الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج14
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب السادس:
زواج زينب وأحداث أخرى بعد المريسيع
الفصل الأول: متفرقات في السنة الخامسة
الفصل الثاني: زينب بنت جحش في بيت الرسول '
الفصل الثالث: اكاذيب وأباطيل في حديث الزواج
الفصل الرابع: الحجاب في حديث الزواج
الفصل الخامس: استطرادات على هامش حديث الزواج
الفصل الأول:
متفرقات في السنة الخامسة
النبي ' يعلم الغيب:
وبعد أن عالج النبي "صلى الله عليه وآله" ذيول قضية جهجاه، سار بالناس حتى نزل على ماء فويق النقيع، يقال لها: نقعاء. (وعلى حد تعبير البيهقي: لما نزل صنعاء، من طريق عمان سرح الناس أنعامهم الخ..) فهاجت ريح شديدة آذتهم، وتخوفوها. وضلت ناقة النبي "صلى الله عليه وآله" القصوى، وكان ذلك ليلاً. فقال النبي "صلى الله عليه وآله": لا تخافوا إنما هبت لموت عظيم من عظماء الكفار توفي بالمدينة.
قيل: من هو؟.
قال: رفاعة بن زيد بن التابوت.
قال أبو نعيم البيهقي: "كان موته غائظاً للمنافقين، فسكنت الريح آخر النهار، فجمع الناس ظهرهم، وفقدت راحلة رسول الله "صلى الله عليه وآله". فسعى الرجال لها يلتمسونها".
فقال رجل من المنافقين، هو زيد بن اللصيت، أحد بني قينقاع: كيف يزعم أنه يعلم الغيب، ولا يعلم مكان ناقته؟! ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي؟!
(فأراد الذين سمعوا منه ذلك أن يقتلوه، فهرب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" متعوذاً به).
فأتى النبي "صلى الله عليه وآله" جبرئيل "عليه السلام"؛ فأخبره بقول المنافق ومكان ناقته؛ وأخبر بذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحابه (وذلك الرجل يسمع)، وقال: ما أزعم أني أعلم الغيب وما أعلمه، ولكن الله أخبرني بقول المنافق، ومكان ناقتي. هي في الشعب قد تعلق زمامها بشجرة.
فخرجوا يسعون قِبَلَ الشعب، فإذا هي كما قال. فجاؤوا بها. وآمن ذلك المنافق([1]).
فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد بن التابوت قد مات. وكان من عظماء اليهود، وكهفاً للمنافقين.
وفي المنتقى: ذكر فقدان الناقة في السنة التاسعة من الهجرة، حين توجه النبي "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك، وهبوب الريح بتبوك([2]).
ونقول: إننا نشير هنا إلى الأمور التالية:
1 ـ إن هبوب الريح غير العادية، وإخبار النبي "صلى الله عليه وآله" لناس بأن سبب هذه الريح هو موت عظيم من عظماء الكفار في المدينة. قد جـاء بعد تسجيل نصر حاسم للمسلمين على بني المصطلق، ولعـل هذا النصر قد ترك في نفوسهم بعض الآثار التي يريد الله أن يزيلها. رحمة منه تعالى بالمؤمنين، وتثبيتاً لهم، وتزكية لنفوسهم، وتصفية لأرواحهم من أدران الغرور، حين يظنون أنهم هم الذين صنعوا هذا النصر، بما يملكون من شجاعة، وإقدام وبسالة، وبما أتقنوه من فنون حربية، وبحسن سياستهم، وسلامة تدبيرهم.
فأراد الله سبحانه أن يوجه أنظارهم نحو الغيب، لكي تخشع قلوبهم، وتخضع نفوسهم أمام عظمته سبحانه؛ ليؤكد لديهم الشعور بالرعاية الإلهية، وبالتوفيقات الربانية.
فربط الأمور بالغيب ضروري لهم، في حالات قوتهم، كضرورته لهم في حال ضعفهم، وهو لازم لهم حين يسجلون النصر الحاسم، كما هو لازم لهم حين يواجهون المشكلات الكبرى، ويمسهم القرح والأذى.
2 ـ إننا نلاحظ: أن هذا الإخبار الغيبي لهم بموت عظيم من عظماء الكفار في المدينة، إنما أطلقه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بعد أن أثار الله تعالى فيهم قدراً من الضعف، أو الخوف والاضطراب أمام أمر لا يجدون لهم حيلة فيه، أو طريقاً لتلافيه. وذلك حين هبت ريح شديدة آذتهم، وتخوفوها.. فجاء هذا الخبر ليربط على قلوبهم، وليكون أبعد أثراً في نفوسهم، ولكي يبقى محفوراً في ذاكرتهم، ماثلاً أمام أعينهم، لا يحتاجون في تذكره عند الحاجة إليه إلى بذل أي جهد أو عناء.. وهو خبر مفرح لهم من جهة، ومطمئن لهم إلى أنهم في رعاية الله تعالى، وتحت جناح رسول الله "صلى الله عليه وآله" من جهة أخرى..
كما أن ذلك من شأنه أن يؤكد على علاقتهم بالرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله"، ويزيد من ثقتهم بحسن تدبيره، وبصحة كل قراراته، لأنه متصل بالغيب، ومرعي بعين الله تبارك وتعالى.
3 ـ أما فيما يرتبط بناقته "صلى الله عليه وآله".. فإن الرواية قد صرحت: بأن الله تعالى قد تدخل لفضح نوايا زيد بن اللصيت، ومن هم على شاكلته، وأبطل كيدهم في الانتقاص من مقام النبوة الأقدس، والتشكيك بعلمه الغيب قد جاء في هذا السياق..
ولكن الأهم من ذلك: هو ظهور حرص رسول الله "صلى الله عليه وآله" على تحصين الناس من الخلل في عقائدهم، حين صرح بما يدل على أن علمه بالغيب لم يكن من خلال ذاته، وإنما بالإستناد إلى الله تعالى، والاتصال به، فقال "صلى الله عليه وآله": ما أزعم أني أعلم الغيب ولا أعلمه، ولكن الله أخبرني بقول المنافق الخ..
سباق الخيل:
وفي السنة الخامسة أيضاً: أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالسبق بين ما ضمِّر من الخيل، وما لم يضمَّر([3]).
(وعن ابن عمر: أجرى "صلى الله عليه وآله" ما ضمِّر من الخيل) فأرسلها من الحَفْيا ـ بفتح الحاء وسكون الفاء ـ إلى ثنية الوداع. وهو خمسة أميال، أو ستة، أو سبعة.
وأجرى ما لم يضمَّر، فأرسلها من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، وهو ميل أو نحوه. قال ابن عمر: فوثب بي فرسي جداراً([4]).
وذكر مغلطاي: أنه "صلى الله عليه وآله" في سنة أربع سابق بين الخيل. وقيل: في سنة ست، وجعل بينها سبقاً ومحللاً([5]).
وسابق أبو سعيد الساعدي([6]) على فرس النبي "صلى الله عليه وآله" الذي يقال له: "الظرب"؛ فسبقت غيرها من الخيل. وكساه النبي "صلى الله عليه وآله" برداً يمانياً([7])، بقيت بقية عند أحفاده إلى زمان الواقدي..
وسبق أيضاً أبو أسيد الساعدي على فرس النبي "صلى الله عليه وآله"، اسمه "لزاز"، فأعطاه النبي "صلى الله عليه وآله" حلة يمانية([8]).
وسابق "صلى الله عليه وآله" بين الخيل مرة، وجلس على سلع، فسبقت له ثلاثة أفراس: "لزاز"، ثم "الظرب"، ثم "السكب"([9]).
سباق الإبل أيضاً:
وقالوا: في هذه الغزوة أيضاً: "أوقع "صلى الله عليه وآله" السباق بين الإبل، فسابق بلال (رض) على ناقته القصواء، فسبقت غيرها من الإبل"([10]).
وعن أنس: كان للنبي "صلى الله عليه وآله" ناقة تسمى العضباء، لا تسبق، أو لا تكاد تسبق، فجاء أعرابي على قعود، فسبقها، فشق ذلك على المسلمين، حتى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه([11]).
ونقول:
1 ـ إن هذا كله يدخل في نطاق التدريب العسكري، ورفع مستوى الخبرة الحربية لدى المقاتلين، لأن الإسلام لا يريد لأهله أن يكونوا ضعفاء، بل يريد أن يكونوا دائماً على أهبة الاستعداد للدفاع عن النفس، وعن الدين، وأهل الدين.
غير أن ما يثير الانتباه هنا، أمران:
أحدهما: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يستثني نفسه من هذا الإعداد والاستعداد، بل هو يشارك في إعداد وسائل الحرب، ويجري فرسه مع أفراس غيره، ويأتي فرسه في المقدمة. مما يعني: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أعده أفضل إعداد.
الثاني: أن أعظم رجل بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فضلاً، وعلماً، وجهاداً، هو علي سيد الوصيين، وأمير المؤمنين، هو الذي كان يتولى أمر التدريب على الرمي في المدينة.
وهذا معناه: أن القيادة المسؤولة لا تكتفي بإصدار الأوامر والنواهي للآخرين، ثم تكون في موقع المتفرج الذي يطلب من الآخرين أن يحموه وأن يضحوا بأرواحهم من أجله. بل تكون في موقع الممارسة جنباً إلى جنب مع كل العاملين والمجاهدين.
كما أن مشاركته "صلى الله عليه وآله" ليست مشاركة عادية، بل هي مشاركة قيادية، وعلى أتم وجه، وفي أفضل حالة، بل هي تصل إلى حد أن يكون القمة والقدوة والمعلم فيما يطلب من الآخرين أن يتعلموه، وأن يحسنوه، ثم يكون ما أعده هو الأمثل والأفضل، ولا يرضى بالمساواة مع ما أعده غيره.
2 ـ إن هذه المسابقات ربما تكون لإعداد آلة الحرب، وهي الخيل والإبل التي يراد رفع مستوى تحملها، ويراد اكتشاف الصالح والأصلح منها، ليمكن الاستفادة منها في المواقع المناسبة في الظروف الحساسة..
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" لا يكتفي بإجراء السباق بين ما ضمِّر من الخيل. بل هو يسابق أيضاً بين ما لم يضمَّر، ثم هو يجعل له ميداناً ومدى أقصر من مدى الخيل المضمَّرة، آخذاً بنظر الاعتبار أيضاً قدرات ذلك النوع من الخيل.
ولعل ذلك يعود: إلى أن الخيل غير المضمَّرة أيضاً لها دورها في تسيير الأمور في حالات الحرب، وفي تسريع التنقلات، وإمداد المقاتلين في الجبهات بما يحتاجون إليه من مؤن وعتاد، وغير ذلك..
كما أنه لا بد للقائد الحكيم والمدبر من أن يحتاط للأمر، إذ ربما يحتاج في حالات معينة إلى الاستفادة من هذه الخيل حتى في ساحات القتال..
4 ـ وهكذا يقال بالنسبة للسباق بين الإبل، فإنها كانت هي الوسيلة الأفضل للتنقل في المسافات البعيدة، وقطع البوادي الشاسعة، في بلاد تقل فيها الينابيع، ويشتد فيها الحر، وتمس الحاجة فيها إلى الإبل القادرة على قطع تلك المسافات، وعلى تحمل العطش أياماً في تلك الأجواء الحارة.
5 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد جعل للفائزين في السباق جوائز تشجعهم على تحسين الأداء في المستقبل، لتكون هذه الجوائز شارة عز على صدورهم من جهة، وحافزاً لغيرهم ليحسن الإعداد والاستعداد للمرات اللاحقة من جهة أخرى.. ولتكون بمثابة معونة للفائزين، الذين قد يكونون بحاجة إلى أمثالها، من جهة ثالثة.
6 ـ أما ما ذكرته بعض الروايات، من أن أعرابياً سبق على قعوده ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" المسماة بـ "العضباء"، فشق ذلك على المسلمين وعلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فإننا لا نكاد نفقه له معنى مقبولاً، لأنه إذا كان سبب انزعاج المسلمين ورسول الله "صلى الله عليه وآله" هو كون السابق أعرابياً، فإن أعرابيته لا تلغي حقه، ولا تسقط كرامته عند الله، ولا توجب حرمانه من الامتيازات التي يستحقها.
وإن كان السبب هو انتساب العضباء إلى الرسول "صلى الله عليه وآله"، فإن ذلك يثير علامة استفهام حول صدقية سبق أفراس، وإبل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأن الناس ما كانوا يرضون بأن تسبق، بل إنهم كانوا يعلمون: أن ذلك يزعج الرسول "صلى الله عليه وآله"، وهذا يجعلهم يترددون في التقدم على أفراسه، وإبله "صلى الله عليه وآله"..
ولا مجال لقبول الزعم: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يعتبر المسألة مسألة شخصية بالنسبة إليه، بحيث يكون سبق الأعرابي على قعوده لناقته حطاً من مقامه، وإنقاصاً من قدره.
فإن ذلك ليس فقط يعد طعناً في النبوة، بل هو طعن في توازن شخصيته، وسلامة تفكيره "صلى الله عليه وآله"..
7 ـ ويجوز لنا أن نحتمل: أنه قد كان هناك تعمد للتقليل من شأن العضباء، واعتبارها قد انحط مقامها، ووضع ما ارتفع منها. وبيان أن هذه الناقة التي كانت قوتها مصدر اعتزاز للمسلمين، ولم يكن لها منافس، قد وجد ما تفوَّق عليها من إعرابي عابر.
ونحن وإن كنا لا نملك شيئاً يفيد في تأييد هذا الاحتمال، ولكننا نتجرأ على إطلاقه في ساحات التداول لأننا نعرف أن ثمة كرهاً عميقاً لأهل البيت "عليهم السلام" وكل ما له أدنى ارتباط بهم، وأقل انتساب إليهم.
ولهذه الناقة التي يتحدثون عنها خصوصية تثير ذلك الحقد الدفين، وتدعوهم إلى الحط من قدرها، وإثارة ما يوجب الاستخفاف في أمرها.
وهذه الخصوصية هي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال للعضباء عند وفاته: أنت لابنتي فاطمة "عليها السلام" تركبك في الدنيا والآخرة.
فلما قبض أتت إلى فاطمة "عليها السلام" ليلاً، فقالت: السلام عليك يا بنت رسول الله قد حان فراقي الدنيا الخ.."([12]).
سقوطه ' عن الفرس ونسخ حكم شرعي:
قالوا: وفي شهر ربيع الأول، أو في ذي الحجة من سنة خمس سقط رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن فرسه، فجحشت([13]) ساقه، أو كتفه، وجرحت فخذه اليمنى. ولما رجع إلى المدينة أقام في البيت خمساً (أياماً) يصلي قاعداً([14]).
وحسب نص آخر: جحش فخذه الأيمن.
وفي الصحيحين: جحش شقه الأيمن.
وفي غيره: انفكت قدمه([15]).
وفي رواية: أن الأصحاب كانوا يقتدون به قياماً، فأمرهم بالجلوس، وقال: إنما جعل الإمام إماماً ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا جلس فاجلسوا.
قال الدياربكري: "لكن عند أكثر العلماء هذا الحديث منسوخ؛ لأنه صح أن النبي "صلى الله عليه وآله" صلى في مرض موته جالساً، والأصحاب اقتدوا به قياماً، والنبي "صلى الله عليه وآله" قرره"([16]).
قال الأشخر اليمني: إنه "صلى الله عليه وآله" "كان يصلي بالناس جالساً، وأبو بكر والناس يصلون خلفه قياماً، كما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة.
هذا هو الصواب، أنه "صلى الله عليه وآله" كان هو الإمام، كما هو صريح الحديث الذي سقته، وهو لفظ مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة بإسناده عن عائشة الخ.."([17]).
ونقول:
إننا نشك في صحة هذا الحديث بلحاظ شكنا ببعض خصوصياته:
فأولاً: إننا لا نجد مبرراً لسقوطه "صلى الله عليه وآله" عن ظهر فرسه، إلا إذا فرض أنه يعاني من ضعف جسدي، نتيجة مرض مَّا، أو أن سقوطه بسبب أن الفرس جموح، وكلاهما لا شيء في الروايات يشير إليه، أو يدل عليه.
وليس لنا أن نحتمل: أن يكون "صلى الله عليه وآله" لا يحسن ركوب الفرس، ولا بالتماسك فوق ظهره، فإن ذلك من النقص الذي لا يصح نسبته إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولا سيما بعد أن قضى سنوات، يمارس فيها الحروب ضد أعدائه. وكان "صلى الله عليه وآله" يركب الفرس فيها، ويكون هو الأقرب إلى العدو من كل أحد.. مع تعرض الفرس أثناء الحرب لكثير من المحفزات للحركة، وربما تنالها بعض الطعنات، ويلحق بها بعض الجراح أيضاً.
ثانياً: إن الروايات تقول: إنه قد جحشت ساقه، أو فخذه، أو شقه الأيمن، فمع الاقتصار على خصوص ما ورد في هذا النص باعتباره هو المعتمد، والأكثر شيوعاً.
ونقول:
معنى كلمة "جحشت: تقشر جلدها" ومن الواضح: أن تقشر الجلد لا يوجب العجز عن القيام في الصلاة.. فما معنى قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" كان يصلي قاعداً.. وهو ـ على الأقل ـ يقدر على التكبير والقراءة من قيام، ومع القدرة على ذلك، فإن الصلاة من جلوس لا تجزي.
ثالثاً: دعواهم نسخ ذلك بما جرى في آخر حياته "صلى الله عليه وآله".. حيث صلى الناس حينئذٍ قياماً، خلفه، وهو جالس، فقررهم "صلى الله عليه وآله" على ذلك.
إن هذه الدعوى: غير ظاهرة الوجه، إذ لم نجد ما يدل على أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمرهم بالقيام، فإن كانوا قد بادروا هم إلى القيام خلفه وهو جالس، من دون أن يأمرهم بذلك، فقررهم على فعلهم.
فالسؤال هو: لماذا وقف الصحابة خلفه، مع أنه "صلى الله عليه وآله" كان قد أمرهم في حادثة وقوعه عن الفرس بأن يصلوا من جلوس، إذا كان الإمام يصلي جالساً. بل كان عليهم أن يبادروا إلى الجلوس، التزاماً بما كان قد علمهم إياه. فلماذا انعكس الأمر؟!
رابعاً: إن دعوى النسخ لا مجال لقبولها، لأنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" حين أمر الناس بالجلوس في صلاتهم خلفه قد علل ذلك بقوله: "إنما جعل الإمام إماماً ليؤتم به، فإذا ركع فاركعوا الخ.."([18]).
فهذا التعليل يمنع من النسخ؛ إذ إن كانت العلة للجلوس هي أن الإمام قد جعل إماماً في جميع الأحوال، فمن الواضح: أنه لم يطرأ شيء يوجب زوال هذه العلة، بل هي لا تزال باقية على حالها، فلا مبرر لادِّعاء النسخ مع بقاء علة ثبوت الحكم.
خامساً: إن ظاهر الرواية التي ذكرت هذا التعليل هو: أنها تريد بيان لزوم متـابعة الإمـام في أفعـاله الصلاتية، فإذا ركع ركعوا، وإذا جلـس جلسوا. وإذا قام قاموا ـ من حيث إن هذه هي أفعال الصلاة ـ.
وليس المقصود: أنه إذا طرأ على الإمام ما يمنعه من القيام، فإن حكمهم يصير هو عدم القيام، إذ لا يصح القول: إذا صلى راكعاً صلوا معه راكعين، وإذا صلى ساجداً أو نائماً فعليهم أن يصلوا نائمين أو ساجدين، وإذا صلى بالإيماء صلوا بالإيماء!! فإنه ليس هناك صلاة على هذه الصفة ولا تلك.
وهذا يعطينا: أن عبارة: "وإذا صلى قاعداً، فصلوا قعوداً أجمعون" مقحمة في هذه الرواية، أو محرفة عن قوله: "وإذا قعد فاقعدوا".
الصحيح في قضية الصلاة:
والصحيح في هذه القضية: هو ما روي عن أبي جعفر "عليه السلام": من أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلى بأصحابه جالساً، فلما فرغ قال: "لا يؤمّن أحدكم بعدي جالساً"([19]).
فيكون جواز اقتداء القائم بالجالس من خصائص رسول الله "صلى الله عليه وآله"([20]).
بركات وفوائد:
وقد كان من بركات هذه الخصوصية: أنها قد فضحت من حاول التعدي على مقام ليس له، والتصدي لما لم يؤذن له به، بهدف التوصل إلى تبرير اغتصاب أعظم مقام بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأعني به مقام الإمامة.
الصحيح في قضية السقوط عن الفرس:
أما حديث سقوطه "صلى الله عليه وآله" عن فرسه فلعل له أصلاً أيضاً، إذا كانوا قد تعمدوا التعتيم على بعض التفاصيل وتجاهلها، مثل أن يكون بعض المنافقين قد نفَّروا به فرسه، حتى وقع عن ظهره، تماماً كما حاولوا قتله بتنفير ناقته به "صلى الله عليه وآله". وذلك أشهر من أن يذكر.
ولعل حساسيتهم تجاه هذا الأمر، هي التي منعت الإمام الصادق "عليه السلام" من ذكر التفاصيل أيضاً، رغم أنه قد صرح به، فقد روي عنه "عليه السلام" قوله:
كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقع عن فرس، فسحج (أي قشر) شقه الأيمن، فصلى بهم جالساً في غرفة أم إبراهيم([21]).
الزلزال في المدينة:
وزعموا: أنه في سنة خمس من الهجرة زلزلت المدينة، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن الله عز وجل يستعتبكم فأعتبوه([22]).
ونقول:
إن الله تعالى يقول: ?وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ..?([23]). والناس يخافون من الزلزلة، ويرون أنها مصيبة، بل هم يرون أنها عذاب لهم.
وهم لا يشعرون بالأمن إذا كانت الزلازل تهددهم، مع أن الأحاديث الشريفة قد صرحت: بأن الأئمة "عليهم السلام" أمان لأهل الأرض، كما أن النجوم أمان لأهل السماء([24]).
ولسوف يتعاظم شعورهم بالسكينة وبالأمن من الزلازل والصواعق، حين يكون الرسول "صلى الله عليه وآله" بين ظهرانيهم.
فحدوث الزلزال والحال هذه سوف يزعزع يقينهم هذا، وسيصيبهم بخيبة أمل، وربما بصدمة عنيفة. وسيثير في أنفسهم الريبة والشك في صحة ما يرونه ويشاهدونه، والله أكرم عليهم، وأرحم بهم، من أن يعرِّضهم لهذا الامتحان الصعب.
ولعل مما يشير إلى ما ذكرناه: ما روي عن أمير المؤمنين "عليه السلام"، قال: إن إبراهيم مرَّ ببانقيا([25])، فكان يزلزل بها، فبات بها، فأصبح القوم ولم يزلزل بهم.
فقالوا: ما هذا؟ وليس حدث!
قالوا: ههنا شيخ ومعه غلام له.
قال: فأتوه، فقالوا له: يا هذا، إنه كان يزلزل بنا كل ليلة، ولم يزلزل بنا هذه الليلة، فبت عندنا، فبات ولم يزلزل بهم..
ثم تذكر الرواية: أنه اشترى منهم منطقة النجف([26]).
فحضور إبراهيم "عليه السلام" في بلدهم قد منع الزلزال عنهم، فكيف لا يمنع حضور النبي "صلى الله عليه وآله" الزلزال عن أهل المدينة؟!
إلا إذا فرض وجود مصلحة في إحداث هذا الزلزال، كما أشير إليه في بعض الروايات، ففي توحيد المفضل، قال: إن الزلزلة وما أشبهها، موعظة، وترهيب، يرهب بها الناس ليرعووا وينزعوا عن المعاصي([27]).
وكذا الحال لو أريد إظهار آية أو مقام للإمام "عليه السلام"([28]).
النهي عن ادِّخار لحوم الأضاحي:
وفي السنة الخامسة أيضاً: دفَّت دافَّة العرب، أي اجتمعت جموعها وقدموا المدينة، فنهى النبي "صلى الله عليه وآله" عن ادِّخار لحوم الأضاحي، فوق ثلاث، ثم رخص لهم في الادِّخار ما بدا لهم([29]).
والظاهر: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد بهذا الإجراء توفير الطعام للعرب الذين اجتمعوا في المدينة، لأن ادِّخار لحوم الأضاحي سوف يقلل من كميات اللحوم التي تعرض في السوق، فإذا كان هناك ازدياد في عدد الناس الذين يحتاجون إلى الغذاء، وكان هناك نقص في كميات اللحوم المعروضة فإن ذلك سيوقع الناس في حرج وإرباك، أو يتسبب في غلاء بعض السلع الأخرى المتداولة. فنهى النبي "صلى الله عليه وآله" الناس عن ادِّخار اللحوم، وألزمهم بعرضها، من أجل تلبية حاجات الناس إليها.
وهذا هو أحد الموارد التي ينشئ الحاكم فيها أوامره التدبيرية، في أمور عامة، ويكون لهذه الأوامر تأثيرها على حق الناس في تصرف بعينه، فيحظر عليهم استعمال هذا الحق، رعاية لصالح المجتمع المسلم.
وبذلك يكون الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" قد وضع قانون حماية المستهلك من خلال إغراق السوق بالسلع، لكي لا تتسبب قلتها بارتفاع الأسعار والإجحاف بحقه.
فرض الحج:
قالوا: وفي السنة الخامسة نزلت فريضة الحج. لكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخَّره إلى السنة العاشرة، من غير مانع، فإنه خرج في ذي القعدة من السنة السابعة لقضاء العمرة ولم يحج، وفتح مكة في رمضان السنة الثامنة، ولم يحج. وبعث أبا بكر أميراً على الحاج في السنة التاسعة، وحج "صلى الله عليه وآله" في السنة العاشرة، وهي المعروفة بحجة الوداع.
وقالوا: اختلف في وقت فرض الحج، فقيل: قبل الهجرة، ووصفوا هذا القول بالغرابة، والمشهور بعدها.
وقيل: في الرابعة وقيل: سنة خمس. وكذا في المنتقى، وجزم به الرافعي في موضع، وقيل سنة ست، وصححه الرافعي أيضاً في موضع آخر، وكذا النووي، وهو قول الجمهور.
وقيل: في سبع، وقيل: في ثمان، وكذا في مناسك الكرماني أيضاً. ورجحه جماعة من العلماء.
وقيل: في تسع وصححه عياض.
وقيل: في العاشرة([30]).
واستدل القائلون: على فرض الحج في سنة ست: بأن قوله تعالى: ?وَأَتِمُّواْ الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ..? قد نزل في سنة ست..
وقد يناقش في هذا الدليل بأن قوله: ?وَأَتِمُّواْ..? يراد به الإكمال بعد الشروع، وليس المراد به ابتداء الفرض([31]).
وقد ذكر الحج في قصة ضـمام بن ثعلبة، وكـان قـدومـه ـ على قـول الواقدي ـ : سنة خمس([32]).
واستدل القائلون، على فرض الحج في سنة تسع: بأن فرضه قد جاء في أوائل سورة آل عمران، وصدر هذه السورة قد نزل في سنة تسع، وفيها قدم وفد نجران، وصالحهم على الجزية، والجزية نزلت عام تبوك في سنة تسع([33]).
ونقول:
1 ـ قد ذكرنا في بحث لنا حول آيات الغدير([34]): أن الله كان ينزل سورة كاملة، أو شطراً كبيراً من السورة دفعة واحدة إذا كانت من الطوال، ثم يبدأ نزول آياتها تدريجياً، كلما حدث ما يقتضي ذلك.
فلعل سورة آل عمران قد نزلت في أول الهجرة، وإن كانت المناسبات التي اقتضت إعادة إنزال بعض آياتها قد تأخرت إلى سنة تسع..
واستدل القائلون بأن الحج قد فرض قبل الهجرة بما يلي:
1 ـ عن ابن عباس: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حج قبل أن يهاجر ثلاث حجج([35]).
2 ـ عن ابن الأثير: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يحج كل سنة قبل أن يهاجر([36]).
3 ـ وعن الثوري: حج النبي "صلى الله عليه وآله" قبل أن يهاجر حججاً([37]).
4 ـ وقال ابن الجوزي: حج حججاً لا يعلم عددها([38]).
5 ـ وقال الحبر الطبري: حج "صلى الله عليه وآله" قبل الهجرة حجتين([39]).
6 ـ عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال: لم يحج النبي "صلى الله عليه وآله" بعد قدومه المدينة إلا واحدة، وقد حج بمكة حجات([40]).
7 ـ وعنه "عليه السلام": حج رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشر حجات، مستسراً في كلها([41]).
8 ـ عنه "عليه السلام": حج رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشرين حجة([42]).
9 ـ وعن عمر بن يزيد، عن أبي عبد الله "عليه السلام": أنه "صلى الله عليه وآله" قد حج عشرين حجة غير حجة الوداع([43]).
وهناك أقوال أخرى، فلتراجع في مظانها.
ولا منافاة بين روايات العشرة والعشرين، فإن العشرة التي استسر بها هي تلك التي كانت في المدينة.
10 ـ وقد يمكن تأييد ذلك: بأن الحج قد شرع في مكة بما روي عن أبي عبد الله "عليه السلام"، قال: العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع؛ لأن الله تعالى يقول: ?وَأَتِمُّواْ الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ..? وإنما نزلت العمرة بالمدينة([44]) ونحوه غيره([45]).
ملاحظات وتوضيحات:
ونحن نسجل هنا الملاحظات والتوضيحات التالية:
ألف: إن حج النبي "صلى الله عليه وآله" بعد الهجرة سراً قد يكون بالاحتجاب عن الناس بطريقة التدخل الإلهي الإعجازي، فإن الله سبحانه قادر على كل شيء.
ب: قد يقال: إن حج النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن لأجل أن الحج كان قد فرض، فلعله كان آنئذٍ على صفة الندب، أو لعله كان واجباً على رسول الله "صلى الله عليه وآله" دون غيره ثم وجب على الناس بعد ذلك.
ولكن الرواية الأخيرة تؤكد: أن الحج والعمرة كانا واجبين على الخلق كلهم.
وعلى كل حال: فإن أحداً لا يستطيع أن ينفي فرض الحج على الناس في مكة، فلعله قد شرع وأبلغه النبي "صلى الله عليه وآله" إلى من أسلم معه، وكانوا يحجون مع الناس، دون أن يظهر منهم ما يوجب الصدام معهم، لأن المشركين أيضاً كانوا يحجون، وإن كان في حجهم مخالفات وتحريفات..
وربما يكون المسلمون قد استعملوا التقية في هذا الأمر، إما في طريقة الأداء، أو بامتناعهم عن الحج، بسبب المخاطر التي تواجههم فيه.
وأما الحج بعد الهجرة، فحتى لو أن النبي "صلى الله عليه وآله" أبلغهم بوجوبه عليهم، فإنهم لم يكونوا قادرين على القيام به، بسبب الحروب القائمة بينهم وبين أهل مكة.. وقد استمر هذا الأمر إلى ما بعد الفتح، كما هو معلوم..
النبي ' يحيي الموتى:
وفي السنة الخامسة، أو في غيرها كانت قصة أولاد جابر.
فقد روي: أن جابراً دعا النبي "صلى الله عليه وآله" ذات يوم إلى القِرى، فأجابه "صلى الله عليه وآله". وجاء وجلس، ففرح جابر، وذبح له حَمَلاً ليشويه.
وكان لجابر ولدان صغيران، فطلب الكبير من الصغير أن يريه كيف ذبح أبوه الحَمَل، فأضجعه، وربط يديه، ورجليه، ثم ذبحه، وحزَّ رأسه، وجاء به إلى أمه. فدهشت، وبكت، فخاف الصبي، وهرب إلى السطح، فتبعته فرمى بنفسه عنه، فمات أيضاً.
فسكتت المرأة، وأدخلت ابنيها البيت، وغطتهما بمسح في ناحية من البيت. واشتغلت بطبخ الحَمَل، وكانت تخفي الحزن، وتظهر السرور، ولم تُعلم زوجها بالأمر.
فلما تم الطبخ، وقرب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" جاءه جبرئيل، وقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تأكل مع أولاد جابر.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك لجابر، فطلب جابر ابنيه. فقالت امرأته: إنهما ليسا بحاضرين.
فأخبر جابر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك، فقال: إن الله يأمرك بإحضارهما.
فرجع إلى امرأته فأخبرها، فبكت، وكشفت له الغطاء عنهما، فتحير جابر، وبكى، وأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بالأمر. فنزل جبرئيل، وقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تدعو لهما، ويقول: منك الدعاء، ومنا الإجابة والإحياء.
فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحييا بإذن الله([46]).
وفي مناسبة أخرى: ذبح جابر شاة، وطبخها، وثرد في جفنة، وأتى به رسول الله "صلى الله عليه وآله". فأكل القوم. وكان "صلى الله عليه وآله" يقول لهم: كلوا ولا تكسروا عظماً. ثم إنه "صلى الله عليه وآله" جمع العظام، ووضع يديه عليها، ثم تكلم بكلمات، فإذا الشاة قد قامت تنفض أذنيها([47]).
ونقول:
إن لنا مع هذه الروايات وقفات، هي التالية:
التقليد والمحاكاة:
إن ما ذكرته الرواية عن ذبح الولد لأخيه ليس أمراً محالاً، ولا غريباً. بل له نظائر عبر التاريخ وإلى يومنا هذا؛ فإن اتجاه الأطفال نحو التقليد والمحاكاة أمر معروف ومألوف للناس، ويرون مظاهره وشواهده في أطفالهم باستمرار.
ولكن تصرف أم الطفلين هو الذي يثير الدهشة حقاً، فكيف واجهت هذه الصدمة بمجرد البكاء، ثم لم تفقد وعيها، ولم تصرخ، ولم تولول، ليجتمع الناس إليها، ويسألوها عما جرى؟!
بل كيف أطاقت حمل طفليها إلى ناحية البيت؟!
وكيف استطاعت أن تقف على رجليها، وتصلح الطعام لرسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
ثم هي لم تخبر زوجها بما جرى؟! بل زادت على ذلك كله: أنها كانت تخفي الحزن، وتظهر السرور برسول الله "صلى الله عليه وآله".
قيمة الدعاء وآثاره:
إن اللافت هو: أن الله تعالى هو الذي أمر جبرئيل بأن يخبر الرسول "صلى الله عليه وآله" بأن عليه أن يدْعو للطفلين، وأن يطلب من الله إحياءهما، ويعده بالإجابة له..
ألا يدل ذلك على: أن الله عز وجل يريد أن يعرِّف الناس بمقام نبيه "صلى الله عليه وآله" عنده، ومحله لديه، وأن يربط على قلوبهم، ويزيد ثقتهم بالله سبحانه، وبالرسول وبالرسالة؟!
كما أنه يريد: أن يعرف الناس بضرورة أن يكون كل شيء حتى الدعاء بأذن من الله سبحانه وبرضاه.
يضاف إلى ذلك: تعريفهم بقيمة الدعاء، وبأنه داخل في سلسلة العلل للتأثير في الكائنات، حتى ما كان بمستوى إحياء الموتى، وليكن إرسال جبرئيل للنبي "صلى الله عليه وآله" ـ ليبلغه أمر الله تعالى له بالدعاء لهما ـ إعلام بهذه الحقيقة الخطيرة والهامة جداً.
التشكيك الخفي:
هذا.. وقد علق الدياربكري على حديث إحياء ولدي جابر بقوله: "كذا في شواهد النبوة، لكنها لم تشتهر اشتهاراً"([48]).
ونقول:
إنه يقصد: أن إحياء الموتى حدث عظيم، وهائل، من المفترض أن يطير خبره في كل اتجاه.. فإذا لم يحصل ذلك، كان هناك مبرر للتشكيك في صحة النقل.
غير أننا نقول: إن الآيات والمعجزات تارة تكون في مقام التحدي، ومن أجل إثبات النبوة للجاحدين والطغاة مثلاً.. فمن المفترض أن تظهر في الملأ العام، وأن يكون ثمة اهتمام بنشر أخبارها، والتعريف بآثارها..
وتارة يكون المقصود بها: تكريم عبد صالح، وتأكيد اليقين في قلبه، وبعث السكينة في نفسه، من دون أن يكون ثمة غرض من إشاعة أخبارها، بل قد تكون المصلحة في كتمانها، إذا كان نشرها يعطي الفرصة لأصحاب الأهواء للتشكيك بها، أو التسبب ببعض أشكال الحرج لمن يراد تكريمهم وإعزازهم، والحفاظ عليهم.
وهناك أقسام أخرى أشرنا إليها في كتابنا: رد الشمس لعلي "عليه السلام"، فيمكن الرجوع إليه.
لا تكسروا عظماً:
ونحن لا نشك في: أن الله تعالى يحيي الشاة بدعاء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، سواء أكسروا عظامها أم تركوها سالمة، ولكننا نحتمل أن يكون أمر النبي "صلى الله عليه وآله" للآكلين بأن لا يكسروا عظماً لسببين:
أحدهما: أن لا يغلو صغار العقول برسول الله "صلى الله عليه وآله"، بزعم أنه هو الله، استناداً إلى قوله تعالى: ?..قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ..?.
الثاني: التوطئة لإظهار هذه المعجزة، وتهيئتهم للاستفادة منها في تقوية إيمانهم إلى أقصى حد ممكن، وذلك حين يعرفون: أن القضية أكثر من مجرد كرامة أظهرها الله لنبيه "صلى الله عليه وآله"، دون أن يكون له "صلى الله عليه وآله" دور في صنعها وإظهارها.. بل هي عمل مقصود لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، سعى إليه خطوة خطوة حتى أتمه وأنجزه وفق ما خطط وأراد، الأمر الذي يشير إلى أن الله سبحانه وتعالى قد أعطاه القدرة على صنع ما هو من هذا القبيل، ويبلغ هذا الحد أيضاً، فهذا من شؤونه، ومن وظائفه وصلاحياته كنبي ورسول.
إسلام خالد وعمرو بن العاص:
وزعموا: أن خالداً وعمرو بن العاص أسلما في السنة الخـامسة من الهجرة([49]).
ولكن سيأتي، إن شاء الله: أن الصحيح هو: أن إسلام خالد، كان في سنة سبع.
قال ابن حجر: ووهم من زعم أنه أسلم سنة خمس([50]).
وأسلم عمرو بن العاص سنة ثمان.
وقيل: بين الحديبية وخيبر([51]).
الفصل الثاني:
زينب بنت جحش في بيت الرسول '
زينب بنت جحش.. في بيت الرسول ':
قال الله تعالى:
?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً،
وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ الله وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ الله مَفْعُولاً،
مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً،
الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِالله حَسِيباً،
مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً?([52]).
ابن حارثة! أم ابن محمد؟!
ويقولون: إن السبي كان قد وقع على زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، فاشتراه رسول الله "صلى الله عليه وآله" من سوق عكاظ، أو أن خديجة اشترته، ثم وهبته لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما نبئ رسول الله "صلى الله عليه وآله" دعاه إلى الإسلام، فأسلم.
وكان أبوه يتسقط أخباره، فلما عرف أنه في مكة قدمها، وكان رجلاً جليلاً، فأتى أبا طالب، وقال: سل ابن أخيك: فإما أن يبيعه، وإما أن يفاديه، وإما أن يعتقه.
فلما قال ذلك أبو طالب لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، قال: هو حرٌّ، فليذهب حيث شاء.
فأبى زيد أن يفارق رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال حارثة: يا معشر قريش اشهدوا أنه ليس ابني، أو قال: اشهدوا أنني تبرأت من زيد، فليس هو ابني ولا أنا أبوه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": اشهدوا أن زيداً ابني.
فكان يدعى زيد بن محمد([53]).
وفي نص آخر: أنه لما اختار النبي "صلى الله عليه وآله"، جذبه أبوه، وقال: يا زيد، اخترت العبودية على أبيك وعمك؟!
فقال: إي والله، العبودية عند محمد أحب إلي من أن أكون عندكم([54]).
وزوَّجه النبي "صلى الله عليه وآله" مولاته أم أيمن، فولدت له أسامة، ولما قدم المدينة زوَّجه زينب بنت جحش.
رسول الله ' أحب إليه:
ونقول:
إننا نسجل هنا النقاط التالية:
1 ـ إن الإنسان حين يسمع الناس يتحدثون عن بعض العظماء, والأفذاذ منهم, فإن تلك الأحاديث تبهره، وتلهب في نفسه جذوة الشوق لرؤيتهم, والعيش معهم, والكون إلى جانبهم.
ولكنه إذا حصل على ما يتمناه, وعاش معهم بالفعل, فإنه سيجد أنهم دون المستوى الذي ظنه فيهم, وأقل مما توهمه عنهم, فإذا طالت الصحبة, ودامت مخالطته لهم, فإن مستوى الإعجاب سوف يتراجع عما هو عليه، ويتضاءل بصورة تدريجية, تبعاً لما يتكشف له من نقائص, وما يظهر له من نقاط ضعف فيهم, يسعى الناس عادةً لإخفائها، والتستر عليها.
ولكن هذا التراجع وظهور نقاط الضعف قد لا يبرر له قطع الرابطة معهم, وذلك لأن عامل الإلف, والعادة, وربما الانجذاب إلى صفات أو حالات أو مصالح معينة يجدها فيهم، تدفعه إلى توثيق العلاقة بهم، وإدامتها، وتحفظ له بعض الحيوية فيها.
ولكن حياة زيد بن حارثة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم تكن على هذه الصفة، بل كان "رحمه الله" يكتشف فيه "صلى الله عليه وآله" كل آن ما هو جديد وفريد من الميزات والخصائص الإنسانية التي لا نظير لها، والتي كان لتنامي قدرات زيد الروحية، والإيمانية، والفكرية، والإدراكية الأثر الفعال في التعرف عليها، والتفاعل معها..
2 ـ ومن جهة أخرى: فإن لعلاقة الرحم بالرحم خصوصية لا توجد فيما عداها، مما عرفه الناس وألفوه، خصوصاً إذا كانت علاقة والد بولده، وولد بأبيه، ولا سيما إذا كان الوالد جليلاً، وكان الولد عاقلاً نبيلاً.. فكيف إذا ذكت هذه العلاقة، وتأجج أوارها بفعل مأساةٍ، تمثلت في التحول من عز الحرية، إلى ذل الأسر والعبودية، حيث لا بد أن يؤذيه إحساسه بالضعف بعد القوة، وبالمهانة والاستهانة، بعد العيش في منازل السؤدد والكرامة؛ فكيف إذا أصبح يواجه بالقسوة بعد الرحمة، وبالإذلال بعد الدلال والإدلال..
فإن من الطبيعي أن يضاعف ذلك حنينه إلى الحياة التي فارقها، وأن يزداد مقته للواقع الذي يعاني منه، ولسوف تتأكد علاقته الروحية بوالديه، وتشتد لهفته للقائهما، والعيش تحت جناحهما، حيث يتبلور شعوره بالقوة وبالكرامة، وبالعزة. وتنتعش روحه بما يفيضانه عليه من حب، وبما يغمرانه به من رأفة ورحمة، ومن دفءٍ وحنان. وليهنأ بالراحة، وليهدأ تحت ظلال السلام والسلامة، والسكينة والأمان.
وكان زيد من أول الأمر شديد الحنين إلى أهله وقومه..
فقد ذكر ابن سعد: أن أناساً من كلب ـ قبيلة زيد ـ حجوا فرأوا زيداً فعرفهم وعرفوه ، فقال: بلغوا أهلي هذه الأبيات، فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي، وقال:
أحـن إلى قـومـي وإن كنت نـائيــاً بـأني قـتـيـل الـبـيت عند المشـاعر
فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ولا تعملوا في الأرض نص الأباعر
فـإني بحمد الله مـن خـير الـســرة كـرام وعـد كـابـراً بـعـد كـابر([55])
وقد أشارت هذه الأبيات إلى: أن زيداً كان يعرف شدة محبة أبيه له، وتعلقه به.
فقد ذكر ابن سعد: أن ناساً من كلب ـ قبيلة زيد ـ حجوا فرأوا زيداً.
ولكن زيداً لم يكتف برفض العودة مع أبيه إلى البيت الذي رباه، بل هو قد رضي بالبقاء تحت وطأة آلام كل تلك المعاني التي قد يحيطه بها الكثيرون من الناس من حوله.
ثم زاد على ذلك: بأن تحمل أقسى وأعنف الآلام الروحية، وهو يرى أباه يعلن براءته منه على الملأ من قريش، وهي براءة تدلل على عمق الجرح الذي أحدثه قراره في نفس أبيه المفجوع به، حيث واجهه بأعنف صدمة عاطفية، وهو يرى خيبة آماله في ولده، وفلذة كبده وأعز ما ومن في الوجود عليه.
والذي يزيد في هذه الآلام: أن ولده هذا لم يراع مكانة أبيه، بل هو قد عرض موقعه الاجتماعي للاهتزاز، حين أصر على البقاء في كنف إنسان آخر، عاش معه ردحاً طويلاً على صفة العبودية. وإذا بهذا العبد يفضل سيده حتى على أهله وعشيرته، وحتى على أبيه وأمه.
فما معنى: أن يفضل هذا الولد حياة العبودية مع سيده هذا على ما سواها، دون أن يطلب لنفسه أي امتياز، أو ضمانة، أو دون أن يفكر بأي تغيير في مسار هذه الحياة، مع من يطلب البقاء معهم، والعيش في كنفهم؟!
ألا يدل ذلك: على أن في الأمر سراً عميقاً ودقيقاً، قد يتجلى هذا السر في بعض وجوهه، في أن السبب في عظمة النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" لم يكن هو تميُّزه وتفرُّده في الصفات والسمات البشرية..
وإنما سببها هو: أنه ذلك الإنسان الإلهي الصافي، والخالص، الذي استحال على زيد بن حارثة، رغم طول صحبته له، واطلاعه عن قرب على حـالاته المختلفة ـ لقـد استحـال عليه ـ : أن يجد فيه أي حالة من حالات الضعف البشري..
بل هو يراه دائم التعالي والتسامي والرقي في منازل الكرامة وفي المقامات المحمودة، ويشاهده وهو يزداد بهاءً وسناءً، وتوهجاً وتألقاً في سماء العظمة والسؤدد.
بل إنه كلما زادت معارفه، ونما إدراكه، وتكاملت قواه، يزداد قوة على اكتشاف المزيد من مزايا شخصية الرسول "صلى الله عليه وآله" وأسرارها، ويتأكد انبهاره بأنوارها؛ فيجد نفسه مضطراً لمنحه المزيد من الحب، ويقوي ارتباطه به، ويضاعف حنينه إليه، ولا يفضل شيئاً في الوجود عليه.
بل هو يرفض أباه، ليكون مع الذي تبناه.
وهذا دليل على صحة إيمان زيد، وعلى عمق إدراكه لمفاهيم الإسلام، ومدى تفاعله مع قيمه، وانسجامه مع أحكامه وشرائعه..
3 ـ ومما يؤكد هذا الذي ذكرنا: أن حارثة بن شراحيل قد عرض على النبي "صلى الله عليه وآله" ثلاثة خيارات، تؤكد جميعها على: أن زيداً يواجه حالة من الإذلال في بقائه على الصفة التي هو عليها، ويريد أبوه أن يخرجه منها..
والخيارات الثلاثة هي: العتق، والمفاداة، والبيع([56]).
وفي هذا تهيئة نفسية لزيد ليختار ـ حيث يصبح له الخيار ـ أن يكون إلى جانب أبيه ليتخلص من كل نظرات الاحتقار والاستصغار التي ربما توجه إليه، يحس بلذعاتها، ولسعاتها، النظرات التي أنتجتها ظروف لم يكن لزيد أي دور، أو أي خيار أو اختيار في صنعها.
4 ـ إن مبادرة الرسول "صلى الله عليه وآله" إلى الانتصار لزيد، وإعلانه أنه قد تبناه، يمثل إنقاذاً لموقف زيد، بأفضل أسلوب، وأرشد طريقة، حيث منحه بذلك أعظم وسام، وجعله في أعلى مقام، غير آبه بالأعراف الاجتماعية الخاطئة، التي تنطلق من العنجهيات الفارغة، ومن مفاهيم الجاهلية اللاإنسانية، التي تقضي بالتمييز بين الأحرار والعبيد، وبين السادة والموالي..
وبذلك يكون قد أسقط المفهوم الجاهلي وأدانه، ورفضه، بالأفعال لا بالأقوال من جهة.. وقطع الطريق على حارثة بن شراحيل من جهة أخرى.
ثم يكون قد أصلح ما أفسده موقف حارثة، وجبر الكسر الاجتماعي، والروحي الذي حدث لزيد بسبب تبري أبيه منه، حيث منحه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما لم يكن يحلم به، وحباه شرفاً يغبطه عليه خيار الأمة وكرامها.
5 ـ لا مجال للتوهم الذي يقول: إن حارثة بن شراحيل لم يكن شديد التعلق بولده، ولأجل ذلك سرعان ما أعلن التخلي عنه، والتبرأ منه.. وذلك لأن والده قد قال أبياتاً عبر فيها عن حقيقة ما يختلج في نفسه من شوق لولده، ومن تلك الأبيات:
بكـيـت على زيــد ولم أدر مــا فعل أحي فـيرجى أم أتى دونه الأجل
فوالله ما أدري، وإن كنت سائـــلاً أغالك سهل الأرض، أم غالك الجبل
تـذكـرنيـه الشمس عند طلوعهـا وتـعـرض ذكراه إذا قاربت الطّفَل
وإن هـبـت الأرواح هـيجنا ذكـره فيا طول ما حزني عليه، ويا وجـل
سأعمل نص العيس في الأرض جاهداً ولا أسـأم التطـواق أو تسأم الإبل
حيـاتي أو تــأتي عـلـي مـنـيــتـي وكـل امـرءٍ فان، وإن غره الأمل([57])
6 ـ إن قضية زيد بن حارثة وتبني النبي "صلى الله عليه وآله" له، وبراءة أبيه منه قد حصلت قبل بعثة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([58]).
تاريخ زواج النبي ' بزينب بنت جحش:
ويذكرون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تزوج بزينب بنت جحش في شهر ذي القعدة من السنة الخامسة للهجرة([59])، ونزلت آية الحجاب في هذه المناسبة.
وقال أبو عبيدة، وخليفة بن خياط: تزوجها في السنة الثالثة([60]).
وقيل: بعد قريظة([61]).
وقيل: سنة أربع من الهجرة النبوية الشريفة([62]) في ذي الحجة.
وزينب هي ابنة عمة النبي "صلى الله عليه وآله"، لأن أمها هي أميمة بنت عبد المطلب.
قصة هذا الزواج:
وكان من قصتها: أن النبي "صلى الله عليه وآله" خطبها لزيد بن حارثة فظنت أنه يخطبها لنفسه، فرضيت، فلما علمت أنه يخطبها لزيد أبت وترفعت عليه بنسبها وجمالها، وتابعها على ذلك أخوها عبد الله، وقالت: "أنا ابنة عمتك يا رسول الله، فلا أرضاه لنفسي" (أو فلم أكن لأفعل).
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إني قد رضيته لك. فبينما هما يتحدثان أنزل الله عز وجل: ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..?.
فرضيت هي وأخوها بذلك، وجعلت أمرها للنبي.. فأنكحها "صلى الله عليه وآله" زيداً، ودخل بها، وساق لها رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشرة دنانير، وستين درهماً، وخماراً، ودرعاً، وإزاراً، وملحفة، وخمسين مداً من طعام، وثلاثين صاعاً من تمر..
فمكثت عند زيد ما شاء الله (قريباً من سنة أو فوقها([63])) ثم وقعت الكراهية بينهما. فأتى زيد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقال له: إني أريد أن أفارق صاحبتي.
فقال: ما لك؟ أرابك منها شيء؟
قال: لا والله يا رسول الله، ما رأيت منها إلا خيراً، ولكنها تتعاظم علي لشرفها، وتؤذيني بلسانها.
فقال له "صلى الله عليه وآله": أمسك عليك زوجك، واتق الله في أمرها.
ثم طلقها زيد.
فلما انقضت عدتها، قال "صلى الله عليه وآله" لزيد: ما أجد أحداً أوثق في نفسي منك، اذهب، فاذكرني لها. (أو قال: اخطب علي زينب).
قال زيد: فلما قال ذلك عظمت في نفسي، فذهبت إليها، فجعلت ظهري إلى الباب، فقلت: يا زينب أبشري، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخطبك (أو يذكرك).
ففرحت بذلك، وقالت: ما أنا بصانعة شيئاً، أو ما كنت لأحدث شيئاً حتى إذا أؤامر ربي عز وجل.
فقامت إلى مسجد لها فصلت ركعتين، وناجت ربها، فقالت: اللهم إن رسولك يخطبني، فإن كنت أهلاً له، فزوجني منه.
فنزل القرآن. وهو: ?..فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..? فجاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى دخل عليها بغير إذن([64]).
وفي رواية: لما انقضت عدتها قال له: يا زيد، ائت زينب فأخبرها: أن الله سبحانه قد زوجنيها. فانطلق زيد، واستفتح الباب.
فقالت: من هذا؟
قال: زيد.
قالت: ما حاجة زيد إلي، وقد طلقني؟!
فقال: أرسلني رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقالت: مرحباً برسول الله "صلى الله عليه وآله"، ففتحت له، فدخل عليها وهي تبكي.
فقال زيد: لا أبكى الله عينيك، قد كنت نِعْمَ المرأة، إن كنت لتبرين قسمي، وتطيعين أمري، وتتبعين دعوتي، (وفي نص آخر: "تشبعين مسرَّتي") فقد أبدلك الله خيراً مني.
قالت: من هو؟
قال: رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فخرت ساجدة([65]).
وذكر البلاذري: أن زينب لما بشرت بتزويج الله نبيه إياها، ونزول الآية في ذلك، جعلت على نفسها صوم شهرين شكراً لله، وأعطت من بشَّرها حلياً كان عليها([66]).
موقف عائشة من هذا الزواج:
وتذكر الروايات أيضاً: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان جالساً يتحدث مع عائشة، فأخذته غشية، فسرى عنه، وهو يبتسم، ويقول: من يذهب إلى زينب، ويبشرها: أن الله قد زوجنيها من السماء، وتلا "صلى الله عليه وآله": ?وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ..? القصة كلها.
قالت عائشة: فأخذني ما قرب وما بعد، لما يبلغني من جمالها. وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها، ما صنع الله لها، زوَّجها الله من السماء. وقلت: هي تفتخر علينا بهذا.
فخرجت سلمى، خادمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" تشتد، فتحدثها بذلك، فأعطتها أوضاحاً عليها. كذا في المنتقى.
قال: وكانت زينب تفتخر على أزواج النبي "صلى الله عليه وآله" تقول: زوجكن أهاليكن، وزوجني الله عز وجل من فوق سبع سموات([67]).
قالوا: وما أولم على امرأة من نسائه أكثر وأفضل مما أولم على زينب، أولم عليها بتمر وسويق، وشاةٍ ذبحها، وأطعم الناس الخبز واللحم، فترادف الناس أفواجاً، يأكل فوج فيخرج، ثم يدخل فوج، حتى امتد النهار، أطعمهم خبزاً ولحماً حتى تركوه([68]).
الله المزوج، وجبريل الشاهد:
لكن نصاً آخر يقول: قالت زينب: خطبني عدة من قريش، فبعثت أختي حمنة بنت جحش إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أستشيره، فأشار بزيد، فغضبت أختي، وقالت: أتُزوج بنت عمتك مولاك؟! ثم أعلمتني، فغضبت أشد من غضبها، فنزلت الآية، فأرسلت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقلت: زوجني ممن شئت، فزوجني بزيد([69]).
وفي نص آخر عن مذكور مولى زينب، قالت: خطبني عدة من أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله"، (أو من قريش) فأرسلت إليه أخي يشاوره في ذلك.
وفي نص آخر: أرسلت أختي حمنة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: فأين هي ممن يعلمها كتاب ربها، وسنة نبيها؟!
قالت: من؟
قال: زيد بن حارثة.
فغضبت حمنة غضباً شديداً وقالت: يا رسول الله، أتُزوج ابنة عمتك مولاك؟ فأخبرتني، فقلت: أشد من قولها، وغضبت أشد من غضبها، فأنزل الله تعالى: ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى الله وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..?.
فأرسلت إليه: زوجني من شئت. فزوجني منه. فأخذته بلساني، فشكاني إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال له: إذن طلقها. فطلقني فبت طلاقي، فلما انقضت عدتي، لم أشعر إلا والنبي "صلى الله عليه وآله" وأنا مكشوفة الشعر، فقلت: هذا أمر من السماء، دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة؟!
قال: الله المزوج، وجبريل الشاهد([70]).
المنافقون، وهذا الزواج:
وقالوا: "لما تزوجها تكلم في ذلك اليهود والمنافقون، وقالوا: حرم نساء الولد، وقد تزوج امرأة ابنه، فأنزل الله عز وجل: ?فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..? إلى قوله: ?مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ..? الآية..([71]).
وقفات مع حديث الزواج:
وبعد.. فقد كانت تلك طائفة من نصوص قصة زواج زينب، وقبل أن نشير إلى بقية الروايات التي ترتبط بهذا الموضوع لا بد لنا من تسجيل بعض الملاحظات حول بعض ما ورد فيها، والإشارة إلى ما لا بد لنا من الإشارة إليه، وذلك ضمن وقفات هي التالية:
ألف: الكفاءة في النكاح:
قد ذكرت الروايات المتقدمة: أن حمنة وأخاها، وكذلك زينب أبناء جحش قد غضبوا حين عرض عليهم النبي "صلى الله عليه وآله" تزويج زينب بزيد بن حارثة.. معتبرين أن ذلك يحط من شأنهم، من حيث إن لهم شرفاً ونسباً لا يسمح بذلك.
هذا.. وقد يجد البعض فيما ينسب إلى زينب بنت جحش، من أنها سُمعت وهي تقول: "أنا سيدة أبناء عبد شمس"([72]).
بل في بعض الروايات: أنها قالت لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، عن زيد: "لا أرضاه، وأنا أيم قريش"([73]). ما يدل: على أنها كانت ترى لنفسها مقاماً لم يكن لها، وإنما ساقها إليه طموح غير متواز، وغير واقعي..
ونقول:
أولاً: إن هذا يعيد إلى ذاكرتنا ما يزعمونه: من أن خديجة "عليها السلام" كانت متزوجة قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" برجلين من أعراب بني تميم. وقد كانت "عليها السلام" أعظم قدراً وأشرف نسباً، وأجل موقعاً من زينب بنت جحش، فكيف رضيت هذه المرأة الشريفة العاقلة التي كان كل أشراف، وأمراء قريش حريصاً على الزواج منها([74])، كيف تركتهم جميعاً، ثم اختارت أعرابياً من بني تميم، ليكون زوجاً لها، وأباً لأولادها؟!
مع أن زيد بن حارثة أشرف منزلاً، وأعلى كعباً من ذينك الرجلين التميميين، المجهولين، المزعومين، اللذين لا يعرف عنهما الشيء الكثير، بل إن اسم أحدهما غير معروف ولم يستطع التاريخ أن يفصح عنه بصورة دقيقة([75]).
هذا بالإضافة: إلى أن زيداً كان قد نال شرف الانتساب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالتبني، والأهم من ذلك أنه ظفر بحب رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى دعي بـ "زيد الحِب". وقد آخى النبي بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، وإليه أوصى حمزة حين أراد القتال يوم أحد.
ألا يدل ذلك على: كذب ما زعموه من زواج خديجة برجلين من الأعراب ليس لهما اسم، ولا رسم، وهي تلك الدرة الفريدة الغالية في تاج قريش كلها؟!
ثانياً: إن غضب أبناء جحش من موضوع زواج زينب من زيد قد ارتكز إلى عناوين لا أهمية ولا دور لها في حياة الناس.
وإنما أوجدتها وغذتها عنجهيات جاهلية فارغة، وخواء وتخيلات باطلة، وأفكار سقيمة وتحديدات خاطئة لمعنى القيمة الإنسانية.
وهي مفاهيم قد حاربها الإسلام في كل مجال ظهرت فيه، حتى في موضوع العلاقات الاجتماعية، ومنها موضوع الزواج، الذي أراد لمفهوم الكفاءة فيه أن يختزن معنى إيمانياً يوحي بالمفهوم الصحيح لمعنى القيمة الإنسانية، الذي يفترض أن تحكم العلاقات الاجتماعية: نشوءاً، وحيوية وثباتاً.
ومن هنا نلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" قد رفض المفهوم الجاهلي الذي فرض نفسه على قرار أبناء جحش، وأثارَ في داخلهم عاصفة من الغضب. وأفهمهم "صلى الله عليه وآله": أن الإيمان والتقوى، والعلم، والعمل بكتاب الله، وبسنة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، هو القيمة، وهو المعيار لقياس صلاح البشر، وتحديد مكانتهم..
وأما الأنساب والانتساب، فإنها تنتهي في أحيان كثيرة إلى إثارة كوامن العصبيات، التي يكون قوامها الاعتزاز بالعرق، والارتباط بالآخرين من خلاله، وتحديد الأولويات والامتيازات على أساسه.
رغم أن الإنسان لم يكن له أي دور في اختيار العرق والعشيرة، أو في اختيار اللون والطول، و.. و.. أو في اختيار التخلص منه..
بل هو أمر مفروض عليه، كما أنه ليس له أي تأثير يذكر في صياغة الشخصية الإنسانية، واختيار ميزاتها، وبلورة خصائصها، وتحديد معالمها..
وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد كسر عنفوان النزعات الطبقية، وأسقطها بصورة عملية، وبقرار إلهي صارم، فإن التفاضل إنما هو بالتقوى، فلا مجال للتفضيل بغير ذلك، فاعتبار من جرى عليه رق ثم تحرر لا يكافئ من لم يجر عليه رق حتى لو كان أفضل منه علماً وزهداً، وتقوى، واستقامة، ما هو إلا تمييز طبقي مرفوض في منطق الإسلام والقرآن.
ب: ما كان لهم الخيرة:
وقد ذكرت الروايات: أن قوله تعالى: ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ..?([76]) قد نزلت رداً على رفض زينب الزواج من زيد، وفرضت عليها أن تتزوج به، فرضخت للأمر الإلهي بالرغم عنها.
والسؤال هو: لماذا حرمت زينب من حقها في أن تختار لنفسها، وكيف نجيب على الأسئلة التي تثار حول صحة وسلامة أسلوب كهذا؟.
ونجيب:
أولاً: إن نزول آية: ?وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً..? في زينب بنت جحش غير ثابت على نحو القطع.
فقد ورد: أن هذه الآية نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، التي كانت قد وهبت نفسها للنبي، فقال "صلى الله عليه وآله": قد قبلت، وزوَّجها زيد بن حارثة.
فسخطت هي، وأخوها، وقالا: إنما أردنا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فزوجنا عبده!! فنزلت الآية([77]).
وروي أيضاً: أنها نزلت في خطبة النبي "صلى الله عليه وآله" لجلبيب امرأة من الأنصار، فأبت أمها، فنزلت الآية([78]).
ولعل السبب في التشدد في هذا الأمر، هو: أنها إذا كانت قد وهبت نفسها له "صلى الله عليه وآله"، فإن مقتضى الهبة هو: أن يتصرف الموهوب له بالهبة كيف يشاء، فلا معنى لغضبها من أمرٍ هي أوجدت له المبرر، وهيأت له صفة المشروعية! وهل كانت تمزح حين أقدمت على هبة نفسها لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
على أن من يقدم على أمر، فإن عليه أن يتحمل تبعاته، حتى لو كان جاهلاً بها، فإن من يشرب السم، لا بد أن يموت حتى لو كان جاهلاً بكونه سماً.. كما أن من يُفطر عامداً عالماً بالحرمة في شهر رمضان، فإن عليه الكفارة حتى لو لم يعلم مقدارها.
وأما ما اعتذرت به تلك المرأة من أنها أرادت نفس الرسول "صلى الله عليه وآله"، فهو غير مقبول منها، لأن الواهب لا يحدد للموهوب كيفيات تصرفه بما ملَّكه إياه.
ثانياً: إنه حتى لو كانت الآية قد نزلت في زينب بنت جحش، فإن ذلك لا ينافي العدل، ولا يخرج زينب عن دائرة الاختيار إلى الإلجاء والاضطرار، فإن ما فعله الرسول "صلى الله عليه وآله" ما زاد على أن خطب زينب لزيد، وقد أخبرها "صلى الله عليه وآله": أنه قد رضيه لها.
