الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج28
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثالث:
وفادة الملوك سنة تسع.. ووفد همدان
ملوك حمير قبل الإسلام:
كان ملوك حمير يعتنقون اليهودية، وهم الذين قتلوا نصارى نجران قتلاً ذريعاً، فتسلط الأحباش عليهم، وذهب ملكهم([1])، إلا عبد كلال، فإنه آمن بعيسى "عليه السلام"، وبالنبي محمد "صلى الله عليه وآله" قبل مبعثه([2]).
النبي ' وملوك حمير:
وكانت عساكر المسلمين تضرب في كل وجه يدعون إلى الله سبحانه، وإلى الإسلام، فمن آمن يكون له ما للمسلم، ومن كفر جوزي بعمله، فعندئذٍ وفدت قبائل العرب على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لكي يأمنوا العساكر المتفرقة في مخاليف اليمن([3]).
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث مهاجر بن أبي أمية إلى ملوك حمير([4]).
وقال بعضهم([5]): بعث الأقرع بن عبد الله الحميري إلى عمير ذي مران، وزاد في الإصابة ذي رود. وبعث إلى زرعة بن سيف بن ذي يزن، وفهد، والبسي، والبحيري، وربيعة، وهجر، وعبد كلال، وغيرهم([6]).
وبعث خالد بن الوليد إلى همدان، فبقي فيهم ستة أشهر، فلم يجيبوه، ثم أرسل علياً "عليه السلام" فأسلمت على يديه همدان كلها في يوم واحد، حسبما تقدم.
والذي يظهر بعد التتبع أنه "صلى الله عليه وآله" كتب في سنة تسع كتباً، وأرسل رسلاً إلى جميع أذواء اليمن وأقيالها، وبعث دعاته إلى تلك البلاد: معاذ بن جبل، وعبد الله بن زيد (لا ابن رواحة([7])، فإنه استشهد في مؤتة سنة ثمان) وأبا موسى الأشعري، ومالك بن عبادة (مرارة)، وعتبة بن نيار، ليفقّهوا الناس، ويعلموهم معالم الإسلام، فأجابوا إلى الإسلام، ووفدت إليه وفودهم، وكتب لكل الوافدين كتباً، وأمنهم على دورهم، وزروعهم وأموالهم وأنفسهم.
وممن كتب إليهم ابنا عبد كلال، وهم: مسروح، ونعيم.
وزاد ابن سعد وابن الأثير: الحارث.
وعند الهمداني في الإنساب: كتب إلى الحارث وأخيه نعيم([8]).
ومن أبناء عبد كلال أيضاً: أيفع، وعريب، وشرحبيل، وكان الملك منهم يومئذٍ الحارث وعريب([9]).
كتابه ' إلى ملوك حمير، وأذواء اليمن:
ونصوص الكتب التي يقال: إنه "صلى الله عليه وآله" أرسلها إلى أهل اليمن متعددة، ومنها: نص الكتاب الذي أرسله "صلى الله عليه وآله" إلى أبناء عبد كلال، وغيرهم، وهو كما يلي:
"سلم أنتم، ما آمنتم بالله ورسوله، وأن الله وحده لا شريك له، بعث موسى بآياته، وخلق عيسى بكلماته. قالت اليهود: عزير ابن الله، وقالت النصارى: الله ثالث ثلاثة، عيسى ابن الله"([10]).
ومن الواضح: أن أهل اليمن الذين كان كثير منهم على دين اليهودية، وبعض منهم كان على دين النصرانية.. فهذا الكتاب قد لاحظ ذلك، فتعرض لمزاعم اليهود والنصارى، وأعلن بطلانها.
قال ابن سعد: بعث بالكتاب مع عياش بن أبي ربيعة المخزومي، وقال: إذا أصبت أرضهم، فلا تدخل ليلاً حتى تصبح، ثم تطهَّر، فأحسن طهورك، وصل ركعتين، وسل الله النجاح والقبول، واستعد لذلك. وخذ كتابي بيمينك، وادفعه بيمينك في أيمانهم، فإنهم قابلون.
واقرأ عليهم: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ}([11])، فإذا فرغت منها فقل: آمن محمد، وأنا أول المؤمنين. فلن تأتيك حجة إلا دُحضت، ولا كتاب زخرف إلا ذهب نوره.
وهم قارئون عليك، فإذا رطنوا، فقل: ترجموا.
قل: حسبي الله {آمَنْتُ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنْ كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لاَ حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ}([12]) فإذا أسلموا فسلهم تصبهم الخ..([13]).
فلما وصلت كتبه "صلى الله عليه وآله" أسلم أبناء عبد كلال، وزرعة بن سيف بن ذي بزن، وعمير ذو مران، والنعمان قَيْل ذي رعين، ومعافر، وكتبوا بإسلامهم، وأرسلوا الكتاب مع وافدهم مالك. فأتى المدينة مع وفد همدان، مالك بن نمط وغيره، فلقوا النبي "صلى الله عليه وآله" مقدمه من تبوك، فأخبروه بإسلامهم وكتابهم، فأكرم رسولهم([14]).
من هو وافد حمير:
وكان وافد ملوك حمير: مالك بن مرارة([15]).
وقيل: هو الحارث بن عبد كلال، وأنه حين قدم اعتنقه النبي "صلى الله عليه وآله" وأفرشه رداءه، وقال قبل أن يدخل عليه: "يدخل عليكم من هذا الفج رجل كريم الجدين، صبيح الخدين فكأنه.."([16]).
وأضافوا إلى الوافدين أيضاً: نعيم بن عبد كلال، والنعمان قَيْلُ ذي رعين، ومعافر وهمدان([17]). ولعل ذلك غير دقيق، فإن هؤلاء هم ملوكهم ـ على الظاهر([18]) ـ وكان النعمان من الأقيال، ومن البعيد أن يكون الملك هو الرسول، فلعلهم وفدوا على النبي "صلى الله عليه وآله" وفادة الملوك.
وقال ابن حجر عن الحارث: تظافرت الروايات أنه أرسل بإسلامه، وأقام باليمن([19]).
ويدل على ذلك أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب في كتابهم: "من محمد النبي إلى الحارث بن عبد كلال. ولو كان هو الوافد لكان الكتاب له لا إليه"([20]).
وصرح ابن الأثير: بأن مالك بن مرارة الرهاوي قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" بكتاب ملوك حمير مقدمه من تبوك، بإسلام الحارث بن عبد كلال([21]).
أي أن ملوك حمير كتبوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يخبرونه بإسلام الحارث الذي كان ملكهم.
كتاب النبي ' لأهل اليمن:
ومهما يكن من أمر، فقد روى ابن سعد عن رجل من حمير، أدرك رسول الله "صلى الله عليه وآله" ووفد عليه قال: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" مالك بن مرارة الرهاوي رسول ملوك حمير بكتابهم (وإسلامهم)، وهم: الحارث بن عبد كلال، ونعيم بن عبد كلال، والنعمان قيل ذي رعين، ومعافر وهمدان، وذلك في شهر رمضان سنة تسع([22]).
وقال ابن إسحاق: مقدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" من تبوك.
فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلالاً أن ينزله ويكرمه ويضيفه. وكتب إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"أما بعد.. فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد.. فإنه قد وقع بنا رسولكم مقفلنا من أرض الروم، فبلغ ما أرسلتم به، وخبّر عما قبلكم، وأنبأنا بإسلامكم، وقتلكم المشركين، فإن الله تبارك وتعالى قد هداكم بهداه، إن أصلحتم وأطعتم الله ورسوله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأعطيتم من المغنم خمس الله، وخمس نبيه وصُفِيِّه، وما كتب على المؤمنين من الصدقة، من العقار عشر ما سقت العين وسقت السماء، وعلى ما سقى الغرب نصف العشر. إن في الإبل الأربعين ابنة لبون، وفي ثلاثين من الإبل ابن لبون ذكر، وفي كل خمس من الإبل شاة، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي كل أربعين من البقر بقرة، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع، جذع أو جذعة، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة، وإنها فريضة الله التي فرض على المؤمنين في الصدقة، فمن زاد خيراً فهو خير له، ومن أدى ذلك، وأشهد على إسلامه، وظاهر المؤمنين على المشركين فإنه من المؤمنين، له ما لهم، وعليه ما عليهم، وله ذمة الله وذمة رسوله.
وإنه من أسلم من يهودي أو نصراني فإنه من المؤمنين، له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على يهوديته أو نصرانيته فإنه لا يرد عنها، وعليه الجزية على كل حالم ـ ذكر أو أنثى، حر أو عبد ـ دينار واف من قيمة المعافر، أو عوضه ثياباً. فمن أدى ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فإن له ذمة الله وذمة رسوله، ومن منعه فإنه عدو لله ولرسوله.
أما بعد.. فإن رسول الله محمداً أرسل إلى زرعة ذي يزن أن إذا أتاكم رسلي فأوصيكم بهم خيراً: معاذ بن جبل، وعبد الله بن زيد، ومالك بن عبادة، وعقبة بن نمر، ومالك بن مرارة، وأصحابهم. وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخاليفكم، وأبلغوها رسلي، وأن أميرهم معاذ بن جبل فلا ينقلبن إلا راضياً.
أما بعد.. فإن محمداً يشهد ألا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله، ثم إن مالك بن مرارة الرهاوي قد حدثني أنك أسلمت من أول حمير، وقتلت المشركين، فأبشر بخير، وآمرك بحمير خيراً، ولا تخونوا، ولا تخاذلوا، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو مولى غنيكم وفقيركم، وإن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي زكاة يتزكى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل، وإن مالكاً قد بلغ الخبر، وحفظ الغيب، وآمركم به خيراً، وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي، وأولي دينهم، وأولي علمهم، وآمركم بهم خيراً، فإنهم منظور إليهم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"([23]).
وقد أرسل الكتاب إليهم مع عمرو بن حزم.
وهناك كتاب آخر أرسله لزرعة بن ذي يزن، وكتاب ثالث لأهل اليمن([24]) أرسله مع معاذ، يشبهان هذا الكتاب، فراجع وقارن في المصادر الآتية([25]).
ونقول:
إنه عدا عن أن بعض النصوص لهذا الكتاب تخالف ما ثبت عن أئمة أهل البيت المعصومين "عليهم السلام"([26]) فإننا نشير إلى ما يلي:
تكرار كلمة "أما بعد":
بالنسبة لهذا الكتاب الأخير نلاحظ: أن كلمة "أما بعد" قد تكررت فيه أربع مرات، بالإضافة إلى تكرار فقرات ومطالب أخرى، مثل الحديث عن الصدقة مرتين، كما أن الإشارة إلى الأشخاص قد تكررت أيضاً.
وهو أمر غير مألوف في الرسائل، فقد يثير هذا احتمال أن تكون رسائل مختلفة أرسلت لعدة فئات أو جهات أو أشخاص في اليمن، فمزجها الرواة عمداً وسهواً. وقد ظهر نتيجة لذلك ضعف في التركيب، وتفكك وعدم انسجام، فهو تارة يكلمهم بصيغة الجمع، وأخرى بصيغة المفرد.
الإعلان والإشهاد على الإسلام:
وقد ذكر في الكتاب: أن من أدى زكاة ماله، وأشهد على إسلامه، وظاهر المسلمين على المشركين فهو من المؤمنين..
ولعل المقصود بالإشهاد على الإسلام هو: إشهار إسلامه وإعلانه حتى لا يتعرض لمعرة جيوش المسلمين، فإنه إذا تكتم على ذلك، وستره، وكانت المنطقة في أجواء حرب وقتال، فقد يظن به من لا يعرفه الكفر والشرك، وأنه محارب فيوقعون به.
الإيمان قول وعمل:
قد ذكر في الكتاب: أن هدايتهم متوقفة على إصلاحهم، وطاعتهم لله ورسوله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وإعطاء الحق الشرعي من المغانم..
وهذا يدل على: أن الإقرار باللسان لا يوجب نجاتهم من العذاب، ولا أمنهم من القتل، بل لا بد أن يعملوا بالمذكورات. كما أن من يعمل بها فله ذمة الله ورسوله، أي أن من لم يعمل فليس له ذلك..
قتال المشركين دون غيرهم:
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد شرط عليهم قتل المشركين، وعدم الإكتفاء بقطع الصلة معهم..
ولعل المراد: أن لا يتحرجوا من قتلهم حين وقوع الواقعة بين المسلمين والمشركين.
ومن المعلوم: أنه لا يقبل من المشركين إلا الإسلام أو الحرب، ويخيِّر اليهود والنصارى، بين الجزية، والإسلام، والحرب. ربما لأن الشرك يتناقض مع التوحيد، أما اليهودية والنصرانية فليستا بهذه المثابة، فلأجل ذلك لا يجبر النصارى واليهود على ترك دينهم، إذا أعطوا الجزية، وقد تحدثنا عن ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب..
من يأخذ الصدقات من الناس؟!:
وقد ذكر الكتاب المتقدم: أن زرعة، وسائر ملوك حمير، وهمدان، وغيرهم، هم الذين يجمعون صدقاتهم. ويأخذون الجزية ممن لم يسلم من اليهود والنصارى من قومهم، ثم يسلمونها إلى مبعوثي رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وهذا غاية في الإرفاق بهم، ورعاية حالهم، فإن بعضهم أعرف بأحوال بعض من غيرهم، وبذلك يتحقق الإجراء الصحيح لما هو مطلوب، ويطمئن قومهم إلى إجراء سنة العدل فيهم.
رسول الله مولى غنيكم وفقيركم:
وبعد أن أمرهم في الكتاب بأن لا يخونوا ولا يتخاذلوا، علل لهم ذلك بقوله: "فإن رسول الله مولى غنيكم وفقيركم"، فلا يشعر الفقير بأن ثمة استقواءً عليه، واستغلالاً لحاله، فيؤخذ بما لا يؤخذ به غيره، وتفرض عليه قرارات لا تفرض على الغني، ولا تطلب منه..
فإن النبي "صلى الله عليه وآله" يطلب ما يطلبه ويفرض ما يفرضه على الجميع، من دون استثناء، لأنه ولي الغني والفقير، والكبير والصغير..
إنما هي زكاة يتزكى بها:
ويلاحظ: أن الكتاب يقول عن الزكاة: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهله، إنما هي زكاة يتزكى بها على فقراء المؤمنين، وأبناء السبيل".
فقد تضمنت هذه الفقرة الإشارة إلى أمور عديدة، فقد عبَّرت بكلمة "المؤمنين"، دون كلمة المسلمين، ربما لتؤكد: أن مجرد إظهار الإسلام لا يكفي، بل لا بد من الإيمان بمعناه الصحيح، الذي هو قول وقبول والتزام قلبي وعملي بكل ما جاء به رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ثم إن الزكاة تطهير للنفوس، وتنمية لها، من خلال إبعادها الإنسان المؤمن عن التعلق بالمال وحب الدنيا، وإيجابها القرب من الله تعالى، وهي تدفع إلى الإيثار، وإلى الشعور بحوائج المؤمنين..
وصية النبي ' لرسوله:
وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" أوصى لرسوله عياش بن أبي ربيعة بأن لا يدخل على من يبعثه إليهم، وأن يتوضأ قبل دخوله عليهم، ويصلي ركعتين، ويسأل الله النجاح والقبول، وأن يأخذ كتابه بيمينه، ويدفعه إليهم بأيمانهم..
أي أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يسن لهم ما شرعه الله تعالى في شأن الرسل في هذه المناسبة بالذات، لتكون حساسيتها من أسباب وعيها بعمق، وتحسس نتائجها الرضية على الرسول وعلى المرسل إليهم على حد سواء.
ولعل عياش بن أبي ربيعة كان يشعر بخطورة الموقف، فجاءت التوجيهات منه "صلى الله عليه وآله" لتربط على قلبه، وتعيده إلى الله، فيشعر بعظمته، وبهيمنته، وبقدرته، وبمحبته له وللمؤمنين، ولطفه وعناياته بهم.. فيعيش الثقة بالله، والسكينة في قلبه، وروحه، والقوة في دينه، وعدم المبالاة بالأخطار إذا كان الله محباً له، راضياً عنه.
على أن هذه القوة الروحية، والثبات والإتزان في الخطاب وفي الموقف يعطي للكلمة قوة مضاعفة على التأثير، ويضفي على شخصيته الهيبة، ويفرض على الآخرين احترامه، والإصغاء إليه، والتدبر فيما يأتيهم به.
وفد همدان:
وفي شهر رمضان من سنة تسع، مرجع النبي "صلى الله عليه وآله" من تبوك قدم وفد همدان على رسول الله "صلى الله عليه وآله" مع وفد حمير.
وكان الوافد من كل بطن من همدان سيدهم. فمالك بن أيفع من بني ناعط. وعميرة بن مالك من بني حازم، ومن بني سلمان ضمام بن مالك. ومن بني حدان مسلمة بن هدان، وهم بطن من همدان. ومن بني خارف من بني حاشد (بطن من همدان) مالك بن نمط، وكنيته أبو ثور، ولقبه ذو المشعار.
وقيل: كان مجموع وفد همدان مائة وعشرين نفساً([27]).
وكان على وفد همدان مقطعات الحبرات، مكففة بالديباج، وفيهم حمزة بن مالك من ذي مشعار، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نِعْمَ الحي همدان، ما أسرعها إلى النصر، وأصبرها على الجهد، ومنهم أبدال وأوتاد الإسلام"([28]).
فأسلموا، وكتب لهم النبي "صلى الله عليه وآله" كتاباً بمخلاف خارف، ويام، وشاكر، وأهل الهضب، وحقاف الرمل من همدان لمن أسلم منهم([29]).
وفي زاد المعاد: "قدم عليه وفد همدان منهم:مالك بن النمط، ومالك بن أيفع، وضمام بن مالك، وعمرو بن مالك،فلقوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"عند منصرفه من تبوك،وعليهم مقطعات الحبرات، والعمائم العدنية، برحال الميس على الرواحل المهرية والأرحبية، ومالك بن النمط يرتجز:
همــدان خير سوقة وأقــيال ليـس لها في العـالمين أمــثال
محلها الهضب ومنها الأبطال لهــا أطـابـات بهـا وآكــال
وكان يرتجز بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله" ويقول:
إلـيك جاوزن سواد الـريف في هبوات الصيف والخريف
مخطـمات بحبـال الـلـيـف
وذكروا له كلاماً حسناً فصيحاً، سيأتي.
فكتب لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً أقطعهم فيه ما سألوه، وأمَّر عليهم مالك بن النمط، واستعمله على من أسلم من قومه، وأمره بقتال ثقيف. وكان لا يخرج لهم سرح إلا أغاروا عليه([30]).
ولكننا نشك في هذا الكلام الأخير، فإن همدان لا يمكن أن تقاتل ثقيفاً، ولا أن تُغير على سرحهم، فإن همدان باليمن، وثقيفاً بالطائف([31]).
ثم إن الصحيح هو: أن همدان قد أسلمت على يد علي "عليه السلام"، لا أنها وفدت وأسلمت، وقد تقدم الكلام في ذلك في موضع آخر من هذا الكتاب.
وقال ابن إسحاق: "فقام مالك بن نمط بين يديه، فقال: يا رسول الله نصية من همدان، من كل حاضر وباد، أتوك على قلص نواح، [متصلة بحبائل الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم، من مخلاف خارف ويام] وشاكر، أهل السود والقود، أجابوا دعوة الرسول، وفارقوا الآلهات والأنصاب، عهدهم لا يُنقض [عن سنة ماحل، ولا سوداء عنقفير]، ما أقام لعلع، وما جرى اليعفور بصيلع".
فكتب لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم: هذا كتاب من محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمخلاف خارف، وأهل جناب الهضب، وحقاف الرمل، مع وافدها ذي المشعار، مالك بن نمط، ومن أسلم من قومه أن لهم فراعها، ووهاطها، وعزازها ما أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، يأكلون ظلافها، ويرعون عفاءها، [لنا من دفئهم وصرامهم ما سلموا بالميثاق والأمانة، ولهم من الصدقة الثلب، والناب، والفصيل والفارض، والداجن، والكبش الحوري. وعليهم فيها الصالغ والقارح]. لكم بذلك عهد الله، وذمام رسوله، وشاهدكم المهاجرون والأنصار". فقال في ذلك مالك بن نمط:
ذكرت رسول الله في فحمة الدجى ونـحـن بأعـلى رحـرحان وصلدد
وهـن بنا خوص طــلائح تغــتلي بركــبانهـا في لاحــب مـتـمــدد
على كــل فتلاء الذراعين جـسرة تمــــر بــنا مـر الهـجـف الخفيدد
حلفت برب الراقصات إلى مـنى صوادر بالركبان من هضب قـردد
بأن رسول الله فـيـنــا مصــــدق رسول أتى من عند ذي العرش مهتد
فـما حمـلـت من ناقـة فوق رحلها أشـد عـلى أعــدائــه مـن محـمـد
وأعطى إذا ما طالب العـرف جاءه وأمـضـى بـحـد المشـرفي المـهند([32])
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات هي التالية:
توضيحات:
قد تضمن كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" مفردات تحتاج إلى إيضاح، وهي:
خارف: بطن من همدان، منهم الحارث الأعور.
شية ماحل: أي عن وشاية وسعاية واشٍ. وروي عن سنة ماحل. والسنة الطريقة أي طريقة ساع ونمام.
الهضب: جمع هضبة. وجناب الهضب اسم موضع.
حقاف الرمل: اسم موضع أيضاً. والحقاف: جمع حقف، وهو ما اعوَّج واستطال من الرمل.
المشعار: موضع أيضاً.
الفراع: ما علا من الأرض وارتفع.
الوهاط: المواضع المطمئنة.
الدفء: نتاج الإبل.
الصرام: النخل الذي يصرم ويقطع.
الثلب: ما هرم من ذكور الإبل، وتكسرت أسنانه.
الناب: الناقة الهرمة التي طال سنها.
الفصيل: ما انفصل من أمه من أولاد الإبل.
الفارض: المسن من الإبل ومن البقر.
الداجن: ما يعلف في المنزل.
الحوري: الذي في صوفه حمرة.
الصالغ: من البقر والغنم ما انتهى سنه بالسادسة.
القارح: من الخيل ما دخل في الخامسة أو السادسة.
أي أن الصدقة لا تعطى لا من الخيار، ولا من الرذال.
كتاب لهمدان:
ولما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" إسلام همدان كتب إليهم بما يلي:
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد رسول الله إلى عمير ذي مران، ومن أسلم من همدان، سلم أنتم، فإني أحمد الله إليكم الذي لا إله إلا هو.
أما بعد ذلك، فإنه بلغني إسلامكم مرجعنا من أرض الروم، فأبشروا، فإن الله قد هداكم بهداه، وإنكم إذا شهدتم أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبد الله ورسوله، وأقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، فإن لكم ذمة الله وذمة رسوله على دمائكم وأموالكم، وأرض البور التي أسلمتم عليها، سهلها وجبلها، وعيونها وفروعها غير مظلومين، ولا مضيق عليكم.
وإن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي زكاة تزكونها عن أموالكم لفقراء المسلمين، وإن مالك بن مرارة الرهاوي قد حفظ الغيب وبلغ الخبر، فآمركم به خيراً فإنه منظور إليه. وكتب علي بن أبي طالب"([33]).
ومران: مخلاف باليمن.
والبور: الأرض التي لم تزرع.
ورها: بطن من مذجح.
الثناء على همدان:
1 ـ قد تضمنت النصوص المتقدمة ثناء النبي "صلى الله عليه وآله" على قبيلة همدان. وإذا تأملنا في مضمون هذا الثناء، فسنجد أنه وصفها بأوصاف قد لا نجد لها مصداقاً في زمنه "صلى الله عليه وآله"، فإن هذه القبيلة إنما دخلت في الإسلام في وقت متأخر، ولا يختلف حالها عن حال سائر القبائل من ناحية الثقافة الدينية، والإلتزام بأحكام الشرع الحنيف. ولم يظهر لنا أنه كان في تلك القبيلة آنئذٍ من يمكن وصفه بأنه من الأبدال أو من الأوتاد..
ولو قبلنا وجود أشخاص من هذا القبيل، فإنهم لا يمكن وصفهم بأنهم أوتاد الإسلام.. فإن أحداً منهم لم يصل إلى مقام سلمان، وأبي ذر، وعمار، والمقداد. فإن صح إطلاق وصف أوتاد الإسلام على أحد، فإن هؤلاء الأربعة أولى من همدان وسواها بذلك.. فما معنى أن يترك "صلى الله عليه وآله" هؤلاء ليقرر أن أوتاد الإسلام من همدان؟!..
2 ـ أما الحديث عن أن أبدال الإسلام منهم، فهو الآخر لا يختلف عن سابقه، وتعارضه روايتهم: أن الأبدال بالشام، في حين أن قبيلة همدان يمانية..
يضاف إلى ذلك: أن أهل البيت "عليهم السلام" لم يذكروا لنا شيئاً عن هؤلاء الأبدال، بل انحصرت الرواية التي تذكرهم بغير أهل البيت "عليهم السلام" وشيعتهم. ولو وجدت رواية عنهم، فإنها تبقى على درجة من الشذوذ، بحيث يدور حولها أكثر من سؤال.
3 ـ وأما السرعة إلى النصر، والصبر على الجهد، فهي صفات قد تتحقق في المؤمن وفي غيره، ولكن اقتران ذلك بقوله: نعم الحي همدان، يفيد أنه "صلى الله عليه وآله" بصدد الثناء عليها، ولكنه ثناء يبقى غير حاسم، فإن الإتصاف ببعض الصفات قد يوجب مدحاً، مثل صفة السخاء والصدق في القول، ولكنه يبقى مدحاً على أمر دنيوي، لا يعطي منزلة في الدين ولا مقاماً عند الله، إلا إذا انطلق من الطاعة له تعالى، والتعبد والتقرب به إليه..
الفصل الرابع:
وفود سنة تسع
وفود مرّة:
وقالوا: قدم وفد بني مرّة على رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين رجع من تبوك سنة تسع، وهم ثلاثة عشر رجلاً رأسهم الحارث بن عوف، فقالوا: يا رسول الله، إنّا قومك وعشيرتك، ونحن قوم من بني لؤي بن غالب..
فتبسم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم قال: "أين تركت أهلك"؟
قال: بسلاح وما والاها.
قال: "وكيف البلاد"؟
قال: والله، إنهم لمسنتون، فادعُ الله لنا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم اسقنا الغيث".
فأقاموا أياماً ثم أرادوا الإنصراف إلى بلادهم، فجاؤوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" مودعين له، وأمر بلالاً أن يجيزهم، فأجازهم بعشر أواق فضة، وفضّل الحارث بن عوف فأعطاه اثنتي عشرة أوقية، ورجعوا إلى بلادهم فوجدوها قد أمطرت. فسألوا: متى مطرتم؟ فإذا هو ذلك اليوم الذي دعا فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقدم عليه وهو يتجهز لحجة الوداع قادم منهم، فقال: يا رسول الله، رجعنا إلى بلادنا فوجدناها مصبوبة مطراً في ذلك اليوم الذي دعوت لنا فيه، ثم قلدتنا أقلاد الزرع في كل خمس عشرة [ليلة] مطرة جوداً، ولقد رأيت الإبل تأكل وهي بروك، وإن غنمنا ما توارى من أبياتنا، فترجع فتقيل في أهلنا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الحمد لله الذي هو صنع ذلك"([34]).
وفي نص آخر: أن الحارث بن عوف أتى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: ابعث معي من يدعو إلى دينك وأنا له جار.
فبعث معه رجلاً أنصارياً، مادَّاً به عشيرة الحرث، فقتلوه، فقال حسان:
يـا حـار من يغـدر بـذمـة جـاره مـنـكـم فـإن محـمـداً لا يـغـــدر
وأمـانـة المــريّ حــين لـقـيـتها كسـر الـزجـاجة صدعها لا يجبر
إن تغدروا فالغدر من عاداتكـم والـلـؤم يـنبت في أصول السخبر
فاعتذر، وودى الأنصاري، وقال: يا محمد، إني عائذ بك من لسان حسان، لو أن هذا مزج بماء البحر لمزجه([35]).
ونقول:
تحدثنا في مواضع عديدة من مناقشاتنا لما يذكرونه عن سائر الوفود عن عدد من النقاط التي وردت في النص الآنف الذكر، وذلك مثل:
1 ـ إنهم حاولوا التقرب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالنسب، وأنهم قومه وعشيرته، وأنهم من بني لؤى بن غالب..
ويلاحظ: هنا أيضاً أنه "صلى الله عليه وآله" لم يجبهم بشيء، بل اكتفى بالتبسم..
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" سألهم عن حال بلادهم، من حيث الجدب والخصب، ولم يسألهم ولم يحدثهم عن شيء آخر قد يكون له علاقة بالقربى النسبية..
3 ـ إنهم بعد أن أخبروه بالجدب في بلادهم طلبوا منه أن يدعو لهم، مؤكدين بذلك نظرتهم إلى الأنبياء، وتوقعاتهم منهم..
4 ـ إن المعجزة قد تحققت، حيث سقاهم الله الغيث في نفس الساعة التي دعا لهم فيها، وقد أدركوا هم أنفسهم ذلك..
ونضيف إلى النقاط المتقدمة ما يلي:
الكرامة صنع إلهي:
إنه "صلى الله عليه وآله" لم ينسب نزول الغيث، وحصول الخصب إلى نفسه، بل قال: "الحمد لله، الذي هو صنع ذلك"، فالحمد ثناء على الله لأجل فعل اختاره سبحانه وتعالى، ليكون بمثابة استجابة لدعائه.. ثم أكد على نفس هذا المعنى وبطريقة تفيد التخصيص والحصر به تعالى، حيث قال: "هو" صنع ذلك. ولم يقل: "الذي" صنع ذلك.. وذلك لكي لا يدخل في وهم أحد من قاصري النظر أي وهم يؤثر على سلامة اعتقاده، وذهابه بهذا الأمر إلى أكثر مما يجوز فيه..
قتل الدعاة إلى الله:
ولا شك في أن قتل بني مرة لذلك الأنصاري كان في غاية القبح، ومن موجبات أعظم الخزي، فإنهم لم يقتلوا ذلك الرجل لذنب جناه، ولا لدفع ضرر يأتي من ناحيته، حتى ولو بمستوى أن يأكل من طعامهم، ولا طمعاً في ماله، أو بغير ذلك مما يرتبط به.. كما أنهم لم يقتلوه لمجرد التلهي بسفك دمه..
بل قتلوه لأنه يريد أن يعلمهم لكي يخرجهم من الظلمات إلى النور، وينيلهم السعادة في الدنيا، والفوز بجنات الله في الآخرة. ولأنه يحمل إليهم رسالة الله، ويرشدهم إلى الحق والخير، ويدعوهم إلى الهدى.. فكان جزاؤه منهم أقبح وأخزى مما جوزي به سنمار..
وقد أدرك الحارث بن عوف هذه الحقيقة، وأن شعر حسان بن ثابت من شأنه أن يفضح بني مرة في العرب، ويكون له عليهم أوخم العواقب، لا سيما وأن فعلتهم هذه قد جاءت في وقت انتصار الإسلام وانتشاره، وقوته، وظهور بخوع العرب له، والتزامهم به، وهم يرون ثمرات إسلامهم أمناً ورفعة شأن، وصلاح أمور، ونشوء حضارة، وتخلصاً من كثير من المشاكل..
وإذا أصبحت فعلتهم هذه على ألسنة الشعراء، فتلك هي المصيبة العظمى، والداء الذي لا دواء له، ولذلك طلب الحارث من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يكف عنه لسان حسان، فأجابه إلى ما طلب، رحمة ورأفة، وحسن تقدير، وصحة تدبير..
وفود فزارة:
روى ابن سعد، والبيهقي عن أبي وجزة يزيد بن عبيد السعدي قال: لما رجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من تبوك، وكانت سنة تسع، قدم عليه وفد بني فزارة، بضعة عشر رجلاً، فيهم خارجة بن حصن، والحر بن قيس بن حصن، وهو أصغرهم ـ وهم مسنتون ـ على ركاب عجاف، فجاؤوا مقرين بالإسلام. فنزلوا دار رملة بنت الحدث. وسألهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن بلادهم.
فقال أحدهم: يا رسول الله، أسنتت بلادنا، وهلكت مواشينا، وأجدب جنابنا، وغرث عيالنا، فادع لنا ربك يغيثنا، واشفع لنا إلى ربك، وليشفع لنا ربك إليك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "سبحان الله، ويلك، هذا أنا أشفع إلى ربي عز وجل، فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه؟
لا إله إلا هو العلي العظيم، وسع كرسيه السماوات والأرض، فهي تئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد"([36]).
وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن الله عز وجل ليضحك من شففكم، وأزلكم، وقرب غياثكم".
فقال الأعرابي: يا رسول الله، ويضحك ربنا عز وجل؟
فقال: "نعم".
فقال الأعرابي: لن نعدمك من رب يضحك خيراً([37]).
فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" من قوله، وصعد المنبر، فتكلم بكلمات، وكان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الإستسقاء. فرفع يديه حتى رُئي بياض إبطيه.
وكان مما حفظ من دعائه: "اللهم اسق بلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً، هنيئاً مريئاً، طبقاً واسعاً،، عاجلاً غير آجل، نافعاً غير ضار، اللهم اسقنا رحمة ولا تسقنا عذاباً، ولا هدماً، ولا غرقاً، ولا محقاً، اللهم اسقنا الغيث، وانصرنا على الأعداء".
فقام أبو لبابة بن عبد المنذر الأنصاري، فقال: يا رسول الله، التمر في المربد.
وفي لفظ: المرابد.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم اسقنا".
فعاد أبو لبابة لقوله، وعاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لدعائه.
فعاد أبو لبابة أيضاً، فقال: التمر في المربد يا رسول الله.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم اسقنا، حتى يقوم أبو لبابة عرياناً يسد ثعلب مربده بإزاره"([38]).
قالوا: ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار، فطلعت من وراء سلع سحابة مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت.
قال: فلا والله، ما رأينا الشمس سبتاً.
وقام أبو لبابة عرياناً يسد ثعلب مربده بإزاره، لئلا يخرج التمر منه.
فجاء ذلك الرجل أو غيره، فقال: يا رسول الله، هلكت الأموال، وانقطعت السبل.
فصعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" المنبر فدعا، ورفع يديه حتى رُئي بياض إبطيه، ثم قال: "اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر، فانجابت السحابة عن المدينة انجياب الثوب"([39]).
ونقول:
إن هذا النص قد تضمن أموراً أشرنا إليها في العديد من الموارد ومع ذلك نشير إلى ما يلي:
ويضحك ربنا:
قد ذكرت الرواية المتقدمة: أن الله تبارك وتعالى يضحك، وقد تعجب الأعرابي من ذلك، حيث وجد فيه ما يصادم فطرته ويناقض حكم عقله..
وقد تحدثنا حين ذكر وفود أبي رزين عن هذا الموضوع، وبيّنا: أنه من دسائس أهل الكتاب القائلين بالتجسيم الإلهي، وكانوا مهتمين بإشاعة عقائدهم بين المسلمين، وكان كثير من المسلمين مبهورين بهم، آخذين عنهم، وقد تكلم عن هذا الموضوع أيضاً الشيخ محمود أبي ريَّا في كتابه: "أضواء على السنة المحمدية". وكتاب "شيخ المضيرة (أبو هريرة)". فلابأس بمراجعة ما قال.
سؤال النبي ' عن حال بلاد فزارة:
وقد لاحظنا هنا أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سأل وفد فزارة عن حال بلادهم، فأخبروه بمعاناتهم، وطلبوا منه أن يدعو لهم الله ليغيثهم، ويشفع لهم عند ربهم.
فدعا "صلى الله عليه وآله"، فنزل الغيث، حتى شكوا ذلك إليه، فقال "صلى الله عليه وآله": "اللهم حوالينا ولا علينا الخ.." فانجابت السحابة عن المدينة انجياب الثوب..
ولسنا بحاجة إلى إعادة ما قلناه: من أن ذلك يدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يريد أن يعرفهم معنى النبوة، ويفهمهم أنه معني بقضاياهم، فهو ليس مجرد رسول يبلغهم ما جاء به، وينتهي الأمر عند هذا الحد..
كما أن ذلك الوفد قد عبر عن إيمانه بأن الأنبياء يشفعون عند الله.. وطلبوا منه "صلى الله عليه وآله" أن يطلب من ربه أن يتولى حل مشكلاتهم..
فاستجاب "صلى الله عليه وآله" لمطلبهم.
أين نزل المطر؟!:
لقد صرحت الرواية: بأن سحابة قد جاءت من جهة سلع، مثل الترس، فلما توسطت السماء انتشرت، ثم أمطرت. مما يعني: أن المطر قد نزل في المدينة، مع أن المحتاجين إلى المطر هم بنو فزارة، وإنما يسكنون بين خيبر وفدك، ومنطقة جنفا هي أحد مياههم هناك([40]).
ليشفع ربك إليك:
ذكرت الرواية المتقدمة: أنهم قالوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله": "واشفع لنا إلى ربك، وليشفع لنا ربنا إليك".
فاستنكر "صلى الله عليه وآله" قولهم هذا، قائلاً: "فمن ذا الذي يشفع ربنا إليه، لا إله إلا هو العلي العظيم، وسع كرسيه السماوات والأرض، فهي تئط من عظمته وجلاله كما يئط الرحل الجديد..".
ونقول:
إننا لا نرتاب في: أن هذا النص مكذوب على لسان رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأن قولهم هذا ليس فيه أي اشكال. إذا كانوا يرون: أنهم قد أذنبوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتكذيبهم إياه، وممالأتهم عدوه عليه، فشعروا أنهم بحاجة إلى من يشفع لهم عنده. وهذا نظير من يقسم على غيره بالله أو برسول الله، لكي يعفو عن إساءته أو ليقضي حاجته.. أو يجعل الله شافعاً له عنده، ووسيلة إليه من أجل ذلك..
ويكفي أن يكون هذا المعنى من محتملات كلامهم هذا، فما معنى أن يواجههم النبي "صلى الله عليه وآله" بالملامة والتقريع بهذه الصورة؟!
ألا يدل ذلك على: أن نسبة هذا الأمر له "صلى الله عليه وآله" غير صحيحة؟!
إعتراض أبي لبابة على الله ورسوله:
ويواجهنا في النص المتقدم: إصرار أبي لبابة على الإعتراض ثلاث مرات على رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وهذا ما لا يمكن قبوله من صحابي مؤمنٍ بنبوة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبعصمته، وحكمته، وبأنه: {مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى}([41]).
فما معنى: أن يراجِعَ رسول الله "صلى الله عليه وآله" عدة مرات، ولماذا لا يرضى بما يرضاه الله ورسوله؟!
عري أبي لبابة:
ثم ما معنى قول الرواية: فقال "صلى الله عليه وآله": "اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة عرياناً، يسد ثعلب مربده". فكان كما قال.. حيث قام عرياناً يسد ثعلب مربده بإزاره؟! إذ متى تعرّى أبو لبابة.. حتى اضطر إلى القيام عرياناً؟! فإن الوقت كان قصيراً جداً..
فإن السحاب قد لبّى الطلب، وبدأ هطول الأمطار مباشرة.. إلا إن كان أبو لبابة قد حضر بين ذلك الجمع، وهو عريان!!
وألم يسمع أبو لبابة كلام النبي "صلى الله عليه وآله" وحديثه عن عريه؟! فلماذا لم يحتط لنفسه، ويبقى لابساً ثيابه؟!
إلا أن يكون غير مؤمن بأن الله سوف يستجيب دعاء نبيه الكريم "صلى الله عليه وآله".
ولو أنه لم يكن مصدقاً بذلك، فلماذا اعترض على النبي "صلى الله عليه وآله" ثلاث مرات؟!
اللهم حوالينا.. لا علينا:
وحول دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" بقوله: "اللهم حوالينا، ولا علينا. اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية ومنابت الشجر"، فانجابت السحابة الخ.. نقول:
إن ذلك يشير إلى: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يمارس التصرف في أمور ترتبط بالظواهر الكونية العامة، فيطلب الناس منه المطر، فيلبي طلبهم، ويأتيهم به، ثم يطلبون منه الصحو في مكان، وحصرالمطر في غيره، فيلبي طلبهم أيضاً..
ولم يقل لمن كانوا يطلبون منه هذه التصرفات: إن هذا ليس من صلاحياتي، بل أنا مجرد رسول، ومعلم للشريعة، ومربٍّ، وسياسي، ومصلح اجتماعي، وقاضي، وقائد جيوش، أو نحو ذلك..
كما أن الناس كانوا على اختلاف أذواقهم، ومشاربهم، وثقافاتهم، ومواضع سكناهم، وطبقاتهم الإجتماعية، يرون: أن هذا الذي يطلبونه منه "صلى الله عليه وآله" هو من حقهم, وأن المفروض بالنبي "صلى الله عليه وآله" أن يلبي طلبهم..
كان لا يرفع يديه في الدعاء:
زعم النص المتقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" كان لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الإستسقاء. ومثله في الصحيحين من حديث أنس([42]).
ولكن ذلك غير دقيق، فقد قال الزرقاني: إن العسقلاني قال: هو معارض بالأحاديث الثابتة بالرفع (أي برفع اليدين) في غير الإستسقاء.
وفي سبل السلام: أن المراد به المبالغة في الرفع وأنه لم يقع إلا في الإستسقاء([43]).
وقد تقدم: أنها كثيرة، وأفردها البخاري بترجمته في كتاب الدعوات، وساق فيه عدة أحاديث..
فذهب بعضهم إلى أن العمل بها أولى. وحمل حديث أنس على نفي رؤيته. وذلك لا يستلزم نفي رؤية غيره..
وذهب آخرون إلى تأويل حديث أنس لأجل الجمع، بحمله على نفي الرفع البالغ إلا في الإستسقاء، ويدل عليه قوله: حتى رؤي الخ..
ويؤيده: أن غالب الأحاديث الواردة في رفع اليدين في الدعاء: المراد به مدّ اليدين وبسطها عند الدعاء. وكأنه عند الإستسقاء زاد، فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه، وبه حينئذٍ يرى بياض أبطيه.
أو على صفة اليدين في ذلك، لما في مسلم عن أنس: أنه "صلى الله عليه وآله" استسقى، فأشار بظهر كفه إلى السماء..
ولأبي داود عن أنس: كان يستسقي هكذا، ومد يديه، وجعل بطونها مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه..
قال النووي: قال العلماء: السُّنَّة في كل دعاء لرفع بلاء: أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء الخ..
وتعقب الحمل الثاني: بأنه يقتضي أنه يفعل ذلك، وإن كان استسقاؤه للطلب كما هنا، مع أنه نفسه ذكر: أن ما كان لطلب شيء كان ببطون الكفين إلى السماء..
والظاهر: أن مستند هذا استقراء حاله "صلى الله عليه وآله" في دعاء الإستسقاء وغيره([44])..
ونقول:
إن خير كلمة نقولها هي:
إننا لم نزل نسمع: أن الفاخوري يضع أذن الجرَّة في المكان وبالكيفية التي تروق له.. ولكن الفاخوري ـ وهو الزرقاني هنا ـ قد عجز عن الإمساك بالجرَّة وبأذنها، لأن مرض الرعاش قد أسقطهما من يده فتحطمتا بمجرد محاولته الإمساك بهما، فلم يعد هناك من جرَّة تحتاج إلى أذن.. ولا تجد بعد أذناً لتبحث لها عن جرَّة..
وخلاصة القول: إن ما ذكره الزرقاني من وجوه جمع وتأويلات وافتراضات لا يسمن ولا يغني من جوع.. بل هو مضر جداً، لأنه يفسح المجال أمام أهل الأهواء ليتلاعبوا بالنصوص، من دون أي وازع أو رادع، لأن هذه التأويلات والوجوه التي ذكرها، ما هي إلا افتراضات واحتمالات لا شاهد لها، ولا تستطيع ألفاظ الحديث أن تدل أو أن تشير إلى شيء منها..
فإذا جاز التعلق بمثل هذه الإفتراضات والتأويلات، فسيكون بالإمكان تحريم الحلال وتحليل الحرام، وقلب الأمور رأساً على عقب في مختلف المواضع، إذ لا يعقل أن تكون باء هؤلاء تجرّ، وباء غيرهم لا تجرّ، فإن الباء باء أينما كانت، وحيثما وجدت.
فإذا قيل: كان "صلى الله عليه وآله" لا يرفع يديه في شيء من الدعاء إلا في الإستسقاء.. فلا يمكن تفسير هذا بأنه كان لا يرفع يديه رفعاً بالغاً.
كما لا يصح القول: بأن المراد أن المتكلم لم يره يفعل ذلك..
كما أنه لا يدل على ذلك كون المراد برفع اليدين مدهما وبسطهما في غالب أحاديث رفع اليدين.. إذ من الذي قال: إن المراد بالرفع في تلك الأحاديث هو: المد والبسط، فإن الرفع يصدق على هذا المستوى من الرفع، وعلى غيره، فما الذي أوجب تعيُّن هذه المرتبة من الرفع دون سواها..
وأما حمل رفع اليدين في الإستسقاء على إرادة الإشارة بظهر كفية إلى السماء، وجعل بطونهما إلى الأرض فهو لا يحل المشكلة، فإن رفع اليدين الذي أثبته أو نفاه يصدق على كل رفع لهما سواء أكانت بطون الكفين حال الرفع إلى جهة السماء، أو إلى جهة الأرض، فالرفع منفي في هذه الرواية بجميع أشكاله ومثبت في غيرها.. وليس في المنفي والمثبت إشارة إلى خصوصية في هذا أو في ذاك..
وفود بني كلاب:
عن خارجة بن عبد الله بن كعب قال: قدم وفد بني كلاب في سنة تسع على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم ثلاثة عشر رجلاً فيهم لبيد بن ربيعة، وجبّار بن سلمى، فأنزلهم دار رملة بنت الحدث، وكان بين جبار وكعب بن مالك خُلة، فبلغ كعباً قدومهم فرحب بهم، وأهدى لجبار وأكرمه، وخرجوا مع كعب، فدخلوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسلموا عليه بسلام الإسلام، وقالوا: إن الضحاك بن سفيان سار فينا بكتاب الله وبسنتك التي أمرت بها، وإنه دعانا إلى الله، فاستجبنا لله ولرسوله، وإنه أخذ الصدقة من أغنيائنا، فردها على فقرائنا([45]).
ونقول:
1 ـ إن هذا الوفد قد أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بسيرة الضحاك في بني كلاب، إذ إن النبي "صلى الله عليه وآله" لما رجع من الجعرانة بعثه على بني كلاب يجمع صدقاتهم([46]).
وروي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إليه أن ورِّث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها([47]).
وقال ابن سعد: كان ينزل نجداً في موالي ضرية، وكان والياً على من أسلم هناك من قومه([48]).
وبعثه "صلى الله عليه وآله" أيضاً عيناً إلى قومه يتجسس أخبارهم([49]).
ولعله ولاه على من أسلم، وجعله عيناً على من لم يسلم، ليخبره بكل تحركاتهم التي تعني المسلمين بنحو أو بآخر.
2 ـ إن ما قاله الوفد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" يؤيد أن الضحاك لم يكن مجرد جامع للصدقات بل هو كان يتولى أمورهم، ويسير فيهم بكتاب الله، وسنة نبيه، وكان يدعو الناس إلى الإسلام، وقد استجاب له فريق من قومه، ومنهم الوفد الذي نتحدث عنه.
3 ـ إن مبادرة الوفد لإعلام النبي "صلى الله عليه وآله" بهذا الأمر يشير إلى رضاهم وسعادتهم به، وأنهم يشعرون بقيمة الإلتزام بأحكام الكتاب، وسنة الرسول "صلى الله عليه وآله" وما إلى ذلك لأنهم عاينوا عن قرب الفرق الشاسع بين ما كانوا عليه وما صاروا إليه.. فهم يتحسسون لذة هذا الواقع الجديد، وهم مشدودون إليه بكل وجودهم..
وفود الداريين:
قالوا: قدم وفد الداريين على رسول الله "صلى الله عليه وآله" منصرفه من تبوك، وهم عشرة نفر، منهم: تميم، ونُعيم ابنا أوس، ويزيد بن قيس بن خارجة، والفاكه بن النعمان بن جَبَلَة، وأبو هند، والطيب ابنا ذر، وهو عبد الله بن رزين، وهانئ بن حبيب، وعزيز ومرة ابنا مالك بن سواد بن جَذِيْمَة. فأسلموا، وسمى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الطيب: عبد الله، وسمى عزيزاً: عبد الرحمن.
وأهدى هانئ بن حبيب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أفراساً وقباء مخوصاً بالذهب، فقبل الأفراس والقباء، [وأعطاه العباس بن عبد المطلب]، فقال: "ما أصنع به"؟
قال: انتزع الذهب، فتحلّيه نساءك، أو تستنفقه، ثم تبيع الديباج فتأخذ ثمنه.
فباعه العباس من رجل من يهود بثمانية آلاف درهم.
وقال تميم: لنا جيرة من الروم، لهم قريتان يقال لإحداهما: حِبْرَى، والأخرى: بيت عينون، فإن فتح الله عليك الشام فهبهما لي.
قال: "فهما لك". فلما قام أبو بكر أعطاه ذلك، وكتب له به كتاباً([50]).
وأقام وفد الداريين حتى توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأوصى لهم بجادّ (وهو النخل الذي يجد. أي تقطع ثمرته) مائة وسق أي من خيبر([51]).
ونقول:
لماذا تغيير الأسماء؟!:
ذكرت الرواية المتقدمة: أنه "صلى الله عليه وآله" قد غير اسم الطيب إلى عبد الله، وسمى عزيزاً عبد الرحمن، ونحن نشك في ذلك، إذ:
1 ـ لماذا لم يغير اسم مرة أيضاً، مع أن المروي عنه "صلى الله عليه وآله" أن أقبح الأسماء حرب ومرة، وفي نص آخر: شر الأسماء: ضرار، ومرة، وحرب، وظالم([52]).
وروي: أن أبا مرة هي كنية إبليس([53]).
2 ـ إننا نلاحظ: أن أكثر الموارد التي زعموا أنه "صلى الله عليه وآله" قد غيّر فيها الأسماء، كان الاسم الذي اختاره فيها هو "عبد الرحمن"، ولا ندري سر التركيز على هذا الاسم دون سواه، فهل هذا من التسويق السياسي لاسم بعينه أحبه الرواة، لأجل قيامه بعمل كبير أثلج صدورهم؟!
ككونه قتل غدراً إماماً يعتبرونه عدواً لهم كان يصلي في مسجد الكوفة، ولم يكونوا قادرين على الجهر بحب هذا القاتل إلا بهذه الطريقة؟!
3 ـ لماذا غيّر "صلى الله عليه وآله" اسم الطيب؟ هل كان هذا من الاسماء القبيحة التي كان يغيرها؟([54]). أليس هذا من الأسماء الحسنة التي ورد الحث على التسمية بها؟!([55]). وألم يكن للنبي "صلى الله عليه وآله" ولد اسمه الطيب؟!([56]). وقد ولد له "صلى الله عليه وآله" بعد البعثة.
تاريخ وفادة الداريين:
زعموا: أن الداريين وفدوا على النبي "صلى الله عليه وآله" قبل الهجرة، فقد ذكروا: أن تميم الداري وأخاه نُعيم الداري وأربعة آخرين وفدوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبل الهجرة، وطلبوا منه "صلى الله عليه وآله" أن يعطيهم أرضاً من أرض الشام، فتشاوروا فيما بينهم فسألوه بيت جيرون وكورتها، فكتب لهم بها.
ثم قال: انصرفوا حتى تسمعوا أني هاجرت([57]).
ونقول:
إن هذه الرواية تتناقض مع ما قدمناه، لأن هذه الرواية تقتضي أن الداريين أسلموا قبل الهجرة، مع أن ما قدمناه يتضمن التصريح بأنهم قد أسلموا سنة تسع.
ولو قبلنا أن الداريين قد وفدوا إليه "صلى الله عليه وآله" مرتين، فالسؤال هنا هو: لماذا تأخرت وفادتهم الثانية إلى سنة تسع بعد الهجرة، مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لهم: "انصرفوا حتى تسمعوا أني هاجرت".
فهل هم لم يسمعوا بهجرته طيلة هذه السنين؟! أو أنهم سمعوا بها وتهاملوا في تنفيذ أمر النبي "صلى الله عليه وآله"؟! أو أنهم نسوا هذا الأمر، ثم تذكروه بعد كل هذه السنين، وما هو الشاهد على أي من هذه الإحتمالات أو غيرها؟! نقول هذا، لأننا نستبعد أن يفدوا إليه "صلى الله عليه وآله" وهو في مكة. ولو أنهم فعلوا ذلك لوجدت المشركين يتحلقون حولهم، ويضايقونهم ويؤذونهم، ولكان ذلك قد تناقلته الرواة على نطاق واسع.
إقطاع قريتين لتميم:
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن إقطاع قريتين معمورتين، ولهما أهل لتميم ولمن معه ليس بالأمر الذي يمكن قبوله بعفوية وسذاجة، وذلك للأسباب التالية:
أولاً: لأن الإقطاع إنما كان للأرض الموات ونحوها مما هجره أهله، إذ لا معنى لإعطاء قريتين لهما غلة حاضرة، ونفع ظاهر لرجل واحد، وحرمان سائر المسلمين منهما، فكيف إذا كان ذلك قبل أن تفتح تلك البلاد، وقبل أن يأخذها المسلمون.
ثانياً: من الذي يضمن أن تصبح هاتان القريتان في قبضة المسلمين بحيث يصح منحهما لهذا أو ذاك، إذ لعل أهلها يسلمون عليها، وتبقى لهم وفي يدهم.
ثالثاً: إن النص المتقدم يقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أعطى بيت عينون، وحبرى أو جيرون لتميم الداري([58]). ونص الكتاب في بعض صيغة يقتصر على ذكر تميم أيضاً([59]).
مع أن ثمة نصوصاً لكتاب النبي "صلى الله عليه وآله" بإعطائهم تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطى القريتين للداريين([60]).
رابعاً: لعل البلد يفتح عنوة وبسيوف المسلمين، فلا يكون حكمه حكم ما أفاء الله على رسوله "صلى الله عليه وآله" من دون أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب، بل لا بد من أن يستفيد منه المسلمون الفاتحون أيضاً..
خامساً: قد لاحظنا: أن بعض نصوص الكتاب الذي زعموا أنه "صلى الله عليه وآله" كتبه للداريين يتضمن أخطاءً في النحو، لا يمكن أن تصدر عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كقوله: إني أنطيكم بيت عينون، وجيرون، والمرطوم، وبيت إبراهيم عليه الصلاة والسلام برمتهم، وجميع ما فيهم.. مع أن الصحيح هو أن يقول: "برمتها وجميع ما فيها"([61]).
سادساً: هناك اختلافات كبيرة بين نصوص الكتاب، فمثلاً تارة يقول: إنه لتميم، وأخرى: أنه له ولذريته، وثالثة يقول: هو لتميم وإخوته، ورابعة: للدارين الخ..
وتارة يقول: إن الكاتب هو شرحبيل بن حسنة.
وأخرى يقول: هو معاوية.
وثالثة يقول: هو علي "عليه السلام"..
وتارة يقول: إنه كتب الكتاب لتميم.
وأخرى: إنه كتبه لنعيم بن أوس الداري([62]).
وسائر الإختلافات بين نصوص الكتاب تعرف بالمراجعة والمقارنة..
سابعاً: قد ذكر في الشهود اسم عتيق بن أبي قحافة.
فإن كان هذا إشارة إلى ما زعموه من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد لقبه بذلك لكونه عتيقاً من النار، فنقول فيه:
لو سلمنا بأن إثبات هذه الفضيلة ممكن، فإنه لا يستحسن من الإنسان أن يوقع على الوثائق بما فيه مدح وثناء على نفسه.
وإن كان قد أطلق عليه لعتاقة وجه أبي بكر وجماله، فقد قدمنا في هذا الكتاب: أن أبا بكر لم يكن له حظ من شيء من الجمال، مهما كان ضئيلاً، بل كان على عكس ذلك تماماً..
ثامناً: هذا كله عدا عن أن في جملة الشهود المذكورين الخلفاء الأربعة، وقد وردت أسماؤهم مرتبة حسب توليهم للخلافة، وهو أمر يوجب الريب بلا شك.
تاسعاً: إن بعض نصوص الكتاب قد صرحت: بأن من آذى الداريين فقد آذى الله، وهذا معناه: أنهم قد بلغوا درجة العصمة. لأن غير المعصوم قد يؤذي، لأجل منعه من ارتكاب المعاصي، أو لأجل أخذ الحق منه..
فإن كان يحرم إيذاؤه مطلقاً، فإما أن يكون الحق أصبح باطلاً، والطاعة معصية، أو أن الله تعالى يرضى بالباطل وبالمعصية ويحبهما والعياذ بالله.
عاشراً: قد ذكرت بعض نصوص الكتاب: قوله ونفذت وسلمت ذلك لهم، ولأعقابهم، فكيف نفذ ذلك وسلمها للداريين، والحال أن تلك القرى كانت لا تزال بيد أهلها.
وفود طيء مع زيد الخيل:
وفي سنة تسع جاء وفد طيء([63]).
وكانوا: خمسة عشر رجلاً، رأسهم وسيدهم زيد الخيل بن مهلهل من بني نبهان، وفيهم وزر بن جابر بن سدوس، وقبيصة بن الأسود بن عامر من جرم طيء، ومالك بن عبد الله بن خيبري من بني معن، وقعين بن خليف من جديلة، ورجل من بني بولان.
فدخلوا المدينة، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسجد، فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد، ثم دخلوا، فدنوا من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فعرض عليهم الإسلام، فأسلموا وحسن إسلامهم، وأجازهم بخمس أواق فضة كل رجل منهم، وأعطى زيد الخيل اثنتي عشرة أوقية ونشاً.
زاد في الروض الأنف قوله: وكتب لكل واحد منهم على قومه إلا وزر بن سدوس، فقال: إني أرى رجلاً تملّك رقاب العرب. والله لا يملك رقبتي عربي أبداً، ثم لحق بالشام وتنصر، وحلق رأسه([64]).
وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما ذكر رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلا ما كان من زيد الخيل، فإنه لم يبلغ كل ما فيه"([65]).
وسماه رسول الله "صلى الله عليه وآله" زيد الخير، وقطع له فيد وأرضين، وكتب له بذلك كتاباً، ورجع مع قومه. وفي لفظ: فخرج به من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" راجعاً إلى قومه، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن ينجُ زيد من حمى المدينة فإنه"، أي فإنه قد نال مراده أو نحو ذلك.
فلما انتهى من بلد نجد إلى ماء من مياهه يقال له: فردة ـ وفي لفظ فرد ـ أصابته الحمى بها فمات هناك، وعمدت امرأته بجهلها وقلة عقلها إلى ما كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب له به فحرقته بالنار([66]).
قال في زاد المعاد، وفي العيون: لما أحس بالموت أنشد يقول:
أمرتحـل قـومـي المشـارق غدوة وأتـرك في بـيـت بـفـردة مـنـجـد
ألا رب يوم لو مرضـت لعـادني عـوائـد مـن لم يـبر مـنـهـن يجـهد
وذكر ابن دريد عن أبي محسن أن زيداً أقام بفردة ثلاثة أيام ومات، فأقام عليه قبيصة بن الأسود المناحة سنة، ثم وجه براحلته ورحله وفيها كتاب النبي "صلى الله عليه وآله"، فلما رأت امرأته الراحلة ليس عليها زيد ضرمتها بالنار، فاحترقت واحترق الكتاب([67]).
وعن أبي سعيد الخدري: أن علياً كرم الله وجهه "بعث إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من اليمن بذهيبة في أديم مقروظ لم تحصل من ترابها، فقسمها رسول الله "صلى الله عليه وآله" بين أربعة نفر: بين عيينة بن بدر، وأقرع بن حابس، وزيد الخيل، وعلقمة بن غيلان"([68]).
وعن عبد الله بن مسعود قال: كنا عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأقبل راكب، فأناخ، فقال: يا رسول الله، إني أتيتك من مسيرة تسع، أنضيت راحلتي، وأسهرت ليلي، وأظمأت نهاري لأسألك عن خصلتين أسهرتاني.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما اسمك"؟
فقال: أنا زيد الخيل.
قال: "بل أنت زيد الخير، فسل، فرب معضلة قد سئل عنها".
فقال: أسألك عن علامة الله فيمن يريد، وعن علامته فيمن لا يريد.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": "كيف أصبحت"؟
فقال: أصبحت أحب الخير وأهله، ومن يعمل به، وإن عملت به أيقنت بثوابه، وإن فاتني منه شيء حننت إليه.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": "هذه علامة الله فيمن يريد، وعلامته فيمن لا يريد، ولو أرادك بالأهدى هيأ لك لها ثم لا تبالي من (في) أي واد هلكت". وفي لفظ "سلكت"([69]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم الوقفات التالية:
متى غير اسم زيد الخيل؟!:
إن الرواية ذكرت أن زيد الخيل جاء يسأل النبي "صلى الله عليه وآله" عن خصلتين فسأله "صلى الله عليه وآله" عن اسمه أيضاً، فأخبره به فغيَّره إلى زيد الخير.
وظاهر هذه الرواية: أنه قد جاء إليه وحده ولم يكن معه وفد، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن قد رآه، لأنه سأله عن اسمه، ولازم ذلك أن يكون معروفاً لدى النبي "صلى الله عليه وآله" حين جاء في وفد طيء، وأن يكون اسمه قد غيِّر قبل مجيئه مع وفد طيء..
فما معنى قولهم: إنه قد غيَّر اسمه حين جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" مع الوفد المذكور؟!
عظمة زيد عند رسول الله ':
ثم إننا لا ندري ما الذي لفت نظر النبي "صلى الله عليه وآله" في شخصية زيد، حتى قال: ما ذكر رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي، إلا ما كان من زيد الخيل، فإنه لم يبلغ كل ما فيه.
هل رآه متميزاً بعلمه، أم بأخلاقه أم بشجاعته، أم بعقله، أم بضخامة جثته.
إننا لم نجد في التاريخ ما يشير إلى امتيازه في شيء في ذلك، فكيف إذا رأيناه لا يرضى بالإسلام ديناً حتى اعتبره "صلى الله عليه وآله" في المؤلفة قلوبهم.
ثناء النبي على زيد الخيل:
قرأنا فيما تقدم ثناء نبوياً عاطراً على زيد الخيل، مع العلم بأن الحديث المتقدم عن ابي سعيد الخدري قد صرح بأن زيد الخيل كان من المؤلفة قلوبهم، وذلك مروي في صحاح أهل السنة.. مما يعني: أن هذا الثناء مكذوب على رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وقد حاول الزرقاني أن يرد على ذلك: بأن قدوم زيد الخيل في وفد طيء كان سنة تسع.
فقد قال: "هذا يرد على ما في النور: أن زيداً كان من المؤلفة، لأن المؤلفة من أعطي من غنائم حنين. وكان ذلك سنة ثمان. وقد تقدم: أن الحافظ نقله في سردهم عن التلقيح لابن الجوزي، وأن الشامي توقف فيه بأنه لم يره في نسختين من التلقيح.
ويقوي ذلك ما في الروض، من رواية أبي علي البغدادي: قدم وفد طيء، فعقلوا رواحلهم بفناء المسجد، ودخلوا، وجلسوا قريباً من النبي "صلى الله عليه وآله"، حيث يسمعون صوته..
فلما نظر "عليه السلام" إليهم، قال: إني خير لكم من العزى، ومن الجمل الأسود الذي تعبدون من دون الله، ومما حازت مناع، من كل ضار غير نفاع.
فقام زيد زيد الخيل، وكان من أعظمهم خلقاً، وأحسنهم وجهاً وشعراً، وكان يركب الفرس العظيم الطويل فتخط رجلاه في الأرض كأنه حمار.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله" ولا يعرفه: الحمد لله الذي أتى بك من حزنك وسهلك، وسهّل قلبك للإيمان. ثم قبض على يده فقال: من أنت؟!
فقال: أنا زيد الخيل بن مهلهل، أنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبد الله ورسوله.
فقال له: بل أنت زيد الخير. ما خبرت عن رجل قط شيئاً إلا رأيته دون ما خبرت عنه غيرك([70]).
ونقول:
أولاً: إن حديث كونه من المؤلفة قلوبهم أصح عندهم من غيره، فلماذا عدل عنه الزرقاني إلى الأخذ بالحديث الضعيف؟!..
ثانياً: إن من الواضح: أن ما زعمه الزرقاني من أن اسم المؤلفة قلوبهم لا يطلق إلا على الذين أعطاهم النبي "صلى الله عليه وآله" من غنائم حنين ليس له ما يثبته، بل هم كل من كان يعطيهم النبي "صلى الله عليه وآله" ليتألفهم على الإسلام قبل حنين وبعدها، وسهم المؤلفة قلوبهم ثابت في الإسلام والقرآن وإلى يوم القيامة، وإنما ألغاه أبو بكر.
قال تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}([71]).
ومن الواضح: أن هذه الآية في سورة التوبة، وهي قد نزلت في ذي الحجة من سنة تسع، فلو كان الحكم مختصاً بأهل حنين لم ينزل هذا الحكم بعد سنة كاملة في الآية التي ذكرناها..
ولكن لما ولي أبو بكر، وجاءه المؤلفة قلوبهم لأخذ سهمهم، كتب لهم بذلك فلقيهم عمر، فأخذ الكتاب منهم ومزقه، وقال لهم: لا حاجة لنا بكم، فقد أعز الله الإسلام، وأغنى عنكم، فإن أسلمتم، وإلا فالسيف بيننا وبينكم. فرجعوا إلى أبي بكر فأمضى ما فعله عمر([72]).
وقد عبروا عن هذا الأمر بتعابير قاسية ومهينة للدين وأهله، فقد قالوا: إن أبا بكر قطع الرشا في الإسلام([73]).
ثالثاً: قد ذكر الزرقاني نفسه الرواية التي ترّد ما زعموه: "من أن وفادة زيد الخيل كانت في سنة تسع"، وأن الحديث المذكور آنفاً قد ذكر أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: إن عبادتهم للعزى لا تنفعهم.
ومن المعلوم: أن العزى قد هدمت عقب فتح مكة مباشرة([74])، فتكون وفادتهم قبل هدم العزى.. لا في سنة تسع([75]).
