إيقاظ النÙس:
يقول الأخ رمضاني: " لم تكن Øصيلة إطلاعي عن الشيعة إلاّ كأØد أبناء العامة، لأننا لا نقرأ تراث غيرنا من المذاهب وليس لنا اØتكاك
بهم لتتبلور ÙÙŠ أذهاننا Ùكرة واضØØ© وصØÙŠØØ© عنهم، Ùكل ما كنت أعر٠عن الشيعة: أنّ لهم قرآناً غير قرآننا، وأنّهم يقولون بخيانة جبريل
(عليه السلام) ، ويقرّون زواج المتعة و...
____________
1- رواندا: أنظر: ترجمة رقم (20).
مناظرات مع الشيعة:
شاءت الأقدار الإلهية أن أساÙر إلى " كينيا " Ùألتقي ببعض أعضاء المراكز والمؤسسات الإسلامية الخيرية والثقاÙية، ومن بين هذه
المؤسسات التي زرتها مؤسسة شيعية اسمها " بلال مسلم "ØŒ Ùأغتنمت هذه الÙرصة لأتعرّ٠على التشيّع.
ولقد جرت بيني وبين بعض الشيعة مناظرات عديدة، وقرأت مجموعة كتب لهم، Ùظهر لي أنّ أغلب أتباع هذه الطائÙØ© لهم عمق علمي وثقاÙÙŠ
مستمد من عقيدتهم، ووجدّتم ليسوا كما كان يصوّره لنا علماؤنا، Ùرأيتهم أصØاب استدلال ومنطق متين، مما دÙعني ذلك لأن أتردد على هذه
المؤسسة للإØاطة بمعارÙهم التي نالت إعجابي ومطالعة كتبهم، ÙعكÙت على قراءة ما وقع بيدي من مؤلÙاتهم بإمعان، وكنت مع ذلك أراجع
علماءنا ومشايخنا لأØصل على ردّ لمقولات الشيعية، ولكن مع الأس٠لم Ø£Øصل منهم على أي إجابة سوى أنّهم كانوا ÙŠØذّرونني من الاØتكاك
بالشيعة، Ùأدركت Øينئذ عجزهم عن الإجابة.
الاختلا٠الÙقهي بين المذاهب الإسلامية:
ومن الأمور التي استوقÙتني وجعلتني أتأمل وأراجع Øساباتي، مسألة الاختلا٠الÙقهي الكبير ÙˆØ§Ù„ÙˆØ§Ø¶Ø Ø¨ÙŠÙ† المذاهب الأربعة، Ùوجدت آراءهم
متضاربة وكلاً منهم يدّعي أن ما ذهب إليه هو مطابق لسنة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)، بل وجدت أنّ مصادر استنباطهم تعدّت
القرآن الكريم والسنة المطهرة، Ùخضعت للآراء والاستØسانات! كما خضعت لدعم الØكام وتبنّيهم لها! Ùمن هنا جنّدت Ù†Ùسي للبØØ« Øول
هؤلاء الأئمة الذين هم مرجع أبناء العامة ".
والمتتبع للمسار التاريخي يجد بعد إتساع رقعة الÙتوØات الإسلامية وبالتØديد ÙÙŠ منتص٠Ùترة الØكم الأموي Ø£ØµØ¨Ø Ø§Ù„Ù†Ø´Ø§Ø· العلمي واسع
النطاق،
Ùكثرت المذاهب ونمى عدد أتباعها، إلاّ أنّه لم يكتب البقاء لأكثرها! Øيث اعتراها الانقراض بالرغم من كثرة أتباعها، ومكانة مؤسسيها
الذين Ùاقوا ÙÙŠ نظر معاصريهم وذوي العلم منهم رؤساء المذاهب الأربعة.
المذاهب الإسلامية المندثرة:
Ùمن المذاهب التي لم يكتب لها البقاء ÙÙŠ الساØØ© الإسلامية:
1 ـ مذهب الشعبي.
2 Ù€ مذهب الØسن البصري.
3 ـ مذهب الأعمش.
4 ـ مذهب الأوزاعي.
5 Ù€ مذهب سÙيان الثوري.
6 ـ مذهب الليث بن سعد.
7 Ù€ مذهب سÙيان بن عيينة.
