الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج24
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب الثاني:
غزوة حنين.. الهزيمة.. الجريمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..
وبعد..
نتابع فيه حديثنا عن هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الإسلام، والتي انتهت بسقوط عنفوان الشرك، في المنطقة بأسرها.. لتكون الهيمنة المطلقة للإسلام وللمسلمين، باعتراف صريح من رموز الشرك، وعتاته، وفراعنته، وجباريه.
وتتمثل نهايات هذه المرحلة بحسم الأمر بالنسبة لقبيلة هوازن في حنين وأوطاس.. وسقوط ثقيف وخثعم في الطائف..
ثم تبع هذه المرحلة تداعيات طبيعية، تمثلت بانثيال وفود قبائل العرب على المدينة، ليعلنوا ولاءهم، وتأييدهم، وقبولهم بالإسلام ديناً، واعترافهم بمحمد نبياً..
والذي يعنينا الحديث عنه في هذا الباب وفصوله هو عرض ما جرى في حنين، وأوطاس، والطائف..
وأما الحديث عن الوفود، وعن سائر الأحداث الهامة، فنأمل أن نوفق للتعرض له فيما سوى ذلك من أبواب إن شاء الله تعالى..
فنقول.. ونتوكل على خير مأمول ومسؤول:
الفصل الأول:
إستعداد العدو.. واستطلاع النبي '..
بـدايـة:
إن النصوص التاريخية تؤكد على: أن قبيلة هوازن هي التي بادرت إلى جمع الجموع وتحركت من أماكن سكناها باتجاه المسلمين، لتورد ضربتها الحاسمة فيهم، فلما سمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بجمعها، وبتحركها، سار إليها.
وسنحاول في هذا الفصل متابعة أحداث هذا التحرك، والأجواء المهيمنة على هذا المسير، فإلى ما يلي من عناوين ومطالب، ومن الله نستمد العون والقوة، ونبتهل إليه أن يمنحنا التوفيق والتسديد، إنه ولي قدير وبالإجابة حري جدير..
هوازن تحشد وتستعد:
قال المؤرخون، والمؤلفون:
[وتسمى أيضاً غزوة هوازن، لأنهم الذين أتوا لقتال رسول الله "صلى الله عليه وآله". عن أبي الزناد: أقامت هوازن سنة تجمع الجموع وتسير رؤساؤهم في العرب، تجمعهم]([1]).
قال أئمة المغازي: لما فتح رسول الله "صلى الله عليه وآله" مكة مشت أشراف هوازن، وثقيف بعضها إلى بعض، (وكان أهلها عتاة، مردة، مبارزين)([2]) وأشفقوا أن يغزوهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقالوا: قد فرغ لنا فلا ناهية له دوننا، والرأي أن نغزوه.
فحشدوا، وبغوا، وقالوا: والله، إن محمداً لاقى قوماً لا يحسنون القتال، فأجمعوا أمركم، فسيروا في الناس، وسيروا إليه قبل أن يسير إليكم.
فأجمعت هوازن أمرها، وجمعها مالك بن عوف بن سعد بن ربيعة النصري، وهو ـ يوم حنين ـ ابن ثلاثين سنة، فاجتمع إليه مع هوازن ثقيف كلها، ونصر، وجشم كلها، وسعد بن بكر، وناس من بني هلال، وهم قليل.
قال محمد بن عمر: لا يبلغون مائة، ولم يشهدها من قيس عيلان. إلا هؤلاء، ولم يحضرها من هوازن كعب ولا كلاب، مشى فيها ابن أبي براء فنهاها عن الحضور، وقال: والله، لو ناوأوا محمداً من بين المشرق والمغرب لظهر عليهم([3]).
وكان في جشم دريد بن الصمة وهو يومئذ ابن ستين ومائة.
ويقال: عشرين ومائة سنة، وقيل: مائة وخمسون سنة. وقيل: مائة وسبعون سنة([4]). (وذكر السيد محسن الأمين: المكثر يقول بلغ المائتين والمقل المائة والعشرين)([5]) وهو شيخ كبير قد عمي، ليس فيه شيء إلا التيمن برأيه، ومعرفته بالحرب، وكان شيخاً مجرباً قد ذكر بالشجاعة والفروسية وله عشرون سنة([6]).
فلما عزمت هوازن على حرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" سألت دريداً الرياسة عليها، فقال: وما ذاك؟! وقد عمي بصري، وما استمسك على ظهر الفرس؟ ولكن أحضر معكم لأن أشير عليكم برأيي على أن لا أخالَف، فإن كنتم تظنون أني أخالف أقمت ولم أخرج.
قالوا: لا نخالفك.
وجاءه مالك بن عوف، وكان جماع أمر الناس إليه، فقالوا له: لا نخالفك في أمر تراه.
فقال له دريد: يا مالك، إنك تقاتل رجلاً كريماً، قد أوطأ العرب، وخافته العجم ومن بالشام، وأجلى يهود الحجاز، إما قتلاً وإما خروجاً على ذل وصغار، ويومك هذا الذي تلقى فيه محمداً له ما بعده.
قال مالك: إني لأطمع أن ترى غداً ما يسرك.
قال دريد: منزلي حيث ترى، فإذا جمعت الناس صرت إليك، فلما خرج من عنده طوى عنه أنه يسير بالظعن والأموال مع الناس([7]).
وكان قائد ثقيف ورئيسهم كنانة بن عبد ليل، وقيل قارب بن الأسود([8]).
وكان جملة من اجتمع من بني سعد وثقيف أربعة آلاف، وانضمت إليهم أعداد من سائر العرب، جموع كثيرة، كان مجموعهم كلهم ثلاثين ألفاً، وجعلوا أمر الجميع إلى مالك بن عوف([9]).
فلما أجمع مالك المسير بالناس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أمر الناس، فخرجوا معهم أموالهم، ونساؤهم، وأبناؤهم. ثم انتهى إلى أوطاس، فعسكر به، وجعلت الأمداد تأتي من كل جهة، وأقبل دريد بن الصمة في شجار له يقاد به من الكبر، فلما نزل الشيخ لمس الأرض بيده، وقال: بأي واد أنتم؟
قالوا: بأوطاس.
قال: نعم مجال الخيل، لا حَزْنٌ ضرسٌ، ولا سهل دَهِس. مالي أسمع بكاء الصغير، ورغاء البعير، ونهاق الحمير، وبعار الشاء، وخوار البقر؟
قالوا: ساق مالك مع الناس أبناءهم، ونساءهم، وأموالهم.
فقال دريد: قد شرط لي ألا يخالفني، فقد خالفني، فأنا أرجع إلى أهلي وتارك ما هنا.
قيل: أفتلقى مالكاً فتكلمه؟
فدُعي له مالك، فقال: يا مالك، إنك قد أصبحت رئيس قومك، وإن هذا يوم كائن له ما بعده من الأيام. مالي أسمع بكاء الصغير، ورغاء البعير، ونهاق الحمير، وبعار الشاء، وخوار البقر؟!
قال: قد سقت مع الناس أبناءهم، ونساءهم، وأموالهم.
قال: ولم؟
قال: أردت أن أجعل خلف كل إنسان أهله وماله يقاتل عنهم.
فأنقض به دريد، وقال: راعي ضأن والله، ما له وللحرب. وصفق دريد بإحدى يديه على الأخرى تعجباً، وقال: هل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك، يا مالك، إنك لم تصنع بتقديم البيضة، بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً، فارفع الأموال، والنساء، والذراري إلى عليَا قومهم، وممتنع بلادهم، ثم القَ القوم على متون الخيل، والرجال بين أصفاف الخيل، أو متقدمة دريَّة أمام الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك الفاك ذلك، وقد أحرزت أهلك ومالك.
فقال مالك بن عوف: والله، لا أفعل، ولا أغيّر أمراً صنعته، إنك قد كبرت وكبر علمك، أو قال عقلك. وجعل يضحك مما يشير به دريد.
فغضب دريد وقال: هذا أيضاً يا معشر هوازن، والله ما هذا لكم برأي، إن هذا فاضحكم في عورتكم، وممكّن منكم عدوكم، ولاحق بحصن ثقيف وتارككم، فانصرفوا واتركوه.
فسل مالك سيفه، ثم نكسه، ثم قال: يا معشر هوازن!! والله، لتطيعنّني، أو لأتكئن على هذا السيف حتى يخرج من ظهري. وكره أن يكون لدريد فيها ذكر أو رأي.
فمشى بعضهم إلى بعض، وقالوا: والله، لئن عصينا مالكاً ليقتلن نفسه وهو شاب، ونبقى مع دريد وهو شيخ كبير لا قتال معه، فأجمعوا رأيكم مع مالك، فلما رأى دريد أنهم قد خالفوه، قال:
يا لـيـتـني فـيـهـــا جــــذع أخــب فــيــهـــا وأضـــــــع
أقـــــود وطــفـــاء الـزمـع كــــأنهـــــا شـــاة صـــــدع([10])
ثم قال دريد: يا معشر هوازن، ما فعلت كعب وكلاب؟
قالوا: ما شهدها منهم أحد.
قال: غاب الحد والجد، لو كان يوم علاء ورفعة. وفي لفظ: لو كان ذكراً وشرفاً ما تخلفوا عنه، يا معشر هوازن، ارجعوا، وافعلوا ما فعل هؤلاء.
فأبوا عليه.
قال: فمن شهدها منكم؟
قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر.
قال: ذانك الجذعان من بني عامر لا ينفعان ولا يضران.
قال مالك لدريد: هل من رأي غير هذا فيما قد حضر من أمر القوم؟
قال دريد: نعم، تجعل كميناً، يكونون لك عوناً، إن حمل القوم عليك جاءهم الكمين من خلفهم، وكررت أنت بمن معك، وإن كانت الحملة لك لم يفلت من القوم أحد، فذلك حين أمر مالك أصحابه أن يكونوا كميناً في الشعاب، وبطون الأودية، فحملوا الحملة الأولى التي انهزم فيها رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال دريد: من مقدمة أصحاب محمد؟
قالوا: بني سليم.
قال: هذه عادة لهم غير مستنكرة، فليت بعيري ينحّى من سنن خيلهم، فنُحي بعيره مولياً من حيث جاء([11]).
ونقول:
إن لنا هنا ملاحظات، ووقفات عديدة، نشير إليها ضمن العناوين التالية:
حنين واد قرب الطائف:
حنين واد إلى جنب وادي ذي المجاز، قريب من الطائف، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً([12]).
وقيل: حنين: اسم لما بين مكة والطائف([13]).
وقال بعضهم: اسم موضع قريب من الطائف([14]).
وقيل: بينه وبين مكة ثلاث ليال، قرب الطائف([15]).
سبب غزوة حنين:
تقدم أنهم يزعمون: أن سبب هذه الغزوة هو: أنه بعد فتح مكة مشت أشراف هوازن، وثقيف، وقالوا: قد فرغ لنا فلا ناهية له دوننا، والرأي أن نغزوه.
ولكنّ نصاً آخر يقول: إن سببها هو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما خرج لفتح مكة أظهر أنه يريد هوازن، فبلغ الخبر إليهم، فتهيأوا، وجمعوا الجموع والسلاح، واجتمع رؤساء هوازن إلى مالك بن عوف، فرأسوه عليهم وخرجوا الخ..([16]).
ونقول:
أولاً: إن ثمة خللاً في هذا النص الأخير، فإن ما بلغ هوازن قد كان قبل فتح مكة، وبعد فتحها وبقاء النبي "صلى الله عليه وآله" فيها هذه المدة التي قد يقال: إنها قاربت العشرين يوماً، لا بد أن يتوقع أن هوازن قد اقتنعت بأن مكة كانت هي المقصودة بذلك الجيش.. فلا معنى لأن تقرر هوازن أن تجمع هذه الجموع وتسير لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثانياً: إن هوازن قد بقيت سنة تجمع الجموع، وتحث القبائل على مشاركتها في حربها مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"([17]).
وصرحت بعض الروايات: بأنهم قبل فتح مكة كانوا يريدون قتاله "صلى الله عليه وآله"([18])، فلا معنى لقولهم: إنها قد تهيأت للحرب حين بلغها مسير رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليها، أو أنها قد قررت جمع الجموع والحرب بعد فتح مكة..
فلعل الصحيح هو: أنها قد بدأت بالتهيؤ للحرب قبل سنة، ثم زادت وتيرة هذا الاستعداد بعدما بلغها مسير النبي "صلى الله عليه وآله" إليها.. ثم جددت خيار المبادرة والدخول في الحرب بصورة فعلية بعد فتح مكة.
دوافع هوازن:
لقد بات واضحاً: أن هوازن لم تكن تريد بحربها لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وللمسلمين أن تحقّ حقاً، أو تبطل باطلاً، كما أنها لم تكن تريد الدفاع عن نفس أو عرض، أو مال، أو أرض، ولا الدفاع عن حرية أو كرامة، ولا عن جاه وزعامة، ولا دفاعاً عن قيم إنسانية، أو عن حقائق إيمانية، أو ثأراً لعدوان سابق عليهم. وإنما كانت حرب العصاة البغاة، والمعتدين الطغاة، وحرب الأجلاف الجفاة، والعتاة القساة.
إنهم يخوضون حرباً يقرر زعماؤهم، وأصحاب الرياسة فيهم زجّهم فيها، ويفرضونها عليهم، وحملهم على مواجهة ويلاتها، وتحمل تبعاتها..
ولو أنهم تركوا الأمور تسير على طبيعتها، فإن غاية ما كان سيفعله معهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو: أن يعرض عليهم ما يدعو إليه، ويقدم لهم الأدلة القاطعة والبراهين الساطعة عليه، ويبقى خيار القبول أو الرفض عائداً إليهم، وفقاً للشعار الذي طرحه الإسلام في قوله تعالى:
{لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}([19]).
و {إِنْ أَنَا إِلاَ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ}([20]).
و {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ} ([21]).
و {مَنْ شَاء فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاء فَلْيَكْفُرْ}([22]).
إلى عشرات من الآيات الأخرى المصرحة بهذا المعنى..
فلماذا إذن تبادر هوازن إلى جمع الجموع، والاستعداد طيلة سنة كاملة لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! ولماذا تريد منعه من إبلاغ رسالات ربه، بأساليب القهر، والظلم والتعدي، الذي يبلغ حد شن حرب، تأكل الأخضر واليابس؟!
هل هذا ضعف بصيرة أم خذلان؟!
وقد قرأنا في النصوص المتقدمة ولم نزل نقرأ أمثال هذه المزاعم في مواقف كثيرة أخرى مشابهة لأهل الكفر، مثل يهود خيبر وغيرهم: "أن محمداً "صلى الله عليه وآله" والمسلمين إنما كانوا ينتصرون في حروبهم المتلاحقة، لأنهم كانوا يلاقون قوماً لا يحسنون القتال.. ثم يزعمون أنهم هم أهل الجد والجلد، وأهل العدة والعدد، والعارفون بفنون الحرب، والذين يملكون خبرات عالية بأساليب الطعن والضرب"..
ولكن هؤلاء القوم وكذلك غيرهم من اهل اللجاج والعناد يرون المعجزات الباهرة، التي لا تبقي مجالاً للشك بحتمية الرعاية الربانية لهذا الدين وأهله. وقد كانوا يرون بأم أعينهم المعجزات القاهرة للعقول، أو الكرامات الظاهرة الآسرة للوجدان، الموقظة للضمير.
فما معنى: أن يتعامى أولئك الناس عن كل مظاهر هذه العناية الإلهية، والرعاية الربانية، ويتجهون نحو تزوير الحقائق، وإخفاء أمرها، وتدنيس طهرها..
فهل يرجع هذا إلى ضعف في بصيرتهم، أو إلى خذلان رباني لهم، حجبهم عن الحقائق، أو حجبها عنهم، على قاعدة: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ}([23])، و {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}([24]).
إن الإجابة الصحيحة والصريحة عن ذلك، هي: صحة ووقوع كلا هذين الأمرين، نعوذ بالله من الخذلان، ومن سوء العاقبة وعذاب الخزي في الدنيا والآخرة..
دريد بن الصمة في محكمة الوجدان:
إن كلام دريد بن الصمة مع مالك بن عوف فيما يرتبط برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبموقعه، وبما حققه من إنجازات يشير إلى معرفته التامة بما يجري في المنطقة، وبما آلت إليه الأمور بعد تلك الحروب الطويلة، التي خاضها المسلمون مع أعدائهم من مختلف الأديان والأجناس، وفي جميع المواقع..
كما أنه قد أظهر خبرة غير عادية بحالات القبائل، وسياسات الناس وأحوالهم.. وتنبأ بما تكون عليه الحال، لو التقى الناس في ساحات القتال، وتنبأ بأن مالكاً سيترك أصحابه، ويلجأ إلى حصن الطائف، وهذا ما حصل فعلاً.
فإذا كان هذا الرجل يملك هذه الخبرة العالية، ويعرف: أن النبي "صلى الله عليه وآله" رجل كريم، فلماذا يستجيز لنفسه قتال الرجل الكريم، من دون ذنب أتاه إليه، ولا إلى غيره، سوى أنه يدعوه إلى الحق والخير والهدى؟!
وإذا كان يعرف أيضاً: أن هذا النبي قد أوطأ العرب، وخافته العجم، وخافه من في الشام.
ويعرف: أنه أجلى يهود الحجاز: إما قتلاً، أو خروجاً على ذل وصغار.
ويعرف: أن الحرب مع محمد "صلى الله عليه وآله" ليست مجرد عبث يتلاشى وينتهي، بل هي عمل تبقى آثاره ونتائجه إلى الأعقاب، عبر الأحقاب..
فلماذا يرضى من يعرف ذلك كله: بأن يكون المدبر لهذه الحرب الظالمة، والعدوانية، على رجل كريم، قد حقق كل هذه الإنجازات الهائلة التي لم تعرف لها المنطقة العربية مثيلاً في كل تاريخها الطويل؟!
فهل هذه حكمة ودراية، أم رعونة وغواية؟!
طموح تحمية الرعونة:
ومما لفت نظرنا هنا أيضاً: أن مالك بن عوف لا يرضى بما أشار به دريد بن الصمة، ويسعى إلى فرض رأيه على قومه بأسلوب أرعن وساقط، حيث إنه يأخذ سيفاً، ويهددهم بأنه سوف يقتل به نفسه إن خالفوه..
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على ضعفه الشديد، وإفلاسه الأكيد، من أي منطق صحيح وسليم.
ولو كان يملك حجة ومنطقاً صحيحاً، فهو يكفي لإلزامهم بالأخذ برأيه، ويفرض عليهم البخوع لحجته..
والأشد غرابة هنا: أن لا نجد في تلك القبيلة الكبيرة بأسرها، والتي هي بصدد اتخاذ قرار مصيري وحاسم، يؤثر على مستقبلها ووجودها ـ لا نجد فيها ـ من يقول له: إن تهديدك بقتل نفسك لا يدل على صحة قراراتك، إن لم يكن دليلاً على ضعف حجتك، وبوار منطقك..
وإذا كان قرارك خاطئاً فسينتج المصائب والبلايا، والكوارث والرزايا، على مئات أو ألوف من البشر، لا يحق لك أن تتصرف بمصيرهم من دون روية، وتدبر، وحكمة وتبصر.
بل إنهم جميعاً خضعوا لإرادته، وأطاعوه حباً بالحفاظ على حياته، ولم يفكروا بما يحفظ لهم حياتهم.. مع أن هذا الرجل هو مجرد شاب طامح، لا يملك الكثير من الخبرة، أو التجربة، والحنكة، ولا يشعر بالمسؤولية بالمستوى الذي يؤهله لإصدار قرارات بهذا القدر من الحساسية، وبهذا المستوى من الخطورة. بل هو يستجيب لأحاسيسه، وينقاد لمشاعره، وأهوائه.
والأغرب من ذلك: أن هؤلاء الناس قد سمعوا حجة دريد بن الصمة على مالك بن عوف.. وكانت حجة قوية، ومرضية، وسمعوا أيضاً جواب مالك عليها، الذي كان مجرد إصرار على رأي ظهر خطؤه، وقد صاحب إصراره هذا الضحك الإزدرائي وحفنة من الشتائم، حيث اعتبره إنساناً قد كبر، وكبر علمه، فأصبح هرم الجسم والعلم والعقل.. فهو يتكلم بما ربما يصنف في دائرة الخرف والإختلال، أو التدني في مستوى الإدراك والوعي للأمور..
الإستطلاع.. والتثبت:
عن جابر بن عبد الله، وعمرو بن شعيب، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما سمع بخبر هوازن بعث عبد الله بن أبي حدرد، فأمره أن يدخل في القوم فيقيم فيهم، وقال: "إعلم لنا علمهم".
فأتاهم، فدخل فيهم، فأقام فيهم يوماً وليلة، أو يومين، حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا عليه من حرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وسمع من مالك، وأمر هوازن، وما هم عليه([25]).
وعند محمد بن عمر: أنه انتهى إلى خباء مالك بن عوف، فيجد عنده رؤساء هوزان، فسمعه يقول لأصحابه: إن محمداً لم يقاتل قوماً قط قبل هذه المرة، وإنما كان يلقى قوماً أغماراً لا علم لهم بالحرب، فيظهر عليهم، فإذا كان السحر فصُفُّوا مواشيكم ونساءكم من ورائكم، ثم صفوا، ثم تكون الحملة منكم، واكسروا جفون سيوفكم، فتلقونه بعشرين ألف سيف مكسورة الجفون، واحملوا حملة رجل واحد، واعلموا أن الغلبة لمن حمل أولاً. انتهى([26]).
ثم أقبل حتى أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره الخبر، فقال: رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعمر بن الخطاب: "ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد"؟
فقال عمر: كذب.
فقال ابن أبي حدرد: والله لئن كذبتني يا عمر لربما كذبت بالحق.
فقال عمر: ألا تسمع يا رسول الله ما يقول ابن أبي حدرد؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": قد "كنت ضالاً فهداك الله"([27]).
(زاد الطبرسي قوله: وابن أبي حدرد صادق)([28]).
ماذا يريد الرسول ' من ابن أبي حدرد؟!:
1 ـ إننا لسنا بحاجة للتذكير بأهمية الإستخبارات في إنجاح أي عمل عسكري ضد العدو، ولذلك رأينا: أنه حين علم "صلى الله عليه وآله" بأمر هوازن كان أول عمل قام به هو إرسال العيون لمعرفة نواياهم الحقيقية في أمر الحرب والسلم من جهة، ثم معرفة الخطة التي سيعتمدونها في حربهم، فيما لو كان قرارهم هو إثارة الحرب ضد المسلمين من جهة أخرى.
2 ـ ثم إن هذا التروّي، وعدم التسرع في اتخاذ القرار بجرد وصول الخبر عن جمع هوازن، يدخل في دائرة الإنصاف للآخرين، والشعور بالمسؤولية، وتحاشي القيام بأي عمل حربي ضدهم، أو أي عمل إيذائي مهما كان نوعه قبل التأكد من صحة الأخبار الواصلة..
3 ـ ويثير الإنتباه هنا: التعبير الذي اختاره "صلى الله عليه وآله" وهو يصدر أمره لابن أبي حدرد، حيث قال له "صلى الله عليه وآله": "إعلم لنا علمهم".
فالمهمة إذن هي: أن ينوب عن النبي "صلى الله عليه وآله" في تحصيل العلم بالمطلوب.
4 ـ ومتعلق العلم الذي يريده "صلى الله عليه وآله" من ابن أبي حدرد هو أيضاً نفس علمهم، أي أنه يريد منه أن لا يكتفي بالحدسيات، وبالإمارات والقرائن، ولا بالظنون مهما بلغت قوتها.. ولا بالاستنتاجات المستندة إلى الإجتهاد، بل المطلوب هو: أن يصبح علمه بما عزموا عليه هو نفس علمهم. وكأنه ينقل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفس علمهم.
وهذا غاية في الإحتياط، ومنتهى في الدقة.
موقف عمر من ابن أبي حدرد:
ولا ندري السبب في هذا الموقف الغريب والعجيب، الذي اتخذه عمر بن الخطاب من ابن أبي حدرد!! فإن هذه القضية قد حملت معها الكثير من الدلالات اللافتة والمثيرة.. ونستطيع أن نشير هنا إلى الأمور التالية:
الأمر الأول: سؤال النبي ':
فقد لاحظنا: أنه "صلى الله عليه وآله" بعد أن سمع ما نقله ابن أبي حدرد عن مالك بن عوف، قال لعمر: ألا تسمع ما يقول ابن أبي حدرد؟
وقد يكون التفسير الطبيعي لهذا السؤال هو: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد توجيه عمر إلى خطة مالك بن عوف، التي رسمها لأصحابه لمهاجمة أهل الإسلام.
غير أنه يمكن أن يفسر ذلك بطريقة أخرى، وهي: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد استدراج عمر، ليفصح عن دخيلة نفسه. وهذا ما حصل فعلاً.
الأمر الثاني: تكذيب عمر لابن أبي حدرد:
ثم جاءت إجابة عمر نشازاً، وهجينة في مضامينها، حين اتهم ابن ابي حدرد بالكذب. مع أن الله تعالى لم يطلعه على غيبه، كما أنه لم يكن يملك أي دليل يشير إلى كذب هذا الرجل.
إلا أن يكون لعمر بن الخطاب عيون قد حضروا نفس المجلس الذي حضره ابن أبي حدرد، ونقلوا له ما يدل على عدم صحة ما جاء به إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
ولا نظن أن أحداً يرتضي حتى إبداء هذا الإحتمال، إلا في صورة واحدة، وهي أن يكون على علم بسوء سريرة عمر بن الخطاب، ويرى أنه يخطط، ويعمل بصورة مستقلة، ولحساب فريق آخر غير رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجماعة المسلمين.
أو أنه يتهم عمر بأنه يمالئ مشركي هوازن، ويتصل بهم، وينسق معهم، ويريد بموقفه هذا تعمية الأمور على النبي "صلى الله عليه وآله"، والتستر عليهم عنده، لتمكينهم من إيراد ضربتهم بأهل الإسلام. أو حفظهم، ودفع الأخطار عنهم، ما وجد إلى ذلك سبيلاً.
وهذه احتمالات خطيرة، ولا يمكن البخوع لها والتسليم بها، إذا لم تدعمها الأدلة الدامغة، والشواهد الواضحة.
الأمر الثالث: لربما كذبت بالحق:
وأما جواب ابن ابي حدرد لعمر بقوله: لربما كذبت بالحق. ثم تفسير النبي "صلى الله عليه وآله" لذلك: بأنه قد كان ضالاً فهداه الله.. فهو غير ظاهر الوجه، ويصعب الإطمئنان إلى عدم عروض التحريف له.. لأن ابن أبي حدرد يريد أن يرد الاتهام بمثله، والتكذيب بالحق أيام الضلال مما لا يختص بعمر، بل هو حال عامة الناس آنئذٍ.
وعمر إنما نسب إلى ابن أبي حدرد الكذب في نفس مقامه، وعين كلامه، فالمناسب أن يكون رد ابن أبي حدرد عليه هو نسبة الكذب إليه بنفس المستوى، وفي نفس ذلك المقام.
بل إن المناسب هو: أن يستبدل كلمة "لربما" بكلمة "لطالما" كما هو المتوقع في أمثال هذه المواقف.. ولعل محبي عمر استبدلوا هذه بتلك للإبقاء على مقام عمر وهيبته
غير أن بالإمكان دفع هذه الإحتمالات بأن مقصود ابن أبي حدرد بكلامه هذا هو: أن حكم عمر بكذب ابن أبي حدرد في هذا المورد ربما يكون تكذيباً بالحق..
ولكن يرد على هذا: أنه يخالف التوجيه الذي نسبوه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في جوابه لعمر، وهو قوله: "قد كنت ضالاً فهداك الله"..
كما أن ذلك لا يصحح اعتراض عمر، واستنجاده برسول الله "صلى الله عليه وآله".
ولا يبرر نجدة رسول الله "صلى الله عليه وآله" له بهذا الكلام المنسوب إليه "صلى الله عليه وآله".
ولو كان هذا مقصود ابن أبي حدرد لكان عمر قد فهم كلام ابن أبي حدرد، ولم يكن معنى لأن يتوجه عمر بشكواه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الأساس ولا أن يظهر كأنه يدعو النبي "صلى الله عليه وآله" للإنتصار له.
وليس ثمة ما يبرر الشكوى أو الاستنصار.
كما أنه لم يكن هناك ضرورة للتفسير من قبل النبي "صلى الله عليه وآله"..
الأمر الرابع: صدق أبي حدرد:
وقد انتهى الأمر بإعلان النبي "صلى الله عليه وآله" صدق ابن أبي حدرد في أقواله.
حيث أضاف "صلى الله عليه وآله" قوله: "وابن أبي حدرد صادق".
وهذا في حد ذاته يعتبر إدانة لعمر، وتكذيباً له، بل هو تأييد لقول ابن أبي حدرد: على رواية "لربما كذبت بالحق" إذا كان مقصوده: أن تكذيبك لي في هذا المورد ربما يكون تكذيباً بالحق.. والنبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" قد أكد صحة ذلك..
فإذا كان صادقاً، فلماذا لم يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى تأنيب عمر على نسبته إلى الكذب؟! فإن هذا هو المتوقع من النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" في مثل هذه الحالات، إلا إذا فرض: أن ثمة ما يمنع من الزيادة على هذا، والله هو العالم بالحقائق.
الأمر الخامس: لماذا الحذف؟!:
وقد لاحظنا: أن أكثر نقلة هذه القضية يقتصرون على بعض فقراتها، ويحذفون سائرها.. خصوصاً حينما يصل الأمر إلى عمر وموقفه، وما جرى، مع أنهم يلاحقون الواو والفاء، والباء، والتاء حين يكون هناك ما يحتملون فيه أدنى تأييد له.. فراجع على سبيل المثال السيرة الحلبية، والإصابة، وأسد الغابة.. وغير ذلك من مصادر..
أليس هذا من أجلى مصاديق القول المعروف: "حبك الشيء يعمى ويصم"؟!.
أعاذنا الله من الزلل والخطل في الفكر، وفي القول، وفي العمل، إنه ولي قدير، وبالإجابة جدير..
الفصل الثاني:
الجيشان إلى حنين
الإستعداد للمسير وعقد الألوية:
ويلاحظ: أن المؤرخين لا يجرؤون على ذكر صاحب لواء رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذه الغزوة، ولكن القمي "رحمه الله"، لم يهمل الروايات المصرحة باسمه، فجهر بالحق، ولم يبالِ بالأخطار التي أدناها الاتهام بالزندقة، والخروج عن الدين، فهو يقول:
"بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" اجتماع هوزان بأوطاس، فجمع القبائل، ورغَّبهم في الجهاد، ووعدهم النصر، وأن الله قد وعده أن يغنمه أموالهم، ونساءهم، وذراريهم.
فرغب الناس، وخرجوا على راياتهم، وعقد اللواء الأكبر، ودفعه إلى أمير المؤمنين "عليه السلام". وكل من دخل مكة براية، أمره أن يحملها. وخرج في اثني عشر ألف رجل، عشرة آلاف ممن كانوا معه([29]).
وقيل: عشرة آلاف([30]).
وقيل: أحد عشر ألفاً([31]).
وقيل: أحد عشر ألفاً وخمس مائة([32]).
وقيل: أربعة عشر ألفاً([33]).
وقيل: ستة عشر ألفاً([34]). فيهم ثمانون من المشركين من أهل مكة منهم صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو([35]).
ونلاحظ هنا ما يلي:
أولاً: إنه "صلى الله عليه وآله" ـ وفق هذا النص ـ قد أخبر الناس بنتائج تلك الحرب مسبقاً. ولعل ذلك يرجع لعدة أسباب:
أحدها: أن يرغِّب الناس في الخروج إلى الحرب..
الثاني: أن يكون ذلك من أسباب الربط على قلوبهم، وتأكيد اليقين لديهم بصحبة النبوة..
الثالث: أن يثقوا برعاية الله تعالى لهم، ولطفه بهم..
الرابع: أن يعرف الناس، ويميز أهل اليقين، والصادقين في إيمانهم عن غيرهم من المدَّعين غير الصادقين.
الخامس: أن يدلهم ما جرى من الهزيمة الشاملة، ثم النصر العتيد الذي يأتي بعدها بسيف علي "عليه السلام" على: أن ذلك كان بعلم الله، وأن الذي تحقق لم يكن عن استحقاق منهم، بل هو أمر صنعه الله لوليه ووصي رسوله "صلى الله عليه وآله"، وأنهم إنما ينعمون بفواضله، ويستفيدون من ثمار جهده وجهاده، فالغنائم ليست لهم، وكذلك السبايا والأسرى، فإذا قسمها رسول الله "صلى الله عليه وآله" على من شاء من المؤلفة قلوبهم، فليس لأحد الحق في أن يعترض بشيء، وليس له أن يتوهم أن له نصيباً أو حقاً فيها.. بل هي لخصوص صانع النصر، ألا وهو علي بن أبي طالب "صلوات الله وسلامه عليه"..
عقد الألوية:
زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" عقد الألوية ليلة حرب حنين في وقت السحر، "فدفع لواء المهاجرين إلى عمر بن الخطاب، ولواء إلى علي بن أبي طالب، ولواء إلى سعد بن أبي وقاص، ولواء الأوس إلى أسيد بن حضير، ولواء الخزرج إلى حباب بن المنذر، وآخر إلى سعد بن عبادة.
وقيل: كان لكل من الأوس والخزرج لواء في تلك الغزوة، ولكل قبيلة من القبائل التي كانت معه لواء، ثم ركب "صلى الله عليه وآله" بغلته الخ.." ([36]).
وفي سيرة الدمياطي: في كل بطن من الأوس والخزرج لواء وراية يحملها رجل منهم([37]).
ونقول:
قد تقدم: أن اللواء الأكبر كان مع علي "عليه السلام"، ولكن هؤلاء يحاولون الكيد لعلي "عليه السلام"، والتشكيك بما له من فضائل وكرامات بهذه الطريقة الغبية والمفضوحة، فنحن نسجل هنا ما يلي:
1 ـ إنهم هم أنفسهم يقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطى لواء المهاجرين لعلي "عليه السلام"، وأعطى راية لعمر بن الخطاب([38]).
إنه لا شك في كذب هذه الإدعاءات، فالألوية إنما تعطى للشجعان الأكفاء، ولم يظهر من عمر بن الخطاب ما يدل على ذلك، بل ظهر منه عكسه في كثير من المقامات التي انهزم فيها.
2 ـ إن عامة المؤرخين، والمصنفين في السيرة النبوية لا يجرؤن على التصريح باسم حامل اللواء الأكبر في هذه الحرب الهائلة، وأنه علي "عليه السلام". وهذا يرجع إلى أن لدى الحكام، وكل من يدور في فلكهم من وعاظ السلاطين، وسائر الناس ـ والناس على دين ملوكهم ـ حساسية كبيرة من ذكر أي شيء يرتبط بعلي "عليه السلام"، أو يشير إلى فضله، ومناقبه ومقاماته..
ولعل تصريح المصادر الكثيرة: بأنه "عليه السلام" كان حامل لواء رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بدر، وفي كل مشهد جعلهم يكتفون بذلك، ويعتبرون: أن هذه التصريحات تبرِّئ ذمتهم، وتدفع عنهم الإحراجات التي يخشون التعرض لها من التصريح بهذا الأمر في كل غزوة، ومقام ، ومشهد، فلا ضير إذا أهملوا ذلك واكتفوا به عن التصريح المتعاقب والمتوالي في كل مرة.
وقد غاب عنهم: أن هذا التصرف منهم قد أفسح المجال للحاقدين، والمصطادين بالماء العكر لمحاولة تزوير الحقائق، وإطلاق ادِّعاءات تجانب الواقع والحقيقة في المواقف المختلفة، فزعموا في حرب حنين: أنه "صلى الله عليه وآله" أعطى لواء المهاجرين لعمر بن الخطاب، وأن علياً صلوات الله وسلامه عليه كان يحمل لواء من ألوية المهاجرين، وأعطى "صلى الله عليه وآله" راية لسعد وراية لعمر. ثم أعطى لواء الخزرج لحباب بن المنذر، ولواء الأوس لأسيد بن خضير.
نقول:
إن ذلك لا يصح، لأن لواء الجيش كله كان مع علي. ولا يمنع أن يكون معه لواء المهاجرين أيضاً.
ويدل على ذلك:
1 ـ إنهم يقولون: إنه "عليه السلام" كان صاحب لواء رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بدر، وفي كل مشهد([39]).
2 ـ عن ابن عباس، قال: لعلي بن أبي طالب "عليه السلام" أربع ما هنّ لأحد: هو أول عربي وعجمي صلى مع رسول الله "صلى الله عليه وآله". وهو صاحب لوائه في كل زحف. وهو الذي ثبت معه يوم المهراس (أي يوم أحد)؛ وفرَّ الناس. وهو الذي أدخله قبره([40]).
3 ـ عن ابن عباس: كان علي "عليه السلام" أخذ راية رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم بدر.
قال [الحكم ] الحاكم: وفي المشاهد كلها([41]).
4 ـ وعن مالك بن دينار: سألت سعيد بن جبير وإخوانه من القراء: من كان حامل راية رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
قالوا: كان حاملها علي (رض)([42]).
وفي نص آخر: أنه لما سأل مالك سعيد بن جبير عن ذلك غضب سعيد، فشكاه مالك إلى إخوانه من القرّاء، فعرّفوه: أنه خائف من الحجاج.
فعاد وسأله، فقال: كان حاملها علي (رض).
هكذا سمعت من عبد الله بن عباس([43]).
وفي نص آخر عن مالك بن دينار، قال: قلت لسعيد بن جبير: من كان صاحب راية رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
قال: إنك لرخو اللبب.
فقال لي معبد الجهني: أنا أخبرك. كان يحملها في المسير ابن ميسرة العبسي، فإذا كان القتال؛ أخذها علي بن أبي طالب رضي الله عنه([44]).
5 ـ عن جابر: قالوا: يا رسول الله، من يحمل رايتك يوم القيامة؟
قال: من عسى أن يحملها يوم القيامة، إلا من كان يحملها في الدنيا، علي بن أبي طالب؟!([45]).
وفي نص آخر: عبر باللواء بدل الراية([46]).
6 ـ وحينما مرّ سعد بن أبي وقاص برجل يشتم علياً "عليه السلام"، والناس حوله في المدينة، وقف عليه، وقال: يا هذا! علامَ تشتم علي بن أبي طالب؟
ألم يكن أول من أسلم؟
ألم يكن أول من صلى مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
ألم يكن أزهد الناس؟
ألم يكن أعلم الناس؟
وذكر حتى قال: ألم يكن صاحب راية رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزواته؟([47]).
وظاهر كلامه هذا: أن ذلك كان من مختصاته صلوات الله وسلامه عليه.
7 ـ عن مقسم: إن راية النبي "صلى الله عليه وآله" كانت تكون مع علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وراية الأنصار مع سعد بن عبادة، وكان إذا استعر القتال كان النبي "صلى الله عليه وآله" مما يكون تحت راية الأنصار([48]).
8 ـ عن عامر: إن راية النبي "صلى الله عليه وآله" كانت تكون مع علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وكانت في الأنصار حيثما تولوا([49]).
وقد يناقش في هذين النصين الواردين تحت رقم (7) و (8) بأنهما فيما يبدو يرجعان إلى نص واحد وهو المروي عن ابن عباس([50]) بواسطة عامر تارة ومقسم أخرى وعامر عن مقسم ثالثة، وكلاهما عن ابن عباس في مورد رابع. وقد يظهر لنا من كل ذلك أنها رواية واحدة اكتفى الراوون بذكر واحد ممن رأوه هو الأشهر والأذكر بنظرهم.
وفي جميع الأحوال نقول:
قد يقال: إن هذه الرواية أو الروايتين لا تدلَّان على أن الراية كانت دائماً مع علي "عليه السلام" بصورة أكيدة وصريحة، لكن الإنصاف هو: أن ظاهرهما ذلك. ولكن تبقى هذه رواية شاذة لا عبرة بها إذا قورنت بذلك السيل الهائل من الروايات الصحيحة والصريحة في خلاف ذلك كما هو ظاهر.
9 ـ عن ثعلبة بن أبي مالك، قال: كان سعد بن عبادة صاحب راية رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المواطن كلها؛ فإذا كان وقت القتال أخذها علي بن أبي طالب([51]).
10 ـ قال ابن حمزة: "وهل نقل أحد من أهل العلم: أن علياً كان في جيش إلا وهو أميره"؟([52]).
11 ـ وفي حديث المناشدة: أن علياً "عليه السلام" قال: نشدتكم الله، هل فيكم أحد صاحب راية رسول الله "صلى الله عليه وآله" منذ يوم بعثه الله إلى يوم قبضه، غيري؟!
قالوا: اللهم لا([53]).
عتاب أمير مكة:
قالوا: لما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" خبر هوازن وما عزموا عليه، أراد التوجه لقتالهم، واستخلف عتاب بن أسيد أميراً على أهل مكة، ومعاذ بن جبل (إماماً بها، وفقيهاً فيها) يعلمهم السنن والفقه، وكان عمر عتاب إذ ذاك قريباً من عشرين سنة([54]).
ونقول:
قد تقدم الحديث عن عتاب بن أسيد واستخلافه على مكة، وعن إبقاء معاذ بن جبل معه، ليعلمهم بعض الأحكام والسنن.
وقد بينا هناك بعض ما يفيد في معرفة ما يرمي إليه النبي "صلى الله عليه وآله" من هذا الإختيار وذاك..
إستعارة السلاح من المشركين:
عن جابر بن عبد الله، وعمرو بن شعيب، وعبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، والزهري، وعن أمية بن سفيان: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما أجمع السير إلى هوازن ذكر له: أن عند صفوان بن أمية أدرعاً وسلاحاً، فأرسل إليه ـ وهو يومئذٍ مشرك ـ فقال: "يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا".
فقال صفوان: أغصباً يا محمد؟
قال: "لا، بل عارية مضمونة حتى نردها إليك".
قال: ليس بهذا بأس، فأعطى له مائة درع بما يكفيها من السلاح، فسأله رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يكفيهم حملها، فحملها إلى أوطاس([55]).
ويقال: إنه "صلى الله عليه وآله" استعار منه أربعمائة درع بما يصلحها([56]).
وزعم بعضهم: أن بعض تلك الأدرع فُقد، فأراد النبي "صلى الله عليه وآله" أن يضمنها له، فأبى بعد إسلامه، وقال: "أنا اليوم في الإسلام يا رسول الله أرغب"([57]).
قالوا: واستعار رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة حنين أيضاً من نوفل بن الحارث بن عبد المطلب ثلاثة آلاف رمح، فقال: "صلى الله عليه وآله": كأني أنظر إلى رماحك هذه تقصف ظهر المشركين([58]).
ونقول:
قد يقال: ما هو السبب في استعارة النبي "صلى الله عليه وآله" درعاً من مشرك، وكذلك في اقتراضه أموالاً من المشركين في مكة، ومنهم صفوان بن أمية كما تقدم.
مع أن هذا الأمر لا يخلو من إحسان وتفضل من المعير بالنسبة للمستعير، وكان النبي "صلى الله عليه وآله" يطلب من الله: أن لا يجعل لكافر ولا مشرك عليه يداً يستحق أن يكافئه، أو أن يشكره عليها([59]).
ونقول في الجواب:
إن الإمتنان على الآخرين، إنما يصح لو كان لذلك المشرك مال يبذله، وعطاء يسديه، وأما إعطاء العبد لمالكه مالاً، فلا يعد تفضلاً، لأن العبد وما ملكت يداه لسيده ومولاه..
وصفوان بن أمية كان من مشركي مكة التي افتتحها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنوة، ومن دون قتال، لأن ما وقع من قتال لم يكن بأذن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل كان منهياً عنه. فأصبح أهلها الذين نابذوه وقاتلوه ملكاً له، يتصرف فيهم كيف يشاء، وأصبح مالهم ماله، فاستعارة الدروع من صفوان لا تجعل لصفوان يداً عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأن صفوان ودروعه ملك له "صلى الله عليه وآله".
يضاف إلى ذلك: أنه قد يقال: إن اقتراضه "صلى الله عليه وآله" هذا لم يكن لاستفادته الشخصية، بل هو لأجل حفظ الدين والدفع عن المؤمنين، فليس لهم أن يمنّوا على شخص النبي "صلى الله عليه وآله" بما يعود نفعه لغيره.
فإن قلت: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حرر أهل مكة، وقال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء. فكانت الأموال لأهلها، فإن أعاروها له "صلى الله عليه وآله" كانت يداً لهم عنده.
ونجيب:
أولاً: إنه "صلى الله عليه وآله" قال لهم: اذهبوا فأنتم الطلقاء، ولم يقل لهم: اذهبوا فأنتم الأحرار. والطليق مقابل المقيد، والأسير. والعبد مقابل الحر.. وإطلاق الأسير يعطيه القدرة على التنقل والحركة، سواء أكان هذا الطليق عبداً أو حراً.
وإنما لم يقل لهم: اذهبوا فأنتم الأحرار، لإمكان أن يوهموا الناس بأن مقصود النبي "صلى الله عليه وآله" هو تقرير حقيقة ثابتة منذ الأزل. فاختيار كلمة: أنتم الطلقاء تعني من جهة: سبق العبودية لهم. وهي من جهة أخرى تبقي الأمر مؤرجحاً بين احتمالين:
أحدهما: أنه قد حررهم بنفس هذه الكلمة.
والثاني: أنهم لا زالوا على عبوديتهم، ولكنه يعطيهم الحرية في التصرف كتصرف الأحرار.
فمعاملتهم من قبل النبي "صلى الله عليه وآله" والأئمة، كما يعامل الأحرار لا ينافي ما قلناه.. لأنه يكون قد جاء على سبيل التفضل والتكرم، فإن للسيد أن يفسح المجال لعبده ليتملك، ويتزوج، ويبيع ويشتري، ولا يلزمه بالإستئذان منه في شيء من ذلك.. وإن انتهى الأمر بعد ذلك إلى صرف ذلك المالك نظره عن عبده هذا بالكلية، ليصبح طليقاً وحراً أيضاً..
أي أن حريته تتحقق بصرف النظر هذا، لا بكلمة: اذهب فأنت طليق..
وعلى هذا الأساس يصح من مالك ذلك العبد أن يقترض من عبده، وأن يرد إليه ما اقترضه منه.
ونلاحظ هنا: دقة وأهمية هذه السياسة النبوية مع أناس يعرف "صلى الله عليه وآله" أخلاقهم وطموحاتهم، ونفسياتهم، ويتوقع، بل ويعرف كيف سيكون موقفهم من هذا الإسلام، ومن رموزه الحقيقين، وهم علي وأهل بيته "عليهم السلام"، فأراد أن يبقي على هذا الشعور عندهم بحقيقة ما انتهى إليه أمرهم معه من خلال تذكيرهم بأنهم لا يستحقون إلا أن يكونوا أرقاء ويسجل ذلك للتاريخ وللأجيال..
نعود لنقول:
إن مكة لم تفتح عنوة، وخوف أهل مكة من الجيش المندفع إليها لا يجعلها مفتوحة بقوة السيف.. ولا نرى فرقاً بين أن تجتمع الجيوش في المدينة، فيخاف أهل مكة، ويعلنون استسلامهم، وبين أن تحضر الجيوش إلى محيط البلد، فيخاف أهلها، ويجنحون إلى الاستسلام، وبين أن يدخلها ذلك الجيش، فيخاف أهلها ويعزفزن عن القتال. ففي هذه الموارد كلها لا يقال: إن البلد قد فتحت عنوة..
وربما يشهد لكون مكة ملكاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله":
ما ورد في الروايات من كراهة تأجير بيوت مكة للحجاج، وأن يعلقوا عليها أبوباً، وأنه لا ينبغي أن يمنعوا الحاج شيئاً من الدور ينزلونها وأن للحجاج أن ينزلوا معهم في دورهم في ساحة الدار، حتى يقضوا مناسكهم، وأن أول من جعل لدور مكة أبواباً هو معاوية([60]).
ثانياً: لو سلمنا: أن إطلاقهم يعني تحريرهم، لكن ذلك لا يخرج أموالهم عن كونها غنائم للفاتحين، ولا يعيدها إليهم إلا بإعطاء جديد وصريح.
ومجرد إغماض النظر عن المطالبة بتلك الأموال يكون منة أخرى له "صلى الله عليه وآله" عليهم، حيث إنه "صلى الله عليه وآله" أباح لهم التصرف بها، وإن لم يملّكهم إياها.
وربما يقال: إن هذه الأموال إن كانت غنائم، وكانت مكة قد فتحت عنوة، فمعنى ذلك: أنها ملك للفاتحين، وهم هذا الجيش الذي دخل مكة كله، فما معنى أن يتصرف بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" دونهم، وأن يعطيها لأهل مكة ليتصرفوا بها؟!
ونجيب: بأن فتحها عنوة إنما هو بمعنى أخذها قهراً عن أهلها، ولو بواسطة ما دخلهم من رعب حين رأوا ذلك الجيش.. فإذا لم يقع قتال واستسلم الناس لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإن أموالهم تكون خالصة له"صلى الله عليه وآله"، لا للمقاتلين، وفي هذه الحال يكون هو الذي يعطي ويهب، ويأذن بالتصرف، أو لا يأذن.
فالمراد بقوله: لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب: أنه مما لم يقاتل عليه.
وليس المراد: أنه لم تحضره الخيل والرجال.
وأما ما وقع من خالد بن الوليد، من قتال في مكة، فهو غير مشروع، لأن النبي "صلى الله عليه وآله"، لم يأذن به، بل هو قد نهى عنه..
ودعوى: أن دخول الجيوش إلى مكة، واستسلام أهلها خوفاً من تلك الجيوش لإحساسهم بالعجز عن مواجهتها، لا يوجب اعتبار مكة مفتوحة عنوة، كما أوضحناه فيما سبق، والتعبير بكلمة: "فتح" مكة لا يجدي في تغيير الحكم الذي يدور مدار فتحها نتيجة القتال..
تاريخ خروج النبي ' إلى حنين:
قال أهل المغازي: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى حنين لست خلون من شهر شوال([61]).
وقال ابن إسحاق: لخمس، وبه قال عروة، واختاره ابن جرير، وروي عن ابن مسعود([62]).
وقيل: لليلتين بقيتا من شهر رمضان([63]).
وجمع بعضهم بين القولين: بأنه "صلى الله عليه وآله" بدأ بالخروج من أواخر رمضان، وسار سادس شوال([64]).
وكان وصوله في عاشره([65]).
وقد انتهى إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء([66]).
وقال الواقدي: إن ذلك كان يوم السبت([67]).
ونقول:
إننا لا نستطيع أن نؤيد هذا الجمع بين القولين، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يحتاج إلى هذه المدة الطويلة التي تقرب من أسبوع أو أسبوعين، لتحريك قواته إلى المعسكر، مهما كان عدد تلك القوات كبيراً.
ولو صح ذلك، فهو يعني: وجود خلل كبير في حركته، من شأنه أن يسهِّل على أعدائه تسديد ضرباتهم القوية إلى الجيش، وإسقاط مقاومته.
ولكان نجاحه في حروبه غير منطقي، ولا مقبول، بل لا بد من اعتباره من خيالات الرواة والمحدثين.
خيف بني كنانة.. معسكر أهل الإيمان:
عن أبي هريرة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: حين أراد حنيناً: "منزلنا غداً إن شاء الله تعالى بخيف بني كنانة، حيث تقاسموا على الكفر([68]).
وفي رواية قال: "منزلنا إن شاء الله تعالى إذا فتح الله الخيف، حيث تقاسموا على الكفر"([69]).
ونقول:
قد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" إنما قال ذلك حين فتح مكة، وقد كان أهل مكة قد تقاسموا على الكفر بخيف بني كنانة.. فلعل أبا هريرة قد سمع ذلك من غيره، ثم لما أراد أن يحدث به غيره ذهل عن حقيقة ما سمعه، وسافر وهمه إلى قصة حنين.. أو أراد أن يبعد حديث التقاسم على الكفر عن قريش التي كان ضالعاً في التسويق لبعض الطامحين فيها لإبعاد أمر الخلافة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن أهل بيته الأطهار "عليهم السلام".
هذا بالإضافة إلى احتمال أن يكون خيف بني كنانة قد أصبح معسكراً لجيش الإسلام في فتح مكة، وفي حرب حنين على حد سواء.. لكي ينطلق منه حماة الدين وأنصار الله ورسوله من المؤمنين المستضعفين، بعد أن كان ذلك المكان مجمعاً لعتاة الكفر، الساعين لإطفاء نور الله، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون.. والكافرون..
والله العالم بحقيقة الحال، وهو الموفق والمسدد في جميع الأحوال..
أهل مكة.. وحرب هوازن:
لقد كان أهل حنين ـ وفي رواية: أهل مكة ـ يظنون حين دنا منهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حين قدم من المدينة أنه مبادر بهوازن، وصنع الله لرسوله أحسن من ذلك، فتح له مكة، وأقر بها عينه، وكبت بها عدوه.
فلما خرج إلى حنين، خرج معه أهل مكة لم يغادر منهم أحداً، ركباناً ومشاة، حتى خرج معه النساء يمشين على غير دين، نظاراً ينظرون، ويرجون الغنائم، ولا يكرهون أن تكون الصدمة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"([70]).
وكان معه ثمانون من المشركين: أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وكانت امرأته مسلمة وهو مشرك لم يفرق بينهما.
وجعل أبو سفيان بن حرب كلما سقط ترس أو سيف أو متاع من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" نادى رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن أعطنيه أحمله، حتى أوقر بعيره([71]).
وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" وزوجتاه: أم سلمة، وميمونة، فضربت لهما قبة([72]).
ونقول:
لابد لنا هنا من بيان ما يلي:
خرج الناس نظاراً ينظرون:
إن خروج جميع أهل مكة، مؤمنهم وكافرهم إلى حنين، وإن كانت أغراض الخارجين فيه مختلفة، إنما يشير إلى عمق تأثير ما جرى في فتح مكة على حياة الناس، وعلى تفكيرهم، وفي أعماق الروح لدى جميع المكيين، حيث لا بد أن يدركوا أنهم أمام تحد هائل ومصيري، قد أصبح في طور التبلور، بصورة عملية ولابد من التعاطي معه بمسؤولية، وعقلانية، واستيعاب تداعياته بحكمة وروية، وبحنكة وأناة، ولم يعد مسموحاً لأحد أن يتصرف وفق هواه، ومشتهاه..
وخروج جميع أهل مكة إلى حنين يدل على أن الناس بدأوا يسعون للمشاركة، ولو على مستوى المشاعر، والعواطف، وأنهم يرصدون التحولات التي تلف منطقتهم، وتهيمن على محيطهم بحرص واهتمام بالغ، وإن كانت أغراضهم من ذلك تختلف وتتفاوت، وكثير منهم إنما يبحثون عن الغنائم والمكاسب. ولكن قسماً كبيراً لم يكن يفكر بهذه الطريقة..
وهذا يعطينا تفسيراً معقولاً ومقبولاً لخروج طائفة من الناس ـ حتى النساء ـ إلى حنين، على غير دين، نظاراً ينظرون. على حد تعبير النص المذكور آنفاً..
الغنائم هي الهدف:
وعن الذين خرجوا يرجون الغنائم، نقول:
إننا لا نستطيع أن نتعقل طمع المشركين بأموال حلفائهم، ومن يرونهم إخواناً لهم، ومن هم على دينهم، وجيرانهم. ومن هم وإياهم في خندق واحد في حرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" من معه أهل الإيمان.. نعم.. لا يمكن تعقل ذلك، إلا على أساس انعدام الحس الإنساني، وتلاشي حركة الضمير والوجدان لديهم.
واللافت هنا: أن يكون على رأس الطامعين بالغنائم زعماء الشرك وعلى رأسهم أبو سفيان بن حرب وأضرابه ممن كانوا طيلة كل تلك السنين يدعون الناس إلى حرب محمد "صلى الله عليه وآله"، وإلى سفك دمه، وإسقاط أطروحته ودعوته، ولا يكرهون أن تكون الصدمة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وها هم يخرجون مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بصورة علنية وظاهرة، ولا يخجلون من تصرفهم هذا.
مع أن هذا لا يتوافق حتى مع مفاهيم الجاهلية، ومع طريقة أهل الشرك أنفسهم، حيث يعدونه غدراً وخيانة، ومن موجبات الخزي والعار.
أبو سفيان يجمع ما يسقط:
ونقرأ في النصوص المتقدمة: أن أبا سفيان كان يجمع ما يسقط من أفراد ذلك الجيش من أترسة وسيوف، وأمتعة. حتى أوقر بعيره منها. وأنه كان هو المبادر لهذا الفعل..
فهل أراد بذلك إظهار حسن نواياه لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وللمسلمين؟!. أو أراد أن يكون ما يجمعه بعضاً من غنيمة كان يرجوها لو كانت الدائرة على المسلمين؟!
لعل ما سيأتي من أنه لم يكن صادقاً في إسلامه، وكان يرجو أن تكون الدائرة على أهل الإيمان.. يؤيد هذا الإحتمال الأخير.
التفريق بين المشرك وزوجته:
ودعوى: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يفرق بين صفوان المشرك، وامرأته المسلمة غير ظاهرة الصحة.
فإنه لو صح: أن امرأة صفوان قد أسلمت قبله، فذلك لا يعني خروجها من بيته، وانفصالها التام عنه. بل المطلوب هو: أن يعرِّفها "صلى الله عليه وآله" أنه ليس لصفوان أن يقربها، ويمكنها بعد ذلك أن تنتظر زوجها إلى حين انقضاء عدتها توقعاً لإسلامه.. كما كان الحال بالنسبة لما يذكرونه عن امرأة عكرمة بن أبي جهل، حيث إنها لحقته إلى ساحل البحر، وجاءت به إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكانت مسلمة، وهو لا يزال على شركه، فكانت تمنعه من الإقتراب منها إلى أن أسلم..
إخراج النساء في الحرب:
إن إخراج النبي "صلى الله عليه وآله" لزوجتيه: ميمونة، وأم سلمة معه في هذه الحرب، وإخراجهن، أو إخراج غيرهن من نسائه، وكذلك إخراج ابنته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء "عليها السلام"، أحياناً في حروبه الأخرى.. رغم أن جميع تلك الحروب لم تكن ـ بحسب ظواهر الأمور ـ مأمونة النتائج من حيث الإنكسار، أو الإنتصار. إن ذلك يعد دليلاً آخر على يقينه بوعد الله تعالى له. ولابد أن يعد ذلك من إخباراته الغيبية، ومن دلائل نبوته.. إذ إن أحداً لا يخاطر بهذا الأمر الحساس جداً في مثل هذه الحالات. إذا كان غير واثق بالنصر، وبمصونية عرضه من أن يناله أي أذى.
وقد تقدم: أن مالك بن عوف قد أمر في حنين أصحابه بأن يستصحبوا نساءهم وأطفالهم ونعمهم، فتغيّظ عليه دريد بن الصمة، وصفق بيديه، وقال: "راعي ضأن والله" لاحتمال أن تكون الدائرة عليه، فتكون الفضيحة في أهله وماله. وأمره أن يرفع الأموال والنساء والذراري إلى عليا قومهم، وممتنع بلادهم. هذا على الرغم من أن مالك بن عوف قد جمع أكثر من عشرين ألف سيف، ويرى أن النصر في متناول يده، ويرى أن محمداً "صلى الله عليه وآله" لم يقاتل رجالاً ذوي خبرة قبل هذه المرة، وإنما كان يلقى قوماً أغماراً، لا علم لهم بالحرب، فيظهر عليهم على حد تعبيره، كما تقدم تحت عنوان: الإستخبارات العسكرية..
إن حمل النبي "صلى الله عليه وآله" نساءه "صلى الله عليه وآله" يشير للأعداء وللأولياء على حد سواء بثقته بالنصر، بالرغم من عدم توفر شيء من مقوماته.. أو ظهور شيء من علاماته، بل الدلائل والشواهد متوافرة ومتضافرة بضد ذلك، وأن العدو هو الذي يملك مقومات الظفر، ومفاتيح النصر..
فيكون هذا الفعل منه "صلى الله عليه وآله" من أسباب الربط على قلوب الأولياء، ومن أسباب كبت الأعداء أيضاً، وهو بمثابة إخبار غيبي إلهي بنتائج المعركة، وهو من دلائل صدقه، وشواهد نبوته، ومن معجزاته وكراماته كما لا يخفى.
ذات أنواط:
عن أبي قتادة الحارث بن مالك قال: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى حنين، ونحن حديثوا عهد بالجاهلية، فسرنا معه إلى حنين، وكانت لكفار قريش ومن سواهم من العرب شجرة عظيمة ـ وعند الحاكم في الإكليل: سدرة خضراء - يقال لها: "ذات أنواط"، يأتونها كل سنة، فيعلقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها، ويعكفون عليها يوماً.
فرأينا ونحن نسير مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" سدرة خضراء عظيمة، فتنادينا من جنبات الطريق: يا رسول الله، اجعل لنا "ذات أنواط" كما لهم "ذات أنواط".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، قلتم والذي نفسي بيده، كما قال قوم موسى لموسى: {اجْعَلْ لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ}([73]) إنها لسنن، لتركبن سنن من كان قبلكم، حذو القذة بالقذة"([74]).
ونقول:
الأنبياء ^ وسنن التاريخ:
1 ـ إن الحديث عن حركة السنن التاريخية في الأمم السابقة واللاحقة، لا يعني أن ثمة جبرية إلهية تفرض على البشر قراراتهم، وتتحكم بتصرفاتهم، دون أن يكون لهم فيها أي خيار، أو اختيار..
بل هو حديث عن حركة الأسباب والعلل، وتأثيرها في المسببات والنتائج.
وهو من أدلة أن الله سبحانه قد خلق الخلق، وفق نظام دقيق يهيمن عليه قانون السببية، ويمكن التعرف على طبيعة حركته من خلال هذا النظام، حين يقف الإنسان على حقائقه ودقائقه بصورة صحيحة ويقينية، ويعرف منظوماته الأرقى، وطبيعة علاقاتها بما هو أدنى منها في سلسلة مراتبها المختلفة.
وإذا وقف النبي "صلى الله عليه وآله" والمعصوم "عليه السلام" على هذه الحقائق والدقائق من نفس صانعها وواضعها، فإنه سيكون قادراً على رؤية نتائجها المختلفة، في طول الأزمنة المتعاقبة، لأنه يعرف أن الزمان والمكان لا يمثل عائقاً لحركة السنن، بل هما حاضنان لنتائجها وتداعياتها، في عين كونهما خاضعين لها أيضاً..
فإخبار رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما سيكون بالإستناد إلى هذه السنن، لا يمكن تلقِّيه على أنه أمر عادي، وقريب المنال.. بل هو دليل عظمة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وآية نبوته، من حيث إنه "صلى الله عليه وآله" قد نال درجة استحق معها أن يطلعه الله على أسرار الخليقة، وسنن الحياة، وحقائق التكوين.. وهو ما لم ينله أحد من البشر سواه على الإطلاق..
من أجل ذلك يكون إخبار النبي "صلى الله عليه وآله" عن هذه السنن والحقائق، هو عين اليقين، لأنه يأخذ عن الله تبارك وتعالى، خالق الكون، وواهب الحياة، وجاعل السنن.
وأما ما يخبر به غيره، فلا يعدو أن يكون من التظني، والرجم بالغيب، استناداً إلى استقراءات ناقصة، أو اجتهادات تنتهي إلى الحدس والتخمين.. مع ضعف بل عجز ظاهر عن الإحاطة بالسنن، وبمنظومتها، ومراتبها، وطبيعة ومدى علاقاتها وتأثرها وتأثيراتها في بعضها البعض..
2 ـ ثم إنه لا شك في أن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" على علم تام بأخلاق الناس وبأهوائهم وميولهم، وهو أعرف من كل أحد بطموحات، وبطريقة تفكير، وبحقيقة وصحة ومدى إيمان أولئك الذين سوف يخلفونه، ويخططون لبلورة دور لهم في المسيرة العامة، خارج دائرة توجيهاته "صلى الله عليه وآله"، ولا تتلاءم مع الأوامر والزواجر الإلهية..
فإذا وضع ذلك في سياق السنن الإلهية في البشر وخَلْقِهم وخُلُقهم، فلا بد أن يدرك المنحى الذي سوف تتخذه تصرفاتهم، ومواقفهم وممارساتهم..
3 ـ واللافت هنا: أن طلبهم من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يجعل لهم ذات أنواط، كأهل الجاهلية، قد أشبه طلباً لبني إسرائيل من موسى، فهل جاء هذا التشابه بين هؤلاء وأولئك على سبيل الصدقة؟! أم أن له جذوراً في أعماق الذات؟! وهل هذا يشير إلى أن ثمة وجوه شبه أخرى بين هذين الفريقين في سائر المجالات؟!
وهل هناك علاقة بين التعبير الوارد عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الإشارة إلى يهود أمته "صلى الله عليه وآله".. الذين يقتلون ذريته([75])، وبين يهود بني إسرائيل؟!.
إن ذلك كله يحتاج إلى المزيد من التتبع للنصوص، والمقارنة بينها، ورصد الظواهر في هذه الأمة، وفي بني إسرائيل! وكنا قد بذلنا محاولة في هذا الإتجاه، نسأل الله أن يوفقنا لإتمامها في الوقت المناسب.
باتجاه هوازن والبشارة بالغنام:
عن سهل بن الحنظلية: إنهم ساروا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين، فأطنبوا في السير، حتى إذا كان عشية حضرْتُ صلاة الظهر عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجاء رجل فارس، فقال: يا رسول الله، إني انطلقت بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا، فإذا بهوازن قد جاءت عن بكرة أبيهم، بظعنهم، ونعمهم، وشائهم، اجتمعوا.
فتبسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: "تلك غنيمة للمسلمين غدا إن شاء الله تعالى".
ثم قال: "من يحرسنا الليلة"؟ الخ..([76]).
ونقول:
إن لهذه الحادثة، نظائر عديدة في حياة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله". ولكن لا بأس بالتوقف قليلاً في هذا المورد على الأقل. ونترك سائر الموارد إلى حصافة القارئ الكريم، الذي سيكون قادراً على استنطاق نصوصها، واستخراج معانيها ومراميها، المناسبة لمقام النبوة، وسياق الأحداث..
فنقول:
لقد بشر النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" أصحابه بأن ما جاءت به هوازن من ظعن، ونعم، وشاء سيكون غنيمة للمسلمين.. وذلك على سبيل الإخبار الغيبي، الذي هو من دلائل النبوة، ومن أسباب زيادة اندفاع المؤمنين للقتال، وتشكيك الأعداء بقدراتهم، وبقوتهم..
خصوصاً: وأنه "صلى الله عليه وآله" قد أخبر عن حصول هذا الأمر بالجملة الإسمية المفيدة للتحقق والثبوت..
كما أنه قد تبسم قبل أن يتفوه بهذا الخبر المفرح لأهل الإيمان، والمخيف والمحزن لأهل الكفر والطغيان..
وهو تبسم يوحي بالثقة وبالرضا والإرتياح، وذلك يزيد من رعب العدو، ومن ثقة واندفاع الولي، عوضاً عن التوجس، والترقب..
