نصب الراية
الزيعلي ج 2
دون الاحتجاج وإذا كان الامر كذلك فالاحتياط ان لا يحتج بما يخالف فيه الثقات وهذا الحديث من جملتها انتهى كلامه الرب عز وجل حديث آخر رواه الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه غريب الحديث حدثنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية أنبأ أبو سفيان السعدي عن الحسن انه سمع مؤذنا أذن بليل فقال علوج تباري الديوك وهل كان الاذن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما يطلع الفجر ولقد أذن بلال بليل فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فصعد فنادى إن العبد قد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عامر بن مدرك ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فأمره ان ينادي إن العبد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى قال الدارقطني وهم فيه عامر بن مدرك والصواب ما رواه شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر أن يرجع فينادي انتهى
[ 398 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي إن العبد نام ففعل وقال ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه انتهى قال الدارقطني تفرد به أبو يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة وغيره يرسله عن قتادة ان بلالا ولا يذكر إسنادا والمرسل أصح انتهى ثم أخرجه الدارقطني عن محمد بن القاسم الاسدي ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك قال أذن بلال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد فرقي وهو يقول ليت بلالا ثكلته أمه وابتل من نضح دم جبينه يرددها حتى صعد ثم قال إن العبد نام مرتين ثم أذن حين اضاء الفجر انتهى قال بن الجوزي في التحقيق ومحمد بن القاسم
[ 1 ]
الهداية شرح بداية المبتدي
[ 2 ]
الهداية شرح بداية المبتدي
[ 3 ]
كافة حقوق الطبع محفوظة الطبعة الاولى 1415 ه - 1995 م طبع - نشر - توزيع
[ 4 ]
الهداية شرح بداية المبتدي لشيخ الاسلام برهان الدين المرغينانى مع نصب الراية تخريج احاديث الهداية للعلامة جمال الدى الزيلعى اعتنى بهما ايمن صالح شعبان الجزء الثاني دار الحديث القاهرة بسم الله الرحمن الرحيم
[ 5 ]
فصل في القراءة قوله ويجهز بالقراءة في الفجر والركعتين الاوليين من المغرب والعشاء إن كان إماما ويخفي في الاخريين هذا هو التوارث قلت فيه حدثان مرسلان أخرجهما أبو داود في مراسيله أحدهما عن الحسن والآخر عن الزهري قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجهر القراءة في الفجر في الركعتين كليهما ويقرأ في الركعتين الاوليين في صلاة الظهر بأم القرآن وسورة في كل ركعة سرا في نفسه ويقرأ في الركعتين الاخريين من صلاة الظهر بأم القرآن في كل ركعة سرا في نفسه ويفعل في العصر مثل ما يفعل في الظهر ويجهر الامام بالقراءة في الاوليين من المغرب ويقرأ في كل واحدة منهما بأم القرآن وسورة ويقرأ في الركعة الآخرة من صلاة المغرب بأم القرآن سرا في نفسه ثم يجهر بالقراءة في الركعتين الاوليين من صلاة العشاء ويقرأ في الاخريين في نفسه بأم القرآن وينصت من وراء الامام ويستمع لما جهر به الامام لا يقرأ معه أحد والتشهد في الصلوات حين يجلس الامام والناس خلفه في الركعتين انتهى ومرسل الحسن نحوه وذكرهما عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود وقال إن مرسل الحسن أصح وتقدم في مواقيت الصلاة في إمامة جبريل من حديث أنس أنه أسر في
[ 6 ]
الظهر والعصر والثالثة من المغرب والاخريين من العشاء وينبغي أن يكتب هنا الحديث الثالث والخمسون قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة النهار عجماء قلت غريب ورواه عبد الرزاق في مصنفه من قول مجاهد وأبي عبيدة فقال أخبرنا معمر عن عبد الكريم الجزري قال سمعت أبا عبيدة يقول صلاة النهار عجماء انتهى أخبرنا بن جريج قال قال مجاهد صلاة النهار عجماء انتهى وقال النووي في الخلاصة حديث صلاة النهار عجماء باطل لا أصل له انتهى أحاديث الباب أخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن سخبرة قال قلنا لخباب هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر قال نعم قلنا بم كنتم تعرفون ذلك قال باضطراب لحيته انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال حزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الاخريين على النصف من ذلك وحزرنا قيامه في الاخريين من العصر على النصف من ذلك انتهى ورواه بن ماجة في سننه من حديث أبي نضرة عن أبي سعيد قال اجتمع ثلاثون رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا تعالوا حتى نقيس قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما لم يجهر فيه من الصلاة فما اختلف منهم رجلان فقاسوا قراءة في الركعة الاولى من الظهر بقدر ثلاثين آية وفي الركعة الاخرى قدر النصف من ذلك قاسوا ذلك في العصر على قدر النصف من الركعتين الاخريين من الظهر انتهى
[ 7 ]
قوله ويجهر في الجمعة والعيدين لورود النقل المستفيض بالجهر قلت استدل البيهقي على الجهر في الجمعة والعيدين بما رواه الجماعة إلا البخاري من حديث حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عيه وسلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث الغاشية انتهى واستدل أيضا بما أخرجه مسلم عن أبي واقد الليثي قال سألت عمر ما كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاضحى والفطر فقال كان يقرأ ب ق والقرآن المجيد واقتربت الساعة وفي هذا الاستدلال نظر ففي الصحيحين عن أبي قتادة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين الاوليين من صلاة الظهر بفاتحة الكتاب وسورتين يطول في الاولى ويقصر في الثانية يسمع الآية أحيانا وفي النسائي كنا نصلي خلف النبي صلى الله عليه وسلم الظهر فيسمع منه الآية بعد الآيات من سورة لقمان والذاريات وفيه أيضا عن أبي بكر بن النضر قال كنا بالطائف عند أنس فصلى بهم الظهر فلما فرغ قال إني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر فقرأ لنا بهاتين السورتين في الركعتين سبح اسم ربك الاعلى وهل أتاك حديث الغاشية انتهى وأخرج البيهقي عن الحارث عن علي قال الجهر في صلاة العيدين من السنة والخروج في العيدين إلى الجبانة من السنة انتهى والحارث روى له الاربعة كذبه الشعبي وابن المديني وضعفه الدارقطني وقال النسائي ليس بالقوي والحديث معلول به الحديث الرابع والخمسون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى الفجر غداة ليلة التعريس
