الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج12
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الثاني:
حصار وإنهيار
نزول النبي ' على بئر (أنا):
ولما سار النبي "صلى الله عليه وآله" إلى بني قريظة نزل على بئر من آبارهم (في ناحية أموالهم) يقال لها: (لنا) أو (أنا) عند حرة بني قريظة وتلاحق به الناس([1]).
وقال ابن زبالة: "عن عبد الحميد بن جعفر: ضرب رسول الله "صلى الله عليه وآله" قبته حين حاصر بني قريظة على بئر (أنا).
وصلى في المسجد الذي هناك.
وشرب من البئر.
وربط دابته بالسدرة التي في أرض مريم ابنة عثمان"([2]).
كرامة إلهية للنبي الأعظم ':
وقد ذكرت بعض المصادر: أن كرامة قد حصلت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" حين سار إلى بني قريظة فهي تقول:
"فسار المسلمون إليهم، فوجدوا النخل محدقاً بقصرهم، ولم يكن للمسلمين معسكر ينزلون فيه.
ووافى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: ما لكم لا تنزلون؟!
فقالوا: ما لنا مكان ننزل به، من اشتباك النخل.
فوقف في طريق بين النخل، فأشار بيده يمنة، فانضم النخل بعضه إلى بعض، وأشار بيده يسرة، فانضم النخل كذلك، واتسع لهم الموضع: فنزلوا"([3]).
ونقول:
إن هذه الكرامة، لا بد من أن تزيد من يقين المسلمين وتزيل من نفوسهم وبتعبير أدق من نفوس بعضهم أي تردد أو شك يمكن أن يراودهم ويعترض سبيل يقينهم، ثم هي تكسر عنجهية وعنفوان غيرهم من المعاندين، ولا سيما من اليهود، الذين كانوا يعرفون هذا النبي كما يعرفون أبناءهم ولكنهم يكابرون، ويجحدون ما يعلمون أنه الحق.
وإذا كان ثمة من مبرر لحصول هذه الكرامة الإلهية في هذا الظرف الحساس بالذات، فهو عزاء أولئك الضعفاء من المسلمين الذين كان اليهود يحتلون مكانة متميزة في نفوسهم، لإزالة كل أثر سلبي أو عقدة تنشأ من الصدام معهم، وإلحاق الأذى بهم.
وهو كذلك يكشف كل زيف وخداع يمارسه اليهود لتضليل الناس فيما يرتبط بنبوة نبينا الأكرم "صلى الله عليه وآله".
عدة وعدد المسلمين:
ويقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" قد سار إلى بني قريظة في ثلاثة آلاف مقاتل([4]). وكان معه من الخيل ستة وثلاثون فرساً([5])، وكانت للنبي "صلى الله عليه وآله" ثلاثة أفراس([6]).
ونحن نشك في ذلك: وذلك لأن عدد المسلمين في غزوة الأحزاب لم يزد على الألف رجل، بل كانوا أقل من ذلك أيضاً.
والظاهر: أن ما يمكن للمدينة أن تقدمه من الرجال القادرين على القتال لا يزيد على ألف وست مئة رجل فراجع الجزء العاشر([7]) من هذا الكتاب لتجد بعض ما يفيد في هذا المجال.
الراية واللواء مع علي ×:
روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه "عليهما السلام": أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث علياً "عليه السلام" يوم بني قريظة بالراية، وكانت سوداء تدعى العقاب، وكان لواؤه أبيض([8]).
وقال ابن إسحاق: "وقدَّم رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة"([9]).
وصرح القمي: بأنها كانت الراية العظمى([10]).
وقال البعض: وخرج علي بالراية وكانت على حالها لم تطو بعد([11]).
ويظهر من روايات أخرى: أن راية المهاجرين أيضاً كانت مع علي "عليه السلام"، فقد روي أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" دعا علياً، فقال: قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة، فقام علي "عليه السلام"، ومعه المهاجرون، وبنو عبد الأشهل، وبنو النجار كلها، لم يتخلف عنه منهم أحد([12]).
ويظهر من روايات أخرى: أنه "صلى الله عليه وآله" قد دفع إلى علي اللواء أيضاً، فهي تقول: "فدعا "صلى الله عليه وآله" علياً فدفع إليه لواءه. وكان اللواء على حاله، لم يحل من مرجعه من الخندق، فابتدر الناس"([13]).
وفي نص آخر: وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحمل لواءه علي بن أبي طالب([14]). وعن عروة بعث علياً رضي الله تعالى عنه على المقدمة، ودفع إليه اللواء، وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" في أثره([15]).
وجمع نص آخر بين اللواء والراية فهو يقول: "وكان علي قد سبق في نفر من المهاجرين والأنصار فيهم أبو قتادة.. وغرز علي الراية عند أصل الحصن.
إلى أن قال أبو قتادة: وأمرني أن ألزم اللواء فلزمته، وكره أن يسمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" أذاهم وشتمهم"([16]).
علي × في بني قريظة:
قال الأربلي: "أنفذ أمير المؤمنين في ثلاثين من الخزرج، وقال: انظر بني قريظة: هل تركوا (نزلوا) من حصونهم؟
فلما شارفها سمع منهم الهجر، فرجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فأخبره، فقال: دعهم فإن الله سيمكن منهم. إن الذي أمكنك من عمرو لا يخذلك، فقف حتى يجتمع الناس إليك، وأبشر بنصر الله، فإن الله قد نصرني بالرعب من مسيرة شهر.
قال علي: فاجتمع الناس إلي، وسرت حتى دنوت من سورهم، فأشرف عليَّ شخص منهم ونادى: قد جاءكم قاتل عمرو.
وقال آخر كذلك. وتصايحوا بينهم. وألقى الله الرعب في قلوبهم، وسمعت راجزاً يرجز:
قـــتــــل عـــلــــي عـمــروا صــــاد عــــلــــي صـــقــر
قـــصــم عــــلــي ظـــهـــرا أبــــــرم عــــلـــــي أمــــر
هــتـــك عــــلــي ســــتــرا . . . .
فقلت: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك.
وكان النبي "صلى الله عليه وآله" قال لي: سر على بركة الله، فإن الله قد وعدكم أرضهم وديارهم.
فسرت متيقناً بنصر الله عز وجل حتى ركزت الراية في أصل الحصن، فاستقبلوني يسبون رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فكرهت أن يسمعه رسول الله، فأردت أن أرجع إليه، فإذا به قد طلع (وسمع سبهم له) فناداهم: يا إخوة القردة والخنازير، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت جهولاً ولا سباباً.
فاستحيا، ورجع القهقرى قليلاً، ثم أمر فضربت خيمته بإزاء حصونهم([17]).
وارتجاز راجزهم بما تقدم، وقول علي "عليه السلام": الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك، ذكره آخرون أيضاً([18]).
وسيأتي تعليقنا على الفقرات الأخيرة إن شاء الله تعالى.
النبي ' في بني قريظة:
ويقول المؤرخون: قدَّم رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب برايته (العظمى) إلى بني قريظة، وابتدرها الناس.
فسار حتى دنا من الحصون، فسمع منها مقالة قبيحة لرسول الله، فرجع حتى لقي النبي "صلى الله عليه وآله" في الطريق، فقال: يا رسول الله، لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابيث
(وفي نص آخر: ارجع يا رسول الله، فإن الله كافيك اليهود.)
قال: لِمَ؟ أظنك سمعت منهم لي أذى.
قال: نعم يا رسول الله.
قال: لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً.
فلما دنا منهم (زاد في نص آخر: أمرهم "صلى الله عليه وآله" أن يستروه بجحفهم ليقوه الحجارة حتى يسمع كلامهم، ففعلوا)، فناداهم: يا إخوان القردة (والخنازير)، هل أخزاكم الله، وأنزل بكم نقمته؟!
فقالوا: يا أبا القاسم ما كنت جهولاً (أو: ما كنت فاحشاً) الخ.."([19]).
زاد في بعض النصوص قوله: "فدعاهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، فأبوا أن يجيبوا إلى الإسلام، فقاتلهم رسول الله ومن معه من المسلمين حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، وأبوا أن ينزلوا على حكم النبي "صلى الله عليه وآله"، فنزلوا على داء"([20]).
وفي نص آخر أنهم: "أشرفوا عليه وسبوه وقالوا: فعل الله بك، وبابن عمك، وهو واقف لا يجيبهم"([21]).
غير أن نصاً آخر يشير: إلى أن علياً سمع منهم قولاً سيئاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأزواجه رضي الله عنهن، فكره أن يسمع ذلك رسول الله([22]).
ويذكر القمي: أن علياً "عليه السلام" جاء، وأحاط بحصنهم، فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن يشتمهم، ويشتم رسول الله الخ..
قالوا: لما قال "صلى الله عليه وآله" لهم: يا إخوة القردة والخنازير، وعبدة الطاغوت أتشتموني؟! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم،
أشرف كعب من أسيد بن الحصن، فقال: يا أبا القاسم، ما كنت جهولاً، فاستحيا رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى سقط الرداء عن ظهره، حياء مما قاله.
وفي نص آخر: وجعل يتأخر استحياء، مما قاله لهم([23]).
قالوا: وكان علي قد سبق في نفر من المهاجرين والأنصـار فيهم أبو قتادة. وغرز علي الراية عند أصل الحصن، فاستقبلونـا في صياصيهم يشتمون رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأزواجه.
قال أبو قتادة: وسكتنا وقلنا: السيف بيننا وبينكم.
وطلع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما رآه علي "عليه السلام" رجع إليه، وأمرني أن ألزم اللواء، وكره أن يسمع رسول الله "صلى الله عليه وآله" أذاهم وشتمهم([24]).
أما الطبرسي "رحمه الله" فيقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قال لهم: يا إخوة القردة، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، يا عباد الطاغوت، اخسأوا أخسأكم الله، فصاحوا يميناً وشمالاً: يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً فما بدا لك؟
قال الإمام الصادق "عليه السلام": فسقطت العنزة من يده وسقط رداؤه من خلفه، وجعل يمشي إلى ورائه، حياء مما قال لهم([25]).
ويقول نص آخر: فلما نزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" بحصنهم، وكانوا في أعلاه نادى بأعلى صوته نفراً من أشرافهم حتى أسمعهم، فقال: أجيبوا يا معشر يهود، يا إخوة القردة، قد نزل بكم خزي الله عز وجل، فحاصرهم([26]).
وعند اليعقوبي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لما عرف من علي "عليه السلام": أنهم أساؤوا القول، قال بيده هكذا، وهكذا. فانفرج الجبل حين رأوه.
وقال: يا عبدة الطاغوت، يا وجوه القردة والخنازير، فعل الله بكم وفعل.
فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت فاحشاً.
فاستحيا، فرجع القهقرى([27]).
وفي نص آخر أنهم: لما ترسوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وخاطبهم بيا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطواغيت أتشتموني، فجعلوا يحلفون بالتوراة التي أنزلت على موسى ما فعلنا، ويقولون: يا أبا القاسم، ما كنت جهولاً([28]).
ونقول:
إننا نرتاب كثيراً في دعوى أن يكون رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد كلمهم بكلام فاحش، برر اعتراضهم عليه لأجله حتى استحيا مما صدر منه حتى سقطت العنزة من يده، والرداء عن ظهره، ورجع القهقرى استحياء.
وذلك لأنه "صلى الله عليه وآله" إنما يشير بقوله لهم: يا إخوان القردة والخنازير إلى المسخ على صورة القردة والخنازير، الذي وقع في إخوانهم وقومهم من بني إسرائيل، بسبب ما ارتكبوه في حق الدين وأهله.
فهو "صلى الله عليه وآله" لم يكن بذلك فحاشاً، ولا قال لهم ذلك عن جهالة، بل أراد أن يذكرهم بعواقب التمرد على الله الذي لمسوه بأنفسهم، وعرفوا عواقبه السيئة ورأوها بأم أعينهم. فلم يكن تصرف الرسول تجاههم وموقفه منهم عن جهالة أيضاً بل هو في غاية الحكمة والدقة، وليس فيه ما يوجب الاستحياء، ولا ما يستوجب سقوط العنزة من يده والرداء عن ظهره.
مفارقة ما كنت جهولاً!!
إن من غريب الأمور: أن نجد اليهود الغدرة، الفجرة، الذين ما فتئوا يوجهون أنواع السباب للمسلمين، ولخصوص الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" ـ بل لقد ذهبت بهم الجرأة إلى حد التعرض بالسباب لأزواجه عليه وعلى آله الصلاة والسلام ـ هؤلاء اليهود بالذات يتظاهرون الآن بأنهم من أنصار الالتزام بالقيم والمثل، ويذكرون النبي "صلى الله عليه وآله" بها. مع أنه "صلى الله عليه وآله" لم يتجاوز عما تفرضه القيم والمثل قيد أنملة، فإنه لم يخاطبهم إلا بما هو حق وواقع، بهدف ردعهم عن ممارساتهم المشينة واللاأخلاقية.
على أن موقفهم هذا: لم نجد له أثراً في تصحيح مواقفهم، والالتزام بما تمليه قواعد الخلق السامي والنبيل، كما أنهم لم يستفيدوا مما عرفوه ووثقوا به واطمأنوا إليه من صفات النبل والكرامة. إلا في دفع غائلة إظهار بعض واقعهم، وإيقاف ما يتعرضون له من فضح لهذا الواقع، حتى لا تزيد هذه الفضيحة وتنتشر، وتتفاعل، لتعيق وصولهم لبعض ما يطمحون للوصول إليه.
وخلاصة الأمر: إنهم في حالة الأمن يغدرون، ويفعلون كل منكر، ويرتكبون كل ما هو سفه ونذالة.
وإذا قدروا فإنهم لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم في حق من يرون به خطراً على مصالحهم الدنيوية.
وإذا عجزوا؛ فإنهم يتظاهرون بالولاء للقيم، والمثل العليا في حين أنهم يتربصون ويترصدون الفرص لتجاوز حالة العجز تلك ليعودوا للانطلاق في مهمه ضلالاتهم، وممارسة أبشع أنواع الوغول في الدنس والرذالة والرذيلة.
ويقول البعض: "هذه خلال اليهود، يسفهون إذا أمنوا، ويقتلون إذا قدروا، ويذكرون الناس بالمثل العليا إذا وجلوا، ليستفيدوا منها وحدهم لا لشيء آخر"([29]).
موقف مصطنع لابن حضير:
ويقولون: "سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم، وتقدمه أسيد بن حضير، فقال: يا أعداء الله، لا نبرح حصنكم حتى تموتوا جوعاً، إنما أنتم بمنزلة ثعلب في جحر.
قالوا: يا ابن الحضير، نحن مواليكم دون الخزرج، وخاروا، وقال: لا عهد بيني وبينكم، ولا إلٌَّ"([30]).
ونحن نرتاب في صحة هذه الرواية: ونقدِّر أنها مصطنعة لصالح ابن حضير الذي كان ثمة اهتمام بنسبة الفضائل إليه، بسبب مواقفه المؤيدة للحكام بعد رسول الله والمناهضة لبني هاشم. وسبب ريبنا في صحة هذه الرواية هو ما يلي:
أولاً: إن الروايات تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قدم علياً "عليه السلام" إلى بني قريظة، وليس ابن حضير، وقول الحلبي: "تقدم أسيد إلى بني قريظة يجوز أن يكون قبل مقدم علي لهم، ويجوز أن يكون بعده"([31]) ليس له ما يبرره، إذ إن كلامه هذا لا يحل مشكلة التنافي بين تقديم علي "عليه السلام" وتقديم أسيد، لأن الثابت هو تقديم علي دون غيره.
ويمكن المناقشة فيما ذكرناه: بأن النص المذكور لم يصرح بأن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي قدم أسيد بن حضير، فقد يكون أسيد قد ذهب إليهم من تلقاء نفسه وبصفته الشخصية، لا أنه كان على رأس الجيش.
فإن النص يقول: "تقدمه أسيد بن حضير".
ولكن ذلك غير مقبول: فإن تحرك أسيد أو غيره من تلقاء نفسه، ومن دون إذن أو تقديم منه "صلى الله عليه وآله" بعيد وغير سديد.
ثانياً: يلاحظ: أن ابن حضير قد نسب الحلف الذي نفاه إلى نفسه لا إلى قومه حيث قال: "لا عهد بيني وبينكم، ولا إلٌّ"!!
إلا أن يقال: إن نقض أحد زعماء القبيلة لحلف وكذلك عقده له هو عند العرب ملزم لقبيلته كلها.
ثالثاً: إن بني قريظة إنما خافوا وخاروا حينما نادى علي "عليه السلام": "يا كتيبة الإيمان الخ.."، فحينئذٍ أرسلوا إلى حلفائهم الأوس أن يأخذوا لهم مثلما أخذت الخزرج لبني قينقاع، وسيأتي ذلك تحت عنوان: الفتح على يد علي "عليه السلام".
القتال ثم الحصار:
"ثم قدم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الرماة من أصحابه وأمرهم بأن يرموهم، ويراميهم اليهود واستمر الرمي إلى أن ذهبت ساعة من الليل، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" واقف على فرسه عليه السلاح، وأصحاب الخيل حوله. ثم أمر "صلى الله عليه وآله" أصحابه بالانصراف.
قال كعب بن عمر المازني: فانصرفنا إلى منزلنا، وعسكرنا، فبتنا. وكان طعامنا تمراً بعث به سعد بن عبادة أحمال تمر، فبتنا نأكل منها، ولقد رئي رسول الله، وأبو بكر، وعمر يأكلون من ذلك التمر"([32]).
وكان طعام الصحابة أيام الحصار: التمر، يرسل به إليهم سعد بن عبادة، وقال "صلى الله عليه وآله" يومئذٍ: نعم الطعام التمر([33]).
وكانوا يقاتلونهم في كل يوم من جوانب الحصن، ويرمونهم بالنبل والحجارة([34]).
وعن عائشة بنت سعد، عن أبيها، قال: قال لي رسول الله "صلى الله عليه وآله": يا سعد، تقدم فارمهم.
فتقدمت حيث تبلغهم نبلي، ومعي نيف عن الخمسين، فرميناهم ساعة وكأن نبلنا مثل جراد فانجحروا([35])، فلم يطلع منهم أحد، وأشفقنا على نبلنا أن يذهب، فجعلنا نرمي بعضها، ونمسك البعض([36]).
ويظهر من الرواية: أن ذلك قد كان فور وصول رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم، وبعد أن كلمهم.
وحاصرهم المسلمون أشد الحصار([37]).
وجعل المسلمون يعقب بعضهم بعضاً، أي يقاتلهم فوج ويرتاح فوج. فلما أيقنوا بالهلكة تركوا رمي المسلمين، وأرسلوا نباش بن قيس لمفاوضتهم([38]).
ونقول:
إننا نذكر القارئ الكريم بالأمور التالية:
1 ـ قال الواقدي: "ويقال: إنه لم يطلع منهم أحد، ولم يبادر (يبارز خ ل) للقتال في روايتنا"([39]).
وقال ابن سعد: "ورموا بالنبل، فانجحروا، فلم يطلع منهم أحد"([40]).
وهذا لا ينافي ما تقدم: من أنهم كانوا يرمون المسلمين من حصونهم.
ولا ينافي قول اليعقوبي: "قتل من بني قريظة، ثم تحصنوا فحاصرهم الخ.."([41]).
إذ إن الواقدي إنما يتحدث عن فترة الحصار، وأنه لم يحصل قتال بالسيف إبان هذه الفترة.
وسيأتي: أنهم قد نزلوا لمواجهة بعض كتائب المسلمين التي قادها كبار الصحابة فهزموها. ثم لما جاءهم أمير المؤمنين هزمهم، واضطرهم إلى النزول على حكم الله ورسوله. وقد كان ذلك بعد الحصار وفي اليوم أو الأيام الأخيرة منه.
وسيأتي الحديث عن ذلك: تحت عنوان: الفتح على يد علي "عليه السلام".
2 ـ إننا لا نستغرب: أن يحاول سعد بن أبي وقاص، وابنته تسجيل فضيلة لسعد، لا سيما في مجال الرمي، الذي مارسه المسلمون في هذه الواقعة.
ولكن ما يلفت نظرنا:
أولاً: أن لا يرد هذه الحديث إلا على لسان سعد نفسه، حدث به ابنته التي تفردت بروايته عنه، وكأنه لم يكن يجرؤ على أن يتحدث به أمام الناس، الذين كانوا يعرفون الحقيقة، وقد عاشوها وعاينوها، حتى لا يواجه ما لا يحب.
ثانياً: يستوقفنا أيضاً: أن يتضمن حديث سعد لابنته تلويحاً ظاهر الدلالة إلى أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان هو البادئ في رمي بني قريظة، وهو أمر لا تؤيده الشواهد التاريخية، بل قد ثبت ما ينافيه ويرده، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يبدأ أحداً بقتال، حتى يبتدئ.
وقد تقدم هذا الأمر عنه وعن علي أمير المؤمنين "عليه السلام" فراجع.
3 ـ قولهم: إن رمي المسلمين لبني قريظة قد استمر إلى أن أيقنوا بالهلكة، فأرسلوا نباش بن قيس لمفاوضة النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، فرجع إليهم وأخبرهم: أنه "صلى الله عليه وآله" لا يقبل إلا بأن ينزلوا على حكمه فأرسلوا حينئذٍ بطلب أبي لبابة،
إن هذا القول موضع شك وريب أيضاً: فإن هناك نصوصاً تدل على أنهم بعد أن رجع إليهم نباش استمروا أياماً. صدوا خلالها حملات بقيادة بعض كبار الصحابة، فجاءهم علي "عليه السلام"، فقهرهم، واضطرهم إلى النزول على حكم سعد بن معاذ، كما سيأتي تفصيله.
ولكن هؤلاء يريدون تجاهل دور سيد الوصيين قدر الإمكان، حقداً منهم وحنقاً، وخيانة للدين وللحقيقة.
ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.
مدة الحصار:
قد اختلفت كلمات الرواة والمؤرخين في مدة حصار المسلمين لبني قريظة وذلك على النحو التالي:
1 ـ حاصرهم أياماً، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ([42]).
أو: "فحصرهم حتى نزلوا على حكمه"([43]).
2 ـ حاصرهم إحدى وعشرين ليلة([44]).
وفي نص آخر: بضعاً وعشرين ليلة([45]).
3 ـ عشرة أيام([46]).
4 ـ أربع عشرة ليلة([47]).
وفي نص آخر: بضع عشرة ليلة([48]).
5 ـ خمسة عشر يوماً([49]).
6 ـ خمسة وعشرين([50]).
7 ـ وقيل: حصرهم شهراً([51]).
الفتح على يد علي ×:
قد تقدم: أن بني قريظة قد طارت قلوبهم رعباً من علي "عليه السلام" حين قدم إليهم، ونزيد هنا:
أن من الأمور المثيرة: أننا نجد الزبير بن بكار، يذكر لنا في كتاب المفاخرات نصاً يفيد: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بعث إلى بني قريظة أكابر أصحابه فهزموا، فبعث علياً، فكان الفتح على يديه تماماً كالذي جرى في خيبر.
فقد روى الزبير بن بكار مناظرة بين الإمام الحسن "عليه السلام" وبين عمرو بن العاص، والوليد بن عقبة، وعتبة بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، عند معاوية فكان مما قاله لهم الإمام الحسن "عليه السلام":
"وأنشدكم الله أيها الرهط أتعلمون.. أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة، فنزلوا من حصنهم فهزموا، فبعث علياً بالراية، فاستنزلهم على حكم الله، وحكم رسوله، وفعل في خيبر مثلها"([52]).
وقال القاضي النعمان مشيراً إلى جهاد علي "عليه السلام" في بني قريظة: "وانصرف رسول الله صلوات الله عليه وآله على بني قريظة، فقتلهم، وسبى ذراريهم، وكان ذلك بصنع الله لرسوله صلوات الله عليه وآله، وللمسلمين، وبما أجراه الله على يدي وليِّه علي صلوات الله عليه، وكان مقامه ذلك من أشهر المقامات وأفضلها"([53]).
ويروي المؤرخون: أنه لما تباطأ اليهود في إجابة طلب النبي "صلى الله عليه وآله" بالتسليم، والنزول على حكمه، صاح علي بن أبي طالب قائلاً: "يا كتيبة الإيمان".
وتقدم هو والزبير بن العوام، وقال: "والله، لأذوقن ما ذاق حمزة أو اقتحم (أفتحن) حصنهم".
(فخافوا، وقالوا: ننزل على حكم سعد).
فأرسل اليهود إلى حلفائهم من الأوس: أن يأخذوا لهم مثلما أخذت الخزرج لإخوانهم بني قينقاع الخ.."([54]).
ونقول:
ليلاحظ القارئ: حشر اسم الزبير في هذا المقام!!
وقال ابن الحجاج:
أنــا مــولــى الـكـرار يـوم حنين والـظـبا قـد تحكمت في النـحـور
أنـا مـولـى لمـن بـه افـتـتـح الإس‍ـ ـلام حصـني قـريـظـة والنـضـير
والـذي عـلـم الأرامــل في بـــدر عـلـى الـمشركين جـز الـشـعـور
مـن مـضــت لـيـلة الهرير وقتلاه جــزافــاً يحـصـون بـالـتـكبـير([55])
وسام الفتح:
ويحدثنا التاريخ: أن جماعة من الصحابة اعترضوا على أبي بكر على إقدامه على غصب الخلافة من علي بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله". وكان أول من تكلم منهم خالد بن سعيد بن العاص الأموي فقال له: "اتق الله، وانظر ما تقدم لعلي بن أبي طالب، أما علمت أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لنا، ونحن محدقون به، وأنت معنا في غزاة بني قريظة، وقد قتل علي "عليه السلام" عدة من رجالهم.
(وعند البياضي: وقد قتل علي رجالهم.
وعند ابن طاووس: وقد قتل علي "عليه السلام" عشرة من رجالهم، وأولي النجدة منهم): وكان الذين يحدقون به "صلى الله عليه وآله" آنئذٍ: جماعة من ذوي القدر والشأن من المهاجرين والأنصار:
يا معاشر قريش، إني أوصيكم بوصية فاحفظوها عني، ومودعكم أمراً، فلا تضيعوه، إن علي بن أبي طالب إمامكم من بعدي، وخليفتي فيكم، وبذلك أوصاني جبرئيل عن الله عز وجل.. ".
ثم تذكر الرواية: احتجاج كل واحد من الاثني عشر، وبعضهم احتج بحديث الغدير.
قال: "وقال في اليوم الرابع (أو في يوم الجمعة) لما جاء معاذ وعثمان (وفي نص آخر: سالم) مولى حذيفة كل في ألف رجل، يقدمهم عمر، (وفي نص ابن طاووس: أتاه عمر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن عمرو بن نفيل، فأتاه كل منهم متسلحاً الخ..
زاد في نص آخر: مع كل واحد منهم عشرة من رجال عشائرهم).
فلما توسط عمر المسجد، قال: يا أصحاب علي، إن تكلم فيكم أحد بالذي تكلم به الأمس لنأخذن ما فيه عيناه.
فقام إليه خالد (بن سعيد) فقال: يا ابن الخطاب، أبأسيافكم تهددنا؟ أم بجمعكم؟! إن أسيافنا أحد من أسيافكم، وفينا ذو الفقار، وسيف الله، وسيف رسوله، وإن كنا قليلين ففينا من كثرتكم عنده قلة، حجة الله، ووصي رسوله، ولولا أني أؤمر بطاعة إمامي لشهرت سيفي، وجاهدت في الله حتى أبلغي عذري، فقال أمير المؤمنين "عليه السلام": شكر الله مقالتك، وعرف ذلك لك".
وتذكر نصوص هذه القضية أيضاً: أن عمر أمر خالداً بالسكوت، لأنه ليس من أهل المشهورة، فقال له خالد بن سعيد:
بل اسكت أنت، فإنك تنطق بغير لسانك، وتفوه بغير فيك، وإنك لجبان عند الحرب (كما يظهر) ما وجدنا لك في قريش فخراً.
وفي نص آخر: إنك ألأمها حسباً، وأقلها عدداً (أدباً)، وأخملها ذكراً، وأقلها غناء عن الله عز وجل وعن رسوله، وإنك لجبان عند الحرب، بخيل في الجدب، لئيم العنصر، مالك في قريش مفخر، فأسكته خالد.
زاد في الإحتجاج قوله: وأخسها قدراً([56]). وثمة زيادات أخرى فراجع.
قال ابن طاووس: "هذا الحديث روته الشيعة متواترين"([57]).
ولنا مع هذا الحديث وقفات، نقتصر منها على ما يلي:
1 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" إنما يوصي خصوص قريش بهذه الوصية بحضور ذوي القدر والشأن من أصحابه المهاجرين والأنصار.
ولا نبعد إذا قلنا: إنه "صلى الله عليه وآله" كان على معرفة تامة بنوايا قريش تجاه خلافة علي "عليه السلام" بعده، وقد كان وما يزال يلمح ويصرح به لهم في المناسبات المختلفة منذ أوائل بعثته "صلى الله عليه وآله". وكان يدرك تململ قريش، ومن يدور في فلكها من هذا الأمر، ورفضها الباطني له. هذا الرفض الذي كان يترجم في مواقف عملية لهم، وأسلوب تعامل هنا وهناك. وقد ذكرنا بعض ما يوضح هذا الأمر في كتابنا: "الغدير والمعارضون"، فليراجعه من أراد.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليوصي ذوي القدر والشأن من المهاجرين والأنصار، بهذه الوصية الحساسة والخطيرة، والثقيلة جداً على الكثيرين منهم، إلا حين يكون علي "عليه السلام" قد حقق إنجازاً كبيراً عجز عنه الآخرون.
وقد ألمحت الرواية إلى هذا الانجاز، وهو: أنه "عليه السلام" قد قتل رجالهم، أو عشرة من رجالهم، وأولي النجدة منهم (أي من بني قريظة).
وقد ذكرت النصوص المتقدمة أيضاً: أن فتح قريظة كان على يديه "عليه السلام"، وتحدثت عن رعب بني قريظة منه بمجرد معرفتهم بقدومه إلى حصنهم، وتحدثت عن هزيمة كبار الصحابة الذين أخذوا الراية، ثم فتح الله على يديه، تماماً كما جرى في خيبر.
وكل ذلك يشجعنا على القول: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليطرح قضية إمامة علي "عليه السلام" بعده، وهو يعلم أن في أصحابه من يستميت في سبيل إبطال هذا الأمر وإفشاله، إلا حينما تكون ثمة هزيمة نكراء لأولئك المناوئين، ونصر مؤزر لأمير المؤمنين "عليه السلام" يلجمهم عن التفوه بأي اعتراض، ويصدهم عن السعي لبلبلة الأفكار، وتسميم الأجواء والتشكيك في صوابية ما يوصيهم به "صلى الله عليه وآله"، ويأمرهم بالتزامه.
ويلمح إلى هذا بل يصرح به نفس هذا النص الذي نحن بصدده، حيث ذكر أنه "صلى الله عليه وآله" إنما قال لهم ذلك حين قتل "عليه السلام" رجال بني قريظة، أو عشرة من رجالهم وذوي النجدة منهم، حسبما تقدم.
3 ـ إن الهيئة الحاكمة وأنصارها حين أعوزتهم الأدلة والبراهين لجأوا إلى أسلوب التهديد، والوعيد، والقمع، وعرض العضلات.
ولولا أنهم كانوا على علم بأن قرار علي "عليه السلام" هو تجنب المواجهة المسلحة لكانوا قد حسبوا ألف حساب قبل أن يقدموا على ذلك.
4 ـ إن وقائع هذه القضية تعطينا: أن هؤلاء الأعيان من الصحابة حين أعلنوا عدم شرعية ما أقدم عليه أبو بكر وحزبه، واعتبروا ذلك تعدياً وغصباً، ومخالفة صريحة لأوامر النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"، فإنهم قد انطلقوا في مواقفهم هذه، من ثوابت عقائدية، واستجابة لشعور ديني وضميري وهَّاج ومرهف.
ولكن هذه المواجهة ـ رغم ذلك ـ: لم تتحول إلى غوغائية، أو حالة انفعالية، رغم استفزاز الحكم لهم، ومحاولته تطوير الصراع، لأنه كان يرى: أن من مصلحته تصعيد التحدي ليتفادى المأزق الذي يجد نفسه فيه، وهو يرى نفسه عاجزاً عن تبرير ما أقدم عليه بصورة منطقية ومعقولة.
ومن جهة أخرى: فإن هذه المعارضة قد عبرت في رفضها الاستجابة إلى استفزازت السلطة، عن أن ذلك ينطلق من التزامها الدقيق بطاعة قيادتها، ومن انضباطية صارمة وملفتة للنظر، فهي التي تقرر حجم الصراع ومستواه، وأساليبه ووسائلـه، وهي التي تفرض ما تقرره على خصومها أياً كانوا.
5 ـ إن خالد بن سعيد بن العاص الأموي قد وصف علياً هنا ب‍ "الوصي".
ونود أن نذكِّر القارئ الكريم: بأن هذا اللقب له "عليه السلام" كان معروفاً لدى الصحابة، ولدى عموم الناس، وكانوا يطلقونه عليه صلوات الله وسلامه عليه في كثير من المناسبات، وقد ذكر المعتزلي طائفة من الأشعار والأرجاز التي أوردت هذا اللقب([58]).
وتجده يتكرر كثيراً في كلمات وأشعار وأرجاز الناس في حربي الجمل وصفين، وغيرهما.
بل إن الخوارج قد احتجوا لخروجهم على أمير المؤمنين "عليه السلام" بقولهم: "زعم أنه وصي فضيَّع الوصية"([59]). وتتبع النصوص التي أوردت هذا الوصف له "عليه السلام" يحتاج إلى توفر تام، وتأليف مستقل.
6 ـ لقد أظهر هذا النص: أن عمر بن الخطاب لم تكن له مكانة مرموقة في قريش. وإنما استفاد من الظروف السياسية والاجتماعية في أيام الإسلام الأولى، لينشئ لنفسه موقعاً، ويحيط نفسه بهالة من نوع ما، ولا سيما في مجتمع المدينة، الذي كان أقل تجربة من المجتمع المكي، وأبعد عن أحابيل السياسة ومناورات وكيد السياسيين.
7 ـ لقد هدد خالد بن سعيد عمر بن الخطاب ومن معه بذي الفقار، وبعلي "عليه السلام" سيف الله وسيف رسوله.
ولم يعترض عليه عمر بشيء.
وهذا قد يلمح: إلى أن هذا اللقب "سيف الله" هو من ألقاب علي "عليه السلام"، وقد دلت على ذلك روايات كثيرة عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"([60]).
ولكن الآخرين قد سرقوا هذا اللقب، ومنحوه لخالد بن الوليد، مكافأة له على قتله ذلك الرجل المسلم مالك بن نويرة، ثم الزنى بامرأته ليلة قتله.
وقد برروا قتله له بأنه كان يمتنع عن إعطاء الزكاة للحاكم المغتصب لمقام الخلافة. مع أن السبب الحقيقي هو عشقه لزوجة المقتول.
وقد أعطاه أبو بكر هذا الوسام حينما طالب عمر بمجازاة خالد: "لإحن قديمة بينهما ما كنت لأشيم سيفاً سله الله على أعدائه"([61]).
ثم نسبوا ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([62]).
مع أن صاحب اللقب الحقيقي هو علي "عليه السلام" كما أسلفنا.
8 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" قد أعلن لهم (أي للمهاجرين والأنصار) أمر ولاية علي "عليه السلام" في نفس الساعة التي شاهدوا فيها أثر علي "عليه السلام" في نصرة دين الله، حيث تحقق الفتح على يده، ورأوا بأم أعينهم فرار أولئك الذين يدبرون أو يشاركون في التدبير للإستئثار بالأمر، ونقض عهد الله ورسوله فيه.
وسيكون لهذا الكلام وقعه العميق في النفوس. ولا بد من أن تحتفظ به الذاكرة أزمنة طويلة، وسيتذكره الذين سمعوه في نفس اللحظات التي يرون فيها أن وصية الرسول "صلى الله عليه وآله" قد خولفت، وأوامره وعهوده قد نُقضت.
ولذلك بادر خالد بن سعيد بن العاص إلى التذكير بهذه الوصية في هذه اللحظة بالذات، وسجل إدانته الصريحة لمخالفتهم أوامر النبي "صلى الله عليه وآله"، ونقضهم لعهده.
9 ـ إن النبي الكريم "صلى الله عليه وآله" قد حصر عواقب نقض وصيته في علي "عليه السلام" بأمور ثلاثة، هي:
ألف: الإختلاف في الأحكام.
ب: إضطراب أمر دينهم عليهم.
ج: أن يليهم شرارهم.
وهي أمور لا بد أن يولوها أهمية بالغة، لأنها تضر بسعادتهم الدنيوية، والأخروية على حد سواء. فإن ولاية الأشرار تضر بأمنهم، بجميع وجوهه، وفي مختلف مواقعه، فلا أمن على الأوراح، ولا على الأعراض، ولا على الأموال.. كما أنه يفقدهم الثقة بسياسات حكامهم، وبنواياهم، وبصحة تفكيرهم، وسلامة قراراتهم يفقدهم القدرة على التخطيط للمستقبل، الأمر الذي يجعلهم في مهب الريح، تتقاذفهم رياح الأهواء، وتكون قراراتهم مرتجلة، وعشوائية، وغبية، ويكون غيرهم هو الذي يتحكم بمصيرهم، حسبما يحلو له، وبما ينسجم مع ما يراه من مصلحته.. وذلك هو الضياع والخسران المبين في الحياة الدنيا..
كما أن إبعاد من نصبه الله ولياً وحاكماً، وإماماً عن موقعه الطبيعي، يؤدي بهم إلى الاختلاف في الأحكام، لأن الناس إذا تركوا إمامهم صاروا مثل غنم غاب عنها راعيها. ولن يجديهم نفعاً لجوءهم إلى أناس عاديين مثلهم، فإنهم سوف لا يهتدون إلى كثير من الأحكام، لأنهم يملكون من المعرفة بكلام الرسول "صلى الله عليه وآله" وبمواقفه، أو قد يعرفون عدداً منها ما يكفي للأمن من الزلل والخطل.. كما أن ما علموه من أقواله "صلى الله عليه وآله" ومواقفه، يجهلون مبرراته، وحيثياته، فيفهمونه على غير وجهه، فقد يتوهمون العام خاصاً، أو الخاص عاماً، والمقيد مطلقاً وعكسه. وتختلط عليهم أمور كثيرة فيما يرتبط بالقواعد والمناهج..
هذا كله، بالإضافة إلى سعي ذوي النفوذ، وطلاب اللبانات، وأصحاب الأهواء إلى التدخل في الأحكام، وفرضهم التلاعب بها لمصلحتهم .. والأحداث والوقائع التاريخية خير شاهد على ذلك.
10 ـ وآخر ما نذكره في تعليقنا على الحدث المتقدم، أنه يذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أوصى قريشاً بقبول خلافة وإمامة علي "عليه السلام" بعده، بعد أن قتل علي "عليه السلام" بني قريظة، أو رجالاً من أهل النجدة فيهم.. وهذا يؤيد ما قاله ابن واضح اليعقوبي: "وقتل من بني قريظة، ثم تحصنوا فحاصرهم"([63]).
ثم كان الفتح أخيراً أيضاً على يد أمير المؤمنين علي "عليه السلام" كما أكدته سائر النصوص التي قدمناها.
مبارزة الزبير لقريظي:
عن عكرمة: "لما كان يوم بني قريظة، قال رجل من اليهود: من يبارز؟ فقام إليه الزبير، فبارزه.
فقالت صفية: واجدي.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أيهما علا صاحبه قتله، فعلاه الزبير، فقتله، فنفله رسول الله "صلى الله عليه وآله" سلبه"([64]).
ونقول:
1 ـ قال الواقدي: "ولم يسمع بهذا الحديث في قتالهم وأراه، وهل هذا في خيبر"([65]).
2 ـ تقدم أنه لم يطلع أحد من بني قريظة، ولم يبادر (يبارز) للقتال([66]). أما حينما ذهب إليهم غير علي، فإن الذاهبين إليهم قد هزموا بمجرد أن رأوا بني قريظة ينزلون إليهم، وأما حينما ذهب إليهم علي نفسه، فإنه هو استنزلهم من حصونهم فنزلوا منها على حكم سعد بن معاذ([67]).
3 ـ تقدم أيضاً ما يقرب من هذه القصة في غزوة الخندق، وأثبتنا أنها مكذوبة والظاهر: أن هؤلاء الناس متحيرون كيف يمكنهم تسطير الفضائل لمن يحبونهم. والله سبحـانه لم يزل ولا يزال يكشف زيف دعـاويهم العريضة وأقاويلهم وأباطيلهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
الحرب خدعة:
ويقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قال يوم بني قريظة: "الحرب خدعة"([68]).
ونحن نستبعد أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد قالها في هذه المناسبة، إذ لا مناسبة تقتضي ذلك، ولم يقم المسلمون بأي عمل فيه شيء من الخداع لبني قريظة. بل هم قد حاصروهم، وشددوا عليهم الحصار، وحصلت بعض المناوشات على الطريقة المعروفة والمألوفة.
ولم يوفق الذين قاموا بمهاجمتهم أولاً، حتى هاجمهم علي أمير المؤمنين، فكان الفتح على يديه "عليه السلام".
الفصل الثالث:
فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة
إسلام أبناء سعية:
"وقال ثعلبة، وأسيد أبنا سعية، وأسد بن عبيد عمهم: يا معشر بني قريظة، والله، إنكم لتعلمون أنه رسول الله، وإن صفته عندنا، حدثنا به علماؤنا، وعلماء بني النضير، هذا أولهم ـ يعني حيي بن أخطب ـ مع جبير ابن الهيبان، أصدق الناس عندنا، هو خبَّرنا بصفته عند موته.
قالوا: لا نفارق التوراة.
فلما رأى هؤلاء النفر إباءهم، نزلوا في الليلة التي نزلت قريظة، فأسلموا، فأمنوا على أنفسهم، وأهلهم، وأموالهم"([69]).
وأسيد، وأسد وثعلبة لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير بل كانوا فوق ذلك([70]). وهم نفر من هدل، من بني عم قريظة([71])، وليس من هذيل، كما في بعض المصادر التي زعمت أيضاً: أنهم من هذيل إخوة قريظة والنضير([72]).
وكان سبب إسلامهم: أن ابن الهيبان ـ من يهود الشام ـ قدم على بني قريظة فأقام عندهم، وكان يستسقي لهم أيام القحط، فيسقون، فحضرته الوفاة، فأخبرهم: أن سبب خروجه إلى يثرب هو أنه يتوقع خروج نبي قد أظل زمانه، مهاجره المدينة ليتبعه. ثم أوصاهم باتباعه.
فلما كان فتح بني قريظة قال أولئك النفر ـ وكانوا شباناً أحداثاً ـ : يا معشر يهود، والله، إنه الذي كان ذكره ابن الهيبان.
فقالوا: ما هو به.
قالوا: بلى والله، إنه لصفته.
ثم نزلوا، وأسلموا، وخلوا أموالهم، وأولادهم، وأهاليهم.
قال ابن إسحاق: وكانت أموالهم في الحصن مع المشركين، فلما فتح ردَّ ذلك عليهم([73]).
ونقول:
في النفس من هذه الرواية شيء، فإن ابن الهيبان قد مات قبل بعثة النبي "صلى الله عليه وآله"، والبعثة كانت قبل فتح قريظة بحوالي ثمانية عشر عاماً.
ولا بد أن يكون أبنا سعية حين موت ابن الهيبان شباباً، يدركون مغزى كلام ابن الهيبان، ويفهمون وصيته، ولا أقل من أن يكون لهم من العمر عشر سنين، فيكون عمرهم حين فتح قريظة حوالي ثلاثين سنة، فكيف يكون أولئك النفر عند فتح قريظة شباباً أحداثاً؟!.. إلا إذا كان يصدق على ابن الثلاثين أنه حدث!
وأما السؤال: عن سبب هجرة ابن الهيبان إلى المدينة وليس إلى مكة.
فقد يجاب عنه: بأن مكة لم تكن تقبل بسكنى اليهود فيها، وإن كان هذا الجواب محل نظر وتأمل، ويحتاج إثبات ذلك أو نفيه إلى دراسة وافية لهذا الموضوع.
عمرو بن سعدى ومحمد بن مسلمة:
1 ـ يذكر المؤرخون: أن عمرو بن سعدى اليهودي، قد صارح قومه بأنهم قد عاهدوا محمداً: ألا ينصروا عليه أحداً، وأن ينصروه ممن دهمه، فغدروا ولم يشركهم ابن سعدى في غدرهم، وقال لهم: "فإن أبيتم أن تدخلوا معه فاثبتوا على اليهودية، وأعطوا الجزية، فوالله، ما أدري يقبلها أم لا.
قالوا: نحن لا نقر للعرب بخرج في رقابنا، يأخذوننا به. القتل خير من ذلك.
قال: فإني بريء منكم. وخرج في تلك الليلة مع ابني سعية، حتى أتى مسجد رسول الله، فبات فيه، فلما أصبح غدا، فلم يدر أين هو حتى الساعة.
فسئل "صلى الله عليه وآله" عنه، فقال: ذاك رجل نجاه الله بوفائه"([74]).
2 ـ وقال المؤرخون أيضاً: "خرج في تلك الليلة (أي ليلة نزول بني قريظة على حكم النبي "صلى الله عليه وآله" عمرو بن سعدى القرظي، فمر بحرس رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة، فلما رآه قال: من هذا؟!
قال: أنا عمرو بن سعدى. (وكان قد أبى أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقال: لا أغدر بمحمد أبداً).
فقال محمد بن مسلمة حين عرفه: اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام، ثم خلى سبيله؛ فخرج حتى أتى مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالمدينة تلك الليلة.
ثم ذهب، فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا، فقال رسول الله فيه ما سبق.
3 ـ إن البعض يزعم: أنه كان أُوثق بِرِمّة فيمن أُوثق من بني قريظة، فأصبحت رمته ملقاة، ولا يدري أن يذهب، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيه تلك المقالة([75]).
4 ـ إن ابن خلدون يقول: "وفر عنهم عمرو بن سعدى القرظي، ولم يكن دخل معهم في نقض العهد، فلم يعلم أين وقع"([76]).
5 ـ قال الذهبي وغيره: "كان عمرو بن سعدى اليهودي في الأسرى، فلما قدموه ليقتلوه، فقدوه، فقيل: أين عمرو؟!
قالوا: والله، ما نراه، وإن هذه لرمته التي كانت فيها (الرمة قطعة من حبل) فما ندري كيف انفلت.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أفلت بما علم الله في نفسه"([77]).
ونقول:
أولاً: إنك ترى النصوص التاريخية لهذا الحدث مختلفة فيما بينها، مما يشير إلى وقوع تشويه عفوي أو عمدي في هذه القضية.
ثانياً: إذا كان هذا الرجل قد أبى الدخول مع قومه في الغدر، فمن الواضح: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لن يعاقبه بما فعل الآخرون، وقد قال الله تعالى: ?وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى?([78]).
بل سوف يجد نفسه معززاً مكرماً في ظل الإسلام، حتى ولو أراد أن يبقى على يهوديته.
وذلك يجعلنا نشك كثيراً فيما يزعمونه من أنه قد ربط مع قومه ليقتل ثم هرب.
وكذا ما يزعمونه من أنهم قدموه ليقتلوه فانفلت منهم دون أن يشعروا.
وكذا القول إنه هرب قبل ذلك، إذ لماذا يربط؟
ولماذا يعرضونه للقتل، ولماذا يهرب؟ وهو لم يفعل ما يستحق به ذلك.
ولماذا لا يعتمد على سماحة الإسلام وعفوه وكرمه؟ وهو يعلم أن الإسلام لا يأخذ البريء بذنب المسيء؟
ولماذا يحتاج إلى تدخل إلهي لإنجائه؟ حتى قال النبي "صلى الله عليه وآله": ذاك رجل نجاه الله بوفائه.
وهل كان "صلى الله عليه وآله" عازماً على قتله، مع علمه بوفائه، ثم نجاه الله منه؟!
ثالثاً: هل يمكن إفلات أحد من أيدي حراسه دون أن يشعروا به، مع أنهم قدموه ليقتلوه؟!
فهل هو من نوع الجن أو الملائكة، الذين يمكنهم إخفاء أنفسهم والانفلات دون أن يشعر بهم أحد، حتى في هذه اللحظات العصيبة والحساسة، ومع اجتماع الناس لأجل ذلك.
رابعاً: إن حديث إفساح محمد بن مسلمة له المجال لينفلت ويذهب إلى المسجد ليبيت فيه، ثم ذهب.. ينافي حديث ربطه مع قومه، وتقديمه للقتل، ولا ندري كيف نفسر هذا التصرف من محمد بن مسلمة، إذ لماذا لا يراجع فيه ابن مسلمة النبي "صلى الله عليه وآله"، ويستأمره في شأنه بل تصرف من عند نفسه، حتى لا يحرمه الله إقالة عثرات الكرام؟
وإذا كان عمرو بن سعدى لم يدخل مع قومه في الغدر، فأي عثرة له يريد محمد بن مسلمة أن يقيلها؟!
خامساً: ظاهر كلام البعض: أن ابن سعدى قد فر عن قومه، ولم يعلم أين وقع([79]).
ومعنى ذلك: أنه لم يؤسر، ولم يوثق، ولم يهرب من رمته، ولا حين تقديمه إلى القتل.
ونتيجة لما تقدم نقول:
إن الشبهة تحوم حول محمد بن مسلمة، الذي كانت له علاقات من نوع ما مع اليهود، وقد روي أن علياً "عليه السلام" قال لعمار بن ياسر: "ذنبي إلى محمد بن مسلمة: أني قتلت أخاه يوم خيبر، مرحب اليهود"([80]). ولعله كان أخاً له من الرضاعة، أو هو أخ له في الدين.
فَيُظن أنه هو الذي أفسح له المجال للهرب، وفق تفاهم بينهما، لا مجال للتكهن بتفاصيله وأسبابه.
كما أننا نرتاب في ما ينسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" من قول في هذا المجال، ولعل الأقرب هو ما ذكره البعض من أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "أفلت بما علم الله في نفسه"([81]) والله هو العالم بحقيقة الحال.
لا يقرون للعرب بأي امتياز:
والشيء الذي رأيناه يتكرر من اليهود هو هذه المشاعر العنصرية التي ألحقت الأذى بهم باستمرار، وأهلكتهم أو كادت.
وقد عمل اليهود أنفسهم على تركيز هذا الإحساس القوي بالعنصر، حتى كأنهم فوق جميع البشر، وذلك من خلال ما انتهجوه من أساليب خادعة وماكرة لفرض هيمنتهم الثقافية على العرب، بعد أن فشلوا فشلاً ذريعاً في صراعهم العسكري معهم.
وهذا في الحقيقة أمر امتحنهم الله فيه، أظهر من خلاله ما يخفونه من روح حاقدة ومتكبرة، ومتغطرسة وشريرة، ?وَلا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّئُ إِلا بِأَهْلِهِ?([82]). ?وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ?([83]).
مفاوضة نباش بن قيس مع النبي ':
وحين أيقن بنو قريظة بالهلاك، بسبب رمي المسلمين لهم، أنزلوا نباش بن قيس، فكلم رسول الله "صلى الله عليه وآله" ساعة، وقال: يا محمد ننزل على ما نزلت عليه بنو النضير، لك الأموال، والحلقة، وتحقن دماءنا، ونخرج من بلادكم بالنساء والذراري، ولنا ما حملت الإبل إلا الحلقة، فأبى رسول "صلى الله عليه وآله".
فقالوا: فتحقن دماءنا، وتسلم لنا النساء والذرية، ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا، إلا أن تنزلوا على حكمي.
فرجع نباش إلى أصحابه بمقالة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال كعب بن أسد: يا معشر بني قريظة: والله، إنكم لتعلمون أن محمداً نبي الله. وما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب، حيث لم يكن نبياً من بني إسرائيل، فهو حيث جعله الله. ولقد كنت كارهاً لنقض العهد والعقد، ولكن البلاء، وشؤم هذا الجالس (يعني حيي بن أخطب) علينا وعلى قومه، وقومه كانوا أسوأ منا. لا يستبقي محمد رجلاً واحداً إلا من تبعه.
أتذكرون ما قال لكم ابن حواس، حين قدم عليكم، فقال: تركت الخمر والخمير والتأمير، وجئت إلى السقاء والتمر والشعير؟!
قالوا: وما ذلك؟
قال: يخرج من هذه القرية نبي؛ فإن خرج وأنا حي اتبعته ونصرته، وإن خرج بعدي فإياكم أن تخدعوا عنه، فاتبعوه، وكونوا أنصاره وأولياءه، وقد آمنتم بالكتابين كليهما الأول والآخر.
قال كعب: فتعالوا؛ فلنتابعه، ولنصدقه، ولنؤمن به، فنأمن على دمائنا، ونسائنا وأموالنا، فنكون بمنزلة من معه.
قالوا: لا نكون تبعاً لغيرنا، نحن أهل الكتاب والنبوة، ونكون تبعاً لغيرنا؟!
فجعل كعب يرد عليهم الكلام بالنصيحة لهم.
قالوا: لا نفارق التوراة، ولا ندع ما كنا عليه من أمر موسى.
قال: فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا، ثم نخرج في أيدينا السيوف إلى محمد وأصحابه، فإن قُتِلنا، قُتِلنا وما وراءنا أمر نهتم به، وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء فتضاحك حيي بن أخطب، ثم قال: ما ذنب هؤلاء المساكين؟
وقالت رؤساء اليهود: الزبير بن باطا وذووه: ما في العيش خير بعد هؤلاء.
قال: فواحدة قد بقيت من الرأي لم يبق غيرها، فإن لم تقبلوها فأنتم بنو استها.
قالوا: وما هي؟!
قال: الليلة السبت، وبالحري أن يكون محمد وأصحابه آمنين لنا فيها أن نقاتله، فنخرج، فلعلنا أن نصيب منهم غرة.
قالوا: نفسد سبتنا، وقد عرفت ما أصابنا فيه؟!
قال حيي: قد دعوتك إلى هذا وقريش وغطفان حضور، فأبيت أن تكسر السبت، فإن أطاعتني اليهود فعلوا.
فصاحت اليهود: لا نكسر السبت.
قال نباش بن قيس: وكيف نصيب منهم غرة، وأنت ترى أن أمرهم كل يوم يشتد. كانوا أول ما يحاصروننا، إنما يقاتلون بالنهار، ويرجعون الليل، فكان هذا لك قولاً، لو بيتناهم. فهم الآن يبيتون الليل، ويظلون النهار، فأي غرة نصيب منهم؟! هي ملحمة وبلاء كتب علينا.
فاختلفوا، وسقط في أيديهم، وندموا على ما صنعوا، ورقوا على النساء والصبيان. وذلك أن النساء (والصبيان) لما رأوا ضعف أنفسهم هلكوا، فبكى النساء والصبيان، فرقُّوا عليهم([84]).
وقفات مع ما تقدم:
ونقول:
تستوقفنا في هذا الحديث عدة أمور، نذكر منها ما يلي:
1 ـ قد تقدم عدم صحة قولهم: إنهم حين أيقنوا بالهلكة أرسلوا نباش بن قيس، فلما رجع إليهم بالفشل، طلبوا أبا لبابة، ثم نزلوا على حكم ابن معاذ.
والصحيح هو: أنهم بعد عودة نباش بقوا أياماً([85])، صدوا خلالها ـ كما تقدم ـ حملات بقيادة كبار الصحابة، فجاءهم علي، ونادى يا كتيبة الإيمان، وانتهى الأمر باستسلامهم على يديه، وطلبوا أبا لبابة، ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ، كما تقدم.
2 ـ إن العبارة الأخيرة قد أسندت الأمر إلى القضاء والقدر الذي لا مفر منه، وأنها كما يقول بنو قريظة: "ملحمة وبلاء كتب علينا" وذلك من منطق اعتقادهم بالجبر الإلهي.
رغم أن القرار في إبعاد هذه الملحمة والبلاء عنهم يعود إليهم، وبإمكانهم تغيير مسار الأحداث لو تصرفوا بحكمة وتعقل وإنصاف، وتركوا الانقياد إلى الهوى، وإلى العصبيات والعنجهيات الفارغة.
3 ـ إن صيغة اقتراح قتل النساء والذرية تظهر بوضوح حقيقة نظرة اليهود إلى عنصر المرأة، واعتبارها من شؤون الرجل، وأن لا شخصية ولا كيان لها إلا بمقدار ما تخدم أغراض الرجل وأهواءه، وما تقدم له من متعة، فليلاحظ قوله: "وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء".
4 ـ إن اليهود الذين هم عبيد الدنيا، إنما يريدون تحقيق انتصارات كبيرة دون أن يكونوا على استعداد لخسارة أي شيء ذي بال، ومن دون أن يخوضوا حرباً، أو أن يقدموا شيئاً من الأموال والنفائس، بل هم يريدون أن يصلوا إلى أهدافهم عن طريق المكر والخديعة والاحتيال.
ولأجل هذا كانت مجالات تحركهم حين يواجهون الأزمات الكبيرة التي لا بد فيها من الصدام العسكري محدودة ومحصورة وضيقة إلى درجة كبيرة.
5 ـ لقد ابتلي اليهود بحب الدنيا، فقتلهم حب الدنيا بسيف الدنيا. وهذا هو غاية المهانة والخيبة، ومنتهى الخذلان والخسران.
6 ـ قد يمكر الإنسان بكل أحد، ويخدع أي إنسان، حتى أقرب الناس إليه؛ ولكنه لم يكن ليخدع نفسه أبداً.
اللهم إلا أن يكون على شاكلة الحطيئة الشاعر، الذي كان مولعاً بهجو الناس، فلما لم يجد أحداً يهجوه هجا نفسه، فقال:
أبـت شـفـتـاي اليوم إلا تـكـلمـاً بهجر فـما أدري الـذي أنـا قـائـله
أرى لـي شكلاً قـبـح الله وجـهـه فـقـبـح مـن وجـه وقـبـح حامله
وهذا بالذات هو ما جرى ليهود بني قريظة، فإنهم رغم اعتراف عدد من كبارهم بالحق وتأكيدهم على أن ما جاء به الرسول "صلى الله عليه وآله" هو محض الصدق، وأنه هو النبي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل، ويعرفونه كما يعرفون أبناءهم، فإنهم أصروا على رفض الاعتراف به، والتسليم والبخوع له.
مع أنهم ما فتئوا يؤكدون على أنهم لم يفارقوا أمر موسى، ولا يريدون مفارقة التوراة، رغم أن نبوة محمد "صلى الله عليه وآله" هي من التوراة، كما أنه ليس في اتباع محمد "صلى الله عليه وآله" ترك للتوراة ولا لموسى، بل هو التزام بهما بنحو أتم وأكمل، وأوفى وأدق وأشمل.