وهو أيضاً يحمل معه معنى الاستخفاف بالعدو، والسخرية من قراره باستصحاب الظعن والأنعام، وأنه خطأ وقع فيه عدوه، حين أحضر ذلك كله أمام أعين محاربيه من المؤمنين، الذين سوف يزيدهم حضور الغنيمة اندفاعاً وتوثباً.. فكيف إذا كان أهل مكة أنفسهم، والمشركون منهم أيضاً قد حضروا هذه الحرب طمعاً بالغنائم أيضاً حسبما تقدم؟!.
إنه تبسم العارف بالنتائج، والواقف على الخفايا والأسرار.
الغنيمة تقدمة إلهية:
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد علق حصول المسلمين على تلك الغنيمة على مشيئة الله تبارك وتعالى.
كما أن صياغة العبارة "تلك غنيمة المسلمين غداً"، قد خلت من الإشارة إلى أي دور للمسلمين في أخذ هذه الغنيمة، ولو أراد أن يشير إليهم بشيء من ذلك، لقال: غداً يغنمها المسلمون، أو سيغنمها المسلمون، أو نحو ذلك..
وذلك.. لأن حصول هذه الغنيمة إنما هو بصنع من الله، وبتوفيق منه لنبيه الكريم "صلى الله عليه وآله"، ولوليه العظيم علي بن أبي طالب "عليه السلام"، ثم يعطيها للمسلمين بمشيئة منه تبارك وتعالى..
من دون استحقاق منهم لها، حتى بأن تنسب الغنيمة إليهم..
فظهر أن قوله "صلى الله عليه وآله": "إن شاء الله تعالى"، لم يأت لمجرد التيمن، أو الدعاء، بل هو إخبار عن أن الأمر في هذه الغنيمة يرجع كله لله تعالى، وليس لإرادة أو لفعل الناس دور يصح معه نسبة ذلك إليهم.
وقد ظهرت صحة ودقة هذا التعبير حين فرَّ المسلمون بأجمعهم عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يبق أحد يقاتل المشركين غير علي "عليه السلام".
وإن كان العباس أو غيره من بني هاشم لم يبادروا إلى الفرار، فإنما كانوا حول رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحوطونه ويحفظونه كحراس له، في حين كان المهاجم للأعداء، وصاحب النكاية فيهم هو علي "عليه السلام" دون سواه، كما سيأتي إن شاء الله تعالى..
وآخر ما نشير إليه هنا: أنه "صلى الله عليه وآله"، سرعان ما تجاوز هذا الموضوع، وطوى عنه كشحاً، مظهراً عدم الإكتراث به، حيث بادر إلى القول: "من يحرسنا الليلة"؟! وكأنه يريد أن يفهم الناس أن هذا الأمر مفروغ عنه، فلا حاجة لأن يشغل الناس أنفسهم في تفاصيله.
وهذا يعد تأكيداً آخراً على تحقق هذا الأمر، ولابد أن تظهر ثمرات ذلك كله بعد النصر الذي سيعقب هزيمة جميع المسلمين عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ابن الأكوع يقتل عيناً للمشركين:
و عن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" هوازن، فبينما نحن نتضحى مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذ جاء رجل على جمل أحمر، فأناخه، ثم انتزع طلقاً من حقبه فقيد به الجمل، ثم تقدم فتغدى مع القوم.
وجعل ينظر وفينا ضعفة ورقة من الظهر، وبعضنا مشاة، إذ خرج يشتد، فأتى الجمل، فأطلق قيده، ثم أناخه، ثم قعد عليه. فاشتد به الجمل، واتبعه رجل من أسلم من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" على ناقة ورقاء.
وفي رواية: أتى عين من المشركين إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث. انتهى.
ثم انفتل، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اطلبوه واقتلوه".
قال سلمة: وخرجت أشتد، فكنت عند ورك الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل، فأنخته، فلما وضع ركبته على الأرض، اخترطتُّ سيفي فضربت رأس الرجل فندر.
ثم جئت بالجمل أقوده عليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله "صلى الله عليه وآله" والناس معه، فقال: "من قتل الرجل"؟
قالوا: ابن الأكوع.
قال: "له سلبه أجمع"([77]).
ن
ونقول:
إن في هذه الرواية أموراً من شأنها أن تزلزل الطمأنينة لدينا بصحتها، ونذكر منها:
1 ـ إذا كان ابن الأكوع قد تبع ذلك الرجل وحده، فلا معنى لسؤال النبي "صلى الله عليه وآله": "من قتل الرجل"؟ لاسيما وأنه "صلى الله عليه وآله" قد جاء والناس معه لاستقباله..
إلا أن يقال: ليس في الرواية دلالة على أن ابن الأكوع تبع ذلك الرجل وحده، ولعله بعد أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بقتل الرجل انبعث أكثر من شخص، وإنما تحدث سلمة عن خروجه هو، وكيف أنه أدركه فقتله وعاد، فاستقبله النبي "صلى الله عليه وآله" ومعه الناس. أي سوى من كان خرج في طلب الرجل..
ولكن هذا الإحتمال لا يتلاءم مع سياق كلام ابن الأكوع، إذ لو كان معه غيره لقال: فاستقبلنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخ..
2 ـ إن الرواية الأولى تصرح: بأنه تبعه على ناقة ورقاء.. والثانية تفيد: أنه تبعه راجلاً، فأي ذلك هو الصحيح؟!
3 ـ قد كان بإمكان ذلك الرجل أن ينسل من بينهم بصورة طبيعية، فلماذا يركض ويشتد.. وما معنى: أن يهجم على الطعام بهذه الطريقة المثيرة؟! والمفروض بالعين: أن يكون أكثر كياسة، ولباقة، وحنكة مما نراه.
4 ـ إن حركة الرجل السريعة لا بد أن تثير المسلمين، وتدعوهم لأن يلحقوه، ويأخذوه ليعرفوا خبره، مع أننا لا نجد في الرواية ما يشير إلى أن أحداً تحرك لهذه المهمة سوى رجل واحد هو سلمة بن الأكوع.
واحتمال أن يكون قد تحرك غيره معه لا يتلاءم مع سياق كلام ابن الأكوع حسبما ذكرناه فيما سبق..
5 ـ حين ينزل النبي "صلى الله عليه وآله" بجيشه لكي يتضحوا (أي لأجل أكل طعام الضحى)، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يجلس وحيداً بعيداً عن جيشه وفي عمق الصحراء، بل المتوقع هو: أن ينزل في مكان، ثم يصير الجيش يتحلق حوله حتى يصبح "صلى الله عليه وآله" في الوسط.. فكيف استطاع ذلك الرجل أن يخترق تلك الجموع، ويسير كل تلك المسافات بين جموع تعد بالألوف، ويطارده سلمة بن الأكوع، ثم لا يعترضه أحد من ذلك الجيش، الذي يحتاج إلى عدة دقائق للخروج من بين جموعه؟! وكيف لم تثر حركته فضولهم؟!
وكيف لم يشاركوا سلمة بن الأكوع في اللحاق به؟!
وكيف؟! وكيف؟!
6 ـ هل إن ملاحقة وحسم مصير عينٍ، أو راصدٍ، تستوجب أن يقوم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بنفسه، ومعه الناس لاستقبال من فعل ذلك؟!
7 ـ إن ما فعله ذلك الرجل، من مجيئه على الجمل، وإطلاق قيده، وإناخته، ثم قعوده عليه، ثم إنهاضه، والإنطلاق به، يحتاج إلى بعض الوقت، الذي يستطيع معه ابن الأكوع وغيره الوصول إليه، والفبض عليه قبل أن ينهض به الجمل، فلماذا صبروا حتى فعل ذلك كله. وانطلق بجمله؟!
8 ـ لماذا كان مع الرجل ناقة وجمل؟!
أو فقل: إن الرواية تتحدث أولاً عن جمل جاء به ذلك الرجل، فأناخه، وعقله. ثم تتحدث عن ناقة حاذاها سلمة بن الأكوع، ثم عن جمل حاذاه، ثم تقدم حتى أخذ بخطامه. فمن أين ومتى جاءت تلك الناقة؟! وما هي الحكمة في ذلك؟!
9 ـ إذا كان سلمة يركب الناقة، فمتى نزل عنها، حتى أخذ بخطام ذلك الجمل الذي ينطلق بسرعة فائقة؟!
10 ـ لماذا لم يبادر ذلك الرجل إلى القفز عن ظهر الجمل حينما كان ينخيه سلمة ليتمكن من تجنب سيف سلمة، بل هو قد انتظر حتى اناخ به الجمل، ثم اخترط سيفه، وقتله به؟!
11 ـ إذا كان قتل ذلك الرجل له أهمية إلى حد ان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخرج مع الناس لاستقبال قاتله، فلماذا اقتصرت الرواية على سلمة نفسه، ولم يهتم بها الرواة، ولم يتناقلوها بالمستوى الذي يليق بها؟!
12 ـ إننا نلاحظ: أن راوي الحديث في البداية كان سلمة بن الأكوع، ولكنه هو نفسه يعود اخيراً ليقول: "واتبعه رجل من أسلم، من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فكيف نفسر هذا السياق لراوٍ يتحدث عن نفسه بهذه الطريقة؟!
هل هذا معقول؟!:
وذكروا: أنهم حين ساروا إلى حنين وأصبحوا قريباً من جمع هوازن. وأرادوا المبيت في موقعهم، قال "صلى الله عليه وآله": من يحرسنا الليلة؟!
قال أنس بن أبي مرثد: أنا يا رسول الله.
قال: "فاركب".
فركب فرساً له، وجاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "استقبل هذا الشعب، حتى تكون في أعلاه ولا نغرن من قبلك الليلة".
فلما أصبحنا خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى مصلاه، فركع ركعتين ثم قال: "هل أحسستم فارسكم"؟
قالوا: يا رسول الله، ما أحسسناه، فثوب بالصلاة.
فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصلي وهو يلتفت إلى الشعب، حتى إذا قضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلاته قال: "أبشروا فقد جاءكم فارسكم".
فجعل ينظر إلى خلال الشجر في الشعب، وإذا هو قد جاء حتى وقف على رسول الله، فقال: إني انطلقت حتى كنت في أعلى هذا الشعب، حيث أمرني رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما أصبحت، طلعت الشعبين كليهما، فنظرت فلم أر أحداً.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل نزلت الليلة"؟
قال: لا، إلا مصلياً، أو قاضي حاجة.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": "قد أوجبت، فلا عليك أن لا تعمل بعدها"([78]).
ونقول:
إننا نشك في صحة هذه الرواية، وذلك لما يلي:
أولاً: إذا كانت الحراسة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فهو لا يحتاجها في جيش يبلغ تعداده الألوف، وإن احتاج إليها، فما معنى أن يكون حارسه رجلاً واحداً.
وإن كان المقصود هو: أن يحرس أنس بن أبي مرشد ذلك الجيش كله؟! فهو غير معقول! فإن جيشاً بهذا العدد الكبير، يحتاج إلى عشرات، بل إلى مئات من الفرسان، الذين يحيطون به من جميع الجهات، حتى لا يفاجئهم العدو من أية جهة كانت.
ولو فرضنا: أن العدو كان في الجهة التي كان أنس مرابطاً فيها.
فمن الذي يضمن عدم انتقال العدو منها إلى جهة أخرى، ليشن هجومه منها، أو أن لا يفرق قواه في مختلف الجهات، لتأتي حملته مؤثرة في تشويش الأمور على الجيش الغافل، والغارق في النوم؟!
ثانياً: كيف أوكل "صلى الله عليه وآله" أمر حراسته، أو حراسة الجيش كله إلى رجل واحد، قد يأخذه النوم، أو يأخذه العدو، وتكون الكارثة؟!.
أليس يزعمون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد جرب ذلك وهو في طريق عودته إلى خيبر، حيث طلب من بلال أن يبقى مستيقظاً إلى حين طلوع الفجر، فنام بلال، وفاتتهم الصلاة؟!
فإننا وإن كنا قد كذبنا هذه المزاعم، لكننا نذكرها هنا على سبيل إلزام من يصدق بها.
ثالثاً: ما معنى أن يصلي النبي "صلى الله عليه وآله" ويلتفت إلى جهة الشعب؟!.
واحتمال أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد صلى عدة صلوات وكان يلتفت إلى الشعب بعد انتهاء كل صلاة لا يتلاءم مع سياق الكلام، ولا سيما قوله: فثوب بالصلاة، حيث إن ظاهره أنه "صلى الله عليه وآله" كان يصلي الصلاة المكتوبة.. ويؤيده قوله: حتى إذا قضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلاته.
رابعاً: قالت الرواية: إن أنس بن أبي مرشد قد نزل من موقعه لأجل قضاء الحاجة..
ألا يعد ذلك: تفريطاً بالمهمة التي أوكلت إليه؟!
وألم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" يعلم: أنه بحاجة إلى أن ينزل من موقعه إذا عرضت الحاجة له؟ فماذا لو أن العدو هجم عليه وعلى المسلمين في هذه اللحظة؟!.
خامساً: لعلَّ الأمرَّ والأدهى من ذلك كله زعمهم: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لأنس: "لا عليك، ألَّا تعمل بعدها"!.
فهل سهر هذه الليلة في سبيل الله يكفيه عن العمل بقية عمره؟!
وهل معنى قوله هذا: أن العمل قد سقط عنه، ولم يعد مطالباً به، فإذا جاء به فإنه سيكون قد أتى بعمل لا يطلبه الله منه..
وإذا كان ذلك غير مطلوب، فهل يمكن أن نفهم ذلك أن عمله بعد اليوم أصبح بلا ثمرة، ولا أثر؛ لأن سهر تلك الليلة قد أغنى عنه؟!..
وهل يصح من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يلوح لإنسان بأن يترك العمل، ويكتفي بما سلف؟!.
وقد سئل النبي "صلى الله عليه وآله" ـ والسائل له هي عائشة ـ عن السبب في أنه يجهد نفسه في عبادة الله، مع أن الله قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟([79]). فلماذا لا يدعوه إلى المزيد من الطاعة لله، ليكون عبداً شكوراً أيضاً؟
مع أننا نتحفظ على صحة سؤال عائشة أيضاً، فإنها إنما قالت ذلك بحسب نظرتها هي لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا بحسب واقع الأمر.. فإنها كانت ترى: أن المقصود بالذنب المغفور للنبي "صلى الله عليه وآله": هو ذنبه تجاه ربه.
وذلك غير صحيح، فإنه "صلى الله عليه وآله" معصوم عن الذنب والخطأ، مبرّأ من الزلل.. والمقصود بالذنب في آيات سورة الفتح هو ما يراه قومه ذنباً.
سادساً.. وأخيراً: إن أنساً قد صرح: بأنه قضى ليلته مصلياً، فهل استطاع أن يتوجه إلى الكعبة في صلاته؟!. وماذا لو كانت الكعبة خلف ظهره، حين يكون في مواجهة العدو؟! وهذا هو الأولى بالإحتمال بالنسبة لحنين التي هي إلى جهة الطائف. والمسلمون إنما قدموا من مكة باتجاه حنين، ويفترض أن تكون مكة خلفهم وحنين أمامهم في مسيرهم ذاك..
عباس بن مرداس ينصح هوازن:
ويقولون: إن عباس بن مرداس قد أسدى لهوازن نصيحة في شعره حيث قال:
أبلـغ هـوازن أعـلاهـا وأسفلها منـي رسـالـة نـصـح فـيـه تبـيـان
إني أظـن رسـول الله صابحـكم جيشاً له في فضـاء الأرض أركـان
فيهم سليم أخوكم غير تارككم والمـسـلـمـون عبــاد الله غســان
وفي عـضـادتـه اليمنى بنو أسـد والأجـربـان بـنـو عـبـس وذبـيان
تكاد ترجف منه الأرض ترهبـه وفي مـقــدمــه أوس وعــثـــمان
قال ابن إسحاق: أوس وعثمان قبيلا مُزَيْنَة([80]).
وغني عن القول:
أن المقصود بهذا الشعر إن كان هو نصح هوازن لكي تأخذ حذرها، وتستعد للحرب، فتلك خيانة منه، يحاول أن يتستر عليها بادعاء مدح جيش المسلمين، وتخويف أعدائهم.
وإن كان المقصود هو مجرد الإفتخار، وعرض العضلات، ومن عادة العرب: الإفتخار على أعدائهم بشجاعتهم، وبعدتهم، وعددهم.. فلماذا يخبرهم بوقت وصول النبي "صلى الله عليه وآله" إليهم؟!
والذي نراه هو: أن هذا الشعر قد تضمن ما يلي:
1 ـ تفويت عنصر المفاجأة على جيش المسلمين، لأنه أخبر العدو بوقت وصول رسول الله "صلى الله عليه وآله" بجيشه إليهم، وتلك خيانة عظمى، وجناية كبرى.
2 ـ إنه يتضمن تطميناً لهوازن، بأن سليماً، التي كان هو من زعمائها هم إخوان لهوازن، وهم سوف لن يتركوهم طعمة للسيوف.
ويلاحظ هنا: أنه لم يصف سليماً بالإسلام، بل أطلق وصف الإسلام على غسَّان، ومن بعدهم.
وهذه إشارة أخرى لهوازن: بأن سليماً لم تزل تبطن الكفر، وإن اظهرت الإيمان.
وبعدما تقدم، فقد يراود الذهن احتمال أن يكون هذا الرجل من أهل النفاق، وربما يكون قد عاد إلى نفسه بعد ذلك.
الفصل الثالث:
قبل أن تبدأ الحرب
النبي ' في حنين:
وقالوا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد انتهى إلى حنين مساء ليلة الثلاثاء([81])، لعشر خلون من شوال([82]).
وكان قد سبقهم مالك بن عوف، فأدخل جيشه بالليل في ذلك الوادي، وفرقهم على الطرق والمداخل([83]).
جواسيس مالك بن عوف:
وبعث مالك بن عوف ثلاثة نفر من هوازن ينظرون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه، وأمرهم أن يتفرقوا في العسكر، فرجعوا إليه، وقد تفرقت أوصالهم.
فقال: ويلكم ما شأنكم.
فقالوا: رأينا رجالاً بيضاً على خيل بُلق، فوالله، ما تماسكنا أن أصابنا ما ترى، والله ما نقاتل أهل الأرض، إن نقاتل إلا أهل السماوات، وإن أطعتنا رجعت بقومك، فإن الناس إن رأوا مثل الذي رأينا أصابهم مثل ما أصابنا.
فقال: أف لكم، أنتم أجبن أهل العسكر، فحبسهم عنده، فرقاً أن يشيع ذلك الرعب في العسكر.
وقال: دلوني على رجل شجاع.
فأجمعوا له على رجل، فخرج، ثم رجع إليه قد أصابه كنحو ما أصاب من قبله منهم.
فقال: ما رأيت؟
قال: رأيت رجالاً بيضاً على خيل بُلق، ما يطاق النظر إليهم، فوالله ما تماسكت أن أصابني ما ترى. فلم يثن ذلك مالكاً عن وجهه([84]).
ونقول:
إن علينا أن ننظر إلى هذه الروايات التي تتحدث عن الإمداد بالملائكة بتروٍّ وأناة، وليس لأحد ان يبادر إلى رفضها، بل نخضعها للبحث والتحقيق، ما دام أن مضمونها ليس من المحالات العقلية.
وفي غزوة بدر صرحت الآيات القرآنية: بأن الله تعالى قد أمدّ رسوله فيها بالملائكة.
كما أن القرآن نفسه قد صرح عن حنين أيضاً بقوله: {ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} ([85])، فلماذا نستغرب أمثال هذه الروايات التي تتحدث عن رؤية الناس والملائكة في ساحات القتال؟! أو نبادر إلى رفضها؟ أو إلى التشكيك فيها؟!.
ولعلك تقول: إن ظاهر الآية القرآنية هو: أن الإمداد بالجنود قد كان بعد أن ولى المسلمون مدبرين، وهذه الرواية تتحدث عن مرحلة ما قبل بدء الحرب.
يضاف إلى ذلك: أن الآية تصرح: بأن الناس لم يروا الجنود.
والرواية تقول: بأنهم قد رأوها.
ويمكن أن يجاب:
أولاً: إن رؤية الجنود المنفية في الآية الكريمة هي رؤية المؤمنين لهم، وأما رؤية الكافرين لهم، فلم تتحدث الآية عنها، وقد كان المطلوب أن يرى الكافرون كثرتهم، ليضعفوا عن الحرب ..
ثانياً: إن الملائكة الذين كانوا جنوداً، ومقاتلين، إنما نزلوا بعد الهزيمة، وذلك لا يمنع من وجود الملائكة مع المسلمين قبل بدء الحرب، لأجل مهمات أخرى غير القتال، وغير الجندية، كأن يكون المقصود تكثير المسلمين، وإلقاء الرعب في نفوس المشركين..
ثالثاً: إن وجود الملائكة مع المسلمين، ثم فرار هؤلاء المسلمين من الحرب، دليل على أن النصر الذي حصل بعد ذلك لم يكن من صنع هؤلاء الهاربين، بل هو من صنع خصوص المؤمنين الحقيقيين، الذين حين أصبحوا وحيدين في ساحة المعركة، أنزل الله جنوده ليكونوا معهم، بدلاً عن أولئك الهاربين.
ومعنى ذلك: أن المقصود: بـ "المؤمنين" في قوله تعالى: {عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ}، هو: خصوص علي "عليه السلام"، الذي كان يقاتل المشركين وحده، وقد يشمل الخطاب أيضاً بعض بني هاشم، الذين كانوا حول النبي "صلى الله عليه وآله"، فأنزل الله جنوداً ليكونوا معه، لم يرها أولئك الهاربون، فإنها قد نزلت بعد هروبهم، وحين غيبتهم عن ساحة القتال..
وبعد.. فإن ما جرى لهؤلاء الذين أرسلهم مالك بن عوف لاستكشاف معسكر المسلمين، قد تضمن إقامة الحجة على مالك بن عوف، ومن معه، من حيث دلالة ذلك على: أن هذا النبي "صلى الله عليه وآله" مسدد ومؤيد بالغيب، وليس في أمره شبهة ولا ريب..
ويتأكد هذا المعنى لهم حين يرون: أن نصره ليس بالبشر. فإن البشر يهربون، ويبقى وحده مع أخيه، وينزل الله جنوداً لم يرها المنهزمون، ويؤيده الله بالنصر، وظهور الأمر، هو ومن معه من المؤمنين، حتى لو كان رجلاً واحداً صابراً مجاهداً، وهو علي بن أبي طالب "عليه السلام".
للأعداء خطتهم:
ومن الطبيعي: أن يكون للأعداء خطتهم لمواجهة المسلمين، لا سيما إذا كانوا هم الذين خططوا ومهدوا، وجمعوا الناس للحرب، وحين لا بد للمسلمين من الدفاع عن أنفسهم فلا بد من أن تكون لهم خطة يعتمدونها في ذلك، غير أننا قبل الدخول في التفاصيل لا بد من الإشارة إلى ما أعدوه وهيأوه لهذه الحرب، التي علقوا عليها آمالهم وربطوا بها مصيرهم، فنقول:
تعداد جيش المسلمين:
قال جماعة من أئمة المغازي: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" في اثني عشر ألفاً من المسلمين، عشرة آلاف من المدينة، وألفين من أهل مكة([86]).
وعن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي قال: كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" أربعة آلاف من الأنصار، وألف من جهينة. وألف من مزينة. وألف من أسلم. وألف من غفار، وألف من أشجع، وألف من المهاجرين وغيرهم، فكان معه عشرة آلاف، وخرج باثني عشر ألفاً([87]).
وعلى قول عروة، والزهري، وابن عقبة: يكون جميع الجيش الذين سار بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أربعة عشر ألفاً، لأنهم قالوا: إنه قدم مكة باثني عشر ألفاً، وأضيف إليهم ألفان من الطلقاء([88]).
وقال ابن الجوزي: كانوا اثني عشر ألفاً قاله قتادة، وابن زيد، وابن إسحاق، والواقدي([89]).
وقال عطاء: "كانوا ستة عشرة ألفاً"([90]).
وقال الكلبي: "كانوا عشرة آلاف"([91]).
وقال الطبرسي: "كانوا اثني عشر ألفاً، وقيل: عشرة آلاف([92]).
وقيل: ثمانية آلاف والأول أصح"([93]).
عدد جيش الأعداء:
الحديث المتقدم عن ابن أبي حدرد يصرح: بأن مالك بن عوف قال لأصحابه: "ثم تكون الحملة منكم، واكسروا جفون سيوفكم، فتلقونه بعشرين ألف سيف مكسورة الجفون"([94]).
وقيل: كانوا ثلاثين ألفاً([95]).
وقال ابن شهرآشوب عن أمير المؤمنين "عليه السلام": "وقف "عليه السلام" في وسط أربعة وعشرين ألفاً، ضارب سيف، إلى أن ظهر المدد من السماء"([96]).
بل سيأتي: أن جيش المشركين كان أضعاف عدد جيش المسلمين.
وذلك يدل أولاً: على عدم صحة ما زعمه بعضهم: من أن جيش الأعداء كان أربعة آلاف مقاتل فقط([97]).
ولعل المراد: أن عدد بني سعد، وثقيف كان أربعة آلاف([98]).
ثانياً: إن آلافاً من المقاتلين قد التحقوا بجيش هوازن بعد كلام مالك بن عوف الآنف الذكر.
كلمات حول عدد الجيشين:
اعتاد المسلمون في مختلف حروبهم مع أعدائهم أن يكونوا أقل عدداً، وأضعف عدةً من جيش الأعداء، ويكون هذا التفاوت بحد لا يسمح ـ بحسب طبيعة الأمور ـ بتحقيق نصر مهما كان نوعه لهذه القلة على تلك الكثرة..
ولكن الله تبارك وتعالى كان يمنح المسلمين النصر، والمجد، والفخر أبد الدهر، ويعود أعداؤهم بالذل والخزي، والألم والقهر.
ولكن الأمر في غزوة حنين قد جاء على خلاف التوقعات، فعدد المقاتلين من المسلمين قد تضاعف عدة مرات عما كان عليه في أكثر الحروب السابقة..
كما أن هذا الجيش نفسه قد دخل مكة، وهي أعظم مواقع الخلاف على النبي "صلى الله عليه وآله" وعلى المسلمين، دون أن يجرؤ أحد من عتاة الشرك على مواجهة مهما كان نوعها. وبذلك يكون قد سجل أعظم انتصار له، من حيث إنه أسقط بذلك عنفوان الشرك، واستلب من المشركين القرار من المنطقة بأسرها، بصورة تامة ونهائية، وإلى الأبد.
ثم يواجه هذا الجيش الكبير، والمنتصر، والذي أدخل تحسينات كبيرة على تجهيزاته، وأصبح أفضل حالاً، حتى من الناحية المادية.. جيشاً للمشركين أكثر منه عدداً، ولكنه لم يكن يظن أنه قادر على الصمود في وجهه، حتى قال بعض الناس في جيش المسلمين: "لن نغلب اليوم من قلة" أو نحو ذلك..
ولكن النتائج قد جاءت على عكس توقعات جيش المسلمين، فإنه قد خسر المعركة، ويفر من وجه أعدائه، وينحصر الصراع بين جيش يعد بعشرات الألوف، وبين شخص واحد، يتمكن من تحويل الهزيمة العظمى لأصحابه إلى نصر مؤزر على جيش جرار منتصر قبل لحظات، ويحوّل ذلك الشخص الواحد الرجال والنساء إلى أسرى، ويستولي على كل ما جاؤوا به من شاء ونعم وأموال.. وهذه هي المفارقة الحقيقية والمدهشة حقاً!!
ألف: جيش الأعداء:
فيما يرتبط بالتعبئة والخطة الحربية لجيش الأعداء يذكر المؤرخون: أنه لما كان ثلثا الليل عمد مالك بن عوف إلى أصحابه فعبأهم في وادي حنين، وهو واد أجوف ذو خطوط، وذو شعاب ومضايق. وفرق الناس فيها. وأوعز إليهم أن يحملوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه حملة واحدة([99]).
وفي رواية أبي الجارود عن أبي جعفر "عليه السلام": أنه لما مضى النبي "صلى الله عليه وآله" نحو هوازن، وأصبح منها على مسيرة بعض ليلة، "..قال مالك بن عوف لقومه: ليصيِّر كل رجل منكم أهله وماله خلف ظهره، واكسروا جفون سيوفكم، واكمنوا في شعاب هذا الوادي، وفي الشجر، فإذا كان في غبش الصبح، فاحملوا حملة رجل واحد، وهدُّوا القوم، فإن محمداً لم يلق أحداً يحسن الحرب"([100]).
ب: جيش المسلمين:
وقالوا: "وعبأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحابه وصفهم صفوفاً في السحر، ووضع الألوية والرايات في أهلها، ولبس درعين، والمغفر، والبيضة. وركب بغلته البيضاء، واستقبل الصفوف، وطاف عليها بعضها خلف بعض، ينحدرون، فحضهم على القتال، وبشَّرهم بالفتح إن صدقوا وصبروا.
وقدم خالد بن الوليد في بني سليم وأهل مكة، وجعل ميمنة وميسرة وقلباً، كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيه([101]).
أما مالك بن عوف، فصف الخيل ثم الرجالة المقاتلة، ثم صفت النساء على الإبل، ثم صفت الإبل، ثم البقر.
ثم قال للناس: إذا رأيتموهم (أو إذا رأيتموني شددت) شدوا عليهم شدة رجل واحد([102]).
وفي رواية أبي الجارود، عن أبي جعفر "عليه السلام": "فلما صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الغداة انحدر في وادي حنين. وهو واد له انحدار بعيد، وكانت بنو سليم على مقدمته، فخرج عليهم كتائب هوازن من كل ناحية، فانهزمت بنو سليم، وانهزم مَنْ وراءَهم"([103]).
ونقول:
إننا نسجل هنا الأمور التالية:
تعليق النصر على الصدق و الصبر:
وقد وعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحابه بالنصر بشرطين:
أحدهما: الصدق، فتصدق أفعالهم أقوالهم، ٍوتتطابق مع ظاهر حالهم، فإنك لو سألت أي واحد منهم عن حاله، لأكد لك: أنه مستعد لبذل كل غال ونفيس من أجل هذا الدين، وأنه مشتاق للشهادة إلى درجة التلهف لها.
ولكن لطالما ظهر: أن هذه الإدعاءات مبالغ فيها، وأن مطابقة الأفعال للأقوال تكاد لا تتحقق إلا لدى أقل القليل منهم، فإن الأغراض لدى أكثرهم لم تكن هي الشهادة والدفاع عن الدين بقدر ما كانت هي الحصول على حطام الدنيا، سواء في ذلك الغنائم، أو السبايا، أو المقامات، أو ما إلى ذلك..
الثاني: أن ثمة أناساً صالحين وصادقين في مقاصدهم، وفي اندفاعهم لنصرة الدين وأهله. ولكن حين ينتهي الأمر إلى مواجهة البلايا، والرزايا، وحين تعضهم الحرب بنابها، وتعصر قلوبهم الآلام والمصائب، وتواجههم المتاعب والنوائب، فإنهم يضعفون، ويتراجعون، ويصير همهم تخليص أنفسهم مما هم فيه.. لأنهم لا يصبرون على ما أصابهم، ولا يحتسبون ثواب ذلك عند الله..
العرب تَباغت على النبي ':
وروي بسند صحيح عن أبي عبد الله "عليه السلام" أنه قال: ما مرَّ بالنبي "صلى الله عليه وآله" يوم كان أشد عليه من يوم حنين، وذلك أن العرب تَباغت عليه([104]).
فهذه الرواية تشير إلى أمر هام، وهو: بغي العرب مجتمعين على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خصوص حنين.
ولعل فهم هذه الرواية سيكون صعباً للوهلة الأولى، لأن المفروض: أنه "صلى الله عليه وآله" قدم بعشرة آلاف مقاتل أو أكثر إلى مكة، وتمكن من فتحها.
ثم خرج أهل مكة معه إلى حنين، عن بكرة أبيهم.
وقد كان هؤلاء من العرب.. فلم يكن في جميع حروبه السابقة أحسن حالاً ـ من حيث سعة تأييد العرب له ـ منه في حرب حنين..
فما هو المقصود إذن من قول الإمام الصادق "عليه السلام": أن العرب تباغت على النبي "صلى الله عليه وآله" في حنين؟! وأن ذلك هو السبب في شدة حرب حنين عليه "صلى الله عليه وآله".
بل هو "عليه السلام" يقر: بأنه ما مرَّ بالنبي "صلى الله عليه وآله" يوم أشد عليه من حنين!!
ولعل الجواب عن ذلك هو: أن القضية في حنين كانت أكبر وأخطر مما نتصوره، فهوازن قد جمعت كما يقول زعيمها مالك بن عوف: عشرين ألف سيف.. بل في بعض الروايات: أنهم كانوا أربعة وعشرين ألفاً، أو كانوا ثلاثين ألفاً حسبما تقدم.
ثم إن الذين كانوا مع النبي "صلى الله عليه وآله" من أهل مكة، قد جاؤوا نظاراً لا يرجعون إلى دين، أو طمعاً بالغنائم، حتى لو كانت من المسلمين..
كما أن قسماً منهم، لم يكونوا ينزعجون لو كانت الصدمة لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
وسنرى أيضاً: أن قسماً من المقاتلين كانوا من المنافقين. ومن المؤلفة قلوبهم، وممن عبّروا عن رغبتهم بأن تدور الدائرة على أهل الإيمان.. وحين حلت الهزيمة بالمسلمين أظهروا فرحتهم، وحملوا خبر ذلك كبشارة للناس في مختلف الأنحاء.
وقد أظهرت النصوص: أكثر من محاولة اغتيال لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في نفس لحظة فرار المسلمين كما سنرى إن ذلك كله وسواه وكذلك فرار جميع من كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يؤكد: أن الأمر لم يكن طبيعياً، بل قد يروق للبعض أن يفهم: أن ثمة تفاهماً ضمنياً بين هوازن، وبين كثير من الزعماء المشبوهين، الذين كانوا بين أهل الإسلام؟!.
وأن تدبيرهم الذكي، والخفي؛ هو الذي جر المسلمين إلى تلك الهزيمة النكراء، التي كان يراد لها أن تنتهي بقتل النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"، إما اغتيالاً، أو في زحمة المعركة.
ولعل هذا التدبير التآمري قد تضمن فرار فريق في مقدمة الجيش، ليفر بعده الجيش كله، ويبقى "صلى الله عليه وآله"، ليتمكنوا من قتله في تلك الحال. إن ذلك هو ما سوف نستنطق له الدلائل والشواهد فيما يأتي من مطالب وفصول، وعليه نتوكل، ومنه نسأل التوفيق والتسديد، إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول..
هل ظاهر النبي ' بدرعين؟!:
إن ما ذكرته رواياتهم: من أنه "صلى الله عليه وآله" قد ظاهر بدرعين، ولبس البيضة والمغفر. والدرعان، هما: ذات الفضول، والسغدية وهي درع داود، التي لبسها حين قتل جالوت([105]) مما لا يمكن قبوله.
فأولاً: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليلبس درعين. في حين أن كثيرين من أصحابه "صلى الله عليه وآله" لا يجدون درعاً واحدة يتقون بها سلاح الأعداء..
بل إننا لا نظن: أنه يرضى بأصل لبس الدرع، إذا كان في أصحابه من هو حاسر، بل هو يؤثر بها من لا يجد درعاً ليلبسها، فإنه "صلى الله عليه وآله" ليس فقط لا يرضى إلا أن يسوي نفسه بأضعف أصحابه، بل هو يبادر إلى الإيثار على نفسه، قبل أن يطلبه من غيره.
ثانياً: إن من يركب البغلة ـ لا الفرس ـ وينزل عنها حين فرار الناس من حوله، ويقتحم جموع الأعداء، لا يلبس درعين.
ثالثاً: إن علياً "عليه السلام" كان يبرز إلى أعدائه في درع لا ظهر لها([106])، فإذا سئل عن ذلك، يقول: إذا مكنت عدوي من ظهري، فلا أبقى الله عليه إن أبقى علي([107]).
وعن ابن عباس قال: والله ما رأيت رجلاً أطرح لنفسه في متلف من علي، ولقد كنت أراه يخرج حاسر الرأس إلى الرجل الدارع فيقتله([108]).
فلم يكن "عليه السلام" يظاهر بين درعين.. مع أنه كان يقذف بنفسه في أتون المعركة، في متن توقدها، وأوج ضرامها.
فهل نصدق على رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه قد ظاهر بدرعين في حرب حنين؟!
بنو سليم.. وأهل مكة، وخالد:
وقد جعل "صلى الله عليه وآله" مقدمته بني سليم، وجماعة أهل مكة بقيادة خالد. وقد أثار اهتمامنا هنا أمران:
الأول: الكتلة العشائرية.
الثاني: دور بني سليم في هزيمة المسلمين.
وفي إشارة موجزة إلى هذين الأمرين نقول:
1 ـ الكتلة العشائرية:
قد ظهر: أن مقدمة جيش المسلمين في حنين كانت مؤلفة من كتلتين عشائريتين هما: بنو سليم.. وأهل مكة.. وأن قيادة هذه المقدمة قد أسندت إلى أحد أهل مكة، الذي عُرف بتاريخه القتالي الحافل بالتعديات، والمخالفات، وهو خالد بن الوليد..
وكنا قد ذكرنا في بعض فصول الجزء الأول من هذا الكتاب: أنه وإن كان الإسلام يحارب العصبيات القبلية والعشائرية، ولكنه كان أيضاً يسعى لتغيير منطلقات العلاقة بين أفراد تلك العشائر، والقبائل، وبجعلها منطلقات إنسانية، وإيمانية، تتخذ من القبيلة وسيلة للتلاحم، والتعاضد والتعاون على الصالح العام، ودفع الشرور، وإشاعة الخير والصلاح..
ومن الواضح: أن جعل أبناء القبيلة الواحدة في موقع قتالي واحد، من شأنه أن يرفع من مستوى التعاون على دفع العدو من جهة، ويمكِّن من حفظ بعضهم البعض من جهة أخرى، حيث إن من يجد من نفسه بعضاً من قوة، لا بد أن يذب عن أخيه، ويجد الدافع لمضاعفة جهده في هذا السبيل،
من خلال دافع الرحم، والتعصب للقرابة.
وربما يكون ذلك سبباً في تقليل حجم الخسائر التي لا بد أن تترك أثرها على حياة الناس الأسرية، وعلاقاتهم الإجتماعية وواقعهم السياسي، وغير ذلك من أمور.
2 ـ دور بني سليم في هزيمة المسلمين:
قد أظهرت النصوص التي سيأتي شطر وافر آخر منها: أن بني سليم هم الذين انهزموا أولاً.. ثم تبعهم سائر الناس، حتى لم يبق أحد مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ونحن وإن كنا لا نملك ما يدفع ذلك. بل لدينا ما يؤيده ويؤكده، غير أننا نقول:
إن أهل مكة قد شاركوا في هذه الهزيمة بصورة مؤثرة أيضاً، فإن قسماً منهم قد أسلم، ولكن لم ينصهر بهذا الدين بعد، ولا تفاعل معه، ولا ذاق حلاوته، وقسم أظهر الإسلام نفاقاً، ومجاراة لواقع استجدّ.. كما هو حال المؤلفة قلوبهم، الذين كانوا زعماء الناس. وقد أعطاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الغنائم التي بلغت أرقامها الألوف، أو عشرات الألوف من مختلف أنواع الماشية، فضلاً عن سائر الغنائم..
وقد كان هذا النوع من الناس يعدّون بالمئات أو الألوف، حتى لقد أعطى النبي "صلى الله عليه وآله" لمائة زعيم عشرة آلاف من الإبل، لكل واحد مائة منها، فضلاً عن عشرات أو مئات آخرين أعطاهم أقل من ذلك.. من أجل أن يتألفهم على الإسلام..
في النصوص أيضاً: أن فريقاً من أهل مكة كان يرضيهم أن تكون الصدمة للمسلمين في هذه الحرب. وقد أظهر بعضهم شماتته بما جرى حين فرّ المسلمون.
فوجود هؤلاء في المقدمة يجعل احتمال أن تكون لهم مشاركة فاعلة ومؤثرة في الهزيمة قريباً جداً، فكيف إذا دلت عليه بعض النصوص التي ستأتي إن شاء الله تعالى.
كما أن خالداً قائدهم لا يمكن تبرئته من المشاركة في صنع هذه الهزيمة، أو تهيئة الأجواء لها، خصوصاً وأنه على المقدمة، ولم يظهر منه أي اعتراض على ما جرى، بل كان هو في جملة المنهزمين..
والذي يدعونا إلى القبول بهذه الإثارات وتأييدها: أننا وجدنا خالداً لم يظهر له إسلام إلا قبيل الفتح، وحين أظهر إسلامه، وأوكلت إليه بعض المهمات، لم يكن أداؤه فيها محموداً، بل هو قد ارتكب مذابح وفظائع، وفجائع في حق الأبرياء، حتى تبرأ النبي "صلى الله عليه وآله" مما صنع، وغضب عليه، واعرض عنه..
بل هو لم يرتدع عن مثل هذه الأفاعيل، حتى بعد استشهاد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقصة قتله مالك بن نويرة، وزناه بزوجته في ليلة قتله، معروفة عنه.
فلماذا؟ وكيف يمكن تبرئته من عار صنع الهزيمة في حرب حنين؟!
هل هذا أبو بكر؟!:
قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ}([109]).
عن الربيع بن أنس قال: قال رجل يوم حنين: "لن نغلب من قلة"، فشق ذلك على رسول الله "صلى الله عليه وآله". وكانت الهزيمة([110]).
وعن الحسن قال: لما اجتمع أهل مكة وأهل المدينة قالوا: الآن نقاتل حين اجتمعنا، فكره رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما قالوا، مما أعجبهم من كثرتهم، فالتقوا، فهزموا حتى ما يقوم أحد على أحد([111]).
وعن أنس قال: لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة، أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم: اليوم والله نقاتل([112]).
ولفظ البزار: فقال غلام من الأنصار يوم حنين ـ وهو سلمة بن الأكوع، أو سلمة بن وقش ـ: "لن نغلب اليوم من قلة"، فما هو إلا أن لقينا عدونا، فانهزم القوم، وولوا مدبرين([113]).
وقال المفيد "رحمه الله": فظن أكثرهم أنهم لن يغلبوا، لما شاهدوه من جمعهم، وكثرة عدتهم وسلاحهم، وأعجب أبا بكر الكثرة يومئذ، فقال: لن نغلب اليوم من قلة.
فكان الأمر بخلاف ما ظنوه، وعانهم أبو بكر بعجبه بهم([114]).
وتقول رواية أخرى: إن العباس باهى بكثرة العسكر، فمنعه النبي "صلى الله عليه وآله"، وقال: "تستنصر بصعاليك الأمة"؟!([115]).
عن الزهري: قال رجل من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله": لو لقينا بني شيبان ما بالينا، ولا يغلبنا اليوم أحد من قلة([116]).
قال ابن إسحاق: حدثني بعض أهل مكة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال حين فصل من مكة إلى حنين، ورأى كثرة من معه من جنود الله تعالى: "لن نغلب اليوم من قلة"، كذا في هذه الرواية([117]).
والصحيح: أن قائل ذلك غير النبي "صلى الله عليه وآله" كما سبق.
قال ابن إسحاق: وزعم بعض الناس: أن رجلاً من بني بكر قالها([118]).
وعن سعيد بن المسيب: أن أبا بكر قال: يا رسول الله، لن نغلب اليوم من قلة([119]). (وشق ذلك على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وساءته تلك الكلمة([120])).
كذا في هذه الرواية، وبذلك جزم ابن عبد البر([121]).
من القائل: لن نغلب اليوم من قلة؟!
اختلفت الروايات في اسم الذي قال: لن نغلب اليوم من قلة، أو نحو ذلك، هل هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" (والعياذ بالله)؟!
أو هو أبو بكر، قال ذلك للنبي "صلى الله عليه وآله".
أو قاله سلمة بن الأكوع.
أو أن القائل هو سلمة أو سلامة بن وقش نفسه؟!
أو العباس بن عبد المطلب؟!
أو هو غلام من الأنصار؟!
أو رجل من الصحابة؟!
أو أهل مكة، أو أهل المدينة؟!
أو رجل من بني بكر؟!
فما هذا التردد، وما هذه الحيرة في تعيين قائل تلك العبارة المشؤومة؟!
ألا يشير ذلك: إلى أن هناك سعياً لإخفاء اسم القائل الحقيقي عن الناس؟! ومن هو ذلك الشخص المحظوظ، الذي يسعى الرواة لإسداء هذه الخدمة الجليلة إليه؟!
ونحن لا نرى سبباً لإخفاء اسم أحد من هؤلاء، الذين ذكروهم، إلا إن كان اسم العباس، من قبل العباسيين.
أو اسم أبي بكر من قبل من يعتقدون إمامته وخلافته.
فإذا كان هذا الإخفاء يتولَّاه أناس عاشوا في زمن بني أمية، مثل الزهري، والحسن، وبعض الصحابة مثل أنس وأمثالهم، فإن من الواضح: أنه لم يكن للعباسيين دور أو ذكر، أو شوكة، أو نفوذ في تلك الفترة.
فينحصر الأمر في محبي الخلفاء، والمعتقدين بإمامتهم.
وبذلك يترجح احتمال أن يكون قائل ذلك هو: أبو بكر.
وبه جزم ابن عبد البر وغيره.
اتهام النبي ' بالكفر:
إن اتهام النبي "صلى الله عليه وآله": بأنه ممن أعجبته الكثرة يوم حنين كما أظهرته رواية البراء بن عازب([122]) باطل ومكذوب، بلا ريب، وذلك لما يلي:
أولاً: إن نسبة ذلك إلى النبي "صلى الله عليه وآله" لا تجوز، فإن ذلك يستبطن الطعن في نبوته "صلى الله عليه وآله"، على أساس أن القرآن قد صرح: بأن الإعجاب بالكثرة قد صاحبه اعتبار: أن الكثرة هي المعيار في النصر والظفر، وليس التأييد الألهي، ولذلك قبّح الله تبارك وتعالى ذلك منهم، ولامهم وذمهم عليه، مصرحاً بأنهم: قد اعتمدوا على كثرتهم، واعتبروا أنها تغنيهم وتكفيهم، فقال سبحانه: {إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً}. رغم أن الله تعالى قد نصرهم في مواطن كثيرة تصل إلى ثمانين.
ثانياً: إننا لم نزل نسمع من الرسول الهادي "صلى الله عليه وآله" التأكيد تلو التأكيد على أن النصر من عند الله، وبمشيئته، وتسديده، وتوفيقه. وقد صرح القرآن بأن النصر لا يكون إلا من عند الله تعالى. والنبي "صلى الله عليه وآله".
هو الذي كان يقرأ على الناس قوله تعالى عن بدر: {وَمَا النَّصْرُ إِلاَ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْعَزِيزِ الحَكِيمِ}([123]). وهذه الآية إنما نزلت في سورة آل عمران، التي نزلت في أيام بدر، في أوائل الهجرة.
وقد فتح الله لهم مكة، ونسب النصر فيها إلى نفسه أيضاً، فقال: {وَيَنْصُرَكَ اللهُ نَصْراً عَزِيزاً}([124]).
والجيش الذي فتح مكة هو نفسه الذي يتوجه لقتال هوازن.
وقال عن غزوة أحد: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ}([125]).
وقال: {وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ}([126]).
والآيات التي تشير إلى هذه المعاني كثيرة، وكلها نزلت قبل غزوة حنين..
ثالثاً: إن صريح الآية القرآنية أن الذين أعجبتهم كثرتهم هم الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، ثم ولوّا مدبرين. وثبت في ساحة المعركة، ثلة قليلة من المؤمنين، فاستحق هؤلاء الثابتون إنزال السكينة عليهم، لأنهم كانوا يتحملون الشدائد، ويواجهون الأخطار الجسام.
وهم علي "عليه السلام" في ساحة القتال وبعض بني هاشم، الذين احترسوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وضربوا عليه طوقاً بشرياً يحميه.. كما أن السكينة نزلت على رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وأنزل عليه "صلى الله عليه وآله" وعليهم جنوداً لم يرها أولئك الذين هربوا..
فكيف يدَّعي هؤلاء الجهلة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال تلك الكلمة المشؤومة؟!
رابعاً: كيف يكون قائل ذلك هو رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والحال أن عدداً من الروايات يصرح: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد كره هذه المقالة منهم؟!
وبعضها يقول: فشق ذلك على رسول الله "صلى الله عليه وآله". أو نحو ذلك فراجع([127]).
أتستنصر بصعاليك الأمة؟!:
قد تقدمت الرواية التي تقول: إن العباس باهى بكثرة العسكر، فمنعه "صلى الله عليه وآله"، وقال: أتستنصر بصعاليك الأمة؟([128]).
والصعلوك هو: الفقير.
وصعاليك العرب: ذؤبانها، أي لصوصها، وفقراؤها([129]).
وهي كلمة هامة ومثيرة، خصوصاً، وأنها صدرت من نبي الإسلام الأعظم "صلى الله عليه وآله"، الذي: {مَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَ وَحْيٌ يُوحَى} ([130]).
وإذا أردنا تحليل هذه الكلمة، فإن أول ما يواجهنا فيها هو: أن المقصود بالصعلوك هنا ليس هو الفقير، فإن الفقر لا يمنع من البطولة، والإقدام، والشجاعة، والشدة في الحرب إلى بلوغ النصر.. بل لعل أعظم الناس شجاعة كانوا من الفقراء، الذين لم يتذوقوا طعم النعيم، ولم تشدهم ملذات الحياة إليها، ليخلدوا إلى الأرض، فيمنعهم ذلك من ركوب الأهوال، ومن الإقدام على المخاطر.
إن الشجاعة والإقدام، هي نتاج طموح كبير، أو نتاج رؤية إيمانية واعتقادية، تهييء لانفعال روحي وإنساني فاعل وقوي. أو هي وليدة حدث وجداني، يثير هزة مشاعرية عميقة، وتحرك معاني النبل، والشمم، والكرم في عمق الذات، وتدفع إلى التضحية والإيثار، في مواقع الفداء والعطاء، بلا حدود ولا قيود.
أما الذؤبان واللصوص، فهم الذين يفقدون الإحساس الإنساني، والدافع الإيماني، ويعيشون في مستنقعات الأهواءن ويصبحون أسرى انحطاط طموحاتهم، وانحسار وضمور مشاعرهم الإنسانية، ونضوب الروافد الفكرية الإيمانية..
إن هؤلاء يفقدون معنى الشجاعة، ولا يفهمون معنى لنصرة المظلومين، لأنهم هم الذين يشاركون في إشاعة الظلم، ولا تحركهم المشاعر الإنسانية، لأنهم اجتثوا كل عروقها النابضة، وجففوا روافدها في أعماق نفوسهم، ولا تحجزهم معاني الإيمان والاعتقاد بعد أن نضبت روافدها، وتلاشت كل أشباح معانيها من حنايا قلوبهم.
إن اللصوصية التي تعني أن يعيش الإنسان حالة مزرية من الإنحطاط الخلقي، والجفاف العاطفيين والتقوقع في قفص الذات، والتفكير في التفاهات الصغيرة، وصنع مفردات الخزي والعار، لا يمكن أن تدفع صاحبها إلى أن ينجد مظلوماً، أو أن يدافع عن قضايا كبيرة، فضلاً عن أن يضحي في سبيل القيم، ومن أجل المعاني الإنسانية والإيمانية.
وذلك هو ما يفسر لنا استنكار النبي "صلى الله عليه وآله" على العباس بقوله: "أتستنصر بصعاليك الأمة"؟!
فهو "صلى الله عليه وآله" يرى في أكثر ذلك الجمع: أنهم ذؤبان وصعاليك، لأن أكثرهم جاء لأجل الغنائم، واستلاب أموال الناس، ولا يبالي بعد هذا بما يجري للطفل الصغير، والشيخ الكبير.. كما لا يهمه أن ينتصر الدين، أو ينكسر، وأن يكون النصر للحق وأهله، أو للباطل وحزبه. إنهم يريدون أن يضحوا بكل شيء من أجل أنفسهم وشهواتهم، فهم اللصوص والذؤبان.. الذين يهربون عن أدنى خطر يستشعرونه، ويخافون من أي سانح أو بارح، ومن الساكت والصائح، والضاحك والنائح.
وقليل هم أولئك المؤمنون الطيبون الذين يشعرون بالمسؤولية، ويعيشون القيم الإنسانية، ويلتزمون بحدود الشرع، ويفكرون في نصرة الدين وأهله، مهما غلت التضحيات، وقد أظهرت الوقائع أن هؤلاء هم خصوص النبي "صلى الله عليه وآله" وثلة قليلة معه، هم الذين أنزل الله سكينته عليهم من المؤمنين.
الفصل الرابع:
الهزيمة وتمحّل الأعذار
الهزيمة في اللحظات الأولى:
أنه لا ريب في وقوع الهزيمة على المسلمين، في اول صدام لهم مع المشركين.. وقد حاول أهل التعذير والتبرير، وأنصار المؤلفة قلوبهم عرض الأحداث بطريقة ذكية وخادعة، خلطوا فيها الغث بالسمين، والصحيح بالسقيم، فقالوا:
كان خالد بن الوليد مع بني سليم في مقدمة الجيش، وكان أكثرهم حسراً ليس عليه سلاح، أو كثير سلاح. فلقوا قوماً رماة لا يكاد يسقط لهم سهم. والمسلمون عنهم غافلون، فرشقوهم رشقاً لا يكادون يخطئون، فولّى جماعة كفار قريش، الذين كانوا في جيش الإسلام، وشبان الأصحاب، وأخفاؤهم. وتبعهم المسلمون الذين كانوا قريب العهد بالجاهلية، ثم انهزم بقية الأصحاب([131]).
وذكروا أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد انحدر في الوادي في غبش الصبح.. فخرج عليهم القوم، وكانوا قد كمنوا لهم في شعاب الوادي، ومضايقه، فحملوا عليهم حملة رجل واحد، وكانت هوازن رماةً، فاستقبلوهم بالنبل، كأنهم جراد منتشر، لا يكاد يسقط لهم سهم..
وقال البراء بن عازب: كانت هوازن رماةً، وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا، فأكببنا على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام، فأخذ المسلمون في الرجوع منهزمين، لا يلوي أحد عن أحد.
إلى أن قالوا: إن الطلقاء قال بعضهم لبعض: أخذلوه فهذا وقته، فانهزموا أول من انهزم، وتبعهم الناس([132]).
ونقول:
إن في ما ذكر آنفاً مواضع للنظر، والنقاش نجملها فيما يلي:
وقت الإنحدار في الوادي:
لماذا اختار النبي "صلى الله عليه وآله" الإنحدار في الوادي في غبش الصبح؟ مع أن الجيش يسير في العادة نهاراً ويستريح ليلاً، والمسير في الليل يحمل معه أخطار مواجهة الكمائن في المضائق والشعاب..
ألا يدل ذلك: على عدم صحة ما زعموه، وأنه "صلى الله عليه وآله" قد سار في الجيش نهاراً.
المضائق والكمائن:
وزعموا: أن المشركين قد كمنوا في المضايق والشعاب، فهاجموهم، ثم كانت الهزيمة..
وهذا الكلام موضع ريب وشك.
أولاً: قد تقدم: أن الموضع الذي اختير للقتال لم يكن فيه مضايق ولا شعاب، لأن دريد بن الصمة حين لمس الأرض وسأل عنها، وأخبروه باسمها، قال: نعم مجال الخيل، لا حزن ضرس، ولا سهل دهس.
فالموضع الصالح لجولان الخيل، لا بد أن يكون متسعاً ليس فيه عوائق..
ثانياً: إنه لا يصح قولهم: إن الكمين هو الذي هزمهم، فقد صرحت رواية البراء بن عازب: بأن الجيشين قد تواقفا، وإن جيش المسلمين قد حمل على المشركين فكشفهم، فانكبوا على الغنائم، فاغتنمها منهم المشركون فرصة، فرشقوهم بالسهام..
ثالثاً: إن الهزيمة إنما وقعت على خصوص بني سليم، ومن جهة واحدة، ولو كان الهجوم من المضايق والشعاب، أو على خصوص أهل مكة لم يتبعهم غيرهم..
إلا أن يدَّعى: أن الجيش كان يسير على شكل صف طويل.. لأنه منحدر في الوادي الضيق.. مع أن الأمر ليس كذلك، فإن العائدين قد عادوا إلى القتال في ساحة متسعة، كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد بقي صامداً فيها، وقد مر به المنهزمون، وكان يناديهم، ولكنهم لا يلوون على شيء.
ونقول لهؤلاء:
إنهم قد فشلوا حين زعموا: أن المقدمة، كانت لا تملك سلاحاً.
فإن المقدمة كانت تتألف من أهل مكة، وكان أهل مكة هم الأغنى في المنطقة بأسرها، وهم الأكثر سلاحاً فيها.
ومن بني سليم، الذين لم يزل العباس بن مرداس يفتخر بهم وبدروعهم، فيقول:
من كـل أغلب من سليـم فوقـه بيضـاء محكمـة الدخـال وقونس([133])
فالدخال: الدروع. والقونس: أعلى بيضة الخوذة.
ويقول:
على الخيل مشدوداً علينا دروعنا ورجـلاً كـدفـاع الآتي عـرمـرما([134])
وهذا يدل: على أنهم كانوا في غاية الإستعداد والإعداد، فلماذا يزعم هؤلاء المدافعون عنهم: أن الذين تتألف منهم المقدمة كان أكثرهم حسراً، ليس عليهم سلاح، أو كثير سلاح؟!
كما أن هؤلاء قد نجحوا حين بينوا: أن كفار قريش كانوا في المقدمة.
وفشلوا أيضاً: حين زعموا: أن شبان الأصحاب كانوا في المقدمة..
فإن ذلك لا يعدو كونه تخرصاً ورجماً بالغيب.
ونجحوا أيضاً حين بينوا: أن الذين انهزموا كانوا قريب العهد بالجاهلية..
وفشلوا: حين لم يبينوا دور خالد وبني سليم، وزعماء قريش، وعموم أهل مكة بما فيهم الرؤساء والزعماء في صنع الهزيمة..
ونجحوا حين اعترفوا بالهزيمة لمن لا يحبون أن ينسبوا إليهم أي شيء ينقص من قدرهم، ويظهر عجزهم.
وفشلوا حين ادَّعوا: أن السبب في الهزيمة هو رميهم بالسهام رمياً لا يكاد يخطئ، فإن ذلك أيضاً يدخل في باب التهويل والتضخيم للأمور، بدون دليل معقول، ومقبول. مع تصريح النصوص المتقدمة بأن السلاح الذي واجههم كان من جميع الأنواع..
النبي ' هو الذي اختار مقدمة الجيش:
وقد يسأل سائل: لماذا اختار الرسول "صلى الله عليه وآله" مقدمة جيشه من خصوص هؤلاء، مع أن احتمالات هزيمتهم جبناً وخوراً، أو تآمراً وكيداً كانت قريبة، وظاهرة؟!
ونجيب: بأننا قد ذكرنا سبب ذلك في موضع سابق من هذا الكتاب. وقلنا: إن من جملة مقاصده "صلى الله عليه وآله" ما يلي:
1 ـ إن ذلك يطمئن زعماء مكة، وجميع الزعامات الأخرى في المنطقة إلى أنه "صلى الله عليه وآله" يقبلهم في المجتمع الإسلامي، ويعاملهم فيه كغيرهم، ولا يريد أن ينتقم من أحد، ولا محاسبة أحد.
2 ـ كما أنه لا يريد مما يدعوهم إليه ان يكتسب لنفسه شيئاً، ولا أن يستأثر بشيء، بل إن أراد شيئاً فإنما يريده لهم..
3 ـ وليعلم الجميع: أن دخولهم في الإسلام لا ينقص من قدرهم، ولا يوجب الخسران لهم، بل هو يعلي من مقامهم، ويمنحهم العزة والكرامة، والمجد والزعامة، ويمكِّنهم من الحصول على خير الدنيا والآخرة.
4 ـ إن أهل المنطقة إذا رأوا أن الذين يخشون سطوتهم هم الذين يدعونهم إلى هذا الدين، بل هم يحاربونهم دفاعاً عنه وعن أهله، وعن نبيه، فإن ذلك سوف يعطي أولئك الناس شعوراً بالأمن والطمأنينة إلى أنهم سوف لا يتعرضون للعقوبة بعد رجوع النبي "صلى الله عليه وآله" إلى بلده، وصيرورتهم وحدهم في مواجهة أولئك الناس الذين عرفوا قسوتهم، وشهدوا فصولاً من انتقامهم من مخالفيهم بصورة غير عقلانية، ولا إنسانية وسوف لا يخشون سطوتهم وانتقامهم.
توجيهات سقيمة للهزيمة:
وقد حاول أهل التبرير، ومحبو التماس الأعذار مهما كانت باردة وغير منطقية أن يبرروا الهزيمة، فجاؤوا بالعجب العجاب.
ويتضح ذلك من خلال ملاحظة ما يلي:
شبان لا خبرة لهم:
وذكر كثير من أهل المغازي: أن المسلمين لما نزلوا وادي حنين تقدمهم كثير ممن لا خبرة لهم بالحرب، وغالبهم من شبان أهل مكة، فخرجت عليهم الكتائب من كل جهة، فحملوا حملة رجل واحد، والمسلمون غارون، فر من فر، وبلغ أقصى هزيمتهم مكة، ثم كروا بعد([135]).
قلة السلاح.. والإقبال على الغنائم:
وعن البراء بن عازب قال: عجل سرعان القوم ـ وفي لفظة: شبان أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ليس عليهم سلاح، أو كثير سلاح، فإنّا لما حملنا على المشركين انكشفوا، فأقبل الناس على الغنائم، وكانت هوازن رماة، فاستقبلتنا بالسهام كأنما رجل جراد، لا يكاد يسقط لهم سهم([136]). انتهى .
وعند الطبرسي: "فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف، والعمد، والقنا، فشدوا علينا شدة رجل واحد، فانهزم الناس راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذات اليمين"([137]).
اتهام النبي ' بالفرار:
وعن أبي إسحاق السبيعي قال: جاء رجل من قيس إلى البراء بن عازب، فقال: أكنتم وليتم؟
وفي رواية: أوليت؟
وفي أخرى: أوليتم مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
وفي أخرى: أفررتم يوم حنين يا أبا عمارة؟
فقال: أشهد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه ما ولّى.
وفي رواية: لا والله، ما ولى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين دبره، ولكنه خرج بشبان أصحابه، وهم حسّر ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فلقوا قوماً رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، فلما لقيناهم وحملنا عليهم انهزموا، فأقبل الناس على الغنائم، فاستقبلونا بالسهام كأنها رجل جراد لا يكادون يخطئون، وأقبلوا هناك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على بغلته البيضاء، وأبو سفيان بن الحارث يقود به، فنزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" ودعا واستنفر، وقال "صلى الله عليه وآله":
"أنـــا الــنـبــــي لا كــــذب أنـــا ابـــن عــبــد المــطـــلب
اللهم أنزل نصرك"([138]).
الكمين سبب آخر:
عن جابر بن عبد الله، وعن أنس بن مالك: لما استقبلنا وادي حنين، انحدرنا في واد أجوف، خطوط، له مضايق وشعاب، وإنما ننحدر فيه انحداراً، وفي عماية الصبح، وقد كان القوم سبقونا إلى الوادي فمكثوا في شعابه وأجنابه ومضايقه وتهيؤا، فوالله، ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدوا علينا شدة رجل واحد، وكانوا رماة([139]).
قال أنس: استقلبنا من هوازن شيء، لا والله ما رأيت مثله في ذلك الزمان قط، من كثرة السواد، قد ساقوا نساءهم وأبناءهم وأموالهم ثم صفوا صفوفاً، فجعلوا النساء فوق الإبل وراء صفوف الرجال، ثم جاؤوا بالإبل والبقر والغنم، فجعلوها وراء ذلك، لئلا يفروا بزعمهم.
فلما رأينا ذلك السواد حسبناه رجالاً كلهم.
فلما انحدرنا في الوادي، فبينا نحن في غبش الصبح إن شعرنا إلَّا بالكتائب قد خرجت علينا من مضيق الوادي وشعبه، فحملوا حملة رجل واحد، فانكشفت أوائل الخيل ـ خيل بني سليم ـ مولية، وتبعهم أهل مكة، وتبعهم الناس منهزمين ما يلوون على شيء، وارتفع النقع فما منا أحد يبصر كفه([140]).
وقال جابر: وانحاز رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذات اليمين، ثم قال: "أيها الناس، هلم إلي. أيها الناس، هلم إلي. أنا رسول الله، أنا محمد بن عبد الله".
قال: فلا شيء وحملت الإبل بعضها على بعض، فانطلق الناس([141]).
وعن أبي بشير المازني قال: لما كان يوم حنين صلينا الصبح، ثم رجعنا على تعبئة من رسول الله "صلى الله عليه وآله" فما شعرنا ـ وقد كاد حاجب الشمس أن يطلع، وقد طلع ـ إلا بمقدمتنا قد كرت علينا، قد انهزموا، فاختلطت صفوفنا، وانهزمنا مع المقدمة، وأكر، وأنا يومئذٍ غلام شاب، وقد علمت أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" متقدم، فجعلت أقول: يا للأنصار، بأبي وأمي، عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" تولّون؟ وأكرُّ في وجوه المنهزمين، ليس لي همة إلا النظر إلى سلامة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([142]).
عن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله حنيناً. فلما واجهنا العدو تقدمتُ فأعلو ثنية فاستقبلني رجل من المشركين فأرميه بسهم، وتوارى عني فما دريت ما صنع.
ثم نظرت إلى القوم، فإذا هم طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وأصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فولى أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأرجع منهزماً. وعلي بردتان، مؤتزراً بإحداهما، مرتدياً بالأخرى، فاستطلق إزاري، فجمعتهما جميعاً.
ومررت برسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنا منهزم، وهو على بغلته الشهباء، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لقد رأى ابن الأكوع فزعاً"([143]).
هزيمة عمر بن الخطاب:
وكان المسلمون بلغ أقصى هزيمتهم مكة، ثم كروا بعد وتراجعوا، فأسهم لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" جميعاً.
وكانت أم الحارث الأنصارية آخذة بخطام جمل الحارث زوجها، وكان يسمى المجسار، فقالت: يا حار، أتترك رسول الله "صلى الله عليه وآله" والناس يولون منهزمين؟! وهي لا تفارقه.
قالت: فمر عليَّ عمر بن الخطاب، فقلت: يا عمر، ما هذا؟
قال: أمر الله تعالى([144]).
شماتة الحاقدين:
قال الصالحي الشامي:
"قال ابن إسحاق: لما انهزم الناس، ورأى من كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جفاة أهل مكة الهزيمة، تكلم منهم رجال بما في أنفسهم من الضغن.
قال أبو سفيان بن حرب ـ وكان إسلامه بعد مدخولاً ـ: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر. وإن الأزلام لمعه في كنانته.
وصرخ جبلة بن الحنبل ـ وقال ابن هشام: كلدة بن الحنبل، وأسلم بعد ذلك، وهو مع أخيه لأمه صفوان بن أمية، وصفوان مشرك في المدة التي جعل له رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ: ألا بطل السحر اليوم!!