[ 8 ]
بجماعة فجهر فيها قلت روى محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من يحرسنا الليلة فقال رجل من الانصار شاب أنا يا رسول الله أحرسكم فحرسهم حتى إذا كان من الصبح غلبته عيناه فما استيقظوا إلا بحر
[ 9 ]
الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضأ أصحابه وأمر المؤذن فأذن وصلى ركعتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الفجر بأصحابه وجهر فيها بالقراءة كما كان يصلي بها في وقتها انتهى حديث آخر ولكن فيه احتمال أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي قتادة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنكم تسيرون عشيتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غدا فانطلق الناس لا يلوي أحد على أحد إلى أن قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا وسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس نزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شئ من ماء ثم قال لابي قتادة احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم مختصر قال النووي في شرح مسلم فيه دليل على أن صفة الفائتة تكون كصفة أدائها فيقنت فيها ويجهر وهو أحد قولي الشافعي وقيل لا يجهر وحمل الصنع فيه على استيفاء الاركان حديث آخر نحوه رواه مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم قال عرس رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة بطريق مكة فذكر الحديث في نومهم وقيامهم وصلاتهم ثم قال عليه السلام يا أيها الناس إن الله قبض أرواحنا ولو شاء ردها فإذا رقد أحدكم عن الصلاة أو نسيها ثم فرغ إليها فليصلها كما كان يصليها في وقتها ومن طريق مالك رواه البيهقي في المعرفة ولم يعله بغير الارسال فيمكن حمل هذا أيضا على الجهر ويمكن على استيفاء الاركان
[ 10 ]
الحديث الخامس والخمسون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الفجر في سفره بالمعوذتين قلت رواه أبو داود في سننه في فضائل القرآن والنسائي في الاستعاذة من حديث القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر قال كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته في السفر فقال لي يا عقبة الا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس قال فلم يرني سررت بهما جدا فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة التفت الي فقال يا عقبة كيف رأيت انتهى والقاسم هذا هو أبو عبد الرحمن القاسم بن عبد الرحمن القرشي الاموي مولاهم الشامي وثقه بن معين وغيره وتكلم فيه غير واحد قاله المنذري ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس من حديث معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ابنه عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمهم بالمعوذتين في صلاة الصبح انتهى ورواه الحاكم في مستدركه كذلك ولفظه سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين أمن القرآن هما فأمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر بهما انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه أخرجه في الصلاة وفي فضائل القرآن ثم أخرجه بسند السنن ومتنه وسكت عنه ورواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه
[ 11 ]
قوله ويقرأ في الحضر في الفجر في الركعتين بأربعين آية أو خمسين سوى فاتحة الكتاب ويروى من أربعين إلى ستين إلى مائة وبكل ذلك ورد الاثر قلت روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ب ق ونحوها وأخرجا عن أبي برزة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة آية وفي لفظ بن حبان كان يقرأ بالستين إلى المائة وأخرج عن بن عمر قال أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤمنا في الفجر بالصافات انتهى وأخرج عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر بالواقعة ونحوها من السور ذكر ذلك كله في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس قوله روى أن عمر رضي الله عنه كتب إلى أبي موسى الاشعري أن اقرأ في الفجر والظهر بطوال المفصل وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل وفي المغرب بقصار المفصل قلت غريب بهذا اللفظ وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا
[ 12 ]
سفيان الثوري عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن وغيره قال كتب عمر إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بوسط المفصل وفي الصبح بطوال المفصل انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا شريك عن علي بن زيد عن زرارة بن أبي أوفى قال أقرأني أبو موسى كتاب عمر أن اقرأ بالناس في المغرب بآخر المفصل انتهى وروى البيهقي في المعرفة من طريق مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبي موسى الاشعري ان اقرأ في ركعتي الفجر بسورتين طويلتين من المفصل مختصر وقال الترمذي في كتابه في باب القراءة في الصبح وروى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الصبح بطوال المفصل ثم قال في الباب الذي يليه وروى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل ثم قال في الباب الذي يليه وروي عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل انتهى وفي الباب حديث مرفوع رواه النسائي وابن ماجة في سننهما من حديث الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة قال ما صليت ورواء أحد أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان قال سليمان كان يطيل الركعتين الاوليين من الظهر ويخفف الاخريين ويخفف العصر وكان يقرأ في المغرب بقصار المفصل وفي العشاء بوسط المفصل وفي الغداة بطوال المفصل انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس عن بن خزيمة بسنده ومتنه ورواه بن سعد في الطبقات عن الضحاك بن عثمان عن شريك بن أبي نمر عن أنس بن مالك قال ما رأيت أحدا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعني عمر بن عبد العزيز قال الضحاك
[ 13 ]