7 ـ لقد امتحن الله سبحانه بني إسرائيل في أمر حساس للغاية، حيث واجههم بالأمر الذي هو أساس الداء الوبيل فيهم، حينما بعث نبياً من غيرهم، فثارت فيهم روح التمييز العنصري، وأكل قلوبهم الحسد. والأنكى من ذلك أنهم كانوا يدركون ذلك ويصرحون به.
ثم يسلمهم اللجاج، وحالة الاستكبار، والصدود عن الحق إلى الدمار والبوار، وبئس المصير، الذي اختاروه لأنفسهم، وفي العذاب هم مشتركون.
خيانة أبي لبابة:
وحين خاف اليهود من مهاجمة علي "عليه السلام" لهم، كما قدمناه، سألوا النبي "صلى الله عليه وآله" أن يرسل إليهم أبا لبابة؛ ليشاوروه في أمرهم فأرسله إليهم. وقال له: "فأتهم، وقل معروفاً"([86]).
قالوا: وكان أبو لبابة مناصحاً لهم، لأن ماله، وعياله، وولده كانت في بني قريظة([87]).
واسم أبي لبابة: زيد بن عبد المنذر، وهو من بني قريظة، ابتاعه النبي "صلى الله عليه وآله" وهو مكاتب، فأعتقه([88]). فلما طلع عليهم انتحبوا في وجهه يبكون، وقالوا: لا طاقة لنا اليوم بقتال من وراءك([89]).
وبما أن نص الواقدي هو أجمع النصوص لخصوصيات ما حدث، فإننا نختاره على ما سواه ملخصاً عنه ثم نشير إلى سائر المصادر التي ذكرت النص كله أو بعضه أو اختصرته، فنقول:
لما اشتد الحصار على بني قريظة طلبوا من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يرسل إليهم أبا لبابة، فأرسله إليهم (ليلة السبت).
قال أبو لبابة: فقام كعب بن أسد، فقال: أبا بشير، قد علمت ما صنعنا في أمرك، وأمر قومك يوم الحدائق وبعاث، وكل حرب كنتم فيها. وقد اشتد علينا الحصار وهلكنا، ومحمد يأبى أن يفارق حصننا حتى ننزل على حكمه، فلو زال عنا لحقنا بأرض الشام، أو خيبر، ولم نطأ له حراً أبداً، ولم نكثر عليه جمعاً أبداً.
ثم أنحى أبو لبابة وكعب بن أسد باللائمة على حيي بن أخطب، فقال حيي: ملحمة وبلاء كتب علينا.
ثم استشاروا أبا لبابة في النزول على حكم النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال لهم: نعم، فانزلوا. وأشار إلى حلقه، هو الذبح.
ثم ذكر أبو لبابة: أنه ندم، فاسترجع، فقال له كعب: ما لك يا أبا لبابة؟!
قال: "فقلت: خنت الله ورسوله، فنزلت، وإن لحيتي لمبتلة من الدموع، والناس ينتظرون رجوعي إليهم".
ثم ذكر: أنـه أخـذ من وراء الحصن طريقـاً إلى المسجد، فـارتبط إلى الأسطوانة "المخلقة" وتسمى أسطوانة التوبة.
قال: وبلغ رسول الله ذهابي، وما صنعت.
فقال: دعوه، حتى يحدث الله فيه ما يشاء، لو كان جاءني استغفرت له.
قال: فكنت في أمر عظيم خمس عشرة ليلة.
ثم ذكر أنه كان قد رأى قبل ذلك رؤيا، فعبرها له أبو بكر، بقوله: "لتدخلن في أمر تغتم له، ثم يفرج عنك"، فكنت أذكر قول أبي بكر (رض) وأنا مرتبط، فأرجو أن تنزل توبتي([90]).
وعن الزهري: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استعمل أبا لبابة على قتالهم، فلما أحدث ما أحدث عزله واستعمل أسيد بن حضير.
وارتبط أبو لبابة سبعاً، وفي نص آخر: (عدة ليال) عند الأسطوانة التي عند باب أم سلمة، في حر شديد، لا يأكل فيهن ولا يشرب وقال: لا أزال هكذا حتى أفارق الحياة، أو يتوب الله عليَّ.
قال: فلم يزل كذلك، حتى ما يسمع الصوت من الجهد. ورسول الله "صلى الله عليه وآله" ينظر إليه بكرة وعشية. ثم تاب الله عليه.
وقد نزلت توبته في بيت أم سلمة في السحر. فاستأذنت رسول الله أن تؤذنه بذلك فأذن لها.
قالت: فقمت على باب الحجرة، وذلك قبل أن يضرب الحجاب، فقلت: يا أبا لبابة، أبشر، فقد تاب الله عليك، فثار الناس ليطلقوه فأبى إلا أن يطلقه رسول الله بيده، فلما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الصبح أطلقه.
تقول أم سلمة: رأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحل عنه رباطه، وأن رسول الله ليرفع صوته يكلمه، ويخبره بتوبته، ولا يدري كثيراً مما يقول من الجهد والضعف.
ويقال: مكث خمس عشرة مربوطاً. وكانت ابنته تأتيه بتمرات لفطره، فيلوك منهن ويترك، ويقول: والله، ما أقدر أن أسيغها فرقاً ألا تنزل توبتي. وتطلقه عند وقت كل صلاة، فإن كانت له حاجة توضأ، وإلا أعاد الرباط. وكان الرباط حز في ذراعه، وكان من شعر، وكان يداويه بعد ذلك دهراً. وكان يبين في ذراعه بعدما برئ([91]).
ونقول:
إن لنا مع هذه القضية وقفات:
أولاً: يلاحظ تناقض بين الروايات في مقدار المدة التي بقي أبو لبابة مرتبطاً فيها.
فقد تقدم أنها خمسة عشر يوماً، ورووا ذلك عن أم سلمة([92]).
وفي نص آخر: بضع عشرة ليلة، حتى ذهب سمعه، فما يكاد يسمع وكاد يذهب بصره وحتى خر مغشياً عليه([93]).
وقيل: سبع عشرة ليلة([94]).
وقال ابن إسحاق: خمساً وعشرين ليلة([95]).
وتقدم عن الزهري: أنه ارتبط سبعاً بين يوم وليلة([96]) حتى خر مغشياً عليه.
وقيل: ارتبط قريباً من عشرين ليلة أو عشرين ليلة([97]).
وقيل: ست ليال([98]).
ثانياً: لم نعرف السبب في ذهاب سمع أبي لبابة، ثم كاد أن يذهب بصره، فإن ترك الطعام والشراب، لمدة أسبوع أو أسبوعين، لا يوجب الطرش، ولا العمى، فلماذا يحتاح النبي "صلى الله عليه وآله" إلى أن يرفع صوته ليسمعه؟
كما أننا لا نعرف السبب في أنه غشي عليه، فإن ذلك أيضاً ليس من أسباب الإغماء.
ثالثاً: قد ذكرت رواية الزهري: أنه ارتبط في حر شديد([99]). وكان يوماً صائفاً([100]) لا يأكل ولا يشرب، فتسبب ذلك بذهاب سمعه، وكاد أن يذهب بصره.
ونقول:
قد تقدم في الفصل الأول من غزوة الخندق: قولهم: إن الخندق كانت في أيام شاتية، وبردٍ وقرٍّ شديد، بدءاً من حفر الخندق، وانتهاءً برحيل الأحزاب، فراجع، وقريظة بعد الخندق مباشرة.
رابعاً: قد تقدم أنهم لما عرفوا من أبي لبابة أن نزولهم على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعني الذبح،
قالوا: ننزل على حكم سعد بن معاذ([101]).
وذكر البعض: رواية أخرى عكس هذه، تقول: إنهم قالوا لأبي لبابة: ما ترى؟ أننزل على حكم سعد بن معاذ؟!
فأومأ أبو لبابة إلى حلقه: أنه الذبح، فلا تفعلوا([102]).
خامساً: رواية أبي لبابة للقضية تقول: إنه ارتبط إلى الأسطوانة المخلقة، التي يقال لها: أسطوانة التوبة([103]).
لكن الواقدي يقول: "ويقال: ليس تلك، إنما ارتبط إلى أسطوانة كانت وجاه المنبر، عند باب أم سلمة، زوج النبي "صلى الله عليه وآله". وهذا أثبت القولين"([104]) وهو ما ذكرته رواية الزهري، ويفهم أيضاً من الرواية المنسوبة إلى أم سلمة([105]).
وعن ابن عمر: الأسطوان التي ارتبط إليها أبو لبابة هي الثانية من القبر، وهي الثالثة من الرحبة([106]).
وجدير بالملاحظة هنا: أنه يوجد مسجد يقال له مسجد التوبة بالعصبة، منازل بني جحجبا، من بني عمرو بن عوف من الأوس. والعصبة في غربي مسجد قباء، فيها مزارع، وآبار كثيرة([107]).
قال السمهودي: "وما علمت السبب في تسميته بمسجد التوبة"([108]).
ونقول:
إننا نرجح: أن يكون أبو لبابة، بعد أن فعل، ما فعل التجأ إلى هذا المسجد بالذات، لأنه يقع في منطقته. وأما ما جرى في مسجد النبي، فهو ارتباط العشرة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك، وأبو لبابة معهم، إذ لا معنى لأن يأتوا إلى منازل بني جحجبا من بني عمرو بن عوف ليرتبطوا في مسجدهم.
سادساً: بالنسبة للآيات نقول:
1 ـ اختلفوا في الآية التي نزلت في مناسبة توبة أبي لبابة، فهل نزل قوله تعالى: ?وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ..?، كما هو الأثبت عند الواقدي، والمقريزي، والحلبي([109])؟
أم نزل قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ..?([110])؟
أو نزل قوله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ?([111])؟
أم أن آية لا تخونوا الله والرسول نزلت أولاً، ثم نزلت آية: ?وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ? حين حصول التوبة([112])؟
2 ـ إن الآيتين الأولى والثانية هما في سورتي التوبة والمائدة، وهما من أواخر ما نزل من القرآن، ومن البعيد جداً أن تبقى هاتان الآيتان معلقتين في الهواء طيلة سنوات عدة، دون أن تجعلا في سورة من السور القرآنية.
3 ـ إن آية سورة التوبة لا تنطبق على قصة أبي لبابة، لأنها تتحدث عن مجموعة من الناس خلطوا عملاً صالحاً، وآخر سيئاً، وليس عن رجل واحد.
ولو سلمنا: أنه أريد الفرد في سياق الحديث عن جماعة،
فإننا نقول: إن هذه الآية لا تدل على أن الله سبحانه قد قبل توبة أبي لبابة. بل أبقت الأمر مؤرجحاً بين الخوف والرجاء. وتحدثت عن إمكانية توبة الله عليهم في المستقبل.
وأجاب الحلبي بأن: "الترجي في حقه تعالى أمر محقق"([113]).
ونقول: إنه محقق في صورة تحقق التوبة، وهذا الترجي يشير إلى أن توبة أبي لبابة كانت ظاهرية لا واقع وراءها.
ومن جهة أخرى: فإن أبا لبابة لم يخلط بين العمل الصالح والآخر السيئ، بل ما صدر منه هو محض العمل السيئ، المتمثل بالخيانة، ثم أتبعه بالتظاهر بالتوبة.
4 ـ روي عن ابن عباس من وجوه: أن آية سورة التوبة قد نزلت في أبي لبابة، ونفر معه سبعة، أو ثمانية، أو سبعة سواه، تخلفوا عن غزوة تبوك، ثم ندموا فتابوا، وربطوا أنفسهم بالسواري الخ..([114]).
5 ـ روي عن ابن عباس، وابن المسيب: أن آية سورة الأنفال: ?يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ..? قد نزلت في أبي لبابة حين تخلف عن غزوك تبوك([115]).
6 ـ إن آية سورة المائدة تثبت الكفر والنفاق لأبي لبابة. مع أن التاريخ لا يحدثنا أنه كان من المنافقين.
إلا أن يقال: إن التاريخ إنما يثبت لنا ظواهر الأشخاص، ولا يمكنه الكشف عن بواطنهم وقلوبهم، فإذا جاء النص القرآني فهو المعيار. إذا ثبت أن هذه الآية قد نزلت في أبي لبابة.
7 ـ إن آية سورة المائدة أيضاً لا تنطبق على قصة أبي لبابة، لأنها أيضاً قد تحدثت عن جماعة من الناس كانوا يسارعون في الكفر وقضية أبي لبابة هي قضية شخص واحد.
أضف إلى ذلك: أن أبا لبابة ـ كما تحكي لنا قصته ـ لم يكن يسارع في الكفر، وإنما هي زلة، تداركها على الفور، وتاب منها. كما أن ما صدر منه ـ كما تحكيه القصة أيضاً ـ لم يكن لأجل عدم إيمان قلبه بهذا الدين، وإنما أخذته الشفقة عليهم لما رآهم يبكون.
ولا يفوتنا التنبيه إلى أن آية سورة المائدة، إن جاءت لتقرع أبا لبابة قبل توبته، فهي تأبى عن قبول حصول التوبة منه، لأنها تجعله من المنافقين، ثم تقرنه باليهود لعنهم الله، مع مزيد من التقريع الحاد والقوي.
سابعاً: "ذكر سعيد بن المسيب: أن ارتباطه بسارية التوبة كان بعد تخلفه عن غزوة تبوك، حين أعرض رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنه وهو عليه عاتب بما فعل يوم قريظة، ثم تخلف عن غزوة تبوك في من تخلف"([116]).
وبعبارة أخرى: إنه لما أشار إلى حلقه أخبر عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك وقال له "صلى الله عليه وآله": أحسبت أن الله غفل عن يدك حيث تشير إليهم إلى حلقك. فلبث جنباً ورسول الله "صلى الله عليه وآله" عاتب عليه. ثم لما غزا تبوك كان أبو لبابة فيمن تخلف. فلما قفل "صلى الله عليه وآله" جاءه أبو لبابة يسلم عليه، فأعرض عنه "صلى الله عليه وآله"، ففزع أبو لبابة، وارتبط بالسارية([117]).
فهذا يعني: أن رسول الله بقي عاتباً عليه بما فعله يوم بني قريظة، إلى غزوة تبوك، فلو كان أبو لبابة قد تاب وارتبط إلى سارية المسجد، ثم إن الله قبل توبته، وحله رسول الله "صلى الله عليه وآله" بيده، فلماذا يبقى عاتباً عليه بعد ذلك كل هذه المدة؟ وهل يمكن أن يرضى الله عن أبي لبابة، ويبقى الرسول غاضباً عليه؟!
كما أن رواية البيهقي والسيرة الحلبية تكاد تكون صريحة في أنه لم يتب مما فعله في بني قريظة.
ثامناً: إن نفس ما يذكرونه هنا، من أن أبا لبابة ارتبط في المسجد إلى أسطوانة التوبة، حتى نزلت توبته في الآيات المتقدمة، ولم يرض بفك نفسه إلا أن يتوب الله عليه، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاماً ولا شراباً، حتى خر مغشياً عليه، ثم تاب الله عليه وجرى ما جرى من حل رسول الله "صلى الله عليه وآله" له، إنما كان في غزوة تبوك([118]).
تاسعاً: قد ذكرت روايات توبة أبي لبابة: أنه كان لا يأكل ولا يشرب، مع أنه قد تقدم أن ابنته كانت تأتيه بالتمرات، فيلوك منهن ويترك.
إلا أن يقال: إن ذلك كان يسيراً، لا يعتد به.
عاشراً: ذكرت الروايات المتقدمة: أنه لم يرجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بل أخذ طريقاً إلى المسجد من وراء الحصن، فربط نفسه فيه.
مع أن رواية البيهقي والحلبي السابقة تقول: إنه عاد إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فطالبه النبي "صلى الله عليه وآله" بما فعل، وأن النبي "صلى الله عليه وآله" بقي عاتباً عليه إلى غزوة تبوك.
حادي عشر: زعمت الرواية السابقة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد استعمل أبا لبابة على قتال بني قريظة، ثم لما صدر منه ذلك استبدله بابن حضير.
مع أن من البديهي: أن النبي لم يكن يؤمِّر أحداً سوى علي إذا كان حاضراً.
إلا أن يكون: هو وابن حضير من جملة الذين ولاهم قيادة الجيش في بني قريظة فانهزموا، تماماً كما جرى في خيبر. وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة، فنزلوا من حصنهم فهُزموا، فبعث علياً بالراية، فاستنزلهم على حكم الله ورسوله([119]).
أو يقال: إنه كان قد ولاه على بعض الفرق المقاتلة، وكانت القيادة العامة للجيش كله بيد علي "عليه السلام".
ونسجل هنا ملاحظة هامة، وهي: السؤال عن سبب تأخير النبي "صلى الله عليه وآله" إطلاق سراح أبي لبابة إلى حين صلاة الصبح، رغم أنه لم يكن يبعد عنه سوى بضع خطوات.
ثاني عشر: وزعموا: أن أبا لبابة جاء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: أنا أهجر دار قومي التي أصبت فيها هذا الذنب، فأخرج من مالي صدقة إلى الله ورسوله؟
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": يجزي عنك الثلث.
فأخرج الثلث، وهجر دار قومه، ثم تاب الله عليه، فلم يبن في الإسلام منه إلا خير حتى فارق الدنيا([120]).
ونقول:
1 ـ لم نفهم السر في أن يجزيه الثلث إذا تصدق به، فهل عقوبة من يخون الله ورسوله هي أن يتصدق بثلث ماله، أو بأزيد من ذلك، لكن الثلث يجزيه؟!
2 ـ إن ظاهر هذه الرواية: أنه تصدق بثلث ماله وهجر دار قومه، قبل أن يتوب الله عليه.
مع أنهم يقولون: إنه لما أذنب اتخذ طريقاً من خلف الحصن إلى المسجد، وربط نفسه فيه، ولم يأت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
3 ـ قولهم: فلم يبن في الإسلام منه إلا خير حتى فارق الدنيا، غير صحيح، فقد تخلف مع من تخلف في غزوة تبوك، وربط نفسه في المسجد ليتوب الله عليه، كما تقدم.
وبعد هذا فلا ندري مدى صدقه في تعهده بهجران مكان خان فيه ربه ونبيه، وكان له بها أموال فتركها([121])، وما إلى ذلك. إن صح أنه كان قد تعهد بذلك.
بل إننا لا نكاد نصدق: أن يكون أبو لبابة قد تصدق بثلث ماله، فضلاً عن أن يتصدق به كله.
ولا نصدق أيضاً: أنه كانت له أموال في بني قريظة فتركها. وذلك لأن لدينا ما يشير إلى اهتمام أبي لبابة بالدنيا إلى درجة أن يرد طلب رسول الله "صلى الله عليه وآله" في أمر يتيم، من أجل عذق من النخل.
يقول الواقدي ما ملخصه: كان أول شيء عتب فيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أبي لبابة بن عبد المنذر أنه خاصم يتيماً له في عذق، فقضى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالعذق لأبي لبابة، فصيَّح اليتيم واشتكى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال "صلى الله عليه وآله" لأبي لبابة: هب لي العذق يا أبا لبابة؟ لكي يرده "صلى الله عليه وآله" إلى اليتيم، فأبى أن يهبه له "صلى الله عليه وآله".
فقال "صلى الله عليه وآله" لأبي لبابة: أعطه اليتيم، ولك مثله في الجنة.
فأبى أبو لبابة أن يعطيه.
فقال رجل أنصاري اسمه ابن الدحداحة: أرأيت يا رسول الله، إن ابتعت هذا العذق، فأعطيته هذا اليتيم، ألي مثله في الجنة؟
فقال "صلى الله عليه وآله": نعم.
فابتاع ابن الدحداحة العذق من أبي لبابة بحديقة نخل كانت له، فأعطاه اليتيم. فلم يلبث ابن الدحداحة أن قتل في حرب أحد شهيداً فقال "صلى الله عليه وآله": رب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة([122]).
ما نثق به من قصة أبي لبابة:
وربما يكون لقصة أبي لبابة أساس من الصحة، ولكن ليس بالصورة التي يذكرها المؤرخون.
وذلك بأن يكون قد خان الله ورسوله، وربما تكون توبته قد تأخرت إلى غزوة تبوك، وربما كانت توبته خوفاً من كشف خيانته من جهة جبرئيل، فبادر إلى ما يدفع غائلة الفضيحة، فربط نفسه إلى أسطوانة في المسجد. وربما، وربما..
على أننا نريد أن نُذكِّر القارئ هنا بقول بعضهم: "ليس جريمة أن يخطئ المرء، ولكن الجريمة أن يتفيأ ظلال خطئه".
إلى أن قال: "لأن هذا التمادي هو جريمة نفسية قبل أن تكون مادية، ولذلك تاب أبو لبابة الخ.."([123]).
ولكن الظاهر هو: أن أبا لبابة قد تفيأ ظلال خطئه، وارتكب هذه الجريمة النفسية، حتى خاف الفضيحة، فأظهر التوبة، وربما يكون إظهاره لها بعد نزول قوله تعالى: ?وَلاَ يَحْزُنكَ الَذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ?([124])، فيرتكبون جريمة الخيانة مرة بعد أخرى، مع اليهود تارة، ومع المنافقين المتآمرين تارة. ولا ندري إذا كانت ثمة خيانات أخرى لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا عنها لسبب أو لآخر.
من سب فاطمة فقد كفر:
قال السهيلي: "روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن علي بن الحسين: إن فاطمة أرادت حله حين نزلت توبته، فقال: قد أقسمت ألا يحلني إلا رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن فاطمة مضغة (بضعة) مني".
فصلى الله عليه وعلى فاطمة، فهذا حديث يدل على أن من سبها فقد كفر، وأن من صلى عليها فقد صلى على أبيها "صلى الله عليه وآله"([125]).
وقال الحلبي: "ظاهر هذا: أنه (رض) كان يبرّ بإطلاق سيدتنا فاطمة (رض) له، فليتأمل"([126]).
لكن الأشخر اليمني، اعترض على كلام السهيلي بقوله: "وهذا القول عجيب، ولا يؤخذ من هذا الحديث ما ذكره، فليتأمل"([127]).
أما الشامي فناقش في سند الروايـة، بقولـه: "علي بن زيد هو ابن جدعان، ضعيفان، وعلي بن الحسين روايته مرسلة"([128]).
ونقول:
إنه إذا كانت الزهراء بضعة من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسب بضعة الرسول سب للرسول نفسه، لأن البضعة هي القطعة من الشيء، وسب بعض الشيء سب للشيء نفسه، ولذا حكم السهيلي بكفر من يسب فاطمة، لأنه إنما يسب قطعة وبضعة من النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه.
وأما ما ذكره الشامي: فهو أيضاً غير مقبول؛ لأن الإمام السجاد إمام معصوم، ولو تنزلنا عن ذلك فهو إنما يروي عن أبيه عن جده، عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما هو ثابت عنهم "عليهم السلام"، فتخرج الرواية عن حد الإرسال، لتصل إلى أعلى درجات الاعتبار.
أما بالنسبة: لعلي بن زيد بن جدعان الذي هو من رجال صحيح مسلم([129]) فإنما ضعفوه لأنه كان يتشيع.
قال العجلي: كان يتشيع لا بأس به([130]).
وقال الجوزجاني: واهي الحديث ضعيف، وفيه ميل عن القصد([131]).
وقال أبو حاتم: ليس بقوي، يكتب حديثه، ولا يحتج به، وهو أحب إلي من يزيد بن زياد، وكان ضريراً، وكان يتشيع([132]).
وقال يزيد بن زريع: رأيته، ولم أحمل عنه، لأنه كان رافضياً([133]).
وقال ابن عدي: لم أر أحداً من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية عنه. وكان يغلو في التشيع. ومع ضعفه يكتب حديثه([134]).
وقال في العبر: كان أحد علماء الشيعة([135]) وكان من أوعية العلم على تشيع قليل فيه([136]).
وقال آخر: وكان علي بن زيد يتشيع، وكان يغلو في التشيع([137]).
وقالوا: أنكر ما حدث به حماد بن سلمة عنه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، رفعه: إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه، أو فارجموه([138]).
ومع ذلك كلـه: ومع تضعيفهم له، لأجل ما نسبوه إليه من تشيع قليل!! أو كثير! على ما يظهر، نجد آخرين منهم يوثقونه.
فقد قال يعقوب بن شيبة: ثقة صالح الحديث الخ..([139]).
وقال الترمذي: صدوق، إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره([140]).
وقال أبو سلمة: كان وهيب يضعف علي بن زيد.
قال أبو سلمة: فذكرت ذلك لحماد بن سلمة، فقال: ومن أين كان يقدر وهيب على مجالسة علي، إنما كان يجالس علي وجوه الناس؟!([141]).
وقال ابن الجنيد: قلت لابن معين: علي بن زيد اختلط؟
قال: ما اختلط قط([142]).
واعتبره الجريري من فقهاء البصرة، هو وقتادة وأشعث الحداني([143]).
وقال الذهبي: حسن الحديث صاحب غرائب([144]).
وقال الساجي: كان من أهل الصدق، ويحتمل لرواية الجلة عنه الخ..([145]).
وقال ابن العماد: كان أحد أوعية العلم([146]).
وقال الذهبي أيضاً: أحد علماء التابعين([147])، وقال: كان من أوعية العلم([148]).
الفصل الرابع:
حكم الله من فوق سبعة أرقعة
نتائج الحرب، والأسرى:
وبعد أن جهدهم الحصار، واستنزلهم أمير المؤمنين "عليه السلام" على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ، أمر "صلى الله عليه وآله" ـ كما يقول المؤرخون ـ بأسراهم، فكتفوا رباطاً، وجعل على كتافهم محمد بن مسلمة، ونحُّوا ناحية، وجعلوا النساء والذرية ناحية، وكانوا ألفاً، وجعل عليهم عبد الله بن سلام([149]).
ثم رجع "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة، "يوم الخميس لتسع (لسبع) ليال ـ كما ذكر محمد بن عمر، وابن سعد، وجزم إبن الدمياطي ـ وقيل: لخمس ـ كما جزم به في الإشارة ـ خلون من ذي الحجة".
وعبارة البعض: فرغ منهم يوم الخميس لسبع أو لخمس خلون الخ..([150]).
وحين رجع "صلى الله عليه وآله" إلى المدينة حبس بني قريظة في بعض دور الأنصار وهي دار بنت الحارث بن كرز بن حبيب بن عبد شمس([151]). واسمها نسيبة([152])، أو زينب([153])، أو قلابة([154]) أو كبشة بنت كريز([155])، أو كيسة([156]). ولعل كيسة تصحيف كبشة، أو العكس، أو رملة([157]).
وفي بعض النصوص: حبسهم في دار أسامة بن زيد([158]).
وجمع البعض بينهما فقال: أمر "صلى الله عليه وآله" بالسبي فسيقوا إلى دار أسامة بن زيد، والنساء والذرية إلى دار ابنة الحارث([159]).
وكان "صلى الله عليه وآله" كان قد أمر بهم فكُتِّفوا([160]). "ثم أمر النبي "صلى الله عليه وآله" حتى ذهبوا برجال بني قريظة إلى المدينة مقرنين في الأصفاد، حتى يرى ضعفاء الإسلام قوة الدين، وعزة ملة سيد المرسلين"([161]).
ويقول نص آخر: أمر "صلى الله عليه وآله" بأسلحتهم فجعلت في بيت (في بعض المصادر: في قبته) وأمر بهم فكتفوا الخ..([162]).
ولعل الصحيح: (في بيت)، وذلك لقول الواقدي: "وأمر "صلى الله عليه وآله" بالسلاح والأثاث، والمتاع والثياب، فحمل إلى دار بنت الحارث، وأمر بالإبل والغنم، فتركت هناك ترعى في الشجر"([163]).
اليهود والتوراة:
قال الواقدي: "وجعلوا ليلتهم يدرسون التوراة، وأمر بعضهم بعضاً بالثبات على دينه، ولزوم التوراة"([164]).
ونكاد نطمئن إلى أن التجاءهم للتوراة لم يكن بالنسبة لعلمائهم وزعمائهم إلا محاولة لخداع السذج منهم بها، لأنهم كانوا يعرفون هذا النبي كما يعرفون أبناءهم، ويجدونه مكتوباً عندهم في التوراة، وما زالوا يتوعدون به عرب الحجاز إلى أن بُعث "صلى الله عليه وآله".
معاملة أسرى قريظة:
وكان "صلى الله عليه وآلـه" يقول: "أسقوهم العذب، وأطعموهم الطيب، وأحسنوا إسارهم"([165]).
وقال: أحسنوا إسارهم، وقيِّلوهم، واسقوهم حتى يبردوا، فتقتلوا من بقي، لا تجمعوا عليهم حر الشمس، وحر السلاح"([166]).
وقد قال "صلى الله عليه وآله" هذا بعد حكم سعد بن معاذ بقتل من حزَّب عليه منهم. "وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأحمال التمر، فنثرت عليهم، فباتوا يكدمونها كدم الحمر"([167]).
حكم ابن معاذ في بني قريظة في النصوص التاريخية:
قال الواقدي وغيره ما ملخصه:
إنهم حين جاؤوا بالأسرى، تنحى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فجلس، ودنت الأوس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وطلبوا منه أن يهب لهم حلفاءهم من بني قريظة، كما وهب لابن أُبي ثلاث مئة حاسر، وأربع مئة دارع من بني قينقاع.
ورسول الله "صلى الله عليه وآله" ساكت لا يتكلم، حتى أكثروا عليه وألحوا، ونطقت الأوس كلها.
فقال "صلى الله عليه وآله": أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟!
قالوا: بلى!
قال: فذلك إلى سعد بن معاذ.
وكان سعد في خيمة رفيدة، أو كعيبة بنت سعد بن عتبة، في المسجد. وكانت كعيبة تداوي الجرحى، وتلم الشعث، وتقوم على الضائع، والذي لا أحد له.
فجاءت الأوس إلى سعد، فحملوه على حمار، وطلبوا منه أن يحسن في مواليه، كما صنع ابن أُبي في حلفائه.
والضحاك بن خليفة يقول: يا أبا عمرو، مواليك! مواليك! قد منعوك في المواطن كلها، واختاروك على من سواك، ورجوا عياذك، ولهم جمال وعدد.
وقال سلمة بن سلام بن وقش: يا أبا عمرو، أحسن في مواليك وحلفائك. إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحب البقية. نصروك يوم البعاث والحدائق والمواطن، ولا تكن شراً من ابن أبي. وسعد لا يتكلم.
فلما أكثروا عليه، قال: قد آن لسعد أن لا تأخذه في الله لومة لائم.
فقال الضحاك بن خليفة: وا قوماه.
وقال معتب بن قشير: وا سوء صباحاه.
وقال حاطب بن أمية الظفري: ذهب قومي آخر الدهر.
فلما أقبل سعد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والناس جلوس حوله، قال "صلى الله عليه وآله": قوموا إلى سيدكم.
فكان رجال من بني عبد الأشهل يقولون: فقمنا على أرجلنا صفين، يحييه كل رجل منا حتى انتهى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وطلبت الأوس الذين بقوا عند رسول الله "صلى الله عليه وآله": من سعد أن يحسن في بني قريظة، ويذكر بلاءهم عنده. وقالوا له: إنما ولاك لتحسن فيهم.
ثم قال سعد: عليكم عهد الله وميثاقه: أن الحكم فيكم ما حكمت؟
قالوا: نعم.
فقال سعد للناحية الأخرى، التي فيها رسول الله، وهو معرض عنها، إجلالاً لرسول الله "صلى الله عليه وآله": وعلى من ها هنا مثل ذلك؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن معه: نعم.
قال سعد: فإني أحكم فيهم: أن يقتل من جرت عليه الموسى، وتسبى النساء والذرية، وتقسم الأموال.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لقد حكمت بحكم الله عز وجل من فوق سبعة أرقعة، أو بحكم الملك.
وكان سعد قد سأل الله في الليلة التي نزلت فيها قريظة على حكم رسول الله: أن يقر عينه من بني قريظة، فأقر الله عينه منهم([168]).
وذكروا أيضاً: أن سعداً قد حكم بأن تكون الديار للمهاجرين دون الأنصار.
قال: فقالت الأنصار: إخواننا، كنا معهم!!
فقال: إني أحببت أن يستغنوا عنكم([169]).
وفي مجمع البيان: قال للأنصار: إنكم ذوو عقار، وليس للمهاجرين عقار. فكبر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقال لسعد الخ..([170]).
ويذكر البعض: أن بني قريظة أبوا أن ينزلوا على حكم النبي، ونزلوا على حكم سعد فأقبلوا بهم، وسعد أسيراً (لعل الصحيح: يسير) على أتان حتى انتهوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذت قريظة تذكره بحلفهم، وطفق سعد بن معاذ ينفلت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" مستأمراً، ينتظره فيما يريد أن يحكم به، فيجيب به رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد أن يقول: أتقر بما أنا حاكم؟!
وطفق رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: نعم.
قال سعد: فإني أحكم الخ..([171]).
ويبدو أن سعداً قد أبى أولاً أن يحكم فيهم، لأنه يعلم أنه لا يحق له ذلك مع وجود النبي "صلى الله عليه وآله".
ففي حديث جابر، عن ابن عائذ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: احكم فيهم يا سعد.
قال: الله ورسوله أحق بالحكم.
قال: قد أمرك الله تعالى أن تحكم فيهم([172]).
وعند البعض: أنه "صلى الله عليه وآله" أرسل لسعد بعد نزول بني قريظة على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأتي به محمولاً على حمار، وهو مضنى من جرحه فقال له: أشر علي في هؤلاء.
فقال: إني أعلم أن الله قد أمَّرك فيهم بأمر أنت فاعله.
قال: أجل، ولكن أشر علي فيهم.
فقال: لو وليت أمرهم لقتلت مقاتلتهم، وسبيت ذراريهم، وقسمت أموالهم.
فقال: والذي نفسي بيده، لقد أشرت فيهم بالذي أمرني الله به([173]).
ونقول:
إننا هنا نسجل الأمور التالية:
بماذا حكم سعد؟!
ونحن وإن كنا نجد المؤرخين يذكرون: أن سعداً قد حكم بقتل الرجال، وسبي من عداهم، إلا أننا نشك في شمولية ذلك للجميع، لا سيما ونحن نجد ابن الجوزي يقول: "فحكم فيهم: أن يقتل كل من حزَّب عليه، وتغنم المواشي الخ.."([174]).
ويؤيد ذلك قوله تعالى: ?..فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً?([175]). وسيأتي حين الكلام حول عدد المقتولين منهم، بعض ما يفيد في توضيح هذا الأمر، إن شاء الله تعالى.
وبذلك يتضح: أنه يُشك كثيراً في صحة ما يذكرونه، من أنهم كانوا يتأكدون من بلوغ البالغ منهم بالنظر إلى مؤتزره، فإن كان قد أنبت قُتل وإلا تُرك.
إلا أن يقال: إن ذلك لا ينافي قول ابن الجوزي الآنف الذكر، لأن ذلك قد كان منهم بالنسبة إلى خصوص من حزَّب على المسلمين.
لم يكن الحكم في المسجد:
يفهم من كلام البخاري وغيره: أن حكم سعد بن معاذ إنما كان في مسجد النبي "صلى الله عليه وآله"، حيث قال: فلما دنا من المسجد قال للأنصار: قوموا إلى سيدكم، وخيركم.
فقال: هؤلاء نزلوا على حكمك.
قال: تقتل مقاتلتهم، وتسبي ذراريهم.
قال: قضيت بحكم الله، وربما قال: بحكم الملك([176]).
ونقول:
إننا نسجل على هذا النص:
أولاً: إننا نجد الآخرين بعد ذكرهم حكم سعد، وقول النبي "صلى الله عليه وآله" له تلك العبارة، يقولون: "ثم رجع إلى المدينة"([177]).
وهذا يعني: أن حكم سعد فيهم كان خارج المدينة ولعله كان في المسجد المعروف بمسجد بني قريظة.
ثانياً: إن خيمة رفيدة التي كان سعد يداوى فيها إنما كانت في المسجد النبوي نفسه، كما تقدم في النص السابق لقضية تحكيم سعد..
إذن.. فما معنى أن يؤتى بسعد على حمار، وطأوا له عليه بوسادة إلى آخر ما تقدم؟
ثالثاً: لماذا خصص قول النبي "صلى الله عليه وآله": قوموا إلى سيدكم وخيركم بالأنصار؟! مع أن الأنصار يقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" قد عم بهذه الكلمة!! إلا أن يكون قد صعب على هؤلاء أن يكون سعد خيراً منهم، أو سيداً لهم بما فيهم بعض الصحابة الذين يحبونهم، ويتولونهم.
من المقترح لتحكيم ابن معاذ؟!
قد ذكرت النصوص المتقدمة وغيرها: أن اليهود هم الذين اقترحوا تحكيم سعد بن معاذ([178]) وأن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لسعد: هؤلاء نزلوا على حكمك([179]).
وفي نص آخر: نزلوا على حكم سعد بن معاذ([180]) وأبوا أن ينزلوا على حكم النبي "صلى الله عليه وآله" فنزلوا على داء([181]).
لكن نصوصاً أخرى تفيد: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو الذي حكَّم سعداً فيهم، وأن هذا كان قراراً مباشراً منه "صلى الله عليه وآله".
وقد تقدم في النص المذكور آنفاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال للأوس: أما ترضون أن يكون الحكم فيهم إلى رجل منكم؟
قالوا: بلى.
قال: فذلك إلى سعد بن معاذ.
ومعنى هذا: أنه "صلى الله عليه وآله" كان هو المبادر لتحكيم سعد..
ويدل على ذلك أيضاً: ما رواه مسلم، قال: فقاتلهم رسول الله "صلى الله عليه وآله". فنزلوا على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فرد رسول الله "صلى الله عليه وآله" الحكم فيهم إلى سعد بن معاذ.
قال: فإني أحكم فيهم أن الخ..([182]).
ويقول نص آخر: فحصرهم حتى نزلوا على حكمه "صلى الله عليه وآله"([183]).
ونرجح: أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد قبل منهم أن يختاروا من أصحابه من شاؤوا فاختاروا سعد بن معاذ سيد الأوس. فقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك منهم([184]).
وكان سبب امتناعهم عن قبول حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو مشورة أبي لبابة([185]) كما تقدم.
فجاء التعبير تارة بنزولهم على حكم رسول الله وأخرى على حكم سعد، لأنهم إنما نزلوا على حكم سعد برضى من رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وأما خطاب النبي "صلى الله عليه وآله" للأوس، فلعله كان قبل أن يعرفوا بنتيجة المفاوضة مع بني قريظة.
قوموا إلى سيدكم:
وقد ذكر النص المتقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: قوموا إلى سيدكم.
وزاد في بعض المصادر([186]) قوله: "فأنزلوه".
قال ابن الديبع: فقام المهاجرون([187]).
لكن غيره يقول: "أما المهاجرون من قريش فيقولون: إنما أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأنصار، والأنصار يقولون: قد عم بها المسلمين"([188]).
وهذا النص يعطينا صورة عن رفض مهاجري قريش وإبائهم عن أن يكون هذا الرجل الأنصاري العظيم له امتياز عليهم. ولا أقل من أنه يشير إلى حالة من الاستعلاء الخفي عن أن يكون للأنصار ما يعتزون به في مقابل المهاجرين.
كما أن أولئك الذين يريدون تعزيز موقف بعض المهاجرين الذين يمثلون لهم رموزاً دينية أو غيرها قد ادعوا ما هو أبعد من ذلك، فقالوا: إنما أمَّر رسول الله "صلى الله عليه وآله" الأنصار بل خصوص الأوس بذلك([189]).
ونرى أن الأنصار كانوا في هذه القضية بالذات أكثر إنصافاً، وأقرب إلى الحق فيما يرتبط بفهم مداليل الكلام ومراميه، أو هكذا يخيل لنا الآن.
لا سيما إذا عرفنا أن مهاجري قريش بالذات، دون غيرهم من سائر المهاجرين، هم الذين يهتمون أكثر من غيرهم برفض هذا الأمر.
الأمر الذي يعطينا: أنهم يشعرون أنه يعنيهم أكثر من غيرهم.
كما أن هذا: قد يشير إلى أن غيرهم لا يشاركهم الرأي فيما يرتبط بفهم المدلول الحقيقي لأمر الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله".
على أننا نريد أن نلفت النظر هنا: إلى التضحيات الجسام، التي قدمها الأنصار للمهاجرين. بل وحتى في هذه الغزوة بالذات، فإن سعد بن معاذ الشهيد نفسه قد حكم بأن تكون دور بني قريظة للمهاجرين دون الأنصار.
هذا.. ولا نجد مبرراً لرفض المهاجرين سيادة سعد بن معاذ عليهم سوى الحسد، والإحساس بالتفوق والتميز عن الآخرين على أساس غير إسلامي، ولا إنساني مقبول، لأن المهاجرين يعتبرون أنفسهم عدنانيين، وأهل يثرب قحطانيون، وكان معظم المهاجرين من قريش، وهم سدنة للكعبة، ومن أهل مكة، وهم أيضاً قوم وعشيرة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وبذلك يتضح السبب: في رفضهم قبول أي امتياز لزعيم الأنصار عليهم. وهو منطق مرفوض من وجهة نظر إسلامية وإنسانية وإيمانية وكانت كلمات النبي واضحة الشمول لهم فإننا لم نجد في خطابه "صلى الله عليه وآله" ما يبرر هذا الاختلاف.
فقد خاطب الحاضرين عنده، والجالسين معه بخطاب واحد عام، ليس فيه أية دلالة على التخصيص بفريق دون فريق. إذ لو وجدت هذه الدلالة لم يكن ثمة اختلاف، أو تردد في المقصود.
وهذا يعني: أن مبررات هذا الاختلاف خارجة عن دلالة اللفظ، وهي محض اجتهاد تمليه أجواء معينة لدى هذا الفريق أو ذاك.
ملاحظة: إن سيادة سعد هذه لا تشمل أولئك الذين أخبر الله ورسوله عن مقامهم وسيادتهم ووجوب طاعتهم على الناس كلهم، مثل علي "عليه السلام". فإن خروجهم عن دائرة رسول الله "صلى الله عليه وآله" مفروغ عنه ومعروف للناس الذين حضروا وسمعوا.
محاولة تملص وتخلص فاشلة:
وقد حاول البعض: أن يجد في نفس الكلام قرينة أو دلالة يقوي بها رأي المهاجرين، فقال: "قوموا: الخطاب للأنصار، وقيل: للحاضرين منهم ومن المهاجرين، إلى سيدكم: هذا يقوي القول الأول، لأنه كان سيد الأنصار"([190]).
ولكنها محاولة فاشلة: فإنها لو صحت، فإن المناسب حينئذٍ أن يكون الخطاب لخصوص الأوس، لأنه سيدهم دون الخزرج أيضاً.
وقد قلنا: إن نفس الاختلاف في المراد يشير إلى أنه حين تكلم "صلى الله عليه وآله" بهذه الكلمة لم يكن يمكن استفادة التخصيص من أية إشارة أو لفتة منه.
ولو كان ثمة اختلاف في الفهم في تلك اللحظة لاستفهموا منه "صلى الله عليه وآله". ولو أن أحداً تخلف عن القيام، وسكت النبي "صلى الله عليه وآله" عنه، لاحتج المتخلف بسكوته "صلى الله عليه وآله" عنه.
القيام للإعانة:
ومن الغريب حقاً: أن نجد البعض يحاول أن يقف إلى جانب مهاجري قريش، ويقوي من حجتهم بطريقة تبدو وكأنها علمية منصفة، مع أنها أبعد ما تكون عن الإنصاف.
يقول:
"هذا القيام ليس للتعظيم، لما صح عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: لا تقوموا كما تقوم الأعاجم، يعظم بعضهم بعضاً، بل كان على سبيل الإعانة على النزول لكونه وجعاً. ولو كان المراد منه قيام التوقير لقال: قوموا لسيدكم"([191]).
وهو استدلال لا يصح: لأن المراد من قوله: "قوموا إلى سيدكم" هو القيام لأجل تلقيه، إكراماً له وإجلالاً.
وهذا هو مراد الشيخ أبي حامد بقوله: القيام مكروه على سبيل الإعظام، لا على سبيل الإكرام، وفي لفظ سيدكم إشعار لتكريمه([192]).
وقال الطيبي: "لا يلزم من كونه ليس للتعظيم أن لا يكون للإكرام، وما اعتل به من الفرق بين إلى واللام ضعيف، لأن إلى في هذا المقام أفخم من اللام، كأنه قيل: قوموا وامشوا إليه، تلقياً وإكراماً.
وهذا مأخوذ من ترتيب الحكم على الوصف المناسب، المشعر بالعلية، فإن قوله: "سيدكم" علة للقيام. وذلك لكونه شريفاً، عالي القدر"([193]). وهو كلام جيد ومقبول.
وقد حاول البعض أن يرد على مزعمة: أنه "صلى الله عليه وآله" أمرهم بالقيام لسعد من أجل أن يعينوه على النزول، بأنه لو كان هذا القيام للإعانة لأمر بقيام واحد أو اثنين([194]).
ولكنه رد غير مقبول: إذ يمكن أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد خاطبهم بصيغة الجمع: "قوموا" وأراد قيام واحد، أو اثنين، فإن ذلك جائز في الاستعمال.
فأنزلوه:
وقد أضافت بعض المصادر المتقدمة كلمة: "فأنزلوه"([195]) إلى قوله: "قوموا إلى سيدكم". وهي وإن كان ظاهرها: أن القيام للإعانة على النزول، لكن العلماء حيث لم يلتفتوا إلى هذه الزيادة، ولا احتجوا بها، فإننا نفهم من ذلك: أنهم اعتبروها دخيلة على النص ومقحمة فيه.
هذا بالإضافة إلى: أن هذه الكلمة لو صحت، فلا معنى للاختلاف بين المهاجرين والأنصار في من توجه إليهم الخطاب حسبما تقدم.
التزوير الخفي:
وفي محاولة للتزوير الذكي والخفي، بهدف إفراغ هذه الكلمة الجليلة في حق سعد من محتواها التكريمي، وليفقد امتيازه بها على من يحبون ويودون، ادَّعوا: أن القيام لسعد، إنما كان "توقيراً له بحضرة المحكوم عليهم، ليكون أبلغ في نفوذ حكمه"([196]).
فاقرأ واعجب، فما عشت أراك الدهر عجباً، إذ لو صح ذلك لم يكن بحاجة إلى إعطائه وسام السيادة عليهم.
هل هو تعليم أم اعتراض أم حسد؟!
في مسند أحمد من حديث عائشة: فلما طلع ـ يعني سعد ـ قال النبي "صلى الله عليه وآله": قوموا إلى سيدكم فأنزلوه.
فقال عمر: السيد الله.
أو قال: سيدنا الله([197]).
قال العيني: معناه هو الذي تحق له السيادة، كأنه كره أن يحمد في وجهه، وأحب التواضع([198]).
ونقول:
لا ندري كيف نفسر هذا الموقف من الخليفة الثاني، فهل هو اعتراض على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتخطئة له، لكونه قد فعل خلاف الأولى، حين مدح ذلك الرجل في وجهه؟ وهل كان عمر أتقى لله سبحانه، وأكثر مراعاة لأصول التربية الإلهية للناس؟!
أم هو اعتراض على إثباته "صلى الله عليه وآله" السيادة لغير الله، فيكون "صلى الله عليه وآله" قد ارتكب خطأ عقائدياً صححه له الخليفة الثاني، على سبيل الإرشاد والتعليم؟!
أما أنه حسد سعداً على هذه الكرامة التي أكرمه الله تعالى بها، فأظهر ذلك بطريقة غير مباشرة. ونفى عن سعد هذا الوسام بذكاء ودهاء؟!
إننا نعترف بعجزنا عن معرفة حقيقة القضية، وواقع الأمر.
الخوارج ومشروعية التحكيم:
قال الإمام الحسن "عليه السلام" حين خاض الناس في أمر الحكمين، بعد صفين: "وإنما الحكومة فرض الله، وقد حكَّم رسول الله "صلى الله عليه وآله" سعداً في بني قريظة، فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه، فنفذ رسول الله حكمه، ولو خالف ذلك لم يجزه"([199]).
فالإمام الحسن "عليه السلام" قد ركز على أمرين:
أحدهما: مشروعية التحكيم، ولكن لا من باب أن الأصل هو الجواز فيما لم يرد فيه نص، بل من باب النص على المشروعية، وصدور الحكم الإلهي بذلك فالحكومة ـ كما قال "عليه السلام" ـ فرض الله.
الثاني: إن تنفيذ الحكم الصادر منوط بأن لا يخالف حكم الله عز وجل، فالتحكيم ما هو إلا امتداد للحكم الإلهي، ومن مظاهر ومراحل تنفيذه، وليس في قبال الحكم الإلهي، كما يدعيه الخوارج.
قال النووي: "فيه جواز التحكيم في أمور المسلمين في أمورهم العظام. وقد أجمع العلماء عليه، ولم يخالف فيه إلا الخوارج؛ فإنهم أنكروا على علي التحكيم، وأقام الحجة عليهم.
وفيه جواز مصالحة أهل قرية أو حصن على حكم حاكم مسلم عدل، صالح للحكم، أمين على هذا الأمر. وعليه الحكم بما فيه مصلحة للمسلمين. وإذا حكم بشيء لزم حكمه ولا يجوز للإمام ولا لهم الرجوع عنه، ولهم الرجوع قبل الحكم"([200]).
قضية التحكيم في الشعر:
ومهما يكن من أمر: فقد تحدث الشعراء عن هذا التحكيم، وعن مشروعيته، ونتائجه، فقال القاضي التنوخي في جواب ابن المعتز:
وعـبـت عـليـاً في الحـكـومـة بينـه وبين ابن حرب في الطغام الأشايب
وقـد حـكـم المـبـعوث يـوم قريظة ولا عيب في فعل الرسول لعايب([201])
وقال السيد الحميري:
قـال الجــوار مـن الـكريـم بمنزل يجـري لـديــه كـنـسـبـة المتنسب
فـقـضـى بـما رضـي الإلـه لهم بـه بـالحـرب والـقـتـل الملح المخرب
قـتـل الـكهول وكـل أمـرد منـهم وسـبـى عـقـائـل بـدنـاً كالربرب
وقـضـى عـقـارهـم لـكـل مهاجر دون الأُلـى نـصـروا ولم يتهيـب([202])
الأحكام المستخرجة:
ويقولون: إن تحكيم سعد بن معاذ يشير إلى الأمور التالية:
1 ـ يدل على أن التعظيم بالقيام جائز لمن يستحق الإكرام، كالعلماء والصلحاء([203]).
قال النووي: "احتج به جماهير العلماء لاستحباب القيام. قال القاضي: وليس هذا من القيام المنهي عنه، وإنما ذلك في من يقومون عليه وهو جالس، ويمثلون قياماً طول جلوسه.
قلت: القيام للقادم من أهل الفضل مستحب، وقد جاء فيه أحاديث، ولم يصح في النهي عنه شيء صريح. وقد جمعت كل ذلك مع كلام العلماء في جزء، وأجبت فيه عما توهم النهي عنه"([204]).
2 ـ وفي هذه القضية أيضاً: جواز تحكيم الأفضل ممن هو مفضول([205]).
3 ـ وجواز الاجتهاد مقابل النص، قالوا: "وفيها جواز الاجتهاد في زمن النبي "صلى الله عليه وآله". وهي خلافية في أصول الفقه. والمختار الجواز، سواء كان بحضور النبي "صلى الله عليه وآله" أم لا.
وإنما استبعد المانع وقوع الاعتماد على الظن مع إمكان القطع. ولا يضر ذلك، لأنه بالتقرير يصير قطعياً. وقد ثبت وقوع ذلك بحضرته "صلى الله عليه وآله"، كما في هذه القصة الخ.."([206]).
ونقول: هذا الكلام لا يصح.
أولاً: لأن حكم ناقضي العهد، والمحاربين، الذين لهم حالة بني قريظة ليس ظنياً، بل هو قطعي، يعرفه كل أحد. وكان سعد يعرفه، كما كان معتب بن قشير، وحاطب بن أمية، والضحاك بن خليفة يعرفونه.
ولأجل ذلك: نجد هؤلاء الثلاثة قد صرحوا: بأن نهاية بني قريظة هي القتل بمجرد أن قال لهم سعد: إنه سوف يحكم فيهم بحكم الله، ولن تأخذه في الله لومة لائم.
فالحكم الشرعي في هذه المسألة كان معروفاً لدى الجميع، وليس من قبيل الاجتهاد الظني، كما يزعم هؤلاء.
ثانياً: لو سلمنا أن هذه المسألة إجتهادية، فالإجتهاد إنما هو في تحديد موضوع الحكم المعلوم. لا في استنباط الحكم نفسه، فهو من قبيل حكم السرقة المعلوم لكل أحد. لكن القاضي يبحث عن كون هذا السارق مستجمعاً لشرائط قطع اليد في السرقة، التي هي عشرة شرائط، أم ليس مستجمعاً لها.
مبررات الأوس لطلب العفو:
ومن يراجع المبررات التي استند إليها الأوس الذين طلبوا الرفق ببني قريظة، يجدها ترتكز على أمور أنشأتها الروح القبلية، وصنعتها وغذتها مفاهيم الجاهلية، وتعاملت بها وعلى أساسها.
فهم يبررون طلبهم ذاك بالحلف الذي كان بين الأوس وقريظة ضد الآخرين، وهو حلف لا يأبى الظلم والتعدي، ويهدف إلى تسجيل النصر في كل من ظروف الدفاع والتعدي على حد سواء، ولا يبتعد عن أجواء العنجهية والابتزاز، والدعوة الجاهلية.
مع أن الأوس أنفسهم قد رأوا بأم أعينهم كيف نقض بنو قريظة عقدهم وعهدهم مع رسول الله "صلى الله عليه وآله". وكان ذلك في مواجهة سعد بن معاذ الأوسي نفسه قبل أيام. مع ما رافق ذلك من إهانات لسعد سيدهم، وللنبي، وللمسلمين. كما تقدم توضيحه في غزوة الخندق.
والغريب في الأمور: أنهم اعتبروا ندم قريظة على ما فرط منهم من نقض العهد كافياً لاستحقاقهم الإحسان إليهم..
مع أن هذا الندم لم يأت من خلال قناعات نشأت عندهم بقبح ما فعلوه، بل هو ندم نشأ عن خوف البوار والدمار، وحين رأوا البأس.
أما حين كان ثمة أمل لديهم بأن تدور الدائرة على النبي والمسلمين، وذلك حين كان الأحزاب يحاصرونهم، فلم نجد لدى بني قريظة هذا الندم، ولا لاحظنا أي تردد منهم في أمر إبادة المسلمين، واستئصال شأفتهم، وخضد شوكتهم.
تكريس المنطق القبلى مرفوض:
أما بالنسبة لقول الأوس ـ والمقصود هو بعضهم ـ لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، عن بني قريظة: يا رسول الله، حلفاؤنا دون الخزرج، فهو يعطينا: أن قبول النبي "صلى الله عليه وآله" هذا المنطق منهم معناه: الإقرار منه "صلى الله عليه وآله" بالتعامل على أساس المنطق القبلي، وتكريس حالة الانقسام فيما بين الحيين: الأوس، والخزرج، الذين لم يزل النبي "صلى الله عليه وآله" يعمل على إزالة الحساسيات من بينهم، بل وصهرهم في بوتقة واحدة هي الإسلام. ثم إن ذلك معناه الفصل بين قضايا الدين، وقضية القبيلة والفئة.
فالاستجابة لهم على أساس قبول منطق الأوس السابق يعتبر هدماً لما بناه، وتخلياً عن الأسس التي لم يزل ينطلق منها لبناء المجتمع الإسلامي الناشئ.
وإذا كان سعد قد اعتبر المعترضين على حكمه مجموعة من المنافقين، فكيف يمكن أن نتوقع من النبي أن يوافقهم على ما يريدون، ويحقق لهم ما يشتهون؟
وقد أشار البعض أيضاً: إلى هذه النقطة بالذات، فقال: "يبدو أن الأوس الذين طلبوا التسامح مع بني قريظة اعتبروها غير وفية لمحمد، وليس للأوس.
وهذا يعني: أن أنصار الشفقة كانوا يعتبرون أنفسهم قبل كل شيء أفراد الأوس وليس أفراد الأمة الإسلامية".
إلى أن قال: "لقد أدرك رجل بعيد النظر كسعد: أن السماح للعصبية القبلية بالتغلب على الولاء للإسلام يؤدي للعودة إلى الحروب الأخوية التي كانت تأمل المدينة بالتخلص منها بمجيء محمد"([207]).
حراجة الموقف والحكمة النبوية:
ومن الأمور التي تؤيد سعداً في اتهامه للمعارضين لحكمه ـ بأنهم لا خير فيهم حتى ولو كانوا من الأوس ـ : أن هؤلاء الناس قد اتخذوا ابن أبي أمثولة لهم، واعتبروا أن الحكم على بني قريظة بما يسوءهم لا يعدو أن يكون عملاً شريراً وسيئاً.
ومن الواضح: أن هذا يشير إلى أن المعارضين للحكم كانوا عدداً يسيراً معلوم الحال، لا يوجب اتهامهم بذلك أي خلل في كيان الأوس، ولا في تماسكهم، ولا يحط من قدر الأوسيين، ولا يُذهب شرف جهادهم وكفاحهم من أجل هذا الدين.
وقد كان يمكن لنشاط هؤلاء القلة القليلة أن يكون مؤثراً في إثارة جو من التشكيك والبلبلة لولا حكمة رسول الله "صلى الله عليه وآله" في معالجة الموقف، حيث إنه "صلى الله عليه وآله" قد أحرجهم، وتخلص من إلحاحهم، وأبعد شبح الخلاف والاختلاف، وأفقدهم إمكانية التأثير على السذج والبسطاء حين جعل الحكم إلى رجل أوسي، وبالذات إلى سعد بن معاذ، الرجل الحكيم والفذ، والسيد المطاع فيهم.
وقد أكد "صلى الله عليه وآله" على سيادة سعد، وعلى موقعه ومكانته حين قال لهم: قوموا إلى سيدكم.
هل كذبوا؟ أم فهموا خطأ؟!
ويلفت نظرنا هنا قولهم لسعد: إن رسول الله قد ولاك أمر مواليك لتحسن فيهم.. مع أن النبي لم يوله أمرهم لذلك، وإنما ليحكم فيهم بالحق.
قومهم وعشيرتهم:
ويستوقفنا أيضاً قول حاطب بن أمية، حين أحس من سعد: أنه ينوي أن يحكم فيهم بحكم الله: ذهب قومي آخر الدهر.
وصاح الضحاك: وا قوماه.
فهم إذن يعتبرون هؤلاء اليهود قومهم وعشيرتهم.
ولعل ابن معاذ قد قصد هؤلاء بالذات، حين قال عن الكارهين قتل بني قريظة: ما كرهه من الأوس من فيه خير.
لو كان الكلام أكثر دقة:
ويقول البعض: "لما رأى بنو قريظة جيش المسلمين خارت قواهم وأيقنوا بالهلاك فتبرموا مما ارتكبوه من الغدر، وسألوا الرسول العفو، فأبى ذلك عليهم، وشدد الحصار عليهم خمسة وعشرين يوماً حتى نزلوا على حكمه، وسألوا حلفاءهم الأوس أن يتوسطوا في إطلاقهم الخ.."([208]).