فقال له صفوان: اسكت فض الله فاك! والله، أن يربَّني رجل من قريش أحب إلي من أن يربَّني رجل من هوازن([145]).
قال ابن عقبة: ومرّ رجل من قريش بصفوان بن أمية، فقال: أبشر بهزيمة محمد وأصحابه، فوالله، لا يجبرونها أبداً.
فقال صفوان: أتبشرني بظهور الأعراب؟! فوالله، لربّ من قريش أحب إلى من ربّ من الأعراب. وغضب صفوان لذلك.
وبعث صفوان غلاماً له، فقال: اسمع لمن الشعار.
فجاءه فقال: سمعتهم يقولون: يا بني عبد الرحمن، يا بني عبيد الله، يا بني عبد الله.
فقال: ظهر محمد. وكان ذلك شعارهم في الحرب([146]).
وروى محمد بن عمر، عن أبي قتادة، قال: مضى سرعان الناس من المنهزمين، حتى دخلوا مكة، ساروا يوماً وليلة، يخبرون أهل مكة بهزيمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعتاب بن أسيد ـ بوزن أمير ـ على مكة، ومعه معاذ بن جبل، فجاءهم أمرٌ غمهم، وسر بذلك قوم من أهل مكة وأظهروا الشماتة، وقال قائل منهم: ترجع العرب إلى دين آبائها، وقد قتل محمد وتفرق أصحابه.
فتكلم عتاب بن أسيد يومئذٍ، فقال: إن قتل محمد، فإن دين الله قائم. والذي يعبده محمد حي لا يموت.
فما أمسوا من ذلك اليوم حتى جاء الخبر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أوقع بهوازن، فسر عتاب بن أسيد، ومعاذ بن جبل، وكبت الله تعالى من هناك ممن كان يسره خلاف ذلك.
فرجع المنهزمون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلحقوه بأوطاس وقد رحل منها إلى الطائف([147]).
ونقول:
لقد حفلت تلك الروايات بمزاعم لا مجال لقبولها، ونحن نذكر ذلك فيما يلي من مطالب:
شبان لا خبرة لهم بالحرب:
زعموا: أن الذين تقدموا جيش المسلمين في حنين كانوا شباناً من أهل مكة، ولا خبرة لهم بالحرب، وأنه ليس عليهم سلاح، أو كثير سلاح.
ونقول:
أولاً: لا ندري من أين عرف هؤلاء الذين يسمونهم بأهل المغازي: أن الذين تقدموا المسلمين في وادي حنين كانوا شباناً.
وكانوا لا خبرة لهم بالحرب.
وكان غالبهم من أهل مكة.
فإن كان أهل المغازي قد عرفوا ذلك من النصوص، فأين ذهبت تلك النصوص يا ترى؟! سوى ما روي عن البراء بن عازب، وهو ما لم يؤيده أي نص سواه من أي صحابي آخر فيما نعلم، وهذا يثير الشبهة في أن يكون موضوعاً على لسان البراء لحاجة في النفس، كما سنرى.
وإن كان أرباب المغازي قد علموا ذلك بالمشاهدة، فهم إنما عاشوا في أزمنة متأخرة على ذلك الزمان.
وإن كانوا قد عرفوا ذلك بالاجتهاد، فليدلونا على العناصر التي أنتجت لهم هذه الحقائق، والدقائق، والتوصيفات.
ثانياً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي كان يكتِّب الكتائب، وينظم الجيش، ويضع هؤلاء في المقدمة، وأولئك في القلب، وفريقاً ثالثاً في الجناح الأيسر، أو الأيمن، أو الساقة، وما إلى ذلك.
فما معنى: أن يقول أهل المغازي: "تقدمهم كثير ممن لا خبرة له الخ.."؟!
فإن تقدمهم: إن كان بمبادرة واقتراح منهم، ومن دون رضا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فذلك ما لا يرضاه نبي الإسلام، ولا يوافق عليه ولا يقرُّه.
وإن كان برضا وبتقديم، وقرار منه "صلى الله عليه وآله"، فلا بد من السؤال عن سبب هذا الإختيار، وعن سبب عدم تزويدهم بالسلاح الكافي، أو عدم أمرهم بالتزود منه.
فهل كان "صلى الله عليه وآله" يريد: أن تحل الهزيمة بجيشه، فمهّد مقدماتها؟! أم أنه كان لا يعرف أن الذين اختارهم هم بهذا المستوى المتدني؟ وأنهم لم يكونوا أهلاً لما اختارهم له؟ وقد أخطأ في اختياره، فذلك يعني الطعن في حكمته، بل في نبوته "صلى الله عليه وآله"، وهو ما لا يرضاه أحد من المسلمين.
مع أنه قد كان بالإمكان أن يسأل عنهم من له معرفة بهم.
وكان على العارفين بهم أن يبادروا إلى تقديم النصيحة له، وتعريفه بهم، ولو لم يطلب منه ذلك.
ثالثاً: إن الروايات الأخرى تصرح: بأن أول الخيل، وهي خيل بني سليم هي التي انكشفت أولاً، وتبعهم أهل مكة، فما هي الحقيقة إذن؟ ولماذا تناقض الروايات في منح وسام الهزيمة لهذا تارة، ولذاك اخرى، بل وللرسول ثالثة،كما تقدم؟!
روائح كريهة لمؤامرة أخرى:
إننا نقرأ في أخبار غزوة حنين نصوصاً تتحدث عن محاولات بذلت لاغتيال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومنها محاولة شيبة، ومحاولة النضير بن الحارث بن كلدة، وستأتيان..
غير أن الأمر لا ينحصر بذلك. إذ يمكن للباحث الأريب أن يلمح في الأفق ما يشير إلى أنه قد كان لأهل مكة دور رئيسي في الهزيمة، كما أن بني سليم قد وافقوهم على ذلك.
وقد كان يمكن للمراقب أن يتوقع المؤامرة من أهل مكة، إلا أن ما فعله بنو سليم لا بد أنه أشد إيلاماً وأقوى مرارة في القلب، لأن خيانتهم تكون من الداخل، أما خيانة أولئك فإنما هي من أناس لا يزالون على شركهم، وعلى بغضهم وعداوتهم..
وقد صرحت النصوص المتقدمة بالمؤامرة من أهل مكة، فقد تقدم قولهم: يقال: إن الطلقاء قال بعضهم لبعض: أخذلوه فهذا وقته، فانهزموا أول من انهزم، وتبعهم الناس.
وعند ذلك قال أبو قتادة لعمر: ما شأن الناس؟
قال: أمر الله([148]).
ومما يدل على تواطؤ بني سليم معهم، وعلى دورهم في إلحاق الهزيمة بالمسلمين، وتعاطفهم مع هوازن، قولهم: "لما هزم الله تعالى هوازن اتبعهم المسلمون يقتلوهم. فنادت بنو سليم بينها: ارفعوا عن بني أمكم القتل.
فرفعوا الرماح، وكفوا عن القتل.
وأم سليم بكمة ابنة مرة، أخت تميم بن مرة. فلما رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الذي صنعوا قال: اللهم عليك ببني بكمة، ولا يشعرون أن لهم أماً يقال لها: بكمة ـ أما في قومي، فوضعوا السلاح وضعاً، وأما عن قومهم فرفعوا رفعاً.
وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بطلب القوم"([149]).
وذلك يدل على خيانة صريحة من قبل بني سليم حتى بعد عودة جيش المسلمين، وهزيمة الكافرين.. فهل تراهم يقتلون بني أمهم حينما كانوا في مقدمة الجيش في بداية الحرب؟!
أقصى هزيمتهم مكة:
وقد ذكر كثير من اهل المغازي أيضاً: أن المسلمين حين انهزموا بلغ أقصى هزيمتهم مكة، ثم كروا بعد..
ونقول:
أولاً: إن كان بين حنين، وبين مكة ثلاث ليال، أو بضعة عشر ميلاً، وقد سار الناس في هزيمتهم يوماً وليلة حتى بلغوا قلة كما تقدم. فمتى كروا ورجعوا إلى ساحة المعركة، وأوقعوا بالمشركين الهزيمة؟!
وهل بقي النبي "صلى الله عليه وآله" يحارب هو وعلي "عليه السلام"، وبضعة رجال من بني هاشم يحيطون به "صلى الله عليه وآله"؟! طيلة هذه المدة؟ وإذا كانوا قد انسحبوا، فهل عاد المسلمون إلى هوازن وهزموها بدون رسول الله "صلى الله عليه وآله" أو معه؟!
وإن كان النبي "صلى الله عليه وآله" وعلي "عليه السلام" ومن معهما بقوا يحاربون، فهل بقوا يحاربون عدوهم الذي يعد بعشرات الألوف أياماً؟!
وكيف كانوا يصلُّون، ويأكلون، ويشربون؟!
وإذا حلَّ الليل عليهم، كيف كانوا يتحاجزون، ويتحارسون إلى الصباح؟!
وكيف؟! وكيف؟!
ثانياً: ومما يوضح ذلك: قول أبي قتادة تارة: "مضى سرعان الناس من المنهزمين حتى دخلوا مكة، ساروا يوماً وليلة".
ثم قوله: إنه قد بلغ أهل مكة خبر إيقاع النبي "صلى الله عليه وآله" بهوازن مساء نفس ذلك اليوم([150]).
وهذا يدل على: أن الله قد نصر نبيه في غياب المنهزمين عن ساحة المعركة.
وسيأتي المزيد من دلائل ذلك إن شاء الله تعالى..
ثالثاً: قال أبو قتادة: "فرجع المنهزمون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلحقوه بأوطاس، وقد رحل منها إلى الطائف"([151]).
فالمنهزمون لم يحضروا النصر، ولم يروه، ولا رأوا الرسول "صلى الله عليه وآله" بعد هزيمتهم في حنين أبداً.
متى كانت الهزيمة؟!:
إننا نلاحظ: أن ثمة اضطراباً في بيان ظروف الهزيمة، فبينما نجد الساعين على إعذار قريش، وخالد، وبني سليم، وسائر المنهزمين يدَّعون: أن الذين كانوا في المقدمة كانوا شباناً، ليس معهم سلاح، أو كثير سلاح، ولا خبرة لهم في الحرب، وكانوا من أهل مكة.
ثم يزعمون: أنهم هاجموا المشركين، فانهزم المشركون، فأقبل الناس على الغنائم، فعاد المشركون إلى مهاجمتهم، وحلت بهم الهزيمة.
نجد في مقابل ذلك: أن سائر الروايات تقول:
إن المشركين كمنوا لهم في الشعاب والمضائق، وكان المسلمون ينحدرون في الوادي، فخرجوا عليهم فجأة. وكانت خيل بني سليم أول المنهزمين، وتبعهم أهل مكة، ثم تبعهم الناس.
ونحن نرى: أن هذه الإدعاءات وتلك مختلقة ومكذوبة.
والحقيقة هي: أن الذين انهزموا قد انهزموا من دون مبرر، ولذلك استحقوا التأنيب الإلهي، واعتبرهم الله ورسوله عصاة.. وكان لا بد لهم من التوبة.
وأما الإنتصار، على هوازن فقد كان بيد أمير المؤمنين "عليه السلام" والملائكة معه، ولعل بعض الأنصار من أهل المدينة قد عادوا قبل غيرهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد أن احسوا ببعض الأمن. فلا داعي لكل هذه التهويلات والتأويلات المختلقة، أو المبالغ فيها، والتي تهدف إلى التبرير، ولو بالتزوير.
ويدل على ما نقول:
ما وري عن أبي عبد الرحمن بن يزيد الفهري ـ يقال: اسمه كرز ـ قال: كنت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حنين في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظلال السمر، فلما زالت الشمس لبست لامتي، وركبت فرسي، فأتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمته. الرواح قد حان، الرواح يا رسول الله.
قال: "أجل".
ثم قال رسول الله: "يا بلال"!
فثار من تحت سمرة كأن ظله طائر، فقال: لبيك وسعديك، وأنا فداؤك.
قال: "أسرج لي فرسي".
فأتاه بسرج دفتاه من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر، فركب فرسه، ثم سرنا يومنا، فلقينا العدو، وتشامت الخيلان، فقاتلناهم، فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى. فجعل رسول الله الخ..([152]).
ولانجد في هذا النص ما يوجب الإشكال سوى التعبير بكلمة: "الفرس"، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" كان في حنين يركب بغلة لا فرساً كما هو معلوم.
أسباب الهزيمة عند عمر بن الخطاب:
والتفسير الذي له دلالاته وغاياته هو تفسير عمر بن الخطاب للهزيمة. فقد قال بعض من حضر تلك الوقعة:
"وانهزم المسلمون، فانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب، فقلت له: ما شأن الناس؟!
قال: أمر الله.
ثم تراجع الناس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".."([153]).
كما أن أم الحارث الأنصارية قالت لعمر بن الخطاب حين مر عليها: يا عمر، ما هذا؟!
قال: أمر الله تعالى([154]).
ونقول:
إن لنا على هذا النص العديد من الملاحظات، نذكر منها:
1 ـ إن هذا الذي انهزم مع الجماعة، لم يرض أن ينسب لنفسه المشاركة في الهزيمة، فلم يقل: انهزم الناس وانهزمت معهم.
بل قال: "انهزم الناس، فانهزمت معهم"، فاستعمل الفاء، بدلاً عن الواو، وكأنه يريد الإيحاء: بأنه لم يكن يريد هذا الأمر، ولا شارك فيه، بل هم الذين انهزموا، فتبعهم. لأنهم قد اضطروا إلى ذلك..
2 ـ إن كلام عمر يشير: إلى أن الناس لا ذنب لهم في هذه الهزيمة، لأن الله تعالى هو الذي فعل ذلك بهم، فإن كان ثمة من اعتراض، فلا بد أن يوجه إليه تعالى، لا على المنهزمين.
وبذلك يكون قد برَّأ نفسه من عار الهزيمة، وسلم تبعاتها..
3 ـ لم يقدم عمر دليلاً على ما يدَّعيه من أن امر الله هو السبب فيما حصل.. إلا أن من الواضح: أنه اعتمد على عقيدة الجبر الإلهي، وقد قلنا اكثر من مرة: أن هذه العقيدة من بقايا عقائد المشركين، والظاهر أنهم أخذوها من اليهود، فراجع كتابنا: أهل البيت "عليهم السلام" في آية التطهير. والحياة السياسية للإمام الحسن "عليه السلام".
الإفتراء على رسول الله ':
ثم إن رواية أبي إسحاق السبيعي، عن سؤال رجل للبراء بن عازب: "أوليتم مع رسول الله"؟!
ثم قول البراء: أشهد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه ما ولى.
أو قال: لا والله، ما ولى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين دبره ـ إن هذه الرواية ـ تفيد: أنهم قد أشاعوا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه قد فرّ أيضاً يوم حنين.
ويؤيد ذلك: عودة البراء بن عازب، للتأكيد على شجاعة رسول الله "صلى الله عليه وآله" بقوله: "وكنا إذا احمر البأس نتقي برسول الله "صلى الله عليه وآله". وإن الشجاع منا الذي يحاذيه"([155]).
ولعل هذا الإفتراء الصريح على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يستبطن الحكم عليه: بأنه ـ والعياذ بالله من التفوه بالكفر ـ قد باء بغضب من الله، وفقاً لقوله تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ([156]).
قال دحلان: "وقد أجمعت الصحابة: أنه "صلى الله عليه وآله" ما انهزم مع من انهزم، بل صار يقدم في وجه العدو. بل ما انهزم في موطن قط، وانعقد الإجماع على ذلك.
وقال القاضي أبو عبد الله بن المرابط: من قال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" هزم يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل لأنه ينتقصه([157]).
ولعل الذي دعاهم إلى ذلك هو: أن يخففوا من وطأة الإشكال على الصحابة، الذين يحبونهم، وقد ولوا مدبرين في حنين، والرسول يدعوهم في أخراهم، فلا يستجيبون له، بل إن بعضهم بلغ في هزيمته إلى مكة نفسها.
ويؤيد ما نقول، ما سيأتي: من أن بعضهم يحاول إبعاد التهمة عن عمر في أمر الهزيمة، وأنه مرَّ عليه، ولم يكن مع المنهزمين.
لا عذر لأحد في الهزيمة:
ثم إن من يقرأ نصوص الهزيمة يلاحظ: أن ثمة حرصاً على التهويل والتعظيم لأمر الأعداء، وأنهم كانوا رماة، لا يكاد يسقط لهم سهم، وأنهم قد شدُّوا على المسلمين شدَّة رجل واحد، وأنهم استقبلوا المسلمين بما لم يروا مثله في ذلك الزمان، من كثرة السواد، وأنهم قد كمنوا في المضائق والشعاب، ثم فاجؤوهم.
وأن المسلمين في المقدمة كانوا شباناً، ولا سلاح، ولا خبرات حربية لديهم، إلى غير ذلك مما تقدم.
والمقصود من كل هذا التهويل هو: تبرير الهزيمة، والتخفيف من ذنب المنهزمين.
ولكننا نجد في المقابل: أن الله سبحانه وتعالى ينعى عليهم هزيمتهم، ويؤنبهم عليها، ويعاقبهم بأن ينزل سكينته على رسوله "صلى الله عليه وآله" وعلى المؤمنين الذين ثبتوا في ساحة الجهاد دونهم.. ثم هو يعرِّض بهم تعريضاً خطيراً، حين يلوح لهم: بأنه يستثنيهم من صفة الإيمان.
إنه تعالى يقول لهم: إن السبب فيما جرى ليس هو تلك الأكاذيب التي يسطرونها للناس، ليخدعوهم بها. بل هي الإعجاب بكثرتهم، وأنها لم تغن عنهم شيئاً، وضاقت عليهم الأرض بما رحبت. ثم بعد هذا كله، ولوا مدبرين..
ويدل على عدم صحة كل هذه الدعاوى: أن النصر قد تحقق على يد علي "عليه السلام" وحده، حين ثبت في ساحة الجهادن وكان هناك أفراد قليلون من بني هاشم، أحاطوا برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد أنزل الله سكينته عليهم وعلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلو أن الناس فعلوا فِعل علي "عليه السلام" لم تحصل هزيمة توجب غضب الله تبارك وتعالى.
ويتأكد ما قلناه: إذا كان المنهزمون قد عادوا إلى أوطاس، حين توجه النبي "صلى الله عليه وآله" إلى ثقيف كما سنرى.
الكمائن ليست هي السبب:
وزعمت الروايات المشبوهة: أن الكمين في المضايق والشعاب كان هو السبب في الهزيمة، وليس ذلك صحيحاً. بل هو المؤامرة، مضافة إلى الخور والجبن.. وإلا، فإن الفريقين قد التقوا في ساحة القتال، واصطف الجيشان.
بل لقد زعموا: "أنهم لما تلاقوا اقتتلوا قتالاً شديداً فانهزم المشركون، وجلوا عن الذراري، ثم نادوا: يا حماة السوء، اذكروا الفضائح، فتراجعوا وانكشف المسلمون وانهزموا"([158]).
وقد قرأنا وسنقرأ إن شاء الله شواهد كثيرة أخرى على ما نقول..
العصبيات.. والدين:
وغني عن القول: أن الإسلام قد جاء بإبطال العصبيات القبلية، وغيرها مما يلتقي معها في المضمون والنتيجة.. وقد اعتبرها "صلى الله عليه وآله" دعوة منتنة لا يجوز الإقتراب منها، فضلاً عن تبنيها.
ولكن صفوان بن أمية يعتبر: أن رب قريش أحب إليه من رب الأعراب، فماذا سيكون موقفه حين يقول له رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن رب قريش والأعراب سواء أكانوا من هوازن، أو من غيرها، واحد؟!
هل سيرضى به رباً؟!
وهل سيعبده كما تعبده الأعراب وقريش؟!
أم أنه سيتخلى عنه؟!
هل الفرار من الزحف كبيرة؟!
قال السهيلي: "إن قيل: كيف فر أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنه، حتى لم يبق معه منهم إلا ثمانية. والفرار من الزحف من الكبائر، وقد أنزل الله فيه من الوعيد ما أنزل؟!
قلنا: لم يجمع العلماء على أنه من الكبائر إلا في يوم بدر.
وكذلك قال: الحسن، ونافع مولى عبدالله بن عمر.
وظاهر القرآن يدل على هذا، فقد قال تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}([159]).
فيومئذٍ: إشارة إلى يوم بدر، ثم نزل التحقيق (لعل الصحيح: التخفيف) من بعد ذلك في الفارين يوم أحد، وهو قوله تعالى: {وَلَقَدْ عَفَا اللهُ عَنْهُمْ} ([160]).
وكذلك أنزل في يوم حنين: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ، ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ، ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} ([161]).
وفي تفسير ابن سلام: كان الفرار من الزحف يوم بدر من الكبائر. وكذلك يكون من الكبائر في ملحمة الروم الكبرى، وعند الدجال.
وأيضاً: فإن المنهزمين عنه "عليه السلام" رجعوا لحينهم، وقاتلوا معه، حتى فتح الله عليهم([162]).
ونقول:
أولاً: إن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ، وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ([163]) خطاب عام، لا يختص بوقت دون وقت، ولا بغزوة دون أخرى..
وعلى هذا، فالمراد بقوله تعالى: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} يراد به: يوم لقاء العدو، أو فقل: يوم الزحف.
ثانياً: ويشهد لما ذكرناه: أن الآيات المذكورة آنفاً إنما نزلت بعد وقعة بدر، ولذلك ترى الآيات تتحدث عنها بصيغة الماضي، فتقول: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} ([164]).
ومن الواضح: أن الأمور يوم بدر قد سارت على ما يرام، ولم يحصل فرار من قبل المسلمين.. ولكن الله، وهو يذكر هذا النصر العظيم، ويمتن على المسلمين به يحذرهم من الفرار من الزحف فيما يأتي من حروب، فيقول لهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ (أي في الحروب التالية) الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}([165])، ثم بيَّن جزاء من يفعل ذلك في ذيل الآية التالية..
ثالثاً: إنها حتى لو كانت قد نزلت يوم بدر، فإن خصوصية سبب النزول وخصوصية المورد لا يوجب جعل مدلول الآية خاصاً.
رابعاً: قد صرحت الروايات الكثيرة: بأن الفرار من الزحف من الكبائر. فمن هذه الروايات التي وردت في مصادر الشيعة نذكر:
1 ـ ما روي عن أمير المؤمنين "عليه السلام": "إن الرعب والخوف من جهاد المستحق للجهاد والمتوازرين على الضلال ضلال في الدين، وسلب للدنيا مع الذل والصغار، وفيه استيجاب النار بالفرار من الزحف عند حضرة القتال: يقول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ}([166])"([167]).
2 ـ عن الإمام الصادق "عليه السلام": والكبائر السبع الموجبات: قتل النفس الحرام..
إلى أن قال: والفرار من الزحف([168]).
3 ـ روى عبد العظيم الحسني عن الإمام الجواد، عن الرضا، عن الكاظم "عليهم السلام": أن عمر بن عبيد سأل الإمام الصادق "عليه السلام" عن الكبائر، فقال "عليه السلام": نعم يا عمر، وأكبر الكبائر الشرك بالله..
إلى أن قال: والفرار من الزحف، لأن الله تعالى يقول: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ} ([169])"([170]).
4 ـ عن عبيد بن زرارة قال: سألت أبا عبد الله "عليه السلام" عن الكبائر، فقال: "هن في كتاب علي "عليه السلام" سبع.. فذكرها.. وعد منها: الفرار من الزحف".
وفي رواية أخرى: "هن خمس"([171]).
5 ـ عن محمد بن مسلم، عن الإمام الصادق "عليه السلام"، قال: "الكبائر سبع: قتل المؤمن..
إلى أن قال: والفرار من الزحف"([172]).
6 ـ عن مسعدة بن صدقة قال: سمعت أبا عبد الله "عليه السلام" يقول: "الكبائر القنوط من رحمة الله..
إلى أن قال: والفرار من الزحف"([173]).
7 ـ ورد ذلك أيضاً في رواية أبي بصير، عن أبي عبد الله "عليه السلام"([174]).
8 ـ وورد مثله في رواية أبي الصامت عن أبي عبد الله "عليه السلام"([175]).
9 ـ ورواية عبد الرحمن بن كثير عن أبي عبد الله "عليه السلام"([176]).
10 ـ وعن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله "عليه السلام": "وجدنا في كتاب علي "عليه السلام": الكبائر خمسة: الشرك بالله..
إلى أن قال: والفرار من الزحف"([177]).
11 ـ وراجع رواية أحمد بن عمر الحلبي، عن أبي عبد الله "عليه السلام"([178]).
12 ـ ورواية الفضل بن شاذان فيما كتبه الإمام الرضا "عليه السلام" للمأمون، وعدّ فيها من الكبائر: الفرار من الزحف([179]).
13 ـ ورواية محمد بن مسلم عن أبي عبد الله "عليه السلام"([180]).
14 ـ ورواية الأعمش عن الإمام الصادق "عليه السلام"، في حديث شرايع الدين ([181]).
15 ـ ورواية ابن محبوب عن أبي الحسن في كتاب له([182]).
16 ـ وراوية ميسر عن أبي جعفر "عليه السلام"([183]).
وغير ذلك..
ومن طرق أهل السنة نذكر:
1 ـ عن أبي هريرة، عن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: اجتنبوا السبع الموبقات.
قالوا: وما هن يا رسول الله؟
قال: الشرك بالله، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات([184]).
2 ـ وروي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إلى أهل اليمن كتاباً فيه السنن، والفرائض، والديات، وفيه: "إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة: إشراك بالله، وقتل النفس المؤمنة بغير حق، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين الخ.."([185]).
3 ـ وحديث آخر أيضاً رواه أبو هريرة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"([186]).
4 ـ وعن ابن عمر حديث آخر ذكر فيه: الكبائر تسع. وعدّ منها الفرار من الزحف([187]).
5 ـ وراجع أيضاً: حديث عمير الليثي عن النبي "صلى الله عليه وآله"([188]).
6 ـ وحديث ابن عمرو عن النبي "صلى الله عليه وآله"([189]).
7 ـ وحديث أبي أيوب عنه "صلى الله عليه وآله"([190]).
8 ـ وعن أبي قتادة العدوي قال: قرئ علينا كتاب عمر: من الكبائر جمع ما بين الصلاتين يعني بغير عذر، والفرار من الزحف، والنميمة([191]).
9 ـ عن أبي أمامة عنه "صلى الله عليه وآله": أنه عدّ الفرار من الزحف من الكبائر([192]).
10 ـ وعن علي "عليه السلام" قال: الكبائر: الشرك بالله..
إلى أن قال: والفرار من الزحف([193]).
11 ـ وعدّ ابن عباس: الفرار من الزحف من الكبائر، واستدل بآية سورة الأنفال([194]).
مقارنتان بين بدر وحنين:
ثالثاً: إن هناك خصوصيات تتشارك فيها غزوتا بدر وحنين، نذكر منها:
1 ـ الإمداد بالملائكة.
2 ـ أن فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.
3 ـ أن النكاية في المشركين في كليهما كانت لعلي "عليه السلام".
4 ـ أن عدد الذين قتلهم علي "عليه السلام" متقارب في الغزوتين، حيث قتل في حنين أربعين رجلاً بيده([195])، وقتل في بدر ما يقرب من هذا العدد أيضاً.
فقد ذكروا: أنه "عليه السلام" قتل نصف السبعين، وشارك في قتل النصف الآخر كما تقدم في غزوة بدر([196]).
وحين يذكرون الأسماء، ونجمع بين مختلفاتها، وأقوال الرواة فيها، فلعل العدد يبلغ الأربعين رغم حرصهم الشديد على التكتم والحذف، وإثارة الشكوك والشبهات.
5 ـ أن الإمتيازات الحربية في بدر كانت لصالح المشركين، وكذلك الحال في غزوة حنين، كما سنوضحه إن شاء الله تعالى، ولو بصورة جزئية.
6 ـ أن حرب بدر كانت مصيرية بالنسبة لأهل الشرك وللمسلمين على حد سواء. وكذلك كانت حرب حنين.
ونفس قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن تهلك هذه العصابة لا تعبد" خير دليل على ذلك.
7 ـ أن عدد قتلى المشركين من ثقيف كان سبعين رجلاً كما سيأتي([197]).
أما عدد الشهداء، فكان أربعة أو خمسة من المسلمين فقط([198]).
وفي بدر كان عدد قتلى مشركي قريش سبعين رجلاً، وعدد الشهداء أيضاً كان خمسة، على بعض الأقوال.
8 ـ وكما احتاج المسلمون إلى الماء في بدر، احتاج المسلمون إلى الماء في حنين، فعن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" هوازن، فأصابنا جهد شديد ، فدعا بنطفة من ماء في إداوة ، فأمر بها فصبت في قدح، فجعلنا نطَّهر به، حتى تطهرنا جميعاً([199]).
9 ـ إن غزوة بدر كانت أول غزوة للعرب، وغزوة حنين كانت آخر غزوة لهم، فخمدت جمرة العرب بهاتين الغزاتين.
10 ـ أنه "صلى الله عليه وآله" رمى بالحصى في وجوه المشركين في الغزوتين.
11 ـ أن غزوتي بدر وحنين كانتا مع المشركين، وأما سائر الحروب والغزوات فكان بعضها مع المشركين، ولكن عمدتها وأهمها، وأخطرها كان مع اليهود وغيرهم.
معاوية يروي الأكاذيب:
روي عن معاوية بن أبي سفيان أنه قال: لقيت أبي منهزماً مع بني أبيه من أهل مكة، فصحت به: يا ابن حرب، والله ما صبرت مع ابن عمك، ولا قاتلت عن دينك، ولا كففت هؤلاء الأعراب عن حريمك!
فقال: من أنت؟
فقلت: معاوية.
قال: ابن هند؟
قلت: نعم.
قال: بأبي أنت وأمي. ثم وقف فاجتمع معه أناس من أهل مكة، وانضممت إليهم، ثم حملنا على القوم فضعضعناهم. وما زال المسلمون يقتلون المشركين، ويأسرون منهم حتى ارتفع النهار. فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالكف عنه، ونادى: أن لا يقتل أسير من القوم([200]).
ونقول:
إن ذلك لا يصح.
أولاً: لأن أبا سفيان ومعاوية كانا على تل مشرف يتفرجان لمن تكون الدائرة، فقد قالوا: ولما أصبح القوم، ونظر بعضهم إلى بعض أشرف أبو سفيان وابنه معاوية، وصفوان بن أمية، وحكيم بن حزام على تلّ ينظرون لمن تكون الدائرة([201]).
ثانياً: قال ابن إسحاق: لما انهزم المسلمون قال أبو سفيان ـ وكان إسلامه بعد مدخولاً ـ: لا تنتهي هزيمتهم دون البحر، وإن الأزلام لمعه في كنانته([202]).
ثالثاً: ما معنى أن يخاطب معاوية أباه بقوله: "يا ابن حرب"؟! أليس هذا من سوء أدب الأبناء مع الآباء؟! أم أن ذلك كان من أساليب الخطاب بين الأبناء والآباء في الجاهلية؟!
ثم ما معنى أن لا يعرفه أبوه ولو من صوته، مع أنه قد أطال خطابه معه؟! حتى احتاج أن يسأله عن نفسه!!
رابعاً: إنه يريد أن يزعم: أن أبا سفيان كان قد أسلم حقاً، مع أن الروايات الكثيرة التي مرت وتمر معنا في هذه الغزوة تصرح بخلاف ذلك. ولأجل الوصول إلى هذه الغاية، قال معاوية له: "ولا قاتلت عن دينك".
ثم أكد ذلك بقوله: ولا كففت هؤلاء الأعراب عن حريمك، للإيهام بأن حريم أبي سفيان في خطر من قبل هوازن، لأنه كان قد أسلم.. مع أن هذا الأمر غير ظاهر، بل لعل غطفان كانت مطمئنة إلى أن أبا سفيان سوف يساعدها على حرب النبي "صلى الله عليه وآله" لو وجد سبيلاً إلى ذلك.
خامساً: إنه يريد أن يقول: إن كرة أبي سفيان وقريش، هي السبب في هزيمة هوازن. مع أن الروايات الآتية تصرح: بأن الأنصار هم الذين كروا على هوازن حتى طردوها([203]).
بل الصحيح هو: أن علياً "عليه السلام" هو واهب النصر للمسلمين كما سيتضح.
سادساً: لماذا يعترض معاوية على أبيه، ويؤنبه بهذه الحدة، ولا ينظر إلى نفسه، فإنه هو الآخر كان في جملة الهاربين.
فاتضح: أن معاوية في روايته تلك ليس فقط يريد أن يدفع عن نفسه وعن أبيه عار الهزيمة يوم حنين. بل هو يريد أن يدَّعي: أنه هو وأبوه وقريش هم صانعو النصر في حنين، فهم الذين ضعضعوا المشركين، ثم ما زال المسلمون يقتلون ويأسرون، حتى كفهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ثم إنه يريد أن يثبت إسلام أبي سفيان آنئذٍ، ويبعد صفة النفاق، والشرك عنه، مع تصريحهم بخلاف ذلك حسبما تقدم وسيأتي.
ونحن على يقين من أن هذه الرواية لو صحت، أو حتى لو أمكن التسويق لها، ولو بشق الأنفس، لوجدت محبي معاوية وأبي سفيان يقذفون بها في كل اتجاه، ولكانت قد امتلأت بها كتبهم، ولأشاروا إليها، ودلوا عليها بمناسبة وبغير مناسبة..
ولكن القاعدة التي تقول: حدِّث العاقل بما لا يليق له، فإن لاق له، فاعلم أنه لا عقل له.. قد قيدتهم هنا، وإن لم تستطع أن تفعل شيئاً في مواضع كثيرة أخرى حين يتعلق الأمر بالخليفتين الأولين مثلاً.
ولعل السبب في ذلك: أن معاوية وأبا سفيان وقريشاً، وإن كانت لهم مكانتهم في قلوبهم، ويعزُّون عليهم، ولكن هناك مجال للتساهل في أمرهم، والتغاضي عن بعض ما يرتبط بهم.. أما إذا كان الأمر يرتبط بأركان الخلافة، وخصوصاً الشيخين، فلا بد من تعطيل كل العقول، والقبول بكل حديث عن فضائلهم، وقهر القلوب على محبتهم، ومحاربة، بل وقتل كل من يتوهم أنهم أخطأوا أو ظلموا، أو اغتصبوا حق علي وبنت النبي عليهم الصلاة والسلام، أو غير ذلك.
ولعل أبا بكر وعمر لا يريدان من أتباعهم كل هذا، بل يرضيهم ما هو أقل منه بكثير، ولكن ماذا نصنع بمن يصبحون ملكيين أكثر من الملك نفسه والله ولي الأمر والتدبير.
ومهما يكن من أمر: فإن كل ذلك إن دل على شيء، فإنما يدلنا على أمرين:
أحدهما: مدى معاناة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، مع أناس هذه حالهم، وتلك هي خصوصيتهم التي تهيمن على كل وجودهم وحياتهم، وتحكم واقعهم. فساعد الله قلبك يا رسول الله على ما تحملت من الأذى حتى قلت: صلى الله عليك وعلى آلك الطاهرين: ما أوذي أحد بمثل ما أوذيت في الله([204])، بحزن وأسى.
الثاني: إن ظهور هذا الدين في مجتمع ليس فيه مثل وقيم، وعلم ومعارف، وتدبير وسياسة، وحكمة وما إلى ذلك. لا بد أن يكون من أكبر الأدلة على أنه هو الأصلح للبشر، والأوفق بفطرتهم، والمنسجم مع خصوصيات خلقتهم.. كما لا بد أن يعد ذلك من معجزات النبوة، ودلائل التسديد بالوحي الإلهي، والهداية والرعاية الربانية.
وكما كان هذا حال النبي "صلى الله عليه وآله"، فإنه أيضاً حال علي "عليه السلام" على قاعدة: "ولك مثلها يا علي"([205]). فقد كانت له "عليه السلام" معجزة مماثلة حيث حقق أعظم الإنتصارات على أقوى الأعداء نفوذاً، وأكثرهم في الناس آنئذٍ احتراماً وتقديساً، على يد أناس هم إلى أولئك الأعداء أميل، وهم بهم أشبه وأمثل، وكانوا يرون الكون معهم أولى وأجمل، والإلتزام بتعاليمهم ونهجهم، أصوب وأفضل..
وذلك في حربه "عليه السلام" للناكثين والقاسطين والمارقين، حتى قال: أنا فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجرؤ عليها أحد غيري. ولو لم أكن فيكم ما قوتل الناكثون، ولا القاسطون، ولا المارقون([206]).
وقد شرحنا حقيقة هذه الظروف التي أحاطت بإنجازات أمير المؤمنين في الجزء الأول من كتابنا: "علي والخوارج"، فلا بأس برجوع القارئ الكريم إليه، إن أحب التوسع في البيان، والإطلاع على الدلائل والشواهد بصورة أتم وأوفى.
الفصل الخامس:
متآمرون على حياة النبي '
ما الذي جرى بعد الهزيمة؟!:
عرفنا: أن المسلمين انهزموا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حنين بلا مبرر، وقد أنزل الله في فعلتهم هذه قرآناً يتلى إلى يوم القيامة. يسجل ملامتهم، ويجاهر بتوبيخهم، ويعلن: أن الله سبحانه قد انزل سكينته على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعلى خصوص المؤمنين الذين جاهدوا، وصمدوا، ولم يفروا حسبما بيناه فيما سبق..
ثم جرت أحداث ومعالجات للموقف من قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" انتهت بهزيمة المشركين.. فما هي تلك الأحداث التي جرت، والمعالجات التي حصلت؟!
هذا ما سوف نشير إليه في هذا الفصل الذي عقدناه لبيان هذا الأمر..
فنقول:
إننا نستطيع أن نجمل ما جرى من حين الهزيمة إلى حين عودة بعض المسلمين من هزيمتهم بما يلي:
1 ـ محاولات لاغتيال النبي "صلى الله عليه وآله" هي:
ألف: محاولة شيبة.
ب: محاولة النضير بن الحارث بن كلدة.
2 ـ حينت وقعت الهزيمة على المسلمين صار "صلى الله عليه وآله" يركض بغلته قِبَل الكفار وقد شهر سيفه. ثم نزل عنها، وصار يتقدم نحوهم.
3 ـ أمر "صلى الله عليه وآله" عمه العباس: بأن يصعد مرتفعاً لينادي المسلمين، ويذكرهم العهد، لكي يرجعوا.
وقد ناداهم النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه أكثر من مرة: يا للأنصار..
4 ـ رفع "صلى الله عليه وآله" يديه إلى السماء، وصار يدعو بما دعا به موسى "عليه السلام" حين فلق له البحر..
5 ـ أخذ كفاً من حصى أو من تراب، ورمى به في وجوه المشركين، وقال: شاهت الوجوه.
6 ـ تولى علي "عليه السلام" قتال الكفار، والباقون من بني هاشم، احتوشوا النبي "صلى الله عليه وآله"، ليكونوا جداراً بشرياً له، يحميه من العدو.
7 ـ أنزل الله تعالى جنوداً من الملائكة لتكون مع المسلمين..
9 ـ إن البعض قد رأى هؤلاء الجنود. وذكر ذلك للرسول حسبما تقدم، وسيأتي.
10 ـ حمي وطيس الحرب، حتى كسرت شوكة المشركين بجهاد علي "عليه السلام"، وصبر النبي "صلى الله عليه وآله"..
11 ـ ثم بدأت عودة بعض الأنصار وخصوصاً من الخزرج إلى ساحة القتال.
12 ـ قال "صلى الله عليه وآله": أنا ابن العواتك (من سليم).
وسنتحدث عن هذه المفردات ونظائرها في الفصول التالية.
أما في هذا الفصل فنكتفي بعرض المؤامرات على حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فنقول:
شيبة يريد اغتيال النبي ':
روي عن عبد الملك بن عبيد، وعن عكرمة قالا: قال شيبة بن عثمان بن أبي طلحة: لما كان عام الفتح دخل رسول الله "صلى الله عليه وآله" مكة عنوة، وغزا حنيناً، قلت: أسير مع قريش إلى هوازن، فعسى إن اختلطوا أن أصيب من محمد غرّة.
وتذكرت أبي وقتله حمزة، وعمي وقتله علي بن أبي طالب، فقلت: اليوم أدرك ثأري من محمد، وأكون أنا الذي قمت بثأر قريش كلها.
وأقول: لو لم يبق من العرب والعجم أحد إلا اتبع محمداً ما تبعته أبداً.
فكنت مرصداً لما خرجت له، لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة.
فلما اختلط الناس، اقتحم رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن بغلته، وأصلتُّ السيف، ودنوت منه، أريد ما أريد.
وفي رواية: فلما انهزم أصحابه جئته من عن يمينه، فإذا العباس قائم عليه درع بيضاء، قلت: عمه لن يخذله، فجئته من عن يساره، فإذا بأبي سفيان بن الحارث، فقلت: ابن عمه لن يخذله، فجئته من خلفه، فلم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف إذ رفع إليَّ فيما بيني وبينه شواظ من نار كأنه برق.
فخفت أن يتمحشني، فوضعت يدي على بصري، خوفاً عليه، ومشيت القهقرى، وعلمت أنه ممنوع.
فالتفت إليّ وقال: "يا شيبة، أدن مني".
فدنوت منه، فوضع يده على صدري، وقال: "اللهم أذهب عنه الشيطان".
فرفعت إليه رأسي وهو أحب إلي من سمعي وبصري وقلبي.
ثم قال: "يا شيبة، قاتل الكفار".
قال: فتقدمت بين يديه، أحب والله أن أقيه بنفسي كل شيء.
فلما انهزمت هوازن رجع "صلى الله عليه وآله" إلى منزله، ودخلت عليه، فقال: "الحمد لله الذي أراد بك خيراً مما أردت"([207]).
ثم حدثني "صلى الله عليه وآله" بما هممت به.
وحسب نص الرواندي: أن شيبة قال: ما كان أحد أبغض إليّ من محمد، وكيف لا يكون ذلك وقد قتل منا ثمانية، كل منهم يحمل اللواء؟!
فلما فتح مكة آيست مما كنت أتمناه من قتله، وقلت في نفسي: قد دخلت العرب في دينه، فمتى أدرك ثأري منه؟!
فلما اجتمعت هوازن بحنين قصدتهم لآخذ منه غرة فأقتله، ودبرت في نفسي كيف أصنع، فلما انهزم الناس، وبقي محمد "صلى الله عليه وآله" وحده، والنفر الذين بقوا معه، جئت من ورائه ورفعت السيف، حتى إذا كدت أحطه غشي فؤادي، فلم أطق ذلك، فعلمت أنه ممنوع.
وفي نص آخر قال: رفع إليَّ شواظ من نار حتى كاد أن يحمشني، ثم التفت إليّ محمد "صلى الله عليه وآله"، فقال لي: أدن يا شيبة وقاتل. ووضع يده في صدري، فصار أحب الناس إليّ.
وتقدمت وقاتلت بين يديه، فلو عرض لي أبي لقتلته في نصرة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما انقضى القتال دخلنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال لي: الذي أراد الله بك خير مما أردته لنفسك. وحدثني بجميع ما زورته في نفسي.
فقلت: ما اطَّلع على هذا إلا الله. فأسلمت([208]).
ونقول:
1 ـ إننا وإن كنا لا نناقش في أن يكون وضع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده على صدر إنسان يحدث هذا الإنقلاب فيه، ليكون ذلك من معجزاته "صلى الله عليه وآله".
ولكن المهم في الأمر هو: أن يكون هذا الناقل صادقاً فيما يدَّعيه لنفسه من تحول وانقلاب. إذ لعله نسج هذه الفضيلة ليتستر على ما يصل إلى حد الفضيحة له، حين صارحه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما كان قد دبَّره.
والظاهر: أنه هذه المصارحة بحضور آخرين، كما قد يومي إليه قوله: فدخلنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الدال على: أنه لم يكن وحده.
وحتى لو كان وحده، فإنه لم يعد مطمئناً إلى أن هذا الأمر سيظل مكتوماً.. وهو يعرف أن انتشاره بين أهل الإيمان سوف يضعه في موقع المتهم، وسيجعلهم ينظرون إليه بعين الريبة والشك..
ولعله إذا نسج لنفسه هذه الفضيلة، يجد من يصدقها، ويستعيد بذلك بعضاً من الثقة لدى الناس.. إذ لا يمكن لأحد العيش في محيط مشحون بالريبة والشك.
2 ـ إن هذا الرجل يدَّعي: أنه أصلت سيفه، وتقدم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جهة اليمين، فوجد العباس، ثم من جهة الشمال، فوجد أبا سفيان بن الحارث.. فجاءه من خلفه..
غير أننا نقول:
قد يصعب على العاقل فهم هذه المزاعم، فإن المفروض: أن شيبة قد فعل ذلك بعد انهزام أصحابه "صلى الله عليه وآله" عنه، وإذ قد خلت الساحة منهم، فقد اصبح بإمكان النبي "صلى الله عليه وآله" ومن معه أن يروا كل من يسعى للإقتراب منهم، سواء أتاهم من الأمام، أو عن اليمين، أو اليسار.
كما أنهم حين يرون أنفسهم في موضع الخطر، فالمفروض هو أن يزداد حذرهم، وأن ينظروا في كل الإتجاهات، ولاسيما عن يمينهم ويسارهم، ولا يعقل أن يتعلق نظرهم بجهة واحدة، وهي الأمام، ثم يغفلون عن سائر الجهات غفلة تامة..
فكيف إذن يمكن أن نتصوره قد جاءهم عن اليمين تارة، وعن الشمال أخرى، وهو مصلت سيفه، ثم لا يلتفتون إليه، لا في المرة الأولى، ولا في الثانية؟!
ولا أقل من أن يكون هو نفسه قد فكَّر بأنهم سوف يرونه، ثم يختار المجيء من جهة الخلف من أول الأمر.
3 ـ مع أن ما ذكره شيبة عن كون أبي سفيان بن الحارث، كان عن يسار النبي "صلى الله عليه وآله" غير معلوم الصحة، فقد ذكروا أيضاً: أنه كان خلف النبي "صلى الله عليه وآله"، وكان يمسك بسرجه عند ثفر بغلة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([209]).
والمراد بثفر البغلة: السير الذي في مؤخر السرج.
هذا كله عدا عن أن الأمر لا ينحصر بالعباس، وبأبي سفيان بن الحارث، فقد كان معه "صلى الله عليه وآله" أشخاص آخرون من بني هاشم يحيطون به..
4 ـ إنه يوجد بعض التناقضات بين نصوص هذه الرواية: فهل بدأ شيبة تنفيذ هجومه حين اختلط الناس، أو بعد انهزام المسلمين عن النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
وهل رفع إليه شواظ من نار كأنه برق؟! أو أنه حين رفع السيف غشي فؤاده، فلم يطق أن يحطَّه؟!
5 ـ قال اليعقوبي: "وقال شيبة بن عثمان: اليوم أقتل محمداً، فأراد رسول الله ليقتله، فأخذ النبي "صلى الله عليه وآله" الحربة منه، فأشعرها فؤاده"([210]).
النضير يتربص بالنبي ' شراً:
قال محمد بن عمر: حدثنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري، عن أبيه قال: كان النضير (بن الحارث بن كلدة) من أحلم قريش. وكان يقول: الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، ومنَّ علينا بمحمد "صلى الله عليه وآله"، ولم نمت على ما مات عليه الآباء، فذكر حديثاً طويلاً، ثم قال:
خرجت مع قوم من قريش، هم على دينهم ـ بعد ـ: أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو. ونحن نريد إن كانت دبرة على محمد أن نغير عليه فيمن يغير.
فلما تراءت الفِئَتَان، ونحن في حيز المشركين، حملت هوازن حملة واحدة، ظننا أن المسلمين لا يجبرونها أبداً، ونحن معهم، وأنا أريد بمحمد ما أريد.
وعمدت له، فإذا هو في وجوه المشركين واقف على بغلة شهباء، حولها رجال بيض الوجوه، فأقبلت عامداً إليه، فصاحوا بي: إليك.
فأرعب فؤادي، وأرعدت جوارحي.
قلت: هذا مثل يوم بدر، إن الرجل لعلى حق، وإنه لمعصوم، وأدخل الله تعالى في قلبي الإسلام، وغيَّره عما كنت أهم به.
فما كان حلب ناقة حتى كرَّ أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" كرَّة صادقة، وتنادت الأنصار بينها: الكرَّة بعد الفرَّة: يا للخزرج، يا للخزرج، فحطمونا حطاماً، فرقوا شملنا، وتشتت أمرنا، وهمة كل رجل نفسه، فتنحيت في غبَّرات الناس، حتى هبطت بعض أودية أوطاس، فكمنت في خمر شجرة لا يهتدي إليَّ أحد إلا أن يدله الله تعالى عليَّ، فمكثت فيه أياماً، وما يفارقني الرعب مما رأيت.
ومضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الطائف، فأقام ما أقام، ثم رجع إلى الجعرانة.
فقلت: لو صرت إلى الجعرانة، فقاربت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودخلت فيما دخل فيه المسلمون، فما بقي، فقد رأيت عبراً، وقد ضرب الإسلام بجرانه، ولم يبق أحد، ودانت العرب والعجم لمحمد "صلى الله عليه وآله"، فَعِزُّ محمد لنا عز، وشرفه لنا شرف.
فوالله إني لعلى ما أنا عليه إن شعرت إلا برسول الله "صلى الله عليه وآله" يلقاني بالجعرانة كنَّة لكنَّة، فقال: "النضير"؟
قلت: "لبيك".
فقال: "هذا خير لك مما أردت يوم حنين، مما حال الله بينك وبينه".
فأقبلت إليه سريعاً.
فقال: "قد آن لك أن تبصر ما أنت فيه توضع".
قلت: قد أرى أن لو كان مع الله تعالى إلهاً غيره لقد أغنى شيئاً، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنك رسول الله.
قال رسول الله: "اللهم زده ثباتاً".
قال النضير: فوالله الذي بعثه بالحق، لكأن قلبي حجر، ثباتاً في الدين، وبصيرة في الحق، وذكر الحديث([211]).
من هو النضير بن الحارث:
قد ذكر اسم النضير بن الحارث بن كلدة، على أنه هو الآخر كان قد حاول اغتيال النبي "صلى الله عليه وآله" في غزوة حنين.
وذكر ابن إسحاق وغيره: أنه كان من المؤلفة قلوبهم، الذين أعطاهم النبي "صلى الله عليه وآله" مائة بعير يوم حنين([212]). وهو من مسلمة الفتح.
ولكن يرد على هذا قولهم: إن موسى بن عقبة ذكر: أن النضير هذا من مهاجرة الحبشة([213]). وذكر ذلك ابن الأثير بلفظ قيل([214]).
وقال ابن عبد البر: "كان من المهاجرين، وقيل: من مسلمة الفتح، والأول أكثر وأصح"([215]).
وقال أيضاً: "وذكر آخرون النضير بن الحارث فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، فإن كان منهم فمحال أن يكون من المؤلفة قلوبهم"([216]).
ويمكن أن يجاب: بما ذكره البلاذري عن الهيثم بن عدي، قال: هاجر النضير بن الحارث إلى الحبشة، ثم قدم مكة، فارتدّ، ثم أسلم يوم الفتح، أو بعده([217]).
وقول البلاذري هذا يدفع الإشكال الذي يقول: إنه لو كان مسلماً مهاجراً، فكيف يعطيه النبي "صلى الله عليه وآله" مائة من الإبل، فإنه إنما كان يعطيها لخصوص المؤلفة قلوبهم([218]).
وارتداده عن الإسلام، وإبطاله لهجرته، يكفي شاهداً على أن ثمة حاجة إلى تأليفه..
ولكن يبقى هناك إشكال آخر على كلام البلاذري، وعلى كل من يقول بأنه كان قد أسلم قبل الفتح، وكان من المهاجرين مفاده: أنهم يذكرون: أنه حضر عند الرسول "صلى الله عليه وآله" يوم حنين، وصار يسأله عن فروض الصلاة ومواقيتها.. فمن كان من المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، أو إلى المدينة كيف يسأل عن الصلاة ومواقيتها يوم حنين، التي كانت في آخر سنة ثمان؟!([219]).
ويمكن أن يجاب: بأن الراوي لم يفصل لنا تلك الأسئلة ولم نعرف حيثياتها وخصوصياتها، فلعله سأله عن تفاصيل، وغوامض ودقائق ترتبط بفروض الصلاة وبأوقاتها، غير ما كان متداولاً بين الناس..
لا بد من التذكير:
ربما يتساءل البعض بسلامة نية تارة، أو بخبث أخرى، حين يريد أن يجعل من سؤاله هذا وسيلة للتشنيع، والإهانة، والرفض والإدانة، فيقول: ما الفائدة من بحوث وتدقيقات من هذا القبيل، أليست مضيعة للوقت، وهدراً للطاقة؟!.
ونقول في الجواب:
لا، ليس الأمر كذلك، فإن لهذه البحوث ونظائرها فوائد وعوائد مختلفة. ولعل أهمها:
1 ـ تعويد القارئ الكريم على عدم الإستئسار السريع للنص الذي يقرؤه، فلا يأخذ الأمور على عواهنها..
ثم هو يعطيه القدرة على التطواف في حنايا وزوايا أي نص يعرض عليه، واستخراج مكنوناته، والإستفادة من مخزوناته.. وبذلك يكون قد خرج من حالة الغفلة والسذاجة، إلى حالة من التيقظ والحذر، تصونه من أن يقع في فخ الهيمنة الفكرية من خلال الإدِّعاءات، والإلقاءات المغرضة، والمؤثرة في استلابه القدرة على التأمل، والتدبر، والنقد الموضوعي، الصحيح والعميق.
2 ـ إن للعلاقة العاطفية بالأشخاص، والثقة بهم أثراً عميقاً في النفس الإنسانية، يهيؤها ذلك للإنقياد التام لهم، والتسليم لكل ما يأتي عنهم، أو ينسب إليهم. حتى لو بلغ الأمر إلى حد نقل هؤلاء المستسلمين من دين إلى دين، ومن النقيض إلى النقيض..
وهذا يحتم على العلماء تعويد الناس على التدقيق بحالة وبواقع كل شخصية يحتاجون إلى التعامل معها بنحو أو بآخر، وربما يكون لها أدنى دور في تكوينهم الفكري والثقافي، أو الإيماني، أو ما إلى ذلك..
وفرق كبير بين شخص تتعاطى معه على أنه خالص الإيمان، ومجاهد باليد واللسان، وبين أن تعرفه بأنه منافق، أو من المؤلفة قلوبهم، أو متآمر، أو ما إلى ذلك..
3 ـ إنه لا يصح الإستهانة بأي شيء يمكن أن يكون مؤثراً في حياة الناس، فكما لا يهمل الإنسان ربطة عنقه، ولا يرضى بأن يكون فيها أدنى خلل، حتى في شكلها، فكيف يتغاضى عن أمور تؤثر على فكره، ومسلكيته، وثقافته، وقيمه ومفاهيمه، وما إلى ذلك، بحجة أن هذه أمور صغيرة، وغير ذات أهمية؟! فهل ربطة العنق أهم من الدين والإعتقاد؟! ومن الفكر، ومن القيم؟! و.. و.. الخ..
أبو سفيان لم يكن مسلماً بل متآمراً:
قد تقدم أكثر من مرة: بعض الحديث عن إسلام أبي سفيان، وأن النصوص تؤكد على: أنه لم يسلم يوم الفتح، بل هو لم يزل كهفاً للمنافقين إلى أن توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ثم يأتي له تاريخ بعد وفاة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" مليء بالمفاجآت التي تؤكد هذا الإنطباع عنه.
وقد تقدم: أنه خرج إلى حنين، وكانت الأزلام معه في كنانته.. وأنه كان هو ومعاوية وآخرون على التل ينظرون لمن تكون الغلبة، ويحبون أن تدور الدوائر على النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين.. وستأتي نصوص عديدة أخرى تؤكد هذا المعنى أيضاً..
وها هي رواية النضير بن الحارث تؤكد أمرين خطيرين:
أولهما: كفر أبي سفيان.
والثاني: تآمره على النبي "صلى الله عليه وآله" في حنين.
يقول النضير بن الحارث: "خرجت مع قوم من قريش، هم على دينهم بعد: أبو سفيان بن حرب، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو. ونحن نريد إن كانت دبرة على محمد أن نغير عليه في من يغير".
ولكن تبقى هناك حلقة مفقودة، لا بد من البحث عنها، وهي: هل كان هناك تنسيق بين هؤلاء المتآمرين وبين غطفان؟!
وهل كان غيرهم ممن خرجوا إلى حنين، وهم بعد على شركهم، وعددهم ثمانون رجلاً ـ كما يقول البعض ـ يعرفون بنواياهم هذه؟!
وهل كان القرشيون ـ الشبان ـ الذين كانوا مع بني سليم في المقدمة قد اطَّلعوا على نية هؤلاء؟!
وهل أطلعوا بني سليم أيضاً على ما كانوا دبروه وبيتوه؟!
وهل يمكن أن نعتبر سرعة فرار القرشيين وسليم بمثابة دليل على أن تلك المؤمراة كانت في طريقها إلى التنفيذ؟! وأن هزيمة المقدمة كانت أحد فصولها المهمة؟!..
إن هذه الأسئلة كلها تحتاج إلى إجابات مقنعة ومقبولة..
ولعلنا لا نجد لهذه الإجابات أثراً، إلا إن كانت شتائم وإهانات تواجهنا من قبل محبي معاوية وأبي سفيان وأضرابهما..
لا توجد كمائن:
وقد ذكرنا فيما سبق: أن النصوص تدل على أن سبب الهزيمة لم يكن هو الكمائن في الشعاب والمضايق.. ورواية النضير بن الحارث قد أظهرت ـ كرواية أبي إسحاق السبيعي، عن البراء بن عازب ـ: أن المسلمين قد التقوا بالمشركين في ساحة القتال، فلما تراءت الفئتان، حمل المشركون عليهم حملة واحدة. فكانت الهزيمة.
وهذا معناه: أن هزيمتهم لم تكن بسبب المفاجأة، والكمائن في المضايق والشعاب كما يدَّعون..
وسيأتي المزيد من شواهد ذلك، ودلائله إن شاء الله تعالى.
النضير..مع المشركين:
لقد صرح النضير بن الحارث: أنه كان مع المشركين. وأن الأنصار قد عادوا إلى ساحة القتال، قال: "فحطمونا حطاماً، فرقوا شملنا، وتشتت أمرنا".
وصرح أيضاً: بأنه لما تراءت الفئتان "كانوا ـ هو وأصحابه ـ في حيِّز المشركين".
ولعلهم انحازوا إلى المشركين حين وصولهم إلى ساحة القتال. ولو بأن وقفوا على تل، بالقرب منهم كما قال معاوية.
ثم بدأت المعركة، فانهزم المسلمون أولاً، ثم عاد قسم منهم إلى القتال، فلما انهزم المشركون أعلن هؤلاء (أبو سفيان ورفاقه) استسلامهم وبخوعهم، فأعطاهم النبي "صلى الله عليه وآله" من الغنائم تأليفاً لهم..
وقد صرحوا: بأن النضير كان من جملة الآخذين لمائة من الإبل كسائر المؤلفة قلوبهم، فإذا كان قد قاتل مع مشركي هوازن، فذلك يدل على أمرين:
الأول: أنه انضم إليهم بعد وصوله مع الجيش الإسلامي إلى ساحة المعركة.
الثاني: أن في المؤلفة قلوبهم من كان متظاهراً بالشرك، ولم يكونوا جميعاً من المتظاهرين بالإسلام، ولا كانوا في صفوف المسلمين. بل كان بعضهم ممن قاتل المسلمين مع جيش هوازن. سواء أكان قرشياً مثل النضير بن الحارث، أو من قادة هوزان. بل قائدها نفسه مثل مالك بن عوف.
إنه لعلى حق، وإنه لمعصوم:
وقد أظهر الحديث المتقدم: أن رؤية النضير للملائكة دعته إلى أن يقارن بين يوم حنين، ويوم بدر، حيث ظهرت الملائكة في كلا هذين اليومين للمشركين..
فاعترف: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" على حق، وإنه لمعصوم، أي ممنوع بالملائكة، فلا يمكن الوصول إليه لقتله..
ثم زعم: أن الله تعالى أدخل حينئذٍ الإسلام في قلبه..
غير أننا نلاحظ على ذلك:
1 ـ إن الذين يرون الملائكة حال القتال هم الكفار، وسيأتي في حديث شيبة الحجبي قول النبي "صلى الله عليه وآله": لا يراها إلا كافر.
2 ـ إنه إذا كان قد رأى الملائكة يوم بدر، وهي تدافع عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلماذا لم يؤمن منذ ذلك اليوم؟!
فإن كان يريد أن يزعم: أن أمر الإيمان لا يعود إليه، وإنما هو فعل إلهي جبري، يفرضه الله على الناس ـ كما ربما يوحي به قوله: "وأدخل الله في قلبي الإسلام، وغيَّره عما كنت أهم به".
فهو كلام مرفوض جملة وتفصيلاً. فإن الله تعالى لا يتدخل في أمر الإيمان بصورة جبرية، بل هو يقول للناس: {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} ([220]).
فإن شاء الإنسان الإيمان زاد في توفيقاته، وألطافه.. وإن اختار الكفر وكله إلى نفسه، وحجب ذلك عنه على قاعدة: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ} ([221]) و {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَهُ قُلُوبَهُمْ} ([222]).
ويبقى السؤال التالي يطرح نفسه، وهو: إذا كان الله تعالى هو الذي يحوِّل قلبه، وهو الذي يدخل الإسلام فيه، فلماذا لم يغيِّر قلبه في بدر، حين رأى الملائكة تنصر النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
3 ـ إنه إذا كان الله قد غيَّر قلبه، وأدخل فيه الإسلام حين رأى الملائكة في حنين، فلماذا لم يمل مع المسلمين على المشركين، ويدفع عن نبي الإسلام من يريده بسوء؟! ولماذا بقي مع المشركين مقدار حلب الناقة حتى حطمهم المسلمون حطماً، وفرقوهم، وشتتوهم.
4 ـ لماذا لم يمض مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الطائف، ويظهر إسلامه أمامه ويقاتل معه مشركي ثقيف؟!
5 ـ لماذا لم يفارقه رعبه مدة أيام، مع أن الله أدخل الإسلام إلى قلبه وغيَّره؟! ولماذا لم يغيِّر قلبه، من قلب جبان إلى قلب شجاع، ولماذا لم يبدل خوفه طمأنينة، واضطرابه سكينةً؟!
6 ـ ولنا أن نسأل عن: أنه حين بقي أياماً مستتراً في خمر الشجر، فمن أين كان يأكل، ويشرب؟!
وهل ضعف جسده بسبب فقدان الطعام والشراب أياماً؟! أم بقي متماسكاً؟! وهل احتاج إلى معونة أحد للوصول إلى الجعرانة؟! وهل؟! وهل؟!
7 ـ إن قول الرسول "صلى الله عليه وآله" للنضير حين لقيه بالجعرانة: "قد آن لك أن تبصر ما أنت فيه توضع" يدل على: أنه حتى تلك اللحظة لم يكن قد أبصر أو اهتدى بعد. والله سبحانه قد أمهله، ولم يعاقبه رغم استحقاقه لذلك.
8 ـ إن الرواية المشار إليها قد ذكرت: أن المسلمين قد عادوا بسرعة من فرارهم، بحيث لم يغيبوا عن ساحة المعركة إلا قدر حلب شاة، مع أن الروايات قد تحدثت عن بلوغ المنهزمين في هزيمتهم مكة..
كما أنه سيأتي حين الحديث: أن النصر قد تحقق على يد علي "عليه السلام" دون سواه، قولهم: فوالله، ما رجعت راجعة للمسلمين حين هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتوفين عند رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فإن صح ذلك، فلا بد أن يكون المراد بها: أن الذين عادوا بسرعة هم طائفة الخزرج من الأنصار، لا جميعهم وهو ما صرحت به نفس هذه الرواية، التي نحن بصدد الحديث عنها، حيث قالت: وتنادت الأنصار بينها: الكرة بعد الفرة، يا للخزرج، يا للخزرج، فحطمونا، الخ..
ومن الواضح: أن الخزرج الذين حضروا المعركة قد لا يصل عددهم إلى بضع مئات. بل لعل المقصود هو: خصوص الثمانين أو المائة رجل، الذين عادوا قبل انهزام المشركين بيسير.
9 ـ أما الحديث عن إمداد الله تعالى بالملائكة، فسيأتي عن قريب إن شاء الله تعالى..
10 ـ وأخيراً.. فإن مراجعة ما كان النضير يحدث به نفسه ليقنعها بالإسلام، يشير إلى: أنه إنما كان يعرض على نفسه أموراً دنيوية ومادية، وليس من بينها أي شيء يمكن تصنيفه في عداد قناعات حَكَمَ بها عقله، وقادته إليها فطرته، فهو لم يتحدث مع نفسه عن فساد الشرك، وسخافة عبادة الأحجار، وصحة التوحيد، ونفي الشريك. وما إلى ذلك..
بل غاية جهده أن قال وهو مرعوب وخائف: "..فقد رأيت عبراً، وقد ضرب الإسلام بجرانه، ولم يبق أحد، ودانت العرب والعجم لمحمد، فعز محمد لنا عز، وشرفه لنا شرف".
الباب الثالث:
النصر الإلهي
الفصل الأول:
النبي ' يعالج الموقف
النداء والدعاء:
قال الشيخ المفيد: "ولما رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" هزيمة القوم عنه، قال للعباس ـ وكان رجلاً جهورياً صيّتاً ـ: "نادِ في القوم وذكرهم العهد"، فنادى العباس بأعلى صوته: يا أهل بيعة الشجرة، يا أصحاب سورة البقرة، إلى أين تفرون؟ اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
والقوم على وجوههم قد ولّوا مدبرين.
وكانت ليلة ظلماء، ورسول الله في الوادي، والمشركون قد خرجوا عليه من شعاب الوادي، وجنباته، ومضايقه، مصلتين سيوفهم، وعمدهم، وقسيهم.
قال: فنظر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الناس ببعض وجهه في الظلماء، فأضاء كأنه القمر ليلة البدر. ثم نادى المسلمين: "أين ما عاهدتم الله عليه"؟
فأسمع أولهم وآخرهم، فلم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض، فانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي، حتى لحقوا بالعدو فقاتلوه"([223]).
ونص آخر يقول: "فلما رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الهزيمة ركض نحو عليٍّ بغلته، فرآه قد شهر سيفه، فقال: يا عباس، إصعد هذا الظرب([224])، وناد: يا أصحاب البقرة، ويا أصحاب الشجرة، إلى أين تفرون؟ هذا رسول الله.
ثم رفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده، فقال: "اللهم لك الحمد وإليك المشتكى وأنت المستعان".
فنزل جبرئيل، فقال: يا رسول الله، دعوت بما دعا به موسى حيث فلق له البحر، ونجاه من فرعون.
ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأبي سفيان بن الحارث: ناولني كفاً من حصى، فناوله، فرماه في وجوه المشركين، ثم قال: "شاهت الوجوه".
ثم رفع رأسه إلى السماء، وقال: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لم تعبد، وإن شئت أن لا تعبد لا تعبد".