وكت أصلي خلفه فكان يطيل الاوليين من الظهر إلى آخره الحديث السادس والخمسون روي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركعة الاولى على غيرها في الصلوات كلها قلت روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي قتادة واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الاوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الركعتين الاخريين بفاتحة الكتاب ويطول في الركعة الاولى ما لا يطول في الثانية وهكذا في العصر وهكذا في الصبح ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ولم يقل فيه في الظهر حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد الخدري قال كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الاوليين من الظهر قدر الم تنزيل السجدة وحزرنا قيامه في الاخريين قدر النصف من ذلك وحزرنا قيامه في الركعتين
[ 14 ]
الاوليين من العصر على قدر قيامه في الاخريين من الظهر وفي الاخريين من العصر على النصف من ذلك وفي رواية بدل تنزيل السجدة قدر ثلاثين آية وفي الاخريين قدر خمس عشرة آية والعصر في الركعتين الاوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وفي الاخريين قدر نصف ذلك انتهى قوله ويكره أن يوقت بشئ من القرآن في شئ من الصلوات لما فيه من هجر الباقي وإيهام التفضيل قلت وللخصوم القائلين بأن السنة في فجر الجمعة أن يقرأ بتنزيل السجدة وهل أتى على الانسان حديث أخرجه البخاري ومسلم عن سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن الاعرج عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الانسان انتهى وهذا على طريقه إن كان يقتضي الدوام ولكن وقع في بعض طرقه أنه كان يديم ذلك رواه الطبراني في معجمه الصغير فقال حدثنا محمد بن بشر بن يوسف الاموي الدمشقي ثنا دحيم عبد الرحمن بن إبراهيم ثنا الوليد بن مسلم حدثني ثور بن يزيد عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق الهمداني عن أبي الاحوص عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الانسان يديم ذلك انتهى الحديث السابع والخمسون قال النبي صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة قلت روى من حديث جابر بن عبد الله ومن حديث بن عمر ومن حديث الخدري ومن حديث أبي هريرة ومن حديث بن عباس
[ 15 ]
فحديث جابر أخرجه بن ماجة في سننه عن جابر الجعفي عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فإن قراءة الامام له قراءة انتهى وجابر الجعفي مجروح روى عن أبي حنيفة أنه قال ما رأيت أكذب من جابر الجعفي ولكن له طرق أخرى وهي وإن كانت مدخولة ولكن يشد بعضها بعضا فمنها ما رواه محمد بن الحسن في موطئه أخبرنا الامام أبو حنيفة ثنا أبو الحسن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى خلف الامام فإن قراءة الامام له قراءة انتهى ورواه الدارقطني في سننه وأخرجه هو ثم البيهقي عن أبي حنيفة مقرونا بالحسن بن عمارة وعن الحسن بن عماره وحده بالاسناد المذكور قال الدارقطني وهذا الحديث لم يسنده عن جابر بن عبد الله غير أبي حنيفة والحسن بن عمارة وهما ضعيفان وقد رواه سفيان الثوري وأبو الاحوص وشعبة وإسرائيل وشريك وأبو خالد الدالاني وسفيان بن عيينة وجرير بن عبد الحميد وغيرهم عن موسى بن أبي عائشة عن عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو الصواب انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد روى السفيانان هذا الحديث وأبو عوانة وشعبة وجماعة من الحفاظ عن موسى بن أبي عائشة فلم يسندوه عن جابر ورواه عبد الله بن المبارك أيضا عن أبي حنيفة مرسلا وقد رواه جابر الجعفي وهو متروك وليث بن أبي سليم وهو ضعيف عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ولم يتابعهما عليه إلا من هو أضعف منهما ثم قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال سمعت سلمة بن محمد الفقيه يقول سألت أبا موسى الرازي الحافظ عن حديث من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة فقال لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شئ إنما اعتمد مشايخنا فيه على الروايات عن علي وابن مسعود وغيرهما من الصحابة قال أبو عبد الله الحافظ أعجبني هذا لما سمعته فان أبا موسى أحفظ من رأينا من أصحاب الرأي على أديم الارض انتهى وأخرجه بن عدي والدارقطني عن الحسن بن صالح عن ليث بن
[ 16 ]
أبي سليم وجابر عن أبن الزبير مرفوعا نحوه قال بن عدي وهذا معروف بجابر الجعفي ولكن الحسن بن صالح قرنه بالليث والليث ضعفه أحمد والنسائي وابن معين والسعدي ولكنه مع ضعفه يكتب حديثه فان الثقات رووا عنه كشعبة والثوري وغيرهما وأخرجه بن عدي أيضا عن أبي حنيفة في ترجمته بسنده المتقدم وذكر فيه قصة ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ورجل خلفه يقرأ فجعل رجل من الصحابة ينهاه عن القراءة في الصلاة فقال له أتنهاني عن القراءة خلف نبي الله فتنازعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه السلام من صلى خلف إمام فإن قراءة الامام له قراءة انتهى قال بن عدي وهذا الحديث زاد فيه أبو حنيفة جابر بن عبد الله وقد رواه جرير والسفيانان وأبو الاحوص وشعبة وزائدة وزهير وأبو عوانة وابن أبي ليلى وقيس وشريك وغيرهم فأرسلوه ورواه الحسن بن عمارة كما رواه أبو حنيفة وهو أضعف طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه الوسط عن سهل بن العباس الترمذي ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة انتهى قال الدارقطني هذا حديث منكر وسهل بن العبا س متروك ليس بثقة وقال الطبراني لم يرفعه أحد عن بن علية إلا سهل بن العباس ورواه غيره موقوفا انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في غرائب مالك من طريق مالك عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله مرفوعا نحوه سواء قال الدارقطني هذا باطل لا يصح عن مالك ولا عن وهب بن كيسان وفيه عاصم بن عصام لا يعرف انتهى طريق آخر رواه الامام أحمد في مسنده عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة ولكن في إسناده ضعف ورواه مالك عن
[ 17 ]
