نصب الراية
الزيعلي ج 4

[ 1 ]
الهداية شرح بداية
[ 2 ]
الطبعة الاولى 1415 ه‍ - 1995 م طبع . نشر . توزيع - دار الحديث
[ 3 ]
الهداية شرح بداية المبتدي لشيخ الاسلام برهان الدين المرغينانى مع نصب الراية تخريج أحاديث الهداية للعلامة جمال الدين الزيلعي اعتنى بهما ايمن صالح شعبان الجزء الرابع دار الحديث القاهرة
[ 4 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[ 5 ]
كتاب العتق الحديث الاول قال عليه السلام أيما مسلما أعتق مؤمنا أعتق الله بكل عضو منه عضوا منه من النار قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما استنقذ الله بكل عضو منه عضوا منه من النار انتهى وفي لفظ من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار حتى الفرج بالفرج انتهى أخرجه الترمذي في الايمان والنذور وابن ماجة في الاحكام والباقون في العتق حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن شرحبيل بن السمط عن كعب بن مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أيما رجل أعتق رجلا مسلما كان فكاكه من النار وأيما امرأة أعتقت
[ 6 ]
امرأة مسلمة كانت فكاكها من النار زاد أبو داود وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين إلا كانتا فكاكه من النار يجزئ مكان كل عظمين منهما عظم من عظامه مختصر حديث آخر أخرجه الترمذي عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما كان فكاكه من النار يجزئ كل عضو منه عضوا منه وأيما امرئ مسلم أعتق امرأتين مسلمتين كانتا فكاكه من النار يجزئ كل عضو منهما عضوا منه انتهى وقال حديث حسن صحيح غريب قال وفقه الحديث أن عتق الذكور أفضل من عتق الاناث انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام لا عتق فيما لا يملك بن آدم قلت أخرجه أبو داود والترمذي في الطلاق عن عامر الاحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتقا له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو أحسن شئ روى في هذا الباب واختصره بن ماجة بقصة الطلاق حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن سليمان بن أبي سليمان عن يحيى
[ 7 ]
بن أبي كثير عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر إلا فيما أطيع الله فيه ولا يمين في غضب ولا طلاق ولا عتاق فيما لا يملك انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وقال إسناده ضعيف قال بن القطان وعلته سليمان بن أبي سلمان فإنه شيخ ضعيف الحديث قاله أبو حاتم الرازي انتهى وقال صاحب التنقيح هذا حديث لا يصح وسليمان بن أبي سليمان هو سليمان بن داود اليمامي متفق على ضعفه قال بن معين ليس بشئ وقال البخاري منكر الحديث وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى الله تبارك وتعالى
[ 8 ]
حديث آخر رواه بن مردويه في تفسيره حدثنا دعلج بن أحمد ثنا محمد بن إبراهيم القوشجي ثنا عبد الله بن يزيد أبو بكر الدمشقي ثنا صدقة بن عبد الله الدمشقي أبو معاوية حدثني محمد بن المنكدر حدثني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طلاق لما لا يملك بن آدم ولا عتق لما لا يملك انتهى وأخرجه أبو يعلى في مسنده عن بن أبي ذئب عن عطاء عن جابر
[ 11 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام من ملك ذا رحم محرم منه عتق عليه قلت أخرجه النسائي في سننه عن ضمرة بن ربيعة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ملك ذا رحم عتق انتهى قال النسائي هذا حديث منكر ولا نعلم أحدا رواه عن سفيان غير ضمرة بن ربيعة الرملي انتهى وقال الترمذي ولم يتابع ضمرة على هذا الحديث وهو خطأ عند أهل الحديث انتهى ورواه البيهقي وقال إنه وهم فاحش والمحفوظ بهذا الاسناد حديث النهي عن بيع الولاء وعن هبته وضمرة بن ربيعة لم يحتج به صاحبا الصحيح انتهى وقال عبد الحق في أحكامه تفرد به ضمرة بن ربيعة الرملي عن الثوري وضمرة ثقة والحديث صحيح إذا أسنده ثقة ولا يضر انفراده به ولا إرسال من أرسله ولا وقف من وقفه انتهى قال بن القطان وهذا الذي قاله أبو محمد هو الصواب ولو نظرنا الاحاديث لم نجد منها ما روى متصلا ولم يرو من وجه آخر منقطعا أو مرسلا أو موقوفا إلا القليل وذلك لاشتهار الحديث وانتقاله على ألسنة الناس قال فجعل ذلك علة في الاخبار لا معنى له انتهى وقال المنذري في مختصر السنن وضمرة بن ربيعة هو
[ 12 ]
أبو عبد الله الفلسطيني وثقه يحيى بن معين وغيره ولم يخرجا له في الصحيح كما قال البيهقي وقد حصل له في هذا الحديث وهم والله أعلم انتهى كلامه الحديث الرابع قال عليه السلام من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ملك ذا رحم محرم منه فهو حر انتهى أخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حماد وسعيد والباقون عن جماعة عن حماد قال أبو داود لم يرو هذا الحديث إلا حماد بن سلمة وقد شك فيه فإن موسى بن إسماعيل قال في موضع آخر عن سمرة فيما يحسب حماد وقد رواه شعبة مرسلا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم وشعبة أحفظ من حماد وقال الترمذي هذا حديث لا نعرفه مسندا إلا من
[ 13 ]
حديث حماد بن سلمة وقال في علله الكبرى وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فلم يعرفه عن الحسن عن سمرة إلا من حديث حماد بن سلمة ويروي عن قتادة عن الحسن عن عمر انتهى قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن هاشم عن بن أبي ليلى عن عبد الكريم عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرسلا ورواه البيهقي بسند السنن وقال إذا انفرد به حماد وشك فيه وخالفه من هو أحفظ منه وجب التوقف فيه وقد أشار البخاري إلى تضعيفه وقال علي بن المديني هذا عندي منكر انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد بن حنبل به عن حماد بن سلمة عن عاصم الاحول وقتادة عن الحسن عن سمرة مرفوعا وسكت عنه ثم أخرجه عن ضمرة بن ربيعة عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن بن عمر مرفوعا من ملك ذا رحم فهو حر انتهى وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وشاهده الحديث الصحيح المحفوظ عن سمره بن جندب انتهى وقال صاحب التنقيح وقد تكلم في هذا الحديث بسبب انفراد جماعه وشكه فيه ومخالفة غيره ممن هو أثبت منه وقد أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن حماد وذكر أبو داود
[ 14 ]
فيه عن سمره فيما يحسب حماد وقد رواه سعيد عن قتادة عن عمر بن الخطاب من قوله وقتادة لم يدرك عمر وقرواه الطحاوي من حديث الاسود عن عمر موقوفا وقد روى من حديث بن عمر مرفوعا بإسناد مختلف فيه وروى بإسناد ضعيف من حديث عائشة وبإسناد ساقط من حديث علي انتهى وموقوف عمر أخرجه أبو داود والنسائي عن قتادة عن عمر قال من ملك ذا رحم محرم فهو حر انتهى وأعل بأن قتادة لم يسمع من عمر فإن مولده بعد وفاة عمر بنيف وثلاثين سنه والله أعلم أحاديث الباب أخرج الدارقطني عن أشعث بن عطاف عن العرزمي عن أبى النضر محمد بن السائب الكلبي عن أبى صالح عن بن عباس قال جاء رجل بأخيه فقال يا رسول الله إني أريد أن أعتق أخى هذا فقال إن الله أعتقه حين ملكته انتهى قال الدارقطني العرزمي تركه بن المبارك وابن المهدى ويحيى القطان انتهى وقال بن القطان والكلبي متروك أيضا وهو القائل كل ما حدثت به عن أبى صالح فهو كذب انتهى وقال البيهقي هذا مما لا يحل الاحتجاج به لاجماعهم على تركه رواية الكلبي والعرزمى وروى عن حفص بن أبي داود عن بن أبي ليلى عن عطاء عن بن عباس وحفص ضعيف انتهى
[ 15 ]
الحديث الخامس قال عليه السلام في عبيد الطائف حين خرجوا إليه مسلمين هم عتقاء الله قلت أخرجه أبو داود في الجهاد والترمذي في المناقب عن بن إسحاق عن أبان بن صالح عن منصور بن المعتمر عن ربعى بن خراش عن على واللفظ لابي داود قال خرج عبدان إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبيه قبل الصلح فقال مواليهم يا محمد والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك وإنما خرجوا هربا من الرق فقال ناس صدقوا يا رسول الله ردهم إليهم فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما أراكم تنتهون
[ 16 ]
يا معشر قريش حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا وأبى أن يردهم وقال هم عتقاء الله سبحانه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعى عن على ورواه الحاكم في المستدرك في الجهاد وقال صحيح على شرط مسلم انتهى قال الواقدي في غزوة الطائف من كتاب المغازي وحدثني موسى بن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبيه فذكره إلى أن قال ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أيما عبد نزل من الحصن إلينا فهو حر فنزل أبو بكرة واسمه نفيع وكان عبدا للحارث بن كلده نزل في بكرة من الحصن فلذلك سمى بأبي بكره ووردان عبد لعبد الله بن ربيعه الثقفي والمنبعث عبد لعثمان بن عامر والازرق عبد لكلدة الثقفي ويحنس النبال عبد ليسار بن مالك وإبراهيم بن جابر عبد لخوشة الثقفي ويسار عبد لعثمان بن عبد الله ونافع عبد لغيلان بن سلمه ومرزوق عبد لعثمان كل هؤلاء أعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع كل واحد منهم لرجل من المسلمين يمونه ويقرئه ويعلمه الشريعه وكان أبو بكرة إلى عمرو بن سعيد بن العاص فلما أسلمت ثقيف تكلموا في هؤلاء أن يردوا إلى الرق فقال عليه السلام أولئك عتقاء الله لا سبيل إليهم مختصر حديث آخر رواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وابن أبي شيبه في مصنفه والطبراني في معجم عن الحجاج بن أرطأة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أن عبدين خرجا من الطائف فأسلما فأعتقهما النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما أبو بكرة انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه في الجهاد حدثنا معمر عن عاصم بن سليمان ثنا أبو عثمان النهدي عن أبي بكره أنه خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر أهل الطائف بثلاثة وعشرين عبدا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهم الذين يقال لهم العتقاء انتهى حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في المراسيل عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عبد ربه بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر الطائف خرج إليه أرقاء من
[ 17 ]
أرقائهم فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أسلم مواليهم بعد ذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم الولاء إليهم انتهى قال بن القطان في كتابه وعبد ربه بن الحكم لا يعرف حاله ولا يعرف روى عنه إلا الذي روى عنه هذا المرسل وهو عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي انتهى حديث آخر مرسل أخرجه البيهقي عن بن إسحاق عن عبد الله بن مكرم الثقفي عن النبي صلى الله عليه وسلم في من خرج إليه من عبيد الطائف ثم وفد أهل الطائف فأسلموا فقالوا يا رسول الله رد علينا رقيقنا الذين أتوك فقال لا أولئك عتقاء الله ورد على كل رجل ولاء عبده انتهى كلامه باب العبد يعتق بعضه الحديث السادس قال عليه السلام في الرجل يعتق نصيبه إن كان غنيا وإن
[ 18 ]
كان فقيرا سعى العبد في حصة الآخر قلت أخرجه الائمة الستة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شقصا له في عبد فخلاصه في ماله إن كان له مال فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه انتهى أخرجه البخاري في العتق والشركة
[ 19 ]
ومسلم في العتق وفي النذور وأبو داود في العتق والترمذي وابن ماجة في الاحكام والنسائي في سننه الكبرى في العتق وألفاظهم فيه متقاربة وفي لفظ في الصحيحين ويستسعى في نصيب الذي لم يعتق غير مشقوق عليه انتهى قال أبو داود ورواه روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة ولم يذكر السعاية ورواه جرير بن حازم وموسى بن خلف عن قتادة فذكرا فيه السعاية انتهى وقال الترمذي روى شعبة عن قتادة هذا الحديث ولم يذكر فيه أمر السعاية انتهى وقال النسائي أثبت أصحا ب قتادة شعبة وهشام الدستوائي وسعيد بن أبي عروبة وقد اتفق شعبة وهشام على خلاف سعيد بن أبي عروبة وروايتهما أولى بالصواب عندنا وقد بلغني أن هماما روى هذا الحديث عن قتادة فجعل الكلام الاخير وإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه قول قتادة انتهى وقال عبد الرحمن بن مهدي أحاديث همام عن قتادة أصح من حديث غيره لانه كتبها إملاء وقال
[ 20 ]
الدارقطني روى هذا الحديث شعبة وهشام عن قتادة وهما أثبت فلم يذكرا فيه الاستسعاء ووافقهما همام وفصل الاستسعاء من الحديث فجعله من رأى قتادة قال وسمعت أبا بكر النيسابوري يقول ما أحسن ما رواه همام وضبطه فصل قول النبي صلى الله عليه وسلم من قول قتادة ورواه بن أبي عروبة وجرير بن حازم عن قتادة فجعلا الاستسعاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأحسبهما وهما فيه لمخالفة شعبة وهشام وهمام إياهما انتهى وقال الخطابي اضطرب سعيد بن أبي عروبة في السعاية فمرة يذكرها ومرة لا
[ 21 ]
يذكرها فدل على أنها ليست من متن الحديث عنده وإنما هو من كلام قتادة وتفسيره على ما ذكره همام وبينه ويدل على صحة ذلك حديث بن عمر رواه الائمة الستة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق شركا له في عبد فكان له مال يبلغ ثمن العبد قوم عليه قيمة عدل فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد وإلا فقد عتق منه ما عتق انتهى قلت في لفظ للبخاري قال أيوب لا أدري من قول نافع أو في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني قوله فقد عتق منه ما عتق وفي لفظ قال من أعتق شركا له في مملوك وجب عليه أن يعتق كله إن كان له مال قدر ثمنه ويعطي شركاءه حصصهم ويخلي سبيل المعتق انتهى ذكره في الشركة وقال البيهقي فقد اجتمع ههنا شعبة مع فضل حفظه وعمله بما سمع قتادة وما لم يسمع وهشام مع فضل حفظه وهمام مع صحة كتابته وزيادة معرفته بما ليس من الحديث على
[ 22 ]
خلاف بن أبي عروبة ومن تابعه من إدارج السعاية في الحديث وفي هذا ما يضعف ثبوت الاستسعاء بالحديث وذكر أبو بكر الخطيب أن أبا عبد الرحمن بن عبد الله بن يزيد المقري رواه عن همام وزاد فيه ذكر الاستسعاء وجعله من قول قتادة وميزه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد حمل بعض أهل العلم السعاية المذكورة في الحديث على استسعاء العبد عند إعسار الشريك باختيار العبد دون إجباره عليه بدليل قوله غير مشقوق عليه وفي إجباره على السعي في قيمته وهو لا يريده مشقة عظيمة انتهى وقال صاحب التنقيح وقد تكلم جماعة من الائمة في حديث سعيد هذا وضعفوا ذكر الاستسعاء وقالوا الصواب أن ذكر الاستسعاء من رأى قتادة كما رواه همام عنه فجعله من قوله وفي قول هؤلاء الائمة نظر فإن سعيد بن أبي عروبة من الاثبات في قتادة وليس هو بدون همام وقد تابعه جماعة على ذكر الاستسعاء ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهم جرير بن أبي حازم وأبان بن يزيد العطار
[ 23 ]
وحجاج بن حجاج وموسى بن خلف وحجاج بن أرطاة ويحيى بن صبيح الخراساني انتهى أحاديث الباب روى الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة حدثني أبي عن أبيه قال زعم أبو معبد حفص بن غيلان عن سليمان بن موسى عن نافع عن بن عمرو عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركاء وله وفاء فهو حر وضمن نصيب شركائه بقيمة
[ 24 ]
عدل فإن لم يكن له شئ استسعى العبد انتهى حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن داود بن الزبرقان عن يحيى بن سعيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شقصا له من رقيق فإن عليه أن يعتبقيته فإن لم يكن له مال استسعى العبد انتهى وأعله بداود بن الزبرقان وضعفه عن بن معين والنسائي ثم قال وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم انتهى
[ 35 ]
باب التدبير حديث قال عليه السلام في المدبر لا يباع ولا يوهب ولا يورث وهو حر من الثلث قلت أخرجه الدارقطني بنقص ولا يورث من رواية عبيدة بن حسان عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدبر لا يباع ولا يوهب
[ 36 ]
وهو حر من من ثلث المال انتهى قال الدارقطني لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف وإنما هو عن بن عمر من قوله وأخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن ظبيان ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدبر من الثلث انتهى وعلي بن ظبيان ضعيف قال الدارقطني في علله هذا حديث يرويه عبيد الله بن عمر وأيوب واختلف عنهما فرواه علي بن ظبيان عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر مرفوعا وغير بن ظبيان يرويه موقوفا ورواه عبيدة بن حسان عن أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا وغير عبيدة بن حسان يرويه موقوفا والموقوف أصح انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سئل أبو زرعة عن حديث رواه علي بن ظبيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدبر من الثلث فقال أبو زرعة هذا حديث باطل قال بن أبي حاتم ورواه خالد بن الياس عن نافع عن بن عمر قال المدبر من الثلث من قوله انتهى وقال بن القطان في كتابه عبيدة هذا قال فيه أبو حاتم منكر الحديث وأبو معاوية عمرو بن عبد الجبار الجزري راويه عنه مجهول الحال وقد رواه حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر من قوله وهو الصحيح لثقة حماد وضعف عبيدة انتهى أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلا من الانصار أعتق غلاما له عن دبر لم يكن له مال غيره فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال من
[ 37 ]
يشتريه مني فاشتراه نعيم بن عبد الله بثمانمائة درهم فدفعها إليه قال عمرو سمعت جابرا يقول عبدا قبطيا مات عام أول انتهى وأخرجه النسائي وقال فيه وكان محتاجا كان عليه دين فباعه عليه السلام بثمانمائة درهم وقال اقض بها دينك ووقع في لفظ للترمذي والدارقطني أنه مات ولم يترك مالا غيره فباعه عليه السلام في دينه قال أبو بكر النيسابوري هذا خطأ والصحيح أن سيد العبد كان حيا يوم بيع المدبر انتهى حديث آخر موقوف رواه مالك في الموطأ من رواية القعنبي عنه عن محمد بن عبد الرحمن بن حارثة أبي الرجال ععمرة عن عائشة أنها مرضت فتطاول مرضها فذهب بنو أخيها إلى رجل فذكروا له مرضها فقال إنكم تخبروني خبر امرأة مطبوبة قال فذهبوا ينظرون فإذا جارية لها سحرته وكانت قد دبرتها فدعتها ثم سألتها ماذا أردت قالت أردت أن تموتي حتى أعتقالت فإن الله علي أن تباعي من أشد العرب ملكة فباعتها وأمرت بثمنها فجعل فمثلها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الطب وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ولنا عن ذلك جوابان أحدهما إنا نحمله على المدبر المقيد والمدبر المقيد عندنا يجوز بيعه إلا أن يثبتوا أنه كان مدبرا مطلقا وهم لا يقدرون على ذلك وكونه لم يكن له مال غيره ليس علة في جواز بيعه لان المذهب فيه أن العبد يسعى في قيمته يدل عليه ما أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن زياد الاعرج ع النبي صلى الله عليه وسلم في رجل أعتق عبده عند الموت وترك دينا وليس له مال قال يستسعى العبد في قيمته انتهى ثم أخرج عن علي نحوه سواء والاول مرسل يشده هذ الموقوف والله أعلم الجواب الثاني إنا نحمله على بيع الخدمة والنفقة لا بيع الرقبة
[ 38 ]
بدليل ما أخرجه الدارقطني عن عبد الغفار بن القاسم عن أبي جعفر قال ذكر عنده أن عطاء وطاوسا يقولان عن جابر في الذي أعتقه مولاه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أعتقه عن دبر فأمره أن يبيعه ويقضي دينه فباعه بثمانمائة درهم قال أبو جعفر شهدت الحديث من جابر إنما أذن في بيع خدمته انتهى قال الدارقطني وأبو جعفر هذا وإن كان من الثقات ولكن حديثه هذا مرسل انتهى قال عبد الحق في أحكامه أخرجه بن عدي عن أبي مريم عبد الغفار بن القاسم الكوفي عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله في قصة هذا المدبر وفيه وإنما أذن النبي صلى الله عليه وسلم في بيع خدمته قال عبد الحق و عبد الغفار هذا يرمى بالكذب وكان غاليا في التشيع انتهى وقال بن القطان في كتابه هو مرسل صحيح لانه من رواية عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي وهو ثقة عن أبي جعفر وهو ثقة انتهى وقال صاحب التنقيح وعبد الغفار من غلاة الشيعة وقد روى عنه شعبة قال بن عدي ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى قوله وولد المدبرة مدبر وعلى ذلك نقل إجماع الصحابة قلت روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن سعيد بن عبد الرحمن الحجبي عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن بن عمر قال ولد المدبر بمنزلته وأخرج عن الزهري وابن المسيب نحوه
[ 39 ]
باب الاستيلاء الحديث الاول قال عليه السلام أعتقها ولدها قلت رواه بن ماجة في سننه في كتاب الاحكام من حديث أبي بكر النهشلي عن حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن بن عباس قال ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعتقها ولدها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في البيوع وسكت عنه إلا أنه قال أبي بكر بن أبي سبرة والحديث معلول بابن أبي سبرة وحسين فإنهما ضعيفان قال بن القطان في كتابه وقد روى بإسناد جيد قال قاسم بن أصبغ في كتابه حدثنا محمد بن وضاح ثنا مصعب بن سعيد أبو خيثمة المصيصي ثنا عبيد الله بن عمر هو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن عباس قال لما ولدت مارية إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتقها ولدها انتهى ومن طريق قاسم بن أصبغ رواه بن عبد البر في التمهيد ومن جهة بن عبد البر ذكره عبد الحق في أحكامه وخلط في إسناده تخليطا بينه بن القطان في كتابه وحرره كما ذكرناه والله أعلم ورواه ا بن عدي في الكامل بسند بن ماجة وأعله بأبي بكر بن أبي سبرة وقال إنه في جملة من يضع الحديث وأسند عن البخاري أنه قال فيه منكر الحديث وعن النسائي أنه قال متروك الحديث والى بن معين أنه قال فيه ليس بشئ وأخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الله بن سلمة بن أسلم عن الحسين به و عبد الله هذا ضعيف عن حسين وأخرجه أيضا عن سعيد بن زكريا المدائني عن بن
[ 40 ]
أبي سارة عن بن أبي حسين عن عكرمة عن بن عباس وسعيد هذا فيه لين وابن أبي سارة مجهول وأخرجه أيضا عن بن أبي أويس عن حسين المذكور وأبو أويس فيه لين وأخرجه بن ماجة أيضا عن شريك عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أمة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته انتهى
[ 41 ]
ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال البيهقي في المعرفة هكذا رواه شريك وكذلك رواه أبو أويس المدني في إحدى الروايتين عنه ورواه أبو بكر بن أبي سبرة عن حسين بإسناده أن النبي صلى اللعليه وسلم قال في أم إبراهيم حين ولدته أعتقها ولدها وكذلك رواه أبو أويس عن حسين إلا أنه أرسله وروى عن بن أبي حسين عن عكرمة عن بن عباس ولم يثبت فيه شئ‌وقد روى سفيان الثوري عن أبيه عن عكرمة عن عمر أنه قال في أم الولد أعتقها ولدهوإن كان سقطا وبمعناه رواه بن عيينة عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن عمر ورواه خصيف الجزري عن عكرمة عن بن عباس عن عمر فعاد الحديث إلى قول عمر وهو الاصل في ذلك وأحسن شئ روى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن خطاب بن صالح مولى الانصار عن أمه عن سلامة بنت معقل امرأة من خارجة قيس عيلان قالت قدم بي عمي في الجاهلية فباعني من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك فقالت امرأته الآوالله تباعين في دينه فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني امرأة من خارجة قيس عيلان قدم بي عمي المدينة في الجاهلية فباعني من الحبا ب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن فقالت امرأته الآن والله تباعين في دينه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولي الحباب قيل أخوه أبو اليسر بن عمرو فبعث إليه فقال اعتقوها فإذا سمعتم برقيق قدم علي فأتوني أعوضكم منها قالت فأعتقوني وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق فعوضهم مني غلاما انتهى كلامه قلت قوله وكذلك رواه أبو أويس حديث أبي أويس رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا زهير ثنا إسماعيل بن أبي أويس ثنا أبي عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما أمة ولدت من سيدها فانها حرة إذا مات
[ 42 ]
إلا أن يعتقها قبل موته انتهى الحديث الثاني حديث سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعتق أمهات الاولاد وأن لايبعن في دين ولا يجعلن من الثلث قلت غريب وفي الباب أحاديث منها ما أخرجه الدارقطني عن يونس بن محمد عن عبد العزيز بن مسلم عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الاولاد وقال لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع بها سيدها ما دام حيا فإذا مات فهي حرة انتهى ثم أخرجه عن عبد الله بن مطيع ثنا عبد الله بن جعفر ثنا عبد الله بن دينار عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره وهذا أعله بن عدي بعبد الله بن جعفر بن نجيح المديني وأسند تضعيفه عن النسائي والسعدي والفلاس وابن معين ولينه هو وقال عامة
[ 43 ]
ما يرويه لا يتابع عليه ومع ضعفه يكتب حديثه ثم أخرجه عن أحمد بن عبيد الله العنبري ثنا معتمر عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن عمر موقوفا عليه وأخرجه أيضا عن فليح بن سليمان عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر عن عمر موقوفا عليه قال بن القطان هذا حديث يرويه عبد العزيز بن مسلم القسملي وهو ثقة عن عبد الله بن دينار عن بن عمر واختلف فيه فقال عنه يونس بن محمد وهو ثقة وهو الذي
[ 44 ]
رفعه وقال عنه يحيى بن إسحاق وفليح بن سليمان عن عمر لم يتجاوزوه وكلهم ثقات وهذا كله عند الدارقطني وعندي أن الذي أسنده خير ممن وقفه انتهى وقال الحازمي في كتابه في ذكر الترجيحات الوجه الخامس والعشرون أن يكون أحد الحديثين منسوبا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نصا وقولا والآخر ينسب إليه استدلالا واجتهادا فيكون الاول مرجحا نحو حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع أمهات الاولاد وقال لا يبعن إلى آخره فهذا أولى بالعمل به من حديث أبي سعيد الخدري كنا نبيع أمهات الاولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لان حديث بن عمر قوله عليه السلام ولا خلاف أنه حجة وحديث أبي سعيد ليس فيه تنصيص منه عليه السلام فيحتمل أن من كان يرى هذا لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وكان ذلك اجتهادا منه فكان تقديم ما نسب إلى
[ 45 ]
النبي صلى الله عليه وسلم نصا أولى ونظيره حديث أبي رافع في المزارعة كنا نخابر وكنا نكري الارض إذا ليكن فعلهم ذلك مسندا إلى إذنه عليه السلام انتهى وحديث أبي سعيد الذي أشار إليه أخرجه النسائي عن زيد العمي عن أبي الصديق عن أبي سعيد في أمهات الاولاد قال كنا نبيعهن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النسائي زيد العمي ليس بالقوي انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه ورواه العقيلي وأعله بزيد العمي ثم قال وغير زيد يرويه بإسناد جيد انتهى وهذا الذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي عن جابر قال أبو داود حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال بعنا أمهات الاولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا قال الحاكم على شرط مسلم وقال النسائي أخبرنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم ثنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال كنا نبيع أمهات الاولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا ينكر ذلك علينا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق ومن الجائز أن يكون هذا خفي على أبي سعيد وغيره من الصحابة أو يكون النهي ورد بعد ذلك انتهى وذكر عبد الحق في أحكامه حديث بن عمر هذا ثم قايروي من قول بن عمر ولا يصح مسندا وتعقبه بن القطان في كتابه قال إنما يروي من قول عمر رواه مالك في الموطأ من رواية يحيى بن بكير عنه عن نافع عن بن عمر أن عمر بن الخطاب قال أيما وليدة ولدت من سيدها فإنه لا يبيعها ولا يهبها ولا يورثها وهو يستمتع منها فإذا مات فهي حرة انتهى ومن طريق مالك رواه البيهقي ثم قال وكذلك رواه عبد الله بن عمر وغيره عن نافع وكذلك رواه سفيان الثوري وسليمان بن بلال وغيرهما عن عبد الله بن دينار عن بن عمر عن عمر وغلط فيه بعض الرواة عن عبد الله بن دينار فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو وهم لا يحل روايته انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن الافريقي عن مسلم
[ 46 ]
بن يسارعن سعيد بن المسيب أن عمر أعتق أمهات الاولاد وقال أعتقهن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى والافريقي غير محتج به قال بن القطان وسعيد عن عمر منقطع ونقل عبد الحق في أحكامه في باب الايمان والنذور عن بن أبي حاتم أنه قال قال أحمد بن حنبل سعيد بن المسيب عن عمر عندنا حجة فإنه رآه وسمع منه انتهى حديث آخر موقوف رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن بن سيرين عن عبيدة السلماني قال سمعت عليا يقول اجتمع رأيي ورأي عمر في أمهات الاولاد أن لا يبعن ثم رأيت بعد أن يبعن قال عبيدة فقلت له فرأيك ورأي عمر في الجماعة أحب الي من رأيك وحدك في الفرقة قال فضحك علي انتهى الحديث الثالث وقد سر النبي صلى الله عليه وسلم بقول القائف في أسامة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم فرواه البخاري في الفرائض ومسلم في الرضاع وأبو داود في اللعان والترمذي في الولاء والنسائي في الطلاق وابن ماجة في الاحكام كلهم عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم مسرورا فقال يا عائشة ألم تري أن مجزرا المدلجي دخل علي وعندي أسامة بن زيد فرأى أسامة بن زيد وزيدا وعليهما قطيفة وقد غطيا رؤوسهما وبدت أقدامهما فقال هذه أقدام بعضها من بعض انتهى قال أبو داود كان أسامة أسود وكان زيد أبيض انتهى وفي لفظ للبخاري ومسلم قالت دخل قائف ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان فقال إن هذه الاقدام بعضها من بعض فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة أن رجلين اختصما في ولد فدعا عمر القائفة واقتدى في ذلك ببصر القائفة وألحقه أحد الرجلين انتهى قوله وسرور النبي صلى الله عليه وسلم فيما روى لان الكفار كانوا يطعنون في نسب أسامة وكان قول القائف مقطعا لطعنهم فسر به
[ 47 ]
رحمه الله قوله روي أن عمر رضي الله عنه كتب إلى شريح في هذه الحادثة لبسا فلبس عليهما ولو بينالبين لهما وهو ابنهما يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما وكان ذلك بمحضر من الصحابة وعن علي مثل ذلك قلت الحادثة هي أمة كانت بين شريكين أتت بولد فادعياه والحديث رواه البيهقي بنقص يسير أخرجه عن مبارك بن فضالة عن الحسن عن عمر في رجلين وطئا جارية في طهر واحد فجاءت بغلام فارتفعا إلى عمر فدعا له ثلاثة من القافة فاجتمعوا على أنه أخذ الشبه منهما جميعا وكان عمر قائفا يقوف فقال قد كانت الكلبة ينزوا عليها الاسود والاصفر والاحمر فيؤدي إلى كل كلب شبه ولم أكن أرى هذا في الناس حتى رأيت هذا فجعله عمر لهما يرثهما ويرثانه وهو للباقي منهما انتهى قال البيهقي هو منقطع ومبارك بن فضالة ليس
[ 48 ]
بحجة ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة قال رأى القائفة وعمر جميعا شبهه فيهما وشبههما فيه فقال عمر هو بينكما يرثكما وترثانه قال فذكرت ذلك لابن المسيب فقال نعم هو للآخر منهما انتهى وأما أثر علي فأخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن سماك عن مولى لبني مخزوم قال وقع رجلان على جارية في طهر واحد فعلقت الجارية فلم يدر من أيهما هو فأتيا عليا فقال هو بينكما يرثكما وترثانه وهو للباقي منكما انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن قابوس بن أبي ظبيان عن علي قال أتاه رجلان وقعا على امرأة في طهر فقال الولد بينكما وهو للباقي منكما انتهى وضعفه البيهقي وقال يرويه سماك عن رجل مجهول لم يسمه وقابوس وهو غير
[ 49 ]
محتج به عن أبي ظبيان على علي قال وقد روى عن علي مرفوعا خلاف هذا ثم أخرج من طريق أبي داو حدثنا خشيش بن أصرم ثنا عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن صالح الهمداني عن الشعبي عن عبد خير عن زيد بن أرقم قال أتى علي عليه السلام بثلاثة وهو باليمن وقعوا على امرأة في طهر واحد فسأل اثنين أتقران لهذا بالولد قالا لا حتى سألهم جميعا فجعل كلما سأل اثنين قالا لا فأقرع بينهم فألحق الولد بالذي صارت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه انتهى قال البيهقي وقد اختلف في رفعه وقد ذكرناه في السنن انتهى
[ 50 ]
كتاب الايمان الحديث الاول قال عليه السلام من حلف كاذبا أدخله الله النار قلت غريب بهذا اللفظ وروى الطبراني في معجمه من حديث عيسى بن يونس عن مجالد عن الشعبي عن الاشعث بن قيس قال خاصم رجل من الحضرميين رجلا منا يقال له الجفشيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض له فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي جئ بشهودك على حقك وإلا حلف لك فقال أرضي أعظم شأنا من أن يحلف عليها فقال النبي عليه السلام إن يمين المسلم ما وراءها أعظم من ذلك فانطلق ليحلف فقال عليه السلام إن هو حلف كاذبا ليدخله الله النار فذهب الاشعث فأخبره فقال أصلح بيني وبينه قال فأصلح بينهما انتهى وروى بن حبان في صحيحه من حديث أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرئ مسلم حرم الله عليه الجنة وأدخله النار انتهى ورواه البخاري ومسلم
[ 51 ]
من حديث بن مسعود بلفظ لقي الله وهو عليه غضبان انتهى وروى أبو داود من حديث عمر ابن حصين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين مصبورة كاذبا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار انتهى قوله وإنما علقه بالرجاء للاختلاف في تفسيره قلت روى البخاري في صحيحه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قوله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قالت هو قول الرجل لا والله وبلى والله انتهى وكذلك رواه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة به موقوفا وأخرجه أبو داود في سننه عن حسان بن إبراهيم ثنا إبراهيم الصائغ عن عطاء اللغو في اليمين قال قالت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو كلام الرجل في بيته كلا والله وبلى والله انتهى قال أبو داود ورواه داود بن أبي الفرات عن إبراهيم الصائغ موقوفا على عائشة وكذلك رواه الزهري وعبد الملك بن أبي سلمة ومالك بن مغول كلهم عن عطاء عن عائشة موقوفا انتهى وروى الطبري في تفسيره حدثني يعقوب بن إبراهيم ثنا هشيم ثنا بن أبي ليلى عن عطاء قال قالت عائشة لغو اليمين ما لم يعقد الحالف عليه قلبه انتهى قال البيهقي في المعرفة وروى عمر بن قيس عن عطاء عن عائشة في هذه الآية قالت هو حلف الرجل على علمه ثم لا تجده على ذلك فليس فيه كفارة وعمر بن قيس ضعيف ورواية الثقات كما مضى تشير إلى حديث البخاري قال ورواه بن وهب عن الثقة عنده عن الزهري عن عروة عن عائشة
[ 52 ]
وهذا مجهول ورواية هشام بن عروة عن أبيه أصح انتهى كلامه وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن مجاهد قال هو الرجل يحلف على الشئ يرى أنه كذلك وليس كذلك وعن سعيد بن جبير قال هو الرجل يحلف على الحرام فلا يؤاخذه الله بتركه وأخرج عن النخعي والحسن قالا هو الرجل يحلف على الشئ ثم ينسى وعن الحسن أيضا قال هو الخطأ غير العمد كقول الرجل والله إنه لكذا وكذا وهو يرى أنه صادق ولا يكون كذلك انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق واليمين قلت هكذا ذكره المصنف وبعض الفقهاء يجعل عوض اليمين العتاق ومنهم صاحب الخلاصة والغزالي في الوسيط وغيرهما وكلاهما غريب وإنما الحديث النكاح والطلاق والرجعة أخرجه أبو داود وابن ماجة في الطلاق والترمذ في النكاح عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن يوسف بن ماهك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب ورواه الحاكم في المستدرك في أول الطلاق وقال صحيح الاسناد وابن أردك من ثقات المدنيين انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما وقد غلط النووي الغزالي في تهذيب الاسماء واللغات فقال وقع في هذا الحديث في الوسيط النكاح والطلاق والعتاق وليس بصوا ب وإنما الصواب والرجعة عوض العتاق وهكذا أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة والبيهقي انتهى قلت فيه نظر فقد روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده
[ 53 ]
حدثنا بشر بن عمر ثنا بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجوز اللعب في ثلاث الطلاق والنكاح والعتاق فمن قالهن فقد وجبن انتهى وروى بن عدي في الكامل عن غالب بن عبيد الله الجزري عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث ليس فيهن لعب من تكلم بشئ منهن لاعبا فقد وجب عليه الطلاق والعتاق والنكاح انتهى وضعف غالب بن عبيد الله عن بن معين وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا إبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم أن أبا ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طلق وهو لاعب فطلاقه جائز ومن أعتق وهو لاعب فعتقه جائز ومن نكح وهو لاعب فنكاحه جائز انتهى وفيه أثران أيضا أخرجهما عبد الرزاق أيضا عن علي وعمر أنهما قالا ثلاث لا لعب فيهن النكاح والطلاق والعتاق وفي رواية عنهما أربع وزاد والنذر والله أعلم قال بن القطان في كتابه وعبد الرحمن بن أردك وإن كان قد روى عنه جماعة إسماعيل بن جعفر وحاتم بن إسماعيل والدراوردي وسليمان بن بلال فإنه لا يعرف حاله انتهى قلت ذكره بن حبان في الثقات واستدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد في عدم انعقاد يمين المكره بما أخرجه الدارقطني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن العلاء عن مكحول عن واثلة بن الاسقع وأبي أمامة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مقهور يمين انتهى ثم قال عنبسة ضعيف قال في التنقيح حديث منكر بل موضوع وفيه جماعة ممن لا يجوز الاحتجاج بهم انتهى باب ما يكون يمينا وما لا يكون يمينا
[ 54 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام من كان حالفا فليحلف بالله أو ليذر قلت أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر وهو في ركب وهو يحلف بالله فقال إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت ولفظ الصحيحين أو ليصمت وعجبت من الشيخ زكي الدين كيف عزاه للنسائي وترك الترمذي والنسائي لم يذكره والترمذي ذكره برمته والله أعلم وفي الصحيحين عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم انتهى
[ 56 ]
الحديث الرابع قال عليه السلام من نذر نذرا ولم يسم فعليه كفارة يمين قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بكير بن عبد الله بن الاشج عن كريب مولى بن عباس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين انتهى أخرجه أبو داود عن طلحة بن يحيى عن عبد الله بن سعيد بن بكير به وابن ماجة عن خارجة بن مصعب عن بكير به قال أبو داود ورواه وكيع وغيره عن عبد الله بن سعيد فوقفوه انتهى
[ 57 ]
حديث آخر أخرجه الترمذي عن أبي الخير عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة النذر إذا لم تسم كفارة يمين انتهى وقال حديث حسن صحيح غريب ورواه مسلم لم يقل فيه إذا لم يسم حديث آخر أخرجه الدارقطني عن غالب بن عبيد الله العقيلي عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جعل عليه نذرا فيما لم يسمه فكفارته كفارة يمين مختصر قال وغالب بن عبيد الله ضعيف قال صاحب التنقيح هو مجمع على تركه وليت هذا الحديث لو صح من قول عطاء انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه يعقوب بن كاسب عن مغيرة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن بكير بن عبد الله بن الاشج عن كريب عن بن عبا س عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين فقالا رواه وكيع عن مغيرة فوقفه وهو الصحيح قلت لهما فالوهم ممن قالا ما ندري من مغيرة أو من بن كاسب انتهى وقال البيهقي في المعرفة حديث بن عباس هذا اختلف في رفعه وروى نحوه عن عقبة بن عامر والرواية الصحيحة عن عقبة مرفوعا كفارة النذر كفارة اليمين وهو عند جماعة من أهل العلم محمول على نذر الحاج الذي يخرج مخرج الايمان انتهى قوله ولنا قراءة بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات وهي كالخبر المشهور قلت ورويت أيضا عن أبي بن كعب
[ 58 ]
فحديث بن مسعود رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن جابر عن الشعبي قال قرأ عبد الله فصيام ثلاثة أيام متتابعات انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج سمعت عطاء يقول بلغنا في قراءة بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات وكذلك نقرأها انتهى أخبرنا معمر عن أبي إسحاق والاعمش قالا في حرف بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات قال أبو إسحاق وكذلك نقرأها أخبرنا بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال في قراءة بن مسعود فصيام ثلاثة أيام متتابعات انتهى وأما حديث أبي فأخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة البقرة عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فصيام ثلاثة أيام متتابعات انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى فصل في الكفارة الحديث الخامس قال عليه السلام من حلف على يمين ورأى غيرها خيرا منها فليأت بالذي هو خير ثم ليكفر عن يمينه قلت أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي
[ 59 ]
هو خير وليكفر عن يمينه انتهى وأخرج البخار ومسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على استحباب الحنث والتكفير لمن حلف على معصية ولم أجده بلفظ ثم ليكفر إلا عند الامام أبي محمد قاسم بن ثابت بن حزم السرقسطي في كتاب غريب الحديث فقال أخبرنا أبو العلاء ثنا علي بن معبد ثنا الوليد بن القاسم بن الوليد الهمداني أبو القاسم الكوفي ثنا يزيد بن كيسان أبو إسماعيل عن أبي حازم عن أبي هريرة أن رجلا أعتم عنده فسأل صبيته أمهم الطعام فقالت حتى يجئ أبوكم فنام الصبية فجاء أبوهم فقال اشتهيت الصبية فقالت لا كنت أنتظر مجيئك فحلف أن لا يطعم ثم قال بعد ذلك أيقظيهم وجيئ بالطعام فسمى الله وأكل ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي صنع فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأته ثم ليكفر عن يمينه انتهى قال السرقسطي اشتهيت أي أطعمتهم شهوتهم
[ 60 ]
فائدة المقصود الاعظم من هذا الحديث الدليل على جواز تقديم الكفارة على الحنث وعدم الجواز والاول مذهب الشافعي والثاني مذهبنا واستنباط ذلك من تتبع ألفاظه واختلاف رواياته فنقول اعلم أن هذا الحديث روى من حديث أبي هريرة وعبد الرحمن بن سمرة وأبي موسى الاشعري وعدي بن حاتم روى عن كل منهم في لفظ الحنث قبل الكفارة وفي لفظ الكفارة قبل الحنث قال أبو داود في سننه فحديث أبي هريرة أخرجه مسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خير منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه وفي لفظ له فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير وحديث عبد الرحمن أخرجاه أيضا بتقديم الكفارة على الحنث وانفرد البخاري بتقديم الحنث على الكفارة وحديث أبي موسى أخرجه البخاري ومسلم عن أبي بردة عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير وفي لفظ لهما إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني ووهم المنذري في مختصر السنن فقال لم يذكره مسلم إلا باللفظ الاول يعني تقديم الكفارة بل ذكره باللفظ الآخر ولفظه إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها
[ 61 ]
وفي لفظ فليأتها وليكفر وزاد في رواية قال إني والله ما نسيتها وحديث عدي بن حاتم رواه مسلم أيضا باللفظين فرواية تقديم الكفارة فيها حجة للشافعي لانه معطوف بالفاء والفاء للتعقيب وعنه ثلاثة أجوبة أحدها أن ذلك يقتضي وجوب تقديم الكفارة على الحنث وهم لا يقولون به الثاني أنهم معارضون برواية تقديم الحنث ولذلك عقد لها النسائي باب الكفارة بعد الحنث وقد تقوي رواية تقديم الكفارة بفعل بعض الصحابة أخرجه بن أبي شيبة عن بن عمر وسلمان وأبي الدرداء كانوا يكفرون قبل الحنث وأخرج عن الحسن وابن سيرين نحوه الثالث أنه عقب الجملتين والواو بينهما لا تقتضي ترتيبا كما قيل ذلك في آية الوضوء بقي الاشكال في رواية تقديم الكفارة مع العطف بثم وهذه الرواية وقعت في ثلاثة أحاديث أحدها من رواية عبد الرحمن بن سمرة والثاني من رواية عائشة والثالث من رواية أم سلمة فحديث عبد الرحمن بن سمرة رواه أبو داود والنسائي قال أبو داود حدثنا يحيى بن خلف وقال النسائي حدثنا محمد بن يحيى القطعي كلاهما عن عبد الاعلى بن عبد الاعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك ثم آت الذي هو خير انتهى وهذا سند صحيح وحديث عائشة أخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف على يمين لا يحنث حتى أنزل الله تعالى كفارة اليمين فقال لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير انتهى
[ 62 ]
وقال صحيح على شرط الشيخين وهذا في البخاري عن عائشة أن أبا بكر كان إذا حلف إلى آخره بتقديم الحنث وعطف الكفار بالواو وحديث أم سلمة أخرجه الطبراني في معجمه عنها أن عبدا لها استعتقها فقالت لا أعتقها الله من النار إن أعتقته فمكثت ما شاء الله ثم قالت سبحان الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمنيه ثم ليفعل الذي هو خير فأعتقت العبد ثم كفرت عن يمينها انتهى وهذا فيه نظر لانها قدمت الحنث وينبغي أن يراجع من نسخة أخرى وهذه الاحاديث معارضة بحديث تقديم الحنث مع العطف بثم وقد تقدم أو يقال إن هذه الاحاديث تقتضي وجوب تقديم الكفارة وهم لا يقولون به والله أعلم وعجبت من البخاري كيف ترجم في كتابه باب الكفارة قبل الحنث فذكر فيها حديث أبي موسى بلفظ إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها وحديث عبد الرحمن بن سمرة بلفظ فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك وكلاهما غير مطابق والراوية الاخرى عنده في الحديثين فلا يحتاج أن يشير إليها في الترجمة فائدة أخرى وقع في مسلم عن أبي موسى أني لا أحلف على يمين أرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير من غير ذكر الكفارة وكذا فيه عن عدي بن حاتم من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير ويحمل ذلك على أحاديث الكفارة لكن وقع عند أبي داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها وليأت الذي هو خير فإن تركها
[ 63 ]
كفارتها مختصر قال أبو داود الاحاديث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها وليكفر عن يمينه إلا مالا يعبأ به انتهى ورواه البيهقي وقال إنه لم يثبت قال وعن أبي هريرة نحوه ولم يثبت أيضا انتهى الحديث السادس قال عليه السلام من نذر وسمى فعليه الوفاء بما سمى قلت غريب وفي وجوب الوفاء بالنذر أحاديث منها ما أخرجه البخاري عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رجلا قال يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت قبل أ ن تحج فقال عليه السلام لو كان عليها دين أكنت قاضيه قال نعم قال فاقض الله فهو أحق بالقضاء انتهى وفي رواية له إن أمي حديث آخر أخرجه البخاري عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه انتهى وترجم عليه باب النذر في الطاعة حديث آخر أخرجه مسلم في حديث القضاء عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وفاء لنذر في معصية وفي لفظ لا نذر في معصية الله مختصر حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر أن عمر قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام قال فأوف بنذرك زاد البخاري فاعتكف ليلة
[ 64 ]
حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا مسدد ثنا الحارث بن عبيد أبو قدامة عن عبيد الله بن الاخنس عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف قال أوفي بنذرك قالت إني نذرت أن أذبح بمكان كذا لمكان كان يذبح فيه أهل الجاهلية قال لصنم أو وثن قالت لا قال أوفي بنذرك انتهى وأخرجه الترمذي في المناقب عن علي بن الحسين بواقد عن أبيه عن بن بريدة عن أبيه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه فلما انصرف جاءت جارية سوداء فقالت يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب بين يديك بالدف الحديث وقال حديث حسن صحيح غريب ورواه بن حبان في صحيحه وقال فيه أن أضرب على رأسك بالدف فقال عليه السلام إن كنت نذرت فافعلي وإلا فلا قالت بل نذرت فقعد عليه السلام وقامت فضربت بالدف انتهى قال بن القطان في كتابه وعندي أنه ضعيف لضعف علي بن حسين بن واقد قال أبو حاتم ضعيف وقال العقيلي كان مرجئا ولكن قد رواه غيره كما رواه بن أبي شيبة حدثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد به وزاد فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل عمر وهي تضرب فألقت الدف وجلست عليه فقال عليه السلام إني لاحسب الشيطان يفرق منك يا عمر قال وهذا حديث صحيح انتهى كلامه الحديث السابع قال عليه السلام من حلف على يمين وقال إن شاء الله فقد بر في يمينه قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه أحاديث منها ما أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف
[ 65 ]
فاستثنى فإن شاء مضى وإن شاء ترك غير حنث انتهى بلفظ النسائي وفي لفظ له فهو بالخيار إن شاء مضى وإن شاء ترك ولفظ بن ماجة ونحوه ولفظ أبي داود من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى ولفظ الترمذي فقال إن شاء الله فلا حنث عليه وقال حديث حسن وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن بن عمر موقوفا وهكذا روى عن سالم عن بن عمر موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب السختياني وقال إسماعيل بن إبراهيم كان أيوب أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه انتهى قلت رفعه غيره كما أخرجه النسائي عن كثير بن فرقد أنه حدث عن نافع أنه حدث عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال إن شاء الله فقد استثنى انتهى قال الدارقطني في علله رواه أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر مرفوعا وقد تابعه أيوب بن موسى المكي عن نافع فرفعه أيضا قال ورواه الاوزاعي واختلف عنه فرواه عمر بن هاشم عن الاوزاعي عن حسان بن عطية عن نافع عن بن عمر مرفوعا ورواه هقل بن زياد عن الاوزاعي عن حسان بن عطية عن نافع عن بن عمر مرفوعا انتهى وبسند السنن رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الثالث بالالفاظ الثلاثة لم يحنث فهو بالخيار إن شاء مضى
[ 66 ]
وإن شاء ترك فقد استثنى وقال البيهقي في المعرفة رواه سفيان ووهيب بن خالد وعبد الوارث وحماد بن سلمة وابن علية عن أيوب مرفوعا ثم شك أيوب في رفعه فتركه قاله حماد بن زيد ورواه مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر موقوفا من قال والله ثم قال إن شاء الله فلم يفعل الذي حلف عليه لم يحنث ورواه موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أيضا موقوفا وقال فيه ثم وصل الكلام بالاستثناء وفي رواية فقال في إثر يمينه إن شاء الله انتهى كلامه حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عبد الرزاق عن معمر عن بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فقال
[ 67 ]
إن شاء الله لم يحنث انتهى قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال لي هذ حديث أخطأ فيه عبد الرزاق فاختصره من حديث معمر عن بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سليمان بن داود قال لاطوفن الليلة على سبعين امرأة الحديث بطوله انتهى وظاهر هذه الاحاديث تقتضي اشتراط الاتصال فإنها كلها بالفاء وهي للتعقيب من غير مهلة واستشكل على هذا ما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سليمان بن داود لاطوفن الليلة على سبعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل فأطاف بهن فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة
[ 68 ]
نصف إنسان فقال عليه السلام لو قال إن شاء الله لم يحنث وكان دركا لحاجته انتهى وقد ترجم عليه النسائي باب إذا حلف فقال له صاحبه قل إن شاء الله فقالها هل يكون استثناء ثم ساقه وهذا فيه نظر لان المحلوف عليه من سليمان عليه السلام إنما هو الطواف وقد فعله وأما قوله تلد كل امرأة منهن غلاما فليس داخلا في اليمين لان الانسان إنما يحلف على ما يقدر عليه وأيضا فقد لا يكون من شريعتهم اشتراط الاتصال أو يكون معناه لو قال إن شاء الله متصلا بكلامه وفيه تعسف ويرده قوله في لفظ لهما فقال له صاحبه قل إن شاء الله فلم يقل الحديث وفي آخره وأيم الذي نفس محمد بيده لو قا إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون وأشكل من ذلك حديث أخرجه أبو داود في سننه حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا شريك عن سماك عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا ثم قال إن شاء الله انتهى ثم أخرجه عن مسعر عن سماك عن عكرمة يرفعه قال والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا ثم سكت ثم قال إن شاء الله انتهى قال أبو داود وزاد فيه الوليد بن مسلم عن شريك قال ثم لم يغزهم وقد أسند هذا الحديث غير واحد عن شريك عن سماك عن عكرمة عن بن عباس انتهى قلت رواه بن حبان في صحيحه مسندا وأخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن شريك عن سماك عن عكرمة عن بن عباس وعن مسعر بن كدام عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا والله لاغزون قريشا ثم سكت ساعة ثم قال إن شاء الله انتهى قال بن حباب في كتاب الضعفاء
[ 69 ]
هذا حديث رواه شريك ومسعر فأسنداه مرة وأرسلاه أخرى انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الواحد بن صفوان عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا بلفظ أبي يعلى سواء وذكره بن القطان في كتابه من جهة بن عدي ثم قال وعبد الواحد هذا ليس حديثه بشئ والصحيح مرسل انتهى أثر في اشتراط الاتصال أخرج الدارقطني في سننه عن عمر بن مدرك ثنا سعيد بن منصور ثنا بن الزناد عن أبيه عن سالم عن بن عمر قال كل استثناء غير موصول فصاحبه حانث انتهى وعمر بن مدرك ضعيف وفي المعرفة للبيهقي وروى سالم عن بن عمر أنه قال كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه وكل استثناء غير موصول إلى آخره أثر آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس في قوله تعالى واذكر ربك إذا نسيت قال إذا شئت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت وهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا أن نستثني إلا بصلة اليمين انتهى وقد استوفينا الروايات عن بن عباس في ذلك والكلام عليها في أحاديث الاصول ومما يدل على عدم اشتراط الاتصال ما رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله الانصاري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار إلى أن قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله ضرب الله عنقه قال فسمعه الرجل فقال يا رسول الله في سبيل الله فقال عليه السلام في سبيل الله قال فقتل الرجل في سبيل الله مختصر وهذا الرجل لم يسم في الحديث فكونه عليه السلام قال في سبيل الله بعد قول الرجل إياها دليل على أن الانفصال غير قاطع والله أعلم
[ 70 ]
باب اليمين في الخروج والاتيان والركوب
[ 71 ]
حديث عنه عليه السلام قال من باع عبدا وله مال الحديث قلت أخرجه
[ 72 ]
الائمة الستة فرواه البخاري في الشرب وابن ماجة في التجارات والباقون في البيوع كلهم عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن باع نخلا قد
[ 73 ]
أبرت فثمره للبائع إلا أن يشترط المبتاع انتهى
[ 78 ]
باب اليمين في الكلام حديث إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس قلت تقدم في باب ما يفسد الصلاة وليس هذا الحديث بناجح في الدليل على أن القراءة في الصلاة
[ 79 ]
لا تسمى كلاما في العرف والشرع لانه قيده بكلام الناس فتأمله
[ 82 ]
باب اليمين في العتق
[ 83 ]
حديث قال عليه السلام لن يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري فرواه مسلم والنسائي في العتق وأبو داود في الادب والترمذي في البر والصلة وابن ماجة في الادب كلهم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه انتهى والله أعلم
[ 86 ]
باب اليمين في الصلاة والصوم والحج حديث عن علي في الرجل يحلف عليه المشي إلى بيت الله أو إلى الكعبة قال عليه حجة أو عمرة ماشيا وإن شاء ركب وأهراق دما قلت غريب وروى
[ 87 ]
البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي عن بن علية عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن علي في الرجل يحلف عليه المشي قال يمشي فإن عجز ركب وأهدى بدنة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علي فيمن نذر أن يمشي إلى البيت قال يمشي فإذا أعيي ركب ويهدي جزورا انتهى وأخرج نحوه عن بن عمر وابن عباس وقتادة والحسن وروى الحاكم في المستدرك عن كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين قال ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة وقال إن
[ 88 ]
المثلة أن ينذر الرجل أن يحج ماشيا فمن نذر أن يحج ماشيا فليهد هديا وليركب انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا زهير ثنا أحمد بن عبد الوارث ثنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن بن عباس أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز وجل غني عن نذر أختك لتركب ولتهد بدنة انتهى حديث النهي عن البتيراء تقدم في الصلاة وذكر المصنف بعد ذلك ثلاثة أبواب ليس فيه شئ باب اليمين في لبس الثياب والحلي وغير ذلك باب اليمين في الضرب والقتل وغير ذلك باب اليمين في تقاضي الدراهم والله أعلم
[ 93 ]
كتاب الحدود الحديث الاول قال عليه السلام للذي قذف امرأته إئت بأربعة شهداء يشهدون على صدق مقالتك قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي ثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن بن سيرين عن أنس بن مالك قال أول لعان كان في الاسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته فرفعته إلى رسوالله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة شهود وإلافحد في ظهرك فقال يا رسول الله إن الله يعلم أني لصادق ولينزلن الله عليك ما يبرئ ظهري من الحد فأنزل الله عز وجل آية اللعان ولاعن النبي صلى الله عليه وسلم وفرق بينهما انتهى والحديث أخرجه البخاري في اللعان عن بن عباس ومن
[ 94 ]
رواية هشام بن حسان عن عكرمة عنه أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم البينة وإلا حد في ظهرك الحديث حديث آخر أخرجه مسلم في اللعان عن أبي هريرة أن سعد بن عبادة قال يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء قال نعم انتهى زاد في رواية قال كلا والذي بعثك بالحق إن كنت لاعجله بالسيف قبل ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه لغيور وإني أغير منه والله أغير مني انتهى أثر رواه مالك في الموطأ في كتاب الاقضية عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن رجلا من أهل الشام يقال له بن خيبري وجد مع امرأته رجلا فقتله أو قتلها فأشكل على معاوية بن أبي سفيان القضاء فيه فكتب معاوية إلى أبي موسى الاشعري فسأل أبو موسى علي بن أبطالب فقال له علي بن أبي طالب إن هذا لشئ ما هو بأرضي عزمت عليك لتخبرني فقال أبو موسى كتب إلي في ذلك معاوية فقال علي أنا أبو حسن إن لم يأت بأربعة شهداء فليعط برمته انتهى قوله والستر مندوب إليه قلت فيه أحاديث منها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب الآخرة ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه انتهى وفي لفظ لمسلم في البر والصلة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا قال لا يستر عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة انتهى وروى البخاري نحوه من حديث بن عمر
[ 95 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود في الادب والترمذي في الحدود والنسائي في الرجم عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يشتمه من كان في حاجة أخيه فإن الله في حاجته ومفرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستر الله يوم القيامة انتهى وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن إبراهيم بن نشيط عن كعب بن علقمة عن كثير أبي الهيثم مولى عقبة بن عامر عن عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رأى عورة فسترها كان كمن أحيا موءودة انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده عن يزيد بن نعيم عن أبيه أن ماعزا أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أربع مرات فأمر برجمه وقال لهزال لو سترته بثوبك لكان خيرا لك انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه قال في التنقيح ويزيد بن نعيم روى له مسلم وذكره بن حبان في الثقات وأبوه نعيم ذكره في الثقات أيضا وهو مختلف في صحبته فإن لم تثبت صحبته فالحديث مرسل حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا يعقو ب بن حميد بن كاسب ثنا محمد بن عثمان الجمحي ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر عروة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه في بيته انتهى
[ 96 ]
الحديث الثاني روى أنه عليه السلام استفسر ماعزا عن الكيفية والمزنية قلت أخرجه أبو داود عن يزيد بن نعيم عن أبيه نعيم بن هزال قال كان ماعز بن مالك يتيما في حجر أبي فأصاب جارية من الحي فقال له أبي إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما صنعت لعله يستغفر لك قال فأتاه قال يا رسول الله إلى آخره إن ماعزا قال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه فعاد حتى قالها أربع مرات فقال عليه السلام إنك قد قلتها أربع مرات فبمن قال بفلانة قال هل ضاجعتها قال نعم قال هل باشرتها قال نعم قال هل جامعتها قال نعم فأمر به أن يرجم فأخرج إلى الحرة فلما وجد مس الحجارة خرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال هلا تركتموه لعله أن يتوب فيتوب الله عليه انتهى ورواه أحمد في مسنده وروى حديث ماعز عبد الرزاق في مصنفه من رواية أبي هريرة وقال فيه فأمر به أن يرجم فرجم فلم يقتل حتى رماه عمر بن الخطاب بلحي بعير فقتله فأصاب رأسه الحديث والله أعلم حديث آخر في الاستفسار عن الكيفية أخرجه أبو داود أيضا والنسائي عن عبد الرزاق عن بن جريج عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الصامت بن عم أبي هريرة عن أبي هريرة قال جاء الاسلمي نبي الله صلى الله عليه وسلم فشهد على نفسه أنه أصاب امرأة حراما أربع مرات كل ذلك يعرض عنه فأقبل في الخامسة فقال أنكتها قال نعم قال حتى غاب ذلك منك في ذلك منها قال نعم كما يغيب المرو في المكحلة والرشاء في البئر قال نعم قال فهل تدري ما الزنا قال نعم أتيت منها حراما ما يأتي الرجل من امرأته حلالا قال فما تريد بهذا القول قال أريد أن تطهرني فأمر به فرجم فسمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين من أصحابه يقول أحدهما لصاحبه أنظر إلى هذا الذي
[ 97 ]
ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى رجم رجم الكلب فسكت عنهما ثم سار ساعة حتى مر بجيفة حمار شائل برجله فقال أين فلان وفلان فقالا نحن ذان يرسول الله قال انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار قالا ومن يأكل من هذا يا رسول الله قال فما نلتما من عرض أخيكما آنفا أشد من أكل منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه كذلك وأخرجه النسائي عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن هضاض عن أبي هريرة وأخرجه عن الحسين بن واقد عن أبي الزبير عن عبد الرحمن بن الهضاض بن أخي أبي هريرة عن أبي هريرة قال بن القطان في كتابه وعبد الرزاق هو الذي يقول فيه عبد الرحمن بن الصامت وقال فيه حماد بن سلمة عبد الرحمن بن الهضاض قال البخاري وعبد الرحمن بن الصامت لا أراه محفوظا وقال بن أبي حاتم بن الهضاض أصح انتهى كلامه الحديث الثالث قال عليه السلام ادرءوا الحدود قلت روى من حديث عائشة ومن حديث علي ومن حديث أبي هريرة أما حديث عائشة فأخرجه الترمذي عن محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان لها مخرج فخلوا سبيله فإن الامام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة انتهى قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث محمد بن ربيعة عن يزيد بن زياد الدمشقي عن الزهري ويزيد بن زياد ضعيف في الحديث ورواه وكيع عن يزيد بن زياد ولم يرفعه وهو أصح ثم أخرجه عن وكيع عن يزيد به موقوفا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
[ 98 ]
الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال يزيد بن زياد قال فيه النسائي متروك انتهى وقال الترمذي في علله الكبير قال محمد بن إسماعيل يزيد بن زياد منكر الحديث ذاهب انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما مرفوعا وقال البيهقي الموقوف أقرب إلى الصواب وأما حديث علي فأخرجه الدارقطني في سننه عن مختار التمار عن أبي مطر عن علي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ادرءوا الحدود انتهى ومختار التمار ضعيف وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل ثنا وكيع حدثني إبراهيم بن الفضل المخزومي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود ما استطعتم انتهى ورواه بن ماجة في سننه حدثنا عبد الله بن الجراح ثنا وكيع به مرفوعا ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا انتهى الحديث الرابع روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حبس رجلا بالتهمة قلت روى من حديث معاوية بحيدة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث أنس ومن حديث نبيشة فحديث معاوية أخرجه أبو داود في القضاء والترمذي في الديات والنسائي في السرقة عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 99 ]
حبس رجلا في تهمة زاد الترمذي والنسائي ثم خلى عنه انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه قال وله شاهد من حديث أبي هريرة ثم أخرجه عن أبي هريرة وسيأتي بعد قال بن القطان في كتابه الوهم والايهام اختلف الناس في بهز بن حكيم فحكى بن أبي حاتم عن أبيه أنه شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به وعن أبي زرعة أنه قال فيه صالح ولكن ليس بالمشهور وجعله الحاكم في أقسام الصحيح المختلف فيه وقول أبي حاتم لا يحتج به لا ينبغي أن يقبل منه إلا بحجة وبهز ثقة عند من علمه وقد وثقه بن الجارود والنسائي وصحح الترمذي روايته عن أبيه عن جده وقا بن عدي روى عنه ثقات الناس كالزهري روى عنه حديثين ثم ذكرهما ثم قال ولم أر له حديثا منكرا وأرجو أنه إذا حدث عنه ثقة فلا بأس بحديثه وقال أبو جعفر السبتي إسناد بهز عن أبيه عن حده صحيح وقال محمد بن الحسين سألت بن معين هل روى شعبة عن بهز قال نعم روى عنه حديث أترعون عن ذكر الفاجر وقد كان شعبة متوقفا عنه فلما روى هذا الحديث كتبه وأبرأه مما اتهمه به قلت فكم له عن أبيه عن جده قال أحاديث قلت لاحمد بن حنبل ما تقول في بهز قال سألت غندرا عنه فقال كان شعبة مسه لم يبين معناه فكتبت عنه انتهى كلامه
[ 100 ]
وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الحاكم في المستدرك والبزار في مسنده وأبو يعلى عن إبراهيم بن خيثم حدثني أبي عن جدي عراك بن مالك عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة يوما وليلة استظهارا أو احتياطا انتهى سكت الحاكم عنه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إبراهيم بن خيثم متروك انتهى وقال الترمذي في علله الكبير كان إبراهيم بن خيثم كالمجنون يلعب به الصبيان وضعفه جدا انتهى وأما حديث أنس فأخرجه بن عدي والعقيلي في كتابيهما عن إبراهيم بن زكريا الواسطي ثنا أبو بكر بن عياش عن يحيى بن سعيد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة انتهى قال العقيلي إبراهيم بن زكريا الواسطي مجهول وحديثه خطأ وقال بن عدي هذا باطل وإنما رواه أبو بكر بن عياش عن يحيى بن سعيد عن عراك بن مالك فقال إبراهيم بن زكريا عن أنس بن مالك انتهى وقال بن حبان في كتاب الضعفاء رواه إبراهيم بن زكريا الواسطي وهو يروي أشياء موضوعة وإنما الحديث عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده وهو مما يتفرد به معمر انتهى وأما حديث نبيشة فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنمحمد بن يحيى ثنا أحمد بن يزيد بن ذكوان البصري ثنا أبو همام الصلت بن محمد الحازمي عن المعلى بن راشد عن جدته عن نبيشة أن النبي صلى الله عليه وسلم حبس في تهمة انتهى قال الطبراني لا يروي هذا الحديث إلا بهذا الاسناد تفرد به أحمد بن يزيد انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني يحيى بن سعيد عن عراك بن مالك قال أقبل رجلان من بني غفار حتى نزلا منزلا بضجنان من مياه المدينة وعندهما ناس من غطفان معهم ظهر لهم فأصبح الغطفانيون وقد فقدوا بعيرين من إب لهم فاتهموا الغفاريين فأتوا بهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وذكروا له أمرهم فحبس