8 ـ مذهب داود الظاهري.
وغيرها من المذاهب التي قد تتÙÙ‚ Ø£Øياناً وقد تÙترق Ø£Øياناً أخرى Ùيما بينها ; Ùهذه لم يبقى منها شيء.
المذاهب الإسلامية التي كتب لها البقاء:
قد أجمعت رجالات أبناء العامة على بقاء مذاهب أربعة، وأنّ أصØابها لايقاس بهم Ø£Øد من Øيث العلم والÙضل، وهي:
1 Ù€ مذهب أبي ØنيÙØ© النعمان.
2 ـ مذهب مالك بن أنس.
3 Ù€ مذهب الشاÙعي.
4 Ù€ مذهب Ø£Øمد بن Øنبل.
وقد طرØت هذه المذاهب ÙÙŠ الساØØ© الإسلامية ÙˆØ£ØµØ¨Ø Ù„Ù‡Ø§ ثقلاً ÙÙŠ الأوساط، لأنّها كانت موضع عناية السلطات الØاكمة Ù€ آنذاك Ù€ ممّا أعطاها
لوناً من الاعتبار والقيمة، Ùكان الترغيب والترهيب دعامتان أساسيتان ÙÙŠ انتشارها، ولولا ذلك لما استطاعت البقاء ولكان مصيرها كمصير من
استعرضنا من المذاهب العامة السالÙØ©!.
أسباب بقاء المذاهب الأربعة:
لو ألقينا نظرة سريعة على تاريخ نشوء وانتشار كل مذهب من هذه المذاهب الأربعة لاتضØت لنا الØقيقة بشكل واضØ.
المذهب الØÙ†ÙÙŠ:
وهو مذهب معرو٠باستعمال الرأي والقياس ÙÙŠ استنباط الأØكام الشرعية، Øيث يقول مؤسسه أبو ØنيÙØ©:
" ما جاء عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) Ùعلى الرأس والعين، وما جاء عن الصØابة إخترنا، وما كان من غير ذلك Ùهم
رجال ونØÙ† رجال ".
ÙˆÙÙŠ قول آخر: " إذا كان من أصØاب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إخترنا ولم نخرج من قولهم، وإذا كان من التابعين زاØمناهم
".
وقال أيضاً: " ليس لأØد أن يقول برأيه مع نصّ من كتاب الله تعالى أو سنّة أو إجماع عن أمّة. Ùإذا اختلÙت الصØابة على أقوال،
نختار منها ما هو أقرب للكتاب أو السنة، ونجتهد ما جاوز ذلك، Ùالاجتهاد موسّع على الÙقهاء لمن عرÙ
الاختلا٠وقاس ÙØ£Øسن القياس "(1).
والجدير بالذكر أنّ أبا ØنيÙØ© قد تتلمذ على يد الإمام جعÙر بن Ù…Øمد الصادق (عليه السلام) مدّة عامين، ذكرها كل من ترجم له Øتى
اشتهرت مقولته: " لولا السنتان لهلك النعمان "(2) كشهرة الكعبة بأنّها بيت الله الØرام.
وعندما Ø£Øكم العباسيون السيطرة على مقاليد الأمور متخذين العراق مركزاً لهم، جعلوا الÙتيا والقضاء بيد أهل الرأي، ولمّا ولّي أبو يوس٠ـ
وهو من أشهر تلامذة أبي ØنيÙØ© Ù€ منصب قاضي القضاة، عمل على نشر مذهب أستاذه، لما له من مكانة ÙÙŠ الدولة ومنزلة عند هارون الرشيد،
بØيث كان هارون لا يعيّن قاضياً أو Ù…Ùتياً إلاّ بالرجوع إلى أبي يوسÙ(3)ØŒ وكان هذا يعيّن أهل Ù†Øلته ÙÙŠ هذه المواقع الØساسة والخطيرة.