وهب بن كيسان عن جابر من كلامه ذكره بن كثير في تفسيره وأما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن الفضل بن عطية عن أبيه عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له إمام فقراءته له قراءة انتهى قال الدارقطني محمد بن الفضل متروك ثم أخرجه عن خارجة عن أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا ثم قال رفعه وهم ثم أخرجه عن أحمد بن حنبل ثنا إسماعيل بن علية عن أيوب عن نافع عن بن عمر أنه قال في القراءة خلف الامام يكفيك قراءة الامام انتهى قال وهو الصواب انتهى قلت وكذلك رواه مالك في الموطأ عن نافع عن بن عمر قال إذا صلى أحدكم خلف الامام فحسبه قراءة الامام وإذا صلى وحده فليقرأ قال وكان عبد الله بن عمر لا يقرأ خلف الامام انتهى وأما حديث الخدري فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن إبراهيم بن عامر بن إبراهيم الاصبهاني حدثني أبي عن جدي عن النضر بن عبد الله ثنا الحسن بن صالح عن أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن إسماعيل بن عمرو بن نجيح أبي إسحاق البجلي عن الحسن بن صالح به سندا ومتنا قال بن عدي هذا لا يتابع عليه إسماعيل وهو ضعيف قلت قد تابعه النضر بن عبد الله كما تقدم عند الطبراني وأما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن عباد الرازي ثنا إسماعيل بن إبراهيم التيمي عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء قال الدارقطني لا يصح هذا عن سهيل تفرد به محمد بن عباد الرازي
[ 18 ]
وهو ضعيف انتهى وأما حديث بن عباس فرواه الدارقطني في سننه من حديث عاصم بن عبد العزيز ي المدني عن أبي سهيل عن عون بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكفيك قراءة الامام خافت أو اجهر انتهى قال الدارقطني قال أبو موسى قلت لاحمد بن حنبل في حديث بن عباس هذا فقال حديث منكر ثم أعاده الدارقطني في موضع آخر قريب منه وقال عاصم بن عبد العزيز ليس بالقوي ورفعه وهم انتهى وأما حديث أنس فرواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن غنيم بن سالم عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة انتهى وأعله بغنيم وقال إنه يخالف الثقات في الروايات لا يعجبني الرواية عنه فكيف الاحتجاج به روى عنه المجاهيل والضعفاء ولا يوجد من رواية أحد من الاثبات انتهى وحمل البيهقي في كتاب المعرفة أحاديث من كان له إمام فان قراءة الامام له قراءة على ترك الجهر بالقراءة خلف الامام وعلى قراءة الفاتحة دون السورة واستدل بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الفجر ثم قا لعلكم تقرءون خلف إمامكم قلنا نعم قال فلا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب انتهى قال البيهقي ورواه إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق فذكر فيه سماع بن إسحاق من مكحول فصار الحديث موصولا صحيحا قال فهذا الحديث مبين لتلك الاحاديث ودال على السبب الذي ورد عليه حديث من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة وهو رفع الصوت بالقراءة خلف الامام وقراءة السورة مع الفاتحة انتهى
[ 19 ]
قوله وعليه إجماع الصحابة أي على ترك القراءة خلف الامام قلت روى محمد بن الحسن في موطإه أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا سئل هل يقرأ أحد مع الامام فقال إذا صلى أحدكم مع الامام فحسبه قراءة الامام وكان بن عمر لا يقرأ خلف الامام انتهى أثر آخر رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا يونس بن عبد الاعلى ثنا عبد الله بن وهب أخبرني حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبيد الله بن مقسم أنه سأل عبد الله بن عمر وزيد بن ثابت وجابر بن عبد الله فقالوا لا يقرأ خلف الامام في شئ من الصلوات انتهى أثر آخر رواه محمد بن الحسن أيضا في موطإه عن سفيان بن عيينة عن منصور عن أبي وائل قال سئل عبد الله بن مسعود عن القراءة خلف الامام قال أنصت فإن في الصلاة شغلا ويكفيك الامام أخبرنا محمد بن أبان بن صالح القرشي عن حماد عن إبراهيم عن علقمة بن قيس أن عبد الله بن مسعود كان لا يقرأ خلف الامام لا فيما يجهر ولا فيما يخافت فيه وإذا صلى وحده قرأ في الاوليين بفاتحة الكتاب وسورة ولم يقرأ في الاخريين بسورة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه أعني الاول وكذلك عبد الرزاق في مصنفه وينظران أثر آخر رواه محمد بن الحسن أيضا عن داود بن قيس الفراء المديني قال أخبرني بعض ولد سعد بن أبي وقاص أن سعدا قال وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في فيه جمرة ورواه عبد الرزاق في مصنفه إلا أنه قال في فيه حجر وكذلك بن أبي شيبة أثر آخر رواه محمد بن الحسن أيضا عن داود بن قيس عن بن عجلان أن عمر
[ 20 ]
بن الخطاب قال ليت في فم الذي يقرأ خلف الامام حجرا وأخرجه أيضا عبد الرزاق أثر آخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن حماد بن سلمة عن أبي جمرة قال قلت لابن عباس أقرا والامام بين يدي فقال لا انتهى أثر آخر أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن جابر قال لا يقرأ خلف الامام إن جهر ولا إن خافت انتهى وينظر أثر آخر رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما من حديث علي قال من قرأ خلف الامام فقد أخطأ الفطرة وأخرجه الدارقطني في سننه من طرق وقال لا يصح إسناده وقال بن حبان في كتاب الضعفاء هذا يرويه عبد الله بن أبي ليلى الانصاري عن علي وهو باطل ويكفي في بطلانه إجماع المسلمين على خلافه وأهل الكوفة إنما اختاروا ترك القراءة خلف الامام فقط لا أنهم لم يجيزوه وابن أبي ليلى هذا رجل مجهول انتهى قوله لان الاستماع فرض بالنص قلت يريد به قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا وقد وردت أخبار في أن هذه الآية نزلت في القراءة خلف الامام أخرج البيهقي عن مجاهد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة فسمع قراءة فتى من الانصار فنزل وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا وأخرج عن الامام أحمد قال أجمع الناس على أن هذه الآية في الصلاة أثر آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن عامر حدثني زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي هريرة في هذه الآية وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم
[ 21 ]