وقد صرحت بعض النصوص: أنها كانت هي التي طلبت من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يختار لها من شاء، وأنها قالت: زوجني من شئت، فأشار بزيد.
فكيف يصح منها هذا التفويض لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو التوكيل، ثم ترفض ما صنعه ذلك المفوَّض والوكيل؟!
حتى لقد صرحت في بعض النصوص: بأنها لا ترضى من رضيه النبي "صلى الله عليه وآله" لها.
يضاف إلى ذلك: أن هناك صراحة ظاهرة ومتضافرة في الروايات الكثيرة بأن سبب رفضها لزيد هو تكبرها عليه، واعتدادها بنفسها، وبشرف نسبها.
كما أن بعض الروايات قد ذكرت: أنها رفضته رغم أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بين لها فيه خصوصية رائعة يرغب المؤمنون الصالحون في مثلها، وذلك حين قال: أين هي ممن يعلمها كتاب ربها، وسنة نبيها؟!
فكل ذلك يشير: إلى أن من يكون على هذه الحال، ويبلغ به الأمر إلى حد أنه يسخط ويغضب من أمر رضيه له رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فإنه يستحق التأديب، ويحتاج إلى تربية، ليستفيد الآخرون درس الطاعة والانقياد لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
فأنزل الله على رسوله "صلى الله عليه وآله": أن هذه المرأة قد أصبحت محكومة بحكم يتناسب مع حالها، ويلائم تصرفاتها، وهو وجوب القبول بالزواج ممن رضيه الرسول "صلى الله عليه وآله"، وليس لها أن تسخط شيئاً رضيه الله ورسوله.
وهذا الحكم الإلزامي لا يخرجها عن صفة الاختيار ـ كما أن إيجاب الصلاة على المكلف لا يوجب ذلك ـ بل هي قادرة أيضاً على الطاعة وعلى العصيان، ولأجل ذلك قال تعالى مباشرة: ?..وَمَن يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً?([79]).
كما أن هذا البيان يوضح: أن تزويج زينب من السماء ليس لأجل فضل استحقته، بل هو بمعنى: أن هذا الأمر قد قضاه الله، وألزمها به، وفرضه عليها لأجل تكبرها ولغير ذلك وسيكون من فوائده إبطال أمر التبني، فإذا خالفته فإنها تكون عاصية، وتكون قد عرَّضت نفسها للضلال، ومن ثم للوبال. كما سيأتي توضيحه إن شاء الله.
فاتضح: أن الصحيح هو كون هذه الآية مرتبطة بالآيات التي سبقتها، لتفيد: أن التشريعات المشار إليها، لا يراد بها الإضرار بأحد من الناس، بل هي لمصلحة الجميع، فلا بد من إطاعتها.. كما أنه إذا أمر الله ورسوله بأمر تدبيري فلا بد من إطاعته، وليس لأحد أن يعترض بشيء.
ج: المعلم لكتاب الله أولى:
ولايفوتنا هنا الإشارة إلى: الأهمية التي يوليها الإسلام للمعرفة بكتاب الله، وبسنة النبي.. حيث أطلق "صلى الله عليه وآله" كلمته التي دلت على:
1 ـ ضرورة السعي من المرأة والرجل على حد سواء إلى تعلم الكتاب والسنة.
2 ـ أرجحية من يعلم كتاب الله وسنة النبي "صلى الله عليه وآله" على غيره، فيما لو دار الأمر بينهما، حتى لو كان ذلك الغير ذا نسب شريف، ومقام منيف.
3 ـ إن العلم الشريف هو ذلك الذي يعرِّف الإنسان بشرائع الله وأحكامه، وبكل المعاني التي يريد الله للبشر أن يطلعوا عليها، أما سائر العلوم مثل علم الفلك والحساب والفيزياء مثلاً، فليست في مستوى علم الدين والشريعة، ونحو ذلك مما تكفل ببيانه كتاب الله، وسنة نبيه "صلى الله عليه وآله".
د: زيد يراجع النبي ' في طلاق زينب:
وعن مراجعة زيد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في طلاق زينب، مع أنه قد كان بإمكانه أن يبادر إلى طلاقها، من دون مراجعة.
نقول:
لعله قد جاء على سبيل التأدب مع الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله". فإن زيداً يدرك أن النبي "صلى الله عليه وآله" فضلاً عن كونه قد تبناه، فإنه كان له بمثابة الوالد الرحيم، وهو الصادق الأمين، والحريص على دلالته على الخير والرشاد، وهدايته إلى الحق والسداد.
وهو بالإضافة إلى ذلك نبيُّه الذي تجب طاعته عليه، وسيِّده الذي غمره بإحسانه إليه، وهو الناصح الشفيق، والمعالج الرفيق، والحبيب الصديق، والهادي إلى سواء الطريق.
بالإضافة: إلى أنه هو "صلى الله عليه وآله" الذي خطبها له، وزوَّجه إياها، وهو الحاكم والقاضي، الذي لا بد أن يستمع لشكواه وشكواها، كما أنه المرجع لها ليمنع عنها أذاه، والمؤمل له ليدفع عنه أذاها.
إفتخار زينب على نساء النبي ':
ومن حديث افتخار زينب على نساء الرسول "صلى الله عليه وآله"، بأنهن زوجهن آباؤهن، أما هي فزوجها الله سبحانه، نقول: إنه موضع شك كبير، إذ قد ذكرت الروايات: أن أخاها أبا أحمد بن جحش هو الذي زوجها([80]).
وأما قوله تعالى: {زَوَّجْنَاكَهَا} فيراد به الإذن بذلك وليس التزويج الذي ينتزع منه معنى التكريم والفضيلة لها.
هـ: أمسك عليك زوجك:
وقد أمر الرسول "صلى الله عليه وآله" زيداً: بأن يمسك عليه زوجه، ولا يطلقها، وليس في هذا الأمر إلزام وإيجاب، بل هو أمر رفق، ومحبة، ورعاية. فلا تحرم مخالفته، إذا آثر زيد أن لا يعمل بالرفق والمحبة، حين يرى أن اللجوء للعمل بالرخصة أيسر عليه.
ولو كان الأمر بالإمساك إلزامياً، لكان يجب أن يعترض رسول الله "صلى الله عليه وآله" على زيد حين يجري ذلك الطلاق. هذا إذا لم يكن الأولى الحكم ببطلان ذلك الطلاق من الأساس.
أخطاء منشؤها الجهل:
زعم بعضهم: أن زيداً، كان يدعى زيد بن محمد، فخفف ذلك عنها إلى حد كبير، إذ قالت: ومن أعز من زيد بن محمد، ولهذا استمرت العشرة بينهما في بداية الأمر، حتى أبطل الله التبني، فصار يقال لزيد: زيد بن حارثة، بدلاً من زيد بن محمد، ومن هنا نشأت بينهما جذور الخلاف، وأخذت تترفع على زيد. وقد فطن زيد لهذا الأمر بلباقة، ولم تكن نفسه الكريمة هينة عليه، فحاول التخلص منها، وعدم إزعاجها الخ..
ونقول:
إن زواج زينب بزيد قد كان بعد نزول سورة الأحزاب التي تضمنت إلغاء التبني، وقد مكثت زينب عند زيد حوالي سنة، ثم طلقها فتزوجها رسول الله "صلى الله عليه وآله" في السنة السادسة.
كيف تمت الخطبة؟!
والمُراجع لروايات زواج زينب بزيد يلاحظ: أن فيها الكثير من التناقض، ويستطيع القارئ الكريم أن يتلمس هذا الأمر من خلال المراجعة للروايات، والمقارنة بينها.
وكمثال على ذلك نذكر:
أنها تارة تقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل علياً ليخطبها لزيد.
وأخرى تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" ذهب بنفسه وخطبها له([81]).
وثالثة، تقول: إنها هي التي أرسلت إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
ورابعة: .. الخ..
كما أن بعضها يقول: إن آية: ?إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً?. قد نزلت في زينب وزيد.
وأخرى تقول: نزلت في جلبيب وامرأة أنصارية.
وثالثة تقول: إنها نزلت في أم كلثوم بنت عقبة.
وعلى هذه فقس ما سواها.
و: واتق الله:
وأما قول النبي "صلى الله عليه وآله" لزيد "رحمه الله": ?أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ?، فلا يدل على أن طلاق زينب قد أصبح حراماً على زيد.
كما لا يدل قوله: ?وَاتَّقِ اللهَ? على: أن زيداً يظلم زوجته، ويعاملها بالسوء، ولا يتقي الله فيها.
بل المقصود هو: الدعوة إلى معاودة التجربة الإصلاحية معها، مع التزام جانب الدقة في معاملتها، فلا يكون تصرفه إنفعالياً، بحيث يكون فيه شيء من التفريط والعجلة، فتتعرض هي للمضايقة، أو يلحق بها اللوم، على أمرٍ كان يمكن التغاضي عنه، أو التسامح فيه.
بل لا بد من رصد الموضوع، على أساس تطبيق كل مفردة من مفرداته على أحكام الشرع الحنيف، فلعل ما يعانيه منها لايبلغ حد الإضرار بحقوقه الشرعية، أو لا يصل إلى حد أن تكون عاصية لله فيه، وإن كان يسبب لزيد بعض الضيق أو الحرج في حياته العملية..
فكأن الله تعالى يقول لزيد: إنه إذا أراد أن يعاملها على أساس الحسابات الدقيقة، والأخذ بمر الحق ومن دون أي إغماض أو تسامح، أو رفق، أو تفضل، فإن عليه أن ينتظر من الله تعالى مثل ذلك. أما إذا اتقى الله، وعاملها بالرحمة، وبالرفق والإغماض، فإنه سوف يلقى نفس المعاملة عند الله سبحانه أيضاً.
ولا بد للرسول "صلى الله عليه وآله" من أن يتصرف مع زيد على هذا النحو، رغم أنه يعلم أن الأمر سينتهي إلى الطلاق بينهما، ويعلم بأنها ستكون بعد ذلك من زوجاته. لأن عليه "صلى الله عليه وآله" أن يتعامل مع الأمور لا بعلم النبوة، وإنما وفق ما قرره الشرع الشريف، وحسبما تفرضه طبيعة ظواهرها، التي لها أحكامها وسننها التي تجب مراعاتها.
ز: مكانة زيد لدى رسول الله ':
وقد ذكرت الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر زيداً بأن يكون هو الذي يخطب له زينب.. فيطيع زيد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويخطبها له..
والمثير للانتباه هنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" يوسط نفس الرجل الذي كان إلى وقت قريب زوجاً لنفس هذه المرأة. وهذا أمر غير مألوف، بل هو غير مستساغ عند الناس عادة، لأنهم إنما يتعاملون بمنطق الشهوات، ونظرات الريب، التي تختزن معان كَدِرَةٍ، وذات روائح كريهة، وموبوءة، فإن الذي كان زوجاً لامرأة مَّا يحمِّل نظرته إلى المرأة التي طلقها من الخيالات والتصورات للحالات التي كانت فيها معه.. ما يكبت عنفوانها، ويؤذي به كبرياءها، ويجرح به روحها ومشاعرها..
كما أن الذي يريد أن يكون الزوج الجديد لهذه المرأة لن يكون مرتاحاً حينما تقتحم مخيلته صور عن زوجة كانت في عصمة رجل آخر، بل لا بد أن تؤذي تلك الصور روحه، وترهق مشاعره، مهما حاول التخلص منها، وإبعادها عنه، والابتعاد عنها..
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" في روحه الصافية، والفانية في الله تعالى. والتي لا ترى إلا الحق والخير، ولا تتأثر بأي من الأجواء التي تثيرها الغرائز والأهواء، والإثارات المجانبة لرضا الله تعالى.
نعم، إن هذا النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" قد قدم النموذج الأكمل والأمثل للإنسان الإلهي، الذي يريد أن يعلم الناس الحق، وأن يسهِّل عليهم الخضوع له، والانصهار به وفيه.. فيرسل زيداً، بالذات ليخطب له زينب بنت جحش، في إشارة واضحة منه "صلى الله عليه وآله" إلى معرفته بطهر ضمير زيد، وسمو نفسه، وبصفاء إيمانه، وخلوص نيته.
كما أنه "صلى الله عليه وآله" ليس فقط لم يتضايق من حضور زيد الدائم عنده، ومن قربه منه، بل بقي القريب والحبيب، الذي يشتاق إليه، ويزداد تعلقه به، وحدبه عليه. وقد كان ولا يزال الأثير عنده، والمكين لديه.
ح: زيد العفيف والتقي:
وتقول الروايات: إنه حين جاء زيد ليخطب زينب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أظهر: أنه ذلك الرجل التقي الغضيض البصر، العفيف الضمير، الصافي الإيمان، الذي يرسله الرسول "صلى الله عليه وآله" لخطبة امرأة كانت زوجة له، فلا يمد عينيه إليها، ليتبصر حالها بعد أن تركها، بل يوليها ظهره، ولا يستهين، ولا يستخف بها، بل تعظم في نفسه.
ولكن المفاجأة الكبرى، التي تحمل معها أعظم الخزي، وأبشع صور الإسفاف البشري، أن يجترئ صنَّاع الأساطير على اختلاق روايات أخرى. تصور أعظم نبي، وأكرم مخلوق، وأفضل موجود في هذا العالم، وهو خاتم الأنبياء "صلى الله عليه وآله" وعين الله، وخيرة الله وصفوته، ـ تصوِّره ـ يمد عينيه إلى الأجنبيات، ليخون نفس ذلك الرجل العفيف في نفس هذه المرأة التي كانت في عصمته، فينظر إليها بعين الريب، ويقع في حبالة حبها، بل هو يقتحم عليها إلى داخل دارها فيراها وهي تغتسل.. إلى غير ذلك من تفاصيل حملت قذارات أنفس صانعيها، الذين ضمّنوها كل ما قدروا عليه من ترَّهات وأباطيل، وأعظم الإساءات لرسول الله "صلى الله عليه وآله"..
بل إنهم ليذكرون: أن هذا النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، ـ وهو أغير الناس ـ يرضى بأن تبقى زوجته في ليلة عرسها جالسة وحدها بين الرجال، ويخرج هو ليطوف على حجر نسائه.. فضلاً عن رواياتهم حول إصرار عمر بن الخطاب عليه بأن يحجب نساءه، فلا يستجيب له.
ط: زوجناكها:
وقد جاء التعبير القرآني لينسب التزويج بزينب إلى مقام العزة الإلهية، حيث قال تعالى: ?..فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..?.
ثم جاءت الروايات لتتحدث عن افتخار زينب على سائر نسائه "صلى الله عليه وآله" بأن الله قد زوجها من السماء، دونهن..
غير أننا نقول:
أولاً: إن هذا التزويج الإلهي لم يأت إجلالاً لزينب، وتقديراً لها على أمر اختارته، وطاعة قدمتها، أو ميزة تفردت بها، ترتبط بإيمانها، أو بأخلاقها، أو عمل قدمته كان فيه رضا الله تعالى.
وذلك، لأن الآية قد صرحت: بأن سبب هذا التزويج هو: ?..لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً..?.
ثم أكد هذا المعنى بقوله: ?مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ..?.
فإذا كان هذا هو السبب، فلا مجال لاستفادة التكريم من تزويج كهذا، ولا سيما إذا كان اقتلاع هذا المفهوم الجاهلي يحتاج إلى ممارسة عملية، وإلى تدخل إلهي مباشر.
ثانياً: إن زينب، وإن كانت قد حاولت أن تدَّعي لنفسها هذه الفضيلة، وساعدتها على ذلك صاحبتها عائشة، إلا أنها كانت محاولة فاشلة؛ إذ ليس في الآية ما يدل على أن الله تعالى هو الذي تولى إجراء العقد له "صلى الله عليه وآله" عليها فعلاً، بل الآية تقول: إننا هيأنا لك أسباب الزواج منها من حيث إننا أصدرنا الإذن، والأمر لك بذلك.
فإذا كان ثمة عقد في السماء، فهو يحتاج إلى نص آخر لإثباته. وليس في البين سوى الرواية التي ذكرت: أن الإمام الرضا "عليه السلام" قد قال لعلي بن الجهم في مجلس المأمون، بعد أن ألزم أصحاب المقالات الحجة: "إن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حوا من آدم، وزينب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" بقوله: ?..فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا..? الآية. وفاطمة من علي"([82]).
ولكنها رواية: لا تثبت من ناحية السند.
بـل لـو صح الاستنـاد إليهـا في تحديـد أن المـراد من قوله تعالى: ?زَوَّجْنَاكَهَا? هو التزويج من قِبَلِه، فهي لا تدل على أنه لأجل التكريم؛ لأن الآية حين حددت سبب هذا التزويج، وأنه هو القضاء على المفهوم الجاهلي البغيض، وليس هناك أي داعٍ آخر.
ومن جهة أخرى، فإن هذه الرواية: صريحة بتكذيب ما يدَّعونه من أن الله قد زوج حفصة ممن هو خير من عثمان، وأعني به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وزوج عثمان من هي خير من حفصة، وهي بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله"([83]).
ثالثاً: إنه إذا كان الله تعالى قد تولى تزويج زينب، ثم جاء "صلى الله عليه وآله" ودخل عليها من غير إذن، فما معنى إرسال النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" زيداً ليخطب له زينب؟!
ملاحظة: واللافت هنا: أن خديجة بنت خويلد التي هي من النساء الأربع اللواتي كملن من بين سائر نساء البشر، لم تنزل آية في تزويجها من رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ويلي خديجة في الفضل أم سلمة، ثم ميمونة بنت الحارث الهلالية، ولم ينزل في تزويجهن برسول الله "صلى الله عليه وآله" آية قرآنية كما كان الحال بالنسبة لزينب.. فلو كان في هذا التزويج تكريم، فقد كان هؤلاء النسوة الكريمات أولى به من زينب فليلاحظ ذلك.
ي: جمال زينب في حسابات عائشة:
إن عائشة تعترف: بأنها لما علمت بموضوع زينب بنت جحش أخذها ما قرب وما بعد، لما يبلغها من جمالها، وأزعجها ما توقعته من افتخارها عليها بتزويج الله لها من السماء.
ومن جهة أخرى: فإن عمر بن الخطاب قد صرح بامتياز زينب على حفصة وغيرها في خصوصية الجمال، فقال لابنته حفصة: "ليس لك حظوة عائشة، ولا حسن زينب"([84]).
ونقول:
إن الملاحظ هو: أن عائشة لا تهتم بالنواحي الإنسانية والإيمانية في نظرتها للأمور وفي سياستها في بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل تهتم بما يبلغها من جمال ضرتها، وتهتم أيضاً، بأن لضرتها ما تفتخر به عليها، من حيث نزول آية قرآنية تتحدث عن أمر زواج الرسول "صلى الله عليه وآله" بها.
مع أن هذه أمور دنيوية بحتة، وقد فرضتها الظروف على زينب، ولم يكن لزينب أي اختيار أو قرار فيها. ولكن أم سلمة كان كل همها هو أن تكون في موقع رضا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فطلبت من الرسول أن يدعو الله ليذهب عنها الغيرة، لكي لا يصدر منها أي شيء، يزعج أو يسيء إلى الرسول "صلى الله عليه وآله".
كما أن خديجة هي التي تندفع إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتعمل على الاقتران به، من أجل مزاياه الإنسانية، وحباً بخصال الخير فيه.
وأما حديث عمر فإنه: وإن كان يتضمن اعترافاً بحسن زينب، غير أننا نظن: أنه قد جاء لتأييد موقف عائشة، بادِّعاء الحظوة لها عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بهدف إعطائها المزيد من النفوذ، والهيمنة على قلوب الناس، خصوصاً وأنها تمثل حاجة ملحة للحكام بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لتأييد مشاريعهم، وتقوية شوكتهم.
وقد كانت عائشة شخصية جريئة، حتى إنها لتقود الجيوش لحرب أقدس رجل بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولها قدراتها على إنجاز هذا المهم لهم، والتي سيكون لها نصيب منه معهم..
الإفتئات على الرسول ':
قال الحلبي الشافعي: "ذكر مقاتل (رض): أن زيد بن حارثة (رض) لما أراد أن يتزوج زينب جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وقال: يا رسول الله اخطب عليَّ.
قال له: من؟
قال: زينب بنت جحش.
قال: لا أراها تفعل. إنها أكرم من ذلك نفساً.
فقال: يا رسول الله، إذا كلمتها أنت، وقلت: زيد أكرم الناس عليَّ، فعلت.
فقال "صلى الله عليه وآله": إنها امرأة لسناء.
فذهب زيد رضي الله تعالى عنه إلى علي كرم الله وجهه، فحمله على أن يكلم له النبي "صلى الله عليه وآله".
فانطلق معه إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فكلمه، فقال: إني فاعل ذلك، ومرسلك يا علي إلى أهلها فتكلمهم، ففعل. ثم عاد أمره بكراهتها، وكراهة أخيها ذلك.
فأرسل إليهم النبي "صلى الله عليه وآله" يقول: قد رضيته لكم، وأقضي أن تُنكحوه. فأنكحوه، وساق لهم عشرة دنانير الخ.."([85]).
ونقول:
أولاً: إننا نرتاب في بعض فقرات هذه الرواية، ونعتقد: أنها لا تصدر عن رسول الله، مثل قوله "صلى الله عليه وآله": "لا أراها تفعل، إنها أكرم من ذلك نفساً" فإن المعيار الذي جاء به القرآن، وقرره الرسول "صلى الله عليه وآله"، وألزم غيره، والتزم به هو: قوله تعالى: ?..إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ الله أَتْقَاكُمْ..?.
والرسول "صلى الله عليه وآله" هو الذي يقول: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وإلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير"([86]).
وقرر: أن معيار الكفاءة في النكاح هو الإسلام والإيمان.
ثانياً: إن هذا يعارض ما رووه، من أنها أرسلت إلى النبي "صلى الله عليه وآله" تستشيره في أمر زواجها. بعد أن خطبها عدة أشخاص من صحابته "صلى الله عليه وآله".
فقال "صلى الله عليه وآله": أين هي ممن يعلمها كتاب ربها، وسنة نبيها؟!([87]).
ثالثاً: إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" يريد لها أن تتزوج بمن تختاره، ويعلم أنها لا تختار زيداً، وكان ذلك هو سبب امتناعه عن طلبها لزيد، فلماذا أقدم على إرسال علي "عليه السلام" إليها، ليطلبها لزيد بالذات؟! فإنه لم يتغير شيء من ذلك قبل توسط علي "عليه السلام" وبعده.
وإن كان يريد فرض الزواج عليها بزيد، فلماذا أرجعه خائباً في المرة الأولى، ثم استجاب له بعد توسط علي "عليه السلام" له عنده "صلى الله عليه وآله"؟!
وأخيراً نقول:
قد يقال: إننا لم نجد النبي "صلى الله عليه وآله" أكره أحداً على الزواج من أي كان، فلماذا أكرهها هي على ذلك بإصدار حكم قضائي عليها، دون كل من عداها من أقاربه، أو من غيرهن؟!
ويجاب: بأن من الممكن أن يفعل النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك، من خلال كونه "صلى الله عليه وآله" أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وقد اقتضت مصلحة التشريع إعمال هذه الولاية في خصوص هذا المورد.
مهر زينب ودلالاته:
قال بعضهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" أصدق زينب حين تزوجها، أربع مائة درهم([88]).
وقد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ساق لها عشرة دنانير، وستين درهماَ، وخماراً، ودرعاً، وإزاراً، وملحفة، وخمسين مداً من طعام، وثلاثين صاعاً من تمر([89]).
فلعله لا تنافي بين هذا وذاك، إذ لعل قيمة المجموع تصل إلى أربع مائة درهم، وبذلك أيضاً ترتفع المنافاة بينه وبين ما عن ابن إسحاق، من أن صداق أكثر أزواجه أربعمائة درهم([90]).
ولكن قد روي عن عائشة: أن صداق رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأزواجه كان: اثنتي عشرة أوقية ونشاً (أي ونصفاً)، فذلك خمس مائة درهم([91]).
وهذا لا ينسجم مع ما تقدم عن ابن إسحاق، وما ذكر عن صداق زينب!!
ثم إنه كيف يصح قول عائشة هذا أو غيره، ونحن نرى: أنهم يدَّعون: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أصدق أم سلمة فراشاً حشوه ليف، وقدحاً([92]).
وأصدق "صلى الله عليه وآله" أم حبيبة شيئاً([93]).
وعند البلاذري: أصدقها النجاشي أربع مائة دينار([94]). أو ما يعادلها وهو أربعة آلاف درهم([95]).
وأصدق ميمونة (أو أصدقها النجاشي عنه) أربع مائة دينار([96])، وقيل: مائتا دينار، أو أربعة آلاف درهم([97]).
بل إن صداق زينب بنت جحش بالذات موضع خلاف أيضاً. فقد قال الماوردي: "قال الضحاك: فتزوجها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان يومئذٍ في عسرة، فأصدقها قربة، وعباءة، ورحى اليد، ووسادة حشوها ليف([98]).
وهذا كله يعطينا: أن تعميمات عائشة. وكذلك تعميمات ابن إسحاق لا تصح، ولا مجال للاعتماد عليها.
الفصل الثالث:
أكاذيب.. وأباطيل في حديث زواج زينب
ماذا يقول الأفَّاكون؟!
وقد زعموا: أن زينب مكثت عند زيد ما شاء الله، ثم إن النبي "صلى الله عليه وآله" أتى ذات يوم بيت زيدٍ، يطلبه، فلم يجده، وأبصر زينب قائمةً في درعٍ وخمار، وكانت بيضاء جميلة، ذات خلق، من أتم نساء قريش، فوقعت في نفسه، فأعجبه حسنها. (وفي نص آخر: فهويها) فقال: سبحان الله مقلب القلوب، وانصرف.
وسمعت زينب التسبيحة، فلما جاء زيد ذكرتها له، ففطن، فألقي في نفسه كراهيتها، والرغبة عنها في الوقت. (أو في وقت رآها رسول الله "صلى الله عليه وآله") فأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: إني أريد أن أفارق صاحبتي الخ..([99]).
وفي نص آخر: فمكثت عنده ما شاء الله، ثم رآها النبي "صلى الله عليه وآله" يوماً متزينة فأعجبته، ورغب في نكاحها لو طلقها زيد، فأوقع الله كراهيتها في قلب زيد([100]).
وعن نوح بن أبي مريم، عن زينب: لما وقعت في قلب النبي "صلى الله عليه وآله" لم يستطعني زيد، وما امتنعت منه غير ما يمنعه الله مني، فلا يقدر عليَّ([101]).
وفي بعض الروايات: "أن زيداً تورم ذلك منه حين أراد أن يقربها"([102]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" استأذن، فأذنت له ولا خمار عليها، فألقت كم درعها على رأسها([103]).
وفي نص آخر أيضاً: "أبطأ عنه يوماً، فأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منزله يسأل عنه، فإذا زينب جالسة وسط حجرتها تسحق طيباً بفهر لها، فدفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" الباب، فنظر إليها، وكانت جميلة حسنة، فقال: سبحان خالق النور، وتبارك الله أحسن الخالقين. ثم رجع "صلى الله عليه وآله" إلى منزله، ووقعت زينب في قلبه وقوعاً عجيباً.
وجاء زيد إلى منزله، فأخبرته زينب بما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال لها زيد: هل لك أن أطلقك حتى يتزوجك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلعلَّك وقعت في قلبه؟!
فقالت: أخشى أن تطلقني، ولا يتزوجني رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فجاء زيد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: بأبي أنت وأمي، أخبرتني زينب بكذا وكذا، فهل لك أن أطلقها حتى تتزوجها؟!
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا، اذهب واتق الله، وأمسك عليك زوجك..".
إلى أن قال في تفسير قوله تعالى: ?لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ..?، أي: "لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها حتى يطلقها، وتتزوجها أنت، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا"([104]).
وفي نص آخر: "ثم وقع بصره عليها بعد حين، فوقع في نفسه حبها، وفي نفس زيد كراهتها"([105]).
بل روي: أنه "صلى الله عليه وآله" حين جاء إلى منزل زيد رأى امرأته تغتسل، فقال لها: سبحان الله الذي خلقك.
ثم ذكرت الرواية: أن المقصود هو تنزيه الله عن أن تكون الملائكة بنات له، فراجع([106]).
ورووا أيضاً: أن زيداً تشاجر معها في شيء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فنظر إليها النبي "صلى الله عليه وآله" فأعجبته.
فقال: يا رسول الله تأذن لي في طلاقها فإن فيها كبراً، وإنها لتؤذيني بلسانها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": اتق الله، وأمسك عليك زوجك، وأحسن إليها. ثم إن زيداً طلقها، وانقضت عدتها، فأنزل الله نكاحها على رسول الله الخ..([107]).
وقيل: "لما جاء زيد مخاصماً زوجته فرآها النبي، استحسنها، وتمنى أن يفارقها زيد حتى يتزوجها، فكتم"([108]).
وفي نص آخر: "لما تزوج رسول الله "صلى الله عليه وآله" بزينب بنت جحش، وكان يحبها، فأولم الخ.."([109]).
وفي نص آخر يقول: "إنه "صلى الله عليه وآله" جاء لبيت زيد بن حارثة، فلم يجده، فقامت إليه زوجته زينب بنت جحش فُضُلاً بسبب العجلة، وطلبت إليه أن يدخل، فأبى، "فأعجب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فولى، وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه، إلا ربما أعلن: سبحان الله العظيم، سبحان مصرف القلوب".
فجاء زيد رضي الله عنه إلى منزله، فأخبرته امرأته: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أتى منزله، فقال زيد رضي الله عنه: ألا قلتِ له أن يدخل؟!
قالت: قد عرضت ذلك عليه فأبى.
قال: فسمعت شيئاً؟
قالت: سمعته حين ولى تكلم بكلام، لا أفهمه، وسمعته يقول: سبحان الله، سبحان مصرف القلوب.
فجاء زيد رضي الله عنه، حتى أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، بلغني أنك جئت منزلي، فهلا دخلت يا رسول الله! لعل زينب أعجبتك، فأفارقها؟!
فيقول رسول الله "صلى الله عليه وآله": ?أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ?.
فما استطاع زيد إليها سبيلاً بعد ذلك اليوم فيأتى لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فيخبره، فيقول: ?أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ?.
ففارقها زيد، واعتزلها، وانقضت عدتها، فبينا رسول الله "صلى الله عليه وآله" جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها، إذ أخذته غشية، فسري عنه وهو يبتسم، ويقول: من يذهب إلى زينب فيبشرها: أن الله زوجنيها من السماء؟!
وتلا رسول الله "صلى الله عليه وآله": ?وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ الله عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ? القصة..
قالت عائشة: فأخذني ما قرب وما بعد لما يبلغني من جمالها. وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها زوجها الله من السماء، وقلت: هي تفخر علينا بهذا"([110]).
عن عائشة قالت: "لو كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: ?وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهَ عَلَيْهِ..?([111]).
وعن أنس: لو كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" كاتماً شيئاً لكتم هذه الآية([112]).
ونظير ذلك روي عن الحسن أيضاً([113]).
وروي نظير ذلك عن عمر بن الخطاب أيضاً([114]).
وفي تفسير قوله تعالى: ?سُنَّةَ الله ِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ..? يقولون: "يقول: كما هوي داود النبي "عليه السلام" المرأة التي نظر إليها، فهويها، فتزوجها، فكذلك قضى الله لمحمد "صلى الله عليه وآله"، فتزوج زينب الخ.."([115]).
وقال ابن قيم الجوزية، معقباً على قضية زواج النبي "صلى الله عليه وآله"، بعد رؤيته لها: "وهذا داود نبي "عليه السلام" كان تحته تسع وتسعون امرأة، ثم أحب تلك المرأة وتزوجها، وأكمل بها الماءة"([116]).
وعن ابن إسحاق، عن الشعبي: مرض زيد بن حارثة، فدخل عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعوده، وزينب ابنة جحش امرأته جالسة عند رأس زيد، فقامت زينب لبعض شأنها، فنظر إليها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم طأطأ رأسه، فقال: سبحان الله مقلب القلوب والأبصار.
فقال زيد: أطلقها لك يا رسول الله؟!
فقال: لا.
فأنزل الله عز وجل: ?وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ..? إلى قوله: ?..وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً?([117]).
وفي نص آخر: أنه حين جاء النبي "صلى الله عليه وآله" يطلب زيداً كان على الباب ستر من شعر، فرفعت الريح الستر، فانكشف، وهي في حجرتها حاسرة، فوقع إعجابها في قلب النبي "صلى الله عليه وآله"، فلما وقع ذلك كُرِّهت إلى الآخر، الخ..([118]).
وقد وصف ابن الديبع الشيباني هذا النوع من الروايات: بأنها ثابتة، وجعلها العلماء أصلاً للحكم بثبوت بعض الخصائص له "صلى الله عليه وآله" كما سيأتي([119]).
وقد ذكروا: "أن البلخي جوَّز أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" استحسنها، فتمنى أن يفارقها، فيتزوجها، وكتم ذلك"([120]).
وعلى حد تعبير بعضهم: "وكان النبي "صلى الله عليه وآله" حريصاً على أن يطلقها زيد فيتزوجها هو"([121]).
بل لقد ألف بعضهم كتاباً في العشق، وذكر فيه عشق الأنبياء "عليهم السلام"، وذكر فيه هذه الواقعة([122]) وقد استفاد خصوم الإسلام من هذه المرويات، وكذلك المستشرقون أيما استفادة، فراجع كلماتهم([123]).
نقد الروايات المتقدمة:
ونقول:
إنه يرد على الروايات المتقدمة العديد من الإشكالات التي تظهر زيفها.
ونحن نذكر هنا ما تيسر لنا من هذه الإشكالات، ونجيب عنها، وذلك على النحو التالي:
ألف: ما الذي يخفيه النبي ' في نفسه؟!
لقد ذكرت تلك الروايات: أن الذي كان يخفيه النبي في نفسه. هو حب زينب، وإعجابه بها.
وعلى حد تعبير النيسابوري: "تعلق قلبه بها، أو مودة مفارقة زيد إياها، أو علمه بأن زيداً سيطلقها"([124]).
وعلى حد تعبير الرواية المنسوبة إلى ابن عباس، في تفسير قوله تعالى: ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ..? قال: أي حب زينب، وهي في عصمة زيد([125]).
وهذا الكلام لا يمكن أن يصح، فلاحظ ما يلي:
أولاً: إن الإمام السجاد "عليه السلام" قد كذَّب هذه الروايات، فعن علي بن زيد بن جدعان، قال: قال لي علي بن الحسين: ما يقول الحسن (أي البصري) في قوله: ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ..?؟!
فقلت له.. ([126]).
فقال: لا، ولكن الله أعلم نبيه "صلى الله عليه وآله": أن زينب رضي الله عنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها؛ فلما أتاه زيد يشكو إليه، قال: اتق الله، وأمسك عليك زوجك.
فقال: قد أخبرتك: أني مزوجكها، ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ..?.
وروي عن الإمام الرضا "عليه السلام" هذا المعنى أيضاً([127]).
فقد دل هذا الحديث على أمرين:
أحدهما: أن قوله "صلى الله عليه وآله" لزيد: أمسك عليك زوجك. لم يكن حين عرض عليه طلاق زينب ليتزوجها هو ـ إن كانت قد وقعت في نفسه ـ بل كان ذلك حين شكاها إليه..
والثاني: أن ما كان يخفيه النبي "صلى الله عليه وآله" في نفسه لم يكن هو حب زينب والإعجاب بها، بل هو ما أخبره الله تعالى به من أنها ستكون زوجة له في يوم ما.
وقد علق الحكيم الترمذي في نوادر الأصول، على هذا الحديث بقوله: "فعلي بن الحسين جاء بهذا من خزانة العلم، جوهراً من الجواهر، ودراً من الدرر"([128]).
لا معنى للأمر بالإمساك:
فإن قيل: كيف يأمر النبي "صلى الله عليه وآله" زيداً بإمساك زوجه، وهو يعلم أن الفراق لا بد منه؟ أليس هذا من التناقض؟!
قيل: إن لهذا الأمر مصالحه وغاياته، ومنها: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد لزيد أن يكون في موقع الطاعة لله، وأن لا يكون قاسياً عليها، وأن يعاملها بالرفق، حتى إذا فارقها بعد أن يكون قد استنفذ جميع ما في وسعه وطاقته لم يكن ثمة مجال لأن تراود نفسه ونفسها آية خواطر في هذا الاتجاه.
أو لأجل إقامة الحجة على زيد في شأنها، نظير أمر الله عباده بالإيمان، مع علمه بأن هذا أو ذاك سوف لا يطيع هذا الأمر.
ب: ما الذي أبداه الله تعالى؟!
وقد اعترف بعض علماء السنة([129]) بصحة هذا الذي ذكرناه، ونقلناه عن الإمام السجاد "صلوات الله وسلامه عليه" واعتبره أسدَّ الأقاويل، وأليقها بحال الأنبياء "عليهم السلام"، وأكثرها مطابقة لظاهر التنزيل، لأن الله سبحانه قال: ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا الله مُبْدِيهِ..? ولم يبد الله سبحانه وتعالى غير تزويجها منه.
وهذا نظير قوله تعالى: ?لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ..?.
قال المجلسي: "إنه تعالى أعلم رسوله أنه يبدي ما أخفاه، ولم يظهر غير التزويج، فقال: ?زَوَّجْنَاكَهَا?. فلو كان الذي أضمره محبتها، أو إرادة طلاقها([130]) لأظهر الله تعالى ذلك، مع وعده بأن يبديه"([131]).
وقال السيد المرتضى: "أخفى في نفسه عزمه على نكاحها بعد طلاقها، لينتهي إلى أمر الله تعالى منها"([132]).
وليس في الآيات أية إشارة إلى وجود هوى ومحبة، أو إعجاب، أو غير ذلك.
ثم بينت الآية سبب هذا الإخفاء، وهو: أن الناس كانوا يعتبرون الابن بالتبني بمثابة الابن الصلبي في الأحكام.. فكان "صلى الله عليه وآله" يخشى من أن ينخدع ضعفاء النفوس بأقاويل المنافقين، ومن لف لفهم، وأن لا يبقى لكلامه ذلك الأثر المطلوب في هدايتهم، مع ملاحظة: أنه لم يكن هناك أمر إلهي له بإظهار ما كان يخفيه، من أن الله قد أعلمه بأنها ستصير زوجته، فكان أن تولى الله سبحانه إظهار ذلك، لأن الإظهار منه تعالى أعظم أثراً في إبطال كيد المنافقين..
ج: الله تعالى مصرِّف القلوب:
وقد زعموا: أن قول النبي "صلى الله عليه وآله": سبحان الله مصرِّف القلوب، ناظر إلى التصرف بقلب زيد، ليكره زينب ويطلقها.
ونقول:
أولاً: إنه لو صح: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك، فلا دليل على أنه ناظر إلى ما زعموه، فلعله أراد به أن يظهر تعجبه مما جرى بين زينب وزيد، حيث كانت كارهة له أولاً، ثم أصبح هو الكاره لها، والساعي لمفارقتها بعد ذلك.
ثانياً: لقد رووا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يكثر أن يقول: يا مصرف القلوب([133]).
وعن عائشة، قالت: "ما رفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" رأسه إلى السماء إلا قال: يا مصرف القلوب، ثبت قلبي على طاعتك"([134]).
وعن أبي هريرة مثله([135]). فلعله "صلى الله عليه وآله" قد رفع طرفه إلى السماء في تلك الساعة فقال هذا القول، من دون أن يكون لذلك ارتباط بزينب أو بغيرها.
د: التحريض والرجم بالغيب:
ثم إنهم زعموا: أن النبي قد أعجب بزينب وأحبها، بعد أن رآها.
ونقول:
من الذي أخبر الناس بأنه "صلى الله عليه وآله" قد أعجب بزينب، أو وقع في هواها، أو هويها، أو عشقها، أو نحو ذلك من تعابير؟ فإن هذا أمر قلبي لا يمكن لأحد الاطلاع عليه، إلا أن يطلعه النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه على ذلك.
والله سبحانه، وإن كان قد صرح بأنه "صلى الله عليه وآله" قد أخفى أمراً اعتلج في نفسه، ولكنه لم يصرح بحقيقة هذا الأمر، بل جاءت الروايات والقرائن من الآيات لتدلنا على أن الذي أخفاه "صلى الله عليه وآله" هو القضاء الإلهي بأن تكون زينب من أزواجه "صلى الله عليه وآله".
فهل اطلع هؤلاء الرواة ـ دون كل أحد ـ على غيب الله سبحانه؟ فإن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أسرَّ إليهم بهذا الأمر فلماذا؟ وكيف؟! ومتى أسرَّ إليهم "صلى الله عليه وآله" بهذا الأمر الذي أخفاه عن سواهم.
هـ: الأمر بتقوى الله!!
والغريب في الأمر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي يحب زوجات الناس ـ نعوذ بالله من هذه التعابير ـ ولكنه يأمر زوج زينب المسكين، الذي لم يظهر منه أي خلاف أو معصية، والذي يريد هو منه أن يتخلى له عن زوجته ـ يأمره بتقوى الله سبحانه، مع أنه لم يفعل إلا ما ينسجم مع أمنياته، ولا يسعى إلا في تحقيق مآربه، وإيصاله إلى مطلوبه!!..
و: أمسك عليك زوجك:
ويزيد الأمر تعقيداً، حين يقول له هذا الطامع بتلك الزوجة، والمعجب بها، والمحب لها: أمسك عليك زوجك!! متظاهراً بخلاف ما يضمره، وينويه، ويسعى إليه، فهل يمكن أن يقال: إن هذه هي أخلاق الأنبياء؟! أو أن هذا هو ما تفرضه قواعد النبل والكرامة لدى الناس العاديين؟!
ز: عشق النبي ' لزوجة غيره:
وبعد أن وصف السيد المرتضى "رحمه الله" الرواية التي تتحدث عن هوى النبي "صلى الله عليه وآله" لزينب بالخبيثة، قال: "إن عشق الأنبياء "عليهم السلام" لمن ليس يحل لهم من النساء منفرٌ عنهم، وحاطٌّ من رتبتهم ومنزلتهم. وهذا مما لا شبهة فيه".
إلى أن قال: "كيف يذهب على عاقل: أن عشق الرجل زوجة غيره منفر عنه، معدود في جملة معائبه، ومثالبه"؟! ([136]).
عشق الأنبياء ^ ممدوح!!
وقد زعم بعضهم: أن من العلامات الدالة على أن زينب ستكون زوجة للنبي "صلى الله عليه وآله" إلقاء محبتها في قلبه، وذلك بتحبيب الله تعالى، لا بمحبته لها بطبعه. وذلك ممدوح جداً.
ومنه قوله: حبب إليَّ من دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء، وقرة عيني في الصلاة.
حيث لم يقل: أحببت. ودواعي الأنبياء والأولياء من قبيل الإذن الإلهي، إذ ليس للشيطان عليهم سبيل([137]).
ونقول:
إن القبيح مرفوض على كل حال بالنسبة للبشر، فلا تصح نسبته إلى الله تعالى، فإذا كان هذا من المنفرات عن الأنبياء، قبح صدوره منهم، سواء أكان بميلهم الطبيعي، أم بفعل الله تعالى بهم.
ح: لا تمدنَّ عينيك:
قال القاضي عياض وغيره عن زعمهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أحب زينب، وهي في حبالة زيد: "ولو كان ذلك لكان فيه أعظم الجرح، وما لا يليق به، من مدِّ عينيه إلى ما نهي عنه من زهرة الحياة الدنيا"؟! ([138]).
قال تعالى: ?لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إلى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ..?([139]).
ط: الحسد:
وقال عياض: ولكان هذا نفس الحسد المذموم، الذي لا يرضاه الله، ولا يتسم به الأتقياء، فكيف سيد الأنبياء "صلى الله عليه وآله"؟!([140]).
ي: يراها.. فأعجبته!:
وقال القاضي عياض أيضاً: "كيف يقال: يراها فأعجبته، وهي ابنة عمته، ولم يزل يراها منذ ولدت. ولا كان النساء يحتجبن منه "صلى الله عليه وآله". وهو الذي زوجها لزيد؟"([141]).
فكيف يخفى عليه جمال زينب كل هذه المدة الطويلة، وهي بمرأى منه ومسمع؟!
ك: العشق في سن الكهولة!!
قال القرطبي: "فأما ما روي أن النبي "صلى الله عليه وآله" هوي زينب، امرأة زيد، وربما أطلق بعض المجان لفظ عشق، فهذا إنما يصدر عن جاهل بعصمة النبي "صلى الله عليه وآله" عن مثل هذا، أو مستخف بحرمته"([142]).
وبعد.. فقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" في تلك الفترة يقترب في عمره من الستين، وهو سن الشيخوخة. وقد كان شبابه قد ولى، والناس في هذه السن ينصرفون عادة عن التفكير بالنساء، وينأون بأنفسهم عن الحب وعن قضايا الجنس، خصوصاً بالنسبة للمحصنات من النساء.
فإذا أضفنا إلى ذلك: أنه إذا كان ـ كما يزعمون ـ يرى جميع النساء، ويطلع على ما هن عليه من الجمال، فقد كان لدى كثيرين من صحابته بنات، وكذلك زوجات، يتجاوز عددهن المئات والألوف، وكان فيهن الكثيرات ممن لهن حظ وافر من الجمال.. وكان "صلى الله عليه وآله" يراهن بحسب زعمهم. فلماذا لا يعشق غير زينب، ولا يفكر بغيرها من الفتيات الأبكار، اللواتي كأنهن الأقمار، أو كالشموس في رابعة النهار؟!
ل: تناقض الروايات في أمر الهوى:
وإن إلقاء نظرة عابرة على تلك الروايات في مصادرها: تبين إلى أي حد هي متناقضة، وقد تقدمت منا إشارة إلى بعض نماذج ذلك، ونزيد هنا السؤال عن أنه هل جاءت زينب مع زيد إلى الرسول "صلى الله عليه وآله" حين تشاجرا في شيء بينهما، فرآها فأعجبته وأحبها؟!
أم أنه "صلى الله عليه وآله" ذهب لعيادة زيد فرآها عنده؟
أم أنه ذهب إلى بيتها في غياب زيد، فرآها؟!
وهل عشقها، حين رآها وهي تغتسل؟!
أو حين كانت تسحق طيباً بفهر؟
أو لا هذا، ولا ذاك؟!
وهل جاء قوله: ?أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ?، حين أخبره بأنها تؤذيه، ويريد طلاقها؟!
أم حين عرض طلاقها عليه، إذا كانت وقعت في نفسه؟!
أم أن الحقيقة هي غير ذلك؟!
وهل؟! وهل؟! وهل؟!.
م: الجائزة للمذنبين:
إن مقتضى كلام هؤلاء الناس هو أن النبي "صلى الله عليه وآله" ينساق وراء هواه، ويعشق ويهوى امرأة متزوجة، ويكلِّم زوجها بما يخالف الحقيقة. ويمد عينيه إلى ما متع الله به أزواجاً منهم، زهرة الحياة الدنيا، والله ليس فقط لا يزجره ولا يعاقبه، بل هو يسارع إلى تهيئة الأمور لصالحه، ويتولى هو تزويجه وإيصاله إلى أهوائه وشهواته وملذاته!!
ن: زينب لا تمتنع، وزيد لا يستطيع:
لقد ذكرت الروايات: أن زينب منذ وقعت في قلب النبي "صلى الله عليه وآله" لم يستطعها زيد، مع أنها لم تمتنع منه، لكن الله كان يمنعه منها.
وفي بعض الروايات: أنها كُرِّهت إلى زوجها.
وهو كلام غير مقبول أيضاً، لأن التوسل بالجبر الإلهي لمنع الرجل من مقاربة زوجته، يستبطن نسبة الظلم إلى الله سبحانه وتعالى. مع أن الله سبحانه لم يتدخل لمنع الناس من إلقاء إبراهيم في نار النمرود، ولم يمنع المشركين من ملاحقة النبي "صلى الله عليه وآله" ليلة الهجرة إلى باب الغار، ولم يمنع قتلة الأنبياء وأوصياء الأنبياء من ارتكاب جرائمهم.
نعم.. إنه تعالى لم يفعل ذلك بهم على نحو الإكراه والإجبار، وبالحيلولة المباشرة بينهم وبين ما يريدون. بل هم قد فعلوا كل ما أرادوا.
فإن كانت هناك ضرورة للتدخل الإلهي حين يتهدد الخطر من أرسله الله تعالى للبشرية جمعاء، فإنه يكون خارج دائرة اختيار الناس، فيقول للنار: ?كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً..? وينبت الشجر، وتنسج العنكبوت على باب الغار. ولكن الأمر بالنسبة لزيد ليس من هذا القبيل فما معنى التدخل لمنعه من زينب، وأن تكرَّه له؟!
أما الحديث عن تورم يحصل لزيد، كلما رام النيل من زوجته، بعد وقوعها في قلب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فهو من سخف القول، وعوار الكلام، إذ لا مبرر للتدخل الإلهي المباشر لمنع زيد مما هو حلال له، والله أجل، والنبي "صلى الله عليه وآله" أورع وأتقى، وأبر مما يراد نسبته إليه.
س: لماذا يكتم النبي ' هذا عن نفسه؟!:
وفي تلميح هو كالتصريح ببشاعة هذا الفعل، وفي نسبة القبيح إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نلاحظ: أن ثمة فريقاً كان يسعى للإيحاء بأن هذا الأمر يمكن أن يصدر عنه "صلى الله عليه وآله"، معتبراً: أن هذا الأمر مما ينبغي أن يكتمه الإنسان، على نفسه ولا يعلن به. ومن هذا الفريق.. الذين تحدثوا بهذه الطريقة:
1 ـ عمر بن الخطاب.
2 ـ عائشة بنت أبي بكر.
3 ـ أنس.
4 ـ الحسن البصري.
وهم الذين وردت الرواية بقولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" لو كان كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية: ?وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ..? الآية..
فإذا كان هذا الفعل مما يستحق الكتمان، وقد آثر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يفشيه، رغم أن في إفشائه حطاً من كرامته، وإنقاصاً من قدره، فكيف يصح صدور ذلك منه "صلى الله عليه وآله"؟! فإن المؤمن لا يقدم على فعل ما يشينه، وينقص من قدره.
ولكن الحقيقة هي: أن هؤلاء يريدون أن يهوِّنوا على الناس ما يرونه من قبائح وفضائح يمارسها الحكام، أو تحكى لهم عنهم.. أنهم يرون بذلك الإيحاء للناس بأن هؤلاء الحكام لا تختلف حالهم كثيراً عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي كان يعشق، ويفتضح عشقه، ويبرر الله تعالى ويسهل له سبل الوصول إلى معشوقته..
ع: النبي ' يتعرض للنساء!!
والأدهى من ذلك والأمرّ: أن بعض تعابيرهم تستبطن الاتهام للنبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" بأمور لا تصدر إلا من أهل الفسق والفجور، والعياذ بالله. وذلك مثل قولهم في تفسير قوله تعالى: ?لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ..? "أي: لا يحل لك امرأة رجل أن تتعرض لها، حتى يطلقها وتتزوجها أنت، فلا تفعل هذا الفعل بعد هذا".
فكيف يصح القول: بأنه "صلى الله عليه وآله" كان يتعرض لامرأة رجل آخر، ليطلقها له، ويتزوجها هو؟!
فإنه حتى الذين لا يتورعون عن المآثم ينكرون هذا الأمر، ويأنفون من نسبته إليهم، فكيف بنبي الله الأعظم "صلى الله عليه وآله"؟!
وبغض النظر عن ذلك نقول:
إن قوله تعالى: ?لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء..? ليس فيه أية دلالة على أنه "صلى الله عليه وآله" كان يتعرض لنساء الناس، بل هو يدل على: أن الله تعالى قد بين أنه لا يجوز له الزيادة على النساء اللاتي كن في عصمته "صلى الله عليه وآله". وليس في الآيات أية دلالة على ارتباط هذه الآية بآيات زواجه بزينب، التي كان الحديث عنها قد انتهى..
بل ظاهرها: أنها ترتبط بآيات تخييره بين إرجاء من شاء، وإيواء من شاء منهن. فإقحام قضية زينب في مضمون الآية ليس له مبرر ظاهر.
استدلال ابن الديبع فاسد:
أما ابن الديبع، فقد اعتبر رؤية النبي "صلى الله عليه وآله" لزينب، ودخوله عليها بغير إذن أمراً صحيحاً، مستدلاً على ذلك بقوله: "إن نظره إليها كان قبل نزول الحجاب؛ لأنها نزلت في حال دخوله عليها. مع أن الراجح عند المحققين: أن النساء ما كن يتحجبن عنه "صلى الله عليه وآله"([143]).
ونقول:
1 ـ لو سلمنا أن الحجاب لم يكن قد وضع آنئذٍ، فإن ذلك لا يصحح اقتحام النبي "صلى الله عليه وآله" بيوت الناس من دون استئذان، إذ لعل الرجل مع زوجته على حال لا يجوز رؤيتهما عليها، ولعل المرأة في وضع أيضاً كذلك، كما لو كانت تغتسل كما زعمته بعض تلك الروايات المشؤومة السابقة.
وبتعبير آخر: إن اقتحام البيوت من دون استئذان يخالف أبسط قواعد الآداب. ولا يرضاه الرجل حتى من ولده، وحتى لو كان ذلك الوالد وحده في بيته، فكيف يُقْبَل ذلك ممن بعثه الله للناس بمكارم الأخلاق، أو ليتمها لهم؟!
فعن علي "عليه السلام"، قال: سمعت النبي "صلى الله عليه وآله" يقول: بعثت بمكارم الأخلاق ومحاسنها([144]).
وعنه "صلى الله عليه وآله": عليكم بمكارم الأخلاق فإن ربي بعثني بها..([145]).
وقال "صلى الله عليه وآله": إن الله أدبني وأحسن أدبي ثم أمرني بمكارم الأخلاق([146]).
وروي من طرق العامة، أنه "صلى الله عليه وآله" قال: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق([147]).
والروايات التي قبل هذه الأخيرة أوضح وأدق منها، من حيث الدلالة والمضمون.
وقد أمر الله بإلزام الأطفال بالاستئذان على أبويهما في أوقات الخلوة، فقال: ?لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ?([148]).
2 ـ إن ما ذكروه من عدم وجوب احتجاب النساء عن النبي "صلى الله عليه وآله" لا دليل عليه سوى أحد أمرين:
الأول: ما زعموه من قصة زينب، والتي هي مورد البحث. وصحة الإستدلال بها متوقف على ثبوتها، وسلامتها عن كل هذه الإشكالات التي ذكرناها في هذا الفصل، وفي غيره..
الثاني: لا يصح الاستدلال على ذلك بقصة أم حرام بنت ملحان الآتية [رقم4] وسنرى: أنها أيضاً لا تصلح للاستدلال بها على هذا الأمر.
3 ـ إن دعوى: أن دخول النبي "صلى الله عليه وآله" على زينب كان قبل نزول الحجاب سيأتي: أنها غير ظاهرة الوجه، بل الظاهر هو: أن الحجاب كان مفروضاً قبل ذلك بزمان، كما سنذكره في الفصل التالي إن شاء الله.
4 ـ قد استندوا في زعمهم جواز أن ينظر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى النساء إلى ما رووه، من أنه "صلى الله عليه وآله" كان يزور أم حرام بنت ملحان، ويقيل، وينام عندها، بل زعموا أنها كانت تفلي رأسه، قالوا: ولم يكن بينهما محرمية، ولا زوجية([149]).
ونقول:
أولاً: إن هذا زعم فاسد، فقد قال ابن وهب: أم حرام إحدى خالات رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الرضاعة، فلذلك كان يقيل عندها.
وقال أبو عمر: أظن أن أم حرام أرضعت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو أختها أم سليم، فصارت كل منهما أمه أو خالته من الرضاعة، فلذلك كانت تفلي رأسه، وينام عندها، وتنال منه ما يجوز لذي محرم أن يناله من محارمه. ولا يشك مسلم: أن أم حرام كانت محرماً له.
ثم روى عن يحيى بن إبراهيم بن مزين، قال: إنما استجاز رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن تفلي أم حرام رأسه؛ لأنها كانت منه ذات محرم، من قبل خالاته، لأن أم عبد المطلب بن هاشم كانت من بني النجار([150]).
غير أننا نقول:
لقد أنكر ابن الملقن صحة هذا الأمر([151])، وهو محق في إنكاره هذا.. خصوصاً مع ملاحظة ارتفاع سن عبد المطلب بالنسبة إليها، وإلى النبي. فكيف بالنسبة لأم عبد المطلب أيضاً؟!
فيكون القول بأن قرابتها برسول الله "صلى الله عليه وآله" كانت قرابة رضاعية، أقرب إلى الاعتبار.
ولكن الدمياطي لم يرتض هذا أيضاً، على اعتبار: أن أمهاته "صلى الله عليه وآله" من النسب ومن الرضاعة معلومات، وليس فيهن واحدة من الأنصار البتة، سوى أم عبد المطلب، وهي سلمى بنت عمرو بن زيد، بن لبيد بن خراش، بن عامر بن غنم.. وأم حرام هي بنت ملحان بن خالد بن زيد، بن حرام بن جندب، بن عامر بن غنم. فلا تجتمع أم حرام بسلمى إلا في عامر، وهو جدهما الأعلى. وهي خؤولة لا تثبت محرمية([152]).
ثانياً: إن ما زعموه: من دخوله "صلى الله عليه وآله" على أم حرام، وأم سليم لا يُثْبِتُ أنه كان يراهما من دون حجاب.
ثالثاً: ما زعموه: من أنها كانت تفلي رأسه غير ظاهر الوجه، فإنه "صلى الله عليه وآله" كان نظيفاً، متنظفاً، ولم يكن في رأسه شيء من الهوام، ليحتاج إلى أن تفليه أم حرام، أو غيرها.. فما معنى نسبة أمر من هذا القبيل إليه؟!
رابعاً: إذا كانت هناك صلة رضاعية بينه وبين أم حرام وأم سليم، فهذا يعني: أنها كانت امرأة مسنة. فلو فرض وجود أية إشارة إلى أنه كان ينظر إليها، وهي متكشفة بين يديه تكشف المحارم ـ مع أن هذا غير موجود ـ فإنه قد يكون على قاعدة: ?وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ?([153]).
خامساً: إنها حتى لو كانت تضع ثيابها، بسبب كبر سنها، فإن ذلك لا يلازم نظر النبي "صلى الله عليه وآله" إليها، وليس ثمة ما يصلح لإثبات ذلك.
سادساً: لو سلمنا بجواز نظر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى الأجنبيات، فهل يجوز له ملامستهن؟ إلا أن يقال: إن تفلية الرأس لا تلازم الملامسة..
لا يضر الهوى بالنبوة:
قال ابن الديبع الشيباني عن هذه الروايات: "قد جعلها العلماء من أصحابنا أصلاً، استدلوا به على أن من خصائصه "صلى الله عليه وآله" وجوب طلاق من رغب في نكاحها على زوجها، ووجوب إجابتها، فجوزوا رغبته في نكاح منكوحة غيره.
وإن في هذه القصة ما لا يخفى من التنويه بقدر المصطفى "صلى الله عليه وآله"، والإعلام بعظيم مكانته عند ربه سبحانه، وأنه يحب ما يحب، ويكره ما يكره، وينوب عنه في إظهار ما استحيا من إظهاره، علماً منه سبحانه بأنه إنما يفعل ذلك قمعاً لشهوته، ورداً لنفسه عن هواها. كما قال سبحانه في الآية الأخرى: ?إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَ اللهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ?.
فما نقله القاضي عياض عن ابن القشيري، وقرره، من أن ما سبق من تجويز رغبته في نكاحها، لو طلقها زيد: "إقدام عظيم من قائله، وقلة معرفة بحق النبي "صلى الله عليه وآله".. مردود يحتاج دليلاً والله أعلم"([154]).
وأجاب البغوي، وأشار إليه الغزالي: بأن ذلك لا يقدح في حال الأنبياء؛ لأن العبد غير ملوم على ما يقع في قلبه من مثل هذه الأشياء مما لم يقصد به المأثم، لأن الود، وميل النفس، من طبع البشر([155]).
وقيل: إن من خصائصه: أنه "صلى الله عليه وآله" متى رغب في نكاح امرأة فإن كانت متزوجة وجب على زوجها مفارقتها له "صلى الله عليه وآله"، وإن كانت خلية وجب عليها الإجابة([156]).
ونقول:
1 ـ إن الإعلام بعظيم مكانة النبي "صلى الله عليه وآله"، والتنويه بقدره لا يحتاج إلى تشريع أمرٍ يتضمن قهر الآخرين وظلمهم، وقد نوَّه الله تعالى بعظيم قدر نبيه "صلى الله عليه وآله" بطرق مختلفة ليس فيها أي انتقاص من كرامة الغير، أو إنقاص من حقه.
2 ـ إن العبد وإن كان غير ملوم على ما يقع في قلبه ما لم يقصد به المأثم، ولكن مما لا شك فيه أن هذا بمعنى: أنه لا يعاقب على ذلك الشيء، لا بمعنى: أنه ليس قبيحاً منه، بل هو داخل في نطاق القبح الفعلي، الذي يوجب أن ينظر الناس إلى فاعله نظرة انتقاص.
3 ـ إن من يحدث له ذلك لا يستحق المقامات السامية، ولا يعطى مقام النبوة. فكيف إذا أريد التنويه بقدره، وبعظيم مكانته عند ربه من خلال نفس هذا الشيء؟
4 ـ إن الإنسان يلام على الحسد مثلاً، ويطالب بإزالته من نفسه، ويلام أيضاً على حب زوجات الآخرين، ويرى الناس هذا عيباً فيه، ويطالبونه بتخليص نفسه من هذا الأمر المعيب.
5 ـ من أين استفاد هؤلاء: أنه يجب على الزوج طلاق المرأة التي يرغب النبي "صلى الله عليه وآله" في نكاحها؟ فإن كانوا قد استفادوا ذلك من قصة زينب كما يظهر من كلامهم، فهي بالإضافة إلى أنها مورد النقد، ومحل الأخذ والرد، ليس فيها ما يدل على الوجوب([157]).
وإن كان لديهم دليل آخر، فليظهروه، ليمكن النظر فيه.
6 ـ وأما ادِّعاء: أن هذه الأشياء لا تقدح في حال الأنبياء "عليهم السلام" لأن ذلك من طبع البشر، فغير صحيح؛ لأن القضية قضية حب لزوجة الغير، ورغبة في طلاق تلك الزوجة ليحصل عليها هو دونه.. وهذا غير مسألة الود والميل الطبعي.
7 ـ وحتى مسألة الميل الطبعي، فإنه إن كان ميلاً من النبي "صلى الله عليه وآله" لزوجته التي هي في حصانته، فلا كلام ولا إشكال.
وأما الميل الطبعي إلى زوجات الآخرين، فهو مرفوض ومدان، لأن الأنبياء "عليهم السلام" يعرفون من السلبيات والآثار للمحرمات ما يجعلها في غاية القبح بنظرهم، فهو "صلى الله عليه وآله" يرى بصورة عميقة جداً كيف أن آكل الربا يقوم كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس، ويرى كيف أن المغتاب يأكل لحم أخيه ميتاً.
ويكون في غاية الاستقذار والنفرة من هذا أو ذاك، وهكذا الحال بالنسبة لرغبته وميله، وحبه للمحصنات من أزواج الناس، فإنه يكون من العمق والشدة بحيث يرى ذلك ناراً مستعرة، لا قبل له بها، ولا يرى مبرراً للاقتراب منها.
فكيف ننسب إليه أنه يجهد ويجاهد نفسه لصرفها عن حب تلك المحصنة قمعاً لشهوته، ورداً لنفسه عن هواها؟! كما يزعمه هؤلاء، حسبما قرأناه وسمعناه فيما تقدم.. وكما سمعناه وقرأناه أيضاً بحق النبي يوسف "عليه السلام"، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
8 ـ ويتضح مما تقدم: أنه لا معنى لادِّعاء: أن ذلك من خصائصه "صلى الله عليه وآله"، فإنه إذا كان يستحيل صدور هذا الأمر منه "صلى الله عليه وآله" لأجل مثل هذه الموانع الأساسية، ومنها عصمته، ولزوم موافقة سياسة الهداية الإلهية لسنن الحياة، والفطرة، وللاعتبارات الصحيحة، فلا يمكن أن يقال: إنه جائز له، وهو من خصائصه!!
