د. مونتسدات روÙيرا
القسم: Øياة المستبصرين | 2009/08/17 - 05:49 PM | المشاهدات: 4167
د. مونتسدات روÙيرا ( أسبانيا Ù€ مسيØÙŠ )
ولدت الدكتورة مونتسدات بمدينة " برشلونة " ÙÙŠ أسبانيا(1)ØŒ وترعرعت ÙÙŠ Ø£Øضان عائلة مسيØية. تشرّÙت باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) خلال عقد الثمانينيات ÙÙŠ بلادها، وتسمت بإسم " زينب " لإعجابها بالسيدة زينب بنت الإمام عليّ (عليه السلام) . مرØلة الضياع الÙكري والÙراغ الديني:
تقول الدكتورة مونتسدات: " قبل أن أهتدي للإسلام كنت أشعر دائماً بأنّ شيئاً ما ينقصني، وكنت Ø£Øس بوجود Øجب وموانع تمنعني من التقدم والتكامل، وتعيقني من التقرب إلى الله الذي كنت أعتقد به على ضوء الديانة المسيØية. وكانت أمنيتي أن أتخلص من هذه الØجب، لأنّ النظرة المسيØية لله تعالى لم تكن مقنعة بالنسبة لي، ولم أكن أتقبل مسألة التثليث، وربوبية عيسى (عليه السلام) ! Ùكنت دوماً أعيش ÙÙŠ Øيرة من أمر معتقداتي وأÙكاري، وكانت هذه ____________ 1- أسبانيا: تقع ÙÙŠ الجنوب الغربي من قارة أوربا، يبلغ عدد سكانها قرابة (40) مليون نسمة، يدين أغلبهم بالمسيØية الكاثوليكية الرومانية. الØيرة تØÙزني للبØØ« والتساؤل ".
غموض عقيدة التثليث عند النصارى:
ÙÙŠ الØقيقة أنّ الباØØ« يجد أنّ الاضطراب سمة واضØØ© ÙÙŠ تÙسير المسيØيين لعقيدتهم ÙÙŠ التثليث! ولايخرج المتأمل ÙÙŠ أقوالهم بنتيجة تذكر، وإليك بعض الأمثلة على ذلك: 1 Ù€ يقول " إكلمينص " مدير مدرسة اللاهوت بالاسكندرية Ù€ القرن الثاني الميلادي Ù€: " ليس كل أقنوم عين الآخر، ومع ذلك Ùإنّ الأقانيم ليسوا ثلاث ذوات، بل هم ذات واØدة، لأنّ جوهرهم واØد وهو اللاهوت "(1). 2 Ù€ يقول " آموري بين " Ù€ القرن الثالث عشر الميلادي Ù€: " الأقانيم الثلاثة ليست هي الله، بل هي كائنات سامية خلقها الله أوّلا، لتقوم بتنÙيذ أغراضه "(2). 3 Ù€ يقول " ديونسيوس " بطريرك الاسكندرية Ù€ القرن الرابع الميلادي Ù€: " الأب والإبن ÙˆØ§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ù‚Ø¯Ø³ هم الله، لأنّ الله لاينقسم أو يتجزأ على الإطلاق... لذلك لاينÙصل أقنوم عن الآخر بأيّ Øال من الأØوال "(3). Ùهذه آراء وتÙاسير بعض أعلام النصارى Øول عقيدة التثليث وطبيعة الأقانيم، وتوجد آراء أخرى لاتتÙÙ‚ معها بØال من الأØوال، قد خبطوا Ùيها خبط عشواء. وتقول الدكتورة مونتسدات: " كانت لي صديقة أسبانية مثقÙØ© وواعية التجأت إليها Ù„Øلّ الأسئلة والاستÙسارات التي كنت أعاني منها ÙÙŠ معرÙØ© ____________ 1- أنظر: Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ ÙÙŠ القرآن: 334. 2- المصدر Ù†Ùسه. 3- المصدر Ù†Ùسه: 333. معتقداتي، Ùكانت تØدثني عن الإسلام والمسلمين، ÙˆØªØ´Ø±Ø Ù„ÙŠ عقائدهم ومزاياهم وتسامØهم ÙÙŠ التعامل، لأنّها كانت قد أسلمت من قبل، وهذا ما
غيّر الصورة المشوشة التي كانت عالقة ÙÙŠ ذهني عن هذا الدين وأتباعه، لأنّ نشأتي ÙÙŠ الأوساط المسيØية لم تمكنني من الإطلاع التام على التاريخ الØاÙÙ„ للمسلمين ÙÙŠ هذا البلد Ù€ أسبانيا Ù€ ". آراء بعض النصارى Øول ØªØ³Ø§Ù…Ø Ø§Ù„Ù…Ø³Ù„Ù…ÙŠÙ†:
