الكتاب : الكشاف
المؤلف : أبو القاسم محمود بن عمرو بن أحمد، الزمخشري جار الله (المتوفى : 538هـ)
مصدر الكتاب : موقع التفاسير
http://www.altafsir.com
[ الكتاب مرقم آليا غير موافق للمطبوع ، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير ]
وقيل : جاءت عشية ثم صبحتهم . وعن عكرمة : من أصابته جدّرته وهو أوّل جدري ظهر . وقرىء : "ألم تر" بسكون الراء للجد في إظهار أثر الجازم : والمعنى : أنك رأيت أثار فعل الله بالحبشة ، وسمعت الأخبار به متواترة ، فقامت لك مقام المشاهدة . و { كَيْفَ } في موضع نصب بفعل ربك ، لا بألم تر؛ لما في { كَيْفَ } من معنى الاستفهام { فِى تَضْلِيلٍ } في تضييع وإبطال . يقال : ضلل كيده ، إذا جعله ضالاً ضائعاً . ومنه قوله تعالى : { وَمَا كَيْدُ الكافرين إِلاَّ فِى ضلال } [ غافر : 25 ] وقيل : لامريء القيس : الملك الضليل؛ لأنه ضلل ملك أبيه ، أي : ضيعه ، يعني : أنهم كادوا البيت أوّلاً ببناء القليس ، وأرادوا أن ينسخوا أمره بصرف وجوه الحاج إليه ، فضلل كيدهم بإيقاع الحريق فيه؛ وكادوه ثانياً بإرادة هدمه ، فضلل بإرسال الطير عليهم { أَبَابِيلَ } حزائق ، الواحدة : إبالة . وفي أمثالهم : ضغث على إبالة ، وهي : الحزمة الكبيرة ، شبهت الحزقة من الطير في تضامّها بالإبالة . وقيل : أبابيل مثل عباديد ، وشماطيط لا واحد لها ، وقرأ أبو حنيفة رحمه الله : "يرميهم" أي : الله تعالى أو الطير ، لأنه اسم جمع مذكر؛ وإنما يؤنث على المعنى . وسجيل : كأنه علم للديوان الذي كتب فيه عذاب الكفار ، كما أن سجيناً علم لديوان أعمالهم ، كأنه قيل : بحجارة من جملة العذاب المكتوب المدوّن ، واشتقاقه من الإسجال وهو الإرسال؛ لأنّ العذاب موصوف بذلك ، وأرسل عليهم طيراً ، { فأرسلنا عليهم الطوفان } [ الأعراف : 133 ] . وعن ابن عباس رضي الله عنهما : من طين مطبوخ كما يطبخ الآجر . وقيل : هو معرب من سنككل . وقيل : من شديد عذابه؛ ورووا بيت ابن مقبل :
ضَرْباً تَوَاصَتْ بِهِ الأَبْطَالُ سِجِّيلاَ ... وإنما هو سجينا ، والقصيدة نونية مشهورة في ديوانه؛ وشبهوا بورق الزرع إذا أكل ، أي : وقع فيه الأكال : وهو أن يأكله الدود . أو بتبن أكلته الدواب وراثته ، ولكنه جاء على ما عليه آداب القرآن ، كقوله : { كَانَا يَأْكُلاَنِ الطعام } [ المائدة : 75 ] أو أريد : أكل حبه فبقي صفراً منه .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1343 ) " من قرأ سورة الفيل أعفاه الله أيام حياته من الخسف والمسخ " .
(7/327)

لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)
{ لإيلاف قُرَيْشٍ } متعلق بقوله : { فَلْيَعْبُدُواْ } أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين فإن قلت : فلم دخلت الفاء؟ قلت : لما في الكلام من معنى الشرط لأن المعنى : إما لا فليعبدوه لإيلافهم ، على معنى : أنّ نعم الله عليهم لا تحصى ، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه ، فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة . وقيل : المعنى : عجبوا لإيلاف قريش . وقيل : هو متعلق بما قبله ، أي : فجعلهم كعصف مأكول لإيلاف قريش ، وهذا بمنزلة التضمين في الشعر : وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقاً لا يصحّ إلاّ به ، وهما في مصحف أبيّ سورة واحدة ، بلا فصل . وعن عمر : أنه قرأهما في الثانية من صلاة المغرب . وقرأ في الأولى : "والتين" . والمعنى أنه أهلك الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك ، فيتهيبوهم زيادة تهيب ، ويحترموهم فضل احترام ، حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتهم ، فلا يجترىء أحد عليهم ، وكانت لقريش رحلتان؛ يرحلون في الشتاء إلى اليمن ، وفي الصيف إلى الشام ، فيمتارون ويتجرون ، وكانوا في رحلتيهم آمنين لأنهم أهل حرم الله وولاة بيته ، فلا يتعرّض لهم ، والناس غيرهم يتخطفون ويغار عليهم ، والإيلاف من قولك : آلفت المكان أولفه إيلافاً : إذا ألفته ، فأنا مألف . قال :
مِنَ الْمُؤْلِفَاتِ الرَّهْوِ غَيْرِ الأوَاركِ ... وقرىء : "لئلاف قريش" أي : لمؤالفة قريش . وقيل : يقال : ألفته إلفاً وإلافاً . وقرأ أبو جعفر : "لإلف قريش" ، وقد جمعهما من قال :
زَعَمْتُمْ أَنْ إخْوَتَكُمْ قُرَيْشٌ ... لَهُمْ إلْفٌ وَلَيْسَ لَكُمْ إلاَفُ
وقرأ عكرمة : "ليألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف" . وقريش : ولد النضر بن كنانة سموا بتصغير القرش : وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن ، ولا تطاق إلاّ بالنار . وعن معاوية أنه سأل ابن عباس رضي الله عنهما : بم سميت قريش؟ قال : بدابة في البحر تأكل ولا تؤكل ، وتعلو ولا تعلى . وأنشد :
وَقُرَيْشٌ هِيَ الَّتِي تَسْكُنُ ... الْبَحْرَ بِهَا سُمِّيَتْ قُرَيْشٌ قُرَيْشاً
والتصغير للتعظيم . وقيل : من القرش وهو الكسب : لأنهم كانوا كسابين بتجاراتهم وضربهم في البلاد . أطلق الإيلاف ثم أبدل عنه المقيد بالرحلتين ، تفخيماً لأمر الإيلاف ، وتذكيراً بعظم النعمة فيه؛ ونصب الرحلة بإيلافهم مفعولاً به ، كما نصب ( يتيماً ) بإطعام ، وأراد رحلتي الشتاء والصيف ، فأفرد لأمن الإلباس ، كقوله :
كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُ . . . . . . ... وقرىء : "رحلة" بالضم : وهي الجهة التي يرحل إليها : والتنكير في { جُوعٍ } و { خوْفٍ } لشدتهما ، يعني : أطعمهم بالرحلتين من جوع شديد كانوا فيه قبلهما ، وآمنهم من خوف عظيم وهو خوف أصحاب الفيل ، أو خوف التخطف في بلدهم ومسايرهم . وقيل : كانوا قد أصابتهم شدّة حتى أكلوا الجيف والعظام المحرقة ، وآمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم . وقيل : ذلك كله بدعاء إبراهيم صلوات الله عليه . ومن بدع التفاسير : وآمنهم من خوف ، من أن تكون الخلافة في غيرهم . وقرىء : "من خوف" بإخفاء النون .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1344 ) " من قرأ سورة لإيلاف قريش أعطاه الله عشر حسنات بعدد من طاف بالكعبة واعتكف بها " .