وإذا نظرنا إلى المقوّمات الذاتيّة للمذهب الØÙ†ÙÙŠØŒ نجد أنّ ذلك يرجع إلى جهود أربعة من أصØاب أبي ØنيÙØ©ØŒ إذ هم الذين ألّÙوا وهذّبوا مسائله،
كما أنّهم خالÙوه ÙÙŠ كثير من المسائل ووسعوا دائرة المذهب ÙÙŠ الØيل الشرعية! وهم:
1 Ù€ أبو يوس٠القاضي، الذي خدم مذهب أبي ØنيÙØ© بقوّة Ù†Ùوذه عند السلطان، وبتصنيÙÙ‡ للكتب وتبويب المسائل، وإدخال الØديث ÙÙŠ Ùقه أبي
ØنيÙØ©ØŒ Øتى قال Ø£Øمد بن عمار بن أبي مالك: " سمعت أبي يقول:... ولولاه لم يذكر أبو ØنيÙØ© ولا ابن أبي ليلى لكنه نشر علمهما
"(4).
____________
1- أنظر: مناقب أبي ØنيÙØ© للذهبي: 20ØŒ تبييض الصØÙŠÙØ© للسيوطي: 27ØŒ الخيرات الØسان ÙÙŠ مناقب أبي ØنيÙØ©: 35.
2- أنظر: مختصر التØÙØ© الإثني عشرية للأولسي: 8.
3- أنظر: كتاب المواعظ والاعتبار (خطط) المقريزي: 4 / 1449، الإنتقاء لابن عبد البر: 172.
4- أنظر: مناقب أبي ØنيÙØ© وصاØبية للذهبي: 43.
2 Ù€ Ù…Øمّد بن الØسن الشيباني، الذي كان Ùطناً، ÙØ£ØµØ¨Ø Ù…Ø±Ø¬Ø¹Ø§Ù‹ لأهل الرأي لما Ø£Øرزه من تقدّم عندهم، وألّ٠ÙÙŠ المذهب الØÙ†ÙÙŠ كتباً أصبØت
المرجع الأوّل لأتباع هذا المذهب.
3 Ù€ زÙر بن الهذيل، الذي كان أقيس أصØاب أبي ØنيÙØ© وأشهرهم عند أهل الرأي!.
4 Ù€ الØسن بن زياد اللؤلؤي، الذي كان قاضياً مصنّÙاً للكتب على مذهب أبي ØنيÙØ©ØŒ إلاّ أن كتبه لم تكن بذلك الاعتبار عند الأØنا٠ككتب
الشيباني.
المذهب المالكي:
ينسب إلى مالك بن أنس، الذي أخذ قسماً من علمه عن الإمام جعÙر الصادق (عليه السلام) ØŒ وأضطهد مالك أيام العباسيين كأبي ØنيÙØ© ÙÙŠ
أوّل الأمر، إلاّ أنّ المنصور الدوانيقي أعاره الاهتمام وأعطاه الاعتبار، ÙطرØÙ‡ مرجعاً دينياً للدولة، ÙˆØمل الناس على اتخاذه إماماً لهم ÙÙŠ
الÙقه(1)ØŒ Ùانتشر مذهبه لا بØسب مؤهلاته الروØية والعلمية، بل بØساب القوّة! وقد قال ابن Øزم الأندلسي ÙÙŠ ذلك: "مذهبان إنتشرا
ÙÙŠ بدء أمرهما بالرياسة والسلطان: مذهب أبي ØنيÙØ©... ومذهب مالك عندنا... "(2).
وقد اعتمد مالك بعد كتاب الله تعالى وسنّة رسوله(صلى الله عليه وآله وسلم) على الإجماع والقياس والاستØسان وسدّ الذرائع وإجماع
أهل المدينة، لأنّهم عنده أدرى بالسنّة وبالناسخ والمنسوخ، والعمل بقول الصØابي(3).
____________
1- أنظر: الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 2 / 193، معجم الادباء: 17 / 275.
2- أنظر: ÙˆÙيات الأعيان لابن خلكان: 6 / 144.
3- أنظر: ضØÙ‰ الإسلام لأØمد أمين: 2 / 210ØŒ مناهج الاجتهاد لمØمّد سلام: 626 وما بعدها.
وله كتاب " الموطأ " الذي ألّÙÙ‡ أيّام المنصور، كما له مجموعة رسائل Ùقهية أيضاً جمعها تلميذه أسد بن Ùرات النيسابوري.