ونقول:
قوله: إنهم سألوا الرسول العفو، غير دقيق، إذ إنهم قد أبوا في البداية أن ينزلوا على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الأمر الذي يشير إلى تشكيكهم في عدالة حكمه ونزاهته. ثم إنه ليس للغادر المحارب أن يشترط لاستسلامه أي شرط كان. إلا أن باستطاعته أن يلتمس العفو وتخفيف العقوبة. أو يقدم المبررات لخيانته ولحربه، إن كان يرى أنها تكفي للإقناع.
إذن.. فلم يسألوا الرسول "صلى الله عليه وآله" العفو، فأبى ذلك عليهم، كما يدَّعي هذا الكاتب.
ومن جهة ثانية: فإن قوله أخيراً: إنهم نزلوا على حكمه "صلى الله عليه وآله" ليس دقيقاً، بل نزلوا على حكم سعد بن معاذ، ورفضوا النزول على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الأمر الذي يستبطن إعلاناً بعدم الثقة بحكمه بالعدل والحق.
فلو أن هذا الكاتب كان أكثر دقة لسلم كلامه من مغبة الإيحاء بأن الرسول إنسان قاس، لا يعفو عن طالب العفو منه، بل يصر على أن يقتله، ويسبي النساء والأطفال ويصادر الأموال.
عدالة الحكم على بني قريظة:
ويبقى هنا سؤال: أليس هذا الحكم في حق بني قريظة قد جاء قاسياً وقوياً إلى درجة ملفتة؟!
ألم يكن من المناسب أن يستفيد بنو قريظة من عفو الإسلام وصفح النبي الكريم، كما استفاد إخوانهم بنو النضير، وبنو قينقاع من قبل؛ فيكتفي بإجلائهم، وتقسيم أموالهم وأراضيهم؟!
وقد طلبوا هم أنفسهم أن يعاملهم "صلى الله عليه وآله" بنفس ما عامل به بني النضير من قبل، فرفض طلبهم، وأصر أن ينزلوا على حكمه.
لقد "انتقد بعض الكتاب الأوروبيين هذا الحكم ووصفوه بأنه وحشي، وغير إنساني"([209]).
ونحن في مقام التوضيح نلمح إلى الأمور التالية:
أولاً: إن بني قريظة أنفسهم قد رفضوا النزول على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقبلوا بالنزول على حكم حليفهم سيد الأوس، سعد بن معاذ، الأمر الذي يشير إلى أنهم كانوا يسيئون الظن فيما يرتبط بحكم رسول الله عليهم، ولا يثقون به.
أو فقل: لا يعتمدون على كرمه وحلمه وسماحته، وإمكانية صفحه عنهم، رغم أننا لا نستبعد صفحه "صلى الله عليه وآله" لو أنهم قبلوا بالنزول على حكمه.
ويرون أن سعد بن معاذ وهو من الأوس ـ حلفائهم في الجاهلية ـ أقرب إلى أن يعاملهم بالصفح والعفو والكرم. وذلك حسب منطقهم الجاهلي، الجاهل بحقيقة الإسلام، وبما أحدثه في عقلية الناس ونفوسهم من تغيرات.
ثانياً: إن جريمة بني قريظة تختلف في حجمها وفي خطورتها على الإسلام والمسلمين ولا تقاس بجريمة بني النضير وقينقاع.
فقد تحرك بنو قريظة في خط الخيانة، وتوغلوا فيها إلى درجة أصبح معها أساس الإسلام في خطر أكيد، وشديد، لا سيما وأن ما بنوا عليه كل مواقفهم هو استئصال شأفة الإسلام وإبادة الوجود الإسلامي بصورة تامة وحاسمة. ولم يكن بنو النضير ولا بنو قينقاع قد توغلوا في أمر الخيانة إلى هذا الحد.
مع الإشارة إلى: أن هدف بني قريظة كان في مستوى الحسابات العملية التي اعتمدوا عليها قريب المنال، وقد خطوا خطوات عملية لإنجاز هذا المهم، وللوصول إلى ذلك الهدف، حتى على مستوى التحرك العسكري، الذي يستهدف تمكين الأحزاب وهم معهم من اجتياح الوجود الإسلامي، وسحقه، وإبادة المسلمين، خصوصاً النبي وبني هاشم.
أما نقض بني النضير للعهد، فقد بقي في حدود الإصرار على إظهار التمرد، والغطرسة، والطغيان. فلا يمكن أن تتساوى عقوبة بني قريظة مع عقوبة بني النضير، وقد طلب القريظيون أن يعاملهم كبني النضير، فرفض إلا أن ينزلوا على حكمه.
ثالثاً: لا ريب في أن سكوت النبي على الغطرسة اليهودية، ثم القبول بترميم العلاقات مع اليهود ولو جزئياً، لا يبقي مصداقية للعهود والمواثيق، لما يتركه نقضها من سلبيات خطيرة في هذا المجال، حيث يضعف تأثيرها في ضبط الأمور، وحفظ الكيان العام، وسيزيد من الاعتماد على القوة المسلحة في حسم الأمور على مستوى العلاقات فيما بين القوى المتجاورة، وتقل فرص التعايش السلمي بين الفئات المختلفة في داخل الدولة الواحدة، وحتى على مستوى العلاقات بين الدول والقوى المختلفة.
أضف إلى ذلك: أن التساهل في مواجهة الأعمال الخيانية، التي بهذا الحجم، لسوف يُسَهِّل على الآخرين خيانات قد تكون أشد خطراً، وأعظم أثراً في التدمير، على قاعدة: إن كان ثمة نجاح فهو غاية المنى، وإن فشلت المحاولة، فلن تكون النتيجة في غاية السوء، وإن كانت سيئة إلى حد ما، لكنها تسمح بانتظار فرص أكبر، وحظ أوفر.
رابعاً: إن حكم سعد بن معاذ قد جاء وفق ما يحكم به اليهود أنفسهم على الآخرين، في حالات هي أدنى من حيث المبررات الموضوعية من الحالة التي توغل فيها بنو قريظة.
فاليهود هم الذين كتبوا في توراتهم المحرفة عن المدينة التي يدخلونها عنوة: "وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك فاضرب جميع ذكورها بحد السيف. وأما النساء، والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة، كل غنيمتها، فتغتنمها لنفسك. وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك"([210]).
وثمة نصوص أخرى: أكثر عنفاً وقسوة في هذا المجال فراجع هذا الكتاب([211]) فإنها تأمر بإحراق المدينة بكل ما فيها مع بهائمها، وقتل جميع سكانها بحد السيف، ثم إحراق المدينة بالنار فتكون تلاً إلى الأبد([212]).
خامساً: ما الذي يضمن أن لا يعود بنو قريظة إلى نقض العهد، وتسديد الضربة القاصمة والقاضية، حين تسنح لهم الفرصة لذلك.
فإن ظروفاً طارئة خارجة عن حدود اختيارهم أوجبت فشلهم في تنفيذ خطتهم الجريئة، وذلك بسبب الخندق، ثم ضربة علي "عليه السلام" القاصمة لقيادة جيش الشرك، ثم التدخل الإلهي، بإرسال الريح والجنود.
بالإضافة إلى الخلافات التي نشأت بينهم وبين الأحزاب، ثم ارتحال الأحزاب وغير ذلك من أمور تقدمت.
ولولا ذلك لتحققت أهدافهم الشريرة، وكان الإسلام والمسلمون في خبر كان.
ولو كان "صلى الله عليه وآله" تركهم، ثم عادوا إلى الخيانة، فإن استئصالهم والحالة هذه قد يكون أصعب، بل قد يصبح متعذراً، بعد أن تلقى الناس صفحه عنهم في المرة الأولى بالقبول.
وقد يفهم الكثيرون: أنه قد جاء عن استحقاق منهم للعفو، وأنه لا يحق له أن يتخذ في حقهم أي إجراء آخر.
والذي لا بد من الوقوف عنده هنا، هو حكم سعد بن معاذ فيهم، الذي جاء موافقاً للحكم الشرعي الإلهي، ومنسجماً معه، وذلك هو حكم العقل والفطرة، والضمير الحي، والوجدان الرضي. وقد ارتضوا هم أنفسهم بحكم سعد مسبقاً، بل هم الذين اختاروه للحكم.
سادساً: قال الدكتور إسرائيل ولفنسون: "وأما المنافقون فقد خفت صوتهم بعد يوم قريظة، ولم نعد نسمع لهم أعمالاً وأقوالاً تناقض إرادة النبي وأصحابه، كما يفهم ذلك من قبل"([213]).
وبعد.. فهذه هي جريمة القيادات المنحرفة التي تدمر كل شيء، ولا تشكر النعمة الإلهية على حد قوله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ، جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ?([214]).
عهد قريظة مع الأوس وعهدهم مع النبي ':
والغريب في الأمر: أن نجد بني قريظة يلجأون إلى سعد بن معاذ نفسه لينقذهم من ورطتهم، وذلك استناداً إلى الحلف الذي كان بينهم وبين الأوس. مع أنهم هم أنفسهم قد نقضوا حلفهم مع محمد "صلى الله عليه وآله" وأعلنوا بذلك صراحة لسعد بن معاذ نفسه، وقالوا له: أكلت (كذا)([215]) أبيك. فهذا النقض للحلف، الذي جرهم لهذا المصير الأسود، قد كان سعد الطرف الرئيس فيه، وقد حاول معالجته لصالحهم، فلم يفلح، وأظهروا من الخبث ما جعله يعرفهم على حقيقتهم، ويطمئن لما هم فيه من سوء نية، وخبث طوية. وها هم اليوم يطالبون سعداً بترميم ما نقضوه من عهد استناداً إلى عهد آخر.
لكن الفرق بين العهدين كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار، وكان سعد مدركاً لذلك بلا ريب، فإن عهدهم مع الأوس قد فرضته ظروفهم الجاهلية، التي لا تتبنى العدل وقضايا الإنسان والإنسانية أساساً لما تبرمه من عهود أو تقوم به من تحالفات.
أما عهدهم مع النبي والمسلمين، فقد فرضته قضية الإنسان، وضرورات الحياة الكريمة، والفاضلة، والحرص على إنسانية الإنسان، وبهدف إسعاده، وإبعاد الشرور والآفات عنه.
تحكيم ابن معاذ لطف إلهي:
ولا ننسى هنا: أن تحكيم سعد بن معاذ بالذات له دلالته الهامة، فإن ذلك من التوفيقات والألطاف الإلهية بالمسلمين، وذلك من أكثر من جهة.
1 ـ فمن جهة كان سعد رئيس الأوس ـ بل كان سيد الأوس وغيرهم، كما أشار إليه النبي "صلى الله عليه وآله" بقوله للصحابة: قوموا إلى سيدكم.
ونود أن نمعن النظر جيداً في تأكيد النبي على سيادة سعد هنا، ثم أمره الصحابة بأن يقوموا لسيدهم.
وإذا حكم الرئيس، فإن الجميع يرى حكمه ملزماً ونافذاً، ويراه صادراً وفق مصلحة مرؤوسيه، ومن خلال حسابات دقيقة، وعن إشراف تام على مختلف الحيثيات التي ينبغي ملاحظتها في حكم خطير كهذا. فليس ثمة أية رعونة في اتخاذ القرار، ولا يعاني القرار من جهل في الحيثيات الموضوعية والاجتماعية والسياسية التي لا بد من أخذها بنظر الاعتبار في إصدار أي حكم.
2 ـ ومن جهة ثانية: فإن هذا الحكم من سعد كما أنه أحرق كل خيوط الأمل لبني قريظة، فإنه أيضاً قد أحرق قلوبهم، لأنه جاء من أولئك الذين يرون أنهم يهتمون بالحفاظ على حياتهم أكثر من الآخرين.
وإذ بهم يهتمون بالقضاء عليهم ويصرون على ذلك فيحكمون عليهم بالموت، ثم يشاركون ـ عملاً ـ في تنفيذ ذلك الحكم الصادر.
فأي فجيعة لهم، أكثر من تلك الفجيعة، التي زادها ألماً وضرماً، ما يرونه من رسوخ الدعوة المحمدية، وعلو نجمها، واشتداد شوكتها، واتساع نفوذها يوماً بعد يوم، بل وساعة بعد ساعة
قبول النبي ' بتحكيم سعد بن معاذ:
وأما فيما يرتبط بقبول النبي "صلى الله عليه وآله" بتحكيم سعد بن معاذ فقد تجلت فيه مرونة وانعطاف جديران بأن يبطلا كل المبررات التي قد يستفيد منها أولئك الأوسيـون المتعـاطفون مـع حلفـائهم، لإثـارة أجـواء مسمومة حول صوابية القرار النبوي في حق بني قريظة، أو تصويره على أنه قاس، أو مجحف، أو ما إلى ذلك. ثم هو يسقط الذرائع التي كانوا يتذرعون بها لممارسة ضغوط على النبي "صلى الله عليه وآله" لمنعه من تنفيذ حكم الله فيهم.
ثم هو قد ألجم بني قريظة أنفسهم، ووضع حداً لمحاولاتهم تأليب الرأي العام ضد القرار النبوي، والاستفادة من سذاجة بعض المسلمين، ومن سوء سريرة البعض الآخر منهم، خصوصاً أولئك الذين اتهمهم ابن معاذ بعدم الإخلاص في نواياهم، وحتى في دينهم.
الفصل الخامس:
القتلى والشهداء
حكم سعد بن معاذ في طريقه إلى التنفيذ:
وقد تقدم قولهم: إن سعداً حكم على بني قريظة بقتل الرجال، وسبي النساء، وغنيمة الأموال.
لكن الظاهر أنه حكم عليهم: "أن يقتل كل من حزَّب عليه، وتغنم المواشي، وتسبى النساء والذراري، وتقسم الأموال.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة"([216]).
فكلمة حزَّب عليه، أصبحت بعد تصحيفها وإضافة كلمة واحدة إليها للتوضيح هكذا: جرت عليه الموسى([217]).
ويؤيد: أنه "صلى الله عليه وآله" قتل من حزَّب عليه ما سيأتي من الاختلاف الفاحش في عدد المقتولين.
ويصرح ابن شهرآشوب: أن عدد بني قريظة كان سبع مئة، لكن المقتولين منهم كانوا أربع مئة وخمسين([218]).
وهو المناسب أيضاً لقوله تعالى: ?فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً?([219]).
بداية النهاية:
قال القمي: أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأخدود، فحفرت بالبقيع([220]).
وقال آخرون: إنه "صلى الله عليه وآله" حفر لهم خنادق في سوق المدينة، فضرب أعناقهم فيها([221]).
وقالت بعض المصادر: "قتلوا عند دار أبي جهل (جهم) بالبلاط، ولم تكن يومئذٍ بلاط، فزعموا: أن دماءهم بلغت أحجار الزيت بالسوق"([222]).
وعند الواقدي: "فأمر بخدود فخدت في السوق، ما بين موضع دار أبي جهم العدوي إلى أحجار الزيت بالسوق"([223]).
وجلس "صلى الله عليه وآله" ومعه علية أصحابه، ودعا برجال بني قريظة، فكانوا يخرجون رسلاً، رسلاً، تضرب أعناقهم.
ثم يذكرون كيف أنهم كان يلوم بعضهم بعضاً.
وكان اللذين يليان قتلهم علي والزبير([224]).
وفي بعض المصادر: أنهم كانوا يخرجونهم أرسالاً. وحسب نص اليعقوبي: عشرة عشرة، ويلي قتلهم علي والزبير، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" جالس هناك([225]).
وفي نص آخر: "تمادى القتل فيهم إلى الليل. فقتلوا على شعل السعف"([226]).
قال محمد بن كعب القرظي: قتلوا إلى أن غاب الشفق، ثم رد عليهم التراب في الخندق([227]).
و"عند قتلهم صاحت نساؤهم، وشقت جيوبها، ونشرت شعورها، وضربت خدودها وملأت المدينة بالنوح والعويل"([228]).
ونقول:
إننا نشير هنا إلى الأمور التالية:
1 ـ قولهم: إنهم كانوا يخرجونهم أرسالاً، أو عشرة عشرة، يقابله قول البعض: "فلما أمسى أمر بإخراج رجل رجل، فكان يضرب عنقه"([229]).
ولا بد من ملاحظة التناقض بين قولهم: تمادى القتل فيهم إلى الليل، فقتلوا على شعل السعف، أو إلى أن غاب الشفق. وبين قولهم: فلما أمسى أمر بإخراجهم رجلاً رجلا ليضرب أعناقهم.
ثم ملاحظة التناقض بين قولهم: إنهم قتلوا ورسول الله "صلى الله عليه وآله" جالس، ومعه أصحابه، وبين ما سيأتي من أن النبي قد حضر قتل أربعة منهم فقط.
2 ـ وعن ذكر الزبير إلى جانب علي "عليه السلام"، وأن هذا كان يقتل عشرة، وذاك عشرة.
نقول: إنه موضع شك وريب، وذلك لما يلي:
أ: يقول نص آخر: "وخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى موضع السوق اليوم، وحضر معه المسلمون، وأمر أن يخرجوا وتقدم إلى أمير المؤمنين "عليه السلام" بضرب أعناقهم في الخندق، فأخرجوا أرسالاً"([230]).
ب: تذكر رواية أخرى، أنه لما قُتل حيي بن أخطب، ونباش بن قيس، وغزال بن سموأل، وكعب بن أسد، قام "صلى الله عليه وآله" وقال لسعد بن معاذ: عليك بمن بقي، فكان يخرجهم رسلاً رسلاً يقتلهم([231]).
فهذا النص لم يذكر علياً ولا غيره، بل نسب القضية برمتها إلى سعد بن معاذ.
ج: يقول نص آخر: "فقتل علي عشرة، وقتل الزبير عشرة. وقلَّ رجل من الصحابة إلا قتل رجلاً أو رجلين"([232]).
وهذا النص يحاول أن يعطي للزبير ـ دون غيره ـ دوراً يضارع دور علي "عليه السلام" ثم أعطى بقية الصحابة نصيباً في هذا الأمر أيضاً.
د: وقد جاءت رواية أخرى لتقدم مبرراً لإشراك الأوس من الصحابة في قتل بني قريظة، فهي تقول:
جاء سعد بن عبادة والحباب بن المنذر، فقالا: يا رسول الله، إن الأوس كرهت قتل بني قريظة لمكان حلفهم.
فقال سعد بن معاذ: يا رسول الله، ما كرهه من الأوس من فيه خير، فمن كرهه من الأوس لا أرضاه الله.
ثم اقترح أسيد بن حضير ـ كما يزعمون ـ أن يرسل النبي "صلى الله عليه وآله" إلى كل دار (وفي نص آخر: قبيلة أو حي) ليقتلوهم، فقبل "صلى الله عليه وآله" بالاقتراح، وأرسل إلى كل دار (قبيلة) من الأوس باثنين اثنين، فقتلوهم([233]).
ولست أدري لماذا جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" هذان الخزرجيان اللذان كانا من المناوئين لأبي بكر في السقيفة، وهما سعد بن عبادة، والحباب بن المنذر؟ ثم جاء الحل الذي يقبله النبي "صلى الله عليه وآله" ويعمل به من قبل ذلك القريب والنصير لأبي بكر في السقيفة أيضاً، وأحد المهاجمين لبيت الزهراء، بعد وفاة أبيها "صلى الله عليه وآله"، وأعني به أسيد بن حضير؟!!
ولست أدري أيضاً: كيف أصبح اقتراح ابن حضير هو الحل الأمثل، والعلاج للمشكة؟ مع أن ابن معاذ قد قرر: أن الكارهين لقتل بني قريظة هم فئة قليلة لا خير فيها، وتستحق البراءة منها، والدعاء عليها.
ثم أليس يعدُّ قسوة منه "صلى الله عليه وآله" أن يأمر الحليف بقتل حليفه! والنبي "صلى الله عليه وآله" ـ كما نطق به القرآن ـ : ?.. بِالمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ?.
إلا أن يكون "صلى الله عليه وآله": قد أراد بذلك أن يختبر مدى رضوخهم لحكم الله ورفضهم لأحكام الجاهلية وأحلافها.
مشاركة الأوس في قتل حلفائهم:
وثمة نقطة أخرى لا بد من إثارتها هنا، وهي: أنه إذا صحت مشاركة الأوس أنفسهم في تنفيذ حكم سيدهم سعد فإنما كانت مشاركة طوعية منهم، وذلك هو المأمول بهم. فإذا كانت هذه المشاركة مستوعبة وشاملة، كما تقدم، فإن هذا الأمر سيمنع من حدوث أي تململ في صفوف هؤلاء الحلفاء، وسد الطريق على ذوي النوايا المشبوهة فلم يعد بإمكانهم تحريك النعرات، والتلاعب بالعواطف، وإثارة البلبلة لخلخلة الوضع من الداخل، وخلق عقدة لدى هذا الفريق، أو ذاك.
وأصبحت المشاركة الأوسية في قتل بني قريظة من مفاخرهم ومنجزاتهم التي يعتزون بها، ولا يمكن لأحد أن يغمز من قناتهم، ولا أن يتهمهم بالميل إلى الدفاع عن حلفائهم.
تصحيح خطأ:
قالوا: وكان علي "عليه السلام" هو الذي ضرب في بني قريظة "أعناق اليهود، مثل حيي بن أخطب، وكعب بن الأشرف"([234]).
والصحيح: كعب بن أسد، لأن ابن الأشرف كان قد قتل قبل ذلك بزمان، مضافاً إلى أن ابن الأشرف كان من بني النضير، لا من بني قريظة.
إلا أن يكون مراده: أن علياً "عليه السلام" هو الذي قتل ابن الأشرف أيضاً، ثم زور المزورون للتاريخ هذه الحقيقة، فنسبوا قتله إلى غير علي "عليه السلام"، حسداً منهم، وحقداً، وبغياً عليه.
قتل كل من أنبت:
وقالوا: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر بقتل كل من أنبت من بني قريظة([235])، وكان من شك في بلوغه نظر إلى مؤتزره، فإن كان أنبت قُتل، وإلا طُرح في السبي([236]).
قال محمد بن كعب القرظي: فكنت في من لم ينبت([237]). وكان مسلم بن بجرة الأنصاري هو الذي تولى كشف عوراتهم. واستدل به الفقهاء على جواز كشف العورة للحاجة([238]).
لكن أسلم الأنصاري يقول: جعلني رسول الله "صلى الله عليه وآله" على أسرى قريظة، فكنت أنظر إلى فرج الغلام، فإن رأيته قد أنبت ضربت عنقه، وإن لم أره قد أنبت جعلته في مغانم المسلمين([239]).
ونقول:
ههنا مواقع للنظر، وهي التالية:
1 ـ قولهم: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر بقتل كل من أنبت من بني قريظة، يقابله نص آخر يقول: إن سعداً هو الذي أمرهم بالنظر إلى مؤتزر من شكُّوا في بلوغه فصوبه النبي "صلى الله عليه وآله"([240]).
2 ـ قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر بقتل كل من أنبت لا يستقيم مع ما قدمناه وسيأتي أيضاً: من أنه "صلى الله عليه وآله" إنما قتل خصوص من حزَّب عليه منهم. والباقون لم يقتلوا. فإن كان قد كشف عن مؤتزر أحد، فإنما ذلك في خصوص هذا الفريق من الخونة والأشرار.
3 ـ أما المتولي لكشف عوراتهم، فلعل أسلم الأنصاري هو نفس مسلم بن بجرة الأنصاري، أو أن مسلماً هو ابن أسلم([241])، وقد صحَّف الراوي، أو أسقط أحدهما.
4 ـ بقي أن نشير إلى أن بعض النصوص المتقدمة قد ذكرت محمد بن كعب القرظي على أنه هو الذي وجدوه لم ينبت فأطلقوا سراحه.
مع أن محمد بن كعب إنما ولد في سنة أربعين للهجرة، ولا يصح أنه ولد في حياة النبي "صلى الله عليه وآله"([242]).
والصحيح: أن أباه كعباً هو الذي نجا يوم بني قريظة([243]).
5 ـ قال ابن حزم: "واستحيا عطية القرظي، وله صحبة"([244]).
عن عطية قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر أن يقتل من بني قريظة كل من أنبت منهم. وكنت غلاماً، فوجدوني لم أنبت، فخلوا سبيلي([245]).
قال السهيلي: "ففي هذا: أن الإنبات أصل في معرفة البلوغ، إذا جهل الاحتلام، ولم تعرف سنوه"([246]).
أما القول بأن عطية هذا هو جد محمد بن كعب القرظي([247])، فلا نراه صحيحاً، بل عطية هذا رجل آخر.
والصحيح هو: ما تقدم عن تاريخ البخاري، فراجع. وليس تحقيق هذا الأمر مما يهمنا كثيراً لكونه ليس مما يترتب عليه أثر ذو بال.
وصايا الرسول ' بالأسرى:
وحين جيء بنباش بن قيس ليقتل، جابذ الذي جاء به حتى قاتله، فدق الذي جاء به أنفه فأرعفه. فسأل النبي "صلى الله عليه وآله" الذي جاء به عن السبب، فذكره له، فقال نباش: كذب ـ والتوراة ـ يا أبا القاسم، ولو خلاني ما تأخرت عن موطن قتل فيه قومي حتى أكون كأحدهم.
ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أحسنوا إسارهم، وقيلوهم، واسقوهم حتى يبردوا، فتقتلوا من بقي. لا تجمعوا عليهم حر الشمس، وحر السلاح، وكان يوماً صائفاً. فقيَّلوهم، وسقوهم، وأطعموهم، فلما أبردوا راح رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقتل من بقي"([248]).
ونقول:
قد تقدم في الفصل السابق، بعض وصاياه "صلى الله عليه وآله" بأسرى بني قريظة. وإنما أعدنا بعضه هنا لاقتضاء المناسبة له، وهو قصة نباش بن قيس.
ونسجل هنا ما يلي:
1 ـ إننا لا نكاد نصدق قوله: ولو خلاني ما تأخرت عن موطن قتل فيه قومي الخ.. حيث إننا نلحظ مزيداً من الاهتمام بإضفاء صفة الشجاعة والبطولة والعنفوان لدى هؤلاء الخونة. كما سنرى.
2 ـ إننا قد أشرنا إلى وجود بعض الريب في أن تكون غزوة بني قريظة قد حصلت في الصيف، فراجع ما ذكرناه في غزوة الخندق في الجزء العاشر من هذا الكتاب.
3 ـ إن وصايا الرسول "صلى الله عليه وآله" بالأسرى هنا، وقوله في مورد آخر عن بني قريظة، الذين خانوا عهده ومالأوا عدوه: "اسقوهم العذب، وأطعموهم الطيب، وأحسنوا أسارهم"([249])،
إن هذه الوصايا لا تتناقض أبداً مع قتل بني قريظة، فالقتل هو حكم شرعي إلهي لا بد من إطاعته وتنفيذه في حقهم. أما إساءة المعاملة للأسير، فتعتبر تعدياً على الأسير، وعلى شخصيته. ويعتبر الإحسان إليه هو الواجب الخلقي، الذي لا بد من القيام به، حتى بالنسبة للمحكومين بحكم يصل إلى هذه الدرجة.
إذن.. هناك حكمان لهما حيثيتان فرضتهما حالتان موجودتان في موردهما فللأسير حقه كإنسان، وعليه العقاب بحسب نوع الجريمة التي ارتكبها، فإنها هي التي تفرض نوع العقاب.
قتل كعب بن أسد:
وأُتيَ "صلى الله عليه وآله" بكعب بن أسد، مجموعة يداه إلى عنقه ـ وكان حسن الوجه ـ فقال "صلى الله عليه وآله": كعب بن أسد؟!
قال كعب: نعم يا أبا القاسم.
قال: أما انتفعتم بنصح ابن خراش (جواس)، وكان مصدقاً بي؟ أما أمركم باتباعي؟ وإن رأيتموني أن تقرئوني منه السلام؟!
قال: بلى ـ والتوراة ـ يا أبا القاسم، ولولا أن تعيرني اليهود بالجزع من السيف لاتبعتك، ولكني على دين اليهود.
قال "صلى الله عليه وآله": قدمه، فاضرب عنقه، فقدمه، فضرب عنقه([250]).
وسيأتي لنا كلام حول موقف كعب هذا.
حيي بن أخطب يواجه الموت:
ويقول المؤرخون: ثم أُتي بحيي بن أخطب، مجموعة يداه إلى عنقه، فقال له رسول الله حين طلع. ألم يمكن الله منك يا عدو الله؟!
قال: بلى والله ما لمت نفسي في عداوتك. وقد التمست العزَّ في مكانه، وأبى الله إلا أن يمكنك مني. ولقد قلقلت كل مقلقل (أي ذهبت في كل وجه) ولكنه من يَخذل الله يُخذل.
ثم أقبل على الناس، فقال: أيها الناس، لا بأس بأمر الله، قدر وكتاب، ملحمة كتبت على بني إسرائيل.
ثم أمر به فضربت عنقه([251]).
زاد في بعض المصادر قوله: ثم أقيم بين يدي أمير المؤمنين، وهو يقول: قتلة شريفة بيد شريف.
فقال له علي "عليه السلام": إن الأخيار يقتلون الأشرار، والأشرار يقتلون الأخيار، فويل لمن قتله الأخيار، وطوبى لمن قتله الأشرار والكفار.
فقال: صدقت لا تسلبني حلتي.
قال: هي أهون علي من ذاك.
قال: سترتني، سترك الله، ومد عنقه، فضربها علي، ولم يسلبه من بينهم([252]).
هذا، وقد قال جبل بن جوال الثعلبي في هذه المناسبة:
لعـمـرك مـا لام ابـن أخطب نفسه ولـكـنـه مـن يخـذل الله يـذخــل
فـجـاهـد حتى أبلغ النفس عذرها وقـلـقـل يبغي العز كل مقلقل([253])
زاد في بعض المصادر: أن أمير المؤمنين "عليه السلام" قال في ذلك:
لـقـد كـان ذا جـد وجـد بـكفــره فـقـيـد إلـيـنـا بـالمـجـامـع يقتل
فـقـلـدتـه بـالسيـف ضربـة محفظ فـصـار إلى قـعـر الجحيم يـكبـل
فـذاك مـآب الـكـافـرين ومن يطع لأمـر إلـه الخـلق في الخلد ينزل([254])
ولنا على ما تقدم ملاحظات، هي التالية:
الأولى: بالنسبة للشعر المنسوب إلى علي أمير المؤمنين "عليه السلام" نقول: إنه ليس في المستوى الذي يؤهله لأن ينسب إلى أمير المؤمنين "عليه السلام"، وذلك واضح بأدنى تأمل.
الثانية: إن التجاء حيي بن أخطب إلى القدر والقضاء لتبرير ما يتعرض له هو وبنو قريظة ليس له ما يبرره، إلا محاولة التبرير والتزوير للحقيقة. ومحاولة التنصل من المسؤولية، بإلقاء اللوم على الله سبحانه، الذي لم يأمره بأن يتآمر، وينقض العهود والمواثيق، ولا طلب منه ومنهم أن يواجهوا نبيهم بالحرب، وهم يعرفون صدقه، وصحة نبوته كما يعرفون أبناءهم، ويجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل.
وإذا كان لكلام حيي هذا أساس من الصحة، فصحته تكمن في أنه يبين أن الله سبحانه قد قدَّر على الباغي، والناكث، والمكذب للصادقين، وقتلة الأنبياء: أن يُقْتَلوا جزاء ذلك البغي والنكث والتكذيب.
الثالثة: إننا نرجح أن يكون حيي بن أخطب نفسه هو الذي قال: لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه ولكنه الخ.. كما ذكر البعض([255]).
بل ذكرت بعض النصوص: أن علياً "عليه السلام" سأل الذي جاء بحيي للقتل: ما كان يقول وهو يقاد إلى الموت؟
فقال: كان يقول:
لـعـمرك ما لام ابن أخطب نفسـه ولكنه مـن يَخــــذل الله يُخـــذل
فجاهـد حتى أبلغ النفس جهدهـا وحـاول يـبـغي العز كل مقلقل([256])
وهي بحيي أنسب منها بجبل بن جوال خصوصاً إذا كان جبل قد أسلم قبل قتل حيي وبني قريظة، إذ لا مجال له بعد أن أسلم ليرثي حيي بن أخطب بهذه الأبيات.
وإن كان قد أسلم بعد ذلك، فيمكن أن يكون قد رثاه بها. لكن ما حكي من سؤال أمير المؤمنين "عليه السلام" للذي جاء بحيي عما كان يقول حيي يرجح نسبتها لحيي، حيث أراد أن يترجم ما أجاب به النبي "صلى الله عليه وآله" شعراً يتداوله الناس بعده.
الرابعة: إننا نلمح في هذه الروايات، كما هو في غيرها، قدراً من الاهتمام بإظهار مزيد من القوة والثبات لدى اليهود، والصبر على مواجهة المصاب الكارثة، ثم المزيد من التأكيد على أنهم قد اختاروا الموت كراماً على الخضوع لما يخالف قناعاتهم..
وقد يكون ما ينسب لحيي هنا، وكذلك ما ينسب لنباش بن قيس، وكعب بن أسد، وحتى ما ينسب لنسائهم، كنباتة النضيرية، قد صُنِع من أجل تحقيق هذا الهدف بالذات، ولعله أيضاً بهدف التخفيف، أو فقل: التعتيم على ما لحقهم من عار النكث والخيانة.
مع أن النصوص التاريخية تؤكد: ذلهم، وخنوعهم، وجزعهم الشديد حين ذهب إليهم أبو لبابة، فكيف تحول ذلك الذل والخنوع والجزع إلى قوة وعزة وشهامة، وبطولة؟ لا ندري ولعل الفطن الذكي يدري.
قتل نباتة النضيرية:
ويقال: إنه كان ثمة امرأة من بني النضير، يقال لها: نباتة، تحت رجل قريظي، (قال السهيلي: هو الحاكم القرظي) يحبها، وتحبه، وكانت في حصن الزبير بن باطا. فخاف زوجها أن تسبى بعده، فأحب أن تقتل بجرمها، فطلب منها فدلت على المسلمين رحى من فوق الحصن، وكان المسلمون ربما جلسوا تحته، يستظلون في فيئه، وكان ذلك بعد اشتداد الحصار على بني قريظة.
فلما أطلعت الرحى، رآها القوم فانفضوا، فأصابت خلاد بن سويد، فشدخت رأسه. فلما كان في اليوم الذي أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقتلوا دخلت هذه المرأة على عائشة، فجعلت تضحك ظهراً لبطن، وهي تقول: سراة بني قريظة، يقتلون، فسمعت قول قائل: يا نباتة.
فقالت: أنا والله التي أدعي.
قالت: ولم؟
قالت: قتلني زوجي.
فسألتها عائشة عن ذلك، فذكرت لها أمر الرحى، وأنها قتلت خلاد بن سويد، فأمر "صلى الله عليه وآله" بها فقتلت بخلاد بن سويد.
قالت عائشة: لا أنسى طيب نفس نباتة، وكثرة ضحكها، وقد عرفت أنها تقتل؛ فكانت عائشة تقول: قُتلت بنو قريظة يومهم، حتى قُتلوا بالليل على شعل السعف([257]).
وذكرت بعض المصادر: أن زوجها قال لها: "غلب علينا محمد، سيقتل الرجال، ويسبي النساء والذراري"([258]).
وقسم من المصادر التي ذكرناها في الهامش ذكر: أن اسمها: بنانة، وقد يكون ذلك تصحيف نباتة، أو العكس.
وسمتها بعض المصادر: بيانة.
وقيل: مزنة، ولعل مزنة هي أرفة الآتي ذكرها.
ونقول:
إننا نسجل هنا الأمور التالية:
1 ـ شجاعة نباتة:
إن مما يلفت نظرنا هنا ما نجده من محاولات جادة لإظهار شجاعة بني قريظة، وثباتهم وقوتهم، وصبرهم في مواجهة الموت التزاماً ووفاءً لقناعاتهم، وانسجاماً مع أنفسهم في مواصلة الأخطار والكواراث، دونما رهبة أو وجل.
وقد تجلى ذلك حتى في نسائهم، اللواتي يفترض فيهن أن يظهرن المزيد من الجزع والضعف والهلع في مواجهة الموت.
ويكتسب اليهود عن طريق هذا التزوير للتاريخ: صفات الشهامة، والعزة والكرامة، والإباء والشمم، وهي الصفات التي لم نزل نعرف عنهم اتصافهم بما يناقضها وينافيها.
أما النبي والمسلمون فيصبحون في موقع الناس القساة، الذين لا تظهر منهم بادرة رأفة ولا رحمة. بل هم أناس مجرمون، يحبون سفك الدماء، دونما شفقة أو وازع من ضمير.
2 ـ شكوك حول قصة نباتة:
ويلفت نظرنا في قصة نباتة الأمور التالية:
أولاً: كيف دخلت هذه المرأة على عائشة مع أن سبايا بني قريظة، قد جعلوا جميعاً في دار رملة بنت الحارث، كما تقدم، ودار أسامة([259]) ولم يكن يسمح لأي منهن بالتجول، ودخول المنازل، لا سيما قبل تنفيذ الحكم في رجالهن، وقبل تحديد مصير السبايا أيضاً.
بل لقد ذكروا: أن دخول نباتة على عائشة قد كان والنبي مشغول بقتل بني قريظة، كما ذكره دحلان وصاحب السيرة الحلبية.
ثانياً: قال الشيخ المفيد: "قتل من نسائهم امرأة واحدة، كانت أرسلت عليه (أي على النبي "صلى الله عليه وآله") حجراً، وقد جاء النبي "صلى الله عليه وآله" باليهود يناظرهم قبل مباينتهم له، فسلمه الله من ذلك الحجر"([260]).
ثالثاً: قد تكرر ما يشبه هذه القصة، فذكر نظيرها في بني النضير، وفي خيبر، فلماذا لم يتعلم المسلمون مما سبق لهم؟!
رابعاً: هل يعقل أن يجلس المسلمون في أصل الحصن للاستظلال به، مع وجود احتمالات إرسال الحجارة أو غيرها عليهم، وهم في حالة حرب مع عدوهم، ولا سيما مع اشتداد الحصار عليهم، كما صرحت به الرواية نفسها؟! إن ذلك بعيد، ولا يفعله من له أدنى خبرة في مجال التعامل في أثناء الحرب، ومع إحساس العدو بالخطر الماحق، وبالدمار الساحق.
خامساً: من أين علم زوجها: أنهم سيقتلون وتسبى ذراريهم ونساؤهم ولماذا لم يفكر بحل المشكل بطريقة أخرى؟!
ولماذا طاوعته زوجته على القيام بما طلبه منها، وقد كان من الطبيعي أن تعترض عليه بأن عليه هو أن يلقي تلك الرحى؟!
وأيضاً لماذا التفت المسلمون إلى فعلها، وهم لا يرونها، بحسب العادة، وبحسب موقعهم في جلوسهم بأصل الحصن.
3 ـ حكم الارتداد لا يجري على نباتة:
قال السهيلي: "وفي قتلها دليل لمن قال: تقتل المرتدة من النساء أخذاً بعموم قوله "عليه السلام": من بدل دينه فاضربوا عنقه. وفيه مع العموم قوة أخرى، وهي تعليق الحكم بالردة والتبديل، ولا حجة مع هذا لمن زعم من أهل العراق بأن لا تقتل المرتدة لنهيه "عليه السلام" عن قتل النساء والولدان.
قلت: هما عامَّان تعارضا، وكل من الفريقين يخص أحد الحديثين بالآخر، فالعراقيون يخصون حديث: من بدل دينه فاقتلوه بحديث النهي عن قتل النساء والصبيان، وغيرهم يخالفهم، وتخصيص المخالف أولى لوجه ليس هنا موضع ذكره.
وأما استدلاله بهذا الحديث على قتل المرتدة، ولم تكن هذه مرتدة قط، فعجيب، بل هي قاتلة قتلت خلاد بن سويد، ومقاتلة بتعاطيها ذلك، وناقضة للعهد. فالعراقي موافق لغيره في قتل هذه. وفي انفرادها بالقتل عن نساء بني قريظة ما يشعر بأنه لما انفردت به عنهن من قتل خلاد. فليس هذا من حكم المرتدة في ورد ولا صدر"([261]).
وأما حديث تخصيص أحد الحديثين بالآخر، ففيه مواضع للنظر ليس هنا موضع التعرض لها.
قتل أرفة بنت عارضة:
قال ابن الأثير: "وقتلت أرفة بنت عارضة منهم"([262]).
وقد تكون أرفة هي مزنة([263])، كما تقدمت الإشارة إليه فيما سبق.
الزبير بن باطا ونساء بني قريظة:
وكان نساء بني قريظة يقلن: عسى أن يمن على رجالنا، أو يقبل منهم فدية، فلما أصبحن وعلمن بقتل رجالهن صحن، وشققن الجيوب، ونشرن الشعور، وضربن الخدود، فملأن المدينة.
قال: يقول الزبير بن باطا: "اسكتن، فأنتم أول من سبي من نساء بني إسرائيل منذ كانت الدنيا، ولا يرفع السبي عنهم حتى نلتقي نحن وأنتن. وإن كان في رجالكن خير فدوكن، فالزمن دين اليهودية فعليه نموت، وعليه نحيا"([264]).
ونقول:
نحن نشك في هذا النص، لأن الزبير هذا، كان قد قتل فيمن قتل من رجال بني قريظة؛ فأين رآهن الزبير حتى قال لهن هذا القول؟! وقد كن محبوسات في مكان آخر منفصل عن حبس الرجال.
كما أن النص المذكور يكاد يكون متناقضاً في نفسه، فإن صدره يقول: إنهن علمن بقتل رجالهن فصحن، وشققن الجيوب الخ..
وذيل النص يقول على لسان ابن باطا: وإن كان في رجالكن خير فدوكن الخ.. فكيف يمكن لرجالهن فديتهن وهم محبوسون للقتل أو أنهم قد قتلوا بالفعل.
قتل الزبير بن باطا:
ووهب "صلى الله عليه وآله" لثابت بن قيس بن الشماس ولد الزبير بن باطا، فاستحيا منهم عبد الرحمن بن الزبير (كانت له صحبة) لكن الزبير نفسه أبى إلا أن يقتل مع قومه قبحه الله([265]).
وتفصيل ذلك وفقاً لما ذكره الواقدي: أن الزبير بن باطا الذي كان أعمى([266]) كان قد مَنَّ على ثابت بن قيس يوم بعاث، وجز ناصيته. فلما كان يوم قريظة استوهبه من رسول الله، وذلك بموافقة الزبير نفسه، فوهبه له.
فرجع إلى الزبير، فأخبره، ثم رغب الزبير باستيهاب أهله، وولده، وماله، فوهب له رسول الله "صلى الله عليه وآله" أهله، وماله، وولده.
فقال الزبير لثابت: أما أنت فقد كافأتني، وقضيت بالذي عليك يا ثابت، ما فعل الذي كأن وجهه مرآة صينية، تتراءى عذارى الحي في وجهه ـ كعب بن أسد؟
قال: قتل.
قال: فما فعل سيد الحاضر والبادي، سيد الحيين كليهما، يحملهم في الحرب، ويطعمهم في المحل حيي بن أخطب؟
قال: قتل.
قال: فما فعل أول غادية اليهود إذا حملوا، وحاميتهم إذا ولوا ـ غزال بن سموأل؟
قال: قتل.
قال: فما فعل الحُوَّل القُلَّب الذي لا يؤم جماعة إلا فضَّها، ولا عقدة إلا حلَّها ـ نباش بن قيس؟
قال: قتل.
قال: فما فعل لواء اليهود في الزحف ـ وهب بن زيد؟
قال: قتل.
قال: فما فعل والي رفادة اليهود، وأبو الأيتام والأرامل من اليهود ـ عقبة بن زيد؟!
قال: قتل.
قال: فما فعل العمران اللذان كانا يلتقيان بدراسة التوراة؟!
قال: قتلا.
قال: يا ثابت، فما خير العيش بعد هؤلاء؟!.
ثم طلب منه، وأصر عليه أن يقتله بسيفه، فقدمه إلى الزبير بن العوام، فضرب عنقه.
وفي نص آخر: يذكر فيه نحو ما تقدم، لكنه حين يصل إلى غزال بن سموأل يقول بعده: فما فعل المجلسان؟ يعني بني كعب بن قريظة، وبني عمرو بن قريظة.
قال: ذهبوا، قتلوا، فطلب منه أن يقتله، ففعل([267]).
الهدف الحقيقي:
وهذا النص كغيره من النصوص العديدة التي مرت معنا في هذه الغزوة وغيرها صريح في ما تكررت إشارتنا إليه، ولم نزل نؤكد عليه، من أن المقصود هو: إظهار مزيد شهامة، ورجولة وإباء لدى اليهود، وتسطير المآثر لهم، ليعوضوهم بذلك عن الخزي الذي لحق بهم بسبب نقضهم العهود، وخيانتهم للمواثيق.
ثم تكون نتيجة ذلك أيضاً: أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمون هم الذين ارتكبوا جريمة، ولا أبشع منها في حق هؤلاء الكرام البررة!!
وليس ثمة ما يبرر ذلك سوى حب التشفي، وإلا القسوة، وحب سفك دماء الأبرياء.
نعم.. هكذا يريدون أن يصوروا لنا الحال، وما آلت إليه الأحوال.
والأمر والأدهى من ذلك: أن نرى بعض الكتاب المسلمين ينخدعون بهذه المرويات، حتى ليقول بعضهم:
"الحق أن هؤلاء اليهود قد أظهروا من الشجاعة النادرة، والصبر المدهش على هذه المحنة والجلد أمام القتل، ما يحسدون عليه"([268]).
وليت هذا الكاتب أشار أيضاً إلى ما أظهره هذا النص من تسامح، وعفو وكرم من قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله". ثم ما ظهر من خسة وانحطاط خلقي، ومن صلف وقلة مبالاة بالقيم بإصرار هذا اليهودي على موقفه الخياني الأثيم، وانسياقه وراء تسويلات شيطانية رخيصة. ويا ليته أشار أيضاً إلى بكاء اليهود بين يدي أبي لبابة ضعفاً وخوراً وجبناً..
إسلام رفاعة بن سموأل:
ونظر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى سلمى بنت قيس ـ وكانت إحدى خالاته ـ وكان رفاعة بن سموأل له انقطاع إليها وإلى أخيها سليط، وأهل الدار. وكان حين حُبس أرسل إليها يطلب منها أن تكلم النبي "صلى الله عليه وآله" في تركه، لأنها إحدى أمهاته.
فقال "صلى الله عليه وآله": ما لك يا أم المنذر؟
فطلبت منه أن يهب لها رفاعة، وقد رآه "صلى الله عليه وآله" يلوذ بها، فوهبه "صلى الله عليه وآله" لها.
ثم قالت: يا رسول الله، إنه سيصلي، ويأكل لحم الجمل.
فتبسم "صلى الله عليه وآله"، ثم قال: إن يصلِّ فهو خير له، وإن يثبت على دينه فهو شر له.
قالت: فأسلم، فكان يقال له: مولى أم المنذر، فشق ذلك عليه، واجتنب الدار، فأرسلت إليه: إنه والله ما أنا لك بمولاة، ولكنني كلمت رسول الله "صلى الله عليه وآله" فوهبك لي، فحقنت دمك، وأنت على نسبك.
فكان بعد يغشاها، وعاد إلى الدار([269]).
لكن ابن حزم قال: "وهب رفاعة بن شمويل القرظي لأم المنذر سلمى بنت قيس من بني النجار ـ وكانت قد صلَّت القبلتين ـ فأسلم رفاعة، وكان له صحبة، وكان ممن لم ينبت"([270]).
فإذا كان لم ينبت، فما معنى شفاعة أم المنذر فيه؟ فإنه لم يكن والحالة هذه في معرض القتل، إلا أن تكون الشفاعة ناظرة إلى إطلاق سراحه من السبي.
عدد القتلى من بني قريظة:
وقد ذكروا أرقاماً متفاوتة جداً في عدد المقتولين من بني قريظة الأمر الذي يثير لدينا شكوكاً في أن ثمة من يريد أن يستفيد من هذا الأمر ويوظفه إعلامياً لمقاصد سياسية، أو دينية، أو غيرها.
والأقوال هي التالية:
1 ـ إن عدد المقتولين كان ألف إنسان، قال المعتزلي: "حصد من بني قريظة في يوم واحد رقاب ألف إنسان صبراً، في مقام واحد، لما علم في ذلك من إعزار الدين، وإذلال المشركين"([271]).
2 ـ كانوا تسع مئة([272]).
3 ـ المكثر لهم يقول: كانوا بين الثمان مئة والتسع مئة"([273]).
4 ـ كانوا سبع مئة وخمسين([274]).
5 ـ ما بين سبع مئة وثمان مئة([275]).
6 ـ ما بين ست مئة إلى تسع مئة([276]).
7 ـ كانوا سبع مئة أو نحو سبع مئة([277]).
8 ـ ما بين ست مئة إلى سبع مئة([278]).
9 ـ كانوا ست مئة([279]).
10 ـ كانوا أربع مئة وخمسين.
وحسب نص ابن شهرآشوب: أنهم كانوا سبع مئة لكن المقتولين منهم كانوا أربع مئة وخمسين([280]).
11 ـ كانوا أربع مئة رجل([281]).
12 ـ كانوا ثلاثة مئة فقط([282]).
أمور ثلاثة هامة:
ونشير هنا إلى أمور ثلاثة لها ارتباط بما تقدم هي:
الأول: إن ما تقدم من الأقوال في عدد المقتولين، قد يكون ناظراً إلى خصوص الذين قتلوا استناداً إلى حكم سعد بن معاذ فيهم.
أما من قتلوا في المعركة وأثناء الحصار، فقد لا يكون محط النظر في هذه الأقوال.
ونجد بعض النصوص يصرح: بأن الذين قتلهم علي "عليه السلام" وحده في بني قريظة كانوا عشرة([283]).
ثم إنهم يصرحون: بأن علياً والزبير قد توليا قتلهم وهم يعدون بالمئات. إلا إذا صححنا رواية توزيعهم على بيوت الأوس حسبما تقدم.
الثاني: قد ذكر ابن شهرآشوب: أن عدة بني قريظة كانت سبع مئة، لكن المقتولين منهم كانوا أربع مئة وخمسين([284])، وعند غيره: أربع مئة، أو ثلاث مئة، وقد يكون هذا هو الأقرب إلى الواقع والحقيقة انسجاماً مع ظاهر قوله تعالى: ?فَرِيقاً تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً?([285]).
وقد فسر البعض قوله تعالى: ?وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً? بالسبايا والذراري. وهو تفسير غير مقبول فإن الأسر هنا إنما يناسب المقاتلين أما النساء والذراري فالأنسب التعبير عنهم بالسبايا.
ومما يؤيد ما نقوله في عدد بني قريظة، قولهم: إن عدد الذراري والنساء كان سبع مئة وخمسين، أو تسع مئة أو ألفاً على أبعد التقادير، مع أن السبي لا بد أن يكون أضعاف عدد المقاتلين، وهذا يؤيد أن يكون عدد المقاتلين ما بين المئة إلى المئتين على أبعد تقدير.
الثالث: قد ظهر من الأقوال الآنفة الذكر مدى التفاوت والاختلاف في عدد قتلى بني قريظة، فقد تراوحت الأقوال ما بين الثلاث مئة إلى الألف، حتى لقد بلغت الأقوال إلى اثني عشر قولاً.
وكثرة الأقوال إلى هذا الحد تدل على أنه لم يكن ثمة من يملك معلومات دقيقة عن هذا الموضوع.
ويبدو أنهـا تقديـرات تبرعية، تأثرت بريـاح الأهـواء السيـاسية، أو العصبيات الدينية، بهدف إظهار قسوة الإسلام ونبي الإسلام على أعدائه وخصوصاً اليهود.
ومن الغريب: أن نجد معاوية الحاكم الأموي قد أفصح عن دخيلة نفسه فيما يرتبط بقتل كعب بن الأشرف اليهودي الغادر، حين اعتبر قتله نوعاً من الغدر والخيانة.
وقد تقدم ذلك: في بعض فصول هذا الكتاب([286]). ولا ندري، فلعل لهؤلاء الحكام بعض التأثير في هذه الأرقام الخيالية في قتلى بني قريظة.
شهداء المسلمين:
أما من قتل من المسلين في غزوة بني قريظة فهم كما يذكره المؤرخون:
1 ـ خلاد بن سويد، الذي استشهد يوم بني قريظة حيث طرحت نباتة النضيرية عليه رحى فقتلته([287])، وكان قد دنا ليكلمهم([288]).
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن له لأجر شهيدين([289]).
فقالوا: ولم يا رسول الله؟
قال: لأن أهل الكتاب قتلوه([290]).
قال بعضهم: "قلت: فيؤخذ منه: أن مقتول أهل الكتاب له أجر شهيدين، والله أعلم بالحكمة في ذلك. وأخرجه أبو داود من رواية ثابت بن قيس بن شماس"([291]).
2 ـ منذر بن محمد([292]) أخو بني جحجبا([293]).
3 ـ أبو سنان بن محصن، مات في الحصار فدفنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مقبرة بني قريظة، التي يدفن فيها المسلمون لما سكنوها اليوم، وإليه دفنوا أمواتهم في الإسلام. كذا قاله ابن إسحاق([294]).
ونقول:
إن ذلك كله مشكوك فيه. وذلك لما يلي:
ألف: بالنسبة لخلاد بن سويد نقول: لقد قال بعضهم: إنه لم يقتل([295]).
ونقول أيضاً: لماذا اختص بأجر شهيدين، دون غيره من سائر الشهداء؟ وهل ثمة فرق بين من يقتله أهل الكتاب وبين من يقتله غيرهم؟
ولماذا لما ينل من يقتله المشركون أجر شهيدين أيضاً؟! أم أن جهاد أهل الكتاب أصعب من جهاد غيرهم؟ أو أن سيوفهم أحدّ من سيوف من عداهم. والآلام التي يواجهها المجاهدون معهم أشد من الآلام مع غيرهم؟!
ولنا أن نحتمل هنا: أن الهدف هو تقديم خدمة جليلة للسائب بن خلاد بن سويد الذي ولي لمعاوية اليمن([296]). فلعلهم أرادوا تعظيم شأن من هو من حزبهم، ومكافأته على إخلاصه لهم، فاخترعوا لأبيه هذه الأوسمة: وسام الشهادة، ووسام أجر شهيدين.
ب: أما بالنسبة لمنذر بن محمد، فشهادته أيضاً في بني قريظة موضع شك وريب.
وذلك لما يلي:
1 ـ قال ابن شهرآشوب: "لم يقتل فيه من المسلمين غير خلاد"([297]).
2 ـ قال ابن حزم عن خلاد بن سويد وأبي سنان بن محصن: "ولم يصب غير هذين"([298]).
ج: أما بالنسبة لموت أبي سنان بن محصن، فهو أيضاً مشكوك فيه، إذ إن منهم من قال: "بقي إلى أن بايع تحت الشجرة"([299]).
وتقدم قولهم: لم يقتل من المسلمين غير خلاد..
فاتضح مما ذكرناه: أنه لم يثبت استشهاد أي من هؤلاء الثلاثة في بني قريظة..
الشهداء أشخاص آخرون:
وبعد ما تقدم نقول: إننا نجد في شعر حسان بن ثابت ما يشير إلى وجود قتلى غير هؤلاء، قد استشهدوا في هذه الغزوة، فهو يقول في رثاء سعد بن معاذ، وجماعة ممن استشهد يوم بني قريظة:
صـبـابـة وجــد ذكَّـرتـنـي إخــوة وقـتـلى مـضـى فيهـا طفيل ورافع
وسعد فأضحوا في الجنان وأوحشت منازلهم فـالأرض مـنـهم بلاقع([300])
أما قول البعض: إن الـذين قتلوا من المسلمين في قريظة كانوا ثلاثة نفر، وفي الخندق ستة([301]) فلعله ناظر إلى أولئك الثلاثة الذين تقدمت أسماؤهم، وذكرنا ما يوجب الشك في صحة ذلك، أو هو ناظر إلى الذين ذكرهم حسان.
ويزعم البعض: أن مجموع شهداء الخندق وقريظة، كان ستة نفر([302]).
لكن قد تقدم في الجزء العاشر: ذكر عدد من استشهد من المسلمين في الخندق. وقد تراوحت الأقوال ما بين أربعة إلى ثمانية شهداء.. والأقوال في شهداء بني قريظة قد ذكرناها آنفاً..
فما ذكره صاحب البدء والتاريخ، هنا: لعله جاء نتيجة جمعه بين القولين وهما: الأربعة في الخندق، والاثنان في قريظة، أو خمسة في الخندق، وواحد في قريظة. وقد ظهر الحال مما ذكرناه فلا حاجة للإعادة.. لأنها ستكون خالية عن الإفادة.
الفصل السادس:
الغنائم والأسرى
الغنائم:
قالوا: "وجمعت أمتعتهم، فكانت ألفاً وخمس مئة سيف، وثلاث مئة درع، وألفي رمح، وخمس مئة ترس وجحفة، وجمالاً كانت نواضح، وأثاثاً وآنية كثيرة، وماشية وشياهاً كثيرة. ووجدوا جرار خمر، فأهريق، ولم يخمس"([303]).
"وأمر بالسلاح والأثاث، والمتاع، والثياب، فحمل إلى دار بنت الحارث، وأمر بالإبل والغنم فتركت هناك ترعى في الشجر"([304]).
تخميس الغنائم وقسمتها:
ثم قسم "صلى الله عليه وآله" النساء، والأبناء والأموال، بعد أن أخرج الخمس، والصفي منها.
ويقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" أسهم للفارس ثلاثة أسهم: سهم له، وسهمان لفرسه. أما الراجل، فأعطاه سهماً واحداً([305]).
وكانت خيل المسلمين: ستة وثلاثين([306]) أو ثمانية وثلاثين فرساً([307]).
ويزعم الواقدي: أنه كان للزبير فرسان، فأسهم له النبي "صلى الله عليه وآله" خمسة أسهم([308]). وقاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاثة أفراس، فلم يضرب إلا سهماً واحداً([309]).
قالوا: "ولم يكن يسهم للخيل إذا كانت مع الرجل إلا لفرسين"([310]).
قالوا: "ولم تقع القسمة ولا السهم إلا في غزاة بني قريظة"([311]).
وقالوا أيضاً: "كان هذا أول فيء وقعت فيه السهمان والخمس([312])، فعلى سنتها وما أمضى رسول الله "صلى الله عليه وآلـه" فيها وقعت المقاسم، ومضت السنة في المغازي"([313]).
وقال ابن سعد: "وأمر بالغنائم فجمعت، فأخرج الخمس من المتاع والسبي، ثم أمر بالباقي فبيع فيمن يزيد، وقسمه بين المسلمين".
زاد الواقدي قوله: "وقسمت النخل"([314]).
وكان المسلمون ثلاثة آلاف، والخيل ستة وثلاثين فرساً. فكانت السهمان على ثلاثة آلاف واثنين وسبعين سهماً([315]).