(7/328)

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)
قرىء : "أريت" ، بحذف الهمزة ، وليس بالاختيار؛ لأنّ حذفها مختص بالمضارع ، ولم يصحّ عن العرب : ريت ، ولكن الذي سهل من أمرها وقوع حرف الاستفهام في أوّل الكلام . ونحوه :
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِرَاعٍ ... رَدَّ فِي الضَّرْعِ مَا قَرَى فِي الْحِلاَبِ
وقرأ ابن مسعود : "أرأيتك" بزيادة حرف الخطاب ، كقوله : { أرأيتك هذا الذي كرّمت عليّ } [ الإسراء : 62 ] والمعنى : هل عرفت الذي يكذب بالجزاء من هو؟ إن لم تعرفه { فَذَلِكَ الذى } يكذب بالجزاء ، هو الذي { يَدُعُّ اليتيم } أي : يدفعه دفعاً عنيفاً بجفوة وأذى ، ويردّه ردّاً قبيحاً بزجر وخشونة . وقرىء : "يدع" أي : يترك ويجفو { وَلاَ يَحُضُّ } ولا يبعث أهله على بذل طعام المسكين ، جعل علم التكذيب بالجزاء منع المعروف والإقدام على إيذاء الضعيف ، يعني : أنه لو آمن بالجزاء وأيقن بالوعيد ، لخشي الله تعالى وعقابه ولم يقدم على ذلك ، فحين أقدم عليه : علم أنه مكذب ، فما أشدّه من كلام ، وأما أخوفه من مقام . وما أبلغه في التحذير من المعصية وأنها جديرة بأن يستدلّ بها على ضعف الإيمان ورخاوة عقد اليقين ، ثم وصل به قوله { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ } كأنه قال : فإذا كان الأمر كذلك ، فويل للمصلين الذين يسهون عن الصلاة قلة مبالاة بها ، حتى تفوتهم أو يخرج وقتها ، أو لا يصلونها كما صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم والسلف ولكن ينقرونها نقراً من غير خشوع وإخبات ولا اجتناب لما يكره فيها : من العبث باللحية والثياب وكثرة التثاؤب والالتفات ، لا يدري الواحد منهم عن كم انصرف ، ولا ما قرأ من السور ، وكما ترى صلاة أكثر من ترى الذين عادتهم الرياء بأعمالهم ومنع حقوق أموالهم . والمعنى : أن هؤلاء أحق بأن يكون سهوهم عن الصلاة - التي هي عماد الدين ، والفارق بين الإيمان والكفر والرياء الذي هو شعبة من الشرك ، ومنع الزكاة التي هي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام - علماً على أنهم مكذبون بالدين . وكم ترى من المتسمين بالإسلام ، بل من العلماء منهم من هو على هذه الصفة ، فيا مصيبتاه . وطريقة أخرى : أن يكون { فَذَلِكَ } عطفاً على { الذى يُكَذّبُ } إمّا عطف ذات على ذات ، أوصفة على صفة ، ويكون جواب { أَرَءَيْتَ } محذوفاً لدلالة ما بعده عليه ، كأنه قيل : أخبرني ، وما تقول فيمن يكذب بالجزاء؟ وفيمن يؤذي اليتيم ولا يطعم المسكين؟ أنِعم ما يصنع؟ ثم قال : { فَوَيْلٌ لّلْمُصَلّينَ } أي : إذا علم أنه مسىء ، فويل للمصلين ، على معنى : فويل لهم ، إلا أنه وضع صفتهم موضع ضميرهم؛ لأنهم مع التكذيب وما أضيف إليهم ساهين عن الصلاة مرائين ، غير مزكين أموالهم . فإن قلت : كيف جعلت المصلين قائماً مقام ضمير الذي يكذب ، وهو واحد؟ قلت : معناه الجمع ، لأنّ المراد به الجنس .
(7/329)

فإن قلت : أيّ فرق بين قوله : { عَن صلاتهم } وبين قولك : ( في صلاتهم ) ؟ قلت : معنى : ( عن ) : أنهم ساهون عنها سهو ترك لها وقلة التفات إليها؛ وذلك فعل المنافقين أو الفسقة الشطار من المسلمين . ومعنى ( في ) : أنّ السهو يعتريهم فيها بوسوسة شيطان أو حديث نفس ، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم .
( 1345 ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته فضلاً عن غيره؛ ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم . وعن أنس رضي الله عنه : الحمد لله على أن لم يقل في صلاتهم . وقرأ ابن مسعود : "لاهون" فإن قلت : ما معنى المراآة قلت : هي مفاعلة من الإراءة ، لأنّ المرائي يري الناس عمله ، وهم يرونه الثناء عليه والإعجاب به ، ولا يكون الرجل مرائياً بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة ، فمن حقّ الفرائض الإعلان بها وتشهيرها ، لقوله عليه الصلاة السلام :
( 1346 ) " ولا غمة في فرائض الله " لأنها أعلام الإسلام وشعائر الدين؛ ولأن تاركها يستحق الذمّ والمقت ، فوجب إماطة التهمة بالإظهار؛ وإن كان تطوعاً ، فحقه أن يخفي ، لأنه مما لا يلام برتكه ولا تهمة فيه؛ فإن أظهره قاصداً للاقتداء به كان جميلاً ، وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين ، فيثنى عليه بالصلاح . وعن بعضهم : أنه رأى رجلاً في المسجد قد سجد سجدة الشكر وأطالها ، فقال : ما أحسن هذا لو كان في بيتك؛ وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة؛ على أن اجتناب الرياء صعب إلاّ على المرتاضين بالإخلاص . ومن ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1347 ) " الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة المظلمة على المسح الأسود " { الماعون } الزكاة ، قال الراعي :
قِوْمٌ عَلَى الإسْلاَمِ لما يَمْنَعُوا ... مَاعُونَهُمْ وِيُضَيِّعُوا التَّهْلِيلاَ
وعن ابن مسعود : ما يتعاور في العادة من الفأس والقدر والدلو والمقدحة ونحوها . وعن عائشة الماء والنار والملح؛ وقد يكون منع هذه الأشياء محظوراً في الشريعة إذا استعيرت عن اضطرار ، وقبيحاً في المروءة في غير حال الضرورة .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1348 ) " من قرأ سورة أرأيت غفر الله له إن كان للزكاة مؤديا " .
(7/330)

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)
( 1349 ) في قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنا أنطيناك" بالنون . وفي حديثه صلى الله عليه وسلم :
( 1350 ) " وانطوا الثبجة " والكوثر فوعل من الكثرة وهو المفرط الكثرة . وقيل لأعرابية رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك؟ قالت : آب بكوثر . وقال :
وَأَنْتَ كَثِيرٌ يَا ابْنَ مَرْوَانَ طَيِّبٌ ... وَكَانَ أَبُوكَ ابْنَ الْعَقَائِلِ كَوْثَرَا
وقيل : ( الكوثر ) نهر في الجنة . وعن النبي صلى الله عليه وسلم :
( 1351 ) أنه قرأها حين أنزلت عليه فقال : " أتدرون ما الكوثر؟ إنه نهر في الجنة وعدنيه ربي ، فيه خير كثير " وروي في صفته :
( 1352 ) " أحلى من العسل ، وأشدّ بياضاً من اللبن ، وأبرد من الثلج ، وألين من الزبد؛ حافتاه الزبرجد ، وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء " وروي :
( 1353 ) " لا يظمأ من شرب منه أبداً : أول وارديه : فقراء المهاجرين : الدنسو الثياب ، الشعث الرؤوس ، الذين لا يزوجون المنعمات ، ولا تفتح لهم أبواب السدد ، يموت أحدهم وحاجته تتلجلج في صدره ، لو أقسم على الله لأبرّه " وعن ابن عباس أنه فسر الكوثر بالخير الكثير ، فقال له سعيد بن جبير : إن ناساً يقولون : هو نهر في الجنة! فقال : هو من الخير الكثير . والنحر : نحر البدن؛ وعن عطية : هي صلاة الفجر بجمع ، والنحر بمنى . وقيل : صلاة العيد والتضحية . وقيل : هي جنس الصلاة . والنحر : وضع اليمين على الشمال ، والمعنى : أعطيت ما لا غاية لكثرته من خير الدارين الذي لم يعطه أحد غيرك ، ومعطي ذلك كله أنا إله العالمين ، فاجتمعت لك الغبطتان السنيتان : إصابة أشرف عطاء ، وأوفره ، من أكرم معط وأعظم منعم؛ فاعبد ربك الذي أعزّك بإعطائه ، وشرفك وصانك من منن الخلق ، مراغماً لقومك الذين يعبدون غير الله ، وانحر لوجهه وباسمه إذا نحرت ، مخالفاً لهم في النحر للأوثان ( إن ) من أبغضك من قومك لمخالفتك لهم { هُوَ الأبتر } لا أنت؛ لأنّ كل من يولد إلى يوم القيامة من المؤمنين فهم أولادك وأعقابك ، وذكرك موفوع على المنابر والمنار ، وعلى لسان كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر ، يبدأ بذكر الله ويثني بذكرك ، ولك في الآخرة ما لا يدخل تحت الوصف ، فمثلك لا يقال له أبتر : وإنما الأبتر هو شانئك المنسي في الدنيا والآخرة ، وإن ذكر ذكر باللعن . وكانوا يقولون : إنّ محمداً صنبور : إذا مات مات ذكره . وقيل : نزلت في العاص بن وائل ، وقد سماه الأبتر ، والأبتر : الذي لا عقب له . ومنه الحمار الأبتر الذي لا ذنب له .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1354 ) " من قرأ سورة الكوثر سقاه الله من كل نهر في الجنة ويكتب له عشر حسنات بعدد كل قربان قربه العباد في يوم النحر أو يقربونه " .