دخول المشركين إلى المسجد:
ربما يدَّعي البعض: أن النص المتقدم، ونظائره يدل على أن المشركين قد دخلوا مسجد النبي "صلى الله عليه وآله"، وذلك يدل على جواز دخول الكفار إلى مساجد المسلمين، حتى إلى مسجد النبي "صلى الله عليه وآله"، وبذلك يرد على فتوى الفقهاء بحرمة دخول الكافر إلى المسجد..
وأما بالنسبة لقوله تعالى: {إِنَّمَا المُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا}([76])، فلا دلالة فيه على خلاف ذلك:
فأولاً: قد يكون المراد به القذارة المعنوية الروحية، وهي قذارة الكفر والشرك، لا القذارة بمعنى النجاسة على حد نجاسة الكلب والخنزير، والدم وما إلى ذلك.
ثانياً: لو سلمنا أن المراد به النجاسة الحسية بمعناها المصطلح عند أهل الشرع، فإننا نقول:
من الذي قال: إنه يحرم إدخال النجاسة إلى المسجد، إذ لا دليل على حرمة إدخال قارورة دم إلى المسجد الحرام، إذا لم يلحق المسجد منها شيء..
ثالثاً: لعل الحكم بعدم جواز دخول المشركين إلى المسجد الحرام خاص بالمسجد الحرام، ولا يتعداه إلى سائر المساجد.
وليكن هذا هو وجه الجمع بين الآية، وبين ما ثبت من أن نصارى نجران، وغيرهم من المشركين كانوا يدخلون المسجد النبوي، ويجادلون النبي "صلى الله عليه وآله" في الدين، ويُسْلِم بعضهم، ويصرُّ بعضهم على كفره.
ونقول:
إن ذلك كله لا يصح، وذلك لما يلي:
أولاً: إن المحرَّم هو دخول الكافر إلى موضع الصلاة من المسجد، أما دخوله إلى غيرها من قاعات وباحات وساحات لم تعد للصلاة، فلم يكن ذلك محرماً، فلعل المراد بدخولهم إلى المسجد هو الدخول إلى بعض باحاته وساحاته، إذ يصح إطلاق اسم الكل على بعض إجزائه، أو مشتملاته أو على توابعه..
وقد يشهد لذلك: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بنى موضعاً في مسجده يقال له: الصفة، لينزل ويبيت فيه من لا منزل ولا مال ولا أهل له. ولعل من يبيت هناك يبتلى بالإحتلام والجنابة، ولم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" ليسمح لهم بالمبيت في الموضع الذي ينبغي تنزيهه عما هو مكروه من نومٍ أو غيره.
فذلك يشير إلى أن هذا الموضع لم يكن مخصصاً للصلاة، فكان يصح النوم فيه..
ثانياً: من الذي قال إن ملاك حرمة دخول الكافر للمسجد هو قذارته الجسدية، فلعل الملاك هو: أن دخول من لا يؤمن بالله إلى بيت الله هتك لحرمة المساجد التي يعبد الله فيها، وأما إدخال الدم إلى المسجد في قارورة فليس فيه هتك لحرمته، وليس فيه تنجيس له فلا يحرم.
لكن دخول الكلب والخنزيرأيضاً ـ والعياذ بالله ـ إلى المسجد فيه هتك لحرمة المسجد، فيحرم من أجل ذلك، حتى لو لم يوجب دخوله تنجيساً..
ثالثاً: إن الآية الكريمة وإن كانت قد وردت في سورة التوبة التي هي من آخر ما نزل من القرآن([77])، لكن ذلك لا يمنع من أن يكون الحكم بحرمة دخول الكافر إلى المسجد قد بيّن على لسان النبي "صلى الله عليه وآله" قبل ذلك بسنوات. وقد تأخر نزول الآية عن ذلك..
بل لعل نفس تشريع عدم جواز دخول الكافر للمساجد قد تأخر أيضاً لحكمة اقتضاها التشريع، وهي أن يضرب الدين بجرانه، وتظهر أعلامة وتنتشر شرائعه وأحكامه، فنزلت في ذي الحجة من السنة التاسعة للبعثة([78]).
وزر بن سدوس ينتصر:
ولا ندري كيف نفسر تصرف وزر بن سدوس الذي رحل إلى الشام، واختار النصرانية على أن يملك عربي رقبته، حتى لو كان هو النبي "صلى الله عليه وآله"، فنلاحظ:
1 ـ أننا لم نعهد من النبي "صلى الله عليه وآله" أنه تصرف مع الناس على أنه مالك لرقابهم، ولم يدِّع هو ذلك لنفسه، إنما هو يعلن أنه ينفذ ما يأمره به الله.
2 ـ كما أن هذا الرجل قد ترك مظهر الرحمة الإلهية، الذي يريد أن يحرره من هيمنة الطواغيت والظلمة والجبارين، والذي يكون مع المؤمنين كأحدهم، ولا يرى لأحد فضلاً على أحد إلا بتقوى الله، وذهب إلى الشام ليكون تحت حكم الجبارين، الذين يتخذون عباد الله خولاً، وماله دولاً.
3 ـ إن ما عرضه النبي "صلى الله عليه وآله" عليهم يعود نفعه إليهم في الدنيا والآخرة، وهو ما تحكم به فطرتهم، وتقضي به عقولهم، وهو أن يكونوا عبيداً لله وحده لا شريك له، وقد بين له بما لا مزيد عليه أنه هو وجميع الناس سواء في هذا الأمر.
وفد بني البكَّاء:
قالوا: وفد من بني البكَّاء على رسول الله "صلى الله عليه وآله" سنة تسع، ثلاثة نفر: معاوية بن ثور بن عبادة البكَّائي، وهو يومئذٍ ابن مائة سنة، ومعه ابن له يقال له: بشر، والفجيع بن عبد الله بن جندح بن البكَّاء، ومعهم عبد عمرو، وهو الأصمّ. فأمر لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بمنزل وضيافة، وأجازهم، ورجعوا إلى قومهم.
وقال معاوية بن ثور للنبي "صلى الله عليه وآله": "إني أتبرك بمسِّك، وقد كبرت وابني هذا بَرٌّ بي، فامسح وجهه".
فمسح رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجه بشر بن معاوية، وأعطاه أعنُزاً عُفراً وبَرَّك عليهن.
قال الجعد: فالسنة ربما أصابت بني البكَّاء ولا تصيب آل معاوية.
وقال محمد بن بشر بن معاوية بن ثور بن عُبادة بن البكَّاء:
وأبي الذي مسح الرسول برأسه ودعـا لـه بـالخـير والـبركــــات
أعـطـاه أحمـد إذ أتـاه أعـنُـــزاً عُفـراً نـواجـل لسـن بالـلجنـات
يمـلأن رفـد الحـي كـل عـشية ويـعـود ذاك المــلء بالـغــدوات
بوركن من منح وبورك مانحـاً وعـلـيـه مـنـي مـا حييت صـلاتي
وسمى رسول الله "صلى الله عليه وآله" عبد عمرو الأصمّ عبد الرحمن، وكتب له بمائه الذي أسلم عليه بذي القصة. وكان عبد الرحمن من أصحاب الظُلَّة، يعني: الصُفَّة، صفَّة المسجد([79]).
التبرك بالرسول ':
وقد ذكر النص المتقدم: أن معاوية بن ثور قال للنبي "صلى الله عليه وآله": إني أتبرك بمسِّك، ثم طلب منه أن يمسح وجه ابنه، ففعل "صلى الله عليه وآله".
وهذا يعطينا:
1 ـ أن سكوت النبي "صلى الله عليه وآله" وقبوله بأن يتبرك به ذلك الرجل، ثم استجابته لطلب معاوية بن ثور بالتبريك على ولده يؤكدان مشروعية التبرك، وأنه لا صحة لما يدَّعيه البعض من عكس ذلك.
2 ـ إن هذا الطلب من معاوية بن ثور يشير إلى أن إيمان هذا الرجل لم يكن بسبب ترغيب أو طمع، أو ترهيب، أو جزع. وإنما هو نتيجة تفاعل روحي، تجاوز حدود القناعة الفكرية، وسكن في القلب، وترسخ في أعماق الوجدان..
3 ـ ثم هو من جهة ثالثة: تعبير عن شعور فطري، لم يقتصر الأمر فيه على هذا الرجل، بل تجاوزه ليكون ميزة إنسانية تجدها لدى سائر الذين آمنوا برسول الله "صلى الله عليه وآله"، مهما اختلفت طبائعهم، وثقافاتهم، وأعرافهم، وبلدانهم، وعاداتهم، ومواقعهم الإجتماعية، وما إلى ذلك..
وذلك يدل على: أن هذا هو مقتضى الخلق الإنساني، والطبع البشري، وهو مقتضى الفطرة والسجية والعفوية..
4 ـ إن التبريك على تلك الأعنز أيضاً بمبادرة من رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه هو الآخر يفتح أمام التأمل أبواباً على آفاق رحبة في هذا الإتجاه، ويدفع به إلى دراسة أكثر شمولية وعمقاً للنهج التربوي، الذي يعتمد على تجسيد المعاني الغيبية في مفردات واقعية، لتصبح أكثر قرباً للإنسان، وليسهل عليه وعيها، والاستفادة منها في حياته العملية، ولهذا البحث مجال آخر.
الفصل الخامس:
وفود سنة تسع قبل شهر رمضان.. ووفد ثقيف
وفد بني أسد:
روى ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي، وهشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبيه قالا: "قدم عشرة رهط من بني أسد بن خزيمة على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في أول سنة تسع، فيهم حضرمي بن عامر، وضرار بن الأزور، ووابصة بن معبد، وقتادة بن القائف، وسلمة بن حبيش، وطليحة بن خويلد، ونقادة بن عبد الله بن خلف، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسجد مع أصحابه، فسلموا وقال متكلمهم: يا رسول الله، إنا شهدنا ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك عبده ورسوله.
وقال حضرمي بن عامر: "أتيناك نتدرع الليل البهيم في سنة شهباء، ولم تبعث إلينا بعثاً ونحن لمن وراءنا.." إلى آخر ما قالوا. فنزلت فيهم: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}([80])"([81]).
وسألوا عن مسائل، ثم جاؤوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" فودعوه، وأمر لهم بجوائز، وكتب لهم ثم انصرفوا إلى أهليهم([82]).
وعن ابن عباس، وسعيد بن جبير، وبسند حسن عن عبد الله بن أوفى، قال الأولان: "جاءت بنو أسد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقالوا: يا رسول الله، أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك العرب، وفي رواية: بنو فلان. فأنزل الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}"([83]).
قال ابن سعد: وكان معهم قوم من بني الزنية، وهم بنو مالك بن ثعلبة بن دودان بن أسد. فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أنتم بن الرشدة".
فقالوا: لا نكون مثل بني محولة، يعني: بني عبد الله بن غطفان([84]).
وسألوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ يومئذ عن: العيافة، والكهانة، وضرب الحصى، فنهاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ عن ذلك كله.
فقالوا: يا رسول الله، إن هذه الأمور كنا نفعلها في الجاهلية، أرأيت خصلة بقيت؟
قال: "وما هي"؟
قال "صلى الله عليه وآله": "الخط، علمه نبي من الأنبياء، فمن صادف مثل علمه علم"([85]).
ونقول:
يمنون عليك أن أسلموا، فيمن نزلت؟!:
وقد ذكر النص المتقدم: أن قوله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ}([86]) قد نزلت في وفد بني أسد.
ويرد عليه:
أولاً: ما روي عن جابر: من أن هذه الآية نزلت في عثمان بن عفان يوم الخندق، حيث قال له النبي "صلى الله عليه وآله": "احفر".
فغضب عثمان وقال: لا يرضى محمد أن أسلمنا على يده حتى يأمرنا بالكد، فأنزل الله على نبيه "صلى الله عليه وآله": {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا}..([87]).
ثانياً: روي أن عثمان مَرَّ على عمار بن ياسر وهو يحفر الخندق، وقد ارتفع الغبار من الحفر، فوضع عثمان كمه على أنفه ومر فقال:
لا يستـوي من يعـمر المسـاجدا يـصـلي فـيـهـا راكعـاً وسـاجــد
كـمـن يـمـر بالغـبـار حـأيـداً يـعـرض عـنـه جـاهـداً مـعـانـد
فالتفت إليه عثمان فقال: يا بن السوداء، إياي تعني؟!
ثم أتى النبي "صلى الله عليه وآله" فقال له: لم ندخل معك لتُسبَّ أعراضنا.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "قد أقلتك إسلامك، فاذهب"، فأنزل الله تعالى: {يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا..} الآية.."([88]).
غير أننا نقول:
إن قصة بني أسد قد حصلت سنة تسع، ولا مانع من نزول الآية مرتين أو أكثر، إذا كانت المناسبة تقتضيها، فتنزل في عثمان يوم الخندق، حيث واجه النبي "صلى الله عليه وآله" أولاً، ثم واجه عماراً، ثم تنزل مرة أخرى بعد حوالي خمس سنوات من ذلك التاريخ، ولذلك نظائر.
ثالثاً: إن سورة الحجرات قد نزلت قبل سورة الفتح، التي نزلت في الحديبية([89])، وهذا يؤيد ما ذكرناه: من أن سورة الحجرات قد نزلت قبل حادثة بني أسد بسنوات عديدة..
بنو الزنية أو الرشدة:
ومن الغريب حقاً: أن نجد هؤلاء الأعراب الجفاة يرفضون تسمية النبي "صلى الله عليه وآله" لهم ببني الرشدة، بدل "بني الزنية".
فأولاً: إن هذا الرفض يمثل اعتراضاً على قرار نبي الله الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى..
ثانياً: إن التسمية ببني الزنية لا تُسعد من تطلق عليه، ولا بد أن يرى فيها إهانة لشرفه، ولنسبه، فالمتوقع منه: أن يرفضها بحزم وإصرار، وربما يحتاج إلى المجابهة والحدة في سعيه إلى أن منع الناس من تداولها، وأما أن يصر على حفظها، وعلى إشاعتها بينهم، ويرضى بإطلاقها عليه ونسبتها إليه، فذلك ما لا يخطر على البال..
إلا إذا افترض مفترض: أن ثمة خللاً في عقله، أو في تفكيره أو في أخلاقياته، وقيمه..
وبعد..
فإن النبي "صلى الله عليه وآله" كان معنياً جداً بتغيير هذا الاسم، لأنه يعلم أن للأسماء آثارها على الروح والنفس، وهو لا يريد أن يعتاد سمعهم على مثل هذا الأسماء، ولا أن تألفها أرواحهم، وتتعلق بها نفوسهم، بل يريد أن تنكرها النفوس، وتتأذى منها الأرواح، وتمجها الأذواق والأسماع.
وإن رفض هؤلاء الناس لمثل هذا الطلب الصادر من أقدس الخلق، والذي يفترض فيهم أن يتلهفوا لتلبيته، وأن يكونوا سعداء في استجابتهم له ـ إن هذا الرفض ـ يدل دلالة واضحة على جهلهم، وجفائهم، وقلة عقولهم، وضعف تدبيرهم..
علم الخط وضرب الرمل:
اختلفوا في المراد من علم الخط، مع تصريحهم بحرمة العمل به.
قال الصالحي الشامي: قوله "صلى الله عليه وآله" في الخط: "علمه نبي من الأنبياء الخ..".
الخط: قال في المطالع والتقريب: "فسروه بخط الرمل، ومعرفة ما يدل عليه".
وقال في النهاية: [قال ابن عباس: الخط] "هو الذي يخطه الحازي، وهو علم قد تركه الناس، يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلواناً، فيقول له: اقعد حتى أخط لك، وبين يدي الحازي غلام له معه ميل، ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط فيها خطوطاً كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد، ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين، وغلامه يقول للتفاؤل: "ابنَيْ عِيَان أسرعا البيان". فإن بقي خطان فهما علامة النُّجْح، وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة.
وقال الحربي: "الخط هو: أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى، ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضرب من الكهانة".
قال ابن الأثير: الخط المشار إليه علم معروف، وللناس فيه تصانيف كثيرة، وهو معمول به إلى الآن، ولهم فيه أوضاع، واصطلاح وأسامٍ، وعمل كثير، ويستخرجون به الضمير وغيره، وكثيراً ما يصيبون فيه. انتهى.
وقال: ضرب الرمل حرام، صرح به غير واحد من الشافعية والحنابلة وغيرهم([90]).
الأنبياء ^ وعلم الخط:
وقال الصالحي الشامي: قوله "صلى الله عليه وآله": "علمه نبي من الأنبياء" في حفظي أنه سيدنا إدريس "عليه السلام"، ولا أعلم من ذكره فيحرر([91]).
وقد ورد في الروايات عن أهل البيت "عليهم السلام": أن إدريس "عليه السلام"، وهو جد نوح "عليه السلام" أول من خط بالقلم([92]). أي كتب به، فلعل الأمر اشتبه على هؤلاء، فنسبوا إليه "عليه السلام" علم الخط (أي خط الرمل) أو نحوه. مع أن المقصود بالخط: الكتابة بالقلم.
ويكون مراد النبي "صلى الله عليه وآله" بقوله: "الخط علمه نبي من الأنبياء، فمن صادف مثل علمه فقد علم" هو حثهم على تعلم الكتابة، ليخرجهم من ظلمات الجهل إلى نور العلم، والإحتفاظ به، ونقله إلى الأجيال اللاحقة بدقة وأمانة. وبذلك يظهر فساد قول الصالحي الشامي هنا:
"فمن صادف مثل علمه فقد علم"، وفي صحيح مسلم: "فمن وافق خطه فذاك" أي: فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة، فلا يباح [والمقصود: أنه حرام لأنه لا يباح] إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها.
وإنما قال النبي "صلى الله عليه وآله": "فمن وافق خطه فذاك". ولم يقل: هو حرام بغير تعليق على الموافقة، لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذلك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي "صلى الله عليه وآله" على حرمة ذاك النبي، مع بيان الحكم في حقنا، فالمعنى: أن ذاك النبي لا منع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها"([93]).
على أننا نقول:
إن هذا الكلام موهون، ولا يمكن قبوله من جهات عديدة:
فأولاً: إذا كان علم الخط ضرباً من الكهانة، فإنه ليس علماً، إذ لا يصح عدّ الكهانة في جملة العلوم، التي هي عبارة عن قواعد وضوابط توصل إلى نتائج ذات غرض واحد.. ولم نجد في الخط الذي فسّر آنفاً بتفاسير مختلفة ما يدخله في هذا السياق..
ثانياً: إذا كان هذا العلم من الكهانة، فإن الحكم بتحريم الكهانة قد جاء مطلقاً وعاماً، ولم يستثن منها كهانة علم الخط بأي معنى من المعاني المتقدمة..
ثالثاً: إن المعاني التي ذكرت لعلم الخط لا تصلح جميعها للدلالة على معنى صحيح، ولا توصل إلى شيء من الواقع إلا على سبيل الصدفة، وليس في السنن الإلهية أن يتدخل الله فيمسك يد ذلك الغلام، عند عدد بعينه من الحركات السريعة.. أو أن يتدخل في قلب ذلك الغلام ويجبره على اختيار هذا العدد من الحركات أو ذاك.
على أن بقاء خط أو خطين قد يمكن اعتباره نوعاً من القرعة، التي لا اعتبار بها في كشف المستقبل، وما يكون فيه من فشل، أو نجاح، بل تستعمل لتسهيل اختيار أمر حاضر مشتبه لا يجد سبيلاً لترجيح أي طرف منه..
وكذلك الحال بالنسبة للتفسير الثاني للخط، وهو ضرب النوى أو حبات الشعير على ثلاثة خطوط، فإنه ليس من السنن الإلهية أن يتحكم الله بالنوى، أو بحبات الشعير حين تضرب على تلك الخطوط ليبين لنا من ذلك معاني بعينها..
وبذلك كله يظهر: أنه لا معنى لأن يتعلم إدريس هذا الشيء، لأنه لا أساس له.. وهو ليس من العلوم التي يصيبها هذا ويخطئوها ذاك.. وقد يتيقن بالموافقة، وقد يظن..
رابعاً: لو كان هذا من العلوم المرتكزة إلى سنة إلهية، فلماذا يحرم على الناس تعاطيها إلا مع اليقن بالموافقة لعلم النبي "صلى الله عليه وآله".. فإنها تكون كأي شيء مجهول يراد الوصول إليه بالتجارب القائمة على ظن الموافقة أو احتمالها..
خامساً: إن الكهانة تقوم على أخذ بعض المعلومات من بعض الجن([94])، مع العلم بأن هذا الجن قد يكذب، وقد يجهل الحقيقة، أو يجهل جزءاً منها، فيخلط الحق بالباطل وما إلى ذلك، وليس في علم الخط الذي فسر بما ذكر آنفاً ما يشير إلى الأخذ من الجن.. فلماذا اعتبروه من الكهانة؟
وفد بني عذرة:
قالوا: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في صفر سنة تسع وفد بني عذرة، (قبيلة باليمن من قضاعة) اثنا عشر رجلاً، فيهم جمرة بن النعمان العذري، وسليم، وسعد ابنا مالك، ومالك بن أبي رباح. فنزلوا دار رملة بنت الحدث النجارية. ثم جاؤوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فسلموا بسلام أهل الجاهلية.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من القوم"؟
فقال متكلمهم: من لا نُنْكَر، نحن بنو عذرة إخوة قصي لأمه، "نحن الذين عضدوا قصياً"، وأزاحوا من بطن مكة خزاعة وبني بكر، ولنا قرابات وأرحام.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "مرحباً بكم وأهلاً، ما أعرفني بكم، فما يمنعكم من تحية الإسلام"؟
قالوا: كنا على ما كان عليه آباؤنا، فقدمنا مرتادين لأنفسنا ولقومنا. وقالوا: إلام تدعو؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن تشهدوا أني رسول الله إلى الناس جميعاً" أو قال: [كافة].
فقال متكلمهم: فما وراء ذلك من الفرائض؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أدعو إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وأن تشهدوا الصلوات، تحسن طهورهن، وتصليهن إلى مواقيتهن، فإنه أفضل العمل".
ثم ذكر لهم سائر الفرائض من الصيام والزكاة والحج.
فقال المتكلم: الله أكبر، نشهد ألا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قد أجبناك إلى ما دعوت إليه، ونحن أعوانك وأنصارك. يا رسول الله إن متجرنا الشام، وبه هرقل، فهل أوحي إليك في أمره بشيء؟
فقال: "أبشروا، فإن الشام ستفتح عليكم، ويهرب هرقل إلى ممتنع بلاده".
ونهاهم "صلى الله عليه وآله" عن سؤال الكاهنة.
فقد قالوا: يا رسول الله، إن فينا امرأة كاهنة قريش والعرب يتحاكمون إليها، فنسألها عن أمور.
فقال "صلى الله عليه وآله": "لا تسألوها عن شيء".
فقال متكلمهم: الله أكبر.
ثم سأله عن الذبح الذي كانوا يذبحون في الجاهلية لأصنامهم.
فنهاهم "صلى الله عليه وآله" عنها.
وقال: "لا ذبيحة لغير الله عز وجل، ولا ذبيحة عليكم في سنتكم إلا واحدة".
قال: وما هي؟
قال: "الأضحية ضحية العاشر من ذي الحجة، تذبح شاة عنك وعن أهلك".
وسألوا النبي "صلى الله عليه وآله" عن أشياء من أمر دينهم، فأجابهم فيها.
وأقاموا أياماً. ثم انصرفوا إلى أهليهم، وأمر لهم بجوائز كما كان يجيز الوفد، وكسا أحدهم برداً([95]).
نحن بنو عذرة:
لم يرق لبني عذرة سؤال النبي "صلى الله عليه وآله" إياهم بقوله: من القوم؟! على اعتبار أن السؤال إنما يكون عن النكرات الذين لا يعرفون، في حين يرون أن ذكرهم شائع، وصيتهم ذائع. فأجابوا بما يظهرهم بمظهر الكبار، مضمّنين إجابتهم ما يشير إلى أنهم يضعون أنفسهم في مصافّ أقدس الناس، وأطهرهم، وأعظمهم شأناً، وأجلهم مكانة وموقعاً..
وكان أقصى ما عندهم أنهم أرادوا الفخر على رجل ينتهي فخرهم إليه، وهو معدنه ومصدره، فافتخروا بأن لهم به قرابة ورابطة رحم عن طريق الأم، لأنهم إخوة قصي لأمه.
ثم افتخروا أيضاً: بأن لهم قرابات وأرحام في سائر قريش.
ثم كان عنوان فخرهم الآخر: أنهم عضدوا قصياً، وأزاحوا خزاعة وبني بكر من بطن مكة.. وكل هذه الأمور منه وإليه.. وبه.. وله "صلى الله عليه وآله"..
غير أن قولهم: إنهم أخوة قصي لأمه وإن كان صحيحاً، لكن أم قصي نفسها قد قالت لولدها قصي وزوجها، وسائر بني عذرة: "أنت والله يا بني أكرم منه نفساً، ووالداً، ونسباً، وأشرف منزلاً، أبوك كلاب بن مرة بن كعب الخ"([96])..
وأما أنهم هم الذين أزاحوا خزاعة وبني بكر من مكة، فغير دقيق، بل غير صحيح، إن أريد حصر ذلك بهم، لأن قصياً استعان بأخيه رزاح العذري، فأعانه بثلاث مائة من قومه وإخوته([97]).. بالإضافة إلى من كان معه.. من قريش وكنانة.. فراجع..
وفد زمل بن عمرو:
وروى ابن سعد عن مدلج بن المقداد بن زمل العذري وغيره قالوا: وفد زمل بن عمرو العذري على النبي "صلى الله عليه وآله" فاخبره بما سمع من صنمهم، فقال: ذلك مؤمن الجن، فعقد له لواءً على قومه، وأنشأ يقول حين وفد على النبي "صلى الله عليه وآله":
إليك رسـول الله أعملـت نصها أكـلـفـها حـزنـاً وقوزاً من الرمل
لأنصر خير الناس نصـراً مؤزراً وأعقد حبـلاً من حبـالك في حبلي
وأشـهـد أن الله لا شـيء غــيره أدين له ما أثقـلـت قـدمي نعـلي([98])
ونقول:
إن في النص عدة مواضع تدعو للتأمل، ومنها:
زمل العذري عند يزيد:
وإن مما يؤسف له: ما يقال عما انتهى إليه أمر زمل بن عمرو هذا فإنه قد شهد صفين مع معاوية([99])، وكان معه ـ كما زعموا ـ لواؤه الذي عقده له النبي "صلى الله عليه وآله"([100])، واستعمله معاوية على شرطته، وكان أحد شهود التحكيم بصفين، وشهد بيعة مروان و.. و..
بل ذكروا: أن يزيد بن معاوية أيضاً قد ائتمن زمل بن عمرو على خاتمه([101]).
ولا ننسى القول المعروف: قل لي من تعاشر، أقل لك من أنت، فكيف إذا كان شاهداً، ومبايعاً وناصراً، وقائد شرطه، مؤتمناً على الخاتم الذي تختم به عهود الخيانة، وكتب الظلم والبغي وما إلى ذلك.
عقد له لواء:
وزعمت الرواية السابقة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عقد لواء لزمل بن عمرو على قومه.. ولم يذكر لنا المؤرخون إن كان قد وفد إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وحده، أو وفد مع قومه بني عذرة.. فإن كان قد وفد مع قومه، فلا إشكال ..
لكن يبقى سؤال: لماذا أفردوا وفادته بالذكر دون سائر من كان معه؟! وهو ما لم يفعلوه مع غيره من رؤساء الوفود، وفيهم من ولَّاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قومهم؟!
وإن كان قد وفد وحده فلماذا عقد النبي "صلى الله عليه وآله" له لواء، في الوقت الذي كان لا يعقد لواءً لأقل من عشرة ـ كما قدمناه في بعض الفصول السابقة([102]).
إلا أن يقال: إن ما عرف عنه "صلى الله عليه وآله" من أنه كان لا يعقد لواء لأقل من عشرة، إنما هو لمن يريد تأميره على مجموعة بعينها، وفي مهمة محدودة، أما إذا كان المقصود هو التأمير على بلدة أو على منطقته، أو عشيرة، فلا حاجة إلى حضور تلك العشيرة بعينها .. بل يكفي أن يرسل إليها الوالي المعيَّن مع كتاب التولية، حتى لو كان ذلك الوالي وحده..
علماً بأن تلك العشيرة أو البلد، أو القوم هم أكثر من عشرة، فيتحقق بذلك النصاب. وليس حضورهم في محضر الرسول "صلى الله عليه وآله" ضرورياً..
والذي نظنه قوياً: أن هذا التعظيم والتفخيم لزمل.. ثم لبني عذرة يدخل في سياق مكافآت زمل على خدماته ومواقفه، وإخلاصه للعرش الأموي، ولقتله أبناء الأنبياء كما تقدم..
لا تسألوا الكهان:
ولعل سؤالهم عن أمر الكاهنة قد أريد به الإمتحان والإستكشاف لأمر النبوة، على أساس أنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" ـ والعياذ بالله ـ كاهناً، فسوف لا يمانع في مراجعتهم لتلك الكاهنة، وإن كان "صلى الله عليه وآله" نبياً حقاً فسوف يكون حاسماً في المنع من ذلك.
فلما ظهر لهم هذا الأمر الثاني قال متكلمهم: الله أكبر، على سبيل الإستحسان والظفر بالمطلوب.
هرقل عقدة تحتاج إلى حل:
وقد أظهر بنو عذرة ما يشير إلى أنهم رغم كونهم يعيشون في اليمن، فإنهم كانوا يعانون من عقدة الخوف من هرقل، الذي كانت تفصلهم عنه مسافات شاسعة وبلاد واسعة، لمجرد أنهم يسافرون إلى طرف من أطراف مناطق نفوذ هرقل، وهو الشام..
وهم يرون: أن لملكه من القوة والإمتداد ما يجعله خارجاً عن تقديرات البشر، فلا محيص عن اللجوء في ذلك إلى الإخبارات الغيبية الإلهية.. ولذلك سألوا النبي "صلى الله عليه وآله" عن أمره..
ولعل مما هيأهم للإنبهار بهرقل والشعور بعظمته، وهول أمره: أنهم قد شهدوا أو سمعوا بالنصر الكبير الذي سجله على مملكة فارس، تصديقاً للوعد الإلهي الوارد في سورة الروم: {الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الأرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ}([103]).
ولعل رؤيتهم هزيمة كسرى، ووقوفهم على مدى ما تعانيه مملكة فارس من مشكلات، ومن انقسامات تقطع أوصالها، جعلهم لا يهتمون بمعرفة مصيرها، فإن شواهده لائحة، ودلائله واضحة، ولأجل ذلك اقتصر سؤالهم على هرقل، وأهملوا ذكر كسرى..
السؤال عن الأشخاص:
ويلاحظ هنا: أنهم سألوا النبي "صلى الله عليه وآله" عن مصير هرقل، لا عن مصير مملكة الروم، لأنهم اعتادوا أن يكون الملك للشخص، وأن يردوا كل شيء مسخراً لخدمته، وأغراضه، وتلبية رغباته والإستجابة لشهواته، والإنسياق مع أهوائه؛ فالحكم والحكومة والمال والرجال، والعساكر، والبلاد والعباد، ليس بذي قيمة، ولا يشعر أحد بوجود أي شيء من ذلك إلا بمقدار ما يؤدّيه من خدمات في هذا الإتجاه.. ولأجل ذلك لم يسألوا عن مصير مملكة الروم أو مملكة فارس، بل سألوا عن مصير شخص هرقل.
ولكن الإسلام يعلِّم أتباعه: أن يعتبروا أن الإرتباط أولاً وبالذات يكون بالله، ثم بالنهج والدين والحق، وبالرسول والإمام من حيث إنه باب الله الذي منه يؤتى، وأنه نهجه القويم، وصراطه المستقيم، وأنه مصباح هدى، وسفينة نجاة..
وفود بلي:
عن رويفع بن ثابت البلوي قال: قدم وفد من قومي في شهر ربيع الأول سنة تسع، فأنزلتهم في منزلي ببني جديلة، ثم خرجت بهم حتى انتهينا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو جالس مع أصحابه في بيته في الغداة، فسلمت. فقال: "رويفع".
فقلت: لبيك.
قال: "من هؤلاء القوم"؟
قلت: قومي.
قال: "مرحباً بك وبقومك".
قلت: يا رسول الله، قدموا وافدين عليك مقرِّين بالإسلام، وهم على من وراءهم من قومهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من يرد الله به خيراً يهده للإسلام".
قال: فتقدم شيخ الوفد، أبو الضبيب، فقال: "يا رسول الله، إنَّا قدمنا عليك لنصدقك ونشهد أن ما جئت به حق، ونخلع ما كنا نعبد ويعبد آباؤنا".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الحمد لله الذي هداكم للإسلام، فكل من مات على غير الإسلام فهو في النار".
وقال له أبو الضبيب: يا رسول الله، إني رجل لي رغبة في الضيافة، فهل لي في ذلك أجر؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نعم، وكل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة".
قال: يا رسول الله، ما وقت الضيافة؟
قال: "ثلاثة أيام، فما بعد ذلك فصدقة، ولا يحل للضيف أن يقيم عندك فيحرجك".
قال: يا رسول الله، أرأيت الضالة من الغنم أجدها في الفلاة من الأرض.
قال: "لك ولأخيك، أو للذئب".
قال: فالبعير.
قال: "ما لك وله، دعه حتى يجده صاحبه".
[قال رويفع]: وسألوا عن أشياء من أمر دينهم فأجابهم.
ثم رجعت بهم إلى منزلي، فإذا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأتي بحمل تمر يقول: "استعن بهذا التمر".
قال: فكانوا يأكلون منه ومن غيره.
فأقاموا ثلاثاً، ثم جاؤوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يودعونه.
فأمر لهم بجوائز كما كان يجيز من كان قبلهم، ثم رجعوا إلى بلادهم([104]).
تنبيه:
إنه إذا صح أن رجوع النبي "صلى الله عليه وآله" من تبوك كان في شهر رمضان، فوفد ثقيف لا يمكن أن يكون في شعبان.. ويتأكد صحة أن يكون وفدهم الثاني قد جاء إليه في شهر رمضان. وفي جميع الأحوال نقول:
الوفد الثاني لثقيف:
وجاء وفد ثقيف الثاني ـ كما يقول بعضهم ـ في شهر شعبان سنة تسع وكان خروجه من المدينة إلى تبوك يوم الخميس في رجب في تلك السنة([105]).
لكن قال في زاد المعاد: قال ابن إسحاق: وقدم في رمضان سنة تسع منصرفه من تبوك وفد ثقيف، وكان من حديثهم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما انصرف عنهم اتّبعه عروة بن مسعود حتى أدركه قبل أن يدخل المدينة، فأسلم، وسأله أن يرجع إلى قومه بالإسلام.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنهم قاتلوك"، وعرف أن فيهم نخوة الإمتناع الذي كان منهم.
فقال عروة: لو وجدوني نائماً ما ايقظوني. أو قال: يا رسول الله، أنا أحب إليهم من أبكارهم. وكان فيهم كذلك محبباً مطاعاً.
فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء ألا يخالفوه لمنزلته فيهم. فلما أشرف لهم على عُلِّيَّة له، وقد دعاهم إلى الإسلام، وأظهر لهم دينه، رموه بالنبل من كل وجه، فأصابه سهم فقتله. فقيل لعروة: ما ترى في دمك؟
قال: "كرامة أكرمني الله بها، وشهادة ساقها الله إلي، فليس فيّ إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبل أن يرتحل عنكم، فادفنوني معهم". فدفنوه معهم.
فزعموا أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال فيه: "إن مثله في قومه لَكَمَثَلِ صاحب يس في قومه"([106]).
ثم أقامت ثقيف بعد قتل عروة أشهراً، ثم إنهم لما رجع النبي "صلى الله عليه وآله" من تبوك، وكانت ثقيف قد رأت ممن حولها ما يسوؤها في الأموال والأنفس، إذ أسلم من حولهم وكانوا يستلبون أموالهم، ويرعون زروعهم، ولا يؤدون لهم ديونهم، فقرر الذين لم يسلموا منهم أن يسلموا.
فائتمروا بينهم، ورأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب، وقد بايعوا وأسلموا. وأجمعوا أن يرسلوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجلاً كما أرسلوا عروة، فكلموا عبد ياليل بن عمرو بن عمير، وكان سِنَّ عروة بن مسعود، وعرضوا عليه ذلك. فأبى أن يفعل، وخشي أن يصنع به إذا رجع كما صنع بعروة.
فقال: لست فاعلاً حتى ترسلوا معي رجالاً.
فأجمعوا أن يبعثوا معه رجلين من الأحلاف، وثلاثة من بني مالك، فيكونوا ستة، وقيل: غير ذلك([107]).
وكانت ثقيف طائفتين: بنو مالك والأحلاف، وكانوا أهل حرث وتجارة ولهم أموال عظيمة وديون كثيرة على الناس، فبعثوا مع عبد ياليل: الحكم بن عمرو بن وهب، وشرحبيل بن غيلان. ومن بني مالك: عثمان بن أبي العاص، وأوس بن عوف، ونمير بن خرشة.
فخرج بهم عبد ياليل، فلما دنوا من المدينة، ونزلوا قناة ألفوا بها المغيرة بن شعبة. فاشتد ليبشر بهم النبي "صلى الله عليه وآله"، فلقيه أبو بكر فقال: أقسمت عليك بالله لا تسبقني إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى أكون أنا أحدثه.
فدخل أبو بكر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأخبره بقدومهم. ثم خرج المغيرة إلى أصحابه فروح الظهر معهم. وعلمهم كيف يحيون رسول الله "صلى الله عليه وآله". فأبوا إلا تحية الجاهلية.
ولما قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ضرب لهم قُبَّة في ناحية المسجد، لكي يسمعوا القرآن، ويروا الناس إذا صلوا.
وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يمشي بينهم وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى كتب كتابهم بيده. وكانوا لا يأكلون طعاماً يأتيهم من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى يأكل منه خالد حتى أسلموا. وكان فيما سألوا أن يدع لهم الطاغية وهي اللَّات، ولا يهدمها ثلاث سنين، حتى سألوه شهراً، فأبى عليهم أن يدعها شيئاً مسمى، وإنما يريدون بذلك فيما يظهرون أن يسلموا بتركها من سفهائهم ونسائهم وذراريهم، ويكرهون أن يروعوا قومهم بهدمها حتى يدخلهم الإسلام. فأبى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا أن يبعث أبا سفيان بن حرب والمغيرة بن شعبة لهدمها.
وقد كانوا سألوه أن يعفيهم من الصلاة، وألا يكسروا أوثانهم بأيديهم. فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أما كسر أوثانكم بأيديكم فسنعفيكم منه، وأما الصلاة فإنه لا خير في دين لا صلاة فيه".
فلما أسلموا وكتب لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً، أمَّر عليهم عثمان بن أبي العاص بإشارة أبي بكر كما عن ابن إسحاق([108])، وكان من أحدثهم سناً، وذلك أنه كان من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن([109]).
وروي عنه أنه قال: قدمت في وفد ثقيف حين قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله". فلما حللنا بباب النبي "صلى الله عليه وآله" قالوا: من يمسك رواحلنا؟ فكل القوم أحب الدخول على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكره التخلف عنه، وكنت أصغرهم، فقلت: إن شئتم أمسكت لكم على أن عليكم عهد الله لتمسكن لي إذا خرجتم.
قالوا: فذلك لك.
فدخلوا عليه ثم خرجوا، فقالوا: انطلق بنا.
قلت: إلى أين؟
قالوا: إلى أهلك.
فقلت: "ضربت من أهلي حتى إذا حللت بباب رسول الله "صلى الله عليه وآله" أرجع ولا أدخل عليه؟ وقد أعطيتموني ما علمتم"؟!.
قالوا: فاعجل، فإنا قد كفيناك المسألة، لم ندع شيئاً إلا سألناه.
فدخلت فقلت: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يفقهني في الدين ويعلمني.
قال: "ماذا قلت"؟
فأعدت عليه القول.
فقال: "قد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أصحابك، اذهب فأنت أمير عليهم وعلى من تقدم عليه من قومك".
وفي رواية: فدخلت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فسألته مصحفاً كان عنده فأعطانيه([110]).
ونص آخر يقول:
وكانوا يغدون على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في كل يوم، ويخلفون عثمان بن أبي العاص على رحالهم، لأنه أصغرهم. فلما رجعوا عمد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فسأله عن الدين، واستقرأه القرآن حتى فقه في الدين وعلم. فأعجب ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأحبه. فمكث الوفد يختلفون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يدعوهم إلى الإسلام، فأسلموا.
فقال كنانة بن عبد ياليل: هل أنت مقاضينا حتى نرجع إلى قومنا؟
قال: نعم، إن أنتم أقررتم بالإسلام أقاضيكم، وإلا فلا قضية ولا صلح بيني وبينكم.
قالوا: أفرأيت الزنا؟ فإنا قوم نغترب لا بد لنا منه.
قال: وهو عليكم حرام، إن الله عز وجل يقول: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً}([111]).
قالوا: أفرأيت الربا فإنه أموالنا كلها؟
قال: لكم رؤوس أموالكم، إن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}([112]).
قالوا: أفرأيت الخمر فإنه لا بد لنا منها ؟
قال: إن الله تعالى قد حرمها وقرأ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}([113]).
فارتفع القوم وخلا بعضهم ببعض، وكلموه ألَّا يهدم الربة، فأبى، فقال ابن عبد ياليل: إنَّا لا نتولى هدمها.
فقال: "سأبعث إليكم من يكفيكم هدمها". وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص كما تقدم لما علم من حرصه على الإسلام. وكان قد تعلم سوراً من القرآن قبل أن يخرج لما سألوه أن يؤمّر عليهم([114]).
هدم الطاغية:
وقالوا أيضاً: لما توجه أبو سفيان والمغيرة إلى الطائف لهدم الطاغية أراد المغيرة أن يقدم أبا سفيان، فأبى ذلك أبو سفيان عليه وقال: ادخل أنت على قومك. وأقام أبو سفيان بماله بذي الهرم([115]).
فلما دخل المغيرة علاها ليضربها بالمعول، وقام قومه دونه، بنو معتب، خشية أن يرمى أو يصاب كما أصيب عروة. فلما هدمها المغيرة، وأخذ مالها وحُلِيِّها أرسل أبا سفيان بمجموع ما لها من الذهب والفضة والجزع([116]).
الوفد العائد:
ولما رجع الوفد خرجت ثقيف يتلقونهم، فلما رأوهم ساروا العنق، وقطروا الإبل قال بعضهم لبعض: ما وفدكم بخير، وقصد الوفد اللات، ونزلوا عندها.
فقال ناس من ثقيف: إنهم لا عهد لهم برؤيتنا، ثم رحل كل رجل منهم إلى أهله، فسألوهم: ماذا جئتم به؟
قالوا: أتينا رجلاً فظاً غليظاً، قد ظهر بالسيف، وداخ له العرب، قد عرض علينا أموراً شداداً: هدم اللات.
فقالت ثقيف: والله لا نقبل هذا أبداً.
فقال الوفد: أصلحوا السلاح، وتهيأوا للقتال.
فمكثت ثقيف كذلك يومين أو ثلاثة يريدون القتال، ثم ألقى الله في قلوبهم الرعب، فقالوا: والله، ما لنا به من طاقة، فارجعوا فاعطوه ما سأل.
فلما رأى الوفد أنهم قد رغبوا واختاروا الإيمان قال الوفد: فإنَّا قاضيناه وشرطنا ما أردنا، ووجدناه أتقى الناس، وأوفاهم، وأرحمهم، وأصدقهم، وقد بورك لنا ولكم في مسيرنا إليه، فاقبلوا عافية الله.
فقالت ثقيف: فلم كتمتونا هذا الحديث؟
فقالوا: أردنا أن ننزع من قلوبكم نخوة الشيطان، فأسلموا مكانهم، ومكثوا أياماً. ثم قدم رسل النبي "صلى الله عليه وآله"، وعمدوا إلى اللات ليهدموها، فهدمها المغيرة حسبما تقدم([117]).
وقال عثمان بن أبي العاص، كما رواه عنه أبو داود: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمره أن يجعل مسجد الطائف حيث كانت طاغيتهم.
وقال عثمان: إنما استعملني رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأني كنت قرأت سورة البقرة، فقلت: يا رسول الله إن القرآن ينفلت مني، فوضع يده على صدري وقال: "يا شيطان، اخرج من صدر عثمان". فما نسيت شيئاً بعده أريد حفظه([118]).
وعن عبد الرحمن بن أبي عقيل الثقفي قال: انطلقت في وفد ثقيف إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأتيناه فأنخنا بالباب، وما في الناس رجل أبغض إلينا من رجل نلج عليه، فلما خرجنا بعد دخولنا عليه فخرجنا وما في الناس أحب إلينا من رجل دخلنا عليه قال: فقال قائل منا: يا رسول الله، ألا سألت ربك ملكاً كملك سليمان؟
قال: فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم قال: "فلعل لصاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان "عليه السلام"، إن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا أعطاه دعوة، فمنهم من اتخذ بها دُنياً فأُعطيَها، ومنهم من دعا بها على قومه إذ عصوه، فأُهلكوا بها، وإن الله عز وجل أعطاني دعوة فاختبأتها عند ربي شفاعة لأمتي يوم القيامة([119]).
كتاب رسول الله ' لوفد ثقيف:
وعاد وفد ثقيف، وقد حصل على كتاب من رسول "صلى الله عليه وآله"، وهو التالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي رسول الله "صلى الله عليه وآله" لثقيف:
كتب أن لهم ذمة الله الذي لا إله إلا هو، وذمة محمد بن عبد الله النبي على ما كتب عليهم في هذه الصحيفة.
أن واديهم حرام محرم لله كل عضاهه وصيده، وظلم فيه، وسرق فيه، أو إساءة.
وثقيف أحق الناس بوجٍّ، ولا يعبر طائفهم، ولا يدخله عليهم أحد من المسلمين يغلبهم عليه، وما شاؤوا أحدثوا في طائفهم من بنيان أو سواه وبواديهم.
لا يحشرون، ولا يعشرون، ولا يستكرهون بمال الأنفس.
وهم أمة من المسلمين يتولجون من المسلمين حيث ما شاؤوا، وأين تولجوا ولجوا.
وما كان لهم من أسير فهو لهم، هم أحق الناس به حتى يفعلوا به ما شاؤوا.
وما كان لهم من دين في رهن فبلغ أجله، فإنه لواط (لياط) مبرأ من الله، وما كان من دَين في رهن وراء عكاظ، فإنه يقضى إلى عكاظ رأسه.
وما كان لثقيف من دَين في صحفهم اليوم الذي أسلموا عليه في الناس فإنه لهم.
وما كان لثقيف من وديعة في الناس أو مال أو نفس غنمها مُوْدِعُها أو أضاعها ألا فإنها مؤداة.
وما كان لثقيف من نفس غائبة أو مال، فإن له من الأمن ما لشاهدهم.
وما كان لهم مال بِلَّيةَ فإن له من الأمن ما لهم بوجّ.
وما كان لثقيف من حليف أو تاجر فأسلم فإن له مثل قضية أمر ثقيف.
وإن طعن طاعن على ثقيف أو ظلمهم ظالم، فإنه لا يطاع فيهم في مال ولا نفس، وأن الرسول ينصرهم على من ظلمهم والمؤمنون.
ومن كرهوا أن يلج عليهم من الناس فإنه لا يلج عليهم.
وأن السوق والبيع بأفنية البيوت.
وأنه لا يؤمّر عليهم إلا بعضهم على بعض، على بني مالك أميرهم، وعلى الأحلاف أميرهم.
وما سقت ثقيف من أعناب قريش فإن شطرها لمن سقاها.
وما كان لهم من دين في رهن لم يلط، فإن وجد أهلها قضاء قضوا، وإن لم يجدوا قضاء، فإنه إلى جمادى الأولى من عام قابل، فمن بلغ أجله فلم يقضه فإنه قد لاطه.
وما كان لهم في الناس من دين فليس عليهم إلا رأسه.
وما كان لهم من أسير باعه ربه فإن له بيعه، وما لم يبع فإن فيه ست قلائص نصفين: حقاق، وبنات لبون، كرام سمان.
ومن كان له بيع اشتراه فإن له بيعه([120]).
كتاب آخر لوفد ثقيف:
وسأل وفد ثقيف رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يجعل وجَّاً حمى لهم، فأجاب طلبهم، وكتب لهم الكتاب التالي:
>بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي رسول الله إلى المؤمنين: إن عضاه وَجّ وصيده حرام لا يُعْضَد [ولا يقتل صيده]، فمن وجد يفعل شيئاً من ذلك فإنه يجلد وتنزع ثيابه، ومن تعدى ذلك فإنه يؤخذ فيبلغ النبي محمداً، وإن هذا أمر النبي محمد رسول الله. وكتب خالد بن سعيد بأمر من محمد بن عبد الله رسول الله [فلا يتعدَّه أحد فيظلم نفسه فيما أمر به محمد رسول الله لثقيف]".
وشهد على نسخة هذه الصحيفة صحيفة رسول الله التي كتب لثقيف علي بن أبي طالب، وحسن بن علي، وحسين بن علي، وكتب نسختها لمكان الشهادة([121]).
واستعمل "صلى الله عليه وآله" سعد بن أبي وقاص على حمى وَجّ([122]).
وذكر ابن سعد في الطبقات شهادة الحسنين "عليهما السلام" على الكتاب الأول، دون الثاني([123]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات، نجملها فيما يلي:
إيضاحات لا بد منها:
وقبل أن نشرع في بيان ما ربما يكون بيانه مفيداً نشير إلى بعض الإيضاحات لنصوص الكتابين المذكورين آنفاً، فنقول:
ثقيف قبيلة من هوازن، وهم قسمان: الأحلاف، وبنو مالك. وكانوا يعبدون اللات، ويسمونها الربة.
العضاه: كل شجر ذي شوك، وقد ذكر الكتاب: أنه لا يجوز ظلم ثقيف في واديهم، ولا السرقة، ولا الإساءة.
لا يعضد: لا يقطع.
وَجّ: بفتح الواو وتشديد الجيم: قال في القاموس: "اسم واد بالطائف، لا بلد به. وغلط الجوهري [وهو ما بين جبلي المحترق والأُحَيْحَدين] ومنه آخر وطأة وطئها الله تعالى بِوَجّ، يريد غزوة حنين لا الطائف وغلط الجوهري.
وحنين: واد قبل وَجّ، أما غزوة الطائف، فلم يكن فيها قتال". انتهى.
قال في النور: قوله لم يكن فيها قتال، فيه نظر، إلا أن يريد توجهه [إلى موضع العدو وإرهابه]([124]).
لا يعبر طائفهم: أي بغير إذنهم، ولا يدخل فيه أحد بغير إذنهم.
لا يحشرون: أي لا تضرب عليهم البعوث، أو لا يحشرون إلى عامل الزكاة، بل يأخذها في أماكنها.
ولا يعشرون: أي لا يؤخذ منهم عشر أموالهم كضريبة كانت معروفة قبل الإسلام، وإنما تؤخذ منهم الصدقة الواجبة.
يلجون: أي يدخلون بلاد المسلمين حيث شاؤوا.
وما كان لهم من أسير: أي أسروه في الجاهلية، فهو لهم حتى يأخذوا فديته، فإن الإسلام أقرّ الناس على ما في إيديهم من مال، وأرض، وعبيد وإماء. وجعل لهم أن يفادوا أسراهم وحدد فداء كل أسير بست قلائص، وليس لهم بيعه بعد هذا العهد، أما ما بيع قبله، فبيعه صحيح.
واللياط: الإلصاق، إي أنهم قد ألصقوا الربا بالبيع ولاطوه به، ولأجل ذلك حكم أنه إذا كان الدين إلى عكاظ، فإنه يقضي برأسه أي برأس المال، ويسقط الربا.
وكانت ثقيف تريد أن يبيح النبي "صلى الله عليه وآله" لها الربا الذي كانت تتعامل به بكثرة، وكانت تملك أموالاً طائلة فتقرض وترهن.
وقد حكم "صلى الله عليه وآله" أيضاً بأن المديون لهم يعطيهم الدين، ولا يعطيهم الربا، فإن الربا قد ألصق بالبيع وبالرهن بغير وجه حق.
لِية ـ بكسر اللام ـ: وادٍ لثقيف قرب الطائف.
القلوص: الناقة الشابة.
الحقة: الناقة التي دخلت في الرابعة.
وبنت اللبون: الناقة التي دخلت في الثالثة.
إلغاء سوق عكاظ:
ويلاحظ هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد صرح بأن عليهم البيع بالأفنية. أي في الساحات المتسعة أمام دورهم أو في بلدهم..
فهل هذا يهدف إلى تثبيطهم عن الإرتحال إلى سوق عكاظ الذي كان يشتمل على المفاسد، لما يكون فيه من هجاء، وافتخار بمآثر الجاهلية، وتشبيب بالنساء، وغير ذلك مما من شأنه أن يترك آثاراً سيئة على العلاقات بين الناس، وعلى أخلاقهم، وعلى حالاتهم الإجتماعية.
شهادة الحسنين ' على كتاب ثقيف:
وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أشهد الحسنين "عليهما السلام" على كتاب ثقيف، وكان عمرهما في سنة تسع خمس و ست سنين، وفي هذا تعظيم لشأنهما، وإظهار لفضلهما.
وفيه أيضاً: دلالة على أن الحسنين "عليهما السلام" قادران على حفظ حقوق الناس، حتى وهما في هذه السنّ، لأنهما يملكان من الوعي والإدراك والعقل وسداد الرأي، والإتزان وقوة الإلتزام، ما يكفي لذلك، وهذه ميزة لم تكن لغيرهما ممن هو أكبر منهما سناً..
على أن من الواضح: أن هذه الشهادة قد كانت على أمر يرتبط بمصير جماعة كبيرة من الناس، فإنهما لم يشهدا على ملكية شاة أو دار، أو قطعة أرض، بل على ما هو أجل وأخطر من ذلك بكثير..
مع ملاحظة: أن شهادتهما قد أُثبتت إلى جانب شهادة أبيهما في أمر يرتبط بسياسة العباد، وبالتعهدات الملزمة فيما بين إمام المسلمين وبين جماعة من الناس أصرت على مناوأة الإسلام وأهله حقبة من الزمن.
وقد أُثبتت شهادتهما مع أبيهما، دون غيرهم من المسلمين، كبيرهم وصغيرهم، مع أن الجميع كانوا موجودين، أو غير بعيدين..
فما هو السبب في ذلك يا ترى؟! فهل يراد الإلماح إلى أن من يفي بهذا العهد، ويكون المسؤول عنه هو القائم بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو علي "عليه السلام" ثم الحسن، ثم الحسين صلوات الله وسلامه عليهما؟!..
ملك سليمان:
وتقدم: أن أحد أعضاء وفد ثقيف قال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": لو سألت ربك ملكاً كملك سليمان؟!
فضحك "صلى الله عليه وآله" وقال: فلعل لصاحبكم عند الله أفضل من ملك سليمان الخ..
ومن الواضح: أن هؤلاء الناس يرون أن العظمة والمقام والفضل إنما يكون بالملك والسلطان في الدنيا.. وأن المثل الأعلى لذلك بنظرهم هو ملك سليمان..
وقد ضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" ضحك الإستهانة بهذه النظرة، ثم أوضح لهم أن الأمر ليس كما يظنون، فإن الملك الحقيقي والعظيم والجليل، قد لا يكون ظاهراً لهم، وأن من يرونه فاقداً للملك قد يكون هو الأغنى، والأعظم ملكاً، والأوسع نفوذاً، وسلطاناً، والأقوى شوكةً، والأجل مقاماً، والأكرم والأفضل، فإن المعيار في الملك والكرامة هو ما أعده الله تعالى لعباده، فاذا كان الناس لا يدركون بواطن الأمور فلا يحق لهم إصدار الأحكام، وليس لهم أن يقولوا:
هذا واجد، وهذا فاقد.. وعليهم أن يتوقعوا أن يكون الأمر حين تتكشف لهم الأمور على خلاف ما هي عليه في ظاهر الحال..
ثم أخبرهم زيادة على ذلك بأنه "صلى الله عليه وآله" يملك دعوة قد خبأها لأمته، وأن ما ناله سليمان إنما ناله بدعوة مثلها، أما نبينا "صلى الله عليه وآله" فلعل الله تعالى قد أعطاه بالإضافة إلى تلك الدعوة ملكاً أعظم من ملك سليمان.. وقد أبقى دعوته لأمته، وبذلك يكون قد بلغ منتهى الفضل، وأقصى غايات الكرامة..
علم عثمان بن أبي العاص:
وقد ذكر في ما تقدم: أن عثمان بن أبي العاص بعد أن رجع الوفد من عند رسول الله عمد إليه "صلى الله عليه وآله" فسأله عن الدين، واستقرأه القرآن حتى فقه وعلم.. فمكث الوفد عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى قبلوا الإسلام..
ونقول:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن قد فرّغ نفسه لتعليم عثمان بن أبي العاص، وكان من عادته أن يدفع من يريد التفقه في الدين إلى بعض أصحابه ليتولى هو ذلك.
ولو فرض أنه قد أعطاه من وقته، فإن هذه الأيام اليسيرة جداً لم تكن تكفي لأن يفقَه عثمان ويعلم..
على أن الرواية الأخرى تكاد تكون صريحة في أن الوفد التقى بالنبي "صلى الله عليه وآله"، فلما حصل على ما أراد، خرج من عنده عازماً على السير، ولم يرضوا إلا بإعطاء فرصة يسيرة جداً لعثمان بن أبي العاص ليلتقي برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأمروه بالعجلة، ومعنى هذا هو أنه لم يمكث عند النبي "صلى الله عليه وآله"، لا أياماً ولا ساعات فكيف يفقه ويعلم، بتعليم رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!.
لا خير في دين لا صلاة فيه:
والصلاة هي الصلة بين العبد وربه، وهي تمثل فرصة لإظهار العبودية لله، وتبلور الشعور بألوهيته وهيمنته وقاهريته، والحاجة إليه، والإحساس برقابته، وهي تهدف إلى دفع العبد نحو عمل الخير، والإبتعاد عن المنكر، والفحشاء.. فمن أجل ذلك وسواه قال "صلى الله عليه وآله": "لا خير في دين لا صلاة فيه".
لا مساومة على أحكام الله:
وقد رفض "صلى الله عليه وآله" أن يساوم وفد ثقيف على شيء من أحكام الله تبارك وتعالى، بحيث يصدر هو قراراً بتجويز ارتكاب تلك المحرمات لهم.. لأن ذلك نقض لأحكام الله، وتضييع لشرائعه.
أما حين يبقى حكم الله تعالى ثابتاً، ويريد هذا أو ذاك أن يخالفه، فان الأمر يصبح أقل سوءاً وخطراً، لأن ذلك العاصي المتعمد يكون قد آذى نفسه بتعريضها لعقوبة الله تبارك وتعالى، وللمفاسد التي تنشأ عن تلك المخالفة.. كما أن المضطر للمخالفة فإنه وإن كان يعرض نفسه للمفسدة في الدنيا، أو يفوّت على نفسه أجراً أو منفعة، لكن اضطراره يسقط عنه عقوبة الآخرة..
ولأجل ذلك نلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يجبرهم على هدم صنمهم بأيديهم، ولكنه لم يفرط بالحكم الإلهي القاضي بلزوم هدمه، كما هو ظاهر لا يخفى..
جمع القرآن في عهد رسول الله ':
وقد تقدم: أن عثمان بن أبي العاص حين قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" في وفد ثقيف سأل النبي "صلى الله عليه وآله" مصحفاً كان عنده، فأعطاه إياه..
وهذا يدل على أن القرآن قد جمع في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجُعل مصحفاً يراه ويطلبه هذا الرجل من النبي "صلى الله عليه وآله"، فيعطيه إياه..
وهذا يكذب ما زعموه: من أن القرآن قد جمع في عهد أبي بكر بشهادة رجلين، ورجل واحد أحياناً.
ولعل أبا بكر، أو أبا بكر وعمر كانا لا يملكان مصحفاً، ولم يرضيا بالمصحف الذي جاءهم به علي "عليه السلام"، وكان قد كتب فيه التنزيل والتأويل، والمحكم، والمتشابه، ومتى نزلت الآيات وفي من نزلت.
نعم.. لم يرضوا بهذا المصحف، لأن ذلك يحرجهم في كثير من الأمور، وفي الأشخاص والرموز التي يراد إشراكها في القرار، وفي السلطة..
فلم يكن لهم من خيار سوى تكليف زيد بن ثابت بجمع مصحف لهما، يكون خالياً عن ذلك كله، ففعل، فقيل: إن القرآن قد جمع على عهد أبي بكر..
وقد تكلمنا حول هذا الموضوع بنوع من التفصيل في كتابنا "حقائق هامة حول القرآن الكريم".
ادعُ الله أن يفقهني، ويعلمني:
وقد طلب عثمان بن أبي العاص من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يفقهه في الدين، ويعلمه.. وهذا يستثير سؤالاً هاماً جداً، يحتاج إلى الإجابة الصريحة، والواضحة وهو:
إنه لا شك في أن هذا الطلب قد جاء في آواخر حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يستطع عثمان أن يجالس رسول الله "صلى الله عليه وآله" سوى فترة قصيرة جداً، ثم انصرف إلى عمله في إدارة شؤون قومه..
ولا شك في أن العلم والفقه في الدين يحتاج إلى معلم، ولا يناله عثمان ولا غيره بالوحي، ولا يراه في المنام، فلماذا لم يرشده "صلى الله عليه وآله" إلى من يعلمه عقائده وشرائع دينه بعد وفاته؟!
وأليس ذلك يدل على لزوم وجود من يرجع الناس إليه بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
عثمان بن أبي العاص يمدح نفسه:
قد تقدم: أن عثمان بن أبي العاص يتحدث عن نفسه بما يشير إلى خصوصية وفضيلة له.. ونحن لا ننكر أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد ولّاه على الطائف، غير أننا نقول:
إن تولية النبي "صلى الله عليه وآله" له لا تعني أنه كان من الأخيار الأبرار، فقد ولى من لم يكن بذاك..
ومن جهة أخرى: فقد كان عثمان هذا موضع اهتمام من قبل الحاكمين، فقد استعمله أبو بكر وعمر([125])، واستعمله عمر على عمان والبحرين([126]).
المغيرة يقدم أبا سفيان، فيرفض:
وعن محاولة المغيرة تقديم أبي سفيان ليكون هو الذي يواجه ثقيف، حين هدم الطاغية، فلعله أراد أن يحرج أبا سفيان بهذا الأمر، ويخفف من حدة نظرة قومه إليه، بإظهاره أنه جاء تابعاً لأبي سفيان، ولكن أبا سفيان قد تلافى هذا الموقف بأن ترك المغيرة يدخل وحده على قومه، ويذهب هو إلى موضع له، وينزل فيه.
وهذا يدل على أن أبا سفيان والمغيرة كانا بعيدين عن دائرة الإيمان الصافي والصادق.. كما هو ظاهر لا يخفى.
توضيحات عن وفد ثقيف:
قد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد فتح الطائف، وأسقط مقاومة ثقيف، ولعل الذين أسلموا منهم كانوا ثلة قليلة لعلها لم تستطع الصمود أمام الكثرة التي اختارت طريق الغي، أو أنها قد عادت إليه بعد أن كانت قد تظاهرت بالتخلي عنه.
ويبدو أن عروة بن مسعود قد ظن أنه قادر على التأثير عليهم، لمكانته فيهم، فأخبره "صلى الله عليه وآله" بأن الأمر لم يكن على ما يظن، فلما أصر عليه لم يشأ أن يحرمه من شرف الجهاد والشهادة. وربما يكون لشهادته بعض الأثر في عودة رشدهم إليهم، وتنبههم إلى الأخطار الجسام التي تنتظرهم لو أصروا على اللجاج والعناد والجحود، بعد أن رأوا أنهم قد أصبحوا حالة شاذة في محيطهم، وأن لا مناص لهم من مسايرة هذا الجو بما يحفظ لهم حياة طيبة وهادئة.
فأرسل الثقفيون الذين كانوا قد أبطأوا في الإستجابة لنداء الحق، أو كانوا قد نكثوا عهدهم، وعادوا إلى البغي والشرك والجحود ـ أرسلوا ـ وفدهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" برئاسة عبد ياليل بن عمرو..
وقد لاحطنا: أن عبد ياليل لم يرض بالذهاب وحده، بل اشترط أن يكون معه أناس آخرون من جميع طوائف لا يتمكن أحد من ثقيف أن يقدم على عمل يثير حفيظتها، ويجعلها في موقع المعادى والمحارب، فطلب أن يشاركه في الوفد اثنان من الأحلاف وثلاثة من بني مالك.
لكي يسمعهم القرآن ويريهم الصلاة:
وعن جعلهم في المسجد بحيث يرون صلاة المسلمين، ويسمعون القرآن، نقول:
إننا لا نريد أن نسهب في تفصيل دلالات، وغايات هذا الإجراء، بل نقتصر على الإشارة إلى أن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أراد أن يستثير فيهم حب المعرفة، وتلمس المعاني، والدلالات القرآنية والصلاتية، بأنفسهم، بعيداً عن مظاهر الحجاج والإحتجاج، وعن الشعور بأن ثمة سعياً لمحاصرتهم، والهيمنة على طريقة تفكيرهم أو التأثير على قراراتهم، فتتحرك فيهم نوازع الممانعة، والسعي نحو التفلت والخروج من دائرة الحصار، وتحقيق ما يشبه الإنتصار..
إنه "صلى الله عليه وآله" يريد لهم ان يرجعوا إلى فطرتهم، وإلى ما يرضاه لهم وجدانهم وضميرهم، فيتدبروا هذا القرآن، ويفكروا في معاني الحركات والأقوال، والمظاهر الصلاتية ودلالاتها بعفوية وهدؤ وصفاء.
استئثار أبي بكر بالبشارة:
وقد أقسم أبو بكر على المغيرة بن شعبة، الذي كان يشتد لتبشير رسول الله "صلى الله عليه وآله" بوفد ثقيف، أن لا يسبقه بالبشارة، حتى يكون أبو بكر هو الذي يبشره..
ولا ندري لماذا يحرص أبو بكر على إخبار رسول الله "صلى الله عليه وآله" بهذا الأمر؟! ألا يعد ذلك شاهداً أو دليلاً على أن حبه لنفسه قد تجاوز الحد حتى جعله يستأثر على الآخرين حتى بمثل هذا الأمر العادي جداً والبسيط؟!