أما الأموال: فجزئت خمسة أجزاء وكتب في سهم منها لله، وكانت السهمان يومئذٍ بواء (أي سواء) فخرجت السهمان، وكذلك الرِثة، والإبل، والغنم والسبي، ثم فض أربعة أسهم على الناس.
وأحذى (أي أعطى من الغنيمة، وفي نص آخر: أخذ فيء رسول الله) النساء، اللاتي حضرن القتال يومئذٍ: صفية بنت عبد المطلب وأم عمارة، وأم سليط، وأم العلاء، والسمراء بنت قيس، وأم سعد بن معاذ([316])، وكبشة بنت رافع([317]) ولعلها أم سعد بن معاذ نفسها.
وأسهم لخلاد بن سويد، قتل تحت الحصن، ولأبي سنان بن محصن، مات ورسول الله "صلى الله عليه وآله" محاصرهم، وكان يقاتل مع المسلمين([318])، وكان "صلى الله عليه وآله" يسهم ولا يتخير([319]).
وبتعبير آخر: "وكذلك صنع من رثتهم، قسمت قبل أن تباع، وكذلك النخل عزل خمسه، وكل ذلك يسهم عليه خمسة أجزاء، ويكتب في سهم منها فيئه، ثم يخرج السهم، فحيث طار سهم أخذه، ولم يتخير"([320]).
وصار الخمس إلى محمية بن جزء الزبيدي، وهو الذي قسم المغنم بين المسلمين([321]).
ونقول:
إن لنا هنا وقفات، وتأملات، نشير إلى طائفة منها فيما يلي:
ألف: جرار الخمر في بني قريظة:
قد ذكرت بعض النصوص: أنهم وجدوا جرار خمر، فاهريق ما فيها.
"وهذا يدل على أن الخمر كانت محرمة قبل ذلك"([322]).
وقد تحدثنا عن أن تحريم الخمر قد كان في أول الإسلام، وقبل الهجرة في موضع آخر من هذا الكتاب فراجع.
ب: أول فيء جرت فيه السهمان:
قالوا: إن فيء بني قريظة كان أول فيء جرت فيه السهمان.
ونقول:
قال الحلبي: "فيه نظر، لأن ذلك إنما كان في بني قينقاع، فإن الفيء الحـاصل منهم خمس خمسة أخمـاس، أخـذ "صلى الله عليه وآلـه" واحـداً، والأربعة لأصحابه"([323]).
وخمَّس أيضاً الغنائم في بدر، بل وفي موارد أخرى أيضاً. حسبما ذكرناه في طيات هذا الكتاب، في موارده المناسبة.
فلعل الصحيح هو: أنه "صلى الله عليه وآله" "أسهم للخيل، فكان أول يوم وقعت فيه السهمان لها"([324]).
وعلى حد تعبير اليعقوبي: "كان أول مغنم أعلم فيه سهم الفارس"([325]).
لكن من الواضح: أن الخيل كانت موجودة في غزوة بدر، فلا بد من التحقيق إن كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد جعل لها سهماً أم لا.
ج: سهام الخيل:
وذكرت الروايات المتقدمة: أنه "صلى الله عليه وآله" أعطى للفرس سهمين، ولصاحبه سهماً واحداً، وكان للزبير فرسان فأعطاه خمسة أسهم.
ونقول:
أولاً: لا ندري ما هو المبرر لإعطاء الفرس سهمين، ولصاحبه سهماً واحداً، فهل للفرس نشاط حربي يزيد على ما لصاحبه؟!
ثانياً: قد روي عن الزير بن العوام أنه قال: شهدت بني قريظة فارساً، فضرب لي سهم، ولفرسي سهم([326]).
ثالثاً: قال اليعقوبي والشيخ المفيد: "قسمت أموال بني قريظة ونساؤهم وأعلم سهم الفارس، وسهم الراجل، فكان الفارس يأخذ سهمين، والراجل سهماً"([327]).
سبي بني قريظة:
لم يكن الإسلام مهتماً بالرق، وبالاسترقاق، لولا أنه يريد دفع غائلة الآخرين عنه. وقصة سبي بني قريظة، كما يرى البعض، تدل على أنه "صلى الله عليه وآله" قد أنشأ الرق على أعدائه في ميدان القتال، معاملة لهم بالمثل، إذ لو أسروا المسلمين لاسترقوهم بل كان المشركون يسترقون الآخرين من غير قتال، بل كانوا أخذوا بعض المسلمين غدراً كما تقدم في غزوة الرجيع فباعوهم، وأذاقوهم أشد العذاب.
فالنبي "صلى الله عليه وآله" سبى في الحرب واسترق عملاً بمبدأ المقابلة بالمثل، لكن أعداءه استرقوا من المسلمين بغير حرب([328]).
الصفي من السبي:
وكان "صلى الله عليه وآله" قد أخرج الخمس من المغنم قبل بيعه، وتقسيمه، فكان يعتق من هذا الخمس، ويهب منه، ويخدم منه من أراد([329]).
وروي: أنه كان لرسول الله "صلى الله عليه وآله" جارية يقال لها: ربيحة، أخذها من سبي بني قريظة، وجعلها في نخل له يدعى نخل الصدقة.
وقد يظهر من بعضهم: أنها نفس ريحانة الآتي ذكرها([330]).
واختار من سبي بني قريظة جارية يقال لها: تكانة بنت عمرو، وكانت في ملكه فلما توفي "صلى الله عليه وآله" تزوجها العباس([331]).
وذكروا أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" قد اصطفى عمرة بنت خنافة([332]).
وقال اليعقوبي: "إنه "صلى الله عليه وآله" اصطفى من السبي ست عشرة جارية، فقسمها على فقراء بني هاشم، وأخذ لنفسه منهم واحدة، يقال لها: ريحانة"([333]).
وقد كان يحق للنبي أن يصطفي من المغنم قبل قسمته، وقبل إخراج خمسه.
وكان من الواضح: أن النبي لم يكن يهمه إلا حل مشكلات الفقراء والمعوزين، فلم يكن يستفيد مما يصطفيه استفادة شخصية، ليزيد من ثروته المالية، أو ليشبع نهماً غريزياً له بالنساء.
ريحانة جارية رسول الله ':
وكان في جملة سبي بني قريظة جارية اسمها ريحانة، وقد اختلف في نسبها.
فهل هي ريحانة بنت عمرو بن خنافة (حذافة، قنافة، حصافة)([334]) أم هي بنت زيد([335])؟
أم بنت شمعون بن زيد بن خنافة، بن عمرو، بن قريظة([336]).
وشمعون هو نفس عمرو([337]). إلى آخر ما هنالك مما يمكن ملاحظته في المصادر المختلفة.
وقالوا: إنها كانت من بني النضير، متزوجة من رجل من بني قريظة اسمه: الحكم([338])
وعند ابن حبيب: عبد الحكم([339]).
وقد اصطفاها النبي "صلى الله عليه وآله" لنفسه([340]) وكانت جميلة وسيمة([341]).
قال الواقدي وغيره ما ملخصه: إن النبي "صلى الله عليه وآله" اصطفاها، فأبت أن تسلم فوجد "صلى الله عليه وآله" في نفسه.
ثم ذكر ذلك لثعلبة بن سعية القرظي، فأقنعها بالإسلام، فأسلمت، فسر بذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم أرسلها إلى بيت سلمى بنت قيس، أم المنذر، فبقيت عندها حتى حاضت وطهرت، فخيَّرها النبي "صلى الله عليه وآله" بين أن يعتقها، ويتزوجها، ويضرب عليها الحجاب، وبين أن تكون في ملكه.
فاختارت الثاني: فبقيت في ملكه، يطؤها حتى ماتت عند([342]) مرجعه من حجة الوداع فدفنها بالبقيع([343]).
ويدل على ذلك ما عن ابن سيرين: أن رجلاً لقي ريحانة بالموسم فقال لها: إن الله لم يرضك للمؤمنين أماً فقالت: وأنت فلم يرضك الله لي ابناً([344]).
ونقول:
إن لنا في هذا المقام نقاشاً نلخصه فيما يلي:
1 ـ أما بالنسبة لما ذكره الواقدي وغيره عن ريحانة، فإننا نقول:
أولاً: إن عدداً من المؤرخين يصرح: بأنها بقيت في ملكه "صلى الله عليه وآله" حتى مات([345]).
ثانياً: قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" قد عرض عليها أن يتزوجها، ويضرب عليها الحجاب، ينافيه ما تقدم في قصة خيانة أبي لبابة: عن أم سلمة، وكذا ما تقدم في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب صفحة 83 عن عائشة: من أن الحجاب لم يكن قد فرض على نساء النبي حينئذٍ.
ثالثاً: إنهم يقولون: كانت بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله" تحتجب في أهلها، وتقول: لا يراني أحد بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله". قال الواقدي: فهذا أثبت الحديثين عندنا([346]).
رابعاً: إنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أعتقها وتزوجها([347]) بعد أن أسلمت، وحاضت، وأصدقها اثني عشرة أوقية ونشاً، أي نصفاً. وأعرس بها في المحرم سنة ست([348]).
وقيل: بل جعل صداقها عتقها([349]).
خامساً: قد ذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" طلقها بسبب غيرتها الشديدة، ثم راجعها، وكان يقسم لها كسائر نسائه([350]).
سادساً: قال ابن شهرآشوب: إن ريحانة لم تسب في غزوة بني قريظة، بل أهداها المقوقس إليه هي ومارية القبطية.
قال: ويقال: إنه أعتق ريحانة ثم تزوجها([351]).
ولم أجد هذا في أي مصدر آخر، واتفاق المؤرخين على سبيها يبعِّده كثيراً.
2 ـ أما بالنسبة لما نقله ابن سيرين، عن قصة ريحانة مع ذلك الرجل في موسم الحج، فقد يناقش فيه: بأن من الممكن أن يكون ذلك الرجل قد التقى بها في الموسم قبل زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بها في سنة ست.
وهو كلام غير مقبول: إذ لم يمكن للمسلمين الحج إلى مكة إلا بعد فتح مكة في سنة ثمان.
إلا أن يقال: إن عدم إمكان الحج إنما هو بالنسبة للنبي والمسلمين، لا بالنسبة لسبي بني قريظة، وبعض الأفراد الآخرين من الناس العاديين.
ولكن هذا الكلام أيضاً بعيد: فإن قريشاً لم تكن تسمح لأحد من المسلمين بالحج في تلك الظروف الصعبة.. فلا تصلح رواية ابن سيرين، لا للاستدلال ولا حتى للتأييد.
فالراجح بعد كل ما تقدم هو: أنها قد بقيت بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله".
لكن يبقى ثمة حالة من الشك فيما يقال عن: تزوج النبي "صلى الله عليه وآله" منها، أو أنها بقيت في ملكه.
وقد يكون الراجح هو: عدم الزواج منها، طبقاً للروايات الأخرى، ومنها ما ذكره ابن سيرين.
ملاحظة هامة: إن ما يلفت نظرنا هو: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يُكره ريحانة على الإسلام، ولم يقدِّم لها مغريات مادية في هذا السبيل، إذ لا إكراه في الدين، ولأنه "صلى الله عليه وآله" يريد لها أن تقتنع بالإسلام الصافي النابع من عمق ضميرها، وصافي وجدانها ولتقبل إليه عن قناعة عقلية وقلبية، وتفاعل مشاعري وروحي.
ملاحظة أخرى: لعل عدم إسلام ريحانة قد كان في بادئ الأمر، حين عرض عليها ذلك. ثم لما استقر بها المقام وأعادت النظر في الأمور ظهر لها خطأ موقفها الأول، وعرفت الحق، فقبلته.
عدد السبايا:
قالوا: "وكانت نساؤهم وذراريهم سبع مئة وخمسين"([352]).
وقيل: تسع مئة([353]).
وقيل: كان السبي ألفاً من النساء والصبيان([354]).
بيع السبي:
وأمر "صلى الله عليه وآله" فبيع السبي فيمن يريد (أو يزيد)([355]) فاشترى أبو الشحم اليهودي امرأتين مع كل واحدة منهما ثلاثة أطفال غلمان، وجوار بخمسين ومئة دينار.
وجعل يقول: ألستم على دين اليهود؟
فتقول المرأتان: لا نفارق دين قومنا حتى نموت عليه، وهن يبكين([356]).
وباع من عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف طائفته([357]).
وجعل عثمان لكل من جاء من سبيهم زيادة على الثمن الذي دفعه، وصار أكثر العجائز في سهم عثمان، فربح عثمان بذلك مالاً كثيراً، لأن المال كان يوجد عند العجائز ولا يوجد عند الشواب([358]).
ويقال: لما اقتسما ـ أي عثمان، وابن عوف ـ جعلا الشواب على حدة، والعجائز على حدة، ثم خيره عبد الرحمن، فاختار عثمان العجائز([359]).
قال ابن سبرة: وإنما لم يؤخذ ما جاءت به العجائز، فيكون في الغنيمة؛ لأنه لم يوجد معهن إلا بعد شهر أو شهرين، فمن جاء منهن بالذي وُقِّت لهن عتق، فلم يتعرض لهن([360]).
تفاوت الاهتمامات:
ونود أن يتنبه القارئ العزيز إلى اهتمامات هذين الصحابيين المعروفين: عبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، هنا، ويقارن بينها وبين قول علي "عليه السلام": يا دنيا غري غيري، ثم موقفه "عليه السلام" من سلب عمرو بن عبد ود الذي عاتبه فيه المعاتبون، وقد قدمنا ذلك في غزوة الخندق، فراجع.
بيع السبايا وشراء السلاح:
وبعث "صلى الله عليه وآله" سعيد (سعد) بن زيد الأشهلي مع سبايا من بني قريظة إلى نجد، فابتاع لهم بها خيلاً وسلاحاً([361]).
ويقولون أيضاً: إنه "صلى الله عليه وآله" بعث بطائفة من سبي بني قريظة مع سعد بن عبادة إلى الشام، يبيعهم، ويشتري بهم سلاحاً وخيلاً([362]).
قال الحلبي: "فاشترى بذلك خيلاً كثيراً قسمها رسول الله "صلى الله عليه وآله" على المسلمين"([363]).
ولعله "صلى الله عليه وآله" قد أرسل إلى نجد وإلى الشام معاً.
ونقول:
ألف: إن شراء السلاح يدخل في سياسة الردع السلبي، من خلال ما يثيره هذا السلاح الوفير من خوف ورعب لدى أعداء الدعوة الإسلامية. ولا سيما إذا كانت مضاعفة القوة التسليحية قد جاءت بعد حروب قوية ومصيرية، كحروب بدر، وأحد والأحزاب، وبعد القضاء على شوكة اليهود في محيط عاصمة الإسلام بعد استئصال شأفة بني قينقاع، والنضير، وبني قريظة.
ب: والملفت للنظر هنا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قسم الخيل والسلاح الذي اشتراه على المسلمين. الأمر الذي يعطي انطباعاً بأن على الدولة أن تخطط للتسليح الكافي والوافي، ولا تقتصر على ما يتوفر لدى الناس العاديين.
ج: ونكاد نطمئن إلى أن الذين باعهم في نجد، وفي الشام لم يكونوا من جملة الغنائم التي تعود ملكيتها للمقاتلين، بل هي من الخمس الذي يعود البت فيه إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" نفسه.
إلا إذا قلنا ـ وذلك بعيد ـ: إن أرض بني قريظة لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، فتعود ملكية كل ما يحصل منها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله". ويكون إعطاء الرسول "صلى الله عليه وآله" سهماً للمقاتلين مع عدم حصول قتال، تفضُّلٌ منه "صلى الله عليه وآله" وكرم.
ويكون ما قالوه: من تراشق بالنبال والحجارة بين المسلمين وبين بني قريظة غير دقيق، أو لم يصل إلى درجة يعد معها: أنه قد جرى قتال بين الجيشين.
وأما إرسال أكابر أصحابه لفتح الحصن، ففشلوا، ثم كان الفتح على يد علي "عليه السلام"، فهو لا يعني حصول اشتباكات قتالية بين الفريقين أيضاً.
إذ قد يكون رعبهم من بني قريظة، أو احترامهم لهم، قد منعهم من قتالهم، فآثروا الهزيمة على الصمود. فلما جاء علي "عليه السلام" ونادى: يا كتيبة الإيمان، أدركوا أن علياً لن يكون كسلفه، فأخذهم ما قرب وما بعد، وكان الاستسلام الذليل.
وكل ذلك يبقى مجرد رأي. ولعلنا نجد في بيع سبي بني قريظة في الشام قرينة لذلك.
لا يفرق بين الأم وولدها:
وقد نهى "صلى الله عليه وآله" أن يفرق بين سبي بني قريظة في القسمة والبيع بين النساء والذرية.
وقال يومئذٍ: لا يفرق بين الأم وولدها حتى يبلغوا.
فقيل: يا رسول الله، وما بلوغهم؟!
قال: تحيض الجارية، ويحتلم الغلام([364]).
وكان "صلى الله عليه وآله" يومئذٍ يفرق بين الأختين إذا بلغتا، وبين الأم وابنتها إذا بلغت([365]).
وكانت الأم تباع وولدها الصغار لمشركي العرب، وليهود المدينة، وتيماء وخيبر، يخرجون بهم، فإذا كان الوليد صغيراً ليس معه أم لم يبع من المشركين، ولا من اليهود، إلا من المسلمين([366]).
وابتاع يومئذٍ محمد بن مسلمة امرأة من السبي معها ابناها بخمسة وأربعين ديناراً([367]).
ملحق:
بلوغ المرأة
بلوغ الجارية بالسن أم بالحيض:
قد عرفنا، أنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حدد البلوغ في غزوة بني قريظة بقوله: تحيض الجارية، ويحتلم الغلام، حسبما رواه الواقدي([368]).
ونقول:
إن هذا موضع شك وريب عندنا، فقد ثبت عن النبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"، وعن أهل بيته الطاهرين:
1 ـ أن بلوغ الغلام لا ينحصر بالاحتلام، بل قد يكون بالسن، وبغيره أيضاً.
2 ـ أن بلوغ الجارية إنما يتحقق بإتمامها تسع سنين، وقد دلت على ذلك روايات كثيرة. سيأتي التعرض لها إن شاء الله تعالى.
وستأتي أيضاً الروايات التي استند إليها القائلون بأن بلوغها يكون بالحيض. ذاكرين إن شاء الله تعالى ما يفيد في الجمع ورفع التعارض فيما بين تلك الروايات. ولكننا نشير قبل ذلك: إلى أن بعض الناس قد استدل على بلوغ الجارية بالحيض بآية قرآنية، فنحن نشير إلى كيفية استدلاله على ذلك، وإلى وضوح وبداهة بطلان ما يدعيه، فنقول:
حتى إذا بلغوا النكاح:
استدل البعض: على أن بلوغ الجارية إنما هو بالحيض بقوله تعالى: ?وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ..?([369]).
معتبراً أن البلوغ الذي يجعل الإنسان مطالباً بتطبيق أحكام الشرع هو بلوغ النكاح، أي الوصول إلى مرحلة النضج الجنسي، الذي يتحقق لدى الشاب بخروج المني، ولدى الفتاة بحدوث الحيض. ثم أيَّد ذلك بما نسبه إلى بعض الأطباء، الذين يعتبرهم أهل خبرة، وأن قولهم حجة.
ومما قاله أيضاً في هذا المجال: "إن الإنسان ذكراً كان أو أنثى يملك إرادته في أمواله وفي نفسه، عندما يبلغ. والآية الكريمة المتقدمة: ?وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ..? وهو مرحلة النضوج ?فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ..? تدل على أن الفتاة البالغة إذا كانت رشيدة، فإنها تستقل في شؤونها، في الزواج، وفي المال، وفي غير ذلك.
ونقول:
أولاً: إذا كان المعيار في البلوغ هو النضج الجنسي وكان التعبير الطبيعي عن ذلك هو خروج المني لدى الشاب، وحصول الحيض لدى الفتاة، فلا يبقى معنى لتحديد البلوغ بالسن كلية. فإذا رأت الفتاة وهي في السابعة أو الثامنة من عمرها مثلاً قبل بلوغها سن التاسعة دماً بصفات دم الحيض فعلى هذا البعض أن يحكم بكونه حيضاً، ويكون به بلوغها.
مع أن الفقهاء يحكمون بكونه استحاضة وهو إجماعي عندهم([370]) وأنه لا بلوغ قبل سن التاسعة!! مما يعني أن الروايات التي تتحدث عن الحيض كعـلامة للبلوغ، إنـما أرادت أنـه عـلامة على البلوغ في خصوص صورة الاشتباه في مقدار السن.
وهي علامة مبنية على الغالب لا يلتفت معه إلى الشاذ النادر جداً فإذا علم بالسن كان هو المعيار، فلو خرج دم بصفة دم الحيض قبل سن التاسعة لا يعتد به، بل يعتبر استحاضة([371]).
ومهما يكن من أمر: فمع الاشتباه في السن فإن الدم يكون علامة على البلوغ لأن الحيض لا يكون إلا بعد التسع فإذا علم بالحيض فقد علم بتجاوز التسع سنين.
ويبقى لنا هنا سؤال وهو: ماذا لو تأخر دم الحيض (معيار النضج الجنسي) وكذلك تأخر خروج المني لدى الشاب إلى السادسة عشرة، أو الثامنة عشرة، أو أكثر؟!
فهل يحكم بتأخر البلوغ تبعاً لذلك؟!
فإذا كان الجواب: بالإيجاب فما معنى تحديد البلوغ بالخامسة عشرة لدى الشباب؟! وبالثالثة عشرة لدى الفتاة حسبما صرح به نفس هذا القائل في موارد أخرى.
وإذا كان الجواب: بالنفي فذلك هو ما نريد بيانه وتقريره أن الحيض ليس هو الميزان في البلوغ.
ثانياً: إن الآية لم تبين لنا: أن المقصود هل هو فعلية حصول قذف المني، وخروج دم الحيض أو حصول القابلية؟ فإن القابلية تبدأ من سن التاسعة كما يستفاد من الروايات الآتية إن شاء الله.
ومما يشير إلى ذلك: أنها عبرت ببلوغ النكاح أي حصول القابلية له ولم تشر إلى ما سوى ذلك.
ثالثاً: ليس في الآيـة الكريمة حديث عن البلوغ الشرعي، وإنما هي قـد حددت شرطي تسليم أموال اليتامي إليهم وهما الرشد، وبلوغ النكاح، أي صيرورة اليتيم أهلاً للزواج؛ فالأهلية للزواج شرط لدفع المال إليه، وإن كان الذي أصبح أهلاً للزواج قد وضع عليه قلم التكليف قبل ذلك بسنوات.
فلا ملازمة بين هذه الأهلية وبين البلوغ الشرعي بمعنى وضع قلم التكليف عليه، إذ قد تمنع الحالة الصحية والبنية الجسدية من تحقق أهلية الزواج والنكاح لكنها لا تمنع من وضع قلم التكليف.
كما أن من الممكن أن يتأخر الرشد عن التكليف وعن حصول الأهلية للنكاح معاً.
رابعاً: لا نسلم أن بلوغ النكاح هو فعلية النضج الجنسي المتمثل بالحيض وقذف المني بل المراد القدرة على ممارسة الجنس دون أن يحدث ذلك سلبيات أو مشاكل عضوية كالإفضاء للفتاة وذلك في الظروف الطبيعية وحيث يكون ثمة تناسب بين الشريكين.
أما بالنسبة للشاب، فبلوغ النكاح هو بخروج المني أو بلوغ السن الذي تتحقق معه قابلية النكاح عادة بالقياس إلى نوع الشباب وغالبيتهم وفي الروايات ما يفيد عدم الضمان إذا وطئ الزوجة بعد سن التاسعة وثبوت الضمان لو وطأها قبل ذلك.
كما دلت الروايات أيضاً: على أن الصبي الذي لا ينزل المني قد يطأ المرأة أيضاً([372]).
خامساً: لو سلمنا: أن المراد هو: النضج الجنسي، فإننا نقول: إن هذا النضج والتجاوب الجنسي لـه مراتب، ولعل أقصاها هـو حالـة حصول الحيض في الفتاة وبلوغ سن الخامسة عشرة لدى الشباب.
فقد يكون المراد ببلوغ النكاح: هو بلوغ أولى تلك المراتب، كما تشير إليه كلمة (بلوغ).
فإذا قيل: فلان بلغ درجة الاجتهاد مثلاً فلا يعني ذلك أنه قد بلغ أعلى مراتبه بل يكفي بلوغه أولى تلك المراتب.
وقد تكون أولى مراتب الحيوية والتجاوب الجنسي في الفتاة هي بلوغ البنت سن التاسعة، فلا يلزم من بلوغ النكاح حصول الحيض بالفعل، بل قد يبلغ النكاح مع علمنا بعدم حصول الحيض فعلاً.
وبعد ما تقدم فإن النتيجـة هي: أن المعيـار هو السن وخروج المني في الذكور، وبلوغ التاسعة في الإناث. ولكن بما أن ذلك قد يشتبه أحياناً، بسبب عدم ضبط الناس لتواريخ مواليدهم، أو لاحتمال التزوير فيها أحياناً، من أجل التخلص والتملص من أمر مكروه لهم، فقد جعل الإنبات في الذكر والأنثى، والحيض في الأنثى علامة على ذلك، لأن ذلك يعني ـ إلا فيما ندر ندرة كبيرة ـ: أن من تحيض، أو من أنبت قد تجاوز السن المحدد للتكليف.
وهذا بالذات هو ما حصل في بني قريظة([373]) وأشارت إليه بعض النصوص التي تقول: فإن كانوا لا يعلمون أنه قد بلغ، فإنه يمتحن بريح إبطه، أو نبت عانته، فإذا كان ذلك، فقد بلغ([374]).
سادساً: إن هذا القائل قد جعل البلوغ منوطاً بالنضج الجنسي المتمثل بزعمه بحدوث الحيض للفتاة بالفعل.. وجعل أمر الشارع بإعطاء المال لها في هذه الحال إذا كانت رشيدة من آثار هذا البلوغ الشرعي المصاحب للرشد.
فإذا صح جعل إعطاء المال قرينة على تحقق البلوغ الشرعي، حين البلوغ الجنسي، فلم لا يجعل جواز الوطء الذي هو ممارسة فعلية للجنس دليلاً على هذا البلوغ الجنسي الشرعي.
وقد حددت الروايات جواز الوطء هذا بسن التاسعة، سواء حصل حيض فعلاً أم لم يحصل.
كما أن الروايات: قد ذكرت آثاراً أخرى لذلك كوجوب استبراء الأمة إذا كانت بنت تسع سنين.. وغير ذلك.
والاستبراء يشير إلى إمكانية الحمل وهو معنى النضج الجنسي.
ونحن نشير فيما يلي: إلى طائفتين من هذه الروايات، التي يمكن تصنيفها إلى طوائف، فلاحظ ما يلي:
الطائفة الأولى:
ذلك القسم الذي تحدث عن عدم جواز وطء الجارية قبل بلوغ تسع سنين.
أو أنه إذا دخل بها قبل ذلك فأفضاها كان ضامناً، ونذكر منها ما يلي:
1 ـ معتبرة غياث بن إبراهيم عن علي "عليه السلام"([375]).
2 ـ وثمة رواية أخرى عنه "عليه السلام"([376]).
3 ـ وصحيحة الحلبي عن الإمام الصادق "عليه السلام"، وثمة رواية أخرى عن الحلبي عن الصادق "عليه السلام"([377]) أيضاً.
4 ـ ورواية أبي أيوب عنه "عليه السلام"([378]).
5 ـ وحديث أبي بصير عن أبي جعفر "عليه السلام"([379]).
6 ـ وصحيحة حمران عن الإمام الصادق "عليه السلام"([380]).
7 ـ ورواية أخرى عن الإمام الصادق "عليه السلام"([381]).
8 ـ وموثقة زرارة عن أبي جعفر "عليه السلام"([382]) التي ردد فيها بين التسع والعشر سنين.
9 ـ وصحيح رفاعة عن الإمام الكاظم "عليه السلام"([383]) وفيها: أن الطمث قد تحبسه الريح.
10 ـ ومرسل يعقوب بن يزيد عن أبي عبد الله "عليه السلام"([384]).
11 ـ وحديث عمار السجستاني عن أبي عبد الله "عليه السلام"([385]).
12 ـ وعن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد "عليه السلام"([386]).
13 ـ وذكرت الروايات: أن علياً "عليه السلام" بنى بفاطمة، وهي بنت تسع سنين([387]).
14 ـ وروايات تدَّعي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد بنى بعائشة، وهي بنت تسع أو عشر سنين([388]) وإن كنا قد شككنا بقوة في صحة هذه الروايات، فراجع([389]).
وسيأتي في الجزء التالي أنها كانت متزوجة برجل قبل زواجها بالنبي "صلى الله عليه وآله".
15 ـ رواية بريد العجلي عن الإمام أبي جعفر "عليه السلام"([390]).
فإن الروايات المتقدمة كلها قد تحدثت عن جواز وطء بنت تسع سنين، وعدم الضمان لو حدث أمر ما بسبب ذلك.
وبعضها كموثقة زرارة عن أبي جعفر: قد رددت بين التسع والعشر سنين. فهذا الترديد إن كان من الراوي فلا إشكال. وإن كان من الإمام، فهو محمول على ملاحظة قدرة بنت تسع على تحمل الوطء أحياناً، بسبب ضعف بنيتها، أو بسبب عدم التناسب بينها وبين الطرف الآخر من ناحية جسدية.
وإن كان البعض قد حمله على الترديد من حيث الأفضلية والاستحباب.
الطائفة الثانية:
هناك قسم آخر من الروايات تحدث عن وجوب استبراء الجارية إذا كانت بنت تسع سنين ووجوب العدة عليها كذلك، وأنه لا يجوز له وطؤها إذا لم يستبرئها ولا الزواج منها بدون ذلك وهو واضح الدلالة على وجود النضج الجنسي لديها، لأن إمكانية الحمل الذي يراد التحرز منه، لا يعني غير ذلك ونذكر من هذه الروايات ما يلي:
16 ـ رواية عن الإمام الرضا "عليه السلام"، دالة على وجوب استبراء الجارية شهراً، إذا كانت بنت تسع سنين، وإذا كانت لم تدرك مدرك النساء في الحيض، وإذا كانت دون تسع، فلا استبراء لها([391]).
17 ـ رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله في عدة الأمة التي لم تبلغ المحيض ويخاف عليها الحبل.
قال: خمسة وأربعون ليلة([392]).
وراجع رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله([393]) عنه "عليه السلام" والمراد ببلوغ المحيض هنا هو حدوث الحيض بالفعل. أي لم يحدث لها ذلك.
18 ـ وكذا رواية ربيع بن القاسم عن أبي عبد الله "عليه السلام"([394]).
19 ـ حديث عبد الله بن عمر، عن أبي عبد الله، في الجارية الصغيرة، يشتريها الرجل، وهي لم تدرك، أو قد يئست من المحيض، فقال "عليه السلام": لا بأس بأن لا يستبرئها([395]).
20 ـ ورواية الصدوق عن أبي جعفر "عليه السلام" مثل حديث ابن عمر([396]).
21 ـ وحديث أبي بصير عن أبي عبد الله "عليه السلام"، في الجارية الصغيرة التي لم تطمث، وليست بعذراء، يستبرئها؟ قال "عليه السلام": أمر شديد، إذا كان مثلها يعلق، فيستبرئها([397]).
22 ـ رواية عبد الرحمن بن الحجاج عن الإمام الصادق "عليه السلام"، حول الثلاثة اللاتي يتزوجن على كل حال، أي من دون حاجة إلى عدة، وذكر أن بنت تسع ليست منهن، بل هي بحاجة إلى عدة.
وفيها: أن التي لم تبلغ تسعاً فهي لا تحيض، ومثلها لا تحيض([398]). وقد وصف البعض هذه الرواية ب‍ "الموثقة".
ولكن آية الله الخوئي "رحمه الله" قد اعتبر هذه الرواية ضعيفة السند([399]) وهو كما قال.
23 ـ صحيحة الحلبي، حول جواز وطء الجارية التي لم تطمث بسبب كونها صغيرة، وأنها بحاجة إلى عدة، إن كانت قد بلغت([400])، أي بلغت مرحلة الحبل، فإن العدة، إنما هي للاستبراء من هذه الناحية، كما ذكره آية الله الخوئي "رحمه الله"([401]).
24 ـ صحيحة حماد بن عثمان، عن الإمام الصادق، في الصبية التي لا يحيض مثلها والتي يئست من المحيض، قال: ليس عليها عدة([402]) وإن دخل بها.
25 ـ صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما، في التي تحيض كل ثلاثة أشهر، أو في ستة أو في سبعة أشهر، والمستحاضة، والتي لم تبلغ المحيض..
إلى أن قال: فذكر أن عدة هؤلاء كلهن ثلاثة أشهر([403]) ولا يكون ذلك إلا في فرض الدخول بهن.
26 ـ رواية ابن أبي يعفور عن الصادق "عليه السلام": في الجارية لم تطمث، ولم تبلغ الحبل إذا اشتراها الرجل، قال: ليس عليها عدة، يقع عليها([404]).
27 ـ حديث هارون بن حمزة الغنوي عن الإمام الصادق "عليه السلام"، في جارية حدثة، طلقت، ولم تحض بعد، فمضى لها شهران، ثم حاضت أتعتد بالشهرين؟
قال "عليه السلام": نعم. الخ..([405]).
28 ـ وقريب منه حديث ابن سنان عن الإمام الصادق "عليه السلام"([406]).
29 ـ حسنة محمد بن مسلم عن أبي جعفر "عليه السلام": التي لا يحبل مثلها لا عدة عليها([407]) فإن الكلام إنما هو في صورة الدخول بها. حيث يظهر أنه ناظر إلى التي لم تبلغ التاسعة، والتي يئست من المحيض.
30 ـ عن أبي بصير قال: عدة التي لم تبلغ المحيض ثلاثة أشهر، والتي تعدت من المحيض ثلاثة أشهر([408]). فإن أخذنا بروايات ابن أبي حمزة البطائني باعتبار أنهم إنما كانوا يروون عنه قبل وقفه فهذه الرواية تكون صحيحة ومعتبرة.
وقد يقال: لم يظهر أن هذا هو ما يذهب إليه أبو بصير شخصياً أو أنه ينقله عن المعصوم.
والجواب: إن أبا بصير لا يقول ذلك من عند نفسه في أمر توقيفي كهذا.
لكن الشيخ وغيره قد حملوا هذه الرواية على المسترابة، أي التي لا تحيض، وهي في سن من تحيض([409]).
31 ـ رواية جميل بن دراج عن الإمام الصادق والإمام الباقر "عليهما السلام" في الرجل يطلق الصبية التي لم تبلغ وقد كان دخل بها، والمرأة التي قد يئست من المحيض، وارتفع طمثها ولا تلد مثلها، قال: ليس عليهما عدة([410])، وإن دخل بهما.
روايات تحديد البلوغ بالتسع:
أما الروايات التي حددت البلوغ بالتسع بشكل صريح فهي التالية:
32 ـ ما رواه محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن الإمام الصادق "عليه السلام": حد بلوغ المرأة تسع سنين([411]) وهي رواية معتبرة.
33 ـ مرسلة أخرى عن الإمام الصادق "عليه السلام": إذا بلغت الجارية تسع سنين دفع إليها مالها، وجاز أمرها، وأقيمت الحدود التامة لها وعلهيا([412]).
ويلاحظ: أن الرواية قد أوجبت دفع المال للجارية في سن التاسعة، فهي تصلح تفسيراً لآية: ?وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ..? ([413]).
34 ـ موثق الحسن بن راشد، عن العسكري "عليه السلام": إذا بلغ الغلام ثماني سنين، فجائز أمره، ووجب عليه الفرائض، والحدود، وإذا تم للجارية تسع سنين فكذلك([414]).
فهذه الرواية وإن كانت قد حددت البلوغ للجارية ببلوغ تسع سنين لكن تحديدها لبلوغ الغلام بثمان سنوات يبقى منشأ للإشكال فيها من هذه الناحية.
35 ـ وخبر سليمان بن حفص المروزي، عن الرجل "عليه السلام" قال: إذا تم للجارية تسع سنين فجائز أمرها. وقد وجبت عليها الفرائض والحدود([415]).
36 ـ حديث يزيد الكناس عن أبي جعفر "عليه السلام": إذا بلغت الجارية تسع سنين ذهب عنها اليتم، وزوجت، وأقيمت الحدود التامة عليها ولها. وإن لم تدرك مدرك النساء في الحيض([416]). وإذا ثبت اتحاد يزيد هذا مع بردة العجلي كانت الرواية صحيحة.
37 ـ وقريب من ذلك رواية حمران عن أبي جعفر "عليه السلام" ([417]).
38 ـ موثقة عبد الله بن سنان، عن الإمام الصادق "عليه السلام"، التي عللت المثوبة والعقوبة للبنت ببلوغ تسع سنين، بأنها تحيض لتسع سنين([418]).
39 ـ وأخيراً، فقد قال صاحب الجواهر: إن بعض الروايات تقول: إذا كمل لها تسع سنين أمكن حيضها([419]).
مع احتمال أن يكون "رحمه الله" قد استفاد هذا الحكم من خلال الروايات المتقدمة، وليس هذا نص رواية بخصوصها.
حصيلة ما تقدم:
وقد اتضح من خلال طوائف الروايات المختلفة والكثيرة التي قدمناها مثل صحيحة الحلبي وغيرها: أن البلوغ غير مقيد بحدوث حيض فعلي، فقد تبلغ ولا تحيض، فيجب أن تعتد، وأن تستبرأ.
وأفادت رواية يزيد الكناسي، وعدد آخر غيرها: أن بلوغ تسع سنين يثبت أحكام البلوغ كإقامة الحدود، ووجوب الفرائض عليها، وإن لم تدرك مدرك النساء في الحيض.
كما أن رواية عبد الرحمن بن الحجاج، وغيرها: قد ذكرت أن التي تبلغ تسع سنين لا يجوز تزويجها على كل حال، بل تحتاح إلى عدة، وذلك لأن مثلها تحيض. وإن لم يتحقق الحيض منها بالفعل.
وطائفة أخرى كرواية ابن سنان: قد عللت المثوبة والعقوبة حين بلوغ تسع سنين بأنها تحيض لتسع سنين.
وصرحت روايات أخرى كصحيح رفاعة: بجواز وطء التي لم تحض لأن المانع من الحيض ليس هو الحبل دائماً، لأن المحيض قد تحبسه الريح.
فاتضح: أن البلوغ إنما هو بتسع سنين، وأن بلوغ النكاح، المتمثل في الوصول إلى مرحلة الحبل، يراد به إمكانية الحبل ولا يلازم ذلك حدوث الحيض فعلاً.
واتضح: أن الميزان ليس هو فعلية الحيض لكل فتاة، بل إمكانية ذلك، وحدوثه في بعض الموارد يكفي لإنشاء حكم عام على الجميع.
وبذلك يتضح المراد من الروايات التالية:
روايات البلوغ بالحيض:
1 ـ روي بسند حسن عن أبي جعفر "عليه السلام" قال: لا يصلح للجارية إذ حاضت إلا أن تختمر إلا أن لا تجده([420]).
فهذه الرواية لا تنفي لزوم الإختمار في مرحلة ما قبل الحيض. لأنها إنما تحدثت عن لزوم الإختمار عليها في هذه المرحلة وسكتت عما عداها.
كما أن قوله "عليه السلام": "إذا حاضت" ليس نصاً في فعلية الحيض، وإنما هو نص في حصول القابلية له، وظاهر فيما سوى ذلك فلا ينافي الروايات التي هي نص في ذلك حيث حددت البلوغ بسن التاسعة.
وهذا الكلام بعينه يجري فيما يلي من روايات:
2 ـ مرسلة الفقيه: على المرأة إذا حاضت الصيام([421]).
3 ـ صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي إبراهيم "عليه السلام": لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة([422]) أي ولو أن تصبح في سن تحيض فيه مثيلاتها.
4 ـ حديث قرب الإسناد، عن علي "عليه السلام": إذا حاضت الجارية، فلا تصلي إلا بخمار([423]).
5 ـ رواية إسحاق بن عمار، عن أبي الحسن "عليه السلام"، الجارية إذا طمثت عليها الحج([424]).
6 ـ وكذا رواية شهاب عن أبي عبد الله "عليه السلام" حول ذلك أيضاً([425]).
7 ـ رواية أبي بصير عن أبي عبد الله "عليه السلام": على الجارية إذا حاضت الصيام والخمار([426]).
8 ـ حديث يونس بن يعقوب، عن الإمام الصادق "عليه السلام": لا يصلح للحرة إذا حاضت إلا الخمار إلا أن لا تجده([427]).
9 ـ وعن علي "عليه السلام" بسند ضعيف أنه أُتي بجارية لم تحض، قد سرقت، فضربها أسواطاً، ولم يقطعها([428]).
10 ـ موثقة عمار الساباطي: عن الصادق، في الجارية: إذا أتى لها ثلاث عشرة سنة، أو حاضت قبل ذلك، فقد وجبت عليها الصلاة، وجرى عليها القلم([429]).
فإن الروايات السبع الأولى والعاشرة مع ضعف أسانيد أكثرها قد اتضح أنها بملاحظة الشواهد التي ذكرناها فيما سبق لا تنافي الروايات التي تحدد البلوغ بالتسع، إذ لا غرو في أن تكون ناظرة إلى إمكانية الحيض منها ببلوغها تسعاً، حيث يوجد في أمثالها من تحيض. وليس المراد فعلية حدوث الحيض لكل فتاة.
أما حديث علي "عليه السلام" حول عدم قطع السارقة، فلا يفيد شيئاً، إذ قد يكون عمر الجارية أقل من تسع، كما أن عدم قطعها ولو كانت في التاسعة قد يكون لأجل أنها لم تسرق من الحرز أو لسبب آخر كعدم كونها رشيدة مثلاً. كما أنه لا يأبى عن الحمل على ما ذكرناه آنفاً.
أما حديث عمار فقد قال البحراني وغيره: أنه غير معمول به([430]). ولا يمكنه معارضة سائر الروايات التي أسلفناها، فإنها أكثر عدداً، وأصح سنداً.
لفت نظر:
قال بعض كبار فقهائنا: "أما الأنثى فعندنا تسع سنين.
وقال الشافعي: كالذكر.
وقال أبو حينفة: سبعة عشر سنة.
وقال صاحباه: كالذكر.
وقال مالك كما حكي عنه: البلوغ أن يغلظ الصوت، أو ينشق الغضروف، وهو رأس الأنف.
قال: وأما السن فلا تعلق له بالبلوغ"([431]).
فلعل صاحبنا قد أخذ ذلك من أهل السنة، كما عودنا في العديد من الموارد.
البلوغ عند اليهود:
وأخيراً، فإننا نشير إلى أن بلوغ البنت عند اليهود هو ببلوغها سن الثانية عشرة، فقد قال أحمد شلبي نقلاً عنهم:
"وأما البنات فمن لم تبلغ منهن الثانية عشرة، فلها النفقة والتربية حتى تبلغ هذه السن تماماً وليس لها شيء بعد ذلك"([432]).
وقال أيضاً: "السن المفروضة لصحة التزوج هي الثالثة عشرة للرجل، والثانية عشرة للمرأة ولكن يجوز نكاح من بدت عليه علامات بلوغ الحلم قبل هذه السن"([433]). فاقرأ واعجب، فما عشت أراك الدهر عجباً!!
الفصل السابع:
بعد العاصفة
هاجهم وجبريل معك:
روى البخاري، عن البراء: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لحسان بن ثابت يوم قريظة: اهجهم، أو: هاجهم وجبريل معك.
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآلـه" قال يوم قريظة لحسـان بن ثابت: اهج المشركين، فإن جبريل معك([434]).
ونقول:
إننا نشك في ذلك.
فأولاً: لم نجد لحسان ولا لغيره مهاجاة بينه وبينهم، بمعنى أنهم هجوه وهجاهم، بل وجدناه يهجوهم في مقطوعة سنذكرها فيما يلي، وسنرى: أنها إنما قيلت في غزاة بني النضير. وهناك مقطوعة أخرى، تشرح المصير السيء الذي لقيه بنو قريظة، وهي إنما قيلت بعد استئصال شأفتهم، مع وجود بعض الإشكالات فيها، كما سنرى. فلم يكن ثمة مهاجاة بينهم وبين حسان. فإن المهاجاة إنما تكون من طرفين ولم نجد أي ردة فعل منهم في مجال مهجاة حسان أو غيره. فلا يصح أنه "صلى الله عليه وآله" قال له: هاجهم، أو اهجهم.
إلا أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أمر حساناً بهجائهم بعد قتلهم. ولا نجد لذلك مبرراً مقبولاً أو معقولاً. كما أن المناسب والحالة هذه هي أن يقول له: اهجهم لا أن يقول له: هاجهم، لأن المهاجاة تكون من الطرفين.
ثانياً: إذا كان العدو الحاضر، بعد هزيمة المشركين، هم اليهود، فلا معنى لأن يأمر حساناً بهجاء المشركين دونهم. كما دل عليه النص الآخر..
وبعد.. فإن ما روي عن حسان في شأن بني قريظة هو ما يلي:
ألف: قال حسان بن ثابت:
لـقـد لـقيـت قـريـظـة مـا ساءها ومـا وجـدت لــذل مـن نـصــير
أصــابهـــــم بـــلاء كــان فيـه سـوى مـا قـد أصـاب بني النضير
غـــداة أتـــاهــم يهــوي إلـيهم رسـول الله كـالـقـمـر المـــنـــير
لـــه خـيـل مجـنـبـة تـعـــــادى بـفــرسـان عـلـيـهـا كــالصقور
تـركـنـاهـم ومـا ظـفـروا بشـيء دمــاؤهــم عـلـيـهـا كـالـعـبـير
فـهـم صـرعـى تحوم الـطير فيهم كـذاك يـدان ذو الـعـنـد الـفجور
فـأنـذر مـثـلـهـا نـصـحـاً قريشاً مـن الـرحمـن إن قـبـلت نذيري([435])
لكن قوله: فهم صرعى تحوم الطير فيهم.. مما لا تؤيده النصوص التاريخية، لأنها تقول حسبما تقدم: إنه "صلى الله عليه وآلـه" خندق لهم خنادق وقتلهم وجعلهم فيها ورد عليهم التراب، فلم يكن ثمة مجال للطير لتحوم فيهم.
ب: قالوا: وقال حسان بن ثابت أيضاً في بني قريظة:
تـعـاقـد مـعـشر نـصـروا قـريشاً ولـيـس لهـم بـبـلـدتهـم نصـيــر
هـم أوتـوا الـكـتـاب فـضـيـعوه وهـم عـمـي مـن الـتـوراة بـــور
كـفـرتـم بـالـقـرآن وقـد أتـيـتم بـتـصـديـق الـذي قـال الـنـذيـر
فـهـان عـلى سـراة بـنـي لــــؤي حـريـق بـالـبـويـرة مـسـتـطير([436])
فأجابه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فقال:
أدام الله ذلــك مــن صــنــيــع وحـرق في طـوائـفـهـا الـسـعـيـر
سـتـعـلـم أيـنــا مـنـهـا بـنــزه وتــعــلـم أي أرضـيـنـا تـضـيـر
فـلـو كـان الـنـخـيـل بها ركـاباً لـقـالـوا: لا مـقـام لكن فسيروا([437])
ونقول:
قد تقدم: أن هذه الأبيات قد قيلت في غزاة بني النضير. وهذا هو الأنسب بمضمونها لأنها إنما تتحدث عن حرق النخيل. وهو إنما كان في تلك الغزاة، لا في غزوة بني قريظة.
لكن روى أبو عوانة، عن محمد بن يحيى، عن الهيثم بن جميل، عن زائدة، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: "أن النبي "صلى الله عليه وآله" حرَّق على بني قريظة، والنضير نخلاً لهم، فقال حسان (رض):
وهـان عـلـى سـراة بـنـي لـــؤي حـريـق بـالـبـويـرة مـسـتـطـيـر
قال الهيثم: كنت معه بأرض الروم، فحدثني بهذا الحديث وأمر بالحريق"([438]) ولا ندري مدى دقة ابن عمر في روايته هذه إن صحت عنه. ولم نعهد من هذا الرجل نباهة ودقة في النقل وهو الذي لم يحسن أن يطلق امرأته، وقصته في ذلك مشهورة([439]).
لن تغزوكم قريش:
ويقولون: إنه لما انقضى شأن بني قريظة قال "صلى الله عليه وآله": "لن تغزوكم قريش بعد عامكم هذا، ولكن تغزونهم" فكان كذلك([440]).
ورجع "صلى الله عليه وآله" عن بني قريظة يوم الإثنين لأربع خلون من ذي الحجة([441]).
ونقول:
قد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك بعد الخندق، وهذا هو الأنسب والأوفق بظاهر الحال، لأن قريشاً إنما غزت المسلمين في الخندق، لا في بني قريظة.
إلا أن يكون القضاء على بني قريظة قد زاد من يأس قريش، لأنها أدركت بذلك أنه لم يعد لها في منطقة المدينة من يمكنها أن تعتمد عليه في شيء.
ابن معاذ الشهيد:
وقد ذكرنا في الجزء السابق من هذا الكتاب: أن سعد بن معاذ كان قد أصيب بسهم في أكحله في غزوة الخندق، فدعا الله أن لا يميته حتى يقر عينه من بني قريظة، فاستجاب الله له.
وبعد أن حكم فيهم بحكم الله انفجر جرحـه، فـمات شهيـداً "رحمه الله"([442]).
وفي نص آخر: "فإذا سعد يسيل جرحه دماً له هدير"([443]).
ولا ندري مدى صحة هذه الفقرة الأخيرة!!
ويقولون: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان قد كواه مرتين، فانتفخت يده فيهما.
فدعا الله سبحانه: إن كانت الحرب قد وضعت بينهم وبين قريش أن يفجر الجرح، ففجره الله.
فأتاه "صلى الله عليه وآله" في نفر من أصحابه يعوده، فوجدوه قد سجي في ملاءة بيضاء، وهو في السياق.
وكان سعد رجلاً أبيض طويلاً، فجلس "صلى الله عليه وآله" عند رأسه، وجعل رأسه في حجره، ثم قال:
"اللهم إن سعداً قد جاهد في سبيلك، وصدق رسولك، وقضى الذي عليه، فاقبض روحه بخير ما تقبض فيه أرواح الخلق".
ففتح سعد عينيه حين سمع ذلك وقال: السلام عليك يا رسول الله، أشهد أنك قد بلغت رسالته([444]). فوضع "صلى الله عليه وآله" رأس سعد من حجره، ثم قام وانصرف؛ فمات سعد بعد ذلك بساعة أو أكثر([445])
وقيل: حضر النبي "صلى الله عليه وآله" سعداً حين توفي([446]).
وزعم البعض: أن عنزاً مرت على سعد، وهو مضطجع، فأصابت الجرح بظلفها فما رقأ حتى مات([447]).
اهتز العرش لموت ابن معاذ:
ولما مات سعد لم يشعر أحد بموته، حتى نزل جبريل فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بموت سعد، وأن عرش الرحمن قد اهتز لموته، فخرج "صلى الله عليه وآله" فزعاً إلى خيمة كعيبة، يجر ثوبه مسرعاً، فوجد سعداً قد مات، فاحتملوه إلى منزله؛ فخرج "صلى الله عليه وآله" في أثره([448]).
وقد روي حديث اهتزاز العرش لموت سعد، عن جابر، وأبي سعيد الخدري، وأسيد بن حضير، ورميثة بنت عمرو، وأسماء بنت يزيد بن السكن، وعبد الله بن بدر، وابن عمر، وحذيفة، وعائشة، وسعد بن أبي وقاص، والحسن، ويزيد بن الأصم مرسلاً([449]).
وقال العسقلاني: "جاء حديث اهتزاز العرش لسعد بن معاذ، عن عشرة من الصحابة أو أكثر، وثبت في الصحيحين([450]).
وحضر جنازته سبعون ألف ملك، واهتز له عرش الرحمن([451]).
وحديث اهتزاز العرش لموت سعد بن معاذ، موجود في مختلف المصادر التاريخية([452]).
وقد قال رجل من الأنصار :
وما اهتز عرش الله من موت هالك عـلمنا به إلا لسـعـد أبي عـمـرو([453])
وقد حاول البعض: التشكيك في المراد من هذا الحديث.
فقد روي عن ابن عمر: اهتز العرش فرحاً بلقاء الله سعداً، حتى تفسخت أعواده على عواتقنا.
قال ابن عمر: يعني عرش سعد الذي حمل عليه([454]).
وعن البراء بن عازب: المراد: أن سرير سعد اهتز([455]).
ونقول:
1 ـ وقد أنكر جابر على البراء قوله هذا، وقال: كانت بين هذين الحيين من الأنصار ضغائن، سمعت رسول الله يقول: اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ([456]).
2 ـ كما أن العلماء لم يلتفتوا لقول البراء هذا([457]).
وقال القسطلاني: سياق الحديث يأباه، إذ إن المراد منه فضيلته، وأي فضيلة في اهتزاز سريره، إذ كل سرير يهتز إذا تجاذبته أيدي الرجال([458]).
وقال أيضاً: "قال جماعة: المراد اهتزاز سرير الجنازة، وهو النعش.
وهذا القول: باطل، يرده صريح الروايات التي ذكرها مسلم: اهتز لموته عرش الرحمن الخ.."([459]).
3 ـ هذا بالإضافة إلى شعر الأنصاري المتقدم الذي يصرح فيه باهتزاز عرش الله، هذا كله عدا عن صراحة الروايات الكثيرة بذلك أيضاً.
واعتراض العيني على كلام جابر: بأن البراء أيضاً هو من قبيلة الأوس مثل ابن معاذ([460])، والحقد إنما كان بين الأوس والخزرج، لا بين الأوس أنفسهم، غير مقبول، لأن جابراً يتحدث عن علم ومشاهدة، فقد يكون بين حيين أوسيين ضغائن أيضاً.
وأجاب العسقلاني: بأن جابراً كان خزرجياً، فكأنه تعجب من البراء الذي هو أوسي، ثم قال: أنا وإن كنت خزرجياً فلا يمنعني ذلك من قول الحق.
ثم اعتذر العسقلاني عن البراء: بأنه فهم ذلك، فجزم به، ولم يقصد تغطية فضل سعد([461]).
أما ابن عمر: فلعله ينطق في موقفه هذا من موقع كونه مهاجرياً، لا يريد إثبات فضيلة لسعد الأنصاري، الذي جعله رسول الله "صلى الله عليه وآله" سيد المهاجرين والأنصار على حد سواء، حسبما تقدم.
4 ـ وأخيراً، فإننا لم نستطع أن نفهم كيف صح إطلاق العرش، على النعش الذي يحمل عليه الميت، فإننا لم نجد مبرراً لذلك، لا في اللغة، ولا فيما بلغنا من نصوص عن العرب، شعرية أو نثرية.
وما يذكره أهل اللغة في كتبهم، فإنما هو نفس حديث اهتزاز العرش لسعد، ثم أقوال المفسرين للرواية، فراجع([462]).
سبب كراهة مالك لرواية هذا الحديث:
وروي عن مالك: أنه كره أن يقال: اهتز العرش لموت سعد بن معاذ، ولم ير التحدث بذلك. مع صحة نقله وكثرة الرواة له([463]).
وقد تعجب السهيلي من هذه الرواية عن مالك: وقال: "لا أدري ما وجه ذلك، ولعلها غير صحيحة عنه، فقد خرجه البخاري"([464])، وهو حديث صحيح، وقال أبو عمر: هو ثابت من طرق متواترة([465]).
قال ابن سيد الناس، بعد أن ذكر صحة هذا الحديث: "قلت: هذا يقتضي أن يكون إنكار مالك محمولاً عنده على أمر عنده يرجع إلى الإسناد.. وليس كذلك. بل قد اختلف العلماء في هذا الخبر، فمنهم من يحمله على ظاهره، ومنهم من يجنح فيه إلى التأويل. وما كانت هذه سبيله من الأخبار المشكلة فمن الناس من يكره روايته، إذا لم يتعلق به حكم شرعي، فلعل الكراهة المروية عن مالك من هذا الوجه"([466]).
وقال ابن رشد في شرح العينية: إنما نهى مالك لئلا يسبق إلى وهم الجاهل: أن العرش إذا تحرك يتحرك الله بحركته، كما يقع للجالس منا على كرسيه، وليس العرش بموضع استقرار الله، تبارك الله وتنزه عن مشابهة خلقه([467]).
قال العسقلاني: "الذي يظهر: أن مالكاً ما نهى عنه لهذا، إذ لو خشي من هذا لما أسند في الموطأ حديث ينزل الله إلى سماء الدنيا، لأنه أصرح في الحركة من اهتزاز العرش.
ومع ذلك فمعتقد سلف الأئمة، وعلماء السنة: أن الله منزه عن الحركة، والتحول، والحلول، ليس كمثله شيء.
ويحتمل الفرق بأن حديث سعد ما ثبت عنده، فأمر بالكف عن التحدث به، بخلاف حديث النزول، فإنه ثابت، فرواه، ووكل أمره إلى فهم أولي العلم، الذين يسمعون في القرآن: ?..اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ..?([468])، ونحو ذلك.
وقد جاء حديث اهتزاز العرش لسعد بن معاذ عن عشرة من الصحابة، أو أكثر، وثبت في الصحيحين، فلا معنى لإنكاره"([469]).
ونقول:
إن السلف الذين يتحدث عنهم العسقلاني لا ينزهون الله على النحو الذي ذكره فإن عامة أهل الحديث، وعلى رأسهم الإمام أحمد بن حنبل قائلون بالتشبيه والتجسيم، وكلماتهم تكاد تكون صريحة في ذلك، بل هي كذلك بالفعل.
فراجع كتاب العلامة السيد مهدي الروحاني "رحمه الله": بحوث مع أهل السنة والسلفية. فإنه قد أوضح هذا الأمر، من خلال كلماتهم أيما إيضاح.
الخلاف في المراد من اهتزاز العرش:
وقد اختلفوا في معنى اهتزاز العرش لموت سعد، فقيل المراد: سرور أهل أو حملة العرش بروحه، فهو على تقدير حذف مضاف.
أو المراد: ارتياح العرش بروحه حين صعد به، لكرامته على ربه. أو تحركه فرحاً، أو غير ذلك من وجوه ذكرها المؤلفون([470]). وليس تحقيق ذلك بالأمر المهم..
لكن لا بد من اعتماد الوجوه التي لا تنافي أحكام العقل، وما ثبت بالنصوص الصحيحة والصريحة.
مراسم تجهيز وتشييع ودفن سعد:
ويقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" أسرع المشي إلى سعد، فشكا ذلك إليه أصحابه، فقال: إني أخاف أن تسبقنا إليه الملائكة فتغسله، كما غسلت حنظلة.
فانتهى "صلى الله عليه وآله" إلى البيت وهو يغسَّل وأمه تبكيه، وتقول:
ويــــل أم ســـعـــد ســـعـــدا حــــــز أمــــــه وجـــــــــد
فقال: كل نائحة تكذب إلا أم سعد([471]).