(7/331)

قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)
المخاطبون كفرة مخصوصون قد علم الله منهم أنهم لا يؤمنون . روي أنّ رهطاً من قريش قالوا : يا محمد ، هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة ، فقال : "معاذ الله أن أشرك بالله غيره" فقالوا : فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك ، فنزلت؛ فغدا إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رؤوسهم فقرآها عليهم . فأيسوا . { لاَ أَعْبُدُ } أريدت به العبادة فيما يستقبل ، لأنّ "لا" لا تدخل إلاّ على مضارع في معنى الاستقبال ، كما أن "ما" لا تدخل إلاّ على مضارع في معنى الحال ، ألا ترى أن "لن" تأكيد فيما تنفيه "لا" . وقال الخليل في "لن" : أنّ أصله "لا أن" والمعنى : لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ، ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلب منكم من عبادة إلهي { وَلا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ } أي : وما كنت قطّ عابداً فيما سلف ما عبدتم فيه يعني : لم تعهد مني عبادة صنم في الجاهلية ، فكيف ترجى مني في الإسلام { وَلاَ أَنتُمْ عابدون مَا أَعْبُدُ } أي : وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته . فإن قلت : فهلا قيل : ما عبدت ، كما قيل : ما عبدتم؟ قلت : لأنهم كانوا يعبدون الأصنام قبل المبعث ، وهو لم يكن يعبد الله تعالى في ذلك الوقت . فإن قلت : فلم جاء على "ما" دون "من"؟ قلت : لأن المراد الصفة ، كأنه قال : لا أعبد الباطل ، ولا تعبدون الحق . وقيل : إن "ما" مصدرية ، أي : لا أعبد عبادتكم ، ولا تعبدون عبادتي { لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِىَ دِينِ } لكم شرككم ، ولي توحيدي . والمعنى : أني نبيّ مبعوث إليكم لأدعوكم إلى الحق والنجاة ، فإذا لم تقبلوا مني ولم تتبعوني ، فدعونى كفافاً ولا تدعوني إلى الشرك .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1355 ) " من قرأ سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت منه مردة الشياطين ، وبرىء من الشرك ويعافي من الفزع الأكبر " .
(7/332)

إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)
{ إِذَا جَاء } منصوب بسبح ، وهو لما يستقبل . والاعلام بذلك قبل كونه من أعلام النبوّة . روي أنها نزلت في أيام التشريق بمنى في حجة الوداع . فإن قلت : ما الفرق بين النصر والفتح حتى عطف عليه؟ قلت : النصر الإغاثة والإظهار على العدوّ . ومنه : نصر الله الأرض غاثها . والفتح : فتح البلاد والمعنى نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم على العرب أو على قريش وفتح مكة وقيل : جنس نصر الله للمؤمنين وفتح بلاد الشرك عليهم . وكان فتح مكة لعشر مضين من شهر رمضان سنة ثمان ، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف من المهاجرين والأنصار وطوائف العرب ، وأقام بها خمس عشرة ليلة ، ثم خرج إلى هوازن ، وحين دخلها
( 1356 ) وقف على باب الكعبة ، ثم قال : " لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده " ، ثم قال : " يا أهل مكة ، ما ترون أني فاعل بكم؟ " قالوا : خيراً أخ كريم وابن أخ كريم" . قال : " اذهبوا فأنتم الطلقاء " ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان الله تعالى أمكنه من رقابهم عنوة ، وكانوا له فيئاً ، فلذلك سمى أهل مكة الطلقاء ، ثم بايعوه على الإسلام { فِى دِينِ الله } في ملة الإسلام التي لا دين له يضاف إليه غيرها { وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ } [ آل عمران : 85 ] . { أَفْوَاجاً } جماعات كثيفة كانت تدخل فيه القبيلة بأسرها بعد ما كانوا يدخلون فيه واحداً واحداً واثنين اثنين . وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه :
( 1357 ) أنه بكى ذات يوم ، فقيل له . فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " دخل الناس في دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا " وقيل : أراد بالناس أهل اليمن . وقال أبو هريرة :
( 1358 ) لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الله أكبر جاء نصر الله والفتح ، وجاء أهل اليمن : قوم رقيقة قلوبهم ، الإيمان يمان ، والفقه يمان ، والحكمة يمانية " وقال :
( 1359 ) " أجد نفير ربكم من قبل اليمن " وعن الحسن : لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أقبلت العرب بعضها على بعض ، فقالوا : أما إذ ظفر بأهل الحرم فليس به يدان ، وقد كان الله أجارهم من أصحاب الفيل وعن كل من أرادهم ، فكانوا يدخلون في الإسلام أفواجاً من غير قتال . وقرأ ابن عباس : فتح الله والنصر . وقرىء : "يدخلون" على البناء للمفعول . فإن قلت : ما محل يدخلون؟ قلت : النصب إما على الحال ، على أن رأيت بمعنى أبصرت أو عرفت . أو هو مفعول ثانٍ على أنه بمعنى علمت { فَسَبّحْ بِحَمْدِ رَبّكَ } فقل سبحان الله : حامداً له ، أي : فتعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببالك وبال أحد من أن يغلب أحد على أهل الحرم ، واحمده على صنعه .
(7/333)

أو : فاذكره مسبحاً حامداً ، زيادة في عبادته والثناء عليه ، لزيادة إنعامه عليك . أو فصل له . روت أمّ هانيء :
( 1360 ) أنه لما فتح باب الكعبة صلى صلاة الضحى ثماني ركعات ، وعن عائشة :
( 1361 ) كان عليه الصلاة والسلام يكثر قبل موته أن يقول : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أستغفرك وأتوب إليك " ، والأمر بالاستغفار مع التسبيح تكميل للأمر بما هو قوام أمر الدين : من الجمع بين الطاعة والاحتراس من المعصية ، ليكون أمره بذلك مع عصمته لطفاً لأمته ، ولأنّ الاستغفار من التواضع لله وهضم النفس ، فهو عبادة في نفسه . وعن النبي صلى الله عليه وسلم :
( 1362 ) " إني لأستغفر في اليوم والليلة مائة مرة " وروي :
( 1363 ) أنه لما قرآها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أصحابه استبشروا وبكى العباس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما يبكيك يا عم"؟ قال : نعيت إليك نفسك . قال : "إنها لكما تقول" فعاش بعدها سنتين لم ير فيهما ضاحكاً مستبشراً ، وقيل :
( 1364 ) إن ابن عباس هو الذي قال ذلك؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أوتي هذا الغلام علماً كثيراً " وروي :
( 1365 ) أنها لما نزلت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن عبداً خيره الله بين الدنيا وبين لقائه ، فاختار لقاء الله " ، فعلم أبو بكر رضي الله عنه ، فقال : فديناك بأنفسما وأموالنا وآبائنا وأولادنا .