قد شهد عدد من رجالات المسيØيين بسماØØ© المسلمين ÙˆØسن تعاملهم مع غيرهم من أهل الأديان الأخرى، وكان منهم: 1 Ù€ " الكونت هنري دي كاسترو " Øيث ذكر ÙÙŠ كتابه (الإسلام Ø³ÙˆØ§Ù†Ø ÙˆØ®ÙˆØ§Ø·Ø±): " لقد درست تاريخ النصارى ÙÙŠ بلاد الإسلام، Ùخرجت منه بØقيقة مشرقة، وهي أنّ معاملة المسلمين للنصارى تدلّ على لط٠ÙÙŠ المعاشرة، وترÙّع عن الغلظة، وعلى Øسن مسايرة، ورقة ومجاملة، وهذا Ø¥Øساس لم يؤثر عند غير المسلمين، Ùإنّ الشÙقة والØنان كانا يعتبران لدى الأÙوربيين عنواناً على الضعÙØŒ وهذه ملاØظة لا أرى وجهاً للطعن Ùيها "(1). 2 Ù€ المستشرق " أرنولد " الذي قال: " من الØÙ‚ أن نقول: إنّ غير المسلمين نعموا ÙÙŠ ظل الØكم الإسلامي بدرجة من Ø§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø Ù„Ø§ نجد معادلا لها ÙÙŠ Ø£Ùوربا قبل الأزمنة الØديثة "(2). 3 Ù€ وقال " غوبينو " ÙÙŠ كتابه (أديان آسيا الوسطى ÙˆÙلسÙتها): " أقول إلى Øدّ الجزم: بأن لادين يضاهي الإسلام ÙÙŠ Ø§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø "(3). ____________
1- أنظر: التعصب ÙˆØ§Ù„ØªØ³Ø§Ù…Ø Ø¨ÙŠÙ† المسيØية والإسلام: 210. 2- أنظر: تعدد الاديان وأنظمة الØكم لجورج قرم: 537. 3- المصدر Ù†Ùسه: 238.
4 Ù€ وقال بطريرك بيت المقدس: " إن المسلمين قوم عادلون، ونØÙ† لانلقى منهم أي أذى أو تعنّت "(1).
تعامل المسيØيين مع المسلمين ÙÙŠ القرون الوسطى:
إنّ الناظر للتاريخ يجد تعامل بعض المسيØيين مع المسلمين يباين ويخال٠تماماً Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø¥Ù†Ø³Ø§Ù†ÙŠØ©ØŒ خصوصاً ÙÙŠ المناطق التي خضعت للنÙوذ المسيØÙŠ ÙÙŠ القرون الوسطى، Ùقد ارتكب المسيØيون مجازر رهيبة مع المسلمين، واستخدموا أساليب ÙˆØشية كانت وما تزال وصمة عار وخزي ÙÙŠ تاريخ الكنيسة وزعامتها الدينية!. Ùقد ØÙظ التاريخ ÙÙŠ سجلاته قصص الموت الرهيب التي يتØاشاها أكثر المؤرخين والباØثين المسيØيين، ويمرون بها مروراً عابراً وسريعاً بإعتبارها Øقبة سوداء ÙÙŠ تاريخهم(2)ØŒ ولكن مع ذلك قد سجّل بعضهم هذه الأØداث الÙظيعة التي جرت على المسلمين، كان منهم: 1 Ù€ " غوستا٠لوبون "ØŒ Øيث يقول: " كان بطرس الناسك على رأس أهم العصابات الزاØÙØ© إلى الشرق، ولكن لم تكد تصل إلى بلغاريا Øتى بدأ Ø£Ùرادها ينهبون القرى، ويذبØون أهاليها، ويأتون ما ÙŠÙوق الوص٠من الأعمال الوØشية، Ùكان من أجنّ ضروب اللهو إليهم قتل من يلاقونهم من الأطÙال المسلمين، وتقطيعهم إرباً إرباً وشيّهم!! كما روت (آن كومنين) إبنة قيصر الروم "(3). 2 Ù€ " الراهب روبرت "ØŒ Øيث يقول: "... Ø£Øضر (يوهيمند) جميع الذين أعتقلوا ÙÙŠ برج القصر، Ùأمر بضرب رقاب عجائزهم وشيوخهم وضعاÙهم، ____________ 1- أنظر: تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب ÙÙŠ العصور الوسطى للدكتور سعيد عاشور: 19. 2- أنظر: قصة الأديان: 415ØŒ ÙÙŠ خطى Ù…Øمّد: 219. 3- أنظر: Øضارة العرب: 323. وبسوق Ùتيانهم وكهولهم إلى إنطاكية لكي يباعوا Ùيها! "(1).