المذهب الشاÙعي:
منسوب لمØمد بن إدريس الشاÙعي، الذي ذاع صيته وكثر أتباعه ÙÙŠ "مصر" أيّام ØµÙ„Ø§Ø Ø§Ù„Ø¯ÙŠÙ† الأيوبي، الذي تبنّى هذا المذهب ليقضي بذلك
على الÙاطميين ومن والاهم! ولذلك كان Ù…Øلاً لعناية السلطة التي رعته بشكل ملÙت للنظر.
وقد أخذ الشاÙعي علمه عن جماعة أشهرهم مالك بن أنس، وسÙيان بن عيينة، وكان للشاÙعي منهج وسط بين منهج أصØاب الرأي Ù€ أتباع أبي
ØنيÙØ© Ù€ ومنهج أصØاب الØديث، Øيث أشار إلى منهجه بقوله: " الأصل قرآن وسنة، Ùإن لم يكن Ùقياس عليهما، وإذا اتصل الØديث عن
رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وصØÙ‘ الإسناد منه Ùهو سنة، والإجماع أكبر من الخبر المÙرد، والØديث على ظاهره...
"(1).
المذهب الØنبلي:
ينسب إلى Ø£Øمد بن Øنبل الذي بزغ نجمه أيّام المتوكّل العباسي الذي ذهب إلى القول بخلق القرآن، Ùقدّمه وأكرمه بعد أن كان مغضوباً عليه
أيام المعتصم! وقد صØب Ø£Øمد Ùترة من الزمن الشاÙعي وأخذ عنه كما أخذ عن غيره.
وأدى تبنّي السلطات الØاكمة Ù€ أنذاك Ù€ إلى هذا المذهب ÙÙŠ تعاظم Ù†Ùوذ الØنبلية " ببغداد " وضواØيها، Ùأوقعوا بسائر أبناء المذاهب التي
تخالÙهم
____________
1- أنظر: ضØÙ‰ الإسلام لأØمد أمين: 2 / 223ØŒ مناهج الاجتهاد لمØمد سلام: 650.
التنكيل والأذى!.
ولم ÙŠØظ هذا المذهب باهتمام الناس، لتأخره عن المذاهب الثلاثة السابقة، Ùضاقت دائرة اتساعه Øتى كاد أن يندرس، إلى أن بعث Ùيه ابن تيمية
وتلميذه ابن القيم الجوزية Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ù…Ù† جديد ÙØ£Øييا مامات منه، وسار على منهجهما ÙÙŠ ذلك النجدي Ù…Øمّد بن عبد الوهاب!.
ولقد اعتمد Ø£Øمد ÙÙŠ Ùتاواه على النصوص وما Ø£Ùتى به الصØابة والأØاديث المرسلة والضعيÙØ© والقياس والاستصØاب ÙˆØ§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ù…Ø±Ø³Ù„Ø©.
من هنا يتبيّن أن دعم السلطات ÙÙŠ هذا المجال كان الركيزة الأساسية ÙÙŠ انتشار المذاهب الأربعة التي يعتنقها أهل العامة، وإلاّ Ùهي Ùاقدة
لقابلية الديمومة والاستمرار ÙÙŠ ذاتها، ولولا هذا الدعم لكان مصيرها كمصير سائر المذاهب التي انقرضت، لأنّها لم تستمد استنباطاتها من
القرآن والسنة Ùقط، بل اختلطت بها آراء الرجال ووجهات نظرهم!.
Ùيقرّ مالك ÙÙŠ هذا الخصوص قائلا: " إنّما أنا بشر أخطيء وأصيب، Ùانظروا ÙÙŠ رأيي، Ùكل ما واÙÙ‚ الكتاب والسنة Ùخذوا به، وما خالÙ
Ùأتركوه "(1).
ويعتر٠أبو ØنيÙØ© بقوله: " هذا رأيي، وهذا Ø£Øسن ما رأيت، Ùمن جاء برأي خلاÙÙ‡ قبلناه "(2).
ويذعن الشاÙعي بهذا أيضاً Ùيقول: " إذا ØµØ Ø§Ù„Øديث بخلا٠قولي،
____________
1- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (Øوادث 171): 327ØŒ جلاء العينين للآلوسي: 199ØŒ مجموعة الرسائل المنبرية: 3 /
105.
2- أنظر: مناقب أبي ØنيÙØ© للذهبي، باب قوله ÙÙŠ الرأي: 21ØŒ مناقب أبي ØنيÙØ© للهيثمي الÙصل الØادي عشر: 35.