ترحمون قال نزلت في رفع الاصوات وهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة انتهى قال وعبد الله بن عامر ضعيف انتهى أثر آخر أخرجه بن مردويه في تفسيره عن موسى بن عبد الرحمن المسروق ثنا أبو أسامة عن سفيان عن أبي المقدام هشام بن زياد عن معاوية بن قرة قال سألت بعض أشياخنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسروقي أحسبه قال عبد الله بن مغفل قلت له كل من سمع القرآن وجب عليه الاستماع والانصات قال إنما نزلت هذه الآية وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا في القراءة خلف الامام إذا قرأ الامام فاستمع له وأنصت انتهى الحديث الثامن والخمسون قال عليه السلام وإذا قرئ القرآن فانصتوا قلت روى من حديث أبي موسى ومن حديث أبي هريرة فحديث أبو موسى رواه مسلم في صحيحه في باب القراءة والركوع والسجود والتشهد فقال وحدثنا أبو عثمان المسمعي ثنا معاذ بن هشام ثنا أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا جرير عن سليمان التيمي عن قتادة بهذا الاسناد مثله يعني حديث قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى الاشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديث إذا كبر الامام فكبروا وفيه قصة قال مسلم وفي
[ 22 ]
حديث جرير من الزيادة وإذا قرأ فانصتوا ثم قال قال أبو إسحاق يعني صاحب مسلم قال أبو بكر بن أخت أبي النضر في هذا الحديث أي طعن فيه فقال يزيد أحفظ من سليمان التيمي فقال له أبو بكر فحديث أبي هريرة يعني وإذا قرأ فأنصتوا فقال مسلم هو عندي صحيح فقال لم لم تضعه ههنا فقال ليس كل شئ عندي صحيح وضعته ههنا إنما وضعت ههنا ما اجتمعوا عليه انتهى كلام مسلم وأخرجه أبو داود في سننه في باب التشهد عن سليمان التيمي ثنا قتادة عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الله الرقاشي بهذا الحديث وزاد وإذا قرأ فأنصتوا قال أبو داود وإذا قرأ فأنصتوا ليس بشئ انتهى ورواه بن ماجة في سننه بسند أبي داود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأ الامام فأنصتوا فإذا كان عند القعدة فليكن أول ذكر أحدكم التشهد انتهى وأخرجه البزار في مسنده كذلك وقال لا نعلم أحدا قال فيه وإذا قرأ فأنصتوا إلا سليمان التيمي إلا ما حدثناه محمد بن يحيى القطيعي ثنا سالم بن نوح عن عمر بن عامر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان بن عبد الله عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو حديث سليمان التيمي وإذا قرأ فأنصتوا انتهى وبهذا السند رواه بن عدي في الكامل عن سالم بن نوح العطار عن عمر بن عامر وسعيد بن أبي عروبة عن قتادة به ولم يعله وإنما قال وهذا الحديث سليمان التيمي أشهر من عمرو بن عامر وابن أبي عروبة انتهى وأما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث أبي خالد الاحمر عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد انتهى ذكره أبو داود في باب الامام يصلي من قعود وقال وهذه الزيادة وإذا قرأ فأنصتوا ليست بمحفوظة والوهم عندنا من أبي خالد انتهى وتعقبه المنذري في مختصره فقال وهذا فيه نظر فإن أبا خالد الاحمر هذا هو سليمان بن حيان وهو من الثقات الذين احتج بهم البخاري ومسلم ومع هذا فلم ينفرد بهذه الزيادة بل تابعه عليها أبو سعيد محمد بن سعد
[ 23 ]
الانصاري الاشهلي المدني نزيل بغداد وقد سمع من بن عجلان وهو ثقة وثقه النسائي وابن معين وغيرهما وقد أخرج مسلم هذه الزيادة في صحيحه في حديث أبي موسى الاشعري من حديث سليمان التيمي عن قتادة وضعفها أبو داود والدارقطني والبيهقي وغيرهم لتفرد سليمان التيمي بها قال الدارقطني وقد رواه أصحاب قتادة الحفاظ عنه منهم هشام الدستوائي وسعيد وشعبه وهمام وأبو عوانة وأبان وعدي بن أبي عمارة فلم يقل أحد منهم وإذا قرأ فانصتوا قال وإجماعهم يدل على وهم انتهى ولم يؤثر عند مسلم تفرده بها لثقته وحفظه وصححها من حديث أبي موسى وأبي هريرة انتهى كلامه ومتابعة محمد بن سعد لسليمان التيمي التي أشار إليها المنذري أخرجها النسائي في سننه أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك ثنا محمد بن سعد الانصاري حدثني محمد بن عجلان عن زيد بن اسلم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا قرأ فأنصتوا انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال قال أبو عبد الرحمن كان محمد بن عبد الله المخزومي يقول محمد بن سعد هذا ثقة انتهى ولسليمان التيمي متابعان آخران غير محمد بن سعد أخرج الدارقطني في سننه حديثهما وضعفهما أحدهما إسماعيل بن أبان الغنوي ثنا محمد بن عجلان به والآخر محمد بن ميسر أبي سعد الصفاني ثنا بن عجلان به قال وإسماعيل بن أبان ومحمد بن ميسر ضعيفان انتهى وقال البيهقي في المعرفة بعد أن روى حديث أبي هريرة وأبي موسى وقد أجمع الحفاظ على خطأ هذه اللفظة في الحديث أبو داود وأبو حاتم وابن معين والحاكم والدارقطني وقالوا إنها ليست بمحفوظة أو
[ 24 ]
يحمل الانصات فيه على ترك الجهر كما في الحديث الصحيح عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ فقيله يا رسول الله ما تقول في سكوتك بين التكبير والقراءة فقال أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي الحديث انتهى أحاديث الباب روى النسائي في سننه أخبرني هارون بن عبد الله ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح ثنا أبو الزاهرية حدثني كثير بن مرة الحضرمي عن أبي الدرداء سمعه يقول سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم افي كل صلاة قراءة قال نعم قال رجل من الانصار وجبت هذه فالتفت إلي وكنت أقرب القوم منه فقال ما أرى الامام إذا أم القوم إلا قد كفاهم انتهى قال النسائي هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطأ إنما هو قول أبي الدرداء وبوب عليه اكتفاء المأموم بقراءة الامام حديث آخر أخرجه الطحاوي في شرح الآثار محتجا به عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه فلما قضى صلاته أقبل عليهم بوجهه فقال أتقرأون في صلاتكم خلف الامام والامام يقرأ فسكتوا فقالها ثلاث مرات فقالوا إنا لنفعل قال لا تفعلوا انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وزاد وليقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب في نفسه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الحجاج بن أرطاة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن عمران بن حصين قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس ورجل يقرأ خلفه فلما فرغ قال من ذا الذي يخالجني سورة كذا فنهاهم عن القراءة خلف الامام انتهى ثم قال لم يقل هكذا غير حجاج وخالفه أصحاب قتادة منهم شعبة وسعيد وغيرهما فلم يذكروا فيه فنهاهم عن القراءة وحجاج لا يحتج به انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقد رواه مسلم في صحيحه من حديث شعبة عن قتادة عن زرارة به أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه الظهر فقال أيكم قرأ بسبح اسم ربك الاعلى فقال رجل أنا فقال عليه السلام قد عرفت أن رجلا خالجنيها قال شعبة فقلت لقتادة كأنه كره فقال لو كرهه لنهى عنه قال البيهقي ففي