ولماذا يحرم غيره حتى من إبلاغ خبر سار لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ويصده عنه بالقسم، ولا يترك له حرية السعي إلى ما يريد؟! فإن كان له هو رغبة في شيء من ذلك فليبذل جهده أيضاً، فأيهما سبق فقد حصل على مبتغاه، ويبقى للآخر ثواب سعيه، إلا أن يكون المقصود هو: لفت النظر، وإعلام الناس بأنه قد أدى خدمة، وقام بعمل وهو الذي لم يُعهد منه القيام بشيء ذي بال!!
ويا ليت هذا الحرص على الأجر والثواب لدى أبي بكر يتجلى لنا في ساحات الجهاد، ومقارعة الأبطال!! التي يغيب عنها غيبة من يكاد يُحْسَبُ في عداد الأموات..
أسكنهم في ناحية المسجد:
وعن ضرب القبة للوفد في ناحية المسجد نقول:
إن ذلك لا يعني أنه "صلى الله عليه وآله" قد أسكنهم في داخل مسجده، الذي تكون صلاة المسلمين فيه، ليقال: إنه قد أدخل المشركين إلى المسجد، بل أسكنهم في ناحية منه، فلعلها دار المسجد، أو بعض الملحقات به، ولعلها موضع الصفة المعروف أو نحو ذلك، فليس في هذا النص دلالة على جواز دخول المشركين للمساجد..
يسيئون الظن برسول الله ':
وعن أنهم كانوا لا يأكلون طعاماً يأتيهم من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى يأكل منه خالد نقول:
إن الإنسان الغادر يظن أن غيره غادر مثله، ولذلك لم يقتنع هؤلاء بأن لمحمد "صلى الله عليه وآله" طريقة وخلقاً يختلف عما عرفوه وألفوه، رغم أنهم قد عاينوا أو سمعوا طيلة عشرات السنين الكثير الكثير من المفردات التي تدل على هذه المباينة فيما بينه وبينهم.. والمضحك المبكي أن هؤلاء الغدرة أنفسهم يدّعون للناس أنهم أوفياء، كما يدّعي الجبناء أنهم شجعان، والبخلاء أنهم أسخياء.
تأجيل هدم الطاغية:
ومن السخف الظاهر، والتفاهة الفاضحة أن يطلب وفد ثقيف من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يَدَع لهم "اللات" ولا يهدمها ثلاث سنين، فلم يقبل منهم، حتى طلبوا منه شهراً، فأبى عليهم أن يدعها لهم شيئاً مسمى..
فإنه إذا كان لا بد من هدمها، بعد ثلاث سنوات، أو أقل أو أكثر، فذلك يعني أنها لا تملك لنفسها نفعاً ولا ضراً، فضلاً عن أن يكون لها أي تأثير بالنسبة لغيرها، فهي إذن فاقدة لما تستحق به العبادة ولو لحظة واحدة. فما معنى أن يتعلقوا بها إلى هذا الحد.. وما الفرق بين اللحظة وبين الألف عام؟!
ومن جهة أخرى: فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يمكن أن يرضى بإبقائها إلا إذا رضي بأن تعبد ولو لحظة واحدة، فإذا كانت أهلاً للعبادة في تلك المدة أو اللحظة، فلا يصح هدمها بعد ذلك أيضاً، لأن حالها لم تختلف، وأهليتها لا تزال محفوظة، فإن منعت من هدمها وجوزت عبادتها لحظة، فهي تمنع من ذلك، وتجوز عبادتها في اللحظة التي بعدها وهكذا إلى ما لا نهاية.
وقد زعموا: أن هدفهم من تأخير هدم اللات هو: أن لا يستثار سفهاؤهم، ونساؤهم وذرياتهم، ولا يروعوا قومهم بهدمها، حتى يدخلوا الإسلام.
غير أن من البديهي: أن إبقاء رمز الكفر من شأنه أن يبقي الإرتباط القلبي قائماً بين أولئك الضعفاء والسفهاء، ويبين ذلك الرمز.. ويتبلور نتيجة لذلك شعور بإمكان التعايش والإنسجام والمصالحة بين حالتي الشرك والتوحيد، والظلمة والنور، والحق والباطل، وسيزيد ذلك من صعوبة اقتلاع آثار الشرك وطرد الباطل من العقول والنفوس.
وذلك من شأنه أن يفسد الفطرة، ويربك ويبطئ حركة العقل، ويعمِّي على كثير من الناس سبل الهداية. فلأجل هذا وذاك أصر "صلى الله عليه وآله" على هدم الأصنام وأن لا يبقيها ولو لحظة واحدة.
لا يكسرون أصنامهم بأيديهم:
ثم إنهم قد طلبوا منه "صلى الله عليه وآله" أن يعفيهم من كسر أصنامهم بأيديهم، لا لأجل أن ذلك يمثل إذلالاً لهم، وإنما لأنهم كانوا يخشون أن يصيبهم بسبب ذلك بعض المصائب..
وقد كان إعفاؤهم من ذلك هو القرار الحكيم والصائب، إذ لو أصر عليهم بمباشرة هدمها، فإن أي شيء يعرض لهم بعد ذلك ولو كان صداعاً في الرأس أو شوكة تصيب رجل أحدهم سوف يعتبرونه من آثار هدمها، وبالتالي فإن ذلك سوف يكرس مكانتها في نفوسهم، وسيعكر ذلك صفاء توحيدهم، ويخدش في صحة إيمانهم..
نظرة في كتاب ثقيف:
وبعد.. إننا إذا ألقينا نظرة فاحصة على مضمون الكتاب الذي كتبه لهم فسنجد: أنه قد أطال في التفاصيل ولكنه لم يزد على أمور معلومة الحكم، ظاهرة لكل أحد، ولا مجال فيها للمناقشة، ولا سبيل للأخذ والرد فيها من أي كان.
أي أنه لم يزد على المسلمات الشرعية، والبديهيات العقلية، والأمور الوجدانية شيئاً، فهو ينص على منعهم من الظلم والسرقة والإساءة، ويحرم عليهم الربا، ويوجب على المسلمين نصرهم إذا تعرضوا لأي ظلم وحيف من أحد.
ويوجب على الناس الإستئذان منهم إذا أرادوا أن يدخلوا عليهم، أو أن يعبروا من بلادهم، وأنهم لهم الحرية في أن يتصرفوا فيما يملكونه كيف يشاؤون، وليس لأحد أن يفرض عليهم ضريبة كضريبة الجاهلية، ولا أن يفرض عليهم الإجتماع في مكان بعينه لأداء صدقاتهم.
وأنهم آمنون على أنفسهم وأموالهم أينما كانت، وأن حلفاءهم إذا أسلموا فإن لهم ما لمسلمي ثقيف، وكذلك الحال بالنسبة لمن يسلم من تجار ثقيف نفسها.
وذكر: أن الأعناب التي لقريش إذا سقاها أهل الطائف فلهم شطرها، إلى آخر ما هنالك من أحكام ذكرت في الكتاب..
والسؤال هو: لماذا يصرح بكل ما ذكرناه وسواه مما هو من البديهيات العقلية، والشرعية، والوجدانية؟
قد يكون السبب في ذلك هو شعوره بأنه لا يكفي أن يكلهم إلى إيمانهم، ووجدانهم، وإلى حكم عقلهم، وقضاء فطرتهم؟! بل يحتاجون زيادة على ذلك إلى أخذ العهود والمواثيق الصريحة والواضحة.
ولعله حين رأى حرصهم على الربا وقد فاوضوه فيه، ثم خلوا بأنفسهم. ثم تظاهروا بقبول ذلك منه لم يثق بصحة نواياهم، فكان أن شدد عليهم فيه، وسجله في هذه الوثيقة، لكي يبطل تدبيرهم، إن كانوا قد اتفقوا فيما بينهم على التظاهر بالموافقة، ثم العمل بما يحلو لهم.. فيكون هذا الكتاب قد قطع الطريق عليهم، وأحرجهم، وألجأهم إلى التزام طريق الحق، وأخذهم بعهد صريح لن يسهل عليهم نقضه، لأنه يجعل له السبيل عليهم.
الفصل السادس:
وفود السنة العاشرة والحادية عشرة
وفود بني تغلب:
عن يعقوب بن زيد بن طلحة قال: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفد بني تغلب ستة عشر رجلاً مسلمين ونصارى، عليهم صُلُب الذهب، فنزلوا دار رملة بنت الحارث. فصالح رسول الله "صلى الله عليه وآله" النصارى على أن يقرهم على دينهم، على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية، وأجاز المسلمين منهم بجوائزهم([127]).
ونقول:
إن هذا النص قد تضمن أمراً هاماً جداً، نشير إليه فيما يلي:
إستغلال سذاجة الآخرين ممنوع:
إن هذا الذي اشترطه رسول الله "صلى الله عليه وآله" على نصارى بني تغلب، وهو: أن يقرهم على دينهم، على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية، يشير إلى أمرين:
الأول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عامل نصارى تغلب بالرفق والعفو، حين رضي منهم أن يقرهم على دينهم، مع أن له كل الحق في معاملتهم بالشدة والعنف، ما دام أنه قد قهرهم بالحجة، فلجوا في طغيانهم، وأصروا على باطلهم وأقاموا على الجحود على ما أصبح واضحاً أنهم يعلمون بطلانه وبواره.
الثاني: إنه "صلى الله عليه وآله" آثر أن يرفق بهم، ليحفظ حق أبنائهم في الإختيار، وليضمن لهم حرية الفكر والإعتقاد، ثم حرية الموقف والممارسة.. فطلب منهم: أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية.
الثالث: إن هذا الإشتراط يعطينا: أنه ليس من حق أحد أن يستغل سذاجة أي إنسان، حتى لو كان ولده، ليفرض عليه عقيدته، وما يدين به، بل عليه أن يفسح له المجال، ليصل إلى قناعاته الدينية واعتقاداته عن طريق الدليل والبرهان.. ولا يجوز له أن يهيمن على فكره وعقله وقلبه من خلال أجواء يثيرها، أو إيحاءات يمارسها، ما دام أن الطرف الآخر غير قادر على التمييز بين الحق والباطل، أو كان ذلك مما يصرفه عن التفكير في هذا وذاك..
الرابع: إن هذا المبدأ لا يختص بصورة ما لو كان الطرف الآخر لا يدين بالإسلام، بل هو مما يفرضه الإسلام حتى على المسلمين أنفسهم، إمعاناً منه في إنصافهم، وفي إجراء سنة العدل فيهم، ففرض على كل مسلم أن يحصِّل قناعاته عن طريق الحجة والدليل، ولا سيما فيما يختص بالتوحيد والنبوة، وبعض المعتقدات الأخرى.. حيث لم يرض منه بتقليد الناس جهابذة العلم، وأساطين الفكر، فإنه لا يرضى بأن يقلد أحد أحداً من غير العلماء حتى تقليد الأبناء لآبائهم أو لغيرهم كما هو واضح.
وفود الرهاويين:
عن قتادة الرهاوي قال: "لما عقد لي رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قومي، أخذت بيده فودعته، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "جعل الله التقوى زادك، وغفر لك ذنبك، ووجَّهك للخير حيثما تكون"([128]).
وروى ابن سعد عن زيد بن طلحة التيمي قال: قدم خمسة عشر رجلاً من الرهاويين، وهم حي من مَذْحِج، على رسول الله "صلى الله عليه وآله" سنة عشر، فنزلوا دار رملة بنت الحدث، فأتاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتحدث عندهم طويلاً، وأهدوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" هدايا، منها فرس يقال له: المِروَاح، فأمر فَشُوِرَ بين يديه، فأعجبه. فأسلموا وتعلموا القرآن والفرائض، وأجازهم كما يجيز الوافد: أرفعهم اثني عشرة أوقية ونشَّاً، وأخفضهم خمس أواق، ثم رجعوا إلى بلادهم.
ثم قدم منهم نفر، فحجوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المدينة، وأقاموا حتى توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأوصى لهم بِجَادّ مائة بخيبر في الكتيبة جارية عليهم، وكتب لهم كتاباً، فباعوا ذلك في زمن معاوية([129]).
ونقول:
إننا حين نلاحظ مفردات الدعاء الذي دعا به رسول الله "صلى الله عليه وآله" لقتادة الرهاوي، فسنرى: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يدعُ له بأمر دنيوي بصورة مباشرة، لكن ما دعا به من شأنه أن يمنحه أعلى درجات السعادة في الدنيا، بالرغم من أنه دعاء يخص الآخرة.. فإن من كانت التقوى زاده، وغفر الله تعالى له ذنبه، ووجهه للخير حيثما يكون، لا يمكن إلا أن يكون سعيداً مفلحاً منجَحاً في دنياه كما يكون كذلك في آخرته..
إجازات النبي ' للوفود:
وقد قرأنا في مواضع كثيرة ما يدلنا على أنه كان من عادة النبي "صلى الله عليه وآله" أن يجيز الوفود، وأن إجازته لهم كانت تتراوح ما بين خمس أواق إلى اثنتي عشرة أوقية ونشَّاً من الفضة..
ولا يمكن اعتبار هذا التفاوت تكريساً لزعامات جاهلية، كان من الضروري محاربتها وإسقاطها. بل إن هذا التفاوت اعتراف بواقع موضوعي قائم يريد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يحفظه، ليحفظ به حياة الناس ووجودهم، وأمنهم. وهو سعي إلى استصلاح تلك الزعامات، وإعطائها الفرصة لتغيير أوضاعها بما ينسجم مع الواقع الجديد، وبما يخدم الأهداف العليا البعيدة المدى، إذ إن إسقاط تلك الزعامات دفعة واحدة لن ينتج إلا هرجاً ومرجاً، ودفع أولئك المتنفذين إلى العبث بأمن الناس، وبراحتهم، وربما السعي إلى تضليلهم، وإخراجهم من دائرة الإيمان..
مع العلم بأن الذين يمكن أن يأخذوا مكانهم في حفظ الشأن العام لا يملكون تجربة تمكنهم من إنجاز هذا المهم على النحو الأكمل حتى في الظروف العادية، فكيف إذا كان هذا الإجراء سوف يستتبع وجود مشكلات ووضع عراقيل من قبل أناس يملكون التجربة الطويلة، ولديهم خبرة عميقة بأحوال الناس الذين يتعاملون معهم، ويريدون إثارة النزاعات فيما بينهم..
على أن هؤلاء الناس كانوا لا يملكون من الإمكانات الروحية ما يميزهم عن الزعامات التي يراد إبعادها واستبدالها بهم.. بل الجميع كانوا يشربون من نفس المستنقعات، ويعيشون في محيط واحد، ويرفعون نفس الشعارات، ويمارسون ما كان يمارسه أولئك من سنن وعادات، ويشاركونهم في انحرافاتهم، وفي جرائمهم، وتعدياتهم..
على أن هذا الإجراء، بالإضافة إلى أنه سوف يثير الطموح لدى الآخرين ممن يرون انفسهم من أقران هؤلاء، فإنه لا يحمل معه أية ضمانة لانقياد سائر الناس لهم، ما دام أن الناس لم يخرجوا بعد بصورة تامة من أجواء الجاهلية، ولا تخلصوا من وطأة مفاهيمها، وأعرافها، بصورة تضمن سير الأمور بطريقة عفوية وطبيعية، خصوصاً إذا ترافق ذلك بتحريض ظاهر، أو مبطن من قبل من يرون أنفسهم قد تضرروا، أو الذين حرموا مما يرون أن العدل يقضي بمشاركتهم فيه..
أضف إلى ذلك كله: أنه إذا ظهر للناس في المنطقة بأسرها أن السياسة المتبعة هي إسقاط الزعامات واستبدالها بأخرى.. فإنه سيصبح من الصعوبة بمكان إتخاذ قرار بالدخول في هذا الدين، خصوصاً مع سعي تلك الزعامات إلى إبعاد الناس عن كل ما من شأنه أن يزعزع أركان قيادتهم وزعامتهم، وسوف تثور العصبيات، وتنطلق المشاحنات، ولربما يصبح دخول القبائل في الإسلام أمنع من العقاب، ومن أصعب الصعاب، حيث تنحصر الوسيلة إليه باستعمال السيف ولا شيء غيره.. ولن يكون من السهل أن تقبل القلوب عليه، وأن تتشوق الأرواح إليه، وهذا يتنافى مع المبدأ الذي قرره الإسلام من أنه: لا إكراه في الدين، وهو نقض للغرض بلا مبرر ظاهر..
وبذلك يتضح: أن إجازات النبي "صلى الله عليه وآله" للوفود، وتفضيل اهل الشأن بالجائزة، وحفظ شأن أصحاب الشأن الرفيع، يطمئن الناس إلى أن الإسلام لم يأت لهدم عز أحد، إذا التزم السير في خط الله تبارك وتعالى، بل جاء ليزيدهم عزة، ويمنحهم كرامة، ويدفع بهم على الخروج من واقعهم، والشروع في السير على طريق السؤدد والكرامة، والكمال، ونيل المقامات السامية، وفق الهدى الإلهي، والرعاية الربانية. فالإسلام لله يجعل الجميع في ربح دائم، وفي تكامل وتقدم مستمر..
وعن التفضيل بالجائزة نقول:
إنه تفضيل دعت إليه الحاجة والمسؤولية التي لابد لذلك الزعيم، أو الرئيس أن يضطلع بها، وليس تفضيلاً أهوائياً فرضته العناوين والأسماء..
واللافت هنا: أننا لم نجد أحداً تذمر من هذا الأمر، أو اعترض عليه، إلا من شاذ قصر فهمه عن إدارك وجه الحكمة فيه، وزينه له شيطان الهوى أو دعاه إليه مرض القلب، الذي أوقعه في وهاد العمى..
وفد غامد:
وقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفد غامد سنة عشر، وهم عشرة، فنزلوا ببقيع الغرقد، وهو يومئذ أثل وطرفاء، ثم انطلقوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله". وخلفوا عند رحلهم أحدثهم سناً. فنام عنه، وأتى سارق فسرق عيبة لأحدهم فيها أثواب له. وانتهى القوم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسلموا عليه، وأقروا له بالإسلام، وكتب لهم كتاباً فيه شرائع الإسلام، وقال لهم: "من خلفتم في رحالكم"؟
قالوا: أحدثنا سناً يا رسول الله.
قال: "فإنه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت أخذ عيبة أحدكم".
فقال رجل من القوم: يا رسول الله، ما لأحد من القوم عيبة غيري.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "فقد أخذت وردت إلى موضعها".
فخرج القوم سراعاً حتى أتوا رواحلهم، فوجدوا صاحبهم، فسألوه عما أخبرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال: فزعت من نومي ففقدت العيبة، فقمت في طلبها، فإذا رجل قد كان قاعداً، فلما رآني صار يعدو مني، فانتهيت إلى حيث انتهى فإذا أثر حفر، وإذا هو قد غيب العيبة فاستخرجتها.
فقالوا: نشهد أنه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإنه قد أخبرنا بأخذها وأنها قد ردت.
فرجعوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فأخبروه، وجاء الغلام الذي خلفوه، فأسلم، وأمر النبي "صلى الله عليه وآله" أبي بن كعب، فعلمهم قرآناً، وأجازهم "صلى الله عليه وآله" كما كان يجيز الوفود وانصرفوا([130]).
ونقول:
إننا لا نرى أننا بحاجة إلى التعليق على هذا النص، فإنه "صلى الله عليه وآله" قد قدم لهؤلاء القوم الدليل القاطع على نبوته..
غير أننا نشير إلى ما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" أراد بمبادأتهم بهذا الخبر أن يسهّل عليهم تحصيل اليقين، مراعاة منه لحالهم..
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكتف منهم بإظهار الإسلام، لأنه يريد لهم الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. ولو أنه كان يريد منهم ذلك وحسب، لأكتفى بإظهارهم الإسلام، ولم يخبرهم بشيء مما جرى، لأن مطلوبه يكون قد حصل، وانتهى الأمر..
3 ـ إن هذا يدلنا على: أن هؤلاء الناس كانوا من الناحية الثقافية والفكرية في مستويات متدنية، حيث لم يعتبروا بكل ما شاع وذاع عنه مما لا يمكن من الناحية الثقافية والفكرية إلا أن يكون بتسديد إلهي، ومدد رباني..
كما أن كل ما بيَّنه من حقائق، وأدلة على بطلان الشرك، وصحة التوحيد، لم ينفع في تكوين اليقين لديهم، فضلاً عن عدم خضوعهم لمعجزة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
كما أن فطرتهم وعقولهم لم تستطع أن تجد لها دوراً في تكوين نظرتهم إلى الأمور، وتقييمهم لها.. لأنها كانت محكومة بالأهواء، مقصاة عن دائرة القرار. فكان لابد من تحريك ضمائرهم ووجدانهم من خلال ملامسة واقعهم الذي يعنيهم أكثر من أي شيء آخر. وأي شيء لديهم يكون أهم من أموالهم، وحفظها، فجاءهم الخطاب من هذا الطريق فأثر فيهم، ورسخ يقينهم.
وفود كندة:
عن الزهري قال: قدم الأشعث بن قيس على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في ثمانين، أو ستين، أو اثني عشر راكباً من كندة، فدخلوا عليه مسجده، قد رجلوا جممهم، واكتحلوا، ولبسوا جباب الحبرات، مكثفة بالحرير.
فلما دخلوا قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أولم تسلموا"؟
قالوا: بلى.
قال: "فما هذا الحرير في أعناقكم"؟
فشقوه ونزعوه وألقوه([131]).
وكان ذلك في سنة عشر، وكندة قبيلة من اليمن([132]).
وفي نص آخر: إنهم لما دخلوا عليه قالوا: أبيت اللعن، وكانت تحيتهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لست ملكاً، أنا محمد بن عبد الله.
قالوا: لا نسميك باسمك.
قال: لكن الله سماني، وأنا أبو القاسم.
فقالوا: يا أبا القاسم، إنّا قد خبأنا لك خبيئاً فما هو؟ إذ كانوا خبأوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" عين جرادة في ظرف سمن.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": سبحان الله، إنما يفعل هذا بالكاهن، وإن الكاهن، والكهانة والتكهن في النار.
فقالوا: يا رسول الله، كيف نعلم أنك رسول الله.
فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" كفاً من حصى، فقال: هذا يشهد أني رسول الله.
فسبح الحصى في يده، فقالوا: نشهد إنك رسول الله.
فقال: إن الله بعثني بالحق، وأنزل عليّ كتاباً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، أثقل في الميزان من الجبل العظيم، وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب.
قالوا: فأسمعنا منه.
فتلا رسول الله "صلى الله عليه وآله": {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً}. حتى بلغ {وَرَبُّ المَشَارِقِ}([133])، ثم سكت وسكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وسكن روعه، فما يتحرك منه شيء، ودموعه تجري على لحيته.
فقالوا: إنا نراك تبكي، أفمن مخافة من أرسلك تبكي؟!
قال: إن خشيتي منه أبكتني، بعثني على صراط مستقيم، في مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت، ثم تلا: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً}([134])"([135]).
ويتابع نص آخر فيقول:
إن الأشعث بن قيس قال: يا رسول الله، نحن بنو آكل المُرار، وأنت ابن آكل المُرار.
فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثم قال: "ناسب بهذا النسب ربيعة بن الحارث، والعباس بن عبد المطلب".
(قال الزهري وابن إسحاق: كانا تاجرين، وكانا إذا سارا في أرض العرب فسئلا: من أنتما؟
قالا: نحن بنو آكل المرار، يتعززان بذلك في العرب، ويدفعان به عن نفسيهما، لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكاً).
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا، بل نحن بنو النضر بن كنانة، لا نقفوا أمنا، ولا ننتفي من أبينا"([136]).
وعن الأشعث بن قيس قال: قدمنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفد كندة، ولا يرون إلا أني أفضلهم، قلت: يا رسول الله، ألستم منا؟
قال: "لا، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا، ولا ننتفي من أبينا".
فكان الأشعث يقول: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد([137]).
وعن الأشعث أيضاً قال: قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في وفد كندة، فقال لي النبي "صلى الله عليه وآله": "هل لك من ولد"؟
قلت: غلام ولد مخرجي إليك من ابنة فلان، ولوددت أن يشبع القوم.
فقال: "لا تقولن ذا، فإن فيهم قرة عين، وأجراً إذا قبضوا".
ثم قال: "إنهم لمجبنة مبخلة"([138]).
وعن الأشعث قال: قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال لي: "ما فعلت بنت عمك"؟
قلت: نفست بغلام والله لوددت أن لي سبية.
فقال: "إنهم لمجبنة مبخلة، وإنهم لقرة العين، وثمرة الفؤاد"([139]).
قال ابن هشام: الأشعث بن قيس من ولد آكل المرار من قبل أمه، وآكل المرار: الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي، ويقال: كندة. وإنما سمي: آكل المرار، لأن عمرو بن الهبولة الغساني أغار عليهم. فأكل هو وأصحابه في تلك الغزوة شجراً يقال له المرار([140]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم بعض البيانات والتوضيحات، هي التالية:
عدد أعضاء الوفد:
تقدم: أن وفد كندة كان يتألف من ستين أو ثمانين أو اثني عشر راكباً.. وهذا تناقض لا مجال لقبوله، إلا إذا فرض أنهم وفدوا أكثر من مرة، وقد شارك الأشعث بن قيس في هذا الوفد وذاك..
الرسول ' لا يرضى بلبس الحرير:
وقد قرأنا أيضاً: أن النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" لم يرض منهم لبس الحرير، وقد شقوه، ونزعوه، وألقوه من أعناقهم.. ولم يعترض على لبس الثياب الحبرات، وترجيل الجمم، والإكتحال، لأن الإسلام يدعوهم إلى ذلك، وإلى كل تجمل يليق بشأنهم، بشرط أن لا يتجاوز حدود الشرع..
غير أن ما لفت نظرنا هو: وصف الرواة لحال هؤلاء، وكأن ذلك يوحي بأن هذه الحالة كانت استثنائية، وغير مألوفة في المجتمع العربي، فهي تلفت النظر، وتثير الفضول. وربما تكون ندرتها فيهم بسبب رقة حالتهم المادية، وضعفهم الإقتصادي، الذي يفرض عليهم التقشف، والخشونة..
بل لعل هذا الضعف في عامة الناس كان يجعل من تظهر عليه أمارات الرفاهية والغنى في خطر أكيد من قبل أهل الأطماع الذين يعيشون على السلب والنهب والغارة، وما أكثرهم..
أبيت اللعن تحية الملوك:
وحين حيّاه وفد كنده بقولهم: أبيت اللعن، لم يقل لهم: هذه تحية الجاهلية، بل قال لهم: لست ملكاً.. لأن مجرد أن يخطئ الإنسان في اختيار التحية الصحيحة، فيختار تحية الجاهلية، انسياقاً مع الإلف والعادة، أو جهلاً بما يجب عليه ـ إن ذلك ـ ليس بالأمر المهم، ويمكن معالجته بسهولة..
ولكن الأهم منه هو: أن يخلط الإنسان بين مفهومي الملك والنبي، فإن هذا يضر بدين ذلك الشخص وبإسلامه وبالإسلام من الأساس.. ولأجل ذلك بادر "صلى الله عليه وآله" إلى ردعهم، ونفي صفة الملك عن نفسه، فقال: لست ملكاً.
لا تناقض في فعل النبي ':
وقد رأينا: أن هؤلاء الوافدين قد خبأوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" عين جرادة في ظرف سمن، فإن أخبرهم به آمنوا..
ولكنه "صلى الله عليه وآله" لم يستجب لهم، وأظهر لهم عوضاً عنه معجزة تسبيح الحصى بيديه، في حين أنه استجاب لاختبار غيرهم، كما تقدم معنا. وأظهر الخبء لهم.
ولعل سبب ذلك هو: أن الكهان كانوا يستفيدون من بعض شياطين الجن، فيخبرونهم ببعض الأمور التي يرون أنها قد حصلت أو غيرها، مما يتمكنون من الوصول إليه والحصول عليه، ولو باستراق السمع لما يتحدث به الملائكة في السماء. ثم يجعلون ذلك مبرراً لإطلاق دعاوى أوسع وأكبر، مثل علمهم بالأسرار، وبما يأتي في المستقبل([141]).
فإذا تكرر منه "صلى الله عليه وآله" الإخبار عن الخبء، فقد يتكون انطباع خاطئ يؤدي إلى جعله "صلى الله عليه وآله" في مصاف الكهان لدى بعض الناس الذين لا حظ لهم من العلم والمعرفة، وتؤثر عليهم التلقينات، وتأخذ بألبابهم الشائعات، ولا يملكون القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وبين الدر والصدف، وبين الأصيل والزائف..
فكان لا بد من إظهار معجزة لا سبيل فيها إلى اللبس، ولا محل فيها للشبهة، لتكون سبيل هداية، ومنشأ حصانة لما أخبر به وعنه سابقاً، ولما قد يخبر عنه فيما يأتي.. فكان تسبيح الحصى بيديه هو تلك المعجزة القاهرة والظاهرة.
بكاء النبي ' حيَّرهم:
وإن بكاء النبي "صلى الله عليه وآله" الذي حيَّرهم، كان مفعماً بالدلالات، في كل اتجاه، فهو من جهة قد أظهر عمق تفاعل النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" مع الحقائق التي يتلوها، ليتضح أن شريعته، ودينه دين كرامـة، وإنسانية، ومشاعر، وروح وطهر وصفاء، يثير كـوامـن النفس الإنسانية، لكي ترتقي من خلال كمالاتها، إلى آفاق الشرف والكرامة، لدى خالق الكون والحياة..
وأظهر أيضاً: أنه لم يأت بالدين ليكون لغيره، ويكون هو مستثنى منه، بل هو مثلهم فيه، في جميع المجالات، وسائر الإتجاهات.
وأظهر من جهة أخرى ـ من خلال اندفاعهم للسؤال عن سبب بكائه "صلى الله عليه وآله" ـ: أنهم لم يتأملوا فيما يتلوه عليهم، ولا تفاعلوا معه، ولا انفعلوا به، بل هم قد تحيَّروا، أو تعجبوا ممن وعى معناه، وتأثر به!!
النبي ' يصد الأشعث:
وقد أظهرت الروايات المتقدمة: أن الأشعث بن قيس قد حاول أن يتزلف للنبي "صلى الله عليه وآله" بطريقة ماكرة، من شأنها أن تنقص من قدره "صلى الله عليه وآله"، حيث ألقى إليه مقولة أنه "صلى الله عليه وآله" ابن أكل المرار، أي إنه يريد أن ينسبه إلى غير أبيه. وكأنه يريد أن يضع علامة استفهام على صحة انتسابه إليه.. لأن القبول بمقولة الأشعث سوف يكرس انتسابهم لأمهم دون أبيهم.
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" عرف ما يرمي إليه الأشعث، فعالجه بما فضح أمره، وأبطل كيده.. حين أظهر "صلى الله عليه وآله" في كلامه، أنه أراد أن يستدرجه للإعتراف بالإنتساب إلى أمه دون أبيه.
ليشرِّف نفسه من جهة، ولينقص من قدر النبي "صلى الله عليه وآله" من جهة أخرى..
وقد عرّفه النبي "صلى الله عليه وآله": أنه كان على علم بأن العباس، وربيعة بن الحارث كانا يستفيدان من اسم آكل المرار، ليأمنا على نفسيهما، ولكي لا يتعرض لهما من ينتسب إلى آكل المرار بسوء، بل يكون المنتسبون إليه عضداً لهما على من سواهما، إن لزم الأمر..
وقد صرح الأشعث نفسه بأنه كان يرمي ـ فعلاً ـ إلى نفي انتساب النبي "صلى الله عليه وآله" وقريش إلى أبيه النضر بن كنانة.. وحاول استعادة بعض ماء الوجه حين قال: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش، من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد.. حيث إن قوله هذا بمثابة تذرع بالجهل، لينأى بنفسه عن موقع التشكيك بنسب رسول الله "صلى الله عليه وآله". لأنه بذلك يكون قد وضع على نفسه علامة استفهام كبيرة عند قومه، وسيسقط محله فيهم، وسيرون أنه لا يملك من الكرامة والفضل ما كانوا يظنونه به.
الأولاد مجبنة مبخلة:
ثم إنه ليس في قول النبي "صلى الله عليه وآله" عن الأولاد: إنهم لمجبنة مبخلة ما يوجب الذم والإنتقاص لأحد، بل هو يخبر عن واقع الناس وحالاتهم، لأن وجود الأولاد يدفع الإنسان إلى أن ينأى بنفسه عن مواطن الخطر، حيث يسعى إلى أن يحفظ حياته، وقدرته على رعايتهم، وتدبير شؤونهم، لأنه يخشى عليهم من الضياع لو غاب عنهم، ما داموا غير قادرين على حفظ أنفسهم بأنفسهم، وهذا يلتقي في نتيجته مع فعل الجبناء، ونتائج جبنهم.
كما أنه يهتم من جهة أخرى بجمع الأموال وادخارها حباً بالأولاد، ليستفيدوا منها في مستقبل أيامهم. وهذا يلتقي مع فعل البخيل الذي يجمع المال حباً بنفسه، أو حباً بالمال. وذلك ظاهر لا يخفى.
وفود بني سلامان:
قال محمد بن عمر: كان مَقْدَمُهُم في شوال سنة عشر.
و عن حبيب بن عمرو السلاماني قال: قدمنا وفد سلامان على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ونحن سبعة، فصادفنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" خارجاً من المسجد إلى جنازة دُعي إليها، فقلنا: السلام عليك يا رسول الله.
فقال: "وعليكم من أنتم"؟
فقلنا: نحن من سلامان قدمنا إليك لنبايعك على الإسلام، ونحن على من وراءنا من قومنا.
فالتفت إلى ثوبان، غلامه فقال: "أنزل هؤلاء الوفد حيث ينزل الوفد". فلما صلى الظهر جلس بين المنبر وبيته، فتقدمنا إليه، فسألناه عن أشياء من أمر الصلاة وشرائع الإسلام، وعن الرقى، وأسلمنا، وأعطى كل رجل منا خمس أواقي، ورجعنا إلى بلادنا، وذلك في شوال سنة عشر.
وفي نص آخر أنه "صلى الله عليه وآله" قال لوفد سلامان: "كيف البلاد عندكم"؟
قالوا: مجدبة، فادعُ الله أن يسقينا في موطننا.
فقال: "اللهم أسقهم الغيث في دارهم".
فقالوا: يا نبي الله، ارفع يديك، فإنه أكثر وأطيب.
فتبسم، ورفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، ثم رجعوا إلى بلادهم، فوجدوها قد مطرت في اليوم الذي دعا فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في تلك الساعة([142]).
ونقول:
قد اشرنا أكثر من مرة لأمور تضمنها هذا النص، ومنها:
1 ـ تعهدهم بإسلام قومهم الذين لم يحضروا معهم.
2 ـ إنه قد كانت هناك دار خصصت لنزول الوفود فيها، وهي دار رملة بنت الحدث (الحارث).
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" كان يجيز تلك الوفود بأواق من الفضة.
4 ـ إنهم كانوا يرون لدعاء النبي "صلى الله عليه وآله" أثراً في سقي الله لهم.
5 ـ إن وفد سلامان هنا قد تدخل في طريقة دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" لهم، حيث طلبوا منه أن يرفع يديه، مدَّعين أن ذلك يؤثر في أمرين، هما: الكثرة والطيبة.
وقد تبسم "صلى الله عليه وآله" لهذا التطفل الذي ينم عن حاجتهم إلى المزيد من التثقيف، والتعريف بشؤون النبوة، والأنبياء..
6 ـ كما أن سؤالهم عن الرقى، يشير إلى مدى تأثرهم بكل ما من شأنه أن يطمئنهم إلى ما هو غائب عنهم، مما لا سبيل لهم إلى معرفته، فيسعون للتحرز مما قد ينالهم منه من سوء وأذى..
7 ـ إنهم قد حددوا المكان الذي يريدون نزول الغيث فيه، وقد استجاب النبي "صلى الله عليه وآله" لطلبهم، محدداً المكان وفق ما طلبوه..
8 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد سألهم عن حال البلاد عندهم.. مما أفهمهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" مهتم بقضاياهم، ويريد لهم أن ينعموا بالراحة، والعيش الرغيد..
9 ـ إن معرفتهم بعد رجوعهم باستجابة دعاء النبي "صلى الله عليه وآله"، الموافقة لما طلبوه، في نفس ساعة الدعاء، لابد أن يترك أثره على إيمانهم، فيزيده رسوخاً وعمقاً، وصلابة..
10 ـ ثم يلاحظ أخيراً: أنهم حين ألقوا السلام على رسول الله، أجابهم "صلى الله عليه وآله" بقوله: "..وعليكم"، ولم يزد على ذلك..
ولعل السبب هو: أنه يريد أن يعرفنا كيفية التعامل مع الناس في الحالات المشابهة، إذا كان أمر الوافدين غير ظاهر لنا، إذا ألقوا علينا السلام، مع قيام احتمال أن يكونوا من غير المسلمين، حيث أجابهم إجابة لا تفيد أنه قد سلم عليهم بتحية أهل الإسلام، كما أنها لا تأبى أن تنطبق عليها، إذ يصح أن يكون التقدير هو: وعليكم السلام. وأن يكون التقدير: وعليكم نفس ما قصدتموه.
11 ـ إن ذلك يعطينا: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يتعامل مع الأمور وفق حكمها الظاهري، لا وفق ما يعلمه منها بما أظهره الله تبارك وتعالى عليه من الغيوب. وذلك ظاهر لا يخفى.
وفود خثعم:
وقالوا: وفد عثعث بن زَحر، وأنس بن مدرك في رجال من خثعم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد ما هدم جرير بن عبد الله البجلي ذا الخلصة، وقتل من قتل من خثعم، فقالوا: آمنا بالله ورسوله، وما جاء [به] من عند الله، فاكتب لنا كتاباً نتبع ما فيه.
فكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لخثعم:
"هذا كتاب من محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لخثعم من حاضر بيشة وباديتها: أن كل دم أصبتموه في الجاهلية فهو عنكم موضوع، ومن أسلم منكم طوعاً أو كرهاً في يده حرث من خَبار أو عَزاز تسقيه السماء، أو يرويه اللثى، فزكا عِمارة في غير أزمة ولا حطمة، فله نشره وأكله، وعليهم في كل سيح العشر، وفي كل غرب نصف العشر، شهد جرير بن عبد الله ومن حضر"([143]).
ونقول:
1 ـ قد ظهر مما تقدم: أن اللغة التي كان "صلى الله عليه وآله" يكتب بها كتبه للقبائل إنما كانت تستعمل الألفاظ التي يتداولونها فيما بينهم، وذلك أنه يريد لهم أن يفهموا مقاصده، ويفوا بتعهداتهم.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" يطمئنهم بأنهم سوف لا يطالبهم أحد بالدماء التي سفكوها قبل أن يدخلوا في الإسلام، فإن الإسلام يجب ما قبله، ولعلهم كانوا قد أصابوا بعضاً من المسلمين في السنوات التي سبقت إسلامهم، فكانوا يخشون من ملاحقة المسلمين لهم بتلك الدماء، فأراد أن يزيل هذا الوهم من نفوسهم، ليعيشوا حال السكينة في ظل الإسلام.
وفد بني الحارث بن كعب:
تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل خالداً إلى بني الحارث بن كعب، فاستجابوا للإسلام، فكتب خالد بذلك إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فطلب إليه النبي "صلى الله عليه وآله" أن يقدم، ويقدم معه وفدهم، فقدم بهم خالد، وقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "بِمَ كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية"؟
قالوا: لم نكن نغلب أحداً.
قال: "بلى [قد كنتم تغلبون من قاتلكم]".
قالوا: كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحداً بظلم.
قال: "صدقتم". وأمَّر عليهم قيس بن الحصين، فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوال، أو في صدر ذي القعدة، فلم يمكثوا بعد رجوعهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"([144]).
وقال ابن إسحاق: "لما رآهم النبي "صلى الله عليه وآله" قال: من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟
قيل: يا رسول الله، هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب.
فسلموا عليه وقالوا: نشهد أنك لرسول الله، وأنه لا إله إلا هو.
فقال "صلى الله عليه وآله": وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله. ثم قال "صلى الله عليه وآله": أنتم الذين إذا زجروا استقدموا.
فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، فأعادها ثلاث مرات.
فقال يزيد بن عبد المدان بعد الرابعة: نعم يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا.
قالها أربع مرات.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": لو أن خالداً لم يكتب إليّ أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم.
فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله ما حمدناك، ولا حمدنا خالداً.
قال: فمن حمدتم؟
قال: حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله.
قال: صدقتم، وأمَّر عليهم قيس بن الحصين، ورجع الوفد، فأرسل "صلى الله عليه وآله" عمرو بن حزم ليفقههم في الدين، ويعلمهم معالم الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم([145]).
وقد أرسله إليهم وعمره سبع عشرة سنة.
ونقول:
إن لنا هنا بعض الإيضاحات، وهي التالية:
قضايا فطرية تأتي بالنصر:
تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سأل بني الحارث بن كعب عن سر غلبتهم من قاتلهم، فأجابوه بأن السبب هو اجتماعهم أولاً. وعدم بدئهم بظلم أحد..
ونستفيد من ذلك:
أولاً: تكرر انتصار هؤلاء القوم على أعدائهم حتى أصبح ذلك لافتاً للنظر، بحيث يُسأل عن سببه، ولم نجد لهؤلاء القوم شهرة تاريخية في ذلك، وهذا يجعلنا نتوقف في الحكم على هذا النص بالصحة..
غير أننا نورد الكلام هنا رجاء أن يكون صحيحاً..
ثانياً: إن هذا النص يدل على أن ثمة أحكاماً يدركها الإنسان بعقله، وينساق إليها بفطرته، وتفرضها عليه حكمته، ويدعوه إليها تدبيره، ويشترك فيها جميع البشر، وتقضي بها عقولهم، من دون حاجة إلى تعليم من الشارع، ومنها: قبح الظلم، ولزوم التناصر على العدو المشترك.
ثالثاً: إن هذا التقرير لهم، ثم التصريح بصحة نظرتهم، يستبطن حثهم على الإستقامة على هذا النهج، كما أنه يشير للآخرين بلزوم الأخذ به، إن أرادوا أن يكون لهم النصر على أعدائهم.
النبي ' يشهد لنفسه بالنبوة:
وقد لاحظنا: أنه "صلى الله عليه وآله" أعلن بالشهادتين كما شهد بها ذلك الوفد الذي كان يكلمه.. ونستفيد من هذه المبادرة ما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد ساوى نفسه بهم، من حيث التكليف، ولزوم الإعلان بالشهادتين..
2 ـ إنه قد أوضح لهم: أن الشهادة له "صلى الله عليه وآله" بالرسالة، لا تعني أن المطلوب هو تكريس الإمتيازات له كشخص، بحيث يكون هو المستفيد الأول والأخير، حيث ينتهي إليه إيمان الناس، ثم لا يتعداه، ولذلك ليس لأحد أن يمنّ عليه بإسلامه وإيمانه..
تهديد النبي ' لبني الحارث:
ثم إنه لا مجال لتصديق ما تذكره الرواية المتقدمة من تهديد النبي "صلى الله عليه وآله" لبني الحارث بن كعب بالقتل بعد أن قررهم ـ ثلاث مرات ـ بأنهم هم الذين إذا زجروا استقدموا، فأجابوا بالإيجاب..
فأولاً: المفروض: أن ما يتهددهم من أجله إنما كان منهم قبل إسلامهم، والإسلام يجب ما قبله. ولا يطالب المسلم بشيء منه، ولا يعاقب عليه.
ثانياً: لا فرق في هذا الحكم بين أن يسلموا بعد القتال أو من دون قتال.. فما معنى أن يقول لهم ـ حسب زعم الرواية ـ: "إنكم أسلمتم ولم تقاتلوا"..
ثالثاً: إنهم حتى لو فعلوا ذلك بعد أن أسلموا، فهل يكون القتل هو جزاء من يفعل هذا الذي يلومهم عليه؟!.
وفود محارب:
عن أبي وجرة السعدي قال: قدم وفد محارب سنة عشر في حجة الوداع، وهم عشرة نفر، منهم سواء بن الحارث، وابنه خزيمة بن سواء، فانزلوا دار رملة بنت الحدث. وكان بلال يأتيهم بغداء وعشاء إلى أن جلسوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوماً من الظهر إلى العصر، فأسلموا وقالوا: نحن على من وراءنا، ولم يكن أحد في مواسم الحج التي كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعرض دعوته فيها على القبائل، ويدعوهم إلى الله وإلى نصرته، أفظ ولا أغلظ على رسول الله "صلى الله عليه وآله" منهم.
وكان في الوفد رجل منهم، فعرفه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأمده النظر، فلما ر آه المحاربي يديم النظر إليه قال: كأنك يا رسول الله توهمني، قال: "لقد رأيتك".
قال المحاربي: أي والله، لقد رأيتني وكلمتني، وكلمتك بأقبح الكلام، ورددت عليك بأقبح الرد بعكاظ، وأنت تطوف على الناس.
فقال "صلى الله عليه وآله": "نعم".
فقال المحاربي: "يا رسول الله، ما كان في أصحابي أشد عليك يومئذٍ ولا أبعد عن الإسلام مني"، فأحمد الله الذي أبقاني حتى صدقت بك، ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معي على دينهم.
فقال "صلى الله عليه وآله": "إن هذه القلوب بيد الله عز وجل".
فقال: يا رسول الله، استغفر لي من مراجعتي إياك.
فقال "صلى الله عليه وآله": "إن الإسلام يجب ما كان قبله من الكفر". ومسح رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجه خزيمة بن سواء، فكانت له غرة بيضاء. وأجازهم كما يجيز الوفد، وانصرفوا إلى أهليهم([146]).
عن أبان المحاربي، ويقال له: أبان العبدي، قال: "كنت في الوفد، فرأيت بياض إبط رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين رفع يديه يستقبل بهما القبلة"([147]).
ونقول:
آثار لقاءات عكاظ ظهرت في المدينة:
إن هذا النص يظهر لنا عمق ما تركته لقاءات النبي "صلى الله عليه وآله" في مكة للقبائل التي كانت تفد لحضور سوق عكاظ. فإنها أظهرت لهم: كذب ما كانت تتهمه به قريش، من أنه مجنون، كما أنها هيأت لهم الفرصة ليشاهدوا سلوك أهل الإيمان، وصلاح وجمال أقوالهم وأفعالهم، وانسجام ما يدعون إليه مع فطرتهم، وموافقته لما تقضي به عقولهم، ثم مقارنة ذلك كله مع ما هم فيه من انحراف، وزيف، ومتابعة للأهواء، وبعد عن الحق والعدل، وانغماس في الرذيلة والشر، ليقودهم ذلك كله بعد أن تخف الضغوط عليهم في المحيط الذي يعيشون فيه، إلى قبول دعوة الحق والخير والهدى.. ويجعلهم يندمون على ما فرط منهم..
وفود زبيد في السنة الحادية عشرة:
لما كانت السنة التي توفي فيها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، رأت زبيد قبائل اليمن تقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، مقرين بالإسلام، مصدقين برسول الله، يرجع راجعهم إلى بلادهم وهم على ما هم عليه.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" استعمل خالد بن سعيد بن العاص على صدقاتهم ـ وأرسله مع فروة بن مُسيك كما قلنا ـ فقالوا: "والله لقد دخلنا فيما دخل فيه الناس. وصدقنا بمحمد "صلى الله عليه وآله"، وخلينا بينك وبين صدقات أموالنا، وكنا لك عوناً على من خالفك من قومنا".
قال خالد: قد فعلتم.
قالوا: فأوفد منا نفراً يقدمون على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويخبرونه بإسلامنا، ويقبسونا منه خيراً.
فقال خالد: ما أحسن ما عدتم إليه وأنا أجيبكم، ولم يمنعني أن أقول لكم هذا إلا أني رأيت وفود العرب تمر بكم فلا يهيجنكم ذلك على الخروج، فساءني ذلك منكم، حتى ساء ظني فيكم، وكنتم على ما كنتم عليه من حداثة عهدكم بالشرك، فحسبت أن لا يكون الإسلام راسخاً في قلوبكم([148]).
آخر الوفود وفد النخع:
قالوا: بعثت النخع ـ قبيلة من اليمن ـ رجلين منهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وافدين بإسلامهم، وهما: أرطأة بن شراحيل بن كعب، والجهيش، واسمه الأرقم من بني بكر بن عوف بن النخع.
فخرجا حتى قدما على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فعرض عليهما الإسلام فقبلاه وبايعاه على قومهما، فأعجب رسول الله "صلى الله عليه وآله" شأنهما، وحسن هيئتهما، فقال: "هل خلفتما وراءكما قومكما مثلكما"؟
فقالا: يا ر سول الله، قد خلفنا وراءنا من قومنا سبعين رجلاً كلهم أفضل منا، وكلهم يقطع الأمر وينفذ الأشياء، ما يشاركوننا في الأمر إذا كان.
فدعا لهما رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولقومهما بخير وقال: "اللهم بارك في النخع".
وعقد لأرطأة لواء على قومه (وكتب له كتاباً)، فكان في يده يوم الفتح([149]).
وقال ابن سعد: كان آخر من قدم من الوفد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفد النخع، وقدموا من اليمن للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة، وهم مائتا رجل، فنزلوا دار رملة بنت الحدث، ثم جاؤوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" مقرين بالإسلام، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل باليمن، فكان فيهم زرارة بن عمرو.
قال: أخبرنا هشام بن محمد هو زرارة بن قيس بن الحارث بن عدي، وكان نصرانياً([150]).
وقالوا: وفد رجل من النخع يقال له زرارة بن عمرو على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، إني رأيت في سفري هذا رؤيا هالتني.
قال: "وما رأيت"؟
قال: رأيت أتانا تركتها في الحي كأنها ولدت جدياً أسفع أحوى.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل لك من أمة تركتها مصرة حملاً"؟
قال: نعم تركت أمة لي أظنها قد حملت.
قال: "فإنها قد ولدت غلاماً وهو ابنك".
فقال: يا رسول الله، ما باله أسفع أحوى؟
قال: "ادن مني".
فدنا منه. فقال: "هل بك برص تكتمه"؟
قال: والذي بعثك بالحق نبياً ما علم به أحد، ولا اطلع عليه غيرك.
قال: "فهو ذلك".
قال: يا رسول الله، ورأيت النعمان بن المنذر وعليه قرطان، ودملجان، ومسكتان.
قال: "ذلك ملك العرب عاد إلى أحسن زيه وبهجته".
قال: يا رسول الله، ورأيت عجوزاً شمطاء خرجت من الأرض.
قال: "تلك بقية الدنيا".
قال: ورأيت ناراً خرجت من الأرض، فحالت بيني وبين ابن لي يقال له: عمرو، ورأيتها تقول: لظى لظى، بصير وأعمى، أطعموني آكلكم آكلكم، أهلككم وما لكم.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "تلك فتنة في آخر الزمان".
قال: وما الفتنة يا رسول الله؟
قال: "يقتـل النـاس إمـامهم ثم يشتجـرون اشتجـار أطبـاق الـرأس ـ وخالف رسول الله "صلى الله عليه وآله" بين أصابعه ـ يحسب المسيء أنه محسن، ودم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء، إن مات ابنك أدركت الفتنة، وإن مت أنت أدركها ابنك".
فقال: يا رسول الله، ادع الله ألا أدركها.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم لا يدركها".
فمات وبقي ابنه، وكان ممن خلع عثمان([151]).
ونقول:
إن لنا مع النص المتقدم وقفات عديدة، نذكر منها ما يلي:
فتنة آخر الزمان:
تقول الرواية المتقدمة: إنه "صلى الله عليه وآله" قد فسر رؤيا النار التي حالت بين ذلك الرجل وبين ابنه بفتنة في آخر الزمان، يقتل فيها الناس إمامهم.. ثم طبق تلك الفتنة على قتل عثمان.
ويرد على ذلك:
أن قتل عثمان لم يكن في آخر الزمان، وقد حاول الزرقاني حل هذا الإشكال فقال: "سماه آخراً مع أنها قتل عثمان، على معنى أنه لغلظ أمره وفحشه بمنزلة ما يكون في آخر الزمان، الذي تندرس فيه الأحكام وتزول حتى كأنها لا أثر لها، أو أن المراد آخر زمان الخلافة الحقيقية التي جروا فيها على سنن المصطفى، وسماها آخراً مع أنه بقي منها مدة علي وابنه، لقرب قتل عثمان من آخرها"([152]).
غير أننا نقول:
إنها محاولة فاشلة:
أولاً: لأن الأحكام لم تندرس بقتل عثمان حتى كأنها لا أثر لها، بل اندرست في زمن عثمان، وزمن من سبقه، وقد أعادها علي "عليه السلام"، وستعود إلى الإندراس في أزمنة لاحقة على زمان علي "عليه السلام"، وقد أشار صلوات الله عليه إلى هذه الأمور الثلاثة حيث قال لأهل العراق: "وركزت فيكم راية الإيمان، وعرفتكم حدود الحلال والحرام"([153]).
وقال "عليه السلام": "إن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا"([154]).
وعنه "عليه السلام" أنه قال: "يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه"([155]).
وقد ذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب نصوصاً أخرى في هذا السياق، فلا حاجة لإعادتها. فذلك كله يشير إلى أن الإسلام كان قبل قتل عثمان، وحينه قد تعرض لأعظم الأضرار نتيجة للسياسات التي انتهجها أسلاف أمير المؤمنين "عليه السلام"([156]). ولكن علياً "عليه السلام" أعاد إليه رونقه..
ثانياً: دعواه: أن خلافة عثمان هي آخر زمان الخلافة الحقيقية التي جروا فيها على سنن المصطفى "صلى الله عليه وآله".. مردودة عليه، فإن الأحكام والأمور قد جرت في خلافة علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، ثم في خلافة ولده الإمام الحسن "عليهما السلام" على سنن المصطفى "صلى الله عليه وآله"، بعد أن خالف من سبقهما سنته وحادا عن طريقته ونهجه "صلى الله عليه وآله".. بل خلافتهما هي التي أعادت الناس إلى ما كان على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأعلن أصحاب الأطماع عليهما الحروب في الجمل وصفين والنهروان. وبعد ذلك حين استولى معاوية على البلاد، وأذل العباد.
ثالثاً: إن الزرقاني يريد تطبيق مفهوم الفتنة على حروب البغاة على علي "عليه السلام"، مع أن الفتنة هي التي لا يعرف وجه الحق فيها، في حين أن وجه الحق معروف في حروب الجمل وصفين والنهروان، فإن الحق كان مع علي "عليه السلام"، وكان محاربوه بغاة عليه.
ويزيد الأمر وضوحاً كثرة ما روي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في شأن الناكثين والقاسطين والمارقين، وفي شأن الخوارج، وفيما أخبر به "صلى الله عليه وآله" عائشة والزبير، من أنهما سيحاربان علياً "عليه السلام"، مع ذكره "صلى الله عليه وآله" حتى لبعض جزئيات ما يجري، مثل ركوبها الجمل الأدبب، ونباح كلاب الحوأب عليها، وغير ذلك..
متى قدم زرارة بن عمرو؟!:
تقدم في رواية أسيد: أن زرارة بن عمرو قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" سنة إحدى عشرة، ولكن آخرين يقولون: إنه قدم في نصف رجب سنة تسع([157]). قال الزرقاني: "فيحتمل أنه وفد فيها، ثم وفد مع قومه سنة إحدى عشرة"([158]).
غير أن النص المتقدم قد صرح: بأن اللواء الذي عقده النبي "صلى الله عليه وآله" لزرارة بن عمرو على قومه قد كان مع زرارة يوم الفتح، وهذا معناه: أن وفادته على النبي "صلى الله عليه وآله" قبل فتح مكة في سنة ثمان، وكان زرارة قبل ذلك نصرانياً.
ويدل هذا أيضاً على: أن النخع قد أرسلوا رجلين منهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله" قبل فتح مكة، ثم قدم عليه منهم مائتا رجل في المحرم سنة إحدى عشرة([159]).
حديث رؤيا زرارة:
وعن رؤيا زرارة نقول:
1 ـ ما المقصود بملك العرب فيها؟! هل هو ملك أبي بكر وعمر وعثمان! أم ملك بني أمية؟! وهل هذا الملك كان حسناً بنظر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
2 ـ وما معنى أن يحال بين زرارة وبين ولده، في حين أن ولده كان ممن خلع عثمان وبايع علياً"عليه السلام".. فهل من يبايع علياً "عليه السلام" يهلك، وتأكله نار الفتنة؟!
ولماذا وبماذا نجا زرارة؟! هل نجا لأنه شارك في حرب القادسية، وقتل فيها؟!
3 ـ أضف إلى ذلك ما قدمناه مما يرتبط بالفتنة، كما يزعم هؤلاء.
الفصل السابع:
خمسة وفود بلا تاريخ
1 ـ وفد أزد شنوءة:
عن مُنير بن عبد الله الأزدي قال: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" صرد بن عبد الله الأزدي في وفد من الأزد، بضعة عشر رجلاً (خمسة عشر)، فنزلوا على فروة بن عمرو، فحباهم وأكرمهم. وأقاموا عنده عشرة أيام، فأسلموا، وكان صُرَد أفضلهم، فأمَّره رسول الله "صلى الله عليه وآله" على من أسلم من قومه، وأمره أن يجاهد بهم من يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن (وكان ذلك سنة عشر).
فخرج صُرَد يسير بأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى نزل بجرش (مخلاف من مخاليف اليمن)، وهي يومئذ مدينة حصينة مُغْلَقة، وبها قبائل من اليمن قد تحصنوا بها، وقد ضوت إليهم خثعم، فدخلوها معهم حين سمعوا بمسير المسلمين إليهم. فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا، فحاصرهم شهراً أو قريباً منه، وكان يغير على مواشيهم فيأخذها.
ثم تنحى عنهم إلى جبل يقال له: شكر، فظنوا أنه قد انهزم، فخرجوا في طلبه حتى أدركوه.
فصف صفوفه، فحمل عليهم هو والمسلمون، فوضعوا سيوفهم فيهم حيث شاءوا، وأخذوا من خيلهم عشرين فرساً، فقاتلوهم عليها نهاراً طويلاً.
وقد كان أهل جرش بعثوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجلين منهم يرتادان وينظران (أي يطلبان الأخبار).
فبينما هما عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشية بعد العصر، إذ قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "بأي بلاد الله شكر"؟
فقال الجرشيان: يا رسول الله، ببلادنا جبل يقال له: كشر بذلم يسميه أهل جرش.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ليس بكشر، ولكنه شكر".
قالا: فما شأنه يا رسول الله؟
قال: "إن بدن الله لتنحر عنده الآن".
وأخبرهما رسول ا لله "صلى الله عليه وآله" بملتقاهم، وظفر صرد بهم.
فجلس الرجلان إلى أبي بكر وعثمان، فقالا لهما: ويحكما، إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لينعي لكما قومكما، فقوما إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسلاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما.
فقاما إليه، فسألاه أن يدعو الله أن يرفع عنهم.
فقال: "اللهم ارفع عنهم".
فخرجا من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" راجعين إلى قومهما، فوجدا قومهما قد أصيبوا يوم أصابهم صرد بن عبد الله في اليوم الذي قال فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما قال، وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر.
قال ابن سعد: فقصَّا على قومهما [القصة]، فخرج وفد جرش حتى قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأسلموا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "مرحباً بكم، أحسن الناس وجوهاً، وأصدقه لقاءً، وأطيبه كلاماً، وأعظمه أمانةً، أنتم مني وأنا منكم". وجعل شعارهم مبروراً، وأحمى لهم حمى حول قريتهم، على أعلام معلومة، للفرس والراحلة، [وللمثيرة] بقرة الحرث، فمن رعاه من الناس فماله سحت([160]).
وقد سميت الأَزد: أزد شنوءة لشنآن كان بينهم.
ونقول:
إن لنا مع هذه النصوص وقفات عديدة هي التالية:
بُدْنُ الله تنحر عند شكر:
إننا لم نعرف سبب وصف النبي "صلى الله عليه وآله" لأولئك المشركين الذين يُقتلون بأيدي المسلمين بأنهم "بُدْنُ الله" تبارك وتعالى!! مع أن البدن لا يبغضها الله تبارك وتعالى، بل هي محبوبة له، وهي من شعائر الله عز وجل، قال تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ}([161]). وهؤلاء كفرة أرجاس محاربون لأهل الإسلام، مبغضون له تبارك وتعالى..
على أنه لو كان المقصود مجرد تشبيهم بالبدن في عدم الوعي، وفقد الإدراك، فلماذا أضاف البدن إليه تبارك وتعالى؟! فإن إضافتهم إليه تفيد التشريف والتكريم لهم!!..
وبذلك يظهر: عدم صحة ما زعمه الزرقاني: من أن "إطلاق البدن عليهم استعارة، أو تشبيه بليغ، وأصله: أن قومكم الذين هم كالبدن في عدم الإدراك، حيث لم يؤمنوا، وحاربوا المسلمين، وإضافتهم إلى الله إشارة إلى تحقيق الإستعارة، حيث جعلوا كالبدن التي تنحر تقرُّباً، أو إشارة إلى أنهم مخلوقون لله، مغمورون بأنعامه، فأضافهم إليه توبيخاً لهم على عدم الإيمان.."([162]).
فإن هذه الأقوال لا تعدو كونها تمحلات سمجة، وممجوجة؛ فإن ما زعمه من الإضافة التي تفيد تحقيق الإستعارة!! إذا كانت موجبة لتشويش المعنى، وإيهام خلاف المقصود تصبح معيبة، ولا يمكن أن تصدر عن أحكم الحكماء، وأعقل العقلاء، وأبلغ البلغاء. أعني رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وأما ادِّعاء: أن إضافتهم إليه تعالى لتوبيخهم على عدم الإيمان، فلا نجد له مبرراً أيضاً سوى التحكم، والإقتراح، وفرض التوجيهات والتأويلات السخيفة، من دون دلالة عليها، أو إشارة إليها..
تفويض حرب المشركين لصُرد الأزدي:
وتحدثت الرواية المتقدمة أيضاً عن: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد فوض لصُرد الأزدي حرب من يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن..
مع أن هذا الرجل قد أسلم لتوه، ولم يتفقه بعد في الدين، ولا تأدب بآداب الإسلام، ولا عرف أحكامه؛ فما معنى تفويضه بحرب المشركين من قبائل اليمن؟ وللحرب حدودها وأحكامها في الإسلام..
كما أن من المفروض هو أن يدعوهم إلى الإسلام أولاً، وأن يقدم لهم الأدلة والبراهين عليه، وأن ينشر لهم أعلامه، ويعلمهم أحكامه، في حين أنه هو نفسه كان جاهلاً بها، والحال أن فاقد الشيء لا يعطيه، بل هو غير قادر على أن يطبقه على نفسه ويراعيه.. فكيف يدعو الناس إليه، ويحملهم عليه؟!..
هل فتحت جرش عنوة أو صلحاً؟!:
ويبقى أمامنا سؤال محير، يحتاج إلى جواب، وهو:
كيف فتحت مدينة جرش؟! هل فتحت عنوة، بعد حصارها، ثم بعد معركة هائلة تعرض فيها الجرشيون للقتل الذريع؟! حيث وضع المسلمون فيهم سيوفهم حيث شاؤوا؟ أم أنها فتحت صلحاً؟
إن الرواية التي نحن بصدد معالجتها لعلها تشير إلى أنها فتحت عنوة، وبعد حصار وقتال وأعداد كبيرة من القتلى..
مع أنهم يقولون: إنها فتحت سنة عشر في حياة النبي "صلى الله عليه وآله" صلحاً على الفيء، وأن يتقاسموا العُشر، ونصف العُشر([163]).
وعن الزهري: "أسلم أهل بتالة وجرش من غير قتال، فأقرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ما أسلموا عليه، وجعل على كل حالم ممن بهما من أهل الكتاب ديناراً، واشترط عليهم ضيافة المسلمين، وولى أبا سفيان بن حرب على جرش([164]).
أو بعث عليهم عبد الله بن ثور، أحد بني الغوث([165]).
وروى الواقدي: أنه "صلى الله عليه وآله" توفي وعامله على جرش صُرد بن عبد الله الأزدي([166]).
فأي ذلك هو الصحيح؟!
أسئلة أخرى تحتاج إلى جواب:
وهناك أسئلة عديدة، ترتبط بنصوص الرواية التي نحن بصددها، لا نجد لها جواباً مقنعاً ومقبولاً، فلاحظ ما يلي:
1 ـ إذا كان صُرَد بن عبد الله قد حاصر بمن معه مدينة جرش، فمعنى ذلك: أن لا يخرج أحد منهم من المدينة، وأن لا يدعوا ماشيتهم تخرج إلى خارج المدينة أيضاً، لأن ذلك سيعرضها ويعرضهم للخطر الأكيد.
فما معنى قولهم: "وكان يغير على مواشيهم فيأخذها"؟!
فهل كانت مواشيهم ظاهرة لهم، وفي متناول أيديهم؟!
2 ـ والمحاصر هو: المهزوم، في واقع الأمر، فإنه لعجزه عن مواجهة عدوه، أخفى نفسه عنه وراء الأحجار، والأسوار، والذين يحاصرونه، هم المنتصرون الذين يلاحقونه، ويجهدون للوصول إليه بمزيد من التصميم والإصرار، فإذا انصرف هذا المنتصر عن حصار عدوه، فذلك لا يجعله منهزماً، بل يكون منكفئاً عنه.
فما معنى قول الرواية السابقة: "فظنوا أنه قد انهزم"؟! إلا إذا أريد بالهزيمة هنا معنى آخر، يختلف عما يعطيه ظاهر هذه الكلمة.
3 ـ ومع غض النظر عن هذا وذاك، فإنه إذا كان الجرشيون قادرين على مواجهة عدوهم، ولديهم الجرأة على الوقوف في وجهه، فلماذا اختبأوا منه داخل حصونهم طيلة شهر كامل؟!
ولماذا لم يبرزوا لقتاله من أول يوم حل فيه بساحتهم؟!
