نصب الراية
الزيعلي ج 3
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن مروان بن محمد عن بن وهب ثنا يحى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال تراءى الناس
[ 542 ]
الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه انتهى ورواه الحاكم في مستدركه عن هارون بن سعيد الايلي ثنا بن وهب به وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه بن حبان في صحيحه بسند أبي داود وكذلك الدارقطني في سننه وقال تفرد به مروان بن محمد عن بن وهب وهو ثقة انتهى وسند الحاكم وارد عليه حديث آخر أخرجه الدارقطني عن حفص بن عمر الايلي ثنا مسعر بن كدام وأبو عوانة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس قال شهدت المدينة وبها بن عمر وابن عباس فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده علي رؤية الهلال هلال رمضان فسأل بن عمر وبان عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه وقالا إن رسول الله أجاز شهادة رجل واحد علي رؤية الهلال هلال رمضان قالا وكان رسول الله لا يجيز شهادة الافطار إلا بشهادة رجلين انتهى وقال تفرد به حفص بن عمر الايلي وهو ضعيف انتهى قال صاحب التنقيح حفص بهذا هو حفص عن عمرو بن دينار الايلي وهو ضعيف با تفاقهم ولم يخرج له أحد من أصحاب السنن وأما حفص بن عمر بن ميمون العدني المعروف الفرخ فروى له بن ماجة ووثقه بعضهم وليس هو هذا الآثار روى أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون أنبأ ورقاء عن عبد الاعلى الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كنت مع البراء بن عازب وعمر بن الخطاب في البقيع ننظر إلى الهلال فأقبل راكب فتلقاه عمر فقال من أين جئت قال من المغرب فقال أهللت قال نعم قال عمر الله أكبر إنما يكفي المسلمين
[ 1 ]
الهداية شرح بداية المبتدي
[ 2 ]
الطبعة الاولى 1415 ه 1995 طبع . نشر . توزيع - دار الحديث
[ 3 ]
الهداية شرح بداية المبتدي لشيخ الاسلام برهان الدين المرغيناني مع نصب الراية تخريج أحاديث جمالدالين الزيلعي اعتني بهما ايمن صالح شعبان الجزء الثالث دار الحديث القاهرة
[ 4 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[ 5 ]
الرجل الواحد انتهى وعبد الاعلى هذا متكلم فيه 0 حديث آخر رواه الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراودي عن محمد بن عبد الله بن عمر بن عثمان عن أمه فاطمة بنت حسين أن رجلا شهد عند علي رضي الله عنه على رؤية هلال رمضان فصام وأحسبه قال وأمر الناس أن يصوموا وقال : أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان انتهى (2) حديث لمالك رضي الله عنه في الشاهدين استدل لمالك في قوله لا يصام ولا يفطر إلا بشهادة عدلين بحديث أخرجه الدارقطني عن حسين بن الحارث الجدلي أن أمير مكة خطبنا فقال عهد إلينا رسول الله أن ننسك فان لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما فسألت الحسين بن الحارث من أمير مكة فقال لا أدري ثم لقيني بعد فقال هو الحارث بن حاطب انتهى وقال إسناده صحيح متصل باب ما يوجب القضاء والكفارة الحديث العاشر قال عليه الصلاة والسلام للذي أكل وشرب ناسيا تم على
[ 6 ]
صومك فإنما أطعمك الله وسقاك قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث محمد بن سيرين عن أبى هريرة رضي الله عنه واللفظ لابي داود قال جاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله إني أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم فقال الله أطعمك وسقاك انتهى وهو أقرب إلى لفظ المصنف ولفظ الباقين من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه انتهى ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والعشرين من القسم الرابع والدارقطني في سننه أن رجلا سأل رسول الله فقال إني كنت صائما فأكلت وشربت ناسيا قال رسول الله أتم صومك فإن الله أطعمك وسقا ك انتهى وزاد الدارقطني في لفظ ولا قضاء عليك ورواه البزار في مسنده بلفظ الجماعة وزاد فيه فلا يفطر فإنما أطعمه الله وسقاه وزاد الدارقطني في فلا قضاء عليه ولا كفارة ورواه بن حبان في صحيحه من حديث محمد بن عبد الله الانصاري عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة انتهى ورواه عن بن خزيمة بسنده ورواه الحاكم في المستدك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه الدارقطني ثم البيهقي من جهته في سننهما قال البيهقي في المعرفة تفرد به الانصاري عن محمد بن عمرو وكلهم ثقات انتهى حديث آخر قال الامام أحمد حثنا عبد الصمد ثنا بشار بن عبد الملك حدثتني أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم إسحاق أنها كانت عند رسول الله فأتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ومعه ذو اليدين فناولها رسول الله عرقا فقال يا أم إسحاق أصيبي من هذا فأصبت ثم ذكرت أني صائمة فبردت يدي لا أقدمها
[ 7 ]
ولا أؤخرها فقال عليه السلام أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك انتهى قال في التنقيح هذا حديث غريب غير مخرج في السنن وبعض رواته ليس بمشهور وبشار بن عبد الملك ضعيف وقال أبو حاتم الرازي يروى عن حدته أم حكيم ابنة دينار وروى عنه موسى بن إسماعيل وعبد الصمد بن عبد الوارث وقال البخاري في التاريخ بشار بن عبد الملك يعد في البصريين قال لنا موسي بن إسماعيل ثنا بشار بن عبد الملك قال حدثتني أم حكيم سمعت مولاتها أم إسحاق العنزية قالت هاجرت إلى النبي عليه السلام انتهى الحديث الحادي عشر قال عليه السلام ثلاث لا يفطرن الصائم القئ والحجامة والاحتلام قلت روى من حديث الخدري ومن حديث بن عباس ومن حديث ثوبان فحديث الخدري أخرجه الترمذي في كتابه عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم
[ 8 ]
عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقئ والاحتلام انتهى وقال حديث غير محفوظ وقد رواه عبد الله بن زيد بن أسلم وعبد العزيز بن محمد وغير واحد عن زيد بن أسلم عن عطاد بن يسار مرسلا لم يذكروا فيه عن أبي سعيد وعبد الرحمن ضعيف قال محمد لا أروى عنه شيئا انتهى ورواه البيهقى في سننه وقال هكذا رواه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وليس بالقوي ورواه في المعرفة وقال عبد الرحمن ضعيف في الحديث لا يحتج بما يتفرد به ثم هو محمول على ما لو ذرعه القئ جمعا بين الاخبار انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال عبد الرحمن كان يقلب الاخبار وهو لا يعلم حتى كثر ذلك في روايته من رفع الموقوفات وإسناد المرسلات فاستحق الترك انتهى قلت رواه مرسلا ابن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن النبي عليه السلام طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن أسامة بن زيد بن أسلم عن أبيه به مسندا قال البزار وهذا الحديث إنما يعرف عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه وعبد الرحمن ضعيف جدا فذكرناه عن أخيه أسامة لانه أحد الاخوة وهم عبد الله
[ 9 ]
وعبد الرحمن وأسامة ولم يسمع هذا الحديث من رواية أسامة إلا من الحسن بن عرفة عن حماد بن خالد عن أسامة بن زيد انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء به وهشام بن سعد وإن تكلم فيه غير واحد فقد احتج به مسلم واستشهد به البخاري ورواه بن عدي في الكامل وأسند تضعيف هشام بن سعد عن النسائي وأحمد وابن معين ولينه هو وقال ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى وقال عبد الحق في أحكامه هشام بن سعد يكتب حديثه ولا يحتج به انتهى وأما حديث بن عباس فرواه البزار في مسنده حدثنا عبد الرحمن بن عيسى ابن ساسان ثنا محمد بن عبد العزيز الرملي ثنا سليمان بن حبان أبو خالد الاحمر ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يفطرن الصائم القئ والحجامة والاحتلام انتهى قال وهذا من أحسنها إسنادا وأصحها إلا أن عبد العزيز لم يكن بالحافظ انتهى ورواه ابن عدي في الكامل وأسند عن بن معين أنه قال سليمان بن حبان صدوق وليس بحجة قال وهو كما قال ابن معين فإنه أتى عليه من سوء حفظه قال وقد اختلف على زيد بن أسلم في هذا الحديث فمنهم من رواه عنه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد مرفوعا ومنهم من قال عن زيد بن أسلم عن النبي مرسلا وما ذكرناه عن عطاء ابن يسار عن بن عباس مرفوعا لا أعرفه إلا من حديث هشام بن سعد ولا عنه إلا سليمان هذا انتهى
[ 10 ]
وأما حديث ثوبان فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا يزيد بن موهب ثنا بن وهب أخبرني يزيد بن عياض عن أبي عدي التركي عن القاسم أبي عبد الرحمن عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يفطرن الصائم الحجامة والقئ والاحتلام انتهى وقال لا يروى هذا الحديث عن ثوبان إلا بهذا الاسناد تفرد به بن وهب انتهى ومن أحاديث الباب ما رواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن كثير ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفطر من قاء ولا من احتلم ولا من احتجم انتهى قال البيهقي في سننه مشيرا إلى هذا الحديث والصحيح رواية سفيان الثوري وغيره عن زيد بن أسلم من أصحاب النبي عليه السلام أنه قال لا يفطر من قاء الحديث قال وقد روى عن الثوري نحو رواية عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وليس بصحيح انتهى وقال صاحب التنقيح وقد تكلم في حديث الخدري الامام أحمد ومحمد بن يحيى الذهلي وابن خزيمة والدارقطني وغيرهم والمحفوظ فيه ما رواه أبو داود في سننه فذكره وقال الدارقطني في كتاب العلل في حديث الخدري هذا حديث يرويه أولاد زيد بن أسلم الثلاثة عبد الله وعبد الرحمن وأسامة عن أبيهم زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وحدث به شيخ يعرف بمحمد بن أحمد بن أنس الشامي وكان ضعيفا عن أبي عامر العقدي عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم به قال وهذا لا يصح عن هشام ورواه سفيان الثوري عن زيد بن أسلم عن صاحب له عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بفلظ أبي داود وقال وهو الصواب انتهى . الحديث الثاني عشر قال عليه السلام من قاء فلا قضاء عليه ومن استقاء عامدا فعليه القضاء قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عيسى بن يونس عن هشام بن
[ 11 ]
حسان عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله من ذرعه القئ وهو صائم فليس عليه قضاء وإن استقاء عمدا فليقض انتهى قال أبو داود سمعت أحمد بن حنبل يقول ليس من ذا شئ قال الخطابي يريد أن الحديث غير محفوظ وقال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام عن بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام الا من حديث عيسى بن يونس وقال محمد يعني البخاري لا أراه محفوظا وقد روى عن أبي الدرداء وثوبان وفضالة بن عبيد أن النبي عليه السلام قاء فأفطر ومعناه أن النبي عليه السلام كان صائما متطوعا فقاء فضعف فأفطر لذلك هكذا روى في الحديث مفسرا انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه وقال رواته كلمهم ثقات انتهى . ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما وزاد إسحاق قال عيسى بن يونس زعم أهل البصرة أن هشاما وهم في هذا الحديث انتهى طريق آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن حفص بن غياث حدثنا هشام بن حسان به به ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه بسم الله الرحمن الرحيم
[ 12 ]
طريق آخر أخرجه الموصلي في مسنده عن حفص بن غياث عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبى هريرة قال قال رسول الله من ذرعه القئ فلا قضاء عليه ومن استقاء فعليه القضاء انتهى . ورواه ابن أبى شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الله بن سعيد عن جده به وعبد الله بن سعيد هذا هو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري وفيه مقال ورواه النسائي من حديث الاوزاعي عن أبي هريرة موقوفا ورواه مالك رضي الله عنه في الموطأ موقوفا على بن عمر أنا نافع عن بن عمر فذكره وعن مالك رواه الشافعي في مسنده ووقفه عبد الرزاق في مصنفه علي بن عمر أيضا وعلى علي والمفسر الذي أشار إليه الترمذي رواه بن ماجة من حديث أبي مرزوقال سمعت فضاله بن عبيد الانصاري يحدث أن النبي عليه السلام خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإناء فشرب فقلنا يا رسول الله إن هذا يوم كنت تصومه قال أجل ولكني قئت انتهى الحديث الثالث عشر قال عليه السلام من أفطر في رمضان فعليه ما على المظاهر قلت حديث غريب بهذا اللفظ والمصنف رحمه الله استدل به هنا على أن الكفارة تجب على المرأة كما تجب على الرجل يعني في الجماع لان من تطلق
[ 13 ]
علي المذكر والمؤنث خلافا للشافعي رحمه الله في أحد قوليه وبمذهبنا قال أحمد والحديث لم أجده ولكن استدل بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا ومذهبه بما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه السلام أمر رجلا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا انتهى قال ووجهه أنه علق التكفير بالافطار وهو معنى صحيح حسن وأخرج الدارقطني في سننه عن يحيى الحماني ثنا هشيم عن إسماعيل بن سالم عن مجاهد عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام أمر الذي أفطر يوما من رمضان بكفارة الظهار انتهى قال والمحفوظ عن هشيم عن إسماعيل عن مجاهد عن النبي مرسلا وروى أيضا عن الليث عن مجاهد عن أبي هريرة وليس بالقوي ثم استدل به المصنف فيما بعد على وجوب الكفارة الفطر العمد أكلا أو شربا أو جماعا وقال الشافعي وأحمد لا تجب إلا في الجماع واستدل لنا بن الجوزي في التحقيق بحديث أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة أن رجلا أكل في رمضان فأمره النبي عليه السلام أن يعتق رقبة أو يصوم شهرين أو يطعم ستين مسكينا انتهي وأعله بأبي معشر وقال قال بن معين ليس بشئ ومن أصحابنا من احتج بحديث أبي هريرة المتقدم وليس فيه حجة لانهم يحملونه على الجماع قالوا وقد جاء مبينا
[ 14 ]
في رواية جماعة عن الزهري نحو العشرين رجلا ذكرهم البيهقي فقالوا فيه إن رجلا وقع على امرأته في رمضان قال البيهقي ورواية هؤلاء الجماعة عن الزهري مقيدة بالوطئ أولى بالقبول لزيادة حفظهم وأدائهم الحديث على وجهه كيف وقد روى حماد بن مسعدة هذا الحديث عن مالك عن الزهري نحو رواية الجماعة ثم أسند عن حماد بن مسعدة عن مالك عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في رجل وقع على أهله في رمضان أعتق رقبة قال ما أجدها قال فصم شهرين قال ما أستطيع قال فأطعم ستين مسكينا واستدل المصنف أيضا على أن الكفارة في هذا الباب ككفارة الظهار وفيما تقدم كفاية الحديث الرابع عشر روى أن أعرابيا أتى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله هلكت وأهلكت فقال ماذا صنعت قال واقعت امرأتي في نهار رمضان معتمدا فقال أعتق رقبة قال لا أملك إلا رقبتي هذه قال فصم شهرين متتابعين فقال وهل جاءني ما جاءني إلا من الصوم فقال أطعم ستين مسكينا فقال لا أجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يؤتى بفرق من تمر ويروى بفرق فيه خمسة عشر صاعا وقال فرقها على المساكين فقال والله ليس بين لا بتى المدينة أحد أحوج مني ومن عيالي فقال كل أنت وعيالك يجزئك ولا يجزئ أحدا بعدك قلت أخرج أصحاب الكتب الستة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال أتى رجل النبي عليه السلام فال هلكت قال ما شأنك قال وقعت على امرأتي في رمضان قال فهل تجد ما تعتق رقبة قال لا قال فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال قال اجلس فأتى النبي بفرق فيه تمر فقال تصدق به فقال يا رسول
[ 15 ]
الله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت ثناياه وفي لفظ أنيابه وفي لفظ نواجذه ثم قال خذه فأطعمه أهلك انتهى وفي لفظ لمسلم وطئت امرأتي في رمضان نهارا وعند مالك في الموطأ أصبت أهلي وأنا صائم في رمضان وفي لفظ لابي داود زاد الزهري وإنما كان هذا رخصة ولو أن رجلا فعل ذلك اليوم لم يكن له بد من التفكير وفي لفظ في الصحيحين احترقت موضع هلكت وفيهما ما يدل لجمهور العلماء على أنه في العامد لان الناسي غير هالك ولا محترق على أنه جاء في رواية مرسلة التصريح بالعمد أخرجه الدارقطني في كتاب العلل عن سعيد بن المسيب أن رجلا أتى النبي عليه السلام فقال يا رسول الله أفطرت في رمضان متعمدا الحديث ويؤيده ما رواه مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب قال أتى أعرابي إلي النبي عليه السلام ينتف شعره ويضرب فخذه ويقول هلك الابعد فذكره وهو من مراسيل سعيد ورواه الدارقطني في كتاب العلل مسندا من حديث أبي هريرة فقال حدثنا عبد الملك بن أحمد ثنا يعقوب الدورقي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة عن بن شهاب عن حميد عن أبي هريرة أن أعرابيا جاء يلطم وجهه وينتف شعره الحديث وفي الكتاب هلكت وأهلكت وليس في الكتب الستة إلا هلكت فقط قال الخطابي وروى في بعض طرقه هلكت وأهلكت واستدل بها بعضهم على مشاركة المرأة إياه في الجناية قال وهذه اللفظة غير محفوظة وأصحاب سفيان لم يرووها عنه إنما ذكروا قوله هلكت فقط غير أن بعض أصحابنا حدثني أن المعلي بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان فذكر هذا الحرف فيه وهو غير محفوظ والمعلي ليس بذلك القوى في الحفظ والاتقان انتهى قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي ثور ثنا معلى بن منصور ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد عن أبو هريرة قال جاء النبي عليه السلام فقال هلكت وأهلكت الحديث ثم قال انفرد به
[ 16 ]
أبو ثور عن معلى بن منصور عن بن عيينة بقوله وأهلكت وهم ثقات انتهى وأخرجه البيهقي في سننه عن جماعة عن الاوزاعي عن الزهري به وفيه هلكت وأهلكت قال البيهقي ضعف شيخنا أبو عبد الله الحاكم هذه اللفظة وأهلكت وقال إنها أدخلت علمحمد بن المسيب الارغياني فقد رواه أبو علي الحافظ عن محمد بن المسيب بالاسناد دون هذه اللفظة ورواه كافة أصحاب الاوزاعي عن الاوزاعي دونها ولم يذكرها أحد من أصحاب الزهري عن الزهري وكان شيخنا أبو عبد الله يستدل على كونها في تلك الرواية أيضا خطأ بأنه نظر في كتاب الصوم تصنيف المعلى بن منصورة فوجد فيه هذا الحديث دون هذه اللفظة وأن كافة أصحاب سفيان رووه دونها انتهى وقال المنذري في حواشيه وقول الزهري إنما كان هذا رخصة له خاصة دعوى لم يقم له عليها برهان وقال غيره إنه منسوخ وهو أيضا دعوى انتهى وقوله في الكتاب تجزئك ولا تجزئ أحدا بعدك لم أجده في شئ من طرق الحديث ولا رواية الفرق بالفاء والفرق هو الزنبيل قيل يسع خمسة عشر صاعا واعلم أن الحديث ورد في الصوم أخرجه أبو داود عن هشام بن سعد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره إلى أن قال فأتى بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعا وقال كله انت وأهل بيتك وصم يوما واستغفر الله قال بن القطان وعلة هذا الحديث ضعف هشام بن سعد انتهى وقال عبد الحق في أحكامه طرق مسلم في هذا الحديث أصح وأشهر وليس فيها صم يوما ولا مكتلة التمر ولا الاستغفار وإنما يصح القضاء مرسلا انتهى كلامه هذا المرسل في موطأ مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني عن سعيد بن المسييب قال جاء أعرابي فذكره وفي آخره فقال له عليه السلام كله وصم يوما مكان ما أصبت مختصر وزاد الدارقطني في هذا الحديث فقد كفر الله عنك وكأن الشافعي لم تقع له هذه الرواية فان البيهقي نقل عنه في المعرفة أنه قال يحتمل أن الكفارة دين عليه متى قدر عليها أو شئ منها والله أعلم
[ 17 ]
الحديث الخامس عشر قال عليه السلام الفطر مما دخل قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أحمد بن منيع حدثنا مروان بن معاوية عن رزين البكري قال حدثتنا مولاه لنا يقال لها سلمى من بكر بن وائل أنها سمعت عائشة تقول دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة هل من كسرة فأتيته بقرص فوضعه في فيه وقال يا عائشة هل دخل بطني منه شئ كذلك قبلة الصائم إنما الافطار مما دخل وليس مما خرج انتهى ووقفه عبد الرزاق في مصنفه على بن مسعود فقال أخبرنا الثوري عن وائل بن داود عن أبي هريرة عن عبد الله بن مسعود قال إنما الوضوء مما خرج وليس مما دخل والفطر في الصوم مما دخل وليس مما خرج انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه
[ 18 ]
على بن عباس فقال حدثنا وكيع عن الاعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال الفطر مما دخل وليس مما خرج انتهى وكذلك رواه البيهقي قال وروى أيضا من قول على وروى عن النبي عليه السلام ولا يثبت انتهى وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال وقال بن عباس وعكرمة الصوم مما دخل وليس مما خرج انتهى الحديث السادس عشر وقد ند ب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الاكتحال يوم عاشوراء وإلى الصوم فيه قلت أما الصوم فأخرجاه في الصحيحين عن سلمة بن الاكوع قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أسلم يوم عاشوراء فأمره أن يؤذن في الناس من كان لم يصم فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء انتهى حديث آخر أخرجاه أيضا عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة عاشوراء إلى قرى الانصار التي حول المدينة من كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليتم بقية يومه فكنا بعد ذلك نصومه وتصوم صبياننا الصغار فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم انتهى
[ 19 ]
حديث آخر أخرجاه أيضا عن بن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود صياما يوم عاشوراء فقال لهم ما هذا اليوم الذي تصومونه قالوا هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وقومه وأغرق فرعون وقومه فصامه موسى شكرا فنحن نصومه فقال عليه السلام نحن أولى بموسى منكم وصامه عليه السلام وأمر بصيامه فلما هاجر إلى المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فر ض شهر رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه انتهى وأخرجاه من حديث بن عمر نحوه وأخرجاه عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم فمن أحب منكم أن يصومه فليصم ومن أحب أن يفطر فليفطر انتهى ولمسلم عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعهدنا عنده فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا عنه ولم يتعاهدنا عنده انتهى ولمسلم عن الحكم بن الاعرج قال قلت لابن عباس أخبرني عن صوم يوم عاشوراء قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد واصبح يوم التاسع صائما قلت هكذا كان محمد صلى الله عليه وسلم يصومه قال نعم انتهى وأخرج عن أبي غطفان عن بن عباس قال حين صام عليه السلام يوم عاشوراء قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى فقال عليه السلام فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا اليوم التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفي عليه السلام وأخرج مسلم عن أبي قتادة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم الدهر فقال لا صام ولا أفطر فسئل عن صيام يومين وإفطار يوم قال ومن يطيق ذلك فسئل عن صوم يوم وإفطار يومين فقال ليت أن الله تعالى قوانا لذلك وسئل عن صوم يوم وإفطار يوم فقال ذاك صوم آخى داود عليه السلام وسئل عن صوم يوم الاثنين فقال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل على فيه قال فقال صوم ثلاثة أيام من كل شهر ورمضان إلى رمضان صوم الدهر وسئل عن صوم يوم عرفة فقال يكفر السنة الماضية والباقية وسئل عن صوم عاشوراء فقال يكفر السنة الماضية قال مسلم وفيه من رواية شعبة وسئل عن صوم يوم الاثنين والخميس فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما انتهى وأما الاكتحال فروى البيهقي في شعب الايمان في الباب الثالث والعشرين
[ 20 ]
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني عبد الغني بن محمد بن إسحاق الوراق ثنا علي بن محمد الوراق ثنا الحسن بن بشر ثنا محمد بن الصلت ثنا جويبر عن الضحاك عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل بالاثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف بمرة فجويبر ضعيف والضحاك لم يلق بن عباس انتهى ومن طريق البيهقي رواه بن الجوزي في الموضوعات ونقل عن الحاكم أنه قال فيه حديث موضوع وضعه قتلة الحسين رضي الله عنه انتهى وجويبر قال فيه بن معين ليس بشئ وقال أحمد متروك وأما إن الضحاك لم يلق بن عباس فروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو داود عن شعبة قال أخبرني مشاش قال سألت الضحاك هل رأيت بن عباس فقال لا انتهى حدثنا أبو داود عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال لم يلق الضحاك بن عباس إنما لقي سعيد بن جبير فأخذ عنه التفسير انتهى وله طريق آخر أخرجه بن الجوزي في الموضوعات عن أبي طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري ثنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشري ثنا أبو بكر أحمد بن سليمان النجاد ثنا إبراهيم الحربي ثنا شريح بن النعمان ثنا بن أبي الزناد عن أبيه عن الاعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل يوم عاشوراء لم ترمد عينه تلك السنة كلها انتهى وقال في رجاله من ينسب إلى تفضيل فدس عليه في أحاديث الثقات انتهى كلامه أحاديث الباب أخرج الترمذي عن أبي عاتكة عن أنس بن مالك قال جاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم قال نعم انتهى قال الترمذي إسناده ليس بالقوي ولا يصح عن النبي عليه السلام في هذا الباب شئ وأبو عاتكة ضعيف انتهى قال في التنقيح حديث واه جدا وأبو عاتكة مجمع على ضعقه واسمه طريف بن سليمان ويقال سليمان بن طريف قال
[ 21 ]
البخاري منكر الحديث وقال النسائي ليس بثقة وقال الرازي ذاهب الحديث انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة عن بقية ثنا الزبيدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت اكتحل النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم انتهى وأخرجه البيهقي في سننه عن بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن هشام به وظن بعض العلماء أن الزبيدي في سند بن ماجة هو محمد بن الوليد الثقة الثبت وذلك وهم وإنما هو سعيد بن أبي سعيد الزبيدي كما هو مصرح به عند البيهقي ولكن الراوي دلسه قال في التنقيح وليس بمجهول كما قاله بن عدي والبيهقي بل هو سعيد بن عبد الجبار الزبيدي الحمصي وهو مشهور ولكنه مجمع على ضعفه وابن عدي في كتابه فرق بين سعيد بن أبي سعيد وسعيد بن عبد الجبار وهما واحد انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي عن محمد بن عبيد الله بن أبرافع قال وليس بالقوي عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكتحوهو صائم انتهى حديث آخر موقوف أخرجه أبو داود في سننه عن عتبة أبي معاذ عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس بن مالك أنه كان يكتحل وهو صائم انتهى قال في التنقيح إسناده مقارب قال أبو حاتم عتبة بن حميد الضبي أبو معاذ البصري صالح الحديث انتهى أحاديث الخصوم واحتج المانعون من اكتحال الصائم بما أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هودة عن أبيه عن جده عن النبي عليه السلام أنه أمره بالاثمد عند النوم وقال ليتقه الصائم قال أبو داود قال لي يحيى بن معين هذا حديث منكر انتهى قال صاحب التنقيح ومعبد وابنه النعمان كالمجهولين
[ 22 ]
وعبد الرحمن بن النعمان قال بن معين ضعيف وقال أبو حاتم صدوق انتهى . الله تبارك وتعالى قوله ولا يفعل لتطويل اللحية يعني الدهن إذا كان بقدر المسنون وهو القبضة قلت وفيه أثران أحدهما عن بن عمر والآخر عن أبي هريرة فحديث بن عمر رضي الله عنهما أخرجه أبو داود والنسائي في كتاب الصوم عن علي بن الحسن بن شقيق عن الحسين بن واقد عن مروان بن سالم المفقع قال رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف وقال كان النبي عليه السلام إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الاجر إن شاء الله انتهى وذكره البخاري تعليقا فقال وكان بن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه انتهى وجهل من قال رواه البخاري وإنما يقال في مثل هذا ولا يقال رواه وينظر فإن عبد الحق ذكره في الطهارة في الموصول طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن هاشم ووكيع عن بن أبي ليلى عن نافع عن بن عمر أنه كان يقبض على لحيته ثم يأخذ ما جاوز القبضة انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة بن عمر أخبرنا عبيد الله بن موسى أنبأ ابن أبي ليلى به طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن الهيثم ابن أبي الهيثم عن بن عمر أنه كان يقبض على لحيته ثم يقص ما تحت القبضة انتهى . وأما حديث أبي هريرة فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن
[ 23 ]
عمرو بن أيوب من ولد جرير عن أبي زرعة قال كان أبو هريرة يقبض على لحيته فيأخذ ما فضل عن القبضة انتهى ويشكل على هذه الآثار حديث واعفوا اللحى وهو في الصحيحين عن نافع عن بن عمر عن النبي عليه السلام قال احفوا أي اقطعوا الشوارب واعفوا اللحى خالفوا المجوس انتهى الحديث السابع عشر قال عليه السلام خير خلال الصائم السواك قلت رواه بن ماجة في سننه من حديث مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خير الصائم السواك انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال مجالد غيره أثبت منه انتهى أحاديث الباب منها حديث لو لا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ووجهه أنه عمم كل صلاة فيدخل فيها صلوات رمضان قبل الزوال وبعده ولو استدل المصنف بعموم هذا الحديث لكان أولى من استدلاله بالحديث الذي ذكره فإنه استدل بإطلاقه على ما ذكرناه حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن عاصم بن عبيد الله بن عبد الله ابن عامر بن ربيعة عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم مالا أعد
[ 24 ]
ولا أحصي انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه قال بن القطان في كتابه ولم يمنع من صحة هذا الحديث إلا اختلافهم في عاصم بن عبيد الله انتهى وقال صاحب التنقيح عاصم بن عبيد الله تكلم فيه غير واحد من الائمة كأحمد بن حنبل وابن معين وابن سعد وأبي حاتم والجوزجاني وابن خزيمة وقال الدارقطني متروك وهو مغفل وقال العجلي لا بأس به وقال بن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه انتهى وقال في الامام وعاصم بن عبيد الله هذا قال فيه البخاري منكر الحديث وقال النسائي لا نعلم مالكا روى عن إنسان ضعيف مشهور بالضعف إلا عاصم بن عبيد الله فإنه يروي عنه حديثا وعن عمرو بن أبي عمرو وهو أصلح من عاصم وعن شريك بن أبي نمر وهو أصلح من عمرو ولا نعلم أن مالكا حدث عن أحد يترك حديثه إلا عبد الكريم بن أبي المخارق الضميري انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا هارون بن معروف ثنا محمد بن سلمة الحراني ثنا بكر بن حنيش عن أبي عبد الرحمن عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم قال سألت معاذ بن جبل أتسوك وأنا صائم قال نعم قلت أي النهار أتسوك قال أي النهار شئت غدوة أو عشية قلت إن الناس يكرهونه عشية ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخلوف الصائم أطيب عند الله من ريح المسك فقال سبحان الله لقد أمرهم بالسواك وهو يعلم أنه لابدأن يكون بفي الصائم خلوف وإن استاك وما كان بالذي يأمرهم أن ينتنوا أفواههم عمدا ما في ذلك من الخير شئ بل فيه شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بدا قال وكذا الغبار في سبيل الله لقوله عليه السلام من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار انتهى أخرجه البخاري في الجهاد عن أبي عبس إنما يؤجر فيه من
[ 25 ]
اضطر إليه ولم يجد عنه محيصا فأما من ألقى نفسه في البلاء عمدا فماله في ذلك من الاجر شئ انتهى قلت ويدخل فيه أيضا من تكلف الدوران وكثرة المشي إلى المساجد بالنسبة إلى عز وجلقوله عليه السلام وكثرة الخطأ إلى المساجد ومن يصنع في طلوع الشيب في شعره بالنسبة إلى قوله عليه السلام من شاب شيبة في الاسلام إنما يؤجر عليهما من بلى بهما حديث أخر أخرجه البيهقي عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن إسحاق الخوارزمي قال سألت عاصما الاحول أيستاك الصائم بالسواك الرطب قال نعم أتراه أشد رطوبة من الماء قلت أول النهار وآخره قال نعم قلت عمن رحمك الله قال عن أنس عن النبي عليه السلام انتهى وقال تفرد به إبراهيم بن عبد الرحمن الخوارزمي وقد حدث عن عاصم بالمناكير لا يحتج به وقد روى من وجه آخر ليس فيه ذكر أول النهار وآخره ثم ساقه من طريق بن عدي كذلك حديث آخر رواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن أحمد بن عبد الله بن بسرة الحراني عن شجاع بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستاك آخر النهار وهو صائم انتهى وأعله بابن ميسرة وقال لا يحتج به ورفعه باطل والصحيح عن بن عمر من فعله والله أعلم انتهى أحاديث الخصوم روى الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه من حديث كيسان أبي عمرو القصار عن عمرو بن عبد الرحمن عن خباب عن النبي عليه السلام قال إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإن الصائم إذا يبست شفتاه كانت له نور يوم القيامة انتهى قال الدارقطني رحمه الله كيسان ليس بالقوي ثم أخرجه عن كيسان عن يزيد بن بلال عن علي موقوفا وقال كيسان ليس بالقوي ويزيد بن بلال غير معروف انتهى
[ 26 ]
الحديث الثامن عشر قال عليه السلام ليس من البر الصيام في السفر قلت رواه البخاري ومسلم من حديث جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فرأى زحاما ورجل قد ظلل عليه فقال ما هذا قالواصائم فقال ليس من البر الصوم في السفر انتهى وزاد مسلم في لفظ وعليكم برخصة الله التي رخص لكم انتهى وروى ليس من امبر امصيام في امسفر وهي لغة بعض العرب رواها عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان بن أمية الجمحي عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الاشعري عن النبي عليه السلام فذكره وعن عبد الرزاق رواه أحمد في مسنده ومن طريق أحمد رواه الطبراني في معجمه والمصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على الشافعي رضي الله تعالى عنه في قوله الفطر أفضل لمن لا يضر بالصوم وهذا القول لا يصح عن الشافعي ولا حكى عنه ولكنه مذهب أحمد وهكذا نقله عنه بن الجوزي في التحقيق واستدل له بهذا الحديث وليس فيه حجة لان القصة وردت في صيام من استضر بالصوم ولكن يمكن أن يستدل لاحمد بحديث أخرجه مسلم عن حمزة بن عمرو الاسلمي أنه قال يا رسول الله أجد في قوة على الصيام في السفر فهل على جناح فقال عليه السلام هي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه انتهى وكذلك حديث أولئك العصاة أخرجه مسلم أيضا عن
[ 27 ]
جابر أن النبي عليه السلام خرج عام الفتح إلى مكة في رمضان حتى بلغ كراع الغميم فصام الناس ثم دعابقدح من ماء فشربه فقيل له إن بعض الناس قد صام قال أولئك العصاة وهذا أيضا محمول على من استضر بدليل ما ورد في لفظ لمسلم فيه أيضا فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصوم ورواه الواقدي في المغازي وفيه وكان أمرهم بالفطر فلم يقبلوا وأما حديث الصائم في السفر كالمفطر في الحضر فأخرجه بن ماجة في سننه عن عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر انتهى وأخرجه البزارفي مسنده
[ 28 ]
عن عبد الله بن عيسى المدني ثنا أسامة بن زيد به ثم قال هذا حديث أسنده أسامة بن زيد وتابعه يونس ورواه بن أبي ذئب وغيره عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه موقوفا على عبد الرحمن ولو ثبت مرفوعا لكان خروج النبي عليه السلام حين خرج فصام حتى بلغ الكديد ثم أفطر وأمر الناس بالفطر دليلا على نسخ هذا الحديث لانه يؤخذ بالآخر والآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخرجه البخاري ومسلم عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح في رمضان حتى بلغ الكديد ثم أفطره وكان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبعون الا حدث فالاحدث من أمره قال الزهري وكان الفطر آخر الامرين زاد مسلم قال الزهري فصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان انتهى وفي لفظ للبخاري فلم يزل مفطرا حتى انسلخ الشهر وذكره بن القطان في كتابه من جهة البزارثم قال هكذا قال عبد الله بن عيسى المدني وقال غيره عبد الله بن موسى التيمي وهو أشبه بالصواب وهو عبد الله بن موسى بن إبراهيم بن محمد بن طلحة بن عبيد الله التيمى يروي عن أسامة بن زيد وهو لا بأس به انتهى ورواه بن عدي في الكامل من حديث يزيد بن هارون ثنا يزيد عن عياض عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه مرفوعا قال بن عدي وهذا الحديث لا يرفعه عن الزهري غير يزيد بن عياض وعقيل من رواية سلامة بن روح عنه ويونس بن يزيد من رواية القاسم بن مبرور عنه وأسامة بن زيد من رواية عبد الله بن موسى التيمي عنه والباقون من أصحاب الزهري رووه عنه عن أبي سلمة عن أبيه من قوله انتهى كلامه وقال بن أبي حاتم في علله قال أبو حاتم الصحيح عن الزهري عن أبي سلمة عن أبيه موقوفا انتهى قلت وفي سماع أبي سلمة من أبيه نظر وفي كلام بن القطان ما يدل على عدم سماعه منه فإنه قال في حديث أخرجه النسائي في الصوم عن النضر بن شيبان قال قلت لابي سلمة بن عبد الرحمن حدثني عن شئ سمعته من أبيك سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بين أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد في شهر رمضان قال نعم حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رمضان ففضله على الشهور وقال من صام رمضان إيمانا واحتسابا
[ 29 ]
خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه انتهى قال النسائي هذا غلط والصواب ما ذكرناه يعني حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحوه وهكذا نقل بن القطان عن البخاري أنه قال حديث أبي سلمة عن أبي هريرة أصح لما سئل عن حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال ولم يتعرض البخاري للانقطاع قال بن القطان ولو لا ضعف النضر بن شيبان الحراني وكان ثقة لثبت سماع أبي سلمة من أبيه فجملة أحاديث يرويها عنه معنعنة لكنه ليس بثقة قال بن أبي خيثمة سئل بن معين عنه فقال ليس حديثه بشئ انتهى الحديث التاسع عشر قال عليه السلام لا يصوم أحدكم عن أحد ولا يصلي أحد عن أحد قلت غريب مرفوعا وروى موقوفا على بن عباس وابن عمر فحديث بن عباس رواه النسائي في سننه الكبرى في الصوم حدثنا محمد بن عبد الاعلى ثنا يزيد بن زريع ثنا حجاج الاحول ثنا أيوب بن موسى عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال لا يصلي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يطعم عنه مكان كل يوم مد من حنطة انتهى ولم يخرجه بن عساكر في أطرافه حديث بن عمر رواه عبد الرزاق في مصنفه في كتاب الوصايا أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال لا يصلين أحد عن أحد ولا يصومن أحد عن أحد ولكن إن كنت فاعلا تصدقت عنه أو أهديت انتهى وفي الامام رواه أبو بكر بن الجهم في كتابه أخبرنا أحمد بن الهيثم ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن
[ 30 ]
زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر أنه قال لا يصومن أحد عن أحد ولا يحجن أحد عن أحد ولو كنت أنا لتصدقت وأعتقت وأهديت انتهى وهو في الموطأ بلاغ قال بن مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عمر قال فذكره قال مالك ولم أسمع عن أحد من الصحابة ولا من التابعين رضي الله عنهم بالمدينة أن أحدا منهم أمر أحدا يصوم عن أحد ولا يصلي عن أحد وإنما يفعله كل أحد لنفسه ولا يعمله أحد عن أحد أحاديث الباب أخرج الترمذي في كتابه عن أشعث بن سوار عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل مات وعليه صيام يطعم عنه عن كل يوم مسكين انتهى وقال لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه والصحيح عن بن عمر موقوف انتهى وضعفه عبد الحق في أحكامه بأشعث وابن أبي ليلى وقال الدارقطني في علله المحفوظ موقوف هكذا رواه عبد الوهاب بن بخت عن نافع عن بن عمر انتهى وقال البيهقي في المعرفة لا يصح هذا الحديث فإن محمد بن أبي ليلى كثير الوهم ورواه أصحاب نافع عن نافع عن بن عمر قوله ثم أخرجه عن عبيد الله بن الاخنس عن نافع عن بن عمر قال من مات وعليه صيام رمضان فليطعم عنه كل يوم مسكينا مدا من حنطة انتهى وأخرجه البيهقي في سننه عن شريك عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى به مرفوعا قال في الذي يموت وعليه رمضان ولم يقضه يطعم عنه لكل يوم نصف صاع من بر انتهى قال البيهقي هذا خطأ من وجهين أحدهما رفعه وإنما هو موقوف والثاني قوله فيه نصف صاع وإنما قال بن عمر مد من حنطة
[ 31 ]
انتهى حديث يشكل على هذه الاحاديث أخرجه البخاري ومسلم عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة عن النبي عليه السلام قال من مات وعليه صيام صام عنه وليه انتهى ورواه أبو داود وقال هذا في النذر قاله أحمد بن حنبل انتهى وكذلك حديث بن عباس أن امرأة أتت النبي عليه السلام فقالت إن أمي ماتت وعليها صوم شهر فقال أرأيت لو كان عليها دين أكنت قاضية عنها قالت نعم قال فدين الله أحق أخرجاه أيضا وهو محمول على النذر أيضا بدليل أنه في لفظ لهما عنه قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر فأصوم عنها قال أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت نعم قال فصومي عن أمك انتهى وقال صاحب التنقيح حمل أصحابنا حديث عائشة على صوم النذر لما روى عن عائشة أنها قالت يطعم عنه في قضاء رمضان ولا يصام قال وذلك لان النيابة تجرى في العبادة بحسب خفتها والنذر أخف حكما لكونه لم يجب بأصل الشرع وإنما أوجبه الناذر على نفسه انتهى قلت حديث بن عباس أخرجه أبو داود في النذر والايمان مصرحا فيه بالنذر عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله نجاها أن تصوم شهرا فنجاها الله فلم تصم حتى ماتت فجاءت بنتها أو أختها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تصوم عنها انتهى الحديث العشرون قال عليه السلام أفطر واقض يوما مكانه قلت استدل به
[ 32 ]
المصنف على إباحة الفطر في التطوع لعذر الضيافة وهذا رواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا محمد بن أبي حميد عن إبراهيم بن عبيدالله بن رفاعة الزرقي عن أبي سعيد الخدري قال صنع رجل طعاما ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال رجل إني صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوك تكلف وصنع لك طعاما ودعاك أفطر واقض يوما مكانه انتهى ورواه كذلك الدارقطني في سننه وقال هذا مرسل إلا أنه قال فيه عن إبراهيم بن عبيد حديث آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن
[ 33 ]
عبد الخالق ثنا علي بن سعيد الرازي ثنا عمرو بن خليف بن إسحاق بن مرسال الخثعمي ثنا أبي ثنا عمي إسماعيل بن مرسال ثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال صنع رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فدعى النبي عليه السلام وأصحابه فلما أتى بالطعام تنحى رجل منهم فقال له عليه السلام مالك قال إني صائم فقال عليه السلام تكلف أخوك وصنع طعاما ثم تقول إني صائم كل وصم يوما مكانه انتهى ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري في صحيحه في الصوم وفي الادب عن أبي جحيفة قال آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال له كل فإني صائم قال ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل فما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال له سلمان نم فنام ثم ذهب يقوم فقال نم فلما كان في آخر الليل قال سلمان قم
[ 34 ]
الآن قال فصليا فقال له سلمان إن لربك عليك حقا ولنفسك عليك حقا ولاهلك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه فأتى النبي عليه السلام فذكر ذلك له فقال عليه السلام صدق سلمان انتهى وهذا الحديث صريح في إباحة الفطر من التطوع لعذر الضيافة ولم يتعرض فه لذكر القضاء وبوب عليه البخاري في الصوم باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع ولم ير عليه قضاء وبوب عليه في كتاب الادب باب صنع الطعام للضيف أحاديث الفطر في التطوع أخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن عروة عن عائشة قالت كنت أنا وحفصة صائمتين فعرض طعام اشتهيناه فأكلنا منه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني إليه حفصة وكانت ابنة أبيها فقالت يا رسول الله إنا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فأكلنا منه قال أقضيا يوما آخر مكانه انتهى أخرجه أبو داود والنسائي عن زميل عن عروة به وأخرجه الترمذي عن الزهري عن عروة به قال الترمذي وروى صالح بن أبي الاخضر ومحمد بن أبي حفصة هذا الحديث عن الزهري عن عروة عن عائشة مثل هذا وروى مالك بن أنس ومعمر وعبيد الله بن عمر وزياد عن الزهري عن مالك بن سعد وغير واحد من الحفاظ عن الزهري عن عائشة ولم يذكروا فيه عن عروة وهذا أصح لانه يروى عن بن جريج قال سألت الزهري فقلت له أحدثك عروة عن عائشة قال لم أسمع من عروة في
[ 35 ]
هذا شيئا ولكن سمعت في خلافة سليمان بن عبد الملك من ناس عن بعض من سأل عائشة عن هذا الحديث حدثنا بذلك علي بن عيسى البغدادي ثنا روح بن عبادة عن بن جريج فذكره انتهى وقال البخاري لا يعرف لزميل سماع عروة ولا ليزيد من زميل ولا تقوم به الحجة انتهى وقال الخطابي إسناده ضعيف وزميل مجهول قال ولو ثبت احتمل أن يكون أمرهما استحبابا انتهى وبسند الترمذي رواه أحمد في مسنده ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والستين من القسم الاول عن جرير بن حازم عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت أصبحت أنا وحفصة صائمتين متطوعتين الحديث ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن الزهري أن عائشة وحفصة أصبحتا صائمتين الحديث ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير أن عائشة وحفصة الحديث طريق آخر رواه الطبراني في معجمه من حديث خصيف عن عكرمة عن ابن عباس أن عائشة وحفصة كانتا صائمتين الحديث
[ 36 ]
طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن حماد بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال أصبحت عائشة وحفصة صائمتين الحديث وقال لا نعلمه يروى عن بن عمر إلا من هذا الوجه وحماد بن الوليد لين الحديث انتهى ورواه الطبراني في معجمه الوسط وقال لم يروه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر إلا حماد بن الوليد ورواه أبو همام محمد بن الزبرقان عن عبد الله بن عمر عن الزهري عن عروة عن عائشة انتهى طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد بن مهران الجمال قال ذكره محمد بن أبي سلمة المكي عن محمد بن عمرو عن أبي سملة عن أبي هريرة قال أهديت لعائشة وحفصة هدية وهما صائمتان فأكلتا منها فذكرتا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقضيا يوما مكانه ولا تعودا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الضحاك بن حمزة عن منصور بن زاذان عن الحسن عن أمه أم سلمة أنها صامت تطوعا فأفطرت فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصوم يوما مكانه انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل المتناهية وأعله بالضحاك بن حمزة حديث آخر موقوف حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عثمان التيمي عن أنس بن سيرين أنه صام يوم عرفة فعطش عطشا شديدا فأفطر فسأل عدة من أصحاب النبي عليه السلام عن ذلك فأمروه أن يقضي يوما مكانه انتهى أحاديث الخصوم أخرج مسلم في صحيحه عن وكيع عن طلحة بن يحيى عن عمته عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا عائشة هل عندكم شئ فقلت يا رسول الله ما عندنا شئ قال فإني صائم
[ 37 ]
قالت فأهديت لنا هدية أو جاءنا زور قالت فلما رجع قلت يا رسول الله أهديت لنا هدية أو جاءنا زور وقد خبأت لك شيئا قال ما هو قلت حيس قال هاتيه فجئته به فأكل وقال قد كنت أصبحت صائما قال طلحة هو بن يحيى فحدثت به مجاهدا فقال ذاكبمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها انتهى وبهذا الاسناد قالت دخل على النبي عليه السلام يوما فقال هل عندكم شئ فقلنا لا قال فإني إذا صائم ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدى لنا حيس فقال ك أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل انتهى ورواه النسائي في سننه الكبرى حدثنا محمد بن منصور ثنا سفيان بن عيينة عن طلحة به وقال فيه فأكل وقال أصوم بوما مكانه ورواه الدارقطني وقال لم يروه بهذا اللفظ عن بن عيينة غير الباهلي ولم يتابع على قوله وأصوم يوما مكانه ولعله شبه علي لكثرة من خالفه عن بن عيينة انتهى وكلامه يدل على أن الوهم من الراوي عن بن عيينة وهو محمد بن عمرو الباهلي وكلام النسائي يدل على أن الوهم من بن عيينة نفسه ورواه الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن طلحة به بلفظ النسائي ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ثم قال قال الشافعي سمعت سفيان بن عيينة عامة مجالسه لا يذكر فيه سأصوم يوما مكانه ثم عرضته عليه قبل موته بسنة فذكره فيه قال البيهقي وقد رواه جماعة عن سفيان دون هذه اللفظة ورواه جماعة عن طلحة بن يحيى دون هذه اللفظة منهم سفيان الثوري وشعبة ووكيع ويحيى القطان وغيرهم قال وحمل الشافعي قوله سأصوم يوما مكانه أي تطوعا وجعله بمثابة قضائه عليه السلام الركعتين اللتين بعد الظهر حين شغله عنهما الوفد وجعل من هذا النوع حديث عمر لما نذر أن يعتكف في الجاهلية فأمره عليه السلام أن يعتكف في الاسلام قال الشافعي رضي الله عنه وقد صح عنه عليه السلام من رواية جابر أنه خرج من المدينة حتى إذا كان بكراع الغميم وهو صائم رفع إناء فشرب والناس ينظرون ن وفي لفظ فكان ذلك بعد العصر قال الشافعي ولما كان
[ 38 ]
له قبل أن يدخل في صوم الفرض أن لايدخل فيه لعذر السفر كان له إذا دخل فيه أن يخرج منه كما فعل عليه السلام فالتطوع أولى انتهى كلامه ملخصا حديث آخر حديث أم هانئ مرفوعا الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر وفي سنده اختلاف وفي لفظه اختلاف رواه أبو داود والترمذي والنسائي ورواه البيهقي وتكلم عليه قوله عن عمر قال ما تجانفنا لاثم قضاء يوم علينا يسير قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن زيد بن وهب قال أخرجت عساس من بيت حفصة وعلى السماء سحاب فظنوا أن الشمس قد غابت فأفطروا ولم يلبثوا أن تجلى السحاب فإذا الشمس طالعة فقال عمر ما تجانفنا من إثم انتهى حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن جبلة بن سحيم عن علي بن حنظلة عن أبيه قال شهدت عمر بن الخطاب في رمضان وقرب إليه شراب فشرب بعض القوم وهم يرون الشمس قد غربت ثم ارتقى المؤذن فقال يا أمير المؤمنين والله إن الشمس طالعة لم تغرب فقال عمر من كان أفطر فليصم يوما مكانه ومن لم يكن أفطر فليتم حتى تغرب الشمس انتهى وأعاده من طريق آخر وزاد فيه فقال له إنما بعثناك داعيا ولم نبعثك راعيا وقد اجتهدنا وقضاء يوم يسير انتهى وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سلمة عن إبراهيم النخعي قال أفطر
[ 39 ]
عمربن الخطاب وأصحابه في يوم غيم ظنوا أن الشمس غابت قال فطلعت الشمس فقال عمر ما تعرضنا بحتف نتم هذا اليوم ثم نقضي يوما مكانه انتهى وأخرج البخاري في صحيحه عن أبي أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غيم ثم طلعت الشمس قيل لهشام فأمروا بالقضاء قال لا بد من القضاء وقال معمر سمعت هشاما قال لا أدري أقضوا أم لا انتهى الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام تسحروا فإن في السحور بركة قلت أخرجه الجماعة إلا أبا داود عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسحروا فإن في السحور بركة انتهى الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الافطار وتأخير السحور والسواك قلت رواه الطبراني في معجمه فقال حدثنا جعفر بن محمد بن حرب العباداني ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن علي بن أبي العالية عن مورق العجلي عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من أخلاق المرسلين تعجيل الافطار وتأخير السحور ووضع اليمين على الشمال في الصلاة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا وذكر أن الدارقطني في الافراد رواه من حديث حذيفة مرفوعا بنحو حديث أبي الدرداء
[ 40 ]
ومن أحاديث الباب ما أخرجاه في الصحيحين عن أنس عن زيد بن ثابت قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة قلت كم كان قدر ما بينهما قال خمسين آية انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن سهل بن سعد قال كنت أتسحر في أهلي ثم يكون سرعة أن أدرك صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حديث اختلاف المطالع أخرج مسلم في صحيحه عن كريب مولى ابن عباس أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل على رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال يعني ليلة الجمعة ثم قدمت المدينة في آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس عن الهلال ن فقال متى رأيتم الهلال فقلت رأيناه ليلة الجمعة فقال أنت رأيته قلت نعم رآه الناس وصاموا وصام معاوية فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه فقلت ألا تكتفي برؤية معاوية وصيامه فقال لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وهو حجة على المذهب لكن قال البيهقي رحمه الله في المعرفة يحتمل أن يكون بن عباس إنما قال ذلك لانفراد كريب بهذا الخبر وجعل طريقه طريق الشهادات فلم يقبل فيه قول الواحد ويحتمل أن يكون قوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتبارا بقوله عليه السلام فإن غم عليكم فأكملوا العدة ويكون ذلك قوله لا فتوى من جهته أخذا بهذا الخبر انتهى وأجاب صاحب التنقيح فقال إنما معناه أنهم لا يفطرون بقول كريب وحده وبه نقول وإنما محل الخلاف وجوب قضاء اليوم الاول وليس هو في الحديث انتهى وهذا الجواب هو جواب الاول للبيهقي وهو بناء على مذهبهما في عدم قبول الواحد في هلال رمضان والله أعلم الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام دع ما يريبك إلى مالا يريبك
[ 41 ]
قلت أخرجه الترمذي في كتاب الطب والنسائي في كتاب الاشربة عن أبي الحوراء السعدي قال قلت للحسن بن علي ما حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حفظت منه دع ما يريبك إلى ما لا يريبك زاد الترمذي فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والعشرين من القسم الثاني منه والحاكم في المستدرك في كتاب البيوع وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أحمد بن محمد الشافعي بن بنت الشافعي محمد بن إدريس ثنا عمي إبراهيم بن محمد الشافعي ثنا عبد الله بن رجاء المكي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي عليه السلام قال الحلال بين والحرام بين فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك انتهى ورواه البيهقي في كتاب الزهد وهو مجلد وسط من حديث أبي حاتم الرازي ثنا إبراهيم بن محمد الشافعي ثنا عبد الله بن رجاء عن عبد الله بن عمر به وقال تفرد به عبد الله بن رجاء ورواية أبي حاتم أصح من رواية من قال عبيد الله انتهى كلامه
[ 42 ]
قوله ومن أكل في رمضان ناسيا فظن أن ذلك يفطره فأكل بعد ذلك متعمدا فعليه القضاء دون الكفارة ثم قال وإن بلغه الحديث وعلمه فكذلك في رواية عن أبي حنيفة رضي الله عنه قلت يشير إلى حديث تم على صومك فإنما أطعمك الله وسقاك وقد تقدم بتمامه رضي الله تعالى عنهما قوله ولو بلغه الحديث يشير إلى حديث أفطر الحاجم والمحجوم وله طرق حديث ثوبان رواه أبو داود وابن ماجة والنسائي من حديث يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل يحتجم في رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين وذكر النسائي الاختلاف في طرقه وصححه أحمد وابن المديني وغيرهما ونقل الحاكم في المستدرك عن أحمد أنه قال هو أصح ما روى في الباب انتهى ورواه البزار في مسنده ثم أسند إلى ثوبان أنه قال إنما قال النبي عليه السلام أفطر الحاجم والمحجوم انتهى قال الترمذي في علله الكبرى قال البخاري ليس في هذا الباب أصح من حديث ثوبان وشداد بن أوس فذكرت له الاضطراب فقال كلاهما عندي صحيح فإن أبا قلابة روى الحديثين جميعا رواه عن أبي أسماء عن ثوبان ورواه عن أبي الاشعث عن شداد قال الترمذي وكذلك ذكروا عن بن المديني أنه قال
[ 43 ]
حديث ثوبان وحديث شداد صحيحان انتهى حديث شداد بن أبي أوس رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي قلابة عن أبي الاشعث عن شداد بن أوس أنه مر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح على رجل يحتجم بالبقيع لثمان عشرة خلت من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والعشرين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال هو ظاهر الصحة وصححه أحمد وابن المديني وإسحاق بن راهويه واستقصى النسائي طرقه والاختلاف فيه في سننه الكبرى وقد روى مسلم في صحيحه بهذا الاسناد حديث إن الله كتب الاحسان على كل شئ ونقل الحاكم في المستدرك عن بن راهويه أنه قال إسناده صحيح تقوم به الحجة ونقل عن بعض الرواة أنه زاد فيه والمستحجم حديث رافع بن خديج رواه الترمذي من طريق عبد الرزاق أنبأ معمر عن يحيى بن أبي كثير عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب بن يزيد عن رافع بن خديج عن النبي عليه السلام قال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال وذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال هو أصح شئ في هذا الباب انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين ونقل عن أحمد أنه قال هو أصح شئ في الباب ونقل عن بن المديني أنه قال لا أعلم في الباب أصح منه وفيما قاله نظر فان بن قارظ انفرد به مسلم قال صاحب التنقيح قال الامام أحمد في هذا الحديث تفرد به معمر وفيه نظر فإن الحاكم رواه من حديث معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير
[ 44 ]
بإسناد صحيح فلم يتفرد به معمر إذا والله أعلم وقال أبو حاتم الرازي هذا الحديث عندي باطل وقال البخاري هو غير محفوظ وقال إسحاق بن منصور هو غلط وقال يحيى بن معين هو أضعفها انتهى كلام صاحب التنقيح حديث أبي موسى رواه النسائي من حديث روح بن عبادة عن سعيد بن أبي عروبة عن مطر الوراق عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع عن أبي موسى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ورواه الحاكم في مستدركه وقال حديث صحيح على شرط الشيخين وأسند إلى بن المديني أنه قال فيه صحيح انتهى قال النسائي رفعه خطأ وقد وقفه حفص ثم أخرجه عن حفص ثنا سعيد بن أبي عروبة به موقوفا ثم أخرجه من حديث حميد عن بكر عن أبي العالية موقوفا عليه وقال صاحب التنقيح قال أحمد بن حنبل حديث بكر عن أبي رافع عن أبي موسى خطأ لم يرفعه أحد إنما هو بكر عن أبي العالية حديث معقل بن سنان رواه النسائي من حديث محمد بن فضيل عن عطاء قال شهد عندي نفر من أهل البصرة منهم الحسن عن معقل بن سنان الاشجعي أنه قال مر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحتجم في ثمان عشرة من رمضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ثم أخرجه من حديث سليمان بن معاذ عن عطاء بن السائب به وقال معقل بن يسار ثم قال وعطاء بن السائب كان قد اختلط ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث عنه غير هذين على اختلافهما عليه فيه انتهى وفيما قاله نظر فإن أحمد رواه في مسنده من حديث عمار بن ذريق عن عطاء بن السائب به سواء وفي كتاب العلل للترمذي قلت لمحمد بن إسماعيل حديث الحسن عن معقل بن يسار أصح أو معقل بن سنان فقال معقل بن يسار أصح ولم يعرفه إلا من حديث عطاء ابن السائب وقال صاحب التنقيح قال علي بن المديني رواه بعضهم عن عطاء ابن السائب عن الحسن عن معقل بن سنان الاشجعي ورواه بعضهم عن عطاء عن الحسن عن معقل بن يسار ورواه بعضهم عن الحسن عن أسامة ورواه بعضهم عن الحسن عن علي ورواه بعضهم عن الحسن عن أبي هريرة ورواه التيمي فأثبت روايتهم جميعا والحسن
[ 45 ]
لم يسمع من عامة هؤلاء ولا لقيه عندنا منهم ثوبان ومعقل بن سنان وأسامة وعلي وأبو هريرة انتهى حديث أسامة بن زيد رواه النسائي من حديث أشعث بن عبد الملك عن الحسن عن أسامة بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ثم قال لا نعلم تابع أشعث على روايته أحد حديث بلال رواه النسائي من حديث أبي العلاء أيوب بن مسكين ويقال بن مسكين عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال مرفوعا كما تقدم ثم قال خالفه همام فرواه عن قتادة عن شهر عن ثوبان ثم أخرجه كذلك ثم قال خالفهما سعيد بن أبي عروبة فرواه عن شهر فادخل بينه وبين ثوبان عبد الرحمن بن غنم ثم أخرجه كذلك ثم قال خالفهم بكير بن أبي السميط فرواه عن قتادة عن سالم عن مقداد بن أبي طلحة عن ثوبان ثم أخرجه كذلك ثم قال خالفهم الليث بن سعد فرواه عن قتادة عن الحسن عن ثوبان ثم أخرجه كذلك ثم قال ما علمت أحدا تابع الليث ولا بكير بن أبي السميط على روايتهما والله أعلم انتهى ورواه البزارفي مسنده وقال إن بلالا مات في خلافة عمر ولم يدركه شهر انتهى حديث علي رواه النسائي أيضا من حديث عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن علي مرفوعا نحوه ثم قال وقفه أبو العلاء ثم أخرجه عن أبي العلاء عن قتادة به موقوفا ثم قال ورواه سعيد بن أبي عروبة واختلف عليه فيه فرواه يزيد بن أبي ذريع عن أبي عروبة عن مطر عن الحسن عن علي عن النبي عليه السلام ورواه عبد الاعلى عن بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن فوقفه على علي ثم أخرجهما كذلك ورواه البزار في مسنده وقال جميع ما يرويه الحسن عن علي مرسل وإنما يروي عن قيس بن عباد وغيره عن علي حديث عائشة رواه النسائي أيضا من حديث شيبان عن ليث عن عطاء عن عائشة مرفوعا نحوه وليث هو بن أبي سليم متكلم فيه وقد اختلف عليه فيه فرواه شيبان عنه مرفوعا كما ذكرناه ورواه عبد الواحد بن زياد عنه فوقفه رواه النسائي
[ 46 ]
كذلك أيضا حديث أبي هريرة رواه النسائي أيضا وابن ماجة من حديث عبد الله بن بشر عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا قال النسائي وقفه إبراهيم بن طهمان ثم أخرجه عن إبراهيم بن طهمان عن الاعمش به موقوفا ثم رواه من طريق بن المبارك أنا معمر عن خلاد عن شقيق بن ثور عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال يقال أفطر الحاجم والمحجوم وأما أنا فلو احتجمت ما باليت أبو هريرة يقول ذلك قال النسائي ورواه عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة واختلف عليه فيه فرواه محمد بن عبد الله الانصاري وداود بن عبد الرحمن عن بن جريج عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا ثم أخرج حديثهما ثم قال وقفه عبد الرزاق والنضر بن شميل عن ابن جريج ثم أخرج حديثهما قال النسائي وعطاء لم يسمعه من أبي هريرة أخبرني إبراهيم بن الحسن عن الحجاج عن بن جريج عن عطاء عن أبي هريرة ولم يسمعه منه قال أفطر الحاجم والمحجوم قال وخالفه بن أبي حسين فرواه عن عطاء قال سمعت أبا هريرة يقول أفطر الحاجم والمحجوم قال والصواب رواية حجاج عن بن جريج لمتابعة عمرو بن دينار إياه على ذلك ثم أخرجه عن عمرو بن دينار عن عطاء عن رجل عن أبي هريرة قال ورواه خالد بن عبد الله عن بن جريج فجعله من قول عطاء ثم أخرجه كذلك ورواه النسائي أيضا من حديث الحسن عن أبي هريرة مرفوعا والحسن لم يسمع من أبي هريرة على الصحيح قال البزار في مسنده في آخر ترجمة سعيد بن المسيب عن أبي هريرة روى الحسن عن أبي هريرة أحاديث ولم يسمع منه وقال الحاكم في مستدركه في كتاب البيوع بعد أن روى حديث الحسن عن أبي هريرة مرفوعا ليأتين على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلا آكل الربا فمن لم يأكل أصابه من غباره اختلف أئمتنا في سماع الحسن من أبي هريرة فإن صح سماعه فالحديث صحيح انتهى وقال عبد الحق في أحكامه لم يصح سماع الحسن من أبي هريرة ووافقه بن القطان على ذلك وقال الترمذي في فضائل القرآن من جامعه في حديث الحسن عن أبي هريرة من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة غفر له الحسن لم يسمع من أبي هريرة انتهى مع أني وجدت هذا الحديث في مسند أبي يعلى الموصلي عن الحسن قال سمعت أبا هريرة والله أعلم
[ 47 ]
قال النسائي وقد رواه عن الحسن عن أبي هريرة أبو حرة ويونس بن عبيد واختلف عليهما فيه فرواه عبد الرحمن عنه به مرفوعا وخالفه بشر بن السري وأبو قطن فروياه عنه به موقوفا ثم أخرج أحاديثهم ورواه عبد الوهاب عن يونس بن عبيد عن الحسن به مرفوعا وخالفه بشر بن المفضل فرواه عن يونس من قول الحسن ثم أخرج حديثهما كذلك والله أعلم حديث بن عباس رواه النسائي من حديث قبيصة ثنا قطر عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا نحوه وزاد فيه والمستحجم ثم قال خالفه محمد بن يوسف فأرسله ثم أخرجه من حديث محمد بن يوسف ثنا قطر عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ورواه البيهقي عن قبيصة به مسندا وقال هكذا رواه جماعة عون قبيصة ورواه محمود بن غيلان عن قبيصة أنه حدثه في كتابه عن قطر عن عطاء عن النبي عليه السلام مرسلا وهو المحفوظ وذكر بن عباس فيه وهم انتهى قال النسائي وقد روى عن بن عباس أن كان لا يرى بالحجامة للصائم بأسا ثم اخرج عن الضحاك عن بن عباس أنه لم يكن يرى بالحجامة للصائم بأسا انتهى حديث الحسن عن سمرة رواه الطبراني في معجمه حديث أنس في مسند البزار من رواية قتادة عنه حديث جابر في مسند البزار وأخرج الطبراني في معجمه الاوسط عن سلام أبو المنذر عن مطر الوراق عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم انتهى وقال لم يروه عن مطر إلا سلام أبو المنذر انتهى حديث بن عمر رواه بن عدي في الكامل من حديث الحسن بن أبي جعفر عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم انتهى وأعله بالحسن هذا وجعله من منكراته وقال لا أعلمه يرويه كذلك غيره وهو عندي ممن لا يتعمد الكذب ولكنه يهم ويغلط انتهى ورواه كذلك الطبراني
[ 48 ]
في معجمه الاوسط حديث سعد بن مالك رواه بن عدي أيضا من حديث داود بن الزبرقان عن محمد بن جحادة عن عبد الاعلى عن مصعب بن سعد بن مالك عن أبيه مرفوعا نحوه ورواه الطبراني في الجزء الذي جمعه من أحاديث محمد بن جحادة وهو جزء لطيف جملته خمس عشرة ورقة حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا الحسن بن عمر بن شقيق حدثنا داود بن زبرقان عن محمد بن جحادة به حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا إسماعيل بن زرارة الرقي ثنا داود بن الزبرقان عن محمد بن جحادة عن يونس بن الحصيب عن مصعب به حديث أبي زيد الانصاري رواه بن عدي أيضا من حديث داود بن الزبرقان ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي زيد الانصاري مرفوعا نحوه وأعله والذي قبله بداود بن الزبرقان وضعفه عن النسائي وابن معين قال وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم حديث بن مسعود رواه العقيلي في ضعفائه حدثنا أحمد بن داود بن موسى بصري ثنا معاوية بن عطاء ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الاسود عن عبد الله بن مسعود قال مر النبي عليه السلام على رجلين يحجم أحدهما الآخر فاغتاب أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال أفطر الحاجم والمحجوم قال عبد الله لا للحجامة ولكن للغيبة انتهى أحاديث الخصوم روى البخاري في صحيحه من حديث عكرمة عن ابن عباس أن النبي عليه السلام احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم انتهى ورواه الترمذي من حديث الحكم عن مقسم عن بن عباس مقتصرا على احتجم وهو صائم وقال حديث صحيح انتهى قال صاحب التنقيح حديث بن عباس روى على أربعة أوجه أحدها احتجم وهو محرم والثاني احتجم وهو صائم والثالث احتجم وهو صائم والرابع احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم وهذا الرابع انفرد به البخاري فأما احتجامه وهو محرم فمجمع على صحته وأما
[ 49 ]
حتجامه وهو صائم فصححه البخاري والترمذي وغيرهما وضعفه أحمد بن حنبل ويحيى بن سعيد القطان وغيرهما قال سألت أحمد بن حنبل عن حديث بن عباس أن النبي عليه السلام احتجم وهو صائم محرم فقال ليس فيه صائم إنما هو محرم قلت من ذكره قال سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء وطاوس عن بن عباس أنه عليه السلام احتجم وهو محرم وكذلك رواه روح عن زكريا بن إسحاق عن عمرو عن طاوس عن بن عباس مثله وكذلك رواه عبد الرزاق عن معمر عن بن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس مثله قال أحمد فهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صياما وقال شعبة لم يسمع الحكم حديث مقسم في الحجامة للصائم وأجيب عن حديث بن عباس على تقدير صحته فإنه عليه السلام إنما احتجم صائما وهو محرم ولم يكن محرما إلا وهو مسافر قال الحاكم في مستدركه سمعت أبا بكر محمد بن جعفر المزكي يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة وهو إمام أهل الحديث في عصره يقول ثبتت الاخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أفطر الحاجم والمحجوم واحتج من خالفنا بأنه عليه السلام احتجم وهو صائم محرم وليس فيه حجة لانه عليه السلام إنما احتجم وهو صائم محرم ولم يكن قط محرما إلا وهو مسافر والمسافر يباح له الافطار انتهى ولفظ البخاري ربما يدفع هذا التأويل لانه فرق بين الخبرين فقال احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم فلينظر في ذلك والله أعلم وقال بن حبان في صحيحه بعد أن روى حديث ثوبان وحديث شداد وحديث رافع كما تقدم وحديث بن عباس أنه عليه السلام احتجم وهو صائم محرم لا يعارض هذه الاحاديث لانه عليه السلام لم يكن قط محرما إلا وهو مسافر والمسافر يباح له الافطار وروى من حديث أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه السلام أمر أبا طيبة أن يأتيه مع غيبوبة الشمس فأمره أن يضع المحاجم مع إفطار الصائم فحجمه ثم سأله فقال كم خراجك قال صاعان فوضع النبي عليه السلام عنه صاعا انتهى وكأن بن حبان احتج بهذا الحديث أنه عليه السلام إنما احتجم وقت الافطار فكان
[ 50 ]
مفطرا بالحجامة فلا ينهض الاستدلال بحديث بن عباس والله أعلم وهذا لا يصلح جوابا ثانيا عن حديث بن عباس وهو غير ناجح لمن يتأمله ومن الخصوم من ادعى نسخ أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم بحديث بن عباس ونقل ذلك البيهقي عن الشافعي في كتاب المعرفة فقال قال الشافعي وسماع بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح ولم يكن يومئذ محرما ولم يصحبه محرما قبل حجة الاسلام فذكر بن عباس حجامة النبي عليه السلام عام حجة الاسلام سنة عشر وحديث أفطر الحاجم والمحجوم في الفتح سنة ثمان قبل حجة الاسلام بسنتين فإن كانا ثابتين فحديث بن عباس ناسخ لحديث أفطر الحاجم وقال بعض من روى أفطر الحاجم إنه عليه السلام مر بهما وهما يغتابان رجلا والفطر في الحديث محمول على سقوط الاجر كما روى من ترك العصر فقد حبط عمله تفرد به البخاري عن بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله انتهى أي سقط أجره وكما روى أن رجلا تكلم في الجمعة فقال له بعض الصحابة لا جمعة لك فقال النبي عليه السلام صدق أي سقط أجرك بدليل أنه عليه السلام لم يأمره بالاعادة انتهى حديث أخر للخصوم روى البخاري في صحيحه من حديث ثابت أنه سأل أنس بن مالك أكنتم تكرهون الحجامة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا إلا من أجل الضعف انتهى حديث أخر دال على النسخ روى الدارقطني في سننه من حديث خالد بن مخلد عن عبد الله بن المثنى عن ثابت عن أنس قال أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر بن أبي طالب احتجم وهو صائم فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أفطر هذان ثم رخص النبي عليه السلام بعد في الحجامة للصائم وكان أنس يحتجم وهو صائم انتهى قال الدارقطني كلهم ثقات ولا أعلم له علة انتهى قال صاحب التنقيح هذا حديث منكر لا يصح الاحتجاج به لانه شاذ الاسناد والمتن وكيف يكون هذا الحديث صحيحا سالما من الشذوذ والعلة ولم يخرجه أحد من أصحاب
[ 51 ]
الكتب الستة ولا هو في المصنفات المشهورة ولا في السنن المأثورة ولا في المسانيد المعروفة وهم يحتاجون إليه أشد احتياج ولا نعرف أحدا رواه في الدنيا إلا الدارقطني رواه عن البغوي عن عثمان بن أبي شيبة ثنا خالد بن مخلد به وكل من رواه بعد الدارقطني إنما رواه من طريقه ولو كان معروفا لرواة الناس في كتبهم وخصوصا الامهات كمسند أحمد ومصنف بن أبي شيبة ومعجم الطبراني وغيرهما ثم إن خالد بن مخلد القطواني وعبد الله بن المثنى وإن كانا من رجال الصحيح فقد تكلم فيهما غير واحد من الائمة قال أحمد بن حنبل في خالد له أحاديث مناكير وقال بن سعد منكر الحديث مفرط التشيع وقال السعدي كان معلنا بسوء مذهبه ومشاه بن عدي فقال هو عندي إن شاء الله لا بأس به وأما بن المثنى فقال أبو عبيد الآجري سألت أبا داود عن عبد الله بن المثنى الانصاري فقال لا أخرج حديثه وقال النسائي ليس بالقوي وذكره بن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ وقال الساجي فيه ضعف لم يكن صاحب حديث وقال الموصلي روى مناكير وذكره العقيلي في الضعفاء وقال لا يتابع على أكثر حديثه ثم قال حدثنا الحسين الدارع ثنا أبو داود سمعت أبا سلمة يقول ثنا عبد الله بن المثنى وكان ضعيفا منكر الحديث وأصحاب الصحيح إذا رووا لمن تكلم فيه فإنهم يدعون من حديثه ما تفرد به وينتقون ما وافق فيه الثقات وقامت شواهده عندهم وأيضا فقد خلاف عبد الله بن المثنى في رواية هذا الحديث عن ثابت أمير المؤمنين في الحديث شعبة بن الحجاج فرواه بخلافه كما هو في صحيح البخاري ثم لو سلم صحة هذا الحديث لم يكن فيه حجة لان جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه قتل في غزوة مؤتة وهي قبل الفتح وحديث أفطر الحاجم والمحجوم كان عام الفتح بقد قتل جعفر بن أبي طالب انتهى كلامه صاحب التنقيح الله عز وجلحديث آخر دال على النسخ روى النسائي في سننه عن إسحاق بن راهويه حدثنا معتمر بن سليمان سمعت حميد الطويل يحدث عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في القبلة للصائم ورخص في الحجامة
[ 52 ]
للصائم ثم أخرجه عن إسحاق بن يوسف الازرق عن سفيان بسند الطبراني ومتنه ثم أخرجه عن بن المبارك عن خالد الحذاء به موقوفا وهذا الحديث استدل به الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ على نسخ حديث أفطر الحاجم قال لان ظاهر الرخصة يقتضي تقدم النهي انتهى ورواه الطبراني في معجمه الاوسط حدثنا محمود بن محمد الواسطي ثنا يحيى بن داود الواسطي ثنا إسحاق بن يوسف الازرق عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري أن النبي عليه السلام رخص في الحجامة للصائم انتهى وقال لم يروه عن سفيان إلا إسحاق الازرق قال الترمذي في علله الكبرى حديث إسحاق الازرق هذا خطأ إنما هو موقوف حدثنا إبراهيم بن سعيد ثنا بن علية عن حميد الطويل عن أبي المتوكل عن أبي سعيد قوله ولم يرفعه وهذا أصح انتهى الرب عز وجلحديث آخر للخصوم ثلاث لا يفطرن الصائم وسيأتي الكلام عليه مستوفى إن شاء الله تعالى حديث آخر دال على النسخ لم أر أحدا تعرض له رواه الطبراني في معجمه الوسط فقال حدثنا محمود بن المروزي ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق ثنا أبي ثنا أبو حمزة العسكري عن أبي سفيان عن أبي قلابة عن أنس أن النبي عليه السلام احتجم بعد ما قال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى ثم قال لم يروه عن أبي قلابة إلا أبو سفيان السعدي واسمه طريف تفرد به أبو حمزة العسكري انتهى وينظر في إسناده وبالجملة فهذا الحديث أعني حديث أفطر الحاجم روى من طرق كثيرة وبأسانيد مختلفة كثيرة الاضطراب وهي إلى الضعف أقرب منه إلى الصحة مع عدم سلامته من معارض أصح منه أو ناسخ له والامام أحمد الذي يذهب إليه ويقول به لم يلتزم صحته وإنما الذي نقل عنه كما رواه بن عدي في الكامل في ترجمة سليمان الاشدق بإسناده إلى أحمد بن حنبل أنه قال أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم يشد
[ 53 ]
بعضها بعضا وأنا أذهب إليها فلو كان عنده منها شئ صحيح لوقف عنده وقوله أصح ما في هذا الباب حديث رافع لا يقتضي صحته بل معناه أنه أقل ضعفا من غيره وقال صاحب التنقيح وقد ضعف يحيى بن معين هذا الحديث وقال إنه حديث مضطرب ليس فيه حديث يثبت قال ولما بلغ أحمد بن حنبل هذا الكلام قال إن هذا مجازفة وقال إسحاق بن راهويه هو ثابت من خمسة أوجه وقال بعض الحفاظ إنه متواتر قال وليس ما قاله ببعيد ومن أراد معرفة ذلك فلينظر مسند أحمد ومعجم الطبراني والسنن الكبير للنسائي انتهى كلامه بسم الله الرحمن الرحيم قوله والحديث مؤول بالاجماع قلت يشير إلى حديث الغيبة تفطر الصائم وورد في ذلك أحاديث كلها مدخولة فمنها ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه وإسحاق بن راهويه في مسنده قالا ثنا وكيع ثنا الربيع ثنا يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي عليه السلام قال ما صام من ظل يأكل لحوم الناس زاد إسحاق في حديثه إذا اغتاب الصائم فقد أفطر انتهى حديث آخر رواه البيهقي في شعب الايمان في الباب الثالث والاربعين أخبرنا أبو الحسن المقري أنا الحسن بن محمد بن إسحاق ثنا يوسف بن يعقوب ثنا محمد بن أبي
[ 54 ]
بكرثنا المثنى بن بكر ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس أن رجلين صليا صلاة الظهر والعصر وكانا صائمين فلما قضى النبي عليه السلام الصلاة قال أعيدا وضوءكما وصلاتكما وامضيا في صومكما واقضيا يوما آخر قالا لم يا رسول الله قال اغتبتما فلانا انتهى حديث آخر رواه البيهقي أيضا أخبرنا أبو علي الروزباري أنا إسماعيل بن محمد الصفار ثنا الحسن بن الفضل عن السمح ثنا غياث بن كلوب الكوفي ثنا مطرف بن سمرة بن جندب عن أبيه قال مر النبي عليه السلام على رجلين بين يدي حجام وذلك في رمضان وهما يغتابان رجلا فقال أفطر الحاجم والمحجوم انتهى قال غياث مجهول حديث آخر رواه العقيلي في ضعفائه حدثنا أحمد بن داود بن موسى وهو بصري ثنا معاوية بن عطاء ثنا سفيان الثوري عن منصور عن إبراهيم عن الاسود عن عبد الله بن مسعود قال مر عليه السلام على رجلين يحجم أحدهما الآخر فاغتاب أحدهما ولم ينكر عليه الآخر فقال أفطر الحاجم والمحجوم قال عبد الله لا للحجامة ولكن للغيبة انتهى حديث آخر رواه بن الجوزي في الموضوعات من حديث عنبسة ثنابقية ثنا
[ 55 ]
محمد بن الحجاج عن جابان عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس يفطرن الصائم وينقضن الوضوء الكذب والنميمة والغيبة والنظر بشهوة واليمين الكاذب انتهى وقال هذا حديث موضوع وقال بن معين سعيد كذاب ومن سعيد إلى أنس كلهم مطعون فيهم انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه بقية عن محمد بن الحجاج عن ميسرة بن عبد ربه عن جابان عن أنس أن النبي عليه السلام قال خمس يفطرن الصائم فذكره فقال أبي إن هذا كذب وميسرة كان يفتعل الحديث انتهى قوله لورود النهي عن صوم هذه الايام قلت يشير إلى حديث عمر أخرجه البخاري ومسلم عن عبيد قال شهدت العيد مع عمر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين أما يوم الاضحى فيأكلون من لحم نسككم وأما يوم الفطر ففطركم من صيامكم انتهى وأخرجا أيضا عن الخدري
[ 56 ]
قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامين صيام يوم الاضحى وصيام يوم الفطر انتهى وفي لفظ فهما سمعته يقول لا يصح الصيام في يومين يوم الاضحى ويوم الفطر من رمضان انتهى وأخرجا عن أبي هريرة نحوه سواء وأخرج مسلم عن عائشة نحوه الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام لا تصوموا في هذه الايام فإنها أيام أكل وشرب وبعال قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث عبد الله بن حذافة ومن حديث أم خلدة الانصاري فحديث بن عباس رواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا أبو كريب ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسل أيام منى صائحا يصيح أن لا تصوموا هذه الايام فإنها أيام أكل وشرب وبعال والبعال وقاع النساء انتهى
[ 57 ]
وحديث أبي هريرة أخرجه الدارقطني في سننه في الضحايا عن سعيد بن سلام العطار ثنا عبد الله بن بديل الخزاعي عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بديل بن ورقاء الخزاعي على جمل أورق يصيح في فجاج منى ألا إن الذكاة في الحلق واللبة ولا تعجلوا الانفس أن تزهق وأيام منى أيام أكل وشرب وبعال انتهى وسعيد هذا رماه أحمد بالكذب وحديث عبد الله بن حذافة أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا ربيعة عن عثمان عن محمد بن المنكدر سمع مسعود بن الحكم الزرقي يقول حدثني عبد الله بن حذافة السهمي قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته أيام منى أنادي أيها الناس إنها أيام أكل وشرب وبعال انتهى وقال الواقدي ضعيف وحديث أم خلدة الانصاري فرواه بن أبي شيبة في مصنفه في الحج وإسحاق بن راهويه في مسنده قالا حدثنا وكيع عن موسى بن عبيدة عن منذر بن جهم عن عمر بن خلدة عن أمه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا ينادي أيام منى إنها أيام أكل وشرب وبعال انتهى زاد إسحاق في حديثه يعني النكاح انتهى ومن طريق بن شيبة رواه الطبراني في معجمه وأبو يعلى الموصلي في مسنده ورواه عبد بن حميد في مسنده حدثنا زيد بن الحباب ثنا موسى بن عبيدة به سندا ومتنا حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيى عن عبد الله بن الفضل الهاشمي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فنادى أيام التشريق ألا إن هذه الايام أيام أكل وشرب ونكاح انتهى وأخرج مسلم في صحيحه عن نبيشة الهذلي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام التشريق أيام أكل وشرب زاد في طريق آخر وذكر الله وأخرج عن كعب بن مالك نحوه ووقع لشيخنا علاء الدين ههنا تصحيف قبيح فقال رواه مسلم عن عائشة وإنما هو عن نبيشة وهو قلد غيره في ذلك وقال المنذري في حواشيه وقد روى هذا الحديث من رواية نبيشة وكعب
[ 58 ]
بن مالك وعقبة بن عامر وبشر بن سحيم وأبي هريرة وعبد الله بن حذافة وعلي بن أبي طالب خرجها جماعة مع كثر طرقها منها ما هو مقصور على الاكل والشرب ومنها ما فيه معهما ذكر الله ومنها فيه وصلاة وليس في شئ منها بعال وهي لفظ غريب انتهى كلامه باب الاعتكاف الحديث الاول روى أنه عليه السلام واظب عليه في العشر الاواخر من رمضان قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي عليه السلام كان يعتكف العشر الاواخر من رمضان حتى قبضه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده انتهى إلا بن ماجة فإنه أخرجه عن أبي بن كعب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر والاواخر من رمضان فسافر عاما فلما كان في العام المقبل اعتكف عشرين يوما انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي أيضا ولفظهما ولم يعتكف عاما الحديث الحديث الثاني قال عليه السلام لا اعتكاف إلا بالصوم قلت أخرجه
[ 59 ]
الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن سويد بن عبد العزيز حدثنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا اعتكاف إلا بصوم انتهى قال الدارقطني تفرد به سويد عن سفيان انتهى وقال البيهقي هذا وهم من سفيان بن حسين أو من سويد بن عبد العزيز وسويد ضعيف لا يقبل ما تفرد به وقد روى عن عطاء عن عائشة موقوفا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال الشيخان لم يحتجا بسفيان بن حسين انتهى وسويد بن عبد العزيز ضعفه جماعة وفي الكمال قال علي بن حجر سألت هشيما فأثنى عليه خيرا انتهى طريق آخر أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت السنة على المعتكف أن لا يعود مريضا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة لا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع انتهى قال أبو داود غير عبد الرحمن بن إسحاق لا يقول فيه قالت السنة انتهى قال المنذري في مختصره وعبد الرحمن بن إسحاق أخرج له مسلم ووثقه يحيى بن معين وأثنى عليه غيره وتكلم فيه بعضهم انتهى قلت رواه البيهقي في شعب الايمان في الباب الرابع والعشرين عن الليث عن عقيل عن بن شهاب به وفيه قالت السنة في المعتكف أن يصوم وقال أخرجاه في الصحيح دون قوله والسنة في المعتكف إلى آخره فقد قيل إنه من قول