فلما سمعت الأنصار نداء العباس، عطفوا، وكسروا جفون سيوفهم الخ.." ([225]).
وما ذكر آنفاً من دعائه "صلى الله عليه وآله" بما دعا به موسى حين فلق البحر، رواه الواقدي وغيره، وقالوا: إنه دعا به لما انكشف عنه الناس، ولم يبق معه إلا المائة الصابرة([226]).
ورووا عن أنس أيضاً: انه "صلى الله عليه وآله" قال: "اللهم إنك إن تشأ لا تعبد بعد اليوم"([227]).
روى ابن إسحاق، وأحمد، عن جابر بن عبد الله، وابن إسحاق، وعبد الرزاق، ومسلم عن العباس، عم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، قال العباس: شهدت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله": يوم حنين، فلزمت أنا وأبو سفيان بن الحارث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلم نفارقه، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على بغلة له شهباء.
قال: فلما التقى المسلمون والكفار ولَّى المسلمون مدبرين.
فطفق رسول الله "صلى الله عليه وآله" يركض بغلته قِبَل الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وفي رواية: أكفها أن لا تسرع، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين ([228]). (وهو يقول:
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطــلـب).
وأبو سفيان بن الحارث آخذ بركاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"([229]).
وفي رواية: بغرزه (بغرز (النبي) رسول الله "صلى الله عليه وآله")([230]).
وفي رواية: بثفره (بثفر بغلته)([231]).
فالتفت رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أبي سفيان بن الحارث، وهو مقنَّع في الحديد، فقال: "من هذا"؟
فقال: ابن عمك يا رسول الله([232]).
وفي حديث البراء: وأبو سفيان ابن عمه يقود به([233]).
قال ابن عقبة: وقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الركابين، وهو على البغلة، فرفع يديه إلى الله يدعو، يقول: "اللهم إني أنشدك ما وعدتني.. اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا"([234]) انتهى.
وفي نص آخر قال العباس: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا عباس!! نادِ يا معشر الأنصار، يا أصحاب السمرة، يا أصحاب سورة البقرة".
قال العباس: وكنت رجلاً صيتاً، فقلت بأعلى صوتي: أين الأنصار؟ أين أصحاب السمرة؟ أين أصحاب سورة البقرة؟
قال: والله لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها([235]).
عطفة الأنصار:
وقالوا أيضاً: فلما سمعت الأنصار نداء العباس عطفوا، وكسروا جفون سيوفهم، وهم يقولون: لبيك، ومروا برسول الله "صلى الله عليه وآله"، واستحيوا أن يرجعوا إليه، ولحقوا بالراية، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، للعباس: من هؤلاء يا أبا الفضل؟
فقال: يا رسول الله، هؤلاء الأنصار.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الآن حمي الوطيس.
ونزل النصر من السماء، وانهزمت هوازن([236]).
وعند الطبرسي: "فلما سمع المسلمون صوت العباس، تراجعوا، وقالوا: لبيك، لبيك. وتبادر الأنصار خاصة، وقاتلوا المشركين حتى قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الآن حمي الوطيس.
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المــــطــلـب
ونزل النصر من عند الله تعالى، وانهزمت هوازن هزيمة قبيحة، فمروا في كل وجه، ولم يزل المسلمون في آثارهم. ومر مالك بن عوف، فدخل حصن الطائف"([237]).
شاهد عيان في حنين:
وفي حديث عثمان بن شيبة: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "يا عباس، إصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة، وبالأنصار الذين آووا ونصروا".
قال: فما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا عطفة الإبل على أولادها (أو عطفة البقر على أولادها، أو عطفة النحل على يعسوبها) حتى ترك رسول الله "صلى الله عليه وآله" كأنه في حرجة، فلرماح الأنصار كانت أخوف عندي على رسول الله "صلى الله عليه وآله" من رماح الكفار([238]). انتهى.
فقالوا: يا لبيك، يا لبيك، يا لبيك.
قال: فيذهب الرجل يثني بعيره، ولا يقدر على ذلك، أي لكثرة الأعراب المنهزمين ـ كما ذكره أبو عمر بن عبد البر ـ فيأخذ درعه فيقذفها في عنقه، ويأخذ سيفه وترسه، ويقتحم عن بعيره، فيخلي سبيله، فيؤم الصوت، حتى ينتهي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
حتى إذا اجتمع منهم مائة، استقبلوا الناس، فاقتتلوا هم والكفار. والدعوة في الأنصار: يا معشر الأنصار، ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج، وكانوا صُبَّراً عند الحرب.
وأشرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" في ركابيه، فنظر إلى مجتلدهم، وهم يجتلدون، وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هذا حين حمي الوطيس" أو (الآن حمي الوطيس).
ثم أخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" حصيات فرمى بهن وجوه الكفار، ثم قال: "انهزموا، ورب محمد".
فذهبت أنظر، فإذا القتال على هيئته فيما أرى، فوالله، ما هو إلا أن رماهم بحصياته، فما زلت أرى حدَّهم كليلاً، وأمرهم مدبراً، فوالله ما رجع الناس (أو فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم، حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند رسول الله "صلى الله عليه وآله") إلا وهم أسارى عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" مكتفون، قتل الله تعالى منهم من قتل، وانهزم منهم من انهزم، وأفاء الله تعالى على رسوله أموالهم، ونساءهم، وأبناءهم([239]).
حديث ابن مسعود:
وروي برجال ثقات، عن ابن مسعود قال: كنت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين، فولى الناس عنه، وبقيت معه في ثمانين رجلاً من المهاجرين والأنصار، فقمنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله تعالى عليهم السكينة، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على بغلته لم يمض قدماً، فحادت به بغلته، فمال عن السرج، فقلت له: ارتفع رفعك الله.
فقال: "ناولني كفاً من تراب"، فناولته، فضرب وجوههم، فامتلأت أعينهم تراباً، ثم قال: "أين المهاجرون والأنصار"؟
قلت: هم أولاء.
قال: "اهتف بهم". فهتفت بهم، فجاؤوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب، وولى المشركون أدبارهم([240]).
حديث أنس:
وعن أنس قال: جاءت هوازن يوم حنين بالنساء، والصبيان، والإبل، والغنم، فجعلوهم صفوفاً، ليكثروا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فالتقى المسلمون والمشركون، فولى المسلمون مدبرين، كما قال الله تعالى، وبقي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وحده، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا عباد الله، أنا عبد الله ورسوله".
ونادى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نداءين لم يخلط بينهما كلاماً، فالتفت عن يمينه، فقال: "يا معشر الأنصار، أنا عبد الله ورسوله".
فقالوا: "لبيك يا رسول الله، نحن معك".
ثم التفت عن يساره، فقال: يا معشر الأنصار، أنا عبد الله ورسوله.
فقالوا: لبيك يا رسول الله، نحن معك.
فهزم الله تعالى المشركين، ولم يضرب بسيف، ولم يطعن برمح([241]).
تراجع الأنصار، لسماع صوت النبي ':
ويقول أبو بشير المازني: إنه حين رأى المقدمة قد انهزمت، وصار الناس ينهزمون معها: "وأكرّ في وجوه المنهزمين، ليس لي همة إلا النظر إلى سلامة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى صرت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يصيح: "يا للأنصار".
فدنوت من دابته، والتفت من ورائها، وإذا الأنصار قد كروا كرة رجل واحد، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" واقف على دابته في وجوه العدو.
ومضت الأنصار أمام رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقاتلون، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" سائر معهم يفرجون العدو عنه، حتى طردناهم فرسخاً، وتفرقوا في الشعاب، حتى فلوا من بين أيدينا.
فرجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى منزله وقبته، وقد ضربت له، والأسرى مكتفون حوله، وإذا نفر حول قبته. وفي قبته زوجاته: أم سلمة وميمونة، حولها النفر الذين يحرسون رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم: عباد بن بشر، وأبو نائلة، ومحمد بن مسلمة([242]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" نادى أصحابه، وذمرهم: "يا أصحاب البيعة يوم الحديبية، الله، الله الكرة على نبيكم".
وقيل: إنه قال: "يا أنصار الله وأنصار رسوله، يا بني الخزرج"، وأمر العباس بن عبد المطلب فنادى في القوم بذلك، فأقبل إليه أصحابه سراعاً يبتدرون([243]).
ونقول:
قد تضمنت النصوص المتقدمة أموراً نشير إلى طائفة منها، كما يلي:
المشركون خرجوا على رسول الله ':
ويذكرون في تبرير هزيمتهم: أن المشركين اختبأوا في مضايق الوادي، وشعابه، وأجنابه، وتهيأوا، قالوا: "فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف، والعمد، والقنا، فشدوا علينا شدة رجل واحد، فانهزم الناس راجعين.."([244]).
ولكن الشيخ المفيد يقول: إنه بعد أن فرَّ المسلمون، وبعد نداء العباس: "وكانت ليلة ظلماء، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في الوادي، والمشركون قد خرجوا عليه من شعاب الوادي، وجنباته، ومضايقه، مصلتين سيوفهم، وعمدهم وقسيهم"([245]).
ولعل شدة المشركين على المسلمين شدة رجل واحد، قد أرعبت المسلمين، فهربوا، ثم خرج باقي المشركين على النبي "صلى الله عليه وآله" من المضائق والشعاب، بأيديهم العمد، والسيوف، والقسي.
أنا ابن العواتك:
عن سيابة بن عاصم السلمي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال يوم حنين: "أنا ابن العواتك"([246]).
أو: "أنا ابن العواتك من قريش"([247]).
أو: "أنا ابن العواتك من سليم"([248]).
ونقول:
العواتك من سليم ثلاث نساء من جدات رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهن:
1 ـ عاتكة بنت هلال بن فالج بن ذكوان. أم عبد مناف بن قصي.
2 ـ عاتكة بنت مرة بن هلال، بن فالج بن ذكوان. أم هاشم بن عبد مناف.
3 ـ عاتكة بنت الأوقص بن مرة بن هلال بن فالج بن ذكوان. أم وهب بن عبد مناف بن زهرة، جد النبي "صلى الله عليه وآله"..
فالأولى عمة الثانية، والثانية عمة الثالثة، وبنو سليم تفخر بهذه الولادة([249]).
والعواتك من جداته "صلى الله عليه وآله" اثنتا عشرة: ثلاث منهن من بني سليم، واثنتان من قريش، وكنانية، وأسدية، وهذلية، وقضاعية، وأزدية([250]).
وقال اليعقوبي: "واللاتي ولدنه من العواتك اثنتا عشرة عاتكة: عشر منهن مضريات، وقحطانية، وقضاعية. والمضريات: ثلاث من قريش، وثلاث من سليم، وعدوانيتان، وهذلية، وأسدية.."([251]).
وذكر ابن عساكر في تاريخه عن أبي عبد الله العدوي: أن العواتك أربع عشرة وأن السلميات أربع([252]) ومن أراد التوسع في البحث فليراجع.
غير أننا نقول:
لعل كلمة "من سليم" أو "من قريش" قد أضيفت إلى كلمة رسول الله "صلى الله عليه وآله".. حيث إن المناسب هو: أن يكون مقصوده "صلى الله عليه وآله" جميع العواتك الاثني عشر.
إذ قد تقدم: أن الهزيمة التي جرت على المسلمين كان سببها قبيلة سليم، ومن معها من أهل مكة في مقدمة الجيش.
بل صرحت بعض الروايات: بأن المسؤول عن ذلك هو خصوص سليم دون سواها..
فهل يريد "صلى الله عليه وآله": أن يكافئ سليماً على فعلتها الشنعاء تلك؟!..
من أجل ذلك نقول:
لعله "صلى الله عليه وآله" كان يقصد بكلمته هذه: أن يقول للناس:
أولاً: إن خطأ من حضر من سليم في هذه الحرب، لا يعني أن يلحق العار بالأبرياء من هذه القبيلة أيضاً.
ثانياً: إن هذا الخطأ يجب أن لا يكون سبباً في استمرار سير هذه القبيلة باتجاه واحد، هو سبيل الإنحراف والغي، فالذي يخطئ وينحرف يمكنه أن يرجع عن سبيل الغي إلى سبيل الخير والصلاح ولو بعد حين..
وقد كان في بني سليم أناس صالحون في السابق، إلى حد أن ثلاث جدات لرسول الله "صلى الله عليه وآله" كنّ منها، وقد نشأن في بيوت عز وخير.. فما المانع من أن تعود سليم إلى انتهاج طريق الهدى، والفلاح والنجاح؟!..
ثالثاً: إنه لا بد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" من العمل على ترميم سمعة القبائل التي تبتلى بخطأ بعينه، حتى لا تسقط في مهاوي الخزي والعار، فإن ذلك من شأنه أن يحدث خللاً في البنية الإجتماعية، وأن تنشأ عنه تداعيات كبيرة وخطيرة..
لذلك نلاحظ: أنه ينسب نفسه إلى العواتك، ويقول للناس: إن عليهم أن لا يتمادوا في الطعن في هذه القبيلة أو تلك، ما دام أن له "صلى الله عليه وآله" رحماً فيها، وفي كثير من تلك القبائل، مثل: سليم، وكنانة، وأسد، وهذيل، وقضاعة، والأزد.
ونضيف نحن هنا أمراً رابعاً: وهو أن راوي هذه الرواية وهو سيابة بن عاصم. كان من بني سليم، فقد يكون ذلك من أسباب الشبهة في صحة هذه الإضافة، وهي كلمة "من بني سليم"، من حيث إن من الممكن أن يكون قد أراد بروايته هذه جرّ النار إلى قرصه، ودفع العار عن بني جنسه.. فلا بأس بالبحث عن طريق آخر لهذه الرواية لا يكون فيه تهمة من هذا القبيل.
يا أصحاب سورة البقرة:
وعن المراد بقوله "صلى الله عليه وآله": يا أصحاب سورة البقرة، نقول:
إن هذه السورة هي أول سورة نزلت في المدينة، فلعل هذا النداء يرمي إلى تذكيرهم ببعض آياتها التي تقول: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} ([253])، وتقول: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ الله} ([254]).
وتقول: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ} ([255]).
كما أن هذه السورة تضمنت أيضاً: حديثاً عن المؤمنين الذين يؤمنون بالغيب، ويوقنون بالآخرة، وسائر العقائد، وحديث المنافقين، وعن مختلف قضايا التشريع، وحقائق الدين.
غير أننا نقول:
لعل القول بأن المراد التذكير بقوله تعالى: {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} هو الأنسب بقوله: يا أهل بيعة الشجرة، و يا أصحاب السمرة.
وبقوله: ذكِّرهم بالعهد.
وقوله: إلى أين تفرون؟ أذكروا العهد الذي عاهدتم.
وقوله: يا أصحاب البيعة يوم الحديبية.. ونحو ذلك..
فإن مثل هذا كله يدل على: أن المقصود هو: إلزامهم بعهدهم، ليكون ذلك حافزاً لهم على العودة إلى ساحات الجهاد.
كما أنه يتضمن قدراً من التهديد بأن الله تعالى سوف يعاملهم بالمثل، وهذا ما لا يمكنهم تحمله والرضا به لأنفسهم.
فأسمع أولهم وآخرهم:
وحين نادى النبي "صلى الله عليه وآله" الفارين: أين ما عاهدتم الله عليه؟! أسمع أولهم وآخرهم، ليقيم الله عليهم الحجة بذلك. لأنها معجزة تثبت صدق هذا النبيّ العظيم "صلى الله عليه وآله" من جهة. وتذكرهم بما يحفزهم للثبات والتصدي من جهة أخرى، فلم يعد يمكن لأي منهم أن يقول: إن الخوف أنساني كل شيء، ولو أنني التفت لهذه الأمور في تلك اللحظات لكان لي موقف آخر.
عاهدوا الله ورسوله:
والذي يراجع النص الذي أورده الشيخ المفيد "رحمه الله"، يلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يقل: اذكروا العهد الذي عاهدتموني عليه، بل قال: اذكروا العهد الذي عاهدتم عليه رسول الله.. فيكون بذلك قد تجنب الإيحاء بأن الأمر يرتبط به كشخص، وأثار في الأذهان صورة عن ارتباط الموضوع بالله تعالى، حين ذكروا: أن العهد كان معه بما أنه رسول الله، لا بما له من صفة شخصية.
ولكنه حين ظهرت معجزته لهم، ورأوا شاهد نبوته عياناً، حيث رأوا وجهه في الظلمات، فأضاء كأنه القمر ليلة البدر، عاد فذكَّرهم بالعهد، ولكنه ربطه بالله مباشرة، ولم يعد ثمة من حاجة إلى تحديد دوره في هذا الأمر. فإن المعجزة قد حددت ذلك، وعرفتهم برسوليته "صلى الله عليه وآله"، ولابد أن ينتهي كل شيء إليه تبارك وتعالى..
دعاء النبي ' بعد فرار أصحابه:
وعن دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" بعد فرار أصحابه عنه نقول:
إنه "صلى الله عليه وآله" ذكر فقرات ثلاثاً، هي:
1 ـ اللهم لك الحمد.
2 ـ وإليك المشتكى.
3 ـ وأنت المستعان.
وفي سياق بيان ذلك نقول:
ألف: إنه "صلى الله عليه وآله" يريد أن يعرِّف كل أحد انه حتى حين يفر عنه جميع من معه، ويبقى وحده في مواجهة عشرات الألوف من أعدائه، الساعين إلى سفك دمه، فإن ذلك لا ينقص من نعم الله عليه، بل ذلك يؤكد أن لا أحد يستحق الحمد سواه تبارك وتعالى؛ لأنه وحده المنعم المتفضل..
بل إن فرارهم عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا بد أن يفهم على أنهنه بمثابة التفريط بنعمة الله تعالى عليهم، لا أنه إضرار برسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو إنقاص من النعم الواصلة إليه، ولذلك قال "صلى الله عليه وآله": اللهم لك الحمد.
ب: وإذا فرط هؤلاء الناس بنعم الله، وتخلوا عن واجبهم الإلهي، واستحقوا الإبعاد عن ساحة رحمته، ولطفه جل وعلا.
وإذا كان الله تعالى ـ وحده ـ هو المنعم الواهب، والمتفضل.. فإن أحداً لا يستطيع أن ينفعهم بشيء. ولا أن يصلح ما أفسدوه، ويبني ما هدموه إلا هو تبارك وتعالى..
وهذا يعني: أن الشكوى لغير الله لا تثمر شيئاً، بل هي ليست بشكوى، لأن غير الله لا يستطيع أن يدفع، ولا أن يمنع.. والإنسان العاقل لا يعبث ولا يلعب. بل إن الشكوى لغير الله ـ والحالة هذه ـ تمثل نكراناً لفضله تبارك وتعالى، وهذه خطيئة لا يمكن أن تصدر من المعصوم. ولذلك قال "صلى الله عليه وآله": وإليك المشتكى.
ج: وإذا كان الله تعالى وحده هو القادر، والقاهر، والحكيم، والعليم، والرؤوف الرحيم، والمعطي والمانع. وإذا كانت المخلوقات كلها تستمد منه، وتفتقر إليه. فلا معنى للإستعانة بسواه. لأن ذلك من السفه الذي لا يصدر عن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أيضاً. ولذلك قال "صلى الله عليه وآله": وأنت المستعان.
د: وإذا كانت هذه هي العقيدة الراسخة بالله تبارك وتعالى، وهي خلاصة نظرة الإنسان إلى الكون وما فيه، وإلى الحياة بكل مظاهرها..
وإذا تمحض في الإخلاص والصدق في هذا الدعاء المرتكز إلى ذلك الإيمان الراسخ، فسوف يتحقق بعمق وصدق مفهوم قوله تعالى: {ادْعُونِي}. ويكون لا بد من الإستجابة لمن يدعوه تعالى ولا يدعو غيره.. ويرجوه ولا يرجو غيره..
ولابد بعد هذا أن ننتظر تحقق المعجزات، وقد تحققت في حنين فعلاً، كما تحققت لموسى "عليه السلام" من قبل، وشاهد تحقق المعجزات في حنين: أن الله تعالى قد هزم عشرات الألوف بسيف علي "عليه السلام" وحده. بعد أن أمد الله رسوله "صلى الله عليه وآله" والمؤمنين بجنود لم يروها، تماماً كما حصل في حرب بدر العظمى..
إن تهلك هذه العصابة لا تعبد:
وكما جرى في حرب بدر جرى في حرب حنين، فقد قال "صلى الله عليه وآله" في كلتا الواقعتين: اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد، وإن شئت أن لا تعبد، لا تعبد.
ونقول:
أولاً: لا شك في أن المقصود بـ "هذه العصابة" هو عصابة أهل الإيمان، الذين يدافعون عن دينهم وعن نبيهم، وعلي "عليه السلام" أولهم، وعلى رأسهم..
وأما شمولها للذين ولوا الأدبار، ولم يفوا بعهدهم، بما فيهم المشركون. وقد صرحوا: بأنهم ثمانون رجلاً، بما فيهم المنافقون وما أكثرهم. يضم إليهم أصحاب المطامع والأهواء.. نعم.. أما شمول هؤلاء فذلك غير ظاهر.. فإن الإسلام إنما كان يقوم على النبي "صلى الله عليه وآله" وعلي "عليه السلام"، فإن هلكا فلا إسلام بعد ذلك، ولا عبادة لله تعالى.
وأما المنهزمون، فإن فرارهم الذي هو بمثابة هلاك وبوار دورهم، وانعدام تأثيرهم ـ فلم يمنع من استمرار عبادة الله تبارك وتعالى.
ثانياً: إنه "صلى الله عليه وآله" قد علق استمرار عبادة الله تعالى على مشيئة الله تبارك وتعالى.
ومن الواضح: أن وجوب شكر المنعم، وعبادة الله، والطاعة له حكم عقلي، لا مجال للتخلف عنه. وهذا معناه: أن المقصود بكلامه هذا "صلى الله عليه وآله"، ليس هو إسقاط هذا الوجوب، بل المراد: أن تزول عبادة الله تعالى بزوال المؤمنين، وهلاكهم.
هزيمة الأعراب أم هزيمة قريش والقادة؟!:
وتحاول بعض النصوص: أن تلطف العبارات، وتخفف من حدة قبح الهزيمة، بطريقة ذكية، حين تنسب الهزيمة إلى الأعراب، لكي يفهم الناس أن قريشاً، وأهل مكة، والمهاجرين لم يكونوا مع المنهزمين.. وإن كان معهم منهم أحد، فإنما هم أفراد قليلون، جرفهم السيل البشري للأعراب ربما من غير اختيار منهم.
وهذا ولا شك خيانة للحق والحقيقة، لما يستبطنه من تزوير وتضليل، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
هل كانت الهزيمة ليلاً؟!:
تقدم: أن المسلمين انهزموا عن النبي "صلى الله عليه وآله" في ليلة ظلماء، وأن وجهه "صلى الله عليه وآله" أضاء للناس كالقمر ليلة البدر.
ولكن قد يقال: إن ذلك مما يصعب القبول به، إذا أخذنا بالرواية التي تقول: فلما تراءت الفئتان حمل المشركون على المسلمين حملة رجل واحد، فانهزموا.. لأن ترائي الفئتين يكون في النهار عادة..
ويمكن أن يجاب عن ذلك: بأن المقصود بترائي الفئتين: هو مواجهة كل منهما للأخرى، ولو بوصول طلائع الفريقين إلى موقع ترى فيه طرفاً من الفريق الآخر. وهذا يحصل ليلاً كما يحصل نهاراً.
وليس المقصود: الرؤية المباشرة نهاراً..
ويؤيد ما نقول: قولهم أيضاً في نصوص أخرى سبقت: إنه "صلى الله عليه وآله" صار يسأل عن أبي سفيان بن الحارث، وسأل أيضاً عن الأنصار الذين حضروا بعد الهزيمة إلى ساحة القتال.. إذ لعله "صلى الله عليه وآله" احتاج إلى السؤال عنهم بسبب حيلولة الظلام بينه وبينهم، فلا يراهم..
ويمكن الرد على ذلك: بأنه ربما يكون قد سأل عنهم لأنه يريد تعريف الناس بهم، والجهر باسمهم، وبيان حالهم.. حتى وإن كان قد عرفهم بالرؤية المباشرة، أو بالعلم الخاص، الذي اختصه الله تعالى به.
نداء النبي ' أم نداء العباس؟!:
قد ظهر من سياق رواية المفيد: أن الناس لم يصغوا إلى نداء العباس، بل مروا على وجوههم في هزيمتهم.
فلما ناداهم النبي "صلى الله عليه وآله": "أين ما عاهدتم الله عليه"؟ لم يسمعها رجل إلا رمى بنفسه إلى الأرض، فانحدروا إلى حيث كانوا من الوادي، حتى لحقوا بالعدو، فقاتلوه([256]).
فلا يصح قولهم ـ حسبما تقدم وما سيأتي ـ: إن عودة الأنصار كانت لسماعهم نداء العباس([257]).
غير أن لنا تحفظاً على قوله "لحقوا بالعدو فقاتلوه" إذ إن الدلائل والشواهد تشير إلى أنهم لم يقاتلوهم، كما سيأتي.
الأنصار.. وخصوصاً الخزرج:
قد صرحت رواية عثمان بن شيبة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" طلب من العباس: أن ينادي المهاجرين والأنصار.
ولكن الغريب في الأمر: أن المهاجرين لم يستجيبوا للنداء أبداً، وإنما استجاب الأنصار فقط، كما ذكرته رواية القمي وغيره([258])، ورواية عثمان بن أبي شيبة نفسها، بل لقد صرحت رواية الطبرسي بالقول: "تبادرت الأنصار خاصة"([259]).
ونص آخر يذكر: أنه "صلى الله عليه وآله" طلب منه أن ينادي خصوص الأنصار.
بل لقد ذكرت رواية أبي بشير المازني: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يصيح: يا للأنصار، وإذ بهم كروا كرة رجل واحد، ومضت الأنصار أمامه "صلى الله عليه وآله" يقاتلون حتى طردوا العدو، فلماذا خص نداءه بالأنصار، ولم يذكر المهاجرين؟
أليس لأنه كان قد يئس من نصرهم؟!
وتقدم عن أنس: أنه لما بقي النبي "صلى الله عليه وآله" وحده، نادى "صلى الله عليه وآله" نداءين لم يخلط بينهما كلاماً، فالتفت عن يمينه، وقال: يا معشر الأنصار، أنا عبد الله ورسوله، فقالوا: لبيك يا رسول الله، نحن معك، فهزم الله تعالى المشركين الخ..
وعن سعيد بن جبير: فيومئذٍ سمى الله تعالى الأنصار مؤمنين، قال: {ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ}([260])"([261]).
بل صرحت رواية عثمان بن شيبة([262]): بأنه لما اجتمع حول النبي "صلى الله عليه وآله" مائة، وكانت الدعوة في الأنصار: يا معشر الأنصار. ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج.
بل روي: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: يا أنصار رسول الله! يا بني الخزرج!!
وذلك يدل على عدم صحة ما ذكرته رواية ابن مسعود، من أنه بعد أن ضرب وجوه المشركين بكف من تراب، أمره بأن يهتف: يا للمهاجرين والأنصار، فهتف بهم، فجاؤوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب.
فإن الصحيح هو: أن الذين جاؤوا ولبوا النداء هم خصوص الأنصار ولاسيما الخزرج. بل الخزرج منهم فقط.
الحب والحنان في الأنصار:
ويتجلى حب الأنصار لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في تعبيرات الروايات، كقول العباس: "والله، لكأنما عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقرة على أولادها"([263]).
وقولهم: "ما شبهت عطفة الأنصار على رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا عطفة الإبل على أولادها"([264]).
وفي نص آخر: فثابوا من كل ناحية، كأنهم النحل تأوي إلى يعسوبها([265]).
وحين يكون المحارب محباً لقائده، فإنه وإن فرَّ حين تفاجئه هجمة قوية، ولكن محبته تبقيه على مقربة ممن يحب، وتدفعه لأن يبذل محاولة لمعرفة ما جرى عليه، ثم العودة إليه بمجرد أن تلوح له بارقة أمل عن حياته ونجاته..
وأما غير المحب، فلا يرده عن هزيمته شيء، ولا يفكر بأحد.
ولعل هذا كان شأن المهاجرين وكان ذاك شأن الأنصار، وخصوصاً الخزرج منهم، ولذلك نادى النبي "صلى الله عليه وآله" الأنصار، فكانوا هم الذين استجابوا، وعادوا إليه.
وجه النبي ' كالقمر:
وقد ذكرت رواية الإرشاد المتقدمة: أنه لما انهزم المسلمون عن النبي "صلى الله عليه وآله" التفت إليهم ببعض وجهه، فأضاء لهم كأنه القمر ليلة البدر.
ونقول:
إن هذا النور المتدفق من وجه الرسول "صلى الله عليه وآله" بحيث يراه الناس، والمفروض: أن هذا الأمر يحصل في الليل.. لا بد أن يعطي الدلالة لأهل الإيمان على أن عليهم أن يكونوا أعمق إيماناً، وأشد يقيناً مما هم عليه..
ولابد أن يدفعهم ذلك إلى إعادة النظر في فرارهم المزري هذا، ويؤكد لهم أن ذلك معناه: خسران الدنيا والآخرة، إذ لا يمكن أن يوفقهم الله لحياة سعيدة في الدنيا، بعد أن تركوا نبيهم لتتناهبه سيوف أعدائه، وأعدائهم..
بل المتوقع لهم هو: الخذلان الدائم، والعار، والخزي المقيم.. وفي الآخرة ينتظرهم عذاب أليم.
كما أن الحجة تتم على الأعداء، الذين أظهر الله لهم نور النبوة، في الليلة الظلماء، فلماذا، وعلام يحاربون الأنبياء، ويسعون لقتلهم، وإسقاط دعوتهم؟ وما هو المبرر لطاعة ساداتهم وكبرائهم في أمر خطير كهذا؟!
وهل يمكن لأولئك السادات أن يحموهم من غضب الله تعالى، أو أن يكونوا بديلاً لهم عن عونه ولطفه ورعايته؟!
ثم إن ذلك يحدد مركز الرسول "صلى الله عليه وآله" للأعداء، فإذا منعهم الله من الوصول إليه رغم كثرتهم وقوتهم، فذلك معجزة أخرى لهم، تيسر لهم الإيمان، وتقودهم إلى التسليم والبخوع لنبوته "صلى الله عليه وآله"، حين تتهيأ الظروف لإسلامهم، بعد أن تضع الحرب أوزارها، ولا يكون إسلامهم ـ والحالة هذه ـ قهراً وجبراً، وبلا حجة ودليل..
كما أن المنهزمين لا يمكن أن يعتذروا عن إمعانهم في هزيمتهم: بأنهم لم يعرفوا مصير النبي "صلى الله عليه وآله"، فلا معنى للمخاطرة بالعودة إلى ساحة القتال، لأن ذلك إلقاء للنفس إلى التهلكة بلا وجه ظاهر..
الخزرج صبَّر عند الحرب:
ثم إنهم حين يترقبون سؤالاً يحرجهم، وهو: لماذا كان الخزرج هم السبَّاقون لإجابة نداء الرسول "صلى الله عليه وآله"، والعودة إلى ساحة القتال دون الأوس، ودون سائر المهاجرين؟!
ولماذا خص النبي "صلى الله عليه وآله" الخزرج بندائه، وخصهم الأنصار أنفسهم بالدعوة أيضاً؟!
نعم.. إنهم يترقبون سؤالاً من هذا القبيل يبادرون إلى الإجابة بطريقة ضمنية، ويوردون الكلام بعفوية طبيعية، ويرسلونه إرسال المسلمات، فيقولون: إن الخزرج صبَّر عند اللقاء.
ونقول:
1 ـ ولا ندري كيف، ولماذا كان الخزرج كذلك دون إخوانهم من الأوس، فضلاً عن غيرهم من قبائل المنطقة؟! مع أنهم كانوا في الجاهلية يتصاولون مع الأوس تصاول الفحلين.
ولم يظهر لنا: أنهم قد عرفوا بهذه الخصوصية قبل حرب حنين..
2 ـ ولو كانت هذه صفتهم، فلماذا هربوا قبل لحظات ولم يصبروا كما صبر علي "عليه السلام"، ونفر من بني هاشم؟!
إن الحقيقة هي: أن الخزرج كانوا ـ بصورة عامة ـ أكثر إيماناً، والتزاماً، وطاعة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" من غيرهم، وقد عرف فيهم النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك فخصهم بالنداء.. وعمّ الأنصار.. فكانوا أسرع استجابة، فصاروا ينادون يا للأنصار، على أمل أن يلتحق بهم غيرهم من سائر القبائل، فلما لم يبادر أحد إلى ذلك صاروا يقولون: يا للخزرج ـ حسبما تظهره النصوص التي ذكرناها فيما سبق..
هل هذا خطأ؟!:
وقد ذكرت رواية ابن مسعود المتقدمة: أنه "صلى الله عليه وآله"، "لم يمض قُدُماً". أي أنهم يريدون القول: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد ثبت في موضعه، ولم يتقدم للقتال، مكتفياً بالدفاع عن نفسه، وحفظ موقعه بانتظار عودة المنهزمين لمهاجمة الكافرين، ليكون تحقيق النصر على المشركين على أيديهم.. مع ان ذلك غير صحيح.
والظاهر: أن هذا من أخطاء النساخ.
والصحيح هو: أن يقال: "لم يزل يمضي قدماً" وعلي "عليه السلام" يهد المشركين هداً بعد ان قتل صاحب لوائهم. وتحقق النصر.
وقد صرحت الروايات المتقدمة نفسها، بالقول: "فطفق رسول الله "صلى الله عليه وآله" يركض بغلته قِبَلَ الكفار، وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..".
وفي رواية: "أكفها أن لا تسرع، وهو لا يألو ما أسرع نحو المشركين"([266]).
ركض ' بغلته نحو علي ×:
وقد تقدم في حديث الشيخ المفيد: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما رأى الهزيمة ركض نحو عليٍّ بغلته، فرآه قد شهر سيفه الخ.. ([267]).
ولم تفصح الروايات: عن سبب ذلك منه "صلى الله عليه وآله"، فهو يعرف: أن علياً "عليه السلام" لا يمكن أن يفرَّ من ساحة المعركة.. فلعله أراد ان يطمئن على سلامته من أي سوء، وأن يؤكد موقعه "عليه السلام" في ساحة الجهاد، لكي لا يحاول المغرضون نسبة الأباطيل إليه "عليه السلام"، وخداع البسطاء من الناس بها.
ولعل هذه الرواية قد حُرِّفت وحذفت منها كلمة "نحو علي" ووضع مكانها "نحو المشركين" أو "قبل الكفار" كما ورد في روايات الآخرين، من الذين يحاولون مساواة علي "عليه السلام" بغيره.
وفي بعض هذه الروايات: "..كان النبي "صلى الله عليه وآله" يركض ناحية هوازن (الكفار) ويقول:
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطــلب"([268]).
مع ملاحظة: أن تعبيرهم أيضاً ليس فيه شيء من الكذب، لأن علياً "عليه السلام" كان يغوص في أوساط المشركين، ويقتل منهم من حضرت منيته، ومن بلغ إليه سيفه.
النبي ' يطالب المهاجرين بعهدهم:
ويستفاد من النصوص المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين قال للعباس: نادِ بالقوم، وذكرهم العهد، إنما قصد بذلك خصوص المهاجرين.
ويدل على ذلك: ما ورد في حديث عثمان بن شيبة المتقدم، حيث قال "صلى الله عليه وآله": "يا عباس، إصرخ بالمهاجرين الذين بايعوا تحت الشجرة، وبالأنصار الذين آووا ونصروا".
فإن الأنصار والمهاجرين معاً قد بايعوا النبي "صلى الله عليه وآله" تحت الشجرة، فما معنى تخصيص المهاجرين بهذا الوصف، وتوصيف الأنصار بالذين آووا ونصروا؟!
ألا يؤكد هذا: على أن المقصود هو تسجيل إدانة للمهاجرين، من حيث إنهم لم يفوا بعهدهم، ومن حيث أن وازعهم للعودة هو وفاؤهم بالعهود التي يعطونها، وهو ما يلتزم به حتى الإنسان الجاهلي.
وأما الأنصار، فإنهم وإن أسرعوا في الفرار في بادئ الأمر، إلا أن إيواءهم ونصرتهم تكفي حافزاً لهم على سرعة العودة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكي يحفظوه، ويطيعوه، وليحفظوا جهدهم، ولا يبطلوا جهادهم، وذلك هو ما يفرض عليهم الإلتزام والطاعة.
وهذا يشير إلى اختلاف أساسي بين النظرتين، وبين الفريقين..
ويدل على نوع الوعي، ودرجة الإيمان، وحوافز الإلتزام لدى هؤلاء، وأولئك، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
حياء الأنصار من رسول الله ':
وقد تقدم في حديث القمي: أن الأنصار حين عادوا إلى القتال، استحيوا من أن يرجعوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ولحقوا بالراية في ساحة المعركة مباشرة.
وهذا يشير إلى: أن ثمة معاني إنسانية، وقيماً أخلاقية تهيمن على الأنصار، وتؤثر في سلوكهم وحركتهم.. وعلى قاعدة: الحياء من الإيمان. يكون ذلك دليلاً على بعض نفحات الإيمان فيهم أيضاً.
من هؤلاء يا أبا الفضل؟!:
وسأل رسول الله "صلى الله عليه وآله" العباس بن عبد المطلب عن أولئك الناس الذين كانوا يرجعون إلى ساحات القتال، فيقول: من هؤلاء يا أبا الفضل؟!
فيقول: يا رسول الله، هؤلاء الأنصار.
فهل كان العباس "رحمه الله" أعرف بهم من رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! ولماذا خفي أمرهم على النبي "صلى الله عليه وآله"، وظهر لغيره؟!
إن الجواب الأقرب إلى الإعتبار هنا هو: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يريد من العباس أن يعلن هوية الراجعين على الملأ، ليعرف الناس الفضل لأهل الفضل، ولكي يقطع الطريق على المترصدين من سارقي الفضائل، ومنتحلي المواقف كذباً وزوراً. حتى لا يحرموا الأنصار من حقهم، وفضلهم بالسطو على هذه الفضيلة ايضاً في جملة ما يسطون عليه.
وهكذا يقال أيضاً: حين رأى "صلى الله عليه وآله" أبا سفيان بن الحارث وهو مقنع بالحديد، فسأل عنه، فأجابه أبو سفيان: ابن عمك يا رسول الله..
تناقضات.. يلاحظها القارئ:
وقد يلاحظ القارئ الكريم: أن ثمة تناقضات فيما بين الروايات..
فمن ذلك: اختلاف الروايات في الذي ناول النبي "صلى الله عليه وآله" الحصى، أو التراب، أو أن النبي "صلى الله عليه وآله" تناوله بنفسه.. وهل نزل عن البغلة من أجل ذلك؟ أم أنها هي التي انخفضت به؟ وقد تقدم ذلك.. وتقدم أن من الممكن دفع التناقض المتوهم.
ومنه أيضاً: أن عودة الأنصار هل كانت لسماعهم نداء العباس، أو لسماع نداء الرسول "صلى الله عليه وآله" نفسه؟!
ويمكن حل هذا التناقض: بأن من الممكن أن يعود فريق لسماعه صوت النبي "صلى الله عليه وآله"، ويعود فريق آخر لسماعه صوت العباس.
ومنه: الإختلاف في موقع العباس، وأبي سفيان بن الحارث من رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد فرار المسلمين.
فهل كان أبو سفيان آخذاً بركاب النبي "صلى الله عليه وآله"؟ أم بغرزه؟ أم بثفر السرج؟
وهل كان الآخذ بعنان البغلة هو العباس؟ أم أبو سفيان بن الحارث؟
وهل كان العباس أمامه "صلى الله عليه وآله"؟ أم كان آخذاً بلجام البغلة؟ أم كان عن يمينه؟
ويمكن أن يدفع هذا التناقض: بأن الحالات قد اختلفت، فتارة كان هذا يأخذ بعنان البغلة، وأخرى ذاك. وتارة يكون أمامه، وأخرى يكون خلفه، وغير ذلك.
ومنه: الإختلاف في نداء النبي "صلى الله عليه وآله" والعباس.
هل كان للأنصار فقط؟ أم كان للأنصار والمهاجرين معاً؟ وقد تقدم ذلك.
ويمكن دفع التناقض: بأنه "صلى الله عليه وآله" ناداهم جميعاً أولاً، ثم خص الأنصار بالنداء، حين رأى أن المهاجرين لا يلوون على شيء.
ومنه: الإختلاف في عدد من ثبت مع النبي "صلى الله عليه وآله" كما سيأتي إن شاء الله تعالى..
ومنه: الإختلاف في أنهم بعد عودتهم من فرارهم إلى ساحة المعركة هل قاتلوا أم لا؟
ومنه: الإختلاف في الذين نزلت عليهم السكينة. وقد أوضحنا ذلك فيما سبق، وربما نعود إلى التوضيح.
ومنه: اختلاف الروايات في أن هوازن خرجت من الشعاب على النبي "صلى الله عليه وآله"، فثبت لهم. أم خرجت على المسلمين، فانهزموا؟ كما سنرى.
النبي ' يركب بغلة:
إنه لا شك في أنه كانت لدى النبي "صلى الله عليه وآله" خيول معروفة بأسمائها وأعيانها، مثل الظرب، ولزاز.
ولكننا نقرأ في النصوص المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يركب شيئاً من الخيل في حنين، بل كان يركب البغلة الشهباء، أو تلك المسماة بدلدل.
ولعل ذكر الفرس في حديث عبد الرحمن الفهري، حيث قال: إنه "صلى الله عليه وآله" اقتحم عن فرسه، فأخذ كفاً من تراب، قد ورد سهواً من الراوي، وإذ قد ظهر ذلك، فإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا هو:.
لماذا لم يركب "صلى الله عليه وآله" فرساً، فإنها أقدر على التحرك السريع في ساحات القتال؟!
ويؤكد ضرورة اختيار الخيل هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" كان هو المستهدف الأول لكل تلك الجيوش والكتائب، وستكون همتها مصروفة للوصول إليه.. وسيكون ركوبه البغلة من دواعي الحرص على استهدافه بالهجمات، حيث يترجح لدى أعدائه احتمال تمكنهم من إلحاق الأذى به "صلى الله عليه وآله".
ونقول في الجواب:
لعل السبب في هذا الإختيار هو:
1 ـ أن ذلك يدل على: أن ثمة شجاعة نادرة، وثباتاً لا مثيل له لدى رسول الله "صلى الله عليه وآله". "لأن ركوب الفحولة مظنة الإستعداد للفرار والتولي. وإذا كان رأس الجيش قد وطن نفسه على عدم الفرار، والأخذ بأسباب ذلك كان أدعى لاتباعه"([269]).
2 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد وعد المسلمين النصر، وأن يجعل الله ما جاؤوا به من أموال، وأنعام وسواها، غنائم للمسلمين. فإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" يركب بغلة، وليس فرساً، وقد فر عنه جميع من كان معه وهم اثنا عشر ألفاً، أو أكثر، أو أقل، وقد أصبح هو وابن عمه علي "عليه السلام"، وربما بضعة أشخاص آخرين من بني هاشم وحيدين في بلاد الأعداء النائية، وإذا كان اعداؤه الذين يهاجمونه هم أهل البلاد، العارفون بمسالكها، وفجاجها، ومضايقها، وهم على درجة كبيرة من الكثرة، ووفرة العدد، وحسن العدة، حتى إن عددهم قد يصل إلى عشرين ألف سيف، أو أزيد من ذلك.
وإذا كان قد تفرق عنه جيشه في تلك البلاد وتاه في أرجائها، حتى لم يعد يمكن جمعه، ولا الإعتماد عليه في تحقيق أي شيء يؤثر على مصير الحرب..
فإذا كان الأمر على هذا الحال.. فإن المتوقع هو أن يغير النبي "صلى الله عليه وآله" من مسير حركته، وان يدخل تغييرات أساسية على أوضاعه الأمنية، والقتالية، ليتمكن من تجاوز هذه المحنة بسلام.
ولكن هذا النبي "صلى الله عليه وآله" العظيم والكريم لم يتخذ أي إجراء احتياطي حتى في هذه الحال الشديدة، فلم يبحث عن مركوب يستطيع بحركته السريعة أن يمكِّن من يمتطيه، ليس من الخروج من ساحة القتال، وإنما من حفظ نفسه ـ ولو من خلال المراوغة السريعة ـ من هجمات أعدائه المتتابعة.
بل بقي في موقع التحدي والتصدي ليحقق النصر، الذي كان قد وعد الناس به، فكان له ما أراد، على يد أحب الخلق إلى الله تعالى، وإليه، وهو علي بن أبي طالب "عليه السلام".
وليكون ذلك دليلاً آخر على صدقه، وعلى نبوته "صلى الله عليه وآله"، وعلى أنه متصل بالغيب، ومؤيد بالله، ومسدد بألطافه، ومحاط بعناياته الظاهرة والخفية.
3 ـ والذي زاد من وضوح هذه المعجزة الظاهرة، وسطوع هذه الكرامة الباهرة: أنه "صلى الله عليه وآله" يعلن للناس عن نفسه، ويصرح لهم باسمه الشريف، ليسمعه الأعداء منهم والأصدقاء على حد سواء.
ومضمون هذا الإعلان هو: إخبارهم بأنه سينتصر، كما أخبرهم، مضيفاً إلى ذلك أنه قد جعل نفس النبوة رهينة بهذا النصر.. ويكون هذا منه في الوقت الذي يرى كل أحد أنه لا يملك شيئاً، يمكن أن يعطي أية فرصة مهما كانت ضئيلة لذرة من خيال لاحتمال نجاة له من عشرين ألف سيف يحيطون به، بعد أن فرَّ عنه جميع أنصاره، وتركوه في بلاد عدوه وحيداً فريداًو توهم لاحتمال .
وقيل: إن جيش الكفار كان ضعفي المسلمين في العدد، وأكثر من ذلك. "ولذا جزم في النور: بأن هوازن كانوا أضعاف الذين كانوا معه "صلى الله عليه وآله".."([270]).
وتقدم القول: بأن بعض جيش المشركين كان ثلاثين ألفاً.
وذكر الثعالبي: أنهم كانوا ثلاثين ألفاً([271]).
والدليل على أنه "صلى الله عليه وآله" قد جعل نفس نبوته رهينة بهذا النصر: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يعرِّف الناس بموقعه وبمكانه، ويتحدث عن نفسه لهم، بعنوان: أنه الذي يحمل صفة النبوة، التي "يستحيل معها الكذب. ويقول:
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطــلــب ([272])
وكأنه "صلى الله عليه وآله" قال: لأنني أنا النبي. والنبي لا يكذب، فلست بكاذب فيما أقول حتى أنهزم، وأنا متيقن من أن الذي وعدني به الله من النصر حق.
"وقيل معنى قوله: لا كذب. أي أنا النبي حقاً لا كَذبَ في ذلك"([273]).
ونظير هذا الموقف رواه لنا محمد بن سنان عن الإمام الرضا "عليه السلام"، فإنه قال له في أيام هارون: إنك قد شهرت نفسك بهذا الأمر، وجلست مجلس أبيك، وسيف هارون يقطر بالدم؟!.
قال: جرأني على هذا، ما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن أخذ أبو جهل من رأسي شعرة، فاشهدوا أني لست بنبي.
وأنا أقول لكم: إن أخذ هارون من رأسي شعرة، فاشهدوا أني لست بإمام([274]).
4 ـ ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد نسب نفسه إلى عبد المطلب، لشهرة أمر عبد المطلب في البلاد والعباد، لما رزقه من نباهة الذكر، وطول العمر.. ولم يكن لعبد الله والد النبي "صلى الله عليه وآله" شهرته.
5 ـ والأهم من ذلك كله: أنه "صلى الله عليه وآله" ـ كما ذكر في الروايات المتقدمة ـ قد نزل عن بغلته حين غشيه الأعداء، وذلك مبالغة منه في إظهار الإصرار على الثبات والصبر مهما كانت النتيجة، فإن توهم أحد أن للبغلة أي أثر في حفظ نفسه الشريفة "صلى الله عليه وآله"، أو التسريع في خروجه من دائرة الخطر، فإن نزوله عنها يبدد هذا الوهم، ويمحو أثره من الوجود..
يضاف إلى ذلك: أن ذلك يتضمن مواساةً منه "صلى الله عليه وآله" لمن ثبت وجاهد، وعرَّض نفسه للخطر، أو لاحتمالاته، أو احتمالات الضرر، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يرغب بنفسه عن أنفسهم.
6 ـ ثم إن هناك تصعيداً آخر في موقفه الحازم والصارم هذا، وهو: أن الروايات قد ذكرت: أنه "صلى الله عليه وآله" قد تجاوز موضوع اختيار البغلة كمركوب له في ساحات الخطر..
ثم النزول عنها ليصبح راجلاً.
ثم تعريف الناس بمكانه، وبصوته، وأنه ما زال على قيد الحياة.
نعم.. لقد تقدم خطوة أخرى باتجاه الخطر الهائل الذي يتحاشاه أعظم الناس بطولة وبسالة، وأشدهم إقداماً، وشجاعة.. وهو أنه حين غشوه، وأصبح راجلاً، صار يتقدم باتجاه أعدائه..
ولا شك في أن هذا سيفاجئ الأعداء، ويصدمهم، ويثير أمامهم احتمالات تزلزلهم، وتشوش الموقف أمام أعينهم، وستختلط عليهم الأمور، وتتناقض المشاعر، وسيفهمون ذلك على أنه كرامة، بل معجزة، لا يجوز لهم متابعة التحدي لها، لأن ذلك سيعرضهم لأخطار لم يحسبوا لها حساباً، ولم تخطر لهم على بال، ولا مرت لهم في خيال..
وتتبلور تلك الصدمة الكبرى برؤيتهم علياً "عليه السلام"، وهو يحصدهم حصداً، بسيف يتوالى لمعانه لهم كأنه شعلة نار، يتجلى فيها غضب الجبار، وهي تجري فيهم حكم الواحد القهار.
7 ـ كما أن المهزومين من المسلمين، سوف يصعقون لهذه المفاجأة، وستتأكد لديهم المعجزة، والرعاية الإلهية، والحفظ الرباني لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتأييده بنصره، وسيثير ذلك مشاعر الندم لدى طائفة كبيرة منهم، ويعطيهم القوة والعزيمة، ويدعوهم إلى تدارك ما بدر منهم، والعودة إلى ساحة الحرب، والشدة في الطعن والضرب.
نعم.. إن ذلك لا بد أن يعطي الكثير منهم القوة في الإيمان، والنفاذ في البصيرة، والصدق في العزيمة، والحماس للتضحية، والرغبة في مثوبة الله تبارك وتعالى.
النبي ' والشعر:
وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال حين فرَّ عنه الناس:
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطــلـــب
وهذا الكلام له وزن الشعر، فهل يعتبر قائله شاعراً؟!
وكيف نوفق بين ذلك، وبين القول: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن شاعراً؟!..
ونجيب:
أولاً: إن الكلام العادي، قد يأتي على وزن الشعر في بعض الأحيان، ولكنه لا يعد شعراً إلا إذا قصد ذلك منه.
والشاهد على ذلك: أنه قد ورد في القرآن بعض من ذلك، ولم يقل أحد: إن القرآن قد تضمن شعراً.
فقد قال تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً}([275]).
وقال: {وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا}([276]).
وقال سبحانه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ}([277]).
ولكن ذلك لا يصحح القول: بأن القرآن قد تضمن بيتاً من الشعر، أو شطر بيت، ولم يقل ذلك أحد من المشركين، والذين اتهموا النبي "صلى الله عليه وآله"، بأنه شاعر لم يستطيعوا أن يتخذوا من هذه الآيات شاهداً على مزاعمهم، بل إن الناس كذبوهم في مزاعمهم هذه..
ولم يستطيعوا أن يردوا قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلاَ ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ}([278]).
ولا قوله عز وجل: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَا تُؤْمِنُونَ}([279]).
بادِّعاء: أن الآيات التي ذكرناها آنفاً تدل على خلاف ما دلت عليه هاتان الآيتان.
ثانياً: إن الآيات حين نفت عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يكون شاعراً، فإنما أرادت أن تقول أمرين:
الأول: أن الشعر مما لا يليق بالأنبياء "عليهم السلام"، وقد نزه الله تعالى عنه نبيه الكريم "صلى الله عليه وآله"، رفعاً لدرجته، وتنزيهاً لساحته عن أن يكون ممن يزين المعاني الشعرية بالتخييلات الكاذبة، والأوهام الباطلة.
الثاني: أن هذا القرآن لم يعتمد الطريقة الشعرية في بيان مقاصده. لكن ذلك لا يعني أن لا يصدر عن النبي "صلى الله عليه وآله" كلام يتوافق مع وزن بيت، أو شطر بيت من الشعر.
بيان ذلك: أن الشعر يقوم على أمرين:
أحدهما: اعتماد الأمور الخيالية، والأوهام، والتزيينات اللفظية والبديعية، في عرضه للمعاني على القلوب والنفوس، ودفعها للقبول بها.
الثاني: التزام الوزن بما له من موسيقى مثيرة، وإيقاع مؤثر كأسلوب آخر من أساليب التسويق للمقاصد والمعاني، التي يراد إبعادها عن مجال التأمل والتحليل العقلي، فتُلقى إلى القلوب والنفوس عبر المشاعر والإنفعالات فتتلقفها، وتتفاعل معها من دون فكر وروية، وبلا تدبر في الأبعاد، والأسباب، أو في الأهداف والنتائج.
أما إذا جاء الكلام موزوناً، ولكن من دون أن يكون للإيقاع والوزن أي تأثير في التسويق للمعنى، ومن دون أن يعطل دور العقل في التأمل والتفكر، والتحليل، والتدبر، ومن دون أن تمازج تلك المعاني خيالات أو أوهام. فإن هذا الكلام لا يكون مشمولاً لما نزه الله نبيه عنه تجليةً منه وتكريماً له، وتنزيهاً عنه.
وهذا هو السبب في أن وجود فقرة أو فقرات يتوافق وزنها مع وزن بعض الشعر لم يجعل هذه الفقرات من الشعر، ولا يكون نقضاً للقاعدة التي أطلقها القرآن حول الشعر والشعراء، وحول القرآن، والأنبياء. إدانة ورفضاً، وحلاً ونقضاً.
النبي ' يركض البغلة، والعباس يكفها:
ونقرأ في الروايات المتقدمة: كيف أن النبي كان يركض البغلة نحو الكفار، وكان العباس يكفها، بعد أن ولى المسلمون مدبرين.
ومن الواضح: أن هذا الهجوم على الأعداء من رسول الله "صلى الله عليه وآله" من شأنه أن يرعبهم، لاسيما وهم يرون أنه راكب على بغلة، تقصر به عن بلوغ مراده في ساحة الحرب، فاندفاعه الواثق والقوي هذا يجعل المشركين يحسبون ألف حساب لما يمكن أن يكون معتمده، وما يريد أن يحققه. ولابد أن يمنعهم ذلك من الإقدام والمغامرة، أو هو على الأقل يوجب قدراً من التردد لديهم في ذلك..
أما العباس فهو يكف البغلة عن الإسراع باتجاه العدو، لأنه يرى أن من واجبه أن يحتاط للأمر، ويحفظ حياته وحياة رسول الله "صلى الله عليه وآله". وهو لا يلام في ذلك، لأنه لا يقصد مخالفة الرسول، ولا يريد إبطال تدبيره..
على أن هذا الاندفاع من رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان لأجل أن يكون بالقرب من أخيه علي "عليه السلام"، الذي كان قد غاص في أوساط الأعداء، حتى افتقده العباس، وظن أنه تخلى عن موقعه، وعن دوره، فأطلق كلمات تبرُّم وشك، فدلوه على موقعه فيما بين تلك الكتائب المتكالبة على قتله، وقتل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن معهما من المؤمنين.
الفصل الثاني:
هزيمة المشركين على يد علي ×
الآن حمي الوطيس:
وقد ذكرت الروايات: أنه لما عاد الأنصار للقتال قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الآن حمي الوطيس([280]).
ونقول:
إن الهزيمة للمشركين قد حصلت على يدي علي "عليه السلام"، فإن كان "صلى الله عليه وآله" قد قال هذه الكلمة، فقد قالهل حين اشتد القتال بين المشركين وبين علي "عليه السلام"، لا بين المسلمين بعد عودتهم والمشركين. إذ إنهم بعد عودتهم لم يرمِ أحد منهم بسهم، ولم يطعن برمح، كما سيتضح.
لم يحارب أحد سوى علي ×:
وقد ادَّعت بعض الروايات المتقدمة: أن المسلمين الذين عادوا إلى ساحة المعركة قد قاتلوا. فراجع رواية أبي بشير المازني، وكذلك رواية عثمان بن شيبة، ورواية الشيخ المفيد "رحمه الله"، وغير ذلك.. وقد أخذ المؤرخون هذه الرواية بحسن نية، ولم يدققوا في صحتها وسقمها..
بل لقد قال دحلان: "لما انهزم المشركون تبع أثرهم المسلمون قتلاً وأسراً حتى حدّث بعض من هوازن قال: ما خيل لنا إلا أن كل حجر وشجر فارس يطلبنا.
وأنزل الله من الملائكة خمسة آلاف، وقيل: ثمانية، وقيل: ستة عشر ألفاً.
فقيل: إنهم قاتلوا، وقيل: لم يقاتلوا لإلقاء السكينة في قلوب المؤمنين بإلقاء الخواطر الحسنة"([281]).
ونقول:
إن هذا الرجل قد وهم في فهم كلام بعض من هوازن، فإنه إنما أراد: أن الملائكة كانت تلاحقهم([282]).
ولم يرد: أن الذين عادوا من هزيمتهم كانوا يلاحقونهم.
ولو سلمنا: أنه أراد ذلك، فلعله رأى جنود الملائكة، فظن أن المنهزمين قد عادوا من هزيمتهم.
وقد صرحت بعض الروايات الآتية حين الحديث عن "النصر الإلهي والإمداد بالملائكة": بأنهم كانوا يرون المسلمين بين الملائكة كمثل الشامة. ويرون أن الملائكة هم الذين قتلوهم.
غير أننا نقول:
إن ذلك مشكوك فيه، بل الذي قاتل هو خصوص علي "عليه السلام"، وقد قتل أربعين رجلاً بيده، حسب تصريحهم.
وهو ما روي عن الإمام الصادق "عليه السلام" أيضاً([283]).
قال أنس: وكان "عليه السلام" يومئذ أشد الناس قتالاً بين يديه([284]).
وأما من عداه: فيشك كثيراً في أن يكون أحد منهم قاتل، فلاحظ ما يلي:
1 ـ روي عن أنس، وعكرمة قالا: لما انهزم المسلمون بحنين، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على بغلته الشهباء ـ وكان اسمها دلدل ـ فقال لها رسول الله "صلى الله عليه وآله": دلدل، البدي. فألزقت بطنها بالأرض، فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" حفنة من تراب، فرمى بها في وجوههم، وقال: "حم، لا ينصرون"، فانهزم القوم، وما رمينا بسهم، ولا طعنا برمح([285]). أو فما رموا بسهم، ولا طعنوا برمح، ولا ضربوا بسيف. فهزمهم الله.
2 ـ وعن أنس أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" بقي وحده، فنادى الأنصار عن يمينه تارة، وعن يساره أخرى بندائين لم يخلط بينهما، فلبوه بأنهم معه، "فهزم الله المشركين، ولم يضرب بسيف، ولم يطعن برمح"([286]).
حيث إن الراجح هو: أن تقرأ كلمتا "يضرب" و "يطعن" في العبارة الأخيرة بصيغة المبني للمجهول، فتتوافق في مفادها مع الرواية السابقة. أو تكون قد حصل فيها تصحيف في لفظ الحروف نضرب ونطعن. صحفت فصارت: يضرب ويطعن. وربما يكون ذلك قد حصل سهواً، وربما عمداً، لحاجة في النفس قضيت.
3 ـ قال ابن إسحاق: "ورجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جهة المشركين بعد انهزامهم إلى العسكر، وأمر أن يقتل كل من قدر عليه، وثاب من انهزم من المسلمين"([287]). فإنه ظاهر في أن عودة من انهزم قد كانت بعد انقضاء الأمر.
4 ـ قولهم: فوالله، ما رجعت راجعة للمسلمين حين هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتوفين (مكتفين) عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"([288]). فإنه صريح في أن هزيمة المشركين وقعت، وأسر من أسر منهم قبل رجعة راجعة المنهزمين.
وهذا معناه: أن المنهزمين لم يشاركوا في القتال بعد عودتهم..
5 ـ إن أحاديث: أنه "صلى الله عليه وآله" حثا التراب في وجوه المشركين، فهزمهم الله تعالى، تدل على: أن المشركين انهزموا من دون أن يباشر المسلمون العائدون من الهزيمة أي قتال معهم..
النبي ' يحثو التراب في وجوههم:
والأحاديث هي التالية:
1 ـ حديث ابن مسعود عن أنه مع ثمانين من المهاجرين والأنصار لم يولوا الدبر، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" قال له: ناولني كفاً من تراب، فناوله فضرب وجوههم، فامتلأت أعينهم تراباً، ثم قال: أين المهاجرون والأنصار؟!
قلت: هم أولئك.
قال: إهتف بهم.
فهتف بهم، فجاؤوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب، وولى المشركون أدبارهم([289]).
2 ـ عن كرز بن يزيد الفهري قال: "فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى، فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: "يا عباد الله. أنا عبد الله ورسوله، يا أيها الناس، إني أنا عبد الله ورسوله".
فاقتحم رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن فرسه، وحدثني من كان أقرب إليه مني: أنه أخذ حفنة من تراب، فحثاها في وجوه القوم، وقال: "شاهت الوجوه".
قال يعلى بن عطاء: وأخبرنا أبناؤهم عن آبائهم، أنهم قالوا: "ما بقي منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه من التراب، وسمعنا صلصلة من السماء كمر الحديد على الطست، فهزمهم الله تعالى"([290]).
3 ـ عن أنس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخذ يوم حنين كفاً من حصى أبيض، فرمى به وقال: "هزموا ورب الكعبة".
وكان علي "عليه السلام" يومئذٍ أشد الناس قتالاً بين يديه([291]).
4 ـ عن شيبة بن عثمان: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال يوم حنين: يا عباس، ناولني من الحصباء.
قال: وأفقه الله تعالى البغلة كلامه، فانخفضت به حتى كاد بطنها يمس الأرض، فتناول رسول الله "صلى الله عليه وآله" من البطحاء، فحثا في وجوههم، وقال: "شاهت الوجوه، حم لا ينصرون"([292]).
5 ـ وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" طلب كف التراب من أبي سفيان بن الحارث([293]).
6 ـ وفي نص ثالث: أنه "صلى الله عليه وآله" طلبه من العباس وأبي سفيان([294]).
7 ـ وفي نص رابع: أنه "صلى الله عليه وآله" طلب كف التراب من ابن مسعود([295]).
8 ـ عن يزيد بن عامر السوائي، وكان شهد حنيناً مع المشركين، ثم أسلم، قال: أخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين قبضة من الأرض، ثم أقبل على المشركين، فرمى بها في وجوههم وقال: "ارجعوا، شاهت الوجوه".
قال: فما من أحد يلقى أخاه إلا وهو يشكو القذى في عينيه، ويمسح عينيه([296]).
9 ـ عن عياض بن الحارث، وعن عمرو بن سفيان قالا: قبض رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين قبضة من الحصباء، فرمى بها وجوهنا، فانهزمنا([297]).
زاد عمرو بن سفيان قوله: فما خُيِّل إلينا أن كل حجر وشجر فارس يطلبنا([298]).
10 ـ وفي حديث سلمة بن الأكوع قال: لما غشوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" نزل عن بغلته، ثم قبض قبضة من تراب من الأرض، ثم إنه استقبل به وجوههم، وقال: "شاهت الوجوه".
فما خلى (خلق) الله تعالى منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة. فولوا مدبرين.
وقسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" غنائمهم بين المسلمين([299]).
ونقول:
إن هذه الحادثة تحتاج ـ قبل أن نواصل الحديث ـ إلى بعض التوضيح، والبيان، فلاحظ ما يلي:
شاهت الوجوه:
تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد دعا على المشركين بقوله: "شاهت الوجوه"، وذلك حين رمى التراب، أو الحصى في وجوههم.
وقد يسأل سائل عن المراد بهذا الدعاء، فنقول في الجواب:
قد يقال في معنى هذا الدعاء العديد من الوجوه، إذ:
1 ـ لعل المقصود هو: الإلماح إلى أن الله تعالى قد خلق الإنسان في أحسن تقويم، سواء بالنسبة لتكوينه الظاهري المتمثل في صورته البشرية، أو في تكوينه الباطني، المتمثل بما أعطاه الله إياه من فطرة سليمة، وعقل قويم، ومن عواطف ومشاعر نبيلة، ومن سمات وصفات وميزات إنسانية، لو حافظ عليها لسار في خط التكامل، والإرتقاء، حتى يصبح أفضل من الملائكة الأصفياء.
ولكن هذا الإنسان بسوء اختياره، وبعمله الفاسد، ورأيه الكاسد، يشوّه صورته الباطنية، من خلال العدوان على تلك الصفات والميزات الإنسانية وتشويهها، وتبقى صورته الظاهرية، التي يتعامل بها مع الآخرين على حالها، فيظن الناس فيه الخير والصلاح، والنجاح والفلاح، مع أن الأمر ليس كذلك، بل هو يضم جناحيه على طبيعة هي للحيوان أقرب منها للإنسان، فهو يحمل طبع الذئب أوالخنزير، أو السبع، أو غير ذلك، ولكن صورته صورة إنسان..
ولأجل ذلك، فإن دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" على المشركين بتشويه الوجوه، هو الطلب إلى الله تعالى أن يفضح أمرهم، ويظهرهم على حقيقتهم.
2 ـ وقد يفهم هذا الدعاء: على معنى أن النبي "صلى الله عليه وآله" يطلب من الله تعالى: أن يحول هذه الوجوه، التي يظهر عليها الإستبشار والإبتهاج بانتصار الباطل على الحق ـ يحولها ـ إلى وجوه كالحة، يشوهها الغيظ والخزي، والذل والشنار بنصر الحق الإلهي على باطلهم الشيطاني..
3 ـ وقد يكون المقصود هو: تشويه وجوههم بعذاب النار في الآخرة على قاعدة: {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ}([300]).
وقوله تعالى: {يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ}([301]).
4 ـ وقد يكون المقصود أيضاً هو: مجموع ذلك. أو سواه من المعاني التي تناسب هذا المقام..
كف الحصى:
وقد اختلفت الروايات المتقدمة: حول كيفية أخذ النبي "صلى الله عليه وآله" كفاً من حصى (أو من تراب).
هل نزل عن بغلته، وأخذها بنفسه؟
أم أن البغلة نفسها انخفضت به حتى أخذ ما أراد؟
أم أن ابن مسعود ناوله إياها؟
أم ناوله إياها أبو سفيان بنفسه؟
أم ناوله إياها هو والعباس؟
وفي بعضها: أن علياً "عليه السلام" هو الذي فعل ذلك([302]).