ودخل "صلى الله عليه وآله" على سعد، وما في البيت أحد، فجعل يتخطى، فسئل عن ذلك، فقال: ما قدرت على مجلس حتى قبض لي ملك من الملائكة أحد جناحيه فجلست. ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول: هنيئاً لك أبا عمرو، هنيئاً لك أبا عمرو([472]).
ثم غسل سعد، وكفن (في ثلاثة أثواب)، ورئي "صلى الله عليه وآله" يحمله بين عمودي سريره، حين رفع من داره إلى أن خرج([473]).
وغسله الحارث بن أوس بن معاذ، وأسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة بن وقش بحضرة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([474]).
وصلى عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله"([475]).
وكان سعد جسيماً "من أعظم الناس وأطولهم"([476]).
وسألوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن سبب خفة جنازته مع أنه كان جسيماً.
وقد ادَّعى المنافقون: أنه خف لأنه حكم في بني قريظة..
فقال "صلى الله عليه وآله": كذبوا ولكنه خف لحمل الملائكة([477]).
قالوا: "ونزع رسول الله "صلى الله عليه وآله" رداءه، ومشى في جنازته بغير رداء"([478]).
وزعموا: أنه "صلى الله عليه وآله" مشى أمام جنازته([479]).
لكن هذا يخالف ما هو الثابت من طريق أهل البيت "عليهم السلام" من كراهة المشي أمام الجنازة([480]). ودفن بالبقيع([481]).
وفي نص آخر: دفن إلى أس دار عقيل بن أبي طالب([482]).
وذكروا: أنهم وهم يحفرون قبره كان يفوح عليهم ريح المسك([483]).
ونزل في حفرته أربعة نفر: الحارث بن أوس، وأسيد بن حضير، وسلمة بن سلامة بن وقش، وأبو نائلة، مالك بن سلامة([484])، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" واقف على قبره على قدميه([485]).
وكان عمره حين استشهد سبعاً وثلاثين سنة([486]).
وقد قال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد أهديت له من صاحب دومة الجندل بغلة وحلة سندس: لمناديل سعد في الجنة أحسن (ألين، خير) من هذه([487]).
ضغطة القبر:
ويقولون: إنه لما وضع سعد في لحده تغير وجه رسول الله، وسبح "صلى الله عليه وآله" وسبح معه المسلمون ثلاث مرات، ثم كبر وكبروا ثـلاث مرات، حتى ارتج البقيع، فسئل "صلى الله عليه وآله" عن ذلك، فقال: تضايق على صاحبكم قبره، وضُمَّ ضمة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد، ثم فرج الله عنه([488]).
وعن عائشة: إن للقبر لضمة لو كان أحد منها ناجياً لكان سعد بن معاذ([489]).
وروي من طريق محمد بن المكندر قال: قبض إنسان قبضة من تراب قبر سعد، فذهب بها، ثم نظر إليها بعد ذلك، فإذا هي مسك. فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": سبحان الله، سبحان الله، مرتين تعجباً من كون تراب قبره مسكاً.
ثم قال: الحمد لله، شكراً له على تفريجه عن سعد. لو كان أحد ناجياً من ضمة القبر لنجا منها سعد. ضم ضمة، ثم فرج الله عنه([490]).
واستفادوا من ذلك: "أن فيه إثبات عذاب القبر وأنه حق يجب الإيمان به"([491]).
سبب ضمة القبر لسعد:
وأما عن سبب ضمة القبر لسعد، فإنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد، ولقد ضُمَّ ضمة اختلفت منها أضلاعه، من أثر البول([492]).
وذكر بعض أهل سعد: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: إن سبب ضمة القبر له: "أنه كان يقصر في بعض الطهور من البول بعض التقصير"([493]).
قال الأشخر اليمني: "قلت: في النفس من صحة هذا الحديث شيء"([494]).
ونقول:
1 ـ لو صح هذ الحديث لأمكن تحاشي ضمة القبر، بأن يهتم المؤمنون بأمر الطهور من البول؛ فلا يقصرون فيه، وعلى هذا، فلا يبقى مبرر لقوله "صلى الله عليه وآله": لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد.
2 ـ هذا.. ولا ندري ما هو الربط بين الطهور من البول، وبين ضمة القبر!!
3 ـ ثم أليس قد نجت فاطمة بنت أسد من ضمة القبر، لأنه "صلى الله عليه وآله" ألبسها قميصه، واضطجع في قبرها حسبما قدمناه في هذا الكتاب حين الكلام عن وفاتها "رحمها الله" مع أن سياق الكلام يشير إلى أنه لا ينجو من ضمة القبر أحد؟
4 ـ ما معنى أن يضم سعد بن معاذ ضمة اختلفت منها أضلاعه، مع أن عائشة تقول: إنها قالت: يا رسول الله، ما انتفعت بشيء منذ سمعتك تذكر ضغطة القبر، وضمته.
فقال: يا عائشة، إن ضغطة القبر على المؤمن كضمة الأم يديها على رأس ابنها، يشكو إليها الصداع([495]).
5 ـ بل إن سياق العبارات التي تقدمت يقتضي أن لا ينجو أحد من ضمة القبر حتى الأنبياء "عليهم السلام"؛ لأنها تقول: لو نجا أحد لنجا سعد.
مع أنهم يقولون: خص "صلى الله عليه وآله" بأنه لا يضغط في قبره. وكذلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ولم يسلم من الضغطة صالح، ولا غيره سواهم، وكذا ما في التذكرة للقرطبي إلا فاطمة بنت أسد ببركته "صلى الله عليه وآله"([496]).
النظرة الأخيرة:
"وجاءت أم سعد تنظر إليه في اللحد، وقالت: أحتسبك عند الله. وعزاها رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قبره، وجلس ناحية، والمسلمون يردون التراب على القبر حتى سوّي، ورش عليه الماء.
ثم وقف "صلى الله عليه وآله" فدعا، ثم انصرف"([497]).
الحزن على سعد:
قالت عائشة: "فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وأنا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل: ?رُحَمَاء بَيْنَهُمْ?([498]).
قال علقمة: فقلن: أي أمه، فكيف كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يصنع؟!
قالت: "كانت عينه لا تدمع على أحد. ولكنه كان إذا وجد، فإنما هو آخذ بلحيته"([499]).
ونقول:
1 ـ نحن بدورنا لا نستطيع أن نقبل كلام عائشة هذا، فقد تواتر النقل عنه "صلى الله عليه وآله": أنه بكى في أكثر من مورد، حين استشهاد أو موت بعض أصحابه، مثل جعفر، وحمزة، وعثمان بن مظعون، وزيد بن حارثة، وعلى ولده إبراهيم، وقد قال في مناسبة موت ولده: تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الرب.
وقد قدمنا بعض الكلام في ذلك: في أواخر غزوة أحد في سياق الكلام عن استشهاد حمزة وقول النبي "صلى الله عليه وآله": أما حمزة فلا بواكي له. فراجع.
2 ـ إننا نذكر القارئ بما هو معروف عن عمر في تشدده بالمنع من البكاء على الأموات حيناً، وسماحه بذلك حتى لنفسه حيناً آخر([500]).
أم سعد تبكي ولدها وترثيه:
وقد قال النبي "صلى الله عليه وآله" لأم سعد: "ألا يرقأ دمعك، ويذهب حزنك، بأن ابنك أول من ضحك الله له، واهتز له العرش"([501])؟
ويلاحظ التعبير ب‍ : "ضحك الله" الذي يشم منه رائحة التجسيم.
وعن عامر بن سعد، عن أبيه، قال: انتهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأم سعد تبكي، وتقول:
ويـــــل أم ســـعــــد ســـعــدا جــــــــــــــلادة وحــــــــدّ
فقال عمر بن الخطاب (رض): مهلاً يا أم سعد، لا تذكري سعداً.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": دعها يا عمر، فكل باكية مكثرة إلا أم سعد، ما قالت من خير فلم تكذب([502]).
وفي رواية ابن هشام:
ويــــــل أم ســعــد ســعـــدا صـــــــرامــــــة وحــــــــدّ
وســـــــــؤدداً ومجــــــــــدا وفـــارســـــــاً مـــعــــــــدّ
ســــــــد بــــــــه مســـــدا يـــقــــدّ هـــامـــــاً قـــــدّ
يقول رسول الله: كل نائحة تكذب إلا نائحة سعد بن معاذ([503]).
لكن رواية أخرى تعكس هذا المضمون ليفيد ضد المعنى.
فهي تقول: إن أم سعد كانت تبكي وتقول:
ويــــــــل أم ســعــد ســعـدا حـــــــزامــــــــة وجــــــدّ
فقيل لها: أتقولين الشعر على سعد؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": دعوها فغيرها من الشعراء أكذب.
ونتوقف هنا أمام أمرين:
أولهما: موقف عمر من رثاء أم سعد لابنها العظيم.
فإن كان مراده النهي عن البكاء الذي تكرر منه أكثر من مرة، رغم أنه هو نفسه يبكي ويأمر بالبكاء على بعض الناس، ورغم نهي النبي "صلى الله عليه وآله" المتكرر له عن التعرض لمن يبكون موتاهم([504])،
إذا كان مراده ذلك: فإننا لا نستطيع قبوله منه هنا لأنه هو نفسه يبكي على سعد حسبما تقدم عن عائشة.
وإن كان مراده: أن لا تذكر أم سعد فضائل سعد، وخصائصه الكريمة، ولا تذكر الناس بها،.
فذلك يعني: أنه كان ينفس على سعد خصائصه، ومزاياه تلك. وكان لا يحب أن يكون لأنصاري مقام رفيع كهذا، حتى بعد موته، وحتى لو كان شهيداً، وفي سبيل الله؟!
وهذا الموقف أيضاً غير مقبول منه، لأن ذلك يخالف روح الإسلام، ويتنافى مع صريح نصوصه.
ثانيهما: إن الرواية الأخيرة، قد نسبت الكذب إلى أم سعد في شعرها ولكنها قالت: إن غيرها من الشعراء أكذب منها!!
وليت شعري أي كذب يوجد في شعر أم سعد. ألم يكن سعد بن معاذ يتحلى بتلك الخصال التي وصفته بها؟!
أم أن المقصود هو تزوير الحقيقة، وتشويه صورة سعد، الذي لم يكن يرتاح له المهاجرون وخصوصاً قريش؟
وقد أثار حكمه حفيظة بعض الناس من قومه الأوس أيضاً. وهم الذين وصفهم سعد بأنهم لا خير فيهم؟!
حسان يرثي سعداً وجماعة معه:
وقال حسان بن ثابت يبكي سعداً وجماعة ممن استشهد يوم بني قريظة:
ألا يـا لـقـومـي هـل لمـا حم دافـع وهل ما مضى من صالح العيش راجع
تذكرت عصراً قد مضى فتهـافتـت بـنـات الحـشـا وانهل مني المدامع
صـبـابـة وجـد ذكــرتـنـي إخـوة وقـتـلى مـضـى فيهـا طفيل ورافع
وسعد فأضحوا في الجنان وأوحشت منـازلهم فـالأرض منـهم بـلاقـع
وفوا يوم بدر.. الأبيات..([505]).
ولحسان مقطوعات أخرى يهجو فيها بني قريظة، فمن أرادها فليراجعها في مصادرها([506]).
تآمر اليهود من جديد:
وكان يهود بني النضير في خيبر، ويهود خيبر ينتظرون نتائج حصار بني قريظة، فبلغهم ما جرى عليهم، فأنحوا باللائمة على حيي بن أخطب، وبلغ النساء، فشققن الجيوب، وجززن الشعور، وأقمن المآتم. وضوى إليهن نساء العرب.
وفزعت اليهود إلى سلام بن مشكم، وسألوه عن الرأي، فقال لهم: محمد قد فرغ من يهود يثرب، وهو سائر إليكم، فنازل بساحتكم، وصانع بكم ما صنع ببني قريظة.
قالوا: فما الرأي؟
قال: نسير إليه بمن معنا من يهود خيبر، فلهم عدد، ونستجلب يهود تيماء، وفدك، ووادي القرى، ولا نستعين بأحد من العرب، فقد رأيتم في غزوة الخندق ما صنعت بكم العرب، بعد أن شرطتم لهم تمر خيبر، نقضوا ذلك وخذلوكم، وطلبوا من محمد بعض تمر الأوس والخزرج، وينصرفون عنه. مع أن نعيم بن مسعود هو الذي كادهم بمحمد ومعروفهم إليه معروفهم.
ثم نسير إليه في عقر داره، فنقاتل على وتر حديثه وقديم.
فقالت اليهود: هذا الرأي.
فقال كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق: إني قد خبرت العرب، فرأيتهم أشداء عليه، وحصوننا هذه ليست مثل ما هناك، ومحمد لا يسير إلينا أبداً لما يعرف.
فقال سلام بن مشكم: هذا رجل لا يقاتل حتى يؤخذ برقبته.
فكان ذلك والله محمود([507]).
الباب الرابع:
غزوة المريسيع.. أحداث وقضايا..
الفصل الأول: أحداث غزوة المريسيع
الفصل الثاني: جويرية بنت الحارث
الفصل الثالث: ليخرجن الأعز منها الأذل
الفصل الأول:
أحداث غزوة المريسيع
تاريخ غزوة المريسيع:
يقول عدد من المؤرخين: إن غزوة المريسيع كانت لليلتين خلتا من شعبان سنة خمس للهجرة([508]).
وقيل: إنها كانت في السنة السادسة وقيل: إن عليه أكثر المحدثين([509]).
وعن ابن عقبة: كانت في السنة الرابعة، كما في البخاري، وعليه جرى النووي في الروضة([510]).
لكن في مغازي ابن عقبة: سنة خمس([511]).
ونقول:
إننا نرى: أن غزوة المريسيع قد كانت بعد الخندق، وقد تحدثنا عن هذا الأمر في كتابنا حديث الإفك الطبعة الأولى ص 96 ـ 106، ونحن نورد هنا بعض ما ذكرناه هناك مع بعض التقليم والتطعيم.
فنقول:
قلنا: في الجزء السابق: إن الصحيح هو أن غزوة الخندق كانت سنة أربع. ولا ريب في تأخر المريسيع عنها، وذلك لما يلي:
أولاً: إن فرض الحجاب ـ كما ذكره المؤرخون الأثبات ـ قد كان في سنة خمس في ذي القعدة([512]) وغزوة المريسيع كانت في شعبان. وفيها كان حديث الإفك الذي كان بعد فرض الحجاب فلا بد أن يكون هو شعبان الذي بعد الحجاب في السنة السادسة، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تزوج بزينب بنت جحش، التي هي سبب الحجاب بعد بني قريظة([513]).
وقد تقدم في حديث عائشة، وأم سلمة ما يدل صراحة: على أن الحجاب لم يكن فرض يوم الخندق، وبني قريظة([514]).
ثانياً: قد ثبت أن ابن عمر قد شهد المريسيع، ومن المعلوم: أن أول مشاهده الخندق كما تقدم في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب، فهذا يعني: أن المريسيع كانت بعد الخندق.
ومحاولة العسقلاني دعوى: أن من الممكن أن يكون قد حضرها دون أن يشترك في القتال، كما ثبت عن جابر: أنه كان يمنح أصحابه الماء في بدر، مع الاتفاق على عدم شهوده بدراً([515])، هذه المحاولة فاشلة، إذ إن التعبير بشهد غزوة كذا، أو أول مشاهده غزوة كـذا إنما يعني شهود قتال، لا مجرد الحضور، فإرادة معنى آخر لهـذا التعبير يحتاج إلى قرينة ودلالة، وهي مفقودة هنا.
المريسيع:
ويقولون: إن المريسيع ماء لبني خزاعة بينه وبين الفرع يومان (وعند ابن سعد نحو يوم) وبين الفرع والمدينة ثمانية برد([516]).
وقيل: إن المريسيع تقع على ستة مراحل من المدينة أو سبعة، مما يلي مكة من ناحية الجحفة([517]).
ويقال لها: غزوة محارب، وقيل: محارب غيرها([518]).
وتسمى هذه الغزوة أيضاً بغزوة بني المصطلق، وهم بطن من خزاعة([519]).
سبب غزوة المريسيع:
وسبب هذه الغزوة أن بني المصطلق كانوا ينزلون على بئر يقال لها: المريسيع، من ناحية قديد إلى الساحل، وكان سيدهم الحارث بن أبي ضرار دعا قومه ومن قدر عليه من العرب إلى حرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأجابوه، وتجمعوا، وابتاعوا خيلاً وسلاحاً، وتهيأوا للحرب، والمسير معه.
فبلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخبر، فأرسل بريدة بن الحصيب الأسلمي ليتحقق ذلك، فأتاهم، ولقي الحارث، وكلمه، مظهراً أنه منهم، وقد سمع بجمعهم، ويريد الانضمام بقومه، ومن أطاعه إليهم، وعرف منهم صدق ما بلغهم عنهم. فرجع إلى رسول الله فأخبره بأنهم يريدون الحرب.
وفي الحلبية: أن بريدة استأذن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يقول ما يتخلص به من شرهم، فأذن له.
فلما أخبر بريدة النبي "صلى الله عليه وآله" بصحة ما بلغه دعا "صلى الله عليه وآله" الناس فأسرعوا الخروج، فخرج معه سبع مئة، ومعهم ثلاثون فرساً منها عشرة للمهاجرين وعشرون للأنصار وقد عد منهم الواقدي في مغازيه جماعة الفرسان على النحو التالي:
"كان علي "عليه السلام" فارساً، وأبو بكر، وعمر، وعثمان والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وطلحة بن عبيد الله، والمقداد بن عمرو.
وفي الأنصار: سعد بن معاذ، وأسيد بن حضير، وأبو عيسى بن جبر، وقتادة بن النعمان، وعويم بن ساعدة، ومعن بن عدي، وسعد بن زيد الأشهلي، والحارث بن حزمة، ومعاذ بن جبل، وأبو قتادة، وأبي بن كعب، والحباب بن المنذر، وزيادة بن لبيد، وفروة بن عمرو، ومعاذ بن رفاعة. انتهى.
وخرج لليلتين من شعبان، وخرجت معهم عائشة، وأم سلمة.
وكان معه "صلى الله عليه وآله" فرسان، هما: لزاز، وظرب.
واستخلف على المدينة زيد بن حارثة([520]).
وجعل عمر بن الخطاب على مقدمة الجيش([521]). هكذا زعموا.
وزاد في بعض المصادر قوله: وخرج بشر كثير لم يخرجوا في غزاة قبلها.
وعبارة ابن سعد: "خرج معه بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قط مثلها"([522]).
قال الواقدي: ليس بهم رغبة في الجهاد، إلا أن يصيبوا من عرض الدنيا، وقرب عليهم السفر([523]).
المعركة ونتائجها:
وسار رسول الله "صلى الله عليه وآله" باتجاه بني المصطلق، وأصاب عيناً للمشركين كان وجهه الحارث ليأتيه بخبر رسول الله؛ فسأله "صلى الله عليه وآله" عنهم، فلم يذكر من أمرهم شيئاً، فعرض "صلى الله عليه وآله" عليه الإسلام فأبى، فأمر عمر بن الخطاب بضرب عنقه، فضرب عنقه([524]).
وبلغ الحارث مسير رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم، وبلغه أيضاً قتل عينه، الذي كان يأتيه بخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسيء بذلك هو ومن معه. وخافوا خوفاً شديداً، وتفرق الأعراب الذين كانوا معه فما بقي أحد سواهم.
وانتهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى المريسيع، وضرب عليه قبة من أدم، وتهيأوا للقتال، وصفَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أصحابه.
قال الحلبي والذهبي: "وأمر "صلى الله عليه وآله" عمر بن الخطاب أن يقول لهم: قولوا: لا إله إلا الله تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم فأبوا"([525]).
ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر، وراية الأنصار إلى سعد بن عبادة، وقال الواقدي وخواند أمير: كان لواء المشركين مع صفوان الشامي.
وكان شعار المسلمين يومئذٍ: يا منصور أمت أمت.
قال الذهبي والواقدي: "فكان أول من رمى رجل منهم بسهم"، فتراموا بالنبل ساعة، ثم أمر النبي "صلى الله عليه وآله" أصحابه فحملوا على الكفار حملة واحدة، فقتل منهم عشرة، وأسر الباقون، ولم يفلت منهم أحد، وسبوا الرجال والنساء والذراري، وأخذوا الشاء والنعم، وكانت الإبل ألفي بعير، والشاء خمسة آلاف والسبي مائتي أهل بيت.
قال الحلبي: واستعمل على الغنائم شقران ولم يقتل من المسلمين إلا رجل واحد وبعث "صلى الله عليه وآله" أبا نضلة (أو أبا ثعلبة) (أو أبا نملة) الطائي بشيراً إلى المدينة بفتح المريسيع.
ولما رجع المسلمون بالسبي قدم أهاليهم فافتدوهم. كذا ذكـره ابن إسحاق([526]).
السبي والغنائم:
قالوا: "وأمر بالأسارى فكتفوا، واستعمل عليهم بريدة بن الحصيب، وأمر بالغنائم فجمعت، واستعمل عليها شقران مولاه.
وجمع الذرية ناحية، واستعمل على مقسم الخمس وسهمان المسلمين محمية بن جزء.
واقتسم السبي وفرق، وصار في أيدي الرجال وقسم النعم والشاء، فعدلت الجزور بعشر من الغنم، وبيعت الرثة في من يزيد.
وأسهم للفرس سهمين، ولصاحبه سهماً، وللراجل سهماً.
وكانت الإبل ألفي بعير، والشاء خمسة آلاف شاة.
وكان السبي ماءتي أهل بيت، وصارت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار في سهم ثابت بن قيس بن شماس، وابن عم له؛ فكاتباها على تسع أواق من ذهب، فسألت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في كتابتها، وأداها عنها، وتزوجها، وكانت جارية حلوة.
ويقال: جعل صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق.
ويقال: جعل صداقها عتق أسير من بني المصطلق.
ويقال: جعل صداقها عتق أربعين من قومها.
وكان السبي منهم من منَّ عليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بغير فداء، ومنهم من افتدي، فافتديت المرأة والذرية بست فرائض.
وقدموا المدينة ببعض السبي، فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم، فلم تبق امرأة من بني المصطلق إلا رجعت إلى قومها. وهو الثبت عندنا"([527]).
وقال الواقدي: أخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخمس من جميع المغنم، وجعل على خمس المسلمين محمية بن جزء الزبيدي. "وكان يجمع الأخماس، وكانت الصدقات على حدتها، أهل الفيء بمعزل عن الصدقة، وأهل الصدقة بمعزل عن الفيء.
وكان يعطي الصدقة اليتيم، والمسكين، والضعيف، فإذا احتلم اليتيم نقل إلى الفيء، وأخرج من الصدقة، ووجب عليه الجهاد، فإن كره الجهاد وأباه لم يعط من الصدقة شيئاً، وخلوا بينه وبين أن يكتسب لنفسه.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يمنع سائلاً، فأتاه رجلان يسألانه من الخمس، فقال: إن شئتما أعطيتكما منه، ولا حظ فيها لغني، ولا لقوي مكتسب الخ.."([528]).
وقال البلاذري: "وقسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الغنائم، وأخذ صفيه قبل القسم، ثم جزَّأ الغنائم خمسة أجزاء، ثم أقرع عليها، ولم يتخير، فأخرج الخمس، وأخذ سهمه مع المسلمين لنفسه، وفرسه، وكان له "صلى الله عليه وآله" صفي من المغنم، حضر أو غاب، قبل الخمس: عبد، أو أمة، أو سيف، أو درع"([529]).
مدة غيبته ' وتاريخ عودته:
قالوا: وكانت غيبته "صلى الله عليه وآله" في هذه الغزوة ثمانية وعشرين يوماً([530])، وقدم المدينة لهلال شهر رمضان المبارك([531]).
وقبل أن نواصل الحديث عن سيرة الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله"، نتوقف قليلاً لنسجل بعض ما نرى ضرورة لتسجيله هنا، فنقول:
1 ـ المريسيع ضربة موفقة لقريش:
وإذا كانت غزوة المريسيع قد أسفرت عن نتائج حاسمة إلى هذا الحد، فإن ذلك يعتبر ضربة موفقة لنفوذ وكبرياء قريش لأنها قد جاءت في منطقة كانت إلى الأمس القريب تقع في نطاق النفوذ المكي إن صح التعبير، ولا أقل من أنها من المواقع المتقدمة في خط الدفاع عن طاغوت الشرك المتمثل في قريش ومن تبعها، وتحالف معها، في مكة وغيرها، مما قرب منها أو بعد عنها.
ومن جهة ثانية: فإن الطريقة التي تمت بها هذه الضربة القاسية، والنتائج التي أسفرت عنها، لا بد أن تقنع الكثيرين بأن الوقوف في وجه هذا المد العارم يكاد يلحق بالممتنعات.
وحتى قريش ومكة عموماً فإنها قد باتت مقتنعة تماماً أنها وحدها غير قادرة على تحقيق نصر حاسم. وقضية أُحد هي الشاهد الحي على ذلك، خصوصاً، وأن أحداً قد أظهرت وجود بعض الثغرات في الصف الإسلامي، وتهيأت الفرصة لتسديد ضربة موجعة، ولكنها رغم ذلك أيضاً قد عجزت عن تحقيق أي شيء، بل هي قد خسرت بالإضافة إلى معنوياتها وروحياتها خسرت سمعتها وكثيراً من تحالفاتها.
وتأتي هذه الضربات المتلاحقة هنا وهناك، فتزيد من قوة الإسلام والمسلمين، وتمعن في إضعاف شوكة الشرك والمشركين:
فكان لا بد من استباق الأمور، والتحرك بسرعة قبل أن يبلغ السيل الزبى، وقبل أن يستكمل المسلمون قضم أطراف مكة، وحتى أطراف الجزيرة، أو ما هو أبعد من ذلك ثم تصل النوبة إلى مكة نفسها، فيبتلعها التيار العارم، ويضربها الزلزال الهادم، حيث تتهاوى صروح الشرك والفساد ويعم السلام والهدى جميع العباد في مختلف الأصقاع والبلاد.
وكان قرار مكة هو أنه لا بد أن يشاركها الآخرون في مهمة القضاء على الإسلام والمسلمين.
وعمدت إلى حشد أكبر عدد ممكن من الناس من القبائل التي كان لها تحالفات معها، أو ممن شاركوها في التآمر والبغي. ومن شأن الكثرة أن تقوي الضعيف، وتشجع الجبان، وتؤمن الخائف.
فكان أن تحزبت الأحزاب مع قريش، وقصدوا محمداً والمسلمين في عقر ديارهم، ليجتثوهم من الجذور، ويقتلعوا منهم الآثار، ويخلوا منهم الديار.
فكانت غزوة الأحزاب "الخندق"، والتي انتهت هي الأخرى بالفشل الذريع. وطاشت السهام، وخابت الآمال، وانقلب السحر على الساحر.
وكان فشل قريش في هذه المرة فشلاً ذريعاً، ومنيت بهزيمة لا تشبه سائر الهزائم فقد كانت هزيمة مرة وحقيقية وأبدية أيضاً.
وهذا بالذات هو ما يميِّز غزوة الخندق عما سواها، حتى قال النبي "صلى الله عليه وآله" بعدها: "الآن نغزوهم ولا يغزوننا". كما سنرى.
2 ـ المستخلف على المدينة:
ذكر فيما تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد استخلف على المدينة زيد بن حارثة "رحمه الله".
ويمكن المناقشة في ذلك بما يلي:
أولاً: سيأتي إن شاء الله: أن البعض يقول: إن زيد بن حارثة كان على الميمنة في المريسيع([532])، فكيف يكون خليفة له "صلى الله عليه وآله" على المدينة؟
ثانياً: إن ابن هشام يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" قد استخلف على المدينة أبا ذر الغفاري.
ويقول آخرون: استخلف عليها نميلة بن عبد الله الليثي([533]).
وقيل: أبا رهم الغفاري([534]). إلا أن تكون كلمة أبي رهم تصحيف لكلمة أبي ذر. ولم نجد أبا رهم الغفاري في جملة الصحابة المترجم لهم.
وهذا الذي ذكر من تولية أبي ذر على المدينة في غياب رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا يتلاءم مع ما رووه عن النبي "صلى الله عليه وآله"، أنه قال لأبي ذر: إني أراك ضعيفاً، فلا تأمرن على اثنين([535]).
إلا أن يقال: إنه "صلى الله عليه وآله" إنما قال له ذلك بعد أن اختبره، وعرف أمره..
على أن هذا الحديث: تفوح منه رائحة الكيد السياسي لأبي ذر، الذي كان الشوكة الجارحة في أعين الذين يمسكون بزمام السلطة وقد جعلوا مال الله دولاً، واتخذوا عباد الله خولاً، وقد كان له معهم مواقف جريئة فضحتهم، وأظهرت زيفهم للأجيال كلها.
3 ـ سعد بن معاذ فارساً:
وتقدم أن الواقفي: قد ذكر سعد بن معاذ في جملة من كان معه فرس في حرب المريسيع، مع أننا قدمنا ما يثبت أن المريسيع كانت بعد بني قريظة، التي مات فيها سعد بن معاذ.
4 ـ عمر على مقدمة الجيش:
ولا ندري هل نصدق أم نكذّب ما زعمه الدياربكري: من أن عمر بن الخطاب كان على مقدمة الجيش.
إذ من الواضح: أن من يكون على المقدمة يكون هو رمز صمود الجيش، ولا بد أن يكون من الفرسان المعروفين الذين يرهب جانبهم، ولم يكن عمر بن الخطاب ذلك الرجل الذي له هذه الخصوصية، بل هو في ما يناقضها أذكر وأشهر. وقد أكد هو نفسه هذه الحقيقة بفراره المتعاقب في حرب أُحد، والأحزاب، وربما في قريظة أيضاً، مع عدم ظهور أي تميز له في حرب بدر، بل لعل الذين كانوا إذا حمي الوطيس يلوذون برسول الله "صلى الله عليه وآله" في بدر ـ كما قال علي "عليه السلام" ـ هم: هذا الرجل وأمثاله.
وعدا عن ذلك كله: فإنه لم يظهر منه ولم يؤثر عنه إلى حين موت رسول الله "صلى الله عليه وآله" أية مواقف حربية شجاعة، بل عُرف عنه الفرار في كل مواطن الشدة والحرج في الحروب كلها. وليس ما جرى في خيبر وحنين عن أسماعنا ببعيد.
وكلمة أخيرة نقولها هنا وهي: إنه إذا كان المقصود من جعله على المقدمة هو جعله أميراً على الجيش كله، فذلك مما لا ريب في كونه كذباً، بعد أن قدمنا ما يدل بصورة قاطعة على أن علياً أمير المؤمنين "عليه السلام" كان صاحب لواء وراية رسول الله "صلى الله عليه وآله" في المواطن كلها، باستثناء غزوة تبوك، فراجع أوائل غزوة أحد، من هذا الكتاب.
5 ـ راية المهاجرين كانت مع من؟!
وقد تقدم أيضاً: أن راية المهاجرين كانت مع أبي بكر، ونحن نشك في ذلك، لما يلي:
1 ـ قال خواند أمير: إنه "صلى الله عليه وآله" أعطى راية المهاجرين لعلي "عليه السلام"، وراية الأنصار لسعد بن عبادة، وعمر على المقدمة، وعلى الميمنة زيد بن حارثة، وعلى الميسرة عكاشة بن محصن([536]).
لكن قد تقدم: أن البعض يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" استخلف زيد بن حارثة على المدينة في هذه الغزوة([537]).
2 ـ ذكر البعض: أن راية المهاجرين كانت مع عمار بن ياسر([538]).
أما لواء الجيش ورايته فقد كانتا مع علي أمير المؤمنين، حسبما أثبتناه في غزوتي بدر وأحد.
6 ـ المقتولون من بني المصطلق:
وأما عن المقتولين من بني المصطلق، فقد:
قالوا: إن علياً "عليه السلام" قتل منهم رجلين: مالكاً، وابنه([539]).
وقتل أبو قتادة: صاحب لواء المشركين، وكان الفتح([540]).
ونحن لا نستطيع تأكيد ذلك أو نفيه، فالمغرضون يهمهم التلاعب في بعض الأمور، وقد يكون هذا منها.
7 ـ عدد الأسرى والسبايا:
أما بالنسبة لعدد الأسرى والسبايا فقد تقدم أنهم مئتا أهل بيت.
وبعضهم يقول: إنهم كانوا سبع مئة([541]).
وقيل: إنهم كانوا أكثر من سبع مئة، وكانت برة بنت الحارث سيد بني المصطلق في السبي([542]).
وليس ثمة تناف بين هذه النصوص فإن مئتي أهل بيت قد يكون عددهم سبع مئة، أو أكثر من ذلك.
8 ـ قتال الملائكة في المريسيع:
ويقولون: "كان رجل منهم ممن أسلم وحسن إسلامه يقول: لقد كنا نرى رجالاً بيضاً على خيل بلق، ما كنا نراهم قبل ولا بعد"([543]).
ولكننا لا نكاد نطمئن لصحة هذه المقولة، التي لم ينقلها إلا رجل مجهول الهوية منهم، رغم كثرة من أسلم منهم: فكيف تفرد ذلك الرجل بنقل هذا الأمر الغريب الذي تتوفر الدواعي على نقله من كل من يراه؟! حتى ولو كان لم يتشرف بدين الإسلام أصلاً؟!
وبعد.. فما هو وجه الحاجة لقتال الملائكة هنا، مع أنه لم يكن ثمة داع إلى ذلك. حيث لم يتعرض المسلمون لخطر يستدعي التدخل الإلهي، بواسطة الإمداد بالملائكة؟!
إلا أن يقال: إن ذلك يجعل المشركين يندفعون إلى الإسلام، ولا يشتدون في حربهم ضد المسلمين.
9 ـ من قُتل من المسلمين؟!
وقد تقدم: أنه لم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد.
والظاهر: أنه هشام بن صبابة (ضبابة)، الذي قاتل مع المسلمين في المريسيع حتى أمعن. وكان قد أسلم، وقد قتله أنصاري اسمه أوس، من بني عمرو بن عوف، كما يقوله الواقدي بطريق الخطأ، قتله وهو يرى أنه من العدو، وكان هشام قد خرج في طلب العدو، فرجع في ريح شديدة وعجاج([544]).
ثم قدم أخوه مقيس في سنة خمس من مكة، متظاهراً بالإسلام، وطلب دية أخيه هشام، فأقام عند رسول الله غير كثير، ثم عدا على قاتل أخيه، فقتله، ثم رجع إلى مكة مرتداً([545]) فأهدر النبي "صلى الله عليه وآله" دمه فقتل يوم فتح مكة([546]). وهو متعلق بأستار الكعبة.
ونزل فيه قوله تعالى: ?وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ?([547]) الآية([548]).
ونقول:
1 ـ قولهم: إن قدوم مقيس بن ضبابة كان سنة خمس، لا ينسجم مع ما قدمناه من أن غزوة المريسيع كانت سنة ست، وبعدها كان قدوم مقيس، إذا فرض أن أخاه الذي جاء لأخذ ثأره وديته قد قتل بعد المريسيع.
2 ـ يقول النص الآنف الذكر: أن آية سورة النساء: ?وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً?، قد نزلت في مقيس هذا.
مع أنهم يقولون: إن هذه الآية قد نزلت بعد المريسيع بعدة سنوات، فقد روي عن ابن عباس: أنها في آخر ما نزل، ولم ينسخها شيء حتى قبض رسول الله "صلى الله عليه وآله"([549])؛ فكيف تأخر نزولها عن الحدث الذي نزلت من أجله؟
3 ـ قد ذكر النص المتقدم أن أنصارياً اسمه أوس وهو من بني عمرو بن عوف قد قتل هشاماً، لكونه خرج في طلب العدو، فرجع في ريح شديدة وعجاج، فقتله مقيس بأخيه، مع أن نصاً آخر يقول: إن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث مقيساً ومعه رجل من بني فهر في حاجة للنبي "صلى الله عليه وآله"، فاحتمل مقيس الفهري فضرب به الأرض، ورضخ رأسه بين حجرين.
وأوضح نص آخر ذلك فقال: إن الفهري كان رجلاً من قريش، أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" معه إلى بني النجار بقباء([550]).
4 ـ وهذا النص يقول: إن رجلاً اسمه أوس قد قتل هشاماً، فقدم أخوه من مكة مطالباً بديته.
مع أن نصاً آخر يقول: إن هذين الأخوين قد أسلما وكانا بالمدينة، فوجد مقيس أخاه قتيلاً في بني النجار، فانطلق إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فأخبره بذلك.
فأرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" معه رجلاً من بني فهر من قريش، إلى بني النجار بقباء، أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك، وإلا فادفعوا إليه الدية.
فقالوا: إنهم لا يعلمون له قاتلاً، وأعطوه ديته مئة من الإبل.
فرجع هو والفهري من قباء، فوسوس إليه الشيطان بأن يقتل الفهري، فتغفله، فرماه بصخرة فشدخه، وارتد عن الإسلام، وركب بعيراً، وساق بقيتها إلى مكة، وقال في ذلك شعراً([551]).
ولعل هذه الرواية هي الأرجح بملاحظة ما ذكرناه آنفاً في تاريخ نزول آية سورة النساء.
10 ـ للفارس ثلاثة أسهم!!
قد تقدم قولهم: إنه "صلى الله عليه وآله" أعطى من الغنائم للفرس سهمين ولصاحبه سهماً، فيصير المجموع ثلاثة أسهم، وأعطى للراجل سهماً واحداً.
وقد تحدثنا في غنائم بني قريظة: أن هذا لا يصح، وأن الصحيح هو أنه "صلى الله عليه وآله" كان يعطي للفارس سهمين، أحدهما له والآخر لفرسه، فراجع ما ذكرناه هناك إن شئت.
11 ـ هل أغار النبي ' عليهم وهم غارون([552])؟!
وفي الصحيحين وغيرهما، عن ابن عمر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أغار على بني المصطلق، وهم غارون، وأنعامهم تسقى على الماء، فقتل مقاتلهم، وسبى ذراريهم وهم على الماء([553])، وكان ابن عمر في الجيش كما ذكره البلاذري.
قالوا: والأول أثبت([554]) أي أنه لم يغر عليهم وهم غارون.
ولعل سبب كونه هو الأثبت هو عدم صحة ما ذكر من قتل مقاتلهم، لأن بني المصطلق قد بقوا بعد ذلك على كثرتهم، وانتشارهم، وقتل مقاتلهم معناه أن لا تقوم لهم قائمة بعد ذلك.
12 ـ استرقاق العرب:
قد تقدم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمر بالأسارى، فكتفوا، واستعمل عليهم بريدة (رض)، ثم فرق "صلى الله عليه وآله" السبي؛ فصار في أيدي الناس([555]).
قال الحلبي: "وفي هذا دليل لقول إمامنا الشافعي (رض) في الجديد: يجوز استرقاق العرب، لأن بني المصطلق عرب من خزاعة.
خلافاً لقوله في القديم: إنهم لا يسترقون لشرفهم، وقد قال في الأم: لو أنا نأثم بالتمني لتمنينا أن يكون هكذا، أي عدم استرقاقهم. أي لا يجوز الرق على عربي"([556]).
ونقول:
إن الشافعي وإن كان قد أصاب حين قال بجواز استرقاق العرب، خلافاً لقوله القديم: إلا أنه في كتابه الأم يعود ليستسلم لمشاعره في التمييز العنصري، الذي كرسه عمر بن الخطاب في أقواله وتشريعاته حين تمنى عدم استرقاق العرب، وعدم جواز الرق على عربي، وكأنه لا يعجبه الحكم الإلهي الصائب، ويجد في نفسه حرجاً مما قضى الله ورسوله.
13 ـ فداء الأسرى موضع شك:
قد تقدم: أنهم يقولون: إن أهالي الأسرى قدموا فافتدوهم، وإن المرأة والذرية افتدوا بست فرائض، وقدموا المدينة ببعض السبي، فقدم عليهم أهلوهم فافتدوهم. فلم تبق امرأة من بني المصطلق إلا رجعت إلى قومها.
مع أنهم يذكرون: أن جميع بني المصطلق قد أسروا، ولم يفلت منهم أحد حسبما تقدم.
ونكاد نلمح من خلال تأكيداتهم على إطلاق سراحهم فوراً: أن البعض لا يرتاح لأسر بني المصطلق الذين هم عرب.
ويزعجه جداً أن تسبى نساؤهم. ولعل الفقرة الأخيرة المتقدمة: فلم تبق امرأة من بني المصطلق إلا رجعت إلى قومها، تشير إلى ذلك الانزعاج، وإلى الحرص على إبعاد شبح استرقاق العرب.
ونعتقد: أن السبب في ذلك هو سياسـات الخليفة الثاني تجـاه العرب، وهـو القائـل: ليس على عربي ملـك([557]). وكـره أن يصير السبي سنة على العرب([558]). وقد أعتق سبي اليمن وهن حبالى، وفرق بينهن وبين من اشتراهن([559]). وأعتق كل مصلٍّ من سبي العرب، وأوصى بعتق كل عربي([560]). وسياسات عمر هذه معروفة عنه.
وقد فصلنا القول فيها في كتابنا: "سلمان الفارسي في مواجهة التحدي" فليراجعه من أراد.
الفصل الثاني:
جويرية بنت الحارث
أسر جويرية بنت الحارث:
ويقولون: إن علياً "عليه السلام" كان قد أسر جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار الخزاعية، ثم المصطلقية([561]). وكانت متزوجة من ابن عمها عبد الله، كذا في السمط الثمين.
وفي غيره: اسمه الشغر بن مسافع. وقتل في غزوة المريسيع([562]).
وقال البعض: كانت تحت مسافع بن صفوان([563]). وتحت صفوان بن مالك([564]). ولا يهمنا تحقيق ذلك.
ويقولون: إنها وقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، أو ابن عم له، أو في سهمهما معاً، فكاتبته. ثم سألت رسول الله "صلى الله عليه وآله" إعانتها، فأدى "صلى الله عليه وآله" عنها، وتزوجها وهي بنت عشرين سنة، وكان اسمها برة، فحوله "صلى الله عليه وآله" إلى جويرية، كره أن يقال: خرج من عند برة، كذا في المشكاة([565]).
وعن عمر بن الخطاب: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان يقسم لها كما يقسم لنسائه وضرب عليها الحجاب([566]).
ويذكر أيضاً: أن ميمونة بنت الحارث الهلالية، وزينب بنت جحش، وزينب بنت أبي سلمة، كانت أسماؤهن أيضاً: برة، فغيره رسول الله "صلى الله عليه وآله"([567]).
وزعم البعض أيضاً: أن ثابت بن قيس جعل لابن عمه نخلات له في المدينة مقابل حصته في برة، ثم كاتبها على تسع أواق([568]) فأداها عنها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتزوجها.
زواج النبي ' من جويرية برواية عائشة:
ونذكر هنا حديث عائشة حول زواج النبي "صلى الله عليه وآله" ببرة هذه، فهي تقول:
كانت جويرية امرأة ملاحة تأخذها العين. لا يكاد يراها أحد إلا ذهبت بنفسه، فجاءت تسأل رسول الله "صلى الله عليه وآله" في كتابتها. فلما قامت على الباب، فرأيتها كرهت مكانها، وعرفت: أن رسول الله سيرى منها مثل الذي رأيت، فقالت: يا رسول الله، أنا جويرية بنت الحارث، سيد قومه، وكان من أمري ما لا يخفى عليك، ووقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، وإني كاتبته على نفسي، فجئت أسألك في كتابتي.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": فهل لك فيما هو خير لك؟!
فقالت: وما هو يا رسول الله؟!
قال: أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك.
قالت: قد فعلت.
فأدى عنها كتابتها، وأعتقها، وتزوجها.
قالت: فتسامع الناس: أن رسول الله قد تزوج جويرية، فأرسلوا ما في أيديهم من السبي، فأعتقوهم، وقالوا: أصهار رسول الله لا ينبغي أن تسترق.
قالت: فما رأينا امرأة كانت أعظم بركة منها، وأعتق بسببها مئة أهل بيت من بني المصطلق.
خرجه بهذا السياق أبو داود([569])، واعتبر الواقدي هذا الحديث هو الأثبت([570]).
ونقول:
لقد توالت على هذه الرواية العلل والأسقام، وظهرت الاختلافات والتناقضات بينها وبين سائر الروايات في أكثر الموارد، بصورة ملفتة ومثيرة للعجب.
وفي محاولة منا لاستعراض جانب من هذه الاختلافات نقول:
أولا: هل تزوج ' جويرية لجمالها؟!
لقد ظنت عائشة أن جمال جويرية سوف يؤثر على مشاعر النبي "صلى الله عليه وآله"، وأحاسيسه، ويدعوه إلى اتخاذها زوجة، فكرهتها لأجل ذلك.
ونحن وإن كنا لا نستغرب غيرة عائشة هذه، فقد لمسناها منها بالنسبة إلى جميع زوجاته "صلى الله عليه وآله"، حيث كانت تغار منهن، وتحسدهن، وتكرههن، وتدبر في الخفاء للكيد لهن. كما دلت عليه النصوص التاريخية والحديثية المتضافرة والمتواترة.
كما أننا لا ننكر على النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" أن يتزوج المرأة ذات الجمال، فإن ذلك هو ما تقتضيه الجبلة الإنسانية، ويدعو إليه الذوق السليم، والطبع السوي، وهو أيضاً ما حبذته نصوص الشريعة الإلهية السمحة.
إلا أننا ننكر على عائشة أن تفكر هي أو غيرها: أن الجمال والجمال فقط هو المعيار والفيصل في إقدام النبي "صلى الله عليه وآله" أو إحجامه في هذا المجال، فإنه هو نفسه "صلى الله عليه وآله" قد ذكر، أن ثمة معايير أخرى إسلامية وإنسانية هي التي تتحكم في القرار الحاسم في أمر الزواج.
والذي يظهر لنا هو: أن عائشة ـ كما يظهر في موارد كثيرة ـ كانت تنظر إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكأنه رجل عادي جداً، تستخفه فتأسره مسحة جمال عارضة، وينشد وينجذب إليها، دون اختيار، فتفرض عليه موقفاً هنا، وتصرفاً هناك، تماماً كما هو الحال بالنسبة لأي مراهق ناشئ، تثيره غرائزه، وتسيطر عليه أهواؤه وشهواته.
وحاشا نبي الإسلام الأعظم "صلى الله عليه وآله" أن تصدق فيه ظنون عائشة وأوهامها، وهو النبي المعصوم، الذي لا شك في طهارته، ونبله، ورجاحة عقله، وبعد نظره، وعزوفه عن الدنيا، بكل ما فيها من زبارج وبهارج ومغريات. لا سيما وأنه يقترب من سن الستين، الذي يكون فيه حتى الإنسان العادي قد تجاوز سن المراهقة، وبدأ يتجه نحو عقلنة طموحاته، والسيطرة عليها، فكيف بنبي الإسلام الأكرم "صلى الله عليه وآله".
ثانياً: التناقض والاختلاف في أمر جويرية:
هناك تناقضات كثيرة في قصة جويرية هذه، نذكر منها ما يلي:
1 ـ هذه الرواية تقول: إن الناس حين عرفوا بأن النبي "صلى الله عليه وآله" تزوجها أرسلوا ما في أيديهم من أسرى بني المصطلق.
وعند الواقدي: "فلما أعتقني والله ما كلمته في قومي حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم"([571]).
وفي نص آخر: "فلما أعتقني وتزوجني ما شعرت إلا بجارية من بنات عمي تخبرني بفك الأسرى، فحمدت الله تعالى"([572]).
مع أن هناك ما ينا قض ذلك كله:
فقد قيل: جعل "صلى الله عليه وآلـه" صداقها عتق كل أسير من بني المصطلق([573]).
وقيل: عتق أربعين من قومها([574]).
ويقال: إنه أعتقها وتزوجها على عتق مئة من أهل بيت قومها([575]).
وقيل: إن النبي "صلى الله عليه وآله" وجه إلى أبيها، حين جاء بفدائها، ثم خطبها "صلى الله عليه وآله" وتزوجها، وأصدقها أربع مئة درهم([576]).
وقال البعض: "كان الأسرى أكثر من سبع مئة، فطلبته فيهم ليلة دخل بها، فوهبهم لها"([577]).
وقيل: بل جعل صداقها عتقها([578])
فأي ذلك كله نصدق يا ترى؟
2 ـ متى وكيف تزوجها النبي "صلى الله عليه وآله"؟ فهل تزوجها بعد قضائه عنها مال كتابتها، كما ذكرت رواية عائشة؟
أم أن أباها هو الذي افتداها من ثابت بن قيس، ثم خطبها النبي "صلى الله عليه وآله" إليه، فزوجها إياه؟([579])
أم أنه افتداها من رسول الله "صلى الله عليه وآله" مباشرة؟ حيث إنه كما يروي لنا ابن هشام وغيره: لما انصرف "صلى الله عليه وآله" من غزوة بني المصطلق، ومعه جويرية بنت الحارث، وكان بذات الجيش، دفع جويرية إلى رجل من الأنصار، وأمره بالاحتفاظ بها. وقدم "صلى الله عليه وآله" المدينة.
فأقبل أبوها الحارث بن أبي ضرار بفداء ابنته، فلما كان بالعقيق نظر إلى الإبل التي جاء بها للفداء، فرغب في بعيرين منها، فغيبهما في شعب من شعاب العقيق. ثم أتى إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فقال: يا محمد، أصبتم ابنتي، وهذا فداؤها.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": فأين البعيران اللذان غيبتهما بالعقيق في شعب كذا وكذا؟
فأسلم الحارث حينئذٍ، وأسلم معه ابنان له، وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما، ودفع الإبل إلى النبي "صلى الله عليه وآله". ودفعت إليه ابنته جويرية فأسلمت، وحسن إسلامها.
فخطبها إلى أبيها، فزوجه إياها، وأصدقها أربع مئة درهم. وكانت قبله تحت ابن عم لها يقال له: عبد الله([580]).
ونص رابع يذكر: أن النبي أمر الحارث أن يخبر ابنته بإسلامه، فأخبرها، ثم طلب منها أن لا تفضح قومها بالرق. فاختارت الله ورسوله، فرضي أبوها بذلك([581]). فأعتقها "صلى الله عليه وآله"، وجعلها في جملة أزواجه([582]).
3 ـ وعن فداء جويرية نقول: هل اشترى النبي "صلى الله عليه وآله" جويرية من ثابت بن قيس؟([583]).
أم أنه "صلى الله عليه وآلـه" أدى عنها كتابتها ثم تزوجها كما تقول رواية عائشة؟
أم أن ثابت بن قيس وهبها للنبي "صلى الله عليه وآله"؟!([584]).
أم أن النبي "صلى الله عليه وآله" أخذها من السبي، فلما بلغ ذات الجيش دفعها إلى رجل من الأنصار ليحتفظ بها، كما تقدم عن ابن هشام وغيره؟!
أم أن أباها هو الذي افتداها من ثابت بن قيس([585]).
أو من رسول الله "صلى الله عليه وآله"([586]).
4 ـ ثم هل تزوجها النبي بعد رجوعه إلى المدينة كما تشير إليه الروايات المتقدمة؟
أم أنه "صلى الله عليه وآله" تزوجها ـ كما تقول عائشة ـ حين كان لا يزال على ماء المريسيع؟! كما صرح به البعض([587]).
أو تزوجها في الطريق([588]).
وحسبنا ما ذكرناه من تناقضات واختلافات، ومن أراد استقصاء ذلك فيمكنه المراجعة للروايات والمقارنة بينها.
ثالثاً: تغيير اسم برة إلى جويرية:
ذكرت الروايات المتقدمة: أنه "صلى الله عليه وآله" غيَّر اسمها من برة إلى: جويرية([589]) وذلك لأنه كره أن يقال: خرج من عند برة.
ونقول:
إننا لا ندري ما وجه كراهته "صلى الله عليه وآله" ذلك، فإنه اسم حسن الإيقاع، ومقبول الإيحاء والدلالة.
كما أننا لا ندري لماذا اقتصر "صلى الله عليه وآله" على تغيير اسم ميمونة، وزينب بنت جحش، وبنت أم سلمة، بالإضافة إلى جويرية؟ ولم يأمر بتغيير اسم باقي من سمين ببرة، فلم يغيِّر اسم برة بنت أبي نجراة وبرة بنت سفيان السلمية، أخت أبي الأعور، وبرة بنت عامر بن الحارث. وغيرهن.
بل إنه "صلى الله عليه وآله" لم يغير اسم إحدى جواريه، التي كان اسمها برة أيضاً([590]).
ولا ندري أخيراً، لماذا لم يكره الناس هذا الاسم، فلم يبادروا إلى تغييره من عند أنفسهم، حين علموا بإصرار نبيهم الأكرم "صلى الله عليه وآله" على تغييره بالنسبة لهذه وتلك وسواها؟
ثم لماذا لم يمتنعوا عن التسمية به بعد ذلك؟
رابعاً: أبو جويرية:
قد ذكرت الروايات المتقدمة: أن الحارث بن أبي ضرار هو الذي افتدى ابنته جويرية، ثم خطبها النبي "صلى الله عليه وآله" إليه، فزوجه إياها.
مع أن المؤرخ الثبت الأقدم ابن واضح اليعقوبي يقول عن جويرية: "فكان ممن سبي جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار. وقتل أبوها، وعمها، وزوجها، فوقعت في سهم ثابت بن قيس الخ.."([591]).
خامساً: تخيير جويرية:
جاء في مرسل أبي قلابة بسند صحيح ـ كما يزعمون ـ أن النبي "صلى الله عليه وآله" سبا جويرية وتزوجها، فجاءها أبوها، فقال: إن بنتي لا يسبى مثلها فخل سبيلها.
فقال: أرأيت إن خيرتها أليس قد أحسنت؟!
قال: بلى.
فأتاها أبوها، فذكر لها ذلك، فقالت: اخترت الله ورسوله([592]).
وفي نص آخر: أنه قال لها حين خيرها: يا بنية لا تفضحي قومك.
قالت: اخترت الله ورسوله.
ونقول:
1 ـ قد شكك البعض في هذه الرواية على أساس: أنه لا يعقل أن يأمره النبي "صلى الله عليه وآله" بتخييرها، بعد أن تزوجها([593]). إلا إذا كان "صلى الله عليه وآله" يريد من وراء ذلك أن يثبت لأبيها: أنها لا توافق على العيش في أجواء الشرك والانحراف.
ولكن يرد هذا قولهم: إن الحارث قد أسلم مع ابنين له.
2 ـ قد تقدم: أن أباها وعمها وزوجها قتلوا في غزوة المريسيع([594]).
3 ـ إننا لا يمكن أن نصدق أن يأتي أبوها، الذي كان قد حشد تلك الحشود، ويكلّم النبي "صلى الله عليه وآله" بهذا الأسلوب الجاف، الممتلئ بالعنجهية.
4 ـ إنه إذا كانت الروايات المتقدمة في أول هذا الفصل قد صرحت بأن جميع بني المصطلق قد أسروا، ولم يفلت منهم أحد، فلا معنى لقولهم:
إن أباها قدم على النبي "صلى الله عليه وآله" بعد ذلك، وفدى ابنته. ثم تزوجها النبي "صلى الله عليه وآله".
أو أنه وجد ابنته قد تزوجت النبي "صلى الله عليه وآله"، فطلب منه أن يطلق سراحها. وانجر الأمر إلى تخييرها، فاختارت الله ورسوله.
إلا أن يكون قد أُطلق فيمن أُطلق فذهب، ثم عاد: أو أنه لم يكن في جملة الأسرى ولا القتلى، بل كان قد تمكن من النجاة بنفسه.
5 ـ إنه إذا كان قد وجد ابنته معتقة ومتزوجة من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلا معنى لأن يقول له: ابنتي لا يسبى مثلها. بعد أن زالت عنها آثار السبي بالعتق، وبالزواج من أعظم رجل شرفاً، وسؤدداً وشأناً في الجزيرة العربية، بل وفي العالم بأسره.
6 ـ قد ذكرت الروايات المتقدمة: أن الحارث بن أبي ضرار قد أسلم مع ابنين له.
فما معنى أن يخير بعد هذا ابنته جويرية بين الإسلام والشرك، لا سيما وأنها كانت قد تزوجته "صلى الله عليه وآله" وآمنت به وآمن به أبوها وأخواها؟
فلا يعقل: بعد هذا أن يطرح أبوها مع النبي ومعها موضوع الانفصال عنه "صلى الله عليه وآله"، والالتحاق بأبيها.
كلمات أخيرة حول جويرية:
يقول الديار بكري: كانت جويرية عند النبي "صلى الله عليه وآله" خمس سنين، وعاشت بعده خمساً وأربعين سنة، وتوفيت بالمدينة سنة خمسين، وفي رواية سنة ست وخمسين، وهي بنت خمس وستين سنة، وصلى عليها مروان بن الحكم، وكان حاكماً على المدينة من قبل معاوية([595]).
ملاحظات لا بد من تسجيلها:
ونذكر القارئ أخيراً بما يلي:
1 ـ إن جويرية كانت من بيت عز وشرف، وقد عاشت حياتها بطريقة لا تنسجم، لا من قريب ولا من بعيد، مع حياة الرق والعبودية، والإسلام هو الذي يقول: ارحموا عزيز قوم ذل.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد لهذه المرأة أن تعيش بالمهانة في ظل الإسلام، بل يريد أن تلمس: أن الإسلام يحترم إنسانيتها، ويحفظ لها كرامتها.
3 ـ إن إكرام قومها وأبيها بها إن كان أبوها لم يقتل في المريسيع قبل سبيها لسوف يهيئهم نفسياً للتفاعل مع تعاليم الإسلام، والانسجام مع قيمه ومثله، لأنهم عاشوها واقعاً حياً، تجسد موقفاً وسلوكاً. وكان له تأثير على حياتهم، ووجودهم، ومصيرهم.
4 ـ إن علينا: أن لا ننسى أنه لم يكن من المصلحة القسوة على قوم هم من قبائل خزاعة التي كانت عيبة نصح لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بل كان لا بد من درء الخطر أولاً، ثم تهيئة الأجواء لإعادة الاعتبار لهؤلاء الناس، الذين كان لهم موقف أكثر عقلانية وواقعية من غيرهم.
فماذا لو أنهم لمسوا: أن هذه الواقعة منهم قد أثمرت ثمرات خيرة، وصالحة وعزيزة، واستطاعت أن تغير من مسار ومصير هذه القبيلة التي تنتمي إليهم، ولهم فيها أدنى ارتباط؟
5 ـ أما اللفتة المثيرة للإعجاب، فهي: أن تكون جويرية قد رأت في شخص رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الرجل القادر على أن يدرك مشكلتها، وأن يتعامل معها بواقعية وبإنسانية، ومن خلال القيم المثلى، وبالطريقة الفضلى.
مع أن هذا الرجل هو نفسه الذي قاد الجيش الذي أسرها، وأنزل في قومها الضربة المؤثرة والمثيرة..