4 ـ وبعد قتالهم يوماً كاملاً، وبعد أن وضع المسلمون سيوفهم فيهم حيث شاؤوا، وبعد أن أخذوا من خيلهم عشرين فرساً.. وأوقعوا فيهم تلك الضربة القاصمة والهائلة، نعم.. بعد ذلك كله، ماذا كانت النتيجة؟! وماذا صنع المسلمون تجاه أعدائهم؟ هل تركوهم يرجعون إلى حصنهم بصورة طبيعية؟ أم أنهم طاردوهم إلى باب الحصن؟! وحين بلغوا إلى الباب هل زاحموهم على الدخول فيه؟ أم انكفأوا عنهم؟! وهل تمكنوا من عرقلة دخولهم، أو دخول بعضهم إليه؟!..
وإذا كان ذلك قد حصل فعلاً، أو حتى لو كان ذلك لم يحصل أيضاً، فالسؤال هو: كم من الناس أسر المسلمون في تلك الوقعة؟! وهل عادوا إلى حصار جرش، بعد أن حققوا هذا الإنتصار الكبير عليهم؟! أم أنهم تركوها غارقة في مصائبها التي حلت بها؟!..
5 ـ وعن الرجلين الذين كانا يتجسسان على رسول الله "صلى الله عليه وآله" لصالح أهل جرش، نسأل: هل كان المسلمون يعرفون شيئاً عن هذين الرجلين الغريبين؟! وإذا كان الجواب بالإيجاب فلماذا تركوهما يسرحان ويمرحان بلا حسيب ولا رقيب..
وإن كان الجواب بالنفي، فهل حاولوا أن يتعرفوا عليهما؟! وهل سألهما أحد عن بلدهما، وعن سبب قدومهما، وعن دينهما، وما إلى ذلك؟ وبماذا أجابا؟! وهل كان جوابهما مقنعاً؟! وهل؟ وهل؟
إن الحقيقة هي: أن سياق ما جرى لهما في محضر رسول الله "صلى الله عليه وآله" يدل على أنهما كانا يتجاهران بالانتساب إلى بلدهما، ويتحدثان عنه ويشفعان لأهله لدى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأمام جماعة المسلمين، ويتصرفان بصورة عادية وطبيعية!!
علاقة الجاسوسين بأبي بكر وعثمان:
وأغرب شيء سمعناه وقرأناه في هذه الرواية، هو تصريحها بوجود علاقة مميزة فيما بين هذين الجاسوسين وبين أبي بكر وعثمان.
فقد أظهر ذلك النص، الأمور التالية:
1 ـ ما معنى: أن يختلي جاسوسان جاءا لرصد حركة المسلمين برجلين هما بنظر الكثيرين، من الكبار والأعيان، ويعيشان الطموح ويخططان للحصول على أعظم مقام بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
2 ـ لماذا اجتمع هذان الجاسوسان بأبي بكر وعثمان فقط؟! وأين كان عمر بن الخطاب عن هذا الإجتماع؟ ونحن نجد الإقتران الدائم بين أبي بكر وعمر في مختلف الحالات والوقائع..
ثم أين كان أبو عبيدة، وابن عوف.. وسالم وغير هؤلاء ممن يعدون فريقاً واحداً؟!
3 ـ لماذا يحرض أبو بكر وعثمان ذينك الجاسوسين على الطلب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يدعو الله لرفع البلاء عن قوم مشركين، محاربين لله ولرسوله؟! ولماذا يسعى أبو بكر وعثمان لرفع القتل عنهم، ومنع المسلمين من الظفر بهم؟!..
وما معنى هذا العطف منهما على أولئك المشركين؟!.
4 ـ وفي محاولة للتخفيف من سماجة هذا الواقع الهجين، قال الزرقاني: إن قوله "صلى الله عليه وآله": اللهم ارفع عنهم، إنما أُجيب في الذين في القرية، دون من في الجبل، لوقوعها بعد قتلهم([167]).
والهدف من هذا التوجيه هو: تجنب القول: بأن مطلوب أبي بكر وعثمان والجاسوسين هو رفع البلاء عن الذين أخذتهم سيوف المسلمين، ليسلم منهم من لم تحصده تلك السيوف، بل يكون المطلوب هو: مجرد رفع البلاء عن الذين بقوا في الحصن، ولم يخرجوا منه، فإنهم هم الذين حين علموا بما جرى للجاسوسين مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أرسلوا وفدهم إليه "صلى الله عليه وآله" بإسلامهم..
غير أن هذا التوجيه غير مقبول ولا معقول، لأنه يتنافى، بل يتناقض مع صريح الرواية.. كما لا يخفى على من لاحظ كلماتها، وعباراتها..
فإن أبا بكر وعثمان قد طلبا من الجاسوسين أن يطلبا من النبي الدعاء برفع البلاء عن الذين أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" عنهم، بأنهم ينحرون كالبدن، ويتعرضون للقتل والفناء، بسيوف المسلمين..
على أن قول الزرقاني: إن دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" برفع البلاء عنهم، إنما حصل بعد قتل من قتل، لا يحل الإشكال، فإن المفروض: أن بعضهم قد قتل، ولكن المعظم قد بقي، فجاءت الدعوة لكي تحفظ وتنجي من بقي وكان في معرض القتل، وأما الذين بقوا في الحصن فلا داعي للدعاء لهم، فقد كانوا في مأمن من كل سوء..
6 ـ ألا يعد هذا الموقف من أبي بكر وعثمان من مفردات تولي الكافرين، الذي حذر الله تعالى المؤمنين والمسلمين منه، وبين لهم آثاره السيئة؟!..
7 ـ لماذا يريد أبو بكر وعثمان منع المسلمين من ممارسة حريتهم في قمع عدوهم، إلى حد أنهما يطلبان من الله أن يتدخل لمنعهم من ذلك بصورة جبرية قاهرة؟!..
8 ـ وهل صحيح: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد استجاب لطلب ذينك الجاسوسين وطلب من الله رفع البلاء عن المشركين، الساعين إلى إطفاء نور الله وقتل المؤمنين؟!
9 ـ وإذا كان البلاء قد ارتفع فعلاً، فهل ارتفع عنهم بطريق الجبر الإلهي، ومنع الأيدي من التحرك، أو التصرف بحركتها لكي تصبح ضرباتهم خائبة؟!..
وإذا كانت أيدي المسلمين قد يبست، ومُنعت من الحركة، أو أصبحت ضرباتهم خائبة، فكيف واجه المشركون ذلك؟! هل اغتنموا الفرصة، وأوقعوا بالمسلمين، وقتلوهم وطردوهم من ديارهم؟! أم أنهم تركوهم وهربوا إلى الحصن؟! ولماذا هربوا إذا كان عدوهم قد قيّد عن الحركة؟! أو أن ضرباته قد أصبحت خائبة؟!
مدائح النبي ' لأهل جرش:
وقد ذكرت الرواية المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين قدم عليه وفد جرش، وصفهم بما لم نعهد أنه وصف به أحداً من الناس، حيث قال: "أحسن الناس وجوهاً، وأصدقه لقاءً، وأطيبه كلاماً، وأعظمه أمانةً، أنتم مني وأنا منكم".
ونقول:
قد روي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أطلق هذه الأوصاف بالذات، أو بعضها على قبائل وفئات أخرى أيضاً، فقد روي أنه قال في حق قبيلة دوس: "أحسن وجوهاً، وأطيب الناس أفواهاً، وأعظمهم أمانةً"([168]).
وروي أنه "صلى الله عليه وآله" قال في حق المهاجرين والأنصار من بني عمه: "أحسن الناس وجوهاً، وأعظم الناس أحلاماً"([169]).
وروي أيضاً أنه قال لوفد الأزد: "مرحباً بالأزد، أحسن الناس وجوهاً، وأشجعهم قلوباً، وأطيبهم أفواهاً، وأعظمهم أمانةً، وشعاركم يا مبرور"([170]).
فأي ذلك هو الصحيح؟!
فإن الأحسنية، والأعظمية، والأطيبية و.. و.. منحصرة في واحد، ولا يمكن إثباتها لاثنين، فضلاً عن إثباتها لثلاثة، أو أربعة!! فإذا كان فلان أحسن الناس فلا يمكن أن يكون فلان الآخر أحسن الناس أيضاً.
في وفد أزد عمان:
وقالوا: أسلم أهل عمان، فبعث إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" العلاء بن الحضرمي يُعلِّمهم شرائع الإسلام، ويُصَدِّق أموالهم.
فخرج وفدهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فيهم: أسد بن بيرح الطاحي. فلقوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسألوه أن يبعث معهم رجلاً يقيم أمرهم.
فقال مخربة العبدي ـ واسمه مدرك بن خوط ـ: ابعثني إليهم، فإن لهم عليَّ منة، أسروني يوم جنوب، فمنوا عليَّ. فوجهه معهم إلى عمان.
وقدم سلمة بن عياذ الأزدي (ملك عمان) في أناس من قومه، فسأل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، عما يعبد وما يدعو إليه، فأخبره رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال: "ادع الله لي أن يجمع كلمتنا وألفتنا". فدعا لهم، وأسلم سلمة ومن معه([171]).
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "نِعْمَ الوفد الأُزد، طَيِّبة أفواههم، بَرَّة أيمانهم، تَقِيَّة قلوبهم"([172]).
ونقول:
إننا لا نستطيع أن نؤكد صحة هذه المدائح أو الذموم التي ينقلونها عن النبي "صلى الله عليه وآله" في حق بعض القبائل أو الفئات، أو البلاد، فإنها مظنة الجعل والإفتراء لدوافع لا تخفى..
غير أننا قد لا نتحفظ كثيراً، إذا كان ما يذكرونه عنه "صلى الله عليه وآله" كان قد قاله في أعقاب عمل صالح صدر عنهم، وإساءة اقترفوها، فيأتي المدح للترغيب في تلك، وللردع عن هذه.
غير أن المدح الذي ذكر في النص الآنف الذكر إنما هو لأناس بأعيانهم، وهم خصوص أعضاء الوفد الذين قدموا عليه "صلى الله عليه وآله".. فلعل هذا الوفد بالخصوص كان يتشكل من رجال صالحين، يستحقون هذا الثناء النبوي الكريم مع بقاء احتمال الكذب فيه قائماً..
وفد الأزد في حديث آخر:
عن سويد الأزدي: أنه كان سابع سبعة من قومه وفدوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله". فقال: ما أنتم؟!.
قلنا: مؤمنون.
فتبسم "صلى الله عليه وآله" وقال: إن لكل قول حقيقة، فما حقيقة قولكم وإيمانكم؟!
قلنا: خمس عشرة خصلة: خمس منها أمرتنا رسلك أن نؤمن بها، وخمس أمرتنا أن نعمل بها، وخمس تخلقنا بها في الجاهلية، فنحن عليها إلا أن تكره منها شيئاً.
فقال "صلى الله عليه وآله": ما الخمس التي أمرتكم بها رسلي؟!
قلنا: أمرتنا ان نؤمن بالله وملائكته، وكتبه ورسله، والبعث بعد الموت.
قال: وما الخمس التي أمرتكم أن تعملوا بها؟.
قالوا: أمرتنا أن نقول: لا إله إلا الله، ونقيم الصلاة، ونؤتي الزكاة، ونصوم رمضان، ونحج البيت إن استطعنا إليه سبيلاً.
قال: وما الخمس التي تخلقتم بها في الجاهلية؟
قالوا: الشكر عند الرخاء، والصبر عند البلاء، والرضا بمُر القضاء، والصدق في مواطن اللقاء، وترك الشماتة بالأعداء.
فقال "صلى الله عليه وآله" حكماء علماء، كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء، ثم قال: وأنا أزيدكم خمساً فتتم لكم عشرون خصلة إن كنتم كما تقولون، فلا تجمعوا ما لا تأكلون، ولا تبنوا ما لا تسكنون، ولا تنافسوا في شيء أنتم عنه غداً زائلون، واتقوا الله الذي إليه ترجعون وعليه تعرضون، وارغبوا فيما أنتم عليه تقدمون وفيه تخلدون، فانصرفوا وقد حفظوا وصيته "صلى الله عليه وآله" وعملوا بها([173]).
وما قلناه حول صحة هذا النقل أو عدم صحته هو نفس ما قلناه في سابقه، فإنه زاد على سابقه ثناء آخر وهو أنهم كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء قبل أن يعملوا بالخمس التي زادهم إياها..
ولسنا ندري إن كانوا بعد أن عملوا بالخمس الباقية هل وصلوا إلى مقام النبوة أم لا؟! غير أننا لم نجد لهؤلاء الناس أي نشاط يميزهم عن غيرهم ممن لم يكن مثلهم في الفقه والحكمة والعلم..
2 ـ وفود مهرة:
قالوا: قدم وفد مهرة. عليهم مهري بن الأبيض، فعرض عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الإسلام، فأسلموا ووصلهم وكتب لهم:
"هذا كتاب من محمد رسول الله لمهري بن الأبيض على من آمن به من مهرة: ألا يؤكلوا ولا يعركوا، وعليهم إقامة شرائع الإسلام، فمن بدل فقد حارب، ومن آمن به فله ذمة الله وذمة رسوله، اللقطة مؤداة، والسارحة منداة، والتفث السيئة، والرفث الفسوق". وكتب محمد بن مسلمة الأنصاري.
وعن عمران المهري قال: وَفَدَ إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رجل من مهرة يقال له: زهير ـ وفي لفظ: ذهبن ـ ابن قرضم بن العجيل [ابن قثات]، فكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يدنيه ويكرمه لبعد مسافته، فلما أراد الإنصراف بتَّته وحمله، وكتب له كتاباً فكتابه عندهم [إلى اليوم] ([174]).
لا يعركون: أي لا يحملون ما يوجب عُدمهم.
منداة: أي لا تمنع من الرعي والسقي.
ثم فسر لهم "صلى الله عليه وآله" معنى كلمتي: التفث الرفث.
قدوم نافع بن زيد الحميري:
عن أياس بن عمرو الحميري: أن نافع بن زيد الحميري قدم وافداً على النبي "صلى الله عليه وآله" في نفر من حمير، فقالوا: أتيناك لنتفقه في الدين، ونسأل عن أول هذا الأمر.
قال: "كان الله ولا شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم خلق القلم فقال: اكتب ما هو كائن، ثم خلق السماوات والأرض وما بينهما، واستوى على عرشه"([175]).
ونقول:
1 ـ إن وفد حمير قد جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ليتفقهوا في الدين، احتياطاً منهم لأنفسهم، ولدينهم، فإن وجوب التعلم لما به تكون النجاة من العقاب، مما تحكم به الفطرة ويحتمه الوجدان، وتقضي به العقول.
حديث القلم.. والجبر والعدل:
قد ذكر آنفاً: حديث كتابة القلم ما هو كائن إلى يوم القيامة.. ولهذا الحديث ألفاظ مختلفة منها ما رواه أبو هريرة قال: قال لي النبي "صلى الله عليه وآله": "جف القلم بما أنت لاق"([176]).
ومنها ما روي: من أن "أول ما خلق الله القلم، فقال: اكتب.
فقال: ما أكتب؟
قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة"([177]).
وفي نص آخر: فجرى من ذلك اليوم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة، ثم طوى الكتاب وارتفع القلم([178]).
وقال سراقة بن جشعم: يا رسول الله، بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيما العمل اليوم؟
أفيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير؟! أم فيما نستقبل؟!
قال: لا، بل فيما جفت فيه الأقلام، وجرت به المقادير([179]).
وعنه "صلى الله عليه وآله" في تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ}. والقلم الذي خط به ربنا عز وجل القدر، خيره وشره، ونفعه وضره([180]).
وعن أبي هريرة عن النبي "صلى الله عليه وآله": إن أول شيء خلق الله القلم، ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال له: اكتب.
قال: وما أكتب؟
قال: ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، من عمل، أو أثر، أو رزق، فكتب ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، وذلك قوله: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}([181]) ثم ختم عليه في القلم، فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة. ثم خلق الله العقل([182]).
وفي نص آخر: أنه سبحانه وتعالى أخذ القلم بيمينه ـ وكلتا يديه يمين ـ وخلق النون، وهي الدواة، وخلق اللوح فكتب فيه([183]).
والروايات حول القلم التي تذكر: أنه كتب ما كان وما يكون إلى يوم القيامة كثيرة، فراجع على سبيل المثال، ما أورده السيوطي منها في كتابه الدر المنثور عن ابن عباس، وأبي هريرة. وعن قرة، وعبادة بن الصامت([184]).
استفادة الجبرية من أحاديث القلم:
وقد ضم أنصار عقيدة الجبر الإلهي، وهم غير الشيعة، إلى أحاديث القلم المذكورة، روايات أخرى نسبوها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وخرجوا بنتيجة تقضي بتعميم القدر والجبر الإلهي لأفعال العباد أيضاً..
ولكنهم يرفضون تسميتهم بـ "الجبرية" و "القدرية" و "المجبرة"، لكي يتفادوا انطباق حديث: "القدرية مجوس هذه الأمة" عليهم.
رغم أن الخلَّال، وهو أحد علماء الحنابلة قد أطلق كلمة "القدرية" على القائلين بالجبر([185]).
لماذا كانت القدرية مثل المجوس؟!:
ووجه الشبه بين القدرية والمجوس: أن المجوس يقولون بإلهين مؤثرين، والقدرية يقولون: بأن الله تعالى مؤثر، وخالق، ورازق، وشاف وغير ذلك..
والقدر أيضاً مؤثر، حيث إنه يجري حتى على أفعال الله تعالى، فهو تعالى محكوم بقدره مكره على إجرائه، فإن عليه أن يجري ما كتبه القلم، ثم إنه لما جف القلم أصبح الله غير قادر على فعل أي شيء.
والقدر الذي ـ كتبه القلم ـ هو الذي حرم ناساً من الجنة، وأدخل آخرين النار..
نماذج من أحاديث الجبر:
ومما أوردوه للتدليل على ما يذهبون إليه من جبر وقدر:
1 ـ أن آدم "عليه السلام" قد احتج على موسى "عليه السلام" بقوله: أتلومني على أمرٍ (عملٍ) قدَّر الله عليَّ قبل أن يخلقني بأربعين سنة.. أو قبل أن يخلق الله السماوات والأرض([186]).
2 ـ جاء في أحاديث عالم الذر: "خلقت هؤلاء للجنة ولا أبالي، وخلقت هؤلاء للنار ولا أبالي"([187]).
3 ـ روايات كيفية خلق الخلق، وأنه بعد نفخ الروح في الإنسان "يكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي، وسعيد. زاد في نص آخر: ثم تطوى الصحف، فلا يزاد بها ولا ينقص"([188]).
4 ـ أحاديث: أن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها غير ذراع أو ذراعين، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها([189]).
وقد سئل "صلى الله عليه وآله": فلم يعمل العاملون؟
فقال: كلٌ يعمل لما خُلق له، أو لما يسِّر له([190]). أو اعملوا فكلٌ ميسَّر لما خلق له([191]).
أي أنه إذا كان قد خلق للعمل الصالح، فإن العمل الصالح هو الذي يكون ميسوراً له، ويكون هو قادراً عليه، ولا يقدر على غيره، وكذلك الحال لو كان قد خلق للعمل السيء، فإنه يكون قادراً عليه، ولا يقدر على عمل الخير..
الشيعة بريئون من الجبر:
ومهما يكن من أمر، فإن طائفة كبيرة من المسلمين ترى أن القدر يشمل أفعال العباد، بل يشمل أفعال الله أيضاً.. وينكر الشيعة ذلك في الموردين، فيرون ـ وفقاً لتعاليم أئمتهم "عليهم السلام" ـ أن الله قادر على إجبار عباده، ولكنه لا يفعل ذلك.. كما أن له المشيئة فيما قضاه وقدره تبارك وتعالى.. وليس محكوماً بقدره.
من سلبيات تعميم القدر لأفعال العباد:
ومن الواضح: أن تعميم القدر إلى جميع افعال العباد، يجعل كل كفر وشرك، ومعصية، بقدر وبقضاء حتمي، ولا يمكن لأي عبد أن يتخلف عما قدره الله تعالى له.
وقد صرح الأشعري بذلك، حين أعلن توبته عن مذهب الإعتزال والتزام خط أهل السنة، التي هي عقائد أهل الحديث، مع شيء من التلطيف والتخفيف، والعدول عن التصريح إلى التلويح، فقد قال إنه تاب عن قوله: "إن أفعال الشر أنا أفعلها"([192]).
فهذا يشير إلى أنه أصبح يرى أن الله هو الذي يفعل أفعال الشر.
وصرحوا أيضاً: بأنه "لا خالق إلا الله، وأن سيئات العباد يخلقها الله"([193]). فإذا كان القدر حاكماً على تلك الأفعال، التي هي في الحقيقة أفعال الله، لأنه هو خالقها، فالقدر حاكم على الله مباشرة، وقد سلبه الإختيار، ولم يعد قادراً إلا على فعل ما جرى به القدر، على قاعدة: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ}([194]).
قال ابن الحجاج:
المـجـبرون يجـادلـون بـبـاطل وخــلاف ما يجـدونـه في الـقـرآن
كـل مـقـالـته الإلـه أضـلـني وأراد بـي مـا كــــان عـنـه نهـاني
أيـقـول ربـك للخلائق آمنـوا جـهـراً ويجــبرهـم على العصيـان
إن صح ذا فتعـوذوا من ربكم وذروا تـعـوذكـم مـن الشيطـان([195])
وما أجرأهم أيضاً بقول الآخر:
ألقاه في اليـم مكتـوفـاً وقـال لـه: إيـاك إيـاك أن تـبـتـل بـالمــــــاء
الجبر واليهود، والمشركون:
وقد ذكرنا في كتابنا: "أهل البيت في آية التطهير": أن عقيدة الجبر هي من بقايا عقائد أهل الكتاب، وقد صرحت بها كتبهم المحرفة بصورة واضحة، فراجع: التوراة، والتلمود، والإنجيل، قال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَاء اللهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ المُبِينُ}([196]).
وقد كان سكان الجزيرة على احتكاك متواصل باليهود، الذين يعتقدون بالجبر، وخصوصاً الفريسيين منهم، فقد كان: "الفريسيون من اليهود لا يرون للإنسان إرادة، ولا اختياراً، ولا تأثيراً، ولا جزءاً كسبياً، ولذا لا يرونه جديراً بالمدح والثناء، لأن فعل الله فعل بيده"([197]).
الحكَّام ومقولة الجبر:
وقد راقت مقولة الجبر الإلهي هذه للحكام والمتسلطين، فسعوا إلى نشرها، وحَمْلِ الناس عليها، لأن هذه العقيدة تجعل الناس يستكينون لحكمهم، ويخضعون لسلطانهم، مهما صدر منهم من ظلم وعسف، وبه يبررون للناس كل ما ارتكبوه من جرائم وموبقات، وهم يفرضون على الناس من خلال هذه العقيدة كل ما يحلو لهم، أو يخطر على بالهم، وبه احتج معاوية لصحة ما أقدم عليه من فرض ولده يزيد المجرم والطاغي والفاسد، على الناس من بعده، فقد قال لعائشه تارة ولابن عمر أخرى: "وإن أمر يزيد قد كان قضاءً من القضاء، وليس للعباد خيرة في أمرهم"([198]).
واحتج به عمر بن سعد "لعنه الله" لقتله الإمام الحسين "عليه السلام"، فقد قال له ابن مطيع: أخترت همدان والريّ على قتل ابن عمك؟!
فقال عمر بن سعد "لعنه الله": كانت أموراً قضيت من السماء. وقد أعذرت ِإلى ابن عمي قبل الوقعة([199]).
وحين ذكرت عائشة لأبي قتادة ما قاله النبي "صلى الله عليه وآله"، في حق الخوارج، وأن الذي يقتلهم أحبهم إليَّ، أحبهم إلى الله.
فقال لها أبو قتادة: يا أم المؤمنين، فأنت تعلمين هذا فلم كان منك؟!
قالت: يا أبا قتادة! {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً}([200])"([201]).
فهي تبرر حرب الجمل وقتل المئات أو الألوف من المسلمين بالقدر الإلهي !!
وحين سألت أم الحارث الأنصارية عمر بن الخطاب عن سبب فراره يوم حنين، قال: أمر الله([202]). وأجاب نسيبة بنت كعب المازنية بذلك أيضاً([203])، وكذا الحال بالنسبة لأبي قتادة الأنصاري([204]).
وبهذه العقيدة استدل خالد بن الوليد لقتل مالك بن نويرة، وبرر بها عثمان تمسكه بالحكم إلى أن قتل، وبرر بها معاوية والمنصور منع الناس حقوقهم في بيت مال المسلمين..
وبها برر عمر بن الخطاب تمزيقه لكتاب كان قد كتبه في إرث الجدة.
إلى غير ذلك من موارد كثيرة.. لا مجال لحصرها، غير أننا ذكرنا طائفة من المصادر لها في كتابنا: "أهل البيت في آية التطهير"([205]).
والبحث في هذه الموضوعات طويل ومتشعب، نكتفي منه بما ذكرناه..
رواية أهل البيت ^ لحديث جف القلم:
وبعد.. فإن جميع ما ذكرناه لا يعني أن حديث "جف القلم" مكذوب ومختلق من أساسه.
إذ إن أهل البيت "عليهم السلام" وهم سفينة نوح، قد رووا لنا النص الصحيح لأحاديث القلم([206])، وفسروه وبينوا معناه، فأخذه عنهم شيعتهم، فأمنوا من الوقوع في الشبهات..
ولكن غير أتباع أهل البيت "عليهم السلام" لم يوردوا الحديث على وجهه، بل قد زِيدَ فيه ونُقِّص، أو أُعطي معنى غير معناه.
إذ إن بعض الروايات عن الإمام الصادق "عليه السلام" قد صرحت بما يدفع شبهة الجبر الإلهي، وبتخطئة من حاول أن يلصق هذه العقيدة بمعنى هذا الحديث.
فقد روى محمد بن مروان عن الإمام الصادق "عليه السلام"، أنه قال في تفسير قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ}([207]). نهر في الجنة أشد بياضاً من اللبن. قال: فأمر الله القلم، فجرى بما هو كائن، وما يكون فهو بين يديه موضوع، ما شاء منه زاد فيه، وما شاء نقص منه، وما شاء كان، وما لا يشاء لا يكون([208]).
وهذا يدل على: أن ما جرى به القلم إنما هو ما تقتضيه السنن التي أودعها الله تعالى في الكائنات، بحسب ما لها من استعدادات، ووفق اقتضاء ما فيها من ميزات وخصائص..
غير أن هذه السنن لا تمنع من التدخل الإلهي، ولو من خلال الهيمنة عليها بسنن أرقى منها، فيكون البداء فيها حتى لو كتبها القلم في لوح المحو والإثبات..
أما ما كتبه القلم في أمِّ الكتاب، وهو الكتاب المكنون، والمطابق لعلمه تعالى وهو أمُّ الكتاب، والأصل الذي يقاس عليه ما سواه، فإنه لا بداء فيه، بل يكون البداء منه، ويجب مطابقة ما في لوح المحو والإثبات له.. من حيث إجراء السنن أو التحكم فيها.
ولأجل ذلك نلاحظ: أن الروايات قد صرحت: بأنه بعد أن يكتب القلم فيه يختم على فم القلم، فلا ينطق أبداً.. وهذا ما أشارت إليه رواية عبد الرحيم القصير عن الإمام الصادق "عليه السلام"([209]).
ورواية يحيى بن أبي العلاء([210])، فراجع.
فتلخص أن روايات أهل البيت "عليهم السلام" تفيد: أن للقلم كتابتين في لوحين:
إحداهما: في لوح المحو والإثبات، وفيه يكون البداء. ولا يكون منه.
والأخرى: في الكتاب المكنون، الذي هو أم الكتاب، ومنه يكون البداء.. ولا يكون فيه.
المخلوق الأول:
ويبقى هنا سؤال يحتاج إلى جواب، وهو: أن أحاديث القلم قد صرحت: بأنه هو أول ما خلقه الله تعالى، مع أن ثمة روايات تفيد غير ذلك، فقد روي:
1 ـ عن سماعة عن أبي عبد الله "عليه السلام": إن الله عز وجل خلق العقل، وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره، فقال له: أدبر فأدبر، ثم قال له: أقبل فأقبل، فقال الله تبارك وتعالى: خلقتك خلقاً عظيماً، وكرمتك على جميع خلقي..([211]).
2 ـ عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: قلت لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أول شي خلق الله تعالى ما هو؟ فقال: نور نبيك يا جابر، خلقه الله ثم خلق منه كل خير([212]).
وفي رواية أخرى: أول ما خلق الله نوري، ابتدعه من نوره، واشتقه من جلال عظمته([213]).
وفي رواية ثالثة: أول ما خلق الله نوري، ففتق منه نور علي، ثم خلق العرش واللوح، والشمس وضوء النهار، ونور الأبصار والعقل والمعرفة([214]).
ونقول في الجواب:
1 ـ أما بالنسبة للعقل، فقد صرحت الرواية المتقدمة: أنه أول خلق من الروحانيين.
2 ـ إن هذه الكلمة: "أول ما خلق الله القلم" لم ترد إلا في رواية القمي عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن هشام. وهي لا تعارض الروايات الآنفة الذكر. فإن روايات القلم قد صرحت: بأنه قد كتب ما كان وما يكون.
وهذا يدل على: أن ثمة ما هو مخلوق وكائن قبل ذلك. وهو نور رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو النور، أو العقل أو غير ذلك..
ولعلك تقول:
إن خلق القلم لا يعني الكتابة، فلعله خلق القلم أولاً، ثم بعد برهة أمره بكتابة ما كان وجرى، منذ خلق القلم إلى حين الكتابة به..
فإنه يجاب:
بأن الرواية قد عطفت الأمر بالكتابة على خلق القلم بواسطة الفاء الدالة على التعقيب المباشر، ومن دون مهلة..
على أن روايات أولية خلق العقل، وكذلك روايات خلق النور، أو خلق نور النبي "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته "عليهم السلام" لا تتعارض مع روايات أولية خلق القلم، فإن بعض الروايات قد صرحت بإرادة معان منها، تؤدي إلى التوافق بينها، فالقلم، والعقل، والنور قد فسرت أو طبقت على النبي "صلى الله عليه وآله" والأئمة "عليهم السلام" بصورة أو بأخرى.
ومع غض النظر عن ذلك كله، فإن وجود هذه الروايات يشير إلى أن المقصود بالأولية هو: الأولية النسبية. أي أنه بالنسبة لتقدير شؤون الخلق، فالمخلوق الأول هو القلم ولا غيره..
كما أن المقصود بأولية خلق العقل هو أوليته بالنسبة للروحانيين.
قال المجلسي: "وقيل: أول المخلوقات النار. كما مر، وقد مر (في) بعض الأخبار: أن أول ما خلق الله النور، وفي بعضها: نور النبي "صلى الله عليه وآله"، وفي بعضها: نوره مع أنوار الأئمة "عليه السلام"، وفي بعض الأخبار العامية عن النبي "صلى الله عليه وآله" أول ما خلق الله روحي، فيمكن أن يكون المراد بالجميع واحداً، ويكون خلق الأرواح قبل خلق الماء وسائر الأجسام، وتكون أولية الماء بالنسبة إلى العناصر والأفلاك، فإن بعض الأخبار يدل على تقدم خلق الملائكة على خلق العناصر والأفلاك كما مر، ودلت الأخبار الكثيرة على تقدم خلق أرواحهم وأنوارهم "عليهم السلام" على كل شيء"([215]).
3 ـ وفد بني شيبان:
عن قيلة بنت مخرمة العنبرية التميمية([216]) قالت: قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" مع وفد شيبان، وهو قاعد القرفصاء، فلما رأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" متخشعاً في الجلسة أُرعدت من الفرق. فقال جليسه: يا رسول الله أرعدت المسكينة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ ولم ينظر إليّ وأنا عند ظهره ـ: "يا مسكينة عليك السكينة".
فلما قالها أذهب الله ما كان أدخل قلبي من الرعب.
وتقدم صاحبي أول رجل فبايعه على الإسلام عليه وعلى قومه، ثم قال: يا رسول الله، اكتب بيننا وبين بني تميم بالدهناء، لا يجاوزنا إلينا منهم إلا مسافر أو مجاور.
فقال: "يا غلام، اكتب له بالدهناء".
فلما رأيته أمر له بأن يكتب له بها شُخص بي، وهي وطني وداري، فقلت: يا رسول الله، إنه لم يسألك السوية من الأرض إذ سألك، إنما هذه الدهناء عندك مقيد الجمل ومرعى الغنم، ونساء تميم وأبناؤها وراء ذلك.
فقال: "أمسك يا غلام، صدقت المسكينة، المسلم أخو المسلم، يسعهما الماء والشجر، ويتعاونان على الفتان"([217]).
فلما رأى حريث (بن حسان الشيباني وافد بكر بن وائل) أن قد حيل دون كتابه ضرب بإحدى يديه على الأخرى وقال: كنت أنا وأنت كما قيل: "حتفها تحمل ضأن بأظلافها".
فقلت: أما والله إن كنت لدليلاً في الظلماء، جواداً بذي الرحل، عفيفاً عن الرفيقة، حتى قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولكن لا تلمني على حظي إذ سألت حظك.
فقال: وما حظك في الدهناء لا أبا لك؟
فقلت: مقيد جملي تسأله لجمل امرأتك.
فقال: لا جرم أني أشهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أني لك أخ ما حييت، إذ أثنيت هذا عليَّ عنده.
فقلت: إذ بدأتها فلن أضيعها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أيلام ابن ذِهِ أن يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجرة"، فبكيت ثم قلت: "والله، كنت ولدته يا رسول الله حازماً، فقاتل معك يوم الربذة، ثم ذهب يحيرني من خيبر فأصابته حماها وترك علي النساء.
فقال: "والذي نفس محمد بيده لو لم تكوني مسكينة لجررناك اليوم على وجهك، أو لجررت على وجهك" شك عبد الله، "أيغلب أحيدكم أن يصاحب صويحبه في الدنيا معروفاً، فإذا حال بينه وبينه من هو أولى به منه استرجع". ثم قال: "رب أنسني ما أمضيت، وأعني على ما أبقيت، والذي نفس محمد بيده إن أحيدكم ليبكي فيستعبر إليه صويحبه، فيا عباد الله لا تعذبوا إخوانكم".
وكتب لها في قطعة من أديم أحمر لقيلة وللنسوة بنات قيلة: "ألّا يظلمن حقاً، ولا يكرهن على منكح، وكل مؤمن مسلم لهن نصير، أحسِنَّ ولا تسئن"([218]).
سبب إعطاء الكتاب لقيلة:
وقالوا: إن سبب إعطاء الكتاب لقيلة أنها كانت تحت حبيب بن أزهر، فولدت له ثلاث بنات، فتوفي عنها زوجها، فانتزع ابن أخي زوجها (عمرو بن أثوب بن أزهر) بناتها منها، فوفدت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" تبتغي الصحبة، فلما أرادت السفر بكت جويرية منهن، وهي أصغرهن، فحملتها معها، فلما ركبت الطريق، فإذا أثوب يطلبها ليأخذ الجارية منها، فأخذها.
فسارت قيلة مع وافد بكر بن وائل إلى أن وردت المدينة، فكتب لها رسول الله "صلى الله عليه وآله" هذا الكتاب([219]).
ونقول:
إن لنا مع هذه النصوص وقفات عديدة:
تشابه الأحداث:
إن ما ذكره آنفاً عن قيلة بنت مخرمة يشبه إلى حد بعيد ما ذكروه في وفادة الحارث بن حسان ـ وقد ذكرنا هذه الوفادة في فصل "وفادات الأفراد". بل الظاهر: أن هذه الوفادة هي نفس تلك، إذ كما كانت مشكلة الحارث بن حسان مع امرأة تميمية وهو بكري، وكانت المشكلة مع بني تميم، كذلك الحال بالنسبة لقيلة فإنها تميمية، ومشكلة حريث كانت مع بني تميم أيضاً وحريث أيضاً بكري..
وكما أن الحارث بن حسان قد حمل المرأة التميمية إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكانت منقطعاً بها، فكذلك الحال بالنسبة لقيلة، فإن صاحبها هو الذي حملها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وإذا كان اسم الأول الحارث بن حسان، فإن اسم الآخر: حريث بن حسان أيضاً، وكلاهما كان بكرياً.
وكما أن الأول تأسف وندم، واعتبر نفسه مصداقاً لمعزى تحمل حتفها.. كذلك فإن هذا الآخر تأسف وندم لأنه فعل ذلك، واعتبر نفسه كضأن تحمل حتفها بأظلافها.
وكان محور التنازع في تلك هو جعل الدهناء حاجزاً لتميم وهذا نفسه هو محورالتنازع هنا أيضاً..
فهما واقعة واحدة اشتبه الرواة في بعض عناصرها، وتطبيقاتها، ثم جاء جمّاعو الأحاديث فظنوا تعددها، ودونوها وفق هذا التصور؟!
وربما تكون الأغراض القبلية أو سواها وراء تنقل بعض الأحداث أو بعض الفضائل من شخص إلى شخص أو من موقع إلى موقع، وفق ما يتيسر لطلابها، والمستفيدين منها غير أننا لا نشك في أن الكلام في الموردين إنما هو عن واقعة واحدة اشتبه الأمر فيها على بعض قاصري النظر، فظن تعددها ولا شيء أكثر من ذلك..
أرعدت من الفرق:
وقد ذكرت الرواية آنفاً: أن قيلة بنت مخرمة قد أرعدت من الفرق لما رأت النبي "صلى الله عليه وآله" جالساً متخشعاً.
ونحن نشك في صحة ذلك، فإن تخشّع الرجل في جلسته لا يوجب الرعب لدى الآخرين، ولا يكون سبباً في إصابتهم بالرعدة.. يضاف إلى ذلك: أن الناس وإن كانوا يهابون رسول الله "صلى الله عليه وآله". لكنها هيبة الإكرام والإحترام، والمحبة، والإكبار، ولم يكونوا يخافون منه إلى حد الرعب، وإصابتهم بالرعدة من الفرق.. فهو "صلى الله عليه وآله" كان بين أصحابه، بحيث إن الرجل كان يدخل على المسلمين فلا يميز رسول الله "صلى الله عليه وآله" من غيره ويسأل أيكم محمد؟([220]) أو أيكم رسول الله؟([221])
الطعن في النبوة:
وقد تضمنت الرواية السابقة طعناً في النبوة:
أولاً: لأنها تنسب للنبي "صلى الله عليه وآله" التسرع في اتخاذ القرار، دون التثبت من أصحاب العلاقة، واستيضاح الأمر..
ثانياً: إنها تنسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" الخطأ ثم التراجع عنه.
ثالثاً: إنها تصرح بصدق المرأة، وصحة رأيها الذي جاء على خلاف رأيه "صلى الله عليه وآله"، ربما لتصدق مقولة عمر: "امرأة أصابت ورجل أخطأ".
رابعاً: إن كلام حريث بن حسان قد تضمن ما يدل على أنه يريد أن يحرم تميماً من الدهناء، وهي مرعى غنمها، ومقيل جمالها، ويريد أيضاً أن يقيد حريتها في التحرك، ويحجزها عن بني بكر، مع أن العدل قد يقضي بعكس ذلك، أو على الأقل أن يجعل الدهناء نصفين، فلماذا يعطي البكريين مواضع يكون التميميون أحق بها؟! ولماذا لم يلتفت النبي "صلى الله عليه وآله" إلى أن حساناً لم يكن عادلاً حين لم يطلب منه السوية في الأرض؟! بل طلب أن يعطيه وطن غيره وداره، مع أن كل أحد يدرك أن هذا الطلب غير منصف.
لو لم تكوني مسكينة:
وأما بالنسبة لتهديد النبي "صلى الله عليه وآله" لقيلة بأنها لو لم تكن مسكينة لجروّها على وجهها، فهو أعجب وأغرب..
أولاً: لأنها لم ترتكب ذنباً تستحق العقوبة عليه، بل غاية ما صدر منها هو أنها تحسرت على ابنها الذي قاتل معه يوم الربذة، ثم ضربته الحمى، فقتلته، وترك النساء عبئاً عليها. وليس في هذا الكلام أي غضاضة، أو جرأة أو اعتراض على مقام العزة الإلهية، ولم يظهر منها أنها تأبى عن الاسترجاع، بل فيه تذمر من ثقل المسؤولية الملقاة على عاتقها.
ثانياً: لنفترض أن هذا الكلام تضمن اعتراضاً على الله الذي أمات ولدها وترك عليها البنات، فهل يكون الجر على الوجه من جملة العقوبات التي جاءت بها الشريعة؟!
ثالثاً: لم نعرف ما قصدته من يوم الربذة الذي قاتل فيه المسلمون مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكان ابنها معهم..
رابعاً: هل الفقر يعفي الإنسان من العقوبة على ما يصدر منه من مظالم ومآثم؟! فإن يكن الجواب بنعم، فلماذا إذن كان "صلى الله عليه وآله"، وكذلك كل من جاء بعده لا يفرقون في عقوباتهم بين مسكين وغيره؟.. وإن كان الجواب بلا، فلماذا أعفى النبي "صلى الله عليه وآله" قيلة من العقوبة هنا؟
4 ـ وفد الأشعريين:
عن معمر قال: بلغني أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان جالساً في أصحابه يوماً، فقال: "اللهم انج أصحاب السفينة". ثم مكث ساعة فقال: "استمدت".
فلما دنوا من المدينة قال: "قد جاؤوا يقودهم رجل صالح".
قال: "والذين كانوا معه في السفينة الأشعريون، والذين قادهم عمرو بن الحمق الخزاعي".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من أين جئتم"؟
قالوا: من زبيد.
قال: "بارك الله في زبيد".
قالوا: وفي زمع.
قال: "وبارك الله في زبيد".
قالوا: وفي زمع.
قال في الثالثة: "وفي زمع"([222]).
ورووا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "يقدم عليكم قوم هم أرق منكم قلوباً".
فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري، فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون:
غـداً نـلـقـى الأحـبـة محـمـــداً وحــزبـــه([223])
عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: "أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة، وألين قلوباً، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، السكينة في أهل الغنم، والفخر والخيلاء في الفدادين من أهل الوبر"([224]).
وعن جبير بن مطعم قال: كنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "أتاكم أهل اليمن كأنهم السحاب، وهم خيار من في الأرض".
فقال رجل من الأنصار: إلا نحن يا رسول الله؟
فسكت.
ثم قال: إلا نحن يا رسول الله؟
(وفي الثالثة قال:) فقال: "إلا أنتم كلمة ضعيفة"([225]).
زاد محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قوله: ولما لقوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" أسلموا وبايعوا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الأشعريون في الناس كصرة فيها مسك"([226]).
قال الزرقاني: ولا إشكال، لأن المراد في أرضهم([227]).
ونقول:
لا مجال لقبول هذه المدائح لقوم لم يقدموا شيئاً للإسلام، فهي من موضوعات محبيهم لسبب أو لآخر..
ثم إن مجيء الأشعريين مع أبي موسى كان عند فتح خيبر سنة سبع، وقد تقدم ذكر ذلك في غزوة خيبر، غير أننا نذكر هنا ما لم نتعرض له هناك، فنقول:
هل الأشعريون أفضل أهل الأرض؟!:
زعمت الرواية المتقدمة: أن أهل اليمن، أو الأشعريين هم خيار أهل الأرض، وقد سكت النبي "صلى الله عليه وآله" حين سأله الأنصاري أن يستثني الصحابة أو الأنصار، ثم استثناهم بعد الإصرار عليه بكلمة ضعيفة، مع أن من المقطوع به أن في صحابته "صلى الله عليه وآله" من هو أفضل من جميع الأشعريين، مثل: سلمان، وعمار، والمقداد وكثير من غيرهم.
وقد حاول الزرقاني أن يجيب عن ذلك فقال: "وأما سكوته مرتين عن استثناء الأنصار مع أن فيهم من هو أفضل قطعاً، لأن فيهم من هو من أهل بدر وبيعة الرضوان، فلعله لئلا يغتروا أو يتكلوا على التفضيل. ولذا قال بعد الثالثة كلمة ضعيفة الخ.."([228]).
ونقول:
أولاً: إن هذا لا يبرر أن يغمط الناس حقهم، وتنسب فضائلهم إلى غيرهم.
ثانياً: إذا كان ذلك يضر بحال الأنصار والمهاجرين فهو يضر أيضاً بحال اهل اليمن والأشعريين، إذ قد يتكلون على هذا التفضيل أيضاً.
الإيمان والحكمة يمانيان:
وقد يقال: لا مجال لقبول وصف هؤلاء القادمين بأنهم هم أهل الإيمان والحكمة، وكأن غيرهم لا يدانيهم في هذين الأمرين، بل لا مجال لقبوله حتى لو كان المراد به أن موطن الإيمان والحكمة اليمن، وليس كذلك غيرها من البلاد والعباد.
ونقول:
إن هذا الكلام صحيح في نفسه إن كان المقصود باليمن هو تلك البلاد المعروفة البعيدة عن مكة والمدينة..
ولا يصلحه ما زعمه الزرقاني من أن هذا الكلام لا مفهوم له([229])، لأنه هو نفسه قد زعم أن النبي "صلى الله عليه وآله"، وصف أبا عبيدة بالأمانة، ووصف غيره بأوصاف أخرى وهذا يفيد: أن له تميزاً وخصوصيةً في الأمر الذي وصفه به([230]).
والصحيح هو: أن المقصود باليمن في كلامه "صلى الله عليه وآله" ما يشمل مكة، إن لم نقل جميع بلاد العرب..
بيان ذلك:
أولاً: قال ابن الأثير: "الإيمان يمان، والحكمة يمانية". إنما قال ذلك لأن الإيمان بدأ من مكة، وهي من تهامة من أرض اليمن، ولهذا يقال: "الكعبة اليمانية"([231]).
ولا ينافي ذلك قوله لعيينة بن حصن حين كان يعرض الخيل: "لولا الهجرة لكنت أمرءاً من أهل اليمن"([232]). إذ يمكن أن يكون المقصود لولا أني هجرت مكة لكنت اليوم من أهل اليمن. أو لولا أن الهجرة أشرف لعددت نفسي من اليمن، ويؤيده قوله في حنين: "لولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار"([233]).
ثانياً: قيل: أنه قال هذا القول وهو بتبوك، ومكة والمدينة يومئذ بينه وبين اليمن، فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة"([234]).
ثالثاً: قيل: أراد بهذا القول الأنصار، لأنهم يمانيون، وهم من نصروا الإيمان والمؤمنين فآووهم، فنسب الإيمان إليهم([235]).
رابعاً: قال الجوهري: "اليمن بلاد العرب"([236]).
خامساً: وما يزيل كل شبهة وريب هنا أن الذي روي في كتاب جعفر بن محمد بن شريح، هو: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لعيبينة بن حصن، حين كان يعرض الخيل: "كذبت، إن خير الرجال أهل اليمن، والإيمان يمان وأنا يماني"([237]).
الأشعريون والإعتقادات:
قالوا: وقدم نافع بن زيد الحميري وافداً على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في نفر من حمير، فقالوا: أتيناك لنتفقه في الدين، ونسأل عن أول هذا الأمر.
قال: "كان الله ليس شيء غيره، وكان عرشه على الماء، ثم خلق القلم، فقال له: أكتب ما هو كائن، ثم خلق السماوات والأرض وما فيهن، واستوى على عرشه"([238]).
وقد كان قدوم وفد حمير في سنة تسع، ولهذا اجتمعوا مع بني تميم([239])، فيدل هذا:
أولاً: على أن الحميريين هم الذين سألوا عن أول هذا الأمر، فلا يصح قولهم: إن السؤال عن ذلك كان من الأشعريين، حتى لقد "استنبط بعضهم من سؤال الأشعريين عن هذه القصة "أن الكلام في أصول الدين، وحدوث العالم مستمر لذريتهم، حتى ظهر ذلك في أبي الحسن الأشعري"([240])
ولكن قد ذكرنا بعض الكلام المهم حول حديث كتابة القلم لما كان وما يكون إلى يوم القيامة في موضع آخر من الكتاب، فراجع (وفود نافع بن زيد الحميري).
وقلنا هناك: إن من التزم بعقيدة الجبر الإلهي إنما استند في ذلك إلى حديث القلم ونظائره.
فظهر من ذلك:
1 ـ أن ما زعمه من أن الكلام في العقائد مستمر في ذرية الأشعريين لا يصح، لأن هذا الكلام لم يثبت أنه صدر من الأشعريين.
2 ـ قد تقدم: أن الكثيرين قد سألوا عن أول هذا الأمر، وعن كثير من الأمور العقائدية، وكانوا يريدون التفقه في الدين، فراجع.
ثانياً: إن أبا الحسن الأشعري قد حاول أن يتستر على عقيدة الجبر التي أراد الجبريون تأييدها بحديث القلم ونظائره، فلجأ إلى التمويه والتعمية، فجاء بنظرية لا تسمن ولا تغني من جوع، وهي نظرية الكسب التي اقتصر دورها على كونها قد صعَّبت فهم الجبر على السذج والبسطاء من الناس.
قال ابن روزبهان: "مذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري: أن أفعال العباد الإختيارية مخلوقة لله تعالى، مكسوبة للعبد. والمراد بكسبه إياه: مقارنته لقدرته وإرادته، من غير أن يكون هناك تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلاً له"([241]).
فوجود قدرة العبد مقارنة لفعل الله وخلقه للفعل كعدمها، فهي كالحجر في جنب الإنسان. والفاعل الحقيقي للطاعات والمعاصي عند هؤلاء هو الله وحده. وليس للإنسان في ذلك أي دور.. وهذا القول باطل بلا ريب فراجع كتاب دلائل الصدق وغيره من الكتب العقائدية والكلامية.
عمرو بن الحمق قائد الأشعريين:
وقالوا: إن عمرو بن الحمق الخزاعي كان قد هاجر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بعد الحديبية([242]).
وتقدم: أنه هو الذي قاد وفد الأشعريين إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وهذا يلقي ظلالاً من الشك على الروايات الأخرى التي تجاهلت ذكر هذا الشهيد السعيد، الذي وصفه النبي "صلى الله عليه وآله" بالصلاح، وتعمدت ذكر أبي موسى الأشعري، والتنويه به، رغم أنه كان الأصغر سناً وربما شأناً في ذلك الوفد الكبير([243]).
وذنب عمرو بن الحمق الذي استحق به هذا التجاهل أمران:
أحدهما: أنه كان لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" ولياً.
والآخر: أنه كان معادياً للنهج الأموي المعادي للإسلام وأهله، ويوضح ذلك: أنه كان لعلي "عليه السلام" كما كان سلمان لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([244])، وكان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين "عليه السلام"، وكان من حوارييه وأصفيائه([245]).
وقد قال لأمير المؤمنين "عليه السلام"، في كلام له: "أولى الناس بالناس، وزوج فاطمة سيدة نساء العالمين، وأبو الذرية التي هي بقية رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأعظم سهماً في الإسلام من المهاجرين والأنصار.
والله، لو كلفتني نقل الجبال الرواسي، ونزح البحور الطوامي أبداً حتى يأتي عليّ يومي، وفي يدي سيفي أهز عدوك، وأقوي به وليك، ويعلو (ويعلي) الله به كعبك، ويفلج به حجتك، ما ظننت أني أديت من حقك كل الذي يجب لك علي".
فقال "عليه السلام": "اللهم نور قلبه، واهده إلى الصراط المستقيم، ليت أن في شيعتي مائة مثلك"([246]).
وجاء في رسالة أرسلها الإمام الحسين "عليه السلام" إلى معاوية قوله: "أولست قاتل عمرو بن الحمق صاحب رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! العبد الصالح الذي أبلته العبادة، فنحل جسمه، واصفر لونه، بعدما آمنته وأعطيته من عهود الله ومواثيقه ما لو أعطيته طائراً لنزل إليك من رأس الجبل، ثم قتلته جرأة على ربك، واستخفافاً بذلك العهد"([247]).
وكان رأسه أول رأس حمل في الإسلام([248]).
وكان معاوية قد حبس زوجة عمرو بن الحمق زماناً، فلما جيء برأس زوجها أرسله إليها فألقي في حجرها، فارتاعت([249]).
وكان معاوية قد أمر بأن يطعنوه تسع طعنات كما طعن عثمان، فَفُعِل به ذلك، فمات في الأولى منهن أو الثانية([250]).
وهو أحد الأربعة الذين دخلوا الدار على عثمان([251])، ووثب فجلس على صدره، وبه رمق فطعنه تسع طعنات، وقال: أما ثلاث منهن، فإني طعنتهن إياه لله، وأما ست فأني طعنتهن إياه لما كان في صدري عليه([252])، وصار من شيعة علي، وشهد معه مشاهده كلها([253]).
دعاء النبي ' لزبيد:
وقد زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد دعا لزبيد بالبركة، ولكنه لم يرض بالدعاء لزمع رغم إصرارهم عليه حتى راجعوه ثلاث مرات..
ونحن نشك في صحة أمثال هذه الأقاويل، فإن زبيداً لم تسلم إلا بعد قتال، وقتل وأسر، وبغض النظر عن ذلك، فإنهم كانوا كغيرهم من الناس، ولم يظهر لهم أي تميز في الإلتزام بالشرع وبالعمل على حفظ هذا الدين والدفاع عنه، فضلاً عن حمل علومه، والدعوة إليه ونشره.
فهل يصح الثناء على قوم، والدعاء لهم، من دون أن يقدموا أي شيء يبرر ذلك؟!
وأما زمع فلماذا وبماذا استحقوا هذا الجفاء، وامتناع النبي "صلى الله عليه وآله" عن الدعاء لهم بالبركة؟!
ولماذا يثير "صلى الله عليه وآله" حولهم علامات استفهام؟! وما هو المبرر لفضحهم بين الناس؟ وهم لم يعملوا شيئاً بعد.. ولماذا؟! ولماذا؟!
5 ـ وفود بني حنيفة ومسيلمة الكذاب:
وفي سنة عشر([254])، أو في سنة تسع([255])، وقيل: في سنة ست أو سبع([256])، قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفد بني حنيفة (وهي قبيلة تسكن في اليمامة بين مكة واليمن) فيهم مسيلمة بن حبيب الكذاب، وكان منزلهم في دار امرأة من الأنصار من بني النجار، هي رملة بنت الحدث بن ثعلبة بن الحارث بن زيد، زوجة معاذ بن عفراء.
فأتوا بمسيلمة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يستر بالثياب ـ تعظيماً له ـ ورسول الله "صلى الله عليه وآله" جالس مع أصحابه، في يده عسيب من سعف النخل، فلما انتهى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكلمه مسيلمة وسأله (أن يجعل له الأمر من بعده).
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لو سألتني هذا العسيب الذي في يدي ما أعطيتكه"([257]).
قال ابن إسحاق: فقال لي شيخ من أهل اليمامة من بني حنيفة أن حديثه كان على غير هذا، زعم أن وفد بني حنيفة أتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وخلَّفوا مُسيلمة في رحالهم، فلما أسلموا ذكروا له مكانه، فقالوا: يا رسول الله، إنّا قد خلفنا صاحباً لنا في رحالنا وركابنا، يحفظها لنا.
فأمر له رسول الله "صلى الله عليه وآله" بمثل ما أمر للقوم، وقال: "أما إنه ليس بشركم مكاناً"([258]). يعني حفظه ضَيْعَةَ أصحابه وهي حوائجهم وظهرهم. [وذلك الذي يريد رسول الله "صلى الله عليه وآله"].
قال: ثم انصرفوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وجاؤوا بالذي أعطاه. فلما قدموا اليمامة ارتد عدو الله، وتنبأ وقال: إني قد أشركت في الأمر معه، ألم يقل لكم حين ذكرتموني له: "أما إنه ليس بشركم مكاناً"؟ وما ذاك إلَّا لما كان يعلم أني قد أشركت في الأمر معه.
ثم جعل يسجع فيقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن. لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاقٍ وحشاً([259]).
ووضع عنهم الصلاة، وأحل لهم الخمر والزنا([260])، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه نبي، فأصفقت معه بنو حنيفة على ذلك.
قال ابن إسحاق: وقد كان كتب لرسول الله "صلى الله عليه وآله": "من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله: أما بعد فإني قد أشركت في الأمر معك، وإن لنا نصف الأمر، وليس قريش قوماً يعدلون". فقدم عليه رسوله بهذا الكتاب. فكتب إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله":
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب: سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين"([261]). وكان ذلك في آخر سنة عشر.
وعن نعيم بن مسعود قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين جاءه رسولا مسيلمة الكذاب بكتابه يقول لهما: "وأنتما تقولان بمثل ما يقول"؟
قالا: نعم.
فقال: "أما والله لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما"([262]).
عن عبد الله [بن مسعود] قال: جاء ابن النواحة، وابن أثال رسولين لمسيلمة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال لهما: "تشهدان أني رسول الله"؟
فقالا: نشهد أن مسيلمة رسول الله.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "آمنت بالله ورسوله، ولو كنت قاتلاً رسولاً لقتلتكما"([263]).
قال عبد الله [بن مسعود]: "فمضت السنّة بأن الرسل لا تقتل"([264]).
وعن أبي رجاء العطاردي قال: لما بُعث النبي "صلى الله عليه وآله" فسمعنا به لحقنا بمسيلمة الكذاب بالنار، وكنَّا نعبد الحجر في الجاهلية، فإذا وجدنا حجراً هو أحسن منه ألقينا ذلك وأخذناه، فإذا لم نجد حجراً جمعنا حثية من تراب، ثم جئنا بغنم فحلبناها عليه ثم طفنا به، وكنا إذا دخل رجب قلنا: جاء مُنَصِّل الأسنة، فلا ندع سهماً فيه حديدة ولا حديدة في رمح إلا نزعناها وألقيناها([265]).
وعن ابن عباس قال: قدم مسيلمة الكذاب على عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجعل يقول: إن جعل لي محمد الأمر من بعده تبعته، وقدمها في بشر كثير من قومه، (قال الواقدي: عدد من كان معه سبعة عشر نفساً)([266]).
فأقبل إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومعه ثابت بن قيس بن شماس، وفي يد النبي "صلى الله عليه وآله" قطعة جريد حتى وقف على مسيلمة في أصحابه، فقال: "لو سألتني هذه القطعة ما أعطيتكها، ولن تعدو أمر الله فيك. ولئن أدبرت ليعقرنك الله، وإني لأراك الذي أُريت فيه ما رأيت، وهذا ثابت بن قيس يجيبك عني"([267]). ثم انصرف عنه.
قال ابن عباس: فسألت عن قول النبي "صلى الله عليه وآله": "إنك أرى الذي أُريت فيك ما رأيت"، فأخبرني أبو هريرة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "بينا أنا نائم رأيت في يدي سوارين من ذهب، فأهمني شأنهما، فأوحي إلي في المنام: أن انفخهما فطارا، فأولتهما: كذابين يخرجان من بعدي، أحدهما: العنسي صاحب صنعاء، والآخر: مسيلمة صاحب اليمامة"([268]).
ومن حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "بينا أنا نائم أتيت بخزائن الأرض، فوضع في كفي سواران من ذهب، فكبرا عليّ، فأوحي إلي أن أنفخهما فنفختهما فذهبا، فأولتهما الكذابين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء، وصاحب اليمامة([269]).
وصاحب صنعاء هو الأسود العنسي وهو عيهلة صاحب صنعاء، وقتله فيروز الديلمي في مرض موت النبي "صلى الله عليه وآله"، قبل وفاته "صلى الله عليه وآله" بيوم وليلة، فأتاه الوحي، فأخبر أصحابه بذلك.
وأما مسيلمة فقد ادَّعى النبوة في حياة النبي "صلى الله عليه وآله"، وشهد له الرحال الحنفي زوراً بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد شرَّكه معه في النبوة.
وكان النبي "صلى الله عليه وآله" قد رأى الرحال مع فرات بن حيان وأبي هريرة، فقال "صلى الله عليه وآله": "ضرس أحدكم في النار مثل أحد". فما زالا خائفين حتى ارتد الرحال، وآمن بمسيلمة، وشهد له زوراً كما أسلفنا.
ثم أرسل أبو بكر جيشاً إلى مسيلمة فقتل هو وجميع أصحابه([270]).
هل رأى مسيلمة رسول الله ':
قال الزرقاني: إن قلت: كيف يلتئم خبر ابن إسحاق في كون مسيلمة لم يجتمع بالنبي "صلى الله عليه وآله" بل بقي في الرحال، مع الحديث الذي يقول: بأنه اجتمع به، وقد قال له "صلى الله عليه وآله": بأنه لو سأله السعفة التي في يده ما أعطاه إياها؟!
فالجواب: أن الأخذ بالرواية الثانية أولى لصحة سندها، وقد وردت في صحيح البخاري. أما خبر ابن إسحاق فضعيف منقطع.
ويمكن الجمع بينهما بأن من المحتمل أن يكون قدم مرتين: إحداهما كان فيها تابعاً، والأخرى كان فيها رئيساً متبوعاً..
ويرد على هذا الجمع: أن أمر مسيلمة كان أكبر من ان يكون تابعاً، فقد كان يقال له منذ الجاهلية: رحمان اليمامة.
ويمكن أن يقال: إن إقامته في رحله كانت أنفة منه واستكباراً من أن يكون هو الساعي إلى النبي "صلى الله عليه وآله"([271]).
ونقول:
لعل الأولى أن يقال: إنه لم يلق النبي "صلى الله عليه وآله" في بادئ الأمر، ثم لقيه بعد ذلك كما سنوضحه عن قريب إن شاء الله.
تعظيم مسيلمة خرافة:
ادعت الروايات المتقدمة: أن مسيلمة جاء مع وفد بني حنيفة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان يستر بالثياب تعظيماً له، وأنهم خلفوه في رحالهم (وزعم بعضهم: أنه استكبر عن السعي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله").
ونحن لا نستطيع أن نؤكد صحة هذا الزعم:
فأولاً: إن من يكون بهذه المكانة في قومه فالمتوقع هو أن يكتفي هو بإرسال الوفود، ولا يفد هو بنفسه.
ثانياً: لو كان بهذه المثابة، فإنهم لا يخلِّفونه في رحالهم ليحفظها لهم، حسبما تقدم التصريح به..
ثالثاً: ما زعمه البعض من أنه تخلف في رحالهم، استكباراً عن السعي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. لا يمكن قبوله، إذ لماذا لم يستكبر عن السعي من اليمامة (وهي بين مكة واليمن) إلى المدينة، ثم يستكبر عن هذه الخطوات اليسيرة من موضع نزوله في المدينة إلى مسجدها؟!
النبي ' يفضح نوايا مسيلمة:
والذي نظنه هو أنه تخلف في بادئ الأمر عن الذهاب معهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله" لكي يتحاشى أن يكشف النبي "صلى الله عليه وآله" أمره، بما أعطاه الله من علم الغيب، لكي يتمكن بعد ذلك من أن يتدبر الأمر مع الرحال الحنفي، ليشهد له زوراً أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أشركه معه في النبوة([272]).
من أجل ذلك نقول:
إنه "صلى الله عليه وآله" قد ضيع الفرصة على مسيلمة، حيث إنه حينما أخبروه بأن أحدهم قد بقي في الرحال أمر له من العطاء بمثل ما أمر لهم.. وقال: "أما إنه ليس بشركم مكاناً".
أي أن وجوده في الرحال لا يجعله في موضع يوجب حرمانه من العطاء، ليكون وجودهم مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" امتيازاً لهم يخولهم أخذ العطاء دونه، فإن استحقاق العطاء وعدمه له موازين أخرى غير هذا، إذ هو يرتبط بالمعطي الذي يريد أن يعم عدله وفضله الجميع، ويريد أيضاً أن يشجع الناس على الثبات على طريق الحق، ونبذ كل ما هو انحراف وشر، وتكون له الحجة عليهم، ولا يكون لأحد أية حجة عليه..
كما أنه يرتبط فيما يظهره الآخذ من مواقف، وما ينتهجه من سلوك يبرر إعطاءه، ولو في خصوص تلك البرهة التي نال فيها من العطاء ما نال.
أما بعد تلك البرهة، فإن الإنسان الذي استفاد من عطاء النبوة، ورأى من خلقها الرفيع ما رأى، وعرف من سيرتها ومبادئها، وشرائعها ما قامت به الحجة عليه، هو الذي يكون مسؤولاً عما يصدر منه في ضوء هذا كله.
فاتضح أن كلمة النبي "صلى الله عليه وآله" عن مسيلمة: "ليس بشركم مكاناً" قد جاءت في السياق الصحيح والمؤثر، الذي يعطي الضابطة الحاسمة والدقيقة في موضوع القيم، وفي الأخلاق، ليصبح سبيلاً لإقامة الحجة، وسطوع البرهان على الحق لمن أراد أن يستنير بنور الحق.
فما زعمه مسيلمة بعد رجوعه إلى اليمامة من أنه إشرك في النبوة معه استناداً إلى قوله "صلى الله عليه وآله" عنه: "ليس بشركم مكاناً" مما لا ريب في بطلانه، فإن قول القائل: فلان ليس بشركم مكاناً يغني: أنه مساو لكم، وقد أراد "صلى الله عليه وآله" أنكم لا تمتازون عنه في موضوع العطاء.
وليس معناه: أنه شريك في النبوة أو في غيرها، ولا يشير إلى شيء من ذلك من قريب، ولا من بعيد.
مسيلمة يريد ولاية الأمر بعد النبي ':
ولا نريد أن ننأى بأنفسنا عن قبول الرواية التي تقول: إنهم جاؤوا بمسيلمة إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وهو يستر بالثياب، فسأله أن يجعل له الأمر من بعده، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": "لو سألتني هذا العسيب الذي في يدي ما أعطيتكه".
وهذا أقوى تصريح من شأنه أن يحصن الناس من خداع مسيلمة، فإنه بهذه الكلمة قد نفى إشراكه في النبوة، ونفى أهلية مسيلمة لأدنى شيء يمكن أن يخطر على قلب بشر، فإنه إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" المتصل بالغيب الإلهي، وأحلم الناس، وأكرمهم، وأرحمهم، وأحسنهم أخلاقاً، واكثرهم رفقاً بالناس، ومراعاةً لمشاعرهم ـ إذا كان ـ يجبه مسيلمة بهذه الحقيقة، فذلك يعني أن مسيلمة كان يستحق هذه الإهانة حين صدورها من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه كان ينطوي على أمر عظيم، لا بد من فضحه فيه ويجب على النبي "صلى الله عليه وآله" أن يعريه أمام الناس، ويكشف عن حقيقته، ويبين قيمته لكل أحد.