[ 101 ]
أحد الغفاريين وقال للآخر اذهب فالتمس فلم يك إلا يسيرا حتى جاء بهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم لاحد الغفاريين حسبت أنه قال للمحبو س استغفر لي فقال غفر الله لك يا رسول الله فقال عليه السلام ولك وقتلك في سبيل قال فقتل يوم اليمامة انتهى حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود عن بقية عن صفوان بن عمرو عن أزهر بن عبد الله أن قوما سرق لهم متاع فاتهموا أناسا من الحاكة فأتوا النعمان بن بشير صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فحبسهم أياما ثم خلى سبيلهم فأتوا النعمان فقالوا خليت سبيلهم بغير ضرب ولا امتحان فقال النعمان إن شئتم ضربتهم فإن خرج متاعكم فذاك وإلا أخذت من ظهوركم مثله فقالوا هذا حكمك قال هذا حكم الله وحكم رسوله انتهى قال عبد الحق في أحكامه أحسن حديث بقية ما كان عن يحيى بن سعيد انتهى الحديث الخامس في حديث ماعز أنه عليه السلام أخر إقامة الحد إلى أن تم الاقرار منه أربع مرات قلت أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة قال أتى رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يارسول الله إني زنيب فأعرض عنه فتنحى تلقاء وجهه فقال يا رسول الله إني زنيب فأعرض عنه حتى ثنى ذلك أربع مرات فلما شهد على نفسه أربع شهادات دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبك جنون قال لا قال فهل أحصنت قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به فارجموه فرجمناه بالمصلى فلما أذلقته الحجارة هرب فأدركناه بالحرة فرجمناه انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة قال رأيت ماعز بن مالك حين جئ به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل قصير أعضليس عليه رداء فشهد على نفسه أربع
[ 102 ]
مرات أنه زنى فقال عليه السلام فلعلك كذا قال لا والله إنه قد زنى قال فرجمه ثم خطب فقال ألا كلما نفرنا في سبيل الله تخلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح إحداهن الكبثة أما والله إن يمكني من أحدهم لانكلنه انتهى حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك فقال أحق ما بلغني عنك قال وما بلغك عني قال بلغني أنك فجرت بأمة آل فلان قال نعم فرده حتى شهد أربع مرات ثم أمر برجمه انتهى بسم الله الرحمن الرحيم حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن بريدة قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاء ماعز بن مالك فقال يا رسول الله إني زنيت وأنا أريد أن تطهرني فقال عليه السلام ارجع فلما كان من الغد أتاه أيضا فاعترف عنده بالزنا فقال له ارجع ثم عاد الثالثة فاعترف عنده بالزنا ثرجع الرابعة فاعترف فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فحفر له حفرة فجعل فيها إلى صدره ثم أمر الناس فرجموه قال بريدة كنا نتحدث أصحاب نبي الله أن ماعز لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرات لم يطلبه وإنا رجمه عند الرابعة انتهى وعند أبي داود والنسائي فيه قال كنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نتحدث أ الغامدية وماعز بن مالك لو رجعا بعد اعترافهما لم يطلبهما وإنما رجمهما بعد الرابعة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أن رجلا من أسلم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واعترف بالزنا فأعرض عنه ثم اعترف فأعرض عنه حت شهد على نفسه أربع شهادات فقال له عليه السلام أبك جنون قال لا قال هل أحصنت قال نعم فأمر به فرجم زاد البخاري فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه انتهى أخرجاه عن أبي سلمة عن جابر وسيأتي في حديث الصلاة على الغامدية
[ 103 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده عن هشام بن سعد أخبرني يزيد بن نعيم بن هزال عن أبيه قال كان ماعز بن مالك في حجر أبفأصاب جارية من الحي فقال له أبي إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بمصنعت لعله يستغفر لك وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج فأتاه فقال يا رسول الله إني زنيت فأقم علي كتاب الله فأعرض عنه إلى أن أتاه الرابعة فقال له إنك قد قلتها أربع مرات فبمن قال بفلانة قال هل ضاجعتها قال نعم قال هل باشرتها قال نعم قال هل جامعتها قال نعم فأمر به فرجم فوجد مس الحجارة فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس فنزع له بوظيف بعير فقتله وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله عليه انتهى وزاد فيه أحمد قال هشام فحدثني يزيد بن بن نعيم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين رآه والله يا هزال لو كنت سترته بثوبك لكان خيرا لك مما صنعت به قال في التنقيح إسناده صالح وهشام بن سعد روى له مسلم وقد تكلم فيه من قبل حفظه ويزيد بن نعيم روى له مسلم أيضا وذكره بن حبان في الثقات وأبوه نعيم ذكره في الثقات أيضا وهو مختلف في صحبته فإن لم تثبت صحبته فآخر هذا الحديث مرسل انتهى حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك بن مغيرة عن عبد الله بن المقدام عن بن شداد عن أبي ذر قال كنا مع رسوالله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال إنه زنى فأعرض عنه ثم ثنى ثم ثلث ثم ربع فأمرنا فحفرنا له فرجم انتهى قال في التنقيح وحجاج فيه كلام وعبد الملك هو والطائفي وثقه بن حبان وروى له الترمذي حديثا وعبد الله بن المقدام بن المورد طائفي أيضا لم يذكره بن أبي حاتم بجرح انتهى حديث آخر رواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن إسرئيل عن جابر عن عامر عن عبد الرحمن بن أبزي عن أبي بكر قال أتى ماعز بن مالك النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف وأنا عنده مرة فرده ثم جاء
[ 104 ]
فاعترف عنده الثانية فرده ثم جاء فاعترف عنده الثالثه فرده قال فقلت له إن اعترف الرابعة رجمك قال فاعترف الرابعة فحبسه ثم سال عنه فقالوا لا نعلم لا خيرا فامر به فرجم انتهى أحاديث الخصوم فيه حديث العسيف أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أنهما قالا إن رجلا من الاعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسوالله أنشدك الله إلا قضيت لي بكتاب الله فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه نعم اقض بيننا بكتاب الله وأذن لي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل قال إن ابني هذا كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته وإني أخبرت أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة ووليدة فسألت أهل العلم فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام وأن على امرأة هذا الرجم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لاقضين بينكما بكتاب الله الوليدة والغنم رد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها قال فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت انتهى وفي لفظ لهما وجلد ابنه مائة وغربه عاما قالوا فعلق رجمها باعترافها ولم يشترط الاربع حديث آخر وهو حديث الغامدية أخرجه مسلم عن بريدة في حديث ماعز قال أتت امرأة من غامد من الازد فقالت يا رسول الله طهرني قال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي قالت أتريد أن ترددني كما رددت ماعزا قال وما ذاك قالت إني حبلى من الزنك فقال لها حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الانصار حتى وضعت ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية قال إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الانصار فقال إلي رضاعه يا نبي الله فرجمها انتهى قالوا وليس فيه إقرارها أربع مرات قالوا وإنما ردد النبي صلى الله عليه وسلم ماعزا أربع مرات لانه عليه السلام ظن أن في عقله شيئا لا لكونه
[ 105 ]
شرطا في وجوب الحدقالوا وقد جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث ذي عضلات عليه إزار وقد زنى فرده مرتين ثم أمر به فرجم وفيه أيضا عن أبي سعيد الخدري أنه اعترف بالزنا ثلاث مرات قالوا وهذا يضعف القول باشتراط الاربع والجواب أما حديث العسيف فمعناه واغد يا أنيس على امرأهذا فإن اعترفت الاعتراف المعهود بالتردد أربع مرات وأما حديث الغامدية فالراوي قد يختصر الحديث ولا يلزم عن عدم الذكر عدم الوقوع وأيضا فقد ورد في بعض طرقه أنه ردها أربع مرات أخرجه البزار في مسنده عن زكريا بن سليم ثنا شيخ من قريش عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه فذكره وفيه أنها أقرت بالزنا أربع مرات وهو يردها ثم قال لها اذهبي حتى تلدي الحديث ويراجع وأما قولهم إنه عليه السلام ردد ماعزا أربع مرات لانه ظن أن بعقله شيئا فليس بشئ لانه عليه السلام سأل عن عقله بعد اعترافه الرابعة كما تقدم في حديث أبي هريرة وحديث جابر المخرجين في الصحيحين فلو كان تكرار الاربعة إنما هو لاختبار عقله لما كان في السؤال عنه بعد الرابعة فائدة وكيف وقد رده عليه السلام بعد أن أخبر بعقله كما أورده مسلم من حديث بريدة أن ماعزا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فرده ثم أتاه الثانية من الغد فرده ثم أرسل إلى قومه هل تعلمون بعقله بأسا فقالوا ما نعلمه إلا وفي العقل من صالحينا فأتاه الثالثة فأرسل إليهم أيضا فسأل عنه فأخبروه أنه لا بأس به ولا بعقله فلما كان الرابعة حفر له حفرة ورجمه مختصر فظهر من هذا أن الاربعة معتبرة ويؤيد ذلك ما تقدم عند أبي داود في حديث هزال أنه عليه السلام قال لماعز إنك قد قلتها أربع مرات وفي لفظ له عن بن عباس إنك شهدت على نفسك أربع مرات وفي لفظ لابن أبي شيبة أليس أنك قد قلتها أربع مرات فرتب الرجم على الاربع وإلا فمن المعلوم أنه قالها أربع مرات ويدل عليه ما تقدم في مسند أحمد عن أبي بكر أنه قال له بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد اعترافه ثلاث مرات إن اعترفت الرابعة رجمك وهذا أصرح في الدلالة على اشتراط الاربع لولا أن في إسناده جابر الجعفي وأما قولهم إنه ورد في الصحيح أنه رده مرتين وثلاث مرات فالجواب أنه رده مرتين بعد مرتين واختصر الراوي منها مرتين يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود
[ 106 ]
والنسائي عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بماعز بن مالك فاعترف مرتين فقال اذهبوا به ثم قال ردوه فاعترف مرتين حتى اعترف أربع فقال اذهبوا به فارجموه انتهى فتبين بهذا ان المرتين المذكورتين في الصحيخ هما من الاربع وكذلك روايه الثلاث أي معهما رابعه وتتفق بذلك الاحاديث والله اعلم الحديث السادس روى أنه عليه السلام طرد ماعزا في كل مرة حتى توارى عليه بحيطان المدينة قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما رواه بن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة قال جاء ماعز بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الابعد زنى فقال له ويلك وما يدريك ما الزنا فأمر به فطرد وأخرج ثم أتاه الثانية فقال مثل ذلك فأمر به فطرد وأخرج ثم أتاه الثالثة فقال له مثل ذلك فأمر به فطرد وأخرج ثم أتاه الرابعة فقال مثل ذلك قال أدخلت وأخرجت قال نعم فأمر
[ 107 ]
به أن يرجم مختصر الحديث السابع قال عليه السلام لماعز لعلك مسستها أو قبلتها قلت رواه بهذا اللفظ الحاكم في المستدرك عن حفص بن عمر العدني ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس أن ماعزا أتى إلى رجل من المسلمين فقال له إني أصبت فاحشة فما تأمرني فقال له اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له لعلك قبلتها قال لا قال فمسستها قال لا قال ففعلت بها كذا أو لم تكن قال نعم قال اذهبوا به فارجموه انتهى وسكت عنه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال وحفص بن عمر العدني ضعفوه انتهى والحديث عند البخاري بلفظ لعلك قبلت أو غمزت أو نظرت قال لا قال أفنكتها قال نعم فعند ذلك أمر برجمه انتهى وهو عند أحمد في مسنده لعلك قبلت أو لمست أو نظرت الحديث فصل الحديث الثامن روى أنه عليه السلام رجم ماعزا وقد أحصن قلت تقدم في حديث عند البخاري ومسلم من رواية أبي هريرة أنه عليه السلام قال له هل أحصنت
[ 108 ]
قال نعم فقال عليه السلام اذهبوا به فارجموه وللبخاري عن جابر أنه عليه السلام قال له أبك جنون قال لا قال هل أحصنت قال نعم فأمر به فرجم بالمصلى الحديث التاسع قال عليه السلام في الحديث المعروف وزنى بعد إحصان قلت روى من حديث عثمان ومن حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة فأما حديث عثمان فأخرجه الترمذي في الفتن والنسائي في تحريم الدم وابن ماجة في الحدود عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد عن أسعد بن سهل أبي أمامة الانصاري عن عثمان أنه أشرف عليه يوم الدار فقال أنشدكم بالله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنى بعد إحصان وارتداد بعد إسلام وقتل نفس بغير حق قالوا اللهم نعم قال فعلام تقتلوني الحديث قال الترمذي حديث حسن ورواه حماد بن سلمة أيضا عن يحيى بن سعيد فرفعه وقد رواه يحيى بن سعيد القطان وغيره عن يحيى بسعيد فوقفوه انتهى وقال في علله الكبري سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد الانصاري فرفعه قال محمد حدثنا به داود بن شبيب عن حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد به مرفوعا قال أبو عيسى وإنما رواه عن يحيى بن سعيد الانصاري مرفوعا حماد بن سلمة وحماد بن زيد وأما الآخرون فرووه عن يحيى بن سعيد موقوفا انتهى كلامه ورواه بسند السنن أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى أخرجه في الحدود ورواه الشافعي في مسنده عن حماد بن زيد به عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل دم امرئ مسلم إلا من إحدى ثلاث كفر بعد إيمان وزنى بعد إحصان أو قتل نفس بغير نفس انتهى ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة في كتاب الجراح وهو القصاص وله طريق آخر رواه البزار في مسنده عن نافع عن بن عمر عن عثمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بلفظ الشافعي سواء إلا أنه قال أو قتل نفس متعمدا فيقتل به قال البزار وقد روى هذا
[ 109 ]
الحديث عن عثمان من غير هذا الوجه وأما حديث عائشة فأخرجه أبو داود في سننه أول الحدود حدثنا محمد بن سنان الباهلي ثنا إبراهيم بن طهمان عن عبد العزيز بن رفيع عن عبيد بن عمير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث رجل زنى بعد إحصان فإنه يرجم ورجل خرج محاربا لله ورسوله فإنه يقتل أو يصلب أو ينفى في الارض ورجل قتل نفسا فإنه يقتل بها انتهى حديث آخر مرسل أخرجه البخاري عن عمر بن عبد العزيز أنه سأل أبا قلابة ما يقول في القسامة فذكره إلى أن قال قال أبو قلابة فقلت والله ما قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا قط إلا في إحدى ثلاث خصال رجل قتل بجريرة نفسه فقتل أو رجل زنى بعد إحصان أو رجل حارب الله ورسوله وارتد عن الاسلام الحديث مختصر وفي لفظ قال ما علمت نفسا حل قتلها في الاسلام إلا رجل زنى بعد إحصان الحديث ومعنى الحديث في الكتب الستة أخرجوه عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلا ث الثيب الزاني والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة انتهى قوله وعلى ذلك إجماع الصحابة قلت روى البخاري ومسلم عن بن عباس أن عمر بن الخطاب خطب فقال إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا من بعده وإني حسبت أن طال بالناس الزمان أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله فالرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذا كان محصنا إن قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف وأيم الله لولا أن يقول
[ 110 ]
الناس زاد عمر في كتاب الله عزوجل لكتبتها انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن الشعبي عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة قال رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وتكلم الناس في سماع الشعبي من علي قال بن القطان في كتابه وهو محل نظر مع أن سنه محتمل لادراك علي فإن عليا رضي الله عنه قتل سنة أربعين والشعبي إن صح عمره كان إذا مات اثنين وثمانين سنة وموته سنة أربع ومائة كما قال مجالد فقد كان مولده سنة اثنين وعشرين فيكون إذ قتل على بن ثمانية عشر عاما وإن كان موته سنة خمس ومائة أو سنة ثلاث ومائة وكل ذلك قد قيل فقد زاد عام أو نقص عام وإن صح أن سنه كان يوم مات سبعا وسبعين كما قد قيل فيه أيضا نقص من ذلك خمسة أعوام فيكون بن ثنتي عشرة سنة وإن صح أنه مات بن سبعين سنة كما قال أبو داود فقد صغر سنه عن التحمل فعلى هذا يكون سماعه من علي مختلفا فيه وسئل الدارقطني سمع الشعبي من علي قال سمع منه حرفا ما سمع غير هذا ذكره في كتاب العلل وحديثه عنه قليل معنعن فمن ذلك حديثه عنه مرفوعا لا تغالوا في الكفن وحديثه في رجم المحصنة ومنهم من يدخل بينه وبين على عبد الرحمن بن أبي ليلى انتهى كلامه قلت رواه أحمد في مسنده وفيه أنه كان حاضر الواقعة وكان فيمن رجم شراح وسيأتي بعد هذا قوله ويبتدئ الشهود برجمه ثم الامام ثم الناس كذا روى عن علي ثم قال وإن كان مقرا ابتدأ الامام الناس كذا روى عن علي قلت أخرجه البيهقي في سننه عن الاجلح عن الشعبي قال جئ بشراحة الهمدانية إلى علي بن أبي طالب فقال لها لعل رجلا وقع عليك وأنت نائمة قالت لا قال لعله استكرهك قالت لا قال لعل زوجك من هؤلاء فأنت تكتمينه يلقنها لعلها تقول نعم فأمر بها فحبست فلما وضعت ما في بطنها أخرجها يوم الخميس فضربها مائة وحفر لها يوم الجمعة في
[ 111 ]
الرحبة وأحاط الناس بها وأخذوا الحجارة فقال ليس هكذا الرجم إذا يصيب بعضكم بعضا صفوا كصف الصلاة صفا خلف صف ثم قال أيها الناس أيما أمرأة جئ بها وبها حبل أو اعترفت فالامام أول من يرجم ثم الناس وأيما امرأة جئ بها أو رجل زان فشهد عليه أربعة بالزنا فالشهود أول من يرجم ثم الناس ثم رجمها ثم أمرهم فرجم صف ثم صف ثم صف ثم قال افعلوا بها ما تفعلون بموتاكم انتهى ورواه أحمد في مسنده عن يحيى بن سعيد عن مجالد عن الشعبي قال كان لشراحة زوج غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها إلى علي بن أبي طالب فقال إن هذه زنت فاعترفت فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وحفر لها إلى السرة وأنا شاهد ثم قال إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان شهد على هذه أحد لكان أول من يرمي الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجره ولكنها أقرت فأنا أول من يرميها فرماها بحجر ثم رمى الناس وأنا فيهم قال فكنت والله فيمن قتلها انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الله بن إدريس عن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عليا كان إذا شهد عنده الشهود على الزنا أمر الشهود أن يرجموا ثم رجم هو ثم رجم الناس وإذا كان بإقرار بدأ هو فرجم ثم رجم الناس انتهى حدثنا أبو خالد الاحمر عن حجاج عن الحسن بن سعيد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن علي قال أيها الناس إن الزنا زناءان زنا سر وزنا علانية فزنا السر أن يشهد الشهود فيكون الشهود أول من يرمي ثم الامام ثم الناس وزنا العلانية أن يظهر الحبل أو الاعتراف فيكون الامام أول من يرمي قال وفي يده ثلاثة أحجار فرماها بحجر فأصاب صماخها فاستدارت ورمى الناس انتهى
[ 112 ]
الحديث العاشر ورمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الغامدية بحصاة مثل الحمصة وكانت قد اعترفت بالزنا قلت رواه أبو داود في سننه فقال حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح عن زكريا أبي عمران قال سمعت شيخا يحدث عن بن أبي بكرة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة قال أبو داود وحدثت عن عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا زكريا بن سليم أبوعمران بإسناده نحوه وزاد ثم رماها بحصاة مثل الحمصة قال ارموا واتقوا الوجه فلما طفئت أخرجها فصلى عليها انتهى ورواه النسائي في الرجم حدثنا محمد بن حاتم عن حبان بن موسى عن عبد الله عن زكريا بن أبي عمران البصري قال سمعت شيخا يحدث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة بهذا الحديث بتمامه ورواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه قال البزار ولا نعلم أحدا سمى هذا الشيخ وتراجع ألفاظهم وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة النسائي ولم يعله بغير الانقطاع رضي الله تعالى عنهما الحديث الحادي عشر روي أنه عليه السلام قال في ماعز اصنعوا به كما تصنعون بموتاكم قلت رواه بن أبي شيبة فمصنفه في كتاب الجنائز حدثنا أبو معاوية عن أبي حنيفة عن علقمة بن مرثد عن بن بريدة عن أبيه بريرة قال لما رجم ماعز قالوا يا رسول الله ما نصنع به قال اصنعوا به ما تصنعون بموتاكم من الغسل والكفن والحنوط والصلاة عليه انتهى الحديث الثاني عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الغامدية بعد ما رجمت قلت رواه الجماعة إلا البخاري من حديث عمران بن حصين أن امرأة من جهينة أتت النبي
[ 113 ]
صلى الله عليه وسلم وهي حبلى من الزنا فقالت يا نبي الله أصبت حدا فأتمه علي فدعا النبي صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها فإذا وضعت فأتني بها ففعل فأمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فشكت عليها ثيابها ثم أمر بها فرجمت ثم صلى عليها فقال له عمر تصلي عليها يا نبي الله وقد زنت فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل وجدت توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله انتهى وأخرجه مسلم أيضا من حديث بريرة مشتملا على قصة ماعز والغامدية معا وفيه ثم أمر بها فصلى عليها ودفنت وفيه بشير بن المهاجر قال المنذري في مختصره ليس له في صحيح مسلم سوى هذا الحديث وقد وثقه يحيى بن معين وقال الامام أحمد منكر الحديث يجئ بالعجائب مرجئ متهم وقال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به ولا عيب على مسلم في إخراج هذا الحديث فإنه أتى به في الطبقة الثانية ليبين اطلاعه على طرق الحديث انتهى كلامه وفي الباب حديث الصلاة على ماعز رواه البخاري في صحيحه في أول كتاب المحاربين حدثنا محمود بن غيلان عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر فذكر قصة ماعز وفي آخره ثم أمر به فرجم وقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه قال بن القطان في كتابه قيل للبخاري قوله وصلى عليه قاله غير معمر قال لا انتهى ورواه أبو داود عن محمد بن المتوكل والحسن بن علي كلاهما عن عبد الرزاق به ورواه الترمذي عن الحسن بن علي به وقال حسن صحيح ورواه النسائي في الجنائز عن محمد بن يحيى ومحمد بن رافع ونوح بن حبيب ثلاثتهم عن عبد الرزاق به وقالوا فيه كلهم ولم يصل عليه قال المنذري في حواشيه وقد أعلم بعضهم هذه الزيادة بأن محمود بن غيلان شيخ البخاري تفرد بها عن عبد الرزاق وقد خالفه عن عبد الرزاق جماعة محمد بن يحيى الذهلي ونوح بن حبيب وحميد بن زنجويه وإسحاق بن راهويه وأحمد بن منصور
[ 114 ]
الزيادي وإسحاق بن إبراهيم الديري والحسن بن علي ومحمد بن المتوكل قال فهؤلاء ثمانية قد خالفوا محمود بن غيلان في هذه الزيادة وفيهم هؤلاء الحفاظ إسحاق بن راهويه ومحمد بن يحيى الذهلي وحميد بن زنجويه ولم يذكرها أحد منهم وحديث إسحاق بن راهويه في مسلم إلا أنه لم يذكر لفظه وأحال على حديث عقيل قبله وليس فيه ذكر الصلاة قال وإذا حملت الصلاة في حديث محمود بن غيلان على الدعاء اتفقت الاحاديث يعني حديث ماعز والغامدية انتهى حديث آخر في الصلاة عليه أخرجه أبو قرة الزبيدي عن بن جريج عن عبد الله بن أبي بكر عن أبي أيوب عن أبي أمامة بن سهل الانصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر يوم رجم ماعز وطول في الاوليين حتى كاد الناس يعجزون من طول الصلاة فلما انصرف أمر به فرجم فلم يقتل حتى رماه عمر بن الخطاب بلحي بعير فأصاب رأسه فقتله وصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم والناس مختصر وهذا اللفظ يبعد تأويل الصلاة بالدعاء لان الناس صلوا عليه بلا خلاف وعطف الناس على النبي صلى الله عليه وسلم مشعر بأن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم كصلاتهم والله أعلم حديث آخر في ترك الصلاة عليه أخرجه أبو داود في سننه عن أبي عوانة عن أبي بشر حدثني نفر من أهل البصرة عن أبي برزة الاسلمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على ماعبن مالك ولم ينه عن الصلاة عليه انتهى وضعفه بن الجوزي في التحقيق بأن فيه مجاهيل ونقل عن الامام أحمد أنه قال ما نعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه قال ولو صح هذا الحديث فصلاته على الغامدية كانت بعد ذلك انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن عباس أن ماعز بن مالك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه زنى فأمر به فرجم ولم يصل عليه انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح وأخرجه النسائي عن عكرمة مرسلا قال النووي ويجمع بين الروايتين بأن
[ 115 ]
رواية الاثبات مقدمة لانها زيادة علم أو أنه عليه السلام أمرهم بالصلاة عليه ولم يصل هو بنفسه عليه انتهى كلامه قوله روى أن عليا لما أراد أن يقيم الحد كسر ثمرة السوط قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس عن حنظلة السدوسي قال سمعت أنس بن مالك يقول كان يؤمر بالسوط فيقطع ثمرته ثم يدق بين حجرين حتى يلين ثم يضرب به قلنا لانس في زمان من كان هذا قال في زمان عمر بن الخطاب انتهى وأخرج بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما عن يحيى بن عبد الله التيمي عن أبي ماجد الحنفي عن بن مسعود أن رجلا جاء بابن أخ له إليه فقال إنه سكران فقال ترتروه ومزمزوه واستنكهوه ففعلوا فرفعه إلى السجن ثم عاد به من الغد وعاد بسوط ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين حتى صارت درة ثم قال للجلاد اجلد وأرجع يدك وأعط كل عضو حقه انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أصبت حدا فأقمه علي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط شديد له ثمرة فقال سوط دون هذا فأتى بسوط مكسور لين فقال سوط فوق هذا فأتى بسوط بى سوطين فقال هذا فأمر به فجلد ورواه بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الاحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد أصاب حدا فذكره بنحوه ورواه مالك في الموطأ قال أبو مصعب أخبرنا مالك عن زيد بن أسلم أن رجلا اعترف على نفسه بالزنا فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فأتى بسوط مكسور فقال فوق هذا فأتى بسوط جديد لم يقطع ثمرته فقال بين هذين فأتى بسوط قد ركب به ولان فأمر به فجلد ثم قال أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله فمن أصاب من هذه القاذورة شيئا فليستتر بستر الله فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله انتهى
[ 116 ]
رضي الله تعالى عنهما قوله روى أن عليا كان يأمر بالتجريد في الحدود قلت غريب وروى عنه خلافه كما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن علي أنه أتى برجل في حد فضربه وعليه كساء فسطا بي قاعدا انتهى أخبرنا إسرائيل بن يونس عن أبي إسحاق عن رجل أن عليا ضرب جارية فجردت وتحت ثيابها درع حديد ألبسها إياه أهلها ونفاها إلى البصرة انتهى أخبرنا بن عيينة عن مطرف عن الشعبي قال سألت المغيرة بن شعبة عن المحدود أتنزع عنه ثيابه قال لا إلا أن يكون فروا أو محشوا انتهى أخبرنا الثوري عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن بن مسعود قال لا يحل في هذه الامة التجريد ولا مد ولا غل انتهى الحديث الثالث عشر قال عليه السلام للذي أمره بضرب الحد اتق الوجه والمذاكير قلت غريب مرفوعا وروى موقوفا على علي رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن بن أبي ليلى عن عدي بن ثابت عن المهاجر بن عميرة عن علي أنه أتى برجل سكران أو في حد فقال اضرب واعط كل عضو حقه واتق الوجه والمذاكير انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن بن أبي ليلى عن عدي بن ثابت عن عكرمة بن خالد قال أتى علي برجل في حد فذكره وقال في التنقيح ورواه سعيد بن منصور حدثنا هشيم ثنا بن أبي ليلى عن عدي بن ثابت قال أخبرني هنيدة بن خالد الكندي عن علي فذكره والنهي عن ضرب الوجه في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضرب أحدكم فليتق الوجه انتهى أخرجه مسلم في البر وله في اللباس عن جابر
[ 117 ]
قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الضرب في الوجه وعن الوسم في الوجه انتهى أخرجه عن أبي الزبير وأخرج البخاري عن سالم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضرب الصورة انتهى وإذا كان ضرب الوجه منهيا عنه حالة القتل كما أخرجه أبو داود عن زكريا بن سليم عن شيخ حدث عن بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة ثم قال ارموا واتقوا الوجه فأولى أن يكون منهيا عنه حالة الجلد قوله روى عن أبي بكر أنه قال اضرب الرأس فإن فيه شيطانا قلت رواه بن
[ 118 ]
أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم أن أبا بكر أتى برجل انتفى من أبيه فقا أبو بكر اضرب الرأس فإن الشيطان في الرأس انتهى والمسعودي ضعيف أثر آخر نحوعن عمر رواه الدارمي في أوائل مسنده في باب الفتيا فقال أخبرنا أبو النعمان ثنحماد بن زيد ثنا يزيد بن حازم عن سليمان بن يسار أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل إليه عمر وقد أعد له عراجين النخل فقال له من أنت قال أنا عبد الله صبيغ فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه على رأسه وقال أنا عبد الله عمر وجعل عمر يضربه حتى دمى رأسه فقال يا أمير المؤمنين حسبك قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي انتهى قوله قال علي يضرب الرجال في الحدود قياما والنساء قعودا قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن علي قال يضرب الرجل قائما والمرأة قاعدة في الحد انتهى وأخرجه البيهقي الحديث الرابع عشر روى أنه عليه السلام حفر للغامدية إلى ثندوتها قلت رواه أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح عن زكريا بن سليم أبي عمران قال سمعت شيخا يحدث عن بن أبي بكرة عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة انتهى وفيه مجهول وحديثها في مسلم من رواية بريدة وفيه ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها ثم أمر الناس فرجموها ويوجد في بعض نسخ الهداية حفر لها إلى ثديها والثدي يذكر ويؤنث قاله الجوهري وابن فارس ولم يذكر الفراء وثعلب غير التذكير قال الجوهري الثدي للرجل والمرأة وقال بن فارس الثدي للمرأة ويقال للرجل ثندوة بفتح الثاء بلا همزة وبضمها مع الهمزة وهذا مشعر بتخصيص الثندوة بالرجل وقد وقع في الصحيح أن رجلا وضع ذباب سيفه بين ثدييه وفي حديث جابر الطويل في الحج فوضع يده بين ثديي ولم أجد أحدا من أهل اللغة ذكر استعمال الثندوة في المرأة وفي حديث أبي داود استعماله والله أعلم
[ 119 ]
قوله روى أن عليا حفر لشراحة قلت تقدم عند أحمد والبيهقي من حديث شراحة عن الشعبي عن علي فذكره وفيه وحفر لها زاد أحمد إلى السرة قوله وإن ترك الحفر لا يضره لانه عليه السلام لم يأمر بذلك قلت هذا ذهول من المصنف وتناقض فإنه تقدم في كلامه أنه عليه السلام حفر للغامدية وهو في مسلم الحديث الخامس عشر روى أنه عليه السلام ما حفر لماعز قلت رواه مسلم من حديث الخدري قال لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز بن مالك خرجنا به إلا البقيع فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له ولكنه قام لنا قال فرميناه بالعظام والمد والخزف فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت قال فما استغفر له ولا سبه انتهى ووقع أيضا في مسلم أنه حفر له من رواية بريدة وفيه فلما كانت الرابعة حفرت له حفرة ثم أمر به فرجم وفي مسند أحمد أيضا من حديث أبي ذر أنه عليه السلام حفر له وفيه الحجاج بن أرطاة وقد تقدم ولما تعذر الجمع بين الروايتين على البيهقي سكت عنهما قال في المعرفة وأما الحفر للمرجوم ففي مسلم من حديث الخدري قال فما حفرنا له وفيه من حديث بريدة فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فحفر له فجعل فيها إلى صدره انتهى كلامه الحديث السادس عشر قال عليه السلام أربع إلى الولاة وذكر منها الحدود
[ 120 ]
قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة عن عاصم عن الحسن قال أربعة إلى السلطان الصلاة والزكاة والحدود والقصاص انتهى حدثنا بن مهدي عن حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن عبد الله بن محيريز قال الجمعة والحدود والزكاة والفئ إلى السلطان انتهى حدثنا عمر بن أيوب عن مغيرة بن زياد عن عطاء الخراساني قال إلى السلطان الزكاة والجمعة والحدود انتهى بسم الله الرحمن الرحيم الحديث السابع عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا قلت أخرجه الائمة الستة عن بن عمر مختصرا ومطولا أن اليهود جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجدون في التوراة في شأن الزنا فقالوا نفضحهم ويجلدون فقال عبد الله بن سلام كذبتم إن فيها الرجم فأتوا بالتوراة فنشروها فجعل أحدهم يده على آية الرجم ثم جعل يقرأ ما قبلها وما بعدها فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفعها فإذا فيها آية الرجم فقالوا صدق يا محمد
[ 121 ]
فيها آية الرجم فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما انتهى وعند أبي داود من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري سمعت رجلا من مزينة يحدث عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال زنى رجل وإمرأة من اليهود وقد أحصنا حين قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد كان الرجم مكتوبا عليهم في التوراة الحديث وفيه رجل مجهول وهو عند بن حبان في صحيحه في حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين قد أحصنا انتهى وعنده فيه أيضا فوضع بن صورياء الاعور يده علي آية الرجم الحديث الثامن عشر قال عليه السلام من أشرك بالله فليس بمحصن قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عبد العزيز بن محمد ثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أشرك بالله فليس بمحصن انتهى قال إسحاق رفعه مرة فقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقفه مرة انتهى ومن طريق إسحاق بن راهويه رواه الدارقطني في سننه ثم قال لم يرفعه غير إسحاق ويقال إنه رجع عن ذلك والصواب موقوف انتهى وهذا لفظ إسحاق بن راهويه في مسنده كما تراه ليس فيه رجوع وإنما أحال التردد على الراوي في رفعه ووقفه والله أعلم طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عفيف بن سالم ثنا سفيان الثوري عن موسى
[ 122 ]
بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحصن الشرك بالله شيئا انتهى قال الدارقطني وهم عفيف في رفعه والصواب موقوف من قول بن عمر انتهى قال بن القطان في كتابه وعفيف بن سالم الموصلي ثقة قاله بن معين وأبو حاتم إذا رفعت الثقة لم يضره ووقف من وقفه وإنما علته أنه من رواية أحمد بن أبي نافع عن عفيف المذكور وهو أبو سلمة الموصلي ولم تثبت عدالته قال بن عدي سمعت أحمد بن علي بن المثنى يقول لم يكن موضعا للحديث وذكر له فيما ذكر هذا الحديث قال هو منكر من حديث الثوري انتهى وقال الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث يرويه موسى بن عقبوا اختلف عنه فرواه عفيف بن سالم عن الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه أبو أحمد الزبيري فرواه عن الثوري عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر موقوفا وهو أصح وروى عن إسحاق بن راهويه عن الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر مرفوعا والصحيح موقوف انتهى قال البيهقي في المعرفة وكان المراد بالاحصان في هذا الحديث إحصان القذف وإلا فابن عمر هو الراوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رجم يهوديين زنيا وهو لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه انتهى والله أعلم الحديث التاسع عشر قال عليه السلام لا يحصن المسلم اليهودية ولا النصرانية ولا الحر الامة ولا الحرة العبد قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه ومن طريقه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه وابن عدي في الكامل من حديث أبي بكر بن أبي مريم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك أنه أراد أن يتزوج يهودية فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تتزوجها فانها لا تحصنك انتهى قال الدارقطني وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف وعلي بن أبي طلحة لم يدرك كعبا انتهى وقال بن عدي أبو بكر بن أبي مريم بكير الغساني الغالب على حديثه الغرائب قل ما يوافقه عليه الثقات وهو ممن لا يحتج بحديثه وتكتب أحاديثه فإنها صالحة انتهى
[ 123 ]
وأخرجه أبو داود في المراسيل عن بقية بن الوليد عن عتبة بن تميم عن علي بن أبي طلحة عن كعب بن مالك به فذكره قال بن القطان في كتابه هذا حديث ضعيف ومنقطع فانقطاعه فيما بين علي بن أبطلحة وكعب بن مالك وضعفه من جهة عتبة بن تميم فإنه ممن لا يعرف حاله وقد رواه عنه بقية وهو ممن عرف ضعفه ولا يعلم روى عن عتبة بن تميم إلا بقية وإسماعيل انتهى قال في التنقيح وعتبة وثقه بن حبان انتهى وقال عبد الحق في أحكامه لا أعلم أحدا رواه عن علي بن أبي طلحة غير عتبة بن تميم وأبي بكر بن أبي مريم وهو ضعيف الاسناد منقطع انتى وقال البيهقي في المعرفة هذا حديث يرويه أبو بكر بنأبي مريم وهو ضعيف عن علي بن أبي طلحة عن كعب وهو منقطع فإن علي بن أبي طلحة لم يدرك كعبا قال الدارقطني فيما أخبرني عنه أبو عبد الرحمن السلمي ورواه بقية بن الوليد عن عتبة بن تميم عن علي بن أبي طلحة عن كعب وهو أيضا منقطع انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن أنه كان يقول لا يحصن الامة الحر ولا العبد الحرة انتهى الحديث العشرون روى أنه عليه السلام لم يجمع في المحصن بين الجلد والرجم قلت فيه حديث العسيف وحديث ماعز فحديث العسيف أخرجه أصحاب الكتب الستة عن أبي هريرة وزيد بن خالد أن رجلين اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله وقال الآخر وكان أفقههما أجل يا رسول الله فاقض بيننا بكتاب الله وأذن لي أن أتكلم قال تكلم قال إن ابني كان عسيفا على هذا فزنى بامرأته فأخبروني أن على ابني الرجم فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي ثم سألت أهل العلم فأخبروني إنما على ابني جلد مائة وتغريب عام وإنما الرجم على امرأته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما والذي نفسي بيده لاقضين بينكما بكتاب الله أما غنمك وجاريتك فرد إليك وعلى
[ 124 ]
ابنك جلد مائة وتغريب عام واغد يا أنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها قال فغدا عليها فاعترفت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها فرجمت انتهى وحديث ماعز تقدم غير مرة وفيه الرجم وليس فيه الجلد حتى إن الاصوليين استدلوا على تخصيص الكتا ب بالسنة بأنه عليه السلام رجم ماعزا ولم يجلده لان آية الجلد شاملة للمحصن وغيره أحاديث الخصوم أخرج مسلم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم انتهى وحديث شراحة تقدم عند البيهقي وأحمد من رواية الشعبي عن علي أنه جلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بستة رسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث في البخاري ليس فيه الجلد ولفظه عن الشعبي عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة قال رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى والجواب على ذلك من وجهين أحدهما أنه منسوخ قال الحازمي في كتابه روى حديث ماعز جماعة كسهل بن سعد وابن عباس ونفر تأخر إسلامهم وحديث عبادة كان في أول الامر وبين الزمانين مدة انتهى وقال المنذري في مختصره ذهب إلى الجمع بين الجلد والرجم علي بن أبي طالب وأبي بن كعب وعبد الله بن مسعود والحسن البصري وقال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب والزهري وإبراهيم النخعي وأبو حنيفة ومالك والشافعي والاوزاعي وسفيان إن الثيب عليه الرجم دون الجلد ورأوا حديث عبادة منسوخا وتمسكوا بأحاديث تدل على النسخ منها حديث العسيف أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة وفيه فان اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها فهذا الحديث آخر الامرين لان رواية أبو هريرة وهو متأخر الاسلام ولم يتعرض للجلد فيه بذكر انتهى الثاني أنه محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم
[ 125 ]
يعلم بإحصانه فجلده ثم علم بإحصانه فرجمه يدل عليه ما أخرجه أبو داود والنسائي عن بن وهب قال سمعت بن جريج يحدث عن أبي الزبير عن جابر أن رجلا زنى فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم فجلد ثم أخبر أنه كان قد أحصن فأمر به فرجم انتهى وأخرجاه أيضا عن أبي عاصم عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر أن رجلا زنى فلم يعلم بإحصانه فجلد ثم علم بإحصانه فرجم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم قال النسائي لا نعلم أحدا رفعه غير بن وهب ووقفه هو الصواب ورفعه خطأ انتهى واختار المصنف الجواب الاول أنه منسوخ وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا الحديث انتهى الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام قلت أخرجه مسلم عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن زيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر فيمن زنى ولم يحصن بجلد مائة وتغريب عام قال بن شهاب وأخبرني عروة بن الزبير أن عمر بن الخطاب غرب ثم لم تزل تلك السنة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيمن زنى ولم يحصن بنفي عام وبإقامة الحد عليه انتهى حديث آخر حديث العسيف وقد تقدم وفيه وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام وفي لفظ للبخاري وجلد ابنه مائة وغربه عاما ذكره في الايمان قال المصنف والحديث منسوخ كشطره وهو قوله عليه السلام الثيب بالثيب جلد مائة
[ 126 ]
ورجم بالحجارة يعني حديث عبادة بن الصامت المذكور انتهى قوله وعن علي أنه قال كفى بالنفي فتنة قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه ومحمد بن الحسن في كتاب الآثار قالا أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال قال عبد الله بن مسعود في البكر يزني بالبكر قال يجلدان مائة وينفيان سنة قال وقال علي حسبهما من الفتنة أن ينفيا انتهى وروى محمد بن الحسن أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال كفى بالنفي فتنة انتهى وروى عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب قال غرب عمر ربيعة بن أمية بن خلف في الشراب إلى خيبر فلحق بهرقل فتنصر فقال عمر لاأغرب بعده مسلما انتهى قوله وعليه يحمل النفي المروي عن بعض الصحابة رضي الله عنهم قلت روى الترمذي حدثنا أبو كريب ويحيى بن أكثم قالا ثنا عبد الله بن إدريس عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب وغرب وأن أبا بكر ضرب وغرب وأن عمر ضرب وغرب انتهى وقال حديث غريب هكذا رواه غير واحد عن عبد الله بن إدريس عن عبيد الله فرفعوه ورواه بعضهم عن بن إدريس عن عبيد الله بن نافع عن بن عمر أن أبا بكر ضرب وغرب الحديث حدثنا بذلك أبو سعيد الاشج ثنا عبد الله بن إدريس به وهكذا روى من غير رواية بن إدريس عن عبيد الله بن عمر نحو هذا وهكذا رواه محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر أن أبا بكر لم يقولوا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه النسائي حدثنا محمد بن العلاء ثنا عبد الله بن إدريس به
[ 127 ]
مرفوعا ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وذكره بن القطان في كتابه من جهة النسائي وقال رجاله ليس فيهم من يسأل عنه لثقته وشهرته وقد رواه هكذا عن عبد الله بن عمر كما رواه بن العلاء عن بن إدريس عنه جماعة ذكرهم الدارقطني منهم مسروق بن المرزبان ويحيى بن أكثم وجحدر بن الحارث وفيه رواية أخرى عن بن إدريس رواها يوسف ومحمد بسابق عن بن إدريس عن عبيد الله عن نافع أن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا لم يذكر بن عمر وفيه رواية ثالثة عن بن إدريس رواها عنه محمد بن عبد الله بن نمير وأبو سعيد الاشج عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن أبا بكر ضرب وغرب الحديث لم يقل فيه إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر جميع ذلك الدارقطني وقال إن هذه الرواية الاخيرة هي الصواب قال بن القطان وعندي أن الحديث صحيح ولا يمتنع أن يكون عند بن إدريس فيه عن عبيد الله جميع ما ذكر انتهى أثر آخر رواه مالك في الموطأ عن نافع أن صفية بنت أبي عبيد أخبرته أن أبا بكر الصديق أتى برجل قد وقد على جارية بكر فأحبلها ثم اعترف على نفسه بالزنى ولم يكن أحصن فأمر به أبو بكر فجلد الحد ثم نفى إلى فدك انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في الطلاق أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع قال جاء رجل
[ 128 ]
إلى أبي بكر فذكر أن ضيفا له افتض أخته استكرهها على نفسها فسألها فاعترف فضربه أبو بكر الحد ونفاه سنة إلى فدك ولم يضربا لانه استكرهها ثم زوجها إياه أبو بكر وأدخله عليها انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير عن مغيرة عن بن يسار مولى لعثمان قال جلد عثمان امرأة في زنا ثم أرسل بها مولى له يقال له المهري إلى خيبر نفاها إليها انتهى أثر آخر في موطأ مالك عن نافع أن عبدا كان يقوم على رقيق الخمس وأنه استكره جارية من تلك الرقيق فوقع بها فجلده عمر بن الخطاب ونفاه ولم يجلد الوليدة لانه استكرهها انتهى الحديث الثاني والعشرون روى أنه عليه السلام قال للغامدية بعدموضعت ارجعي حتى يستغنيك ولدك قلت غريب بهذا اللفظ وهو في مسلم عن بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال جاءت الغامدية فقالت يا رسول الله إني زنيت فطهرني وأنه ردها فلما كان الغد قالت يا رسول الله لعلك تريد أن ترددني كما رددت ماعزا فوالله إني لحبلى فقال إما لا فاذهبي حتى تلدي فلما ولدت أتته بالصبي في يده كسره خبز فقالت هذا يا رسول الله قد فطمته وقد أكل الطعام فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها فأمر الناس فرجموها وأخرجه أيضا عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه فذكره إلى أن قال ثم جاءت امرأة من غامد من الازد فقالت يا رسول الله طهرني فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله وتوبي إليه قالت أراك تريد أت ترددني كما
[ 129 ]
رددت ماعزا قال وما ذاك قالت إنها حبلى من الزنا قال أنت قالت نعم فقال لها اذهب حتى تضعي ما في بطنك قال فكفلها رجل من الانصار حتى وضعت ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد وضعت الغامدية قال إذا لا نرجمها وندع ولدها صغيرا ليس له من يرضعه فقام رجل من الانصار فقال الي رضاعه يا رسول الله قال فرجمها انتهى وفي هذما يقتضي أنه رجمها حين وضعت وفي الاول ما يقتضي أنه تركها حتى فطمت ولدها ولك الاول فيه بشير بن المهاجر وفيه مقال ويتقوى الثاني برواية عمران بن حصين أخرجهم مسلم أيضا وفيها أنه عليه السلام رجمها بعد أن وضعت وقال بعضهم يحتمل أن يكونا امرأتين إحداهما وجد لولدها كفيل والاخرى لم يوجد لها كفيل فوجب إمهالها حتى يستغني ولدها والله أعلم باب الوطئ الذي يوجب الحد الحديث الاول قال عليه السلام ادرءوا الحدود بالشبهات قلت غريب بهذا اللفظ وذكر أنه في الخلافيات للبيهقي عن علي وفي مسند أبي حنيفة عن بن عباس وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم عن منصور عن الحارث عن إبراهيم قال قال عمر بن الخطاب لان أعطل الحدود بالشبهات أحب الي من أن أقيمها بالشبهات انتهى حدثنا عبد السلام عن إسحاق بن أبي فروة عن عمرو بن شعيب عن أبيه أن معاذا وعبد الله بن مسعود وعقبة بن عامر قالوا إذا اشتبه عليك الحد
[ 130 ]
فادرأه انتهى وأخرج عن الزهري قال ادفعوا الحدود بكل شبهة انتهى وأخرج الدارقطني في سننه حديث عمرو بن شعيب وهو معلول بإسحاق بن أبي فروة فإنه متروك
[ 131 ]
قوله ولو قال لها أنت خلية أو برية أو أمر ك بيدك واختارت نفسها ثم وطئها في العدة وقال علمت أنها علي حرام لا يحد لاختلا ف الصحابة فيه فمن مذهب عمر أنه تطليقة رجعية قلت مذهب عمر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن حماد عن إبراهيم قال قال عمر بن الخطاب وابن مسعود إن اختارت نفسها فهي واحدة وإن اختارت زوجها فلا شئ انتهى حدثنا بن التيمي عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال عمر وابن مسعود إن اختارت زوجها فلا بأس وإن اختارت نفسها فهي واحدة وله عليها الرجعة انتهى حدثنا الثوري عن منصور حدثني إبراهيم عن علقمة والاسود أن بن مسعود جاء إليه رجل فقال كان بيني وبين امرأتي كلام فقالت لو أن الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع قال فقلت لها قد جعلت أمرك بيدك فقالت أنا طالق ثلاثا قال بن مسعود أراها واحد وأنت أحق بالرجعة وسألت أمير المؤمنين عمر فقال ماذا قلت قال قلت أراها واحدة وهو أحق بها قال وأنا أرى ذلك انتهى أخبرنا الثوري عن الاعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن بن مسعود نحوه وزاد ولو رأيت غير ذلك لم تصب انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه بالاسانيد الاربعة المذكورة ومتونها بلفظها سواء ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود كانا يقولان في المرأة إذا خيرها زوجها فاختارته فهي امرأته وإن اختارت نفسها فهي تطليقة وزوجها أملك بها انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في
[ 132 ]
الطلاق أيضا أخبرنا سفيان الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عمر في الخلية والبرية وألبتة والبائنة هي واحدة وهو أحق بها قال وقال علي هي ثلاث وقال شريح له ما نوى انتهى أثر آخر قال عبد الرزاق أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن القاسم بن محمد عن زيد بن ثابت أنه قال في رجل جعل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ثلاثا قال هي واحدة انتهى أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في الرجل يخير امرأته فاختارت نفسها قال هي واحدة انتهى أثر آخر رواه الشافعي في مسنده أخبرنا مالك عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت عن خارجة بن زيد قال كنت جالسا عند زيد بن ثابت فجاءه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان فقال له زيد ما شأنك قال إني ملكت امرأتي أمرها ففارقتني فقال له زيد ارتجعها إن شئت فانما هي واحدة وأنت أملك بها انتهى ورواه مالك في الموطأ كما تراه أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه في الخلية والبرية وألبتة أنه كان يجعلها ثلاثا ثلاثا انتهى ورواه الشافعي في مسنده أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر أنه قال في الخلية والبرية إن كل واحد منهما ثلاث تطليقات انتهى ورواه مالك في الموطأ كما تراه الرب عز وجلاثر آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن زيد بن ثابت كان يقول إذا اختارت زوجها فلا شئ وهي امرأته وإن اختارت نفسها فهي ثلاث وهي عليه حرام حتى تنكح زوجا غيره وكان علي بن أبي طالب يقول إذا اختارت زوجها فهي واحدة والزوج أملك بها وإذا اختارت نفسها فهي واحدة وهي أملك بنفسها انتهى أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن التيمي عن أبيه عن الحسن بن مسلم عمن سمع بن عباس يقول في الرجل يقول لامرأته أنت برية إنها واحدة انتهى
[ 133 ]
أثر آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر وابن جريج عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال إذا ملك الرجل امرأته أمرها بيدها والقضا ما قضت إلا أن ينكر الرجل فيقول لم أرد إلا واحدة ويحلف على ذلك فيكون أملك بها ما كانت في عدتها انتهى ورواه مالك في الموطأ عن نافع أن بن عمر قال فذكره ورواه الشافعي في مسنده أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر فذكره أثر آخر أخرجه عبد الرزاق عن علي بنحوه وأخرجه بن أبي شيبة عن عثمان وابن عباس وابن عمر أثر آخر أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن بن مسعود وعمر قالا في البرية والخلية هي تطليقة وهو أملك برجعتها وأخرج عن علي قال هي ثلاث ثلاث أثر آخر في الموطأ عن أبي مصعب حدثنا مالك أنه بلغه أن رجلا جاء إلى عبد الله بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن إني جعلت أمر امرأتي بيدها فطلقت نفسها فماذا ترى فقال عبد الله أراه كما قالت قال الرجل لا تفعل يا أبا عبد الرحمن قال أنا أفعل أنت فعلته انتهى أثر آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا داود بن رشيد ثنا أبو حفص الابار عن عطاء بن السائب عن الحسن عن علي قال في الخلية والبرية وألبتة والبائن والحرام ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره انتهى أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن عمرو بن دينار عن محمد بن عباد بن جعفر أن عمر بن الخطاب سئل عن رجل طلق امرأته البته فقال هي واحدة انتهى أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن عبد الله بن أبي سلمة أخبره عن سليمان عن عمر نحوه وفيه قصة أثر آخر في موطأ مالك أنه بلغه عن علي بن أبي طالب أنه قال في قول الرجل
[ 134 ]
لامرأته أنت علي حرام إنها ثلاث تطليقات انتهى مالك عن بن شهاب عن مروان بن الحكم أنه كان يقضي في الذي يطلق امرأته البته إنها ثلاث تطليقات انتهى الاحاديث المرفوعة حديث روى الترمذي في الطلاق حدثنا علي بن نصر بن علي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد قال قلت لايوب هل علمت أحدا قال في أمرك بيدك إنها ثلاث قال لا إلا الحسن ثم قال اللهم غفرا إلا ما حدثني قتادة عن كثير مولى بن سمرة عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث قال أيوب فلقيت كثير مولى بن سمرة فسألته فلم يعرفه فرجعت إلى قتادة فأخبرته فقال نسي انتهى وقال حديث لا نعرفه إلا من حديث سليمان بن حرب عن حماد بن زيد وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن زيد بهذا وإنما هو عن أبي هريرة موقوف ولم يعرف حديث أبي هريرة مرفوعا وكان علي بن نصر حافظا صاحب حديث انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا طلق البته فغضب وقال أتتخذون آيا ت الله هزوا ولعبا من طلق ألبتة ألزمناه ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره انتهى قال عبد الحق في إسناده إسماعيل بن أبي أمية الكوفي عن عثمان بن مطر عن عبد الغفور بن عبد العزيز الواسطي وكلهم ضعفاء انتهى حديث آخر حديث ركانة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبد الله بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده أنه طلق امرأته سهيمة البته فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما أردت قال واحدة قال البته قال ألبتة فقال له عليه السلام هي على ما أردت وردها إليه زاد أبو داود فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في زمان عثمان انتهى قال أبو داود وهذا أصح من حديث بن جريج أن ركانة طلق امرأته ثلاثا لانهم أهل بيته وهم أعلم به وحديث بن جريج رواه عن
[ 135 ]
بعض بني أبي رافع عن عكرمة عن بن عباس انتهى وأخرجه أبو داود أيضا من طريق محمد بن إدريس الاما الشافعي حدثني عمي محمد بن علي بن شافع عن عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير بن عبد يزيد بن ركانة فذكره قال عبد الحق في أحكامه في إسناد هذا الحديث عبد الله بن علي بن السائب عن نافع بن عجير عن ركانة والزبير بن سعيد عن عبداللبن علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه عن جده وكلهم ضعفاء والزبير أضعفهم وقال البخاري علي بن يزيد بن ركانة عن أبيه لم يصح حديثه انتهى كلامه قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس أن ركانة طلق امرأته ثلاثا الحديث انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام أنت ومالك لابيك قلت روى من حديث جابر ومن حديث عائشة ومن حديث سمرة بجندب ومن حديث عمر بن الخطاب ومن حديث بن مسعود ومن حديث بن عمر فحديث جابر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا عيسى بن يونس ثنا يوسف بن إسحاق بن أبي إسحاق السبيعي عن محمد بن المنكدر عن جابر أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي قال أنت ومالك لابيك انتهى قال بن القطان إسناده صحيح وقال المنذري رجاله ثقات وقال في التنقيح ويوسف بن إسحاق من الثقات المخرج لهم في الصحيحين قال وقول الدارقطني فيه غريب تفرد به عيسى عن يوسف لا يضره فان غرابة الحديث والتفرد به لا يخرجه عن الصحة وقال الدارقطني في حديث الاستخارة غريب من حديث عبد الرحمن بن أبي الموالي عن محمد عن جابر وفي حديث رحم الله الرجل سمحا إذا باع تفرد به أبو غسان عن محمد وفي حديث كل معرو ف صدقة تفرد به علي
[ 136 ]
بن عباس عن محمد وكلها مخرجة في صحيح البخاري إلى غير ذلك انتهى كلامه طريق أخر أخرجه الطبراني في معجمه الصغير والبيهقي في دلائل النبوة عن عبيد بن خلصة ثنا عبد الله بن عمر المدني عن المنكدر بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أبيه يريد أن يأخذ ماليه فقال عليه السلام أدعه ليه فما جاء قال له عليه السلام إن ابنك يزعم أنك تأخذ ماله فقال سله هل هو إلا عماته أو قراباته أو ما أنفقه على نفسي وعيالي فقال فهبط جبرائيل عليه السلام فقال يا رسول الله إن الشيخ قال في نفسه شعرا لم تسمعه أذناه فقال له عليه السلام قلت في نفسك شعرا لم تسمعه أذناك فهاته فقال لا يزال يزيدنا الله تعالى بك بصيرة ويقينا ثم أنشأ يقول غذوتك مولودا ومنتك يافعا تعل بما أحنى عليك وتنهل إذا ليلة ضافتك بالسقم لم أبت لسقمك إلا ساهرا أتململ تخاف الردى نفسي عليك وإنها لتعلم أن الموت حتم موكل كأني أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دوني فعينى تهمل فلما بلغت السن والغاية التي إليها مدى ما فيك كنت أؤمل جعلت جزائي غلظة وفظاظة كأنك أنت المنعم المتفضل فليتك إذ لم ترع حق أبوتي فعلت كما الجار المجاور يفعل قال فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أخذ بمنكب ابنه وقال له اذهب فأنت ومالك لابيك وعقد له البيهقي بابا في الدلائل فقال باب إخباره عليه السلام الشعر
[ 137 ]
ثم ذكره والله أعلم وأما حديث عائشة فرواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والاربعين من القسم الثالث عن عبد الله بن كيسان عن عطاء عن عائشة أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه في دين له عليه فقال له عليه السلام أنت ومالك لابيك انتهى وأما حديث سمرة بن جندب فأخرجه البزار في مسنده والطبراني في معجمه عن أبي إسماعيل الحوراني واسمه عبد الله بن إسماعيل عن جريج بن حازم عن الحسن عن سمرة فذكره بلفظ بن ماجة قال البزار ورواه غير أبي إسماعيل فأرسله ولا نعلم أسنده إلا أبو إسماعيل انتهى وأعله العقيلي في ضعفائه بعبد الله بن إسماعيل وقال إنه منكر الحديث لا يتابع على شئ من حديثه قال وفي الباب أحاديث من غير هذا الوجه انتهى وأما حديث عمر فأخرجه البزار في مسنده عن سعيد بن بشير عن مطر الوراق عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن عمر مرفوعا بلفظ بن ماجة قال البزار لا نعلمه يروي عن عمر إلا من هذا الوجه وأعله بن عدي في الكامل بسعيد بن بشير وضعفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووثقه عن شعبة وأما حديث بن مسعود فأخرجه الطبراني في معجمه عن معاوية بن يحيى الطرابلسي ثنا إبراهيم بن عبد الحميد بن ذي حماية عن غيلان بن جامع عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل أنت ومالك لابيك انتهى ورواه في معجمه الصغير وقال تفرد به بن ذي
[ 138 ]
حماية وكان من الثقات انتهى وأعله بن عدي في الكامل بمعاوية بن يحيى وضعفه تضعيفا يسيرا وقال إن في بعض رواياته ما لا يتابع عليه وأما حديث بن عمر فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبي سمية ثنا معتمر قال قرأت على الفضيل عن أبي حريز عن أبي إسحاق عن بن عمر مرفوعا بلفظ بن مسعود ورواه البزار في مسنده حدثنا وهب بن يحيى ثنا ميمون بن زيد عن عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن بن عمر فذكره وقال لا نعلمه يروي عن بن عمر إلا بهذا الاسناد وعمر بن محمد فيه لين انتهى قوله ومن زفت إليه غير امرأته وقالت النساء إنها زوجتك فوطئها فلا حد عليه وعليه المهر قضبذلك علي رضى الله عنه قلت غريب جدا
[ 139 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام اقتلوا الفاعل والمفعول به قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث أبي هريرة فحديث بن عباس أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمربن أبي عمرو عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به انتهى قال أبو داود رواه سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو مثله ورواه عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس رفعه ورواه بن جريج عن إبراهيم عن داود بن حصين عن عكرمة عن بن عباس رفعه انتهى وقال الترمذي وإنما نعرف هذا الحديث عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الوجه ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن أبي عمرو وقال ملعون من عمدعمل قوم لوط ولم يذكر فيه القتل وروى عن عاصم بن عمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل المفعول به وهو حديث في إسناده مقال ولا نعلم أحدا رواه عن سهيل بن أبي صالح غير عاصم بن عمر العمري وهو يضعف في الحديث من قبل حفظه انتهى وبسند
[ 140 ]
السنن رواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأخرجه النسائي بلفظ ملعون من عمل عمل قوم لوط كما أشار إليه الترمذي قال البخاري عمرو بن أبي عمرو صدوق لكنه روى عن عكرمة مناكير وقال النسائي عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي انتهى وقال المنذري عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي كنيته أبو عثمان واسم أبي عمرو ميسرة احتج به البخاري ومسلم وروى عنه مالك وتكلم فيه غير واحد وقال شيخنا الذهبي في الميزان قال بن معين عمرو بن أبي عمرو ثقينكر عليه حديث عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الفاعل والمفعول به وقد أخرج له الجماعة وروى عنه مالك ولينه جماعة فقال أبو حاتم لا بأس به وقال أبو داود ليس بالقوي وقال عبد الحق لا يحتج به قال الذهبي وهو ليس بضعيف ولا مستضعف ولا هو في الثقة كالزهري بل دونه انتهى وأما حديث أبي هريرة فله طريقان أحدهما الذي أشار إليها الترمذي أخرجه البزار في مسنده عن عاصم بن عمر العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به انتهى قال البزار لا نعلمه يروي من حديث سهيل إلا عن عاصم عنه انتهى ورواه بن ماجة في سنن بلفظ فارجموا الاعلى والاسفل وقد تقدم قول الترمذي وعاصم يضعف في الحديث من قبحفظه انتهى الطريق الثاني أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن بن عبد الله عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن سهيل به وسكت عنه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إسناده ضعيف فان عبد الرحمن العمري ساقط انتهى
[ 141 ]
قوله ويروي فارجموا الاعلى والاسفل قلت رواه بن ماجة عن عاصم بن عمر العمري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يعمل عمل قوم لوط فارجموا الاعلى والاسفل انتهى ومن أحاديث الباب ما رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا محفوظ بن نصر الهمداني ثنا عمر بن راشد عن جابر قال سمعت سالم بن عبد الله وأبان بن عثمان وزيد بن الحسن يذكرون أن عثمان بن عفان أتى برجل قد فجر بغلام من قريش معروف النسب فقال عثمان ويحكم أين الشهود أحصن قالوا تزوج بامرأة ولم يدخل بها بعد فقال علي لعثمان رضي الله عنهما لو دخل بها لحل عليه الرجم فأما إذا لم يدخل فاجلده الحد فقال أبو أيوب أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذي ذكر أبو الحسن فأمر به عثمان فجلد مائة انتهى ومما استدل به بن العربي في أحكام القرآن على أن اللواط زنا وفيه الحد أن الله تعالى سماه في القرآن فاحشة فقال أتأتون الفاحشة وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري قال جاء رجل من أسلم يقال له ماعز بن مالك فقال يا رسول الله إني أصبت فاحشة فطهرني الحديث رواه مسلم بهذا اللفظ قال أهل اللغة الفاحشة الزنا ذكره في الصحاح وغيره وقال إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث في قوله تعالى واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم أجمع المفسرون أنه الزنا قلت ونظير ذلك ما استدل به بعض العلماء على قطع النباش بقوله عليه السلام يأتي زمان يكون البيت فيه بالعبد أو قال بالوصيف يعني بالبيت القبر قالوا والبيت يقطع السارق منه فكذلك يقطع السارق من القبر وترجم على هذا الحديث أبو داود في سننه باب قطع النباش ثم أخرجه وسيأتي في كتاب السرقة
[ 142 ]
الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن القاسم بن الوليد عن يزيد بن قيس أن عليا رجم لوطيا انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال أتى بن الزبير بسبعة في لواطة أربعة منهم قد أحصنوا وثلاثة لم يحصنوا فأمر بالاربعة فرضخوا بالحجارة وأمر بالثلاثة فضربوا الحد وابن عباس وابن عمر في المسجد انتهى كلامه حديث آخر روابن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا محمد بن قيس عن أبي حصين أن عثمان أشرف على الناس يوم الدار فقال أما علمتم أنه لا يحل دم امرئ مسلم إلا بأربع فذكرها وذكر الرابع ورجل عمل عمل قوم لوط انتهى قوله ولابي حنيفة أنه ليس بزنا لاختلاف الصحابة في موجبه من الاحراق بالنار وهدم الجدار والتنكيس من مكان مرتفع قلت روى البيهقي في شعب الايمان من طريق بن أبي الدنيا حدثنا عبيد الله بن عمر ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن داود بن بكر عن محمد بن المنكدر أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر أنه وجد رجلا في بعض نواحي العرب ينكح كما تنكح المرأة فجمع أبو بكر الصحابة فسألهم فكان من أشدهم في ذلك قولا علي قال هذا ذنب لم يعص به إلا أمة واحدة صنع الله بها ما قد علمتم نرى أن نحرقه بالنار فاجتمع رأى الصحابة على ذلك انتهى ورواه الواقدي في كتاب الردة في آخر ردة بني سليم فقال حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال كتب خالد بن الوليد إلى أبي بكر الصديق أخبرك أني أتيت برجل قامت عندي البينة أنه يوطأ في دبره كما توطأ المرأة فدعا أبو بكر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واستشارهم فيه فقال له عمر وعلي
[ 143 ]
أحرقه بالنار فان العرب تأنف أنفا لا يأنفه أحد غيرهم وقال غيرهما اجلدوه فكتب أبو بكر إلى خالد بن الوليد أن حرقه بالنار فحرقه خالد فقال القائل فيه شعر فما حرق الصديق جدي ولا أبي إذا المرء ألهاه الخنا عن حلائله أثر آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا غسان بن مضر عن سعيد بن يزيد عن أبي نضرة قال سئل بن عباس ما حد اللوطي قال ينظر أعلى بناء في القرية فيرمي منمنكسا ثم يتبع بالحجارة انتهى ورواه البيهقي أيضا من طريق بن أبي الدنيا ثنا عبيد الله بن عمر ثنا غسان بن مضر به انتهى الحديث الرابع روى أنه تذبح البهيمة وتحرق قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتى بهيمة فاقتلوه واقتلوها معه قال قلت له ما شأن البهيمة قال ما أراه قال ذلك إلا أنه كره أن يؤكل لحمها أو ينتفع بها وقد عمل بها هذا العمل انتهى أخرجه بن ماجة عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة به والباقون عن عمرو بن أبي عمر عن عكرمة به وزاد بن ماجة فيه ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه وأخرجه الدارقطني في سننه بالسندين وعمرو بن أبي عمرو تقدم الكلام عليه وأما إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة فقال أحمد ثقة وقال البخاري منكر الحديث وضعفه غير واحد من الحفاظ وضعف أبو داود هذا الحديث بحديث أخرجه عن عاصم بن أبي النجود عن أبي رزين عن بن عباس موقوفا ليس على الذي يأتي البهيمة حد انتهى وكذلك أخرجه الترمذي والنسائي قال الترمذي وهذا أصح من الاول انتهى ولفظه قال من أتى بهيمة فلا شئ عليه انتهى قال البيهقي وقد رويناه من أوجه عن عكرمة ولا أرى عمرو بن أبي عمرو يقصر