( 1366 ) وعن ابن عباس أن عمر رضي الله عنهما كان يدينه ويأذن له مع أهل بدر ، فقال عبد الرحمن : أتأذن لهذا الفتى معنا وفي آبائنا من هو مثله؟ فقال إنه ممن قد علمتم . قال ابن عباس : فأذن لهم ذات يوم ، وأذن لي معهم ، فسألهم عن قول الله تعالى : { إِذَا جَاء نَصْرُ الله } ولا أراه سألهم إلاّ من أجلي؛ فقال بعضهم : أمر الله نبيه إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب إليه؛ فقلت : ليس كذلك ، ولكن نعيت إليه نفسه؛ فقال عمر : ما أعلم منها إلاّ مثل ما تعلم ، ثم قال : كيف تلومونني عليه بعدما ترون؟ وعن النبي صلى الله عليه وسلم :
( 1367 ) أنه دعا فاطمة رضي الله عنها فقال : " يا بنتاه إنه نعيت إليّ نفسي " ، فبكت ، فقال : " لا تبكي ، فإنك أوّل أهلي لحوقاً بي " وعن ابن مسعود أنّ هذه السورة تسمى سورة التوديع { كَانَ تَوَّاباً } أي : كان في الأزمنة الماضية منذ خلق المكلفين تواباً عليهم إذا استغفروا ، فعلى كل مستغفر أن يتوقع مثل ذلك .
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1368 ) " من قرأ سورة إذا جاء نصر الله أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد يوم فتح مكة " .
(7/334)

تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
التباب : الهلاك . ومنه قولهم : أشابة أم تابة؟ أي : هالكة من الهرم والتعجيز . والمعنى : هلكت يداه ، لأنه فيما يروى : أخذ حجراً ليرمي به رسول الله صلى الله عليه وسلم { وَتَبَّ } وهلك كله . أو جعلت يداه هالكتين . والمراد : هلاك جملته ، كقوله تعالى : { بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ } [ الحج : 10 ] ومعنى : { وَتَبَّ } : وكان ذلك وحصل ، كقوله :
جَزَانِي جَزَاهُ اللَّهُ شَرَّ جَزَائِه ... جَزَاءَ الْكلاَبِ الْعَاوِيَاتِ وَقَدْ فَعَلْ
ويدلّ عليه قراءة ابن مسعود : "وقد تب" وروي :
( 1369 ) أنه لما نزل { وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأقربين } [ الشعراء : 214 ] رقى الصفا وقال : يا صباحاه ، فاستجمع إليه الناس من كل أوب . فقال : " يا بني عبد المطلب ، با بني فهر ، إن أخبرتكم أنّ بسفح هذا الجبل خيلاً أكنتم مصدقيَّ " ؟ قالوا : نعم؛ قال : " فإني نذير لكم بين يدي الساعة " ؛ فقال أبو لهب : تباً لك ، ألهذا دعوتنا؟ فنزلت . فإن قلت : لم كناه ، والتكنية تكرمة؟ قلت : فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يكون مشتهراً بالكنية دون الاسم ، فقد يكون الرجل معروفاً بأحدهما ، ولذلك تجري الكنية على الاسم ، أو الاسم على الكنية عطف بيان ، فلما أريد تشهيره بدعوة السوء ، وأن تبقى سمة له ، ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ "يدا أبو لهب" ، كما قيل : علي بن أبو طالب . ومعاوية بن أبو سفيان؛ لئلا يغير منه شيء فيشكل على السامع ، ولفليتة بن قاسم أمير مكة ابنان ، أحدهما : عبد الله - بالجرّ ، والآخر عبد الله بالنصب . كان بمكة رجل يقال له : عبد الله - بجرّة الدال ، لا يعرف إلاّ هكذا . والثاني : أنه كان اسمه عبد العزّى ، فعدّل عنه إلى كنيته . والثالث : أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب ، وافقت حاله كنيته؛ فكان جديراً بأن يذكر بها . ويقال : أبو لهب ، كما يقال : أبو الشر للشرير . وأبو الخير للخير ، وكما كنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا المهلب : أبا صفرة ، بصفرة في وجهه . وقيل : كنى بذلك لتهلب وجنتيه وإشراقهما ، فيجوز أن يذكر بذلك تهكماً به ، وبافتخاره بذلك . وقرىء : "أبي لهب" بالسكون . وهو من تغيير الأعلام ، كقولهم : شمس بن مالك بالضم { مَا أغنى } استفهام في معنى الإنكار ، ومحله النصب أو نفي { وَمَا كَسَبَ } مرفوع . وما موصولة أو مصدرية بمعنى : ومكسوبه . أو : وكسبه . والمعنى : لم ينفعه ماله وما كسب بماله ، يعني : رأس المال والأرباح . أو ماشيته وما كسب من نسلها ومنافعها ، وكان ذا سابياء . أو ماله الذي ورثه من أبيه والذي كسبه بنفسه . أو ماله التالد والطارف . وعن ابن عباس : ما كسب ولده . وحكي أن بني أبي لهب احتكموا إليه ، فاقتتلوا ، فقام يحجز بينهم ، فدفعه بعضهم فوقع فغضب ، فقال : أخرجوا عني الكسب الخبيث ، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :
(7/335)

" إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " وعن الضحاك : ما ينفعه ماله وعمله الخبيث ، يعني كيده في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وعن قتادة : عمله الذي ظنّ أنه منه على شيء ، كقوله : { وَقَدِمْنَا إلى مَا عَمِلُواْ مِنْ عَمَلٍ } [ الفرقان : 23 ] وروي أنه كان يقول : إن كان ما يقول ابن أخي حقاً فأنا أفتدي منه نفسي بمالي وولدي "سيصلى" قرىء : بفتح الياء وبضمها مخففاً ومشدداً ، والسين للوعيد ، أي : هو كائن لا محالة وإن تراخى وقته { وامرأته } هي أم جميل بنت حرب أخت أبي سفيان ، وكانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنثرها بالليل في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل : كانت تمشى بالنميمة ويقال : للمشاء بالنمائم المفسد بين الناس : يحمل الحطب بينهم ، أي : يوقد بينهم النائرة ويورث الشرّ . قال :