لم يزوجه الله إياها لأنه أحبها:
وبعد.. فقد أشرنا أكثر من مرة إلى أن الله سبحانه قد صرح بسبب تزويج زينب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: ?فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ?.
وذلك معناه: أن الهدف هو إبطال سنة جاهلية، حيث كان العرب يجعلون الأبناء بالتبني بمنزلة الأبناء الصلبيين في الأحكام، فمن أين جاء هؤلاء بهذه الادعاءات الباطلة، ذات التفاصيل المقيتة والبغيضة، التي تتضمن الطعن في كرامة رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
الأمر مفروض على رسول الله ':
فإذا كان الله تعالى هو الذي زوجه زينب: ?زَوَّجْنَاكَهَا?، فهذا يعني: أنه أمر لا خيار له فيه.
ثم صرحت الآيات: بأن ذلك أمر إلهي جازم حيث قال تعالى: ?..وَكَانَ أَمْرُ الله ِ مَفْعُولاً?، ثم قال: ?مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ الله ُ لَهُ..?.
ثم ذكر تعالى: أن سبب ذلك هو أن لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم، ثم هون الله عليه هذا الأمر، مع إعادة التأكيد على ضرورة إنجازه، حين قال تعالى: ?..سُنَّةَ الله فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ الله قَدَراً مَّقْدُوراً?.
فقد دلت هذه الآيات: على أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يزد على أن امتثل أمر الله سبحانه، ودلت أيضاً على أن ما كان يخشاه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، هو أن يتخذ الناس من غير المؤمنين المسلمين لله تعالى ذلك ذريعة للافتئات والتشنيع عليه "صلى الله عليه وآله"، في هذا الأمر، بحيث يؤثر ذلك على مسار دعوته إلى الله تعالى.
بين خشية الناس، وخشية الله:
ويزيد وضوح هذا الأمر حين يقرأ قوله تعالى: ?..وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ لَهُ سُنَّةَ الله ِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَّقْدُوراً الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ وَكَفَى بِالله حَسِيباً?.
حيث دلت هذه الآيات المباركات: على أن عليه "صلى الله عليه وآله" أن يقدم على هذا الأمر برضا نفس، وبسكينة تامة، وأن لا يخشى أحداً من الناس فيه. فإن تشنيعاتهم لا تصل إلى نتيجة.
كما أن الحسيب الذي لا يحيف، ويزن بميزان الحق والعدل هـو الله وحـده. أما البشر فإنهم يخلطون الحق بالباطل، وتتدخل أهواؤهم ومصالحهم، وعصبياتهم في حساباتهم، وفي محاسباتهم، فلا عبرة بها، فما عليه إلا أن يعرض عنها، فلا يقيم لها وزناً، وعليه أن يكتفي بمراعاة جانب الحسيب الصادق والعادل، والدقيق، وهو الله تعالى: ?وَكَفَى بِاللهِ حَسِيباً?.
فاتضح: أن هذه الآيات المباركات ليس فقط لا تتضمن ذماً ولا لوماً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإنما هي تعلن بمدحه، وسمو مقامه، وهي تبرّئه مما قد ينسبه إليه الجاهلون والمغرضون، والحاقدون، والذين في قلوبهم مرض.
لأنها تضمنت الإلماح إلى أنه "صلى الله عليه وآله" كان يخشى من تطاول الناس على مقام النبوة الأقدس، وأن ينالوه بمقالاتهم القبيحة، الأمر الذي يحمل معه أخطار الحد من قدرته على نشر كلمة الله تعالى فيهم، وفي غيرهم ممن بعثه الله تعالى إليهم.
فجاء التطمين الإلهي ليقول له: إن الله هو المتكفل برد عاديتهم، وإبطال كيدهم، فلا داعي للخوف ولا مجال للتحرج في هذا الأمر.
خشية النبي ' على الدين:
ومما يدل على أنه "صلى الله عليه وآله" إنما كان يخشى الناس على الرسالة والدين، لا على نفسه، قوله تعالى: ?الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا الله وَكَفَى بِاللهَِ حَسِيباً?.
كما أن خشيته "صلى الله عليه وآله" للناس لم تكن على حساب خشية الله تعالى. كيف وهو "صلى الله عليه وآله" القائل: "أنا أخشاكم لله، وأتقاكم له"([158]).
بل كانت في صراط خشيته له تعالى، فإذا جاء التكفل الإلهي بأنه تعالى هو الذي يكفيه هذا الأمر، ولم يبق هناك ما يخشاه من قبلهم، فما عليه إلا أن يصرف همه إلى ما يُحتاج إلى إنجاز مما كلفه الله تعالى به وأراده منه.. مما له أعظم الأثر في تحقيق الأغراض الإلهية السامية.
فليس في خشيته للناس ما ينقص من مقامه، بل ذلك يزيد من مقامه، ويؤكد باهر عظمته وعمق إخلاصه..
"أحق" أن تخشاه:
وأما التعبير بكلمة أحق في قوله تعالى: ?وَالله أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ? فليس فيه أي إيحاء سلبي، بل هو مثل قوله تعالى: ?عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ? فهو مدح وثناء بصيغة عتاب، لبيان درجاته العالية في الخشية له تعالى.
وذلك لأن مفادها: أنك يا محمد تخشى الناس، بمعنى أنك تعمل بحذر، بهدف تحصين عملك في نشر الرسالة من الإبطال بما يثار من شبهات وأباطيل من قبل هؤلاء الناس.
وهذا أمر حسن، وقد كان لا بد منه في السابق.. ولكن الأمر الآن قد اختلف، فإن الله تعالى قد تكفل بإبطال كيد هؤلاء الناس، فما عليك إلا أن يتمحض عملك بعد الآن في مراعاة الحذر والمراقبة في خشية أخرى هي أهم وأولى. وهي خشية الله سبحانه، ومراقبته فيما يطلبه منك، لتأتي به على أفضل وجه وأتمه، حيث إنك لم تعد مكلفاً بمراعاة الحذر في هذا الجانب.
فلماذا تتعب نفسك في أمر تحمَّله الله تعالى عنك؟! ولماذا أنت شديد الاهتمام والحذر؟! حتى إنك تحمِّل نفسك أثقالاً وهموماً عظيمة، مع أنه يكفيك الاهتمام بمراعاة جانب واحد، وتخفف عن نفسك فيما عداه، لأن الله سبحانه متكفل به، وسيدفع عنك شرهم وكيدهم فيه..
ومن الواضح: أنه ليس في الآية: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين خشي الناس لم يخش الله تعالى، كما أنه ليس فيها: أنه "صلى الله عليه وآله" مخطئ في خشيته للناس، بل فيها: أن: يا محمد إن خشية الله هي الأهم والأولى.
فهو أسلوب من أساليب الإخبار بكفاية الله له أحد الأمرين اللذين كانا مفروضين عليه معاً. وبعد أن حصلت الكفاية، فإن عليه أن يصرف كل جهده في إنجاز الأمر الآخر، الذي هو على درجة عظيمة من الأهمية، بحيث يكاد يجب ترك كل شيء من أجله.. من قبيل من يشرب دواءً ليتقي به بعض الأمراض.. وقد طمأنه الله تعالى إلى أنه قد تكفل بدفعها عنه فعليه أن يهتم بمعالجة الأمور التي تحتاج إلى مباشرة. أو هو من قبيل قولك: الطبيب الفلاني يعالج مرضى القلب ومرضى الملاريا والأولى والأهم هم مرضى القلب.
فليس معنى هذا: أنه قد أخطأ في معالجته لمرضى الملاريا إلى جانب مرضى القلب، بل معناه: أن كلا الأمرين كانا حقاً، لكن معالجة مرضى القلب أحق وأولى.
وملاحظة أخيرة نذكرها هنا، وهي: أن أول آية في سورة الأحزاب قد بدأت هكذا: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالمُنَافِقِينَ..? وهذا يشير إلى إرادة تعظيم التقوى، حتى إن الله تعالى يطلب من نبيه أن لا يقتصر على بعض مراتبها، بل المطلوب هو السعي لنيل سائر المراتب السامية والخطيرة منها.
فالأمر بالتقوى لا يستبطن اتهام النبي "صلى الله عليه وآله" بعدم مراعاة جانبها.. وكذلك الحال بالنسبة لمراتب الخشية من الله تعالى. فإن قوله تعالى: ?وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ?, لا يدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" لا يفعل ذلك، بل فيها: أن عليه أن يواصل السير في طريق الخشية، ونيل مراتبها واحدة بعد أخرى، وأن لهذه المراتب درجات متفاوتة في الأهمية والخطورة، وأن عليه أن يتابع مسيرته لنيل جميع تلك المراتب.
فخشية الله مطلوبة في السير والسلوك إليه تعالى، فهي كمعرفة الله، وتقواه وطاعته، حيث لا موضع للقول بالجبر في أفعال العباد.
لا يكفي التشريع بالقول:
ولعلك تقول: لماذا لم يسجل الشارع انتفاء أحكام البنوة الحقيقية عن الابن بالتبني، بمجرد القول، كما هو الحال في أكثر الأحكام التي شرعها؟!
بل هو قد اختار أسلوب الممارسة الفعلية، من قبل نبيه الأكرم "صلى الله عليه وآله".
ونجيب عن ذلك: بأن هناك أموراً يصعب إقناع الناس بها بمجرد القول، خصوصاً إذا وجد الناس فيها حرجاً، أو يخشون من أن يسبب لهم ذلك عاراً، أو عيباً اجتماعياً، أو تضمنت تمرداً على وضع عاطفي، ذي طابع معين.
فيحتاج تبليغ الحكم، على مستوى الإقناع، وإزالة حالات الإحراج فيه، أو إبعاد الشعور بالعيب والعار إلى القول، وإلى المبادرة المباشرة من النبي "صلى الله عليه وآله"، الذي هو الأسوة والقدوة في تحمل التبعات التي يخشاها الناس في مجال الممارسة.
وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد قدم الأمثولة الفضلى للقيادة الحكيمة، التي تبادر للتضحية في كل اتجاه في سبيل الأهداف العليا التي نذرت نفسها لها.
وهكذا حصل في موضوع أحكام الأبناء، فإن القرآن صرح باختصاصها بالأبناء الذين هم من الأصلاب في قوله تعالى: ?حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَآئِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللاَّتِي فِي حُجُورِكُم مِن نِّسَآئِكُمُ اللاَّتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُواْ دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ..?([159]).
ثم جاء فعل النبي "صلى الله عليه وآله" ليكون الله تعالى قد سد كل الذرائع على الذين يريدون التعلل، والهروب من الإلتزام بأحكامه تعالى.
هل كانت زينب متزوجة قبل رسول الله '؟!
قال إسماعيل حقي عن زينب بنت جحش: "كانت كالعارية عند زيد. ولذا قال حضرة الشيخ أفتاده أفندي (قده): في اعتقادنا أن زينب بكر كعائشة رضي الله عنها، لأن زيداً كان يعرف أنها حق النبي "عليه السلام"، فلم يمسها، وذلك مثل آسية، وزليخا.
ولكن عرفان عائشة لا يوصف. ويكفينا أن ميله "عليه السلام" إليها كان أكثر من غيرها، ولم تلد، لأنها فوق جميع التعينات"([160]).
ونقول:
1 ـ إن الحكم بكون زينب بكراً يحتاج إلى دليل، بل الدليل على خلافه موجود، وهو زواج زيد بها، ولم نجد ما يدل على أنه قد منع، أو عجز عنها حينما انتقلت إلى بيت الزوجية عنده.
2 ـ هناك روايات تحدثت عن أن زيداً قد منع عن زينب بعد أن رآها النبي "صلى الله عليه وآله"، وأحبها، حيث إن زيداً لم يستطعها بعد ذلك، رغم أنها كانت لا تمتنع منه. وقد قدمنا: أنها روايات مكذوبة ولا تصح.
3 ـ إن قوله تعالى: ?فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا? وقوله تعالى: ?لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى المُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً? ظاهر في أن زيداً قد وطئها وقضى وطره منها.
4 ـ لماذا تكون زينب عند زيد كالعارية فتبقى بكراً، ولا تكون سائر نسائه "صلى الله عليه وآله" عند أزواجهن السابقين عليه "صلى الله عليه وآله" كالعارية أيضاً، فيبقين أبكاراً مثلها؟!
5 ـ قد أثبتنا في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب: أن عائشة لم تكن بكراً، لأنها كانت متزوجة برجل آخر، وكان لها منه ولد اسمه عبد الله، فراجع.
6 ـ دعوى: أن زيداً كان يعرف أن زينب بنت جحش حق النبي "صلى الله عليه وآله" لا دليل عليها. فهي لا تعدو كونها تخرصاً ورجماً بالغيب.
7 ـ إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو القائل: خير نسائكم الولود الودود.. فكيف أصبحت عائشة التي لم تلد خيراً من مارية أم إبراهيم؟! وبماذا امتازت على خديجة التي ولدت له الزهراء "عليها السلام"؟!
بل لماذا، وبماذا كانت تمتاز على سائر نسائه ممن لم يلدن له، كما لم تلد هي له؟!
8 ـ ما معنى قوله: إن عائشة لم تلد لأنها كانت فوق التعينات، ولماذا كانت كذلك دون سائر أزواجه "صلى الله عليه وآله"؟!.. وكيف صار هذا هو العلة في كونها لم تلد؟!
وما معنى قوله: "ولكن عرفان عائشة لا يوصف"، ولماذا لا يوصف؟! وهل يستطيع أن يصف لنا عرفان خديجة؟! وعرفان أم سلمة؟! وعرفان ميمونة؟!.
9 ـ إن دعوى أن ميله "صلى الله عليه وآله" إلى عائشة كان أكثر من غيرها تحتاج إلى إثبات، ولكن بطريقة علمية صحيحة، فلا يعتمد في ذلك على رواياتها، وروايات عروة بن الزبير ابن أختها، وغيره من محبيها.
10 ـ ألا يكون ميله "صلى الله عليه وآله" إلى إحدى نسائه أكثر من غيرها أمراً قبيحاً منه، لا يصح نسبته إليه "صلى الله عليه وآله"؟!
11 ـ ألا يتنافى قوله تعالى: ?وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ? مع القول: بأن زيداً كان يعلم: أن زينب كانت حق النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
الفصل الرابع:
الحجاب في حديث الزواج
متى ولماذا نزل الحجاب؟!
وقـد روى الـرواة عن زينب بنت جحش أنهـا قالت: فيَّ نزلت آيـة الحجاب([161]).
وذكروا: أن ذلك كان في مناسبة تزويجها برسول الله "صلى الله عليه وآله".
وذكروا: أن السبب في ذلك هو عمر بن الخطاب.. وجعلوا ذلك من فضائله، حتى لقد رووا عن ابن مسعود أنه قال عن عمر: إنه فضَّل على الناس بأربع، وذكر منها:
أنه بذكره الحجاب أُمِرَ نساء النبي "صلى الله عليه وآله" أن يحتجبن.
وروي أن عمر مرَّ على نساء النبي "صلى الله عليه وآله" وهن مع النساء في المسجد، فقال: احتجبن، فإن لكن على النساء فضلاً، كما أن لزوجكن على الرجال الفضل.
فقالت له زينب رضي الله عنها: وإنك لتغار علينا يابن الخطاب، والوحي ينزل في بيوتنا؟!
فأنزل الله: ?وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ?([162]).
وقد صرحوا أيضاً: بأن آية الحجاب التي نزلت في زينب بنت جحش هي قوله: تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ..? الآية..([163]).
وكان وقت نزولها صبيحة عرس النبي "صلى الله عليه وآله" بزينب بنت جحش، في ذي القعدة سنة خمس([164]).
وعن أنس: ما بقي أحد أعلم بالحجاب مني، ولقد سألني أبي بن كعب رضي الله عنه، فقلت: نزل في زينب([165]).
وفي رواية عن أنس: أنه في قضية زينب بنت جحش، أراد أن يدخل مع النبي "صلى الله عليه وآله"، فألقى الستر بينه وبينه، ونزل الحجاب([166]).
ودعوى نزول الحجاب في مناسبة زواجه "صلى الله عليه وآله" بزينب موجودة في كثير من المصادر([167]).
وتتحدث الروايات عن: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أطعم الناس في مناسبة زواجه بزينب، وتخلف رجال يتحدثون في بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، "وزوج رسول الله التي دخل بها معهم، مولية وجهها إلى الحائط، فأطالوا الحديث، فشقوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان أشد الناس حياءً الخ.."([168]).
وقد خرج "صلى الله عليه وآله" إلى حُجر نسائه، ثم عاد، وتكرر خروجه وعودته، فكان يجدهم في كل مرة جلوساً على ما هم عليه، ولم يتغير شيء، فتضايق منهم، ففرض الحجاب([169]).
وقد قال ابن كثير: "فناسب نزول الحجاب في هذا العرس، صيانة لها، ولأخواتها من أمهات المؤمنين، وذلك وفق الرأي العمري.."([170]).
ونقول:
إن لنا ملاحظات عديدة على هذه الروايات وأمثالها. فنحن نذكرها، ضمن الفقرات التالية:
آية الحجاب:
لقد زعموا: أن آية الحجاب هي قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إلى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ..?.
وهو زعم لا يمكن قبوله، لأن هذه الآية إنما تنهى الناس عن دخول بيوت النبي "صلى الله عليه وآله" من غير إذن.. وليس فيها أمر للنساء بشيء.. لا بحجاب ولا بغيره..
ومن الواضح: أن اشتراط دخول البيوت بحصول الإذن من أصحابها، له مصالح وموجبات خاصة به، ولعل هذه الموجبات لا ربط لها بأمر الحجاب من الأساس.
مشاجرة زينب مع عمر:
ويلاحظ: أن حديث مشاجرة زينب مع عمر، وقولها له: إنك لتغار علينا، والوحي ينزل في بيوتنا، يتناقض مع حديث نزول الحجاب في مناسبة زواجها، فراجع..
ويلاحظ هنا: أن سؤال زينب لعمر لا يخلو من لهجة تهكمية، تتضمن إنكار صدق هذه الغيرة منه، ثم الاستنكار عليه في أن يتدخل في هذا.
تناقض أسباب فرض الحجاب:
ثم إن من يراجع كتب الحديث والتاريخ عند أهل السنة يتبين له: أنها لا تتفق على سبب ومناسبة فرض الحجاب، بل هي متناقضة في ذلك بصورة ظاهرة كما يظهر من الموارد التالية:
1 ـ إنهم وإن كانوا قد ذكروا ـ كما تقدم ـ : أن الحجاب قد فرض في مناسبة زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بزينب بنت جحش، ولكن الواقف عليها يجد أن ثمة اختلافاً في الصيغ، والخصوصيات في هذه المناسبة.
2 ـ زعموا: أن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث، أو في أربع، وذكر منها: أنه قال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": يا رسول الله، يدخل عليك البر والفاجر، فلو حجبت أمهات المؤمنين!! فأنزل الله عز وجل الحجاب([171]).
وحسب تعبير البخاري ومسلم، عن أنس، قال: قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله، إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو حجبتهن، فأنزل الله آية الحجاب([172]).
فيلاحظ: أن التعبير في النص الأول: بـ "يدخل عليك"، وفي الثاني: بـ "يدخل عليهن".
وفي هذا الثاني: إشعار بدخول البر والفاجر عليهن مطلقاً، ولو لم يكن النبي "صلى الله عليه وآله" حاضراً. وهو كلام مرفوض جملة وتفصيلاً.
3 ـ وعن عائشة: أنها كانت تأكل مع النبي "صلى الله عليه وآله" حيساً([173]) في قعب، فمر عمر، فدعاه، فأكل، فأصابت إصبعه إصبعها.
فقال عمر: أوَّه، لو أُطاع فيكن ما رأتكن عين، فنزلت آية الحجاب([174]).
4 ـ ونص آخر عن مجاهد يزعم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يطعم، ومعه أصحابه، فأصابت يد رجل منهم يد عائشة فكره ذلك النبي "صلى الله عليه وآله" فنزلت آية الحجاب([175]).
5 ـ عن عائشة: أن أزواج النبي "صلى الله عليه وآله" كن يخرجن بالليل إذا بَرْزْنَ إلى المناصع ـ وهو صعيد أفيح يتبرزن فيه ـ وكان عمر بن الخطاب يقول للنبي "صلى الله عليه وآله": احجب نساءك فلم يكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يفعل.
فخرجت سودة بنت زمعة ليلة من الليالي عشاءً. وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر، بصوته الأعلى: قد عرفناك يا سودة. حرصاً على أن ينزل الحجاب. فأنزل الله تعالى الحجاب.
قال الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ..? الآية..([176]).
ولكن نصاً آخر يذكر: أن ذلك قد حصل بعد فرض الحجاب، فقد روي عن عائشة:
أن سودة قد خرجت لحاجتها بعدما ضرب الحجاب، فناداها عمر: يا سودة، إنك ـ والله ـ ما تخفين علينا، فانظري كيف تخرجين.
فانكفأت راجعة، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في بيتها، وإنه ليتعشى، وفي يده عرق، فدخلت وقالت:
يا رسول الله، إني خرجت لبعض حاجتي، فقال لي عمر كذا، وكذا. فأوحي إليه، ثم رفع عنه، وإن العرق في يده.
فقال: إنه قد أذن لكنَّ أن تخرجن لحاجتكن([177]).
6 ـ عن ابن عباس: أن رجلاً دخل على النبي "صلى الله عليه وآله" فأطال الجلوس، فدخل عمر، فرأى الكراهية في وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال للرجل: لعلك آذيت النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
ففطن الرجل، فقام.
فقال عمر للنبي "صلى الله عليه وآله": "لو اتخذت حجاباً، فإن نساءك لسن كسائر النساء، وهو أطهر لقلوبهن".
فأنزل الله: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ?.
فأرسل إلى عمر، فأخبره بذلك([178]).
قالوا: "وكان عمر (رض) يحب ضرب الحجاب عليهن محبة شديدة"([179])، وكان يذكره كثيراً، وكان يود أن ينزل فيه.
وكان يقول: "لو أطاع فيكن ما رأتكن عين"([180]).
7 ـ روي: أن النساء كن يخرجن إلى المسجد، ويصلين خلف رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإذا كان بالليل، وخرجن إلى صلاة المغرب، والعشاء، والغداة، يقعد الشباب لهن في طريقهن، فيؤذونهن، ويتعرضون لهن، فنزلت الآية: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً?([181]).
8 ـ وفي بعض الروايات: أن الناس لم يقوموا من مجلسهم في وليمة زينب، إلا بعد نزول آية الحجاب، وضرب الرسول الحجاب([182]).
9 ـ وتذكر بعض الروايات عن قتادة: أن الذين أكلوا، وجلسوا يتحدثون، وطال مكوثهم، إنما كانوا في بيت أم سلمة، وأن الأمر بالحجاب قد صدر في هذه المناسبة([183]).
10 ـ وفي بعض الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله" مر بنساء من نسائه، وعندهن رجال يتحدثون، فكره ذلك. وكان إذا كره الشيء عرف في وجهه.
فلما كان العشي خرج، فصعد المنبر، فتلا هذه الآية: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ..?([184]).
11 ـ وعند الترمذي عن أنس: أنه "صلى الله عليه وآله" أتى باب امرأة عرس بها، فإذا عندها قوم، فانطلق فقضى حاجته، فاحتبس ثم رجع وعندها قوم، فانطلق فقضى حاجته، فرجع وقد خرجوا، فدخل، وأرخى بيني وبينه ستراً الخ..([185]).
ولنا مع النصوص المتقدمة وقفات، هي التالية:
ألف: من تناقضات الروايات:
إن من يقارن بين نصوص الروايات المتقدمة يجد: أنها مختلفة فيما بينها إلى حد التناقض في العديد من الموارد، ولذلك حاول البعض الجمع بينها كما يلي:
قال الزرقاني: "قال الحافظ: يمكن الجمع: بأن ذلك (أي نصيحة عمر للنبي بحجاب نسائه) وقع قبيل قصة زينب، فلقربه منها أطلق نزول آية الحجاب بهذا السبب. ولا مانع من تعدد الأسباب"([186]).
ونقول:
إن روايات قضية الحجاب كلما رُتقت من جانب، فتقت من جانب، إذ إن هناك تناقضات أخرى لا ينفع فيها هذا الجمع، مثل قولهم: إن ذلك كان في بيت أم سلمة.
ومثل التناقضات بين روايات الحجاب في قضية زينب نفسها.
والتناقضات التي بين روايات نصيحة عمر.
وهل كان الذي يأكل مع النبي "صلى الله عليه وآله" خصوص عمر، أو هو وآخرون؟! أوغير ذلك؟ فراجع وقارن.
والذي يبدو لنا هو: أن الحجاب ـ كما سيأتي ـ كان مفروضاً من أول الإسلام استمراراً لأحكام الشرائع السابقة.. ولكن تسامح الناس في رعاية هذا الأمر دعا إلى نزول آيات في موارد عديدة، من أجل تذكير الناس بما يجب عليهم، ولتؤكد ضرورة الالتزام بأحكام الله سبحانه..
ب: حماسة عمر لفرض الحجاب:
ويلاحظ هنا: أنهم يدَّعون: أن عمر كان مهتماً بفرض الحجاب، بحجة أنه يدخل على نساء النبي "صلى الله عليه وآله" البر والفاجر، وبحجة أن ذلك أطهر لقلوبهن. فجاء القرآن بموافقته.
ولكننا نجد في النصوص ما يشير: إلى أن عمر نفسه لم يكن مهتماً بحجاب نسائه. وذلك مثلما روي: من أن سلمة بن قيس أرسل رجلاً إلى عمر، يخبره بواقعة من الوقائع، فلما قدم له عمر الطعام نادى امرأته أم كلثوم بنت علي: ألا تأكلين معنا؟
فقالت له: لو أردت أن أخرج لكسوتني، كما كسا ابن جعفر، والزبير، وطلحة نساءهم([187]).
وإنما نورد هذه الرواية: لإلزام هؤلاء الناس بها، وإن كنا نحن نعتقد بعدم صحتها، وذلك للأمور التالية:
1 ـ إنهم يذكرون: أنه قد دعا زوجته أم كلثوم بنت علي لتأكل معهم، مع أن هناك من يعلن التشكيك بأصل زواج عمر بأم كلثوم..
ولو أغمضنا النظر عن هذا الأمر، فإننا نقول:
إن أم كلثوم كانت آنئذٍ صغيرة السن، إلى حد: أن عمر قد اضطر للاعتذار من الناس على إقدامه على فرض إرادته بالزواج منها.
ونحيل القارئ إلى كتاب صدر لنا بعنوان: "ظلامة أم كلثوم" فإن فيه ما يفيد في توضيح كثير من الأمور حول أم كلثوم.
2 ـ إن الجواب المنسوب لأم كلثوم لا يعقل صدوره منها، لأكثر من سبب، فهي:
أولاً: تعرف شدة عمر وغلظته، وأنه لا يتحمل إجابات من هذا القبيل.
ثانياً: إن هذه الإجابة لا تناسب أدب أم كلثوم، مع أي كان من الناس، فكيف إذا كان من تخاطبه هو زوجها؟! وكيف إذا كان زوجها خليفة، لا بد لها من حفظ مكانته أمام الناس؟! فلا يصح أن تعيِّره بالشح والبخل، والتقتير عليها.
وثالثاً: إن من يتربى في حجر علي "عليه السلام"، وفي بيت النبوة والإمامة لا يكون همه الدنيا، ولا يقيس نفسه بطلابها.
3 ـ إنه لم يعهد من أحد من المسلمين أن يبادر إلى الجمع بين زوجته وبين الأجانب على موائد الطعام، خصوصاً بعد نزول الحجاب. وخصوصاً إذا كان يضع نفسه في موقع خلافة رسول الله "صلى الله عليه وآله". وخصوصاً مع ما ينسبونه إليه من الغيرة، وشدة الحساسية من اختلاط النساء بالرجال الأجانب.
وأخيراً.. فإننا نظن: أن سبب حشر اسم أم كلثوم في هذه الواقعة، هو: التدليل على مصاهرة عمر لعلي من جهة، ثم الإساءة إلى علي بنسبة أمور لا تليق إلى ابنته التي رباها بأدب الرسالة ورعاها، ومن ثدي العلم والتقوى غذاها.
ج: موافقات عمر:
واللافت هنا: عد مسألة الحجاب من الموارد التي وافق فيها عمر ربه. مع أن الروايات قد تحدثت عن أن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه لم يكن يفعل ما يطلبه منه عمر في هذا الشأن.
فكيف يصح أن يكون المخالف لربه هو النبي "صلى الله عليه وآله"، والموافق له هو رجل آخر، أمضى حياته في الجاهلية ولم يستضئ بنور العلم، ولم يلتزم في أكثر عمره بقيم ولا بأخلاق؟! فهل أدرك هذا الشخص ـ وهو عمر ـ ذلك بعقله، ولم يدركه رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
أم هل دفعته إليه غيرته، ولم يكن لدى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الغيرة ما يدفعه لذلك؟!
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم يبادر الله إلى تشريعه قبل طلب عمر له؟!
إلا أن يدَّعي هؤلاء: أن عمر كان أغير من الله عز وجل، أو أنه كان قد أدرك ذلك وعرفه، في زمن لم يكن الله ـ والعياذ بالله ـ قد عرف ذلك؟!
د: فمرَّ عمر:
وعن الرواية التي تذكر مرور عمر على النبي "صلى الله عليه وآله" وعائشة، وهما يأكلان حيساً،
نقول:
قد يقال: هل كان النبي "صلى الله عليه وآله" يجلس هو وزوجته على قارعة الطريق حتى مر عمر؟!
ويجاب عنه: بأن باب بيت عائشة كان إلى المسجد، فربما كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد فتح الباب، وجلس يأكل مع زوجته، وكان عمر يمشي في المسجد، فدعاه.
غير أننا نقول:
إن هذه الإجابة، وإن كانت صحيحة بالنسبة للناس العاديين، لكننا نستبعد أن يصدر ذلك من النبي "صلى الله عليه وآله" فإننا نجله عن أن يجلس ليأكل مع زوجته في مكان عام، يراهما الرجال الأجانب، والفقراء، والمعوزون..
مع التذكير: بأن الأسئلة التي أوردناها في الفقرة السابقة آتية هنا أيضاً.
على أن اجتماع النساء مع الرجال الأجانب على طعام واحد لم يكن مألوفاً في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله".. خصوصاً في مجتمع يفرض على المرأة الخدر، والصون، والعفة، ولا سيما بعد أن مضى على ظهور الإسلام ما يقرب من عشرين سنة.
هـ: هلا لنفسك كان ذا التعليم؟
إن الروايات تشير: إلى حرص عمر على أن يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى حجب نسائه.
والسؤال هو: هل كان عمر قد حجب نساءه أيضاً، وهل كان يطلب الحجاب لسائر نساء المؤمنين كما يطلبه لنساء النبي "صلى الله عليه وآله"؟!
أم أن غيرته كانت على نساء النبي "صلى الله عليه وآله" دون سواهن؟! خصوصاً مع تعليله ذلك بأنه أطهر لقلوبهن، وأنه يدخل عليهن البر والفاجر، فإن هذا تعليل شامل لجميع النساء، وهو يقتضي: أن يكون عمر حريصاً على نساء كل الناس، بما فيهم نساؤه هو..
فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا يدعو زوجته أم كلثوم لتأكل مع ذلك الرجل الغريب حسبما تقدم؟!
و: عمر.. وسودة:
وقد ذكرت بعض تلك الروايات: أن عمر قد تعرض لسودة بنت زمعة، وأنها اشتكته إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
واللافت هنا هو: أن الرواية تذكر: أن الآية التي نزلت في هذه المناسبة هي قوله تعالى: ?..لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ..?، مع أنه لا مناسبة بين ما فعله عمر، وبين هذه الآية..
فلاحظ الرواية المتقدمة في فقرة: "تناقض أسباب فرض الحجاب" [رقم 5].
فإن عمر لم يدخل إلى بيوت النبي "صلى الله عليه وآله" بغير إذن، ولم يسألهن متاعاً، بل هو قد رآها وهي خارجة لحاجتها، فناداها: قد عرفناك يا سودة.
ز: الخطاب للناس لا للنساء:
قد ذكرنا: أن الآية التي يقال: إنها أمرت النساء بالحجاب، هي قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ..? الآية.
وليس فيها أي خطاب للنساء، بل الخطاب فيها للمؤمنين، وهي تتعرض لأمر لا تدل عليه رواية سودة، ولا رواية زينب، ولا رواية إصابة إصبع عمر لإصبع عائشة، ولا غيرها، ألا وهو دخول الناس بيوت النبي "صلى الله عليه وآله" من دون إذن.
بل إن قوله تعالى: ?وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ?، وكذلك سائر الفقرات، قد تكون مشيرة إلى أن الحجاب كان مفروضاً، ولكن الناس كانوا يتصرفون بصورة غير مؤدبة، ولا مقبولة من الناحية الأخلاقية والإيمانية.
ح: سودة خرجت ليلاً:
إن رواية سودة تصرح: بأن النساء كن يخرجن ليلاً إلى المناصع، لكن عمر قد لاحقهن في هذا الوقت بالذات، وعرف سودة من طولها، لا من سفورها.
بل إنها حتى لو سفرت عن وجهها بالليل، فإن ذلك لا يضر، إذ كفى بالليل حجاباً وحاجباً.
فقول النبي "صلى الله عليه وآله"، بعد شكوى سودة، ونزول الوحي عليه: إنه قد أذن لكن أن تخرجن لحاجتكن، فيه رد صريح على عمر، ورفض لتصرفه هذا..
كما أن نزول الآية في هذه المناسبة ـ على تقدير القول بنزولها فيها ـ فيه إدانة لفعل عمر بالذات، وردع له عن التعرض لنساء النبي "صلى الله عليه وآله"، والهجوم عليهن في أوقات خلوتهن بأنفسهن، لقضاء حاجتهن.
ط: الأجانب لا يجالسون نساء النبي ':
وأما الرواية الأخيرة: فقد ذكرت أمراً قبيحاً، لا يصح تصديقه، أو احتماله في حق نساء رسول الله "صلى الله عليه وآله". فإن مرور النبي "صلى الله عليه وآله" بنساء من نسائه, وعندهن رجال يتحدثون, معناه: أن الرجال ـ أفراداً وجماعات ـ كانوا يجالسون نساء رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ولو صح هذا: لكان يجب أن يكره النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك من أول بعثته, وأن ينزل الحجاب منذئذ. فإنه إذا كان اجتماع النساء بالرجال مألوفاً ومسموحاً به, فقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" متزوجاً قبل هذا التاريخ بعشرات السنين, ومن البعيد أن لا يتفق اجتماع نسائه أو إحداهن بالرجال, أو أن لا يعلم بذلك طيلة هذه السنين المتعاقبة، فلماذا تأخرت كراهته لذلك كل هذه المدة الطويلة؟!
وإذا كان ذلك جائزاً شرعاً فلماذا كرهه الآن؟! وإن كان مرفوضاً شرعاً، فلماذا تأخرت كراهته "صلى الله عليه وآله" لما هو حرام قبل ذلك؟!
متى فرض الحجاب؟! ومتى تزوج ' بزينب؟!
زعموا: أن الحجاب قد نزل فرضه على نساء النبي "صلى الله عليه وآله" في سنة خمس في ذي القعدة([188])، مبتنى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بزينب بنت جحش([189]).
وقيل: كان ذلك في سنة ثلاث([190]).
وسببه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أولم بمناسبة زواجه بزينب، فطعم الناس، وبقي رجال ثلاثة أو اثنان جلوساً يتحدثون، فشق ذلك على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فنزلت آية الحجاب([191]).
وقالوا: إن ذلك كان بعد المريسيع([192]).
ونقول:
إن ذلك غير مسلَّم، وذلك لما يلي:
1 ـ إن عبد الرزاق يذكر ما يدل على أن الزواج بزينب قد تأخر إلى ما بعد خيبر، قال عبد الرزاق: "ثم نكح صفية بنت حيي، وهي مما أفاء الله عليه يوم خيبر، ثم نكح زينب بنت جحش"([193]).
فإن كان الحجاب قد فرض في مناسبة هذا الزواج، فلا بد من القول بأن الحجاب ـ بناء على هذا ـ قد فرض بعد خيبر.
أو يقال: بأنه لا ربط بين فرض الحجاب وبين قضية زينب، وأنه قد فرض قبلها.
2 ـ ذكروا: أن السبب في حرب الفجار ـ التي كانت في الجاهلية ـ هو: أن امرأة من بني عامر بن صعصعة قدمت مكة، وكانت تلبس برقعاً، فأرادها فتيان على كشف وجهها، فرفضت، فحلوا لها طرف درعها، فلما قامت بدت سوأتها، فصرخت، فاجتمع الناس الخ..([194]).
وهذا يدل على التزام الناس بالحجاب إلى حد تغطية الوجه قبل الإسلام بعشرات السنين، ولعل هذا الأمر من بقايا الحنيفية التي هي دين إبراهيم "عليه السلام".
3 ـ زعموا أن عائشة حينما تخلفت عن الجيش في غزوة المريسيع، وصادفها صفوان بن المعطل خمرت وجهها بجلبابها([195]).
ومن الواضح: أن هذه القضية ـ كما يزعمون ـ قد كانت قبل قضية الحجاب، لأن الحجاب قد كان بعد المريسيع. ولم نجد ما يدل على أن عائشة كانت تستر وجهها عن الناس قبل نزول الحجاب.
4 ـ ويقولون: إن سبب غزوة بني قينقاع هو: أن امرأة من المسلمين قد جاءت إلى سوقهم، فجلست عند صائغ لأجل حلي لها، فأرادوها على كشف وجهها، فأبت. فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها فعقده إلى ظهرها، فلما قامت بدت سوأتها، فضحكوا منها، فصرخت، فعدا مسلم على من فعل ذلك بها فقتله، وشدت اليهود على المسلم فقتلوه، ثم كانت الحرب([196]).
وقد كان هذا في أوائل سني الهجرة، كما هو معلوم.
5 ـ بل إنهم يذكرون ـ في قصصهم عن بدء الوحي ـ: ما يدل على معرفة الناس بالحجاب، وتعاملهم به قبل البعثة أيضاً الأمر الذي يشير إلى أن ذلك فيهم من بقايا دين الحنيفية التي كان لها حضور في العرب، ولا سيما في بني هاشم، ومن يدور في فلكهم، فقد ذكروا ـ وإن كنا قد ناقشنا ذلك في موضعه من هذا الكتاب ـ: أن خديجة قد عرفت: أن الذي يأتي للنبي "صلى الله عليه وآله" بالوحي هو ملك؛ بأن قد تحسرت، فشالت خمارها، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في حجرها، فذهب الملك، فلما استترت أتاه([197]). فراجع.
6ـ بل إن نفس حديث الزواج بزينب قد دل على: أن الحجاب كان مفروضاً قبل ذلك؛ لأن النصوص ذكرت: أن زينب قالت: "فلما انقضت عدتي لم أعلم إلا ورسول الله "صلى الله عليه وآله" قد دخل عليَّ بيتي، وأنا مكشوفة الشعر، فعلمت أنه أمر من السماء"([198]).
7 ـ وفي حديث زواج الزهراء "عليها السلام" الذي كان في أوائل الهجرة ما يدل على وجوب الحجاب أيضاً، فقد ذكروا: أن أم سلمة أتت بفاطمة الزهراء "عليها السلام" إلى أبيها "صلى الله عليه وآله" "فلما وقفت بين يديه كشف الرداء عن وجهها، حتى رآها علي "عليه السلام"، ثم أخذ يدها، فوضعها في يد علي الخ.."([199]).
هذا.. وقد كان الحجاب مفروضاً في الديانتين اليهودية والمسيحية، وعند الأمم السالفة، وعند عرب الجاهلية.
ونحن نذكر بعض الشواهد على ذلك فيما يلي:
الحجاب في الكتب القديمة:
إن المراجع للكتابين اللذين يقال لهما: العهد القديم، والعهد الجديد، أي ما يسمى بـ "التوراة" و "الإنجيل"، يجد فيهما نصوصاً تؤكد على الحجاب، فلاحظ ما يلي:
1 ـ العهد القديم "التوراة":
فمن النصوص الواردة فيما يسمى بالتوراة، أو العهد القديم، ما يلي:
ألف: "قالت للعبد: من هذا الرجل الماشي في الحقل للقائي؟!
فقال العبد: هو سيدي.
فأخذت البرقع وتغطت"([200]).
ب: "وقيل لها: هو ذا حموك صاعد إلى تمنة ليجزَّ غنمه. فخلعت عنها ثياب ترمُّلها، وتغطت ببرقع، وتلفَّفت وجلست في مدخل عينايم، التي على طريق تمنة، لأنها رأت أن شيلة قد كبر الخ.."([201]).
ج: إن تامار "قامت ومضت، وخلعت عنها برقعها، ولبست ثياب ترمُّلها"([202]).
د: تقول المرأة: "أخبرني يا من تحبه نفسي، أين ترعى عند الظهيرة؟ أين تربض؟ لماذا أنا أكون مقنعة عند قطعان أصحابك"؟([203]).
هـ: وفيه أيضاً: أن الله سيعاقب بنات صهيون على تبرجهن، والمباهاة برنين خلاخيلهن، بأن "ينزع السيد في اليوم عنهن زينة الخلاخيل والضفائر، والأهلة، والحلق، والأساور، والبراقع، والعصائب"([204]).
و: ويقول ويل ديورانت: لو أن امرأة نقضت القانون في المجتمع اليهودي بأن خرجت إلى الرجال دون أن تغطي رأسها، أو أنها اشتكت إلى رجل، ورفعت صوتها من دارها حتى سمعوا جيرانها، كان لزوجها الحق في أن يطلقها دون أن يدفع مهرها([205]).
ز: وفي مقام تهديد المرأة إذا عصت، قال في العهد القديم: "إكشفي نقابك، شمري الذيل، اكشفي الساق، اعبري الأنهار، تنكشف عورتك، وترى معاريك"([206]).
2 ـ العهد الجديد: "الإنجيل":
ومما ورد في العهد الجديد قول بولس: إن النقاب شرف للمرأة، "فإن كانت ترخي شعرها فهو مجد لها، لأن الشعر بديل من البرقع"([207]).
ولعله يقصد: التستر بالشعر، إذا لم تجد سواه.
قالوا: "وكانت المرأة عندهم تضع البرقع على وجهها حين تلقى الغرباء، وتخلعه حين تنزوي في الدار بلباس الحداد"([208]).
الحجاب في الجاهلية:
من الألبسة المشهورة في الجاهلية: الخمار، القناع، البرقع، اللثام. وكانت المرأة في الجاهلية تغطي رأسها بخمار وتقاتل([209]).
ونحن نكتفي هنا بإيراد نماذج من الشعر العربي الذي يحمل معه دلالات على موضع الحجاب في الجاهلية، وهي التالية:
1 ـ قال النابغة الذبياني، وكان قد دخل على النعمان بن المنذر، وكانت معه زوجته، فسقط نصيفها، فسترت وجهها بيديها:
سقط النصيف ولم تـرد إسقــاطـه فـتـنـاولـتـه واتـقـتـنــا بــالـيـد
بمخضب رخص كـــأن بنــانــه عــنــم يــكــاد من اللطافة يعقد
2 ـ وقال عنترة بن شداد:
وكشفت بـرقعها فأشرق وجههـا حـتـى كـان الليل صبحاً مسفرا([210])
3 ـ وقال عنترة أيضاً:
وحـولـك نسوة يـدنـين حزنـــاً ويـهـتـكـن الـبراقـع والـلـفـاع
4 ـ وقال أيضاً:
جفون العذارى من خلال البراقع أحـدُّ مـن البيض الـرقاق القواطع
5 ـ وقال أيضاً:
إن تـغـدفي دوني الـقـنـاع فـإنني طب بأخذ الفارس المـسـتـلـئـم([211])
6 ـ وقال الفند الزماني المتوفى سنة 95 قبل الهجرة:
يـوم لا تـسـتـر أنـثـى وجهـهـا ونـفـوس الـقـوم تـنزو في الحلوق
7 ـ وقال الشنفرى، المتوفى سنة 510م، يصف زوجته أميمة:
لـقد أعجبتني لا سَقوطاً قناعُهـا إذا مـا شَـأَت أو لا بـذات تـلفـت
8 ـ وقال الحارث اليشكري، المتوفى سنة 50 قبل الهجرة:
فـضـعـي قـنـاعــك إن ريـــب الــدهــر قــد أفــنــى مـعــدا([212])
9 ـ ومن الأمثال المعروفة قولهم: "ذكرني فُوكِ حماريْ أهلي".
وهو أن رجلاً خرج يطلب حمارين ضلا له، فرأى امرأة متنقبة، فأعجبته حتى نسي الحمارين، فلم يزل يطلب إليها حتى سفرت له، فإذا هي فوهاء (أي واسعة الفم، أو أن أسنانها الطويلة تخرج من بين شفتيها).
فحين رأى أسنانها ذكر حماريه، فقال: ذكرني فوك حماريْ أهلي.. وأنشأ يقول:
لـيـت النـقـاب على النساء محرم كي لا تـغر قـبـيـحـة إنـسـانــا([213])
ولنا أن نحتمل: أن يكون العرب قد أخذوا هذا الحجاب من دين الحنيفية، ورأوا أن ذلك ثابت في الديانات الأخرى كاليهودية والنصرانية، ووافق ذلك هوى نفوسهم، وما لديهم من شعور بالغيرة على النساء، فالتزموا به.
المجتمع الإيراني القديم:
وفي المجتمع الإيراني القديم، كان يحرم على المرأة ذات البعل النظر إلى أبيها وإخوتها، وكذلك يحرم عليهم النظر إليها.
وكان نساء الطبقات العليا لا يخرجن من بيوتهن إلا في هوادج مسجفة([214]).
وقالوا أيضاً: "إن نساء الفرس كن يتحجبن قبل ظهور الإسلام"([215]).
المجتمع الهندي:
وفي المجتمع الهندي كان الحجاب وحدوده عسيراً بالنسبة إلى المرأة، وإن كان التاريخ لم يبين لنا بداية نشوء الحجاب في ذلك المجتمع، هل هو قبل الإسلام أم بعده([216]).
والمرأة المحترمة لا تستطيع أن تبدي نفسها لغير زوجها وأبنائها، ولا يمكنها الإنتقال خارج دارها إلا مستورة بقناع سميك([217]).
المملكة الرومانية:
وفي دائرة المعارف الكبرى: أن النساء في المملكة الرومانية "كن يغالين في الحجاب لدرجة أن الداية ـ القابلة ـ لا تخرج من دارها إلا مخمورة([218])، ووجهها ملثم باعتناء زائد، وعليها رداء طويل يلامس الكعبين، وفوق ذلك كله عباءة لا تسمح برؤية شكل قوامها"([219]).
قدماء اليونان:
قال الدكتور محمود سلام زناتي عن المرأة في التقاليد اليونانية القديمة: "إذا خرجت تُلزمها التقاليد بوضع حجاب ثقيل، يخفي معالم وجهها، وأن يرافقها أحد أقاربها الذكور، أو أحد الأرقاء".
وقالوا عنها: "إنها كانت تحبس في البيت"([220]).
وقالوا أيضاً: "ولقد كان في وسعها إذا تحجبت الحجاب اللائق بها، وصحبها من يوثق به أن تزور أقاربها وأخصائها، وأن تشترك في الإحتفالات الدينية، ومنها مشاهدة التمثيل. أما فيما عدا هذا فقد كان ينتظر منها أن تقبع في منزلها، وأن لا تسمح لأحد أن يراها من النافذة. وكانت تقضي معظم وقتها في جناح النساء، القائم في مؤخرة الدار. ولم يكن يسمح لزائر من الرجال أن يدخل فيه، كما لم يكن يسمح لها بالظهور إذا كان مع زوجها زائر"([221]).
وقالت فتوى صادرة عن مشيخة الأزهر:
"إن حجاب النساء كان معروفاً ومعمولاً به قبل مجيء الإسلام بقرون كثيرة في جميع الأمم المعروفة بالمدنية.
وقد أخذه عنهم اليونانيون والرومانيون على أقصى ما يعرف عنه من التشديد قبل الإسلام بأكثر من ألف سنة. وكان الإسرائيليون جارين عليه أيضاً على عادة معاصريهم الخ.."([222]).
تغطية الوجه في حياة النبي ':
بقي أن نشير: إلى أن تغطية الوجه كانت شائعة في زمن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبعده.
ولهذا الأمر شواهد كثيرة، نذكر مما كان من ذلك في حياة النبي "صلى الله عليه وآله" ما يلي:
1 ـ قد تقدم: أن تغطية الوجه كان شائعاً في الجاهلية.
2 ـ إن سبب حرب الفجار هو أن بعضهم أراد امرأة على كشف وجهها، في قصة شبيهة لما جرى للمرأة التي كانت سبباً لحرب قينقاع، فراجع([223]).
3 ـ حديث المرأة التي أرادها بنو قينقاع على كشف وجهها، فامتنعت، ثم كانت غزوة بني قينقاع بسبب ذلك([224]).
4 ـ زعموا: أن عائشة حينما تخلفت عن الجيش في غزوة المريسيع، وصادفها صفوان بن المعطل خمرت وجهها بجلبابها منه([225]).
5 ـ إنه حين زواج علي بالسيدة الزهراء "عليهما السلام"، جاءت أم سلمة بالصديقة الطاهرة إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فكشف الرداء عن وجهها، حتى رآها علي([226]).
6 ـ استأذن أعمى على فاطمة "عليها السلام"، فحجبته.
فقال لها النبي "صلى الله عليه وآله": لمَ حجبته وهو لا يراك؟
فقالت: إن لم يكن يراني، فأنا أراه، وهويشم الريح.
فقال "صلى الله عليه وآله": أشهد أنك بضعة مني([227]).
7 ـ واستأذن ابن أم مكتوم على النبي "صلى الله عليه وآله"، وعنده حفصة وعائشة، فقال "صلى الله عليه وآله": "قوما، فادخلا البيت".
فقالتا: إنه أعمى.
فقال: إن لم يكن يراكما، فإنكما تريانه([228]).
8 ـ وعن أم سلمة: كنت عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعنده ميمونة، فأقبل ابن أم مكتوم، وذلك بعد أن أمر بالحجاب.
فقال: احتجبا.
فقلنا: يا رسول الله، أليس أعمى؟!
قال: أفعمياوان أنتما؟! ألستما تبصرانه؟!([229]).
9 ـ وفي رواية أخرى: أن فاطمة "عليها السلام" أرادت أن تأتي إلى أبيها، فتبرقعت ببرقعها، ووضعت خمارها على رأسها تريد النبي "صلى الله عليه وآله"([230]).
ولكن في بعض فقرات هذا الرواية إشكال، وإنما أوردناها بناء على أنه لا مانع من الأخذ بمفاد سائر الفقرات، فإن العلماء يأخذون بالفقرات السليمة، خصوصاً إذا وجدوا الشاهد والمؤيد لها.
وكانت تتضمن معنى مستقلاً لا يتوقف على مضمون الفقرة المشكوك في سلامتها.
10 ـ دخل أبو بكر على الرسول "صلى الله عليه وآله" حين توفي: "والنسوة حوله، فخمرن وجوههن، واستترن من أبي بكر"([231]).
11 ـ رووا: أن حَمَل بن مالك مرّ بأثيلة بنت راشد، وقد رفعت برقعها عن وجهها، وهي تهش على غنمها، فلما أبصرها، ونظر إلى جمالها أرادها على نفسها، فرفضت.. فجرى بينهما صراع ونزاع، فضربته بفهر شدخت به رأسه فمات.
فاشتكت هذيل إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فأهدر النبي دمه([232]).
12ـ لما أسلمت هند بنت عتبة في فتح مكة جاءت إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وكلمته ببعض القول، "وكشفت عن نقابها فقالت: أنا هند بنت عتبة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": مرحباً بك الخ.."([233]).
وليس في الرواية: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نظر إليها حين سفرت عن وجهها، كما أنه ليس فيها ما يدل على رضاه بكشف وجهها، خصوصاً، وأنه لا تزال في موقع العداء له، ويريد "صلى الله عليه وآله" أن يتألفها على هذا الدين ويقنعها بالدخول فيه.
13 ـ عن عائشة قالت: كان الركبان يمرون بنا، ونحن مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه([234]).
14 ـ وفي حديث إسلام عكرمة، وردت العبارة التالية: "ثم جلس رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوقف بين يديه، وزوجته متنقبة"([235]).
15 ـ ويؤيد ما تقدم: أن أبا طالب حين جاء إلى خديجة وقف خلف الحجاب، فسلمت عليه خديجة([236]).
16 ـ وقالت خديجة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في حديث الزواج: "ادن مني فلا حجاب اليوم بيني وبينك، ثم رفعت عنها الحجاب".
إلى أن قال: "عرضوا على خديجة وكانت جالسة خلف الحجاب"([237]).
17ـ وفي رواية: استشهد شاب من الأنصار يقال له: خلاد يوم بني قريظة، فجاءت أمه متنقبة، فقيل لها: تتنقبين يا أم خلاد وقد رزئت بخلاد!
فقالت: لئن رزئت خلاداً، فلم أرزء حيائي، فدعا له النبي "صلى الله عليه وآله" وقال: إن له أجرين لأن أهل الكتاب قتلوه([238]).
18 ـ وروي أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لفاطمة "عليها السلام": أي شيء خير للمرأة؟
قالت: أن لا يراها رجل.
فضمها إليه، وقال: ذرية بعضها من بعض([239]).
وفي نص آخر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" سأل أصحابه هذا السؤال، قال علي: فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا..
ثم ذكر: أنه "عليه السلام" رجع وسأل فاطمة عن ذلك.. فأجابته بما تقدم، فرجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فأخبره.
وفي تنبيه الغافلين عن أبي هريرة قال: خرجت ذات ليلة بعد ما صليت العشاء مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإذا أنا بامرأة متنقبة، قائمة على الطريق، فقالت: يا أبا هريرة، إني قد ارتكبت ذنباً عظيماً، فهل لي من توبة؟
فقلت: وما ذنبك؟
قالت: إني زنيت، وقتلت ولدي من الزنى.
فقلت لها: هلكت وأهلكت والله، ما لك من توبة، فشهقت شهقة خرت مغشياً عليها ومضت.
فقلت في نفسي: أفتي ورسول الله "صلى الله عليه وآله" بين أظهرنا!! فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقلت: يا رسول الله، إن امرأة استفتتني البارحة بكذا وكذا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنا لله وإنا إليه راجعون، أنت والله هلكت وأهلكت أين كنت عن هذه الآية: ?وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً، إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ الله غَفُوراً رَّحِيماً?([240]).
قال: فخرجت من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأنا أعدو في سكك المدينة وأقول من يدلني على امرأة استفتتني البارحة كذا وكذا الخ..([241]).
هل كان علي × يجهل الجواب؟!
وقد يقال: إن الرواية الأخيرة تريد أن تنسب إلى علي "عليه السلام" أيضاً أنه لم يكن يعرف الإجابة، حتى استفادها من فاطمة الزهراء "عليها السلام"!! إن هذا الأمر لا يمكن تصوره في حق باب مدينة علم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن عنده علم الكتاب.
والجواب: أن النبي وعلياً "صلوات الله وسلامه عليهما وعلى آلهما" كانا يريدان إظهار فضل فاطمة "عليها السلام" للناس، وتعريفهم بعلمها، وبطهر ضميرها، وبطريقة تفكيرها.
والدليل على ما نقول: نفس سؤال النبي "صلى الله عليه وآله" لهم، لأنه "صلى الله عليه وآله" عارف بما يسأل، ولا يريد أن يستزيد إلى علمه علماً، فهو إنما يسأل بهدف إظهار أمر ما لغيره، وبدواع أخرى..
وعلى هذا الأساس، فإن علياً لم يكن مكلفاً بالإجابة.
وأما قوله "عليه السلام": فعيينا بذلك كلنا حتى تفرقنا، فالمقصود به هو: الحاضرون المسؤولون الحقيقيون. فهو كقوله "عليه السلام": كنا إذا حمي الوطيس لذنا برسول الله "صلى الله عليه وآله". فإن علياً "عليه السلام" لم يكن يفر من وجه أعدائه، ولكنه يتحدث عن الذين كانوا معه من سائر المسلمين، ولكن لا يليق به أن يخصهم بالذكر؛ لأن ذلك قد يؤذي مشاعر بعضهم.. فآثر أن يطلق الكلام من غير تقييد، على طريقة إطلاق القول بأن أهل البلد الفلاني كرماء، أو شجعان، فإن ذلك لا يعني أن لا يكون فيهم بخيل، أو جبان أصلاً، بل هو يدل على أن الغالب على أهل ذلك البلد هو الشجاعة والكرم.
وكلمة "كلنا" في قوله "عليه السلام": "فعيينا كلنا"، جيء بها لتأكيد الشمول لأشخاص الحاضرين معه، المقصودين بالسؤال مع حفظ ماء الوجه لهم بالنحو الذي ألمحنا إليه..
تغطية الوجه بعد وفاة النبي ':
ومن موارد تغطية المرأة وجهها بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" نذكر الموارد التالية:
1 ـ حين خطبت الزهراء "عليها السلام" المهاجرين والأنصار بعد وفاته "صلى الله عليه وآله": "لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمة من حفدتها، ونساء قومها، تطأ ذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله "صلى الله عليه وآله".. حتى دخلت على أبي بكر، وهو في حشد من المهاجرين والأنصار، وغيرهم، فنيطت دونها ملاءة (يعني ستاراً)، فجلست، ثم أنت أنة، أجهش القوم لها بالبكاء الخ.."([242]).
2 ـ ويوم وصول السبايا إلى الشام، يقول الراوي: "خطبت أم كلثوم بنت علي "عليه السلام" في ذلك اليوم، من وراء كلَّتها([243])، رافعة صوتها بالبكاء"([244]).
3 ـ وحينما حمل السبايا إلى الشام، يقول الراوي: "فلما دخلنا دمشق، أدخل النساء، والسبايا بالنهار، مكشفات الوجوه"([245]).
4 ـ ويقول ابن طاووس عن السبايا: "وحمل نساؤه على أطلاس أقتاب، بغير وطاء، مكشفات الوجوه بين الأعداء"([246]).
5 ـ وفي حديث قتل خالد لمالك بن نويرة في خلافة أبي بكر: يقول الراوي: "فنظر مالك إلى امرأته، وهي تنظر الحرب، وتستر وجهها بذراعيها، فقال: إن قتلني أحد، فأنت"([247]).
6 ـ ومما قالته السيدة زينب في خطبتها أمام يزيد في الشام:
"أمن العدل يابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله "صلى الله عليه وآله" سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، يحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد، ويستشرفهن أهل المناقل، ويبرزن لأهل المناهل، ويتصفح وجوههن القريب والبعيد الخ.."([248]).
7 ـ وحين جاء أبو بكر لاسترضاء فاطمة، بعد أن ضربوها، وأسقطوا جنينها، وأخذوا فدكاً منها و.. و.. "شدت قناعها، وحولت وجهها إلى الحائط، فدخلا"([249]).
8 ـ ودخلت أم كلثوم بنت علي "عليه السلام" على حفصة، وكانت تقيم مجلس غناء، مضادة منها لعلي "عليه السلام"، "ثم سفرت عن وجهها، فلما عرفتها حفصة خجلت، واسترجعت"([250]).
9 ـ وفي حديث عن بنت كسرى يقول النص: ".. فأشار جماعة إلى شهربانويه بنت كسرى، فخيرت، وخوطبت من وراء الحجاب، والجمع حضور"([251]).
10 ـ وقال ابن التربج الدمشقي:
بـبـرقـعـهـا ستـرت حـسـنـهـــا فــلاح الجــمال مــن الــبرقــع([252])
11 ـ وكان توبة بن الحمير يحب ليلى، وكان يلم بها كثيراً، ففطن أهلها، واستعدوا له، فلاقته ليلى سافرة، ففطن للأمر، فجاء وسلم، ولم يزد، ورجع، وقال قصيدة جاء فيها:
وكـنـت إذا مـا جئت ليلى تبرقعت فـقـد رابني منها الغداة سفورها([253])
وقد حدثت ليلى هذه الحجاج الثقفي ببعض حديثها مع توبة.
12 ـ وقال أبو النجم العجلي:
مـن كـل عـجـزاء سَقوطِ البرقـع بـلـهـاء لم تحـفـظ ولم تـضــيــع([254])
13 ـ وقال أبو حيَّة النميري، أو رؤبة بن العجاج، وقد عاشا في عهد الأمويين:
فألقت قناعاً دونه الشمس واتقت بأحسن موصولين، كف، ومعصم([255])
14 ـ ولذي الرمة المتوفى سنة 117 هـ أشعار ترتبط بهذا الموضوع([256])، وهناك أشعار أخرى لم أتحقق من قائلها، منها ما أنشده سيبويه:
بـأعـيـن مـنـهـا مـليحات النقب شكـل التجار، وحلال المكتسب([257])
وقال آخر:
جـزى الله الـبراقـع مـن ثـيــاب عن الفتيان شــــراً مــا بــقـيـن
يـواريــن الحــســان فلا نراهم ويــزهـيــن الـقبـاح فـيزدهيـن([258])
وقال الحارث بن الخزرج الخفاجي:
سـفـرت فقلت لها هج فتبرقعت وذكـرت حـين تـبرقعت هبــارا([259])
لماذا الحجاب؟!
وبعد.. فإن من الواضح: أن الله سبحانه قد أراد لهذا الإنسان أن يعمر الكون، وأن يوصله بكل ما فيه إلى كماله، وقد رسم له من الأحكام والضوابط السلوكية ما يحفظ له مسيرته في هذا الاتجاه، وينسجم مع طبيعة تكوينه، ويمكِّنه من الوصول إلى هدفه هذا.. ويكون به ضمان سلامته وسلامة كل من يحيط به، أو يتعاطى معه، ويكون له درجة من التأثر به، أو التأثير فيه.
وقد كان لحياة الإنسان الأسرية أو المجتمعية حظ من هذه العناية الإلهية من حيث إسهامها في صناعة وصياغة مكونات شخصيته وخصائصه وحالاته، التي لها تأثير عميق في نشوء قدراته، وتبلور إراداته الفاعلة والمؤثرة في جهده المحفِّز للقوى الكامنة، والذي يسهم في تغيير المسار، ليصبح في هذا الاتجاه أو ذاك.
وكما اقتضت الحكمة الإلهية أن تخضع العلاقة بين الرجل والمرأة في داخل الأسرة وفي خارجها لضوابط ومعايير إنسانية وأخلاقية، والتزامات وأحكام شرعية لا يصح تجاوزها؛ فإنها اقتضت أيضاً أن يكون الطهر والعفاف، والقيم والمبادئ هي الأساس لذلك كله.
وقد ارتكز ذلك كله إلى حقيقة اقتضاها التكوين في نطاق دائرة التسبيب، وهي أن مساحات الجمال، ومناشئ وموجبات الإغراء، التي تهيئ للانجذاب الغريزي لدى المرأة، أوفر وأوسع مما هي عليه لدى الرجل، لأن ذلك هو ما تفرضه ضرورة أن تقوم هذه المساحات بوظائفها في تحقيق الانجذاب الغريزي في نطاق ضابطة العفة والطهر، والالتزام.
ثم جاءت التشريعات والتوجيهات، وكذلك التربية على القيم والمبادئ والفضائل، ورفض الرذائل، لتساعد على إبقاء المساحات الجمالية ومواقع الجذب الغرائزي ضمن دائرة السيطرة، لكي تتمكن من القيام بمهماتها في بناء الحياة بصورة صحيحة وسليمة، وعلى أفضل وجه وأتمه..
وكان لا بد أن تأتي هذه التشريعات في منتهى الدقة، والشمولية؛ لأنها تعنى بإبعاد كلا الجنسين ـ ما داما خارج دائرة الإباحة الشرعية ـ عن الأجواء الغرائزية، حتى على مستوى الوهم والتخيل لأية علاقة غير سليمة، وإزالة أية درجة من درجات الإثارة التي لا تخضع للالتزامات والضوابط المفروضة من ناحية الشارع المقدس.