[ 144 ]
عن عاصم بن بهدلة في الحفظ كيف وقد تابعه جماعة وعكرمة عند أكثر الائمة من الثقا ت الاثبات انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ومن وجدتموه يأتي بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة معه انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وله شاهد في ذكر البهيمة ثم أخرجه عن عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يأتي البهيمة اقتلوا الفاعل والمفعول به انتهى وسكت عنه وأخرجه أحمد في مسنده أعني حديث عباد بن منصور الحديث الخامس قال عليه السلام لا تقام الحدود في دار الحرب قلت غريب وأخرج البيهقي عن الشافعي قال قال أبو يوسف حدثنا بعض أشياخنا عن
[ 145 ]
مكحول عن زيد بن ثابت قال لا تقام الحدود في دار الحرب مخافة أن يلحق أهلها بالعدو قال وحدثنا بعض أصحابنا عن ثور بن يزيد عن حكيم بن عمير أن عمر بن الخطاب كتب إلى عمير بن سعد الانصاري وإلى عماله أن لا يقيموا حدا على أحد من المسلمين في أرض الحرب حتى يخرجوا إلى أرض المصالحة قال الشافعي ومن هذا الشيخ ومكحول لم ير زيد بن ثابت انتهى وهذا الاخير رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن المبارك عن أبي بكر بن مريم عن حكيم بن عمير به وزاد لئلا تحمله حمية الشيطان أن يلحق بالكفار انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا بن المبارك عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن حميد بن فلان بن رومان أن أبا الدرداء نهى أن يقام على أحد حد في أرض العدو انتهى
[ 146 ]
حديث مرفوع أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن بسر بن أرطاة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقطع الايدي في السفر انتهى ولفظ الترمذي في الغزو قال الترمذي حديث غريب والعمل عليه عند بعض أهل العلم منهم الاوزاعي يرون أن لا يقام الحد في الغزو بحضرة العدو ومخافة أن يلحق من يقام عليه الحد بالعدو فإذا رجع الامام إلى دار الاسلام أقام عليه الحد انتهى وبسر بن أرطاة ويقال بن أبي أرطاة اختلف في صحبته قال البيهقي في المعرفة أهل المدينة ينكرون سماع بسر بن أبي أرطاة من النبي صلى الله عليه وسلم فكان يحيى بن معين يقول بسر بن أبي
[ 147 ]
أرطاة رجل سوء قال البيهقي وذلك لما اشتهر من سوء فعله في قتال أهل الحرة انتهى وقال بن سعد في الطبقات قال الواقدي بسر بن أبي أرطاة أدرك النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا ولم يسمع منه شيئا وقال غيره إنه سمع منه انتهى واستدل البيهقي للشافعي في إقامة الحدود بدار الحرب بإطلاق الآيات الواردة في حد الزاني وقطع السارق وجلد القاذف وبما أخرجه أبو داود في المراسيل عن مكحول عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقيموا حدود الله في السفر والحضر على القريب والبعيد ولا تبالوا
[ 148 ]
في الله لومة لائم ورويناه بإسناد موصول في السنن انتهى باب الشهادة على الزنا خال قوله وإن نقص عدد الشهود عن أربعة حدوا لانهم قذفة قلت فيه أثر رواه الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث حدثنا إبراهيم بن حميد ثنا أبو الحسن ثنا الفضل بن دكين ثنا الوليد ثنا أبو الطفيل قال أقبل رهط معهم امرأة حتى نزلوا مكة فخرجوا لحوائجهم وتخلف رجل مع المرأة فلما رجعوا وجدوه بين
[ 149 ]
رجليها وعلى مكة يومئذ نافع بن عبد الحارث الخزاعي فشهد ثلاثة منهم أنهم رأوه يهب فيها كما يهب المرود في المكحلة وقال الرابع لم أر المرود في المكحلة ولكن رأيت إسته يضرب إستها ورجلاها عليه كأذني الحمار فكتب نافع إلى عمر فكتب إليه عمر إن شهد الرابع بما شهد الثلاثة فارجمها إن كانا أحصنا وإلا فاجلدهما وإن لم يشهد إلا بما قال فاجلد الشهود الثلاثة وخل سبيل المرأة انتهى وقال الهب الاهتزاز
[ 150 ]
أثر آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في فضائل المغيرة بن شعبة عن أبي عتاب سهل بن حماد ثنا أبو كعب صاحب الحرير عن عبد العزيز بن أبي بكرة قال كنا جلوسا عند باب الصغير الذي في المسجد أبو بكرة وأخوه نافع وشبل بن معبد فجاء المغيرة بن شعبة يمشي في ظلال المسجد والمسجد يومئذ من قصب والمغيرة يومئذ أمير البصرة أمر عليها عمر بن الخطاب فانتهى إلى أبي بكرة فسلم عليه فقال له أبو بكرة أيها الامير ليس لك ذلك اجلس في بيتك وابعث إلى من شئت فتحدث معه قال يا أبا بكرة ولا بأس ثم دخل المغيرة من باب الاصغر حتى تقدم إلى باب أم جميل امرأة من قيس فدخل عليها فقال أبو بكرة والله لا صبر لي على هذا ثم بعث غلاما
[ 151 ]
له وقال له ارق الغرفة وانظر من الكوة فذهب فنظر فلم يلبث أن رجع فقال وجدتهما في لحاف فقال أبو بكرة للقوم قوموا معي فقاموا فبدأ أبو بكرة فنظر ثم استرجع ثم قال لاخيه انظر فنظر قال له ما رأيت قال الزنا محصنا ثم قال لشبل انظر فنظر فقال مثل ذلك ثقال يا زياد انظر فنظر فقال مثل ذلك فقال أشهد الله عليكم قالوا نعم ثم كتب أبو بكرة إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بما رأى فبعث عمر أبا موسى الاشعري أميرا على البصرة أن يرسل إليه المغيرة ومعه أبو بكرة وشهوده فلما قدم أبو موسى أرسل بالمغيرة وأبي بكرة
[ 152 ]
وشهوده وقال للمغيرة ويل لك إن كان مصدوقا عليك وطوبى لك إن كان مكذوبا عليك فلما قدموا على عمر قال لابي بكرة هات ما عندك قال أشهد أني رأيت الزنا محصنا ثم تقدم أخوه نافع فقال نحو ذلك ثم تقدم شبل بن معبد البجلي فقال نحو ذلك ثم تقدم زياد فقال له ما رأيت قال رأيتهما في لحاف وسمعت نفسا عاليا ولا أدري ما وراء ذلك فكبر عمر وفرح إذ نجا المغيرة وضرب القوم الحد إلا زيادا انتهى وسكت عنه طريق آخر رواه عبد الرزاق في تفسيره أخبرنا محمد بن مسلم عن إبراهيم بن
[ 153 ]
ميسرة عن بن المسيب قال شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر بالزنا ونكل زياد فحد عمر الثلاثة ثم سألهم أن يتوبوا فتاب اثنان فقبلت شهادتهما وأبى أبو بكرة أن يتوب فكانت شهادته لا تقبل حتى مات وعاد مثل النصل من العبادة انتهى طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن عبد الرزاق ثنا الثوري عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي قال شهد أبو بكرة ونافع وشبل بن معبد على المغيرة
[ 154 ]
بن شعبة أنهم نظروا إليه كما ينظرون إلى المرود في المكحلة ونكل زياد فقال عمر هذا رجل لا يشهد إلا بحق ثم جلدهم عمر الحد انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة المغيرة أخبرنا الواقدي حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب فذكره بلفظ عبد الرزاق وزاد قال وكان ذلك سنة سبعة عشر ثم ولاه
[ 155 ]
عمر بعد ذلك الكوفة يعني المغيرة انتهى
[ 156 ]
باب حد الشرب حديث روى عنه عليه السلام من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث معاوية ومن حديث بن عمر ومن حديث قبيصة بن ذؤيب ومن حديث جابر ومن حديث الشريد ومن حديث الخدري ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث جرير ومن حديث بن مسعود ومن حديث شرحبيل بن أوس ومن حديث غطيف فحديث أبي هريرة أخرجه أصحا ب السنن إلا الترمذي عن بن ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن المدني عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكر فاجلدوه ثم إن سكفاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فإن عاد الرابعة
[ 157 ]
فاقتلوه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والخمسين من القسم الثاني وقال معناه إذا استحل ولم يقبل التحريم انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ من شرب الخمر فاجلدوه الحديث وعن عبد الرزاق رواه أحمد في مسنده وحديث معاوية أخرجوه إلا النسائي عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره ولفظ أبي داود إذا شربوا الخمر فاجلدوهم الحديث قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يقول حديث أبي صالح عن معاوية أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والسبعين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وسكت عنه قال شيخنا الذهبي في مختصره هو صحيح انتهى وأخرجه النسائي في سننه الكبري وحديث بن عمر أخرجه النسائي في الاشربة عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن
[ 158 ]
بن عمر ونفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره ورواه الحاكم في المستدرك وقاصحيح على شرط الشيخين انتهى قال بن القطان في كتابه قال بن معين عبد الرحمن هذا ضعيف انتهى ورواه أبو داود محيلا على حديث معاوية فقال حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا حماد عن حميد بن يزيد عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بهذا المعنى وأحسبه قال في الخامسة إن شربها فقتلوه قال أبو داود وكذا حديث أبي غطيف في الخامسة انتهى وحديث قبيصة رواه أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن عبدة الضبي ثنا سفيان قال الزهري أنبأ عن قبيصة بن ذؤيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه فإن عاد في الثالثة أو الرابعة فاقتلوه فأتى برجل قد شرب فجلده ثم أتى به فجلده ثم أتى به فجلده ورفع القتل وكانت رخصة قال سفيان حدثنا الزهري بهذا الحديث وعنده منصور بن المعتمر ومخول بن راشد فقال لهما كونا وافدي أهل العراق بهذا الحديث انتهى وقبيصة في صحبته خلاف وحديث جابر أخرجه النسائي في سننه الكبرى عن محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره قال ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر في الرابعة فجلده ولم يقتله انتهى وزاد في لفظ فرأى المسلمون أن الحد قد وقع وأن الحد قد رفع انتهى ورواه البزار في مسنده عن بن إسحاق به أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بالنعمان قد شرب الخمر ثلاثا فأمر بضربه فلما كان في الرابعة أمر به فجلد الحد فكان نسخا انتهى وحديث الخدري أخرجه بن حبان في صحيحه عن عاصم بن أبي النجود عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري مرفوعا من شرب الخمر فاجلدوه إلى آخره
[ 159 ]
ثم قال وهذا الخبر سمعه أبو صالح من معاوية ومن أبي سعيد معا انتهى الله عز وجلوحديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إسحاق بن راهويه أنبأ معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الله بن عمرو مرفوعا نحوه وسكت عنه ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا وكيع عن قرة عن الحسن عن عبد الله بن عمرو ورواه أحمد في مسنده حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن شهر بن حوشب به ورواه بن راهويه في مسنده حدثنا النضر بن شميل ثنا قرة بن خالد عن الحسن به وزاد فكان عبد الله بن عمرو يقول ائتوني برجل شرب الخمر أربع مرات فلكم علي أن أضرب عنقه انتهى وكذلك لفظ عبد الرزاق ائتوني برجل قد جلد فيه ثلاثا فلكم على الحديث ومطريق بن راهويه رواه الطبراني في معجمه وحديث جرير رواه الحاكم في المستدرك محديث سماك بن حرب عن خالد بن حزم عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه ورواه الطبراني في معجمه وحديث بن مسعود رواه الطبراني وحديث شرحبيل أخرجه الحاكم في المستدرك عن شعبة عن يزيد بن أبي كبشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا ثم نقل عن بعض رواته أنه قال هو شرحبيل بن أوس وسكت عنه ورواه الطبراني في معجمه حدثنا أبو زرعة الدمشقي ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا جرير بن عثمان حدثني نمران بن محمد عن شرحبيل بن أوس الكندي قال وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
[ 160 ]
وحديث غطيف فرواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه من حديث إسماعيل بن عياش عن سعيد بن سالم عن معاوية بن عياض بن غطيف بن عياض عن أبيه عن جده غطيف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من شرب الخمر فاجلدوه فإن عاد فاجلدوه ثم إن عاد فاجلدوه انتهى لم يذكر فيه القتل قال البزار لا نعلم روى غطيف غير هذا الحديث وحديث الشريد أخرجه الحاكم في المستدرك عن بن إسحاق عن الزهري عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد مرفوعا بنحوه وقال صحيح على شرط مسلم انتهى والمصنف استدل بالحديث على الحد من الخمر ولم يتعرض لنسخ القتل لكنه أعاده في الاشربة وذكر نسخ القتل قوله روى عن بن مسعود أنه قال فإن وجدتم رائحة الخمر فاجلدوه قلت غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن يحيى بن عبد الله التيمي الجابر عن أبي ماجد الحنفي قال جاء رجل بابن أخ له سكران إلى عبد الله بن مسعود فقال عبد الله ترتروه ومزمزوه واستنكهوه ففعلوا فرفعه إلى السجن ثم عاد به من الغد ودعا بسوط ثم أمر بثمرته فدقت بين حجرين حتى صارت درة ثم قال للجلاد اجلد وارجع تلك واعط كل عضو حقه انتهى ومن
[ 161 ]
طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن يحيى بن عبد الله الجابر به وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن بن مسعود أنه قرأ سورة يوسف فقال رجل ما هكذا أنزلت فقال عبد الله والله لقرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحسنت فبينا هو يكلمه إذ وجد منه رائحة الخمر فقال أتشرب الخمر وتكذب بالكتاب فضربه الحد انتهى وأخرج الدارقطني في سننه بسند صحيح عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب أنه ضرب رجلا وجد منه ريح الخمر وفي لفظ ريح شراب الحد تاما انتهى قوله وحد الشرب ثبت بالاجماع من الصحابة ولا إجماع إلا برأي بن مسعود وقد شرط قيام الرائحة على ما رويناه قلت تقدم كل ذلك الله تعالى قوله روى أن عمر رضي الله عنه أقام الحد على أعرابي سكر من النبيذ قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن سعيد بن ذي لعوة أن أعرابيا شرب من أداوة عمر
[ 162 ]
نبيذا فسكر فضربه الحد انتهى قال الدارقطني هذا لا يثبت انتهى ورواه العقيلي في كتابه وزاد فيه فقال الاعرابي إنما شربته من أداوتك فقال عمر إنما جلدناك على السكر انتهى وأعله بسعيد بن ذي لعوة وأسند تضعيفه عن البخاري وقال البيهقي في المعرفة قال البخاري سعيد بن ذي لعوة عن عمر في النبيذ يخالف الناس في حديثه يعرف وقال بعضهم سعيد بن حدان وهو وهم انتهى وقال في التنقيح قال بن المديني سعيد هذا مجهول وقال أبو حاتم لا أعلم روى عنه غير الشعبي وأبي إسحاق انتهى طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن مسهر عن الشيباني عن حسان بن مخارق قال بلغني أن عمر بن الخطاب ساير رجلا في سفر وكان صائما فلما أفطر أهوى إلى قربة لعمر معلقة فيها نبيذ فشرب منها فسكر فضربه عمر الحد فقال إنما شربت من قربتك فقال له عمر إنما جلدناك لسكرك انتهى طريق آخر روى الزهري عن السائب بن يزيد عن عمر أنه قال بلغني أن عبيد الله بن عمر وأصحابه شربوا شرابا وأنا سائل عنه فإن كان يسكر حددتهم قال السائب فأنا شهدت عمر حدهم انتهى ينظر الاطراف طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن إسماعيل أن رجلا عب في شراب نبيذ لعمر بن الخطاب بطريق المدينة فسكر فتركه عمر حتى أفاق ثم حده انتهى
[ 163 ]
أحاديث الباب أخرج الدارقطني في سننه عن عمران بن داود عن خالد بن دينار عن أبي إسحاق عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد سكر من نبيذ تمر فجلده انتهى وعمران بن داود بفتح الدال والواو فيه مقال وأخرجه في الاشربة عن أبي العوام القطان حدثني عمرو بن دينار عن بن عمر به ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن النجراني عن بن عمر قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسكران فضربه الحد وقال له ما شرابك قال تمر وزبيب فقال لا تخلطوهما جميعا يكفي أحدهما من صاحبه انتهى أثر أخرجه الدارقطني في سننه عن وكيع عن شريك عن فراس عن الشعبي أن رجلا شرب من أداوة على نبيذا بصفين فسكر فضرب الحد انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن علي بنحوه وقال فضربه ثمانين أثر آخر رواه بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن نمير عن حجاج عن أبي عون عن عبد الله بن شداد عن بن عباس قال في السكر من النبيذ ثمانون انتهى قوله وحد الخمر والسكر ثمانون سوطا في الحر لاجماع الصحابة قلت فيه أحاديث فروى البخاري في صحيحه من حديث السائب بن يزيد قال كنا نؤتي بالشارب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإمرة أبي بكر وصدرا من خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين حتى إذعتوا وفسقوا
[ 164 ]
جلد ثمانين انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر بالجريد والنعال ثم جلد أبو بكر أربعين فلما كان عمر ودنا الناس من الريف والقرى قال ما ترون في جلد الخمر فقال عبد الرحمن بن عوف أرى أن تجعله كأخف الحدود قال فجلد عمر ثمانين انتهى هكذا وقع في مسلم عن عبد الرحمن بن عوف هو الذي أشار على عمر بالثمانين ووقع في الموطأ وغيره أن الذ أشار على عمر هو علي بن أبي طالب رواه مالك في الموطأ عن ثور بن زيد الديلي عن عمر بن الخطاب أنه استشار في الخمر يشربها الرجل فقال له علي بن أبي طالب نرى أن نجلده ثمانين فإنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذ هذي افترى وعلى المفتري ثمانون فاجعله حد الفرية فجلد عمر في الخمر ثمانين انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه عن ثور بن زيد الديلي عن عكرمة عن بن عباس أن الشراب كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالايدي والنعال والعصى حتى توفي فكان أبو بكر يجلدهم أربعين حتى توفي إلى أن قال فقال عمر ماذا ترون فقال علي رضي الله عنه إنه إذا شرب سكر وإذا سكر هذي وإذا هذي افترى وعلى المفتري ثمانون جلدة فأمر به عمر فجلد ثمانين انتهى
[ 165 ]
وكذلك أخرجه الدارقطني في سننه طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصفه أخبرنا معمر عن أيوب عن عكرمة أن عمر بن الخطاب شاور الناس في جلد الخمر وقال إن الناس قد شربوها واجترءوا عليها فقال له على إن السكران إذا سكر هذي وإذا هذي افترى فاجعله حد الفرية فجعله عمر حد الفرية ثمانين انتهى الاحاديث الواردة في الثمانين روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثني هشام بن يوسف أخبرني عبد الرحمن بن صخر الافريق عن جميل بن كريب عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب بسقة خمر فاجلدوه ثمانين انتهى وأشار إليه بالتضعيف صاحب التنقيح فقال وروى بإسناد غريب لا يثبت عن عبد الله بن عمرو مرفوعا من شرب بسقة خمر فاجلدوه ثمانين انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن رشدين ثنا عبد الغفار بن داود أبو صالح الحراني ثنا بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن نبيه بن وهب عن محمد بن الحنفية عن أبيه علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد في الخمر ثمانين انتهى وقال لا يروي هذا الحديث إلا بهذا الاسناد حديث آخر مرسل رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن عوف عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب في الخمر ثمانين انتهى قال في التنقيح وأما ما ورد في مسلم عن أنس قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب الخمر فضربه بجريدتين نحو الاربعين وفعله أبو بكر فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون فأمر به عمر فهذا لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم حدا وإلا لما تجاوزته
[ 166 ]
الصحابة وإنما فعله زجرا وعقوبة فبلغ ضربه نحو الاربعين فلما فهمت الصحابة ذلك ألحقوه بأخف الحدود وقد أخرج البخاري ومسلم عن عمير بن سعيد عن علي قال ما كنت أقيم على أحد حدا فيموت فيه فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر لانه إن مات وديته لان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنه انتهى باب حد القذف الحديث الاول من أشرك باللفليس بمحصن تقدم في حد الزنا
[ 169 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام الخال أب قلت حديث غريب وفي الفردوس لابي شجاع الديلمي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا الخال والد من لا والد له انتهى قوله لمكان اختلاف الصحابة يعني في مكاتب مات وتر ك وفاء هل يموت حرا أو عبدا سيأتي في المكاتب إن شاء الله تعالى مسألة استدل للقائلين بالحد في التعريض بالقذف بما رواه مالك في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى عنه عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن بن حارثة بن النعمان الانصاري عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن أن رجلين استبا في زمن عمر بن الخطاب فقال أحدهما للآخر والله ما أبي بزان ولا أمي بزانية فاستشار في ذلك عمر بن
[ 170 ]
الخطاب فقال قائل مدح أباه وأمه وقال آخرون قد كان لابيه وأمه مدح غير هذا نرى أن تجلده الحد فجلده عمر الحد ثمانين انتهى واستدل للشافعي على أنه لا حد فيه بحديث الاعرابي الذي قال يرسول الله إن امرأتي ولدت غلاما أسود فقال هل لك من إبل قال نعم قال ما ألوانها قال حمر قال فهل فيها من أورق قال إن فيها لورقا قال فأنى أتاها ذلك قال لعل نزعه عرق قال وكذلك هذا الولد لعل نزعه عرق انتهى أخرجه مسلم والبخاري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وترجم عليه البخاري باب إذا عرض بنفي الولد وزاد في لفظ وإني
[ 171 ]
أنكرته يعرض بأن ينفيه وفي آخره ولم يرخص له في الانتفاء منه واستدل له أيضا بحديث لاترد يد لامس رواه أبو داود والنسائي في سننيهما في النكاح قالا حدثنا حسين بن حريب المروزي ثنا الفضل بن موسى عن الحسين بن واقد عن عمارة بن أبي حفصة عن عكرمة عن بن عباس قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول
[ 172 ]
الله إن امرأتي لا تمنع يد لامس قال غربها قال أخاف أن تتبعها نفسي قال فاستمتع بها انتهى بلفظ أبي داود
[ 173 ]
فصل في التعزير الحديث الاول قال عليه السلام من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين
[ 174 ]
قلت أخرجه البيهقي عن خالد بن الوليد عن النعمان بن بشير وقال المحفوظ مرسل قال في التنقيح ورواه بن ناجية في فوائده حدثنا محمد بن حصين الاصبحي ثنا عمر بن علي المقدمي ثنا مسعر عن خاله الوليد بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا الحديث ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار مرسلا فقال أخبرنا مسعر بن كدام أخبرني الوليد بن عثمان عن الضحاك بن مزاحم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بلغ حدا الحديث قوله وهو مأثور عن علي يعني بلوغ التعزيز خمسة وسبعين سوطا قلت غريب وذكره البغوي في شرح السنة عن بن أبي ليلى
[ 175 ]
أحاديث الخصوم أخرجه البخاري ومسلم عن أبي بردة الانصاري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يجلد أحد فوق عشر أسواط إلا في حد من حدود الله تعالى انتهى وأخرجه البخاري عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا عقوبة فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن إبراهيم العسال ثنا إبراهيم بن محمد الشامي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعزير فوق عشرة أسواط انتهى
[ 176 ]
كتاب السرقة الحديث الاول قال المصنف رحمه الله لهما إن القطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان إلا في ثمن المجن وأقل ما نقل في تقديره ثلاثة دراهم قلت أخرج البخاري ومسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لم تقطع يد سارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقل من ثمن المجن حجفة أو ترس وكلاهما ذو ثمن انتهى وأخرجا
[ 177 ]
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم انتهى وفي لفظ لهما عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا انتهى وفي الموطأ مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن أن سارقا سرق في زمان عثمان بن عفان أترنجة فأمر بها عثمان فقومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار فقطع عثمان يده انتهى قال مالك أحب ما يجب فيه القطع إلي ثلاثة دراهم سواء ارتفع الصرف أو اتضع وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في مجن قيمته ثلاثة دراهم وقطع عثمان في أترنجة قيمتها ثلاثة دراهم وهذا أحب ما سمعته إلي انتهى وفي مسند الامام أحمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقطعوا في ربع دينار ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك فكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم والدينار اثني عشر درهما انتهى وأما حديث أبي هريرة فجوابه فيه أخرجه البخاري ومسلم عن أبي صالح عنه قال قال رسوالله صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده زاد البخاري قال الاعمش كانوا يرون أنه بيض الحديد والحبل كانوا يرون أن منه ما يساوي دراهم انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام لا قطع إلا في دينا أو عشرة دراهم قلت رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا بن أبي داود ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا شريك عن منصور عن عطاء عن أيمن بن أم أيمن عن أمه أأيمن قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد السارق إلا في حجفة وقومت يومئذ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا أو عشرة دراهم انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي
[ 178 ]
بن عبد العزيز ثنا يحيى الحماني به سندا ومتنا قال صاحب التنقيح وهذا فيه نظر فإن النسائي رواه أيضا من حديث شريك وليس فيه عن أم أيمن قال أخبرنا علي بن حجر حدثنا شريك عن منصور عن عطاء ومجاهد عن بن أم أيمن رفعه قال لا تقطع اليد إلا في ثمن المجن وثمنه يومئذ دينار انتهى وقال البيهقي في المعرفة قوله في هذا الاسناد عن أم أيمن خطأ إنما قاله شريك بن عبد الله القاضي وخلط في إسناده وشرك ممن لا يحتج به فيما يخالف فيه أهل الحفظ والثقة لما ظهر من سوء حفظه انتهى قلت ورواه الحاكم في المستدرك كما رواه النسائي وأخرجه عن سفيان عن منصور عن الحكم عن مجاهد عن أيمن قال لم تقطع اليد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ثمن المجن وثمنه يومئذ دينار انتهى وسكت عنه واختلف في أيمن هذا الذي في مسند النسائي هل هو بن أم أيمن أو غيره أو هما رجلان فابن أم أيمن صحابي وحديثه مسند والآخر بن امرأة كعب تابعي وحديثه مرسل فأسند الحاكم عقيب حديثه هذا عن الشافعي أنه قال أيمن هذا ليس بابن أم أيمن الصحابي وإنما هو أيمن بن امرأة كعب ووافقه الحاكم على ذلك وقال ليس هو بابن أم أيمن
[ 179 ]
الصحابي ذاك أمه حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أخو أسامة بن زيد لامه انتهى قلت خالفهما الطبراني فقال في ترجمة أيمن في أول الكتاب أيمن بن أم أيمن استشهد يوم حنين وهو أيمن بن عبيد أخو بني عوف بن الخزرج وهو أخو أسامة بن زيد لامه وأسند عن بن إسحاق أنه سمى فيمن استشهد يوم حنين أيمن بن عبيد ثم أخرج له حديث السرقة فقال حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا بن الاصبهاني ثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن منصور عن مجاهد وعطاء عن أيمن الحبشي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدنى ما يقطع فيه السارق ثمن المجن قال وكان يقوم دينارا انتهى وقال البيهقي في كتاب مناقب الشافعي قال الشافعي قلت لمحمد بن الحسن هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقطع في ربع دينار فصاعدا فكيف قلت لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم فصاعدا قال قد روى شريك عن مجاهد عن أيمن بن أم أيمن أخي أسامة بن زيد لامه فقلت له لا أعلم لك بأصحابنا ايمن أخو أسامة قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قبل أن يولد مجاهد انتهى وكذلك قال بن أبي حاتم في المراسيل أخبرني عبد الله بن أحمد فيما كتب إلي قال وجدت في كتاب أبي بخط يده قال حدثني محمد بن إدريس الشافعي قال قال محمد بن الحسن قد روى شريك إلى آخره قال بن أبي حاتم وسألت أبي عن حديث رواه الحسن بن صالح عن منصور عن الحكم عن عطاء ومجاهد
[ 180 ]
عن أيمن وكان فقيها قال يقطع السارق في ثمن المجن وكان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا قال أبي هو مرسل وأرى أنه والد عبد الواحد بن أيمن وليست له صحبة انتهى وقال شيخنا أبو الحجاج المزي في كتابه أيمن الحبشي مولى بني مخزوم روى عن سعد وعائشة وجابر وعنه ابنه عبد الواحد وثقه أبو زرعة انتهى ثم قال أيمن مولى بن الزبير وقيل مولى بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في السرقة وله عن تبيع عن كعب وعنه عطاء ومجاهد قال النسائي ما أحسب أن له صحبة وقد جمع بين هذين الترجمتين بن أبي حاتم وابن حبان فجعلاهما واحدا قال بن أبي حاتم أيمن الحبشي مولى بن عمر روى عن عائشة وجابر وتبيع روى عنه مجاهد وعطاء وابنه عبد الواحد سمعت أبي يقول ذلك وسئل أبو زرعة عن أيمن والد عبد الواحد فقال مكي ثقة انتهى وقال بن حبان في الثقات أيمن بن عبيد الحبشي مولى لآل بن أبي عمرو المخزومي من أهل مكة روى عن عائشة روى عنه مجاهد وعطاء وابنه عبد الواحد بن أيمن وكان أخا أسامة بن زيد لامه وهو الذي يقال له أيمن بن أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم نسب إلى أمه قال ومن زعم أن له صحبة فقد وهم حديثه في القطع مرسل انتهى كذا ذكره في التابعين وكذا فعل الدارقطني فإنه قال في كتاب الحدود من سننه أيمن لا صحبة له وهو من التابعين ولم يدرك زمان النبي صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء بعده وهو الذي يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ثمن المجن دينار روى عنه ابنه عبد الواحد وعطاء ومجاهد انتهى وقد ذكره جماعة في الصحابة منهم بن إسحاق وابن سعد وأبو القاسم البغوي وأبو نعيم وابن مندة وابن قانع وابن عبد البر وغيرهم فذكره بن إسحاق فيمن استشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال وهو الذي عني العباس بقوله نصرنا رسول الله في الدار سبعة وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا وثامننا لاقي الحمام بنفسه بما مسه في الدين لا يتوجع وقال بن سعد أيمن بن عبيد بن زيد بن عمرو بن بلال بن أبي الحرباء بن قيس وأمه
[ 181 ]
أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومولاته وهو أخو أسامة بن زيد لامه وكان فيمن ثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من أصحابه وقال في موضع آخر قريب منه أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحاضنته اسمها بركة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ورثها من أبيه فأعتقها لما تزوج بخديجة بنت خويلد فتزوجت بعبيد بن زيد من بني الحارث فولد ت له أيمن صحب النبي صلى الله عليه وسلم وقتل يوم حنين شهيدا وكان زيد بن حارثة الكلبي لخديجة بنت خويلد فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فأعتقه وزوجه أم أيمن فولدت له أسامة انتهى وقال البغوي في معجمه أيمن بن أم أيمن وهو أيمن بن عبيد وهو أخو أسامة بن زيد لامه وأمه أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم روى له حديث القطع في السرقة ثم قال ولا أعلم روى أيمن عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا وقال بن قانع في معجمه أيمن الحبشي بن أم أيمن مولاة رسول الله صلى الله عليوسلم ويقال إنه بن عبيد بن عمر بن هلال بن قيس بن مالك بن سالم بن غنم بن عوفبن الحارث بن الخزرج ثم روى له هذا الحديث وقال مسلم في صحيحه في الجهاد قال بن شهاب كان من شأن أم أيمن أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب حبشية فلما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما توفي أبوه فكانت أم أيمن تحضنه حتى كبر عليه السلام فأعتقها ثم أنكحها زيد بن حارثة فولدت له أسامة وتوفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمسة أشهر انتهى ذكره عقيب حديث رواه أنس وقال بن عبد البر أيمن بن عبيد الحبشي وهو بن أم أيمن مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وأيمن هذا هو أخو أسامة بن زيد لامه وكان أيمن هذا ممن بقي مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين ولم ينهزم انتهى وفرق بينهما أبو بكر بن أبي خيثمة في تاريخه فقال أيمن الحبشي وروى له هذا الحديث ثم قال وأيمن بن أم أيمن ثم روى بسنده عن بن إسحاق قال أيمن بن عبيد هو أيمن بن أم أيمن ذكرهما في الصحابة والحاصل أن الحديث معلول فإن كان أيمن صحابيا فعطاء ومجاهد لم يدركاه فهو منقطع وإن تابعيا فالحديث مرسل ولكنه يتقوى بغيره من الاحاديث المرفوعة والموقوفة فمن ذلك حديث رواه أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة ومحمد بن أبي السري العسقلاني كلاهما عن عبد الله بن نمير عن محمد بن إسحاق
[ 182 ]
عن أيوب بن موسى عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد رجل في مجن قيمته دينار أو عشرة دراهم انتهى ورآه النسائي في سننه عن يحيى بن موسى البلخي عن بن نمير بإسناده قال كان ثمن المجن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم يقوم عشرة دراهم انتهى ورواه عن محمد بن وهب عن محمد بن سلمة عن بن إسحاق به مرسلا ليس فيه بن عباس وعن حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قوله ورواه الحاكم في المستدرك عن بن إسحاق به بلفظ النسائي وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وشاهده حديث أيمن ثم أخرج عن سفيان عن منصور عن الحكم عن مجاهد عن أيمن قال لم تقطع اليد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في ثمن المجن وثمنه يومئذ دينار انتهى حديث آخر رواه النسائي أيضا أخبرنا خلاد بن أسلم عن عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دارهم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الاعلى عن محمد بن إسحاق به قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقطع يد السارق في دون ثمن المجن قال عبد الله وكان ثمن المجن عشرة دارهم انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن الوليد بن كثير عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده باللفظ الاول هو وأحمد في مسنده عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب به مرفوعا لا يقطع السارق في أقل من عشرة دراهم قال في التنقيح والحجاج بن أرطاة مدلس ولم يسمع هذا الحديث من عمرو انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده بهذا الاسناد جامعا بين اللفظين حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه في كتاب اللقطة حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن رجل من مزينة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بلغ ثمن المجن قطعت يد صاحبه وكان ثمن المجن عشرة دراهم مختصر
[ 183 ]
وسيأتي بتمامه في اللقطة إن شاء الله تعالى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن نوح بن حر ب ثنا خالد بن مهران ثنا أبو مطيع البلخي عن أبي حنيفة عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قطع إلا في عشرة دراهم انتهى ثم قال لم يرو هذا الحديث عن أبي حنيفة إلا أبو مطيع الحكم بن عبد الله انتهى الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن عبد الرحمن بن عبد الله عن القاسم عن عبد الرحمن قال قال بن مسعود لا تقطع اليد إلا في دينار أو عشرة دراهم انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وأشار إليه الترمذي في كتابه الجامع فقال وقد روى عن بن مسعود أنه قال لا قطع إلا في دينار أو عشرة دراهم وهو مرسل رواه القاسم بن عبد الرحمن عن بن مسعود والقاسم لم يسمع من بن مسعود انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه أخبرنا يحيى بن يزيد وغيره عن الثوري عن عطية بن عبد الرحمن عن القاسم بن عبد الرحمن قال أتى إلى عمر بن الخطا ب برجل سرق ثوبا فقال لعثمان قومه فقومه ثمانية دارهم فلم يقطعه انتهى
[ 184 ]
باب ما يقطع فيه وما لا يقطع الحديث الاول روى عن عائشة قالت كانت اليد لا تقطع على عهرسول الله صلى الله على وسلم في الشئ التافه قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت لتكن يد السارق تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشئ التافه وزاد في مسنده ولم تقطع في أدنى من ثمن حجفة أو ترس انتهى ورواه مرسلا أيضا فقال حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه قال كان السارق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع في ثمن المجن ولم يكن يقطع في الشئ التافه انتهى وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن هشام به مرسلا وكذلك رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عيسى بن يونس ثنا هشام به مرسلا ورواه بن عدي في الكامل مسندا أخرجه عن عبد الله بن قبيصة الفزاري عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت إن السارق إلى آخره باللفظ الثاني ولم يقل في عبد الله هذا شيئا إلا أنه قال لم يتابع عليه ولم أجد للمتقدمين فيه كلاما فذكرته لابين أن في روياته نظرا انتهى رحمه الله الحديث الثاني قال عليه السلام لا قطع في الطير قلت غريب مرفوعا
[ 185 ]
ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما موقوفا على عثمان قال الاول حدثنا بن المبارك وقال الثاني حدثنا وكيع قالا ثنا سفيان الثوري عن جابر الجعفي عن عبد الله بن يسار قال أتى عمر بن عبد العزيز في رجل سرقة دجاجة فأراد أن يقطعه فقال له سلمة بن عبد الرحمن قال عثمان لا قطع في الطير انتهى وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهير بن محمد عن يزيد بن خصيفة قال أتى عمر بن عبد العزيز برجل قد سرق طيرا فاستفتى في ذلك السائب بن يزيد فقال ما رأيت أحداقطع في الطير وما عليه في ذلك قطع فتركه عمر انتهى وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء أنه قال ليس على سارق الحمام قطع قال البيهقي أراد الطير والحمام المرسلة في غير حرز قال شيخنا علاء الدين ظنه الحمام بالتخفيف وإنما هو الحمام بالتشديد انتهى قلت بوب عليه بن أبي شيبة في مصنفه باب الرجل يدخل الحمام فيسرق حدثنا زيد بن الحباب أخبرني معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء أنه سئل عن سارق الحمام قال لا قطع عليه انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا سعيد بن عبد العزيز عن بلال بن سعد أن رجلا دخل الحمام وترك برنسا له فجاء رجل فسرقه فوجده صاحبه فجاء به إلى أبي الدرداء إلى آخره الحديث الثالث قال عليه السلام لا قطع في ثمر ولا كثر قلت أخرجه الترمذي عن الليث بن سعد والنسائي وابن ماجة عن سفيان بن عيينة كلاهما عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان أن غلاما سرق وديا من حائط فرفع إلى مروان فأمر بقطعه فقال رافع بن خديج قال النبي صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي
[ 186 ]
والتسعين من القسم الاول عن سفيان به وأعاده في النوع الاربعين من القسم الثاني قال عبد الحق في أحكامه هكذا رواه سفيان بن عيينة ورواه غيره فلم يذكر واسع بن حبان ولم يتابع سفيان على هذه الرواية إلا حماد بن دليل فإنه رواه عن شعبة عن يحيى بن سعيد مثل رواية سفيان وأما غير حماد فإنه رواه عن شعبة لم يذكر واسع بن حبان ومحمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من رافع انتهى وقال الترمذي وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن رافع لم يذكروا فيه واسعا انتهى أما حديث مالك فهو عند أبي داود في سننه وتابع مالكا على هذه الرواية المنقطعة حماد بن دليل وحديثه عند أبي داود أيضا وعمرو بن علي وحديثه عند النسائي وزهير وشعبة وحديثهما عند النسائي أيضا وأخرجه النسائي أيضا عن سفيان عن يحيى بن سعيد به منقطعا فقد اختلف فيه على سفيان ومنهم أبو خالد الاحمر وحديثه عند بن أبي شيبة في مصنفه وأخرجه الطبراني في معجمه عن الحسن بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن رافع بن خديج عن النبي صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر انتهى وتأول الشافعي الثمر في هذا الحديث ما كان معلقا في النخل قبل أن يجذ ويحرز بدليل قوله في الحديث الآتي قريبا ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع وزاد النسائي فيه لفظ والكثر الجمار الذي في النخل ولم يروه أحمد في مسنده إلا بالطريق المقطوعة وبالطريقين رواه الدارمي وإسحاق بن راهويه حديث آخر رواه بن ماجة حدثنا هشام بن عمار ثنا سعيد بن سعيد المقبري عن أخيه عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع في ثمر ولا كثر
[ 187 ]
انتهى الحديث الرابع قال عليه السلام لا قطع في الطعام قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج أبو داود في المراسيل عن جرير بن حازم عن الحسن البصري أن النبي صلى الله عليه وسلم إني لا أقطع في الطعام انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود ولم يعله بغير الارسال وأقره بن القطان على ذلك وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن أشعث بن عبد الملك وعمرو عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى برجل سرق طعاما فلم يقطعه انتهى حدثنا وكيع عن جرير بن حازم والسري بن يحيى عن الحسن نحوه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن رجل عن الحسن فذكر وزاد قال سفيان هو الطعام الذي يفسد من نهاره كالثريد واللحم الحديث الخامس قال عليه السلام لا قطع في ثمر ولا كثر فإذا أواه الجرين أو الجران قطع قلت غريب هذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه أبو داود والنسائي
[ 188 ]
وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الثمر المعلق فقال من أصاب بفيه من ذي حاجة غير متخذ خبنة فلا شئ عليه ومن سرق منه شيئا بعد أن يؤويه الجرين فبلغ ثمن المجن فعليه القطع انتهى أخرجه في
[ 189 ]
اللقطة أبو داود عن بن عجلان وعن الوليد بن كثير وعن عبيد الله بن الاخنس وعن محمد بن إسحاق أربعتهم عن عمرو بن شعيب به وأخرجه النسائي في الزكاة عن بن عجلان وعبيد الله بن الاخنس وأخرجه أيضا من طريق بن وهب عن عمرو بن الحارث وهشام بن سعد عن عمرو بن شعيب به أن رجلا من مزينة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى في الثمر المعلق فقال ليس في شئ من الثمر المعلق قطع إلا ما أواه الجرين فما أخذ من الجرين فبلغ ثمن المجن ففيه القطع وما لم يبلغ ثمن المجن ففيه غرامة مثله وجلدات نكال مختصر وبهذا السند والمتن رواه الحاكم في المستدرك
[ 190 ]
وقال قال إمامنا إسحاق بن راهويه إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن بن عمر انتهى وأخرجه بن ماجة في الحدود عن الوليد بن كثير عن عمرو به واعلم أن الترمذي روى هذا الحديث في البيوع عن بن عجلان به مختصرا لم يذكر فيه السرقة وقال حديث حسن انتهى ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ليس في شئ من الثمار قطع حتى يأوي الجرين حدثنا وكيع عن إسحاق بن سعيد عن أبيه عن بن عمر قال نحوه سواء وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن عطاء الخراساني أن عمر بن الخطاب قال من أخذ من الثمر شيئا فليس عليه قطع حتى يأوي الجرين فإن أخذ منه بعد ذلك ما يساوي ربع دينار قطع انتهى وروى مالك في الموطأ قال أبو مصعب أخبرنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قطع في ثمر معلق ولا في جريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما بلغ ثمن المجن انتهى الحديث السادس قال عليه السلام لا قطع على مختلس ولا منتهب ولا خائن قلت روى من حديث جابر ومن حديث أنس فحديث جابر أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على خائن ولا منتهب ولا مختلس قطع انتهى
[ 191 ]
قال الترمذي حديث حسن صحيح وقد رواه المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه انتهى وسكت عنه عبد الحق في أحكامه وابن القطان بعده فهو صحيح عندهما وفرقه أبو داود فرواه بهذا الاسناد ليس على المنتهب قطع ومن انتهب نهبة مشهورة فليس منا وقال بهذا الاسناد ليس على الخائن ولا على المختلس قطع انتهى قال أبو داود وهذان الحديثان لم يسمعهما بن جريج من أبي الزبير وبلغني عن أحمد بن حنبل أنه قال إنما سمعهما بن جريج من يس الزيات وقد رواهما المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى قلت رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الثالث عن بن جريج عن أبي الزبير وعمرو بن دينار عن جابر مرفوعا باللفظ الا وسواء وأخرجه أيضا عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا أيضا لم يذكر فيه المنتهب فزالت العلة التي ذكرها أبو داود وابن أبي حاتم أيضا قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه بن جريج عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على الخائن الحديث فقال لم يسمع بن جريج هذا الحديث من أبي الزبير فقال إنه سمعه من يس الزيات عن أبي الزبير فدلسه عليه ويس ليس بالقوي انتهى وتردد النسائي فيه فقال وقد روى هذا الحديث عن بن جريج عيسى بن يونس والفضل بن موسى وابن وهب ومحمد بن ربيعة ومخلد بن يزيد وسلمة بن سعيد فلم يقل فيه منهم حدثني أبو الزبير ولا أراه سمعه من أبي الزبير انتهى قلنا في سند بن حبان ما ينفي ذلك وأيضا فتصحيح الترمذي له يدل على أنه تحقق إيصاله وقد تابعه عليه المغيرة بن مسلم كما أشار إليه أبو داود والترمذي وحديثه أخرجه النسائي عن المغيرة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مختلس ولا منتهب
[ 192 ]
ولا خائن قطع انتهى والمغيرة بن مسلم صدوق قاله بن معين وغيره حديث آخر في المختلس رواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن يحيى ثنا محمد بن عاصم بن جعفر المصري ثنا الفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن بن شهاب عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس على المختلس قطع انتهى وأما حديث أنس فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن القاسم بن المساور ثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم قال أملا علي عبد الله بن وهب من حفظه عن يونس عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على منتهب ولا مختلس ولا خائن قطع انتهى وقال لم يروه عن الزهري إلا يونس ولا عن يونس إلا بن وهب تفرد به أبو معمر انتهى واستشكل حديث المخزومية أخرجه مسلم عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها وأخرجه البخاري ومسلم عن يونس عن الزهري به أن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح فقالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها وأخرجه الستة عن الليث بن سعد عن الزهري به بهذا اللفظ وأخرج النسائي عن إسحاق بن راشد وإسماعيل بن أمية وابن عيينة وأيوب بن موسى كلهم عن الزهري به بهذا اللفظ ولفظ العارية ليست عند البخاري قاله عبد الحق في الحج بين الصحيحين وقال في أحكامه قد اختلفت الرواية في قصة هذه المرأة والذين قالوا سرقت
[ 193 ]
أكثر من الذين قالوا استعارت انتهى وأخرجه مسلم عن جابر أن امرأة من بني مخزوم سرقت فأتى بها النبي صلى الله عليه وسلم فعاذت بأم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام لو كانت فاطمة لقطعت يدها فقطعت انتهى وأخذ الامام أحمد بظاهر هذا الحديث من القطع بسرقة العارية والجمهور على أنه لا قطع فيه لانه خائن والخائن من يؤتمن على الشئ فيخون فيه فسقط القطع لان صاحبه أعان على نفسه بإتمامه وأجابوا عن الحديث بأن ذكره العارية وقع فيه لقصد التعريف لا أنسبب القطع بدليل الاحاديث التي صرح فيها بالسرقة وذكر بعضهم أن معمر بن راشد تفرد بذكر العارية في هذا الحديث من بين سائر الرواة وأن الليث راوي السرقة تابعه عليها جماعة منهم يونس بن يزيد وأيوب بن موسى وسفيان بن عيينة وغيرهم فرووه عن الزهري كرواية الليث وذكر أن بعضهم وافق معمرا في رواية العارية لكن لا يقاوم من ذكر فظهر أن ذكر العارية إنما كان تعريفا لها بخاص صفتها إذ كانت كثيرة الاستعارة حتى عرفت بذلك كما عرفت بأنها مخزومية واستمر بها هذا الصنيع حتى سرقت فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطعها ومما يدل على صحة ذلك ما رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا عبد الله بن نمير ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن ركانة عن أمه عائشة بنت مسعود بن الاسود عن أبيه قال لما سرقت المرأة تلك القطيفة من بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظمنا ذلك وكانت امرأة من قريش فجئنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم نكلمه وقلنا نحن نفديها بأربعين أوقية فقال عليه السلام تطهر خير لها فأتينا أسامة بن زيد فقلنا له كلم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كلمه قال ما إكثاركم علي في حد من حدود الله والذي نفسي بيده لو كانت فاطمة بنت محمد لقطعت يدها انتهى قال بن سعد في الطبقات وهذه المرأة هي فاطمة بنت الاسود بن عبد الاسد قال وقيل هي أم عمرو بنت سفيان بن عبد الاسد أخت عبد الله بن سفيان انتهى ولكن يعكر على ذلك ما أخرجه أبو داود في سننه عن الليث بن سعد حدثني يونس عن بن شهاب قال كان عرة يحدث عن عائشة رضي الله عنها قالت استعارت امرأة يعني حليا على ألسنة أناس يعرفون ولا تعرف هي فباعته فأخذت فأتى بها النبي
[ 194 ]
صلى الله عليه وسلم فأمر بقطع يدها وهي التي شفع فيها أسامة بن زيد وقال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال انتهى وقال الامام أبو محمد القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه غريب الحديث وعندي أن رواية معمر صحيحة لانه حفظ ما لم يحفظ أصحابه ولموافقته حديث صفية بنت أبي عبيد أن امرأة كانت تستعير المتاع وتجحده فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الناس على المنبر والمرأة في المسجد فقال عليه السلام هل من امرأة تائبة إلى الله ورسول الله فلم تقم تلك المراة ولم تتكلم فقال عليه السلام قم يا فلان فاقطع يدها لتلك المرأة فقطعها وأيضا فإن النبي صلى الله عليه وسلم له ما ليس لغيره فيمن عصاه ورغب عن أمره انتهى كلامه الحديث السابع قال عليه السلام من نبش قطعناه قلت رواه البيهقي في كتاب المعرفة فقال أنبأني أبو عبد الله الحاكم إجازة ثنا أبو الوليد ثنا الحسن بن سفيان قال يعني بن سفيان وفيما أجاز لي عثمان بن سعيد عن محمد بن أبي بكر المقدمي عن بشر بن حازم عن عمران بن يزيد بن البراء بن عازب عن أبيه عن جده في حديث ذكره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ومن نبش قطعناه انتهى بحروفه قال في التنقيح في هذا الاسناد من يجهل حاله كبشربن حازم وغيره وروى أيضا أنبأني أبو عبيد الله إجازة ثنا أبو الوليد ثنا محمد بسليمان ثنا علي بن حجر ثنا سويد بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت سارق أمواتنا كسارق أحيائنا انتهى حديث آخر استدل به أبو داود في سننه فقال باب قطع النباش ثم أسند عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف يعني القبر قلت الله ورسوله أعلم أو ما خار الله لي ورسوله قال عليك بالصبر انتهى قال المنذري استدل به أبو داود لانه سمي القبر بيتا والبيت حرز والسارق من الحرز يقطع انتهى ورواه الترمذي أيضا والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده وابن حبان في
[ 195 ]
صحيحه وذكره فيه قصته والله أعلم الآثار قال البخاري في تاريخه قال هشيم ثنا سهيل قال شهدت بن الزبير قطع نباشا قال البخاري وسهيل هذا هو سهل بن ذكوان أبو السندي المكي قال عباد بن العوام كنا نتهمه بالكذب انتهى أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى الاسلمي أخبرني عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه وجد قوما يختفون القبو باليمن على عهد عمر بن الخطاب فكتب فيهم إلى عمر فكتب عمر أن اقطع أيديهم انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عطاء والحسن ومسروق وعمر بن عبد العزيز ومعاوية بن قرة والشعبي والنخعي وسعيد بن المسيب قالوا يقطع النباش الحديث الثامن قال عليه السلام لا قطع على المختفى قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا شيخ لقيته بمنى عن روح بن القاسم عن مطرف عن عكرمة عن بن عباس قال ليس على النباش قطع انتهى حدثنا عيسى بن يونس عن معمر عن الزهري قال أتى مروان بقوم يختفون أي ينبشون القبور فضربهم ونفاهم والصحابة متوافرون انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر به وزاد وطوف بهم وروى بن أبي شيبة حدثنا حفص عن أشعث عن الزهري قال
[ 196 ]
أخذ نباش في زمن معاوية وكان مروان على المدينة فسأل من بحضرته من الصحابة والفقهاء فأجمع رأيهم على أن يضرب ويطاف به انتهى الحديث التاسع قال عليه السلام فإن عاد فاقطعوه قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن الواقد عن بن أبي ذئب عن خالد بن سلمة أراه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال إذا سرق السارق فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله فإن عاد فاقعطوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله انتهى والواقدي فيه مقال وسيأتي بقية الكلام في الحديث الثالث عشر
[ 197 ]
فصل في الحراز
[ 198 ]
قوله وهو مأثور عن علي يعني في السارق من المغنم أنه لا يقطع قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن سماك بن حرب عن بن عبيد بن الابرص وهو يزيد بن دثار قال أتى على برجل سرق من المغنم فقال لفيه نصيب وهو خائن فلم يقطعه وكان قد سرق مغفرا انتهى ورواه الدارقطني في كتا ب المؤتلف والمختلف في ترجمة عبيد بن الابرص عن الثوري به سندا ومتنا وفي الباب حديث مرفوع رواه بن ماجة في سننه حدثنا جبارة بن المغلس عن حجاج بن تميم عميمون بن مهران عن بن عباس أن عبدا من رقيق الخمس سرق من الخمس فرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقطعه وقال مال الله سرق بعضه بعضا انتهى قال بن القطان في كتابه إسناده ضعيف ورواه البيهقي وقال إسناده ضعيف وقد روى مرسل انتهى قلت هكذا رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن محرز أخبرني ميمون بن مهران أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بعبد الحديث بسم الله الرحمن الرحيما لحديث العاشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا سرق رداء صفوان من تحت رأسه وهو نائم في المسجد قلت أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن صفوان بن أمية فأبو داود والنسائي عن سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان
[ 199 ]
بن أمية وابن ماجة من طريق مالك عن الزهري عن عبد الله بن صفوان عن أبيه أنه طاف بالبيت وصلى ثم لف رداء له من برد فوضعه تحت رأسه فنام فأته لص فاستله من تحت رأسه فأخذه فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن هذا سرق ردائي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أسرقت رداء هذا قال نعم قال اذهبا به فاقطعا يده فقال صفوان ما كنت أريد أن تقطع يده في ردائي قال فلولا كان قبل أن تأتيني به انتهى وزاد
[ 200 ]
النسائي فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبسند أبي داود رواه الحاكم في المستدرك ولفظه قال كنت نائما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي خميصة لي ثمن ثلاثين درهما فجاء رجل فاختلسها مني فأخذ الرجل فجئ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به أن يقطع فقلت من أجل ثلاثين درهما أنا أبيعه وأهبه ثمنها قال فهلا كان قبل أن تأتني به انتهى وسكت عنه وحميد بن أخت صفوان لم يروي عنه إلا سماك ولم ينبه عليه
[ 201 ]
المنذري في مختصره وعند النسائي فيه طرق أخرى قال عبد الحق في أحكامه بعد أن ذكره من جهة النسائي ورواه سماك بن حرب عن حميد بن أخت صفوان عن صفوان بن أمية ورواه عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن صفوان ورواه أشعث بن سوار عن عكرمة عن بن عباس ورواه عمرو بن دينار عن طاوس عن صفوان ذكره هذه الطرق النسائي ورواه مالك في الموطأ عن بن شهاب عن صفوان بن عبد الله بن صفوان أن صفوان
[ 202 ]
وروى من غير هذا الوجه ولا أعلمه يتصل من وجصحيح انتهى وبينه بن القطان في كتابه فقال أما حديث سماك فضعيف بحميد المذكو فإنه لا يعرف في غير هذا وقد ذكره بن أبي حاتم بذلك ولم يزد عليه وذكره البخاري فقال إنه حميد بن حجير بن أخت صفوان بن أمية ثم ساق له هذا الحديث وهو كما قلنا مجهول الحال وأما طريق عبد الملك بن أبي بشير فالظاهر أنها منقطعة فإنها من رواية عبد الملك عن عكرمة عن صفوان بن أمية وعكرمة لا أعرف أنه سمع من صفوان وإنما يرويه عن بن عباس ومن دون عبد الملك إلى النسائي ثقات وعبد الملك وثقه بن حنبل وابن معين وأبو زرعة ويحيى القطان وقال سفيان كان شيخ صدوق وأما طريق عمرو بن دينار فتشبه أنها متصلة قال بن عبد البر سماع طاوس من صفوان ممكن لانه أدرك زمان عثمان وذكر يحيى القطان عن زهير عن ليث عن طاوس قال أدركت سبعين شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه وقال في التنقيح حديث صفوان حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده من غير وجه عنه انتهى فصل في كيفية القطع
[ 203 ]
الحديث الحادي عشر قال المصنف وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يمين السارق من الزند قلت فيه أحاديث فمنها ما أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي نعيم النخعي ثنا محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كان صفوان بن أمية بن خلف نائما في المسجد وثيابه تحت رأسه فجاء سارق فأخذها فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وأقر السارق فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يقطع فقال صفوان يا رسول الله أيقطع رجل من العرب في ثوبي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أفلا كان قبل أن تأتيني به ثم قال عليه السلام اشفعوا ما لم يصل إلى الوالي فإذا وصل إلى الوالي فعفا فلا عفا الله عنه ثم أمر بقطعه من المفصل انتهى وضعفه بن القطان في كتابه فقال العرزمي متروك وأبو نعيم عبد الرحمن بن هانئ النخعي لا يتباع على ما له من حديث انتهى حديث آخر رواه بن عدي في الكامل حدثنا أحمد بن عيسى الوشاء التنيسي ثنا عبد الرحمن بن سلمة عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني عن مالك بن مغول عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو قال قطع النبي صلى الله عليه وسلم سارقا من المفصل انتهى قال بن القطان في كتابه وخالد ثقة وعبد الرحمن بن سلمة لا أعرف له حالا حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن صبرة بن معبد الليثي قاسمعت عدي بن عدي يحدث عن رجاء بن حيوة أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع رجلا م المفصل انتهى وهو مرسل وأخرج عن عمر وعلي أنهما قطعا من المفصل وهذه الاحاديث مفسرة للاحاديث المجملة كحديث أخرجه أبو داود في سننه عن الحجاج بن أرطاة عن مكحول عن عبد الرحمن بن محيريز عن فضالة بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد سارق ثم أمر بها فعلقت في عنقه انتهى وهو معلول بالحجاج وزاد بن القطان
[ 204 ]
جهالة حال بن محيريز قال ولم يذكره البخاري ولا بن أبي حاتم وحديث أخرجه البزار في مسنده عن المختار بن نافع عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن على بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع في بيضة من حديد قيمتها أحد وعشرون درهما انتهى وأعله عبد الحق ثم بن القطان بالمختار هذا قال بن القطان يكنى بأبي إسحاق ويعر ف بالتمار وهو منكر الحديث قال البزاز وقد رواه المختار عن أبي مطر عن علي قال بن القطان وأبو مطر لا يعرف حاله ولا اسمه انتهى الحديث الثاني عشر قال عليه السلام فاقطعوه واحسموه قلت أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن يزبد بن خصيفه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بسارق سرق شمله فقال عليه السلام ما إخاله سرق فقال السارق بلى يا رسول الله فقال اذهبوا به فاقطعوه ثم أحسموه ثم أئتوني به فقطع ثم حسم ثم أتى به فقال تب إلى الله فقال تبت إلى الله فقال تاب الله عليك انتهوقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال وقد رواه الثوري عن يزيد بن خصيفه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن النبي صلي الله عليه وسلم مرسلا انتهى قلت كذلك رواه أبو داود في المراسيل عن الثوري به مرسلا ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج والثوري به مرسلا ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث حدثنا إسماعيل بن جعفر عن يزيد بن خصيفه به أيضا مرسلا قال ولم يسمع بالحسم في قطع السارق عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا في هذا الحديث انتهى ورواه إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث وقال الحسم أن يكوى لينقطع الدم وكذلك قال أبو عبيد وقال بن القطان في كتابه ويزيد بن خصيفه هو منسوب إلى جده فإنه يزيد بن عبد الله بن خصيفه وهو ثقه بلا خلاف انتهى وأخرج الدارقطني عن حجيه عن علي أنه قطع أيديهم من المفصل وحسمها قال فكأني أنظر إليهم وإلى أيديهم كأنها أيور الحمر انتهى وحجية بن عدى قال فيه
[ 205 ]
أبو حاتم شبه المجهول الحديث الثالث عشر قال عليه السلام من سرق فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه فإن عاد فاقطعوه قلت أخرج أبو داود عن مصعب بن ثابت عن محمد بن المنكدر عن جابر قال جئ بسارق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق فقال اقطعوه فقطع ثم جئ به الثانية فقال اقتلوه فقالوا يارسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جئ به الثالثه فقال اقتلوه فقالوا يارسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جئ به الرابعة فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم جئ به الخامسه فقال اقتلوه قال جابر فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة انتهى قال النسائي حديث منكر ومصعب بن ثابت ليس بالقوي في الحديث انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي ثنا هشام بن عروه عن محمد بن المنكدر عن جابر ومحمد بن يزيد هذا فيه مقال وأخرجه أيضا عن عائذ بن حبيب عن هشام به وعائذ بن حبيب شيعي له مناكير وأخرجه أيضا عن سعيد بن يحيى ثنا هشام به وسعيد بن يحيى هو بن صالح اللخمي فيه مقال حديث آخر أخرجه النسائي في سننه عن حماد بن سلمه أنبأ يوسف بن سعيد عن الحارث بن حاطب اللخمي أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بلص فقال اقتلوه فقالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقتلوه قالوا يا رسول الله إنما سرق قال اقطعوه فقطع ثم سرق فقطعت رجله ثم سرق على عهد أبي بكر حتى قطعت قوائمه كلها ثم سرق الخامسه فقال أبو بكر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بهذا حين قال اقتلوه انتهى ورواه الطبراني في معجمه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه حديث آخر أخرجه أبو نعيم في كتاب الحليه في ترجمة أصحاب الصفة عن
[ 206 ]
حزام بن عثمان عن معاذ بن عبد الله عن عبد الله بن زيد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سرق متاعا فاقطعوا يده فإن سرق فاقطعوا رجله فإن سرق ؟ ؟ ؟ وتعقبه بن القطان في كتابه وقال ليس هذا الحديث بوجه عند النسائي فاضربوا عنقه انتهى وقال تفرد به حزام بن عثمان وهو من الضعف بالمحل العظيم انتهى حديث آخر تقدم عنه الدارقطني من طريق الواقدي عن بن أبي ذئب عن خالد بن سلمة أراه عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سرق السارق فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله فإن عاد فاقطعوا يده فإن عاد فاقطعوا رجله انتهى وتقدم هذا في الحديث التاسع والواقدي فيه مقال رضي الله تعالى عنها قوله ويروى مفسرا كما هو مذهبه قلت أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك قال سرق مملوك أربع مرات والنبي صلى الله عليه وسلم يعفو عنه ثم سرق الخامسة فقطع يده ثم السادسة فقطع رجله ثم السابعه فقطع يده ثم الثامنة فقطع رجله وقال عليه السلام أربع بأربع انتهى ووهم عبد الحق في أحكامه فعزاه للنسائي ؟ ؟ جابر فانطلقنا به فقتلناه ثم اجتررناه فألقيناه في بئر ورمينا عليه الحجارة انتهى قال انتهى وهو حديث ضعيف قال عبد الحق هذا لا يصح للارسال وضعف الاسناد وقال شيخنا الذهبي في ميزانه إنه يشبه أن يكون موضوعا وضعف الفضل بن المختار عن جماعة من غير توثيق طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني عبد ربه بن أبي أمية أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعه وعبد الرحمن بن سابط قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعبد فقيل يا رسول الله هذا عبد قد سرق ووجدت سرقته معه وقامت البينه
[ 207 ]
عليه فقال رجل يا نبي الله هذا عبد بني فلان أيتام ليس لهم مال غيره فتركه ثم أتى به الثانية فتركه ثم أتى به الثالثه فتركه ثم أتى به الرابعة فتركه ثم أتى به الخامسه فقطع يده ثم السادسة فقطع رجله ثم السابعه فقطع يده ثم الثامنه فقطع رجله ثم قال أربع بأربع انتهى وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده بسنده ومتنه وكذلك رواه بن أبي شيبه في مصنفه حدثنا محمد بن أبي بكر عن بن جريج أخبرني عبد ربه بن أبي أمية بن الحارث عن الحارث بن عبد الله به قوله والحديث طعن فيه الطحاوي الآثار روى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلا من اليمن أقطع اليد والرجل قدم فنزل على أبي بكر الصديق فشكى إليه أن عامل اليمن ظلمه فكان يصلى من الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق ثم إنهم فقدوا عقدا لاسماء بنت عميس امرأة أبي بكر الصديق فجعل الرجل يطوف معهم ويقول اللهم عليك بمن بيت أهل هذا البيت الصالح فوجدوا الحلى عند صائغ زعم أن الاقطع جاءه به فاعترف الاقطع أو شهد عليه فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى وقال أبو بكر لدعاؤه على نفسه أشد عليه من سرقته انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قدم على أبي بكر رجل أقطع فشكى إليه أن يعلى بن أمية قطع يده ورجله في سرقه وقال والله ما زدت على أنه كان يوليني شيئا من عمله فخنته في فريضة واحدة فقطع يدي ورجلي فقال له أبو بكر إن كنت صادقا فلاقيدنك منه فلم يلبثوا إلا قليلا حتى فقد آل أبي بكر حليا لهم فاستقبل القبلة ورفع يده وقال أظهر من سرق أهل هذا البيت الصالح قال فما انتصفت النهار حتى عثروا على المتاع عنده فقال له أبو بكر ويلك إنك لقليل العلم بالله فقطع أبو بكر يده الثانية قال بن جريج وكان اسمه جبر أو جبير وكان أبو بكر يقول لجرأته على الله أغيظ عندي من سرقته انتهى قال محمد بن الحسن في موطأه قال الزهري ويروى عن عائشة قالت إنما كان الذي سرق حلى أسماء أقطع اليد اليمنى فقطع أبو بكر رجله اليسرى وكانت تنكر أن يكون أقطع اليد
[ 208 ]
والرجل قال وكان بن شهاب أعلم بهذا الحديث من غيره انتهى قوله روى عن علي رضي الله عنه أنه قال إني لاستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي بها ورجلا يمشي عليها قلت رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار وأخبرنا أبو حنيفة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي بن أبي طالب قال إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى فان عاد قطعت رجله اليسرى فان عاد ضمنه السجن حتى يحدث خيرا إني أستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها ورجل يمشي عليها انتهى ومن طريق محمد بن الحسن رواه الدارقطني في سننه بسنده ومتنه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن جابر عن الشعبي قال كان علي لا يقطع إلا اليد والرجل وإن سرق بعد ذلك سجنه ويقول إني لاستحي من الله أن لا أدع له يدا يأكل بها ويستنجي انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال كان علي لا يزيد على أن يقطع السارق يدا ورجلا فإذا أتى به بعد ذلك قال إني لاستحي أن أدعه لا يتطهر لصلاته ولكن احبسوه انتهى وأخرجه البيهقي عن عبد الله بن سلمة عن علي أنه أتى بسارق فقطع يده ثم أتى به فقطع رجله ثم أتى به فقال أقطع يده بأي شئ يتمسح وبأي شئ يأكل أقطع رجله على أي شئ يمشي إني لاستحي من الله ثم ضربه وخلده في السجن انتهى أثر آخر قال بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد عن حجاج عن عمرو بن دينار أن نجدة كتب إلى بن عباس يسأله عن السارق فكتب إليه بمثل قول علي حدثنا أبو خالد عن حجاج عن سماك عن بعض أصحابه أن عمر استشارهم في سارق فأجمعا على مثل قول علي انتهى حدثنا أبو أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن مكحول أن عمر قال إذا سرق فاقطعوا يده ثم إن عاد فاقطعوا رجله ولا تقطعوا يده الاخرى وذروه
[ 209 ]