[ 60 ]
عروة انتهى وكذلك رواه في السنن والمعرفة وقال في المعرفة وإنما لم يخرجا الباقي لاختلاف الحفاظ فيه منهم من زعم أنه قول عائشة ومنهم من زعم أنه من قول الزهري ويشبه أن يكون من قول من دون عائشة فقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة قال المعتكف لا يشهد جنازة ولا يعود مريضا ورواه ابن أبي عروبة عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت لا اعتكاف إلا بصوم انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن محشر ثنا عبيدة بن حميد ثنا القاسم بن معن عن بن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير عن عائشة أنها أخبرتهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الاواخر من شهر رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكفن أزواجه من بعده وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الانسان ولا يتبع جنازة ولا يعود مريضا ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة ويأمر من اعتكف أن يصوم انتهى وفي لفظ وسنة من اعتكف أن يصوم قال الدارقطني يقال إن قوله وإن السنة للمعتكف إلى آخره ليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من كلام الزهري ومن أدرجه في الحديث فقد وهم انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بإبراهيم بن محشر ونقل عن بن عدي أنه قال له أحاديث مناكير حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن بديل عن عمر بن دينار عن بن عمر أن عمر جعل عليه أن يعتكف في الجاهلية ليلة أو يوما عند الكعبة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال اعتكف وصم انتهى وفي لفظ للنسائي والدارقطني فأمره أن يعتكف ويصوم وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال الشيخان لم يحتجا بعبد الله بن بديل انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني تفرد به عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي عن عمرو وهو ضعيف
[ 61 ]
الحديث وقال سمعت أبا بكر النيسابوري يقول هذا حديث منكر لان الثقات من أصحاب عمرو لم يذكروا فيه الصوم منهم بن جريج وابن عيينة وحماد بن سلمة وحماد بن زيد وغيرهم وابن بديل ضعيف الحديث انتهى وقال صاحب التنقيح عبد الله بن بديل بن ورقاء ويقال بن بشر الخزاعي روى عن عمرو بن دينار والزهري روى عنه بن مهدي وغيره قال بن معين صالح وقال بن عدي له أحاديث تنكر عليه فيها زيادة في المتن أو في الاسناد ثم يروى له هذا الحديث وقال لا أعلم ذكر فيه الصوم مع الاعتكاف إلا من روايته وذكره بن حبان في كتاب الثقات انتهى كلامه وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم في صحيحيهما لم يذكرا فيه الصوم ولفظهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك انتهى ورواه الباقون كذلك حتى أبو داود كلهم أخرجوه في الايمان والنذر والله أعلم الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال من اعتكف فعليه الصوم انتهى أخبرنا الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن عطاء عن عائشة قالت من اعتكف فعليه الصوم وأخرج البيهقي عن أسيد بن عاصم ثنا الحسين بن حفص عن سفيان عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس وابن عمر أنهما قالا المعتكف يصوم انتهى وفي موطأ مالك أنه بلغه عن القاسم بن محمد ونافع مولى عبد الله بن عمر قالا لا اعتكاف إلا بصيام لقوله تعالى ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد فذكر تعالى الاعتكاف مع الصيام قال يحيى قال مالك والامر على ذلك عندنا أنه لااعتكاف إلا بصيام انتهى وأخرج عبد الرزاق أيضا عن عروة والزهري قالا لااعتكاف إلا بالصوم وينظر الاسانيد فيه أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما عن يحيى بن سعيد القطان عن عبيد الله بن عمر قال حدثني نافع عن بن عمر عن عمر قال يارسول الله إني نذرت أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة فقال له أوف بنذرك انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن فليح بن سليمان عن عبيد الله بن عمر به أن عمر نذر في الجاهلية أن يعتكف ليلة في المسجد الحرام فلما كان الاسلام سأل
[ 62 ]
عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أوف بنذرك فاعتكف عمر ليلة انتهى قال الدارقطني إسناده ثابت قال بن الجوزي في التحقيق ولا يقدح في هذا أنه عورض بما أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن شعبة عن عبيد الله به أنه جعل على نفسه أن يعتكف يوما فقال أوف بنذرك لان عنه جوابين أحدهما احتمال أن يكون نذر نذرين فيكون كل لفظ منهما حديثا مستقلا الثاني أنه ليس فيه حجة إذ لا ذكر للصوم فيه قال ولا يقدح فيه أيضا ما أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن سعيد بن بشير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن عمر نذر في الشرك أن يعتكف ويصوم فأمره عليه السلام بعد إسلامه أن يفي بنذره قال البيهقي ذكر الصوم فيه غريب تفرد به سعيد بن بشير عن عبيد الله انتهى وعنه أيضا جوابان أحدهما أن سعيد بن بشير تفرد به عن عبيد الله وقد ضعفه النسائي وابن معين والثاني أنه نذره على نفسه فوجب عليه بنذره لا بكونه شرطا في صحة الاعتكاف والله أعلم انتهى كلامه وقال صاحب التنقيح هكذا رواه عبد الله بن المبارك وسليمان بن بلال ويحيى بن سعيد القطان وأبو أسامة وعبد الوهاب الثقفي كلهم عن عبيد الله بن عمر فقالوا فيه ليلة وكذلك قاله حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال جرير بن حازم ومعمر عن أيوب يوم بدل ليلة وكذلك رواه شعبة عن عبيد الله ورواية الجماعة عن عبيد الله أولى وحماد بن زيد أعرف بأيوب من غيره قال ويمكن الجمع في حديث عمر بين اللفظين بأن يكون المراد اليوم مع الليلة أو الليلة مع اليوم وحينئذ فلا يكون فيه دليل على صحة الاعتكاف بغير صوم وهذا القول هو القوي إن شاء الله وهوأن الصيام شرط في الاعتكاف فإن الاعتكاف لم يشرع إلا مع الصيام وغالب اعتكاف النبي عليه السلام وأصحابه إنما كان في رمضان وقول عائشة أن النبي عليه السلام اعتكف في العشر الاول من شوال ليس بصريح في دخول يوم الفطر لجواز أن يكون أول العشر الذي اعتكف ثاني يوم الفطر بل هذا هو الظاهر وقد جاء مصرحا به في حديث فلما أفطر اعتكف انتهى كلامه حديث آخر رواه الدارقطني في سننه حدثنا بن إسحاق السوسي ثنا عبد الله بن محمد بن نصر الرملي ثنا محمد بن يحيى بن أبي عمر ثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي سهيل بن مالك عم مالك بن أنس عن طاوس عن بن عباس أن النبي عليه السلام قال ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه انتهى ورواه الحاكم في
[ 63 ]
المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه ويراجع سنده قال الدارقطني رفعه هذا الشيخ وغيره لا يرفعه انتهى قال في التنقيح والشيخ هو عبد الله بن محمد الرملي قال بن القطان في كتابه وعبد الله بن محمد بن نصر الرملي هذا لا أعرفه وذكره بن أبي حاتم فقال يروي عن الوليد بن الموقري روى عنه موسى بن سهل لم يزد على هذا وروى أبو داود عن أبي أحمد عبد الله بن محمد الرملي حدثنا الوليد فلا أدري أهم ثلاثة أم اثنان أم واحد والحال في الثلاثة مجهولة انتهى كلامه ورواه البيهقي وقال تفرد به عبد الله بن محمد الرملي وقد رواه أبو بكر الحميدي عن عبد العزيز بن محمد عن أبي سهيل بن مالك قال اجتمعت أنا وابن شهاب عند عمر بن عبد العزيز وكان على امرأتي اعتكاف ثلاث في المسجد الحرام فقال بن شهاب لا يكون اعتكاف إلا بصوم فقال عمر بن عبد العزيز أمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا قال فمن أبي بكر قال لا قال فمن عمر قال لا قال أبو سهيل فانصرفت فوجدت طاوسا وعطاء فسألتهما عن ذلك فقال طاوس كان ابن عباس لا يرى على المعتكف صياما إلا أن يجعله على نفسه وقال عطاء ذلك رأي صحيح وصحح البيهقي وقفه وقال رفعه وهم قال وكذلك رواه عمر بن زرارة عن عبد العزيز موقوفا ثم أخرجه كذلك والله أعلم عز وجلقوله عن حذيفة قال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة قلت رواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج بن المنهال ثنا أبو عوانة عن مغيرة عن إبراهيم النخعي أن حذيفة قال لابن مسعود ألا تعجب من قوم بين دارك ودار أبي موسى يزعمون أنهم معتكفون قال فلعلهم أصابوا وأخطأت أو حفظوا ونسيت قال أما أنا فقد علمت أنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة انتهى
[ 64 ]
أحاديث الباب أخرج البيهقي في السنن عن يحيى بن بكير عن الليث عن عقيل عن بن شهاب عن عائشة قالت السنة فيمن اعتكف أن يصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة مختصر وقد تقدم بتمامه ثم أخرج عن شريك عن ليث عن يحيى بن أبي كثير عن علي الازدي عن بن عباس قال إن أبغض الامور إلى الله تعالى البدع وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي عن بن مسعود قال مررت على أناس عكوف بين دارك ودار أبي موسى وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا اعتكاف إلا في المسجد الحرام أو قال في المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد الاقصى ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الله لعلك نسيت وحفظوا انتهى وروى ابن أبي شيبة و عبد الرزاق في مصنفيهما أخبرنا سفيان الثوري أخبرني جابر عن سعيد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة انتهى الحديث الثالث روت عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج من معتكفه إلا لحاجة الانسان قلت غريب بهذا اللفظ وأخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عائشة
[ 65 ]
قالت كان رسول الله صلى عليه وسلم إذا اعتكف يدني إلى رأسه فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الانسان انتهى وبوب عليه البيهقي في المعرفة المعتكف لا يخرج إلا لما لا بد منه وتقدم في حديث عائشة ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد منه الحديث الرابع روى أنه عليه السلام لم يكن له مأوى إلا المسجد يعني في الاعتكاف قلت هذا معلوم من الاحاديث والنصوص المتطابقة الحديث الخامس قال عليه السلام جنبوا مساجدكم صبيانكم إلى أن قال وبيعكم وشراءكم قلت روى من حديث واثلة وأبي الدرداء وأبي أمامة ومعاذ بن جبل
[ 66 ]
فحديث واثلة رواه بن ماجة في سننه حدثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا مسلم بن إبراهيم ثنا الحارث بن نبهان ثنا عتبة بن يقظان عن أبي سعيد عن مكحول عن واثلة بن الاسقع أن النبي عليه السلام قال جنبوا مساجدنا صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل
[ 67 ]
سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع انتهى ورواه الطبراني في معجمه قال الترمذي في كتابه بعد روايته حديث لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك عن مكحول عن واثلة فذكره وقال هذا حديث حسن وقد سمع مكحول من واثلة وأنس وأبي هند الداري ويقال أنه لم يسمع من غير هؤلاء الثلاثة من أصحابه انتهى ذكره في الزهد وأما حديث أبي الدرداء وأبي أمامة فأخرجه الطبراني في معجمه عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي الدرداء وأبي أمامة وواثلة قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وهذا سند ضعيف ورواه بن عدي والعقيلي في كتابيهما وأعلاه بالعلاء بن كثير وأسند بن عدي تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن المديني وابن معين وأما حديث معاذ فرواه عبد الرزاق مصنفه حدثنا محمد بن مسلم عن عبد ربه بن عبد الله عن مكحول عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره سواء وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده وأخرجه الطبراني في معجمه عن محمد بن مسلم الطائفي عن عبد ربه بن عبد الله الشامي عن مكحول عن يحيى بن العلاء عن معاذ فذكره حديث آخر قال عبد الحق في أحكامه في باب المساجد روى البزار من حديث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال جنبوا مساجدكم الحديث باللفظ المذكور ثم قال يرويه موسى عن عمير قال البزار ليس له أصل من حديث ابن مسعود انتهى كلامه قال بن القطان في كتابه ليس هذا الحديث في مسند البزار ولعله عثر عليه في بعض أماليه انتهى أحاديث الباب روى أصحاب السنن الاربعة من حديث محمد بن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد وأن تنشد ضالة أبو ينشد فيه شعر ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة
[ 68 ]
انتهى قال الترمذي حديث حسن والنسائي رواه في اليوم والليلة بتمامه ، وفي السنن اختصره لم يذكر فيه البيع والشراء ورواه أحمد في مسنده من طريق بن المبارك ثنا أسامة بن زيد حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا حديث آخر أخرجه الترمذي في كتابه والنسائي في اليوم والليلة عن عبد العزيز بن محمد أخبرني يزيد بن خصيفة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا لا ربح الله تجارتك ومن رأيتموه ينشد ضالة في المسجد فقولوا لا رد الله عليك انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك في البيوع وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى وذكر أنه في مسلم وما وجدته فليراجع حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن زيد بن جبير عن داود بن الحصين عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خصال لا تنبغي في المسجد لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا ينبض فيه بقوس ولا ينشر فيه نبل ولا يمر فيه بلحم نئ ولا يضرب فيه حد ولا يتخذ سوقا انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله يزيد بن جبيرة ومن طريق بن عدي رواه بن الجوزي في العلل المتناهية وأعله يزيد وداود ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله يزيد بن جبيرة وقال إنه منكر الحديث يروي المناكير عن المشاهير فاستحق الترك انتهى
[ 69 ]
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الحج الحديث الاول روى أنه عليه السلام قيل له الحج في كل عام أم مرة واحدة فقال لا بل مرة فما زاد فهو تطوع قلت رواه أبو داود وابن ماحه في سننهما عن سفيان بن حسين عن الزهري عن أبي سنان يزيد بن أمية عن بن عباس أن الاقرع بن حابس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الحج في كل سنة أو مرة واحدة قال لا بل مرة واحدة فمن زاد فهو تطوع انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد إلا أنهما لم يخرجا لسفيان بن حسين وهو من الثقات الذين يجمع حديثهم انتهى وسفيان بن حسين تكلم فيه بعضهم في روايته عن الزهري قال بن حبان في كتاب الضعفاء سفيان بن حسين الواسطي يروى عن الزهري المقلوبات وإذا روى عن غيره أشبه حديث الاثبات وذلك أن صحيفة الزهري اختلطت عليه وكان يأتي بها على التوهم والانصاف في أمره تنكب ماروى عن الزهري والاحتجاج بما روى عن غيره انتهى كلامه قلت قد تابعه عليه عبد الجليل بن حميد وسليمان بن كثير وعبد الرحمن
[ 70 ]
بن خالد بن مسافر ومحمد بن أبى حفصة فرووه عن الزهري كما رواه سفيان بن حسين ورواه يزيد بن هارون عن أبي سنان أيضا بنحو ذلك أما حديث عبد الجليل بن حميد فأخرجه النسائي في سننه عن موسى بن سلمة المصري عن عبد الجليل بن حميد عن الزهري به وكذلك أخرجه الدارقطني في سننه قال بن القطان في كتابه وموسى بن سلمة وعبد الجليل بن حميد اليحصبي مجهولا الحال فالحديث من أحدهما لا يصح انتهى وحديث سليمان بن كثير أخرجه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولفظه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فقام الاقرع بن حابس فقال أفي كل عام يا رسول الله قال لو قلتها لوجبت ولم تستطيعوا أن تعملوا بها الحج مرة فمن زاد فتطوع انتهى وأما حديث عبد الرحمن فأخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن الزهري به سواء وقال حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه انتهى وأما حديث محمد بن أبي حفصة فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن أبي حفصة عن الزهري به باللفظ الاول
[ 71 ]
وأما حديث يزيد بن هارون فأخرجه الحاكم أيضا عن سهل بن عمار العتكي ثنا يزيد بن هارون وسقط منه رجلان سفيان والزهري عن أبي سنان عن بن عباس أيضا باللفظ الاول وسكت عنه وله عند الدارقطني أيضا طريقان إلا أنهما واهيان جدا فأضربنا عن ذكرهما وجهل من عزا حديث بن عباس لمسلم وإنما أخرج مسلم نحوه من حديث أبي هريرة وسنذكره في أحاديث الباب وقلده شيخنا علاء الدين فالمقلد ذهل والمقلد جهل والله أعلم بالصواب أحاديث الباب روى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا فقال رجل أكل عام يا رسول الله فسكت حتى قالها ثلاثا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم ثم قال ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم فإذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن شئ فدعوه انتهى وأخرج البخاري منه ذروني ما تركتم إلى آخره حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن عبد الاعلى بن عامر الثعلبي عن أبي البختري عن علي قال لما نزلت هذه الآية ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قالوا يا رسول الله أفي كل عام فسكت ثم قالوا أفي كل عام قال لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء الآية انتهى قال الترمذي حديث غريب من هذا الوجه انتهى قال محمد
[ 72 ]
يعنى البخاري وأبو البختري لم يدرك عليا انتهى كلام الترمذي وكذلك رواه البزار في مسنده وقال أبو البختري لم يسمع من علي انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير آل عمران وسكت عنه ولم يتعقبه الذهبي في مختصره بالانقطاع ولكن أعله بعبد الاعلى قال وقد ضعفه أحمد انتهى وقال الشيخ في الامام قال عبد الله بن أحمد عن أبيه عبد الاعلى الثعلبي ضعيف الحديث وقال ابن معين وأبو حاتم ليس بالقوي وقال أبو زرعة ضعيف الحديث ربما رفع الحديث وربما وقفه انتهى كلامه حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن زيد بن أسلم عن بن أبي واقد الليثي عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لازواجه في حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر انتهى ومعناه أي الزمن ظهور الحصر قال بن القطان في كتابه وابن أبي واقد لا يعرف له اسم ولا حال قال الشيخ في الامام قد عرف اسمه من سنن سعيد بن منصور فقال حدثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن زيد بن أسلم عن واقد بن أبي واقد الليثي عن أبيه فذكره وذكره البخاري في تاريخه فقال واقد بن أبي واقد الليثي لم يزد على ذلك والله أعلم حديث آخر أخرجه بن ماجة عن محمد بن أبي عبيدة عن أبيه عن الاعمش عن أبي سفيان عن أنس بن مالك قال قالوا يا رسول الله الحج في كل عام فقال لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لم تقوموا بها ولو لم تقوموا بها عذبتم انتهى ومحمد بن أبي عبيدة بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلي المسعودي الكوفي خرج له مسلم عن أبيه واسم أبيه كنيته وأبو سفيان طلحة بن نافع أخرج له مسلم أيضا والله أعلم أحاديث الفور في الحج والتراخي قال المصنف رحمه الله ثم هو واجب على
[ 73 ]
الفور عند أبي يوسف وعن أبي حنيفة ما يدل عليه وعند محمد والشافعي رحمهما الله على التراخي قال بن الجوزي في التحقيق وأحمد يقول بالفور أيضا واحتج له بحديث الحجاج بن عمرو الانصاري من كسر وأعرج فقد حل وعليه الحج من قابل ثم قال وحجة الآخرين ما رووا عن أبي سعيد عن النبي عليه السلام أنه قال من أحب أن يرجع بعمرة قبل الحج فليفعل قال وهذا حديث لا يعرف وإنما الذي روى من أحب أن يبدأ بعمرة قبل الحج فليفعل وهذا هو التمتع قال واحتجوا أيضا بأن فريضة الحج نزلت في سنة خمس بدليل ما رواه أحمد في مسنده من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن الوليد بن نويفع عن كريب عن عبد الله بن عباس قال بعثت بنو سعد بن بكر ضمام بن ثعلبة وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له عليه السلام فرائض الاسلام الصلاة والصوم والحج بعد أن ذكر التوحيد قال وقد
[ 74 ]
رواه شريك بن أبي نمر عن كريب فقال فيه بعثت بنو سعد ضماما في رجب سنة خمس قالوا وإذا ثبت أن الحج وجب في سنة خمس فقد أخره رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سنة عشر فدل على أن وجوب الحج على التراخي لا على الفور قال وجواب هذا أنه قد روى أن ضماما قدم في سنة تسع فإن صحت الرواية الاخرى فعن تأخيره عليه السلام إياه جوابان أحدهما أن الله تعالى أعلم نبيه عليه السلام أنه لا يموت حتى يحج وكان على يقين من الادراك قاله أبو زيد الحنفي والثاني أنه أخره لعذر وكانت له أعذار منها الفقر ومنها الخوف على نفسه ومنها الخوف على المدينة من المشركين ومنها غلبة المشركين على مكة وكونهم يحجون ويظهرون الشرك ولا يمكنه الانكار عليهم فإن قيل فكيف أخره بعد الفتح فجوابه من وجهين أحدهما أنه لم يؤمر بمنع حجاج المشركين فلو حج لاختلط الكفار بالمسلمين فكان ذلك كالعذر فلما أمر بمنع المشركين من الحج بعث أبا بكر في سنة تسع فنادى أن لا يحج بعد العام مشرك ثم حج عند زوال ما يكره والثاني أن يكون أخر الحج لئلا يقع في غير ذي الحجة من جهة
[ 75 ]
النسئ الذي كانت العرب تستعمله حتى يدور التحريم على جميع الشهور فوافقت حجة أبي بكر ذا القعدة ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة انتهى كلامه قال صاحب التنقيح وحديث بن عباس رواه أحمد في مسنده مطولا وفيه محمد بن الوليد بن نويفع لا نفيع وهو الاسدي القرشي ذكره بن حبان في الثقات وقد روى له أبو داود هذا الحديث الواحد مقرونا بغيره وهو سلمة بن كهيل كلاهما عن كريب وأما رواية شريك بن أبي نمر التي ذكرها فلا أعرف لها سندا والله أعلم انتهى كلامه الحديث الثاني قال عليه السلام أيما عبد حج ولو عشر حجج ثم أعتق فعليه حجة الاسلام وأيما صبي حج عشر حجج ثم بلغ فعليه حجة الاسلام قلت روى الحاكم في المستدرك من حديث محمد بن المنهال ثنا يزيد بن زريع ثنا شعبة عن الاعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما صبي حج ثم بلغ الحنث فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما أعرابي حج ثم هاجر فعليه أن يحج حجة أخرى وأيما عبد حج ثم أعتق فعليه حجة أخرى انتهى وقال حديث
[ 76 ]
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال الصواب وقفه تفرد برفعه محمد بن المنهال عن يزيد بن زريع عن شعبة ورواه غيره عن شعبة موقوفا وكذلك رواه سفيان الثوري عن الاعمش موقوفا وهو الصواب انتهى قال الشيخ في الامام مستدركا على البيهقي قلت رواه الحافظ أبو بكر الاسماعيلي في جمعه لحديث سليمان الاعمش عن الحارث بن شريح أبي عمر الثقال الخوارزمي عن يزيد بن زريع به مرفوعا فزاد التفرد انتهى قلت حديث الحارث بن شريح رواه بن عدى في الكامل وأعله به ثم قال وهذا الحديث معروف بمحمد بن المنهال الضرير عن يزيد بن زريع وأظن أن الحارث سرق منه وهو ضعيف يسرق الحديث ولا أعلم يرويه عن يزيد بن زريع غيرهما ورواه بن أبي عدى وجماعة عن شعبة موقوفا انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بسند المرفوع فقال حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي ظبيان عن بن عباس قال احفظوا عني ولا تقولوا قال بن عباس أيما عبد حج إلى آخره والموقوف الذي أشار إليه بن عدى والبيهقي قال في الامام رواه الاسماعيلي عن بن أبي عدي عن شعبة موقوفا على بن عباس حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله عن محمد بن كعب القرظي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما صبي حج به أهله فمات أجزأ عنه فإن أدرك فعليه الحج وأيما عبد حج به أهله فمات أجزأ عنه فان أعتق فعليه الحج انتهى حديث آخر ضعيف أخرجه بن عدى في الكامل عن حرام بن عثمان عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر بن عبد الله عن أبيهما أن النبي عليه السلام قال لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى إذا بلغ إن استطاع إليه سبيلا ولو حج المملوك عشرا لكان عليه حجة إذ أعتق إن استطاع إليه سبيلا ثم أسند عن الشافعي وابن معين أنهما قالا الرواية عن حرام حرام ووافقهما وقال عامة أحاديثه مناكير
[ 77 ]
حديث مخالف لما تقدم أخرجه مسلم عن كريب عن بن عباس قال دفعت امرأة صبيا لها فقالت يا رسول الله ألهذا حج قال نعم ولك أجر انتهى وهو مذهب أحمد هكذا نقله عنه بن الجوزي في التحقيق وأخرج البخاري عن السائب بن يزيد قال حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بن سبع سنين انتهى الحديث الثالث روى أن النبي عليه السلام سئل عن السبيل إلى الحج فقال الزاد والراحلة قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث بن عباس ومن حديث أنس ومن حديث عائشة ومن حديث جابر ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث بن مسعود فحديث بن عمر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن محمد بن عباد بن جعفر المخزومي عن بن عمر قال قام رجل فقال يارسول الله من الحاج قال الشعث التفل فقام آخر فقال أي الحج أفضل العج والثج فقام آخر فقال ما السبيل يا رسول الله قال الزاد والراحلة انتهى قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي وقد تكلم فيه بعض أهل
[ 78 ]
العلم من قبل حفظه انتهى ذكره في التفسير وفي الحج وإبراهيم بن يزيد قال في الامام قال فيه أحمد والنسائي وعلى بن الجنيد متروك وقال بن معين ليس بثقة وقال مرة ليس بشئ وقال الدارقطني منكر الحديث انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني وقد تابع إبراهيم بن يزيد عليه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي فرواه عن محمد بن عباد عن بن عمر عن النبي عليه السلام كذلك انتهى وهذا الذي أشار إليه رواه بن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن عبد الله الليثي وأسند تضعيفه عن النسائي وابن معين ثم قال والحديث معروف بإبراهيم بن يزيد الخوزي وهو من هذه الطريق غريب انتهى قال البيهقي وإبراهيم بن يزيد الخوزي ضعفه بن معين وغيره وروى من أوجه أخرى كلها ضعيفة وروى عن بن عباس من قوله ورويناه من أوجه صحيحه عن الحسن عن النبي عليه السلام مرسلا وفيه قوة لهذا السند انتهى قال الشيخ في الامام قوله فيه قوة فيه نظر لان المعروف عندهم أن الطريق إذا كان واحدا ورواه الثقات مرسلا وانفرد ضعيف برفعه أن يعللوا المسند بالمرسل ويحملوا الغلط على رواية الضعيف فإذا كان ذلك موجبا لضعف المسند فكيف يكون تقوية له قال والذي أشار إليه من قول بن عباس رواه أبو بكر بن المنذر حدثنا علان بن المغيرة ثنا أبو صالح عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس قوله والمرسل رواه سعيد بن منصور في سننه حدثنا هشام ثنا يونس عن الحسن قال لما نزلت ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال رجل يا رسول الله وما السبيل قال زاد وراحلة انتهى حدثنا الهشيم ثنا منصور عن الحسن مثله حدثنا خالد بن عبد الله عن يونس عن الحسن مثله قال وهذه إسناد في صحيحه إلا أنها مرسلة وقال بن المنذر لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة مسندا والصحيح رواية الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وأما المسند فإنما رواه إبراهيم بن يزيد وهو متروك ضعفه بن معين وغيره انتهى طريق آخر عن الدارقطني في سننه أخرجه عن محمد بن الجاج المضفر ثنا
[ 79 ]
جرير بن حازم عن محمد بن عباد بن جعفر عن بن عمر مرفوعا ومحمد بن الحجاج المضفر ضعيف وأما حديث بن عباس فرواه بن ماجة في سننه حدثنا سويد بن سعيد عن هشام بن سليمان القرشي عن بن جريج قال وأخبرنيه أيضا عن بن عطاء عن عكرمة عن بن عباس أن النبي عليه السلام قال الزاد والراحلة يعني قوله من استطاع إليه سبيلا انتهى قال في الامام وهشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد بن العاص قال أبو حاتم مضطرب الحديث ومحله الصدق ما أرى به بأسا انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن داود بن الزبرقان عن عبد الملك عن عطاء عن بن عباس وأخرجه أيضا عن حصين بن المخارق عن محمد بن خالد عن سماك بن حرب عن عكرمة عن بن عباس قال قيل يا رسول الله الحج كل عام قال لا بل حجة قيل فما السبيل إليه قال الزاد والراحلة انتهى وداود وحصين كلاهما ضعيفان الله تبارك وتعالى وأما حديث أنس فأخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس في قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قيل يا رسول الله ما السبيل قال الزاد والراحلة انتهى قال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وتابعه حماد بن سلمة عن قتادة ثم أخرجه كذلك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه بالاسنادين وأما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني في سننه عن عتاب بن أعين عن سفيان الثوري عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عن عائشة قالت سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال السبيل الزاد والراحلة انتهى ورواه العقيلي في كتاب الضعفاء وأعله بعتاب وقال إن في حديثه وهما انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة وليس بمحفوظ ثم أخرجه البيهقي عن أبي داود الحفري عن سفيان عن يونس عن الحسن قال سئل
[ 80 ]
النبي عليه السلام عن السبيل فقال الزاد والراحلة انتهى وأما حديث جابر فأخرجه الدارقطني عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبي الزبير أو عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله بلفظ حديث عائشة ومحمد بن عبد الله بن عبيد الليثي تركوه وأجمعوا على ضعفه وقد تقدم وأما حديث ابن مسعود فأخرجه الدارقطني عن بهلول بن عبيد عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم بن علقمة عن عبد الله بن مسعود بنحوه وبهلول بن عبيد قال أبو حاتم ذاهب الحديث وأما حديث عمرو بن العاص فأخرجه الدارقطني أيضا عن بن لهيعة ومحمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بنحوه وابن لهيعة والعرزمي ضعيفان قال الشيخ في الامام وقد خرج الدارقطني هذا الحديث عن جابر وأنس وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن مسعود وعائشة وليس فيها إسناد يحتج به انتهى الحديث الرابع روى أنه عليه السلام فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة قلت يشير للحديث الذي قبله وقد تقدم ما فيه الكفاية وروى البخاري في صحيحه عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن بن عباس قال كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ويقول نحن المتوكلون فإذا قدموا المدينة وفي رواية مكة سألوا الناس فأنزل الله تعالى وتزودوا فإن خير الزاد التقوى انتهى الحديث الخامس قال عليه السلام لا تحجن امرأة إلا ومعها محرم قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث أبي أسامة
[ 81 ]
فحديث بن عباس رواه البزار في مسنده حدثنا عمرو بن علي ثنا أبو عاصم عن بن جريج أخبرني عمر بن دينار أنه سمع معبدا مولى بن عباس يحدث عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تحج امرأة إلا ومعها محرم فقال رجل يا نبي الله إني اكتتبت في غزوة كذا وامرأتي حاجة قال ارجع فحج معها انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن حجاج عن بن جريج به ولفظه قال لا تحجن امرأة إلا ومعها ذومحرم وأما حديث أبي أمامة فأخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن أبي معشر عن سالم بن أبي الجعد عن أبي أمامة مرفوعا لا تسافر امرأة سفر ثلاثة أيام أو تحج إلا ومعها زوجها انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا عمر بن حفص السدوسي ثنا أبو بلال الاشعري ثنا المفضل بن صدقة أبو حماد الحنفي عن أبان بن أبي عياش عن أبي معشر التميمي مولى زياد عن أبي أمامة الباهلي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرأة مسلمة أن تحج إلا مع زوج أو ذو محرم مختصر وأخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر امرأة ثلاثا إلا ومعها ذو محرم انتهى وفي لفظ لهما فوق ثلاث وفي لفظ للبخاري ثلاثة أيام وأخرجا عن قزعة عن أبي سعيد الخدري مرفوعا لا تسافر المرأة يومين إلا ومعها زوجها أو ذو محرم منها وفي لفظ لمسلم ثلاثا وفي لفظ له فوق ثلاث وفي لفظ له ثلاث
[ 82 ]
أيام فصاعدا وأخرجا عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر مسيرة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها وفي لفظ لمسلم مسيرة ليلة وفي لفظ يوم وفي لفظ لابي داود بريدا وهو عند بن حبان في صحيحه في النوع الحادي والسبعين من القسم الثاني والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وللطبراني في معجمه ثلاثة أميال فقيل له إن الناس يقولون ثلاثة أميال قال وهموا وفي بعض هذا الالفاظ ما هو حجة على المذهب في التوقيت بأقل من ثلاثة أيام وأبلغ من ذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي معبد عن بن عباس مرفوعا لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم لم يوقت فيه شيئا واسم السفر ينطلق على ما دون ذلك قال المنذري في حواشيه ليس في هذه الروايات تباين ولا اختلاف فإنه يحتمل أنه عليه السلام قالها في مواطن مختلفة بحسب الاسئلة ويحتمل أن يكون ذلك كله تمثيلا لاقل الاعداد واليوم الواحد أول العدد وأقله والاثنان أول الكثير وأقله والثلاث أول الجمع فكأنه أشار أن مثل هذا في قلة الزمن لا يحل لها فيه السفر مع غير محرم فكيف بما زاد وقد ورد ثلاثة أيام فصاعدا رواه مسلم عن الخدري انتهى وذكر المصنف حديث لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع زوج أوذو محرم في الكراهية
[ 83 ]
فصل في المواقيت الحديث السادس وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل المدينة ذا الحليفة ولاهل العراق ذات عرق ولاهل الشام الجحفة ولاهل نجد قرن ولاهل اليمن يلملم قلت أخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لاهل المدينة ذا الحليفة ولاهل الشام الجحفة ولاهل نجد قرن المنازل ولاهل اليمن يلملم هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن أراد الحج والعمرة ومن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة انتهى وأخرجا عن سالم عن بن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يهل أهل المدينة من ذي الحليفة وأهل الشام من الجحفة وأهل نجد من قرن قال عبد الله وبلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويهل أهل اليمن من يلملم وفي لفظ قال عبد الله وزعموا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولم اسمع ذلك منه ومهل أهل اليمن يلملم وفي لفظ للبخاري قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل نجد من قرن ولاهل المدينة ذا الحليفة ولاهل الشام الجحفة انتهى ما جاء في ذات عرق اخرج مسلم في صحيحه عن أبي الزبير عن جابر قال سمعت أحسبه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مهل أهل المدينة من ذي الحليفة والطريق الآخر الجحفة ومهل أهل العراق من ذات عرق ومهل أهل نجد من قرن
[ 84 ]
ومهل أهل اليمن من يلملم انتهى وهذا شك الراوي في رفعه لكن أخرجه ابن ماجة في سننه عن إبراهيم بن يزيد الخوزي عن أبي الزبير عن جابر قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ومهل أهل الشام من الجحفة ومهل أهل اليمن من يلملم ومهل أهل نجد من قرن ومهل أهل المشرق من ذات عرق ثم اقبل بوجهه للافق فقال اللهم اقبل بقلوبهم انتهى وهذه الرواية ليس فيها شك من الراوي الا ان إبراهيم بن يزيد الخوزي لا يحتج بحديثه وقد تقدم الكلام فيه من حديث الزاد والراحلة وأخرجه الدارقطني في سننه وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم عن حجاج عن عطاء عن جابر وحجاج أيضا لا يحتج به حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي في سننهما عن افلح بن حميد عن القاسم عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لاهل العراق ذات عرق انتهى لابي داود وزاد فيه النسائي بقية المواقيت وروى بن عدي في الكامل ثم اسند عن أحمد بن حنبل انه كان ينكر على افلح بن حميد هذا الحديث بسم الله الرحمن الرحيم حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي أيضا عن زرارة بن كريم بن الحارث بن عمرو قال سمعت أبي يذكر انه سمع جده الحارث بن عمرو السهمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات وقد طاف به الناس قال فتجئ الاعراب فإذا رأوا وجهه قالوا هذا وجه مبارك قال ووقت ذات عرق لاهل العراق انتهى ورواه البيهقي وقال في إسناده من هو غير معروف ورواه الدارقطني في سننه
[ 85 ]
حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عبد الرزاق قال سمعت مالكا يقول وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل العراق ذات عرق فقلت له من حدثك بهذا قال حدثني به نافع عن بن عمر انتهى قال الدارقطني في علله روى عبد الرزاق عن مالك عن نافع عن بن عمر ان النبي عليه السلام وقت لاهل العراق ذات عرق ولم يتابع عبد الرزاق على ذلك وخالفه أصحاب مالك فرووه عنه ولم يذكروا فيه ميقات أهل العراق وكذلك رواه أيوب السختياني وابن عوف وابن جريج وأسامة بن زيد وعبد العزيز بن أبي رواد عن نافع وكذلك رواه سالم عن بن عمرو بن دينار عن بن عمر انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن وكيع عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن بن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل المشرق العقيق انتهى ورواه البيهقي في المعرفة وقال تفرد به يزيد بن أبي زياد والعقيق أقرب إلى العراق من ذات عرق بيسير وكان أنس بن مالك يحرم من العقيق قاله بن المنذر انتهى قال بن القطان في كتابه هذا حديث أخاف ان يكون منقطعا فان محمد بن علي بن عبد الله بن عباس انما عهد يروي عن أبيه عن جده بن عباس كما جاء ذلك في صحيح مسلم في صلاته عليه السلام من الليل وقال مسلم في كتاب التمييز لا نعلم له سماعا من جده ولا انه لقيه ولم يذكر البخاري ولا بن أبي حاتم انه يروي عن جده وذكر انه يروي عن أبيه انتهى حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل المشرق ذات عرق انتهى ورواه الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم أخبرني بن جريج أخبرني عطاء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره مرسلا بتمامه وفيه لاهل المشرق ذات عرق قال بن جريج فقلت لعطاء
[ 86 ]
انهم يزعمون ان النبي عليه السلام لم يوقت ذات عرق وانه لم يكن أهل مشرق يومئذ فقال كذلك سمعنا انه عليه السلام وقت لاهل المشرق ذات عرق انتهى ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة قال الشافعي أخبرنا مسلم بن خالد عن بن جريج عن بن طاوس عن أبيه طاوس قال لم يوقت النبي صلى الله عليه وسلم ذات عرق ولم يكن أهل مشرق حينئذ فوقت الناس ذات عرق قال الشافعي ولا أحسبه الا كما قال طاوس انتهى حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده والدار قطني في سننه أخبرنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لاهل المدينة ذا الحليفة ولاهل الشام الجحفة ولاهل نجد قرنا ولاهل اليمن يلملم ولاهل العراق ذات عرق انتهى والحجاج غير محتج به حديث آخر رواه بن راهويه أيضا أخبرنا يزيد بن هارون أنبأ الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا بنحوه والظاهر ان هذا الاضطراب من الحجاج فان من دونه ومن فوقه ثقات حديث آخر موقوف أخرجه البخاري في صحيحه قال باب ذات عرق لاهل العراق ثم اسند عن نافع عن بن عمر قال لما فتح هذان المصران اتوا عمر فقالوا يا أمير المؤمنين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لاهل نجد قرن وهي جور عن طريقنا وانا إذا اردنا قرن شق علينا قال انظروا حذوها من طريقكم فحد لهم ذات عرق انتهى قال البيهقي في المعرفة ويشبه ان يكون عمر لم يبلغه توقيت النبي عليه السلام ذات عرق ان كانت الاحاديث بذلك ثابتة فوافق تحديده توقيت النبي عليه السلام انتهى قال الشيح تقي الدين في الامام المصران هما البصرة والكوفة وحذوها أي ما يقرب منها قال وهذا الحديث يدل على ان ذات عرق مجتهد فيها لا منصوصة انتهى الحديث السابع قال عليه السلام لا يتجاوز أحد الميقات الا محرما قلت
[ 87 ]
رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير عن بن عباس ان النبي عليه السلام قال لا تجاوزوا الوقت الا بإحرام انتهى وكذلك رواه الطبراني في معجمه وروى الشافعي في مسنده أخبرنا بن عيينة عن عمرو عن أبي الشعثاء انه رأى بن عباس يرد من جاوز الميقات غير محرم انتهى ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن بن عباس فذكره حدثنا بن علية عن أيوب عن عمرو بن دينار عن جابر نحوه وكان جابر هذا هو أبو الشعثاء وروى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا فضيل بن عياض عن ليث بن أبي سليم عن عطاء عن بن عباس قال إذا جاوز الوقت فلم يحرم حتى دخل مكة رجع إلى الوقت فأحرم فإن خشي ان رجع إلى الوقت فإنه يحرم ويهريق لذلك دما انتهى حديث يشكل على المذهب أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن بن شهاب عن أنس ان النبي عليه السلام دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاءه رجل فقال يا رسول الله بن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال عليه السلام اقتلوه انتهى زاد البخاري قال مالك ولم يكن النبي عليه السلام يومئذ فيما نرى والله اعلم محرما انتهى والذي وجدته في الموطأ قال مالك قال بن شهاب ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرما انتهى وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر ان
[ 88 ]
النبي عليه السلام دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير احرام انتهى وبوب له باب دخو مكة بغير احرام انتهى وكذلك في الموطأ قوله روى عن علي وابن مسعود في قوله تعالى واتموا الحج والعمرة لله قال واتمامهما ان يحرم بهما من دويرة أهله قلت حديث على رواه الحاكم في المستدرك في التفسير من حديث آدم بن أبي إياس ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة المرادي قال سئل علي عن قول الله عزوجل واتموا الحج والعمرة لله فقال ان تحرم من دويرة أهلك انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال وروى من حديث أبي هريرة مرفوعا وفيه نظر انتهى كلامه وحديث بن مسعود غريب الحديث الثامن والتاسع روى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر اصحابه ان يحرموا بالحج من جوف مكة وامر أخا عائشة ان يعمرها من التنعيم قلت الاول أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أحللنا ان نحرم إذا توجهنا إلى منى قال فأهللنا من الابطح انتهى وذكره البخاري تعليقا فقال وقال أبو الزبير عن جابر اهللنا من البطحاء انتهى واخرج مسلم عن أبي سعيد فلما قدمنا مكة أمرنا ان
[ 89 ]
نجعلها عمرة الامن ساق الهدي فلما كان يوم التروية ورحلنا إلى منى اهللنا بالحج واما الثاني فأخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافقين هلال ذي الحجة فلما كان بذي الحليفة إلى ان قالت فلما كان ليلة الصدر أمر يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن فذهب بها إلى التنعيم فأهلت بعمرة مكان عمرتها فطافت بالبيت فقضى الله عمرتها وحجها مختصر وفي لفظ للبخاري قالت يا رسول الله اعتمرتم ولم اعتمر فقال يا عبد الرحمن اذهب باختك فاعمرها من التنعيم فأحقبها على ناقته فاعتمرت انتهى واخرج أبو داود في المراسيل عن بن سيرين قال وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لاهل مكة التنعيم قال قال سفيان هذا الحديث لا يكاد يعرف يعني حديث التنعيم واخرج أيضا عن عكرمة ان النبي صلى الله عليه وسلم غير ثوبيه بالتنعيم وهو محرم انتهى باب الاحرام الحديث الاول روى انه عليه السلام اغتسل لاحرامه قلت أخرجه الترمذي عن عبد الله بن يعقوب المدني عن بن أبي الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد ين ثابت عن أبيه زيد بن ثابت انه رأى النبي عليه السلام تجرد لاهلاله واغتسل انتهى وقال
[ 90 ]
حديث حسن غريب وأخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه عن محمد بن موسى بن مسكين أبي غزية المديني القاضي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه به ولفظهما اغتسل لاحرامه ورواه العقيلي بسند الدارقطني واعله بأبي غزية قال عنده مناكير ولا يتابع عليه الا من طريق فيها ضعف انتهى قال بن القطان في كتابه وانما حسنه الترمذي ولم يصححه للاختلاف في عبد الرحمن بن أبي الزناد والراوي عنه عبد الله بن يعقوب المدني اجهدت نفسي في معرفته فلم أجد أحدا ذكره انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عيسى بن محمد السمسار الواسطي ثنا محمد بن عمرويه الهروي ثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي ثنا خالد بن الياس عن صالح بن أبي حسان عن عبد الملك بن مروان عن عائشة ان النبي عليه السلام كان إذا خرج إلى مكة اغتسل حين يريد ان يحرم انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن أبيه عن بن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه فلما اتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى به على البيداء احرم بالحج انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه يعقوب بن عطاء ممن جمع أئمة الاسلام حديثه انتهى أحاديث الباب اخرج مسلم في صحيحه عن القاسم عن عائشة قال نفست
[ 91 ]
أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان تغتسل وتهل انتهى وفي حديث جابر الطويل أيضا فخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة وأخرجه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر في حديث أسماء بنت عميس حين نفست بذي الحليفة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر فأمرها ان تغتسل وتهل انتهى حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا سهل بن يوسف عن حميد عن بكر بن عبد الله المزني عن بن عمر قال من السنة ان يغتسل إذا أراد ان يحرم انتهى رواه البزار في مسنده والدارقطني في سننه والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى الحديث الثاني روانه عليه السلام اتزر وارتدى عند احرامه قلت أخرجه البخاري في صحيحه عن كريب عن بن عباس قال انطلق النبي عليه السلام من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شئ من الاردية والازر تلبس الا المزعفرة التي تردع على الجلد فأصبح بذي الحليفة ركب راحلته حتى استوى على البيداء أهل هو وأصحابه وقلد بدنه وذلك لخمس بقين من ذي القعدة وقدم مكة لاربع ليال خلون من ذي الحجة فطاف بالبيت الحديث الثالث عن عائشة قالت كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان
[ 92 ]
يحرم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن الاسود عن عائشة انها قالت كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم وفي لفظ لهما كأني انظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم وفي لفظ لمسلم كأني انظر إلى وبيص المسك في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلبي وفي لفظ لهما قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد ان يحرم يتطيب باطيب ما يجد ثم أرى وبيص الطيب في رأسه ولحيته بعد ذلك انتهى وأخرجا عن محمد بن المنتشر قال سألت عبد الله بن عمر عن رجل يتطيب ثم يصبح محرما فقال ما احب ان أصبح محرما انضح طيبا لان اطلى بقطران احب إلى من ان افعل ذلك فدخلت على عائشة واخبرتها بقوله فقالت انا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف في نسائه ثم أصبح محرما وفي لفظ لهما قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضح طيبا انتهى
[ 93 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن عائشة بنت طلحة ان عائشة أم المؤمنين حدثتها قالت كنا نخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الاحرام فإذا عرقت احدانا سأل على وجهها فيراه النبي عليه السلام فلا ينهانا انتهى أحاديث الخصوم اخرج البخاري ومسلم عن يعلى بن أمية قال اتى النبي عليه السلام رجل متضمخ بطيب وعليه جبة فقال يا رسول الله كيف ترى في رجل احرم بعمرة في جبة بعد ما تضمخ بطيب فقال له النبي عليه السلام اما الطيب الذي بك فاغسله ثلاث مرات واما الجبة فانزعها ثم اصنع في عمرتك ما تصنع في حجك زاد البخاري في لفظ معلق وقال بن جريج قلت لعطاء أراد الانقاء حين امره ان يغسله ثلاث مرات قال نعم وفي لفظ لهما وهو متضمخ بالخلوق فقال له اغسل عنك اثر الخلوق وفي لفظ لمسلم وهو مصفر لحيته وراسه فقال له اغسل عنك الصفرة وفي لفظ للبخاري اغسل عنك اثر الخلوق واثر الصفرة قال المنذري في مختصره بعد ذكره حديث أبي داود المتقدم فيه دليل على ان للمحرم ان يتطيب قبل احرامه بطيب يبقى اثره بعد الاحرام ولا يضره بقاؤه وعليه أكثر الصحابة رضي الله عنهم واستدل من منعه بقوله عليه السلام اغسل عنك اثر الخلوق وحمل على انه كان من زعفران يدل عليه رواية مسلم وهو مصفر لحيته ورأسه وقد نهى الرجل عن التزعفر وقيل انه من خواصه عليه السلام وفيه نظر فقد رأى بن عباس محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية وقال مسلم بن صبح رأيت بن الزبير وهو محرم وفي رأسه ولحيته من الطيب ما لو كان لرجل أعد منه رأس مال انتهى قلت رواية الزعفران عند أحمد في مسنده روى حديث يعلى بن أمية وقال فيه ثم دعاه عليه السلام فقال له اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك هذا الزعفران ثم
[ 94 ]
اصنع في عمرتك كما تصنع في حجك الحديث حديث النهي عن التزعفر أخرجه البخاري ومسلم في اللباس عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ان النبي عليه السلام نهى عن التزعفر انتهى وفي لفظ لمسلم نهى ان يتزعفر الرجل ويشكل عليه حديث رواه أبو داود في سننه حدثنا عبد الرحيم بن مطرف ثنا عمرو بن محمد العنقزي ثنا بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر ان النبي عليه السلام كان يلبس النعال السبتية ويصفر لحيته بالورس والزعفران انتهى وصححه بن القطان في كتابه وقال عمرو بن محمد العنقزي ثقة وعبد الرحيم أبو سفيان الرواسي أيضا ثقة انتهى وقال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ واستدل الطحاوي بحديث عائشة كنت اطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضح طيبا على وجوب غسل الطيب قبل الاحرام لان قوله فيطوف على نسائه مشعر بأنه اغتسل ثم رده الحازمي بأنه ليس فيه انه اصابهن وكان عليه السلام كثيرا ما يطوف على نسائه من غير إصابة كما في حديث عائشة قل يوم الا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف علينا فيقبل ويلمس دون الوقاع فإذا جاء إلى التي هي يومها يبيت عندها قال ولو ثبت انه اغتسل فحديث عائشة كأني انظر إلى وبيص الطيب في مفرقه وهو محرم يدل على بقاء عينه بعد الاحرام أو يقول انها طيبته مرة ثانية بعد الغسل لان وبيص الشئ بريقه ولمعانه ثم نقل عن الشافعي انه قال أمر النبي عليه السلام الاعرابي بغسل الطيب منسوخ لانه كان في عام الجعرانة وهو سنة ثمان وحديث عائشة انها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم لاحرامه قبل ان يحرم هو ناسخه لانه كان في حجة الوداع وهي سنة عشر قال الحازمي وما رواه مالك عن نافع عن اسلم مولى عمر أن عمر وجد ريح طيب من معاوية وهو محرم فقال له عمر ارجع فاغسله فان عمر لم يبلغه حديث عائشة ولو بلغه لرجع إليه وإذا لم يبلغه فسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق ان تتبع انتهى كلامه وحديث معاوية هذا رواه البزار في مسنده وزاد فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحاج الشعث التفل انتهى
[ 95 ]
الحديث الرابع روى جابر ان النبي عليه السلام صلى بذي الحليفة بركعتين عند احرامه قلت غريب عن جابر والذي في حديث جابر الطويل انه صلى في مسجد ذي الحليفة ولم يذكر عددا ولكن اخرج مسلم في باب التلبية عن سالم عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركع بذي الحليفة ركعتين ثم إذا استوت به الناقة قائمة عند مسجد ذي الحليفة أهل بهؤلاء الكلمات الحديث واخرج أبو داود في باب وقت الاحرام عن بن إسحاق عن خصيف بن عبد الرحمن الجزري عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتين أوجب في مجلسه فاهل بالحج حين فرغ من ركعتيه مختصر وسيأتي بتمامه في الحديث الذي بعد هذا ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم انتهى وابن إسحاق وخصيف فيهما مقال وأخرجه الدارقطني في سننه عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن بن عباس قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه فلما اتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره فلما استوى على البيداء احرم بالحج انتهى ويعقوب بن عطاء ضعفه أحمد ويحيى بن معين قاله الشيخ في الامام الحديث الخامس روى انه عليه السلام لبى في دبر صلاته يعني ركعتي
[ 96 ]
الاحرام قلت أخرجه الترمذي والنسائي عن عبد السلام بن حرب ثنا خصيف عن سعيد بن جبير عن بن عباس ان النبي عليه السلام أهل في دبر الصلاة انتهى وقال حديث حسن غريب لا نعرف أحدا رواه غير عبد السلام بن حرب انتهى قال في الامام وعبد السلام بن حرب اخرج له الشيخان في صحيحيهما وخصيف بن عبد الرحمن الجزري ضعفه بعضهم انتهى قوله ولو لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ولكن الاول أفضل لما روينا قلت يشير إلى الحديث المذكور ولكن أحاديث انه لبى بعد ما استوت به راحلته واضح فاخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر ان النبي عليه السلام أهل حين استوت به راحلته قائمة وفي لفظ لهما عن سالم عنه قال ما أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا من عند المسجد يعني ذا الحليفة مختصر وفي لفظ لمسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع رجله في الغرز وانبعثت به راحلته قائمة أهل من ذي الحليفة انتهى وفي لفظ لمسلم عن عبيد بن جريج عن بن عمر قال لم ار رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به راحلته مختصر وأخرجه البخاري عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك قال صلى النبي عليه السلام بالمدينة أربعا وبذي الحليفة ركعتين ثم بات حتى أصبح فلما ركب راحلته واستوت به أهل انتهى واخرج أيضا عن عطاء عن جابر ان اهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذي الحليفة حين استوت به راحلته انتهى واخرج مسلم عن بن عباس وفيه ثم ركب راحلته فلما استوت به على البيداء أهل بالحج مختصر وفي سنن أبي داود ما يجمع بين هذه الاحاديث وحديث أهل في دبر صلاته أخرجه عن بن إسحاق عن خصيف عن سعيد بن جبير قال قلت لعبد الله بن عباس عجبت لاختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في إهلاله حين أوجب فقال إني لاعلم الناس بذلك إنها إنما كانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة واحدة فمن هناك اختلفوا خرج رسول
[ 97 ]
الله صلى الله عليه وسلم حاجا فلما صلى في مسجده بذي الحليفة ركعتيه أوجب في مجلسه فأهل بالحج حين فرغ من ركعتيه فسمع ذلك منه أقوام فحفظته عنه ثم ركب فلما استقلت به ناقته أهل وأدرك ذلك أقوام وذلك أن الناس إنما كانوا يأتون أرسالا فسمعوه حين استقلت به ناقته يهل فقالوا إنما أهل حين استقلت به ناقته ثم مضى عليه السلام فلما علا شرف البيداء أهل وأدرك ذلك أقوام فقالوا إنما أهل حين علا على شرف البيداء وأيم الله لقد أوجب في مصلاه واهل حين استقلت به ناقته واهل حين علا على شرف البيداء فمن اخذ بقول ابن عباس فرغ من ركعتيه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وابن إسحاق فيه مقال وكذلك خصيف قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان فقيها صالحا إلا أنه كان يخطئ كثيرا والانصاف فيه قبول ما وافق فيه الاثبات وترك ما لم يتابع عليه وأنا أستخير الله في إدخاله في الثقات وكذلك احتج به جماعة من أئمتنا وتركه آخرون انتهى قوله وهو إجابة لدعاء الخليل عليه السلام على ما هو المعروف في القصة يعني في التليبة قلت فيه آثار عن الصحابة والتابعين فمنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك في فضائل إبراهيم عليه السلام عن جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما بنى إبراهيم البيت أوحى الله إليه أن أذن في الناس بالحج قال فقال إبراهيم ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه فاستجاب له ما سمعه من حجر أو شجر أو مدر أو غير ذلك لبيك اللهم لبيك انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وفيه نظر نقل عن بن معين أنه قال حديث عطاء بن السائب ضعيف إلا ما كان من رواية سفيان وشعبة وحماد بن سلمة إلا حديثين سمعهما شعبة بآخره والله أعلم وأخرجه أيضا عن جرير عن قابوس عن أبيه عن
[ 98 ]
بن عباس قال لما فرغ إبراهيم عليه السلام من بناء البيت قال رب قد فرغت فقال أذن في الناس بالحج قال رب ما يبلغ صوتي قال أذن وعلي البلاغ قال رب كيف أقول قال قل يا أيها الناس كتب عليكم الحج حج البيت العتيق فسمعه من بين السماء والارض ألا ترون أنهم يجيئون من أقصى الارض يلبون انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه طريق آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل حدثنا حماد بن سلمة ثنا أبو عاصم عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس أتدري كيف كانت التلبية إن إبراهيم أمر أن يؤذن الناس بالحج فرفعت له القرى وخفضت الجبال رؤوسها فأذن في الناس بالحج وقال يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابوه مختصر وفيه قصة آخر رواه أبو الوليد محمد بن عبد الله الازرقي في تاريخ مكة حدثني محمد بن يحيى عن محمد بن عمر الواقدي عن بن أبي سبرة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عمر بن الحكم عن أبي سعيد الخدري قال قال عبد الله بن سلام لما أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس قام على المقام فارتفع المقام حتى أشرف على ما تحته وقال يا أيها الناس أجيبوا ربكم فأجابه الناس فقالوا لبيك اللهم لبيك انتهى وروى أيضا حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الازرقي عن مسلم بن خالد الزنجي عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال قام إبراهيم عليه السلام على هذا المقام فقال يا أيها الناس أجيبوا ربكم فقالوا لبيك اللهم لبيك قال فمن حج اليوم فهو ممن أجاب إبراهيم يومئذ انتهى قوله ولا ينبغي أن يخل بشئ من هذه الكلمات لانه المنقول باتفاق الرواة فلا ينقص عنه قلت فيه نظر إذ ليس ما ذكره من التلبية منقولا باتفاق الرواة فقد روى حديث التلبية عائشة وعبد الله بن مسعود وليس فيه والملك لك لا شريك لك فحديث عائشة أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي عطية عن عائشة قالت إني لاعلم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك
[ 99 ]
لبيك إن الحمد والنعمة لك انتهى ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه للشيخين فان مسلما لم يخرج حديث عائشة أصلا وحديث بن مسعود أخرجه النسائي في سننه عن حماد بن زيد عن أبان بن تغلب عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله قال كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك انتهى وكذلك رواه الطحاوي في شرح الآثار وهي موجودة في حديث بن عمر أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن نافع عنه قال كانت تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك قال وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل انتهى وموجودة في حديث جابر أيضا أخرجه أبو داود وابن ماجة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بمثل حديث بن عمر خلا الزيادة رضي الله تعالى عنه قوله روى أن أجلاء الصحابة كابن مسعود وابن عمر وأبي هريرة رضى الله عنهم زادوا على المأثور يعنى في التلبية قلت حديث بن عمر رواه الائمة الستة في كتبهم عن نافع عن بن عمر أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك قال وكان عبد الله بن عمر يزيد في تلبيته لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل انتهى وأخرج مسلم هذه الزيادة من قول عمر أيضا ولفظه عن بن عمر قال وكان عمر بن الخطاب رضى اله عنه يهل بإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هؤلاء الكلمات ويقول لبيك اللهم لبيك لبيك وسعديك والخير في يديك لبيك والرغباء إليك والعمل مختصر وقوله من هؤلاء الكلمات يريد تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية بن عمر وجهل
[ 100 ]
من قال يعنى المذكور في حديث عائشة لان مسلما لم يخرج حديث عائشة أصلا ولا خرج في التلبية غير حديث بن عمر ثم ذكر هذا عقيبه والله أعلم وحديث بن مسعود رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وهب بن جرير بن حازم قال سمعت أبي يحدث عن أبي إسحاق المهراني عن عبد الرحمن بن يزيد قال حججنا في إمارة عثمان بن عفان مع عبد الله بن مسعود فذكر حديثا فيه طول وفي آخره وزاد بن مسعود في تلبيته فقال لبيك عدد التراب وما سمعته قبل ذلك ولا بعد انتهى وكذلك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده وحديث أبي هريرة غريب عنه لكنه روى زيادة مرفوعة في حديث أخرجه النسائي وابن ماجة عن الاعرج عن أبي هريرة قال كان من تلبية النبي عليه السلام لبيك إله الحق لبيك انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني عشر من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى أحاديث الباب أخرج أبو داود عن يحيى بن سعيد ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر التلبية بمثل حديث بن عمر وزاد قال والناس يزيدون لبيك ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي عليه السلام يسمع فلا يقول لهم شيئا انتهى وأخرجه بن ماجة عن سفيان عن جعفر به بدون الزيادة ولم ينصف المنذري إذ قال عقيبه وأخرجه بن ماجة لانه يوهم أنه أخرجه بالزيادة ومن هنا يظهر أنه كان يقلد أصحاب الاطراف والله أعلم حديث آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة الحسن بن علي أخبرنا عبيدالله بن موسى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم بن أبي مسلم قال سمعت الحسن بن علي يزيد في التلبية لبيك ذا النعماء والفضل الحسن انتهى حديث آخر روى الشافعي ثنا سعيد عن بن جريج قال أخبرني حميد الاعرج عن مجاهد أنه قال كان النبي عليه السلام يظهر من التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك قال حتى إذا
[ 101 ]
كان ذات يوم والناس يصرفون عنه كأنه أعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك إن العيش عيش الآخرة قال بن جريج وحسبت أن ذاك يوم عرفة انتهى وهو مرسل من الامام . صلى الله عليه وسلم الحديث السادس روى أن أبا قتادة أصاب حمار وحش وهو حلال وأصحابه محرمون فقال النبي عليه السلام لاصحابه هل أشرتم هل دللتم هل أعنتم فقالوا لا قال إذا فكلوا قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن أبي قتادة أنهم كانوا في مسير لهم بعضهم محرم وبعضهم ليس بمحرم قال فرأيت حمار وحش فركبت فرسي وأخذت الرمح فاستعنتهم فأبوا أن يعيننوني فاختلست سوطا من بعضهم وشددت على الحمار فأصبته فاكلوا منه فأشفقوا قال فسئل عن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال أمنكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها قالوا لاقال فكلوا ما بقى من لحمها انتهى وفي لفظ لمسلم والنسائي هل أشرتم هل أعنتم ؟ قالوا لاقال فكلوا وتنظر بقية الاربعة . الحديث السابع روى أنه عليه السلام نهى أن يلبس المحرم هذه الاشياء يعنى
[ 102 ]
القميص والسراويل والعمامة والقلنسوة والخفين إلا أن لا يجد نعلين فليقطعهما أسفل من الكعبين قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن بن عمر قال رجل يا رسول الله ما تأمرنا أن نلبس من الثياب في الاحرام قال لا تلبسوا القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الاخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فليلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه زعفران ولا ورس انتهى زادوا إلا مسلما وابن ماجة ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفازين قال في الامام قال الحاكم النيسابوري قال أبو علي الحافظ ولا تنتقب المرأة من قول بن عمر وأدرج في الحديث قال الشيخ وهذا يحتاج إلى دليل فإنه خلاف الظاهر وكأنه نظر إلى الاختلاف في رفعه ووقفه فإن بعضهم رواه موقوفا وهذا غير قادح فإنه يمكن أن يفتى الراوي بما يرويه ومع ذلك فهنا قرينة مخالفة لذلك دالة على عكسه وهي وجهان أحدهما أنه ورد إفراد النهى عن النقاب من رواية نافع عن بن عمر مجردا عن الاشتراك مع غيره أخرجه أبو داود عن نافع عن بن عمر عن النبي عليه السلام قال المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين انتهى الثاني أنه جاء النهى عن النقاب والقفازين مبدأ بهما في صدر الحديث وهذا أيضا يمنع الادارج أخرجه أبو داود أيضا بالاسناد المذكور أن النبي عليه السلام نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب ومساس الورس والزعفران من الثياب وتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو سراويل أو حليا أو قميصا قال المنذري ورجاله
[ 103 ]
رجال الصحيحين ما خلا بن إسحاق والله أعلم انتهى وسنده حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق إلى آخر الحديث الثامن قال عليه السلام إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها قلت أخرجه البيهقي في سننه وينظر وأخرجه الدارقطني في سننه عن هشام بن حسان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها انتهى والمصنف احتج به هنا للشافعي أن المحرم له أن يغطي وجهه وأعاده قبيل القران أن المراة تغطي رأسها أحاديث الباب أخرج الدارقطني عن علي بن عاصم عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس عن النبي عليه السلام في المحرم يموت قال خمروهم ولا تشبهوا باليهود انتهى قال بن القطان في كتابه وعلته علي بن عاصم كان كثير الغلط وهو عندهم ضعيف قال لكنه جاء بأعم من هذا اللفظ وأصح من هذه الطريق أخرجه الدارقطني عن عبد الرحمن بن صالح الازدي ثنا حفص بن غياث عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمروا وجوه موتاكم ولا تشبهوا باليهود انتهى وعبد الرحمن الازدي صدوق قاله أبو حاتم وبقية الاسناد لا يسأل عنه انتهى كلامه واستدل صاحب التنقيح لاحمد والشافعي بما رواه الشافعي من حديث إبراهيم بن حرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي وقص خمروا وجهه ولا تخمروا رأسه قال وإبراهيم هذا وثقه أحمد ويحيى وأبو حاتم وأخرج الدارقطني في العلل عن بن أبي ذئب عن الزهري عن أبان بن عثمان عن عثمان بن عفان أن النبي عليه السلام كان يخمر وجهه وهو محرم انتهى قال والصواب موقوف وروى مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال أخبرني الفرافصة بن عمير الحنفي أنه رأى عثمان بن عفان بالعرج يغطي
[ 104 ]
وجهه وهو محرم ورواه الدارقطني ثم البيهقي من حديث عبد الله بن عامر بن ربيعة أنه رأى عثمان رضي الله عنه بالعرج مخمرا وجهه بقطيفة أرجوان في ثوب صائف وهو محرم انتهى الحديث التاسع قال عليه السلام في محرم توفي لا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا قلت أخرجه مسلم والنسائي وابن ماجة عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رجلا أو قصته راحلته وهو محرم فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه طيبا ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا انتهى ورواه الباقون لم يذكروا فيه الوجه قال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتاب علوم الحديث وذكر الوجه في هذا الحديث تصحيف من الرواة لاجماع الثقات الاثبات من أصحاب عمرو بن دينار على روايته ولا تغطوا رأسه وهو المحفوظ انتهى والمرجع في ذلك إلى مسلم لا إلى الحاكم فإن الحاكم كثير الاوهام وأيضا فالتصحيف إنما يكون في الحروف المتشابهة وأي مشابهة بين الوجه والرأس في الحروف هذا على تقدير أن لا يذكر في الحديث غير الوجه فكيف ! وقد جمع بينهما أعني الرأس والوجه والروايتان عند مسلم ففي لفظ اقتصر على الوجه فقال ولا تخمروا وجهه وفي لفظ جمع بين الوجه والرأس فقال ولا تخمروا رأسه ولا وجهه وفي لفظ اقتصر على الرأس وفي لفظ قال فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسلوه بماء وسدر وأن يكشفوا وجهه حسبته قال ورأسه فإنه يبعث وهو يهل انتهى ومثل هذا بعيد من التصحيف الحديث العاشر قال عليه السلام الحاج الشعث التفل قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة عن إبراهيم بن يزيد عن محمد بن عباد بن جعفر عن بن عمر
[ 105 ]
قال قام رجل فقال يا رسول الله من الحاج قال الشعث التفل وسيأتي بتمامه والكلام عليه في حديث أفضل الحج العج والثج قريبا إن شاء الله تعالى الحديث الحادي عشر قال عليه السلام لا يلبس المحرم ثوبا مسه زعفران ولا ورس قلت تقدم حديث بن عمر في الحديث السابع أن النبي عليه السلام قال لا تلبس القميص ولا السراويلات ولا العمائم ولا البرانس ولا الخفاف إلا أن يكون أحد ليس له نعلان فيلبس الخفين وليقطع أسفل من الكعبين ولا تلبسوا شيئا مسه الزعفران ولا ورس ورواه الطحاوي رحمه الله في شرح الآثار حدثنا فهد ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ثنا أبو معاوية (ح) وحدثنا بن أبي عمران ثنا عبد الرحمن بن صالح الازدي حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا ثوبا مسه ورس أو زعفران إلا أن يكون غسيلا يعني في الاحرام قال بن أبي عمران ورأيت يحيى بن معين وهو يتعجب من الحماني أن يحدث بهذا الحديث فقال له عبد الرحمن هذا عندي ثم وثب من فوره فجاء بأصله فخرج منه هذا الحديث عن أبي معاوية كما ذكره يحيى الحماني فكتبه عنه يحيى بن معين قال وقد روى ذلك عن جماعة من المتقدمين ثم أخرج عن سعيد بن المسيب وطاوس وإبراهيم النخعي قالوا في الثوب يكون فيه ورس أو زعفران فغسل إنه لم ير به بأسا أن يحرم فيه انتهى وأخرج البزار في مسنده عن عطاء نحوه وفي
[ 106 ]
هذا المعنى أحاديث منها حديث أخرجه البخاري عن كريب عن بن عباس قال انطلق النبي عليه السلام بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شئ من الاردية والازر يلبس إلا المزعفرة التي تردع على الجلد الحديث وقد تقدم وفيه دليل على اشتراط الردع وهو البل قال بن دريد الردع ما يبل القدم من مطر أو غيره فحينئذ يخرج الغسل من ذلك حديث آخر أخرجه إسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم حدثنا يزيد بن هارون ثنا الحجاج عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس عن النبي عليه السلام قال لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل فليس له نفض ولا ردع انتهى أحاديث الخصوم في المعصفر روى أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن حنبل ثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق حدثني نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما شاءت من ألوان الثياب معصفرا أو خزا أو حليا أو سراويل أو قميصا أو خفا انتهى قال أبو داود وقد رواه عن بن إسحاق عبدة بن سليمان ومحمد بن سلمة إلى قوله ولتلبس بعد ذلك لم يذكرا ما بعده انتهى واستدل الشيخ في الامام كذلك بحديث كريب عن بن عباس قال انطلق النبي عليه السلام من المدينة بعد ما ترجل وادهن ولبس إزاره ورداءه هو وأصحابه فلم ينه عن شئ من الاردية والازر فلبس المزعفرة التي يردع على الجلد رواه البخاري وروى مالك في الموطأ عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها كانت تلبس المعصفرات وهي محرمة ومن أحاديث الاصحاب ما رواه مالك في الموطأ عن نافع أنه سمع أسلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر أن عمربن الخطاب رأى على طلحة بن
[ 107 ]
عبيد الله ثوبا مصبوغا وهو محرم فقال عمر بن الخطاب ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة فقال طلحة يا أمير المؤمنين إنما هو مدد فقال عمر إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي الناس بكم فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال إن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الاحرام فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذا الثياب المصبغة انتهى قوله روى أن عمر اغتسل وهو محرم قلت رواه مالك في الموطأ عن حميد بن قيس عن عطاء بن أبي رباح أن عمر بن الخطاب قال ليعلى بن أمية وهو يصبب على عمر بن الخطاب ماء أصببت على رأسي فقال يعلى أتريد أن تجعلها بي إن أمرتني صببت فقال له عمر أصبب علي فلن يزيده الماء إلا شعثا انتهى طريق آخر رواه الشافعي في مسنده أخبرنا سعيد بن سالم عن بن جريج أخبرني عطاء بن صفوان بن يعلى أخبره عن يعلى بن أمية أنه قال بينما عمر بن الخطاب يغتسل إلى بعير وأنا أستر عليه بثوب إذ قال عمر يا يعلى أصبب على رأسي فقلت أمير المؤمنين أعلم فقال عمر والله ما يزيد الماء الشعر إلا شعثا فسمى الله ثم أفاض على رأسه انتهى طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه والشافعي في مسنده قالا حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن عباس قال قال لي عمر تعال أنافسك في الماء أينا أطول نفسا فيه ونحن محرمون انتهى أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن حنين أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة اختلفا بالابواء فقال بن عباس يغسل المحرم رأسه وقال المسور لا يغسل فأرسله عبد الله بن عباس إلى أبي أيوب الانصاري فوجده يغتسل بين القرنين وهو مستتر بثوب قال فسلمت عليه فقال من هذا قلت أنا عبد الله بن
[ 108 ]
حنين أرسلني عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم قال فوضع أبو أيوب يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه ثم قال لانسان يصبب عليه أصبب فصب على رأسه ثم حرك أبو أيوب رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر ثم قال هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل انتهى حديث آخر حديث الذي وقصته راحلته نقل البيهقي عن الشافعي أنه استدل لهذه المسألة وفيه أنه عليه السلام أمر أن يغسل بماء وسدر وأن لا يقرب طيبا انتهى الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن علية عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس أنه دخل حمام الجحفة وهو محرم وقال والله ما يعبأ الله بأوساخنا شيئا انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن أيوب السختياني به قال المحرم يشم الريحان ويدخل الحمام قال الشيخ في الامام قال المنذري حديث حسن وإسناده ثقات انتهى وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال لا بأس أن يغتسل المحرم ويغسل ثيابه انتهى حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم عن بن عمر نحوه قوله روى أن عثمان كان يضرب له فسطاط في إحرامه قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا الصلت عن عقبة بن صهبان قال رأيت
[ 109 ]
عثمان بالابطح وأن فسطاطه مضروب وسيفه معلق بالشجرة انتهى ذكره في باب المحرم يحمل السلاح والمصنف استدل بهذا الاثر على أن المحرم يجوز له أن يستظل بالبيت والفسطاط والمحمل ونحو ذلك ووافق هنا الشافعي في ذلك ومنعه أحمد ذكره بن الجوزي في التحقيق واستدل لمذهبنا بحديث أم الحصين أخرجه مسلم قالت حججت مع النبي عليه السلام حجة الوداع فرأيت أسامة وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النبي عليه السلام والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا ثم سمعته يقول إن أمر عليكم عبد مجدع حسبتها قالت أسود يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا انتهى وفي لفظ رافع ثوبه على رأس النبي عليه السلام من الشمس الحديث ثم أجاب عنه فقال يحتمل أن يكون إنما رفع الثوب من ناحية الشمس لا أنه رفعه على رأسه وظلله به قال في التنقيح وهذا لا يستقيم فإن التظليل على النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان بعد الزوال والشمس في الصيف على الرؤوس فتعين أن يكون التظليل على رأسه صلى الله عليه وسلم وكأنه ذهل عن لفظ مسلم والآخر رافع ثوبه على رأس النبي عليه السلام يظله من الشمس ورأيته في غير كتاب التنقيح نقل عن الشيخ تقي الدين بن تيمية رحمه الله قال لا حجة فيه لجواز أن يكون هذا الرمي الذي في قوله حتى رمى جمرة العقبة وقع في غير يوم النحر أما في اليوم الثاني أو الثالث فيكون حينئذ قد حل عليه السلام من إحرامه وينبغي أن ينظر ألفاظه فإن ورد حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر صح الاحتجاج لكنه يبعد من جهة أن جمرة العقبة يوم النحر في أول النهار وقت صلاة العيد وذلك الوقت لا يحتاج إلى التظليل من الحر أو الشمس والله أعلم واستدل الشيخ في الامام كذلك بما في حديث جابر الطويل فأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزلها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له الحديث ونمرة بفتح النون وكسر الميم موضع بعرفة وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة بن سليمان عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن عامر قال خرجت مع عمر فكان يطرح النطع على الشجرة فيستظل به يعني وهو محرم انتهى
[ 110 ]
قوله ويكثر من التلبية عقيب الصلاة وكلما علا شرفا أو هبط واديا أو لقى ركبا وبالاسحار لان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يلبون في هذه الاحوال قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الاحمر عن بن جريج عن ابن سابط قال كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع في دبر الصلاة وإذا هبطوا واديا أو علوه وعند التقاء الرفاق انتهى حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن خيثمة قال كانوا يستحبون التلبية عند ست دبر الصلاة وإذا استقبلت بالرجل راحلته وإذا صعد شرفا أو هبط واديا وإذا لقي بعضهم بعضا انتهى حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال تستحب التلبية في مواطن في دبر الصلاة المكتوبة وحين يصعد شرفا وحين يهبط واديا وكلما استوى بك بعيرك قائما وكلما لقيت رفقة انتهى وعزى إلى بن ناجية في فوائده عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر إذا لقي ركبا أو صعد أكمة أو هبط واديا وفي أدبار المكتوبة وآخر الليل انتهى وذكره الشيخ في الامام ولم يعزه الحديث الثاني عشر قال النبي عليه السلام أفضل الحج العج والثج فالعج رفح الصوت بالتلبية والثج إراقة الدم قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث أبي بكر ومن حديث جابر ومن حديث بن مسعود رضي الله عنهم فحديث بن عمر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن إبراهيم بن يزيد الخوزي قال سمعت محمد بن عباد بن جعفر يحدث عن بن عمر قال قام رجل إلى النبي عليه السلام فقال من الحاج قال الشعث التفل فقام آخر فقال أي الحج أفضل يارسول الله
[ 111 ]
قال العج والثج فقام آخر فقال ما السبيل يا رسول الله قال الزاد والراحلة انتهى قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن يزيد الخوزي المكي وقد تكلم فيه من قبل حفظه انتهى وزاد بن ماجة فيه قال وكيع يعني بالعج التلبية والثج نحر البدن انتهى أخرجه الترمذي في تفسير آل عمران وابن ماجة في الحج في باب ما يوجب الحج وقال البزار في مسنده وإبراهيم بن يزيد ليس بالقوي وروى عنه سفيان الثوري وجماعة كثيرة انتهى وأما حديث أبي بكر فأخرجه الترمذي في باب ما جاء في فضل التلبية وابن ماجة في باب رفع الصوت بالتلبية قال الترمذي حدثنا محمد بن رافع وإسحاق بن منصور قالا حدثنا بن أبي فديك وقال بن ماجة ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي ويعقوب بن حميد بن كاسب قالا حدثنا بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق أن النبي عليه السلام سئل أي الحج أفضل قال العج والثج انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث بن أبي فديك عن الضحاك عن عثمان ومحمد بن المنكدر لم يسمع من عبد الرحمن بن يربوع وقد روى محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه غير هذا الحديث وروى ضرار بن صرد هذا الحديث عن بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه عن أبي بكر عن النبي عليه السلام وأخطأ فيه ضرار قال أبو عيسى وسمعت أحمد بن الحسن يقول قال أحمد بن حنبل من قال في هذا الحديث عن محمد بن المنكدر عن ابن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه فقد أخطأ قال وسمعت محمد يقول وذكرت له حديث ضرار بن صرد عن بن أبي فديك فقال هو خطأ فقلت قد رواه غيره عن بن أبي فديك أيضا مثل روايته فقال لا شئ إنما رووه عن بن أبي فديك ولم يذكروا فيه عن سعيد بن عبد الرحمن ورأيته يضعف ضرار بن صرد انتهى كلام
[ 112 ]
الترمذي وهذه الرواية التي خطأها أحمد والبخاري هي عند بن أبي شيبة في مسنده فقال حدثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا ربيعة عن عثمان والضحاك جميعا عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق سئل رسول الله صلى الله وسلم الحديث وذكر شيخنا الذهبي في ميزانه عبد الرحمن بن يربوع فقال ما روى عنه سوى بن المنكدر وهذا غلط فإن البزار قال في مسنده عقيب ذكره لهذا الحديث عن عبد الرحمن بن يربوع قديم حدث عنه عطاء بن يسار ومحمد بن المنكدر وغيرهما وأظن أن الذي أوقع الذهبي في ذلك كون المزي في كتابه لم يذكر راويا عنه غير بن المنكدر وكثيرا ما وقع له مثل ذلك في كتبه والله أعلم وقال الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث يرويه محمد بن المنكدر واختلف عنه فرواه بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر وقال ضرار بن صرد عن بن أبي فديك عن الضحاك عن ابن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبيه ورواه الواقدي عن ربيعة بن عثمان والضحاك جميعا عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وقال الواقدي أيضا عن المنكدر بن محمد عن أبيه عن عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع عن جبير بن الحويرث عن أبي بكر والقول الاول أشبه بالصواب وقال أهل النسب إنه عبد الرحمن بن سعيد بن يربوع ومن قال سعيد بن عبد الرحمن فقد وهم والله أعلم انتهى وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما قال الاول حدثنا أبو أسامة عن أبي حنيفة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عبد الله عن النبي عليه السلام قال أفضل الحج العج والثج والعج العجيج بالتلبية والثج نحور الدماء انتهى وأخرجه الثاني بسنده عن أبي أسامة سواء وأما حديث جابر فرواه أبو القاسم الاصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب من حديث إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا نحوه وإسحاق هذا متفق على تضعيفه أيضا فلا يحتج بحديث بن عياش
[ 113 ]