وأضا٠أيضاً: " Øدث قتل المسلمين ÙÙŠ يوم الأØد المصاد٠16 ديسمبر، وإذا لم يكن إنجاز كل شيء ÙÙŠ ذلك اليوم، قتل قومنا ما بقي من أولئك ÙÙŠ اليوم التالي! "(2). والجدير بالذكر: يقدّر كثير من العلماء عدد المسلمين الذين قتلوا وذبØوا وأØرقوا منذ دخل " Ùرديناند " غرناطة، ÙˆØتى أجلاءهم الأخير بثلاثة ملايين مسلم(3)ØŒ ولقد شن هؤلاء Øرباً Ù€ يزعمون أنّها مقدسة Ù€ باركها ودعمها رجال الكنيسة بشتى الصور! لاستئصال شأÙØ© الإسلام والمسلمين، ولكنهم Ùشلوا مع ذلك ÙÙŠ تØقيق أغراضهم. وقد أقر بذلك المبشّر " غاردنر " بقوله: " لقد خاب الصليبيون ÙÙŠ إنتزاع القدس من أيدي المسلمين، ليقيموا دولة مسيØية ÙÙŠ قلب العالم الإسلامي، والØروب الصليبية لم تكن لإنقاذ هذه المدينة، بقدر ما كانت لتدمير الإسلام "(4). التØرّر من التيه المظلم:
تقول الدكتورة مونتسدات: " لقد كنت Ø£Øمل نظرة مشوهة عن المسلمين، شأني ÙÙŠ ذلك شأن بقية الأوربيين بشكل عام! إلاّ أنّ انكشا٠الØقائق وتعرÙÙŠ على بعض الوقائع التاريخية من قبل صديقتي، غيّرا كل ذلك. واستمرت اللقاءات بيني وبين صديقتي، وبمرور الزمان إزدادت معرÙتي ____________ 1- المصدر Ù†Ùسه: 325. 2- المصدر Ù†Ùسه: 332. 3- أنظر: تعدد الأديان وأنظمة الØكم لجورج قرم: 169. 4- أنظر: التبشير والاستعمار للدكتور عمر Ùروخ: 115. بالإسلام، وكانت صديقتي تØمل معها نسخة من القرآن الكريم، وكانت تستشهد بآياته أثناء الكلام، وأهدتني مصØÙاً وبعض الكتب الإسلامية،
Ùبدأت أقارن بين القرآن والإنجيل، ÙعرÙت خلال ذلك جملة من الأمور، منها إنسانية عيسى Ø§Ù„Ù…Ø³ÙŠØ (عليه السلام) وعدم الوهيته! ". ومن العجب! أن يدّعي النصارى أنّ النبيّ عيسى (عليه السلام) هو الأب Ù€ الذي هو الخالق عندهم Ù€ ÙÙŠ Øين أننا نجد أنّ الإنجيل يقرّر Øقيقة كونه رجلاً مخلوقاً قد منّ الله عليه بالكرامة، Øيث يؤكد بطرس ذلك بقوله: " يا بني إسرائيل، أسمعوا هذا الكلام: إنّ يسوع الناصري رجل أيده الله بمعجزات وعجائب أجراها على يده بينكم، كما تعلمون "(1). لكنهم يناقضون أنÙسهم بأنÙسهم! لأنّ أي شخص ولدته أمّه لايمكن أن يكون إلهاً، وهذا ما يقول به الإنجيل أيضاً(2)ØŒ ونبيّ الله عيسى ( عليه السلام) أمه٠السيدة مريم بنت عمران، Ùأين إلوهيته من هذا القول؟! وتناقضاتهم بوصÙهم لعيسى (عليه السلام) تارة بـ (ابن الإنسان)! وأخرى بـ (ابن الله)!ØŒ Øيث جاء وصÙÙ‡ بأنّه ابن الإنسان 83 مرّة، وأنّه ابن الله 13 مرّة ÙÙŠ العهد الجديد!. ÙˆÙÙŠ الØقيقة أنّ النبيّ عيسى (عليه السلام) مبعوث من قبل الله تعالى، والإدعاء بأنّه ربّ أو شريك له ÙŠÙنده الواقع، وقد أبطله عيسى ( عليه السلام) بنÙسه عندما أقرّ بعدم علمه بيوم القيامة، Øيث جاء ÙÙŠ الإنجيل عنه (عليه السلام) : " وأمّا ذلك اليوم وتلك الساعة Ùلا يعلم بهما Ø£Øد، لا الملائكة الذين ÙÙŠ السماء ولا الإبن إلاّ الأب "(3). ____________
1)أنظر: التÙسير التطبيقي للكتاب المقدس: 3273ØŒ أعمال الرسل: 2 / 22. 2)أنظر: التÙسير التطبيقي للكتاب المقدس: 1106ØŒ أيوب: 25 / 4 Ù€ 6. 3- أنظر: التÙسير التطبيقي للكتاب المقدس: 2033ØŒ مرقس: 13 / 32.