يأكل بها ويستنجي بها ولكن احبسوه عن المسلمين انتهى وأخرج عن النخعي قال كانوا يقولون لا يترك بن آدم مثل البهيمة ليس له يد يأكل بها ويستنجي بها انتهى قوله وبهذا حاج علي بقية الصحابة فحجهم قلت في التنقيح قال سعيد بن منصور ثنا أبو معشر عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه قال حضرت علي بن أبي طالب أتى برجل مقطوع اليد والرجل قد سرق فقال لاصحابه ما ترون في هذا قالوا اقطعه يا أمير المؤمنين قال قتلته إذا ومن عليه القتل بأي شئ يأكل الطعام بأي شئ يتوضأ للصلاة بأي شئ يغتسل من جنابته بأي شئ يقوم على حاجته فرده إلى السجن أياما ثم أخرجه فاستشار أصحابه فقالوا مثل قولهم الاول وقال لهم مثل ما قال أول مرة فجلده جلدا شديدا ثم أرسله وقال سعيد أيضا حدثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عائذ قال أتى عمر بن الخطاب بأقطع اليد والرجل قد سرق فأمر أن تقطع رجله فقال علي قال الله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله الآية فقد قطعت يد هذا فلا ينبغي أن تقطع رجله فتدعه ليس له قائمة يمشي عليها إما أن تعزره وإما أن تودعه السجن فاستودعه السجن انتهى وهذا الثاني رواه البيهقي في سننه
[ 214 ]
الحديث الرابع عشر قال عليه السلام لا غرم على السارق بعد ما قطعت يمينه قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه النسائي في سننه عن حسان بن عبد الله عن المفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد عن سعد بن إبراهيم عن المسور بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغرم صاحب السرقة إذا أقيم عليه الحد انتهى قال النسائي هذا مرسل وليس بثابت انتهى وأخرجه الدارقطني في
[ 215 ]
سننه بلفظ لا غرم على السارق بعد قطع يمينه انتهى وقال والمسور بن إبراهيم لم يدرك عبد الرحمن بن عوف فان صح إسناده فهو مرسل قال وسعد بن إبراهيم مجهول انتهى قال بن القطان وصدق فيما قال انتهى ورواه البزار في مسنده بلفظ لا يضمن السارق سرقته بعد إقامة الحد قال والمسور بن إبراهيم لم يلق عبد الرحمن بن عوف انتهى ورواه الطبراني في معجمه الوسط قال لا يروي عن عبد الرحمن بن عوف إلا بهذا الاسناد وهو غير متصل لان المسور لم يسمع من جده عبد الرحمن انتهى وقال عبد الحق في أحكامه إسناده منقطع قال بن القطان في كتابه وفيه من الانقطاع بين المسور وجده عبد الرحمن بن عوف انقطاع آخر بين المفضل ويونس فقد رواه إسحاق بن الفرات عن المفضل بن فضالة فجعل فيه الزهري بين يونس بن يزيد وسعد بن إبراهيم قال وفيه مع ذلك الجهل بحال المسور فإنه لا يعرف له حال انتهى كلامه وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن
[ 216 ]
حديث رواه المفضل بن فضالة عن يونس بن يزيد الايلي عن سعد بن إبراهيم عن المسور بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد فقال أبي هذا حديث منكر ومسور لم يلق عبد الرحمن انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة هذا حديث رواه المفضل بن فضالة قاضي مصر واختلف عليه فيه فقيل عنه عن يونس بن يزيد عن سعد وقيل عنه عن يونس عن الزهري عن سعد وقيل عنه عن يونس عن سعد بن إبراهيم عن أخيه المسور فان كان سعد هذا هو بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فقال أهل العلم بالحديث لا نعرف له في التواريخ أخا معروفا بالرواية يقال له المسور وإن كان غيره فلا نعرفه ولا نعرف أخاه قال البيهقي وقد رأيت حديثا لسعد بن محمد بن المسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف فان كان هذا الانتساب صحيحا وثبت كون المسور أخا لسعد بن إبراهيم فلم يثبت له سماع من جده عبد الرحمن ولا رؤية وذلك لان إبراهيم بن عبد الرحمن كان في خلافة عمر بن الخطاب صبيا صغيرا ومات أبوه في خلافة عثمان فانما كان أدرك أولاده بعد موت أبيه وإنما رواية ابنيه المعروفين صالح وسعد عن أبيهما عن عبد الرحمن فهذا الذي عرفناه بحفدته وفيه نظر لا يعرف له رؤية ولا رواية عن جده ولا عن غيره من الصحابة فهو مع الجهالة منقطع وبمثل هذه الرواية
[ 217 ]
لا تترك أموال المسلمين تذهب باطلا وقد قال عليه السلام على اليد ما أخذت حتى تؤدي انتهى كلامه بحروفه وقال في التنقيح يوجد في بعض النسخ سعيد بن إبراهيم والمعروف سعد قال بن أبي حاتم مسور بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أخو صالح وسعد ابني إبراهيم روى عن عبد الرحمن بن عوف مرسلا وقال بن المنذر سعد بن إبراهيم هذا مجهول وقيل إنه الزهري قاضي المدينة وهو أحد الثقات الاثبات لكن قال البيهقي إن الزهري لا يعر ف له أخ معروف بالرواية يقال له المسور والله أعلم
[ 221 ]
كتاب السير الحديث الاول قال عليه السلام الجهاد ماض إلى يوم القيامة قلت أخرجه أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي نشبة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من أصل الايمان الكف عمن قال لا إله إلا الله ولا تكفره بذنب ولا تخرجه من الاسلام بعمل والجها ماض منذ بعثني الله إلى أن يقاتل آخر أمتي الدجال لا يبطله جور جائر ولاعدل عادل والايمان بالاقدار انتهى وبقية السند حدثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية ثنا جعفر بن برقان عن يزيد بن أبي نشبة به قال المنذري في مختصره يزيد بن أبي نشبة في معنى المجهول وقال عبد الحق يزيد بن أبي نشبة هو رجل من بني سليم لم يرو عنه إلا جعفر بن برقان انتهى
[ 222 ]
الله تعالى الحديث الثاني روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ دروعا من صفوان قلت أخرجه أبو داود في البيوع والنسائي في العارية عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع عن أمية بن صفوان بن أمية عن أبيه صفوان بن أمية أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه دروعا يوم حنين فقال أغصب يا محمد قال بل عارية مضمونة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك في البيوع وقال وله شاهد صحيح ثم أخرجه عن خالد الحذاء عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار من صفوان بن أمية أدرعا وسلاحا في غزوة حنين فقال يا رسول الله عارية مؤداة قال نعم انتهى وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى ورواه بحبان في صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الرابع عن قتادة عن عطاء عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه يعلى بن أمية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتتك رسلي فأعطهم ثلاثين بعيرا وثلاثين درعا قال قلت أعارية مؤداة يا رسول اللقال نعم انتهى
[ 223 ]
وكذلك رواه أبو داود والنسائي وسيأتي بقية الكلام عليه في كتا ب العارية إن شاء الله تعالى قوله روى أن عمر رضي الله عنه كان يغزي الاعزب عن ذي الحليلة ويعطي الشاخص فرس القاعد قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في أبواب الجهاد حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبي مجلز قال كان عمر يغزي العزب ويأخذ فرس المقيم فيعطيه المسافر انتهى وبوب له باب ما قالوا في العزب يغزي ويتر ك المتزوج ثم ذكر الحديث ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر بن الخطاب أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا قيس بن الربيع عن عاصم الاحول عن أبي عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب أنه كان يغزي الاعزب عن ذي الحليلة ويغزي الفارس عن القاعد انتهى والله أعلم باب كيفية القتال الحديث الاول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ما قاتل قوما حتى دعاهم إلى الاسلام قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن بن أبي نجيح عن أبيه عن بن عباس قال ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى دعاهم انتهى وكذلك رواه الحاكم في المستدرك في كتاب الايمان وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والله أعلم أحاديث الباب روى أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا أبو حباب
[ 224 ]
الكلبي عن يحيى بن هانئ بن عروة عن فروة بن مسيك قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم قال نعم فلما وليت دعاني فقال لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الاسلام مختصر حديث آخر روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عمر بن ذر عن يحيى بن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه لا تقاتل قوما حتى تدعوهم انتهى حديث آخر روى الطبراني في معجمه الوسط من حديث سفيان عن عمر بن ذر عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى قوم يقاتلهم وقال له إلى آخره وقال لم يروه عن إسحاق إلا عمر بن ذر حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن حماد عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن سلمان أنه انتهى إلى حصن أو مدينة فقال لاصحابه دعوني أدعوهم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوهم فقال لهم إنما كنت رجلا منكم فهداني الله للاسلام فإن أسلمتم فلكم ما لنا وعليكم ما علينا وإن أبيتم فأدوا الجزية وأنتم صاغرون فإن أبيتم نابذناكم على سواء إن الله لا يحب الخائنين ففعل ذلك بهم ثلاثة أيام فلما كان في اليوم الرابع أمر الناس فغدوا إليها ففتحوها انتهى حديث آخر استدل بعض العلماء على وجوب الدعوة قبل القتال فيما أخرجه الائمة الستة عن أبي معبد مولى بن عباس عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن وقال له إنك تقدم على قوم أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله الحديث ولكنا نقول إنه سقط الوجوب بحديث أنه عليه السلام أغار على بني المصطلق فتبقى السنة والله أعلم
[ 225 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله قلت روي من حديث أبي هريرة ومن حديث بن عمر ومن حديث جابر ومن حديث عمر ومن حديث أنس فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله من قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله انتهى وفي لفظ لمسلم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله انتهى وحديث عمر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أبي هريرة قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب قال عمر بن الخطاب لابي بكر رضي الله عنهما كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله قال أبو بكر والله لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لنقاتلنهم على منعه فقال عمر فوالله ما هو إلا أن رأيت الله قد شرح صدر أبي بكر للقتال فعرفت أنه الحق انتهى وفي لفظ للبخاري والله لو منعوني عناقا أخرجه في الزكاة وحديث بن عمر أخرجاه أيضا عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوه عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله انتهى زاد البخاري إلا بحق الاسلام وحديث جابر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله بلفظ حديث أبي هريرة وزاد ثم قرأ
[ 226 ]
إنما أنت مذكر لست علهم بمصيطر انتهى وحديث أنس أخرجه البخاري عنه في الصلاة قاقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها وصلوا صلاتنا واستقبلوا قبلتنا وذبحوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله انتهى وفيه حديث آخر أخرجه مسلم عن طارق بن أشيم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال لا إله إلا اللوكفر بما يعبد من دون الله حرم الله ماله ودمه وحسابه على الله وفي لفظ من وحد الله أخرجها كلها مسلم في الايمان الحديث الثالث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمراء الجيوش بأخذ الجزية من الكفار إذا امتنعوا من الاسلام قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن سليمان بن بريدة عن بريدة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ثم قال اغزوا باسم الله في سبيل الله قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم أدعهم إلى الاسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم فان أبوا أن يتحولوا منها فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين
[ 227 ]
يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين ولا يكون لهم في الغنيمة والفئ شئ إلا أن يجاهدوا من المسلمين فإن هم أبوا فاسألوهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بالله وقاتلهم وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذمتكم وذمة أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم انتهى زاد مسلم في رواية قال قال سفيان قال علقمة فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حبان فقال حدثني مسلم بن هيضم عن النعمان بن مقرن عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث بريدة انتهى قوله روي عن علي رضي الله عنه أنه قال إنما بذلوا الجزية لتكون دماؤهم كدمائنا وأموالهم كأموالنا قلت غريب وأخرج الدارقطني في سننه عن الحكم عن حسين بن ميمون عن أبي الجنوب الاسدي قال قال علي بن أبي طالب من كانت له ذمتنا فدمه كدمنا وديته كديتنا انتهى قال الدارقطني خالفه أبان بن تغلب فرواه عن حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله عن أبي الجنوب وأبو الجنوب ضعيف الحديث انتهى قلت وحديث أبان الذي أشار إليه أخرجه الشافعي في مسنده فقال أخبرنا محمد بن الحسن ثنا قيس بن ربيع الاسدي عن أبان بن تغلب عن الحسن بن ميمون به الحديث الرابع قال عليه السلام في وصية أمراء الاجناد فادعهم إلى شهادة أن لا
[ 228 ]
إله إلا الله قلت تقدم في حديث بريدة ادعهم إلى الاسلام قوله ولو قاتل قبل الدعوة أثم للنهي قلت تقدم في حديث فروة بن مسيك قلت يارسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم قال نعم فلما وليت دعاني فقال لا تقاتلهم حتتدعوهم إلى الاسلام مختصر وفي حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن لا تقاتل قوما حتى تدعوهم انتهى الحديث الخامس والسادس وقد أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون وعهد إلى أسامة أن يغير على أبنى صباحا ثم يحرق قلت حديث بني المصطلق أخرجه البخاري ومسلم عن بن عون قال كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء قبل القتال فكتب إلي إنما كان ذلك في أول الاسلام قد أغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم وأصاب يومئذ جويرية بنت الحارث حدثني به عبد الله بن عمر وكان في ذلك الجيش انتهى وحديث أسامة أخرجه أبو داود وابن ماجة عن صالح بن أبي الاخضر عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عهد إليه فقال اغز على
[ 229 ]
أبنى صباحا وحرق انتهى قال المنذري في حواشيه غارون بتشديد الراء هكذا قيده غير واحد وقال الفارسي أظنه غادون بالدال المهملة المخففة فان صحت رواية الراء فوجههه أنهم ذو غرة أي أتاهم الجيش على غرة منهم فان الغار هو الذي يغر غيره ولا وجه له هنا وهذا الذي قاله فيه تكلف فقد قال الجوهري وغيره الغافل انتهى وابني بضم الهمزة وسكون الباء الموحدة بعدها نون وألف مقصورة موضع من فلسطين بين عسقلان والرملة ويقال يبنى بياء مضمومة آخر الحروف انتهى وزعم الحازمي في الناسخ والمنسوخ أن حديث بن عمر المتقدم ناسخ للاحاديث التي فيها الدعوة وهو صريح في ذلك فإنه قال فيه إنما كان ذلك في أول الاسلام ثم ساق من طريق أبي عوانة ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ثنا علبن بكار عن بن عون عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أغار على خيبر يوم الخميس وهم غارون فقتل المقاتلة وسبى الذرية انتهى قال وقد جمع بعض العلماء بين الاحاديث فقال الاحاديث الاول محمولة على الامر بدعاء من لم تبلغهم الدعوة وأما بنو المصطلق وأهل خيبر فإن الدعوة كانت بلغتهم انتهى الحديث السابع قال عليه السلام في حديث سليمان بن بريدة فان أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية إلى أن قال فان أبوا فاستعن بالله عليهم وقاتلهم قلت تقدم ذلك في حديث سليمان بن بريدة عن أبيه الحديث الثامن روي أنه عليه السلام نصب المناجيق على الطائف قلت ذكره
[ 230 ]
الترمذي في الاستئذان معضلا ولم يصل سنده به فقال قال قتيبة ثنا وكيع عن رجل عن ثور بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المنجنيق على الطائف قال قتيبة قلت لوكيع من هذا الرجل قال صاحبكم عمر بن هارون انتهى ورواه أبو داود في المراسيل عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم نصب المناجيق على اهل الطائف انتهى ورواه بن سعد في الطبقات أخبرنا قبيصة بن عقبة أنا سفيان الثوري عن ثور بن يزيد عن مكحول فذكره وزاد أربعين يوما ورواه العقيلي في ضعفائه مسندا من حديث عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن أبي صادق عن علي قا نصب رسول الله صلى الله عليه وسلم المنجنيق على أهل الطائف انتهى وقال الواقد في كتاب المغازي وقال سلمان الفارسي يومئذ يا رسول الله أرى أن تنصب علهم المنجنيق فإنا كنا بأرض فارس ننصب المناجيق على الحصون فنصيب من عدونا وإلم يكن منجنيق طال المقام فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمل منجنيقا بيدفنصبه على حصن الطائف ويقال قدم بالمنجنيق يزيد بن ربيعة وقيل غيره الحديث التاسع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق البويرة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النضير وحرق وهي البويرة وفيها نزلت ما قطعتم من لينة أو تركتموها الآية انتهى أخرجه البخاري في المغازي عن آدم وفي التفسير عن قتيبة ومسلم في المغازي عن يحيى بن يحيى وقتيبة ومحمد بن رمح أربعتهم عنه به وأبو داود في
[ 231 ]
الجهاد والترمذي والنسائي في السير وفي التفسير عن قتيبة به وقال الترمذي حديث حسن صحيح وابن ماجة في الجهاد عن محمد بن رمح به والله أعلم الحديث العاشر قال عليه السلام لا تسافروا بالقرآن في أرض العدو قلت رواه الجماعة إلا الترمذي فأخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة من حديث مالك عن نافع عن بن عمر قال نهرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو انتهى وزاد أبو داود وابن ماجة فيه قال مالك أراه مخافة أن يناله
[ 232 ]
العدو انتهى وأخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة عن الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو ويخاف أن يناله العدو انتهى وأخرجه مسلم عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسافروا بالقرآن فاني لا آمن أن يناله العدو قال أيوب فقد ناله العدو وخاصموكم به انتهى وفي لفظ لمسلم فاني أخاف وأخرجه مسلم عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تسافروا بالقرآن مخافة أن يناله العدو رضي الله تعالى عنهو اختلف الحفاظ في هذه الزيادة أعني قوله مخافة أن يناله العدو هل هي من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم أو من كلام مالك والصحيح أنها من قول النبي صلى الله عليه وسلم قال القرطبي في شرح مسلم هذه الزيادة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الثقات غير أن يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير أخرجاها من قول مالك فان صح فيحمل على أن مالكا شك في رفعها مرة فوقفها على نفسه وقال النووي غلط بعض المالكية فزعم أنها من قول مالك وإنما هي من قول النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقال المنذري في مختصر السنن هكذا أخرجه أبو داود من رواية القعنبي عن مالك فأفرد الزيادة من قوله ووافق القعنبي على ذلك أبو مصعب الزبيري وابن وهب وعبد الرحمن بن القاسم ويحيى بن يحيى الاندلسي ويحيى بن بكير ورواه بعضهم من حديث عبد الرحمن بن مهدي والقعنبي عن مالك فأدرجها في الحديث وقد اختلف على القعنبي في ذلك فمرة يبين أنها قول مالك ومرة يدرجها في الحديث ورواه يحيى بن يحيى النيسابوري عن مالك فلم يذكر هذه الزيادة البته وقد رفع هذه الكلمات أيوب السختياني والليث بن سعد والضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر وقال بعضهم يحتمل أن مالكا شك هل من قول النبي صلى الله عليه وسلم أولا فجعل لتحريه هذه الزيادة من كلامه على التفسير وإلا فهي صحيحة من قول النبي صلى الله عليه وسلم من رواية الثقات انتهى وذهل شيخنا علاء الدين فعزاه مقلدا لغيره لمالك في الموطأ فقط واعلم أن المصنف حمل الحديث على الجيش الصغير الذي لا يؤمن معه ضياعه
[ 233 ]
والشافعية معنا في ذلك وأخذ المالكية بإطلاقه قال القرطبي ولا فرق بين الجيوش والسرايا عملا بإطلاق النص وهو وإن كان نيل العدو له في الجيش العظيم نادرا فنسيانه وسقوطه ليس نادرا انتهى واعلم أن المراد بالقرآن في الحديث المصحف وقد جاء مفسرا في بعض الاحاديث وأشار إليه البخاري بقوله باب السفر بالمصاحف إلى أرض العدو يروي ذلك عن محمد بن بشر عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد سافر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى أرض العدو وهم يعلمون القرآن انتهى الحديث الحادي عشر قال عليه السلام لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا قلت تقدم ذلك في حديث بريدة قوله والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة بالنهي المتأخر قلت أخرجه البخاري ومسلم حديث العرنيين في كتاب الحدود من رواية سعيد عن قتادة عن أنس أن نفرا من عكل ثمانية وفي لفظ أن أناسا من عرنية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الاسلام فاستوخموا الارض وسقمت أبدانهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها قالوا بلى يا رسول الله فخرجوا فشربوا من أبوالها وألبانها فصحوا ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم وارتدوا عن الاسلام واستاقوا ذود رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في إثرهم وأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتركهم في الحرة حتى ماتوا وفي لفظ وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون ولم يحسمهم حتى ماتوا وفي لفظ فقطع أيديهم وأرجلهم ثم أمر بمسامير فأحميت ثم كحلهم بها وفي
[ 234 ]
لفظ وتركهم بالحرة يعضون الحجارة وفي آخره قال قتادة وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد ذلك يحث على الصدقة وينهى عن المثلة انتهى وفي لفظ لهما قال قتادة فحدثني محمد بن سيرين أن ذلك قبل أتنزل الحدود انتهى وفي لفظ للبيهقي قال أنس فما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا خطبة إلا نهى فيها عن المثلة انتهى قال في المعرفة وحديث العرنيين إما أن يحمل على النسخ كما روى عن بن سيرين وقتادة وبه قال الشافعي أو يحمل على أنه فعل بهم ما فعل بالرعاء وقد جاء مصرحا عند مسلم عن أنس قال إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين أولئك لانهم سملوا أعين الرعاء انتهى وقال أبو الفتح اليعمري في سيرته من الناس من زعم أن حديث العرنيين منسوخ بآية المائدة إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الآية ومن الناس من أبى ذلك لما وقع من الخلا ف في سبب نزولها وقد ذكر البغوي وغيره لها قصة أخرى وأيضا فليس فيها أكثر مما يشعره لفظة إنما من الاقتصار في حد الحرابة على ما في الآية وأما من زاد على الحرابة جنايات أخر كما فعل هؤلاء حيث زادوا بالردة وسمل أعين الرعاء وغير ذلك وروى بن سعد في خبرهم أنهم قطعوا يد الراعي ورجله وغرزوا الشوك في لسانه وعينيحتى مات فليس في الآية ما يمنع من التغليظ عليهم والزيادة قي عقوبتهم فهذا ليس بمثلة والمثلة ما كان ابتداء عن غير جزاء وقد جاء في صحيح مسلم إنما سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعينهم لانهم سملوا أعين الرعاء ولو أن شخصا جنى على قوم جنايات في أعضاء متعددة فاقتص منه للمجني عليه لما كان التشويه الذي حصل من المثلة المنهي عنها وإذا اختلفت في نزول الآية الاقوال وتطرق إليها الاحتمال فلا نسخ انتهى كلامه وقد تقدمت أحاديث النهي عن المثلة في كتاب الحج في مسألة الاشعار من باب التمتع والله أعلم قلت مما يدل على نسخ حديث العرنيين بالآية ما رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني إسحاق عن صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة قال لما قطع النبي صلى الله عليه وسلم أيدي أصحاب اللقاح وأرجلهم وسمل أعينهم نزلت هذه الآية إنما جزاء الذي يحاربون الله ورسوله
[ 235 ]
إلى آخر الآية قال فلم تسمل بعد ذلك عين قال وحدثني أبو جعفر قال ما بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بعثا إلا نهاهم عن المثلة انتهى الحديث الثاني عشر وقد صح أنه عليه السلام نهى عن قتل الصبيان والذراري قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الجماعة إلا بماجة عن نافع عن بن عمر أن امرأة وجدت في بعض مغازي رسول الله صلى الله عليوسلم مقتولة فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان انتهى وفي لفظ للشيخين فأنكر قتل النساء والصبيان وأخرج أبو داود عن خالد بن الفزر حدثني أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انطلقوا باسم الله وعلى ملة رسول الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا ولا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا وضموا غنائمكم وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين انتهى وخالد بن الفزر قال بن معين ليس بذاك قال البيهقي وهو معارضة ما أخرجه أبو داود أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين واستبقوا شرخهم انتهى قال والحجاج بن أرطاة غير محتج به والحسن عن سمرة منقطع في غير حديث العقيقة على ما ذكره بعض أهل العلم بالحديث انتهى حديث آخر يشكل عليه أخرجه الائمة الستة عن الصعب بن جثامة أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدار من المشركين يبيتون فيصاب من ذراريهم ونسائهم فقال عليه السلام هم منهم وفي لفظ هم من آبائهم انتهى زاد أبو داود قال الزهري ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك عن قتل النساء والصبيان انتهى وأجيب عنه بوجهين أحدهما أنه منسوخ نقله الحازمي في الناسخ والمنسوخ عن سفيان بن عيينة وقد
[ 236 ]
ذكره أبو داود عن الزهري الثاني أن حديث الصعب هذا إنما هو في تبييت العدو إذا أغير عليه فقتل من الذرية من غير قصد ضرورة التوصل إلى العدو وأما مع عدم الحاجة فالعمل على حديث بن عمر والمنع من قتلهم لوجهين أحدهما أنهم غنيمة للمسلمين فلا يجوز إتلافها الثاني أن الشارع ليس من غرضه إفساد العالم وإنما غرضه إصلاحه وذلك يحصل بإهلاك المقاتلة وما ثبت بالضرورة فيتقدر بقدرها والله أعلم الحديث الثالث عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مقتولة فقال هاه ما كانت هذه تقاتل فلم قتلت قلت أخرج أبو داود والنسائي عن أبي الوليد الطيالسي عن عمر بن المرقع بن صيفي حدثني أبي عن جده رباح بن الربيع بن صيفي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فرأى الناس مجتمعين على شئ فبعث رجلا فقال انظر على م اجتمع هؤلاء فجاء فقال امرأة قتيل فقال ما كانت هذه لتقاتل وعلى المقدمة خالد بن الوليد فبعث رجلا فقال قل لخالد لا يقتلن امرأة ولا عسيفا انتهي وأخرجه النسائي أيضا وابن ماجة عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد
[ 237 ]
عن المرقع عن جده رباح فذكره ورواه أحمد في مسنده عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبي الزناد به وكذلك رواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وفي لفظه فقال هاما كانت تقاتل الحديث ثم قال وهكذا رواه المغيرة بن عبد الرحمن وابن جريج عن أبي الزناد فصار الحديث صحيحا على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى فحديث المغيرة تقدم عند النسائي وابن ماجة وحديث بن جريج عند عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن أبي الزناد عن المرقع به حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررنا على امرأة مقتولة قد اجتمع عليها الناس فقال ما كانت هذه تقاتل ثم قال لرجل انطلق إلى خالد بن الوليد فقل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك لا تقتلن ذرية ولا عسيفا انتهى ورواه أيضا أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه وقال هذا الخبر سمعه المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب وسمعه من جده رباح بن الربيع والخبران محفوظان انتهى قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه سفيان الثوري عن أبي الزناد عن المرقع بن صيفي عن حنظلة الكاتب قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه الحديث فقالا هذا خطأ فقال إنه من وهم الثوري إنما هو المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع أخي حنظلة بن الربيع عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا يرويه مغيرة بن عبد الرحمن وزياد بن سعد وعبد الرحمن بن أبي الزناد وهو الصحيح انتهى وقال البيهقي في المعرفة مرقع بن صيفي بن رباح ويقال رباح قال البخاري ورباح أصح وروى هذا الحديث عنه موسى بن عقبة وأبو الزناد وأبيه عمر وأقام إسناده عن أبي الزناد أبيه والمغيرة بن عبد الرحمن ورواه الثوري عن أبي الزناد عن مرقع عن حنظلة الكاتب قال البخاري وهو وهم انتهى وقال الدارقطني ليس في الصحابة أحد يقال له رباح إلا هذا مع اختلاف فيه والله أعلم
[ 238 ]
باب الموادعة الحديث الاول روى أن النبي صلى الله عليه وسلم وادع أهل مكة عام الحديبية على أن يضع الحرب بينه وبينها عشر سنين قلت رواه أبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهم اصطلحوا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس وعلى أن بيننا عيبة مكفوفة وأنه لا إسلال ولا إغلال انتهى ورواه أحمد في مسنده مطولا بقصة الفتح حدثنا يزيد بن هارون ثنا بن إسحاق به قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالا وساق معه الهدى سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة رجل فكانت كل بدنة عن عشرة إلى أن قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال له أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو لا أعرف هذا ولكن أكتب باسمك اللهم فقال عليه السلام أكتب باسمك اللهم هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمروفقال سهيل لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن أكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض الحديث بطوله وروى الواقدي في المغازي حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن واقد بن عمرو فذكر قصة الحديبية وفيها فكتب باسمك اللهم هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه لا إسلال ولا إغلال وأن بيننا عيبة مكفوفة الحديث وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة في أبواب قصة الحديبية عن عروة بن الزبير وموسى بن عقبة مرسلا فذكر القصة وفي آخرها فكان الصلح بين رسول
[ 239 ]
الله صلى الله عليه وسلم وبين قريش سنتين قال البيهقي وقولهما سنتين يريد أن بقاءه حتى نقض المشركون عهدهم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم حينئذ لفتح مكة فأما المدة التي وقع عليها عقد الصلح فيشبه أن يكون المحفوظ ما رواه محمد بن إسحاق وهي عشر سنين انتهى كلامه وقال السهيلي في الروض الانف في كلامه على غزوة الحديبية واختلف العلماء هل يجوز الصلح إلى أكثر من عشر سنين وحجة المانعين أن منع الصلح هو الاصل بدليل آية القتال وقد ورد التحديد بالعشر في حديث بن إسحاق فحصلت الاباحة في هذا القدر ويبقى الزائد على الاصل انتهى وقال أبو الفتح اليعمري في سيرته عيون الاثر ليس في مطلق الامر بالقتال ما يمنع من الصلح وإن كان المراد ما في سورة براءة من ذلك مما نزل بعد هذه الواقعة ففي التخصيص بذلك اختلاف بين العلماء وأما تحديد هذه المدة بعشر سنين فأهل النقل مختلفون في ذلك فوقع في رواية بن إسحاق عشر سنين ووقع في رواية موسى بن عقبة أنه كان سنتين وكذلك بن عائذ عن محمد بن شعيب عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عكرمة عن بن عباس أن مدة الصلح كانت إلى سنتين انتهى وفي كتاب شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره في الصحيح عن مسور ومروان في قصة الحديبية وخرج سهيل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقع الصلح على أن يوضع الحرب بينهم عشر سنين وهذا ليس في الصحيح وإنما هو عند أبي داود كما تقدم الحديث الثاني روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نقض الصلح بعد الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكقلت روى البيهقي في دلائل النبوة في باب غزوة مؤتة من طريق بن إسحاق حدثني الزهري عن عروة بن الزبير عن مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة قالا كان في صلح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية بينه وبين قريش أنه من شاء أن يدخل في
[ 240 ]
عقد محمد وعهده دخل ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فدخلت خزاعة في عقد محمد صلى الله عليه وسلم ودخلت بنو بكر في عقد قريش فمكثوا في الهدنة نحو السبعة أو الثمانية عشرة شهرا ثم إن بني بكر الذين دخلوا في عقد قريش وثبوا على خزاعة الذين دخلوا في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا بماء لهم يقال له الوتير قريب من مكة وقالت قريش هذا ليل وما يعلم بنا محمد ولا يرانا أحد فأعانوا بني بكر بالسلاح والكراع وقاتلوا خزاعة معهم للضغن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب عمرو بن سالم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك يخبر الخبر فلما قدم عليه أنشده اللهم إني ناشد محمدا خلف أبينا وأبيه الا تلدا إن قريشا أخلفوك الموعدا ونقضوا ميثاقك المؤكدا هم بيتونا بالوتير هجدا فقتلونا ركعا وسجدا فانصر رسول الله نصرا عتدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم أمر الناس فتجهزوا وسأل الله أن يعمى على قريش خبرهم حتى يبغتهم في بلادهم وذكر موسى بن عقبة نحو هذا وأن أبا بكر قال له يا رسول الله ألم تكن بينك وبينهم مدة قال ألم يبلغك ما صنعوا ببني كعب ورواه الطبراني في معجمه الكبير والصغير من حديث ميمونة ورواه بن أبي شيبة مرسلا عن عروة ورواه الواقدي في كتاب المغازي مرسلا عن جماعة كثيرين وفيه فقال أبو بكر يا رسول الله أو ليس بيننا وبينهم مدة قال إنهم غدروا ونقضوا العهد فأنا غازيهم ثم ذكر الحديث الحديث الثالث قال عليه السلام في العهود وفاء لا غدر قلت هكذا وقع في الكتاب والموجود في كتب الحديث موقوفا من كلام عمرو بن عبسة أخرجه أبو داو والترمذي والنسائي عن شعبة أخبرني أبو الفيض عن سليم بن عامر رجل من
[ 241 ]
حمير قال كان بين معاوية وبين الروم عهد وكان يسير نحو بلادهم حتى إذا انقضى العهد غزاهم فجاء رجل على فرس أو برذون وهو يقول الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر فنظروا فإذا عمرو بن عبسة فأرسل إليه معاوية فسأله فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقدة ولا يحلها حتى ينقضي أمدها أو ينبذ إليهم على سواء فرجع معاوية بالناس انتهى ورواه أحمد وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في مسانيدهم وابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الثالث وكذلك رواه الطبراني في معجمه وقال الترمذي فيه حديث حسن صحيح انتهى
[ 242 ]
الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلاح من أهل الحرب ثم أعاده المصنف وزاد وحمله إليهم قلت غريب بهذا اللفظ وروى البيهقي في سننه والبزار في مسنده والطبراني في معجمه من حديث بحر بن كنيز السقاء عن عبد الله بن اللقيطي عن أبي رجاء عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السلاح في الفتنة انتهى قال البيهقي رفعه وهم والصواب موقوف وقال البزار لا نعلم أحدا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عمران بن حصين وعبد الله اللقيطي ليس بالمعروف وبحر بن كنيز لم يكن بالقوي وقد روى سالم بن رزين عن أبي رجاء عن عمران موقوفا انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل والعقيلي في كتابه عن محمد بن مصعب القرقساني ثنا أبو الأشهب عن أبي رجاء به مرفوعا نحوه سواء قال العقيلي قال بن معين محمد بن مصعب ليس بشئ ولينه بن عدي وقال وهو عندي لا بأس برواياته ونقل عن أحمد بن حنبل نحو ذلك وقال عبد الحق في أحكامه محمد بن مصعب فيه غفلة وليس بقوي وقال أبو زرعة هو صدوق ولكنه حدث بأحاديث منكرة انتهى كلامه وقال بن حبان في صحيحه قد يفهم من حديث خباب بن الارت كنت قينا بمكة فعملت للعاص بن وائل سيفا فجئت أتقاضاه الحديث إباحة بيع السلاح لاهل الحرب وهو فهم ضعيف لان هذه القصة كانت قبل فرض الجهاد وفرض الجهاد والامر بقتال المشركين إنما كان بعد إخراج أهل مكة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى الحديث الخامس روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ثمامة أن يمير أهل مكة وهم حرب عليه قلت رواه البيهقي في دلائل النبوة في آخر باب حديث الافك من طريق بن إسحاق حدثني سعيد المقبري عن أبي هريرة فذكر قصة إسلام ثمامة بلفظ
[ 243 ]
الصحيحين وفي آخره فقال إني والله ما صبوت ولكني أسلمت وصدقت محمدا وآمنت به وأيم الذي نفس ثمامة بيده لا يأتيكم حبة من اليمامة وكان ريف مكة ما بقيت حتى يأذن فيها محمد صلى الله عليه وسلم وانصرف إلى بلده ومنع الحمل إلى مكة حتى جهدت قريش فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه بأرحامهم أن يكتب إلى ثمامة يخلي إليهم حمل الطعام ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مختصر وذكره بن هشام في أواخر السيرة فقال وحدثت أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم والله يا محمد لقد كان وجهك أبغض الوجوه الي فلقد أصبح اليوم أحب الوجوه الي وقال في الدين والبلد مثل ذلك ثم خرج ثمامة معتمرا حتى دخل مكة فقالوا له صبأت يا ثمامة قال لا ولكني اتبعت خير الدين دين محمد والله لا تصل اليكم حبة من اليمامة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلى اليمامة فمنع أهلها أن يحملوا إلى مكة شيئا فكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تأمر بصلة الرحم وأنك قد قطعت أرحامنا فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلي بينهم وبين الحمل انتهى ورواه الواقدي في كتاب الردة فقال حدثني معاذ بن محمد بن أبي بكر بن عبد الله بن أبي جهيم عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن الحضرمي إلي المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين لليال بقين من رجب سنة تسع منصرف النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك وكتب إليه كتابا فيه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى المنذر بن ساوى سلام على من ابتع الهدي أما بعد فإني أدعوك إلى الاسلام فأسلم تسلم وأسلم يجعل الله لك ما تحت يديك واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر وختم رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب ودفعه إليه فخرج العلاء في نفر منهم أبو هريرة حتى قدم على المنذر بن ساوى فدفع إليه الكتاب فقرأه فقال أشهد أن ما دعا إليه حق وأنه لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأكرمنزله ثم رجع العلاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما رأى من المنذر وسرعة إسلامه ثم قال يا رسول الله مررت بثمامة بن أثال الحنفي فقال أنت رسول محمد فقلت نعم فقال والله لا تصل إلى محمد أبدا وأراد قتلي فمنعه عمه عامر بن سلمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهد عامرا وأمكني من ثمامة فأسلم عامر وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يأمر كل من خرج إلى وجه إن ظفرت بثمامة بن أثال فخذه فخرج محمد بن مسلمة في بعث من البعوث وقد أوصاه النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان ببطن
[ 244 ]
نخل إذا هم بقوم يصطنعون طعاما وفيهم ثمامة بن أثال فأخذه محمد بن مسلمة فأوثقه في جامعة وبعث به مع أبي نائلة وأربعة نفر معه فلما أتى به إلى النبي صلى الله عليه وسلم أمر به فربط إلى سارية من سواري المسجد وأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاثة أيام فذهب إلى حائط أبي طلحة فاغتسل ولبس ثوبين جديدين ثم جاء فوقف على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد والله لقكنت وما وجه الي أبغض من وجهك ولا دين أبغض الي من دينك ولا بلد أبغض الي مبلدك فلقد أصبحت وما وجه أحب الي من وجهك ولا دين أحب الي من دينك ولا بلد أحب الي من بلدك وقال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم خرج إلى مكة معتمرا فقالت له قريش والله يا ثمامة ما كنا نظن لو أن حنيفة بأسرها تبعت محمدا أن تتبعه أنت فقال والله يا معشر قريش أقسم بالله لا يأتيكم من اليمامة بر ولا تمر حتى تسلموا أو يأذن فيه محمد صلى الله عليه وسلم ثم رجع إلى اليمامة فحبس عن قريش الميرة حتى جهدوا فقدم أبو سفيان بن حرب إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ركب من قريش فسأله بالرحم إلا أرسلت إلى ثمامة أن يخلي الحمل إلينا فانا قد هلكنا جوعا ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكتب معه كتابا إلى ثمامة أن خل بين قريش وبين الميرة فلما جاءه الكتاب قال سمعا وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مختصر وحديث ثمامة في الصحيحين ليس فيه أمر النبي صلى الله عليه وسلم لثمامة أن يرد الميرة على أهل مكة أخرجاه عن الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال الحديث ذكره البخاري في المغازي في باب وفد بني حنيفة ومسلم في باب ترك الاساري والمن عليهم بقية الحديث يقال له ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له ماذا عندك يا ثمامة قال خير يا محمد إن تقتل تقتل ذا دم وإن تنعم تنعم على شاكر وإن كنت تريد المال فسل تعط ما شئت فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد فقال له مثل ذلك وقال له في اليوم الثالث مثله ثم أمر به فأطلق فذهب ثمامة إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله يا محمد والله ما كان على الارض وجه أبغض الي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها الي ولا كان دين أبغض إلى من دينك فقد أصبح دينك أحب الدين كله الي ولا كان بلد أبغض الي من بلدك فأصبح بلدك أحب البلاد كلها الي وإن خيلك أخذتني
[ 245 ]
وأنا أريد العمرة فماذا ترى فأمره عليه السلام أن يعتمر فلما قدم مكة قيل له أصبوت فقال لا ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى فصل الحديث السادس قال عليه السلام المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم قلت احتج المصنف بقوله ويسعى بذمتهم أدناهم على جواز أمان الرجل الواحد أو المرأة الواحدة لاهل مدينة أو حصن وهو في الصحيحين أخرجه البخاري في الجهاد ومسلم في الحج عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال ما كتبنا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا القرآن وما في هذه الصحيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثنا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا انتهى وأخرج البخاري نحوه من حديث أنس وأخرج مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حرم فمن أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل انتهى وذهل شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فذكر حديث علي من جهة أبي داود والنسائي فقط أخرجاه عن قتادة عن الحسن عن قيس بن عباد قال
[ 246 ]
انطلقت أنا والاشتر إلى علي عليه السلام فقلنا هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة قال لا إلا ما في كتابي هذا فأخرج كتابا من قراب سيفه فإذا فيه المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم ويسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين انتهى ورواه أحمد في مسنده ومن طريقه رواه الحاكم في المستدرك في كتاب قسم الفئ وقال صحيح على شرط الشيخين انتهى وأخرجه أبو داود أيضا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده محيي على حديث علي وأخرجه بن ماجة مفسرا ولفظه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم ويجير عليهم أقصاهم وهم يد على مسواهم يرد مشدهم على مضعفهم ومتسريهم على قاعدهم ألا لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده انتهى وأخرج الدارقطني في سننه في
[ 247 ]
الحدود عن مالك بن محمد بن عبد الرحمن عن عمرة عن عائشة قالت وجد في قائم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابان إن أشد الناس عتوا في الارض رجل ضرب غير ضاربه أو رجل قتل غير قاتله ورجل تولى غير أهل نعمته فمن فعل ذلك فقد كفر بالله وبرسله لا يقبل الله منه صرفا ولا عدو في الآخر المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم لا يقتل مسلم بكافر ولا ذوعهد في عهده ولا يتوارث أهل ملتين انتهى ومالك هذا هو بن أبي الرجال أخو حارثة ومحمد قال أبو حاتم هو أحسن حالا من أخويه انتهى ورواه البخاري في تاريخه الكبير والله أعلم أحاديث الباب حديث أم هانئ أخرجاه في الصحيحين عنها قالت يا رسول الله زعم بن أمي على أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان بن هبيرة فقال عليه السلام قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت مختصر ورواه أبو الوليد محمد بن عبد الله الازرقي فكتاب تاريخ مكة من طريق الواقدي عن بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي مرة مولى عقيل عن أم هانئ بنت أبي طالب قالت ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله إني أجرت حموين لي من المشركين فأراد علي أن يقتلهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان ذلك له قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت ثم اغتسل وصلى ثمان ركعات وذلك ضحى يوم فتح مكة وكأن الذي أجارت أم هانئ يوم الفتح عبد الله بن أبي ربيعة بن المغيرة والحارث بن هشام بن المغيرة كلاهما من بني مخزوم انتهى وكذلك رواه الواقدي في كتاب المغازي سواء وهذا مطابق لما ذكره صاحب الخلاصة من حديث أم هانئ فإنه قال روى عن أم هانئ أنها أجارت رجلين من المشركين ولم تمكن عليا من قتلهما وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم أمانها انتهى وعند الطبراني عن أنس أنها أجارت أخاها عقيلا وسيأتي حديث آخر رواه أبو داود حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة قالت أن كانت المرأة لتجير على المؤمنين فيجوز انتهى
[ 248 ]
حديث آخرواه الترمذي حدثنا يحيى بن أكثم ثنا عبد العزيز بن حازم عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المرأة لتأخذ للقوم يعني تجير على المسلمين انتهى وقال حسن غريب وترجم عليه باب أمان المرأة وقال في علله الكبير وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال هو حديث صحيح وكثير بن زيد سمع من الوليد بن رباح والوليد بن رباح سمع من أبي هريرة والوليد مقارب الحديث انتهى حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن عباد بن كثير عن عقيل بن خالد عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجارت أبا العاص فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم جوارها وأن أم هانئ‌بنت أبي طالب أجارت أخاها عقيلا فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم جوارها وقايجير على المسلمين أدناهم انتهى حديث آخر أخرجه الطبراني أيضا عن بن لهيعة ثنموسى بن جبير عن عراك بن مالك عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أم سلمة أن أبا العاص لما لحق بالمدينة أرسل إلى زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن خذي لي أمانا من أبيك فخرجت ورسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح فقالت يا أيها الناس أنا زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني قد أجرت أبا العاص فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة قال يا أيها الناس إني أعلم بهذا حتى سمعتموه ألا وإنه يجير على المسلمين أدناهم انتهى الحديث السابع قال عليه السلام أمان العبد أمان رواه أبو موسى الاشعري
[ 249 ]
قلت غريب وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن عاصم بن سليمان عن فضيل بن يزيد الرقاشي قال شهدت قرية من قرى فارس يقال لها شاهرنا فحاصرناها شهرا حتى إذا كنا ذات يوم وطمعنا أن نصبحهم انصرفنا عنهم عند المقتل فتخلف عبد منا فاستأمنوه فكتب إليهم في سهم أمانا ثم رمى به إليهم فلما رجعنا إليهم خرجوا في ثيابهم ووضعوا أسلحتهم فقلنا ما شأنكم فقالوا أمنتمونا وأخرجوا إلينا السهم فيه كتاب أمانهم فقلنا هذا عبد والعبد لا يقدر على شئ قالوا لا ندري عبدكم من حركم وقد خرجنا بأمان فكتبنا إلى عمر فكتب عمر إن العبد المسلم من المسلمين وأمانه أمانهم ورواه بن أبي شيبة في مصنفه وزاد وأجاز عمر أمانه انتهى قال في التنقيح وفضيل بن يزيد الرقاشي وثقه بن معين قال وقد روى البيهقي بإسناد ضعيف عن علي مرفوعا ليس للعبد من الغنيمة شئ إلا خرثي المتاع وأمانة جائز وأمان المرأة جائز إذا هي أعطت القوم الامان انتهى وأحاديث ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم من هذا الباب
[ 250 ]
باب الغنائم وقسمتها الحديث الاول قال المصنف رحمه الله وإذا فتح الامام بلدة عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمه بين المسلمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر قلت أخرج البخاري في صحيحه عن زيد بن أسلم أن عمر قال والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببانا ليس لهم شئ ما فتحت على قرية إلا قسمتها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر ولكن أتركها لهم خزانة يقتسمونها ورواه مالك في الموطأ أخبرنا زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول لولا أن نترك آخر الناس لا شئ لهم ما افتتح المسلمون قرية إلا قسمتها سهمانا كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر سهمانا انتهى والمصنف ذكر في باب القسامة أنه عليه السلام أقر خيبر على أهلها ووضع عليهم الخراج قيل إن الطحاوي بين ذلك فلينظر أحاديث الباب أخرج أبو داود في سننه في كتاب الخراج عن يحيى بن زكريا عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهل بن أبي حثمة قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر نصفين نصفا لنوائبه ونصفا بين المسلمين قسمها بينهم على ثمانية عشر سهما انتهى قال صاحب التنقيح إسناده جيد ويحيى بن زكريا هو بن أبي زائدة وهو أحد الثقات انتهى ثم أخرجه أبو داود عن محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر قسمها على ستة وثلاثين سهما جمع كل سهم مائة سهم فكان لرسول الله
[ 251 ]
صلى الله عليه وسلم وللمسلمين النصف من ذلك وعزل النصف الباقي لمن نزل به من الوفود والامور ونوائب الناس انتهى ثم أخرجه عن سليمان ببلال عن يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أفاء الله عليه خيبر قسمها ستة وثلاثين سهما جمعا فعزل للمسليمن الشطر ثمانية عشر سهما يجمع كل سهم مائة والنبي صلى الله عليه وسلم معهم له سهم كسهم أحدهم وعزل رسوالله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما وهو الشطر لنوائبه وما ينزل به من أمر المسلمين فكان ذلك الوطيح والكتيبة والسلالم وتوابعها فلما صارت الاموال بيد النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين لم يكن لهم عمال يكفونهم عملها فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهود فعاملهم انتهى زاد أبو عبيد في كتاب الاموال فعاملهم على نصف ما يخرج منها فلم يزل على ذلك حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر حتى كان عمر فكثر العمال في المسلمين وقووا على العمل فأجلا عمر اليهود إلى الشام وقسم الاموال بين المسلمين إلى اليوم انتهى وبشير بن يسار تابعي ثقة يروي عن أنس وغيره يروي هذا الخبر عنه يحيى بن سعيد وقد اختلف عليه فيفبعض أصحاب يحيى يقول فيه عن بشير عن سهل بن أبي حثمة وبعضهم يقول عن رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يرسله والله أعلم حديث آخر أخرجه البيهقي في دلائل النبوة عن عبد الرحمن بن المرقع قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قسمها على ثمانية عشر سهما فجعل لكل مائة سهما وهي مخضرة من الفواكه فوقع الناس على الفاكهة فأخذتهم الفاكهة فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الحمى قطعة من النار فإذا هي أخذتكم فبردوا لها الماء في الشنان ثم صبوها عليكم بين الصلاتين يعني المغرب والعشاء قال ففعلوا فذهبت انتهى قال أبو الفتح اليعمري في سيرته عيون الاثر اختلف العلماء في المدينة إذا فتحت عنوة هل تقسم أرضها بين المسلمين كسائر الغنائم أو توقف فقال الكوفيون الامام مخير بين أن يقسمها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرض خيبر أو يقر أهلها عليها ويضع عليهم الخراج كما فعل عمر بسواد العراق في جماعة من الصحابة وبالاول أخذ الشافعي وبالثاني أخذ مالك نفعا لمن يأتي بعده من المسلمين ثم ذكر حديث البخاري ثم قال وهذا يدل على أن خيبر قسمت كلها سهمانا وهو رواية بن إسحاق
[ 252 ]
عن الزهري رواه أبو داود في سننه عن بن إسحاق قال سألت بن شهاب فأخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح خيبر عنوة بعد القتال وروى أيضا من حديث يونس عن الزهري نحوه وروى أيضا من حديث عبد العزيز بن صهيب عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فأصبناها عنوة وجمع السبي قال أبو عمر في مغازيه وهذا هو الصحيح في أرض خيبر أنها كانت عنوة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم جميع أرضها على الغانمين وهم أهل الحديبية وروى موسى بن عقبة وغيره عن الزهري أن بعضها كان عنوة وبعضها كان صلحا قال أبو عمر وهذا وهم وإنما دخل عليه ذلك من جهة الحصنين اللذين أسلمهما أهلهما في حقن دمائهم وهما الوطيح والسلالم كما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر أهل خيبر في حصنهم الوطيح والسلالم حتى إذا أيقنوا بالهلكة سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ففعل فحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم الاموال وجميع الحصون إلا ما كان من ذينك الحصنين فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الاموال على النصف وقالوا نحن أعلم بها منكم فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم قال أبو عمر فلما لم يكن أهل ذينك الحصنين مغنومين ظن أن ذلك صلح ولعمري أنه في الرجال والنساء والذرية لضرب من الصلح ولكنهم لم يتركوا أرضهم إلا بالحصار والقتال فكان حكم أرضهما كحكم سائر أرض خيبر كلها عنوة غنيمة مقسومة بين أهلها قال وربما شبه على هذا القائل بحديث بشير بن يسار أنه عليه السلام قسم خيبر نصفين نصفا له ونصفا للمسلمين قال وهذا إذ صح فمعناه أن النصف له مع سائر من وقع في ذلك النصف معه لانها قسمت على ستة وثلاثين سهما فوقع سهم النبي صلى الله عليه وسلم وطائفة معه في ثمانية عشر سهما ووقع سائر الناس في باقيها وكلهم ممن شهد الحديبية ثم خيبر وليست الحصون التي أسلمها أهلها بعد الحصار والقتال صلحا ولو كانت صلحا لملكها أهلها كما يملك أهل الصلح أرضهم وسائر أموالهم قال فالحق في ذلك ما قاله بن إسحاق عن الزهري دون ما قاله موسى بن عقبة عنه انتهى كلام أبي عمر قال أبو الفتح ويترجح ماقاله موسى بن عقبة وغيره إن بعض خيبر كان صلحا بما أخرجه أبو داود من طريق بن وهب عن مالك عن الزهري أن خيبر كان بعضها عنوة وبعضها
[ 253 ]
صلحا والكتيبة أكثرها كان عنوة وفيها صلح قلت لمالك وما الكتيبة قال أرض خيبر وهي أربعون ألف عذق وروى أبو داود أيضا عن مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح بعض خيبر عنوة وروى أيضا من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري وعبد الله بن أبي بكر وبعض ولد محمد بن مسلمة قالوا بقيت بقية من أهل خيبتحصنوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحقن دماءهم ويسيرهم ففعل فسمع بذلك أهل فدك فنزلوا على مثل ذلك قال وروى أبو داود أيضا من حديث حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر قال أحسبه عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قاتل أهل خيبر فغلب على النخل والارض وألجأهم إلى قصرهم فصالحوه على أن لرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة ولهم ما حملت ركابهم على أن لا يكتموا ولا يغيبوا شيئا فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهد فغيبوا مسكا لحيي بن أخطب وقد كان قتل قبل خيبر كان احتلمه معه يوم بني النضير حين أجليت النضير فيه حليهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لسعية بن عمرو أين مسك حيي بن أخط ب قال أذهبته الحروب والنفقات فوجدوا المسك فقتل النبي صلى الله عليه وسلم ابنه ابي الحقيق وسبى نسائهم وذراريهم وأراد أن يجليهم فقالوا يا محمد دعنا نعمل في هذه الارض ولنا الشطر ما بدأ لكم ولكم الشطر وزاد البلاذري فيه قال فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعية بن عمرو إلى الزبير فمسه بعذاب فقال رأيت حييا يطوف في هذه الخربة ففتشوها فوجدوا المسك فقتل النبي صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق وأحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب وسبى نسائهم وذراريهم وقسم أموالهم للنكث الذي نكثوا ففي هذا أنها فتحت صلحا وأن الصلح النقض فصارت عنوة ثم خمسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقسمها وفي رواية بشير بن يسار المرسلة أنه عليه السلام عزل شطرها ثمانية عشر سهما لنوائب المسلمين فكان منها الوطيح والسلالم والكتيبة التي كان بعضها صلحا وبعضها عنوة وقد تكون غلب عليها حكم الصلح فلذلك لم يقسم فيما قسم بين الغانمين والوطيح والسلالم لم يجر لهما ذكر صريح في العنوة فصار هذا القول قويا انتهى كلام أبي الفتح رحمه الله
[ 254 ]
قوله وإن شاء أقر أهلها عليها ووضع عليهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج هكذا فعل عمر رضي الله عنه بسواد العراق بموافقة من الصحابة ولم يحمل من خالفه قلت روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عثمان بن حنيف أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز ح وأخبرنا مخبر عن بن أبي ليلى عن الحكم ومحمد بن الميسر أن عمر بن الخطاب وجه عثمان بن حنيف على خراج السواد ورزقه كل يوم ربع شاة وخمسة دراهم وأمره أن يمسح السواد عامره وغامره ولا يمسح سبخة ولا تلا ولا أجمة ولا مستنقع ماء ولا مالا يبلغه الماء فمسح عثمان كل شئ دون الجبل يعني حلوان إلى أرض العرب وهو أسفل الفرات وكتب إلى عمر إني وجدت كل شئ بلغه الماء من عامر وغامر ستة وثلاثين ألف ألف جريب وكان ذراع عمر الذي مسح به السواد ذراعا وقبضة فكتب إليه عمر أن افرض الخراج على كل جريب عامر أو غامر عمله صاحبه أو لم يعمله درهما وقفيز وافرض على الكرم وعلى كل جريب عشرة دراهم وعلى الرطاب
[ 255 ]
خمسدراهم وأطعمهم النخل والشجر وقال هذا قوة لهم على عمارة بلاهم وفرض على رقابهم على الموسر ثمانية وأربعين درهما وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين درهما وعلى من لم يجد شيئا اثنى عشر درهما وقال درهم لا يعوز رجلا في كل شهر ورفع عنهم الرق بالخراج الذي وضعه في رقابهم وجعلهم أكرة في الارض فحمل من خراج سواد الكوفة إلى عمر في أول سنة ثمانون ألف ألف درهم ثم حمل من قابل مائة وعشرون ألف ألف درهم ولم يزل كذلك انتهى ورواه بن زنجويه في كتاب الاموال حدثنا الهيثم بن عدي أنبأني عبد الله بن عباس عن الشعبي ح وأنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي مجلز ح قال الهيثم وأنبأنا بن أبي ليلى عن الحكم قالوا وجه عمر عثمان بن حنيف الحديث الحديث الثاني روى أنه عليه السلام قتل من الاسارى قلت في الباب أحاديث منها حديث بن خطل أخرجه البخاري ومسلم عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح وعلى رأسه مغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه زاد البخاري قال مالك ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فيما نرى والله أعلم يومئذ محرما انتهى وحديث عطية القرظي أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عبد الملك بن عمير عنه قال كنت فيمن أخذ من سبى قريظة فكانوا يقتلون من أنبت ويتركون من لم ينبت فكنت فيمن ترك انتهى وينظر أطراف الصحيح
[ 256 ]
حديث آخر روى البيهقي في دلائل النبوة أخبرنا أبو على الروذباري ثنا الحسين بن الحسن بن أيوب الطوسي ثنا بن أبي مرة ثنا المقري ثنا الليث حدثني أبو الزبير عن جابر قال رمى سعد بن معاذ يوم الاحزاب فقطعوا أكحله فحسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنار فانتفخت يده فتركه فنزفه الدم فحسمه أخرى فانتفخت فلما رأى سعد ذلك قال اللهم لا تخرج نفسي حتى تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطر قطرة حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكم أن يقتل رجالهم وتسبى نسائهم وذراريهم يستعين بهم المسلمون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد لقد أصبت حكم الله فيهم وكانوا أربعمائة فلما فرغ من قتلهم انفتق عرقه فمات انتهى وينظر الاطراف وأخرجه عن بن إسحاق فذكر قصة قريظة إلى أن قال ثم استنزلوا يعني أسارى قريظة فحبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة في دار زينب بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بسوق المدينة فخندق فيه خندقا ثم بعث إليهم فكان يؤتي بهم أرسالا فتضرب أعناقهم في ذلك الخندق والمكثر لهم يقول ما بين الثمانمائة والتسعمائة الحديث بطوله حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله عن سعيد بن جبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر ثلاثة من قريش صبرا المطعم بن عدي والنضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال وقال هكذا يقول هشيم المطعم بن عدي وهو غلط وإنما هو طعيمة بن عدي وهو أخو المطعم وأهل
[ 257 ]
المغازي ينكرون قتل مطعم بن عدي يومئذ ويقولون مات بمكة قبل بدر والذي قتل يوم بدر أخو طعيمة ولم يقتل صبرا وإنما قتل في المعركة ويصدق هذا حديث الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لجبير بن مطعم حين كلمه في الاساري شيخ لو كان أتانا شفعناه يعني أباه مطعم بن عدي فكيف يكون مقتولا يومئذ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول فيه ذلك انتهى قوله وفي السير الكبير أنه لا بأس به يعني فداء أسرى المشركين بمال يأخذه منهم إذا كان بالمسلمين حاجة استدلالا بأسارى بدر قلت أخرج مسلم عن أبي زميل عن بن عباس عن عمر بن الخطاب قال لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وسبعة عشر رجلا إلى أن قال فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين قال بن عباس فلما أسروا الاسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر وعمر ما ترون في هؤلاء الاسارى فقال أبو بكر يا رسول الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن نأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار وقال عمر يا رسول الله أرى أن تضرب أعناقهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قال عمر فلما كان من الغد وجد عمر النبي صلى الله عليه وسلم قاعدا يبكي فسأله فقال أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة فأنزل الله ما كان لنبي أن تكون له أسرى إلى قوله تعالى فكلوا مما غنمتم حلالا فأل الله الغنيمة لهم مختصر وأخرج أبو داود والنسائي عن سفيان بن حبيب ثنا شعبة
[ 258 ]
عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة انتهى قال في التنقيح ورواه أبو بحر البكراوي عن شعبة وأبو العنبس هذا هو الاكثر لا يسمى انتهى حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس قال استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الاسارى يوم بدر فقال إن الله قد أمكنكم منهم فقال عمر بن الخطا ب يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عاعليه السلام فقال يا أيها الناس إن الله قد أمكنكم منهم وإنما هم إخوانكم بالامس فقال عمر مثل ذلك فأعرض عنه عليه السلام ثم عاد عليه السلام فقال مثل ذلك فقال أبو بكر يا رسول الله نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء قال فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من الغم ثم عفا عنهم وقبل منهم الفداء وأنزل الله لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم الآية انتهى حديث آخر روى الواقدي في كتاب المغازي حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن يزيد بن النعمان بن بشير عن أبيه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الفداء يوم بدر أربعة آلاف لكل رجل انتهى حدثنا إسحاق بن يحيى سألت نافع بن جبير كيف كالفداء يوم بدر قال أرفعهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى ألفين إلى ألف إلى قولا مال لهم من عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن المطلب بن أبي وداعة أسر أبوه أبو وداعة يومئذ ففداه ابنه المطلب بأربعة آلاف درهم مختصر حدثني بن أبي حبيبة عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن الانصاري قال قال وأسر يومئذ الحارث بن أبي وجزة أسره سعد بن أبي وقاص فقدم في فدائه الوليد بن عقبة بن أبي معيط فافتداه بأربعة آلاف انتهى وحدثني أيوب بن النعمان قال وأسر يومئذ أبو عزيز بن عمير وهو أخو مصعب بن عمير لابيه وأمه وقع في يد محرز بن فضلة فقال مصعب لمحرز أشدد يديك به فان له أما بمكة كثيرة المال فقال أبو عزيز هذه وصاتك بي يا أخي فقال إن محرزا أخي دونك فبعثت أمه عنه بأربعة آلاف قال والسائب بن أبي حبيش بن المطلب بن أسد بن عبد العزى أسره عبد الرحمن بن عوف وا لحارث بن عائذ بن أسد أسره حاطب بن أبي بلتعة وسالم بن سماح أسره سعد بن أبي وقاص فقدم في فدائهم عثمان بن أبي حبيش بأربعة آلاف لكل رجل قال وخالد بن
[ 259 ]
هشام بن المغيرة وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة أسره بلال وعثمان بن عبد الله بن المغيرة فقدم في فدائهم عبد الله بن أبي ربيعة فافتداهم بأربعة آلاف لكل رجل قال والوليد بن الوليد بن المغيرة أسره عبد الله بن جحش فقدم في فدائه أخواه خالد وهشام ابنا الوليد فافتدياه بأربعة آلاف ثم خرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فرجع الوليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال وقيس بن السائب أسره عبدة بن الحسحاس فقدم في فدائه أخوه فروة بن السائب فافتداه بأربعة آلاف درهم فيها عرض قال وأبو المنذر بن أبي رفاعة أسر فافتدى بألفين وعبد الله أبو عطاء بن السائب أسره سعد بن أبي وقا ص فافتدى بألف درهم قال وفروة بن خنيس بن حذافة أسره ثابت بن أقرم قدم في فدائك عمرو بن قيس فافتداه بأربعة آلاف درهم قال وسهيل بن عمرو بن شمس أسره مالك بن الدخشم فقدم في فدائه مكرز بن حفص وكان لسهيل مال بمكة فقال لهم مكرز احبسوني مكانه وخلوا سبيله فخلوا سبيل سهيل وحبسوا مكرز بن حفص وبعث سهيل بالمال مكانه من مكة مختصر من كلام طويل أحاديث الخصوم في المفاداة بالاسارى واستدل للشافعي وأحمد في جواز المفاداة بالاسارى بأحاديث منها ما أخرجه مسلم عن إياس بن سلمة بن الاكوع عن أبيه قال خرجنا مع أبي بكر أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فغزونا فزارة فلما كان بيننا وبين الماء ساعة أمرنا أبو بكر فعرسنا ثم شن الغارة ثم نظرت إلى عنق فيهم الذراري فخشيت أن يسبقوني إلى الجبل فرميت بسهم بينهم وبين الجبل فلما رأوا السهم وقفوا فجئت بهم أسوقهم وفيهم امرأة من بني فزارة عليها قشع من أدم والقشع النطع معها ابنة لها من أحسن الناس فسقتهم حتى أتيت بهم أبا بكر فنفلني ابنتها فقدمنا المدينة فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة لله أبوك فقلت هي لك يا رسول الله فوالله ما كشفت لها ثوبا فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ففدى بها ناسا من المسلمين كانوا أسروا بمكة انتهى حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي المهلب عن عمران بن
[ 260 ]
حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين انتهى بلفظ الترمذي وقال حديث حسن صحيح وطوله مسلم وأبو داود بقصة العضباء أخرجاه في كتاب النذور والايمان الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم من على بعض الاسارى يوم بدر قلت روى البخاري في صحيحه من حديث نافع أن عمر بن الخطاب أصاب جاريتين من سبي حنين فوضعهما في بعض بيوت مكة قال فمن رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبى حنين فجعلوا يسعون في السكك قال عمر يا عبد الله أنظر ما هذا فقال من رسول الله صلى الله عليه وسلم على السبي قال اذهب فأرسل الجاريتين مختصر هذا من أحاديث الباب والذي بعده حديث الكتاب ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر لو كان المطعم بن عدي حياثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه من طريق بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بمال وبعث فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رق لها رقة شديدة وقال لاصحابه إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا قالوا نعم يا رسول الله ففعلوا وأطلقوه وردوا عليها الذي لها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في المغازي وزاد فيه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه أن يخلي زينب إليه ففعل انتهى وقال صحيح الاسناد ولم