عن الحجازيين وإسحاق مدني والله أعلم أحاديث الباب أخرج أصحاب الكتب الستة عن خلاد بن السائب عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتاني جبرائيل عليه السلام فأمرني أن آمر أصحابي ومن معي أن يرفعوا أصواتهم بالاهلال أو قال بالتلبية انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن أبي قلابة عن أنس قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين وسمعتهم يصرخون بهما جميعا انتهى الحديث الثالث عشر روى أنه عليه السلام لما دخل مكة ابتدأ بالمسجد قلت أخرج البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي عليه السلام أول شئ بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت مختصر وأخرجا أيضا عن كعب بن مالك قال كان النبي عليه السلام إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين قبل أن يجلس ثم يجلس للناس انتهى ورواه البخاري في الجهاد ومسلم في الصلاة وفي لفظ لمسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا وفي الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه انتهى وأخرج مسلم عن محمد بن جعفر عن أبيه عن جابر قال لما قدم النبي عليه السلام مكة دخل المسجد فاستلم الحجر ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم أتى المقام فقال واتخذوا الحديث وروى أبو الوليد الازرقي في تاريخ مكة حدثني أحمد بن محمد بن الوليد حدثني مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج قال قال عطاء لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لم يلو على شئ ولم يعرج ولا بلغنا أنه دخل بيتا ولا لوى بشئ حتى دخل المسجد فبدأ بالبيت فطاف به وهذا أجمع في حجته وعمرته كلها انتهى واستشهد شيخنا علاء الدين لهذا الحديث بما أخرجه عن بن عمر رأيت النبي عليه السلام حين يقدم مكة يستلم الركن الاسود هذا وليس فيه مقصود مع أن لفظ الحديث ليس كذلك وإنما لفظه رأيت النبي
[ 114 ]
صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الاسود أول ما يطوف يخب ثلاثة أشواط من السبع انتهى أخرجاه عن الزهري عن سالم عن بن عمر واستشهد هذا الجاهل بما في حديث جابر الطويل حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن الحديث والآخر ليس فيه مقصود أو هو بعيد عن المقصود قوله روى عن بن عمر أنه كان يقول إذا لقي البيت بسم الله والله أكبر قلت غريب والذي رواه البيهقي عنه أنه كان يقول ذلك عند استلام الحجر قال المصنف ومحمد لم يعين في الاصل لمشاهد الحج شيئا من الدعوات لان التوقيت يذهب بالرقة وإن تبرك بالمنقول منها فحسن قال الشيخ في الامام رأيت في كتاب بن المفلس قال وذكر هشيم عن يحيى بن سعيد عن محمد بن سعيد بن المسيب عن أبيه أن عمر كان إذا نظر إلى البيت قال اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام انتهى قال ورواه سعيد بن منصور حدثنا أبو الأحوص أنا يحيى بن سعيد عن ابن سعيد ابن المسيب عن أبيه أنه كان إذا دخل المسجد استقبل القبلة وقال اللهم أنت السلام إلى آخره فجعله من قول سعيد وروى البيهقي عن الحكم بسنده عن يحيى بن معين ثنا سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن طريف عن حميد بن يعقوب سمع سعيد بن المسيب يقول سمعت من عمر كلمة ما بقي أحد من الناس سمعها غيري سمعته يقول إذا رأى البيت اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام قال الشيخ وهذا الحديث شاهد لسماع سعيد من عمر والله أعلم وروى الشافعي أخبرنا سعيد بن سالم عن بن جريج أن النبي عليه السلام كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا وهذا معضل قال الشافعي ولست أكره رفع اليدين عند رؤية البيت ولا أستحبه ولكنه عندي حسن انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني
[ 115 ]
بن أبي سبرة عن موسى بن سعد عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة نهارا من كدي فلما رأى البيت قال اللهم زد هذا تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد من عظمه ممن حجه أو اعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وبرا وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن النبي عليه السلام لما انتهى إلى الركن استلمه وهو مضطجع بردائه وقال بسم الله والله أكبر إيمانا بالله وتصديقا بما جاء به محمد وحدثني بن جريج عن يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب المخزومي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين الركن اليماني والاسود ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار الحديث الرابع عشر روى أن النبي عليه السلام دخل المسجد وابتدأ بالحجر فاستقبله وكبر وهلل قلت أما ابتداؤه عليه السلام بالحجر فهو في حديث جابر الطويل حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا الحديث وأخرج مسلم أيضا عن جعفر بن ومحمد عن أبيه عن جابر قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة بدأ بالحجر فاستلمه ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا انتهى وأما التكبير والتهليل فلم أجد لكن التكبير عند البخاري في حديث البعير عن بن عباس أنه عليه السلام طاف على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه بشئ في يده وكبر انتهى وأخرجه عن خالد الحذاء عن عكرمة عن بن عباس وجهل من عزاه لمسلم فإن حديث مسلم ليس فيه التكبير ولفظه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال طاف النبي عليه السلام في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه انتهى وأما التهليل فأخرج الامام أحمد والبيهقي عن سعيد بن المسيب عن عمر أن النبي عليه السلام قال له يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وكبر وهلل انتهى الحديث الخامس عشر قال عليه الصلاة والسلام لا ترفع الايدي إلا في سبع
[ 116 ]
مواطن وذكر من جملتها استلام الحجر قلت تقدم الحديث في صفة الصلاة وليس فيه استلام الحجر الحديث السادس عشر روى أنه عليه السلام قبل الحجر الاسود ووضع شفتيه عليه قلت أخرجه بهذا اللفظ بن ماجة في سننه عن محمد بن عون عن نافع عن بن عمر قال استقبل النبي عليه السلام الحجر ثم وضع شفتيه عليه فبكى طويلا ثم التفت فإذا هو بعمر بن الخطاب يبكي فقال يا عمر ههنا تسكب العيون انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ولم يتعقبه الذهبي في مختصره ولكنه في ميزانه أعله بمحمد بن عون ونقل عن البخاري أنه قال هو منكر الحديث انتهى ورواه العقيلي وابن عدي في كتابيهما وأسند بن عدي تضعيف بن عون عن البخاري والنسائي وابن معين وقال بن حبان في كتاب الضعفاء هو قليل الرواية ولا يحتج به إلا إذا وافق الثقات انتهى وقال في الامام ومحمد بن عون هذا هو الخراساني قال بن معين ليس بشئ وقال البخاري والرازي منكر الحديث وقال النسائي والازدي متروك الحديث انتهى والحديث رواه الائمة الستة في كتبهم ليس فيه ذكر الشفتين أخرجوه عن عمر بن الخطاب أنه جاء إلى الحجر فقبله وقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك انتهى ورواه الحاكم في المستدرك بزيادة فيه أخرجه عن أبي هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين عن أبي سعيد الخدري قال حججنا مع عمر بن الخطاب أول حجة حجها من إمارته فلما دخل المسجد الحرام أتى الحجر فقبله واستلمه وقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك فقال له علي بن أبي طالب بلى يا أمير المؤمنين إنه ليضر وينفع ولو علمت تأويل ذلك من كتاب الله لعلمت أنه كما أقول قال الله تعالى وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى فلما أقرواأنه الرب عزوجل
[ 117 ]
وأنهم العبيد كتب ميثاقهم في رق ثم ألقمه في هذا الحجر وأنه يبعث يوم القيامة وله عينان ولسانان وشفتان يشهد لمن وافاه بالموافاة فهو أمين الله في هذا الكتاب فقال له عمر بن الخطاب لا أبقاني الله بأرض لست فيها يا أبا الحسن انتهى وقال ليس هذا الحديث على شرط الشيخين فإنهما لم يحتجا بأبي هارون العبدي انتهى قال الذهبي في مختصره وأبو هارون العبدي ساقط انتهى حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن بن عمر أنه سئل عن استلام الحجر فقال رأيته عليه السلام يستلمه ويقبله انتهى حديث آخر روى بن أبي شيبة في مسنده في آخر مسند أبي بكر بسنده عن عيسى بن طلحة عن رجل رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقف عند الحجر فقال إني لاعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ثم قبله قال ثم حج أبو بكر فوقف عند الحجر فقال إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك انتهى وهذا متن غريب وتراجع بقية إسناده الحديث السابع عشر روى أن النبي عليه السلام قال لعمر إنك رجل أيد تؤذي الضعيف فلا تزاحم الناس على الحجر ولكن إن وجدت فرجة فاستلمه وإلا فاستقبله وكبر وهلل قلت رواه أحمد والشافعي وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي كلهم عن سفيان عن أبي يعفور العبدي واسمه وقدان قال سمعت شيخنا بمكة في إمارة الحجاج يحدث عن عمر بن الخطاب أن النبي عليه السلام قال له إنك رجل قوي لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وكبر وهلل ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا السفيانان عن
[ 118 ]
أبي يعفور به ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ثنا أبو الأحوص عن أبي يعفور به قال الدارقطني في كتاب العلل قال بن عيينة ذكروا أن هذا الشيخ هو عبد الرحمن بن نافع بن عبد الحارث انتهى الحديث الثامن عشر روى أنه عليه السلام طاف على راحلته واستلم الاركان بمحجنه قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث جابر ومن حديث أبي الطفيل ومن حديث صفية بنت شيبة ومن حديث طارق بن أشيم فحديث بن عباس أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس أن النبي عليه السلام طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن انتهى وحديث جابر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي الزبير عن جابر قال طاف النبي عليه السلام في حجة الوداع على راحلته يستلم الحجر بمحجنه لان يراه الناس أو ليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه انتهى وأخرجه البخاري عن جابر فذكره إلى قوله لان يراه الناس ويراجع وحديث أبي الطفيل أخرجه مسلم وأبو داود وابن ماجة عنه واسمه عامر بن واثلة قال رأيت النبي عليه السلام يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن انتهى وحديث صفية أخرجه أبو داود عن بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن
[ 119 ]
عبيد الله بن عبد الله عن صفية بنت شيبة قالت لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده قالت وأنا أنظر إليه انتهى وصفية بنت شيبة أخرج لها البخاري حديثا في صحيحه وقيل ليست بصحابية فالحديث مرسل حكى ذلك عن النسائي والبرقاني وقد ذكرها بن السكن وكذلك بن عبد البر في الصحابة وقيل لها رؤية كما في الحديث وحديث آخر أخرجه بن ماجة عنها أنها سمعت النبي عليه السلام يخطب عام الفتح غير أن هذين الحديثين من رواية محمد بن إسحاق وفيه مقال واختلف العلماء في العلة المقتضية لطوافه عليه السلام راكبا فقيل لان يراه الناس صرح بذلك في مسلم كما تقدم في حديث جابر وأخرجا عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس أخبرني عن الطواف بين الصفا والمروة راكبا أسنة هو فإن قومك يزعمون أنه سنة قال صدقوا وكذبوا قلت ما قولك صدقوا وكذبوا قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من الخدور قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه فلما كثروا عليه ركب والمشي والسعي أفضل مختصر وقيل كراهية أن يضرب عنه الناس ورد ذلك أيضا في صحيح مسلم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت في حجة الوداع على راحلته يستلم الركن كراهية أن يضرب عنه الناس انتهى قال القرطبي وليس بناجح لاحتمال عود الضمير في عنه إلى الركن انتهى قيل إنه كان به شكاية أخرجه أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته فلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين انتهى ورواه البيهقي وضعف بن أبي زياد وقال إنه تفرد بقوله وهو يشتكي لم يوافق عليها انتهى قلت
[ 120 ]
روى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حمادبن سليمان أنه سعى بين الصفا والمروة مع عكرمة فجعل حماد يصعد الصفا وعكرمة لا يصعده ويصعد حماد المروة وعكرمة لا يصعده فقال له حماد يا أبا عبد الله ألا تصعد الصفا والمروة فقال هكذا كان طواف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حماد فلقيت سعيد بن جبير فذكرت له ذلك فقال إنما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته وهو شاك يستلم الاركان بمحجن فطاف بالصفا والمروة على راحلته فمن أجل ذلك لم يصعد انتهى وهذا مرسل وقد أشار البخاري في صحيحه إلى هذا المعنى فقال باب المريض يطوف راكبا ثم ذكر حديث بن عباس المتقدم ثم ذكر حديث أم سلمة أنها اشتكت فقال عليه السلام طوفي من وراء الناس وأنت راكبة قالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت ورواه مسلم أيضا وفي لفظ للبخاري فقال لها عليه السلام إذا أقيمت الصلاة للصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون ففعلت ذلك انتهى وأما حديث طارق بن أشيم فأخرجه أبو القاسم البغوي وابن قانع في معجميهما والعقيلي في كتابه عن محمد بن عبد الرحمن بن قدامة الثقفي ثنا أبو مالك الاشجعي عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف حول البيت فإذا ازدحم الناس على الحجر استقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحجن بيده انتهى قال البغوي لا أعلم روى هذا غير محمد بن عبد الرحمن الثقفي وأبو مالك الاشجعي اسمه سعد بن طارق وأبوه طارق بن أشيم سكن الكوفة روى عن النبي عليه السلام أحاديث انتهى وقال العقيلي محمد بن عبد الرحمن بن قدامة قال البخاري فيه نظر وقال الشيخ في الامام وقال شيخنا المنذري رجال هذا الحديث كلهم ثقات خلا محمد بن عبد الرحمن بن قدامة الثقفي فإن البخاري قال إن فيه نظر انتهى
[ 121 ]
وأما حديث أم عمارة فرواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني يعقوب بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب عن أم عمارة قالت شهدت عمرة القضية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت قد شهدت الحديبية فكأني أنظر إلى النبي عليه السلام حتى انتهى إلى البيت وهو على راحلته وعبد الله بن رواحة آخذ بزمامها وقد صف له المسلمون فاستلم الركن بمحجنه مضطبعا بثوبه على راحلته مختصر ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم عن أبي خالد الاحمر عن عبيدالله عن نافع قال رأيت بن عمر يستلم الحجر بيده ثم يقبل يده ، وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى الحديث التاسع عشر روى أنه عليه السلام استلم الحجر ثم أخذ عن يمينه مما يلي الباب فطاف سبعة أشواط قلت أخرجه مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بن عبد الله قال لما قدم النبي عليه السلام مكة بدأ بالحجر الاسود فاستلمه ثم مضى على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا انتهى وعند البيهقي عن بن مسعود أنه بدأ فاستلم الحجر ثم أخذ عن يمينه فرمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا ثم أتى المقام فصلى خلفه ركعتين الحديث العشرون قال المصنف والاضطباع أن يجعل رداءه تحت إبطه الايمن ويلقيه على كتفه الايسر وهو سنة وقد نقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه أبو داود في سننه عن حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم
[ 122 ]
تحت آباطهم ثم قذفوها على عواتقهم اليسرى انتهى وسكت عنه المنذري بعده ثم قال المنذري حديث حسن ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وزاد فيه فاضطبعوا وجعلوا أرديتهم الحديث حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن سفيان عن ابن جريج عن بن يعلى عن أبيه يعلى بن أمية قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطبعا ببرد أخضر انتهى والترمذي أخرجه عن سفيان عن بن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن ابن يعلى به وقال حديث حسن صحيح انتهى وبالاسنادين رواه بن أبي شيبة في مصنفه الحديث الحادي والعشرون قال عليه السلام في حديث عائشة رضي الله عنها فان الحطيم من البيت قلت أخرجه البخاري ومسلم واللفظ لمسلم قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحجر أمن البيت هو قال نعم قلت فما لهم لم يدخلوه في البيت قال إن قومك قصرت بهم النفقة قلت فما شأن بابه مرتفعا قال فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا ولولا أن قومك حديث عهد بكفر وأخاف أن تنكر قلبوهم لنظرت أن أدخل الحجر بالبيت بالبيت وأن ألزق بابه بالارض انتهى وأخرجه أبو داود والترمذي عن علقمة عن أمه عن عائشة أنها قالت كنت أحب أن أدخل البيت وأصلي فيه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فأدخلني في الحجرة فقال صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت فإن قومك اقتصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
[ 123 ]
انتهى وعلقمة هذا هو علقمة بن بلال مولى عائشة تابعي مدني احتج به البخاري ومسلم وأمه حكى البخاري وغيره أن اسمها مرجانه وروى الدارقطني في غرائب مالك والازرقي في تاريخ مكة من حديث داود بن عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أبالي في الحجر صليت أو في البيت انتهى قال الدارقطني رفعه وهم والصواب وقفه انتهى وأخرج الحاكم في المستدرك عن طاوس عن بن عباس قال الحجر من البيت لان رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت من ورائه قال الله تعالى وليطوفوا بالبيت العتيق انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى الحديث الثاني والعشرون قال المصنف رحمه الله ويرمل في الثلاثة الاول من الاشواط ويمشي فيما بقى على هينته على ذلك اتفق رواة نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا طاف بالبيت الطواف الاول خب ثلاثا ومشى أربعا وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة وكان بن عمر يفعل ذلك انتهى وأخرجاه
[ 124 ]
أيضا عن الزهري أن سالما أخبره أن عبد الله بن عمر قال لي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الاسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أطواف من السبع انتهى وأخرج أبو داود عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعا ثم يصلي سجدتين ويطوف بين الصفا والمرة وفي حديث جابر الطويل حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا الحديث وفي لفظ عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الاسود حتى انتهى إليه ثلاثة أطواف انتهى أخرجه مسلم أيضا قوله وكان سببه إظهار الجلد للمشركين حين قالوا أضناهم حمى يثرب ثم بقي الحكم بعد زوال السبب في زمن النبي عليه السلام وبعده قلت أخرج البخاري ومسلم عن أيوب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة وقد وهنتهم حمى يثرب قال المشركون إنه يقدم غدا عليكم قوم قد وهنتهم الحمى ولقوا منها شدة فجلسوا مما يلي الحجر وأمرهم النبي عليه السلام أن يرملوا ثلاثة أشواط ويمشوا ما بين الركنين ليرى المشركون جلدهم فقال المشركون هؤلاء الذين زعمتم أن الحمى قد وهنتهم هم أجلد من كذا وكذا قال بن عباس ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الاشواط كلها إلا الابقاء عليهم انتهى وأخرج البخاري عن بن عمر أن عمر قال ما لنا وللرمل إنما كنا راءينا به المشركين وقد أهلكهم الله ثم قال شئ صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه مختصر وأخرج مسلم عن عطاء عن بن عباس قال إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمل بالبيت ليرى المشركين قوته
[ 125 ]
انتهى وأخرج أبو داود وابن ماجة عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر يقول فيم الرملان وكشف المناكب وقد أعز الله الاسلام ونفى الكفر وأهله ومع ذلك فلا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرجه أبو داود عن أبي الطفيل عن بن عباس أن النبي عليه السلام اضطبع فاستلم وكبر ورمل ثلاثة أطواف كانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا عن قريش مشوا ثم يطلعون عليهم فيرملون تقول قريش كأنهم الغزلان قال بن عباس فكانت سنة انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن أبي الطفيل قال قلت لابن عباس يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت وأن ذلك سنة قال صدقوا وكذبوا قلت ما صدقوا وكذبوا قال صدقوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل وكذبوا ليس بسنة إنه لما قدم عليه السلام مكة قال المشركون إن محمدا وأصحابه لا يستطيعون أن يطوفوا بالبيت من الهزال وكانوا يحسدونه قال فأمرهم عليه السلام أن يرملوا ثلاثة ويمشوا أربعا مختصر الحديث الثالث والعشرون قال المصنف رحمه الله والرمل من الحجر إلى الحجر هو المنقول في رمل النبي عليه السلام قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث جابر ومن حديث أبي الطفيل أما حديث بن عمر فرواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحجر إلى الحجر ثلاثا ومشى أربعا انتهى وفي لفظ لمسلم أن بن عمر رمل من الحجر إلى الحجر وذكر
[ 126 ]
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله انتهى وأما حديث جابر فأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر بنحوه سواء ورواه مالك عن جعفر بن محمد به ومن طريقه مسلم ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للشيخين وقد ذكره الحميدي وعبد الحق في كتابيهما الجمع بين الصحيحين في المتفق عليه وقال بن تيمية في المنتقى حديث متفق عليه وذكره خلف في أطرافه من مفردات مسلم وعزاه البيهقي في المعرفة لمسلم فقط وكذلك الشيخ في الامام أعني حديث بن عمر لا حديث جابر وأما حديث أبي الطفيل فرواه أحمد في مسنده حدثنا عبد الله بن المبارك حدثنا عبيد الله بن أبي زياد قال سمعت أبا الطفيل عامر بن واثلة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل ثلاثا من الحجر إلى الحجر انتهى حديث آخر مرسل رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن النبي عليه السلام رمل من الحجر إلى الحجر انتهى الحديث الرابع والعشرون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستلم غير الركنين اليمانين قلت أخرجه الجماعة إلا الترمذي عن سالم عن بن عمر قال لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمح في البيت إلا الركنين اليمانيين انتهى وفي لفظ لمسلم كان لا يستلم إلا
[ 127 ]
الحجر والركن اليماني انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الطفيل عن بن عباس قال لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم غير الركنيين اليمانيين واحتج بن الجوزي في التحقيق لابي حنيفة على القول بأن استلام الركن اليماني غير سنة بما رواه أحمد في مسنده حدثنا عبد الرزاق ثنا بن جريج أخبرني سليمان بن عتيق عن عبد الله بن بأبيه عن بعض بني يعلى بن أمية عن يعلى بن أمية قال كنت مع عمر فاستلم الركن قال يعلى وكنت مما يلي البيت فلما بلغت الركن الغربي الذي يلي الاسود مررت بين يديه لاستلم فقال لي ما شأنك قلت ألا يستلم هذين قال ألم تطف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت نعم قال أرأيته يستلم هذين الركنيين يعني الغربيين قلت لا قال أفليس لك فيه أسوة قلت بلى قال فأنفذ عنك انتهى قال في التنقيح وفي صحة هذا الحديث نظر انتهى كلامه الحديث الخامس والعشرون قال عليه السلام وليصل الطائف لكل أسبوع ركعتين قلت غريب وأخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعا ثم يصلي سجدتين انتهى وأخرجه البخاري عن سفيان عن عمرو بن دينار عن بن عمر قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة وقال لقد كان لكم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة انتهى وقال أيضا في صحيحه باب صلاة النبي عليه السلام لكل أسبوع ركعتين وقال إسماعيل بن أمية قلت للزهري إن عطاء يقول تجزئة المكتوبة من ركعتي الطواف فقال السنة أفضل لم يطف النبي عليه السلام أسبوعا قط إلا صلى ركعتين انتهى وقال في موضع آخر قال نافع كان بن عمر يصلي لكل أسبوع ركعتين
[ 128 ]
انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا عبد الوهاب ثنا منذر عن بن جريج عن عطاء أن النبي عليه السلام كان يصلي لكل أسبوع ركعتين انتهى وروى الحافظ أبو القاسم تمام بن محمد الرازي في فوائده حدثنا أحمد بن القاسم بن الفرج بن مهدي البغدادي ثنا أبو عبيد الله محمد بن عبدة القاضي ثنا إبراهيم بن الحجاج الشامي ثنا عدي بن الفضل عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن بن عمر قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل أسبوع ركعتين انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن عمرو عن الحسن قال مضت السنة أن مع كل أسبوع ركعتين لا يجزئ منهما تطوع ولا فريضة انتهى حدثنا يحيى بن سليمان عن إسماعيل بن أمية عن الزهري نحوه سواء وهذه الاحاديث كلها أجنبية عن حديث الكتاب فإن المصنف استدل به للشافعي على وجوب ركعتي الطواف وعندنا هي سنة وليس في هذه الاحاديث ما يدل على وجوبها إلا أن يجعل قوله سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل أسبوع ركعتين بمعنى أمر وأوجب كما ورد في حديث عائشة وقد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بين الصفا والمروة فليس لاحد أن يترك الطواف بينهما أخرجاه في الصحيحين في حديث طويل رضي الله تعالى عنها الحديث السادس والعشرون روى أن النبي عليه السلام لما صلى الركعتين عاد إلى الحجر فاستلمه قلت في موطأ مالك أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى طوافه وركع الركعتين فأراد أن يخرج إلى الصفا والمرة استلم الركن الاسود قبل أن يخرج انتهى هو في حديث جابر الطويل ولنذكره برمته فإنه عمدة في مناسك الحج أخرجه مسلم عن جعفر بن محمد عن أبيه قال دخلنا على جابر بن عبد الله فسأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت أنا محمد بن علي بن الحسين فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الاعلى ثم نزع زري الاسفل ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال مرحبا بك يا بن أخي سل عما شئت فسألته وهو أعمى
[ 129 ]
وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفا بها كلما وضعها على منكبيه رجع طرفاها إليه من صفرها ورداؤه إلى جنبه على المشجب فصلى بنا فقلت أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بيده فعقد تسعا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل مثل عمله فخرجنا معه حتى أتينا ذاالحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر وأرسلت إلى النبي عليه السلام كيف أصنع قال اغتسلي واستثفري بثوب وأحرمي فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى إذا استوت به ناقته على البيداء نظرت إلى مدى بصري بين يديه من راكب وماش وعن يمينه مثل ذلك وعن يساره مثل ذلك ومن خلفه مثل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل من شئ عملنا به فأهل بالتوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم شيئا منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته قال جابر لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فجعل المقام بينه وبين البيت فكان أبي يقول ولا أعلم ذكره إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ثم رجع إلى الركن فاستلمه ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله أبدأ بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره وقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير لاإله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده ثم دعا بين ذلك قال مثل هذا ثلاث مرات ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي رمل حتى إذا صعدتا مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي وجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة فقام سراقة بن مالك بن جعشم فقال يارسول الله ألعامنا هذا أم
[ 130 ]
لابد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الاخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل لابد أبد وقدم علي من اليمن ببدن النبي عليه السلام فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها فقالت إن أبي أمرني بهذا قال فكان علي يقول بالعراق فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة للذي صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيما ذكرت عنه فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقال صدقت صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسولك قال فإن معي الهدي فلا تحل قال فكان جماعة الهدي الذي قدم به علي رضي الله عنه من اليمن والذي أتى به النبي عليه السلام مائة قال فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي عليه السلام ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس فأمر بقبة من شعر فضربت له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وإن أول دم أضع من دمائنا دم بن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا في بني سعد فقتلته هذيل وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضع من ربانا ربا العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله واتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم
[ 131 ]
يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن العباس وكان رجلا حسن الشعر أبيض وسيما فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به ظعن يجرين فطفق الفضل ينظر إليهن فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل فحول الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر فحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده من الشق الآخر على وجه الفضل فصرف وجهه من الشق الآخر ينظر حتى أتى بطن محصر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها سبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني من القسم الخامس ورواه بن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار والدارمي في مسانيدهم قال بن حبان والحكمة في أن النبي عليه السلام نحر بيده ثلاثا وستين بدنة أنه كانت له يومئذ ثلاث وستون سنة فنحر لكل سنة من سنيه بدنة وأمر عليا بالباقي فنحرها والله
[ 132 ]
أعلم انتهى الله تبارك وتعالى الحديث السابع والعشرون قال عليه السلام من أتى البيت فليحيه بالطواف قلت غريب جدا الحديث الثامن والعشرون روي أن النبي عليه السلام صعد الصفا حتى إذا نظر إلى البيت قام مستقبل القبلة يدعو الله قلت تقدم من حديث جابر فبدأ بالصفا فرمى عليه حتى رأى البيت فاستقبل القبلة فوحد الله وكبره الحديث قوله والرفع سنة الدعاء قلت فيه أحاديث فمنها ما أخرجه أبو داود في سننه في الدعاء عن عبد العزيز بن محمد عن العباس بن عبد الله بن معبد بن العباس بن عبد المطلب عن أخيه إبراهيم بن عبد الله عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك ونحوهما والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة والابتهال أن تمد يديك جميعا انتهى ثم أخرجه عن سفيان عن العباس بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس فذكره موقوفا حديث آخر رواه أبو داود أيضا حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن حفص بن
[ 133 ]
هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه انتهى وهو معلول بابن لهيعة رضي الله تعالى عنها حديث آخر رواه أبو داود أيضا حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ثنا عبد الملك بن محمد بن أيمن عن عبد الله بن يعقوب بن إسحاق عمن حدثه عن محمد بن كعب القرظي حدثني عبد الله بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم قال أبو داود روى هذا الحديث من غير وجه كلها واهية وهذا الطريق أمثلها وهو ضعيف أيضا انتهى قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ثنا عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب القرظي عن بن عباس مرفوعا نحوه سواء ورواه بن ماجة في الدعاء حدثنا محمد بن الصباح ثنا عائذ بن حبيب عن صالح بن حسان عن محمد بن كعب به حديث آخر أخرجه أبو داود في الصلاة الترمذي في الدعوات وابن ماجة في الدعاء عن جعفر بن ميمون عن أبي عثمان النهدي عن سلمان عن النبي عليه السلام قال إن الله حيي كريم يستحيي من عبده أن يرفع يديه إليه فيردهما صفرا خائبتين انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب وبعضهم لم يرفعه انتهى الرب عز وجلحديث آخر أخرجه الترمذي أيضا في الدعوات عن حماد بن عيسى الجهني عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عمر عن أبيه عن عمر بن الخطاب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه انتهى قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن عيسى وقد تفرد به انتهى قال بن حبان في كتاب الضعفاء حماد بن عيسى الجهني يروي المقلوبات التي يظن أنها معمولة لا يجوز الاحتجاج به انتهى قال النووي وأما قول عبد الحق قال فيه الترمذي صحيح فليس في النسخ المعتمدة بل فيها أنه غريب قال وقد ثبت أنه عليه السلام رفع يديه في الدعاء ذكرت من ذلك نحو عشرين حديثا في شرح المهذب
[ 134 ]
والله أعلم الحديث التاسع والعشرون قال المصنف ويخرج إلى الصفا من أي باب شاء وإنما خرج عليه السلام من باب بني مخزوم وهو يسمى باب الصفا لانه كان أقرب الابواب إلى الصفا لا أنه سنة قلت روي من حديث بن عمر ومن حديث جابر فحديث بن عمر أخرجه النسائي في سننه أخبرنا محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن عمرو بن دينار قال سمعت بن عمر يقول لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة طاف بالبيت سبعا ثم صلى خلف المقام ركعتين ثم خرج إلى الصفا من الباب الذي يخرج منه فطاف بالصفا والمروة قال شعبة وأخبرني أيوب عن عمرو بن دينار عن ابن عمر أنه قال سنة انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه ورواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ثنا سعيد بن زنبور ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر عن أبيه وعبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد إلى الصفا من باب بني مخزوم انتهى وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بكر البصري القاضي بطبرية ثنا نصر بن علي الجهضمي ثنا أبي ثنا القاسم بن معن عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أن النبي عليه السلام طاف بالبيت سبعا ثم خرج من باب الصفا فارتقى الصفا فقال نبدأ بما بدأ الله به ثم قرأ إن الصفا والمروة الآية ، انتهى وقال لم نكتبه إلا عن الشيخ انتهى ورواه الدارقطني في غرائب مالك ثنا محمد بن الحسن النقاش ثنا إبراهيم بن محمود النيسابوري ثنا محمد بن عبيد بن عتبة ثنا إسماعيل بن محمد الطلحي ثنا سهيل أبو عمرو ثنا مالك بن أنس عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من باب الصفا وهو يقول نبدأ بما بدأ الله به انتهى قال الدارقطني كذا قال والصواب عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر انتهى واعلم أن الذي في حديث جابر الطويل ثم خرج من الباب إلى الصفا وليس فيه
[ 135 ]
المقصود حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو أسامة عن بن جريج عن عطاء أن النبي عليه السلام خرج إلى الصفا من باب بني مخزوم انتهى ورواه الازرقي في تاريخ مكة عن مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج به الحديث الثلاثون روي أنه عليه السلام نزل من الصفا وجعل يمشي نحو المروة وسعى في بطن الوادي حتى إذا خرج من بطن الوادي مشى حتى صعد المروة فطاف بينهما سبعة أشواط قلت تقدم في حديث جابر ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه في بطن الوادي رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة ففعل على المروة كما فعل على الصفا حتى إذا كان آخر الطواف على المروة الحديث وأخرجا في الصحيحين عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الاول خب ثلاثا ومشى أربعا وكان يسعى ببطن المسيل إذا طاف بين الصفا والمروة وكان بن عمر يفعل ذلك انتهى والحديثان ليس فيهما ذكر الاشواط وهي في حديث أخرجه البخاري ومسلم عن عمرو بن دينار عن بن عمر قال قدم النبي عليه السلام مكة فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة سبعا وفي لفظ لهما ثم سعى بين الصفا والمروة وقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة انتهى وأخرجا عن عائشة في حديث طويل قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بينهما فليس لاحد أن يترك الطواف بينهما مختصر وروى أبو الوليد الازرقي في تاريخ مكة حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الازرقي حدثني مسلم بن خالد الزنجي ثنا بن جريج عن صالح مولى التوءمة عن
[ 136 ]
أبي هريرة قال السنة في الطواف بين الصفا والمروة أن ينزل من الصفا ثم يمشي حتى يأتي بطن المسيل فإذا جاءه سعى حتى يظهر منه ثم يمشي حتى يأتي المروة انتهى الحديث الحادي والثلاثون قال عليه السلام ابدءوا بما بدأ الله به قلت اعلم أن هذا الحديث ورد بصيغة الخبر وهي أبدأ كما رواه مسلم في حديث جابر الطويل أو نبدأ كما رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ومالك في الموطأ والثاني بصيغة الامر فهي ابدءوا وهذا هو حديث الكتاب وهو عند النسائي والدارقطني ثم البيهقي في سننهما وإنما ذكرت ذلك لان بعض الفقهاء عزا لفظ الامر لمسلم وهو وهم منه وقد يحتمل هذا من المحدث لان المحدث إنما ينظر في الاسناد وما يتعلق به ولا يحتمل ذلك من الفقيه لان وظيفته استنباط الاحكام من الالفاظ فالمحدث إذا قال أخرجه فلان فإنه يريد أصل الحديث لا بتلك الالفاظ بعينها ولذلك اقتصر أصحاب الاطراف على ذكر طرف الحديث فعلى الفقيه إذا أراد أن يحتج بحديث على حكم أن تكون تلك اللفظة موجودة فيه حتى إن بعض الفقهاء احتج بهذه اللفظة أعني قوله ابدءوا بما بدأ الله به على وجوب الترتيب في الوضوء وقد بسط القول في ذلك الشيخ تقي الدين في شرح الالمام ولم يحسن شيخنا علاء الدين رحمه الله إذ أهمل ذكر هذا الحديث معتمدا على ما في حديث جابر فإنه خلافه ولكنه قلد غيره فأهملاه وقال في الامام الحديث واحد ومخرجه واحد ولكنه اختلف اللفظ وقد يؤخذ الوجوب بلفظ الخبر أيضا مع ضميمة قوله عليه السلام خذوا عني مناسككم أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول لنا خذوا مناسككم فإني لاأدري لعلي
[ 137 ]
لاأحج بعد حجتي هذه انتهى الحديث الثاني والثلاثون قال عليه السلام إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا قلت روي من حديث بن عباس ومن حديث حبيبة بنت أبي تجزأة ومن حديث تملك العبدرية ومن حديث صفية بنت شيبة فحديث بن عباس رواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن النظر الازدي عن معاوية بن عمرو عن المفضل بن صدقة عن بن جريج وإسماعيل بن مسلم عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرمل فقال إن الله عزوجل كتب عليكم السعي فاسعوا انتهى الرب عز وجلوأما حديث حبيبة بنت أبي تجزأة فرواه الشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه والحاكم في المستدرك وسكت عنه وأعله بن عدي في الكامل بابن المؤمل وأسند تضعيفه عن أحمد والنسائي وابن معين ووافقهم ومن طريق أحمد الطبراني في معجمه ومن طريق الشافعي رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال الشافعي أخبرنا عبد الله بن المؤمل العائذي عن عمر بن عبد الرحمن بن محيصن عن عطاء بن أبي رباح عن صفية بنت شيبة عن حببية بنت أبي تجزأة إحدى نساء بني عبد الدار - ، قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه
[ 138 ]
وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي وهو يقول اسعوا فإن الله تعالى كتب عليكم السعي انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك أيضا في الفضائل عن عبد الله بن نبيه عن جدته صفية عن حبيبة بنت أبي تجزأة بنحوه وسكت عنه أيضا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن عبد الله بن المؤمل حدثنا عبد الله بن أبي حسين عن عطاء عن حبيبة بنت أبي تجزأة فذكره قال بن عمر بن عبد البر أخطأ بن أبي شيبة أو شيخه في موضعين منه أحدهما أنه جعل موضع ابن محيصن عبد الله بن أبي حسين والآخر أنه أسقط صفية بنت شيبة قال بن القطان في كتابه وعندي أن الوهم من عبد الله بن المؤمل فإن بن أبي شيبة إمام كبير وشيخه محمد بن بشر ثقة وابن المؤمل سئ الحفظ وقد اضطرب في هذا الحديث اضطرابا كثيرا فأسقط عطاء مرة وابن محيصن أخرى وصفية بنت شيبة أخرى وأبدل ابن محيصن بابن أبي حسين أخرى وجعل المرأة عبدرية تارة ويمنية أخرى وفي الطواف تارة وفي السعي بين الصفا والمروة أخرى وكل ذلك دليل على سوء حفظه وقلة ضبطه والله أعلم انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بن المبارك أخبرني معروف بن مشكان قال أخبرني منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية قالت أخبرني نسوة من بني عبد الدار اللاتي أدركن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن دخلنا دار بن أبي حسين فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف إلى آخره قال صاحب التنقيح إسناده صحيح ومعروف بن مشكان باني كعبة الرحمن صدوق لا نعلم من تكلم فيه ومنصور هذا ثقة مخرج له في الصحيحين انتهى وأما حديث تملك العبدرية فأخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه عن مهران بن أبي عمر ثنا سفيان ثنا المثنى بن الصباح عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت شيبة عن تملك العبدرية قالت نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في غرفة لي بين الصفا والمروة وهو يقول أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا انتهى تفرد
[ 139 ]
به مهران بن أبي عمر قال البخاري في حديثه اضطراب صلى الله عليه وسلم وأما حديث صفية بنت شيبة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الحضرمي ثنا علي بن الحكم الاودي ثنا حميد بن عبد الرحمن عن المثنى بن الصباح عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت شيبة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي انتهى وذكر الدارقطني في علله في هذا الحديث اضطرابا كثيرا ثم قال والصحيح قول من قال عن عمر بن محيصن عن عطاء عن صفية عن حبيبة بنت أبي تجزأة وهو الصواب انتهى وقال الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ الوجه السادس والعشرون من وجوه الترجيحات وهو أن يكون أحد الحديثين من قول النبي عليه السلام وهو مقارن فعله والآخر مجرد قوله لا غير فيكون الاول أولى بالترجيح نحو ما روته حبيبة بنت أبي تجزأة قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في بطن المسيل يسعى وهو يقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي فهو أولى من حديث الحج عرفة لانه مجرد قول والاول قول وفعل وفيه أيضا إخباره عن الله تعالى أنه أوجبه علينا فكان أولى انتهى كلامه ورواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني علي بن محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه عن برة بنت أبي تجزأة قالت لما انتهى النبي عليه السلام إلى السعي قال أيها الناس إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا قالت فسعى حتى رأيت إزاره انكشف عن فخذه انتهى الحديث الثالث والثلاثون قال عليه السلام الطواف بالبيت صلاة قلت
[ 140 ]
رواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث من حديث فضيل بن عياض والحاكم في المستدرك من حديث سفيان كلاهما عن عطاء بن السائب عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله قد أحل فيه النطق فمن نطق فيه فلا ينطق إلا بخير انتهى وسكت الحاكم عنه وأخرجه الترمذي في كتابه عن جرير عن عطاء بن السائب به بلفظ الطواف حول البيت مثل الصلاة قال وقد روى هذا الحديث عن ابن طاوس وغيره عن طاوس موقوفا ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن السائب انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ثم قال وهذا حديث قد رفعه عطاء بن السائب في رواية جماعة عنه وروى عنه موقوفا وهو أصح انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام هذا الحديث روي مرفوعا وموقوفا أما المرفوع فله ثلاثة أوجه أحدها رواية عطاء بن السائب رواها عنه جرير وفضيل بن عياض وموسى بن أعين وسفيان أخرجها كلها البيهقي الوجه الثاني رواية ليث بن أبي سليم رواها عنه موسى بن أعين عن ليث عن طاوس عن بن عباس مرفوعا باللفظ المذكور أخرجها البيهقي في سننه والطبراني في معجمه الوجه الثالث رواية الباغندي عن أبيه عن بن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس مرفوعا نحوه رواه البيهقي أيضا فأما طريق عطاء فإن عطاء من الثقات لكنه اختلط بآخره قال بن معين من سمع منه قديما فهو صحيح ومن سمع منه حديثا فليس بشئ وجميع من روى عنه روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان وما سمع منه جرير وغيره فليس من صحيح حديثه وأما طريق ليث فليث رجل صالح صدوق يستضعف قال بن معين ليث بن أبي سليم ضعيف مثل عطاء بن السائب وقد أخرج له مسلم في المتابعات وقد يقال لعل اجتماعه مع عطاء يقوي رفع الحديث وأما طريق الباغندي فإن البيهقي لما ذكره قال
[ 141 ]
ولم يصنع الباغندي شيئا في رفعه لهذه الرواية فقد رواه بن جريج وأبو عوانة عن إبراهيم بن ميسرة موقوفا انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أبان ثنا أحمد بن ثابت الجحدري ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا سفيان عن حنظلة عن طاوس عن ابن عمر لا أعلمه إلا عن النبي عليه السلام قال الطواف صلاة فأقلوا فيه الكلام انتهى رضي الله تعالى عنها لحديث الرابع والثلاثون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر يوم التروية بمكة فلما
[ 142 ]
طلعت الشمس راح إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم راح إلى عرفات قلت تقدم من حديث جابر الطويل فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس إلى أن قال فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة الحديث وأخرج الترمذي وابن ماجة عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن بن عباس قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم غدا إلى عرفات انتهى قال الترمذي وإسماعيل بن مسلم تكلموا فيه انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث الاعمش عن الحكم بن عتيبة عن مقسم عن بن عباس فذكره وأخرج مسلم عن عبد العزيز بن رفيع قال قلت لانس بن مالك أخبرني عن شئ عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أين صلى الظهر يوم التروية قال بمنى قلت فأين صلى العصر يوم النحر قال بالابطح انتهى الحديث الخامس والثلاثون قال وإذا زالت الشمس يصلي الامام بالناس الظهر والعصر ويبدأ فيخطب خطبة يعني قبل الصلاة ثم قال هكذا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت تقدم من حديث جابر الطويل أنه عليه السلام خطب بعرفة قبل صلاة الظهر ولفظه فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى أن قال ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم
[ 143 ]
يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل رافعا يديه حتى غربت الشمس الحديث حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يزيد بن هارون أنا يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال من سنة الحج أن يصلي الامام الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو إلى عرفة حتى إذا زالت الشمس خطب الناس ثم صلى الظهر والعصر جميعا ثم وقف بعرفات حتى تغيب الشمس ثم يفيض فيصلي بالمزدلفة أو حيث قضى الله ثم يقف بجمع حتى إذا أسفر دفع قبل طلوع الفجر فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شئ حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى رضي الله تعالى عنهما حديث لمالك في قوله يخطب بعد الصلاة أخرجه أبو داود في سننه عن بن إسحاق عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة انتهى قال عبد الحق في أحكامه وفي حديث جابر أنه عليه السلام خطب قبل الصلاة وهو المشهور الذي عمل به الائمة والمسلمون وأعله هو وابن القطان بعده بابن إسحاق الحديث السادس والثلاثون روي أنه عليه السلام لما خرج واستوى على ناقته أذن
[ 144 ]
المؤذن بين يديه قلت غريب جدا الحديث السابع والثلاثون قال المصنف رحمه الله وقد ورد النقل المستفيض باتفاق الرواة بالجمع بين الصلاتين يعني الظهر والعصر قال وفيما روى جابر أنه عليه السلام صلاهما بأذان وإقامتين قلت تقدم من حديث جابر فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة إلى أن قال ثم أذن فأقام فصلى الظهر ثم قام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا
[ 145 ]
الحديث الثامن والثلاثون روي أنه عليه السلام راح إلى الموقف عقيب الصلاة قلت هو أيضا في حديث جابر ثم أذن وأقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى الموقف واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وتقدم قريبا لابي داود عن بن إسحاق عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر ثم خطب الناس ثم راح فوقف على الموقف من عرفة انتهى الحديث التاسع والثلاثون قال عليه السلام عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرفة والمزدلفة كلها موقف وارتفعوا عن وادي محسر قلت روي من حديث جابر ومن حديث جبير بن مطعم ومن حديث بن عباس ومن حديث ابن عمر ومن حديث أبي هريرة رضي الله عنهم فحديث جابر أخرجه بن ماجة في سننه أخبرنا هشام بن عمار ثنا القاسم بن عبد الله العمري حدثنا محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عرفة موقف وارتفعوا عن بطن عرفة وكل المزدلفة موقف وارتفعوا عن بطن محسر وكل منى منحر إلا ما وراء العقبة انتهى والقاسم بن عبد الله بن عمر العمري متروك قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان أحمد يرميه بالكذب وقال بن معين ليس بشئانتهى
[ 146 ]
وأما حديث جبير بن مطعم فرواه أحمد في مسنده حدثنا المغيرة حدثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني سليمان بن موسى عن جبيربن مطعم عن النبي عليه السلام قال كل عرفات موقف وارفعوا عن عرفة وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر وكل فجاج منى منحر وكل أيام التشريق ذبح انتهى قال بن كثير هكذا رواه أحمد وهو منقطع فإن سليمان بن موسى الاشدق لم يدرك جبير بن مطعم انتهى قلت رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الاول عن سليمان بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي حسين عن جبير بن مطعم فذكره وكذلك رواه الترمذي في مسنده حدثنا يوسف بن موسى ثنا عبد الملك بن عبد العزيز ثنا سعيد بن عبد العزيز التنوخي عن سليمان بن موسى عن عبد الرحمن بن أبي حسين به بلفظ أحمد سواء قال البزار ورواه سويد بن عبد العزيز فقال فيه عن نافع بن جبير عن أبيه وهو رجل ليس بالحافظ ولا يحتج به إذا انفرد بحديث وحديث بن أبي حسين هو الصواب مع أن بن أبي حسين لم يلق جبير بن مطعم وإنما ذكرنا هذا الحديث لانا لا نحفظ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل أيام التشريق ذبح إلا في هذا الحديث فكذلك ذكرناه وبينا العلة فيه انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن يحيى بن خالد الرقي ثنا زهير بن عباد الرواسي ثنا سويد بن عبد العزيز عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع بن جبير عن أبيه بنحوه ليس فيه أيام التشريق ورواه أيضا في كتاب مسند الشاميين عن حفص بن غيلان عن سليمان بن موسى عن محمد بن المنكدر عن جبير بن مطعم مرفوعا كذلك رضي الله تعالى عنه وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن يحيى بن مالك الاصبهاني حدثنا صالح بن مسمار ثنا معن بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي عن بن أبي مليكة عن بن عباس مرفوعا عرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرفة والمزدلفة كلها موقف وارفعوا عن بطن محسر انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ويراجع
[ 147 ]
رضي الله تعالى عنهما وأما حديث بن عمر فأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن عبيد الله وعبد الله ابني عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ حديث بن عباس قال ابن عدي لا يرويه بهذا الاسناد إلا عبد الرحمن بن عبد الله العمري ثم أسند تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين ووافقهم وأما حديث أبي هريرة فأخرجه بن عدي أيضا عن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام نحوه سواء وأعله يزيد بن عبد الملك وقال عامة ما يرويه غير محفوظ ونقل عن النسائي أنه قال فيه متروك الحديث انتهى الحديث الاربعون روي أنه عليه السلام وقف على ناقته قلت تقدم ذلك في حديث جابر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهب الصفرة قليلا حتى غاب القرص وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد ثم أتى المزدلفة الحديث وأخرج البخاري ومسلم في الصوم عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا اختلفوا عندها في صوم النبي عليه السلام يوم عرفة فقال بعضهم هو صائم وقال بعضهم ليس بصائم فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشربه انتهى الحديث الحادي والاربعون روي أنه عليه السلام وقف على ناقته مستقبل القبلة قلت هو أيضا في حديث جابر كما تقدم قبله الحديث الثاني والاربعون قال عليه السلام خير المواقف ما استقبلت به القبلة قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الادب عن أبي المقدام هشام بن زياد عن محمد بن كعب القرظي حدثني بن عباس عن النبي عليه
[ 148 ]
السلام قال إن لكل شئ شرفاوإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة وإنما المجالس بالامانة ولا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث واقتلوا الحية والعقرب وإن كنتم في الصلاة ولا تستروا الجدر بالثياب ومن نظر في كتاب أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله ومن أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ومن أحب أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده ألا أنبئكم بشراركم قالوا بلى يا رسول الله قال من نزل وحده ومنع رفده وجلد عبده قال أفأنبئكم بشر من هذا قالوا بلى يا رسول الله قال من يبغض الناس أو يبغضونه قال أفأنبئكم بشر من هذا قالوا بلى قال من لم يقل عثرة ولم يقبل معذرة ولم يغفر ذنبا قال أفأنبئكم بشر من هذا قالوا بلى قال من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره إن عيسى بن مريم عليه السلام قام في قومه فقال يا بني إسرائيل لا تتكلموا بالحكمة عند الجاهل فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم ولا تظلموا ولا تكافئوا ظالما بظلم فيبطل فضلكم عند ربكم يا بني إسرائيل الامر ثلاثة أمر بين رشده فاتبعوه وأمر بين غيه فاجتنبوه وأمر اختلف فيه فكلوه إلى عالمه ا نتهى وسكت الحاكم عنه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال وهشام بن زياد متروك انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في كتاب الزهد بسنده ومتنه ثم قال وهشام بن زياد تكلموا فيه بسبب هذا الحديث وكان يقول أولا حدثني يحيى عن محمد بن كعب ثم ذكر بعد أن سمعه من محمد بن كعب قال وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا أبي حدثني عبد الرحمن الضبي عن القاسم بن عروة عن محمد بن كعب القرظي حدثني عبد الله بن عباس يرفع الحديث إلى النبي عليه السلام فذكر بنحوه بتقديم وتأخير ورواه ابن عدي والعقيلي في كتابيهما وأعلاه بهشام بن زياد وأسند بن عدي تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين ووافقهم وقال إن الضعف على رواياته بين انتهى قال العقيلي ليس لهذا الحديث طريق يثبت انتهى وقال بن طاهر هشام بن زياد ممن أجمع على ضعفه وترك حديثه وقد رواه صالح بن حماد عن محمد بن
[ 149 ]
كعب وصالح من أهل المدينة متروك الحديث ولعله سرقه من هشام فإنه به أشهر وبه يعرف انتهى وأخرجه العقيلي أيضا عن تمام بن بزيع عن محمد بن كعب به وضعف تماما عن جماعة وأخرجه أيضا عن عيسى بن ميمون عن محمد بن كعب به وأسند عن البخاري قال في عيسى هذا منكر الحديث حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والطبراني في معجمه الوسط من حديث حمزة بن أبي حمزة النصيبيني عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكرم المجالس ما استقبل به القبلة ورواه بن عدي في الكامل وأعله بحمزة النصيبيني وقال إنه يضع الحديث ورواه الحافظ أبو نعيم الاصبهاني في تاريخ أصبهان في باب العين المهملة من حديث محمد بن الصلت عن ابن شهاب عن نافع عن بن عمر مرفوعا خير المجالس ما استقبل به القبلة الحديث الثالث والاربعون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو يوم عرفة مادا يديه كالمستطعم المسكين قلت أخرجه البيهقي في سننه عن بن عباس رأيته عليه ا لسلام يدعو بعرفة يداه إلى صدره كالمستطعم المسكين ورواه البزار في مسنده حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا عبادة ثنا بن جريج عن الحسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس عن الفضل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا بعرفة مادا يديه كالمستطعم أو كلمة نحوها قال ولا نعلم له طريقا عن الفضل إلا هذا الطريق انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بحسين بن عبد الله وأسند تضعيفه عن ابن معين والنسائي وابن المديني قال بن عدي هو حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي مديني يكنى أبا عبيد الله يروي عن عكرمة وعنه ابن إسحاق وابن جريج وغيرهما ثم قال وهو ممن يكتب حديثه فإني لم أجد له حديثا منكرا جاوز المقدار انتهى
[ 150 ]
قوله ويدعو بما شاء وإن ورد الآثار ببعض الدعوات قلت الحديث الرابع والاربعون روي أنه عليه السلام اجتهد في الدعاء في هذا الموقف لامته فاستجيب له إلا في الدماء والمظالم قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن عبد القاهر بن السري عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه كنانة عن أبيه عباس بن مرداس أن النبي عليه السلام دعا لامته عشية عرفة بالمغفرة فأجيب أني قد غفرت لهم ما خلا المظالم فإني آخذ للمظلوم منه قال رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم فلم يجبه عشيته فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب إلى ما سأل فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال فتبسم فقال أبو بكر وعمر بأبي أنت وأمي إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها فما الذي أضحكك أضحك الله سنك قال إن عدو الله إبليس لما علم أن الله قد استجاب دعائي وغفر لامتي أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور فأضحكني ما رأيت من جزعه انتهى ورواه الطبراني في معجمه وعبد الله بن أحمد بن حنبل في مسند أبيه وأبو يعلى الموصلي في مسنده ورواه بن عدي في الكامل وأعله بكتابه وأسند عن البخاري أنه قال كنانة روى عن أبيه لم يصح وقال بن حبان في كتاب
[ 151 ]
الضعفاء كنانة بن العباس بن مرداس أسلمي يروي عن أبيه وروى عنه ابنه منكر الحديث جدا فلا أدري التخليط في حديثه منه أو من أبيه ومن أيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روى وذلك لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير انتهى حديث آخر روى بن الجوزي في المضوعات من طريق الطبراني ثنا إسحاق بن إبراهيم الديري حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عمن سمع قتادة يقول ثنا خلاس بن عمرو عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة أيها الناس إن الله تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم ووهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى محسنكم ما سأل فادفعوا باسم الله وإبليس وجنوده على جبال عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم فإذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل والثبور ثم قال هذا حديث لا يصح والراوي عن قتادة مجهول وخلاس ليس بشئ قال أيوب لا ترووا عنه فإنه صحفي انتهى كلامه الحديث الخامس والاربعون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم ما زال يلبي حتى أتى جمرة العقبة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن الفضل بن العباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة انتهى وزاد فيه بن ماجة فلما رماها قطع التلبية الحديث السادس والاربعون روي أنه عليه السلام دفع من عرفة بعد غروب
[ 152 ]
الشمس قلت فيه أحاديث منها ما أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذه عرفة وعرفة كلها موقف ثم أفاض حين غربت الشمس وأردف خلفه أسامة بن زيد وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينا وشمالا يلتفت إليهم ويقول أيها الناس السكينة الحديث قال الترمذي حديث حسن صحيح لا نعرفه عن علي إلا من هذا الوجه انتهى حديث آخر تقدم في حديث جابر الطويل فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس إلى أن قال ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الحديث حديث آخر رواه أبو داود في سننه ثنا أحمد بن حنبل حدثنا يعقوب ثنا أبي عن بن إسحاق حدثني إبراهيم بن عقبة عن كريب عن أسامة قال كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال في التنقيح هذا إسناد حسن انفرد به أبو داود انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الوارث بن سعيد عن ابن جريج عن محمد بن قيس عن المسور بن مخرمة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فإن أهل الشرك والاوثان كانوا يدفعون في هذا الموضع إذا كانت الشمس على رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال على رؤوسها وإنما ندفع بعد أن تغيب وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال فقد صح بهذا سماع المسور بن مخرمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا كما يتوهمه رعاع أصحابنا أن له رؤية بلا سماع وذكر أحاديث أخرى في ذلك والله أعلم وهذا الحديث رواه الشافعي ثم البيهقي من جهته أنا مسلم بن خالد عن بن جريج عن محمد بن قيس بن مخرمة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أهل الجاهلية كانوا لا يدفعون من عرفة حتى تكون الشمس كأنها عمائم الرجال في وجوههم قبل أن تغرب الشمس ومن المزدلفة بعد
[ 153 ]
طلوع الشمس حتى تكون كأنها عمائم الرجال في وجوههم ندفع من مزدلفة قبل أن تطلع الشمس هدينا مخالف لهدي أهل الاوثان والشرك انتهى قال الشيخ في الامام وهو مرسل فإن محمد بن قيس بن مخرمة تابعي سمع عائشة وروى عن أبي هريرة وأظن أن بن جريج عنه منقطع أيضا فإن بن جريج روى عن بن عبد الله بن كثير وذكر أبو إسحاق الشيرازي هذا الحديث في المهذب عن المسور بن مخرمة وهو سهو منه وإنما هو محمد بن قيس بن مخرمة انتهى قلت ليس ما قاله أبو إسحاق سهوا فقد أخرجه الحاكم وعنه البيهقي في سننه من حديث المسور بن مخرمة كما ذكرناه وقوله وفي رواية لابن جريج أخبرني من سمع محمد بن قيس بن مخرمة هذه الرواية عند بن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا يحيى بن أبي زائدة عن بن جريج قال أخبرت عن محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أن النبي عليه السلام خطب بعرفة فذكره حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن محمد بن عزيز الموصلي ثنا غسان بن الربيع حدثنا جعفر بن ميسرة عن أبيه عن بن عمر قال كان المشركون لا يفيضون من عرفات حتى تعمم الشمس على رؤوس الجبال فتصير في رؤوسها كعمائم الرجال في وجوههم وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يفيض حتى تغرب وكان المشركون لا يفيضون من جمع حتى يقولون أشرق ثبير فلا يفيضون حتى تصير الشمس في رؤوس الجبال كعمائم الرجال في وجوههم وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفيض قبل أن تطلع الشمس انتهى الحديث السابع والاربعون روي أنه عليه السلام كان يمشي على راحلته في
[ 154 ]
الطريق يعني طريق المزدلفة على هينته قلت تقدم في حديث جابر الطويل ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة كلما أتى جبلا من الجبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة الحديث وأخرج مسلم أيضا عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة وأسامة ردفه قال أسامة فما زال يسير على هينته حتى أتى جمعا انتهى وأخرج أيضا عن الفضل بن عباس وكان رديف النبي عليه السلام أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا عليكم بالسكينة وهو كاف ناقته حتى دخل محسرا وهو من منى قال عليكم بحصى الخذف الذي ترمى به الجمرة وقال لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى أتى الجمرة انتهى وتقدم لابي داود والترمذي وابن ماجة عن علي قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذه عرفة وعرفة كلها موقف ثم أفاض حتى غربت الشمس وأردف أسامة بن زيد وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينا وشمالا يلتفت إليهم ويقول أيها الناس عليكم السكينة الحديث وصححه الترمذي قوله روى أن عائشة رضي الله عنها دعت بشراب بعد إفاضة الامام فأفطرت ثم أفاضت قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الاحمر عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة أنها كانت تدعو بشراب فتفطر ثم تفيض انتهى الحديث الثامن والاربعون روى أنه عليه السلام وقف عند هذا الجبل يعني قزح وكذا عمر قلت أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي واللفظ للترمذي قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذه عرفة
[ 155 ]
وعرفة كلها موقف ثم أفاض حين غربت الشمس وأردف أسامة بن زيد وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينا وشمالا يلتفت إليهم ويقول أيها الناس عليكم السكينة ثم أتى جمعا فصلى بهم الصلاتين جميعا فلما أصبح أتى قزح فوقف عليه الحديث الحديث حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن جابر أن النبي عليه السلام قال حين وقف مختصر وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده أخبرنا عقبة بن مكرم الهلالي ثنا يونس ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن زيد بن علي عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال غدا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح بجمع حتى وقف على قزح بالمزدلفة ثم قال هذا الموقف وكل المزدلفة وارتفعوا عن بطن محسر ثم دفع حين أسفر انتهى وحديث عمر غريب الحديث التاسع والاربعون روى جابر أن النبي عليه السلام جمع بين المغرب والعشاء بأذان وإقامة واحدة يعني بالمزدلفة قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن جابر بن عبد الله قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامة ولم يسبح بينهما انتهى وهو حديث غريب فإن الذي في حديث جابر الطويل عند مسلم أنه صلاهما بأذان وإقامتين ولفظه قال ثم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا الحديث وعند البخاري أيضا عن بن عمر قال جمع النبي عليه السلام بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر واحدة منهما وهذان الحديثان مخالفان للاول ولما يأتي بعد
[ 156 ]
حديث آخر أخرج البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال فتوضأ ولم يسبغ الوضوء قلت له الصلاة قال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئا انتهى حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن مسهر عن بن أبي ليلى عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة المغرب والعشاء بإقامة انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن آدم ثنا قيس عن غيلان بن جامع صوابه حازم عن عدي به ورواه من طريق آخر الطبراني في معجمه من طريق أبي نعيم ثنا سفيان عن جابر بن عدي به ورواه من طريق آخر فقال حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا جعفر بن محمد عن فضيل الرواسي ثنا محمد بن أبي سليمان بن أبي داود حدثنا أبي عن عبد الكريم عن سعيد بن المسيب عن أبي أيوب الانصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين صلاة المغرب وصلاة العشاء بالمزدلفة بأذان واحد وإقامة واحدة انتهى وحديث أبي أيوب الانصاري هذا رواه البخاري ومسلم ليس فيه ذكر الاقامة أخرجاه عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب أنه صلى مع النبي عليه السلام في حجة الوداع المغرب والعشاء بالمزدلفة زاد البخاري جميعا خرجه في المغازي ومن أحاديث الباب ما أخرجه مسلم عن سعيد بن جبير قال أفضنا مع ابن عمر فلما بلغنا جمعا صلى بنا المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة فلما انصرف قال بن عمر هكذا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان انتهى قال الشيخ في الامام وجعل بعض الرواة مكان بن عمر بن عباس كما أخرجه أبو الشيخ الاصبهاني عن الحسين بن حفص ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن النبي عليه السلام صلى المغرب والعشاء بجمع بإقامة واحدة ثم قال هكذا أسنده عن ابن عباس ورواه وكيع وإسحاق بن يوسف وحسان بن إبراهيم وعبيدالله بن موسى
[ 157 ]
عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وليس في هذه الطرق ذكر الاذان لكن أخرجه أبو داود عن أشعث بن سليم عن أبيه قال أقبلت مع بن عمر من عرفات إلى المزدلفة فلم يكن يفتر من التكبير والتهليل حتى أتينا المزدلفة فأذن وأقام أو أمر إنسانا فأذن وأقام فصلى بنا المغرب ثلاث ركعات ثم التلفت إلينا فقال الصلاة فصلى بنا العشاء ركعتين ثم دعا بعشائه قال وأخبرني علاج بن عمرو بمثل حديث أبي عن بن عمر فقيل لابن عمر في ذلك فقال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا انتهى الحديث الخمسون روي أن النبي عليه السلام صلى المغرب بالمزدلفة ثم تعشى ثم أفرد الاقامة للعشاء قلت غريب وهو في البخاري عن بن مسعود أخرجه البخاري عن عبد الرحمن بن يزيد قال حج عبد الله بن مسعود فأتينا المزدلفة حين الاذان بالعتمة أو قريبا من ذلك فأمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر أرى فأذن وأقام قال عمرو بن خالد لا أعلم الشك إلا من زهير ثم صلى العشاء ركعتين فلما طلع الفجر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصلي هذه الساعة إلا هذه الصلاة في هذا المكان من هذا اليوم قال عبد الله هما صلاتان تحولان عن وقتهما صلاة المغرب بعد ما يأتي الناس المزدلفة والفجر حين بزغ الفجر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى وأعاده في موضع آخر عن عبد الرحمن بن يزيد قال خرجنا مع عبد الله إلى مكة ثم قدمنا جمعا فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما ثم صلى الفجر حين طلع الفجر وقائل يقول طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 158 ]
قال إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة ثم وقف حتى أسفر ثم قال لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة فما أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر انتهى وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه ولفظه قال فلما أتى جمعا أذن وأقام فصلى المغرب ثلاثا ثم تعشى ثم أذن وأقام فصلى العشاء ركعتين انتهى وأخرج عن عمر نحوه ولم يحسن شيخنا علاء الدين إذا استشهد لهذا الحديث بحديث أسامة الآتي ذكره وتقدم أيضا وليس فيه المقصود ولا شئ منه ثم إنه عزاه لمسلم وهو عند البخاري أيضا ولكنه قلد الحديث الحادي والخمسون روى أنه عليه السلام قال لاسامة في طريق المزدلفة الصلاة أمامك قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أسامة قال دفع عليه السلام من عرفة حتى إذا كان بالشعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء فقلت له الصلاة فقال الصلاة أمامك فركب فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله ثم أقيمت الصلاة فصلاها
[ 159 ]
ولم يصل بينهما شيئا انتهى الحديث الثاني والخمسون روى بن مسعود أن النبي عليه السلام صلى الفجر يومئذ بغلس قلت رواه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة إلا لميقاتها إلا صلاتين صلى المغرب والعشاء بجمع وصلى الفجر يومئذ قبل ميقاتها قوله قبل ميقاتها أي قبل ميقاتها المعتاد في كل يوم لا أنه صلاها قبل الفجر ولكن غلس بها كثيرا بينه لفظ البخاري والفجر حين بزغ الفجر وفي لفظ لمسلم قبل ميقاتها بغلس وأخرج بالسند المذكور أنه صلى بجمع الصلاتين جميعا وصلى الفجر حين طلع الفجر وقائل يقول لم يطلع الفجر ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب فلا يقدم الناس جمعا حتى يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة ثم وقف حتى أسفر مختصر وقد تقدم قريبا بتمامه الحديث الثالث والخمسون روى أنه عليه السلام وقف في هذا الموضع يعني المزدلفة يدعوا حتى روى في حديث بن عباس واستجيب له دعاؤه لامته حتى الدماء والمظالم قلت تقدم في حديث جابر الطويل فصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه فكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس الحديث وقوله حتى روى في حديث بن عباس هذا وهم وإنما روى هذا في حديث
[ 160 ]
بن عباس بن مرداس وقد تقدم في الحديث الرابع والاربعين واعتذر هذا الجاهل بأن المصنف إنما أراد باب عباس كنانة بن عباس بن مرداس وهذا خطأ من وجهين أحدهما أن بن عباس إذا أطلع فلا يراد به إلا عبد الله بن عباس فلو أراد كنانة لقيده الثاني أن المصنف ليس من عادته أن يذكر التابعي دون الصحابي عند ذكر الحديث ولا يليق به ذلك والله أعلم الحديث الرابع والخمسون روى أنه عليه السلام قدم ضعفة أهله بليل قلت أخرجه البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت سودة امرأة ضخمة بطيئة فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جميع بليل فأذن لها قالت عائشة فليتني كنت استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة وكانت عائشة لا تفيض إلا مع الامام انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن سالم عن أبيه عبد الله بن عمر أنه كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يرجعون قبل أن يقف الامام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة وكان بن عمر يقول أرخص في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عطاء عن بن عباس قال أنا ممن قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفه أهله من جميع بليل انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عبد الله مولى أسماء عن أسماء أنها رمت الجمرة قلت لها إنا رمينا الجمرة بليل قالت إنا كنا نصنع هذا على عهد
[ 161 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أم حبيبة أن النبي عليه السلام بعث بها من جمع بليل انتهى وفي لفظ كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلس من المزدلفة إلى منى انتهى حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عطاء عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفه أهله بغلس ويأمرهم لا يرمون الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت أرسل النبي عليه السلام بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت وكان ذلك اليوم اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني عندها انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال إسناده صحيح لا غبار عليه انتهى الحديث الخامس والخمسون قال عليه السلام من وقف معنا هذا الموقف وكان قد أفاض قبل ذلك من عرفات فقد تم حجه قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عروة بن مضرس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه انتهى
[ 162 ]
ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الثالث ولفظه قال رأيت النبي عليه السلام وهو واقف بالمزدلفة فقال من صلى صلاتنا هذه إلى آخره ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط كافة أئمة الحديث وهو قاعدة من قواعد الاسلام ولم يخرجه الشيخان على أصلهما أن عروة بن مضرس لم يرو عنه غير الشعبي وقد وجدنا عروة بن الزبير قد حدث عنه ثم أخرج عن يوسف بن خالد السهمي ثنا هشام بن عروة عن أبيه عروة عن عروة بن مضرس قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالموقف فقلت يا رسول الله أتيت من جبل طئ أكللت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما بقي جبل من تلك الجبال حتى وقفت عليه فقال من أدرك معناه هذه الصلاة يعني صلاة الغداة وقد أتى عرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه انتهى قال وقد تابع عروة بن مضرس من الصحابة في رواية هذه السنة عبد الرحمن بن معمر الدؤلي ثم أخرجه من طريق أحمد بن حنبل وسكت عنه وتعقب الذهبي في مختصره الطريق الثاني وقال إن يوسف بن خالد السمتي ليس بثقة انتهى وقال صاحب التنقيح رحمه الله فيها رجل متروك وآخر غير معروف انتهى الحديث السادس والخمسون روى أنه عليه السلام دفع من مزدلفة قبل طلوع الشمس قلت فيه أحاديث أخرج الجماعة إلا مسلما عن عمرو بن ميمون قال شهدت عمر صلى بجمع الصبح ثم وقف فقال إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون أشرق ثبير وأن النبي صلى الله عليه وسلم خالفهم ثم أفاض قبل أن تطلع الشمس انتهى وفي لفظ كانوا لا يفيضون حتى تشرق الشمس على ثبير
[ 163 ]
حديث آخر تقدم في حديث جابر الطويل ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة ودعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا فدفع قبل أن تطلع الشمس الحديث حديث آخر رواه أحمد في مسنده ثنا أبو داود ثنا زمعة عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بجمع فلما أضاء كل شئ قبل أن تطلع الشمس أفاض انتهى قال في التنقيح وزمعة روى له مسلم مقرونا بغيره وقال بن معين في رواية عنه صويلح الحديث وقال النسائي متروك ليس بالقوي وقال بن عدي أرجو أن حديثه صالح لا بأس به انتهى وبهذا الحديث استدل بن الجوزي رحمه الله في التحقيق لابي حنيفة رضي الله عنه أن الدفع من المزدلفة لا يجوز قبل طلوع الفجر واستدل لاحمد في جوازه بعد نصف الليل بحديث عائشة المتقدم في الرابع والخمسين أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة وصححه البيهقي قال في التنقيح وليس في حديث بن عباس دليل على عدم جواز الدفع قبل طلوع الفجر ولا في حديث عائشة دليل على أنه يجوز لكل أحد في كل حال الدفع من المزدلفة بعد نصف الليل انتهى حديث آخر تقدم في الحديث االرابع والاربعين عن بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفيض من المزدلفة قبل طلوع الشمس رواه الطبراني في معجمه الكبير حديث آخر وأخرج في معجمه الاوسط من طريق الواقدي عن حارثة بن أبي عمران عن سليمان بن عبد الله بن خباب عن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه عن أبيها عن أبي أبكر الصديق نحوه سواء حديث آخر أخرجه أصحاب السنن إلا الترمذي عن الحسن العرني عن ابن
[ 164 ]
عباس قال قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني عبد المطلب على حمرات فجعل يلطح أفخاذنا ويقول أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى والحسن العرني احتج به مسلم واستشهد البخاري وقال أحمد وابن معين إنه لم يسمع من بن عباس قاله المنذري والله أعلم الحديث السابع والخمسون روى أن النبي عليه السلام لم يعرج على شئ حتى رمى جمرة العقبة قلت تقدم في حديث جابر الطويل فدفع قبل ن تطلع الشمس حتى أتى بطن محسر فحرك قليلا ثم سلك الطريق الوسطى التي تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات الحديث الثامن والخمسون قال عليه السلام عليكم بحصى الخذف لا يؤذى بعضكم بعض قلت روى أبو داود وابن ماجة في سننهما قريبا منه عن يزيد بن أبي زياد أنا سليمان بن عمرو بن الاحوص عن أمه قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي الجمرة من بطن الوادي وهو راكب يكبر مع كل حصاة ورجل من خلفه يستره فسألت عن الرجل فقالوا الفضل بن عباس وازدحم الناس فقال النبي عليه السلام يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا وإذا رميتم الجمرة فارموا بمثل حصى الخذف انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في مسانيدهم حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أشهب حدثنا ابن لهيعة
[ 165 ]
عن أيوب بن موسى حدثه عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما أتى محسرا عليكم بحصى الخذف انتهى وقال لم يروه عن أيوب إلا بن لهيعة تفرد به أشهب وفي الباب حديث أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى الجمرة بمثل حصى الخذف انتهى حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن إسماعيل بن عياش ثنا يحيى بن سعيد الانصاري عن أبي الزبير أن أبا معبد مولى بن عباس أخبره أنه سمع ابن عباس يحدث عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول عليكم بحصى الخذف انتهى قال بن عدي وهذا الحديث لا يحدث به عن يحيى غير إسماعيل انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا سفيان عن زياد بن سعد عن أبي الزبير عن أبي معبد عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يذكر فيه العباس وقال صاحب التنقيح رحمه الله إسناده صحيح حديث آخر روى في مسنده حدثنا بن جعفر ثنا عوف بن أبي جميلة عن زياد بن الحصين حدثنا أبو العالية عن بن عباس قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع القط لي فلقطت له حصيات من حصى الخذف فلما وضعهن في يده قال نعم بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين انتهى ومن طريق أحمد رواه الحاكم في المستدرك قال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرجه النسائي وابن ماجة عن عوف به الله عز وجلالحديث التاسع والخمسون روى بن مسعود وابن عمر التكبير مع كل حصاة قلت أما حديث بن مسعود فأخرجه البخاري ومسلم هكذا ذكره عبد الحق في المتفق عليه عن عبد الرحمن بن يزيد قال رمى عبد الله بن مسعود جمرة العقبة من بطن الوادي بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فقيل له إن ناسا يرمونها من فوقها فقال عبد الله بن مسعود هذا والذي لاإله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة
[ 166 ]
انتهى وأخرجه البخاري ومسلم عن الاعمش قال سمعت الحجاج بن يوسف يقول وهو يخطب على المنبر لا تقولوا سورة البقرة وقولوا السورة التي يذكر فيها البقر السورة التي يذكر فيها آل عمران السورة التي يذكر فيها النساء قال فلقيت إبراهيم فأخبرته بقوله فسبه وقال حدثني عبد الرحمن بن يزيد أنه كان مع عبد الله بن مسعود فأتى جمرة العقبة فاستبطن الوادي فاستعرضها فرماها من بطن الوادي إلى آخره سواء وليس في الكتب الستة عن بن مسعود في هذا الباب غير ذلك وهو غير كاف إلا أن يكون رفعه وينظر من غير الكتب الستة وأما حديث بن عمر فأخرجه البخاري عن الزهري قال سمعت سالما يحدث عن أبيه عن النبي عليه السلام أنه كان إذا رمى الجمرة رماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ثم ينحدر أمامها فيقف مستقبل القبلة رافعا يديه يدعو وكان يطيل الوقوف ويأتي الجمرة الثانية فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رمى بحصاة ثم ينحدر ذات اليسار مما يلي الوادي فيقف مستقبل البيت رافعا يديه يدعو ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رماها بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها انتهى وفي الباب حديث جابر الطويل حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الحديث الحديث الستون روى أنه عليه السلام لم يقف عند جمرة العقبة قلت تقدم في الحديث الذي قبله عند البخاري عن بن عمر قال ثم يأتي الجمرة التي عند العقبة فيرميها بسبع حصيات يكبر كلما رماها بحصاة ثم ينصرف ولا يقف عندها الحديث وله أيضا عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر كن يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا ويدعو ويرفع يديه ثم يرمي الوسطى ثم يأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة ثم يدعو ويرفع يديه ويقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ثم ينصرف فيقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله
[ 167 ]
انتهى وأغفل هذا الجاهل هذين الحديثين وأخذ يستشهد بما في حديث جابر الطويل حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصاة الخذف رمى من بطن الوادي ثم انصرف إلى المنحر فنحر وهذا ليس بصريح في ذلك قوله ويقطع التكبير مع أول حصاة لما روينا عن بن مسعود عنه قلت كأن المصنف ذهل فإنه لم يذكر هذا عن بن مسعود وإنما ذكر عنه التكبير مع كل حصاة إلا أن يكون بمفهومه فإن قوله يكبر مع كل حصاة يدل على أنه قطع التلبية من أول حصاة وصرح به البيهقي في المعرفة فقال بعد أن ذكره من جهة مسلم وفيه دلالة على أنه قطع التلبية بأول حصاة ثم كان يكبر مع كل حصاة انتهى كلامه وروى في السنن من حديث بن مسعود قال رمقت النبي عليه السلام فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة بأول حصاة انتهى الحديث الحادي والستون روى جابر أنه عليه السلام قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمرة العقبة قلت هو مفهوم ما في حديث جابر الطويل حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الحديث وتقدم صريحا عن بن مسعود عند البيهقي
[ 168 ]
قوله ويأخذ الحصى من أي موضع شاء لا من عند الجمرة لان ما عندها من الحصى مردود هكذا جاء في الاثر فيتشاءم به قلت فيها أحاديث فمنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه أبي سعيد قال قلنا يا رسول الله هذه الجمار التي يرمي بها كل عام فتحسب أنها تنقص فقال إنه ما يقبل منها رفع ولولا ذلك لرأيتها أمثال الجبال انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ويزيد بن سنان ليس بالمتروك انتهى وأعله الشيخ في الامام بيزيد بن سنان وقال فيه مقال انتهى وقال صاحب التنقيح هذا حديث لا يثبت فإن أبا فروة يزيد بن سنان ضعفه الامام أحمد والدارقطني وغيرهما وتركه النسائي وغيره وذكره الحاكم في كتاب الضعفاء والله أعلم انتهى قلت رواه ابن أبي شيبة في مصنفه موقوفا فقال حدثنا بن عيينة عن سليمان بن المغيرة القيسي عن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري قال ما يقبل من حصى الجمار رفع انتهى وكذلك رواه أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة
[ 169 ]
رضي الله تعالى عنه حديث آخر أخرجه أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة عن عبد الله بن خراش عن العوام عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قبل حج امرئ إلا رفع حصاه انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الله بن خراش عن واسط بن الحارث عن نافع به سواء وأعله بن عدي بواسط وقال عامة حديثه لا يتابع عليه انتهى قلت فقد تابعه العوام كما رواه أبو نعيم حديث آخر موقوف رواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا أبو عامر العقدي ثنا شعبة عن عباس العامري قال سمعت عبد الله بن باباه يحدث عن بن عباس أنه قال في حصاة الجمار ما يقبل منه رفع وما لم يتقبل منه ترك انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن عيينة عن فطر عن أبي الطفيل عن بن عباس بنحوه ورواه الازرقي في تاريخ مكة حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الازرقي أنا مسلم بن خالد عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس بنحوه الحديث الثاني والستون قال عليه السلام إن أول نسكنا هذا أن نرمي ثم نذبح ثم نحلق أو نقصر قلت غريب وأخرج الجماعة إلا بن ماجة عن محمد بن سيرين عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى فنحر ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الايمن ثم الايسر ثم جعل يعطيه الناس انتهى الحديث الثالث والستون قال عليه السلام رحم الله المحلقين قلت أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين
[ 170 ]
يا رسول الله قال رحم الله المحلقين قالوا والمقصرين يا رسول الله قال والمقصرين انتهى وفي رواية للبخاري فلما كانت الرابعة قال والمقصرين وأخرج مسلم عن أم الحصين أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع دعا للمحلقين والمقصرين واحدة انتهى وذكر الواقدي في المغازي أنه عليه السلام قال في عمرة الحديبية فقال حدثني يعقوب بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن الحارث بن عبد الله بن كعب عن أم عمارة قالت فأنا أنظر إلى النبي عليه السلام حين فرغ من نحر البدن فدخل قبة له حمراء فيها الحلاق فحلق رأسه فأنظر إليه قد أخرج رأسه من قبته وهو يقول رحم الله المحلقين قيل يا رسول الله والمقصرين قال رحم الله المحلقين ثلاثا ثم قال والمقصرين انتهى ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حلق رأسه في حجة الوداع انتهى وأخرج البخاري أيضا عن بن عباس عن معاوية قال قصرت عن النبي عليه السلام بمشقص على المروة وزاد أبو داود لحجته قال المنذري أي لعمرته ففي لفظ للنسائي في عمرة على المروة والعمرة قد تسمى حجا لان معناه القصد وقد قالت حفصة للنبي عليه السلام ما بال الناس حلوا وأنت لم تحلل من عمرتك معناه من حجتك انتهى الحديث الرابع والستون قال المصنف ويكتفي في الحلق بربع الرأس اعتبارا بالمسح وحلق الكل أولى اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرج الجماعة إلا ابن ماجة عن بن سيرين عن أنس بن مالك قال لما رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمرة ونحر نسكه وحلق ناول الحالق بشقه الايمن فحلقه ثم دعا أبا طلحة الانصاري فأعطاه إياه ثم ناوله الشق الآخر فقال احلق فحلقه فأعطاه أبا طلحة فقال أقسمه بين الناس انتهى ووهم الحاكم في المستدرك فرواه وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولم يعقبه الذهبي في ذلك وتقدم عند البخاري ومسلم عن بن عمر أن النبي عليه السلام حلق رأسه في حجة الوداع وهذا اللفظ يشعر بجميع الرأس إذ لا يقال حلق رأسه لمن حلق بعضها
[ 171 ]
الحديث الخامس والستون قال عليه السلام فيمن رمى ثم ذبح ثم حلق حل له كل شئ إلا النساء قلت أخرجه أبو داود عن حجاج بن أرطاة عن الزهري عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رمى أحدكم جمرة العقبة فقد حل له كل شئ إلا النساء انتهى قال أبو داود هذا حديث ضعيف الحجاج بن أرطاة لم ير الزهري ولم يسمع منه شيئا انتهى ورواه بن أبي شيبة ثنا وكيع عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة فذكره سواء ورواه الدارقطني في فسننه من حديث الحجاج بن أرطاة عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عمرة أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميتم وحلقتم وذبحتم فقد حل لكم كل شئ إلا النساء انتهى قال الدارقطني لم يروه غير الحجاج بن أرطاة حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرني عن بن عباس قال إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم كل شئ إلا النساء فقال رجل يا أبا العباس والطيب قال أما أنا فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك أفطيب هو أم لا انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك عن محمد
[ 172 ]
بن إسحاق ثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمه زينب بنت أبي سلمة أنهما حدثاه عن أم سلمة عن النبي عليه السلام أنه قال عشية يوم النحر إن هذا يوم رخص لكم إذا رميتم الجمرة أن تحلوا من كل ما حرمتم عنه إلا النساء مختصر وأخرجه أبو داود في سننه كذلك ولفظه قالت كانت ليلتي التي يصير إلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النحر فصار إلي فدخل علي وهب بن زمعة ومعه رجل من آل أبي أمية متقمصين فقال عليه السلام لوهب هل أفضت أبا عبد الله قال لا والله يارسول الله قال انزع عنك القميص فنزعه عن رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه ثم قال ولم يا رسول الله قال إن هذا يوم رخص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوا يعنى من كل ما حرمتم منه إلا النساء فإذا أمسيتم قبل أن تطوفوا هذا البيت صرتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتى تطوفوا به انتهى أحاديث الخصوم أخرج الحاكم في المستدرك عن يزيد بن هارون أنا يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن الزبير قال من سنة الحج إذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شئ حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت مختصر وقال على شرط الشيخين وتقدم بتمامه في الحديث الخامس والثلاثين واستدل الشيخ في الامام لمالك أيضا في تحريم الطيب بما رواه سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار قال قال عمر بن الخطاب إذا رميتم الجمرة فقد حل لكم ما حرم إلا النساء والطيب ثم قال هذا منقطع فإن عمرو بن دينار لم يسمع من عمر ثم احتج عليه بما أخرجه البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبيل أن يحرم ويوم النحر قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك وأخرجه مسلم عن عمرة عنها قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ولحله قبل أن يفيض انتهى الحديث السادس والستون روى أنه عليه السلام لما حلق أفاض إلى مكة فطاف بالبيت ثم عاد إلى منى وصلى الظهر قلت أخرجه مسلم عن عبيد الله بن عمر أنه عليه
[ 173 ]
السلام أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى قال نافع وكان بن عمر يفيض يوم النحر ثم يرجع فيصلي الظهر بمنى ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله انتهى ووهم الحاكم فرواه في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووقع في حديث جابر الطويل أنه صلى الظهر يوم النحر بمكة ولفظه قال ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر الحديث وقال بن حزم وأحد الخبرين وهم إلا أن الاغلب أنه صلى الظهر بمكة لوجوه ذكرها وقال غيره يحتمل أنه أعادها لبيان الجواز وقال أبو الفتح اليعمري في سيرته وقع في رواية بن عمر أن النبي عليه السلام رجع من يومه ذلك إلى منى فصلى الظهر وقالت عائشة وجابر بل صلى الظهر ذلك اليوم بمكة ولا شك أن أحد الخبرين وهم ولا يدري أيهما هو لصحة الطرق في ذلك انتهى وذكر البيهقي في المعرفة حديث بن عمر وعزاه لمسلم ثم قال وروى محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة من آخر يومه حتى صلى الظهر ثم رجع إلى منى قال وحديث بن عمر أصح إسنادا من هذا انتهى وحديث بن إسحاق هذا رواه أبو داود في سننه وقال المنذري في مختصره هو حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والعشرين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى واستدل الشيخ في الامام على فرضية طواف الزيارة بما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت حاضت صفية بنت حيي بعد ما أفاضت فقال عليه السلام أحابستنا هي قالوا يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الافاضة فقال عليه السلام فلتنفر إذن انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على طواف الزيارة وأنه بعد الحلق وليس في هذه الاحاديث له ذكر إلا بالمفهوم ولا وجدته في شئ من الكتب الستة
[ 174 ]
الحديث السابع والستون قال المصنف رحمه الله وأول وقته يعني طواف الزيارة بعد طلوع الفجر من النحر وأفضل هذه الايام أولها كما في التضحية وفي الحديث أفضلها أولها قلت غريب جدا وأعاده في الاضحية الحديث الثامن والستون روى أنه عليه السلام رجع إلى منى قلت تقدم قريبا الحديث التاسع والستون قال المصنف رحمه الله فإذا زالت الشمس في اليوم
[ 175 ]
الثاني من أيام النحر رمى الجمار الثلاث فيبدأ بالتي تلي مسجد الخيف فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ويقف عندها ثم يرمي جمرة العقبة كذلك ولا يقف عندها هكذا روى جابر فيما نقل من نسك رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرا قلت غريب عن جابر والذي في حديثه الطويل أنه عليه السلام رمى جمرة العقبة يوم النحر لا غير وأخرج البخاري عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة الوسطى كذلك فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ويقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل انتهى ووهم الحاكم فرواه في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرج أبو داود في سننه عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الاولى والثانية فيطيل القيام ويتضرع ويرمي الثالثة ولا يقف عندها انتهى قال المنذري في مختصره حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والعشرين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى أخرج الجماعة غير البخاري عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ضحى فأما بعد ذلك فبعد زوال الشمس انتهى قال المنذري في مختصره يريد جابر أن يوم النحر لا رمي فيه غير جمرة العقبة وأما أيام التشريق فلا يجوز الرمي فيها إلا بعد الزوال وعليه الجمهور انتهى وروى مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول لا نرمي الجمار في الايام الثلاثة حتى تزول الشمس انتهى
[ 176 ]
الحديث السبعون قال عليه السلام لا ترفع إلايدي إلا في سبع مواطن وذكر منها الجمرتين قال المصنف رحمه الله والمراد رفع الايدي بالدعاء قلت تقدم حديث السبع مواطن في باب صفة الصلاة وفيه الجمرات ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أنه كان يرمي الجمرة الدنيا بسبع حصيات يكبر على إثر كل حصاة ثم يتقدم فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا يدعو ويرفع يديه ثم يرمي الجمرة والوسطى كذلك فيأخذ ذات الشمال فيسهل ويقوم مستقبل القبلة قياما طويلا فيدعو ويرفع يديه ثم الجمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها ويقول هكذا رأيته عليه السلام يفعل انتهى الحديث الحادي والسبعون قال عليه السلام اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج قلت أخرجه الحاكم في المستدرك عن شريك عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ثم أخرجه عن عبد الله بن وهب أخبرني مخرمة بن بكير قال سمعت سهيل بن أبي صالح عن أبيه يقول سمعت أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وقال صحيح على شرط مسلم ثم وجدته في نسخة أخرى لم يذكره إلى بالسند الاول وقال فيه صحيح على شرط مسلم وهذا اختلاف نسخة وبالسند الاول رواه البزار في مسنده
[ 177 ]
والطبراني في معجمه الصغير وابن عدي في الكامل وقال قال إبراهيم بن سعيد ما أظن شريكا إلا ذهب وهمه إلى حديث منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة من حج فلم يرفث إلى آخره ورواه بن أبي شيبة في مصنفه عن شريك عن جابر عن مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم رواه عن عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد عن عمر قال يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرا من ربيع الاول انتهى ويراجع فإني وجدته رواه الثعلبي في تفسيره من حديث وكيع عن شريك عن مجاهد عن جابر مرفوعا فذكره الرب عزوجلا الحديث الثاني والسبعون روى أنه عليه السلام صبر حتى رمى الجمار الثلاث في اليوم الرابع قلت تقدم لابي داود عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يوم حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس الحديث ورواه بن حبان والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه قوله ومذهبه مروي عن بن عباس يعني مذهب أبي حنيفة في تقديم الرمي على الزوال بعد الفجر في اليوم الرابع من أيام التشريق قلت رواه البيهقي عنه إذا انتفخ النهار من يوم النفر فقد حل الرمي والصدر انتهى في مسند طلحة بن عمر وضعفه البيهقي قال والانتفاخ الارتفاع
[ 178 ]
الحديث الثالث والسبعون روى أنه عليه السلام رخص للرعاء أن يرموا ليلا قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث عمرو ومن حديث ابن عمر فحديث بن عباس رواه الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا ليلا انتهى ورواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا محمد بن الصباح عن خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحاق عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره وفيه أن يرموا الجمار رواه في مصنفه حدثنا بن عيينة عن بن جريج عن عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلا وأما حديث عمرو فأخرجه الدارقطني في سننه عن بكر بن بكار ثنا إبراهيم بن يزيد حدثنا سليمان الاحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا بالليل وأية ساعة شاءوا من النهار انتهى قال بن القطان في كتابه وإبراهيم بن يزيد هذا إن كان هو الخوزي فهو ضعيف وإن كان غيره فلا يدري من هو وبكر بن بكار قال فيه بن معين ليس بالقوي ودون بكر بن بكار جعفر بن محمد الشيرازي لا خالد قال وروى البزار هذا الحديث عن بن عمر بإسناد حسن من هذا وأما حديث بن عمر فرواه البزار في مسنده حدثنا عبد الاعلى بن حماد ثنا مسلم بن خالد الزنجي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص
[ 179 ]
لرعاء الابل أن يرموا بالليل انتهى قال بن القطان ومسلم بن خالد الزنجي شيخ الشافعي ضعفه قوم ووثقه آخرون قال البخاري وأبو حاتم منكر الحديث انتهى الحديث الرابع والسبعون قال عليه السلام لا ترموا الجمرة إلا مصبحين قال ويروي حتى تطلع الشمس قلت الاول رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا ابن أبي داود ثنا المقدمي ثنا فضيل بن سليمان حدثني موسى بن عقبة أنا كريب عن ابن عباس أن النبي عليه السلام كان يأمر نساءه وثقله صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد ولا يرموا الجمرة إلا مصبحين انتهى حدثنا محمد بن خزيمة ثنا حماد ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في الثقل وقال لا ترموا الجمار حتى تصبحوا انتهى وأما الرواية الثانية فتقدم لاصحاب السنن الاربعة عن عطاء عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم ضعفاء أهله بغلس ويأمرهم أن لا يرموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى ورووا إلا الترمذي عن الحسن العرني عن بن عباس قال قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم من المزدلفة أغيلمة من بني عبد المطلب على جمرات فجعل يلطح أفخاذنا ويقول يا بني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والعشرين من القسم الثاني قال المنذري والحسن العرني احتج به مسلم واستشهد به البخاري وقال أحمد وابن معين إنه لم يسمع من بن عباس شيئا انتهى وروى البزار في مسنده من حديث الفضل بن عباس أن النبي عليه السلام أمر ضعفة بني هاشم أن يرتحلوا من جمع بليل ويقول أبني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس انتهى الحديث الخامس والسبعون روى أنه عليه السلام قال إن أول نسكنا في هذا
[ 180 ]
اليوم الرمي إلى آخره قلت تقدم في الحديث الثاني والستين الحديث السادس والسبعون روى أنه عليه السلام بات بمنى ليالي الرمي قلت تقدم في الحديث التاسع والستين عن عائشة قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يوم حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت الشمس الحديث أخرجه أبو داود عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ورواه بن حبان والحاكم وقال على شرط مسلم ولم يخرجاه حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه قال باب يبيت بمكة ليالي منى حدثنا أبو بكر بن خلاد ثنا يحيى عن بن جريج حدثني حريز أبو حريز الشك من يحيى أنه سمع عبد الرحمن بن فروخ يسأل بن عمر قال إننا نتبايع بأموال الناس فيأتى أحدنا مكة فيبيت على المال فقال أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فبات بمنى وظل انتهى ثم ذكر بعده حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له انتهى هذا أخرجه الجماعة إلا الترمذي وبه احتج بن الجوزي في التحقيق للشافعي قال ووجه الحجة المبيت
[ 181 ]
بمنى لولا أنه واجب لم يحتج إلى إذن انتهى قوله وعمر كان يؤدب على ترك المقام بها قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن عمر كان ينهى أن يبيت أحد من وراء العقبة وكان يأمرهم أن يدخلوا منى انتهى ورواه البيهقي في سننه وروى بن أبي شيبة أيضا حدثنا بن الفضيل عن ليث عن طاوس عن ابن عباس أنه قال لا يبيتن أحد من وراء العقبة ليلا بمنى أيام التشريق انتهى ثنا يزيد بن هارون عن حجاج عن عطاء عن بن عمر أنه كره أن ينام أحد أيام منى بمكة انتهى قوله وروى عن عمر أنه كان يمنع من أن يقدم الرجل ثقله إلى مكة ويقيم بمنى حتى يرمي قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن إدريس عن الاعمش عن عمارة قال قال عمر من تقدم ثقله من منى ليلة نفر فلا حج له انتهى حدثنا وكيع عن شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن عمرو بن شرحبيل عن عمر قال من قدم ثقله قبل النفر فلا حج له انتهى الحديث السابع والسبعون روى أنه عليه السلام نزل بالمحصب قلت فيه أحاديث فمنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وذلك أن قريشا وبني كنانة تحالفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك المحصب انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن قتادة عن أنس أن النبي عليه السلام صلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء ثم رقد رقدة بالمحصب ثم ركب إلى البيت فطاف به انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن نافع عن بن عمر أن النبي عليه السلام وأبا بكر وعمر كانوا ينزلون بالابطح انتهى وأخرج أيضا كان يرى التحصيب سنة وكان
[ 182 ]
يصلي الظهر يوم النفر بالمحصب قال نافع قد حصب رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء بعده انتهى والمحصب بضم الميم وفتح الحاء المهملة وفتح الصاد المهملة المشددة موضع بين مكة ومنى وهو إلى منى أقرب وهو بطحاء مكة وهو الابطح قاله في الامام عن نافع عن بن عمر انتهى وأخرج الائمة الستة في كتبهم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت إنما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمحصب ليكون أسمح لخروجه وليس بسنة فمن شاء نزله ومن شاء لم ينزله انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن عطاء عن بن عباس قال ليس التحصيب بشئ إنما هو منزل نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرج مسلم عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لم يأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الابطح حين خرج من منى ولكن جئت فضربت قبته فجاء فنزل قال أبو بكر رضي الله عنه وكان على ثقل النبي عليه السلام انتهى الحديث الثامن والسبعون روى أنه عليه السلام قال لاصحابه إنا نازلون غدا بالخيف خيف بني كنانة حيث تقاسم المشركون فيه على شركهم قلت أخرجه الجماعة عن عمرو بن عثمان بن عفان عن أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله أين تنزل غدا في حجته قال هل ترك لنا عقيل منزلا ثم قال نحن نازلون بخيف بني كنانة حيث قاسمت قريش على الكفر يعني المحصب وذلك أن بني كنانة حالفت ريشا على بني هاشم أن لا يناكحوهم ولا يؤووهم ولا يبايعوهم انتهى وأخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر وذلك أن قريشا وبني كنانة حلفت على بني هاشم وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني بذلك المحصب انتهى
[ 183 ]
الحديث التاسع والسبعون قال عليه السلام من حج هذا البيت فليكن آخر عهده بالبيت الطواف ورخص للنساء الحيض قلت أخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض انتهى وفي لفظ لمسلم قال كان الناس يصرفون في كل وجه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفرن أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت انتهى وأخرج الترمذي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن عمر قال من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحيض ورخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال حديث حسن صحيح وكذلك رواه النسائي ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الشافعي في مسنده وزاد فيه فإن آخر النسك الطواف بالبيت ومن أحاديث الباب حديث الحارث بن عبد الله بن أوس قال أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه فسألته عن المرأة تطوف بالبيت يوم النحر ثم تحيض قال ليكن آخر عهدها بالبيت فقال الحارث كذلك أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عمر أربت عن يديك سألتني عن شئ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكي ما أخالف انتهى . أخالف انتهى أخرجه أبو داود والنسائي عن أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن عن الحارث به وأخرجه الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن عبد الملك بن المغيرة عن عبد الرحمن بن البيلماني عن عمرو بن أوس عن الحارث قال سمعت النبي عليه السلام يقول من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده بالبيت فقال له عمر حزرت من يديك سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تخبرنا به انتهى وقال غريب وقد خولف الحجاج في بعض هذا الاسناد انتهى وبهذا الاسناد رواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وقال المنذري في حواشيه سند أبي داود فيه حسن وسند الترمذي فيه ضعيف ولذلك قال غريب انتهى
[ 184 ]
وقوله في الكتاب ورخص للنساء الحيض هو من تمام الحديث صلى الله عليه وسلم الحديث الثمانون روى أنه عليه السلام استقى دلوا بنفسه فشرب منه ثم أفرغ باقي الدلو في البئر قلت رواه بن سعد في الطبقات في باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم فقال أخبرنا عبد الوهاب عن بجريج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أفاض نزع لنفسه بالدلو يعني مزمزم لم ينزع معه أحد فشرب ثم أفرغ ما بقي من الدلو في البئر وقال لولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لم ينزع منها أحد غيري قال فنزع هو بنفسه الدلو التي شرب منها لم يعنه على نزعها أحد انتهى وهذا مرسل وأخرج أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن بن عباس قال جاء النبي عليه السلام إلى زمزم فنزعنا له دلوا فشرب ثم مج فيها ثم أفرغناها في زمزم ثم قال لولا أن تغلبوا عليها لنزعت بيدي انتهى وروى الازرقي في تاريخ مكة حدثني جدي أحمد بن محمد بن الوليد الازرقي حدثنا سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض في نسائه ليلا فطاف على راحلته يستلم الركن بمحجنه ويقبل طرف المحجن ثم أتى زمزم فقال انزعوا فلولا أن يغلبوا عليها لنزعت أمر بدلو فنزع لها منها فشرب منه ومضمض ثم مج في الدلو وأمر به فأهريق في زمزم والذي تقدم في حديث جابر الطويل فأتى بني عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه وهذا آخره الحديث الحادي والثمانون روى أنه عليه السلام وضع صدره ووجهه بالملتزم قلت أخرجه أبو داود في سننه عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه
[ 185 ]
شعيب قال طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت ألا تتعوذ قال نعوذ بالله من النار ثم مضى حتى استلم الحجر وقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى والمثنى بن الصباح لا يحتج به انتهى وأخرجه بن ماجة فقال فيه عن أبيه عن جده قال طفت مع عبد الله الحديث قال المنذري فيكون شعيب وأبوه محمد طافا جميعا مع عبد الله وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه وإسحاق بن راهويه في مسنده والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما ولفظهما فيه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يلزق وجهه وصدره بالملتزم انتهى ورواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال طاف جدي محمد بن عبد الله بن عمرو مع أبيه عبد الله بن عمرو فلما كان سابعها قال محمد لعبد الله ألا تتعوذ إلى آخره وهذا أصلح إسنادا من الاول وروى البيهقي في شعب الايمان عن الحاكم بسنده عن بن وهب عن سليمان بن بلال عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي الزبير عن عبد الله بن عباس عن النبي عليه السلام قال ما بين الركن والباب ملتزم وأخرجه بن عدي في الكامل عن عباد بن كثير عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا ووقفه عبد الرزاق في مصنفه فقال حدثنا بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن مجاهد قال قال بن عباس رضي الله عنهما هذا الملتزم ما بين الركن والباب انتهى وهو في الموطأ بلاغا قال أبو مصعب أخبرنا مالك أنه بلغه أن عبد الله بن عباس كان يقول ما بين الركن والباب الملتزم انتهى فصل * (* (* (الحديث الثاني والثمانون روى أنه عليه السلام وقف بعرفة بعد الزوال قلت
[ 186 ]
تقدم في حديث جابر الطويل ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف الحديث بطوله الحديث الثالث والثمانون قال عليه الصلاة والسلام من أدرك عرفة بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج قلت أخرج أصحابه السنن الاربعة عن سفيان الثوري عن بكير بن عطاء عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي أن ناسا من أهل نجد أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة فسألوه فأمر مناديا فنادى الحج عرفة فمن جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج أيام منى ثلاثة فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الثالث والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه أحمد والبزار وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم قال بن عبد البر عبد الرحمن بن يعمر لم يرو عنه غير هذا الحديث قال المنذري في حواشيه بل روى له الترمذي والنسائي وابن ماجة حديث النهي عن المزفت وذكره البغوي في الصحابة وأن له هذين الحديثين حديث آخر أخرجه الدارقطني عن رحمة بن مصعب عن بن أبي ليلى عن عطاء ونافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وقف بعرفة بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفة بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل انتهى قال
[ 187 ]
الدارقطني رحمة بن مصعب ضعيف ولم يأت به غيره انتهى وكذلك رواه ابن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وضعفه عن جماعة من غير توثيق حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه عن عمرو بن قيس عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أفاض من عرفات قبل الصبح تم حجه ومن فاته فقد فاته الحج انتهى ووجدته في الحلية لابي نعيم عن عمرو بن ذر عن عطاء به وقال غريب من حديث عمر بن ذر تفرد به عنه عبيد بن عقيل ذكره في ترجمة عمر بن ذر حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن بن أبي ليلى وابن جريج عن عطاء أن النبي عليه السلام قال من أدرك الوقوف بعرفة بليل قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج ومن فاته الوقوف بليل فقد فاته الحج انتهى وهذا مرسل ضعيف فإن فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف لم يثبته ابن عدي الحديث الرابع والثمانون قال عليه السلام الحج عرفة فمن وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجة قلت فيه حديث عروة بن المضرس من شهد صلاتنا هذه وقف معنا حتى ندفع فقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه انتهى ورواه الاربعة وابن حبان والحاكم وحديث عبد الرحمن بن يعمر تقدما
[ 188 ]
الحديث الخامس والثمانون قال عليه السلام إحرام المرأة في وجهها قلت أخرجه البيهقي في سننه من حديث بن عمر مرفوعا إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها وقد تقدم في الاحرام حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن أيوب بن محمد أبي الجمل عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على المرأة إحرام إلا في وجهها انتهى وكذلك رواه الطبراني في معجمه قال الدارقطني في علله أيوب هذا ضعيف وقد خالفه جماعة كابن عيينة وهشام بن حسان وعلي بن مسهر وعبد الرحمن بن سليمان وابن نمير وإسحاق الازرق وغيرهم فرووه عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر مرفوعا وهو الصواب انتهى وقال البيهقي وأبو الجمل ضعيف عند أهل العلم بالحديث والمحفوظ موقوف انتهى وقال بن القطان في كتابه أيوب بن محمد أبو الجمل مختلف فقال أبو زرعة منكر الحديث وقال أبو حاتم لا بأس به فخرج من هذا أن حديثه غير صحيح انتهى كلامه ورواه بن عدي في الكامل والعقيلي في ضعفائه وأعلاه بأبي
[ 189 ]
الجمل وقال لا يتابع على رفعه إنما يروي موقوفا انتهى قوله ولو أسدلت على وجهها شيئا وجافته عنه جاز هكذا روى عن عائشة رضي الله عنها قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عائشة قالت كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذونا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه انتهى أخرجه أبو داود عن هشيم عن يزيد به وأخرجه بن ماجة عن محمد بن فضيل وعبد الله بن إدريس عنه قال في الامام وكذلك رواه أبو عوانة وعلى بن عاصم عن يزيد وخالفهم بن عيينة عن يزيد فقال عن مجاهد عن أم سلمة ومع ذلك فيزيد فيه ضعيف تكلم فيه غير واحد وأخرج له مسلم في جماعة غير محتج به انتهى قلت حديث علي بن عاصم عند الدارقطني في سننه قال الدارقطني وخالفه سفيان بن عيينة فقال عن مجاهد عن أم سلمة ثم أخرج كذلك ورواه الطبراني في معجمه عن سفيان بن عيينة نحو الدارقطني واعلم أن سماع مجاهد من عائشة رضي الله عنها مختلف فيه فأنكره يحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان وشعبة وقال أبو حاتم مجاهد عن عائشة مرسل فقد ثبت عند البخاري ومسلم سماعه منها وأخرجا له عن عائشة أحاديث في بعضها ما يدل على سماعه منها نحو ما رواه منصور عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى في المسجد فسألناه عن صلاتهم فقال بدعة فقال له عروة يا أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع عمر إحداهن في رجب فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه وسمعنا استنان عائشة في الحجرة فقال عروة ألا تسمعين يا أم المؤمنين إلى ما يقول أبو عبد الرحمن فقال وما يقول قال يقول اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن
[ 190 ]
في رجب فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه وما اعتمر في رجب قط انتهى أخرجه مسلم في الحج والبخاري في المغازي في غزوة خيبر في باب عمرة القضاء وظاهر هذا أنه سمع منها ولو لم يكن عند البخاري كذلك لما أخرجه لانه يشترط اللقاء وسماع الراوي ممن روى عنه مرة واحدة فصاعدا ولا خلاف في إدارك مجاهد لعائشة وأخرج مسلم أيضا عن بن نجيح عن مجاهد عن عائشة قالت حضت بسرف فطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجتك انتهى ومسلم إنما يعتبر التعاصر وإمكان السماع ما لم يقم دليل على خلافه مع أنه أخرجه من رواية طاوس عن عائشة بإسناد لا خلاف في اتصاله وأخرج النسائي في سننه عن موسى الجهني قال أتى مجاهد بقدح حزرته ثمانية أرطال فقال حدثتني عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا انتهى وهذا صريح في سماعه منها وقال بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الثاني من زعم أن مجاهدا لم يسمع من عائشة كان واهما ماتت عائشة في سنة سبع وخمسين وولد مجاهد في سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر انتهى كلامه وقال بن القطان في كتابه ذكر الدوري عن ابن معين قال كان يحيى بن سعيد القطان ينكر سماع مجاهد من عائشة وقال القطان كان شعبة ينكره أيضا ذكره الترمذي في العلل وذكر عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال كان شعبة ينكره وقال بن أبي حاتم روى عن عائشة مرسلا انتهى كلامه وقال غيره وقد ثبت عن البخاري ومسلم سماع مجاهد من عائشة فلا يلتفت إلى من نفاه الحديث السادس والثمانون روى أنه عليه السلام نهى النساء عن الحلق وأمرهن بالتقصير قلت غريب بهذا اللفظ وكأنه حديث مركب فنهى النساء عن الحلق فيه أحاديث منها ما رواه الترمذي في الحج والنسائي في الزينة قالا حدثنا محمد
[ 191 ]
ابن موسى الحرشي عن أبى داود الطيالسي عن همام عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها انتهى ثم رواه الترمذي عن محمد بن بشار عن أبي داود الطيالسي به عن خلاس عن النبي مرسلا وقال هذا حديث فيه اضطراب وقد روى عن حماد بن سلمة عن قتادة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى وقال عبد الحق في أحكامه هذا حديث يرويه همام عن يحيى عن قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي وخالفه هشام الدستوائي وحماد بن سلمة فروياه عن قتادة عن النبي عليه السلام مرسلا حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن معلى بن عبد الرحمن الواسطي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه السلام نهى أن تحلق المرأة رأسها انتهى قال البزار ومعلى بن عبد الرحمن الواسطي روى عن عبد الحميد بأحاديث لم يتابع عليها ولا نعلم أحدا تابعه على هذا الحديث انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال أرجو أنه لا باس به قال عبد الحق وضعفه أبو حاتم وقال إنه متروك الحديث انتهى وقال بن حبان في كتاب الضعفاء يروي عن عبد الحميد بن جعفر المقلوبات لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد انتهى حديث آخر رواه البزار في مسنده أيضا حدثنا عبد الله بن يوسف الثقفي ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمون ثنا أبي عن وهب بن عمير قال سمعت عثمان يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها انتهى قال البزار ووهب بن عمير لا نعلمه روى غير هذا الحديث ولا نعلم حدث عنه إلا عطاء بن أبي ميمونة وروح ليس بالقوي انتهى حديث مخالف لما تقدم روى بن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر
[ 192 ]
من القسم الخامس من حديث وهب بن جرير ثنا أبي سمعت أبا فزارة يحدث عن يزيد بن الاصم عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا وبنى بها وماتت بسرف فدفنها في الظلة التي بنى بها فيها فنزلنا قبرها أنا وابن عباس فلما وضعناها في اللحد مال رأسها فأخذت ردائي فوضعته تحت رأسها فاجتذبه بن عباس فألقاه وكانت قد حلقت رأسها في الحج فكان رأسها محجما انتهى وأما أمرهن بالتقصير فأخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن بكر عن بن جريج قال بلغني عن صفية بنت شيبة قالت أخبرتني أم عثمان أن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على النساء الحلق إنما على النساء التقصير انتهى قال أبو داود وحدثنا أبو يعقوب البغدادي ثقة ثنا هشام بن يوسف عن بن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن صفية بنت شيبة به سواء قال بن القطان في كتابه هذا ضعيف ومنقطع أما الاول فانقطاعه من جهة بن جريج قال بلغني عن صفية فلم يعلم من حدثه به وأما الثاني فقول أبي داود حدثنا رجل ثقة يكنى أبا يعقوب وهذا غير كاف وإن قيل إنه أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل فذاك رجل تركه الناس لسوء رأيه وأما ضعفه فإن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا في سننه والطبراني في معجمه عن أبي بكر بن عياش عن يعقوب بن عطاء عن صفية بنت شيبة به وأخرجه الدارقطني أيضا والبزار في مسنده عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن صفية به قال البزار لا نعلمه يروي عن بن عباس إلا من هذا الوجه انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال في المحرمة تأخذ من شعرها قدر السبابة انتهى وليث هذا الظاهر أنه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف الحديث السابع والثمانون قال عليه السلام من قلد بدنة فقد أحرم قلت غريب مرفوعا ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه على ابن عباس وابن عمر فقال
[ 193 ]
حدثنا بن نمير ثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال من قلد فقد أحرم انتهى حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن بن عباس قال من قلد أو جلل أو أشعر فقد أحرم انتهى ثم أخرج عن سعيد بن جبير أنه رأى رجلا قلد فقال أما هذا فقد أحرم انتهى ورد معناه مرفوعا أخرجه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريق البزار في مسنده عن عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة أنه سمع ابني جابر يحدثان عن أبيهما جابر بن عبد الله قال بينا النبي عليه السلام جالس مع أصحابه إذ شق قميصه حتى خرج منه فسئل فقال واعدتهم يقلدون هدي اليوم فنسيت انتهى وذكره ابن القطان في كتابه من جهة البزار فقال ولجابر بن عبد الله ثلاثة أولاد عبد الرحمن ومحمد وعقيل والله أعلم من هما من الثلاثة انتهى وأخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر قال كنت جالسا عند النبي عليه السلام في المسجد فقد قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه فنظر القوم إليه فقال إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لاخرج قميصي من رأسي وكان بعث ببدنه وأقام بالمدينة انتهى وضعف عبد الحق في أحكامه عبد الرحمن بن عطاء ووافقه ابن القطان قال بن عبد البر لا يحتج بما انفرد به فكيف إذا خالفه من هو أثبت منه وقد تركه مالك وهو جاره انتهى حديث آخر موقوف رواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن علي بن الصائغ المكي ثنا أحمد بن شبيب بن سعيد حدثني أبي عن يونس عن بن شهاب أخبرني ثعلبة بن أبي مالك القرظي أن قيس بن سعد بن عبادة الانصاري وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الحج فرجل أحد شقي رأسه فقام غلامه فقلد هديه فنظر إليه قيس فأهل وخلا شق رأسه الذي رجله ولم يرجل الشق الآخر انتهى وهذا أخرجه البخاري في صحيحه مختصرا عن عقيل عن بن شهاب به أن قيس بن سعد الانصاري وكان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الحج فرجل انتهى وذكر أن البرقاني أتمه بلفظ الطبراني سواء ذكره البخاري في الجهاد في باب ما قيل في لوائه عليه السلام
[ 194 ]
الحديث الثامن والثمانون روى عن عائشة أنها قالت كنت أفتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث بها وأقام في أهله حلالا قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عائشة قالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدي فأنا فتلت قلائدها بيدي من عهن كان عندنا ثم أصبح فينا حلالا يأتي ما يأتي الرجل من أهله انتهى وفي لفظ قلت لقد رأيتني أفتل القلائد لرسول الله صلى الله عليه وسلم من العهن فيبعث به ثم يقيم فينا حلالا انتهى وأخرج البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن مسروقا أنه أتى عائشة فقال لها يا أم المؤمنين إن رجلا يبعث بالهدي إلى الكعبة ويجلس في المصر فيوصي أن تقلد بدنته فلا يزال من ذلك اليوم محرما حتى يحل الناس قال فسمعت تصفيقها من وراء الحجاب فقالت لقد كنت أفتل قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه إلى الكعبة فما يحرم عليه ما أحل للرجال من أهله حتى يرجع الناس انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن بن عباس قال من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج
[ 195 ]
فقالت عائشة ليس كما قال أنا فتلت قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم قلدها بيده ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم عليه صلى الله عليه وسلم شئ أحله الله له حتى ينحر الهدي انتهى قوله وتقليد الشاة غير معتاد وليس بسنة يشكل عليه قلت أخرجه الائمة الستة عن الاسود عن عائشة قالت أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة إلى البيت غنما فقلدها انتهى ولمسلم بهذا الاسناد قالت لقد رأيتني أفتل القلائد لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم فيبعث به ثم يقيم فينا حلالا انتهى الحديث التاسع والثمانون قال عليه السلام في حديث الجمعة فالمستعجل منهم كالمهدي بدنة والذي يليه كالمهدي بقرة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغتسل يوم الجمعة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الامام حضرت الملائكة يستمعون الذكر انتهى وفي لفظ لهما إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على باب المسجد يكتبون الاول فالاول ومثل المهجر كمثل الذي يهدي بدنة ثم كالذي يهدي بقرة إلى آخره في رواية للنسائي قال في الساعة الخامسة كالذي يهدي عصفورا وفي السادسة بيضة وفي رواية له قال في الرابعة كالمهدي بطة ثم كالمهدي دجاجة ثم كالمهدي بيضة قال النووي في الخلاصة وإسنادهما صحيح إلا أنهما شاذتان لمخالفتهما الروايات
[ 196 ]
المشهورة انتهى قوله والصحيح من الرواية في الحديث كالمهدى جزورا قلت هذه اللفظة وإن كانت في مسلم ولكن رواية البدنة أصح لاتفاقهم عليها فليس كما قال المصنف ولفظ مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على كل باب من أبواب المسجد ملك يكتب الاول فالاول مثل الجزور ثم نزلهم حتى صغر إلى مثل البيضة فإذا جلس الامام طويت الصحف وحضروا الذكر انتهى وجهل هذا الجاهل جهلا فاحشا فقال هذه الرواية لا أصل لها في كتب الحديث فيما علمت والله أعلم باب القران الحديث الاول قال عليه السلام القران رخصة قلت غريب جدا الحديث الثاني قال عليه السلام يا آل محمد أهلوا بحجة وعمرة معا قلت أخرجه الطحاوي عن أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أهلوا يا آل محمد بعمرة في حجة انتهى أخرجه في شرح الآثار عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم أبي عمران عن أم سلمة فذكره أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس
[ 197 ]
قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة يقول لبيك عمرة وحجة انتهى قال بن الجوزي في التحقيق مجيبا عنه أن أنسا كان حينئذ صبيا فلعله لم يفهم الحال وغلطه التنقيح فقال بل كان بالغا بالاجماع بل كان له نحو من عشرين سنة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم هاجر إلى المدينة ولانس عشر سنين ومات وله عشرون سنة يدل على ذلك ما أخرجاه واللفظ لمسلم عن بكر عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا قال بكر فحدثت بذلك بن عمر فقال لبى بالحج وحده فلقيت أنسا فحدثته بقول بن عمر فقال أنس ما يعدوننا إلا صبيانا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو بالعقيق أتاني الليلة آت من ربي عزوجل فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة انتهى زاد في لفظ يعني ذا الحليفة انفرد به البخاري حديث آخر أخرجاه في الصحيحين عن قتادة عن أنس قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته عمرة من الحديبية في ذي القعدة وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة وعمرة من الجعرانة من حيث قسم غنائم حنين في ذي القعدة وعمرة مع حجته انتهى وأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر عمرة الحديبية وعمرة القضاء في ذي القعدة من قابل والثالثة من الجعرانة والرابعة مع حجته انتهى وأخرجه بن حبان في صحيحه إلا أنه قال فيه عن عمرو وعكرمة بالعطف وهو وهم وأخرجه الترمذي أيضا عن سعيد بن عبد الرحمن عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن النبي عليه السلام مرسلا قال علي بن عبد العزيز وليس أحد يقول في هذا الحديث عن بن عباس إلا داود بن عبد الرحمن وقال البخاري داود بن عبد الرحمن صدوق إلا أنه ربما يهم في
[ 198 ]
الشئ انتهى حديث آخر حديث الضبي بن معبد رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وصححه الدارقطني في كتاب العلل وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى حديث آخر أخرجه بن ماجة عن أبي معاوية ثنا حجاج عن الحسن بن سعد عن بن عباس قال أخبرني أبو طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الحج والعمرة انتهى وحجاج هذا هو بن أرطاة وفيه مقال حديث آخر رواه الامام أحمد في مسنده حدثنا مكي بن إبراهيم ثنا داود بن يزيد قال سمعت عبد الملك الزراد يقول سمعت النزال بن سبرة يقول سمعت سراقة يقول قرن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع انتهى وداود بن يزيد هو الاودي عم عبد الله بن إدريس تكلم فيه غير واحد من الائمة كالامام أحمد وابن معين وأبي داود وغيرهم وقد رواه أخوه بن يزيد عن عبد الملك بن ميسرة عن عطاء عن طاوس عن سراقة والله أعلم حديث آخر أخرجه أبو داود عن مجاهد قال سئل بن عمر كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرتين فقالت عائشة رضي الله عنها لقد علم بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع انتهى وأخرجه النسائي أيضا أحاديث الخصوم وهم فريقان أحدهما يقولون بأفضلية الافراد وهم الشافعي وأصحابه والآخرون يقولون بأفضلية التمتع وهم مالك وأحمد ومن تبعهما فللشافعي من الاحاديث ما أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج انتهى بلفظ مسلم وطوله البخاري عز وجلحديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر قال أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا انتهى وأخرجه الترمذي عن عبد الله بن نافع الصائغ عن عبيد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر أن النبي عليه السلام أفرد الحج وأفرد
[ 199 ]
أبو بكر وعمر وعثمان انتهى والعمري تكلم فيه غير واحد وأخرجه الدارقطني عن عبد الله بن نافع ولم ينسبه فظن بعض الناس أنه عبد الله بن نافع مولى ابن عمر فأعله به اعتمادا على قول النسائي فيه إنه متروك الحديث وقول بن معين ليس بشئ وهو خطأ وإنما هو عبد الله بن نافع الصائغ كما نسبه الترمذي وهو صاحب مالك روى عنه مسلم في صحيحه ووثقه بن معين والنسائي وقد تكلم فيه بعض من جهة حفظه والله أعلم حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا انتهى أحاديث القائلين بأفضلية التمتع ولاحمد ومالك من الاحاديث ما أخرجاه في الصحيحين عن سالم عن بن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل باالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج انتهى حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن سعيد بن المسيب قال اختلف علي وعثمان وهما بعسفان في المتعة فقال له علي ما تريد إلى أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عثمان دعنا عنك فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا انتهى قال صاحب التنقيح ليس هذا الحديث لمن قال بالتمتع وإنما هو لمن قال بالقران فإن عليا أهل بالحج والعمرة جميعا والتمتع في عرف الصحابة يدخل فيه القران قال ويدخل فيه التمتع الخاص ولم يحج النبي عليه السلام متمتعا التمتع الخاص لانه لم يحل من عمرته بل المقطوع به أنه قرن بين الحج والعمرة لانه ثبت عنه أنه اعتمر
[ 200 ]
أربع عمر رالرابعة كانت مع حجته وقد ثبت عنه أنه لم يحل منها قبل الوقوف بقوله لولا أن معي الهدي لاحللت وثبت أنه لم يعتمر بعد الحج فإن ذلك لم ينقل أحد عنه وإنما اعتمر بعد الحج عائشة وحدها فتحصل من مجموع ذلك أنه كان قارنا وعلى هذا يجتمع أحاديث الباب والله أعلم انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن سعد بن أبي وقاص أنه ذكر التمتع بالعمرة فقال قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنعناها معه انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن ليث عن طاوس عن بن عباس قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات وأبو بكر حتى مات وعمر حتى مات وعثمان حتى مات رضي الله عنهم وكان أول من نهى عنها معاوية قال بن عباس فعجبت منه وقد حدثني أنه قصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص انتهى وليث هو بن أبي سليم وفيه مقال فهذه أربعة أحاديث شاهدة أنه عليه السلام تمتع وبقية الاحاديث فيها الامر بالتمتع فمنها ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي موسى الاشعري قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض قومي فلما حضر الحج حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وحججت فقدمت عليه وهو نازل بالابطح فقال لي بم أهللت يا عبد الله بن قيس قال قلت لبيك بحج كحج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحسنت ثم قال هل سقت هديا قلت ما فعلت قال اذهب فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم احلل فانطلقت ففعلت ما أمرني وأتيت امرأة من قومي فغسلت رأسي بالخطمي وفلت رأسي ثم أهللت بالحج يوم التروية حديث آخر أخرجاه أيضا في الصحيحين عن بكر عن بن عمر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبى بالحج ولبينا معه فلما قدم أمر من لم يكن معه الهدي أن يجعلوها عمرة انتهى رضي الله تعالى عنهما حديث آخر أخرجاه أيضا عن طاوس عن بن عباس قال كانوا يرون العمرة في
[ 201 ]
أشهر الحج من أفجر الفجور في الارض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون إذا برأ الدبر وعفا الاثر وانسلخ صفر حلت العمرة لمن اعتمر فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا يا رسول الله أي الحل قال الحل كله انتهى حديث آخر أخرجاه أيضا عن الاسود عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا أنه الحج فلما قدمنا تطوفنا بالبيت فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن ساق الهدي أن يحل فحل من لم يكن ساق الهدي ونساؤه لم يسقن فأحللن انتهى حديث آخر أخرجاه أيضا عن حفصة بنت عمر قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يحللن بعمرة قلت ما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا قال إني قد أهديت ولبدت فلا أحل حتى أنحر هديي انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج فلما قدما مكة طفنا بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه هدي فليحلل قلنا أي الحل قال الحل كله قال فأتينا النساء ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب فلما كان يوم التروية أهللنا بالحج انتهى حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرخ بالحج صراخا حتى إذا طفنا بالبيت قال اجعلوها عمرة إلا من كان معه هدي قال فجعلناها عمرة فحللناها فلما كان يوم التروية صرخنا بالحج وانطلقنا إلى منى انتهى حديث آخر أخرجه النسائي وأحمد عن أشعث عن الحسن عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قدموا مكة وقد لبوا بحج وعمرة فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما طافوا بالبيت وسعوا بين الصفا والمروة أن يجعلوها عمرة فكأن القوم هابوا ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أني سقت الهدي لاحللت فحل القوم وتمتعوا
[ 202 ]
انتهى قال صاحب التنقيح هذا حديث صحيح والله أعلم حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا يونس حدثنا فليح عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبد رأسه وأهدى فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن قلن مالك أنت لا تحل قال إني قلدت هديي ولبدت رأسي فلا أحل حتى أحل من حجتي وأحلق رأسي انتهى قال في التنقيح هو حديث صحيح على شرط البخاري حديث آخر رواه أحمد أيضا حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا حميد عن بكر بن عبد الله عن بن عمر أنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وأصحابه مهلين بالحج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي انتهى قال في التنقيح رواته ثقات قال بن الجوزي في التحقيق قالت الخصوم فقد نقضتم أحاديثكم الاوائل بهذه الاواخر لانكم رويتم في الاوائل أنه تمتع وفي الاواخر أنه تندم كيف ساق الهدي ولم يمكنه أن يفسخ وأنتم بين أمرين إما أن تصححوا الاوائل فيبطل مذهبكم في فسخ الحج إلى العمرة أو تصححوا الاواخر فيبطل احتجاجكم بأن الرسول تمتع ثم نتكلم على أحاديثكم فنقول الاوائل معارضة بالاواخر فأما لاواخر فإنه لم يأمر أصحابه بالفسخ لفضيلة التمتع بل لامر آخر وهو ما رويتم من حديث بن عباس أن أهل الجاهلية كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور فأمر بفسخ الحج إلى العمرة ليخالف المشركين واستدلوا عليه بما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي أخبرني ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال عن أبيه قلت يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة قال بل لنا خاصة وإنما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي ذر قال كانت المتعة في الحج لاصحاب محمد خاصة قال بن الجوزي الجواب أنه إذا صحت الاحاديث فلا ينبغي ردها وإنما يتمحل لها والوجه في الجمع بين الاحاديث أنه كان قد اعتمر وتحلل من العمرة ثم أحرم بالحج وساق الهدي ثم أمر أصحابه بالفسخ ليفعلوا مثل فعله لانهم لم يكونوا أحرموا بعمرة ومنعه من فسخ الحج إلى عمرة ثانية عمرته الاولى وسوقه الهدي فعلى هذا تتفق الاحاديث ولا يرد منها شئ فإن قالوا كيف يصح هذا التأويل وإنما علل بسوق الهدي لا بفعل عمرة متقدمة قلنا ذكر
[ 203 ]
إحدى العلتين دون الاخرى وذلك جائز وقولهم إنما أمرهم بالفسخ لمخالفة الجاهلية قلنا لو كان كذلك لم يفرق بين من ساق الهدي ومن لم يسقه ثم إنه اعتمر في أشهر الحج ففي الصحيحين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر كلها في ذي القعدة إلا التي مع حجته ففعله هذا يكفي في البيان لاصحابه والمشركين أن العمرة تجوز في أشهر الحج فلم يحتج أن يأمر أصحابه بفسخ الحج المحترم كذلك وإنما فعل ذلك لانه الافضل وأما حديث بن عباس فإنه لم يرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل لاجل ما كان المشركون يعتمدونه وإنما ذكر حال الجاهلية وأما حديث الحارث بن بلال فقال أحمد هو حديث لا يثبت ولا أقول به والحارث بن بلال لا يعرف ولو عرف فأين يقع من أحد عشر رجلا من الصحابة يرون الفسخ ولا يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة وأبو موسى الاشعري يفتي به في خلافة أبي بكر وشطر من خلافة عمر وأما حديث أبي ذر فموقوف عليه وقد خالفه أبو موسى وابن عباس وغيرهما ثم إنه ظن من أبي ذر يدل عليه حديث بن عباس أن العمرة قد دخلت في الحج وفي حديث جابر أن سراقة قال ألعامنا أم للابد فقال بل للابد يريد أن حكم الفسخ باق على الابد وقد قيل إن وجوب الفسخ كان خاصا بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأما غيرهم فلا يجب عليه بل يجوز له انتهى كلامه قال صاحب التنقيح رحمه الله وما جمع به المؤلف بين الاحاديث بأن النبي عليه السلام قد اعتمر وتحلل من العمرة ثم أحرم بالحج وساق الهدي فضعيف جدا وكذلك قول من قال إنه أحرم بالحج ثم أدخل عليه العمرة فكذلك قول من قال إنه أفرد ثم لما فرغ منه اعتمر ضعيف أيضا لان أحدا لم يعتمر معه بعد الحج إلا عائشة رضي الله عنها وكذلك قول من قال إنه أحرم بالعمرة أولا وساق الهدي ثم أدخل عليها الحج ولم يتحلل لاجل الهدي ضعيف أيضا وإن كان أقرب من غيره وكذلك قول من قال إنه كان قارنا وطاف طوافين وسعى سعيين وقد ذكرنا ضعف هذه الاقوال في غير هذا الموضع والصواب أنه عليه السلام كان قارنا أحرم بالحج والعمرة جميعا وطاف لهما طوافا واحدا وسعى سعيا واحدا وقد أخرج البخاري عن عمر بن الخطاب سمعت النبي عليه السلام وهو بوادي العقيق يقول أتاني الليلة آت من ربي فقال صل في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجة وهذا الآتي أتاه قبل أن يصل إلى الموضع الذي أحرم منه وهو
[ 204 ]
ذو الحليفة انتهى كلامه قوله والمقصود بما روى نفى قول أهل الجاهلية إن العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور قلت يعني بما روى الشافعي من حديث القران رخصة وقول الجاهلية تقدم عند البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس قال كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الارض ويجعلون المحرم صفرا ويقولون إذا برأ الدبر وعفا الاثر وانسلخ صفر فقد حلت العمرة لمن اعتمر فقدم النبي عليه السلام صبيحة رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة فتعاظم ذلك عندهم فقالوا يا رسول الله أي الحل قال الحل كله انتهى ورجح الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ أنه عليه السلام كان مفردا بوجهين أحدهما حديث جابر الطويل قال فإنه أحسن سياقا وأبلغ استقصاء وغيره لم يضبط ضبطه والثاني أن أحد الروايتين كان أقرب مكانا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أنسا روى أنه عليه السلام قرن وابن عمر روى أنه أفرد وقال في حديثه كنت تحت جران ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعابها بين كتفي فحديثه أولى بالتقديم وقال بن سعد في الطبقات في باب حجة الوداع وقد اختلف علينا فيما أهل به النبي عليه السلام فأهل المدينة يقولون إنه أهل بالحج مفردا وفي رواية غيرهم أنه قرن مع حجه عمرة وقال بعضهم دخل مكة متمتعا بعمرة ثم أضاف إليها حجة وفي كل رواية انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة
[ 205 ]
قلت أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي عليه السلام أنه قال هذه عمرة استمتعنا بها فمن لم يكن عنده هدي فليحل الحل كله وقد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة انتهى قال الترمذي حديث حسن ومعناه أنه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج انتهى وقال أبو داود هذا حديث منكر إنما هو قول بن عباس قال المنذري وفيما قاله نظر فقد رواه أحمد بن حنبل ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار وعثمان بن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شيبة مرفوعا ورواه أيضا يزيد بن هارون ومعاذ بن معاذ العنبري وأبو داود الطيالسي وعمر بن مرزوق عن شيبة مرفوعا وتقصير من قصر من الرواة لا يؤثر فيما أثبته الحافظ
[ 206 ]
والله أعلم حديث آخر رواه النسائي حدثنا محمد بن بشار عن غندر عن شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن سراقة بن جعشم قا يا رسول الله رأيت عمرتنا هذه لعامنا أم للابد فقال لا بل للابد دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة انتهى وأخرجه بن ماجة عن مسعر عن عبد الملك به قال في الامام قال شيخنا المنذري هو حديث حسن وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي الزبير عن جابر عن سراقة فذكره قال الدارقطني رواته كلهم ثقات انتهى والمصنف احتج بهذا الحديث للشافعي أن القارن يطوف طوافا واحدا ويسعى سعيا واحدا يعني أن العبادتين تتداخلان وفي حديث جابر الطويل أنه عليه السلام لما طاف وسعى بين الصفا والمروة قال إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدى ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدى فليحل وليجعلها عمرة فقال سراقة بن جعشم يارسول الله ألعامنا هذا أم للابد فشبك عليه السلام أصابعه واحدة في الاخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للابد أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن الليث عن نافع عن بن عمر أنه أراد الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له إن الناس كائن بينهم قتال وإنا نخاف أن يصدوك فقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة إذا اصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشهدكم أني قد أوجبت عمرة ثم خرج حتى إذا كان بظاهر البيداء قال ما شأن الحج والعمرة إلا واحد أشهدكم أني قد أوجبت حجا مع عمرتي وأهدي هديا اشتراه بقديد فلم ينحر ولم يحل من شئ حرم منه ولم يحلق ولم يقصر حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الاول وقال بن عمر كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حديث آخر أخرجاه في الصحيحين أيضا عن الزهري عن عروة عن عائشة
[ 207 ]
قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وأهللنا بعمرة ثم قال من كان معه هدى فليحل بالحج والعمرة ثم لا يحل حتى يحل منهما فطاف الذين أهلوا بالعمرة ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فانما طافوا طوافا واحدا انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن عائشة أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك انتهى وفي سماع مجاهد عن عائشة كلام تقدم في الحديث الخامس والثمانين من الحج حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن الدراوردي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعي واحد حتى يحل منهما جميعا ورواه أحمد ولفظه من قرن بين حجة وعمرة أجزأه بهما طواف واحد انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة عن ليث بن أبي سليم حدثني عطاء وطاوس ومجاهد عن جابر بن عبد الله وابن عمر وابن عباس أن النبي عليه السلام لم يطف هو وأصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا لعمرتهم وحجتهم انتهى قال في التنقيح قال البرقاني سألت الدارقطني عن ليث بن أبي سليم فقال صاحب سنة يخرج حديثه وإنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد حسب انتهى وقال بن سعد في الطبقات كان رجلا صالحا إلا أنه ضعيف الحديث يقال إنه
[ 208 ]
كان يسأل عطاء وطاوس عن شئ فيختلفون فيه فيرويه باتفاقهم من غير تعمد لذلك انتهى حديث آخر رواه الدارقطني حدثنا البغوي حدثنا داود بن عمرو ثنا منصور بن أبي الاسود عن عبد الملك عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف طوافا واحدا لحجه وعمرته قال في التنقيح إسناده صحيح فإن عبد الملك صدوق روى له مسلم ومنصور وثقه بن معين وغيره وهو شيعي وداود من شيوخ مسلم انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن حجاج بن أرطاة عن أبي الزبير عن جابر أن النبي عليه السلام قرن بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدا انتهى والحجاج ضعيف وأخرجه الدارقطني عن الربيع بن صبيح عن عطاء عن جابر قال ما طاف لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافا واحدا وسعيا واحدا لحجة وعمرة انتهى والربيع ضعيف حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن عاصم ثنا أبي عن حصين بن عبد الرحمن قال قال لي منصور حدثتني أنت يا حصين عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه طافوا لحجتهم وعمرتهم طوافا واحدا انتهى قال ابن الجوزي وعلي بن عاصم ضعيف قال في التنقيح هكذا وجدته في نسختين صحيحتين والصواب عاصم بن علي والله أعلم حديث آخر أخرجه الدارقطني عن بن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد أن النبي عليه السلام جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما بالبيت طوافا واحدا وبالصفا والمروة طوافا واحدا انتهى قال بن الجوزي وابن أبي ليلى هو بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وهو ضعيف قال في التنقيح وعطية أضعف منه
[ 209 ]
الحديث الرابع روى أن صبي بن معبد لما طاف طوافين وسعى سعيين قال له عمر هديت لسنة نبيك قلت هذا الحديث لم يقع هكذا فقد أخرجه أبو داود والنسائي عن منصور وابن ماجة عن الاعمش كلاهما عن أبي وائل عن الصبي بن معبد الثعلبي قال أهللت بهما معا فقال عمر هديت لسنة نبيك انتهى وذكر بعضهم فيه قصة ورواه بن حبان في صحيحه في النوع العاشر من القسم الخامس وأحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في مسانيدهم وقال الدارقطني في كتاب العلل وحديث الصبي بن معبد هذا حديث صحيح وأصحه إسنادا حديث منصور عن الاعمش عن أبي وائل عن الصبي عن عمر
[ 210 ]
أحاديث الباب أخرج النسائي في سننه الكبرى في مسند علي عن حماد بن عبد الرحمن الانصاري عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية قال طفت مع أبي وقد جمع بين الحج والعمرة فطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين وحدثني أن عليا فعل ذلك وقد حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك انتهى قال صاحب التنقيح وحماد هنا ضعفه الازدي وذكره بن حبان في الثقات قال بعض الحفاظ هو مجهول والحديث من أجله لا يصح انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن مجاهد عن بن عمر أنه جمع بين حج وعمرة فطاف لهما طوافين وسعى سعيين وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما صنعت انتهى وأخرجه عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن بن أبي ليلى عن علي قال رأيت النبي عليه السلام قرن وطاف طوافين وسعى سعيين انتهى قال الدارقطني لم يروهما غير الحسن بن عمارة وهو متروك ثم هو قد روى عن بن عباس ضد هذا ثم أخرج عن الحسن بن عمارة عن سلمة بن كهيل عن طاوس قال سمعت بن عباس يقول لا والله ما طاف لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا طوافا واحدا فهاتوا من هذا الذي يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف لهما طوافين انتهى وبالسند الثاني رواه العقيلي في كتاب الضعفاء فقال حدثنا عبد الله بن محمد بن صالح السمرقندي ثنا يحيى بن حكيم المقوم قال قلت لابي داود الطيالسي إن محمد بن الحسن صاحب الرأي حدثنا عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن بن أبي ليلى عن علي قال فذكره فقال أبو داود من هذا كان شعبة يشق بطنه من الحسن بن عمارة وأطال العقيلي في تضعيف الحسن بن عمارة وأخرجه الدارقطني أيضا عن حفص بن أبي داود عن بن أبي ليلى عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بنحوه قال وحفص هذا ضعيف وابن أبي ليلى ردئ الحفظ كثير الوهم انتهى وأخرجه أيضا عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي حدثني أبي عن أبيه عن جده عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا فطاف طوافين وسعى سعيين انتهى قال وعيسى
[ 211 ]
بن عبد الله يقال له مبارك وهو متروك الحديث حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بردة عمرو بن يزيد عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرته وحجته طوافين وسعى سعيين وأبو بكر وعمر وعلي وابن مسعود قال الدارقطني وأبو بردة متروك ومن دونه في الاسناد ضعفاء انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يحيى الازدي ثنا عبد الله بن داود عن شعبة عن حميد بن هلال عن مطرف عن عمران بن حصين أن النبي عليه السلام طاف طوافين وسعى سعيين انتهى قال الدارقطني يقال إن محمد بن يحيى حدث بهذا من حفظه فوهم في متنه والصواب بهذا الاسناد أن النبي عليه السلام قرن الحج والعمرة وليس فيه ذكر الطواف ولا السعي ويقال إنه رجع عن ذكر الطواف والسعي وحدث به على الصواب كما حدثنا به محمد بن إبراهيم بن نيروز حدثنا محمد بن يحيى الازدي به أن النبي عليه السلام قرن انتهى قال وقد خالفه غيره فلم يذكر فيه الطواف ولا السعي كما حدثنا به أحمد بن عبد الله بن محمد الوكيل ومحمد بن مخلد قالا حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي ثنا عبد الله بن داود ثنا شعبة بهذا الاسناد أن النبي عليه السلام قرن انتهى الآثار روى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة حدثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخعي عن أبي نصر السلمي عن علي بن أبي طالب قال إذا أهللت بالحج والعمرة فطف لهما طوافين واسع لهما سعيين بالصفا والمروة قال منصور فلقيت مجاهدا وهو يفتي بطواف واحد لمن قرن فحدثته بهذا الحديث فقال لو كنت سمعته لم أفت إلا بطوافين وأما بعد فلا أفتي إلا بهما انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا رجل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال في القارن يطوف طوافين قال الشافعي وهذا معناه أنه يطوف حين تقدم بالبيت وبالصفا والمروة ثم يطوف بالبيت للزيارة قال البيهقي وأصح ما روى عن علي في ذلك من حديث مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي في حديث
[ 212 ]
ذكره ثم يحرم لهما جميعا ويطوف لهما طوافين هكذا رواه سفيان بن عيينة عن منصور عن إبراهيم عن مالك بن الحارث وكذلك رواه الثوري وشعبة وبعضهم قال عن منصور عن مالك بن الحارث ويشبه أن يكون المعنى فيه ما قال الشافعي ورواه عبد الرحمن بن أبي نصر بن عمرو عن أبيه قال القارن يطو ف طوافين قال البخاري لا يصح وقال بن المنذر لا يثبت عن علي خلاف قول بن عمر إنما رواه مالك بن الحارث عن أبي نصر عن علي وأبو نصر رجل مجهول مع أنه لو كان ثابتا كان قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى من أحرم بالحج والعمرة أجزأه عنهما طواف واحد وسعي واحد انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم عن منصور بن زاذان عن الحكم عن زياد بن مالك أن عليا وابن مسعود قالا في القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين انتهى ثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم عن عمرو عن الحسن بن علي قال إذا قرنت بين الحج والعمرة فطف طوافين واسع سعيين انتهى قوله ولنا النهي المشهور عن الصوم في هذه الايام قلت تقدم في الصوم لكن يرد على المذهب حديث أخرجه البخاري عن عائشة وابن عمر أنهما قالا لم يرخص
[ 213 ]
في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي انتهى قال البيهقي في المعرفة وهذا شبيه بالمسند قال الشافعي وبلغني أن بن شهاب يرويه عن النبي عليه السلام مرسلا انتهى وأخرج البخاري أيضا عن بن عمر أنه قال الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة فان لم يجد هديا ولم يصم صام أيام منى انتهى قوله وعن عمر أنه أمر في مثله بذبح شاة يعني في قارن لم يجد الهدي ولم يصم حتى أتت عليه أيام النحر قلت حديث غريب وكذا ذكره في المبسوط فنقل عن عمر أنه أتاه رجل يوم النحر فقال إني تمتعت بالعمرة إلى الحج فقال اذبح شاة قال ما معي شئ قال سل أقاربك قال ما هنا أحد منهم فقال يا مغيث أعطيه قيمة شاة
[ 214 ]
باب التمتع الحديث الاول قال المصنف رحمه الله وصفة التمتع أن يبتدئ من الميقات في أشهر الحج فيحرم بالعمرة ويدخل مكة فيطوف بها ويسعى ويحلق أو يقصر وقد حل من عمرته وهذا هو تفسير العمرة وكذلك إذا أراد أن يفرد بالعمرة فعل ما ذكرنا هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضاء وقال مالك لا حلق عليه وإنما العمرة الطواف والسعي وحجتنا عليه ما ذكرناه قلت أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى وساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وتمتع
[ 215 ]
الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شئ حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة فاستلم الركن أول شئ ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة سبعة أطواف ثم لم يحلل من شئ حرم منه حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شئ حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدي من الناس انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن نافع قال أراد بن عمر الحج عام نزل الحجاج بابن الزبير فقيل له إن الناس كائن بينهم قتال ونخاف أن يصدوك فقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة إذن أصنع كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهدكم أني قد أوجبت عمرة حتى إذا كان بظاهر البيداء قال ما شأن الحج والعمرة إلا واحد أشهدكم أني جمعت حجة مع عمرة وأهدي هديا مقلدا اشتراه حتى قدم فطاف بالبيت وبالصفا ولم يزد على ذلك ولم يحل من شئ حرم منه حتى يوم النحر فحلق ونحر ورأى أن قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الاول ثم قال هكذا صنع
[ 216 ]
النبي عليه السلام انتهى والاستشهاد بهذا الحديث أولى من الحديث الذي قبله فان المصنف رحمه الله احتج به على مالك في وجوب الحج على المعتمر ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري عن بن عباس قال لما قدم النبي عليه السلام مكة أمر أصحابه أن يطوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة ثم يحلوا ويحلقوا أو يقصروا انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن معاوية بن أبي سفيان قال قصرت عن النبي صلى الله عليه وسلم على المروة أو رأيته يقصر عنه على المروة بمشقص انتهى قال المنذري في حواشيه قوله قصرت يحتج به من يقول إنه عليه السلام كان في حجة الوداع متمتعا لان المعتمر يقصر عند الفراغ من السعي وهذا لا يصح أن يكون في حجة الوداع لانه عليه السلام حلق رأسه في حجة الوداع بلا خلاف كما ورد في الصحيحين وقيل إنما كان هذا في بعض عمره عليه السلام قيل ولا يصح هذا إلا أن يكون في عمرة الجعرانة لان الصحيح أن معاوية أسلم يوم فتح مكة مع أبيه فأما الرواية الاخرى رأيته يقصر عنه فلا يصح أن يكون في حجة الوداع ويصح أن يكون فيما تقدم من عمره عليه السلام وأما لفظ الحديث عند أبي داود أن معاوية قال لابن عباس أما علمت أني قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص أعرابي على المروة لحجته فمعنى قوله لحجته أي لعمرته ففي لفظ النسائي في عمرة على المروة والعمرة قد تسمى حجا لان معناها القصد وقد قالت للنبي عليه السلام ما بال الناس حلوا وأنت لم تحلل من عمرتك قيل تريد من حجتك والله أعلم انتهى كلامه الحديث الثاني روى أنه عليه السلام قطع التلبية في عمرة القضاء حين استلم الحجر الاسود قلت أخرجه الترمذي عن بن أبي ليلى عن عطاء عن بن عباس أن النبي عليه
[ 217 ]
السلام كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر انتهى وقال حديث صحيح ورواه أبو داود ولفظه أن النبي عليه السلام قال يلبي المعتمر حتى يستلم الحجر انتهى قال أبو داود رواه عبد الملك بن أبي سليمان وهمام عن عطاء عن بن عباس موقوفا انتهى وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وفيه مقال
[ 218 ]
ولم ينصف المنذري في عزوه هذا الحديث للترمذي فان لفظ الترمذي من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولفظ أبي داود من قوله فهما حديثان ولكنه قلد أصحاب الاطراف إذ جعلوها حديثا واحدا وهذا مما لا ينكر عليهم وقد بينا وجه ذلك في حديث ابدءوا بما بدأ الله له وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام لبى يعني في عمرة القضية حتى استلم الركن انتهى الحديث الثالث روى أنه عليه السلام ساق الهدايا مع نفسه قلت أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج وتمتع الناس معه وقد تقدم الحديث بتمامه في أول الباب عز وجلالحديث الرابع روى عن عائشة رضي الله عنها قالت أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت تقدم قبل باب القران رواه الائمة الستة والمصنف هنا أحال فقال فإن كان بدنة قلدها بمزادة أو نعل لحديث عائشة على ما روينا وحديث عائشة هذا ذكره المصنف قبل باب القران أنها قالت كنت أفتل قلائد لبدن رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث بها وأقام في أهله حلالا ولو استدل هنا بحديث بن عباس لكان أولى أخرجوه إلا البخاري عن أبي حسان الاعرج واسمه مسلم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا بناقته وفي لفظ ببدنة فأشعرها في صفحة سنامها الايمن وسلت الدم عنها وقلدها نعلين ثم أتى براحلته فلما قعد عليها واستوت به على البيداء أهل بالحج
[ 219 ]
الحديث الخامس روى أنه عليه السلام أحرم بذي الحليفة وهداياه تساق بين يديه قلت تقدم البخاري ومسلم عن بن عمر قال تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة إلى آخره وقد تقدم بتمامه في أول هذا الباب الحديث السادس روى في الاشعار أن النبي عليه السلام طعن في الجانب الايسر مقصودا وفي الجانب الايمن اتفاقا قلت رواية الطعن في الجانب الايمن أخرجها مسلم عن أبي حسان عن بن عباس أن النبي عليه السلام صلى الظهر بذي الحليفة ثم دعا ببدنة فأشعرها في صفحة سنامها الايمن وقد تقدم ذكر البخاري الاشعار من حديث المسور ومروان غير مقيد بالايمن ولا بالايسر ولفظه قالا خرج النبي عليه السلام زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد النبي عليه السلام الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة انتهى وذكره من حديث عائشة أيضا وسيأتي قريبا وأما رواية الطعن في الايسر فرواها أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا يزيد بن هارون أنبأ شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أبي حسان عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى ذا الحليفة أشعر بدنته في شقها الايسر ثم سلت الدم بإصبعه فلما علت به راحلته البيداء لبى انتهى وقال بن عبد البر في كتاب التمهيد رأيت في كتاب بن علية عن أبيه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي حسان الاعرج عن بن عباس
[ 220 ]
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشعر بدنة من الجانب الايسر ثم سلت الدم عنها وقلدها نعلين قال وهذا عندي منكر في حديث بن عباس والمعروف ما رواه مسلم وغيره في الجانب الايمن لا يصح فيه غير ذلك إلا أن بن عمر كان يشعر بدنه من الجانب الايسر انتهى وهكذا أورده أبو محمد عبد الحق في أحكامه معزوا إلى بن عبد البر قال بن القطان في كتابه وهو كلام صحيح وأنا أخاف أن يكون تصحف فيه الايمن بالايسر وأيضا فإنا لا نعلم بن علية إلا الاخوة الثلاثة إسماعيل وربعي وإسحاق والمشهور الفقيه منهم إسماعيل بن إبراهيم بن سهم وعلية أمه وليست هذه طبقته أن يروي بهذا النزول فان قدرناه هو فأبوه إبراهيم بن مقسم لا أعرفه في رواية الاخبار وحاله مجهول انتهى كلامه قلت قد روى من غير طريق بن علية كما قدمناه من جهة أبي يعلى الموصلي وحديث بن عمر الذي أشار إليه بن عبد البر أخرجه مالك في موطأه عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا أهدى هديا من المدينة يقلده بنعلين ويشعره من الشق الايسر ثم يساق معه مختصر
[ 221 ]
الحديث السابع روى الاشعار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء الراشدين قلت أما الرواية عن النبي صلى الله عليه وسلم فأخرج البخاري عن المسور ومروان قالا خرج النبي عليه السلام من المدينة في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كان بذي الحليفة قلد عليه السلام الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة انتهى حديث آخر رواه الجماعة إلا البخاري عن أبي حسان الاعرج عن ابن عباس أن النبي عليه وسلم أشعر بدنة من الجانب الايمن وسلت الدم عنها وزاد فيه الترمذي قال وسمعت أبا السائب يقول كنا عند وكيع فقال لرجل ممن ينظر في الرأي أشعر
[ 222 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول أبو حنيفة وهو مثلة قال الرجل فإنه قد روى عن إبراهيم النخعي أنه قال الاشعار مثلة فرأيت وكيعا غضب غضبا شديدا ثم قال أقول لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول قال إبراهيم ما أحقك بأن تحبس ثم لا تخرج حتى تنزع عن قولك هذا انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة قالت فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ثم أشعرها وقلدها ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة فما حرم عليه شئ كان له حلا انتهى الحديث الثامن حديث النهي عن المثلة قلت ليس في كلام المصنف أن الاشعار منسوخ بحديث النهي عن المثلة ولكنه قال إن حديث الاشعار معارض بحديث النهي عن المثلة وإذا وقع التعارض فالترجيح للمحرم انتهى وكان جماعة من العلماء تفهموا عن أبي حنيفة النسخ من ذلك وكذلك رواه السهيلي في الروض الانف فقال النهي عن المثلة كان بإثر غزوة أحد وحديث الاشعار في حجة الوداع فكيف يكون الناسخ متقدما على المنسوخ انتهى كلامه وفي النهي عن المثلة أحاديث منها حديث أنس أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد عن قتادة عن أنس فذكر حديث العرنيين وفي آخره قال قتادة وبلغنا أن النبي عليه السلام كان بعد ذلك يحث على الصدقة وينهى عن المثلة وانفرد به مسلم عن أنس قال إنما سمل النبي عليه السلام أعين أولئك لانهم سملوا أعين الرعاة حديث آخر أخرجه البخاري عن بن عمر قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مثل بالحيوان انتهى .