بل إن النبي "صلى الله عليه وآله" ليس فقط لا يراه أهلاً للعسيب، بل هو يرى أنه لا يجوز حتى أن يعطى ذلك العسيب، رغم أن
أن الكريم قد يعطي من لا يستحق أيضاً..
وهذا يكشف لنا عن خبث عظيم يجعل من إعطاء العسيب له ولو تفضلاً وكرماً جريمة عظيمة، لا يمكن أن تصدر عن النبي "صلى الله عليه وآله".
مسيلمة يستثير الغرائز والأهواء:
وقد سار مسيلمة "لعنه الله" في خططه التفصيلية في ثلاثة اتجاهات:
الأول: تأييد دعواه بأكاذيب ينسبها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وشهادات يزورها عليه، وبذلك يكون قد حفظ لنفسه العنصر الغيبي الذي يخضع له الناس بصورة تلقائية.. فاستمر يشهد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بالنبوة، ويزعم أنه "صلى الله عليه وآله" قد أشركه معه فيها، واستشهد على ذلك الرحال الحنفي كما تقدم..
ولم يأبه لتكذيب النبي "صلى الله عليه وآله" وجميع المسلمين لمزاعمه هذه.. ثم كتب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بأنه أشرك في الأمر معه، وليس قريش قوم يعدلون.. وقد تقدم ذلك..
الثاني: إنه خاطب غرائز الناس، واستثار شهواتهم، وأرضى ميولهم حين وضع عنهم الصلاة، التي يراها أهل الدنيا عبئاً ثقيلاً، يودون التخلص منه، ثم هو قد أباح لهم الزنا وشرب الخمر، وذلك يرضي غرائزهم، ويتناغم مع شهواتهم وأهوائهم التي تريد التفلت من كل قيد في مثل هذه المجالات..
الثالث: إنه استفاد من بعض الألاعيب التي كان الناس يجهلون رمزها وسرها، لكي يوهمهم بأنه قادر على اجتراح المعجزات، مثل وضعه البيضة في الكلس مدة حتى تلين، ويسهل التصرف فيها، ثم يدخلها في زجاجة ويتركها لتعود إلى حالتها الأولى، ثم يريهم إياها، فيثير ذلك عجبهم، فإن عنق الزجاجة ضيق، ولا يمكن أن تمر فيه البيضة من دون أن تنكسر.. فيتأكد لديهم الشعور بأن لديه قدرات خارقة، ويتوهمون أن ذلك من دلائل صحة ما يدعيه..
مفارقة مثيرة:
وإننا في حين نرى مسيلمة يقر للنبي "صلى الله عليه وآله" بالنبوة، ويدَّعي لنفسه الشراكة معه، ويكتب له: ان الأمر بينه وبينه، ولكن قريشاً قوم لا يعدلون..
نرى أن رسولَيْ مسيلمة اللذين جاءا إليه ـ على الظاهر ـ بنفس هذا الكتاب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرضيا بالإقرار والشهادة بالنبوة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"..
الأرض لله يورثها من يشاء:
وعن جواب النبي "صلى الله عليه وآله" على رسالة مسيلمة نقول:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد سلّم على من اتبع الهدى.. ولا ريب في أن مسيلمة الكذاب لم يكن من هؤلاء، ولكن ليس من حق أحد أن يمنعه من اتخاذ قرار العودة إلى سلوك طريق الهداية.
وانطلاقاً من مسؤولية النبوة في فتح أبواب الهداية أمام جميع البشر، جاء التلويح حتى لمسيلمة الكذاب بأن باب الهداية مفتوح أمامه، فما عليه إلا أن يلجه، كي يشمله الله بسلامه الغامر وبنور الهداية الباهر..
2 ـ هناك نص يقول: إن مسيلمة كتب إلى النبي "صلى الله عليه وآله": "إن لنا نصف الأمر".
ونص آخر يقول: "إنه كتب إليه أن الأرض لي ولك نصفان"، وجواب النبي "صلى الله عليه وآله" يشير إلى صحة النص الثاني دون الأول.
3 ـ نلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يقل لمسيلمة: بل الأرض لي، وأنت ليس لك شيء، بل أرجع الأمر إلى من يكون البشر جميعاً سواسية أمام عظمته، وفي قبضته، وفي ملكه، ولا فرق في ذلك بين نبي وغيره، ولا بين مطيع وعاص، ولا بين كبير وصغير، ولا بين ملكٍ أو سوقه، قوي وضعيف. ولم يكن بإمكان مسيلمة أن ينكر أو حتى أن يناقش في هذا الأمر.
4 ـ وإذا بلغ الأمر هذا الحد، فالنتيجة الطبيعية لذلك هي: أن يكون الأمر يرجع إلى المالك الحقيقي، فهو الذي يجعل ذلك لمن يشاء من عباده، فليس لأحد أن يفتئت عليه في ذلك، لا في الأرض كلها، ولا في نصفها، ولا في أي شيء منها، وهذا هو المقصود بقوله: يورثها من يشاء من عباده..
5 ـ وإذا كان ذلك كله يظهر تعدي مسيلمة على العزة الإلهية، والتصرف بما لا يحق له التصرف فيه، فذلك يعني أمرين:
أحدهما: أنه كاذب فيما يدَّعيه من نبوة، فإن من يجترئ على الله سبحانه لا يصلح لشيء مهما كان تافهاً، فضلاً عن أن يصلح لمقام النبوة الأسمى..
الثاني: أن ابتعاده عن خط التقوى يحرمه من أن يمنحه الله شيئاً من الأرض.. وهذا ما أشار إليه قوله "صلى الله عليه وآله": والعاقبة للمتقين..
تهديد الرسولين:
إن تهديد النبي "صلى الله عليه وآله" لرسولي مسيلمة لمجرد قولهما إنهما يقولان بمثل ما يقول مسيلمة، يشير إلى أنهما كانا قد أسلما ثم ارتدا، فاستحقا هذا الوعيد والتهديد، إذ لا يمكن أن نتصوره "صلى الله عليه وآله" يواجههما بهذه الحدة والشدة قبل أن يقيم الحجة عليهما، ثم من دون أن تظهر عليهما بعدها أمارات التحدي والمحاربة.
مع العلم بأنه "صلى الله عليه وآله" كان قد استقبل الكثيرين من الرسل، ولم نجده سألهم عما يشبه ذلك في موضوع الإيمان والكفر، فضلاً عن أن يكون قد واجههم بمثل هذه الشدة.
وبذلك يتبلور لدينا شك في صحة الرواية التي تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لرسولي مسيلمة: "لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما"، فقد يكون ذلك غير دقيق، أو غير صحيح..
منام رسول الله ':
ونحن نشك أيضاً في صحة زعمهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" رأى في منامه أنه وُضِع في كفيه سواران من ذهب الخ..
فأولاً: لماذا يكون مسيلمة والعنسي بمثابة سوارين من ذهب؟! وما معنى وضعهما في يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! وما معنى نفخه لهما؟!
ثانياً: إن مسيلمة والأسود العنسي قد ادَّعيا ما ادَّعياه في حياة النبي وليس بعد وفاته "صلى الله عليه وآله".. كما ورد في الرواية الأولى، وإن أخذنا بالرواية الثانية فقد صرح "صلى الله عليه وآله" بأنه بينهما، وهذا معناه: أنهما خرجا قبل وفاته، مع أن الروايتين معاً قد رويتا عن أبي هريرة!!
إلَّا أن يكون المقصود هو: أنهما يعلنان الحرب بعد وفاته "صلى الله عليه وآله".. وهو مجرد احتمال لا شاهد له، ولا دليل عليه.
ثالثاً: إذا كانت اليمامة بين مكة واليمن، وكانت صنعاء أيضاً في قلب اليمن، فما معنى قوله "صلى الله عليه وآله": "الكذابين اللذين أنا بينهما"، فإن معنى كونه بينهما هو أن يكون أحدهما إلى جهة اليمن، والآخر إلى جهة الشام، لا أن يكونا معاً في جهة واحدة..
إلا أن يقال: ليس المراد البينيّة المكانية، بل المقصود بينيّة مقامه ومحله "صلى الله عليه وآله"، فهو نبي حقيقي مبعوث من الله، بين متنبئين كذّابين مفتريين عليه، فلاحظ.
رابعاً: إن الأسود العنسي ـ وهو عيهلة ـ قد قتل في مرض موت النبي "صلى الله عليه وآله"، وقتله فيروز الديلمي قبل وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" بيوم، أو يومين، فأتاه الوحي بذلك، فأخبر أصحابه([273]). أما مسيلمة فقتل في زمن أبي بكر، فما هو الجامع بين الرجلين في هذا المنام المزعوم؟!
وأما ما رواه الطبراني عن فيروز الديلمي من أنه قال: "أتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" برأس أسود العنسي"([274])، فنقول فيه:
1 ـ إن سائر الروايات تتناقض معه، وتقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أخبر بموت الأسود ومات قبل أن يصل إليه من يخبره بذلك، ولم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" يرضى بحمل رأس أحد إليه كما هو واضح. بل ذكر الذهبي: أنه "وفد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" برأس الأسود فيما بلغنا فوجده توفي"([275]).
2 ـ قال ابن حجر في الإصابة: "وهذا تفرد به ضمرة، فإن رأس الأسود لم يحمل إلى النبي "صلى الله عليه وآله".."([276]).
ضرس أحدكم في النار مثل أحد:
وقد ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" رأى الرحال الذي شهد لمسيلمة الكذاب بالنبوة مع أبي هريرة، وفرات بن حيان، فقال: "ضرس أحدكم في النار مثل أحد"، فكان أبو هريرة وفرات بن حيان خائفين..
فارتد الرحال، وآمن بمسيلمة وقتل معه، فعرفوا أنه هو المقصود من بين الثلاثة([277]). وسجدا لله شكراً([278])..
ونقول:
أولاً: إن الكلام الأخير يدل على أنهم يفترضون أنه "صلى الله عليه وآله" يتحدث عن شخص واحد من الثلاثة، وهو الرحَّال.. وهذا ليس صحيحاً، فإن الحديث يدل على أن الأشخاص الثلاثة جميعاً من أهل النار، كما هذا هو مفاد سياق الكلام، فإذا قيل: رأيت جماعة من بلد كذا يأكل أحدهم خروفاً، أو قيل: رأيت جماعة قلب أحدهم أقسى من الصخر، أو يفيض طهراً وحناناً، أو وجه أحدهم أقبح من وجه القرد، أو أضوأ من القمر، فإن معناه: أن جميعهم كذلك.. وقد قال تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ}([279]). والمقصود: أنهم جميعاً كانوا كذلك.
ومثله قوله تعالى: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ}([280]).
وقوله تعالى: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلاً ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ}([281]).
فإن المقصود بهذه التعابير هو: الجماعة كلها، فرداً فرداً..
ثانياً: إن حرمة المؤمن عظيمة عند الله، ولا يمكن التفريط فيها خصوصاً من قبل نبي الله "صلى الله عليه وآله" فلو كان مقصوده "صلى الله عليه وآله" واحداً من الثلاثة، وهو الرحال، فلا يصح ولا يجوز أن يتكلم بكلام يلقي فيه الشبهة على غيره من الأبرياء، ويضعهم في قفص الإتهام مع علمه ببرائتهم.. لأن إلقاء الكلام بهذا النحو يسقط الثلاثة عن درجة الإعتبار، ويدفع الناس إلى الحذر منهم وإلى إقصائهم عن أي شأن من الشؤون، فلا يصلي أحد خلفهم جماعة، ولا يقبل أحد شهادتهم و.. و.. الخ.. فلماذا لا يحدد النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك الرجل المقصود بصورة مباشرة، إن كان هناك ضرورة لتحديده؟!
إلا أن يفترض: أن الله تعالى قد أمره بأن يثير الشبهات، ويسقط محل هؤلاء الثلاثة جميعهم، فلا بد أن يكونوا قد فعلوا ما يستحقون به ذلك.
وإذا كان هذا القول سوف يشيع بين الناس، فلا بد لدفع الشبهة عن المتضررين من إبلاغ النتيجة النهائية لكل من بلغه القول الأول.. وهذا ما لم يحصل، بل لعله كان متعذراً بالنسبة لبعض الموارد.
ولعلك تقول: لعله "صلى الله عليه وآله" قد عيّن شخص الرجل المقصود بقرينة حالية لم تصل إلينا، أو لعل أبا هريرة وفرات بن حيان أيضاً لم يلتفتا إليها..
ونجيب: إن ذلك غير معقول:
إذ لو كان ثمة قرينة لما خفيت على أبي هريرة وفرات، فإن المتكلم لا يعتمد على القرينة الحالية إلا حين يطمئن إلى أن المخاطَب ملتفت إليها، لأنها تكون جزءاً من وسيلة خطابه له.. فإذا أعلن المقصود بالخطاب أنه لا يجد أمامه سوى الخطاب اللفظي، فليس لنا نحن أن نتوقع العثور على قرينة، أو أن نحتمل وجودها إلى حد إسقاط ظهور الخطاب اللفظي عن صلاحية الدلالة.
ولعلك تقول أيضاً: إن المراد قد اتضح بعد ارتداد الرحال وقتله مع مسيلمة.. وهذا يكفي في دفع غائلة الإبهام المشار إليه.
ونجيب: بأن ظهور أمر الرحال قد تأخر مدة طويلة، كان فيها أبو هريرة، وكذلك فرات محرومين من حقوقهما، مشكوكاً في أمرهما. فلماذا فعل بهما النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك؟! فإن كان "صلى الله عليه وآله" قد اعتمد على هذه القرينة الخارجية، فهي قرينة منفصلة، تؤدي إلى تأخير البيان عدة سنوات عن وقت الحاجة، وهذا غير مقبول، ولا سيما إذا كان يلحق الضرر بالأبرياء إلى حد الإسقاط..
ورابعاً: إن هؤلاء يفترضون: أن أمر فرات بن حيان، وأبي هريرة محسوم فيما يرتبط بصحة إيمانهما، مع أن ذلك يصطدم بأمرين:
أحدهما: أن أمر فرات مشكوك، بملاحظة: أنه كان قد هجا النبي "صلى الله عليه وآله" وكان عيناً لأبي سفيان، فأمر "صلى الله عليه وآله" بقتله، فأسلم حقناً لدمه، فأخبروا النبي "صلى الله عليه وآله" أنه يقول: إنه مسلم، فقال "صلى الله عليه وآله": إن فيكم رجالاً نكلهم إلى إيمانهم، منهم فرات بن حيان. وحسب نص ابن عقدة على ما في الإصابة: إن منكم من أَتألفهم على الإسلام، وأكله إلى إيمانه، منهم فرات بن حيان([282]).
الثاني: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد جعل أبا هريرة في دائرة الخطر مرة أخرى، حيث قال له ولسمرة بن جندب، وأبي محذورة الجمحي: "آخركم موتاً في النار"([283]).
فزعموا: أن سمرة بن جندب سقط في قدر مملوء ماءً حاراً فمات، فكان ذلك تصديقاً لقول رسول الله "صلى الله عليه وآله"([284]).
غير أننا نقول:
أولاً: قال ابن جرير: "فما مات سمرة حتى أخذه الزمهرير، فمات شر ميتة"([285]).
فأين الزمهرير من النار، ومن الماء الحار؟!
فلا يصح قولهم: إنه مات في قدر حار. فضلاً عن أن يكون آخر الثلاثة موتاً.
ثانياً: إن الموت في الماء الحار شيء، والموت في النار شيء آخر، فإن الماء الحار ليس ناراً.
ثالثاً: لو كان المقصود هو: موته بواسطة النار، أو الماء الذي يغلي بها، لكان عليه أن يقول: آخركم موتاً بالنار. أي بواسطتها، أما قوله: في النار، فيدل على أنه سوف يدخل النار، ويكون من أهلها.
رابعاً: إن هذا النص يبين أن هؤلاء الثلاثة جميعاً هم من أهل النار، إذ لو لم يكن الأمر كذلك، لم يصح وضع الأبرياء في موضع الشبهة طيلة حياتهم إلى حين موتهم كما يعلم بمراجعة حالهم في كتب التراجم، بل هي لم تفارقهم إلى يومهم هذا، لأن الأقوال في آخرهم موتاً متناقضة، لا يمكن حسم الأمر فيها بأي وجه..
خامساً: إن حال هؤلاء الثلاثة كانت في غاية السوء من حيث ممارستهم، وارتكابهم ما لا يجوز ارتكابه، ولا سيما إسهامهم في وضع الحديث على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وشهاداتهم على إمامهم بالزور والبهتان، فراجع تراجمهم في قاموس الرجال، وفي كتاب أبي هريرة للسيد عبد الحسين شرف الدين "رحمه الله" وغير ذلك.
الفصل الثامن:
وفود بلا تاريخ، قليلة التفاصيل
وفد أحمس:
قال ابن سعد: قدم قيس بن غَرْبَة([286]) الأحمسي في مائتين وخمسين رجلاً من أحمس، فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من أنتم"؟!
فقالوا: نحن أحمس الله. وكان يقال لهم ذلك في الجاهلية.
فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وأنتم اليوم لله".
وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لبلال: "أعط ركب بجيلة، وابدأ بالأحمسيين". ففعل.
وعن طارق بن شهاب قال: قدم وفد بجيلة على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اكتبوا البجليين، وابدأوا بالأحمسيين".
فتخلف رجل من قيس، قال: حتى أنظر ما يقول لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال: فدعا لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسمى مرات: " اللهم جد عليهم، اللهم بارك فيهم".
وفي رواية: قدم وفد أحمس، ووفد قيس، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ابدأوا بالأحمسيين قبل القيسيين".
ثم دعا لأحمس، فقال: "اللهم بارك في أحمس، وخيلها، ورجالها" سبع مرات([287]).
ونقول:
إن لنا ها هنا بعض البيانات نعرضها فيما يلي:
أنتم اليوم لله:
قد ظهر: أن الأحمسيين حين عرَّفوا أنفسهم لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، كانوا يريدون إظهار ما يعتبرونه امتيازاً لهم، مستفيدين من التعبير الذي كان يطلق عليهم في الجاهلية، فقالوا: نحن أحمس الله. أي أشداء الله تبارك وتعالى.
ولكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم ينكر عليهم ذلك صراحة، ما دام أنهم ينسبون أنفسهم لله تبارك وتعالى، ولكنه أدخل تصحيحاً على المفهوم الذي أطلقوه، من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويفرض حالة من التوازن، والواقعية، والدقة حين قال لهم: "وأنتم اليوم لله.."، فأفهمهم أن عليهم أن يبتعدوا عن الإفراط والشطط فيما يدَّعونه لأنفسهم، فهم أحمس لله. أي أشداء في سبيل الله سبحانه، لا أنهم أشداء الله، وهذا هو الأنسب بمقام العبودية، والأقرب للطاعة والإنقياد.
إبدأوا بالأحمسيين:
ثم إن من يراجع حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلا بد أن يقطع بأنه "صلى الله عليه وآله" لم يميز فريقاً على فريق، إلا إذا ميزته التقوى، والعمل الصالح..
ولم نجد للأحمسيين هذا التميز عن غيرهم من البجليين والقيسيين في هذا أو ذاك. فلماذا يكون هذا التفضيل لهم على بجيلة أولاً، وعلى القيسيين ثانياً؟!
ألا يثير ذلك حساسيات سلبية لا مبرر لإثارتها لدى قيس وبجيلة تجاه أحمس؟!
ولماذا لم يبادر القيسيون والبجليون إلى الإعتراض، أو إلى الإستفهام عن سبب تقديم الأحمسيين عليهم على أقل تقدير؟!
الحماس في الدعاء لأحمس:
ثم إننا لم نستطع أن نعرف سبب تخصيص أحمس بالدعاء بالبركة فيها، وفي خيلها، ورجالها!! ولماذا كرر دعاءه هذا لها سبع مرات؟!
فهل كانت خيل أحمس موصوفة ومعروفة، ومتميزة في ساحات القتال؟!
وفي أية معركة ظهر لها هذا التميز والتفرد دون قيس وبجيلة؟!
وهكذا يقال بالنسبة لرجال أحمس، حيث لابد من السؤال عن مواقفهم المشهورة، التي أظهروا فيها تفوقهم على القيسيين وعلى إخوانهم من البجليين في ساحات الجهاد!!
وفود قيس بن غَرْبَة:
إن الرواية المتقدمة تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" سأل الوفد الذي قدم مع قيس بن غربة: من أنتم؟!
فأخبروه أنهم أحمس الله..
وهذا يشير إلى: أن هذه كانت أول مرة يفدون فيها إليه "صلى الله عليه وآله".. ولذلك سألهم أن يعرِّفوا له أنفسهم، ولو أنه كان قد رآهم قبل ذلك، أو رأى زعيمهم قيس بن غربة لعرفه وعرَّفه، أو لخصه هو بالسؤال عن سبب مجيئه، وعن هوية الذين جاؤوا معه..
مع أن ثمة نصاً آخر يقول: إن قيس بن غربة كان قد قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأمر منه "صلى الله عليه وآله" قبل ذلك،
قال الراوندي: "روي أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب إلى قيس بن عَرْنَة (غَرْبَة) البجلي يأمره بالقدوم عليه، فأقبل ومعه خويلد بن الحارث الكلبي، حتى إذا دنا من المدينة هاب الرجل أن يدخل..
فقال له قيس: أما إذا أبيت أن تدخل، فكن في هذا الجبل حتى آتيه، فإن رأيت الذي تحب أدعوك، فاتبعني، فأقام. ومضى قيس حتى إذا دخل على النبي "صلى الله عليه وآله" المسجد، فقال: يا محمد، أنا آمن؟!
قال: نعم، وصاحبك الذي تخلف في الجبل الخ.."([288]).
إختلاف الروايات:
ثم إن ملاحظة الروايات تعطي: أن ثمة اختلافاً فيما بينها، في عدد ذلك الوفد، فرواية ابن سعد المتقدمة، تقول: إن قيس بن غربة وفد في ماءتين وخمسين رجلاً من أحمس..
وفي نص آخر: وفد إليه في خمس مائة من أحمس، وقدم جرير بن عبدالله البجلي في ماءتين من قيس، والحجاج بن ذي الأعنق الأحمسي في رهطه([289]).
فأي ذلك هو الصحيح؟!
على أننا لا نجد ما يدعو لإيفاد هذا العدد الهائل من الناس.. خمس مائة يضاف إليها مئتان من قيس، ثم يضاف إلى هؤلاء وأولئك رهط الحجاج بن ذي الأعنق الأحمسي..
ولا ندري إن كان الأحمسيون كلهم يبلغون هذه الأعداد الكبيرة!! بل إذا كان وفدهم يصل إلى هذا العدد، فلابد أن يكون من بقي منهم في بلادهم، ليحمي البلاد والعباد، ويدفع الغارات عن المال والعرض، ويحفظ النساء والصبيان أضعاف أضعاف هذا العدد!
غزو خثعم بالأحمسيين:
وقد أضافت بعض الروايات: أن نفس وفد الأحمسيين، وقيس قد "تنادوا عند النبي "صلى الله عليه وآله"، فبعث معهم ثلاث مائة من الأنصار، وغيرهم من العرب، فأوقعوا بخثعم باليمن"([290]).
ونحن وإن كنا لم نستطع أن نفهم المراد من تناديهم في محضر رسول الله "صلى الله عليه وآله" فإننا لم نستطع أيضاً أن نؤكد صحة ادِّعاء إرسالهم في سرية إلى خثعم، فإن سرية بهذا المستوى، وبهذه الكثرة، وقد وصلت إلى اليمن، وأوقعت بقبيلة مثل خثعم، لا يمكن أن تخفى أخبارها عن الرواة والمؤرخين، إلى حد أنهم لم يتمكنوا من التصريح حتى باسم أمير تلك السرية، ولا ذكروا لنا شيئاً عن تفاصيل ما جرى لها ومنها!! ولم نعرف إن كانت قد جاءت بأسرى وسبايا وغنائم!! أم لم تحصل على شيء من ذلك!!..
كما أننا لا نعرف شيئاً عن عدد القتلى من خثعم، ولا ذكر أحد لنا اسم أحد من المقتولين من هذه القبيلة!!.
وفود غافق:
وقالوا: وفد جليحة بن شجار بن صحار الغافقي على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في رجال من قومه، فقالوا: يا رسول الله نحن الكواهل من قومنا، وقد أسلمنا وصدقاتنا محبوسة بأفنيتنا.
فقال: "لكم ما للمسلمين، وعليكم ما عليهم".
فقال عوذ بن سرير الغافقي: آمنا بالله واتبعنا رسوله([291]).
وفود حضرموت:
قالوا: وقدم وفد حضرموت مع وفد كندة على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم بنو وليعة ملوك حضرموت: جَمَد، ومِخْوَس، ومِشْرَح، وأَبْضَعة، فأسلموا.
وقال مِخْوَس: يا رسول الله، ادع الله أن يذهب عني هذه الرتَّة من لساني.
فدعا له، وأطعمه طُعمة من صدقة حضرموت([292]).
وعن أبي عبيدة من ولد عمار بن ياسر قال: وفد مِخْوَس بن معدي كرب بن وليعة فيمن معه على النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم خرجوا من عنده، فأصابت مِخْوَس اللقوة، فرجع منهم نفر، فقالوا: يا رسول الله، سيد العرب ضربته اللقوة، فادللنا على دوائه.
فقال: "خذوا مخيطاً، فاحموه في النار، ثم اقلبوا شفر عينه، ففيها شفاؤه، وإليها مصيره، فالله أعلم ما قلتم حين خرجتم من عندي". فصنعوا به فبرأ([293]).
عن عمرو بن مهاجر الكندي قال: كانت امرأة من حضرموت، ثم من تنعة يقال لها: تهناة بنت كُلَيْب صنعت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" كسوة، ثم دعت ابنها كليب بن أسد بن كليب. فقالت: انطلق بهذه الكسوة إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فأتاه بها وأسلم، فدعا له، وقال كليب حين أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله":
من وشز برهوت يهوي بي عذافرة إليـك يا خـير مـن يحـفى وينتعـل
تجـوب بي صفصفـاً غـبراً مناهله تـزداد عـفـواً إذا مـا كـلـت الإبل
شهـريـن أعملها نصاً على وجل أرجـو بـذاك ثـواب الله يـا رجـل
أنـت الـنـبـي الـذي كنـا نخبره وبشـرتـنـا بـه التـوارة والـرسل([294])
معنى النبوة في وجدان الناس:
تقدم: أن أحد ملوك حضرموت يطلب منه "صلى الله عليه وآله" أن يدعو الله له ليذهب الرتَّة من لسانه، كما أنه حين ضربته اللقوة رجع منهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفر فطلبوا منه أن يدلهم على دوائه.. وهذا معناه: أن المرتكز في نفوس الناس هو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن مجرد سياسي حاكم أو معلِّم ومبلِّغ للشريعة، أو قاضٍ، أو قائد، أو مصلح اجتماعي. بل هو أيضاً بنظرهم طبيب عالم بالدواء ويدلهم عليه، وهو أيضاً حلال مشكلاتهم، وشافعهم عند الله، وهو الذي يأتيهم الغيث بدعائه، وهو الذي يطلب من الله أن يزيل الرتَّة من لسان من ابتلي بها، إلى غير ذلك مما يجده المتتبع لما جرى بينه "صلى الله عليه وآله" وبين من وفد عليه من القبائل المختلفة، والبلاد المتباعدة..
وهذا الأمر يدلنا على أن هذا الفهم لمعنى النبوة هو أمر استقر في نفوسهم، وفي وجدانهم بصورة عفوية، ولم يستفده الناس من تعليم معلم، ولا من تصريح صادر عن نبي أو وصي..
ويلاحظ أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يستجيب لهم، ولم يقل لأحد منهم ولو مرة واحدة: إن ذلك لا يدخل في صلاحياتي، أو لم تصل إليه معرفتي، أو ليس من اختصاصي.
البشائر بالرسول:
وقد أظهر الشعر الذي قاله كُليب: أن بشائر اليهود بالنبي "صلى الله عليه وآله" وما بلغ الناس عن الأنبياء من تأكيد على ظهوره "صلى الله عليه وآله" قد أسهم في حسم الأمور لدى الكثيرين، فآمنوا به "صلى الله عليه وآله"، وكان لهم بذلك الفوز العظيم.
وفادة الحكم بن حزن الكلفي:
عن الحكم بن حزن قال: قدمنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" سابع سبعة، أو تاسع تسعة، فأذن لنا فدخلنا، فقلنا: يا رسول الله، أتيناك لتدعو لنا بخير، فدعا لنا بخير، وأمر بنا فأنزلنا، وأمر لنا بشيء من تمر، والشأن إذ ذاك دون.
فلبثنا أياماً، فشهدنا بها الجمعة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقام متوكئاً على قوس أو عصاً، فحمد الله وأثنى عليه كلمات خفيفات، طيبات مباركات، ثم قال: "يا أيها الناس، إنكم لن تطيقوا أن تفعلوا كل ما أمرتم به، ولكن سددوا وأبشروا([295]).
ونقول:
1 ـ إن قوله: أو تاسع تسعة لعله ليس من كلام الحكم بن حزم، بل هو من كلام الراوي عن الكتاب، إذ إنه كثيراً ما يشتبه الأمر على القارئ في هذا المورد لتقارب الرسم بين كلمتي سبع، وتسع، مع ملاحظة: أن النقط للحروف لم يكن شائعاً آنئذٍ.
2 ـ ويلاحظ أيضاً: أن الناس كانوا يقصدون النبي "صلى الله عليه وآله" لمجرد طلب الدعاء منه لهم.
وهذا يشير إلى: أن له موقعاً خاصاً في نفوسهم وقلوبهم، وأن الأمر لدى الكثيرين قد تجاوز موضوع القناعة، وإظهار الإعتقاد، لتصبح علاقتهم برسول الله "صلى الله عليه وآله" علاقة مشاعرية وروحية ووجدانية.
وفود بني بكر بن وائل:
قال ابن سعد: قدم وفد بكر بن وائل على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال له ر جل منهم: هل تعرف قس بن ساعدة؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ليس هو منكم، هذا رجل من إياد، تحنَّف في الجاهلية، فوافى عكاظاً والناس مجتمعون، فكلمهم بكلامه الذي حفظ عنه".
وكان في الوفد بشير بن الخصاصية، وعبد الله بن مرثد، وحسان بن حوط، وقال رجل من ولد حسان:
أنـا ابـن حسـان بـن حـوط وأبي رسـول بـكــر كـلـهـا إلى الـنـبي
وقدم معهم عبد الله بن أسود بن شهاب بن عوف بن عمرو بن الحارث بن سدوس، وكان ينزل اليمامة، فباع ما كان له من مال باليمامة، وهاجر وقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بجراب من تمر، فدعا له رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالبركة([296]).
وفود الصدف:
عن جماعة من الصدف قالوا: قدم وفدنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهم بضعة عشر رجلاً، على قلائص، لهم أزر وأردية، فصادفوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيما بين بيته وبين المنبر، فجلسوا ولم يسلموا.
فقال: "أمسلمون أنتم"؟
قالوا: نعم.
قال: "فهلا سلمتم"؟
فقاموا قياماً، فقالوا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
فقال: "وعليكم السلام، اجلسوا".
فجلسوا، وسألوا رسول الله "عليه السلام" عن أوقات الصلاة، فأخبرهم بها([297]).
ونقول:
قد يقال: إننا لا نرى مبرراً لعدم مبادرة هذا الوفد إلى السلام على رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا عدم معرفتهم بتحية الإسلام، وخوفهم من أن تكون تحية الجاهلية مرفوضة، فآثروا السكوت.
ولكن هذا التبرير لا يكفي لتفسير فعلهم هذا، فإنهم حين عاتبهم النبي "صلى الله عليه وآله" لم يعتذروا له بجهلهم بتحية الإسلام، ولا سألوا غيره عن كيفية تحية أهل الإسلام..
إلا أن يدَّعى: أنهم توهموا أن تكون تحية الإسلام بالسلام قد استبدلت بسواها.. أو أنهم ظنوا: أنهم سيتعرضون لسوء، أو أن ذلك كان سوء أدب، وجهلاً منهم.. وكلها احتمالات ليس لها ما يؤيدها.
غير أن مما لا شك فيه: أنه لم تكن لديهم أية نوايا سيئة، كما أظهره تصرفهم بعد مطالبة رسول الله "صلى الله عليه وآله" لهم بذلك.
وفود بني سحيم:
عن أبي عبيدة: أن الأسود بن سلمة قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في وفد بني سحيم، فأسلم، فردهم إلى قومهم وأمرهم أن يدعوهم إلى الإسلام، وأعطاهم أداوة ماء قد تفل فيها، أو مج، وقال: "فلينضحوا بهذه الأداوة مسجدهم، وليرفعوا رؤوسهم" إذا رفعها الله تعالى، فما تبع مسيلمة منهم رجل، ولا خرج منهم خارجي قط([298]).
ونقول:
إن الدعوة حين تأتي من خارج القبيلة تبقى هناك حالة من التراخي في مناصرتها، ولا تحظى بالحرص والإندفاع الذي تحظى به لو كانت نابعة من الداخل، ومن خلال الإحساس بضرورة تلك الدعوة، وبالحاجة لها..
كما أن ذلك يوفر لدى القبيلة مستوى من الإطمئنان، والإحساس بالأمن والسكينة معها، حيث لا يتوجس أحد من أهل القبيلة أي نوع من الخوف من تسريب ثمراتها ومنافعها، أو تسريب جزء منها إلى خارج القبيلة.
وكل ذلك يوضح لنا السبب في إرسال النبي "صلى الله عليه وآله" أبناء القبائل لدعوة قومهم وقبائلهم..
وفود بني سدوس:
عن عبد الله بن الأسود قال: كنا عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" في وفد بني سدوس، فأهدينا له تمراً، فنثرناه إليه على نطع، فأخذ حفنة من التمر، فقال: "أي تمر هذا"؟
فجعلنا نسمي حتى ذكرنا تمراً، فقلنا: هذا الجذامي، فقال: "بارك الله في الجذامي، وفي حديقة يخرج هذا منها، أو جنة خرج هذا منها"([299]).
ونقول:
لا شك في أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان عارفاً بالتمر الذي كان يسألهم عنه، وقد ذكر لوفد آخر جميع أنواع التمر حتى أدركوا أنه أعرف بأنواع التمر ممن عاش في بلاد هجر، ولكن سؤاله هذا يؤكد لهم بشريته، ويدفع عنهم الأوهام التي ربما تكون قد علقت في أوهامهم، من خلال ما سمعوه من شياطين أهل الشرك، والكفر: من أن الرسول "صلى الله عليه وآله" لابد أن يكون مَلَكاً، أو ما إلى ذلك..
ثم هو يزيل حزازة ربما تكون قد نشأت عن تداعي المعاني، بصورة قهرية، حيث يستذكر الإنسان مرض الجذام الذي تنفر منه النفوس، وتقشعر له الأبدان، فإذا عرَّفهم بقيمة هذا التمر، وبأن الحديقة التي يخرج منها، أو الجنة التي خرج منها مباركة، فإن الرغبة به ستتضاعف، والرضا به سوف يتنامى ويتأكد.
على أن من الواضح: أن نفس هذا الثناء على هذا النوع من التمر يشير إلى معرفته "صلى الله عليه وآله" به، وإلى أن سؤاله عنه كان يهدف إلى استحضار المعنى، وتأكيد تصورهم له، والتفاتهم إلى ما يريد أن يقول لهم عنه..
وكيف لا يعرف "صلى الله عليه وآله" أنواع التمر، وهو يعيش في بلاد التمر، وهو من طعامه المفضل، ويتعامل مع الناس به..
وفد الجشمي، أو الجيشاني:
عن عمرو بن شعيب قال: قدم أبو وهب الجيشاني على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في نفر من قومه، فسألوه عن أشربة تكون باليمن.
قال: فسموا له البِتَعَ من العسل، والمِزْر من الشعير.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل تسكرون منها"؟
قالوا: إن أكثرنا سكرنا.
قال: "فحرام قليل ما أسكر كثيره".
وسألوه عن الرجل يتخذ الشراب، فيسقيه عماله.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كل مسكر حرام"([300]).
والبِتع: شراب يتخذ من العسل.
والمِزْر: نبيذ الشعير والحنطة، والحبوب.
ويلاحظ هنا ما يلي:
الجيشاني أم الجشمي؟!:
إن أبا عمر ابن عبد البر قال عن أبي وهب الجيشاني: "لا أدري اهو الجشمي أم لا. وقال فيه: الجيشاني كما ترى. والصواب عندهم الجشمي..
إلى أن قال: وأما أبو وهب الجيشاني فرجل من التابعين، من أهل مصر الخ.."([301]).
سؤال النبي ' عن البِتَع:
إنه لا شك في: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعرف معاني الألفاظ التي كان يخاطب بها. في الوقت الذي كان يكلم كل أهل لسان بلسانهم، بل كان يعرف لغة الطير وسائر المخلوقات، ولكن إذا كان لبعض المفردات معانٍ مختلفة، أو مصاديق متفاوتة، فلابد من استنطاق من يخاطبه عن المعنى الذي يقصده منها ليتم تحديده بدقة، خاصة إذا اختلفت أحكام تلك المعاني باختلافها، لكي لا تساء الإستفادة من إطلاق الجواب، وتسجيل الحكم على موضوع غائم، أو مطاط، ينتهي بالناس إلى الخطأ في فهم مرادات النبي "صلى الله عليه وآله"، وبالتالي الخروج على الثوابت الشرعية، أو الإيمانية، أو غيرها مما يتعرض له النص.
ومن المعلوم: أن المياه في كثير من المناطق العربية كانت وشلة غير صالحة للشرب، فكانوا يحاولون تحليتها وتغيير طعمها بتمر أو عسل، أو غير ذلك. فمنها ما كان يتخمر حتى يصبح مسكراً، ومنها ما كانوا يشربونه بمجرد وضعها فيه وهذا معناه: أن بعض الأنبذة حرام. وهو خصوص ما يتخمر، ويصنَّع، ليصبح مسكراً.. وبعضها حلال وهو ما كان يحلى بالعسل أو غيره ويشرب مباشرة، من دون أن يعرِّضوه للتصنيع والتخمير.
ولذلك كان لابد من تحديد معنى البِتَع، حتى لا يظن ظان: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أحل لهم ما يكون منه مسكراً.
وفود بهراء:
عن كريمة بنت المقداد قالت: سمعت أمي ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب تقول: قدم وفد بهراء من اليمن على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكانوا ثلاثة عشر رجلاً. فأقبلوا يقودون رواحلهم، حتى انتهوا إلى باب المقداد بن عمرو، ونحن في منازلنا ببني حديلة (بطن من الأنصار).
فخرج إليهم المقداد، فرحب، وأنزلهم، وقدم لهم جفنة من حَيس([302]).
قالت ضباعة: كنّا قد هيأناها قبل أن يحلّوا لنجلس عليها، فحملها المقداد وكان كريماً على الطعام. فأكلوا منها حتى نهلوا، وردت إلينا القصعة وفيها شيء، فجمع في قصعة صغيرة، ثم بعثنا بها مع سدرة مولاتي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوجدته في بيت أم سلمة.
فقال "صلى الله عليه وآله": "ضباعة أرسلت بهذا"؟
قالت سدرة: نعم يا رسول الله.
قال: "ضعي".
ثم قال: "ما فعل ضيف أبي معبد"؟
قلت: عندنا. فأصاب منها رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو ومن معه في البيت حتى نهلوا، وأكلت معهم سدرة.
ثم قال: "اذهبي بما بقي إلى ضيفكم".
قالت سدرة: فرجعت بالقصعة إلى مولاتي. قالت: فأكل منها الضيف ما أقاموا. فرددها عليهم وما تغيض، حتى جعل الضيف يقولون: يا أبا معبد، إنك لتنهلنا من أحب الطعام إلينا، وما كنا نقدر على مثل هذا إلا في الحين.
وقد ذكر لنا: أن بلادكم قليلة الطعام، إنما هو العُلْق أو نحوه، ونحن عندكم في الشبع.
فأخبرهم أبو معبد بخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه أكل منها وردها، وهذه بركة أصابعه "صلى الله عليه وآله".
فجعل القوم يقولون: نشهد أنه رسول الله، وازدادوا يقيناً، وذلك الذي أراد "صلى الله عليه وآله".
فأتوه، فأسلموا، وتعلموا الفرائض، وأقاموا أياماً. ثم جاؤوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يودعونه، فأمر لهم بجوائز، وانصرفوا إلى أهليهم([303]).
ونقول:
1 ـ إن ما فعله المقداد لم يكن مجرد كرم وسخاء، بل هو إيثار تعلمه من مدرسة الإيمان والقرآن، فجزاه الله خيراً، ورضي الله عنه وأرضاه.
2 ـ قد أشارت الرواية إلى: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يظهر لهؤلاء الوافدين الكرامة الإلهية، لكي يلمسوها بأنفسهم، ليسهل عليهم أمر الإيمان بالغيب، وبالرعاية الإلهية، فإن الكثيرين من أهل بلاد العرب ومن غيرها في مختلف الدهور، وعلى مر العصور ليسوا قادرين على محاكمة الأمور بطريقة عقلية وعلمية صحيحة، بسبب محدودية معارفهم التي تستفيد منها عقولهم في الوصول إلى النتائج الصحيحة والواضحة، فلا يكفي أن يقرأ عليهم القرآن ليدركوا إعجازه، ويؤمنوا بالله وبرسوله، بل هم يحتاجون إلى ما هو أيسر من ذلك، وأقرب إلى الحس.
ومن الواضح: أن أقرب الأشياء على تفكيرهم، وأشدها لصوقاً بأحاسيسهم، هي تلك التي يشعرون بها من خلال حاجة الجسد، ودعوته لهم لتلبيتها بما يثيره فيهم من الشعور بالخطر على الحياة، أو التماس اللذة، أو سد الحاجة وليس ذلك إلا ما يتصل بالطعام والشراب، الذي به قوام الجسد، وحفظ الوجود.
فإذا جاءت المعجزة لتلبي لهم هذه الحاجة بالذات، فإن التفاعل معها، وإدراك قيمتها لابد أن يعطي الإيمان الناشئ عنها عمقاً ورسوخاً في الروح، وتجذراً في الوجدان قد يتجاوز في مداه وفي قدرته ما تعطيه المعادلات الفكرية، والبراهين العقلية.
وهذا يؤكد لنا قيمة ما ورد في النص المذكور، "فجعل القوم يقولون: نشهد أنه رسول الله، وازدادوا يقيناً، وذلك الذي أراد "صلى الله عليه وآله"، فأتوه وأسلموا، وتعلموا الفرائض الخ..".
ي
وفود بارق:
قال ابن سعد: قدم وفد بارق على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدعاهم إلى الإسلام، فأسلموا، وبايعوا، وكتب لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هذا كتاب من محمد رسول الله لبارق. لا تُجذ ثمارهم، ولا تُرعى بلادهم في مربع ولا مصيف إلَّا بمسألة من بارق، ومن مر بهم من المسلمين في عَرك أو جَدب فله ضيافة ثلاثة أيام، وإذا أينعت ثمارهم فلابن السبيل اللقاط، بوسع بطنه من غير أن يقتثم" شهد أبو عبيدة بن الجراح، وحذيفة بن اليمان، وكتب أُبي بن كعب([304]).
ونقول:
بنو بارق بطن من خزاعة. وقال السمعاني: نسبوا إلى بارق، جبل ينزله الأزد ـ فيما أظنه ـ ببلاد اليمن.
وجذ الثمار: قطعها.أي ليس لأحد قطع ثمارهم، ورعي بلادهم، لا في المربع. أي في مكان نزولهم في الربيع، ولا في المصيف. أي مكان نزولهم في الصيف.
والعرك: الخصب.
اشتراط ضيافة المسلمين:
كان النبي "صلى الله عليه وآله" يشترط ضيافة جيوش المسلمين في الكتب التي كان يكتبها لوفود قبائل العرب. وقد يكون سبب ذلك أموراً مجتمعة أو متفرقة.. مثل:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يخفف عن تلك الجيوش التي تجوب البلاد طولاً وعرضاً، فلا تكلف بحمل زادها، الذي يحتاج إلى المزيد من الإبل، وإلى جهد، وتعب، وإلى تفرغ فريق يتولى هذه المهمة.. وإلى.. وإلى..
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" يريد من تلك القبائل أن تشارك في الجهد والجهاد، وتضحي من أجل هذا الدين، وتترسخ محبتها للمجاهدين، الذين يحملون دماءهم على أكفهم، ويبذلون مهجهم من أجل ان يعيش الناس كلهم بما فيهم تلك القبائل بأمن وسلام.
كما أن جهاد هؤلاء المجاهدين لابد أن يثمر لأهل الإيمان كلهم عزة وكرامة، وشوكة، ورفعة شأن..
3 ـ إن هذه التضحيات منهم في سبيل إخوانهم من شأنها أن ترسخ علاقة الأخوة في المجتمع الإسلامي، وتزيل من القلوب أنواعاً من المشاحنات، والأحقاد، وربما حالات الحسد، وما إلى ذلك.. ولا بد من أن يحقق ذلك انسجاماً أعمق، وعلاقات أوثق. تساعد على نقل المعارف والثقافات، والتجارب من قبيلة إلى قبيلة، ومن فريق إلى فريق.
وفود عمرو بن معدي كرب الزبيدي
قالوا: قدم عمرو بن معدي كرب في أناس من بني زبيد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأسلم، وكان عمرو قد قال لقيس بن مكشوح المرادي ـ وهو ابن أخته ـ: يا قيس، إنك سيد قومك، وقد ذكر لنا: أن رجلاً من قريش يقال له: محمد، قد خرج بالحجاز يقول: إنه نبي، فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبياً كما يقول فإنه لن يخفى عنك، إذا لقيناه اتبعناه، وإن كان غير ذلك علمنا علمه.
فأبى عليه قيس ذلك وسفه رأيه، فركب عمرو بن معدي كرب حتى قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأسلم وصدقه وآمن به. فلما بلغ ذلك قيساً أوعد عمرواً (وتحطم عليه وقال: خالفني وترك رأيي).
فقال عمرو في ذلك شعراً أوله:
أمـرتـك يـوم ذي صـنـعـــا ء أمـراً بــاديــــاً رشـــــده
قال ابن إسحاق: فأقام عمرو بن معدي كرب في قومه من بني زبيد وعليهم فروة بن مسيك، فلما توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله" ارتد عمرو.
قال ابن سعد: ثم رجع إلى الإسلام، وأبلى يوم القادسية وغيرها([305]).
ونقول:
إن هذه الحكاية موضع شك:
أولاً: قال الخطيب عن عمرو: قيل: لم يلق رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإنما قدم المدينة بعد وفاته([306]).
ثانياً: أننا قد ذكرنا في موضع آخر من هذا الكتاب: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد وجه علياً "عليه السلام"، وخالد بن سعيد إلى اليمن، فأسرا جماعة من بني زبيد قوم عمرو بن معد يكرب، فقال عمرو: دعوني آتي هؤلاء القوم، فإني لم اسمَّ لأحد قط إلا هابني، فلما دنا منهما وعرفهما بنفسه، ابتدراه كل منهما يقول: خلني وإياه.
فقال عمرو: العرب تُفَزَّع بي، وأراني لهؤلاء جزراً، فانصرف([307]).
وفي نص آخر: أن خالد بن سعيد سبى قوم عمرو، ثم كلمه عمرو فيهم، فوهبهم له، فوهبه عمرو سيفه، ومدحه في شعره([308]).
فإن كان عمرو بن معدي كرب قد وفد مع بعض بني زبيد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأسلم على يديه، فإنما كان ذلك بعد قصته مع أمير المؤمنين، ومع خالد بن سعيد بن العاص.. ولا يصح قوله لقيس بن مكشوح: قد ذكر لنا: أن رجلاً من قريش يقال له: محمد، قد خرج بالحجاز الخ..
بل قد يكون ثمة رغبة في إعطاء عمرو بن معدي يكرب وسام الصحبة مكافأةً له على مشاركته في الحروب في عهد عمر بن الخطاب، ومنها حرب القادسية.
وفود طارق بن عبد الله:
عن طارق بن عبد الله قال: "إني لقائم" بسوق ذي المجاز إذ أقبل رجل عليه جبة له، وهو يقول: أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، ورجل يتبعه، يرميه بالحجارة يقول: أيها الناس، إنه كذاب، فلا تصدقوه.
فقلت: من هذا؟
فقالوا: هذا غلام من بني هاشم يزعم أنه رسول الله.
قال: فقلت: من ذا الذي يفعل به هذا؟
قالوا: عمه عبد العزى.
قال: فلما أسلم الناس وهاجروا خرجنا من الربذة نريد المدينة، نمتار من تمرها. فلما دنونا من حيطانها ونخلها قلنا: لو نزلنا فلبسنا ثياباً غير هذه، فإذا رجل في طمرين له، فسلم وقال: من أين أقبل القوم؟
قلنا: من الربذة.
قال: وأين تريدون؟
قلنا: نريد المدينة.
قال: ما حاجتكم فيها؟
قلنا: نمتار من تمرها.
قال: ومعنا ظعينة لنا، ومعنا جمل أحمر مخطوم، فقال: أتبيعوني جملكم هذا؟
قالوا: نعم، بكذا وكذا صاعاً من تمر.
قال: فما استوفينا مما قلنا شيئاً حتى أخذ بخطام الجمل وانطلق به، فلما توارى عنا بحيطان المدينة ونخلها، قلنا: ما صنعنا والله ما بعنا جملنا ممن نعرف، ولا أخذنا له ثمناً.
فقالت المرأة التي معنا: لا تلاوموا، فلقد رأيت وجه رجل لا يغدر بكم، والله لقد رأيت رجلاً كأن وجهه شقة القمر ليلة البدر، أنا ضامنة لثمن جملكم.
إذ أقبل رجل فقال: أنا رسول رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليكم، هذا تمركم، فكلوا واشبعوا، واكتالوا واستوفوا.
فأكلنا حتى شبعنا، واكتلنا واستوفينا، ثم دخلنا المدينة، فلما دخلنا المسجد فإذا هو قائم على المنبر يخطب الناس، فأدركنا من خطبته وهو يقول: "تصدقوا، فإن الصدقة خير لكم، اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول: أمك وأباك، وأختك وأخاك، وأدناك أدناك".
فأقبل رجل في نفر من بني يربوع، أو قام رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، إن لنا في هؤلاء دماً في الجاهلية.
فقال: "لا تجني أم على ولد" ثلاث مرات([309]).
ونقول:
إننا نشك في هذه المزاعم، وذلك لما يلي:
أولاً: إن النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليخرج وحده إلى خارج المدينة، يتجاوز حيطانها (أي بساتينها) ونخلها دونما سبب يدعوه إلى إيثار هذه الوحدة..
ثانياً: إنه لا يأخذ منهم الجمل بطريقة غير مألوفة، وكأنه يقتنصه منهم اقتناصاً، بخطامه، وانطلق به دون أن يدفع لهم من ثمنه شيئاً، بل دون أن يفاوضهم على زمان الدفع ومكانه..
فإن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يقدم على مخالفة حكم الشريعة، حتى لو على سبيل الإحتمال، إذ لعلهم لا يرضون بأخذ الجمل منهم دون أن يدفع ثمنه، لا سيما وأنهم لا يعرفون شيئاً عن المشتري.
ثالثاً: ما معنى أن تدرك المرأة صفات وميزات ذلك المشتري، وتلاحظ: أن وجهه كأنه شقة قمر، وأن وجهه وجه من لا يغدر بالناس. ولا يدرك الآخرون من الرجال الحاضرين ذلك؟!
رابعاً: إذا كان طارق قد رأى النبي "صلى الله عليه وآله" بذي المجاز، فلابد أن يعرفه حين التقى به خارج المدينة، حتى لو فصل بين رؤيته الأولى، والثانية حوالي عشر سنوات، فإن الملامح لا تتغير في هذا السن بصورة كبيرة، ولعل التعبير عن النبي "صلى الله عليه وآله" بأنه غلام قد يكون هدفه التغرير بالناس وإيهامهم: أنه "صلى الله عليه وآله" كان صغير السن وقد تغيرت ملامحه، فلم يعرفه طارق لأجل ذلك..
وقد فاته: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أصبح رسولاً وهو في سن الأربعين، وأن كلمة غلام تطلق على الشاب وعلى الشيخ، فراجع.
وفود عنزة:
عن سلمة بن سعد: أنه وفد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو وجماعة من أهل بيته وولده، فاستأذنوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدخلوا، فقال: "من هؤلاء"؟
فقيل له: هذا وفد عنزة.
فقال: "بخٍ بخٍ بخٍ بخٍ" ـ أربعاً ـ "نِعمَ الحي عنزة، مبغي عليهم منصورون، مرحباً بقوم شعيب، وأختان موسى، سل يا سلمة عن حاجتك".
قال: جئت أسألك عما افترضت علي في الإبل والغنم.
فأخبره، ثم جلس عنده قريباً، ثم استأذنه في الإنصراف. فما عدا أن قام لينصرف، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم ارزق عنزة كفافاً، لا فوت ولا إسراف"([310]).
ونقول:
1 ـ إننالا نستطيع أن نؤكد أو أن ننفي وصدور هذه الكلمات عن النبي "صلى الله عليه وآله"، فقد قلنا: إن ما يرتبط بمدح القبائل والبلدان يبقى في موقع التهمة، حتى تظهر الدلائل التي تؤكده أو تنفيه ..
ثم إن الناس بشر يخطئون ويصيبون، ويطيعون ويعصون ويقعون تحت تأثير الأهواء ووساوس الشيطان..
2 ـ لم يظهر لي وجه تخصيص عنزة بهذا الترحيب والثناء، ولم أعرف من الباغي على عنزة، الذي ينصرون عليه، ومتى كان ذلك.. ولماذا كانوا قوم شعيب، وأختان موسى "عليه السلام"..
3 ـ إن القادمين على رسول الله "صلى الله عليه وآله" هم: سلمة وأهل بيته وولده، وهم أهل بيت واحد، فأين كان سائر رجال قبيلة عنزة، فلماذا لم يفد منهم أحد؟!
وفود بني سعد هذيم:
روى محمد بن عمر الأسلمي، عن ابن النعمان، عن أبيه قال: قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وافداً في نفر من قومي، وقد أوطأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" البلاد غلبة، وأذاخ([311]) العرب.
والناس صنفان: إما داخل في الإسلام راغب فيه، وإما خائف من السيف، فنزلنا ناحية من المدينة ثم خرجنا نؤم المسجد حتى انتهينا إلى بابه، فنجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلي على جنازة في المسجد، فقمنا خلفه ناحية ولم ندخل مع الناس في صلاتهم، وقلنا: حتى نلقى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ونبايعه.
ثم انصرف "صلى الله عليه وآله"، فنظر إلينا فدعا بنا فقال: "ممن أنتم"؟
قلنا: من بني سعد هذيم.
فقال: "أمسلمون أنتم"؟
قلنا: نعم.
قال: "فهلا صليتم على أخيكم"؟
قلنا: يا رسول الله، ظننا أن ذلك لا يجوز لنا حتى نبايعك.
فقال "صلى الله عليه وآله": "أينما أسلمتم، فأنتم مسلمون".
قال: فأسلمنا وبايعنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأيدينا على الإسلام، ثم انصرفنا إلى رحالنا وقد كنا خلَّفنا عليها أصغرنا.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" في طلبنا، فأتي بنا إليه، فتقدم صاحبنا فبايعه على الإسلام، فقلنا: يا رسول الله، إنه أصغرنا وإنه خادمنا.
فقال: "أصغر القوم خادمهم، بارك الله عليه".
قال: فكان والله خيرنا، وأقرأنا للقرآن، لدعاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" له، ثم أمَّره رسول الله "صلى الله عليه وآله" علينا، فكان يؤمنا.
ولما أردنا الإنصراف أمر بلالاً فأجازنا بأواقي من فضة لكل رجل منا، فرجعنا إلى قومنا، فرزقهم الله عز وجل الإسلام([312]).
أول جنازة صلى عليها رسول الله ':
قال في النور: يحتمل أن صاحب الجنازة سهيل بن بيضاء، فإن قدوم هذا الوفد كان في سنة تسع، وسهيل توفي فيها في مقدمه من تبوك، ولا أعلمه صلى في جنازة في المسجد إلا عليه.
ووقع في صحيح مسلم: أنه صلى على سهيل وأخيه في المسجد.
ففيه: أنه إن كان المراد به سهلاً فلا يصح، لأنه مات بعد النبي "صلى الله عليه وآله" كما قاله محمد بن عمر [الواقدي].
وكونه صفواناً فيه نظر أيضاً، لأنه استشهد ببدر.
والصواب: حديث عبادة في مسلم الذي فيه إفراد سهيل لا الحديث الذي بعده.
هذا في المسجد النبوي. وقد صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مسجد بني معاوية على أبي الربيع عبيد الله بن عبد الله بن ثابت بن قيس، وكان قد شهد أُحداً([313]).
غير أننا نقول:
إن الذين يعيشون في المدينة من المسلمين كانوا كثيرين ويعدون بالمئات، بل قيل: يعدون بالألوف، فهل كان "صلى الله عليه وآله" يقصد بيوت من يموت منهم ليصلي على جنائزهم فيها؟ أم أنه كان يصلي عليها بالبقيع، أو في ساحات أخرى من المدينة؟! أم كانوا يأتون بجنائزهم إليه، ليصلي عليها في المسجد؟! أم أنه لم يمت أحد في المدينة طيلة تلك السنوات منذ الهجرة؟! أم أن الناس كانوا يصلون على جنائزهم بأنفسهم من دون الرجوع إلى النبي "صلى الله عليه وآله" لذلك؟!
وفي جميع الأحوال نقول:
إن عدم نقل ذلك لا يدل على عدم وجوده، ولا يستحق أن يشغل الناس بأمور كهذه.
الخوف من السيف:
قد ذكر النص المتقدم: أن الناس صنفان: إما خائف من السيف، أو داخل في الإسلام. وهذا كلام غير دقيق. فإن الإسلام لم يزل يعلن للناس أنه: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}([314]).
{فَمَنْ شَاء فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاء فَلْيَكْفُرْ}([315]).
{لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ}([316]).
وآيات كثيرة أخرى..
فالخائفون من السيف هم خصوص أولئك الذين يريدون أن يكونوا جبارين في الأرض، ويواجهون النبي "صلى الله عليه وآله" بالحرب، لمنعه من إبلاغ دعوته، ومنع من تبلغهم الدعوة من ممارسة حقهم في اختيار هذا الدين، والإيمان به، حتى أنهم يعاقبون من يفعل ذلك بالقتل، وبالتعذيب، وبالمقاطعة بجميع أنواعها وبكل ما يقع تحت اختيارهم.
أصغر القوم خادمهم:
وأما حديث أصغر القوم خادمهم، فنحن نشك في صحته لا سيما وأن الخادم للقوم هو الذي يقدر على خدمتهم، والقيام بحوائجهم، والأصغر قد لا يكون كذلك في أحيان كثيرة..
والمروي عن النبي "صلى الله عليه وآله": "سيد القوم خادمهم"([317]). وهذا الحديث، وإن حاول بعض أهل السنة تضعيفه سنداً([318])، ولكنه يبقى هو المناسب لطبيعة الأمور، فإن سيد القوم يكون بحسب العادة قادراً على قضاء حوائج الناس وتقديم الخدمات لهم، إما مباشرة أو من خلال ما لديه من نفوذ ومكانة تجعل كلمته مسموعة، وتجعله قادراً على استخدام وسائل مختلفة..
وفود أسلم:
قال ابن سعد: قدم عُمير بن أفصى في عصابة من أسلم، فقالوا: "قد آمنا بالله ورسوله، واتبعنا منهاجك، فاجعل لنا عندك منزلة تعرف العرب فضيلتها، فإنا إخوة الأنصار، ولك علينا الوفاء والنصر في الشدة والرخاء".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها".
وكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً لأسلم، ومَن أسلم من قبائل العرب، ممن يسكن السيف([319]) والسهل، وفيه ذكر الصدقة والفرائض في المواشي. وكتب الصحيفة ثابت بن قيس بن شماس. وشهد أبو عبيدة بن الجراح، وعمر بن الخطاب([320]).
ونقول:
إننا لا نطمئن إلى صحة ما تقدم، فلاحظ ما يلي:
الثناء على أسلم وغفار:
وأول ما نذكره هنا هذا الثناء على قبيلتي أسلم وغفار، من دون أي مبرر ظاهر، مع أن هاتين القبيلتين بالإضافة إلى جهينة ومزينة هم المعنيون بالآية: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُم مِّنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ}([321]). كما قاله عكرمة([322]).
وقد تحدثنا عن هذا الأمر في بعض أجزاء هذا الكتاب فراجع.
ولعل سبب هذا الثناء على قبيلة أسلم هو أنها هي التي كانت قد احتلت المدينة، ومكنت لأبي بكر من غصب الخلافة من الوصي والولي المنصوب من قِبَلِ الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" في يوم الغدير بأمر من الله تعالى، ولم يزل النص عليه بالإمامة والخلافة يتوالى منه "صلى الله عليه وآله" طيلة أكثر من عشرين سنة. ولعلنا نشير إلى ما فعلته أسلم في التمكين لأبي بكر إن شاء الله تعالى([323]).
أسلم إخوة الأنصار:
ثم إننا لم نستطع أن نفهم السبب في أنهم اعتبروا أنفسهم أخوة الأنصار.. فإن كان المقصود هو الأخوّة في الإيمان، فإن هذا لا يجعل لهم امتيازاً على من سواهم من سائر المسلمين، لكي يطالبوا النبي "صلى الله عليه وآله" بتمييزهم على من عداهم، كما أنه لا يبرر تخصيصهم للأنصار بالأخوة، فهم إخوة للمهاجرين أيضاً.
وإن كان المقصود هو: أخوة خاصة، فإن التاريخ لا يثبت لهم شيئاً من ذلك.
طلب المنزلة الخاصة:
على أن طلبهم أن يكون لهم منزلة خاصة عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" يدل دلالة تكاد تكون واضحة على حب هؤلاء للدنيا، وعلى أن لهم تعلقاً خاصاً بها..
وذلك يقتضي أن يبادر "صلى الله عليه وآله" إلى معالجة هذا الأمر فيهم.. إذ إنهم لم يفعلوا بعد أي شيء يستحقون به تلك المنزلة، سوى أنهم قد آمنوا بالله ورسوله، وهذا ما يفعله سائر الناس، وقد سبقهم إليه غيرهم.
وفد بني هلال:
قالوا: وقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفر من بني هلال، فيهم عبد عوف بن أصرم بن عمرو، فسأله عن اسمه، فأخبره.
فقال: "أنت عبد الله"، فأسلم.
ومنهم قبيصة بن المخارق قال: يا رسول الله، إني حملت عن قومي حمالة، فأعنّي فيها.
قال: "هي لك في الصدقة إذا جاءت"([324]).
وروى مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة، فأتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" أسأله فيها، فقال: "أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها".
قال: ثم قال: "يا قبيصة، إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش ـ أو قال سداداً من عيش، ورجل أصابته فاقة حتى يقوم ثلاثة من ذوي الحجى من قومه (فيقولون) لقد أصابت فلاناً فاقة، فحلت له المسألة حتى يصيب قواماً من عيش ـ أو قال: سداداً من عيش ـ فما سواهن [من المسألة] يا قبيصة سحتاً يأكلها صاحبها سحتاً"([325]).
ونقول:
لماذا غضب النبي '؟!:
زعمت الرواية المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" غضب حين رأى زياد بن الحارث عند ميمونة، ورجع، فلما أخبرته ميمونة بأنه ابن أختها عاد فدخل إليها.
وهذا كلام يشك في صحته:
أولاً: لأن المفروض أنه: لا بد للنبي "صلى الله عليه وآله" أن يحسن الظن بميمونة، فإنها مسلمة يحمل فعلها على الصحة، ومع شكه في الأمر، فلماذا غضب، ثم بادر لاتخاذ قرار بالرجوع، ورجع، قبل أن يتحقق من صحة ما ظنه، ولو بسؤال ميمونة عن ذلك الرجل الغريب..
ثانياً: لماذا لم يبادر "صلى الله عليه وآله" إلى طرد ذلك الرجل، بدلاً من أن يرجع؟! أو فقل: لماذا لم يسأله عن سبب دخوله إلى بيته؟!
وفود بني عقيل بن كعب:
قال أشياخ من بني عقيل: وفد منا من بني عقيل على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ربيع بن معاوية بن خفاجة بن عمرو بن عقيل، ومطرف بن عبد الله بن الأعلم بن عمرو بن ربيعة بن عقيل، وأنس بن قيس بن المنتفق بن عامر بن عقيل، فبايعوا وأسلموا، وبايعوه على من وراءهم من قومهم، فأعطاهم النبي "صلى الله عليه وآله" العقيق، عقيق بني عقيل، وهي أرض فيها عيون ونخل، وكتب لهم بذلك كتاباً في أديم أحمر:
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما أعطى محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ربيعاً ومطرفاً وأنساً، أعطاهم العقيق، ما أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وسمعوا وأطاعوا". ولم يعطهم حقاً لمسلم [وكان الكتاب في يد مطرف]([326]).
ونقول:
بايعوا على من وراءهم:
إن بيعة بني عقيل على من وراءهم من قومهم لعلها كانت مستندةً إلى أن قومهم كانوا قد فوضوهم، والتزموا بما يقررونه في وفادتهم تلك، أو أنهم يثقون بقبول قومهم منهم.
إقطاع أرض فيها عيون ونخل:
وقد ذكر آنفاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أعطى العقيق لبني عقيل، وهي أرض فيها عيون ونخل..
وقد ذكرنا حين الحديث عن إقطاعات رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن الظاهر هو أن المقصود بالنخيل أصولها، أو تلك التي تركها أهلها، وليس لها من يهتم بها..
وربما يكون بنو عقيل هم الأقرب أو الأقدر على إحيائها من غيرهم، بملاحظة ظروفهم وظروف غيرهم..
وعن تصريح في الكتاب بقوله: "ولم يعطهم حقاً لمسلم" نقول:
إن ذلك يقطع الطريق على أي احتمال ربما يتذرع به أهل الريب في هذا الإتجاه.
إقطاع مشروط:
وقد صرح الكتاب الذي كتبه لبني عقيل: بأن هذا الإقطاع مشروط بإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والسمع والطاعة، فمتى لم يقوموا بهذه الشروط سقطت مالكيتهم..
وليس لأحد أن يعترض أو أن يناقش في هذا الإشتراط، فإن الأرض لله ولرسوله، وهو الذي يشرع، ويقرر، ويشترط.