مِنَ الْبِيضِ لَمْ تَصْطَدْ عَلَى ظَهْرِ لَأْمَةٍ ... وَلَمْ تَمْشِ بَيْنَ الْحَيِّ بالْحَطَبِ الرَّطْبِ
جعله رطباً ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشرّ ، ورفعت عطفاً على الضمير في { سيصلى } أي : سيصلى هو وامرأته . و { فِى جِيدِهَا } في موضع الحال ، أو على الابتداء ، وفي جيدها : الخبر . وقرىء : "حمالة الحطب" بالنصب على الشتم؛ وأنا أستحب هذه القراءة وقد توسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجميل : من أحب شتم أم جميل . وقرىء : "حمالة الحطب" و"حمالة للحطب" : بالتنوين ، بالرفع والنصب . وقرىء : "ومريته" بالتصغير . المسد : الذي فتل من الحبال فتلاً شديداً ، من ليف كان أو جلد ، أو غيرهما . قال :
وَمَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ ... ورجل ممسود الخلق مجدوله . والمعنى : في جيدها حبل مما مسد من الحبال ، وأنها تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها في جيدها كما يفعل الحطابون : تخسيساً لحالها ، وتحقيراً لها ، وتصويراً لها بصورة بعض الحطابات من المواهن ، لتمتعض من ذلك ويمتعض بعلها؛ وهما في بيت العزّ والشرف . وفي منصب الثروة والجدة . ولقد عيّر بعض الناس الفضل بن العباس ابن عتبة ابن أبي لهب بحمالة الحطب ، فقال :
مَاذَا أَرَدْتَ إلَى شَتْمِي وَمَنْقَصَتِي ... أَمْ مَا تَعَيَّرُ مِنْ حَمَّالَةِ الْحَطَب
ِ غَرَّاءَ شَادِخَةٍ فِي الْمَجْدِ غُرَّتُهَا ... كَانَتْ سَلِيلَةَ شَيْخٍ نَاقِبِ الحَسَبِ
ويحتمل أن يكون المعنى : أنّ حالها تكون في نار جهنم على الصورة التي كانت عليها حين كانت تحمل حزمة الشوك؛ فلا تزال على ظهرها حزمة من حطب النار من شجرة الزقوم أو من الضريع وفي جيدها حبل من ما مسد من سلاسل النار؛ كما يعذب كل مجرم بما يجانس حاله في جرمه .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1370 ) " من قرأ سورة تبت رجوت أن لا يجمع الله بينه وبين أبي لهب في دار واحدة " .
(7/336)

قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
{ هُوَ } ضمير الشأن ، و { الله أَحَدٌ } هو الشأن ، كقولك : هو زيد منطلق ، كأنه قيل : الشأن هذا ، وهو أن الله واحد لا ثاني له . فإن قلت : ما محل هو؟ قلت : الرفع على الابتداء والخبر الجملة . فإن قلت : فالجملة الواقعة خبراً لا بد فيها من راجع إلى المبتدأ ، فأين الراجع؟ قلت : حكم هذه الجملة حكم المفرد في قولك : "زيد غلامك" في أنه هو المبتدأ في المعنى ، وذلك أن قوله : { الله أَحَدٌ } هو الشأن الذي هو عبارة عنه ، وليس كذلك "زيد أبوه منطلق" فإن زيداً والجملة يدلان على معنيين مختلفين ، فلا بد مما يصل بينهما . وعن ابن عباس : قالت قريش : يا محمد ، صف لنا ربك الذي تدعونا إليه ، فنزلت : يعني : الذي سألتموني وصفه هو الله ، وأحد : بدل من قوله ، "الله" . أو على : هو أحد ، وهو بمعنى واحد ، وأصله وحد . وقرأ عبد الله وأبيّ : "هو الله أحد" بغير { قُلْ } وفي قراءة النبي صلى الله عليه وسلم : "الله أحد" بغير { قُلْ هُوَ } وقال من قرأ : الله أحد ، كان بعدل القرآن . وقرأ الأعمش : "قل هو الله الواحد" . وقرىء : "أحد الله" بغير تنوين : أسقط لملاقاته لام التعريف . ونحوه :
وَلاَ ذَاكِر اللَّهِ إلاّ قَلِيلاً ... والجيد هو التنوين ، وكسره لالتقاء الساكنين . و { الصمد } فعل بمعنى مفعول ، من صمد إليه إذا قصده ، وهو السيد المصمود إليه في الحوائج . والمعنى : هو الله الذي تعرفونه وتقرّون بأنه خالق السموات والأرض وخالقكم ، وهو واحد متوحد بالإلهية لا يشارك فيها ، وهو الذي يصمد إليه كل مخلوق ولا يستغنون عنه ، وهو الغني عنهم { لَمْ يَلِدْ } لأنه لا يجانس ، حتى يكون له من جنسه صاحبه فيتوالدا . وقد دلّ على هذا المعنى بقوله : { أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبة } [ الأنعام : 101 ] . { وَلَمْ يُولَدْ } لأنّ كل مولود محدث وجسم ، وهو قديم لا أوّل لوجوده وليس بجسم ولم يكافئه أحد ، أي : لم يماثله ولم يشاكله . ويجوز أن يكون من الكفاءة في النكاح ، نفياً للصاحبة : سألوه أن يصفه لهم ، فأوحى إليه ما يحتوى على صفاته ، فقوله : { هُوَ الله } إشارة لهم إلى من هو خالق الأشياء وفاطرها ، وفي طيّ ذلك وصفه بأنه قادر عالم؛ لأنّ الخلق يستدعي القدرة والعلم ، لكونه واقعاً على غاية إحكام واتساق وانتظام . وفي ذلك وصفه بأنه حيّ سميع بصير . وقوله : { أَحَدٌ } وصف بالوحدانية ونفي الشركاء . وقوله : { الصمد } وصف بأنه ليس إلاّ محتاجاً إليه ، وإذا لم يكن إلاّ محتاجاً إليه : فهو غني . وفي كونه غنياً مع كونه عالماً : أنه عدل غير فاعل للقبائح ، لعلمه بقبح القبيح وعلمه بغناه عنه . وقوله : { لَمْ يُولَدْ } وصف بالقدم والأوّلية .