[ 223 ]
حديث آخر أخرجه البخاري عن عبد الله بن يزيد الانصاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة والمثلة انتهى هكذا عزاه عبد الحق للبخاري وينظر حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه في كتاب الجهاد حدثنا بن المثنى عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران البصري عن سمرة بن جندب قال كان النبي عليه السلام يحث على الصدقة وينهى عن المثلة وفيه قصة حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن بن عمر أن النبي عليه السلام لعن من يمثل بالحيوان وفي لفظ نهى أن يمثل بالحيوان انتهى حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا يزيد بن هارون عن بن أبي ذئب عن مولى لجهينة عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه مرفوعا بلفظ عبد الله ابن يزيد حديث آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن الحسن عن هياج بن عمران عن عمران بن حصين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة مختصر حديث آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سلمة بن نوفل عن صفية بن المغيرة بن شعبة عن المغيرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة انتهى حديث آخر رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا محمد بن صباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن يزيد بن زياد عن قيس بن الاحنف حدثنا القاسم بن محمد الثقفي قال جاءت أسماء بنت أبي بكر مع جوار لها وقد ذهب بصرها فقالت أههنا الحجاج قيل لها لا قالت إذا جاء فقولوا له يأمر لنا بهذه العظام يعني بن الزبير فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة وأخبروه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من ثقيف كذاب ومبير فأما الكذاب فقد رأيناه وأما المبير فهو الحجاج انتهى .
[ 224 ]
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن علي الآبار ثنا أبو أمية عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ثنا إسماعيل بن راشد قال كان من حديث عبد الرحمن بن ملجم في قتلة علي بن أبي طالب فذكر القصة بطولها وفي آخرها قال ولما دخل بن ملجم على علي بعد أن ضربه بالسيف على قرنه وأوقف بين يديه مكتوفا قال له يا عدو الله ما الذي حملك على ما صنعت ألم أحسن إليك الم افعل معك كذا وكذا وكذا ثم قال للحسن إن بقيت رأيت فيه رأيي وإن هلكت من ضربتي هذه فاضربه ضربة ولا تمثل به فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن المثلة ولو بالكلب العقور انتهى حديث آخر رواه الطبراني أيضا من حديث بقية عن عيسى بن إبراهيم عن موسى بن حبيب عن الحكم بن عمير وعائذ بن قرط قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمثلوا بشئ من خلق الله عزوجل فيه روح انتهى حديث آخر أخرجه الطبراني أيضا عن يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب الانصاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة والمثلة انتهى حديث آخر رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني خالد بن الهيثم مولى لبني هاشم عن يحيى بن أبي كثير قال لما أسر سهيل بن عمرو يوم بدر قال عمر يا رسول الله انزع ثنيته يدلع لسانه فلا يقوم عليك خطيبا أبدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أمثل به فيمثل الله بي ولو كنت نبيا ولعله يقوم مقاما لا تكرهه فقام سهيل حين جاءه وفاة النبي عليه السلام بخطبة أبي بكر بمكة كأنه كان يسمعها فقال عمر أشهد أن محمدا رسول الله يريد حيث قال عليه السلام لعله يقوم مقاما لا تكرهه مختصر وهو مرسل ومن هذا الباب وسم إبل الصدقة فالمنقول فيه عن أبي حنيفة أيضا كراهته لان فيه تعذيب الحيوان وهو سنة عند الشافعي عملا بحديث الصحيحين عن أنس بن مالك قال غدوت بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنكه فوافيته في يده الميسم يسم إبل الصدقة انتهى
[ 225 ]
قوله وإشعار النبي عليه السلام لصيانة الهدي لان المشركين كانوا لا يمتنعون عن تعرضه إلا به الحديث التاسع قال عليه السلام لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة وتحللت منها قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال خرجنا نصرخ الحج فلما قدمنا مكة أمرنا النبي عليه السلام أن نجعلها عمرة وقال لو استقبلت من أمري ما استدبرت جعلتها عمرة ولكن سقت الهدي وقرنت بين الحج والعمرة وفي لفظ لهما ولولا أن معي الهدي لاحللت وفي حديث جابر الطويل حتى إذا كان آخر طوافه على المروة قال لو أني استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحل وليجعلها عمرة
[ 226 ]
فقام سراقة بن جعشم فقال يا رسول الله ألعامنا أم للابد فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه واحدة في الاخرى وقال دخلت العمرة في الحج مرتين لا بل للابد وأخرج البخاري ومسلم عن جابر قال أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج فلما قدمنا مكة أمرنا أن نحل ونجعلها عمرة فكبر ذلك علينا وضاقت به صدورنا فبلغ ذلك النبي عليه السلام فما ندري أشئ بلغه من السماء أم من قبل الناس فقال أيها الناس أحلوا فلولا الهدي الذي معي فعلت كما فعلتم قال فأحللنا حتى وطئنا النساء وفعلنا ما يفعل الحلال حتى إذا كان يوم التروية أهللنا بالحج انتهى قوله روى عن عدة من التابعين إذا رجع إلى أهله بعد فراغه من العمرة ولم يكن ساق الهدي يبطل تمتعه قلت رواه الطحاوي في كتاب أحكام القرآن عن سعيد بن المسيب وعطاء وطاوس ومجاهد والنخعي أن المتمتع إذا رجع إلى أهله بعد العمرة بطل تمتعه وكذا ذكره الرازي في أحكامه
[ 227 ]
قوله روى عن العبادلة الثلاثة وعبد الله بن الزبير أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة قلت العبادلة في اصطلاح أصحابنا ثلاثة عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وفي اصطلاح غيرهم أربعة فأخرجوا بن مسعود وأدخلوا بن عمرو بن العاص وزادوا بن الزبير قاله أحمد بن حنبل وغيره وغلطوا صاحب الصحاح إذ أدخل بن مسعود وأخرج ابن
[ 228 ]
العاص قال البيهقي لان بن مسعود تقدمت وفاته وهؤلاء عاشوا حتى احتيج إلى علمهم ويلتحق بابن مسعود كل من سمى بعبد الله من الصحابة وهم نحو من مائتين وعشرين رجلا قاله النووي وغيره فحديث بن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة البقرة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر في قوله تعالى الحج أشهر معلومات قال شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة ويوم النحر منها انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وعلقه البخاري في صحيحه فقال وقال بن عمر الحج شوال إلى آخره وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه وحديث بن عباس أخرجه الدارقطني في سننه عن شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك عن بن عباس قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة انتهى وعلقه البخاري أيضا فقال وعن بن عباس أشهر الحج التي ذكر الله شوال وذو القعدة إلى آخره وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه وحديث بن مسعود أخرجه الدارقطني أيضا عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي الاحوص عن عبد الله بن مسعود نحوه ورواه بن أبي شيبة أيضا وحديث بن الزبير أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبيد الله الثقفي عن عبد الله بن الزبير بنحوه قال الطبري إنما أراد من قال أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة أن هذه الاشهر ليست أشهر العمرة إنما هي للحج وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى انتهى وقد روى هذا مرفوعا رواه الطبراني في معجمه الاوسط حدثنا أحمد بن محمد بن أسيد الاصبهاني ثنا محمد بن بواب الهنائي ثنا حصين بن المخارق ثنا يونس بن عبيد عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو
[ 229 ]
الحجة انتهى قال بن كثير في تفسيره بعد أن عزاه لابن مردويه في تفسيره هذا حديث موضوع ولا يصح رفعه فان حصين بن المخارق اتهم بالوضع انتهى الحديث العاشر حديث عائشة لما حاضت بسرف أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا تطوف بالبيت حتى تطهر قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرى إلا الحج فلما كنا بسرف حضت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال مالك أنفست قلت نعم قال إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري انتهى وفي لفظ لمسلم حتى تغتسلي أخرجه البخاري في الحيض وفي الضحايا وأخرجا أيضا عن جابر قال أقبلنا مهلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج مفرد وأقبلت عائشة بعمرة حتى إذا كنا بسرف عركت عائشة حتى إذا قدمنا طفنا بالكعبة وبالصفا والمروة فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحل منا من لم يكن معه هدي قال فقلنا حل ماذا قال الحل كله قال فواقعنا النساء وتطيبنا ولبسنا ثيابنا ليس بيننا وبين عرفة إلا أربع ليال ثم أهللنا يوم التروية ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على عائشة وهي تبكي فقال لها ما شأنك قالت شأني أني حضت وقد حل الناس ولم أحلل ولم أطف بالبيت والناس يذهبون إلى الحج الآن فقال إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم فاغتسلي ثم أهلي بالحج ففعلت ووقفت المواقف حتى إذا طهرت طافت بالكعبة والصفا والمروة ثم قال قد حللت من حجتك وعمرتك جميعا قالت يا رسول الله إني أجد في نفسي أني لم أطف بالبيت حتى حججت قال فاذهب بها يا عبد الرحمن فأعمرها من التنعيم وذلك ليلة الحصبة انتهى وفي لفظ البخاري فيه قال فأمرها النبي عليه السلام أن تنسك المناسك كلها غير أن لا تطوف ولا تصلي حتى تطهر وقال فيه أيضا فاعتمرت عمرة في ذي الحجة بعد أيام الحج وقال أيضا ولم يكن مع أحد منهم هدي غير النبي عليه السلام وطلحة انتهى .
[ 230 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن خصيف عن عكرمة وعطاء ومجاهد عن بن عباس أن النبي عليه السلام قال الحائض والنفساء إذا أتتا على الموقف تغتسلان وتحرمان وتقضيان المناسك كلها غير الطواف بالبيت انتهى زاد أبو داود حتى تطهر قال الترمذي حديث غريب من هذا الوجه انتهى وخصيف بن عبد الرحمن الحراني كنيته أبو عون ضعفه غير واحد حديث آخر رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه قالا حدثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عنا عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت انتهى الحديث الحادي عشر روى أنه عليه السلام رخص للنساء الحيض في ترك الطواف الصدر قلت أخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس قال أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض انتهى وأخرج البخاري في الحيض عن بن عباس قال رخص للحائض أن تنفر يعني بعد الافاضة قال وكان بن عمر يقول أولا إنها لا تنفر ثم رجع وقال تنفر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهن انتهى وأخرج الترمذي والنسائي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن
[ 231 ]
عمر قال من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت إلا الحيض ورخص لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى باب الجنايات رضي الله تعالى عنها الحديث الاول قال عليه السلام الحناء طيب قلت أخرجه البيهقي في كتاب المعرفة في الحج عن بن لهيعة عن بكر بن عبد الله بن الاشج عن خولة بنت
[ 232 ]
حكيم عن أمها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لام سلمة لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي الحناء فإنه طيب انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف فإن بن لهيعة لا يحتج به انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه عن بن لهيعة عن بكر بن عبد الله بن الاشج عن
[ 233 ]
خولة عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطيبي وأنت محرمة ولا تمسي
[ 234 ]
الحناء فإنه طيب انتهى وعزاه السروجي في الغاية إلى النسائي ولفظه نهى
[ 235 ]
المعتدة عن التكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب انتهى وأعاده المصنف في باب العدة بزيادة الحديث الثاني حديث كعب بن عجرة قال المصنف وإن تطيب أو لبس أو حلق من عذر فهو إن شاء ذبح شاة وإن شاء تصدق على ستة مساكين بثلاثة أصوع من
[ 236 ]
الطعام وإن شاء صام ثلاثة أيام لقوله تعالى ففدية من صيام أو صدقة أو نسك وكلمة أو للتخيير وقد فسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ذكرنا قلت يشير الى حديث كعب بن عجرة أخرجه الائمة الستة في كتبهم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر به وهو بالحديبة قبل أن يدخل مكة وهو محرم وهو يوقد تحت قدره والقمل يتهافت على وجهه فقال أيؤذيك هوامك هذه قال نعم قال فأحلق رأسك وأطعم فرقا بين ستة مساكين والفرق ثلاثة أصوع أو صم ثلاثة أيام أو انسك نسيكة انتهى وفي لفظ لمسلم فقال له النبي عليه السلام أحلق ثم اذبح شاة نسكا أو صم ثلاثة أيام أو أطعم ثلاثة آصع من تمر على ستة مساكين انتهى وفي لفظ له عن عمر أنه سأل كعبا أي شئ افتدى حين حلق رأسه قال ذبح بقرة وفي لفظ فقال لي هل عندك فرق تقسمه بين ستة مساكين والفرق ثلاثة آصع أو أنسك شاة أو صم ثلاثة أيام فقلت يا رسول الله خرلى قال أطعم ستة مساكين وفي لفظ عن الحسن أنه قال فكيف صنعت قال ذبحت شاة والله أعلم أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الله بن معقل قال حدثني كعب بن عجرة أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرما فقمل رأسه ولحيته فبلغ ذلك النبي عليه السلام فأرسل إليه فدعا الحلاق فحلق رأسه ثم قال هل عندك نسك قال ما أقدر عليه فأمره أن يصوم ثلاثة أيام أو يطعم ستة مساكين لكل مسكين صاع فأنزل الله فيه خاصة فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ثم كانت للمسلمين عامة انتهى وفي لفظ لهما عن عبد الله بن معقل قال قعدت إلى كعب بن عجرة وهو في المسجد فسألته عن هذه الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فقال كعب في نزلت كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى أن الجهد بلغ منك ما أرى أتجد شاة فقلت لا فنزلت هذه الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك قال صوم ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين نصف صاع لكل مسكين قال فنزلت في خاصة وهي لكم عامة انتهى
[ 237 ]
فصل الحديث الثالث روي أنه عليه السلام سئل عمن واقع امرأته وهما محرمان بالحج قال يريقان دما ويمضيان في حجهما وعليهما الحج من قابل قلت رواه أبو وداود في المراسيل حدثنا أبو توبة ثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير أنبأ يزيد بن نعيم أو زيد بن نعيم شك أبو توبة أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسأل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقضيا نسككما واهديا هديا انتهى ورواه البيهقي وقال إنه منقطع وهو يزيد بن نعيم بلا شك انتهى وقال بن القطان في كتابه هذا حديث لا يصح فان زيد بن نعيم مجهول ويزيد بن نعيم بن هزال ثقة وقد شك أبو توبة ولا يعلم عمن هو منهما ولا عمن حدثهم به معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير فهو لا يصح قال بن القطان وروى بن وهب أخبرني بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حرملة عن بن المسيب أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان فسأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما أتما حجكما ثم ارجعا
[ 238 ]
وعليكما حجة أخرى فإذا كنتما بالمكان الذي أصب تما فيه ما أصبتما فأحرما وتفرقا ولا يرى واحد منكما صاحبه ثم أتما نسككما وأهديا انتهى قال بن القطان وفي هذا أنه أمرهما بالتفرق في العودة لا في الرجوع وحديث المراسيل على العكس منه قال وهذا أيضا ضعيف بابن لهيعة انتهى كلامه وروى أحمد بن حنبل حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن غيلان بن جرير أنه سمع عليا الازي قال سئل بن عمر عن رجل وامرأة من عمان أقبلا حاجين فقضيا المناسك حتى لم يبق عليهما إلا الافاضة وقع عليها فسأل بن عمر فقال ليحجا عاما قابلا انتهى وروى أيضا عن عبد الرحمن بن مهدي ثنا هشام عن قتادة قال سألت الحسن عن رجل غشي امرأته بعدما رمى الجمرة وحلق فقرأ هذه الآية ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق قال عليه الحج من قابل انتهى قوله وهكذا روى عن جماعة من الصحابة يعني الحكم المذكور قبله فمن جامع قبل الوقوف قلت روى مالك في الموطأ أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة رضي الله عنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا ينفذان توجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج من قابل والهدي
[ 239 ]
فقال علي بن أبي طالب فإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما انتهى رواه البيهقي من طريق بن بكير عن مالك وهو بلاغ وأخرجه البيهقي عن الوليد بن مسلم عن الاوزاعي عن عطاء عن عمر بن الخطاب أنه قال في محرم بحجة أصاب امرأته وهو محرم يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما ويتفرقان حتى يتما حجهما قال وهذا منقطع بين عطاء وعمر ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن عيينة عن يزيد بن يزيد بن جابر قال سألت مجاهدا عن المحرم يواقع امرأته فقال كان ذلك على عهد عمر بن الخطاب فقال يقضيان حجهما ثم يرجعان حلالا فإذا كان من قابل حجا وأهديا وتفرقا من المكان الذي أصابهما انتهى أثر آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال أتى رجل عبد الله بن عمرو فسأله عن محرم وقع بامرأته فأشار إله إلى عبد الله بن عمر فلم يعرفه الرجل قال فذهبت معه فسأله عن محرم وقع بامرأته قال بطل حجه قال فيقعد قال لا بل يخرج مع الناس فيصنع ما يصنعون فإذا أدركه قابل حج وأهدى فرجعا إلى عبد الله بن عمرو فأخبراه فأرسلنا إلى بن عباس قال شعيب فذهبت معه إلى بن عباس فقال له مثل ما قالا انتهى وعن الدارقطني رواه الحاكم وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة وقال إسناده صحيح وفيه دلالة على صحة سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو من بن عباس انتهى وقال الشيخ في الامام رجاله كلهم ثقات مشهورون انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن أشعث عن الحكم عن علي قال على كل واحد منهما بدنة فإذا حجا من قبل تفرقا من المكان الذي أصابهما انتهى حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن عبد الله بن وهبان عن بن عباس قال جاء رجل إلى بن عباس فقال إني وقعت على امرأتي وأنا محرم
[ 240 ]
فقال الله أعلم بحجكما امضيا لوجهكما وعليكما الحج من قابل فإذا انتهيت إلى المكان الذي واقعت فيه فتفرقا ثم لا تجتمعا حتى تقضيا حجكما انتهى حدثنا يحيى بن سعيد عن بن جريج حدثني سعيد بن خرشيد أن رجلا استفتى جابر بن زيد والحسن بن محمد عن رجل وامرأته أهلا بالحج ثم وقع عليها فقالا يتمان حجهما وعليهما الحج من قابل وان كان ذا ميسرة أهدى جزورا انتهى رضي الله تعالى عنها الحديث الرابع قال عليه السلام من وقف بعرفة قفد تم حجه تقدم غير مرة قوله وإنما تجب البدنة لقول بن عباس قلت يشير إلى حديث رواه مالك في
[ 241 ]
الموطأ مالك عن أبي الزبير المكي عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس أنه سئل عن رجل وقع بأهله وهو بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدنة انتهى والمصنف قد أشار إليه في مسألة من طاف طواف الزيادة جنبا وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد العزيز بن رفيع عن عطاء قال سئل بن عباس عن رجل قضى المناسك كلها غير أنه لم يزر البيت حتى وقع على امرأته قال عليه بدنة انتهى وروى أيضا حدثنا بن الفضيل وسلام عن ليث عن حميد قال جاء رجل إلى بن عمر فقال يا أبا عبد الرحمن رجل جاهل بالسنة بعيد الشقة قليل ذات اليد قضيت المناسك كلها غير أني لم أزر البيت حتى وقعت على امرأتي فقال بدنة وحج من قابل انتهى فصل الحديث الخامس قال عليه السلام الطواف بالبيت صلاة إلا أن الله تعالى
[ 242 ]
أباح فيه المنطق قلت تقدم في باب الاحرام والمصنف استدل به هنا للشافعي على أن الطهارة شرط في صحة الطواف وأحمد مع الشافعي في هذه المسألة واستدل لهما بن الجوزي في التحقيق بحديثين في الصحيحين كلاهما عن عائشة أحدهما
[ 243 ]
أنها حاضت فقال لها النبي عليه السلام اقضي ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري الثاني أن صفية حاضت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكنت
[ 244 ]
أفضت يوم النحر يعني الطواف قالت نعم قال فانفري إذا قال فمنع من الطواف لعدم الطهارة قال فان قال الخصم انما منع لاجل دخول المسجد قلنا المنقول حكم وسبب وظاهر الامر يتعلق الحكم بالسبب فلما تعرض للطواف لا للمسجد دل على أنه المقصود بالحكم انتهى كلامه قال الشيخ في الامام روى أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة قال سألت حمادا أو منصورا عن الرجل يطوف بالبيت على غير طهارة فلم يريا به بأسا قال وروى سعيد بن منصور ثنا أبو عوانة عن بن بشر عن عطاء قال حاضت امرأة وهي تطوف مع عائشة أم المؤمنين فأتمت بها عائشة سنة طوافها قوله عن بن عباس فيمن طاف طواف الزيارة جنبا أن عليه بدنة قلت غريب الحديث السادس قال عليه السلام فادفعوا بعد غروب الشمس يعني في الافاضة من عرفات قلت حديث غريب وتقدم في حديث جابر الطويل فلم يزل عليه السلام واقفا حتى غربت الشمس وتقدم أيضا من حديث علي بن أبي طالب أنه عليه السلام أفاض منها حين غربت رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وقال الترمذي حديث حسن صحيح وتقدم أيضا عند أبي داود من حديث أسامة
[ 245 ]
قال كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وقعت الشمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال في التنقيح إسناده حسن وتقدم أيضا عند الحاكم عن المسور بن مخرمة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما بعد فان أهل الشرك كانوا يدفعون من هذا الموضع إذا كانت الشمس على رءوس الجبال مثل عمائم الرجال وإنا ندفع بعد أن تغيب وقال صحيح على شرط الشيخين وتقدم عند الطبراني من حديث بن عمر قال كان المشركون لا يفيضون من عرفات حتى تعمم الشمس في رءوس الجبال وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يفيض حتى تغيب مختصر وروى بن أبي شيبة في مصنفه ثنا جرير عن الركين قال سمعت بن عمر رضي الله عنهما يقول لابن الزبير إذا سقطت الشمس فأفض انتهى قوله عن بن مسعود قال من قدم نسكا على نسك فعليه دم قلت هكذا هو في غالب النسخ ويوجد في بعضها بن عباس وهو أصح رواه بن أبي شيبة في
[ 246 ]
مصنفه حدثنا سلام بن مطيع أبو الأحوص عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس قال من قدم شيئا من حجه أو أخره فليهرق لذلك دما انتهى قال الشيخ في الامام وإبراهيم بن مهاجر ضعيف انتهى وأخرج عن سعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وجابر بن زيد أبي الشعثاء نحو ذلك وأخرج الطحاوي في شرح الآثار حديث بن عباس عن إبراهيم بن مهاجر به وأخرجه أيضا ثنا بن مرزوق ثنا الخصيب ثنا وهيب عن أيوب عن سعيد بن جبير عن بن عباس مثله قال الطحاوي فهذا بن عباس أحد من روى عن النبي عليه السلام أنه ما سئل يومئذ عن شئ قدم ولا أخر من أمر الحج إلا قال لا حرج فلم يكن معنى ذلك عنده على الاباحة في تقديم ما قدموا ولا تأخير ما أخروا مما ذكرنا أن فيه الدم ولكن معنى ذلك عنده على أن الذي فعلوه في حجة النبي عليه السلام كان على الجهل بالحكم فيه كيف هو فعذرهم لجهلهم وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم والله أعلم انتهى كلامه أحاديث الخصوم واستدل من أجاز تقديم الحلق على الذبح والرمي وغير ذلك بما أخرجاه في الصحيحين عن بن عباس أن النبي عليه السلام سئل عن الذبح والرمي والحلق والتقديم والتأخير فقال لا حرج انتهى حديث آخر أخرجاه في الصحيحين أيضا عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفا على راحلته بمنى فأتاه رجل فقال يا رسول الله إني كنت أرى أن الذبح قبل الرمي فذبحت قبل أن أرمي
[ 247 ]
قال ارم ولا حرج قال فما سئل عن شئ قدمه رجل قبل شئ إلا قال افعل ولا حرج انتهى الحديث السابع روى أن النبي عليه السلام وأصحابه أحصروا بالحديبية وحلقوا في غير الحرم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قال خرج النبي عليه السلام زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من الصحابة حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة قال وسار النبي عليه السلام حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به راحلته إلى أن قال فقال
[ 248 ]
النبي عليه السلام أكتب هذا ما قضى عليه محمد رسول الله وقص الخبر فقال سهيل وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا فلما فرغ من قضية الكتاب قال النبي عليه السلام لاصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا الحديث بطوله قال البخاري في الحج والحديبية خارج الحرم انتهى وأخرج البخاري في الشهادات عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام القابل وسيأتي في باب الاحصار فصل الحديث الثامن واستثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمس الفواسق وهي الكلب العقور
[ 249 ]
والذئب والغراب والحدأة والحية والعقرب قلت اعلم أن ههنا حديثين حديثا في جواز قتل هذه الاشياء للمحرم وحديثا في جواز قتلها في الحرم فهما حديثان متغايران لا يقوم أحدهما مقام الآخر إذ لا يلزم من جواز قتلها للمحرم جواز قتل الحلال لها في الحرم ولا من جواز قتل الحلال لها خارج الحرم جواز قتل المحرم لها فثبت أنهما حكمان ويدل على ذلك أنه جمع بينهما في بعض الاحاديث وسيأتي الحكم الآخر في الحديث الحادي عشر أخرجه مسلم عن بن عمر مرفوعا خمس لا جناح على من قتلهن في الحرم والاحرام فذكرهما فدل على تغايرهما وإنما ذكرت ذلك لان بعض الفقهاء وهم في ذلك واستدل بأحد الحديثين على الحكم الآخر بل في أصحاب الحديث من بوب على أحد الحكمين فساق أحاديث الحكم الآخر ومنهم من ساق أحاديث الحكمين والباب على حكم واحد وكل ذلك غير مرضي لما بيناه والله أعلم والحديث أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الدواب ليس على المحرم في قتلهن جناح العقرب والفأرة والكلب العقور والغراب والحدأة انتهى ذكره البخاري في بدء الخلق وفي الحج ومسلم في الحج وأخرجاه أيضا عن زيد بن جبير قال سمعت بن عمر يقول حدثتني إحدى نسوة النبي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقتل المحرم الكلب العقور والفأرة والعقرب والحديا والغراب زاد فيه مسلم والحية وزاد فيه قال وفي الصلاة أيضا انتهى وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي نعيم عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عما يقتل المحرم قال يقتل المحرم الحية والعقرب والفويسقة والكلب العقور والحدأة والسبع العادي ويرمى الغراب ولا يقتله انتهى ولم يذكر منه الترمذي غير السبع العادي وقال فيه حسن وقال الشيخ في
[ 250 ]
الامام وإنما لم يصححه من أجل يزيد بن أبي زياد انتهى والغراب المنهي عن قتله في هذا الحديث يحمل على الذي لا يأكل الجيف ويحمل المأمور بقتله على الابقع الذي يأكل الجيف كما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله والمراد به الغراب الذي يأكل الجيف وأخرج النسائي وابن ماجة عن شعبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس يقتلهن المحرم الحية والفأرة والحدأة والغراب الابقع والكلب العقور انتهى وورد الحديث غير مقيد بالحرم والاحرام أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر عن حفصة مرفوعا خمس من الدواب كلها فاسق لا جناح على من قتلهن العقرب والغراب والحدأة والفأرة والكلب العقور انتهى لم يقل البخاري كلها فاسق وأخرجه مسلم عن بن جريج عن نافع عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خمس من الدواب لا جناح على من قتلها فذكرهن قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين زاد جماعة عن نافع ليس في حديث أحد منهم سمعت النبي عليه السلام وأما رواية الذئب فأخرجه الدارقطني في سننه عن الحجاج بن أرطاة عن وبرة بن عبد الرحمن قال سمعت بن عمر يقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المحرم بقتل الذئاب والفأرة والحدأة والغراب انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وزاد فيه قيل له فالحية والغراب فقال كان يقال ذلك انتهى والحجاج لا يحتج به حديث آخر مرسل رواه أبو داود في المراسيل عن سعيد بن المسيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس يقتلهن المحرم الحية والعقرب والغراب والكلب والذئب انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا محمد بن أبي يحيى عن أبي حرملة أنه سمع بن المسيب فذكره وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود ولم يعله بشئ ورواه بن أبي شيبة في مصنفه مقتصرا فيه على الذئب وأخرج نحوه عن عمرو بن عمر وأخرج عن عطاء قال يقتل المحرم الذئب وكل
[ 251 ]
عدو لم يذكر في الكتاب انتهى قال السرقسطي في غريبه الكلب العقور اسم لكل عاقر حتى اللص المقاتل وعلى هذا فيستقيم قياس الشافعية على الخمسة ما كان في معناها ولكن يعكر على هذا عدم إفراده بالذكر فإن قالوا إنه من باب الخاص على العام تأكيدا للخاص كقوله تعالى فيها فاكهة ونخل ورمان قلنا قد جاء في بعض الروايات مؤخر الذكر متوسطا هكذا في الصحيح وغيره وأيضا ففي مراسيل أبي داود ذكر الكلب من غير وصفه بالعقور فعلم أن المراد به الحيوان الخاص لا كل عاقر والله أعلم ثم استدل السرقسطي عن أبي هريرة أنه قال الكلب العقور الاسد وسنده أخبرنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا حفص بن ميسرة عن زيد بن سيلان عن أبي هريرة فذكره رضي الله تعالى عنه الحديث التاسع حديث أبي قتادة هل أشرتم هل دللتم تقدم في الاحرام قوله وقال عطاء أجمع الناس على أن على الدال الجزاء قلت غريب وعطاء هذا كان بن أبي رباح صرح به في المبسوط وغيره وذكره بن قدامة في المغنى
[ 252 ]
عن علي وابن عباس وقال الطحاوي هو مروى عن عدة من الصحابة رضي الله عنهم ولم يرو عنهم خلافه فكان إجماعا انتهى قوله والصحابة أوجبوا النظير من حيث الخلقة قلت روى مالك في الموطأ أخبرنا أبو الزبير عن جابر أن عمر قضى في الضبع بكبش وفي الغزال بعنز وفي الارنب بعناق وفي اليربوع بجفرة انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه أثر آخر رواه الشافعي ومن جهته البيهقي في سننه عن سعد بن سالم عن ابن جريج عن عطاء الخراساني أن عمر وعثمان وعليا وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية رضي الله عنهم قالوا في النعامة يقتلها المحرم بدنة من الابل انتهى قال الشافعي وإنما نقول إن في النعامة بدنة بالقياس لا بهذا الاثر فإن هذا الاثر غير ثابت عند أهل العلم بالحديث قال البيهقي وسبب عدم ثبوته أن فيه ضعفا وانقطاعا وذلك لان عطاء الخراساني ولد سنة خمسين قاله بن معين وغيره فلم يدرك عمر ولا عثمان ولا عليا ولا زيدا وكان في زمن معاوية صبيا ولم يثبت له سماع من ابن عباس مع احتماله فإن بن عباس توفي في سنة ثمان وستين وعطاء الخراساني مع انقطاع حديثه هذا متكلم فيه انتهى ورواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما أخبرنا بن جريج به أثر آخر رواه الشافعي في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه قالا أخبرنا بن عيينة عن عبد الكريم الجزري عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود أنه قضى في اليربوع بجفرة انتهى
[ 253 ]
أثر آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إسرائيل أو غيره عن أبي إسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن بن مسعود قال في بقرة الوحش بقرة انتهى أثر آخر روى عبد الرزاق ثنا هشيم عن منصور عن بن سيرين أن عمر أمر محرما أصاب ظبيا بذبح شاة عفراء انتهى أثر آخر روى إبراهيم الحربي في كتاب غريب الحديث حدثنا عبد الله بن صالح ثنا أبو الاحوص عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال في اليربوع حمل انتهى ثم نقل عن الاصمعي أن الحمل ولد الضأن الذكر انتهى أثر آخر روى بن سعد في الطبقات أخبرنا عبيد الله بن موسى ثنا إسرائيل عن منصور عن أبي وائل عن جرير البجلي قال خرجنا مهلين فوجدنا أعرابيا معه ظبي فابتعته منه فذبحته وأنا ناس لاهلالي فأتيت عمر بن الخطاب فأخبرته فقال إئت بعض إخوانك فليحكموا عليك فأتيت عبد الرحمن بن عوف وسعيد بن مالك فحكما على تيسا أعفر انتهى أثر آخر رواه مالك في الموطأ أخبرنا مالك عن عبد الملك بن قرير البصري عن محمد بن سيرين أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب فقال له إني أصبت ظبيا وأنا محرم فما ترى في ذلك فقال عمر لرجل إلى جنبه تعالى حتى أحكم أنا وأنت قال فحكما عليه بعنز فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي حتى دعا رجلا فحكم معه فلما سمعه عمر دعاه فقال له هل تقرأ سورة المائدة قال لا قال لو أخبرتني أنك تقرأها لاوجعتك ضربا إن الله يقول في كتابه يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة فأنا عمر وهذا عبد الرحمن بن عوف انتهى أثر آخر أخرجه البيهقي عن بن عباس قال في حمامة الحرم شاة وفي بيضتين
[ 254 ]
درهم وفي النعامة جزور وفي البقرة بقرة وفي الحمار بقرة أثر آخر مرفوع أخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن فضيل وسعيد بن عثمان عن الاجلح عن أبي الزبير عن جابر عن النبي عليه السلام قال في الضبع إذا أصابه المحرم كبش وفي الظبي شاة وفي الارنب عناق وفي اليربوع جفرة انتهى الحديث العاشر قال النبي عليه السلام الضبع صيد وفيه شاة قلت أخرجه
[ 255 ]
أصحاب السنن الاربعة عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي حماد عن
[ 256 ]
جابر بن عبد الله قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضبع أصيد هي قال نعم ويجعل فيه كبش إذا صاده المحرم انتهى بلفظ أبي داود وليس عند الباقين ويجعل فيه كبش قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال في علله الكبرى قال البخاري حديث صحيح انتهى أخرجه أبو داود في الاطعمة والباقون في الحج ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الخامس والستين من القسم الثالث والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما وأخرجه الدارقطني أيضا عن عطاء عن جابر فذكره وزاد فيه كبش مسن وضعف عبد الحق هذه الزيادة قال بن القطان وإنما ضعفها لان في السند إسحاق بن إسرائيل شيخ شيخ الدارقطني وقد ترك حديثه جماعة ورفضوه برأي كان فيه انتهى رواه الحاكم في المستدرك بهذه الزيادة وليس فيه إسحاق بن إسرائيل أخرجه عن محمد بن أبي يعقو ب ثنا حسان بن إبراهيم ثنا إبراهيم الصائغ عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الضبع صيد فإذا أصابه المحرم ففيه كبش مسن ويؤكل انتهى وقال حديث صحيح ولم يخرجاه وينبغي أن لا يعزى هذا الحديث هنا إلا لابي داود فقط ويعزى للباقين في كتاب الذبائح فإن في ألفاظهم قلت آكلها قال نعم وليس هذا عند أبي داود وتفرد
[ 257 ]
أبو داود بذكر الكبش هذا تحريره وينبغي أن يراجع بن حبان والحاكم قوله وهذا مروي عن علي وابن عباس يعني أن في بيض النعام قيمته قلت أما حديث علي فغريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة عن بن أبي عروبة عن مطر الوراق عن معاوية بن قرة أن رجلا أوطأ بعيره بيض النعام فسأل عليا فقال عليك لكل بيضة ضراب ناقة أو جنين ناقة فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال فقال قد قال ما سمعت وعليك في كل بيضة صيام يوم أو إطعام مسكين انتهى وأما حديث بن عباس فرواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا سفيان الثوري عن عبد الكريم الجزري عن عكرمة عن بن عباس قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن عطاء عن بن عباس قال في كل بيضتين درهم وفي كل بيضة نصف درهم انتهى ورواه البيهقي وقال وهذا يرجع إلى القيمة انتهى حديث آخر عن بن مسعود رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيها قال الاول حدثنا بن فضيل عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبد الله قال في بيض النعام قيمته انتهى وقال الثاني حدثنا أبو خيثمة عن خصيف به حديث آخر عن عمر روياه أيضا فقال بن أبي شيبة ثنا وكيع وابن نمير عن الاعمش عن إبراهيم عن عمر قال قال في بيض النعام قيمته انتهى وقال عبد الرزاق حدثنا إسماعيل بن عبد الله عن الاعمش به قال الشيخ في الامام
[ 258 ]
وإبراهيم النخعي عن عمر منقطع وكذلك أبو عبيدة عن أبيه انتهى وأخرج بن أبي شيبة نحوه عن مجاهد والشعبي والنخعي وطاوس أحاديث في الباب مرفوعة روى عبد الرزاق في مصنفه حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى الاسلمي عن حسيبن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه انتهى وكذلك أخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن أبي يحيى به وضعفه بن القطان في كتابه فقال فيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس وهو ضعيف قال والراوي عنه إبراهيم بن أبي يحيى الاسلمي وهو كذاب بل قيل فيه ما هو شر من الكذب انتهى كلامه حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن أبي المهزم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في بيض النعام يصيبه المحرم ثمنه انتهى أخرجه الدارقطني من رواية علي بن غراب عن المهزم والطبراني عن حسين المعلم عنه وذكره بن القطان في كتابه من جهة الدارقطني وقال أبو المهزم ضعيف والراوي عنه علي بن غراب وقد عنعن وهو كثير التدليس انتهى وفي التنقيح وأبو المهزم اسمه يزيد بن أبي سفيان قال النسائي متروك الحديث وقال الدارقطني ضعيف وقال بن حبان في كتاب الضعفاء كان يخطئ كثيرا واتهم فلما كثر في روايته مخالفة الاثبات ترك انتهى الحديث الحادي عشر قال عليه السلام خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم قلت لم يذكره شيخنا علاء الدين وأحال على الحديث المتقدم قريبا أعني حديث جواز قتلها للمحرم وهذا خطأ كما بيناه بل هذا حديث آخر وهو جواز قتلها في الحرم أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الغراب والحدأ والعقرب والفأرة والكلب العقور وفي لفظ لمسلم الحية عوض العقرب وفي لفظ لهما خمس من الدواب كلهن فواسق وفي لفظ لمسلم أربع كلهن فواسق يقتلن في الحل والحرم الحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور انتهى وفي لفظ لمسلم خمس فواسق يقتلن في
[ 259 ]
الحل والحرم الحية والغراب الابقع والفأرة والكلب العقور والحديا انتهى قوله وذكر الذئب في بعض الروايات قلت رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا علي بن عبد الرحمن ثنا بن أبي مريم ثنا يحيى بن أيوب عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام بنحو حديث مالك والليث يعني أن النبي عليه السلام قال خمس من الدواب يقتلن في الحرم العقرب والحدأة والغراب والفأرة والكلب العقور إلا أنه قال في حديثه والحية والذئب والكلب العقور انتهى
[ 260 ]
قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال تمرة خير من جرادة قلت رواه مالك في الموطأ أنبأ يحيى بن سعيد أن رجلا سأل عمر عن جرادة قتلها وهو محرم فقال عمر لكعب تعال حتى نحكم فقال كعب درهم فقال عمر لكعب إنك لتجد الدراهم لتمرة خير من جرادة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا ابن فضيل عن يزيد عن إبراهيم عن كعب أنه مرت به جرادة فضربها بسوطه ثم أخذها فشواها فقال له في ذلك فقال هذا خطأ وأنا أحكم على نفسي في هذا درهما فأتى عمر فقال له عمر إنكم يا أهل حمص أكثر شئ دراهم تمرة خير من جرادة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر والثوري عن منصور عن إبراهيم عن الاسود أن كعبا سأل عمر فذكره بنحوه حدثنا محمد بن راشد عن مكحول أن عمر بن الخطاب سئل عن الجراد يقتله المحرم فقال تمرة خير من جرادة
[ 261 ]
الله عز وجلالحديث الثاني عشر قال عليه السلام الضبع صيد وفيه الشاة قلت غريب جدا قوله روى عن عمر أنه قتل سبعا وأهدى كبشا وقال إنا ابتدأناه قلت غريب جدا
[ 262 ]
الحديث الثالث عشر قال عليه السلام لا بأس أن يأكل المحرم لحم صيد ما لم يصده أو يصاد له قلت أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصاد لكم انتهى قال الترمذي والمطلب بن حنطب لا نعرف له سماعا من جابر ثم قال قال الشافعي هذا أحسن حديث روي في هذا الباب انتهى وقال في كتاب الاضحية والمطلب بن عبد الله بن حنطب يقال إنه لم يسمع من جابر انتهى وقال النسائي عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي في الحديث وإن
[ 263 ]
كان قد روى عنه مالك انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الاربعين من القسم الثالث والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال وهكذا رواه مالك بن أنس وسليمان بن بلال ويحيى بن عبد الله بن سالم عن عمرو بن أبي عمرو متصلا مسندا ثم أخرج أحاديثهم ثم أخرجه من طريق الشافعي أخبرنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن رجل من بني سلمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحاكم وهذا لا يعلل حديث مالك وسليمان بن بلال ويعقوب بن عبد الرحمن الاسكندراني فإنهم وصلوه وهم ثقات انتهى كلامه وهذا الذي أخرجه من جهة الشافعي رواه الحاكم في مسنده بالاسناد المذكور بعد أن رواه متصلا عن إبراهيم بن أبي يحيى الاسلمي عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن جابر مرفوعا قال الشافعي وابن يحيى أحفظ من الدراوردي انتهى قال صاحب التنقيح عمرو بن أبي عمرو تكلم فيه بعض الائمة ولكن روى عنه مالك وأخرج له البخاري ومسلم في صحيحيهما والمطلب بن عبد الله بن حنطب ثقة إلا أنه لم يسمع من جابر فيما قيل قال بن أبي حاتم في المراسيل سمعت أبي يقول المطلب بن عبد الله بن حنطب عامة أحاديثه مراسيل لم يدرك من الصحابة إلا سهل بن سعد وأنسا وسلمة بن الاكوع أو من كان قربا منهم لم يسمع من جابر وقال في كتاب الجرح والتعديل قال أبي وجابر يشبه أن يكون أدركه انتهى كلامه وأجاب صاحب الكتاب عن هذا الحديث بأن معناه أو يصاد لكم بأمركم وكذلك قاله الطحاوي قال قوله في حديث أبي قتادة هل أشرتم أو أعنتم قالوا لا قال فكلوا دليل على أنه إنما يحرم بذلك فقط ولم يقل هل صيد لاجلكم وأما حديث أبي موسى فأخرجه الطبراني في معجمه عن يوسف بن خالد
[ 264 ]
السمتي ثنا عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبي موسى الاشعري عن النبي عليه السلام نحوه سواء ورواه بن عدي في الكامل وأعله بيوسف بن خالد هذا وضعفه عن البخاري والنسائي والشافعي وابن معين وأغلظ فيه القول انتهى قلت رواه الطحاوي في شرح الآثار من حديث إبراهيم بن سويد حدثني عمرو بن أبي عمرو به سواء وأما حديث بن عمر فأخرجه بن عدي في الكامل عن عثمان بن خالد العثماني عن مالك عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصيد يأكله المحرم ما لم يصده أو يصد له انتهى وضعف عثمان هذا عن البخاري وقال ابن عدي هذا عن مالك غير محفوظ وكل أحاديث عثمان هذا غير محفوظة انتهى أحاديث الخصوم منها حديث الصعب بن جثامة أخرجه الجماعة إلا أبا داود عن بن عباس عنه أنه أهدى للنبي عليه السلام حمارا وحشيا وهو بالابواء بودان فرده عليه السلام قال فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما في وجهه قال إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم انتهى قال الترمذي قال الشافعي وجه هذا الحديث عندنا أنه إنما رده عليه لما ظن أنه صيد من أجله أو تركه على التنزه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس أنه قال لزيد بن أرقم يا زيد هل علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه عضو صيد فلم يقبله وقال إنا حرم قال نعم انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن أبيه عبد الله بن الحارث بن نوفل أن الحارث بن نوفل كان خليفة عثمان على الطائف صنع
[ 265 ]
لعثمان طعاما فيه من الحجل واليعاقيب ولحم الوحش فبعث إلى علي فجاءه الرسول وهو يخبط لا باعر له فجاء وهو ينفض الخبط عن يديه فقالوا له كل فقال أطعموه قوما حلال فإنا حرم فقال علي أنشد من كان ههنا من أشجع أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى إليه رجل حمار وحش وهو محرم فأبى أن يأكله قالوا نعم انتهى ورواه الطحاوي في شرح الآثار لم يقل أنشد من كان ههنا إلى آخره وإنما قال فقال علي أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما قال الطحاوي وقد خالف عليا في ذلك عمر وأبو هريرة وعائشة وطلحة بن عبيد الله ثم أخرج عن بن المبارك ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رجلا من أهل الشام استفتاه في لحم الصيد وهو محرم فأمره بأكله قال فلقيت عمر فأخبرته بمسألة الرجل فقال بما أفتيته قلت بأكله فقال والذي نفسي بيده لو أفتيته بغير ذلك لعلوتك بالدرة إنما نهيت أن تصطاده انتهى ثم أخرج عن عبد الله بن شماس عن عائشة قالت في لحم الصيد يصيده الحلال ثم يهديه للمحرم ما أرى به بأسا قال وأما معنى الآية فمعناه وحرم عليكم قتل صيد البر بدليل قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم الآية ولم يقل لا تأكلوا قال ومن جهة النظر أيضا أنهم أجمعوا أن الصيد يحرمه الاحرام على المحرم ويحرمه الحرم على الحلال وكان من صاد صيدا في الحل فذبحه في الحل ثم أدخله في الحرم لا شئ عليه في أكله فلما كان الحرم لا يمنع من لحم الصيد الذي صيد في الحل كما يمنعه من الصيد الحي كان الناظر على ذلك أن يكون كذلك الاحرام أيضا يحرم على المحرم الصيد الحي ولا يحرم عليه لحمه إذا تولي الحلال ذبحه والله أعلم والشافعي مع أبي حنيفة في إباحة أكل المحرم ما صيد لاجله وأحمد مع مالك في تحريمه واحتج الشيخ بن الجوزي في التحقيق لاحمد بحديث الصعب بن جثامة وبحديث جابر وبحديث أبي قتادة ومن جهة عبد الرزاق
[ 266 ]
الحديث الرابع عشر روى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا تذاكروا لحم الصيد في حق المحرم فقال عليه السلام لا بأس به انتهى قلت رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن محمد بن المنكدر عن عثمان بن محمد عن طلحة بن عبيد الله قال تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم والنبي عليه السلام نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ النبي عليه السلام فقال فيم تتنازعون فقلنا في لحم الصيد يأكله المحرم فأمرنا بأكله انتهى ومن أحاديث الاصحاب قال الشيخ في الامام روى الحافظ أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي في مسند الامام أبي حنيفة عن أبي حنيفة عن هشام بن عروة عن أبيه عن جده الزبير بن العوام قال كنا نحمل الصيد صفيفا وكنا نتزوده ونأكله ونحن محرمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال وكذلك رواه ابن أبي العوام في كتاب فضائل أبي حنيفة واختصره مالك في الموطأ فقال مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء في الاحرام انتهى قال في الصحاح الصفيف ما يصف من اللحم على اللحم ليستوي حديث اخر أخرجه المسلم في صحيحه عن بن جريح عن محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان عن أبيه قال كنا مع طلحة بن عبيد الله ونحن حرم فأهدى إليه طير وطلحة راقد فمنا من أكل ومنا من تورع فلما أنتبه أخبر فوافق من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الاربعين من القسم الثالث وأخرجه أيضا عن بن أبي شيبه وقال فيه عن بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن عن أبيه فذكره ثم قال ولست أنكر سماع بن المنكدر عن عبد الرحمن بن عثمان فمره رواه عنه ومره رواه عن معاذ عنه
[ 267 ]
انتهى كلامه ورواه البزاز في مسنده بالسند الاول وقال لا نعلم أحدا جود إسناده ووصله إلا بن جريج ولا نعلمه عن النبي عليه السلام إلا من هذا الوجه انتهى ومن أحاديث الاصحاب أيضا حديث أبي قتادة أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا وخرجنا معه قال فانصرف من أصحابه جماعه فيهم أبو قتادة فقال خذوا ساحل البحر حتى تلقوني قال تأخذوا ساحل البحر فلما انصرفوا قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرموا كلهم إلا أبو قتادة فإنه لم يحرم فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا فنزلنا فأكلنا من لحمها فقلنا نأكل من لحم صيد ونحن محرمون فحملنا ما بقى من لحمها فقال هل معكم أحد أمره أو أشار إليه بشئ قالوا لا قال فكلوا ما بقي من لحمها وفى لفظ لهما عن أبى قتادة أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة الحديبية قال فأهلوا بعمرة غيري قال فاصطدت حمار وحش فأطعمت أصحابي وهم محرمون ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنبأته أن عندنا من لحمه فقال كلوه وهم محرومون انتهى وفى بعض طرق البخاري قال معكم منه شئ فقلت نعم فناولته العضد فأكلها حتى تعرقها وهو محرم ذكره في الاطعمه في الهبة قاله عبد الحق وفى لفظ لمسلم فقال هل معكم من لحمه شئ قالوا معنا رجله قالوا فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلها وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فأحرم أصحابي ولم أحرم أنا فرأيت حمار وحش فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرت له أني لم أكن أحرمت وأني إنما اصطدته لك فأمر النبي عليه السلام أصحابه فأكلوا ولم يأكل حين أخبرته أني اصطدته له انتهى ومن طريق عبد الرزاق أخرجه بن ماجة في سننه
[ 268 ]
وأحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما والدارقطني في سننه قال الدارقطني قال أبو بكر النيسابوري قوله اصطدته لك وقوله لم يأكل منه لا أعلم أحدا ذكره في هذا الحديث غير معمر انتهى وقال صاحب التنقيح والظاهر أن هذا اللفظ الذي تفرد به معمر غلط فإن في الصحيحين أن النبي عليه السلام أكل منه وفى لفظ لاحمد قلت هذه العضد قد شويتها وأنضجتها فأخذها فنهشها عليه السلام وهو حرام حتى فرغ منها انتهى حديث اخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن محمد بن إبراهيم التيمى عن عيسى بن طلحة بن عمير بن سلمه الضمري قال بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أفناء الروحاء وهو محرم إذا حمار معقور فيه سهم قد مات فقال عليه السلام دعوه فيوشك صاحبه أن يأتيه فجاء رجل من بهز هو الذي عقر الحمار فقال يا رسول الله هي رميتي فشأنكم به فأمر عليه السلام أبا بكر أن يقسمه بين الرفاق وهم محرمون انتهى الحديث الخامس عشر قال عليه السلام ولا ينفر صيدها قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن أبي هرير قال لما فتح الله على رسوله مكة قام النبي
[ 269 ]
عليه السلام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وأنها أحلت لي ساعة من نهار ثم بقيت حراما إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يختلي خلاها ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد فقال العباس إلا الاذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال عليه السلام إلا الاذخر انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن طاوس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وأنه لم يحل القتال فيه لاحد قبلي ولم يحل لي ساعة إلا ساعة من نهار لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط لقطته إلا من عرفها ولا يختلي خلاها فقال العباس يا رسول الله إلا الاذخر فإنه لقينهم ولبيوتهم فقال إلا الاذخر انتهى
[ 270 ]
قوله روى الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحرمون وفي بيوتهم صيود ودواجن ولم ينقل عنهم إرسالها قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث هو قال كنا نحج ونترك عند أهلنا أشياء من الصيد ما نرسلها انتهى حدثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن مجاهد أن عليا رأى مع أصحابه داجنا من الصيد وهم محرمون فلم يأمرهم بإرساله انتهى
[ 271 ]
الحديث السادس عشر حديث لا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها الحديث السابع عشر استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذخر تقدم قريبا وذكر المصنف بعد هذا الباب بابين ليس فيهما شئ باب مجاوزة الوقت بغير إحرام وباب إضافة الاحرام إلى الاحرام وبعدهما باب الاحصار يذكره
[ 277 ]
باب الاحصار الحديث الاول روى أنه عليه السلام حلق عام الحديبية وكان محصرا بها وأمر أصحابه بذلك قلت تقدم وروى البخاري في الشهادات عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه
[ 278 ]
بالحديبية وقاضاهم على أن يعتمر العام القابل ولا يحمل سلاحا ولا يقيم فيها إلا ما أحبوا فاعتمر من العام القابل فدخلها كما كان صالحهم فلما أقام بها ثلاثا أمروه أن يخرج فخرج انتهى وأخرج البخاري ومسلم أيضا عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحال كفار قريش دون البين فنحر النبي عليه السلام هديه وحلق رأسه انتهى وأخرج البخاري عن بن عباس قال أحصر النبي عليه السلام
[ 279 ]
فحلق وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر عاما قابلا وحلق أصحابه تقدم في حديث المسور ومروان أنه عليه السلام قال لاصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا إلى أن قال فخرج حتى فعل ذلك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا الحديث وروى الطحاوي في شرح الآثار حدثنا محمد بن عمرو بن تمام حدثني يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني ميمون بن يحيى عن مخرمة بن بكير عن أبيه قال سمعت نافعا مولى بن عمر يقول قال بن عمر لما حبس كفار قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة عن البيت نحر هديه وحلق هو وأصحابه ثم رجعوا حتى اعتمروا العام القابل انتهى قوله روى عن بن عمر وابن عباس أن المحصر بالحج إذا تحلل فعليه حجة وعمرة قلت ذكره أبو بكر الرازي عن بن عباس وابن مسعود لا غير الحديث الثاني روى أنه عليه السلام وأصحابه أحصروا بالحديبية وكانوا عمارا قلت تقدم أول الباب واحتج الشيخ في الامام أيضا على مالك بما أخرجه البخاري
[ 280 ]
في صحيحه عن مالك عن نافع عن بن عمر أنه خرج إلى مكة في الفتنة معتمرا فقال إن صددت عن البيت صنعنا كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بعمرة من أجل أن النبي عليه السلام كان أهل بعمرة عام الحديبية انتهى وروى الطحاوي في شرح الآثار حدثنا فهد ثنا علي بن معبد بن شداد العبدي صاحب محمد بن الحسن ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال لدغ صاحب لنا وهو محرم بعمرة فذكرناه لابن مسعود فقال يبعث بهدي ويواعد أصحابه موعدا فإذا نحر عنه حل انتهى وبه إلى جرير عن الاعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال عبد الله ثم عليه عمرة بعد ذلك انتهى .