وفود خولان:
قالوا: قدم وفد خولان (قبيلة في اليمن) وهم عشرة نفر في شعبان سنة عشر، فقالوا: يا رسول الله، نحن مؤمنون بالله، ومصدقون برسوله، ونحن على من وراءنا من قومنا، وقد ضربنا إليك آباط الإبل، وركبنا حزون الأرض وسهولها، والمنة لله ولرسوله علينا، وقدمنا زائرين لك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أما ما ذكرتم من مسيركم إلي، فإن لكم بكل خطوة خطاها بعير أحدكم حسنة. وأما قولكم زائرين لك، فإنه من زارني بالمدينة كان في جواري يوم القيامة".
فقالوا: يا رسول الله، هذا السفر الذي لا تَوىَ عليه (أي لا هلاك).
ثم قال "صلى الله عليه وآله": "ما فعل عم أنس"؟ وهو صنم خولان الذي كانوا يعبدونه.
قالوا: بِشَرٍّ وعَرٍّ، أبدلنا الله به ما جئت به، ولو قد رجعنا إليه لهدمناه، وبقيت منا بعد بقايا من شيخ كبير، وعجوز كبيرة متمسكون به، ولو قد قدمنا عليه هدمناه إن شاء الله تعالى، فقد كنا منه في غرور وفتنة.
فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وما أعظم ما رأيتم من فتنته"؟
قالوا: لقد رأيتنا وأسْنَتْنا حتى أكلنا الرمة، فجمعنا ما قدرنا عليه، وابتعنا مائة ثور ونحرناهم لعم أنس قرباناً في غداة واحدة، وتركناها تردها السباع، ونحن أحوج إليها من السباع، فجاءنا الغيث من ساعتنا، ولقد رأينا العشب يواري الرجل، فيقول قائلنا: أنعم علينا عم أنس.
وذكروا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ما كانوا يقسمون لصنمهم هذا من أنعامهم وحروثهم، وأنهم كانوا يجعلون من ذلك جزءاً له، وجزءاً لله بزعمهم. قالوا: كنا نزرع الزرع فنجعل له وسطه، فنسميه له، ونسمي زرعاً أخر حجرة لله، فإذا مالت الريح فالذي سميناه لله جعلناه لعم أنس، وإذا مالت الريح فالذي سميناه لعم أنس جعلناه لله.
فذكر لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن الله عز وجل قد أنزل عليه في ذلك: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَهِ وَمَا كَانَ لِلَهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}([327]).
قالوا: وكنا نتحاكم إليه فنكَلم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "تلك الشياطين تكلمكم".
قالوا: إنّا أصبحنا يا رسول الله وقلوبنا تعرف أنه كان لا يضر ولا ينفع، ولا يدري من عبده ممن لم يعبده.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الحمد لله الذي هداكم وأكرمكم بمحمد".
وسألوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن أشياء من أمر دينهم، فجعل يخبرهم بها، وأمر من يعلمهم القرآن والسنن، وأمرهم بالوفاء بالعهد، وأداء الأمانة، وحسن الجوار، وألا يظلموا أحداً.
قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الظلم ظلمات يوم القيامة.
وأنزلوا دار رملة بنت الحدث، وأمر بضيافة، فأجريت عليهم، ثم جاؤوا بعد أيام يودعونه، فأمر لهم بجوائز باثنتي عشرة أوقية ونشاً، ورجعوا إلى قومهم فلم يحلوا عقدة حتى هدموا عم أنس، وحرَّموا ما حرَّم عليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأحلوا ما أحل لهم([328]).
ونقول:
إننا لا نرى أن ثمة حاجة للتعليق على ما ذكر آنفاً، فإنه واضح قريب المأخذ. ولا نجد فيه ما يثير الريب والشك.
وفود تُجِيب، وهم من السكون:
وقدم وفد تُجِيب (وهم بطن من كندة) على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهم ثلاثة عشر رجلاً، وساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عز وجل، فسر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بهم، وأكرم منزلهم. وقالوا: يا رسول الله، سقنا إليك حق الله في أموالنا.
فقال "صلى الله عليه وآله": "ردوها فاقسموها على فقرائكم".
قالوا: يا رسول الله، ما قدمنا عليك إلا بما فضل من فقرائنا.
فقال أبو بكر: يا رسول الله، ما قدم علينا وفد من العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تجيب.
فقال "صلى الله عليه وآله": "إن الهدى بيد الله عز وجل، فمن أراد الله به خيراً شرح صدره للإيمان".
وسألوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" أشياء فكتب لهم بها، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن، فازداد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيهم رغبة، وأمر بلالاً أن يحسن ضيافتهم.
فأقاموا أياماً، ولم يطيلوا اللبث.
فقيل لهم: ما يعجلكم؟
قالوا: نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكلامنا إياه. وما رد علينا.
ثم جاؤوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يودعونه، فأمر بلالاً فأجازهم بأرفع مما كان يجيز به الوفود، وقال: "هل بقي منكم أحد"؟
قالوا: غلام خلفناه على رحالنا وهو أحدثنا سناً.
قال: "أرسلوه إلينا".
فلما رجعوا إلى رحالهم قالوا للغلام: انطلق إلى رسول الله، فاقض حاجتك منه، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه.
فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، إني غلام من بني أبذى من الرهط الذين أتوك آنفاً، فقضيت حوائجهم، فاقض حاجتي يا رسول الله.
قال: "وما حاجتك"؟
قال: "يا رسول الله، إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي، وإن كانوا قد قدموا راغبين في الإسلام، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم، وإني والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي، ويرحمني، وأن يجعل غناي في قلبي".
فقال "صلى الله عليه وآله": "اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه".
ثم أمر به بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه.
فانطلقوا راجعين إلى أهليهم، ثم وافوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بمنى سنة عشر، فقالوا: نحن بنو أبذى، فسألهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن الغلام، فقالوا: يا رسول الله، والله ما رأينا مثله قط، ولا حدثنا بأقنع منه بما رزقه الله. لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الحمد لله، إني لأرجو أن يموت جميعاً".
فقال رجل منهم: أوليس يموت الرجل جميعاً؟
فقال "صلى الله عليه وآله": "تشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا، فلعل أجله يدركه في بعض تلك الأودية، فلا يبالي الله عز وجل في أيها هلك".
قالوا: فعاش ذلك الرجل فينا على أفضل حال وأزهده في الدنيا، وأقنعه بما رزقه الله.
فلما توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورجع من رجع من أهل اليمن عن الإسلام، قام في قومه فذكرهم الله والإسلام، فلم يرجع منهم أحد. وجعل أبو بكر يذكره، ويسأل عنه حتى بلغه حاله، وما قام به. فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيراً([329]).
الإكتفاء الذاتي في عهد رسول الله ':
ونلاحظ أن النص المتقدم قد صرح: بأن تلك القبيلة قد استغنى فقراؤها حين أخذت الزكاة من أغنيائها ووزعت عليهم، وبقيت لديها أموال لم تجد لها مورداً تصرفها فيه، فحملتها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وذلك يشير إلى أن ما شرعه الإسلام في أمر الأموال يحقق العدالة الإجتماعية، ويكفي لاقتلاع جذور الفقر من بين البشر، فإن الكل يعلم أنه لا خصوصية لقبيلة تجيب السكونية في المجتمع العربي، فما يجري في هذه القبيلة وعليها يجري في غيرها، خصوصاً في الشأن المعيشي.
وقد ورد في بعض الأخبار ما يدل على أن الناس لو التزموا بأحكام الله وشرائعه، وعملوا بما فرضه الله في الأموال، وأخرجوا حق الله منها، وأوصلوه إلى أهله لم يبق في الدنيا فقير على الإطلاق، ومن هذه النصوص قول أمير المؤمنين "عليه السلام": "ما جاع فقير إلا بما متع به غني"([330]).
أو "ما جاع فقير إلا بما منع غني"([331]).
وفي رواية عن أبي الحسن الأول "عليه السلام" يقول في آخرها بعد أن ذكر أصناف المستحقين وسهامهم: "فلم يبقى فقير من فقراء الناس، ولم يبق فقير من فقراء قرابة رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا وقد استغنى فلا فقير"([332]).
حديث الرجل من بني أبذى:
وقد لفت نظرنا أيضاً: أنه برغم أهمية قصة ذلك الرجل الذي هو من بني أبذى، فإن الروايات المتقدمة قد عجزت عن ذكر اسمه لنا، مع انهم يذكرون لنا اسماء من ليس له أثر يستحق الذكر على الإطلاق. فلماذا كان ذلك؟! لا ندري!!
الفصل التاسع:
وفد نجران.. أحداث وتفاصيل
ماذا عن نجران؟!:
قالوا: "نجران: بلد كبير يقع على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن، يشتمل على ثلاث وسبعين قرية، مسيرة يوم للراكب السريع ـ كما في فتح الباري ـ والأخدود المذكور في القرآن قرية من قراها"([333]).
وقالوا: إنه هو من مخاليف اليمن بالقرب من صنعاء، ما بين عدن وحضرموت([334]).
وكل أهل نجران صنفين: نصارى وأميين؛ فأما النصارى فنحن نتحدث عنهم، وقد صالحهم. وأما الأميون منهم، فبعث إليهم خالد بن الوليد، فأسلموا، وقدم وفدهم على النبي "صلى الله عليه وآله"..([335]).
كتاب دعوة.. ووفد استطلاع:
وكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه: {طس}([336]). {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}([337]) ما يلي:
"بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، من محمد النبي "صلى الله عليه وآله" إلى أسقف نجران وأهل نجران، إن أسلمتم فإني أحمد إليكم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب.
أما بعد.. فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب والسلام"([338]).
والظاهر: أن المبعوث إليه هذا الكتاب هو الأسقف أبو حارثة بن علقمة، فإنه كان هو الرأس فيهم.
فلما أتى الأسقف الكتاب وقرأه قُطِعَ به، وذعر ذعراً شديداً. فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له: شرحبيل بن وداعة، وكان من همدان. ولم يكن أحد يدعى إذا نزلت معضلة إلا الأيهم ـ وهو السيد ـ والعاقب. فدفع الأسقف كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى شرحبيل وقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريم ما رأيك؟
فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة، فما تؤمن أن يكون هذا هو ذاك الرجل، ليس لي في النبوة رأي، ولو كان أمراً من أ مور الدنيا لأشرت عليك فيه برأي، وجهدت لك.
فقال له الأسقف: تنح فاجلس ناحية. فتنحى شرحبيل فجلس ناحية.
فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له: عبد الله بن شرحبيل، وهو من ذي أصبح من حمير، فأقرأه الكتاب وسأله ما الرأي؟
فقال نحواً من قول شرحبيل بن وداعة.
فقال له الأسقف: تنح فاجلس، فتنحى فجلس ناحية.
ثم بعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران، يدعى جبار بن فيض من بني الحارث بن كعب أحد بني الحماس، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه، فقال مثل قول شرحبيل بن وداعة، وعبد الله بن شرحبيل، فأمره الأسقف فجلس ناحية.
فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعاً أمر الأسقف بالناقوس فضرب به، ورفعت النيران السرج في الصوامع، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا نهاراً، فإن فزعوا بالليل ضربوا بالناقوس، ورفعوا النيران في الصوامع.
فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت السرج أهل الوادي أعلاه وأسفله، وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع، وفيه ثلاث وسبعون قرية، ومائة ألف مقاتل، فقرأ عليهم الأسقف كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وسألهم عن الرأي فيه.
فاجتمع رأي أهل الرأي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني، وعبد الله بن شرحبيل الأصبحي، وجبار بن فيض الحارثي، فيأتوهم بخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله"([339]).
وفد النجرانيين إلى رسول الله ':
قال ابن إسحاق: وقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وفد نصارى نجران، ستون راكباً، فيهم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم، منهم العاقب وهو عبد المسيح، والسيد وهو الأيهم، وأبو حارثة بن علقمة أحد بني بكر بن وائل، وأوس، والحارث، وزيد، وقيس، ويزيد، وخويلد، وعمرو، وخالد، وعبد الله، ويحنس، منهم ثلاثة نفر إليهم يؤول أمرهم: العاقب أمير القوم، وذو رأيهم، وصاحب مشورتهم، والذي لا يصدرون إلا عن رأيه. واسمه عبد المسيح، والسيد ثمالهم وصاحب رحلهم، ومجتمعهم، واسمه الأيهم.
وأبو حارثة بن علقمة، أحد بني بكر بن وائل أسقفهم، وحبرهم وإمامهم، وصاحب مدراسهم، وكان أبو حارثة قد شرف فيهم، ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم، فكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرفوه، ومولوه وأخدموه، وبنوا له الكنائس، وبسطوا عليه الكرامات، لما يبلغهم عنه من علمه واجتهاده في دينهم.
فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم، ولبسوا حللاً لهم يجرونها من حبرة، وتختموا بالذهب.
وفي لفظ: دخلوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مسجده [في المدينة] حين صلى العصر، عليهم ثياب الحِبرات: جبب وأردية، في جمال رجال بني الحارث بن كعب.
فقال بعض من رآهم من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يومئذ: ما رأينا وفدا مثلهم. وقد حانت صلاتهم. فقاموا في مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلون نحو المشرق (فأراد الناس منعهم).
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "دعوهم".
ثم أتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسلموا عليه، فلم يرد عليهم السلام، وتصدوا لكلامه نهاراً طويلاً، فلم يكلمهم، وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب.
فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وكانوا يعرفونهما، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار في مجلس فقالوا لهما: يا عثمان، ويا عبد الرحمن، إن نبيكما كتب إلينا كتاباً فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا، وتصدينا لكلامه نهاراً طويلاً فأعيانا أن يكلمنا فما الرأي منكما؟ أنعود إليه، أم نرجع إلى بلادنا؟
فقالا لعلي بن أبي طالب "عليه السلام" وهو في القوم: ما الرأي في هؤلاء القوم يا أبا الحسن؟
فقال لهما: أرى أن يضعوا حللهم هذه وخواتيمهم، ويلبسوا ثياب سفرهم، ثم يعودوا إليه.
ففعل وفد نجران ذلك ورجعوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسلموا عليه فرد عليهم سلامهم ثم قال: "والذي بعثني بالحق، لقد أتوني المرة الأولى وإن إبليس لمعهم"([340]).
وفد نجران يحاور رسول الله ':
وعن ابن عباس، والأزرق بن قيس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" دعا وفد نجران إلى الإسلام، فقال العاقب، عبد المسيح، والسيد أبو حارثة بن علقمة: قد أسلمنا يا محمد.
فقال: "إنكما لم تسلما".
قالا: بلى، وقد أسلمنا قبلك.
قال: "كذبتما، يمنعكما من الإسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب، وأكلكما الخنزير، وزعمكما أن لله ولداً".
ثم سألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى ابن مريم؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى، يسرنا إن كنت نبياً أن نعلم قولك فيه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركم بما يقول الله في عيسى"([341]).
وعن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي: أنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: "ثبت (ليت) بيني وبين أهل نجران حَجاب، فلا أراهم ولا يروني"، من شدة ما كانوا يمارون رسول الله "صلى الله عليه وآله"([342]). انتهى.
وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، وابن سعد عن الأزرق بن قيس، وابن جرير عن السدي، وابن جرير، وابن المنذر عن أبي جريج: أن نصارى نجران قالوا: يا محمد، فيم تشتم صاحبنا؟
قال: "من صاحبكم"؟
قالوا: عيسى ابن مريم، تزعم أنه عبد.
قال: "أجل، إنه عبد الله وروحه وكلمته، ألقاها إلى مريم، وروح منه".
فغضبوا وقالوا: لا، ولكنه هو الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم، ثم خرج منها، فأرانا قدرته وأمره، فهل رأيت قط إنساناً خلق من غير أب؟
فأنزل الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ..}([343]).
وأنزل تبارك وتعالى: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَهِ كَمَثَلِ آَدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ الحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ المُمْتَرِينَ}([344]).
فلما أصبحوا عادوا إليه، فقرأ عليهم الآيات، فأبوا أن يقرأوا. فأمر تعالى نبيه الكريم "صلى الله عليه وآله" بمباهلتهم فقال سبحانه وتعالى: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللهُ وَإِنَّ اللَهَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الحَكِيمُ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَهَ عَلِيمٌ بِالمُفْسِدِينَ}([345]). فرضوا بمباهلته "صلى الله عليه وآله"..
فلما رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم: السيد، والعاقب، والأهتم: إن باهلنا بقومه باهلناه؛ فإنه ليس نبياً، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله، فإنه لا يقدم على أهل بيته إلا وهو صادق.
وعن جابر، وابن عباس، وقتادة، وسلمة بن عبد يسوع عن ابيه عن جده، وعن حذيفة، والأزرق بن قيس، والشعبي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما نزلت هذه الآيات دعا وفد نجران إلى المباهلة، فقال: "إن الله تعالى أمرني إن لم تقبلوا هذا أن أباهلكم".
فقالوا: يا أبا القاسم، بل نرجع فننظر في أمرنا.
وفي حديث آخر فقالوا: أخرنا ثلاثة أيام، فخلا بعضهم إلى بعض وتصادقوا.
فقال السيد العاقب: والله يا معشر النصارى، لقد عرفتم أن محمداً لنبي مرسل، ولئن لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين، إنه للاستئصال لكم، وما لاعن قوم قط نبياً فبقي كبيرهم، ولا نبت صغيرهم.
وفي رواية: فقال شرحبيل: لئن كان هذا الرجل نبياً مرسلاً فلاعنَّاه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك.
وفي رواية: لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.
قالوا: فما الرأي يا أبا مريم؟
فقال: رأيي أن أُحَكِّمَه، فإني أرى رجلاً لا يحكم شططاً أبداً.
فقال السيد: فإن كنتم قد أبيتم إلا إلف دينكم، والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم، فوادعوا الرجل، ثم انصرفوا إلى بلادكم.
فلما انقضت المدة أقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" مشتملاً على الحسن والحسين في خميلة له، وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة، وله يومئذٍ عدة نسوة. فقال "صلى الله عليه وآله": "إن أنا دعوت فأمنوا أنتم"([346]).
وعن سعد بن أبي وقاص، عن علي بن أحمر قالا: لما نزلت آية المباهلة دعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً وفاطمة، وحسناً وحسيناً، فقال: "اللهم هؤلاء أهل بيتي"([347]). انتهى.
فتلقى شرحبيل رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: إني قد رأيت خيراً من ملاعنتك.
فقال: "وما هو"؟
فقال: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح، فما حكمت فينا فهو جائز. وأبوا أن يلاعنوه.
وعن ابن عباس قال: لو باهل أهل نجران رسول الله "صلى الله عليه وآله" لرجعوا لا يجدون أهلاً ولاً مالاً([348]).
وروي عن الشعبي مرسلاً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "لقد أراني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر، لو تموا على الملاعنة".
وروي عن قتادة مرسلاً: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران، أن لو فعلوا لاستؤصلوا من الأرض"([349]).
ولما غدا إليهم أخذ بيد حسن حسين، وفاطمة تمشي خلفه، وعلي خلفها، وهو يقول: "إذا أنا دعوت فأمِّنوا".
فقال أسقفهم: إني لأرى وجوهاً لو سألوا الله أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله. فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. والله، لقد عرفتم نبوته، ولقد جاءكم بالفصل في أمر صاحبكم، أي عيسى. فوالله، ما باهل قوم نبياً إلا هلكوا، فإن أبيتم إلا دينكم فوادعوا الرجل، وانصرفوا.
فقالوا: يا أبا القاسم لا نلاعنك.
فقال: "فأسلموا، يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم". فأبوا.
قال: "فإني أناجزكم".
فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة. ولكن نصالحك.
فصالحهم، وقال: "والذي نفسي بيده، إن العذاب تدلى على أهل نجران، ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي ناراً، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر"([350]).
وفي بعض النصوص أنهم قالوا له: لم لا تباهلنا بأهل الكرامة والكبر، وأهل الشارة ممن آمن بك واتبعك؟!
فقال "صلى الله عليه وآله": "أجل، أباهلكم بهؤلاء خير أهل الأرض، وأفضل الخلق".
ثم تذكر الرواية قول الأسقف لأصحابه: "أرى وجوهاً لو سأل الله بها أحد أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله..
إلى أن قال: أفلا ترون الشمس قد تغير لونها، والأفق تنجع فيه السحب الداكنة، والريح تهب هائجة سوداء، حمراء، وهذه الجبال يتصاعد منها الدخان؟! لقد أطلَّ علينا العذاب! انظروا إلى الطير وهي تقيء حواصلها، وإلى الشجر كيف يتساقط أوراقها، وإلى هذه الأرض ترجف تحت أقدامنا"([351]).
كتاب مصالحة النجرانيين:
وبعد امتناعهم عن الدخول في الملاعنة، وتقرر ضرب الجزية على أهل نجران، انصرفوا حتى إذا كان من الغد كتب لهم هذا الكتاب:
"بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله لأهل نجران ـ إذا كان عليهم حكمه ـ في كل ثمرة، وفي كل صفراء وبيضاء ورقيق فأفضل ذلك عليهم، وترك ذلك كله [لهم] على ألفي حلة من حلل الأواقي، في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، مع كل حلة أوقية من الفضة، فما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبالحساب، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عروض أخذ منهم بالحساب، وعلى نجران مؤنة رسلي ومتعتهم ما بين عشرين يوماً فما دون ذلك، ولا تحبس رسلي فوق شهر.
وعليهم عارية ثلاثين درعاً، وثلاثين فرساً، وثلاثين بعيراً، إذا كان كيد ومعرة، وما هلك مما أعاروا رسلي من دروع، أو خيل أو ركاب، [أو عروض] فهو ضمين على رسلي حتى يؤدوه إليهم.
ولنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله على أنفسهم وملتهم، وأرضهم وأموالهم، وغائبهم وشاهدهم، وعشيرتهم، وبيعهم [وصلواتهم]، [وكل ما تحت أيد يهم من قليل أو كثير]، وألا يغيروا مما كانوا عليه بغير حق من حقوقهم ولا ملتهم، ولا يغير أسقف عن أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته.
وليس عليهم دنية، ولا دم جاهلية، ولا يحشرون، ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقاً فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين. [على ألا يأكلوا الربا] فمن أكل الربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ رجل منهم بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله، وذمة النبي محمد رسول الله أبداً، حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا ما عليهم، غير مثقلين بظلم".
شهد أبو سفيان بن حرب، وغيلان بن عمرو، ومالك بن عوف النصري، والأقرع بن حابس الحنظلي، والمغيرة بن شعبة([352]).
كتاب آخر لنصارى نجران:
وفي لفظ: أن الأسقف أبا الحارث أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومعه السيد العاقب، ووجوه قومه، وأقاموا عنده يستمعون ما ينزل الله عز وجل، فكتب للأسقف هذا الكتاب ولأساقفة نجران بعده، يقول فيه:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي رسول الله للأسقف أبي الحارث، وأساقفة نجران وكهنتهم ورهبانهم، وأهل بيعهم، ورقيقهم وكل ما تحت أيديهم من قليل أوكثير، لا يغير أسقف من أسقفيته، وراهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم ولا سلطانهم، ولا مما كانوا عليه، لهم على ذلك جوار الله تعالى ورسوله أبداً، ما نصحوا وأصلحوا، غير مثقلين بظلم ولا ظالمين".
وكتب المغيرة بن شعبة.
فلما قبض الأسقف الكتاب استأذن في الانصراف إلى قومه ومن معه، فأذن لهم فانصرفوا([353]).
نص آخر للكتاب:
وثمة كتاب آخر أرسله إليهم، وهو التالي:
"بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد النبي إلى الأسقف أبي الحارث، وأساقفة نجران وكهنتهم، ومن تبعهم ورهبانهم، أن لهم ما تحت أيديهم من قليل وكثير، من بيعهم وصلواتهم، ورهبانيتهم، وجوار الله ورسوله، لا يغير أسقف من أسقفيته، ولا راهب من رهبانيته، ولا كاهن من كهانته، ولا يغير حق من حقوقهم، ولا سلطانهم، ولا شيء مما كانوا عليه. على ذلك جوار الله ورسوله أبداً ما نصحوا، وصلحوا، فما عليهم غير مثقليين بظلم ولا ظالمين". وكتب المغيرة([354]).
وذكروا: أنه يحتمل أن يكون الكتاب السابق لأهل نجران، وهذا الكتاب للأساقفة، والشاهد على ذلك أن الكتاب السابق ناظر إلى التأمين في الأموال، وهذا الكتاب الأخير ناظر إلى التأمين في المناصب الدينية([355]).
الكتاب بخط علي ×:
زعمت بعض المصادر: أن كاتب هذا الكتاب هو المغيرة بن شعبة([356]).
وقيل: هو معيقيب([357]).
وقيل: هو عبد الله بن أبي بكر([358]).
وقال اليعقوبي: إنه علي "عليه السلام"([359]).
ويؤيده: ما ذكره يحيى بن آدم([360]).
ويؤيده أيضاً: ما ذكروه من أن النجرانيين جاؤوا علياً "عليه السلام" بكتابه الذي كتبه لهم بيده، فراجع([361]).
عهد مكذوب على النبي ':
وقد أظهر نصارى نجران في سنة مائتين وخمس وستين عهداً مطولاً زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتبه لهم، وقد ذكرهما العلامة الأحمدي في كتابه القيم "مكاتيب الرسول" ج3 ص172 فما بعدها..
ثم ذكر قرائن كثيرة على أنهما مفتعلان، ومكذوبان، ويكفي أن نذكر منها: أن عدداً من الشهود الذين ذكرت أسماؤهم كانوا قد استشهدوا قبل قدوم وفد نجران بعدة سنوات.
فإن وفد نجران إنما قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" سنة عشر بالإتفاق، وفي الشهود سعد بن معاذ، وقد استشهد في السنة الرابعة أو الخامسة، في غزوة بني قريظة، وجعفر بن أبي طالب قد استشهد في سنة ثمان. وزيد بن ثابت كان من صغار الصحابة سناً، فكيف بولده عبد الله، كما أن عدداً من الشهود لا نعرف عنهم شيئاً. فراجع([362]).
آية الكلمة السواء متى نزلت؟!
وقد ذكروا: أن قوله تعالى {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}([363]) قد نزل في قصة نصارى نجران. وكانت قصتهم سنة تسع. وقد أدرجها "صلى الله عليه وآله" في كتابهم([364]).
غير أن هذا غير صحيح، فقد كتب النبي "صلى الله عليه وآله" هذه الآية إلى كسرى وقيصر، والنجاشي، والمقوقس قبل سنة تسع بعدة سنوات، فكيف تكون قد نزلت في قصة نجران؟!([365]).
إلا أن يكون المقصود: أنها نزلت مرة ثانية في هذه المناسبة.
رجوع وفد نجران إلى بلادهم:
و لما قبض النجرانيون كتابهم انصرفوا إلى نجران، ومع الأسقف أخ له من أمه، وهو ابن عمه من النسب، يقال له: بشر بن معاوية، وكنيته أبو علقمة. فدفع الوفد كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الأسقف، فبينا هو يقرأه، وأبو علقمة معه، وهما يسيران إذ كبت ببشر ناقته، فتعس بشر غير أنه لا يكني عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال له الأسقف عند ذلك: قد والله تعست نبياً مرسلاً.
فقال له بشر: لا جرم والله لا أحل عقداً حتى آتي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فصرف وجه ناقته نحو المدينة وثنى الأسقف ناقته عليه، فقال له: افهم عني، إنما قلت هذا ليبلغ عني العرب، مخافة أن يقولوا: إنّا أخذنا حقه [أو رضينا بصوته]، أو نجعنا لما لم تنجع به العرب، ونحن أعزهم وأجمعهم داراً.
فقال له بشر: لا والله، لا أقبل ما خرج من رأسك أبداً، فضرب بشر ناقته، وهو مولي الأسقف ظهره وارتجز يقول:
إلـيـك تـعـدو قلقـاً وضـيـنـهـا مـعـترضـاً فـي بـطـنـهـا جنـينها
مخـالفـاً ديـن الـنـصـارى ديـنـه
حتى أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأسلم، ولم يزل معه حتى قتل بعد ذلك.
قال: ودخل الوفد نجران، فأتى الراهب ليث بن أبي شمر الزبيدي، وهو في رأس صومعته.
فقال له: إن نبياً بعث بتهامة، فذكر ما كان من وفد نجران إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه عرض عليهم الملاعنة فأبوا، وإن بشر بن معاوية دفع إليه فأسلم.
فقال الراهب: أنزلوني، وإلا ألقيت نفسي من هذه الصومعة.
قال: فأنزلوه، فانطلق الراهب بهدية إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منها هذا البرد الذي يلبسه الخلفاء، والقعب والعصا. فأقام الراهب مدة بعد ذلك يسمع الوحي والسنن، والفرائض والحدود، ثم رجع إلى قومه ولم يقدر له الإسلام، ووعد أنه سيعود فلم يعد حتى قبض رسول الله "صلى الله عليه وآله"([366]).
وذكر ابن سعد: أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك إلى المدينة وأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب الأنصاري([367]).
الفصل العاشر:
وقفات.. مع حديث النجرانيين
دعوة النجرانين إلى الإسلام متى كانت؟!:
تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل إلى النجرانين يدعوهم إلى الإسلام، ثم بعد أن قدم عليه وفدهم في سنة عشر كتب لهم كتباً أخرى تقدم ذكرها أيضاً..
فقد يقال: إنه "صلى الله عليه وآله" كتب إليهم الكتاب الأول الذي يدعوهم فيه إلى الإسلام من مكة، قبل أن تنزل عليه سورة النمل، كما دلت عليه بعض الروايات([368]). وسورة النمل مكية([369]).
ولكن الصحيح هو أنه "صلى الله عليه وآله" قد كتب إليهم من المدينة بعد الهجرة، ونستند في ذلك إلى ما يلي([370]):
أولاً: قد صرحت النصوص المتقدمة بأنه بمجرد وصول كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" خافوا وأرسلوا وفدهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله" في المدينة، وكانت قصة المباهلة، فراجع .
ثانياً: صرح ابن طاووس في الإقبال: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إليهم هذا الكتاب، بعد أن كتب إلى كسرى وقيصر.. وكتابه لهما إنما كان من المدينة.
ثالثاً: إنه لا معنى لأن يفزع النجرانيون من النبي "صلى الله عليه وآله"، حين كان في مكة، فإنه لم يكن قادراً على فعل أي شيء يوجب خشيتهم.
كما أنه لا معنى لأن يكتب إليهم: "فإن أبيتم آذنتكم بحرب، فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن قادراً آنئذٍ على أن يحمي نفسه من أهل مكة، فهل يعقل أن يعلن الحرب على النجرانيين البعيدين عنه مئات الأميال؟!
رابعاً: لم تكن الجزية قد وضعت في مكة مطلقاً، وقد نزلت آيات الجزية في سنة تسع أو قريباً منها.
فإن أبيتم فالجزية:
قد أبلغ النبي "صلى الله عليه وآله" أهل نجران بان عليهم الجزية إن أصروا على الإلتزام بدينهم، وعلى عبادة العباد، وأبوا عبادة الله.
وهذا النص قد أوضح أن وضع الجزية عليهم إنما هو بإزاء الإصرار على الإستنكاف عن عبادة الله وحده، وترجيح عبادة العباد.. وذلك يظهر وجود خلل بالمعايير يحتم اتخاذ إجراء ضدهم من شأنه أن يراعي آثار هذا الإخلال، فيتعامل مع هذا الإستكبار عن عبادة الله من جهة، ومع ذلك الإنقياد والقبول منهم بأن يكونوا في موقع العبودية للعباد من جهة أخرى، مع إسباغهم صفات الألوهية على أولئك العباد، بادعاء وجود شبهة لديهم في ذلك، ناشئة عن ولادة عيسى من دون أب، أو نحو ذلك مما لم يعد له مجال بعد ظهور الحقيقة بالأدلة القاطعة، وبالمعجزات الظاهرة، فلا مبرر للإصرار على ذلك إلا الإستكبار عن الإنقياد للحق..
فجاء جعل الجزية التي لا بد ان يعطوها عن يد وهم صاغرون، ليكون بمثابة علاج روحي من شأنه أن يطامن نفوسهم، ويدفعهم لمراجعة حساباتهم، ليجدوا أنهم لا يربحون من هذا الإستعلاء والإستكبار، وبذلك يعيد إليهم قدراً من التوازن في نظرتهم إلى القضايا..
مع ملاحظة: أنه لم يُظْهِر إصراراً على تكذيبهم في دعواهم بقاء الشبهة، رفقاً منه بهم، وإفساحاً للمجال للتروي والتأمل.. بالإضافة إلى مصالح أخرى ربما ترتبط بالسياسة العامة للناس في مجال العلاقة بهم، والتعامل معهم في الشأن العقيدي.
حوار مكذوب:
ثم إن أساس الخلاف بين نصارى نجران وبين النبي "صلى الله عليه وآله" هو أنهم يعبدون عباد الله، ولا يعبدون الله، ولأجل ذلك دعاهم إلى المباهلة، وذلك يدل على عدم صحة ما رووه عن ابن عباس قال: اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتنازعوا عنده، فقالت الأحبار: ما كان إبراهيم الا يهودياً، وقالت النصارى: ما كان إلا نصرانياً.
فأنزل الله عز وجل: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلَا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ المُؤْمِنِينَ}([371]).
فقال رجل من الأحبار: أتريد منا يا محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى ابن مريم؟
وقال رجل من نصارى نجران: أوذلك تريد يا محمد وإليه تدعونا؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غيره، ما بذلك بعثني ولا أمرني".
فأنزل الله عز وجل في ذلك: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتَابَ وَالحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَاداً لِي مِنْ دُونِ اللَهِ وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا المَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}([372]).
ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آبائهم من الميثاق بتصديقه وإقرارهم به على أنفسهم، فقال: {وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آَتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ}([373])"([374]).
إذ كيف يصح اتهامهم النبي "صلى الله عليه وآله" بأنه يريد من الناس أن يعبدوه كما يعبد النصارى عيسى "عليه السلام"، مع أنه هو الذي يريد ان يصدهم عنه.
فإن هذه الايات قد وردت في سورة آل عمران، وهذه السورة قد نزلت قبل قضية المباهلة بسنوات كثيرة. فكيف يقال: أنها قد نزلت في المباهلة في أواخر حياته "صلى الله عليه وآله"..
والجواب عن ذلك هو: أن الله تعالى قد أنزل عليه "صلى الله عليه وآله" هذه الآيات مرة ثانية، حين جاءت مناسبتها، وذلك غير بعيد..
لماذا لم يكلمهم رسول الله '؟!:
وقد ذكرت الرواية: أن وفد نجران كلموا رسول الله "صلى الله عليه وآله" مرات عديدة، فلم يجبهم "صلى الله عليه وآله"، حتى أرشدهم علي "عليه السلام" إلى ضرورة تغيير ملابسهم الفاخرة، فحينئذٍ كلمهم "صلى الله عليه وآله"..
والسؤال هنا ذو شقين:
أحدهما: هل ارتداء الملابس الفاخرة خطيئة تستوجب الإعتراض المتمثل بهذا الصدود والإعراض؟!
الثاني: وجدنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يكتفي بالإعتراض على آخرين جاؤوه على مثل هذه الحالة، من دون أن ينتهي الأمر به إلى هذا الحد من التشدد والصدود والإعراض.
ونقول في الجواب:
إن لبس فاخر الثياب ليس حراماً إذا جاء على رسله ولم يستبطن معنى آخر مبغوضاً ومرفوضاً، مثل أن تكون هذه المظاهر هي مصدر الإعتزاز لدى من يلجأ لممارستها، أو أنه يريد من خلالها أن يتيه على الآخرين ويؤذيهم بها، ويسعى لكسب الإمتيازات التي لا يستحقها..
بل ربما يريد أن يخدع بها الناس، ويؤثر على نظرتهم حتى في أمور الدين والإعتقاد، والنظرة والإيحاء لهم بأن غناه إنما هو لقدرات اختص بها دونهم، وهذا ما حكاه الله تعالى عن قارون بقوله: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَ الصَّابِرُونَ}([375]).
وكان قد قال لقومه: {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي}([376]).
وربما يؤدي ذلك إلى إيهامهم بأن ما حصل عليه من مال إنما هو لخصوصية في دينه، فتحت له أبواب الغنى التي حرم منها الآخرون، لأن دينهم لم يقدر على تأمينها لهم، بل ربما كان هو السبب فيما يعانونه من فقر وحاجة..
وإذا كان هذا الذي يظهر للناس على هذه الحال من رجال الدين فذلك يوحي لهم بأن رسالة الدين هي الإعتزاز بالمال وهو جزء من أهدافه..
فذلك كله أو بعضه يحتم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يعترض على من يسير في هذا الإتجاه، ولا بد أن يكون اعتراضه أشد قسوة حين يكون من يفعل ذلك يقدم نفسه للناس على أنه من القيادات الدينية، ولا يورد ولا يصدر إلا في الحدود التي يسمح له بها الشرع، فيؤدي ذلك إلى تكريس هذا الأمر على أساس اعتقادي ديني، ينسب فيه هذه الأمر إلى الله سبحانه، وأنه هو الذي اختار ذلك لعباده..
ما تقول في عيسى؟!:
قد زعمت الرواية: أن الوفد سأل النبي "صلى الله عليه وآله" عن عيسى فقال: "ما عندي فيه شيء الخ..".
ونقول:
إن ذلك موضع ريب وشك:
أولاً: لأنه كان قد أخبرهم بما يقوله في عيسى حين أخبرهم بأنه لا يقول بأن لله تعالى ولداً، كما يقولونه في عيسى..
ثانياً: إن الآيات في شأن عيسى كانت قد نزلت عليه قبل سنوات من ذلك التاريخ، فلماذا لم يبادر إلى قراءتها عليهم. مع أنها هي نفسها التي قرأها عليهم بعد أن استمهلهم؟!
فقد قرأ، أو ضمّن كلامه قوله تعالى: {إِنَّمَا المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ}([377]).
وقرأ عليهم آية سورة المائدة: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ}([378]).
وقوله تعالى في سورة آل عمران: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}([379]).
فلماذا يؤجل "صلى الله عليه وآله" الإجابة وعنده الآيات الكثيرة التي تتضمن الجواب الكافي والشافي على ذلك السؤال، ثم إنه حين أجابهم لم يزد على استعادة تلك الآيات وقرائتها عليهم.
ثالثاً: إنه حتى لو لم تكن تلك الآيات قد نزلت عليه "صلى الله عليه وآله" فإن العقل الإنساني يقضي بأن الله لا يمكن ان يكون له ولد، وبأن خلق آدم أعظم من خلق عيسى.. ولا شك في أن هذا ما يقوله رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فلماذا لا يذكره لهم، ما دام أن السؤال موجه مباشرة، حيث قالوا له: "ما تقول في عيسى بن مريم؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى، يسرنا إن كنت نبياً أن نعلم قولك فيه".
يصالحهم على أّلا يأكلوا الربا:
هذا.. وقد أعطاهم النبي "صلى الله عليه وآله" ذمته في أمور كثيرة كلها لمصلحتهم، فلا يغيَّر أسقف عن أسقفيته، ولا راهب عن رهبانيته، وليس عليهم دنية، ولا دم جاهلية، ولا يحشرون ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم جيش، ولا بد أن ينصفوا، على أن لا يأكلوا الربا.
وهذا يبين مدى حساسية الإسلام من أكل الربا، فرغم أنه يقرهم على دينهم، ولا يرضى بالتدخل في شأنهم الديني، ولو بمستوى تغيير راهب عن رهبانيته، فإنه يعطيهم هذه الإمتيازات التي كان يستطيع أن يمنعهم بعضها، من دون أن يخل ذلك بميزان الإنصاف والعدل.
ولكنه آثرهم بذلك كله في مقابل أن لا يأكلوا الربا، رغم ان أكلهم الربا لا يوجب خللاً مباشراً في حياة المسلمين، وإنما هو يوجب خللاً في مجتمعهم هم بالدرجة الأولى، ولكنه أراد أن يحفظهم هم عن التعرض لسلبيات هذه الخطيئة التي تنال الضعفاء وترهقهم، وتبدد جهدهم، وتعطيه لمن لا يستحقه..
بل إن سلبيات هذه العاهة لا تنحصر في الحالة المالية والمعيشية منها لكي يقال: إنها تصيب الفقراء دون سواهم، بل تتعداها إلى أضرار روحية ونفسية خطيرة، حتى على آكل الربا نفسه، حيث يتحول إلى حيوان كاسر شرس لا يحمل في داخله أي شعور إيجابي تجاه أخيه الإنسان فضلاً عن غيره من المخلوقات والكائنات.. بل هو يتحول إلى طاغوت جبار، ومصاص دماء.
ثم إن من أبسط نتائج هذه العاهة هو أن يفقد الناس أي دافع لعمل المعروف، فيشعر الفقير بقسوة صاحب المال عليه، ويرى أنه يمعن في إذلاله واستغلاله، وصاحب المال لا يجد لديه الحافز لمساعدة الفقير والتخفيف من آلامه، وتكون النتيجة هي زوال المعروف كما قال الإمام الباقر "عليه السلام": "إنما حرم الله عز وجل الربا لئلا يذهب المعروف"([380]).
وقيل للصادق "عليه السلام": "لم حرم الربا؟
قال: لئلا يتمانع الناس المعروف"([381]).
يضاف إلى ذلك: أن شيوع الربا يعطل المال عن اداء دوره في تداول السلع، وتأثيره في إنعاش الإقتصاد، ويمنع من نمو الأموال في أيدي الناس بصورة متوازنة، حيث يؤدي إلى تراكم الأموال في مواقع بعينها، وزيادة عجز الآخرين عن الحصول على أموال يمكنهم التحرك بها في المجالات المختلفة، ثم هي تمنع من استحداث أي موقع سواها على مر الأيام..
ولعل هذا هو ما يشير إليه، ما روي عن هشام بن الحكم: "قال سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن علة تحريم الربا.
قال: إنه لو كان الربا حلالاً لترك الناس التجارات، وما يحتاجون إليه، فحرم الله الربا لتفر الناس عن الحرام إلى التجارات، وإلى البيع والشراء، فيتصل ذلك بينهم في القرض"([382]).
وعن الإمام الرضا "عليه السلام": "إنما نهى الله عز وجل عنه لما فيه من فساد الأموال، لأن الإنسان إذا اشترى الدرهم بالدرهمين كان ثمن الدرهم درهماً، وثمن الآخر باطلاً، فبيع الربا وشراؤه وكس على كل حال على المشتري، وعلى البائع، فحظر الله تبارك وتعالى على العباد الربا لعلة كساد الأموال"([383]).
وعلى كل حال، فإن التعامل بالربا يفسد الأموال، والأرواح والقلوب على حد سواء، ويوجب سقوط المعايير، وينحرف بالفطرة عن الصراط السوي..
وذلك كله يوصد ابواب الهداية، ويضعف فرص وصول الإنسان إلى الحق، وتفاعله معه، وقبوله به، وخضوعه له..
أما حين تستبعد هذه العاهة، وتمنع من التأثير على واقع المجتمع الإنساني، فإن صدود النجرانيين عن الحق لبعض الموانع، أو لتأثرهم بشبهة، أو بظرف بعينه لا يوصد أمامهم أبواب الهداية إلى الأبد، بل تبقى الفرصة أمامهم سانحة ما دامت الفطرة سليمة، مؤيدة بصفاء النفوس، وطهر الأرواح، وسلامة وصحة المعايير..
وبعد كل هذا الذي ذكرناه، فإن المسلمين كانوا يعيشون بالقرب من مجتمع النصارى، أو أنهم يخالطونهم، فلا بد من حفظهم وصيانتهم من عدوى أية عاهة قد تصيب تلك الجماعات.
ومن الطبيعي أن تكون حصانتهم من الناحية العقيدية والإيمانية قوية، بسبب قوة البراهين التي تدعوهم للإيمان والثبات فيه..
ولكن الحصانة في موضوع الأموال التي يسيل لها لعاب الطامعين والطامحين تبقى أضعف من غيرها. وهي في معرض الإهتزاز، أو السقوط أمام حب الإنسان للمال، قال تعالى: {وَتُحِبُّونَ المَالَ حُبّاً جَمّاً}([384]). فلا بد من تجفيف منابع الإغراء من أصولها، وجذورها، فكان هذا الإجراء منه "صلى الله عليه وآله" يتوافق مع القاعدة التي تقول: "درهم وقاية خير من قنطار علاج".
مؤنة الرسل وإعارتهم الخيل والدروع:
وقد لاحظنا: أنه "صلى الله عليه وآله" يضمِّن كتاب الصلح بنداً يتعلق بمؤنة رسله، وأن يعيرهم النجرانيون الدروع والخيل. وضمان رسله ما يستعيرونه من ذلك حتى يؤدوه إليهم.. إن اعتبار هذا الأمر بنداً إلزامياً في كتابه "صلى الله عليه وآله" لأهل نجران يشير على أنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد أن يشعر النجرانيون بأن ما يقدمونه للرسل إنما يتم تحت وطأة الخوف من محمد "صلى الله عليه وآله"، وأن هذا ابتزاز بعنوان ضيافة.
مع غض النظر عن ذلك فإن شعورهم بأنهم متفضلون على المسلمين قد يغريهم بالتشبث بمفردات الضلال والإنحراف التي يعيشونها، وقد تعرض لهم حالة من التيه والتعالي تجعلهم يشعرون بعدم الحاجة إلى مراجعة حساباتهم لاكتشاف مواطن الضعف والقوة في مواقفهم.
كما أنه لا يريد لرسله أن يشعروا بمنة هؤلاء الناس عليهم، وبالمديونية لهم، ولا أن يعيشوا الحرج النفسي من جراء ذلك.
وكذلك الحال بالنسبة للعارية المضمونة، سواء بالنسبة للمعير، أو بالنسبة للمستعير. وقد جاء الحكم بضمان تلك العارية لأصحابها لمنع تكوين أي تصور أو شعور غير مرغوب فيه لدى الفريقين حسبما أوضحناه.
فتلخص أن جعل ذلك حقاً مفروضاً على هؤلاء، ومطلوباً لأولئك، يحسم الأمر في ذلك كله لصالح أهل الإيمان، ولصالح أهل نجران، لأن منع حدوث أي نوع من أنواع سوء الفهم، أو نشوء تخيلات ومشاعر سلبية تعيق عن معالجة قضايا حساسة وأساسية، بصدق وصفاء، وتعقل وأناة وروية.
أبو عبيدة أمين هذه الأمة:
وقد رووا عن ابن مسعود: أن السيد العاقب، وأبا الحارث بن علقمة أتيا رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكي يلاعناه، فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه، فوالله لئن كان نبياً فلاعنته لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا.
فقالا: يا أبا القاسم، قد رأينا أن لا نلاعنك، وأن نتركك على دينك، ونرجع على ديننا، ولكن ابعث معنا رجلاً أميناً، ولا تبعث معنا إلا أميناً.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": "لأبعثن معكم رجلاً أميناً حق أمين".
فاستشرف لها أصحابه.
فقال: "قم يا أبا عبيدة بن الجراح".
فلما قام قال: "هذا أمين هذه الأمة"([385]).
وعن ابن عمر: سمعت عمر يقول: ما احببت الإمارة إلا مرة واحدة، فذكر هذه القصة. وقال في آخرها: فتعرضت أن تصيبني، فقال: قم يا أبا عبيدة الخ.. ([386]).
ونقول:
أولاً: إنه لا ريب في أن الأمانة لدى المسلمين لا تنحصر بأبي عبيدة، فإن الأمناء في هذه الأمة كثيرون، فلماذا خص أبا عبيدة بهذه الصفة، أم أن أمانته كانت أقوى أو أشد، أو أكثر من أمانة سلمان وعمار، وعلي "عليه السلام"؟!
وهل يرضى محبو الخلفاء بأن يكون أبو بكر وعمر وعثمان و.. و.. الخ.. ليسوا بهذه المثابة من الأمانة في الأمة؟!
ثانياً: إن أصل هذه القضية مشكوك فيه، فقد قال الزرقاني: "ذكر ابن إسحاق: أنه "صلى الله عليه وآله" بعث علياً إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم.
وهذه غير قصة أبي عبيدة لأنه توجه معهم، فقبض مال الصلح ورجع. وعلي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" بعد ذلك، فقبض ما استحق عليهم من الجزية، ويأخذ ممن أسلم ما وجب عليه من الصدقة"([387]).
ولا يخفى أن هذا الجمع تبرعي، وهو لا يوجب إلغاء احتمال أن تكون قضية أبي عبيدة مكذوبة.
ثالثاً: إن مما يزيد الريب في صحة رواية أبي عبيدة: أننا لا نجد مبرراً لتأكيد النجرانيين على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يرسل معهم أميناً:
1 ـ إذ متى أرسل من جباة الصدقات وحملة أموال الجزية إليه من خان الأمانة واستولى على الأموال؟!
2 ـ يضاف إلى ذلك: أن هذا الأمر يعود القرار فيه إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فما هذا التدخل منهم في شأنٍ لا يعنيهم؟!
3 ـ أم أن المقصود هو اتهام النبي "صلى الله عليه وآله" في رأيه، أو نسبة التهاون إليه في حفظ الأموال؟!
4 ـ متى أصبح النجرانيون يغارون على مصالح المسلمين، ويهتمون بحفظ اموالهم من الخونة؟!
5 ـ إن كتاب الجزية قد حدد المقادير المطلوبة من النجرايين، فهو يطالبهم بما حدده ذلك الكتاب، ويطالب رسوله به أيضاً، فلا مجال للخيانة والتستر على شيء من المال..
رابعاً: حديث عمر: ما أحببت الإمارة إلا مرة واحدة، فذكر هذه القصة لا يمكن القبول به، فقد روي هذا الموقف عن عمر بن الخطاب في عدة مناسبات كما ألمحنا إليه في موضع آخر في هذا الكتاب، فقد قال ذلك في:
1 ـ خيبر.
2 ـ عند وفد نجران.
3 ـ وفي عير ذلك.
خامساً: إن هذا الذي زعموا أنه أمين هذه الأمة قد خان الأمة في أعظم حقوقها، وذلك حين مالأ على اغتصاب الخلافة من صاحبها الشرعي، كما سيأتي بيانه حين الحديث عن السقيفة، التي كان أبو عبيدة أحد أركانها، وانتجت إغتصاب الخلافة من أمير المؤمنين "عليه السلام"، بالإضافة إلى ضرب الزهراء "عليها السلام" حتى أسقطت المحسن واستشهدت.. وغير ذلك من عظائم وجرائم.
صلاة النصارى في مسجد النبي ':
تقدم: أن النصارى لما حانت صلاتهم قاموا في مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلون، فأراد الناس منعهم، فقال "صلى الله عليه وآله": "دعوهم".
وقد قال بعضهم في توجيه ذلك: "إن الناس أرادوا منعهم لما في فعلهم من إظهار دينهم الباطل بحضرة المصطفى وفي مسجده، وإنما أمر "صلى الله عليه وآله" بتركهم، تأليفاً لهم، ورجاء إسلامهم، ولدخولهم بأمان، فأقرهم على كفرهم، ومنع من التعرض لهم، فليس فيه إقرار على الباطل".
ونقول:
أولاً: إن دخولهم بأمان لا يعني السماح لهم بالصلاة في موضع لا يرضى المسلمون بصلاتهم فيه، ويدينون إلى الله في منعهم من ذلك، إنطلاقاً من حكم شرعي ثابت عندهم.
ثانياً: إن تأليف النجرانيين لا يتوقف على السماح لهم بالصلاة في داخل المسجد، إذا كان الشرع يمنع من ذلك.
والذي نراه هو أنهم كانوا في موضع ملحق بالمسجد، ولم يكن يحرم وجود الكافر في ذلك الموضع، فأراد المسلمون أن يمنعوهم من ممارسة حريتهم في ذلك الموضع من دون مراجعة النبي "صلى الله عليه وآله"، فمنعهم النبي "صلى الله عليه وآله" من ذلك.
دخول الكافر إلى المسجد:
وقد حاول بعضهم أن يقول: إن الروايات تتحدث عن دخول وفد نجران إلى المسجد النبوي لملاقاة النبي "صلى الله عليه وآله"، والإحتجاج عليه، ثم مباهلته..
كما أن روايات أخرى تفيد أن بعض المشركين كانوا يدخلون إلى المسجد لملاقاة النبي "صلى الله عليه وآله"، فهذا وذاك يدلنا على جواز دخول الكتابي بل مطلق الكافر حتى لو كان مشركاً أو ملحداً إلى المسجد..
ونقول:
كنا قد تحدثنا عن هذا الأمر حين الحديث عن وفاة زيد الخيل ودخوله إلى المسجد، ولكننا نعيد تذكير القارئ ببعض ما ذكرناه من أن المحرم من دخول الكافر إلى المسجد هو الموضع الذي تكون فيه الصلاة، أما دخوله إلى باحة المسجد وساحاته، وإلى غيرها من الملحقات بموضع الصلاة فلا ضير فيه..
ولعل النبي "صلى الله عليه وآله" كان يلقى أهل الكتاب والمشركين في غير مكان الصلاة.. فإن الناس يطلقون على باحة المسجد أنها مسجد، لأنها من شؤونه، ومتمماته، التي يحتاج إليها المصلون في التهيؤ والإستعداد للصلاة.
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الثالث: وفادة الملوك سنة تسع ووفد همدان............ PAGEREF _Toc148757463 \h 5 ـ 32
الفصل الرابع: وفود سنة تسع..................................... PAGEREF _Toc148757482 \h 33 ـ 74
الفصل الخامس: وفود سنة تسع قبل شهر رمضان.. ووفد ثقيف PAGEREF _Toc148757509 \h 75 ـ 126
الفصل السادس: وفود السنة العاشرة والحادية عشرة. PAGEREF _Toc148931500 \h 127 ـ 166
الفصل السابع: خمسة وفود بلا تاريخ....................... PAGEREF _Toc148931528 \h 167 ـ 248
الفصل الثامن: وفود بلا تاريخ، قليلة التفاصيل........... PAGEREF _Toc148931574 \h 249 ـ 296
الفصل التاسع: وفد نجران.. أحداث وتفاصيل............. PAGEREF _Toc148931619 \h 297 ـ 324
الفصل العاشر: وقفات.. مع حديث النجرانيين............. PAGEREF _Toc148931632 \h 325 ـ 352
الفهارس............................................................ 353 ـ 359
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2,1,عنوان 3,1,عنوان 4,1,عنوان 5,1,عنوان 6,1"
الفصل الثالث: وفادة الملوك سنة تسع.. ووفد همدان
ملوك حمير قبل الإسلام:........................................................ PAGEREF _Toc150316375 \h 7
النبي ' وملوك حمير:........................................................... PAGEREF _Toc150316376 \h 7
كتابه ' إلى ملوك حمير، وأذواء اليمن:...................................... PAGEREF _Toc150316377 \h 9
من هو وافد حمير:.............................................................. PAGEREF _Toc150316378 \h 11
كتاب النبي ' لأهل اليمن:.................................................... PAGEREF _Toc150316379 \h 13
تكرار كلمة "أما بعد":........................................................ PAGEREF _Toc150316380 \h 19
الإعلان والإشهاد على الإسلام:............................................. PAGEREF _Toc150316381 \h 19
الإيمان قول وعمل:............................................................ PAGEREF _Toc150316382 \h 19
قتال المشركين دون غيرهم:.................................................. PAGEREF _Toc150316383 \h 20
من يأخذ الصدقات من الناس؟!:............................................. PAGEREF _Toc150316384 \h 20
رسول الله مولى غنيكم وفقيركم:............................................ PAGEREF _Toc150316385 \h 21
إنما هي زكاة يتزكى بها:...................................................... PAGEREF _Toc150316386 \h 21
وصية النبي ' لرسوله:....................................................... PAGEREF _Toc150316387 \h 21
وفد همدان:....................................................................... PAGEREF _Toc150316388 \h 22
توضيحات:...................................................................... PAGEREF _Toc150316389 \h 27
كتاب لهمدان:.................................................................... PAGEREF _Toc150316390 \h 28
الثناء على همدان:.............................................................. PAGEREF _Toc150316391 \h 30
الفصل الرابع: وفود سنة تسع
وفود مرّة:........................................................................ PAGEREF _Toc150316394 \h 35
الكرامة صنع إلهي:............................................................. PAGEREF _Toc150316395 \h 37
قتل الدعاة إلى الله:.............................................................. PAGEREF _Toc150316396 \h 38
وفود فزارة:...................................................................... PAGEREF _Toc150316397 \h 39
ويضحك ربنا:................................................................... PAGEREF _Toc150316398 \h 42
سؤال النبي ' عن حال بلاد فزارة:........................................ PAGEREF _Toc150316399 \h 43
أين نزل المطر؟!:.............................................................. PAGEREF _Toc150316400 \h 43
ليشفع ربك إليك:................................................................ PAGEREF _Toc150316401 \h 44
إعتراض أبي لبابة على الله ورسوله:....................................... PAGEREF _Toc150316402 \h 45
عري أبي لبابة:.................................................................. PAGEREF _Toc150316403 \h 45
اللهم حوالينا.. لا علينا:......................................................... PAGEREF _Toc150316404 \h 46
كان لا يرفع يديه في الدعاء:................................................. PAGEREF _Toc150316405 \h 47
وفود بني كلاب:................................................................ PAGEREF _Toc150316406 \h 50
وفود الداريين:................................................................... PAGEREF _Toc150316407 \h 52
لماذا تغيير الأسماء؟!:......................................................... PAGEREF _Toc150316408 \h 53
تاريخ وفادة الداريين:.......................................................... PAGEREF _Toc150316409 \h 55
إقطاع قريتين لتميم:............................................................ PAGEREF _Toc150316410 \h 56
وفود طيء مع زيد الخيل:.................................................... PAGEREF _Toc150316411 \h 60
متى غير اسم زيد الخيل؟!:................................................... PAGEREF _Toc150316412 \h 65
عظمة زيد عند رسول الله ':................................................ PAGEREF _Toc150316413 \h 65
ثناء النبي على زيد الخيل:.................................................... PAGEREF _Toc150316414 \h 66
دخول المشركين إلى المسجد:................................................ PAGEREF _Toc150316415 \h 69
وزر بن سدوس ينتصر:....................................................... PAGEREF _Toc150316416 \h 71
وفد بني البكَّاء:.................................................................. PAGEREF _Toc150316417 \h 72
التبرك بالرسول ':............................................................ PAGEREF _Toc150316418 \h 73
الفصل الخامس: وفود سنة تسع قبل شهر رمضان.. ووفد ثقيف
وفد بني أسد:..................................................................... PAGEREF _Toc150316421 \h 77
يمنون عليك أن أسلموا، فيمن نزلت؟!:..................................... PAGEREF _Toc150316422 \h 79
بنو الزنية أو الرشدة:........................................................... PAGEREF _Toc150316423 \h 81
علم الخط وضرب الرمل:..................................................... PAGEREF _Toc150316424 \h 82
الأنبياء ^ وعلم الخط:......................................................... PAGEREF _Toc150316425 \h 83
وفد بني عذرة:.................................................................. PAGEREF _Toc150316426 \h 87
نحن بنو عذرة:.................................................................. PAGEREF _Toc150316427 \h 89
وفد زمل بن عمرو:............................................................ PAGEREF _Toc150316428 \h 91
زمل العذري عند يزيد:........................................................ PAGEREF _Toc150316429 \h 92
عقد له لواء:...................................................................... PAGEREF _Toc150316430 \h 92
لا تسألوا الكهان:................................................................ PAGEREF _Toc150316431 \h 94
هرقل عقدة تحتاج إلى حل:................................................... PAGEREF _Toc150316432 \h 94
السؤال عن الأشخاص:........................................................ PAGEREF _Toc150316433 \h 95
وفود بلي:......................................................................... PAGEREF _Toc150316434 \h 96
تنبيه:.............................................................................. PAGEREF _Toc150316435 \h 97
الوفد الثاني لثقيف:.............................................................. PAGEREF _Toc150316436 \h 98
هدم الطاغية:.................................................................. PAGEREF _Toc150316437 \h 104
الوفد العائد:.................................................................... PAGEREF _Toc150316438 \h 105
كتاب رسول الله ' لوفد ثقيف:............................................ PAGEREF _Toc150316439 \h 107
كتاب آخر لوفد ثقيف:....................................................... PAGEREF _Toc150316440 \h 110
إيضاحات لا بد منها:........................................................ PAGEREF _Toc150316441 \h 112
إلغاء سوق عكاظ:............................................................ PAGEREF _Toc150316442 \h 114
شهادة الحسنين ' على كتاب ثقيف:...................................... PAGEREF _Toc150316443 \h 114
ملك سليمان:................................................................... PAGEREF _Toc150316444 \h 115
علم عثمان بن أبي العاص:................................................. PAGEREF _Toc150316445 \h 116
لا خير في دين لا صلاة فيه:............................................... PAGEREF _Toc150316446 \h 117
لا مساومة على أحكام الله:.................................................. PAGEREF _Toc150316447 \h 117
جمع القرآن في عهد رسول الله ':....................................... PAGEREF _Toc150316448 \h 118
ادعُ الله أن يفقهني، ويعلمني:............................................... PAGEREF _Toc150316449 \h 119
عثمان بن أبي العاص يمدح نفسه:........................................ PAGEREF _Toc150316450 \h 119
المغيرة يقدم أبا سفيان، فيرفض:.......................................... PAGEREF _Toc150316451 \h 120
توضيحات عن وفد ثقيف:.................................................. PAGEREF _Toc150316452 \h 120
لكي يسمعهم القرآن ويريهم الصلاة:...................................... PAGEREF _Toc150316453 \h 121
استئثار أبي بكر بالبشارة:................................................... PAGEREF _Toc150316454 \h 122
أسكنهم في ناحية المسجد:................................................... PAGEREF _Toc150316455 \h 123
يسيئون الظن برسول الله ':............................................... PAGEREF _Toc150316456 \h 123
تأجيل هدم الطاغية:.......................................................... PAGEREF _Toc150316457 \h 124
لا يكسرون أصنامهم بأيديهم:.............................................. PAGEREF _Toc150316458 \h 125
نظرة في كتاب ثقيف:....................................................... PAGEREF _Toc150316459 \h 125
الفصل السادس: وفود السنة العاشرة والحادية عشرة
وفود بني تغلب:............................................................... PAGEREF _Toc150316462 \h 129
إستغلال سذاجة الآخرين ممنوع:.......................................... PAGEREF _Toc150316463 \h 129
وفود الرهاويين:.............................................................. PAGEREF _Toc150316464 \h 131
إجازات النبي ' للوفود:..................................................... PAGEREF _Toc150316465 \h 132
وفد غامد:...................................................................... PAGEREF _Toc150316466 \h 135
وفود كندة:..................................................................... PAGEREF _Toc150316467 \h 137
عدد أعضاء الوفد:........................................................... PAGEREF _Toc150316468 \h 142
الرسول ' لا يرضى بلبس الحرير:...................................... PAGEREF _Toc150316469 \h 142
أبيت اللعن تحية الملوك:..................................................... PAGEREF _Toc150316470 \h 143
لا تناقض في فعل النبي ':................................................. PAGEREF _Toc150316471 \h 144
بكاء النبي ' حيَّرهم:........................................................ PAGEREF _Toc150316472 \h 145
النبي ' يصد الأشعث:...................................................... PAGEREF _Toc150316473 \h 145
الأولاد مجبنة مبخلة:......................................................... PAGEREF _Toc150316474 \h 146
وفود بني سلامان:............................................................ PAGEREF _Toc150316475 \h 147
وفود خثعم:.................................................................... PAGEREF _Toc150316476 \h 150
وفد بني الحارث بن كعب:.................................................. PAGEREF _Toc150316477 \h 151
قضايا فطرية تأتي بالنصر:................................................ PAGEREF _Toc150316478 \h 154
النبي ' يشهد لنفسه بالنبوة:................................................ PAGEREF _Toc150316479 \h 155
تهديد النبي ' لبني الحارث:................................................ PAGEREF _Toc150316480 \h 155
وفود محارب:................................................................. PAGEREF _Toc150316481 \h 156
آثار لقاءات عكاظ ظهرت في المدينة:................................... PAGEREF _Toc150316482 \h 157
وفود زبيد في السنة الحادية عشرة:....................................... PAGEREF _Toc150316483 \h 158
آخر الوفود وفد النخع:....................................................... PAGEREF _Toc150316484 \h 159
فتنة آخر الزمان:.............................................................. PAGEREF _Toc150316485 \h 162
متى قدم زرارة بن عمرو؟!:............................................... PAGEREF _Toc150316486 \h 164
حديث رؤيا زرارة:.......................................................... PAGEREF _Toc150316487 \h 165
الفصل السابع: خمسة وفود بلا تاريخ
1 ـ وفد أزد شنوءة:.......................................................... PAGEREF _Toc150316490 \h 169
بُدْنُ الله تنحر عند شكر:........................................... PAGEREF _Toc150316491 \h 171
تفويض حرب المشركين لصُرد الأزدي:...................... PAGEREF _Toc150316492 \h 173
هل فتحت جرش عنوة أو صلحاً؟!:............................ PAGEREF _Toc150316493 \h 173
أسئلة أخرى تحتاج إلى جواب:.................................. PAGEREF _Toc150316494 \h 174
علاقة الجاسوسين بأبي بكر وعثمان:.......................... PAGEREF _Toc150316495 \h 176
مدائح النبي ' لأهل جرش:...................................... PAGEREF _Toc150316496 \h 179
في وفد أزد عمان:.................................................. PAGEREF _Toc150316497 \h 180
وفد الأزد في حديث آخر:......................................... PAGEREF _Toc150316498 \h 182
2 ـ وفود مهرة:............................................................... PAGEREF _Toc150316499 \h 183
قدوم نافع بن زيد الحميري:...................................... PAGEREF _Toc150316500 \h 184
حديث القلم.. والجبر والعدل:..................................... PAGEREF _Toc150316501 \h 185
استفادة الجبرية من أحاديث القلم:............................... PAGEREF _Toc150316502 \h 188
لماذا كانت القدرية مثل المجوس؟!:............................ PAGEREF _Toc150316503 \h 189
نماذج من أحاديث الجبر:......................................... PAGEREF _Toc150316504 \h 189
الشيعة بريئون من الجبر:......................................... PAGEREF _Toc150316505 \h 193
من سلبيات تعميم القدر لأفعال العباد:.......................... PAGEREF _Toc150316506 \h 193
الجبر واليهود، والمشركون:...................................... PAGEREF _Toc150316507 \h 195
الحكَّام ومقولة الجبر:.............................................. PAGEREF _Toc150316508 \h 195
رواية أهل البيت ^ لحديث جف القلم:.......................... PAGEREF _Toc150316509 \h 198
المخلوق الأول:..................................................... PAGEREF _Toc150316510 \h 201
3 ـ وفد بني شيبان:........................................................... PAGEREF _Toc150316511 \h 204
سبب إعطاء الكتاب لقيلة:......................................... PAGEREF _Toc150316512 \h 207
تشابه الأحداث:...................................................... PAGEREF _Toc150316513 \h 207
أرعدت من الفرق:................................................. PAGEREF _Toc150316514 \h 208
الطعن في النبوة:.................................................... PAGEREF _Toc150316515 \h 209
لو لم تكوني مسكينة:............................................... PAGEREF _Toc150316516 \h 210
4 ـ وفد الأشعريين:.......................................................... PAGEREF _Toc150316517 \h 211
هل الأشعريون أفضل أهل الأرض؟!:......................... PAGEREF _Toc150316518 \h 214
الإيمان والحكمة يمانيان:.......................................... PAGEREF _Toc150316519 \h 215
الأشعريون والإعتقادات:.......................................... PAGEREF _Toc150316520 \h 218
عمرو بن الحمق قائد الأشعريين:................................ PAGEREF _Toc150316521 \h 220
دعاء النبي ' لزبيد:................................................ PAGEREF _Toc150316522 \h 223
5 ـ وفود بني حنيفة ومسيلمة الكذاب:.................................... PAGEREF _Toc150316523 \h 224
هل رأى مسيلمة رسول الله ':.................................. PAGEREF _Toc150316524 \h 233
تعظيم مسيلمة خرافة:.............................................. PAGEREF _Toc150316525 \h 234
النبي ' يفضح نوايا مسيلمة:..................................... PAGEREF _Toc150316526 \h 235
مسيلمة يريد ولاية الأمر بعد النبي ':.......................... PAGEREF _Toc150316527 \h 236
مسيلمة يستثير الغرائز والأهواء:................................ PAGEREF _Toc150316528 \h 237
مفارقة مثيرة:....................................................... PAGEREF _Toc150316529 \h 238
الأرض لله يورثها من يشاء:..................................... PAGEREF _Toc150316530 \h 239
تهديد الرسولين:..................................................... PAGEREF _Toc150316531 \h 240
منام رسول الله ':.................................................. PAGEREF _Toc150316532 \h 241
ضرس أحدكم في النار مثل أحد:................................ PAGEREF _Toc150316533 \h 243
الفصل الثامن: وفود بلا تاريخ، قليلة التفاصيل
وفد أحمس:.................................................................... PAGEREF _Toc150316536 \h 251
أنتم اليوم لله:................................................................... PAGEREF _Toc150316537 \h 252
إبدأوا بالأحمسيين:............................................................ PAGEREF _Toc150316538 \h 253
الحماس في الدعاء لأحمس:................................................ PAGEREF _Toc150316539 \h 253
وفود قيس بن غَرْبَة:......................................................... PAGEREF _Toc150316540 \h 254
إختلاف الروايات:............................................................ PAGEREF _Toc150316541 \h 255
غزو خثعم بالأحمسيين:..................................................... PAGEREF _Toc150316542 \h 255
وفود غافق:.................................................................... PAGEREF _Toc150316543 \h 256
وفود حضرموت:............................................................ PAGEREF _Toc150316544 \h 257
معنى النبوة في وجدان الناس:.............................................. PAGEREF _Toc150316545 \h 258
البشائر بالرسول:............................................................. PAGEREF _Toc150316546 \h 259
وفادة الحكم بن حزن الكلفي:............................................... PAGEREF _Toc150316547 \h 259
وفود بني بكر بن وائل:...................................................... PAGEREF _Toc150316548 \h 260
وفود الصدف:................................................................. PAGEREF _Toc150316549 \h 261
وفود بني سحيم:.............................................................. PAGEREF _Toc150316550 \h 263
وفود بني سدوس:............................................................ PAGEREF _Toc150316551 \h 263
وفد الجشمي، أو الجيشاني:................................................. PAGEREF _Toc150316552 \h 265
الجيشاني أم الجشمي؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150316553 \h 266
سؤال النبي ' عن البِتَع:.................................................... PAGEREF _Toc150316554 \h 266
وفود بهراء:................................................................... PAGEREF _Toc150316555 \h 267
وفود بارق:.................................................................... PAGEREF _Toc150316556 \h 270
اشتراط ضيافة المسلمين:................................................... PAGEREF _Toc150316557 \h 271
وفود عمرو بن معدي كرب الزبيدي...................................... PAGEREF _Toc150316558 \h 272
وفود طارق بن عبد الله:..................................................... PAGEREF _Toc150316559 \h 274
وفود عنزة:.................................................................... PAGEREF _Toc150316560 \h 277
وفود بني سعد هذيم:......................................................... PAGEREF _Toc150316561 \h 278
أول جنازة صلى عليها رسول الله ':.................................... PAGEREF _Toc150316562 \h 279
الخوف من السيف:........................................................... PAGEREF _Toc150316563 \h 281
أصغر القوم خادمهم:......................................................... PAGEREF _Toc150316564 \h 282
وفود أسلم:..................................................................... PAGEREF _Toc150316565 \h 282
الثناء على أسلم وغفار:...................................................... PAGEREF _Toc150316566 \h 283
أسلم إخوة الأنصار:.......................................................... PAGEREF _Toc150316567 \h 284
طلب المنزلة الخاصة:....................................................... PAGEREF _Toc150316568 \h 284
وفد بني هلال:................................................................ PAGEREF _Toc150316569 \h 285
لماذا غضب النبي '؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150316570 \h 286
وفود بني عقيل بن كعب:................................................... PAGEREF _Toc150316571 \h 287
بايعوا على من وراءهم:..................................................... PAGEREF _Toc150316572 \h 287
إقطاع أرض فيها عيون ونخل:............................................ PAGEREF _Toc150316573 \h 288
إقطاع مشروط:............................................................... PAGEREF _Toc150316574 \h 288
وفود خولان:.................................................................. PAGEREF _Toc150316575 \h 288
وفود تُجِيب، وهم من السكون:............................................. PAGEREF _Toc150316576 \h 291
الإكتفاء الذاتي في عهد رسول الله ':.................................... PAGEREF _Toc150316577 \h 294
حديث الرجل من بني أبذى:................................................ PAGEREF _Toc150316578 \h 295
الفصل التاسع: وفد نجران.. أحداث وتفاصيل
ماذا عن نجران؟!:........................................................... PAGEREF _Toc150316581 \h 299
كتاب دعوة.. ووفد استطلاع:.............................................. PAGEREF _Toc150316582 \h 299
وفد النجرانيين إلى رسول الله ':......................................... PAGEREF _Toc150316583 \h 302
وفد نجران يحاور رسول الله ':.......................................... PAGEREF _Toc150316584 \h 304
كتاب مصالحة النجرانيين:.................................................. PAGEREF _Toc150316585 \h 314
كتاب آخر لنصارى نجران:................................................ PAGEREF _Toc150316586 \h 317
نص آخر للكتاب:............................................................. PAGEREF _Toc150316587 \h 318
الكتاب بخط علي ×:......................................................... PAGEREF _Toc150316588 \h 319
عهد مكذوب على النبي ':................................................. PAGEREF _Toc150316589 \h 320
آية الكلمة السواء متى نزلت؟!............................................. PAGEREF _Toc150316590 \h 321
رجوع وفد نجران إلى بلادهم:............................................. PAGEREF _Toc150316591 \h 322
الفصل العاشر: وقفات.. مع حديث النجرانيين
دعوة النجرانين إلى الإسلام متى كانت؟!:............................... PAGEREF _Toc150316594 \h 327
فإن أبيتم فالجزية:............................................................ PAGEREF _Toc150316595 \h 328
حوار مكذوب:................................................................. PAGEREF _Toc150316596 \h 329
لماذا لم يكلمهم رسول الله '؟!:............................................ PAGEREF _Toc150316597 \h 331
ما تقول في عيسى؟!:........................................................ PAGEREF _Toc150316598 \h 333
يصالحهم على أّلا يأكلوا الربا:............................................. PAGEREF _Toc150316599 \h 334
مؤنة الرسل وإعارتهم الخيل والدروع:.................................. PAGEREF _Toc150316600 \h 338
أبو عبيدة أمين هذه الأمة:................................................... PAGEREF _Toc150316601 \h 339
صلاة النصارى في مسجد النبي ':...................................... PAGEREF _Toc150316602 \h 342
دخول الكافر إلى المسجد:................................................... PAGEREF _Toc150316603 \h 343
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc150316607 \h 347
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc150316608 \h 349
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص12 ـ 23، ومكاتيب الرسول ج2 ص339.