(7/337)

وقوله : { لَمْ يَلِدْ } نفي للشبه والمجانسة . وقوله : { وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ } تقرير لذلك وبت للحكم به ، فإن قلت : الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم ، وقد نصّ سيبويه على ذلك في كتابه ، فما باله مقدّماً في أفصح كلام وأعربه؟ قلت : هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات الباري سبحانه؛ وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف ، فكان لذلك أهم شيء وأعناه ، وأحقه بالتقدم وأحراه . وقرىء : "كفؤاً" بضم الكاف والفاء . وبضم الكاف وكسرها مع سكون الفاء : فإن قلت : لم كانت هذه السورة عدل القرآن كله على قصر منها وتقارب طرفيها؟ قلت : لأمر ما يسود من يسود ، وما ذاك إلا لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده ، وكفى دليلاً من اعتراف بفضلها وصدق بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها : إنّ علم التوحيد من الله تعالى بمكان ، وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم : يشرف بشرفه ، ويتضع بضعته؛ ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته ، وما يجوز عليه وما لا يجوز ، فما ظنك بشرف منزلته وجلالة محله ، وإنافته على كل علم ، واستيلائه على قصب السبق دونه؛ ومن ازدراه فلضعف علمه بمعلومه ، وقلة تعظيمه له ، وخلوه من خشيته ، وبعده من النظر لعاقبته . اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك العاملين لك ، القائلين بعدلك وتوحيدك ، الخائفين من وعيدك . وتسمى سورة الأساس لاشتمالها على أصول الدين ، وروى : أبيّ وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم :
( 1371 ) " أسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو الله أحد " يعني ما خلقت إلاّ لتكون دلائل على توحيد الله ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1372 ) أنه سمع رجلاً يقرأ : قل هو الله أحد فقال : "وجبت" . قيل : يا رسول الله وما وجبت؟ قال : " وجبت له الجنة " .
(7/338)

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
الفلق والفرق : الصبح ، لأنّ الليل يفلق عنه ويفرق : فعل بمعنى مفعول . يقال في المثل : هو أبين من فلق الصبح ، ومن فرق الصبح . ومنه قولهم : سطع الفرقان ، إذا طلع الفجر . وقيل : هو كل ما يفلقه الله ، كالأرض عن النبات ، والجبال عن العيون ، والسحاب عن المطر ، والأرحام عن الأولاد ، والحب والنوى وغير ذلك . وقيل : هو واد في جهنم أوجب فيها من قولهم لما اطمأن من الأرض ، الفلق ، والجمع : فلقان . وعن بعض الصحابة أنه قدم الشأم فرأى دور أهل الذمّة وما هم فيه من خفض العيش وما وسع عليهم من دنياهم ، فقال : لا أبالى ، أليس من ورائهم الفلق؟ فقيل : وما الفلق؟ قال : بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدّة حرّه { مِن شَرّ مَا خَلَقَ } من شر خلقه . وشرّهم : ما يفعله المكلفون من الحيوان من المعاصي والمآثم ، ومضارة بعضهم بعضاً من ظلم وبغي وقتل وضرب وشتم وغير ذلك ، وما يفعله غير المكلفين منه من الأكل والنهش واللدع والعضّ كالسباع والحشرات ، وما وضعه الله في الموات من أنواع الضرر كالإحراق في النار والقتل في السم . والغاسق : الليل إذا اعتكر ظلامه من قوله تعالى : { إلى غسق الليل } [ الإسراء : 78 ] ومنه : غسقت العين امتلأت دمعاً ، وغسقت الجراحة : امتلأت دماً . ووقوبه : دخول ظلامه في كل شيء ، ويقال : وقبت الشمس إذا غابت . وفي الحديث :
( 1373 ) لما رأى الشمس قد وقبت قال : " هذا حين حلها ، يعني صلاة المغرب " وقيل : هو القمر إذا امتلأ ، وعن عائشة رضي الله عنها :
( 1374 ) أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأشار إلى القمر فقال : " تعوّذي بالله من شرّ هذا ، فإنه الغاسق إذا وقب " ووقوبه : دخوله في الكسوف واسوداده . ويجوز أن يراد بالغاسق : الأسود من الحيات : ووقبه : ضربه ونقبه . والوقب : النقب . ومنه : وقبة الثريد؛ والتعوّذ من شرّ الليل؛ لأن انبثاثه فيه أكثر ، والتحرّز منه أصعب . ومنه قولهم : الليل أخفى للويل . وقولهم : أغدر الليل؛ لأنه إذا أظلم كثر فيه الغدر وأسند الشرّ إليه لملابسته له من حدوثه فيه { النفاثات } النساء ، أو النفوس ، أو الجماعات السواحر اللاتي يعقدن عقداً في خيوط وينفثن عليها ويرقين : والنفث النفخ من ريق ، ولا تأثير لذلك ، اللهم إلاّ إذا كان ثم إطعام شيء ضار ، أو سقيه ، أو إشمامه . أو مباشرة المسحور به على بعض الوجوه؛ ولكن الله عزّ وجلّ قد يفعل عند ذلك فعلاً على سبيل الامتحان الذي يتميز به الثبت على الحقّ من الحشوية والجهلة من العوام ، فينسبه الحشوية والرعاع إليهنّ وإلى نفثهن ، والثابتون بالقول الثابت لا يلتفتون إلى ذلك ولا يعبئون به ، فإن قلت : فما معنى الاستعاذة من شرّهن؟ قلت : فيها ثلاثة أوجه ، أحدها : أن يستعاذ من عملهن الذي هو صنعة السحر ومن إثمهنّ في ذلك .