[ 281 ]
باب الفوات الحديث الاول قال عليه السلام من فاته عرفة بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن ابن عمروابن
[ 282 ]
عباس رضي الله تعالى عنها فحديث بن عمر أخرجه عن رحمة بن مصعب عن بن أبي ليلى عن عطاء ونافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وقف بعرفة بليل فقد أدرك الحج ومن فاته عرفات بليل فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل انتهى ورحمة بن مصعب قال الدارقطني ضعيف وقد تفرد به انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وضعفه عن جماعة وحديث بن عباس أخرجه عن يحيى بن عيسى التميمي النهشلي عن محمد بن أبي ليلى عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك عرفات فوقف بها والمزدلفة فقد تم حجه ومن فاته عرفات فقد فاته الحج فليحل بعمرة وعليه الحج من قابل انتهى ويحيى بن عيسى النهشلي قال النسائي فيه ليس بالقوي وقال ابن حبان في كتاب الضعفاء كان ممن ساء حفظه وكثر وهمه حتى خالف الاثبات فبطل الاحتجاج به ثم أسند عن بن معين أنه قال كان ضعيفا ليس بشئ انتهى وقال في التنقيح روى له مسلم أحاديث الخصوم القائلين بهدى الفوات واستدل الشيخ في الامام لمالك والشافعي في وجوب هدى الفوات بثلاثة آثار } } } أحدها رواه الشافعي ثم البيهقي من جهته أخبرنا أنس بن عياض عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر أنه قال من أدرك ليلة النحر من الحاج ولم يقف بعرفة قبل أن يطلع الفجر فقد فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعا ويطوف بين الصفا والمروة سبعا ثم ليحلق أو يقصر إن جاء وإن كان معه هدى فلينحر قبل أن يحلق اذافا فرغ من طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإذا أدركه الحج من قابل
[ 283 ]
فليحج إن استطاع وليهد فإن لم يجد هديا فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله انتهى الاثر الثاني رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أخبرني سليمان بن يسار أن أبا أيوب الانصاري خرج حاجا حتى إذا كان بالبادية من طريق مكة أضل راحلته فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال له عمر اصنع كما يصنع المعتمر ثم قد حللت فإذا أدركك الحج من قابل فاحجج واهد ما استيسر من الهدى انتهى رحمه اللهالاثر الثالث رواه مالك أيضا أخبرنا نافع عن سليمان بن يسار أن هبار بن الاسود جاء يوم النحر وعمر بن الخطاب ينحر هديه فقال يا أمير المؤمنين أخطأنا العدة كنا نرى أن هذا اليوم يوم عرفة فقال عمر اذهب إلى مكة فطف أنت ومن معك وانحروا هديا إن كان معكم ثم احلقوا واقصروا وارجعوا فإذا جاء عام قابل فحجوا واهدوا فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع انتهى قلت روى ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن هاشم عن علي بن أبي ليلى عن عطاء أن النبي عليه السلام قال من لم يدرك الحج فعليه دم ويجعلها عمرة وعليه الحج من قابل انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن أبي شيبة وقال إنه مرسل وضعيف انتهى قوله روى عن عائشة أنها كانت تكره العمرة في هذه الايام الخمسة يعني يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق قلت أخرج البيهقي عن شعبة عن يزيد الرشك
[ 284 ]
عن معاذة عن عائشة قالت حلت العمرة في السنة كلها إلا أربعة أيام يوم عرفة ويوم النحر ويومان بعد ذلك انتهى وقال الشيخ في الامام وروى إسماعيل بن عياش عن إبراهيم بن نافع عن طاوس قال قال البحر يعني بن عباس خمسة أيام يوم عرفة ويوم النحر وثلاثة أيام التشريق اعتمر قبلها وبعدها ما شئته انتهى ولم يعزه الحديث الثاني قال عليه السلام والعمرة فريضة كفريضة الحج قلت غريب وروى الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث محمد بن سعيد أبي يحيى حدثنا محمد بن كثير الكوفي ثنا إسماعيل بن مسلم عن محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت انتهى قال الحاكم الصحيح عن زيد بن ثابت من قوله انتهى فيه إسماعيل بن مسلم المكي ضعفوه ولكن لهم آخر في طبقته ثقة وقال فيه المكي أيضا فليتأمل وقال بن القطان في كتابه ومحمد بن سعيد هذا قال فيه البخاري منكر الحديث ولم يرضه بن حنبل وقال خرقنا حديثه قال ورواه هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن زيد بن ثابت موقوفا انتهى كلامه قلت هكذا أخرجه البيهقي في سننه عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن زيد موقوفا قال ورواه إسماعيل بن عن بن سيرين مرفوعا والصحيح موقوفا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن يحيى بن يعمر عن بن عمر عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال يا رسول الله ما الاسلام قال أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وأن تحج وتعتمر قال الدارقطني إسناده صحيح قال صاحب التنقيح الحديث
[ 285 ]
مخرج في الصحيحين ليس فيهما وتعتمر وهذه الزيادة فيها شذوذانتهى ولم يعزه الشيخ في الامام للدارقطني وإنما قال رواه الحاكم في كتابه المخرج على صحيح مسلم وأبو بكر الجوزقي الحافظ في صحيحه وهو حديث فيه طول وذكر فيه الايمان والاسلام والاحسان وهو حديث جبريل عليه السلام وفي آخره وما عرفته حتى ولى ولم يعزه الشيخ بشئ وعزاه عبد الحق في الجمع بين الصحيحين للدارقطني في سننه كذلك حديث آخر حديث أبي رزين العقيلي قال يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال احجج عن أبيك واعتمر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه وقال رجاله كلهم ثقات انتهى قال صاحب التنقيح قال الامام أحمد لا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أصح من هذا قال وفيه نظر فان هذا الحديث لا يدل على وجوب العمرة إذ الامر فيه ليس للوجوب فإنه لا يجب عليه أن يحج عن أبيه وإنما يدل الحديث على جواز فعل الحج والعمرة عنه لكونه غير مستطيع انتهى كلامه قلت سبقه إلى هذا الشيخ تقي الدين في الامام فقال وفي دلالته على وجوب العمرة نظر فإنها صيغة أمر للولد بأن يحج عن أبيه ويعتمر لا أمر له بأن يحج ويعتمر عن نفسه وحجه وعمرته عن أبيه ليس بواجب عليه بالاتفاق فلا يكون صيغة الامر فيها للوجوب انتهى حديث آخر رواه البيهقي في سننه من طريق بن لهيعة عن عطاء عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحج والعمرة فريضتان واجبتان انتهى قال البيهقي وابن لهيعة غير محتج به ورواه بن عدي في الكامل وأعله به
[ 286 ]
حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه وأحمد في مسنده عن محمد بن فضيل عن حبيب بن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت قلت يا رسول الله على النساء جهاد قال عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة انتهى قال صاحب التنقيح رحمه الله وقد أخرجه البخاري في صحيحه من رواية غير واحد عن حبيب وليس فيه ذكر العمرة وأخرجه البخاري أيضا عن سفيان عن معاوية بن إسحاق بن طلحة عن عمته عائشة وليس فيه أيضا ذكر العمرة انتهى عز وجلحديث آخر استدل به بن الجوزي أيضا في التحقيق أخرجه الدارقطني عن سليمان بن داود حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام كتب إلى أهل اليمن كتابا وبعث به مع عمرو بن حزم وفيه أن العمرة الحج الاصغر انتهى قال صاحب التنقيح وسليمان بن داود هذا قال فيه غير واحد من الائمة إنه سليمان بن أرقم وهو متروك انتهى الآثار أخرج الحاكم في المستدرك عن عبد المجيد بن عبد العزيز عن بن جريج قال أخبرنا نافع مولى بن عمر أن عبد الله بن عمر كان يقول ليس أحد من خلق الله إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك سبيلا فمن زاد بعدها شيئا فهو خير وتطوع قال بن جريج وأخبرت عن بن عباس أنه قال العمرة واجبة كوجوب الحج من استطاع إليه سبيلا انتهى وقال إسناده صحيح على شرط الشيخين انتهى وعلقه البخاري في صحيحه فقال وقال بن عمر ليس أحد إلا وعليه حجة وعمرة انتهى
[ 287 ]
أثر آخر أخرجه الحاكم أيضا من طريق عثمان بن سعيد الدارمي حدثنا محمد بن كثير ثنا إسماعيل بن مسلم عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس قال الحج والعمرة فريضتان على الناس كلهم إلا أهل مكة فان عمرتهم طوافهم فليخرجوا إلى التنعيم ثم ليدخلوها فوالله ما دخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا حاجا أو معتمرا وقال صحيح على شرط مسلم وقال البيهقي قال الشافعي في مناظرة من أنكر عليه القول في وجوب العمرة الوجوب أشبه بظاهر القرآن لانه قرنها بالحج فقيل له قد أمر النبي عليه السلام الخثعمية أن تقضي الحج عن أبيها ولم يأمرها بقضاء العمرة فقال قد يكون الشئ في الحديث فيحفظ بعض الحديث دون بعض وقد يحفظ كله فيؤدي بعضه دون بعض وذلك بحسب السؤال انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام الحج فريضة والعمرة تطوع قلت غريب مرفوعا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا على بن مسعود فقال حدثنا ابن إدريس وأبو أسامة عن سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن إبراهيم قال قال عبد الله بن مسعود الحج فريضة والعمرة تطوع انتهى وروى بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار عن الحسن بن يحيى الخشني عن عمر بن قيس عن طلحة بن يحيى عن عمه إسحاق بن طلحة عن طلحة بن عبيد الله أنه سمرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحج جهاد والعمرة تطوع انتهى قال الشيخ في الامام وعمر بن قيس متكلم فيه حديث آخر أخرجه الترمذي في جامعه عن الحجاج بن أرطاة عن محمد بن
[ 288 ]
المنكدر عن جابر بن عبد الله قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العمرة أواجبة قال لا وأن تعتمروا هو أفضل انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال الشيخ في الامام هكذا وقع في رواية الكرخي ووقع في رواية غيره حديث حسن لا غير قال شيخنا المنذري وفي تصحيحه له نظر فان الحجاج لم يحتج به الشيخان في صحيحيهما قال بن حبان تركه بن المبارك ويحيى بن القطان وابن مهدي ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل والله أعلم ورواه الدارقطني ثم البيهقي ضعفاه قال الدارقطني الحجاج بن أرطاة لا يحتج به وقد رواه بن جريج عن ابن المنكدر عن جابر موقوفا وقال البيهقي رفعه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف انتهى طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الصغير والدارقطني في سننه عن سعيد بن عفير ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن المغيرة عن أبي الزبير عن جابر قال الطبراني وعبيد الله هذا الذي رواه عن أبي الزبير هو عبيد الله بن أبي جعفر المصري لم يروه عن أبي الزبير غيره والمشهور أنه من حديث الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر انتهى ويحيى بن أيوب ضعيف قال الذهبي في الميزان وقد تفرد به سعيد عنه عن جابر طريق آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم عن محمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا نحوه وأسند تضعيف نوح عن البخاري وابن عدي وابن معين قال وهذا يعرف بالحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر ولعل أبا عصمة سرقه منه حديث آخر قال الشيخ في الامام روى عبد الباقي بن قانع حدثنا بشر بن موسى ثنا جرير وأبو الاحوص عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج جهاد والعمرة تطوع انتهى قال الشيخ قال ابن حزم هذا كذب من بلايا عبد الباقي بن قانع التي تفرد بها وإنما هو مرسل رواه معاوية بن إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي صالح ماهان الحنفي عن النبي صلى الله عليه وسلم وماهان ضعيف وأوهم بن قانع أنه أبو صالح السمان وليس كذلك انتهى واعترضه
[ 289 ]
الشيخ بأن عبد الباقي بن قانع من كبار الحفاظ وأكثر عنه الدارقطني وبقية الاسناد ثقات وقوله في أبي صالح ماهان الحنفي إنه ضعيف ليس بصحيح فقد وثقه ابن معين وروى عنه جماعة مشاهير قال بن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول أبو صالح ماهان كوفي ثقة روى عنه عمار الذهبي وإسماعيل بن أبي خالد وأبو إسحاق الشيباني ومعاوية بن إسحاق انتهى حديث آخر قال الشيخ ورواه بن قانع أيضا عن أحمد بن محمد بن بحير العطار عن محمد بن بكار عن محمد بن الفضل بن علية عن سالم الاقطش عن سعيد بن جبير عن بن عباس مرفوعا نحوه ومن دون سالم ثلاثة مجاهيل لا يعرفون قاله ابن حزم حديث آخر رواه يحيى بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي أمامة عن النبي عليه السلام قال من مشى إلى صلاة مكتوبة فأجره كحجة ومن مشى إلى صلاة تطوع فأجره كعمرة تامة وأعله بضعف القاسم قال وروى أيضا عن حفص بن غيلان عن مكحول عن أبي أمامة قال بن حزم حفص بن غيلان مجهول ومكحول لم يسمع من أبي أمامة قال الشيخ قوله حفص بن غيلان مجهول عجيب منه فإنه أبو معيد بياء آخر الحروف شامي مشهور قال الدارقطني روى عنه الوضين بن عطاء وزيد بن يحيى وعمرو بن أبي سلمة ويروي عن مكحول والزهري ونصر بن علقمة وسليمان بن موسى انتهى من الامام باب الحج عن الغير الحديث الاول روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضحى بكبشين أملحين موجوءين أحدهما عن نفسه والآخر عن أمته ممن أقر بوحدانية الله تعالى وشهد للنبي صلى الله عليه وسلم
[ 290 ]
بالبلاغ قلت روى من حديث عائشة وأبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث أبي رافع ومن حديث حذيفة بن أسيد الغفاري ومن حديث أبي طلحة الانصاري ومن حديث أنس فحديث عائشة وأبي هريرة رواه بن ماجة في سننه من طريق عبد الرزاق أنا سفيان الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن عائشة أو أبي هريرة أن النبي عليه السلام كان إذا أراد أن يضحي اشترى كبشين عظيمين سمينين أقرنين أملحين موجوءين فذبح أحدهما عن أمته ممن شهد له بالتوحيد وشهد له بالبلاغ وذبح الآخر عن محمد وآل محمد انتهى وكذلك رواه أحمد في مسنده ورواه أحمد أيضا حدثنا إسحاق بن يوسف أنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ورواه أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة أو عائشة فذكره ورواه الحاكم في المستدرك من طريق أحمد بهذا الاسناد الاخير وسكت عنه ورواه الطبراني في معجمه الوسط من طريق ابن وهب حدثني عبد الله بن عياش القتباني ثنا عيسى بن عبد الرحمن حدثني بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فذكره وأخرج أبو نعيم في الحلية في ترجمة عبد الله بن المبارك عنه عن يحيى بن عبيد الله عن أبيه سمعت أبا هريرة يقول ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين فقرب أحدهما فقال اللهم منك ولك اللهم هذا عن محمد وأهل بيته ثم قرب الآخر فقال بسم الله اللهم هذا منك ولك اللهم هذا عمن وحدك من أمتي انتهى وقال مشهور من غير وجه غريب من حديث يحيى انتهى
[ 291 ]
وأما حديث جابر فأخرجه أبو داود وابن ماجة من طريق بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش المعافري عن جابر بن عبد الله قال ذبح النبي عليه السلام يوم النحر كبشين أقرنين أملحين موجوءين فلما وجههما قال إني وجهت وجهي الآية اللهم لك ومنك عن محمد وأمته بسم الله والله أكبر ثم ذبح انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه إلا أني لم أجد في متن الحاكم قوله أملحين أقرنين موجوءين ورواه بن أبي شيبة في مسنده أتم منهم فقال حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه أن النبي عليه السلام أتى بكبشين أملحين عظيمين أقرنين موجوءين فأضجع أحدهما وقال بسم الله الله أكبر اللهم عن محمد وآل محمد ثم أضجع الآخر وقال بسم الله الله أكبر اللهم عن محمد وأمته ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ انتهى وكذلك رواه إسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما وأما حديث أبي رافع فرواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما والطبراني في معجمه من حديث شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن حسين عن أبي رافع قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين خصيين وقال أحدهما عمن شهد لله بالتوحيد وله بالبلاغ والآخر عنه وعن أهل بيته قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كفانا انتهى ورواه أحمد أيضا والبزار في مسنديهما والحاكم في المستدرك في تفسير سورة الحج عن زهير بن محمد عن بن عقيل به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أملحين أقرنين فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه ويقول عن محمد وآل محمد فيطعمهما جميعا المساكين ويأكل هو وأهله فمكثنا سنين ليس رجل من بني هاشم يضحي قد كفاه الله المؤنة والغرم برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الحاكم حديث
[ 292 ]
صحيح الاسناد لم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال زهير بن محمد له مناكير وابن عقيل ليس بالقوي انتهى وأما حديث حذيفة بن أسيد فأخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن عبد الله بن شبرمة عن حذيفة عن الشعبي عن بن أسيد الغفاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرب كبشين أملحين فيذبح أحدهما ويقول اللهم هذا عن محمد وآل محمد ويقرب الآخر فيقول اللهم هذا عن أمتي ممن شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ انتهى وسكت عنه وأما حديث أبي طلحة فرواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا عبد الله بن بكر عن حميد عن ثابت عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أبي طلحة الانصاري واسمه زيد بن سهل أن النبي عليه السلام ضحى بكبشين أملحين فقال عند الاول عن محمد وآل محمد وقال عند الثاني عمن آمن بي وصدقني من أمتي انتهى ومن طريق بن أبي شيبة رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده والطبراني في معجمه وأما حديث أنس فرواه بن أبي شيبة في مسنده أيضا حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن قتادة عن أنس قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين قرب أحدهما فقال بسم الله اللهم منك ولك هذا عن محمد وأهل بيته ثم قرب الآخر فقال بسم الله اللهم منك ولك هذا عمن وحدك من أمتي انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي سحم المبارك بن سحيم ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بنحوه قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه المبارك بن فضالة عن عبد الله بن عقيل عن دابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجوءين ورواه أيضا حماد بن سلمة عن ابن عقيل عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن أبيه ورواه الثوري عن بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة أو عائشة عن النبي عليه السلام ورواه عبيد الله بن عمرو وسعيد بن سلمة
[ 293 ]
عن بن عقيل عن علي بن حسين عن أبي رافع فقال أبو زرعة هذا كله من ابن عقيل فإنه لا يضبط حديثه والذين رووا عنه هذا الحديث كلهم ثقات انتهى وقال البيهقي في المعرفة قال الشافعي وقد روى عن النبي عليه السلام من وجه لا يثبت مثله أنه ضحى بكبشين فقال في أحدهما اللهم عن محمد وآل محمد وقال في الآخر اللهم عن محمد وأمة محمد قال البيهقي وهذا إنما رواه عبد الله بن محمد بن عقيل واختلف عليه فيه فرواه عنه الثوري عن أبي سلمة عن عائشة أو أبي هريرة وقال مرة عن أبي هريرة ولم يقل أو عائشة ورواه عنه حماد بن سلمة عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه ورواه عنه زهير بن محمد عن علي بن الحسين عن أبي رافع قال البخاري ولعله سمعه من هؤلاء انتهى أحاديث الحج عن الغير استدل على جواز حج الصرورة عن الغير وحج النفل قبل الفرض بحديث الخثعمية أخرجه الائمة الستة في كتبهم وأبو داود عن عبد الله بن عباس والباقون عن أخيه الفضل بن عباس أن امرأة من خثعم قالت يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر البعير قال حجي عنه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس قال سمع النبي عليه السلام رجلا يلبي عن نبيشة فقال أيها الملبي عن نبيشة هل حججت قال لا قال فهذه عن نبيشة وحج عن نفسك انتهى قال الدارقطني وهذا وهم وإنما هو عن بن عباس أن النبي عليه السلام سمع رجلا يلبي عن شبرمة فقال له عليه السلام من شبرمة قال أخ لي قال هل حججت قالالا قال فحج عن نفسك ثم احجج عن شبرمة قال وقد رجع الحسن بن عمارة عن ذلك وحدث به على الصواب موافقا لرواية غيره ثم أخرجه عن الحسن بن عمارة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن بن عباس أن النبي عليه السلام سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة فقال له عليه السلام من شبرمة إلى آخره قال وعلى كل حال فالحسن بن عمارة متروك انتهى حديث المانعين وهو حديث شبرمة أخرجه أبو داود وابن ماجة عن عبدة بن
[ 294 ]
سليمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي عليه السلام سمع رجلا إلى آخره ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والاربعين من القسم الاول قال بن حبان وقوله اجعل هذه عن نفسك أمر وجوب وقوله ثم حج عن شبرمة أمر إباحة انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه من طرق عديدة ضعيفة أضربنا عن ذكرها لعدم الاحتياج إليها مع أن هذه الطرق الصحيحة أيضا قد أعلت قال بن القطان في كتابه وحديث شبرمة علله بعضهم بأنه قد روى موقوفا والذي أسنده ثقة فلا يضره وذلك لان سعيد بن أبي عروبة يرويه عن قتادة عن عزرة بن عبد الرحمن عن سعيد بن جبير عن بن عباس وأصحاب ابن أبي عروبة يختلفون عليه فقوم يرفعونه منهم عبدة بن سليمان ومحمد بن بشر الانصاري وقوم يقفونه منهم غندر وحسن بن صالح والرافعون ثقات فلا يضرهم وقف الواقفين إما لانهم حفظوا ما لم يحفظ أولئك وإما لان الواقفين رووا عن ابن عباس رأيه والرافعين رووا عنه روايته والراوي قد يفتي بما يرويه انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام وعلل هذا الحديث بوجوه أحدها الاختلاف في رفعه ووقفه فعبدة بن سليمان يرفعه وهو محتج به في الصحيحين وتابعه على رفعه محمد بن عبد الله الانصاري ومحمد بن بشر وقال البيهقي وهذا إسناده صحيح ليس في الباب أصح منه وقال يحيى بن معين أصح وأثبت الناس سماعا من سعيد بن أبي عروبة عبدة بن سليمان ورواه غندر عن سعيد فوقفه ورواه أيضا سعيد بن منصور ثنا سفيان عن أيوب عن أبي قلابة سمع بن عباس رجلا يلبي عن شبرمة فذكره موقوفا وفيه مع زيادة الوقف استبعاد تعدد القضية بأن تكون وقعت في زمان النبي عليه السلام وفي زمن بن عباس على سياق واحد واتفاق لفظ والثاني الارسال فان سعيد بن منصور رواه عن سفيان عن بن جريج عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك ورواه أيضا حدثنا هشيم أنا بن أبي ليلى ثنا عطاء بن أبي رباح عن النبي صلى الله عليه وسلم والثالث أن قتادة لم يقل فيه حدثنا ولا سمعت وهو إمام في التدليس وقال بن المفلس في كتابه وقد ضعف بعض العلماء هذا الحديث فقال إن سعيد بن أبي عروبة كان يحدث به بالبصرة فيجعل هذا الكلام من قول بن عباس ولا يسنده إلى النبي عليه السلام وكان يحدث به
[ 295 ]
بالكوفة فيجعل الكلام من قول النبي عليه السلام قالوا أيضا فقتادة لم يقل فيه حدثنا ولا سمعت وهو كثير التدليس قالوا وأيضا فقد روى هذا الحديث عن هشيم عن بن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه بن جريج وهو أثبت من أبي ليلى فلم يقل فيه عن عائشة وأرسله ورواه أبو قلابة عن بن عباس وأبو قلابة لم يسمع من بن عباس شيئا قالوا فالخبر بذلك غير ثابت انتهى وقال صاحب التنقيح وقد تابع عبدة بن سليمان على رفعه أبو يوسف القاضي ومحمد بن بشر العبدي ومحمد بن عبد الله الانصاري عن سعيد به ورواه الحسن بن صالح بن حيي ومحمد بن جعفر غندر عن سعيد بن جبير عن بن عباس موقوفا ولم يذكر عزرة في إسناده وكذلك رواه عمرو بن الحارث المصري عن قتادة وقال في روايته عن قتادة أن سعيد بن جبير حدثه وذلك معدود في أوهامه فان قتادة لم يلق سعيد بن جبير فيما قاله يحيى بن معين وغيره انتهى الحديث الثاني قال المصنف ثم ظاهر المذهب أن الحج يقع عن المحجوج عنه وبذلك تشهد الاخبار الواردة في الباب لحديث الخثعمية فإنه عليه السلام قال فيه حجي عن أبيك واعتمري قلت هذا وهم من المصنف فان حديث الخثعمية ليس فيه
[ 296 ]
ذكر الاعتمار أخرجه الائمة الستة في كتبهم رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عباس ورواه الباقون من حديث أخيه الفضل بن العباس ان امرأة من خثعم قالت
[ 297 ]
يارسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يستطيع أن يستوي على ظهر البعير قال حجي عنه وذلك في حجة الوداع وفي بعض طرقه هل يقضي أن أحج عنه انتهى ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي من حديث بن عباس ان امرأة من خثعم وفي لفظ قال كان الفضل رديف النبي عليه السلام فالبعض جعله من مسند الفضل والبعض جعله من مسند أخيه عبد الله ولم يحسن شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره في قوله أخرجه الجماعة عن بن عباس والله أعلم قال الترمذي وسألت محمدا عن هذه الرواية فقال لي أصح شئ في هذا الباب ما رواه بن عباس عن الفضل بن عباس عن النبي عليه السلام قال محمد ويحتمل أن يكون بن عباس سمعه من الفضل وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أرسله فلم يذكر من سمعه منه انتهى كلامه والله أعلم أحاديث الباب وأخرج بن ماجة عن محمد بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال حدثني حصين بن عوف قلت يا رسول الله إن أبي أدركه الحج ولا يستطيع أن يحج إلا معترضا فصمت ساعة ثم قال حج أبيك انتهى قال العقيلي قال أحمد محمد بن كريب منكر الحديث انتهى وأخرجه اليهقي محمد بن سيرين عن ابن عباس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال البيهقي رواية بن سيرين عن ابن عباس مرسلة وقال صاحب التنقيح قال أحمد بن حنبل وابن معين وابن المديني لم يسمع بن سيرين من بن عباس وقال وقد روى البخاري في صحيحه حديثا من رواية بن سيرين عن بن عباس فالله أعلم انتهى كلامه
[ 298 ]
حديث آخر تقدم حديث أبي رزين العقيلي أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن شعبة عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن أبي رزين العقيلي رجل من بني عامر قال يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا العمرة ولا الظعن قال حج عن أبيك واعتمر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح واسم أبي رزين لقيط بن عامر انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيح في النوع السبعين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين حديث آخر رواه الطبراني في معجمه أخبرنا علي بن عبد العزيز عن مسلم بن إبراهيم عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي ثنا منصور بن المعتمر عن مجاهد عن يوسف بن الزبير عن أبي الزبير عن سودة أم المؤمنين أن رجلا قال يارسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج أفأحج عنه فقال عليه السلام أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يجزئ عنه فقال نعم قال حج عنه انتهى قال الشيخ في الامام وعبد العزيز بن عبد الصمد أبو عبد الصمد العمي حدث عنه أحمد وقال كان ثقة ووثقه أبو زرعة أيضا وذكره بن حبان في الثقات أتباع التابعين وروى له في صحيحه ويوسف بن الزبير مولى عبد الله بن الزبير ذكره بن أبي حاتم من غير جرح ولا تعديل والله أعلم حديث آخر أخرجه البيهقي عن شعيب بن زريق سمعت عطاء الخراساني عن أبي الغوث بن الحصين الخثعمي قال قلت يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يتمالك على الراحلة أفترى أن أحج عنه قال نعم حج عنه
[ 299 ]
قال وكذلك من مات من أهلنا ولم يوص بحج أفيحج عنه قال نعم وتؤجرون قال ويتصدق عنه ويصام عنه قال نعم والصدقة أفضل انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف أحاديث الحج عن الميت أخرج البخاري عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها قال نعم حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته قالت نعم فقال اقضوا الله الذي له فان الله أحق بالوفاء انتهى وفي لفظ له في الحج إن امرأة من جهينة ورواه في كتاب النذور والايمان قال أتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أختي نذرت بمثله وقال فاقض الله فهو أحق بالقضاء حديث آخر أخرجه مسلم عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي ماتت ولم تحج أو أحج عنها قال نعم انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وزاد فيه الصوم والصدقة وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا الوليد بن مسلم ثنا عثمان بن عطاء عن أبيه عن أبي الغوث بن حصين رجل من الفرع أنه استفتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حجة كانت على أبيه مات ولم يحج فقال عليه السلام حج عن أبيك قال عليه السلام وكذلك الصيام يقضي عنه انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه والدار قطني في سننه عن عباد بن راشد عن ثابت عن أنس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال هلك أبي ولم يحج فقال أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته عنه أيتقبل منه قال نعم قال فاحجج عنه انتهى وحماد بن راشد قال في الامام قال أحمد شيخ ثقة صدوق وقال أبو حاتم وابن معين صالح الحديث وأنكر على البخاري إدخاله في كتاب الضعفاء قال الشيخ وعباد بن راشد ثلاثة فيما ذكره بن أبي حاتم أحدهم سمع أبا هريرة
[ 300 ]
والثاني مؤذن مسجد صنعاء والثالث التميمي انتهى كلامه حديث آخر أخرجه النسائي عن أبي التياح وهو يزيد بن حميد البصري أن ابن عباس قال أمرت امرأة سنان بن سلمة الجهني أن تسأل النبي عليه السلام أن أمها ماتت ولم تحج أفيجزئ عن أمها أن تحج عنها فقال عليه السلام نعم لو كان على أمها دين فقضيته عنها ألم يكن يجزئ عنها فلتحج عن أمها وأخرجه أيضا عن عبد الرزاق أنا معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس بنحوه الحديث الثالث قال عليه السلام إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث الحديث قلت رواه مسلم وأبو داود والنسائي في الوصايا والترمذي في الاحكام في الوقف من حديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
[ 301 ]
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له انتهى الحديث الرابع قال عليه السلام من مات في طريق الحج كتبت له حجة مبرورة في كل سنة قلت غريب بهذا اللفظ وروى الطبراني في معجمه الاوسط وأبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا إبراهيم بن زياد سبلان ثنا أبو معاوية ثنا محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر العمرة إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في سبيل الله فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة انتهى وأخرجه الامام أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الترغيب له عن أبي معاوية عن هلال بن أبي ميمونة الفلسطيني عن عطاء به وأخرجه البيهقي في شعب الايمان عن محمد بن إسحاق بسند أبي يعلى والطبراني سواء
[ 302 ]
باب الهدي الحديث الاول روى أنه عليه السلام سئل عن الهدي فقال أدناه شاة قلت غريب ولم أجده إلا من قول عطاء ورواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أنا مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج أن عطاء قال أدنى ما يهراق من الدماء في الحج وغيره شاة مختصر واستشهد له شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره بحديث أخرجه البخاري ن أبي جمرة نصر بن عمران الضبعي قال سألت بن عباس عن المتعة فأمرني بها وسألته عن الهدي فقال فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم قال وكان ناسا كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي حج مبرور وعمرة متقبلة فأتيت بن عباس فحدثته فقال الله أكبر سنة أبي القاسم انتهى ذكره في باب من تمتع بالعمرة إلى الحج وأخرجه مسلم لكنه لم يذكر فيه قصة الهدي وهو بعيد عن حديث الكتاب الحديث الثاني وقد صح أنه عليه السلام أكل من لحم هديه وحسا من المرقة قلت تقدم في حديث جابر الطويل ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر
[ 303 ]
فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها يعني عليا والنبي صلى الله عليه وسلم وروى أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة نحر منها ثلاثين بدنة ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها وقال له اقسم لحمها وجلالها وجلودها بين الناس ولا تعط جزارا منها شيئا وخذ لنا من كل بعير بضعة من لحم ثم اجعلها في قدر واحدة حتى نأكل من لحمها ونحسو من مرقها ففعل انتهى وهو سند ضعيف الحديث الثالث روي أنه عليه السلام لما أحصر بالحديبية وبعث الهدايا على يدي ناجية الاسلمي قال له لا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا قلت حديث ناجية ليس فيه قوله لا تأكل أنت ولا رفقتك منها شيئا كما رواه أصحاب السنن الاربعة من حديثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي قال إن عطب فانحره ثم اصبغ نعله في دمه
[ 304 ]
ثم خل بينه وبين الناس انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيح في النوع الثامن عشر من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ثم وجدته في المغازي للواقدي ذكره في أول غزوة الحديبية فقال حدثنا عبد الحميد بن جعفر وعاصم بن عمر ومحمد بن يحيى بن وائل بن أبي خيثمة وحدثني جماعة آخرون فقال وكل قد حدثني بطائفة من هذا الحديث أن النبي عليه السلام لما أراد الخروج فذكر القضية وفيها أنه عليه السلام استعمل على هديه ناجية بن جندب الاسلمي وأمره أن يتقدمه بها قال وكانت سبعين بدنة فذكره بطوله وقال بعد ذلك بنحو ورقة وقال ناجية الاسلمي عطب معي بعير من الهدي فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالابواء فأخبرته فقال انحرها واصبغ قلائدها في دمها ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك منها شيئا وخل بينها وبين الناس مختصر وروى في آخر الكتاب حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن ناجية بن جندب قال كنت على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته فقلت يا رسول الله أرأيت ما عطب منها كيف أصنع به قال انحره وألق قلائده في دمه لا تأكل أنت إلى آخره في أحاديث أخرى منها حديث ذؤيب أبي قبيصة أخرجه مسلم وابن ماجة عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس أن ذؤيبا الخزاعي أبا قبيصة حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث بالبدن معه ثم يقول إن عطب منها شئ فخشيت عليه موتا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك انتهى ورواه بن أبي خيثمة في تاريخه في باب الصحابة في ترجمة ذؤيب وقال سمعت يحيى بن معين يقول قتادة لم يدرك سنان بن سلمة ولم يسمع منه شيئا انتهى والحديث معنعن في مسلم وابن ماجة إلا أن مسلما ذكر له شواهد ولم يسمه فيها ذؤيبا بل قال رجلا ومنها ما أخرجه عن بن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وبعث معه بثمان عشرة بدنة فقال أرأيت أن أزحف على شئ منها قال تنحرها ثم تصبغ نعلها في دمها ثم اضربها على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أصحابك أو قال من
[ 305 ]
أهلك ورفقتك انتهى وفي رواية لمسلم وبعث معه بستة عشر بدنة وهو لفظ ابن حبان في صحيحه قال النووي يحتمل أن تكون قضيتين انتهى ورواه أبو داود وقال عوض رجلا فلانا الاسلمي ولم أجد في الحديثين ولا في شئ من طرقهما أن هذا كان في الاحصار ولا أن البعث كان من الحديبية ولم يتعرض أحد من شارحي مسلم لشئ من ذلك حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن شريك عن ليث عن شهر بن حوشب عن عمرو بن خارجة الثمالي قال بعث النبي عليه السلام معي بهدي وقال إذا عطب منها شئ فانحره ثم اضرب نعله في دمه ثم اضرب صفحته ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك وخل بينه وبين الناس انتهى وزاد فيه الطبراني بهدي تطوع وفي لفظ أحمد قال سألت النبي عليه السلام عن الهدي يعطب في الطريق فقال انحره إلى آخره الحديث الرابع قال عليه السلام منى كلها منحر
[ 306 ]
وفجاج مكة كلها منحر قلت روى من حديث جابر ومن حديث أبي هريرة فحديث جابر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أسامة بن زيد الليثي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عرفة موقف وكل منى منحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر انتهى بلفظ أبي داود ومثله لفظ بن ماجة إلا أن فيه تقديما وتأخيرا ولاختلاف لفظهما فرقهما بن عساكر في موضعين من ترجمة عطاء عن جابر في أطرافه فجعلهما حديثين وليس بجيد والصواب ما فعله شيخنا أبو الحجاج المزي في أطرافه فإنه ذكره في ترجمة واحدة والشيخ زكي الدين المنذري قلد بن عساكر فلم يعزه في مختصر السنن لابن ماجة والله أعلم وأسامة بن زيد الليثي قال في التنقيح روى له مسلم متابعة فيما أرى ووثقه بن معين في رواية انتهى فالحديث حسن واعلم أن بعض الحديث في مسلم أخرجه عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحرت ههنا ومنى كلها منحر فانحروا في رحالكم وأما حديث أبي هريرة فأخرجه أبو داود في الصوم عن محمد بن المنكدر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وكل عرفة موقف وكل منى منحر وكل فجاج مكة منحر وكل جمع موقف انتهى قال المنذري في مختصره قال بن معين محمد بن المنكدر لم يسمع من أبي هريرة وقال أبو زرعة لم يلق أبا هريرة انتهى ورواه البزار في مسنده وقال محمد بن المنكدر لا نعلمه سمع من أبي هريرة انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في عمرة القضية وهديه عند المروة هذا المنحر وكل فجاج مكة منحر فنحر عند المروة انتهى
[ 307 ]
الحديث الخامس صح أنه عليه السلام نحر الابل وذبح البقر والغنم قلت تقدم في حديث جابر الطويل ثم انصرف إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بدنة بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر الحديث وذبح البقر أخرجه البخاري ومسلم عن عائشة قالت فدخل علينا يوم النحر بلحم بقر فقلت ما هذا قالوا ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه مختصر وذبح الغنم أخرجه الائمة الستة عن أنس قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين فرأيته واضعا قدمه على صفاحهما يسمى ويكبر فذبحهما بيده انتهى وينظر أحاديث الحج والاضاحي والذبائح الحديث السادس روى أنه عليه السلام نحر الهدايا قياما وأصحابه كانوا ينحرونها قياما معقولة اليد اليسرى قلت أخرج البخاري ومسلم عن أنس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر بالمدينة أربعا ونحن معه إلى أن قال ونحر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع بدنات قياما مختصر حديث آخر أخرجه أبو داود ومسلم عن زياد بن جبير قال كنت مع ابن عمر بمنى فمر برجل وهو ينحر بدنته وهي باركة فقال ابعثها قياما مقيدة سنة محمد صلى الله عليه وسلم انتهى وروى الواقدي في كتاب المغازي حدثني الهيثم بن واقد عن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن ناجية بن جندب قال كنت على هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة
[ 308 ]
إلى أن قال فلما بلغنا منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى أرسل إلى أن سق الهدي إلى النحر قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينحر الهدي بيده وأنا أقدمها إليه تمشي على ثلاث قوائم وهي معقولة واحدة مختصر حديث آخر أخرجه أبو داود عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال وأخبرني عبد الرحمن بن سابط أن النبي عليه السلام وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليد اليسرى قائمة على ما بقي من قوائمها انتهى وجهل من قال هذا حديث مرسل فإن المخبر عن عبد الرحمن بن سابط هو بن جريج فالحديث من مسند جابر كما ذكره أصحاب الاطراف وكتب الاحكام وغيرهم لكن رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن بن جريج عن عبد الرحمن بن سابط أن النبي عليه السلام فذكره مرسلا قال بن القطان في كتابه بعد أن ذكره من جهة أبي داود القائل وأخبرني هو بن جريج فيكون بن جريج رواه عن تابعين أحدهما أسنده وهو ابن الزبير والآخر أرسله وهو عبد الرحمن بن سابط قال وقد رواه ابن أبي شيبة في مصنفه مرسلا عن بن سابط فقط مفصولا من حديث أبي الزبير انتهى كلامه واعترض هذا الجاهل أيضا على صاحب الكتاب فقال ولو استدل على عقل يدها اليسرى بفعل النبي عليه السلام لكان أولى من أن يستدل عليه بفعل الصحابة رضي الله عنهم وهذا اعتراض باطل فإن المصنف لم يذكر ذلك فيستدل عليه ولكنه قال والافضل أن ينحرها قائما لما روى أنه عليه السلام نحر الهدايا قياما وأصحابه كانوا ينحرونها قياما معقولة اليد اليسرى انتهى فعقل اليد لم يذكره المصنف إلا من تمام الحديث والله أعلم الحديث السابع روى أنه عليه السلام ساق مائة بدنة في حجة الوداع فنحر نيفا وستين بنفسه وولى الباقي عليا قلت تقدم ذلك في حديث جابر الطويل ثم انصرف
[ 309 ]
إلى المنحر فنحر ثلاثا وستين بيده ثم أعطى عليا فنحر ما غبر الحديث وتقدم فيه أيضا وقدم علي من اليمن ببدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال فكان جماع الذي قدم به علي من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائة وروى أحمد في مسنده من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع مائة بدنة فنحر منها ثلاثا وستين ثم أمر عليا فنحر ما بقى منها مختصر وهو مسند ضعيف وقد تقدم بتمامه قريبا وأخرجه البخاري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب أن النبي عليه السلام أهدي مائة بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها ثم أمرني بجلالها فقسمتها ثم جلودها فقسمتها الحديث الثامن قال عليه السلام لعلي تصدق بجلالها وخطامها فلا تعط أجر الجزار منها قلت رواه الجماعة إلا الترمذي من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه وأقسم جلودها وجلالها وأمرني أن لا أعطي الجزار شيئا وقال نحن نعطيه من عندنا انتهى وفي لفظ وأن أتصدق بجلودها وجلالها وفي لفظ إن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يقوم على بدنه وأمره أن يقسم بدنه كلها لحومها وجلالها وجلودها في المساكين ولا يعطي في جزارتها منها شيئا انتهى ولم يقل البخاري فيه نحن نعطيه من عندنا وقال فيه أهدى النبي عليه السلام مائة بدنة فأمرني بلحومها فقسمتها ثم أمرني بجلالها فقسمتها ثم بجلودها فقسمتها انتهى قال السرقسطي في غريبه جزارتها بضم الجيم وكسرها فبالكسر المصدر وبالضم اسم لليدين والرجلين والعنق سمى به لان الجزارين كانوا يأخذونها في أجرهم انتهى
[ 310 ]
الحديث التاسع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها ويلك قلت رواه الجماعة فأخرجه مسلم والبخاري عن ثابت عن أنس وزاد البخاري في حديث أبي هريرة قال فلقد رأيته راكبها يساير النبي عليه السلام انتهى وأخرجه الباقون عن الاعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها فقال إنها بدنة قال اركبها ويلك في الثانية أو في الثالثة انتهى وصاحب الكتاب استدل بهذا الحديث على جواز ركوب الهدي عن الاحتجاج إليه قال وتأويله أنه كان عاجزا محتاجا قلت قد ورد اشتراط الحاجة في صحيح مسلم أخرجه عن معقل عن أبي الزبير سألت جابرا عن ركوب الهدي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اركبها بالمعروف حتى تجد ظهرا وأخرجه عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يسأل عن ركوب الهدي فقال سمعت النبي عليه السلام يقول اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا انتهى
[ 311 ]
الحديث العاشر قال المصنف وإذا عطبت البدنة في الطريق فإن كان تطوعا
[ 313 ]
نحرها وصبغ نعلها بدمها وضرب بها صفحة سنامها ولم يأكل هو ولا غيره من الاغنياء بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية الاسلمي قلت تقدم حديث ناجية في الحديث الثالث وليس فيه قوله ولا تأكل منه أنت ولا أحد من رفيقك ثم وجدناه في المغازي للواقدي وقد تقدم في الحديث الثالث وإنما هو في حديث ذؤيب ورواه مسلم وقد ذكرناه وفي الباب أحاديث منها حديث عمرو بن خارجة أخرجه الطبراني في معجمه عن شريك عن ليث عن شهر بن حوشب عن عمرو بن خارجة الثمالي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معي بهدي تطوع وقال إذا عطب منها شئ فانحره ثم اضرب نعله في دمه ثم اضرب به صفحته ولا تأكل أنت ولا أهل رفيقك وخل بينه وبين الناس انتهى ورواه أحمد في مسنده ولم يقل فيه تطوع حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن سليم بن مسلم الخشاب حدثنا بن أبي ليلى عن عطاء عن أبي الخليل عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدنة التطوع إذا عطبت قبل أن تدخل الحرم فانحرها واغمس يدك في دمها واضرب صفحتها ولا تأكل منها فإن أكلت منها عظمتها انتهى وأعله بسليم هذا وأسند عن النسائي وابن معين أنهما قالا هو ضعيف وأخرجه الطبراني في معجمه الاوسط عن إبراهيم بن طهمان عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عطاء عن أبي الخليل عن أبي قتادة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يكون معه الهدي تطوعا فيعطب قبل أن يبلغ قال ينحرها ثم يلطخ نعلها بدمها ثم يضرب به جنبيها ولا يأكل منها فإن أكل منها وجب عليه قضاؤها انتهى
[ 314 ]
حديث آخر روى الحافظ تمام بن محمد في فوائده حدثنا القاضي أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد الحلبي عن أبي أيوب سليمان بن المعافى بن سليمان عن أبيه عن موسى بن أعين عن الاوزاعي عن عبد الله بن عباس عن نافع عن ابن عمر أن النبي عليه السلام قال من أهدى بدنة طوعا فعطب فليس عليه بدل وإن كان نذرا فعليه البدل انتهى وذكره الشيخ في الامام من جهة تمام وسكت عنه
[ 315 ]
كتاب النكاح الحديث الاول قال عليه السلام لا نكاح إلا بشهود قلت غريب بهذا اللفظ وفي الباب أحاديث منها ما أخرجه بن حبان في صحيحه عن سعيد بن يحيى بن سعيد الاموي ثنا حفص بن غياث عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي
[ 316 ]
عدل وما كان من نكاح على غير ذلك فهو باطل فإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له انتهى أخرجه في النوع الثامن والتسعين من القسم الاول ثم قال لم يقل فيه وشاهدي عدل إلا ثلاثة أنفس سعيد بن يحيى الاموي عن حفص بن غياث وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي عن خالد بن الحارث وعبد الرحمن بن يونس الرقي
[ 317 ]
عن عيسى بن يونس ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر انتهى كلامه حديث آخر رواه الترمذي أخبرنا يوسف بن حماد المعنى البصري عن عبد الاعلى عن سعيد عن قتادة عن جابر بن زيد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البغايا اللاتي ينكحن أنفسهن بغير بينة انتهى قال الترمذي قال يوسف رفع عبد الاعلى هذا الحديث في التفسير ووقفه في كتاب الطلاق ولم يرفعه ثم أخرجه الترمذي عن قتيبة عن غندر عن سعيد نحوه ولم يرفعه قال وهذا أصح هذا حديث غير محفوظ لا نعلم أحدا رفعه إلا ما روى عن عبد الاعلى والصحيح ما روى عن ابن عباس قوله لا نكاح إلا ببينة انتهى وروى نحو هذا من حديث أبي هريرة وعلي بن أبي طالب وأنس وجابر وابن مسعود وابن عمر وعمران بن حصين كلها مدخولة سيأتي ذكرها في أحاديث الولي إن شاء الله تعالى وحديث ابن عباس المذكور رواه عبد الرزاق في مصنفه موقوفا أخبرنا عبد الله بن محرز عن ميمون بن مهران عن بن عباس قال البغايا الحديث ولمالك في ذكر اشتراط الاعلان حديث رواه الترمذي حدثنا أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون عن عيسى بن ميمون عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالغربال انتهى وقال حسن غريب وعيسى بن ميمون في الحديث انتهى ورواه بن ماجة أخبرنا نصر بن علي الجهضمي عن عيسى بن يونس عن خالد بن الياس عن ربيعة بن فروخ عن
[ 318 ]
القاسم عن عائشة مرفوعا مثله فصل في بيان المحرمات الحديث الثاني قال عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث عائشة فحديث بن عباس أخرجه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري في كتاب الشهادات عن جابر بن زيد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أريد على ابنة حمزة فقال
[ 319 ]
إنها لا تحل لي إنها ابنة أخي من الرضاعة وإنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب انتهى ولفظ مسلم ما يحرم من الرحم وأما حديث عائشة فأخرجه الجماعة عنها إلا بن ماجة واللفظ لمسلم أن عمها من الرضاعة يسمى أفلح استأذن عليها فحجبته فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها لا تحتجبي منه فإنه يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب انتهى ولفظ الباقين ما يحرم من الولادة وفي لفظ ما تحرم الولادة الحديث الثالث قال عليه السلام من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجمعن ماءه في رحم أختين قلت حديث غريب وفي الباب أحاديث منها حديث أخرجه البخاري ومسلم عن أم حبيبة قالت يا رسول الله انكح أختي قال أو تحبين ذلك قلت نعم لست لك بمخلية وأحب من شركني في خير أختي قال فإنها لا تحل لي قلت فإني أخبرت أنك تخطب درة بنت أبي سلمة قال لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي إنها ابنة أخي من الرضاعة أرضعتني وأباها ثويبة فلا
[ 320 ]
تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن زاد البخاري قال عروة وثويبة مولاة لابي لهب كان أبو لهب أعتقها حين أرضعت النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشرحيبة قال له ماذا لقيت قال أبو لهب لم ألق بعدكم غير أني سقيت في هذه بعتاقتي ثويبة انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في الطلاق والترمذي في النكاح عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي وهب الجيشاني أنه سمع الضحاك بن فيروز فحدث عن أبيه فيروز الديلمي قال قلت يا رسول الله إني أسلمت وتحتي أختان فقال عليه السلام طلق أيتهما شئت انتهى ولفظ الترمذي اختر أيتهما شئت وقال حديث حسن غريب وأبو وهب الجيشاني اسمه الديلم بن هوشع انتهى ورواه ابن حبان في صحيحه ورواه البيهقي وصحح إسناده وأخرجه الترمذي وابن ماجة عن ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن بن فيروز الديلمي عن أبيه فذكره وأخرجه ابن ماجة عن إسحاق بن أبي فروة عن أبي وهب الجيشاني عن أبي خراش الرعيني عن الديلمي نحوه الحديث الرابع قال عليه السلام لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها
[ 321 ]
ولا على ابنة أخيها ولا على ابنة أختها قلت رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي هريرة واللفظ لهم خلا مسلما عن عامر الشعبي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح المرأة على عمتها ولا العمة على ابنة أخيها ولا المرأة على خالتها ولا الخالة على بنت أختها ولا تنكح الكبرى على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى انتهى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه وابن أبي شيبة في مصنفه كلهم عن داود بن ابى هند عن الشعبي به
[ 322 ]
وقال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى واعلم أن مسلما رحمه الله لم يخرجه هكذا بتمامه ولكنه فرقه حديثين فأخرج صدره عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها انتهى وأخرج باقيه عن قبيصة بن ذؤيب عن أبي هريرة مرفوعا لا تنكح
[ 323 ]
العمة على بنت الاخ ولا بنت الاخت على الخالة انتهى ولم يعز المنذري في مختصره هذا الحديث لمسلم لكونه فرقه وهو يتساهل في أكثر من هذا وقال أخرجه البخاري تعليقا ولم أجد البخاري ذكره وأخرج البخاري ومسلم عن الاعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها انتهى وأخرج البخاري نحوه عن جابر وروى الطبراني نحوه من حديث بن عباس وزاد فيه فإنكم إذا فعلتم ذلك فقد قطعتم أرحامكم وروى أبو داود في مراسيله عن عيسى بن طلحة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على قرابتها مخافة القطيعة انتهى الحديث الخامس قال عليه السلام سنوا بهم سنة أهل الكتاب غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم قلت غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق وابن أبي شيبة في مصنفيهما عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد بن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام فمن أسلم قبل منه ومن لم يسلم ضربت عليه الجزية غير ناكحي نسائهم ولا آكلي ذبائحهم انتهى ذكره بن أبي شيبة في النكاح وعبد الرزاق في كتاب أهل الكتاب ولفظه فيه ولا تؤكل لهم ذبيحة ولا تنكح فيهم امرأة قال بن القطان في كتابه هذا مرسل ومع إرساله ففيه قيس
[ 324 ]
ابن مسلم وهو بن الربيع وقد اختلف فيه وهو ممن ساء حفظه بالقضاء كشريك وابن أبي ليلى انتهى وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر هو الواقدي حدثني عبد الحكم بن عبد الله بن أبي فروة عن عبد الله بن عمرو بن سعيد بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى مجوس هجر يعرض عليهم الاسلام فإن أبوا عرض عليهم الجزية وبأن لا تنكح نساؤهم ولا تؤكل ذبائحهم وفيه قصة والواقدي متكلم فيه وروى مالك في موطئه عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عمر بن الخطاب ذكر المجوس فقال ما أدري ما أصنع في أمرهم فقال عبد الرحمن بن عوف أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سنوا بهم سنة أهل الكتاب انتهى وفيه كلام سيأتي في باب الجزية إن شاء الله تعالى فإن الكلام عليه في وضع الجزية على المجوس أمس منه ههنا والله أعلم وأعاده في الذبائح الحديث السادس قال عليه السلام لا ينكح المحرم ولا ينكح قلت رواه الجماعة إلا البخاري عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبيد الله أرسله إلى أبان بن عثمان بن عفان يسأله وأبان يومئذ أمير الحاج وهما محرمان إني أردت أن أنكح طلحة بن عمر ابنة شيبة بن جبير فقال أبان سمعت أبي عثمان بن عفان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينكح المحرم ولا ينكح زاد مسلم وأبو داود في رواية ولا يخطب وزاد بحبان في صحيحه ولا يخطب عليه انتهى الآثار روى مالك في الموطأ عن داود بن حصين أن أبا غطفان المري أخبره أن أباه طرفا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب نكاحه انتهى الحديث السابع روى أنه عليه السلام تزوج بميمونة وهو محرم قلت رواه
[ 325 ]
الائمة الستة في كتبهم عن طاوس عن بن عباس قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم انتهى زاد البخاري وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف انتهى وأخرج أيضا عن عكرمة عن بن عباس قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم وبنى بها وهو حلال وماتت بسرف انتهى وله عنه أيضا قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة في عمرة القضاء ولم يصل سنده به ذكرها في عمرة القضاء أخرجه مسلم وابن ماجة في النكاح والباقون في الحج وأخرج الدارقطني من طريق ضعيف عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم وأخرج البزار في مسنده عن مسروق عن عائشة أنه عليه السلام تزوج وهو محرم واحتجم وهو محرم قال السهيلي في الروض الانف إنما أرادت نكاح ميمونة ولكنها لم تسمها انتهى أحاديث الخصوم المعارضة روى مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن يزيد بن الاصم قال حدثتني ميمونة بنت الحارث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال قال وكانت خالتي وخالة بن عباس انتهى بلفظ مسلم وفي لفظ له وبنى بها وهو حلالا ولفظ أبي داود قالت تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلالان بسرف انتهى زاد أبو يعلى الموصلي في مسنده بعد أن رجعنا من مكة انتهى ثم
[ 326 ]
اسند أبو داود عن سعيد بن المسيب قال وهم بن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم انتهى وأخرج الطحاوي عن عمرو بن دينار حدثني بن شهاب عن يزيد بن الاصم أنه عليه السلام نكح ميمونة وهما حلالان قال عمرو فقلت للزهري وما يدري ابن
[ 327 ]
الاصم أعرابي بوال على عقبيه أتجعله مثل بن عباس انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن حماد بن زيد ثنا مطر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع أنه عليه السلام تزوج ميمونة وهو حلال وبنى عليها وهو حلال وكنت أنا الرسول بينهما انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن بن خزيمة بسنده عن حماد بن زيد به قال الترمذي حديث حسن ولا نعلم أحدا أسند غير حماد عن مطر ورواه مالك عن ربيعة عن سليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ورواه سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلا انتهى قال الترمذي وقد اختلفوا في تزويج النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة لانه عليه السلام تزوجها في طريق مكة فقال بعضهم تزوجها حلالا وظهر أمر تزوجيها وهو محرم ثم بنى بها وهو حلال بسرف في طريق مكة وماتت ميمونة بسرف حيث بنى بها ودفنت بسرف انتهى وقال بن حبان وليس في هذه الاخبار تعارض ولا أن بن عباس وهم لانه أحفظ وأعلم من غيره ولكن عندي أن معنى قوله تزوج وهو محرم أي داخل في الحرم كما يقال أنجد وأتهم إذا دخل نجدا وتهامة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم عزم على الخروج إلى مكة في عمرة القضاء فبعث من المدينة أبا رافع ورجلا من الانصار إلى مكة ليخطبا ميمونة له ثم خرج وأحرم فلما دخل مكة طاف وسعى وحل من عمرته وتزوج بها وأقام بمكة ثلاثا ثم سأله أهل مكة الخروج فخرج حتى بلغ سرف فبنى
[ 328 ]
بها وهما حلالان فحكى بن عباس نفس العقد وحكت ميمونة عن نفسها القصة على وجهها وهكذا أخبر أبو رافع وكان الرسول بينهما فدل ذلك مع نهيه عليه السلام عن نكاح المحرم وإنكاحه على صحة ما ادعيناه انتهى كلامه حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عمرو البزار ثنا محمد بن عثمان بن مخلد الواسطي عن أبيه عن سلام أبي المنذر عن مطر الوراق عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال انتهى ثم أخرجه عن ابن عباس من خمسة عشر طريقا أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو محرم وفي لفظ وهما حرامان وقال هذا هو الصحيح انتهى حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن صفية بنت شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال حديث يخالف ما تقدم رواه مالك في الموطأ نقلا عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار مولى ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا رافع مولاه ورجلا من الانصار فزوجاه ميمونة ابنة الحارث ورسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قبل أن يخرج انتهى قال النووي في شرح مسلم وعن حديث ميمونة أجوبة أصحها أنه إنما تزوجها حلالا هكذا رواه أكثر الصحابة قال القاضي وغيره لم يرو أنه تزوجها محرما غير بن عباس وحده وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلالا وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به وهم أضبط وأكثر الثاني أنه تزوجها في الحرم وهو حلال ويقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلالا قال الشاعر قتلوا بن عفان الخليفة محرما ودعا فلم أر مثله مخذولا أي في الحرم انتهى قلت وجدت في صحاح الجوهري مايخالف ذلك
[ 329 ]
فإنه قال أحرم الرجل إذا دخل في الشهر الحرام وأنشد البيت المذكور على ذلك وأيضا فلفظ البخاري أنه عليه السلام تزوجها وهو محرم وبنى بها وهو حلال يدفع هذا التفسير أو يبعده وقال صاحب التنقيح وقد حمل بعض أصحابنا قول ابن عباس وهو محرم أي في شهر حرام ثم أنشد البيت ثم نقل عن الخطيب البغدادي أنه روى بسنده عن إسحاق الموصلي قال سأل هارون الرشيد الاصمعي بحضرة الكسائي عن قول الشاعر قتلوا بن عفان الخليفة محرما فقال الاصمعي ليس معنى هذا أنه أحرم بالحج ولا أنه في شهر حرام ولا أنه في الحرم فقال الكسائي ويحك فما معناه قال الاصمعي فما أراد عدي بن زيد بقوله قتلوا كسرى بليل محرما فتولى لم يمتع بكفن أي إحرام لكسرى فقال الرشيد فما المعنى قال كل من لم يأت شيئا يوجب عليه عقوبة فهو محرم لا يحل منه شئ فقال له الرشيد أنت لا تطاق انتهى قال النووي والثالث من الاجوبة عن حديث ميمونة أن الصحيح عند الاصوليين تقديم القول إذا عارضه الفعل لان القول يتعدى إلى الغير والفعل قد يقتصر عليه قال والرابع أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقال الطحاوي في كتابه الناسخ والمنسوخ والاخذ بحديث أبي رافع أولى لانه كان السفير بينهما وكان مباشرا للحال وابن عباس كان حاكيا ومباشر الحال مقدم على حاكيه ألا ترى عائشة كيف أحالت على علي حين سئلت عن مسح الخف وقالت سلوا عليا فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى الحديث الثامن قال عليه السلام لا ينكح الامة على الحرة قلت روى الدارقطني في سننه في الطلاق من حديث مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طلاق العبد اثنتان ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره وقرء الامة حيضتان ويتزوج الحرة على الامة ولا يتزوج الامة على
[ 330 ]
الحرة انتهى ومظاهر بن أسلم ضعيف حديث آخر رواه الطبراني في تفسيره في سورة النساء عند قوله تعالى ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات فقال حدثنا المثنى ثنا حبان بن موسى ثنا بن المبارك ثنا سفيان عن هشام الدستوائي عن عامر الاحول عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينكح الامة على الحرة قال وينكح الحرة على الامة ومن وجد طولا لحرة فلا ينكح أمة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه مقتصرا على نكاح الامة فقال حدثنا بن عيينة عن عمرو بن عيينة عن الحسن قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينكح الامة على الحرة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه أيضا حدثنا أبو داود الطيالسي عن هشام الدستوائي عن رجل عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن ينكح الامة على الحرة انتهى الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول لا ينكح الامة على الحرة وينكح الحرة على الامة انتهى وأخرج عن الحسن وابن المسيب نحوه وأخرج بن أبي شيبة عن علي قال لا ينكح الامة على الحرة وأخرج عن بن مسعود نحوه وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة عن يحيى بن سعيد عن بن المسيب قال يتزوج الحرة على الامة ولا يتزوج الامة على الحرة انتهى حدثنا عبد الاعلى عن برد عن مكحول نحوه الحديث التاسع قال عليه السلام وتنكح الحرة على الامة قلت تقدم في الحديث قبله عند الدارقطني عن عائشة بسند ضعيف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وتتزوج
[ 331 ]
الحرة على الامة ولا تتزوج الامة على الحرة وعند الطبري عن الحسن مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وينكح الحرة على الامة وموقوفا على جابر بسند صحيح عن عبد الرزاق وينكح الحرة على الامة وروى بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن بن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الاسدي عن علي قال إذا نكحت الحرة على الامة فلهذه الثلثان ولهذه الثلث أن الامة لا ينبغي لها أن تزوج على الحرة انتهى والمنهال بن عمرو فيه مقال وعباد الاسدي ضعيف قال في التنقيح قال البخاري فيه نظر
[ 332 ]
وحكى بن الجوزي عن بن المديني أنه ضعفه قوله وقد صح أن عبد الله بن جعفر جمع بين امرأة علي وابنته قلت رواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن مغيرة عن قثم عن عبد الله أنه جمع بين امرأة علي وابنته من غيرها انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن قثم مولى العباس قال تزوج عبد الله بن جعفر بنت علي وامرأة علي النهشلية انتهى وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال في باب ما يحل من النساء وما يحرم قال وجمع عبد الله بن جعفر بين ابنة علي وامرأة علي وقال بن سيرين لا بأس به وكرهه الحسن مرة ثم قال لا بأس به انتهى طريق آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن علي بن علي بن السائب أن عبد الله بن جعفر تزوج ليلى امرأة علي بن
[ 333 ]
أبي طالب وزينب بنت علي من غيرها انتهى أحاديث الباب روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن علية عن أيوب عن عكرمة بن خالد بن عبد الله بن صفوان تزوج امرأة رجل من ثقيف وابنته يعني من غيرها انتهى حدثنا بن علية عن أيوب قال سئل عن ذلك محمد بن سيرين فلم ير به بأسا وقال نبئت أن جبلة رجلا كان بمصر جمع بين امرأة رجل وابنته من غيرها انتهى وهذا رواه الدارقطني في سننه من حديث أيوب عن محمد بن سيرين أن رجلا من أهل مصر كانت له صحبة يقال له جبلة كان جمع بين أمرأة رجل وابنته من غيرها قال أيوب وكان الحسن يكرهه انتهى وأخرج بن أبي شيبة عن الشعبي ومجاهد وابن سيرين وسليمان بن يسار أنهم قالوا لا بأس بذلك وأخرج عن الحسن وعكرمة أنهما كرهاه انتهى قوله قلنا ثبت النسخ بإجماع الصحابة يعني نسخ المتعة قلت أخرج مسلم عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بن الزبير فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لارجمنك بأحجارك قال بن شهاب فأخبرنا خالد ابن المهاجر بن سيف الله أنه بينما هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها فقال له بن أبي عمرة الانصاري مهلا قال ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين قال بن أبي عمرة إنها كانت رخصة في أول الاسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم احكم الله الدين ونهى عنها قال بن شهاب وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال قد كنت استمتعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عامر ببردين أحمرين ثم نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة قال بن شهاب وسمعت ربيع بن
[ 334 ]
سبرة يحدث ذلك عمر بن عبد العزيز وأنا جالس انتهى أحاديث التحريم والنسخ أخرج مسلم عن إياس بن سلمة بن الاكوع قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها انتهى قال البيهقي وعام أوطاس وعام الفتح واحد لانها بعد الفتح بيسير انتهى حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن سبرة بن معبد الجهني قال أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة فانطلقت أنا ورجل إلى امرأة من بني عامر كأنها بكرة عيطاء فعرضنا عليها أنفسنا فقالت ما تعطي فقلت ردائي وقال صاحبي ردائي وكان رداء صاحبي أجود من ردائي وكنت أشب منه فإذا نظرت إلى رداء صاحبي أعجبها وإذا نظرت إلي أعجبتها ثم قالت أنت ورداؤك يكفيني فمكث معها ثلاثا ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان عنده شئ من هذه النساء التي يتمتع بهن فليخل سبيله انتهى وفي لفظ أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح فأذن لنا في متعة النساء الحديث وفي لفظ أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم يخرج حتى نهانا عنها انتهى وفي لفظ أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع من النساء وأن الله عزوجل قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا انتهى وفي لفظ قال نهى عن المتعة وقال ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة ومن كان أعطى شيئا فلا يأخذه انتهى وطوله بن حبان في صحيحه فقال ذكر البيان بأن المصطفى عليه السلام حرم المتعة عام حجة الوداع أخبرنا محمد بن خزيمة بسنده عن سبرة قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قضينا عمرتنا قال لنا استمتعوا من هذه النساء قال والاستمتاع عندنا يومئذ التزوج فعرضنا بذلك النساء أن نضرب بيننا وبينهن أجلا قال فذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال افعلوا فخرجت أنا وابن عم لي معي بردة ومعه بردة وبرده أجود من بردي وأنا أشب منه فأتينا امرأة فعرضنا ذلك عليها فأعجبها شبابي وأعجبها برد بن عمي فقالت برد كبرد فتزوجتها وكان الاجل بيني وبينها عشرا فلبثت عندها تلك الليلة ثم أصبحت غاديا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته بين الحجر والباب قائما يخطب الناس وهو يقول أيها الناس
[ 335 ]
إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع في هذه النساء ألا وإن الله قد حرم ذلك إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شئ فليخل سبيله ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا انتهى ورواه أبو داود في سننه من حديث إسماعيل بن أمية عن الزهري قال كنا عند عمر بن عبد العزيز فتذاكرنا متعة النساء فقال رجل قال الربيع بن سبرة أشهد على أبي أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها في حجة الوداع انتهى وبهذا استدل الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ على نسخ المتعة وبحديث علي من جهة الدارقطني الآتي حديث آخر روى البخاري ومسلم من طريق مالك عن بن شهاب عن عبد الله والحسن ابني محمد بن علي عن أبيهما عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسية انتهى وفي لفظ لمسلم إن عليا سمع بن عباس يلين في المتعة فقال مهلا يا بن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسية انتهى أخرجه البخاري في غزوة خيبر ومسلم في النكاح وفي الذبائح ورواه الباقون خلا أبا داود قال السهيلي في الروض الانف هذه رواية مشكلة فإن هذا شئ لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الاثر أن المتعة حرمت يوم خيبر وقد رواه بن عيينة عن بن شهاب فقال فيه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الحمر الاهلية عام خيبر وعن المتعة ومعناه على هذا اللفظ أي ونهى عن المتعة بعد ذلك فهو إذا تقديم وتأخير في لفظ بن شهاب لا في لفظ مالك لان مالكا قد وافقه على لفظه جماعة من رواة بن شهاب والله أعلم انتهى كلامه قلت لم أجد رواية بن عيينة عن بن شهاب في صحيح مسلم إلا بلفظ مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر وعن لحوم الحمر الاهلية انتهى ثم رواه من حديث يونس عن بن شهاب به أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الانسية انتهى ثم رواه من حديث عبيد الله عن بن شهاب به أن عليا سمع بن عباس يلين في متعة النساء فقال مهلا يا بن عباس فإني سمعت رسول
[ 336 ]
الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسية انتهى وكأنه عند البخاري وينظر قال السهيلي واختلف في وقت تحريم نكاح المتعة فأغرب ما روي في ذلك رواية من قال إن ذلك كان في غزة تبوك ثم رواية الحسن إن ذلك في عمرة القضاء والمشهور في ذلك رواية الربيع بن سبرة عن أبيه أنه كان عام الفتح وهو في صحيح مسلم وفيه حديث آخر رواه أبو داود من حديث الربيع بن سبرة عن أبيه أيضا أن تحريمها كان في حجة الوداع ورواية من روى أنكان في غزوة أوطاس موافقة لرواية عام الفتح والله أعلم انتهى كلامه قلت رواية غزوة تبوك أخرجها الحازمي في الناسخ والمنسوخ عن عبد الرحيم بن سليمان عن عباد بن كثير حدثني عبد الله بن محمد بن عقيل سمعت جابر بن عبد الله الانصاري يقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك حتى إذا كنا عند العقبة مما يلي الشام جاءت نسوة فذكرنا تمتعنا وهن تطفن في رحالنا فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إليهن وقال من هؤلاء النسوة فقلن يا رسول الله نسوة تمتعنا منهن قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احمرت وجنتاه وتمعر وجهه وقام فينا خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم نهى عن المتعة فتوادعنا يومئذ الرجال والنساء ولم نعد ولا نعود لها أبدا فبها سميت يومئذ ثنية الوداع انتهى حديث آخر روى الدارقطني في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي داود ثنا أحمد بن الازهر ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا عكرمة بن عمار ثنا سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حرم أو هدم المتعة النكاح والطلاق والعدة والميراث انتهى قال بن القطان في كتابه إسناده حسن وليس فيه من ينظر في أمره إلا أحمد بن الازهر
[ 337 ]
ابن منيع النيسابوري وقد روى عنه أبو حاتم وابنه أبو محمد وقال فيه أبو حاتم صدوق وذكر جماعة رووا عنه نحو العشرة وأخرج الدارقطني أيضا نحو هذا الحديث من رواية علي بن أبي طالب فرواه من طريق بن لهيعة عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر عن علي بن أبي طالب قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المتعة قال وإنما كانت لمن لم يجد فلما أنزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت انتهى ورواه الحازمي في كتابه من طريق الدارقطني وقال غريب من هذا الوجه وقد روي من طريق تقوي بعضها بعضا انتهى وضعفه بن القطان في كتابه حديث آخر أخرجه مسلم عن عروة بن الزبير أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال إن ناسا أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه فقال إنك لجلف جاف فلعمري لقد كانت المتعة تفعل في عهد إمام المتقين يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له بن الزبير فجرب بنفسك فوالله لان فعلتها لارجمنك بأحجارك قال بن شهاب فأخبرني خالد بن المهاجر بن سيف الله أنه بينما هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه فأمره بها فقال له بن أبي عمرة الانصاري مهلا قال ما هي والله لقد فعلت في عهد إمام المتقين قال بن أبي عمرة إنها كانت رخصة في أول الاسلام لمن اضطر إليها كالميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله الدين ونهى عنها قال بن شهاب وأخبرني ربيع بن سبرة الجهني أن أباه قال كنت استمتعت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من بني عامر ببردين أحمرين ثم نهانا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال الحازمي في كتابه وقد كانت المتعة مباحة مشروعة في صدر الاسلام وإنما أباحها النبي صلى الله عليه وسلم للسبب الذي ذكره بن مسعود كما أخرجه البخاري ومسلم عن قيس بن أبي حازم قال سمعت عبد الله بن مسعود يقول كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لنا نساء فقلنا ألا نستخصي فنهانا عن ذلك ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين انتهى أو للسبب الذي ذكره ابن عباس
[ 338 ]
كما رواه الترمذي عن محمد بن كعب عن بن عباس قال إنما كانت المتعة في أول الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم قال بن عباس فكل فرج سواهما حرام انتهى قال الحازمي ولم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم أباحها لهم وهم في بيوتهم وأوطانهم وكذلك نهاهم عنها غير مرة وأباحها لهم في أوقات مختلفة بحسب الضرورات حتى حرمها عليهم في آخر سنيه وذلك في حجة الوداع فكان تحريم تأبيد لا خلاف فيه بين الائمة وفقهاء الامصار إلا طائفة من الشيعة ويحكى عن بن جريج قال وأما ما يحكى فيها عن بن عباس فإنه كان يتأول إباحتها للمضطر إليها بطول الغربة وقلة اليسار والجدة ثم توقف وأمسك عن الفتوى بها ثم أسند من طريق الخطابي ثنا بن السماك ثنا الحسن بن سلام السواق ثنا الفضل بن دكين ثنا عبد السلام عن الحجاج عن أبي خالد عن المنهال عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس لقد سارت بفتياك الركبان وقالت فيها الشعراء قال وما قالوا قلت قالوا قد قلت للشيخ لما طال مجلسه يا صاح هل لك في فتياابن عباس هل لك في رخصة الاطراف آنسه تكون مثواك حتى مصدر الناس فقال سبحان الله والله ما بهذا أفتيت وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير لا تحل إلا للمضطر انتهى أحاديث مخالفة لما تقدم أخرج مسلم في صحيحه عن عطاء بن أبي رباح قال قدم جابر بن عبد الله معتمرا فجئناه في منزله فسأله القوام عن أشياء ثم ذكروا المتعة فقال نعم استمتعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما انتهى حديث آخر وأخرج مسلم أيضا عن أبي الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الايام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث انتهى حديث آخر وأخرج مسلم أيضا عن عاصم بن أبي نضرة قال كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال إن بن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين فقال جابر فعلناهما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما انتهى
[ 339 ]
قوله وابن عباس صح رجوعه إلى قولهم فتقرر الاجماع قلت روى الترمذي في جامعه حدثنا محمود بن غيلان ثنا سفيان بن عقبة أخو قبيصة بن عقبة ثنا سفيان الثوري عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب عن بن عباس قال إنما كانت المتعة في اول الاسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فتحفظ له متاعه وتصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم قال بن عباس فكل فرج سواهما فهو حرام انتهى وسكت عنه قال الترمذي وإنما روى عن بن عباس شئ من الرخصة في المتعة ثم رجع عن قوله حيث أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
[ 340 ]
باب في الاولياء والاكفاء الحديث الاول أحاديث الاصحاب في عدم اشتراط الولي أخرج الجماعة إلا البخاري عن نافع بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الايم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأذن في نفسها وإذنها صماتها انتهى وفي لفظ لمسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر وتستأمر وإذنها سكوتها انتهى ووجهه أنه شارك بينها وبين الولي ثم قدمها بقوله أحق وقد صح العقد منه فوجب أن يصح منها قال بن الجوزي في التحقيق والجواب أنه أثبت لها حقا وجعلها أحق لانه ليس للولي إلا المباشرة ولا يجوز له أن يزوجها إلا بإذنها حديث آخر قال بن الجوزي قال سعيد بن منصور ثنا أبو الأحوص عن عبد العزيز بن رفيع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن أبي أنكحني رجلا وأنا كارهة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابيها لا نكاح لك لاذهبي فانكحي من شئت انتهى قال بن الجوزي والجواب إن الموجود في الصحيح أن أباها أنكحها وهي كارهة فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك
[ 341 ]
وهو من حديث خنساء بنت خدام وأما قوله انكحي من شئت فرواه أبو سلمة مرسلا هذا والمرسل ليس بحجة ولو قلنا إنه حجة فالمراد تخيير الاكفاء والله أعلم أحاديث الخصوم أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي انتهى قال الترمذي هذا حديث فيه اختلاف رواه إسرائيل وشريك بن عبد الله وأبو عوانة وزهير بن معاوية وقيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ورواه أسباط بن محمد وزيد حباب عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وروى أبو عبيدة الحداد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه عن أبي إسحاق وقد روى عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى شعبة والثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني مرسلا وأسنده بعض أصحاب سفيان عن أبي إسحاق ولا يصح ورواية هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق
[ 342 ]
عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي عندي أصح لان سماعهم من أبي إسحاق في أوقات مختلفة وإن كان شعبة والثوري أحفظ وأثبت من جميع هؤلاء الذين رووا عن أبي إسحاق هذا الحديث فإن رواية هؤلاء عندي أشبه وأصح لان شعبة والثوري سمعا هذا الحديث عن أبي إسحاق في مجلس واحد يدل عليه ما حدثنا محمود بن غيلان ثنا أبو داود ثنا شعبة قال سمعت سفيان الثوري يسأل أبا إسحاق أسمعت أبا بردة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي قال نعم فدل هذا الحديث أن سماع شعبة والثوري هذا الحديث في وقت واحد وإسرائيل هو ثبت في أبي إسحاق انتهى كلام الترمذي وأخرجه الحاكم في المستدرك عن النعمان بن عبد السلام عن شعبة وسفيان الثوري عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولي انتهى قال الحاكم وهذا الحديث لم يكن للشيخين إخلاء الصحيحين منه فإن النعمان بن عبد السلام ثقة مأمون وقد وصله عن الثوري وشعبة جميعا وقد رواه جماعة من الثقات عن الثوري وعن شعبة عن جده فوصلوه فأما إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق الثقة الحجة في حديث جده أبي إسحاق فلم يختلف عنه في وصله ثم أخرجه من حديث هشام بن القاسم وعبيد الله بن موسى وأبي غسان مالك بن إسماعيل وأحمد بن الخالد الوهبي وعبد الله بن رجاء وطلق بن غنام كلهم عن إسرائيل عن أبي إسحاق به سندا قال وهذه الاسانيد كلها صحيحة وقد وصله عن أبي إسحاق أيضا جماعة من أئمة المسلمين غير من ذكرناهم منهم الامام أبو حنيفة النعمان رضي الله تعالى عنه وأبو عوانة وزهير بن معاوية ورقبة بن مصقلة ومطرف بن طريف الحارثي وعبد الحميد بن الحسن الهلالي وزكريا بن أبي زائدة وغيرهم قال وقد وصله عن أبي بردة جماعة غير أبي إسحاق ثم أخرجه عن يونس بن أبي إسحاق به مسندا وعن أبي حصين عثمان ابن عاصم عن أبي إسحاق به مسندا قال ولست أعلم بين أهل العلم خلافا في عدالة
[ 343 ]
يونس بن أبي إسحاق وفيه دليل على أن الخلاف الذي وقع على أبيه من جهة أصحابه لا من جهة أبي إسحاق قال وفي الباب عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس ومعاذ بن جبل وعبد الله بن عمر وأبي ذر الغفاري والمقداد بن الاسود و عبد الله بن مسعود وجابر بن عبد الله وأبي هريرة وعمران بن حصين وعبد الله بن عمرو والمسور بن مخرمة وأنس بن مالك وأكثرها صحيحة وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش رضي الله عنهم انتهى كلامه حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها فإن اشتجروا فالسلطان ولي من ولا ولي له انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الثالث عن بن خزيمة والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ورواه بن عدي في الكامل في ترجمة سليمان بن موسى ثم قال قال بن جريج فلقيت الزهري فسألته عن هذاا لحديث فلم يعرفه فقلت له إن سليمان بن موسى حدثنا به عنك قال فأثنى علي سليمان خيرا وقال أخشى أن يكون وهم علي قال بن عدي وهذا حديث جليل وعليه الاعتماد في إبطال النكاح بغير ولي وقد رواه عن بن جريج الكبار من الناس منهم يحيى بن سعيد والليث بن سعد ولا يعرف من حديث آخر بهذا الاسناد بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة غير هذا الحديث انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده وزاد فيه قال بن جريج ثم لقيت الزهري فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه قال الترمذي
[ 344 ]
وقد تكلم فيه بعض أهل الحديث من جهة بن جريج قال ثم لقيت الزهري فسألته عنه فأنكره فضعفوا الحديث من أجل هذا وذكر عن يحيى بن معين أنه قال لم يذكر هذا عن الزهري إلا إسماعيل بن علية عن بن جريج وضعف يحيى رواية إسماعيل عن ابن جريج انتهى وحكاية بن جريج هذه أسندها الطحاوي في شرح الآثار أيضا فقال وذكر بن جريج أنه سأل عنه بن شهاب فلم يعرفه حدثنا بذلك بن أبي عمران حدثنا يحيى بن معين عن بن علية عن بن جريج بذلك انتهى وقال ابن حبان في صحيحه وقد أوهم هذا الخبر من لم يحكم صناعة هذا الحديث أنه منقطع بحكاية حكاها بن علية عن بن جريج أنه قال ثم لقيت الزهري فسألته عن ذلك فلم يعرفه قال وليس هذا مما يقدح في صحة الخبر لان الضابط من أهل العلم قد يحدث بالحديث ثم ينساه فإذا سئل عنه لم يعرفه فلا يكون نسيانه دالا على بطلان الخبر وهذا المصطفى صلى الله عليه وسلم خير البشر صلى فسها فقيل له أقصرت الصلاة أم نسيت فقال كل ذلك لم يكن فلما جاز على من اصطفاه الله لرسالته في أعم أمور المسلمين الذي هو الصلاة حين نسي فلما سألوه أنكر ذلك ولم يكن نسيانه دالا على بطلان الحكم الذي نسيه كان جواز النسيان على من دونه من أمته الذين لم يكونوا بمعصومين أولى انتهى قال الحاكم بعد أن أخرجه عن جماعة عن بن جريج وقد صحت الروايات عن الائمة الاثبات بسماع الرواة بعضهم من بعض فلا تعلل هذه الروايات بحديث بن علية وقول بن جريج سألت الزهري عنه فلم يعرفه فقد ينسى الثقة الحافظ الحديث بعد أن حدث به وقد اتفق ذلك لغير واحد من الحفاظ قال وأخبرنا الحسين بن الحسن بن أيوب ثنا أبو حاتم محمد بن إدريس سمعت أحمد بن حنبل يقول وذكر عنده حكاية بن علية في حديث بن جريج لا نكاح إلا بولي فقال بن جريج له كتب مدونة وليس هذا فيها يعني حكاية بن علية انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد أعل
[ 345 ]
بعض من يسوي الاخبار على مذهبه هذا الحديث بشيئين أحدهما ما رواه بإسناده عن بن علية أن بن جريج سأل الزهري عنه فأنكره ثم أسند عن أحمد وابن معين أنهما ضعفا رواية بن علية هذه قال فهذان إمامان قد وهنا هذه الرواية مع وجوب قبول خبر الصادق وإن نسي من أخبر عنه الثاني أن عائشة رضي الله عنها روى عنها ما يخالفه فروى من طريق مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها زوجت حفصة بنت عبد الرحمن من المنذر بن الزبير وعبد الرحمن غائب بالشام فلما قدم عبد الرحمن قال ومثلي يفتات عليه فكلمت عائشة المنذر بن الزبير فقال إن ذلك بيد عبد الرحمن فقال عبد الرحمن ما كنت لارد أمرا قضيته فاستقرت حفصة عند المنذر ولم يكن ذلك طلاقا انتهى وكذلك رواه مالك في الموطأ كما تراه قال البيهقي ونحن نحمل قوله زوجت أي مهدت أسباب التزويج وأضيف النكاح إليها لاختيارها ذلك وإذنها فيه ثم أشارت على من ولي أمرها عند غيبة أبيها حتى عقد النكاح قال ويدل على صحة هذا التأويل ما أخبرنا وأسند عن عبد الرحمن بن القاسم قال كنت عند عائشة يخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت عقدة النكاح قالت لبعض أهلها زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح وفي لفظ فإن النساء لا ينكحن قال إذا كان مذهبها ما روى من حديث عبد الرحمن بن القاسم علمنا أن المراد بقوله زوجت ما ذكرناه فلا يخالف ما روته عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والعجب من هذا المحتج بحكاية بن علية في رد هذه السنة وهو يحتج برواية الحجاج بن أرطاة في غير موضع وهو يردها ههنا عن الحجاج عن الزهري بمثله ويحتج أيضا برواية ابن لهيعة في غير موضع ويردها ههنا عن بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهري بمثله فيقبل رواية كل واحد منهما منفردة إذا وافقت مذهبه ولا يقبل روايتهما مجتمعة إذا خالفت مذهبه ومعهما رواية ثقة قال البيهقي واحتج أيضا لمذهبه بتزويج عمر بن أبي سلمة أمه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صغير قال وليس فيه حجة لانه لو كان جائزا بغير ولي لاوجبت العقد بنفسها ولم تأمر غيرها فلما أمرت به غيرها بأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياها على ما جاء في بعض الروايات دل على أنها لا تلي عقد النكاح وقول من زعم إنه زوجها بالبنوة يقابل بقول من قال بل زوجها بأنه كان من بني أعمامها ولم يكن لها ولي هو