[ 261 ]
يخرجاه انتهى ورواه بن سعد في الطبقات حدثنا الواقدي حدثني المنذر بن سعد مولى بني أسد بن عبد العزي عن عيسى بن معمر عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة أن أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدرا مع المشركين فأسره عبد الله بن جبير بن النعمان الانصاري فلما بعث أهل مكة في فداء أساراهم قدم في فداء أبي العاص أخوه عمرو بن الربيع وبعثت معه زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ بمكة بقلادة لها كانت لخديجة بنت خويلد فأدخلتها عليه بتلك القلاد فبعثت بها في فداء زوجها أبي العاص فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلادة عرفها فرق لها وترحم على خديجة وقال إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها متاعها فافعلوا قالوا نعم يا رسول الله فأطلقوا أبا العاص وردوا على زينب قلادتها وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم على أبي العاص أن يخلي سبيلها إليه فوعده ذلك وفعل انتهى قال الواقدي وهذا عندنا أثبت من رواية من روى أن زينب هاجرت مع أبيها صلى الله عليه وسلم انتهى وقد تقدم في النكاح أن زينب هاجرت مع أبيها والله أعلم وقال بن هشام في السيرة في غزوة بدر الكبرى قال بن إسحاق وكان ممن سمى لنا من أسارى بدر ممن من عليه بغير فداء أبو العاص بن الربيمن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن بعثت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه وسلم بفدائه ورده عليها والمطلب بن حنطب أسره أبو أيوب خالد بن زيد الانصاري فخلى سبيله فلحق بقومه وصيفي بن أبي رفاعة بقي في يدي أصحابه فلما لم يأت أحد في فدائه أخذوا عليه ليبعثوا إليهم بفدائه فخلوا سبيله فلم يف لهم بشوأبوعزة عمرو بن عبد الله بن عثمان بن جمح الجمحي كان محتاجا ذا بنات فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن عليه وأخذ عليه أن لا يظاهر عليه أحدا وامتدح النبي صلى الله عليه وسلم بأبيات ذكرها ثم أعاد خبره في غزوة أحد وزاد فقال له يوما يا رسول الله أقلني فقال له النبي صلى الله عليه وسلم والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها تقول خدعت محمدا مرتين يا زبير اضرب عنقه فضرب الزبير عنقه انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاسرى يوم بدر أبا عزة عمرو بن عبد الله بن عمير الجمحي وكان شاعرا فقال يا محمد لي خمس بنات ليس لهن شئ
[ 262 ]
وأنا أعطيك موثقا لا أقاتلك ولا أكثر عليك أبدا فتصدق بي عليهن يا محمد فأعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان يوم أحد جاءه صفوان بن أمية فقال له اخرج معنا وضمن له إن قتل أن يجعل بناته مع بناته وإن عاش أعطاه مالا كثيرا فخرج معهم وجعل يدعو العرب ويحشرها فأسر ولم يؤسر من قريش غيره فقال يا محمد إنما أخرجت كرها ولي بنات فامنن علي قال لا والله لا تمسح عارضيك بمكة تقول سخرت بمحمد مرتين يا عاصم بن ثابت اضرب عنقه فقدمه عاصم فضرب عنقه انتهى وحدثني عامر بن يحيى عن أبي الحويرث قال وأسر يومئذ من بني المطلب بن عبد مناف رجلان السائب بن عبيد وعبيد بن عمرو بن علقمة وكان لا مال لهما ولم يقدم في فدائهما أحد فأرسلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير فدية انتهى وحدثني محمد بن يحيى بن سهل عن أبي عفير قال وعمرو بن أبي سفيان صار في سهم النبي صلى الله عليه وسلم بالقرعة كان أسره علي فأرسله النبي صلى الله عليه وسلم بغير فدية انتهى قال ووهب بن عمير بن وهب بن خلف أسره رفاعة بن رافع الزرقي فقدم أبوه في فدائه عمير بن وهب بن خلف فأسلم فأرسل له ابنه بغير فداء الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الشاة إلا لمأكلة قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد قال حدثت أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان فقال إني أوصيك بعشر لا تقتلن صبيا ولا امرأة ولا كبيرا هرما ولا تقطعن شجرا مثمرا ولا تعقرن شاة ولا بقرة إلا لمأكلة ولا تخربن عامرا ولا تغرقن نخلا ولا تحرقنه ولا تجبن ولا تغلل انتهى وهو في موطأ مالك في أول الجهاد وقال أبو مصعب أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا إلى آخره
[ 263 ]
قوله بخلاف التحريق قبل الذبح فإنه منهي عنه قلت فيه أحاديث فأخرج البخاري عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال لنا إن وجدتم فلانا وفلانا فأحرقوهما بالنار فلما خرجنا دعانا رسو الله صلى الله عليه وسلم فقال إن وجدتم فلانا وفلانا فاقتلوهما ولا تحرقوهما فإنه لا يعذب بها إلا الله انتهى ورواه البزار في مسنده وسمى الرجلين فقال فيه فقال إن وجدتم هبار بن الاسود ونافع بن عبد القيس فحرقوهما بالنار قال وكانا قد نخسا بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجت من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تزل ضنية حتى ماتت فلما خرجنا دعانا الحديث وطوله البيهقي في دلائل النبوة وفيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب تريد أن تلحق بأبيها مختفية فأدركها هبار بن الاسود ونافع بن قيس الفهري فروعاها بالرمح وهي في هودجها حتى صرعاها وألقت ما في بطنها وأهريقت دما وكانت تحت أبي العاص وكذلك بن سعد في الطبقات طوله وقال فيه وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل أخوي هبار بن الاسود يوم بدر زمعة وعقيل ابني الاسود حديث آخر أخرجه البخاري أيضا في استتابة المرتدين أن عليا أتى بزنادقة فأحرقهم فبلذلك بن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانطلق لحاجته فرأى حمرة معها فرخان فأخذنا فرخيها فجاءت الحمرة فجعلت تفرش فقال النبي صلى الله عليه وسلم من فجع هذه بولدها ردوه
[ 264 ]
عليها ورأى قرية نمل قد حرقناها فقال من حرق هذه قلنا نحن قال إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار انتهى قال المنذري ذكر البخاري وابن أبي حاتم أن عبد الرحمن بن عبد الله سمع من أبيه وصحح الترمذي حديثه عنه في جامعه حديث آخر أخرج البزار في مسنده عن عثمان بن حبان قال كنت عند أم الدرداء فأخذت برغوثا فألقته في النار فقال سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعذب بالنار إلا رب النار انتهى وسكت عنه الحديث الخامس روي أنه عليه السلام نهى عن بيع الغنيمة في دار الحرب قلت غريب جدا واستدل به المصنف على منع جواز قسم الغنائم في دار الحرب قال لان البيع في معنى القسمة فكما لا يجوز البيع كذلك لا تجوز القسمة
[ 265 ]
الحديث السادس قال عليه السلام الغنيمة لمن شهد الوقعة ثم قال المصنف والمشهور وقفه على عمر قلت غريب مرفوعا وهو موقوف على عمر كما قال المصنف رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن أهل البصرة غزوا نهاوند فأمدهم أهل الكوفة وعليهم عمار بن ياسر فظهروا فأراد أهل البصرة أن لا يقسموا لاهل الكوفة فقال رجل من بني تميم أيها العبد الاجدع تريد أن تشاركنا في غنائمنا وكانت أذنه جدعت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خير أذني سببت ثم كتب إلى عمر فكتب عمر إن الغنيمة لمن شهد الوقعة انتهى ورواه الطبراني في معجمه والبيهقي في سننه وقال ه
[ 266 ]
الصحيح من قول عمر انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن بختري بن مختار العبدي عن عبد الرحمن بن مسعود عن علي قال الغنيمة لمن شهد الوقعة انتهى قال بن عدي وبختري هذا لا أعلم له حديثا منكرا انتهى أحاديث القسمة لمن غاب عن الوقعة لمذهبنا حديث أبي موسى في الصحيحين عن أبي بردة عنه قال بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن فخرجنا مهاجرين إليه أنا وإخوان لي أنا أصغرهم أحدهما أبو بردة والآخر أبورهم في بضع وخمسين رجلا من قومي فركبنا سفينة فألقتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب وأصحابه عنده فقال جعفر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا ههنا وأمرنا بالاقامة فأقيموا معنا فأقمنا حتى قدمنا فوافقنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم لنا ولم يسهم لاحد غاب عن فتح خيبر إلا أصحاب سفينتنا مختصر وحمله بعض الشافعية على أنهم شهدوا قبل حوز الغنائم وقال بن حبان في صحيحه إنما أعطاهم من خمس خمسه عليه السلام ليستميل به قلوبهم ولم يعطهم من الغنيمة لانهم لم يشهدوا فتحه انتهى حديث الخصم وللشافعية ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبانا على سرية من المدينة قبل نجد فقدم أبان وأصحابه على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر بعد ما افتتحها إلى أن قال فلم يقسم لهم مختصر الحديث السابع قال عليه السلام في طعام خيبر كلوها واعلفوها ولا تحملوها قلت رواه البيهقي في كتاب المعرفة أخبرنا علي بن محمد بن بشر أنا
[ 267 ]
أبو جعفر الرزاز ثنا أحمد بن الخليل ثنا الواقدي عن عبد الرحمن بن الفضل عن العباس بن عبد الرحمن الاشجعي عن أبي سفيان عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر كلوا واعلفوا ولا تحتملوا انتهى قلت رواه الواقدي في كتاب المغازي بغير هذا السند فقال حدثني بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه قال لما انتهينا إلى الحصن والمسلمون جياع إلى أن قال فوجدنا والله فيه من الاطعمة ما لم يظن أن هناك من الشعير والثمر والسمن والعسل والزيت والودك ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا واعلفوا ولا تحتملوا يقول ولا تخرجوا به إلى بلادكم فكان المسلمون يأخذون مدة مقامهم طعامهم وعلف دوابهم لا يمتنع أحد من ذلك مختصر قال البيهقي في إسناده ضعف ويعارضه حديث رواه أبو داود في سننه من طريق بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بن حرشف الازدي حدثه عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال كنا نأكل الجزر في الغزو ولا نقسمه حتى أن كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوءة انتهى قال البيهقي وسند الآخر ضعيف قال بن القطان في كتابه وابن حرشف هذا لا أعرف موجودا في
[ 268 ]
شئ من كتب الرجال التي هي مظان ذكره فهو مجهول جدا انتهى أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن المغفل قال دلى جراب من شحم فالتزمته ثم قلت لا أعطي من هذا اليوم أحدا شيئا فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم انتهى وزاد أبو داود الطيالسي في مسنده وقال له عليه السلام هو لك قال بن القطان في كتابه وهذه الزيادة مفيدة لانها نص في إباحة له وهي صحيحة الاسناد فإنه رواها عن سليمان بن المغيرة العبسي عن حميد بن هلال العدوي عن عبد الله بن مغفل فذكره انتهى حديث آخر أخرجه البخاري أيضا عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال كنا نصيب في مغازينا العسل والعنب فنأكله ولا نرفعه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن أبي مجالد عن عبد الله بن أبي أوفى قال قلت هل كنتم تخمسون يعني الطعام في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصبنا طعاما يوم خيبر فكان الرجل يجئ فيأخذ منه مقدار ما يكفيه ثم ينصرف انتهى حديث آخر روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أبي زرعة ثنا هشام بن عمار ثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني ثنا أبو سلمة العاقلي ثنا الزهري عن عروة
[ 269 ]
عن عائشة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال عشر مباحة للمسلمين في مغازيهم العسل والماء والملح والطعام والخل والزبيب والجلد الطري والحجر والعود ما لم ينحت انتهى حديث آخر موقوف أخرجه البيهقي عن هانئ بن كلثوم أن صاحب جيش الشام كتب إلى عمر إنا فتحنا أرضا كثيرة الطعام والعلف فكرهت أن أتقدم في شئ من ذلك إلا بأمرك فكتب إليه دع الناس يأكلون ويعلفون فمن باع شيئا بذهب أو فضة ففيه خمس الله وسهام المسلمين انتهى الحديث الثامن قال عليه السلام من أسلم على مال فهو له قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث يس الزيات عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم على شئ فهو له انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بيس وأسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال عامة أحاديثه غير محفوظة انتهى ورواه البيهقي وقال إنما يروي عن بن أبي مليكة وعن عروة مرسلا انتهى ومرسل عروة قال صاحب التنقيح رواه سعيد بن منصوحدثنا عبد الله بن المبارك عن حيرة بن شريح عن محمد
[ 270 ]
بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم على شئ فهو له قاوهو مرسل صحيح انتهى أحاديث الباب قال البخاري في صحيحه باب إذا أسلم قوم في دار الحرب ولهم مال وأرضون فهي لهم وساق بسنده عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمربن الخطاب استعمل مولى له يقال له هنى على الحمى فقال يا هنى اضمم جناحك على المسلمين واتق دعوة المظلومين فان دعوة المظلوم مستجابة وأدخل رب الصريمة والغنيمة وإياي ونعم بن عوف ونعم بن عفان فإنهما إن تهلك ماشيتهما يرجعان إلى نخل وزرع وإن رب الصريمة والغنيمة إن تهلك ماشيتهما يأتيني ببينة فيقول يا أمير المؤمنين أفتاركهم أنا لا أبالك فالماء والكلا أهون علي من الذهب والورق وأيم الله إنهم ليرون أني قد ظلمتهم إنها لبلادهم قاتلوا عليها في الجاهلية وأسلموا عليها في الاسلام والذي نفسي بيده لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه في كتا ب الخراج عن أبان بن عبد الله بن أبي حازم عن عثمان بن أبي حازم عن أبيه عن جده صخبن العيلة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا ثقيفا فلما أن سمع بذلك صخر ركب في خيل يمد النبي صلى الله عليه وسلم فوجد النبي صلى الله عليه وسلم قد انصرف ولم يفتح فجعل صخر حينئذ عهد الله وذمته أن لا يفارق هذا القصر حتى ينزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب إليه صخر أما بعد فان ثقيفا قد نزلت على
[ 271 ]
حكمك يا رسول الله وأنا مقبل إليهم وهم في خيل فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة جامعة فدعا لاحمس عشر دعوات اللهم بارك لاحمس في خيلها ورجالها فأتاه القوم فتكلم المغيرة بن شعبة فقال يا نبي الله إن صخرا أخذ عمتودخلت فيما دخل فيه المسلمون فدعاه فقال يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم فادفع إلى المغيرة عمته فدفعها إليه وسأل نبي الله صلى الله عليه وسلم ماء لبني سليم قد هربوا عن الاسلام وتركوا ذلك الماء فقال يا نبي الله أنزلنيه أنا وقومي قال نعم فأنزله وأسلم يعني السلميين فأتوا صخرا فسألوه أن يرفع إليهم الماء فأبى فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله أسلمنا وأتينا صخرا ليدفع إلينا ماءنا فأبى علينا فدعاه فقال يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم فادفع إلى القوم ماءهم قال نعم يا نبي الله فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك حمرة حياء من أخذ الجارية
[ 272 ]
وأخذه الماء انتهى ورواه أحمد والدارمي وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه قال المنذري وأبان بن عبد الله وثقه بن معين وقال أحمد صدوق صالح الحديث وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس به وقال أبو حاتم كان ممن فحش غلطه وخطأه وانفرد بالمناكير وصخر بن العيلة ويقال بن أبي العيلة له صحبة والعيلة أمه بعين مهملة مفتوحة بعدها ياء آخر الحرو ف انتهى فصل في كيفية القسمة الحديث التاسع روى أنه عليه السلام قسم أربعة أخماس الغنيمة بين الغانمين قلت أخرج الطبراني في معجمه عن بن عباس قال كان رسوالله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسه ثم قرأ واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه الآية فجعل سهم الله وسهم الرسول واحدا ولذي القربى سهما ثم جعل هذين السهمين قوة في الخيل والسلاح وجعل سهم اليتامى وسهم المساكين وسهم بن السبيل لا يعطيه غيرهم ثم جعل الاربعة أسهم الباقية للفرس
[ 273 ]
سهمان ولراكبه سهم وللراجل سهم انتهى ورواه بن مردويه في تفسيره في سورة الانفال فقال حدثنا دعلج بن أحمد ثنا العباس بن الفضل الاسقاطي ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو شهاب عن ورقاء عن نهشل عن الضحاك عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسة ثم قرأ واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول وقال قوله فأن لله مفتاح كلام الله ما في السماوات وما في الارض لله ثم جعل سهم الله وسهم الرسول واحدا ولذي القربى سهما فجعل هذين السهمين قوة في الخيل والسلاح وجعل سهم اليتامى والمساكين وابن السبيل لا يعطيه غيرهم وجعل الاربعة أسهم الباقية للفر س سهمين ولراكبه سهم وللراجل سهم انتهى وروى أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد اللبن صالح عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال كانت الغنيمة تقسم على خمسة أخماس فأربعة منها لمن قاتل عليها وخمس واحد يقسم على أربعة فربع لله وللرسول ولذي القربى يعني قرابة النبي صلى الله عليه وسلم فما كان لله والرسول فهو لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس شيئا والربع الثاني لليتامى والربع الثالث للمساكين والربع الرابع لابن السبيل وهو الضعيف الفقير الذي ينزل بالمسلمين انتهى وروى الطبري في تفسيره في سورة الحشر حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الاعلى ثنا سعيد عن قتادة في قوله ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول الآية قال كانت الغنيمة تخمس بخمسة أخماس فأربعة أخماس لمن قاتل عليها ويخمس الخمس الباقي على خمسة أخماس فخمس لله ورسوله وخمس لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وخمس لليتامى وخمس للمساكين وخمس لابن السبيل فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما هذين السهمين سهم الله والرسول وسهم قرابته فحملا عليه في سبيل الله صدقة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى
[ 274 ]
الحديث العاشر روى بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما قلت أخرجه الجماعة إلا النسائي عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفرس سهمين ولصاحبه سهما انتهى بلفظ البخاري وعجبت من شيخنا علاء الدين كيف عزاه لابي داود فقط مع أن غيره عزاه للصحيحين فالله أعلم ورواه البخاري في المغازي في غزوة خيبر أنه عليه السلام قسم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما قال وفسره نافع فقال إذا كان مع الرجل فرس فله ثلاثة أسهم فان لم يكن له فرس فله سهم انتهى ووقع لعبد الحق ههنا وهم في كتابه الجمع بين الصحيحين فإنه ذكر تفسير نافع هذا عقيب الحديث الاول وليس كما ذكره فان البخاري ذكر في هذا الباب حديثين أحدهما في الجهاد أنه عليه السلام جعل للفر س سهمين ولصاحبه سهما انتهى ولم يذكر غيره وبوب له باب سهام الفرس والآخر ذكره في المغازي في غزوة خيبر أنه عليه السلام قسم يوم خيبر للفرس سهمين وللراجل سهما وأعقبه بتفسير نافع المذكور فجعل عبد الحق تفسير نافع في الحديث الذي في الجهاد وليس كما فعل وأيضا فإن تفسير إنما يمشي في حديث خيبر كما يقتضيه اللفظ فتأمله والله أعلم ولفظ مسلم فيه أنه قسم في النفل للفرس سهمين وللراجل سهما ولم يذكر في رواية النفل ولفظ أبي داود فيه أنه عليه السلام أسهم لرجل ولفرسه ثلاثة أسهم سهما له وسهمين لفرسه وهو لفظ بن حبان في صحيحه ولفظ الترمذي أنه قسم في النفل للفرس بسهمين وللراجل بسهم ولفظ بن ماجة أنه أسهم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهم للفرس سهمان وللراجل سهم انتهى
[ 275 ]
أحاديث الباب أخرج أبو داود في سننه عن المسعودي حدثني بن أبي عمرة عن أبيه قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة نفر ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا سهما وأعطى الفرس سهمين انتهى ثم أخرجه عن المسعود عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة نحوه وزاد فكان للفارس ثلاثة أسهم انتهى والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود فيه مقال وقد استشهد به البخاري حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه عن قيس بن الربيع عن محمد بن علي عن أبي حازم مولى أبي رهم عن أبي رهم قال شهدت أنا وأخي خيبر ومعنا فرسان فقسم لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أسهم للفرسين أربعة أسهم ولنا سهمين فبعنا نصيبنا ببكرين انتهى قال في التنقيح قيس ضعفه بعض الائمة وأبورهم مختلف في صحبته وأخرجه الدارقطني أيضا عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن أبي حازم به وإسحاق ضعيف حديث آخر أخرج الطبراني والدارقطني أيضا عن محمد بن حمران ثنا عبد الله بن بشر عن أبي كبشة الانماري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني جعلت للفرس سهمين وللفارس سهما فمن نقصهما نقصه الله ومحمد بن حمران القيسي قال النسائي ليس بالقوي وذكره أبو حبان في الثقات وقال يخطئ وقال بن عدي له أفراد وغرائب ما أرى به بأسا و عبد الله بن بشر قال في التنقيح وعبد الله بن بشر السكسكي تكلم فيه غير واحد من الائمة قال النسائي ليس بثقة وقال يحيى القطان لا شئ وقال أبو حاتم والدارقطني ضعيف وذكره بن حبان في الثقات حديث آخر أخرجه البزار في مسنده والدارقطني أيضا عن موسى بن يعقوب حدثتني عمتي قريبة عن أمها كريمة بنت المقداد عن ضباعة بنت الزبير عن المقداد أن النبي
[ 276 ]
صلى الله عليه وسلم أعطى للفرس سهمين ولصاحبه سهما انتهى زاد الدارقطني في لفظه يوم خيبر وموسى بن يعقوب فيه لين وشيخته قريبة تفرد هو عنه حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا محمد بن الفضيل بن غزوان ثنا الحجاج عن أبي صالح عن بن عباس قال أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفارس ثلاثة أسهم وللراجل سهما انتهى أخبرنا عيسى بن يونس ثنا بن أبي ليلى عن الحكم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للفارس ثلاثة أسهم سهمان لفرسه ولصاحبه سهما انتهى حديث آخر رواه أحمد في مسنده من طريق بن المبارك ثنا فليح بن محمد عن المنذر بن الزبير عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبيسهما وفرسه سهمين انتهى قال في التنقيح وفليح والمنذر ليسا بمشهورين وقال البخاري في تاريخه فليح بن محمد بن المنذر بن الزبير بن العوام القرشي عن أبيه مرسل روى عنه بن المبارك انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أربعة أسهم سهمين لفرسي وسهما لي وسهما لامي من ذوي القربى انتهى ثم أخرجه عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن الزبير نحوه لم يقل فيه يوم بدر ثم أخرجه عن سعيد بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن جده قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام خيبر للزبير بن العوام بأربعة أسهم سهم له وسهم لامه وهي صفية بنت عبد المطلب وسهمين لفرسه انتهى ثم أخرجه عن محمد بن إسحاق ثنا محاضر ثنا هشام بن عروة عن يحيى بن عباد عن عبد الله بن الزبير نحوه لم يقل فيه يوم بدر ولا خيبر حديث آخر أخرجه الدارقطني عن محمد بن يزيد بن سنان عن أبيه حدثني هشا بن عروة عن أبي صالح عن جابر قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة فأعطى
[ 277 ]
الفارس منا ثلاثة أسهم وأعطى الراجل سهما انتهى ومحمد بن يزيد بن سنان وأبوه يزيد ضعيفان وأخرجه أيضا عن الواقدي ثنا أفلح بن سعيد المزني عن أبي بكبن عبد الله بن أبي أحمد عن جابر نحوه حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقد ثنا أبو بكر بن يحيى بن النضر عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم للفرس سهمين ولصاحبه سهما انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا محمد بن يحيى بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه عن جده أنه شهد حنينمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسهم لفرسه سهمين وله سهما انتهى والواقدي مجروح حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا هشام بن يونس اللؤلؤي ثنا أبو معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أسهم له يوم خيبر ثلاثة أسهم سهما له وسهميا لفرسه انتهى قال الطبراني ورواه الناس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذا تفرد به هشام بن يونس عن أبي معاوية انتهى حديث آخر روى البيهقي في دلائل النبوة في باب غزوة قريظة بسنده عن بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال لم تقع القسمة ولا السهم إلا في غزوة بني قريظة كانت الخيل يومئذ ستة وثلاثين فرسا ففيها أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمان الخيل وسهمان الرجال فعلى سننها جرت المقاسم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ للفارس وفرسه ثلاثة أسهم له سهم ولفرسه سهمان وللراجل سهما مختصر قال البيهقي وهذا هو الصحيح المعروف بين أهل المغازي الحديث الحادي عشر روى بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفارس سهمين و
[ 278 ]
الراجل سهما قلت غريب من حديث بن عباس وفي الباب أحاديث منها حديث ث مجمع بن جارية أخرجه أبو داود في سننه عن مجمع بن يعقوب بن مجمع بن يزيد الانصار قال سمعت أبي يعقوب بن مجمع يذكر عن عمه عبد الرحمن بن يزيد الانصاري عن عممجمع بن جارية الانصاري وكان أحد القراء الذين قرؤوا القرآن قال شهدنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الاباعر فقال بعض الناس لبعض ما للناس قالوا أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مع الناس نوجف فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع عليه الناس قرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحا مبينا فقال رجل يا رسول الله أفتح هو قال نعم والذي نفس محمد بيده إنه لفتح فقسمت خيبر على أهل الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما انتهى قال أبو داود هذا وهم إنما كانوا مائتي فارس فأعطى الفرس سهمين وأعطى صاحبه سهما قال وحديث بن عمر أنه عليه السلام أعطى الفارس ثلاثة أسهم أصح والعمل عليه انتهى وكذلك رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما والحاكم في المستدرك في كتاب قسم الفوسكت عنه قال بن القطان في كتابه وعلة هذا الحديث الجهل بحال يعقوب بن مجمع ولا يعرف روى عنه غير ابنه وابنه مجمع ثقة وعبد الرحمن بن يزيد أخرج له البخاري انتهى كلامه حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا حجاج بن عمران السدوسي المصري ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا موسى بن يعقوب الزمعي عن عمته قريبة بنت عبد الله بن وهب عن أمها كريمة بنت المقداد عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب عن المقداد بن عمرو أنه كان يوم بدر على فرس يقال له سبحة فأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم سهمين لفرسه سهم وله سهم انتهى
[ 279 ]
حديث آخر رواه الواقدي في المغازي حدثني المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي عن جعفر بن خارجة قال قال الزبير بن العوام شهدت بني قريظة فارسا فضرب لي بسهم ولفرسي بسهم انتهى حديث آخر رواه بن مردويه في تفسيره في سورة الانفال حدثنا أحمد بن محمد بن السري ثنا المنذر بن محمد حدثني أبي ثنا يحيى بن محمد بن هانئ عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة قالت أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق فأخرج الخمس منها ثم قسم بين المسلمين فأعطى الفارس سهمين والراجل سهما انتهى وفي الباب حديث بن عمر الآتي بعد الحديث الثاني عشر الحديث الثاني عشر قال عليه السلام للفارس سهمان وللراجل سهم قلت غريب جدا وأخطأ من عزاه لابن أبي شيبة وسيأتي لفظه في الذي بعد هذا الحديث الثالث عشر روى بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم للفار س سهمين قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو أسامة وابن نمير قالا ثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى ومن طريق بن أبي شيبة رواه الدارقطني في سننه وقال قال أبو بكر النيسابوري هذا عندي وهم من بن أبي شيبة لان أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن بشر وغيرهما
[ 280 ]
رووه عن بن نمير خلاف هذا وكذلك رواه بن كرامة وغيره عن أبي أسامة خلاف هذا يعني أنه أسهم للفارس ثلاثة أسهم ثم أخرجه عن نعيم بن حماد ثنا بن المبارك عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى ثم قال قال أحمد بن منصور هكذا لفظ نعيم عن بن المبارك والناس يخالفونه قال النيسابوري ولعل الوهم من نعيم لان بن المبارك من أثبت الناس ثم أخرجه عن يونس بن عبد الاعلى ثنا بن وهب أخبرني عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسهم للخيل للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى ثم قال تابعه بن أبي مريم وخالد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمر العمري ورواه القعنبي عن العمري بالشك في الفارس والفرس ثم أخرجه عن القعنبي عن العمري كذلك وقال أسهم للفارس أو للفرس ثم أخرجه عن حجاج بن منهال ثنا حماد بن سلمة ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى ثم قال هكذا قال وخالفه النضر بن محمد عن حماد قال وقد تقدم انتهى قلت ورواه الدارقطني في أول كتابه المؤتلف والمختلف حدثنا عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي ومحمد بن علي بن أبي رؤبة قالا ثنا أحمد بن عبد الجبار ثنا يونس بن بكير عن عبد الرحمن بن أمين عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم للفارس سهمين وللراجل سهما انتهى الحديث الرابع عشر روى أنه عليه السلام أسهم لفرسين قلت روى الدارقطني في سننه حدثنا إبراهيم بن حماد ثنا علي بن حرب حدثني أبي حرب بن محمد ثنا محمد بن الحسن عن محمد بن صالح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه عن جده أبي عمرة بشير بن عمرو بن محصن قال أسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لفرسي أربعة أسهم ولي سهما فأخذت خمسة أسهم انتهى
[ 281 ]
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن يحيى الاسلمي أخبرني صالح بن محمد عن مكحول أن الزبير حضر خيبر بفرسين فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم انتهى وأشار الشافعي إلى هذا الحديث كما نقله البيهقي عنه في كتاب المعرفة فقال قال الشافعي وروى مكحول أن الزبير حضر خيبر فأسهم له عليه السلام خمسة أسهم سهم له وأربعة أسهم لفرسيه فذهب الاوزاعي إلى قبول هذا عن مكحول منقطعا وهشام أثبت في حديث أبيه وأحرص لو زيد أنه يقول به وأهل المغازي لم يرووا أنه عليه السلام أسهم لفرسين ولم يختلفوا أنه حضر خيبر بثلاثة أفراس لنفسه السكيب والضرب والمرتجز ولم يأخذ إلا لفرس واحد انتهى وحديث هشام الذي أشار إليه بعده تقدم قريبا عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن الزبير قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر أربعة أسهم سهمين لفرسي وسهما لي وسهما لامي أخرجه الدارقطني وروى الواقدي في المغازي حدثني عبد الملك بن يحيى عن عيسى بن معمر قال كان مع الزبير يوم خيبر فرسان فأسهم له النبي صلى الله عليه وسلم خمسة أسهم انتهى وقال صاحب التنقيح قال سعيد بن منصور ثنا فرج بن فضالة ثنا محمد بن الوليد الزبيدي عن الزهري أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي عبيدة بن الجراح أن أسهم للفرس سهمين وللفرسين أربعة أسهم ولصاحبها سهما فذلك خمسة أسهم وما كان فوق الفرسين فهو جنائب انتهى قال سعيد وحدثنا بن عياش عن الاوزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم للخيل وكان لا يسهم للرجل فوق فرسين وإن كان معه عشرة أفراس انتهى وقال مالك في الموطأ لم أسمع بالقسم إلا لفرس واحد انتهى الحديث الخامس عشر روى أن البراء بن أوس قاد فرسين فلم يسهم له رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لفرس واحد قلت غريب بل جاء عنه عكسه كما ذكره بن منده في كتاب الصحابة في ترجمته فقال روى علي بن قرين عن محمد بن عمر المدني عن يعقو ب بن محمد بن صعصعة عن عبد الله بن أبي صعصعة عن البراء بن أوس أنه قاد مع النبي صلى الله عليه وسلم فرسين فضرب عليه السلام له خمسة أسهم انتهى وروى الواقدي
[ 282 ]
في كتاب المغازي في غزاة خيبر حدثني يعقوب بن محمد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قاد في خيبر ثلاثة أفراس لزاز والظرب والسكب وقاد الزبير بن العوام أفراسا وقاد خرا ش بن الصمة فرسين وقاد البراء بن أوس بن خالد بن الجعد فرسين وقاد أبو عمرة الانصاري فرسين قال فأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل من كان له فرسان خمسة أسهم أربعة لفرسيه وسهما له وما كان أكثر من فرسين لم يسهم له ويقال إنه لم يسهم إلا لفرس واحد وأثبت ذلك أنه أسهم لفرس واحد ولم يسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم لنفسه إلا لفرس واحد مختصر الحديث السادس عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أسلمة بن الاكوع سهمين وهو
[ 283 ]
راجل قلت أخرجه مسلم في حديث طويل في باب بيعة الحديبية عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الاكوع قال قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربع عشرة مائة فذكر الحديث بطوله إلى أن قال يعني سلمة فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة ثم أعطاني سهمين سهم الفارس وسهم الراجل فجمعهما الي جميعا مختصر ورواه بن حبان في صحيحه وقال كان سلمة بن الاكوع في تلك الغزاة راجلا فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل لما يستحقه وإنما أعطاه سهم الفارس أيضا من خمس خمسه صلى الله عليه وسلم دون أن يكون أعطاه من سهام المسلمين انتهى كلامه ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن عكرمة بن عمار عن إياس به وزاد في آخره وكان سلمة قد استنقذ لقاح النبي صلى الله عليه وسلم قال عبد الرحمن بن مهدي فحدثت به سفيان فقال خاص برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال أبو عبيد وهذا عندي أولى من حمله على أنه أعطاه من سهمه الذي كان خاصا به عليه السلام إذ لو كان كذلك لم يسم نفلا وإنما هو هبة أو أعطية أو نحلة انتهى كلامه
[ 284 ]
الحديث السابع عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يسهم للنساء ولا للصبيان ولا للعبيد وكان يرضخ لهم قلت أخرج مسلم عن يزيد بن هرمز قال كتب نجدة بن عامر الحروري إلى بن عباس يسأله عن العبد والمرأة يحضران المغنم هل يقسم لهما فكتب إليه أنه ليس لهما شئ إلا أن يحذيا مختصر وفي لفظ فكتب إليه وسألت عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا الناس فانهم لم يكن لهم سهم معلوم إلا أن يحذيا من غنائم القوم مختصر وفي لفظ إن نجدة كتب إلى بن عباس يسأله هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزو بالنساء وهل كان يضرب لهن بسهم فكتب إليه قد كان يغزو بهن فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة فأما بسهم فلم يكن يضرب لهن مختصر ورواه أبو داود ولفظه عن يزيد بن هرمز قال كتب نجدة الحروري إلى بن عباس يسأله عن النساء هل كن يشهدن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل كان يضرب لهن بسهم قال فأنا كتبت كتاب بن عباس إلى نجدة قد كن يحضرن الحرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما أن يضرب لهن بسهم فلا وقد كان يرضخ لهن انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر قال عرضني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد في القتال وأنابن أربع عشرة سنة فلم يجزني وعرضني يوم الخندق وأنا بن خمس عشرة سنة فأجازني قال نافع فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو يومئذ خليفة فحدثته هذا الحديث فقال إن هذا الحد بين الصغير والكبير فكتب إلى عماله أن يفرضوا لمن كان بن خمس عشرة سنة زاد مسلم ومن كان دون ذلك فاجعلوه في العيال انتهى وفي لفظ لهما فاستصغرني مكان لم يجزني
[ 285 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عمير مولى أبي اللحم قال شهدت خيبر مع ساداتي فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرنا فقلدت سيفا فإذا أنا أجره فأخبر أني مملوك فأمر لي بشئ من خرثى المتاع انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى أحاديث مخالفة لما تقدم أخرج أبو داود والنسائي عن رافع بن سلمة عن حشرج بن زياد عن جدته أم أبيه أنها خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر سادس ست نسوة فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلينا فجئنا فرأينا في وجهه الغضب فقال مع من خرجتن وبإذن من خرجتن فقلن يا رسول الله خرجنا نغزل الشعر ونعين في سبيل الله ومعنا دواء للجرحى ونناول السهام ونسقي السويق فقال قمن حتى إذا فتح الله عليه خيبر أسهم لنا كما أسهم للرجال قال فقلت لها يا جدة وما كان ذلك قالت تمرا انتهى وجدة حشرج هي أم زياد الاشجعية وذكر الخطابي أن الاوزاعي قال يسهم لهن قال وأحسبه ذهب إلى هذا الحديث وإسناده ضعيف لا تقوم به الحجة فالجواب ما قاله الطحاوي أنه يحتمل أنه عليه السلام استطاب أنفس أهل الغنيمة وقال غيره يشبه أن يكون عليه السلام إنما أعطاهم من الخمس الذي هو حقه دون حقوق من شهد الوقعة قال الترمذي قال الاوزاعي ويسهم للمرأة والصبي لانه عليه السلام أسهم للصبيان بخيبر وأسهم أئمة المسلمين بكل مولود ولد في أرض الحرب وأسهم عليه السلام للنساء بخيبر وأخذ بذلك المسلمون بعده حدثنا بذلك على بن حشرج ثنا عيسى بن يونس عن الاوزاعي بهذا انتهى ولما ذكر عبد الحق في أحكامه حديث حشرج بن زياد أتبعه أن قال وحشرج لا أعلم روى عنه إلا رافع بن سلمة بن زياد قال بن القطان وحال رافع بن سلمة لا يعرف وإن كان قد
[ 286 ]
روى عنه جماعة كزيد بن الحباب ومسلم بن إبراهيم وسعيد بن سليمان وغيرهم قال وذكر بن حزم هذا الحديث ثم قال ورافع وحشرج مجهولان وأصاب في ذلك انتهى حديث آخر في مراسيل أبي داود عن محمد بن عبد الله بن مهاجر الشعيثي عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أسهم للنساء والصبيان والخيل انتهى قال بن القطان ومن ارساله فمحمد بن عبد الله بن مهاجر مختلف فيه قال دحيم كان ثقة وضعفه أبو حاتم وقال لا يحتج به انتهى كلامه الحديث الثامن عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم استعان باليهود على اليهود ولم يعطهم من الغنيمة شيئا يعني لم يسهم لهم قلت روى البيهقي في كتاب المعرفة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد قالا ثنا أبو العباس أنا الربيع قال قال الشافعي فيما حكى عن أبي يوسف قال أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس
[ 287 ]
استعان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهود قينقاع فرضخ لهم ولم يسهم لهم انتهى قال البيهقي تفرد به الحسن بن عمار وهو متروك انتهى وقال الواقدي في المغازي في غزوة خيبر حدثني بن أبي سبرة عن فطر الحارثي عن حزام بن سعد محيصة قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشرة من يهود المدينة غزا بهم أهل خيبر فأسهم له كسهمان المسلمين ويقال أحذاهم وليسهم لهم انتهى حديث مخالف لما تقدم روى الترمذي في جامعه حدثنا قتيبة بن سعيثنا عبد الوارث بن سعيد ثنا عزرة بن ثابت عن الزهري قال أسهم النبي صلى الله عليه وسلم لقوم من اليهود قاتلوا معه انتهى ورواه أبو داود في مراسيله حدثنا هناد والقعنبي ثنا بن المبارك عن حيوة بن شريح عن الزهري فذكره وقال في آخره زاد هنا مثل سهمان المسلمين انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا سفيان عن بن جريج عن الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغزو باليهود فيسهم لهم كسهام المسلمين انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف ومنقطع انتهى وقال صاحب التنقيح مراسيل الزهري ضعيفه كان يحيى القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا ويقال هي بمنزلة الريح انتهى ورواية سهام المسلمين يدفع قول المصنف وهو محمول على الرضخ إلا نها ضعيفة أحاديث معارضة لما تقدم أخرج الجماعة إلا البخاري عن عروة عن عائشة أنه عليه السلام خرج إلى بدر حتى إذا كان بحرة الوبر لحقه رجل من المشركين يذكر منه جرأة ونجدة فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم جئت لاتبعك وأصيب معك فقال له عليه السلام تؤمن بالله ورسوله قال لا قال ارجع فلن استعين بمشرك قالت ثم مضى حتى إذا كنا بالشجرة أدركه الرجل فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام كما قال أول مرة قالت ثم رجع فأدركه بالبيداء فقال له كما قال أول مرة فقال له عليه السلام تؤمن بالله ورسوله قال نعم فقال له فانطلق انتهى
[ 288 ]
حديث آخر روى الحاكم في المستدرك من حديث يزيد بن هارون أنبأ مستلم بن سعيد الواسطي عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب عن أبيه عن جده خبيب بن أساف قال أتيت أنا ورجل من قومي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوا فقلت يا رسول الله إنا نستحيي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم فقال أسلمنا فقلنا لا قال قال فإنا لا نستعين بالمشركين قال فأسلمنا وشهدنا معه قال فقتلت رجلا وضربني ضربة وتزوجت ابنته بعد ذلك فكانت تقول لا عدمت رجلا وشحك هذا الوشاح فأقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وخبيب صحابي معروف انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم والطبري في معجمه من طريق بن أبي شيبة قال في التنقيح ومستلم ثقة وخبيب بن عبد الرحمن أحد الثقات الاثبات والله أعلم حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو بن علقمة عن سعيد بن المنذر عن أبي حميد الساعدي قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حتى إذا خلف ثنية الوداع نظر وراءه فإذا كتيبة حسناء فقال من هؤلاء قالوا هذا عبد الله بن أبي بن سلول في مواليه من اليهود وهم رهط عبدا لله بن سلام فقال هل أسلموا قالوا لا إنهم على دينهم قال قولوا لهم فليرجعوا فإن لا نستطيع بالمشركين على المشركين انتهى ورواه الواقدي في كتاب المغازي ولفظه فقال من هؤلاء قالوا يا رسول الله هؤلاء حلفاء بن أبي من يهود فقال عليه السلام لا نستنصر بأهل الشرك على أهل الشرك انتهى قال الحازمي في
[ 289 ]
كتاب الناسخ والمنسوخ وقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة فذهب جماعة إلى منع الاستعانة بالمشركين ومنهم أحمد مطلقا وتمسكوا بحديث عائشة المتقدم وقالوا إن ما يعارضه لا يوازيه في الصحة فتعذر ادعاء النسخ وذهبت طائفة إلى أن للامام أن يأذن للمشركين أن يغزوا معه ويستعين بهم بشرطين أحدهما أن يكون في المسلمين قلة بحيث تدعو الحاجة إلى ذلك والثاني أن يكونوا ممن يوثق بهم في أمر المسليمن ثم أسند إلى الشافعي أنه قال الذي روى مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم رد مشركا أو مشركين وأبي أن يستعين بمشرك كان في غزوة بدر ثم إنه عليه السلام استعان في غزوة خيبر بعد بدر بسنتين بيهود من بني قينقاع واستعان في غزوة حنين سنة ثمان بصفوان بن أمية وهو مشرك فالرد الذي في حديث مالك إن كان لاجل أنه مخير في ذلك بين أن يستعين به وبين أن يرده كما له رد المسلم لمعنى يخافه فليس واحد من الحديثين مخالفا للآخر وإن كان لاجل أنه مشرك فقد نسخه ما بعده من استعانته بالمشركين ولا بأس أن يستعان بالمشركين على قتال المشركين إذا خرجوا طوعا ويرضخ لهم ولا يسهم لهم ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أسهم لهم قال الشافعي ولعله عليه السلام إنما رد المشرك الذي رده في غزوة بدر رجاء إسلامه قال وذلك واسع للامام أن يرد المشرك ويأذن له انتهى وكلام الشافعي كله نقله البيهقي عنه قوله روى أن الخلفاء الاربعة الراشدين قسموا الخمس على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل قلت روى أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس أن الخمس الذي كان يقسم على عهده عليه السلام على خمسة أسهم لله والرسول سهم ولذي القربى واليتامى سهم وللمساكين سهم ولابن السبيل سهم ثم قسم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي على ثلاثة أسهم سهم لليتامى وسهم للمساكين وسهم لابن السبيل انتهى وتقدم في فصل كيفية القسمة عن قتادة أن الخمس كان يقسم على خمسة أخماس وعن بن عباس أنه كان يقسم على أربعة الحديث التاسع عشر قال عليه السلام يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره
[ 290 ]
لكم غسالة أيدي النا س وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس قلت غريب وقد تقدم في الزكاة وروى الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن بن عباس قال بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما انطلقا إلى عمكما لعله يستعين بكما على الصدقات فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه بحاجتهما فقال لهما لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شئ ولا غسالة الايدي إن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم أو يكفيكم انتهى ورواه بن أبي حاتم في تفسيره في سورة الانفال حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ثنا المعتمر بن سليمان به بلفظ رغبت لكم عن غسالة أيدي الناس إن لكم من خمس الخمس لما يغنيكم انتهى وهذا إسناد حسن وإبراهيم بن مهدي وثقه أبو حاتم وقال يحيى بن معين يأتي بمناكير وروى الطبري في تفسيره حدثنا بن وكيع ثنا أبي عن شريك عن خصيف عن مجاهد قال كان آل محمد عليه السلام لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس وفي لفظ قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته لا يأكلون الصدقة فجعل لهم خمس الخمس انتهى الحديث العشرون قال عليه السلام إنهم لم يزالوا معي في الجاهلية والاسلام وشبك بين أصابعه قلت أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى من خيبر بين بن هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان فقلنا يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ننكر فضلهم لمكانك منهم فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وتركتنا وإنما نحن وهم منك بمنزله واحدة فقال إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام وإنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد ثم شبك بين أصابعه
[ 291 ]
انتهى ذكره أبو داود في الخراج والنسائي في قسم الفئ‌وابن ماجة في الجهاد والحديث في البخاري ليس فيه وشبك بين أصابعه أخرجه في الخمس وفي مناقب قريش وفي غزوة خيبر خرجه في غزوة خيبر عن يونس عن الزهري ع سعيد بن المسيب أن جبير بن مطعم أخبره قال مشيت أنا وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن بمنزلة واحدة منك فقال إنما بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد قال جبير ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس وبني نوفل شيئا وزاد في الخمس قال بن إسحاق وعبد شمس وهاشم والمطلب إخوة لام وأمهم عاتكة بنت مرة وكان نوفل أخاهم لابيهم انتهى وينظر الموضعان الآخران ورواه بسند السنن ومتنها أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم قال البزار وقد رواه هكذا عن الزهري عن سعيد غير واحد وهو الصواب وقد روى عن الزهري عن محمد بن جبير عن أبيه وحديث سعيد أصح ولا يحفظ هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية جبير بن مطعم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه ورواه الحاكم في كتابه مناقب الشافعي عن بن إسحاق به ثم قال ورواه عقيل بن خالد ويونس بن يزيد عن الزهري وحديث يونس أخرجاه في الصحيحين قال وقد روى عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ثم أخرجه من طريق الشافعي أنا مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن الزهري أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه فذكره قال الشافعي فذكرت لمطرف بن مازن أن يونس وابن إسحاق رويا حديث الزهري عن بن المسيب عن جبير بن مطعم فقال هكذا حدثنا معمر كما وصفت لك ولعل الزهري رواه عنهما جميعا انتهى قلت رواه الواقدي في المغازي في غزوة خيبر حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم فذكره وعن الحاكم رواه البيهقي في أول كتاب المدخل بسنده ثم قال رواه البخاري في كتاب القسم من حديث عقيل ويونس بن يزيد عن الزهري كما نقلناه وهذا وهم منهما فإن قوله فيه إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام وشبك بين أصابعه ليس
[ 292 ]
في البخاري إلا أن يريد أصل الحديث والله أعلم الحديث الحادي والعشرون قال المصنف رحمه الله فأما ذكر الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام تبركا باسمه وسهم النبي صلى الله عليه وسلم سقط بموته كما سقط الصفى لانه عليه السلام كان يستحقه برسالته ولا رسول الله بعده والصفى شئ كان عليه السلام يصطفيه بنفسه من الغنمية مثل درع أو سيف أو جارية قلت قوله فأما ذكر الله تعالى في الخمس فإنه لافتتاح الكلام هذا روى من قول بن عباس ومن قول الحسن بن محمد بن الحنفية فحديث بن عباس رواه الطبراني في تفسيره فقال حدثنا أبو كريب ثنا أحمد بن يونس ثنا أبو شهاب عن ورقاء عن نهشل عن الضحاك عن بن عباس أنه قرأ واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه ثم قال فأن لله خمسه مفتاح كلام لله ما في السماوات وما في الارض وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بعث سرية فغنموا خمس الغنيمة فضرب ذلك الخمس في خمسة انتهى وحديث الحسن بمحمد بن الحنفية رواه الحاكم في المستدرك في كتاب قسم الفئ عن سفيان الثوري عن قيس بن مسلم الجدلي قال سألت الحسن بن محمد بن علي بن الحنفية عن قوله تعالى واعلموا أنما غنمتم من شئ الآية قال هذا مفتاح كلام لله الدنيا والآخرة انتهى وسكت وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري به وأما حديث الصفي فرواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن كثير أنبأ سفيان عن مطرف عن الشعبي قاكان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم يدعى الصفي إن شاء عبدا وإن شاء
[ 293 ]
أمة وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس انتهى وهذا مرسل وأخرج أيضا عن بن عون قال سألت محمدا يعني بن سيرين عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفي قال كان يضرب له سهم مع المسلمين وإن لم يشهد والصفي يؤخذ له رأس من الخمس قبل كل شئ انتهى وهو أيضا مرسل وأخرج في مراسيله أيضا عن الحسن قال كانت الغنائم تجمع فإذا اجتمعت كان للنبي صلى الله عليه وسلم منها سهم يسمي الصفي جعله الله له ثم يقسم السهام الحديث وأخرج أيضا في سننه عن سعيد بن بشير عن قتادة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء فكانت صفية من ذلك السهم وكان إذا لم يغز بنفسه ضرب له بسهمه وأخرج أيضا عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قال كانت صفية من الصفي انتهى ورواه الحاكم في المستدرك فقسم الفئ وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى قوله روى عن عمر أنه أعطى الفقراء من ذوي القربى قلت أخرج أبو داود في كتاب الخراج من سننه عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب حدثنا جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئا كما قسم لبني هاشم وبني المطلب قال وكان أبو بكر يقسم الخمس نحو قسم رسول الله
[ 294 ]
صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يعطيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر يعطيهم ومن كان بعده منه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن حسين بن ميمون الخندفي عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى سمعت عليا قال اجتمعت أنا والعباس وفاطمة وزيد بن حارثة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن رأيت أن توليني حقنا من هذا الخمس في كتاب الله فاقسمه حياتك كيلا ينازعني أحد بعدك فافعل قال ففعل ذلك قال فقسمته حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ولاية أبي بكر حتى كانت آخر سنة من سني عمر فإنه أتاه مال كثير فعزل حقنا ثم أرسله إلي فقلت بنا العام غنى وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم فرده عليهم ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فقال يا علي حرمتنا الغداة شيئا لا يرد علينا وكان رجلا داهيا انتهى قال المنذري وحسين بن ميمون قال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه وليس بالقوي وقال بن المديني ليس بمعروف وذكر له البخاري في تاريخه هذا الحديث وقال لم يتابع عليه قال المنذري وفي حديث جبير بن مطعم ان أبا بكر لم يقسم لذوي القربى وفي حديث علي أنه قسم لهم وحديث جبير صحيح وحديث ث علي لا يصح انتهى
[ 295 ]
فصل في التنفيل الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام من قتل قتيلا فله سلبه قلت أخرجه الجماعة إلا النسائي عن أبي قتادة الانصاري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين فلما التقينا كانت للمسلمين جولة قال فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين قال فاستدرت له حتى أتيته من ورائه فضربته بالسيف على حبل عاتقه فأقبل علي فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت ثم أدركه الموت فأرسلني فلحقت عمر بن الخطاب فقلت ما بال الناس قال أمر الله ثم إن الناس رحبوا وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه قال فقمت ثم قلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال من قتل قتيلا له عليه بينة فله سبه قال فقمت فقلت من يشهد لي ثم جلست ثم قال مثل ذلك الثانية فقمت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك يا أبا قتادة فاقتصصت عليه القصة فقال رجل من
[ 296 ]
القوم صدق يا رسول الله وسلب ذلك القتيل عندي فأرضه محقه فقال أبو بكر الصديق لاها الله إذن لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله وعن رسوله فيعطيك سلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق فأعطه إياه قال أبو قتادة فأعطانيه فبعت الدرع فابتعت به مخرفا في بني سلمة فإنه لاول مال تأثلته في الاسلام انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك أنه قال لخالد بن الوليد ألم تعلم يا خالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال بلى مختصر وفيه قصة وأخرجه أبو داود عن عوف وخالد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل ولم يخمس السلب انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنسبن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين من قتل كافرا فله سلبه فقتت ابو طلحة يومئذ عشرين رجلا وأخذ أسلابهم ولقي أبو طلحة أم سليم ومعها خنجر فقال يا أم سليم ما هذا معك قالت أردت إن دنا مني بعضهم أبعج به بطنه فأخبر بذلك أبو وطلحة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن حبان في النوع
[ 297 ]
الثالث من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم لم يذكرا فيه قصة أسليم وزاد فيه قال أبو قتادة يا رسول الله ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درفأجهضت عنه فقال رجل أنا أخذتها فارضه منها فأعطنيها وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت فسكت صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب رضوان الله عليه والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال صدق عمر انتهى حديث آخر رواه البيهقي في المعرفة عن الحاكم بسنده عن أبي مالك الاشجعي عن نعيم بن أبي هند عن بن سمرة عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه انتهى واعلم أنه وقع فبعض كتب أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك يوم بدر أعني قوله من قتل قتيلا فله سلبه قال شيخنا علاء الدين وهو وهم وإنما قاله عليه السلام يوم حنين كما صرح به في مسلم وغيره والذي قاله عليه السلام يوم بدر شئ آخر غير ذلك كما رواه أبو داود في سننه من حديث داود عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من قتل قتيلا فله كذا وكذا ومن أسر أسيرا فله كذا وكذا قال فتقدم الفتيان ولزم المشيخة الرايات فلم يبرحوها فلما فتح الله عليهم قا المشيخة كنا ردء لكم لو انهزمتم لفئتم إلينا فلا تذهبوا بالمغنم ونبقى وأبى الفتيان وقالوا جعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا فأنزل الله تعالى يسألونك عن الانفال إلى قوله وإن فريقا من المؤمنين لكارهون انتهى وقال مالك في الموطأ ولم يبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل قتيل فله سلبه إلا يوحنين انتهى قلت ورد أنه عليه السلام قاله يوم بدر أيضا لكنه من طريق ضعيف رواه بن
[ 298 ]
مردويه في تفسيره في أول سورة الانفال فقال حدثنا أبو عمر وأحمد بن محمد بن إبراهيم ثنا محمد بن عبد الوهاب ثنا آدم ثنا إسماعيل بن عياش عن الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس وعن عطاء بن عجلان عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم بدر من قتل قتيلا فله سلبه فجاء أبو اليسر بأسيرين فقال سعد بن عبادة أي رسول الله أما والله ما كان بنا جبن عن العدو ولا ضن بالحياة أن نصنع ما صنع إخواننا ولكنا رأيناك قد أفردت فكرهنا أن ندعك بمضيعة قال فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يوزعوا تلك الغنائم بينهم انتهى طريق آخر رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني عبد الحميد بن جعفر قال سألت موسى بن سعد بن زيد بن ثابت كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر في الاسرى والاسلاب والانفال فقال نادى مناديه يومئذ من قتل قتيلا فله سلبه ومن أسر أسيرا فهو له فكان يعطي من قتل قتيلا سلبه انتهى قال الشيخ أبو الفتح اليعمري في سيرته عيون الاثر في باب قصبدر والمشهور في قوله عليه السلام من قتل قتيلا فله سلبه إنما كان يوم حنين وأما يوم بدر فوقع من رواية من لا يحتج به ثم ساقه بسنده إلى محمد بن السائب الكلب عن أبي صالح به سندا ومتنا قال والكلبي ضعيف وروايته عن أبي صالح عن بن عباس مخصوصة بمزيد ضعف انتهى الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام لحبيب بن أبي سلمة ليس لك من
[ 299 ]
سلب قتيلك إلا ما طابت به نفس إمامك قلت هكذا وقع في الهداية حبيب بن أبي سلمة وصوابه حبيب بن مسلمة والحديث رواه الطبراني فمعجمه الكبير والوسط حدثنا أحمد بن المعلى الدمشقي والحسين بن إسحاق التستري وجعفر بن محمد الفريابي قال ثنا هشام بن عمار ثنا عمرو بن واقد ثنا موسى بن سيار عن مكحول عن جنادة بن أبي أمية قال نزلنا دابق وعلينا أبو عبيدة بن الجراح فبل حبيب بن مسلمة أن بنه صاحب قبرص خرج يريد بطريق أذربيجان ومعه زمرد وياقو ت ولؤلؤ وغيرها فخرج إليه فقتله وجاء بما معه فأراد أبو عبيدة أن يخمسه فقال له حبيب بن مسلمة لا تحرمني رزقا رزقنيه الله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل السلب للقاتل فقال معاذ يا حبيب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما للمرء ما طابت به نفس إمامه انتهى وهو معلول بعمرو بن واقد ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا بقية بن الوليد حدثني رجل عن مكحول عن جنادة بن أبي أمية قال كنا معسكرين بدابق فذكر لحبيب بن مسلمة الفهري أن بنه القبرصي خرج بتجارة من البحر يريد بها بطريق أرمينية فخرج عليه حبيب بن مسلمة فقاتله فقتله فجاء بسلبه يحمله على خمسة أبغال من الديباج والياقوت والزبرجد فأراد حبيب أن يأخذه كله وأبو عبيدة يقول بعضه فقال حبيب لابي عبيدة قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فله سلبه قال أبو عبيدة إنه لم يقل ذلك للابد وسمع معاذ بن جبل
[ 300 ]
بذلك فأتى أبا عبيدة وحبيب يخاصمه فقال معاذ لحبيب ألا تتقي الله وتأخذ مطابت به نفس إمامك فإنما لك ما طابت به نفس إمامك وحدثهم بذلك معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم فاجتمع رأيهم على ذلك فأعطوه بعد الخمس فباعه بألف دينار انتهى وذكره البيهقي في المعرفة في باب إحياء الموات بهذا الاسناد ثم قال وهو منقطع بين مكحول ومن فوقه وراويه عن مكحول مجهول وهذا إسناد لا يحتج به انتهى وهذا السند وارد على الطبراني فإنه قال في معجمه الوسط لا يروي هذا الحديث ع معاذ وحبيب إلا بهذا الاسناد انتهى ولو قال لا نعلم لكان أسلم له والله أعلم أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن عوف قال بينا أنا واقف في الصف يوم بدر نظرت عن يميني وشمالي فإذا أنا بين غلامين من الانصار حديثة أسنانهما فقال أحدهما يا عم أتعرف أبا جهل قلت نعم وما حاجتك به قال أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لئن رأيته لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الاعجل منا قال فتعجبت منه وقال لي الآخر مثل ذلك فلم أنشب أن نظرت إلى أبي جهل يرفل في الناس فقلت لهما هذا صاحبكما الذي تسألان عنه قال فابتدراه فضرباه بسيفيهما حتى قتلاه ثم ذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبراه فقال أيكما قتله فقال كل منهما أنا قتلته فقال هل مستحتما سيفيكما قالا لا فنظر في السيفين فقال كلاكما قتله ثم قضى بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح والرجلان معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفراء ووجه الدليل أن السلب لو كان للقاتل لقضى به بينهما وكونه عليه السلام دفعه إلى أحدهما دليل على أن الامر فيه مفوض إلى الامام قال البيهقي في المعرفة وهذا لا حجة لهم فيه فإن غنيمة بدر كانت للنبي صلى الله عليه وسلم بنص الكتاب يعطي منها من يشاء وقد قسم لجماعة لم يشهدوا ثم نزلت الآية في الغنمية بعد بدر وقضى عليه السلام بالسلب للقاتل واستقر الامر علذلك ويجوز أن يكون أحدهما أثخنه والآخر جرحه بعد فقضى بسلبه للاول انتهى كلامه
[ 301 ]
حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود واللفظ لابي داود عن عوف بن مالك الاشجعي قال خرجت مع زيد بن حارثة في غزوة مؤتة ورافقني مددي من أهل اليمن فلقينا جموع الروم وفيهم رجل على فرس أشقر عليه سرج مذهب وسلاح مذهب فجعل الرومي يغري بالمسلمين وقعد له المددي خلف صخرة فمر به الرومي فعرقب فرسه فخر وعلاه فقتله وحاز فرسه وسلاحه فلما فتح الله على المسلمين بعث إليه خالد بن الوليد فأخذ منه سلب الرومي قال عوف فأتيت خالدا فقلت له يا خالد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل قال بلى ولكني استكثرته قلت لتردنه أو لاعرفنكها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يعطيه قال عوف فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت عليه قصة المددي وما فعل خالد فقال عليه السلام يا خالد ما حملك على ما صنعت قال يا رسول الله استكثرته فقال عليه السلام يا خالد رد عليه ما أخذت منه قال عوف فقلت دونك يا خالد أمل أف لك فقال يارسول الله وما ذلك قال فأخبرته به قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقايا خالد لا ترد عليه هل أنت تاركوا لي أمرائي لكم صفوة أمرهم وعليهم كدره انتهوا اعتذر الخطابي عن هذا الحديث وقال إنما منع عليه السلام خالدا في الثانية أن يرد على عوف سلبه زجرا لعوف لئلا يتجرأ الناس على الائمة لان خالدا كان مجتهدا في صنعه لما رأى فيه من المصلحة فأمضى عليه السلام اجتهاده واليسير من الضرر يحتمل الكثير من النفع قال ويشبه أن يكون عليه السلام قد عوضه من الخمس الذي هو له انتهى حديث آخر رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية ثنا أبو إسحاق الشيباني عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن سعد بن أبي وقاص قال لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فقال اذهب فاطرحه في القبض قال فرجعت وبي مالا يعلمه إ الله من قتل أخي وأخذ سلبي قال فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الانفال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فخذ سيفك انتهى قال الحازمي وزعم بعض العلماء
[ 302 ]
أن هذا منسوخ لان هذا كان في يوم بدر وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام حنين من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه انتهى كلامه حديث آخر رواه الحاكم في المستدرك في فضائل خالد بن الوليد والطبراني في معجمه من حديثزجر بن حصن قال حدثني جدي حميد بن مهلب قال قال خريم بن أوس سمعت رسول اللصلى الله عليه وسلم يقول هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي وهذه الشيماء بنت نفيلة الازدية قد رفعت لي على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود فقلت يا رسول الله الله فإن نحن دخلنا الحيرة ووجدناها على هذه الصفة فهي لي قال نعم هي لك ثم ارتدت العرب فسار خالد إلى مسيلمة وسرنا معه فلما فرغنا من مسيلمة وأصحابه أقبلنا إلى ناحية البصرة فلقينا هرمز بكاظمة في جمع عظيم ولم يكن أحد أعدى للعرب منه فبرز له خالد بن الوليد ودعاه إلى البراز فبرز له هرمز فقتله خالد وكتب بذلك إلى أبي بكر فنفله سلبه فبلغت قلنسوة هرمز مائة ألف درهم وكانت الفرس إذا شرف فيهم الرجل جعلوا قلنسوته بمائة ألف درهم ثم سرنا على طريق الطف حتى دخلنا الحيرة فكان أول من تلقانا شيماء بنت نفيلة الازدية على بغلة شهباء بخمار أسود كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتعلقت بها وقلت هذه وهبها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني خالد بن الوليد والتمس منى البينة فأتيه بشاهدين فسلمها إلى وجاءني أخوها عبد المسيح فقال لي بعنيها فقلت والله لا أبيعها إلا بعشر مائة ولا أنقصها شيئا فدفع إلى ألف درهم فقيل لي لو قلت له مائة ألف درهم لدفع إليك فقلت والله ما كنت أظن أن مالا أكثر من عشر مائة انتهى بلفظ الطبراني وسكت الحاكم عنه قال الطبراني وبلغني في غير هذا الحديث أن الشاهدين كانا محمد بن مسلمة وابن عمر انتهى حديث آخر موقوف روى الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا جعفر بن محمد بن الحسن المعروف بابن أليل ثنا أحمد بن بشر عن بن شبرمة عن الشعبي أن جرير بن عبد الله البجلي بارز مهران فقتله فقومت منطقته بثلاثين
[ 303 ]
ألفا فكتبوا إلى عمر فقال عمر ليس هذا من السلب الذي يخمس ولم ينفله وجعله مغنما انتهى باب استيلاء الكفار الحديث الاول قال عليه السلام إن وجدته قبل القسمة فهو لك بغير شئ وإن وجدته بعد القسمة فهو لك بالقيمة قلت أخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيما أحرز العدو فاستنقذه المسلمون منهم إن وجده صاحبه قبل أن يقسم فهو أحق به وإن وجده قد قسم فإن شاء أخذه بالثمن انتهى قال والحسن بن عمارة متروك انتهى
[ 304 ]
حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن يس الزيات عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة قال أصاب العدو ناقة رجل من بني سليم ثم اشتراها رجل من المسلمين فعرفها صاحبها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأمر عليه السلام أن يأخذها بالثمن الذي اشتراها به صاحبها من العدو وإلا يخلي بينه وبينهما انتهى ورواه أبو داود في مراسيله عن تميم بن طرفة قال وجد رجل مع رجل ناقة له فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأقام البينة أنها ناقته وأقام الآخر البينة أنه اشتراها من العدو فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن شئت أن تأخذها بالثمن الذي اشتراها به فأنت أحق بها وإلا فخل عن ناقته انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود ثم قال وقد أسند هذا الحديث من رواية يس الزيات عن سماك بن حرب عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة ويس ضعيف انتهى قال بن القطان في كتابه وهكذا قال بن حزم ولست أعرف هذا السند والله أعلم انتهى
[ 305 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن بن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وجد ماله في الفئ قبل أن يقسم فهو له ومن وجده بعد ما قسم فليس له شئ انتهى قال الدارقطني وإسحاق هذا متروك انتهى ثم أخرجه عن رشدين عن يونس عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا نحوه وقال رشدين ضعيف وأخرجه الطبراني في المعجم الوسط عن يس الزيات عن الزهري عن سالم عن أبيه مرفوعا من أدرك ماله في الفئ قبل أن يقسم فهو له وإن أدركه بعد أن يقسم فهو
[ 306 ]