وحاول الصالحي الشامي الجمع بين هذه الروايات، فقال:
"والجمع بين ذلك: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، قال لصاحبه: ناولني، فناوله، فرماهم.
ثم نزل عن البغلة، فأخذ بيده، فرماهم أيضاً.
فيحتمل أن الحصى في إحدى المرتين، وفي الأخرى التراب. وأن كلاً ممن ذُكِرَ ناوله"([303]).
ونقول:
يمكننا تصور وجه آخر للجمع، وهو أن المشركين كانوا يعدون بعشرات الألوف، فقيل: عشرون ألفاً.
وقيل: أربعة وعشرون.
وقيل: ثلاثون.
وقيل: أضعاف عدد المسلمين.
فلعلهم انقسموا في هجومهم على النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين إلى عدة طوائف، بسبب ضيق الوادي الذي تجري فيه الحرب. فكان "صلى الله عليه وآله" يأخذ الحصى، أو التراب، ويرميه في وجه كل طائفة، ولعله أخذه مرة من العباس، وأخرى من ابن مسعود، وثالثة من علي "عليه السلام"، ورابعة بانخفاض البغلة حتى تلزق بطنها بالأرض، أو بنزوله "صلى الله عليه وآله" عنها. وربما كان يرميهم تارة بالتراب، وأخرى بالحصى..
وإنما قلنا هذا: لأننا لا نرى مبرراً لتكرار رمي التراب في وجوههم، فإن الله سبحانه لا بد أن يلقي في قلوب المهاجمين الرعب، من أول مرة يرميهم النبي "صلى الله عليه وآله" فيها كما هو ظاهر.
معجزتان: فعلية وخبرية:
وقالوا أيضاً: في رميه "صلى الله عليه وآله" الكفار، وقوله: "انهزموا ورب الكعبة الخ.." معجزتان ظاهرتان لرسول الله "صلى الله عليه وآله":
إحداهما: فعلية.
والأخرى: خبرية.
فإنه "صلى الله عليه وآله" أخبر بهزيمتهم، ثم رماهم بالحصى، فأثر ذلك فيهم، فولوا مدبرين فعلاً.
وفي رواية: استقبل وجوههم، فقال: "شاهت الوجوه".
وهنا أيضاً معجزتان: فعلية وخبرية([304]).
فقد أخبر "صلى الله عليه وآله": عن أن هذا الأمر سيصيب وجوههم، ثم كان لفعله تأثير في حصول ذلك لهم..
نزول السكينة:
قال الطبرسي: {..ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا..}([305]). حين رجعوا إليهم وقاتلوهم.
وقيل: على المؤمنين الذين ثبتوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله": علي، والعباس، في نفر من بني هاشم. عن الضحاك.
وروى الحسن بن علي بن فضال، عن أبي الحسن الرضا "عليه السلام" أنه قال: السكينة ريح من الجنة، تخرج طيبة، لها صورة كصورة وجه الإنسان، فتكون مع الأنبياء([306]).
وروي مثله عن العباس بن هلال([307]).
وروي في قول الله عز وجل: {وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} قال: هم الملائكة. {وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ}. قال: قتلهم بالسيف.
وروي أيضاً عن سعيد بن جبير، قال: "في يوم حنين أمدّ الله تعالى رسوله "صلى الله عليه وآله" بخمسة آلاف من الملائكة مسوّمين، ويومئذٍ سمى الله تعالى الأنصار مؤمنين، قال: {ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ}" ([308]).
وعن ابن مسعود، قال: كنت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين، فولى الناس عنه، وبقيت معه في ثمانين رجلاً من المهاجرين والأنصار، فنكصنا على أعقابنا نحواً من ثمانين قدماً. (وفي نص آخر: فقمنا على أقدامنا) ولم نولهم الدبر، وهم الذين أنزل الله تعالى عليهم السكينة، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على بغلته لم يمض قدماً الخ.. وقد تقدم([309]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم بعض الوقفات، للتوضيح، أو للتصحيح، فلاحظ ما يلي:
حقيقة السكينة:
إن ما رواه الحسن بن فضال، عن أبي الحسن الرضا "عليه السلام" في معنى السكينة ليس بالأمر المستهجن، الذي يمكن المبادرة إلى رده بيسر وسهولة، وإن كان قد تضمن بعض التعابير، التي قد لا تروق لبعض الناس.
وذلك لأن السكينة كما قلنا: هي حالة من الرضا يلقيها الله على من يستحقها، واستعد وتهيأ لها من عباده، ليزدادوا بها إيماناً، وتزيد بها طهارة قلوبهم، وصفاء نفوسهم..
ولكن ذلك لا يمنع من أن تكون لهذه السكينة تجليات خاصة بالنسبة للأنبياء، تتناسب مع حالاتم صلوات الله وسلامه عليهم. وإن لم نستطع نحن أن ندرك حقيقة ذلك بدقة، إذ يكفينا أن نعلم: بأن ثمة أمراً خاصاً يمتازون به عن سائر الناس.
متى سمّى الله الأنصار مؤمنين؟!:
أما قول سعيد بن جبير: أنه تعالى سمى الأنصار مؤمنين "يوم حنين" فهو محض اجتهاد منه، ويرد عليه:
أولاً: إن الآيات القرآنية وصفت الذين كانوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنهم مؤمنون مثل قوله تعالى في أهل بيعة الشجرة: {لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً}([310]).
ومنها قوله تعالى عن فتح مكة: {إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً}([311]).
وقال عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ المُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً}([312]).
ولا شك في أن الأنصار كانوا من بين المؤمنين الذين ذكروا في هذه الآيات، الواردة في سورة الفتح، التي نزلت قبل حنين.
ثانياً: قد ذكرنا وسنذكر: أن النصر إنما كان على يد علي أمير المؤمنين فقط. فالسكينة إنما نزلت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعلى علي "عليه السلام" فقط.. ولا أقل من أن يكون هذا الذي ذكرنا راجحاً.
ثالثاً: هل نستطيع أن نفهم من الكلام المنسوب لسعيد بن جبير: أن المقصود هو توهين أمر الأنصار، وإثارة الريب في إيمانهم، وتكريس الآيات التي تتحدث عن وجود مؤمنين مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنها تقصد خصوص المهاجرين، رغم فرارهم في هذا الموطن وسائر المواطن؟!
رابعاً: تقدم أن الضحاك يقول: إن السكينة إنما نزلت على خصوص الذين ثبتوا مع رسول الله، وهم علي "عليه السلام" والعباس، في نفر من بني هاشم..
وهذا معناه: أن المقصود بالمؤمنين هم خصوص هؤلاء، وهم من المهاجرين لا من الأنصار، فما معنى قول ابن جبير: إن السكينة نزلت على الأنصار؟!
قيمة رواية ابن مسعود:
وأما رواية ابن مسعود المتقدمة، فنقول فيها:
أولاً: إن المهاجرين فروا مع الفارين.. فلا معنى لحشر اسمهم في جملة من ثبت، إلا إن كان المقصود بهم خصوص علي "عليه السلام" والعباس، ونفر من بني هاشم..
ولكن يبقى سؤال: لماذا هذه التعميمات الموهمة، والتعميمات المضللة؟!
ثانياً: ما زعمه من أن الثمانين لم يولوا الدبر غير صحيح، بل الجميع قد ولى الدبر باستثناء النبي "صلى الله عليه وآله"، وعلي "عليه السلام".. وبعض بني هاشم الذين احتوشوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لكي يحموه من سيوف الأعداء..
وسنوضح هذه الحقيقة بصورة أتم في مقام آخر.
جبنهم ونزول السكينة:
قال تعالى: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ ثُمَّ يَتُوبُ اللهُ مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَن يَشَاء وَاللهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}([313]).
وقد زعموا: أن سبب نزول السكينة على المسلمين ليس هو جبنهم، فإن فرار المسلمين لم يكن عن جبن، وإنما كان بسبب مفاجأة هوازن وثقيف لهم، حيث شدوا عليهم شدة رجل واحد، ورموهم بالسهام حتى ما تكاد تخطئ لهم رمية، فاحتاجوا إلى السكينة، فأنزلها الله تعالى عليهم..
واحتاجها أيضاً رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأجل ما دخله من الحزن والإضطراب والأسف مما جرى على المسلمين..
والدليل على أن جبنهم ليس هو السبب: أنهم رجعوا إلى ساحة القتال، بمجرد سماعهم لنداء العباس.
ونقول:
إن ذلك لا يمكن قبوله.. وذلك لما يلي:
أولاً: إن ظاهر الآيات من سورة التوبة هو: أنهم قد فروا جبناً وخوفاً، لأنهم اعتقدوا: أن كثرتهم تغني عنهم في ساحة القتال، ولم يفكروا: بأن عليهم أن يرجعوا إلى الله، ويعتمدوا عليه.. ولم يتذكروا ربهم الذي نصرهم في ثمانين موطناً.
ثانياً: إن الآيات المشار إليها إنما هي بصدد لومهم وتأنيبهم على فرارهم، وتولية أدبارهم، الأمر الذي يوجب لفاعله: أن يبوء بغضب من الله ـ كما دلت عليه الأية الشريفة: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} ([314]).
فتولية الأدبار المحرمة في الحرب توجب الغضب الإلهي، سواء أكان بسبب الإضطراب الناشئ من المفاجأة، أو بسبب الجبن..
ثالثاً: إن أسف النبي "صلى الله عليه وآله"، وحزنه على ما صدر من أصحابه، حيث لم يعتصموا بالله، أمر محمود، ومحبوب لله تعالى، ولا شأن للسكينة به، ولا يمكن أن يكون مبغوضاً، ومع غض النظر عن ذلك، فإنه "صلى الله عليه وآله" معصوم، ولا يصدر منه ما يكون مبغوضاً.
رابعاً: إن المسلمين الذين انهزموا كان فيهم منافقون، ومشركون، ولا يعقل أن تنزل السكينة على هؤلاء.. لأن السكينة ليست هي مجرد السكون والثبات والطمأنينة، ورباطة الجأش، لأن السكينة بهذا المعنى كانت حاصلة للكافرين حين هاجموا المسلمين في المرة الأولى، بل هي معطاة لكل شجاع باسل..
وإنما السكينة حالة يعطيها الله سبحانه لأوليائه المؤمنين كرامة منه تعالى لهم.
وهذا ما يفسر لنا السبب في أنه سبحانه يمتن بهذه السكينة على خصوص عباده المؤمنين، ويتفضل بها عليهم، وعلى رسوله الكريم والعظيم "صلى الله عليه وآله".
وهذه السكينة تحتاج إلى أن يكون من تنزل عليه أهلاً لتلقيها، متصفاً بالتقوى، وطهارة القلب، وصدق الإيمان، وما إلى ذلك.. وهي من موجبات زيادة الإيمان كما صرحت به الآية (4) من سورة الفتح..
والذين ثبتوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" هم المستحقون لهذه الكرامة الإلهية، وأما من ارتكب جريمة الفرار من الزحف، وباء بغضب من الله، فلا يصح إشراكه مع أولئك المؤمنين المجاهدين في هذه الكرامة.
خامساً: وأخيراً.. إن نفس قوله تعالى:
{لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً..} يدل على: أنهم غير معذورين في هزيمتهم، لأنها تقول: إن الله قد نصرهم، حينما كانوا معتمدين عليه، وملتجئين إليه، فلما اعتمدوا على كثرتهم أصيبوا بهذا البلاء العظيم، وهو أن الأرض قد ضاقت عليهم رغم سعتها، ثم ولوا مدبرين.
ويلاحظ: أنه تعالى وصف المواطن التي نصرهم فيها بالكثيرة، ليظهر كفرانهم لهذه النعمة، وأن ذلك كان عملاً ظاهر السوء منهم.
المواطن الكثيرة ثمانون:
وقد روي: أن المتوكل اشتكى شكاة شديدة، فنذر لله إن شفاه الله أن يتصدق بمال كثير، فعوفي من علته، فسأل أصحابه عن ذلك. إلى أن قال: فقال ابن يحيى المنجم: لو كتبت إلى ابن عمك يعني: أبا الحسن "عليه السلام"، فأمر أن يكتب له فيسأله، فكتب أبو الحسن "عليه السلام": تصدق بثمانين درهماً.
فقالوا: هذا غلط، سله من أين قال هذا؟
فكتب: قال الله لرسوله: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ}، والمواطن التي نصر الله رسوله "صلى الله عليه وآله" فيها ثمانون موطناً، فثمانون درهماً من حله مال كثير([315]).
فليتأمل الرجل الأريب في هذه الحادثة، فهي في نفس الوقت الذي تبدو فيه شديدة القرب إلى حد البداهة، فإنها تبقى بعيدة المنال عن أفهام الرجال، إلا الكمَّل منهم، الذين زقوا العلم زقاً. فكانوا حفظته حقاً وصدقاً.
ما هو سبب هزيمة المشركين؟!:
ويبقى هنا سؤال، وهو: أن الهزيمة هل كانت بسبب إلقاء النبي "صلى الله عليه وآله" الحصى في وجوه المشركين، كما هو صريح عدد من تلك الروايات، أو كان سببها قتل علي "عليه السلام" أبا جرول، كما هو صريح الرواية التي ذكرت ذلك أيضاً؟! وكيف نحل هذا التناقض القائم بين الروايات؟!
ويمكن حله بأن يقال: إنه لا إشكال في أن قتل أبي جرول، وجهاد علي "عليه السلام" كان هو السبب في هزيمة المشركين بصورة فعلية..
ولكن رمي التراب في وجوه اهل الشرك، ووصول التراب إلى أعينهم جميعاً يمثل معجزة كبرى لهم، وحجة بالغة عليهم، إذ إن وصول التراب أو الحصى لجميعهم وهم عشرات الألوف، برمي كف واحد منه ـ أو أكف بناء على تعدد الرمية كما تقدم في وجوه الجمع من أخبار الرمي ـ يدل بصورة قاطعة على أن هذا الأمر قد تم بتدخل وتصرف إلهي، ولابد أن يكون ذلك من موجبات رعبهم، وخور عزائمهم، لأنه يجعل النتائج أمامهم غير مضمونة، ويشككهم في قدرتهم على تحقيق أي نصر، ويجعل قدرات خصمهم الذي يواجهونه غير واضحة المعالم، ولا بينة الأحجام.
وقد رمى النبي "صلى الله عليه وآله" التراب قبل ذلك على رؤوس الذين اجتمعوا حول بابه لاغتياله في ليلة الغار، وقد أحس به جميعهم، وكان ذلك آية لهم، وحجة عليهم، ولكنه لم يمنعهم من مواصلة ما كانوا قد عقدوا العزم عليه استكباراً منهم، وعتواً.
كما أنه "صلى الله عليه وآله" قد رمى كفاً من تراب في وجوه المشركين في بدر، تماماً كما فعل في حنين، وكان ذلك آية أيضاً للمشركين، وحجة عليهم، ولكنهم استمروا على العناد واللجاج، ودخلوا تلك الحرب، وقتلوا عدداً من المسلمين، وقتل منهم أضعاف ذلك، وكانت الهزيمة عليهم بجهاد علي "عليه السلام"، وفتكات سيفه ذي الفقار. فما يجري في حنين لا يختلف عما جرى في بدر.
النصر الإلهي والإمداد بالملائكة:
عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: حدثني عدة من قومي شهدوا ذلك اليوم يقولون: "لقد رمى رسول الله "صلى الله عليه وآله" تلك الرمية من الحصى، فما منا أحد إلا يشكو القذى في عينيه. ولقد كنا نجد في صدورنا خفقاناً كوقع الحصى في الطاس، ما يهدأ ذلك الخفقان.
ولقد رأينا يومئذٍ رجالاً بيضاً، على خيل بلق، عليهم عمائم حمر، قد أرخوها بين أكتافهم، بين السماء والأرض، كتائب، كتائب ما يليقون شيئاً، ولا نستطيع أن نتأملهم من الرعب منهم([316]).
وعن جبير بن مطعم قال: رأيت قبل هزيمة القوم ـ والناس يقتتلون ـ مثل البجاد الأسود، أقبل من السماء حتى سقط بين القوم، فنظرت فإذا نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي، لم أشك أنها الملائكة، ولم يكن إلا هزيمة القوم([317]).
وعن يحيي بن عبد الله بن عبد الرحمن، عن شيوخ من قومه من الأنصار، قالوا: رأينا يومئذٍ كالبجد السود هوت من السماء ركاماً، فنظرنا فإذا رمل مبثوث، فكنا ننفضه عن ثيابنا، فكأن نصر الله تعالى أيدنا به([318]).
وقال رجل من بني نصر بن معاوية يقال له: شجرة بن ربيعة، للمؤمنين وهو أسير في أيديهم: أين الخيل البلق، والرجال عليهم الثياب البيض؟ فإنما كان قتلنا بأيديهم، وما كنا نراكم فيهم إلا كهيئة الشامة.
قالوا: تلك الملائكة([319]).
عن عبد الرحمن مولى أم برثن قال: حدثني رجل كان من المشركين يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يقوموا لنا حلب شاة أن كببناهم.
فبينما نحن نسوقهم في أدبارهم إذ التقينـا بصـاحب البغلة (الشهبـاء) ـ وفي رواية: إذ غشينا ـ فإذا هو رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتلقتنا عنده، وفي رواية: إذ بيننا وبينه رجال بيض حسان الوجوه، قالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا، فرجعنا. وكانت إياها (يعني: الهزيمة)([320]).
وقالوا أيضاً: "وانهزمت هوازن في كل وجه، كانوا يسمعون قعقعة السلاح في الجو"([321]).
وعن يزيد بن عامر السوائي، وكان حضر يومئذٍ، فسئل عن الرعب، فكان يأخذ الحصاة فيرمي بها في الطست، فيطن، فيقول: أن كنا نجد في أجوافنا مثل هذا([322]).
وعن ربيعة بن أبزى قال: حدثني نفر من قومي، حضروا يومئذٍ قالوا: كمنا لهم في المضايق والشعاب، ثم حملنا عليهم حملة ركبنا أكتافهم، حتى انتهينا إلى صاحب بغلة شهباء، وحوله رجال بيض حسان الوجوه، فقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا.
فانهزمنا، وركب المسلمون أكتافنا، وكانت إياها، وجعلنا نلتفت، وإنا لننظر إليهم يكدوننا، فتفرقت جماعتنا في كل وجه، وجعلت الرعدة تستخفنا حتى لحقنا بعلياء بلادنا، فإن كنا ليحكى عنا الكلام ما ندري به، لما كان بنا من الرعب، وقذف الله تعالى الإسلام في قلوبنا([323]).
قالوا: "لم يبق أحد إلا امتلأت عيناه وفمه تراباً، وسمعنا صلصلة من السماء كإمرار الحديد على الطست"([324]).
وقيل: إن الملائكة نزلوا يوم حنين لتقوية قلوب المؤمنين وتشجيعهم، ولم يباشروا القتال يومئذٍ، ولم يقاتلوا إلا يوم بدر خاصة([325]).
ونقول:
1 ـ إن المنهزمين حسب نص القرآن الكريم لم يروا الجنود من الملائكة: {وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا} ([326]). فكل من يدَّعي من المنهزمين رؤية الملائكة، فهو ليس من المؤمنين، كما صرحت به الرواية المتقدمة عن شيبة بن عثمان الحجبي، التي تقول: لا يرى الملائكة إلا كافر..
2 ـ ولوشككنا في دقة النقل في رواية شيبة بن عثمان، فإن الإستدلال يسوقنا إلى الاعتقاد بكذب دعاوى رؤية الملائكة، لأن الله سبحانه قد ذكر: أن المنهزمين لم يروا الجنود الذين أنزلهم، لكن ذلك لا يمنع من أن يكون خصوص المؤمنين الذين ثبتوا، وهم علي "عليه السلام"، وربما نفر من بني هاشم كانوا حول رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان الله قد أراهم تلك الجنود لكي يربط على قلوبهم، ويقويهم، كما قاله في مجمع البيان.
كما أنه سبحانه قد أرى جيوش المشركين تلك الجنود أيضاً، لكي يلقي في قلوبهم الرعب..
وتكون النتيجة: أن أياً من المنهزمين عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إذا رأى أولئك الجنود، فلا بد أن يكون من مشركي مكة الذين التحقوا بجيش المسلمين، إما لقتل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو للغارة على الغنائم، أو ترصداً لظهور غلبة المشركين لينحازوا إليهم، ويحاربوا معهم النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين.
3 ـ قد أظهرت الروايات المتقدمة: مدى الرعب الذي حصل للمشركين لمجرد رؤيتهم لتلك الجنود.
4 ـ قد يقال: إن بعض تلك النصوص قد بينت: أن المشركين كانوا يرون المسلمين بين تلك الجنود بمثابة الشامة، وهذا يدل على كثرة الجنود في أعينهم.
غير أننا نقول:
بل ذلك يدل: على أن الذين ثبتوا من المؤمنين هم المقصودون، وهؤلاء ـ كما تقدم ـ بضعة أفراد لا يبلغون العشرة. فإذا أضيف إليهم بضعة آلاف من الملائكة، فمن الطبيعي أن يصبح مثلهم مثل الشامة، حسبما ذكره ذلك الرجل.
ومما يدل على ذلك أيضاً:
1 ـ الروايات المتقدمة، التي تقول: "ركبنا أكتافهم حتى انتهينا إلى صاحب بغلة شهباء، وحوله رجال بيض حسان الوجوه، فقالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا. فانهزمنا"([327]).
فالملائكة إنما كانوا حول رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لا حول سائر الجيش الذي انهزم..
2 ـ قول شيوخ ثقيف الذين شهدوا ذلك: "ما زال رسول الله "صلى الله عليه وآله" في طلبنا ـ فيما نرى ـ ونحن مولون، حتى إن الرجل ليدخل منا حصن الطائف، وإنه ليظن أنه على أثره"([328]).
فتراه يتحدث عن خصوص رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنه هو الذي كان في أثرهم، وكان رعبهم منه.
3 ـ وأوضح من ذلك رواية عبد الرحمن مولى أم برثن عن رجل من المشركين قال: "فبينما نحن نسوقهم (أي المسلمين) في أدبارهم إذ التقينا بصاحب البغلة (الشهباء) ـ وفي رواية: إذ غشينا ـ فإذا هو رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتلقتنا عنده ـ وفي رواية: إذ بيننا وبينه ـ رجال بيض حسان الوجوه قالوا لنا: شاهت الوجوه، ارجعوا، فرجعنا. وكانت إياها"([329]) (أي: الهزيمة).
من أجل ذلك نقول:
إن الإمداد بالملائكة إنما كان لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولمن ثبت معه، وهم أفراد قليلون حسبما بيناه أكثر من مرة.
4 ـ وبذلك يتبين: أن تعبيرات بعض المنهزمين من هوازن ومن معها، بأن المسلمين كانوا يلاحقونهم ويكدّونهم ونحو ذلك، إنما يقصد بها خصوص النبي "صلى الله عليه وآله"، وعلي "عليه السلام" وبعض بني هاشم، ومعهم جنود الله التي لم يرها المنهزمون عن نبيهم.
ولعل إطلاق التعبير الموهم لإرادة جميع الجيش، هو إما لأجل التضليل من راوٍ مغرض، أو أنهم قصدوا بالمسلمين كل أولئك الذين دخلهم الرعب منهم، بما فيهم الملائكة.
انهزام المشركين:
قالوا: لما نادى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأنصار كروا راجعين، فجعلوا يقولون: يا بني عبد الرحمن، يا بني عبد الله، يا بني عبيد الله، يا خيل الله.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد سمى خيله خيل الله، وجعل شعار المهاجرين: بني عبد الرحمن، وجعل شعار الأوس: بني عبيد الله، وشعار الخزرج: بني عبد الله([330]).
وقالوا أيضاً: إن سعد بن عبادة جعل يصيح يومئذٍ: يا للخزرج ثلاثاً، وأسيد بن الحضير يصيح: يا للأوس ـ ثلاثاً ـ فثابوا من كل ناحية كأنهم النحل تأوى إلى يعسوبها.
قال أهل المغازي: فحنق المسلمون على المشركين، فقتلوهم حتى أسرع القتل في ذراري المشركين.
فبلغ ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "ما بال أقوام بلغ بهم القتل حتى بلغ الذرية! ألا لا تقتل الذرية، ألا لا تقتل الذرية"، ثلاثاً.
فقال أسيد بن الحضير: يا رسول الله، أليس إنما هم أولاد المشركين؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أليس خياركم أولاد المشركين! كل نسمة تولد على الفطرة، حتى يعرب عنها لسانها، فأبواها يهودانها أو ينصرانها"([331]).
وفي نص آخر: "لما اجتمع عند النبي "صلى الله عليه وآله" زهاء مائة رجل، وشرعوا في القتال لم تلبث هوازن مقدار حلب شاة، أو حلب ناقة إلا انهزموا"([332]).
وقال شيوخ ثقيف: ما زال رسول الله "صلى الله عليه وآله" في طلبنا، فيما نرى، ونحن مولون، حتى إن الرجل منا ليدخل حصن الطائف، وإنه ليظن أنه على أثره، من رعب الهزيمة([333]).
قال أنس بن مالك: كان في المشركين رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا، فلما رأى ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" نزل، فهزمهم الله تعالى، فولوا، فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين رأى الفتح، فجعل يجاء بهم أسارى رجل رجل، فيبايعونه على الإسلام.
فقال رجل من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن عليّ نذراً لئن جيء بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه.
فسكت رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجيء بالرجل، فلما رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: يا نبي الله، تبت إلى الله.
فأمسك رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن مبايعته ليوفي الآخذ بنذره، وجعل ينظر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليأمره بقتله، وهاب رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الرجل لا يصنع شيئاً بايعه، فقال: يا رسول الله، نذري؟
قال: "لم أمسك عنه إلا لتوفي بنذرك".
فقال: يا رسول الله، ألا أومأت إليّ؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنه ليس لنبي أن يوميء"
وفي رواية: ألا أومضت إلى؟
فقال: إنه ليس لنبي أن يومض([334]).
قالوا: وهزم الله تعالى أعداءه من كل ناحية، واتبعهم المسلمون يقتلونهم، وغنّمهم الله تعالى نساءهم، وذراريهم، وأموالهم.
وفرّ مالك بن عوف حتى بلغ حصن الطائف. هو وأناس من أشراف قومه، وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة رأوا نصر الله تعالى رسوله وإعزاز دينه([335]).
ولما هزم الله تعالى المشركين من أهل حنين، وأمكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" منهم، قالت امرأة من المسلمين:
قد غلبـت خيـل الله خيل اللات والله أحــقُّ بــــالـــثَّـــبَـــــاتِ
ويروى: وخيله أحقُّ بالثبات.
زاد محمد بن عمر:
إن لــنا مــاء حنـيــن فخـــلوه إن تـشـربـوا مـنـه فـلـن تـعــلوه
هـذا رسـول الله لـن تـغـــلــوه
ورجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جهة المشركين بعد انهزامهم إلى العسكر، وأمر أن يقتل كل من قدر عليه، وثاب من انهزم من المسلمين([336]).
روي: بسند رجاله ثقات عن أنس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال يوم حنين: "اجزروهم جزراً" أو "جزوهم جزاً"، وأومأ بيده إلى الحلق([337]).
قال المفيد "رحمه الله" وغيره: ثم التأم المسلمون وصفوا للعدو، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم إنك أذقت أول قريش نكالاً، فأذق آخرها نوالاً".
وتجالد المسلمون والمشركون، فلما رآهم النبي عليه وآله السلام قام في ركابي سرجه حتى أشرف على جماعتهم، وقال: "الآن حمي الوطيس:
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطـــلـــب
فما كان بأسرع من أن ولى القوم أدبارهم، وجيء بالأسرى إلى رسول الله صلى الله عليه وآله مكتفين([338]).
علي × يقتل ذا الخمار:
وقالوا: لما انهزمت هوازن كانت راياتهم مع ذي الخمار، فلما قتله علي "عليه السلام" أخذها عثمان بن عبد الله بن ربيعة، فقاتل بها حتى قتل([339]).
ونقول:
1 ـ سيأتي أنه "عليه السلام" هو الذي قتل أبا جرول، حيث كان يتقدم باللواء في أثر المنهزمين من المسلمين، وهوازن تتبعه. فأوقف قتله حركتهم، وحفظ بذلك ارواحاً كثيرة كانت ستزهق على أيدي المشركين..
واللافت هنا: هو أن عامة من ذكر قتل عثمان بن عبد الله بن ربيعة قد ذكر: أنه أخذ الراية بعد قتل ذي الخمار، ولكن لا يقولون من الذي قتل ذا الخمار هذا. فراجع([340]).
فلماذا هذا التعتيم على الحقيقة يا ترى؟! وما الداعي للتلاعب بالنصوص، بالنسبة لذي الخمار تارة، ولأبي جرول أخرى على الذي سوف نذكره فيما يأتي؟!
2 ـ إنهم لم يذكروا لنا أيضاً: من الذي قتل عثمان بن عبد الله؟ ونكاد نطمئن إلى أن قاتله علي "عليه السلام"..
بل نحن نشك: في ان يكون المسلمون قد قتلوا أحداً من المشركين في هذه الحرب كلها، باستثناء قتل بعض الأسرى، وطائفة من الذرية كما سيأتي.. لأن الأدلة التي ذكرناها فيما سبق وربما يأتي شيء من ذلك أيضاً، كلها تدل على: أن أحداً لم يقاتل في حرب حنين سوى علي "عليه السلام"، بل رجعت راجعة المسلمين فوجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
هزيمة المشركين بقتل أبي جرول:
عن البراء بن عازب قال: كان رجل على جمل له أحمر، بيده راية سوداء، على رمح طويل، أمام هوازن، وهوازن خلفه. إذا أدرك طعن برمحه، وإن فاته الناس، رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه. فبينما هو كذلك إذ هوى له علي بن أبي طالب، ورجل من الأنصار يريدانه، فأتاه علي بن أبي طالب من خلفه، فضرب عرقوبي الجمل، فوقع على عجزه، ووثب الأنصاري على الرجل، فضربه ضربة أطن قدمه بنصف ساقه، فانجعف عن رحله.
واجتلد الناس، فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"([341]).
ونقول:
1 ـ قال اليعقوبي: "ومضى علي بن أبي طالب إلى صاحب راية هوازن فقتله، وكانت الهزيمة"([342]).
2 ـ لعل هذا النص قد تعرض للتحريف، والتصرف والتزييف كما تعودناه في كثير من المواضع، من قبل شانئي علي "عليه السلام".. إذ قد روى الآخرون حادثة قتل أبي جرول، مصرحين، بأن الذي قتله هو علي "عليه السلام" وحده..
وقال الشيخ المفيد "رحمه الله": وإذا فاته الناس دفع لمن وراءه، وجعل يقتلهم وهو يرتجز:
أنــا أبــو جــرول لا بـــــراح حـتـى نـبـيـح الـقــوم أو نـبــاح
قال: فصمد له أمير المؤمنين "عليه السلام"، فضرب عجز بعيره، فصرعه، ثم ضربه فقطره، ثم قال:
قـد عـلـم الـقـوم لـدى الصباح أني لــدى الهـيـجـاء ذو نـصــاح
فكانت هزيمة المشركين بقتل أبي جرول.
قال: وقتل علي "عليه السلام" أربعين رجلاً بعد قتل أبي جرول([343]).
2 ـ قال ابن شهرآشوب: "وفارسهم أبو جرول، وإنه قدَّه عظيماً بنصفين، بضربة في الخوذة، والعمامة، والجوشن، والبدن إلى القربوس، وقد اختلفوا في اسمه"([344]).
3 ـ قالوا: "في عقر علي "رضي الله عنه" بعير حامل راية الكفار دليل جواز عقر فرس العدو، ومركوبه، إذا كان ذلك عوناً على قتله"([345]).
4 ـ بالنسبة لما تقدم: من أن قتل أبي جرول كان السبب في هزيمة المشركين، نقول:
سيأتي: أن قتل حامل اللواء وسقوط اللواء من يده يشوش حركة الجيش، ويتسبب بدرجة كبيرة من الضياع والإحباط لدى كثير من عناصره، ويؤدي إلى هزيمة فعلية في أحيان كثيرة.
5 ـ قد تقدم: أن لا منافاة بين ما تقدم من أن هزيمة المشركين في حنين قد كانت حين أخذ النبي "صلى الله عليه وآله" كفاً من تراب أو حصى، ورماها في وجوهم.. وبين ما ذكر هنا من أن قتل أبي جرول بيد علي "عليه السلام" كان هو السبب في الهزيمة..
وقد بينا الوجه في ذلك..
6 ـ إن ادِّعاء مشاركة رجل أنصاري لأمير المؤمنين "عليه السلام" في قتل أبي جرول.. لا تتلاءم مع قول ابن شهرآشوب: إن علياً "عليه السلام" قد قدَّه بنصفين، بضربة في الخوذة والعمامة، والجوشن، والبدن إلى القربوس.
وهذه هي صفة ضربات علي "عليه السلام"، فإن ضرباته "عليه السلام" كانت أبكاراً (مبتكرات لا عواناً)، إذا اعتلى قدّ، وإذا اعترض قط([346]).
7 ـ لو صدقت روايتهم عن مشاركة الرجل الأنصاري لعلي "عليه السلام" في قتله، فإن ذكر اسم الرجل، وإغفال اسم علي "عليه السلام" أولى بل أوجب.. إذ من غير المناسب أن يذكروا اسم من ضرب الجمل، ويهملوا اسم من قتل ذلك الفارس العظيم، الطارد للمسلمين، والقائد لجيوش المشركين!!
8 ـ وقد تضمنت الرواية حديثاً عن اجتلاد الناس مع المشركين بعد عودتهم من الهزيمة، وبعد قتل أبي جرول، وقد تقدم: تصريح بعض النصوص: بأن الهزيمة وقعت على المشركين، ولم يضرب المسلمون فيهم بسيف، ولا طعنوا برمح..
هكذا يكيدون علياً ×:
ولكنّ مبغضي أمير المؤمنين "عليه السلام" لم يكتفوا بالتزوير الظاهر، الذي تحدثنا عنه، بل تجاوزوا ذلك إلى محاولة تسديد إهانة مبطنة لعلي "عليه السلام"، حيث قالوا:
فجعلت أم عمارة تصيح: يا للأنصار، أية عادة هذه. ما لكم والفرار؟!
قالت: وأنظر إلى رجل من هوازن على جمل أورق، معه لواء يوضع جمله في أثر المسلمين، فاعترض له، فأضرب عرقوب الجمل. فيقع على عجزه، وأشد عليه، ولم أزل أضربه حتى أثبتّه، وأخذت سيفاً له.
ورسول الله "صلى الله عليه وآله" قائم، مصلت السيف بيده، قد طرح غمده ينادي: "يا أصحاب سورة البقرة".
فكرّ الأنصار، ووقفت هوازن قدر حلب ناقة فتوح، ثم كانت إياها، فوالله ما رأيت هزيمة قط كانت مثلها، قد ذهبوا في كل وجه، فرجع إلي أبنائي جميعاً: حبيب وعبد الله أبناء زيد بأسارى مكتفين، فأقوم إليه من الغيظ، فأضرب عنق واحد منهم، وجعل الناس يأتون بالأسارى فرأيت في بني مازن ابني النجار ثلاثين أسيراً([347]).
ونقول:
1 ـ قد يقال: إنه لا معنى لأن تقول أم عمارة للأنصار: "أية عادة هذه"؟ لأن الفرار لم يكن عادة للأنصار.
ويمكن أن يجاب: بأن الخطاب لم يكن لخصوص الأنصار، بل كان لعموم الفارين والأنصار بعض يسير منهم، وحتى لو كان خاصاً بالأنصار، فإن الأنصار كانوا مع الفارين، أو مع الذين لم يجرؤوا على المواجهة في أحد، وخيبر، والخندق، وبني قريظة، وفدك.
2 ـ على أن قبيلة هوازن وإن كانت تشكل جانباً كبيراً من الجيش الذي جاء لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إلا أن من الواضح: أن هوازن لم تكن هي كل ذلك الجيش ولا نصفه، بل هي أقل من ذلك بكثير، فكيف عرفت أم عمارة أن صاحب الجمل واللواء كان من قبيلة هوازن.
3 ـ إن قتل صاحب اللواء وسقوط اللواء الذي يراقبه المقاتلون في حركتهم في المعركة يوجب تضعضع الجيش، وإحساسه بالصدمة، وفقدان التوازن..
فلو صحت رواية شيوخ الواقدي عن قتل أم عمارة لحامل لواء المشركين، فالمفروض: أن يظهر أثر ذلك على هوازن، وأن يختل أمرها، وأن تظهر عليها أمارات الهزيمة، ولم نجد أن هذه الرواية دلتنا على شيء من ذلك.
4 ـ إن أم عمارة حسب ادِّعاء الرواية قد قتلت أحد الأسرى، ولا نرى النبي "صلى الله عليه وآله" قد لامها على ذلك، بل لم يذكر ذلك عنها أحد من الرواة أو المؤرخين فيما نعلم.
5 ـ إن هذا الأمر لو صح، لكان الرواة والمؤرخون قد تناقلوه، وفصلوه، وجعلوه محور حديثهم، ومحط أنظارهم، لأنه أمر فريد، يهم كل أحد أن يطلع عليه، ويقف على تفاصيله، وأن يطبّلوا ويزمّروا لامرأة تَقْتُل قائداً، وتكون سبباً لهزيمة جيش بأكمله في حرب مصيرية كحرب حنين.
6 ـ وأخيراً.. فإننا نستطيع أن نتيقن أن ما يرمي إليه واضعوا هذه الرواية هو استلاب إحدى فضائل أمير المؤمنين "عليه السلام"، وهي قتله "عليه السلام" لأبي جرول، وانهزام هوازن بسبب ذلك.. ومنح هذا الموقف العظيم لامرأة من سائر الناس، ليكون ذلك آكد في وهن أمر علي "عليه السلام"، وأكثر إيلاماً للعارفين بالحق، والناصرين له.
شعر علي × في حرب حنين:
وذكروا أيضاً: أن علياً "عليه السلام" قال في حرب حنين؛ وأنكرها ابن هشام:
ألم تــر أن الله أبـــلى رســولــــه بـلاء عـزيز ذى اقتدار وذي فضل
وقـد أنــزل الـكـفـار دار مـذلـة فلاقوا هـواناً من أسـار ومـن قتل
فأمسى رسـول الله قـد عـز نصره وكان أمــين الله أرسـل بالـعــدل
فـجـاء بـفـرقـان مـن الله منــزل مـبـيـنـة آيـاتـه لــذوي الـعـقـل
فـآمــن أقــوام بـذاك فـأيـقـنـوا فأمسوا بحمد الله مجتمعي الشمـل
وأنـكـر أقــوام فـزاغـت قلوبهم فزادهم ذو العرش خبلاً على خبل
وحكم فيهـم([348]) يـوم بـدر رسولـه وقوماً كماة([349]) فعلهم أحسن الفعـل
بـأيـديـهـم بيـض خفاف قواطع وقـد حـادثـوها بالجلاء وبالصقل
فـكـم تـركـوا من ناشئ ذي حمية صريعاً ومـن ذي نجدة منهم كهل
وتـبكي عيـون النـائحات عليهم تجود بإرسـال الرشـاش وبالـوبـل
نـوائـح تـبـكـي عـتبة الغي وابنه وشـيـبـة تـنـعـاه وتنعى أبا جهـل
وذا الذحل تنعى وابن جدعان فيهم مـسـلـبـة حـرى مـبـيـنـة الثكـل
ثـوى مـنـهـم في بئـر بدر عصابة ذوو نجدات في الحروب وفي المحل
دعـا الـغـي منهم من دعـا فأجابه ولـلـغـي أسبـاب مـرمقة الوصل
فأضحوا لدى دار الجحيم بمعـزل عن الشغب والعدوان في أسفل السفل([350])
ونقول:
إن لنا مع تلكم النصوص وقفات عديدة، نجملها ضمن ما يلي من مطالب:
مع الشعر المنسوب لعلي ×:
إننا نشير هنا إلى نقطة واحدة، وهي: أن هذا الشعر قد نسب إلى أمير المؤمنين "عليه السلام"، وهو المجاهد الأول والفاتح الأكبر في حنين، وبدر، وأحد، والخندق، وخيبر، وقريظة، وفدك، وذات السلاسل.. و..
ولكننا نراه لا يذكر شيئاً عن جهده هو "عليه السلام" وجهاده، ولا عن بطولات سطرها أي من الناس في حنين على الخصوص، بل هو يخص رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالثناء، وينسب كل توفيق ونصر فيها إليه.
ثم هو يذكِّر الناس بحقائق الدين، وتعاليمه القائمة على العدل والحق، ويشير إلى القرآن بعنوان أنه المفرق بين الحق والباطل، والمنسجم مع ما تقضي به العقول، بما فيه من هدايات تستنزل التوفيق الإلهي، وتكون معاندتها من أسباب الخذلان، وزيادة العمى في القلب.
ولكن لو رجعنا إلى شعر العباس بن مرداس، وسائر من تحدث أو قال الشعر في حرب حنين، فإننا نراه يخلط الحق بالباطل، وينسب البطولات، والمواقف العظيمة لهذه القبيلة أو تلك، أو لذلك الشخص وسواه.
والأدهى من ذلك: أن كثيراً من هؤلاء الشعراء لا يكون أميناً على الحقيقة، ولا يلتزم جانب الصدق فيما يقول.. مع أن بعضهم إنما ينفخ في غير ناره، ويكد ويتعب، ويدخل في المتاهات والضلالات والمهالك، ليس لأجل نفسه بل من أجل جاره..
أعاذنا الله من الخذلان ومن وساوس الشيطان..
ظروف حرب حنين:
وقد عرفنا فيما سبق: أن ثمة وجوه شبه عديدة بين حرب حنين، وحرب بدر، وقد ذكرنا عشرة منها، ونحب هنا أن نلقي المزيد من الضوء على احداها، ألا وهي العناصر المكونة لكلا الفريقين، حيث نجد: أن فريق المشركين يمتاز بما يلي:
1 ـ إن أكثرهم عصبة واحدة من حيث الإنتماء القبلي، لأن أكثرهم من هوازن، أو ممن له بها رابطة قرابة، أو مصلحة، أو سكنى، أو غير ذلك مما يؤثر على حياة الناس في المستقبل، ومصيرهم، لو أرادوا التواكل أو التواني في التصدي لعدوٍ يتخيلون أنه لا يراعي مصالحهم.. أو يرون أنه يعمل على الإضرار بها.
2 ـ إنهم جميعاً يدينون بدين واحد، ولهم قناعات واحدة، من حيث الإلتزام بالشرك، ورفض التوحيد، وجحود نبوة النبي محمد "صلى الله عليه وآله"، ورفض كل ما يترتب على ذلك من آثار.
3 ـ إنهم يلتزمون بتنفيذ أوامر قياداتهم القبلية، ولا يفكرون بالانسلاخ عنها، أو التمرد على أوامرها، حقاً كانت أم باطلاً، وسواء أكانت ضد الظالم أم كانت ضد المظلوم.. أي أنهم لا يملكون أي معيار آخر يدعوهم للطاعة أو للخلاف سوى القيادة العشائرية التسلطية، والتي تحكمهم بمفاهيم الظلم والتعدي، وبأحكام الهوى والجاهلية.
4 ـ إن هؤلاء يعيشون في بلادهم، ويشعرون أن عليهم أن يدافعوا عن وطنهم.
5 ـ إن هؤلاء على معرفة تامة بمسالك البلاد، ومنعطفاتها، ومواضع مياهها وغياضها، وسهولها وجبالها، وهم أقدر على التحرك فيها..
وفي المقابل نلاحظ: أن ثمة نقاط ضعف بارزة في تركيبة العناصر المكونة للجيش الذي جاء مع النبي "صلى الله عليه وآله"، إذ:
1 ـ إن عناصر ذلك الجيش كانوا مختلفين في انتمائهم العقائدي، ففيهم المسلم والكافر.. وفيهم المسلم الحقيقي الخالص، والمنافق..
2 ـ إن إيمان المؤمنين منهم لم يكن في مستوى واحد، إذ فيهم ضعيف الإيمان، وفيهم القوي الصلب في إيمانه.
3 ـ كما أن هناك اختلافاً في دوافعهم لخوض هذه الحرب، فهناك المجاهد في سبيل الله، المدافع عن دينه ورسوله.
وهناك: الباحث عن الغنائم والإماء، والعبيد.
وفريق ثالث: يريد أن يتلذذ بأخذ الثارات، أو أن يثبت فروسيته أو مقامه من خلال شن الغارات.
4 ـ ليس لدى هذا الفريق عصبية مؤثرة في مسار الحرب، بل هم من فئات شتى، وقبائل مختلفة، كانت مئات منها على مدى الأيام متناحرة، ومتباغضة، بل كان بين بعضها حروب طويلة، وثارات وإحن وأضغان مستحكمة. ولا يشعر أي منها بأنه معنيّ بحفظ، أو بمعونة غيره من القبائل، إلا ما قل، أو ما شذ منها.
5 ـ وهناك عامل آخر لا بد أن نضيفه إلى ما تقدم، وهو تدنّي مستوى، أو فقل: انحسار واسع لتأثير القيادات القبلية، حيث لم تعد قادرة على فرض موقف على سائر أفراد القبيلة، وهذا الإنحسار قد جاء لصالح تأثير موقع النبوة، وأوامره فيهم، وفي رؤسائهم على حد سواء..
بل إنهم حتى إذا اختاروا التخلي عن نبيهم، أو فقل: حتى إذا عذروا أنفسهم في التخلي عنه، وأسلموه إلى يد عدوه، فإن رؤساء القبائل لن يستعيدوا ما كان لهم من تأثير في مسار الأمور الذي كان لهم قبل قبولهم الإسلام..
6 ـ إن هؤلاء يقاتلون عدوهم في بلاد يجهلون مسالكها، ومنعطفاتها، وما فيها من مياه، وأشجار، وأماكن مأهولة، أو براري وقفار..
ومن كان كذلك، فهو يعيش هواجس مختلفة تفقده الإستقرار، وتمنعه الراحة في الليل والنهار.
ثم إن هؤلاء الناس قد أصبحوا بعد حلول الهزيمة بهم أكثر ضعفاً، لأنهم يشعرون بشيء من الضياع في تلك البقاع..
ولابد أن يتضاعف هذا الضعف حين يلاحقهم شبح الخطأ الذي ارتكبوه، ويقضّ مضاجعهم شعورهم بالخزي والعار. خزي الهزيمة، وعار الخيانة.
بالإضافة إلى: ذل وصغار، تزرعه فيهم شماتة الأعداء، وملامة الأصدقاء والأولياء..
الفصل الثالث:
الثابتون في حنين..
الثابتون في حنين:
عن حارثة بن النعمان قال: لقد حزرت من بقي مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين أدبر الناس، فقلت: مائة واحد([351]).
وعن ابن عمر قال: لقد رأينا يوم حنين وإن الفئتين لموليتان، وما مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" مائة رجل([352]).
ويقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما انكشف الناس عنه يوم حنين، قال لحارثة: "يا حارثة، كم ترى الناس الذين ثبتوا".
قال: فما التفتُّ ورائي تحرجاً، فنظرت عن يميني وعن شمالي، فحزرتهم مائة، فقلت: يا رسول الله!! هم مائة.
فما علمت أنهم مائة حتى كان يوم مررت على النبي "صلى الله عليه وآله" وهو يناجي جبريل عند باب المسجد، فقال جبريل: "يا محمد، من هذا"؟
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "حارثة بن النعمان".
فقال جبريل: هو أحد المائة الصابرة يوم حنين، لو سلَّم لرددت عليه، فأخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" حارثة، قال: "ما كنت أظنه إلا دحية الكلبي واقفاً معك"([353]).
ونقول:
قد حاول بعضهم أن يدَّعي: أن لا منافاة بين روايتي الثمانين والمائة.. على اعتبار: أن الذي تحدث عن المائة ـ وهو ابن عمر ـ نفى أن يكونوا مائة، وأثبت أنهم أقل، وابن مسعود أثبت كونهم ثمانين([354]).
ولكن هذا التوجيه إن أفاد في رواية ابن عمر، فإنه لا يفيد في رواية حارثة بن النعمان، فإنها تصرح: بأن الذين ثبتوا كانوا مائة رجل بالتحديد، فراجع الرواية المشار إليها آنفاً.
وإن أمكن إثارة احتمال الخطأ أو المبالغة بالنسبة لحارثة بن النعمان، فلا يمكن إثارة هذا الإحتمال بالنسبة لجبريل، على أن احتمال المبالغة لا مورد له، لأن المقام مقام تحديد، وبيان العدد، وليس مقام مبالغة.
أضف إلى ذلك: أن تحديد ابن مسعود، أو ابن عمر للعدد يبقى موضع ريب، فإن أحداً من الناس في تلك الحرب الهائلة لا يستطيع عد الرجال، وهم في حالة كر وفر، وتردد مستمر، وهو معهم.
إلا إذا فرضنا: أن ابن مسعود، وابن عمر قد اعتزلا القتال، ليتفرجا على المقاتلين، وليعدوا الرجال.. وهذا ما لا يرضاه لهما أحد..
وأما قول الحلبي: "وهذا السياق يدل على أن المائة انتهت إليه "صلى الله عليه وآله" بعد الهزيمة، وهو يؤيد القول بأن الذين ثبتوا معه "صلى الله عليه وآله" لم يبلغوا المائة"([355]). فيدل على ما قلناه وبيناه أكثر من مرة من أن الجميع انهزموا ولم يبق أحد وأن الثمانين أو المائة أو سواهما إنما عادوا إليه بصورة تدريجية، فأخبر هذا عن الثمانين بعد أن عادوا، وأخبر ذاك عن المائة حينما تكاملوا مائة.
النساء في حنين:
اختلفوا في الثابتين في حنين، ونحن نشير هنا إلى ما ذكروه، فنقول:
زعموا: أن الذين ثبتوا كان فيهم نساء ورجال.. فمن النساء أربع نسوة: نسيبة بنت كعب. وأم سليم. وأم سليط. وأم الحارث.
ورووا: عن عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" رأى أم سليم بنت ملحان، وكانت مع زوجها أبي طلحة، وهي حامل بعبد الله بن أبي طلحة، وقد خشيت أن يغر بها الجمل، فأدنت رأسه منها، وأدخلت يدها في خزامه([356]) مع الخطام.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أم سليم"؟
قالت: نعم بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أقتل المنهزمين عنك كما تقتل الذين يقاتلونك، فإنهم لذلك أهل.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أو يكفي الله يا أم سليم"([357]).
وعند محمد بن عمر: "قد كفى الله تعالى عافية الله تعالى أوسع"([358]).
وعن أنس قال: اتخذت أم سليم خنجراً أيام حنين، فكان معها، فلقي أبو طلحة أم سليم ومعها الخنجر، فقال أبو طلحة: ما هذا؟
قالت: إن دنا مني بعض المشركين أبعج به بطنه.
فقال أبو طلحة: أما تسمع يا رسول الله ما تقول أم سليم؟ (الرمصاء. كذا في سيرة ابن هشام).
فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقالت: يا رسول الله، أقتل من يعدونهم من الطلقاء، انهزموا عنك.
فقال: "إن الله تعالى قد كفى وأحسن يا أم سليم"([359]).
وعن عمارة بن غزية قال: قالت أم عمارة: لما كان يوم حنين والناس منهزمون في كل وجه، وكنا أربع نسوة، وفي يدي سيف لي صارم، وأم سليم معها خنجر قد حزمته على وسطها، وإنها يومئذ حامل بعبد الله بن أبي طلحة.
وأم سليط.
وأم الحارث([360]).
ونقول:
1 ـ قد وصف أبو طلحة زوجته لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بالرميصاء "بل لقد رووا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: دخلت الجنة، فسمعت خشفة، فقلت من هذا؟!
فقالوا: هذه العميصاء بنت ملحان"([361]).
ومن الواضح: أنه لا معنى لأن يكتفي النبي "صلى الله عليه وآله" بالضحك من كلام أبي طلحة، لأن "الرميصاء" هي التي يخرج القذى من عينها([362]).
ومعنى هذا هو: أنه يصفها بما فيه نقص، ومهانة لها وما لا يرضى الإنسان بأن يشاع ويتداول عنه..
وهو على الأقل من قبيل التنابز بالألقاب، وفي كلتا الحالين لا بد أن يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى نهي أبي طلحة عن هذا المنكر، ولا يصح الإكتفاء عن ذلك بالضحك.
2 ـ لقد كان بعض الرجال يستصحبون معهم زوجاتهم في الأسفار، حتى لو كان سفر حرب. وحضور النساء في الحرب لا يستلزم مشاركتهن فيها.
وعليهن أن يبقين في المواضع التي تخصص لهن، وقد تقترب هذه المواضع من موضع تواجد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد تبتعد عنه.
ومن جهة أخرى، فقد ذكرت الروايات: أن بعض نساء النبي "صلى الله عليه وآله" قد كنّ معه في الحرب، فلعل هؤلاء النسوة الأربع قد كن مع نسائه في مكان قريب، وهزم الناس، وبقي النساء في مواضعهن، وربما اقتربن من موضع رسول الله "صلى الله عليه وآله" أكثر من أجل تحصيل قدرٍ أكثر من الأمن بالقرب منه..
ولكن ذلك لا يصحح القول: بأنهن ثبتن في ساحات القتال.. حتى لو حملت بعضهن سيفاً، أو خنجراً، أو أي شيء آخر تخوفاً من أي طارئ.
ولو صح ادعاء ذلك لهن، لوجب أن يعدوا نساء النبي "صلى الله عليه وآله" أيضاً في جملة الثابتين.. ولم نجدهم فعلوا ذلك.
على أن الحكايات المتقدمة لا تدل على مشاركة أولئك النسوة في تلك الحرب.
فإن أم سليم طلبت من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقتل المنهزمين عنه كما يقتل أعداءه. وقد أعدت خنجراً حتى إذا دنا منها أحد المشركين تبعج به بطنه. وليس في هذه الروايات أكثر من ذلك.
فما معنى عدهن ممن ثبت يا ترى؟!
الثابتون من الرجال:
قال الحلبي، وغيره: "وردت في عدد من ثبت معه "صلى الله عليه وآله" روايات مختلفة، فقيل: مائة. وقيل: أقل.
وقيل: ثلاثمائة. وقيل: ثمانون.
وقيل: اثنا عشر. وقيل: عشرة"([363]).
وعدوا من الرجال الذين ثبتوا في حنين أشخاصاً كثيرين..
ونحن نذكر هنا ما قاله الصالحي الشامي، وهو ما يلي:
عن الحكم بن عتيبة، قال: لم يبق معه إلا أربعة، ثلاثة من بني هاشم، ورجل من غيرهم، علي بن أبي طالب، والعباس وهما بين يديه، وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر، قال: فليس يقبل أحد إلَّا قتل، والمشركون حوله صرعى([364]).
فمن أهل بيته: عمه العباس، وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وأخوه ربيعة ابنا عم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والفضل بن العباس، وعلي بن أبي طالب، وجعفر بن أبي سفيان بن الحارث، وقثم بن العباس.
إلى أن قال: قال في الزهر: وفيه نظر، لأن المؤرخين قاطبة فيما أعلم عدوه فيمن توفي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو صغير، فكيف شهد حنيناً!! وعتبة ومعتَّب ابنا أبي لهب، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، ونوفل بن الحارث، وعقيل بن أبي طالب، وأسامة بن زيد، وأخوه لأمه أيمن بن أم أيمن، وقتل يومئذٍ.
ومن المهاجرين: أبو بكر، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان.
روى البزار عن أنس: أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً ضرب كل منهم يومئذٍ بضعة عشر ضربة. وابن مسعود.
ومن الأنصار: أبو دجانة، وحارثة بن النعمان ـ قد ذكر في ذلك عند محمد بن عمر ـ وسعد بن عبادة، وأبو بشير ـ كما في حديثه عند محمد بن عمر ـ وأسيد بن الحضير.
ومن أهل مكة: شيبة بن عثمان الحجبي كما تقدم.
ومن نساء الأنصار:
1 ـ أم سليم بنت ملحان، أم أنس بن مالك.
2 ـ أم عمارة نسيبة بنت كعب.
3 ـ أم الحارث جدة عمارة بن غَزِيَّة
4 ـ أم سليط بنت عبيد.
قال محمد بن عمر: يقال: إن المائة الصابرة يومئذٍ ثلاثة وثلاثون من المهاجرين، وستة وستون من الأنصار([365]).
ونقول:
قد تقدم: أن عد النساء في من ثبت غير دقيق، بل لا يصح..
وأما بالنسبة لمن زعموا: أنهم ثبتوا من الرجال.. فلا نريد أن نحكم على ما تقدم بأنه مكذوب ومختلق من أساسه، بل نحن نقول:
أولاً: لقد عدوا شيبة بن عثمان، الذي جاء لاغتيال رسول الله "صلى الله عليه وآله" في جملة الثابتين..
ثانياً: قد عدوا النساء في جملة من ثبت. مع أن ذلك غير ظاهر، حسبما قررناه فيما سبق.
بل تقدم: أنهم عدوا الأطفال الصغار في جملة الثابتين. مثل قثم بن العباس.
ثالثاً: إن النصوص قد دلت: على أن علياً "عليه السلام" وحده هو الذي ثبت، وقد وردت نصوص كثيرة تضمنت نفي ثبات غيره، واستثنت بعضها بضعة رجال من بني هاشم، كانوا قد أحاطوا برسول الله "صلى الله عليه وآله" لكي لا يصل إليه العدو.
أما من ذكروا أنهم ثبتوا، وأنهم ثمانون رجلاً، أو مائة رجل، فلعلهم كانوا من أوائل العائدين إلى ساحة المعركة، فصار كل عائد يخبر غيره عمن سبقه، معتقداً بأن الذين يراهم لم يهربوا كما هرب.
فهذا يرجع ويرى النبي "صلى الله عليه وآله" وحده، وذاك يرى معه ثلاثة، وآخر يرجع فيرى معه تسعة، وآخر يرجع فيرى معه ثمانين أو مائة، وهكذا..
ويدل على ذلك:
1 ـ ما ورد في حديث عثمان بن شيبة، من أنه بعد نداء العباس صار الناس يرجعون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما اجتمع عنده مائة، استقبلوا الناس، فاقتتلوا هم والكفار([366]).
2 ـ قال الشيخ المفيد: "فرجعوا أولاً، فأولاً، حتى تلاحقوا، وكانت لهم الكرة على المشركين"([367]).
3 ـ بل يدل على ذلك أيضاً: حتى تلك النصوص الكثيرة، التي ذكرت كل واحدة منها عدداً، ثم جاء من جمع الأسماء، وضم بعضها على بعض، ورجح وأيّد، وقوَّى وشيّد كل واحد منهم، وفق ما ظهر له، أو وفق ما ينسجم مع ميوله وأهوائه..
غير أن البحث العلمي والموضوعي لا يسمح بالجزم بثبات احد سوى علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، فإنه هو الوحيد المتسالم على ثباته من بين جميع من ذكروهم، ومن الراجح أيضاً: أن يكون هناك جماعة من بني هاشم قد أحاطوا بالنبي "صلى الله عليه وآله" خوفاً من أن يناله سلاح الكفار([368]).
أما القتال فكان محصوراً بعلي "عليه السلام".
ونستند في ذلك إلى ما يلي من نصوص:
1 ـ قال الشيخ المفيد "رحمه الله": ولم يبق منهم مع النبي "صلى الله عليه وآله" إلا عشرة أنفس: تسعة من بني هاشم خاصة، وعاشرهم أيمن بن أم أيمن، فقتل أيمن رحمة الله عليه، وثبتت التسعة الهاشميون حتى ثاب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من كان انهزم.
فرجعوا أولاً فأولاً حتى تلاحقوا، وكانت لهم الكرة على المشركين، وفي ذلك أنزل الله تعالى، وفي إعجاب أبي بكر بالكثرة: ..
{..وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ} ([369]).
يعني: أمير المؤمنين علياً "عليه السلام".
ومن ثبت معه من بني هاشم، وهم يومئذ ثمانية، أمير المؤمنين "عليه السلام" تاسعهم:
العباس بن عبد المطلب، عن يمين رسول الله "صلى الله عليه وآله".
والفضل بن العباس عن يساره.
وأبو سفيان بن الحارث ممسك بسرجه عند ثفر بغلته.
وأمير المؤمنين "عليه السلام" بين يديه يضرب بالسيف.
ونوفل بن الحارث، وربيعة بن الحارث، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب، وعتبة، ومعتب ابنا أبي لهب حوله.
وقد ولت الكافة مدبرين سوى من ذكرناه([370]).
وكذلك عدهم ابن قتيبة في المعارف، والثعلبي في الكشف([371]).
وأضافوا إلى هؤلاء: أيمن مولى النبي "صلى الله عليه وآله"([372]).
قال ابن شهرآشوب: "وكان العباس عن يمينه، والفضل عن يساره، وأبو سفيان ممسك بسرجه عند ثفر بغلته، وسائرهم حوله، وعلي "عليه السلام" يضرب بالسيف بين يديه"([373]).
2 ـ وفي ذلك يقول مالك بن عبادة الغافقي:
لم يـواس الـنـبـي غير بني هاشم عـنـد الـسـيوف يـــوم حـــنـين
هـرب الـنـاس غـير تسعة رهط فـهـم يـهـتـفـون بـالنـاس: أيـن
ثـم قـامــوا مـع الـنـبي على المو ت فــآبــوا زيــنـاً لنـا غـير شين
وسـوى أيمن الأمـين من القوم شـهـيـداً فـاعـتـاض قــرة عين([374])
3 ـ وقال العباس بن عبد المطلب في هذا المقام:
نصرنا رسول الله في الحرب تسعـة وقـد فـر مـن قـد فر عنه فأقشعوا
وقـولي إذا مـا الفضـل شد بسـيفه عـلى القـوم أخرى يا بني ليرجعوا
وعـاشـرنـا لاقـى الحـمام بنـفسـه لمـا نـالـــه في الله لا يـتــوجـــع([375])
4 ـ وفي احتجاج المأمون على علماء عصره يقول المأمون عن نزول السكينة في حنين: "إن الناس انهزموا يوم حنين، فلم يبق مع النبي "صلى الله عليه وآله" إلا سبعة من بني هاشم: علي "عليه السلام" يضرب بسيفه، والعباس أخذ بلجام بغلة النبي "صلى الله عليه وآله"، والخمسة محدقون بالنبي "صلى الله عليه وآله"، خوفاً من أن يناله سلاح الكفار، حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله "عليه السلام" الظفر.
عنى في هذا الموضع([376]): علياً "عليه السلام"، ومن حضر من بني هاشم.
فمن كان أفضل؟ أمَن كان مع النبي "صلى الله عليه وآله"، ونزلت السكينة على النبي "صلى الله عليه وآله" وعليه؟!
أم من كان في الغار مع النبي "صلى الله عليه وآله"، ولم يكن أهلاً لنزولها عليه؟([377]).
5 ـ قال ابن قتيبة: "كان الذين ثبتوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين، بعد هزيمة الناس: علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب ـ آخذ بحكمة بغلته ـ وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وابنه، والفضل بن العباس بن عبد المطلب، وأيمن بن عبيد ـ وهو ابن أم أيمن مولاة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وحاضنته، وقتل يومئذٍ هو وابن أبي سفيان، ولا عقب لابن أبي سفيان ـ وربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وأسامة بن زيد بن حارثة.."([378]).
فتجد أنه لم يذكر أبا بكر وعمر في جملة من ثبت.
6 ـ وكانت نسيبة بنت كعب المازنية تحثو في وجوه المنهزمين التراب، وتقول: أين تفرون عن الله، وعن رسوله؟
ومر بها عمر، فقالت له: ويلك ما هذا الذي صنعت؟!
فقال لها: هذا أمر الله([379]).
وهذا يدل على عدم صحة قولهم: إنه كان في جملة من ثبت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حنين. حتى ادَّعوا: أنه كان آخذاً بلجام بغلته "صلى الله عليه وآله"..
7 ـ عن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أنه كان يحدث الناس عن يوم حنين، قال: "فر الناس جميعاً، وأعروا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلم يبقَ معه إلا سبعة نفر، من بني عبد المطلب: العباس، وابنه الفضل، وعلي، وأخوه عقيل، وأبو سفيان، وربيعة، ونوفل بنو الحارث بن عبد المطلب، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" مصلت سيفه في المجتلد، وهو على بغلته الدلدل، وهو يقول:
أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطــلـب".
إلى أن قال: "التفت العباس يومئذٍ وقد أقشع الناس عن بكرة أبيهم، فلم ير علياً "عليه السلام" في من ثبت، فقال: شوهة بوهة، أفي مثل هذا الحال يرغب ابن أبي طالب بنفسه عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو صاحب ما هو صاحبه؟ يعني المواطن المشهورة له.
فقلت: نقِّص قولك لابن أخيك يا أبه.
قال: ما ذاك يا فضل؟
قلت: أما تراه في الرعيل الأول؟ أما تراه في الرهج؟
قال: أشعره لي يا بني.
قلت: ذو كذا، (ذو كذا)، ذو البردة.
قال: فما تلك البرقة؟
قلت: سيفه يزيّل به بين الأقران.
قال: برّ، ابن بر، فداه عم وخال.
قال: فضرب علي يومئذٍ أربعين مبارزاً كلهم يقدّه حتى أنفه وذكره، قال: وكانت ضرباته مبتكرة"([380]).
8 ـ وقال اليعقوبي: "فانهزم المسلمون عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى بقي في عشرة من بني هاشم. وقيل: تسعة. وهم: علي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث، وعتبة، ومعتب ابنا أبي لهب، والفضل بن العباس، وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب. وقيل: أيمن ابن أم أيمن"([381]).
9 ـ "..وفي رواية: لما فرّ الناس يوم حنين عن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يبق معه إلا أربعة، ثلاثة من بني هاشم، ورجل من غيرهم: علي بن أبي طالب، والعباس ـ وهما بين يديه ـ وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان، وابن مسعود من جانبه الأيسر. ولا يقبل أحد من المشركين جهته إلا قتل"([382]).
10 ـ وقال الطبرسي: "الذين ثبتوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي، والعباس، في نفر من بني هاشم. عن الضحاك بن مزاحم"([383]).
11 ـ عن البراء بن عازب قال: "ولم يبق مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا العباس بن عبد المطلب، وأبو سفيان بن الحارث"([384]).
12 ـ ويقول البعض: "وانهزم المسلمون، فانهزمت معهم، فإذا بعمر بن الخطاب، فقلت له: ما شأن الناس؟!
قال: أمر الله.
ثم تراجع الناس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([385]).
13 ـ قال المجلسي: "إن الإمام الباقر "عليه السلام" قد احتج على الحروري: بأنهم "كانوا تسعة فقط: علي، وأبو دجانة، وأيمن؛ فبان أن أبا بكر لم يكن من المؤمنين"([386]).
14 ـ وعند الطبرسي: فما راعنا إلا كتائب الرجال بأيديها السيوف والعمد، والقنا، فشدوا علينا شدة رجل واحد، فانهزم الناس راجعين لا يلوي أحد على أحد، وأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذات اليمين، وأحدق ببغلته تسعة من بني عبد المطلب([387]).