6 ـ ولا شك أنها قد لمست في الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" بعض ما حباه الله به من مزايا، وأكرمه به من خصال.
وربما تكون أيضاً قد استجابت لعامل الشعور بالعزة والأنفة من أن تطلب المساعدة من أي كان من الناس، فكان طموحها متناسباً تماماً مع واقعيات حياتها في بيت العزة والسؤدد، حين كان أبوها السيد المطاع في قومه.
الفصل الثالث:
ليخرجن الأعز منها الأذل
ليخرجن الأعز منها الأذل:
يقول المؤرخون: إنه بعد أن هُزم بنو المصطلق ازدحم على الماء ـ وكان قليلاً ـ جهجاه بن سعد الغفاري ـ وكان أجيراً لعمر بن الخطاب، يقود له فرسه([596]) ـ وسنان بن وبرة (أو فروة) (أو أنس بن سيار كما في تفسير القمي).
وقال قتادة: (الجهني) حليف عمرو بن عوف من الخزرج ـ وفي المدارك: كان حليفاً لابن أبي ـ فاقتتلا؛ فأعان جهجاهاً رجل من فقراء المهاجرين، يقال له: جعال، ولطم وجه سنان؛ فاستغاث سنان: يا للأنصار، يا للخزرج!
واستغاث جهجاه: يا لكنانة، يا لقريش!
أو قال: يا معشر المهاجرين.
وفي نص آخر: أن جهجاهاً ضرب سناناً، فسال الدم.
وقيل: كسعه، أي دفعه. فتسارع إليهما القوم، وعمدوا إلى السلاح. فمشى جماعة من المهاجرين إلى سنان فقالوا: اعف عن جهجاه. ففعل فسكنت الفتنة وانطفأت نائرة الحرب.
زاد الحلبي وغيره قوله: فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: ما بال دعوى الجاهلية، فأخبر بالحال، فقال: دعوها، فإنها منتنة.
أو قال: من دعا دعوى الجاهلية كان من محشي جهنم.
قيل له: وإن صام وصلى، وزعم أنه مسلم؟
قال: وإن صام وصلى، وزعم أنه مسلم.
وقال "صلى الله عليه وآله": لينصر الرجل أخاه ظالماً أو مظلوماً، إن كان ظالماً فلينهه، فإنه ناصر، وإن كان مظلوماً فلينصره([597]).
فسمع عبد الله بن أبي بالأمر فغضب وعنده رهط من قومه، فيهم زيد بن أرقم، ذو الأذن الواعية، وهو غلام حديث السن.
فقال ابن أبي: أفعلوها؟ قد نافرونا، وكاثرونا في بلادنا؟!
وقال: ما صحبنا محمداً إلا لنلطم؟ والله، ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال: سمن كلبك يأكلك.
أما والله، لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. يقصد بالأعز نفسه، وبالأذل رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم أقبل على من حضر من قومه، فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم! أما والله، لو أمسكتم عن جعال وذويه فضل الطعام لم يركبوا رقابكم، ولتحولوا إلى غير بلادكم. فلا تنفقوا عليهم حتى ينفضوا من حول محمد.
قال دحلان: "وإلى ذلك أشار سبحانه وتعالى حكاية عنهم: ?..لا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ الله حَتَّى يَنفَضُّوا..?([598]).
فقال له زيد بن أرقم: أنت والله الذليل القليل، المبغَّض في قومك، ومحمد في عز من الرحمن، وقوة من المسلمين.
فقال له ابن أُبي: اسكت، فإنما كنت ألعب. فمشى زيد بن أرقم، (وقيل: سفيان بن تيم) إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره الخبر، وعنده عمر بن الخطاب، فقال عمر: دعني أضرب عنقه يا رسول الله!.
فقال: إذن ترعد آنف كثيرة بيثرب.
فقال: إن كرهت أن يقتله مهاجري، فأمر أنصارياً.
أو قال له: فمر عباد بن بشر بقتله.
وعند البعض: مر معاذاً أن يضرب عنقه.
قال العسقلاني: "وإنما قال ذلك لأن معاذاً لم يكن من قومه".
وثمة نص آخر يقول: أو مر محمد بن مسلمة بقتله.
فقال: كيف يا عمر إذا تحدث الناس: أن محمداً يقتل أصحابه؟!
ولكن آذن بالرحيل، وذلك في ساعة لم يكن يرتحل فيها. فارتحل الناس.
قال دحلان: "ثم سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" سيراً حثيثاً، بحيث صار يضرب راحلته بالسوط في مراقها".
وذكروا أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" سار بالناس حتى أمسى، وليلتهم حتى أصبح، ويوم ذاك حتى آذتهم الشمس، ثم نزل بالناس، فلم يلبثوا أن وجدوا مس الأرض، فوقعوا نياماً. وذلك ليشغلهم عن حديث الأمس.
وقالوا أيضاً: إن الخزرج لاموا ابن أبي، فأنكر أن يكون قال شيئاً، فلما سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" بهم ذلك السير جاءه ابن أبي، فحلف أنه لم يقل شيئاً.
لكن نصاً آخر يذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي أرسل إلى ابن أبي، فأتاه، فقال: أنت صاحب هذا الكلام الذي بلغني؟!.
فقال عبد الله: والذي أنزل عليك الكتاب، ما قلت شيئاً من ذلك. وإن زيداً لكاذب.
أو قال له "صلى الله عليه وآله": إن كانت سبقت منك مقالة، فتب. فحلف بالله ما قال شيئاً من ذلك.
وعند البخاري والترمذي وغيرهما: أنه لما حلف ابن أبي وأصحابه للنبي "صلى الله عليه وآله" صدقهم وكذب زيداً.
قال زيد: فأصابني هم لم يصبني مثله، فجلست في البيت([599]).
قال دحلان: وأنزل الله في حق عمر (رض): ?قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ اللهَ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ، مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ?([600]).
قالوا: وكان عبد الله شريفاً في قومه عظيماً، فقال من حضر من الأنصار من أصحابه:
يا رسول الله، شيخنا وكبيرنا، لا تصدق عليه كلام غلام، عسى أن يكون الغلام وهم في حديثه، ولم يحفظ ما قاله.
فعذره النبي "صلى الله عليه وآله".
وفي الكشاف (وقريب منه ما ذكره القمي): روي أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال لزيد: لعلك غضبت عليه.
قال: لا.
قال: فلعله أخطأ سمعك؟
قال: لا.
قال: فلعله شبه عليك؟
قال: لا.
وفشت الملامة لزيد في الأنصار وكذبوه، وكان زيد يساير النبي "صلى الله عليه وآله" ولم يقرب منه بعد ذلك استحياء.
فلما سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" لقيه أسيد بن حضير أو سعد بن معاذ كما في حبيب السير، أو سعد بن عبادة كما ذكره القمي، فحياه بتحية النبوة، وسلم عليه.
ثم قال: يا رسول الله، رحت في ساعة منكرة ما كنت تروح فيها؟!.
فقال "صلى الله عليه وآله": أما بلغك ما قال صاحبكم [صاحبك]، عبد الله بن أبي؟!.
قال: وما قال؟!.
قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل.
فقال أسيد: (أو سعد) فأنت والله يا رسول الله تخرجه إن شئت. هو والله الذليل، وأنت العزيز.
ثم قال: يا رسول الله، أرفق به، فوالله، لقد جاء الله بك، وإن قوله لينظمون له الخرز ليتوجوه، فإنه ليرى أنك قد استلبته ملكاً.
وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أبيه. فأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل عبد الله بن أبي، لما بلغك عنه، فإن كنت فاعلاً فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان بها رجل أبرَّ بوالديه مني، وأني أخشى أن تأمر به غيري، فلا تدعني نفسي أن أنظر إلى قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس؛ فأقتله؛ فأقتل مؤمناً بكافر، وأدخل النار.
فقال "صلى الله عليه وآله": نرفق به، ونحسن صحبته ما بقي معنا.
قال العسقلاني: "فكان بعد ذلك إذا حدث الحدث كان قومه هم الذين ينكرون عليه، فقال النبي "صلى الله عليه وآله" لعمر: كيف ترى الخ.."([601]).
وفي رواية أخرى: "لما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" بغض قوم ابن أبي له قال "صلى الله عليه وآله" لعمر: كيف ترى يا عمر؟ إني ـ والله ـ لو قتلته يوم قلت، لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته.
فقال عمر (رض): قد ـ والله ـ علمت، لأمر رسول الله أعظم بركة من أمري"([602]).
قالوا: ولما دنوا من المدينة ـ وفي الوفاء: لما كان بينهم وبين المدينة يوم ـ تعجل عبد الله بن عبد الله بن أبي حتى أناخ على مجامع طرق المدينة. فلما جاء عبد الله بن أبي قال له ابنه: وراءك!
قال: ما لك، ويلك؟!
قال: لا والله، لا تدخلها حتى يأذن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويعلم اليوم: من الأعز، ومن الأذل!
فقال له: أنت من بين الناس؟!.
فقال: نعم، أنا من بين الناس.
فانصرف عبد الله حتى لقي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فشكى إليه ما صنع ابنه، فأرسل "صلى الله عليه وآله" إلى ابنه: أن خلّ عنه. فدخل المدينة([603]).
وفي المنتقى: أنه قال لأبيه: لا أفارقك حتى تقر أنك الذليل، وأن محمداً العزيز. فمر به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: دعه فلعمري لنحسنن صحبته ما دام بين أظهرنا([604]).
وفي نص آخر: أنه صار يقول: لأنا أذل من الصبيان. لأنا أذل من النساء، حتى جاء رسول الله فقال له: خل عن أبيك([605]).
وروي أنه قال له: لئن لم تقر لله ورسوله بالعزة لأضربن عنقك.
فقال: ويحك، أفاعل أنت؟!.
قال: نعم.
فلما رأى منه الجد قال: أشهد أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين.
فقال "صلى الله عليه وآله" لابنه: جزاك الله عن رسوله، وعن المؤمنين خيراً([606]).
نزول سورة المنافقين:
قالوا: وأنزل الله تعالى سورة المنافقين في قضية ابن أبي المذكورة([607]). أي في تكذيبه وتصديق زيد، فلما نزلت ـ وذلك بعد أن وافى "صلى الله عليه وآله" المدينة ـ أخذ "صلى الله عليه وآله" بأذن زيد وقال: إن الله صدقك، وأوفى بأذنك.
وفي الإكتفاء قال: هذا الذي أوفى الله بأذنه.
وفي الكشاف: لما نزلت، لحق "صلى الله عليه وآله" زيداً من خلفه، فعرك أذنه، وقال: وفت أذنك يا غلام إن الله صدقك، وكذب المنافقين([608]) ونزل قوله تعالى: ?.. وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ?([609])، وصار يقال لزيد: ذو الأذن الواعية([610]).
نزول آية أخرى في ابن أبي:
وقالوا: لما نزلت آية الأذن الواعية، وبان كذب ابن أبي قيل له: يا أبا حباب، إنه قد نزل فيك آي شداد فاذهب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، يستغفر لك.
فلوى رأسه، ثم قال: أمرتموني أن أؤمن فآمنت، وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت؛ فما بقي إلا أن أسجد لمحمد!
فأنزل الله: ?وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ الله لَوَّوْا رُؤُوسَهُمْ..? الآية([611]).
وفي رواية أخرى: إنه بعد أن أنزل الله تعالى تكذيباً لابن أبي، وتصديقاً لزيد بن أرقم ?إِذَا جَاءكَ المُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ الله..?([612]) الآيات، قال النبي "صلى الله عليه وآله" لزيد: يا ذا الأذن الواعية، إن الله قد صدق مقالتك، وتلا "صلى الله عليه وآله" الآيات([613]).
ولم يلبث عبد الله بن أبي إلا أياماً قلائل، حتى اشتكى ومات([614]).
موقفنا مما تقدم:
ونقول:
إن لنا مع جميع النصوص المتقدمة لهذه القصة وملابساتها، ونزول الآيات فيها مواقع للنظر، وفيها الكثير مما يبعث الشك والريب، ونحن نجمل ذلك في ما يلي:
تناقض النصوص، واختلافها:
إن من يراجع نصوص القصة المذكورة آنفاً: يجد فيها الكثير من الاختلافات، التي تصل إلى درجة التناقض، الأمر الذي يشير إلى عدم إمكان الاعتماد على أكثر تلك النصوص، لليقين بحدوث الكذب والتزوير، والتحريف فيها.
ونذكر من ذلك النماذج الآتية:
1 ـ من الذي كسعه جهجاه؟ هل هو سنان بن وبرة (فروة) أو أنس بن سيار، كما في رواية القمي؟!.
2 ـ هل الذي أخبر رسول الله بما كان من ابن أبي هو زيد بن أرقم، أم سفيان بن تيم؟ أم أوس بن أقرم، أم عمر بن الخطاب؟!
3 ـ هل قال عمر للنبي "صلى الله عليه وآله": مر معاذاً بقتله، أم قال له: مر عباد بن بشر بذلك؟ أم محمد بن مسلمة؟!
4 ـ هل الذي شكا له النبي "صلى الله عليه وآله" ما كان من ابن أبي هو أسيد بن حضير، أم سعد بن معاذ، أم سعد بن عبادة.
5 ـ هل أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" إلى ابن أبي فجاءه. أم أن ابن أبي هو الذي بادر بالمجيء إليه "صلى الله عليه وآله"؟
6 ـ هل الذي أخبر زيداً بنزول براءته هو النبي "صلى الله عليه وآله" بعد أن عرك أذنه([615]) (أو أخذ أذنه فرفعه من الرجل كما عند القمي)، أم أن أبا بكر وعمر قد تبادرا إلى زيد ليبشراه، فسبق أبو بكر، فأقسم عمر: أن لا يبادره بعدها إلى شيء، كما ذكر ابن عبد البر([616]).
7 ـ هل نزلت براءة زيد في الطريق إلى المدينة، أم نزلت في المدينة نفسها، بعد اعتزال زيد في بيته؟([617]).
8 ـ هل كسع المهاجري الأنصاري بسيفه، أم كسعه برجله، وذلك عند أهل اليمن شديد([618])؟
آيات نزلت في عمر:
قد ذكر دحلان: أن ثمة آيات نزلت في حق عمر في هذه المناسبة، وهي قوله تعالى: ?قُل لِّلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُون أَيَّامَ الله لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كَانُوا يَكْسِبُونَ، مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ?([619]).
ونقول:
1 ـ هل أذنب ابن أبي مع شخص عمر بن الخطاب، ليأمره الله سبحانه بالعفو عنه؟!.
2 ـ إن الآيات قد وردت في سورة الجاثية، وهي مكية قد نزلت قبل المريسيع وتبوك بسنوات عديدة.
3 ـ إنهم يقولون: إن هذه الآيات منسوخة بآيات القتال، كما عن مجاهد([620]).
وعن قتادة: إنها منسوخة بقوله تعالى في سورة الأنفال الآية 57: ?فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِم مَنْ خَلْفَهُمْ..?([621]).
4 ـ قد صرحت رواية أخرى عن قتادة بأنها نسخت بالآية 5 من سورة التوبة: ?فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الحُرُمُ فَاقْتُلُواْ المُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ?([622]).
وعن ابن عباس: نسخت بالآية التي تأمر النبي "صلى الله عليه وآله" بأن يقاتل المشركين كافة([623]) وهي الآية 36 من سورة التوبة.
والآيات إنما تتعرض للمشركين، فذلك يعني: أن آيات الجاثية إنما تتحدث عن المشركين أيضاً، ولم يكن ثمة تشريع لقتال المنافقين لا قبل ذلك ولا بعده، مع أن نسخها بآيات التوبة، مع وجود آيات تأمر بقتال المشركين في سورة الأنفال، غير واضح، إلا إذا أريد أن آيات التوبة تنص على تعميم القتال لكل مشرك بخلاف آيات سورة الأنفال.
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله:
ذكرت بعض الروايات: أنه لما بلغ عمر بن الخطاب قول ابن أبي: ليخرجن الأعز منها الأذل، أخذ سيفه، ثم خرج عامداً ليضربه، فذكر هذه الآية: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ..?([624]) فرجع إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فأخبره الخ..([625]).
ونقول:
أولاً: إنه إذا كانت قضية ابن أبي هذه قد حصلت في غزوة المريسيع، فإن ثمة ما يدل على أن آية: ?لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ الله وَرَسُولِهِ? قد نزلت بعد ذلك.
فقد روي عن الحسن: أنها نزلت في ناس ذبحوا قبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم النحر، فأمرهم أن يعيدوا ذبحاً، فأنزل الله هذه الآية([626]).
وعن الحسن أيضاً قال: ذبح رجل قبل الصلاة، فنزلت([627]).
إلا أن يقال: إن المراد ليس الذبح في الحج بل الذبح يوم النحر في المدينة. ولكنه احتمال بعيد.
ثانياً: إننا لم نعهد من عمر بن الخطاب شجاعة إلى هذا الحد، لا سيما بالنسبة لابن أبي الذي لا يجهل أحد موقعه في قومه.
إلا أن يقال: إن عمر بن الخطاب حين يشعر أنه محمي من قبل النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين، فإنه يقدم على أمر كهذا، لا سيما إذا كان لا يواجه عدداً مسلحاً، وإنما هو يتولى قتل رجل أعزل يقتله وهو مطمئن إلى أنه غير قادر على أن يحرك ساكناً ضده.
يا أبا حباب:
قد ذكرت الروايات المتقدمة: أنهم قالوا لابن أبي: يا أبا حباب، إنه قد نزل فيك آيات شداد([628]).
ونقول:
إن هذا موضع شك وريب:
1 ـ إنهم يقولون: كان اسم عبد الله بن أبي حباباً، فغير النبي "صلى الله عليه وآله" اسمه، وقال: إن حباباً اسم شيطان([629])؟ فما معنى قولهم له: يا أبا حباب؟ وإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد غير اسمه فلماذا لم يغير اسم ولده بل أبقاه؟!
2 ـ ولماذا لم يغير النبي "صلى الله عليه وآله" اسم الحباب بن المنذر وابن قيظي، وابن عمرو، وابن عبد، وابن زيد، وابن جزء، وابن جبير وغيرهم؟
أو لماذا لم يغيروا هم أسماءهم حين عرفوا أن حباباً اسم شيطان؟
وتذكر الروايات المتقدمة: أن قوله تعالى: ?..وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ?([630])، نزل في زيد بن أرقم في هذه المناسبة.
ونقول:
أولاً: المفروض: أن قصة ابن أُبي قد كانت بعد الهجرة بخمس أو ست سنوات وهذه الآية قد وردت في سورة الحاقة، التي نزلت في مكة قبل الهجرة([631]).
وفي كلام عمر بن الخطاب: أنها نزلت قبل أن يسلم([632]). وهم يدعون: أن عمر قد أسلم بعد البعثة بخمس أو ست سنين، وإن كنا قد ناقشنا في صحة ذلك، وأثبتنا: أنه أسلم قبل الهجرة بقليل. ولكن حتى هذا لا ينفع المستدل شيئاً هنا لأن سورة الحاقة قد نزلت على جميع التقادير قبل الهجرة، وهذه الحادثة قد كانت بعد الهجرة بسنوات كما قلنا.
ثانياً: إن سياق الآيات يأبى عن أن تكون هذه الآية قد نزلت في زيد بن أرقم، فإنها تتحدث عما جرى لقوم عاد وثمود وفرعون، والمؤتفكات إلى أن تقول: ?إِنَّا لَمَّا طَغَى المَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الجَارِيَةِ، لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ?([633]) أي تعيها أذن تحصي هذه العبر والعظات، وهذه الأحداث العظام وتحفظها، وتعيها.
فلا ربط للآية بما حدث بين زيد وابن أُبي، لو صح أن شيئاً من ذلك قد حدث فعلاً.
ثالثاً: سيأتي إن شاء الله: أن أصل تصدِّي زيد لابن أبي مشكوك فيه، فلا معنى بعد هذا لدعوى نزول هذه الآية في هذه المناسبة، إلا بعد إثبات ذلك، إذ: العرش ثم النقش.
رابعاً: قد روي عن علي "عليه السلام"، وعن بريدة، ومكحول، وأبي عمرو بن الأشج، وهو: عثمان بن عبد الله بن عوام البلوي، وعن ابن عباس، وأنس، والأصبغ بن نباتة، وجابر، وعمر بن علي، وأبي مرة الأسلمي: أن هذه الآية نزلت في علي "عليه السلام"، وقد روى ذلك أهل السنة والشيعة على حد سواء، فراجع([634]).
وقال في شرح المواقف: أكثر المفسرين على أنه علي([635]).
الشانئون والحاقدون:
قال الحلبي الشافعي: "وذكر بعض الرافضة: أن قوله تعـالى: ?..وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ? جاء في الحديث: أنها نزلت في علي كرم الله وجهه.
قال الإمام ابن تيمية: وهذا حديث موضوع باتفاق أهل العلم. أي وعلى تقدير صحته لا مانع من التعدد"([636]).
ونقول:
تقدم آنفاً:
1 ـ أن حديث نزول هذه الآية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" مروي عند أهل السنة، وبطرقهم، أكثر مما هو مروي عند الشيعة. والمصادر المتقدمة، وشخصيات الرواة توضح ذلك. بل إن بعض الرواة لم يكونوا في خط علي "عليه السلام"، ولا من أنصاره.
2 ـ قد عرفنا: أن أصل تصدي زيد لابن أبي مشكوك فيه.
3 ـ إن سياق الآيات لا ينسجم مع قضية زيد.
4 ـ إن سورة الحاقة قد نزلت قبل الهجرة.
إلا أن يدَّعى: أن هذه الآية مما تكرر نزوله.
ولكنها دعوى: تحتاج إلى شاهد، بل الشواهد المذكورة آنفاً على خلافها.
5 ـ أضف إلى ذلك: أن هذه الدعوى لا تتنافى مع حديث نزولها في علي "عليه السلام".
6 ـ لم يذكر لنا التاريخ أياً من أهل العلم قال: إن هذا الحديث موضوع، فضلاً عن أن يكون أهل العلم قد اتفقوا على ذلك. وهذه هي الكتب والموسوعات متداولة بين أيدي جميع الناس فليراجعها من أراد.
والسبب الحقيقي لما حدث:
تقدم أن سبب قول ابن أبي: ?لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ? هو ما جرى بين جهجاه وسنان.
مع أن زيد بن أرقم يروي: أن السبب هو: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قدم في ناس من أصحابه على ابن أبي، فقال ابن أبي ذلك، فسمعه زيد، فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بذلك([637]).
وثمة حديث عن ابن عباس يقول: إن سبب ذلك هو خلاف على الماء وقع بين أصحاب عبد الله بن أبي وبين الفقراء المؤمنين. حيث سبقهم أصحاب ابن أبي إلى الماء، وأبوا أن يخلوا عن المؤمنين، فحصرهم المؤمنون، فلما جاء ابن أبي نظر إلى أصحابه، فقال: "والله ?لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ?"([638]) فلما عرف النبي "صلى الله عليه وآله" بالأمر دعا ابن أبي الخ..
وفي نص آخر: إن ذلك قد كان في الحديبية([639]).
متى كانت هذه القضية؟!
قد ذكرت رواية ابن سيرين: أنه بعد أن رجع ابن أُبي إلى المدينة لم يلبث إلا أياماً قلائل ثم توفي، وأنه طلب: أن يأتيه الرسول في مرضه الذي توفي فيه، فلما دخل عليه بكى، فقال له "صلى الله عليه وآله": أجزعاً يا عدو الله الآن؟!
فقال: يا رسول الله، إني لم أدعك لتؤنبني، ولكن دعوتك لترحمني. فاغرورقت عينا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم طلب منه ابن أُبي أن يشهد غسله، وأن يكفنه في ثلاثة أثواب من ثيابه "صلى الله عليه وآله"، ويمشي في جنازته، ويصلي عليه([640]).
ونقول:
أولاً: إننا لا نستطيع أن نصدق بأنه "صلى الله عليه وآله" قد قال لابن أُبي، وهو على فراش الموت، ومن دون أي موجب: أجزعاً يا عدو الله الآن. فإن أخلاق النبي "صلى الله عليه وآله"، وسياسته لا تنسجم مع هذه القسوة البالغة، حتى مع المنافقين، لا سيما، وأن ابن أُبي هو الذي طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" الحضور.
ثانياً: إن هذه القضية تؤيد كون قصة ابن أبي، وقوله: ?لَيُخْرِجَنَّ الأعَزُّ مِنْهَا الأذَلَّ?، إنما كان في غزوة تبوك كما قيل([641])، وهي في السنة التاسعة، سنة موت ابن أُبي([642]).
وقد تقدم قولهم بعد ذكرهم لتلك الحادثة مع زيد: ولم يلبث ابن أُبي إلا أياماً قلائل، حتى اشتكى ومات([643]).
فإذا كان قد مات في التاسعة، فلا بد أن تكون الحادثة أيضاً في السنة التاسعة، وذلك يدل على أن الحادثة قد كانت في غزوة تبوك.
لكن الحلبي بعد أن ذكر القول: بأن هذه الحادثة قد كانت في غزوة تبوك قال: "فيه نظر ظاهر"([644]). وإذا كان مستند الحلبي في هذا النظر هو الروايات التي ذكرت: أنها كانت في غزوة المريسيع، فلا مجال لقبول ذلك منه، بعد أن تواردت على تلك الروايات العلل والأسقام، كما رأينا وسنرى إن شاء الله تعالى.
والخلاصة: أن وقوع هذه الحادثة في غزوة المريسيع أمر مشكوك فيه.
ابن أرقم؟ أم ابن أقرم؟ أم غيرهما؟!
إننا في حين نجد بعض الروايات تقول: إن زيد بن أرقم هو الذي تصدى لابن أبي، نجد في النصوص الأخرى، ما يخالف ذلك، فقد ذكر ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، وذكر موسى بن عقبة في مغازيهما هذه القصة، وزعما: أن أوس بن أقرم ـ وهو رجل من بني الحارث بن الخزرج ـ هو الذي سمع قول عبد الله بن أبي، فأخبر بذلك عمر بن الخطاب. وذكر ذلك عمر لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
وبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى ابن أُبي، فسأله عما تكلم به، فحلف بالله ما قال من ذلك شيئاً.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن كان سبق منك قول فتب. فجحد، وحلف.
فوقع رجال بأوس بن أقرم، وقالوا: أسأت بابن عمك، وظلمته، ولم يصدقك رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فبينما هم يسيرون إذ رأوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوحى إليه، فلما قضى الله قضاءه في موطنه ذلك، وسري عنه نظر رسول الله "صلى الله عليه وآله" فإذا هو بأوس بن أقرم، فأخذ بأذنه فعصرها، حتى استشرف القوم.
فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: أبشر، فقد صدق الله حديثك، ثم قرأ عليهم سورة المنافقين الخ.."([645]).
وقد ادَّعى البعض: تعدد هذه القضية لزيد بن أرقم، ولأوس بن أقرم كليهما([646]).
ونقول:
لا مجال لقبول هذه الدعوى الأخيرة، إذ من البعيد حصول هذا التوافق في الخصوصيات والتفاصيل لكل من الرجلين، كما يتضح بالمراجعة والمقارنة.
ودعوى: أن قصة أوس خطأ من أصحاب المغازي، وأن قائل ذلك هو زيد([647])، ليس بأولى من العكس.
لا سيما إذا علمنا: أن قصة زيد تتوارد عليها العلل والأسقام من كل جانب.
هذا كله بالإضافة: إلى ما تقدم من أن الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بقول ابن أُبي، هو سفيان بن تيم([648]) وليس عمر بن الخطاب كما ذكرت هذه الرواية.
جرأة زيد بن أرقم:
ولا ندري مدى صحة ما ينسب لزيد بن أرقم من جرأة نادرة على ابن أُبي، ومن كلام قوي ورصين، وعالي المضمون، حيث قال له:
"أنت ـ والله ـ الذليل، المنقص في قومك. ومحمد في عزّ من الرحمن، وقوة من المسلمين.
فقال له ابن أُبي: اسكت فإنما كنت ألعب".
ولم نعهد من زيد هذا المستوى من الجرأة، والتحدي، وهذا القدر من الوعي، والمعرفة بفنون الكلام، لا سيما وهو غلام يافع صغير السن، قد لا يزيد عمره على الخمس عشرة سنة.
مع أننا نستغرب أن يكون جواب ابن أبي له: هو كلمة: "اسكت، إنما كنت ألعب" فإنه جواب ضعيف، لا ينسجم مع قوة كلامه في مقام التحدي السافر للنبي "صلى الله عليه وآله" ولمن معه، وكيف سكت على إهانة زيد له، وادَّعائه: أنه منقص في قومه، وذليل؟ ولماذا جاء الجواب بكنت ألعب، بدل أمزح؟
إن أجواء الحوار تدعونا إلى رفض أن يكون الحوار قد سار على هذا النهج، وبهذ الطريقة، لو كان ثمة حوار!!
ذكرت ذلك لعمي، أو لعمر!!
ونجد في الكلام المنسوب لزيد ترديداً يثير الشبهة والريب، إلى درجة الاعتقاد بأن هذه القضية قد كانت عرضة للتلاعب لدوافع مختلفة، فهو يقول: "فذكرت ذلك لعمي، أو لعمر"([649]).
فهل يعقل أن يكون زيد قد نسي ذلك الشخص الذي تحدث معه عن هذا الأمر الذي نشأ عنه نزول آية قرآنية، فيها التكريم والتعظيم، والشرف، الذي لا يضاهى، والفضل الذي لا يناله إلا ذو حظ عظيم؟!
وهل يمكن أن يكون هذا الترديد قد جاء من الرواة، لا من زيد؟ لا سيما ونحن نرى نصاً آخر يؤكد على أنه كان رديفاً لعمه، وأن عمه هو الذي انطلق فأخبر عمر بذلك، ثم رجع إليه فأنَّبه، بعد أن حلف ابن أُبي لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فصدقه([650]).
وذلك يبعد أن يكون الترديد من الراوي، لا من زيد.
وإن كانت سائر الروايات التي تقدمت قد ذكرت أن زيداً قد أخبر عمر بذلك. فأي ذلك نصدق، وبماذا نوجه هذا التناقض والاختلاف؟!
إلا أن نقول كما يقوله الآخرون: "لا حافظة لكذوب".
مع أننا نتردد كثيراً في نسبة الكذب إلى زيد، بل نكاد نطمئن إلى أن محبيه هم الذين أوقعوه في هذه الورطة. ولعل ذلك قد كان بعد موت زيد بعشرات السنين.
من هو عم زيد بن أرقم؟!
قد ذكرت بعض الروايات: أن عم زيد الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بما كان من ابن أُبي هو سعد بن عبادة، كما ذكره الطبراني، وابن مردويه([651]).
مع أن سعداً ليس عمه الحقيقي، وإنما هو سيد قومه الخزرج، وعمه الحقيقي هو ثابت بن قيس. وعمه زوج أمه هو عبد الله بن رواحة([652]) "رضوان الله تعالى عليه".
فلماذا جعل ابن عبادة عماً له في هذه القضية بالذات يا ترى؟!
على أننا نشك: في أن يكون ابن عبادة أيضاً هو الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بالأمر، حتى لو قبلنا صحة تسميته بالعم، وذلك لما تقدم في رواية هذه القصة من أن ابن عبادة قد لحق النبي "صلى الله عليه وآله"، حينما سار بالناس، وسأله عن سبب ذلك، فقال له: أما بلغك ما قال صاحبكم عبد الله بن أبي؟!.
قال: وما قال.
قال: زعم أنه إن رجع إلى المدينة أخرج الأعز منها الأذل الخ..
فإن ظاهر هذه الرواية: أن ابن عبادة إلى هذا الوقت لم يكن يعلم بما كان من ابن أُبي، وأنه علم بذلك من النبي "صلى الله عليه وآله". فكيف يكون هو الذي أخبره بما قاله زيد عن ابن أبي؟!
قربى ابن أرقم لابن أبي:
على أن بعض النصوص قد ذكرت: أن الذي نقل إلى النبي ما جرى هو غلام من قرابة ابن أُبي([653]).
وزيد بن أرقم ليس من أقرباء ابن أُبي إذ هو: ابن أرقم، بن زيد، بن قيس، بن النعمان، بن مالك، بن الأغر، بن ثعلبة، بن كعب بن الخزرج([654]).
وعبد الله هو: ابن أُبي، بن مالك بن الحرث، بن مالك، بن سالم، بن غنم، بن عوف، بن الخزرج([655]).
فأين هي القرابة بين الرجلين؟! إلا أن يكون مجرد كونهما يلتقيان في الخزرج نفسه يكفي لوصفه بكونه من قرابته.
النبي ' يضرب راحلته:
وقد عرفنا أن البعض يقول: "ثم سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالناس سيراً حثيثاً، بحيث صار يضرب راحلته في مراقها"([656]).
ولا ندري، ما هو ذنب الناقة التي لم تكن تدري بشيء، أو فقل لم يكن لها دور فيما حصل ويحصل من حولها؟
كما أننا لا نصدق: أنه "صلى الله عليه وآله" يضرب ناقته من الأساس، فقد:
1 ـ روي عن عائشة: أنها ركبت بعيراً، وفيه صعوبة؛ فجعلت تردده، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": عليك بالرفق([657]).
2 ـ وعن الزهري وكذا عن عائشة قالت: ما ضرب "صلى الله عليه وآله" شيئاً قط بيده، لا امرأة، ولا خادماً، إلا أن يجاهد في سبيل الله..
وعند الزهري: ما ضرب بيده شيئاً قط إلا أن يضرب في سبيل الله([658]).
3 ـ عن إبراهيم بن علي، عن أبيه، قال: حججت مع علي بن الحسين "عليه السلام"، فالتاثت([659]) الناقة عليه في سيرها، فأشار إليها بالقضيب ثم قال: آه لولا القصاص. وردَّ يده عنها([660]).
4 ـ وعن الصادق "عليه السلام" قال: حج علي بن الحسين "عليه السلام" على ناقة عشر سنين فما قرعها بسوط. ولقد بركت به سنة من السنين فما قرعها بسوط([661]).
وفي نص آخر: أربعين حجة([662]) أو عشراً([663]). فهل يعقل أن يكون السجاد "عليه السلام" أتقى لله أو أعرف بالأحكام من نبي الإسلام الأكرم "صلى الله عليه وآله"؟!
يحلفون بالله ما قالوا:
تقدم أن بعض الروايات عن قتادة تقول: "إن آية: ?يَحْلِفُونَ بِالله مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ..? الآية([664]).. قد نزلت في ابن أبي في هذه المناسبة"([665]).
ونقول:
أولاً: إننا نجد في مقابل ذلك الأقوال التالية:
1 ـ ما روي عن كعب بن مالك، وابن سيرين، وعروة بن الزبير، وابن عباس: أن هذه الآية قد نزلت في الجلاس بن سويد، حيث قال: لئن كان هذا الرجل صادقاً لنحن شر من الحمير. فسمعه عمير بن سعد (الذي كان ربيباً له)([666])، فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله"، فأتى الجلاس، وحلف بالله: أنه ما قال ذلك، فأنزل الله: ?يَحْلِفُونَ بِالله مَا قَالُواْ..?([667]).
وكان نزول هذه الآية في وقعة تبوك التي كان الجلاس قد تخلف عنها كما عن ابن عباس([668]) وعروة([669]).
وفي نص آخر: إنها نزلت في منافق سمعه زيد بن أرقم يقول ـ والنبي "صلى الله عليه وآله" يخطب ـ : إن كان هذا صادقاً لنحن شر من الحمير، فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى آخر القصة السابقة، كما روي عن أنس، وابن سيرين([670]).
2 ـ عن ابن عباس: كان النبي "صلى الله عليه وآله" جالساً في ظل شجرة، فقال: إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان، فإذا جاء فلا تكلموه، فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه "صلى الله عليه وآله"، فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟
فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا حتى تجاوز عنهم، وأنزل الله: ?يَحْلِفُونَ بِالله مَا قَالُواْ..?([671]).
ملاحظة: ونسجل هنا ملاحظة حول عمير بن سعد، فإنه قد شهد فتوح الشام، واستعمله عمر على حمص إلى أن مات.
وكان عمر يقول: وددت أن لي رجالاً مثل عمير بن سعد أستعين بهم على أعمال المسلمين([672]).
وثانياً: إن آية ?يَحْلِفُونَ بِالله مَا قَالُواْ..?، هي في سورة التوبة. وهي قد نزلت بعد فتح مكة([673]). بل هي من آخر القرآن نزولاً([674]). وهي آخر سورة نزلت تامة([675]). والمريسيع قد كانت قبل ذلك بعدة سنوات.
كثرة المسلمين بعد قضية زيد وابن أبي:
أما العسقلاني، فاعتبر أن قول البخاري: "ثم إن المهاجرين كثروا بعد هذا مما يؤيد تقدم القصة.
ويوضح وهم من قال: إنها كانت بتبوك، لأن المهاجرين حينئذٍ كانوا كثيراً جداً، وقد انضافت إليهم مسلمة الفتح في غزوة تبوك، فكانوا حينئذٍ أكثر من الأنصار"([676]).
ونقول:
إن كلام العسقلاني أيضاً غير صحيح: وما قاله لا يثبت: أن من قال: إن القضية كانت بتبوك كان وهماً منه. وذلك لما يلي:
1 ـ إن البخاري ذكر أن المهاجرين كثروا.
والصحيح هو: أن جميع المسلمين قد كثروا. أما المهاجرون فإن كانوا قد كثروا فإنما أضيف لهم أفراد قليلون، والكثرة إنما حصلت في السنة التاسعة فما بعدها، وهي سنة وفود القبائل كما هو معلوم.
2 ـ قد رووا عن النبي "صلى الله عليه وآله"، أنه قال: لا هجرة بعد الفتح([677])، فلا معنى لقول العسقلاني: إن المهاجرين بعد الفتح قد كثروا حتى كانوا أكثر من الأنصار.
إلا أن يكون المقصود: أن القريشيين كثروا، وزاد عددهم بعد الفتح. لكن كثرتهم هذه ليست بهذا القدر الذي يصوره لنا العسقلاني أي إلى حد زاد عددهم على عدد الأنصار.
يا لقريش!!
قد ذكرت النصوص المتقدمة: أن جهجاهاً استغاث، فقال: يا لقريش.
بل إن ثمة نصاً آخر يقول: إن الحادثة قد جرت بين رجل من قريش، ورجل من الأنصار([678]).
ونقول:
إن من الواضح: أن جهجاهاً رجل غفاري، وليس من قريش، فلا يمكن الاعتماد على ما ذكر، ولا الأخذ به مع مخالفته لهذه الحقيقة الثابتة.
جهجاه المكروه سياسياً.
قد أظهرت النصوص المتقدمة: أن جهجاهاً الغفاري هو صاحب المشكلة ومثيرها، ووصفته بأنه كان أجيراً لعمر بن الخطاب، يقود له فرسه.
ثم إن بعض النصوص: قد أظهرت حقدها على هذا الرجل بالذات، حيث تقول: "فكسع رجل من المنافقين رجلاً من الأنصار"([679]).
ومن المعلوم: أن المقصود بالمنافق هو خصوص جهجاه، لأنه هو الذي كسع الأنصاري، الذي هو سنان كما تقدم.
والذي نريد أن نلفت النظر إليه هنا هو:
أولاً: إن جهجاهاً لم يكن رجلاً عادياً، يمكن أن يكون أجيراً لعمر بن الخطاب ليقود له فرسه، ولا كان عمر في موقع يجعلنا نقبل بأنه قد أصبح ميسور الحال، وفي موقع إجتماعي يؤهله لأن يستأجر رجلاً، لا لأجل الخدمة، وقضاء الحاجات، بل ليقود له فرسه!!
ولا نرى أن جهجاهاً في موقع من يثير مشكلة في زحام الناس على الماء، فقد نجد له من الاحترام والتقدير، ما يجعلنا نربأ به عن أمر كهذا.
ثانياً: إننا نشك في صحة بعض ما ينسب إلى هذا الرجل، ونرى أن ثمة يداً تحاول أن تسيء إلى هذا الرجل، وتصغر من شأنه، وتثير الشبهات حوله، إلى درجة أنها تصفه بالنفاق، وذلك بسبب مواقفه السياسية، التي لا تنسجم مع أهوائها، وطموحاتها، وتوجهاتها.
فهو من المبايعين لعلي "عليه السلام" في خلافته([680]).
وروي عن أبي حبيبة قال: خطب عثمان الناس، فقام إليه جهجاه الغفاري، فصاح: يا عثمان ألا إن هذه شارف قد جئنا بها، عليها عباءة وجامعة، فانزل، فلندرعك العباءة، ولنطرحك في الجامعة، ولنحملك على الشارف، ثم نطرحك في جبل الدخان.
قال عثمان: قبحك الله، وقبح ما جئت به.
قال أبو حبيبة: ولم يكن ذلك منه إلا عن ملأٍ من الناس، وقام إلى عثمان خيرته وشيعته من بني أمية، فحملوه، وأدخلوه الدار([681]).
وروى البارودي، من طريق الوليد بن مسلم، عن مالك وغيره، عن نافع، عن ابن عمر، قال: قام جهجاه الغفاري إلى عثمان، وهو على المنبر، فأخذ عصاه، فكسره، فما حال على جهجاه الحول حتى أرسل الله في يده الأكلة، فمات منها([682]).
دعني أضرب عنقه:
ونلاحظ: أن عمر بن الخطاب يقول لرسول الله "صلى الله عليه وآله" عن ابن أُبي: دعني أضرب عنقه يا رسول الله.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إذن، ترعد آنف كثيرة بيثرب.
ولكنه لم يقنع بذلك، بل عاد فطلب منه أن يتولى قتله عباد بن بشر، أو معاذ أو محمد بن مسلمة.
فقال "صلى الله عليه وآله": كيف يا عمر إذا تحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟!([683]).
ونقول:
قد تقدم ذلك كله.
لكن ثمة نصاً آخر يقول فيه عمر: لما كان من أمر ابن أبي ما كان جئت رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في فيء شجرة، عنده غلام أسود يغمز ظهره، فقلت: يا رسول الله، كأنك تشتكي ظهرك؟!
فقال: تقحمت بي الناقة الليلة.
فقلت: يا رسول الله، إئذن لي أن أضرب عنق ابن أبي، أو مر محمد بن مسلمة بقتله الخ.."([684]).
ونقول:
1 ـ إن محمد بن مسلمة، وعباد بن بشر، ومعاذاً هم من حواريي الحكام بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومن مؤيدي سياساتهم، فلا غرو أن يكون ثمة اهتمام بشأنهم، وتأكيد على موقعهم ودورهم. وموقف محمد بن مسلمة ومعاذ في تأييد ما جرى على أمير المؤمنين والزهراء "عليهما السلام" ومشاركتهما في الهجوم على بيت الزهراء معروف ومشهور.
2 ـ إننا نشك في زعمهم: أن الناقة قد تقحمت بالنبي "صلى الله عليه وآله"، وذلك لما يلي:
ألف: تذكر لناقته العضباء أمور هامة، من كلامها له "صلى الله عليه وآله"، "وتعريفها له بنفسها، ومبادرة العشب إليها في الرعي، وتجنب الوحوش عنها، وندائهم لها: إنك لمحمد. وإنها لم تأكل ولم تشرب بعد موته حتى ماتت (ذكره الإسفرائيني)"([685]).
ب: وعن عبد الله بن قرط: قرب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بدنات خمس، أو ست، أو سبع لينحرها يوم عيد، فازدلفن إليه بأيهن يبدأ([686]).
ج: كما أن حماره يعفوراً لما مات رسول الله "صلى الله عليه وآله" تردى في بئر جزعاً وحزناً، فمات([687]).
د: وقال "صلى الله عليه وآله" لفرسه وقد قام إلى الصلاة في بعض أسفاره: لا تبرح، بارك الله فيك حتى نفرغ من صلاتنا، وجعله قبلته. فما حرك عضواً حتى صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([688]).
ه‍: وهناك نصوص كثيرة تتحدث عن طاعة الحيوانات له "صلى الله عليه وآله" فلتراجع في مظانها([689]).
لا يتحدث الناس: أن محمداً يقتل أصحابه:
وبعد أن ظهر من ابن أبي ما ظهر، فقد كان يمكن للنبي "صلى الله عليه وآله" أن يعتبر ذلك مسوغاً لقتله. وينفذ فيه حكم الله سبحانه. ولكنه "صلى الله عليه وآله" آثر أن لا يعطي ذريعة لأعداء الدين لينفثوا سمومهم، حين يتخذون ذلك ذريعة لتخويف الناس من الدخول في الإسلام، بحجة: أنهم لن يجدوا فيه الضمانات الكافية على حياتهم. خصوصاً إذا صوروا لهم قتل ابن أبي من زاوية انحرافية ومظلمة، حين يزعمون لهم أن قتله إنما كان على سبيل الانتقام الشخصي منه "صلى الله عليه وآله"، بسبب تعرض ابن أبي للمساس بشخص النبي "صلى الله عليه وآله" وليست القضية قضية كفر وإيمان، وإقامة لحدود الله سبحانه في حق من يكفر بالله بعد إيمانه، ويجترئ على المقدسات.
ويفسح بعمله ذاك المجال أمام الآخرين لجرأة مماثلة أو أشد ثم عرقلة دخول الناس في الإسلام، وفسح المجال أمام المغرضين للتلاعب وإثارة الإشاعات الباطلة، وتشكيك الآخرين الذين لا يملكون قدراً كافياً من المعرفة والوعي واليقين.
ومن جهة ثانية: فإن قتل ابن أبي قد يتسبب في حدوث مشاكل كبيرة، وتشنجات خطيرة، كما أشار إليه "صلى الله عليه وآله" في ما أجاب به عمر بن الخطاب، الذي حرضه على قتله، وعين له حتى من يتولى ذلك من المسلمين!! حيث قال له:
"إني والله لو قتلته يوم قلت، لأرعدت له أنوف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته".
بل لقد نصت الروايات المتقدمة على أن قوم ابن أبي أنفسهم قد بدأوا يضيقون ذرعاً بابن أبي وتصرفاته، وصاروا يلومونه ويعنفونه على ما بدر منه.
فقضية ابن أبي إذن لم تعد قضية شخص صدر منه ما يوجب الحد، بل هي قد تطورت لتلحق آثارها بالإسلام وبالمسلمين، وحتى على المدى البعيد أيضاً. والنبي "صلى الله عليه وآله" يعرف متى يحق له أن يصرف النظر عن إقامة حد على من يستحقه، إذا رأى ما يقتضي ذلك.
والأمر الغريب هنا: أننا نجد عمر بن الخطاب يصر على النبي "صلى الله عليه وآله" بقتل هذا الرجل، رغم أنه "صلى الله عليه وآله" قد أخبره بأن قتله يوجب خللاً في الواقع القائم، ويعتبر خطأ فاحشاً حينما قال له: إذن ترعد آنف كثيرة بيثرب.
فيتجاهل عمر هذا التوضيح والتصريح، ويقول له: إن كرهت أن يقتله مهاجري، فأمر أنصارياً.
مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أوضح له أن نفس القتل هو الذي سوف يفسد الأمور، ولم تكن المشكلة تكمن في من يقتله، ولو كانت المشكلة هي هذه، فقد كان النبي يدرك أن إيكال أمر قتله إلى أنصاري يحل المشكلة، أو لا يحلها.
النفاق، والمنافقون:
وبعد كل ما تقدم نقول: إنه حين تكون الصفة الطاغية على حركة أو دعوة ما هي الضعف والوهن، وكانت بعيدة عن الالتزام بمعاني الأخلاق والإنسانية فإن خصوم هذه الدعوة أو تلك الحركة سيواجهونها بالعنف، والاضطهاد، بقسوة وشراسة.
فإذا ما تشبثت تلك الدعوة بأسباب القوة، فإن خصومها يتجهون نحو أساليب المكر والخديعة، ويوظفون ذلك إلى جانب ما يملكونه من أسباب القوة، ليسد ذلك المكر مواضع الضعف والخلل في تلك الأسباب، وتصبح من ثم قادرة على التأثير في تدمير قدرات تلك الدعوة، أو عرقلة حركتها بصورة أو بأخرى.
فإذا ازدادت تلك الدعوة والحركة قوة، وازداد خصومها تقهقراً وضعفاً، فإن أساليب أولئك الخصوم في مواجهتها سوف تتطور وفقاً للمستجدات، حتى تنتهي بهم الأمور إلى استخدام أساليب يأباها الشرف وينبو عنها الشعور الإنساني النبيل. ذلك هو تاريخ المنافقين فليقرأه القارئون، ليجدوا فيه كل عجيب وغريب في هذا المجال.
وهكذا كان حال المنافقين في عهد الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله"، الذين ما فتئوا يكيدون للإسلام، ولنبي الإسلام، وللمسلمين، ويتربصون بهم الدوائر فكانوا يتآمرون مع الأعداء، ويحرضونهم، ويعدونهم النصر حيناً، ثم كانوا يشاركون في الافتراء، وحياكة الأباطيل حيناً آخر، إلى جانب تخذيلهم المسلمين، وبث الإشاعات الباطلة، وحبهم إشاعة الفاحشة في الذين آمنوا.
هذا كله: عدا عن كونهم عيوناً للأعداء، يطلعونهم على عورات المسلمين، ويعلمونهم بأي تحرك منهم، حتى كان النبي "صلى الله عليه وآله" كلما أراد غزوة ورى بغيرها، وكان يستخدم أساليب كثيرة ومتنوعة ليعمي عليهم الأمور، ويضللهم عن مقاصده الحقيقية.
عداك عما كان أولئك المنافقون يمارسونه من أساليب اللمز والهمز. إلى جانب الكثير من الإفك والافتراء، والهزء والازدراء.
ولكنهم حين قويت شوكة المسلمين لم يجدوا مناصاً من العض على الجراح، خصوصاً بعد أن ظهر لهم: أن التحركات العسكرية للمسلمين في المناطق المختلفة كانت تسقط مواقع العدوان والتآمر الواحد تلو الآخر، وتقضي عليها، أو تحولها إلى مواقع قوة وصمود للمسلمين.
فكان أن رأينا المنافقين يشاركون في غزوة بني المصطلق ولعلهم كانوا قد وثقوا بانتصار المسلمين، فأرادوا الحصول على مكاسب مادية لهم.
ولكن نفاقهم الذي كانوا يصرون على التبرؤ منه لم يزل يظهر على صفحات وجوههم، وفي فلتات ألسنتهم، الأمر الذي أثار حالة من الإرباك، الذي لو لم يتداركه الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" لبلغ إلى حد حدوث فتنة داخلية، يخوض فيها ضعاف البصر والبصيرة حتى آذانهم، ويوقعون الإسلام والمسلمين في مآزق خطيرة، هم في غنى عنها.
وقضية عبد الله بن أبي كانت من هذا القبيل كما اتضح من النصوص التي سلفت.
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الثاني: حصار وإنهيار .................................... 5 ـ 40
الفصل الثالث: فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة ................41 ـ 76
الفصل الرابع: حكم الله من فوق سبعة أرقعة ..................77 ـ 114
الفصل الخامس: القتلى والشهداء ............................115 ـ 154
الفصل السادس: الغنائم والأسرى ..........................155 ـ 176
ملحق: بلوغ المرأة.. ................................177 ـ 200
الفصل السابع: بعد العاصفة ............................... 201 ـ 228
الباب الرابع: غزوة المريسيع.. أحداث، وقضايا..
الفصل الأول: أحداث غزوة المريسيع ....................... 231 ـ 258
الفصل الثاني: جويرية بنت الحارث ......................... 259 ـ 276
الفصل الثالث: ليخرجن الأعز منها الأذل .................. 277 ـ 320
الفهارس .................................................. 321 ـ 333
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2;1;عنوان 3;1;عنوان 4;1;عنوان 5;1;عنوان 6;1;عنوان7 Char Char Char Char Char Char Char;1;عنوان6 Char Char Char Char Char Char Char;1;عنوان4 Char Char Char Char Char Char;1;عنوان6 Char Char Char;1;عنوان6;1;عنوان7 Char Char Char Char;1"
الفصل الثاني: حصار وانهيار
نزول النبي ' على بئر (أنا):................................................... PAGEREF _Toc105216955 \h 7
كرامة إلهية للنبي الأعظم ':................................................... PAGEREF _Toc105216956 \h 8
عدة وعدد المسلمين:.............................................................. PAGEREF _Toc105216957 \h 9
الراية واللواء مع علي ×:..................................................... PAGEREF _Toc105216958 \h 10
علي × في بني قريظة:........................................................ PAGEREF _Toc105216959 \h 12
النبي ' في بني قريظة:....................................................... PAGEREF _Toc105216960 \h 14
مفارقة ما كنت جهولاً!!....................................................... PAGEREF _Toc105216961 \h 18
موقف مصطنع لابن حضير:................................................ PAGEREF _Toc105216962 \h 20
القتال ثم الحصار:.............................................................. PAGEREF _Toc105216963 \h 21
مدة الحصار:.................................................................... PAGEREF _Toc105216964 \h 25
الفتح على يد علي ×:.......................................................... PAGEREF _Toc105216965 \h 27
وسام الفتح:....................................................................... PAGEREF _Toc105216966 \h 29
مبارزة الزبير لقريظي:........................................................ PAGEREF _Toc105216967 \h 38
الحرب خدعة:................................................................... PAGEREF _Toc105216968 \h 39
الفصل الثالث: فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة
إسلام إبنا سعية:................................................................. PAGEREF _Toc105216971 \h 43
عمرو بن سعدى ومحمد بن مسلمة:......................................... PAGEREF _Toc105216972 \h 45
لا يقرون للعرب بأي امتياز:................................................. PAGEREF _Toc105216973 \h 49
مفاوضة نباش بن قيس مع النبي ':........................................ PAGEREF _Toc105216974 \h 50
وقفات مع ما تقدم:.............................................................. PAGEREF _Toc105216975 \h 53
خيانة أبي لبابة:.................................................................. PAGEREF _Toc105216976 \h 55
ما نثق به من قصة أبي لبابة:................................................. PAGEREF _Toc105216977 \h 71
من سب فاطمة فقد كفر:....................................................... PAGEREF _Toc105216978 \h 71
الفصل الرابع: حكم الله من فوق سبعة أرقعة
نتائج الحرب، والأسرى:...................................................... PAGEREF _Toc105216981 \h 79
اليهود والتوراة:................................................................. PAGEREF _Toc105216982 \h 82
معاملة أسرى قريظة:.......................................................... PAGEREF _Toc105216983 \h 82
حكم ابن معاذ في بني قريظة في النصوص التاريخية:................. PAGEREF _Toc105216984 \h 83
بماذا حكم سعد؟!................................................................ PAGEREF _Toc105216985 \h 88
لم يكن الحكم في المسجد:...................................................... PAGEREF _Toc105216986 \h 88
من المقترح لتحكيم ابن معاذ؟!............................................... PAGEREF _Toc105216987 \h 90
قوموا إلى سيدكم:............................................................... PAGEREF _Toc105216988 \h 92
محاولة تملص وتخلص فاشلة:............................................... PAGEREF _Toc105216989 \h 94
القيام للإعانة:.................................................................... PAGEREF _Toc105216990 \h 95
فأنزلوه:........................................................................... PAGEREF _Toc105216991 \h 97
التزوير الخفي:.................................................................. PAGEREF _Toc105216992 \h 97
هل هو تعليم أم اعتراض أم حسد؟!......................................... PAGEREF _Toc105216993 \h 98
الخوارج ومشروعية التحكيم:................................................ PAGEREF _Toc105216994 \h 99
قضية التحكيم في الشعر:.................................................... PAGEREF _Toc105216995 \h 100
الأحكام المستخرجة:......................................................... PAGEREF _Toc105216996 \h 101
مبررات الأوس لطلب العفو:............................................... PAGEREF _Toc105216997 \h 102
تكريس المنطق القبلي مرفوض:........................................... PAGEREF _Toc105216998 \h 103
حراجة الموقف والحكمة النبوية:.......................................... PAGEREF _Toc105216999 \h 105
هل كذبوا؟ أم فهموا خطأ؟!................................................. PAGEREF _Toc105217000 \h 105
قومهم وعشيرتهم:............................................................ PAGEREF _Toc105217001 \h 106
لو كان الكلام أكثر دقة:...................................................... PAGEREF _Toc105217002 \h 106
عدالة الحكم على بني قريظة:.............................................. PAGEREF _Toc105217003 \h 107
عهد قريظة مع الأوس وعهدهم مع النبي ':............................ PAGEREF _Toc105217004 \h 111
تحكيم ابن معاذ لطف إلهي:................................................. PAGEREF _Toc105217005 \h 112
قبول النبي ' بتحكيم سعد بن معاذ:....................................... PAGEREF _Toc105217006 \h 113
الفصل الخامس: القتلى والشهداء
حكم سعد بن معاذ في طريقه إلى التنفيذ:................................. PAGEREF _Toc105217009 \h 117
بداية النهاية:................................................................... PAGEREF _Toc105217010 \h 118
مشاركة الأوس في قتل حلفائهم:.......................................... PAGEREF _Toc105217011 \h 123
تصحيح خطأ:................................................................. PAGEREF _Toc105217012 \h 123
قتل كل من أنبت:............................................................. PAGEREF _Toc105217013 \h 124
وصايا الرسول ' بالأسرى:............................................... PAGEREF _Toc105217014 \h 127
قتل كعب بن أسد:............................................................. PAGEREF _Toc105217015 \h 129
حيي بن أخطب يواجه الموت:............................................. PAGEREF _Toc105217016 \h 129
قتل نباتة النضيرية:.......................................................... PAGEREF _Toc105217017 \h 133
1 ـ شجاعة نباتة:................................................... PAGEREF _Toc105217018 \h 135
2 ـ شكوك حول قصة نباتة:..................................... PAGEREF _Toc105217019 \h 136
3 ـ حكم الارتداد لا يجري على نباتة:.......................... PAGEREF _Toc105217020 \h 137
قتل أرفة بنت عارضة:..................................................... PAGEREF _Toc105217021 \h 138
الزبير بن باطا ونساء بني قريظة:........................................ PAGEREF _Toc105217022 \h 138
قتل الزبير بن باطا:.......................................................... PAGEREF _Toc105217023 \h 139
الهدف الحقيقي:............................................................... PAGEREF _Toc105217024 \h 142
إسلام رفاعة بن سموأل:.................................................... PAGEREF _Toc105217025 \h 143
عدد القتلى من بني قريظة:................................................. PAGEREF _Toc105217026 \h 144
أمور ثلاثة هامة:............................................................. PAGEREF _Toc105217027 \h 147
شهداء المسلمين:.............................................................. PAGEREF _Toc105217028 \h 149
الشهداء أشخاص آخرون:................................................... PAGEREF _Toc105217029 \h 152
الفصل السادس: الغنائم والأسرى
الغنائم:.......................................................................... PAGEREF _Toc105217032 \h 157
تخميس الغنائم وقسمتها:..................................................... PAGEREF _Toc105217033 \h 157
ألف: جرار الخمر في بني قريظة:.............................. PAGEREF _Toc105217034 \h 161
ب: أول فيء جرت فيه السهمان:............................... PAGEREF _Toc105217035 \h 161
ج: سهام الخيل:..................................................... PAGEREF _Toc105217036 \h 162
سبي بني قريظة:.............................................................. PAGEREF _Toc105217037 \h 163
الصفي من السبي:............................................................ PAGEREF _Toc105217038 \h 163
ريحانة جارية رسول الله ':............................................... PAGEREF _Toc105217039 \h 165
عدد السبايا:.................................................................... PAGEREF _Toc105217040 \h 170
بيع السبي:...................................................................... PAGEREF _Toc105217041 \h 170
تفاوت الاهتمامات:........................................................... PAGEREF _Toc105217042 \h 171
بيع السبايا وشراء السلاح:.................................................. PAGEREF _Toc105217043 \h 172
لا يفرق بين الأم وولدها:.................................................... PAGEREF _Toc105217044 \h 174
ملحق: بلوغ المرأة..