أحق به بالثمن انتهى ورواه بن عدي في كتاب الكامل وضعف يس الزيات عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقاعامة أحاديثه غير محفوظة انتهى واعلم أن شطر الحديث في البخاري أخرجه عن عبيدالله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال ذهب فرس له فأخذه العدو فظهر عليهم المسلمون فرده عليه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبق عبد له فلحق بالروم فظهر عليهم المسلمون فرده عليه خالد بن الوليد بعد النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه مالك في الموطأ عن نافع به وزاد فيه وذلك قبل أن يصيبهما المقاسم انتهى وعجيب من عبد الحق كيف ذكر هذا الحديث وقال إن البخاري لم يصل سنده به والبخاري ذكره منقطعا ثم وصله وهذا لفظه قال باب إذا غنم المشركون مال المسلم ثم وجده المسلم قال بن نمير حدثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال ذهب فرس له فأخذه العدو إلى آخر اللفظ المتقدم ثم قال حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع أن عبدا لابن عمر أبق
[ 307 ]
فلحق بالروم فظهر عليه خالد بن الوليد فرده على عبد الله وأن فرسا لابن عمر عاد فلحق بالروم فظهر عليه فرده على عبد الله انتهى فترك الحديث المتصل وذكر المنقطع وقال لم يصل البخاري سنده به وينبغي أن يراجع فيه نسخة أخرى فإني لم أعتمد على النسخة وعلقت هنا لا تذكره والله أعلم الآثار أخرج الدارقطني في سننه عن قبيصة بن ذؤيب أن عمر بن الخطاب قال ما أصاب المشركون من أموال المسلمين فظهر عليهم فرأى رجل متاعه بعينه فهو أحق به من غيره فإذا قسم ثم ظهروا عليه فلا شئ له إنما هو رجل منهم وفي رواية هو أحق به من غيره بالثمن انتهى قال الدارقطني وهذا مرسل أثر آخر أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن خلاس عن علي نحو ذلك ونقل عن بن حزم أنه قال رواية خلاس عن علي صحيحة قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي وما احتج به عن تميم بن طرفة أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم في رجل اشترى بعيرا قد أحرزه العدو أن صاحبه يأخذه بالثمن فتميم بن طرفة لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه والمرسل لا تثبت به حجة لانه لا يدري عمن أخذه قال الشافعي قال أبو يوسف حدثنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 308 ]
في عبد وبعير أحرزهما العدو ثم ظفر بهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبهما إن أصبتهما قبل القسمة فهما لك بغير شئ وإن أصبتهما بعد القسمة فهم لك بالقيمة قال البيهقي هكذا وجدته عن أبي يوسف عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة ورواه غيره عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك الزراد عن طاوس عن بن عبا س عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعير وجد وهذا حديث يعرف بالحسن بن عمارة وهو متروك لا يحتج به ورواه مسملة بن علي عن عبد الملك وهو أيضا ضعيف وروى بإسناد آخر مجهول عن عبد الملك ولا يصح شئ من ذلك وروى من وجه آخر عن بن عمر رواه إسحاق بن أبي فروة ويس بن معاذ الزيات على اختلاف بينهما في لفظه وكلاهما متروك يحتج به وقال الشافعي واحتجوا أيضا بأن عمر بن الخطاب قال من أدرك ما أحرز العدو قبل أن يقسم فهو له وما قسم فلا حق له فيه إلا بالقيمة قال الشافعي وهذا إنما روى عن الشعبي عن عمرو عن رجاء بن حيوة عن عمر مرسلا وكلاهما لم يدرك عمر ولاقارب ذلك قال البيهقي وقد روى أيضا عن رجاء عن قبيصة بن ذؤيب عن عمر وهو أيضا مرسلا وقد روى عن خلاس بن عمر وعن علي نحوه قال ورواية خلاس عن علي ضعيفة عند أهل العلم بالحديث يقولون هي من كتاب وأنها منقطعة ويرون فيه عن زيد بن ثابت وإنما رواه بن لهيعة بإسناده وابن لهيعة غير محتج به انتهى الحديث الثاني روى أن عبيدا من عبيد الطائف أسلموا وخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 309 ]
فقض النبي صلى الله عليه وسلم بعتقهم قلت روى أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصفنه والطبراني في معجمه من حديث الحجاج عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أن عبدين خرجا من الطائف إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلما فأعتقهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما أبو بكرة انتهى وفي لفظ لابن أبي شيبة بهذا الاسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتق من أتاه من العبيد إذا أسلموا وقد اعتق يوم الطائف رجلين أحدهما أبو بكرة انتهى وأخرج أبو داود في المراسيل عن عبد ربه بن الحكم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر الطائف خرج إليه أرقاء من أرقائهم فأسلموا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أسلم مواليهم بعد ذلك رد النبي صلى الله عليه وسلم الولاء إليهم انتهى قال بن القطان في كتابه وعبد ربه بن الحكم لا يعرف حاله ولا يعرف روى عنه إلا هذا الذي روى عنه هذا المرسل وهو عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي انتهى كلامه وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مكرم الثقفي قال لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف خرج إليه رقيق من رقيقهم أبو بكرة وكان عبد الحارث بن كلدة والمنبعث ويحنس ووردان في رهط من رقيقهم فأسلموا قالوا يا رسول الله رد علينا رقيقنا الذين أتوك فقال لا أولئك عتقاء الله عز وجل ورد على كل رجل ولاء عبده انتهى وهو مرسل وقد تقدم في العتق وغيره باب المستأمن : خال
[ 311 ]
فصل
[ 312 ]
الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية وكذا عمر وكذا معاذ رضي الله عنهما ووضع في بيت المال ولم يخمس قلت أخرج أبو داود في كتاب الخراج عن بن لعدي بن عدي الكندي أن عمر بن عبد العزيز كتب أن من سأل عن مواضع الفئ فهو ما حكم فيه عمر بن الخطاب فرآه المؤمنون عدلا موافقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم
[ 313 ]
جعل الله الحق على لسان عمر وقلبه فرض الاعطية وعقد لاهل الاديان ذمة بما فرض عليهم من الجزية لم يضرب فيها بخمس ولا مغنم انتهى وهو ضعيف فإن فيه مجهولا وعمر بن عبد العزيز لم يدرك عمر بن الخطا ب
[ 314 ]
الحديث الرابع السلطان ولي من لا ولي له تقدم في أوائل النكاح
[ 315 ]
باب العشر والخراج الحديث الاول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين لم يأخذوا الخراج من أراضي العرب قلت قوله وعمر رضي الله عنه حين فتح السواد وضع الخراج عليها بمحضر من الصحابة ووضع على مصر حين افتتحها عمرو بن العاص وكذا اجتمعت الصحابة على وضع الخراج على الشام قلت روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا هشيم بن بشير أنبأ العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال لما افتتح المسلمون السواد قالوا لعمر اقسمه بيننا فإنا فتحناه عنوة قال فأبى وقال ما لمن جاء بعدكم من المسلمين قال فأقر أهل السواد في أرضهم وضرب على رؤوسهم الجزية وعلى أراضيهم الخراج انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا معمر عن قتادة عن أبي مجلز أن عمر بن الخطاب بعث عمار بن ياسو عبد الله بن معسود وعثمان بن حنيف إلى الكوفة فجعل عمارا على الصلاة والقتال وجعل بن مسعود على القضاء وعلى بيت المال وجعل عثمان بن حنيف على
[ 316 ]
مساحة الار ض وجعل لهم كل يوم شاة ثم قال ما أرى قرية يؤخذ منها كل يوم شاة إلا سيسرع فيها ثم قال لهم إني أنزلتكم في هذا المال ونفسي كوالي اليتيم من كان غنيا فليستعفف ومكان فقيرا فليأكل بالمعروف قال فمسح عثمان سواد الكوفة من أهل الذمة فجعل على جريب النخل عشرة دراهم وعلى جريب العنب ثمانية دراهم وعلى جريب القضب ستة دراهم وعلى الجريب من البر أربعة دراهم وعلي الجريب من الشعير درهمان وجعل على رأس كل رجل منهم أربعة وعشرين درهما كل عام ولم يضرب على النساء والصبيان وأخذ من تجارهم من كل عشرين درهما درهما فرفع ذلك إلى عمر فرضي به انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه في أواخر الزكاة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي قال وضع عمر على أهل السواد على كل جريب أرض يبلغه الماء عامر أو غامر درهما وقفيزا من طعام وعلى البساتين على كل جريب عشرة دراهم وعشرة أفقزة من طعام وعلى الرطاب على كل جريب أرض خمسة دراهم وخمسة أقفزة من طعام وعلي كل جريب أرض عشرة دراهم وعشرة أقفزة ولم يضع على النخل شيئا جعله تبعا للأرض انتهى حدثنا أبو أسامة عن قتادة عن أبي مجلز قال بعث عمر عثمان بن حنيف على مساحة الارض قال فوضع عثمان على الجريب من الكرم عشرة دراهم وعلى جريب النخل ثمانية دراهم وعلى جريب القضب ستة دراهم يعني الرطبة وعلى جريب البر أربعة دراهم وعلى جريب الشعير درهمين انتهى وأما وضع الخراج على أرض مصر فروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عمرو بن العاص أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني المفضل بن فضالة عن عياش بن عباس القتباني قال الواقدي وحدثني من سمع صالح بن كيسان يخبر عن يعقوب بن عتبة عن مشيخة من أهل مصر أن عمرو بن العاص افتتح مصر عنوة واستباح ما فيها وعزل منه مغانم المسلمين ثم صالح بعد علي وضع الجزية في رقابهم ووضع الخراج على أرضهم
[ 317 ]
ثم كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك مختصر أخبرنا الواقدي حدثني عبد الله بن نافع عن عمرو بن الحارث قال كان عمرو بن العاص يبعث بجزية أهل مصر وخراجها إلى عمر بن الخطاب كل سنة بعد حبس ما يحتاج إليه ولقد استبطأه عمر في الخراج سنة فكتب إليه بكتاب يلومه ويشدد عليه مختصر وأما وضل الخراج على أرض الشام فمعروف الحديث الثاني روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة عنوة وتركها لاهلها ولم يوظف الخراج قلت فيه أحاديث استدل بهاا لعلماء على أن مكة فتحت عنوة منها ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة أنه ذكر فتح مكة فقال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين وبعث خالد على المجنبة الاخرى وبعث أبا عبيدة على الجسر وأخذوا بطن الوادي ورسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبة قال فنظر إلي وقال يا أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال اهتف لي بالانصار فلا يأتيني إلا أنصاري فهتف بهم فجاءوا فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ووبشت قريش أوباشها فقال لهم ألا ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بيده فضرب إحداهما على الاخرى وقال أحصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا قال أبو هريرة فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل من شاء منهم إلا قتله وما توجه أحد منهم إلينا شيئا وصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفا وجاءت الانصار فأطافوا بالصفا فجاء
[ 318 ]
أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيدت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن فقالت الانصار أما الرجل فأخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قرابته ونزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قلتم أما الرجل فأخذته رأفة بعشيرته ورغبة في قرابته كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم فالمحيا محياكم والممات مماتكم قالوا والله ما قلنا إلا ضنا بالله وبرسوله قال فإن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وقال هذا أدل دليل على أن مكة فتحت عنوة لا صلحا انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أم هانئ أنها أجارت رجلا من المشركين يوم الفتح فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال قد أجرنا من أجرت وآمنا من آمنت انتهى قال المنذري في مختصره استدل بهذا الحديث على أن مكة فتحت عنوة إذ لو فتحت صلحا لوقع به الامان العام ولم يحتج إلى أمان أم هانئ ولا تجديده من النبي صلى الله عليه وسلم انتهى حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وأنها لا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار انتهى حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن أبي شريح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الغد من يوم الفتح إن مكة حرمها الله ولم يرحمها الناس فلا تحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرا وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد الغائب انتهى وبهذا الحديث استدل بن الجوزي في التحقيق
[ 319 ]
قوله روى أن الصحابة وضعوا العشر على أرض البصرة قلت ذكره بن عمر وغيره رضي الله تعالى عنه قوله والخراج الذي وضعه عمر على أهل السواد من كل جريب يبلغه الماء قفيز هاشمي وهو الصاع ودرهم ومن جريب الرطبة خمسة دراهم ومن جريب الكرم المتصل والنخيل المتصل عشرة دراهم وهذا هو المنقول عن عمر فإنه بعث عثمان بن حنيف حتى يمسح سواد العراق وجعل حذيفة عليه مشرفا فمسح فبلغ ستا وثلاثين ألف ألف جريب ووضع على ذلك ما قلنا وكان ذلك بمحضر من الصحابة من غير نكير فكان إجماعا قلت تقدم حديث عمر قريبا وفيه بعض تغيير وروى أبو عبيد
[ 320 ]
القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا إسماعيل بن مجالد عن أبيه مجالد بن سعيد عن الشعبي أن عمر بعث عثمان بن حنيف فمسح السواد فوجده ستة وثلاثين ألف ألف جريب انتهى قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال لعلكما حملتما الارض ما لا تطيق فقالا لا بل حملناها ما تطيق قلت أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب فضائل الصحابة في باب البيعة لعثمان عن عمرو بن مميون قال رأيت عمر بن الخطاب قبل أن يصاب بأيام بالمدينة وقف على حذيفة وعثمان بن حنيف قال كيف فعلتما أتخافان أن تكونا حملتما الارض مالا تطيق قالا حملناها أمرا هي له مطيقة ما فيها كبيرة فضل قال انظرا أن تكونا حملتماها مالا تطيق قالا لا فقال عمر لئن سلمني الله لادعن أرامل أهل العراق لا يحتجن إلى أحد بعدي قال فما أتت عليه إلا رابعة حتى أصيب الحديث بطوله وهو حديث مقتل عمر بن الخطاب وبيعة عثمان
[ 321 ]
قوله روى أن عمر لم يزد حين أخبر لزيادة الطاقة قلت تقدم في الحديث قبله وورى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا معمر عن علي بن الحكم البناني عن محمد بن زيد عن إبراهيم قال جاء رجل إلى عمر بن الخطا ب فقال أرض كذا وكذا يطيقون من الخراج أكثر مما عليهم فقال ليس إليهم سبيل انتهي قوله وقد صح أن الصحابة رضي الله عنهم اشتروا أراضي الخراج وكانوا يؤدون خراجها قلت قال البيهقي في كتاب المعرفة قال أبو يوسف القول ما قال أبو حنيفة إنه كان لابن مسعود وخباب بن الارت ولحسين بن علي ولشريح أرض الخراج حدثنا مجالد بن سعيد عن عامر عن عتبة بن فرقد السلمي أنه قال لعمر بن الخطاب إني اشتريت أرضا من أرض السواد فقال عمر أنت فيها مثل صاحبها انتهى قال البيهقي وأخبرنا أبو سعيد ثنا أبو العباس الاصم ثنا الحسن بن علي بن عفان ثنا يحيى
[ 322 ]
بن آدم ثنا حسن بن صالح عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قلت أسلمت امرأة من أهل نهر الملك فكتب عمر بن الخطاب إن اختارت أرضها فأدت ما علي أرضها فخلوا بينهما وبين ارضها وإلا فخلوا بين المسلمين وبين أرضهم انتهى وهذا رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا الثوري عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن دهقانة من أهنهر الملك أسلمت فقال عمر ادفعوا إليها أرضها تؤدي عنه الخراج انتهى أثر آخر قال بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا هشيم بن بشير عن سيار أبي الحكم عن زبير بن عدي أن دهقانا أسلم على عهد علي فقال علي إن أقمت في أرضك رفعنا الجزية عن رأسك فأخذناها من أرضك وإن تحولت عنها فنحن أحق بها انتهى أثر آخر قال بن أبي شيبة حدثنا حفص بن غياث عن محمد بن قيس عن أبي عون محمد بن عبيدالله الثقفي عن عمر وعلي قالا إذا أسلم وله أرض وضعنا عنه الجزية وأخذنا خرجها انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام لا يجتمع عشر وخراج في أرض مسلم قلت رواه بن عدي في الكامل عن يحيى بن عنبسة ثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع على مسلم خراج وعشر انتهى قال بن عدي يحيى بن عنبسة منكر الحديث وإنما يروي هذا من قول إبراهيم وقد رواه أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قوله بجاء
[ 323 ]
يحيى بن عنبسة فأبطل فيه ووصله إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويحيى بن عنبسة مكشوف الامر في ضعفه لرواياته عن الثقات الموضوعات انتهى وقال بن حبان ليس هذا من كلام رسول اللصلى الله عليه وسلم ويحيى بن عنبسة دجال يضع الحديث لا تحل الرواية عنه انتهى وقال الدارقطني يحيى هذا دجال يضع الحديث وهو كذب على أبي حنيفة ومن بعده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره بن الجوزي في الموضوعات وقال البيهقي هو حديث باطل ويحيى هذا متهم بالوضع الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه في أواخر الزكاة حدثنا إبراهيم بن المغيرة ختن لعبد الله بن المبارك عن أبي حمزة السكوني عن الشعبي قال لا يجتمع عشر وخراج في أرض انتهى حدثنا أبوتميلة يحيى بن واضح عن أبي المنيب عن عكرمة قال لا يجتمع عشر وخراج في مال انتهى فائدة قال الامام أبو عبيد الله بن سلام في كتاب الاموال الاراضي العشرية هي التي ليست بأرض خراج وهي أربعة أنواع أحدهما أرض أسلم أهلها عليها فهم مالكون لها كالمدينة والطائف واليمن والبحرين وكذلك مكة إلا أنها كانت فتحت عنوة ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عليهم فلم يعرض لهم في أنفسهم ولم يغنم أموالهم قال وحدثت عن محمد بن سلمة الحراني عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مكة لا تحل غنيمتها والنوع الثاني كل أرض أخذت عنوة ثم إن الامام لم ير أن يجعلها فيئا موقوفا ولكنه رأى أن يجعلها غنيمة فخمسها وقسم أربعة أخماسها بين الذين افتتحوها خاصة كفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر فهي أيضا ملكهم ليس فيها غير العشر وكذلك الثغور كلها إذا قسمت بين الذين افتتحوها خاصة وعزل عنها الخمس لمن سمى الله والنوع الثالث كل أرض عادية لا رب لها ولا عامر أقطعها الامام رجلا إقطاعا من جزيرة العرب أو غيرها كفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده فيما أقطعوا من بلاد اليمن واليمامة والبصرة وما أشبهها
[ 324 ]
والنوع الرابع كل أرض ميتة استخرجها رجل من المسلمين فأحياها بالنبات والماء فهذه الارضون التي جاءت فيها السنة بالعشر أو نصف العشر وكلها موجودة في الاحاديث فما أخرج الله من هذه فهو صدقة إذا بلغ خمسة أوسق فصاعدا كزكاة الماشية والصامت يوضع في الاصناف الثمانية المذكورة في سورة براءة خاصة دون غيرهم من الناس وما سوى هذه من البلاد فلا تخلوامن أن تكون أرض عنوة صيرت فيئا كأرض السواد والجبال والاهواز وفارس وكرما وأصبهان والري وأرض الشام سوى مدنها ومصر والمغرب أو يكون أرض صلح مثل نجران وأيلة وأذرح ودومة الجندل وفدك وما أشبهها مما صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلحا أو فعلته الائمة بعده وكبلاد الجزيرة وبعض أرمينية وكثير من كور خراسان فهذان النوعان من الارضين الصلح والعنوة التي تصير فيئا يكونان عاما للناس في الاعطية وأرزاق الذرية وما ينوب الامام من أمور المسلمين انتهى كلامه وقال في موضع آخر الارض المفتتحة ثلاثة أنواع أحدها الاراضي التي أسلم عليها أهلها فهي لهم ملك وهي أرض عشر لا شئ عليهم غيره وأرض افتتحت صلحا على خراج معلوم فهم على ما صولحوا عليه لا يلزمهم أكثر منه وأرض أخذت عنوة فهي مما اختلف فيها فقيل سبيلها سبيل الغنيمة تخمس وتقسم فيكون أربعة أخماسها بين الغانمين والخمس الباقي لمن سمى الله تعالى وقيل النظر فيها للامام إن شاء جعلها غنيمة فيخمسها ويقسمها وإن شاء جعلها موقوفة على المسلمين ما بقوا كما فعل عمر بالسواد انتهى كلامه محررا أحاديث الخصوم استدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي في الجمع بين العشر والخراج بعموم الحديث عن بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سن فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشور وفيما سقي بالنضح نصف العشر انفرد به البخاري قال وهذا عام في الارض الخراجية وغيرها قال بن قتيبة العثري الذي
[ 325 ]
يؤتى بماء المطر إليه حتى يسقيه وإنما سمي عثريا لانهم يجعلون في مجرى السيل عاثورا فإذا صدمه الماء زاد فدخل في تلك المجاري حتى يبلغ النخل ويسقيه انتهى كلامه واستدل الشيخ تقي الدين في الامام للشافعي بما أخرجه البيهقي عن يحيى بن آدم ثنا سفيان بن سعيد عن عمرو بن ميمون بن مهران قال سألت عمر بن عبد العزيز عن المسلم يكون في يده أرض الخراج فيسأل الزكاة فيقول إنما علي خراج فقال الخراج على الارض والعشر على الحب وأخرج أيضا عن يحيى ثنا بن المبارك عن يونس قال سألت الزهري عن زكاة الارض التي عليها الجزية فقال لم يزل المسلمون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده يعاملون على الارض ويستكرونها ويؤدون الزكاة مما خرج منها فنرى هذه الارض على نحو ذلك انتهى قال الشيخ الاول فتوى عمر بن عبد العزيز والثاني فيه إرسال عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ذكره في الزكاة قوله ولان أحدا من أئمة العدل والجور لم يجمع بينهما وكفى بإجماعهم حجة قوله ولا يتكرر الخراج بتكرر الخارج في سنته لان عمر رضي الله عنه لم يوظفه مكررا قلت تقدم ما يدل عليه في حديث وضع الخراج على السواد وروى بن أبي شيبة في مصنفه في أواخر الزكاة حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن زياد
[ 326 ]
بن حدير قال استعملني عمر على المتاجر فكنت أعشر من أقبل وأدبر فخرج إليه رجل فأعلمه فكتب إلى أن لا يعشر إلا مرة واحدة يعني في السنة انتهى وروى أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن غالب أبي الهذيل عن إبراهيم قال جاء نصراني إلى عمر فقال إن عاملك عشر في السنة مرتين فقال من أنت فقال أنا الشيخ النصراني فقال له عمر وأنا الشيخ الحنيفي فكتب إلى عامله أن لا يعشر في السنة إلا مرة واحدة انتهى وروى أيضا حدثنا معن بن عيسى عن بن أبي ذئب عن الزهري قال لم يبلغنا أن أحدا من ولاة هذه الامة الذين كانوا بالمدينة أبو بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يثنون الصدقة لكن يبعثون عليها كل عام في الخصب والجدب لان أخذها سنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حدثنا سفيان بن عيينة عن الوليد بن كثير عن حسن بن حسن عن أمه فاطمة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ثنيا في الصدقة انتهى باب الجزيه الحديث الاول روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح بنى نجران على ألف ومائتي حلة قلت أخرجه أبو داود في كتاب الخراج عن إسماعيل بن عبد الرحمن السدي
[ 327 ]
عن بن عباس قال صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل نجران على ألفي حلة النصف في صفر والبقيه في رجب يؤدونها إلى المسلمين وعارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح يغزون بها والمسلمون ضامنون لها حتى يردوها عليهم إن كان باليمن كيد أو غدره على أن لا تهدم لهم بيعه ولا يخرج لهم قس ولا يفتنوا عن دينهم ما لم يحدثوا حدثا أو يأكلوا الربا انتهى قال المنذري في سماع السدى من بن عباس نظر وإنما قيل إنه رآه ورأى بن عمر وسمع من أنس بن مالك انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام لمعاذ خذ من كل حالم وحالمة دينارا أو عدله معافر قلت أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي في الزكاة عن الاعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعه ومن كل أربعين مسنه ومن كل حالم دينارا أو عدله معافر انتهى قال الترمذي حديث حسن وذكر أن بعضهم رواه عن مسروق عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال وهو أصح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي والعشرين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ويراجعان فإن بن ماجة رواه ولم يذكر فيه قصة الحالم وإن كان أصحا ب الاطراف عزوه إليه أيضا لانهم إنما يعتبرون أصل الحديث وأنصف بن تيميه في المنتقى إذ قال بعد أن عزاه لاصحاب السنن وليس لابن ماجة ذكر الحالم ووهم بن دقيق العيد في الالمام فعزاه لاصحاب السنن ولم يستثن وأقوى منه في الوهم ما فعله بعض أهل العصر في كتاب وضعه على التنبيه
[ 328 ]
لابي إسحاق الشيرازي فذكر في با ب الجزيه عن معاذ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال خذ من كحالم دينارا أو عدله معافر ثم قال أخرجه أصحاب السنن وليس هذا عند بن ماجة والله أعلم ولفظه الحالمة رويت فيه أيضا مرسلا ومسندا فالمسند رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر وسفيان الثوري عن الاعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم وحالمة دينارا أو عدله معافر انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه في كتاب الزكاة ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده من ثلاث طرق دائرة على الاعمش به وأما المرسل فرواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الاعمش عن شقيق بن سلمة عن مسروق قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل حالم أو حالمه من أهل الذمة دينارا أو قيمته معافرى قال وكان معمر يقول هذا غلط قوله حالمه ليس على النساء شئ انتهى حديث آخر رواه أبو داود في المراسيل عن جريج عن منصور عن الحكم قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ باليمن على كل حالم أو حالمه دينار أو قيمته انتهى حديث آخر بمعناه رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا عثمان بن صالح عن عبد الله بن لهيعه عن أبي الاسود عن عروة عن الزبير قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أنه من كان على يهودية أو نصرانية فإنه لا يفتن عنها وعليه الجزيه على كل حالم ذكر أو أنثى عبد أو أمة دينار واف أو قيمته انتهى حديث آخر بمعناه رواه بن زنجويه النسائي في كتاب الاموال حدثنا النضر بن شميل ثنا عوف عن الحسن قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن من أسلم من يهودي أو نصراني فله ما للمسلم وعليه ما عليه ومن أبى فعليه الجزية على كل حالم من ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو قيمته من المعافر في كل عام انتهى حديث آخر بمعناه رواه بن زنجويه أيضا حدثنا هاشم بن القاسم حدثني المرجا بن رجاء ثنا سليمان بن حفص عن أبي إياس معاوية بن قرة قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
[ 329 ]
مجوس هجر أما بعد من شهد منكم أن لا إلي إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فله مثل مالنا وعليه مثل ما علينا ومن أبى فعليه الجزية على كل رأس دينار على الذكر والانثى ومن أبى فليأذن بحرب من الله ورسوله انتهى قال أبو عبيد وهذا والله أعلم فيما نرى منسوخ إذ كان في أول الاسلام نساء المشركين وولدانهم يقتلون مع رجالهم والمحفوظ من ذلك الحديث الذي لا ذكر للحالمة فيه لانه الامر الذي عليه المسلمون وبه كتب عمر إلى أمراء الاجناد فان كان الذي فيه ذكر الحالمة محفوظا فوجهه ما ذكرناه كما روى الصعب بن جثامة أن خيلا أصابت من أبناء المشركين فقال عليه السلام هم من آبائهم ثم جاء النهي عن قتل الذرية من النساء والصبيان في أحاديث كثيرة انتهى قال بن زنجويه ويؤيد ما قاله أبو عبيد ما أخبرنا يعلى بن عبيد ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس عن الصعب بن جثامة قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولاد المشركين نقتلهم معهم قال نعم فانهم منهم ثم نهى عن قتلهم يوم خيبر انتهى قوله ومذهبنا روى عن عمر وعثمان وعلي رضي الله عنه ولم ينكر عليهم أحد من المهاجرين والانصار قلت أما الرواية عن عمر فروى بن أبي شيبة في مصنفه في الامارة حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن أبي عون محمد بن عبيد الله الثقفي قال وضع عمر بن الخطاب في الجزية على رءوس الرجال على الغنى ثمانية وأربعين درهما وعلى المتوسط أربعة وعشرين درهما وعلى الفقير اثنى عشر درهما انتهى وهو مرسل ورواه بن زنجويه في كتاب الاموال حدثنا أبو نعيم ثنا مندل عن الشيباني عن أبي عون عن المغيرة بن شعبة أن عمر وضع إلى آخره طريق آخر رواه بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر أخبرنا عارم بن الفضل ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة أن عمر وضع الجزية على
[ 330 ]
أهل الذمة فيما فتح من البلاد فوضع على الغني ثمانية وأربعين درهما وعلى الوسط أربعة وعشرين درهما وعلى الفقير اثنى عشر درهما مختصر من حديث طويل طريق آخر رواه أبو عبيد القاسم بن سلام فكتاب الاموال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن حارسة بن مضر ب عن عمر أنه بعث عثمان بن حنيف فوضع عليهم ثمانية وأربعين درهما وأربعة وعشرين وإثنى عشر انتهى وأما الرواية عن عثمان وعلي الحديث الثالث روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع الجزية على المجوس قلت فيه أحاديث منها حديث أخرجه البخاري في صحيحه عن مجالد وهو بن عبدة المكي قال أتانا كتاب عمر بن الخطا ب قبل موته بسنة فرقوا بين كل ذي محرم من المجوس ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر انتهى حديث آخر رواه مالك في الموطأ أخبرنا الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس البحرين وأن عمر أخذها من مجوس فارس وأن عثمان أخذها من مجوس
[ 331 ]
البربر انتهى وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطأه وابن أبي شيبة في مصنفه بسنده ومتنه ورواه الدارقطني في غرائب مالك والطبراني في معجمه عن الحسين بن أبي كبشة ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزهري عن السائب بن يزيد أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال الدارقطني لم يصل إسناده غير الحسين بن أبي كبشة البصري عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك ورواه الناس عن مالك عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ليس فيه السائب وهو المحفوظ أنتهى حديث آخر رواه البزار في مسنده والدارقطني في غرائب مالك من حديث أبي علي الحنفي ثنا مالك بن أنس عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري كيف أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب انتهى قال البزار هذا حديث قد رواه جماعة عن جعفر عن أبيه لم يقولوا عن جده وجده هو علي بن الحسين وهو مرسل ولا نعلم أحدا قال فيه عن جده إلا أبو علي الحنفي عن مالك انتهى وقال الدارقطني ولم يقل فيه عن جده ممن رواه عن مالك غير أبي علي الحنفي وكان ثقة وهو في الموطأ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر انتهى قلت هكذا رواه في الموطأ من رواية يحيى بن يحيى عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر فذكره ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن
[ 332 ]
مرسلا ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا بن جريج عن جعفر به ورواه إسحاق بن راهويه أخبرنا عبد الله بن إدريس عن جعفر به قال بن عبد البر هذا حديث منقطع فإن محمد بن علي لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف وقد رواه أبو علي الحنفي وكان ثقة واسمه عبد الله بن عبد المجيد فقال فيه عن جده ومع ذلك فهو منقطع لان علي بن الحسين لم يلق عمر ولا عبد الرحمن بن عوف ولكن معناه يتصل من وجوه حسان انتهى قال صاحب التنقيح وقد روى معنى هذا من وجه متصل إلا أن في إسناده من يجهل حاله قال بن أبي عاصم حدثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ثنا أبو رجاء وكان جارا لحماد بن سلمة ثنا الاعمش عن زيد بن وهب قال كنت عند عمر بن الخطاب فقال من عنده علم من المجو س فوثب عبد الرحمن بن عوف فقال أشهد بالله على رسول الله صلى الله عليه وسلم لسمعته يقول إنما المجوس طائفة من أهل الكتاب فاحملوهم على ما تحملون عليه أهل الكتاب انتهى حديث آخر روى الشافعي في مسنده حدثنا سفيان عن سعيد بن المرزبا عن نصر بن عاصم قال قال فروة بن نوفل علام تؤخذ الجزية من المجوس وليسوا بأهل كتاب فقام إليه المستورد فأخذ بلبته وقال يا عدو الله تطعن على أبي بكر وعمر وعثمان وعلى أمير المؤمنين يعني عليا وقد أخذوا منهم الجزية فذهب به إلى القصر فخرج عليهم علي وقال أنا أعلم الناس بالمجوس كان لهم علم يعلمونه وكتاب يدرسونه وأن ملكهم سكر فوقع على ابنته أو أمه فاطلع عليه بعض أهل مملكته فلما صحا أرادوا أن يقيموا عليه الحد فامتنع منهم فدعا أهل مملكته فقال تعلمون دينا خيرا من دين آدم وقد كان ينكح بنيه من بناته فأنا على دين آدم وما يرغب بكم عن دينه فبايعوه وقاتلوا الذين خالفوهم حتى قتلوهم فأصبحوا وقد أسرى على كتابهم فرفع من بين أظهرهم وذهب العلم الذي في صدورهم وهم أهل كتاب وقد أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر منهم الجزية انتهى قال بن الحوزي في التحقيق وسعيد بن المرزبان مجروح قال يحيى القطان لا أستحل أروي عنه وقال بن معين ليس بشئ ولا يكتب حديثه وقال الفلاس متروك الحديث وقال أبو أسامة كان ثقة وقال أبو زرعة هو مدلس انتهى ومن طريق
[ 333 ]
الشافعي روى البيهقي في المعرفة وقال أخطأ بن عيينة في قوله نصر بن عاصم وإنما هو عيسى بن عاصم هكذا رواه بن فضيل والفضل بن موسى عن سعيد بن المرزبان عن عيسى بن عاصم قال محمد بن إسحاق بن خزيمة كنت أتوهم أن الخطأ من الشافعي فوجدت غيره تابعه فعلمت أن الخطأ من بن عيينة ثم أسند البيهقي عن أبي داود وأبي زرعة أنهما قالا ما علمنا للشافعي حديثا أخطأ فيه والله أعلم قوله روى أن أبا بكر رضي الله عنه استرق نسوان بني حنيفة وصبيانهم لما ارتدوا وقسمهم بين الغانمين قلت روى الواقدي في كتاب الردة له حدثني عبد العزيز بن أنس الطفري عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد فذكر وقعة اليمامة وهي قصة مسيلمة الكذاب وأصحابه بني حنيفة بطولها وفيها أن أبا بكر رضي الله عنه أرسل إليهم خالد بن الوليد في جماعة من المسلمين فقتلهم وقتل مسيلمة وانهزم الباقون فتحصنوا في الحصون وقتل من المسليمن جماعة منهم أبو دجانة الانصاري وجرح منهم خلق كثير وكانت مقتلة عظيمة إلى أن قال وحدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال ثم إن خالد بن الوليد صالحهم على أن يأخذ منهم الصفراء والبيضاء والكراع والسلاح ونصف السبى ثم دخل حصونهم صلحا فأخرج السلاح والكراع والاموال والسبي فجمع السلاح على حدة والكراع على حدة والدراهم والدنانير على حدة ثم قسم السبي قسمين وأقرع على القسمين فخرج سهمه على أحدهما وفيه مكتوب لله ثم جزأ الذي صار له من السبي على خمسة أجزاء وكتب على كل سهم منها لله وجزأ الكراع هكذا ووزن الفضة والذهب فعزل الخمس من ذلك كله فقسم على الناس أربعة أخماس وأسهم للفرس سهمين ولصاحبه سهما وعزل الخمس حتى قدم به على أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال وحدثني بن أبي سبرة عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال استعمل خالد بن الوليد على الخمس أبا نائلففرق منه أبو بكر في مواضع الخمس ما فرق قال وحدثني أبو الزناد عن هشام بن عروعن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر الصديق قالت قد رأيت أم
[ 334 ]
محمد بن علي بن أبي طالب وكانت من سبي بني حنيفة فلذلك سمته الحنفية وسمى ابنه المذكور محمد بن الحنفية قال وحدثني عبد الله بن نافع عن أبيه قال كانت أم زيبن عبد الله بن عمر من ذلك السبي انتهى أثر آخر للخصم رواه الواقدي أيضا في الكتاب المذكور حدثنا معمر عن الزهري فذكر قصة إسلام أهل حضرموت ويسمون أهل كندة وأنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم منهم ثمانية عشر رجلا أحدهم الاشعث بن قيس وأنهم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستعمل عليهم رجلا منهم فاستعمل عليهم زياد بن لبيد البياضي وكتب معه كتابا في فرائض الصدقات وصار معهم عاملا على حضرموت فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وولي أبو بكر أرسل إلى زياد بكتاب يعلمه بذلك ويوصيه بالمسلمين ويسألهم أن يبايعوه فقرأ زياد عليهم الكتاب فنكصوا عن البيعة وارتدوا وممن نكص عن البيعة الاشعث إلا أنه ليرتد فصاح زياد بن لبيد بأصحابه المسلمين فاجتمعوا إليه ووقع بينهم قتال شديد في ذلك اليوم قال وحدثني جرير بن سليم الزرقي عن عثمان بن صفوان عن بن أبي هند عن أبيه أبي هند قال برز يومئذ منهم رجل فبرزت إليه وكان شجاعا قال فتناولنا بالرمحين معظم النهار فلم يظفر أحدنا بصاحبه ثم صرنا إلى السيفين بقية النهار فلم يقدر أحدنا على الآخر ونحن فارسان فلما أمسوا تفرقوا وتوجه زياد إلى بيته بعد أن بعث عيونا في طلب غرتهم فجاءه واحد منهم فأخبره بغرة منهم فسار إليهم ليلا في مائة من أصحابه فإذا هم هدأوا وناموا فأغار عليهم فقتلهم وذبح ملوكهم وأشرافهم وبعث إلى أبي بكر يعلمه بذلك فكتب أبو بكر إلى المهاجر بن أبي أمية وكان عاملا على صنعاء استعمله النبي صلى الله عليه وسلم عليها أن يسير إلى زياد بمن حضره من المسلمين فلما قدم المهاجر على زياد اشتد
[ 335 ]
أمرهما وحاصرا النجير أياما حصارا شديدا فلما جهدهم الحصار قال الاشعث بن قيس والله إن الموت بالسيف لاهون من الموت بالجوع فدعوني أنزل إلى هؤلاء فآخذ لي ولكم الامان منهم فقالوا له افعل وأرسل الاشعث إلى زياد يسأله الامان وأجابه فنزل إليه فأراد زياد قتله فقال له الاشعث لا تقتلني وابعث لي إلى أبي بكر يرى في رأيه فإنه يكره قتل مثلي وأنا أفتح لك النجير فآمنه زياد على نفسه وأهله وماله وفتح له الاشعث النجير ودخل زياد إلى النجير فأخرج من مقاتلهم خلقا كثيرا فعمد إلى أشرافهم وكانوا سبعمائة رجل فضرب أعناقهم في صعيد واحد وترك جثثهم للسباع لم يوار منها شيئا وسبى من مقاتليهم ثمانين رجلا وأخذ الذرية والنساء فعزلهم على حدة وبعث زياد بالجميع إلى أبي بكر وأرسل معهم الاشعث بن قيس في وثاق من حديد فلما دخل الاشعث على أبي بكر قال له أبو بكر أنت الذي فعلت كذا وكذا وفعلت كذا وكذا يعدد له ذنوبه فقال له الاشعث يا خليفة رسول الله دع عنك ما مضى واستقبل الامور إذا أقبلت فوالله يا خليفة رسول الله ما كفرت بعد إسلامي ولكن شححت بمالي فقال له أبو بكر ألست الذي تقول كذا وكذا وتقول كذا وكذا فقال الاشعث نعم كل ذلك كان ولكن يا خليفة رسول الله قد تبت مما صنعت ورجعت إلى ما خرجت منه فأطلق أسر واستبقني لحربك وزوجني أختك فأطلقه أبو بكر وقبل توبته وزوجه أخته أم فروة بنت أبي قحافة قال وقسم أبو بكر سبى النجير خمسة أخماس ففرق الخمس في الناس وتر ك أربعة أخماس قال وقدم جماعة من أهل النجير يطلبون أن يفادوا سبيهم وقالوا والليا خليفة رسول الله ما رجعنا عن الاسلام ولكن شححنا بأموالنا وقد رجع من وراءنا إلى ما خرجوا منه وبايعوا لك راضين فقال بعد ماذا بعد أن وطئتكم بالسيف قال الواقدي وحدثني ربيعة بن عثمان عن مسلم بن جندب قال لما كلم الوفد أبا بكر في أن يفادوا أسراهم أجابوا إلى ذلك وخطب الناس على المنبر أيها الناس ردوا على هؤلاء القوم أسراهم لا يحل لاحد يؤمن بالله أن يغيب أحدا منهم وقد جعلنا الفداء على كل رأس منهم أربعمائة درهم قال فجمع أبو بكر رضي الله عنه ما تحصل من ذلك مع ما استخرجه زياد من حصن النجير من الاموال فجعله مغنما انتهى أثر آخر يشهد لمذهبنا روى الواقدي في كتاب الردة أيضا حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن جده فذكر قصة إسلام أهل دبا وأزد عمان وأن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 336 ]
بعث عليهم حذيفة بن اليمان مصدقا وكتب معه فرائض الصدقات قال فلما توفي النبي صلى الله عليه وسلم منعوا الصدقة وارتدوا فدعاهم حذيفة إلى التوبة فأبوا وأسمعوه شتم النبي صلى الله عليه وسلم فقال لهم حذيفة أسمعوني في أبي وأمي ولا تسمعوني في النبي صلى الله عليه وسلم فأبوا إلا ذلك فكتب حذيفة إلى أبي بكر يخبره بذلك فاغتاظ غيظا شديدا وأرسل إليهم عكرمة بن أبي جهل في نحو ألفين من المسلمين فقاتلوهم حتى هزمهم ودخلوا مدينة دبا فتحصنوا فيها وحاصرهم المسلمون نحو شهر فلما جهدهم الحصار طلبوا الصلح فشرط عليهم حذيفة أن يخرجوا من المدينة عزلا من غير سلاح ففعلوا ودخل المسلمون حصنهم فقتل عكرمة من أشرافهم مائة رجل وسبى ذراريهم وأقام عكرمة بدبا عاملا عليها لابي بكر وقدم حذيفة على أبي بكر بالسبي وكانوا سبعمائة نفر منهم ثلاثمائة مقاتل وأربعمائة من الذرية والنساء فيهم أبو المهلب أبو صفرة غلام لم يبلغ الحلم فسجنهم أبو بكر في دار رملة بنت الحارث واستشار فيهم فكان رأي المهاجرين قتلهم أو تفديتهم بإغلاء الفداء وكان رأي عمر أن لا قتل عليهم ولا فداء فلم يزالوا محبوسين حتى توفي أبو بكر فلما ولي عمر نظر في ذلك فقال لا سبي في الاسلام وأرسلهم بغير فداء وقال هم أحرار حيث أدركتموهم مختصر وقد يقال إن عمر لم يتحقق ردتهم يدل على ذلك في القصة أن أبا بكر لما استشافيهم قال له عمر يا خليفة رسول الله إنهم قوم مؤمنون وإنما شحوا بأموالهم قاوالقوم يقولون والله رجعنا عن الاسلام وإنما شححنا بالمال فأبى أبو بكر أن يدعهوا بهذا القول ولم يزالوا الحديث الحديث الرابع حديث معاذ خذ من كل حالم وحالمة دينار تقدم في الحديث الثاني قوله إن عثمان لم يوظف الجزية على فقير غير معتمل وكان بمحضر من الصحابة قلت المراد بعثمان عثمان بن حنيف والذي تقدم عنه أنوضع عليهم ثمانية وأربعين وأربعة
[ 337 ]
وعشرين وإثنى عشر وروى بن زنجويه في كتا ب الاموال حدثنا الهيثم بن عدي عن عمر بن نافع حدثني أبو بكر العبسي صلة بن زفر قال أبصر عمر شيخا كبيرا من أهل الذمة يسأل فقال له مالك قال ليس لي مال وأن الجزية تؤخذ مني فقال له عمر ما أنصفناك أكلنا شيبتك ثم نأخذ منك الجزية ثم كتب إلى عماله أن لا يأخذوا الجزية من شيخ كبير انتهى الحديث الخامس قال عليه السلام ليس على مسلم جزية قلت أخرجه أبو داود في الخراج والترمذي في الزكاة عجرير عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على مسلم جزية انتهى قال أبو داود وسئل سفيان الثوري عن هذا فقال يعني إذا أسلم فلا جزية عليه انتهى وقال الترمذي وقد روى قابوس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى ورواه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه في الوكالة وسكت عنه قلت وقد ورد باللفظ الذي فسره به سفيان قال الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن
[ 338 ]
يعقوب الخطيب ثنا عيسى بن أبي حرب الصفار ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا عمر بن يزيد عن محارب بن دثار عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أسلم فلا جزية عليه انتهى وأعل بن القطان حديث السنن في كتابه بقابوس فقال وقابوس عندهم ضعيف وربما ترك بعضهم حديثه وكان قد افترى على رجل فحد فترك لذلك
[ 339 ]
انتهى كلامه فصل الحديث السادس قال عليه السلام لاخصاء في الاسلام ولا كنيسة قلت أخرجه البيهقي في سننه عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا خصاء في الاسلام ولا بنيان كنيسة وضعفه وروى أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الله بن
[ 340 ]
صالح ثنا الليث بن سعد حدثني توبة بن النمر الحضرمي قاضي مصر عمن أخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا خصاء في الاسلام ولا كنيسة انتهى وحدثني أبو الأسود عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير قاقال عمر بن الخطاب لا كنيسة في الاسلام ولا خصاء انتهى وروى بن عدي في الكامل حدثنا الحسين بن سفيان ثنا محمد بن جامع ثنا سعيد بن عبد الجبار عن أبي المهدي سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبنى كنيسة في الاسلام ولا يبنى ما خرب منها انتهى ومن جهة بن عدي ذكره عبد الحق في أحكامه وأعله تبعا لابن عدي بسعيد بن سنان قال بن عدي عامة ما يرويه غير محفوظ وأسند تضعيفه عن أحمد وابن معين قال بن القطان في كتابه وفيه من الضعفاء غير سعيد محمد بن جامع أبو عبد الله العطار قال أبو زرعة ليس بصدوق وامتنع أبو حاتم من الرواية عنه وسعيد بن عبد الجبار أيضا ضعيف بل متروك حكى البخاري أن جرير بن عبد الحميد كان يكذبه فلعل العلة فيه غير سعيد بن سنان والله أعلم انتهى كلامه قال عبد الحق وأبو المهدي كان رجلا صالحا لكن حديثه ضعيف لا يحتج به انتهى الحديث السابع قال عليه السلام لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل ثنا صالح بن أبي الاخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فمرضه الذي
[ 341 ]
توفى فيه لا يجتمع دينان في جزيرة العرب وفيه قصة ورواه عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع بأرض العرب أو قال بأرض الحجاز دينان ورواه في الزكاة وزاد فيه فقال عمر لليهود من كان منكم عنده عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم فليأت به وإلا فإني مجليكم قال فأجلاهم عمر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في مرض موته انتهى ورواه بن هشام في السيرة عن بن إسحاق حدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت كان آخر ما عهد به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يترك بجزيرة العر ب دينان انتهى قال الدارقطني في علله وهذا حديث صحيح انتهى ورواه مالك في الموط قال أبو مصعب
[ 342 ]
أخبرنا مالك عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب قال مالك قال بن شهاب ففحص عن ذلك عمر بن الخطاب حتى أتاه اليقين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمع دينان في جزيرة العرب فأجلى يهود خيبر وأجلى يهود نجران وفدك انتهى أخبرنا مالك عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب انتهى ذكره في أواخر الكتاب وأسند أبو داود عن سعيد بن عبد العزيز قال جزيرة العرب ما بين الوادي إلى أقصى اليمن إلى تخوم العراق إلى البحر انتهى وقال المنذر في مختصره قال مالك جزيرة العرب المدينة نفسها وروى عنه أنها الحجاز واليمن واليمامة وما لم يبلغه ملك فارس والروم وحكى البخاري عن المغيرة قال هي مكة والمدينة وقال الاصمعي هي من أقصى عدن أبين إلى ريف العراق في الطول وأما العرض فمن جدة وما والاها من ساحل البحر إلى أطراف الشام وسميت الجزيرة جزيرة لانحسار الماء عن موضعها والجزر هو القطع لانها جزرت عنها المياه التي حواليها كبحر البصرة وعمان وعدن والفرات وقيل لانه حواليها بحر الحبش وبحر فارس ودجلة والفرات وقال الازهري سميت جزيرة لان بحر فارس وبحر السواد أحاط بجانبيها يعني الجنوبي وأحاط بالجانب الشمالي دجلة والفرات انتهى
[ 343 ]
وحديث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب أخرجه البخاري في الجزية ومسلم في آخر الوصاية كلاهما عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما اشتد برسو الله صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي فتنازعوا وقالوا ما شأنه أهجر استفهموه فقال دعوني أوصيكم بثلاث أخرجوا المشركين من جزيرة العرب وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم قال وسكت عن الثالثة انتهى قوله ونصارى بني تغلب يؤخذ من أموالهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين من الزكاة لان عمر رضي الله عنه صالحهم على ذلك لمحضر من الصحابة قلت تقدم في آخر باب زكاة الخيل قوله قال عمر هذه جزية فسموها ما من شئتم تقدم أيضا فيه الحديث الثامن قال عليه السلام مولى القوم منهم تقدم في باب من يجوز
[ 344 ]
دفع الصدقة إليه ومن يجوز باب أحكام المرتدين
[ 345 ]
الحديث الاول قال عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث معاوية بن حيدة ومن حديث عائشة أما حديث بن عباس فأخرجه البخاري في كتاب الجهاد في استتبابة المرتدين عن عكرمة أن عليا أتى بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه انتهى ووهم الحاكم في المستدرك فرواه في كتاب الفضائل وقال على شر البخاري ولم يخرجاه ورواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما بدون القصة حدثنا بن عيينة عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه انتهى وأما حديث معاوبة بن حيدة فأخرجه الطبراني في معجمه الكبير عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه
[ 346 ]
فاقتلوه إن الله لا يقبل توبة عبد كفر بعد إسلامه انتهى وأما حديث عائشة فأخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أبي بكر الهذلي عن الحسن وشهر بن حوشب عن عائشة مرفوعا نحوه سواء الحديث الثاني روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل النساء قلت تقدمت الاحاديث في ذلك ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني في سننه في الحدود عن عبد الله بن عيسى الجزري ثنا عفان ثنا شعبة عن عاصم عن أبي رزين عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتل المرأة إذا ارتدت انتهى قال الدارقطني وعبد الله هذا كذاب يضع الحديث على عفان وغيره وهذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا رواه شعبة
[ 347 ]
انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا هرمز بن معلى ثنا محمد بن سلمة عن الفزاري عن مكحول عن أبي طلحة اليعمري عن أبي ثعلبة الخشني عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له حين بعثه إلى اليمن أيما رجل ارتد عن الاسلام فادعه فان تاب فاقبل منه وإن لم يتب فاضرب عنقه وأيما
[ 348 ]
امرأة ارتدت عن الاسلام فادعها فان تابت فاقبل منها وإن أبت فاستتبها انتهى حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن حفص بن سليمان أبي عمرو الاسدي عن موسى بن أبي كثير عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت فلم يقتلها انتهى وقال هذا حديث لا يرويه عن موسى بن أبي كثير عن حفص وضعف حفص بن سليمان عن أحمد والنسائي وابن معين وقال بن عدي وعامة ما يرويه غير محفوظ انتهى قال أبو الفتح اليعمري في سيرته عيون الاثر حديث من بدل دينه فاقتلوه وحديث أنه عليه السلام نهى عن قتل النساء عامان متعارضان وكل من الفريقين يخص أحد الحديثين بالآخر ولكن حديث من بدل دينه فاقتلوه فيه مع العموم قوة أخرى وهي تعليق الحكم بالردة والتبديل انتهى وقال السهيلي في الروض الانف ولم يصب من قاس المرتدة على نساء الحرب فان المرتدة لا تسترق ولا تسبى كما تسبى نساء الحرب فلذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل نساء الحرب ليكن مالا للمسلمين انتهى الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحمن بن سليمان ووكيع عن أبي حنيفة عن عاصم عن أبي رزين عن بن عباس قال النساء لا يقتلن إذا هن ارتددن عن الاسلام ولكن يحبس ويدعين إلى الاسلام ويجبرن عليه انتهى ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة به ورواه عبد الرزاق في
[ 349 ]
مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا سفيان الثوري عن عاصم عن أبي رزين به ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه إلا أنه قال عن الثوري عن أبي حنيفة عن عاصم فليحرر ذلك ثم أسند الدارقطني عن يحيى بن معين قال كان الثوري يعيب على أبي حنيفة حديثا كان يرويه ولم يروه غير أبي حنيفة عن عاصم عن أبي رزين انتهى ثم أخرجه الدارقطني عن أبي مالك النخعي عن عاصم بن أبي
[ 350 ]
النجود به أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا الثوري عن يحيى بن سعيد أن عمر بن الخطاب أمر في أم ولد تنصرت أن تباع في أرض ذات مؤنة عليها ولا تباع في أهل دينها فبيعت بدومة الجندل من غير أهل دينها انتهى أثر آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن خلاس بن عمرو عن علي قال المرتدة تستتاب ولا تقتل انتهى ثم قال وخلاس ضعيف وأخرج عبدالرزا نحوه عن عطاء والحسن وإبراهيم النخعي أحاديث الخصوم أخرج الدارقطني عن عبد الله بن أذينة عن هشام بن الغاز عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال ارتدت امرأة عن الاسلام فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرضوا عليها الاسلام فإن أسلمت وإلا قتلت فعرض عليها فأبت أن تسلم فقتلت انتهى وعبد الله بن أذينة جرحه بن حبان فقال لا يجوز الاحتجاج به بحال وقال الدارقطني في المؤتلف والمختلف متروك ورواه بن عدي في الكامل وقال عبد الله بن عطارد بن أذينة منكر الحديث ولم أر للمتقدمين فيه كلاما انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبد الملك الانصاري عن
[ 351 ]
الزهري عن عروة عن عائشة قالت ارتدت امرأة يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب فان تابت وإلا قتلت انتهى ومحمد بن عبد الملك هذا قال أحمد وغيره فيه يضع الحديث حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبد الملك الانصاري عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت ارتدت امرأة يوم أحد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن تستتاب فإن تابت وإلا قتلت انتهى ومحمد بن عبد الملك هذا قال أحمد وغيره فيه يضع الحديث معمر بن بكار السعدي ثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن محمد بن المنكدر عن جابر أن امرأة يقال لها أم مروان ارتدت عن الاسلام فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليها الاسلام فان رجعت وإلا قتلت انتهى ومعمر بن بكار في حديثه وهم قاله العقيلي وهذا الحديث ملحق بالاول الآثار أخرج الدارقطني عن سعيد بن عبد العزيز أن أبا بكر رضي الله عنه قتل أم قرفة الفزارية في ردتها قتلة مثلة شد رجليها بفرسين ثم صاح بهما فشقاها لكن قيل إن سعيدا هذا لم يدرك أبا بكر فيكون منقطعا
[ 354 ]
الحديث الثالث روي أعليا رضي الله عنه أسلم في صباه وصحح النبي صلى الله عليه وسلم إسلامه وافتخاره بذلك مشهور قلت اختلفت الرواية في إسلام علي رضي الله عنه فأخرج البخاري في تاريخه عن عروة قال أسلم علي وهو بن ثماني
[ 355 ]
سنين وأخرج الحاكم في المستدرك في الفضائل من طريق بن إسحاق أن عليا أسلم وهو بن عشر سنين وأخرج من طريق عبدالرزا ثنا معمر عن قتادة عن الحسن أنه كان عمره خمس عشرة سنة وأخرج أيضا عن مسعر عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع الراية إلى علي يوم بدر وهو بن عشرين سنة انتهى وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال الذهبي في مختصره هذا نص في أنه أسلم وله أقل من عشر سنين بل نص في أنه أسلم بن سبع سنين أو ثماني سنين وهو قول عروة انتهى وأخرج أيضا من طريق بن إسحاق عن إسماعيل بن عمرو بن عفيف عن جده عفيف بن عمرو قال كنت امرأ تاجرا وكنت صديقا للعباس بن عبد المطلب في الجاهلية فقدمت لتجارة فنزلت على العباس بمنى فجاء رجل فنظر إلى الشمس حين مالت فقام يصلي ثم جاءت امرأة فقامت تصلي ثم جاء غلام قد راهق الحلم فقام يصلي فقلت للعباس من
[ 356 ]
هذا فقال هذا محمد بن أخي يزعم أنه نبي ولم يتابعه على أمره غير امرأته هذه خديجة بنت خويلد وهذا الغلام بن عمه علي بن أبي طالب قال عفيف فلوددت أني أسلمت يومئذ فيكون لي ربع الاسلام انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة علي أخبرنا الواقدي ثنا إبراهيم بن نافع وإسحاق بن حازم عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال أول من صلى علي وهو بن عشر سنين أخبرنا الواقدي حدثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة عن عمارة بن عزية عن محمد بن عبد الرحمن بن زرارة قال أسلم علي وهو بن تسع سنين أخبرنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عليا إلى الاسلام وهو بن تسع سنين ويقال دون التسع ولم يعبد وثنا قط لصغره انتهى قال بن الجوزي في التحقيق روى عن أحمد أنه قال أسلم علي وهو بن ثماني سنين وروى عنه أيضا أنه أسلم وهو بن خمس عشرة سنة قال واستقراء الحال يبطل رواية الخمس عشر لانه إذا كان له يوم البعث ثماني سنين فقد عاش بعد ثلاثا وعشرين سنة وبقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم نحو الثلاثين فهذه مقاربة الستين وهو الصحيح في مقدار عمره ثم أسند عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قتل علي وهو بن ثمان وخمسين سنة قال فمتى قلنا إنه كان له يوم إسلامه خمس عشرة صار عمره ثمانيا وستين ولم يقله أحد انتهى قال صاحب التنقيح والدليل على صحة إسلام الصبي ما رواه البخاري من حديث أنس قال كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقعد عند رأسه فقال له أسلم فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال أطع أبا القاسم فأسلم فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول الحمد لله الذي أنقذه بي من النار انتهى قال ولان النبي صلى الله عليه وسلم عرض الاسلام على بن صياد وهو غلام لم يبلغ الحمل ومن قال لا إله إلا الله دخل الجنة قال والمنصوص عن أحمد صحة إسلام بن سبع سنين فقال إذا بلغ الغلام سبع سنين جاز إسلامه ويجبر على الاسلام إذا كان أحد أبويه مسلما لان النبي صلى الله عليه وسلم قال مروا صبيانكم بالصلاة لسبع فإن رجع عن الاسلام انتظر به حتى يبلغ فإن أسلم وإلا قتل
[ 357 ]
انتهى كلامه أحاديث إمهال المرتد ثلاثة أيام روى البيهقي في كتاب المعرفة من طريق الشافعي ثنا مالك عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري عن أبيه عن عمر أنه قال لوفد قدموا عليه من بني ثور هل من مغربة خبر قالوا نعم أخذنا رجلا من العرب كفر بعد إسلامه فقدمناه فضربنا عنقه فقال هل أدخلتموه جوف بيت فألقيتم إليه كل يوم رغيفا ثلاثة أيام واستتبتموه لعله يتوب أو يراجع أمر الله اللهم لم أشهد ولم آمر ولم أرض إذا بلغني انتهى ورواه مالك في الموطأ في الاقضية قال أبو مصعب أخبرنا مالك ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب غريب الحديث حدثني إسماعيل بن جعفر عن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري به فذكره قال أبو عبيد ولم أسمع التوقيت في غير هذا الحديث والمغربة بفتح الراء وكسرها لغتان وأصله البعد ومنه قولهم شأو مغرب ودار فلان غربة انتهى كلامه وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر بن عبد العزيز قال يستتاب المرتد ثلاثة أيام فان أسلم وإلا قتل انتهى باب البغاة قوله وكشف الامام عن شبهتم لان عليا فعل كذلك بأهل حروراء قلت رواه
[ 358 ]
النسائي في سننه الكبرى في خصائص علي فقال أخبرنا عمرو بن علي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل سماك الحنفي حدثني عبد الله بن عباس قال لما خرجت الحرورية اعتزلوا في دار وكانوا ستة آلاف فقلت لعلي يا أمير المؤمنين أبرد بالصلاة لعلي أكلم هؤلاء القوم قال إني أخافهم عليك قلت كلافلبست ثيابي ومضيت حتى دخلت عليهم في دار وهم مجتمعون فيها فقالوا مرحبا بك يا بن عباس ما جاء بك قلت أتيتكم من عند أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم المهاجرين والانصار ومن عند بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وصهره وعليهم نزل القرآن فهم أعلم بتأويله منكم وليس فيكم منهم أحد لابلغكم ما يقولون وأبلغهم ما تقولون فانتحى لي نفر منهم قلت هاتوا ما نقمتم على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمه وختنه وأول من آمن به قالوا ثلاث قلت ما هي قالوا إحداهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى إن الحكم إلا لله قلت هذه واحدة قالوا وأما الثانية فإنه قاتل ولم يسب ولم يغنم فإن كانوا كفارا لقد حلت لنا نساؤهم وأموالهم وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت علينا دماؤهم قلت هذه أخرى قالوا وأما الثالثة فإنه محى نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين قلت هل عندكم شئ غير هذا قالوا حسبنا هذا قلت لهم أرأيتم إن قرأ ت عليكم من كتاب الله وحدثتكم من سنة نبيه ما يرد قولكم هذا ترجعون قالوا اللهم نعم قلت أما قولكم إنه حكم الرجال في دين الله فأنا أقرأ عليكم أن قد سير الله
[ 359 ]
حكمه إلى الرجال في أرنب ثمنها ربع درهم قال تعالى لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم إلى قوله يحكم به ذوا عدل منكم وقال في المرأة وزوجها وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها أنشدكم الله أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وإصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب ثمنها ربع درهم فقالوا اللهم بل فحقن دمائهم وإصلاح ذات بينهم قلت أخرجت من هذه قالوا اللهم نعم قلت وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم عائشة فتستحلوا منها ما تستحلون من غيرها وهي أمكم فإن فعلتم لقد كفرتم وإن قلتم ليس بأمنا فقد كفرتم قال الله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم فأنتم بين ضلالتين فاتوا منهما بمخرج أخرجت من هذه الاخرى قالوا اللهم نعم قلت وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينهم وبينه كتاب فقال اكتب هذا ما قضى عليه محمد رسول الله فقالوا والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال والله إني لرسول الله وإن كذبتموني يا علي اكتب محمد بن عبد الله فرسول الله صلى الله عليه وسلم خير من علي وقد محا نفسه ولم يكن محوه ذلك محوا من النبوة أخرجت من هذه الاخرى قالوا اللهم نعم فرجع منهم ألفان وبقي سائرهم فقتلوا على ضلالتهم قتلهم المهاجرون والانصار انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر القصاص حدثنا عكرمة بن عمار به وقال في آخره فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا على ضلالتهم ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ورواه الحاكم في المستدرك وقال فيه وكانوا ستة آلاف فرجع منهم ألفان وبقي سائرهم قتلوا على الضلالة وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه طريق آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا إسحاق بن عيسى الطباع حدثني يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القارئ قال
[ 360 ]
جاء عبد الله بن شداد فدخل على عائشة ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالي قوتل علي رضي الله عنفقالت له يا عبد الله هل أنت صادقي عما أسألك عنه قال وما لي لا أصدقك يا أم المؤمنين قالت فحدثني عن هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قالت فحدثني عن قصتهم قلت إن عليا رضي الله عنه لما كاتب معاوية وحكم الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة إلى أن قال فبعث عليهم إليهم عبد الله بن عباس فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام بن الكواء فخطب فقال يا حملة القرآن هذا عبد الله بن عباس فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما نعرفه به هذا ممن نزل فيه وفي قومه قوم خصمون فردوه إلى صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله فقام خطباؤهم فقالوا والله لنواضعنه كتاب الله فإن جاء بحق نعرفه لنتبعنه وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله فواضعهم عبد الله بن عباس الكتا ب وواضعوه ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف فيهم بن الكواء حتى أدخلهم الكوفة على علي وبعث علي إلى بقيتهم فقال لهم قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بيننا وبينكم أن لا تسفكوا دما حراما أو تقطعوا سبيلا أو تظلموا ذمة فانكم إن فعلتم نبذنا اليكم الحرب على سواء إن الله لا يحب الخائنين مختصر ورواه الحاكم في المستدرك أيضا وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه
[ 361 ]
قوله لقول علي رضي الله عنه يوم الجمل ولا يقتل أسير ولا يكشف ستر ولا يؤخذ مال قلت روى بن أبي شيبة في آخر مصنفه حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن السدي عن عبد خير عن علي أنه قال يوم الجمل لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريج ومن ألقى سلاحه فهو آمن حدثنا عبدة بن سليمان عن جويبر عن الضحاك أن عليا لما هزم طلحة وأصحابه أمر مناديه فنادى أن لا يقتل مقبل ولا مدبر ولا يفتح باب ولا يستحل فرج ولا مال انتهى حدثنا حفص بن غيا ث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال أمر علي مناديه فنادى يوم النصرة لا يتبع مدبر ولا يدفف على جريح ولا يقتل أسير ومن أغلق بابه أو ألقى سلاحه فهو آمن ولم يأخذ من متاعهم شيئا انتهى وهذا الاخير رواه عبد الرزاق في مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا بن جريج عن جعفر به وزاد وكان علي لا يأخذ مالا لمقتول ويقال من اغترف شيئا فليأخذه انتهى وفي تاريخ واسط لبحشل حدثنا محمد بن فرج بن كردي ثنا محمد بن الحكم بن عوانة ثنا أبي عن أبي محنف عن علي بن أبي طالب أنه قال يوم الجمل لا تتبعوا مدبرا ولا تجهزوا على جريح ولا تقتلوا أسيرا وإياكم والنساء وإن شتمن أعراضكم وسببن أمراءكم فلقد رأيتنا في الجاهلية وإن الرجل ليتناول المرأة بالجريدة أو الهراوة فيعير بها هو وعقبه من بعده انتهى وفيه حديث مرفوع رواه الحاكم في المستدرك والبزار في مسنده من حديث كوثر بن حكيم عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل تدري يا بن أم عبد كيف حكم الله فيمن بغى من هذه الامة قال الله ورسوله أعلم قال لا تجهزوا على جريحها ولا تقتل أسيرها ولا تطلب هاربها ولا تقسم فيها انتهى وسكت الحاكم عنه وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار وأعله بكوثر بن حكيم وقال إنه
[ 362 ]
متروك وكذلك قال الذهبي في مختصره متعقبا على الحاكم والله أعلم قوله روى أن عليا قسم السلاح فيما بين أصحابه بالبصرة وكانت قسمته للحاجة لا للتمليك قلت روى بن أبي شيبة في آخر مصنفه في باب وقعة الجمل حدثنا وكيع عن فطر عن منذر عن بن الحنفية أن عليا قسم يوم الجمل في العسكر ما أجافوا عليه من كراع وسلاح انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة محمد بن الحنفية أخبرنا الفضل بن دكين ثنا قطر بن خليفة عن منذر الثوري قال سمعت محمد بن الحنفية وذكر يوم الجمل قال لما هزموا قال علي لا تجهزوا على جريولا تتبعوا مدبرا وقسم فيهم بينهم ما قوتل به من سلاح وكراع وأخذنا ما جلبوا به علينا من كراع
[ 363 ]
أو سلاح انتهى وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا يحيى بن آدم ثنا مسعود بن سعد الجعفي عن عطاء بن السائب عن أبي البختري قال لما انهزم أهل الجمل قال علي لا تطلبوا من كان خارجا من العسكر وما كان من دابة أو سلاح فهو لكم وليس لكم أم ولد وأي امرأة قتل زوجها فلتعتد أربعة أشهر وعشرا قالوا يا أمير المؤمنين تحل لنا دماءهم ولا تحل لنا نساءهم فخاصموه فقال هاتوا نساءكم واقرعوا على عائشة فهرأس الامر وقائدهم قال فخصمهم علي وعرفوا وقالوا نستغفر الله انتهى عز وجل قوله روى الزهري إجماع الصحابة يعني أن لا يضمن الباغي إذا قتل العادل قلت روى عبد الرزاق في مصنفه في أواخر القصاص أخبرنا معمر أخبرني الزهري أن سليمان بن هشام كتب إليه يسأله عن امرأة خرجت من عند زوجها وشهدت على قومها بالشرك ولحقت بالحرورية فتزوجت ثم إنها رجعت إلى أهلها تائبة قال الزهري فكتب إليه أما بعد فان الفتنة الاولى ثارت وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا كثير فاجتمع رأيهم على أن لا يقيموا على أحد حدا في فرج استحلوه بتأويل
[ 364 ]
القرآن ولا قصاص في دم استحلوه بتأويل القرآن ولا يرد مال استحلوه بتأويل القرآن إلا أن يوجد شئ بعينه فيرد على صاحبه وإني أرى أن ترد على زوجها وأن يحد من افترى عليها انتهى
[ 365 ]
كتاب اللقيط قوله روى عن عمر وعلي رضي الله عنهما أن نفقة اللقيط في بيت المال قلت أما الرواية عن عمر فأخرجها مالك في الموطأ في كتاب الاقضية عن بن شهاب الزهري عن سنين أبي جميلة رجل من بني سليم أنه وجد منبوذا في زمن عمر بن الخطاب قال فجئت به إلى عمر بن الخطاب فقال ما حملك على أخذ هذه النسمة فقال وجدتها ضائعة فأخذتها فقال له عريفه يا أمير المؤمنين إنه رجل صالح قال كذلك قال نعم فقال عمر اذهب به فهو حر وعلينا نفقته انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة وقال وغير الشافعي يرويه عن مالك ويقول فيه وعلينا نفقته من بيت المال انتهى قلت هكذا رواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا مالك عن بن شهاب حدثني أبو جميلة أنه وجد
[ 366 ]
منبوذا على عهد عمر بن الخطاب فأتاه به فاتهمه عمر فأثنى عليه خيرا فقال عمر هو حر وولاؤه لك ونفقته من بيت المال انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن الزهري أن رجلا حدثه أنه جاء إلى أهله وقد التقط منبوذا فذهب إلى عمر رضي الله عنه فذكره له فقال عسى الغوير أبؤسا فقال الرجما التقط إلا وأنا غائب وسأل عنه عمر فأثنى عليه خيرا فقال له عمر ولاؤه لك ونفقته من بيت المال حدثنا معمر عن بن شهاب حدثني أبو جميلة بلفظ الاول عن مالك أخبرنا بن عيينة عن الزهري عن أبي
[ 367 ]
جميلة بنحوه أخبرنا بن جريج أخبرني عمرو بن دينار عن بن شهاب عن أبي جميلة بنحوه قال الدارقطني في كتاب العلل وبعضهم رواعن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي جميلة قال والصواب ما رواه مالك قال وقرواه عن مالك أيضا جويرية بن أسماء وزاد فيه زيادة حسنة وبين قوله فيه وذكر أبو جميلة أنه أدرك النبي