[ 25 ]
سؤال شعبة وجواب قتادة في هذه الرواية الصحيحه تكذيب من قلب الحديث وزاد فيه فنهى عن القراءة خلف الامام انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن سلام ثنا مالك بن أنس ثنا وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل صلاة لا يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج إلا أن يكون وراء الامام انتهى قال الدارقطني يحيى بن سلام ضعيف والصواب موقوف ثم أخرجه كذلك رحمه الله حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن غسان بن الربيع عن قيس بن الربيع عن محمد بن سالم عن الشعبي عن الحار ث عن علي قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أقرأ خلف الامام أو أنصت قال بل أنصت فإنه يكفيك انتهى ثم قال تفرد به غسان وهو ضعيف وقيس ومحمد بن سالم ضعيفان قال والمرسل أصح منه ثم أخرجه عن محمد بن سالم عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا قراءة خلف الامام انتهى حديث آخر رواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارقطني عن أبي حاتم بن حبان حدثني إبراهيم بن سعيد عن أحمد بن علي بن سلمان البروردي عن عبد الرحمن المخزومي عن سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ خلف الامام فلا صلاة له انتهى ثم قال بن حبان هذا الحديث لا أصل له وأحمد بن علي بن سلمان لا ينبغي أن يشتغل بحديثه انتهى ولم أجد هذا الحديث في كتاب الضعفاء لابن حبان ولا ترجم فيه على أحمد بن علي بن سلمان فالله أعلم حديث آخر قال بن حبان في كتا ب الضعفاء مأمون بن أحمد السلمي من أهل هراة كان دجالا من الدجاجلة روى عن يحيى بن عباس عن سفيان عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ خلف الامام ملئ فوه نارا انتهى ملخص كلام البخاري في الجزء الذي وضعه في القراءة خلف الامام قال
[ 26 ]
واحتج هذا القائل يعني أبا حنيفة بقوله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا ثم قال وهذا منقوض بالثناء مع أنه تطوع والقراءة فرض فأوجب عليه الانصات بتر ك فرض ولم يوجبه بترك سنة فحينئذ يكون الفرض عنده أهون حالا من التطوع واعترضه أيضا بفرع وهو أن المصلي لو جاء والامام في الركعة الاولى من الفجر فإنه يصلي عنده ركعتي الفجر ويترك الاستماع والانصات مع أنه عليه السلام قال إذا أقيمت الصلاة فلاصلاة إلا المكتوبة قال ويقال له أرأيت إذا لم يجهر الامام أيقرأ خلفه فان قال لا فقد بطل دعواه لان الاستماع إنما يكون لما يجهر به ثم ذكر عن بن عباس من غير سند فاستمعوا له وأنصتوا قال في الخطبة ثم قال ولو أريد به في الصلاة فنحن نقول إنما يقرأ خلف الامام عند سكوته وقد روى سمرة قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم سكتتان سكتة حين يكبر وسكتة حين يفرغ من قراءته قال وكان أبو سلمة بن عبد الرحمن وميمون بن مهران وسعيد بن جبير وغيرهم يرون القراءة عند سكوت الامام عملا بقوله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب والانصات إذا قرأ الامام عملا بالآية قال واحتج أيضا بقوله عليه السلام من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة قال وهذا حديث لم يثبت عند أهل العلم من أهل الحجاز والعراق لارساله وانقطاعه أما إرساله فرواه عبد الله بن شداد عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما انقطاعه فرواه الحسن بن صالح عن جابر الجعفي عن أبي الزبير عن جابر ولا يدرى أسمع جابر من أبي الزبير أم لا قال ولو ثبت فتكون الفاتحة مستثناة منه أي من كان له إمام فقراءة الامام له قراءة بعد الفاتحة كما قال صلى الله عليه وسلم جعلت لي الارض مسجدا وطهورا وقال في حديث آخر إلا المقبرة مع انقطاعه قال ونظير هذا قوله عليه السلام لسليك الغطفاني حين جاء وهو يخطب قم فاركع مع أنه أمر بالانصات للخطبة فقال إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت ولكنه أخرج الصلاة من هذا الاطلا قال واحتج أيضا بخبر روى عن داود بن قيس عن بن نجاد رجل من ولد سعد عن سعد قال وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في فيه جمرة قال وهذا مرسل فإن بن نجاد لم يعرف ولا سمي قال واحتج أيضا بحديث رواه أبو حباب عن سلمة بن كهيل عن إبراهيم قال قال عبد الله وددت أن الذي يقرأ خلف الامام ملئ فوه نتنا قال وهذا مرسل لا يحتج به وخالفه بن عوان عن إبراهيم عن الاسود وقال رضفا وهذا كله ليس من كلام أهل العلم لوجهين أحدهما قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تلاعنوا بلعنة الله ولا بالنار ولا تعذبوا بعذاب الله فكيف يجوز
[ 27 ]
لاحد أن يقول في الذي يقرأ خلف الامام جمرة والجمرة من عذاب الله والثاني أنه لا يحل لاحد أن يتمنى أن تملا أفواه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وحذيفة وعلي بن أبي طالب وأبي هريرة وعائشة وعبادة بن الصامت وأبي سعيد الخدري وعبد الله بن عمروفي جماعة آخرين ممن روى عنهم القراءة خلف الامام رضفا ولا نتنا ولا ترابا ثم روأحاديث هؤلاء في مواضع متفرقة من الجزء المذكور قال واحتج أيضا بخبر رواه عمر بموسى بن سعد عن زيد بن ثابت قال من قرأ خلف الامام فلا صلاة له قال ولا يعرف لهذا الاسناد سماع بعضهم من بعض ولا يصح مثله قال وروى سليمان التيمي وعمر بن عامر عن قتادة عن يونس بن جبير عن حطان عن أبي موسى في حديثه الطويل عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه وإذا قرأ فأنصتوا ولم يذكر سليمان في هذه الزيادة سماعا من قتادة ولا قتادة من يونس بن جبير وروى هشام وسعيد وأبو عوانة وهمام وأبان بن يزيد وغيرهم