([2]) منتخب أخبار اليمن ص93 لنشوان الحميري، وتاريخ الحسين "عليه السلام" لعبد الله العلايلي ص101، ومكاتيب الرسول ج2 ص339 نقلاً عن منتخب أخبار اليمن.
([3]) راجع: مكاتيب الرسول ج2 ص586 ـ 590.
([4]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص62 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص279 وأسد الغابة ج4 ص422 والإصابة ج1 ترجمة الحارث وج4 ترجمة شرح بن عبد كلال.
([5]) أسد الغابة ج1 ص110وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص586.
([6]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص283، ومكاتيب الرسول ج1 ص200 نقلاً عن: الإصابة ج3 ص215 (7029) في "فهد" وج3 ص495 (8425) في "مشرح" والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص33 وراجع الوثائق السياسية ص226 /110 ـ ألف وتاريخ اليعقوبي ج2 ص67 والتراتيب الإدارية ج1 ص185 وراجع الإشتقاق ص526.
([7]) كما زعمه في أسد الغابة ج3 ص368 والأموال لأبي عبيد ص21 و 31.
([8]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص323.
([9]) أسد الغابة ج3 ص407 ترجمة عريب، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص279.
([10]) مكاتيب الرسول ج2 ص337 عن المصادر التالية: الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص32 ورسالات نبوية ص138 عن المصباح المضيء ج1 ص316 عن الطبقات، وراجع: نشأة الدولة الإسلامية ص145 ومدينة البلاغة ج2 ص282 ومجموعة الوثـائق السياسيـة ص218/107 عن ابن سعـد، وعبد المنعم، وعن = = نثر الدر المكنون في فضائل اليمن الباب السابع ص62 والمطالب العالية لابن حجر ص2631 والأكوع الحوالي ص130 والعقد الفريد ج1 ص456 والإكليل ج2 ص364. وأوعز إليه في الإصابة ج3 ص495/8425 في ترجمة شرح بن عبد كلال، ونقل شطراً منه، وكذا ج1 ص283 في ترجمة الحارث، وأوعز إليه في نهاية الإرب للقلقشندي ص260 والتراتيب الإدارية ج1 ص247.
([11]) الآية 1 من سورة البينة.
([12]) الآية 15 من سورة الشورى.
([13]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص32 والتراتيب الإدارية ج1 ص247، والإصابة ج3 ص495 /8425.
([14]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص258 والكامل ج2 ص111 والسيرة الحلبية، والسيرة النبوية لزيني دحلان، ومجموعة الوثائق السياسية ص219.
([15]) راجع المصادر في الهامش السابق وأسد الغابة ج2 ص146.
([16]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص323 والإكليل للهمداني ج2 ص320، والإصابة ج1 ص677.
([17]) عن الكامل في التاريخ ج2 ص111 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص381 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص63 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص258.
([18]) أسد الغابة ج5 ص29 ترجمة نعمان قيل ذي رعين، وراجع: منتخب أخبار اليمن لنشوان الحميري ص93.
([19]) الإصابة ج1 ص677 ترجمة الحارث بن عبد كلال، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص323.
([20]) مكاتيب الرسول ج2 ص588، والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص130، والمصنف للصنعاني ج4 ص136، والمصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج3 ص37، وسنن الدارقطني ج2 ص113، والإستيعاب ج4 ص1452، وكنز العمال ج6 ص562، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص356، وأسد الغابة ج2 ص203، والإصابة ج1 ص678 وج2 ص523، وفتوح البلدان للبلاذري ج1 ص85، وتاريخ الطبري ج2 ص381، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1009، وعيون الأثر ج2 ص295، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص145، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص323، والسيرة الحلبية ج3 ص262.
([21]) أسد الغابة ج2 ص146.
([22]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص323، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص356.
([23]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص324 ومكاتيب الرسول ج2 ص549 و 550 وأشار في المتن وفي الهامش أيضاً إلى المصادر التالية: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص381 وفي (ط أخرى) ج3 ص120 واللفظ له، والبداية والنهاية ج5 ص75 وفتوح البلدان للبلاذري ص82 وفي (ط أخرى) ص95 و 96 والسيرة الحلبية ج3 ص258 والسيرة النبوية لزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص30 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص55 و 89 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص258 وفي (ط أخرى) ص235 وإعلام السائلين ص37 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص354 وفي (ط ليدن) ج1 ق2 ص84 و 83 و 20 وج5 ص386 و 387 وج3 ق2 ص121 والأموال لأبي عبيد ص21 و 31 وكنز العمال ج3 ص308 وفي (ط أخرى) ج5 ص518 وج6 ص165 و 317 وج4 ص275 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص69 والمفصل ج5 ص309 وتاريخ الخميس ج2 ص138 ورسالات نبوية ص136 و 155 والمعجم الكبير للطبراني ج25 ص310 و 311 وثقات ابن حبان ج2 ص106 والمستدرك للحاكم ج1 ص395 وسنن النسائي ج8 ص58 والدر المنثور ج1 ص343 وج1 ص193 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج6 ص274 و 275 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص144 و 145 والأموال لابن زنجويه ج1 ص105 ومجمـع الزوائـد ج3 = = ص71 و 72 عن النسائي، والمعجم الكبـير، وأحمـد، ومدينـة البلاغة ج2 ص269 وأسد الغابة في ترجمة ذي يزن ج2 ص146 و 392 في ترجمة شرحبيل بن عبد كلال و 203 في ترجمة زرعة وج1 ص339 في ترجمة الحارث بن كلال، وتلخيص المستدرك للذهبي (بهامشه) ج1 ص395 ونشأة الدولة الإسلامية ص318 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص408 والخراج للقرشي ص113 وفي (ط أخرى) ص521 و 518 و 559، والسيرة النبوية لإسحاق بن محمد الهمداني قاضي أبرقو ص1044 وموارد الظمآن لزوائد ابن حبان ص202 ومجموعة الوثائق السياسية ص220/109 عن جمع ممن تقدم، وعن: وسيلة المتعبدين ج8 الورقة 28 ـ ب و ص29 ـ ألف، وسيرة ابن إسحاق (ترجمتها الفارسية) ورقة 214، وإمتاع الأسماع للمقريزي خطية ص1027 والمواهب اللدنية ج1 ص279 وجمع الجوامع للسيوطي في مسند عمرو بن حزم ونشر الدر المكنون في فضائل اليمن ص63 عن ابن مندة، وابن عساكر، وسنن الدارقطني ج1 ص215 والوفاء لابن الجوزي ص742 والوثائق السياسية اليمنية للأكوع الحوالي ص107 وعن مقال لبعض الفرنسيين "لدافيد كهن" وروي هذا الحديث عن سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم كما في كثير من طرق البيهقي وأسانيده ج1 ص88 و 309 وج4 ص89 و 116 و 118 و 130 وج8 ص25 و 28 و 72 و 73 و 79 و 88 و 89 و 95 و 97 و 188 وج10 ص128 والدارمي ج1 ص381 و 383 و 385 وج2 ص161 و 188 و 189 و 192 و 193 و 195، وراجع: نصب الراية للزيلعي ج4 ص369 وج2 ص340 عن النسائي في الديات، وأبي داود في المراسيل، وعبد الرزاق في مصنفه، والدارقطني في سننه، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وابن الجوزي في التحقيقات، وأحمد بن حنبل في مسنده، والبيهقي في سننه، والطحاوي في شرح الآثار. =
= وراجع: نيل الأوطار ج7 ص212 عن النسائي، وابن خزيمة، وابن حبان، وابن الجارود، والحاكم، والبيهقي موصولاً، وأبي داود في المراسيل وقد صححه جماعة من أئمة الحديث منهم: أحمد، والحاكم، وابن حبـان، والبيهقي. والإصابة ج3 ص105 في ترجمة "عريب" و 586 في النعمان وج1 ص283 في ترجمة الحارث و 577 في زرعة وج2 ص166 في ترجمة شرحبيل، والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ص825 والبحار ج21 ص366 والمصنف لعبد الرزاق ج4 ص136 والفائق ج2 ص105 وزاد المعاد ج1 ص45 وفي (ط أخرى) ص30 والقرطبي في تفسيره ج17 ص225 والمحلى ج6 ص16 وج10 ص411 و 412 والموطأ (تنوير الحوالك ج3 ص58 وفي (ط أرى) ج2 ص181، والمنتظم لابن الجوزي ج3 ص372 والإشتقاق لابن دريد ص526 قال: وعريب والحارث ابنا عبد كلال كتب إليهما النبي "صلى الله عليه وآله"، والإكليل للهمداني ج2 ص321.
([24]) مكاتيب الرسول ج2 ص592 و 593 عن المصادر التالية: تاريخ اليعقوبي ج2 ص64 وفي (ط أخرى) ص69 وقال: وكان الرسول بالكتاب معاذ بن جبل. قال ابن سعد في الطبقات ج1 ص264 وفي (ط ليدن) ج1 ق2 ص20: "وكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أهل اليمن كتاباً يخبرهم فيه بشرائع الإسلام وفرائض الصدقة في المواشي والأموال ويوصيهم بأصحابه ورسله خيراً، وكان رسوله إليهم معاذ بن جبل ومالك بن مرارة ويخبرهم بوصول رسولهم إليه وما بلغ عنهم"، ثم نقل كتابه "صلى الله عليه وآله" إلى أبناء عبد كلال فـلا يحتمل = = اتحادهما وإن كان بين الكتابين اشتراك في الألفاظ والوصية برسله وذكر مالك بن مرارة ونحوه ما في الأموال لأبي عبيد ص31.
وراجع: الطبقات الكبرى ج3 ق2 ص121 وفتوح البلاذري ص96 و 98 والإصابة ج3 ص427 في ترجمته، والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص128 و 144 و 145 والمعرفة والتاريخ ج3 ص409 وترتيب مسند الشافعي ج1 ص152 وج2 ص129 والخلاف ج2 ص18 والخراج لأبي يوسف ص59 والخراج للقرشي ص68 و 112 و 113 وغريب الحديث لأبي عبيد ج1 ص70 والأموال لأبي عبيد ص38 و 54 و 63 و 584 و 638 والدر المنثور ج1 ص162 وكنز العمال ج10 ص392 والمصنف لعبد الرزاق ج4 ص119/7186 و 7187 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص128 وابن ماجة ج1 ص580/1814 والوثائق السياسية ص215 و 216 وراجع: الأموال لابن زنجويه ج1 ص126 و 128 وج2 ص837 و 841 وج3 ص948 و 1027 و 2061 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص65.
([25]) الأموال لأبي عبيد ص289 و 290 والأموال لابن زنجويه ج2 ص465 وفتوح البلدان للبلاذري ص94 وكنز العمال ج4 ص319 وج10 ص417 و 418 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص386.
([26]) راجع: مكاتيب الرسول ج2 ص567 و 569 وراجع ص570.
([27]) راجع: مكاتيب الرسول ج3 ص387 و 388 عن عدد من المصادر.
([28]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص427 ومكاتيب الرسول ج3 ص387 وفي هامشه عن المصادر التالية: السيرة الحلبية ج3 ص259 والسيرة النبوية لزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص31 والكامل لابن الأثير ج2 ص300 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص131 و 132 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص369 وينابيع المودة ص219 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ص833 وفي (ط أخرى) ج2 ق2 ص55 والبحار ج21 ص360 و 363 عن إعلام الورى، وعن الإرشاد للمفيد "رحمه الله" وج38 ص71 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص129 والإرشاد للمفيد "رحمه الله" ص28 والبداية والنهاية ج5 ص105 وزاد المعاد ج3 ص36 ومجموعة الوثائق السياسية ص132/80 عن إمتاع الأسماع للمقريزي، وحياة الصحابة ج1 ص95 والعدد القوية ص251 والتنبيه والإشراف ص238 وذخائر العقبى ص109 وتاريخ الخميس ج2 ص145 وإحقاق الحق (الملحقات) ج18 ص64 وج21 ص620 عن الجامع بين الصحيحين ص731 ونثر الدر المكنون ص43 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص396 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص201 من طرق كثيرة، والتدوين للقزويني ج2 ص429 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34.
([29]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص427وقال في هامشه: أخرجه ابن سعد في الطبقات ج1 ق2 ص74، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج4 ص440، وذكره المتقي الهندي في الكنز (34030).
([30]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص427 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص175 و 176 وأسد الغابة ج4 ص294 والإصابة، والإستيعاب، والسيرة الحلبية، والسيرة النبوية لدحلان.
([31]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص427 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص178 عن زاد المعاد لابن قيم الجوزية، وعن السيرة الحلبية ج3 ص360 وتاريخ الخميس ج2 ص195.
([32]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص427 و 428 وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص175 ـ 178 وراجع: مكاتيب الرسول للعلامة الأحمدي ج3 ص376 و 377 و 388 ـ 391 وقد نقل العلامة الأحمدي الكتاب المشار إليه عن المصادر التالية: العقد الفريد ج2 ص32 (باب الوفود) وصبح الأعشى ج2 ص263 وج6 ص360 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص89 ونسيم الرياض ج1 ص392 وبهامشه شرح القاري ج1 ص391 والشفا ج1 ص168 ونثر الدر للآبي ج1 ص217 ونهاية الإرب ص227 والمصباح المضيء ج2 ص341 وإعلام السائلين ص40 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص269 وفي (ط أخرى) ص245 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص56 وسيرة النبي "صلى الله عليه وآله" لإسحاق بن محمد الهمداني قاضي أبرقوه ص1055 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص239 ونشأة الدولة الإسلامية ص348 والمواهب = = اللدنية شرح الزرقاني ج4 ص170 والفائق ج3 ص433 والمفصل ج4 ص186 والنهاية لابن الأثير في "حور". ومجموعة الوثائق السياسية ص233 /113 عن جمع ممن تقدم، وعن نثر الدر المكنون للأهدل ص66 والوثائق السياسية اليمنية للأكوع الحوالي ص111. وأرجع إلى مخطوطة التأريخ المجهول، ثم قال: قابل الطبقات ج1 ق2 ص73 و 74 والسهيلي في الروض الأنف ج2 ص348 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ص1731 و 1732 وأسد الغابة ج4 ص294 وج2 ص51 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص89 وإمتاع الأسماع للمقريزي (خطية) ص1030 والنهاية في "ثلب" واللسان في "حور" وانظر كايتاني ج9 ص67 واشپرنكر ج3 ص456 وراجع أيضاً ص719 وراجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص379 والإصابة ج3 ص35 وزاد المعاد ج3 ص35.
([33]) راجع: مكاتيب الرسول ج3 ص392 و 393 عن: تاريخ اليعقوبي ج2 ص65 وفي (ط أخرى) ص70 والمعجم الكبير ج17 ص47 و 48 وأسد الغابة ج4 ص147 ورسالات نبوية ص202 وإعلام السائلين ص24 والإصابة ج3 ص121 في ترجمة عمير و 354 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص339 و 340/18479 ونشأة الدولة الإسلامية ص346. ومجموعة الوثائق السياسية ص230/111 عن جمع ممن تقدم، وعن معجم الصحابة لابن قانع (خطية كوپرولو ملخصاً) ورقة ص121 ـ ألف. ثم قال: قابل المعارف لابن قتيبة ص234 وراجع: 719 عن سبل الهدى للشامي خطية باريس/1992 ورقة 67 ـ ألف. وأوعز إليه في أسد الغابة ج2 ص145 في "ذي مران" وج3 ص83 في "عامر بن شهر"، والإصابة ج2 ص251 في عامر بن شهر، والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص493 والطبقات الكبرى ج6 ص18 و 42 والكامل لابن عدي ج6 ص2414 والإكليل ج10 ص49. وفي رسالات نبوية قال الحافظ وابن الأثير: أخرج الطبراني، ثم ساق الكتاب فقال: قال ابن الأثير: أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وأخرجه ابن سعد في الطبقات.
([34]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص410 عن الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص63 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص217 و 218 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج14 ص310 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص298 وراجع: البداية والنهاية ج5 ص103 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص311 والسيرة الحلبية ج3 ص274.
([35]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص218 والأغاني (ط ساسي) ج4 ص11 وأسد الغابة ج 1 ص 342 ـ 343 ترجمة الحارث، ومجمع الزوائد للهيثمي ج6 ص132ـ 133 والإصابة لابن حجر ج1 ص683 والوافي بالوفيات للصفدي ج11 ص194 وأنساب الأشراف ج4 ص228.
([36]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص394 و 395 عن: دلائل النبوة للبيهقي ج6 ص143 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص92 والبداية والنهاية ج6 ص100 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص206 و 211 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج5 ص129 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص305 = = وزاد المعاد لإبن قيم الجوزية ج3 ص569. وراجع: الدر المنثور ج1 ص329 وراجع ص324 و 325 عن أبي الشيخ.
([37]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص394 و 395 وراجع ج9 ص 443 ودلائل النبوة للبيهقي ج6 ص315 وزاد المعاد لإبن قيم الجوزية ج 3 ص 569 والبداية والنهاية ج6 ص100.
([38]) الثاقب في المناقب للطوسي ص90، والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص354، ودلائل النبوة للأصبهاني ج2 ص760، وتاريخ مدينة دمشق ج43 ص200، وأسد الغابة ج5 ص285، والبداية والنهاية لابن كثير ج6 ص100، وإمتاع الأسماع للمقريزي ج5 ص130، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص306، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص394 وج9 ص442، والسيرة الحلبية ج3 ص268، وغريب الحديث لابن سلام ج3 ص96، ولسان العرب ج1 ص238، وتاج العروس ج1 ص334.
([39]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص394 و 395 إمتاع الأسماع للمقريزي ج5 ص130، والمجموع للنووي ج5 ص96، وفتح الوهاب للأنصاري ج1 ص153، والمغني لابن قدامه ج2 ص298، والشرح الكبير لابن قدامه ج2 ص298، ونيل الأوطار للشوكاني ج4 ص40، وبدائع الصنائع للكاشاني ج1 ص283، وسبل السلام للكحلاني ج2 ص81، ومناقب الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص83.
([40]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص169، والمجموع للنووي ج5 ص96، والمغني لابن قدامه ج2 ص297، والشرح الكبير لابن قدامه ج2 ص297، وسبل السلام للكحلاني ج2 ص81، ومناقب الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص82، وصحيح البخاري ج2 ص16، وصحيح مسلم ج3 ص24، وسنن النسائي ج3 ص162، والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص355، وفتح الباري ج2 ص419، وعمدة القاري للعيني ج7 ص38، والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص560، وصحيح ابن خزيمة ج3 ص145، وشرح معاني الآثار ج1 ص322، وكتاب الدعاء للطبراني ص297، والأذكار النووية ص183، ونصب الراية للزيلعي ج2 ص283، والبداية والنهاية ج6 ص96 و100 و311، وإمتاع الأسماع ج5 ص120.
([41]) الآية 3 من سورة النجم.
([42]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص209، وعمدة القاري ج7 ص52 وج16 ص114، والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج1 ص152، وتاريخ الإسلام للذهبي ج20 ص433، وسنن الدارمي ج1 ص361.
([43]) سبل السلام ج4 ص219.
([44]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص210.
([45]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص401 عن ابن سعد في الصبقات الكبرى (ط ليدن) ج2 ص64.
([46]) الإصابة ج2 ص206.
([47]) الإصابة ج2 ص206، والمجموع للنووي ج18 ص437، والمبسوط للسرخسي ج10 ص166، والمغني لابن قدامه ج11 ص457، وسنن ابن ماجة ج2 ص883، وسنن الترمذي ج3 ص288، والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص373، والآحاد والمثاني ج3 ص166، والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص78، والمعجم الكبير للطبراني ج8 ص300، والإستذكار لابن عبد البر ج8 ص133، والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص7، وأسد الغابة ج1 ص99.
([48]) الإصابة ج2 ص206.
([49]) النهاية لابن الأثير.
([50]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص334 عن الطبقات الكبرى ج2 ص107 وفي (ط دار صادر) ج1 ص344 وراجع: الإصابة ج3 ص566 و 561، وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص63.
([51]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص334 وأسد الغابة ج5 ص118 والطبقات الكبرى (ط ليدن) ج1 ق2 ص75 والمغازي للواقدي ج2 ص695 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص367 و368، ونيل الأوطار ج5 ص37 وج6 ص145 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص266 وفتح الباري ج5 ص269 وإمتاع الأسماع ج9 ص283 وج14 ص484 وراجع: الإصابة ج6 ص526.
([52]) السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص306 وسنن أبي داود ج2 ص307 والإستيعاب ترجمة أبي وهب ج4 ص1775 وزاد المعاد لابن القيم ج1 ص258 و 260 والبحار ج101 ص127 والخصال ج1 ص171 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج15 ص131.
([53]) تاج العروس ج2 ص539 ولسان العرب ج7 ص18 وقاموس اللغة ج2 ص133 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج15 ص131 عن الكافي (الفروع) ج2 ص87، والغدير ج6 ص313.
([54]) البحار ج23 ص122 وج101 ص127 وقرب الإسناد ص45 (ط حجرية) والوسائل ج15 ص124 عنه أيضاً.
([55]) سنن أبي داود ج2 ص307 وسنن البيهقي ج9 ص306 ومصابيح السنة ج2 ص148 ومجمع الزوائد ج8 ص47 وزاد المعاد لابن القيم ج1 ص258 والبحار ج101 ص131 وعدة الداعي ص60 ومكارم الأخلاق ص220 والجعفريات ص189 وفقه الرضا ص31 ومستدرك الوسائل ج15 ص127 و128 و132 وعن لب اللباب للراوندي، والوسائل (ط دار الإسلامية) ج15 ص122 و123 و124 وفي هامشه عن: الكافي ج2 ص86 و87 وعن التهذيب للشيخ الطوسي ج2 ص236 وعن من لا يحضره الفقيه ج2 ص241.
([56]) الكامل في التاريخ ج2 ص307 وراجع: إعلام الورى (ط دار المعرفة) ص146وعيون الأثر (ط دار الحضارة) ج2 ص363 و 364 والبدء والتاريخ ج4 ص139 وج5 ص16 عن كتاب ابن إسحاق، والإستيعاب ج4 ص1818، و تفسير القرطبي ج14 ص243.
([57]) راجع: مكاتيب الرسول ج3 ص517 و 518 عن السيرة الحلبية ج3 ص240 وعن السيرة النبوية لدحلان ج3 ص7 وصبح الأعشى ج13 ص125 والتراتيب الإدارية ج2 ص144 وكنز العمال ج3 ص527 وعن ابن عساكر ج3 ص355.
([58]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص344 و267 وج7 ص408، وراجع: مكاتيب الرسول ج3 ص507 نقلاً عن: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج3 ص258، وأسد الغابة (ترجمة تميم الداري)، وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص63، وسير أعلام النبلاء ج2 ص443، وفتوح البلدان للبلاذري ج1 ص153، وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص612، وتاج العروس ج6 ص235.
([59]) راجع: مكاتيب الرسول ج3 ص510 و 511 عن صبح الأعشى ج13 ص128.
([60]) مكاتيب الرسول ج3 ص505، وقد ذكر أيضاً المصادر التالية: السيرة الحلبية ج3 ص240 والسيرة النبوية لزيني دحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص7 والمناقب لابن شهرآشوب (ط حجري) ج1 ص76 وفي (ط قم) ج1 ص112 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص71 و 72 وصبح الأعشى ج13 ص126 و 127 و 128 و 129 والمواهب اللدنية شرح الزرقاني ج3 ص358 وكنز العمال ج2 ص190 وج14 ص322 و 323 وفي (ط أخرى) ج3 ص527 و 69 وج5 ص318 ورسالات نبوية ص126 والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص47 والبحار ج18 ص135 (عن المناقب) ومآثر الأنافة ج3 ص210 و 211 و 212 والتراتيب الإدارية ج1 ص143 و 144 و 152 ونشأة الدولة الإسلامية ص366 ومجموعة الوثائق السياسية ص129/43 و 130/44 عن المواهب اللدنية ج1 ص296 وعن دحلان، ورسالات نبوية، والضوء الساري لمعرفة = = خبر تميم الداري للمقريزي ورقة 88 ـ ب (مخطوطة پاريس) وورقة 90 والسيرة الحلبية، ثم قال: قابل الإصابة (إلى أبي هند الداري)، والتمهيد لتقي الدين السبكي، وبحث إقطاع النبي "صلى الله عليه وآله" لتميم الداري. والأموال لأبي عبيد ص388 و 389 وفتوح البلدان ص176 ومجمع الزوائد ج6 ص8 والفضل العميم في إقطاع بني تميم للسيوطي خطية في مدارس بالهند وفي مصر، والجمهرة لابن حزم ص422 والإشتقاق لابن دريد ص377. ومعجم البلدان ج2 ص212 و 213 في "حبرون" والخراج لأبي يوسف ص234 والأموال لابن زنجويه ج2 ص617 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج3 ص354 و 355 و 356 و 357 وإعلام السائلين ص50 وجامع مسانيد الإمام الأعظم ج1 ص53 ومدينة البلاغة ج2 ص256 والأعلام للزركلي ج2 ص87 وراجع أسد الغابة ج4 ص319. وج1 ص215 وج3 ص69 وج5 ص318 وعن الخرائج لأبي يوسف ص132 ومجموعة المكتوبات النبوية للديبلي ص8 والطبقات الكبرى لابن سعدج1 ق2 ص75 و 21 و 22 وج7 ق2 ص129.
([61]) مكاتيب الرسول ج3 ص509.
([62]) راجع: مكاتيب الرسول ج3 ص516 و 517.
([63]) راجع: الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص563 والإصابة ج1 ص572 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص157، وعمدة القاري ج18 ص8، والإستيعاب ج2 ص559.
([64]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص158 والروض الأنف ج4 ص227، والإصابة ج6 ص478، والأعلام للزركلي ج8 ص115، ومكاتيب الرسول ج1 ص255.
([65]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص358 عن ابن سعد، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص158 والروض الأنف ج4 ص227، وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص519، وتاريخ الطبري ج2 ص399، والكامل في التاريخ ج2 ص299.
([66]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص358 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص158 وراجع: الإصابة ج3 ص573 ومكاتيب الرسول ج1 ص312 عن: العبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ص839 ورسالات نبوية ص19 والسيرة الحلبية ج3 ص253 والسيرة النبوية لدحلان (بهامشه) ج3 ص24 والإصابة ج1 ص573/2941 وأسد الغابة ج2 ص241 و 242 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص563 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج6 ص36 و 37 والبداية والنهاية ج5 ص63 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص59 وفي (ط بيروت) ج1 ص321 والأغاني ج17 ص249 والمفصل ج7 ص148 عن تاج العروس في "خيل" و ج4 ص220 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص145 والروض الأنف ج4 ص227. والوثائق السياسية: 302/201 (عن الطبقات، وسيرة ابن هشام، والطبري، والإصابة، وصحيح البخاري، والإستيعاب، ثم قال: انظر كايتاني 10: 35 و 39 واشپرنكر 3: 387 و 946 و 947).
([67]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص358 عن ابن دريد، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص159 والإصابة ج3 ص573، وراجع: مكاتيب الرسول ج1= = ص312 عن: 21 : 365 وتاريخ ابن خلدون ج2 ص839 ورسالات نبوية ص19 والسيرة الحلبية ج3 ص253 ودحلان بهامشه ج3 ص24 والإصابة ج1 ص573 /2941 وأسد الغابة ج2 ص241 و242 والاستيعاب هامش الإصابة ج1 ص563 وتهذيب تاريخ ابن عساكر ج6 ص36 و37 والبداية والنهاية ج5 ص63 والطبقات ج1 ق2 ص59 وفي (ط بيروت) ج1 ص321 والأغاني ج17 ص249 والمفصل ج7 ص148 عن تاج العروس في "خيل" و ج4 ص220 والطبري ج3 ص145 والروض الأنف ج4 ص227 . والوثائق ص302 / 201 ( عن الطبقات وسيرة ابن هشام والطبري والإصابة وصحيح البخاري والاستيعاب ثم قال : انظر كايتاني ج10 ص35 و39 واشپرنكر ج3 ص387 و946 و947) ..
([68]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص358 عن البخاري، ومسلم، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج5 ص326 (4351) ومسلم ج2 ص742 (144/1064) وراجع: الإصابة ج1 ص572 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص158 والدر المنثور ج3 ص251 عن البخاري، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والمحلى لابن حزم ج11 ص220، وعمدة القاري ج18 ص7، والبداية والنهاية ج5 ص123، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص206.
([69]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص359 عن ابن شاهين، وابن عدي، وابن عساكر، وفي هامشه عن: حلية الأولياء ج4 ص109 وراجع ج1 ص376، وذكره الهيثمي في المجمع ج7 ص197، وعزاه للطبراني، وقال: وفيه عون بن عمارة وهو ضعيف، وذكره المتقي الهندي في الكنز (30808) ، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق ج6 ص37، وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص181، والمعجم الكبير للطبراني ج10 ص202، وضعفاء العقيلي ج1 ص146، وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص520، وأسد الغابة ج2 ص242، والإصابة ج2 ص514.
وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص158 عن ابن شاهين، وابن عدي، وراجع: الإصابة ج1 ص572.
([70]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص157 وراجع: الأغاني ج16 ص50، والسيرة الحلبية ج3 ص256.
([71]) الآية 60 من سورة التوبة.
([72]) النص والإجتهاد ص44 عن كتاب الجوهرة النيرة على مختصر القدوري في الفقه الحتنفي ج1 ص164 وراجع: تفسير المنار ج10 ص496 والدر المنثور ج3 ص252 وأصول الفقه للدواليبي ص239 وشرح نهج البلاغة ج3 ص83، وتفسير السمرقندي ج2 ص68، والفصول المهمة في تأليف الأمة للسيد شرف الدين ص88.
([73]) راجع: الدر المنثور ج3 ص252 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1822.
([74]) تاريخ الخميس ج2 ص95.
([75]) الدر المنثور ج3 ص252 عن البخاري في تاريخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص، و597، والسيرة الحلبية ج3 = = ص208، والتنبيه والإشراف للمسعودي ص233، والبداية والنهاية ج4 ص361، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص888، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص209، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص260.
([76]) الآية 28 من سورة التوبة.
([77]) الدر المنثور ج3 ص208 عن ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن أبي داود في المصاحف، وابن أبي المنذر، والنحاس في ناسخه، وابن حبان، وأبي الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، والمبسوط للسرخسي ج1 ص16، وعمدة القاري ج18 ص195، وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص444، وتفسير البيضاوي ج3 ص126.
([78]) الدر المنثور ج3 ص208 عن ابن أبي شيبة، والبخاري، والنسائي، وابن الضريس، وابن المنذر، والنحاس في ناسخه، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص103.
([79]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص280 عن ابن سعد، وابن شاهين، وأبي نعيم، وابن منده، وغير ذلك وعن الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق2 ص47 و 48 ورسالات نبوية ص26 ومجموعة الوثائق السياسية ص313، ومكاتيب الرسول ج1 ص317 عن: الطبقات ج1 ق2 ص47 و48 والوثائق ص313 وص217 الف عنه ورسالات نبوية ص26، وتاريخ مدينة دمشق ج65 ص125.
([80]) الآية 17 من سورة الحجرات.
([81]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص266 والطبقات الكبرى ج1 ص292 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص212 و213، وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص153، وأسد الغابة ج2 ص29، والإصابة ج3 ص440، والبداية والنهاية ج5 ص102، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص170، والسيرة الحلبية ج3 ص271.
([82]) راجع: مكاتيب الرسول للأحمدي ج3 ص244 و 245 وقال في هامشه: راجع زاد المعاد ج3 ص48 والسيرة الحلبية ج3 ص264 ومجموعة الوثائق السياسية ص303 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص83 والإصابة ج3 ص626 و ج1 ص341 وأسد الغابة ج2 ص29 والبداية والنهاية ج5 ص88 وخزانة الأدب للبغدادي ج2 ص56 ورسالات نبوية ص16.
([83]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص266 والدر المنثور ج6 ص100 و 101 عن ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، والبزار، والنسائي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن سعد، وفتح القدير للشوكاني ج5 ص69، والسيرة الحلبية ج3 ص271.
([84]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص266 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص292 وراجع: جمهرة أنساب العرب ص193، وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص153.
([85]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص266 عن ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، والبزار، والنسائي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وقال في هامشه: أخرجه مسلم بنحوه في كتاب المساجد (33) وكتاب السلام (121)، والنسائي ج3 ص16، وأبو داود في كتاب استفتاح الصلاة باب (56)، وأحمد في المسند ج2 ص394 والبيهقي ج2 ص250، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص307، والسيرة الحلبية ج3 ص272.
وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص213.
([86]) الآية 17 من سورة الحجرات.
([87]) البرهان (تفسير) ج4 ص215 عن الشيخ في مصباح الأنوار، ومدينة المعاجز للبحراني ج1 ص467، والبحار ج30 ص274 وج39 ص114 وج 109 ص29، وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج2 ص608.
([88]) البرهان (تفسير) ج4 ص215 عن تفسير القمي، والبحار ج9 ص238 وج20 ص243 وج30 ص173 وج31 ص599، وتفسير القمي ج2 ص322، والتفسير الصافي ج5 ص57 وج6 ص528، وتفسير نور الثقلين ج5 ص104.
([89]) الدر المنثور ج6 ص67 عن الحاكم وصححه، وابن إسحاق، والبيهقي في الدلائل، والإفصاح للمفيد ص112، والبحار ج17 ص75، والسنن الكبرى ج9 ص223،وعمدة القاري ج15 ص104، والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص461، ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج7 ص147، وتفسير الميزان ج18 ص270، وتفسير مقاتل بن سليمان ج3 ص244، وتفسير السمرقندي ج3 ص298، وتفسير ابن زمنين ج4 ص250 و255، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص54.
([90]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص267.
([91]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص267.
([92]) البحـار ج11 ص270 و 279 وج55 ص274 وج74 ص71، والخـصـال = = ص524، ومعاني الأخبار ص333، والإختصاص للمفيد ص264، وفرج المهموم لابن طاووس ص21، وفتح الباري ج6 ص267، وصحيح ابن حبان ج2 ص77، وموارد الظمآن للهيثمي ج1 ص193، وكنز العمال ج16 ص132، والكشاف عن حقائق التنزيل وعيون الأقاويل للزمخشري ج2 ص513، وتفسير جوامع الجامع للطبرسي ج2 ص458 وج3 ص771، وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج6 ص430 وج10 ص332، والتفسير الأصفى ج2 ص743، والتفسير الصافي ج3 ص285، وتفسير نور الثقلين ج3 ص513، وتفسير الميزان ج2 ص144 وج14 ص68 وج20 ص324، وتفسير الثعلبي ج10 ص186، وتفسير السمعاني ج3 ص300 وج5 ص149، وتفسير البغوي ج3 ص199، وتفسير الرازي ج21 ص233، وتفسير القرطبي ج11 ص117، وتفسير البيضاوي ج4 ص22، والتسهيل لعلوم التنزيل للكلبي ج3 ص6، وتفسير ابن كثير ج1 ص599 وج2 ص232، والإتقان في علوم القرآن ج2 ص364، وفتح القدير ج3 ص338، والثقات لابن حبان ج2 ص119، وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص275، والمعارف لابن قتيبة ص21، وتاريخ اليعقوبي ج1 ص11 و147، وتاريخ الطبري ج1 ص116، والبداية والنهاية ج1 ص111 وج2 ص182، وقصص الأنبياء للراوندي ص83، وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص71، وسبل الهدى والرشاد ج1 ص318، والسيرة الحلبية ج1 ص30.
([93]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص267.
([94]) راجع: البحار ج52 ص198 وج55 ص259 وج60 ص32، وتذكرة الفقهاء (ط.ج) ج12 ص145 وفي ط.ق ج1 ص582، وقواعد الأحكام للحلي ج2 ص9، ونهاية الإحكام للحلي ج2 ص472، وإيضاح الفوائد لابن العلامة ج1 ص406، وجامع المقاصد للمحقق الكركي ج4 ص31، وجواهر الكلام للجواهري ج22 ص89، ونيل الأوطار للشوكاني ج7 ص368، وشرح مسلم للنووي ج14 ص223، وفتح الباري ج10 ص183، والديباج على مسلم للسيوطي ج5 ص244، وتفسير الثعلبي ج5 ص334، وزاد المسير لابن الجوزي ج4 ص286، وتفسير العز بن عبد السلام ج2 ص172، وتفسير القرطبي ج10 ص11 وج15 ص66، وتفسير الآلوسي ج6 ص59 وج19 ص141 وج27 ص35، وسبل الهدى والرشاد ج2 ص201، والسيرة الحلبية ج1 ص337، ولسان العرب ج13 ص363.
([95]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص382 عن الواقدي، وابن سعد، وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص215 و216 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص331 وزاد المعاد ج3 ص49 وعن السيرة الحلبية ج3 ص265 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص39.
([96]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص67، وتاريخ الطبري ج2 ص15، وراجع: عمدة الطالب لابن عنبة ص 26، والبحار ج15 ص124، وتاريخ اليعقوبي ج1 ص237، والكامل في التاريخ ج2 ص19، وسبل الهدى والرشاد ج1 ص273، والسيرة الحلبية ج1 ص12.
([97]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص69.
([98]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص332 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص218 وج6 ص382 ومجموعة الوثائق السياسية ص205 وراجع: الإصابة ج1 ص551 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص588 وأسد الغابة ج2 ص205، والبحار ج18 ص103، وكنز العمال ج12 ص383، وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص490 وج19 ص77، وعيون الأثر ج1 ص105.
([99]) الإصابة ج1 ص551 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص588 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص332 وجمهرة أنساب العرب ص449، وإكمال الكمال ج1 ص77، وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص77، وأنساب الأشراف للبلاذري ص310، والأنساب للسمعاني ج2 ص331، واللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير الجزري ج1 ص353 و427.
([100]) جمهرة أنساب العرب ص449 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص588 والإصابة ج1 ص551، والأنساب للسمعاني ج2 ص331، وأنساب الأشراف للبلاذري ص310، وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص78، وإكمال الكمال لابن ماكولا ج1 ص77، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص332.
([101]) الإصابة ج1 ص551، وتاريخ مدينة دمشق ج19 ص79.
([102]) راجع: أسد الغابة ج2 ص259 ومصادر كثيرة أخرى في بعض الهوامش السابقة.
([103]) الآيات 1 إلى 3 من سورة الروم.
([104]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص282 عن الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص94 وعن ابن شاهين عن ابن إسحاق، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص216 و 217، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص310، والسيرة الحلبية ج3 ص273.
([105]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص121 عن ابن سعد، ومغلطاي.
([106]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص296 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص121 و 122 وأسد الغابة ج3 ص405 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص194 والكامل لابن بن الأثير ج2 ص108 وعن السيرة الحلبية ج3 ص243 وعن السيرة لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص8، وعمدة القاري ج14 ص9، والإستيعاب ج3 ص1067، وتاريخ الطبري ج2 ص363، والوافي بالوفيات ج19 ص361، والبداية والنهاية ج5 ص36، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص54.
([107]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص296 والبداية والنهاية ج5 ص30 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص195 و 197 وعن الكامل لابن الأثير ج2 ص108 وعن السيرة الحلبية ج3 ص244 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص9.
([108]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص125، وسبل السلام للكحلاني ج1 ص127، والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 مقدمة التحقيق ص42 نقلاً عن الطبري، والبحار ج21 ص364 والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص 361، ومكاتيب الرسول ج1 ص31 عن اليعقوبي ج2 ص66 وج1 ص169 عن تاريخ الخميس ج2 ص181، ومسند احمد ج4 ص21 و216، وصحيح مسلم ج2 ص43، وسنن ابن ماجة ج2 ص1174، وسنن أبي داود ج1 ص130، والمستدرك للحاكم ج1 ص199 و201، والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص429 وج3 ص118، وشرح مسلم للنووي ج4 ص185، وفتح الباري ج2 ص168.
([109]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص296 و 297 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص124 و 125، ومسند احمد ج4 ص218، ومجمع الزوائد للهيثمي ج1 ص277.
([110]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص297 عن الطبراني، ومجمع الزوائد ج9 ص371 وحياة الصحابة ج3 ص244، ومجمع الزوائد ج9 ص371، والآحاد والمثاني للضحاك ج1 ص40 وج3 ص191، والمعجم الكبير للطبراني ج9 ص61.
([111]) الآية 32 من سورة الإسراء.
([112]) الآية 278 من سورة البقرة.
([113]) الآية 90 من سورة المائدة.
([114]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص298 وراجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص125 و 126، والبداية والنهاية ج5 ص41، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص62.
([115]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص297 عن زاد المعاد عن ابن إسحاق وغيره والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص125، والدرر لابن عبد البر ص249، وتاريخ الطبري ج2 ص366، والبداية والنهاية ج5 ص40، والسيرة النبوية لابن هشام = = ج4 ص968، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص273، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص61، والسيرة الحلبية ج3 ص244.
([116]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص297، وتاريخ الطبري ج2 ص366، والبداية والنهاية ج5 ص40، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص968، وعيون الأثر ج2 ص273، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص61.
([117]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص298 و 299 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص125 و 126 و 127، وتاريخ المدينة للنميري ج2 ص505، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص671، والبداية والنهاية ج5 ص41، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص62.
([118]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص298 و 299 عن أبي داود، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص126 و 127، ومجمع الزوائد ج9 ص3، والمعجم الكبير للطبراني ج9 ص47، والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص137، وتاريخ المدينة ج2 ص508، وإمتاع الأسماع ج4 ص395 ج11 ص322 و325.
([119]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص365 عن البخاري في تاريخه، والحارث بن أبي أسامة، وابن مندة، والطبراني، والبزار، والبيهقي، ومجمع الزوائد ج10 ص374 عن الطبراني والبزار برجال ثقات، والمستدرك للحاكم ج1 ص68، ومجمع الزوائد ج10 ص371، والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص432، والبداية والنهاية ج5 ص100، وإمتاع الأسماع للمقريزي ج3 ص284، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص165.
([120]) مكاتيب الرسول ج3 ص56 و 57 و 65 و 66 عن المصادر التالية: الأموال لأبي عبيد ص190 وفي (ط أخرى) ص276 ومدينة البلاغة ج2 ص336. ومجموعة الوثائق السياسية ص284 والخراج لقدامة ورقة 123، والسهيلي ج2 ص62 و 327 والعباب للصاغاني (خطية) مادة "ليط"، والكامل لابن الأثير ج1 ص246 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص510 وعن ص372 وج1 ص285 وعن ج4 ق1 ص69 والوثائق ص720 عن ابن شبة، ونشأة الدولة = = الإسلامية ص315. وراجع: فتوح البلدان ص67 وفي (ط أخرى) ص75 والإصابة ج1 ص184/839 في ترجمة تميم بن جراشة الثقفي، وأنساب الأشراف (تحقيق محمد حميد الله) ص366 وأسد الغابة ج1 ص216 و ج3 ص373 والتراتيب الإدارية ج1 ص274 عن السهيلي، والثقات لابن حبان ج2 ص112 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص507 و 510 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص197 وغريب الحديث لأبي عبيد ج3 ص198 والفائق للزمخشري ج3 ص58 و 238 والنهاية، ولسان العرب في ليط، وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص83 و 99 ورسالات نبوية ص13 والبداية والنهاية ج5 ص343 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ص823 والأموال لابن زنجويه ج2 ص453 وحياة الصحابة ج1 ص165 و 166 والعقد الفريد ج2 ص35 ومعجم البلدان ج4 ص12 في "الطائف"، والدر المنثور ج1 ص364 ومعجم قبائل العرب ج1 ص150 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص184 والمغازي للواقدي ج3 ص967 وراجع: مجمع الزوائد ج4 ص119.
([121]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص298 ومكاتيب الرسول ج3 ص72 و73 عن المصادر التالية: الأموال لأبي عبيد ص193 وفي (ط أخرى) ص279 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص187 والبداية والنهاية ج5 ص344 وتاريخ الخميس ج2 ص193 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص285 وفي (ط ليدن) ج1 ق2 ص33 وعن ج4 ق1 ص69 وإعلام السائلين ص50 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص52 عن المواهب اللدنية شرح الزرقاني ج4 ص10 ورسالات نبوية ص307/114 والأموال لابن زنجويه ج2 ص452 والمغازي للواقدي ج3 ص973 وزاد المعاد لابن القيم ج2 ص198 والسيرة الحلبية ج3 ص244 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص11 والمواهب اللدنية ج1 ص236 ومدينة البلاغة ج2 ص335 وسيرة النبي "صلى الله عليه وآله" لإسحاق بن محمد الهمداني قاضي أبرقوه ص997 ومجموعة الوثائق السياسية ص287/182 عن مجموعة المكتبات للديبلي/17 وابن هشام، وابن سعد، والواقدي، وابن كثير، والقسطلاني في المواهب، ورسالات نبوية، وزاد المعاد، والأموال لأبي عبيد، وابن زنجويه، وإمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص493 و 494 ثم قال: قابل سنن أبي داود، ووفاء الوفا ص1036 وانظر كايتاني ص589 التعليقة الرابعة واشپربر ص72 واشپرنكر ج3 ص486.
([122]) المغازي للواقدي ج3 ص973، وإمتاع الأسماع للمقريزي ج2 ص88.
([123]) مكاتيب الرسول ج3 ص74.
([124]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص302 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص127 و 128.
([125]) راجع: مجموعة الوثائق السياسية ص395 والكامل لابن الأثير ج3 ص284 و421 والإصابة ج2 ص460 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص91 واسد الغابة ج3 ص373 والمغازي للواقدي ج3 ص963 و966 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص99 و597، وسير أعلام النبلاء ج2 ص374، والإصابة ج4 ص374، وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص270.
([126]) المعارف لابن قتيبة ص153، وسير أعلام النبلاء ج2 ص374، والإصابة ج4 ص374، وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص270.
([127]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص287 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص316، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص178، وراجع: البداية والنهاية ج5 ص108.
([128]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص339 عن الطبراني برجال ثقات وقال في هامشه: أخرجه الطبراني في الكبير ج19 ص15 والبخاري في التاريخ ج7 ص185 وذكره الهيثمي في المجمع ج10 ص131 والسيوطي في الدر ج1 ص221، وكتاب الدعاء للطبراني ص259، وطبقات خليفة للعصفري ص137، والتاريخ الكبير للبخاري ج7 ص185، وأسد الغابة ج4 ص194 وج5 ص65، والإصابة ج5 ص319.
([129]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص339 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص367 ورسالات نبوية ص39 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق2 ص76 و (ط دار صادر) ج1 ص344 ومجموعة الوثائق السياسية ص94 و 235 وإمتاع الأسماع ج1 ص507 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج2 ص194.
([130]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص390 عن زاد المعاد، عن الواقدي، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص225 و 226، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص319.
([131]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص402 و 276 عن زاد المعاد، عن ابن إسحاق، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص161 و 162 وعن البداية والنهاية ج5 ص72 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص328، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص140، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص689، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1006، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص293.
([132]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص160، والإصابة ج1 ص597.
([133]) الآيات 1 ـ 5 من سورة الصافات.
([134]) الآية 86 من سورة الإسراء.
([135]) راجع: الدر المنثور ج4 ص201 وج5 ص271 والسيرة الحلبية ج3 ص260 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص161، وإمتاع الأسماع ج4 ص356، وسبل الهدى والرشاد ج7 ص72.
([136]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص276 و402، وراجع: الشرح الكبير لابن قدامه ج7 ص10، ومسند احمد ج5 ص211، وسنن ابن ماجة ج2 ص871، ومجمع الزوائد ج1 ص195 وج8 ص218، وعمدة القاري ج16 ص73، والآحاد والمثاني ج2 ص165 وج4 ص382، والمعجم الصغير للطبراني ج1 ص81 و236، والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص286، والإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر ص42، والإستيعاب ج1 ص133و277، والدرر ص257، وكنز العمال ج12 ص369 و442، وجامع البيان للطبري ج15 ص110، وتفسير الثعلبي ج6 ص99 وج10 ص301، وتفسير السمعاني ج3 ص241، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص455، وتفسير الرازي ج32 ص106، وتفسير القرطبي ج10 ص258 وج20 ص202، وتفسير البحر المحيط ج6 ص32، وتفسير الثعالبي ج3 ص473، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص23، والتاريخ الكبير للبخاري ج7 ص274، وتاريخ بغداد ج7 ص131، وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص218، وأسد الغابة ج1 ص98 و283 و290، والإصابة ج1 ص598، والأنساب للسمعاني ج1 ص27، وتاريخ المدينة ج2 ص547، وتاريخ الطبري ج2 ص394، والكامل في التاريخ ج2 ص298، والبداية والنهاية ج2 ص253 و254، وج5 ص86، وتاريخ ابن خلدون ج2 ق2 ص56، وإمتاع = = الأسماع ج2 ص99، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص293، والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص86 وج4 ص141.
([137]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص402 و 403 عن مسند أحمد، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص162 وعن البداية والنهاية ج5 ص72، ومسند احمد ج5 ص211، وسنن ابن ماجة ج2 ص871، وإرواء الغليل للألباني ج8 ص35، والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص37، وإمتاع الأسماع ج3 ص210.
([138]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص402 و 403 عن أحمد، وابن ماجة، والحارث، والبارودي، وابن سعد، والطبراني في الكبير، وأبي نعيم، والضياء، وراجع: مجمع الزوائد ج10 ص158 عن أحمد، والطبراني.
([139]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص403 عن العسكري، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص261، وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص339.
([140]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص276 و403، وراجع: السيرة النبوية لابن هشام الحميري ج4 ص1006، وخزانة الأدب للبغدادي ج8 ص285.
([141]) وقد قيل: إن الفرق بين العرَّاف والكاهن: أن الكاهن يخبر عما مضى، والعرَّاف يخبر عما يأتي. راجع: أقرب الموارد، مادة كهن ج2 ص1110 عن كليات أبي البقاء.
([142]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص345 وفي هامشه عن: دلائل النبوة لأبي نعيم ص160 وعن الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص43 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص223 و 224، وراجع: عمدة القاري ج7 ص36، وإمتاع الأسماع ج14 ص311، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص317.
([143]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص331 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص286 و (ط ليدن) ج1 ق2 ص78 ونثر الدر لـلآبي ج1 ص262 ونشأة = = الدولة الإسلامية ص351، و مكاتيب الرسول للأحمدي الميانجي ج 3 ص 413 عن: لطبقات ج1 ق2 ص34 وفي (ط أخرى) ص286 (وأوعز إليه ص78)، وراجع نثر الدر للآبي ج1 ص262، ونشأة الدولة الاسلامية ص351، ومدينة البلاغة ج2 ص340، والوثائق السياسية ص291 و186 عن الطبقات ونثر الدر المكنون للأهدل ص64 وقال قابل الطبقات ج1 ق 2 ص78 وانظر كايتاني ج10 ص28، واشپرنكر ج3 ص469.
([144]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص320 وفي هامشه عن: البداية والنهاية ج5 ص95، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص298 وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص171 ـ 173 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص339 و 340 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص241، ومكاتيب الرسول ج2 ص515 نقلاً عن: ابن هشام والطبري والطبقات وتأريخ الخميس والتنبيه والاشراف وشرح المواهب للزرقاني، و تاريخ ابن خلدون ج 2 ق2 ص 54.
([145]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص173 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص426 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص515 وقال في هامشه: راجع في تفاصيل وفودهم: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص126 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص226 وفي (ط أخرى) ص239 والمفصل ج4 ص188 و ج3 ص532 وحياة الصحابة ج1 ص95 و 96 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص72 وزاد المعاد ج3 ص35 والكامل ج2 ص293 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص53 وتاريخ الخميس ج2 ص144 والبحار ج21 ص270 والروض الأنف ج4 ص228 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص33 و 34 ومعجم قبائل العرب ج1 ص231 وأسد الغابة ج4 ص211 والسيرة الحلبية ج3 ص259 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص384 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص411 والبداية والنهاية ج5 ص98 وما بعدها.
([146]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص409 عن ابن سعد، وفي هامشه عن: الطبقات لابن سعد، (ط ليدن) ج2 ص436 وفي (ط دار صادر) ج1 ص299، والبداية والنهاية ج5 ص104، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص173.
([147]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص409 عن ابن شاهين، وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وابن خلاد في الجزء الثاني من فوائده، وأسد الغابة ج1 ص37، والإصابة ج1 ص171.
([148]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص342.
([149]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص346 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص234 و 235 وراجع: أسد الغابة ج1 ص61 والإصابة ج1 ص27 و 255 ورسالات نبوية ص9 ومجموعة الوثائق السياسية ص244 وكنز العمال ج16 ص186، والسيرة الحلبية ج3 ص280.
([150]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص346 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص234 و 235 عنه، وعن ابن شاهين، وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج46 ص13.
([151]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423 و 424 عن ابن شاهين من طريق المدائني، وابن الكلبي، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص235 ـ 238، و الطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص532، وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص14،وعيون الأثر ج2 ص321، والسيرة الحلبية ج3 ص279.
([152]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص237.
([153]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص153، والبحار ج34 ص209، وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص380، وأعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي ص 128.
([154]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص95 من عهده "عليه السلام" للأشتر.
([155]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص87 الحكمة رقم 369 و 190.
([156]) راجع: الجزء الأول من هذا الكتاب فصل: "الدوافع والأهداف، والآثار والنتائج".
([157]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص234 عن ابن عبد البر، والذهبي، والوافي بالوفيات ج14 ص129، والإصابة ج2 ص463.
([158]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص234 وقال: كذا في النور.
([159]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423.
([160]) سبل الهدى والرشاد 6 ص262 عن ابن سعد، وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج5 ص372 و 373، وابن هشام في سيرته ج4 ص234.
وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص169 ـ 171 وتاريخ الأمم والموك ج3 ص130 و 131 والبداية والنهاية ج5 ص74 وصحبة النبي "صلى الله عليه وآله" ص120 والروض الأنف ج4 ص224 والإصابة ج2 ص182 وأسد الغابة ج3 ص117 والدرر لابن عبد البر ص195 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص337 و 338 و (ط ليدن) ج1 ق2 ص71 و 63 عن السيرة الحلبية ج3 ص257 و (ط دار المعرفة) ص262 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص29 والكامل في التاريخ ج2 ص295.
([161]) الآية 36 من سورة الحج.
([162]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص170.
([163]) معجم البلدان ج2 ص126 والمفصل ج1 ص171.
([164]) فتوح البلدان ص71 ومعجم البلدان لياقوت ج2 ص9.
([165]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص427 والكامل ج2 ص421.
([166]) الإصابة ج2 ص182.
([167]) شرح المواهب للزرقاني ج5 ص171.
([168]) مجمع الزوائد ج10 ص50 والمعجم الكبير ج12 ص172 والمعجم الأوسط ج7 ص47 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص336، وميزان الاعتدال للذهبي ج3 ص206، ولسان الميزان لابن حجر ج4 ص313.
([169]) تفسير الثعلبي ج9 ص74 وأسد الغابة ج1 ص108 والسيرة الحلبيـة (ط دار = = المعرفة) ج3 ص217 وأسباب النزول للواحدي ص259 وكنز العمال ج10 ص613 وفيه (من بني نمر) وهو تصحيف، والبحر المحيط (تفسير) ج8 ص206 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص188.
([170]) تاريخ مدينة دمشق ج45 ص81 وأسد الغابة ج3 ص306 والإصابة ج4 ص310 وميزان الإعتدال ج3 ص206 ولسان الميزان ج4 ص313 وأعيان الشيعة ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص264 والمستدرك على الصحيحين ج2 ص106 والآحاد والمثاني ج4 ص269 والمعجم الأوسط ج3 ص166 وكنزالعمال ج12 ص56 و 58 وج14 ص89 والضعفاء للعقيلي ج3 ص174 والكامل لابن عدي ج5 ص30 وعلل الحديث لابن أبي حاتم ج2 ص358.
([171]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص264 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص351.
([172]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص264 عن أحمد بسند حسن، وراجع: كنز العمال ج14 ص85، وأسد الغابة ج1 ص276.
([173]) المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص227 ـ 230 ومعجم قبائل العرب ج1 ص16 والإصابة ج2 ص98 عن أبي أحمد العسكري، والرشاطي، وابن عساكر، وأبي سعيد النيسابوري في شرف المصطفى، وتاريخ مدينة دمشق ج41 ص198 و201، وراجع: البداية والنهاية ج5 ص109، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص181.
([174]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص414 عن ابن سعد في الطبقات (ط ليدن) ج2 ص117 و (ط دار صادر) ج1 ص286 و 355 ومجموعة الوثائق السياسية ص251 ورسالات نبوية ص287 ومدينة البلاغة ج2 ص339 وراجع: البداية والنهاية ج5 ص354 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج4 ص199.
([175]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص415 عن ابن شاهين، وراجع: جمهرة أنساب العرب ص440.