[ 368 ]
صلى الله عليه وسلم وحج معه حجة الوداع قال وهي زيادة صحيحة انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة عمر بن الخطاب أخبرنا الواقدي حدثني أسامة بن زيد بن أسلم عن يحيى بن عبد الله بن مالك عن أبيه عن جده قال الواقدي وأخبرنا سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن عكرمة عن بن عباس قال الواقدي وحدثني محمد بن عبد الله بن أخي الزهري عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال كان عمر بن الخطاب إذا أتى باللقيط فرض له ما يصلحه رزقا يأخذه وليه كل شهرويوصي به خيرا ويجعل رضاعه في بيت المال ونفقته مختصر وأما الرواية عن علي فرواه عبد الرزاق حدثنا سفيان الثوري عن زهير بن أبي ثابت عن ذهل بن أوس عن تميم أنه وجد لقيطا فأتى به إلى علي فألحقه علي على مائة انتهى
[ 369 ]
كتاب اللقطة الحديث الاول قال عليه السلام من التقط شيئا فليعرفه سنة فيه أحاديث منها من اخرجه البزار في مسنده والدارقطني في سننه عن يوسف بن خالد السمتي ثنا زياد بن سعد عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 370 ]
سئل عن اللقطة فقال لا تحل اللقطة فمن التقط شيئا فليعرف سنه فان جاء صاحبه فليرده اليوإن لم يأت فليتصدق به فان جاء فيخيره بين الاجر وبين الذي له انتهى حديث آخر أخرجه عن زيد بن خالد الجهني قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال عرفها سنة ثم اعرف عفاصها ووكاءها ثم استنفقها فان جاء صاحبها فأدها إليه انتهى أخرجاه في الصحيحين بهذا اللفظ حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عبد الوهاب الثقفي ثنا خالد الحذاء عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير عن مطرف بن عبد الله عن عياض بن حماد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أصاب لقطة فليشهد ذا عدل ثم لا يكتم وليعرفها سنة فان جاء صاحبها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء انتهى حديث آخر رواه بن راهويه أيضا حدثنا عبد الله بن إدريس سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بلغ ثمن
[ 371 ]
المجن ففيه القطع قال وكان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم قال وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقطة فقال عرفها سنة انتهى لكن ورد في الصحيحين في حديث أبي بن كعب أنه وجد صرة فيها مائة دينار فأتى بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عرفها حولا فعرفها فلم يجد من يعرفها ثم أتاه فقال له عرفها حولا فعرفها فلم يجد من يعرفها فقال له اعرف عددها الحديث وفي لفظ عامين أو ثلاثة
[ 372 ]
وفي لفظ قال ثلاثة أحوال وفي لفظ قال عرفها عاما واحدا قال بن الجوزي في التحقيق ولا تخلوا هذه الروايات من غلط بعض الرواة بدليل أن شعبة
[ 373 ]
قال فيه فسمعته يقول بعد عشر سنين عرفها عاما واحدا أو يكون عليه السلام علم أنه لم يقع تعريفها كما ينبغي فلم يحتسب له بالتعريف الاول والله أعلم انتهى كلامه الحديث الثاني قال عليه السلام في الحرم ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها قلت أخرجه البخاري ومسلم عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والارض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلي خلاؤه فقال العباس يا رسول الله إلا الاذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال عليه السلام إلا الاذخر انتهى وأخرجا أيضا عن أبي هريرة قال لما فتح الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه رسوله والمؤمنين وإنها لم تحل لاحد كان قبلي وإنها أحلت لي ساعة من نهار وإنها لم تحل لاحد بعدي فلا ينفر صيدها ولا يختلي شوكها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل فقال العباس إلا الاذخر يا رسول الله فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا فقال عليه السلام إلا الاذخر فقام أبوشاه رجل من أهل اليمن فقال اكتبوا لي يا رسول الله فقال عليه السلام اكتبوا لابي شاه قال الوليد فقلت للاوزاعي ما قوله اكتبوا قال قال البخاري الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وفي لفظ آخر لهما ولا يلتقط ساقطتها إلا منشد أخرجه البخاري في العلم والحج واللقطة ومسلم في الحج الحديث الثالث قال عليه السلام احفظ عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة
[ 374 ]
قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم فرواه البخاري وأبو داود والنسائي في اللقطة ورواه مسلم في القضاء والترمذي بن ماجة في الاحكام كلهم عن يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني قال جاء رجل فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اللقظة فقال اعرف عفاصها ووكاءها ثم عرفها سنة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها قال فضالة الغنم قال هي لك أو لاخيك أو للذئب قال فضالة الابل قال ما لك ولها معها سقاؤها وحذاؤها ترد الماء وترعى الشجر فذرها حتى يلقاها ربها انتهى الحديث الرابع قال عليه السلام فإن جاء صاحبها وعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه قلت أخرج مسلم عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في اللقظة عرفها وإن جاء أحد يخبرك بعددها ووعائها ووكائها فأعطه إياها وإلا فاستمتع بها وفي رواية وإلا فهي كسبيل مالك انتهى وأخرجه أيضا عن زيد بن خالد وفيه فإن جاء صاحبها فعرف عفاصها وعددها ووكاءها فأعطها إياه وإلا فهي لك
[ 375 ]
ولفظ أبي داود فإن جاء صاحبها فعرف عددها ووكاءها فادفعها إليه ولفظ النسائي وابن حبان فإن جاء أحد يخبرك بعددها ووكائها ووعائها فأعطه إياها وأخرج أبو داود حديث زيد بن خالد الجهني وفيه فإن جاء باغيها فعرف عفاصها وعددها فادفعها إليه قال أبو داود هذه زيادة زادها حماد بن سلمة وأخرجه الترمذي والنسائي من حديث سفيان الثوري بهذه الزيادة وذكر مسلم في صحيحه أن سفيان الثوري وزيد بن أبي أنيسة وحماد بن سلمة ذكروا هذه الزيادة فثبت أن حماد بن سلمة لم ينفرد بها انتهى الحديث الخامس حديث البينة على المدعي يأتي في الدعوى إن شاء الله تعالى الحديث السادس قال عليه السلام فإن لم يأت صاحبها فليتصدق به تقدم أو الباب من حديث أبي هريرة من التقط شيئا فليعرفه سنة فإن جاء صاحبه فليرده إلى وإن لم يأت فليتصدق به أخرجه الدارقطني والبزار وفيه يوسف بن خالد السمتي الحديث السابع قال عليه السلام في حديث أبي فإن جاء صاحبها فادفعها إليه
[ 376 ]
وإلافانتفع بها وكان من المياسير قلت حديث أبي في الصحيحين وفيه احفظ عددها ووعاءها ووكاءها فإن جاء صاحبها وإلا فاستمتع بها الحديث وقوله وكان من المياسير ليس من متن الحديث وإنما هو من كلام المصنف وفي الصحيحين ما يرده أخرجا عن أبي طلحة قلت يا رسول الله إن الله تعالى يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبو وإن أحب أموالي إلي بيرحاء فما ترى يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلها في فقراء قرابتك فجعلها أبو طلحة في أبي وحسان انتهى فهذا صريح في أن أبيا كان فقيرا لكن يحتمل أنه أيسر بعد ذلك وقضايا الاحوال متى تطرق إليها الاحتمال سقط منها الاستدلال قال الترمذي عقيب حديث أبي والعمل عليه عند أهل العلم وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق قالوا لصاحب اللقطة أن ينتفع بها إذا كان غنيا ولو كانت اللقطة لا تحل إلا لمن تحل له الصدقة لم تحل لعلي بن أبي طالب وقد أمره عليه السلام بأكل الدينار حين وجده ولم يجد من يعرفه انتهى وحديث على هذا الذي أشار إليه أخرجه أبو داود في سننه عن سهل بن سعد أن علي بن أبي طالب دخل على فاطمة وحسن وحسين يبكيان فقال ما يبكيهما قالت الجوع فخرج علي فوجد دينار بالسوق فجاء فاطمة فأخبرها فقالت اذهب إلى فلان اليهودي فخذ لنا دقيقا فجاء اليهودي فاشترى به دقيقا فقال اليهودي أنت ختن هذا الذي يزعم أنه رسول الله قال نعم قال فخذ دينارك والدقيق لك فخرج علي حتى جاء به إلى فاطمة فأخبرها فقالت اذهب به
[ 377 ]
إلى فلان الجزار فخذ لنا بدرهم لحما فذهب فرهن الدينار بدرهم بلحم فجاء به فعجنت وخبزت وأرسلت إلى أبيها فجاء فقالت يا رسول الله أذكر لك فإن رأيته حلالا لنا أكلناه من شأنه كذا وكذا فقال كلوا بسم الله فأكلوا فبيناهم مكانهم إذا غلام ينشد الله والاسلام الدينار فأمر النبي صلى الله عليه وسلم به فدعى فسأله فقال سقط مني في السوق فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا علي اذهب إلى الجزار فقل له إن رسول الله يقول لك أرسل إلي بالدينار ودرهمك علي فأرسل به فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه انتهى قال المنذري واستشكل هذا الحديث من جهة أن عليا أنفق الدينار قبل تعريفه قال وأحاديث التعريف أكثر وأصح إسنادا ولعل تأويله أن التعريف ليس له صيغة يعتد بها فمراجعته لرسول الله صلى الله عليه وسلم على ملاء الخلق إعلان به فهذا يؤيد الاكتفاء بالتعريف مرة واحدة انتهى قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه وفيه أنه عرفه ثلاثة أيام فقال أخبرنا بن جريج عن أبي بكر بن عبد الله أن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أخبره عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن علي بن أبي طالب وجد دينارا في السوق فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عرفه ثلاثة أيام قال فعرفه ثلاثة أيام فلم يجد من يعرفه فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال شأنك به قال فباعه علي فابتاع منه بثلاثة دراهم شعيرا وبثلاثة دراهم تمرا وقضى ثلاثة دراهم وابتاع بدرهم لحما وبدرهم زيتا وكان الدينار بأحد عشر درهما فلما كان بعد ذلك جاء صاحبه فعرفه فقال له علي قد أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلته فانطلق صاحب الدينار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال لعلي رده إليه فقال قد أكلته فقال النبي صلى الله عليه وسلم للرجل إذا جاءنا شئ أديناه إليك انتهى وكذلك رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم قال البزار وأبو بكر هذا هو عندي أبو بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وهو لين الحديث انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة عبد الرزاق ثم قال وأبو بكر بن أبي سبرة متروك الحديث انتهى
[ 378 ]
كتاب الاباق قوله ولنا إجماع الصحابة على أصل الجعل إلا أن منهم من أوجب الاربعين ومنهم من اوجب ما دونها قلت روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري
[ 379 ]
عن أبي رباح عبد الله بن رباح عن أبي عمرو الشيباني قال أصبت غلمانا إباقا بالغين فذكر ت ذلك لابن مسعود فقال الاجر والغنيمة قلت هذا الاجر فما الغنمية قال أربعون درهما من كل رأس انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ورواه البيهقي في سننه وقال هو أمثل ما في الباب
[ 380 ]
أثر آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن يزيد عن أيوب عن أبي العلاء عن قتادة وأبي هاشم أن عمر قضى في جعل الآبق أربعين درهما انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق قال أعطيت الجعل في زمن معاوية أربعين درهما انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر جعل في جعل الآبق دينارا أو اثنى عشر درهما أثر آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن حصين عن
[ 381 ]
الشعبي عن الحارث عن علي أنه جعل في جعل الآبق دينارا أو اثنى عشر درهما انتهى حديث مرفوع مرسل أخرجه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما عن عمرو بن دينار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في العبد الآبق يؤخذ خارج الحرم بدينار أو عشرة دراهم انتهى
[ 382 ]
كتاب المفقود
[ 383 ]
قوله وقال مالك رحمه الله إذا تم له أربع سنين يفرق القاضي بينه وبين امرأته وتعت عدة الوفاة ثم تتزوج من شاءت لان عمر رضي الله عنه هكذا فعل في الذي استهوته الجن بالمدينة قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في كتاب النكاح حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو عن يحيى بن جعدة أن رجلا انتسفته الجن على عهد عمر بن الخطاب فأتت امرأته عمر فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم أمر وليه بعد أربع سنين أن يطلقها ثم أمرها أن تعتد فإذا انقضت عدتها تزوجت فإن جاء زوجها خير بين امرأته والصداق انتهى طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن يونس بن خباب عن مجاهد عن الفقيد الذي فقد قال دخلت الشعب فاستهوتني الجن فمكثت أربع سنين ثم أتت امرأتي عمر بن الخطاب فأمرها أن تتربص أربع سنين من
[ 384 ]
حين رفعت أمرها إليه ثم دعا وليه فطلقها ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا قال ثم جئت بعد ما تزوجت فخيرني عمر بينها وبين الصداق وبين الذي أصدقها انتهى طريق آخر قال عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال فقدت امرأة زوجها فمكثت أربع سنين ثم ذكرت أمرها لعمر بن الخطاب فأمرها أن تتربص أربع سنين من حين رفعت أمرها إليه فإن جاءت زوجها وإلا تزوجت فتزوجت بعد أن مضت السنوات الاربع ولم يسمع له بذكر ثم جاء زوجها بعد فقيل له إن امرأتك تزوجت بعدك بأمر عمر فأتى عمر فقال له أعدني على من غصبني أهلي وحال بيني وبينهم ففزع عمر له لذلك وقال من أنت قال أنا فلان ذهبت بي الجن فكنت أتيه في الارض فجئت فوجدت امرأتي قد تزوجت زعموا أنك أمرتها بذلك فقال له عمر إن شئت رددنا إليك امرأتك وإن شئت زوجناك غيرها قال بل زوجني غيرها ثم جعل عمر يسأله عن الجن وهو يخبره انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عاصم الاحول عن أبي عثمان قال أتت امرأة عمر بن الخطاب فقالت استهوت الجن زوجها فأمرها أن تتربص أربع سنين ثم أمر ولي الذي استهوته الجن أن يطلقها ثم أمرها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا انتهى وفي الباب آثار أخرى روى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب قال أيما امرأة فقدت زوجها فلم تدري أين هو فإنها تنتظر أربع سنين ثم تعتد أربعة أشهر وعشرا ثم تحل انتهى ورواه عبد الرزاق
[ 385 ]
في مصنفه أخبرنا بن جريج ثنا يحيى بن سعيد به وزادوتنكح إن بدا لها انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا في امرأة المفقود تتربص أبع سنين وتعتد أربعة أشهرا وعشرا انتهى أثر آخر قال بن أبي شيبة أيضا حدثنا عبدة بن سليمان عن سعيد عن جعفر بن أبي وحشية عن جابر بن زيد قال تذاكر بن عباس وابن عمر المفقود فقالا جميعا تتربص امرأته أربع سنين ثم يطلقها ولي زوجها ثم تتربص أربعة أشهر وعشرا انتهى أثر آخر قال بن أبي شيبة أيضا حدثنا غندر عن شعبة عن منصور ثنا مجاهد عن بن أبي ليلى عن عمر بن الخطاب أنه قال في أمرأة المفقود تتربص أربع سنين ثم يطلقها ولي زوجها ثم تتربص أربعة أشهر وعشرا انتهى الحديث الاول قال عليه السلام في امرأة المفقود هي امرأته حتى يأتيها البيان قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن سوار بن مصعب ثنا محمد بن شرحبيل الهمداني عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة المفقود امرأته حتى يأتيها البيان انتهى ووجدته في نسخة أخرى حتى يأتيها الخبر وهو حديث ضعيف قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه سوار بن مصعب عن محمد بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرأة المفقود هي امرأته حتى يأتيها البيان فقال أبي هذا حديث منكر ومحمد بن شرحبيل متروك الحديث يروي عن المغيرة مناكير أباطيل انتهى وذكره عبد الحق
[ 386 ]
في أحكامه من جهة الدارقطني وأعله بمحمد بن شرحبيل وقال إنه متروك قال بن القطان في كتابه وسوار بن مصعب أشهر في المتروكين منه ودونه صالح بن مالك ولا يعرف ودونه محمد بن الفضل ولا يعرف حاله انتهى قوله عن علي رضي الله عنه في امرأة المفقود قال هي امرأة ابتليت فلتصبر حتى يستبين موت أو طلاق قال المصنف وعمر رجع إلى قول علي قلت رواه
[ 387 ]
عبد الرزاق في مصنفه في كتاب الطلاق أخبرنا محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم بن عتيبة أن عليا قال في امرأة المفقود هي امرأة ابتليت فلتصبر حتى يأتيها موت أو طلاق انتهى أخبرنا معمر عن بن أبي ليلى عن الحكم أن عليا قال فذكره سواء أخبرنا سفيان الثوري عن منصور بن المعتمر عن الحكم بن عتيبة عن علي قال تتربص حتى تعلم أحي هو أم ميت انتهى أخبرنا بن جريج قال بلغني أن بن مسعود وافق عليا على أنها تنتظره أبدا انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي قلابة وجابر بن زيد والشعبي والنخعي كلهم قالوا ليس لها أن تتزوج حتى يتبين موته انتهى
[ 388 ]
كتاب الشركة الحديث الاول بعث النبي صلى الله عليه وسلم والناس يتعاملون بها فقرهم عليها ولم ينههم قلت في الباب أحاديث منها ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن سفيان عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب بن أبي السائب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم كنت شريكي في الجاهلية فكنت خير شريك لا تداري ولا تماري انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك في كتاب البيوع وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن السائب أن النبي صلى الله عليه وسلم شاركه قبل الاسلام في التجارة فلما كان يوم
[ 389 ]
الفتح جاءه فقال النبي صلي الله عليه وسلم مرحبا بأخي وشريكي كان لا يداري ولا يماري يا سائب قد كنت تعمل أعمالا في الجاهلية لا تقبل منك وهي اليوم تقبل منك وكان ذا سلف وصدقة انتهى قال السهيلي في الروض الانف حديث السائب كنت شريكي في الجاهلية فكنت خيشريك لا تداري ولا تماري كثير الاضطراب فمنهم من يرويه عن السائب بن أبي السائب ومنهم من يرويه عن قيس بن السائب ومنهم من يرويه عن عبد الله بن السائب وهذا اضطراب لا يثبت به شئ ولا تقوم به حجة والسائب بن أبي السائب من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم واضطرب في متنه أيضا فمنهم من يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم في أبي السائب ومنهم من يجعله من قول أبي السائب في النبي صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه قال إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث إن تداري مهموز من المداراة وهي المدافعة وتماري غير مهموز من المماراة وهي المجادلة انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في البيوع عن محمد بن الزبرقان عن أبي حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه فإذا خانا خرجت من بينهما انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه قال بن القطان في كتابه وهو حديث إنما يرويه أبو حيان التيمي عن أبيه عن أبي هريرة وأبو حيان هو يحيى بن سعيد بن حيان أحد الثقات ولكن أبوه لا يعرف له حال ولا يعرف من روى عنه غير ابنه ويرويه عن أبي حيان أو همام محمد بن الزبرقان وحكى الدارقطني عن لوين أنه قال لم يسنده غير أبي همام ثم ساقه من رواية أبي ميسرة النهاوندي ثنا جريج عن أبي حيان عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل انتهى كلامه قال بن سعد في الطبقات السائب بن أبي السائب اسمه صيفي بن عائذ بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وله ولد اسمه عبد الله صحابي أيضا ثم ذكر له حديث الشركة انتهى
[ 390 ]
الله تعالى الحديث الثاني قال عليه السلام فأوضوا فإنه أعظم للبركة قلت غريب وأخرج بن ماجة في سننه في التجارات عن صالح بن صهيب عن أبيه صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث فيهن البركة البيع إلى أجل والمقارضة وإخلاط البر بالشعير للبيت لا للبيع انتهى ويوجد في بعض نسخ بن ماجة المفاوضة عوض المقارضة ورواه إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث وضبط المعارضة بالعين والضاد فسر المعارضة بأنها بيع عرض بعرض مثله قال والعرض
[ 391 ]
هو ما سوى النقود من دابة أو غيرها قال والعر ض بفتح الراء حطام الدنيا ومنه قوله عليه السلام ليس الغناء عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس وقوله يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا وقوله تريدون عر ض الدنيا
[ 395 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام الربح على ما شرطا والوضيعة على قدر المالين قلت غريب جدا ويوجد في بعض كتب الاصحاب من قول علي وبعده فصلان ليس فيهما شئ
[ 403 ]
كتاب الوقف الله تعالى الحديث الاول قال عليه السلام لعمر حين أراد أن يتصدق بأرض له تدعي ثمغ تصدق بأصلها لا تباع ولا توهب ولا تورث قلت أخرجه الائمة الستة فالبخاري في أواخر الشهادات ومسلم وأبو داود في الوصايا والترمذي وابن ماجة في الاحكام والنسائي في كتاب الاجناس كلهم عن نافع عن بن عمر قال أصاب عمر بخيبر أرضا فأتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أصبت أرضا لم أصب مالا قط أنفس منه فكيف تأمرني به قال إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها فتصدق عمر أنه تباع أصلها ولا توهب ولا تورث في الفقراء والقربى والرقاب وفي سبيل الله والضيف لا جناح على من وليها أن يأكل منها بالمعروف أو يطعم صديقا غير متمول فيه
[ 404 ]
انتهى وفي بعض طرق البخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم تصدق بأصله لاتباع ولا توهب ولا تورث ولكن ينفق ثمره فتصدق به عمر بن الخطاب الحديث وقال فيه إن هذا المال كان نخلا وزاد أبو داود قال يحيى بن سعيد نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب يعني نسخة الصدقة بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب عبد الله عمر في ثمغ فقص من خبره نحو حديث نافع وقال وإن شاء ولى ثمغ اشترى من ثمره رقيقا لعمله وكتب معيقيب وشهد عبد الله بن الارقم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث لي حدث أن ثمغ وصرمة بن الاكوع والعبد الذي فيه والمائة سهم التي بخيبر ورقيقه الذي فيه والمائة التي أطعمه محمد صلى الله عليه وسلم بالوادي تليه حفصة ما عاشت ثم يليه ذالرأي من أهلها أن لا يباع ولا يشترى ينفقه حيث رأى من السائب والمحروم وذي القربى ولا جناح على من وليه أن يأكل أو آكل أو اشترى رقيقا منه انتهى آكل بالمدأي أطعم الحديث الثاني قال عليه السلام لا حبس عن فرائض الله قلت أخرجه الدارقطني في سننه في الفرائض عن عبد الله بن لهيعة عن أخيه عيسى بن لهيعة عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حبس عن فرائض الله
[ 405 ]
انتهى وابن لهيعة وأخوه عيسى ضعيفان ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا على علي فقال حدثنا هشيم عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال قال علي لا حبس عن فرائض الله إلا ما كان من سلاح أو كراع انتهى وروى الطبراني في معجمه حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح ثنا حسان بن عبد الله الواسطي ثنا بن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنش عن فضالة بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا حبس انتهى قوله وعن شريح أنه قال جاء محمد يبيع الحبيس قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في البيوع حدثنا وكيع وابن أبي زائدة عن مسعر عن بن عون عن شريح
[ 406 ]
قال جاء محمد يبيع الحبيس انتهى وأخرجه البيهقي
[ 407 ]
قوله ويجوز وقف العقار لان جماعة من الصحابة وقفوه قلت أخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن الواقدي حدثني عثمان بن هنيد بن عبد الله بن عثمان بن الارقم بن أبي الارقم المخزومي أخبرني أبي عن يحيى بن عثمان بن الارقم حدثني عثمان بن الارقم المخزومي أنه كان يقول أنا بن سبع الاسلام أسلم أبي سابع سبعة وكانت داره على الصفا وهي الدار التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يكون فيها في الاسلام وفيها دعا الناس إلى الاسلام فأسلم فيها خلق كثير منهم عمر بن الخطاب فسميت دار الاسلام وتصدق بها الارقم على ولده فقرأت نسخة صدقته بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قضى الارقم في ربعه ما حاز الصفا أنها صدقة بمكانها من الحرم لا تباع ولا تورث شهد هشام بن العاص بذلك وفلان مولى هشام بن العاص قال
[ 408 ]
فلم تزل هذه الدار صدقة قائمة فيها ولده يسكنون ويؤاجرون ويأخذون عليها مختصر وسكت عنه حديث آخر روى الطبراني في معجمه من حديث بشير السلمي قال لما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء وكانت لرجل من بني غفار عين يقال لها رومة وكان يبيع منها القربة بمد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعنيها بعين في الجنة فقال يا رسول الله ليس لي ولا لعيالي غيرها لا أستطيع ذلك فبلغ ذلك عثمان بن عفان فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتجعل لي مثل الذي جعلته له عينا في الجنة إن اشتريتها قال نعم قال قد اشتريتها وجعلتها للمسلمين انتهى حديث آخر روى إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام وقف دارا له على المردودة من بناته انتهى وقال المردودة هي المطلقة والفاقد التي مات زوجها وفي الباب ما أخرجه البخاري عن عمرو بن الحارث ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخي جويرية بنت الحارث قال ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا إلا بغلته البيضاء التي كان يركبها وسلاحه وأرضا جعلها لابن السبيل صدقة انتهى وفي الخلافيات للبيهقي قال أبو بكر عبد الله بن
[ 409 ]
الزبير بن الحميدي تصدق أبو بكر بداره بمكة على ولده فهي إلى اليوم وتصدق عمر بربعه عند المروة وبالثنية على ولده فهي إلى اليوم وتصدق على بأرضه وداره بمصر وبأمواله بالمدينة على وولده فذلك إلى اليوم وتصدق سعد بن أبي وقاص بدراه بالمدينة وبدراه بمصر على ولده فذلك إلى اليوم وعثمان بن رومة فهي إلى اليوم وعمرو بن العاص بالوهط من الطائف وداره بمكة والمدينة على ولده فذلك إلى اليوم قال ومالا يحضرني كثير انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام وأما خالد فقد حبس أدرعا في سبيل الله قلت أخرجه البخاري ومسلم في الزكاة عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب على الصدقة فمنع بن جميل وخالد بن الوليد والعباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ينقم بن جميل إلا أن كان فقيرا فأغناه الله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي على ومثلها ثم قال أما شعرت أن عم الرجل صنوا أبيه انتهى وأخرج الطبراني في معجمه عن بن المبارك ثنا حماد بن زيد عن عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل قال لما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال لقد طلبت القتل فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي وما من عملي أرجى من لا إله إلا الله وأنا مترس بها ثم قال إذا أنا مت فانظروا سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله تعالى انتهى قوله وطلحة رضي الله عنه حبس دروعه في سبيل الله ويروي أكراعه قلت غريب جدا
[ 412 ]
الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل من صدقته قال المصنف والمراد وقفه قلت غريب أيضا وفي مصنف بن أبي شيبة في باب الاحاديث التي اعترض بها علي أبي حنيفة حدثنا بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه أخبرني حجر المدري قال في صدقة النبي صلى الله عليه وسلم يأكل منها أهلها بالمعروف غير المنكر انتهى
[ 413 ]
الحديث الخامس قال عليه السلام نفقة الرجل على نفسه صدقة قلت روى من حديث المقدام بن معدي كرب ومن حديث الخدري ومن حديث جابر ومن حديث أبي أمامة أما حديث المقدام فأخرجه بن ماجة في التجارات عن إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معدي كرب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من كسب الرجل كسب اطيب من عمل يديه وأما أنفق الرجل على نفسه وأهله وولده وخادمه فهو له صدقة انتهى وأخرجه النسائي في عشرة النساء عن بقية عن
[ 414 ]
بحير به بلفظ ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة انتهى وأما حديث الخدري فأخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الاول عن دراج أبي السمح أن أبا الهيثم حدثه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل كسب مالا من حلال فأطعم نفسه وكساها فمن دونه من خلق الله فإن له به زكاة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الاطعمة
[ 415 ]
إلا أنه قال فإنه له زكاة وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأما حديث جابر فرواه الحاكم أيضا في أواخر البيوع وكذلك الدارقطني في سننه في البيوع عن محمد بن حماد بن ماهان ثنا عيسى بن إبراهيم البركي ثنا عبد الحميد بن الحسن الهلالي ثنا محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل معروف صدقة وما أنفق الرجل على نفسه وأهله فهو له صدقة وما وقى به عرضه فهو صدقة وما أنفق المؤمن من نفقة فإن خلفها على الله ضامن إلا ما كان في بنيان أو معصية فقلت لمحمد بن المنكدر ما يعني وقى به عرضه قال أن يعطي الشاعر وذا اللسان المتقي انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه
[ 416 ]
وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الطبراني في معجمه عن بشر بن نمير عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أنفق على نفسه نفقة فهي له صدقة ومن أنفق على امرأته وأهله وولده فهو له صدقة انتهى وروى بن عدي في الكامل وأعله ببشر بن نمير وضعفه عن جماعة ووافقهم على ضعفه وروى مسلم في صحيحه في الزكاة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ابدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شئ فلاهلك فإن فضل عن أهلك شئ فلذي قرابتك فإن فضل عن ذي قرابتك شئ فهكذا وهكذا انتهى وأخرج أصحاب السنن عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 417 ]
تصدقوا فقال رجل عندي دينار قال تصدق به على نفسك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على زوجتك قال عندي دينار آخر قال تصدق به علي ولدك قال عندي دينار آخر قال تصدق به على خادمك قال عندي دينار آخر قال أنت أبصر انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصحح إسناده
[ 418 ]
كتاب البيوع الحديث الاول قال عليه السلام المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث حكيم بن حزام ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث سمرة بن جندب ومن حديث أبي برزة
[ 419 ]
وأما حديث بن عمر فأخرجه الائمة الستة في كتبهم عن نافع عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان كا واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار انتهى بلفظ الصحيحين وفي لفظ لهما قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع فان تفرقا بعد أن يتبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع وفي لفظ لهما إذا تبايع المتبايعان بالبيع فكل واحد منهما بالخيار من بيعه ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما على الخيار فان كان بيعهما على خيار فقد وجب وفي رواية لهما فكان بن عمر إذا بايع رجلا فأراد أن لا يقيله قام فمشى هنيهة ثم رجع إليه وفي لفظ لهما قال كل بيعين لا بيع بينهما حتى يتفرقا إلا بيع الخيار انتهى ولفظ أبي داود قال المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا إلا بيع الخيار انتهى ولفظ الترمذي قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يختارا قال فكان بن عمر إذا ابتاع بيعا وهو قاعد قام ليجب له
[ 420 ]
ولفظ النسائي قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا انتهى وهو لفظ الكتاب ولفظ بن ماجة قال إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعا أو يخير أحدهما الآخر فان خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع فان تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع انتهى وأما حديث حكيم بن حزام فأخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن عبد الله بن الحارث عن حكيم بن حزام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فان صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما قال مسلم ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة وعاش مائة وعشرين سنة انتهى وأما حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي قالوا ثلاثتهم حدثنقتيبة بن سعيد عن الليث عن بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن تكون صفقة خيار ولا يحل له أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله قال الترمذي حديث حسن ورواه البيهقي في سننه بلفظ أيما رجل ابتاع من رجل بيعه فان كل واحد منهما بالخيار حتى يتفرقا من مكانهما إلا أن تكون صفقة خيار انتهى وأما حديث سمرة فأخرجه بن ماجة والنسائي عن قتادة عن الحسن عن سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا انتهى
[ 421 ]
وأما حديث أبي برزة فأخرجه أبو داود عن حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبي الوضئ عباد بن نسيبقا ل غزونا غزوة فنزلنا منزلا فباع صاحب لنا فرسا بغلام ثم أقاما بقية يومهما وليلتهما فلما أصبحا من الغد قام الرجل إلى فرسه يسرجه فندم فأتى الرجل واخذه بالبيع فأبى الرجل أن يدفعه إليه فقال بيني وبينك أبو بردة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم فأتيا أبا بردة في ناحية العسكر فقالا له هذه القصة فقال أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار ما لم يتفرقا قال هشام بن حسان حدث جميل أنه قال ما أراكما افترقتما انتهى وأخرجه بن ماجة مختصرا بدون القصة البيعان بالخيار ما لم يتفرقا انتهى قال المنذري في مختصره ورجاله ثقات قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي وقد حمل بعض الناس الحدبث على التفرق في الكلام قال الشافعي هذا محال لا يجوز في اللسان إنما يكونان قبل التساوم غير متساومين ثم يكونان متساومين قبل التبايع ثم يكونان بعد التساوم متبايعين ولا يقع عليهما اسم المتبايعين حتى يتبايعا ويتفرقا في الكلام على التبايع قال ولو احتمل اللفظ ما قاله وما قلناه فالقول بقول راوي الحديث أولى لان له فضل السماع والعلم باللسان وبما سمع هذا بن عمر كان إذا اشترى شيئا يعجبه فارق صاحبه ثم مشى قليلا ورجع قال البيهقي وزعم بعض من يسوي الاخبار على مذهبه أن بن عمر قال ما أدركته الصفقة حيا فهو من مال المبتاع فدل على أنه كان يرى تمام البيع بالقول قبل الفرقة قال وهذا الذي ذكره بن عمر لا ينافي مذهبه من ثبوت الخيار وقد قيل إذا تفرقا ولم يختر واحد منهما انفسخ فقد علمنا انتقال الملك بالصفقة ثم كان هو يرى المبيع في يد البائع من ضمان المشتري وغيره يراه من ضمان البائع مع ثبوت الخيار فيه حتى يتفرقا أو يخيرا في قوله وقولنا ولو قبضه المبتاع في مدة الخيار حتى يكون من ضمانه في قولنا أيضا لم يمنع ثبوت الخيار كذلك إذا
[ 422 ]
لم يقبضه عنده فإذا لم يمنع قولنا إنه من ضمان البائع لزوم البيع لم يمنع قوله إنه من ضمان المبتاع ثبوت الخيار قال وزعم في حديث أبي برزة أنهما كانا قد تفرقا بأبدانهما لان فيه أن الرجل قام يسرج فرسه وقول أبي برزة حين وجدهما متناكرين أحدهما يدعي البيع والآخر ينكره ما أراكما تفرقتما أي الفرقة التي بها يتم البيع وهي الفرقة بالكلام فسوى الحديث هكذا على مذهبه ولم يعلم أنهما كانا باتا معا عند الفرس وحين قام البائع إلى فرسه ليسرجها لم يتفرق بهما المجلس وفي رواية مسدد عن حماد بن زيد قال فأتى الرجل يعني المبتاع فأخذه بالمبيع وفي رواية هشام عن جميل أليس قد بعتنيها قال مالي في هذا البيع من حاجة قال ليس لك ذلك لقد بعتني فإنما تنازعنا في لزوم البيع وليس في شئ من الروايات أن صاحبه أنكر البيع لا في الحال ولا حين أتيا أبا برزة فالزيادة في الحديث ليستقيم التأويل غير محمودة قال البيهقي قال الشافعي عن بعضهم روى أبو يوسف عن مطرف عن الشعبي أن عمر قال البيع غن صفقة أو خيار قال الشافعي وهذا لا يثبت عن عمر فان في رواية الزعفراني أن عمر قال المتبايعان بالخيار ما لم يتفرقا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولئن ثبت عنه فهو مجهول ومنقطع قال البيهقي ومعنى ذلك أنه يروي عن مطرف فتارة عن الشعبي عن عمر وتارة عن عطاء بن أبي رباح عن عمر ورواه محمد بن عبد الرحمن عن نافع عن بن عمر وقيل عن شيخ من بني كنانة عن عمر وكل ذلك مجهول ومنقطع انتهى كلامه الحديث الثاني روى أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي إلى أجل ورهن درعه قلت أخرجه البخاري ومسلم عن الاسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعا له من حديد انتهى وفي لفظ للبخاري ثلاثين صاعا من شعير وفي لفظ لهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى من يهودي طعاما بنسيئة وأعطاه درعا له رهنا انتهى وهذا اليهودي اسمه أبي الشحم هكذا وقع مسمى في سنن البيهقي أخرجه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلرهن درعا
[ 423 ]
عند أبي الشحم اليهودي رجل من بني ظفر في شعير انتهى الحديث الثالث ث قال عليه السلام إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم قلت غريب بهذا اللفظ ور والجماعة إلا البخاري من حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلقال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد وإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوكيف شئتم إذا كان يدا بيد انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه من حديث بلال نحو وقال فيه فلا بأس به واحد بعشرة وأخرجه
[ 424 ]
الدارقطني في سننه عن أبي بكر بن عيا ش عن الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس وعبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما وزن فمثل بمثل إذا كان نوعا واحدا وما كيل فمثل ذلك فإذا اختلف ف النوعان فلا بأس به انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني ثم قال لم يروه هكذا غير أبي بكر عن الربيع عن بن سيرين عن عبادة وأنس بغير هذا اللفظ انتهى
[ 427 ]
فصل الحديث الرابع قال عليه السلام من اشترى أرضا فيها نخل فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الائمة الستة في كتبهم عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عله وسلم أنه قال مباع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع ومن باع نخلا مؤبرا فالثمرة للبائع إلا أن يشترط المبتاع انتهى وفي لفظ للبخاري من ابتاع نخلا بعدما يؤبر فثمرتها للذي باعها إلا أن
[ 428 ]
يشترط المبتاع وأخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر بقصة النخل فقط
[ 429 ]
الحديث الخامس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع النخل حتى تزهي وعن بيع السنبل حتى يبيض وتأمن العاهة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن أيوب عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حتى يزهو وعن بيع السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشتري انتهى لكن الترمذي فرقه حديثين متواليين وقال فيه حديث حسن صحيح ويستعمل زها وأزهى ثلاثيا ورباعيا قال في الصحاح يقال زها النخل يزهو زهوا إذا بدت فيه الحمرة أو الصفرة وأزهى لغة
[ 430 ]
حكاها أبو زيد ولم يعرفها الاصمعي انتهى ووقع رباعيا في صحيح وثلاثيا عند مسلم كلاهما من حديث انس وأخرج البخاري ومسلم هن هشيم عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها وعن بيع النخل حتى يزهو قيل ما يزهو قال يحمار أو يصفار انتهى وأخرج في الزكاة عن عبد الله بن دينار سمعت بن عمر قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع التمر حتى يبدو صلاحها وكان إذا
[ 431 ]
سئل عن صلاحها قال حتى تذهب عاهتها انتهى وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن حماد بن سلمة عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث حماد بن سلمة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم انتهى ووقع في رواية وعن بيع الحب حتى يفرك قال البيهقي إن كان بخفض الراء بإضافة الافراك إلى الحب ب وهو الاشبه وافق رواية حتى يشتد وإن كان بفتح الراء على ما لم يسم فاعله خالف رواية حتى يشتد واقتضى تنقيته عن السنبل حتى يجوز بيعه قال شيخنا علاء الدين لم أر أحدا من محدثي زماننا ضبطه انتهى باب خيار الشرط الحديث الاول روى أن حبان بن منقذ بن عمرو الانصاري كان يغبن في البياعات فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا بايعت فقل لا خلابة ولي الخيار ثلاثة أيام قلت رواه
[ 432 ]
الحاكم في المستدر ك من حديث محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال كان حبان بن منقذ رجلا ضعيفا وكان قد سفع في رأسه مأمومة فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيار ثلاثة أيا فيما اشتراه وكان قد ثقل لسانه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بع وقل لاخلابة فكنت أسمعه يقول لا خلابة لا خلابة وكان يشتري الشئ ويجئ به إلى أهله فيقولون له إن هذا غال فيقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خيرني في بيعي انتهى وسكت عنه وكذلك رواه الشافعي أخبرنا سفيان عن محمد بن إسحاق ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ثم قال قال الشافعي والاصل في البيع بالخيار أن يكون فاسدا ولكن لما شرط رسول الله صلى الله عليه وسلم في المصراة خيار ثلاث في البيع وروى عنه أنه جعل لحبان بن منقذ خبار ثلاث فيما ابتاع انتهينا إلى ما قال صلى الله عليه وسلم وأخرجه البيهقي في سننه عن بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال سمعت رجلا من الانصار يشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يزال يغبن في البيوع فقال عليه السلام إذا بايعت فقل لا خلابة ثم أنت بالخيار في كل سلعة ابتعتها ثلا ث ليال فان رضيت فأمسك وإن سخطت فاردد وقال بن إسحاق فحدثت به محمد بن يحيى بحبان قال كان جدي منقذ بن عمرو قد أصيب في رأسه فكان يغبن في البيع ثم ذكر نحوه وأخرج بن ماجة في سننه رواية محمد بن يحيى بانفرادها في باب الحجر من أبوا ب الاحكام عن بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال هو جدي منقذ بن عمرو وكان رجلا قد أصابته آمة في رأسه فكسرت لسانه وكان لا يدع على ذلك التجارة فكان لا يزال يغبن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال إذا أنت بايعت فقل لا خلابة ثم أنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال فان رضيت فأمسك وإن سخط ت فارددها على صاحبها انتهى وهي مرسلة وجهل من عزاه لابي داود وأبو داود لم يذكره فسننه ولافي مراسيله ولم يعزه شيخنا أبو الحجاج المزي في أطرافه إلا لابن ماجة والله أعلم ورواه الدارقطني في سننه كذلك وزاد قال بن إسحاق وحدثني محمد بن يحيى بن حبان قال ما علمت بن الزبير جعل العهدة ثلاثا إلا كذلك انتهى ورواه البخاري في تاريخه الوسط فقال حدثنا عياش بن الوليد ثنا عبد الاعلى بن عبد الاعلى عن بن إسحاق حدثني محمد بن يحيى بن
[ 433 ]
حبان قال كان جدي منقذ بن عمرو أصابته آمة في رأسه فكسر ت لسانه ونازعت عقله وكان لا يدع التجارة فلا يزال يغبن فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذا بعت فقل لا خلابة وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلا ث ليال وعاش مائة وثلاثين سنة فكان في زمن عثمان يبتاع في السوق فيصير إلى أهله فيلومونه فيرده ويقول إن النبي صلى الله عليه وسلم جعلني بالخيار ثلاثا فيمر الرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول صدق انتهى ذكره في ترجمة منقذ وذكره في تاريخه الكبير فلم يصل سنده به فقال قال عياش بن الوليد ثنا عبد الاعلى به سواء وذهل بن القطان في كتابه فأنكر على عبد الحق حين عزاه إلى تاريخ البخاري وقال إن البخاري لم يصل سنده به ثم أنكر عليه كونه لم يعله بابن إسحاق وكان بن القطان لم يقف على تاريخ البخاري الوسط وابن إسحاق الاكثر على توثيقه وممن وثقه البخاري والله أعلم ورواه بن أبي شيبة في مصنفة في باب الرد على أبي حنيفة حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن إسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمنقذ بن عمرو قل لا خلابة إذا بعت بيعا فأنت بالخيار ثلاثا انتهى طريق أخرى للحديث مسندة قال الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن رشدين ثنا يحيى بن بكير ثنا بن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة أنه كلم عمر بن الخطاب في البيوع فقال عمر ما أجد لكم أوسع مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم لحبان بن منقذ أنه كان ضرير البصر فجعل له رسول الله صلى الله عليه وسلم عهدة ثلاثة أيام فيما اشترى فإن رضى أخوإن سخط ترك انتهى وقال لا يروي عن عمر الا بهذا الاسناد تفرد به بن لهيعة انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه كذلك عن بن لهيعة به وتلحق هذه الرواية بالاولى واعلم أن الحديث في السنن الاربعة من رواية أنس ليس فيه ذكر الخيار أخرجوه عن سعيد عن قتادة عن أنس أن رجلا كان في عقدته ضعف وكان يبايع وأن أهله أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله احجر عليه فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع فقال يا رسول الله لا أصبر عن البيع فقال إذا بايعت فقل لا خلابة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى
[ 434 ]
أحاديث الباب روى عبد الرزاق في مصنفه من حديث أبان بن أبي عياش عن أنس أن رجلا اشترى من رجل بعيرا واشترط عليه الخيار أربعة أيام فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيع وقال الخيار ثلاثة أيام انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة عبد الرزاق وأعله بأبان بن أبي عياش وقال إنه لا يحتج بحديثه مع أنه كان رجلا صالحا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أحمد بن عبد الله بن ميسرة ثنا أبو علقمة الفروي ثنا نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخيار ثلاثة أيام انتهى وأحمد بن عبد الله بن ميسرة إن كان هو الحراني الغنوي فهو متروك والله أعلم واستدل بن الجوزي في التحقيق لاصحابنا في اشتراط الثلاث بحديث بن عمر هذا ثم بحديث حبان المتقدم وأجاب عن حديث بن عمر بأن فيه أحمد بن عبد الله بن ميسرة وقد ضعفه الدارقطني وقال بن حبان لا يحل الاحتجاج به وعن حديث حبان بأنه خاص به قال ثم التقدير بالثلاث خرج مخرج الغالب لان النظر يحصل فيها غالبا وهذا لا يمنع من الزيادة عند الحاجة كما قدرت حجارة الاستنجاء بالثلاث ثم تجب الزيادة عند الحاجة انتهى قوله روى عن بن عمر أنه أجاز الخيار إلى شهرين قلت غريب جدا
[ 441 ]
باب خيار الرؤية الحديث الاول قال عليه السلام من اشترى شيئا لم يره فله الخيار إذ رآه قلت روى مسندا ومرسلا فالمسند أخرجه الدارقطني في سننه عن داهر بن نوح ثنا عمر بن إبراهيم بن خالد الكردي ثنا وهب اليشكري عن محمد بن سيرين عن أبي هرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه قال عمر الكردي وأخبرني فضيل بن عياض عن هاشم عن بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال عمر أيضا وأخبرني القاسم بن الحكم عن أبي حنيفة عن الهيثم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال الدارقطني وعمر بن إبراهيم هذا يقال له الكردي يضع الاحاديث وهذا باطل لا يصح لم يروه غيره وإنما يروي عن بن سيرين من قوله انتهى قال بن القطان في كتابه والراوي عن الكردي داهر بن نوح وهو لا يعرف ولعل الجناية منه انتهى وأما المرسل فرواه بن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني ثم البيهقي وهو في سننيهما حدثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن مكحول رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال من اشترى إلى آخره وزاد إن شاء أخذه وإن شاء تركه قال الدارقطني هذا
[ 442 ]
مرسل وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف انتهى أحاديث الخصوم واستدل بن الجوزي في التحقيق على عدم جواز بيع ما لم يره بحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر رواه مسلم وبحديث حكيم بن حزام قال له عليه السلام لا تبع ما ليس عندك رواه الاربعة وحسنه الترمذي قوله روى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه باع أرضا بالبصرة من طلحة بن عبيد الله فقيل لطلحة بن عبيد الله إنك قد غبنت فقال لي الخيار لاني اشتريت ما لم أره وقيل لعثمان إنك قد غبنت فقال لي الخيار لاني بعت ما لم أره فحكما بينهما جبير بن مطعم فقضى بالخيار لطلحة وكان ذلك بمحضر من الصحابة قلت
[ 443 ]
أخرجه الطحاوي ثم البيهقي عن علقمة بن أبي وقاص أن طلحة اشترى من عثمان مالا فقيل لعثمان إنك قد غبنت فقال عثمان لي الخيار لاني بعت ما لم أره وقال طلحة لي الخيار لاني اشتريت ما لم أره فحكما بنهما جبير بن مطعم فقضى أن الخيار لطلحة ولا خيار لعثمان انتهى
[ 453 ]
باب البيع ا لفاسد
[ 454 ]
الحديث الاول حديث مارية القبطية أعتقها ولدها تقدم في الاستيلاد
[ 455 ]
الحديث الثاني نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الحبل وحبل الحبلة قلت غريب بهذا اللفظ وفيه أحاديث فروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر وابن عيينة عن أيوب عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة قال والمضامين ما في أصلاب الابل والملاقيح ما في بطونها وحبل
[ 456 ]
الحبلة ولد ولد هذه الناقة انتهى لحديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا أبو كريب ثنا إبراهيم بن إسماعيل السكوتي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المضامين والملاقيح وحبل الحبلة انتهى ورواه البزار في مسند حدثنا سعيد بن يحيى الاموي ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد ثنا إبراهيم بن إسماعيل به حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا سعيد بن سفيان عن صالح بن أبي الاخضر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن ابي هريرة مرفوعا نحو سواء ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا النضر بن شميل عن صالح بن أبي الاخضر به قال البزار وصالح بن أبي الاخضر ليس بالحافظ انتهى رضي الله تعالى عنها حديث آخر يشبه المرفوع رواه مالك في الموطأ أخبرنا بن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه أقل لا ربا في الحيوان وإنما نهى من الحيوان عن ثلاثة عن المضامين والملاقيح وحبل الحبلة فالمضامين ما في بطون إناث الابل والملاقيح ما في ظهور الجمال وحبل الحبلة فذكره بلفظ الصحيحين وشطر الحديث في الصحيحين عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة وكان بعا يتبايعه أهل الجاهلية كان الرجل يبتاع الجزور إلى أن ينتج الناقة ثم ينتج التي في بطنها انتهى وفي لفظ لهما وحبل الحبلة ان تنتج الناقة ثم تحمل التي نتجت وفي لفظ للبخاري ثم تنتج التي نتجت وفي لفظ للبزار في مسنده وهو نتاج النتاج وأخرجه الباقون من الائمة الستة وشطره الاول رواه بن ماجة حدثنا هشام بن عمار ثنا حاتم بن إسماعيل عن جهضم بن عبد الله عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن زيد عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الانعام
[ 457 ]
حتى تضع الحديث وسيأتي في حديث النهي عن بيع الآبق الحديث الثالث وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الصوف على ظهر الغنم وعن لبن في ضرع وسمن في لبن قلت روى موقوفا ومرفوعا مسندا ومرسلا فالمرفوع المسند رواه الطبراني فمعجمه حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا حفص بن عمر الحوضي ثنا عمرو بن فروخ ثنا حبيب بن الزبير عن عكرمة عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع ثمرة حتى تطعم ولا يباع صوف على ظهر ولا لبن في ضرع انتهى وأخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن عمرو بن فروخ به قال الدارقطني وأرسله وكيع عن عمرو بن فروخ ثم أخرجه عن وكيع عن عمرو بن فروخ به مرسلا لم يذكر فيه بن عباس وقال البيهقي تفرد برفعه عمرو بن فروخ وليس بالقوي انتهى ونقل شيخنا الذهبي توثيق عمرو بن فروخ عن أبي داود وابن معين وأبي حاتم
[ 458 ]
وأما المرسل فرواه أبو داود في مراسيله عن محمد بن العلاء عن بن المبارك عن عمرو بن فروخ عن عكرمة عن النبي صلي الله عليه وسلم ولم يذكر بن عباس ولا حبيب بن الزبير ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى أن يباع لبن في ضرع أو سمن في لبن انتهى وتراجع ورواه الدارقطني في سننه عن وكيع عن عمرو بن فروخ عن حبيب الزبير عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ بن أبي شيبة وأما الموقوف فرواه أبو داود أيضا في مراسيله عن أحمد بن أبي شعيب الحراني عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عكرمة عن بن عباس قال لا يباع أصواف الغنم على ظهورها ولا ألبانها في ضروعها انتهى ورواه الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن موسى بن عبيدة عن سليمان بن يسار عن بن عباس أنه كان ينهى عن بيع اللبن في ضروع الغنم والصوف على ظهورها انتهى قال البيهقي وروى مرفوعا والصحيح موقوف انتهى الحديث الرابع روى أنه عليه السلام نهى عن بيع المزابنة والمحاقلة قلت روى من حديث جابر ومن حديث الخدري ومن حديث بن عباس ومن حديث أنس ومن حديث أبي هريرة فحديث جابر أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة زاد مسلم في لفظ وعن الثني إى أن يعلم انتهى وزاد مسلم في لفظ وزعم جابر ان المزابنة بيع الرطب في النخل بالتمر كيلا والمحاقلة في الزرع على نحو ذلك يبيع الزرع القائم بالحب كيلا وفي لفظ له قال والمحاقلة أن يباع الحقل بكيل من الطعام معلون والمزابنة أن يباع النخل
[ 459 ]
بأوساق من التمر وأما حديث الخدري فأخرجه البخاري ومسلم عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة والمحاقلة اشتراء التمر في رءوس النخل والمحاقلة كراء الارض انتهى الرب عز وجلو أما حديث بن عباس فأخرجه البخاري عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة انتهى وأما حديث أنس فأخرجه البخاري أيضا عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمخابرة والملامسة والمنابذة والمزابنة انتهى وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة انتهى الحديث الخامس روى أنه عليه السلام نهى عن المزابنة ورخص في العرايا وهو أن تباع بخرصها تمرا فيها دون خمسة أوسق قلت النهي عن المزابنة تقدم وأما العرايا فأخرجا في الصحيحين عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق شك داود قال دون خمسة أو في خمسة انتهى وأخرج مسلم عن
[ 460 ]
سهل بن أبي حثمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع التمر بالتمر وقال ذلك الربا تلك المزابنة أي أنه رخص في بيع العرية النخلة والنخلتين ويأخذها أهل البيت بخرصها كيلا انتهى وفي لفظ لمسلم ذلك الزبن عوض الربا والحديث في البخاري ليس فيه تلك المزابنة ولا الزبن وأخرجا في الصحيحين عن بن عمر عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا أن تابع بخرصها وفي لفظ رخص في العرية أن يؤخذ بمثل خرصها تمرا يأكلها أهلها رطبا انتهى قال صاحب التنقيح ووافقنا الشافعي في صحة بيع العرايا إلا أنه خالفنا في إباحتها من غير ضرورة قال الامام موفق الدين في الكافي روى محمود بن لبيد قال قلت لزيد بن ثابت ما عراياكم هذه فسمى رجالا محتاجين من الانصار شكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرطب يأتي ولا نقد بأيديهم يبتاعون به رطبا يأكلونه وعندهم فضول من التمر فرخص لهم أن يبتاعوا العرية بخرصها من التمر يأكلونه رطبا قال متفق عليه ووهم في ذلك فان هذا ليس في الصحيحين ولافي السنن بل ولا في شئ من الكتب المشهورة ولم أجد له سندا بعد الفحص البالغ ولكن الشافعي ذكره في كتابه في باب العرايا بغير إسناد انتهى كلامه الحديث السادس روى أنه عليه السلام نهى عن الملامسة والمنابذة قلت أخرجه
[ 461 ]
البخاري ومسلم عن الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعين ولبستين نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع والملامسة لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار ولا يقلبه إلا بذلك والمنابذة أن ينبذ الرجل إلى الرجل ثوبه وينبذ الآخر إليه ثوبه ويكون بذلك بيعهما من غير نظر ولا تراض انتهى وأخرجاه أيضا من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة زاد مسلم أما الملامسة فان يلمس كل واحد منهما ثوب صاحبه بغير تأمل والمنابذة أن ينبذ كل واحد منهما ثوبه إلى الآخر ولم ينظر واحد منهما إلى ثوب صاحبه انتهى وأخرجه البخاري في حديث المزابنة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة وقد تقدم قريبا قوله ولا يجوز بيع المراعي ولا إجارتها والمراد الكلا أما البيع فلانه ورد على
[ 462 ]
مالا يملكه لاشترا ك الناس فيه بالحديث قلت يشير إلى حديث الناس شركاء في ثلاثة الكلا والنار والماء وسيأتي في كتاب إحياء الموات إن شاء الله تعالى الحديث السابع روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع العبد الآبق قلت رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا حاتم بن إسماعيل عن جهضم بن عبد الله عن محمد بن إبراهيم عن محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شراء ما في بطون الانعام حتى تضع وعن بيع ما في ضروعها
[ 463 ]
وعن شراء العبد وهو آبق وعن شراء المغانم حتى تقسم وعن شراء الصدقات حتى تقبض وعن ضربة القانص انتهى ورواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم وابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه ورواه عبد الرزاق في مصنفه إلا أنه لم يذكر في إسناده محمد بن إبراهيم ومن جهة عبد الرزاق ذكره عبد الحق في أحكامه وقال إسناد لا يحتج به وشهر مختلف فيه ويحيى بن العلاء الرازي شيخ عبد الرزاق ضعيف وهو يروي عن جهضم به قال بن قطان وسند الدارقطني يبين أن سند عبد الرزاق منقطع انته وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه حاتم بن إسماعيل عن جهضم بن عبد الله اليمامي عن محمد بن إبراهيم الباهلي عن محمد بن زيد العبدي عن شهر بن حوشب عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى الحديث فقال أبي محمد بن إبراهيم هذا شيخ مجهول انتهى قلت ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا سويد بن عبد العزيز الدمشقي ثنا جعفر بن الحارث أبو الأشهب الواسطي حدثني من سمع محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سعيد الخدري مرفوعا بتمامه إلا أنه قال وعن بيع العبد وهو آبق عوض قوله وشراء الحديث الثامن قال عليه السلام لعن الله الواصلة والمستوصلة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم فأبو داود في الترجل وابن ماجة في النكاح والباقون
[ 464 ]
في اللباس كلهم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على منع بيع شعر الانسان والانتفاع به لكرامته وهو غير ناجح رضي الله تعالى عنها لحديث التاسع حديث لا تنتفعوا من الميتة بإهاب تقدم في الطهارات
[ 465 ]
الحديث العاشر قالت عائشة لتلك المرأة وقد باعت بستمائة بعد ما اشترت بثمانمائة بئس ما اشتريت وشريت أبلغني زيد بن أرقم أن الله تعالى أبطل حجه وجهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم يتب قلت أخرجه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر والثوري عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة في نسوة فسألتها
[ 466 ]
امرأة فقالت يا أم المؤمنين كانت لي جارية فبعتها من زيد بن أرقم بثمانمائة إلى العطاء ثم ابتعتها منه بستمائة فنقدته الستمائة وكتبت عليه ثمانمائة فقالت عائشة بئس ما
[ 467 ]
اشتريت وبئس ما اشترى أخبري زيد بن أرقم أنه قد أبطل جهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب فقالت المرأة لعائشة أرأيت إن أخذت رأس مالي ورددت عليه الفضل فقالت فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف انتهى وأخرجه الدارقطني والبيهقي في سننيهما عن يونس بن أبي إسحاق الهمداني عن أمه العالية قالت كنت قاعدة عند عائشة فأتتها أم محبة فقالت إني بعت زيد بن أرقم جارية إلى عطائه فذكره بنحوه قال الدارقطني أم محبة والعالية مجهولتان لا يحتج بهما انتهى وأم محبة بضم الميم وكسر الحاء هكذا ضبطه الدارقطني في كتاب المؤتلف والمختلف وقال إنها امرأة تروي عن عائشة روى حديثهما أبو إسحاق السبيعي عن امرأته العالية ورواه أيضا يونس بن إسحاق عن أمه العالية بنت أيفع عن أم محبة عن عائشة انتهى وأخرجه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة هي وأم ولد زيد بن أرقم فقالت أم ولد زيد لعائشة إني بعت من زيد غلاما بثمانمائة درهم نسيئة واشتريت بستمائة نقدا فقالت ابلغي زيدا أن قد أبطلت جهادك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن تتوب بئس ما اشتريت وبئس ما شريت انتهى قال في التنقيح هذا إسناد جيد وان كان الشافعي قال لا يثبت مثله عن عائشة وكذلك الدارقطني قال في العالية هي مجهولة لا يحتج بها فيه نظر فقد خالفه غيره ولولا أن عند أم المؤمنين علما من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا محرم لم تستجز أن تقول مثل هذا الكلام بالاجتهاد انتهى وقال بن الجوزي قالوا العالية امرأة مجهولة لا يقبل خبرها قلنا بل هي امرأة معروفة جليلوة القدر ذكرها بن سعد في الطبقات فقال العالية بنت أيفع بن شراحيل امرأة أبي إسحاق السبيعي سمعت من عائشة انتهى كلامه أحاديث الباب وفي تحريم العينة أحاديث والعينة بيع سلعة بثمن مؤجل ثم
[ 468 ]
يعود فيشتريها بأنقص منه حالا أخرج أبو داود في سننه عن أبي عبد الرحمن الخراساني عن عطاء الخراساني عن نافع عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذنا ب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم انتهى ورواه أحمد وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم قال البزار وأبو عبد الرحمن هذا هو عندي إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة وهو لين الحديث انتهى قال بن القطان في كتابه وهذا وهم من البزار وانما اسم هذا الرجل إسحاق بن أسد أبو عبد الرحمن الخراساني يروي عن عطاء روى عنه حيوة بن شريح وهو يروي عنه هذا الخبر وبهذا ذكره بن أبي حاتم وليس هذا بإسحاق بن أبي فروة ذاك مديني ويكنى أبا سليمان وهذا خراساني ويكنى أبا عبد الرحمن وأيهما كان فالحديث من أجله لا يصح ولكن للحديث طريق أحسن من هذا رواه الامام أحمد في كتاب الزهد حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر بن عياش عن الاعمش عن عطاء بن أبي رباح عن بن عمر قال أتى علينا زمان وما يرى أحدنا أنه أحق بالدينار والدرهم من أخيه المسلم ثم أصبح الدينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم ذلا فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم انتهى قال وهذا حديث صحيح ورجاله ثقات انتهى حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون عن أبي جناب عن شهر بن حوشب أنه سمع عبد الله بن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه الحديث الحادي عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط قلت رواه
[ 469 ]
الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عبد الله بن أيوب المقرى ثنا محمد بن سليمان الذهلي ثنا عبد الوارث بن سعيد قال قدمت مكة فوجدت بها أبا حنيفة وابن أبي ليلى وابن شبرمة فسألت أبا حنيفة عن رجل باع بيعا وشرط شرطا فقال البيع باطل والشرط باطل ثم أتيت بن أبي ليلى فسألته فقال البيع جائز والشرط باطل ثم أتيت بن شبرمة فسألته فقال البيع جائز والشرط جائز فقلت يا سبحان الله ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألواحدة فأتيت أبا حنيفة فأخبرته فقال ما أدري ما قالا حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع وشرط البيع باطل والشر باطل ثم أتيت بن أبي ليلى فأخبرته فقال ما أدري ما قالا حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أمرني النبي صلى الله عليه وسلم ان اشترى بريرة فأعتقها البيع جائز والشرط باطل ثم أتيت بن شبرمة فأخبرته فقال ما أدري
[ 470 ]
ما قالا حدثني مسعر بن كدام عن محارب بن دثار عن جابر قال بعت النبي صلى الله عليه وسلم ناقة وشرط لي حملانها إلى المدينة البيع جائز والشرط جائز انتهى ورواه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتاب علوم الحديث في باب الاحاديث المتعارضة حدثنا أبو بكربن إسحاق ثنا عبد الله بن أيوب بن زاذان الضرير ثنا محمد بن سليمان الذهلي به ومن جهة الحاكم ذكره عبد الحق في أحكامه وسكت عنه قال بن القطان وعلته ضعف أبي حنيفة في الحديث انتهى واستدل بن الجوزي في التحقيق علي صحة البيع بشرط العتق بحديث بريرة عن عائشة اشترتها بشرط العتق فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وصحح البيع والشرط وانما بين فيه بطلان شرط الولاء لغير المعتق ولم يذكر بطلان شرط العتق وأقره صاحب التنقيح عليه الحديث الثاني عشر روى أن النبي صلى الله عليوسلم نهى عن بيع وسلف قلت روى من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث حكيم بن حزام فحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أصحاب السنن الا بن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في تبع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح واختصره بن ماجة فذكر منه ربح ما لم يضمن وبيع ما ليس عندك فقط ولم ينصف المنذري في مختصره إذ عزا الحديث
[ 471 ]
بتمامه لابن ماجة مع أن أصحاب الاطراف بينوه قال المنذري ويشبه أن يكون الترمذي انما صححه لتصريحه فيه بذكر عبد الله بن عمرو ويكون مذهبه في الامتناع من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب انما هو الشك في إسناده لجواز أن يكون الضمير عائدا على محمد بن عبد الله فإذا صرح بذكر عبد الله بن عمرو انتفى ذلك انتهى وقال السهيلي في الروض الانف هذه رواية مستغربة جدا عند أهل الحديث فان عندهم أن شعيبا انما يروي عن جده عبد الله بن عمرو لا عن أبيه محمد فان أباه محمدا مات قبل جده عبد الله انتهى وقال بن القطان في كتابه إنما ردت أحاديث عمرو بن شعيب لان الهاء من جده يحتمل أن تعود على عمرو فيكون الجد محمد فيكون الخير مرسلا أو تعود على شعيب فيكون الجد عبد الله فيكون الحديث مسندا متصلا لان شعيبا سمع من جده عبد الله بن عمرو فإذا كان الامر كذلك فليس لاحد أن يفسر الجد بأنه عبد الله بن عمرو الا بحجة وقد يوجد ذلك في بعض الاحاديث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو فيرتفع النزاع وقد يوجد بتكرار عن أبيه فيرتفع النزاع أيضا ومن الاحاديث ما يكون من رواية عمرو بن شعيب عن غير أبيه وهي أيضا صحيحة كحديث البلاط انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط جماعة من أئمة المسلمين وهكذا رواه حماد بن زيد و عبد الوارث بن سعيد وداود بن أبي هند وعبد الملك بن أبي سليمان وغيرهم عن عمرو بن شعيب وقد رواه عطاء بن مسلم الخراساني عن عمرو بن شعيب بزيادات ألفاظ ثم أخرجه كذلك طريق آخر أخرجه النسائي في سننه في كتاب العتق عن عطاء الخراساني عن عبد الله بن عمرو بن العا ص أنه قال يا رسول الله انا نسمع منك أحاديث أفتأذن لنا أن نكتبها قال نعم فكان أول ما كتب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة لا يجوز شرطان
[ 472 ]
في بيع واحد ولا بيع وسلف جميعا ولا بيع ما لم يضمن ومن كان مكاتبا على مائة درهم فقضاها الا عشرة دراهم فهو عبد أو على مائة أوقية فقضاها الا أوقية فهو عبد انتهى قا النسائي هذا خطأ وعطاء هذا هو الخراساني ولم يسمع من عبد الله بن عمرو ولا أعلم أحدا ذكر له سماعا منه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثلث والحاكم في المستدرك وسكت عنه ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار وفسره فقال أما السلف والبيع فالرجل يقول للرجل أبيعك عبدي هذا بكذا وكذا على أن تقرضني كذا وكذا وأما الشرطان في البيع فالرجل يبيع الشئ حالا بألف ومؤجلا بألفين وأما الربح ما لم يضمن فالرجل يشتري الشئ فيبيعه قبل أن يقبضه بربح انتهى وأما حديث حكيم بن حزام فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أسلم بن سهل الواسطي ثنا أحمد بن إسماعيل بن سلام الواسطي ثنا موسى بن إسماعيل ثنا العلاء بن خالد الواسطي عن منصور بن زاذان عن محمد بن سيرين عن حكيم بن حزام قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع خصال في البيع عن سلف وبيع وشرطين في بيع وبيع ما ليس عندك وربح ما لم يضمن انتهى والحديث في الموطأ بلاغ قال أبو مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وسلف انته الحديث الثالث عشر روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة قلت رواه
[ 473 ]