(7/339)

والثاني : أن يستعاذ من فتنتهنّ الناس عند نفثهن ، ويجوز أن يراد بهنّ النساء الكيادات ، من قوله : { إن كيدكن عظيم } [ يوسف : 28 ] تشبيهاً لكيدهن بالسحر والنفث في العقد . أو اللاتي يفتن الرجال بتعرضهنّ لهم ومحاسنهنّ ، كأنهنّ يسحرنهم بذلك { إِذَا حَسَدَ } إذا ظهر حسده ، وعمل بمقتضاه : من بغي الغوائل للمحسود ، لأنه إذا لم يظهر أثر ما أضمره فلا ضرر يعود منه على من حسده ، بل هو الضارّ لنفسه لاغتمامه بسرور غيره . وعن عمر بن عبد العزيز : لم أر ظالماً أشبه بالمظلوم من حاسد . ويجوز أن يراد بشرّ الحاسد : إثمه وسماجة حاله في وقت حسده ، وإظهاره أثره . فإن قلت : قوله : { مِن شَرّ مَا خَلَقَ } تعميم في كل ما يستعاذ منه ، فما معنى الاستعاذة بعده من الغاسق والنفاثات والحاسد؟ قلت : قد خص شرّ هؤلاء من كلّ شر لخفاء أمره ، وأنه يلحق الإنسان من حيث لا يعلم ، كأنما يغتال به . وقالوا : شر العداة المداجي الذي يكيدك من حيث لا تشعر . فإن قلت : فلم عرّف بعض المستعاذ منه ونكر بعضه؟ قلت : عرفت النفاثات ، لأن كل نفاثة شريرة ، ونكر غاسق ، لأنّ كل غاسق لا يكون فيه الشر ، إنما يكون في بعض دون بعض ، وكذلك كل حاسد لا يضرّ . ورب حسد محمود ، وهو الحسد في الخيرات . ومنه قوله عليه الصلاة والسلام :
( 1375 ) " لا حسد إلاّ في اثنتين " وقال أبو تمام :
وَمَا حَاسِدٌ فِي المَكْرُمَاتِ بِحَاسِدِ ... وقال :
إنَّ الْعُلاَ حَسَنٌ فِي مِثْلِهَا الْحَسَدُ ... عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1376 ) " من قرأ المعوّذتين فكأنما قرأ الكتب التي أنزلها الله تعالى كلها " .
(7/340)

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
قرىء : "قل أعوذ" بحذف الهمزة ونقل حركتها إلى اللام ، ونحوه . { فخذ أربعة } [ البقرة : 260 ] . فإن قلت : لم قيل { بِرَبّ الناس } مضافاً إليهم خاصة؟ قلت : لأنّ الاستعاذة وقعت من شرّ الموسوس في صدور الناس ، فكأنه قيل : أعوذ من شرّ الموسوس إلى الناس بربهم الذي يملك عليهم أمورهم ، وهو إلههم ومعبودهم ، كما يستغيث بعض الموالى إذا اعتراهم خطب بسيدهم ومخدومهم ووالي أمرهم . فإن قلت : { مَلِكِ الناس إله الناس } ما هما من رب الناس؟ قلت : هما عطف بيان ، كقولك : سيرة أبي حفص عمر الفاروق . بين بملك الناس ، ثم زيد بياناً بإله الناس ، لأنه قد يقال لغيره : رب الناس ، كقوله : { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أَرْبَاباً مّن دُونِ الله } [ التوبة : 31 ] وقد يقال : ملك الناس . وأمّا { إله الناس } فخاص لا شركة فيه ، فجعل غاية للبيان . فإن قلت : فهلا اكتفى بإظهار المضاف إليه الذي هو الناس مرّة واحدة؟ قلت : لأنّ عطف البيان للبيان ، فكان مظنة للإظهار دون الإضمار { الوسواس } اسم بمعنى الوسوسة ، كالزلزال بمعنى الزلزلة . وأمّا المصدر فوسواس بالكسر كزلزال . والمراد به الشيطان ، سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه ، لأنها صنعته وشغله الذي هو عاكف عليه . أو أريد ذو الوسواس . والوسوسة : الصوت الخفي . ومنه : وسواس الحلي . و { الخناس } الذي عادته أن يخنس ، منسوب إلى الخنوس وهو التأخر كالعواج والبتات ، لما روي عن سعيد بن جبير : إذا ذكر الإنسان ربه خنس الشيطان وولى ، فإذا غفل وسوس إليه { الذى يُوَسْوِسُ } يجوز في محله الحركات الثلاث ، فالجر على الصفة ، والرفع والنصب على الشتم ، ويحسن أن يقف القارىء على { الخناس } ويبتدىء { الذى يُوَسْوِسُ } على أحد هذين الوجهين { مِنَ الجنة والناس } بيان للذي يوسوس ، على أن الشيطان ضربان : جنى وإنسي ، كما قال { شياطين الإنس والجن } وعن أبي ذر رضي الله عنه قال لرجل : هل تعوذت بالله من شيطان الإنس؟ ويجوز أن يكون ( من ) متعلقاً بيوسوس ، ومعناه : ابتداء الغاية ، أي : يوسوس في صدروهم من جهة الجنّ ومن جهة الناس ، وقيل : من الجنّة والناس بيان للناس ، وأن اسم الناس ينطلق على الجنة ، واستدلّوا ( بنفر ) و ( رجال ) في سورة الجن . وما أحقه؛ لأن الجن سموا "جنا" لاجتنانهم ، والناس "ناساً" لظهورهم ، من الإيناس وهو الإبصار ، كما سموا بشراً؛ ولو كان يقع على الناس على القبيلين ، وصحّ ذلك وثبت : لم يكن مناسباً لفصاحة القرآن وبعده من التصنع . وأجود منه أن يراد بالناس : الناسي ، كقوله : { يَوْمَ يَدْعُ الداع } [ القمر : 6 ] كما قرىء : { مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ الناس } [ البقرة : 199 ] ثم يبين بالجنة والناس؛ لأنّ الثقلين هما النوعان الموصوفان بنسيان حق الله عزّ وجلّ .
وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( 1877 ) " لقد أنزلت عليّ سورتان ما أنزل مثلهما ، وإنك لن تقرأ سورتين أحب ولا أرضى عند الله منهما " يعني : المعوذتين . ويقال للمعوذتين : المقشقشتان .
(7/341)