من هنا نجد: أن فاطمة الزهراء "عليها السلام" لا ترضى بدخول الأعمى إلى مجلسها، لأنها تراه، ولأنه يشم الريح.. كما أن الشارع الحكيم قد كره للرجل أن يجلس في الموضع الذي تقوم عنه المرأة قبل أن يبرد، وهذا بحد ذاته يكفي للتعريف بما يرمي إليه الشارع، حين فرض على المرأة ستر مساحات الجمال والإغراء في جسدها عن نظر الرجل.
وقد جاء تغطية الوجه أيضاً في هذا السياق.
الفصل الخامس:
استطرادات.. على هامش حديث الزواج
علاقات حميمة بين زينب وعائشة!!
ومن الأمور الجديرة بالتأمل هنا: هذا الود والمحبة بين عائشة وزينب بنت جحش، رغم أن زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بزينب كان في بداية الأمر قد ثقل على عائشة، وقد أقلقها وأهمها هذا الأمر، وأخذها منه ما قرب وما بعد..
وقد اعترفت عائشة بامتياز زينب عليها في بيت الزوجية، وأنها هي التي كانت تساميها من بين سائر نسائه "صلى الله عليه وآله".
ولكن سرعان ما انقلبت الأمور، وأصبحت زينب في موقع الحظوة لدى عائشة، وصارت تمدحها بقولها: ما رأيت امرأة قط خيراً في الدين من زينب، وأتقى لله، وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم أمانة وصدقة([260]).
وحين ماتت قالت عائشة: لقد ذهبت حميدة، متعبدة، مفزع اليتامى والأرامل([261]).
ورغم أن المفروض: أن حديث الإفك الذي نسبته عائشة إلى نفسها، طمعاً في استلاب آيات الأفك من صاحبتها الحقيقية لتستأثر بها عائشة، رغم أن هذا الحديث كان ـ حسب زعم عائشة ـ في غزوة المريسيع، وكان زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بزينب ـ حسب أقوال المؤرخين ـ بعد المريسيع، فإن عائشة قد غفلت عن هذه النقطة بالذات، ومنحت زينب بنت جحش أوسمة شرف ونبل من خلال ما زعمته من موقف لها في نفس حديث الإفك، حيث زعمت: أن حمنة بنت جحش طفقت تحارب لأختها، أما زينب نفسها، فقد سألها النبي "صلى الله عليه وآله" عن عائشة، فعصمها الله بالورع، فراجع: ما ذكرناه في الجزء الثالث عشر من هذا الكتاب..
وثمة مدائح أخرى سطرتها عائشة لزينب بنت جحش.. يجدها المتتبع لكتب الحديث وغيرها..
غير أن السؤال الذي يحتاج إلى إجابة هو:
لماذا هذا الحب من عائشة لزينب بنت جحش؟! خصوصاً بعد ذلك الخوف والوجل منها لما كان يبلغها عن جمالها!! هل لأنها قد أدركها الخشوع وتجلببت بالتقوى، وألحت عليها دواعي الإنصاف والاعتراف بالحق لأهل الحق؟!
أم أن ثمة سراً آخر؟!
إن الحقيقة هي: أن عائشة هذه المرأة الجريئة والطموح، والتي استطاعت أن تشن حرباً على أقدس وأعظم شخصية بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله".. والتي كانت مفتاحاً لجرأة معاوية وغيره على الوصي، وأخي النبي "صلى الله عليه وآله"، وابن عمه، حتى شنوا الحروب عليه ـ إن عائشة ـ قد وجدت في زينب بنت جحش بعض بغيتها، فكانت النصير والمساعد لها على تمرير بعض مشاريعها في إثارة أجواء تخدم مصالحها المستقبلية والآنية على حد سواء!!
إن هذا الاحتمال الأخير هو الذي نرجحه، ونميل إليه؛ لأن تاريخ زينب في بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يشير إلى أنها لم تكن في إخلاصها وفي سلوكها بمستوى أم سلمة، ولا هي مثل ميمونة بنت الحارث، أو مارية ولم تكن تهتم كثيراً لالتزام جانب الهدوء والسكينة، والبحث عما يرضي الله ورسوله..
وقد كانت عائشة تبحث عن هذا النوع من الناس لمساعدتها في مشاريعها وفي الوصول إلى أهدافها، وتحقيق طموحاتها.
ومما يؤكد على أن زينب قد كانت كذلك هو النصوص التالية:
روحيات زينب:
1 ـ روي عن الإمام الصادق "عليه السلام": أن زينب قالت لرسول الله "صلى الله عليه وآله": لا تعدل، وأنت رسول الله؟!
وقالت حفصة: إن طلقنا وجدنا أكفاءنا من قومنا.
فاحتبس الوحي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشرين يوماً. فأنف الله عز وجل لرسوله "صلى الله عليه وآله"، فأنزل: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ..? إلى قوله ?أجْرَاً عَظيماً?.
قال: فاخترن الله ورسوله([262]).
2 ـ وروي عن أبي عبد الله "عليه السلام": أن زينب بنت جحش قالت: يرى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إن خلى سبيلنا أن لا نجد زوجاً غيره. وقد كان اعتزل نساءه تسعاً وعشرين ليلة.
فلما قالت زينب الذي قالت: بعث الله عز وجل جبرئيل إلى محمد "صلى الله عليه وآله"، فقال: ?يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً، وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً? الآيتين كلتيهما.
فقلن: بل نختار الله ورسوله، والدار الآخرة([263]).
3 ـ وعن أبي جعفر "عليه السلام" قال: إن زينب بنت جحش قالت لرسول الله "صلى الله عليه وآله": لا تعدل، وأنت نبي؟!.
فقال لها: تربت يداك، إذا لم أعدل فمن يعدل؟
قالت: دعوت الله يا رسول الله، ليقطع يداي (يدي)؟
فقال: لا، ولكن لتتربان.
فقالت: إنك إن طلقتنا وجدنا في قومنا أكفاءنا، فاحتبس الوحي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ثم ذكر نزول آية التخيير لهن([264]).
4 ـ قال ابن الأثير: "وهجرها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وغضب عليها لما قالت لصفية بنت حيي: تلك اليهودية. فهجرها ذا الحجة، والمحرم، وبعض صفر، وعاد إلى ما كان عليه"([265]).
5 ـ وعن ميمونة بنت الحرث: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" في رهط من المهاجرين يقسم ما أفاء الله عليه، فبعثت إليه امرأة من نسائه، وما منهم إلا ذا قرابة من رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما عم أزواجه عطيته، قالت زينب بنت جحش: يا رسول الله، ما من نسائك امرأة إلا وهي تنظر إلى أخيها، أو أبيها، أو ذي قرابتها عندك، فاذكرني من أجل الذي زوجنيك.
فأحرق رسولَ الله "صلى الله عليه وآله" قولُها، وبلغ منه كل مبلغ. فانتهرها عمر.
فقالت: أعرض عني يا عمر، فوالله، لو كانت بنتك ما رضيت بهذا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أعرض عنها يا عمر، فإنها أواهة. فقال رجل: يا رسول الله، ما الأواه؟
قال: الخاشع المتضرع([266]).
ونقول:
ألف ـ إن اتهام زينب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بأنه لا يعدل قد جاء بأسلوب مفعم بالتعنيف، يجعلنا نتساءل عن مدى صفاء نظرتها لمقام النبوة الأقدس، وعن حقيقة اعتقادها بعصمة الرسول "صلى الله عليه وآله".
كما أن الأغرب من ذلك، هو جرأتها هي وحفصة على التفوه بأمر هو في غاية القبح في نفسه، فكيف إذا كان موجهاً إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وبطريقة تشير إلى أنها لا تهتم بطلاقه "صلى الله عليه وآله" لها، وترى أنه كغيره من الناس ممن وصفتهم بالأكفاء؟
ثم جاءت الآية الكريمة لتعطي هذه وتلك الخيار في اتخاذ القرار، وذلك بأسلوب رفيق وهادئ، ليقدم النموذج والأمثولة لنا في تعاملنا مع هذا النوع من الناس، رغم كل هذه المرارة، وكل هذا الأذى، وليقول لنا: إنه لا بد من أن نتعامل مع الناس بأخلاقنا، ومن خلال قيمنا ومبادئنا، لا بردود الأفعال التي يفرضها حجم الأذى اللاحق بنا من قبلهم.. خصوصاً، وأن الكثيرين من الناس لا يدركون بدقة حجم جرائمهم، وتأثير أفعالهم على غيرهم، فهم يتصرفون مع أهل المبادئ والقيم، ومع أصحاب النفوس الكبيرة بنفس الطريقة التي يتعاملون بها مع الذين هم على العكس من ذلك، وهم يكلمون النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" كما يكلمون الجاهل والذميم.
ب ـ إن التحريف في الرواية الأخيرة ظاهر للعيان، فقد أكدت زينب على أنها لا ترضى بقسم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهي تتهمه بما أوجب له ألماً وحرقة، ثم تصر على موقفها هذا رغم اعتراض عمر عليها.
ولكن ذيل الرواية يقول: إن النبي دافع عن زينب، ومنحها وساماً عظيماً، لا يناسب هذا الموقف.. بل هو مناقض له، حيث وصفها بأنها أواهة، أي خاشعة متضرعة!! فهل الخاشع المتضرع الأواه يمكن أن يتهم نبيه بأنه لا يقسم قسمة عادلة؟! ويرفض الرضا بفعل هذا النبي!! ويخاطبه بكلام محرق، يبلغ منه كل مبلغ؟!..
تصحيح خطأ: بين زينب وحمنة:
وقد ذكر في تفسير القمي: أنه لما رجع النبي "صلى الله عليه وآله" من أُحد استقبلته زينب بنت جحش، فقال لها رسول الله "صلى الله عليه وآله": احتسبي.
فقالت: من يا رسول الله؟!
قال: أخاك.
قالت: إنا لله، وإنا إليه راجعون. هنيئاً له الشهادة.
ثم قال لها: احتسبي.
قالت: من يا رسول الله؟!
قال: حمزة بن عبد المطلب.
قالت: إنا لله، وإنا إليه راجعون. هنيئاً له الشهادة.
ثم قال لها: احتسبي.
قالت: من يا رسول الله؟!
قال: زوجك مصعب بن عمير.
قالت: وا حزناه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن للزوج عند المرأة لحداً ما لأحد مثله الخ..([267]).
ونقول:
إن الصحيح هو: "حمنة بنت جحش" لا زينب، لأن حمنة هي التي كانت تحت مصعب بن عمير، ثم خلف عليها طلحة. كما يعلم بالمراجعة لكتب التاريخ والتراجم.
النبي ' سماها:
وروي أن زينب كان اسمها بَرة ـ بالفتح ـ وكان اسم أبيها: بُرة ـ بالضم ـ فقال النبي "صلى الله عليه وآله": لو كان أبوك مؤمناً لسميته باسم رجل منا.
ولكني قد سميته جحشاً([268]).
ويظهر من كلام بعضهم: أن السبب في تغيير اسمها هو: أنه "صلى الله عليه وآله" خشي أن يقال: خرج من عند برة([269]).
وهذا الأمر كما ينسحب على زينب فإنه ينسحب على غيرها أيضاً.
فلماذا لا يخشى أن يقال: خرج من عند جويرية مثلاً؟!
ومثل ذلك قيل بالنسبة لبرة بنت أبي سلمة بن عبد الأسد، ربيبة النبي "صلى الله عليه وآله"، حيث زعموا: أنه غيَّر اسمها إلى زينب([270]).
وكذا الحال بالنسبة: لميمونة بنت الحارث الهلالية حيث غيَّر اسمها من برة إلى ميمونة، وبرة بنت الحارث المصطلقية، فإنه "صلى الله عليه وآله" سماها جويرية([271]).
ونقول:
أولاً: قد كانت هناك نساء أخريات اسمهن برة، فلماذا لم يغير النبي "صلى الله عليه وآله" أسماءهن؟ مثل برة بنت عامر بن الحارث بن السباق، بن عبد الدار بن قصي، وكانت من المهاجرات.
وبرة بنت أبي تجراة([272]).
وبرة بنت سفيان السلمية([273]).
ثانياً: إن ما ذكروه سبباً لهذا التغيير لا يمكن قبوله..
إذ لماذا يخشى أن يقال: خرج من عند برة.
ولا يخشى أن يقال: خرج من عند ميمونة مثلاً، فإنه إذا كانت مفارقة البرة غير محمودة، فإن مفارقة الميمونة أيضاً غير ميمونة ولا محمودة.
ثالثاً: لو قبلنا هذا التعليل، فإن السؤال يبقى قائماً بالنسبة لاسم أبيها الذي قيل إنه: "بُرَّة" ـ بضم الباء ـ حيث صرح "صلى الله عليه وآله": بأن هذا الاسم غريب عن مجتمع أهل الإيمان والإسلام، ورسومه، حيث يزعمون أنه قال: "لو كان أبوك مؤمناً لسميته باسم رجل منا".
ونقول:
أي عيب في إسم "بُرَّة" ليتصدى النبي "صلى الله عليه وآله" لتغييره؟ وما الذي جعل اسم "جحش" مقبولاً اكثر من غيره حتى استحق التقديم على الاسم الآخر؟!
وما هو المعيار الذي يجعل هذا من ذاك، أو من غيره؟!
وكيف يمكننا التمييز بينهما؟!
رابعاً: هل غيَّر النبي "صلى الله عليه وآله" أسماء آباء سائر نسائه؟
أم أنه اقتصر على تغيير اسم أبي زينب دون سواه؟!
ولماذا دون سواه؟!
بل هل غيَّر اسم أحد من المشركين غيره؟
وما فائدة تغيير اسمه وهو مشرك، وقد مات منذ زمان؟!
أطولكن يداً:
وقد رووا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" جمع نساءه، لم يغادر منهن واحدة([274]) وقال لهن ـ كما تروي عائشة ـ: أوَّلكن (أو أسرعكن) لحاقاً بي أطولكن يداً.
قالت: فكن يتطاولن أيهن أطول يداً.
وعند البخاري وغيره: فكنا إذا اجتمعنا في بيت إحدانا بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله" نمد أيدينا في الجدار، نتطاول.
فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش، وكانت المرأة امرأة قصيرة، ولم تكن بأطولنا؛ فعرفنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما أراد طول اليد بالصدقة([275]).
وفي نص آخر: أخذن قصبة يذرعنها([276]).
ونقول:
أولاً: قد زعموا أيضاً: أن المقصود بهذا القول هو زينب بنت خزيمة.. وقد تحدثنا عن ذلك في الجزء الثامن من هذا الكتاب، في فصل: عبرة ومناسبة، فراجع.
ثانياً: إننا نشك في صحة هذه الرواية، فإنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" يريد أن يحثّهن على الصدقة، فلماذا يخاطبهن بطريقة لا يفهمنها؟!
ثالثاً: هناك العديد من الأسئلة حول هذا الموضوع: إذ لماذا لم يبادرن إلى التذارع على الجدار في حياة النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه كما صرحت به رواية البخاري؟!
وإذا كن قد فعلن ذلك في حياته "صلى الله عليه وآله"، فهل كان يعلم بصنيعهن هذا؟!
فإن كان يعلم بذلك:
فما هو الشعور الذي كان ينتابه؟
ولماذا لم يوضح لهن ما أراد؟
ومن جهة أخرى: لماذا لم تعلن لنا عائشة نتائج ذلك السباق؟ فلم تعرِّفنا من هي التي ظهر أنها أطول يداً من سائرهن!!
وألا يحتمل أن يكون هذا الحديث ـ لو كان صحيحاً ـ قد جاء على سبيل النكتة، وإثارة السخرية برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبنسائه؟!
والأهم من ذلك كله.. كيف صار موت زينب أولاً، سبباً في معرفتهن بالمراد من قوله "صلى الله عليه وآله": أطولكن يداً؟
ولماذا لم يزد ذلك في حيرتهن؟!
وإذا كان الأمر كذلك: فلماذا لم يسألن رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه عن مقصوده، ليعيِّن لهن أحد الاحتمالين في هذه الكلمة؟! لكي تزول حيرتهن، وينتهي الأمر..
وبعد، فهل من المعقول والمقبول: أن يبقى هؤلاء النسوة يتذارعن كل هذه السنين الطويلة، ولا ينقلن هذا الحديث لأحد من الناس، لا من الأقرباء، ولا من الأصدقاء، ولا من البعداء، ليدلهن على معنى قوله "صلى الله عليه وآله".. حتى بقي ذلك كله سراً مكنوناً عندهن؟!
ومن الذي قال: إن المقصود باللحاق به "صلى الله عليه وآله" هو الموت بعده، فلعل المقصود هو اللحاق به في الدرجات.. فتكون زينب بنت خزيمة أم المساكين هي المقصودة؟!
وأخيراً نقول:
إننا نشك في صحة هذه الرواية من أساسها، فإن التي تجترئ على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتتهمه بأنه لا يعدل، وتؤذيه بما قدمناه تحت عنوان: علاقة عائشة بزينب، لا تستحق وساماً كهذا ولا ما هو دونه..
لمن صنع النعش؟:
وقد ذكر المؤرخون: أن زينب بنت جحش قد ماتت سنة عشرين.
وزعموا: أنها أول امرأة جعل على نعشها قبة. أو أنها أول امرأة صنع لها النعش([277]) وفقاً لما قالته لها أسماء بنت عميس عن النعوش التي رأتها في أرض الحبشة([278]).
والصحيح هو: أن أول من جعل على نعشها قبة، هي فاطمة الزهراء "عليها السلام"، ولذلك أضاف الحلبي وغيره هنا عبارة: "أي بعد فاطمة"([279]).
وعبارة الزرقاني: أنها ـ أي زينب ـ أول من جعل على جنازتها نعش من أزواجه "صلى الله عليه وآله"([280]).
وبذلك يكون: قد احتفظ لفاطمة "عليها السلام" بأوليتها في ذلك بالنسبة إلى سائر النساء.
قال البيهقي: "وما قيل: إن ذلك أول ما اتخذ في جنازة زينب ابنة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهو باطل"([281]).
وعلى حد تعبيرهم: إن الصحيح هو: أن أول من اتخذ لها النعش في الإسلام، وغُطي نعشها هي فاطمة الزهراء "عليها السلام".
وقد روي ذلك: بسند صحيح عن الإمام الصادق "عليه السلام" أيضاً([282]).
وذلك أنها قالت لأسماء: استقبحت ما يصنع بالنساء، فيطرح على المرأة الثوب، فيصفها لمن رأى([283]).
"وإني لأستحي من جلالة جسمي إذا أخرجت على الرجال غداً، فكيف أحمل على أعناق الرجال مكشوفة؟
وكيف ينظر الرجال إلى جثتي على السرير إذا حملت؟
فلا تحمليني على سرير ظاهر"([284]).
فقالت: لا لعمري، ولكن أصنع لك نعشاً، كما رأيت يصنع بالحبشة.
قالت: فأرينيه.
فدعت بسرير فأكبته لوجهه، ثم دعت بجرائد، فشدته على قوائمه، ثم جللته ثوباً.
(فتبسمت، وما رؤيت متبسمة ـ أي بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" ـ إلا يومئذٍ.
فقالت: ما أحسن هذا وأجمله، لا تعرف به المرأة من الرجل) اصنعي لي مثله. سترتِني، سترك الله من النار.
فاتخذ بعد ذلك سنَّة([285]).
بل في بعض الروايات: أن الملائكة أيضاً كانت قد صورت لها ذلك النعش([286]).
جهد العاجز:
ويلاحظ هنا: أن ابن أبي الحديد قد بذل محاولة فاشلة للتشكيك في هذا الأمر، حين قال: "والثبت في ذلك: أنها زينب؛ لأن فاطمة دفنت ليلاً، ولم يحضرها إلا علي، والعباس، والمقداد، والزبير"([287]).
ويرد عليه: أنه لا يحل للزبير والمقداد أن ينظرا إليها، فلماذا لا يكون النعش لأجل الستر عنهما؟!
وقال البلاذري: "..قالوا: وأوصت زينب أن تحمل على السرير الذي كان قد حمل عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحملت عليه، وعليه حمل أبو بكر (رض)، وكان الناس يحملون عليه، فلما كان مروان منع أن يحمل عليه إلا الرجل الشريف، وفرَّق في المدينة سُرُراً"([288]).
فهذا الحديث وإن كان يدل على أن زينب لم تكن أول من حمل على النعش، ولم يصنع النعش لأجلها.
ولكننا نشك في صحة قوله: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حمل عليه، لأنه "صلى الله عليه وآله" قد دفن في الموضع الذي توفي فيه. ولم ينقل من مكان إلى مكان ليحتاج إلى النعش.
هل يجهل عمر حكم الله؟!
عن الشعبي: أنه حين ماتت زينب، أرسل عمر إلى أزواج النبي "صلى الله عليه وآله"، يقول: من يدخلها قبرها؟
فقلن: من كان يراها في حياتها، فليدخلها قبرها([289]).
وفي نص آخر: أن عمر أراد أن يدخل قبر زينب بنت جحش، فأرسل إلى أزواج النبي "صلى الله عليه وآله"، فقلن: إنه لا يحل لك أن تدخل القبر، وإنما يدخل القبر من كان يحل له أن ينظر إليها وهي حية([290]).
ونقول:
إن ما يثير الدهشة حقاً ههنا أمران:
أحدهما: أن يجهل عمر هذا الحكم البديهي، الذي يعرفه كل مسلم، وهو أن الرجل الأجنبي، الذي لا تربطه بالمرأة ـ سواء في ذلك زينب بنت جحش أم غيرها ـ أية رابطة من نسب أو سبب، تجعله من محارمها، لا يجوز له أن يتولى منها ما يتولاه المحارم..
الثاني: أن تصديه لهذا الأمر الذي يرتبط بإحدى زوجات رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتضمن جرأة كبيرة على مقام الرسول العظيم، وفيه إقدام على هتك حرمة النبي الكريم "صلى الله عليه وآله".
ونحن لا ندري لماذا كان ذلك منه؟ ولعل الفطن الذكي يدري.
عائشة: أنا أم رجالكم:
وقال البيضاوي: "?..وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ..? منزلات منزلتهن في التحريم، واستحقاق التعظيم. وفيما عدا ذلك فكالأجنبيات"([291]).
وقال الصالحي الشامي: "ويقال لأزواج النبي "صلى الله عليه وآله": أمهات المؤمنين الرجال، دون النساء، بدليل ما روي عن مسروق: أن امرأة قالت لعائشة: يا أمه.
فقالت: لست لك بأم؛ إنما أنا أم رجالكم.
فبان بذلك أن معنى الآية: أن الأمومة في الأمة المراد بها تحريم نكاحهن على التأبيد، كالأمهات"([292]).
لكن المروي عن أم سلمة رحمها الله يناقض ذلك، فقد روي أنها قالت: أنا أم الرجال منكم والنساء([293]).
ونقول:
أولاً: إن التعبير القرآني: ?..وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ..? لم يصرح الله تعالى فيه بما أراده من حكمه بكونهن كالأمهات، غير أن القدر المتيقن هو أنهن مثل الأمهات من حيث حرمة التزويج بهن. وكل زيادة على ذلك تحتاج إلى شاهد ودليل فما هو الدليل، أو فقل: أية قرينة جعلت البيضاوي وجماعات كثيرة من أهل نحلته يزيدون على ذلك عبارة: "واستحقاق التعظيم"؟! فإنها زيادة لا شاهد لها، ولا دليل يساعدها.
ثانياً: إن قول عائشة: لسنا أمهات النساء، يدفع هذا التفسير الذي ذكره البيضاوي والصالحي الشامي وغيرهما لهذه الآية المباركة، إذ لو كانت أماً في استحقاق التعظيم لشملت الآية النساء والرجال.
ثالثاً: بالنسبة لكلام أم سلمة، نقول: لعلها رحمها الله قد نظرت إلى جانب التعظيم الذي يتبع العمل الذي تعمله زوجات النبي "صلى الله عليه وآله"، وذلك من حيث استحقاقهن للتعظيم من خلاله.. أو من حيث الحرمان منه.
فأم سلمة ترى: أنها تستحق التعظيم من النساء والرجال، تماماً كما يعظم الناس أمهاتهم، لأنها رحمها الله تعامل الناس، وتحبهم، وتسعى في حفظهم وتدبير أمورهم كما تعامل الأم أولادها.
بخلاف عائشة، فإنها لم تظهر للناس شيئاً من هذا الحب والرعاية، بل هي قد ضربت الناس بعضهم ببعض، وقتل بسببها المئات والألوف، وسعت في حرمانهم من رعاية من هو بمثابة الأب لهذه الأمة كما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنا وعلي أبوا هذه الأمة([294]).
فأمومة عائشة للناس تختص بالرجال، لأنها أمومة تقتصر على الناحية التشريعية لحرمة الزواج منها، وليست هي كأم سلمة ـ في رعايتها ومحبتها للناس ـ لكي تستحق التعظيم من النساء والرجال على حد سواء، كما استحقته أم سلمة..
الباب السابع:
سرايا وغزوات بين المريسيع والحديبية
الفصل الأول: غزوة بني لحيان
الفصل الثاني: غزوة ذي قرد (الغابة)
الفصل الثالث: سبع سراي
الفصل الرابع: سرايا أخرى قبل الحديبية
الفصل الخامس: بعوث وسرايا قبل خيبر
الفصل السادس: حديث الإستسقاء..
الفصل الأول:
غزوة بني لحيان
غزوة بني لحيان:
وفي ربيع الأول من السنة السادسة، وعند ابن إسحاق في جمادى الأولى، على رأس ستة أشهر من غزوة بني قريظة كانت غزوة بني لحيان.
فقد ذكروا: أنه بعد ما جرى لعاصم بن ثابت، وحبيب بن عدي، وغيرهما ممن قتلتهم هذيل، أراد النبي "صلى الله عليه وآله" أن ينتقم من تلك القبائل.. فأمر أصحابه بالتهيؤ، مظهراً على سبيل التورية: أنه يريد الشام.. وولى ابن أم مكتوم على المدينة، وسار في مائتي رجل معهم عشرون فارساً. واختار مسالك غير معتادة حتى بلغ الموضع الذي أصيب فيه أصحاب غزوة الرجيع، فوجد بني لحيان قد حذروا، وتمنعوا في رؤوس الجبال.
فترحم على أصحاب الرجيع، وأقام هناك يوماً أو يومين، يبعث السرايا في كل ناحية. فلما أخطأ من غرتهم ما أراد، قال: لو أنَّا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة: أنَّا قد جئنا مكة، فخرج في مائتي راكب من أصحابه، حتى نزل عسفان، ثم بعث فارسين من أصحابه حتى بلغا كراع الغميم، ثم كرَّا. ورجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" قافلاً إلى المدينة..
قال جابر: إنه سمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول وهو راجع: "آيبون تائبون إن شاء الله تعالى، لربنا حامدون. أعوذ بالله من عناء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال"([295]).
وفي رواية: أنه "صلى الله عليه وآله" بعث أبا بكر في عشرة فوارس، من عسفان، ليُسمع بهم قريشاً، فيذعرهم، فأتوا كراع الغميم، ثم رجعوا، ولم يلقوا أحداً.
ثم رجع "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، ولم يلق كيداً. وكانت غيبته أربع عشرة ليلة([296]).
ونقول:
إن لنا بعض الكلام حول ما تقدم، نجمله على النحو التالي:
إلى عسفان في مائتي راكب:
قد ذكروا فيما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" سار إلى بني لحيان في ماءتي راكب، ثم ذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" لما فاته منهم ما أراد، قال: لو أنَّا هبطنا عسفان لرأى أهل مكة: أنَّا قد جئنا مكة، فخرج في ماءتي راكب من أصحابه حتى نزل عسفان..
فإنه لا معنى لهذا التعبير إلا إذا كان أصحابه الذين غزا بهم إلى الرجيع، أكثر من ماءتين..
فما معنى قوله أولاً: إنه خرج في ماءتي راكب؟!
أبو بكر إلى كراع الغميم:
وعن إرساله أبا بكر إلى كراع الغميم في عشرة فوارس نقول:
إن ذلك موضع شك أيضاً، فقد ورد في نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسل فارسين من أصحابه، حتى بلغا كراع الغميم، ثم كرَّا راجعين([297]).
وأما القول: بأنه لا مانع من أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أرسلهما، ثم أرسل أبا بكر في عشرة فوارس، أو العكس..
فهو غير ظاهر الوجه، ما دام أن مجموع غيبته "صلى الله عليه وآله" هي أربع عشرة ليلة فقط.
فإن عسفان تبعد عن مكة مسيرة يومين([298])، والأبواء على خمسة أميال من المدينة([299]).
والمفروض: أن عسفان أبعد منها.. لأنه مر بالأبواء وهو عائد من عسفان.
بل إن الحديث المتقدم قد ذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تجاوز عسفان حتى وصل إلى الرجيع، وهو ماء لهذيل بين عسفان ومكة([300])، أو ماء قرب الهدة بين مكة والطائف([301]). وقد أقام هناك يومين، ثم أرسل السرايا في كل ناحية فلم يجدوا أحداً.. ثم أرسل الفارسين إلى كراع الغميم، وعادا إليه.
فهل يمكن أن يقطع هذه المسافات كلها، ذهاباً وإياباً في مدة أربعة عشر يوماً؟!! ثم هو يبقى يومين في ذلك المكان أيضاً؟!
وهل يبقى وقت لإرسال فارسين إلى كراع الغميم أولاً، ثم يبقى وقت آخر لإرسال أبي بكر في عشرة فوارس إلى كراع الغميم مرة أخرى؟!
والحال أن كراع الغميم هو: موضع بالحجاز، بين مكة والمدينة، أمام عسفان بثمانية أميال([302])، أو سبعة([303])، وقيل: سبعة من الهدة([304]).
والحاصل: أنه إذا كان الرجيع قرب الهدة بين مكة والطائف فإن هذا الموضع يكون جنوبي مكة، مع أن المدينة تقع شماليها. فكيف يمكن أن تقع هذه الأحداث كلها وقطع جميع هذه المسافات في خلال أربعة عشر يوماً؟!
دعاء السفر:
وقد ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تعوذ بالله من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال، وقد روي هذا التعوذ أيضاً عن علي "عليه السلام" ، فراجع([305]).
والذي يتأمل في كلمات هذا الدعاء سوف يجد أنها كلها نور وهداية، وعلم ودراية، لمن سمع ووعى، ويكفي أن نعيد على مسامع أهل الدراية والرعاية، نص العبارة الأخيرة ـ وسوء المنظر في الأهل والمال ـ التي تعطي الانطباع عن أن الشارع الحكيم يريد للإنسان المؤمن أن يكون حسن المنظر ليس فقط في نفسه وشخصه، وإنما في أهله وماله أيضاً.
فإهمال هذا الأمر، لا يعد زهداً في الدنيا، ولا هو طاعة لله تعالى، بل هو مخالفة للشرع ليس فيها لله رضا، ولا لعباده صلاح، بل هو قد يوجب غضبه ومقته سبحانه، إذا كان سبباً في نفرة الناس من الدين وأهله، والاستخفاف بهم، واستقذارهم.
وربما تدخل على بعض الضعفاء شبهة كون الدخول في الإسلام معناه التعرض للمصائب والبلايا، وللمتاعب والرزايـا، وكثير من الناس ينجذبون ـ عادة ـ إلى حياة السعة والرخاء، والصفاء والهناء.
بل إن التظاهر بالتقشف والإهمال قد يدخل أحياناً في دائرة الرياء المذموم في الشريعة، إذا كان الهدف منه هو لفت نظر الناس، وإعطاء الانطباع عن زهد وورع، وانصراف عن الدنيا، لا حقيقة له، لا في محتواه، ولا في مستواه.
زيارة النبي ' قبر أمه وبراءته منها:
وتذكر النصوص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما رجع من بني لحيان، وقف على الأبواء، فرأى قبر أمه، فتوضأ ثم بكى، وبكى الناس لبكائه ثم صلى ركعتين، ثم أخبر الناس عن سبب بكائه "صلى الله عليه وآله" فكان مما قال:
ولكني مررت بقبر أمي، فصليت ركعتين، فاستأذنت ربي عز وجل أن أستغفر لها، فنهيت، فبكيت، ثم عدت، وصليت ركعتين، فاستأذنت ربي عز وجل أن أستغفر لها فزجرت زجراً، فأبكتني.
ثم دعا براحلته فركبها، فسار يسيراً، فقامت الناقة لثقل الوحي؛ فأنزل الله تعالى: ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ، وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لله تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأوَّاهٌ حَلِيمٌ?([306]).
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": أشهدكم أني بريء من آمنة، كما تبرأ إبراهيم من أبيه([307]).
قال الحلبي: وهذا السياق يدل على أن هاتين الآيتين غير ما زجر به عن الاستغفار لها المتقدم في قوله: "فزجرت زجراً"([308]).
وفي الوفاء: أن ذلك كان بعسفان، وأن قبرها هناك([309]).
وتذكر روايات أخرى: أنه "صلى الله عليه وآله" قد زار قبر أمه حين فتح مكة، ثم قام متغيراً([310]).
وفي نص ثالث: أنه زار قبرها في غزوة الحديبية حين مر بالأبواء، فبكى وأبكى من حوله، فقال: استأذنت ربي في أن أستغفر لها، فلم يأذن لي، واستأذنته في أن أزورها، فأذن لي، فزوروا القبور، فإنها تذكر الموت([311]).
وعن ابن مسعود، عنه "صلى الله عليه وآله" قال: كنت نهيتكم عن زيارة القبور، فزوروها فإنها تزهد في الدنيا، وتذكر الآخرة([312]). وزارها في مكة أيضاً.
قال الحلبي: "إن ذلك كان قبل إحيائها له، وإيمانها به "صلى الله عليه وآله".."([313]).
ونقول:
قد تقدم بعض الحديث عن إيمان آباء النبي "صلى الله عليه وآله" في الجزء الثاني من هذا الكتاب، فنحن نحيل القارئ الكريم على ذلك الموضع، ونكتفي هنا بالإشارة إلى ما يلي:
أولاً: إن آية النهي عن الاستغفار للمشركين، ولو كانوا أولي قربى، إنما هي في سورة التوبة التي هي من أواخر ما نزل في المدينة، بل ادَّعى بعضهم: أنها آخر ما نزل([314]).
وقضية استغفار النبي لأمه إنما كانت سنة ست، أو في الحديبية، أو في فتح مكة، وكل ذلك قد كان قبل نزول سورة التوبة بزمان. ولا يعقل أن تنزل آية أو أكثر، وتبقى معلقة في الهواء، من دون أن توضع في سورة بعينها، كما أشرنا إليه غير مرة.
ثانياً: إن قوله تعالى: ?سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَن يَغْفِرَ اللهَ لَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ?([315]) قد نزلت في غزوة بني المصطلق سنة ست.
فإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" يعرف: أن الله لا يغفر للمنافقين، حتى لو استغفر لهم، فإنه لا بد أن يعرف: أنه تعالى لا يغفر للمشرك، المعلن بشركه، فلماذا يبادر إلى عمل يعرف مسبقاً أنه بلا نتيجة؟!
ثالثاً: لو سلمنا أن آية: ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى..?([316]) قد نزلت حين وفاة أبي طالب فهي إنما نزلت لتأكيد تنزيهه عن الشرك، لا لأجل إثبات شركه.
فقد روي: أنه لما مات أبو طالب لم تكن الصلاة على الميت قد نزلت بعد، فما صلى النبي "صلى الله عليه وآله" عليه ولا على خديجة، وإنما اجتازت جنازة أبي طالب والنبي "صلى الله عليه وآله" وعلي وجعفر وحمزة جلوس، فقاموا وشيعوا جنازته واستغفروا له، فقال قوم: نحن نستغفر لموتانا وأقاربنا المشركين أيضاً ظناً منهم أن أبا طالب مات مشركاً لأنه كان يكتم إيمانه، فنفى الله عن أبي طالب الشرك، ونزَّه نبيه "صلى الله عليه وآله"، والثلاثة المذكورين "عليهم السلام" عن الخطأ في قوله: ?مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ?.
فمن قال بكفر أبي طالب فقد حكم على النبي "صلى الله عليه وآله" بالخطأ. والله تعالى قد نزهه عنه في أقواله وأفعاله([317]).
بل حتى لو سلمنا بالكذبة المعروفة: بأن هذه الآية قد نزلت في أبي طالب نفسه؛ لأجل نهي النبي "صلى الله عليه وآله" عن الاستغفار له([318]) فإن ذلك يدل على: أن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ لو كان قد استغفر لأمه ـ قد فعل أمراً كان الله تعالى قد نهاه عنه، ومنعه منه، في آية قد نزلت قبل نحو عقد من الزمن.. وهذا مما لا يمكن أن يفعله رسول الله "صلى الله عليه وآله".
رابعاً: لماذا نسي النبي "صلى الله عليه وآله" الاستغفار لأمه طيلة أيام حياته، وإلى أن مضى ما يقرب من عشرين سنة من بدء بعثته رسولاً للناس؟!
خامساً: قد تقدم في هذا الكتاب: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يريد لكافر، ولا لمشرك عنده (أي النبي) من نعمة تجزى([319]).
ومن الواضح: أن التربية للنبي "صلى الله عليه وآله"، هي من أجلِّ الأيادي التي تستحق الشكر والجزاء منه "صلى الله عليه وآله" لذلك المربي..
سادساً: إنه "صلى الله عليه وآله" لا يفعل إلا ما يعلم أنه يرضي الله سبحانه، فما معنى أن يبادر إلى الاستغفار لأمه من دون أن يتأكد من رضا الله سبحانه وتعالى به؟!
أليس "صلى الله عليه وآله" لا يقول ولا يفعل عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى؟!
بل لماذا يفعل أمراً، فينهاه الله سبحانه عنه، ثم يفعله مرة أخرى، فيزجره الله سبحانه زجراً. ألم يكن النهي الأول كافياً له؟!
لعن زوارات القبور:
عن أبي هريرة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعن زوارات القبور([320]).
وقالوا: إن هذا كان قبل أن يرخص النبي "صلى الله عليه وآله" في زيارة القبور، فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء([321]).
ونقول:
لا ريب في أن النساء كن يزرن القبور في حياته "صلى الله عليه وآله"، وبعد وفاته.. ويدل على ذلك:
1 ـ ما روي عن عائشة، قالت: كنت أدخل بيتي الذي فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإني واضعة ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر معهما، فوالله ما دخلته إلا وأنا مشدودة عليَّ ثيابي حياء من عمر([322]).
فعائشة إذن كانت تزور القبور كما دل عليه هذا الحديث.
ومن الواضح: أن البيت الذي دفن فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يكن بيتها، بل هو بيت الزهراء "عليها السلام". وقد حاولت أن تنسبه إلى نفسها بعد طول العهد. فراجع ما كتبناه حول هذا الموضوع في كتاب دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج1 ص169 ـ 183.
2 ـ إن الزهراء "عليها السلام" كانت تزور قبر سيد الشهداء، حمزة بن عبد المطلب، فتصلي، وتبكي عنده، وتزوره([323]) وتزور قبور شهداء أحد بين اليومين والثلاثة، فتبكي عندهم وتدعو([324]).
فهل ترى أنها صلوات الله عليها هي المقصودة باللعن المفترى على رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
3 ـ وقد علَّم النبي "صلى الله عليه وآله" عائشة كيفية زيارة قبور المؤمنين، حين قالت: كيف أقول لهم يا رسول الله؟!
قال: قولي: "السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين"([325]).
4 ـ كانت أم سلمة تزور قبور الشهداء كل شهر، وقد أنَّبت غلامها؛ لأنه لم يسلم عليهم([326]).
5 ـ وقالت فاطمة الخزاعية: سلمت على قبر حمزة يوماً، ومعي أخت لي، فسمعنا من القبر قائلاً يقول: وعليكما السلام ورحمة الله.
قالت: ولم يكن بقربنا أحد من الناس([327]).
6 ـ وقد قامت عائشة على قبر أبيها، فقالت: نضَّر الله وجهك الخ..([328]).
7 ـ قال العطاف بن خالد: حدثتني خالتي: أنها زارت قبور الشهداء، قالت: وليس معي إلا غلامان، يحفظان عليَّ الدابة، قالت: فسلمت عليهم، فسمعت رد السلام.
قالوا: والله، إنَّا نعرفكم كما يعرف بعضنا بعضاً.
قالت: فاقشعررت، فقلت: يا غلام، ادن بغلتي فركبت([329]).
8 ـ إن عائشة قد زارت قبر أخيها عبد الرحمن([330]).
وبعد.. فإننا نتوقع أن لا يصر هؤلاء على فريتهم بلعن زوارات القبور، بعد أن عرفوا أن عائشة وغيرها كن يفعلن ذلك.. ولم يعد الأمر محصوراً بالزهراء صلوات الله وسلامه عليها، التي ربما يكون الحرص على التقليل من شأنها، والطعن بعصمتها وبمعرفتها، وعلمها، وتقواها هو السبب في ظهور هذه الأكاذيب والافتراءات على رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أهل الأهواء والعصبيات.
كسوف الشمس:
قالوا: وقد كسفت الشمس في سنة ست، قبل الكسوف الذي كان حين مات إبراهيم ابن رسول الله "صلى الله عليه وآله"..([331]).
وهذا يبين: أن الناس كانوا يعرفون كسوف الشمس يشاهدونه عبر الأحقاب والأزمان، ولا يجدون أنه مرتبط بالأشخاص أو غيرهم. بل هو مجرد حدث كوني ينتهي إلى أسبابه الخاصة به، فلا مجال لتصديق ما يشاع أو يذاع مما هو في غير هذا السياق الطبيعي.
إلا إذا حصل ذلك الكسوف في غير الوقت الطبيعي له، فإنه يكون حينئذٍ آية من الآيات، لا بد من الاستفادة منها في تأكيد اليقين بالحق، وفي التزام سبيل الهدى والرشاد..
الفصل الثاني:
غزوة ذي قرد (الغابة)
غزوة الغابة:
وكانت غزوة الغابة، وتعرف بـ "ذي قرد"، وهو ماء على بريد من المدينة من جهة الشام، في يوم الأربعاء في شهر ربيع الأول من سنة ست قبل الحديبية، كما قال ابن عقبة، وابن إسحاق.
وادَّعى البخاري وغيره: أنها قبل خيبر بثلاثة أيام أو نحوها([332]).
والصحيح هو ما في السيرة الحلبية، حيث قال:
"والشمس الشامي ذكرها بعد الحديبية، تبعاً لما في صحيح البخاري أنها بعد الحديبية، وقبل خيبر بثلاثة أيام، وكذا في صحيح مسلم حيث رووا عن سلمة بن الأكوع: أنهم رجعوا من ذي قرد إلى المدينة فلم يلبثوا إلا ثلاث ليال حتى خرجوا إلى خيبر"([333]).
وقال بعضهم: "أجمع أهل السير على أن غزوة الغابة كانت قبل الحديبية"([334]).
وذكر بعضهم غزوة ذي قرد بعد الحديبية وخيبر([335]).
وقال ابن الأثير عن ذي قرد: إنه ماء بين المدينة وخيبر، على يومين من المدينة([336]).
وفي فتح الباري: على مسافة يوم، وفي غيره: نحو يوم([337]).
وذلك أنه لما قدم النبي "صلى الله عليه وآله" من غزوة بني لحيان لم يقم "صلى الله عليه وآله" سوى أيام قلائل حتى أغار بنو فزارة، بقيادة عيينة بن حصن في أربعين فارساً على لقاح النبي "صلى الله عليه وآله"([338]) التي كانت في الغابة. فاستاقوها، وقتلوا ابن أبي ذر الغفاري، وسبوا امرأته([339]).
وجمعوا بين هذين القولين: بأن إغارة عيينة كانت مرتين، إحداهما قبل الحديبية، والأخرى بعدها، قبل الخروج إلى خيبر([340]).
قالوا: ويؤيد هذا الجمع: أن الحاكم ذكر في الإكليل: أن الخروج إلى ذي قرد قد تكرر ثلاث مرات، وأن الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد، وفي الثانية خرج إليها النبي "صلى الله عليه وآله" في سنة خمس، والثالثة هي المختلف فيها.
وقد ذكرت رواية ابن إسحاق: أن اللقاح كانت ترعى في الغابة، وفي رواية البخاري: أنها كانت ترعى بذي قرد.
وجمع بينهما: بأنها كانت ترعى تارة بالغابة، وأخرى بذي قرد([341]).
ونقول:
إن هذا الجمع غريب، فإن الكلام إنما هو عن الموضع الذي أخذت اللقاح منه. إذ لا يمكن أن تكون قد أخذت من الموضعين في آن واحد، مع العلم بأن المسافة بينهما بعيدة.
بعض تفاصيل هذه الغزوة:
ونذكر هنا: بعض التفاصيل التي أوردها المؤرخون، على النحو التالي:
لقد ذكروا: أنهم حين قتلوا الغفاري، وسبوا امرأته، واستاقوا اللقاح.. كان أول من نذر بهم سلمة بن الأكوع، فغدا يريد الغابة، ومعه غلام لطلحة، معه فرس لطلحة يقوده، حتى إذا علا ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم؛ فأشرف في ناحية سلع، ثم صرخ: وا صباحاه، وخرج يشتد في آثار القوم، وكان مثل السبع حتى لحق القوم، فجعل يردهم بالنبل، ويقول إذا رمى:
خـذهــا وأنــا ابــن الأكــــوع الـــيــوم يـــــوم الــرضــــع
فكلما وجهت الخيل نحوه انطلق هارباً، ثم عارضهم، فإذا أمكنه الرمي رمى، ثم قال:
خـذهــا وأنــا ابــن الأكــــوع الـــيــوم يـــــوم الــرضــــع
فبلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" صياح ابن الأكوع، فصرخ بالمدينة: الفزع الفزع..
أو نودي بالمدينة: يا خيل الله اركبي، وكان أول ما نودي بها.
وركب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خمسمائة.
وقيل: في سبعمائة.
واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم. وخلَّف سعد بن عبادة في ثلاث مائة يحرسون المدينة.
وكان قد عقد لمقداد بن عمرو في رمحه لواء، وقال: امض حتى تلحقك الخيول، وأنا على أثرك، فأدرك أخريات العدو([342]).
وفي الإكتفاء: "كان أول من انتهى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الفرسان المقـداد، ثـم عبـاد بن بشر، وسعد بن زيد، وأسيد بن ظهير أخو بني حارثة ـ يشك فيه ـ وعكاشة بن محصن، ومحرز بن نضلة، وأبو قتادة، وأبو عياش، وأبو عبيد بن زيد.
وقال: اخرج في طلب القوم حتى ألحقك بالناس.
وقال لأبي عياش: لو أعطيت هذا الفرس رجلاً هو أفرس منك، فلحق القوم.
قال أبو عياش: يا رسول الله، أنا أفرس الناس.
ثم أضرب الفرس. فوالله ما جرى بي خمسين ذراعاً حتى طرحني، فعجبت أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: لو أعطه أفرس منك.
أقول: أنا أفرس الناس.
فأعطى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فرس أبي عياش ـ هذا فيما يزعمون ـ معاذ بن ماعص، أو عائذ بن ماعص فكان ثامناً.
وبعض الناس يعد سلمة بن عمرو بن الأكوع أحد الثمانية، ويطرح أسيد بن ظهير، أخا بني حارثة.
ولم يكن سلمة يومئذٍ فارساً، قد كان أول من لحق القوم على رجليه.
فخرج الفرسان في طلب القوم حتى تلاحقوا. وكان أول فارس لحق بالقوم محرز بن نضلة، ويقال له أيضاً: قمير.
ولما كان الفزع جال فرس لمحمود بن مسلمة في الحائط، وهو مربوط بجذع نخل، حين سمع صاهلة الخيل، فقالت بعض النساء لمحرز بن نضلة: يا قمير، هل لك في أن تركب هذا الفرس، فإنه كما ترى، حتى تلحق برسول الله "صلى الله عليه وآله" وبالمسلمين؟
فأعطته إياه، فخرج عليه، حتى أدرك القوم، فوقف بين أيديهم، ثم قال: قفوا بني اللكيعة، حتى يلحق بكم من وراءكم من المهاجرين والأنصار.
ثم حمل عليه رجل منهم، فقتله. وجال الفرس، فلم يقدر عليه حتى وقف على آرية في بني عبد الأشهل([343]).
فقيل: لم يقتل من المسلمين يومئذٍ غيره.
وقيل: إنه قتل هو ووقاص بن محرز المدلجي.
ولكن ابن إسحاق قال: حدثني بعض من لا أتهم، عن عبد الله بن كعب بن مالك: أن محرزاً إنما كان على فرس عكاشة بن محصن، يقال لها: الجناح، فقتل محرز، واستلبت الجناح..
ولما تلاحقت الخيل قتل أبو قتادة، حبيب بن عيينة بن حصن، وغشاه ببرده. ثم لحق بالناس.
وأقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المسلمين، فرأوه، فتوهموا: أن المقتول هو أبو قتادة، فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": ليس بأبي قتادة. ولكنه قتيل لأبي قتادة، وضع عليه برده، لتعرفوا أنه صاحبه.
وفي المواهب اللدنية: أن أبا قتادة قتل مسعدة، فأعطاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فرسه وسلاحه.
وقتل عكاشة بن محصن أبان بن عمرو. كما أن عكاشة أدرك أوباراً وابنه عمرواً، وهما على بعير واحد فانتظمهما بالرمح، فقتلهما جميعاً، واستنقذوا بعض اللقاح، قيل: عشرة منها، وأفلت القوم بما بقي، وهو عشر.
وقتل من المسلمين محرز بن نضلة، قتله مسعدة.
وسار رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى نزل بالجبل من ذي قرد، وتلاحق به الكثيرون، وأقام "صلى الله عليه وآله" عليه يوماً وليلة.
فقال سلمة بن الأكوع لرسول الله "صلى الله عليه وآله": يا رسول الله لو سرّحتني في مائة رجل لاستنقذت بقية السرح، وأخذت بأعناق القوم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ـ فيما بلغني ـ إنهم الآن ليغبقون في غطفان.
وفي المواهب اللدنية: أنه "صلى الله عليه وآله" قال له: يابن الأكوع إذا ملكت فاسجح (أي فأرفق) ثم قال: إنهم ليقرون في غطفان.
فقسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" في كل مائة رجل جزوراً.
وفي المواهب اللدنية أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" قد صلى بأصحابه صلاة الخوف بذي قرد..
ورجع إلى المدينة، وقد غاب عنها خمس ليال.
وأفلتت امرأة الغفاري على ناقة من إبل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى قدمت عليه المدينة، فأخبرته الخبر.
وقالت: إنها نذرت أن تنحر الناقة التي نجت عليها.
وفي رواية: نذرت أن تأكل من سنامها وكبدها.
فتبسم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم قال: بئسما جزيتها أن حملك الله عليها، ونجاك بها، ثم تنحرينها! إنه لا نذر في معصية الله، ولا فيما لا تملكين، إنما هي ناقة من إبلي. ارجعي إلى أهلك على بركة الله([344]).
وذكروا: أن الناقة التي أفلتت الغفارية عليها هي القصوى.
وفي نص آخر: "العضباء"([345]).
وتقول الروايات أيضاً: إن سلمة قد استنقذ سرح رسول الله "صلى الله عليه وآله" كله، قال سلمة: فوالله، ما زلت أرميهم وأعقرهم، فإذا رجع إلي فارس منهم أتيت شجرة، فجلست في أصلها، ثم رميته، فعقرت.
حتى إذا تضايق الجبل، فدخلوا في مضايقه، علوت الجبل، فجعلت أردهم بالحجارة، قال: فما زلت أتبعهم حتى ما خلق الله من بعير من ظهر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بيني وبينه.
ثم اتبعتهم أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحاً، يستخفون، ولا يطرحون شيئاً إلا جعلت عليه آراماً من الحجارة، يعرفها رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأصحابه. حتى أتوا متضايقاً من ثنية.
فأتاهم فلان ابن بدر الفزارى، فجلسوا يتضحون (أي يتغدون)، وجلست على رأس قرن، قال الفزارى: ما هذا الذي أرى؟
قالوا: لقينا من هذا البرح، والله ما فارقنا منذ غلس، يرمينا حتى انتزع كل شيء في أيدينا.
قال: فليقم إليه نفر منكم.
قال: فصعد إلي منهم أربعة في الجبل، فلما أمكنوني من الكلام، قلت: هل تعرفوني؟
قالوا: لا، ومن أنت؟
قلت: أنا سلمة بن الأكوع. والذي كرم وجه محمد "صلى الله عليه وآله" لا أطلب رجلاً منكم إلا أدركته، ولا يطلبني رجل منكم فيدركني.
قال أحدهم: أظن كذلك. فرجعوا، فما برحت مكاني حتى رأيت فوارس رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتخللون الشجر، فإذا أولهم الأخرم الأسدي، على أثره أبو قتادة الأنصاري، وعلى أثره المقداد بن الأسود الكندي.
فأخذت بعنان الأخرم، وقلت: يا أخرم، احذرهم، لا يقتطعونك حتى يلحق رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال: يا سلمة، إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر، وتعلم أن الجنة حق والنار حق، فلا تحل بيني وبين الشهادة.
قال: فخليته، فالتقى هو وعبد الرحمن، فقتله، وتحول على فرسه. ولحق أبو قتادة، فارس رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعبد الرحمن، فطعنه فقتله، وركب فرس أخرم الذي ركبه عبد الرحمن.
ثم إن فوارس النبي "صلى الله عليه وآله" ـ كما في عيون الأثر ـ أدركوا العدو والسرح، فاقتتلوا قتالاً شديداً، واستنقذوا السرح، وهزم الله العدو. ويقال: قتل أبو قتادة أم قرفة امرأة مسعدة([346]).
وعن سلمة بن الأكوع، قال: والذي أكرم وجه محمد "صلى الله عليه وآله"، لتبعتهم أعدو على رجلي، حتى ما أرى من ورائي من أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله" ولا من غبارهم شيئاً، حتى عدلوا قبل غروب الشمس إلى شعب فيه ماء، يقال له: ذو قرد، ليشربوا منه، وهم عطاش، فنظروا إلى عدوي وراءهم، فجلوتهم عنه، فما ذاقوا منه قطرة.
ويخرجون، ويشتدون في ثنية، وغربت الشمس، فأعدو، وألحق رجلاً منهم، فأصكه بسهم في نفض كتفه، فقلت:
خـذهــا وأنــا ابــن الأكــــوع الـــيــوم يـــــوم الــرضــــع
قال: يا ثكلة أمه، أكوعه بكرة.
قلت: نعم، يا عدو نفسه، أكوعه بكرة.
قال: وأردوا فرسين على ثنية. فجئت بهما أسوقهما إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولحقني عامر بسطيحة فيها مذقة من لبن، وسطيحة فيها ماء، فتوضأت، وشربت، ثم أتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو على الماء الذي جلأتهم عنه (لعل الصحيح: حلأتهم) قد أخذ تلك الإبل، وكل شيء استنقذته من المشركين، وكل رمح، وكل بردة.
وإذا بلال نحر ناقة من الإبل التي استنقذت من القوم، فإذا هو يشوي لرسول الله "صلى الله عليه وآله" من كبدها، وسنامها.
قلت: يا رسول الله، فانتخب من القوم مائة رجل، فأتبع القوم، فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته.
فضحك رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى بدت نواجذه في ضوء النهار، وقال: يا سلمة، أتراك كنت فاعلاً؟!
قلت: نعم، والذي أكرمك.
قال: إنهم الآن ليقرون بأرض غطفان.
قال: فجاء رجل من غطفان، فقال: نحر لهم فلان جزوراً، فلما كشطوا جلدها رأوا غباراً، فقال: أتاكم القوم. فخرجوا هاربين.
فلما أصبحنا قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": كان خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالنا سلمة بن الأكوع. ثم أعطاني رسول الله "صلى الله عليه وآلـه" سهمـين: سهـم الـراجـل، وسهم الفـارس، فجمعهما إليَّ جميعاً([347]).
قال سلمة: ثم أردفني رسول الله "صلى الله عليه وآله" ناقته، فرجعنا إلى المدينة، فلما دنونا إلى المدينة نادى رجل من الأنصار: هل من سابق نتسابق إلى المدينة؟ فاستأذنت النبي "صلى الله عليه وآله" فسابقته، فسبقته([348]).
وذكروا: أن سهماً أصاب وجه أبي قتادة يوم ذي قرد، فبصق رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أثر السهم، فما ضرب، ولا قاح([349]).
وقالوا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" مر في غزوة ذي قرد على ماء يقال له: "بيسان"، فسأل عنه، فأخبروه باسمه هذا، وبأنه مالح.
فقال "صلى الله عليه وآله": لا، بل اسمه "نعمان" وهو طيب، فغيَّر رسول الله "صلى الله عليه وآله" اسمه، فغيّر الله تعالى الماء، فاشتراه طلحة، ثم تصدق به، فلما أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بذلك قال له: ما أنت يا طلحة إلا فياض.
فسمي "طلحة الفياض"([350]).
وأرسل سعد بن عبادة بأحمال تمر، وبعشر جزائر (جمع جزور)، فوافت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذي قرد.
فقال "صلى الله عليه وآله": اللهم ارحم سعداً وآل سعد، نعم المرء سعد بن عبادة.
فقالت الأنصار: هو بيتنا وسيدنا وابن سيدنا، يطعمون في المحل، ويحملون الكل، ويحملون عن العشيرة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": خيار الناس في الإسلام خيارهم في الجاهلية، إذا فقهوا في الدين([351]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات كثيرة، نجملها فيما يلي:
مؤاخذات على ما تقدم وما يأتي:
لقد روى ابن سعد: أن أبا ذر استأذن النبي "صلى الله عليه وآله": أن يكون في اللقاح، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا تأمن عيينة بن حصن وذويه أن يغيروا عليك.
فألح عليه، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": لكأني بك قد قتل ابنك، وأخذت امرأتك، وجئت تتوكأ على عصاك.
فكان أبو ذر يقول: عجباً لي، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: لكأني بك، وأنا ألح عليه، فكان ـ والله ـ ما قال.
ثم ذكر: أنهم بعد حلب اللقاح ناموا في تلك الليلة، فأحدق بهم عيينة في أربعين فارساً، وقتلوا ابنه، وكان معه ثلاثة نفر، فنجوا، وتنحى عنهم أبو ذر، فأطلقوا عقل اللقاح واستاقوها، فلما قدم المدينة، وأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" تبسم([352]).
فهذه الرواية تدل:
أولاً: على أن المسبية: هي زوجة أبي ذر نفسه، وليست زوجة ابنه، كما يفهم من بعض النصوص الأخرى.
ثانياً: إنه إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" يتوقع إغارة عيينة بن حصن على لقاحه، فلماذا يبعدها عن المدينة كل هذه المسافة التي تحتاج إلى ساعات كثيرة أو إلى يوم أو يومين، ليمكن إيصال الخبر إلى المدينة بما يجري لها، أو عليها؟!
ثالثاً: لنفترض: أنه لم يكن مكان أقرب من ذلك المكان يمكن للقاح أن تسرح فيه، وتجد فيه قوتها.. فلماذا تركها النبي "صلى الله عليه وآله" من دون حامية قادرة على رد عادية المغيرين عليها؟ حيث هم منها قريبون، وعلى الاستيلاء عليها قادرون؟!
رابعاً: لنفترض: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يريد أن يسوس الناس وفق ما يأتيه من علوم غيبية، خاصة فيما يتعلق باللقاح العائدة إليه، فهل لم يكن ملتفتاً إلى هذا الأمر الواضح؟ وهل لم يكن من بين المسلمين العارفين بالحالة الأمنية في المنطقة من يدرك هذا الأمر، ويهتم بلزوم معالجته؟ والذي لو حصل فيه ما هو متوقع في نظائره، فإنه سيفرض على المسلمين خوض حروب، لاسترداد ما أخذ، ولإعادة الهيبة، ولحفظ أرواح الأشخاص الأبرياء الذين كانوا مع اللقاح.
خامساً: هل يعقل أن يغفل أبو ذر عن مراد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو يخبره بما سيجري عليه، وعلى ابنه، وعلى امرأته لو أصر على الذهاب إلى موضع اللقاح؟
ألم يكن كلامه "صلى الله عليه وآله" واضحاً وصريحاً في المراد، بحيث يفهمه حتى الأطفال، فضلاً عن النساء والرجال؟.
ولماذا هذا الإصرار من أبي ذر، ليكون مع تلك اللقاح؟!
وإذا كان يرغب في الخلوة بنفسه، وباكتساب الثواب في عبادة ربه، فلماذا يحمل معه ولده وزوجته إلى ذلك المكان النائي وغير المأمون؟!
وهل كان الرجال الآخرون ـ وهم ثلاثة ـ يحملون معهم نساءهم وأبناءهم أيضاً؟!
وما الذي جرى على تلك النسوة والأبناء؟!
أم أنهم تركوهم وراءهم في المدينة حيث الأمن والأمان؟!
أم تراهم كانوا عزباً وليس لهم نساء ولا أطفال؟!
من هو المغير؟:
وبينما نجد في الروايات: أن عيينة بن حصن كان هو المغير، فإن روايات أخرى تقول: إن المغير هو عبد الرحمن بن حصن([353]) الفزاري.
وقد جمعوا بين القولين: بأنه قد يكون البادئ هو عبد الرحمن، وجاء عيينة إلى إمداده، فنسبت الإغارة تارة إلى هذا، وأخرى إلى ذاك([354]).
ونقول:
لماذا لا يكون العكس، بأن يكون عيينة هو البادئ، ثم أمده عبد الرحمن، ولماذا لا يكونان شريكين في هذا الأمر، فنسب تارة إلى هذا، وأخرى إلى ذاك؟!
مع أن النصوص الأخرى: قد ذكرت أن المغير هو عبد الرحمن بن عيينة بن حصن([355]). لا عبد الرحمن بن حصن.
وقيل: إنه عيينة بن بدر.
ويقال: إن مسعدة كان رئيساً في هذه الغزوة([356]) أيضاً!!
الغدر مرتعه وخيم:
وقد قالوا: إن أرض عيينة كانت قد أجدبت، فسمح له النبي "صلى الله عليه وآله" بأن يرعى بتغلمين، وما والاه إلى المراض. ولكن عيينة لم يحفظ هذا الجميل، واتجه بعد أن سمن خفه وحاقره إلى الغدر والخيانة، وقابل الجميل بالقبيح, رغم أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين سمح له بذلك لم يكن يطمع منه بمال، ولا بنصرة، ولا كان ذلك عن خوف منه، وإنما كان الدافع إلى هذا الإحسان هو خُلُقُه الرضي، ومنطلقاته الإيمانية والإنسانية، والثوابت الأخلاقية، والقيم والمثل العليا.
وهو "صلى الله عليه وآله" يرى: أن السلم والتعاون والتفاهم هو الأساس لكل العلاقات بين الناس.. لأنه هو المحيط الطبيعي للحياة الكريمة والحرة، وهو الذي يهيئ لبنـاء الحيـاة بناءً سليماً، ويفسح المجـال لاعتماد الخيـارات الصحيحة بتدبر وأناة.
وأما الحرب، فهي لمنع العابثين والطامعين، من استعباد الناس وإذلالهم، ومصادرة خياراتهم.. وقد كان عيينة من هؤلاء، كما دلت عليه تصرفاته، وكما وشى به غدره وخيانته..
كيف علم ابن الأكوع بالغارة؟!:
قد ذكرت الروايات السابقة: أن سلمة بن الأكوع أول من نذر بالغارة، فغدا يريد الغابة، ومعه غلام للنبي "صلى الله عليه وآله" اسمه رباح.
ولكننا نشك في صحة ذلك، ومستندنا هو:
1 ـ إن ثمة رواية تقول: إن سلمة كان مع السرح حين أغير عليه، وأنه قام على أكمة، وصاح: وا صباحاه، ثلاثاً([357]).
2 ـ إن رواية أخرى، عن سلمة نفسه يصرح فيها: بأنه إنما علم بالإغارة على اللقاح من عبد لعبد الرحمن بن عوف. وقد التقى به حينما خرج سلمة مع رباح قبل أن يؤذن بلال للفجر.