Ùاضربوا بقولي الØائط "(1).
ÙˆÙŠØµØ±Ù‘Ø Ø¨Ø°Ù„Ùƒ أيضاً Ø£Øمد بقوله لرجل: " لا تقلدني ولا تقلدن...ØŒ وخذ الأØكام من Øيث أخذوا من الكتاب والسنة "(2).
Ùآراء الأئمة الأربعة ومقولاتهم هذه تؤكّد أنّ مذاهبهم لا قابلية لها ÙÙŠ ذاتها على البقاء، بل كان بواسطة وصول أصØابها إلى سدّة السلطة كما
قال الدهلوي: "Ùأيّ مذهب كان أصØابه مشهورين وأسند إليهم القضاء والإÙتاء واشتهرت تصانيÙهم ÙÙŠ الناس، ودرسوا درساً ظاهراً انتشر
ÙÙŠ أقطار الأرض... وأيّ مذهب كان أصØابه خاملين ولم يولوا القضاء والإÙتاء ولم يرغب Ùيهم الناس إندرس مذهبهم بعد Øين
"(3).
مذهب أهل البيت (عليهم السلام) :
ÙÙŠ خضم هذه الأجواء كان مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ينشر ما عنده من علوم ومعار٠Øتى تمكّن أن يبقى قائماً بذاته، على الرغم
من توجيه الØملات الظالمة له ولأتباعه الذين أصبØوا غرضاً للتهم، وكانوا ÙÙŠ نظر السلطات خارجين عن الإسلام.
والواقع أنّ السبب الوØيد ÙÙŠ بقائه وديمومته أستقائه التعاليم من رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) عن طريق العترة الطاهرة (عليهم
السلام) ØŒ الذين تØمّلوا ما تØمّلوا ÙÙŠ سبيل إبقاء مدرسة آل Ù…Øمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) شاخصة ومستقلة عن تأثير السلطات.
____________
1- أنظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 10 / 35ØŒ Øجة الله البالغة للدهلوي: 1 / 292.
2- أنظر: Øجة الله البالغة للدهلوي: 1 / 293.
3- أنظر: الإنصا٠لوليّ الله الدهلوي: 15.
خصومة المذاهب الأربعة ÙÙŠ ما بينها:
يقول الأخ رمضاني: " عند مراجعتي لسيرة أتباع المذاهب الأربعة وسلوكهم Ùيما بينهم وجدت ما أثار دهشتي! Ùإنّي كنت أظنّهم على
ÙˆÙاق ÙÙŠ ما بينهم Ù€ باعتبارهم يرتشÙون من منبع واØد وهو سنة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) Ù€ وإذا بي أجد الخلا٠الناشب بينهم على
مدى العصور ينبيء عن واقع مؤلم وخطير، Øتى بلغ الØال بهم إلى تكÙير بعضهم البعض، كما Øدثت صدامات عنيÙØ© أهدرت الدماء وضيعت
الأموال وهتكت الأعراض Ùيها!
Ùتجلّت لي الØقيقة بأنّ الذين كنت أظنهم على منهاج واØد، أعداء متخاصمين يعامل بعضهم البعض الآخر معاملة الخارج عن الدين ".
وقد سجّل التاريخ شتّى الصراعات والإختلاÙات بين أتباع المذاهب الأربعة، وأشار إلى المنعطÙات الخطيرة التي وصلوا إليها نتيجة النزاع ÙÙŠ
ما بينهم، وخير شاهد على ذلك Ùتاوى بعض الأعلام تلك المذاهب:
1 Ù€ قال Ù…Øمّد بن موسى الØÙ†ÙÙŠ قاضي دمشق المتوÙّي عام 506 هـ: " لو كان لي من الأمر شئ لأخذت على الشاÙعية الجزية!!
"(1).
2 Ù€ قال أبو Øامد الطوسي الشاÙعي المتوÙّي عام 567 هـ: " لو كان لي أمر لوضعت على الØنابلة الجزية!! "(2).
والجزية إنّما تؤخذ على الكاÙر.
3 Ù€ قال الشيخ أبو Øاتم بن جاموس الØنّبلي: " من لم يكن Øنبلياً Ùليس بمسلم "(3).