[ 346 ]
أقرب إليها منه وذلك لانه عمر بن أبي سلمة بن عبد الاسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم فتزوجه بها كان بولي وقد قيل إن نكاح النبي صلى الله عليه وسلم لا يفتقر إلى ولي وتزويج زينب بنت جحش يدل على ذلك انتهى كلامه قال بن الجوزي في التحقيق وإنكار الزهري الحديث لا يطعن في روايته لان الثقة قد يروي وينسى قال أحمد بن حنبل كان بن عييبة يحدث ناسا ثم يقول ليس هذا من حديثي ولا أعرفه وروى عن سهيل بن أبي صالح أنه ذكر له حديث فأنكره فقال له ربيعة أنت حدثتني به عن أبيك فكان سهيل يقول حدثني ربيعة عني وقد جمع الدارقطني جزء فيمن حدث ونسي قال والدليل على أن الزهري نسي أن هذا الحديث رواه جعفر بن ربيعة وقرة بن عبد الرحمن وابن إسحاق فدل على ثبوته عنه فحديث جعفر بن ربيعة أخرجه أبو داود عن القعنبي عن بن لهيعة عنه وحديث قال في التنقيح وسليمان بن موسى ليس من رجال الصحيح بل هو صدوق وقال فيه النسائي ليس بالقوي في الحديث وقد روى هذا الحديث مختلف الاسناد والمتن فروى كما تقدم من حديث الحجاج بن أرطاة عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له والحجاج ضعيف رواه بن ماجة وأخرجه الدارقطني عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي عن هشام عن أبيه عن عائشة مرفوعا لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل قال الدارقطني رواه عن هشام سعيد بن خالد ونوح بن دراج وعبد الله بن حكيم وقالوا فيه وشاهدي عدل ومحمد بن يزيد بن سنان وأبوه ضعيفان وأخرجه الدارقطني أيضا عن أبي الخصيب عن هشام به مرفوعا لا بد في النكاح من أربعة الولي والزوج والشاهدين وهذا حديث منكر والاشبه أن يكون موضوعا وأبو الخصيب اسمه نافع بن ميسرة وهو مجهول انتهى كلامه حديث آخر أخرجه البخاري عن الحسن أن معقل بن يسار زوج أختا له فطلقها الرجل ثم أنشأ يخطبها فقال زوجتك كريمتي فطلقتها ثم أنشأت تخطبها فأبى أن
[ 347 ]
يزوجه وهويته المرأة فأنزل الله تعالى وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة عن الحجاج بن أرطاة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي والسلطان ولي من لا ولي له والحجاج ضعيف وفي سماعه من عكرمة نظر قال في التنقيح قال أحمد لم يسمع منه ولكن روى عن داود بن الحصين عنه لكن الطبراني رواه عن خالد الحذاء عن عكرمة به قال ابن الجوزي وله طرق أخرى كلها ضعيفة قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن الفضل عن عدي بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعا وقال رجاله ثقات إلا أنه محفوظ من قول بن عباس ولم يرفعه إلا عبد الله بن الفضل انتهى وأخرجه الطبراني عن أبي يعقوب بن أبي نجيح عن عطاء عن بن عباس حديث آخر أخرجه الدارقطني عن جميل بن الحسن الجهضمي ثنا محمد بن مروان العقيلي ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج نفسها انتهى وأخرجه أيضا عن مسلم بن أبي مسلم الجرمي ثنا مخلد بن الحسين ثنا هشام به قال بن الجوزي وجميل ومسلم هذان لا يعرفان قال في التنقيح أما جميل فهو بن الحسن الازدي العتكي الاهوازي مشهور وروى عنه بن خزيمة وابن أبي داود وخلف وروى عنه بن ماجة وابن خزيمة هذا الحديث ووثقه بن حبان وتكلم فيه غيره ومسلم الجرمي هو ابن عبد الرحمن قال بن أبي حاتم هو من الثقات روى عن مخلد بن حسين وروى عنه الحسن بن سفيان أيضا هذا الحديث وقال سألت يحيى بن معين عن رواية مخلد بن حسين عن هشام بن حسان فقال ثقة قلت تذكرت له هذا الحديث فقال نعم كان عندنا شيخ يرفعه عن مخلد ورواه بحر بن نضر عن بشر بن بكر عن الاوزاعي عن بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا وهو أشبه وكذلك قال بن عيينة عن هشام بن
[ 348 ]
حسان عن بن سيرين وذكر بن الجوزي أحاديث واهية ضعيفة أضربنا عن ذكرها والله أعلم حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا محمد بن عباس بن الوليد الريبوني ثنا عمر بن عثمان الرقي ثنا عيسى بن يونس عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا لا نكاح إلا بولي فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بكر بن بكار ثنا عبد الله بن محرز عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن محرز عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين مرفوعا نحوه ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وهما معلولان بعبد الله بن محرز وفي الاول أيضا بكر بن بكار وهو أيضا ضعيف الرب عز وجلحديث آخر أخرجه الدارقطني عن ثابت بن زهير قال البخاري فيه منكر الحديث قاله ابن عدي حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن أحمد بن عبد الله بن محمد أبي علي الكندي ثنا إبراهيم بن الجراح الحساني ثنا أبو يوسف عن أبي حنيفة عن خصيف عن جابر بن عقيل عن علي بن أبي طالب مرفوعا نحوه قال بن عدي لم يحدث به إلا أحمد هذا وهو باطل وأخرجه بن عدي في الكامل عن عمر بن صبيح بن عمران التميمي عن مقاتل بن حيان عن الاصبغ بن ثمامة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة تزوجت بغير إذن ولي فنكاحها باطل فإن لم يكن لها ولي فالسلطان ولي من لا ولي له وضعفه بعمر بن صبيح قال وقد اضطرب فيه فمرة رواه هكذا ومرة رواه عن
[ 349 ]
مقاتل عن قبيصة عن معاذ انتهى حديث آخر أخرجه بن عدي عن إسماعيل بن سيف البصري ثنا هشام بن سليمان المجاشعي عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا نحوه وقال إسماعيل هذا يسرق الحديث حديث آخر أخرجه بن عدي أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا نحوه وأسند تضعيف سليمان بن أرقم عن أبي داود وأحمد والنسائي وابن معين وأخرجه أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وأسند تضعيف العرزمي عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم ثم قال وقد اختلف فيه على العرزمي فروى كما ذكرناه ومرة كما أخبرنا فأسند عن العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه ومرة كما أخبرنا فأسند عنه أيضا عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه وهذا الاختلافات في هذا الحديث كلها غير محفوظة انتهى حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا عبد الله بن عصمة النصيبي ثنا حمزة بن أبي حمزة عن عطاء عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فإن كان دخل بها فلها صداقها بما استحل من فرجها ويفرق بينهما وإن كان لم يدخل بها فرق بينهما والسلطان ولي من لا ولي له انتهى ومن طريق بن راهويه رواه الطبراني في معجمه وأبو نعيم في الحلية قال أبو نعيم تفرد به عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عمر وفي لفظه التفريق وقد روى عن عروة عن عائشة نحوه في إبطال النكاح دون لفظ التفريق انتهى أحاديث إجبار البكر البالغ قال أصحابنا ليس للولي إجبار البكر البالغة على النكاح وخالفهم الشافعي وأحمد لاصحابنا حديث أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده
[ 350 ]
عن حسين ثنا جريج عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس أن جارية بكرا أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وحسين بن محمد المروزي أحد الثقات المخرج لهم في الصحيحين ورواه البيهقي وقال أخطأ فيه جرير بن حازم على أيوب السختياني والمحفوظ عن أيوب عن عكرمة عن النبي مرسلا وقد رواه أبو داود عن محمد بن عبيد عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة مرسلا وقد رواه بن ماجة من حديث زيد بن حبان عن أيوب موصولا وزيد مختلف في توثيقه قال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن حديث حسين فقال هو خطأ إنما هو كما روى الثقات حماد بن زيد وابن علية عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل وهو الصحيح فقلت له الوهم ممن فقال ينبغي أن يكون من حسين فإنه لم يروه عن جرير بن حازم غيره انتهى وقال في التنقيح قال الخطيب البغدادي قد رواه سليمان بن حرب عن جرير بن حازم أيضا كما رواه حسين فبرئت عهدته وزالت تبعته ثم رواه بإسناده قال ورواه أيوب بن سويد هكذا عن الثوري عن أيوب موصولا وكذلك رواه معمر بن سليمان عن زيد بن حبان عن أيوب انتهى قال ابن القطان في كتابه حديث بن عباس هذا حديث صحيح قال وليست هذه خنساء بنت خدام التي زوجها أبوها وهي ثيب فكرهته فرد عليه السلام نكاحه رواه البخاري فإن تلك ثيب وهذه بكر وهما ثنتان والدليل على أنهما ثنتان ما أخرجه الدارقطني عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان انتهى قلت أخرج النسائي في سننه حديث خنساء وفيه أنها كانت بكرا رواه عن
[ 351 ]
عبد الله بن يزيد عن خنساء قالت أنكحني أبي وأنا كارهة وأنا بكر فشكوت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تنكحها وهي كارهة انتهى قال عبد الحق في أحكامه وقع في كتاب النسائي أنها كانت بكرا والصحيح أنها كانت ثيبا كما رواه البخاري انتهى قال بن القطان وتزوجت خنساء بمن هويته وهو أبو لبابة بن عبد المنذر صرح به في سنن بن ماجة فولدت له السائب بن أبي لبابة فأما الجارية البكر فهي غير الخنساء روى حديثها بن عمر وابن عباس وجابر وعائشة عند أبي داود منها حديث بن عباس انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن نافع بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها انتهى قال بن الجوزي في التحقيق إنما قال ذلك ليطيب قلبها حديث آخر أخرجه الدارقطني عن شعيب بن أبي إسحاق عن الاوزاعي عن عطاء عن جابر أن رجلا زوج ابنته وهي بكر من غير أمرها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم ففرق بينهما انتهى قال الدارقطني هذا وهم من شعيب والصحيح أنه مرسل وقال في التنقيح وقال أبو علي الحافظ لم يسمعه الاوزاعي من عطاء والحديث في الاصل مرسل لفظا إنما رواه الثقات عن الاوزاعي عن إبراهيم بن مرة عن عطاء عن النبي مرسل وقد روى من أوجه أخرى ضعيفة عن أبي الزبير عن جابر حديث آخر أخرجه الدارقطني عن الوليد بن مسلم قال قال بن أبي ذئب أخبرني نافع عن بن عمر أن رجلا زوج ابنته بكرا فكرهت ذلك فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحها وفي رواية أخرى قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتزع النساء من أزواجهن ثيبا وأبكارا بعد أن يزوجهن الآباء إذا كرهن ذلك انتهى قال بن الجوزي لم يسمعه ابن أبي ذئب من نافع إنما سمعه من عمر بن حسين وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال باطل انتهى وقال في التنقيح سئل الدارقطني عن هذا الحديث فقال يرويه
[ 352 ]
صدقة بن عبد الله والوليد بن مسلم عن بن أبي ذئب عن عمر بن حسين عن نافع عن ابن عمر بلفظ آخر وبين فيه أن بن أبي ذئب سمعه من نافع وأتى به بطوله على الصواب وكذلك رواه محمد بن إسحاق وعبد العزيز بن المطلب عن عمر ومن قال فيه عمر بن علي بن حسين فقد وهم وقد رواه يونس بن بكير عن بن إسحاق عن نافع والصحيح عن بن إسحاق عن عمر بن حسين عن نافع وفي هذه الاحاديث بيان أن التزويج كان من قدامة بن مظعون أخي عثمان بن مظعون لابيه وهو عمها وهو أصح ممن قال زوجها أبوها لان بن عمر كان إنما تزوجها بعد وفاة أبيها عثمان بن مظعون وهو خال بن عمر انتهى كلامه حديث آخر أخرجه الدارقطني عن إسحاق بن إبراهيم ثنا عبد الملك الذماري عن سفيان عن هشام صاحب الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم رد نكاح بكر وثيب أنكحهما أبوهما وهما كارهتان فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحهما انتهى قال في التنقيح إسحاق بن إبراهيم هذا هو بن جوتي الطبري وهو ضعيف لكنه لم يتفرد به عن الذماري فقد رواه البيهقي من حدث أبي سملة مسلم بن محمد بن عمار الصنعاني عن الذماري قال الدارقطني وهم فيه الذماري عن الثوري والصواب عن يحيى عن المهاجر عن عكرمة مرسلا قال البيهقي فهو في جامع الثوري كما ذكره الدارقطني مرسلا وكذلك رواه عامة أصحابه عنه وكذلك رواه غير الثوري عن هشام انتهى حديث آخر أخرجه النسائي وأحمد عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي زوجني بن أمية ليرفع بي من خسيسته قال فجعل الامر إليها فقالت إني قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الامر شئ قال البيهقي هذا مرسل بن بريدة لم يسمع من عائشة وإن صح فإنما جعل الامر إليها لوضعها في غير كفء انتهى
[ 353 ]
قلت هكذا رواه النسائي حدثنا زياد بن أيوب عن علي بن غراب عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة ورواه بن ماجة في سننه حدثنا هناد بن الثرى ثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن بن بريدة عن أبيه قال جاءت فتاة الحديث سواء وينظر مسند أحمد قال بن الجوزي وجمهور الاحاديث في ذلك محمول على أنه زوج من غير كفء وقولها زوجني بن أخيه يكون ابن عمها أحاديث الخصوم واحتج الشافعي وأحمد بما أخرجه مسلم في صحيحه عن نافع بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر يستأمرها أبوها في نفسها قال بن الجوزي في التحقيق ووجه الدليل أنه قسم النساء قسمين ثيبا وأبكارا ثم خص الثيب بأنها أحق من وليها مع أنها هي والبكر اجتمعا في ذهنه فلو أنها كالثيب في ترجح حقها على حق الولي لم يكن لافراد الثيب بهذا المعنى وصار هذا كقوله في سائمة الغنم الزكاة فان قالوا قد رواه مسلم أيضا بلفظ الايم أحق بنفسها والايم هي التي لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا قلنا المراد بالايم أيضا الثيب لانه لما ذكر البكر علم أنه أراد الثيب إذ ليس قسم ثالث قال في التنقيح لا دلالة في هذا الحديث على أن البكر ليست أحق بنفسها إلا من جهة المفهوم والحنفية لا يقولون به ثم على تقدير القول به كما هو الصحيح لا حجة فيه على إجبار كل بكر لان المفهوم لا عموم له فيمكن حمله على من هي دون البلوغ ثم إن هذا المفهوم قد خالفه منطوقه وهو قوله والبكر تستأذن والاستئذان مناف للاجبار وإنما وقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر لان الثيب تخطب إلى نفسها فتأمر الولي بتزويجها والبكر تخطب إلى وليها فيستأذنها ولهذا فرق بينهما في كون الثيب إذنها الكلام والبكر إذنها الصمات لان البكر لما كانت تستحي أن تتكلم في أمر نكاحها لم تخطب إلى نفسها والثيب تخطب إلى نفسها لزوال حياء البكر عنها فتتكلم بالنكاح وتأمر وليها أن يزوجها فلم يقع التفريق في الحديث بين الثيب والبكر
[ 354 ]
لاجل الاجبار وعدمه والله أعلم انتهى كلامه أحاديث الخصوم قال أصحابنا يملك الولي إجبار الثيب الصغيرة على النكاح وخالفهم الشافعي وأحمد لهما حديث بن عباس المتقدم مرفوعا الثيب أحق بنفسها من وليها رواه مسلم وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا لا تنكح الثيب حتى تستأمر رواه مسلم وحديث خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي كارهة وكانت ثيبا فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه انتهى انفرد به البخاري حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الرزاق ثنا معمر عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس للولي مع الثيب أمر انتهى ورواه الدارقطني وقال لم يسمعه صالح من نافع إنما سمعه من عبد الله بن الفضل عنه اتفق على ذلك بن إسحاق وسعيد بن سلمة عن صالح وكأن معمرا أخطأ فيه قال النيسابوري والذي عندي أن معمرا أخطأ فيه قال النسائي لعل صالح بن كيسان سمعه من عبد الله بن الفضل ثم رواه من طريق إسحاق عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل ورواه بن حبان في صحيحه فقال ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير بن مطعم ثم ذكره من رواية صالح عن نافع ولم يصنع شيئا قال صالح إنما سمعته من
[ 355 ]
عبد الله بن الفضل انتهى الحديث الاول قال عليه السلام البكر تستأمر في نفسها فان سكتت فقد رضيت قلت غريب بهذا اللفظ وروى الائمة الستة من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنكح الايم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن قالوا يا رسول الله وكيف إذنها قال أن تسكت انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن ذكوان مولى عائشة قالت قلت يا رسول الله تستأمر النساء في أبضاعهن قال
[ 356 ]
نعم قلت فان البكر تستأمر فتستحي فتسكت قال سكوتها اذنها انتهى واللفظ للبخاري في الاكراه ولفظ مسلم قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا قال نعم تستأمر قلت فإنها تستحي قال ذلك اذنها إذا هي سكتت انتهى وأخرج الجماعة خلا البخاري عن نافع بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الايم أحق بنفسها والبكر تستأمر في نفسها وإذنها صماتها انتهى وفي لفظ مسلم الثيب أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر وإذنها سكوتها انتهى
[ 357 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام الثيب تشاور قلت غريب بهذا اللفظ وتقدم معناه قريبا
[ 358 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام النكاح إلى العصبات قلت
[ 360 ]
الحديث الرابع قال عليه السلام السلطان ولي من لا ولي له قلت أخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن
[ 361 ]
عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل فان دخل بها فالمهر لها بما أصاب منها وإن تشاجروا فالسلطان ولي من لا ولي له انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين انتهى وفيه كلام تقدم وتقدم ذلك في حديث بن عباس وفي حديث جابر وفي حديث علي وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وكلها معلولة
[ 362 ]
فصل في الكفاءة الحديث الخامس قال عليه السلام ألا لا تزوج النساء إلا الاولياء ولا يزوجن إلا من الاكفاء قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن مبشر بن عبيد حدثني الحجاج بن أرطاة عن عطاء وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكحوا النساء إلا الاكفاء ولا يزوجهن إلا الاولياء ولا مهر دون عشرة دراهم انتهى قال الدارقطني مبشر بن عبيد متروك الحديث أحاديثه لا يتابع عليها انتهى وأسند البيهقي في المعرفة عن أحمد بن حنبل أنه قال أحاديث مبشر بن عبيد موضوعة كذب انتهى قال بن القطان في كتابه وهو كما قال لكن بقي عليه الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف ويدلس على الضعفاء انتهى قلت رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن مبشر بن عبيد عن أبي الزبير عن جابر فذكره وعن أبي يعلى رواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال مبشر بن عبيد يروي عن الثقات الموضوعات لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب انتهى ورواه بن عدي والعقيلي في كتابيهما وأعلاه بمبشر بن عبيد وأسند العقيلي عن الامام أحمد أنه وصفه بالوضع والكذب انتهى وقال البيهقي هذا حديث ضعيف بمرة وفي اعتبار الاكفاء أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة وأمثلها حديث علي ثلاثة لا تؤخرها وفيه والايم إذا وجدت كفؤا انتهى قلت هذا الحديث رواه الترمذي في الصلاة في الجنائز حدثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه
[ 363 ]
عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا علي ثلاث لا تؤخرها الصلاة إذا آنت والجنازة إذا حضرت والايم إذا وجدت لها كفؤا انتهى قال الترمذي في الجنائز حديث غريب وما أرى إسناده متصلا انتهى قلت أخرجه الحاكم في المستدرك في النكاح كذلك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى إلا أني وجدته قال عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عوض سعيد بن عبد الله الجهني فلينظر والمصنف استدل بهذا الحديث على اعتبار الكفاءة ولم يتعرض لاشتراطها ولا ذكر الخلاف فيه والحديث ظاهر في اشتراطها قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي وأصل الكفاءة مستنبط من حديث بريرة لانه عليه السلام إنما خيرها لان زوجها لم يكن كفؤا انتهى واستدل بن الجوزي في التحقيق على اشتراطها بحديث عائشة أنه عليه السلام قال تخيروا لنطفكم وأنكحوا الاكفاء وهذا روى من حديث عائشة ومن حديث أنس ومن حديث عمر بن الخطاب من طرق عديدة كلها ضعيفة استوفيناها والكلام عليها في كتاب الاسعاف بأحاديث الكشاف في أول سورة النساء والله أعلم واستدل بن الجوزي لاصحابنا في عدم اشتراط الكفاءة بما أخرجه النسائي وأحمد عن عبد الله بن بريدة عن عائشة قالت جاءت فتاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن أبي زوجني بن أخيه ليرفع بي من خسيسته قال فجعل الامر إليها فقالت إني قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الامر شئ نتهى قال البيهقي هذا مرسل بن بريدة لم يسمع من عائشة انتهى قلت هكذا رواه النسائي حدثنا زياد بن أيوب عن علي بن غراب عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة فذكره ورواه بن ماجة حدثنا هناد بن السري ثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن بن بريدة عن أبيه فذكره سواء وينظر مسند أحمد
[ 364 ]
الحديث السادس قال عليه السلام قريش بعضهم أكفاء لبعض بطن ببطن والعرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة والموالي بعضهم أكفاء لبعض رجل برجل قلت روى الحاكم حدثنا الاصم ثنا الصغاني ثنا شجاع بن الوليد ثنا بعض إخواننا عن ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العرب بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل والموالي بعضهم أكفاء لبعض قبيلة بقبيلة ورجل برجل إلا حائك أو حجام انتهى قال صاحب التنقيح هذا منقطع إذ لم يسم شجاع بن الوليد بعض أصحابه انتهى ورواه البيهقي طريق آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث بقية بن الوليد عن زرعة بن عبد الله الزبيدي عن عمران بن أبي الفضل الايلي عن نافع عن بن عمر مرفوعا نحوه سواء قال بن عبد البر هذا حديث منكر موضوع وقد روى عن ابن جريج عن بن أبي مليكة عن بن عمر مرفوعا مثله ولا يصح عن بن جريج انتهى ورواه ابن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بعمران بن أبي الفضل وقال إنه يروي الموضوعات عن الاثبات لا يحل كتب حديثه انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بعمران وأسند تضعيفه عن النسائي وابن معين ووافقهما وقال الضعف على حديثه بين انتهى وقال بن القطان قال أبو حاتم هو منكر الحديث ضعيفه جداانتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني عن محمد بن الفضل عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر مرفوعا الناس أكفاء قبيلة بقبيلة وعربي لعربي ومولى لمولى إلا حائك أو حجام انتهى ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارقطني وقال
[ 365 ]
بقية مغموز بالتدليس ومحمد بن الفضل مطعون فيه انتهى طريق آخر رواه بن عدي في الكامل من حديث عثمان بن عبد الرحمن عن علي بن عروة عن بن جريج عن نافع به باللفظ الاول وأعله بعلي بن عروة وقال إنه منكر الحديث وقال صاحب التنقيح وعثمان بن عبد الرحمن هو الطرائفي من أهل حران يروي عن المجاهيل وقد روى هذا الحديث من وجه آخر عن عائشة وهو ضعيف بمرة انتهى كلامه حديث آخر روى البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا سليمان بن أبي الجون ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العرب بعضهم أكفاء لبعض والموالي بعضهم أكفاء لبعض انتهى وسكت عنه وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار وقال إنه منقطع فان خالد بن معدان لم يسمع من معاذ قال بن القطان في كتابه وهو كما قال وسليمان بن أبي الجون لم أجد له ذكرا انتهى
[ 369 ]
باب المهر الحديث الاول قال عليه السلام لا مهر أقل من عشرة دراهم قلت تقدم في الكفاءة حديث مبشر بن عبيد حدثني الحجاج بن أرطاة عن عطاء وعمر وابن دينار عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكحوا النساء إلا الاكفاء
[ 370 ]
ولا يزوجهن إلا الاولياء ولا مهر دون عشرة دراهم انتهى وهو حديث ضعيف تقدم الكلام عليه الآثار أخرج الدارقطني في سننه عن داود الاودي عن الشعبي عن علي قال لا تقطع اليد في أقل من عشرة دراهم ولا يكون المهر أقل من عشرة دراهم انتهى قال بن الجوزي في التحقيق قال بن حبان داود الاودي ضعيف كان يقول بالرجعة ثم إن الشعبي لم يسمع من علي انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا في الحدود
[ 371 ]
عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي فذكره وجويبر أيضا ضعيف وأخرجه أيضا من طريق آخر عن الضحاك بسنده وفيه محمد بن مروان أبو جعفر قال الذهبي لا يكاد يعرف انتهى كلامه أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله جئت أهب لك نفسي فنظر إليها وصعد النظر فيها وصوبه ثم طأطأ رأسه فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها بشئ جلست فقام رجل من أصحابه فقال يا رسول الله إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها فقال هل معك شئ قال لا والله يا رسول الله قال اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا فذهب ثم رجع فقال لا والله ما وجدت شيئا فقال عليه السلام أنظر ولو خاتما من حديد فذهب ثم رجع فقال لا والله يا رسول الله ما وجدت شيئا ولا خاتما من حديد ولكن هذا إزاري فلها نصفه فقال عليه السلام ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شئ وإن لبسته لم يكن عليك منه شئ فجلس الرجل حتى طال مجلسه ثم قام فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم موليا أمر به فدعى فلما جاء قال له ما معك من القرآن قال سورة كذا وكذا عددها فقال تقرأهن عن ظهر قلبك قال نعم قال اذهب فقد زوجتكها بما معك من القرآن انتهى حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا إسحاق بن جبريل البغدادي ثنا يزيد ثنا موسى بن مسلم بن رومان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعطى في صداق امرأة ملء كفيه سويقا أو تمرا فقد استحل انتهى قال أبو داود ورواه عبد الرحمن بن مهدي عن صالح بن رومان عن أبي الزبير عن جابر موقوفا انتهى
[ 372 ]
وقال عبد الحق لا يعول على من أسنده قال الذهبي في الميزان إسحاق هذا لا يعرف وضعفه الازدي ومسلم بن رومان يقال إن اسمه صالح وهو مجهول وروى عن أبي الزبير وعنه يزيد بن هارون فقط انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله ابن عامر بن ربيعة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز نكاح امرأة على نعلين انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال بن الجوزي في التحقيق عاصم بن عبيد الله قال بن معين ضعيف لا يحتج به وقال بن حبان كان فاحش الخطأ فترك حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أدوا العلائق قيل ما العلائق قال ما تراضى عليه الاهلون ولو كان قضيبا من أراك انتهى وهو معلول بمحمد بن عبد الرحمن البيلماني قال بن القطان قال البخاري منكر الحديث ورواه أبو داود في المراسيل عن عبد الرحمن بن البيلماني عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال ابن القطان ومع إرساله فيه عبد الرحمن أبو محمد لم تثبت عدالته وهو ظاهر الضعف انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يضر أحدكم بقليل من ماله تزوج أم بكثير بعد أن يشهد انتهى قال بن الجوزي وأبو هارون العبدي اسمه عمارة بن جوين قال حماد ابن زيد كان كذابا وقال السعدي كذاب مفتر انتهى قوله والمتعة ثلاثة أثواب من كسوة مثلها وهي درع وخمار وملحفة وهذا
[ 373 ]
التقدير مروي عن عائشة وابن عباس قلت أخرجه البيهقي عن ابن عباس
[ 374 ]
بسم الله الرحمن الرحيم الحديث الثاني قال عليه السلام لها مهر مثل نسائها قلت أخرجه الائمة الاربعة في سننهم عن سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة واللفظ للترمذي قال سئل بن مسعود عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولد يدخل بها حتى
[ 375 ]
مات فقال بن مسعود لها مثل صداق نسائها لا وكس ولا شطط وعليها العدة ولها الميراث فقام معقل بن سنان الاشجعي فقال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق امرأة منا مثل ما قضيت ففرح بها بن مسعود انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وروى عن الشافعي أنه رجع بمصر وقال بحديث بروع انتهى وأخرجه النسائي عن زائدة بن قدامة عن منصور به وقال فقام رجل من أشجع ولم يسمه وأخرجه أيضا عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله بنحوه وقال فقام أناس من أشجع ولم يسمهم وبهذا السند رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وأخرجه أبو داود أيضا عن قتادة عن خلاس وأبي حسان عن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن بن مسعود أتى في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا فمات عنها ولم يدخل بها فقال أقول إن لها صداقا كصداق نسائها لا وكس ولا شطط ولها الميراث ولها العدة فان يك صوابا فمن
[ 376 ]
الله وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان فقام ناس من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في بروع بنت واشق وأن زوجها هلال بن مرة الاشجعي كما قضيت قال ففرح بن مسعود فرحا شديدا حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وبهذا السند والمتن رواه أحمد في مسنده قال الدارقطني في كتاب العلل أحسن أسانيده حديث قتادة إلا أنه لم يحفظ اسم الراوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه وأحمد في مسنده ومن طريق أحمد رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح
[ 377 ]
على شرط الشيخين وعن بن أبي شيبة رواه بن ماجة في سننه بسنده ومتنه سواء حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله وسموه معقل بن سنان الاشجعي ورواه البيهقي في سننه وقال قال الشافعي لم أحفظه من وجه يثبت فمرة يقال معقل بن سنان ومرة يقال معقل بن يسار ومرة عن بعض أشجع ولا يسمى قال البيهقي وهذا الاختلاف لا يؤثر في
[ 378 ]
الحديث فان جميع هذه الروايات إسنادها صحيح وفي بعضها مادل على أن جماعة من أشجع شهدوا بذلك فان بعض الرواة سمى واحدا وبعضهم سمى آخر وبعضهم سمى اثنين وبعضهم لم يسم وبمثله لا يرد الحديث ولولا ثقة من رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم لما
[ 379 ]
كان لفرح عبد الله بن مسعود بروايته معنى وهذا عبد الرحمن بن مهدي إمام من أئمة الحديث قد رواه وذكر سنده وقال هذا إسناد صحيح وقد سمى فيه معقل بن سنان وهو صحابي مشهور ورواه يزيد بن هارون وهو أحد الحفاظ مع عبد الرحمن بن مهدي وغيره بإسناد صحيح وذكر سنده انتهى كلامه ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار حدثنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن عبد الله بن مسعود فذكره وسماه معقل بن يسار الاشجعي
[ 386 ]
فصل الحديث الثالث قال عليه السلام إلا من أربى فليس بيننا وبينه عهد قلت غريب وروى بن أبي شيبه في مصنفه في باب ذكر أهل نجران حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا مجالد بن سعيد عن الشعبي قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل نجران وهم نصارى أن من بايع منكم بالربا فلا ذمة له انتهى وهو مرسل ورواه أبو عبيد في كتاب الاموال حدثني أبو أيوب الدمشقي ثنا سعدان بن أبي يحيى عن عبيد الله بن أبي حميد عن أبي المليح الهزلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صالح أهل نجران فكتب لهم كتابا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما كتب محمد النبي رسول صلى الله عليه وسلم لاهل نجران إذ كان له حكمه عليهم أن في كل سوداء وصفراء وبيضاء وحمراء وثمرة ورقيق ألفى حله في كل صفر ألف حلة وفى كل رجب ألف حلة
[ 387 ]
على أن لا يحشروا ولا يعشروا ولا يأكلوا الربا فمن أكل منهم الربا فذمتي منه بريئه مختصر قال أبو عبيد وإنما غلظ عليهم أكل الربا دون غيره من المعاصي مع أنهم يمكنون مما هو أعظم منه كالشرك وشرب الخمر وأكل الخنزير وغير ذلك لان في منعهم منه كف المسلمين عن أكل الربا ولولا المسلمون لكانوا في الربا كسائر ما هم فيه
[ 388 ]
من المعاصي والله أعلم انتهى كلامه باب نكاح الرقيق الحديث الاول قال عليه السلام أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر قلت روى من حديث جابر ومن حديث ابن عمر أما حديث جابر فأخرجه الترمذي عن بن جريج عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر انتهى وقال حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الترمذي أيضا عن زهير بن محمد عن بن عقيل عن جابر به وقال حديث حسن انتهى هكذا وجدته في عدة نسخ وشيخنا أبو الحجاج المزي لم ينقل عنه في أطرافه إلا التحسين فقط تابعا
[ 389 ]
لابن عساكر في أطرافه وكذلك المنذري في مختصره مقلدا للاطراف كما هو في عادته فأعلم ذلك قال الترمذي وقد روى هذا الحديث عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن بن عمر ولا يصح إنما هو من رواته عبد الله عن جابر انتهى وأما حديث بن عمر فله طريقان أحدهما عند أبي داود عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل انتهى قال أبو داود هذا حديث ضعيف وهو موقوف من قول ابن عمر انتهى الطريق الاخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا أزهر بن مروان عن عبد الوارث بن سعيد عن القاسم بن عبد الواحد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن بن عمر مرفوعا إذا تزوج العبد بغير إذن سيده كان عاهرا انتهى وهذه الطريق التي أشار إليها الترمذي
[ 390 ]
في كتابه وقال الترمذي في علله الكبرى سألت محمد بن إسماعيل عن عبد الله بن محمد بن عقيل فقال رأيت أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والحميدي يحتجون بحديثه وهو مقارب الحديث انتهى وقال الدارقطني في علله هذا حديث رواه بن جريج عن موسى بن عقبه واختلف عن بن جريج فرواه مندل بن على ويحيى بن سعيد الاموي عن بن جريج عن موسى بن عقبه عن نافع عن ابن عمر
[ 391 ]
عن النبي صلى الله عليه وسلم ووهما في رفعه والصواب ما رواه أيوب عن نافع عن بن عمر موقوفا ورواه أبو عاصم وحجاج وعبد الرزاق عن بن جريج به موقوفا وهو الصواب انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أخذ عبدا له تزوج بغير إذنه ففرق بينهما وأبطل صداقه وضربه حدا انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام لبريره حين عتقت ملكت بضعك فاختاري
[ 392 ]
قلت أخرجه الدارقطني عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريره اذهبي فقد عتق معك بضعك انتهى وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبريره لما أعتقت قد عتق بضعك معك فاختاري انتهى وهذا مرسل وروى البخاري ومسلم عن القاسم عن عائشة قالت كان في بريرة ثلاث سنين أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا ولاءها فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها وأعتقيها فإن الولاء لمن أعتق وعتقت فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم من زوجها فاختارت نفسها وكان الناس يتصدقون عليها وتهدي لنا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال هو عليها صدقة ولنا هدية انتهى رواه البخاري في النكاح والطلاق ومسلم في العتق ورواه الباقون كذلك في
[ 393 ]
الطلاق خلا الترمذي فإنه أخرجه في الرضاع عن الاسود عن عائشة واختلفت الروايات في زوج بريرة هل كان حرا أو عبدا حين خيرت فإن أصحابنا لا يفرقون بين الحر والعبد في ثبوت الخيار لها والشافعي يقول لها الخيار في العبد دون الحر والله أعلم الاحاديث في أنه كان حرا روى الجماعة إلا مسلما من حديث إبراهيم عن الاسود عن عائشة قالت يا رسول الله إني اشتريت بريرة لاعتقها وإن أهلها يشترطون ولاءها فقال أعتقيها فإنما الولاء لمن اعتق قال فاشتريتها فأعتقتها قالت وخيرت فاختارت نفسها وقالت لو أعطيت كذا وكذا ما كنت معه قال الاسود وكان زوجها حراانتهى بلفظ البخاري ثم قال وقول الاسود منقطع وقول ابن عباس رأيته عبدا أصح انتهى هكذا أخرجه في كتاب الفرائض عن منصور عن إبراهيم به وأخرجه أيضا عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم به وفي آخره قال الحكم وكان
[ 394 ]
زوجها حرا قال البخاري وقول الحكم مرسل انتهى ولفظ أبي داود إن زوج بريرة كان حرا حين أعتقت وأنها خيرت فقالت ما أحب أن أكون معه وإن في كذا وكذا انتهى أخرجه في الطلاق عن منصور عن إبراهيم به ولفظ الترمذي قالت كان زوج بريرة حرا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى أخرجه في الرضاع عن الاعمش عن إبراهيم به وكذلك أخرجه بن ماجة في الطلاق أنها أعتقت بريرة فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لها زوج حر انتهى وأخرجه النسائي أيضا في الطلاق عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم به ورواه في كتاب الكنى من حديث أبي معشر عن إبراهيم النخعي عن علقمة والاسود أنهما سألا عائشة عن زوج بريرة فقالت كان حرا يوم أعتقت انتهى طريق آخر أخرجه مسلم عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم سمعت القاسم يحدث عن عائشة أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق فاشترطوا ولاءها فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها وأعتقيها فان الولاء لمن أعتق وأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحم فقيل له هذا تصدق به على بريرة فقال هو لها صدقة ولنا هدية وخيرت قال عبد الرحمن وكان زوجها حرا قال شعبة ثم سألته عن زوجها فقال لا أدري
[ 395 ]
انتهى وفي البخاري في الهبة فقال عبد الرحمن زوجها حر قال شعبة ثم سألته عن زوجها فقال لا أدري أحر أم عبد مختصر لاحاديث في أنه كان عبدا أخرج الجماعة إلا مسلما عن عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدا أسود يقال له مغيث كأني أنظر إليه يطوف خلفها
[ 396 ]
يبكي ودموعه تسيل على لحيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس يا عباس ألا تعجب من شدة حب مغيث بريرة ومن شدة بغض بريرة مغيثا فقال لها عليه السلام لو راجعتيه قالت يا رسول الله أتأمرني به فقال عليه السلام إنما أنا شافع قالت لا حاجة لي فيه انتهى أخرجه البخاري في الخلع وأخرجه الترمذي في الرضاع عن أيوب وقتادة عن عكرمة به وأخرجه أبو داود في الطلاق عن قتادة به وأخرجه بن ماجة في الطلاق عن خالد الحذاء عن عكرمة به وأخرجه النسائي في القضاء عن خالد الحذاء به وزاد فيه الدارقطني وأمرها أن تعتد عدة الحرة هكذا عزاه عبد الحق في أحكامه للدارقطني ولم أجده فليراجع لكنه في بن ماجة من حديث عائشة وأمرها أن تعتد بثلاث حيض حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة محيلا على ما قبله في قصة بريرة وزاد قال وكان زوجها عبدا فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها ولو كان حرا لم يخيرها انتهى وهذا الاخير من كلام عروة قطعا لوجهين أحدهما أن قال فاعله مذكور الثاني أن النسائي رواه مصرحا به ولفظه قال عروة ولو كان حرا ما خيرها وكذلك رواه بن حبان في صحيحه في النوع التاسع من القسم الخامس بلفظ النسائي وأخرجه أبو داود أيضا بهذا
[ 397 ]
الاسناد وزاد في آخره وقال لها عليه السلام إن قربك فلا خيار لك انتهى طريق آخر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن سماك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن بريرة خيرها النبي صلى الله عليه وسلم وكان زوجها عبدا انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان عبداوقال إسناده صحيح قال الطحاوي وإذا اختلفت الآثار وجب التوفيق فيها فنقول إنا وجدنا الحرية تعقب الرق ولا ينعكس فيحمل على أنه كان حرا عندما خيرت عبدا قبله ولو ثبت أنه عبد فلا ينفي الخيار لها تحت الحر إذ لم يجئ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما خيرها لكونه عبدا قال ومن جهة النظر أيضا فقد رأينا الامة في حال رقها لمولاها أن يعقد النكاح عليها للحر والعبد ورأيناها بعد ما يعتق ليس له أن يستأنف عليها عقد نكاح لا لحر ولا لعبد فاستوى حكم ما إلى المولى في العبيد والاحرار وما ليس إله فيهما ورأيناها إذا أعتقت بعد عقد المولى عليها نكاح العبد يكون لها الخيار فجعلناه كذلك في جانب الحر قياسا ونظرا ثم أسند عن طاوس أنه قال للامة الخيار إذا أعتقت وإن كانت تحت قرشي وفي لفظ قال لها الخيار في الحر والعبد
[ 398 ]
قال وأخبرني الحسن بن مسلم مثل ذلك انتهى كلامه قلت أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن طاوس كذلك باللفظين المذكورين وأخرج عن بن سيرين قال تخير حرا كان زوجها أو عبدا وأخرج نحوه عن الشعبي وأخرج عن مجاهد قال تخير ولو كانت تحت أمير المؤمنين انتهى باب نكاح أهل الشرك قوله وإذا تزوج الكافر بغير شهود أو في عدة كافر وذلك في دينهم جائز ثم أسلما أقرا عليه قلت في صحة أنكحة الكفار أحاديث قال البيهقي في المعرفة استدل الشافعي على صحة أنكحة المشركين بحديث اليهوديين اللذين رجمهما النبي صلى الله عليه وسلم على الزنا قال لان النكاح لو لم يحلها له لما جرى الاحصان عليهما انتهى وحديث اليهوديين صحيح ثابت أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن عمر
[ 399 ]
وسيأتي في الحدود حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن محمد بن إسحاق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال رد رسول الله صلى الله عليه وسلم زينت على أبي العاص بالنكاح الاول لم يحدث شيئا انتهى وفي حديث الترمذي بعد ست سنين وفي حديث بن ماجة بعد سنتين وروايتان عند أبي داود قال الترمذي لا بأس بإسناده وسمعت عبد بن حميد يقول سمعت يزيد بن هارون يقول حديث ابن عباس هذا أجود إسنادا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه عليه السلام ردها له بنكاح جديد ولكن لا يعرف وجه حديث بن عباس ولعله جاء من داود بن حصين من قبل حفظه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم انتهى وحديث عمرو بن شعيب المذكور أخرجه الترمذي وابن ماجة عن حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص بنكاح جديد زاد الترمذي ومهر جديد قال الترمذي في إسناده مقال انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه ولفظه قال أسلمت زينب بنت النبي صلى الله عليه وسلم قبل زوجها أبي العاص بسنة ثم أسلم أبو العاص فردها له النبي صلى الله عليه وسلم بنكاح جديد انتهى قال الخطابي إن صح حديث بن عباس فيحتمل أن تكون عدتها تطاولت لاعتراض سبب حتى بلغت المدة المذكورة وحديث عمرو بن شعيب ضعيف بالحجاج بن أرطاة فإنه معروف بالتدليس وحكى عن يحيى بن سعيد أنه قال لم يسمعه الحجاج من عمرو بن شعيب وقال عبد الحق في أحكامه حديث ابن عباس فيه محمد بن إسحاق ولا أعلم رواه معه إلا من هو دونه ثم نقل عن بن عبد البر أنه قال هو حديث منسوخ عند الجميع قال لانهم لا يجيزون رجوعها إليه بعد
[ 400 ]
خروجها من عدتها وأما حجاج بن أرطاة فلا يحتج بحديثه انتهى وقال البيهقي في المعرفة لو صح الحديثان لقلنا بحديث عمرو بن شعيب لان فيه زيادة ولكن لم يثبته الحفاظ فتركناه وأخذنا بحديث بن عباس قال وادعى بعض من يسوي الاخبار على مذهبه نسخ حديث بن عباس بحديث عمرو بن شعيب وروى في ذلك عن الزهري وقتادة أن أبا العاص أخذا أسيرا يوم بدر فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فرد عليه ابنته وكان قبل نزول الفرائض قال وهذا منقطع لا يقوم به حجة والمعروف عند أهل المغازي أنه
[ 401 ]
لم يسلم يوم بدر وإنما أسلم بعد ما أخذت سرية زيد بن حارثة ما معه فأتى المدينة فأجارته زينب فقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم جوارها ثم دخل عليها فقال لها أي بنية أكرمي مثواه ولا يدن إليك فإنك لا تحلين له وكان هذا بعد نزول آية الامتحان في الهدنة ثم إنه رجع بما كان عنده من بضائع أهل مكة إلى مكة ثم أسلم وخرج إلى المدينة وإنما الذي في قصة بدر أنه عليه السلام لما أسره يوم بدر أطلقه وشرط عليه أن يرد إليه ابنته وكانت بمكة هذا هو المعروف عند أهل المغازي فان قال إن في حديث ابن عباس ردها عليه بعد ست سنين وفي رواية سنتين والعدة لا تبقي في الغالب هذه المدة قلنا
[ 402 ]
النكاح كان باقيا إلى وقت نزول الآية وذلك بعد صلح الحديبية وهي آية الممتحنة فلم يؤثر فيه إسلامها وبقاؤه على الكفر فلما نزلت الآية توقف نكاحها والله أعلم على انقضاء العدة ثم كان إسلام أبي العاص بعد ذلك بزمان يسير بحيث يمكن عدتها لم تنقض في الغالب فيشبه أن يكون الرد بالنكاح الاول كان لاجل ذلك والله أعلم قال وحكى عن بعض أكابرهم في الجمع بين الحديثين بأن عبد الله بن عمرو علم بتحريم الله تعالى رجوع المؤمنات إلى الكفار فلم يكن ذلك عنده إلا بنكاح جديد فقال ردها عليه بنكاح جديد ولم يعلم بن عباس بتحريم المؤمنات على الكفار حين علم برد زينب على أبي العاص فقال ردها بالنكاح الاول لانه لم يكن عنده بينهما
[ 403 ]
فسخ نكاح قال وهذا فيه سوء ظن بالصحابة ورواة الاخبار حيث نسبهم إلى رواية الحديث من غير سماعهم له بل بما عندهم من العلم معاذ الله انتهى حديث آخر رواه الشافعي ومن طريقه البيهقي حدثنا يوسف بن خالد السمتي عن يحيى بن أبي أنيسة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني طلقت امرأتي في الشرك تطليقتين وفي الاسلام تطليقه فألزمه الطلاق انتهى قال البيهقي ويوسف متروك ويحيى ضعيف انتهى حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا معن بن عيسى ثنا مالك بن أنس عن الزهري أن أم حكيم بنت الحارث بن هشام كانت تحت عكرمة بن أبي جهل فأسلمت يوم الفتح بمكة وهرب زوجها عكرمة بن أبي جهل حتى قدم اليمن فرحلت إليه امرأته باليمن ودعته إلى الاسلام فأسلم وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بايعه فثبتا على نكاحهما ذلك انتهى وروى بهذا الاسناد أن صفوان بن أمية أسلمت امرأته ابنة الوليد بن المغيرة زمن الفتح فلم يفرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهما عنده حتى أسلم صفوان وكان بين إسلامهما نحو من شهر مختصر حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه عن هشيم حدثني المديني عن أبي الحويرث عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ولدني شئ من سفاح الجاهلية وما ولدني إلا نكاح كنكاح الاسلام انتهى وروى ابن الجوزي في التحقيق من طريق الواقدي حدثني محمد بن أخي الزهري عن عمه عن عروة عن عائشة مرفوعا خرجت من نكاح غير سفاح قال في التنقيح الواقدي متكلم فيه وفي الاول المديني وهو إن كان والد علي فهو ضعيف وكذا إن كان إبراهيم بن أبي يحيى وقال الطبراني هو عندي فليح بن سليمان وأبو الحويرث اسمه عبد الرحمن بن معاوية وهو متكلم فيه انتهى
[ 404 ]
قوله لان الاسلام يعلو ولا يعلى قلت لم يذكره المصنف حديثا وهو حديث مرفوع وموقوف فالموقوف من قول بن عباس ذكره البخاري في صحيحه في الجنائز تعليقا فقال وقال بن عباس الاسلام يعلو ولا يعلى انتهى والمرفوع روى من حديث عمر بن الخطاب ومن حديث عائذ بن عمرو المزني ومن حديث معاذ ابن جبل فحديث عمر رواه الطبراني في معجمه الوسط والبيهقي في دلائل النبوة عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الدين يعلو ولا يعلى أخرجاه في حديث الضب الذي كلم النبي صلى الله عليه وسلم وأما حديث عائذ بن عمرو المزني فأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن حشرج عن أبيه عن عائذ بن عمرو المزني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الاسلام يعلو ولا يعلى
[ 405 ]
انتهى قال الدارقطني وعبد الله بن حشرج وأبوه مجهولان انتهى وأما حديث معاذ فرواه نهشل في تاريخ واسط حدثنا إسماعيل بن عيسى ثنا عمران بن أبان ثنا شعبة عن عمرو بن أبي حكيم عن عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر عن أبي الاسود الديلي عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الايمان يعلو ولا يعلى انتهى
[ 407 ]
قوله ولنا ما روى أن بني حنيفة ارتدوا ثم أسلموا ولم تأمرهم الصحابة بتجديد الانكحة قلت غريب
[ 408 ]
باب القسم الحديث الاول قال عليه السلام من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما في القسم جاء يوم القيامة وشقه مائل قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث أنس فحديث أبي هريرة أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن همام بن يحيى عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل انتهى قال الترمذي لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث همام ورواه هشام الدستوائي عن قتادة قال كان يقال انتهى وقال في علله الكبرى وسألت محمدا عن هذا الحديث فقال رواه حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلا قال أبو عيسى وحديث همام أشبه وهو ثقة حافظ انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم ومن طريق بن راهويه رواه بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وقال البزار لا نعلم رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا أبو هريرة ولا طريقا عنه إلا هذه الطريق انتهى وأما حديث أنس فرواه الحافظ أبو نعيم في كتاب تاريخ أصبهان في ترجمة
[ 409 ]
المحمدين فقال حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن خشيش المعدل وكان ثقة أمينا ثنا محمد بن هارون الحضرمي ثنا أحمد بن محمد بن أنس الدورقي ثنا محمد بن الحارث الحارثي ثنا شعبة عن عبد الحميد عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره سواء الحديث الثاني عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعدل في القسم بين نسائه وكان يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك يعني زيادة المحبة قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك يعني القلب انتهى قال الترمذي هكذا رواه حماد بن سلمة عن أيوب ورواه حماد بن زيد وغير واحد عن أيوب عن أبي قلابة مرسلا وهو أصح من حديث حماد بن سلمة انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم وابن حبان في صحيحه في النوع التاسع من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وقال الدارقطني في كتاب العلل وقد رواه عبد الوهاب الثقفي وابن علية عن أيوب عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الحديث والمرسل أقرب إلى الصواب انتهى كلامه وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل قال أبو زرعة لا أعلم أحدا تابع حماد بن سلمة على هذا ورواه بن علية عن أيوب عن أبي قلابة عن
[ 410 ]
النبي مرسلا انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث والذي قبله على أنه لا فرق في القسم بين البكر والثيب الله تبارك وتعالى أحاديث الخصوم استدل الشافعي وأحمد بما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي قلابة عن أنس قال لو شئت أن أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه قال السنة إذا تزوج الرجل البكر على امرأته أقام عندها سبعا وإذا تزوج الثيب على امرأته أقام عندها ثلاثا انتهى ورواه بن ماجة من طريق بن إسحاق عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للثيب ثلاثا وللبكر سبعا انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثا وقال لها ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك وإن سبعت لك سبعت لنسائي انتهى قوله وإن كانت إحداهما حرة والاخرى أمة فللحرة الثلثان من القسم وللامة الثلث بذلك ورد الاثر قلت روى بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما والدارقطني ثم البيهقي في سننيهما عن بن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله الاسدي عن علي قال إذا نكحت الحرة على الامة فلهذه الثلثان ولهذه الثلث إن الامة لا ينبغي لها أن تزوج على الحرة انتهى والمنهال عن عمرو فيه مقال
[ 411 ]
وعباد الاسدي ضعيف قال في التنقيح قال البخاري فيه نظر وحكى ابن الجوزي عن بن المديني أنه ضعفه وروى البيهقي نحوه عن بن المسيب وعن سليمان بن يسار أن الحرة إن أقامت على ضرات فلها يومان وللامة يوم انتهى الحديث الثالث روى أنه عليه السلام كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه قلت رواه الجماعة من حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه أخرجوه مختصرا ومطولا بحديث الافك الحديث الرابع روى أن سودة بنت زمعة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ويجعل يوم نوبتها لعائشة قلت مفهوم هذا أنه عليه السلام طلق سودة ولم نجد ذلك في الحديث فروى البخاري ومسلم عن عائشة قالت ما رأيت امرأة أحب الي أن أكون في مسلاخها من سودة بنت زمعة من امرأة فيها حدة فلما كبرت قالت يا رسول الله
[ 412 ]
قد جعلت يومي منك لعائشة فكان عليه السلام يقسم لعائشة يومين يومها ويوم سودة انتهى وللبخاري في الهبة عنها فكان عليه السلام يقسم لكل امرأة منهن يومها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة تبتغي بذلك رضاء النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج البخاري ومسلم عن بن عباس قال كان عند النبي صلى الله عليه وسلم تسع نسوة وكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة انتهى وفي مستدرك الحاكم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قالت سودة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله يومي هو لعائشة فقبل ذلك منها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فيها وفي أشباهها أنزل الله وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وحديث الكتاب رواه البيهقي في سننه من حديث أحمد بن عبد الجبار العطاردي ثنا حفص بن غياث عن هشام بن عروة عن عروة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق سودة فلما خرج إلى الصلاة أمسكت بثوبه فقالت والله مالي في الرجال من حاجة ولكني أريد أن أحشر في أزواجك قال فراجعها وجعل يومها لعائشة انتهى وهو مرسل
[ 413 ]
كتاب الرضاع الحديث الاول قال عليه السلام لا تحرم المصة ولا المصتان ولا الاملاجة ولا الاملاجتان قلت رواه مسلم مفرقا في حديثين فروى صدره من حديث ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحرم المصة ولا المصتان انتهى وأخرجه أيضا عن أم الفضل أنه عليه السلام قال لا تحرم الرضعة والرضعتان ولا المصة والمصتان انتهى وروى باقيه من حديث أم الفضل بنت الحارث قالت دخل أعرابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي فقال يا رسول الله إني كانت لي امرأة فتزوجت عليها أخرى فزعمت امرأتي الاولى أنها أرضعت امرأتي ا لحدثي رضعة أو رضعتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحرم الاملاجة والاملاجتان انتهى وأخرجه بن حبان في صحيحه حديثا واحدا من رواية محمد بن دينار ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحرم المصة والمصتان ولا الاملاجة والاملاجتان انتهى رواه في النوع الحادي والثلاثين من القسم الثالث وروى صدره من حديث بن الزبير ثم قال ولا يستنكر سماع ابن الزبير لهذا من النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمعه من أبيه وخالته لانه مرة روى ما سمع ومرة روى عنهما قال وهذا شئ مستفاض في الصحابة انتهى وقال الترمذي في جامعه روى هذا الحديث غير واحد عن هشام عن أبيه عن بن الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 414 ]
ورواه محمد بن دينار عن هشام عن أبيه عن بن الزبير عن الزبير وهو غير محفوظ والصحيح حديث بن أبي مليكة عن بن الزبير عن عائشة انتهى ورواه العقيلي في كتابه وأعله بمحمد بن دينار الطاحي وأسند تضعيفه عن أحمد وابن معين والله أعلم ومن أحاديث الخصوم أيضا ما أخرجه مسلم أيضا عن عائشة قالت أنزل في القرآن عشر رضعات معلومات فنسخ من ذلك خمس وصار إلى خمس رضعات فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والامر على ذلك انتهى وأحمد مع الشافعي أن الرضاع لا يحرم إلا بخمس رضعات فصاعدا ودليلهما الحديثان المذكوران الحديث الثاني قال عليه السلام يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب قلت أخرجه البخاري ومسلم من حديث بن عباس ومن حديث عائشة وقد تقدم أول النكاح
[ 415 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام لا رضاع بعد حولين قلت أخرجه الدارقطني في سننه عن الهيثم بن جميل عن بن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رضاع إلا ما كان في الحولين انتهى وقال لم يسنده عن بن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ ثم أخرجه موقوفا ورواه ابن عدي في الكامل ولفظه قال لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين قال ابن عدي والهيثم بن جميل يغلط عن الثقات وأرجو أنه لا يتعمد الكذب وهذا الحديث يعرف به عن بن عيينة مسندا وغير الهيثم يوقفه على بن عباس انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن عدي ونقل كلامه هذا ثم قال وذكر أبو حاتم الهيثم هذا وقال وثقه أحمد انتهى قال بن القطان والراوي عن الهيثم أبو الوليد بن برد الانطاكي وهو لا يعرف انتهى كلامه قال صاحب التنقيح وأبو الوليد بن برد هو محمد بن أحمد بن الوليد بن برد وثقه الدارقطني وقال النسائي صالح والهيثم بن جميل وثقه الامام أحمد والعجيلي وابن حبان وغير واحد وكان من الحفاظ إلا أنه وهم في رفع هذا الحديث والصحيح وقفه على بن عباس هكذا رواه سعيد بن منصور عن بن عيينة موقوفا انتهى قلت ورواه عبد الرزاق في مصنفه ثنا
[ 416 ]
معمر عن بن عيينة به موقوفا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن عيينة به موقوفا ورواه مالك في الموطأ عن ثور بن زيد عن بن عباس موقوفا وأخرجه بن أبي شيبة أيضا موقوفا على بن مسعود وعلي بن أبي طالب وأخرجه الدارقطني موقوفا على عمر قال لا رضاع إلا في الحولين في الصغر انتهى بسم الله الرحمن الرحيم الحديث الرابع قال عليه السلام لا رضاع بعد الفصال قلت روى من حديث علي ومن حديث جابر فحديث علي رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا محمد بن سليمان الصوفي البغدادي بمصر سنة ثمانين ومائتين ثنا محمد بن عبيد بن ميمون التبان حدثني أبي عن محمد بن جعفر بن أبي كثير عن موسى بن عقبة عن أبان بن تغلب عن إبراهيم النخعي عن علقمة بن قيس عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رضاع بعد فصال
[ 417 ]
ولا يتم بعد حلم انتهى طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن النزال بن سبرة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا رضاع بعد الفصال انتهى ثم رواه عن الثوري عن جويبر به موقوفا قال العقيلي في كتابه وهو الصواب ورواه بن عدي في الكامل من حديث أيوب بن سويد عن الثوري به مرفوعا وأعله بأيوب هذا ثم قال وهذا الحديث رواه عبد الرزاق مرة عن معمر فرفعه ومرة عن الثوري فوقفه انتهى رضي الله تعالى عنها وأما حديث جابر فرواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا خارجة بن مصعب عن حرام بن عثمان عن أبي عتيق عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا رضاع بعد فصال ولا يتم بعد احتلام انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بحرام ونقل عن الشافعي وابن معين أنهما قالا الرواية عن حرام حرام انتهى وأعلم أن تمام الدلالة من الحديث من قوله تعالى وفصاله في عامين رضي الله تعالى عنهما الحديث الخامس قال عليه السلام لعائشة ليلج عليك أفلح فإنه عمك من الرضاعة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عائشة قالت دخل علي أفلح بن أبي القعيس فاستترت منه فقال تستترين مني وأنا عمك قالت قلت من أين قال أرضعتك امرأة أخي قالت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل فدخل
[ 418 ]
علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته فقال إنه عمك فليلج عليك انتهى
[ 421 ]
كتاب الطلاق قوله روى أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يستحبون أن لا يزيدوا في الطلاق على واحدة حتى تنقضي العدة قلت أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن مغيرة عن إبراهيم النخعي قال كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ثم يتركها حتى تحيض ثلاث حيض انتهى الحديث الاول قال عليه السلام لابن عمر إن من السنة أن تستقبل الطهر استقبالا فتطلقها لكل قرء تطليقة قلت رواه الدارقطني في سننه من حديث معلى بن منصور ثنا شعيب بن رزيق أن عطاء الخراساني حدثهم عن الحسن ثنا عبد الله بن عمر أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها تطليقتين أخريين عند القرءين فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بن عمر ما هكذا أمرك الله قد أخطأت السنة والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء فأمرني فراجعتها فقال إذا هي طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك فقلت يا رسول الله أرأيت لو طلقتها ثلاثا أكان يحل لي أن
[ 422 ]
أراجعها فقال لا كانت تبين منك وتكون معصية انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وأعله بمعلى بن منصور وقال رماه أحمد بالكذب انتهى قلت لم يعله البيهقي في المعرفة إلا بعطاء الخراساني وقال إنه أتى في هذا الحديث بزيادات لم يتابع عليها وهو ضعيف في الحديث لا يقبل ما تفرد به انتهى قلت قد رواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا يحيى بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي ثنا أبي ثنا شعيب بن رزيق به سندا ومتنا وقال صاحب التنقيح عطاء الخراساني قال بن حبان كان صالحا غير أنه كان ردئ الحفظ
[ 423 ]
كثير الوهم فبطل الاحتجاج به وقد صرح الحسن بسماعه من بن عمر قال الامام أحمد فيما رواه عنه ابنه صالح الحسن سمع من بن عمر وكذلك قال أبو حاتم وقيل لابي زرعة الحسن لقي بن عمر قال نعم انتهى كلامه
[ 424 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام لعمر مر ابنك فليراجعها وكان قد طلقها في حالة الحيض قلت أخرجه الائمة الستة عن بن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر بن الخطا ب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم يمسكها حتى
[ 425 ]
تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر الله انتهى وفي لفظ للبخاري ومسلم أنه طلق امرأته تطليقة
[ 426 ]
واحدة وهي حائض وفي لفظ لهما قال طلقت امرأتي وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مر فليراجعها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر الله عزوجل وكان عبد الله طلقها تطليقة فحسبت من طلاقها وراجعها عبد الله كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخاري في الطلاق وفي التفسير وفي الاحكام والباقون في الطلاق فصل * (* (* (الحديث الثالث قال عليه السلام كل طلاق واقع إلا طلاق الصبي والمجنون قلت حديث غريب وأعاده المصنف في الحجر بلفظ المعتوه عوض المجنون وأخرج الترمذي عن عطاء بن عجلان عن عكرمة بن خالد المخزومي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه المغلوب عن عقله انتهى وقال هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث عطاء بن عجلان وهو ضعيف ذاهب الحديث انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن
[ 427 ]
غياث عن حجاج عن عطاء عن بن عباس قال لا يجوز طلاق الصبي انتهى وروى أيضا حدثنا وكيع عن الاعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة عن علي قال كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه انتهى ورواه عبد الرزاق حدثنا الثوري عن الاعمش به وعلقه البخاري في صحيحه فقال وقال علي فذكره وروى عبد الرزاق أيضا حدثنا إبراهيم بن محمد بن حسين بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي قال لا يجوز على الغلام طلاق حتى يحتلم انتهى أحاديث في طلاق المكره لاصحابنا في وقوعه حديث رواه العقيلي في كتابه أخبرنا مسعدة بن سعد ثنا إسماعيل بن عياش ثنا الغازي بن جبلة الجبلاني عن صفوان بن غزوان الطائي أن رجلا كان نائما فقامت امرأته فأخذت سكينا فجلست على صدره فوضعت السكين على حلقه فقالت لتطلقني ثلاثا أو لاذبحنك فناشدها الله فأبت فطلقها ثلاثا ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك فقال لا قيلولة في الطلاق انتهى قال وحدثنا يحيى بن عثمان ثنا نعيم بن حماد ثنا بقية عن الغازي بن جبلة عن صفوان الاصم الطائي عن رجل من الصحابة أن رجلا كان نائما مع امرأته الحديث قال ابن القطان في كتابه الاول وإن كان مرسلا لكنه أحسن إسنادا من المسند فإنه سالم من بقية ومن نعيم بن حماد وفيه إسماعيل بن عياش وهو يروي عن شامي وبالجملة فلا بد فيه الغازي بن جبلة وهو لا يعرف إلا به ولا يدري ممن الجناية فيه أمنه أم من صفوان الاصم حكى ذلك بن أبي حاتم عن أبيه وقال هو منكر الحديث يعني
[ 428 ]
الغازي بن جبلة وقال البخاري هو منكر الحديث في طلاق المكره وقال في التنقيح قال البخاري لصفوان الاصم عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في طلاق المكره حديث منكر لا يتابع عليه انتهى الآثار أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن بن عمر أنه أجاز طلاق المكره وأخرج عن الشعبي والنخعي والزهري وقتادة وأبي قلابة أنهم أجازوه وأخرج عن سعيد بن جبير أنه بلغه قول الحسن ليس طلاق المكره بشئ فقال يرحمه الله إنما كان أهل الشرك يكرهون الرجل على الكفر والطلاق فذلك الذي ليس بشئ وأما ما صنع أهل الاسلام بينهم فهو جائز انتهى وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي والنخعي وابن المسيب وأبي قلابة وشريح أحاديث الخصوم واستدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد على عدم وقوعه بما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن صفية بنت شيبة عن عائشة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طلاق ولا عتاق في إغلاق انتهى قال أبو داود أظنه الغضب يعني الاغلاق قال بن الجوزي قال بن قتيبة الاغلاق الاكراه ورواه الحاكم في
[ 429 ]
المستدرك وقال على شرط مسلم قال في التنقيح وقد فسره أحمد أيضا بالغضب قال شيخنا والصواب أنه يعم الاكراه والغضب والجنون وكل أمر انغلق على صاحبه علمه وقصده مأخوذ من غلق الباب واستدل عليه بحديث رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه وهذا الحديث تقدم في الصلاة بجميع طرقه وأصحها حديث بن عباس رواه بن حبان وابن ماجة والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين والله أعلم الآثار روى مالك في الموطأ عن مالك عن ثابت الاحنف أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال فدعاني ابنه عبد الله بن عبد الرحمن فإذا بسياط موضوعة وقيدين من حديد وعبدين قد أجلسهما وقال لي تزوجت أم ولد أبي بغير رضائي فأنا لا أزال أضربك حتى تموت ثم قال طلقها وإلا فعلت فقلت هي طالق ألفا فلما خرجت من عنده أتيت عبد الله بن عمر فأخبرته فقال ليس هذا بطلاق ارجع إلى أهلك فأتيت عبد الله بن الزبير فقال مثل ذلك انتهى أثر آخر أخرج البيهقي في المعرفة عن عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي عن أبيه أن رجلا تدلى بحبل فوقفت امرأته على رأس الحبل وحلفت لتقطعنه أو لتطلقني ثلاثا فذكرها الله فأبت فطلقها ثلاثا فلما ظهر أتى عمر بن الخطاب فأخبره فقال له ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق انتهى قال البيهقي وأخطأ أبو عبيد فرواه عن عبد الملك به فذكر القصة وقال فيها فرفع إلى عمر فأبانها منه وقد تنبه له أبو عبيد فقال وروى عن عمر بخلافه والخبر على الروايتين منقطع انتهى قال في التنقيح قدامة الجمحي لم يدرك عمر انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن بن عباس قال ليس لمكره طلاق وكذا عن علي وعمر وابن عمر وابن الزبير وعن عمر بن عبد العزيز والحسن وعطاء والضحاك والله أعلم
[ 430 ]
الاحاديث في طلاق السكران أخرج بن أبي شيبة في مصنفه أن عمر أجاز طلاق السكران بشهادة نسوة انتهى وأخرج عن عطاء ومجاهد والحسن وابن سيرين وابن المسيب وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن يسار والنخعي والزهري والشعبي قالوا يجوز طلاقه وأخرج عن الحكم قال من طلق في سكر من الله فليس طلاقه بشئ ومن طلق في سكر من الشيطان فطلاقه جائز وأخرج عن عثمان أنه كان لا يجيز طلاق السكران وأن عمر بن عبد العزيز كان يجيزه حتى حدثه أبان بذلك وأخرج عن جابر بن زيد وعكرمة وطاوس كانوا لا يجيزونه وأخرج مالك في الموطأ عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا إذا طلق السكران جاز طلاقه وإن قتل قتل قال مالك وذلك الامر عندنا انتهى الحديث الرابع قال عليه السلام الطلاق بالرجال والعدة بالنساء قلت غريب مرفوعا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا على بن عباس حدثنا وكيع عن
[ 431 ]
هشام عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس قال الطلاق بالرجال والعدة بالنساء انتهى ورواه الطبراني في معجمه موقوفا على بن مسعود أخرجه عن أشعث بن سوار عن الشعبي عن مسروق عن عبد الله قال الطلاق إلى آخره قال بن الجوزي في التحقيق وقد روى بعضهم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الطلاق بالرجال والعدة بالنساء قال وإنما هذا من كلام بن عباس انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه موقوفا على عثمان وزيد بن ثابت وابن عباس ومن أحاديث الباب روى عبد الرزاق في مصنفه أنبأ بن جريج قال كتب إلي عبد الله بن زياد بن سمعان أن عبد الله بن عبد الرحمن الانصاري أخبره عن نافع عن أم سلمة أن غلاما لها طلق امرأة له حرة تطليقتين فاستفت أم سلمة النبي صلى الله عليه وسلم فقال حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه أثر رواه مالك في الموطأ عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يقول إذا طلق العبد امرأته تطليقتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة كانت أو أمة وعدة الحرة ثلاث حيض وعدة الامة حيضتان انتهى
[ 432 ]
أثر آخر وفي الموطأ أيضا مالك عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار أن نفيعا مكاتبا كان لام سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو عبدا كان تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان بن عفان فيسأله عن ذلك فلقيه عند الدرج آخذا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعا فقالا حرمت عليك حرمت عليك انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده بسنده ومتنه الحديث الخامس قال عليه السلام طلاق الامة ثنتان وعدتها حيضتان قلت روى من حديث عائشة ومن حديث بن عمر ومن حديث بن عباس فحديث عائشة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي عاصم عن بن جريج عن مظاهر بن أسلم عن القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال طلاق الامة تطليقتان وقرؤها حيضتان انتهى قال أبو داود هذا حديث مجهول وقال
[ 433 ]
الترمذي حديث غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث مظاهر بن أسلم ومظاهر بن أسلم لا يعرف له في العلم غير هذا الحديث انتهى قال المنذري في مختصره قد أخرج له بن عدي في الكامل حديثا آخر رواه مظاهر عن المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ عشر آيات في كل ليلة من آخر آل عمران انتهى قلت ورواه الطبراني في معجمه الوسط والعقيلي في كتابه كما رواه بن عدي ونقل بن عدي تضعيف مظاهر هذا عن أبي عاصم النبيل فقط قال ابن عدي وهو معروف بحديث طلاق الامة وقد ذكرنا له حديثا آخر وما أظن له غيرهما وإنما أنكروا عليه حديث طلاق الامة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك أعني حديث عائشة بسند السنن ومتنه وصححه ذكره في كتاب الطلاق ونقل شيخنا الذهبي في ميزانه تضعيف مظاهر عن أبي عاصم النبيل ويحيى بن معين وأبي حاتم الرازي والبخاري ونقل توثيقه عن بن حبان وقال العقيلي في كتابه مظاهر بن أسلم منكر الحديث وله هذان الحديثان ولا يعرفان إلا عنه انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال البيهقي في المعرفة والذي يدل على ضعف حديث مظاهر هذا ما أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي ثنا علي بن عمر الحافظ يعني الدارقطني بسنده عن زيد بن أسلم قال سئل القاسم بن محمد عن عدة الامة فقال الناس يقولون حيضتان وإنا لا نعلم ذلك في كتاب الله ولا في سنة رسول الله فدل عل أن الحديث المرفوع غير محفوظ وقد رواه صفدي بن سنان عن مظاهر فقال فيه طلاق العبد اثنتان انتهى وقال الخطابي الحديث حجة لاهل العراق إن ثبت ولكن أهل الحديث ضعفوه ومنهم من تأوله على أن يكون الزوج عبدا انتهى أما حديث بن عمر فأخرجه بن ماجة في سننه عن عمر بن شبيب المسلي ثنا
[ 434 ]
عبد الله بن عيسى عن عطية عن بن عمر مرفوعا نحوه سواء ورواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه والدارقطني في سننه قال الدارقطني تفرد به عمر بن شبيب المسلي وهو ضعيف لا يحتج بروايته والصحيح ما رواه نافع وسالم عن بن عمر من قوله ثم أخرجه كذلك وقال وهذا هو الصواب وأيضا فعطية ضعيف انتهى كلامه وأما حديث بن عباس فأخرجه الحاكم في المستدرك فقال بعد أن روى حديث عائشة المتقدم عن أبي عاصم بسنده قال أبو عاصم فذكرته لمظاهر بن أسلم فقلت حدثني كما حدثت بن جريج فحدثني مظاهر عن القاسم عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم طلاق الامة ثنتان وقرءها حيضتان قال ومظاهر بن أسلم شيخ من أهل البصرة لم يذكره أحد من متقدمي مشائخنا بجرح فإذا الحديث صحيح ولم يخرجاه ثم قال وقد روى عن بن عباس حديث يعارض هذا ثم أخرج عن يحيى بن أبي كثير أن عمر بن معتب أخبره أن أبا حسن مولى بني نوفل أخبره أنه استفتى بن عباس في مملوك كانت تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ثم أعتقا بعد ذلك هل يصلح له أن يخطبها قال نعم قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وسكت عنه هذا الحديث أخرجه أب داود والنسائي وابن ماجة في الطلاق عن يحيى بن أبي كثير به ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني عن سلم بن سالم عن بن جريج عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت الامة تحت الرجل فطلقها تطليقتين ثم اشتراها لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره انتهى قال الدارقطني وسلم بن سالم كان بن المبارك يكذبه وقال يحيى بن معين ليس حديثه بشئ وقال السعدي ليس
[ 435 ]
بشئ انتهى أثر عن عمر رواه الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن عتبة عن عمر قال ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الامة بحيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين أو شهرا ونصفا انتهى ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في المعرفة وكذلك رواه الدارقطني في سننه باب إيقاع الطلاق
[ 437 ]
الحديث السادس قال عليه السلام لعن الله الفروج على السروج قلت غريب جدا ولقد أبعد شيخنا علاء الدين إذ استشهد بحديث أخرجه بن عدي في الكامل عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى ذوات الفروج أن يركبن السروج فإن
[ 438 ]
المصنف استدل بالحديث المذكور على أن الفرج من الاعضاء التي يعبر به عن جملة المرأة كالوجه والعنق بحيث يقع الطلاق بإسناده إليه وحديث بن عدي أجنبي عن ذلك
[ 439 ]
ولكن الشيخ قلد هذا الجاهل فالمقلد ذهل والمقلد جهل والله أعلم وحديث بن عدي أخرجه عن علي بن أبي علي القرشي عن بن جريج عن عطاء
[ 440 ]
عن بن عباس قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذوات الفروج أن يركبن السروج انتهى
[ 441 ]
وضعف على بن أبي على القرشي وقال إنه مجهول يروي عنه بقية وربما قال بقية
[ 442 ]
حدثني علي المهري وربما قال حدثني علي القرشي لا ينسبه انتهى كلامه
[ 445 ]
فصل في تشبيه الطلاق الحديث السابع قال عليه السلام الشهر هكذا وهكذا وهكذا قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث عائشة
[ 446 ]
فحديث بن عمر رواه البخاري ومسلم في الصوم من حديث جبلة بن سحيم عن بن عمر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر هكذا وهكذا وهكذا وخنس الابهام
[ 447 ]
في الثالثة انتهى وأخرجاه أيضا عن سعيد بن عمرو عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا وعقد
[ 448 ]
الابهام في الثالثة والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين انتهى وأخرجاه عن موسى بن طلحة عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشهر هكذا وهكذا وهكذا عشرا وعشرا وتسعا انتهى
[ 449 ]
وأما حديث سعد بن أبي وقاص فأخرجه مسلم عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده على الاخرى وقال الشهر هكذا
[ 450 ]
وهكذا وأمسك في الثالثة إصبعا انتهى
[ 451 ]
وأما حديث عائشة فأخرجه الحاكم في المستدرك عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم أن لا يدخل علينا شهرا فغاب عنا تسعة وعشرين ثم دخل علينا مساء الثلاثين فقلت له إنك حلفت أن لا تدخل علينا شهرا فقال الشهر هكذا وهكذا وأمسك في الثالثة الابهام وقال صحيح على شرط البخاري قال البيهقي قال الشافعي في هذا الحديث وفي حديث الشهر تسع وعشرون أخرجه الشيخان عن بن عمر معناه أن الشهر قد يكون كذلك قال ومن هذا المعنى حديث أبي بكرة شهرا عيد
[ 452 ]
لا ينقصان رمضان وذو الحجة أخرجه الشيخان عن أبي بكرة أي إن كانا ناقصين في العدد فلا ينقصان في الحكم وإنما خصا بالذكر لاختصاصهما بحكم الصوم والعيد والحج انتهى كلامه ولم يعرف شيخنا علاء الدين هذا الحديث إلا لمسلم خاصة وقلد غيره في ذلك وهذا ذهول باب تفويض الطلاق قوله روى أن الصحابة أجمعوا على أن المخيرة لها الخيار ما دامت في مجلسها قلت فيه عن بن مسعود وجابر وعمر وعثمان وعبد الله بن عمرو بن العاص فحديث بن مسعود رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن بن أبي نجيح
[ 453 ]
عن مجاهد عن بن مسعود قال إذا ملكها أمرها فتفرقا قبل أن تقضي بشئ فلا أمر لها انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه قال البيهقي فيه انقطاع بين مجاهد وابن مسعود وحديث جابر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال إذا خير الرجل امرأته فلم تختر في مجلسها ذلك فلا خيار لها انتهى الله تعالى وحديث عمر وعثمان رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان قالا أيما رجل ملك امرأته أمرها وخيرها ثم افترقا من ذلك المجلس فليس لها خيار وأمرها إلى زوجها انتهى قال البيهقي والمثنى بن الصباح ضعيف ومن طريق بن أبي شيبة رواه في المعرفة وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه بن أبي شيبة أيضا عن حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمر وقال في الرجل يخير
[ 454 ]
امرأته لها الخيار ما دامت في مجلسها انتهى والحجاج ضعيف وأخرج بن أبي شيبة نحو ذلك عن مجاهد وجابر بن زيد والشعبي والنخعي وعطاء وطاوس قال البيهقي وقد تعلق بعض من يجعل لها الخيار ولو قامت من المجلس بحديث تخيير عائشة وهو في الصحيحين إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك وهذا غير ظاهر لانه عليه السلام لم يخيرها في إيقاع الطلاق بنفسها وإنما خيرها على أنها إن اختارت نفسها أحدث لها طلاقا لقوله تعالى فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا الحديث الثامن روي أن عائشة رضي الله عنها قالت لا بل أختار الله ورسوله واعتبره النبي صلى الله عليه وسلم جوابا منها قلت أخرجه البخاري ومسلم عن بن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه بدأ بي فقال إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك وقد علم أن أبوي لم يكونا
[ 455 ]
ليأمراني بفراقه ثم قال إن الله تعالى قال لي يا أيها النبي قل لازواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا إلى قوله أجرا عظيما فقلت ففي هذا أستأمر أبوي فإني
[ 456 ]
أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل الذي فعلت انتهى وفي لفظ لمسلم بل أختار الله ورسوله وروى الائمة الستة في كتبهم عن مسروق
[ 457 ]
عن عائشة قالت خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يعدده علينا شيئا انتهى وفي
[ 458 ]
لفظ لهما فلم يعد ذلك طلاقا والله أعلم
[ 462 ]
باب الايمان في الطلاق الحديث التاسع قال عليه السلام لا طلاق قبل النكاح قلت أخرجه بن
[ 463 ]
ماجة في سننه عن هشام بن سعد عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طلاق قبل النكاح ولا عتق قبل ملك انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طلاق قبل النكاح انتهى وجويبر ضعيف حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن عامر الاحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم فيما لا يملك ولا عتق له فيما لا يملك ولا طلاق له فيما لا يملك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو أحسن شئ روى في هذا الباب وسألت محمد بن إسماعيل أي شئ أصح في الطلاق قبل النكاح فقال حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده انتهى ورواه البزار في مسنده بلفظ لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك انتهى وسكت عنه حديث آخر قال الحاكم في المستدرك في تفسير سورة الاحزاب وقد صح حديث لا طلاق إلا بعد نكاح على شرطهما من حديث بن عمر وعائشة وابن عباس ومعاذ بن جبل وجابر بن عبد الله فأخرج حديث بن عمر عن عاصم بن هلال ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا لا طلاق إلا بعد نكاح انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي خالد الواسطي عن أبي هاشم الرماني عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن رجل قال يوم أتزوج فلانة فهي طالق ثلاثة قال طلق مالا يملك انتهى قال صاحب التنقيح حديث باطل وأبو خالد الواسطي هو عمرو بن خالد وهو وضاع وقال أحمد ويحيى كذاب حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن حجاج بن منهال ثنا هشام الدستوائي عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة مرفوعا لا طلاق إلا بعد نكاح انتهى وأخرجه الدارقطني عن الوليد بن سلمة الازدي ثنا يونس عن الزهري عن عروة به نحوه قال في
[ 464 ]
التنقيح والوليد بن سلمة قال الازدي وابن حبان كان يضع الحديث حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن عبد المجيد بن عبد العزيز ثنا ابن جريج عن عمرو بن دينار عن طاوس عن معاذ مرفوعا مثله وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن طاوس عن معاذ بنحوه قال في التنقيح لا بأس بروايته غير أن طاوسا عن معاذ منقطع وأخرجه الدارقطني أيضا عن يزيد بن عياض عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن معاذ مرفوعا مثله وزاد ولو سميت المرأة بعينها انتهى قال الدارقطني ويزيد بن عياض ضعيف انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن وكيع عن بن أبي ذئب عن عطاء ومحمد بن المنكدر عن جابر مرفوعا لا طلاق قبل نكاح انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ثنا وكيع به حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن أيوب بن سليمان الجريري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس مرفوعا لا طلاق لمن لا يملك انتهى وأخرجه الدارقطني عن سليمان بن أبي سليمان عن يحيى بن أبي كثير عن طاوس عن ابن عباس مرفوعا مثله وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وقال إسناده ضعيف قال بن القطان وعلته سليمان بن أبي سليمان فإنه شيخ ضعيف الحديث قاله أبو حاتم الرازي انتهى وقال صاحب التنقيح هذا حديث لا يصح فإن سليمان بن أبي سليمان هو سليمان بن داود اليمامي متفق على ضعفه قال بن معين ليس بشئ وقال البخاري منكر الحديث وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى قال الحاكم إنما لم يخرج الشيخان في كتابيهما هذا الحديث لانهما وجدا مداره على إسنادين واهيين أحدهما عن جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي والثاني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فلذلك لم يقع منهما الاستقصاء في طلب هذه الاسانيد الصحيحة انتهى يعني أسانيده التي أخرجها
[ 465 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن قرين ثنا بقية عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي ثعلبة الخشني قال قال عم لي اعمل لي عملا حتى أزوجك ابنتي فقلت إن تزوجتها فهي طالق ثلاثا ثم بدا لي أن أتزوجها فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فقال لي تزوجها فإنه لا طلاق إلا بعد نكاح قال فتزوجتها فولدت لي سعدا وسعيدا انتهى قال صاحب التنقيح وهذا أيضا باطل وعلي بن قرين كذبه يحيى بن معين وغيره وقال بن عدي يسرق الحديث ومذهب أحمد كمذهبنا ومالك فصل بين أن يعين المرأة فيصح وإن لم يعين لم يصح وحديث معاذ المتقدم حجة عليه فإن فيه عند الدارقطني ولو سميت المرأة بعينها إلا أنه ضعيف قوله والحديث محمول على نفي التخيير والحمل مأثور عن السلف كالشعبي
[ 466 ]
والزهري وغيرهما قلت حكى أبو بكر الرازي عن الزهري قال قوله لا طلاق قبل نكاح هو الرجل يقال له تزوج فلانة فيقول هي طالق فهذا ليس
[ 467 ]
بشئ فأما من قال إن تزوجت فلانة فهي طالق فإنما طلقها حين تزوجها انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري أنه قال في رجل قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق وكل أمة أشتريها فهي حرة هو كما قال فقال له معمر أو ليس قد جاء لا طلاق قبل نكاح ولا عتق إلا بعد ملك قال إنما ذلك أن يقول الرجل امرأة فلان طالق وعبد فلان حر انتهى وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن سالم والقاسم وعمر بن عبد العزيز والشعبي والنخعي والزهري والاسود وأبي بكر بن عبد الرحمن وأبي بكر بن عمرو بن حزم وعبد الله بن عبد الرحمن ومكحول في رجل قال إن تزوجت فلانة فهي طالق أو يوم أتزوجها فهي طالق أو كل امرأة أتزوجها فهي طالق قالوا هو كما قال وفي لفظ يجوز ذلك عليه انتهى الله تبارك وتعالى الحديث العاشر حديث الاستبراء قلت روى من حديث الخدري ومن حديث رويفع ومن حديث على
[ 468 ]