أحمد في مسنده حدثنا حسن وأبو النضر وأسود بن عامر قالوا ثنا شريك عن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة قال أسود قال شريك قال سماك هو أن يبيع الرجل بيعا فيقول هو نقدا بكذا ونسيئة بكذا انتهى ورواه البزار في مسنده عن أسود بن عامر به ورواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن القاسم ثنا عبد الملك بن عبد ربه الطائي ثنا بن السماك بن حرب عن أبيه مرفوعا لا تحل صفقتان في صفقة انتهى ورواه العقيلي في ضعفائه من حديث عمرو بن عثمان بن أبي صفوان الثقفي ثنا سفيان عن سماك به مرفوعا الصفقة في الصفقتين ربا انتهى وأعله بعمرو بن عثمان هذا وقال لا يتابع على رفعه والموقوف أولى ثم أخرجه من طريق أبي نعيم ثنا سفيان به موقوفا وهكذا رواه الطبراني في معجمه الكبير من طريق أبي نعيم به موقوفا وكذلك رواه أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان به موقوفا
[ 474 ]
قال أبو عبيد ومعنى صفقتان في صفقة أن يقول الرجل للرجل أبيعك هذا نقدا بكذا ونسيئة بكذا ويفترقان عليه انتهى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والعشرين من القسم الاول من حديث شعبة عن سماك به موقوفا الصفقة في الصفقتين ربا وأعاده في النوع التاسع والمائة من القاسم الثاني كذلك بلفظ لا تحل صفقتان في صفقة انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي عن محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص
[ 475 ]
عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال وفسره بعض أهل العلم أن يقول الرجل أبيعك هذا الثوب نقدا بعشرة ونسيئة بعشرين ولا يفارقه على أحد البيعين فإذا فارقه على أحدهما فلا بأس إذا كانت العقدة على أحدهما وقال الشافعي معناه أن يقول
[ 476 ]
أبيعك داري هذه بكذا على أن تبيعني غلامك بكذا فإذا وجب لي غلامك وجبت لك داري انتهى والمصنف فسره بأن يقول أبيعك عبدي هذا علي أن تخدمني شهرا أو داري هذه على أن أسكنها شهرا قال فإن الخدمة والسكنى إن كان يقابلهما شئ من الثمن يكون إجارة في بيع وإلا فهو إعارة في بيع وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين الحديث والحديث في الموطأ بلاغ قال أبو مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة انتهى فصل في أحكام البيع قوله ولا يجز البيع إلى الحصاد والدياس والقطان وقدوم الحاج لانها تتقدم
[ 477 ]
وتتأخر ولو كفل إلى هذه الاوقات جاز لان الجهالة اليسيرة متحملة في الكفالة وهذه الجهالة يسيرة مستدركة لاختلاف الصحابة فيها قلت روى البيهقي في كتاب المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن عباس أنه قال لا تبيعوا إلى العطاء ولا إلى الاندر ولا إلى الدياس انتهى
[ 479 ]
فصل فيما يكره الحديث الرابع عشر قال عليه لا تناجشوا قلت أخرجاه من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يتلقى الركبان للبيع ولا يبع على بيع
[ 480 ]
بعض ولا تناجشوا ولا يبع حاضر لباد ولا تصروا الابل والغنم فمن ابتعاها بعد ذلك فهو بخير النظرين بعد أن يحلبها إرضيها أمسكها وإن سخطها ردها وصاعا من تمره انتهى الحديث الخامس عشر قال عليه السلام لا يستام الرجل على سوم أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه قلت أخرجاه من حديث بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبع بعضكم على بيع بعض وفي لفظ لايبع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له انتهى وأخرجاه من حديث أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي الركبان وأن يبيع حاضر لباد وأن تسأل المراة طلاق أختها وعن النجش والتصرية وأن يستام الرجع على سوم أخيه انتهى الحديث السادس عشر قال عليه السلام لا يبيع الحاضر للبادي قلت أخرجاه عن أنس قال نهينا أن يبيع حاضر لباد زاد مسلم وإن كان أخاه أو أباه وتقدم
[ 481 ]
في حديث أبي هريرة وأن يبيع حاضر لباد وفي لفظ لهما عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يبيع حاضر لباد انتهى وأخرجه البخاري عن بن عم قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد انتهى وأخرجه مسلم عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبيع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض انتهى وأخرجا أيضا عن طاوس عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد قال فقلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد قال لا يكون له سمسارا انتهى الحديث السابع عشر قال المصنف وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم باع قدحا وحلسا بيع من يزيد قلت رواه أصحا ب السنن الاربعة فأبو داود في الزكاة وابن ماجة في التجارات عن عيسى بن يونس عن الاخضر بن عجلان عن أبي بكر عبد الله الحنفي عن أنس بن مالك أن رجلا من الانصار أتت النبي صلى الله عليه وسلم يسأله فقال له ما في بيتك شئ
[ 482 ]
قال بلى حلس يلبس بعضويبسط بعضه وقعب يشرب فيه الماء قال آتنى بهما فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال من يشتري هذين فقال رجل أنا آخذهما بدرهم قال من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا فقال رجل أنا آخذهما بدرهمين فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الانصاري وقال اشتر بأحدهما طعاما فانبذه إلى أهلك واشتر بالآخر قدوما فأتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودا بيده ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أرينك خمسة عشر يوما فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير لك من أن تجئ المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع انتهى وأخرجه الترمذي عن عبيد الله بن شميط بن عجلان عن الاخضر بن عجلان به مختصرا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا فيمن يزيد انتهى وكذلك أخرجه النسائي عن المعتمر بن سليمان وعيسى بن يونس عن الاخضر بن عجلان به مختصرا قال الترمذي حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث الاخضر بن عجلان عن عبد الله الحنفي وقد رواه غيره واحد عن الاخضر بن عجلان انتهى وقال في علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال الاخضر بن عجلان ثقة وأبو بكر الحنفي اسمه عبد الله انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا يحيى بن سعيد عن الاخضر بن عجلان به ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا النضر بن إسماعيل عن الاخضر بن عجلان به ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن هارون بن مسلم بن هرمز عن الاخضر بن عجلان به وروه الترمذي في علله الكبير حدثنا علي بن سعيد الكندي ثنا معتمر بن سليمان عن الاخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك عن رجل من الانصار أن النبي صلى الله عليه وسلم باع حلسا وقدحا فيمن يزيد انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا المعتمر بن سليمان به سندا ومتنا قال بن القطان في كتابه وهذا اللفظ يعطي أن أنسا لم يشاهد
[ 483 ]
القصة ولا سمع ما فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم فالله أعلم أن تلك الرواية مرسلة أولا قال والحديث معلول بأبي بكر الحنفي فإني لا أعرف الحنفي فإني لا أعر ف أحدا نقل عدالته فهو مجهول الحال وإنما حسن الترمذي حديثه على عادته في قبول المشاهير وقد روى عنه جماعة ليسوا من مشاهير أهل العلم وهم عبد الرحمن وعبيد الله بن شميط وعمهما الاخضر بن عجلان والاخضر وابن أخيه عبيد الله ثقتان وأما عبد الرحمن فلا يعرف حاله انتهى الحديث الثامن عشر قال صلى الله عليه وسلم من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة قلت أخرجه الترمذي في البيوع وفي السير عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن أبي أيوب الانصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أخيه يوم القيامة انتهى وقال حديث حسن غريب انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وفيما قاله نظر لان حيي بن عبد الله لم يخرج له في الصحيح شئ بل تكلم فيه بعضهم قال بن القطان في كتابه قال البخاري فيه نظر وقال أحمد أحاديثه مناكير وقال بن معين ليس به بأس وقال النسائي - ي ليس بالقوي قال ولاجل الاختلاف فيه لم يصححه الترمذي انتهى ورواه أحمد في مسنده بقصة فيه ولفظه عن أبي عبد الرحمن الحبلى قال كنا في البحر وعلينا عبد الله بن قيس الفزاري ومعنا أبو أيوب الانصاري فمر بصاحب المقاسم وقد أقام السبي فإذا امرأة تبكي فقال ما شأن هذه قالوا فرقوا بينها وبين ولدها فانطلق أبو أيوب فأتى بولدها حتى وضعه في يدها فأرسل إليه عبد الله بن قيس ما حملك على ما صنعت فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فرق الحديث طريق آخر رواه البيهقي في شعب الايمان في آخر الباب الخامس والسبعون
[ 484 ]
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الاصم ثنا أبو عتبة ثنا بقية ثنا خالد بن حميد عن العلاء بن كثير عن أبي أيوب الانصاري مرفوعا نحوه قال صاحب التنقيح فيه انقطاع لان العلاء بن كثير الاسكندراني لم يسمع من أبي أيوب وأبو عتبة هو أحمد بن الفرج الحمصي محله الصدق قاله بن أبي حاتم وقد زال ما يخشى من تدليس بقية إذا صرح بالتحديث وخالد بن حميد الاسكندراني وثقه بن حبان والعلاء والاسكندراني أيضا صدوق انتهى طريق آخر رواه الدارمي في مسنده في السنن أخبرنا القاسم بن كثير عن الليث بن سعد عن عبد الله بن جنادة عن أبي عبد الرحمن الحبلى به حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه من طريق الواقدي ثنا يحيى بن ميمون عن أبي سعيد البلوي عن حريث بن سليم العذري عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن فرق في السبي بين الوالد والولد فقال من فرق بينهم فرق الله بينه وبين الاحبة يوم القيامة انتهى والواقدي فيه مقال أحاديث الباب روى البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الحاكم بسنده عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أبا أسد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسبي من البحرين فنظر عليه السلام إلى امرأة منهن تبكي فقال ما شأنك قالت باع ابني فقال عليه السام لابي أسد أبعث ابنها قال نعم قال فيمن قال في بني عبس فقال عليه السلام اركب أنت بنفسك فأت به انتهى حديث آخر روى الحاكم في المستدرك عن أبي بكر بن عياش عن سليمان التيمي عن طليق بن محمد عن عمران بن حصين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون من فرق بين والدة وولدها انتهى وقال إسناده صحيح ولم يخرجاه حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق بن عمران عن أبي بردة عن أبي موسى قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرق بين
[ 485 ]
الوالدة وولدها وبين الاخ وأخيه وفي لفظ نهى أن يفرق الحديث وذكر الدارقطني فيه اختلافا على طليق فمنهم من يرويه عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى ومنهم من يرويه عن طليق عن عمران بن حصين ومنهم من يرويه عن طليق عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهكذا ذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني ثم قال وقد اختلف فيه على طليق فرواه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن طليق عن أبي بردة عن أبي موسى ورواه أبو بكر بن عياش عن التيمي عن طليق عن عمران بن حصين وغير بن عياش يرويه عن سليمان التيمي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو المحفوظ عن التيمي انتهى كلامه قال بن القطان وبالجملة فالحديث لا يصح لان طليقا لا يعرف حاله وهو خزاعي انتهى كلامه حديث آخر أخرجه أبو داود في الجهاد عن يزيد بن أبي خالد الدالاني عن الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن علي أنه فرق بين جارية وولدها فنهاه عليه السلام عن ذلك ورد البيع انتهى وضعفه أبو داود بأن ميمون بن شبيب لم يدرك عليا ورواه الحاكم في المستدرك في البيوع وفي الجهاد وقال في الموضعين صحيح على شرط الشيخين انتهى الحديث التاسع عشر روي أن النبي صلى الله عليه وسلم وهب لعلي غلامين أخوين صغيرين ثم قال له ما فعل الغلامان فقال بعث أحدهما فقال له أدرك أدرك قال ويروى أردد أردد قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن ميمون بن أبي شبيب عن علي قال وهب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غلامين أخوين فبعث أحدهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي ما فعل غلامك فأخبرته فقال
[ 486 ]
رده رده انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب انتهى قال أبو داود في سننه ميمون بن أبي شبيب لم يدرك عليا فإنه قتل بالجماجم سنة ثلاث وثمانين انتهى طريق آخر أخرجه الدارطقني في سننه والحاكم في المستدرك عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سبي فأمرني ببيع أخوين فبعتهما وفرقت بينهما ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال أدركهما فارتجعهما وبعهما جميعا ولا تفرق بينهما انتهى قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال بن القطان في كتابه ورواية شعبة لا عيب بها وهي أولى ما اعتمد في هذا الباب انتهى طريق آخر أخرجه أحمد والبزار في مسنديهما عن سعيد بن أبي عروبة عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ففرقتهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أدركهما فارتجعهما ولا تبعهما إلا جميعا انتهى قال صاحب التنقيح هذا إسناد رجاله رجال الصحيحين إلا أن سعيد بن أبي عروبة لم يسمع من الحكم شيئا قاله أحمد والنسائي والدارقطني وغيرهم انتهى قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده وبينهما رجل مجهول فقال أخبرنا محمد بن سواء ثنا أبن أبي عروبة عن صاحب له عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن به قوله وفيه ترك للرحمة على الصغار وقد أوعد عليه قلت في الباب حديث ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا روى من حديث عبد الله بن عمرو
[ 487 ]
العاص ومن حديث بن عباس ومن حديث أنس ومن حديث عبادة بن الصامت ومن حديث أبي امامة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث واثلة ومن حديث ضميرة فحديث عبد الله بن عمرو رواه أبو داود في الادب حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن سفيان عن بن أبي نجيح عن بن عامر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا انتهى وكذلك رواه البخاري في كتابه المفرد في الادب وسمى بن عامر عبيد الله بن عامر وله طريق آخر أخرجه الترمذي في البر والصلة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه وقال حديث حسن صحيح ورواه البخاري في كتابه المفرد في الادب وقال فيه عن جده عبد الله بن عمرو ورواه الحاكم في المستدرك في كتابه الايمان وقال على شرط مسلم وأما حديث بن عباس فأخرجه الترمذي أيضا عن شريك عن ليث بن أبي سليم عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا نحوه وقال حديث غريب ورواه بن حبان في
[ 488 ]
صحيحه وضعفه بالقطان وقال إنه من رواية شريك عن ليث بن أبي سليم وكلاهما فيه مقال انتهى الرب عز وجلو أما حديث أنس فأخرجه الترمذي أيضا عن زربي عن أنس مرفوعا نحوه وقال حديث غريب قال وزربي له مناكير عن أنس وغيره انتهى قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو ياسر عمار ثنا يوسف بن عطية ثنا ثابت عن أنس مرفوعا ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا انتهى ورواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده حدثنا يعلى بن عباد ثنا عبد الحكم ثنا أنس فذكره وأما حديث عبادة بن الصامت فرواه الطحاوي في المشكل حدثنا يونس بن عبد الاعلى ثنا بن وهب أخبرني مالك بن الخير الزيادي عن أبي قبيل عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا انتهى ورواه الطبراني في معجمه ومن جهة الطحاوي ذكره عبد الحق في أحكامه قال بن القطان فكتابه ومالك بن الخير الزيادي روى عنه جماعة منهم بن وهب وحيوة بن شريح وزيد بن الحباب وبهذا الاعتبار سكت عنه أبو محمد عبد الحق وهو ممن لم تثبت عدالته انتهى ورواه الترمذي الحكيم في نوادر الاصول بلفظ ليس من أمتي وأما حديث أبي أمامة فرواه البخاري في كتابه المفرد في الادب حدثنا محمود
[ 489 ]
ثنا يزيد بن هارون أنبأ الوليد بن جميل عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة مرفوعا نحو الاول ورواه الطبراني أيضا في معجمه وأما حديث أبي هريرة فرواه البخاري أيضا في كتابه المفرد في الادب حدثنا أحمد بن عيسى ثنا عبد الله بن وهب عن أبي صخر عن بن قسيط عن أبي هريرة مرفوعا باللفظ الاول ورواه الحاكم في المستدرك في آخر البر والصلة وصحح إسناده وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن محمد التمار ثنا سهيل بن تمام بن بزيع ثنا مبارك بن فضالة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث أنس وأما حديث واثلة فأخرجه الطبراني في معجمه حدثنا جعفر بن سليمان النوفلي المديني ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ثنا مسعر بن عيسى ثنا عبد الله بن يحيى بن عطاء بن سليل عن الزهري عن واثلة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يجل كبيرنا وأما حديث ضميرة فأخرجه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن سهيل بن أيوب الاهوازي ثنا إسماعيل بن أبي أويس حدثني حسين بن عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا وليس منا من غشنا ولا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب للمؤمنين ما يحب لنفسه الحديث العشرون روى أنه عليه السلام فرق بين مارية وسيرين قلت رواه البزار
[ 490 ]
في مسنده حدثنا محمد بن زياد ثنا سفيان بن عيينة ثنا بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال أهدى المقوقس القبطي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جاريتين وبغلة كان يركبها فأما إحدى الجاريتين فتسراها فولدت له إبراهيم وهي مارية أم إبراهيم وأما الاخرى فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت وهي أم عبد الرحمن بن حسان انتهى قال البزاز هذا حديث وهم فيه محمد بن زياد فرواه عن بن عيينة عن بشير بن مهاجر وابن عيينة ليس عنده عن بشير بن مهاجرولكن روى هذا الحديث عن بشير بن مهاجر حاتم بن إسماعيل ودلهم بن دهثم انتهى قلت هكذا رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده حدثنا خلد بن خداش ثنا حاتم بن إسماعيل ثنا بشير بن المهاجر به سندا ومتنا وذكر أن هذا الحديث في صحيح بن خزيمة وأخرجه البيهقي في دلائل النبوة بسند آخر مرسل من طريق بن إسحاق حدثني الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الاسكندرية بكتاب فقبل الكتاب وأكرم حاطبا وأحسن نزله وسرحه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى له مع حاطب كسوة وبغلة مسروجة وخادمتين إحداهما أم إبراهيم وأما الاخرى فوهبها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجهم بن قيس العبدي وهي أم زكريا بن جهم الذي كان خليفة عمرو بن العاص على مصر انتهى وهذا مخالف لما رواه البزاز أن الاخرى أهداها لحسان ويجمع بينهما بحديث آخر رواه البيهقي عقيب الحديث المذكور من حديث أبي بشر أحمد بن محمد الدولابي ثنا أبو الحارث أحمد بن سعيد
[ 491 ]
الفهري ثنا هارون بن يحيى الحاطبي ثنا إبراهيم بن عبد الرحمن حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه ثنا يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه عن جده حاطب بن أبي بلتعة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ملك الاسكندرية فجئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله وأقمت عنده ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته إلى أن قال وهذه هدايا أبعث بها معك إلى محمد قال فأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث جوار منهن أم إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وواحدة وهبها عليه السلام لابي جهيم بن حذيفة العدوي وواحدة وهبها لحسان بن ثابت الانصاري مختصر أحاديث الباب أخرج مسلم في الجهاد عن سلمة بن الاكوع قال خرجنا مع أبي بكر فغزونا فزارة إلى أن قال فجئت بهم إلى أبي بكر وفيهم امرأة معها ابنة لها من أحسن العرب فنفلني أبو بكر ابنتها فقدمت المدينة فقال لي عليه السلام يا سلمة هب لي المرأة قلت هي لك ففدى بها أسارى بمكة والحديث فيه ثلاثة أحكام التفريق بين الكبار وبه بوب عليه أبو داود باب التفريق بين المدركات وفيه التنفيل والفداء بالاسارى وبه بوب عليه مسلم حديث آخر رواه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث عبد الله بن عمرو بن حسان ثنا سعيد بن عبد العزيز سمعت مكحولا يقول حدثنا نافع بن محمود بن الربيع عن أبيه أنه سمع عبادة بن الصامت يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرق بين الام وولدها فقيل يا رسول الله إلى متى قال حتى يبلغ الغلام وتحيض الجارية انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال صاحب التنقيح وهذا خطأ والاشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا ولم يخرجه أحمد ولا أحد من أصحاب الكتب الستة وقال الدارقطني عبد الله بن عمرو بن حسان هو الواقعي وهو ضعيف الحديث رماه علي بن المديني بالكذب ولم يروه
[ 492 ]
عن سعيد غيره انتهى وقال شيخنا شمس الدين الذهبي في مختصر المستدرك بل هو حديث موضوع فإن عبد الله بن حسان كذاب انتهى باب الاقالة حديث واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته يوم القيامة قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقال مسلما بيعته أقاله الله عثرته زاد بن ماجة يوم القيامة انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وقال بن حبان فيه يوم القيامة دون الحاكم ونادما عند البيهقي
[ 494 ]
باب المرابحة والتولية الحديث الاول قال المصنف وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد الهجرة ابتاع أبو بكر رضي الله عنه بعيرين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ولني أحدهما فقال هو لك بغير شئ فقال أما بغير ثمن فلا قلت غريب وروى عبد الرازق في مصنفه أخبرنا معمر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت التولية والاقالة سواء لا بأس به أخبرنا بن جريح عن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا مستفاضا بالمدينة قال من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه ويستوفيه إلا أن يشرك فيه أو يوليه أو يقيله انتهى وحديث أبي بكر في البخاري عن الزهري عن عروة عن عائشة وفيه أن أبا بكر قال للنبي صلى الله عليه وسلم خذ بأبي أنت وأمي يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين فقال
[ 495 ]
عليه السلام بالثمن الحديث ليس فيه غير ذلك أخرجه في بدء الخلق ورواه أحمد في مسنده ولفظه فأعطاه أبو بكر إحدى الراحلتين فقال خذها يا رسول الله فاركبها فقال عليه السلام قد أخذتها بالثمن الحديث وفي الطبقات لابن سعد وكان أبو بكر قد اشتراها بثمانمائة درهم من نعم بني قشير فأخذ إحداهما وهي القصواء الحديث وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن وابن سيرين والشعبي وطاوس قالوا التولية بيع وأخرج نحوه عن الزهري وزاد ولا بيع حتى يقبض انتهى
[ 499 ]
فصل الحديث الثاني روى أنه عليه السلام نهى عن بيع ما لم يقبض قلت فيه أحاديث منها ما أخرجه أبو داود عن بن إسحاق حدثني أبو الزناد عن عبيد بن حنين عن عبد الله بن عمر قال ابتعت زيتا في السوق فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني فيه ربحا حسنا فأردت أن أضرب على يده فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا زيد بن ثابت قال لا تبعه حيث ابتعت حتى تحوزه إلى رحلك فان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه وقال في التنقيح سنده عبيد فان بن إسحاق صرح فيه بالتحدث حديث آخر أخرجه النسائي في سننه الكبرى عن يعلى بن حكيم عن يوسف بن ماهك عن عبداللبن عصمة عن حكيم بن حزام قال قلت يا رسول الله إني رجل أبتاع هذه البيوع وأبيعها فما يحل لي منها وما يحرم قال لا تبيعن شيئا حتى تقبضه انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في القسم الثاني وهو قسم النواهي ولفظه قال إذا ابتعت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه انتهى قال بن حبان وهذا الخبر مشهور عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام ليس بينهما
[ 500 ]
بن عصمة وهو خبر غريب انتهى وترجم عليه ذكر الخبر الدال على أن كل شئ سوى الطعام حكمه حكم الطعام في النهي عن بيعه قبل القبض انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن عامر الاحول عن يوسف بن ماهك عن بن عصمة به وبسند النسائي رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال عبد الحق في أحكامه وقد رواه قاسم بن أصبغ في كتابه عن همام ثنا يحيى أن يعلى بن حكيم حدثه أن يوسف حدثه أن حكيم بن حزام حدثه فذكره هكذا ذكر يعلى سماع يوسف بن ماهك من حكيم بن حزام وهشام الدستوائي يرويه عن يحيى فيدخل بين يوسف وحكيم عبد الله بن عصمة وكذلك هو بينهما في غير حديث وعبد الله بن عصمة ضعيف جدا انتهى قال بن القطان في كتابه هكذا رواه قاسم بن أصبغ وأنا أخاف أن يكون سقط من الاسناد بن عصمة ورواية الدارقطني تبين ذلك قال وذكر بن حزم في كتابه رواية قاسم بن أصبغ وقال إن يعلى بن حكيم ثقة وقد ذكر سماع يوسف من حكيم فيصير سماع يوسف من بن عصمة عن حكيم لغوا لانه إذا سمعه من حكيم فلا يضره أن يسمعه من غير حكيم عن حكيم انتهى وقال صاحب التنقيح قال بن حزم عبد الله بن عصمة مجهول وصحح الحديث من رواية يوسف نفسه عن حكيم لانه صرح في رواية قاسم بن أصبغ بسماعه منه والصحيح أن بين يوسف وحكيم في عبد الله بن عصمة وهو الجشمي حجازي وقد ذكره بن حبان في الثقات وقال عبد الحق في أحكامه بعد ذكره هذا الحديث عبد الله بن عصمة ضعيف جدا وتبعه على ذلك بن القطان وكلاهما مخطئ في ذلك وقد اشتبه عليها عبد الله بن عصمة هذا بالنصيبي أو غيره ممن يسمى عبد الله بن عصمة انتهى كلامه حديث آخر أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن طاوس عن بن عباس قال الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم فهو الطعام أن يباع حتى يقبض قال بن عباس ولا أحسب كل شئ إلا مثله انتهى وقد استدل بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا في منع
[ 501 ]
التصرف في المبيع قبل القبض غير العقار بثلاثة أحاديث المذكورة ثم قال وقد حمل أصحابنا هذه الاحاديث على غير المتميز ثم استدل لمذهبه في الجواز بحديثه أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن سماك عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال كنت أبيع الابل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير فأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يدخل حجرته فأخذت بثوبه فسألته فقال إذا أخذت واحدا منهما بالآخر فلا يفارقك وبينك وبينه بيع انتهى وصححه الحاكم والدارقطني وقال الترمذي لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث سماك وروى داود بن أبي هند هذا عن سعيد بن جبير عن بن عمر موقوفا انتهى وأخرجه النسائي عن أبي هاشم عن سعيد عن بن عمر قوله ومن حديث موسى بن نافع عن سعيد قوله وقال عبد الله بن أحمد حدثني أبي عن أبي داود قال كنت عند شعبة فجاءه خالد بن طليق يعني بن محمد بن عمران بن حصين قال فسألته عن حديث سماك عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في اقتضاء الذهب من الورق والورق من الذهب فقال له شعبة أصلحك الله حدثني قتادة عن سعيد بن المسيب عن بن عمر لم يرفعه أبي هند عن سعيد بن جبير عن بن عمر لم يرفعه ورفعه سماك وأنا أهابه انتهى من التنقيح
[ 502 ]
الحديث الثالث روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري قلت روى من حديث جابر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث أنس ومن حديث بن عباس فحديث جابر أخرجه بن ماجة في سننه عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري انتهى ورواه بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزاز في مسانيدهم ورواه الدارقطني والبيهقي في سننيهما وهو معلول بابن أبي ليلى وأما حديث أبي هريرة فرواه البزاز في مسنده حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا مسلم الجرمي ثنا مخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي
[ 503 ]
هريرة فذكره سوا وزاد فيه فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان وقال لا نعلمه يروي عن أبي هريرة إلامن هذا الوجه وأما حديث أنس فأخرجه بن عدي في الكامل عن خالد بن يزيد القشيري ثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 504 ]
بلفظ حديث أبي هريرة قال بن عدي هذا حديث منكر لا يرويه بهذا الاسناد غير خالد بن يزيد وعن خالد أحمد بن بكر البالسي وأنا أخاف أن يكون البلاء فيه من أحمد بن بكر لا من خالد فإن أحمد ضعيف ثم ضعف خالدا وقال إن أحاديثه لا يتابع عليها وما ضعفه يكتب حديثه قال ولم أر للمتقدمين فيه كلاما فأردت أن أبين ضعفه وأما حديث بن عباس فأخرجه بن عدي أيضا عن معلى بن هلال الطحان عن بن طاو س عن أبيه عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يباع طعام حتى يكا بالصاعين صاع البائع وصاع المشتري انتهى وأسند إلى البخاري والنسائي وأحمد والسعدي فيه معلى بن هلال أنه كذاب وضاع ووافقهم على ذلك حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثه حفص عن هشام
[ 505 ]
عن الحسن قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث جابر حديث آخر في الباب رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير ان عثمان بن عفان وحكيم بن حزام كانا يبتاعان التمر ويجعلانه في غرائر ثم يبيعانه بذلك الكيل فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعاه حتى يكيلاه لمن ابتاعه منهما انتهى باب الربا الحديث الاول قال عليه السلام الحنطة بالحنطة مثل بمثل يدا بيد والفضل ربا وعد الاشياء الستة الحنطة والشعير والتمر والملح والذهب والفضة على هذا المثال ويروى بروايتين رفع مثل ونصبه قلت روي من حديث عبادة بن الصامت ومن حديث الخدري ومن حديث بلال فحديث عبادة بن الصامت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن أبي الاشعث عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة
[ 506 ]
والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلف هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد انتهى وأما حديث الخدري فأخرجه مسلم عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى الآخذ والمعطي فيه سواء انتهى وأما حديث بلال فرواه البزاز في مسنده حدثنا يوسف بن موسى ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي حمزة عن سعيد بن المسيب عن بلال مرفوعا نحوه سواء ليس فيه فمن زاد إلى آخره قال البزار وقد رواه قيس عن أبي حمزة عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمر بالتمر والحنطة بالحنطة والشعير بالشعير والملح بالملح مثلا بمثل يدا بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه انتهى ليس فيه ذكر الذهب والفضة حديث آخر استدل به بن الجوزي في التحقيق لاصحابنا أخرجاه في
[ 507 ]
الصحيحين عن سعيد بن المسيب أن أبا سعيد الخدري وأبا هريرة حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سواد بن غزية وأمره على خيبر فقدم عليه تمر جنيب يعني الطيب فقال رسول الله صلى الله عليوسلم أكل تمر خيبر هكذا قال لا والله يا روسل الله إنا نشتري الصاع بالصاعين والصاعين بالثلاثة من الجمع فقال عليه السلام لا تفعل ولكن بع هذا واشتر بثمنه من هذا وكذلك الميزان انتهى قال ووجه الحجة أنه اشترط المماثلة ولا يتحقق إلا بالكيل ثم قاس عليه الميزان أي ما يدخل تحت الوزن قال البيهقي والاشبه في قوله وكذلك الميزان إنه من قول أبي سعيد انتهى أحاديث الخصوم أخرج الدارقطني في سننه عن المبارك بن مجاهد عن مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ربا إلى في ذهب أو فضة أو ما يكال أو يوزن أو يؤكل أو يشرب انتهى استدل به مالك في الربا المطعومات وهو مرسل قال عبد الحق في أحكامه هكذا رواه المبارك بن مجاهد ووهم على مالك في رفعه إنما هو قول سعيد قال بن القطان وليست هذه علته وإنما علته أن المبارك بن مجاهد ضعيف ومع ضعفه فقد انفرد عن مالك برفعه والناس رووه عنه موقوفا انتهى قلت رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي ثنا مالك بن أنس به موقوفا على بن المسيب ولم يتعر ض البيهقي لرفعه أصلا حديث آخر استدل به بن الجوزي في التحقيق لمالك والشافعي بحديث معمر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطعام بالطعام مثلا بمثل رواه مسلم قال وحجتهم أن الطعام مشتق من الطعم فهو يعم المطعوم
[ 508 ]
وأما حديث أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الربا في النسيئة فحديث صحيح أخرجه مسلم ولكن أجاب البيهقي في المعرفة بأنه يحتمل أن الراوي اختصره فيكون النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الربا في صنفين مختلفين ذهب بفضة أو تمر بحنطة فقال إنما الربا في النسيئة فأداه دون مسألة السائل قال ونظير ذلك حديث من قطع سدرا صوب الله رأسه في النار قال فحمله المزني على سدر لقوم هجم إنسان على قطعه بغير حق فأدرك رواي الحديث جواب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يدرك المسألة قال وحمله أبو داود السجستاني على سدر في فلاة يستظل بها الناس والبهائم فقطعه إنسان عبثا بغير حق قال وهذا مع أن أسانيده مضطربة معلولة ذكرناها في السنن ومدارها على عروة بن الزبر وهو كان يقطعها من أرضه قال وكبار الصحابة كلهم يقول بربا الفضل وعثمان بن عفان وعبادة بن الصامت أقدم صحبة من أسامة وأبو هريرة وأبو سعيد أكثر حفظا عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد وردت أحاديثهم بذلك فالحجة فيما رواه الاكبر والاحفظ والاقدم أولى انتهى كلامه الحديث الثاني عليه السلام جيدها ورديئها سواء قلت غريب ومعناه يؤخذ من إطلاق حديث بن سعيد المتقدم في الحديث الاول
[ 510 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام الفضة بالفضة هاء وهاء قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن مالك بن أوس بن الحدثان عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء انتهى ورواه مالك في الموطأ عن الزهري عن مالك بن أوس به ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بلفظ الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والورق بالورق ربا إلا هاء وهاء والبربالبر ربا إلا هاء وهاء إلى آخر سواء قيل ورواه البرقاني في الذي خرجه على الصحيحين بلفظ الذهب بالذهب ربا الحديث وتقدم عند مسلم في حديث عبادة بن الصامت والفضة بالفضة مثلا بمثل سواء بسوءا يدا بيد وأخرج مسلم أيضا عن أبي بكرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواء بسواء وأمرني أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا قال فسأله رجل فقال يدا بيد فقال هكذا سمعت انتهى والحديث رواه البخاري لكن ليس فيه سؤال الرجل
[ 511 ]
الحديث الرابع قال عليه السلام في الحديث المعروف يدا بيد ثم قال المصنف ومعنى قوله يدا بيد أي عينا بعين وكذا رواه عبادة بن الصامت قلت تقدم حديث يدا بيد في حديث عبادة وقوله عينا بعين هو في حديث عبادة أيضا عند مسلم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد واستزاد فقد أربى وفيه قصة واحتج بن الجوزي في التحقيق على أبي حنيفة في تجويزه التفرق قبل القبض في بيع ما يجري في الربا بعلة واحدة كالمكيل بالمكيل والموزون بهذا الحديث وبحديث زيد بن أرقم والبراء قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الذهب بالورق دينا أخرجاه في الصحيحين وبحديث مالك بن أوس أنه اصطرف من طلحة بن عبيد الله صرفا بمكة بمائة دينار فأخذ طلحة الذهب يقلبها في بده ثم قال حتى يأتي خازني من الغابة وعمر يسمع ذلك فقال والله لا يفارقه حتى يأخذ منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر بالتمر ربا إلا هاء وهاء انتهى أخرجاه أيضا قال وفي لفظ أخرجه البرقاني على الصحيحين والذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء انتهى كلامه أحاديث لمحمد بن الحسن في منعه بيع اللحم بالحيوان أخرج الدارقطني في سننه عن يزبد بن مروان ثنا مالك بن أنس عن الزهري عن سهل بن سعد قال نهى
[ 512 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع اللحم بالحيوان انتهى قال الدارقطني تفرد به يزبد بن مروان عن مالك والصواب فيه عن بن المسيب مرسلا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق قال بن معين يزيد بن مروان كذاب وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به بحال انتهى حديث آخر قال في التنقيح قال بن خزيمة حدثنا أحمد بن حفص السلمي حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة نحوه قال البيهقي إسناده صحيح ومن أثبت سماع الحسن من سمرة عده موصولا ومن لم يثبته فهو مرسل جيد انتهى حديث آخر أخرجه البزاز في مسنده عن ثابت بن زهير عن نافع عن بن عمر نحوه حديث آخر رواه مالك في الموطأ وأبو داود في المراسيل عن زيد بن أسلم عن سعيد بن المسيب نحوه وفي لفظ نهى عن بيع الحي بالميت حديث آخروى البيهقي من طريق الشافعي ثنا مسلم بن خالد عن بن جريح عن القاسم بن أبي بزة عن رجل من أهل المدينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يباع حي بميت انتهى قال البيهقي وهذا مرسل يؤكد مرسل بن المسيب ومن طريق الشافعي بسنده عن أبي بكر الصديق أنه نهى عن بيع اللحم بالحيوان ومن طريق الشافعي أيضا بسنده عن سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهم كرهوا ذلك قال الشافعي ولا نعلم أحدا من الصحابة قال بخلاف ذلك وإرسال بن المسيب عندنا حسن انتهى
[ 513 ]
الحديث الخامس روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالي بالكالي قلت روي من حديث بن عمر ومن حديث رافع بن خديج فحديث بن عمر رواه بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والبزاز في مسانيدهم من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع كالي بكالي يعني دينا بدين انتهى ولفظ البزاز قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر وعن بيع كالي بكالي وعن بيع عاجل بآجل فالغرر أن تبيع ما ليس عندك والكالي بالكالي دين بدين والعاجل بالآجل أن بكون له عليك ألف درهمؤجل فتعجل عنها بخمسمائة انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بموسى بن عبيدة ونقل تضعيفه عن أحمد قال فقيل لاحمد إن شعبة يروي عنه قال لو رأى شعبة ما رأينا منه لم يرو عنه قال بن عدي والضعف على حديثه بين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرني إبراهيم بن أبي يحيى الاسلمي عن عبد الله بن دينار به باللفظ الاول وهو معلول بالاسلمي ورواه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الكالي بالكالي وقال هو النسيئة بالنسيئة انتهى قال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى وغلطهما البيهقي وقال إنما هو موسى بن عبيدة الربذي وأما حديث رافع بن خديج فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن
[ 514 ]
عبد الله البزاز التستري أنبأ محمد بن أبي يوسف المسيكي ثنا محمد بن يعلى بن زنبور عن موسى بن عبيدة عن عيسى بن سهل بن رافع بن خديج عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة ونهى أن يقول الرجل للرجل أبيع هذا بنقد وأشتريه بنسيئة حتى يبتاعه ويحرزه عن كالي بكالي دين بدين انتهى الحديث السادس سئل عليه السلام عن التمر بالرطب فقال أينقص إذا جف
[ 515 ]
فقيل نعم فقال عليه السلام فلا إذن قال المصنف ومداره على زيد بن عياش وهو ضعيف عند النقلة قلت رواه مالك في الموطأ عن عبد الله بن يزيد مولى الاسود بن سفيان عن زيد بن عياش عن سعيد بن أبي وقاص أنه سئل عن البيضاء بالسلت فقال له سعد أيهما أفضل قال البيضاء قال فنهاه عن ذلك وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن شراء التمر بالرطب فقال عليه السلام أينقص الرطب إذا يبس قال نعم فنهاه عن ذلك انتهى ومن طريق مالك رواه أصحاب السنن الاربعة وقال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك ولفظهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قال فلا إذن انتهى قال الحاكم هذا حديث صحيح لاجماع أئمة النقل على إمامة مالك بن أنس وأنه محكم لكل ما يرويه في الحديث إذ لم يوجد في رواياته الا الصحيح خصوصا في حديث أهل المدينة والشيخان لم يخرجاه لما خشيا من جهالة زيد أبي عياش وقد تابع مالكا في روايته إياه عن عبد الله بن يزيد إسماعيل بن أمية ويحيى بن أبي كثير ثم أخرج حديثهما وسكت عنهما وفي لفظ حديث يحيى بن أبي كثير زيادة وسيأتي قال الخطابي وقد تكلم بعض الناس في إسناد هذا الحديث وقال زيد أبو عياش مجهول ومثل هذا الاسناد على أصل الشافعي لا يحتج به وليس الامر على ما توهمه فان أبا عياش هذا مولى لبني زهرة معروف وقد ذكره مالك في الموطأ وهو لا يروي عن رجل متروك الحديث بوجه وهذا من شأن مالك وعادته انتهى وقال المنذري في مختصرة وقد حكى عن بعضهم أنه قال زيد أبو عياش مجهول وكيف يكون مجهولا وقد
[ 516 ]
روى عنه اثنان ثقتان عبد الله بن يزيد مولى الاسود بن سفيان وعمران بن أبي أنس وهما ممن احتج به مسلم في صحيحه وقد عرفه أئمة هذا الشأن فالامام مالك قد أخرج حديثه في موطأه مع شدة تحريه في الرجال ونقده وتتبعه لاحوالهم والترمذي قد صحح حديثه وكذلك الحاكم في كتاب المستدرك وقد ذكره مسلم بن الحجاج في كتاب الكنى وكذلك ذكره النسائي في كتاب الكنى وكذلك ذكره الحافظ أبو أحمد الكرابيسي في كتاب الكنى وذكروا أنه سمع من سعد بن أبي وقاص وما علمت أحدا ضعفه انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق قال أبو حنيفة زيد أبو عياش مجهول فان كان هو لم يعرفه فقد عرفه أئمة النقل ثم ذكر ما قاله المنذري سواء قلت وعلى تقدير صحة الحديث فقد ورد في بعض طرقه أنه عليه السلام نهى عن بيع الرطب بالتمر نسيئة هكذا أخرجه أبو داود في سننه عن يحى بن أبي كثير عن عبد الله بن يزيد أن أبا عياش أخره أنه سمع سعد بن أبي وقا ص يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر نسيئة انتهى وبهذا اللفظ رواه الحكام وسكت عنه وكذلك رواه الدارقطني في سننه وقال خالفه مالك وإسماعيل بن أمية والضحاك بن عثمان وسلمة بن زيد فرواه عن عبد الله بن يزيد ليقولوا فيه نسيئة واجتماع هؤلاء الاربعة عل خلاف ما رواه بن أبي كثير يدل على ضبطهم للحديث ورواه عمران بن أبي أنس عن أبي عياش أيضا نحو رواية مالك
[ 517 ]
بدوهذه الزيادة انتهى قلت فحديث مالك تقدم وحديث إسماعيل بن أمية عند النسائي والحاكم واعلم أن شيخا علاء الدين نسب المصنف إلى الوهم في قوله ومداره على زيد بن عياش قال وانما هو زيد أبو عياش كما في الحديث وشيخنا قلد غيره في ذلك وليس ذلك بصحيح قال صاحب التنقيح زيد بن عياش أبو عياش الزرقي ويقال المخزومي ويقال مولى بني زهرة المدني ليس به بأس وقال بن حزم مجهول انتهى أحاديث الباب أخرج الدارقطني في سننه عن يحيى بن أنيسة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع الرطب بالتمر الجاف انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة ان يباع الرطب باليابس انتهى قال بن الجوزي موسى بن عبيدة ويحيى بن أبي أنيسة متروكان انتهى حديث آخر مرسل أخرجه البيهقي في سننه من طريق بن وهب ثنا سليمان بن بلال حدثني يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل
[ 518 ]
رطب بتمر فقال أينقص الرطب إذا يبس قالوا نعم قال لا يباع رطب بيابس انتهى قال صحاب التنقيح وهذا مرسل جيد وهو شاهد لحديث سعد بن أبي وقاص انتهى الحديث السابع قال المصنف رحمه الله ولابي حنيفة ان الرطب تمر لقوله عليه السلام حين أهدى له عامل خيبر رطبا أوكل تمر خيبر هكذا قلت أخرج البخاري ومسلم عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وأبي سعد الخدري ان النبي صلى الله عليه وسلبعث أخا بني عدي الانصاري فاستعمله على خيبر فقدم بتمر جنيب فقال له رسول اللصلى الله عليه وسلم أكل تمر خيبر هكذا قال لا والله يا رسول الله انا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعلوا ولكن مثلا بمثل بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا وكذلك الميزان وفي لفظ آخر انا لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين والصاعين بالثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا انتهى والمصنف احتج بالحديث على جواز بيع الرطب بالتمر مثل بمثل بناء على تسميته في الحديث تمرا وقد كشفت طرق الحديث وألفاظه فلم أجد فيه ذكر الرطب والبخاري ذكر الحديث في أربعة مواضع من صحيحه في البيوع وفي الوكالة وفي المغازي وفي الاعتصام وبهذا اللفظ رواه النسائي أيضا قوله ولان الرطب ان كان تمرا جاز البيع بأول الحديث وان كان غيتمر فبآخره وهو قوله عليه السلام إذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم قلت يشير إلى
[ 519 ]
حديث عبادة بن الصامت المتقدم أخرجه الجماعة عن أبي الاشعث عن عبادة قا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلا بمثل سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد انتهى
[ 521 ]
الحديث الثامن قال عليه السلام لا ربا بين المسلم والحربي في دار الحرب قلت غريب وأسند البيهقي في المعرفة في كتاب السير عن الشافعي قال قال أبو يوسف انما قال أبو حنيفة هذا لان بعض المشيخة حدثنا عن مكحول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا ربا بين اهل الحرب أظنه قال وأهل الاسلام قال الشافعي وهذا ليس بثابت ولا حجة فيه انتهى كلامه باب الحقوق خال
[ 522 ]
باب الاستحقاق
[ 525 ]
حديث لا عتق فيما لا يملك بن آدم أخرجه أبو داود والترمذي في الطلاق واللفظ للترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك انتهى وقال حديث حسن صحيح وهوأحسن شئ روى في هذا الباب انتهى وقد تقدم في كتاب العتق بجميع طرقه والكلام عليه
[ 527 ]
باب السلم قوله روى عن بن عباس أنه قال أشهد أن الله تعالى أحل السلف المضمون إلى أجل وأنزل فيه أطول آية في كتابه وتلا قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم إلى أجل مسمى فاكتبوه قلت رواه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة البقرة عن أيوب عن قتادة عن أبي حسان الاعرج عن بن عباس قال أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى قد أحله الله في الكتاب وأذن في قال الله تعالى يا أيها الذين آمنو إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه الآية انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وكذلك رواه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة به ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن هشام عن قتادة به ورواه الطبراني في معجمه من حديث همام عن قتادة به ورأيت بعض مصنفي زماننا عزا هذا الحديث للبخاري وهو غلط ولم يخرج البخاري في صحيحه لابي حسان الاعرج شيئا واسمه مسلم
[ 528 ]
الحديث الاول روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم قلت غريب بهذا اللفظ وقوله ورخص في السلم هو من تمام الحديث لا من كلام المصنف صرح بذلك في كلامه وسيأتي في الحديث الخامس ولكن رأيت في شرح مسلم للقرطبي ما يدل على أنه عثر على هذا الحديث بهذ اللفظ فقال ومما يدل على اشتراط الاجل في السلم الحديث الذي قال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك ورخص في السلم قال لان السلم لما كان بيع معلوم في الذمة كان بيع غائب فان لم يكن فيه أجل كان هو البيع المنهي عنه وانما استثنى الشرع السلم من بيع ما ليس عندك لانه بيع تدعو الضرورة إليه لكل واحد من المتبايعين فان صاحب رأس المال محتاج إلى أن يشتري التمر وصاحب التمر يحتاج إلى ثمنه لينفقه عليه فظهر أن صفقة السلم من المصالح الحاجية وقد سماه الفقهاء بيع المحاويج فإذا كان حالا بطلت هذه الحكمة وارتفعت هذه المصلحة ولم يكن لاستثنائه من بيع ما ليس عندك فائدة انتهى كلامه والذي يظهر أن هذا حديث مركب فحديث النهي عن بيع ما ليس عند الانسان أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا ربح ما لم يضمن ولا بيع ما ليس عندك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وأخرجوه أيضا عن حكيم بن حزام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا تبع ما ليس عندك وحسنه الترمذي وقد تقدما في خيار العيب وأما الرخصة في السلم فأخرج الائمة الستة في كتبهم عن أبي المنهال عن بن عباس قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم والناس يستلفون في الثمر السنتين والثلاث فقال من أسلف في شئ فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وأخرج البخاري عن عبد الله بن أبي أوفي قال ان كنا لنسلف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وسألت بن أبي أبزي فقال مثل ذلك انتهى
[ 529 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام من أسلف منكم فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن أبي المنهال قال سمعت بن عباس يقول قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهيسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم انتهى ورواه أحمد في مسنده بلفظ فلا يسلف الا في كيل معلوم قال البيهقي قال الشافعي معناه إذا أسلف أحدكم في كيل فليسلف في كيل معلوم وان أسلف في وزن فليسلف في وزن
[ 530 ]
معلوم وإذا سمى أجلا فليسم أجلا معلوما انتهى الحديث الثالث روي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلم في الحيوان قلت أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن إسحاق بن إبراهيم بن جوتي ثنا عبد الملك الزماري ثنا سفيان الثوري عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السلف في الحيوان انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال صاحب التنقيح وإسحاق بن إبراهيم بن جوتي قال فيه بن حبان منكر الحديث جدا يأتي عن الثقات بالموضوعات لا يحل كتب حديثه الا على جهة التعجب وقال الحاكم روى أحاديث موضوعة انتهى أثر آخر استدل به محمد بن الحسن في كتاب الآثار فقال أخبرنا أبو حنيفة ثنا حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال دفع عبد الله بن مسعود إلى زيد بن خويلدة البكري مالا مضاربة فأسلم زيد إلى عتريس بن عرقوب الشيباني في قلائص فلما حلت أخذ بعضا وبقي بعض فأعسر عتريس وبلغه أن المال لعبد الله فأتاه يسترفقه فقال عبد الله أفعل زيد قال نعم فأرسل إليه فسأله فقال عبد الله
[ 531 ]
اردد ما أخذت وخذ رأس مالك ولا تسلمن مالنا في شئ من الحيوان انتهى قال في التنقيح فيه انقطاع انتهى أحاديث الخصوم واستدل صاحب التنقيح لمذهبه في صحة السلم في الحيوان بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن ابي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يجهز جيشا فنفدت الابل فأمره أن يأخذ من قلائص الصدقة فكان يأخذ البعير بالبعيرين إلى ابل الصدقة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى قال بن القطان في كتابه هذا حديث ضعيف مضطرب الاسناد فرواه حماد بن سلمة عن بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان عن عمرو بن حريش عن بن عمرو هكذا أورده أبو داود ورواه جرير بن حازم عن بن إسحاق فأسقط يزيد بن أبي حبيب وقدم أبا سفيان على مسلم بن جبير فقال فيه عن بن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير عن عمرو بن حريش ذكر هذه الرواية الدارقطني ورواه عفان عن حماد بن سلمة فقال فيه عن بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مسلم بن أبي سفيان عن عمرو بن حريش ورواه عبد الاعلى عن بن إسحاق عن أبي سفيان عن
[ 532 ]
مسلم بن كثير عن عمرو بن الحريش فذكره ورواه عن عبد الاعلى بن أبي شيبة فأسقط يزيد بن أبي حبيب وقدم أبا سفيان كما فعل جرير بن حازم الا أنه قال في مسلم بن جبير مسلم بن كثير ومع هذا الاضطراب فعمرو بن حريش مجهول الحال ومسلم بن جبير لم أجد له ذكرا ولا أعلمه في غير هذا الاسناد وكذلك مسلم مجهول الحال أيضا إذا كان عن أبي سفيان وأبو سفيان فيه نظر انتهى كلامه وقد يعترض على هذا الحديث بحديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة رواه بن عباس وسمرة بن جندب وجابر بن عبد الله بن سمرة وابن عمر فحديث بن عباس أخرجه بن حبان في صحيحه في القسم الثاني منه عن سفيان عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر به وكذلك رواه الدارقطني في سننه والبزاز في مسنده قال البزاز ليس في الباب أجل إسنادا من هذا انتهى قال البيهقي في المعرفة الصحيح في هذا الحديث عن عكرمة مرسل هكذا رواه غير واحد عن معمر وكذلك رواه علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير انتهى قلت أخرجه الطبراني في معجمه عن داود بن عبد الرحمن العطار عن معمر به مسندا صلى الله عليه وسلم و أما حديث سمرة فأخرجه أصحاب السنن الاربعة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي حديث النهي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة غير ثابت قال البيهقي وأكثر الحفاظ لا يثبتون سماع الحسن من سمرة في غير حديث العقيقة انتهى
[ 533 ]
وأما حديث جابر بن عبد الله فأخرجه الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسوالله صلى الله عليه وسلم الحيوان اثنين بواحد لا يصلح نسأ ولا بأس به يدا بيد انتهى وقال حديث حسن وأما حديث جابر بن سمرة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا إبراهيم بن راشد الادمي ثنا داود بن مهران ثنا محمد بن الفضل بن عطية عن سماك عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة انتهى وأما حديث بن عمر فأخرجه الطبراني أيضا عن محمد بن دينار الطاحي ثنا يونس بن عبيد عن زياد بن جبير عن بن عمر نحوه سواء قال البيهقي في المعرفة ومحمد بن دينار هذا ضعفه بن معين وقال الترمذي سألت البخاري عن هذا الحديث فقال إنما يروى عن زياد بن جبير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى قلت رواه أحمد في مسنده حدثنا حسين بن محمد ثنا خلف بن خليفة عن أبي حسان عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين فقال الرجل يا رسول الله أرأيت الرجل يبيع الفرس بالافراس والبختية بالابل قال لا بأس إذا كان يدا بيد انتهى وذكر بن الجوزي من هذه الاحاديث الثلاثة الاول ثم قال وهذه الاحاديث محمولة على أن يكون النسأ فيها من الطرفين فيبيع شيئا في ذمته بشئ في ذمة آخر انتهى الحديث الرابع قال عليه السلام لا تسلفوا في الثمار حتى تبدو صلاحها قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة واللفظ له عن أبي إسحاق عن رجل نجراني قلت لعبد الله بن عمر أسلم في نخل قبل أن يطلع قال لا قلت لم قال لان رجلا أسلم في حديقة نخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يطلع النخل فلم تطلع النخل شيئا ذلك العام فقال المشتري هو لي حتى يطلع وقال البائع إنما بعتك النخل هذه السنة فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للبائع أخذ من نخلك شيئا قال لا قال بم تستحل ماله أردد عليه ما أخذت منه ولا تسلموا في نخل حتى يبدو صلاحه
[ 534 ]
انتهى وغفل المنذري في مختصره عن بن ماجة فلم يعزه إليه وإنما قال في إسناده رجل مجهول انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود وقال إسناده منقطع انتهى وأخرج البخاري عن أبي البختري قال سألت بن عمر عن السلم في النخل فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يصلح وعن بيع الورق نسأ بناجز وسألت بن عباس عن السلم في النخل فقال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يؤكل منه انتهى وأخرج الطبراني في المعجم الوسط حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر وثنا أبو اليمان ثنا جرير بن عثمان عن حبيب بن عبيد عن أبي بشر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مطل الغني ظلم وإن أحالك على ملئ فاحتل ولا تقربوا حبالى السبي حتى يضعن ولا تسلموا في ثمرة حتى يأمن عليها صاحبها العاهة انتهى ورواه في مسند الشاميين حدثنا أبو زرعة علي بن عباس ثنا جرير بن عثمان به أحاديث الخصوم واحتج بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد على جواز السلم في المعدوم وقت العقد إذا كان موجودا عند المحل بحديث بن عباس المتقدم من أسلف فليسلف في كيل معلوم إلى آخره وبحديث أخرجه البخاري في صحيحه
[ 535 ]
عن محمد بن أبي المجالد مولى بني هاشم قال أرسلني بن شداد وأبو بردة وقالا انطلق إلى بن أبي أوفى فقل له إن عبد الله بشداد وأبا بردة يقرئانك السلام ويقولان هل كنتم تسلفون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البر والشعير والزيت قال نعم كنا نصيب غنائم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنسلفها في البر والشعير والزيت والتمر فقلت عند من كان له زرع أو عند من لم يكن له زرع فقال ما كنا نسألهم عن ذلك فقالا انطلق إلى عبد الرحمن بن أبزي فاسأله فانطلق فسأله فقال مثل ما قال بن أبي أوفى انتهى وكان وجه الدلالة من الاول أنه استقصى شرائط السلم فيه ولم يذكر فيه وجوده عند العقد والمحل ومن الثاني الاستقصاء فإنه قال ما كنا نسألهم عن ذلك والله أعلم الحديث الخامس قوله ولا يجوز السلم الا مؤجلا وقال الشافعي يجوز لاطلاق الحديث ورخص في السلم قلت يشير إلى الحديث المتقدم أول الباب نهى عن بيع ما ليس عند الانسان ورخص في السلم وهذا يدل على أن المصنف جعله حديثا واحدا
[ 536 ]
الحديث السادس قال عليه السلام إلى أجل معلوم قلت تقدم الحديث السابع قال عليه السلام أرأيت لو أذهب الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه المسلم قلت غريب في هذا المعنى فالمصنف قال ولا يجوز السلم في طعام قرية بعينها أو ثمرة نخلة بعينها لانه قد يعتريه آفة فلا قدرة على التسليم واليه أشار عليه السلام حيث قال أرأيت لو أذهب الله الثمرة بم يستحل أحدكم مال أخيه المسلم وهذا اللفظ انما ورد في البيع كما أخرجه البخاري ومسلم عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ثمر النخل حتى يزهو فقلت لانس ما زهوها قال تحمر وتصفر أرأيتك ان منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك انتهى
[ 537 ]
وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو بعت من أخيك تمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ثم تأخذ مال أخيك بغير حق انتهى وأما في السلم فلا أعرف ورود هذلكن في الصحيحين أيضا عن أنس أن النبي
[ 538 ]
صلى الله عليه وسلم قال ان لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه انتهى هل يؤخذ بإطلاق هذا اللفظ فيدخل فيه السلم أيضا أو يصرف إلى البيع كالاول فيه نظر ويعاد فيه التأمل الحديث الثامن النهي عن بيع الكالي بالكالي تقدم
[ 539 ]
الحديث التاسع قال عليه السلام لا تأخذ الا سلمك أو رأس مالك قلت أخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي بدر شجاع بن الوليد ثنا زياد بن خيثمة عن سعد الطائي عن عطية العوفي عن أبي سعد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم في شئ فلا يصرفه إلى غيره انتهى وعزاه شيخنا علاء الدين للدارقطني عن أنس ولم أجده ورواه الترمذي في علله الكبير وقال لا أعرفه مرفوعا الا من هذا الوجه وهو حديث حسن انتهى ورواه بن ماجة أيضا عن عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا لم يذكر فيه سعدا وأخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن سعيد الجوهري وعلي بن الحسين الدرهمي قالا أنا أبو بدر به باللفظ المذكور ثم قال
[ 540 ]
اللفظ للدرهمي وقال إبراهيم بن سعيد فلا يأخذ الا ما أسلم فيه أو رأس ماله انتهى قال عبد الحق في أحكامه وعطية العوفي لا يحتج به وان كان الجلة قد رووا عنه انتهى وقال في التنقيح وعطية العوفي ضعفه أحمد وغيره والترمذي يحسن حديثه وقال بن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه انتهى أثر آخر قال عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة عن بن عمر قال إذا أسلفت في شئ فلا تأخذ الا رأس مالك والذي أسلفت فيه انتهى أخبرنا بن عيينة عن عمرو بن دينار قال سمعت أبا الشعثاء يقول نحوه أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن ميسرة عن بن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب أن عبد الله بن عمرو كان يسلف له في الطعام ويقول للذي يسلف له تأخذ بعض رأس مالنا أبو بعض طعامنا ولكن خذ رأس مالنا كله أو الطعام وافيا انتهى الحديث العاشر النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان تقدمن في المرابحة والتولية
[ 544 ]
مسائل منثورة الحديث الاول قال عليه السلام ان من السحت مهر البغي وثمن الكلب قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث السائب بن يزيد ومن حديث عمر بن الخطاب فحديث أبي هريرة أخرجه بن حبان في صحيحه في القسم الاول عن حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام من السحت انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه بسندين فيهما ضعف أحدهما عن الوليد بن عبيد الله بن أبي رباح عن عمه عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث كلهم سحت أجر الحجام
[ 545 ]
ومهر البغي وثمن الكلب انتهى الثاني عن المثنى عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا نحوه قال الدارقطني والوليد بن عبيد الله بن أبي رباح والمثنى ضعيفان انتهى وأما حديث السائب بن يزيد فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا سفيان بن وكيع ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن محمد عن إبراهيم بن محمد قال سمعت السائب بن يزيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السحت ثلاث مهر البغي وكسب الحجام وثمن الكلب انتهى ورواه بن أبي حاتم في آخر كتاب العلل وقال أبي وعبد الرحمن بن محمد هذا هو القارئ وإبراهيم هو أخوه فيما أظن والناس يروون هذا الحديث عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج انتهى كلامه وأما حديث عمر فرواه الطبراني في معجمه من حديث يزيد بن عبد الملك بن المغيرة النوفلي عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب سحت ومن نبت لحمه من سحت فله النار مختصر ورواه بن عدي في الكامل وأعله بيزيد بن عبد الملك هذا وقال إنه مضطرب الحديث لا يضبط ما يرويه وعامة ما يرويه غير محفوظ ثم أسند عن النسائي أنه قال فيه متروك الحديث انتهى أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن أبي مسعود الانصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن انتهى وأخرج مسلم
[ 546 ]
عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث انتهى وأخرج أيضا عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم زجر عن ثمن الكلب انتهى الحديث الثاني روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الكلب الا كلب صيد أو ماشية قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الترمذي عن أبي المهزم يزيد بن سفيان عن أبي هريرة قال نهى عن ثمن الكلب الا كلب الصيد انتهى وقال لا يصح من هذا الوجه وأبو المهزم تكلم فيه شعبة وقد روي عن جابر مرفوعا نحو هذا ولا يصح إسناده أيضا انتهى وحديث جابر هذا الذي أشار إليه أخرجه النسائي عن حجاج بن محمد عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب والسنور الا كلب صيد انتهى وقال حديث منكر وقال مرة ليس بصحيح انتهى وأخرجه الدارقطني عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير به وأخرجه البيهقي عن عبد الواحد بن غياث ثنا حماد ثنا أبو الزبير عن جابر قال نهى عن ثمن الكلب والسنور الا كلب صيد قال البيهقي هكذا رواه عبد الواحد وسويد بن عمرو عن حماد ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ورواه عبيد الله بن موسى عن حماد بالشك في ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيه ورواه الهيثم بن جميل عن حماد وقال فيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس بالقوي والاحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن ثمن الكلب خالية عن هذا الاستثناء وانما الاستثناء في أحاديث النهي عن الاقتناء فلعله شبه على من ذكر في حديث النهي عن ثمنه من الرواة الذي هم دون
[ 547 ]
الصحابة والتابعين انتهى كلامه حديث آخر رواه أبو حنيفة رضي الله عنه في مسنده عن الهيثم عن عكرمة عن بن عباس قال أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمن كلب الصيد انتهى وهذا سند جيد فان الهيثم ذكره بن حبان في الثقات من أثبات التابعين ورواه بن عدي في الكامل حدثنا أحمد بن علي المدائني ثنا أبو علي أحمد بن عبد الله الكندي ثنا علي بن معبد ثنا محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الهيثم به أالنبي صلى الله عليه وسلم رخص في ثمن كلب الصيد انتهى وأعله بأبي علي الكند وهو المعروف باللجلاج قال وله أشياء ينفرد بها من طريق أبي حنيفة انتهى وقال بن القطان اللجلاج لم تثبت عدالته وقد حديث بأحاديث كثيرة لابي حنيفة كلها مناكير لا تعرف انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام في الخمر ان الذي حرم شربها حرم بيعا وأكل ثمنها قلت أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن وعلة قال سألت بن عباس عما يعصر من العنب فقال بن عباس ان رجلا أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم راوية خمر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل علمت أن الله حرم شربها قال لا قال فسار انسانا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم ساررته قال أمرته ببيعها فقال ان الذي حرم شربها حرم بيعها قال ففتح المزادة حتى ذهب ما فيها انتهى أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عطاء عن جابر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح يقول وهو بمكة ان الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والاصنام فقيل يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يطلى به السفن ويدهن بها
[ 548 ]
الجلود ويستصبح بها الناس فقال لا هو حرام ثم قال قاتل الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوه فباعوه وأكلوا ثمنه انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي نضرة عن أبي سعد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة يقول يا أيها الناس ان الله يعرض بالخمر ولعل الله ينزل فيها أمرا فمن كان عنده منها شيئا فليبعه ولينتفع به قال فما لبثنا الا يسيرا حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شئ فيشرب ولا يبع قال فاستقبل الناس بما كان عندهم منها في طريق المدينة فسفكوها انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن نافع بن كيسان أن أباه أخبره أنه كان يتجر في الخمر زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه أقبل من الشام ومعه زقاق خمر يريد بها التجارة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أتيتك بشراب جيد فقال عليه السلام يا كيسان انها قد حرمت بعدك قال أفأبيعها يا رسول الله قال إنها حرمت وحرم ثمنها فانطلق كيسان إلى الزقاق فأخذ بأرجلها فهراقها انتهى وأخرج أيضا عبد الحميد بن جعفر عن شهر بن حوشب عن تميم الداري أنه كان يهدي كل عام راوية خمر فلما أنزل الله تحريم الخمر جاء بها فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك قال أشعرت أنها قد حرمت بعدك قال يا رسول الله أفلا أبيعها وأنتفع بثمنها قال ان الله حرم الخمر وثمنها حديث آخر حديث لعن في الخمر عشرة رواه بن عمر وابن عباس وابن مسعود وأنس وسيأتي الكلام عليها في كتاب الكراهية ان شاء الله تعالى الحديث الرابع قال المصنف وأهل الذمة في المبايعات كالمسلمين لقوله عليه السلام في ذلك الحديث فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم قلت لم أعرف الحديث الذي أشار إليه المصنف ولم يتقدم في هذا المعنى الا حديث معاذ وهو
[ 549 ]
في كتاب الزكاة وحديث بريدة وهو في كتاب السير وليس فيهما ذلك قوله عن عمر رضي الله عنه أنه قال ولوهم بيعهوخذوا العشر من أثمانها قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه في البيوع أخبرنا سفيان الثوري عن إبراهيم بن عبد الاعلى الجعفي عن سويد بن غفلة قال بلغ عمر بن الخطاب أنه عماله يأخذون الجزية من الخمر فناشدهم ثلاثا فقال له بلال إنهم ليفعلون ذلك قال فلا تفعلوا ولوهم بيعها فان اليهود حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها انتهى ورواه كذلك أبو عبيد في كتاب الاموال وقال فيه ولوهم بيعها وخذوا أنتم من الثمن فان اليهود إلى آخره قال أبو عبيد كانوا يأخذون من أهل الذمة الخمرو الخنازير في جزية رؤوسهم وخراج أرضيهم بقيمتها ثم يتولى المسلمون بيعها فهذ الذي أنكره بلال ونهى عنه عمر ثم رخص لهم أن يأخذوا ذلك من أثمانها إذا كان أهل الذمة المتولين لبيعها لانها مالهم وليست بمال للمسلمين انتهى