____________
1- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (Øوادث 501): 148.
2- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (Øوادث 567): 298.
3- أنظر: تذكرة الØÙّاظ للذهبي: 3 / 1187ØŒ وأبو Øامد هو Ù…Øمّد بن Ù…Øمّد بن Ø£Øمد الÙقيه.
وقد أدّى التØيّز الذي وقع بينهم إلى تأصل Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø¹Ø¯Ø§Ø¡ والخروج عن Øدّ الاتزان، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة، منها:
الÙتنة التي ذهب تØت هياجها خلق كثير بين الØÙ†Ùية والشاÙعية ÙÙŠ نيسابور، إذ أدّت إلى Ø¥Øراق الأسواق والمدارس، Øتى كثر القتل ÙÙŠ
الشاÙعية، وبعدها انتصروا على الØÙ†Ùية Ù€ ÙأسرÙوا ÙÙŠ أخذ الثأر منهم Ù€ وكان ذلك سنة 554 هـ.
ومثل هذه الÙتنة وقعت بين الشاÙعية والØنابلة، Øتى اضطرت السلطة عام 716 هـ إلى التدخل بقوة Ù„Øسم النزاع!.
ÙˆÙÙŠ عام 567 هـ قتل الØنابلة الشيخ أبو منصور من علماء الشاÙعية، كما قتلت زوجته وأبنه الصغير بعد أنّ دسّوا لهم السمّ!(1).
ومن أراد الوقو٠على مثل هذه الØوادث Ùليرجع إلى مضانها.
Øجّية أصول التشريع عند المذاهب الأربعة:
يقول الأخ رمضاني: " هذه القضايا وأمور أخرى كالمصادر التشريعية التي اعتمد عليها الأئمة الأربعة بدل القرآن والسنة، جعلتني أقطع
بعدم شرعيّة هذه المذاهب، لأنّي وجدت الاستØسان والقياس ÙˆØ§Ù„Ù…ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„Ù…Ø±Ø³Ù„Ø© وقول الصØابي والرأي لا تتناسب بأي Øال مع قوله تعالى:
(وَأَنْزَلْنا Ø¥Ùلَيْكَ الذّÙكْرَ Ù„ÙتÙبَيّÙÙ†ÙŽ Ù„Ùلنّاس٠ما Ù†ÙزّÙÙ„ÙŽ Ø¥ÙلَيْهÙمْ وَلَعَلَّهÙمْ يَتَÙَكَّرÙونَ)(2)ØŒ بل وجدّت أنّ بعض علماء العامة أورد الأدلّة القاطعة على عدم Øجّية
جملة من هذه المصادر التشريعية الموضوعة
____________
1- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (Øواديث 567): 597ØŒ الكامل ÙÙŠ التاريخ لابن الأثير: 11 / 376.
2- النØÙ„: 44.
من قبل هؤلاء ".
ومن العلماء الذين لايعتبرون قول الصØابي Øجّة: الشوكاني، إذ يقول: " الØقّ أنّ قول الصØابي ليس بØجّة، Ùإنّ الله سبØانه وتعالى
لم يبعث إلى هذه الأÙمة إلاّ نبيّنا Ù…Øمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) وليس لنا إلاّ رسول واØد، والصØابة ومن بعدهم مكلّÙون على السواء
بإتباع شرعه ÙÙŠ الكتاب والسنة، Ùمن قال بأنّه تقوم الØجّة ÙÙŠ دين الله بغيرهما، Ùقد قال ÙÙŠ دين الله بما لا يثبت، وأثبت شرعاً لم يأمر الله به
".
والعجيب أنّ Ø£Øمد بن Øنّبل الذي يعتبر قول الصØابي Øجّة، يجعل الØجّية ÙÙŠ هذا القول خاضعة لمزاج المكلّÙ!ØŒ Ùعن Ù…Øمّد بن عبد الرØمن
الصيرÙÙŠ قال: " قلت لأØمد بن Øنبل: إذا اختل٠أصØاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ÙÙŠ مسألة، هل يجوز لنا أن ننظر
ÙÙŠ أقوالهم لنعلم مع من الصواب منهم Ùنتّبعه؟ Ùقال لي: لا يجوز النظر بين أصØاب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ØŒ Ùقلت:
كي٠الوجه ÙÙŠ ذلك؟ قال: تقلّد أيّهم Ø£Øببت ".