15 ـ وعند بعضهم: أن الذين ثبتوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" كانوا اثني عشر رجلاً([388]).
16 ـ عن أنس بن مالك، قال: ولى المسلمون مدبرين، وبقي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وحده([389]).
17 ـ عن عكرمة: لما كان يوم حنين، ولى المسلمون، وثبت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: أنا محمد رسول الله ثلاث مرات، وإلى جنبه عمه العباس([390]).
هل ثبت عمر في حنين؟!:
وقد زعموا: أن عمر بن الخطاب قد ثبت يوم حنين، وقد تقدم ذكره في كلمات الصالحي الشامي أيضاً.
ويدل على ذلك: ما روي عن شيبة بن عثمان الحجبي، قال: خرجت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم حنين، والله ما خرجت إسلاماً، ولكن خرجت أنفاً أن تظهر هوازن على قريش، فإني لواقف مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذ قلت: يا رسول الله، إني لأرى خيلاً بلقاً.
قال "صلى الله عليه وآله": "يا شيبة، إنه لا يراها إلا كافر"، فضرب بيده في صدري، وقال: "اللهم اهدِ شيبة". فعل ذلك ثلاث مرات، فوالله ما رفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" الثالثة حتى ما كان أحد من خلق الله تعالى أحب إليّ منه.
فالتقى المسلمون، فقتل من قتل، ثم أقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعمر آخذ باللجام، والعباس آخذ بالثفر، فنادى العباس: أين المهاجرون، أين أصحاب سورة البقرة؟! ـ بصوت عال ـ هذا رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فأقبل المسلمون، والنبي "صلى الله عليه وآله" يقول:
"أنــــا الــنــبــي لا كــــذب أنــــا ابــن عبـــد المـطــلـب ".
فجالدوهم بالسيوف، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الآن حمي الوطيس"([391]).
ونقول:
إن في هذه الرواية مواضع للتأمل، نذكر منها:
1 ـ أن جميع النصوص التي ذكرناها حول ثبات علي "عليه السلام" وبضعة نفر من بني هاشم احتوشوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمنع وصول الأعداء إليه، يدل على عدم صحة ما زعموه من أن عمر بن الخطاب كان مع من ثبت في مكة.
2 ـ قد تقدم: أن أم الحارث الأنصارية وأحد الصحابة الآخرين سأل عمر بن الخطاب عن سبب هزيمته، حين مر عليه، فقال: أمر الله([392]).
2 ـ إن حديث نسيبة بنت كعب المازنية المتقدم برقم (6) صريح في: أن عمر كان فاراً مع الفارين، فراجع.
3 ـ أضف إلى ذلك: أن عثمان الحجبي الذي يعترف أنفاً بأنه لم يخرج إلى حنين لأجل الدفاع عن الدين وأهله، وإنما بدافع الحميّة الجاهلية.. لا يمكن أن يكون صادقاً في أمر يكذبه فيه سائر الصحابة، وفيهم الأبرار والأخيار، بل يكذبه فيه حتى من لا يحب أن تثبت فضيلة لعلي "عليه السلام"، ولا أن تنسب سقطة لأمثال عمر وأبي بكر، وسائر من يؤيدهما..
4 ـ إن نفس الرواية قد أكدت كفر راويها، فهو بنفسه قد أثبت الكفر لنفسه، على لسان سيد الأنبياء والمرسلين "صلى الله عليه وآله". حيث إنه ذكر أنه رأى خيلاً بلقاً (يقصد الملائكة الذين أنزلهم الله لنصرة نبيه)، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": "يا شيبة، إنه لا يراها إلا كافر".
وقد خاطب الله تعالى المسلمين بقوله: {وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا}([393]).
وأما ما ادَّعاه: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ضرب بيده في صدره، فصار أحب الناس إليه، فهو لا يعدو كونه ممن يريد أن يجر النار إلى قرصه، ليدفع التهمة عن نفسه.
وفي جميع الأحوال نقول:
إن من يعترف على نفسه بالكفر، وينقل لنا شهادة النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" بذلك عليه، كيف يمكن أن يكون مأموناً فيما ينقله، ولاسيما إذا خالفه فيه سائر الصحابة الذين حضروا تلك المشاهد؟!
5 ـ إن الراوي الذي حاول أن يخلط الأمور والقضايا، ويحشر اسم عمر في الرواية ويجعله آخذاً بلجام البغلة، ويجعل العباس ممسكاً بثفرها. لم يوضح لنا عن أي ساعات القتال يتحدث.. كما أنه لم يذكر شيئاً عن الهزيمة التي مني بها المسلمون.. وهذا سياق غريب، لا يتردد أحد يقف عليه، ويقارن بينه وبين سواه، في الحكم بأنه مسوق للتضليل والتعمية، وتضييع الحقيقة على طالبها.
6 ـ وأخيراً.. ما هذا التحول الذي حصل في قلب شيبة؟! وكيف يمكن تصديقه، فإننا لا ننكر أن يكون لرسول الله "صلى الله عليه وآله" كرامات ومعجزات، ولكن لا يمكن قبول هذا الأمر إذا كان يتعلق بتعطيل الإختيار، وفرض الإيمان على الناس، من خلال التصرف التكويني، والقهر الإلهي، من دون أن يكون لمن يُفْعَلُ به ذلك أية رغبة في الحصول على هذا الأمر، بل تكون رغبة بالحصول على المزيد من البعد، ويكون طريقه الذي ارتضاه لنفسه هو طريق الجحود واللجاج والعناد.
نعم، إن هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً، فإن الله تعالى، يريد للإنسان نفسه ان يختار الإيمان، ويندفع إليه برضا منه، وقد أخذ على نفسه أن يمد هذا الطالب والمندفع بالتوفيقات والألطاف والعنايات على قاعدة: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}([394]) و {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}([395]) وقاعدة: {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}([396]) و {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ} ([397]).
الفصل الرابع:
نهايات حرب حنين
سليم في شعر ابن مرداس:
ولا بأس بأن نشير هنا إلى أنهم ينسبون إلى عباس بن مرداس قوله:
فـإن سراة الحي إن كنـت سـائـلاً سليـم وفيهـم منـهـم مـن تسـلـما
وجند من الأنصـار لا يخـذلـونـه أطـاعـوا فــما يـعـصونـه ما تكلما
فإن تك قد أمرت في القوم خالداً وقــدمــتــه فـإنـه قـد تـقــدمـا
بـجـنـد هـداه الله أنـت أمـــيره تـصـيـب به في الحق من كان أظلما
حـلـفـت يـمـيـنـاً بـرة لمـحمد فـأكـمـلتـهـا ألفاً من الخيل ملجما
وقـال نـبـي المـؤمـنـين تقدمـوا وحـب إلـيـنـا أن تـكـون المقـدما
وبـتـنـا بنهـي المستديـر ولم تكن بـنـا الخـوف إلا رغـبــة وتحـزمـا
أطعناك حتى أسلم الناس كلهم وحتى صبحنا الجمع أهـل يلملـما
يضل الحصان الأبلق الورد وسطه ولا يـطـمـئـن الشيخ حتى يسوما
لـدن غـدوة حتـى تركنـا عشية حـنـيـنـاً وقـد سـالت دوامعه دما
سمونا لهم ورد القطازفة ضحى وكـل تـراه عـن أخـيـه قد احجما
إذا شـئـت من كل رأيت طمرة وفـارسهـا يهـوي ورمحــا محـطـما
وقـد أحرزت منا هوازن سربها وحب إليها أن نخـيـب ونحـرما([398])
ونقول:
إن من يراجع كتب السيرة والتاريخ سيرى أمامه العديد من القصائد، والمقطوعات الشعرية، المتضمنة للإفتخار بدور بني سليم في حرب حنين، وأكثرها منسوب إلى أحد رؤساء هذه القبيلة، وهو العباس بن مرداس السلمي..
هذا بالإضافة إلى الثناء على خالد، وتحسين تأميره على المقدمة في حرب حنين..
غير أنه قد تقدم منا في بعض الفصول: أن خالداً لم يكن ناجحاً في قيادته، وخصوصاً في حرب حنين، وكان في المنهزمين الأوائل في ساحة القتال([399]).
وهكذا الحال بالنسبة لقبيلة سليم ـ التي كانت تفخر بأن ألفاً منها قد حضروا في حنين([400]) ـ فإنها إما تبعت أهل مكة في الهزيمة، وقد كانوا معاً في المقدمة. وإما أنها كانت هي المبادرة للفرار، وتبعها الناس في ذلك لا يلوون على شيء([401]). وبقي علي أمير المؤمنين "عليه السلام" وحيداً في ساحة القتال، بالإضافة إلى نفر من بني هاشم احتوشوا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لكي يمنعوا المشركين من الوصول إليه، وإلحاق الأذى به..
من أجل ذلك كله نقول:
إن الأشعار المنسوبة للعباس بن مرداس إنما تهدف إلى تزوير الحقيقة، وتبييض صفحة بني سليم، وخالد، ولو عن طريق إشاعة الأباطيل والأكاذيب. ولا شيء أكثر من هذا.. وبطلان هذه الإدعاءات كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار.. وقد خاب من افترى.
النبي ' يدافع عن ذراري المشركين:
ولا ندري كيف يمكن تفسير ما ورد في بعض الروايات المتقدمة: من أن المسلمين حنقوا على المشركين، فقتلوهم حتى أسرع القتل في ذراري المشركين، حتى اضطر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى النداء:
"ألا لا تقتل الذرية، ألا لا تقتل الذرية" ثلاثاً ([402]).
غير أننا نكتفي هنا بالإلماح إلى ما يلي:
أولاً: إن المشركين كانوا يعدون بالألوف، إن لم نقل بعشرات الألوف.. ومجموع من قتل منهم كان حوالي مائة، كما تقدم، وسيأتي.. وأكثر قتلى المشركين قتلوا على يد علي "عليه السلام"، فإنه "عليه السلام" بعد قتل أبي جرول قتل أربعين رجلاً، ولا ندري كم قتل قبل ذلك.. وقد كان قتل أبي جرول ـ حسبما تقدم ـ هو السبب في كسر شوكة المشركين، وفي هزيمتهم.
ولو أردنا تصديق ما زعموه: من أن أبا طلحة قتل عشرين رجلاً من المشركين، وحصل على سلبهم، وأضفنا إلى ذلك الأسير الذي قتله عمر بن الخطاب، والأسير الذي قتلته أم عمارة والرجل الذي زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قتله.. وأضفنا إلى ذلك المرأة التي قتلها خالد، والذراري الذين قتلوا من دون مبرر، فلا يبقى سوى قلة قليلة جداً لا تستحق هذه المبالغات، التي يتخيل سامعها أن المسلمين قد حصدوا مئات من المشركين في فورة حنقهم..
وفي جميع الأحوال يبقى السؤال قائماً: أين أمعن المسلمون في قتل رجال المشركين؟! وما هي حصيلة هذا الإمعان سوى ما ذكرناه؟!.
ثانياً: إذا كان المسلمون عشرة آلاف، أو اثنا عشر ألفاً، ويقابلهم ضعف أو أضعاف عددهم من المشركين، قيل: أربعة وعشرون، بل ثلاثون ألفاً، فلا بد أن نتوقع سقوط عدد من القتلى يتناسب مع عدد الجيشين، ولو بأن يقتل واحد من كل عشرة من المشركين، وواحد من كل مائة من المسلمين..
وهذا معناه: أن تكون الحصيلة النهائية تعد بالمئات بل بالألوف. ولاسيما مع الحنق والهيجان المنسوب للمسلمين، ومع الإسراع في القتل المنسوب إليهم في المشركين، حتى تجاوز الرجال إلى الذرية..
ثالثاً: إن المسلمين قد حاربوا أعداءهم طيلة ثماني سنوات في عشرات الحروب، فما معنى أن يجهل أسيد بن حضير، وهو الرجل الذي يعظمونه وينسبون إليه المقامات والفضائل، وهو ينافس على زعامة قبائل الأوس كلها في المدينة. كيف وما معنى أن يجهل أنه لا يحق لأحد أن يقتل ذرية، ولا عسيفاً، ولا امرأة، ولا شيخاً؟!
وهذه هي وصية رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكل بعوثه، وفيها يقول: "لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبياً، ولا امرأة"([403]).
بل إنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسل إلى خالد يقول له: "لا تقتل ذرية ولا عسيفاً"([404]). وهم وإن لم يصرحوا باسم الغزوة التي أرسل إليه فيها هذا الأمر، لكنها إما حنين، وإما الفتح بلا شك، لأن الرواية صرحت: بأنه قتلها بعد ما جرى على المقدمة التي كانت بقيادته ما جرى.
ومن المعلوم: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يجعله على مقدمته بعد حنين.
فما معنى أن يسأل أسيد بن حضير هذا السؤال إلا إذا كان يرى أن في أوامر النبي "صلى الله عليه وآله"، ما يكون خطأً وغير معقول؟!
ولنترك أسيد بن حضير، لنسأل عن غيره من المسلمين الحانقين الذين فتكوا بالذرية، فنسأل أيضاً: لماذا عصوا أوامر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وتوجيهاته لهم، وهي لم تزل تتلى على مسامعهم، عند إرسال كل سرية أو بعث؟!
رابعاً: إن الإسراع في قتل الذرية معناه: أنهم قد انتقلوا من ساحة المعركة، إلى موضع وجودها، إذ إن الذرية لا تكون في ساحة القتال، بل تجعل مع النساء بعيداً عن موضع الخطر، لكي لا ينالها مكروه في حالات الكر والفر..
وهذا يشير إلى أنهم إنما فعلوا بالذرية ذلك في حال لم تكن هوازن قادرة على التفكير بهم، والدفع عنهم. وليس ذلك إلا حال فرارها من سيف علي "عليه السلام"، ومن جند الله تعالى، فشغلها ذلك عن التفكير بأي شيء آخر، فاغتنم المسلمون الفارّون الفرصة للفتك بذرية المشركين في نفس هذه اللحظات..
وهذه رذيلة، وليست فضيلة، وهي تدل على منتهى العجز والخوار، وليست دليل بسالة وشجاعة.
خامساً: إن ما نسبوه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أنه قال لأسيد بن حضير: "أليس خياركم أولاد المشركين"، يبقى هو الآخر موضع ريب وشك.
ولعل الصحيح، هو: أنه قال له: أليس تقولون (أو أليس تزعمون) أن خياركم الخ..
أو لا بد من حمل كلامه على أنه أجراه وفق ما يعتقده ابن حضير، ومن تابعه حيث يوهمون أنفسهم بأنهم خيار الناس، فهو سؤال تقريري أجراه على ظاهر الحال منه..
وإلا، فالحقيقة هي: أن خيار الناس هم أولاد الموحدين وهم النبي "صلى الله عليه وآله" وأهل بيته الطاهرون.. ثم يأتي الناس بعدهم على مراتبهم.
وأخيراً نقول:
أولاً: قد اتضح: أن ظواهر الأمور تعطي: بأن بعض الناس، العاجزين، وغير الملتزمين بأوامر النبي "صلى الله عليه وآله" وتوجيهاته، قد بادروا إلى قتل الذرية، فنهاهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ويدل على ذلك: نفس قول رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما بال أقوام بلغ بهم القتل حتى بلغ الذرية"؟!..
ثانياً: إن نفس كلمات النبي "صلى الله عليه وآله" أيضاً تشير إلى أن ما يفعله هؤلاء في الذرية كان بدافع الحقد وشهوة القتل، ولذلك قال "صلى الله عليه وآله" لهم: "بلغ بهم القتل حتى بلغ الذرية.." أي إن حب وشهوة القتل نفسه قد ساقهم إلى هذا الحد غير المعقول ولا المقبول..
وهذا في حد نفسه رذيلة لا بد من التنزه عنها، بل هو مرض لا بد من علاجه، وتخليص النفوس منه..
الوفاء بالنذر.. والعصمة:
وأما الحديث عن نذر قتل ذلك الرجل الذي تاب إلى الله، وعدم قبول النبي "صلى الله عليه وآله" البيعة منه حتى يفي ذلك الناذر بنذره، فهو غير مقبول، بل غير معقول..
أولاً: لأن ذلك الرجل إذا كان قد أقلع عما كان عليه، وتاب إلى الله، فكيف يسمح النبي "صلى الله عليه وآله" بقتله، وهل يحق له أن يفرط فيه بعد توبته.. أولم يصرح القرآن بأن الله تعالى {هُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ}([405])، وقال تعالى: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ}([406]).
ثانياً: هل يصح الإمساك عن مبايعة رجل جاء تائباً إلى الله تعالى، واخذه بما سلف منه؟!
ثالثاً: هل يصح نذر ذلك الرجل في أمر كهذا؟!. وهل يجب عليه أن يفي به، بعد أن كان أمر الأسرى لا يعود إليه، بل هو بيد رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
والمفروض: أن ذلك قد نذر قتله بعد أسره لا قبله. وليس لأحد أن ينذر في حق الأسرى، أي شيء من دون إذنه "صلى الله عليه وآله" بعد أن أصبحوا في عهدة النبي، وصار أمرهم إليه "صلى الله عليه وآله".
وهل هذا إلا مثل أن ينذر أحد أن يتصدق بمال غيره، أو أن يعتق عبد جاره، أو أن يطلق زوجة أخيه؟!. وما إلى ذلك..
اجزروهم جزراً:
وزعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أمر المسلمين بقتل من قدروا عليه من المشركين، وأنه قال لهم: اجزروهم جزراً، وأومأ بيده إلى الحلق([407]).
وهو كلام مكذوب على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلا ريب، فإن المطلوب إذا كان ذلك، فلماذا لم يقتلهم حين قدر عليهم، وأسرهم؟!
يضاف إلى ذلك: أنه "صلى الله عليه وآله" إنما يريد بحربه لهم دفع شرهم، وإبطال كيدهم، وإيقافهم عند حدهم، ثم هدايتهم إلى الحق. ولا يريد أن يتشفى منهم، لأنه لم يكن يحقد عليهم؛ بل كانت نفسه "صلى الله عليه وآله" تذهب حسرات على الضالين والمشركين، وقد خاطبه الله تعالى بقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}([408])، وقوله: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً}([409])، وكان "صلى الله عليه وآله" يقول: "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون"([410]). حتى وهم يقاتلونه، ويحاولون سفك دمه.
إيمان أهل مكة.. لظهور القوة:
وقد صرحت الروايات المتقدمة: بأن نتائج حرب حنين، قد دعت الكثيرين من المكيين إلى الدخول في الإسلام. قالوا:
"وأسلم عند ذلك ناس كثير من أهل مكة، حين رأوا نصر الله تعالى رسوله، وإعزاز دينه"([411]).
ولسنا بحاجة إلى بذل أي جهد في توضيح حقيقة: أن إسلام هؤلاء الناس من أهل مكة، لم يكن لأجل انصياعهم لما تحكم به عقولهم، وتقودهم إليه فطرتهم، ولا كان ذلك حباً بالحق، والتذاذاً بالهدى، وبخوعاً وانقياداً لما تفرضه المعجزة القاهرة، والبراهين الظاهرة.
ولكن إسلامهم كان انصياعاً للقوة واستجابة لإغراءاتها، وتأثراً باقتضاءاتها، فقد رأوا نصر الله رسوله، وإعزازه دينه، ويعتبرون أن أمراً من هذا القبيل يعنيهم، ولابد لهم من البحث عنه، والحصول عليه، لأنه يمثل مظهراً من مظاهر الحياة الدنيا، وربما يكون من أقوى السبل إليها، والحياة الدنيا هي محط أنظارهم، ومهوى أفئدتهم..
فالإنتصار، والإعزاز كانا السبب الأقوى لإظهارهم الإسلام، وهذه هي نظرة الضعفاء قليل الحظ في العلم والثقافة والمعرفة، والمفلسين من القيم والمثل، والبعيدين عن التفاعل الروحي مع الأحداث، والفاقدين لتوهج المشاعر، ولحياة العواطف.. فانحسر دور هذه المؤثرات، لتتفرد الأهواء والغرائز بمسار الإنسان، وبمصيره، دونما وازع من ضمير، أو رادع من وجدان.
قتل دريد بن الصمة:
قالوا: لما هزم الله تعالى هوازن، أتوا للطائف، ومعهم مالك بن عوف، وعسكر بعضهم بأوطاس، وتوجه بعضهم نحو نخلة، بنو عيرة من ثقيف.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" خيلاً تتبع من سلك نخلة ولم تتبع من سلك الثنايا.
وأدرك ربيعة بن رفيع بن أهبان بن ثعلبة، من بني سليم، دريد بن الصمة، فأخذ بخطام جمله، وهو يظن أنه امرأة، وذلك أنه في شجار له، فإذا هو رجل، فأناخ به وهو شيخ كبير، ابن ستين ومائة سنة، فإذا هو دريد، ولا يعرفه الغلام.
فقال له دريد: ما تريد؟
قال: أقتلك.
قال: وما تريد إلى المرتعش الكبير الفاني؟
قال الفتى: ما أريد إلا ذاك.
قال له دريد: من أنت؟
قال: أنا ربيعة بن رفيع السلمي.
قال: فضربه، فلم يغن شيئاً.
فقال دريد: بئس ما سلحتك أمك، خذ سيفي من وراء الرحل في الشجار، فاضرب به، وارفع عن العظم، واخفض عن الدماغ، فإني كذلك كنت أقتل الرجال، ثم إذا أتيت أمك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصمة، فربّ يوم قد منعت فيه نساءك.
فزعمت بنو سليم: أن ربيعة لما ضربه فوقع، تكشف للموت، فإذا عجانه وبطون فخذيه مثل القرطاس من ركوب الخيل.
فلما رجع ربيعة إلى أمه أخبرها بقتله إياه، قالت: والله لقد أعتق أمهات لك ثلاثاً في غداة واحدة، وجز ناصية أبيك.
فقال الفتى: لم أشعر([412]).
مالك بن عوف يفرّ إلى ثقيف:
وقالوا أيضاً: ووقف مالك بن عوف على ثنية من الثنايا، وشبان أصحابه، فقال: قفوا حتى يمضي ضعفاؤكم، وتلتئم إخوانكم. فبصر بهم الزبير بن العوام، فحمل عليهم حتى أهبطهم من الثنية، وهرب مالك بن عوف، فتحصن في قصر بلية. ويقال: دخل حصن ثقيف([413]).
ونقول:
إننا نلاحظ على ما تقدم:
1 ـ قال اليعقوبي: "وقتل دريد بن الصمة، فأعظم الناس ذلك. فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إلى النار وبئس المصير، إمام من أئمة الكفر، إن لم يكن يعين بيده، فإنه يعين برأيه، قتله رجل من بني سليم"([414]).
وهذا دليل واضح على أن قتل دريد بن الصمة كان عملاً صائباً، ومحموداً، فإن هذا الشيخ مع كبر سنه قد حرص على إطفاء نور الله، وأصرّ على محاربة الأنبياء، وخذلان الحق، ونصرة الباطل، فهل هناك من هو أسوأ من هذا..
فلو أنه بعد أن بلغ من الكبر عتياً.. ندم على ما فرط منه طيلة حياته الحافلة بالظلم والعدوان وقتل الناس.. كما اعترف به آنفاً، واعتزل في بيته على أقل تقدير، ونصح من يأخذ عنه، ويسمع منه بالعمل بما يحفظ لهم كرامتهم، ويؤكد المعاني الإنسانية النبيلة فيهم، لكان خيراً له ولهم..
ولكنه بالرغم من ظهور عدم طاعة مالك له، أصر على البقاء الذليل معه في ذلك الجمع. آملاً أن يتمكن من عمل أي شيء ضد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن معه من المؤمنين. مع اعترافه لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، بأنه ليس كسائر الناس شمماًَ وكرماً..
ومع اعترافه أيضاً: أنه قد أظهر لمالك بن عوف ولغيره بأنه على معرفة تامة بما كان يجري في المنطقة من تحولات.. مما يعني: أنه يفعل ما يفعل عن سابق علم وتصميم، وهذا يزيد في وضوح سوء نيته، وخبث طويته، وهو لا يستحق أي نوع من أنواع الرأفة والتسامح.
3 ـ لقد أحسن هذا الشاب فيما أجاب به أمه حين عتبت عليه لعدم تكرّمه على ابن الصمة بالعفو عنه، حيث أوضح لها: أنه لم يكن ليتكرم بما يوجب غضب الله ورسوله.. فقد قال لها: ما كنت لأتكرم عن رضا الله ورسوله([415]).
وهذا يدل: على أنه قد قتله عن معرفة تامة باستحقاقه للقتل، ولم يكن ذلك عن رغبة في سفك دماء الناس، كما ربما توحي به رواية قتله التي ذكرها الصالحي الشامي وغيره..
4 ـ قيل: إن قاتل دريد هو: الزبير بن العوام، وقيل: هو عبد الله بن قنيع (أو قبيع)([416]). والحديث المتقدم لا مجال لتطبيقه على الزبير، كما هو ظاهر..
5 ـ إن سياق حديث قتل ابن الصمة قد يوحي: بأن دريداً كانت له أعمال صالحة تشير إلى أنه كان يملك درجة من النبل، وكرم الطباع، وصالح السجايا، من حيث إنه كان يعتق النساء، ويطلق الأسرى، بعد أن يجز ناصيتهم..
ولكن الحقيقة هي: أن ذلك لا يكفي لإثبات أن عتقه للنساء، وإطلاقه للأسارى قد كان بدافع إنساني، يستحق معه بعض التكريم، والتعظيم، أو يوجب التعامل معه بشيء من التسامح.. إذ لعله كان يفعل ذلك للحصول على ما هو أفضل من ذلك، في الموقع المناسب.. أو لأجل الحصول على السمعة في الدنيا.. أو ما إلى ذلك.
ويؤيد ما نقول:
أنه كان يهتم بسفك دماء الناس، وله شهرة واسعة في ذلك.. فمن كان كذلك، كيف نتوقع أن يكون عتقه للنساء بدافع إنساني يستحق معه العفو؟
ولو فرض أنه يستحق العفو لإطلاق سراح النساء، فهل يستحق العفو بالنسبة للأبرياء الذين قتلهم في كل تاريخه الطويل؟!
6 ـ وأما الحديث عن عجانه وبطون فخذيه وأنها كانت كالقرطاس من ركوب الخيل، فهو كلام فارغ، لا يعدو كونه مبالغات دأب عليها الناس في مثل هذه الأحوال، رغبة منهم في تهجين الأمور. وإلا، فإن الإنسان لو ركب الخيل عشرات السنين، فلا يتحول عجانه وباطن فخذيه إلى هذه الحالة.
نعم، ربما يكون كبر سنه وضعف بدنه قد أوجد حالة من الترهل والإسترخاء.. وذلك يحصل لكل من طعن في السن، فكيف إذا بلغ مائة وعشرين، أو مائة وستين، أو حوالي مائتي سنة؟!
أوسمة للزبير بن العوام:
قالوا: وخرج مالك بن عوف عند الهزيمة، فوقف في فوارس من قومه على ثنية من الطريق، وقال لأصحابه: قفوا حتى تمضي ضعفاؤكم، وتلحق أخراكم، فوقف هنالك حتى مرّ من كان لحق بهم من منهزمة الناس.
قال ابن هشام: وبلغني: أن خيلاً طلعت ومالك وأصحابه على الثنية، فقال لأصحابه: ماذا ترون؟
قالوا: نرى أقواماً عارضي رماحهم، أغفالاً على خيلهم.
قال: هؤلاء الأوس والخزرج، فلا بأس عليكم منهم، فلما انتهوا إلى أصل الثنية، سلكوا طريق بني سليم.
فقال لأصحابه: ماذا ترون؟
قالوا: نرى قوماً واضعي رماحهم بين آذان خيلهم، طويلة بوادّهم.
قال: هؤلاء بنو سليم، ولا بأس عليكم منهم، فلما سلموا سلكوا بطن الوادي.
ثم اطلع فارس، فقال لأصحابه: ماذا ترون؟
قالوا: نرى فارساً طويل البادّ، واضعاً رمحه على عاتقه، عاصباً رأسه بملاءة حمراء.
قال: هذا الزبير بن العوام، وأحلف باللآت والعزى ليخالطنكم فاثنوا له.
فلما انتهى الزبير إلى أصل الثنية أبصر القوم، فصمد لهم فلم يزل يطاعنهم حتى أزاحهم عنها([417]).
ونقول:
إننا نشك في صحة هذه الأقاويل..
أولاً: لأن النصوص قد صرحت: بأن مالك بن عوف حين فرّ في حنين، قد بلغ في فراره إلى حصن الطائف، وكان الذعر قد بلغ بالمشركين المنهزمين حداً جعلهم يشعرون وكأن عدوهم يدخل على أثرهم إلى حصن الطائف([418]).
ولم يكن المنهزمون قادرين على انتظار أحد من الناس، لا من ضعفتهم، ولا من غيرهم حتى يلحق بهم، ولا ليجرؤا على الوقوف على ثنية، ويراقبوا كتائب المسلمين وهي تلاحقهم، ويميزوا بين هذه وتلك..
وكان "صلى الله عليه وآله" قد أرسل الخيل لتلاحقهم كما يقولون، فلم يكونوا ليجدوا الفرصة ليصعدوا على ثنية ولا على غيرها([419]).
ثانياً: إن المسلمين كما تقدم: لم يعودوا إلى القتال، بل عادوا فوجدوا أسرى المشركين مكتفين عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهم لم يلاحقوا المنهزمين..
أو على الأقل: إن النصوص غير قادره على إثبات ذلك..
ثالثاً: هل كان الزبير وحده في تلك البيداء؟! ولماذا كان وحده؟! وإذا كانت لديه هذه الشجاعة، والروحية، والمقدرة، فلماذا هرب مع الهاربين.. واستحق العقاب الإلهي، مع من عوقب وطولب، وليم وأنّب؟!
كما أننا لا بد أن نسأل: كيف انتهت المناوشات بينه وبين الذين على الثنية، فهل قتلهم أم قتلوه، أو هزمهم أو هزموه، أو انصرف عنهم، وانصرفوا عنه؟!
وهل لحق به أحد فعاونه عليهم، أم بقي وحده بينهم؟! أم أن مقصوده هو مجرد إزاحتهم عن الثنية ثم لا شغل له بهم؟!
رابعاً: إن عرض الرماح على الخيل معناه: الإعراض عن الحرب، أو الإستهتار بالعدو، لأن معنى عرضها هو: وضعها على العرض، قال الشاعر:
جــاء شـقـيـق عـارضـاً رمحــه إن بـنـي عـمــك فـيـهـم رمــاح
فلماذا يعرض الأوس والخزرج رماحهم، فإن كان ذلك استهتاراً بالعدو، فلماذا هربوا منه قبل قليل؟!. وإن كان إعراضاً عن الحرب، فالمفروض: أنهم يطاردون المنهزمين في كل اتجاه، ولابد أنهم يستعملون تلك الرماح في تلك المطاردة.
خامساً: ما معنى تسليم سليم على الواقفين على الثنية، هل عرفوا: أن الذين على الثنية هم مالك بن عوف، وأصحابه؟! فلماذا سلموا عليهم، وتركوهم، ولم يناجزوهم القتال؟!
وإن كانوا قد ظنوا أنهم من أصحابهم، فلماذا تركوهم أيضاً لم يدعوهم إلى النزول إلى ساحات القتال؟!
أو على الأقل: لماذا لم يسألوهم عن حالهم، وعن سبب وقوفهم على الثنية؟!
فإن حال هؤلاء الواقفين مريب على جميع الأحوال..
من استشهد بحنين:
قال اليعقوبي: "وكان جميع من استشهد أربعة نفر"([420]).
ذكروا: أن الذين استشهدوا من المسلمين في حرب حنين كانوا خمسة رجال فقط، وهم:
1 ـ أيمن بن عبيد الله بن زيد الخزرجي، وابن أم أيمن.
2 ـ وسُراقة بن الحارث الأنصاري.
3 ـ ورقيم بن ثابت بن ثعلبة بن زيد بن لوذان.
4 ـ وأبو عامر الأشعري أصيب بأوطاس، كما سيأتي.
5 ـ ويزيد بن زمعة بن الأسود، جمح به فرس يقال له: الجناح، فقتل.
واستحر القتل من ثقيف في بني مالك، فقتل منهم سبعون رجلاً تحت رايتهم، فيهم عثمان بن عبد الله بن الحارث.
وكانت رايتهم مع ذي الخمار، فلما قتل أخذها عثمان بن عبد الله، فقاتل حتى قتل. ولما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" قتله، قال: "أبعده الله، فإنه كان يبغض قريشاً"([421]).
قتلى المشركين:
قال دحلان: "قتل من المشركين وقت الحرب أكثر من سبعين. قيل: وفي الإنهزام أكثر من ثلاثمائة"([422]).
ونقول:
لو صح هذا لوجب أن تكون الهزيمة قد وقعت أولاً على المشركين، فلماذا انهزم المسلمون إذن..
ومن جهة أخرى: فقد روي عن عبد الله بن الحارث، عن أبيه قال: قتل من أهل الطائف يوم حنين مثل من قتل يوم بدر([423]).
وتقدم: أن علياً "عليه السلام" قد قتل بعد أبي جرول أربعين رجلاً([424])، أما من قتلهم "عليه السلام" قبل ذلك، فالله أعلم بعدتهم. كما أن مجموع من قتلهم علي "عليه السلام" في حنين، لم يذكره لنا التاريخ، ولا تحدثت عنه الروايات.
وكان مجموع من قتل من المشركين مائة رجل([425]).
وبعد أن انهزمت هوازن استمر القتل في ثقيف في بني مالك منهم، فقتل منهم سبعون رجلاً تحت رايتهم، التي كانت أولاً مع ذي الخمار، فقتل. فأخذها عثمان بن عبد الله بن ربيعة، فقتل أيضاً.
بغض قريش:
بالنسبة لقول رسول الله "صلى الله عليه وآله": أبعده الله، فإنه كان يبغض قريشاً([426])، نقول:
إن اليعقوبي يذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال هذه الكلمة بعد قتل ذي الخمار([427]).
إن بغض قريش الموجب للدعاء بالسوء لا بد أن يكون لجهة مبغوضة لله تعالى. أما بغضها لأجل شركها مثلاً، فلا يستوجب هذا الدعاء، بل هو من موجبات الحمد والثناء.
وأما بغض القبائل لبعضها البعض لأجل إحنٍ جاهلية، وثارات قبلية، فلا يختص بقريش، وهو من الأمور التي عمل الإسلام على اقتلاعها من جميع فئات المجتمع. حتى من قريش في بغضها للقبائل الأخرى إذا كان من أجل ذلك..
ما كانت هذه لتقاتل!!
عن رباح بن ربيع: أنه خرج مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة غزاها، وعلى مقدمته خالد بن الوليد، فمر رباح وأصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" على امراة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون إليها، يعني: ويعجبون من خلقها، حتى لحقهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على راحلته، فانفرجوا عنها.
فوقف عليها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "ما كانت هذه لتقاتل".
فقال لأحدهم: "الحق خالداً وقل له لا تقتل ذرية ولا عسيفاً"([428]).
ونقول:
1 ـ إن هذه الرواية وإن لم تصرح: بأن ذلك كان في غزوة حنين، لكن عبارة "مرَّ على امرأة مقتولة مما جرى على المقدمة" تدل على: أن قتل هذه المرأة كان في حنين، لأنها هي الغزوة الوحيدة التي انهزمت المقدمة فيها بهذا الشكل القبيح، والمهين، والمشين.
2 ـ إن الكلمة الموجزة للنبي "صلى الله عليه وآله" قد تكفلت بحسم الأمر بصورة تامة من جميع جهاته، لأنها أشارت إلى:
ألف: إدانة قتل النساء في الحروب، لأن المقصود بكلمة "هذه" ليس هو شخص تلك المرأة، بل جنسها ولاسيما مع ملاحظة كلمة "ما كانت هذه"..
ب: إنها دلت على: أن التوجيه النبوي لجيشه كان هو المنع عن قتل النساء، ولذلك أجرى الكلام وكأنه مفروغ عنه، ليفيد: أن الذي يُقتل هو خصوص من يقاتل..
ج: إنه "صلى الله عليه وآله" إنما أشار إلى أن طبيعة وشأن، وظاهر حال النساء هو أنهن لا يتصدين للقتال.. فما معنى أن يقتل من هذا حاله.. فلا بد من اعتبار قتل هذه المرأة حالة شاذة، وغير مقبولة..
3 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عرف بمجرد رؤية تلك المرأة أن خالد بن الوليد هو المطالب بقتلها، فسارع إلى إعادة تأكيد أوامره له بأن لا يرتكب أمثال هذه المخالفات.
وأما كيف عرف "صلى الله عليه وآله" ذلك.
فأولاً: هو "صلى الله عليه وآله" نبي متصل بالله، وهو يخبره بكل ما يجب، و يحب.
ثانياً: لعله علم ذلك، من حيث إن الذين مروا في ذلك المكان هم خالد ومن معه. دون سواهم. بالإضافة إلى قرائن ودلالات أخرى. لعلها توفرت له.
ثالثاً: قد صرح بعضهم: بأنه "صلى الله عليه وآله" سألهم عن تلك المرأة، فقالوا: قد قتلها خالد بن الوليد"([429]).
4 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" كان كلما أراد ان يرسل بعثاً أو سرية يجلسهم بين يديه، ويوصيهم بوصايا جامعة، ومنها قوله "صلى الله عليه وآله": "لا تقتلوا شيخاً فانياً، ولا صبياً، ولا امرأة"([430]) فما معنى أن يخالف خالد، ومن معه أوامر رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
5 ـ إن النص المذكور آنفاً قد اقتصر على ذكر العسيف، والذرية في الأمر الصادر لخالد من رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
فلماذا لم يذكر المرأة؟ مع أنها هي الحدث المقتضي لتجديد التأكيد على الأوامر الصادرة.
فالجواب هو: أن ثمة إسقاطاً من الرواية، ولا ندري إن كان متعمداً..
ويدل على ذلك: تصريحهم بأنه لما وقف النبي "صلى الله عليه وآله" على تلك المرأة، وأخبروه بأن خالداً قتلها "بعث إلى خالد، ونهاه عن قتل المرأة، والطفل، والأجير"([431]).
إنه من أهل النار:
وذكر للنبي "صلى الله عليه وآله": أن رجلاً كان بحنين قاتل قتالاً شديداً، حتى اشتدت به الجراح، فقال: "إنه من أهل النار".
فارتاب بعض الناس من ذلك، ووقع في قلوب بعضهم ما الله تعالى به أعلم.
فلما آذته جراحته، أخذ مشقصاً من كنانته فانتحر به.
فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بلالاً أن ينادي: ألا لا يدخل الجنة إلا مؤمن، إن الله تعالى يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر"([432]).
ونقول:
1 ـ في هذه الرواية دلالات مختلفة نقتصر منها على الإشارة إلى هذا الضعف الظاهر في إيمان كثيرين ممن عاشوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ورأوا الآيات والمعجزات ليس في الحروب وحسب، وإنما في مختلف شؤون الحياة.
وقد بلغ بهم ضعف الإيمان هذا: أن قضية جزئية، يخبر فيها النبي "صلى الله عليه وآله" عن مصير واحد من الناس قد أنستهم كل ما رأوه من معجزات، وعاينوه من دلالات، ويتلاعب بهم الشيطان، ويشككهم بدينهم وبنبيهم من أجلها..
فليت شعري، متى صلُب هذا الإيمان فيهم، حتى استعصى على الهزات، وخلص من الشوائب، والتشكيكات؟!
ومن يضمن لنا: أن لا تستمر ببعضهم حالات الريب والشك، ويكتمها عنا، وعن غيرنا إلى ما بعد موته؟!
وعلينا أن لا ننسى لفت نظر القارئ إلى أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يتعمد إلقاء أمثال هذه الأخبار لأصحابه لسببين:
أحدهما: أنه يريد أن يعمق الإيمان في قلوبهم بصورة عملية، بتكرار أمثال هذه الحوادث، ليوصلهم إلى اليقين الراسخ، والقناعة التامة..
الثاني: أنه يريد: أن يعرّف الأجيال اللاحقة بحقيقة معاناته، وبواقع هؤلاء الناس، الذي سيأتي من ينسب إليهم ثبات القدم في الدين، وشدة اليقين فيه، وحقيقة الوعي لحقائقه ومبانيه، بل سوف يدَّعون لهم مقام الإجتهاد، والرشاد والسداد، إلى درجة العصمة، ويصرون على براءة ساحتهم، من كل تهمة أو وصمة.
المجروحون في حنين:
عن عبد الله بن الأزهر، قال: كان خالد بن الوليد جرح يوم حنين، وكان على خيل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجرح يومئذٍ، فلقد رأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد ما هزم الله تعالى الكفار، ورجع المسلمون إلى رحالهم يمشي في المسلمين ويقول: "من يدلني على رحل خالد بن الوليد"؟
فأتي بشارب، فأمر من عنده فضربوه بما كان في أيديهم، وحثا عليه التراب([433]).
قال عبد الرحمن: فمشيت ـ أو قال: سعيت ـ بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنا غلام محتلم، أقول: من يدل على رحل خالد، حتى دللنا عليه، فإذا خالد مستند إلى موخرة رحله، فأتاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فنظر إلى جرحه، فتفل فيه فبرئ([434]).
عن عائذ بن عمرو قال: أصابتني رمية يوم حنين في جبهتي، فسال الدم على وجهي وصدري، فَسَلَتَ النبي "صلى الله عليه وآله" الدم بيده عن وجهي وصدري إلى ثندؤتي، ثم دعا لي.
قال حشرج والد عبد الله: فرأينا أثر يد رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى منتهى ما مسح من صدره، فإذا غرة سابلة كغرة الفرس([435]).
ونقول:
أولاً: إننا لا نستطيع أن نؤكد صحة هذه الروايات، غير أننا نعلم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يميز أحداً على أحد في تعامله. فهل كان يسأل عن المجروحين الآخرين، ويذهب في الطرقات يسأل عن رحالهم؟! ويأتيهم، ويشفيهم، كما فعل بخالد؟!
بل قد زعمت رواية نسبت إلى أنس: أن أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً "عليه السلام" قد ضرب كل منهم بضعة عشر ضربة([436]).
فإذا كان هؤلاء يصدِّقون هذه الرواية، فالسؤال هو: إن هؤلاء الأربعة عند هؤلاء أفضل من خالد بن الوليد، فلماذا لم يزرهم في رحالهم، ويهتم بشفائهم كما فعل بخالد؟!
وإن كان قد فعل ذلك، لكن التاريخ أهمل ذكره، فلا بد أن نسأل أيضاً عن سبب هذا الإهمال، فإننا لا نرى أي مبرر. بل قد تعودنا الإحتفاظ بأبسط الأمور إذا كانت تتعلق بهؤلاء، فكيف إذا كان الأمر بهذه الخطورة؟!
ثانياً: ما معنى أن يمشي رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسلمين، وهو يسأل عن رحل خالد، ثم يستخدم مراهقاً لهذه الغاية، ليسعى بين يديه "صلى الله عليه وآله"، وهو يقول: من يدل على رحل خالد، فإن هذا الأمر غير متوقع، ولا مألوف منه "صلى الله عليه وآله"..
بل إن ما نتوقعه هو أن نجد المسلمين يتبادرون، ويتسابقون ليدلوا النبي "صلى الله عليه وآله" على ما يطلب دلالتهم عليه، ولا تصل النوبة إلى أن يمشي هو فيهم يطلب منهم ذلك، فضلاً عن ان يستخدم مراهقاً لهذا الغرض.
ثم ألا ترى معي: أن الهدف من ادِّعاء أن خالداً جرح، ثم تحرك النبي "صلى الله عليه وآله" في الجيش لزيارته في رحله على ذلك النحو الفاقع.. يراد منه: إعادة الإعتبار لخالد بهذا التكريم المزعوم..
ثم التماس عذر له في الهزيمة، وانه لم يقصر في القيام بواجبه، لكن جراحاته هي التي قصرت به.
ولنا أن نحتمل: أن يكون هذا البرء العاجل لجرح خالد، إنما هو لمنع بحث الناس عن هذا الأمر، حتى لا يظهر أن جراحاته المزعومة كانت ضرباً من الخيال..
كما أن ذلك يسد الطريق على من يريد أن يقول: إنه كان حاضراً، ولم ير خالداً يعاني، لا من جراحة، ولا من غيرها.
غنائم حنين إلى الجعرانة:
قالوا: لما انهزم القوم أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالغنائم أن تجمع، ونادى مناديه: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يغل.
وأمر "صلى الله عليه وآله" بالذراري، والأموال أن تحضر إلى الجعرانة، فوقف بها هناك إلى أن انصرف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من حصار الطائف([437]).
وجعل الناس غنائمهم في موضع، حيث استعمل عليها رسول الله "صلى الله عليه وآله" مسعود بن عمرو الغفاري([438]).
وأما السبي، فعن سعيد بن المسيب: أنه جعل عليهم أبا سفيان بن حرب([439]).
وقال البلاذري: جعل عليهم بديل بن ورقاء الخزاعي([440]).
منطلقات خاطئة لتحليلات وخيالات:
قال الصالحي الشامي:
قال في زاد المعاد: كان الله تعالى قد دعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو الصادق الوعد: أنه إذا فتح مكة دخل الناس في دينه أفواجاً، ودانت له العرب بأسرها، فلما تم له الفتح المبين، اقتضت حكمة الله تعالى أن أمسك قلوب هوازن ومن تبعها عن الإسلام وأن يتجمعوا ويتأهبوا لحرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمين، ليظهر أمر الله سبحانه وتعالى وتمام إعزازه لرسوله الله "صلى الله عليه وآله" ونصره لدينه، ولتكون غنائمهم شكراً لأهل الفتح، ليظهر الله ورسوله وعباده قهره لهذه الشوكة العظيمة التي لم يلق المسلمون مثلها، فلا يقاومهم بعد أحد من العرب.
ويتبين ذلك: من الحكم الباهرة التي تلوح للمتأملين.
واقتضت حكمته تعالى: أن أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة والكبوة، مع كثرة عَدَدِهم وعُدَدهم وقوة شوكتهم، ليطأ من رؤوس رفعت بالفتح، ولم تدخل بلده وحرمه كما دخله رسول الله "صلى الله عليه وآله" واضعاً رأسه، منحنياً على فرسه، حتى إن ذقنه تكاد أن تمس سرجه، تواضعاً لربه تبارك وتعالى، وخضوعاً لعظمته، واستكانة لعزته أن أحل له حرمة بلده، ولم يحله لأحد قبله، ولا لأحد بعده.
وليبين عز وجل لمن قال: لن نغلب اليوم من قلة: أن النصر إنما هو من عنده، وأنه: من ينصره فلا غالب له، ومن يخذله فلا ناصر له غيره، وأنه تعالى هو الذي تولى نصر رسوله ودينه لا كثرتكم التي أعجبتكم، فإنها لم تغن عنكم شيئاً فوليتم مدبرين.
فلما انكسرت قلوبهم أرسلت إليها خلع الج‍بر مع مزيد {ثُمَّ أَنَزلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ}([441]).
وقد اقتضت حكمته تبارك وتعالى: أن خلع النصر وجوائزه إنما تفضى على أهل الإنكسار {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}([442]).
إلى أن قال:
وبهاتين الغزاتين طفئت جمرة العرب لغزو رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمسلمين.
فالأولى خوَّفتهم وكسرت من حدتهم.
والثانية: استفرغت قواهم، واستنفدت سهامهم، وأذلت جمعهم، حتى لم يجدوا بداً من الدخول في دين الله تعالى.
وجبر الله تبارك وتعالى أهل مكة بهذه الغزوة، وفرّحهم بما نالوا من النصر والمغنم، فكانت كالدواء لما نالهم من كسرهم.
وإن كان عين جبرهم وقهرهم تمام نعمته عليهم، بما صرفه عنهم من شر من كان يجاورهم من أشراف العرب، من هوازن وثقيف، بما أوقع بهم من الكسرة، وبما قيّض لهم من دخولهم في الإسلام، ولولا ذلك ما كان أهل مكة يطيقون مقاومة تلك القبائل مع شدتها.
ومن تمام التوكل استعمال الأسباب التي نصبها الله سبحانه وتعالى لمسبباتها قدراً وشرعاً، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أكمل الخلق توكلاً، فقد دخل مكة والبيضة على رأسه، ولبس يوم حنين درعين، وقد أنزل الله سبحانه وتعالى: {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}([443]). وكثير ممن لا تحقيق عنده يستشكل هذا ويتكايس في الجواب، تارة: بأن هذا فعله "صلى الله عليه وآله" تعليماً لأمته، وتارة: بأن هذا كان قبل نزول الآية!!
لو تأمل: أن ضمان الله سبحانه وتعالى له العصمة لا ينافي تعاطيه لأسبابها، فإن هذا الضمان له من ربه تبارك وتعالى لا ينافي احتراسه من الناس ولا ينافيه، كما أن إخبار الله عز وجل له بأنه يظهره على الدين كله ويعليه، لا يناقض أمره بالقتال، وإعداد العدة والقوة، ورباط الخيل، والأخذ بالجد والحذر، والإحتراس من عدوه، ومحاربته بأنواع الحرب، والتورية، فكان إذا أراد غزوة ورّى بغيرها، وذلك لأنه إخبار من الله تعالى عن عاقبة حاله ومآله، فيما يتعاطاه من الأسباب التي جعلها الله تعالى بحكمته موجبة لما وعده به من النصر والظفر، وإظهار دينه، وغلبته على عدوه انتهى([444]).
ونقول:
إن مبنى هذا الكلام غير مقبول، بل غير معقول، لأنه مبني على نظرية باطلة جملة وتفصيلاً، وهي نظرية الجبر الإلهي..
حيث نلاحظ: أنه اعتبر أن الله تعالى هو الذي أمسك قلوب هوازن، ومنعهم من الإيمان والإسلام، الأمر الذي أدى الى تلك الحرب الشعواء، التي أزهقت فيها نفوس، ويتمت بها أطفال..
وذكر أيضاً: أنه تعالى هو الذي أذاق المسلمين أولاً مرارة الهزيمة، لأجل بعض الحكم والمصالح.
ومنطق الجبر هذا ينتهي إلى نسبة الظلم إلى الله تبارك وتعالى، فإن إمساكه قلوب هوازن ومن تبعها، عن الإسلام بزعمهم يعرضها للعذاب الذي لا تستحقه ولم ترده، وهذا ظلم لا يصدر عن العزة الإلهية..
كما أن ذلك ينتهي إلى بطلان الثواب والعقاب، فلا يصح عقاب هوازن ومن معها، لأنهم كانوا مكرهين على البقاء في دائرة الشرك، لأن الله أمسك قلوبهم عن الإسلام، كما أن اجتماعهم وتأهبهم لحرب الرسول "صلى الله عليه وآله" والمسلمين قد اقتضته حكمة الله تعالى لكي يظهر الله أمره، ولإتمام إعزازه لدينه، ونصره لرسوله، ولتكون غنائمهم شكراً لأهل الفتح الخ..
ولا يصح عقاب المسلمين الذين ولوا أدبارهم، لأن الله هو الذي أذاقهم مرارة الهزيمة والكبوة، ليطأ الرؤوس التي رفعت في الفتح، ولم تفعل كما فعل النبي "صلى الله عليه وآله" حين دخل مكة، مطأطئاً رأسه، منحنياً على فرسه..
فلماذا إذن يغضب الله تعالى على الذين يولون الأدبار، ويقول: {وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاء بِغَضَبٍ مِّنَ اللهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ المَصِيرُ}([445]).
ولا يصح أيضاً إثابة المجاهدين الذين نصروا الله ورسوله، لأن الله سبحانه هو الذي تولى فعل ذلك دونهم، لأن حكمته اقتضت أن يفعله، وان يحركهم في تلك الحال حركات لا معنى ولا أثر لها على الإطلاق..
على أن هذا الجبر المزعوم لا بد أن يصادر الحجة التي يحتج بها أهل الحق على أهل الباطل.. إذ لا يصح لهم أن يعترضوا عليهم لأجل شركهم، لأنهم معذرون فيه، فهو مفروض عليهم جبراً وقهراً.. ولم تعد لله الحجة البالغة على أحد من المشركين والمجرمين، لأن عذرهم معهم. بل تصبح لهم هم الحجة على الله، لأنهم لا بد أن يقولوا له تعالى: "أنت الذي تفعل ذلك بنا، فكيف ولماذا تعذبنا على ما تفعله أنت"؟!
2 ـ إنه زعم: أن السكينة قد أنزلت على الذين ولوا مدبرين.. مع أن الآية لم تقل لهم: أنزل الله سكينته عليكم. بل غيرت السياق إلى الغيبة وقالت: {عَلَى المُؤْمِنِينَ}..
وقد ذكرنا فيما سبق: أن نزول السكينة على المنهزمين والعاصين لله لا يصح. بل نزلت على من جاهد وصبر، وواجه عشرات الألوف من الأعداء، فهو الذي يستحق هذه الكرامة الإلهية، والهبة الربانية دون سواه.
3 ـ زعم هذا القائل: أن السكينة نزلت على المنهزمين، مستشهداً بآية: {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ}([446]).
وهو كلام غير دقيق ولا مجال لقبوله، فإن الذين تتحدث عنهم الآية المباركة هم أناس قهرهم بغي فرعون وهامان وجنودهما، واستضعفوهم، وأذلوهم من دون أن يقصِّر أولئك المقهورون، والمستضعفون في أداء واجبهم.
أما المنهزمون في حنين، فلم يكن لهم عذر في هزيمتهم، وقد تخلفوا عن أداء واجبهم، بل ارتكبوا ما استحقوا به غضب الله تبارك وتعالى.. وقد قرّعهم الله سبحانه في قرآنه الكريم بما هو معروف وواضح في مقاصده ودلالاته، فما معنى قياس هؤلاء على أولئك، وما المبرر لاستفادة المساواة في جريان سنة الله تعالى التي أجراها الله في الذين استضعفهم فرعون، في التاركين لواجبهم الشرعي والعاصين لله تعالى في قصة حنين؟!
4 ـ وأما جبر([447]) أهل مكة بغزوة حنين، وتفريحهم بما نالوا من النصر والمغنم، فلا يمكن قبوله أيضاً، لأن هذا النصر لم يفرح أهل مكة. بل لعلهم كانوا أكثر الناس انزعاجاً منه، وتبرماً به.
يضاف إلى ذلك: أنه لم يكن لأهل مكة في صنع هذا النصر أي دور، بل اقتصر دورهم على صنع الهزيمة، لأنهم هم الذين كانوا في المقدمة، وقد انهزموا وانهزم الجيش تبعاً لهم. وذلك قبل أن يحصل أي احتكاك بينهم وبين المشركين. حسبما اتضح فيما سبق.
ولكن زعماء أهل مكة قد فرحوا بالغنائم التي سيقت إليهم، ودقت أبوابهم، ودخلت بيوتهم تلقائياً، ومن دون أن يبذلوا في سبيلها أي جهد.
5 ـ على أن ما ذكره: من أن كسر شوكة هوازن وثقيف قد أراح أهل مكة، وصرف عنهم شر هؤلاء الجيران الأقوياء، لا يعدو كونه مبالغات لا مبرر لها، فإن أهل مكة لم يكونوا منزعجين من شرك هوازن، كما أنهم هم أنفسهم لم يكونوا ـ في بادئ الأمر على الأقل ـ مخلصين لإسلامهم. بل إن قسماً كبيراً منهم ما كانوا قد أعلنوا إسلامهم بعد، وقد حضروا مع النبي "صلى الله عليه وآله" إلى حنين، وهم بعد على شركهم. فلا يرون أن ثمة أي مباينة فيما بينهم وبين جيرانهم من هوازن وثقيف..
6 ـ وعن نزول آية : {وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ}([448]) بعد، أو قبل غزوة حنين، نقول:
إن ظاهر سياق كلام صاحب هذه المزاعم يعطي أنه لا يعترض على القول بنزولها بعد حنين، بل لعل الصحيح أن نقول: إنه لم يقدر على رد القول: بأن آية العصمة من الناس قد نزلت بعد حنين، لأن سورة المائدة كما رواه محمد بن كعب القرظي([449])، والربيع بن أنس([450])، قد نزلت في حجة الوداع. وسورة المائدة قد نزلت دفعة واحدة كما هو معلوم([451]).
7 ـ قد تقدم: أن مظاهرة النبي "صلى الله عليه وآله" بدرعين لا مجال لإثباتها. بل الشواهد تشير إلى ضد ذلك.. فلا يصغى إلى قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" قد فعل ذلك تعليماً لأمته.
أو قولهم: إن ضمان العصمة للنبي "صلى الله عليه وآله" من الله تعالى لا ينافي احتراسه "صلى الله عليه وآله"، مثلما أن وعد الله لنبيه بإظهار دينه لا ينافي الأمر بالقتال، وإعداد العدة، ورباط الخيل.. لأن وعده بالنصر، إنما هو وعد له بأمر يحصل له من خلال ما يتعاطاه من أسباب.. وليس مطلقاً.
8 ـ على أن قولهم هذا الأخير، لا يتلاءم مع ما زعمه قبل ذلك: من أن الله سبحانه يتدخل في الأمور، ويجريها على الناس بصورة قهرية وجبرية.. لأن الجبر والقهر يجعل من التوسل بالأسباب الظاهرية لغواً، وبلا مبرر، لأن وجودها يكون كعدمها، لأنها مع هذا الجبر الإلهي تكون فاقدة لأي تأثير البتة..
فالإعتراف بأن إرادة إجراء الأمور مرهونة بها، ينقض القول: بأن الله هو الذي يقهر، ويجبر. وذلك ظاهر.
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الباب الثاني: غزوة حنين.. الهزيمة.. الجريمة
الفصل الأول: إستعداد العدو.. واستطلاع النبي '............... 9 ـ 32
الفصل الثاني: الجيشان إلى حنين................................. 33 ـ 80
الفصل الثالث: قبل أن تبدأ الحرب............................... 81 ـ 112
الفصل الرابع: الهزيمة وتمحّل الأعذار..................... PAGEREF _Toc148392078 \h 113 ـ 164
الفصل الخامس: متآمرون على حياة النبي '............. PAGEREF _Toc148392104 \h 165 ـ 186
الباب الثالث: النصر الإلهي
الفصل الأول: النبي ' يعالج الموقف........................ PAGEREF _Toc148392117 \h 189 ـ 238
الفصل الثاني: هزيمة المشركين على يد علي ×......... PAGEREF _Toc148392148 \h 239 ـ 290
الفصل الثالث: الثابتون في حنين............................. PAGEREF _Toc148392171 \h 291 ـ 316
الفصل الرابع: نهايات حرب حنين............................ PAGEREF _Toc148392177 \h 317 ـ 358
الفهارس:........................................................... PAGEREF _Toc148392253 \h 359 ـ 371
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2,1,عنوان 3,1,عنوان 4,1,عنوان 5,1,عنوان 6,1"
الباب الثاني: غزوة حنين.. الهزيمة.. الجريمة
الفصل الأول: إستعداد العدو.. واستطلاع النبي '..
بداية:.............................................................................. PAGEREF _Toc150177418 \h 11
هوازن تحشد وتستعد:.......................................................... PAGEREF _Toc150177419 \h 11
حنين واد قرب الطائف:....................................................... PAGEREF _Toc150177420 \h 18
سبب غزوة حنين:.............................................................. PAGEREF _Toc150177421 \h 18
دوافع هوازن:................................................................... PAGEREF _Toc150177422 \h 20
هل هذا ضعف بصيرة أم خذلان؟!.......................................... PAGEREF _Toc150177423 \h 21
دريد بن الصمة في محكمة الوجدان:....................................... PAGEREF _Toc150177424 \h 22
طموح تحمية الرعونة:........................................................ PAGEREF _Toc150177425 \h 23
الإستطلاع.. والتثبت:.......................................................... PAGEREF _Toc150177426 \h 25
ماذا يريد الرسول ' من ابن أبي حدرد؟!:................................ PAGEREF _Toc150177427 \h 27
موقف عمر من ابن أبي حدرد:.............................................. PAGEREF _Toc150177428 \h 28
الأمر الأول: سؤال النبي ':........................................ PAGEREF _Toc150177429 \h 28
الأمر الثاني: تكذيب عمر لابن أبي حدرد:....................... PAGEREF _Toc150177430 \h 29
الأمر الثالث: لربما كذبت بالحق:.................................. PAGEREF _Toc150177431 \h 29
الأمر الرابع: صدق أبي حدرد:.................................... PAGEREF _Toc150177432 \h 31
الأمر الخامس: لماذا الحذف؟!:.................................... PAGEREF _Toc150177433 \h 31
الفصل الثاني: الجيشان إلى حنين
الإستعداد للمسير وعقد الألوية:.............................................. PAGEREF _Toc150177436 \h 35
عقد الألوية:...................................................................... PAGEREF _Toc150177437 \h 37
عتاب أمير مكة:................................................................. PAGEREF _Toc150177438 \h 46
إستعارة السلاح من المشركين:.............................................. PAGEREF _Toc150177439 \h 47
تاريخ خروج النبي ' إلى حنين:........................................... PAGEREF _Toc150177440 \h 53
خيف بني كنانة.. معسكر أهل الإيمان:..................................... PAGEREF _Toc150177441 \h 55
أهل مكة.. وحرب هوازن:.................................................... PAGEREF _Toc150177442 \h 57
خرج الناس نظاراً ينظرون:.................................................. PAGEREF _Toc150177443 \h 58
الغنائم هي الهدف:.............................................................. PAGEREF _Toc150177444 \h 59
أبو سفيان يجمع ما يسقط:..................................................... PAGEREF _Toc150177445 \h 60
التفريق بين المشرك وزوجته:............................................... PAGEREF _Toc150177446 \h 60
إخراج النساء في الحرب:..................................................... PAGEREF _Toc150177447 \h 61
ذات أنواط:....................................................................... PAGEREF _Toc150177448 \h 62
الأنبياء ^ وسنن التاريخ:...................................................... PAGEREF _Toc150177449 \h 63
باتجاه هوازن والبشارة بالغنام:.............................................. PAGEREF _Toc150177450 \h 66
الغنيمة تقدمة إلهية:............................................................. PAGEREF _Toc150177451 \h 68
ابن الأكوع يقتل عيناً للمشركين:............................................. PAGEREF _Toc150177452 \h 69
هل هذا معقول؟!:............................................................... PAGEREF _Toc150177453 \h 73
عباس بن مرداس ينصح هوازن:............................................ PAGEREF _Toc150177454 \h 78
الفصل الثالث: قبل أن تبدأ الحرب
النبي ' في حنين:.............................................................. PAGEREF _Toc150177457 \h 83
جواسيس مالك بن عوف:..................................................... PAGEREF _Toc150177458 \h 84
للأعداء خطتهم:................................................................. PAGEREF _Toc150177459 \h 87
تعداد جيش المسلمين:.......................................................... PAGEREF _Toc150177460 \h 87
عدد جيش الأعداء:............................................................. PAGEREF _Toc150177461 \h 90
كلمات حول عدد الجيشين:.................................................... PAGEREF _Toc150177462 \h 91
ألف: جيش الأعداء:.................................................. PAGEREF _Toc150177463 \h 92
ب: جيش المسلمين:.................................................. PAGEREF _Toc150177464 \h 93
تعليق النصر على الصدق و الصبر:........................................ PAGEREF _Toc150177465 \h 94
العرب تَباغت على النبي ':.................................................. PAGEREF _Toc150177466 \h 95
هل ظاهر النبي ' بدرعين؟!:............................................... PAGEREF _Toc150177467 \h 97
بنو سليم.. وأهل مكة، وخالد:............................................... PAGEREF _Toc150177468 \h 100
1 ـ الكتلة العشائرية:............................................... PAGEREF _Toc150177469 \h 100
2 ـ دور بني سليم في هزيمة المسلمين:........................ PAGEREF _Toc150177470 \h 101
هل هذا أبو بكر؟!:............................................................ PAGEREF _Toc150177471 \h 102
من القائل: لن نغلب اليوم من قلة؟!....................................... PAGEREF _Toc150177472 \h 106
اتهام النبي ' بالكفر:....................................................... PAGEREF _Toc150177473 \h 107
أتستنصر بصعاليك الأمة؟!:............................................... PAGEREF _Toc150177474 \h 110
الفصل الرابع: الهزيمة وتمحّل الأعذار
الهزيمة في اللحظات الأولى:............................................... PAGEREF _Toc150177477 \h 115
وقت الإنحدار في الوادي:................................................... PAGEREF _Toc150177478 \h 116
المضائق والكمائن:........................................................... PAGEREF _Toc150177479 \h 116
النبي ' هو الذي اختار مقدمة الجيش:................................... PAGEREF _Toc150177480 \h 119
توجيهات سقيمة للهزيمة:................................................... PAGEREF _Toc150177481 \h 120
شبان لا خبرة لهم:............................................................ PAGEREF _Toc150177482 \h 120
قلة السلاح.. والإقبال على الغنائم:........................................ PAGEREF _Toc150177483 \h 120
اتهام النبي ' بالفرار:........................................................ PAGEREF _Toc150177484 \h 121
الكمين سبب آخر:............................................................. PAGEREF _Toc150177485 \h 122
هزيمة عمر بن الخطاب:.................................................... PAGEREF _Toc150177486 \h 125
شماتة الحاقدين:............................................................... PAGEREF _Toc150177487 \h 126
شبان لا خبرة لهم بالحرب:................................................. PAGEREF _Toc150177488 \h 128
روائح كريهة لمؤامرة أخرى:.............................................. PAGEREF _Toc150177489 \h 130
أقصى هزيمتهم مكة:......................................................... PAGEREF _Toc150177490 \h 132
متى كانت الهزيمة؟!:........................................................ PAGEREF _Toc150177491 \h 133
أسباب الهزيمة عند عمر بن الخطاب:.................................... PAGEREF _Toc150177492 \h 135
الإفتراء على رسول الله ':................................................ PAGEREF _Toc150177493 \h 137
لا عذر لأحد في الهزيمة:................................................... PAGEREF _Toc150177494 \h 138
الكمائن ليست هي السبب:................................................... PAGEREF _Toc150177495 \h 140
العصبيات.. والدين:.......................................................... PAGEREF _Toc150177496 \h 140
هل الفرار من الزحف كبيرة؟!............................................. PAGEREF _Toc150177497 \h 141
ومن طرق أهل السنة نذكر:................................................ PAGEREF _Toc150177498 \h 149
مقارنتان بين بدر وحنين:................................................... PAGEREF _Toc150177499 \h 154
معاوية يروي الأكاذيب:..................................................... PAGEREF _Toc150177500 \h 157
الفصل الخامس: متآمرون على حياة النبي '
ما الذي جرى بعد الهزيمة؟!:.............................................. PAGEREF _Toc150177503 \h 167
شيبة يريد اغتيال النبي ':.................................................. PAGEREF _Toc150177504 \h 169
النضير يتربص بالنبي ' شراً:............................................ PAGEREF _Toc150177505 \h 174
من هو النضير بن الحارث:................................................ PAGEREF _Toc150177506 \h 176
لا بد من التذكير:.............................................................. PAGEREF _Toc150177507 \h 178
أبو سفيان لم يكن مسلماً بل متآمراً:....................................... PAGEREF _Toc150177508 \h 180
لا توجد كمائن:................................................................ PAGEREF _Toc150177509 \h 181
النضير..مع المشركين:...................................................... PAGEREF _Toc150177510 \h 182
إنه لعلى حق، وإنه لمعصوم:............................................... PAGEREF _Toc150177511 \h 182
الباب الثالث: النصر الإلهي
الفصل الأول: النبي ' يعالج الموقف
النداء والدعاء:................................................................ PAGEREF _Toc150177516 \h 191
عطفة الأنصار:............................................................... PAGEREF _Toc150177517 \h 196
شاهد عيان في حنين:........................................................ PAGEREF _Toc150177518 \h 197
حديث ابن مسعود:............................................................ PAGEREF _Toc150177519 \h 199
حديث أنس:.................................................................... PAGEREF _Toc150177520 \h 200
تراجع الأنصار، لسماع صوت النبي ':................................ PAGEREF _Toc150177521 \h 202
المشركون خرجوا على رسول الله ':................................... PAGEREF _Toc150177522 \h 203
أنا ابن العواتك:................................................................ PAGEREF _Toc150177523 \h 204
يا أصحاب سورة البقرة:.................................................... PAGEREF _Toc150177524 \h 208
فأسمع أولهم وآخرهم:........................................................ PAGEREF _Toc150177525 \h 210
عاهدوا الله ورسوله:......................................................... PAGEREF _Toc150177526 \h 210
دعاء النبي ' بعد فرار أصحابه:.......................................... PAGEREF _Toc150177527 \h 211
إن تهلك هذه العصابة لا تعبد:.............................................. PAGEREF _Toc150177528 \h 213
هزيمة الأعراب أم هزيمة قريش والقادة؟!:............................. PAGEREF _Toc150177529 \h 214
هل كانت الهزيمة ليلاً؟!:................................................... PAGEREF _Toc150177530 \h 214
نداء النبي ' أم نداء العباس؟!:............................................ PAGEREF _Toc150177531 \h 215
الأنصار.. وخصوصاً الخزرج:........................................... PAGEREF _Toc150177532 \h 216
الحب والحنان في الأنصار:................................................ PAGEREF _Toc150177533 \h 218
وجه النبي ' كالقمر:........................................................ PAGEREF _Toc150177534 \h 219
الخزرج صبَّر عند الحرب:................................................. PAGEREF _Toc150177535 \h 221
هل هذا خطأ؟!:............................................................... PAGEREF _Toc150177536 \h 222
ركض ' بغلته نحو علي ×:............................................... PAGEREF _Toc150177537 \h 223
النبي ' يطالب المهاجرين بعهدهم:....................................... PAGEREF _Toc150177538 \h 224
حياء الأنصار من رسول الله ':.......................................... PAGEREF _Toc150177539 \h 225
من هؤلاء يا أبا الفضل؟!:.................................................. PAGEREF _Toc150177540 \h 225
تناقضات.. يلاحظها القارئ:............................................... PAGEREF _Toc150177541 \h 226
النبي ' يركب بغلة:.......................................................... PAGEREF _Toc150177542 \h 228
النبي ' والشعر:.............................................................. PAGEREF _Toc150177543 \h 234
النبي ' يركض البغلة، والعباس يكفها:.................................. PAGEREF _Toc150177544 \h 237
الفصل الثاني: هزيمة المشركين على يد علي ×
الآن حمي الوطيس:.......................................................... PAGEREF _Toc150177547 \h 241
لم يحارب أحد سوى علي ×:.............................................. PAGEREF _Toc150177548 \h 242
النبي ' يحثو التراب في وجوههم:........................................ PAGEREF _Toc150177549 \h 246
شاهت الوجوه:................................................................ PAGEREF _Toc150177550 \h 251
كف الحصى:.................................................................. PAGEREF _Toc150177551 \h 253
معجزتان: فعلية وخبرية:................................................... PAGEREF _Toc150177552 \h 254
نزول السكينة:................................................................. PAGEREF _Toc150177553 \h 255
حقيقة السكينة:................................................................. PAGEREF _Toc150177554 \h 257
متى سمّى الله الأنصار مؤمنين؟!:........................................ PAGEREF _Toc150177555 \h 258
قيمة رواية ابن مسعود:...................................................... PAGEREF _Toc150177556 \h 260
جبنهم ونزول السكينة:....................................................... PAGEREF _Toc150177557 \h 260
المواطن الكثيرة ثمانون:.................................................... PAGEREF _Toc150177558 \h 263
ما هو سبب هزيمة المشركين؟!:.......................................... PAGEREF _Toc150177559 \h 264
النصر الإلهي والإمداد بالملائكة:.......................................... PAGEREF _Toc150177560 \h 265
انهزام المشركين:............................................................. PAGEREF _Toc150177561 \h 273
علي × يقتل ذا الخمار:.................................................... PAGEREF _Toc150177562 \h 278
هزيمة المشركين بقتل أبي جرول:........................................ PAGEREF _Toc150177563 \h 279
هكذا يكيدون علياً ×:......................................................... PAGEREF _Toc150177564 \h 283
شعر علي × في حرب حنين:.............................................. PAGEREF _Toc150177565 \h 285
مع الشعر المنسوب لعلي ×:................................................ PAGEREF _Toc150177566 \h 286
ظروف حرب حنين:......................................................... PAGEREF _Toc150177567 \h 287
الفصل الثالث: الثابتون في حنين..