بلوغ الجارية بالسن، أم بالحيض:......................................... PAGEREF _Toc105217047 \h 179
حتى إذا بلغوا النكاح:......................................................... PAGEREF _Toc105217048 \h 180
الطائفة الأولى:...................................................... PAGEREF _Toc105217049 \h 185
الطائفة الثانية:....................................................... PAGEREF _Toc105217050 \h 188
روايات تحديد البلوغ بالتسع:............................................... PAGEREF _Toc105217051 \h 192
حصيلة ما تقدم:............................................................... PAGEREF _Toc105217052 \h 195
روايات البلوغ بالحيض:.................................................... PAGEREF _Toc105217053 \h 196
لفت نظر:...................................................................... PAGEREF _Toc105217054 \h 198
البلوغ عند اليهود:............................................................ PAGEREF _Toc105217055 \h 199
الفصل السابع: بعد العاصفة
هاجهم وجبريل معك:........................................................ PAGEREF _Toc105217058 \h 203
لن تغزوكم قريش:............................................................ PAGEREF _Toc105217059 \h 206
ابن معاذ الشهيد:.............................................................. PAGEREF _Toc105217060 \h 207
اهتز العرش لموت ابن معاذ:............................................... PAGEREF _Toc105217061 \h 209
سبب كراهة مالك لرواية هذا الحديث:.................................... PAGEREF _Toc105217062 \h 213
الخلاف في المراد من اهتزاز العرش:................................... PAGEREF _Toc105217063 \h 215
مراسم تجهيز وتشييع ودفن سعد:......................................... PAGEREF _Toc105217064 \h 216
ضغطة القبر:.................................................................. PAGEREF _Toc105217065 \h 219
سبب ضمة القبر لسعد:...................................................... PAGEREF _Toc105217066 \h 220
النظرة الأخيرة:............................................................... PAGEREF _Toc105217067 \h 222
الحزن على سعد:............................................................. PAGEREF _Toc105217068 \h 223
أم سعد تبكي ولدها وترثيه:................................................. PAGEREF _Toc105217069 \h 224
ونتوقف هنا أمام أمرين:.................................................... PAGEREF _Toc105217070 \h 225
حسان يرثي سعداً وجماعة معه:........................................... PAGEREF _Toc105217071 \h 226
تآمر اليهود من جديد:........................................................ PAGEREF _Toc105217072 \h 227
الباب الرابع: غزوة المريسيع.. أحداث، وقضايا..
الفصل الأول: أحداث غزوة المريسيع
تاريخ غزوة المريسيع:...................................................... PAGEREF _Toc105217080 \h 233
المريسيع:....................................................................... PAGEREF _Toc105217081 \h 236
سبب غزوة المريسيع:....................................................... PAGEREF _Toc105217082 \h 237
المعركة ونتائجها:............................................................ PAGEREF _Toc105217083 \h 239
السبي والغنائم:................................................................ PAGEREF _Toc105217084 \h 241
مدة غيبته ' وتاريخ عودته:............................................... PAGEREF _Toc105217085 \h 243
1 ـ المريسيع ضربة موفقة لقريش:............................. PAGEREF _Toc105217086 \h 243
2 ـ المستخلف على المدينة:...................................... PAGEREF _Toc105217087 \h 245
3 ـ سعد بن معاذ فارساً:.......................................... PAGEREF _Toc105217088 \h 246
4 ـ عمر على مقدمة الجيش:..................................... PAGEREF _Toc105217089 \h 247
5 ـ راية المهاجرين كانت مع من؟!............................. PAGEREF _Toc105217090 \h 248
6 ـ المقتولون من بني المصطلق:............................... PAGEREF _Toc105217091 \h 248
7 ـ عدد الأسرى والسبايا:........................................ PAGEREF _Toc105217092 \h 249
8 ـ قتال الملائكة في المريسيع:.................................. PAGEREF _Toc105217093 \h 250
9 ـ من قتل من المسلمين؟!....................................... PAGEREF _Toc105217094 \h 250
10 ـ للفارس ثلاثة أسهم!!........................................ PAGEREF _Toc105217095 \h 254
11 ـ هل أغار النبي ' عليهم وهم غارون؟!................. PAGEREF _Toc105217096 \h 254
12 ـ استرقاق العرب:............................................. PAGEREF _Toc105217097 \h 255
13 ـ فداء الأسرى موضع شك:................................. PAGEREF _Toc105217098 \h 256
الفصل الثاني: جويرية بنت الحارث
أسر جويرية بنت الحارث:................................................. PAGEREF _Toc105217101 \h 261
زواج النبي ' من جويرية برواية عائشة:............................... PAGEREF _Toc105217102 \h 263
أولا: هل تزوج ' جويرية لجمالها؟!........................... PAGEREF _Toc105217103 \h 265
ثانياً: التناقض والاختلاف في أمر جويرية:................... PAGEREF _Toc105217104 \h 266
ثالثاً: تغيير اسم برة إلى جويرية:................................ PAGEREF _Toc105217105 \h 270
رابعاً: أبو جويرية:................................................. PAGEREF _Toc105217106 \h 271
خامساً: تخيير جويرية:............................................ PAGEREF _Toc105217107 \h 271
كلمات أخيرة حول جويرية:................................................ PAGEREF _Toc105217108 \h 273
ملاحظات لا بد من تسجيلها:............................................... PAGEREF _Toc105217109 \h 274
الفصل الثالث: ليخرجن الأعز منها الأذل
ليخرجن الأعز منها الأذل:................................................. PAGEREF _Toc105217112 \h 279
نزول سورة المنافقين:....................................................... PAGEREF _Toc105217113 \h 287
نزول آية أخرى في ابن أبي:............................................... PAGEREF _Toc105217114 \h 287
موقفنا مما تقدم:............................................................... PAGEREF _Toc105217115 \h 288
تناقض النصوص، واختلافها:............................................. PAGEREF _Toc105217116 \h 289
آيات نزلت في عمر:......................................................... PAGEREF _Toc105217117 \h 290
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله:............................................ PAGEREF _Toc105217118 \h 292
يا أبا حباب:.................................................................... PAGEREF _Toc105217119 \h 293
الشانئون والحاقدون:......................................................... PAGEREF _Toc105217120 \h 297
والسبب الحقيقي لما حدث:.................................................. PAGEREF _Toc105217121 \h 298
متى كانت هذه القضية؟!.................................................... PAGEREF _Toc105217122 \h 299
ابن أرقم؟ أم ابن أقرم؟ أم غيرهما؟!...................................... PAGEREF _Toc105217123 \h 301
جرأة زيد بن أرقم:............................................................ PAGEREF _Toc105217124 \h 303
ذكرت ذلك لعمي، أو لعمر!!............................................... PAGEREF _Toc105217125 \h 304
من هو عم زيد بن أرقم؟!................................................... PAGEREF _Toc105217126 \h 305
قربى ابن أرقم لابن أبي:.................................................... PAGEREF _Toc105217127 \h 306
النبي ' يضرب راحلته:.................................................... PAGEREF _Toc105217128 \h 306
يحلفون بالله ما قالوا:......................................................... PAGEREF _Toc105217129 \h 308
كثرة المسلمين بعد قضية زيد وابن أبي:................................. PAGEREF _Toc105217130 \h 311
يا لقريش!!..................................................................... PAGEREF _Toc105217131 \h 312
جهجاه المكروه سياسياً....................................................... PAGEREF _Toc105217132 \h 313
دعني أضرب عنقه:......................................................... PAGEREF _Toc105217133 \h 314
لا يتحدث الناس: أن محمداً يقتل أصحابه:............................... PAGEREF _Toc105217134 \h 317
النفاق، والمنافقون:........................................................... PAGEREF _Toc105217135 \h 319
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمال............................................... PAGEREF _Toc105217139 \h 323
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc105217140 \h 325
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والثقات ج1 ص274 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والمغازي للواقدي ج2 ص499 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص12 وجوامع السيرة النبوية ص153 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وتاريخ الخميس ج1 ص494 ونهاية الأرب ج17 ص187 و 188 ووفـاء الوفـاء ج3 ص950 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص230 والبداية والنهاية ج4 ص119 و 120.
([2]) وفاء الوفاء ج3 ص950.
([3]) الخرائج والجرائح ج1 ص158 وراجع: تفسير القمي ج2 ص190 والبحار ج20 ص249 و 234 عنهما، على الترتيب.
([4]) الوفا ص695 ومحمد رسول الله سيرته وأثره في الحضارة ص245 وتاريخ الخميس ج1 ص493 وعيون الأثر ج2 ص68 وإرشاد الساري ج6 ص327 وعمدة القاري ج17 ص188 وفتح الباري ج7 ص313 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 والمواهب اللدنية ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 ونهاية الأرب ج17 ص188 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([5]) راجع المصادر المتقدمة في الهامش السابق باستثناء المصدرين الأولين وإضافة تاريخ الإسلام (المغازي) ص260 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20.
([6]) إمتاع الأسماع ج1 ص242 وتاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13.
([7]) الجزء التاسع ، الطبعة الرابعة.
([8]) قرب الإسناد ص62 وبحار الأنوار ج20 ص246 عنه.
([9]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص174 ومجمع البيان ج8 ص351 والبحار ج20 ص277 و 210. وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493 و 494 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص11 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص227 والبداية والنهاية ج4 ص118 والكامل في التاريخ ج2 ص185 ووفاء الوفاء ج1 ص306 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص11 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والسيرة الحلبية ج2 ص333 ونور اليقين ص166 ومحمد رسول الله وأثره في الحضارة ص245 وفقه السيرة للغزالي ص338 وخاتم النبيين ج2 ص946 والثقات ج1 ص274 وجوامع السيرة النبوية ص153.
([10]) تفسير القمي ج2 ص189 و 190 والبحار ج20 ص233 و 234 عنه.
([11]) تاريخ الإسلام السياسي ج1 ص121.
([12]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍. ق) 93 والبحار ج20 ص272 و 273 عنه، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([13]) المغازي للواقدي ج2 ص497 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 و 242 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 9 و 10 والسيرة الحلبية ج2 ص33 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13. وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493.
([14]) الثقات ج1 ص274 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247.
([15]) عمدة القـاري ج7 ص192 عن الحـاكم، والبيهقي، وموسى بن عقبة، وفتح = = الباري ج7 ص318 عنهم، والمواهب اللدنية ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص10 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص256 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص14 ومجمع البيان ج8 ص351 والبحار ج20 ص210 عنه.
([16]) المغازي للواقدي ج2 ص498 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص11 و 12 وراجع أيضاً: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 وإمتاع الأسماع ج1 ص242 وتاريخ الخميس ج1 ص493 و 494.
([17]) كشف الغمة للأربلي ج1 ص207 و 208 والإرشاد للمفيد ص63 و 64 والبحار ج20 ص261 و 262 وكشف اليقين ص135.
([18]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج3 ص171.
([19]) عيون الأثر ج2 ص69 وراجع المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج5 ص12 وتاريخ الخميس ج1 ص494 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والسيرة الحلبية ج2 ص333 ومجمع البيان ج8 ص351 وراجع: البحار ج20 ص210 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص255 و 256 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص226 و 228 والمصنف للصنعاني ج5 ص370 وراجع: دلائل النبوة لأبي نعيم ص438 وراجع المصادر التالية: إعلام الورى (ط سنة ص1390 ه‍. ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273 ومحمد رسول الله سيرته وأثـره في = = الحضارة ص245 و 246 والبداية والنهاية ج4 ص119 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وحياة محمد لهيكل ص306 والتفسير السياسي للسيرة ص279 وجوامع السيرة النبوية ص153 وخاتم النبيين ج2 ص946.
([20]) المصنف للصنعاني ج5 ص370 وراجع دلائل النبوة لأبي نعيم ص438 وليس فيه: وأبوا أن ينزلوا إلخ..
([21]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍ ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273.
([22]) البداية والنهاية ج4 ص119 والسيرة النبوية لابن كثر ج3 ص228 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص255 و 256 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([23]) راجع: تفسير القمي ج2 ص189 والبحار ح 20 ص233 و 234 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص494.
([24]) المغازي للواقدي ج2 ص298 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص11 و 12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص242 وتاريخ الخميس ج1 ص493 و 494.
([25]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍. ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273.
([26]) البداية والنهاية ج4 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص228 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص255 و 256 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([27]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([28]) المغازي ج2 ص299 و 500 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14.
([29]) فقه السيرة للغزالي ص339.
([30]) المغازي للواقدي ج2 ص499 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص333 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص12 وتاريخ الخميس ج1 ص494 إلى قوله في جحر.
([31]) السيرة الحلبية ج2 ص333.
([32]) المغازي للواقدي ج2 ص500 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص243 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص494.
([33]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص500 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص334.
([34]) تاريخ الخيس ج1 ص494 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص13.
([35]) الجحر: دخل جحره.
([36]) المغازي للواقدي ج2 ص500 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص494.
([37]) الوفا ص695 وتاريخ الخميس ص493 ومحمد رسول الله، سيرته وأثره في الحضارة ص245 وإرشاد الساري ج6 ص329.
([38]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص13 والمغازي للواقدي ج2 ص501 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وستأتي بقية المصادر في حديث مفاوضة نباش بن قيس.
([39]) المغازي ج2 ص504.
([40]) الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص74.
([41]) تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص52.
([42]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([43]) أنساب الأشراف ج1 ص347.
([44]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص275 وتاريخ الخميس ج1 ص494 عن معالم التنزيل.
([45]) عمدة القاري ج17 ص188 وإرشاد الساري ج6 ص327.
([46]) عن ابن سعد في تاريخ الخميس ج1 ص494 ووفاء الوفاء ج1 ص306.
([47]) طبقات ابن سعد ج2 ص76 عن ابن المسيب.
([48]) إرشاد الساري ج6 ص330 عن موسى بن عقبة، وعمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص318 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص256 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص229 والبداية والنهاية ج4 ص119.
([49]) راجع المصادر التالية: إرشاد الساري ج6 ص329 وسيرة مغلطاي ص56 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 ووفاء الوفاء ج1 ص306 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص334 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وتاريخ الخميس ج1 ص494 ونهاية الأرب ج17 ص188 عن ابن سعد. وراجع: التنبيه والإشراف ص217 وقال: وقيل: أكثر من ذلك، وراجع: عمدة القاري ج17 ص188 و 192 وفتح الباري ج7 ص318 والمواهب اللدنية ج1 ص15 وإمتاع الأسماع ج1 ص241.
([50]) المحبر ص113 وراجع المصادر التالية: إعلام الورى ص93 والثقات ج1 ص275 والإرشاد للمفيد ص64 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص177 وعيون الأثر ج2 ص69 وإرشاد الساري ج6 ص159 و 330 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 ودلائـل النبـوة للبيهقي ج4 ص15 والبـدايـة والنهاية ج4 ص120 = = و 153 و 130 وجوامع السيرة النبوية ص143 والسيرة النبوية ابن هشام ج3 ص246 والسيرة الحلبية ج2 ص334 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 ومجمع الزوائد ج6 ص137 وتاريخ الخميس ج1 ص494 ونهاية الأرب ج17 ص188 عن ابن إسحاق ووفاء الوفاء ج1 ص306 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 وق 1 ص293 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص208 وبهجة المحافل ج1 ص275 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص255 و 257 و 273 ومجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص210 و 262 وأشار إليه في: سيرة مغلطاي ص56 وعمدة القاري ج17 ص188 و 192 وفتح الباري ج7 ص318 والكامل في التاريخ ج2 ص185 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص230 و 237 و 250 والمواهب اللدنية ج1 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246.
([51]) الكامل في التاريخ ج2 ص185 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص241 والسيرة الحلبية ج2 ص334 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14.
([52]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ج6 ص289.
([53]) شرح الأخبار ج1 ص299 وراجع قول المفيد في الإرشاد ص66 فإنه يقرب من هذا أيضاً.
([54]) محمد رسول الله "صلى الله عليه وآله" سيرته وأثره في الحضارة ص247.
وراجع المصادر التالية: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص257 و 251 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 وعيون الأثر ج2 ص73 والبداية والنهاية ج4 ص139 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص234 وخاتم النبيين ج2 ص929 وتاريخ الإسلام السياسي ج1 ص121.
([55]) مناقب آل أبي طالب "عليهم السلام" (ط دار الأضواء) ج2 ص99.
([56]) راجع المصادر التالية: الإحتجاج (ط سنة 1313 ه‍. ق) ج1 ص190 و 191 و 300 والصراط المستقيم ج2 ص80 و 82 وقاموس الرجال ج3 ص476 و 478 و 479 والخصال ج2 ص462 و 463 واليقين في إمرة أمير المؤمنين ص108 ـ 110 عن أحمد بن محمد الطبري، المعروف بالخليلي، وعن محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ في كتابه: مناقب أهل البيت "عليهم السلام" والبحار ج28 ص210 و 211 و 214 و 219 ورجال البرقي ص63 و 64.
([57]) اليقين ص108 والبحار ج28 ص214.
([58]) شرح نهج البلاغة ج1 ص143 و 150 وراجع: كتب التاريخ التي تذكر وقائع الجمل وصفين.
([59]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص192.
([60]) فرائد السمطين ج1 ص138 ونظم درر السمطين ص125 وذخائر العقبى ص92 وينابيع المودة ص214 وإحقاق الحق ج15 ص42 و 59 و 200 و 435 و 470 وج 4 ص115 و 225 و 297 و 386 وج 5 ص4 وج 6 ص153 وج 20 ص250 و 518 عمن تقدم وعن فتوحات الوهاب للعجيلي الشافعي ص62 وأرجح المطالب ص38 و 14 و 29 ومناقب علي للحيدرآبادي ص57 و 37 وخلاصة الوفاء للسمهودي (مخطوط) ص39 ووسيلة المآل ص133 وانتهاء الإفهام ص210 وعن مفتاح النجا (مخطوط) وشرف المصطفى والمناقب المرتضوية ص93 وأئمة الهدى للأفغاني ص41 وشرح الجامع الصغير للمناوي ص759 ودر بحر المناقب ص42 وآل محمد للمردي ص642 و 195 وعن مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن المغازلي.
([61]) راجع: الغدير ج7 ص158 و 163 وتاريخ الطبري ج2 ص503 والكامل في التاريخ ج2 ص359 وأسد الغابة ج4 ص295 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص105 والإصابة ج3 ص357 وتاريخ الخميس ج2 ص209.
([62]) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص102 والإمامة والسياسة ج1 ص24 والإصابة ج1 ص414 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص408 و 409.
([63]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([64]) المغازي ج2 ص504.
([65]) المغازي للواقدي ج2 ص505.
([66]) المغازي للواقدي ج2 ص504.
([67]) راجع ص27 و 28 من هذا الجزء.
([68]) إمتاع الأسماع ج1 ص243.
([69]) المغازي للواقدي ج2 ص503 وراجع حول إسلام هؤلاء: سبل الهدى والرشاد ج5 ص15 وإمتاع الأسماع ج1 ص44 والثقات ج1 ص276.
([70]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص15.
([71]) جوامع السيرة النبوية ص154 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص249 وعيون الأثر ج2 ص71 والبداية والنهاية ج4 ص121 ودلائل النبوية للبيهقي ج4 ص32 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص232 والبحار ج20 ص276 وتاريخ الخميس ج1 = = ص496 ونهاية الأرب ج17 ص190 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 والإكتفاء ج2 ص180 والسيرة الحلبية ج2 ص346 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص248.
([72]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص296 ونهاية الأرب ج17 ص190.
([73]) سيرة ابن إسحاق ص85 و 86 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص496 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص31 و 32 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص274 والإكتفاء ج2 ص180.
([74]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص503 و 504 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص244 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص15 و 16 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص5 والسيرة الحلبية ج2 ص335 و 336.
([75]) راجع النصين المتقدمين في المصادر التالية: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص249 وعيون الأثر ج2 ص71 والبداية والنهاية ج4 ص121 وتاريخ الخميس ج1 ص496 والإكتفاء ج2 ص180 و 181 ونهاية الأرب ج17 ص190 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص32 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص232 والبحار ج20 ص276 والسيرة الحلبية ج2 ص335 و 336 وراجع: النص الأول في: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص16.
([76]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 وجوامع السيرة النبوية ص154.
([77]) تاريخ الإسلام المغازي ص260 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20.
([78]) الآية 164 من سورة الأنعام و 15 من سورة الإسراء و 18 من سورة فاطر و 7 من سورة الزمر.
([79]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص31 وراجع: جوامع السيرة النبوية ص154.
([80]) الإمامة والسياسة ج1 ص54 وقاموس الرجال ج8 ص388 وراجع كتابنا هذا ج7 ص24 و25.
([81]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص260 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20.
([82]) الآية 43 من سورة فاطر.
([83]) الآية 30 من سورة الأنفال.
([84]) المغازي للواقدي ج2 ص501 ـ 503 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص13 ـ 15 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص243 و 244 والسيرة الحلبية ج2 ص335 و 336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 و 15 ونهاية الأرب ج17 ص188 وتاريخ الخميس ج1 ص494 وأشار إلى ذلك أو ذكره بتفصيل في المصادر التالية: الإكتفاء ج2 ص178 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص15 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص230 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص246 و 247 وعيـون الأثـر ج2 ص69 و 70 والبدايـة والنهايـة ج4 ص120 = = وإرشاد الساري ج6 ص330 وفتح الباري ج7 ص318 والمواهب اللدنية ج1 ص115 و 116 ووفاء الوفاء ج1 ص307 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص257 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246 و 247 ومجمع البيان ج8 ص351 و 352 والبحار ج20 ص211 و 234 وراجع: تفسير القمي ج2 ص190.
([85]) تفسير القمي ج2 ص190 والبحار ج20 ص243 عنه: وفيه غزال بن شمول. بدل نباش بن قيس.
([86]) البحار ج2 ص267 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍ ق.) ص175.
([87]) تاريخ الخميس ج1 ص495 والسيرة الحلبية ج2 ص336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15.
([88]) أنساب الأشراف ج1 ص483.
([89]) البحار ج20 ص267 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص175.
([90]) المغازي للواقدي ج2 ص506 و 507 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص16 و17، وراجع حديث أبي لبابة مختصراً أو مطولاً في: تاريخ الخميس ج1 ص495 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وإمتاع الأسماع ج1 ص244 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص256 ـ 258 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص247 و 248 والوفا ص695 والروض الأنف ج3 ص282 ووفاء الوفاء ج2 ص442 ـ 444 وعيون الأثر ج2 ص70 وحدائق الأنوار ج2 ص595 والبداية والنهاية ج4 ص119 و 120 والكامل في التاريخ ج2 ص185 والطبقات الكبرى ج2 ص74 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص273 والإكتفاء ج2 ص179 و 180 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247 و 248 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 و 16 والسيرة الحلبية ج2 ص336 و 337 و 345 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص17 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص229 ـ 233 و 237 و 227 والبحار ج20 ص274 و 275 والثقات ج1 ص275 و 276 ومجمع الزوائد ج6 ص137 وسيرة مغلطاي ص56 و 57.
([91]) المغازي للواقدي ج2 ص507 و 509 وراجع بعض ما تقدم أو كله في ما يلي: عيون الأثر ج2 ص70 والبداية والنهاية ج4 ص120 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 و 18 وتاريخ الخميس ج1 ص495 وقاموس الرجال ج2 ص210 و 211 ونهاية الأرب ج17 ص189 ووفاء الوفاء ج1 ص307 وج2 ص442 ـ 444 والإكتفاء ج2 ص178 و 179 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 و 16 والسيرة الحلبية ج2 ص337 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 ـ 16 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 و 232 وبحار الأنوار ج20 ص275.
([92]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص508 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 والسيرة الحلبية ج2 ص345.
([93]) السيرة الحلبية ج2 ص345 وعيون الأثر ج2 ص70 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 وتاريخ الخميس ج1 ص495 وقاموس الرجال ج2 ص211 عن الإستيعاب والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 وسيرة مغلطاي ص56 و 57 ووفاء الوفاء ج2 ص443.
([94]) السيرة الحلبية ج2 ص245.
([95]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص17.
([96]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص507 وحدائق الأنوار ج2 ص596 وبهجة المحافل ج2 ص273 والسيرة الحلبية ج2 ص345 ووفاء الوفاء ج2 ص444.
([97]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص229 و 231 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص256 والبداية والنهاية ج4 ص119 و 120 عن موسى بن عقبة، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 وسيرة مغلطاي ص56 و 57.
([98]) راجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 وجوامع السيرة النبوية ص154 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص248 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 وعيون الأثر ج2 ص70 والبداية والنهاية ج4 ص120 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 وتاريخ الخميس ج1 ص495 ونهاية الأرب ج17 ص190 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص345 وسيرة مغلطاي ص56 و 57.
([99]) المغازي للواقدي ج2 ص507 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص237.
([100]) المغازي للواقدي ج2 ص501.
([101]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والثقات ج1 ص275 و 276.
([102]) السيرة الحلبية ج2 ص336 وعيون الأثر ج2 ص71 عن أبي عمر بن عبد البر.
([103]) راجع: وفاء الوفاء ج2 ص445.
([104]) المغازي للواقدي ج2 ص507 والسيرة الحلبية ج2 ص337 وغير ذلك من مصادر تقدمت.
([105]) المغازي للواقدي ج2 ص507 و 508 وغير ذلك من مصادر تقدمت.
([106]) وفاء الوفاء ج2 ص445.
([107]) راجع: وفاء الوفاء ج3 ص876.
([108]) وفاء الوفاء ج3 ص877.
([109]) الآية 102 من سورة التوبة. وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص248 و 249 والروض الأنف ج2 ص282 وحدائق الأنوار ج2 ص596 والبداية والنهاية ج4 ص120 وبهجة المحافل ج1 ص273 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 وتاريخ الخميس ج1 ص495 والسيرة الحلبية ج2 ص336 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 و 16 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 والإكتفاء ج2 ص179 و 180 ووفاء الوفاء ج2 ص444 ونهاية الأرب ج17 ص189 وقاموس الرجال ج2 ص210 و 211 عن القمي وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 وعن دلائل النبوة للبيهقي.
([110]) الآية 41 من سورة المائدة. وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 وإمتاع الأسماع ص245.
([111]) الآية 27 من سورة الأنفال وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 وعيون الأثر ج2 ص71 عن أبي عمر بن عبد البر، والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص248 والبداية = = والنهاية ج4 ص120 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 وبهجة المحافل ج1 ص273 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص17 وتـاريخ الخميس ج1 ص495 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص180 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج2 ص336 ووفاء الوفاء ج2 ص442 و 444.
([112])الآية 102 من سورة التوبة. وراجع: بهجة المحافل ج1 ص273 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص15 والسيرة الحلبية ج2 ص337 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص231 والبداية والنهاية ج4 ص120.
([113]) السيرة الحلبية ج2 ص33.
([114]) عيون الأثر ج2 ص71. وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص273 والمواهب اللدنية ج1 ص116 وتاريخ الخميس ج1 ص495 ووفاء الوفاء ج2 ص444. وفيهم: أنهم كانوا عشرة.
([115]) راجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص257 و 258.
([116]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص257.
([117]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص337 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص16.
([118]) عيون الأثر ج2 ص70 و 71 وعن أبي عمر وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص495 ووفاء الوفاء ج2 ص443 و 444. والسيرة الحلبية ج2 ص337 عن البيهقي والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16.
([119]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج6 ص289.
([120]) المغازي للواقدي ج2 ص509 والسيرة النبوية لدحـلان ج2 ص16 والسيرة = = الحلبية ج2 ص346 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص273 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص18 و 19 وعيون الأثر ج2 ص70 و 71 وتاريخ الخميس ج1 ص495 ومسند أحمد ج3 ص453 وقاموس الرجال ج2 ص211 ووفاء الوفاء ج2 ص444 و 443.
([121]) وفاء الوفاء ج2 ص296 وراجع: المصادر في الهامش السابق، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 والإكتفاء ج2 ص179 وجوامع السيرة النبوية ص153 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص247 والبداية والنهاية ج4 ص120 وحدائق الأنوار ج2 ص296.
([122]) المغازي للواقدي ج2 ص505.
([123]) التفسير السياسي للسيرة ص283.
([124]) الآية 158 من سورة آل عمران.
([125]) الروض الأنف ج2 ص282 وشرح بهجة المحافل ج1 ص273 والسيرة الحلبية ج2 ص345 وذكر الحديث أيضاً في: سبل الهدى والرشاد ج5 ص18 ووفاء الوفاء ج2 ص443 إلى قوله: "بضعة مني".
([126]) السيرة الحلبية ج2 ص345.
([127]) شرح بهجة المحافل ج1 ص273.
([128]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص8.
([129]) رجال صحيح مسلم لابن منجويه ج2 ص56.
([130]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص438 وراجع ميزان الإعتدال ج3 ص128 وسير أعلام النبلاء ج5 ص207.
([131]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص438 و 439.
([132]) تهذيب التهذيب ج8 ص328 وتهذيب الكمال ج20 ص439 والجرح والتعديل ج6 ص187.
([133]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص441 وميزان الإعتدال ج3 ص127 ومختصر تاريخ دمشق ج17 وص 289.
([134]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص439.
([135]) شذرات الذهب ج1 ص176.
([136]) سير أعلام النبلاء ج5 ص207.
([137]) مختصر تاريخ دمشق 17 ص289.
([138]) تهذيب التهذيب ج8 ص324.
([139]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج29 ص438.
([140]) تهذيب التهذيب ج8 ص323 وتهذيب الكمال ج20 ص439 وصحيح الترمذي ج5 ص46 ح 2678 وميزان الإعتدال ج3 ص129 وسير أعلام النبلاء ج5 ص207 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص288.
([141]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص442 والجرح والتعديل ج6 ص186 وميزان الإعتدال ج3 ص289.
([142]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص440 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص289.
([143]) تهذيب التهذيب ج8 ص324 وتهذيب الكمال ج20 ص443 وميزان الاعتدال ج3 ص127 وسير أعلام النبلاء ج5 ص207.
([144]) ديوان الضعفاء والمتروكين ص283.
([145]) تهذيب التهذيب ج8 ص324.
([146]) شذرات الذهب ج1 ص176.
([147]) ميزان الإعتدال ج3 ص127.
([148]) سير أعلام النبلاء ح 5 ص207.
([149]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص509 و 510 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص19 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص32 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 وعيون الأثر ج2 ص73 و 74 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص75 والسيرة الحلبية ج2 ص339 و 338 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 و 17 والوفا ص695.
([150]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص22 وتاريخ الخميس ج1 ص497 ونهاية= = الأرب ص192 والمواهب اللدنية ج1 ص117 وسيرة مغلطاي ص57 والجامع للقيرواني ص280 وإمتاع الأسماع ج1 ص247.
([151]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص251 وراجع: كشف الغمة ج1 ص208 و 209 وعيون الأثر ج2 ص73 والكامل في التاريخ ج2 ص186 والبداية والنهاية ج4 ص124 وبهجة المحافل ج1 ص274 والمغازي للواقدي ج2 ص512 و 513 وتاريخ الخميس ج1 ص497 ونهاية الأرب ج17 ص192 ووفاء الوفاء ج1 ص307 و 308 والإكتفاء ج2 ص182 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص239 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص250 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والسيرة الحلبية ج2 ص240 والإرشاد للمفيد ص64 و 65 والبحار ج20 ص262 و 263 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص252 وعمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص319.
([152]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص238 والبداية والنهاية ج4 ص124.
([153]) قالوا: إنها كانت تحت مسيلمة الكذاب، ثم خلف عليها عبد الله بن عامر بن كريز. دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص22 و 23.
([154]) تاريخ الخميس ج1 ص497.
([155]) بهجة المحافل ج1 ص274.
([156]) إمتاع الأسماع ج1 ص247.
([157]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص22.
([158]) راجع: مجمع الزوائد ج6 ص138 عن الطبراني. وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص20 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص259 والسيرة الحلبية ج2 ص338 ومجمع البيان ج2 ص352 والبحار ج20 ص211 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص19 وعمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص319.
([159]) المغازي للواقدي ج2 ص512 و 513 وإمتاع الأسماع ج1 ص247 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص22 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 وعمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص319 والسيرة الحلبية ج2 ص340 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص497.
([160]) راجع الهامش ما قبل السابق.
([161]) تاريخ الخميس ج1 ص497.
([162]) مجمع الزوائد ج6 ص138 عن الطبراني وراجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص259 والسيرة الحلبية ج2 ص338 ومجمع البيان ج2 ص352 والبحار ج20 ص211 ودلائل النبوة ج4 ص19.
([163]) المغازي للواقدي ج2 ص512 و 513 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص22 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص247.
([164]) المغازي للواقدي ج2 ص512 و 513.
([165]) البحار ج20 ص238 وتفسير القمي ج2 ص192.
([166]) المغازي ج2 ص514 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص24 وإمتاع الأسماع ج1 ص248.
([167]) المغازي للواقدي ج2 ص512 و 513 وإمتاع الأسماع ج1 ص247 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص22 و 23.
([168]) راجع النص المتقدم في: المغازي للواقدي ج2 ص510 ـ 512 وإمتاع الأسماع ج1 ص246. وتجد هذه النصوص إجمالا أو تفصيلاً في المصادر التالية: عيون الأثر ج2 ص72 و 73 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص19 ـ 21 والسيرة الحلبية ج2 ص339 و 338 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 و 17 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص249 و 259 ووفاء الوفاء ج1 ص307 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص75 ـ 77 ونهاية الأرب ج17 ص190 و 191 والإكتفاء ج2 ص181 و 182 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص259 و 260 و 266 والجامع للقيرواني ص280 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 و 163 والوفا ص695 وحدائق الأنوار ج2 ص597. وتاريخ الخميس ج1 ص496 و 497 وشرح بهجة المحافل ج1 ص274 والكامل في التاريخ ج2 ص186. وسيرة مغلطاي ص57 والمواهب اللدنية ج1 ص117 والتنبيه والإشراف ص217 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 و 252 ومجمع الزوائد ج6 ص137 ـ 139 والبداية والنهاية ج4 ص121 و 122 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص250 و 251 و 249 وجوامع السيرة النبوية ص154 و 155 والثقات ج1 ص277 و 276 وتفسير القمي ج2 ص190 والبحار ج20 ص234 و 235 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص18 ـ 22 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص233 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52 وإعلام الوري ص93 و 94. وراجع = = في قوله "صلى الله عليه وآله": قوموا إلى سيدكم بالإضافة إلى ما تقدم: البداية والنهاية، والسيرة النبوية لابن كثير، والحلبية، وتاريخ الخميس، وجوامع السيرة النبوية، والسيرة النبوية لدحلان، وراجع: مرآة الجنان ج1 ص10 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 وصحيح البخاري ج3 ص23 وج2 ص200 وج4 كتاب الاستئذان، باب قول النبي "صلى الله عليه وآله": قوموا إلى سيدكم، وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص93 ومسند أبي عوانة ج4 ص172.
([169]) راجع: عيون الأثر ج2 ص72 وتاريخ الخميس ج1 ص497 والسيرة الحلبية ج2 ص339 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 وطبقات ابن سعد ج2 ص78 وفتح الباري ج7 ص319 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص21 ووفاء الوفاء ج308 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص52 ولم يذكر اعتراض الأنصار. والبحار ج20 ص212 ومجمع البيان ج8 ص352.
([170]) مجمع البيان ج8 ص352 وبحار الأنوار ج20 ص212.
([171]) المصنف للصنعاني ج5 ص370 و 371 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص438. وليس فيه: أنهم أبوا النزول على حكم رسول الله "صلى الله عليه وآله".
([172]) فتح الباري 7 ص317 والمواهب اللدنية ج1 ص117 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص21 وتاريخ الخميس ج1 ص497 والسيرة الحلبية ج2 ص339 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17.
([173]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص266.
([174]) الوفا ص695.
([175]) الآية 26 من سورة الأحزاب.
([176]) صحيح البخاري ج3 ص23 وج 2 ص200 وراجع: صحيح مسلم ج5 ص160 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص258 و 259.
([177]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص163 وغير ذلك من مصادر.
([178]) راجع النص السابق، والهوامش المذكورة لبيان مصادره.
([179]) صحيح البخاري ج3 ص23 وج 2 ص200 وصحيح مسلم ج5 ص160 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص258 و 259.
([180]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص122 و 127 وفتح الباري ج7 ص318 ونهاية الأرب ج17 ص192 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([181]) المصنف للصنعاني ج5 ص370 و 371.
([182]) صحيح مسلم ج5 ص161 ومجمع الزوائد ج6 ص139 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص244 و 235.
وراجع: مسند أبي عوانة ج4 ص167 و 169 و 171 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص26 والبداية والنهاية ج4 ص122 وفتح الباري ج7 ص318 و 319 وأنساب الأشراف ج1 ص347.
([183]) أنساب الأشراف ج1 ص347 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 وراجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص266 والوفا ص695 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص19.
([184]) راجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص244 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص338 .
وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص19 و 22 ومجمع الزوائد ج6 ص138 عن الطبراني، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص20 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص259 ومجمع البيان ج2 ص352 والبحار ج20 ص211.
([185]) فتح الباري ج7 ص318 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246 والبداية والنهاية ج4 ص124 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص244.
([186]) البداية والنهاية ج4 ص124 ومجمع الزوائد ج6 ص138 وسبل الهدى ج5 ص20 عن أحمد وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص249 والسيرة الحلبية ج2 ص338 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص237.
([187]) حدائق الأنوار ج2 ص597.
([188]) راجع: تاريخ ابن الوردي ج1 ص162 و 163 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص249 ـ 251. وتاريخ الخميس ج1 ص496 و 497 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص20 و 21 والإكتفاء ج2 ص182 ونهاية الأرب ج17 ص191 والمواهب اللدنية ج1 ص116 و 117 وحدائق الأنوار ج2 ص597 والبداية والنهاية ج4 = = ص121 و 122. وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص338 و 339 وراجع بهجة المحافل ج1 ص274 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص233.
([189]) راجع: فتح الباري ج11 ص43 وراجع: هامش صحيح مسلم ج5 ص160.
([190]) هامش صحيح مسلم ج5 ص160.
([191]) راجع: هامش صحيح مسلم ج5 ص160 وراجع: فتح الباري ج11 ص44 وعمدة القاري ج22 ص252 وإرشاد الساري ج9 ص153 وأشار إلى ذلك في البداية والنهاية ج4 ص127 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص244.
([192]) هامش صحيح مسلم ج5 ص160 وراجع: فتح الباري ج11 ص41 و 44.
([193]) فتح الباري ج11 ص44 وعمدة القاري ج22 ص252 وإرشاد الساري ج9 ص153.
([194]) هامش صحيح مسلم ج5 ص160 وراجع: فتح الباري ج11 ص41 و 46.
([195]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص124 ومجمع الزوائد ج6 ص138 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص20 عن أحمد، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص249 والسيرة الحلبية ج2 ص338 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص237.
([196]) السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص244 والبداية والنهاية ج4 ص127.
([197]) عمدة القاري ج17 ص191 ومسند أحمد ج6 ص142 وفتح الباري ج7 ص317 ومجمع الزوائد ج6 ص138 والبداية والنهاية ج4 ص124 والسيرة الحلبية ج2 ص338 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص237 وقال: هذا الحديث إسناده جيد، وله شواهد من وجوه كثيرة.
([198]) عمدة القاري ج17 ص191.
([199]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج3 ص223.
([200]) شرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص92.
([201]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص330.
([202]) ديوان السيد الحميري ص110 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252.
([203]) هامش صحيح مسلم ج5 ص160 وراجع: فتح الباري ج11 ص41 و 46 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص93 وشرح بهجة المحافل ج1 ص274.
([204]) شرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص93 وفتح الباري ج11 ص41 و 46.
([205]) المواهب اللدنية ج1 ص117 وتاريخ الخميس ج1 ص497.
([206]) المواهب اللدنية ج1 ص117 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص497 إلى قوله: أم لا.
([207]) محمد في المدينة ص328.
([208]) تاريخ الإسلام السياسي ج1 ص120.
([209]) محمد في المدينة ص327.
([210]) سفر التثنية، الإصحاح العشرون، الفقرة رقم 13 و 14.
([211]) الجزء الرابع ص317 الطبعة الرابعة، وفي الجزء الخامس ص208 من هذه الطبعة.
([212]) وراجع أيضاً سفر العدد. الإصلاح 31 الفقرة 7 ـ 10 و 13 ـ 16.
([213]) السيرة النبوية للندوي ص300 عن: اليهود في بلاد العرب ص155.
([214]) الآيتان 28 و 29 من سورة إبراهيم.
([215]) كلمة فاحشة يقبح التصريح بها، تراجع في المصادر.
([216]) الوفا ص695.
([217]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص21.
([218]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252.
([219]) الآية 26 من سورة الأحزاب.
([220]) تفسير القمي ج2 ص191 والبحار ج20 ص236.
([221]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص251 و 252 وراجع: كشف الغمة ج1 ص208 و 209 والكامل في التاريخ ج2 ص186 وج4 ص124 وعيون الأثر ج2 ص73 والإرشاد للمفيد ص64 و 65 والبحار ج20 ص262 و 263 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 والبداية والنهاية ج4 ص124 وبهجة المحافل ج1 ص274 وتاريخ الخميس ج1 ص497 ونهاية الأرب ج17 ص192 ووفاء الوفاء ج1 ص307 و 308 والإكتفاء ج2 ص182 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص261 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص239 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص17 والسيرة الحلبية ج2 ص240 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص22 و 23 وإمتاع الأسماع ج1 ص247 وراجع عن ضرب أعناقهم في الخنادق: تاريخ ابن الوردي ج1 ص163 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص32.
([222]) دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص260.
([223]) المغازي للواقدي ج2 ص512 و 513 سبل الهدى والرشاد ج5 ص22.
([224]) راجع المصادر في الهوامش السابقة.
([225]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص52 ونهاية الأرب ج17 ص193 وشرح بهجة المحافل ج1 ص275. والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 وتاريخ الخميس ج1 ص498 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص254 والسيرة الحلبية ج2 ص240 والمغازي للواقدي ج2 ص513 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص22.
([226]) راجع: إمتاع الأسماع ج1 ص249 والسيرة الحلبية ج2 ص340 والمغازي للواقدي ج2 ص517.
([227]) راجع: المصادر الثلاثة المتقدمة في الهامش السابق.
([228]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 وإمتاع الأسماع ج1 ص249 والسيرة الحلبية ج2 ص340.
([229]) تفسير القمي ج2 ص191 والبحار ج20 ص236.
([230]) كشف الغمة ج1 ص208 و 209 والإرشاد للمفيد ص64 و 65 والبحار ج20 ص262 و 263 وكشف اليقين ص135.
([231]) المغازي للواقدي ج2 ص516.
([232]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 وراجع: إعلام الورى ص93 و 94.
([233]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص515 و 516 وإمتاع الأسماع ج1 ص247 ومجمع الزوائد ج6 ص140 عن الطبراني والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص23 والسيرة الحلبية ج2 ص340 و 341.
([234]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج2 ص97.
([235]) راجع: وفاء الوفاء ج1 ص308 والإكتفاء ج2 ص189 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص252 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والبحار ج20 ص246 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص24 والسيرة الحلبية ج2 ص340 وقرب الإسناد ص63 وإمتاع الأسماع ج1 ص249 وتاريخ الخميس ج1 ص498 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص24 ومسند أبي عوانة ج4 ص55 ـ 57 ونهاية الأرب ج17 ص195 وجوامع السيرة النبوية ص155 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص56 و 57 والبداية والنهاية ج4 ص125 وبهجة المحافل ج1 ص275 عن ابن حبان، والحاكم، والترمذي والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص255 وتهذيب الأحكام للطوسي ج6 ص173 و 339 والبحار ج100 ص35 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص44.
([236]) المغازي للواقدي ج2 ص517 راجع: إمتاع الأسماع ج1 ص249.
([237]) طبقات ابن سعد ج2 ص56 و 57 والبداية والنهاية ج4 ص125 وبهجة المحافل ج1 ص275 عن ابن حبان والحاكم والترمذي.
([238]) شرح بهجة المحافل ج1 ص275 عن ابن شاهين.
([239]) مجمع الزوائد ج6 ص141 عن الطبراني في الكبير والأوسط، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص24 و 25.
([240]) عوالي اللآلي ج1 ص221 ومستدرك الوسائل ج1 ص86.
([241]) راجع: الإصابة ج3 ص414.
([242]) راجع: الإصابة ج3 ص517 وتهذيب التهذيب ج9 ص421 و 422.
([243]) الإصابة ج3 ص517 عن البخاري في تاريخه وتهذيب الكمال ج26 ص340 و 341 و 343 والتاريخ الكبير للبخاري ج1 الترجمة رقم 479 ومختصر تاريخ دمشق ج23 ص181 وتهذيب التهذيب ج9 ص420 و 421 و 422.
([244]) جوامع السيرة النبوية ص155.
([245]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص255 وعيون الأثر ج2 ص75 والروض الأنف ج3 ص284 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص24 وتاريخ الخميس ج1 ص498 ومسند أبي عوانة ج4 ص55 و 56 والإكتفاء ج2 ص185 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص259 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص19 والسيرة الحلبية ج2 ص343 والأمالي للطوسي ص403 والبحار ج20 ص246 عنه ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص25 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص241 والبداية والنهاية ج4 ص125 و 126 وأسد الغابة ج3 ص413 وتهذيب الكمال ج20 ص157 و 158 وفي هامشه عن: سنن أبي داود 4404 وابن ماجة رقم 2541 والترمذي رقم 1584 والنسائي ج6 ص155.
([246]) الروض الأنف ج3 ص284.
([247]) الروض الأنف ج3 ص284.
([248]) المغازي للواقدي ج2 ص514 وإمتاع الأسماع ج1 ص248 وسبل الهدى ج5 ص24.
([249]) تفسير القمي ج2 ص192 والبحار ج20 ص238.
([250]) المغازي ج2 ص516 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص24 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 و 18 والسيرة الحلبية ج2 ص340 وكمال الدين ج1 ص198 والبحار ج20 ص247 عنه وفي ص236 و 237 وتفسير القمي ج2 ص191.
([251]) راجع المصادر التالية: المغازي للواقدي ج2 ص513 و 514 وإمتاع الأسماع ج1 ص247 و 248 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص23 و 24 والسيرة الحلبية ج2 ص340. وراجع أيضاً: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص252 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص309 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص23 وراجع ص20 ومجمع البيان ج8 ص352 وبهجة المحافل وشرحه (أي متناً وهامشاً) ج1 ص275 وبحار الأنوار ج20 ص212 و 263 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص239 وعيون الأثر ج2 ص73 والروض الأنف ج3 ص284 والمصنف للصنعاني ج5 ص371 و 372 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص183 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص260 و 262 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص250 والكامل في التاريخ ج2 ص186 والبداية والنهاية ج4 ص124 و 125 وتاريخ الخميس ج1 ص497 والإرشاد للمفيد ص65 والبداية والنهاية ج1 ص124 و 125 ونهاية الأرب ج17 ص192 و 193.
([252]) كشف الغمة ج1 ص209 والإرشاد للمفيد ص65 والبحار ج20 ص263.
([253]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص252 ونهاية الأرب ج17 ص193 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص183 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص250 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص23 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص239 وراجع: الإصابة ج1 ص222.
([254]) الإرشاد للمفيد ص65 والبحار ج20 ص263 و 264.
([255]) تفسير القمي ج2 ص191 و 192 والبحار ج20 ص237 وفي دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص23 قال: "وبعض الناس يقول: حيي بن أخطب قالها" وكذا في الإصابة ج1 ص222.
([256]) البحار ج20 ص263 وكشف الغمة ج1 ص209 والإرشاد للمفيد ص265.
([257]) المغازي للواقدي ج2 ص516 و 517 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص26 و 27 وإمتاع الأسماع ج1 ص249 وفي السيرة الحلبية ج2 ص341 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 أن اسمها: بيانة. وقيل: مزنة. ودخولها على عائشة وهي تضحـك ظهـراً لبطن في السيرة النبويـة لابن هشـام ج3 ص253 والإكتفـاء = = للكلاعي ج2 ص184. وراجع: عيون الأثر ج2 ص73 و 78 والبداية والنهاية ج4 ص126 وتاريخ الخميس ج1 ص497 و 498 ونهاية الأرب ج17 ص193 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص262 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص250 و 251 و 254 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص242. وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص276 وجوامع السيرة النبوية ص155 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32.
([258]) تاريخ الخميس ج1 ص498.
([259]) المغازي للواقدي ج2 ص518 وراجع ص512.
([260]) الإرشاد للشيخ المفيد ص65 و 66 وبحار الأنوار ج20 ص264.
([261]) عيون الأثر ج2 ص78 وكلام السهيلي في الروض الأنف ج3 ص284.
([262]) الكامل في التاريخ ج2 ص186.
([263]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 والسيرة الحلبية ج2 ص341.
([264]) المغازي للواقدي ج2 ص518.
([265]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32 وجوامع السيرة النبوية ص155.
([266]) مجمع الزوائد ج6 ص141 عن الطبراني في الأوسط ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص240 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص260.
([267]) راجع فيما تقدم، باختصار أو بتفصيل المصادر التالية: المغازي للواقدي ج2 ص518 ـ 520 ومجمع الزوائد ج6 ص141 و 142 عن الطبراني في الأوسط والبداية والنهاية ج4 ص125 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص240 والبحار ج20 ص277 وشرح بهجة المحافل ج1 ص275 و 276 وتاريخ الخميس ج1 ص498 ونهاية الأرب ج17 ص193 ـ 195 والإكتفاء ج2 ص184 و 185 وتاريخ الأمم والملـوك ج2 ص251 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20 ـ 24 = = وسبل الهدى والرشاد ج5 ص26 و 27 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 والسيرة الحلبية ج2 ص241 و 242 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص253 و 254 وعيون الأثر ج2 ص74 و 75 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص260 و 261 وراجع إمتاع الأسماع ج1 ص249 ووفاء الوفاء ج1 ص308.
([268]) محمد رسول الله سيرته وأثره في الحضارة ص249.
([269]) المغازي للواقدي ج2 ص514 و 515. وأشار إلى ذلك أو ذكره تفصيلاً في المصادر التالية: إمتاع الأسماع ج1 ص248 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص255 وعيون الأثر ج2 ص75 والبداية والنهاية ح 4 ص126 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص25 ونهاية الأرب ج17 ص195 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص252 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص241 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص32 وتاريخ الخميس ج1 ص498 والإكتفاء ج2 ص185 و 186 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص19. والسيرة الحلبية ج2 ص343.
([270]) جوامع السيرة النبوية ص155.
([271]) شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج16 ص291.
([272]) كشف الغمة للأربلي ج1 ص208 والإرشاد للمفيد ص64 وذكره بلفظ قيل في حدائق الأنوار ج2 ص598 وكذا في عمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص319 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص36 والبحار ج20 ص262 وكشف اليقين ص135.
([273]) راجع المصادر التالية: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص252 وعيون الأثر ج2 ص73 والبداية والنهاية ج4 ص124 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص239 وبهجة المحافل ج1 ص275 والمواهب اللدنية ج1 ص117 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص36 ونهاية الأرب ج17 ص192 والإكتفاء ج2 ص183 وتاريخ الإسلام (المغازي) 261 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص250 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص23 وفتح الباري ج7 ص319 عن الروض الأنف، ومحمد رسول الله، سيرته وأثره في الحضارة ص249 والتفسير السياسي للسيرة ص285.
([274]) تاريخ اليعقوبي: ج2 ص52 والتنبية والإشراف ص217 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص249 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص338 والمغازي للواقدي ج2 ص518 عن ابن عباس.
([275]) راجع: الكامل في التاريخ ج2 ص186 وتاريخ الخميس ج1 ص497. ووفاء ج1 ص308 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص338.
([276]) الثقات ج1 ص278 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 1 ص293.
([277]) البدء والتاريخ ج4 ص220 وراجع المصادر التالية: فتح الباري ج7 ص319 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص36 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص163 ووفاء الوفاء ج1 ص308 وتاريخ الخميس ج1 ص497 عن بن عائذ، وعمدة القاري ج17 ص192 كما في مرسل قتادة. وتاريخ الإسلام السياسي ج1 ص121 وحدائق الأنوار ج2 ص598 وتفسير القمي ج2 ص190 والبحار ج20 ص234 عنه.
([278]) راجع: المغازي للواقدي 2 ص518 وراجع: التفسير السياسي للسيرة ص283 ومحمد رسول الله، سيرته وأثره في الحضارة ص249 وطبقات ابن سعد ج2 ص75 وجوامع السيرة النبوية ص155 والبداية والنهاية ج2 ص186 وبهجة المحافل ج1 ص275 والمواهب اللدنية ج1 ص117 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص261 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص250 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص239.
([279]) راجع المصادر التالية: البحار ج2 ص212. المغازي للواقدي ج2 ص517 ومختصر التاريخ ص43 وتاريخ الخميس ج1 ص497 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 وإرشـاد السـاري ج6 ص330 وعمـدة القـاري ج17 ص192 = = وفتح الباري ج7 ص319 عن ابن إسحاق، وبه جزم أبو عمر، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص36 وإمتاع الأسماع ج1 ص249 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص260 والسيرة الحلبية ج2 ص338 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20 ومجمع البيان ج8 ص352.
([280]) راجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 وراجع: مجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص212.
([281]) راجع: إرشاد الساري ج6 ص330 عن الترمذي والنسائي، وابن حبان بإسناد صحيح. والبداية والنهاية ج4 ص122 و 124 ومحمد رسول الله: سيرته وأثره في الحضارة ص249 وعمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص319 والمواهب اللدنية ج1 ص117 وسبل الهدى ج5 ص36 ووفاء الوفاء ج1 ص308 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص28 وتاريخ الخميس ج1 ص497 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص264 والسيرة الحلبية ج2 ص338 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص234.
([282]) حياة محمد ورسالته، لمولانا محمد علي ص175.
([283]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج3 ص171.
([284]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252.
([285]) الآية 26 من سورة الأحزاب.
([286]) راجع: الجزء السابع ص19.
([287]) راجع: الإكتفاء ج2 ص190 وأنساب الأشراف ج1 ص348 و 244 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 والسيرة الحلبية ج2 ص341 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 والمغازي للواقدي ج2 ص529 و 530 وجوامع السيرة النبوية ص157 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص265 وعيون الأثر ج2 ص76 وتاريخ الخميس ج1 ص498 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص271 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص253 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 والبداية والنهاية ج4 ص126 ونهاية الأرب ج17 ص196 وشرح بهجة المحافل ج1 ص276.
([288]) أنساب الأشراف ج1 ص348.
([289]) راجع المصادر المتقدمة في الهامش ما قبل الأخير.
([290]) شرح بهجة المحافل ج1 ص276.
([291]) المصدر السابق.
([292]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص30 وعيون الأثر ج2 ص76 عن ابن عائذ.
([293]) عيون الأثر ج2 ص76.
([294]) تاريخ الخميس ج1 ص498 وراجع المصادر التالية: وفاء الوفاء ج1 ص307 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص273 والمغازي للواقدي ج2 ص529 و 530 وجوامع السيرة النبوية ص157 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص265 وراجع: عيون الأثر ج2 ص76 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 والبداية والنهاية ج4 ص126 ونهاية الأرب ج17 ص196 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص253 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص243.
([295]) أنساب الأشراف ج1 ص344 و 345.
([296]) المصدر السابق.
([297]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص252 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص126 ونهاية الأرب ج17 ص196.
([298]) جوامع السيرة النبوية ص157.
([299]) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص273.
([300]) البداية والنهاية ج4 ص136 وسيأتي هذا الشعر مع بقية مصادره.
([301]) الكامل في التاريخ ج2 ص187.
([302]) البدء والتاريخ ج4 ص220.
([303]) الوفا ص695. وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص496 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والسيرة الحلبية ج2 ص339 و 340 والمغازي للواقدي ج2 ص509 و 510 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص19 وإمتاع الأسماع ج1 ص245 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص75 وعيون الأثر ج2 ص74.
([304]) المغازي للواقدي ج2 ص512 و 513 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص247 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص22. وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص75.
([305]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص32 وراجع المصادر التالية: الثقات ج1 ص278 وجوامع السيرة النبوية ص155 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص256 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص24 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص242 وعيون الأثر ج2 ص75 والكامل في التاريخ ج2 ص187 والبداية والنهاية ج4 ص126 وبهجة المحافل ج1 ص276 والإكتفاء ج2 ص186. وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص252 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 والسيرة الحلبية ج2 ص339 والمغازي للواقدي ج2 ص521 و 525 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28.
([306]) راجع المصادر في الهامش السابق والمغازي للواقدي ج2 ص522 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص75 والمواهب اللدنية ج1 ص117 ونهاية الأرب ج17 ص196.
([307]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص53 والإرشاد للمفيد ص65.
([308]) المغازي للواقدي ج2 ص525.
([309]) المغازي للواقدي ج2 ص522 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28.
([310]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص252.
([311]) دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص24.
([312]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص256 وعيون الأثر ج2 ص75 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص242 والبداية والنهاية 4 ص126 والكامل في التاريخ ج2 ص187 وشرح بهجة المحافل ج1 ص276 والإكتفاء ج2 ص186 وإمتاع الأسماع ج1 ص252 وتاريخ الخميس ج1 ص499 والسيرة الحلبية ج2 ص339 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص24.
([313]) راجع المصادر في الهامش السابق باستثناء سيرة ابن كثير والبداية والنهاية.
([314]) طبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص75 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص117 ونهاية الأرب ج17 ص196 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص521 ـ 525 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28.
([315]) المغازي للواقدي ج2 ص522 وإمتـاع الأسماع ج1 ص250 وسبـل الهـدى = = والرشاد ج5 ص28 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص17 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص196.