والØقيقة أنّ التشريع من ØÙ‚ صاØب الرسالة(صلى الله عليه وآله وسلم) Ùقط، ومع ذلك لم يعمل(صلى الله عليه وآله وسلم) طيلة
Øياته الشريÙØ© برأيه أو باستØسانه أو بقياسه، بل كان دائماً يتبع النصوص الإلهية، وقد أقرّ بهذا الأمر البخاري ÙÙŠ صØÙŠØه، Øينما قال: "
ماكان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ÙŠÙسأل مما لم ينزل عليه الوØÙŠ Ùيقول: لا أدري أو لم يجب Øتى ينزل عليه الوØÙŠØŒ ولم يقل
برأي ولا قياس لقوله تعالى: (بÙما أَراكَ اللهÙ)(1) "(2).
ويقول الأخ رمضاني: " قد هزّني هذا الأمر من أعماقي، لأنّي وبقية
____________
1- النساء: 105.
2- أنظر: صØÙŠØ Ø§Ù„Ø¨Ø®Ø§Ø±ÙŠ: 6 / 2666.
البسطاء من العامة كنّا نتعبد ÙˆÙÙ‚ آراء الرجال!ØŒ وأيّ رجال!! رجال عÙÙ‰ على آرائهم الزمن Ù€ لأنّها لا تتماشى مع ما هو مستجد ÙÙŠ
عصرنا Ù€ Ùلا اجتهاد بعدهم، وكأنّ الأÙمة عقمت وانعدمت قدرتها على إنجاب النوابغ والمجدّدين، وهكذا سدّوا علينا باب الاجتهاد وجعلونا
نتخبط بما هو مستØدث ".
غلق أبواب الاجتهاد عند أبناء العامة:
إنّ غلق باب الاجتهاد وادعاء استØالته لأØد غير أئمة المذاهب الأربعة، أدّى إلى الجمود الÙكري لدى أهل العامة، مما أثّر سلباً على اعتدالهم
وتوازنهم ÙÙŠ تقييم الآخرين!ØŒ Øيث وصÙهم أتباعهم بأوصا٠غير معقولة! Ùادّعوا أنّ أبا ØنيÙØ© سراج الأمّة، وسيّد الأئمة، ومØيي السنّة،
وأنّه إذا تكلم خيّل إليك أنّ ملكاً يلقنه، وما كلّم Ø£Øداً ÙÙŠ باب من أبواب الÙقه إلاّ ذلّ له، وإذا أشكلت مسألة على أعلم الناس سهلّها عليه!!ØŒ
وتجد ذلك ÙÙŠ الكتب التي تتØدث عن مناقبه، وغيره من الائمة(1).
والالتزام بهذه المذاهب ولزوم تقليد أئمتها وتØريم الاجتهاد على غيرهم، مجرد تØكّم وتطر٠وتعصب لاغير!ØŒ Ùلو عقل أتباع هذه المذاهب
Øقيقة أئمتهم، ووعوا تصريØاتهم الدالّة Ø¨ÙˆØ¶ÙˆØ Ø¹Ù„Ù‰ عدم الالتزام بالرجوع إليهم وأخذ قولهم Ùقط، لما تÙوهوا بهذا الكلام.
Ùها هو أبو ØنيÙØ© يقول: " هذا رأي النعمان بن ثابت Ù€ يعني Ù†Ùسه Ù€ وهو Ø£Øسن ما قدرنا عليه، Ùمن جاء بأØسن منه Ùهو أولى بالصواب
"(2).
وقيل لأبي ØنيÙØ©: " إذا قلت قولاً وكتاب الله يخالÙه؟ قال: أتركوا قولي
____________
1- أنظر: كتب مناقب أبي ØنيÙØ© للذهبي والهيثمي والكردري وغيرهم.
2- أنظر: Øجة الله البالغة لولي الله الدهلوي: 1 / 292.
بكتاب الله، Ùقيل: إذا كان خبر الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)ØŸ Ùقال: أتركوا قولي لقول رسول الله (صلى الله عليه وآله
وسلم)ØŒ Ùقيل: إذا كان قول الصØابة يخالÙه؟ قال: أتركوا قولي لقول الصØابة"(1).