فقال له سلمة: ويحك ما لك؟
قال: أخذت لقاح رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قلت: من أخذها؟
قال: أخذها غطفان ونزار.
وكان سلمة راكباً على فرس لطلحة، أو لأبي طلحة([358]).
وفي نص آخر: أنه علم بالغارة على السرح من رباح غلام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأعطاه سلمة الفرس الذي معه، وأرسله إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليخبره بالإغارة على السرح([359]).
رباح مولى الرسول ':
وقد حاول العسقلاني الجمع بين الروايات بادعاء: أن رباحاً هو نفس غلام ابن عوف، وكان يخدم الرسول "صلى الله عليه وآله"([360]). فنسب إليه تارة، وإلى ابن عوف أخرى.
ويرد عليه: أن الرواية التي قدمناها تصرح: بأن سلمة كان مع رباح، ثم التقيا بغلام ابن عوف، فأخبرهما بالإغارة على السرح..
رباح.. اسم مكروه:
واللافت: أنهم يقولون: إن اسم غلام النبي "صلى الله عليه وآله" هو: "رباح"، مع أنهم يروون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نهى أن يسمي الرجل رقيقه بيسار، ورباح، وأفلح، ونافع([361]).
فكيف لم يغيِّر النبي "صلى الله عليه وآله" اسم غلامه. مع أنه كان يغيِّر أسماء الناس من نساء ورجال؟!
وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك حين الحديث عن تغيير اسم زينب بنت جحش، واسم أبيها، من برة ـ بالفتح ـ إلى زينب وبرة ـ بالضم ـ إلى جحش..
وادِّعاء: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يغيِّر اسمه ليؤذن بأن النهي عن تلك الأسماء قد كان للتنزيه([362]). غير مقبول.. لأنه مجرد تخرص، ورجم بالغيب، ليس له شاهد ولا دليل.
رؤية سلمة للمغيرين:
واللافت: أن بعض الروايات تذكر: أن سلمة رجع إلى المدينة، وصعد على ثنية الوداع، فرأى بعض خيول المغيرين، فصرخ: وا صباحاه..
ونقول:
أولاً: لماذا رجع إلى المدينة بعد أن كان قد خرج منها؟..
ثانياً: هناك روايات أخرى تقول: إنه صعد على تل بناحية سلع. وأين جبل سلع من ثنية الوداع؟!
ثالثاً: كيف سمع أهل المدينة صوته، وهو في ثنية الوداع؟!..
رابعاً: كيف تمكن من رؤية خيول المغيرين من موضعه، وكانوا يبعدون عن المدينة مسيرة يوم، أو يومين؟..
حليب اللقاح إلى المدينة:
واللافت هنا قولهم: إنهم كانوا يحلبون تلك اللقاح عند المغرب.
"وكان راعيها يرجع بلبنها كل ليلة عند المغرب إلى المدينة".
أي فإن المسافة بينها وبين المدينة يوم أو بعض يوم([363]).
بل تقدم القول: بأن المسافة بين موضع النياق وبين المدينة كانت يوماً أو يومين..
والسؤال هو: كيف كانوا يمضون يوماً كاملاً أو يومين على الطريق، ويقطعون تلك المسافات الشاسعة، لكي يوصلوا ذلك الحليب إلى أهله؟!
يا خيل الله اركبي:
قال الحلبي: "لما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" صياح ابن الأكوع صرخ بالمدينة: الفزع الفزع، يا خيل الله اركبي.
وقيل: وكان أول ما نودي بها.
وفيه ـ كما في الأصل ـ: أنه نودي بها في بني قريظة"([364]).
أمير الغزوة:
واختلفوا في الذي أمَّره رسول الله "صلى الله عليه وآله" على السرية هل هو سعيد بن زيد أم هو المقداد كما دلت عليه أبيات لحسان؟ جاء فيها قوله:
ولـسـر أولاد الـلـقـيـطـة أنـنــا سـلـم غــداة فــوارس المـقــداد
كـنـا ثـما نـيـة وكانوا جـحـفـلاً لجـبــاً، فـشـكـوا بـالرماح بداد([365])
وزعموا أن سعيد بن زيد: غضب على حسان، وحلف ألا يكلمه أبداً.
وقال: انْطَلَقَ إلى خيلي فجعلها للمقداد؟
فاعتذر منه حسان: بأن الروي وافق اسم المقداد، ثم قال أبياتاً ذكر فيها سعيد بن زيد، ولـكن سعيد لم يقبل منه ذلك([366]).
ونقول:
أولاً: إن علياً "عليه السلام" قد حضر هذه الغزوة بلا ريب، لأن النصوص قد صرحت: بأنه "عليه السلام" قد حضر المشاهد كلها باستثناء تبوك، التي أمره رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالبقاء فيها بالمدينة، حيث قال له: أنت مني بمنزلة هارون من موسى..
وقد ذكرنا في غزوة أحد: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يؤمِّر عليه أحداً، بل كان "عليه السلام" هو صاحب لواء رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بدر، وفي كل مشهد.
ثانياً: لنفترض: أن الاعتراض على حسان كان صحيحاً، فإن ذلك لا يلزم منه عدم جعله قائداً في تلك السرية إذ قد يكون "صلى الله عليه وآله" قد جعله على الرجالة مثلاً، أو على جماعة أخرى من بعض القبائل المشاركة في ذلك الجيش، أو على الطليعة التي أرسلها النبي "صلى الله عليه وآله" أمامه. أو نحو ذلك.
ثالثاً: إن ما ذكر من اعتذار حسان باقتضاء الروي اسم المقداد، ما هو إلا اعتذار واهٍ، فإن الشعر شعره، ويمكنه أن يغيِّر صياغة البيت بحيث ينسجم مع اسم من يريد الثناء عليه.. بل إنه حتى لو لم يكن المقداد أميراً، فإنه ربما يكون قد تعمد ذكر اسمه، لبطولات نادرة ظهرت منه في تلك الغزوة وما سبقها، فصار له تميز على أقرانه..
ثم حاول حسان أن يرضي ابن زيد، من دون أن يتراجع عن موقفه السابق.
عبد الرحمن بن عيينة:
وقد صرحت الروايات: بأن عبد الرحمن بن عيينة قد قتل في هذه الغزوة، وأن قاتله هو أبو قتادة..
وقد اعترضوا على هذا القول: بأن عبد الرحمن بن عيينة لم يذكر فيمن قتل من المشركين في هذه الغزوة. بل المعروف أن المقتول هو حبيب بن عيينة وقد قتله المقداد([367]).
أما أبو قتادة، فقتل مسعدة الفزاري. فأعطاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فرسه وسلاحه.
ولكن الحلبي أشار إلى: أن أبا قتادة هو الذي قتل حبيباً هذا([368]). ولم يقتل من المسلمين إلا محرز بن نضلة، وهو الأخرم الأسدي([369]).
عُمْر سلمة بن الأكوع:
إننا نشك: في أن يكون سلمة بن الأكوع كان قد بلغ من العمر ما يخوله حضور الحرب، وممارسة الطعن والضرب.
فقد قالوا: إنه توفي سنة أربع وسبعين على الصحيح([370]).
وقالوا: إن عمره حين توفي كان ثمانين سنة([371]).
وهذا معناه: أن عمره في سنة ست كان حوالي: عشر سنين، أو اثني عشرة سنة ومن يكون في ذلك السن لا يبايع على الموت([372]).
ولعل قول بعضهم: إنه مات في سنة أربع وستين، أو في خلافة معاوية([373])، إنما جاء من أجل تصحيح هذه الأمور التي ينسبونها إليه.
هل أفلتت اللقاح؟ ومن الذي أنقذها؟!:
وقد ادَّعى سلمة بن الأكوع: أنه استنقذ اللقاح كلها، "حتى ما خلق الله تعالى من بعير من ظهر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا خلفته وراء ظهري، وخلوا بينهم وبينه".
ولكن يقابل ذلك:
أولاً: أن هناك نصاً لسلمة بن الأكوع نفسه، يقول: إنه قال: يا رسول الله، إن القوم عطاشى، فلو بعثتني في مائة رجل استنقذت ما بقي في أيديهم من السرح، وأخذت بأعناق القوم([374]).
ثانياً: أن أبا قتادة يدَّعي: أنه هو الذي استنقذ اللقاح كلها([375]).
ثالثاً: أن هناك ما دل على أن الذي استنقذوه من أيديهم هو عشرة فقط من تلك اللقاح([376])، وذهبوا بسائرها. وهكذا، فإن عدد اللقاح التي استنقذت يبقى غير واضح كما أن الذي استنقذها يبقى في دائرة الشك والاختلاف، بسبب اختلاف الروايات وتناقضها.
كما أننا لا نستطيع أن نصدق: أن سلمة كان يخبرنا عن ظن أخطأ فيه، حين قال: "حتى ما خلق الله من بعير الخ..".
لأنه إنما ينقل لنا هذه البطولات عن نفسه بصورة الحتم والجزم، وذلك بعد سنوات كثيرة من الحدث، وعن عمد وروية، ولا يتكلم في لحظة صدور الفعل منه، وفي لحظات التوتر والانفعال..
سهم في جبهة أبي قتادة:
وذكروا عن أبي قتادة قوله: "فسرت حتى هجمت على القوم، فرُمِيتُ بسهم في جبهتي، فنزعت قدحه، وأنا أظن أني نزعت الحديدة، فطلع عليَّ فارس، فقال: لقد ألقانيك الله يا أبا قتادة، وكشف عن وجهه، فإذا هو مسعدة الفزاري".
ثم ذكروا: أن مسعدة خيره بين المجالدة، والمطاعنة، والصراع، فتصارعا، فصرعه أبو قتادة. فطلب منه مسعدة أن يتركه؛ فأبى ثم قتله ولبس ثيابه، وركب فرسه، لأن فرس أبي قتادة نفرت نحو القوم حين كانا يتصارعان، فعرقبوها.
ثم ذهب خلف القوم، فلحق ابن أخي مسعدة فقتله، وانكشف من معه عن اللقاح، فأتى بها أبو قتادة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال "صلى الله عليه وآله": أبو قتادة سيد الفرسان([377]).
ونقول:
أولاً: إذا كان أبو قتادة خير الفرسان، أو سيد الفرسان، وسلمة بن الأكوع خير الرجالة([378])، فما الذي أبقيا لعلي أمير المؤمنين "عليه السلام" فضلاً عن أبي دجانة، والمقداد، وغيرهما من فرسان المسلمين؟! إذ لا شك في حضور علي "عليه السلام"، ومشاركته في تلك الغزوة، وكذلك كان المقداد وغيره من فرسان المسلمين حاضرين فيها..
ثانياً: إن من غير المعقول: أن تبقى حديدة السهم في جبهة أبي قتادة، دون أن يشعر بها، حتى وهو يصارع مسعدة، وإلى حين رجوعه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
بل لا مجال للتصديق: بأن السهم يخترق جبهته، ثم ينتزع قدحه، ثم لا يصيبه دوار أو صداع، ويبقى قادراً على القتال، والنضال، والمصارعة!!..
ثالثاً: كيف يمكن أن نصدق: أن أبا قتادة قد حقق كل هذا الإنجاز، حتى استرد اللقاح بعد أن هزم القوم، وكانوا أربعين رجلاً، ولم يخطر في بالهم أن يرموه بسهام أخرى في جبهته أيضاً وفي سائر جسده؟! خصوصاً حينما ساق اللقاح، وأدبر بها عنهم، بعد أن قتل منهم من عرفنا، فلماذا لم يلاحقوه، ولم يرموه بنبالهم، ويطعنوه برماحهم، ويقذفوه بحجارتهم، ويربكوا حركته، ويفشلوا خطته؟!
رابعاً: كيف نوفق بين نسبة كل هذه الأمور إلى أبي قتادة، وبين نسبتها كلها أيضاً إلى سلمة بن الأكوع.
ولعلهم أحبوا أن ينال سلمة بن الأكوع كل هذه الأوسمة، أو أنه أراد ذلك لنفسه؛ لأنه بعد قتل عثمان اعتزل في الربذة، وبقي بها. ولم تظهر منه أية مودة، أو موافقة، أو مشاركة، أو نصرة لعلي أمير المؤمنين "عليه السلام" في حكومته، وفي حروبه مع أعدائه.
وكان ذلك على حساب أبي قتادة، وعلى حساب المقداد، وعلى حساب علي "عليه السلام" فضلاً عن غيرهم!!
ملكت.. فاسجح:
وقد تقدم: عن المواهب اللدنية، والسيرة الحلبية: أن سلمة بن الأكوع طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يرسل معه مائة رجل لاستنقاذ بقية السَّرح.
فقال له "صلى الله عليه وآله" بعد أن ضحك: ملكت فاسجح. أي فارفق واعف.
ونقول:
إننا حتى لو قبلنا أن المراد بالسرح الذي يريد استنقاذه هو سرح المغيرين على اللقاح، وليس المقصود به تلك اللقاح التي كانت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فإننا نقول:
أولاً: لماذا احتاج إلى مائة رجل ليستنقذ السرح؟! ألم يزل هو نفسه يدَّعي: أنه هو وحده، قد هزمهم، واسترجع اللقاح جميعها منهم؟! فليذهب وحده وليأت بالسرح، أو ليذهب هو وأبو قتادة معه، فإنهم يدَّعون أنه قد قام بنفس ما قام به سلمة هذا.
ثانياً: هل مجازاة النبي "صلى الله عليه وآله" لذلك الغادر الذي أحسن إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" كل هذا الإحسان، وسمح له بأن يرعى إبله في بلاده. هل مجازاته على غدره تكون من مفردات القسوة، وخلاف الرفق؟! أم أن الرفق به يكون خلاف الحكمة، وضد العدل؟! ولا يحب الله سبحانه بل هو لا يجيز رفقاً من هذا القبيل.
ثالثاً: إذا كان استنقاذ السرح خلاف السجاحة، وضد الرفق، فلماذا كان "صلى الله عليه وآله" يرسل السرايا ليغيروا على الذين يتآمرون ويدبرون للإغارة عليه، فتأخذ جيوشه سرحهم، ويقتلون أو يأسرون رجالهم، ويسبون نساءهم وذراريهم؟! وما على القارئ الكريم إلا أن يلقي نظرة عابرة على ما يذكره هؤلاء من نتائج الغزوات والسرايا هذه.. فهل هذا ينسجم مع الرفق والسجاحة، ولا ينسجم معه تسديد ضربة لغادر ظالم، تسقط كيده، وتبير سعيه المشؤوم لإلحاق الأذى بأهل الإيمان؟!
لابن الأكوع سهم الراجل، وسهما الفارس:
وقد ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أعطى سلمة سهم الراجل، وسهمي الفارس جميعاً مع كونه راجلاً.
وقد استدل بهذا الأمر من قال: إن للإمام أن يفاضل في الغنيمة، وهو مذهب أبي حنيفة، وإحدى الروايتين عن أحمد([379]).
ونقول:
أولاً: إنه لم يكن في هذه الغزوة غنائم تذكر، أو يمكن تقسيمها على خمسمائة أو سبعمائة مقاتل، كانوا قد شاركوا فيها، سوى ما يذكرونه عن حصول سلمة على بعض الأسلحة، وبعض الألبسة التي كانوا يتخففون منها، بالإضافة إلى فرسين زعم سلمة أنه حصل عليهما حين طرد الغزاة عن الماء.
وزعموا: أن ذلك قد حصل له حينما رجعت الصحابة عنهم، واستمر هو يتبعهم([380]). فهو غنيمة له دونهم.
ثانياً: إن مالكاً والشافعي قالا: لا يجوز للإمام أن يفاضل في الغنيمة.
قال الحلبي: "لعله لعدم صحة ذلك عندهما"([381]).
ثالثاً: إذا صح ما يذكرونه عن هذه الغزوة، فاللازم هو: أن يفوز سلمة بن الأكوع، أو أبو قتادة بالغنيمة كلها، إذ إن أحداً من المسلمين لم يشاركه في تحقيق النصر، واسترداد اللقاح. فلماذا يشاركونه في الغنيمة؟!.
بل إن أحداً من الصحابة لم يكن حاضراً في موضع القتال.. فراجع رواياتهم في مصادرها.
رابعاً: إذا كان سلمة خير الرجالة، فإن أبا قتادة كان خير الفرسان أيضاً، فإذا استحق سلمة ثلاثة أسهم: سهم الراجل وسهمي الفارس، فلماذا لا يستحق أبو قتادة ذلك أيضاً..
والذي يتبادر إلى الذهن هو: أن دعوى إعطاء سلمة سهمي الفارس والراجل، تهدف إلى التخفيف من أهمية ما جاء في حديث مناشدة علي "عليه السلام" لأصحاب الشورى، وفيهم طلحة وعثمان، وسواهما، حيث قال "عليه السلام":
"أفيكم من كان له سهم في الحاضر وسهم في الغائب؟!
قالوا: لا"([382]).
وذكر الزمخشري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" جلس في المسجد يقسم غنائم تبوك. فدفع لكل واحد منهم سهماً، ودفع لعلي كرم الله وجهه سهمين. فاعترض عليه زائدة بن الأكوع.
فكان مما أجابه النبي "صلى الله عليه وآله" به: أن جبرئيل كان يقاتل في تبوك مكان علي "عليه السلام"، وأن جبرئيل "عليه السلام" هو الذي أمره بأن يعطي علياً "عليه السلام" سهمين([383]). فراجع.
كما أنه قد كان لجعفر بن أبي طالب سهم في الحاضر، وسهم في الغائب.
فقد روي عن الإمام الباقر "عليه السلام"، أنه قال: ضرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم بدر لجعفر بن أبي طالب بسهمه، وأجره([384]).
وفي حديث آخر: أن الرسول "صلى الله عليه وآله" أعطى الإمام علياً "عليه السلام" سهمي جبرئيل بطلب من الله في واقعة خيبر([385]).
قال الوراق القمي:
علي حـوى سهمين من غير أن غزا غـزاة تبـوك حبـذا سهـم مسهم([386])
هل كان هناك قتال؟!
إننا إذا نظرنا إلى: حديث سلمة بن الأكوع، فسوف نخرج بنتيجة هي أنه لم يحصل في تلك الغزوة قتال.. إلا ما قام به إبن الأكوع من رميهم بالنبال، حتى أربكهم واستعاد منهم اللقاح كلها.
ولكن الحقيقة: هي غير ذلك، فإن حديث أبي قتادة وغيره يدل على أنه قد كان قتال قوي بين المغيرين الذين استاقوا اللقاح، وبين الثمانية الذين أرسلهم النبي "صلى الله عليه وآله" بقيادة المقداد، الذي أريد الانتقاص من جهده وجهاده، بإنكار أن تكون الإمارة له، رغم شعر حسان بن ثابت المصرح باسمه، وبنسبة جنود السرية إليه.
وقد دلت النصوص التي تقدمت: على أنه قد حصل فيها قتال وسقط عدد من القتلى من المسلمين والمشركين، على حد سواء، ويدل على ذلك أيضاً قول حسان بن ثابت:
كـنا ثـمانـيـة وكـانـوا جـحـفــلاً لجـبـاً فـشـكـوا بـالـرمـاح بــداد
وقال شداد بن عارض في يوم ذي قرد لعيينة بن حصن:
فـهلا ذكـرت أبــا مـــالــــــك وخـيـلـك مـدبــــرة تقـتـــــل
ذكـــرت الإيـاب إلى عــسـجـر وهـيـهـات قـد بـعـد المــقـفــل
وهناك أبيات أخرى لكعب بن مالك في هذه المناسبة تشير إلى ذلك..([387]).
الشك في أخذ اللقاح:
وربما يكون ثمة تهويل مقصود في أمر استياق اللقاح، ثم تخليصها منهم بواسطة سلمة بن الأكوع، أو بغير ذلك.
ولعل الصحيح هو: أن المسلمين قد نُذِرُوا بهم قبل أن يتمكنوا من استياقها، ويدل على ذلك قول حسان:
أظــن عـيـيـنـــة إذ زارهــــــا بـأن سـوف يـهـدم فـيـها قصور
فـأكـذبـت مــا كـنـت صدقتــه وقـلـتــم سـنـغـنـم أمــراً كبير
فـعـفـت المــديـنـة إذ زرتهـــــا وآنـسـت لـلأســد فـيـهـا زئـير
فـولـوا سـراعـاً كـشـد النعـــام ولم يـكـشفـوا عـن ملطٍّ حصيرا([388])
أي لم يصيبوا بعيراً، ولا كشفوا عنه حصيراً، والحصير: ما يكنف به حول الإبل من عيدان الحظيرة.
وهذا معناه: أنهم لم يتمكنوا من استياق شيء من الإبل.
تركوا فرسين:
وزعموا: أنه حين طردهم سلمة بن الأكوع عن ماء ذي قرد، تركوا فرسين، وجاء بهما سلمة يسوقهما إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ونقول:
إن هذا أمر غير ظاهر الوجه أيضاً، إذ لماذا يتركون خيولهم، ويفرون مشياً على الأقدام، ولا يفرون عليها؟! أليس ذلك أسرع لهم، وأضمن لنجاتهم؟!
وكيف عدلوا إلى ذلك الماء ونزلوا عن خيولهم، وابن الأكوع لم يزل وراءهم، يرميهم بالحجارة، أو بالسهام؟! حتى لم يتمكنوا من أن يذوقوا منه قطرة؟!
وهل أخذ الفرسين منهم عند ذلك الماء أم أخذهما حينما تركوهما على ثنية أخرى حسبما تقدم؟!
ثم إننا لا ندري: لماذا توقف طرده لهم عند ماء ذي قرد، ولم يواصل ملاحقتهم إلى ما بعد ذلك؟!
يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو:
وذكروا: أن عيينة وأصحابه بعد فرارهم من ذي قرد، مروا على فلان الغطفاني، فنحر لهم جزوراً، فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة، فتركوها، وخرجوا هُرّاباً.
غير أننا نقول:
إذا كانوا قد هربوا بعد غروب الشمس من ذي قرد([389])، فإنهم لا بد أن يكونوا قد وصلوا إلى ذلك الغطفاني الذي نحر الجزور لهم، وبدأوا بكشط جلـدهـا بعد حلـول الظـلام، فكيف رأوا الغبرة قد ظهرت، والحال: أن الرؤية في الليل غير متيسرة لهم ولا لغيرهم؟!
صلاة الخوف:
والغريب في الأمر، أنهم يذكرون: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما بلغ ماء ذي قرد، صلى بالمسلمين صلاة الخوف، فجعل المسلمين فرقتين، فصلى ركعة بالفرقة الأولى، وفرقة قامت بإزاء العدو، ثم جاءت الطائفة الثانية، وحل الذين صلوا مكانها، فصلى بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أيضاً ركعة، فكانت الصلاة لرسول الله "صلى الله عليه وآله" ركعتين، ولكل رجل من الطائفتين ركعة([390]).
ونقول:
أولاً: إن المفروض: أن جيش رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لم يواجه عدواً، لتقف طائفة من الجيش بإزاء ذلك العدو، وتقف الطائفة الأخرى معه للصلاة.
ولأجل ذلك التجأ البعض إلى القول: بأن المقصود: أنهم وقفوا في المحل الذي يظن مجيئهم منه، وذلك كان لغير جهة القبلة.. وإلا فالعدو لم يكن بمرأى منهم([391]).
وهو كلام لا معنى له؛ لأن ذلك لو تم لوجب على المسلمين أن يصلوا صلاة الخوف باستمرار في كل سرية وغزوة، بل قد يحتاجون إلى صلاة الخوف، حتى وهم في داخل المدينة، لأن الخوف من مداهمة العدو حاصل في كل وقت.
بل إن نفس حديث غزوة ذي قرد يذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله"، قد خلَّف سعد بن عبادة مع ثلاث مائة مقاتل في المدينة، من أجل أن يحرسوها.
ثانياً: إن هناك اختلافاً كثيراً حول تاريخ تشريع صلاة الخوف، فلا محيص عن الرجوع إلى أهل البيت "عليهم السلام" لحسم هذا الأمر، حيث قد روي بسند صحيح عن الإمام الصادق "عليه السلام" أنه قال عن صلاة الخوف: "إنها نزلت لما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الحديبية، يريد مكة"([392]) فراجع.
ثم صلاها في غزوة ذات الرقاع في سنة سبع([393]).
ويؤيد ذلك: ما روي عن جابر بن عبد الله، قال: "غزا رسول الله "صلى الله عليه وآله" ست غزوات قبل صلاة الخوف، وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة"([394]).
وأما كيفية الإتيان بها، فقد رويت على ست عشرة صورة، فراجع([395]).
وذلك يشير: إلى أنه لا يمكن الاعتماد على رواياتهم، كما أن الصورة التي ذكرت آنفاً ليست هي الصورة الصحيحة المروية عن أهل بيت النبوة "عليهم السلام" كما يظهر بالمراجعة.
الغفارية التي أفلتت:
وقد تقدم: أن امرأة أبي ذر قد أفلتت من آسريها على ناقة الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" التي تسمى القصوى، أو على المسماة بالعضباء.
ويذكرون في كيفية ذلك: أن تلك المرأة انفلتت من الوثاق ليلاً، فأتت الإبل، فجعلت إذا دنت من البعير رغا، فتتركه، حتى انتهت إلى العضباء، فلم ترغ، فقعدت على عجزها، ثم زجرتها. وعلموا بها، فطلبوها، فأعجزتهم.
ونذرت إن نجاها الله عليها: أن تنحرها، وتأكل من سنامها وكبدها، فلم يرض رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك، وقال لها: "إنها ناقة من إبلي، ارجعي إلى أهلك على بركة الله تعالى، ورجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة"([396]).
ونقول:
أولاً: إن هذا النص يدل على: أن الغفارية قد التقت بالنبي "صلى الله عليه وآله" قبل رجوعه إلى المدينة، ومعنى ذلك: أنها التقت به على ماء ذي قرد.
وذلك يدل على: أنها لم تُفْلِتْ على الناقة المذكورة، ولا قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتلك الناقة، لأن المفروض: أن ابن الأكوع ـ كما يدَّعي ـ قد طارد المغيرين إلى نفس هذا الموضع، أعني ماء ذي قرد، وأنه قد استرجع منهم كل بعير خلقه الله كان معهم مما أخذوه في غارتهم..
وكذلك يقال: بالنسبة للحديث عن بطولات أبي قتادة، واسترجاعه للقاح.. فأين كانت هذه المرأة؟ وكيف نجت على تلك الناقة؟!
ثانياً: إن الرواية تقول: إنه لما كان الليل انفلتت المرأة من الوثاق، وقامت إلى الإبل وبذلت محاولتها.. مع أن سياق الأحداث يأبى عن أن يكون هؤلاء قد استقروا في مكان، وباتوا فيه..
بل في حديث سلمة بن الأكوع: أنه قد طاردهم إلى وقت الغروب، حيث استنقذ كل ما كان في يدهم.
ثالثاً: إذا كانت تلك المرأة كلما دنت من بعير رغا فتتركه إلى غيره، فلماذا لم يلتفتوا إليها، ولم يتفقدوا تلك الإبل ليعرفوا من ذلك الذي يهيجها حتى ترغو. خصوصاً مع تكرر رغائها، واحداً بعد الآخر؟
رابعاً: إن مفاد الحديث المتقدم: أن الغفارية قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبل أن يشرع بالرجوع إلى المدينة..
وقد يؤيد ذلك: أنها إنما نجت على العضباء.
والمفروض: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد رجع إلى المدينة راكباً على العضباء، مردفاً سلمة بن الأكوع([397]).
ولكن ابن هشام وغيره يقولون: إنها قدمت على ناقتها على رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، فأخبرته الخبر([398]).
وقد يقال: إن الناقة لها لا لرسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ويجاب: بأن المراد: أنه قدمت إلى المدينة على ناقة، ولم يُرد ابن هشام أن يشير إلى مالك تلك الناقة.
وكل ذلك يشير: إلى عدم صحة كثير مما يقال حول هذه السرية وإن كان يبدو لنا: أن هذه القضية لها أساس صحيح، ولكنها قد استعيرت من موضعها الأصلي، ليستفاد منها في هذا الموضع، لإضفاء مزيد من الغرابة على هذا الحدث..
ولعل الصحيح هو: ما روي عن النواس بن سمعان: أن ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله" سرقت، فقال: لئن ردها الله علي لأشكرن ربي. وقد وقعت في حي من أحياء العرب فيهم امرأة مسلمة، فرأت من القوم غفلة، فقعدت عليها، فصبحت المدينة الخ..([399]).
طلحة الفياض:
وقد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" مرَّ في غزوة ذي قرد على ماء يقال له: "بيسان"، وهو مالح، فسماه "نعمان"، وقال: هو طيب، فتغيَّر طعم الماء.. فاشتراه طلحة، وتصدق به، فسمي طلحة الفياض.
ونقول:
لقد تعودنا من هؤلاء إطراء أوليائهم ومحبيهم، خصوصاً إذا كانوا من المناوئين والأعداء لعلي "عليه السلام" وإعطائهم أسمى المقامات، وأعلى الدرجات، حتى لو فعلوا الأفاعيل، وجاؤوا بالأفائك والأضاليل..
والكل يعلم: أن طلحة قد حارب علياً "عليه السلام"، وكان على رأس الجيش الباغي في حرب الجمل.. فكانت له الحظوة والزلفى لدى هؤلاء، ولم يبخلوا عليه بالأوسمة، ولا قصروا في اختراع الفضائل والكرامات له. وهذا المورد هو أحد تلك المخترعات التي ظهرت.
ونحن لا نشك: أنها رواية مكذوبة، ويظهر ذلك من ملاحظة نصوصها، فإنه عدا عما ذكروه من رواية شرائه بئر بيسان، وتصدقه بها، نشير إلى ما يلي:
1 ـ عن طلحة، أنه قال: سماني رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم أحد طلحة الخير، ويوم العسرة طلحة الفياض، ويوم حنين طلحة الجود([400]).
وفي بعض المصادر: يوم خيبر، بدل حنين، ويحتمل التصحيف..
والظاهر: أن المراد بيوم العسرة يوم تبوك، المسمى بجيش العسرة.
2 ـ ذكر نص آخر: نفس الكلام المتقدم، غير أنه قال: "ويوم غزوة ذات العشيرة، طلحة الفياض".
وفي نص آخر: "العسيرة"([401]).
3 ـ روي عن سلمة بن الأكوع، قال: إبتاع طلحة بئراً بناحية الجبل، ونحر جزوراً، فأطعم الناس، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنت طلحة الفياض([402]).
4 ـ وفي نص آخر: أن طلحة اشترى مالاً في موضع يقال له: بيسان، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": يا طلحة الفياض، أو قال: ما أنت إلا فياض، فسمي طلحة الفياض([403]).
5 ـ عن موسى بن طلحة: أن طلحة نحر جزوراً، وحفر بئراً يوم ذي قرد، فأطعمهم وسقاهم، فقال النبي "صلى الله عليه وآله": يا طلحة الفياض، فسمي طلحة الفياض([404]).
فأي ذلك نصدق.. وبأيها نأخذ؟!
والظاهر هو: أن أقرباء طلحة هم الذين منحوا أو هيأوا له لقب الفياض.
فعن سفيان بن عيينة، قال: "وكان أهله يقولون: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" سماه الفياض"([405]).
فهو يتعمد أن ينسب ذلك إلى أهل طلحة، دون من عداهم!!
6 ـ وأخيراً، فإن ابن حبيب يقول: "الطلحات المعدودون في الجود: طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي، صاحب رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو طلحة الفياض.
وطلحة الخير، (طلحة) بن عمر بن عبيد الله بن معمر التيمي، وهو طلحة الجود الخ.."([406]).
وبعد ما تقدم، نقول:
إننا نستفيد من النصوص المتقدمة:
أولاً: أن ثمة خلافاً واختلافاً في موضع التسمية، هل هي غزوة ذات العشيرة؟ أم غزوة القردة؟ أم يوم العسرة؟!
وإن ثمة خلافاً في المناسبة التي دعت إلى إطلاق هذا الوصف عليه، هل هي شراء بئر ثم التصدق بها؟!
أم هي حفر بئر، وذبح جزور، فأطعم الناس وسقاهم؟!
أم هي شراء مال؟!
أم هي شراء بئر فقط؟!
وإن ثمة خلافاً في الأوصاف وأصحابها، فهل طلحة الجود، والفياض، والخير رجل واحد؟ أم ثلاثة أشخاص؟! كما قاله ابن حبيب وغيره.
ثانياً: إن مجرد أن ينحر إنسان جزوراً، ويطعم الناس، ويحفر بئراً، ويسقي الناس، أو يشتري بئراً، أو آباراً ولا يتصدق بها، أو يشتريها ويتصدق بها لا يقتضي إطلاق هذه الأوصاف العالية، ولا يستوجب إعطاء هذه الأوسمة، ولو اقتضى ذلك لأصبحت الأوسمة تعد بمئات الألوف، بل بالملايين. إذ ما أكثر الذين فعلوا أكثر من ذلك بمراتب.
وقد ذكرت نفس النصوص المتقدمة: أن سعد بن عبادة أرسل بأحمال التمر، وبخمس جزائر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" في ذي قرد، فأين الجزور الواحد لطلحة من خمسة جزائر لسعد، ولم نجده "صلى الله عليه وآله" يطلق على سعد مثل هذا الوصف؟!
ثالثاً: إن كلام سفيان بن عيينة ـ حول أن أهل طلحة هم الذين يروون ذلك عن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ: يعطي الانطباع، ويقرب للأذهان مدى صدقية أمثال هذه المزاعم، ويشير بإصبع الاتهام إلى من دبّر هذه التسميات!!
أفاعيل وفظائع طلحة:
ونحن نذكر هنا من أفاعيل طلحة على سبيل التعداد لا الحصر ما يلي:
1 ـ مر أمير المؤمنين "عليه السلام" على طلحة في يوم الجمل، فقال: هذا الناكث بيعتي، والمنشئ الفتنة في الأمة، والمجلب عليَّ، والداعي إلى قتلي، وقتل عترتي([407]).
2 ـ إن طلحة كان من قتلة عثمان، ثم حارب علياً باسم الطلب بدم عثمان!!
3 ـ وقد قال عمر لطلحة حين أراد أن يرتب الشورى بعده: "أقول أم أسكت؟!
قال: قل. فإنك لا تقول من الخير شيئاً.
قال: أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد بالبأو الذي حدث لك. ولقد مات رسول الله "صلى الله عليه وآله" ساخطاً عليك للكلمة التي قلتها يوم نزل الحجاب".
4 ـ قال الجاحظ: الكلمة المذكورة: أن طلحة لما أنزلت آية الحجاب، قال عن النبي "صلى الله عليه وآله" بمحضر ممن نقل عنه: ما الذي يغنيه حجابهن اليوم، وسيموت غداً فننكحهن([408])؟
5 ـ لما نبحت كلاب الحوأب عائشة، قالت: ردوني.. وكان طلحة في ساقة الناس، فلحقها، وأقسم لها: أن ذلك الماء ليس بالحوأب، وشهد معه خمسون رجلاً على ذلك. فكان ذلك أول شهادة زور في الإسلام([409]).
6 ـ في حرب أحد أراد طلحة أن يخرج إلى الشام ويتنصر. واستأذن النبي "صلى الله عليه وآله" بالمسير إلى الشام، وأصر على ذلك([410]).
7 ـ كما أن القاسم بن محمد بن يحيى بن طلحة، صاحب شرطة الكوفة من قبل عيسى بن موسى العباسي قد قال لإسماعيل ابن الإمام الصادق "عليه السلام": لم يزل فضلنا وإحساننا سابغاً عليكم يا بني هاشم، وعلى بني عبد مناف.
فقال إسماعيل: أي فضل وإحسان أسديتموه إلى بني عبد مناف؟!
أغضب أبوك جدي بقوله: ليموتن محمد، ولنجولن بين خلاخيل نسائه، كما جال بين خلاخيل نسائنا.
فأنزل تعالى، مراغمة لأبيك: ?..وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيماً?([411]).
والحديث في هذا الأمر طويل، ونكتفي منه بهذا القدر، فإن الحر تكفيه الإشارة.
الفصل الثالث:
سـبـع سـرايــا
1 ـ سرية القرطاء.
2ـ سرية عكاشة إلى غمر مرزوق,
3 ـ سرية أبي سلمة إلى ذي القصة.
4 ـ سرية أبي عبيدة إلى ذي القصة.
5 ـ سرية زيد إلى بني سليم.
6 ـ سرية زيد إلى العيص.
7 ـ سرية زيد إلى الطرف.
1 ـ سرية القرطاء:
في محرم على رأس تسعة وخمسين شهراً من الهجرة كانت سرية القرطاء. وهم بطن من بكر بن كلاب، في موضع يقال له: "الضريَّة" وهي على سبع مراحل على الطريق بين البصرة ومكة.
حيث يقال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث إليهم محمد بن مسلمة في ثلاثين راكباً، وأمره أن يغير عليهم بغتة، فسار إليهم، وكان يكمن بالنهار، ويسير بالليل، حتى أغار عليهم، فقتل نفراً منهم، وهرب سائرهم وأصاب منهم خمسين بعيراً (أو مائة وخمسين بعيراً)، وثلاثة آلاف شاة.
وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم، فخمسها، ثم قسمها بين أصحابه.
وكانت غيبته في تلك السرية تسع عشرة ليلة([412]).
وفي نص آخر: أنه حين سار محمد بن مسلمة إليهم صادف في طريقه ركباناً نازلين، فأرسل إليهم رجلاً من أصحابه، يسأل: من هم؟
ثم رجع إليه فقال: قوم من محارب.
فنزل قريباً منهم، ثم أمهلهم حتى عطَّنوا الإبل (أي برَّكوها) حول الماء، فأغار عليهم، فقتل نفراً منهم، أي عشرة، وهرب سائرهم، وساق نعماً وشاء، ولم يتعرض للنساء([413]).
ونقول:
أولاً: إن لنا تحفظاً على كثير مما يقال في هذه السرايا، خصوصاً حين تعطي صورة غير واقعية عن سياسات رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث يتخيل القارئ لرواياتها: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بمثابة رئيس عصابة، أو جماعة (والعياذ بالله) ليس له ولهم شغل إلا أن يترصدوا الناس الآمنين ليغيروا عليهم، فيقتل رجالهم، ويأسر ويسبي ذراريهم، ونساءهم، ويغنم أموالهم. من دون أي مبرر ظاهر، أو مقبول وفق ما توحي به سرية القرطاء وأمثالها..
ومن الواضح: أن طريقة النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"، وكذلك طبيعة تعاليم الدين الحنيف إنما كانت تقضي بالرفق، والسماحة، والاهتمام بهداية الناس والحرص على سعادتهم، بل كانت نفس النبي "صلى الله عليه وآله" تكاد تذهب حسرات على أناس نصبوا له الحرب، وبغوا له الغوائل، لشدة حرصه على هدايتهم، ونجاتهم مما هم فيه من الجهل والشرك..
ولم يكن "صلى الله عليه وآله" بالذي يهتم بشن الغارات على الناس الآمنين، رغبة في قتلهم، والحصول على أموالهم، وأسر واستعباد من يتمكن من أسرهم واستعبادهم.
لقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" أنبل في نفسه، والله تعالى أرحم وأرأف وأجل وأعدل من أن يكون ذلك داخلاً في أهدافه، وجزءاً من سياساته، فحاشا، ثم حاشا أن ينسب أحد أمثال هذه الترهات والأباطيل إلى الله ورسوله.
من أجل ذلك نقول: إن جميع الحروب التي خاضها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكذلك أمير المؤمنين "عليه السلام" من بعده قد كانت لرد العدوان القائم، أو من أجل إحباط تدبير لعدوان خطير..
بعد أن تكون قد استنفذت جميع الوسائل المتاحة لهدايتهم وإرشادهم، والعمل على نصحهم، وكشف غشاوات الجهل والعمى عن بصائرهم، بحيث يصبح استمرارهم في خط الكفر لا يعدو كونه نتيجة جحود وعناد، وتمرد وفساد، على قاعدة ?وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ..?.
فإن صح ما يقال عن سرية القرطاء، فلا بد أن يكون بعد إقامة الحجة، وظهور المحجة، ثم إصرارهم وعنادهم، وسعيهم في إطفاء نور الله تعالى، والإفساد منهم في الأرض، وصداً منهم عن سبيل الله تبارك وتعالى.
ثانياً: إننا نتمنى أن تكون هذه البطولات والإنجازات، التي ينسبونها إلى محمد بن مسلمة، صحيحة ودقيقة المضامين، فقد تعودنا من هؤلاء الناس ممارستهم الكثير من الخيانة والتزوير للحقائق، لمجرد منح هذا أو ذاك أوسمة، وبطولات، ليس لها نصيب من الواقعية والصدق، وذلك في ضمن كيد إعلامي رخيص، يهدف إلى إطراء من هم معهم، وفي خطهم، ومن اختار طريق الخصومة لعلي "عليه السلام" ومناوأته، وتعظيم مناوئيه، وكان محمد بن مسلمة من هؤلاء بلا ريب..
فإنه كان ممن امتنع عن البيعة لعلي "عليه السلام"([414]) رغم أنه كان من الناقمين على عثمان، والشامتين به، فقد قال في يوم قتل عثمان: "ما رأيت يوماً أقر للعيون، ولا أشبه بيوم بدر من هذا اليوم"([415]).
ومحمد بن مسلمة كان أيضاً من الذين هاجموا بيت فاطمة الزهراء "عليها السلام" بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله" ودخلوه، بل يدَّعون: أنه هو الذي كسر سيف الزبير([416]).
وحين جاءه عمار ليدعوه إلى بيعة علي "عليه السلام" قال له: "مرحباً بك يا أبا اليقظان على فرقة ما بيني وبينك..".
ثم كلَّمه في أمر البيعة فرفضها، فلما أبلغ علياً "عليه السلام" بما جرى قال "عليه السلام": "..وذنبي إلى محمد بن مسلمة أني قتلت أخاه يوم خيبر، مرحب اليهودي"([417]).
وكان صاحب العمال أيام عمر إذا اشتكي إليه عامل أرسله ليتكشف الحال. وهو الذي أرسله عمر إلى عماله ليأخذ شطر أموالهم لثقته به([418]).
وبعثه إلى الشام أيضاً مع خالد بن الوليد لقتل سعد بن عبادة، وأشاعوا: أن الجن قتلته([419]).
رغم ذلك كله، فإنه زعم: أن خلافة علي "عليه السلام" فتنة، وأنه اعتزلها من أجل ذلك([420]).
ولكن ليت شعري ألم يكن كل ما سبقها فتنة؟ وهل بعد بيعة الغدير، وسواها من الدلائل ما يصلح عذراً لهذا الرجل أو لغيره؟!.
قصة ثمامة:
وقد ذكروا: أن ابن مسلمة حين رجع من تلك الغزوة، جاء بثمامة بن أثال الحنفي ـ سيد أهل اليمامة ـ أسيراً ـ ولكن آسريه لم يعرفوا أسيرهم ـ فأمرهم النبي "صلى الله عليه وآله": بأن يحسنوا إساره، بعد أن عرَّفهم "صلى الله عليه وآله" به.
ولما رجع "صلى الله عليه وآله" إلى أهله قال: اجمعوا ما عندكم من طعام، فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته، أن يغدى عليه بها ويراح، فجعل لا يقع من ثمامة موقعاً. ويأتيه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويقول له: أسلم يا ثمامة، (أو ما تقول يا ثمامة)، أو ما عند ك يا ثمامة؟
فقال: عندي خير يا محمد، إن تقتلني تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال، فسل منه ما شئت.
فتركه "صلى الله عليه وآله"، ثم سأله في اليوم الثاني، ثم في اليوم الثالث، ثم أمر بإطلاقه. فانطلق إلى نخل قريب من المسجد، فاغتسل، ثم عاد إليه، فأسلم، وبايعه.
فلما أمسى جاؤوه بما كانوا يأتونه به من الطعام، فلم ينل منه إلا قليلاً، وباللقحة، فلم يصب من حلابها إلا يسيراً، فتعجب المسلمون من ذلك!!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": مِمَّ تعجبون؟! من رجل أكل أول النهار في معي كافر وأكل آخر النهار في معي مسلم، إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معي واحد([421]).
ربط الأسير في المسجد:
تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" عرفهم بأسيرهم، وأنه سيد أهل اليمامة، وقال لهم: أحسنوا إساره.
ولكن الروايات ذكرت أيضاً: أنه "ربط بسارية من سواري المسجد"([422]).
فهل ربط الأسير بسارية من سواري المسجد بحيث يراه الخاص والعام يعدُّ إحساناً لإساره؟! خصوصاً إذا كان من سادات العرب، ومن أهل الشرف والرياسة!! ألا يعدُّ ذلك بالنسبة لهذا النوع من الناس غاية الإذلال، وأبلغ المهانة؟!
متى أسر ثمامة؟!
والتأمل في قصة ثمامة يثير أمامنا أكثر من سؤال، يحتاج إلى إجابة مقنعة ودقيقة.
فهناك سؤال عن تاريخ أسره، فإن ابن هشام وغيره يذكرون: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب إلى ثمامة بن أثال، وهوذة بن علي، ملكي اليمامة ـ حين كتب إلى الملوك ـ ([423]).
والمعلوم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب إلى الملوك بعد الحديبية كما سيأتي في موضعه، أي في سنة ست أو سبع([424]).
بل لقد ورد: أن ثمامة عزم على قتل رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأسر على قول، أو خرج معتمراً ودخل المدينة فتحير فيها حتى أخذ وجيء به إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([425]).
ويؤيد ذلك: ما رواه الكليني من أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد قال: اللهم مكني من ثمامة، فأسرته خيل النبي "صلى الله عليه وآله"([426]).
والظاهر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك بعد أن أساء ثمامة إلى رسوله "صلى الله عليه وآله". وإلا فلماذا يخص ثمامة بهذا الدعاء؟!
ويدل على تأخر إسلام ثمامة وتأخر قضية أسره: أن أبا هريرة يروي القضية، ويقول في آخرها: "فجعلنا المساكين تقول بيننا: ما نصنع بدم ثمامة؟! لأكلة من جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة"([427]).
أين أسر ثمامة؟!
ومن ذلك: السؤال عن مكان أسر ثمامة.. فإن الروايات التي ذكرناها آنفاً لم تبين ذلك، بل ربما يكون فيها إلماح إلى أنه قد أسر في المناطق التي وصلت إليها السرية المذكورة..
مع أن ثمة ما يدل: على أنه قد أسر في داخل المدينة نفسها، حيث يقول النص: إنه قد "دخل المدينة وهو يريد مكة للعمرة، فتحير في المدينة، فقبض، وأتي به إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم أسلم، ومنع حمل الحب من اليمامة إلى مكة إلا بإذن النبي "صلى الله عليه وآله".."([428]).
وفي نص آخر: أنه "كان قد جاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" رسولاً من عند مسيلمة، وأراد اغتياله "صلى الله عليه وآله". فدعا ربه أن يمكنه منه، فأُخذ وجيء به إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فربط بسارية من سواري المسجد الخ.."([429]).
ولنا تحفظ على هذا النص الأخير.
فإن سيد أهل اليمامة لا يرضى عادةً بأن يكون هو الرسول لاغتيال أحد، بل هو يقود الجيوش، ويتزعم الكراديس في الحروب، ويرسل من قبله أفراداً مغمورين، لا يعرفهم الناس إذا رأوهم، بل يظنونهم أعراباً، أو تجاراً، أو ما إلى ذلك.
ثمامة المجهول لآسريه:
وقد صرح النص الذي نقلناه فيما سبق: بأن الذين أسروا ثمامة لم يعرفوه، حتى كان النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي دلهم عليه، وأمرهم بالإحسان إليه..
ونقول:
إن هذا لو صح، فلا بد أن يكون مؤيداً للنص الذي يقول: إنه قد قُبِضَ على ثمامة في المدينة، حيث لم يستغرق أسرهم له سوى دقائق، هي مسافة الطريق من موضع القبض عليه حتى وصوله إلى المسجد، حيث عرض أمره على النبي "صلى الله عليه وآله"..
ولو كان قد أسر قبل ذلك، فلا يعقل أن يبقى في يد آسريه ساعات أو أياماً، دون أن يسألوه عن نفسه، وعن أهله وبلده، ويبقى مجهولاً لهم إلى أن يعرفه النبي "صلى الله عليه وآله" ويخبرهم بأمره.
إلا أن يقال: إنهم سألوه، فلم يجبهم، أو أجابهم ولم يصدقوه.. وكلاهما احتمال لا شاهد له.
أكلة لحم جزور أحب إليه:
وقد زعموا أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" انصرف من عند ثمامة وهو يقول: اللهم أكلة لحم من جزور أحب إلي من دم ثمامة، ثم أمر به فأطلق([430]).
ونحن نجل رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن هذه التفاهات، فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يهتم بأكلة من لحم جزور، ولا يجعل هذا الأمر طرفاً في المقايسة مع دم أحد..
والصحيح هو: أن هذا من أقوال أبي هريرة، ومن معه من أصحاب الصفة، الذين صاروا يقولون: نبينا "صلى الله عليه وآله" ما يصنع بدم ثمامة؟! والله لأكلة جزور سمينة من فدائه أحب إلينا من دم ثمامة([431]).
الإحسان إلى ثمامة.. ثم إسلامه:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أحسن إلى ثمامة، وخصه بلقاحه فكان يغدى بها عليه ويراح. وصار "صلى الله عليه وآله" يطلب منه أن يسلم..
ونقول:
إن من الواضح: أن الإسلام حين خص المؤلفة قلوبهم بنصيب من المال، فلا بد أن يكون قد لاحظ:
أولاً: إنه بذلك يكون قد أعطاهم الفرصة ليعيشوا أجواء الإسلام، عن كثب، ليتلمسوا حقائقه وقيمه، ومفاهيمه، وليعيشوا الأمن والسلام الداخلي، والاجتماعي، والسياسي، بكل ما لهذه الكلمات من معنى.
ثانياً: إنه يكون بذلك قد طمأنهم إلى أن الإسلام لا يريد أن يحرمهم من لذائذ الحياة الدنيا، ولا يريد أن يسلبهم الامتيازات المشروعة فيها، بل هو يريد أن يحفظ لهم ذلك، وأن يوجههم باتجاه إنتاج المزيد من الخير والسعادة لهم، وإبعاد أي نوع من أنواع الخلل في حياتهم وفي سعادتهم..
ثالثاً: إنه يريد منهم أن يكفوا عن ممارسة أساليب الضغط على الناس وعن العمل على مصادرة حريات الآخرين، والتأثير على قرارهم فيما يرتبط بالفكر والاعتقاد، وأن يبقى الباب مفتوحاً والمجال مفسوحاً أمام أبنائهم، وسائر أرحامهم وأصدقائهم، وكل من يرتبط بهم، ليعيشوا أجواء الإسلام، من دون أي حرج أو تردد، وأن يتفهموا حقائقه، ومفاهيمه، ومعانيه، من منابعه الأصلية، بكل سلامة وصفاء، بعيداً عن أي تشويه، ومن دون تأثر بالشائعات المغرضة، أو الكاذبة.
رابعاً: إن ذلك ليس شراء لذممهم، ولا هو شراء لضمائرهم، ولدينهم بالمال. بل ذلك من أجل رفع الحواجز النفسية، وطمأنتهم إلى أن الهدف هو مجرد الحصول على حرية التفكير والقرار، إذ لو كان الأمر على خلاف ذلك لكان اللازم هو فرض قرار الإسلام والإيمان عليهم مقابل المال. وهذا ما لم يكن، بل الذي كان هو مجرد رفع حالة العداء، وحصول درجة من الثقة والإلفة، ورفع الوحشة وإزالة الخشية من نفوسهم، ولذلك سماهم الإسلام بالمؤلفة قلوبهم، وسمي سهمهم أيضاً بسهم المؤلفة قلوبهم..
خامساً: وأخيراً، فإن النفس إذا أحرزت رزقها اطمأنت وتفرغت للعبادة، وأيس منها الوسواس، حسبما قاله الصحابي الجليل سلمان الفارسي (المحمدي) رضوان الله تعالى عليه([432]).
وعلى هذا الأساس نقول:
إنه إذا وجد المؤلفة قلوبهم مقاصدهم المالية، فإن الباب يصبح أمامهم مفتوحاً للتفكير بأمور الاعتقاد والسياسة، والأخلاق والقيم، وما إلى ذلك.
أمعاء الكافر.. والمؤمن:
وأما الحديث عن كثرة أكل ثمامة، وقلته، قبل الكفر وبعده، وادِّعاء أن سبب قلة أكله بعد أن أسلم هو أن المؤمن يأكل بمعي واحد.. فهو حديث غريب وعجيب.
فأولاً: لماذا عجب المسلمون من ثمامة حينما قلَّ أكله بعد إسلامه؟ ألم يجر هذا الأمر على كل واحد منهم قبله، حين خرجوا من الكفر إلى الإيمان؟! أم أن ذلك قد حدث لأول مرة مع خصوص ثمامة دون سواه؟!
وها نحن لا زلنا نشاهد مشركين وكفاراً يسلمون، فهل يقلُّ أكلهم بعد إسلامهم، بحيث يلفت ذلك النظر، ويثير العجب؟!
ثانياً: قيل: إن هذا الحديث قد ورد في رجل بعينه، وهو عمرو بن معد يكرب الزبيدي، الذي كان يأكل في حال كفره فيكثر، فلما أسلم قل طِعمه..
وقال أبو عبيد في تاريخه: هو أبو بصرة الغفاري واسمه حُمَيْل([433]).
وقيل: المراد به أبو غزوان([434]).
غير أننا نقول: إن سياق الحديث يأبى هذا الاختصاص، لأن كثرة الأكل وقلته، قد علقتا على الكفر والإيمان..
إلا أن يقال: إن اللام في كلمتي المؤمن والكافر عهدية لا جنسية([435]).
ولكنه توجيه لا يصح، لأن ظاهر الكلام: أنه "صلى الله عليه وآله" بصدد ضرب القاعدة، وإعطاء الضابطة.
توجيهات معقولة:
وخير ما يوجه به هذا الكلام هو: ما ذكره علماؤنا الأبرار رضوان الله تعالى عليهم، من أنه جار على طريقة المجاز لحث الناس على القناعة، وعلى أن لا تكون همتهم في طعامهم "كالبهيمة المربوطة همها علفها، وشغلها تقممها"، فإن الذي يبحث عن اللذة، وينساق وراء إشباع دواعي الشهوة هو الكافر.. أما المؤمن فهمه مجرد التبلغ لحفظ خيط الحياة.
أو يقال: إن الكافر لا يبالي من أين أكل، ولا كيف أكل، بل هو لا يشبع من جمع الأموال، ويريد أن يأكل الدنيا بأسرها، بأي سبب كان، فكأن له سبعة أمعاء، على سبيل المبالغة.
أما المؤمن، فلا يأكل إلا الحلال بالسبب الحلال، فيقتصر ما يتناوله أو يصل إليه على أقل القليل..
ثمامة أول من اعتمر:
وقالوا أيضاً: إن ثمامة قال للنبي "صلى الله عليه وآله": إن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة، فماذا ترى؟! فبشره النبي "صلى الله عليه وآله" وأمره أن يعتمر. فلما قدم مكة قال له قائل: صبوت؟
فقال: لا، ولكني أسلمت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله". ولا والله لما تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن النبي "صلى الله عليه وآله".
ثم خرج إلى اليمامة، فمنعهم أن يحملوا إلى مكة شيئاً. حتى أضر بهم الجوع وأكلت قريش العلهز([436]).
فكتبوا إلى النبي "صلى الله عليه وآله": إنك تأمر بصلة الرحم، وإنك قد قطعت أرحامنا.
فكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن خل بين قومي وبين ميرتهم. ففعل، فأنزل الله تعالى: ?وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ?([437]).
ويقال: إنه لما كان ببطن مكة في عمرته لبى، فكان أول من دخل مكة يلبي، فأخذته قريش، فقالوا: لقد اجترأت علينا. وهموا بقتله، ثم خلوه لمكان حاجتهم إليه وإلى بلده([438]).
هل قطع النبي ' أرحامه؟!
وحول ما ذكرته رواية قطع النبي "صلى الله عليه وآله" أرحام قومه، نقول:
أولاً: هل يحق لأهل مكة، الذين حصروه هو والهاشميين في شعب أبي طـالب سنوات، ومنعوا عنهم كل شيء حتى كادوا يهلكون جوعاً، ثم أخرجوا النبي "صلى الله عليه وآله" ومن معه من ديارهم، وحاربوه، وقتلوا عمه حمزة، وابن عمه عبيدة بن الحارث وكذلك غيرهما من الأخيار، وتآمروا على حياته، ولا يزالون يعملون جاهدين لإطفاء نور الله.. ويشنون عليه الغارات.. و.. و..
هل يحق لهم: أن يتهموه بأنه قطع أرحامهم؟!..
ولماذا لم يتهموه بذلك وهو لم يزل يعترض قوافلهم التي تحمل أموالهم وتجاراتهم، وقد عور عليهم متجرهم؟!..
وإذا كانوا قد قالوا ذلك له فعلاً، فلماذا لم يستجب لهم، ويتوقف عن اعتراض قوافلهم وتجاراتهم؟!
وإذا كان قد استجاب لهم، فما هو الداعي لحرب بدر؟
ألم يكن بإمكانهم أن يطالبوه بصلة أرحامهم، ليكف عن اعتراض تجاراتهم؟!
ثانياً: إذا كان ثمامة هو الذي منع عن قريش أي شيء من نتاج اليمامة، فما هو ذنب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ليتهموه بأنه قد قطع رحمهم؟! ولماذا لا يطالبون ثمامة نفسه بهذا الأمر؟..
ثالثاً: والأهم من ذلك: هل كانت اليمامة هي المصدر الوحيد للحنطة، ولغيرها مما تحتاجه مكة؟! ألم يكن في سائر بلاد الله الواسعة ما يلبي حاجات مكة وسواها من ذلك؟!
رابعاً: وعلينا أن لا نغفل أخيراً عن هذا التعبير الذي ينسب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو قوله: "خلِّ بين قومي وبين ميرتهم"، فهل كان "صلى الله عليه وآله" على استعداد لإمداد قريش بالميرة في غير حالات المجاعة القصوى، حيث يتطلب الأمر إنقاذ الأطفال والنساء، وغيرهم من المستضعفين الذين لا حول لهم ولا قوة؟!
وما معنى التعبير بكلمة "قومي" بياء المتكلم؟
فهل نسبتهم إلى نفسه "صلى الله عليه وآله" تهدف إلى تشريفهم بذلك وتكريمهم؟!
أم أنه "صلى الله عليه وآله" واقع تحت المشاعر العنصرية بصورة عفوية؟!
أم أنه قال ذلك في حالة غضب، لم يتمكن من السيطرة عليه.. وكلا هذين الخيارين لا يمكن صدورهما منه "صلى الله عليه وآله".
ثم لماذا ينسب الميرة إلى قومه، فيقول: "ميرتهم"؟!
وهل لهم حق مفروض بهذه الميرة، لا يجوز لأحد منعه عنهم، ومنعهم عنه؟!
2 ـ سرية عكاشة إلى غمر مرزوق:
وفي ربيع الأول من سنة ست كانت سرية عكاشة بن محصن إلى غمر مرزوق ـ ماء لبني أسد على ليلتين من فيد، في أربعين رجلاً([439]).
وقيل: بل كان أميرهم ثابت بن أرقم، فأخبر به القوم فهربوا، فنزلوا عليا بلادهم، وانتهى المسلمون إلى ديارهم فلم يجدوا أحداً.
فبعثوا شجاع بن وهب في جملة جماعة إلى بعض النواحي طليعة يطلبون خبراً، ويجدون أثراً، فرجع شجاع بن وهب، فأخبرهم أنه وجد أثر نعمٍ قريباً، فذهبوا إلى هناك، فأخذوا رجلاً من بني أسد كان نائماً، فدلهم على نعمهم بالمرعى.
وفي نص آخر: أطلعهم على نعم لبني عم له لم يعلموا بمسيرهم، فساقوا مائة بعير، أو مائتين، وقدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"([440]).
3 ـ سرية أبي مسلمة إلى ذي القَصَّة:
وفي ربيع الأول بعث محمد بن مسلمة في عشرة معه إلى بني ثعلبة في ذي القَصَّة ـ بفتح القاف ـ موضع بينه وبين المدينة أربعة وعشرون ميلاً ـ وقيل غير ذلك ـ فورد عليه ليلاً، فكمن له القوم، وهم مائة رجل، وأمهلوهم حتى ناموا، فتراموا ساعة من الليل، ثم حملت الأعراب عليهم بالرماح فقتلوهم، وجرح محمد بن مسلمة، وظنوه قد مات، وجردوهم من ثيابهم([441]).
ومر رجل من المسلمين، فحمل ابن مسلمة حتى ورد به المدينة.
4 ـ سرية أبي عبيدة إلى ذي القَصَّة:
ثم بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنهم يريدون أن يغيروا على سرح المدينة، الذي كان يرعى بعيداً عنها بسبعة أميال ببطن هيفاء، فسار إليهم في ربيع الآخر من سنة ست أبو عبيدة بن الجراح في أربعين رجلاً إلى مصارعهم، فأغاروا عليهم في عماية الصبح، فأعجزوهم هرباً في الجبال، وأسروا رجلاً واحداً، فأسلم وتركه، وأخذوا نعماً من نعمهم فاستاقوها، ورِثَّةً من متاعهم، وقدموا المدينة، فخمسه رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقسم ما بقي عليهم([442]).
5 ـ سرية زيد إلى بني سليم:
وفي ربيع الآخر من سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة إلى بني سليم بالجموم أو الجموح: (وهي ناحية من بطن نخل على أربعة أميال من المدينة)، فأصابوا امرأة من مزينة يقال لها: حليمة، فدلتهم على محلة من محال بني سليم، فأصابوا نعماً، وشاء، وأسرى. فكان فيهم زوج حليمة المزنية.
فلما قفل زيد بما أصاب وهب رسول الله "صلى الله عليه وآله" للمزنية زوجها ونفسها([443]).
طبيعة سرايا رسول الله ':
ويستوقفنا في السرايا الثلاث عدة أمور هي:
أولاً: ما أشرنا إليه فيما سبق من أن سياق هذه السرايا من شأنه أن يعطي انطباعاً غير صحيح بأن هذا النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" ليس له همٌّ إلا الإغارة على الناس الآمنين، وسلب أموالهم، وقتل رجالهم و.. وهؤلاء هم أصحابه يفعلون الأفاعيل بالناس، حتى إنهم ليضربون الرجل الأسدي ليدلهم على النعم في مراعيها، وهي لأناس لم يعلموا بمسيرهم([444]).
ولكن الحقيقة مغايرة لهذا تماماً، فإن هم النبي "صلى الله عليه وآله" هو هداية الناس وإسعادهم، وليس قتلهم، وسلب أموالهم. وقد كان "صلى الله عليه وآله" شديد التثبت في أمر الذين يدبرون ويسعون للعدوان على المسلمين، كما يظهر من كثير من الموارد، مثل سرية ابن رواحة إلى أسير بن رزام الآتية وغيرها.
ثانياً: إنه إذا صحت الروايات عن حدوث هذه السرايا فعلاً، فلا بد أن تكون قد هدفت إلى رد عدوان أناسٍ كانوا معلنين للحرب على أهل الإيمان، أو إبطال كيدهم، وتفريق جموعهم، وإضعاف قدرتهم على تنفيذ ما يخططون له.. وليس للمحارب أن يغفل أو أن يتغافل فإنما الحرب خدعة تبتدر، وفرصة تنتهز.
وقد صرحت الروايات: بأن الذين أغار عليهم أبو عبيدة كانوا بصدد الإغارة على سرح المدينة لاستياقه..
ثالثاً: إن الظاهر هو: أن سرية محمد بن مسلمة ـ لو صحت ـ فإنما كانت لأجل الاستطلاع، وتقصي الأخبار عما يخطط له بنو ثعلبة، فوقعوا في كمين أعدائهم، وجرى عليهم ما جرى.
رابعاً: ذكر ابن عائذ: أن أمير السرية هو ثابت بن أقرم، وليس عكاشة بن محصن..([445]).
الشهداء في سرية ابن مسلمة:
وقد ذكروا: أن جميع من انتظم في سرية ابن مسلمة قد قتل، ونجا ابن مسلمة وحده جريحاً..