([176]) راجع: البحار ج54 ص362 وج57 ص93 والسنن الكبرى ج9 ص3 وفتح الباري ج6 ص206 ونسخة وكيع ص56 ومسند أبي داود الطيالسي ص79 وكتاب السنة ص48 و 49 وكنز العمال ج1 ص126 وج6 ص122 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص307 وجامع البيان ج29 ص18 و 19 و 21 وتفسير السمرقندي ج3 ص209 و 458 وتفسير الرازي ج13 ص228 وج30 ص78 وتفسير القرطبي ج1 ص257 وج18 ص225 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص427 و 428 وتاريخ بغداد ج9 ص60 وتهذيب الكمال ج18 ص457 وتاريخ الأمم والملوك ج1 ص22 و 34 و 35.
([177]) صحيح البخاري ج8 ص1222 و (ط دار الفكر) ج6 ص119وج7 ص210 وسنن النسائي ج6 ص59 وج7 ص79 وفتح الباري ج11 ص431 وعمدة القاري ج20 ص73 وج23 ص147 وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص51 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص264 والمعجم الأوسط ج7 ص49 ومسند الشهاب لابن سلامة ج1 ص353 وتغليق التعليق لابن حجر ج4 ص396 وكنز العمال ج1 ص116و 358 وكشف الخفاء ج1 ص332 وتاريخ مدينة دمشق ج5 ص7 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص290 والدر المنثور ج6 تفسير سورة القلم، عن ابن جرير، والطبراني، وابن مردويه، وعن الترمذي (القدر) باب 17.
([178]) راجع: الدر المنثور ج6 ص249 عن عبد الرزاق، والفريابي، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن ابي حاتم، وأبي الشيخ في العظمة، والحاكم وصححه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وتاريخ بغداد للخطيب، والضياء في المختارة، وفتح القدير للشوكاني ج5 ص269 وتفسير ابن أبي حاتم ج10 ص3364 والمستدرك للحاكم ج2 ص498.
([179]) راجع: الدر المنثور ج6 ص249ومسند أحمد ج3 ص293 وصحيح مسلم ج8 ص47 والديباج على مسلم ج6 ص11 ومسند ابن أبي الجعد ص384 وتفسير البغوي ج4 ص492 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص226، ، وحديث خيثمة للأطرابلسي ص187، وصحيح ابن حبان ج9 ص227، والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص121 و128، وفوائد العراقيين للنقاش ص42، وإرواء الغليل للألباني ج4 ص204، وتفسير البغوي ج4 ص492، وشرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العز الحنفي ص275، وراجع: سنن ابن ماجة ج1 ص35، وفتح الباري ج11 ص431.
([180]) راجع: البحار ج57 ص93 والدر المنثور ج6 ص250، وفتح القدير ج5 ص270.
([181]) الآية 1 من سورة القلم.
([182]) راجع: الدر المنثور ج6 ص عن الحكيم الترمذي، وأدب الإملاء والإستملاء للسمعاني ص177، وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص264، وتفسير الميزان = = ج19 ص377، وأحكام القرآن لابن العربي ج4 ص304، وتفسير القرطبي ج18 ص223، وتفسير الثعالبي ج5 ص464، والدر المنثور للسيوطي ج6 ص250، والكامل لابن عدي ج6 ص269، وتاريخ مدينة دمشق ج5 ص174 وج56 ص208 وج61 ص385.
([183]) راجع: الدر المنثور ج6 ص250 عن ابن أبي شيبة، وابن المنذر.
([184]) راجع: الدر المنثور ج6 ص249 و 250.
([185]) درء تعارض العقل والنقل ص66 عن الخلَّال.
([186]) راجع: صحيح البخاري ج7 ص214، وصحيح مسلم (بشرح النووي) ج16 ص196 والجامع الصحيح للترمذي ج3 ص301،
([187]) المستدرك للحاكم ج1 ص31 وشرح مسلم للنووي ج15 ص145 وراجع: فيض القدير ج2 ص298 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص279 وأسد الغابـة = = ج5 ص243 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج7 ص215 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج1 ص100 وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص49، وكتاب الموطأ لمالك ج2 ص899، والبحار ج5 ص269، ومسند احمد ج1 ص44، وسنن أبي داود ج2 ص414، وسنن الترمذي ج4 ص331، والمستدرك للحاكم ج2 ص325 و544، وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص87، والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص347، وصحيح ابن حبان ج14 ص38، والإستذكار لابن عبد البر ج8 ص260، والتمهيد لابن عبد البر ج6 ص2 وج18 ص83، وموارد الظمآن للهيثمي ج6 ص38، وكنز العمال ج1 ص113 وج2 ص409، وجامع البيان للطبري ج9 ص152، وتفسير ابن أبي حاتم ج5 ص1612، وتفسير السمرقندي ج1 ص577، وتفسير السمعاني ج6 ص171، وتفسير البغوي ج2 ص211، وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص333، وتفسير الرازي ج15 ص46، وتفسير القرطبي ج7 ص314 وج14 ص28، ودقائق التفسير لابن تيمية ج2 ص168، وتفسير ابن كثير ج2 ص273، والدر المنثور ج3 ص142، وتفسير أبي السعود ج3 ص290، وفتح القدير ج2 ص263، وتفسير الآلوسي ج9 ص103، وتاريخ مدينة دمشق ج34 ص70، وتاريخ الطبري ج1 ص91، والبداية والنهاية ج1 ص99، وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص48، وشرح العقيدة الطحاوية ص266.
([188]) راجع: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج8 ص44 و 45 وشرح صحيح مسلم للنووي (ط دار الكتب العلمية) ج16 ص190 و 191 والمحلى لابن حـزم = = ج11 ص34 ومغني المحتاج للشربيني ج3 ص338 وراجع: نيل الأوطار للشوكاني ج4 ص83 وسنن الترمذي ج3 ص302 ومسند أبي داود الطيالسي ص38 وتحفة الأحوذي ج4 ص102 وتفسير الميزان ج14 ص354 وتفسير القرطبي ج1 ص194 وج12 ص7 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص520 وراجع ج3 ص217 والدر المنثور ج4 ص345 وفتح القدير ج3 ص438 وتفسير الآلوسي ج7 ص87 وأضواء البيان للشنقيطي ج4 ص272 وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص195 وراجع: الديباج على مسلم ج6 ص7 وتفسير البغوي ج1 ص278 وج3 ص23.
([189]) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج4 ص79 و 104 وج7 ص210 وج8 ص188 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج8 ص44 وسنن ابن ماجة ج1 ص29 وسنن أبي داود ج2 ص415 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص421 وج10 ص266 وشرح مسلم للنووي ج16 ص192 وعمدة القاري ج15 ص129 و 130 و 213 وج23 ص145 وج25 ص139 والديباج على مسلم ج6 ص5 ومسند أبي داود الطيالسي ص39 ومسند ابن الجعد ص380 وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص77 والتمهيد لابن عبد البر ج18 ص101 والأذكار النووية ص406 ورياض الصالحين ص234 والجامع الصغير للسيوطي ج1 ص333 وجامع بيان العلم وفضله ج2 ص114 وفيض القدير ج2 ص224 وج6 ص314 وفتح القدير ج3 ص438 وتفسير الميزان ج14 ص354 وتفسـير ابن زمنـين ج2 ص309 وتفسـير السلـمي ج1 ص338 = = وتفسير السمعاني ج2 ص177 وتفسير البغوي ج1 ص278 وأحكام القرآن لابن عربي ج2 ص335 وتفسير الرازي ج2 ص47 وتفسير القرطبي ج1 ص194 وج18 ص132 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص191 وج2 ص218 وج3 ص251 و 259 والدر المنثور ج4 ص345 والكامل لابن عدي ج3 ص299 وكنز العمال ج1 ص112 و 122 و 360 وأضواء البيان للشنقيطي ج8 ص196 وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص195 وتهذيب الكمال ج10 ص114.
([190]) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج7 ص210 وفتح الباري ج11 ص432 وعمدة القاري ج23 ص148 والمعجم الكبير ج18 ص131 ومسند احمد ج4 ص427 ومسند ابي داود الطيالسي ص111 وراجع: منتخب مسند عبد بن حميد ص37 وسنن أبي داود (مطبوع مع عون المعبود) ج12 ص458 و 476 والذهب الأبريز ص26.
([191]) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج6 ص86 وج8 ص215 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج8 ص47 و 48 ومسند أحمد ج1 ص6 و 82 و 157 وج3 ص304 وج4 ص67 و 431 وسنن ابن ماجة ج1 ص30 و 35 ج2 ص725 وسنن أبي داود ج2 ص415 وسنن الترمذي ج3 ص302 وشرح مسلم للنووي ج16 ص214 ومجمع الزوائد ج7 ص187 و 189 و 194 و 195 وفتح الباري ج11 ص435 وعمدة القاري ج25 ص195 والديباج على مسلم ج6 ص10 ومسنـد أبي داود ص113 والأدب المـفرد للبخـاري ص193 = = وخلق أفعال العباد للبخاري ص53 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص517 والمعجم الأوسط ج4 ص144 وج5 ص135 والمعجم الصغير ج1 ص255 والمعجم الكبير ج1 ص64 و 237 وج7 ص119 و 120 و 121 وج18 ص129 و 130 و 131 وعوالي اللآلي ج4 ص122 والبحار ج4 ص282 وج64 ص119 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص590 ومصادر أخرى كثيرة.
([192]) الفهرست لابن النديم ص231 ووفيات الأعيان لابن خلكان ج3 ص285 وتاريخ الإسلام للذهبي ج24 ص155 والوافي بالوفيات ج20 ص137.
([193]) مقالات الإسلاميين ج1 ص321 والإلهيات للسبحاني ص608.
([194]) الآية 64 من سورة المائدة.
([195]) راجع: الطرائف لابن طاووس ص320.
([196]) الآية 35 من سورة النحل.
([197]) هل نحن مسيرون أم مخيرون للزعبي ص26.
([198]) الإمامة والسياسة لابن قتيبة ص182 و 183 و (ط مؤسسة الحلبي) تحقيق الزيني ج1 ص158 و 161 و (ط أمير قم) تحقيق الشيري ج1 ص205 و 210 والغدير ج10 ص249.
([199]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص110 و (ط دار صادر) ص148، وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص55.
([200]) الآية 38 من سورة الأحزاب.
([201]) تاريخ بغداد (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص172 والمحاسن والمساوئ للبيهقي ج1 ص471 وشواهد التنزيـل للحسكـاني ج2 ص38 و 39 ونور الثقلـين = = (تفسير) ج4 ص276 ومجمع البيان ج8 ص357 والبحار ج35 ص222 وعن الطرائف ص30، والدر النظيم ص335.
([202]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص624 وراجع ص623 عن البخاري، وبقية الجماعة، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص336 وتفسير القمي ج1 ص287 والبحار ج21 ص150 والمغازي للواقدي ج3 ص904.
([203]) تفسير القمي ج1 ص287 والتفسير الصافي ج2 ص331 وشجرة طوبى ج2 ص308 والبحار ج21 ص150 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص106 وتفسير نور الثقلين ج2 ص199.
([204])السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 والسيرة الحلبية ج3 ص108 و (ط دار المعرفة) ص65 والآحاد والمثاني ج3 ص435 والمنتقى من السنن المسندة ص270 وشرح معاني الآثار ج3 ص226 وصحيح ابن حبان ج11 ص131 و 168 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج5 ص117 والإستذكار ج5 ص59 والتمهيد ج23 ص242 ونصب الراية ج4 ص295 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص147 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص584 والبداية والنهاية ج4 ص376 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص623.
([205]) راجع: أهل البيت في آية التطهير (الطبعة الثانية) ص130 و 131.
([206]) راجع: تفسير القمي (مطبعة النجف) ج2 ص198 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص583 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج9 ص193 والتفسير الأصفى ج2 ص134 والتفسير الصافي ج4 ص210 وج5 ص207 وج6 ص80 وج7 ص258 وتفسير نور الثقلين ج2 ص519 وج5 ص389 وراجع ج1 ص432 وراجع: علل الشرايع (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص19 والبحار ج11 ص223 وج54 ص369 وجامع أحاديث الشيعة ج20 ص394 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص340 ومعاني الأخبار ص23 ومجمع البيان ج10 ص88.
([207]) الآية 1 من سورة القلم.
([208]) راجع: تفسير العياشي ج1 ص47 و (ط المكتبة العلمية الإسلامية) ص30 ومدينة المعاجز ج5 ص189 والبحار ج54 ص369 وج96 ص204 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص584.
([209]) راجع: تفسير القمي ج2 ص379 والبحار ج54 ص366 ومستدرك البحار ج8 ص583 وتفسير الميزان ج8 ص169 وج18 ص182 وج19 ص376 والتفسير الصافي ج5 ص9 وتفسير نور الثقلين ج2 ص518 وج5 ص5 و 6 و225 و 388، ومجمع البحرين للطريحي ج4 ص258.
([210]) راجع: علل الشرايع ج2 ص105 و(ط المكتبة الحيدرية) ص402 والبحار ج11 ص108 وج54 ص367 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج9 ص191 والتفسير الصافي ج5 ص207 وج7 ص257 وتفسير نور الثقلين ج2 ص518 وج5 ص61 و 387.
([211]) راجع: الكافي ج1 ص20 والخصال للصدوق ص589 وعلل الشرايع (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص114 وشرح أصول الكافي ج1 ص199 ومشكاة الأنوار ص441 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص291 والجواهر السنية ص331 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص291 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج2 ص412 وج6 ص210 وج12 ص155.
([212]) راجع: البحار ج15 ص24 وج25 ص22 وج54 ص170 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص14 وسنن النبي "صلى الله عليه وآله" للطباطبائي ص400 وكشف الخفاء ج1 ص265 وتفسير الميزان ج1 ص121 وتفسير الآلوسي ج1 ص51 وينابيع المودة للقندوزي ج1 ص56 ومجمع النورين للمرندي ص24 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص240.
([213]) راجع: البحار ج15 ص24 و 97 وج25 ص22 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص14 وسنن النبي "صلى الله عليه وآله" للطباطبائي ص400 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص240 ومشارق أنوار اليقين للبرسي ص57.
([214]) راجع: البحار ج25 ص22 وج54 ص170 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص14 والخصائص الفاطمية ج1 ص319.
([215]) البحار ج54 ص309.
([216]) أسد الغابة ج5 ص535 والإصابة ج4 ص391 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص492، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص319، وسبل الهدى والرشاد ج7 ص108.
([217]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص348 ومجمع الزوائد ج6 ص11 والمجموع للنووي ج15 ص229 ونيل الأوطار ج6 ص59 وسنن أبي داود ج2 ص50 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص150 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص319 والإصابة ج8 ص290 .
([218]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص348 عن ابن سعد، وقال في هامشه: أخرجه ابن سعد في الطبقات ج1 ق2 ص58، وذكره الهيثمي في المجمع ج6 ص12 ـ 15. وقد نقل العلامة الأحمدي "رحمه الله" هذا الكتاب أيضاً في مكاتيب الرسول ج3 ص398 عن: كنز العمال ج2 ص287 وفي (ط الهند) ج4 ص274 (عن الطبراني في الكبير) واللفظ له، والطبقات الكبرى ج1 ق2 ص58 ومجمع الزوائد ج6 ص12 والإصابة ج4 ص393 ورسالات نبوية ص246 وبلاغات النساء ص127 والعقد الفريد ج2 ص47 ومدينة البلاغة ج2 ص346. ومجموعة الوثائق السياسية ص256 /142 (عن الطبقات، وسنن أبي داود ج19 ص36 والعقد الفريد، وقال: قابل الإستيعاب ص429، نساء 240، ومعجم الصحابة لابن قانع (خطية) ورقة 31 ـ ألف ـ ب وانظر كايتاني 9/91.
([219]) مكاتيب الرسول ج3 ص400 عن المصادر التالية: مجمع الزوائد ج6 ص9 و 10 والإصابة ج4 ص393 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص58 ورسالات نبوية ص246 وأسد الغابة ج5 ص535.
([220]) الثاقب في المناقب للطوسي ص316 والبحار ج41 ص230 وج43 ص334 وج91 ص5 ومسند احمد ج3 ص168 وج5 ص64 وصحيح البخاري ج1 ص23 وسنن ابن ماجة ج1 ص449 وسنن أبي داود ج1 ص117 وسنن النسائي ج4 ص122 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص444 وعمدة القاري ج1 ص267 وج2 ص19 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص62 ومسند أبي يعلى ج3 ص171 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص63.
([221]) مسند احمد ج3 ص168 وج5 ص64 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص444 وعمدة القاري ج1 ص267 وج2 ص19 وتفسير ابن كثير ج3 ص383 والطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص44 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص517 والموضوعات لابن الجوزي ج1 ص288 وتهذيب الكمال ج19 ص270.
([222]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص273 وفي هامشه عن عبد الرزاق (19890) والمصنف للصنعاني ج11 ص54 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص496 وإمتاع الأسماع ج14 ص106.
([223]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص273 عن ابن سعد، وأحمد، والبيهقي، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص164 عن أحمد وغيره، ومسند احمد ج3 ص105 وفضائل الصحابة للنسائي ص73 ومنتخب مسند عبد بن حميد لابن نصر الكسي ص413 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص93 ومسند أبي يعلى ج6 ص454 وصحيح ابن حبان ج16 ص165 وكتاب الأوائل للطبراني ص41 وتفسير السلمي ج1 ص63 وتفسير البحر المحيط ج1 ص342 و478 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص348 وج4 ص106 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص475 وتهذيب الكمال ج15 ص450 وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص141.
([224]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص274 عن البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج5 ص219، وأحمد في المسند ج2 ص235 و474، والطبراني في الكبير ج2 ص134، والبيهقي في السنن ج1 ص386، والخطيب في التاريخ ج11 ص377، وسنن الدارمي ج1 ص37 وصحيح مسلم ج1 ص51 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص386 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص524 ومسند ابن راهويه ج1 ص23 وصحيح ابن حبان ج16 ص286 والمعجم الأوسط للطبراني ج4 ص130 ومسند الشاميين للطبراني ج4 ص172.
وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص165.
([225]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص274 وفي هامشه عن: دلائل النبوة ج5 ص353 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص164 عن أحمد، والبزار، والطبراني وراجع: مسند أبي داود الطيالسي ص127 وبغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ص310.
([226]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص274 عن زاد المعاد، وقال في هامشه: أخرجه ابن سعد في الطبقات ج1 ق2 ص79، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال (33975).
والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص164 و 165 والجامع الصغير للسيوطي ج1 ص475.
([227]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص164 و 165.
([228]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص165.
([229]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص166.
([230]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص.
([231]) النهاية في اللغة ج5 ص300 والبحار ج22 ص137 وج34 ص451 وج57 ص233 وعمدة القاري ج15 ص192 وج16 ص283 والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج5 ص300 ومجمع البحرين للطريحي ج4 ص583.
([232]) البحار ج22 ص136 وج57 ص232 و 233 والكافي ج8 ص69 ـ 70.
([233]) البحار ج22 ص137 وج57 ص233 وفتح الباري ج7 ص86 وأضواء البيان للشنقيطي ج8 ص44.
([234]) النهاية ج5 ص300 وشرح مسلم للنووي ج2 ص32 وعمدة القاري ج16 ص72 وج20 ص294 والديباج على مسلم للسيوطي ج1 ص67 وتحفة الأحوذي ج6 ص423 وغريب الحديث لابن سلام ج2 ص162.
([235]) النهاية ج5 ص300 والبحار ج22 ص137 وج57 ص233 وفيض القدير للمناوي ج3 ص242 والديباج على مسلم للسيوطي ج1 ص67 وعمدة القاري ج20 ص294 وشرح أصول الكافي للمازندراني ج11 ص428.
([236]) البحار ج22 ص137 وج57 ص233 وعمدة القاري ج1 ص254 وج2 ص168.
([237]) البحار ج57 ص232 والأصول الستة عشر ص81.
([238]) المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص163 و164 عن كتاب الصحابة لابن شاهين، وأسد الغابة ج5 ص9، والإصابة ج6 ص320، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص415.
([239]) المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص164، وفتح الباري ج8 ص76.
([240]) المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص167 و168، وفتح الباري ج6 ص207.
([241]) دلائل الصدق ج1 ص328.
([242]) راجع: الإصابة ج2 ص533 وج4 ص514، والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص و(ط دار الجيل) ج 3 ص 1173524، وأسد الغابة ج4 ص100، وفيض القدير ج1 ص372.
([243]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص135 عن عدد من المصادر وقد ذكرنا شطراً منها في غزوة خيبر، وذخائر العقبى ص213 وصحيح البخاري ج4 ص55 وج5 ص79 وفتح الباري ج7 ص371 وعمدة القاري ج15 ص60 وج17 ص251 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص113 وتاريخ مدينة دمشق ج32 ص31 وسير أعلام النبلاء ج2 ص383 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص430 والبداية والنهاية ج4 ص233 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص389.
([244]) البحار ج34 ص274 والإختصاص ص7 و 14 وقاموس الرجال ج8 ص82 وشجرة طوبى ج1 ص81 ومعجم رجال الحديث ج14 ص99 والإختصاص للمفيد ص7.
([245]) رجال الكشي ص9 و 38.
([246]) قاموس الرجال ج8 ص82 و 83 عن صفين للمنقري ص103 والبحار ج34 ص276.
([247]) قاموس الرجال ج8 ص87 عن رجال الكشي ص47 ـ 52 وعن الإمامة والسياسة ج1 ص180 والإحتجاج للطبرسي ج2 ص20 والبحار ج44 ص213 وإختيار معرفة الرجال للطوسي ج1 ص253 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص533 وصلح الحسن "عليه السلام" للسيد شرف الدين ص345.
([248]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج3 ص524 وأسد الغابة ج4 ص101 وشرح الأخبار للقاضي النعمان المغربي ج2 ص32 والبحار الأنوار ج34 ص301 وج41 ص342 والغدير ج11 ص41 وكتاب الأوائل للطبراني ص107 والإستيعاب ج3 ص1174 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص290 والطبقات الكبرى لابن سعد ج6 ص25 والثقات لابن حبان ج3 ص275 وتاريخ مدينة دمشق ج69 ص40 وأسد الغابة ج4 ص101 وبلاغات النساء لابن طيفور ص59 والكامل في التاريخ ج4 ص83.
([249]) أسد الغابة ج4 ص101 وبلاغات النساء ص59 والإختصاص ص17 وأعيان الشيعة ج2 ص95 وراجع: الأعلام للزركلي ج1 ص26.
([250]) الكامل في التاريخ ج3 ص477 وقاموس الرجال ج8 ص89 و90 والغدير ج11 ص41 وتاريخ الطبري ج4 ص197 والكامل في التاريخ ج3 ص477.
([251]) أسد الغابة ج4 ص100 والغدير ج9 ص46 والإستيعاب ج3 ص1174 والبداية والنهاية ج8 ص52.
([252]) تاريخ الأمم والملوك ج4 ص394 والكامل في التاريخ ج3 ص179 والغدير ج9 ص207 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص158 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص74 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص409 وتاريخ الطبري ج3 ص424 والكامل في التاريخ ج3 ص179 والبداية والنهاية ج7 ص207.
([253]) أسد الغابة ج4 ص100 والمعارف لابن قتيبة ص291 والكامل في التاريخ ج3 ص462 والدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة للسيد على خان المدنى ص432 وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص88 والكامل في التاريخ ج3 ص462.
([254]) الكامل في التاريخ ج2 ص298 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص146 وتاريخ ابن خلدون ج2 ق2 ص56.
([255]) راجع: فتح الباري ج8 ص68 وعمدة القاري ج16 ص151 والتنبيه والإشراف للمسعودي ص239 والكامل في التاريخ ج2 ص298 وإمتاع الأسماع ج2 ص99.
([256]) فتوح البلدان للبلاذري ص118.
([257]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص326 عن زاد المعاد، عن ابن إسحاق، وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج5 ص330 وابن كثير في البداية ج5 ص50، وتاريخ الطبري ج2 ص393 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص683 والبداية والنهاية ج5 ص61 وج6 ص223 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص998 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص283 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص96 والسيرة الحلبية ج3 ص254 والدرر ص254.
وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص146 و 147.
([258]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص326 وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج5= = ص331 وابن كثير في البداية ج5 ص52، وعمدة القاري ج16 ص151 والدرر ص254 وتاريخ الطبري ج2 ص393 وإمتاع الأسماع ج14 ص229 وعيون الأثر ج2 ص283 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص96 والسيرة الحلبية ج3 ص254.
وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص147.
([259]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص326 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص148 والدرر ص254 وتفسير ابن كثير ج2 ص425 وتاريخ الطبري ج2 ص394 و499 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص683 والبداية والنهاية ج5 ص61 وج6 ص353 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص999 وعيون الأثر ج2 ص284 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص97 والسيرة الحلبية ج3 ص255 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص356 وإمتاع الأسماع ج14 ص242.
([260]) مكاتيب الرسول ج2 ص386 عن المصادر التالية: زاد المعاد ج3 ص31 والسيرة الحلبية ج3 ص253 والسيرة النبوية لدحلان ج3 ص22 والبدايـة والنهايـة = = ج5 ص51 و 52 والعقد الفريد ج2 ص66 والبيان والتبيين ج1 ص359 متناً وهامشاً، والمفصل ج8 ص755 ـ 759 وج7 ص296 وج6 ص92 والمنتظم ج4 ص21 و 22، والسيرة الحلبية ج3 ص255.
([261]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص326 وقال في هامشه: ذكره ابن كثير في البداية والنهاية ج6 ص384. والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص151 و 152 ومكاتيب الرسول ج2 ص383 و 384 عن المصادر التالية: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص400 وفي (ط أخرى) ج3 ص146 وفتوح البلدان للبلاذري ص97 وفي (ط أخرى) ص120 والطبقات الكبرى ج1 ص273 وفي (ط أخرى) ج1 ق2 ص26 والمفصل ج8 ص757 والكشاف ج1 ص645 في تفسير الآية ص54 وتفسير النيسابوري (بهامش الطبري) ج6 ص163 وتفسير الرازي ج12 ص19 وسيرة النبي "صلى الله عليه وآله" لإسحاق بن محمد همداني قاضي أبرقوه ص1059 ومجمع الزوائد ج5 ص315 عن الطبراني، وكنز العمال ج17 ص161 و 563 وفي (ط أخرى) ج1 ص273 والكافي ج2 ص115 وفي (ط أخرى) ص300 ونهايـة الإرب للقلقشنـدي = = ص226 والبداية والنهاية ج5 ص51 وج6 ص200 و 341 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص109 وفي (ط أخرى) ص120 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص272 وفي (ط أخرى) ص247 والسيرة الحلبية ج3 ص253 وإعلام السائلين ص36 والمحاسن والمساوي للبيهقي ص33 وفي (ط أخرى) ج1 ص49 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ص839 وفي (ط أخرى) ج2 ق2 ص58 وتاريخ الخميس ج2 ص157 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص22 وفتوح البلدان لدحلان ص14 ورسالات نبوية ص260/94 والبدء والتأريخ ج5 ص95 وصبح الأعشى ج6 ص381 وفي (ط أرى) ص367 والبحار ج21 ص412 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص67 وزاد المعاد ج3 ص31 والمفصل ج6 ص91 ومدينة البلاغة ج2 ص264 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص572 وراجع: الجمهرة لهشام الكلبي ص154 والمنتظم ج4 ص22 والمصباح المضيء ج2 ص347 والوثائق السياسية ص305/206 عن جمع ممن تقدم، وعن إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص508 و 509 وقال: قابل طبقات ابن سعد ج1 ق2 ص25 ومعجم الصحابة لابن قانع (خطية) ورقة 182 ـ ألف، وتاريخ الردة من الإكتفاء للكلاعي (ط الهند) ص58 وانظر كابتاني ج10 ص69 واشپرنكر (التعليقة الأولى) ج3 ص306 وراجع أيضاً ص721 عن تاريخ المدينة لابن شبة.
([262]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص327 عن ابن إسحاق، وفي هامشه عن: أبي داود (165)، والبيهقي ج9 ص211، وكنز العمال (14779)، والبداية والنهاية ج5 ص51. وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص152 ونيل الأوطار ج8 ص182 ومسند احمد ج3 ص488 وسنن أبي داود ج1 ص628 ومستدرك الحاكم ج2 ص143 وج3 ص52 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص211 ومجمع الزوائد ج5 ص315 والآحاد والمثاني ج3 ص24 وشرح معاني الآثار لابن سلمة ج3 ص318 وكنز العمال ج6 ص45 وتفسير مقاتل بن سليمان ج1 ص360 وتفسير الثعلبي ج4 ص77 وتهذيب الكمال ج29 ص493 وتاريخ الطبري ج2 ص400 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص686 والبداية والنهاية ج5 ص62 وراجع: تفسير ابن كثير ج2 ص350 والإصابة ج6 ص363 وتفسير الآلوسي ج6 ص161 وأسد الغابة ج5 ص34.
([263]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص327 عن ابي داود، والطيالسي في مسنده، وعن مسند أحمد ج1 ص391 و396 و404 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص152 والمجموع للنووي ج14 ص42 وج19 ص296 ونيل الأوطار للشوكـاني ج8 ص181 ومسنـد احمـد ج1 ص396 وعون المعبود للعظيـم = = آبادي ج7 ص315 ومسند أبي داود الطيالسي ص34 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص685 والبداية والنهاية ج5 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص98 وراجع: تذكرة الفقهاء (ط.ج) للعلامة الحلي ج9 ص68 وسنن الدارمي ج2 ص235 ومجمع الزوائد ج5 ص314 ومسند أبي يعلى ج9 ص31 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص123.
([264]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص327 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص152 ومسند أبي داود الطيالسي ص34 والبداية والنهاية ج5 ص62 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص98.
([265]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص327 عن البخاري ج6 ص4 (4376) وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 ص 685 والبداية والنهاية ج2 ص237 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص62.
([266]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص152 وصحيح البخاري ج4 ص182.
([267]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص327 عن الصحيحين، وفي هامشه عن البخاري ج5 ص54 (3621) والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص152 و 153 عن البخاري في علامات النبوة، وفي المغازي، وعن مسلم في الرؤيا. وفتح الباري ج8 ص70 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص684 وصحيح البخاري ج4 ص182 وج5 ص118 وصحيح مسلم ج7 ص57 وعمدة القاري ج16 ص151 وجزء مؤمل لابن إيهاب الرملي ص125 والمعجم الكبير للطبراني ج10 ص308 ودلائل النبوة للأصبهاني ج3 ص829 ودفع شبه التشبيه بأكف التنزيه لابن الجوزي ص30 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج1 ص443 وتاريخ المدينة ج2 ص573 وإمتاع الأسماع ج14 ص532 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص327.
([268]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص327 وقال: هذا أصح من حديث ابن إسحاق المتقدم. وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج5 ص216 ومسلم (1781) وكنز العمال (38361) والبداية والنهاية ج5 ص49 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص153 ـ 158 وفتح الباري ج8 ص70 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص684 وصحيح مسلم ج7 ص57 وعمدة القاري ج16 ص151 وجزء مؤمل لابن إيهاب الرملي ص125 والمعجم الكبير للطبراني ج10 ص308 ودلائل النبوة للأصبهاني ج3 ص829 ودفع شبه التشبيه بأكف التنزيه لابن الجوزي ص30 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج1 ص443 وتاريخ المدينة ج2 ص573 وإمتاع الأسماع ج14 ص532 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص327.
([269]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص328 عن الصحيحين والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص153 ـ 158. ومسند احمد ج2 ص319 وصحيح البخاري ج5 ص119 وصحيح مسلم ج7 ص58 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص175 وعمدة القاري ج18 ص24 وصحيفة همام بن منبه ص44.
([270]) راجع فيما تقدم: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص155 والشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ج1 ص342 .
([271]) المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص156 عن العسقلاني.
([272]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص155.
([273]) شرح المواهب اللدنية ج5 ص155 وتفسير البيضاوي ج2 ص337 وأسد الغابة ج2 ص135 والإصابة ج5 ص291.
([274]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص124 ومجمع الزوائد ج5 ص330 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص204 ومسند الشاميين ج2 ص38 والإستيعاب ج3 ص1265 وكنز العمال ج5 ص537 وج14 ص549 وتاريخ مدينة دمشق ج49 ص5 و 16 وأسد الغابة ج4 ص186 والإصابة ج5 ص291.
([275]) تاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص286 والوافي بالوفيات ج24 ص72.
([276]) أسد الغابة ج4 ص186.
([277]) راجع: الإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص203 والإصابة ج3 ص201 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص214.
([278]) راجع: الإستيعاب بهامش الإصابة ج3 ص203 والإصابة ج3 ص201 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص214.
([279]) الآية 58 من سورة النحل.
([280]) الآية 96 من سورة البقرة.
([281]) الآية 17 من سورة الزخرف.
([282]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص203 والإصابة ج3 ص201 عن أبي داوود والبخاري في تاريخه ومستدرك الحاكم ج4 ص366 وتلخيصه للذهبي (مطبوع مع المستدرك). والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص273.
([283]) الإصابة ج2 ص79. والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص78 وأسدا الغابة ج2 ص355 ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج1 ص95 والبحار ج18 ص132 والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص222 ومجمع الزوائد ج8 ص290 وجزء أشيب للبغدادي ص58 والمعجم الأوسط للطبراني ج6 ص208 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص177 وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص78 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص215 والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص133 وتهذيب الكمال ج12 ص133 والإصابـة ج3 ص150 وتهـذيب = = التهذيب ج4 ص207 وج12 ص200 وتاريخ الإسلام للذهبي ج4 ص232 والوافي بالوفيات ج1 ص82 وج15 ص277 والبداية والنهاية ج6 ص253 وإمتاع الأسماع ج12 ص223 وج14 ص132 والشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ج1 ص339 وسير أعلام النبلاء ج3 ص184.
([284]) الإصابة ج2 ص79. والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص78 وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص527.
([285]) تاريخ الأمم والملوك ج5 ص292 والغدير ج11 ص30 وتاريخ الطبري ج4 ص217 والكامل في التاريخ ج3 ص495.
([286]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص261 عن الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص78. والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص347.
([287]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص261 عن أحمد بن حنبل. ومسند احمد ج4 ص315 ومجمع الزوائد للهيثمي ج10 ص49.
([288]) الخرائج والجرائح (ط مؤسسة الإمام المهدي ـ قم) ج1 ص103 والبحار ج22 ص76 وج18 ص117 عنه، ومكاتيب الرسول ج1 ص204.
([289]) الإصابة ج3 ص256 وفي (ط دارالكتب العلمية) ج5 ص374.
([290]) الإصابة ج3 ص256.
([291]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص390 عن طبقات ابن سعد (ط ليدن) ج2 ص115. وفي (ط دار صادر) ج1 ص352.
([292]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص321 عن ابن سعد، وفي هامشه عن: الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج2 ص112. وفي الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص349.
([293]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص321 عن ابن سعد. والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص350.
([294]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص321 و 322 عن ابن سعد. والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص350 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص399 والأعلام للزركلي ج5 ص232 والإصابة ج5 ص464.
([295]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص222 وج6 ص322 عن أحمد، وأبي داود، والبيهقي واللفظ له. وفي هامشه عن: كنز العمال (5219). ومسند أحمد ج4 ص212 ونيل الأوطار ج3 ص330 وسنن أبي داود ج1 ص246 والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص213 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج2 ص490 وكنز العمال ج3 ص671 وأسد الغابة ج2 ص32 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج23 ص209 وتهذيب الكمال ج7 ص93.
([296]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص281 وتهذيب تاريخ دمشق ج10 ص166 وعن الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص79. وفي (ط دار صادر) ج1 ص315 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص306.
([297]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص343 و352 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص248 والبداية والنهاية ج5 ص110 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص181.
([298]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص342 عن الرشاطي. والإصابة ج1 ص257.
([299]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص343 عن البزار، وقال في هامشه: ذكره الهيثمي في المجمع ج5 ص43 وعزاه للبزار، والطبراني بنحوه، وقال: وفيه جماعة لم يعرفهم العلائي ولم أعرفهم. وكنز العمال ج12 ص342 وج14 ص189.
([300]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص318 وفي هامشه عن: الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص121 و(ط دار صادر) ج1 ص359 وراجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص216 عن سنيد، عن الأوزاعي.
([301]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص216 و الإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1775 وأسد الغابة ج5 ص322.
([302]) الحَيس: تمر يعجن بسمن وأقط.
([303]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص284 عن الواقدي، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص213 و 214. وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص308.
([304]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص277 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق2 ص35 و81 وفي (ط دار صادر) ج1 ص286 ورسالات نبوية ص116 ومجموعة الوثائق السياسية ص241.
([305]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص386 والإصابة ج3 ص18 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج1 ص328 وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص372.
([306]) الإصابة ج3 ص18 عن المتفق والمفترق للخطيب وج4 ص569.
([307]) ذكرنا مصادر ذلك في موضعه من السرايا، وراجع: الإصابة ج3 ص18 عن مناقب الشافعي لابن شاكر.
([308]) تقدمت مصادر ذلك، وراجع: الإصابة ج3 ص18 عن ابن أبي شيبة
([309]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص357 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص199 ـ 202 عن البيهقي، والحاكم وذكره الهيثمي في المجمع ج6 ص25 وعزاه للطبراني وقال فيه: أبو حباب الكلبي وهو مدلِّس وقد وثقه ابن حبان، وبقية رجاله رجال الصحيح. وتغليق التعليق لابن حجر ج3 ص238 وراجع: كنز العمال ج6 ص381 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص169 وسنن ابن ماجة ج2 ص890 والمستدرك للحاكم ج2 ص612 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص21 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص243 والمفاريد عن رسول الله (ص) لأبي يعلى الموصلي ص109 وصحيح ابن حبان ج14 ص519 وإمتاع الأسماع ج8 ص315 وسيرة ابن إسحاق ج4 ص216.
([310]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص388 عن مجمع الزوائد ج10 ص54 عن الطبراني، والبزار، والإصابة ج2 ص65 عن الطبراني، وابن قانع. والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص55 وكنز العمال ج12 ص65.
([311]) لعل الصحيح: أذاح العرب. أي فرقهم وبددهم.
([312]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص343 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص204 ـ 206 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص304 والسيرة الحلبية ج3 ص267.
([313]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص344 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص205 وحواشي الشرواني ج 3 ص190.
([314]) الآية 256 من سورة البقرة.
([315]) الآية 29 من سورة التوبة.
([316]) الآية 272 من سورة البقرة.
([317]) من لا يحضره الفقيه ج4 ص378 ومكارم الأخلاق للطبرسي ص251 والبحار ج73 ص273 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص59 و 290 والجهاد لعبد الله بن المبارك ص177 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص59 وكنز العمال ج6 ص710 وج9 ص40 وفيض القدير للمناوي ج4 ص161وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص462 و 463 وتفسير نور الثقلين ج4 ص209 وتاريخ بغداد ج10 ص185 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص30 وتاريخ مدينة دمشق ج33 ص313 وأعيان الشيعة ج1 ص302 والسيرة الحلبية ج1 ص109 وج3 ص267.
([318]) كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني ج1 ص463.
([319]) أي سيف البحر.
([320]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص270 عن ابن سعد والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص354 وهو عند البخاري ج2 ص32 ومسلم ج4 ص1922 وراجع الإصابة ج3 ص29.
([321]) الآية 101 من سورة التوبة.
([322]) الدر المنثور ج3 ص271 عن ابن المنذر. وفتح القدير ج2 ص401.
([323]) راجع: تاريخ الأمم والملوك (بتحقيق محمد أبي الفضل إبراهيم) ج3 ص222 وتلخيص الشافي ج3 ص66 والبحار ج28 ص326 والكامل في التاريخ ج3 ص326 و 331 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص40 والجمل للمفيد ص119.
([324]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص425 وفي هامشه عن: الطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص74 وراجع: الإصابة ج1 ص558 والمعجم الصغير للطبراني ج1 ص 180.
([325]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص403 وج6 ص425 وفي هامشه عن: مسلم، كتاب الزكاة (109) وأبي داود (1640) والنسائي ج5 ص89.
([326]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص384 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج2 ص66 و 67 والبداية والنهاية ج5 ص105 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص174.
([327]) الآية 136 من سورة الأنعام.
([328]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص324 والسيرة الحلبية ج3 ص275 وعيون الأثر ج2 ص312 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص331 و 332 وفي هامشه عن: البخاري ج3 ص169 والترمذي (2030) ومسند أحمد ج2 ص137 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص93.
وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص219 و 220.
([329]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص285 و 286 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني = = ج5 ص202 ـ 204 عن الديلمي، واليعمري، وراجع: البداية والنهاية ج5 ص93 ومكاتيب الرسول ج1 ص245 عن السيرة الحلبية ج3 ص260 وعن السيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص32 وعن الطبقات الكبرى ج1 ق2 ص60 و 61 ورسالات نبوية ص37 و 38 ومعجم القبائل ج1 ص116 وعيون الأثر ج2 ص302.
([330]) نهج البلاغة ج4 ص78 الخطبة رقم (328) ومستدرك الوسائل ج7 ص9 والغدير ج8 ص256 وشرح النهج للمعتزلي ج19 ص240 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" للريشهري ج4 ص30 و 203 والبحار ج93 ص22 وروائع نهج البلاغة لجورج جرداق ص233.
([331]) البحار ج93 ص22 وروضة الواعظين للفتال النيسابوري ص454 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج9 ص29 و (ط دار الإسلامية) ج6 ص16 ومشكاة الأنوار لعلي الطبرسي ص228 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص36 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص294 وينابيع المودة ج2 ص249 والجامع للشرايع للحلي ص152 وعيون الحكم للواسطي ص153 ومشكاة الأنوار للطبرسي ص228.
([332]) تهذيب الأحكام ج4 ص131 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج9 ص514 و (ط دار الإسلامية) ج6 ص359 عن أصول الكافي ج1 ص542 وشرح أصول الكافي ج7 ص395 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص61 و586 وذخيرة المعاد (ط.ق) للمحقق السبزواري ج1 ق3 ص486.
([333]) راجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص186 وراجع: السيرة النبوية لدحلان والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص21 ومعجم ما استعجم للأندلسي ج1 ص121.
([334]) راجع: نهاية الإرب ص19 ومعجم البلدان ج5 ص266.
([335]) قد تقدم الحديث حول هذا الأمر في هذا الكتاب.
([336]) الآية 1 من سورة النمل.
([337]) الآية 30 من سورة النمل.
([338]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص415 عن البيهقي، ومكاتيب الرسول ج2 ص489 عن المصادر التالية: البداية والنهاية ج5 ص53 عن البيهقي، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص65 وفي (ط أخرى) ص70 وصبح الأعشى ج6 ص367 وفي (ط أخرى) ص381 وفي (ط ثالثة) ص388 وحياة الصحابة ج1 ص118 ورسالات نبوية ص60 ومآثر الإنافة ج3 ص237 وزاد المعاد ج3 ص39 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص385 والدر المنثور ج2 ص38 عن الدلائل للبيهقي، وناسخ التواريخ سيرة النبي "صلى الله عليه وآله" ص448 والبحار ج21 ص285 عن السيوطي و 287 عن الإقبال وج35 ص262 عن البيهقي، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص50 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص76 ومدينة العلم ج2 ص297 وتفسير الميزان ج3 ص255 وتفسير ابن كثير ج1 ص377 ولباب النقول للسيوطي ص52. ومجموعة الوثائق السياسية ص174/93 عن جمع ممن قدمناه، وعن المصباح المضيء كلمة نجران.
([339]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص415 و 416 عن البيهقي وتفسير الميزان ج3 ص234 وتفسير ابن كثير ج1 ص378 والدر المنثور للسيوطي ج2 ص38 والبداية والنهاية ج5 ص65 وإمتاع الأسماع ج14 ص68 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص102.
([340]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص416 و 417 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص187 و 188 والبحار ج21 ص337 وتفسير ابن كثير ج1 ص378 والبداية والنهاية ج5 ص65 وإمتاع الأسماع ج14 ص69 وإعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي ج1 ص255 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص103.
([341]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص417 عن الحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبي نعيم، وابن سعد، وعبد بن حميد، والبداية والنهاية ج5 ص65 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص103.
([342]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص417 عن ابن جرير وجامع البيان للطبري ج3 ص405 والمحرر الوجيز للأندلسي ج1 ص447 والدر المنثور ج2 ص38 وتفسير الآلوسي ج3 ص194 وراجع: مجمع الزوائد ج1 ص155.
([343]) الآية 17 من سورة المائدة.
([344]) الآيتان 59 و 60 من سورة آل عمران.
([345]) الآيات 61 ـ 63 من سورة آل عمران.
([346]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص419 عن الحاكم وصححه، وابن مردويه، وأبي نعيم في الدلائل، والبيهقي، وابن الشيخ، والترمذي، والنسائي، وابن سعد، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور. وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص187 ـ 190. والبحار ج35 ص264 والدر المنثور ج2 ص39 وتفسير الآلوسي ج3 ص188.
([347]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص419 عن مسلم، والترمذي، وابن المنذر، والحاكم في السنن، وفي هامشه عن: الحاكم ج4 (1871)، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص190 والمناقب لابن شهر آشوب ج2 ص66 والعمدة لابن البطريق ص132 و188 والطرائف لابن طاووس ص45 وص129 والصراط المستقيم للعاملي ج1 ص186 والبحار ج37 ص265 و270 .
([348]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص419 عن عبد الرزاق، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر. ومجمع البيان للطبرسي ج1 ص310 والدر المنثور للسيوطي ج2 ص39. وراجع: البحار ج17 ص169 ومسند احمـد ج1 ص248 ومجمع الزوائد ج8 ص228 وفتح الباري ج8 ص557 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص308 ومسند أبي يعلى ج4 ص472 وتفسير القرآن للصنعاني ج1 ص52 وجامع البيان للطبري ج1 ص597 وج3 ص409.
([349]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص419 والدر المنثور للسيوطي ج2 ص39.
([350]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص190 عن ابن أبي شيبة، وأبي نعيم وغيرهما، وراجع: المحرر الوجيز للأندلسي ج1 ص448.
([351]) راجع: تفسير القمي ج1 ص104 وحياة الحسن "عليه السلام" للقرشي ج1 ص49 ـ 51. وقد روى قضية المباهلة بأهل الكساء بالاختصار تارة، وبالتفصيل أخرى جم غفير من الحفاظ والمفسرين.
ونذكر على سبيل المثال منهم هنا: تفسير العياشي ج1 ص176 و 177 ومجمع البيان ج2 ص452 و 453 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص370 و 371 وتفسير جامع البيان للطبري ج3 ص211 و 213 و 212.
وراجع أيضاً: تفسير النيسابوري (بهامش جامع البيان) ج3 ص213 و 214 وتفسير = = الرازي ج8 ص80 وبعد ذكره حديث عائشة في المباهلة بأهل البيت "عليهم السلام"، وأنه "صلى الله عليه وآله" جعل حينئذٍ الجميع تحت المرط الأسود، حيث قرأ آية التطهير قال الرازي: "وهذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث". والتفسير الحديث لمحمد عزت دروزة ج8 ص108 عن التاج الجامع للأصول ج3 ص396 عن مسلم والترمذي. والكشاف للزمخشري ج 1 ص 368 ـ 370 والإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ص166 والصواعق المحرقة ص 153 و 154 وأسباب النزول للواحدي ص 58 و 59 وصحيح مسلم ج7 ص120 و 121 والبداية والنهاية ج5 ص54 وحياة الصحابة ج2 ص492 وج1 ص130 و 121 وصحيح الترمذي ج5 ص638 و 22 والمناقب لابن شهرآشوب ج3 ص370 و 368 و 369 عن كثيرين جداً وينابيع المودة ص52 و 232 وعن ص479 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص298 و 299 وحقائق التأويل للشريف الرضي "رحمه الله" ص110 و 112 وفرائد السمطين ج1 ص378 وج2 ص23 و 24 وشواهد التنزيل ج1 ص126 و 127 و 124 و 123 وج2 ص20 والمسترشد في الإمامة ص60 وترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي ط1) ج1 ص206 و (ط2) ص225 والمناقب للخوارزمي ص59 و 60 كشف الغمة للأربلي ج1 ص232 و 233 والإصابة ج2 ص503 و 509 ومعرفة علوم الحديث للحاكم ص50 وتفسير فرات ص15 و 14 و 16 و 117 وأمالي الشيخ الطوسي ج2 ص172 وج1 ص265 والجوهرة في نسب علي "عليه السلام" وآله ص69 وذخائر العقبى ص25 وروضة الواعظين ص164 وما نزل من القرآن في أهل البيت لابن الحكم ص50 والفصول المهمة لابن الصباغ ص110 و 5 و 7 ومستدرك الحاكم ج3 ص150 وأُسـد الغابـة ج4 ص26 وسنن البيهقي ج7 ص63 ومسند أحمد ج1 ص185 ومناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن المغازلي ص263 وفي هامشه عن نزول القرآن لأبي نعيم (مخطوط) = = والدر المنثور ج2 ص38 ـ 40 عن بعض من تقدم وعن البيهقي في الدلائل، وابن مردويه، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وتفسير البرهان ج1 ص286 ـ 290 عن بعض من تقدم وعن موفق بن أحمد، في كتاب فضائل الإمام علي، وأمالي الشيخ، والإختصاص، وعن الصدوق وعن الثعلبي، عن مقاتل، والكلبي، وفي تفسير الميزان ج2 ص228 ـ 235. عن كثير ممن تقدم، وعن عيون أخبار الرضا، وإعلام الورى ص79 والخرائج والجرائح، وحلية الأولياء، والطيالسي. وهو أيضاً في فتح القدير ج1 ص347 و 348 وتفسير التبيان ج2 ص485 وتفسير نور الثقلين ج1 ص288 ـ 290 عن بعض من تقدم وعن الخصال وروضة الكافي وغيرهما، وعن نور الأبصار ص111 وعن المنتقى باب 38 وفي تفسير الميزان ج 3 ص 235 وقال ابن طاووس في كتاب سعد السعود ص91: رأيت في كتاب تفسير ما نزل في القرآن في النبي وأهل بيته، تأليف محمد بن العباس بن مروان: أنه روى خبر المباهلة من أحد وخمسين طريقاً عمن سماه من الصحابة وغيرهم، وعد منهم الحسن بن علي "عليهما السلام" وعثمان بن عفان، وسعد بن أبي وقاص، وبكر بن سمال، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن عباس، وأبا رافع مولى النبي، وجابر بن عبد الله، والبراء بن عازب، وأنس بن مالك" انتهى.
وروي ذلك أيضاً عن: علي "عليه السلام" وأم سلمة وعائشة، وأبي سعيد الخدري وعمرو بن سعيد بن معاذ، وحذيفة بن اليمان، (وزاد ابن طاووس نقلاً عن الحجام) أبا الطفيل عامر بن واثلة، وجرير بن عبد الله السجستاني، وأبا قيس المدني، وأبا إدريس، ومحمد بن المنكدر، وعلي بن الحسين، وأبا جعفر محمد بن علي بن الحسـين، وأبا عبـد الله جعفر بن محمـد، والحسن البصـري، وقتـادة، وعلباء بن الأحمر، وعامر بن شراحيل الشعبي، ويحيى بن نعمان، ومجاهد، وشهر بن حوشب.
وأضاف ابن شهرآشوب في مناقبه ج 3 ص 368 ـ 369: أبا الفتح محمد بن أحمد بن= = أبي الفوارس، وابن البيع في معرفة علوم الحديث، واحمد في الفضائل، وابن بطة في الإبانة، والأشفهي في اعتقاد أهل السنة، والخركوشي في شرف النبي، ومحمد بن اسحاق، وقتيبة بن سعيد، والحسن البصري، والقاضي أبا يوسف، والقاضي المعتمد أبا العباس، وأبا الفرج الأصبهاني في الأغاني عن كثيرين وهامش حقائق التأويل ص 110 عن بعض من تقدم، وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص165 والكامل لابن الأثير ج2 ص392 وعن كنز العمال ج 6 ص 407 وعن تفسير الخازن، وعن تفسير البغوي بهامشه.
وثمة مصادر كثيرة أخرى ذكرها في مكاتيب الرسول ج2 ص502 و 503 و 504 مثل: تاريخ اليعقوبي ج2 ص66 وفي (ط أخرى) ص71 وفتوح البلاذري ص75 وفي (ط أخرى) ص85 والسيرة الحلبية ج3 ص240 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص6 والشفاء للقاضي عياض ج2 ص107 ونسيم الرياض ج3 ص411 وشرح القاري (بهامشه) ج2 ص522 وج3 ص411 وكفاية الطالب للكنجي الشافعي ص141 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج4 ص104والمنار ج3 ص322 وأعيان الشيعة ج1 ص416 والبحار ج35 وج21 ص277 و 282 و 321 و 338 و 339 و 341 ـ 343 و 346 و 354 ودلائل النبوة للبيهقي ص298 والقاضي البيضاوي في تفسير الآية، وروح المعاني ج3 ص190 وروح البيان ج2 ص44 والسراج المنير ج1 ص222 وتفسير الشريف اللاهيجي ج1 ص332 وجلاء الأذهان ج1 ص61 وكنز الدقائق ج2 ص102 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ق2 ص57 والعمدة لابن بطريق ص188 وما بعدهـا، وتذكـرة الخـواص لابن الجوزي ص14وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص16 وفي (ط أخرى) ص295 والأغاني ج12 ص7 ونهج الحق ص177 وغاية المرام المقصد الثاني الباب 3 و 4 عن سعد، وجابر، وابن عباس، والشعبي، والسـدي، وأبي عبـد الله والحسن وأبي الحسـن موسـى وأبي ذر عن علي "عليهما = = السلام" في حديث (المناشدة)، وعن محمد بن المنكدر بن عبد الله بن الهدير، وعن أبي الحسن الرضا "عليه السلام".
وقد أخرجه في البحار ج21 عن مصادر جمة، وكذا أخرجه في ملحقات إحقاق الحق ج3 وج5 وج9 وج14 عن مصادر أهل السنة جمعاء.
وراجع: ملحقات إحقاق الحق ج3 ص46 وما بعدها، نقله عن جمع ممن قدّمناه، وعن الثعلبي في تفسيره، ومعالم التنزيل ج1 ص302 ومصابيح السنة ج2 ص204 وأحكام القرآن لابن العربي ج1 ص115 وجامع الأصول ج9 ص470 وتلخيص الذهبي ذيل المستدرك ج3 ص150 ومطالب السؤول ص7 والرياض النضرة ص188 وتفسير النسفي ج1 ص136 وتبصير الرحمن ج1 ص114 ومشكاة المصابيح ج2 ص356 والكاف الشاف ص226 والمواهب للكاشفي ج1 ص71 ومعارج النبوة ج1 ص315 والإكليل ص53 وتفسير الجلالين ج1 ص33 وتفسير أبي السعود ج2 ص143 ومدارج النبوة ص500 ومناقب مرتضوي ص44 والإتحاف بحب الأشراف ص50 والجواهر للطنطاوي ج2 ص120 ورشفة الصادي ص35 وكفاية الخصام ص39. وراجع أيضاً ج9 ص70 عن منهاج السنة لابن تيمية ج4 ص34 ومقاصد المطالب ص11 والمنتقى ص188 ونزول القرآن في أمير المؤمنين "عليه السلام" لأبي نعيم (مخطوط)، وأرجح المطالب ص55 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص194 ومرآة الجنان ج1 ص109 وشرح المقاصد للتفتازاني ج2 ص219 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص43 وإمتاع الأسماع ص502 والمواقف ج2 ص614 وشرح ديوان أمير المؤمنين "عليه السلام" ص184 وراجع أيضاً ج5 ص59 و 102 وج14 ص131 ـ 148.
([352]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص420 ومكاتيب الرسول ج3 ص152 فما بعدها إلى ص156 و 165 عن المصادر التالية: البداية والنهاية ج5 ص55 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص584 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص67 وفي (ط أخرى) ص72 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص35 وفي (ط أخرى) ج1 ص287 وتفسير الشيخ أبي الفتوح الرازي (في تفسير الآية 61 من آل عمران ـ آية المباهلة) (الطبعة الفهلوية) ج1 ص576 ومستدرك الوسائل للنوري ج11 ص133 والإرشاد للمفيد ص78 وفي (ط أخرى) ص79 والأموال لأبي عبيد ص272 ـ 275 وفي (ط أخرى) ص187 وراجع ص39 ورسالات نبوية ص62 ـ 66 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص76 والخراج لأبي يوسف ص72 وفي (ط أخرى) ص78 وحياة الصحابة ج1 ص121 وزاد المعاد لابن القيم ج2 ص40 و 41 ومدينة العلم ج2 ص299 وجلاء الأذهان (تفسير گازر) ج2 ص62 وغاية المرام ص301 والأموال لابن زنجويه ج2 ص449 و 450 وج1 ص948 وأعيان الشيعة ج1 ص417 ونشأة الدولة الإسلامية ص313.
قال البلاذري في الفتوح ص76 وفي (ط أخرى) ص87 و 88 بعد نقل الكتاب: "وقال يحيى بن آدم: وقد رأيت كتاباً في أيدي النجرانيين، كانت نسخته شبيهة بهذه النسخة وفي أسفله: وكتب علي أبو طالب ولا أدري ما أقول فيه"!!
وراجع: الوثائق السياسية: ص175/94 نقله عن جمع ممن تقدم وعن الأصل للشيباني (خطيات مراد ملا وعاطف وفيض وآياصوفيا بإستانبول كتاب السير= = باب ما جاء عن النبي وأصحابه في أهل نجران وبني تغلب) وإمتاع الأسماع للمقريزي خطية كوپرلو ص1037 و 1038 و 1650 والوثائق السياسية اليمنية لمحمد علي الأكوع الحوالي ص94 ـ 96 قال: وراجع أيضاً مخطوطة التأريخ المجهول وراجع أيضاً: ص718 من الوثائق.
وأوعز إليه في النهاية لابن الأثير في مادة: "وقه" و "وقف" و "هف" و "وفه" و "ربي" وراجع: الفائق ج1 ص179 ولسان العرب، وأقرب الموارد في هذه المواد، وراجع: معجم البلدان ج5 ص265 و 269 ونيل الأوطار ج8 ص58 وفتح الباري ج8 ص74 والكامل لابن الأثير ج2 ص293 وعون المعبود ج3 ص133 وأبا داود ج3 ص167 والمنار ج3 ص322 وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي ج1 ص441 وإعلام الورى ص130 ومآثر الإنافة ج3 ص237 وثقات ابن حبان ج2 ص123 والسيرة الحلبية ج3 ص212 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص4 والعبر وديوان المبتدأ والخبر لابن خلدون ج2 ق2 ص57 وكنز العمال ج14 ص247 وج4 ص323 والبحار ج21 ص277 و 338 و 372 والإصابة ج3 ص192 في غيلان بن عمرو، والمنتظم لابن الجوزي ج4 ص3. والخراج لقدامة بن جعفر (مخطوطة پاريس) ورقة 125 وزاد المعاد ج3 ص41 والفائق مادة "وهف" واللسان مادة "وقف" وإمتاع الأسماع ج1 ص502 وغريب الحديث لأبي عبيد (خطية كوپرلو) ورقة 72 ـ ب والنهاية مادة "ثلل" و "ثوي" و "ربي". قال: وانظر كايتاني ج10 ص60.
([353]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص420 ومكاتيب الرسول ج3 ص149 وزاد المعاد لابن القيم ج3 ص41 ورسالات نبوية ص66، وإمتاع الأسماع ج14 ص72.
([354]) مكاتيب الرسول ج3 ص148 عن المصادر التالية: الطبقات الكبرى ج1 ص266 وفي (ط أخرى) ج1 ق2 ص21 والبداية والنهاية ج5 ص55 ورسالات نبوية ص66 وحياة الصحابة ج1 ص123 وزاد المعاد ج3 ص41 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص76 ومدينة العلم ج2 ص297 وإعلام الورى ص79 ومجموعة الوثائق السياسية ص179/95 عن جمع ممن قدمناه، وإمتاع المقريزي (خطية كوپرلو) ص1038 وسبل الهدى للشامي خطية باريس /1992 ورقة 65 ـ ألف وراجع أيضا ص718 .
([355]) مكاتيب الرسول ج3 ص148.
([356]) كما ذكره البلاذري، وابن كثير، وابن قيم الجوزية.
([357]) ذكر ذلك أبو عبيد، وابن زنجويه.
([358]) ذكر ذلك أبو يوسف.
([359]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص82.
([360]) فتوح البلدان للبلاذري ج1 ص78.
([361]) السنن الكبرى ج10 ص120 ومعجم البلدان ج5 ص269 ومكاتيب الرسول ج3 ص170 عن المصادر التالية: المصنف لابن أبي شيبة ج14 ص550 و 551 عن سالم، وكنز العمال ج4 ص323 عن ابن أبي شيبة، والأموال لأبي عبيد، والبيهقي وج14 ص247 عن البيهقي عن عبد خير، والأموال لابن زنجويه ج1 ص276 و 418 عن سالم، والخراج لأبي يوسف ص80 قال: وكان الكتاب في أديم أحمر، والأموال لأبي عبيد ص143/273 والمطالب العالية ج4 ص41.
([362]) مكاتيب الرسول ج3 ص181 و 182 ، وراجع المصادر في الهوامش السابقة.
([363]) الآية 64 من سورة آل عمران.
([364]) راجع: البحار ج9 ص70 وج21 ص287 عن إقبال الأعمال، وراجع: تفسير الكشاف ج1 ص371 والجامع لأحكام القرآن ج4 ص105 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص213 و 214 وتفسير الثعالبي ج1 ص275 وجامع البيان للطبري ج3 ص410 وتفسير الرازي ج8 ص90 والعجاب للعسقلاني ج2 ص688 والدر المنثور ج2 ص40.
([365]) مكاتيب الرسول ج2 ص398 عن المصادر التالة: تاريخ الأمم والملوك ج3 ص213 وعمدة القاري ج1 ص88 وفتح الباري ج1 ص36 والسيرة الحلبية ج3 ص275 وكنز العمال ج10 ص417 و 418. وتفسير الثعلبي ج9 ص220 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص77.
([366]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص422 وإمتاع الأسماع ج14 ص71 والبداية والنهاية ج5 ص67 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص106.
([367]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص191 عن ابن سعد، وفتح الباري، والإصابة، وعن المدائني. وفتح الباري ج8 ص74.
([368]) الدر المنثور ج6 ص38 والبداية والنهاية ج5 ص53 والبحار ج21 ص285 وج35 ص262 وتفسير الآلوسي ج3 ص186 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص415.
([369]) مكاتيب الرسول ج2 ص492 عن الإتقان للسيوطي ص101 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص26 والفهرست لابن النديم ص36 والغدير ج1 ص256 وراجع كتب التفسير في ذلك.
([370]) ذكر هذه الأدلة أيضاً العلامة الأحمدي في مكاتيب الرسول ج2 ص497 و498.
([371]) الآيات 65 ـ 68 من سورة آل عمران.
([372]) الآية 81 من سورة آل عمران.
([373]) الآيتان 79 و 80 من سورة آل عمران.
([374]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص421 عن ابن إسحاق، وتخريج الأحاديث والآثار = = ج1 ص191 وتفسير الميزان ج3 ص268 وجامع البيان للطبري ج3 ص441 وتفسير ابن أبي حاتم ج2 ص693 وتفسير ابن كثير ج1 ص385 والعجاب للعسقلاني ج2 ص705 والدر المنثور ج2 ص40 و46 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص697 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص395 وعيون الأثر ج1 ص284.
([375]) الآيتان 79 و 80 من سورة القصص.
([376]) الآية 78 من سورة القصص.
([377]) الآية 171 من سورة النساء.
([378]) الآية 17 من سورة المائدة.
([379]) الآية 59 من سورة آل عمران.
([380]) الوسائل (ط دار الإسلامية) ج12 ص425 و (ط مؤسسة آل البيت) ج18 ص120 القواعد الفقهية للبجنوردي ج5 ص90 وعلل الشرائع ج2 ص483 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص566 والبحار ج100 ص120 وجامع أحاديث الشيعة ج18 ص133 وميزان الحكمة ج2 ص1032.
([381]) البحار ج75 ص201 وراجع: فقه الرضا لابن بابويه ص256 والبحار ج100 ص121 والدر المنثور ج1 ص365 وذيل تاريخ بغداد ج3 ص214 وتهذيب الكمال ج5 ص88 وسير أعلام النبلاء ج6 ص262 ومطالب السؤول للشافعي ص439 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص370 و399.
([382]) البحار ج100 ص19 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج12 ص424 و (ط مؤسسة آل البيت) ج18 ص120 وشرح اللمعة للشهيد الثاني ج3 ص300 وعلل الشرائع ج2 ص482 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص567.
([383]) البحار ج100 ص119 وشرح اللمعة للشهيد الثاني ج3 ص300 وجواهر الكلام للجواهري ج23 ص333 وعلل الشرائع ج2 ص483 وعيون أخبار الرضا "عليه السلام" للصدوق ج1 ص100 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص566 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج18 ص121 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج12 ص425 وتفسير نور الثقلين للحويزي ج1 ص291.
([384]) الآية 20 من سورة الفجر.
([385]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص421 عن البيهقي بأسناد صحيح، وعن البخاري من حديث حذيفة، وأشار في هامشه إلى البخاري في كتاب أخبار الآحاد (7254) وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص190 ومسند احمد ج1 ص414 وصحيح البخاري ج5 ص120 وفضائل الصحابة للنسائي ص29 والمستدرك للحاكم ج3 ص267 وعمدة القاري ج18 ص27 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص57 وتفسير ابن كثير ج1 ص377 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص453 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص584 وراجع: المصنف ج7 ص531 وج8 ص565 وصحيح ابن حبان ج15 ص462 وكنز العمال ج13 ص217 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص451.
([386]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص190 عن أبي يعلى وفتح الباري ج7 ص74.
([387]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص190 وفتح الباري ج8 ص74 وعمدة القاري ج18 ص28.