وهذا مالك بن أنس ينهى عن تقليده بهذا الشكل الأعمى، Ùقد روي عن مالك أنّه قال: " إنّما أنا بشر أخطئ وأصيب، Ùانظروا ÙÙŠ رأيي،
Ùكل ماواÙÙ‚ الكتاب والسنة Ùخذوه، وكل ما لم يواÙÙ‚ Ùاتركوه "ØŒ وروي مثله عنه Ø£Øمد بن مروان المالكي(2).
كما أنّ الشاÙعي ÙŠÙ„Ù…Ø Ø¥Ù„Ù‰ عدم الالتزام بكل ما جاء عنه لخÙاء جملة من العلوم عليه، Ùقد روي قوله عن Ø£Øمد بن Øنبل أنّه قال: " أنتم
أعلم بالأخبار الصØÙŠØØ© منّا، Ùإذا كان خبر صØÙŠØ Ùأعلمني Øتى أذهب إليه "(3)ØŒ وقال: " كل ما قلت لكم، لم تشهد عليه عقولكم
وتقبله وتراه Øقّاً، Ùلا تقبلوه، Ùإنّ العقل مضطر إلى قبول الØقّ "(4).
وأمّا Ø£Øمد بن Øنبل Ùقد اشتهر عنه أنّه من المخالÙين للتقليد، Ùكان يقول: "من قلّة Ùقه الرجل أن يقلّد دينه الرجال "(5).
الانتماء للمذهب الجعÙري:
يقول الأخ رمضاني: " وبعد الوقو٠على Øياة كل إمام من أئمة المذاهب
____________
1- أنظر: Ø§Ù„Ù†ØµØ§Ø¦Ø Ø§Ù„ÙƒØ§Ùية لابن عقيل: 38ØŒ مجموعة الرسائل المنبرية: 3 / 105.
2- أنظر: تاريخ الإسلام للذهبي (Øوادث 171): 327.
3- أنظر: البداية والنهاية لابن كثير: 10 / 236ØŒ مجموعة الرسائل المنبرية: 3 / 99ØŒ Øجّة الله البالغة للدهلوي: 1
/ 275، سير أعلام النبلاء للذهبي: 11 / 213.
4- أنظر: آداب الشاÙعي ومناقبه: 92.
5- أنظر: أعلام الموقعين لابن قيّم: 2 / 182، جلائل العينين للآلوسي: 199.
الأربعة وجدت أنّهم قد أخذوا بشكل أو بآخر عن الإمام الصادق (عليه السلام) (1)ØŒ Ùقرّرت الإطلاع على Øياته.
وبالÙعل قرأت بعض كتب التراجم لأهل العامة، Ùوجدت Ù€ مع شديد الأس٠ـ أنّ ترجمة هذه الشخصية ترجمة مختصرة أو مبتورة، بل أنّ
البعض تجاوزه ولم ÙŠÙرد له Øقلاً أو عنواناً يذكر!.
وطلبت تراجمه ÙÙŠ كتب بقية الÙرق، Ùوقعت بيدي كتب الإمامية تتØدّث عنه وعن علومه وسلوكه Ùˆ...ØŒ Ùوجدت أنّ هذه الشخصية المهيبة
قد استمدت علومها عن رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ØŒ وأنّها ما Øادت قيد شعرة عن الكتاب أو السنة، بل أكثر من ذلك وجدت أنّ
Ùقه الإمام الصادق (عليه السلام) وعقائده ونهجه هو الأكمل والأشمل، بل الأنقى والأرقى، لكن عتم على هذه الشخصية كما عتموا على
آبائه من قبل!.
ولهذا قرّرت Ù€ بØمد الله Ù€ ترك Ùقه الرجال والاغترا٠من ينبوع الرسالة الصاÙÙŠ من أهل البيت (عليهم السلام) ØŒ ÙÙˆÙقني الله تعالى
للالتØاق بركبهم والسير ÙÙŠ هديهم، Ùأعلنت عن استبصاري ÙÙŠ مدينة " مومباسا " الكينية عام 1989Ù… ".
____________
1- أنظر: Øلية الأولياء لأبي نعيم (ترجمة الإمام الصادق (عليه السلام) ): 3 / 325.