وقد ذكر الواقدي: أن هؤلاء العشرة هم:
1 ـ أبو نائلة.
2 ـ والحارث بن أوس.
3 ـ وأبو عبس بن جبر.
4 ـ ونعمان بن عصر.
5 ـ ومحيصة بن مسعود.
6 ـ وحويصة بن مسعود.
7 ـ وأبو بردة بن نيار.
8 و 9 ـ ورجلان من مزينة.
10 ـ ورجل من غطفان.
ونقول:
قد نص العلماء: على أن أكثر هؤلاء قد عاش سنوات طويلة بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلاحظ ما يلي:
1 ـ النعمان بن عصر: قتله طليحة بن خويلد بعد استشهاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيما يعرف بحروب الردة، أو اليمامة([446]).
2 ـ أبو بردة بن نيار: مات في خلافة معاوية، بعد أن شهد مع علي "عليه السلام" حروبه كلها وقيل: إنه مات سنة إحدى، وقيل: اثنتين، وقيل: خمس وأربعين([447]).
3 ـ أبو عبيس (أو عبس) بن جابر (أو جبر): كان قد عمي في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأعطاه "صلى الله عليه وآله" عصاً، وقال: تنور بهذه، فكانت تضيء له ما بين كذا وكذا([448]).
ومات سنة أربع وثلاثين، وصلى عليه عثمان([449]).
4 ـ حويصة يقولون: إنه شهد أحداً، والخندق، وسائر المشاهد([450])، فمن حضر سائر المشاهد، فإنه يكون قد عاش إلى ما بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وهناك ثلاثة رجال لا يعلم عنهم شيء.
وعلى هذه فقس ما سواها..
شكوك أخرى حول سرية ابن مسلمة:
على أن ما ذكرناه آنفاً ليس هو كل شيء، فهناك شكوك أخرى، لا بد من التصريح بها، والبحث عما يزيلها، إن كان هناك ما يمكن أن يكون مفيداً في معرفة الحق والحقيقة فيها.
ونذكر مما يدخل في هذا المجال ما يلي:
بالنسبة إلى الذين قتلوا مع ابن مسلمة نقول:
1 ـ إنهم إذا كانوا قد ناموا فهجم عليهم الأعداء حتى خالطوهم، فما معنى أن يتراموا بالنبل، الذي يحتاج إلى مسافة، فإن المفروض في الذين خالطوهم ألا يلجأوا إلى الرمي بالنبال، بل أن يضربوهم بسيوفهم، أو أن يشجروهم برماحهم؟!
2 ـ ما معنى أن ينام جميع رجال السرية، حتى لم يبق أحد منهم يحرس ويراقب؟! مع أنهم كما صرحت الروايات قد أصبحوا في بلاد عدوهم، وحيث أصبح الخطر داهماً؟!
3 ـ قد صرحت الروايات: بأن محمد بن مسلمة وقع جريحاً "فضربوا كعبه، فلم يتحرك، فظنوا موته، فجردوه من الثياب".
والسؤال هو: لماذا اختاروا أن يضربوا كعب محمد بن مسلمة، ولم يغمدوا سيوفهم في صدره أو نحره، أو بطنه، أو ما إلى ذلك، ليتأكدوا من موته؟!
وكيف أبصروا حركته وعدمها في ظلمة ذلك الليل؟!
وكيف استطاع هو أن يتحمل هذا الألم، ولا يتحرك؟!
وحين قتل المشركون المسلمين، هل تمكن المسلمون من قتل أحد من المشركين؟! أم أنهم سلموا جميعاً، فلا قتل ولا جراح فيهم؟!
ولماذا لم يحدثنا التاريخ عن شيء من ذلك؟!
إلى غير ذلك من الأسئلة الكثيرة التي تحتاج إلى إجابات مقنعة ومقبولة. وأين وأنَّى؟!.
6 ـ سرية زيد إلى العيص:
وفي جمادى الأولى من سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة إلى العيص (موضع على أربعة ليال من المدينة)([451])، ومعه سبعون راكباً، أو في سبعين ومائة راكب([452])، لما بلغه "صلى الله عليه وآله": أن عيراً لقريش قد أقبلت من الشام. فتعرضوا لها، فأخذوها وما فيها، فأخذوا يومئذٍ فضة كثيرة لصفوان بن أمية، وأسروا منهم أناساً، منهم أبو العاص بن الربيع زوج زينب ابنة (والصحيح: ربيبة([453])) رسول الله "صلى الله عليه وآله"([454]).
فنادت زينب في الناس، حين صلى النبي "صلى الله عليه وآله" الفجر: إني قد أجرت أبا العاص.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما علمت بشيء من هذا. وقد أجرنا من أجرت. ورد عليه ما أخذ([455]).
وقد ذكر ابن عقبة: أن أسره كان على يد أبي بصير وأبي جندل بعد الحديبية.
وكانت هاجرت قبله، وتركته على شركه..
وردها النبي "صلى الله عليه وآله" عليه بالنكاح الأول.
قيل: بعد سنتين، وقيل: بعد ست سنين، وقيل: قبل انقضاء العدة.
وفي حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: ردها بنكاح جديد سنة سبع([456]).
ولنا هنا وقفات، هي التالية:
فضة صفوان:
قد ذكرنا في أول الجزء السادس من هذا الكتاب: أنهم يدَّعون أنه قد كانت هناك سرية إلى ماء يقال له: القردة، وأن أميرها زيد بن حارثة أيضاً، وقد أرسله "صلى الله عليه وآله" إلى قافلة لقريش فيها صفوان بن أمية، وأبو سفيان، وكان أكثرها من الفضة، فأصاب العير وما فيها، وأعجزه الرجال، ورجع بالغنيمة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فخمَّسها، فبلغ الخمس عشرين ألفاً.
وقد لاحظنا: أن ثمة تشابهاً عجيباً بين تلك السرية وبين هذه التي نحن بصدد الحديث عنها، فإن هذه السرية أيضاً: أميرها زيد بن حارثة، وكانت إلى ماء يقال له: القردة، وأخذ المسلمون منها فضة كثيرة، وكانت الفضة أيضاً لصفوان بن أمية..
فهل تراهما سرية واحدة؟ اختلف الرواة في تاريخها، وفي بعض خصوصياتها، كما يختلفون في غيرها، فظنهما البعض سريتين. فدوَّنهما مرتين؟!
على نفسها جنت براقش:
وفي سياق آخر نقول:
إن قريشاً هي التي جنت على نفسها حين واجهت المسلمين بالبغي، والعدوان، والاضطهاد، والاستيلاء على أملاكهم، وإخراجهم من أوطانهم وديارهم، بغير جرم أتوه. إلا أن يقولوا: ربنا الله، ويريدون أن يكونوا أحراراً فيما يفكرون، وفيما يعتقدون..
فكان لا بد من أن تواجه عاقبة ذلك، حين يريد المظلومون أن يسترجعوا بعض ما أخذ منهم، ولو كان نزراً يسيراً.. وسوف يكون استرداد هذا القليل عظيم الأثر على روح أولئك الطغاة الجبارين، الذين يرون الحياة الدنيا كل شيء بالنسبة إليهم، ويرون في ارتفاع آهات المظلومين والمعذبين فضلاً عن مطالباتهم، وسعيهم للتخلص من الظلم والبغي، مساساً بكبريائهم، وانتقاصاً من جبروتهم، فإذا تمكن أولئك المستضعفون من استرجاع شيء من حقوقهم، فسيكون في ذلك أعظم الخزي لأولئك الطغاة، وأبلغ الخذلان، وتلك هي أعظم مصائبهم، وفيها أشد آلامهم.
وأما إذا بلغ الأمر حد إرباك هؤلاء الطغاة، وإشغالهم بالحفاظ على لقمة عيشهم، وسلامة تجارتهم، فإن ذلك يكون غاية ذلهم، وصغارهم وهوانهم..
مدائح لأبي العاص بن الربيع:
وعن دعواهم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أثنى على صهره أبي العاص بن الربيع، نقول:
إن ذلك لا يصح: فقد روي عن أبي جعفر "عليه السلام"، أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" زوج أبا العاص بن الربيع مع كونه منافقاً([457]).
كما أننا لم نجد له موقفاً جهادياً مميزاً، ولا عرف عنه شيء من الزهد والتقوى، والبذل في سبيل الله، ونحو ذلك.
النبي ' لا يتصرف بما ليس له:
وقالوا: "إن زينب دخلت على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسألته أن يرد على أبي العاص ما أخذ منه، فأجابها إلى ذلك"([458]).
ونقول:
إننا نشك في صحة ذلك: لأن ما أخذه المسلمون إنما هو غنائم حرب وهي ملك لهم.. فإن كان قد وعدها النبي "صلى الله عليه وآله" بشيء، فلا بد أن يكون ذلك بأن يطلب من المسلمين التنازل له عن شيء من حقهم، فإن رضوا أعاد إليه ما يرضون بإعادته..
ويدل على ذلك: أنهم يذكرون: أنه "صلى الله عليه وآله" بعث للسرية، فقال لهم: "إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم. وقد أصبتم له مالاً، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له، فإنا نحب ذلك، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم، فأنتم أحق به"([459]).
لا يخلص إليكِ:
وزعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لزينب عن أبي العاص: "لا يخلص إليك، فإنك لا تحلين له"([460]).
والظاهر: أن ذلك كان قبل أن يسلم أبو العاص..
رد زينب على أبي العاص:
ويقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد رد زينب على زوجها بالنكاح الأول..
وهذا معناه: أن ذلك قد حصل قبل غزوة الحديبية، أي قبل تحريم نكاح المشرك للمؤمنة؛ لأن هذا التحريم إنما كان في الحديبية([461]) كما يزعمون..
ولو كان ذلك قد حصل بعد الحديبية، فلا بد أن يكون زوجها قد أسلم قبل أن تنقضي عدتها، أي أنه أسلم بعد إسلامها بيسير؛ لأن شرط عودتها إليه بالنكاح الأول هو ذلك، أي أن يكون قبل انقضاء العدة.
ولو قيل: إن قوله "صلى الله عليه وآله" لزينب: لا يخلص إليك يدل على أن إرجاعها إليه كان بعد الحديبية،؛ لأن تحريم نكاح المشرك للمسلمة قد نزل بعدها،
لأجيب: بأن سرايا رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم تتعرض لقوافل قريش بعد الحديبية. فأبو العاص لم يؤسر بعدها.
إلا أن يقال: إن السرية التي اعترضت عير قريش، وأسرت أبا العاص، تعود لأبي جندل، وأبي بصير وأصحابهما الذين كانوا يعترضون عير قريش..
وقد قيل: إنهم أخذوا أبا العاص، فهرب منهم، ودخل إلى المدينة، واستجار بزينب.
وقيل: بل هم الذين أطلقوه، لمكانه من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فخطب النبي "صلى الله عليه وآله" الناس، وأعلمهم أن زينب قد أجارته، فلما علم أبو جندل وأصحابه بذلك أطلقوا الأسرى، وردوا عليهم كل شيء. وكان ذلك في سنة ثمان([462]).
وقد يقال:
كيف يمكن ادِّعاء: أن أبا العاص قد أسلم بعد زينب بيسير، أي قبل انقضاء عدتها، وهم يقولون: إنها أسلمت قبله بست سنين، وقيل: بسنة واحدة، وقيل: بعد سنتين من إسلامه؟!([463]).
ويمكن أن يجاب:
بأن الثابت هو: أنها قد أتت إلى المدينة قبل زوجها بهذه المدة الطويلة، ولكن ذلك لا يدل على: أنها قد أسلمت قبله، فلعل انتقالها إلى المدينة كان للتخلص من مضايقات قريش لها، لمجرد صلتها برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإن لم تكن قد دخلت في دينه. كما هو ظاهر لا يخفى.
7 ـ سرية زيد إلى الطرف:
وفي جمادى الآخرة سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة إلى الطرف، وهو ماء على ستة وثلاثين ميلاً من المدينة، فخرج إلى بني ثعلبة في خمسة عشر رجلاً، فأصاب نعماً وشاء، وهربت الأعراب.
وصبح زيد بالنعم المدينة، وهي عشرون بعيراً، ولم يلق كيداً، وغاب أربع ليال، وكان شعارهم الذي يتعارفون به في ظلمة الليل: أمت أمت([464]).
وقد قلنا: اكثر من مرة بأننا نشك في وقوع هذه السرايا، التي تظهر أن همَّة النبي "صلى الله عليه وآله" كانت منصرفة إلى الغنائم والسبايا، ولو بقيمة قتل الناس وإبادة خضرائهم، أو إذلالهم.
الفصل الرابع:
سرايا أخرى قبل الحديبية
1 ـ سرية زيد إلى حسمى.
2 ـ سرية كرز بن جابر إلى العرنيين.
3 ـ سرية زيد إلى وادي القرى.
4 ـ سرية ابن عوف إلى دومة الجندل.
1 ـ سرية زيد إلى حسمى:
وفي جمادى الآخرة من سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة أيضاً إلى حسمى، وهو واد وراء ذات القرى.
وكان من حديثها ـ كما حدث رجال من جذام، وكانوا علماء بها ـ: أن رفاعة بن زيد الجذامي لما قدم على قومه من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكتابه، يدعوهم إلى الإسلام استجابوا له.. فلم يلبث أن قدم دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر صاحب الروم، حين بعثه إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومعه تجارة له، وقد أجازه قيصر، وكساه، فعاد إلى المدينة حتى إذا كان بوادي: "حسمى"، أغار عليه الهنيد بن عوض الضلعي (بطن من جذام) ومعه ابنه عوض في ناس من جذام، فأصاب كل شيء كان مع دحية. ولم يتركوا عليه إلا ثوباً خلقاً.
فبلغ ذلك قوماً من جذام أيضاً، من بني الضبيب، وهم رهط رفاعة، ممن كان قد أسلم، فنفروا إلى الهنيد وابنه، فاستنقذوا لدحية ما أخذ منه.
فخرج دحية حتى قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره خبره، واستشفاه (أو استسقاه) دم الهنيد وابنه.
فبعث النبي "صلى الله عليه وآله" زيداً في خمس مائة رجل([465])، ورد معه دحية، فكان زيد يسير بالليل، ويكمن بالنهار، حتى هجموا مع الصبح على الهنيد ومن معه، فأغاروا عليهم، وقتلوا فيهم (رجلين)، وأوجعوا، وقتلوا الهنيد وابنه، وأخذوا من النعم ألف بعير، ومن الشاء خمسة آلاف، ومائة من النساء والصبيان.
قالوا: فلما سمع بذلك بنو الضبيب ركب نفر منهم، فيهم حسان بن ملَّة، فلما وقفوا على زيد بن حارثة، قال حسان: إنا قوم مسلمون.
فقال له زيد: اقرأ أم الكتاب. فقرأها.
فقال زيد بن حارثة: نادوا في الجيش: أن قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاؤوا منها، إلا من ختر أي غدر.
وإذا بأخت حسان مع الأسارى، فقال له زيد: خذها.
فقالت أم الغرار الضلعية: أتنطلقون ببناتكم، وتذرون أمهاتكم؟.
فقال أحد بني الخصيب: إنها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم.
فسمعها بعض الجيش، فأخبر بها زيداً، فأمر بأخت حسان، وقد كانت أخذت بحقوي أخيها، ففكت يداها من حقويه، وقال لها: اجلسي مع بنات عمك، حتى يحكم الله فيكن حكمه، فرجعوا.
ونهى الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاؤوا منه، فأمسوا في أهليهم.
فلما شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة فصبحوه، فقال له حسان بن ملة: إنك لجالس تحلب المعزى، وإن نساء جذام أسارى، قد غرَّها كتابك الذي جئت به؟!
فدعا رفاعة بجمل لـه، فشد عليه رحلـه، وهو يقول: هل أنت حي وتنادي حياً؟.
ثم سار في نفر من قومه إلى المدينة ثلاث ليال، فلما دخلوا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ألاح إليهم بيده: أن تعالوا من وراء الناس.. ثم دفع رفاعة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتابه، الذي كان كتب له ولقومه، حينما قدم عليه فأسلم، فقال: دونك يا رسول الله قديماً كتابه، حديثاً غدره.
فقال "صلى الله عليه وآله": اقرأه يا غلام، وأعلن.
فلما قرأ كتابه استخبرهم، فأخبروه، فقال "صلى الله عليه وآله": كيف أصنع بالقتلى؟! ثلاث مرات.
فقال رفاعة: أنت أعلم يا رسول الله، لا نحرم عليك حلالاً، ولا نحلل لك حراماً.
فقال أبو زيد بن عمرو ـ أحد قومه معه ـ : أطلق لنا يا رسول الله من كان حياً، ومن قتل فهو تحت قدمي هذه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": صدق أبو زيد، اركب معهم يا علي.
فقال له علي "عليه السلام": يا رسول الله، إن زيداً لا يطيعني.
قال "صلى الله عليه وآله": فخذ سيفي هذا.
فأعطاه سيفه، فخرجوا، فإذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة من إبلهم، أرسله زيد مبشراً، فأنزلوه عنها، وردها على القوم، وأردفه علي خلفه، فقال: يا علي، ما شأني؟!
فقال: ما لهم، عرفوه فأخذوه؟!
ثم ساروا، فلقوا الجيش، فطلب زيد من علي "عليه السلام" علامة، فقال: هذا سيفه "صلى الله عليه وآله".
فعرف زيد السيف، وصاح بالناس، فاجتمعوا، فقال: من كان معه شيء فليرده، فهذا سيف رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذوا ما بأيديهم، حتى كانوا ينتزعون لبد المرأة من تحت الرجل([466]).
ونقول:
إن لنا على هذا النص بعض الملاحظات، وهي التالية:
ألف: إرسال دحية إلى قيصر:
قد ذكر فيما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد أرسل دحية إلى قيصر..
وذلك موضع شك، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما أرسل دحية في كتاب إلى قيصر بعد الحديبية([467]).
فلعل دحية كان عند قيصر في شغل خاص به، وقد حصل منه على أموال وعطايا فجرى عليه ما جرى..
ب: لماذا إرجاع الأموال؟!
قد يقال: إن الغنائم إن كانت قد أخذت من أناس مشركين، معلنين للحرب، فلماذا تردُّ عليهم؟.
وقد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أوكل أمر إرجاع الأموال إلى أبي العاص بن الربيع ـ أوكله ـ إلى قبول المشاركين في السرية، حيث قال لهم: "وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم، فأنتم أحق به"([468]).
وإن كانت قد أخذت من أناس مسلمين، فلماذا يأخذها منهم زيد؟
ثم لماذا لا يردها عليهم بعد أخذها؟!
ويؤيد هذا: أن أولئك القوم قد ذهبوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، واشتكوا له، فبادر "صلى الله عليه وآله" إلى الاستجابة لهم، حسبما تقدم ذكره.. فلو أن المقتولين، والذين أخذت أموالهم كانوا من المسلمين لم يكن معنى لهذه المبادرة من هؤلاء، ولم يكن معنى لاستجابة النبي "صلى الله عليه وآله" لهم، وأخذ الأموال من المقاتلين وإرجاعها إلى أصحابها الشرعيين، لأنه إذا كان المقتولون وأصحاب الأموال محاربين، فإن تلك الأموال تكون للمقاتلين ولا يصح أخذها منهم..
ولكن قبولنا لهذا الأمر لا يحل الإشكال أيضاً؛ لأن المقتولين إذا كانوا مسلمين فلا معنى لطل دمهم، بل كان ينبغي أن يحاسب الذين قتلوهم، فإن كانوا قد قتلوهم مع علمهم بإسلامهم، فلا بد من إنزال العقوبة بمن فعل ذلك..
كما لا بد من محاسبتهم على أخذ أموالهم، وإصرارهم على هذا الأخذ، حتى إنهم ليحتاجون إلى علامة من رسول الله "صلى الله عليه وآله" لإرجاعها إلى أهلها..
وإن كانوا قد قتلوهم عن جهل منهم بكونهم مسلمين، فهم وإن كانوا معذورين بقتلهم، لكن لا بد للرسول "صلى الله عليه وآله" من أن يديهم من بيت مال المسلمين على الأقل..
وقد يقال:
إن المقتولين كانوا من المشركين المعاهدين.. الذين لا ذنب ولا يد لهم بما جرى، وإنما غلبوا على أمرهم، وأصبحوا ضحية بغي الهنيد وابنه، فأخذوا بذنب غيرهم، وقد جاء الذين أسلموا من قومهم، ليحلوا هذا الإشكال، فارتأوا حله، بطلِّ دمهم، والاكتفاء بإرجاع أموالهم إليهم..
ويجاب:
بأنه لا توجد أية إشارة إلى وجود معاهدات بين أهل الشرك من هذه القبيلة، وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
والصحيح في القضية هو: أن هذه القبيلة كانت قد أسلمت استجابة لرفاعة بن زيد الجذامي، الذي جاءهم بكتاب من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم إن بضعة أفراد منها، وهم الهنيد وابنه، وربما بعض آخر معهما، قطعوا الطريق على دحية وسلبوه ما معه ثم أرجع بنو الضبيب من جذام إليه ما كان سلب منه.. فاشتكى دحية إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وطلب منه أن ينتقم له من الهنيد وابنه، فأرسل النبي "صلى الله عليه وآله" زيداً على رأس سرية لأخذ الجناة، فقتلت السرية الهنيد وابنه، واثنين (أو أكثر) ممن كانوا معه، وأخذوا ما وجدوه هناك من إبل وشاء.
ولكن هذا الذي وجدوه وأخذوه لم يكن للمقتولين بل هو لغيرهم من أفراد القبيلة المسلمين، الذين كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب لهم الكتاب مع رفاعة..
فاعتبره زيد غنيمة حرب، فرفعت القبيلة المسلمة أمرها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحكم بإرجاع الأموال إلى أهلها، ولم يعبأ بالمقتولين لأنهم أفسدوا، واعتدوا وحاربوا، وقطعوا السبيل، ولم يكن هناك أي عدوان أو تقصير من زيد، وقد فعل ما كان ينبغي له. والله هو العالم بالحقائق.
ج: العصبية للحق، لا للعشيرة:
والذي يثير الانتباه هنا: أن الجذاميين المسلمين من بني الضبيب قد تعصبوا لإسلامهم ولدينهم وللحق، ونصروا المظلوم حتى على ابن العشيرة، فاستنقذوا الأموال التي استلبها الهنيد وابنه منهما، وأرجعوها إلى صاحبها، مع أنهم كانوا إلى الأمس القريب يتعصبون لابن العشيرة، وينصرونه على غيره، حتى لو كان معتدياً وظالماً لذلك الغير.
د: خمس مائة رجل!! لماذا؟!
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل زيداً في خمس مائة رجل مع دحية..
ونحن نشك كثيراً في صحة هذا الأمر..
فإن أعداد أفراد السرايا التي كان النبي "صلى الله عليه وآله" يرسلها إلى البلاد البعيدة والقريبة كانت قليلة في الغالب.
فهو "صلى الله عليه وآله" يرسل ثلاثين، أو أربعين، أو سبعين، أو مائة، أو مائتي رجل..
فلماذا أرسل خمس مائة رجل في هذه المرة؟! مع كون تلك القبيلة كانت على الإسلام، ومع كون العصاة من أفرادها قليلين، لا يحسب لهم حساب، خصوصاً مع كون سائر قبيلتهم ضدهم، وقد أثبتت تلك القبيلة ذلك بصورة عملية، حيث استنقذت لدحية جميع ما كان قد أخذ منه..
هـ: تسرع غير مقبول:
وبعد.. فإن ما يثير الدهشة أيضاً: أن زيداً يغير على أولئك القوم في عماية الصبح، فيقتل، ويأسر، ويستاق النعم والشاء، ويسبي النساء.. فإن كان المذنب من تلك القبيلة هم أفراد قلائل، فما ذنب سائر أفراد القبيلة؟.
وإذا كانت القبيلة قد أعلنت إسلامها ـ حسبما ذكرناه فيما سبق ـ فلماذا يغير عليها في عماية الصبح؟!
وإذا أراد أن لا يفلت المجرم من يده، وإذا كان يصح أسر المقاتلين من الرجال، حتى لو كانوا مسلمين، فما هو ذنب النساء حتى تسبى؟! خصوصاً إذا كن مسلمات مؤمنات، قد صدقن كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي أرسله إليهن مع رفاعة، وقبلن أمانه؟!.
وكيف يكتب لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً، ثم يأمر جنوده بالإغارة، عليهم..
ألم يكن الأجدر والأولى.. أن يرسل الرسول "صلى الله عليه وآله" إلى رفاعة، وإلى سائر بني جذام يطلب منهم تسليمه المجرم لينال جزاءه؟! فإن امتنعوا من ذلك، ومنعوا صاحبهم، وأصبحوا في عداد المحاربين، أمكن في هذه الحال.. أن يتخذ النبي "صلى الله عليه وآله" القرار المناسب في حقهم، وفق هذه المستجدات..
على أن من الواضح: أن الأخذ بقول دحية، والمبادرة إلى اتخاذ قرار الحرب ضد أناس آخرين ـ كان النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه قد أرسل إليهم بكتاب أمان منه، وقد استجابوا لكتابه، وأسلم من أسلم منهم بناء على ذلك. إن ذلك ـ لا يتناسب مع أخلاق وسياسات الأنبياء "عليهم السلام"، ولا يصح نسبته إليه "صلى الله عليه وآله".
و: كيف أصنع بالقتلى؟!
وحين قال النبي "صلى الله عليه وآله": كيف أصنع بالقتلى؟.. لم يكن يريد أن يعبِّر عن تحيره في الأمر، ولا كان يسأل عن حكم الله تعالى فيهم، بل كان "صلى الله عليه وآله" يريد أن يسمع من نفس أصحاب العلاقة، ما يريد أن يمضيه فيهم، لأن ذلك يبعد عن أذهان ضعفة النفوس والإيمان أي احتمال يمكن أن يثار حول صوابية القرار الذي يصدره في قضيتهم، وهو يظهر بذلك لكل أحد: أن قراره هذا هو ما تحكم به الفطرة، ويفرضه الإنصاف في حق من يشهر سيفه على الناس، ويقطع الطريق ويخيف السبيل..
ولأجل ذلك: صرح رفاعة بأنه: لا يطلب إلا ما هو حلال ومباح، وموافق للمنطق. ثم جاءت مبادرة أبي زيد التي انطلقت بعفوية وأريحية لتؤكد هذا الأمر، وتحسم الرأي الصواب فيه، فأمضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" له ذلك، حين ظهر أنهم منسجمون مع هذا الحق، متفهمون لذلك الصواب..
ز: مالُهُم، عرفوه فأخذوه:
ولم يكن انتداب النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" للمهمة الحاسمة، التي تضمنت إرجاع الحقوق إلى أهلها، هو الوحيد في تاريخ النبي "صلى الله عليه وآله" وعلي "عليه السلام".
وقد جاء تفويض هذه المهمة إليه "عليه السلام" ليؤكد على دوره في هذا الاتجاه، وليكون الدليل على الثقة المطلقة بحسن تدبيره، وبدقته في إنجاز ما يوكله "صلى الله عليه وآله" إليه من مهمات، حتى إنه "عليه السلام" لينتزع الناقة من الرسول الذي جاء بالبشرى، ثم يردفه خلفه، ولا يرضى بأن يركب ناقة صدر حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" بإرجاعها إلى أربابها، ولو خطوات يسيرة.
وكان التساؤل الحائر من ذلك الرسول: يا علي, ما شأني؟! حيث ظن أن ذلك قد جاء عقوبة له على أمر صدر منه.
فجاءه الجواب الحاسم والحازم منه "عليه السلام": مالُهُم، عرفوه فأخذوه.
ح: مبالغات لا مبرر لها:
وروى الواقدي عن محجن الديلي، أنه قال: "كنت في تلك السرية، فصار لكل رجل سبعة أبعرة، أو سبعون شاة، وصار له من السبي المرأة والمرأتان، حتى رد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك كله إلى أهله"([469]).
ونقول:
إنه إذا كان الجيش خمس مائة مقاتل، ثم كان مجموع السبي مائة امرأة وطفل، فكيف يكون قد صار للرجل المرأة والمرأتان؟!
وإذا كان الجيش خمس مائة، والأبعرة ألف، فكيف نال كل واحد سبعة أبعرة؟!
ط: زيد لا يطيعني:
وحين قال علي "عليه السلام" للنبي "صلى الله عليه وآله": زيد لا يطيعني، فإنه لم يكن يريد بذلك تحريض الرسول الكريم "صلى الله عليه وآله" على زيد..
بل هو قد أراد أن يمدح زيداً بذلك، من حيث إنه يمارس عمله وفق أصول الانضباط، والالتزام بالمقررات بحزم وصرامة، ولا يتعامل على أساس العلاقات الشخصية، التي ربما تجر أحياناً إلى الوقوع في أخطاء قد لا يمكن تداركها.. خصوصاً حين يتعلق الأمر بالتعاطي مع الشأن العام، وتنفيذ المهمات، والقيام بالمسؤوليات النظامية.
وقد كان علي "عليه السلام" يدرك: أنه لا بد من إشاعة هذا النهج، وفرض الالتزام به على الآخرين، بصورة عملية وحاسمة، بحيث لا يبقى أي منفذ، أو فرصة لأي تسلل من شأنه أن يفسد طريقة تنفيذ القرار، أو أن يخل بحركة العمل في المجالات التطبيقية المختلفة.
وإلا، فإن زيداً كان يعرف علياً "عليه السلام"، ويدرك موقعه من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن الإسلام كله.. ولكنه يريد أن يري الناس كيف يلتزم القائد بحرفية البيانات والبلاغات الصادرة إليه، وأن عليهم أن يتعلموا: أنه لا مجال لمحاباة أحد، ولا للاعتماد على الرأي والاجتهاد، بعد أن استبعدت المعرفة اليقينية، وحوصرت وصودرت أحكامها بأحكام وبيانات صريحة أخرى لم تدع لها مجالاً، ولا مقالاً..
وحسبنا هذا الذي ذكرناه هنا: فإن استقصاء الحديث حول التفاصيل والجزئيات لسوف يضر بالاستفادة مما هو أهم، ونفعه أتم، وأشمل وأعم..
2 ـ سرية كرز بن جابر إلى العرنيين:
وفي جمادى الآخرة من سنة ست على قول ابن اسحاق، أو في شوال على قول الواقدي، وابن سعد، وابن حبان، أو في ذي القعدة بعد الحديبية، كما في البخاري.. كانت سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين، وهم حي من قضاعة، وحي من بجيلة. لكن المراد هنا الثاني، على ما ذكره ابن عقبة في مغازيه.
فقد روي: أن ثمانية من عرينة، وفي البخاري من عكل وعرينة، وفي الاكتفاء من قيس كبة من بجيلة، قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فتكلموا بالإسلام وكانوا مجهودين، قد كادوا يهلكون لشدة هزالهم، وصفرة ألوانهم، وعظم بطونهم، فطلبوا منه "صلى الله عليه وآله" أن يؤويهم ويطعمهم، فأنزلهم "صلى الله عليه وآله" عنده بالصفة.
ثم استوخموا المدينة، وطلحوا، وقالوا: إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، فبعثهم النبي "صلى الله عليه وآله" إلى لقاحه التي كانت ترعى بناحية الجماوات، وكان يرعاها عبد له، يقال له: يسار..
وفي رواية: أنه "صلى الله عليه وآله" بعثهم إلى إبل الصدقة.
وجُمع بينهما: أنهما كانا معاً، فالبعث كان إليهما معاً.
فخرجوا إليهـا، وشربوا من أبوالها، وألبانها، حتى صحوا وسمنوا، وانطوت بطونهم عكناً، فكفروا بعد إسلامهم، وعدوا على الراعي فذبحوه.
وفي رواية: أنهم استاقوا اللقاح، فأدركهم يسار، فقتلوه، ومثَّلوا به.
فبلغ النبي "صلى الله عليه وآله" الخبر، فبعث في أثرهم كرز بن جابر في عشرين فارساً، فأدركوهم وأحاطوا بهم، وربطوهم، وقدموا بهم إلى المدينة, وأرجعوا اللقاح، وكانت خمس عشرة إلا واحدة، وكان "صلى الله عليه وآله" بالغابة، فخرجوا بهم نحوه.
وفي الإكتفاء: فأتي بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" مرجعه من غزوة ذي قرد، فأمر بهم فقطعت أيديهم، وأرجلهم.
وفي رواية: وسمرت أعينهم، وصلبوا هناك.
وفي البخاري: فأمر بمسامير فأحميت، فكحلهم، وقطع أيديهم، وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة وهي أرض ذات حجارة سود، يستقون، فما سقوا حتى ماتوا.
قال أنس: فكنت أرى أحدهم يكد، أو يكدم الأرض بفيه، من العطش، ليجد بردها([470])، فلا يجده، حتى ماتوا على حالهم.
وأنزل الله فيهم: ?إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ? الآية([471]).
ولم يقع بعد ذلك: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" سمل عيناً([472]).
ونقول: إن لنا ههنا وقفات هي التالية:
المثلة والتعذيب:
قد يقال: إنه لا معنى لهذا التعذيب الذي أُنزِل بهم.
وقد يجاب عن ذلك ـ كما عن محمد بن سيرين ـ: أنه إنما فعل النبي "صلى الله عليه وآله" هذا قبل أن تنزل الحدود([473]).
قال أبو قلابة: هؤلاء قوم سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم، وحاربوا الله ورسوله([474]).
ونقول:
أولاً: إننا لم نجد في النصوص ما يدل على أن عقوبة السرقة، والقتل، ومحاربة الله ورسوله أن تحمى المسامير بالنار، ثم يكحل فاعل ذلك بها، ولا أن يلقى في الحرة ليموت عطشاً؟!
ثانياً: لقد نزل قوله تعالى: ?وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ? في مكة قبل هذه القصة([475]).. وهذه العقوبات المذكورة التي صبت عليهم لم يفعلوا هم مثلها..
ثالثاً: إن ما فعله النبي "صلى الله عليه وآله" بهم ـ لو صح ـ فهو من مصاديق المثلة التي نهى النبي "صلى الله عليه وآله" عنها في غزوة أحد، كما يقولون. فما معنى أن ينهى "صلى الله عليه وآله" عن الأمر، ثم يبادر هو إلى فعله؟!
رابعاً: عن ابن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن حسين، قال: لا والله، ما سمل رسول الله "صلى الله عليه وآله" عيناً، ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم([476]).
ومن الواضح: أن قطع الأيدي والأرجل هو عقوبة المفسد في الأرض، وقد صرح بها القرآن الكريم، وليست هي من المثلة المنهي عنها.
عدد الرعاة المقتولين:
وقد ذكرت الروايات تارة أنهم قتلوا يساراً فقط.
وجاء في رواية أخرى: ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم.
وفي نص ثالث: فقتلوا الراعيين، وجاء الآخر، فقال: قتلوا صاحبيَّ، وذهبوا بالإبل([477]).
فما هذا التناقض في عدد من قتلوا من الرعاء؟
أين كانت اللقاح؟!:
قد ذكرت الرواية السابقة: أن اللقاح كانت بناحية الجماوات، ولكن هناك رواية أخرى تقول: إن اللقاح كانت بذي الجدر، غربي جبال عير، على ستة أميال من المدينة([478]) وهي بناحية قباء.
ونحن نشك في ذلك، إذ:
1 ـ لماذا تكون هذه اللقاح بعيدة عن المدينة إلى هذا الحد، وكيف يؤمن عليها الغارة من القبائل المحيطة، والمعادية؟!
2 ـ لقد اختلفت النصوص في موضع رعي الإبل، فهل كانت بناحية الجماوات، التي هي إلى جهة الشام، على ثلاثة أميال من المدينة؟ أم كانت ترعى بذي الجدر، على ستة أميال من المدينة، إلى جهة قباء؟!
أين صلب الجناة؟:
وهم تارة يقولون: إنهم قد صلبوا بالرغابة، بعد أن قطعت أيديهم وأرجلهم([479]).
وأخرى يقولون: إنهم قد صلبوا، وجرى عليهم ما جرى في المدينة نفسها، وأمر النبي "صلى الله عليه وآله" بهم فألقوا في الحرة([480]).
من هو أمير السرية؟:
وقد تقدم: أن الأمير على تلك السرية هو كرز بن جابر، بينما هناك من يقول: إن أمير الخيل يومئذ هو ابن زيد أحد العشرة المبشرة بالجنة.
وهناك من يقول: أن أمير السرية هو جرير بن عبد الله البجلي([481]).
ويرد هذا القول الأخير: بأن إسلام جرير بن عبد الله قد كان بعد حوالي أربع سنين من تاريخ هذه السرية([482]).
وقد روي عنه: أنه ما أسلم إلا بعد سورة المائدة في حجة الوداع([483]).
آية جزاء المحاربين:
وقد تقدم قولهم: إن آية: ?إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ..? قد نزلت في هذه المناسبة.
ونقول:
إن ذلك لا يصح:
أولاً: لأن هذه الآية وردت في سورة المائدة، التي نزلت دفعة واحدة في حجة الوداع([484]).
وحتى لو كانت قد نزلت بعد الحديبية، أو عام الفتح([485])، فإن ذلك يدل على أنها لم تنزل في هذه الغزوة التي حصلت قبل الحديبية.
وقد روي نزولها دفعة واحدة عن:
1 ـ عبد الله بن عمرو([486]).
2 ـ أسماء بنت يزيد([487]).
3 ـ أم عمرو بنت عبس([488]).
4 ـ محمد بن كعب القرظي([489]).
5 ـ والربيع بن أنس([490]).
ثانياً: لقد رووا عن ابن عباس في هذه الآية، قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول الله "صلى الله عليه وآله" عهد وميثاق، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض، فخيَّر الله فيهم نبيه، إن شاء أن يقتل، وإن شاء أن يصلب، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف الخ..([491]).
ثالثاً: لقد اختلفت رواياتهم في قبيلة القوم الذين نزلت فيهم هذه الآية، هل هم أهل الكتاب، أو هم من المشركين من عكل أو عرينة، أو بجيلة، (وقد تقدمت المصادر المصرحة بهذا أو بذاك).
أو من بني فزارة([492]).
أو من بني سليم([493]).
أو أنها نزلت في بني ضبة، كما سنرى([494]).
الصحيح في نزول الآية:
الصحيح هو: أن هذه القضية بأسرها قد حرفت بصورة عمدية، وصرفت عن مسارها الطبيعي، وأن أميرها هو علي "عليه السلام"، وأنها نزلت في نفر من بني ضبة، وأنهم إنما قتلوا ثلاثة من رعاة اللقاح إلى غير ذلك من تفاصيل، غيَّروا فيها وبدلوا، وظهرت الخلافات والاختلافات نتيجة لتصرف كل راوٍ على حدة..
الرواية الصحيحة:
والرواية المعقولة والمقبولة هي التالية:
روي عن أبي عبد الله الصادق "عليه السلام"، قال: قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" قوم من بني ضبة، مرضى.
فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية.
فقالوا: أخرجنا من المدينة.
فبعث بهم إلى إبل الصدقة، يشربون من أبوالها، ويأكلون من ألبانها، فلما برئوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان في الإبل.
فبلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك، فبعث إليهم علياً "عليه السلام"، فإذا هم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه، قريباً من أرض اليمن، فأسرهم، وجاء بهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فنزلت هذه الآية: ?إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم?([495]).
فاختار رسول الله القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف([496]).
3 ـ سرية زيد إلى وادي القرى:
وفي شهر رجب من سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى، فقتل من المسلمين قتلى، وارتث زيد بن حارثة، أي حمل من المعركة رثيثاً أي جريحاً، وبه رمق([497]).
ونقول:
1 ـ إننا لا ندري لماذا لم تصرح لنا الروايات بعدد القتلى من المسلمين، ولا بأسمائهم، مع الاهتمام الشديد بهذا الأمر في الموارد الأخرى؟!..
كما أننا لا ندري: هل قتل أحد من المشركين في هذه السرية؟! أو جرح، أم لم يقتل ولم يجرح أحد؟!
2 ـ ثم إننا لا ندري أيضاً لماذا لم تذكر أية تفاصيل عن مكان هذه المعركة، وعن أسبابها، وضد من كانت من قبائل العرب..
لكن بعضهم ذكر: أنها كانت ضد بني فزارة.
مع أنهم يذكرون: أدق التفاصيل في غزوات أو سرايا لم تجر فيها أحداث مهمة، بل هي مجرد سياحة استطلاعية رجع منها المسلمون، ولم يلقوا كيداً..
والظاهر هو: أن هذه الحادثة هي نفس ما ذكر من أنه قد حصل لزيد بن حارثة في سرية أم قرفة الآتية، وأنه إنما كان في تجارة له إلى الشام فأخذوه، وجرى عليه ما جرى، ثم غزاهم في سرية بعثه بها الرسول "صلى الله عليه وآله"، فأصابوا فيها أم قرفة كما سيأتي.
4 ـ سرية ابن عوف إلى دومة الجندل:
وفي شعبان من سنة ست بعث "صلى الله عليه وآله" عبد الرحمن بن عوف إلى بني كلب في دومة الجندل.
فزعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" دعاه، فأجلسه بين يديه، وعممه بيده، وقال: اغز بسم الله، وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله. ولا تغدر، ولا تقتل وليداً. وقال له: إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم.
فسار إليهم في سبع مائة مقاتل، فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام، وهم يأتون ويقولون: لا نعطي إلا السيف.
فلما كان اليوم الثالث أسلم أصبغ بن عمرو الكلبي ـ وكان نصرانياً، وكان رئيسهم ـ وأسلم معه ناس كثيرون من قومه، وأقام من أقام على دينه على إعطاء الجزية، وتزوج عبد الرحمن تماضر ابنة الأصبغ، فقدم بها المدينة، فولدت له أبا سلمة، عبد الله الأصغر، وهو من الفقهاء السبعة بالمدينة، ومن أفضل التابعين([498]).
وزعم عطاء بن أبي رباح: أنه سمع رجلاً من أهل البصرة يسأل عبد الله بن عمر عن إرسال العمامة من خلف الرجل، إذا اعتم.
فقال عبد الله: سأخبرك عن ذلك، إن شاء الله تعالى، ثم ذكر مجلساً شاهده من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أمر فيه عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية بعثه عليها، قال: فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سود، فأدناه رسول الله "صلى الله عليه وآله" منه، ثم نقضها، ثم عممه بها، وأرسل من خلفه أربع أصابع، أو نحواً من ذلك. ثم قال: هكذا يابن عوف فاعتم، فإنه أحسن، وأعرف.
ثم أمر بلالاً أن يدفع إليه اللواء، فدفعه إليه، فحمد الله، وصلى على نفسه، ثم قال: خذه يابن عوف، اغزوا جميعاً الخ..([499]).
شكوك في سرية ابن عوف:
ولنا على هذه الغزوة ملاحظات عديدة هي التالية:
1 ـ إننا نشك في أصل حدوث هذه الغزوة. وذلك لأن بين دومة الجندل وبين دمشق خمس ليال، وتبعد عن المدينة حوالي خمس عشرة، أو ست عشرة ليلة، وهي بقرب تبوك([500]).
وعلى حد تعبيرهم: هي طرف من أفواه الشام([501]).
ونحن نستبعد: أن يخاطر النبي "صلى الله عليه وآله" بأصحابه، فيرسلهم إلى هذه المسافات البعيدة، إلى أناس لم يظهر الوجه والمبرر لأن يقصدهم "صلى الله عليه وآله" بجيوشه هذه، دون كل من عداهم ممن هم في المناطق الأقرب منهم، والأيسر، والأقل مؤونة عليه.
هذا.. والحال: أن مشركي العرب مبثوثون في كل ناحية، وهم يترصدونهم في ذهابهم، وإيابهم، ليوقعوا بهم، وليوصلوا الأخبار إلى الأقطار عنهم.. خصوصاً إذا كان مسيرهم أصبح يشي بأنهم يقصدون ملك قيصر، وكسر هيبته، بتناول أطراف بلاده..
2 ـ إن هيمنة الإسلام لم تكن قد بلغت تلك المناطق، ليرضى نصارى بني كلب بدفع الجزية، مع قربهم من الشام، ومع وجود أكيدر في دومة الجندل، ومع كون المحيط كله لا يدين بالإسلام، ولا يرضى بدفع الجزية.
3 ـ إن الحديث عن أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عمم عبد الرحمن بن عوف بيده، لا يدل على أن ذلك كان كرامة وإكراماً منه "صلى الله عليه وآله" لابن عوف..
لأن حديث ابن عمر قد أوضح: أن السبب في ذلك هو: أن ابن عوف لم يحسن التعمم، فأراد "صلى الله عليه وآله" أن يعلمه طريقة التعمم الفضلى، ويوضح ذلك قوله "صلى الله عليه وآله": "هكذا يابن عوف فاعتم، فإنه أحسن، وأعرف".
4 ـ إننا لا ندري ما هي المصلحة في أن يتزوج ابن عوف ابنة أصبغ بن عمرو الكلبي؟!
وماذا لو رفض أصبغ الموافقة على هذا الزواج؟!
فهل سيقهره عبد الرحمن عليه؟!
على أننا قد نفهم من بعضهم: أن ثمة شكاً في أن تكون تماضر هذه قد أدركت رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقد قال العسقلاني: عن أبي سلمة بـن عبد الرحمن بن عوف "أمه تماضر بنت الأصبغ، يقال: إنها أدركت النبي "صلى الله عليه وآله".."([502]).
ويلاحظ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عبر عن الأصبغ بكلمة "ملك"، مع أنه مجرد زعيم قبيلة، ولا يوصف رئيس القبيلة بهذا الوصف.
5 ـ على أن ثمة ما يدل على خلاف ما ذكرته الروايات المتقدمة، فقد قالوا: إنه بعد إسلام أولئك القوم: "أرسل (ابن عوف) رضي الله عنه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعلمه بذلك، وأنه يريد أن يتزوج فيهم، فكتب إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن يتزوج ببنت الأصبغ، فتزوجها، وبنى بها عندهم، وقدم بها المدينة"([503]). فإن هذه الرواية تدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يأمره بالزواج من بنت ملكهم حين عممه وأرسله..
بل إن عبد الرحمن بن عوف أرسل إليه رسالة يستأذن فيها بهذا الأمر.
6 ـ هل صحيح: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن كان بهذه المثابة من الفضل والعلم؟ أم أنهم أطروه ورفعوا مقامه، في نطاق سياسة خلق مرجعيات للناس، واستبعاد أهل البيت "عليهم السلام"؟
خصوصاً وأنهم يذكرون: أن أبا سلمة هذا كان منسجماً معهم في طروحاتهم، وتوجهاتهم، فهو قد روى عن عثمان بن عفان، وطلحة، وعبد الله بن سلام، وأبي هريرة، والمغيرة، ومعاوية.. وغيرهم ممن هم على هذا النهج..
كما أن هذا الرجل كان من أعوان النظام الأموي والدموي، حيث يذكرون: أنه لما ولي سعيد بن العاص على المدينة من قبل معاوية في المرة الأولى، استقضى أبا سلمة عليها([504]).
لقد فرغت من تسويد هذا الجزء ليلة الخميس الساعة الرابعة قبل الفجر.. وذلك بتاريخ 10/6/2004م الموافق 21/4/1425هـ بيروت.
والحمد لله أولاً وآخراًَ، وباطناً وظاهراً، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الباب السادس: زواج زينب وأحداث أخرى بعد المريسيع
الفصل الأول: متفرقات في السنة الخامسة .........................7 ـ 38
الفصل الثاني: زينب بنت جحش في بيت الرسول ' ......... 39 ـ 82
الفصل الثالث: اكاذيب وأباطيل في حديث زواج زينب ....... 83 ـ 126
الفصل الرابع: الحجاب في حديث الزواج ................... 127 ـ 172
الفصل الخامس: استطرادات على هامش حديث الزواج..... 173 ـ 198
الباب السابع: سرايا وغزوات بين المريسيع والحديبية
الفصل الأول: غزوة بني لحيان .............................. 201 ـ 220
الفصل الثاني: غزوة ذي قرد (الغابة) ........................ 221 ـ 272
الفصل الثالث: سبع سرايا ................................. 273 ـ 310
الفصل الرابع: سرايا أخرى قبل الحديبية .................... 311 ـ 342
الفهارس: ................................................. 343 ـ 356
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1;عنوان 7;1"
الباب السادس: زواج زينب وأحداث أخرى بعد المريسيع
الفصل الأول: متفرقات في السنة الخامسة
النبي ' يعلم الغيب:............................................................... PAGEREF _Toc101591553 \h 9
سباق الخيل:..................................................................... PAGEREF _Toc101591554 \h 12
سباق الإبل أيضاً:............................................................... PAGEREF _Toc101591555 \h 14
سقوطه ' عن الفرس ونسخ حكم شرعي:................................ PAGEREF _Toc101591556 \h 18
الصحيح في قضية الصلاة:.................................................. PAGEREF _Toc101591557 \h 23
بركات وفوائد:.................................................................. PAGEREF _Toc101591558 \h 23
الصحيح في قضية السقوط عن الفرس:.................................... PAGEREF _Toc101591559 \h 23
الزلزال في المدينة:............................................................. PAGEREF _Toc101591560 \h 24
النهي عن ادخار لحوم الأضاحي............................................ PAGEREF _Toc101591561 \h 26
فرض الحج:..................................................................... PAGEREF _Toc101591562 \h 27
ملاحظات وتوضيحات:....................................................... PAGEREF _Toc101591563 \h 31
النبي ' يحيي الموتى:......................................................... PAGEREF _Toc101591564 \h 32
التقليد والمحاكاة:................................................................ PAGEREF _Toc101591565 \h 34
قيمة الدعاء وآثاره:............................................................. PAGEREF _Toc101591566 \h 35
التشكيك الخفي:.................................................................. PAGEREF _Toc101591567 \h 35
لا تكسروا عظماً:............................................................... PAGEREF _Toc101591568 \h 36
إسلام خالد وعمرو بن العاص:.............................................. PAGEREF _Toc101591569 \h 37
الفصل الثاني: زينب بنت جحش في بيت الرسول '
زينب بنت جحش.. في بيت الرسول ':................................... PAGEREF _Toc101591572 \h 41
ابن حارثة! أم ابن محمد؟!.................................................... PAGEREF _Toc101591573 \h 42
رسول الله ' أحب إليه:........................................................ PAGEREF _Toc101591574 \h 43
تاريخ زواج النبي ' بزينب بنت جحش:.................................. PAGEREF _Toc101591575 \h 49
قصة هذا الزواج:............................................................... PAGEREF _Toc101591576 \h 51
موقف عائشة من هذا الزواج:................................................ PAGEREF _Toc101591577 \h 54
الله المزوج، وجبريل الشاهد:................................................. PAGEREF _Toc101591578 \h 56
المنافقون، وهذا الزواج:....................................................... PAGEREF _Toc101591579 \h 57
وقفات مع حديث الزواج:..................................................... PAGEREF _Toc101591580 \h 58
ألف: الكفاءة في النكاح:............................................. PAGEREF _Toc101591581 \h 58
ب: ما كان لهم الخيرة:............................................... PAGEREF _Toc101591582 \h 61
ج: المعلم لكتاب الله أولى:........................................... PAGEREF _Toc101591583 \h 65
د: زيد يراجع النبي ' في طلاق زينب:.......................... PAGEREF _Toc101591584 \h 66
إفتخار زينب على نساء النبي ':........................ PAGEREF _Toc101591585 \h 67
هـ: أمسك عليك زوجك:............................................. PAGEREF _Toc101591586 \h 67
أخطاء منشؤها الجهل:..................................... PAGEREF _Toc101591587 \h 67
كيف تمت الخطبة:.......................................... PAGEREF _Toc101591588 \h 68
و: واتق الله:............................................................ PAGEREF _Toc101591589 \h 69
ز: مكانة زيد لدى رسول الله ':................................... PAGEREF _Toc101591590 \h 70
ح: زيد العفيف والتقي:.............................................. PAGEREF _Toc101591591 \h 71
ط: زوجناكها:......................................................... PAGEREF _Toc101591592 \h 72
ي: جمال زينب في حسابات عائشة:............................. PAGEREF _Toc101591593 \h 75
الافتئات على الرسول ':..................................................... PAGEREF _Toc101591594 \h 76
مهر زينب ودلالاته:............................................................ PAGEREF _Toc101591595 \h 79
الفصل الثالث: أكاذيب.. وأباطيل في حديث زواج زينب
ماذا يقول الأفَّاكون؟!:......................................................... PAGEREF _Toc101591598 \h 85
نقد الروايات المتقدمة:......................................................... PAGEREF _Toc101591599 \h 93
ألف: ما الذي يخفيه النبي ' في نفسه؟!.......................... PAGEREF _Toc101591600 \h 94
لا معنى للأمر بالإمساك:.................................. PAGEREF _Toc101591601 \h 96
ب: ما الذي أبداه الله تعالى:......................................... PAGEREF _Toc101591602 \h 97
ج: الله تعالى مصرِّف القلوب:..................................... PAGEREF _Toc101591603 \h 98
د: التحريض والرجم بالغيب:....................................... PAGEREF _Toc101591604 \h 99
هـ: الأمر بتقوى الله!!.............................................. PAGEREF _Toc101591605 \h 100
و: أمسك عليك زوجك:........................................... PAGEREF _Toc101591606 \h 100
ز: عشق النبي ' لزوجة غيره:................................. PAGEREF _Toc101591607 \h 100
عشق الأنبياء ^ ممدوح!!.............................. PAGEREF _Toc101591608 \h 101
ح: لا تمدنَّ عينيك:................................................. PAGEREF _Toc101591609 \h 102
ط: الحسد:............................................................ PAGEREF _Toc101591610 \h 102
ي: يراها.. فأعجبته!:.............................................. PAGEREF _Toc101591611 \h 102
ك: العشق في سن الكهولة!!...................................... PAGEREF _Toc101591612 \h 103
ل: تناقض الروايات في أمر الهوى:............................ PAGEREF _Toc101591613 \h 104
م: الجائزة للمذنبين:................................................ PAGEREF _Toc101591614 \h 104
ن: زينب لا تمتنع، وزيد لا يستطيع:............................ PAGEREF _Toc101591615 \h 105
س: لماذا يكتم النبي ' هذا عن نفسه؟!:........................ PAGEREF _Toc101591616 \h 106
ع: النبي ' يتعرض للنساء!!.................................... PAGEREF _Toc101591617 \h 107
إستدلال ابن الديبع فاسد:.................................................... PAGEREF _Toc101591618 \h 108
لا يضر الهوى بالنبوة:....................................................... PAGEREF _Toc101591619 \h 113
لم يزوجه الله إياها لأنه أحبها:.............................................. PAGEREF _Toc101591620 \h 116
الأمر مفروض على رسول الله ':....................................... PAGEREF _Toc101591621 \h 117
بين خشية الناس، وخشية الله:.............................................. PAGEREF _Toc101591622 \h 117
خشية النبي ' على الدين:................................................... PAGEREF _Toc101591623 \h 119
"أحق" أن تخشاه:........................................................... PAGEREF _Toc101591624 \h 120
لا يكفي التشريع بالقول:..................................................... PAGEREF _Toc101591625 \h 122
هل كانت زينب: متزوجة قبل رسول الله ':........................... PAGEREF _Toc101591626 \h 123
الفصل الرابع: الحجاب في حديث الزواج
متى ولماذا نزل الحجاب؟!:................................................ PAGEREF _Toc101591629 \h 129
آية الحجاب:................................................................... PAGEREF _Toc101591630 \h 132
مشاجرة زينب مع عمر:.................................................... PAGEREF _Toc101591631 \h 133
تناقض أسباب فرض الحجاب:............................................ PAGEREF _Toc101591632 \h 133
ألف: من تناقضات الروايات:.................................... PAGEREF _Toc101591633 \h 139
ب: حماس عمر لفرض الحجاب:............................... PAGEREF _Toc101591634 \h 140
ج: موافقات عمر:.................................................. PAGEREF _Toc101591635 \h 142
د: فمرَّ عمر:......................................................... PAGEREF _Toc101591636 \h 143
هـ: هلا لنفسك كان ذا التعليم؟.................................... PAGEREF _Toc101591637 \h 144
و: عمر.. وسودة:................................................... PAGEREF _Toc101591638 \h 144
ز: الخطاب للناس لا للنساء:...................................... PAGEREF _Toc101591639 \h 145
ح: سودة خرجت ليلاً:............................................. PAGEREF _Toc101591640 \h 145
ط: الأجانب لا يجالسون نساء النبي ':........................ PAGEREF _Toc101591641 \h 146
متى فرض الحجاب؟ ومتى تزوج ' بزينب؟:......................... PAGEREF _Toc101591642 \h 147
الحجاب في الكتب القديمة:.................................................. PAGEREF _Toc101591643 \h 151
1 ـ العهد القديم "التوراة":...................................... PAGEREF _Toc101591644 \h 151
2 ـ العهد الجديد: "الإنجيل":................................... PAGEREF _Toc101591645 \h 152
الحجاب في الجاهلية:........................................................ PAGEREF _Toc101591646 \h 153
المجتمع الإيراني القديم:........................................... PAGEREF _Toc101591647 \h 155
المجتمع الهندي:..................................................... PAGEREF _Toc101591648 \h 155
المملكة الرومانية:.................................................. PAGEREF _Toc101591649 \h 156
قدماء اليونان:....................................................... PAGEREF _Toc101591650 \h 156
تغطية الوجه في حياة النبي ':............................................ PAGEREF _Toc101591651 \h 157
هل كان علي × يجهل الجواب؟!.......................................... PAGEREF _Toc101591652 \h 165
تغطية الوجه بعد وفاة النبي ':............................................ PAGEREF _Toc101591653 \h 166
لماذا الحجاب؟!............................................................... PAGEREF _Toc101591654 \h 171
الفصل الخامس: استطرادات.. على هامش حديث الزواج
علاقات حميمة بين زينب وعائشة!!..................................... PAGEREF _Toc101591657 \h 175
روحيات زينب:............................................................... PAGEREF _Toc101591658 \h 177
تصحيح خطأ: بين زينب وحمنة:.......................................... PAGEREF _Toc101591659 \h 182
النبي ' سماها:................................................................ PAGEREF _Toc101591660 \h 183
أطولكن يداً:.................................................................... PAGEREF _Toc101591661 \h 186
لمن صنع النعش؟:............................................................ PAGEREF _Toc101591662 \h 189
جهد العاجز:................................................................... PAGEREF _Toc101591663 \h 192
هل يجهل عمر حكم الله؟!................................................... PAGEREF _Toc101591664 \h 193
عائشة: أنا أم رجالكم:........................................................ PAGEREF _Toc101591665 \h 194
الباب السابع: سرايا وغزوات بين المريسيع والحديبية..
الفصل الأول: غزوة بني لحيان
غزوة بني لحيان:............................................................. PAGEREF _Toc101591670 \h 203
إلى عسفان في مائتي راكب:............................................... PAGEREF _Toc101591671 \h 205
أبو بكر إلى كراع الغميم:.................................................... PAGEREF _Toc101591672 \h 206
دعاء السفر:................................................................... PAGEREF _Toc101591673 \h 208
زيارة النبي ' قبر أمه وبراءته منها:..................................... PAGEREF _Toc101591674 \h 209
لعن زوارات القبور:......................................................... PAGEREF _Toc101591675 \h 215
كسوف الشمس:............................................................... PAGEREF _Toc101591676 \h 219
الفصل الثاني: غزوة ذي قرد (الغابة)
غزوة الغابة:................................................................... PAGEREF _Toc101591679 \h 223
بعض تفاصيل هذه الغزوة:................................................. PAGEREF _Toc101591680 \h 226
مؤاخذات على ما تقدم وما يأتي:.......................................... PAGEREF _Toc101591681 \h 237
من هو المغير؟:............................................................... PAGEREF _Toc101591682 \h 239
الغدر مرتعه وخيم:........................................................... PAGEREF _Toc101591683 \h 240
كيف علم ابن الأكوع بالغارة؟!:........................................... PAGEREF _Toc101591684 \h 241
رباح مولى الرسول ':..................................................... PAGEREF _Toc101591685 \h 243
رباح.. اسم مكروه............................................................ PAGEREF _Toc101591686 \h 243
رؤية سلمة للمغيرين:........................................................ PAGEREF _Toc101591687 \h 244
حليب اللقاح إلى المدينة:..................................................... PAGEREF _Toc101591688 \h 244
يا خيل الله اركبي:............................................................ PAGEREF _Toc101591689 \h 245
أمير الغزوة:................................................................... PAGEREF _Toc101591690 \h 245
عبد الرحمن بن عيينة:....................................................... PAGEREF _Toc101591691 \h 247
عُمْر سلمة بن الأكوع:....................................................... PAGEREF _Toc101591692 \h 248
هل أفلتت اللقاح؟ ومن الذي أنقذها؟!:.................................... PAGEREF _Toc101591693 \h 249
سهم في جبهة أبي قتادة:..................................................... PAGEREF _Toc101591694 \h 250
ملكت.. فاسجح:............................................................... PAGEREF _Toc101591695 \h 253
لابن الأكوع سهم الراجل، وسهما الفارس:.............................. PAGEREF _Toc101591696 \h 254
هل كان هناك قتال؟!........................................................ PAGEREF _Toc101591697 \h 257
الشك في أخذ اللقاح:......................................................... PAGEREF _Toc101591698 \h 258
تركوا فرسين:................................................................. PAGEREF _Toc101591699 \h 258
يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو:...................................... PAGEREF _Toc101591700 \h 259
صلاة الخوف:................................................................ PAGEREF _Toc101591701 \h 260
الغفارية التي أفلتت:.......................................................... PAGEREF _Toc101591702 \h 263
طلحة الفياض:................................................................ PAGEREF _Toc101591703 \h 266
أفاعيل وفظائع طلحة:....................................................... PAGEREF _Toc101591704 \h 270
الفصل الثالث: سبع سراي
1 ـ سرية القرطاء:........................................................... PAGEREF _Toc101591707 \h 275
قصة ثمامة:.......................................................... PAGEREF _Toc101591708 \h 279
ربط الأسير في المسجد:........................................... PAGEREF _Toc101591709 \h 282
متى أسر ثمامة؟!:.................................................. PAGEREF _Toc101591710 \h 283
أين أسر ثمامة:...................................................... PAGEREF _Toc101591711 \h 284
ثمامة المجهول لآسريه:........................................... PAGEREF _Toc101591712 \h 285
أكلة لحم جزور أحب إليه:........................................ PAGEREF _Toc101591713 \h 286
الإحسان إلى ثمامة.. ثم إسلامه:................................. PAGEREF _Toc101591714 \h 287
أمعاء الكافر.. والمؤمن:........................................... PAGEREF _Toc101591715 \h 289
توجيهات معقولة:................................................... PAGEREF _Toc101591716 \h 290
ثمامة أول من اعتمر:.............................................. PAGEREF _Toc101591717 \h 290
هل قطع النبي ' أرحامه؟!:...................................... PAGEREF _Toc101591718 \h 291
2 ـ سرية عكاشة إلى غمر مرزوق:...................................... PAGEREF _Toc101591719 \h 293
3 ـ سرية أبي مسلمة إلى ذي القَصَّة:..................................... PAGEREF _Toc101591720 \h 294
4 ـ سرية أبي عبيدة إلى ذي القَصَّة:...................................... PAGEREF _Toc101591721 \h 295
5 ـ سرية زيد إلى بني سليم:................................................ PAGEREF _Toc101591722 \h 295
طبيعة سرايا رسول الله ':....................................... PAGEREF _Toc101591723 \h 296
الشهداء في سرية ابن مسلمة:.................................... PAGEREF _Toc101591724 \h 297
شكوك أخرى حول سرية ابن مسلمة:.......................... PAGEREF _Toc101591725 \h 299
6 ـ سرية زيد إلى العيص:.................................................. PAGEREF _Toc101591726 \h 301
فضة صفوان:....................................................... PAGEREF _Toc101591727 \h 303
على نفسها جنت براقش:.......................................... PAGEREF _Toc101591728 \h 304
مدائح لأبي العاص بن الربيع:.................................... PAGEREF _Toc101591729 \h 304
النبي ' لا يتصرف بما ليس له:............................... PAGEREF _Toc101591730 \h 305
لا يخلص إليكِ:...................................................... PAGEREF _Toc101591731 \h 306
رد زينب على أبي العاص:....................................... PAGEREF _Toc101591732 \h 306
7 ـ سرية زيد إلى الطرف:................................................. PAGEREF _Toc101591733 \h 308
الفصل الرابع: سرايا أخرى قبل الحديبية
1 ـ سرية زيد إلى حسمى:.................................................. PAGEREF _Toc101591736 \h 313
ألف: إرسال دحية إلى قيصر:................................... PAGEREF _Toc101591737 \h 316
ب: لماذا إرجاع الأموال؟!:...................................... PAGEREF _Toc101591738 \h 317
ج: العصبية للحق، لا للعشيرة:.................................. PAGEREF _Toc101591739 \h 319
د: خمس مائة رجل!! لماذا؟!.................................... PAGEREF _Toc101591740 \h 320
هـ: تسرع غير مقبول:............................................. PAGEREF _Toc101591741 \h 320
و: كيف أصنع بالقتلى؟!........................................... PAGEREF _Toc101591742 \h 321
ز: مالُهُم، عرفوه فأخذوه:......................................... PAGEREF _Toc101591743 \h 322
ح: مبالغات لا مبرر لها:.......................................... PAGEREF _Toc101591744 \h 323
ط: زيد لا يطيعني:................................................. PAGEREF _Toc101591745 \h 323
2 ـ سرية كرز بن جابر إلى العرنيين:.................................... PAGEREF _Toc101591746 \h 324
المثلة والتعذيب:..................................................... PAGEREF _Toc101591747 \h 327
عدد الرعاة المقتولين:.............................................. PAGEREF _Toc101591748 \h 329
أين كانت اللقاح؟!:................................................. PAGEREF _Toc101591749 \h 329
أين صلب الجناة؟:.................................................. PAGEREF _Toc101591750 \h 330
من هو أمير السرية؟:.............................................. PAGEREF _Toc101591751 \h 330
آية جزاء المحاربين:............................................... PAGEREF _Toc101591752 \h 331
الصحيح في نزول الآية:.......................................... PAGEREF _Toc101591753 \h 334
الرواية الصحيحة:.................................................. PAGEREF _Toc101591754 \h 334
3 ـ سرية زيد إلى وادي القرى:............................................ PAGEREF _Toc101591755 \h 335
4 ـ سرية ابن عوف إلى دومة الجندل:................................... PAGEREF _Toc101591756 \h 337
شكوك في سرية ابن عوف:...................................... PAGEREF _Toc101591757 \h 338
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc101591761 \h 345
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc101591762 \h 347
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) راجع: البحار ج20 ص284 وتاريخ المدينة ج1 ص353 والبداية والنهاية ج3 ص294 وعيون الأثر ج1 ص280 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص349 والمصادر الآتية في الهامش التالي.