الكنيسة وطقوسها المبهمة:
تقول الدكتورة مونتسدات: " بدأت ØªØªØ¶Ø Ù„ÙŠ الØقائق أكثر Ùأكثر يوماً بعد آخر، وبقدر ماكانت تتسع مطالعاتي ومناقشاتي كنت أصل إلى Øلول مقنعة للأسئلة والاستÙسارات ÙÙŠ خلدي من مسائل واستÙسارات. كما تبيّن لي أنّ العقيدة الإسلامية عقيدة سهلة سمØاء، لا يشوبها ذلك التعقيد الذي تلبست به المسيØية ". وقد أقرّ بهذا التعقيد المسيØيون أنÙسهم! إذ يقول " رونالد بنتون " صاØب كتاب (الكنيسة من النشوء إلى القرن العشرين): " وتكاد تكون أكثر الأديان السماوية والوضعية تعقيداً، وقد علّمها عيسى (عليه السلام) ديناً بسيطاً سهلا، ولكن التعقيد طرأ عليها بعد ذلك، Øتى Ø£ØµØ¨Ø Ø¹Ø³ÙŠØ±Ø§Ù‹ جداً Ùهم كثير من مبادئها، ÙˆØتى Ø£ØµØ¨Ø ØºÙ…ÙˆØ¶Ù‡Ø§ طبيعة واضØØ© Ùيها. ويقول أيضاً: إنّ المسيØية بدأت بسيطة ولكن الناس عقّدوها بعقائد صعبة عصÙت بها "(1). ولكثرة تعقيد المسيØية أصبØت Ù„Ø§ØªÙˆØ¶Ù‘Ø Ù…Ù‚ØµÙˆØ¯Ø§Ù‹ØŒ Ùهي عبارات ÙˆÙقرات إنشائية غامضة لا أكثر!ØŒ وخلاصة القول بخصوص العقيدة المسيØية ÙÙŠ التثليث كما يقول القس وهيب عطا الله: " إنّ التجسيد قضية Ùيها تناقض مع العقل والمنطق والØس والمادة والمصطلØات الÙلسÙية، ولكننا نصدّق ونؤمن أنّ هذا ممكن Øتى ولو لم يكن معقولا! "(2). ____________
1- أنظر المسيØية لأØمد شلبي: 21. 2- طبيعة السيد المسيØ: 18.
انتشال النÙس من الأوهام:
ومن هذا المنطلق تقول الدكتورة مونتسدات: " اعتنقت الإسلام عن وعي وبصير، ÙØ£Øسست بعد ذلك بالراØØ© النÙسية عندما لامست روØÙŠ Ø´ÙاÙية هذا الدين، المتجلية ÙÙŠ عقيدته السمØاء، وعبادته التي تنمي Ø§Ù„Ø±ÙˆØ Ø§Ù„Ø®ÙŠØ±Ø© المØبّة الصادقة ÙÙŠ الإنسان، Ùتغيرت نظرتي للمجتمع وللكون والØياة تبعاً لذلك، وإنّي Ø£Øمد الله تعالى إذ هداني للدين الØقّ، وأنقذني من ظلمات الشرك والظلال ".
|