أما حديث الخدري فأخرجه أبو داود في سننه عن شريك عن قيس بن وهب عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبايا أوطاس لا توطأ حامل
[ 469 ]
حتى تضع ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم انتهى وأعله بن القطان في كتابه
[ 470 ]
بشريك وقال إنه مدلس وهو ممن ساء حفظه بالقضاء انتهى ذكره في النكاح وأما حديث رويفع فأخرجه أبو داود أيضا في النكاح عن بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن حنش الصنعاني عن رويفع بن ثابت الانصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها بحيضة انتهى وأما حديث علي فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن حجاج عن عبد الله بن زيد عن علي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توطأ الحامل حتى تضع أو الحامل حتى تستبرأ بالحيضة انتهى فصل في الاستثناء الحديث الحادي عشر قال عليه السلام من حلف بطلاق أو عتاق وقال إن شاء الله متصلا به فلا حنث عليه قلت غريب بهذا اللفظ وروى أصحاب السنن
[ 471 ]
الاربعة من حديث أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فقال إن شاء الله فلا حنث عليه انتهى بلفظ الترمذي وقال حديث حسن وقد روى عن نافع عن بن عمر موقوفا وروى عن سالم عن ابن عمر
[ 472 ]
موقوفا ولا نعلم أحدا رفعه غير أيوب السختياني وقال إسماعيل بن إبراهيم كان أيوب أحيانا يرفعه وأحيانا لا يرفعه انتهى ولفظ أبي داود فيه فقد استثنى حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن عبد الرزاق عن معمر عن بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فقال
[ 473 ]
إن شاء الله فلا حنث عليه انتهى قال الترمذي سألت محمدا عن هذا الحديث فقال لي هذا حديث خطأ أخطأ فيه عبد الرزاق اختصره من حديث معمر عن بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن سليمان قال لاطوفن الليلة الحديث وفيه لو قال إن شاء الله لكان كما قال انتهى ولفظ أبي داود فقد استثنى
[ 474 ]
ورواه البزار في مسنده وقال أخطأ فيه معمر واختصره من حديث سليمان بن داود لاطوفن الليلة إلى آخره وهذا مخالف لكلام البخاري حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن إسحاق بن أبي نجيح
[ 475 ]
الكعبي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لامرأته أنت طالق إن شاء الله أو لغلامه أنت حر أو قال علي المشي إلى بيت الله إن شاء الله فلا شئ عليه انتهى وهو معلول بإسحاق الكعبي نقل شيخنا شمس الدين الذهبي تضعيفه عن الدارقطني وابن حبان ولم يذكر أحدا وثقه قال وذكر بن عدي له عشرة أحاديث منها هذا انتهى قلت لم يذكر له بن عدي غير حديثين أحدهما هذا والآخر عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يميز الله أولياءه وأصفياءه حتى تطهر الارض من المنافقين ثم قال وهذان الحديثان بسنديهما منكران لا يرويهما إلا إسحاق هذا ولم أرله من الحديث إلا مقدار عشرة أو أقل ومقدار ما رأيته مناكير انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه عن إسماعيل بن عياش عن حميد بن مالك أنه سمع مكحولا يحدث عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما خلق الله أحب إليه من العتاق ولا أبغض إليه من الطلاق فمن أعتق واستثنى فالعبد حر ولا استثناء له وإذا طلق واستثنى فله استثناؤه ولا طلاق عليه انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة الدارقطني وقال في إسناده حميد
[ 476 ]
ابن مالك وهو ضعيف وقال البيهقي هو حديث ضعيف ومكحول عن معاذ منقطع وقال بن الجوزي في التحقيق مكحول لم يلق معاذا وابن عياش وحميد ومكحول كلهم ضعفاء انتهى وقال في التنقيح الحمل فيه على حميد تكلم فيه أبو زرعة وأبو حاتم وابن عدي والازدي انتهى
[ 477 ]
باب الرجعة
[ 479 ]
الحديث الاول قال عليه السلام الولد للفراش قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث عائشة ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث
[ 480 ]
عثمان ومن حديث أبي أمامة . فحديث أبي هريرة أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن سعيد بن المسيب عنه
[ 481 ]
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر انتهى أخرجه
[ 482 ]
البخاري في الفرائض والحدود ومسلم والترمذي وابن ماجة في الرضاع والنسائي في الطلاق وفي لفظ للبخاري الولد لصاحب الفراش أخرجه عن محمد بن زياد عن أبي هريرة وحديث عائشة أخرجوه إلا الترمذي عن الزهري عن عروة عنها قالت اختصم سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد أوصاني أخي عتبة إذا قدمت مكة أن أنظر إلبن أمة زمعة أفأقبضه فإنه ابنه وقال عبد بن زمعة أخي ابن أمة أبي ولد على فراش أبي فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شبها بينا لعتبة فقال الولد للفراش واحتجبي منه يا سودة انتهى وحديث عبد الله رواه أبو داود في اللعان حدثنا زهير بحرب ثنا يزيد بن هارون ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قام رجل فقال يارسول الله إن فلانا ابني عاهرت بأمه في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دعوة في الاسلام ذهب أمر الجاهلية الولد للفراش وللعاهر الحجر انتهى وحديث عثمان رواه أبو داود أيضا حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا مهدي بن ميمون ثنا محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب عن الحسن بن سعد مولى الحسن بن علي بن أبي طالب عن رباح قال زوجني أهلي أمة لهم رومية فوقعت عليها فولدت غلاما أسود مثلي فسميته عبد الله ثم قال وقعت عليها فولدت غلاما أسود مثلي فسميته عبيد الله ثم طبن لها غلام لاهلي رومي يقال له يوحنة فراطنها بلسانه فولدت غلاما كأنه وزغة من الوزغات فقلت لها ما هذا قالت هذا ليوحنة فرفعنا إلى عثمان أحسبه قال مهدي قال فسألهما فاعترفا فقال لهما أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش وأحسبه قال فجلدها وجدله وكانا مملوكين انتهى وحديث أبي أمامة أخرجه الترمذي في الوصايا عن إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله قد أعطى كل ذي
[ 483 ]
حق حقه فلا وصية لوارث الولد للفراش وللعاهر الحجر مختصر وسيأتي في الكفالة والوصايا والله أعلم فصل فيما تحل به المطلقة الحديث الثاني قال عليه السلام لا تحل للاول حتى تذوق عسيلة الآخر قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الاول قال لا حتى يذوق الآخر من عسيلتها ما ذاق الاول انتهى وروى الجماعة إلا أبا داود عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت كنت عند رفاعة فطلقني فأبت طلاقي فتزوجت
[ 484 ]
بعده عبد الرحمن بن الزبير وأن ما معه مثل هدبة الثوب فتبسم عليه السلام وقال أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك انتهى وفي لفظ في الصحيحين أنها كانت تحت رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات الحديث ذكره البخاري في الشهادات والطلاق وذكره في اللباس وزاد فيه من قوله عائشة فصار ذلك سنة بعده ومسلم وأبو داود في الطلاق والباقون في النكاح وفي لفظ للبخاري كذبت والله يا رسول الله إني لانفضها نفض الاديم ولكنها ناشز تريد أن ترجع إلى رفاعة فقال عليه السلام فإن كان ذلك لم تحلين له حتى يذوق من عسيلتك قال وكان مع رفاعة ابنان له من غيرها فقال له عليه السلام بنوك هؤلاء قال نعم فقال لها هذا وأنت تزعمين ما تزعمين فوالله لهم أشبه به من الغراب بالغراب انتهى وهو كذلك في الموطأ أخبرنا مالك عن المسور بن رفاعة القرظي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير أن رفاعة بن شموال طلق امرأته تميمة بنت وهب ثلاثا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكحها عبد الرحمن بن الزبير فلم يستطع أن يمسها ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا تحل لك حتى تذوق العسيلة انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن شعيب ثنا عبد الرحمن بن سلمة ثنا سلمة بن الفضل عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كانت امرأة من قريظة يقال لها تميمة بنت وهب تحت عبد الرحمن بن الزبير فطلقها فتزوجها رفاعة رجل من بني قريظة ثم فارقها فأرادت أن ترجع إلى عبد الرحمن بن الزبير فقالت والله يا رسول الله ما هو منه إلا كهدبة ثوبي فقال والله يا تميمة لا ترجعين إلى عبد الرحمن حتى يذوق عسيلتك رجل غيره انتهى وقال لم يروه عن بن إسحاق إلا سلمة بن الفضل انتهى وهذا المتن عكس متن الصحيح وروى أحمد في مسنده حدثنا مروان ثنا عبد الملك المكي ثنا عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال العسيلة هي الجماع
[ 485 ]
انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه والمكي مجهول قوله ولا خلاف فيه لاحد سوى سعيد بن المسيب في سنن سعيد بن منصور عن بن المسيب قال الناس يقولون حتى يجامعها وأما أنا فأقول إذا تزوجها نكاحا صحيحا فإنها تحل للاول واستغرب هذا من سعيد حتى قيل إن الحديث لم يبلغه كما استغرب من الحسن أنه يشترط الانزال نظرا إلى معنى العسيلة والله أعلم الحديث الثالث قال عليه السلام لعن الله المحلل والمحلل له قلت روي من
[ 486 ]
حديث بن مسعود ومن حديث علي ومن حديث جابر ومن حديث عقبة بن عامر ومن حديث أبي هريرة ومن حديث ابن عباس فحديث بن مسعود أخرجه الترمذي والنسائي من غير وجه عن سفيان الثوري عن أبي قيس واسمه عبد الرحمن بن ثروان الاودي عن هزيل بن شرحبيل الاودي عن عبد الله بن مسعود قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه لابي داود وله طريق آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا زكريا بن عدي ثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الكريم الجزري عن أبي الواصل عن بن مسعود فذكره وحديث علي أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن الحارث عن علي قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له انتهى وفي لفظ أبي داود فيه شك فقال أراه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو معلول بالحارث وحديث جابر أخرجه الترمذي عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله
[ 487 ]
بنحوه سواء قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بقائم فإن مجالد بن سعيد قد ضعفه بعض أهل العلم منهم أحمد بن حنبل انتهى وحديث عقبة بن عامر أخرجه بن ماجة عن الليث بن سعد قال قال لي أبو مصعب مشرح بن هاعان قال عقبة بن عامر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بالتيس المستعار قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له انتهى قال عبد الحق في أحكامه إسناده حسن انتهى وقال الترمذي في علله الكبري الليث بن سعد ما أراه سمع من مشرح بن هاعان انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبا زرعة عن حديث رواه الليث بن سعد عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر فذكره فقال لم يسمع الليث من مشرح شيئا ولا روى عنه انتهى قلت قوله في الاسناد قال لي أبو مصعب يرد ذلك ورواه الدارقطني في سننه معنعنا عن أبي صالح كات الليث عن الليث عن مشرح به وكذلك حسنه عبد الحق لانه ذكره من جهة الدارقطني وأبو صالح مختلف فيه وإلا فالحديث صحيح من عند بن ماجة فإن شيخ بن ماجة يحيى بن عثمان ذكره بن يونس في تاريخ المصريين وأثنى عليه بعلم وضبط وأبوه عثمان بن صالح المصري ثقة أخرج له البخاري وأما مشرح بن هاغان فوثقه بن القطان ونقل عن بن معين أنه وثقه والعلة التي ذكرها بن أبي حاتم لم يعرج عليها بن القطان ولا غيره وحديث بن عباس رواه بن ماجة أيضا حدثنا محمد بن بشار ثنا أبو عامر عن زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن عكرمة عن بن عباس بنحوه سواء وأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد والبزار وأبو يعلى الموصلي وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم عن عبد الله بن جعفر عن عثمان بن محمد الاخنس عن المقبري عن أبي هريرة بنحوه سواء ورواه بن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في سننه وعبد الله بن جعفر وثقه أحمد وابن المديني وابن معين وغيرهم
[ 488 ]
وأخرج له مسلم في صحيحه وعثمان بن محمد الاخنس وثقه بن معين وسعيد المقبري متفق عليه فالحديث صحيح حديث آخر في الباب أخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن أبي مريم ثنا أبو غسان محمد بن مطرف المدني عن عمر بن نافع عن أبيه أنه قال جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له ليحلها لاخيه هل تحل للاول قال لا إلا نكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وصححه واعلم أن المصنف استدل بهذا الحديث على كراهة النكاح المشروط به التحليل وظاهره يقتضى التحريم كما هو مذهب أحمد ولكن يقال لما سماه محللا دل على صحة النكاح لان المحلل هو المثبت للحل فلو كان فاسدا لما سماه محلالا ثم أعاده المصنف مستدلا به لابي حنيفة على أن الزوج الثاني يهدم ما دون الثالث كما يهدم الثلاث وفيه أثر جيد رواه محمد بن حسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير قال كنت جالسا عند عبد الله بن عتبة بن مسعود إذ جاءه أعرابي فسأله عن رجل طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم انقضت عدتها فتزوجت زوجا غيره فدخل بها ثم مات عنها أو طلقها ثم انقضت عدتها وأراد الاول أن يتزوجها على كم هي عنده فالتفت إلى بن عباس وقال ما تقول في هذا قال يهدم الزوج الثاني والواحدة والثنتين والثلاث واسأل ابن عمر قال فلقيت بن عمر فسألته فقال مثل ما قال بن عباس انتهى أحاديث الخصوم روى البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي ثنا بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار أنهم سمعوا أبا هريرة يقول سألت عمر بن الخطاب عن رجل من أهل البحرين طلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم انقضت عدتها فتزوجها غيره ثم فارقها ثم تزوجها الاول قال هي عنده على ما بقي انتهى وروى من حديث الحكم بن عتيبة عن يزيد بن جابر عن أبيه أنه سمع على بن أبي طالب يقول هي على ما بقي انتهى
[ 489 ]
باب الايلاء قوله عن عثمان وعلي والعبادلة الثلاثة في الايلاء يقع به تطليقة بمضي أربعة أشهر قلت روى عبد الرزاق في مصنفه ثنا معمر عن عطاء الخراساني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن عثمان بن عفان وزيد بن ثابت كانا يقولان في الايلاء إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة واحدة وهي أحق بنفسها وتعتد عدة المطلقة انتهى حدثنا معمر وابن عيينة عن أيوب عن أبي قلابة قال آلى النعمان من امرأته وكان جالسا عند بن مسعود فضرب فخذه وقال إذا مضت أربعة أشهر فاعترف بتطليقة انتهى وفي الموطأ عن علي خلاف هذا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه كان يقول إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليه الطلاق فإن مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق أو يفئ انتهى أخبرنا معمر عن قتادة أن
[ 490 ]
علي وابن مسعود وابن عباس قالوا إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وهي أحق بنفسها وتعتد عدة المطلقة انتهى وأخرج نحوه عن عطاء وجابر بن زيد وعكرمة وابن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن ومكحول وأخرج الدارقطني في سننه حديث عطاء الخراساني ثم قال حدثنا أبو بكر الميموني قال ذكرت لاحمد بن حنبل حديث عطاء الخراساني عن أبي سلمة عن عثمان هذا فقال لا أدري ما هو قد روى عن عثمان خلافه قيل له من رواه قال حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن عثمان أنه يوقف ثم أخرج عن بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أن عمر بن الخطاب كان يقول إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وهو أملك بردها ما دامت في عدتها انتهى وابن إسحاق صرح فيه بالتحديث وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية
[ 491 ]
عن الاعمش عن حبيب عن سعيد بن جبير عن بن عباس وابن عمر قالا إذا آلى فلم يفئ حتى إذا مضت أربعة أشهر هي تطليقة بائنة انتهى وأخرج نحوه عن ابن الحنفية والشعبي والنخعي ومسروق والحسن وابن سيرين وقبيصة وسالم وأبي سلمة وفي البخاري عن بن عمر خلاف ما تقدم فقال حدثنا قتيبة ثنا الليث عن نافع عن ابن عمر أنه قال يقول الايلاء الذي سمى الله لا يحل لاحد بعد ذلك الاجل إلا أن يمسك بالمعروف أو يعزم بالطلاق كما أمر الله تعالى وقال لي إسماعيل بن أبي أويس حدثني مالك عن نافع عن بن عمر قال إذا مضت أربعة أشهر يوقف حتى يطلق ولا يقع عليه الطلاق حتى يطلق ويذكر ذلك عن عثمان وعلي وأبا الدرداء وعائشة وإثنى عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وفي موطأ مالك أنه بلغه عن مروان بن الحكم أنه كان يقضي في الرجل يولي من امرأته أنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة وله عليها الرجعة ما كانت في العدة قال مالك وعلى هذا كان رأي بن شهاب مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن أنهما كانا يقولان بنحو ذلك قوله روى عن بن عباس أنه قال لا إيلاء فيما دون أربعة أشهر قلت روى ابن
[ 492 ]
أبي شيبة في مصنفه حدثني علي بن مسهر عن سعيد عن عامر الاحول عن عطاء عن بن عباس قال إذا آلى من امرأته شهرا أو شهرين أو ثلاثة ما لم يبلغ الحد فليس بإيلاء انتهى وأخرج نحوه عن عطاء وطاوس وسعيد بن جبير والشعبي وأخرج
[ 493 ]
البيهقي عن بن عباس قال كان إيلاء الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله عزوجل أربعة أشهر فإن كان أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء انتهى كلامه باب الخلع الحديث الاول قال عليه السلام الخلع تطليقة بائنة قلت روى الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما من حديث عباد بن كثير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس
[ 494 ]
أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة بائنة انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بعباد بن كثير الثقفي وأسند عن البخاري قال تركوه وعن النسائي قال متروك الحديث وعن شعبة قال احذروا حديثه وسكت عنه الدارقطني إلا أنه أخرج عن بن عباس خلافه من رواية طاوس عن قال الخلع فرقة وليس بطلاق وهذا رواه عبد الرزاق في مصنفه وقال لو طلق رجل امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه حل له أن ينكحها ذكر الله الطلاق في أول الامر وفي آخره والخلع بينهما انتهى حديث آخر مرسل رواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا بن جريج عن داود بن أبي عاصم عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الخلع تطليقة انتهى وكذلك رواه بن أبي شيبة أثر رواه مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن جمهان مولى الاسلميين عن أم بكر الاسلمية أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن خالد بن أسيد فأتيا عثمان بن عفان في ذلك هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت انتهى ومن طريق مالك رواه البيهقي ونقل عن أبي داود السجستاني أنه سأل أحمد بن حنبل عن جمهان هذا فقال لا أعرفه وضعف الحديث من أجله واستدل بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا بحديث أخرجه أبو داود والترمذي عن هشام بن يوسف ثنا معمر
[ 495 ]
عن عمرو بن مسلم عن عكرمة عن بن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت منه فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتد بحيضة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه ال إلا أن عبد الرزاق أرسله عن معمر انتهى وتعقبه صاحب التنقيح وقال الحديث حجة لمن قال الخلع ليس بطلاق إذ لو كان طلاقا لم تعتد فيه بحيضة قال وعمرو بن مسلم هذا هو الجندي اليماني روى له مسلم ووثقه بن حبان وقال ابن حزم ليس بشئ ورد الحديث من أجله انتهى أثر آخر رواه مالك في الموطأ عن نافع أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمتها إلى عبد الله بن عمر فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان فبلغ ذلك عثمان فلم ينكره فقال بن عمر عدتها عدة المطلقة قال مالك إنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وابن شهاب كانوا يقولون عدة المختلعة ثلاثة قروء انتهى الحديث الثاني قال عليه السلام في امرأة ثابت بن قيس بن شماس أما الزيادة فلا وقد كان النشوز من جهتها قلت روى مرسلا عن عطاء وعن أبي الزبير فحديث عطاء رواه أبو داود في مراسيله عنه قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها فقال أتردين عليه حديقته التي أصدقك قالت نعم وزيادة
[ 496 ]
قال أما الزيادة فلا انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص عن ابن جريج عن عطاء فذكره ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عطاء به ورواه الدارقطني في سننه عن غندر عن بن جريج به قال الدارقطني هذا
[ 497 ]
مرسل وقد أسنده الوليد عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس والمرسل أصح انتهى
[ 500 ]
وحديث أبي الزبير أخرجه الدارقطني في سننه عن حجاج عن ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت عبد الله بن أبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته التي أعطاك قالت نعم وزيادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما الزيادة فلا ولكن حديقته قالت نعم فأخذها وخلى سبيلها انتهى قال سمعه أبو الزبير من غير واحد ثم أخرج عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يأخذ الرجل من المختلعة أكثر مما أعطاها انتهى أحاديث الباب روى بن ماجة في سننه حدثنا أزهر بن مروان ثنا عبد الاعلى بن عبد الاعلى ثنا سعيد بن أبي عروبه عن قتادة عن عكرمة عن بن عباس أن جميله بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت والله ما أعتب على ثابت في دين ولا خلق ولكني
[ 501 ]
أكره الكفر في الاسلام لا أطيقه بغضا فقال عليه السلام أتردين عليه حديقته قالت نعم فأمره عليه السلام أن يأخذ منها حديقته ولا يزداد انتهى ورواه الطبراني في معجمه عن عبيد الله بن عمر القواريري ثنا عبد الاعلى به والحديث في صحيح البخاري ليس في ذكر الزيادة أخرجه عن عكرمة عن بن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني أكره وفى رواية منقطعه ولكني لا أطيق الكفر في الاسلام فقال عليه السلام أتردين عليه حديقته قالت نعم فقال عليه السلام اقبل الحديقة وطلقها تطليقه انتهى وفى لفظ وأمره ففارقها وأخرجه بن ماجة عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كانت حبيبه بنت سهل تحت ثابت بن قيس وكان رجلا دميما فقالت يا رسول الله والله لولا مخافة الله لبصقت في وجهه إذا دخل علي فقال عليه السلام أتردين عليه حديقته قالت نعم فردتها عليه وفرق بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواه أحمد في مسنده من حديث سهل بن أبي حثمه بلفظ بن ماجة هذا وسماها حبيية بنت سهل الانصارية وزاد فيه وكان ذلك أول خلع في الاسلام وتقدم عند ابن ماجة أيضا جميله وتقدم اسمها عند الدارقطني زينب فالله أعلم ورواه أبو داود من حديث عمرة عن عائشة أن حبيبه بنت سهل فذكره بنحوه وفى البخاري سماها جميله والله أعلم باب الظهار
[ 502 ]
الحديث الاول قال عليه السلام للذي واقع في ظهاره قبل الكفارة استغفر الله ولا تعد حتى تكفر قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن معمر عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس أن رجلا ظاهر من امرأته فوقع عليها قبل أن يكفر فقال عليه السلام ما حملك على ذلك قال رأيت خلخالها في ضوء القمر وفي لفظ بياض ساقيها قال فاعتزلها حتى تكفر عنك انتهى ولفظ بن ماجة فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن لا يقربها حتى يكفر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب انتهى وأخرجه أبو داود عن سفيان عن الحكم بن أبان عن عكرمة أن
[ 503 ]
رجلا فذكره مرسلا وكذلك أخرجه عن إسماعيل عن الحكم به مرسلا وكذلك
[ 504 ]
أخرجه هو والنسائي عن معتمر بن سليمان عن الحكم به مرسلا ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا معمر به مرسلا ومن طريق عبد الرزاق رواه النسائي أيضا وقال والمرسل أولى بالصواب انتهى قال المنذري في مختصره قال أبو بكر المعافري ليس هذا الحديث صحيحا يعول عليه قال وفيما قاله نظر فقد صححه الترمذي ورجاله ثقات مشهور سماع بعضهم من بعض انتهى طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن إسماعيل بن مسلم عن عمرو بن دينار عن طاوس عن بن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال إني ظاهرت من امرأتي ثم وقعت عليها قبل أن أكفر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم يقل الله من قبل أن يتماسا قال أعجبتني قال أمسك حتى تكفر انتهى ثم أخرجه عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس نحوه وقال لم يحتج الشيخان بإسماعيل بن مسلم ولا بالحكم بن أبان والحكم بن أبان صدوق انتهى ورواه البزار في مسنده بالسند الاول وقال لا يروي عن بن عباس بأحسن من هذا وإسماعيل بن مسلم تكلم فيه وروى عنه جماعة من أهل العلم وفيه من الفقه أنه لم يأمره إلا بكفارة واحدة انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر البياضي عن النبي صلى الله عليه وسلم في المظاهر يواقع قبل أن يكفر قال كفارة واحدة انتهى وقال حديث حسن غريب انتهى وكذلك رواه بن ماجة ولم أجد ذكر الاستغفار في شئ من طرق الحديث وهو في
[ 505 ]
الموطأ من قول مالك ولفظه قال مالك فيمن يظاهر من امرأته ثم يمسها قبل أن يكفر قال يكف عنها حتى يستغفر الله ويكفر قال وذلك أحسن ما سمعت انتهى فصل في الكفارة
[ 506 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام المكاتب عبد ما بقي عليه درهم قلت أخرجه أبو داود في سننه في العتاق عن إسماعيل بن عياش عن سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المكاتب عبد ما بقي عليه من
[ 507 ]
كتابته شئ انتهى وسيأتي في كتاب المكاتب إن شاء الله تعالى
[ 508 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام في حديث أوس بن الصامت وسهل بن صخر لكل مسكين نصف صاع قلت هكذا وقع في الهداية وصوابه وسلمة بن صخر والحديث غريب وعند الطبراني في معجمه في حديث أوس بن الصامت قال فأطعم ستين مسكينا ثلاثين صاعا قال لا أملك ذلك إلا أن تعينني فأعانه النبي صلى الله عليه وسلم بخمسة عشر صاعا وأعانه الناس حتى بلغ انتهى وروى أبو داود من طريق ابن إسحاق عن معمر بن عبد الله بن حنظلة عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن خويلة بنت مالك بن ثعلبة قالت ظاهر مني زوجي أوس بن الصامت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشكوه إليه وهو يجادلني فيه ويقول اتقي الله فإنما هو بن عمك فما برحت حتى أنزل القرآن قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها الآية فقال عليه السلام
[ 509 ]
يعتق رقبة قالت لا يجد قال فيصوم شهرين متتابعين قالت إنه شيخ كبير لا يستطيع أن يصوم قال يطعم ستين مسكينا قالت ليس عنده شئ يتصدق به قال فإني أعينه بعرق من تمر قالت يا رسول الله وأنا أعينه بعرق آخر قال أحسنت اذهبي فاطعمي بها عنه ستين مسكينا وارجعي إلى بن عمك قال والعرق ستون صاعا انتهى ثم أخرج عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال العرق زنبيل يأخذ خمسة عشر صاعا انتهى وهذه الرواية الثالثة شاهدة لنا
[ 510 ]
باب اللعان
[ 511 ]
الحديث الاول قال عليه السلام أربعة لا لعان بينهم وبين أزواجهم اليهودية
[ 512 ]
والنصرانية تحت المسلم والمملوكة تحت الحر والحرة تحت المملوك قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن بن عطاء عن أبيه عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعة من النساء لا ملاعنة بينهم النصرانية تحت المسلم واليهودية تحت المسلم والمملوكة تحت الحر والحرة تحت المملوك انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب به وقال عن جده عبد الله بن عمرو مرفوعا أربعة ليس بينهم لعان ليس بين الحر والامة لعان وليس بين الحرة والعبد لعان وليس بين المسلم واليهودية لعان وليس بين المسلم والنصرانية لعان انتهى قال الدارقطني والوقاصي متروك الحديث ثم أخرجه عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه عن عمرو بن شعيب به قال وعثمان بن عطاء الخراساني ضعيف الحديث جدا وتابعه يزيد بن زريع عن عطاء وهو ضعيف أيضا وروى عن الاوزاعي وابن جريج وهما إمامان عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده قوله ولم يرفعاه ثم أخرجه كذلك موقوفا ثم أخرجه عن عمار بن مطر ثنا حماد بن عمرو عن زيد بن رفيع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عتاب بن أسيد أن لا لعان بين أربع فذكر نحوه قال وعمار بن مطر وحماد بن عمرو وزيد بن رفيع ضعفاء انتهى وقال البيهقي في المعرفة هذا حديث رواه عثمان بن عطاء ويزيد بن زريع الرملي عن عطاء الخراساني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة لا ملاعنة بينهم النصرانية تحت المسلم إلى آخره قال وعطاء الخراساني معروف بكثرة الغلط وابنه عثمان وابن زريع ضعيفان ورواه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي عن عمرو بن شعيب به وهو متروك الحديث ضعفه يحيى بن معين وغيره من الائمة ورواه عمار بن مطر عن حماد بن عمرو عن زيد بن رفيع عن عمرو بن شعيب وعمار بن مطر وحماد بن عمرو
[ 513 ]
وزيد بن رفيع ضعفاء وروى عن بن جريج والاوزاعي وهما إمامان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده موقوفا وفي ثبوته موقوفا أيضا نظر فان راويه عن ابن جريج والاوزاعي عمرو بن هارون وليس بالقوي ورواه يحيى بن أبي أنيسة أيضا عن عمرو بن شعيب به موقوفا وهو متروك ونحن إنما نحتج بروايات عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إذا كان الراوي عنه ثقة وانضم إليه ما يؤكده ولم نجد لهذا الحديث طريقا صحيحا إلى عمرو والله أعلم انتهى كلامه قوله وقال زفر تقع الفرقة بتلاعنهما لانه تثبت الحرمة المؤبدة بالحديث كأنه يشير إلى حديث المتلاعنان لا يجتمعان أبدا وسيأتي وهو قول مالك الحديث الثاني حديث كذبت عليها إن أمسكتها قلت رواه البخاري ومسلم من حديث بن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أن عويمرا العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي فقال له يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل سل لي يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكره عليه السلام المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع عاصم إلى أهله جاء عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 514 ]
فقال عاصم لم تأتني بخير قد كره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل التي سألته عنها فقال عويمر والله لا أنتهي حتى أسأله عنها فأقبل عويمر حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو وسط الناس فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل فقال عليه السلام قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآنا فاذهب فأت بها قال سهل فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها عويمر ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن شهاب فكانت تلك سنة المتلاعنين انتهى ورواه أبو داود وقال فيه فطلقها ثلث تطليقات فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ما صنع عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة قال سهل حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا انتهى وفي هذه الالفاظ كلها دليل على أن الفرقة لم تقع باللعان وكذا في حديث بن عمر أن رجلا لاعن امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففرق عليه السلام بينهما وألحق الولد بأمه أخرجاه في الصحيحين دليل على ذلك وإلا لم يكن لتفريقه عليه السلام فائدة قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي إن الفرقة تقع بنفس اللعان وعويمر حين طلقها ثلاثا كان جاهلا بأن اللعان فرقة فصار كمن شرط الضمان في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشترط وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بن عمر تفريق حكم لا لفرقة الزوج وقول سهل بن سعد والزهري في الحديث فكانت تلك سنة المتلاعنين أي الفرقة قال البيهقي والذي يدل على ذلك ما أخرجه أبو داود في سننه عن عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس في قصة هلال بن أمية ولعانه قال وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ليس لها عليه قوت ولا سكنى من أجل أنهما يفترقان بغير طلاق ولا متوفى عنها انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق وقوله عليه السلام لا سبيل لك عليها ليس معناه الفرقة ولكنه ظن أن له المطالبة بالمهر ولهذا في تمام الحديث قال يا رسول الله مالي قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها انتهى كلامه
[ 515 ]
الحديث الثالث قال عليه السلام المتلاعنان لا يجتمعان أبدا قلت رواه أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن عمرو بن السرج ثنا بن وهب عن عياض بن عبد الله الفهري وغيره عن بن شهاب عن سهل بن سعد في هذا الخبر قال فطلقها ثلاث تطليقات فأنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سهل حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن فروة بن أبي المغراء ثنا أبو معاوية عن محمد بن زيد عن سعيد بن جبير عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدا انتهى قال صاحب التنقيح إسناده جيد حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الرحمن بن هانئ عن أبي مالك عن عاصم عن زر عن علي وعبد الله قالا مضت السنة أن لا يجتمع المتلاعنان أبدا انتهى قال في التنقيح عبد الرحمن بن هانئ هو أبو نعيم النخعي وقد أخرجه أحمد وابن معين وغيرهما انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه المتلاعنان لا يجتمعان أبدا موقوفا على عمر وابن مسعود وعلي ورواه بن أبي شيبة في مصنفه موقوفا على عمر وابن عمر وابن مسعود لم يروياه مرفوعا أصلا
[ 516 ]
الحديث الرابع روى أنه عليه السلام نفى ولد امرأة هلال بن أمية عن هلال وألحقه بها قلت أخرجه أبو داود عن عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس قال جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم فجاء من أرضه عشاء فوجد عند أهله رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنه فلم يهجه حتى أصبح ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني جئت إلى أهلي عشاء فرأيت بعيني وسمعت بأذني فبعث عليه السلام فأتى بامرأته فوعظهما وذكرهما ثم لاعن بينهما إلى أن قال ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وقضى أن لا يدعي ولدها لاب ولا ترمي ولا يرمي ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها قال عكرمة فكان ولدها بعد
[ 517 ]
ذلك أميرا على مصر ولا يدعي لاب مختصر ورواه أحمد في مسنده وهو معلول بعباد بن منصور قال البخاري عباد بن منصور روى عن بن أبي يحيى الاسلمي عن داود بن الحصين عن عكرمة أشياء ربما نسيها فجعلها عن عكرمة انتهى وقال الساجي ضعيف مدلس وكان ينسب إلى القدر وقال بن القطان في كتابه قال بن معين عباد بن منصور ضعيف قدري وقال بن حبان كان قدريا داعية إلى القدر وكل ما روى عن عكرمة سمعه من بن أبي يحيى عن داود فدلسها على عكرمة انتهى وقال في التنقيح عباد بن منصور وثقه يحيى القطان وقال بن معين ليس بشئ وقال أبو حاتم الرازي كان ضعيف الحديث يكتب حديثه انتهى وفي قوله فرأيت بعيني وسمعت بأذني دليل على أن اللعان كان لرميها بالزنا لا بنفي الحمل وفي الصحيحين عن بن عباس قال ذكر التلاعن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه وكان ذلك الرجل يعني زوج المرأة مصفرا قليل اللحم سبط الشعر وكان الذي ادعى عليه أنه وجده عند أهله خدلا كثير اللحم فقال عليه السلام اللهم بين فوضعت شبيها بالذي ذكر زوجها أنه وجده عند أهله فلاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وفي هذا أن اللعان كان بعد الوضع فالله أعلم حديث آخر أخرجاه في الصحيحين عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رجلا لاعن امرأته في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة انتهى الحديث الخامس روى أنه عليه السلام نفى الولد عن هلال وقد قذفها حاملا
[ 518 ]
قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده في حديث عباد بن منصور المتقدم عند أبي داود ثنا عكرمة عن بن عباس قال لما نزلت والذين يرمون المحصنات إلى أن قال فجاء هلال بن أمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت بعيني وسمعت بأذني فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بامرأته فوعظهما وذكرهما ثم لاعن بينهما إلى أن قال ثم قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفرق بينهما وليس لها عليه قوت ولا سكنى ولا نفقة ولا ميراث بينهما فكانت حاملا من غير طلاق ولا متوفى عنها زوجها وأمر أن لا يدعى ولدها للاب ولا يرمى ولدها فمن رماها أو رمى ولدها جلد الحد قال عباد بن منصور فحدثني عكرمة أنه رأى هذا الغلام أمير مصر من الامصار يخطب على منبرها لا يعرف أبوه مختصر وروى البخاري في صحيحه عن
[ 519 ]
بن جريج به سندا ومتنا ليس فيه فأنكره ولفظه أخبرنا بن جريج عن ابن شهاب عن سهل بن سعد الساعدي أن عويمر العجلاني جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين فقال له عليه السلام قد قضى الله فيك وفي امرأتك قال فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد فلما فرغا قال كذبت عليها إن امسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغا من التلاعن فقال عليه السلام ذلك التفريق بين كل متلاعنين وكانت حاملا فكان ابنها يدعى لامه انتهى زاد مسلم قال سهل وكانت حاملا فكان ابنها ينسب إلى أمه ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض الله لها الحديث وقوله فكان ابنها إلى آخره هو عند البخاري من قول الزهري وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني أبو الزناد عن القاسم بن محمد عن بن عباس قال لاعن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى وقال زوجها ما قربتها منذ عفار النخل وعفار النخل أنها كانت لا تسقى بعد الابار شهرين فقال عليه السلام اللهم بين فجاءت بولد على الوجه المكروه إلى أخره وروى بن سعد في الطبقات في ترجمة عويمر أخبرنا محمد بن عمر هو الواقدي حدثني الضحاك بن عثمان عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن جعفر قال شهدت عويمر بن الحارث العجلاني وقد رمى امرأته بشريك بن السحماء وأنكر حملها فلاعن بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حامل فرأيتهما يتلاعنان قائمين عند المنبر ثم ولدت فألحق الولد بالمرأة وجاءت به أشبه الناس بشريك بن السمحاء وكان عويمر قد لامه قومه وقالوا امرأة لا نعلم عليها إلا خيرا فلما جاء الشبه بشريك عذروه وعاش المولود بعد ذلك سنتين ثم مات وعاشت أمه بعده يسيرا وصار شريك بعد ذلك عند الناس بحال سوء ولم يبلغنا أنه أحدث توبة قال الواقدي وحدثني غير الضحاك بن عثمان أن عويمرا قال والله يا رسول الله ما قربتها منذ عفار النخل فقال عليه السلام اللهم بين وقال انظروا فان جاءت به كذا فهو لزوجها وإن جاءت به كذا فهو للذي تتهم به فأتت به على الوجه المكروه فألحق عليه السلام الولد بالمرأة وقال لا يدعى لاب ولكن يدعى لامه ومن رماه أو رمى أمه فعليه الحد
[ 520 ]
وقضى أنه لا قوت لها عليه ولا سكنى ولا عدة ولم يجلد رسول الله صلى الله عليه وسلم عويمرا في قذفه شريك بن السحماء وشهد عويمر بن الحارث وشريك بن السحماء أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وفي هذا أن الولد عاش سنتين وفي خبر هلال أنه عاش حتى صار أميرا على مصر فالجمع بينهما بأنهما واقعتان أولى من القول بالتعارض والله أعلم والمصنف استدل بهذا الحديث للشافعي على ان الزوجين إذا تلاعنا على نفي الحمل فان القاضي ينفيه وعندنا لا ينفيه واستدل بالذي قبله على أنهما إذا تلاعنا على نفي الولد فإنه ينفي قولا واحدا باب العنين قوله روى عن عمر وعلي وابن مسعود يؤجل العنين سنة قلت أما الرواية عن عمر فلها طرق منها ما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال قضى عمر بن الخطاب في العنين أن يؤجل سنة قال معمر
[ 521 ]
وبلغني أن التأجيل من يوم تخاصمه انتهى وكذلك رواه الدارقطني في سننه ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يزيد بن هارون عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عمر أنه أجل العنين سنة انتهى زاد في لفظ وقال إن أتاها وإلا فرقوا بينهما ولها الصداق كاملا انتهى وقرن في هذا بين سعيد بن المسيب والحسن البصري طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا إسماعيل
[ 522 ]
بن مسلم المكى عن الحسن عن عمر بن الخطاب أن امرأة أتته فأخبرته أن زوجها لا يصل إليها فأجله حولا فلما انقضى حول ولم يصل إليها خيرها فاختارت نفسها ففرق بينهما عمر وجعلها تطليقة بائنة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن الحسن عن عمر قال يؤجل العنين سنة فان وصل إليها وإلا فرق بينهما انتهى طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم عن محمد بن سالم عن الشعبي أن عمر بن الخطاب كتب إلى شريح أن يؤجل العنين سنة من يوم يرفع إليه فإن استطاعها وإلا فخيرها فإن شاءت أقامت وإن شاءت فارقته انتهى حدثنا هشيم عن بن أبي ليلى عن الشعبي به وأما حديث علي فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو خالد الاحمر عن محمد بن إسحاق عن خالد بن كثير عن الضحاك عن على قال يؤجل العنين سنة فان وصل إليها وإلا فرق بينهما انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم عن يحيى عن علي قال يؤجل العنين سنة فان أصابها وإلا فهي أحق بنفسها انتهى الله تعالى وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن الركين بن الربيع بن عميلة عن أبيه عن حصين بن قبيصة عن عبد الله بن مسعود قال يؤجل العنين سنة فان جامع وإلا فرق بينهما انتهى ورواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري به وأخرجه الدارقطني في سننه عن سفيان عن الركين عن أبيه سمعت أبي وحصين بن قبيصة يحدثان عن عبد الله فذكره هكذا وجدته أثر آخر عن المغيرة بن شعبة رواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا وكيع عن سفيان عن الركين عن أبي حنظلة النعمان عن المغيرة بن شعبة انه أجل العنين سنة انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن سفيان عن الركين عن أبي النعمان عن المغيرة بن شعبة قال
[ 523 ]
يؤجل العنين سنة وعن شعبة عن الركين عن أبي طلق عن المغيرة نحوه وعن الحجاج بن أرطاة عن الركين عن حنظلة بن نعيم أن المغيرة بن شعبة أجل العنين سنة من يوم رافعته قال وكذلك قال سفيان ومالك من يوم ترافعه انتهى وأخرج بن أبي شيبة عن الحسن والشعبي والنخعي وعطاء وابن المسيب أنهم قالوا يؤجل العنين سنة انتهى حديث قال عليه السلام فر من المجذوم فرارك من الاسد قلت أخرجه البخاري تعليقا عن سعيد بن ميناء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم فرارك من الاسد أو قال من الاسود انتهى باب العدة
[ 524 ]
الحديث الاول قال عليه السلام عدة الامة حيضتان قلت تقدم في الطلاق في الحديث الخامس والمصنف استدل به هنا على أن القرء اسم للحيض قوله قال عمر لو استطعت لجعلتها حيضة ونصفا قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عمرو بن دينار أنه سمع عمرو بن أوس الثقفي يقول أخبرني رجل من ثقيف قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لو استطعت أن أجعل عدة الامة حيضة ونصفا فعلت فقال له رجل لو جعلتها شهرا ونصفا فسكت عمر انتهى ورواه الشافعي في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا سفيان بن عيينة
[ 525 ]
عن عمرو بن دينار به ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في كتاب المعرفة قوله قال بن مسعود من شاء باهلته أن سورة النساء القصرى نزلت بعد الآية التي في سورة البقرة قلت أخرجه البخاري في تفسير سورة الطلاق وفي أوائل البقرة عنه قال أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون رخصة لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة بلفظ من شاء لاعنته لانزلت سورة النساء القصرى بعد الاربعة أشهر وعشرا انتهى وأخرجه البزارفي مسنده عن علقمة عنه بلفظ من شاء حالفته ان وأولات الاحمال أجلهن ان يضعن حملهن نزلت بعد آية المتوفى فإذا وضعت المتوفى عنها حملها فقد حلت وقرأ والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا الآية انتهى وروى عبد الله بن أحمد في مسند أبيه من حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر وعن أبي بن كعب قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وأولات الاحمال أجلهن ان يضعن حملهن المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها فقال هي المطلقة ثلاثا والمتوفى عنها انتهى والمثنى بن الصباح متروك بمرة ورواه الطبري وابن أبي حاتم في تفسيريهما في سورة الطلاق من حديث بن لهيعة عن عمرو به وابن لهيعة أيضا ضعيف ورواه الطبري أيضا من حديث بن عيينة عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن أبي بن كعب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية فقال أجل كل حامل ان تضع ما في بطنها انتهى
[ 526 ]
وعبد الكريم مع ضعفه لم يدرك أبيا قوله قال عمر رضي الله عنه لو وضعت وزوجها على سريره لانقضت عدتها وحل لها ان تتزوج قلت رواه مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر انه سئل عن المرأة التي يتوفى زوجها وهي حامل فقال إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الانصار ان عمر قال لو وضعت وزوجها على سريره لم يدفن بعد
[ 527 ]
لحلت انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده وكذلك رواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن أيوب عن نافع به سواء ورواه هو وابن أبي شيبة في مصنفيهما عن بن عيينة عن الزهري عن سالم قال سمعت رجلا من الانصار يحدث بن عمر يقول سمعت أباك يقول لو وضعت المتوفي عنها زوجها ذا بطنها وهو على السرير لقد حلت انتهى وفيه رجل مجهول أحاديث الباب منها حديث سبيعة الاسلمية أخرجه البخاري ومسلم عن كريب مولى بن عباس عن أم سلمة قال إن سبيعة الاسلمية نفست بعد وفاة زوجها بليال وأنها ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرها أن تتزوج انتهى وفي لفظ للبخاري أنها وضعت بعد وفاة زوجها بأربعين ليلة وفي لفظ آخر فمكثت قريبا من عشر ليال ثم جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنكحي انتهى وأخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عمر بن عبد الله بن الارقم أنه دخل على سبيعة بنت الحارث الاسلمية فسألها عن حديثها فأخبرته أنها كانت تحت سعد بن خولة وهو من بني عامر بن لؤي وكان ممن شهد بدرا فتوفى عنها في حجة الوداع وهي حامل فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته فلما فرغت من نفاسها تجملت للخطاب فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فقال لها مالي أراك متجملة لعلك ترجين النكاح والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشرا قالت سبيعة فلما قال لي ذلك جمعت علي ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج إن بدا لي قال بن شهاب ولا أرى بأسا أن تتزوج حين وضعت وإن كانت في دمها غير أنه لا يقربها زوجها حتى تطهرانتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة مسلم من رواية سبيعة أنها نفست بعد وفاة
[ 528 ]
زوجها بليال إلى آخره وتعقبه بن القطان في كتابه وقال إن هذا خطأ فإن سبيعة لم ترو هذا الحديث ولا رواه أحد عنها وإنما هي صاحبة القصة كأبي جهم في قصة الابنجانية وذي اليدين في قصة السهو فلو روى راو حديث السهو عن ذي اليدين أو حديث الابنجانية وذي اليدين عن أبي الجهم لكان مخطئا فكذلك هذا وإنما راويه أم سلمة ثم ذكر لفظ الصحيحين فيه من جهة أم سلمة انتهى وهذا وهم فاحش فقد أخرجاه من حديثها كما قدمناه وكذا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وليس لها في الكتب الستة غير هذا الحديث وقد ذكره أصحاب الاطراف في مسندها وكذلك الحميدي في الجمع بين الصحيحين حديث آخر رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما قال الاول حدثنا محمد بن بشر العبدي وقال الثاني حدثنا سفيان الثوري قالا ثنا عمرو بن ميمون بن مهران عن أبيه عن الزبير بن العوام أنه كانت تحته أم كلثوم وكان فيه شدة على النساء فكرهته فسألته أن يطلقها وهي حامل فأبى فلما ضربها الطلق ألحت عليه في تطليقه فطلقها واحدة وهو يتوضأ ثم خرج فأدركه إنسان فأخبره أنها وضعت فقال خدعتني خدعها الله فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال سبق كتاب الله فيها اخطبها فقال إنها لا ترجع إلي أبدا انتهى قوله روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال عدة أم الولد ثلاث حيض قلت
[ 529 ]
غريب والمصنف استدل به لاصحابنا على أن عدة أم الولد ثلاث حيض في عتق أو وفاة وقال الشافعي حيضة واحدة ولكن روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس عن الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن عمرو بن العاص أمر أم ولد أعتقت أن تعتد ثلاث حيض وكتب إلى عمر فكتب بحسن رأيه انتهى وأخرجه أيضا عن الحارث عن علي وعبد الله قالا ثلاث حيض إذا مات عنها يعني أم الولد وأخرجه عن إبراهيم النخعي وابن سيرين والحسن البصري وعطاء وروى أيضا حدثنا الثقفي عن يحيى بن سعيد قال سمعت القاسم وذكر له أن عبد الملك بن مروان فرق بين نساء ورجالهن كن أمهات أولاد ونكحن بعد حيضة أو حيضتين حتى يعتددن أربعة أشهر وعشرا فقال سبحان الله إن الله يقول في كتابه والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا أتراهن من الازواج انتهى وروى بن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس عن قبيصة بن ذؤيب عن عمرو بن العاص قال لا تلبسوا علينا سنة نبينا عدة أم الولد المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا انتهى ورواه
[ 530 ]
الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما قال الدارقطني وقبيصة لم يسمع من عمرو وفي لفظ له قال عدة أم الولد عدة الحرة إذا توفى عنها سيدها أربعة أشهر وعشرا وإذا عتقت ثلاث حيض انتهى وقال البيهقي قال أحمد بن حنبل هذا حديث منكر
[ 531 ]
وقبيصة لم يسمع من عمرو والصواب موقوف انتهى ورواه أبو داود وابن ماجة قوله روى عن علي وابن مسعود وابن عباس ان ابتداء العدة في الطلاق عقيب
[ 532 ]
الطلاق وفي الوفاة عقيب الوفاة قلت أما حديث على فأخرجه البيهقي عنه قال العدة من يوم يموت أو تطلق انتهى وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ويحيى بن آدم عن شريك عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال العدة من يوم يموت أو تطلق انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عمرو بن الخالد الحراني ثنا أبي أنبأ زهير عن أبي إسحاق عن الاسود ومسروق وعبيدة عن عبد الله فذكره وأما حديث بن عباس فغريب وذكر انه في كتاب بن المنذر وروى ابن أبي شيبة حدثنا بن علية عن أيوب عمرو بن دينار عن جابر بن زيد يحسبه عن ابن عباس قال العدة من يوم يموت انتهى أثر آخر رواه بن أبي شيبة حدثنا أبو معاوية عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال عدتها من يوم طلقها ومن يوم يموت عنها انتهى وهذا سند صحيح وأخرج نحوه عن عطاومجاهد وابن المسيب وسعيد بن جبير وابن سيرين وعكرمة ونافع وأبي قلابة وأبي العالية والشعبي والنخعي والزهري وعبد الرحمن بن يزيد ومكحول بأسانيد جيدة
[ 533 ]
فصل الحديث الثاني قال عليه السلام لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت فوق ثلاثة أيام الا على زوجها أربعة أشهر وعشراقلت روى من حديث أم عطية ومن حديث أم حبيبة ومن حديث حفصة ومن حديث زينب بنت جحش ومن حديث عائشة فحديث أم عطية أخرجه الجماعة الا الترمذي عن حفصة عن أم عطية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوح أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا الا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا الا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار انتهى وفي لفظ للبخاري ومسلم وقد رخص للمرأة في طهرها إذا اغتسلت من حيضتها في نبذة من قسط أو اظفار وحديث أم حبيبة أخرجه الجماعة الا بن ماجة عن زينب عن أم حبيبة انها لما توفى أبوها أبو سفيان فدعت بطيب فدهنت جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت والله مالي بالطيب من حاجة غير انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج أربعة أشهر وعشرا انتهى وفي لفظ للبخاري فوق ثلاثة أيام وحديث حفصة أخرجه مسلم عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن
[ 534 ]
بالله واليوم الآخر ان تحد على ميت فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها فانها تحد عليه أربعة اشهر وعشرا انتهى حديث مرسل مخالف لما تقدم أخرجه أبو داود في مراسيله عن عمرو بن شعيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للمرأة أن تحد على زوجها حتى تنقضي عدتها وعلى من سواه ثلاثة أيام انتهى وذكره عبد الحق في احكامه من جهته وقال الصحيح حديث أم عطية وحديث زينب بنت جحش أخرجه البخاري ومسلم عن زينب بنت أبي سلمة قالت دخلت على زينب بنت جحش حين توفى أخوها فدعت بطيب فمست منه ثم قالت والله مالي بالطيب من حاجة إلى آخر لفظ أم حبيبة سواء وحديث عائشة أخرجه مسلم عن عروة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلى على زوجها انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث على وجوب الاحداد على المتوفى عنها زوجها وفيه نظر ولكن الصريح في ذلك حديث أم سلمة أخرجه البخاري ومسلم قالت جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتى توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال عليه السلام لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا ثم قال انما هي أربعة اشهر وعشر مختصر وفي لفظ للبخاري فلا حتى يمضى أربعة اشهر وعشر وتقدم في حديث أم عطية ولا تلبس ثوبا مصبوغا ولا تكتحل ولا تمس طيبا وهذا ظاهره في وجوب الاحداد وتقدم أيضا فيه ورخص للمرأة في طهرها نبذة من قسط أو اظفار وهذا صريح في الوجوب أيضا الحديث الثالث روى انه عليه السلام نهى المعتدة ان تختضب بالحناء وقال الحناء طيب قلت تقدم في جنايات الحج حديث الحناء طيب وحديث نهي
[ 535 ]
المعتدة عن الحناء أخرجه أبو داود في سننه عن أم حكيم بنت اسيد عن أمها عن مولاة لها عن أم سلمة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا في عدتي من وفاة أبي سلمة لا تمتشطى بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب قلت فبأي شئ امتشط يا رسول الله قال بالسدر تغلفين به رأسك انتهى وذكره عبد الحق في احكامه من جهة أبي داود وقال ليس لهذا الحديث إسناد يعرف انتهى والظاهر انه لفظ المصنف حديثان ويحتمل انه حديث واحد كما ذكره السروجى في الغاية وعزاه للنسائي ولفظه نهى المعتدة عن الكحل والدهن والخضاب بالحناء وقال الحناء طيب انتهى وهم منه والمنصف استدل بهذا الحديث على أن المعتدة عليها الاحداد كالمتوفى عنها زوجها وفيه خلاف الشافعي فتعين ان يكون الحديث كما أورده المصنف حديثا واحدا وحديث أبي داود هذا اجنى عن المقصود والذي ذكره السروجى مطابق الا انى ما وجدته الحديث الرابع روى أنه عليه السلام لم يأذن للمعتدة في الاكتحال والدهن قلت أما الاكتحال فأخرجه الائمة الستة في كتبهم مختصرا ومطولا عن زينب بنت أم سلمة عن أمها ان امرأة توفى عنها زوجها فخافوا على عينيها فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنوه في الكحل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حتى تمضى أربعة اشهر وعشرا انتهى
[ 536 ]
وفي لفظ لهم قالت جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان ابنتى توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها فقال عليه السلام لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول لا ثم قال انما هي أربعة اشهر وعشرا انتهى ولم يرد المصنف هنا بالمعتدة غير المتوفى عنها ولكنه قصد التعميم وأما الدهن فغريب انتهى الحديث الخامس قال عليه السلام السر النكاح قلت غريب وأخرج ابن
[ 537 ]
أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير عن منصور عن الشعبي في قوله تعالى ولكن لا تواعدوهن سرا لا يأخذ عليها عهدا وميثاقا ان لا تتزوج غيره ونقله أبو بكر الرازي عن بن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا ابن مجاهد عن أبيه عن بن عباس في قوله ولكن لا تواعدوهن سرا قال يقول انك من حاجتي انتهى حدثنا معمر عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال السر ان يأخذ عليها عهدا وميثاقا ان تحبس نفسها ولا تنكح غيره حدثنا الثوري عن سلمة بن كهيل عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير نحوه قوله قال بن عباس التعريض ان يقول إني أريد ان اتزوج وعن سعيد بن جبير انى فيك لراغب وانى أريد ان نجتمع قلت خبر بن عباس أخرجه البخاري في النكاح ولفظه وقال لي طلق حدثنا زائدة عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس لا جناح عليكم فيما عرضتم يقول انى أريد التزويج ولوددت انه تيسر لي امرأة صالحة وقال القاسم يقول انك علي كريمة وانى فيك لراغب وان الله لسائق إليك خيرا أو نحو هذا انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا الثوري عن
[ 538 ]
منصور بن المعتمر عن مجاهد عن بن عباس في الآية قال يقول انى لاريد التزويج انتهى وخبر سعيد بن جبير أخرجه البيهقي عنه الا ان يقولوا قولا معروفا قال يقول انى فيك لراغب وانى لارجو ان نجتمع انتهى الحديث السادس قال عليه السلام للذي قتل زوجها اسكني في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قلت أخرجه في السنن الاربعة عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب عن فريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري انها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله ان ترجع إلى أهلها في بنى خدره وان زوجها خرج في طلب اعبد له ابقوا حتى إذا كان بطرف القدوم لحقهم فقتلوه قالت فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ارجع إلى أهلي فان زوجي لم يترك لي مسكنا يملكه ولا نفقة قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم قالت فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد نادانى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أمرني فنوديت له فقال كيف قلت قالت فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي قال امكثى في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله قالت فاعتددت فيه أربعة اشهر وعشرا قالت فلما كان عثمان أرسل الي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح
[ 539 ]
ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي والشافعي وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم ورواه مالك في الموطأ أخبرنا سعد بن إسحاق به ومن طريقه رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والثمانين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وأخرجه الحاكم أيضا عن إسحاق بن سعد بن كعب ابن عجرة حدثتني زينب به قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد من الوجهين جميعا ولم يخرجاه قال محمد بن يحيى الذهلي هو حديث صحيح محفوظ وهما اثنان سعد بن إسحاق وهو اشهرهما وإسحاق بن سعد بن كعب وقد روى عنهما جميعا يحيى بن سعيد الانصاري فقد ارتفعت عنهما الجهالة انتهى كلامه بحروفه وقال
[ 540 ]
ابن عبد البر في التقصى رواه يحيى بن يحيى عن مالك فقال سعيد بن إسحاق وغيره من الرواة يقول سعد بن إسحاق وهو الاشهر انتهى كلامه وقال ابن القطان في كتابه قال بن حزم زينب بنت كعب مجهولة لم يرو حديثها غير سعد بن إسحاق وهو غير مشهور بالعدالة قال وليس عندي كما قال بل الحديث صحيح فان سعد بن إسحاق ثقة وممن وثقه النسائي وزينب كذلك ثقة وفي تصحيح الترمذي إياه توثيقها وتوثيق سعد بن إسحاق ولا يضر الثقة ان لا يروى عنه الا واحد وقد قال ابن عبد البر انه حديث مشهور انتهى حديث يشكل على المذهب أخرجه الدارقطني عن محبوب بن محرز عن أبي مالك النخعي عن عطاء بن السائب عن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر المتوفى عنها زوجها ان تعتد يث شاءت انتهى قال الدارقطني لم يسنده غير أبي مالك النخعي وهو ضعيف قال بن القطان ومحبوب بن محرز أيضا ضعيف وعطاء مختلط وأبو مالك اضعفهم فلذلك اعله الدارقطني به وذكر الجميع اصوب لاحتمال ان تكون الجناية من غيره انتهى كلامه
[ 541 ]
باب ثبوت النسب
[ 543 ]
الحديث الاول قال عليه السلام شهادة النساء جائزة فيما لا يستطيع الرجال النظر إليه قلت غريب وروى بن أبي شيبة في مصنفه في البيوع حدثنا عيسى بن يونس عن الاوزاعي عن الزهري قال مضت السنة ان تجوز شهادة النساء فيما لا يطلع عليه غيرهن من ولادات النساء وعيوبهن ويجوز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال وامرأتان فيما سوى ذلك انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن الزهري فذكره
[ 544 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه في كتاب الاقضية عن محمد بن عبد الملك الواسطي عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة انتهى قال الدارقطني محمد بن عبد الملك لم يسمع من الاعمش بينهما رجل مجهول وهو أبو عبد الرحمن المدائني ثم أخرجه عن محمد بن عبد الملك عن أبي عبد الرحمن المدائني عن الاعمش به وسيأتى الحديث في كتاب الشهادات قوله قالت عائشة رضي الله عنها الولد لا يبقى في البطن أكثر من سنتين ولو بظل مغزل قلت اخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننيهما من طريق بن المبارك ثنا داود بن عبد الرحمن عن بن جريج عن جميلة بنت سعد عن عائشة قالت ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول ظل عمود المغزل انتهى وفي لفظ قالت لا يكون الحمل أكثر من سنتين الحديث وأخرج الدارقطني أيضا ومن جهته البيهقي عن الوليد بن مسلم قال قلت لمالك بن أنس انى حدثت عن عائشة انها قالت
[ 545 ]
لا تزيد المرأة في حملها على سنتين قدر ظل المغزل فقال سبحان الله من يقول هذا هذه جارتنا امرأة محمد بن عجلان امرأة صدق وزوجها رجل صدق حملت ثلاثة أبطن في اثنى عشر سنة كل بطن في أربع سنين انتهى قال البيهقي وقول عمر ان امرأة المفقود تتربص أربع سنين يشبه ان يكون انما قاله لبقاء الحمل أربع سنين انتهى باب حضانة الولد ومن أحق به الحديث الاول روى ان امرأة قالت يا رسول الله ان ابني هذا كان بطني له وعاء
[ 546 ]
وحجرى له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه انه ينزعه منى فقال عليه السلام أنت أحق به ما لم تتزوجي قلت رواه أبو داود في سننه حدثنا محمود بن خالد السلمي ثنا الوليد عن أبي عمرو يعنى الاوزاعي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو ان امرأة قالت يا رسول الله ان ابني هذا كان بطني له وعاء وثديي له سقاء وحجرى له حواء وان أباه طلقني وأراد ان ينزعه منى فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أحق به ما لم تنكحي انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصحح إسناده وأخرجه الدارقطني في سننه عن بن جريج عن عمرو بن شعيب به ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا المثنى بن الصباح عن عمرو به وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده به سواء قوله واليه أشار الصديق رضي الله عنه بقوله ريقها خير له من شهد وعسل عندك يا عمر قاله حين وقعت الفرقة بينه وبين امرأته والصحابة حاضرون متوافرون قلت غريب بهذا اللفظ وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب طلق أم عاصم ثم اتى عليها وفي حجرها عاصم فأراد ان يأخذه منها فتجاذاباه بينهما حتى بكى الغلام
[ 547 ]
فانطلقا إلى أبي بكر فقال له أبو بكر يا عمر مسحها وحجرها وريحها خير له منك حتى يشب الصبي فيختار لنفسه انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا ابن جريج أخبرني عطاء الخراساني عن بن عباس قال طلق عمر بن الخطاب امرأته الانصارية أم ابنه عاصم فلقيها تحمله بمحسر وقد فطم ومشى فأخذ بيده لينتزعه منها ونازعها إياه حتى اوجع الغلام وبكى وقال أنا أحق بابني منك فاختصما إلى أبي بكر فقضى لها به وقال ريحها وحجرها وفراشها خير له منك حتى يشب ويختار لنفسه انتهى حدثنا سفيان الثوري عن عاصم عن عكرمة قال خاصمت امرأة عمر إلى أبي بكر وكان طلقها فقال أبو بكر هي أعطف وألطف وأرحم وأحنى وأرأف وهي أحق بولدها ما لم تتزوج انتهى ورواه مالك في الموطأ في كتاب القضاء أخبرنا يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد قال كانت عند عمر امرأة من الانصار فولدت له عاصما ثم فارقها عمر فركب يوما إلى قبا فوجد ابنه يلعب بفناء المسجد فأخذه بعضده فوضعه بين يديه على الدابة فأدركته جدة الغلام فنازعته إياه فأقبلا حتى أتيا أبا بكر فقال عمر ابني وقالت المرأة ابني فقال أبو بكر خل بينه وبينها فما راجعه عمر الكلام انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا بن عيينة عن يحيى بن سعيد به سواء ورواه البيهقي وزاد ثم قال أبو بكر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا توله والدة عن ولدها انتهى ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه حدثنا بن إدريس عن يحيى بن سعيد عن القاسم ان عمر بن الخطاب طلق جميلة بنت ثابت بن أبي الافلح فتزوجت فجاء عمر فأخذ ابنه فأدركته الشموس بنت أبي عامر الانصارية وهي أم جميلة فأخذته فترافعا إلى أبي بكر فقال لعمر خل بينها وبين ابنها فأخذته انتهى
[ 548 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام الخالة والدة قلت روى من حديث علي ومن حديث أبي مسعود ومن حديث أبي هريرة أما حديث على فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ وهبيرة بن يريم عن علي قال لما خرجنا من مكة أتتنا بنت حمزة تنادى يا عم يا عم فتناولتها بيدها فدفعتها إلى فاطمة فقلت دونك بنت عمك فلما قدمنا المدينة اختصمنا فيها انا وجعفر وزيد بن حارثة فقال جعفر بنت عمى وخالتها عندي يعنى أسماء بنت عميس وقال زيد بنت اخى وقلت انا أخذتها وهي ابنة عمى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي وأما أنت يا علي فمنى وانا منك وأما أنت يا زيد فأخونا ومولانا والجارية عند خالتها فإن الخالة والدة قلت يا رسول الله ألا تتزوجها قال ابنة اخى من الرضاعة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحديث رواه البخاري في صحيحه عن البراء بلفظ الخالة بمنزلة الام ورواه أبي داود من حديث علي بلفظ الخالة أم فالبخاري أخرجه في الشهادات وفي غزوة خيبر في باب عمرة القضاء عن أبي إسحاق عن البراء قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على ان يقيم بها ثلاثة أيام إلى ان قال فلما دخلها
[ 549 ]
ومضى الاجل اتوا عليا فقالوا له قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الاجل فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة يا عم يا عم فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة دونك ابنة عمك فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي أنا أحق بها وهي بنة عمي وقال جعفر ابنة عمى وخالتها تحتي وقال زيد ابنة اخى فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الام مختصر وأخرجه أبو داود عن عجير عن علي فذكر القصة وفيه فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر تكون عند خالتها وقال انما الخالة أم مختصر وأما حديث أبي مسعود فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أبو الشيخ محمد بن الحسن الاصبهاني وأحمد بن زهير التستري قالا ثنا محمد بن حرب النسائي ثنا يحيى
[ 550 ]
ابن عباد ثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن خالد بن سعد عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخالة والدة انتهى وأما حديث أبي هريرة فأخرجه العقيلي في كتابه عن يوسف بن خالد السمتي ثنا أبو هريرة المدني عن مجاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخالة والدة انتهى وأعله بيوسف هذا ووصفه بالكذب وقال لا يتابع عليه حديث آخر مرسل رواه بن سعد في الطبقات في ترجمة جعفر بن أبي طالب فقال أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه قال ان ابنة حمزة لتطوف بين الرجال إذ اخذ علي بيدها فألقاها إلى فاطمة في هودجها قال فاختصم فيها علي وجعفر وزيد بن حارثة حتى ارتفعت أصواتهم فأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي ابنة عمى وأنا أخرجتها وقال جعفر ابنة عمى وخالتها عندي وقال زيد ابنة اخى فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر وقال الخالة والدة فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم أي دار عليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما هذا يا جعفر قال شئ رأيت الحبشة تصنعه بملوكهم إذا أرضوهم انتهى
[ 551 ]
حديث آخر مرسل رواه بن المبارك في كتاب البر والصلة بسنده عن الزهري قال بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العم إذا لم يكن دونه اب والخالة والدة إذا لم يكن دونها أم انتهى الحديث الثالث روى انه عليه السلام خير قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن هلال بن أسامة عن أبي ميمونة سليم ويقال سلمان مولى من أهل المدينة رجل صدق قال بينما انا جالس مع أبي هريرة جاءته امرأة فارسية معها بن لها فادعياه وقد طلقلها زوجها فقالت يا أبا هريرة ورطنت بالفارسية زوجي يريد ان يذهب بابني فقال أبو هريرة استهما عليه ورطن لها بذلك فجاء زوجها فقال من يحاقنى في ولدى فقال أبو هريرة اللهم انى لا أقول هذا الا انى سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قاعد عنده فقالت يا رسول الله ان زوجي يريد ان يذهب بابني وقد سقاني من بئر أبي عنبة وقد نفعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما عليه فقال زوجها من يحاقنى في ولدى فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت فأخذ بيد أمه فانطلقت به انتهى أخرجه أبو داود والنسائي في الطلاق هكذا وأخرجه الترمذي وابن ماجة في الاحكام مختصرا بدون القصة ان النبي صلى الله عليه وسلم خير غلاما بين أبيه وأمه وقال الترمذي حديث حسن صحيح وأبو ميمونة اسمه سليم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من القسم الخامس بلفظ الترمذي وزاد فيه وان أبا هريرة خير غلاما بين أبيه وأمه ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الاحكام بلفظ أبي داود وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى قال بن القطان في كتابه هذا الحديث يرويه هلال بن أسامة عن أبي ميمونة سلمى مولى من أهل المدينة رجل
[ 552 ]
صدق عن أبي هريرة وأبو ميمونة هذا ليس مجهولا فقد كناه هلال بن أسامة بأبي ميمونة وسماه سلمى وذكر انه مولى من أهل المدينة ووصفه بأنه رجل صدق وهذا القدر كاف في الراوي حتى يتبين خلافه وأيضا فقد روى عن أبي ميمونة المذكور أبو النضر قاله أبو حاتم وروى عنه يحيى بن أبي كثير هذا الحديث نفسه كما رواه ابن أبي شيبة في مسنده حدثنا وكيع عن علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد طلقها زوجها فأراد ان يأخذ ابنها فقال عليه السلام استهما فيه فقال عليه السلام للغلام تخير أيهما شئت قال فاختار أمه فذهبت به انتهى قال فجاء من هذا جودة الحديث وصحته انتهى قوله وقد صح ان الصحابة لم يخيروا قلت تقدم قريبا لمالك والبيهقي عن أبي بكر انه دفع الغلام لامه لما اختصم فيه عمر وأمه وقال فيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا توله والدة عن ولدها وقد ورد ما يخالف ذلك روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج انه سمع عبد الله بن عبيد بن عمير يقول اختصم اب وأم في ابن لهما إلى عمر بن الخطاب فخيره فاختار أمه فانطلقت به انتهى وتقدم عند ابن حبان عن أبي هريرة انه خير غلاما بين أبيه وأمه الحديث الرابع قال عليه السلام اللهم اهده فوق لاختيار الا نظر بدعائه عليه السلام قلت أخرجه أبو داود في الطلاق والنسائي في الفرائض عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جده رافع بن سنان انه اسلم وأبت امرأته ان تسلم فجاء بابن لهما صغير لم يبلغ فأجلس النبي صلى الله عليه وسلم الاب ههنا والام ههنا ثم خيره وقال اللهم اهده فذهب إلى أبيه انتهى ولفظ أبي داود انه اسلم وأبت امرأته ان تسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ابنتي وهي فطيم وقال رافع ابنتى فأقعد النبي صلى الله عليه وسلم الام ناحية والاب ناحية وأقعد الصبية بينهما وقال لهما ادعواها فمالت الصبية إلى أبيها
[ 553 ]
فقال عليه السلام اللهم اهدها فمالت إلى أمها فأخذها انتهى أخرجه أبو داود عن عيسى بن يونس عن عبد الحميد به والنسائي عن المعافا بن عمران عن عبد الحميد به وبسند أبي داود ومتنه رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي عاصم النبيل عن عبد الحميد به وسمى فيه البنت المذكورة عميرة وعن علي بن غراب عن عبد الحميد به وقال فيه تشبه بالفطيم وأخرجه بن ماجة والنسائي في سننه عن إسماعيل بن إبراهيم بن علية ثنا عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده أبي سلمة ان أبوين اختصما في ولد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما كافر فخيره النبي صلى الله عليه وسلم فتوجه إلى الكافر فقال اللهم اهده فتوجه إلى المسلم فقضى له به انتهى وبهذا السند رواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم وفي لفظ أحمد في ولد صغير وفيه وفي لفظ السنن ما يدفع حمل المصنف الحديث على ان الصبي كان بالغا بو سلمة هذا عده بن سعد في الطبقات من الصحابة الذين نزلوا البصرة قال بن القطان في كتابه هذا الحديث يرويه عيسى بن يونس وأبو عاصم النبيل وعلي بن غراب كلهم عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن جد أبيه رافع بن سنان فإنه عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله بن الحكم بن رافع بن سنان وعبد الحميد ثقة وأبوه جعفر كذلك قاله الكوفى ورواية عيسى بن يونس عند أبي داود ورواية أبو عاصم وعلي بن غراب عند الدارقطني في سننه وسميت البنت المذكورة في رواية أبي عاصم عميرة وروى انه كان غلاما وروى انها كانت جارية فلعلهما قضيتان خير في إحداهما غلام وفي الاخرى جارية وقد روى هذا الحديث من طريق عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه عن جده ان أبويه اختصما فيه الحديث هكذا رواه بن أبي شيبة عن إسماعيل بن إبراهيم بن علية عن عثمان البتي وكذا رواه يعقوب
[ 554 ]
الدورقي عن إسماعيل أيضا ورواه يزيد بن زريع عن البتي فقال فيه عن عبد الحميد بن يزيد بن سلمة ان جده اسلم وأبت امرأته أن تسلم وبينهما ولد صغير فذكر مثله رواه عن يزيد بن زريع يحيى الحماني من رواية بن أبي خيثمة عنه وهذه الروايات لا تصح لان عبد الحميد بن سلمة وأباه وجده لا يعرفون ولو صحت لم ينبغ أن تجعله خلافا لرواية أصحاب عبد الحميد بن جعفر عن عبد الحميد بن جعفر فانهم ثقات وهو وأبوه ثقتان وجده رافع بن سنان معروف والله أعلم انتهى كلامه فصل * (* (* (الحديث الخامس قال عليه السلام من تأهل ببلدة فهو منهم قلت رواه ابن أ بي شيبة في مسنده حدثنا المعلى بن منصور عن عكرمة بن إبراهيم الازدي عن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئاب عن أبيه أن عثمان صلى بمنى أربعا ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تأهل في بلدة فهو من أهلها يصلي صلاة المقيم وإني
[ 555 ]
تأهلت منذ قدمت مكة انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده كذلك ولفظه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تزوج الرجل ببلد فهو من أهله وإنما أتممت لاني تزوجت بها منذ قدمتها انتهى ورواه أحمد في مسنده ولفظه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تأهل في بلد فليصل صلاة مقيم انتهى وذكره البيهقي في المعرفة في باب صلاة المسافر ولم يصل سنده به ثم قال هذا حديث منقطع وعكرمة الازدي ضعيف انتهى باب النفقة الحديث الاول قال عليه السلام في حجة الوداع ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف قلت تقدم في حديث جابر الطويل في الحج
[ 556 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام لامرأة أبي سفيان خذي من مال زوجك ما يكفيك وولدك بالمعروف قلت أخرجه الجماعة خلا الترمذي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن هندا أم معاوية قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه وهو لا يعلم فقال عليه السلام خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف انتهى ذكره البخاري وأبو داود في البيوع ومسلم والنسائي في القضاء وابن ماجة في الاحكام وأخرجه ابن حبان في صحيحه في أول النوع الثالث من القسم الرابع وفيه أنا آخذ من ماله وهو لا يشعر قال خذي من ماله بالمعروف وهو لا يشعر
[ 562 ]
الحديث الثالث روى عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوجي ثلاثا فلم يفرض لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت طلقني زوجي ثلاثا فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا وعند النسائي فيه من حديث سعيد بن يزيد الاحمسي ثنا الشعبي به إنما النفقة والسكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرجعة ذكره في باب الرخصة في التطليق بثلاث وعند أحمد والطبراني فيه من رواية مجالد عن الشعبي به نحو ذلك ولفظ الطبراني فقال لها اسمعي يا بنت قيس إنما النفقة للمرأة على زوجها ما كانت عليها رجعة فإذا لم يكن عليها رجعة فلا نفقة لها ولا سكنى وفي لفظ آخر فإذا لم تحل له حتى تنكح زوجا غيره فلا نفقة لها ولا سكنى قال بن القطان في كتابه وهذه الزيادة التي هي إنما السكنى والنفقة لمن كان يملك الرجعة إنما زادها مجالد وحده من دون أصحاب الشعبي وقد أورده مسلم
[ 563 ]
بدونها ورواها عن مجالد هشيم وابن عيينة وعبدة بن سليمان فحديث هشيم عند الدارقطني وحديث بن عيينة قال قاسم بن أصبغ في كتابه حدثنا محمد بن إسماعيل ثنا الحميدي ثنا سفيان ثنا مجالد عن الشعبي به وحديث عبدة رواه أحمد حدثنا عبدة بن سليمان ثنا مجالد به وقد تأتي هذه الزيادة في بعض طرق الحديث من رواية جماعة من أصحاب الشعبي فيهم مجالد فيتوهم أن الزيادة من رواية الجميع وليس كذلك وإنما هي من رواية مجالد وحده وهشيم يدلسها فيهم وله في مثل ذلك ما ذكره أبو عبد الله الحاكم أن جماعة من أصحابه اجتمعوا يوما على أن لا يأخذوا عنه التدليس ففطن لذلك يوما فجعل يقول في كل حديث يذكره حدثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم فلما فرغ قال لهم هل دلست لكم اليوم قالوا لا فقال لم أسمع من مغيرة حرفا واحدا مما ذكرته إنما قلت حدثني حصين ومغيرة غير مسموع وقد فصلها الحسن بن عرفة عن رواية الجماعة وعزاها إلى مجالد منهم كما هو عند الدارقطني فلما ثبتت هذه الزيادة عن مجالد وحده تحقق فيها الريب ووجب لها الضعف بضعف مجالد المتفرد بها ولكن وردت من غير رواية مجالد عن الشعبي رواه النسائي من حديث سعيد بن يزيد الاحمسي ثنا الشعبي به وسعيد بن يزيد الاحمسي لم تثبت عدالته وقد ذكره أبو حاتم برواية أبي نعيم عنه وروايته عن الشعبي وقال إنه شيخ انتهى كلامه
[ 564 ]
الحديث الرابع قال المصنف رحمه الله وحديث فاطمة رده عمر رضي الله عنه فإنه قال لا ندع كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت حفظت أم نسيت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للمطلقة الثلاث النفقة والسكنى ما دامت في العدة ورواه أيضا عائشة وجابر وزيد بن ثابت وأسامة بن زيد رضي الله عنهم قلت أما حديث عمر فأخرجه مسلم عن أبي إسحاق قال حدث الشعبي بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا سكنى لها ولا نفقة فأخذ الاسود كفا من حصى فحصبه به فقال ويحك تحدث بمثل هذا قال عمر لا نترك كتاب ربنا ولا سنة نبينا بقول امرأة لا ندري حفظت أم نسيت لها السكنى والنفقة قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن الآية انتهى وزاد الترمذي فيه وكان عمر
[ 565 ]
يجعل لها النفقة والسكنى انتهى وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت ما لفاطمة خير أن تذكر هذا يعني قولها لا سكنى لك ولا نفقة انتهى وفي لفظ للبخاري قالت ما لفاطمة ألا تتقي الله يعني في قولها لا سكنى ولا نفقة وجمع بينهما بن أبي شيبة في مصنفه أعني حديث عمر وعائشة فقال حدثنا حفص بن غياث ومحمد بن فضيل عن الاعمش عن إبراهيم عن الاسود عن عمرانه قال وقد ذكر له حديث فاطمة بنت قيس لا تجيز قول امرأة في دين الله للمطلقة ثلاثا السكنى والنفقة زاد بن فضيل وقالت عائشة ما لفاطمة في أن تذكر هذا
[ 566 ]
خير انتهى وأما حديث جابر فأخرجه الدارقطني في سننه عن حرب بن أبي العالية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة انتهى قال عبد الحق في أحكامه إنما يؤخذ من حديث أبي الزبير عن جابر ما ذكر فيه السماع أو كان عن الليث عن أبي الزبير وحرب بن أبي العالية أيضا لا يحتج به ضعفه يحيى بن معين في رواية الدوري عنه وضعفه في رواية بن أبي خيثمة والاشبه وقفه على جابر انتهى وأما حديث زيد بن ثابت وأسامة بن زيد فغريب وروى الطبراني في معجمه
[ 567 ]
حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا حجاج ثنا أبو عوانة عن سليمان عن إبراهيم أن ابن مسعود وعمر قالا المطلقة ثلاثا لها السكنى والنفقة انتهى وفي حديث فاطمة بنت قيس عند مسلم فلما مضت عدتها أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن الحديث فحدثته به فقال مروان لم يسمع هذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان فبيني وبينكم القرآن قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن الآية هذا لمن كانت له رجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث فكيف تقولون لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا فعلام تحبسونها انتهى وهذا صريح أن النفقة جزاء الاحتباس وأخرجه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة المخزومي خرج مع علي بن أبي طالب وفي لفظ إلى اليمن وفي لفظ فخرج إلى غزوة نجران فأرسل إلي امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال لها لا نفقة لك فاستأذنته في الانتقال فأذن لها فقالت إلى أين يا رسول الله قال إلى ابن
[ 568 ]
أم مكتوم وكان أعمى تضع ثيابها عنده ولا يراها فلما مضت عدتها أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد الحديث تفرد بهذا السياق مسلم قاله عبد الحق فصل * (* (* (رضي الله تعالى عنهما قوله ولا تجب على النصراني نفقة أخيه المسلم ولا على المسلم نفقة أخيه النصراني لان النفقة متعلقة بالارث بالنص بخلاف العتق عند الملك لانه متعلق بالقرابة والمحرمية بالحديث قلت يشير بالنص إلى قوله تعالى وعلى الوارث مثل ذلك ويشير
[ 569 ]
بالحديث إلى قوله عليه السلام من ملك ذا رحم منه عتق عليه وسيأتي قريبا في العتق إن شاء الله تعالى قوله ولا يشارك الولد في نفقة أبويه أحد لان لهما تأويلا في مال الولد بالنص قلت يشير إلى حديث أنت ومالك لابيك رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة وسيأتي في باب الوطئ الذي يوجب الحد إن شاء الله تعالى وفي الباب حديث عمارة بن عمير عن عمته عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه رواه أصحاب السنن الاربعة وحسنه الترمذي ورواه البيهقي من حديث الاسود عن عائشة مرفوعا إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في سورة البقرة وقال حديث
[ 570 ]
صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إنما اتفقا على حديث عائشة أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه انتهى وهذا وهم فان الشيخين لم يروياه ولا أحدهما وأخرج أبو داود في البيوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه ورواه أحمد في مسنده حدثنا عفان ثنا يزيد بن زريع ثنا حبيب المعلم عن عمرو بن شعيب به
[ 572 ]
فصل * (* (* (الحديث الخامس قال عليه السلام في المماليك إنهم إخوانكم جعلهم الله تعالى تحت أيديكم أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تعذبوا عباد الله قلت أخرجه البخاري ومسلم عن المعرور بن سويد قال مررت بأبي ذر بالربذة وعليه برد وعلى غلامه برد مثله فقلت يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة فقال إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم وعلى غلامه برد مثله فقلت يا أبا ذر لو جمعت بينهما كانت حلة فقال إنه كان بيني وبين رجل من إخواني كلام وكانت أمه أعجمية فعيرته بأمه فشكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أبا ذر إنك امرؤ فيك جاهلية هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما يغلبهم فان كلفتموهم فأعينوهم انتهى ذكره البخاري في العتق والايمان ومسلم في الايمان والنذور ورواه أبو داود في الادب وزاد ومن لم يلائمكم منهم فبيعوه ولا تعذبوا خلق الله
[ 573 ]
انتهى وسنده حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير عن الاعمش عن المعرور بن سويد به الحديث السادس روى أنه عليه السلام نهى عن تعذيب الحيوان قلت تقدم في الحديث الذي قبله عند أبي داود بسند صحيح ولا تعذبوا خلق الله عن المعرور بن سويد الحديث السابع ونهى عليه السلام عن إضاعة المال قلت أخرجه البخاري في الاستقراض ومسلم في القضاء عن وراد مولى المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم إن الله حرم عليكم ثلاثا عقوق الامهات ووأد البنات ومنع وهات وكره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال انتهى حديث آخر رواه مالك في الموطأ عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويسخط لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال انتهى وهو مرسل وأخرجه مسلم عن جرير عن سهيل ابن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء ولفظه ويكره لكم عوض يسخط أخرجه أيضا في القضاء .