([2]) تاريخ الخميس ج1 ص472 والسيرة الحلبية ج2 ص289 و 290 وراجع تفصيل القصة في: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص59 ـ 62 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص16 و 17 و 22 وراجع ج2 ص349 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص262 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص304 و 305 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص272.
([3]) تضمَّر الخيل: يظاهر عليها بالعلق مدة ثم تغشى بالجلال ولا تعلف إلا قوتاً حتى تعرق فيذهب كثرة لحمها وتصلب.
([4]) تاريخ الخميس ج1 ص502 و 503 وأنساب الأشراف ج1 ص510 والجامع الصحيح للترمذي ج3 ص120 وتحفة الأحوذي ج5 ص285 وفتح الباري ج6 ص54 والمصنف ج5 ص304.
([5]) سيرة مغلطاي ص55 ومجمع الزوائد ج5 ص263 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص393.
([6]) لعل الصحيح: أبو أسيد الساعدي، كما هو الحال في المصادر الأخرى.
([7]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص394.
([8]) راجع: أنساب الأشراف ج1 ص510 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص394.
([9]) أنساب الأشراف ج1 ص510.
([10]) المبسوط ج6 ص290 وسنن أبي داود ج5 ص437 ومجمع الزوائد ج10 ص254.
([11]) تاريخ الخميس ج1 ص502 وأنساب الأشراف ج1 ص512 وأسد الغابة ج1 ص22 و 23 والبحار ج60 ص14 ومسند أحمد ج3 ص103 وسنن أبي داود ج2 ص437 والسنن الكبرى ج10 ص17 و 25 ومجمع الزوائد ج10 ص255 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص398 ومسند الشهاب ج2 ص119 ورياض الصالحين ص319 وفيض القدير ج5 ص230 وكشف الخفاء ج1 ص363 وج3 ص190 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج3 ص220 ومجمع البيان ج10 ص494 والجامع لأحكام القرآن ج9 ص42 و 146 وتهذيب الكمال ج1 ص211 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص420 وأحكام القرآن ج3 ص649 وغير ذلك.
([12]) مناقب آل أبي طالب ج1 ص86 والبحار ج17 ص417 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص37 وبيت الأحزان للشيخ عباس القمي ص33.
([13]) جحشت ساقه: أي تقشر جلدها.
([14]) تاريخ الخميس ج1 ص502 والبحار ج20 ص298 وراجع: وفاء الوفاء ج1 ص310 وبهجة المحافل ج1 ص296 وتحفة الأحوذي ج2 ص291 ونصب الراية ج2 ص53 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص166 وعن البخاري ج1 ص100.
([15]) راجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص296 واختلاف الحديث للشافعي ص66 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص224 وج8 ص377 وفتح الباري ج1 ص410 ومسند الحميدي ج2 ص502 وصحيح مسلم بشرح النووي ج4 ص130 و 131 والمصنف للصنعاني (ط سنة 1423هـ) ج2 ص188 و 189 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص166 وإرواء الغليل ج2 ص119 ومسند أحمد ج3 ص200.
([16]) تاريخ الخميس ج1 ص502 و 503 وبهجة المحافل ج1 ص296 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ص296 واختلاف الحديث للشافعي ص67 وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج2 ص224 وج8 ص377 وعون المعبود (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص218 و 219 والموطأ ج1 ص135 وتحفة الأحوذي ج2 ص291 ـ 295 وسير أعلام النبلاء ج23 ص130.
([17]) راجع شرح بهجة المحافل ج1 ص296.
([18]) راجع هذه الفقرة في المصادر التالية: إختلاف الحديث ص66 و 67 وسنن البيهقي ج2 ص97 و 303 وج3 ص78 و 79 وحلية الأولياء ج3 ص373 = = ومصنف عبد الرزاق (ط سنة 1423 هـ) ج2 ص188 و 189 وجمع الجوامع للسيوطي ج2 ص325 والأدب المفرد ص360 وفتح الباري ج2 ص216 وسنن أبي داود كتاب الصلاة باب 69 وسنن النسائي كتاب الصلاة باب 4 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص224 ـ 227 وج8 ص377 و 378 ومسند الحميدي ج2 ص502 وتحفة الأحوذي ج2 ص292 وصحيح مسلم (بشرح النووي) ج4 ص130 ـ 132 وسنن الدارمي (ط سنة 1407) ج1 ص319 وسير أعلام النبلاء ج23 ص130 وكنز العمال ج8 ص278.
([19]) من لا يحضره الفقيه ج1 ص249 ووسائل الشيعة (ط سنة 1385هـ) ج5 ص415.
([20]) راجع: غوالي اللآلي ج2 ص224.
([21]) من لا يحضره الفقيه ج1 ص250 ووسائل الشيعة (ط سنة 1385هـ) ج5 ص415.
([22]) تاريخ الخميس ج1 ص502 وأسد الغابة ج1 ص22، وراجع: سيرة مغلطاي ص55 والمصنف لابن أبي شبة ج2 ص357 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص63 وعيون الأثر ج2 ص356 والغدير ج8 ص84.
([23]) الآية 33 من سورة الأنفال.
([24]) راجع: البحار ج27 ص300 و 308 ـ 310 وج36 ص291 و 342 وج23 ص6 و 19 و 37 وج24 ص67 وج53 ص181 وج75 ص380 والعمدة ص161 وذخائر العقبى ص17 وعن ينابيع المودة ص20 والطرائف ص131.
([25]) بانقيا: قرية بالكوفة.
([26]) راجع: البحار ج97 ص226 وج12 ص77 عن علل الشرايع ومستدرك سفينة البحار ج1 ص429.
([27]) البحار ج57 ص130 وج3 ص121 والتوحيد ص91 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص303.
([28]) راجع: البحار ج7 ص111 و 112 وج41 ص253 و 254 و 271 و 272 وج42 ص17 وج57 ص129 وراجع ج25 ص379 وج12 ص24 وج49 ص82 وج50 ص46.
([29]) الفصول المختارة ص131 والطرائف ص193 وغوالي اللآلي ج1 ص45 وسنن ابن ماجة ج2 ص1055 والبحار ج10 ص442 وتاريخ الخميس ج1 ص503 ووفاء الوفاء ج1 ص310 والبرهان للزركشي ج2 ص42 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص233 وشرح معاني الآثار ج4 ص189 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص115 وتأويل مختلف الحديث ص184 و 187.
([30]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص503 والبحار ج20 ص298 والمواهب اللدنية ج2 ص323 ووفاء الوفاء ج1 ص316 و 317 وراجع ص315 والسيرة الحلبية ج2 ص278 وسيرة مغلطاي ص57 وبهجة المحافل ج1 ص280 و 281 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص280 و 281 وعون المعبود ج5 ص253.
([31]) راجع: المواهب اللدنية ج2 ص323.
([32]) المواهب اللدنية ج2 ص323.
([33]) المواهب اللدنية ج2 ص323.
([34]) راجع كتابنا: مختصر مفيد ج4 ص45.
([35]) المواهب اللدنية ج2 ص324 عن ابن حبان والحاكم.
([36]) المواهب اللدنية ج2 ص324 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص444 وفتح الباري ج8 ص80.
([37]) المواهب اللدنية ج2 ص324 وفتح الباري ج8 ص80 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص444 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص55.
([38]) المواهب اللدنية ج2 ص324 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص444.
([39]) شرح بهجة المحافل ج1 ص281 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص152 والبحار ج21 ص398 وأحكام القرآن ج3 ص302.
([40]) الكافي ج4 ص244 وتهذيب الأحكام ج5 ص443 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج8 ص588 والبحار ج18 ص280 وج21 ص399.
([41]) الكافي ج4 ص244 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج8 ص88 و 89 وتهذيب الأحكام ج5 ص458.
([42]) الكافي ج4 ص245 و 252 وعلل الشرائع ج2 ص450 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص238 وتهذيب الأحكام ج5 ص443 و 459 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج10 ص16 و 37 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص152 والبحار ج20 ص398 و 399 و 407 وج96 ص39 ومستدرك الوسائل ج1 ص285.
([43]) الكافي ج4 ص251 و 244 و 245 وراجع: مسند أحمد ج3 ص134 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص94.
([44]) الكافي ج4 ص265.
([45]) مستطرفات السرائر ص575 والبحار ج15 ص361 وج21 ص399 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج8 ص94.
([46]) تاريخ الخميس ج1 ص500 عن شواهد النبوة.
([47]) تاريخ الخميس ج1 ص500 عن المواهب اللدنية عن أبي نعيم، وسبل الهدى والرشاد ج1 ص14.
([48]) تاريخ الخميس ج1 ص500.
([49]) وفاء الوفاء ج1 ص310.
([50]) الإصابة ج1 ص413.
([51]) الإصابة ج3 ص2.
([52]) الآيات 36 ـ 40 من سورة الأحزاب.
([53]) لهذا الحديث نصوص مختلفة، وقد ذكرنا هنا ملخصاً للقضية، حسبما وردت في المصادر التالية: البحار ج22 ص172 و 215 وتفسير القمي ج2 ص172 وتفسير الصافي ج4 ص163 وأنساب الأشراف ج1 ص467 و 468 ومجمع البيان ج8 ص336، وراجع: شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص289 وقاموس الرجال ج4 ص243 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص545 و 546 و 547 وتاريخ مدينـة دمشق ج10 ص138 و 139 وج19 ص348 = = والإستغاثة ج1 ص75 وأسد الغابة ج2 ص225 والطبقات الكبرى ج3 ص40 و 41 و 42, والمستدرك للحاكم ج3 ص214 وروح البيان ج7 ص137 وغرائب القرآن للنسيابوري (بهامش جامع البيان) ج21 ص83 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص193 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص279 و 268 والروض الأنف للسهيلي ج1 ص286 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص247 والسمط الثمين ص225.
([54]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص193 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص279 وراجع: طبقات ابن سعد ج3 ص41 و 42.
([55]) الطبقات الكبرى ج3 ص41.
([56]) قد تقدمت المصادر التي ذكرت ذلك، وراجع أيضاً: تاريخ مدينة دمشق ج10 ص139 والإستغاثة ج1 ص75 والطبقات الكبرى ج3 ص42.
([57]) راجع: مستدرك الحاكم ج3 ص214 وتفسير القرآن العظيم ج14 ص118 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص41 وتاريخ مدينة دمشق ج10 ص138 وج19 ص347 و 530 وأسد الغابة ج2 ص225 والمنتخب من المذيل للطبري ص4 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص164.
([58]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج1 ص247.
([59]) راجع ذلك في المصادر التالية: البداية والنهاية ج4 ص145 والبحار ج20 ص297 وبهجة المحافل ج1 ص189 والكامل في التاريخ ج2 ص177 وصفة الصفوة ج2 ص46 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وأسد الغابة ج1 ص22 وأنساب الأشراف ج1 ص433 وتاريخ الخميس ج1 ص500 و 501 و 267 عن المنتقى وغيره وتفسير القاسمي ج5 ص533 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص484 وحاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص280.
وراجع: سبل الهدى والرشاد ج11 ص201 وج4 ص356 وحياة الرسول وفضائله للنبهاني ص208 وعيون الأثر ج2 ص304 والتنبيه والإشراف ص217 ومروج الذهب ج2 ص289 وفتح الباري ج8 ص351 عن الواقدي وج7 ص333 والسـيرة النبويـة لابن كثـير ج3 ص277 والسـيرة الحـلبيـة ج3 ص320 وج2 = = ص293 ووفاء الوفاء ج1 ص310 والجامع الصحيح (مطبوع مع تحفة الأحوذي) ج9 ص50 وسيرة مغلطاي ص55 وحبيب السير ج1 ص359 والدر المنثور ج5 ص214 وفتح القدير ج4 ص299 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص511 والطبقات الكبرى ج8 ص174 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص165 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص231.
([60]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص277 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص45 و 201 وج4 ص256 ووفاء الوفاء ج1 ص310 وتاريخ الخميس ج1 ص500 وحبيب السير ج1 ص359 وفتح الباري ج7 ص333 وأسد الغابة ج5 ص493 والإصابة ج4 ص313 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص314 وتهذيب الكمال ج35 ص184 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص417 وسيرة مغلطاي ص55 وعيون الأثر ج2 ص304 وأنساب الأشراف ج1 ص433 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وتفسير القاسمي ج5 ص533 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص484 وحاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص280 والجامع الصحيح (مطبوع مع تحفة الأحوذي) ج9 ص50.
([61]) دلائل النبوة للبيهقي ج3 ص467.
([62]) المنتظم ج4 ص300 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) (ط سنة 1410 هـ) ص256. وراجع: عيون الأثر ج2 ص304 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص277 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص201 والسيرة الحلبية ج3 ص320 = = و 278 وفتح الباري ج7 ص333 وسيرة مغلطاي ص55 ومسند ابن راهويه ج4 ص44 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وروح البيان ج7 ص180.
([63]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص278 والبداية والنهاية ج4 ص166 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص499.
([64]) تاريخ الخميس ج1 ص501 والبحـار ج22 ص177 و 179 وراجـع: أسـد = = الغابة ج5 ص494 والسيرة الحلبية ج3 ص320 و 321 وبهجة المحافل ج1 ص289 و 290 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص472 وتفسير القاسمي ج5 ص522 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص192 وراجع: السنن الكبرى ج7 ص57 وسنن النسائي ج6 ص77 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص410 وغرائب القرآن ج22 ص12 و 13 والبداية والنهاية ج4 ص146 والمعجم الكبير ج24 ص40 و 45 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص316 والدر المنثور ج5 ص200 و 201 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني عن قتادة وأنس، وراجع ما رواه عن: ابن جرير، وعبد بن حميد عن مجاهد، وما أخرجه عن ابن سعد وأحمد والنسائي، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه عن أنس. وراجع: سير أعلام النبلاء ج2 ص217 وسنن النسائي ج6 ص79 ومسند أحمد ج3 ص195 وحياة الرسول وفضائله للنبهاني ص208 وحلية الأولياء ج2 ص52 و 53 ونور الثقلين ج4 ص283 وكنز الدقائق ج10 ص396 و 397 والمنتظم ج3 ص226 و 227 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص278 ـ 282 وحدائق الأنوار ج2 ص601 و 602 وفي هامشه عن صحيح مسلم ج2 ص1048 والطبقات الكبرى ج8 ص102.
([65]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص501 و 520 وراجع: الإصابة ج4 ص313 وتفسير الماوردي ج4 ص406.
([66]) أنساب الأشراف ج1 ص436 والطبقات الكبرى ج5 ص102.
([67]) تاريخ الخميس ج1 ص502 والإصابة ج4 ص313 والمنتظم ج3 ص226 والطبقات الكبرى ج8 ص102 وأسد الغابة ج5 ص464 والمحبر ص86 ونيل الأوطار ج8 ص211 والبحار ج22 ص179 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص162 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص44 ومجمع البيان ج8 ص164 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص195 ودفع شبهة التشبيه ص60 و 255 ومجمع الزوائد ج9 ص24 وفتح الباري ج7 ص317 وج2 ص348 والمعجم الكبير ج24 ص45 وكنز العمال ج13 ص704 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص411.
([68]) تاريخ الخميس ج1 ص502 والبحار ج22 ص177 وراجع ص179 وتذكرة الفقهاء (ط قديمة) ج2 ص580 ومسالك الأفهام ج7 ص26 و 27 والمغني ج8 ص105 وجـواهر الكـلام ج29 ص47 والمجمـوع ج16 ص392 والشـرح = = الكبير ج8 ص105 ونيل الأوطار ج6 ص321 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص450 ومسند أحمد ج3 ص172 و 227 والفوائد المنتقاة ص85 وإرواء الغليل ج7 ص3 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص192 والمعجم الكبير ج24 ص43 وسنن ابن ماجة ج1 ص615 والسنن الكبرى ج4 ص149 ومسند أبي يعلى ج6 ص92 و 180 والآحاد والمثاني ج5 ص427 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص56 وج11 ص202 والبداية والنهاية لابن الأثير ج5 ص226 والطبقات الكبرى ج8 ص107 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص304 ومسند أبي الجعد ص218 وعون المعبود ج10 ص149 وفتح الباري ج9 ص194 وصحيح مسلم ج4 ص149.
([69]) البحار ج22 ص177 وتفسير مجمع البيان ج8 ص161 وراجع: الدر المنثور ج5 ص203.
([70]) الدر المنثور ج5 ص203 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص39 و 40 والبيهقي في سننه، وابن عساكر، من طريق الكميت بن زيد الأسدي، قال: حدثني مذكور الخ.. وحلية الأولياء ج2 ص51 و 52 ومجمع الزوائد ج9 ص246 و 247 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص230 و 231 وكنز العمال ج12 ص140 وسنن الدارقطني ج3 ص208 والسنن الكبرى ج7 ص137.
([71]) البحار ج22 ص172 وتفسير القاسمي ج5 ص518 وراجع: تفسير القمي ج2 ص174 و 175 وراجع: عيون الأثر ج2 ص304 والسيرة الحلبية ج3 ص320 والدرجات الرفيعة ص438 والطبقات الكبرى ج3 ص42 وأسد الغابة ج5 ص464 وتاريخ دمشق ج19 ص348 والمنتخب من المذيل ص5 وزوجات النبي ص66.
([72]) السمط الثمين للمحب الطبري (ط حلب) ص129.
([73]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص101.
([74]) الإستغاثة ج1 ص70 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص9 والبداية والنهاية ج2 ص358.
([75]) راجع: بنات النبي أم ربائبه (ط سنة 1423 هـ) ص68.
([76]) الآية 36 من سورة الأحزاب.
([77]) البحار ج22 ص177 عن ابن زيد، وأنوار التنزيل للبيضاوي ج4 ص163 والتبيان ج8 ص343 وتاريخ الخميس ج1 ص501 والدر المنثور ج5 ص201 عن ابن أبي حاتم، وتفسير الماوردي ج4 ص404 و 405 ولباب النقول ص159 وفتح القدير ج4 ص283 وتاريخ المدينة ج2 ص493 ومجمع البيان ج8 ص161 وجامع البيان ج22 ص10 وتفسير الجلالين ص641 والبحر المحيط ج7 ص233 وتفسير القاسمي ج5 ص513 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص470 و 497.
([78]) راجع تفصيل هذه القصة في: مسند أحمد (طبعة الحلبي) ج3 ص136 وتفسير القاسمي ج5 ص513 و 514 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص256 والإصابة ج1 ص242 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص470 و 471.
([79]) الآية 36 من سورة الأحزاب.
([80]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص254.
([81]) راجع على سبيل المثال: تفسير القرآن العظيم ج3 ص470.
([82]) عيون أخبار الرضا ج2 ص172 والأمالي للصدوق (ط سنة 1410) ص84 والبحار ج11 ص74 وج22 ص218 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص319= = ونور الثقلين ج4 ص281 وقصص الأنبياء للجزائري ص15 والتفسير الأصفى ج2 ص995 ومجمع البحرين للطريحي ج3 ص197 ومسند الإمام الرضا للعطاردي ج2 ص95 وحياة الإمام الرضا >عليه السلام< للقرشي ج1 ص155 والصافي ج4 ص192.
([83]) كنز العمال ج11 ص589 وج13 ص698 والطبقات الكبرى ج8 ص83 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص184.
([84]) الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج8 ص137 و 138 عن فتح الباري ج9 ص231 ـ 233.
([85]) السيرة الحلبية ج3 ص320.
([86]) الدر المنثور ج1 ص257 والثقات ج5 ص499 وتهذيب الكمال ج9 ص355 وكنز العمال ج16 ص318 وإعانة الطالبين ج3 ص308 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص47 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص487 وج3 ص413 وإيضاح الفوائد ج3 ص23 والمعجم الأوسط ج1 ص142 وغوالي اللآلي ج3 ص340 ونيل الأوطار ج6 ص361 والمجموع ج16 ص183 ـ 188.
([87]) مجمع الزوائد ج9 ص246 والمعجم الكبير ج24 ص39 وسنن الدارقطني ج3 ص208 والدر المنثور ج5 ص208 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص231.
([88]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([89]) تقدم النص مع مصادره. وراجع أيضاً: والبداية والنهاية ج4 ص145 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص499 والبحار ج22 ص177 وتفسير مجمع البيان ج8 ص161.
([90]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([91]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص48 وج11 ص146 عن مسلم، ومستطرفات السرائر ص563 والكافي ج5 ص375 و 376 ووسائل الشيعة (الإسلامية) ج15 ص5 و 6 و 7 و 8 و 32 والبحار ج20 ص12 وج22 ص205 وج97 ص350 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص453.
وراجع: مسند أحمد ج6 ص94 وصحيح مسلم ج4 ص144 وسنن ابن ماجة ج1 ص607 وشرح مسلم للنووي ج9 ص215 والمصنف للصنعاني ج6 ص177 وكشف الخفاء ج1 ص388 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص506 والطبقات الكبرى ج8 ص161 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص206 والبداية والنهاية ج4 ص164 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص334 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص273.
([92]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص146 عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1059.
([93]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([94]) أنساب الأشراف ج1 ص439 وكشف الخفاء ج1 ص388.
([95]) راجع تحفة الأحوذي ج4 ص215 وعون المعبود ج6 ص95 وتذكرة الموضوعات ص133.
([96]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص146.
([97]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص193.
([98]) تفسير الماوردي ج4 ص406 و 407.
([99]) تاريخ الخميس ج1 ص501 وراجع: الدر المنثور ج5 ص203 عن عبد بن حميد، وابن المنذر، عن عكرمة. وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص405 وأنوار التنزيل ج4 ص163 وغرائب القرآن (بهامش جامع البيان) ج22 ص12 و 13 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 وجامع البيان ج22 ص18 وتاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص232 وزاد المسير ج6 ص201.
([100]) حدائق الأنوار ج2 ص600 و 603 وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص434 وبهجة المحافل ج1 ص290 وليس فيها كلمة "متزينة". وكذا في جامع البيان للطبري ج22 ص10.
([101]) تاريخ الخميس ج1 ص501 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 و 195 والبحر المحيط ج7 ص235.
([102]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 والبحر المحيط ج7 ص235.
([103]) مجمع الزوائد ج9 ص247 والمعجم الكبير ج24 ص44 والآحاد والمثاني ج5 ص428.
([104]) البحار ج22 ص215 و 216 وراجع في هذا النص ما عدا الفقرة الأخيرة: تفسير القمي ج2 ص172 و 173 ونور الثقلين ج4 ص236 وكنز الدقائق ج10 ص392 و 393 وتفسير الصافي ج4 ص163 ومجمع البيان المجلد الرابع (ط سنة 412ا هـ) ج8 ص466.
([105]) تفسير الجلالين ج3 ص279.
([106]) البحار ج22 ص217 والإحتجاج ج2 ص223 وعيون أخبار الرضا ج2 ص181 والبرهان (تفسير) ج3 ص326 ونور الثقلين ج4 ص281 و 282 وكنز الدقائق ج10 ص394 و 395 وتفسير الصافي ج4 ص192 وقصص الأنبياء للجزائري ص22.
([107]) البحار ج22 ص218 عن تفسير القمي ج2 ص194 ونور الثقلين ج4 ص280 وكنز الدقائق ج10 ص391 و 392 وتفسير الصافي ج4 ص191.
([108]) التبيان ج8 ص344 وتفسير مجمع البيان ج8 ص162 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 وفتح القدير ج4 ص189 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص439.
([109]) البحار ج22 ص219 عن تفسير القمي ج2 ص195 وتفسير الصافي ج4 ص199 ونور الثقلين ج4 ص297.
([110]) الدر المنثور ج5 ص201 و 202 عن ابن سعد، والحاكم، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص231 و 232 والمنتظم ج3 ص225 و 226 وراجع: مستدرك الحاكم ج4 ص23 وليس فيه أنه رآها فأعجبته، وتلخيصه للذهبي ج4 ص24 والمنتخب من ذيل المذيل ص99 والطبقات الكبرى ج8 ص102.
([111]) الدر المنثور ج5 ص202 عن سعيد بن منصور، والترمذي، وصححه، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه والجامع لأحكام القرآن ج14 ص188 و 189 وتفسير القاسمي ج5 ص520 و 521 والجامع الصحيح للترمذي مطبوع مع تحفة الأحوذي ج9 ص52 و 51 و 50 والبحار ج16 ص394 وروح البيان ج7 ص180 وجامع البيان ج22 ص11 وبهامشه غرائب القرآن ج22 ص13 والتبيان ج8 ص344 وأسد الغابة ج2 ص226 والمعجم الكبير ج4 ص41 وعصمة الأنبياء للرازي ص99 ومجمع الزوائد ج7 ص91 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص80 وسير أعلام النبلاء ج1 ص224 وج2 ص211 و 212 وزاد المسير ج6 ص202 وعن المصادر التالية: وضعيف سنن الترمذي ص404 و 405 وفتح الباري ج8 ص403 وج13 ص347 وصحيح مسلم ج1 ص110.
([112]) الدر المنثور ج5 ص201 والبداية والنهاية ج4 ص146 والسنن الكبرى ج7 ص57 عن أحمد، وعبد بن حميد، والترمذي، والبخاري، وابن المنذر، والحاكم، وابن مردويه، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص279 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص201 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص465 وفتح القدير ج4 ص286 ومسند ابن راهويه ج4 ص42 وراجع: فتح الباري ج8 ص402 و 403 وج3 ص347.
([113]) الدر المنثور ج5 ص203 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والطبراني وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص406 وجامع البيان ج22 ص10 و 18 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 والمعجم الكبير ج24 ص42.
([114]) تفسير الماوردي ج4 ص406 والمعجم الكبير ج24 ص42.
([115]) الدر المنثور ج5 ص203 عن عبد الرزاق، والطبراني، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم عن قتادة. وعن ابن المنذر، والطبراني عن ابن جريج.
([116]) الجواب الكافي ص264.
([117]) سيرة ابن إسحاق ص262.
([118]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص232 وجامع البيان ج22 ص10 و 18 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 وزاد المسير ج6 ص201 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص232.
([119]) حدائق الأنوار ج2 ص604.
([120]) البحار ج22 ص178 وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص406 والمعجم الكبير ج24 ص43 عن ابن جريج، وراجع: جامع البيان ج22 ص10 ومجمع البيان ج8 ص162 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189 وفتح القدير ج4 ص284.
([121]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص439 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص189.
([122]) زاد المعاد (مطبعة أنصار السنة المحمدية) ج3 ص317 و 318.
([123]) راجع على سبيل المثال: تراث الإسلام تأليف عدد من المستشرقين، بإشراف (سير توماس أرنولد) ص364. وراجع: كتاب حضارة العرب، ترجمة عادل زعيتر ص112 ومحمد في المدينة ص434 و 502 وحياة محمد تأليف أميل درمنغم ص299.
([124]) غرائب القرآن ج22 ص13.
([125]) راجع: تفسير البغوي بهامش تفسير الخازن ج5 ص215.
([126]) أي فذكرت له ما قال.
([127]) راجع فيما روي عن الإمام السجاد والإمام الرضا "عليهما السلام": البحار ج22 ص178 و 218 وج11 ص72 ـ 74 و 78 ـ 85 وتفسير القاسمي ج5 ص517 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص472 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص278 ومجمع البيان ج8 ص360 وتفسير الصافي ج4 ص191 و 192 والبرهان (تفسير) ج3 ص326 وعيون أخبار الرضا ج2 ص181 ونور الثقلين ج4 ص281 و 282 و 283 وغرائب القرآن للنيسابوري (بهامش جامع البيان) ج22 ص12.
وراجع: بهجة المحافل ج1 ص289 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص290 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص440 و 441 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص410 وجامع البيان ج22 ص11 والبداية والنهاية ج4 ص45 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 و 191.
وراجع أيضاً: كنز الدقائق ج10 ص394 و 395 و 396 وحدائق الأنوار ص306 وتفسير الماوردي ج4 ص406 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص466 والدر المنثور ج5 ص203 عن الحكيم الترمذي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل، والنهر الماد من البحر (مطبوع بهامش البحر المحيط) ج7 ص232 والبحر المحيط ج7 ص234.
([128]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص191 وعن فتح الباري ج8 ص523.
([129]) بهجة المحافل ج1 ص290 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص190 و 191 والنهر الماد في البحر (مطبوع بهامش البحر المحيط) ج7 ص232 والبحر المحيط ج7 ص234 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص441 و 440 وعن فتح الباري ج8 ص403 وراجع: محاسن التأويل للقاسمي ج13 ص4864 و 4877 وتفسير الآلوسي ج22 ص1531.
([130]) أي أن النبي يريد لزيد أن يطلق زينب.
([131]) البحار ج22 ص178.
([132]) البحار ج22 ص187 وأشار في الهامش إلى تنزيه الأنبياء ص111 و 112.
([133]) فيض القدير ج5 ص177.
([134]) مسند أحمد ج2 ص418 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص439 السنن للنسائي ج6 ص83 والكامل لابن عدي ج4 ص60 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص52 وميزان الإعتدال ج2 ص300 ومسند أبي يعلى ج8 ص245 وكنز العمال ج2 ص684.
([135]) مسند أحمد ج2 ص173.
([136]) البحار ج22 ص189 عن تنزيه الأنبياء ص109 ـ 112.
([137]) روح البيان ج7 ص179 وراجع ص183 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص299 وفتح القدير ج1 ص282.
([138]) بهجة المحافل ج1 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص441 وج12 ص11 وتفسير القاسمي ج5 ص519 والشفاء لعياض ج2 ص189.
([139]) الآية 131 من سورة طه، والآية 88 من سورة الحجر.
([140]) بهجة المحافل ج1 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص11 والشفاء ج2 ص189.
([141]) بهجة المحافل ج1 ص291 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص440 و 441 وج2 ص11 وتفسير القاسمي ج5 ص517 و 521 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص279 والشفاء ج2 ص190.
([142]) الجامع لأحكام القرآن ج14 ص191 وراجع هذه التعابير في تفسير القاسمي ج5 ص522.
([143]) حدائق الأنوار ج2 ص605 وراجع: تفسير القاسمي ج5 ص517.
([144]) الأمالي ص596 ومشكاة الأنوار ص425 وفقه الرضا ص353 والبحار ج16 ص287 و 142 وج63 ص394 و 405 وج 65 ص420.
([145]) أمالي الطوسي ص478 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج1 ص351 وج8 ص521 والبحار ج11 ص156 وج66 ص370 و 375 وج68 ص420 وج89 ص197 ومستدرك الوسائل ج11 ص191 ومستدرك سفينة البحار ج3 ص174 وج9 ص103 وراجع: أمالي الصدوق ص441.
([146]) أدب الإملاء والإستملاء ص5 وفيض القدير شرح الجامع الصغير ج1 ص291 وكشف الخفاء ج1 ص70. وروي نفس المضمون، من دون عبارة "ثم أمرني بمكارم الأخلاق" في البحار ج16 ص210 وج65 ص382 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج11 ص233 والجامع الصغير ج1 ص51 وكنز العمال ج11 ص406 وتذكرة الموضوعات ص87 وفيض القدير ج1 ص291 وكشف الخفاء ج1 ص70 ومجمع البيان ج8 ص66 ونور الثقلين ج5 ص392 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص228 والتبيان في آداب حملة القرآن ص5 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص7 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص93.
([147]) السنن الكبرى ج10 ص192 ومجمع الزوائد ج9 ص15 وتحفة الأحوذي ج5 ص470 ومسند الشهاب لابن سلامة ج2 ص192 و 193 وكنز العمال ج3 ص16 وكشف الخفاء ج1 ص211 والبداية والنهاية ج6 ص40.
([148]) الآية 58 من سورة النور.
([149]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص444، وراجع: فتح الباري باب: "من زار قوماً، فقال عندهم" ج9 ص166 وتحفة الأحوذي ج4 ص179.
([150]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص444 وفتح الباري ج11 ص66.
([151]) سبل الهدى والرشاد ج10 ص445.
([152]) راجع جميع ذلك في كتاب: سبل الهدى والرشاد ج10 ص444 ـ 446 وتحفة الأحوذي ج5 ص230 وعن فتح الباري ج11 ص66.
([153]) الآية 60 من سورة النور.
([154]) حدائق الأنوار ج2 ص604 و 605 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص439 عن الغزالي، والبحار ج16 ص393 وكلام عياض والقشيري في بهجة المحافل ج1 ص291.
([155]) شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص291.
([156]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص295 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص439.
([157]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج10 ص439.
([158]) بهجة المحافل ج1 ص290 وشرحه للأشخر اليمني، مطبوع بهامشه، عن البخاري، ومسلم، والنسائي. وراجع: تفسير الصافي ج4 ص237.
وروي قريب من ذلك في المصادر التالية: مسند أحمد ج6 ص226 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص483 والبحار ج64 ص344 والمعجم الكبير ج9 ص37 ومجمع الزوائد ج4 ص301 وكنز العمال ج3 ص47 وج6 ص565 وسير أعلام النبلاء ج9 ص190 وج1 ص158والتفسير الأصفى ج2 ص1025.
وروي أيضاً عن المصادر التالية: الدر المنثور ج2 ص310 وصحيح ابن حبان ج8 ص310 والمصنف ج6 ص168 وج2 ص160 وج7 ص151 والشفاء ج2 ص172 وتفسير البيضاوي ج4 ص182 والإصابة ج4 ص487 وإرواء الغليل ج7 ص79.
([159]) الآية 23 من سورة النساء.
([160]) روح البيان ج7 ص181.
([161]) كنز العمال ج13 ص704 عن ابن عساكر، وسبل الهدى والرشاد ج4 ص356.
([162]) الدر المنثور ج5 ص214 عن ابن مردويه، وتفسير الماوردي ج4 ص419 وجامع البيان ج22 ص28 و 29 وروح البيان ج7 ص215 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص224.
([163]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص279 وراجع ص283 والسيرة الحلبية ج3 ص320 وراجع سائر المصادر والمراجع التي أشرنا إليها في هذا البحث حول هذا الزواج.
([164]) تفسير القرآن العظيم ج3 ص484 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص285.
([165]) الدر المنثور ج5 ص213 عن ابن سعد، وابن مردويه، وابن جرير. وصحيح مسلم (بهامش إرشاد الساري) ج6 ص176 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص293 والمعجم الكبير ج24 ص49 وجامع البيان ج22 ص27.
([166]) راجع المصادر التالية: الدر المنثور ج5 ص201 و 213 عن: ابن سعد، وأحمد، = = والنسائي، والبخاري، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والطبراني.
وحديث أنس أيضاً: رواه الترمذي، وحسَّنه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وراجع ما رواه عنه: ابن سعد، وعبد بن حميد، والبيهقي في شعب الإيمان وفي السنن، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وابن المنذر.
وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص280 و 281 و 282 وصحيح مسلم (بهامش إرشاد الساري) ج6 ص175 و 176 و 177 و 179 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص201 وحدائق الأنوار ج2 ص606 والسيرة الحلبية ج3 ص320 وبهجة المحافل ج1 ص293 والبداية والنهاية ج4 ص146 عن البخاري، ومسلم، والنسائي، والأوائل لابن أبي عاصم ص53 وسنن النسائي ج6 ص79 و 80 والمعجم الكبير ج24 ص49 والسنن الكبرى ج7 ص87 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص484.
([167]) راجع المصادر التي سبقت والتي ستأتي في هذا البحث، من قبيل: البحر المحيط ج7 ص246 والنهر الماد (بهامش البحر المحيط) ج7 ص245 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص472 وج3 ص484 وأسد الغابة ج5 ص494 والإصابة ج4 ص313 وسنن النسائي ج6 ص80 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص484.
([168]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص282 و 283 وصحيح مسلم (بهامش إرشاد الساري) ج6 ص178 وبهجة المحافل ج1 ص294 و 295 والبداية والنهاية ج4 ص148 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص224 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص484 والجامع الصحيح (مطبوع مع تحفة الأحوذي) ج9 ص59 و 60.
([169]) راجع على سبيل المثال: أنساب الأشراف ج1 ص434 و 435 وطبقات ابن سعد ج8 ص173 و 174 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص412 وجامع البيان ج22 ص26 و 27 وتفسير القاسمي ج5 ص533.
([170]) البداية والنهاية ج4 ص147.
([171]) السنن الكبرى للبيهقي ج7 ص88 و 57 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج3 ص483 وحاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص289 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج14 ص227 وراجع ص224 عن الطيالسي عن أنس، وتفسير القاسمي ج5 ص533 وصحيح البخاري (كتاب التفسير) تفسير سورة الأحزاب.
([172]) راجع: فتح القدير ج4 ص299 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وروح البيان ج7 ص215 وغرائب القرآن (بهامش جامع البيان) ج22 ص29 وجامع البيان ج22 ص27 و 28 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج14 ص224 والبحر المحيط ج7 ص246 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص483.
([173]) الحَيس: طعام من تمر وسمن وسويق.
([174]) الدر المنثور ج5 ص213 عن النسائي، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه بسند صحيح. وراجع: طبقات ابن سعد ج8 ص175 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص485 وتفسير الماوردي ج4 ص419.
وراجع: مجمع الزوائد ج7 ص63 بسند صحيح، وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413 وعن شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص108 وفي بعض الروايات عن ابن عباس لم يصرح باسم عائشة.
([175]) الدر المنثور ج5 ص213 عن ابن جرير، وأنوار التنزيل ج4 ص167 وجامع البيان ج22 ص29 والجامع لأحكام القرآن ج12 ص225 والبحر المحيط ج7 ص246 وحاشية الصاوي على تفسير الجلالين ج3 ص289.
([176]) الدر المنثور ج5 ص214 عن ابن جرير، وتفسير الماوردي ج4 ص419 وجامع البيان ج29 ص40 وروح البيان ج7 ص215 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص505 وج 3 ص485 وفتح القدير ج4 ص299 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص88 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج8 ص174.
([177]) الدر المنثور ج5 ص221 عن ابن سعد، والبخاري، ومسلم، والبيهقي في سننه، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وجامع البيان ج22 ص29 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص88 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج14 ص330 وتفسير القاسمي ج5 ص534 عن البخاري (كتاب التفسير) تفسير سورة الأحزاب، وتفسير القرآن العظيم ج3 ص485.
([178]) الدر المنثور ج5 ص213 عن ابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه. وأنوار التنزيل ج4 ص167. وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص413.
([179]) غرائب القرآن (بهامش جامع البيان) ج22 ص29.
([180]) روح البيان ج7 ص215.
([181]) البحار ج22 ص190 وتفسير القمي ج2 ص196 وطبقات ابن سعد ج8 ص176.
([182]) المعجم الكبير ج24 ص48 و 49 وحاشية الصاوي على الجلالين ج3 ص285 وأشار في هامش المعجم الكبير إلى مصادر كثيرة.
([183]) الدر المنثور ج5 ص213 عن عبد بن حميد، وابن جرير، وجامع البيان ج22 ص28 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص224 عن الثعلبي.
([184]) تفسير الماوردي ج4 ص418 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: صحيح البخاري ج8 ص406 و 407 وصحيح مسلم ج2 ص1050وجامع البيان ج22 ص37 والدر المنثور ج6 ص640 عن أحمد، وعبد بن حميد، والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه.
([185]) الجامع الصحيح (مطبوع مع تحفة الأحوذي) ج9 ص58.
([186]) شرح المواهب للزرقاني ج4 ص413.
([187]) المرأة في عالمي العرب والإسلام ج2 ص166.
([188]) الدر المنثور ج5 ص241 والسيرة الحلبية ج3 ص320 وفتح القدير ج4 ص299 وسائر المصادر التي تقدمت في فصل سابق ذكرت فيه قصة الزواج بزينب بنت جحش.
([189]) الدر المنثور ج5 ص204 عن ابن سعد عن أنس، والمنتظم ج3 ص227 والأوائل للشيباني ص45 والأوائل لابن أبي عاصم ص38 و 52 وفتح القدير ج4 ص299 وغير ذلك من مصادر تقدمت.
([190]) فتح القدير ج4 ص299 وغير ذلك من مصادر تقدمت.
([191]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص502 والمنتظم ج3 ص227 وأنساب الأشراف ج1 ص435 وفتح القدير ج4 ص299 ونور الثقلين ج4 ص298 و 299 والسنن الكبرى ج7 ص57 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص412 وغير ذلك من مصادر تقدمت.
([192]) راجع: طبقات ابن سعد ج8 ص157 و 81 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص414 وأنساب الأشراف ج1 ص433 وسائر المصادر التي تقدمت حين الكلام حول تاريخ هذا الزواج.
([193]) المصنف ج7 ص490.
([194]) المنمق ص163 والأغاني ج19 ص74 والعقد الفريد ج3 ص368.
([195]) راجع: المجلد الثاني عشر من هذا الكتاب وراجع: البحار ج2 ص5 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص203.
([196]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص137 و 138 والبداية والنهاية ج4 ص3 و 4 والسيرة الحلبية ج2 ص208.
([197]) راجع: الصحيح من سيرة النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله" ج3 ص10 و 11.
([198]) تقدمت مصادر ذلك في فصل: زينب بنت جحش في حياة الرسول "صلى الله عليه وآله"، في الفقرة التي بعنوان: الله المزوج، وجبريل الشاهد، فراجع.
([199]) الأمالي للطوسي ج1 ص41 والبحار ج43 ص96 ومسند فاطمة ص200 و 205.
([200]) نعمة الحجاب في الإسلام ص10 و 11 وسفر التكوين الإصحاح24 رقم 65.
([201]) نعمة الحجاب في الإسلام ص11 وسفر التكوين الإصحاح38 رقم 13 و 14.
([202]) سفر العدد، الإصحاح38 عدد 19.
([203]) نعمة الحجاب ص11 والنشيد الخامس من أناشيد سليمان.
([204]) أشعيا الإصحاح3.
([205]) قصة الحضارة ج14 ص34.
([206]) سفر التكوين الإصحاح 47 فقرة 3.
([207]) رسالة كورنتوش الأولى، ونعمة الحجاب في الإسلام ص11.
([208]) المرأة والإسلام ص134 ومكانة المرأة ص108 والمرأة في القرآن الكريم للعقاد ص101.
([209]) مكانة المرأة ص113.
([210]) راجع: نعمة الحجاب في الإسلام ص15 والمرأة المعاصرة لعبد الرسول الغفار ص44 و 45.
([211]) الصحاح في اللغة ج3 ص1273.
([212]) راجع هذه الطائفة من الأبيات في كتاب المرأة المعاصرة لعبد الرسول عبد الحسن الغفار ص44 و 45.
([213]) مجمع الأمثال للميداني ج2 ص3 و 4.
([214]) راجع: قصة الحضارة ج2 ص442.
([215]) المرأة في عالمي العرب والإسلام ص161.
([216]) قصة الحضارة ج2 ص203.
([217]) قصة الحضارة ج3 ص181.
([218]) أي: لابسة خمارها.
([219]) المرأة المعاصرة ص41 وحقوق المرأة وشؤونها الاجتماعية ص66.
([220]) قصة الحضارة ج7 ص 117.
([221]) قصة الحضارة ج7 ص118.
([222]) المرأة في عالمي العرب والإسلام لعمر رضا كحالة ج2 ص162 عن الرسالة بالقاهرة سنة 1936م العدد 161 ص1279 ومجلة الأزهر المجلد السابع الجزء الخامس.
([223]) راجع: المنمق ص163 والأغاني ج19 ص74 والعقد الفريد ج3 ص368.
([224]) راجع: الجزء الرابع عشر من هذا الكتاب.
([225]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص137 و 138 والبداية والنهاية ج4 ص3 و 4 والسيرة الحلبية ج2 ص208 والمغازي للواقدي ج1 ص176.
([226]) أمالي الطوسي ج1 ص41 والبحار ج43 ص46 ومسند فاطمة الزهراء "عليها السلام" ص200 ـ 205.
([227]) مسند فاطمة الزهراء "عليها السلام" ص337 ومناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن المغازلي ص389 و 381 والبحار ج43 ص91 و 92 وج100 ص250 وعن نوادر الراوندي ص13 وفاطمة بهجة قلب المصطفى ص258 والعوالم ج11 ص123 وإحقاق الحق ج10 ص258 ومستدرك الوسائل ج14 ص289 و 182 وفي هامشه عن الجعفريات ص95 ودعائم الإسلام ج2 ص214.
([228]) الكافي ج5 ص534 ووسائل الشيعة ج20 ص232.
([229]) وسائل الشيعة ج20 ص232 عن مكارم الأخلاق ص233. وراجع: مسند أحمد ج6 ص296 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص102 وج4 ص192 وجوامع الجامع (ط سنة 1420 هـ) ج2 ص616 وكنز الدقائق ج10 ص424 ونور الثقلين ج4 ص297 والكبائر للذهبي ص177 وغوالي اللآلي ج2 ص134 والبحار ج101 ص37 وسنن أبي داود ج2 ص272 والسنن الكـبرى للبيهقي = = ج7 ص92 وتحفة الأحوذي ج8 ص51 وسنن النسائي ج5 ص393 وصحيح ابن حبان ج12 ص390 والمعجم الكبير ج23 ص302 وكنز العمال ج5 ص328 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج12 ص228 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص294 والدر المنثور ج5 ص42 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص176 ـ 178 وتاريخ بغداد ج3 ص227 وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص433 ـ 436 وتهذيب الكمال ج26 ص182 و 184 وج29 ص313 وسير أعلام النبلاء ج9 ص455 والجمل للمفيد ص80.
([230]) البحار ج39 ص207 وبشارة المصطفى ص163 ومسند فاطمة "عليها السلام" للتويسركاني ص263.
([231]) السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص482.
([232]) أسد الغابة ج3 ص94 و 95 والإصابة ج2 ص259.
([233]) كتاب التوابين لعبد الله بن قدامة ص122 والطبقات الكبرى ج8 ص236 وتاريخ مدينة دمشق ج7 ص179 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص255 والمغازي النبوية لموسى بن عقبة ص359.
([234]) منتهى المطلب ج3 ص791 وتذكرة الفقهاء ج7 ص337 و 338 وسنن أبي داود ج1 ص412 والشرح الكبير ج3 ص329 والمجموع للنووي ج7 ص250 وتلخيص الحبير ج7 ص452 والمـغـني لابن قـدامة ج3 ص326 = = ومسند أحمد ج6 ص30 والسنن الكبرى ج5 ص48 ونصب الراية ج3 ص189 ونيل الأوطار ج5 ص70.
([235]) المغازي النبوية لموسى بن عقبة ص360.
([236]) البحار ج16 ص68.
([237]) البحار ج16 ص52.
([238]) مسكن الفؤاد للشهيد الثاني ص71 ومنتخب كنز العمال ج1 ص212 مع اختلاف في ألفاظه. وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص175 ومسند أبي يعلى ج3 ص165 وكنز العمال ج3 ص761 والطبقات الكبرى ج3 ص531 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص328 وأسد الغابة ج2 ص120 وتهذيب الكمال ج24 ص56 والمغاريد عن رسول الله لأبي يعلى ص101.
([239]) هذا الحديث مروي عن النبي "صلى الله عليه وآله"، وعن الإمام الصادق "عليه السلام"، وعن علي "عليه السلام"، فراجع نصوصه هذه في: البحار ج43 ص84 و 54 وج100 ص239 وج 101 ص36 ووسائل الشيعة ج20 ص232 و 67 وإحقاق الحق ج9 ص202 و 203 عن البزار وج10 ص224 و 226 عن مصادر كثيرة.
وراجع: مجمع الزوائد ج4 ص255 وج9 ص203 وكشف الأستار عن مسند البزار ج3 ص235 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج3 ص153 و 54 عن كنز العمال ج8 ص315. وراجع: الكبائر للذهبي ص176 ودعائم الإسلام ج2 ص124 و 215 و 214 وإسعاف الراغبين (مطبوع بهامش نور الأبصار) ص171 و 172 و 191 وكشف الغمة ج2 ص92 ومكارم الأخلاق ص233 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص119 وعوالم العلوم ج11 ص197 ومقتل الخوارزمي ج1 ص62 وحلية الأولياء ج2 ص41 ومناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن المغازلي ص381 ومناقب أمير المؤمنين علي "عليه السلام" للقاضي محمد بن سليمان الكوفي ج2 ص210 و 211 وضياء العالمين (مخطوط) ج2 قسم3 ص14 عن المناقب. والدرة اليتيمة في بعض فضائل السيدة العظيمة ص31. وثمة مصادر كثيرة أخرى ذكر شطراً منها في كتاب عوالم العلوم. وغيره من كتب الحديث والسيرة والتاريخ.
([240]) الآيات 68 ـ 70 من سورة الفرقان.
([241]) كتاب التوابين لعبد الله بن قدامة ص105.
([242]) الإحتجاج ج1 ص254 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص211 و 250 وبـلاغـات النساء ص24 وأعـلام النسـاء ج4 ص116 وكشف الغمة ج2 = = ص106 وإحقاق الحق ج10 ص299 والشافي للسيد المرتضى ج4 ص69 و 71 وضياء العالمين (مخطوط) ج2 ق3 ص69 والعوالم ج11 ص468 وشرح الأخبار ج3 ص34 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص77 وشرح نهج البلاغة لابن ميثم ج5 ص105 والبحار (ط قديم) ص106 ودلائل الإمامة ص111.
([243]) الكلة: الستار.
([244]) البحار ج45 ص112 عن اللهوف ص65 وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج3 ص198 والعوالم، حياة الإمام الحسن "عليه السلام" ص381 ولواعج الأشجان ص205 واللهوف في قتلى الطفوف ص91.
([245]) البحار ج45 ص155 عن أمالي الصدوق المجلس 33 رقم 3 ص230 وروضة الواعظين ص191 والعوالم، حياة الإمام الحسين "عليه السلام" ص395.
([246]) البحار ج45 ص107 عن اللهوف ص84 والعوالم، حياة الإمام الحسين "عليه السلام" ص367.
([247]) الصراط المستقيم ج2 ص281 والأربعين لمحمد طاهر القمي الشيرازي ص511.
([248]) الإحتجاج ج2 ص125 والبحار ج45 ص158 و 134 وبلاغات النساء ص21 واللهوف ص127 ومثير الأحزان ص101 وأعلام النساء ج2 ص504 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص64 والعوالم، حياة الإمام الحسين ص404 و 434 ولواعج الأشجان ص237 وغير ذلك.
([249]) البحار ج43 ص198 و 199 وج28 ص303 عن كتاب سليم بن قيس ص249 والعوالم (حياة الزهراء "عليها السلام") ص222 واللمعة البيضاء للتبريزي الأنصاري ص871 والأنوار العلوية ص301.
([250]) البحار ج32 ص90 والجمل ص149 ومناقب أهل البيت للشيراواني ص474 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص13 والدرجات الرفيعة ص390.
([251]) البحار ج46 ص16 وج101 ص199 وج30 ص134 ودلائل الإمامة للطبري ص195 والعدد القوية لعلي بن يوسف الحلي ص57 ومستدرك الوسائل ج14 ص316 والغارات ج2 ص825.
([252]) تاريخ مدينة دمشق ج68 ص22.
([253]) الأمالي للسيد المرتضى ج1 ص146 والتبيان للطوسي ج10 ص278 وجامع البيان للطبري ج30 ص78 وتاريخ مدينة دمشق ج70 ص66 وتاج العروس ج5 ص273.
([254]) أمالي المرتضى ج1 ص232 منشورات مكتبة المرعشي وكتاب العين للفراهيدي ج1 ص215 وتاج العروس ج5 ص273.
([255]) أمالي المرتضى (منشورات مكتبة المرعشي، قم) ج2 ص101 والتبيان ج1 ص54 وتفسير مجمع البيان ج1 ص80 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج1 ص161 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص42.
([256]) راجع: تاريخ مدينة دمشق ج48 ص167.
([257]) راجع: لسان العرب ج1 ص762 وتاج العروس ج1 ص491.
([258]) لسان العرب ج14 ص361.
([259]) الصحاح في اللغة ج1 ص349 و 850 ولسان العرب ج5 ص249 وج2 ص387 وج4 ص481 وتاج العروس ج3 ص114 و 347 و 609.
([260]) أسد الغابة ج5 ص465 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص316 وسير أعلام النبلاء ج2 ص213 و 214 عن صحيح مسلم، في فضائل الصحابة. ومسند أحمد ج6 ص151 وحياة الرسول وفضائله ص208 وحلية الأولياء ج2 ص53 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص283 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص203 والسيرة الحلبية ج3 ص321 والبداية والنهاية ج4 ص148 وشرح المـواهب للزرقـاني ج4 ص414 وروح البيـان ج7 ص181 وصحيح مسلم = = ج7 ص136 وسنن النسائي ج7 ص66 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص299 ومسند ابن راهويه ج4 ص46 والمعجم الكبير ج9 ص88 وعيون الأثر ج2 ص387 والسمط الثمين ص128.
([261]) الإصابة ج4 ص314 وأنساب الأشراف ج1 ص435 والطبقات الكبرى ج8 ص110 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص203.
([262]) البحار ج22 ص213 و 220 وج98 ص165 والكافي ج6 ص138 و 136 و 139 والبرهان ج3 ص307 ونور الثقلين ج4 ص265 و 266 وكنز الدقائق ج10 ص364 وتفسير الصافي ج4 ص185 و 198 والتفسير الأصفى ج2 ص990 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص517 والإستبصار ج3 ص313 وتهذيب الأحكام ج8 ص88 ووسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج22 ص93 ومستدرك الوسائل ج15 ص310 و 311 وغوالي اللآلي ج1 ص307 و 377 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص53 والمصنف للصنعاني ج7 ص492 وكنز العمال ج2 ص482 والتبيان ج8 ص334 ومجمع البيان ج8 ص176 وفقه القرآن للراوندي ج2 ص118 وجامع البيان ج21 ص190 وج22 ص33 وأحكام القرآن ج3 ص482 وزاد المسير ج6 ص210 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص489 وتفسير الجلالين ص650 والدر المنثور ج5 ص194 و 212 ولباب النقول ص161 وتفسير الثعالبي ج4 ص345 وفتح القدير ج4 ص296 والطبقات الكبرى ج8 ص180 وأسد الغابة ج1 ص33.
([263]) البحار ج22 ص219 وراجع ص212 عن الكافي ج6 ص138 والبرهان في تفسير القرآن ج3 ص307 ونور الثقلين ج4 ص265 وكنز الدقائق ج10 ص364 وتفسير الميزان ج16 ص315 وجامع البيان ج21 ص190 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص489.
([264]) البحار ج22 ص213 و 220 والكافي ج6 ص139 وتفسير البرهان ج3 ص307 ونور الثقلين ج4 ص266 وكنز الدقائق ج10 ص364 و 465 وتفسير الصافي ج4 ص185 والتفسير الأصفى ج2 ص990 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص517.
([265]) أسد الغابة ج5 ص464 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص315 وعيون الأثر ج2 ص387 ومسند أحمد ج6 ص131 و 261 وسنن أبي داود ج2 ص391 وعون المعبود ج12 ص230 والمعجم الكبير ج24 ص71 والطبقات الكبرى ج8 ص127 وميزان الإعتدال ج2 ص235 وعن الإصابة ج8 ص211.
([266]) حلية الأولياء ج2 ص53 و 54.
([267]) تفسير القمي ج1 ص124 والبحار ج20 ص64 عنه ومستدرك سفينة البحار ج4 ص319 و 344 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص338.
([268]) تاريخ الخميس ج1 ص501 عن الدارقطني، وحياة الحيوان.
وراجع في تغييره "صلى الله عليه وآله" لاسم برة بزينب: أسد الغابة ج5 ص468 و 494 وعيون الأثر ج1 ص237 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج14 ص165والإصابة ج4 ص313 و 265 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص314 وتاريخ الإسلام (المغازي) (ط سنة 1410هـ) ص256 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص283، وراجع: شرح المواهب للزرقاني ج4 ص412= = وسبل الهدى والرشاد ج11 ص201 والسيرة الحلبية ج3 ص320 والبداية والنهاية ج4 ص148 وراجع: مسند أحمد ج2 ص430 و 459 وسنن الدارمي ج2 ص295 وعن صحيح البخاري ج7 ص117 وعن صحيح مسلم ج6 ص173 وسنن ابن ماجة ج2 ص1230 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص307 ومقدمة فتح الباري ص332 وعن فتح الباري ج10 ص475 ومسند أبي داود الطيالسي ص321 ومسند ابن أبي الجعد ص194 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص158 ومسند ابن راهويه ج1 ص113 وج4 ص40 و 93 وصحيح ابن حبان ج13 ص144 والأذكار النووية ص291 وفيض القدير شرح الجامع الصغير ج6 ص528 والطبقات الكبرى ج8 ص461.
([269]) السيرة الحلبية ج3 ص320 وج 2 ص280 والإصابة ج4 ص26 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص412 ومصادر كثيرة أخرى ذكرناها في هذا الكتاب.
([270]) أسد الغابة ج5 ص468 و 409 والإصابة ج4 ص251 وراجع: الصحيح من سيرة النبي ج12 ص262 وشرح مسلم ج14 ص109 ومصادر أخرى.
([271]) الإصابة ج4 ص250 وعيون الأثر ج2 ص305 و 308 والصحيح من سيرة النبي ج12 ص259 (الفصل الثاني: جويرية بنت الحارث) وما بعده عن مصادر أخرى، ومسند الحميدي ج1 ص232 ومسند ابن راهويه ج4 ص35 ونصب الراية ج6 ص550 والطبقات الكبرى ج8 ص119 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص210 وعن الإصابة ج8 ص77.
([272]) راجع: أسد الغابة ج5 ص409 والإصابة ج4 ص251 والمستدرك للحاكم ج4 ص52 و 54 و 70 وطبقات الكبرى ج8 ص108 وج8 ص42 و 246 والثقات ج3 ص39 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص145 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص44 وعيون الأثر ج1 ص47 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج1 ص375 وج2 ص228 وج5 ص242.
([273]) الإصابة ج4 ص251 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص469 وتهذيب الكمال ج35 ص211.
([274]) السيرة الحلبية ج3 ص321 وشرح الأخبار ج3 ص520 والبحار ج37 ص67 وعن صحيح مسلم ج7 ص142 وشرح سنن النسائي ج5 ص67 وحاشية السندي على النسائي ج5 ص66 وسير أعلام النبلاء ج2 ص130 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص45.
([275]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص203 وفي هامشه عن البخاري ج3 ص226 وعن مسلم 2453 والسيرة الحلبية ج3 ص321 ومستدرك الحاكم ج4 ص25 وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص436 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص292 والبداية والنهاية ج4 ص292 و 149 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص414 وكنز العمال ج13 ص700 والمعجم الكبير ج24 ص50 وفيض القدير شرح الجامع الصغير ج3 ص666 وعن الإصابة ج8 ص154.
([276]) السيرة الحلبية ج3 ص321 وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص292.
([277]) راجع: أسد الغابة ج4 ترجمة زينب، والسيرة الحلبية ج3 ص320 وتفسير الماوردي ج4 ص408، ودلائل النبوة للبيهقي ج7 ص285 والبداية والنهاية ج4 ص149 وعون المعبود ج8 ص338 و 337 عن تحفة المحتاج لابن حجر= = المكي، وعن مغني المحتاج للخطيب، وعن محاضرة الأوائل.
([278]) البحار ج22 ص203 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص49 و 50.
([279]) عون المعبود ج8 ص338 عن أسد الغابة، والسيرة الحلبية ج3 ص320.
([280]) شرح المواهب اللدنية ج4 ص415.
([281]) عون المعبود ج8 ص338.
([282]) الكافي ج3 ص251 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص124 وتهذيب الأحكام ج1 ص469 ودعائم الإسلام ج1 ص232 وفقه الرضا ج5 ص189 والإستيعاب (بهامش الإصـابة) ج4 ص379 والطبقـات الكـبرى ج8 ص28 والبدايـة = = والنهاية ج6 ص38 والجعفريات ص205 وكتاب سليم بن قيس ص255 و 249 و 250 ـ 254 و 282 وج43 ص213 و 189 والسيرة الحلبية ج2 ص321 والحدائق الناضرة (ط سنة 1413 هـ) ج4 ص81 والوسائل أبواب الدفن باب 52 وباب 10 ج3 ص220 و 221 وكشف الغمة ج1 ص503 ومستدرك الوسائل ج2 ص359 ـ 361 والبحر المحيط ج7 ص247.
([283]) راجع: كشف الغمة ج1 ص503 وحلية الأولياء ج2 ص43 والحدائق ج4 ص81 و 82، والمغني لابن قدامة ج2 ص543 والإستيعاب ج4 (ترجمة فاطمة) والبحار ج78 ص256 وعون المعبود ج8 ص337 و 338 و 339 وشرح المواهب للزرقاني ج4 ص415.
([284]) راجع: دعائم الإسلام ج1 ص232 وتاريخ المدينة المنورة ج1 ص108 ووسائل الشيعة (الإسلامية) ج2 ص876 والبحار ج43 ص189 وج75 ص250 والذرية الطاهرة النبوية ص111 وعن كشف الغمة ج2 ص126 واللمعة البيضاء ص865.
([285]) راجع: تاريخ المدينة المنورة ج1 ص108 ووفاء الوفاء ج3 ص905 و 903 وكشف الغمة ج2 ص67 والتتمة في حياة الأئمة ص90 و 91 وراجع: الذرية الطاهرة ص112 والبحار ج78 ص255 وج43 ص204 ودعائم الإسلام ج1 ص232 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص50 عن أبي نعيم والسنن الكبرى ج4 ص34 وحلية الأولياء ج2 ص43 والتهذيب للطوسي ج1 ص469.