الثابتون في حنين:............................................................ PAGEREF _Toc150177570 \h 293
النساء في حنين:.............................................................. PAGEREF _Toc150177571 \h 295
الثابتون من الرجال:......................................................... PAGEREF _Toc150177572 \h 299
هل ثبت عمر في حنين؟!:.................................................. PAGEREF _Toc150177573 \h 312
الفصل الرابع: نهايات حرب حنين
سليم في شعر ابن مرداس:.................................................. PAGEREF _Toc150177576 \h 319
النبي ' يدافع عن ذراري المشركين:..................................... PAGEREF _Toc150177577 \h 321
الوفاء بالنذر.. والعصمة:................................................... PAGEREF _Toc150177578 \h 326
اجزروهم جزراً:.............................................................. PAGEREF _Toc150177579 \h 327
إيمان أهل مكة.. لظهور القوة:............................................. PAGEREF _Toc150177580 \h 329
قتل دريد بن الصمة:......................................................... PAGEREF _Toc150177581 \h 330
مالك بن عوف يفرّ إلى ثقيف:............................................. PAGEREF _Toc150177582 \h 332
أوسمة للزبير بن العوام:..................................................... PAGEREF _Toc150177583 \h 335
من استشهد بحنين:........................................................... PAGEREF _Toc150177584 \h 338
قتلى المشركين:............................................................... PAGEREF _Toc150177585 \h 339
بغض قريش:.................................................................. PAGEREF _Toc150177586 \h 340
ما كانت هذه لتقاتل!!........................................................ PAGEREF _Toc150177587 \h 341
إنه من أهل النار:............................................................. PAGEREF _Toc150177588 \h 344
المجروحون في حنين:...................................................... PAGEREF _Toc150177589 \h 345
غنائم حنين إلى الجعرانة:................................................... PAGEREF _Toc150177590 \h 348
منطلقات خاطئة لتحليلات وخيالات:..................................... PAGEREF _Toc150177591 \h 350
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc150177595 \h 361
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc150177598 \h 363
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص310 وراجع: البداية والنهاية ج4 هامش ص368.
([2]) تاريخ الخميس ج2 ص99 والسيرة الحلبية ج3 ص105 و (ط دار المعرفة) ص61 وأعيان الشيعة ج1 ص278.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص310 وتاريخ الخميس ج2 ص99 والسيرة الحلبية ج3 ص105 و 106 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 وراجع: البحار ج21 ص148 وتفسير القمي ج1 ص285 والبداية والنهاية ج4 ص369 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص45 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص611.
([4]) السيرة الحلبية ج3 ص106 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج17 ص240 ومختصر المزني ص272 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص92 ومعرفة السنن والآثار ج7 ص27.
([5]) أعيان الشيعة ج1 ص278.
([6]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص310 وراجع: البحار ج21 ص148 وتفسير القمي ج1 ص285 والسيرة الحلبية ج3 ص106 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([7]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص310 والسيرة الحلبية ج3 ص106 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([8]) السيرة الحلبية ج3 ص106 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([9]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([10]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص311 والبحار ج21 ص148 و 149 و 164 و 165 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص106 و 107 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 و 108 والفايق في غريب الحديث ج1 ص123 وتفسير القمي ج1 ص286 وتفسير نور الثقلين ج2 ص 199وتاريخ مدينة دمشق ج17 ص239 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص345 وعن البداية والنهاية ج4 ص370 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص890 وعن عيون الأثر ج2 ص214 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص612 وغريب الحديث ج1 ص320 وإعلام الورى ص120 و 121 وتاريخ الخميس ج2 ص99 و 100.
([11]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص312.
([12]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص 351 وتاريخ الخميس ج2 ص99 وعون المعبود ج7 ص229 وراجع ج6 ص134 وراجع: عمدة القاري ج14 ص157 وج17 ص277 و 294 ومعجم ما استعجم ج2 ص471 ومعجم البلدان ج2 ص313 وفتح الباري (المقدمة) ص106 وج8 ص21.
([13]) السيرة الحلبية ج3 ص105 و (ط دار المعرفة) ص61 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([14]) السيرة الحلبية ج3 ص105 و (ط دار المعرفة) ص61.
([15]) تاريخ الخميس ج2 ص99 وعمدة القاري ج14 ص157 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص149 ومعجم البلدان ج2 ص313 وراجع: التنبيه والإشراف ص234 وإمتاع الأسماع ج2 ص8 وج8 ص388 وأعيان الشيعة ج1 ص278.
([16]) البحار ج21 ص148 و 149 وتفسير القمي ج1 ص285 وتفسير مجمع البيان ج5 ص33 والتفسير الصافي ج2 ص330 وتفسير نور الثقلين ج2 ص197 وتفسير الميزان ج9 ص 230 وتاريخ مدينة دمشق ج17 ص240 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص45.
([17]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص310 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 وراجع: البداية والنهاية ج4 هامش ص368.
([18]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 وراجع: معجم قبائل العرب ج1 ص150 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص344 .
([19]) الآية 256 من سورة البقرة.
([20]) الآية 188 من سورة الأعراف.
([21]) الآية 7 من سورة الرعد.
([22]) الآية 29 من سورة الكهف.
([23]) الآية 5 من سورة الصف.
([24]) الآية 17 من سورة محمد.
([25]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص313 عن ابن إسحاق، والبداية والنهاية ج4 ص370 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص891 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص613 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص346 وعن عيون الأثر ج2 ص214 و 215 وتاريخ الخميس ج2 ص100 والسيرة الحلبية ج3 ص107 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص572 والمستدرك للحاكم ج3 ص48 و 49 ومعجم قبائل العرب ج2 ص833.
([26]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص313 عن الواقدي، وراجع: البحار ج21 ص149 و 164 ـ 165وتفسير القمي ج1 ص286 ـ 287 وراجع: إعلام الورى ص120 والمغازي للواقدي ج3 ص893 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([27]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص313 وإعلام الورى ص120 والبحار ج21 ص165 والمغازي للواقدي ج3 ص893 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص86 و 82 و (ط مكتبة محمد علي صبيح) ص891 والطبقات الكبرى ج2 ص150 والمواهب اللدنية ج1 ص161 وعن السيرة الحلبية ج3 ص107 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص475 و (ط دار الكتاب العربي) ج2 ص572 وأسد الغابة ج3 ص141 وشرح المواهب اللدنية ج3 ص2 والبداية= = والنهاية ج4 ص371 وتاريخ الخميس ج2 ص100 والتراتيب الإدارية ج1 ص362 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص613 و 614 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص346 .
([28]) إعلام الورى ص120 و (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث) ج1 ص229 والبحار ج21 ص165.
([29]) البحار ج21 ص147 و 149 و 155 و 165 وتفسير القمي ج1 ص286 والبرهان (تفسير) ج2 ص113 ونور الثقلين ج2 ص199وإعلام الورى ج1 ص228 وراجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص140 وتحفة الأحوذي ج5 ص139 والتفسير الأصفى ج1 ص459 والتفسير الصافي ج2 ص330 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص106 وتفسير جوامع الجامع للطبرسي ج2 ص55 وجامع = = البيان ج10 ص130 وكشف الغمة ج1 ص220 و 221 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص341 وشجرة طوبى ج2 ص307 وزاد المسير ج3 ص281 وتفسير القرطبي ج8 ص100 وتفسير البحر المحيط ج5 ص25 فتح القدير ج2 ص348.
([30]) زاد المسير ج3 ص281.
([31]) فتح القدير ج2 ص348.
([32]) راجع: تفسير الثعلبي ج5 ص22 وزاد المسير ج3 ص281 عن مقاتل وتفسير القرطبي ج8 ص100 وتفسير البحر المحيط ج5 ص25.
([33]) راجع: تفسير البحر المحيط ج5 ص25.
([34]) فتح القدير ج2 ص348 وزاد المسير ج3 ص281 وتفسير القرطبي ج8 ص100 وتفسير البحر المحيط ج5 ص25.
([35]) تاريخ الخميس ج2 ص100 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وراجع: إمتاع الأسماع ج8 ص389 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص64.
([36]) تاريخ الخميس ج2 ص101 السيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص150 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وإمتاع الأسماع ج2 ص12 وج7 ص170.
([37]) السيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64، وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص150.
([38]) السيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص150 وإمتاع الأسماع ج7 ص170.
([39]) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام"، من تاريخ ابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج1 ص145 وتاريخ مدينة دمشق (ط دار الفكر) ج42 ص74 وذخائر العقبى ص75 عن أحمد في المناقب، والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج3 ق1 ص14 و (ط دار صادر) ج3 ص23 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص625 وكفاية الطالب ص336 عنه، وفي هامشه عن: كنز العمال ج6 ص398 عن الطبراني، والرياض النضرة ج2 ص202 وقال: أخرجه نظام الملك في أماليه. وراجع: فضائل الصحابة لابن حنبل ج2 ص650 و 1106 عن ابن عباس، والحكم، وشرح إحقاق الحق ج8 ص528 وج30 ص220 وج32 ص24.
([40]) مستدرك الحاكم ج3 ص111 وتلخيصه للذهبي بهامشه، ومناقب الخوارزمي ص21 و 22 وإرشاد المفيد ص48 و (ط دار المفيد) ج1 ص79 وذخائر العقبى= = ص86 والبحار ج20 ص81 وج38 ص240 و 256 وتيسير المطالب ص49 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص39 والإستيعاب ج3 ص1090 وشرح النهج ج4 ص117 ونظم درر السمطين ص134 وشواهد التنزيل ج1 ص118 والإكمال في أسماء الرجال ص127 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص135 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص72 وتهذيب الكمال ج20 ص480 والوافي بالوفيات ج21 ص178 وأعيان الشيعة ج1 ص335 والمناقب للخوارزمي ص58 وكشف الغمة ج1 ص79 و 190 والعدد القوية ص244 والنصائح الكافية ص237 وبناء المقالة الفاطمية للسيد ابن طاووس ص133 ومنهاج الكرامة ص95 وغاية المرام ج5 ص175 وشرح إحقاق الحق ج4 ص454 و 455 وج15 ص430 و 654 وج20 ص457 وج22 ص146 وج23 ص509 وج31 ص296 و 604.
([41]) ذخائر العقبى ص75 والرياض النضرة المجلد الثاني ج4 ص156 وينابيع المودة ج2 ص166 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص189 وشرح إحقاق الحق ج8 ص527 وج30 ص221 وراجع: الكامل لابن عدي ج1 ص240 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص72 .
([42]) ذخائر العقبى ص75 وينابيع المودة ج2 ص167 وشرح إحقاق الحق ج4 ص269 وج15 ص550 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص85 والبحار ج42 ص60.
([43]) راجع: مستدرك الحاكم ج3 ص137 وصححه، وقال: له شاهد من حديث زنفل العرفي، وفيه طول فلم يخرجه الحاكم، وأعيان الشيعة ج1 ص337 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج11 ص345 ومناقب الخوارزمي ص258 و 259 و (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ص358، وشرح إحقاق الحق ج4 ص269 وج8 ص524 وج15 ص549 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص85 والبحار ج42 ص60 وغاية المرام ج7 ص51.
([44]) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج3 ق1 ص15 و (ط دار صادر) ج3 ص25 ومستدرك الحاكم ج3 ص111 وتلخيصه للذهبي بهامشه، ومناقب الخوارزمي ص21 و 22 والإرشاد للمفيد ص48 وتيسير المطالب ص 49 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص437 وشرح إحقاق الحق ج8 ص524 وج32 ص343.
([45]) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج3 ص27 والبحار ج39 ص213 ومناقب أمير المؤمنين للكوفي ج1 ص291 و 515 وج2 ص498 والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص247 والإكمال في أسماء الرجال ص34 وقاموس الرجال ج10 ص334 وكتاب المجروحين لابن حبان ج3 ص54 والكامل لابن عدي ج7 ص47 والمسترشد للطبري هامش ص334 والإحتجاج للطبرسي هامش ص180 والرياض النضرة المجلد الثاني ج3 ص172 عن نظام الملك في أماليه، وكفاية الطالب ص336، وقال: ذكره محدث الشام ـ أي ابن عساكر ـ في ترجمة علي "عليه السلام" من كتابه بطرق شتى عن جابر، وعن أنس، وكنز العمال ج13 ص136 ومناقب أمير المؤمنين "عليه السلام" لابن المغازلي ص200 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص74 و 75 والموضوعات ج1 ص16 و 388 وميزان الإعتدال ج4 ص240 والبداية والنهاية ج7 ص371 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص182 وعمدة القاري ج16 ص216 ومناقب الخوارزمي ص358 وشرح إحقاق الحق ج15 ص552 و 553 وج23 ص297 وج30 ص224 وحديث خيثمة ص199 وتنبيه الغافلين ص19.
([46]) تاريخ مدينة دمشق ج42 ص75 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج8 ص149 وشرح إحقاق الحق ج15 ص557.
([47]) شرح الأخبار ج2 ص542 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص78 وإمتاع الأسماع ج12 ص35 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج8 ص321 وشرح إحقاق الحق ج18 ص203 ومناقب أمير المؤمنين للكوفي ص291 ومستدرك الحاكم ج3 ص500 وصححه على شرط الشيخين هو والذهبي في تلخيص المستدرك، وحياة الصحابة ج2 ص514 و 515. وأظن أن القضية كانت مع سعد بن مالك أبي سعيد الخدري، لأن سعد بن أبي وقاص كان منحرفاً عن أمير المؤمنين "عليه السلام". ويشير إلى ذلك ما ذكره الحاكم في مستدركه ج3 ص499 من أن أبا سعيد قد دعا على من كان ينتقص علياً "عليه السلام" فاستجاب الله له.
([48]) المصنف للصنعاني ج5 ص288، والتاريخ الكبير ج6 ص258 وشرح إحقاق الحق ج8 ص527 وج20 ص529 و 332 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص249 وسير أعلام ج1 ص273 وراجع: فتح الباري ج6 ص89 عن أحمد، عن ابن عباس بإسناد قوي.
([49]) المصنف للصنعاني ج5 ص288 وشرح إحقاق الحق ج20 ص530
([50]) مجمع الزوائد ج5 ص321 وراجع: فتح الباري ج6 ص89 والتاريخ الكبير ج6 ص258 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص371 و 372 وج9 ص109 وشرح إحقاق الحق ج8 ص526 .
([51]) أسد الغابة ج4 ص20 وأنساب الأشراف ج2 ص106 لكن فيه: ميسرة العبسي بدل سعد بن عبادة، وراجع: شرح إحقاق الحق ج8 ص525.
([52]) الشافي لابن حمزة ج4 ص164.
([53]) المسترشد في إمامة علي بن أبي طالب "عليه السلام" ص57 و (ط سنة 1415قم) ص334.
([54]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص312 و 406 والسيرة النبـوية لدحـلان (ط دار = = المعرفة) ج2 ص108 وراجع: إعلام الورى ص128 وتاريخ الخميس ج2 ص100 والبحار ج21 ص174 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص48 و 49 وإمتاع الأسماع ج2 ص10 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص137 وأعيان الشيعة ج1 ص278 .
([55]) سبـل الهـدى والـرشـاد ج5 ص312 عن ابن إسحـاق، وأحمـد، وأبي داود، = = والنسائي، وراجع: البداية والنهاية ج4 ص370 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص891 والثقات لابن حبان ج2 ص66 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص346 والتنبيه والإشراف ص234 والكامل في التاريخ ج2 ص262 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وعيون الأثر ج2 ص215 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص613 وإمتاع الأسماع ص10 وإعلام الورى ص119 والبحار ج21 ص164 و 165 وتاريخ الخميس ج2 ص100 والسيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص63 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 .
([56]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص312 والسيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص63 وإمتاع الأسماع ص10 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 وتفسير القرطبي ج8 ص97.
([57]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 وسبل السلام ج3 ص69 وتلخيص الحبير ج11 ص210 ونيل الأوطار ج6 ص41 ومسند أحمد ج3 ص401 وج6 ص465 والسنن الكبرى للنسائي ج3 ص410 وسنن الدارقطني ج3 ص35 وتنقيح التحقيق للذهبي ج2 ص121 وأضواء البيان للشنقيطي ج9 ص123 والبداية والنهاية ج4 ص371 وإمتاع الأسماع ج14 ص8 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص614 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ص63.
([58]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص312 عن السهيلي، والسيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص63 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108. وراجع: المستدرك للحاكم ج3 ص246 والإستيعاب لابن عبد البر ج4 ص1512 وقاموس الرجال ج10 ص415 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص47 وأسد الغابة ج5 ص46 والمنتخب من ذيل المذيل ص10.
([59]) تقدمت مصادر ذلك في الحديث عن إيمان أبي طالب.
([60]) راجع النصوص في المصادر التالية: مسائل علي بن جعفر ص143 و 168 وقرب الإسناد ص65 و 52 والكافي ج1 ص243 و 244 وج4 ص243 و 244 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص126 وتهذيب الأحكام ج5 ص420 و 463 وعلل الشرايع ج1 ص396 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج13 ص267 ـ 270 و (ط دار الإسلامية) ج9 ص367 و 368 والبحار ج33 ص171 والتفسير الأصفى ج2 ص802 والتفسير الصافي ج3 ص371 وتفسير نور الثقلين ج3 ص481 والحدائق الناضرة ج17 ص348 و 349 وجواهر الكلام ج20 ص49 وجامع المدارك ج2 ص549 ومختلف الشيعة ج4 ص367 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص99 و 101 ومنتقى الجمان ج3 ص476.
([61]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص346 وفتح الباري ج8 ص21 والبحار ج21 ص181 عن مجمع البيـان = = ج5 ص18 والبداية والنهاية ج4 ص369 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص610 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255 ومعجم قبائل العرب ج3 ص1232 وإمتاع الأسماع ج2 ص9 والطبقات الكبرى ج2 ص150 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص123 وعن أبي نعيم، وابن إسحاق، والواقدي، وابن سعد، وتاريخ الخميس ج2 ص100.
([62]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 والبداية والنهاية ج4 ص369 و 371 والطبقات الكبرى ج2 ص143 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص610 و 615 وراجع: عمدة القاري ج12 ص136 .
([63]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص346 وفتح الباري ج8 ص21 والبحار ج21 ص181 عن مجمع البيان ج5 ص18 والطبقات الكبرى ج2 ص143 وشرح النهج للمعتزلي ج8 ص133.
([64]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص346 وفتح الباري ج8 ص21.
([65]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص346 وفتح الباري ج8 ص21 وإمتاع الأسماع ج2 ص11 وج8 ص388 وأعيان الشيعة ج1 ص379 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255.
([66]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص316 و 318 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وإمتاع الأسماع ج2 ص11 وأعيان الشيعة ج1 ص379.
([67]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وتهذيب المقال ج3 ص286 وإمتاع الأسماع ج2 ص9 وأعيان الشيعة ج1 ص379 وشرح النهج للمعتزلي ج8 ص133.
([68]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص230 و 313 عن البخاري، ومسند أحمد ج2 ص 237 و 262 و 353 و 540 وج5 ص202 وعن صـحيـح البخـاري ج2 ص158 وج4 = = ص33 و 247 وج5 ص92 وج8 ص194 وعن صحيح مسلم ج4 ص86 وشرح مسلم للنووي ج9 ص61 وعن فتح الباري ج7 ص147 وج8 ص13 وراجع: المجموع للنووي ج8 ص252 وسنن ابن ماجة ج1 ص446 وج2 ص8 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص160 وج6 ص218 وعن السنن الكبرى للنسائي ج2 ص467 ونيل الأوطار ج5 ص166 وكنز العمال ج10 ص388 وج11 ص77 وتهذيب الكمال ج22 ص156 وغريب الحديث ج2 ص831 ومعجم ما استعجم ج2 ص526 وعون المعبود ج5 ص343 ومسند ابن راهويه ج1 ص32 ومسند أبي يعلى ج11 ص332 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص321 و 322 ومسند الشاميين ج4 ص177 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص277 وعن نصب الراية ج3 ص181 و 182 وعلل الدارقطني ج9 ص248 والمعجم الكبير ج1 ص168 والفايق في غريب الحديث ج1 ص349 وتاريخ بغداد ج9 ص95 وتحفة الأحوذي ج3 ص574 وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص223 وج57 ص394 وعن البداية والنهاية ج4 ص339 وج5 ص224 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص561 وج4 ص407 ولسان العرب ج12 ص481.
([69]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص 231 و 313 وصحيح البخاري وج5 ص92 ومسند أحمد ج2 ص322 وصحيح مسلم ج4 ص86 وعمدة القاري ج17 ص282 وفتح الباري ج8 ص16 والبداية والنهاية ج4 ص339 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص561 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص333.
([70]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 عن الواقدي، وابن عقبة، وتاريخ الخميس ج2 ص100 والبداية والنهاية ج4 ص377 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص625 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص577 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص63.
([71]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 وراجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص578 وإمتاع الأسماع ج2 ص12.
([72]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 عن الواقدي.
([73]) الآية 138 من سورة الأعراف.
([74]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 عن ابن إسحاق، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، والحاكم في الإكليل، وتاريخ الخميس ج2 ص101 والسيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 وراجع: مسند أحمد ج5 ص218 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص634 ومسند أبي يعلى ج3 ص30 وتفسير ابن أبي حاتم ج5 ص1553 والبداية والنهاية ج4 ص372 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص37 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص893 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص616 والمعجم الكبير ج3 ص244 والدرر لابن عبد البر ص325 وكنز العمال ج11 ص170 وجامع البيان ج9 ص61 وتفسير الآلوسي ج9 ص42 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص46.
([75]) البحار ج44 ص304 والعوالم، الإمام الحسين للبحراني ص598 عن عيون أخبار الرضا، وتفسير الإمام العسكري ص369 والتفسير الصافي ج1 ص154 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج1 ص75 وذوب النضار لابن نما الحلي ص12.
([76]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص315 عن النسائي، وأبي داود، وتاريخ الخميس ج2 ص101 عن المشكاة، والسيرة الحلبية ج3 ص107 والمغني لابن قدامة ج10 ص380 وسنن أبي داود ج1 ص561 والمستدرك للحاكم ج2 ص83 والسننن الكبرى للبيهقي ج9 ص149 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص273 والمعجم الكبير للطبراني ج6 ص96 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص456 وأسد الغابة ج1 ص130 وتهذيب الكمال ج34 ص218 والإصابة ج1 ص280 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص575 والبداية والنهاية ج4 ص372 والسيرة النبوية = = لابن كثير ج3 ص616 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وفيه: أن هذا الرجل هو ابن أبي حدرد نفسه.
([77]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص337 عن البخاري، وفي هامشه عن: البخاري في الجهاد (3051)، وأحمد ج4 ص51 وأبو داود (2653)، والطبراني في الكبير ج7 ص29 والبيهقي في السنن الكبرى ج9 ص6 و 147 و 306 والطحاوي في المشكل ج4 ص140 وراجع: نيل الأوطار للشوكاني ج8 ص97 وصحيح مسلم ج5 ص150 وشرح مسلم للنووي ج12 ص67 وفتح الباري ج6 ص117 وعمدة القاري ج14 ص296 وشرح معاني الآثار ج3 ص227 ومعرفة السنن والآثار ج5 ص119 والإستذكار لابن عبد البر ج5 ص63 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص6 وأضواء البيان للشنقيطي ج2 ص83.
([78]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص315 عن النسائي، وأبي داود، والإصابة ج1 ص73 وتاريخ الخميس ج2 ص101 والمغني لابن قدامة ج10 ص381 والشرح الكبير ج10 ص379 وسنن أبي داود ج1 ص561 والمستدرك ج2 ص84 والسنن الكـبرى للبيهقي ج9 ص149 والمعجـم الكبير ج6 ص96 = = وتفسير القرآن العظيم ج1 ص456 وأسد الغابة ج1 ص130 والإصابة ج1 ص280 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص575 والبداية ج4 ص372 والسيرة البنوية لابن كثير ج3 ص617.
([79]) راجع: البرهان (تفسير) ج3 ص29 عن الكافي، وعن الإحتجاج للطبرسي، والدر المنثور ج6 ص70 عن ابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الأسماء والصفات، وفي شعب الإيمان، وابن عساكر، وابن أبي شيبة، وأحمد في الزهد، وأبي يعلى، والحسن بن سفيان، وابن عدي، وأبي نعيم في حلية الأولياء عن عائشة، وأنس، وأبي هريرة، والحسن، وأبي جحيفة وغيرهم. وراجع: الصلاة في الكتاب والسنة للريشهري ص196 والكافي ج2 ص95 وشرح أصول الكافي ج8 ص294 ومستدرك الوسائل ج1 ص128 ومشكاة الأنوار ص76 والبحار ج68 ص24 وج81 ص262 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص403 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج5 ص421 وميزان الحكمة ج4 ص3232 ومسند أحمد ج6 ص115 وصحيح البخاري ج6 ص44 وصحيح مسلم ج8 ص142 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص39 وراجع: فتح الباري ج3 ص13 وعمدة القاري ج19 ص177 والديباج على مسلم ج6 ص171 والمعجم الأوسط ج4 ص138 والمعجم الصغير ج1 ص71 وفضائل الأوقات للبيهقي ص128 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص349 وتفسير ابن عربي ج1 ص95 والجامع لأحكام القـرآن = = ج14 ص277 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص197 وأضواء البيان للشنقيطي ج8 ص360 وتهذيب الكمال ج16 ص300 وإمتاع الأسماع ج2 ص315 و 316 وج13 ص33 وأهل البيت في الكتاب والسنة لمحمد الريشهري ص268 وجامع السعادات ج3 ص192 ومكيال المكارم ج1 ص290.
([80]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص315 والبداية والنهاية ج4 ص372 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص616.
([81]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص316 و 318 وتاريخ الخميس ج2 ص101 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج2 ص11 وج8 ص388 و 389 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وأعيان الشيعة ج1 ص279.
([82]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص316 و 318 و 346 وتاريخ الخميس ج2 ص101 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص574 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج2 ص11 وج8 ص388 و 389 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وفتح الباري ج8 ص21.
([83]) تاريخ الخميس ج2 ص101 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص50 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص316 عن الواقدي، والسيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64.
([84]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص316 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص123 وعن أبي نعيم، والواقدي، وابن إسحاق، وتاريخ الخميس ج2 ص100 والسيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وعن المغازي للواقدي ج3 ص892 و 893.
([85]) الآية 26 من سورة التوبة.
([86]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص313 وتاريخ الخميس ج2 ص100 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص62 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 والسيرة الحلبية ج3 ص107 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 وراجع: الدرر لابن عبد البر ص225 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص97 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص46 وإمتاع الأسماع ج8 ص388 والثقات لابن حبان ج2 ص66 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص62 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص55 وتفسير غريب القرآن للطريحي ص537 وتفسير السمرقندي ج2 ص48 وتفسير البغوي ج2 ص277 وتفسير البيضاوي ج3 = = ص137 والدر المنثور ج3 ص224 وراجع: تفسير الثعلبي ج5 ص22 وفتح القدير ج2 ص348 والكامل لابن عدي ج1 ص272 وأعيان الشيعة ج1 ص279 و 282.
([87]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص313 عن أبي الشيخ، والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108 وتفسير الميزان ج9 ص234 والدر المنثور ج3 ص225.
([88]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص314 والبداية والنهاية ج4 ص371 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص615 وراجع: معاني القرآن للنحاس ج3 ص194 .
([89]) زاد المسير ج3 ص281 وراجع: التبيان للشيخ الطوسي ج5 ص197 وجامع البيان للطبري ج10 ص128 و 130 و 133 ومجمع البيان للطبرسي ج5 ص32 وتفسير الرازي ج16 ص21 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص100 و 280 وتفسير الآلوسي ج9 ص180 وج10 ص73 والبداية والنهاية ج6 ص67 وتفسير ابن زمين ج2 ص199 ومجمع البحرين ج1 ص590 وتاج العروس ج7 ص218 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص674 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص574 وتحفة الأحـوذي = = ج5 ص139 وعون المعبود ج7 ص194 والتسهيل لعلوم التنزيل ج2 ص73 وتفسير البحر المحيط ج4 ص469 ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء التراث) ص116 و (ط دار الكتب العلمية) ص103 وتفسير أبو السعود ج4 ص12 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص106 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1773 وتفسير البيضاوي ج3 ص95 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص63 وتفسير النسفي ج2 ص84 والفتح السماوي للمناوي ج2 ص673 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص12 وتفسير السمعاني ج2 ص298 وشرح السير الكبير ج1 ص68 ومعجم قبائل العرب ج2 ص1232.
([90]) تاريخ الخميس ج2 ص100 وراجع: زاد المسير ج3 ص281 وفتح القدير ج2 ص348 وتفسير الرازي ج16 ص21 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص100 وتفسير الآلوسي ج10 ص73 وتفسير البغوي ج2 ص277 .
([91]) تاريخ الخميس ج2 ص100 وزاد المسير ج3 ص281 وتفسير الرازي ج16 ص21 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص100 وتفسير البغوي ج2 ص277 وتفسير الثعلبي ج5 ص22.
([92]) الإرشاد للمفيد ج1 ص140 والبحار ج21 ص155 وراجع: التبيان للشيخ الطوسي ج5 ص19.
([93]) مجمع البيان ج5 ص17 و 18 والبحار ج21 ص147 وراجع: التبيان للشيخ الطوسي ج5 ص197 وتفسير الآلوسي ج10 ص73.
([94]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص313 عن الواقدي، والمغازي للواقدي ج3 ص893 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109.
([95]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 وتفسير الثعالبي ج3 ص172 وأعيان الشيعة ج1 ص282.
([96]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص355 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص341 وحلية الأبرار ج2 ص429 والبحار ج41 ص66 .
([97]) تاريخ الخميس ج2 ص99 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص62 وتفسير ابن زمين ج2 ص199 وتفسير السمعاني ج2 ص298 وتفسير الثقفي ج2 ص84 وتفسير = = مقاتل ج2 ص42 وتفسير السمرقندي ج2 ص49 وتفسير الثعلبي ج5ص22 وتفسير البغوي ج2 ص278 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص97.
([98]) راجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107.
([99]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص316 عن الواقدي، والطبقات الكبرى ج2 ص150 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص116 وأعيان الشيعة ج1 ص279.
([100]) تفسير القمي ج1 ص287 والبحار ج21 ص149 و 150 عنه، وشجرة طوبى ج2 ص308 وتفسير مجمع البيان ج5 ص34 والتفسير الصافي ج2 ص331 وتفسير نور الثقلين ج2 ص199 وتفسير الميزان ج9 ص231.
([101]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص316 و 317 عن الواقدي وتاريخ الخميس ج2 ص101 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص107 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص150 وأعيان الشيعة ج1 ص279.
([102]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص106 و (ط دار المعرفة) ص63 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص108.
([103]) تفسير القمي ج1 ص287 والبحار ج21 ص149 عنه، وشجرة طوبى ج2 ص307 والتفسير الأصفى ج1 ص459 وتفسير مجمع البيان ج5 ص34 والتفسير الصافي ج2 ص331 وتفسير نور الثقلين ج2 ص199 وتفسير الميزان ج9 ص231.
([104]) البحار ج21 ص180 وعن علل الشرايع ص158 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص462 .
([105]) السيرة الحلبية ج3 ص107 و (ط دار المعرفة) ص64 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص368 .
([106]) راجع: البحار ج42 ص58 وج41 ص67 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص296 ـ 298 والتبيان في شرح الديوان [أي ديوان المتنبي (ط الحلبي بمصر) ج3 ص312] ومعالم الفتن لسعيد أيوب عن مروج الذهب ج2 ص240 وعن كنز العمال ج11 ص347 وعن عيون الأخبار لابن قتيبة ج1 ص130 و 131 وشرح النهج لابن أبي الحديد ج20 ص280 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص428 و 429 وشرح إحقاق الحق ج8 ص325 وج18 ص78 و 79 وج31 ص569 والنهايـة في غريب الحـديث ج4 ص3 ولسان العـرب ج1 = = ص658 والفايق في غريب الحديث للزمخشري ج3 ص63 ومجمع البحرين ج3 ص445 وتاج العروس ج2 ص303 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص340.
([107]) المستطرف ج1 ص199 ط القاهرة، وتاج العروس (ط القاهرة) ج8 ص 150 والموفقيات ص343 وترجمة الإمام علي من تاريخ دمشق ج3 ص863 وج42 ص340 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص429 وشرح إحقاق الحق ج8ص325 وج18 ص79 وج32 ص339 .
([108]) الرياض النضرة (ط الخانخي بمصر) ص225 وذخائر العقبى (ط مكتبة القدسي بالقاهرة) ص 98 و 99 وأرجح المطالب (ط لاهور) ص178 والمناقب لابن المغازلي وعن وسيلة المآل، وراجع: جواهر المطالب لابن الدمشقي ج1 ص266 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج6 ص142 وج9 ص428 وشرح إحقاق الحق ج3 ص324 وج18 ص80 وج32 ص516.
([109]) الآيتان 25 و 26 من سورة التوبة.
([110]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن يونس بن بكير في زيادات المغازي، وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص107 والبحار ج21 ص147 و 165 عن مجمع البيان ج5 ص17 و 18 وإعلام الورى ص119 وتاريخ الخميس ج2 ص100 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص62 وفتح الباري ج8 ص21 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص63 والفتح السماوي للمناوي ج2 ص673 وتفسير الجلالين ص439 والدر المنثور ج3 ص224 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص116 و (ط دار الكتب العلمية) ص103 وفتح القدير ج2 ص348 وتفسير الآلوسي ج10 ص74 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص575.
([111]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن ابن المنذر، والدر المنثور ج3 ص224 وفتح القدير ج2 ص348.
([112]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن أبي الشيخ، وابن مردويه، والبزار، والحاكم وصححه، والدر المنثور ج3 ص225 وفتح القدير ج2 ص348.
([113]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن أبي الشيخ، وعن الحاكم وصححه، وابن مردويه، والبزار، وعن مجمع الزوائد ج6 ص181 والسيرة الحلبية ج3 ص110 وراجع: مجمع الزوائد ج6 ص178 زاد المسير لابن الجوزي ج3 ص281 وتفسير السمعاني ج2 ص298 وتفسير أبي السعود ج4 ص55 وتفسير الآلوسي ج10 ص73 وراجع: بناء المقالة الفاطمية لابن طاووس ص139.
([114]) الإرشاد للمفيد ج1 ص140 والبحار ج21 ص155 وكشف الغمة ج1 ص220.
([115]) تاريخ الخميس ج2 ص100.
([116]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 والمغازي للواقدي ج2 ص896 وإمتاع الأسماع ج2 ص10.
([117]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن ابن إسحاق، وتاريخ الخميس ج2 ص100 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص110 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص895.
([118]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن الواقدي، وتاريخ الخميس ج2 ص100 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص895 وإمتاع الأسماع ج2 ص10.
([119]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن الواقدي، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص100 وتفسير البحر المحيط لابن حيان الأندلسي ج5 ص25 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص110 و (ط دار المعرفة) ص69 والإفصاح للمفيد ص68 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص180 والبحار ج21 ص155 وشرح النهج ج15 ص106 وتفسير الآلوسي ج10 ص73 والطبقات الكبرى ج2 ص150 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص574 والبداية والنهاية ج4 ص369 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص221 وكشف اليقين للحلي ص143 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص610 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255 ونهج الحق وكشف الصدق للحلي ص251 وإحقاق الحق (الأصل) ص206.
([120]) السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص69 وراجع: البحار ج21 ص165 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص63 والدر المنثور ج3 ص224 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص116 و (ط دار الكتب العلمية) ص103وفتح القدير ج2 ص348 وتفسير الآلوسي ج10 ص74 وإعلام الورى ج1 ص228 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص317.
([121]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن المغازي للواقدي ج3 ص896 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص100 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص110 وتفسير البحر المحيط ج5 ص25.
([122]) السيرة الحلبية ج3 ص110 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109وسبل الهدى والرشاد ج5 ص325 و 326، وراجع: جامع البيان للطبري ج10 ص128 والمحرر الوجيز في تفسير القـرآن العزيـز ج3 ص19 = = والكامل في التاريخ ج2 ص262 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص895 .
([123]) الآية 126 من سورة آل عمران، والآية 10 من سورة الأنفال.
([124]) الآية 3 من سورة الفتح.
([125]) الآية 160 من سورة آل عمران.
([126]) الآية 13 من سورة آل عمران.
([127]) راجع: رواية الربيع بن أنس، ورواية الحسن المتقدمتين في مصادرهما. ورواية مباهاة العباس بكثرة من معهم، فمنعه "صلى الله عليه وآله".
([128]) تاريخ الخميس ج2 ص100.
([129]) أقرب الموارد ج1 ص648 وراجع: تاج العروس ج13 ص599 .
([130]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([131]) تاريخ الخميس ج2 ص101 وراجع: تفسير البغوي ج2 ص278.
([132]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 والسيرة الحلبية ج3 ص108.
([133]) تاريخ الخميس ج2 ص101 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص423 والبداية والنهاية ج4 ص393 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص912 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص650 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص345.
([134]) البداية والنهاية ج4 ص394 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص913 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص651 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص346.
([135]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص318.
([136]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص318 و 319 وفي هامشه عن: البخاري 7/622 (4317).
([137]) إعلام الورى ص121 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص230 والبحار ج21 ص166 وقصص الأنبياء للراوندي ص347 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص181 وشجرة طوبى ج2 ص309 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص182.
([138]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص325 و 326 عن ابن سعد، وابن أبي شيبة، والبيهقي، والبخاري، وابن مردويه، وفي هامشه عن: البخاري ج7 ص622 (4317)، ومسلم ج3 ص1400 (78) والبيهقي في الدلائل ج5 ص134 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص105 وكنز العمال ج10 ص540 وتفسير البحر المحيط ج5 ص26 وراجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج3 ص233 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج5 ص168 وراجع: سنن الترمذي ج3 ص117 والسُّنن الكبرى للبيهقي ج9 ص155 وعمدة القاري ج14 ص202 ومسند ابن الجعد ص364 والمصنف لابن أبي شيبة الكوفي ج6 ص181 وج8 ص550 وشرح معاني الآثار ج3 ص271 وتفسير البغوي ج2 ص278وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص413 وتفسير الرَّازي ج16 ص21 والدر المنثور ج3 ص225 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص15وإحقاق الحق (الأصل) ص271 وسير أعلام النبلاء ج8 ص185.
([139]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص318 عن ابن إسحاق، وأحمد، وابن حبان، وأبي يعلى، والواقدي. وراجع: مسند أحمد ج3 ص376 ومجمع الزوائد ج6 ص179 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص347 والكامل في التاريخ ج2 ص263 وأعيان الشيعة ج1 ص279 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص893 وعيون الأثر ج2 ص215 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255 وإعلام الورى ص121 والبحار ج21 ص166 وتاريخ الخميس ج2 ص101 وتفسير السمرقندي ج2 ص49.
([140]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص318 ومجمع الزوائد ج6 ص181 وراجع تفسير = = مجمع البيان ج5 ص34 وتفسير الميزان ج9 ص231 والطبقات الكبرى ج2 ص151 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص117 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص574 وإمتاع الأسماع ج2 ص12 وج8 ص389 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص255.
([141]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص318 ومجمع الزوائد ج6 ص182 و 183 وراجع: إعلام الورى ص121 والبحار ج21 ص166 وتاريخ الخميس ج2 ص101 ومسند أحمد ج3 ص376 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص358 والثقات لابن حبان ج2 ص69 وأسد الغابة ج4 ص289 وج5 ص214 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص347 والكامل لابن الأثير ج2 ص263 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص576 والبداية والنهاية ج4 ص373 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص893 وعيون الأثر ج2 ص215 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص618 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص256.
([142]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص319 عن الواقدي.
([143]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص628 وصحيح ابن حبان ج14 ص451 ودلائل النبوة للأصبهاني ج3 ص1129 والدر المنثور ج3 ص226 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص581 والبداية والنهاية ج4 ص379 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج5 ص68 وصحيح مسلم ج5 ص169 وفتح الباري ج8 ص22 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص326 و 348.
([144]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص331 والمغازي ج3 ص904.
([145]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص319، وأشار إليه اليعقوبي في تاريخه ج2 ص62 = = وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص102 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص111 وراجع: تفسير الميزان ج9 ص235 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص347 والكامل في التاريخ ج2 ص236 والبداية والنهاية ج4 ص374 وراج: إمتاع الأسماع ج2 ص17 وأعيان الشيعة ج1 ص280 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص894 وعيون الأثر ج2 ص216 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص619.
([146]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص320 والمغازي ج3 ص910 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص102 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص111.
([147]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص320 والمغازي ج3 ص910 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص102 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص111.
([148]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 والسيرة الحلبية ج3 ص108 و (ط دار المعرفة) ص65 والآحاد والمثاني ج3 ص435 والمنتقى من السنن المسندة ص270 وشرح معاني الآثار ج3 ص226 وصحيح ابن حبان ج11 ص131 و 168 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج5 ص117 والإستذكار ج5 ص59 والتمهيد ج23 ص242 ونصب الراية ج4 ص295 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص147 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص584 والبداية والنهاية ج4 ص376 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص623.
([149]) المغازي للواقدي ج3 ص912 و 913.
([150]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص320 والمغازي للواقدي ج3 ص910.
([151]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص320 والمغازي للواقدي ج3 ص910.
([152]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 و 324 عن ابن سعد، وابن أبي شيبة، واحمد، وأبي داود، والبغوي في معجمه، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي برجال ثقات.
([153]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص331 والمغازي ج3 ص904.
([154]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص624 وراجع ص623 عن البخاري، وبقية الجماعة، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص336 وتفسير القمي ج1 ص287 والبحار ج21 ص150 والمغازي للواقدي ج3 ص904.
([155]) راجع: إمتاع الأسماع ج2 ص209 وكنز العمال ج10 ص540 وج12 ص347 وتفسير البغوي ج2 ص278 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص101 وج10 ص20 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص326 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص326 الجمع بين الصحيحين ج1 ص523 ومسند أبي عوانة ج4 ص281 ومشكاة المصابيح ج3 ص1650 والمنتقى من منهاج الإعتدال ج1 ص520 ومنهاج السنة ج8 ص130 وميزان الحكمة ج3 ص2251 وج4 ص3224 وصحيح مسلم ج5 ص168 وشرح مسلم للنووي ج12 ص120 وفتح الباري ج8 ص25 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص578 وج8 ص550
([156]) الآية 16 من سورة الأنفال.
([157]) إمتاع الأسماع ج14 ص378 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص219 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص47 وج12 ص45 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111.
([158]) تاريخ الخميس ج2 ص102 وتفسير أبي السعود ج4 ص55 وتفسير مقاتل بن سليمان ج2 ص42 وتفسير الثعلبي ج5 ص22 وتفسير البغوي ج2 ص278.
([159]) الآية 16 من سورة الأنفال.
([160]) الآية 155 من سورة آل عمران.
([161]) الآيات 25 ـ 27 من سورة التوبة.
([162]) الروض الأنف ج4 ص141 وراجع: مواهب الجليل ج4 ص547.
([163]) الآيتان 15 و 16 من سورة الأنفال.
([164]) الآية 17 من سورة الأنفال.
([165]) الآية 15 من سورة الأنفال.
([166]) الآية 15 من سورة الأنفال.
([167]) الكافي ج5 ص37 و 38 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص94 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص71 والبحار ج33 ص448 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص122 و 171 وميزان الحكمة ج1 ص567 وتفسير نور الثقلين ج2 ص138 وتفسير الميزان ج9 ص56.
([168]) مستند الشيعة ج18 ص129 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص329 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص260 والكافي ج2 ص276 و 277 والتفسير الصافي ج1 ص444 وتفسير الميزان ج4 ص333.
([169]) الآية 16 من سورة الأنفال.
([170]) مجمع البيان ج3 ص39 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص318 و 319 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص252 وفي الكافي (الأصول) ج2 ص285 وعن من لا يحضره الفقيه ج2 ص186 ومسند الإمام الرضا ج1 ص326 عن تفسير العياشي ج1 ص251 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص350 وتفسير الميزان ج4 ص333.
([171]) راجع: الوسـائل (ط مؤسسـة آل الـبـيت) ج15 ص321 و 327 و (ط دار = = الإسلامية) ج11 ص254 و 259 والكافي (الأصول) ج2 ص287 والبحار ج76 ص4 و 5 وج85 ص26 و 28 وعن عقاب الأعمال ص19 وعلل الشرائع ص162 والخصال ج1 ص131 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص8 و 139 وج4 ص74 وج13 ص355 ومكاتيب الرسول ج2 ص138 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج9 ص367 و 370 ومستند الشيعة ج7 ص265 وج18 ص130 وكفاية الأحكام ج1 ص139 والحبل المتين (ط ق) للبهائي ص9 والحدائق الناضرة ج6 ص15 وج10 ص48 وكشف اللثام (ط ق) ج2 ص370 و (ط ج) ج10 ص279 وذخيرة المعاد (ط ق) ج1 ق2 ص304 ومنتقى الجمان ج2 ص352 وراجع: تفسير الصافي ج1 ص445 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص432.
([172]) راجع: الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص322 (ط دار الإسلامية) ج11 ص254 والكافي (الأصول) ج2 ص277 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص355 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج8 ص340 وج9 ص266 وج12 ص288 وكشف اللثام (ط ق) ج2 ص370 و (ط ج) ج10 ص279 وذخيرة المعاد (ط ق) ج1 ق2 ص304 والحدائق الناضرة ج10 ص48 والقضاء والشهادات للشيخ الأنصاري ص295.
([173]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص324 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص255 والكافي (الأصول) ج2 ص280 والبحار ج65 ص260 وج85 ص26 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج1 ص449 وج7 ص122 وج9 ص209 و 267 وج10 ص410 وكشف اللثام (ط ق) ج2 ص370 و (ط ج) ج10 ص280 وذخيرة المعاد (ط ق) ج1 ق2 ص304 والحدائق الناضرة ج10 ص48 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص354 ومستدرك الوسائل ج9 ص15 ومستند الشيعة ج18 ص131.
([174]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص324 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص256 والكافي (الأصول) ج2 ص281 ومستند الشيعة ج18 ص130 ومستدرك الوسائل ج11 ص354 وجامع المدارك ج1 ص495 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص356 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج5 ص321 وج9 ص268 وكشف اللثام (ط ق) ج2 ص370 و (ط ج) ج10 ص279 والحدائق الناضرة ج10 ص49.
([175]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج9 ص536 وج15 ص325 و (ط دار الإسلامية) ج6 ص374 وج11 ص258 عن التهذيب للطوسي ج1 ص393 و (ط دار الكتب الإسلامية) ج4 ص150 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص621 وج13 ص356 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج8 ص342 والحدائق الناضرة ج10 ص49 ومستند الشيعة ج18 ص102 و 132 .
([176]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص326 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص258 عن من لا يحضره الفقيه ج2 ص186 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج3 ص561 والبحار ج27 ص210 وج76 ص5 والخصال ج2 ص14 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص364 وعلل الشرائع ص162 و (ط الحيدرية) ج2 ص474 وجامع المدارك ج1 ص495 وجامع أحاديث الشيعة ج8 ص621 وج13 ص358 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج9 ص271.
([177]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص327 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص259 عن علل الشرائع ص475 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج2 ص475 وعن الخصال ج1 ص131 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص273 والبحار ج78 ص و85 ص27 و 28 وج76 ص4 وكشف اللثام (ط ج) ج10 ص281 و (ط ق) ج2 ص371 ومكاتيب الرسول ج2 ص140.
([178]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص329 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص260 عن ثواب الأعمال ص71 و (ط أمير قم) ص129 و 130 والبحار ج76 ص12 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص350 والتفسير الصافي ج1 ص444 وتفسير نور الثقلين ج1 ص473 ومسند الإمام الرضا "عليه السلام" ج1 ص326 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص431 والتحفة السنية (مخطوط) للجزائري ص18.
([179]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص329 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص260 و 261 عن عيون أخبار الرضا "عليه السلام" ص268 و 269 وكفاية الأحكام ج1 ص141 ومستند الشيعة ج18 ص132 ورسائل فقهية للشيخ الأنصاري ص44 والبحار ج76 ص12 وج85 ص27 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص353 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج2 ص100 وج5 ص55 وج9 ص200 و 211 وج9 ص272 وج12 ص284 وتفسير نور الثقلين ج5 ص163.
([180]) الكافي ج2 ص277 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص322 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص261 و 262 عن الخصال ج2 ص41 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص302 ومستدرك الوسائل ج11 ص358 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص355 وذخيرة المعاد (ط ق) ج1 ق2 ص304 وكشف اللثام (ط ج) ج10 ص279 و (ط ق) ج2 ص370 والتحفة السنية (مخطوط) للجزائري ص18 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج8 ص340 وج9 ص266 وج12 ص288 والحدائق الناضرة ج10 ص48 ومنهاج الأحكام ص72 والقضاء والشهادات للشيخ الأنصاري ص295.
([181]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص331 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص262 عن الخصال ج2 ص155 والبحار ج76 ص9 عنه، وجامع أحاديث = = الشيعة ج13 ص350 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص14 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج1 ص204 وج2 ص100 وج12 ص349.
([182]) الكافي ج2 ص276 و 277 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص318 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص252 عن الكافي، وراجع: مستدرك الوسائل ج11 ص358 ومشكاة الأنوار ص272 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص349 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج9 ص266 وج12 ص18 و 109 وذخيرة المعاد (ط ق) ج1 ق2 ص304 وكشف اللثام (ط ج) ج10 ص281 و (ط ق) 371 والحدائق الناضرة ج10 ص47 ومنهاج الأحكام ص71 والقضاء والشهادات للشيخ الأنصاري ص294 .
([183]) مستدرك الوسائل ج11 ص355 وتفسير نور الثقلين ج1 ص472 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص430 وشرح الأخبار ج3 ص475 والبحار ج76 ص13 وج85 ص28 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص356 وعن مستدرك سفينة البحار ج9 ص17 وتفسير العياشي ج1 ص237 .
([184]) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج3 ص195 وج8 ص33 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج1 ص64 والدر المنثور ج2 ص146 عنهما، وعن أبي داود، والنسائي، وابن أبي حاتم، وراجع: المجموع للنووي ج20 ص50 والمغني لابن قدامة ج4 ص122 وج10 ص210 وكشف القناع للبهوتي ج6 ص133 والمحلى لابن حزم ج4 ص245 وج7 ص293 وج8 ص326 و 486 وج11 ص268 وج11 ص400 ونيل الأوطار ج8 ص78 وفقه السنة ج2 ص441 و 463 و 654 وج3 ص133 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص330 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص261 عن الخصال ج2 ص14 و (ط مركز النشر الإسلامي) ص364 وسنن أبي داود ج1 ص657 وسنن النسائي ج6 ص257 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص356 وج17 ص247 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص284 وج8 ص20 و 249 وج9 ص76 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص114 وج6 ص418 وشرح مسلم للنووي ج2 ص83 وعمدة القاري ج3 ص114 وج2 ص216 وج14 ص61 وج22 ص84 وج24 ص28 والديباج على مسلم ج1 ص104 والكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص139 ورياض الصالحين للنووي ص637 و 692 والجامع الصغير ج1 ص32 وكنز العمال ج16 ص90 وكشف الخفاء للعجلوني ج1 ص48 وتفسير الميزان ج4 ص335 وتفسير ابن حاتم ج8 ص2556 وزاد المسير ج2 ص114 والجامع لأحكام القرآن ج7 ص382 وتفسير القرآن العظـيم ج1 ص467 و 492 وج2 ص306 وج3 ص288 = = وتفسير الثعالبي ج2 ص227 وفتح القدير ج1 ص458 وتفسير الآلوسي ج5 ص17 وج9 ص182 وج27 ص63 وتهذيب الكمال ج16 ص439 وتاريخ جرجان ص495.
([185]) مكاتيب الرسول ج2 ص573 والدر المنثور ج1 ص342 وج2 ص146 عن ابن حبان، وابن مردويه، والمعرفة والتاريخ ج3 ص409 والأحاديث الطوال ص143 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص89 ونصب الراية ج2 ص400 وموارد الظمآن ج3 ص77 وكنز العمال ج5 ص869 وج6 ص313 وراجع: الكفاية في علم الرواية للخطيب البغدادي ص104 و (ط دار الكتاب العربي) ص130 وميزان الحكمة ج4 ص3677 عن الترغيب والترهيب ج3 ص327 ح4 ومجمع الزوائد ج3 ص71 و 72 وعمدة القاري ج22 ص84 وصحيح ابن حبان ج14 ص504 وتفسير الميزان ج4 ص335 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص494 والثقات لابن حبان ج2 ص108 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص482 وتهذيب الكمال ج11 ص421 وتحفة المحتاج ج2 ص451 والإلمام ج2 ص725.
([186]) الدر المنثور ج2 ص146 عن البزار، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وتفسير القرآن العظيم ج1 ص492.
([187]) الدر المنثور ج2 ص146 عن علي بن الجعد في الجعديات، وابن راهويه، والبخاري في الأدب المفرد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والقاضي إسماعيل في أحكام القرآن، والأدب المفرد ص13 وراجع: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص43 وتفسير الآلوسي (روح المعاني) ج5 ص18 والتقرير والتحبير ج2 ص323 وكشف الأسرار لعلاء الدين البخاري ج2 ص584 والزواجر لابن حجر ج1 ص393 و 723 و 843.
([188]) الدر المنثور ج2 ص146 عن أبي داود، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني، والحاكم، وابن مردويه، وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص931 وفتح الباري ج12 ص161 ومجمع الزوائد ج1 ص48 والمعجم الكبير ج17 ص48 وتهذيب الكمال ج16 ص440 وكنز العمال ج3 ص544 وزاد المسير ج2 ص114 وتفسير الآلوسي ج15 ص59 وضعفاء العقيلي ج3 ص45 وتلخيص الحبير ج4 ص62 والتقرير والتحبير ج2 ص324 والترغيب والترهيب ج1 ص303 وج2 ص198 وج4 ص17 والزواجر لابن حجر ج2 ص631 وراجع: جامع أحاديث الشيعة ج13 ص354 ومستدرك الوسائل ج11 ص361 عن عوالي اللآلي، وسنن النسائي ج7 ص89 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص290 والفضائل العددية لمحمد حياة الأنصاري ص407 .
([189]) الدر المنثور ج2 ص146 عن مردويه، وابن المنذر، والطبراني، وفتح الباري ج12 ص161 وكنز العمال ج3 ص544 ومجمع الزوائد ج1 ص103 وتفسير القرآن = = العظيم ج1 ص493 وراجع: مستدرك الوسائل ج18 ص90 وعوالي اللآلي ج3 ص561.
([190]) الدر المنثور ج2 ص146 عن أحمد، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن حبان، والحاكم وصححه، ومسند أحمد ج5 ص413 وسنن النسائي ج7 ص88 والمستدرك للحاكم ج1 ص23 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص289 وج6 ص322 ومسند الشاميين ج2 ص179 وجامع البيان ج5 ص43 و (ط دار الفكر) ص61 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص493 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص177 وكنز العمال ج3 ص218 وشرح مشكل الآثار للطحاوي ج2 ص350 ومعتصر المختصر لأبي المحاسن الحنفي ج2 ص274 وإعتقاد أهل السنة للالكائي ج6 ص1064
([191]) الدر المنثور ج2 ص147 عن ابن أبي حاتم، والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص169 ونصب الراية ج2 ص232 وكنز العمال ج8 ص246 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص495 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص933.
([192]) الدر المنثور ج2 ص147 عن ابن جرير، وفتح الباري ج12 ص161 وجامع البيان ج5 ص62 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص496 وشرح كتاب التوحيد ج1 ص338 والزواجر لابن حجر ج2 ص853 وإعراب القرآن للنحاس ج4 ص87.
([193]) الدر المنثور ج2 ص147 عن ابن أبي حاتم، وتفسير القرآن العظيم ج1 ص497 وتفسير أبي حاتم ج3 ص933 وفتح الباري ج12 ص182 وشرح كتاب التوحيد ج1 ص338.
([194]) الدر المنثور ج2 ص148 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه، ومجمع الزوائد للهيثمي ج7 ص115 والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص196.
([195]) الجامع لأحكام القرآن ج8 ص99 وراجع: كشف الغطاء (ط ق) ج1 ص15 والكافي ج8 ص376 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص355 وشرح أصول الكافي ج12 ص542 والبحار ج21 ص176 وج41 ص66 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص452 والتفسير الصافي ج2 ص332 وتفسير نور الثقلين ج2 ص201 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة ج1 ص257 وج9 ص341.
([196]) راجع: نهج الحق الموجود في ضمن دلائل الصدق ج2 ص353. ولم يعترض عليه ابن روزبهان بشيء، ونهج الحق وكشف الصدق (ط ستارة قم) ص248 وقال في هامشه: راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج1 ص8، وقال: إذا رجعت إلى مغازي محمد بن عمر الواقدي، وتاريخ الأشراف ليحيى بن جابر البلاذري، وغيرها علمت صحة ذلك. وليراجع أيضاً: نور الأبصار ص86 .
وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج1 ص24 وكتاب الأربعين للشيرازي ص419 والبحار ج41 ص146 وشجرة طوبى ج2 ص273 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص339 وأعيان الشيعة ج1 ص330 و 395 وكشف اليقين ص126 وإحقاق الحق (الأصل) ص206 وشرح إحقاق الحق ج32 ص334.
([197]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص334 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص349 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص588 والبداية والنهاية ج4 ص383 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص899 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص635 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص246 وعيون الأثر ج2 ص218.
([198]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص334 وراجع: تفسير الميزان ج9 ص235 ومعجم الزوائد ج6 ص189 و 190 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص352 والبداية والنهاية ج4 ص389 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص906 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص644 وتاريخ خليفة بن خياط ج1 ص88.
([199]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص335 وج9 ص454 عن أبي نعيم، وعمدة القاري ج13 ص43 وراجع: الفايق في غريب الحديث ج3 ص307 وتاج العروس ج10 ص126 ومسند الروياني ج2 ص257 والخصائص الكبرى ج1 ص450 وغريب الحديث للخطابي ج1 ص412 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص18.
([200]) الإرشاد للمفيد ج1 ص144 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص86 والبحار ج21 ص158 وشجرة طوبى ص310 وكشف الغمة ج1 ص223 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص183 .
([201]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 والبحار ج21 ص158 والبداية والنهاية ج4 ص377 والسيرة النبوية ج3 ص626 ودلائل النبوة ج5 ص131 وتاريخ الإسلام ج2 ص578.
([202]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص319 وراجع: تفسير الميزان ج9 ص235 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص347 والكامل لابن الأثير ج2 ص263 والبداية والنهاية ج4 ص374 وإمتاع الأسماع ج2 ص17 وأعيان الشيعة ج1 ص280 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص216 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص619 والنصائح الكافية لمحمد بن عقيل ص110 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص252 وشرح مشكل الآثار ج6 ص412 ومعتصر المختصر لأبي المحاسن الحنفي ج1 ص229 وزاد المعاد ج3 ص469 والكامل في التاريخ ج2 ص137.
([203]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص319 و 320 و 323 ومواضع أخرى عن العديد من المصادر، وتفسير البحر المحيط ج5 ص26 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص229 .
([204]) كنز العمال ج3 ص130 الحديث رقم: (5817 و 5818) وج11 ص461 الحديث رقم: (32160 و 32161) وكشف الخفاء ج2 ص532 وشرح أصول الكافي ج9 ص202 وميزان الحكمة ج1 ص67 وج4 ص3227 و 3228 وفتح الباري ج7 ص126 والجامع الصغير ج2 ص488 وفيض القدير ج5 ص550 وحلية الأولياء ج6 ص333وأسنى المطالب ج1 ص245 والمقاصد الحسنة ج1 ص573 وكشف الخفاء ج2 ص180 وكتاب المجروحين ج2 ص305 والكامل ج7 ص155 وتهذيب الكمال ج25 ص314 وميزان الإعتدال ج3 ص570 وج4 ص472 والكشف الحثيث ص233 وكتاب التمحيص للإسكافي ص4 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص42 والبحار ج39 ص56 والتفسير الكبير ج4 ص142 وتفسير ابن عربي ج1 ص239 وج2 ص82 وتفسير البحر المحيط ج7 ص242 وتاريخ الإسلام ج41 ص333 والزواجر ج1 ص117.
([205]) راجع: ما جرى في غزوة الحديبية عند كتابة العهد..
([206]) أنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص374 و 375 وتاريخ الأمم والملوك ج4 ص66 والأخبار الطوال ص211 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص193 وشرح النهج للمعتزلي ج7 ص57 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغة) للميرجهاني ج1 ص103 وراجع ج2 ص346 والغارات للثقفي ج1 ص7 وراجع ص16 وج2 ص677 وشرح الأخبار ج2 ص39 و 286 والملاحم والفتن لابـن طـاووس ص221 وتذكـرة الخـواص ص105 عن الواقـدي، = = والبداية والنهاية ج7 ص289 والكامل لابن الأثير ج3 ص 348 ولم يذكر من بهم رمق. وفي مروج الذهب ج2 ص207 قال: "قسم السلاح والدواب بين المسلمين ورد المتاع والعبيد والإماء إلى أهلهم" وراجع: كتاب سليم بن قيس (تحقيق محمد باقر الأنصاري) ص256 وكنز العمال ج11 ص298 وشرح الأخبار ج2 ص286 والبحار ج32 ص316 وج33 ص356 و 366 وج34 ص118 و 259 وج41 ص354 وخصائص أمير المؤمنين للنسائي ج1 ص194 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص165 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص59 و 133 وراجع: نهج السعادة ج2 ص437 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص698 وحلية الأولياء ج1 ص68 و 168 والسنة لعبد الله بن أحمد بن حنبل الشيباني ج2 ص627 وأعيان الشيعة ج1 ص358 .