([316]) المغازي للواقدي ج2 ص522 إمتاع الأسماع ج2 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 و 29 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص339.
([317]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص29 والسيرة الحلبية ج2 ص339.
([318]) المغازي للواقدي ج2 ص522 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص18 والسيرة الحلبية ج2 ص341.
([319]) المغازي ج2 ص524 و 523 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص196.
([320]) إمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28.
([321]) المغازي للواقدي ج2 ص523 و 524 وراجع: طبقات ابن سعد ج2 ص75 والمواهب اللدنية ج1 ص117 وإمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص196.
([322]) السيرة الحلبية ج2 ص339 و 340.
([323]) السيرة الحلبية ج2 ص339.
([324]) فتح الباري ج7 ص319 ووفاء الوفاء ج1 ص308.
([325]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص53 والإرشاد للمفيد ص65.
([326]) المغازي للواقدي ج2 ص524.
([327]) تاريخ اليعقوبي: ج2 ص53 والإرشاد للمفيد ص65.
([328]) راجع: خاتم النبيين ج2 ص955 و 956.
([329]) راجع: المغازي ج2 ص523 وإمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص75 والمواهب اللدنية ج1 ص117.
([330]) راجع: أنساب الأشراف ج1 ص543 و 453.
([331]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) 1 ص209 عن تاج التراجم.
([332]) المصدر السابق ج1 ص252.
([333]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52 و 53.
([334]) الثقات ج1 ص278 وراجع: الإصابة ج4 ترجمة ريحانة وجوامع السيرة النبوية ص155 و 156 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص256 وعيون الأثر ج2 ص75 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص242 والبداية والنهاية ج1 ص126 والكامل في التاريخ ج2 ص187 والسيرة الحلبية ج2 ص346 وقال: إن شمعون مولى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
([335]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص209 والمغازي للواقدي ج2 ص520 و 521 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص27 والسيرة الحلبية ج2 ص346 وأنساب الأشراف ج1 ص454.
([336]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص19 والمحبر ص94. وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص453 وراجع ص515 و 443.
([337]) السيرة الحلبية ج2 ص346 وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص3 45 ولم يذكر اسمه.
([338]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص520 و 521 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص220 والسيرة الحلبية ج2 ص346 وغير ذلك كثير.
([339]) المحبر ص94.
([340]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص53 وجميع المصادر التاريخية التي ذكرت أحداث هذه الغزوة.
([341]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص220 والسيرة الحلبية ج2 ص346 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص19.
([342]) المغازي للواقدي ج2 ص520 و 521 والسيرة الحلبية ج2 ص346 و 347 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص27 و 28 وأنساب الأشراف ج1 ص454 ووفاء الوفاء ج1 ص309.
([343]) السيرة الحلبية ج2 ص347 وراجع: وفاء الوفاء ج1 ص309.
([344]) أنساب الأشراف ج1 ص453.
([345]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص126 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص242 و 243 ووفاء الوفاء ج1 ص308 وتاريخ الخميس ج1 ص4998 و 4990. وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص252 و 253 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص163 والإكتفاء ج2 ص186 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص256 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص262 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص24 والبحار ج20 من 278 والبدء والتاريخ ج4 ص220 والمحبر ص94 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص32. وجوامع السيرة النبوية ص155 و 156 وراجع عيون الأثر ج2 ص75.
([346]) المغازي للواقدي ج2 ص521 وراجع: أنساب الأشرف ج1 ص454.
([347]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص521 وإمتاع الأسماع ج1 ص249 وراجع: مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص209 وسيرة مغلطاي ص57 ووفاء الوفاء ج1 ص309.
([348]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص19 والسيرة الحلبية ج2 ص347.
([349]) أنساب الأشراف ج1 ص454.
([350]) أنساب الأشراف ج1 ص454 والسيرة الحلبية ج2 ص347.
([351]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص209.
([352]) مجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص212 وبهجة المحافل ج1 ص276.
([353]) بهجة المحافل ج1 ص276.
([354]) إمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص16 والسيرة الحلبية ج2 ص338 والمغازي للواقدي ج2 ص523.
([355]) المغازي للواقدي ج2 ص521 و 522 و 524 و 525 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28.
([356]) المغازي للواقدي ج2 ص522 و 523 وإمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص29 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص339.
([357]) المغازي للواقدي ج2 ص523 وإمتاع الأسماع ج1 ص250 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص29 وتاريخ الخميس ج1 ص499.
([358]) الشواب: جمع شابات.
([359]) المغازي للواقدي ج2 ص523 وإمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص29 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص346.
([360]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص29.
([361]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص256 وعيون الأثر ج2 ص75 والبداية والنهاية ج4 ص126 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص29 وتاريخ الخميس ج1 ص499 ونهاية الأرب ج17 ص196 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص186 والمحبر ص93 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص262 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص252 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والسيرة الحلبية ج2 ص346 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص24 ومجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص212 و 278 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص242. وراجع: خاتم النبيين ج2 ص955 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص276.
([362]) إمتاع الأسماع ج1 ص250 و 251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص29 و 24 و 25 والمغازي للواقدي ج2 ص523 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والسيرة الحلبية ج2 ص346 ومجمع الزوائد ج6 ص141 عن الطبراني في الصغير الأوسط.
([363]) السيرة الحلبية ج2 ص346.
([364]) المغازي للواقدي ج2 ص524 والإمتاع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 والسيرة الحلبية ج2 ص346.
([365]) المغازي للواقدي ج2 ص524 والسيرة الحلبية ج2 ص346.
([366]) المغازي للواقدي ج2 ص524. والإمتاع ج 1 ص252 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 وراجع: والسيرة الحلبية ج2 ص 346.
([367]) المغازي للواقدي ج2 ص524.
([368]) المغازي للواقدي ج2 ص524 وإمتاع الأسماع ج1 ص251 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 والسيرة الحلبية ج2 ص246.
([369]) الآية 6 من سورة النساء.
([370]) مفتاح الكرامة ج1 ص339 عن المعتبر والمنتهى، وشرح المفاتيح، والذكري والمدارك، ومجمع البرهان وستأتي إن شاء الله.
([371]) راجع: جواهر الكلام ج26 ص44 و 45.
([372]) راجع: وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص82 و 83.
([373]) جامع المدارك ج3 ص362 وقد صرح بالإنبات فقط.
([374]) الوسائل ج13 ص428 وتفسير القمي ج1 ص131.
([375]) راجع: التهذيب للشيخ الطوسي ج7 ص410. والوسائل ج20 ص103 أبواب مقدمات النكاح باب 45 ح7.
([376]) تهذيب الأحكام ج10 ص243 ح57.
([377]) الكافي ج5 ص398 رقم 2 و 4 والوسائل ج20 ص101 ـ 103 باب 45 من أبواب مقدمات النكاح. وتهذيب الأحكام ج7 ص410 وراجع: الخصال ص420. ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص413.
([378]) الكافي ج5 ص429 ح12 وتهذيب الأحكام ج7 ص311 ح49 و 50.
([379]) الكافي ج5 ص398 وتهذيب الأحكام ج7 ص391 ح42 وراجع ص451. وراجع: دعائم الإسلام ج2 ص214 ونوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص71 ومستدرك الوسائل ج14 ص213 و 214 والوسائل ج20 ص102.
([380]) الوسائل ج20 ص104 ح 493 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص431 و 432.
([381]) من لا يحضره الفقيه ج3 ص413 وتهذيب الأحكام ج7 ص410.
([382]) تهذيب الأحكام ج7 ص451 ح14 وص410 وج9 ص184 ح742 وراجع: من لا يحضره الفقيه ج3 ص412 ح4440 وج4 ص221 والكافي ج7 ص68 وج 5 ص398 ومستدرك الوسائل ج14 ص214 والوسائل ج19 ص366 وج18 ص411 وج 20 ص102والخصال ص420.
([383]) الكافي ج3 ص108 وج 5 ص475 وتهذيب الأحكام ج7 ص468 ج8 ص177 والإستبصار ج3 ص364 ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص94 والوسائل ج2 ص339 وج 21 ص86.
([384]) الوسائل ج20 ص494 وتهذيب الأحكام ج7 ص311 والإستبصار ج4 ص295 والكافي ج5 ص429.
([385]) الكافي ج5 ص398 و 399 وتهذيب الأحكام ج7 ص391 و 451 والوسائل ج20 ص102.
([386]) الوسائل ج20 ص103 وتهذيب الأحكام ج7 ص410.
([387]) الكافي ج8 ص340 والبحار ج19 ص113 و 116 ومصادر ذلك كثيرة فراجع: ولادة فاطمة الزهراء "عليها السلام" في كتابنا هذا.
([388]) راجع: الكافي ج7 ص388 والبحار ج22 ص235 ومصادر ذلك كثيرة.
([389]) راجع ج3 ص285.
([390]) تهذيب الأحكام ج10 ص249 والإستبصار ج4 ص294 والكافي ج7 ص314 ح 18 والوسائل ج20 ص494.
([391]) الوسائل ج21 ص85 وعيون أخبار الرضا ج2 ص19 رقم 44.
([392]) الوسائل ج21 ص84 وتهذيب الأحكام ج8 ص172 والإستبصار ج3 ص358.
([393]) تهذيب الأحكام ج8 ص172 والإستبصار ج3 ص358 والوسائل ج21 ص84.
([394]) الوسائل ج21 ص84 و 85 و 104 و 105 وج 18 ص258 وتهذيب الأحكام ج8 ص170 والكافي ج5 ص473 والإستبصار ج3 ص358.
([395]) الوسائل ج21 ص85 وج 18 ص260 والكافي ج5 ص472.
([396]) من لا يحضره الفقيه ج3 ص446 ح 4546 والوسائل ج21 ص85.
([397]) الوسائل ج21 ص85 والكافي ج5 ص475 وتهذيب الأحكام ج8 ص176 والإستبصار ج3 ص362.
([398]) الكافي ج6 ص85 وراجع: تهذيب الأحكام ج7 ص469 وج 8 ص67 و 137 والإستبصار ج3 ص337 والوسائل ج22 ص179 و 181 و 183.
([399]) راجع: التنقيح في شرح العروة الوثقى ج6 ص86.
([400]) الوسائل: ج21 ص83 وتهذيب الأحكام ج8 ص171 والكافي ج5 ص473 والإستبصار ج3 ص357.
([401]) مباني العروة الوثقى ج1 ص154.
([402]) الوسائل ج22 ص178 و 171 و 182 وتهذيب الأحكام ج8 ص66 و 137 والكافي ج6 ص85 والإستبصار ج3 ص337.
([403]) جواهر الكلام ج32 ص247 والوسائل ج22 ص183 و 184 وتهذيب الأحكام ج8 ص119 و 120 والإستبصار ج3 ص323 والكافي ج6 ص99.
([404]) الوسائل ج21 ص83 وتهذيب الأحكام ج8 ص171 والإستبصار ج3 ص357.
([405]) تهذيب الأحكام ج8 ص139 والوسائل ج22 ص181.
([406]) تهذيب الأحكام ج8 ص138 والوسائل ج22 ص180.
([407]) الوسائل ج22 ص170 و 182 والكافي ج6 ص85 وتهذيب الأحكام ج8 ص68 والإستبصار ج3 ص338.
([408]) تهذيب الأحكام ج8 ص67 و 138 والإستبصار ج3 ص338 والكافي ج6 ص85 والوسائل ج22 ص179.
([409]) راجع: الوسائل ج22 ص179 وتهذيب الأحكام ج8 ص68 والمختلف ج6 ص611 والكافي ج6 ص86 عن معاوية بن حكيم.
([410]) من لا يحضره الفقيه (ط مؤسسة النشر الإسلامي) ج3 ص513 والكافي ج6 ص84 و 86 وتهذيب الأحكام ج8 ص66 والوسائل ج22 ص178 وعن هامشه عن السرائر.
([411]) الخصال ص421 والوسائل ج20 ص104 ومستدرك الوسائل ج1 ص86 و 87.
([412]) الوسائل ج19 ص367 وج 18 ص411 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص221 ح5522.
([413]) الآية 6 من سورة النساء.
([414]) جواهر الكلام ج26 ص37 لكن في تهذيب الأحكام ج9 ص183 وفي الوسائل ج19 ص212: سبع سنين. والظاهر: أنه تصحيف تسع، لأنهما في الرسم متقاربان. وما أكثر ما يقع ذلك بسبب عدم وجود النقط في السابق.
([415]) تهذيب الأحكام ج9 ص184 ح 471/16 وج 10 ص120 ح 481. والإستبصار ج4 ص249 ح 945 والوسائل ج28 ص397 وجواهر الكلام ج26 ص36 و 37 وفي هامشه عن المستدرك ج1 ص7.
([416]) الإستبصار ج3 ص237 ح 855 والكافي ج7 ص198 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص221 وتهذيب الأحكام ج10 ص38 ح 133 وج 7 ص382 ح 1544 والوسائل ج1 ص43 وكتاب الحدود باب اشتراط البلوغ في وجوب الحد تاماً.
([417]) الكافي ج7 ص197 و 198 وتهذيب الأحكام ج10 ص37 و 38 ح132 و 133 والوسائل ج17 ص360 وج 18 ص411. ومستطرفات السرائر ص428.
([418]) الوسائل ج19 ص365 وتهذيب الأحكام ج9 ص184 والكافي ج7 ص68.
([419]) جواهر الكلام ج3 ص142.
([420]) الكافي ج5 ص525.
([421]) الوسائل ج1 ص45 وراجع ج10 ص237 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص122.
([422]) الوسائل ج20 ص228 كتاب النكاح، باب 126 ح 2 والكافي ج5 ص533.
([423]) قرب الإسناد ص41 ح 506.
([424]) الوسائل ج11 ص45 عن من لا يحضره الفقيه ج2 ص435.
([425]) الوسائل ج11 ص45 عن الكافي ج4 ص276 ح 8 وعن تهذيب الأحكام ج5 ص6 والإستبصار ج2 ص146.
([426]) الوسائل ج10 ص236 وج 4 ص410 وعن التهذيب ج4 ص281 ح 851 وص 326 ح 1015 والإستبصار ج2 ص123 ح 398 وعن المقنع للصدوق ص62.
([427]) الوسائل ج4 ص405 وعن الفقيه ج1 ص373.
([428]) الكافي ج7 ص232 والوسائل ج28 ص295 وتهذيب الأحكام ج10 ص121.
([429]) الوسائل ج1 ص45 ح 82 وتهذيب الأحكام ج2 ص380 ح 1588 والإستبصار ج1 ص408.
([430]) راجع: الحدائق الناظرة ج20 ص349 وجامع المدارك ج3 ص366.
([431]) كنز العرفان ج2 ص102.
([432]) مقارنة الأديان: اليهودية ص301 عن المقارنات والمقابلات ص334.
([433]) مقارنة الأديات اليهودية ص302 عن المقارانات والمقابلات ص371 و 372.
([434]) صحيح البخاري ج3 ص23 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 عنه. وراجع: البداية والنهاية ج4 ص131 وقال: وقد رواه البخاري، ومسلم، والنسائي من طرق، عن شعبة، بدون الزيادة التي ذكرها البخاري: يوم بني قريظة.
([435]) البداية والنهاية ج4 ص135 و 136 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص30 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص259.
([436]) البداية والنهاية ج4 ص136. وسبل الهدى والرشاد ج5 ص31 والإكتفاء ج2 ص196 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص259.
([437]) البداية والنهاية ج4 ص136 والإكتفاء ج2 ص196 وسيرة ابن كثير ج3 ص259 و 260.
([438]) مسند أبي عوانة ج4 ص97.
([439]) فتح الباري ج7 ص54 ومسند أحمد ج2 ص51 وصحيح مسلم ج4 ص180 و 181 والكامل في التاريخ ج3 ص65 وتاريخ الأمم والملوك ج3 ص192 والغدير ج10 ص39.
([440]) راجع: سيرة مغلطاي ص56 وعيون الأثر ج2 ص76 والسيرة الحلبية ج2 ص343 و 344 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص19.
([441]) المحبر ص114 والجامع للقيرواني ص280.
([442]) تاريخ ابن الوردي ج1 ص163 وراجع: مرآة الجنان ج1 ص10 وحدائق الأنوار ج2 ص598 وصحيح البخاري ج3 ص23 وعيون الأثر ج2 ص75.
([443]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص19.
([444]) المغازي للواقدي ج2 ص525 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص252 وتاريخ الإسلام (المغازي) ج2 ص267.
([445]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص526 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص252 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20.
([446]) المغازي للواقدي ج2 ص526.
([447]) عيون الأثر ج2 ص76 وعمدة القاري ج17 ص193 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص78 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص19 وتاريخ الخميس ج1 ص499 والمواهب اللدنية ج1 ص118.
([448]) المغازي للواقدي ج2 ص526 وراجع المصادر التالية: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص28 و 29 ومجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص212 ومرآة الجنان ج1 ص10 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص262 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص276 والإكتفاء ج2 ص187 و 188 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص265 والسيرة الحلبية ج2 ص344 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص244 وعيون الأثر ج2 ص75 و 76 وحدائق الأنوار ج2 ص599 و 598 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والبداية والنهاية ج4 ص127.
([449]) عمدة القاري ج16 ص268 وراجع: الروض الأنف ج3 ص286 فقد ذكر أيضاً قسماً منهم.
([450]) فتح الباري ج7 ص94.
([451]) سيرة مغلطاي ص57 ومرآة الجنان ج1 ص10 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص246 و 248 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص28 و 29 والسيرة الحلبية ج2 ص344 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 وبهجة المحافل ج1 ص277 و 276 وإرشاد الساري ج6 ص331 والبداية والنهاية ج4 ص127 و 128 وعمدة القاري ج16 ص268 وج 17 ص193 والمواهب اللدنية ج1 ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص499 وحاشية السندي على البخاري ج3 ص23 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص264 وراجع ص268 و 270 والروض الأنف ج3 ص280 وراجع: عيون الأثر ج2 ص76.
([452]) راجع: بالإضافة إلى المصادر التي ذكرناها في الهامش السابق: الإكتفاء ج2 ص188 وجوامع السيرة النبوية ج156 والروض الأنف ج3 ص385 وهامش صحيح مسلم ج7 ص150 وإرشاد الساري ج6 ص158 وصحيح البخاري ج2 ص200 وفتح الباري ج7 ص93 و 94 وشرح النووي على صحيح مسلم ج16 ص22 وشذرات الذهب ج1 ص11 وحدائق الأنوار ج2 ص598 و 599 والثقات ج1 ص279 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص263. ومجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص212 إلى غير ذلك من المصادر الكثيرة التي لا مجال، بل لا حاجة لتتبعها، واستقصائها.
([453]) مرآة الجنان ج1 ص10 وتاريخ الخميس ج1 ص499 والإكتفاء ج2 ص188 = = والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص249 والبداية والنهاية ج4 ص129 و 130 وبهجة المحافل ج1 ص276 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص263.
([454]) إرشاد الساري ج6 ص158 وفتح الباري ج7 ص93 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص128 وراجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص270 وراجع: لسان العرب ج6 ص313.
([455]) الروض الأنف ج3 ص286 وصحيح البخاري ج2 ص200 والبداية والنهاية ج4 ص128 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص247.
([456]) راجع: الهامش السابق.
([457]) الروض الأنف ج3 ص286.
([458]) إرشاد الساري ج6 ص158.
([459]) المواهب اللدنية ج1 ص118.
([460]) عمدة القاري ج16 ص268 وفتح الباري ج7 ص93.
([461]) راجع: فتح الباري ج937.
([462]) راجع: لسان العرب ج6 ص313.
([463]) الروض الأنف ج3 ص286 وعيون الأثر ج2 ص77 و 78 وشرح بهجة المحافل ج1 ص276 وفتح الباري ج7 ص94 عن كتاب: العتيبة.
([464]) الروض الأنف ج3 ص286 وعيون الأثر ج2 ص77 و 78 وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص276.
([465]) الروض الأنف ج3 ص286.
([466]) عيون الأثر ج2 ص77 و 78.
([467]) فتح الباري ج7 ص94.
([468]) الآية 54 من سورة الأعراف والآية 3 من سورة يونس والآية2 من سورة الرعد والآية59 من سورة الفرقان والآية4 من سورة السجدة والآية4 من سورة الحديد.
([469]) فتح الباري ج7 ص94.
([470]) راجع: جوامع السيرة النبوية ص156 والروض الأنف ج3 ص285 وهامش صحيح مسلم ج7 ص150 وإرشاد الساري ج6 ص158 وعمدة القاري ج16 ص268 وفتح الباري ج7 ص93 و 94 وشرح النووي على صحيح مسلم ج16 ص22 وشرح بهجة المحافل ج1 ص277 والمواهب اللدنية ج1 ص118 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والسيرة الحلبية ج2 ص344 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص28 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص246 و 278 ولسان العرب ج6 ص313.
([471]) تاريخ الإسلام (المغازي) ج2 ص267 و 268 وراجع ص269.
([472]) المغازي للواقدي ج2 ص526 و 527 والسيرة الحلبية ج2 ص344.
([473]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص527 والسيرة الحلبية ج2 ص345 وإمتاع الأسماع ج1 ص252.
([474]) إمتاع الأسماع ج1 ص252 وراجع: الثقات لابن حبان ج1 ص278.
([475]) إمتاع الأسماع ج1 ص252 وتاريخ الخميس ج1 ص500 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص20. والثقات ج1 ص279.
([476]) البداية والنهاية ج4 ص129.
([477]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص528 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص263 وإرشاد الساري ج6 ص159 وعيون الأثر ج2 ص76 وعمدة القاري ج16 ص268 وج17 ص193 عن الترمذي، وطبقات ابن سعد وفتح الباري ج7 ص94 والإكتفاء ج2 ص188 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص248 والبداية والنهاية ج4 ص129 وقال: إسناده جيد، والمواهب اللدنية ج1 ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص499 عن ابن سعد، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والسيرة الحلبية ج2 ص344 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص265 وراجع ص268 وشرح بهجة المحافل ج1 ص278.
([478]) إعلام الورى ص94.
([479]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص20 والثقات ج1 ص279 وإمتاع الأسماع ج1 ص252.
([480]) راجع: وسائل الشيعة (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص149.
([481]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص270.
([482]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص268.
([483]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص528 وتاريخ الخميس ج1 ص499 عن ابن سعد، والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والسيرة الحلبية ج2 ص344 وعمدة القاري ج16 ص268 والروض الأنف ج3 ص280 والمواهب اللدنية ج1 ص118.
([484]) الثقات لابن حبان ج1 ص279 وإمتاع الأسماع ج1 ص252.
([485]) إمتاع الأسماع ج1 ص252.
([486]) تاريخ الخميس ج1 ص500.
([487]) عيون الأثر ج2 ص76 وصحيح البخاري ج2 ص200 وصحيح مسلم ج7 ص150 و 151 راجع: سيرة مغلطاي ص57 ومرآة الجنان ج1 ص10 والطبقات الكبير لابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص78 والبداية والنهاية ج4 ص129 وشرح بهجة المحافل ج1 ص278 والمواهب اللدنية ج1 ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص500 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص271 السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص248 و 249 والسيرة الحلبية ج2 ص345 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20.
([488]) المغازي للواقدي ج2 ص529 وإمتاع الأسماع ج1 ص253 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص263 والبداية والنهاية ج4 ص127 و 128 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص29 و 30 وتاريخ الخميس ج1 ص500 والمـواهب اللدنيـة ج1 = = ص118 والإكتفاء ج2 ص188. وراجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص264 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 والسيرة الحلبية ج2 ص344 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص245.
([489]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص263 وراجع: الروض الأنف ج3 ص280 والبداية والنهاية ج4 ص128 والإكتفاء ج2 ص188 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص269 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص246 والسيرة الحلبية ج2 ص344.
([490]) السيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 عن ابن سعد، وأبي نعيم.
([491]) شرح بهجة المحافل ج1 ص277.
([492]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص268.
([493]) الروض الأنف ج3 ص281 والبداية والنهاية ج4 ص128 وشرح بهجة المحافل ج1 ص277 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص265 والسيرة الحلبية ج2 ص345 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص30.
([494]) شرح بهجة المحافل ج1 ص277.
([495]) السيرة الحلبية ج2 ص345 وشرح بهجة المحافل ج1 ص277.
([496]) السيرة الحلبية ج2 ص345.
([497]) إمتاع الأسماع ج1 ص253 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص20. والسيرة الحلبية ج2 ص345.
([498]) الآية 29 من سورة الفتح.
([499]) راجع: مجمع الزوائد ج6 ص138 وراجع: مسند أحمد ج6 ص142 والكامل في التاريخ ج2 ص187 والبداية والنهاية ج4 ص124 وتاريخ الخميس ج1 ص499 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص266 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص253 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص238 وراجع: بهجة المحافل ج1 ص276.
([500]) راجع هذا الكتاب ج6 ص266 و 273.
([501]) تاريخ الإسلام (المغازي) ص270.
([502]) المغازي للواقدي ج2 ص527.
([503]) السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص264 والبداية والنهاية ج4 ص130 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص277 وإمتاع الأسماع ج1 ص252 وتاريخ الخميس ج1 ص500 والإكتفاء ج2 ص188 و 189 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص345 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص249 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص20 وفيه: أنه لما احتمل على نعشه بكت أمه، وقالت: الخ.. وتاريخ الإسلام (المغازي) ص267 و 268 وراجع ص269.
([504]) راجع: هذا الكتاب ج7 ص275 ـ 283.
([505]) البداية والنهاية ج4 ص136 وسبل الهدى ج5 ص32 والإكتفاء ج2 ص189 و 190 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص260.
([506]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص31 والبداية والنهاية ج4 ص130 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص282 و 286.
([507]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص530 و 531.
([508]) قد ذكر هذا القول مستنداً إليه، أو بلفظ قيل، في المصادر التالية: سيرة مغلطاي ص55 وفتح الباري ج7 ص332 والبدء والتاريخ ج4 ص214 والسيرة الحلبية ج2 ص278 والجامع للقيرواني ص281 وأنساب الأشراف ج1 ص341 والثقات ج1 ص263 وحبيب السير ج1 ص357 وزاد المعاد ج2 ص112 وطبقات ابن سعد ج2 ص63 وبه جزم الذهبي في تاريخ الإسلام (المغازي) ص214 والمغازي للواقدي ج1 ص404 ونهاية الأرب ج17 ص164 والمواهب اللدنية ج1 ص108. وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص297 والبداية والنهاية ج4 ص156 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص44 و 45 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص258 و 260 والإصابة ج4 ص465.
([509]) راجع هذا القول في المصادر التالية: تاريخ مختصر الدول ص95 والسيرة الحلبية ج2 ص279 والجامع للقيرواني ص283 وسيرة مغلطاي ص55 عن البخاري، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص33 وفتح الباري ج7 ص332 وبهجة= = المحافل ج1 ص241 عن ابن إسحاق، وقال: "الخندق على الأصح سنة أربع" وشذرات الذهب ج1 ص11 والكامل في التاريخ ج2 ص192 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص260 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص164 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص302 ونهاية الأرب ج17 ص164 عن ابن إسحاق والمواهب اللدنية ج1 ص108 مثله والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص297 والبداية والنهاية ج4 ص156 عن ابن إسحاق أيضاً وكذا في دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص46 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص258 والإصابة ج4 ص265.
([510]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص279 وراجع: سيرة مغلطاي ص55 والمواهب اللدنية ج1 ص108 عن ابن عقبة، وصحيح البخاري ج3 ص24 عنه أيضاً، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص197 والبداية والنهاية ج4 ص156 كلاهما عن ابن عقبة، وفتح الباري ج7 ص332.
([511]) السيرة الحلبية ج2 ص279 والمواهب اللدنية ج1 ص108 وبهجة المحافل ج1 ص241.
([512]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص231 والكامل في التاريخ ج2 ص177 والتنبيه والأشرف ص217 ومروج الذهب ج2 ص289 وطبقات ابن سعد (ط ليدن) ج2 ق1 ص81 وج 8 ص125 و 126 و 157 وصفة الصفوة ج2 ص46 ووفاء الوفاء ج1 ص310 وفتح الباري ج8 ص351 عن الواقدي وتاريخ الخميس ج1 ص500 و 501 و 267 ونقله أيضاً عن أسد الغابة والمنتقى والبداية والنهاية ج4 ص145 عن قتادة، والواقدي، وبعض أهل المدينة والبيهقي، والسيرة الحلبية ج2 ص293 عن إمتاع الأسماع عن بعض أهل الأخبار. ثم أشكل عليه بما ورد في حديث الإفك وسيأتي عدم صحة ذلك.
([513]) البداية والنهاية ج4 ص145.
([514]) حديث عائشة مع مصادره في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب ص83 وحديث أم سلمة تقدم في هذا الجزء في الحديث عن توبة أبي لبابة.
([515]) راجع: فتح الباري ج8 ص360.
([516]) تاريخ الخميس ج1 ص470 وسيرة مغلطاي ص55 والتنبيه والإشراف ص215 وطبقات ابن سعد ج2 ص63.
([517]) الجامع للقيرواني ص283.
([518]) السيرة الحلبية ج2 ص278.
([519]) تاريخ الخميس ج1 ص470.
([520]) راجع ما تقدم في المصادر التالية، وبعض ما فيها يكمل البعض الآخر: طبقات ابن سعد ج2 ص63 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص302 303 وتاريخ الخميس ج1 ص470 والسيرة الحلبية ج2 ص278 و 279 وسيرة مغلطاي ص55 ونهاية الأرب ج17 ص164 والمواهب اللدنية ج1 ص108 و 109 والبداية والنهاية ج4 ص156 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص297 والكامل في التاريخ ج2 ص192 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص260 وأنساب الأشراف ج1 ص341 و 342 وحبيب السير ج1 ص357 وزاد المعاد ج2 ص112 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص214 و 215 والمغازي للواقدي ج1 ص404 و 405 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص46 و 47 وبهجة المحافل ج1 ص241.
([521]) تاريخ الخميس ج1 ص270.
([522]) زاد المعاد ج2 ص112 والمغازي للواقدي ج2 ص405 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 وطبقات ابن سعد ج2 ص63.
([523]) المغازي للواقدي ج2 ص405.
([524]) السيرة الحلبية ج2 ص279 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص266 وزاد المعاد ج2 ص112 وفي المغازي للواقدي ج1 ص506 أن عمر هو الذي قال: "يا رسول الله، اضرب عنقه. فقدمه فضرب عنقه".
([525]) السيرة الحلبية ج2 ص279 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص215.
([526]) النص المتقدم يوجد في: تاريخ الخميس ج1 ص470 ويوجد أيضاً باختصار أو بتفصيل في المصادر التالية: السيرة الحلبية ج2 ص279 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص33 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص260 والكامل في التاريخ ج2 ص192 والوفا ص692 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص164 وراجع: أنساب الأشراف ج1 ص341 والثقات ج1 ص263 و 264 والتنبيه والإشراف ص215 وحبيب السير ج1 ص357 وزاد المعاد ج2 ص112 و 113 وفتح الباري ج7 ص333 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص46 ـ 48 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص302 و 303 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص214 و 215 والمغـازي للواقـدي ج1 ص406 و 407 ونهاية الأرب ج17 ص164 = = و 165 والمواهب اللدنية ج1 ص109 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص297 و 298 والبداية والنهاية ج4 ص156 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 وبهجة المحافل ج1 ص241.
([527]) راجع: طبقات ابن سعد ج2 ص64 وراجع: المغازي للواقدي ج1 ص410 و 411 و 412 وفي نهاية الأرب ج17 ص165 ملخص عنه.
([528]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص410 و 411 و 412.
([529]) أنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص341 و 342
([530]) تاريخ الخميس ج1 ص473 والسيرة الحلبية ج2 ص291 وسيرة مغلطاي ص55 والتنبيه والإشراف ص215 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص65 ونهاية الأرب ج17 ص165 والمواهب اللدنية ج1 ص110.
([531]) تاريخ الخميس ج1 ص473 والسيرة الحلبية ج2 ص291 وطبقات ابن سعد ج2 ص65.
([532]) حبيب السير ج1 ص357.
([533]) راجع: البداية والنهاية ج4 ص156 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص297 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 والسيرة الحلبية ج2 ص279 وزاد المعاد ج2 ص112 والسيرة النبويـة لابن هشـام ج3 ص302 ونهايـة الأرب = = ج17 ص164 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص33 ويظهر منه أنه يرجح ولاية أبي ذر، لكونه ذكر نميلة بلفظ قيل.
([534]) الجامع للقيرواني ص283.
([535]) أمالي الطوسي (ط سنة 1414 نشر دار الثقافة ـ قم إيران) ص384 المجلس الثالث عشر وصحيح مسلم ج6 ص6 و 7 وسنن النسائي ج6 ص255 وسنن أبي داود، كتاب الوصايا ح 4.
([536]) حبيب السير ج1 ص357.
([537]) أنساب الأشراف ج1 ص342 وثمة مصادر أخرى.
([538]) السيرة الحلبية ج2 ص279 والمغازي للواقدي ج1 ص407 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص297 والبداية والنهاية ج4 ص92 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص48.
([539]) تاريخ الأمم والملوك ج2 ص263 وحبيب السير ج1 ص358 والمغازي للواقدي ج1 ص407 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص306 والبداية والنهاية ج4 ص158 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص302 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص48.
([540]) حبيب السير ج1 ص358 والمغازي للواقدي ج1 ص407 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص48.
([541]) راجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص266.
([542]) السيرة الحلبية ج2 ص279.
([543]) السيرة الحلبية ج2 ص285 وراجع: حبيب السير ج1 ص358 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص215 والمغازي للواقدي ج2 ص409 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص47.
([544]) راجع المصادر التالية: المغازي للواقدي ج1 ص407 و 408 تاريخ الخميس ج1 ص470 و 471 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 والكامل في التاريخ ج2 ص192 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص33 والبداية والنهاية ج4 ص156 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص298 وراجع: الإصابة ج3 ص603.
([545]) تاريخ الخميس ج1 ص473 والسيرة الحلبية ج2 ص285 والكامل في التاريخ ج2 ص194 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص263 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص164 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص305 و 306 والبداية والنهاية ج4 ص156 و 157 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص298 والمغازي للواقدي ج1 ص408 وبهجة المحافل ج1 ص241 و 242.
([546]) السيرة الحلبية ج2 ص285 وراجع: تاريخ ابن الوردي ج1 ص164 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص298 والبداية والنهاية ج4 ص156.
([547]) الآية 93 من سورة النساء.
([548]) بهجة المحافل ج1 ص242 والدر المنثور ج2 ص195.
([549]) الدر المنثور ج2 ص196 عن أحمد، وسعيد بن منصور، والنسائي، وابن ماجة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، والنحاس في ناسخه. وحديث آخر عن ابن عباس أيضاً في الدر المنثور ج2 ص196 عن عبد بن حميد، والبخاري، وابن جرير.
([550]) راجع: الدر المنثور ج2 ص195 عن ابن جرير، وابن المنذر، وعن ابن أبي حاتم، والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس، وعن سعيد بن جبير، وراجع: الإصابة ج3 ص603 وشرح بهجة المحافل ج1 ص242 عن تفسير البغوي.
([551]) راجع: الدر المنثور ج2 ص195 و 196 عن ابن أبي حاتم، وعن البيهقي في شعب الإيمان، وراجع: الإصابة ج3 ص603 وشرح بهجة المحافل ج1 ص242 عن تفسير البغوي.
([552]) غار الرجل: نام في نصف النهار.
([553]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص470 و 471 والمغازي للواقدي ج1 ص407 و 408 والسيرة الحلبية ج2 ص285 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص33 والكامل في التاريخ ج2 ص192 وطبقات ابن سعد ج2 ص64 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص215 والمواهب اللدنية ج1 ص109 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص298 والبداية والنهاية ج4 ص156 وفتح الباري ج5 ص23 وصحيح البخاري ج2 ص54 وصحيح مسلم ج5 ص139 وشرح النووي على صحيح مسلم ج12 ص36 وأنساب الأشراف ج1 ص342.
([554]) طبقات ابن سعد ج2 ص64 والمغازي للواقدي ج1 ص407 وراجع: دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص48 وفتح الباري ج7 ص333.
([555]) وراجع أيضاً: السيرة الحلبية ج2 ص280.
([556]) السيرة الحلبية ج2 ص280.
([557]) الأموال ص197 و 198 و 199 والإيضاح ص249 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص549 وسنن البيهقي ج9 ص73 و 74 ونيل الأوطار ج8 ص150 والمسترشد في إمامة علي "عليه السلام" ص115 وقضاء أمير المؤمنين "عليه السلام" ص264 والمصنف للصنعاني ج10 ص103 و 105 وج 7 ص278 و 279 والنظم الإسلامية ص463.
([558]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص139.
([559]) الإيضاح ص249.
([560]) راجع: المصنف للصنعاني ج8 ص380 و 381 وج 9 ص168 وراجع: المسترشد في إمامة علي "عليه السلام" ص115.
([561]) السيرة الحلبية ج2 ص280 وكشف اليقين ص136 وفيه: أن علياً "عليه السلام" أيضاً قتل مالكاً وابنه.
([562]) تاريخ الخميس ج1 ص474 وراجع: الإصابة ج4 ص266.
([563]) الإصابة ج4 ص266 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص265 والمواهب اللدنية ج1 ص207.
([564]) الإصابة ج4 ص265 عن ابن سعد، عن الواقدي.
([565]) راجع: ما تقدم كلاً أو بعضاً في المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص474 والسيرة الحلبية ج2 ص280، وراجع المصادر التالية: الإصابة ج4 ص265 وكراهته "صلى الله عليه وآله" الخروج من عند برة في ص26 عن صحيح مسلم. وتاريخ اليعقوبي ج2 ص53 والوفا ص692 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص258 ـ 261 والكامل في التاريخ ج2 ص192 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص164 وحبيب السير ج1 ص358 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص64 والمغازي للواقدي ج1 ص410 ـ 412 وراجع: نهاية الأرب ج17 ص165 وراجع: المواهب اللدنية ج1 ص207 وأنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص341.
([566]) المغازي للواقدي ج1 ص413.
([567]) تاريخ الخميس ج1 ص474 وراجع: السيرة الحلبية ج2 ص280 والروض الأنف ج4 ص19 والإصابة ج4 ص250 و 251 و 265 و 313 و 411 و 417 و 266 عن صحيح مسلم والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ص261 و 314 و 319 و 405.
([568]) السيرة الحلبية ج2 ص280 وراجع: المغازي للواقدي ج1 ص410 ـ 412 وراجع: طبقات ابن سعد ج2 ص64.
([569]) تاريخ الخمس ج1 ص474 والسيرة الحلبية ج2 ص280 وراجع ص283. وراجع المصادر التالية: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 والإصابة ج4 ص265 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص266 وسيرة مغلطاي ص55 ونهاية الأرب ج18 ص183.
وراجع: بعض ما تقدم أو كله في: الكامل في التاريخ ج2 ص192 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص164 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص264 والتنبيه والإشراف ص215 وحبيب السير ج1 ص358 وزاد المعاد ج2 ص113 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص307 و 308 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص217 والمغازي للواقدي ج1 ص411 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص302.
وراجع: البداية والنهاية ج4 ص159 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص49 و 50 وبهجة المحافل ج1 ص245 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص53 والمواهب اللدنية ج1 ص207 عن أبي داود.
([570]) المغازي للواقدي ج1 ص412.
([571]) المغازي للواقدي ج1 ص412 والبداية والنهاية ج4 ص159 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص303.
([572]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص267 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص50.
([573]) السيرة الحلبية ج2 ص2383 وطبقات ابن سعد ج2 ص64 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص50 والمغازي للواقدي ج1 ص412.
([574]) الثقات ج1 ص263 وطبقات ابن سعد ج2 ص64 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص50 والمغازي للواقدي ج1 ص412 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص303 والبداية والنهاية ج4 ص159.
([575]) أنساب الأشراف ج1 ص341 و 342.
([576]) تاريخ الخميس ج1 ص474 والسيرة الحلبية ج2 ص282 و 283 والمواهب اللدنية ج1 ص207 وستأتي بقية المصادر لذلك.
([577]) الجامع للقيرواني ص284 وراجع: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص266.
([578]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص53.
([579]) المغازي للواقدي ج1 ص412.
([580]) تاريخ الخميس ج1 ص474 و 475 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص308 والسيرة الحلبية ج2 ص282 و 283 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص303 والبداية والنهاية ج4 ص159 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص51 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص267.
([581]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص267 وراجع: كشف اليقين ص136 المناقب لابن شهرآشوب (ط دار الأضواء) ج1 ص253.
([582]) راجع المصادر المتقدمة باستثناء دحلان.
([583]) تاريخ الخميس ج1 ص274 والسيرة الحلبية ج2 ص280.
([584]) حبيب السير ج1 ص358.
([585]) المغازي للواقدي ج1 ص412.
([586]) تقدمت مصادر ذلك حين ذكرنا للتناقضات والاختلافات تحت رقم 2.
([587]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص280 و 281 و 282 وفي 285 عن جويرية نفسها ما يدل على ذلك.
([588]) تاريخ الخميس ج1 ص474.
([589]) وقد تقدمت مصادر ذلك، في أوائل الحديث عن جويرية، فراجع.
([590]) راجع: الإصابة ج4 ص250 و 251 و 254 و 411 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص251 و 252 و 405 وغير ذلك كثير.
([591]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص53.
([592]) الإصابة ج4 ص265.
([593]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص282.
([594]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص53.
([595]) تاريخ الخميس ج1 ص475.
([596]) ادَّعى البعض: أن جهجاهاً كان يريد أن يملأ قرباً للنبي "صلى الله عليه وآله"، وأبي بكر وعمر فوجد الناس يزدحمون على الماء، فأمرهم بالإمساك ليملأ القرب المذكورة، فنازعه أنصاري كان أجيراً لابن أبي: السيرة النبوية لدحلان ج1 ص270.
([597]) السيرة الحلبية ج2 ص286.
([598]) الآية 7 من سورة المنافقون.
([599]) صحيح البخاري ج3 ص130 و 131 والجامع الصحيح ج5 ص415.
([600]) الآيتان 14 و 15 من سورة الجاثية.
([601]) راجع ما تقدم، باختصار أو بتفصيل في المصادر التالية: تاريخ الخميس ج1 ص471 و 472 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص299 ـ 301 والبداية والنهاية ج4 ص157 و 158 وسيرة مغلطاي ص55 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص33 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص303 ـ 305 والسيرة الحلبية ج2 ص286 ـ 288 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص218 ـ 221 والكامل في التاريخ ج2 ص192 و 193 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص260 ـ 262 وفتح الباري ج8 ص498 وزاد المعاد ج2 ص116 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص164 و 165 وحبيب السير ج1 ص359 وطبقات ابن سعد ج2 ص65 والمواهب اللدنية ج1 = = ص110 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص52 ـ 58 وصحيح البخاري ج3 ص130 و 131 والجامع الصحيح ج5 ص515 ـ 518 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص270 و 271 وبهجة المحافل وشرحه ج1 ص242 ـ 244 وتقسير البرهان ج4 ص337 و 338 والدر المنثور ج6 ص222 ـ 226 عن مصادر كثيرة جداً. وراجع أيضاً ج2 ص258 عن ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن قتادة.
([602]) السيرة الحلبية ج2 ص294 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص263 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص305 والبداية والنهاية ج4 ص158 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص301.
([603]) تاريخ الخميس ج1 ص472 عن المنتقي والكشاف، والسيرة الحلبية ج2 ص290 و 291.
وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص301 والبداية والنهاية ج4 ص58 وراجع: الدر المنثور ج6 ص226 عن عبد بن حميد عن محمد بن سيرين.
([604]) تاريخ الخميس ج1 ص472 وراجع: الدر المنثور ج6 ص225 عن الترمذي.
([605]) السيرة الحلبية ج2 ص290 وراجع: الدر المنثور ج6 ص225 عن الترمذي.
([606]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص472 والسيرة الحلبية ج1 ص291 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص272 والدر المنثور ج6 ص225 عن الطبراني عن أسامة بن زيد، وراجع ما عن الحميدي عن أبي هارون المدني، أو ما عن ابن المنذر عن ابن جريج.
([607]) السيرة الحلبية ج2 ص291 وسيرة مغلطاي ص55 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص262 وحبيب السير ج1 ص359 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص305.
([608]) تاريخ الخميس ج1 ص472 والسيرة الحلبية ج2 ص291 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص305 وراجع: تاريخ الإسلام (المغازي) ص220 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص300 و 301 والبداية والنهاية ج4 ص158 وبهجة المحافل ج1 ص243.
([609]) الآية 12 من سورة الحاقة.
([610]) السيرة الحلبية ج2 ص291 وسيرة مغلطاي ص56.
([611]) تاريخ الخميس ج1 ص473 عن معالم التنزيل. وراجع: بهجة المحافل ج1 ص244 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص301 والبداية والنهاية ج4 ص158 والدر المنثور ج6 ص222 ـ 226.
([612]) الآية 1 من سورة المنافقون.
([613]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص271.
([614]) تاريخ الخميس ج1 ص473 عن معالم التنزيل والمدارك. وبهجة المحافل ج1 ص244.
([615]) راجع: بالإضافة إلى المصادر المتقدمة: الدر المنثور ج6 ص222 و 223 عن ابن سعد، وعبد بن حميد، والطبراني، وابن المنذر، والحاكم والترمذي وصححاه، وابن مردويه، وابن عساكر، والبيهقي في الدلائل.
([616]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص557.
([617]) راجع: بالإضافة إلى المصادر التي تقدمت للرواية: الدر المنثور ج6 ص223 عن ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه.
([618]) فتح الباري ج8 ص497.
([619]) السيرة النيوبة لدحلان ج1 ص271.
([620]) الدر المنثور ج6 ص34 و 35 عن أبي داود في تاريخه وابن جرير، وابن المنذر.
([621]) الدر المنثور ج6 ص34 عن عبد بن حميد.
([622]) الدر المنثور ج6 ص35 عن ابن جرير، وابن الأنباري في المصاحف.
([623]) الدر المنثور ج6 ص34 عن ابن جرير، وابن مردويه.
([624]) الآية 1 من سورة الحجرات.
([625]) راجع: الدر المنثور ج6 ص226 عن محمد بن سيرين.
([626]) الدر المنثور ج6 ص84 عن عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
([627]) الدر المنثور ج6 ص84 عن ابن أبي الدنيا في الأضاحي.
([628]) وراجع أيضاً: الدر المنثور ج6 ص224 عن عبد بن حميد، وابن المنذر.
([629]) تاريخ الخميس ج1 ص472 وإرشاد الساري ج8 ص251 وفتح الباري ج8 ص251 والدر المنثور ج3 ص264.
([630]) الآية 12من سورة الحاقة.
([631]) الدر المنثور ج6 ص258 عن البيهقي، وابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه عن ابن الزبير، وعن أحمد عن عمر.
([632]) الدر المنثور ج6 ص258 و 260 عن ابن الضريس، والنحاس، وابن مردويه والبيهقي، عن ابن عباس.
وفي الدر المنثور أيضاً: عن ابن مردويه، عن ابن الزبير وفيه أيضاً عن أحمد، عن عمرو: أنها نزلت قبل أن يسلم عمر.
([633]) الآيتان 11 و 12 من سورة الحاقة.
([634]) راجع هذه الروايات أو بعضها في المصادر التالية: مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص318 و 319 و 365 وجامع البيان ج29 ص35 و 36 مناقب الإمام أمير المؤمنين لمحمد بن سليمان ج1 ص196 و 142 و 158 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص413 عن ابن أبي حاتم، والطبري. وفرائد السمطين ج1 ص198 و 199 و 200 وشواهد التنزيل ج2 ص360 و 380 وفي هامشه مصادر كثيرة جداً، وترجمة علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق، بتحقيق المحمودي ج2 ص422 وحلية الأولياء ج1 ص67 وكنز العمال (ط الهند) ج15 ص119 و 157 عن ابن عساكر وأبي نعيم في المعرفة وعن الضياء المقدسي في المختارة، وابن مردويه وأسباب النزول ص339 = = والكشاف ج4 ص600 والعمدة لابن البطريق ص289 و 290 وراجع: مجمع الزوائد ج1 ص131، وإن كان قد حذف ذلك الحديث والتفسير الكبير ج30 ص107 وكفاية الطالب ص108 و 109 و 110 ولباب التأويل (مطبوع مع جامع البيان) ج29 ص31 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص264 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج ص48 والبحر المحيط ج8 ص317 والفصول المهمة لابن الصباغ ص107 ولباب النقول ص225 وروح المعاني ج29 ص43 ونور الأبصار ج78 وينابيع المودة ص120. وفتح الملك العلي ص22 و 23 وشرح المقاصد ج5 ص297 والمناقب للخوارزمي ص282 و 283 ومحاضرات الأدباء ج1 ص39 وج 4 ص447 ونظم درر السمطين ص92 وأهل البيت لتوفيق أبي علم ص225 و 226 وخصائص الوحي المبين ص154 ـ 157 وكشف الغمة ج1 ص322 ومجمع البيان ج10 ص345 و 346 والبحار ج35 ص326 ـ 331 وغاية المرام ص336 وأنساب الأشراف ج2 ص121 (بتحقيق المحمودي) وتفسير فرات ص500 و 501 وتفسير البرهان ج4 ص375 و 376 وفضائل الخمسة ج1 ص272 ـ 274 والدر المنثور ج6 ص260 عن ابن عساكر، وابن النجار، وابن جرير، وابن مردويه وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وسعيد بن منصور، والواحدي، وأبي نعيم، وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج3 ص147 ـ 154 ج14 ص220 و 241 وج20 ص92 و 97 عن أكثر من تقدم وعن المصادر التالية: شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج4 ص319 وج2 ص263، وإعراب ثلاثين سورة ص103 ومناقب مرتضوي ص36 والكواكب الدرية للمناوي ص39 والذريعة (للراغب) ص92 وتوضيح الدلائل (مخطوط) ص169 و 210 وتاريخ دمشق ج2 ص423 وج 36 ص77 وعن لسان الميزان ج6 ص376 وسعد السعود ص108 وما نزل من القرآن في علي (لأبي نعيم) ص266 و 286 ومنال الطالب ص85 وغاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام ص72 ونهاية البيان في تفسير البرهان ج8 ص40 والإمام = = المهاجر ص158 ومطالب السؤل ص20 والكشف والبيان (مخطوط) ومفتاح النجا (مخطوط) ص40 و 41 وأرجح المطالب ص161 و 160 و 63 والإربعين للسيد عطاء الله (مخطوط) ص27 وطبقات المالكية ج2 ص72 وشرح ديوان أمير المؤمنين للميبدي (مخطوط) ص180 والمختار في مناقب الأخيار ص3 مخطوط. والروض الأزهر ص108 والكاف الشاف ص177 ومعترك الأقران في إعجاز القرآن ج2 ص36 ووسيلة النجاة ص136 و 156 والتعريف والإعلام ص67 (مخطوط). ومناقب علي للعيني ص55 وسمط النجوم ج2 ص504 وزين الفتى (مخطوط) ص605 وجمع الجوامع ج2 ص308 وتفسير الثعلبي (مخطوط) ص201.
([635]) شرح المواقف ج8 ص370.
([636]) السيرة الحلبية ج2 ص291.
([637]) الدر المنثور ج6 ص223 عن الطبراني.
([638]) الدر المنثور ج6 ص223 عن ابن المنذر.
([639]) الدر المنثور ج6 ص225 عن عبد بن حميد.
([640]) راجع: الدر المنثور ج6 ص226 عن عبد بن حميد، وعن محمد بن سيرين.
([641]) راجع: الجامع الصحيح ج5 ص417 والسيرة الحلبية ج2 ص286 و 287 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص557 وفتح الباري ج8 ص494 عن النسائي، عن زيد بن أرقم. وعن عبد بن حميد بسند صحيح عن سعيد بن جبير، والدر المنثور ج6 ص224 عن عبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
([642]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص473.
([643]) تاريخ الخميس ج1 ص473 عن المدارك ومعالم التنزيل، وبهجة المحافل ج1 ص244.
([644]) السيرة الحلبية ج2 ص286 و 287.
([645]) دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص56 وفي هامشه قال: (نقله ابن عبد البر مختصراً في الدرر 189). وراجع: فتح الباري ج8 ص495 والإصابة ج1 ص79 عن الحاكم في الإكليل.
([646]) الإصابة ج1 ص79.
([647]) الإصابة ج1 ص79 عن الحاكم في الإكليل.
([648]) السيرة الحلبية ج2 ص287.
([649]) صحيح البخاري ج3 ص130.
([650]) الدر المنثور ج6 ص223 عن ابن سعد، وعبد بن حميد، والترمذي وصححه، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم وصححه، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر.
([651]) راجع: الدر المنثور ج6 ص223 وفتح الباري ج8 ص494.
([652]) فتح الباري ج8 ص494.
([653]) الدر المنثور ج6 ص224 عن عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
([654]) الإصابة ج1 ص560.
([655]) الإصابة ج2 ص335.
([656]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص270 و 271.
([657]) الشفاء للقاضي عياض ج1 ص126.
([658]) المواهب اللدنية ج1 ص292 و 293 والشفاء ج1 ص108 وصحيح مسلم ج8 ص23 والبداية والنهاية ج6 ص36 عن أحمد، ومسلم، ومسند أحمد ج6 ص171.
([659]) التاثت: أبطأت.
([660]) الإرشاد للمفيد ص288 ومناقب ابن شهرآشوب ج4 ص155 وإعلام الورى ص261 والفصول المهمة ص203 وبحار الأنوار ج46 ص71 و 76 و 91 وج61 ص215 و 216 والمحاسن ص361 والمحجة البيضاء ج4 ص235 والوسائل ج8 ص354 و 355 و 396.
([661]) الوسائل (ط المكتبة الإسلامية) ج8 ص354 و 396 والمحاسن للبرقي ج2 ص109 والبحار ج61 ص204.
([662]) الوسائل ج8 ص353 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص393 والبحار ج61 ص212.
([663]) الوسائل ج8 ص395 و 396 والمحاسن ج2 ص109 والخصال ج2 ص518 والبحار ج46 ص70 و 91 وج 61 من 206 وعن ثواب الأعمال ص46.
([664]) الآية 74 من سورة التوبة.
([665]) الدر المنثور ج3 ص258 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
([666]) راجع: الإصابة ج3 ص32 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص487 والدر المنثور ج3 ص258 عن عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ.
([667]) الدر المنثور ج3 ص258 و 259 عن ابن أبي حاتم، عن ابن عباس، وعن ابن إسحاق، وابن أبي حاتم عن كعب بن مالك. وعن عبد الرزاق وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبي الشيخ عن عروة. وعن عبد الرزاق، عن ابن سيرين والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص487 عن ابن إسحاق، وعبد الرزاق، وغيره.
([668]) الدر المنثور ج3 ص258 عن ابن أبي حاتم.
([669]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص487.
([670]) الدر المنثور ج3 ص258 و 259 عن ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن أنس. وعن ابن المنذر، وأبي الشيخ عن ابن سيرين.
([671]) الدر المنثور ج3 ص258 عن ابن جرير، والطبراني، وابن مردويه، وأبي الشيخ.
([672]) الإصابة ج3 ص32 وراجع الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص488.
([673]) الدر المنثور ج3 ص207 عن أبي الشيخ، عن ابن عباس.
([674]) الدر المنثور ج3 ص207 و 208 عن ابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن أبي داود في المصاحف، وابن المنذر، والنحاس في ناسخه وابن حبان، وأبي الشيخ، والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس ومستدرك الحاكم ج2 ص330 و 331 وتلخيصه للذهبي (مطبوع بهامشه) والبرهان للزركشي ج1 ص235 وراجع ص61 وفتح الباري ج9 ص37 و 39 وكنز العـمال (ط الهند) ج2 ص367 عمن ذكـرهم في الـدر = = المنثور آنفاً وعن أبي عبيد في فضائله وابن الأنباري في المصاحف، وأبي نعيم في المعرفة، وسعيد بن منصور وفواتح الرحموت (بهامش المستصفى) ج2 ص12 وعن أحمد، وأبي داود والترمذي، والنسائي، وابن حبان والحاكم ومشكل الآثار ج2 ص152 ومسند أحمد ج1 ص57 و 69 والسنن الكبرى ج2 ص42 وجواهر الاخبار والآثار (مطبوع مع البحر الزخار) ج2 ص245 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم القرآن للقطان ص142 والمرشد الوجيز لأبي شامة ص61 وعن أحكام القرآن للجصاص ج1 ص10.
([675]) الدر المنثور ج3 ص208 عن ابن أبي شيبة، والبخاري، والنسائي، وابن الضريس، وابن المنذر والنحاس في ناسخه، وأبي الشيخ، وابن مردويه، عن البراء.
([676]) فتح الباري ج8 ص498.
([677]) مسند أحمد ج1 ص226.
([678]) الدر المنثور ج6 ص226 عن عبد بن حميد، عن محمد بن سيرين.
([679]) الدر المنثور ج6 ص225 عن سعيد بن منصور، والبخاري، ومسلم، والترمذي، وابن المنذر، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل عن جابر.
([680]) الجمل للشيخ المفيد ص103
([681]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص400 وعنه في قاموس الرجال ج2 ص471 و 472.
([682]) الإصابة ج1 ص253 والإسيتعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص253.
([683]) السيرة الحلبية ج2 ص287 وأشار إلى ذلك في تاريخ الإسلام للذهبي (المغازى) ص219 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص271 وراجع المغازي للواقدي ج2 ص418 وسبل الهدي وإرشاد ج4 ص292.
([684]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص287.
([685]) الشفاء لعياض ج1 ص313 وشرح الشفاء للقاري ج1 ص365.
([686]) البداية والنهاية ج6 ص140. والشفاء ج1 ص313 و 314 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص525 عن أبي داود ج2 ص369 وعن النسائي في الكبير، كما في التحفة ج6 ص405 وشرح الشفاء للقاري ج1 ص366 عن الحاكم والطبراني وأبي نعيم.
([687]) الشفاء ج1 ص315 والمواهب اللدنية ج1 ص368 وسبل الهدى والرشاد ج7 ص406 عن السهيلي وشرح الشفاء للقاري ج1 ص367 عن أبي حيان وعن الروض الأنف، وأبي نعيم، وابن عساكر، وغيرهم والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص716، والبداية والنهاية ج6 ص151 و 10.
([688]) الشفاء ج1 ص315.
([689]) راجع: الشفاء لعياض ج1 ص309 ـ 315 والمواهب اللدنية ج1 ص366 ـ 369.