([286]) روضة الواعظين ص151 والبحار ج78 ص253 وراجع: ص254 وج43 ص192 و 199 و 206 و 204 وج81 ص256 عن فقه الرضا، وعن سليم بن قيس، وعن علل الشرايع ج1 ص177 ـ 180 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص116.
([287]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص280.
([288]) أنساب الأشراف ج1 ص436.
([289]) مجمع الزوائد ج9 ص248 عن الطبراني، ورجاله رجـال الصحيح. وسبل الهـدى والرشاد ج11 ص204 والمعجم الكبير ج24 ص50 والسنن الكبرى = = للبيهقي ج4 ص37 والمصنف للصنعاني ج3 ص480 وكنز العمال ج15 ص712 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص111 وعلل الدارقطني ج2 ص18 ونصب الراية ج2 ص267 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص85.
([290]) كنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص702 عن ابن سعد.
([291]) راجع: أنوار التنزيل للبيضاوي ج4 ص158.
([292]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص146 وراجع: تفسير الماوردي ج4 ص375 وزاد المسير لابن الجوزي ج6 ص182 ومسانيد أبي يحيى الكوفي ص84 ومسند أحمد ج6 ص146 وأنوار التنزيل للبيضاوي ج4 ص158والدر المنثور ج6 ص567 عن ابن سعد، وابن المنذر، والبيهقي في سننه. وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج3 ص477. وراجع الحديث، أو ما بمعناه أيضاً في: الجامع لأحكام القرآن ج14 ص123 وروح البيان للآلوسي ج7 ص139 وأنوار التنزيل ج3 ص158 وفتح القدير ج4 ص263 والسنن الكبرى ج7 ص70 وإكمال الكمال ص136 والطبقات الكبرى ج8 ص64 و 67 و 179 و 200.
([293]) الدر المنثور ج4 ص179 وج5 ص183 وفتح القدير ج4 ص263 والطبقات الكبرى ج8 ص179 و 200.
([294]) تفسير البرهان ج1 ص369 عن الفائق للزمخشري، وعن ابن شهرآشوب، وتفسير الميزان ج4 ص357 عنه، وعن العياشي، والبحار ج16 ص95 وج40 ص45 وج23 ص440 ومعاني الأخبار ص52 وعيون أخبار الرضا ج2 ص85 وعلل الشرائع ص137 ولسان الميزان ج2 ص40 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص235 والأمالي للصدوق ص755 وروضة الواعظين ص322، وراجع: كنز الفوائد ص266 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص300 والصراط المستقيم ج1 ص242 وكتاب الأربعين للشيرازي ص74 وإختيار معرفة الرجال (الطوسي) ج1 ص233 ونهج الإيمان (ابن جبر) ص629 وتأويل الآيات ج1 ص128 وعن ينابيع المودة ج1 ص370.
([295]) تاريخ الخميس ج2 ص3 و 4 والسيرة الحلبية ج3 ص2 و 3 والكافي ج4 ص284 والمجازات النبوية ص140 وتهذيب الأحكام ج5 ص50 وميزان الحكمة للريشهري ج3 ص2200 ومنتقى الجمان ج3 ص101 والبحار ج32 ص391 و 417 و 550 وج7 ص293 و 242 وج95 ص197 ونهج السعادة ج2 ص124 و 282 وج6 ص301 ومستدرك الوسائل ج8 ص137 و 140 والمزار لابن المشهدي ص427 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص526 وسنن النسائي ج5 ص248 وج6 ص128 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص141 و 451 ومسند أبي يعلى ج3 ص226 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص138 وصحيح ابن حبان ج6 ص413 وكتاب الدعاء للطبراني ص256 و 257 والمعجم الأوسط ج6 ص147 والكفاية في علم الرواية ص254 والفايق في غريب الحديث ج3 ص370 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج3 ص165 و 166 والأذكار النووية ص200 و 221 ورياض الصالحين للنووي ص438 وكنز العمال ج6 ص714 و 730 و 732 و 734 و 736 و 737 والثقات ج1 ص287 ومجمع البيان ج9 ص71 ونور الثقلين ج4 ص592 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج16 ص67 والطبقات الكبرى ج2 ص79 والكامل ج5 ص180 وتاريخ مدينة دمشق ج6 ص25 وأسد الغابة ج3 ص171 وتهذيب الكمال ج21 ص43 و 44 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج2 ص507 وعيون الأثر ج2 ص68 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 وج7 ص420 و 424 ج8 ص485 ومسند أحمد ج2 ص150 و 433 وج5 ص82 وسنن الدارمي ج2 ص287 وصحيح مسلم ج4 ص104 وسنن ابن ماجة ج2 ص1279 وسنن أبي داود ج1 ص584 والترمذي ج5 ص161 وشرح مسلم ج9 ص111 ومجمع = = الزوائد ج10 ص130 وعون المعبود ج7 ص185 وتحفة الأحوذي ج9 ص281 ومسند أبي داود الطيالسي ص163 والمصنف للصنعاني ج5 ص155 و 156 و 159 وج11 ص433 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص99 و 100 و 724 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص182 و 183 وغوالي اللآلي ج1 ص145.
([296]) تاريخ الخميس ج1 ص4 والسيرة الحلبية ج3 ص2 والتنبيه والإشراف ص218.
([297]) السيرة الحلبية ج3 ص2 وتاريخ الخميس ج2 ص4 وعيون الأثر ج2 ص68 والبحار ج20 ص179 و 305 والطبقات الكبرى ج2 ص79 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص255 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص432 و 559 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص751.
([298]) وفاء الوفاء ج4 ص1266 وراجع: مراصد الإطلاع ج2 ص940.
([299]) وفاء الوفاء ج4 ص1118.
([300]) معجم ما استعجم ج2 ص641 و 642 وراجع المصادر التي تقدمت في هذا الكتاب: ج8 ص173 وراجع: المسالك والممالك ص114 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص126 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص194 والمغازي للواقدي ج1 ص354 ودلائل النبوة للبيهقي ج3 ص327 و 328 والكامل في التاريخ ج2 ص167 وإعلام الورى ج1 ص185 وراجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص168 والبحار ج20 ص150 و 214 وتفسير الإمام العسكري ص214 و 215 وتفسير نور الثقلين ج4 ص248 والطبقات الكبرى ج2 ص55 وتاريخ خليفة بن خياط ص43 والبداية والنهاية ج4 ص71 و 73 وتاريخ ابن خلدون ق2 ج2 ص27.
([301]) معجم البلدان ج3 ص29 ووفاء الوفاء ج4 ص1217 ومراصد الإطلاع ج3 ص1454 وج2 ص606 وكتاب المنمق للبغدادي ص139 ومعجم البلدان ج3 ص29 وتاريخ خليفة بن خياط ص43 والطبقات الكبرى ج2 ص55 والبحار ج20 ص214 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص214 والبداية والنهاية ج4 ص71 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص667 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص126.
([302]) مراصد الإطلاع ج3 ص1153 ووفاء الوفاء ج4 ص1279.
([303]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص126 والبداية والنهاية ج4 ص71 والطبقات الكبرى ج2 ص55.
([304]) البحار ج2 ص214.
([305]) راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص92 ومستدرك الوسائل ج2 ص26 و 27 وج8 ص140 والبحار ج32 ص391 و 417 و 550 وج73 ص242 وج76 ص293 و 236 و 237 و 242 والأمان من الأخطار ص20 ونهج السعادة ج6 ص300 وج2 ص124 و 282. والمصنف للصنعاني ج5 ص154 و 155 و 159 عن مصادر كثيرة جداً.
وروي عن الصادق "عليه السلام" مثل ذلك فراجع: الكافي ج4 ص284 وتهذيب الأحكام ج5 ص50 ووسائل الشيعة ج11 ص384 و 279 والمزار لابن المشهدي ص427 والمزار للشهيد الأول ص117 والبحار ج98 ص197.
([306]) الآيتان 113 و 114 من سورة التوبة.
([307]) تاريخ الخميس ج2 ص4 والسيرة الحلبية ج3 ص2 و 3.
([308]) السيرة الحلبية ج3 ص3 وراجع: مجمع الزوائد ج1 ص117 والمعجم الكبير ج11 ص297 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص408 والدر المنثور ج3 ص283 و 284 وزاد المسير ج3 ص345.
([309]) السيرة الحلبية ج3 ص3 ولباب النقول ص114 والدر المنثور ج3 ص284 وتفسير الجلالين ص483.
([310]) تاريخ الخميس ج2 ص4 عن الطيبي في شرح المشكاة والسيرة الحلبية ج3 ص3.
([311]) تاريخ الخميس ج2 ص4 والسيرة الحلبية ج3 ص3 وراجع: جامع البيان ج11 ص31 والكشاف ج2 ص49 وإرشاد الساري ج7 ص282 و 158 عن صحيح مسلم، والدر المنثور ج3 ص283 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص394 وأحمد في مسنده، وسنن أبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم، والبيهقي، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والطبراني.
([312]) تاريخ الخميس ج3 ص3 ومسند أحمد ج5 ص355 ومجمع الزوائد ج4 ص25 والمصنف للصنعاتي ج3 ص569 والمعجم الكبير ج2 ص19 ومسند الشاميين ج3 ص347 وكشف الخفاء ج2 ص130 ورفع المنارة ص67 وتفسير القرآن لابن كثير ج2 ص408.
([313]) السيرة الحلبية ج3 ص3 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص259 والروض الأنف للسهيلي، والسابق واللاحق للخطيب البغدادي.
([314]) راجع: الغدير ج8 ص10 و 12 وأبو طالب مؤمن قريش ص341 عن البخاري، والإتقان، والكشاف، وابن مردويه، وابن أبي شيبة، والنسائي، وابن الضريس، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وتفسير البيضاوي، وعين العبرة لأحمد آل طاووس ج2 ص18 وسنن ابن ماجة ج1 ص27 وسنن أبي داود ج1 ص182 وكنز العمال ج2 ص575 ومجمع البيان ج5 ص6 والبيان في تفسير القرآن ص243 ومعاني القرآن ج3 ص179 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 وأسباب النزول للواحدي النيسابوري ج2 ص8 وزاد المسير ج1 ص3 وج3 ص264 والدر المنثور ج3 ص295 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج4 ص160 وج8 ص173 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص344 و 419 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص365.
([315]) الآية 6 من سورة المنافقون.
([316]) الآية 113 من سورة التوبة.
([317]) الغدير ج7 ص399 عن كتاب الحجة لابن معد ص67.
([318]) راجع كتابنا: ظلامة أبي طالب "عليه السلام".
([319]) راجع: أبو طالب مؤمن قريش ومستدرك الحاكم ج3 ص484، وتلخيصه للذهبي مطبوع بهامشه، وصححاه وحياة الصحابة ج2 ص258 و 259 و 260 عن كنز العمال ومجمع الزوائد ج8 ص278 وكنز العمال (ط أولى) ج3 ص177 عن ابن عساكر و (ط ثانية) ج6 ص57 و 59 وعن أحمد، والطبراني، والحاكم، وسعيد بن منصور، والتراتيب الإدارية ج2 ص86 والمصنف للصنعاني ج1 ص446 و 447 وج10 ص447 عن أحمد، وأبي داود، وعن مغازي ابن عقبة، وعن الترمذي، وصححه، والطيالسي، والبيهقي، ومجمع البيان المجلد الأول ص535 والوسائل ج12 ص216 عن الكافي، والمعجم الصغير ج1 ص9 وعن الترمذي ج2 ص389.
([320]) تاريخ الخميس ج2 ص4 عن أحمد، والترمذي، وابن ماجة، ومسند أحمد ج2 ص337 و 356 وج3 ص443 وسنن ابن ماجة ج1 ص502 والجامع الصحيح للترمذي ج2 ص259 والمستدرك للحاكم ج1 ص374 والسنن الكبرى ج4 ص78 وشرح مسلم للنووي ج7 ص45 وفتح الباري ج3 ص118 وراجع: تحفة الأحوذي ج4 ص136 وعون المعبود ج10 ص117 ومسند أبي داود الطيالسي ص311 و 357 والمصنف للصنعاني ج3 ص569 والآحاد والمثاني ج4 ص101 ومسند أبي يعلى ص314 والمعجم الكبير ج4 ص42 وناسخ الحديث ومنسوخه ص273 والعهود المحمدية ص894 وكنز العمال ج16 ص388 وفيض القدير (شرح الجامع الصغير) ج5 ص350 وإرواء الغليل ج3 ص232 و 233 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج10 = = ص379 وج20 ص170 والسير الكبير ج1 ص236 والعلل لأحمد بن حنبل ج3 ص322 والكامل في التاريخ ج5 ص40 وتاريخ مدينة دمشق ج34 ص289 وأسد الغابة ج2 ص7 وتهذيب الكمال ج17 ص65 وج25 ص407 وميزان الإعتدال ج3 ص201 وتهذيب التهذيب ج6 ص174وج9 ص208 و 326 وج10 ص344 والإصابة ج5 ص26.
([321]) تاريخ الخميس ج2 ص4 و 5 والجامع لأحكام القرآن ج20 ص170 والجامع الصحيح للترمذي ج2 ص259 وتحفة الأحوذي ج2 ص226 وج4 ص137 وعون المعبود ج9 ص42.
([322]) تاريخ الخميس ج2 ص5 عن أحمد، ومسند أحمد ج6 ص202 والمستدرك للحاكم ج3 ص61 وج4 ص7 ومجمع الزوائد ج8 ص26 وج9 ص37 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص182.
([323]) المستدرك للحاكم ج3 ص28 وتلخيص المستدرك مطبوع بهامشه ج3 ص28 ووفاء الوفاء ج3 ص932 والبحار ج36 ص352 وج99 ص300 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص180 وكفاية الأثر للخزاز القمي ص198 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص419 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج2 ص879 وبيت الأحزان للقمي ص168.
([324]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص40 والمغازي للواقدي ج1 ص313 و 314 ووفاء الوفاء ج3 ص932 وفي البحار ج99 ص300 عن من لا يحضره الفقيه ج1 ص114 أنها كانت تأتيهم كل يوم سبت. وتهذيب الأحكام ج1 ص465 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص224 والبحار ج43 ص90 وج96 ص300 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص371.
([325]) راجع: صحيح مسلم ج3 ص64 والتاج الجامع للأصول ج1 ص407 والغدير ج5 ص170 وسنن النسائي ج4 ص93 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص79 وشرح مسلم ج7 ص44 وتحفة الأحوذي ج4 ص135 و 137.
وراجع: المصنف للصنعاني ج3 ص572 و 576 وكتاب الدعاء للطبراني ص374 والأذكار النووية ص167 وإرواء الغليل ج3 ص236 وتاريخ المدينة ج1 ص89.
([326]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص313 و 314 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج15 ص40 و 41.
([327]) المصدران السابقان ووفاء الوفاء ج3 ص933.
([328]) الغدير ج5 ص172 وبلاغات النساء ص4 والمستطرف ج2 ص338.
([329]) المستدرك للحاكم ج3 ص29 وبهامشه تلخيص المستدرك للذهبي، ووفاء الوفاء ج3 ص932 و 933 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص253.
([330]) التاج الجامع للأصول ج1 ص419 وفتح الباري ج3 ص118 وتحفة الأحوذي ج4 ص137 وإرواء الغليل ج3 ص233 والتاريخ الصغير ج2 ص115.
([331]) تاريخ الخميس ج2 ص3.
([332]) تاريخ الخميس ج2 ص5 عن البخاري، ومسلم وص7. وراجع: عيون الأثر ج2 ص72 وسير أعلام النبلاء ج3 ص328 وعن البداية والنهاية ج4 ص173 وعن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص322 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص289 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص106 وصحيح البخاري ج5 ص71.
([333]) السيرة الحلبية ج3 ص8 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص102 و 106 عن صحيح مسلـم ج5 ص194 وعن فتح البـاري ج7 ص352 و 355 وسـير أعـلام = = النبلاء ج3 ص328 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص258 والبداية والنهاية ج4 ص171 و 175 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص293.
([334]) السيرة الحلبية ج3 ص8 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص106 عن أبي العباس القرطبي، تبعاً لأبي عمر عن فتح الباري ج7 ص353 وسير أعلام النبلاء ج3 ص329.
([335]) راجع: فتح الباري ج7 ص325.
([336]) تاريخ الخميس ج2 ص5 عن كنز العمال ج8 ص417 وتاريخ خليفة بن خياط ص45 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص98 وج60 ص171 وسير أعلام النبلاء ج3 ص328 ومعجم البلدان ج4 ص321 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص322.
([337]) تاريخ الخميس ج2 ص5.
([338]) تاريخ الخميس ج2 ص5 والسيرة الحلبية ج3 ص4 وراجع: عون المعبود ج7 ص304 والفايق في غريب الحديث ج3 ص210 والطبقات الكبرى ج2 ص80 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص562 و 563 وعن عيون الأثر ج2 ص72 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص95.
([339]) تاريخ الخميس ج2 ص5 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص294 وعيون الأثر ج2 ص69 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص286 وعون المعبود ج7 ص304 والطبقات الكبرى ج2 ص80 وعن فتح الباري ج7 ص353 والثقات ج1 ص287 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص255 والبداية والنهاية ج4 ص171 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص32.
([340]) تاريخ الخميس ج2 ص5 و 7 والسيرة الحلبية ج3 ص8 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص106 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص171 وفتح الباري ج7 ص353.
([341]) تاريخ الخميس ج2 ص7 والسيرة الحلبية ج3 ص8 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص107 وعون المعبود ج7 ص303.
([342]) تاريخ الخميس ج2 ص5 و 6 عن المواهب اللدنية، وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص4 و 5 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص294 وعيون الأثر ج2 ص69 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص95 و 97 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص286 و 296 وعون المعبود ج7 ص304 وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص80 وتاريخ مدينة دمشق ج60 ص170 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص563.
([343]) الآري: الحبل الذي تشد به الدابة. وقد يسمى الموضع الذي تقف فيه الدابة آرياً أيضاً.
([344]) تاريخ الخميس ج2 ص5 ـ 7 عن ابن إسحاق وغيره. وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص5 و 6 و 7 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص294 ـ 298 وعيون الأثر ج2 ص70 و 71 و 72 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص95 ـ 104 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص286 ـ 296 والبداية والنهاية ج4 ص172 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص566 والمغازي للواقدي ج2 ص548.
([345]) السيرة الحلبية ج3 ص7 و 8 والسنن الكبرى ج10 ص75 وسنن الدارقطني ج4 ص94 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص103.
([346]) راجع فيما تقدم: تاريخ الخميس ج2 ص7 و 8 والسيرة الحلبية ج3 ص4 و 5 وعيون الأثر ج2 ص71 و 72 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص22 و 104.
([347]) تاريخ الخميس ج2ص8 عن الشفاء، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص102 وراجع ص75 وشرح صحيح مسلم للندوي ج12 ص182 وفتح الباري ج7 ص355 وج13 ص72 وصحيح ابن حبان ج16 ص137 ونصب الراية ج4 ص283 والطبقات الكبرى ج2 ص84 ومشاهير علماء الأمصار ص42 والثقات ج1 ص311 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص99 وسير أعلام النبلاء ج3 ص329 وعيون الأثر ج2 ص74 وسنن أبي داود ج1 ص626 وعون المعبود ج7 ص306 والمصنف لابن شيبة ج8 ص558 والمنتقى من السنن المسندة ص269 وأحكام القرآن ج3 ص77 والبداية والنهاية ج4 ص175 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص292.
([348]) تاريخ الخميس ج2 ص8 والسيرة الحلبية ج3 ص7 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص292.
([349]) تاريخ الخميس ج2 ص9 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص146 وسير أعلام النبلاء ج3 ص450 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص322 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص41.
([350]) تاريخ الخميس ج2 ص8 و 9 ووفاء الوفاء ج4 ص1158 و 1159 والإصابة ج2 ص229 والسنة لابن أبي عاصم (ط سنة 1413 هـ) ص600 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص93 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص103 ولم يذكر تسمية طلحة بالفياض، والمستدرك للحاكم ج3 ص374 ومجمع الزوائد ج9 ص148 والمعجم الكبير ج1 ص115 والفائق في غريب الحديث ج3 ص60 وكنز العمال ج13 ص200 والكامل ج6 ص343 وميزان الإعتدال ج4 ص218 وسير أعلام النبلاء ج1 ص30.
([351]) السيرة الحلبية ج3 ص7 وعيون الأثر ج2 ص73 وشرح الأخبار ج2 ص484= = والبحار ج31 ص79 وج58 ص65 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص122 ومعالم المدرستين ج2 ص18 وميزان الحكمة ج4 ص339 ومسند أحمد ج2 ص257 ـ 260 و 391 و 431 و 438 و 485 و 498 و 525 و 539 وج3 ص383 وج4 ص101 وسنن الدارمي ج1 ص73 وعن صحيح البخاري ج4 ص111 و 120 و 122 و 154 وج5 ص216 وعن صحيح مسلم ج7 ص103 و 181 وج8 ص42 والمستدرك للحاكم ج2 ص480 وج3 ص243 وشرح مسلم للنووي ج15 ص134 و 135 وج16 ص15 و 134 و 135 وج16 ص78 ومجمع الزوائد ج1 ص121 وفتح الباري ج6 ص296 والديباج على صحيح مسلم ج5 ص361 وتحفة الأحوذي ج8 ص4 ومسند الطيالسي ص324 والمصنف للصنعاني ج11 ص316 ومسند الحميدي ج2 ص451 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص545 ومسند ابن راهوية ج1 ص169 و 226 و 436 والأدب المفرد ص139 وسنن النسائي ج6 ص367 ومسند أبي يعلى ج10 ص217 ومسند الشاميين ج3 ص17 وج4 ص274 ومسند الشهاب ج1 ص145 و 354 ورياض الصالحين ص96 و 220 و 605 والجامع الصغير ج1 ص499 واللمع في أسباب نزول الحديث ص48 والعهود المحمدية ص868 وكنز العمال ج10 ص149 و 152 و 153 و 169 وج12 ص24 و 31 وج13 ص545 وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص312 والجامع لأحكام القرآن ج16 ص346 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص485 وج4 ص232 والدر المنثور ج6 ص99 و 399 وفتح القدير ج5 ص69 وعلل الدارقطني ج8 ص134 وج9 ص160 وج10 ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص258 وج28 ص17 وج41 ص60 والبداية والنهاية ج1 ص197 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص134 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص565 وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص242 والسيدة فاطمة الزهراء "عليها السلام" لمحمد بيومي ص83.
([352]) السيرة الحلبية ج3 ص3 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص95 وج9 ص225 عن الواقدي والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص293 و 294 عن مسلم، وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص536 وراجع: الفايق في غريب الحديث ج3 ص210.
([353]) تاريخ الخميس ج2 ص5 عن المشكاة وغيرها، ومسند أحمد ج4 ص49 و 52 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص88 وفتح الباري ج7 ص324 و 353 وعون المعبود ج7 ص303 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص556 وصحيح ابن حبان ج16 ص133 والفائق ج1 ص77 وج2 ص135 والطبقات الكبرى ج2 ص82 والثقات ج1 ص307 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص95 و 97 وأسد الغابة ج1 ص56 وسير أعلام النبلاء ج3 ص327 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص256 والبداية والنهاية ج4 هامش ص170 و 171 و 173 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص107.
([354]) تاريخ الخميس ج2 ص5.
([355]) السيرة الحلبية ج3 ص3 وعيون الأثر ج2 ص73 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص107.
([356]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص96 و 107 وراجع: مسند أحمد ج4 ص53 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص557 وصحيح ابن حبان ج16 ص134 والفايق ج2 ص136 والطبقات الكبرى ج2 ص82 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص96 و 97 وسير أعلام النبلاء ج3 ص327 والسيرة النبوية ج3 ص290.
([357]) تاريخ الخميس ج2 ص7 وعون المعبود ج7 ص304 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص258 والبداية والنهاية ج4 ص171 و 173 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص752 وعيون الأثر ج2 ص69 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص286 و 289.
([358]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص7 والسيرة الحلبية ج3 ص4 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص95 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص289 ومسند أحمد ج4 ص49 وصحيح مسلم ج5 ص191 والسنن الكبرى ج9 ص88 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص556 وسير أعلام النبلاء ج3 ص327 وفتح الباري ج7 ص353 والطبقات الكبرى ج2 ص82 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص97 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص256 والبداية والنهاية ج4 ص173 وعيون الأثر ج2 ص73.
([359]) السيرة الحلبية ج3 ص4 وصحيح مسلم ج5 ص191 والسنن الكبرى ج9 ص88 وفتح الباري ج7 ص353 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص256 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص96.
([360]) السيرة الحلبية ج3 ص4.
([361]) السيرة الحلبية ج3 ص4 والمستدرك للحاكم ج4 ص274 وتحفة الأحوذي ج8 ص100 وكنز العمال ج16 ص426 وسنن الدارمي ج2 ص294 وعلل الدارقطني ج2 ص95 و 96.
([362]) السيرة الحلبية ج3 ص4.
([363]) السيرة الحلبية ج3 ص3 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص95 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص180 وعن صحيح البخاري ج7 ص526 وصحيح مسلم ج3 ص1432.
([364]) السيرة الحلبية ج3 ص4 وعيون الأثر ج2 ص72 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص96 و 97 والطبقات الكبرى ج2 ص80.
([365]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص294 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص298 وعيون الأثر ج2 ص73 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص104 والبداية والنهاية ج4 ص176.
([366]) السيرة الحلبية ج3 ص5 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص97 والبداية والنهاية ج4 ص177 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص756 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص295.
([367]) السيرة الحلبية ج3 ص5 عن الدمياطي، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص99.
([368]) السيرة الحلبية ج3 ص5 و 6 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص172 وعيون الأثر ج2 ص71 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص288 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص99.
([369]) السيرة الحلبية ج3 ص5 وراجع: مسند أحمد ج4 ص53 وصحيح مسلم ج5 ص192 وسنن أبي داود ج1 ص625 والسنن الكبرى ج9 ص88 وفتح الباري ج7 ص355 وعون المعبود ج7 ص305 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص557 وصحيح ابن حبان ج16 ص135 والطبقات الكبرى ج2 ص83 والثقات ج1 ص308 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص98 وسير أعلام النبلاء ج3 ص328 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص256 والبداية والنهاية ج4 ص174 والسيرة النبوية لإبن كثير ج3 ص287 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص98.
([370]) الإصابة ج2 ص67 والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص87 والعمدة لابن البطريق ص342 والمستدرك للحاكم ج3 ص562 و 563 ومجمع الزوائد ج10 ص11 والمعجم الكبير ج6 ص33 وج7 ص5 والطبقات الكبرى ج4 ص308 والثقات ج3 ص163 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص399 وج22 ص85 و 104 و 105 وأسد الغابة ج2 ص33 وتقريب التهذيب ج1 ص378.
([371]) الإصابة ج2 ص67 عن الواقدي ومن تبعه، والإستيعاب بهامش الإصابة ج2 = = ص88 والمستدرك للحاكم ج3 ص562 والمعجم الكبير ج4 ص308 والطبقات الكبرى ج4 ص308 والثقات ج3 ص163 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص105 وأسد الغابة ج2 ص333.
([372]) الإصابة ج2 ص67.
([373]) الإصابة ج2 ص67 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص85 و 104 والثقات ج3 ص163 وأسد الغابة ج2 ص333.
([374]) السيرة الحلبية ج3 ص6 والطبقات الكبرى ج2 ص81 وتاريخ مدينة دمشق ج60 ص171 وراجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص260 والبداية = = والنهاية ج4 ص172 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص564 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص754 وعيون الأثر ج2 ص71 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص288 وعن صحيح البخاري ج5 ص71 وصحيح مسلم ج5 ص189.
([375]) السيرة الحلبية ج3 ص6 وعون المعبود ج7 ص304.
([376]) السيرة الحلبية ج3 ص6 و 7 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص107 عن ابن سعد، والواقدي، وابن إسحاق وغيرهم، وعون المعبود ج7 ص305.
([377]) السيرة الحلبية ج3 ص6 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص99 و 100 و 101 ودلائل النبوة ج4 ص191 وفتح الباري ج7 ص355 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج22 ص84 والأذكار النبوية ص214.
([378]) الإصابة ج2 ص67 وج4 ص158 عن مسلم، والسيرة الحلبية ج3 ص5 و 6 و 7 وفيهما أنه كان يقال له: فارس رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وراجع: عيون الأثر ج2 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص102 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص392 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص84.
([379]) السيرة الحلبية ج3 ص8 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص102.
([380]) السيرة الحلبية ج3 ص7.
([381]) السيرة الحلبية ج3 ص8.
([382]) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" من تاريخ ابن عساكر (تحقيق المحمودي) ج3 ص93 واللآلي المصنوعة ج1 ص362 والضعفاء الكبير ج1 ص211 و 212 وإحقاق الحق (الملحقات) ج15 ص685 وكنز العمال ج5 ص725 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص435 والموضوعات لابن الجوزي ج1 ص379.
([383]) السيرة الحلبية ج3 ص142 عن فضائل العشرة للزمخشري، وعلل الشرائع ج1 ص172 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص82 و 320 والبحار ج39 و 94 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" ج1 ص78 وتنبيه الغافلين لتحسين آل شبيب ص39.
([384]) سير أعلام النبلاء ج1 ص216 وشرح الأخبار ج3 ص205 وبغية الباحث ص215 وتهذيب الكمال ج5 ص52 والبداية والنهاية ج3 ص396.
([385]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص320 ومدينة المعاجز ج1 ص179 والبحار ج41 ص87.
([386]) مناقب آل أبي طالب ج2 ص78.
([387]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص298 ـ 301 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص104 و 105.
([388]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص299 و 300 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص295 والبداية والنهاية ج4 ص177.
([389]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص99 عن الواقدي، والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص291 وراجع: فتح الباري ج7 ص355.
([390]) السيرة الحلبية ج3 ص7 عن الإمتاع، وعيون الأثر ج2 ص73 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص101 واختلاف الحديث ص526 والسنن الكبرى ج3 ص262 وفتح الباري ج7 ص324 وشرح معاني الآثار ج1 ص309 ونصب الراية ج2 ص294 والطبقات الكبرى ج2 ص81 والثقات ج1 ص287 والبداية والنهاية ج4 ص93 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص565.
([391]) السيرة الحلبية ج3 ص7.
([392]) البرهان ج1ص411 ومستدرك الوسائل ج6 ص518 والبحار ج86 ص110 وتفسير القمي ج1 ص150 والصافي ج1 ص494 وكنز الدقائق ج2 ص606 والميزان ج5 ص64.
([393]) البرهان للبحراني ج1 ص411 ومن لا يحضره الفقيه (ط مؤسسة النشر الإسلامي، قم) ج1ص460 والكـافي ج3 ص456 وتهذيب الأحكـام ج3 = = ص172 ووسائل الشيعة (ط دار الإسلامية) ج5 ص479 والبحار ج20 ص177 وج83 ص3 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص182 وج5 ص207 وج7 ص574 وإختلاف الحديث ص526 ومسند أحمد ج5 ص370 عن صحيح البخاري ج5 ص51 و 52 وصحيح مسلم ج2 ص214 وسنن أبي داود ج1 ص278 وسنن النسائي ج3 ص171 والسنن الكبرى ج3 ص253 وشرح صحيح مسلم للندوي ج6 ص128 وعن فتح الباري ج7 ص323 والديباج على صحيح مسلم ج2 ص425 وعون المعبود ج4 ص80 ومسند ابن راهويه ج1 ص31 وسنن النسائي ج1 ص592 والمنتقى من السنن المسندة ص69 وشرح معاني الآثار ج1 ص313 وسنن الدارقطني ج2 ص48 ونصب الراية ج2 ص294 وإرواء الغليل ج2 ص292 وفقه القرآن ج1 ص149 وتفسير الصافي ج1 ص494 وأحكام القرآن ج1 ص544 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص560 والدر المنثور ج2 ص212 والتاريخ الكبير للبخاري ج4 ص276 والجرح والتعديل ج3 ص1138 وتهذيب التهذيب ج7 ص281 ومعجم البلدان ج3 ص56 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص226 والتنبيه والإشراف ص214 والبداية والنهاية ج4 ص93 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص421 وعيون الأثر ج2 ص29 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص161 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص180 وج12 ص60 وج8 ص245 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص170 والمصنف للصنعاني ج2 ص503 وصحيح ابن خزيمة ص240 و 303 وصحيح ابن حبان ج7 ص124 وموارد الظمآن ص155 وكنز العمال ج8 ص419 وجامع البيان ج5 ص341 وتفسير القرطبي ج5 ص368 وتفسير الثعالبي ج2 ص291 والثقات ج1 ص252 وأسد الغابة ج1 ص22 والعبر وديوان المبتدأ والخبر المعروف بتاريخ ابن خلدون ج2 ق2 ص29 وإعلام الورى ج1 ص189.
([394]) الدر المنثور ج2 ص214 ومسند أحمد ج3 ص348 ومجمع الزوائد ج2 ص196 وفتح الباري ج7 ص324 ومسند ابن راهويه ج1 ص31 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص181 وج8 ص252.
([395]) راجع: غزوة ذات الرقاع في الجزء الثامن من هذا الكتاب.
([396]) السيرة الحلبية ج3 ص8 ملخصاً وسبل الهدى والرشاد ج5 ص103 عن أحمد ومسلم، وأبي داود. وراجع: سنن ابن داود ج3 ص807 برقم 3537 والجامع الصحيح ج5 ص530 والمعجم الكبير ج11 ص18 ومجمع الزوائد ج4 ص148 ومسند الحميدي برقم 1051 و 1053 ومسند أحمد ج2 ص292 وسنن النسائي ج6 ص280 والمصنف للصنعاني برقم 19920.
([397]) السيرة الحلبية ج3 ص8 ومسند أحمد ج4 ص53 وصحيح ابن حبان ج16 ص137 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص558 والطبقات الكبرى ج2 ص84 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص99 وسير أعلام النبلاء ج3 ص329 والبداية والنهاية ج4 ص175 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص292 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص257 والمعجم الكبير ج7 ص31 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص379.
([398]) السيرة النبوية لابن هشام (ط سنة 1383 هـ) ج3 ص755 والسيرة الحلبية ج3 ص8 والبداية والنهاية ج4 ص172 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص288.
([399]) السيرة الحلبية ج3 ص8 عن الأوسط للطبراني، ومجمع الزوائد ج4 ص187 والمعجم الأوسط ج2 ص14 والدر المنثور ج1 ص11.
([400]) البداية والنهاية (ط سنة 1413 هـ) ج7 ص276 وأسد الغابة ج3 ص59 ولسان الميزان ج3 ص78 ومجمع الزوائد ج9 ص147 وكتاب السنة ص600 ومسند أبي يعلى ج2 ص5 والمعجم الكبير ج1 ص112 و 117 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص92 وأسد الغابة ج3 ص59 وميزان الإعتدال ج2 ص197 وسير أعلام النبلاء ج1 ص30 وتهذيب التهذيب ج5 ص19 وراجع: ذكر أخبار إصبهان ج2 ص271 ومستدرك الحاكم ج3 ص374.
([401]) الكامل لابن عدي ج6 ص443 وتاريخ دمشق ج25 ص92 وميزان الإعتدال (ط سنة 1382هـ) ج2 ص197 والقاموس المحيط (ط دار إحياء التراث العربي سنة 1412 هـ) ج1 ص477 وسير أعـلام النبـلاء ج1 ص30 ومستـدرك الحـاكم = = ج3 ص374 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه)، وتاج العروس (ط منشورات مكتبة الحياة، بيروت) ج2 ص191 ومجمع الزوائد ج9 ص147 عن الطبراني، والمعجم الكبير ج1 ص117 و 112 والسنة لابن أبي عاصم (ط سنة 1413) ص600 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص271 ولسان العرب (ط سنة 1405 هـ قم ) ج1 ص534 وكتاب السنة ص600.
([402]) سير أعلام النبلاء ج1 ص30 ومجمع الزوائد ج9 ص148 وكنز العمال ج13 ص200 عن الحسن بن سفيان، وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وابن عساكر، والمعجم الكبيرج 7 ص7 والكامل لابن عدي ج3 ص284 وميزان الإعتدال ج4 ص218 وكتاب السنة ص600 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص93.
([403]) تاريخ مدينة دمشق ج25 ص93 والإصابة ج3 ص430.
([404]) السنة لابن أبي عاصم ص600 ومجمع الزوائد ج9 ص148 عن الطبراني، والمعجم الكبير ج1 ص112 والمستدرك للحاكم ج3 ص374 وتلخيص المستدرك للذهبي.
([405]) المعجم الكبير ج1 ص112 ومجمع الزوائد ج9 ص147 وحلية الأولياء ج1 ص88.
([406]) المحبر ص355 و 356 وتهذيب الكمال ج13 ص401 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص32.
([407]) الإرشاد للمفيد ج1 ص256 والكافئة ص26 والإحتجاج ج1 ص239 والجمل للمدني ص157 والبحار ج32 ص200 و 209 ومعجم رجال الحديث ج10 ص183.
([408]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج1 ص185 و 186 وكتاب الأربعين للشيرازي ص567.
([409]) مروج الذهب ج2 ص357 و 358 ومستدرك الوسائل ج17 ص449 والإيضاح هامش ص82 و 83 والجمل للمدني ص44 و 110 والبحار ج32 ص147 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص280 ونهج السعادة ج1 ص238 وأضواء على الصحيحين ص105 وميزان الحكمة ج3 ص2317 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص184 والبداية والنهاية ج7 ص258 وحياة الإمام الحسين "عليه السلام" للقرشي ج2 ص33.
([410]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص162.
([411]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج9 ص323.
([412]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص2 و 3 والطبقات الكبرى ج2 ص78 وعيون الأثر ج2 ص63.
([413]) السيرة الحلبية ج3 ص174.
([414]) أسد الغابة ج4 ص330 و 331 والإمامة والسياسة ج1 ص53 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص9.
([415]) قاموس الرجال ج8 ص388 و 389 والبحار ج301 ص291.
([416]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج2 ص51 وج6 ص48 وقاموس الرجال ج8 ص388 وكتاب سليم بن قيس ص411 والسقيفة وفدك للجوهري ص48 و 73 والبحار ج28 ص315 والغدير ج5 ص356 والسنن الكبرى ج8 ص152 وكنز العمال ج5 ص597 وتاريخ مدينة دمشق ج30 ص287 والبداية والنهاية ج5 ص270 وج6 ص333 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص496.
([417]) الإمامة والسياسة ج1 ص54 وقاموس الرجال ج8 ص388.
([418]) أسد الغابة ج4 ص330، وراجع: قاموس الرجال ج8 ص388 والإصابة ج3 ص384 والزهد والرقائق ص179 والتراتيب الإدارية ج1 ص267.
([419]) البحار ج30 ص494 والإستغاثة ج1 ص8 ومجالس المؤمنين ج1 ص335 وقاموس الرجال ج8 ص388 ومعجم رجال الحديث ج9 ص76 وإكمال الكمال ج3 ص141 وتاريخ مدينة دمشق ج20 ص243 وتهذيب التهذيب ج3 ص412.
([420]) راجع ترجمته في: الإصابة، والإستيعاب، وأسد الغابة وغير ذلك وراجع: فيض القدير ج1 ص388 وسير أعلام النبلاء ج2 ص369 والبداية والنهاية ج5 ص376 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص695.
([421]) تاريخ الخميس ج2 ص3 والسيرة الحلبية ج3 ص174 و 175 وقاموس الرجال (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج2 ص494 و 495 والطرائف لابن طاووس ص505 عن الحميدي، وعن مسلم في صحيحه، ومصباح الشريعة ص27 و 28 والبحار ج36 ص337 وج63 ص325 و 337 وج81 ص204 عن الخصال ص351 وعن المحاسن ص447 وفيه: ستكون بعدي سنة، يأكل (في بعض الروايات: يشرب) المؤمن في معاً واحد، ويأكل الكافر في سبعة أمعاء. = = وراجع: مستدرك سفينة البحار ج9 ص408 والصراط المستقيم ج3 ص47 وغوالي اللآلي ج1 ص144 ومجمع البيان ج9 ص166 وتفسير غريب القرآن ص70 والكافي ج6 ص268 والمجازات النبوية ص376 والوسائل (الإسلامية) ج16 ص406 ومستدرك الوسائل ج16 ص211 ومصباح الشريعة ص78 والطرائف ص505 وكتاب الأربعين للشيرازي ص632 والبحار ج60 ص325 وج78 ص204 وميزان الحكمة ج1 ص89 و 208 ومسند أحمد ج2 ص21 و 43 و 318 و 375 و 415 و 145 و 275 وج3 ص333 و 357 وج4 ص336 وج6 ص397 وسنن الدارمي ج2 ص99 وصحيح البخاري ج6 ص200 و 201 وصحيح مسلم ج6 ص132 وسنن ابن ماجة ج2 ص1084 والجامع الصحيح للترمذي ج3 ص173 وج5 ص415 وشرح مسلم للنووي ج14 ص23 ومجمع الزوائد ج5 ص31 وفتح الباري ج8 ص69 وج9 ص442 والديباج على صحيح مسلم ج5 ص108 وتحفة الأحوذي ج5 ص440 وصحيفة همام بن منبّة ص40 ومسند الطيالسي ص251 والمصنف للصنعاني ج10 ص419 ومسند الحميدي ج2 ص295 والمصنف لابن أبي شيبة ج5 ص569 ومسند ابن راهويه ج1 ص247 وإكرام الضيف للحربي ص40 والآحاد والمثاني ج2 ص244 وج5 ص57 وسنن النسائي ج4 ص178 والمغاريد عن رسول الله ص95 ومسند أبي يعلي ج2 ص218 وج3 ص159 وج4 ص113 وصحيح ابن حبان ج1 ص378 وج12 ص39 والمعجم الأوسط ج1 ص276 وج2 ص168 والمعجم الكبير ج2 ص274 وج7 ص230 وج23 ص433 ومسند الشاميين ج2 ص398 وج4 ص295 ومسند الشهاب ج1 ص114 والفائق ج3 ص248 والجامع الصغير ج2 ص660 والعهود المحمدية ص776 وكنز العمال ج1 ص141 وشرح مسند أبي حنيفة ص197 وفيض القدير ج6 ص326 وكشف الخفاء = = ج2 ص295 وضعيف سنن الترمذي ص571 ومجمع البيان ج9 ص166 وغريب القرآن ص70 ونور الثقلين ج2 ص20 وتفسير القرطبي ج7 ص192 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج4 ص189 والتاريخ الكبير للبخاري ج8 ص119 وعلل الترمذي ص415 والثقات ج3 ص61 والكامل ج1 ص379 وج2 ص63 وتاريخ بغداد ج2 ص186 وتاريخ مدينة دمشق ج56 ص18 وأسد الغابة ج1 ص309 وميزان الإعتدال ج4 ص214 وسير أعلام النبلاء ج16 ص238 وتاريخ المدينة ج2 ص437 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص112 وج2 ص153 والبداية والنهاية ج5 ص241 وج6 ص131 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1051 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص439 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص454 وج6 ص72 و 75 وج9 ص466 وج12 ص103.
([422]) السيرة الحلبية ج3 ص174 وقاموس الرجال (ط مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين) ج2 ص494 ومستدرك الوسائل ج2 ص514 وغوالي اللآلي ج1 ص227 ومكاتيب الرسول ج2 ص349 ومسند أحمد ج2 ص452 وعن صحيح البخاري ج1 ص119 و 120 وج3 ص91 وج5 ص117 وصحيح مسلم ج5 ص158 وسنن أبي داود ج1 ص605 وسنن النسائي ج2 ص46 وج1 ص262 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص171 وج2 ص244 وج6 ص319 وج9 ص65 و 88 وشرح مسـلم للنـووي ج12 ص87 وصحيح ابن خزيمـة ج1 ص125 وصحيح ابن حبان ج4 ص42 ونصب الراية ج4 ص243 و 244 وإرواء الغليل= = ج5 ص42 والثقات ج1 ص281 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص279 وتاريخ المدينة ج2 ص434 والبداية والنهاية ج5 ص59 وعيون الأثر ج2 ص63 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص92 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص71.
([423]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص254 وأسد الغابة ج2 ص344.
([424]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص254 و 255 وأسد الغابة ج3 ص344 وراجع: مكاتيب الرسول (ط دار صعب) ج1 ص113 عن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص288 وعن الكامل في التاريخ ج2 ص80 وعن الطبقات لابن سعد ج1 ص258 و 259 وتاريخ أبي الفداء ج1 ص148 والتنبيه والإشراف ص225.
([425]) مكاتيب الرسول للأحمدي (ط دار صعب) ج1 ص140 وأسد الغابة ج1 ص246 و 247.
([426]) راجع: الكافي ج8 ص499.
([427]) أسد الغابة ج1 ص247 وتاريخ المدينة لابن شيبة ج2 ص439 والسنن الكبرى ج9 ص66 والسيرة الحلبية ج3 ص174 والكافي ج8 ص299.
([428]) السيرة الحلبية ج3 ص174 وأسد الغابة ج1 ص246 و 247 وراجع المصادر المتقدمة في الهامش السابق.
([429]) السيرة الحلبية ج3 ص174.
([430]) السيرة الحلبية ج3 ص174 عن الإستيعاب (بهامش الإصابة) وتاريخ المدينة لابن أبي شبة النميري ج2 ص439.
([431]) السيرة الحلبية ج3 ص174 والكافي ج8 ص299 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص66 وأسد الغابة ج1 ص247 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص439.
([432]) المعجم الكبير ج6 ص219 ومجمع الزوائد ج5 ص35 والعلل لأحمد بن حنبل ص402 وحلية الأولياء ج1 ص207 والإمامة وأهل البيت (لمحمد بيومي مهران) ج1 ص31.
([433]) البحار ج63 ص226 وتقريب التهذيب ج2 ص362 وأسد الغابة ج1 ص295 وإكمال الكمال ج2 ص126 وضعيف سنن الترمذي ص51 والمعجم الكبير ج2 ص276 وعون المعبود ج4 ص64.
([434]) البحار ج63 ص227 عن فتح الباري، ومجمع الزوائد ج5 ص32 وعن فتح الباري ج9 ص443 وتحفة الأحوذي ج5 ص440 وأسد الغابة ج5 ص268.
([435]) راجع: البحار ج63 ص325 ـ 327.
([436]) العلهز: هو الدم يخلط بأوبار الإبل، فيشوى على النار.
([437]) الآية 76 من سورة المؤمنون.
([438]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص3 عن البخاري، والإكتفاء، والسيرة الحلبية ج3 ص145 وعن فتح الباري ج8 ص69 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1054 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص72.
([439]) البحار ج20 ص291 والطبقات الكبرى ج2 ص84 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص110 والبداية والنهاية ج4 ص202 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص559.
([440]) تاريخ الخميس ج2 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص176 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص77 والطبقات الكبرى ج2 ص85 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص560 وعن عيون الأثر ج2 ص95.
([441]) المسترشد ص225 والطبقات الكبرى ج2 ص85 والثقات ج1 ص283 والتنبيه والإشراف ص219 وعن عيون الأثر ج2 ص96 والبحار ج20 ص291 وج30 ص136 وتـاريـخ مـدينـة دمشـق ج16 ص285 وج30 ص316 = = وج65 ص125 وسير أعلام النبلاء ج4 ص518 ومعجم البلدان ج4 ص366 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص157 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص86 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص286.
([442]) تاريخ الخميس ج2 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص176 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص79 وعن عيون الأثر ج2 ص97 والثقات ج1 ص283 والطبقات الكبرى ج2 ص86.
([443]) السيرة الحلبية ج3 ص176 وتاريخ الخميس ج2 ص9 والطبقات الكبرى ج2 ص86 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص286 وعن عيون الأثر ج2 ص98 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص71 والبحار ج20 ص291.
([444]) السيرة الحلبية ج3 ص176 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص77.
([445]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص77 ومجمع الزوائد ج6 ص210 والمعجم الكبير ج2 ص77 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص110 وج6 ص77 وأسد الغابة ج1 ص220 وعن الإصابة ج1 ص501 وعن عيون الأثر ج2 ص95.
([446]) الإصابة ج3 ص563 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص543 عن الطبري، وإكمال الكمال ج7 ص26 و 385 والأنساب للسمعاني ج4 ص202 وج5 ص569 والطبقات الكبرى ج3 ص470 وأسد الغابة ج5 ص27.
([447]) الإصابة ج4 ص19 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص18 والطبقات الكبرى ج2 ص452 وأسد الغابة ج5 ص146 والجرح والتعديل ج9 ص100 وتهذيب الكمال ج33 ص72 وسير أعلام النبلاء ج2 ص35 وتهذيب التهذيب ج12 ص18 وتقريب التهذيب ج2 ص360 وإسعاف المبطأ برجال الموطأ ص113.
([448]) الإصابة ج4 ص130.
([449]) الإصابة ج4 ص30 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص122 والطبقات الكبرى ج3 ص451 و 507 والثقات ج3 ص255 وأسد الغابة ج3 ص283 وج5 ص248 وتهذيب الكمال ج38 ص46 والمستدرك للحاكم ج3 ص350 و 351 والآحاد والمثاني ج4 ص31 وسير أعلام النبلاء ج1 ص189 وتهذيب التهذيب ج12 ص140 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص457 وتقريب التهذيب ج2 ص431.
([450]) الإصابة ج4 ص30 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص394 وتهذيب الكمال ج27 ص313 وتهذيب التهذيب ج10 ص60 وسبل الهدى والرشاد ج1 هامش ص123.
([451]) الإمتاع للمقريزي ص265 والطبقات الكبرى ج2 ص87 وعيون الأثر ج2 ص99 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص15 والبحار ج20 هامش ص292 عن الإمتاع، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص30 والبداية والنهاية ج4 ص203 وعن عيون الأثر ج2 ص99.
([452]) السيرة الحلبية ج3 ص177 وتاريخ مدينة دمشق ج55 ص296 وج67 ص15 والطبقات الكبرى ج2 ص85 و 87 وج8 ص33 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 وج11 ص31 والبحار ج20 ص292 وعن عيون الأثر ج2 ص99 وسير أعلام النبلاء ج2 ص249 وعن الإصابة ج8 ص152.
([453]) راجع: أسد الغابة ج5 ص469 وكتابنا "بنات النبي "صلى الله عليه وآله" أم ربائبه"، وكتابنا "القول الصائب في إثبات الربائب".
([454]) الثقات ج1 ص284 والطبقات الكبرى ج2 ص87 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص12 وراجع: أسد الغابة ج5 ص237 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص82 وذخائر العقبى ص158 والمنتخب من ذيل المذيل ص7 وراجع: تحف العقول ص455.
([455]) تاريخ الخميس ج2 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص177 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 والمستدرك للحاكم ج4 ص45 والطبقات الكبرى ج2 ص87 وج8 ص33 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص16 وعن عيون الأثر ج2 ص99 وعن الإصابة ج8 ص152 والآحاد والمثاني ج1 ص398 وسير أعلام النبلاء ج2 ص248.
([456]) تاريخ الخميس ج2 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص177 و 178 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص84 وجواهر العقود للأسيوطي ج2 ص27 ونصب الراية ج3 ص399 والفصول في الأصول للجصاص ج3 ص163 والعلل لأحمد بن حنبل ص313 وسير أعلام النبلاء ج2 ص249 والطبقات الكبرى ج8 ص33 وحلية الأبرار ج1 ص84 والبحار ج19 ص354 وراجع سنن ابن ماجة ج1 = = ص647 والمستدرك للحاكم ج3 ص639 والمصنف للصنعاني ج7 ص171 وراجع: شرح معاني الأخبار ج3 ص256 والمعجم الكبير ج19 ص202 وسنن الدارقطني ج3 ص177 وأسد الغابة ج4 ص266 وج5 ص237 و 468 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص19 والبداية والنهاية ج6 ص390 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص127 والجوهر النقي ج7 ص189 وإرواء الغليل ج6 ص341.
([457]) راجع: البحار ج22 ص159 والسرائر ص471 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج14 ص435 ومستطرفات السرائر ص565.
([458]) السيرة الحلبية ج3 ص177 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 وج11 ص31 والطبقات الكبرى ج8 ص33 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص16 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص570.
([459]) السيرة الحلبية ج3 ص177 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 وذخائر العقبى ص159 والمعجم الكبير ج22 ص430 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص12 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص483 ومجمع الزوائد ج9 ص216 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص166 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص196.
([460]) السيرة الحلبية ج3 ص177 و 178 وعن تحف العقول ص455 والبحار ج19 ص353 وشجرة طوبى ج2 ص241 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص345 وسنن النسائي ج7 ص185 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص185 وج9 ص95 ومجمع الزوائد ج9 ص216 والمعجم الكبير ج22 ص430 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص196 ونصب الراية ج3 ص401 وأسد الغابة ج5 ص237 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص166 والمنتخب من ذيل المذيل ص7 والبداية والنهاية ج3 ص401 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص482 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص520 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 و 85.
([461]) السيرة الحلبية ج3 ص177 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص85 وعن فتح الباري ج9 ص349 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص7 وسير أعلام النبلاء ج1 ص331 وعن الإصابة ج7 ص208.
([462]) السيرة الحلبية ج3 ص177 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص83 و 85 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص15.
([463]) السيرة الحلبية ج3 ص178 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج4 ص375 وسير أعلام النبلاء ج1 ص332 وج2 ص246 ومسند أحمد ج1 ص261 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص187 وفتح الباري ج9 ص348 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص20 والبداية والنهاية ج3 ص402 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص84.
([464]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص9 والسيرة الحلبية ج3 ص178 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص87 وعن عيون الأثر ج2 ص99 والطبقات الكبرى ج2 ص87 وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص286 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص15.
([465]) راجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص57 وعن عيون الأثر ج2 ص101 والبحار ج20 ص292 والطبقات الكبرى ج2 ص88 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص88.
([466]) تاريخ الخميس ج2 ص9 و 10 والسيرة الحلبية ج3 ص179 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص88 و 89 والبحار ج20 ص375.
([467]) قد تقدمت المصادر لهذه الفقرات ولأجل التذكير ببعضها، نقول: راجع: السيرة الحلبية ج3 ص179 ومكاتيب الرسول ج2 ص398 وسير أعلام النبلاء ج2 ص555 وتاريخ مدينة دمشق ج17 ص208 وتهذيب الكمال ج8 ص474.
([468]) السيرة الحلبية ج3 ص177 والبحار ج19 ص353 وشجرة طوبى ج2 ص241 والمستدرك للحاكم ج3 ص237 ومجمع الزوائد ج9 ص216 والمعجم الكبير ج22 ص430 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص196 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص166 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص483 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 وراجع: مناقب آل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص444.
([469]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص89.
([470]) تاريخ الخميس ج2 ص10 و 11 والسيرة الحلبية ج3 ص185 والدر المنثور ج2 ص277 و 278 عن مصادر كثيرة. وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 و 117 ومسند أحمد ج2 ص287 وعن سنن أبي داود ج2 ص331 وعن الجامع الصحيح للترمذي ج1 ص49 وسنن النسائي ج7 ص98 وراجع: عون المعبود ج12 ص17 وسنن النسائي ج2 ص296 ومسند أبي يعلي ج6 ص225 و 466 والفايق في غريب الحديث ج1 ص212 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص148 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص51 والبداية والنهاية ج4 ص205 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص341.
([471]) سورة المائدة الآية 33.
([472]) السيرة الحلبية ج3 ص85 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص117 وراجع: الدر المنثور ج2 ص277 عن البخاري، ومسلم، وعبد الرزاق، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، والنحاس في ناسخه، والبيهقي في الدلائل عن أنس والطبقات الكبرى ج2 ص93 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص599.
([473]) تاريخ الخميس ج2 ص11 عن الترمذي، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص117 وج9 ص200 ومسند أحمد ج3 ص290 وعن صحيح البخاري ج7 ص13 وعن سنن أبي داود ج2 ص332 والجامع الصحيح للترمذي ج1 ص50 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص283 وج9 ص70 وج10 ص4 وعن فتح الباري ج1 ص294 وج10 ص120 وشرح سنن النسائي ج7 ص95 وتحفة الأحوذي ج1 ص207 وعون المعبود ج12 ص19 ومسند أبي يعلي ج6 ص466 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص149 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص52 وفتح القدير ج2 ص34.
([474]) تاريخ الخميس ج2 ص11 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 وعن صحيح البخاري ج8 ص20 وسنن أبي داود ج2 ص330 وعون المعبود ج12 ص15 وصحيح ابن حبان ج10 ص320 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص148 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص481.
([475]) السيرة الحلبية ج2 ص246 عن ابن كثير. وراجع: واقعة أحد في هذا الكتاب، فصل: بعدما هبت الرياح.
([476]) المسند للشافعي ص315 والأم للشافعي ج4 ص259 والسنن الكبرى ج9 ص70.
([477]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص115 و 119 وفتح الباري ج1 ص292 وشرح معاني الآثار ج3 ص180.
([478]) تاريخ الخميس ج2 ص11 وراجع: وفاء الوفاء ج4 ص1174 و 1175 وتركة النبي "صلى الله عليه وآله" لحماد البغدادي ص107 والطبقات الكبرى ج1 ص495 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص234 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص423.
([479]) تاريخ الخميس ج2 ص11 عن ابن سعد, عن ابن عقبة.
([480]) السيرة الحلبية ج3 ص185 وتاريخ الخميس ج2 ص10 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 وراجع: موسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص599 والطبقات الكبرى ج2 ص93.
([481]) راجع: الدر المنثور ج2 ص277 عن ابن جرير، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص52 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص117.
([482]) السيرة الحلبية ج3 ص185 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 و 117 وفي ص312: أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر.
([483]) عن فتح الباري ج1 ص416 والجامع الصحيح للترمذي ج1 ص64 والمستدرك للحاكم ج1 ص169 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص271 و 273 و 274 ومسند أحمد ج4 ص363 وسنن أبي داود ج1 ص42 وتحفة الأحوذي ج1 ص265 وعون المعبود ج1 ص179 والمنتقى من السنن المسندة للنيسابوري ص32 والمعجم الأوسط ج4 ص225 والمعجم الكبير ج2 ص308 و 336 و 348 و 357 و 358 ومسند إبراهيم بن أدهم ص40 و 41 ونصب الراية ج1 ص137 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص30 والدر المنثور ج2 ص263 والضعفاء للعقيلي ج2 ص76 وتهذيب الكمال ج2 ص38 وميزان الإعتدال ج2 ص89 وتهذيب التهذيب ج2 ص64 والبداية والنهاية ج5 ص93 وتاريخ جرجان ص228 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص54.
([484]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن جرير، وأبي عبيد، وراجع: البحار ج37 ص248 والغدير ج6 ص256 وراجع: المستدرك للحاكم ج1 ص163.
([485]) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص30 وراجع: فتح القدير ج2 ص4.
([486]) الدر المنثور ج2 ص252 ومجمع الزوائد ج7 ص13وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص3 وفتح القدير ج2 ص3 والبداية والنهاية ج3 ص31 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص424 عن أحمد.
([487]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر في الصلاة، والطبراني، وأبي نعيم في الدلائل، والبيهقي في شعب الإيمان، وراجع: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص3 ومجمع الزوائد ج7 ص13 والبيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص341 والبداية والنهاية ج3 ص31 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص424 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص257.
([488]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن أبي شيبة في مسنده، والبغوي في معجمه، وابن مردويه، والبيهقي في دلائل النبوة. وراجع: الآحاد والمثاني ج2 ص431 وأسد الغابة ج5 ص344.
([489]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أبي عبيد وراجع: الغدير ج6 ص256.
([490]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن جرير وجامع البيان لابن جرير الطبري ج6 ص112.
([491]) الدر المنثور ج2 ص277 عن ابن جرير، والطبراني في المعجم الكبير وراجع: المحلى لابن حزم ج11 ص300 ومجمع الزوائد ج7 ص15 والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص199 وجامع البيان ج6 ص280 والتبيان للطوسي ج3 ص505 ومجمع البيان للطبرسي ج3 ص324 وزاد المسير لابن الجوزي ج2 ص269 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص149 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص50 وفتح القدير ج2 ص37.
([492]) الدر المنثور ج2 ص278 عن عبد الرزاق، والمصنف للصنعاني ج10 ص107وتفسير القرآن العظيم ج2 ص52.
([493]) الدر المنثور ج2 ص278 عن ابن جرير وعبد الرزاق، وكنز العمال ج2 ص405 وجامع البيان ج6 ص282 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص52.
([494]) ستأتي المصادر لذلك.
([495]) الآية 33 من سورة المائدة.
([496]) راجع: نور الثقلين ج1 ص621 و 622 والبرهان ج1 ص465 و 467 عن الكليني، والعياشي، والشيخ في تهذيب الأحكام، والكافي ج7 ص245 وكنز الدقائق ج4 ص102 و 103 وتفسير العياشي ج1 ص314 وتفسير الصافي ج2 ص31 وتهذيب الأحكام ج10 ص135 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج18 ص535 وميزان الحكمة ج10 ص574 وتفسير الميزان ج5 ص331 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص597.
([497]) تاريخ الخميس ج2 ص11 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص71 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص287 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1035 وعن عيون الأثر ج2 ص103.
([498]) تاريخ الخميس ج2 ص11 والسيرة الحلبية ج3 ص181 و 182 والإصابة ج1 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص93 و 94 وعن عيون الأثر ج2 ص105 والطبقات الكبرى ج2 ص89 والثقات ج1 ص285 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص4 وج69 ص80 والمغازي للواقدي ج2 ص560 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1048 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص286 والبداية والنهاية ج4 ص204 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص85 وإعلام الورى بأعلام الهدى ج1 ص202 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص340.
([499]) تاريخ الخميس ج2 ص11 و 12 والسيرة الحلبية ج3 ص181 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص94 والبداية والنهاية ج5 ص239 والمستدرك للحاكم ج4 ص541 ومجمع الزوائد ج5 ص318 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1048 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص437 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص108.
([500]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص469 عن ابن سعد، والسيرة الحلبية ج2 ص277 وسيرة مغلطاي ص54 ونهاية الإرب ج17 ص163 والمواهب اللدنية ج1 ص108 وزاد المعاد ج2 ص112 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص23 والتنبيه والإشراف ص214 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 ووفاء الوفاء ج4 ص1328 والبداية والنهاية ج4 ص105 وعن عيون الأثر ج2 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص342 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص201.
([501]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص403 والبداية والنهاية ج4 ص105 وعن عيون الأثر ج2 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص342 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص200 و 201 والطبقات الكبرى ج2 ص62.
([502]) تهذيب التهذيب ج12 ص116 وراجع: المصنف للصنعاني ج7 ص62 وسنن الدارقطني ج4 ص10 ونصب الراية ج5 ص218 وإرواء الغليل ج6 ص159 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج18 ص152 والطبقات الكبرى ج2 ص89 وج3 ص129 وج5 ص155 وج8 ص298 و 99 وطبقات خليفة = = بن خياط ص422 وتاريخ مدينة دمشق ج7 ص365 وج69 ص79 وراجع: أسد الغابة ج1 ص115 وج3 ص314 وعن عيون الأثر ج2 ص105.
([503]) السيرة الحلبية ج3 ص182 والإصابة ج1 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص94 والثقات لابن حبان ج1 ص285 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص573 وإعلام الورى للطبرسي ج1 ص202 عن المغازي للواقدي ج2 ص560 والطبقات الكبرى ج2 ص89 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص642 وراجع: تاريخ خليفة بن خياط ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص171.
([504]) تهذيب التهذيب ج12 ص105 والطبقات الكبرى ج5 ص155 وتاريخ مدينة دمشق ج29 ص291 وراجع: ص306.