([207]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص320 و 321 وج10 ص66 و 262 عن ابن سعد، وابن عساكر، والبغوي، والطبراني، وأبي نعيم، والبيهقي، وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص257 و 258 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص64 وإمتاع الأسماع ج2 ص17 وج4 ص118 وج14 ص16 وتاريخ الخميس ج2 ص102 عن السيرة النبوية لابن هشام، وابن أبي خيثمة، وعن الصفوة، وعيون الأثر ج2 ص217 وراجع: شجرة طوبى ج2 ص310 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص359 والبحار ج18 ص61 وج21 ص166 و 167 ومجمع الزوائد ج6 ص184 والمعجم الكبير ج7 ص299 وتاريخ الإسلام ج2 ص583 والبداية والنهاية ج4 ص381 وج8 ص233 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص632 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص71. وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج6 ص188 والمغازي للواقدي ج3 ص910 والإصابة ج3 ص161 عن ابن أبي خيثمة، وابن سعد، والواقدي، وابن إسحاق، والبغوي. وراجع: إعلام الورى ص121 و 122 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص231.
([208]) البحار ج21 ص154 و 181 والخرائج والجرائح ج1 ص117 و 118 وراجع: مجمع البيان ج5 ص18 ـ 20 وتاريخ الخميس ج2 ص102 و 103.
([209]) راجع: الإرشاد ج1 ص140 و 141 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص82 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص30 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص305 وج2 ص330 وإعلام الورى ج1 ص387 والبحار ج21 ص156 وج38 ص220 وج41 ص94 وراجع: مجمع البيان ج3 ص18 و 19 وأعيان الشيعة ج1 ص379 وج3 ص522 وكشف الغمة ج1 ص221.
([210]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص62.
([211]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص321 و 322 عن الواقدي، والإصابة ج3 ص558 و 555 و (ط دار الكتب العلمية) ج6 ص344 وتاريخ مدينة دمشق ج62 ص102 والبداية والنهاية ج4 ص419 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص691 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص206 والخصائص الكبرى للسيوطي ج1 ص447 .
([212]) الإصابة ج3 ص557 و 558 و (ط دار الجيل) ج6 ص343 عن ابن إسحاق، وابن سعد، وابن شاهين، وابن عبد البر، والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج3 ص566 و (ط دار الجيل) ج4 ص1525 وأسد الغابةج5 ص31 و (ط دار الكتاب العربي) ص21 وتاريخ مدينة دمشق ج62 ص105 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص358 وإعلام الورى ج1 ص236 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص441.
([213]) الإصابة ج3 ص555 و (ط دار الجيل) ج6 ص339 و 343 و 383 والدرر لابن عبد البر ص234 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص180 وتاريخ مدينة دمشق ج62 ص105.
([214]) أسد الغابة ج5 ص31 و (ط دار الكتاب العربي) ص21.
([215]) الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص565 و (ط دار الجيل) ج4 ص1525 وعنه في أسد الغابة ج5 ص31 و (ط دار الكتاب العربي) ص21.
([216]) الدرر لابن عبد البر ص234 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص180.
([217]) الإصابة ج3 ص555 و (ط دار الجيل) ج6 ص339.
([218]) أسد الغابة ج5 ص31 و (ط دار الكتاب العربي) ص21.
([219]) أسد الغابة ج5 ص31 و (ط دار الكتاب العربي) ص21.
([220]) الآية 29 من سورة الكهف.
([221]) الآية 17 من سورة محمد.
([222]) الآية 5 من سورة الصف.
([223]) البحار ج21 ص167 وراجع ص156 و 157 والإرشاد ج1 ص142 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وكشف الغمة ج1 ص222 وكشف اليقين ص144.
([224]) الظرب: ما نشأ من حجر، وحدّ رأسه. والرابية الصغيرة.
([225]) البحار ج21 ص150 و 151 والتفسير الصافي ج2 ص331 و 332 والتفسير الأصفى ج1 ص459 و 460 وتفسير الميزان ج9 ص234 وتفسير نور الثقلين ج2 ص199 و 200 وتفسير القمي ج1 ص287 و 288 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص104 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111.
([226]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن الواقدي، وفي هامشه عن: المعجم الصغير ج1 ص122 ومجمع الزوائد ج10 ص183 والترغيب والترهيب ج2 ص618 تاريخ الخميس ج2 ص104 وراجع: تفسير النسفي ج2 ص84 البحار ج21 ص150 وتفسير القمي ج1 ص287 والتفسير الصافي ج2 ص331 و 332 والتفسير الأصفى ج1 ص459 و 460 وتفسير الميزان ج9 ص234 وتفسير نور الثقلين ج2 ص200 وتفسير القمي ج1 ص287 و 288.
([227]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص326 و 327 عن ابن أبي شيبة، وأحمد برجال الصحيح، وقال في هامشه: عن أحمد ج5 ص152 وعن ابن أبي شيبة ج10 ص351 وج14 ص522 وعن مسلم ج3 ص1363 (23/1743) وابن سعد ج2 ق1 ص52 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص75 و (ط دار الفكر) ج7 ص95 وج8 ص550 وكنز العمال ج10 ص548 والبداية والنهاية ج4 ص375 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص621 وميزان الحكمة ج3 ص2251 عن البحار ج21 ص180 ح16.
([228]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص103 ومسند أحمد ج1 ص207 والمصنف للصنعاني ج5 ص379 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص194 وكنز العمال ج10 ص546 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص269 وجامع البيان ج10 ص131 والدر المنثور ج3 ص224 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص155 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص18 وتهذيب الكمال ج24 ص134 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص322.
([229]) راجع: صحيح مسلم ج5 ص167 والمستدرك للحاكم ج3 ص328 وفتح الباري ج6 ص93 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص197 ورياض الصالحين للنووي ص715 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص98 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص18 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص17 والبداية والنهاية ج4 ص378 وإمتاع الأسماع ج5 ص67 وج7 ص217 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص627 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص322 وج11 ص102.
([230]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص322 وج7 ص47 وذخائر العقبى ص198 ومسند أحمد ج1 ص207 ومسند أبي يعلى ج12 ص67 وصحيح ابن حبان = = ج15 ص524 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص269 والدر المنثور ج3 ص224 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص19 وتهذيب الكمال للمزي ج24 ص134 والدر المنثور ج4 ص160 وجامع البيان ج10 ص131 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص124 و 194 ومسند أبي يعلى ج12 ص67 ومشاهير علماء الأمصار لابن حبان ص44 والطبقات الكبرى ج2 ص155 ومسند أبي عوانة ج4 ص277 والمصنف للصنعاني ج5 ص380 وفضائل الصحابة ج2 ص927 وطبقات الشافعية الكبرى ج1 ص259.
([231]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص322 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص349 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص896 والبداية والنهاية ج4 ص374 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص619.
([232]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص322 وكتاب التوابين لابن قدامة ص116.
([233]) راجع: السنن الكبرى ج5 ص188 وج6 ص155 وكنز العمال ج10 ص540 وجامع البيان ج10 ص132 وتفسير البحر المحيط ج5 ص26 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص348 وإمتاع الأسماع ج7 ص218 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص322 و 349.
([234]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص322 وقال في هامشه: أخرجه الطبراني في الكبير ج10 ص188 وانظر المجمع ج6 ص82 وج8 ص619 والبيهقي في الدلائل ج5 ص31 وعبد الرزاق في المصنف (9741) والحميدي (459) وابن سعد ج2 ق1 ص112 وأحمد ج1 ص207 وراجع: إعلام الورى ص122 والبحار ج21 ص167 وتاريخ الخميس ج2 ص102 و 103 وشجرة طوبى ج2 ص310 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص578 والبداية والنهاية ج4 ص378 وإمتاع الأسماع ج5 ص66 وإعلام الورى ج1 ص232 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص626.
([235]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص322 و 323 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص103 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص580 والبداية والنهاية ج4 ص378 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص138 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص627 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص62 و 63 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 و 111.
([236]) تفسير القمي ج1 ص287 و 288 والبحار ج21 ص151 وشجرة طوبى ج2 ص309 والتفسير الأصفى ج1 ص460 والتفسير الصافي ج2 ص332 وتفسير نور الثقلين ج2 ص200 وتفسير الميزان ج9 ص234.
([237]) مجمع البيان ج5 ص17 و 18 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص35 والبحار ج21 ص147 و 181 وتفسير الميزان ج9 ص231.
([238]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص299 وتاريخ مدينة دمشق ج33 ص257 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص66 ومجمع الزوائد ج6 ص184.
([239]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 عن أبي القاسم البغوي، والبيهقي، وفي هامشه عن: الطبراني في الكبير ج7 ص358 وابن عساكر كما في التهذيب 6 ص351 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص103 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 و 111 والسيرة الحلبية ج3 ص111 وراجع ص108 و 109 وراجع: مسند أحمد ج1 ص207 وصحيح مسلم ج5 ص167 وشرح مسلم للنووي ج12 ص115 وفتح الباري ج8 ص25 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص197 ومسند أبي يعلى ج12 ص67 وتفسير البغوي ج2 ص278 والطبقات الكبرى لابن سعد ج4 ص18 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص19 والجمع بين الصحيحين لمحمد بن فتوح الحميدي ج3 ص327 ومشكاة المصابيح للخطيب التبريزي ج8 ص1649 وتهذيب الكمال ج24 ص134 وسيرة النبي المختار ج1 ص355 والمنتظم في تاريخ الملوك والأمم ج3 ص334.
([240]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص325 عن أحمد، والطبراني، والحاكم، وأبي نعيم، والبيهقي، وقال في هامشه: أخرجه أحمد ج1 ص453 والطبراني في الكبير ج10 ص209 وانظر المجمع ج6 ص84 و 183 والحاكم ج2 ص117 وتاريخ الخميس ج2 ص104 عن أحمد، والحاكم، والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 و 111 وراجع: مسند أحمد ج1 ص454 ومجمع الزوائد ج6 ص180 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص359 وتاريخ مدينة دمشق ج33 ص79 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 وإمتاع الأسماع ج5 ص70 ومسند البزار ج5 ص368. وراجع: والسيرة الحلبية ج3 ص110.
([241]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص325 عن ابن أبي شيبة، وأحمد، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي، وقال في هامشه: أخرجه أحمد ج3 ص190 و 279 و ج5 ص286 وابن سعد ج2 ق1 ص113 وابن أبي شيبة ج14 ص530 و 531 والبيهقي في الدلائل ج5 ص141 وفي السنن ج6 ص306 والدولابي في الكنز ج1 ص42 وانظر الدر المنثور ج3 ص224 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص108 و 109 والمصنف ج8 ص551 وكنز العمال ج10 ص550 وصحيح البخاري ج4 ص1567 و (ط دار الفكر) ج5 ص106 وصحيح مسلم ج2 ص735 و (ط دار الفكر) ج3 ص106 والمسند المستخرج على صحيح مسلم ج3 ص123 وصحيح ابن حبان ج11 ص88 والجمع بين الصحيحين ج2 ص494 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص416 ومسند أحمد ج3 ص280 وعمدة القاري ج17 ص311 والبداية والنهاية ج4 ص357 و (ط دار إحياء التراث العربي) ص409 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص675.
([242]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص319 و 320 عن الواقدي.
([243]) الإرشاد ج1 ص142 والبحار ج21 ص167 وراجع ص156 و 157 والبداية والنهاية ج4 ص378 وإعلام الورى ج1 ص232 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص626 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص131 والإكتفاء ج2 ص244 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص66 وتاريخ الإسلام ج2 ص578.
([244]) إعلام الورى ص121 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص230 والبحار ج21 ص166 وقصص الأنبياء للراوندي ص347 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص181 وشجرة طوبى ج2 ص309 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص182.
([245]) الإرشاد ج1 ص142 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص84 والبحار ج21 ص156 و 157 وشجرة طوبى ج2 ص308 وأعيان الشيعة ج1 ص279.
([246]) سبل الهدى والرشاد ج1 ص323 وج5 ص336 عن الطبراني، وفي هامشه عن: الطبراني في الكبير ج7 ص201، وانظر مجمع الزوائد ج8 ص219 والبيهقي في الدلائل ج5 ص135 وسعيد بن منصور (2840 و 2841) وابن عساكر كما في التهذيب ج1 ص289 وراجع: عمدة القاري ج14 ص287 والمعجم الكبير (ط دار إحياء التراث) ج7 ص169والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص691 شرح النهج للمعتزلي ج14 ص267 عن الواقدي، وكنز العمال ج11 ص443 وج12 ص438 وطبقات خليفة بن خياط ص101 والجرح والتعديل ج4 ص321 والثقات ج1 ص29 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص107 و 110 وأسد الغابة ج2 ص382 وج4 ص184 وتذكرة الحفاظ ج3 ص1067 والإصابة ج3 ص194 وج5 ص304 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص120 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص580 والوافي بالوفيات للصفدي ج16 ص36 والبداية والنهاية ج4 ص375 و 376 وإمتاع الأسماع ج1 ص164 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص622 و 623 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص67 وج2 ص505 وتاج العروس ج2 ص91 والتاج والإكليل ج3 ص392 والمراسيل لابن أبي حاتم ج1 ص69 ومعجم الصحابة ج1 ص302.
([247]) الكافي ج5 ص51 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج19 ص250 و (ط دار الإسلامية) ج13 ص346 والبحار ج19 ص171 والحدائق الناضرة ج22 ص357 وجواهر الكلام ج28 ص222 وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص157 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص81 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج5 ص33 ومستدركات علم رجال الحديث ج8 ص585 ومجمع البحرين ج3 ص118.
([248]) البحار ج19 ص171 و 172 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص691 والفايق في غريب الحديث ج2 ص330 والجامع الصغير ج1 ص411 وكنز العمال ج11 ص402 و 443 وج12 ص434 وغوامض الأسماء المبهمة ج2 ص779 والصحاح للجوهري ج4 ص1598 والنهاية في غريب الحديث ج3 ص179 وتاريخ واسط ج1 ص43 وغوامض الأسماء المبهمة ج2 ص780 ولسان العرب ج10ص 464 وفيض القدير ج3 ص50 وتاج العروس ج13 ص610 وإكمال الكمال لابن ماكولا ج5 ص14 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص107والأعلام للزركلي ج3 ص242 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص120 والفردوس بمأثور الخطاب ج1 ص46 والفائق ج2 ص390 والروض الأنف ج1 ص207 ومنح الجليل ص3 ص240 والوافي بالوفيات للصفدي ج16 ص36 والدر النظيم ص34 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص323 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج1 ص67 و 144 وتهذيب اللغة ج1 ص197 .
([249]) راجع: لسان العرب ج10ص 464 والأعلام للزركلي ج3 ص242 والبحار ج19 ص172 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص81 وفيض القدير ج3 ص50 والنهاية في غريب الحديث ج3 ص180 وغوامض الأسماء المبهمة ج2 ص780 والحدائق الناضرة ج22 ص357 ومستدركات علم الرجال ج8 ص585 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص323 وراجع: الروض الأنف ج1 ص206.
([250]) لسان العرب ج10ص 464 وراجع: كتاب المحبر للبغدادي ص47 والكامل في التاريخ ج1 ص556 و (ط دار صادر) ج2 ص34 وراجع: تاج العروس ج26 ص266.
([251]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص120.
([252]) تاريخ مدينة دمشق ج3 ص110 وكنز العمال ج12 ص435.
([253]) الآية 40 من سورة البقرة.
([254]) الآية 249 من سورة البقرة.
([255]) الآية 208 من سورة البقرة.
([256]) البحار ج21 ص167 وراجع ص156 و 157 والإرشاد ج1 ص142 وأعيان الشيعة ج1 ص279 وكشف الغمة ج1 ص222 وكشف اليقين ص144
([257]) راجع على سبيل المثال: سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 ومجمع البيان ج5 ص17 و 18 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص299 والثقات ج2 ص69 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص348 وعيون الأثر ج2 ص218 وزاد المعاد ج3 ص471 والإكتفاء ج2 ص243 والدرر لابن عبد البر ص226 والسيرة النبوية لابن هشام (ط دار الجيـل) ج5 ص113 وكتـاب التـوابين لابـن قدامة ج1 = = ص114 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص257 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص65 و 66 والبحار ج21 ص147 و 151 وتفسير القمي ج1 وغير ذلك كثير جداً.
([258]) تفسير القمي ج1 ص287 و 288 والبحار ج21 ص151 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص331 والمغازي للواقدي ج3 ص904 وراجع المصادر في الهامش السابق.
([259]) مجمع البيان ج5 ص17 و 18 والبحار ج21 ص147.
([260]) الآية 26 من سورة التوبة.
([261]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن ابن أبي حاتم، وفي هامشه عن الدر المنثور ج3 ص223 وراجع: الدر المنثور ج4 ص162 و (ط دار المعرفة) ج3 ص225 وجمع البيان ج10 ص103 و (ط دار الفكر) ص133 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص752 وج6 ص1774 وفتح القدير ج2 ص349 .
([262]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص105.
([263]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 و 350 وج11 ص102 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج3 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص109 و (ط دار المعرفة) ص66 وذخائر العقبى ص198 ومسند أحمد ج1 ص207 وصحيح مسلم ج5 ص167 والمستدرك للحاكم ج3 ص328 وشرح مسلم للنووي ج12 ص115 وفتح الباري ج8 ص25 والمصنف للصنعاني ج5 ص380 ومسند الحميدي ج1 ص219 والآحاد والمثاني ج1 ص273 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص197 وصحيح ابن حبان ج15 ص524 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص299 وكتاب التوابين لابن قدامة ص115 ورياض الصالحين للنووي ص715 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1773 وتفسير الثعلبي ج5 ص23 وتفسير البغوي ج2 ص278 وتفسير القرطبي ج8 ص98 والدر المنثور ج3 ص224 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص17 و 19 وتهذيب الكمال ج24 ص134 وتاريخ الإسلام ج2 ص580 والبداية والنهاية ج4 ص378 وإمتاع الأسماع ج5 ص67 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص327 ومجمع الزوائد ج6 ص184.
([264]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 عن البيهقي، وأبي القاسم البغوي، وفي هامشه عن المعجم الكبير للطبراني ج7 ص358 وتهذيب تاريخ دمشق ج6 ص351 وتاريخ الخميس ج2 ص103 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج3 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص109 و (ط دار المعرفة) ص66 وفتوح الشام للواقدي ج1 ص206 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص257 والخصائص الكبرى للسيوطي (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص449.
([265]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص105 وراجع: الإكتفاء ج3 ص58 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص58.
([266]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص322 والدر المنثور ج4 ص160 و (ط دار المعرفة) ج3 ص224 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص18 ومسند أحمد ج1 ص207 وراجع: المصنف للصنعاني ج5 ص379 والسنن الكـبرى للنسـائي ج5 ص194 وكنز = = العمال ج10 ص546 وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص269 وجامع البيان (ط دار الفكر) ج10 ص131 وتهذيب الكمال ج24 ص134 ومسند أبي عوانة ج4 ص277 وفضائل الصحابة ج2 ص924 و 927 والمنتظم ج3 ص334.
([267]) البحار ج21 ص150 و 151 والتفسير الصافي ج2 ص331 و 332 والتفسير الأصفى ج1 ص459 و 460 وتفسير الميزان ج9 ص234 وتفسير نور الثقلين ج2 ص199 و 200 وتفسير القمي ج1 ص287 و 288 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص104 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111.
([268]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج3 ص580 وتفسير السعدي ج1 ص333 وتفسير أبي السعود ج4 ص56 وتيسير الكريم الرحمن في كلام المنان ص333 والبداية والنهاية ج6 ص67 والتفسير الكبير ج16 ص18 ومناهل العرفان ج2 ص269 وشرح الزرقاني على الموطأ ج3 ص27 وراجع: تفسير الثعلبي ج5 ص23 وإمتاع الأسماع ج7 ص217 وروح المعاني ج10 ص74 وفتح الباري ج8 ص31 وعمدة القاري ج14 ص157.
([269]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص349 وفتح الباري ج8 ص 26 .
([270]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص351.
([271]) راجع: تفسير الثعالبي ج3 ص172 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص107 والسيرة الحلبية ج3 ص109 و (ط دار المعرفة) ص66. وأعيان الشيعة ج1 ص282.
([272]) مصادر هذه الفقرات كثيرة، فراجع على سبيل المثال: إعلام الورى ص122 والبحار ج21 ص167 والإرشاد ج1 ص143 وأمالي الطوسي ص574 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص181 وسنن الترمذي ج3 ص117 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص243 وتاريخ الخميس ج2 ص103 ومسند أحمد ج4 ص281 و 289 وصحيح البخاري ج3 ص218 و 220 وج4 ص24وصحيح مسلم ج5 ص168.
([273]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص349 وراجع: فتح الباري ج8 ص25 وتحفة الأحوذي ج5 ص274 وراجع: فيض القدير ج3 ص49 ومجمع البحرين ج4 ص28 والتيسير بشرح الجامع الصغير ج1 ص374.
([274]) راجع: الكافي ج8 ص257 و 285 وشرح أصول الكافي ج12 ص356 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص451 والبحار ج49 ص59 و 115 والأنوار البهية ص 217 ومدينة المعاجز ج7 ص227 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص395 و مسند الإمام الرضا للعُطاردي ج1 ص165 وراجع: حياة الإمام الرضا "عليه السلام" للقرشي ج1 ص41 وج2 ص227 وعن أعيان الشيعة ج4 ق2 ص97 والحياة السياسية للإمام الرضا "عليه السلام" ص324.
([275]) الآية 106 من سورة الإسراء.
([276]) الآية 1 من سورة الكوثر.
([277]) الآية 2 من سورة الزلزلة.
([278]) الآية 69 من سورة يس.
([279]) الآية 41 من سورة الحاقة.
([280]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص328 عن ابن مردويه، والبيهقي، وابن عساكر، وراجع: إعلام الورى ص122 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص232 والبحار ج21 ص157 و 167 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص109 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص62 و 63 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص181 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص85 وشجرة طوبى ج2 ص309 وتفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي ج2 ص56 وتفسير مجمع البيان ج5 ص35 وتفسير الميزان ج9 ص231 وزاد المسير لابن الجوزي ج3 ص282 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص151 وأعيان الشيعة ج1 ص280.
([281]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111.
([282]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص110 و (ط دار المعرفة) ص75 وإمتاع الأسماع ج2 ص16 وج3 ص322 ومجمع الزوائد ج6 ص83 وعمدة القاري ج17 ص 77 و 295 والمعجم الكبير ج11 ص308 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص410
([283]) الكافي ج8 ص376 والبحار ج21 ص176و 178و 179 وج41 ص94 و 66 عنه، وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص295 و 296 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص355 والأمالي لابن الشيخ ص585 والإرشاد للمفيد ج1 ص144 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص99 وراجع: كشف الغطاء (ط ق) ج1 ص15 والكافي ج8 ص376 وشرح أصول الكافي ج12 ص542 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص452 والتفسير الصافي ج2 ص332 وتفسير نور الثقلين ج2 ص201 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة ج1 ص257 وج9 ص341.
([284]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص324 عن أبي يعلى، والطبراني، ومجمع الزوائد ج6 ص180 و 182 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج10 ص548 (30225)، ومسند أبي يعلى ج6 ص290 والمطالب العالية ج17 ص489 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص324 وميزان الحكمة ج3 ص2251 وشرح إحقـاق الحق ج8 = = ص363 وج32 ص397 والمعجم الأوسط ج3 ص148 ومعجم رجال الحديث لمحمد حياة الأنصاري ج1 ص177.
([285]) مجمع الزوائد ج6 ص183 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص324 عن أبي نعيم، والطبراني، وتاريخ الخميس ج2 ص104 عن الطبراني في الأوسط، وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص108 و 109 و 110 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص36 والخصائص الكبرى للسيوطي (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص449 والبحار ج61 ص191 والمعجم الأوسط ج4 ص202 والدر المنثور ج5 ص345 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص350 ودلائل النبوة للإصبهاني ج1 ص228.
([286]) تقدمت مصادر هذا الحديث، حيث ذكرناها تحت عنوان: حديث أنس.ٍ
([287]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص332 عن ابن إسحاق، والسيرة الحلبية ج3 ص112 وتفسير السمرقندي ج2 ص49 وإمتاع الأسماع ج2 ص13.
([288]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 عن أبي القاسم البغوي، والبيهقي، وفي هامشه عن: تهذيب تاريخ ابن عساكر ج6 ص351 وعن الطبراني في المعجم الكبير ج7 ص358 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص111 و (ط دار المعرفة) ص70 وراجع ص108 و 109 وتاريخ الخميس ج2 ص103 ومجمع الزوائد ج6 ص180 والبداية والنهاية ج4 ص373 و 377 وعيون الأثر ج2 ص216 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص619 و 625 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص349 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص896 وراجع: شرح إحقاق الحق ج32 ص397 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص129.
([289]) تقدمت مصادر هذا الحديث.
([290]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 و 324 وقال في هامشه: أخرجه أبو داود (5233) وأحمد ج1 ص255 و 84 و ج3 ص438 وج5 ص286 و 372 و 381 وانظر الدر المنثور ج5 ص205 و (ط دار المعرفة) ج3 ص224. وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 والسيرة الحلبية ج3 ص110 وتاريخ الخميس ج2 ص104 عن أحمد، وأبي داود، والدارمي، ومسند أبي داود الطيالسي ص196 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 والبداية والنهاية ج4 ص379 وإمتاع الأسماع ج5 ص69 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص629 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص141 والخصائص الكبرى للسيوطي ج1 ص445.
([291]) تقدمت مصادر هذا الحديث.
([292]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص324 عن البغوي، والبيهقي، وأبي نعيم، وابن عساكر، وقال في هامشه: أخرجه ابن عساكر كما في التهذيب ج6 ص351، والطبراني في الكبير ج7 ص359 و (ط دار إحياء التراث العربي) ص299، والمجمع ج6 ص184، وأبو نعيم في الدلائل ج1 ص61، والبيهقي في الدلائل ج5 ص141. وراجع: والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 والسيرة الحلبية ج3 ص110 وتاريخ الخميس ج2 ص104 والبحار ج61 ص192 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص36 .
([293]) البحار ج21 ص150 و 151 وتفسير القمي ج1 ص287 و 288 والتفسير الصافي ج2 ص332 وتفسير نور الثقلين ج2 ص200 وتفسير الميزان ج9 ص234.
([294]) راجع: الجامع لأحكام القرآن ج16 ص263 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص257 والخصائص الكبرى للسيوطي ج1 ص449 والناسخ والمنسوخ ج1 ص136 و 193.
([295]) المستدرك للحاكم ج2 ص117 ومجمع الزوائد ج6 ص180 وفتح الباري ج8 = = ص25 والمعجم الكبير ج10 ص169 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص358 والدر المنثور ج3 ص224 وفتح القدير ج2 ص348 و 349 وتاريخ مدينة دمشق ج33 ص79 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 والبداية والنهاية ج4 ص380 وإمتاع الأسماع ج5 ص69 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص629 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص325 و 350 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص68.
([296]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص324 عن عبد بن حميد، وتاريخ البخاري، والبيهقي، وابن الجوزي وأشار في هامشه إلى: البخاري في التاريخ ج8 ص316 والطبري في التفسير ج10 ص73 وابن حجر في المطالب (4372) والمجمع ج6 ص182 والسيوطي في الدر المنثور ج3 ص226. وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص104 والمعجم الكبير للطبراني ج22 ص237 وأسد الغابة ج5 ص115 والبداية والنهاية ج4 ص380 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص631 والآحاد والمثاني ج3 ص136 ومعجم الصحابة ج3 ص225 والخصائص الكبرى ج1 ص446 والمطالب العالية ج17 ص487 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص68.
([297]) راجع: تاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 وإمتاع الأسماع ج5 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص630 والبداية والنهاية ج4 ص380 والمستدرك للحاكم ج2 ص121 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص142 والخصائص الكبرى ج1 ص446 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص326.
([298]) راجع: الدر المنثور ج3 ص226 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص403 والبداية والنهاية ج4 ص380 وإمتاع الأسماع ج5 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص631 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص326 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص68 والمعرفة والتاريخ ج1 ص152 و 287.
([299]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص326 عن البخاري، ومسلم، والبهقي، وفي هامشه عن: مسلم ج3 ص1402 (81)، والبيهقي في الدلائل ج5 ص140 و 141، وانظر الدر المنثور ج3 ص226. وراجع: إعلام الورى ص122 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص232 والبحار ج21 ص167 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص19 وصحيح مسلم ج5 ص169 وفتح الباري ج8 ص25 والسيرة النبوية لابن كثير = = ج3 ص628 والجمع بين الصحيحين ج1 ص581 ومسند الروياني ج2 ص253 ومشكاة المصابيح ج3 ص1650 وفتح الباري ج8 ص32 ومرقاة الجنان ج11 ص29 والبيان والتعريف لإبراهيم بن محمد الحسيني ج2 ص76 والأموال لابن سلام ج1 ص183 وإرشاد الثقات إلى اتفاق الشرائع للشوكاني ج1 ص63 والجواب الصحيح لابن تيمية ج6 ص257 والمنتقى من منهاج الإعتدال للذهبي ج1 ص520 ومنهاج السنة ج8 ص130 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص140 وصحيح ابن حبان ج14 ص451 ودلائل النبوة للإصبهاني ج3 ص1130 وتفسير البغوي ج2 ص279 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص581 والبداية والنهاية ج4 ص379 وإمتاع الأسماع ج5 ص68.
([300]) الآية 104 من سورة المؤمنون.
([301]) الآية 106 من سورة آل عمران.
([302]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص110.
([303]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص350.
([304]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص350 وشرح مسلم للنووي ج12 ص116 ومرقاة المفاتيح ج11 ص27.
([305]) الآية 26 من سورة التوبة.
([306]) الكافي ج4 ص206 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج13 ص212 و (ط دار الإسلامية) ج9 ص328 ومجمع البيان ج5 ص17 و 18 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص32 وجامع أحاديث الشيعة ج10 ص442 وراجع: البحار ج13 ص450 و 451 وج21 ص147 وراجع: شجرة طوبى ج2 ص309 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص89 ومسند الإمام الرضا "عليه السلام" ج1 ص337 وتفسير العياشي ج2 ص84 وتفسير نور الثقلين ج1 ص126 وج2 ص201 ومنتقى الجمان ج3 ص22.
([307]) البحار ج13 ص450 و 451 ومسند الإمام الرضا "عليه السلام" ج1 ص337 وتفسير العياشي ج1 ص133 .
([308]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن ابن أبي حاتم، والدر المنثور ج3 ص223 و (ط دار المعرفة) ص225 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص752 وج6 ص1774 وفتح القدير ج2 ص349 وتفسير الثعالبي ج5 ص23 وتفسير البغوي ج2 ص279.
([309]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص325 و 329 و 350 عن أحمد، والحاكم، والطبراني، والبيهقي، وأبي نعيم، برجال ثقات. وفي هامشه عن: أحمد ج1 ص453 والطبراني في المعجم الكبير ج10 ص209 عن مجمع الزوائد ج6 ص84 و 183 والحاكم ج2 ص117. وراجع: فتح الباري ج8 ص25 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص358 والدر المنثور ج3 ص224 وفتح القدير ج2 ص348 و 349 وتاريخ مدينة دمشق ج33 ص79 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 والبداية والنهاية ج4 ص380 وإمتاع الأسماع ج5 ص69 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص629 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص68.
([310]) الآية 18 من سورة الفتح.
([311]) الآية 26 من سورة الفتح.
([312]) الآية 4 من سورة الفتح.
([313]) الآيات 25 ـ 27 من سورة التوبة.
([314]) الآية 16 من سورة الأنفال.
([315]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج23 ص300 وراجع ص298 و (ط دار الإسلامية) ج16 ص187 وراجع ص 185 والبحار ج101 ص227 وراجع: ص216 وج50 ص163 وكشف اللثام (ط ق) ج2 ص239 وجواهر الكلام = = ج35 ص416 وراجع ص415 وجامع المدارك ج5 ص79 وتفسير العياشي ج2 ص84 وتفسير نور الثقلين ج2 ص196 و 197 وراجع: الكافي ج7 ص463 ومختلف الشيعة ج8 ص187 والحدائق الناضرة ج22 ص465 وتهذيب الأحكام ج8 ص309 ومناقب آل أبي طالب ج3 وص506 وغوالي اللآلي ج2 ص314 ومستدرك سفينة البحار ج9 ص66 وتفسير الميزان ج9 ص229.
([316]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص328 عن الواقدي، وتاريخ الخميس ج2 ص105 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص114 و (ط دار المعرفة) ص75 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 و 112 وإمتاع الأسماع ج2 ص16 وج3 ص333 .
([317]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن ابن إسحاق، وابن المنذر، وأبي نعيم، والبيهقي، وتاريخ الخميس ج2 ص105 عن حياة الحيوان، والسيرة الحلبية ج3 ص114 و (ط دار المعرفة) ص75 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والدر المنثور ج3 ص225 وفتح القدير ج2 ص349 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص169 و (ط مؤسسة الأعلمي) 349 وعيون الأثر ج2 ص218 ومرقاة المفاتيح ج8 ص69 وزاد المعاد ج3 ص472 والإكتفاء ج2 ص244 والسيرة النبوية لابن هشام ج5 ص118 و (ط محمد علي صبيح ـ مصر) ج4 ص898 وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص264 وإمتاع الأسماع ج2 ص16 وج3 ص332.
([318]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن الواقدي، وإمتاع الأسماع ج2 ص16 وج3 ص332.
([319]) البحار ج21 ص151 وتفسير القمي ج1 ص288 والتفسير الأصفى ج1 ص460 والتفسير الصافي ج2 ص332 وتفسير نور الثقلين ج2 ص201 وتفسير البغوي ج2 ص279 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص101 وتاريخ الخميس ج2 ص105 وراجع: تفسير البحر المحيط ج5 ص26 وتفسير الآلوسي ج10 ص75 وتفسير الثعلبي ج5 ص24 وتفسير البغوي ج2 ص279 وراجع: الإصابة ج3 ص256 وروح المعاني ج10 ص75 .
([320]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن مسدد في مسنده، والبيهقي، وابن عساكر. وفي هامشه عن: البداية والنهاية ج4 ص332 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص143 والبحار ج21 ص181 ومجمع البيان ج5 ص18 ـ 20 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وتاريخ الخميس ج2 ص105 = = عن المواهب اللدنية، وعن ابن جرير، والسيرة الحلبية ج3 ص110 وجامع البيان ج10 ص134 والدر المنثور ج3 ص226 وتاريخ مدينة دمشق ج34 ص173 والمطالب العالية ج17 ص482 والخصائص الكبرى ج1 ص446 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص380 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص583 وإمتاع الأسماع ج3 ص331 وج7 ص219 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص630 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص346 وسمط النجوم العوالي ج2 ص276.
([321]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وراجع: البحار ج21 ص151 وشجرة طوبى ج2 ص309 وتفسير القمي ج1 ص288 والتفسير الأصفى ج1 ص460 والتفسير الصافي ج2 ص332 وتفسير نور الثقلين ج2 ص200.
([322]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص328 عن عبد بن حميد، والبيهقي، والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وراجع: زاد المسير لابن الجوزي ج3 ص224 وإمتاع الأسماع ج3 ص332 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص347 وجامع البيان ج10 ص103 والآحاد والمثاني ج3 ص136 والمطالب العالية ج17 ص484 ومجمع الزوائد ج6 ص182 والتاريخ الكبير ج8 ص316 والخصائص الكبرى ج1 ص446 والبداية والنهاية ج4 ص333.
([323]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص328.
([324]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص324 وراجع: الثاقب في المناقب لابن حمزة الطوسي ص114 ومسند أحمد ج5 ص286 ومجمع الزوائد ج6 ص182 وعمدة القاري ج17 ص294 ومسند أبي داود الطيالسي ص196 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص555 والآحاد والمثاني ج2 ص143 والإستذكار لابن عبد البر ج2 ص490 والتمهيد لابن عبد البر ج22 ص113 والفايق في غريب الحديث ج2 ص258 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص358 والدر المنثور ج3 ص224 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص156 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 والبداية والنهاية ج4 ص379 وإمتاع الأسماع ج5 ص69 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص629 ودلائل النبوة للإصبهاني ج1 ص227 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص141 والخصائص الكبرى ج1 ص445 والمنتظم ج3 ص335 وسمط النجوم العوالي ج2 ص275.
([325]) البحار ج21 ص147 ومجمع البيان ج5 ص17 و 18 و (ط مؤسسة الأعلمي) ج32 و 33 وشجرة طوبى ج2 ص309 وراجع: تفسير السمرقندي ج2 ص10 وتفسير السمعاني ج2 ص252 وتفسير البغوي ج2 ص281 وتفسير أبي السعود ج4 ص56 وتفسير الآلوسي ج4 ص47 وج10 ص75 وروح المعاني ج10 ص75.
([326]) الآية 26 من سورة التوبة.
([327]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص328.
([328]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص328.
([329]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص327 عن مسدد في مسنده، والبيهقي، وابن عساكر. وفي هامشه عن: البداية والنهاية ج4 ص332 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص143 والبحار ج21 ص181 ومجمع البيان ج5 ص18 ـ 20.
([330]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص331 عن الواقدي، وإمتاع الأسماع ج2 ص15 وراجع: البحار ج19 ص335 وراجع: الدرر لابن عبد البر ص219 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص867 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص562.
([331]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص331 عن الواقدي، والمغازي للواقدي ج3 ص905 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والسيرة الحلبية ج3 ص112 وإمتاع الأسماع ج2 ص15 وراجع: مسند أحمد ج3 ص435 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص77 و 130 ومجمع الزوائد ج5 ص316 والآحاد والمثاني ج2 ص376 والمعجم الكبير ج1 ص284 و 285 وكنز العمال ج4 ص382 و 395 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص442 ومجمع البيان ج9 ص113 و (ط دار الفكر) ص151 وتاريخ بغداد ج8 ص481 وتفسير الثعلبي ج7 ص302 والأحاديث المختارة ج4 ص248 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص72 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص184 وصحيح ابن حبان ج1 ص341 والتمهيد لابن عبد البر ج18 ص68 وجزء أبي الطاهر ج1 ص26 وحلية الأولياء ج8 ص263 والإستيعاب ج1 ص90.
([332]) تاريخ الخميس ج2 ص105 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص331 .
([333]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص328 و 331 و 332 عن الواقدي.
([334]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص332 عن أحمد، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص621 والبداية والنهاية ج4 ص375 ومسند أحمد ج3 ص151 وسنن أبي داود ج2 ص78 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص85 ومجمع الزوائد ج6 ص167 و 168 وراجع: المعجم الوسط ج6 ص343 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص114 وشرح مشكل الآثار ج11 ص411 ومعتصر المختصر ج1 ص260 وراجع: إمتاع الأسماع ج13 ص111 والمطالب العالية ج17 ص455 وكنز العمال ج10 ص224 و 519 وجامع البيان ج10 ص66 وتفسير ابن أبي حاتم ج5 ص1738 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص141 وتاريخ مدينة دمشق ج29 ص29 وتلخيص الحبير ج3 ص130 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص37 والأحاديث المختارة ج7 ص244 .
([335]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص332 وإعلام الورى ص122 و 123 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص232 والبحار ج21 ص167وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص578 و 579 والبداية والنهاية ج4 ص378 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص627 وشجرة طوبى ج2 ص310 وقصص الأنبياء للراوندي ص348 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص132 والإكتفاء ج2 ص244.
([336]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص332 عن ابن إسحاق، والسيرة الحلبية ج3 ص112 وتفسير السمرقندي ج2 ص49 وإمتاع الأسماع ج2 ص13.
([337]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص332، ومجمع الزوائد ج6 ص181 كلاهما عن البزار، والأحاديث المختارة ج5 ص203.
([338]) الإرشاد ج1 ص142 و 143 و 144 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص86 والبحار ج41 ص94 وج21 ص157 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص604 ـ 606 وأعيان الشيعة ج1 ص280.
([339]) البحار ج41 ص96 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص606 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص333 عن محمد بن إسحاق.
([340]) راجع على سبيل المثال: تاريخ الخميس ج2 ص106 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص349 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص899 وسبل الهدى والرشاد ج5 = = ص334 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص246 والبداية والنهاية ج4 ص383 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص635.
([341]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص319 وتاريخ الخميس ج2 ص102 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص111 و (ط دار المعرفة) ص69 ومصادر كثيرة تقدمت.
([342]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص63.
([343]) الإرشاد المفيد ج1 ص142 ـ 144 والبحار ج41 ص94 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص604 ـ 606.
([344]) البحار ج41 ص66 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص295 ـ 296 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص355 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص542.
([345]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص350 وزاد المعاد ج3 ص483.
([346]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 هامش ص12 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص355 والبحار ج21 ص179 وج41 ص67 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص50 وتفسير مجمع البيان ج1 ص252 و389 والهاشميات والعلويات (قصائد الكميت وابن أبي الحديد) ص153 والصحاح ج2 ص597 وج3 ص1153 والفروق اللغوية ص432 و 433 ولسان العرب ج3 ص344 وج4 ص80 ومختار الصحاح لمحمد بن عبد القادر ص39 ومجمع البحرين ج1 ص232 وتاج العروس ج2 ص460 وج3 ص58 وج5 ص207 وأعيان الشيعة ج1 ص330 و 340 و 382 و 397 وشرح إحقاق الحق ج8 ص328 و 329 وج18 ص79 وج31 ص569 وج32 ص305 و 336 و 337 وتفسير أبي السعود ج4 ص267 وتفسير الآلوسي ج12 ص218 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج9 ص430 والنهاية في غريب الحديث ج1 ص149 .
([347]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص331 عن الواقدي، والمغازي للواقدي ج3 ص904.
([348]) وأمكن منهم.
([349]) غضاباً.
([350]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج4 ص125 والبحار ج19 ص321 وج41 ص94 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص75 وج2 ص331 والبداية والنهاية ج3 ص404 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص538 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص525.
([351]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص329 عن البيهقي، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص578 والبداية والنهاية ج4 ص378 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص626 ودلائل النبوة ج5 ص131 .
([352]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص329 عن ابن مردويه، وسنن الترمذي ج3 ص117 وتحفة الأحوذي ج5 ص274 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص414 والدر المنثور ج3 ص225.
([353]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص329 عن الواقدي، والسيرة الحلبية ج3 ص109 و (ط دار المعرفة) ص67 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص488 وراجع: الإستيعاب ج3 ص1220 وأسد الغابة ج4 ص147 .
([354]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص323 وفي هامشه عن: المعجم الكبير للطبراني ج7 ص358 وتهذيب تاريخ مدينة دمشق ج6 ص351 وراجع: فتح الباري ج8 ص30 وتحفة الأحوذي ج5 ص274.
([355]) راجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص67.
([356]) الخزام بكسر الخاء المعجمة حلقة تصنع من شعر، وتجعل في أنف البعير، انظر اللسان (خزم).
([357]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص330 عن ابن إسحاق، وتاريخ الخميس ج2 ص105 والسيرة الحلبية ج3 ص112 و 114 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والثقات ج2 ص71 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص349 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص896 والإكتفاء ج2 ص349.
([358]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص330 عن الواقدي.
([359]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص330 عن أحمد، وابن أبي شيبة، ومسلم. وقال في هامشه: أخرجه مسلم في الجهاد (134)، وابن أبي شيبة ج14 ص532 وأحمد ج3 ص279 و (ط دار صادر) ص190 و 279، والبيهقي في السنن ج6 ص307 والمغازي ج3 ص904 وراجع: السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والبداية والنهاية ج4 ص374 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص620 والمعجم الكبير ج25 ص120 وراجع: صحيح مسلم ج5 ص196 ومسند أبي داود ص277 ومسند أبي يعلى ج6 ص226 وصحيح ابن حبان ج11 ص169 وج16 ص153 والطبقات الكبرى ج8 ص425 والجمع بين الصحيحين ج2 ص638 ومسند أبي عوانة ج4 ص331 وحسن الأسوة بما ثبت عند الله ورسوله في النسوة ج1 ص427.
([360]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص330 عن الواقدي، وإمتاع الأسماع ج2 ص15.
([361]) السيرة الحلبية ج3 ص112 و (ط دار المعرفة) ص73 ومسند أحمد ج3 ص125 = = و 239 و 268 وصحيح مسلم ج7 ص145 وفضائل الصحابة للنسائي ص85 وشرح مسلم للنووي ج16 ص11 ومجمع الزوائد ج9 ص299 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص399 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص103 ومسند أبي يعلى ج6 ص223 وصحيح ابن حبان ج16 ص162 والمعجم الكبير ج25 ص130 والجامع الصغير ج1 ص643 و 644 وكنز العمال ج11 ص653 وج12 ص146 و 148 وفتح القدير ج3 ص690 و 691 و 693 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص430 وأسد الغابة ج5 ص514 وتهذيب الكمال ج35 ص366 وسير أعلام النبلاء ج2 ص309 والإصابة ج8 ص255 وتهذيب التهذيب ج12 ص419.
([362]) السيرة الحلبية ج3 ص112 و (ط دار المعرفة) ص72.
([363]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص108 و (ط دار المعرفة) ص65 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وتاريخ الخميس ج2 ص102 وراجع: فتح الباري ج8 ص30.
([364]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص330 عن ابن أبي شيبة، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص109 و (ط دار المعرفة) ص67 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص109 وتاريخ الخميس ج2 ص102 وأعيان الشيعة ج1 ص279 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص417 و (ط دار الفكر) ج8 ص553 وفتح الباري ج8 ص23 والغدير ج7 ص206 وشرح إحقاق الحق ج8 ص474 والمواهب اللدنية ج1 ص163.
([365]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص329 و 330 وراجع: طبقات ابن سعد ج2 ص149 ـ 152 وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص13 وتفسير السمرقندي ج1 ص277.
([366]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص348 وراجع المصادر المتقدمة.
([367]) الإرشاد للمفيد ج1 ص140 و 141 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص82 والبحار ج21 ص155 وج38 ص220 وأعيان الشيعة ج1 ص279.
([368]) البحار ج49 ص199 وعيون أخبار الرضا "عليه السلام" ج2 ص193ومواقف الشيعة ج1 ص303 وحياة الإمام الرضا "عليه السلام" للقرشي ج2 ص264 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج8 ص435.
([369]) الآيتان 25 و 26 من سورة التوبة.
([370]) الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص140 و 141، وعنه في مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص30 وراجع: البحار ج38 ص220 وج21 ص156 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص81 و 82 وشجرة طوبى ج2 ص308 وأعيان الشيعة ج3 ص522 وإعلام الورى ج1 ص386، وقريب منه ذكره الطبرسي في مجمع البيان ج5 ص18 و 19.
([371]) البحار ج41 ص93 و 94 وعن مناقب آل أبي طالب ج1 ص604 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص330.
([372]) البحار ج41 ص94 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص604 و 605 و (ط المكتبة الحيدرية) ص330.
([373]) المصدر السابق.
([374]) الإرشاد للمفيد ج2 ص141. وراجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص31 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص305 وج2 ص331 والبحار ج38 ص220 وج21 ص156 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص83 وأعيان الشيعة ج1 ص280 وج3 ص522 وكشف الغمة ج1 ص221 وبناء المقالة الفاطمية لابن طاووس ص162.
([375]) الإرشاد للمفيد ص141 و 142 والمواهب اللدنية ج1 ص164 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج2 ص30 وفي البحار ج21 ص156 وج38 ص220 وج41 ص94 ومجمع البيان ج5 ص18 و 19 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص35 وكشف الغمة ج1 ص221 وأعيان الشيعة ج1 ص280 وج3 ص522 وتفسير الميزان ج9 ص231 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص98 وتفسير البحر المحيط ج5 ص26 وروح المعاني ج10 ص74 وتفسير الآلوسي ج10 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص348 و 349 وفي المعارف لابن قتيبة ص164 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص180 وأسد الغابة ج1 ص161 والوافي بالوفيات ج10ص20: سبعة، بدل: تسعة. وثامننا، بدل: وعاشرنا.
([376]) أي في قوله تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى المُؤْمِنِينَ}.
([377]) البحار ج49 ص199 وعيون أخبار الرضا ج2 ص193.
([378]) المعارف لابن قتيبة ص164. وعنه في البحار ج38 ص220 ومناقب آل أبي طالب (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص330 وأعيان الشيعة ج1 ص279.
([379]) تفسير القمي ج1 ص287 والبحار ج21 ص150 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص106 وشجرة طوبى ج2 ص308 والتفسير الصافي ج2 ص331 وتفسير نور الثقلين ج2 ص200.
([380]) البحار ج21 ص178 و 179 والأمالي للشيخ الطوسي ص575 والأمالي لابن الشيخ الطوسي ص585 وشجرة طوبى ج2 ص328 وإمتاع الأسماع ج2 ص14 و 15 وشح إحقاق الحق ج8 ص473.
([381]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص62 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج1 ص254.
([382]) راجع المصادر المتقدمة.
([383]) مجمع البيان ج5 ص17 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص32 وراجع: البحار ج21 ص147 .
([384]) التفسير الكبير للرازي ج16 ص22 والكشاف ج2 ص259 والمواهب اللدنية ج1 ص163 عن البخاري في الصحيح، وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص39.
([385]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص624 وراجع ص623 عن البخاري وبقية الجماعة إلا النسائي. والمغازي للواقدي ج3 ص908 وصحيح البخاري (ط دار ابن كثير) ج4 ص1570 و (ط دار الفكر) ج5 ص101 وعمدة القاري ج17= = ص300 و 302 والسيرة الحلبية ج3 ص65 وفتح الباري ج8 ص29 والبداية والنهاية ج4 ص329 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص92 وعون المعبود ج7 ص275 والمنتخب من الصحاح الستة لمحمد حياة الأنصاري ص111 وشرح الزرقاني على الموطأ ج3 ص28.
([386]) البحار ج27 ص323.
([387]) إعلام الورى ص121 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص230 والبحار ج21 ص166 وقصص الأنبياء للراوندي ص347 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص181 وشجرة طوبى ج2 ص309 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص182.
([388]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص348 عن النووي، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص108 و (ط دار المعرفة) ص65 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص110 وتاريخ الخميس ج2 ص102 وعمدة القاري ج14 ص157 وفتح الباري (ط دار المعرفة ـ الطبعة الثانية) ج8 ص23 وتحقيق محب الدين الخطيب ج8 ص30.
([389]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص248 و 225 عن أحمد، وابن أبي شيبة، والحاكم، وابن مردويه، والبيهقي. وفي هامشه عن: ابن أبي شيبة ج14 ص530 و 531 وعن أحمد ج3 ص190 و 279 وج5 ص286 وابن سعد ج2 ق1 ص113 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص141 والسنن الكبرى ج6 ص206 وعن الدولابي في الكنز ج1 ص42 وراجع: الدر المنثور ج3 ص224 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص555 وكنز العمال ج10 ص552 والبداية والنهاية ج4 ص374 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص620.
([390]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص226 وفي هامشه عن: الدر المنثور ج3 ص225.
([391]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص66 وج5 ص328 عن ابن مردويه، والبيهقي، وابن عساكر، وراجع: إعلام الورى ص122 والبحار ج21 ص167 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص111 والسيرة الحلبية ج3 ص109 و 114 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص62 و 63 وراجع: مجمع الزوائد 6 ص183 والمعجم الكبير للطبراني ج7 ص298 وكنز العمال ج10 ص545 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص359 والإكليل للكرباسي ص547 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص254 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص583 و 584 والبداية والنهاية ج4 ص381 وإمتاع الأسماع ج14 ص17 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص632 وأخبار مكة للفاكهي ج5 ص94 ومعجم الصحابة ج1 ص335 ودلائل النبوة للإصبهاني ج1 ص49 و 228 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص146 والخصائص الكبرى ج1 ص447.
([392]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص326 عن البخاري، ومسلم، والبيهقي، وأشار في هامشه إلى: مسلم ج3 ص1402 (81)، والبيهقي في الدلائل ج5 ص140 و 141 وإلى الدر المنثور ج3 ص221. وإعلام الورى ص122 والبحار ج21 ص150 و 167 والمغازي للواقدي ج3 ص904 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص624 وراجع ص623 عن البخاري، وبقية الجماعة، وتفسير القمي ج1 ص287 والسيرة الحلبية ج3 ص108 ومصادر أخرى تقدمت.
([393]) الآية 26 من سورة التوبة.
([394]) الآية 17 من سورة محمد.
([395]) الآية 5 من سورة الصف.
([396]) الآية 99 من سورة يونس.
([397]) الآية 29 من سورة الكهف.
([398]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص347 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص424 و 425 والبداية والنهاية ج4 ص394 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص913 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص651 .
([399]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص317 عن الواقدي، وتاريخ الخميس ج2 ص101 وراجع: تفسير البغوي ج2 ص278
([400]) راجع: تفسير القمي ج1 ص287 والبحار ج21 ص149 عنه، وشجرة طوبى ج2 ص307 والتفسير الأصفى ج1 ص459 وتفسير مجمع البيان ج5 ص34 والتفسير الصافي ج2 ص331 وتفسير نور الثقلين ج2 ص199 وتفسير الميزان ج9 ص231.
([401]) راجع على سبيل المثال: البحار ج21 ص150 وتفسير القمي ج1 ص287 وغير ذلك مما تقدم.
([402]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص331 عن الواقدي، والمغازي ج3 ص905 والآحاد والمثاني ج2 ص375 وراجع: المعجم الكبير ج1 ص284 وإمتاع الأسماع ج2 ص15 و 16 وجزء أبي الطاهر ج1 ص26 .
([403]) تذكرة الفقهاء (ط ج) ج9 ص63 و 65 وتذكرة الفقهاء (ط ق) ج1 ص412 ومنتهى المطلب (ط ق) ج2 ص908 و 911 و 912 والتحفة السنية (مخطوط) ص199 ورياض المسائل ج7 ص502 و 507 وجواهر الكلام ج21 ص66 و 73 والمغني لابن قدامه ج10 ص542 والشرح الكبير لابن قدامه ج10 ص399 والمحلى لابن حزم ج7 ص297 وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج1 ص308 ونيل الأوطار ج8 ص72 و 73 وفقه السنة ج2 ص641 والمحاسن للبرقي ج2 ص355 والكافي ج5 ص27 و 30 وتهذيب الأحكام ج6 ص138 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص58 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص43 والبحار ج19 ص177 وج97 ص25 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص117 و 148 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص32 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص345 وميزان الحكمة ج1 ص565 و 566 وسنن أبي داود ج1 ص588 وعمدة القاري ج14 ص261 وعـون المعبـود = = ج7 ص196 و 237 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص654 ومعرفة السنن والآثار ج7 ص31 والإستذكار لابن عبد البر ج5 ص32 و 33 والتمهيد لابن عبد البر ج24 ص233 ونصب الراية للزيلعي ج4 ص235 والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج2 ص116 وكنز العمال ج4 ص382 وفيض القدير ج2 ص76 وتفسير نور الثقلين ج2 ص188 والدر المنثور ج1 ص205 وتهذيب الكمال للمزي ج8 ص151 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص7 والسيرة الحلبية ج3 ص135.
([404]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص335 عن أحمد، وأبي داود، وفي هامشه عن أحمد ج3 ص488 و (ط دار صادر) ج4 ص178 وعن أبي داود في الجهاد ج2 ص50 وعن المعجم الكبير للطبراني ج5 ص70 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص11 ومعاني الآثار ج3 ص222 وسنن ابن ماجة (42 28) ومستدرك الحاكم ج2 ص122 وراجع: سبل السلام ج4 ص49 وفتح الباري ج6 ص103 والمصنف للصنعاني ج5 ص201 وج6 ص132 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص187 وصحيح ابن حبان ج11 ص112 والتمهيد لابن عبد البر ج16 ص141 وكنز العمال ج4 ص433 و 482 ولسان الميزان ج4 ص202 والنهاية في غريب الحديث ج2 ص157 ولسان العرب ج4 ص304 وج14 ص286 وتاج العروس ج6 ص436.
([405]) الآية 25 من سورة الشورى.
([406]) الآية 82 من سورة طه.
([407]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص332 عن ابن إسحاق، والبزار، وفي هامشه عن: مجمع الزوائد ج6 ص182.
([408]) الآية 8 من سورة فاطر.
([409]) الآية 6 من سورة الكهف.
([410]) البحار ج11 ص298 وج20 ص21 و 96 و 117 وج21 ص119 وج35 ص177 وشجرة طوبى ج2 ص204 وسنن النبي "صلى الله عليه وآله" للطباطبائي ص413 والخرائج والجرائح ج1 ص164 والتحفة السنية (مخطوط) ص52 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص166 واثنا عشر رسالة للمحقق الداماد ج8 ص26 وتأويل مختلف الحديث ص150 وتفسير مجمع البيان ج4 ص279 وتفسير الميزان ج6 ص60 وجامع البيان ج22 ص192 ومعاني القرآن ج5 ص487 وزاد المسير ج6 ص 268 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص575 والدر المنثور ج2 ص 298 وج3 ص 94 وتفسير الثعالبي ج2 = = ص104 وفتح القدير ج2 ص61 وتاريخ مدينة دمشق ج62 ص247 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص301 ص683 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص105 وإعلام الورى بأعلام الهدى ج1 ص179 وعصمة الأنبياء ص78 وعيون الأثر ج2 ص421 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص481 وج7 ص21 و 22 وقصص الأنبياء للجزائري ص83 .
([411]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص332 وإعلام الورى ص122 و 123 والبحار ج21 ص67 وعن البداية والنهاية ج4 ص378 وعن السيرة النبوية ج3 ص627 وتاريخ الخميس ج2 ص105 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والسيرة الحلبية ج3 ص114 وراجع المصادر المتقدمة.
([412]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص333 و 334 عن ابن إسحاق، والواقدي، وغيرهما. والمغازي للواقدي ج3 ص914 و 915 والسيرة الحلبية ج3 ص112 و (ط دار المعرفة) ص72 وتاريخ الخميس ج2 ص107 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص351 والإستيعاب ج2 ص491 وتاريخ مدينة دمشق ج17 ص237 و 238 و 242 والكامل في التاريخ ج2 ص264 والبدايـة والنهايـة ج4 ص386 وأعيـان الشيعـة ج1 = = ص280 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص640 وأسد الغابة ج2 ص167 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص589 والوافي بالوفيات ج14 ص9 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص901 والإكتفاء ج2 ص246 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص92 .
([413]) راجع: تاريخ مدينة دمشق ج56 ص486 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص334 والإكتفاء ج2 ص248 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص152 وعيون الأثر ج2 ص219 .
([414]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص63.
([415]) السيرة الحلبية ج3 ص112 و (ط دار المعرفة) ص72 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والإصابة ج2 ص464 و (ط دار الكتب العلمية) ص387.
([416]) السيرة الحلبية ج3 ص112 و (ط دار المعرفة) ص72 وتاريخ الخميس ج2 ص107 وراجع: والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والدرر لابن عبد البر ص227 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص902 وفتح الباري ج8 ص34 وعمدة القاري ج17 ص302 وأسد الغابة ج3 ص244 والإصابة ج4 ص21 .
([417]) تاريخ الخميس ج2 ص108 والمغازي للواقدي ج3 ص916 و 917 والإكتفاء ج2 ص248 والبداية والنهايةج4 ص385 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص904 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص638.
([418]) راجع: المغازي للواقدي ج3 ص908 و 906 وغير ذلك مما تقدم.
([419]) المغازي للواقدي ج3 ص914.
([420]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص63 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112.
([421]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص334 وفي هامشه عن المصادر التالية: عبد الرزاق (19904) وابن أبي عاصم ج2 ص638 وابن سعد ج5 ص380، وابن أبي شيبة ج12 ص173 والعقيلي في الضعفاء ج4 ص350 وراجع: ج2 ص350 والبداية والنهاية ج4 ص383 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص899 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص635.
([422]) السيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112.
([423]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص334 عن البيهقي، وراجع: المستدرك للحاكم ج2 ص121 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص582 والبداية والنهاية ج4 ص380 وإمتاع الأسماع ج5 ص70 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص630 والتاريخ الكبير ج7 ص19 ونعجيل المنفعة ج1 ص325 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص142.
([424]) الإرشاد ج1 ص142 ـ 144 والبحار ج41 ص94 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص604 ـ 606.
([425]) البحار ج21 ص181 ومجمع البيان ج5 ص18 ـ 20.
([426]) تاريخ الخميس ج2 ص106 عن الإكتفاء، وراجع المصادر المتقدمة.
([427]) تاريخ اليعقوب ج2 ص63.
([428]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص335 عن أحمد وأبي داود، وراجع المصادر المتقدمة.
([429]) تاريخ الخميس ج2 ص106 والنص والإجتهاد ص324 وبغية الباحث ص207 والبداية والنهاية ج4 ص385 وإمتاع الأسماع ج2 ص18 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص905 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص638 والمطالب العالية ج9 ص456.
([430]) البحار ج19 ص177 والكافي ج5 ص27 ومصادر أخرى تقدمت عن قريب.
([431]) تاريخ الخميس ج2 ص106 وراجع المصادر المتقدمة.
([432]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص334 عن الواقدي، والمعجم الأوسط ج3 ص357 وإمتاع الأسماع ج13 ص344 والمتواري على أبواب البخاري لابن المنير الإسكندري ج1 ص180 ومصادر أخرى كثيرة.
([433]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص334 و 335 عن عبد الرزاق، وابن عساكر، وفي هامشه عن: مسند أحمد ج4 ص88 و 350 و 351 والحميدي ص897 وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص140.
وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص114 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص251 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص320 وج9 ص103 والمصنف لابن ابي شيبة ج8 ص542 وتاريخ مدينة دمشق ج68 ص50 والمستدرك للحاكم ج4 ص375 والمجموع للنووي ج19 ص339 وسنن أبي داود ج2 ص362 وشرح معاني الآثار ج3 ص156 وسنن الدارقطني ج3 ص112 وكنز العمال ج5 ص492 والجامع لأحكام القرآن ج12 ص165 والأحكام لابن حزم ج7 ص1014.
([434]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص335 وج10 ص25 والسيرة الحلبية ج3 ص114 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 ومسند أحمد ج4 ص351 والمصنف للصنعاني ج5 ص381 .
([435]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص335 عن الحاكم، وأبي نعيم، وابن عساكر، وتاريخ الخميس ج2 ص106 والسيرة النبوية لدحلان (ط دار المعرفة) ج2 ص112 والسيرة الحلبية ج3 ص114 والخصائص الكبرى ج1 ص450 والأحاديث المختارة ج8 ص238 والآحاد والمثاني ج2 ص329 والمعجم الكبير ج18 ص20 ومسند الروياني ج2 ص33 ومجمع الزوائد ج9 ص412.
([436]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص329 و 330 عن البزار.
([437]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص338 و 339 وعن مجمع الزوائد ج6 ص189 عن البزار، والطبراني في الكبير والأوسط، وإعلام الورى ص123 ومجمع البيان ج5 ص18 ـ 20 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص35 والبحار ج21 ص168 و 181 وتفسير الميزان ج9 ص232 وراجع: إمتاع الأسماع ج9 ص296 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص155 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص253 وأعيان الشيعة ج1 ص280 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص906.
([438]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص339 عن ابن إسحاق، وإمتاع الأسماع ج9 ص297 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص252 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص906 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص155.
([439]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص339 عن عبد الرزاق، والنكت على مقدمة ابن الصلاح ج1 ص298 وكنز العمال ج10 ص245 و (ط مؤسسة الرسالة) ص547 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص460 وإمتاع الأسماع ج2 ص21 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص76.
([440]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص339 والبحار ج21 ص181 ومجمع البيان ج5 ص18 و 19 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص35 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص76 والبحار ج21 ص181 وتفسير الميزان ج9 ص232 وإمتاع الأسماع ج9 ص296.
([441]) الآية 26 من سورة التوبة.
([442]) الآيتان 5 و 6 من سورة القصص.
([443]) الآية 67من سورة المائدة.
([444]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص347 و 348.
([445]) الآية 16 من سورة الأنفال.
([446]) الآيتان 5 و 6 من سورة القصص.
([447]) المقصود: جبر النقص الوارد عليهم.
([448]) الآية 67من سورة المائدة.
([449]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن عبيد، وعمدة القاري ج18 ص196 والغدير ج1 ص227 وج6 ص256 والإتقان في علوم القرآن للسيوطي ج1 ص60 وشرح إحقاق الحق ج3 ص335 وفتح القدير ج2 ص3 والبحار ج37 ص248.
([450]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن جرير، وجامع البيان ج6 ص112 ومجمع البيان ج3 ص274 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص155 والتبيان ج3 ص426.
([451]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر في الصلاة، والطبراني، والبيهقي في شعب الإيمان ودلائل النبوة، وابن أبي شيبة في مسنده، وأبي نعيم في دلائل النبوة، والبغوي في معجمه، وابن مردويه، وأبي عبيد عن أم عمرو بن عميس، عن عمها. وعن عبد الله بن عمر، وعن أسماء بنت يزيد، ومحمد بن كعب القرظي، والربيع بن أنس، وراجع: كشف اللثام (ط ج) ج7 ص78 والجواهر ج30 ص31 و 32 والبحار ج18 ص271 وج89 ص274 والغدير ج6 ص256 وج8 ص193 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص484 و 485 وج9 ص504 وفتح الباري ج5 ص309 و 310 وتفسير العياشي ج1 ص288 وتفسير مجمع البيان ج3 ص257 والتفسير الأصفى ج1 ص308 والتفسير الصافي ج2 ص104 وتفسير نور الثقلين ج1 ص582 وج5 ص448 والبيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص341 وتفسير الميزان ج20 ص72 والبرهان للزركشي ج1 ص194 والصراط المستقيم ج3 ص284 وعوالي اللآلي ج2 ص6 و 95 والفتح السماوي للمناوي ج2 ص552 وراجع: تفسير الثعلبي ج4 ص5 والجامع لأحكام القـرآن ج3 ص68 وج6 ص31 = = وأضواء البيان للشنقطي ج5 ص254 وأحكام القرآن للجصاص ج4 ص161 و (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص615 والكشاف ج1 ص637 والبحار ج77 ص253 وتحفة الأحوذي ج8 ص326 وعون المعبود ج10 ص15 وتخريج الأحاديث والآثار ج1 ص377 .