عن قتادة فلم يقولوا فيه وإذا قرأ فأنصتوا ولو صح لحمل على ما سوى الفاتحة وروى أبو خالد الاحمر عن بن عجلان عن زيد بن أسلم وغيره عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جعل الامام ليؤتم به وزاد فيه وإذا قرأ فأنصتوا ولا يعرف هذا من صحيح حديث أبي خالد الاحمر قال أحمد أراه كان يدلس وقد رواه الليث وبكير عن بن عجلان عن أبي زياد عن الاعرج عن أبي هريرة ورواه الليث أيضا عن بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة وعن بن عجلان عن مصعب بن محمد وزيد بن اسلم والقعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة فلم يقولوا فيه وإذا قرأ فأنصتوا ورواه سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتابع أبو خالد في زيادته قال ويقال لهذا القائل قد أجمع أهل العلم وأنت على أن الامام لا يتحمل عن القوم فرضا ثم قلت إن الامام يتحمل عن القوم هذا الفرض مع أنك قلت إنه لا يتحمل عنهم شيئا من السنن كالثناء والتسبيح ونحو ذلك فتثبت أن الفرض عندك أهون حالا من التطوع انتهى كلامه ملخصا محررا والله تعالى أعلم قوله ويستحسن يعني القراءة خلف الامام فيما يروي عن محمد على سبيل الاحتياط ويكره عندهما لما فيه من الوعيد قلت هو ما رواه في القراءة خلف الامام قبل ورواية عن سعد وددت أن الذي يقرأ خلف الامام في فيه جمرة وعن عمر ليت في فم الذي يقرأ خلف الامام حجرا
[ 28 ]
باب الامامة الحديث التاسع والخمسون قال النبي صلى الله عليه وسلم الجماعة من سنن الهدى لا يتخلف عنها إلا منافق قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج مسلم عن أبي الاحوص قال قال عبد الله بن مسعود لقد رايتنا وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق قد علم نفاقه أو مريض أن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى وأن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه انتهى واخرج أيضا عنه قال من سره أن يلقى الله غدا فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف انتهى أحاديث الباب في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت أن آمر بالمؤذن فيؤذن ثم آمر رجلا فيصلي بالناس ثم أنطلق معي برجال معهم حزم الحطب إلى قوم يتخلفون عن الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار انتهى حديث آخر أخرج مسلم عن بن مسعود نحوه أإنه قال يتخلفون عن الجمعة
[ 29 ]
قال البيهقي والذي يدل عليه سائر الروايات أنه عبر بالجمعة عن الجماعة قال النووي في الخلاصة بل هما روايتان رواية في الجمعة ورواية في الجماعة وكلاهما صحيح انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي هريرة قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد فرخص له عليه السلام أن يصلي في بيته فلما ولى دعاه فقال له هل تسمع النداء بالصلاة قال نعم قال فأجبه انتهى حديث آخر أخرج أبو داود وابن ماجة عن عاصم عن أبي رزين عن عمرو بن أم مكتوم قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنا ضرير شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي قال أتسمع النداء قلت نعم قال ما أجد لك رخصة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بن أم مكتوم أنه قال قال يا رسول الله إن المدينة كثيرة الهوام والسباع فقال النبي صلى الله عليه وسلم تسمع حي على الصلاة حي على الفلاح قال نعم قال فحي هلا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه قال النسائي وقد رواه بعضهم عن بن أبي ليلى مرسلا انتهى قال البيهقي معناه لا أجد لك رخصة تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها وليس معناه إيجاب الحضور على الاعمى فقد رخص لعتبان بن مالك انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن أبي جنا ب الكلبي عن مغراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا وما العذر قال خوف أو مرض لم يقبل منه الصلاة التي صلى انتهى ورواه بن حبان والحاكم وأكثر الناس على
[ 30 ]
تضعيف الكلبي ولكن قال بن معين هو صدوق إلا أنه يدلس وأخرجه بن ماجة عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع النداء فلم يأته فلا صلاة له إلا من عذر انتهى ورواه الحاكوقال على شرطهما وبه أخذ داود في أن الجماعة شرط والحنابلة في أنها فرض عين والله أعلم حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر أن رسول الله صى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة انتهى وفي لفظ يزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين درجة وأخرجا عن أبي هريرة مرفوعا صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وفي لفظ تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمسا وعشرين درجة وأخرج البخاري عن أبي سعيد نحوه وقال بخمس وعشرين درجة وزاد أبو داود فيه فان صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة وإسنادها جيد وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين انتهى وفي لفظ آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى المسجد لا تخرجه إلا الصلاة لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة وحط عنه بها خطيئة فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ما لم يحدث فيه اللهم صل عليه اللهم ارحمه ولا يزال العبد في صلاة ما انتظر الصلاة انتهى وفي رواية لهما بخمسة وعشرين جزءا وفي رواية لمسلم درجة حديث آخر أخرجه مسلم عن عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله انتهى وهو عند أبي داود والترمذي ومن صلى العشاء والصبح في جماعة
[ 31 ]
فكأنما قام الليل كله انتهى وقال الترمذي حديث حسن صحيح حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن أبي بصير عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى انتهى قال قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح إلا أن بن بصير سكتوا عنه ولم يضعفه أبو داود وروى البيهقي معناه من حديث قباث بن أشيم الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو بفتح القاف وضمها بعدها باء موحدة وآخره ثاء مثلثة انتهى كلامه حديث آخر عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا يقام فيهما الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية انتهى أخرجه أبو داود والنسائي قال النووي إسناده صحيح ذكره في الخلاصة الحديث الستون قال النبي صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا سواءا فأعلمهم بالسنة قلت أخرجه الجماعة إلا البخاري واللفظ لمسلم عن أبي مسعود الانصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرأهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواءا فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواءا فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواءا فاقدمهم سلما ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته
[ 32 ]
على تكرمته إلا بإذنه قال الاشج في روايته مكان سلما سنا انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه إلا أن الحاكم قال عوض قوله فأعلمهم بالسنة فأفقههم فقها فإن كانوا في الفقه سواءا فأكبرهم سنا انتهى قال وقد أخرج مسلم في صحيحه هذا الحديث ولم يذكر فيه أفقههم فقها وهي لفظة عزيزة غريبة بهذا الاسناد الصحيح وسنده عن يحيى بن بكير ثنا الليث عن جرير بن حازم عن الاعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أوس بن صمعج عن أبي مسعود فذكره ثم أخرجه الحاكم عن الحجاج بن أرطاة عن إسماعيل بن رجاء به قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواءا فأفقههم في الدين فإن كانوا في الفقه سواءا فأقرأهم للقرآن ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد على تكرمته إلا بإذنه انتهى وسكت عنه والباقون من الائمة يخالفوننا في هذه المسألة ويقولون إن الاقرأ لكتاب الله يقدم على العالم كما هو لفظ الحديث حتى إذا اجتمع من يحفظ القرآن وهو غير عالم وفقيه يحفظ يسيرا من القرآن قدم حافظ القرآن عندهم ونحن نقول يقدم الفقيه وأجاب صاحب الكتاب بأن الاقرأ في ذلك الزمان كان أعلمهم وهذا يرده لفظ الحاكم الاول ويؤيد مذهبنا لفظه الثاني إلا أنه معلول بالحجاج بن أرطاة ويشهد للخصم أيضا حديث عمرو بن سلمة أخرجه البخاري عنه قال كنا بماء وكان الركبان يمرون بنا فنسألهم ما للناس ما لهذا الرجل فيقولون يزعم أن الله أرسله أو أوحى إليه وكانت العرب تلوم بإسلامهم الفتح فيقولون اتركوه وقومه فإنه إن ظهر عليهم فهو نبي صادق فلما كانت وقعة الفتح بادر كل قوم بإسلامهم وبدر أبي قومه بإسلامهم فلما قدم قال جئتكم والله من عند النبي حقا فقال صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا وإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم وليؤمكم أكثركم قرآنا فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني لما كنت أتلقى من الركبان فقدموني بين أيديهم وأنا بن ست أو سبع سنين وكانت علي بردة إذا سجدت تقلصت عني فقالت امرأة من الحي ألا تغطون عنا أست قارئكم فقطعوا لي قميصا فما فرحت بشئ فرحي بذلك القميص انتهى وليس في البخاري لعمرو بن سلمة غير هذا الحديث ولا أخرج له مسلم شيئا
[ 33 ]
الحديث الحادي والستون قال عليه السلام من صلى خلف عالم تقي فكأنما صلى خلف نبي قلت غريب وروى الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا عمي القاسم بن أبي شيبة ثنا محمد بن يعلى ح وحدثنا محمود بن محمد الواسطي ثنا محمد بن يحيى الازدي ثنا إسماعيل بن أبان الوراق ثنا يحيى بن يعلى الاسلمي عن عبيد الله بن موسى عن القاسم الشامي عن مرثد بن أبي مرثد الغنوي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علماؤكم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن يحيى بن يعلى به سندا ومتنا إلا أنه قال فيؤمكم خياركم وسكت عنه وروى الدارقطني ثم البيهقي في سننهما من حديث الحسين بن نصر المؤدب عن سلام بن سليمان عن عمر بن عبد الرحمن بن يزيد عن محمد بن واسع عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم انتهى قال البيهقي إسناده ضعيف انتهى وقال بن القطان في كتابه وحسين بن نصر لا يعرف انتهى الحديث الثاني والستون قال عليه السلام وليؤمكما أكبركما قلت تقدم في حديث مالك بن الحويرث أخرجه الائمة الستة عنه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم أنا وصاحب لي فلما أردنا الاقفال من عنده قال لنا إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما انتهى لمسلم أخرجوه مختصرا ومطولا الحديث الثالث والستون قال عليه السلام صلوا خلف كل بر وفاجر قلت
[ 34 ]
أخرجه الدارقطني في سننه عن معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلوا خلف كل بر وفاجر وصلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر انتهى قال الدارقطني مكحول لم يسمع من أبي هريرة ومن دونه ثقات انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل المتناهية وأعله بمعاوية بن صالح مع ما فيه من الانقطاع وتعقبه بن عبد الهادي وقال إنه من رجال الصحيح انتهى والحديث رواه أبو داود في سننه في كتاب الجهاد وضعفه بأن مكحولا لم يسمع من أبي هريرة ولفظه قال الجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا والصلاة واجبة عليكم خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر والصلاة واجبة على كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر انتهى ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في المعرفة وقال إسناده صحيح إلا أن فيه انقطاعا بين مكحول وأبي هريرة وله طريق آخر عن الدارقطني عن عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام بن عروة عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة مرفوعا سيليكم من بعدي ولا البر ببره والفاجر بفجوره فاسمعوا له وأطيعوا فيما وافق الحق وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلكم ولهم وإن اساءوا فلكم وعليهم انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل وأعله بعبد الله هذا قال أبو حاتم متروك الحديث وقال بن حبان لا يحل كتب حديثه قال بن الجوزي وسئل أحمد عن حديث صلوا خلف كل بر وفاجر فقال ما سمعنا به انتهى أحاديث الباب أخرج بن ماجة في سننه عن الحارث بن نبهان عن عتبة بن يقظان عن أبي سعيد الشامي عن مكحول عن واثلة بن الاسقع قال قال رسول الله
[ 35 ]
صلى الله عليه وسلم لا تكفروا أهل ملتكم وإن عملوا الكبائر وصلوا مع كل إمام وجاهدوا مع كل أمير وصلوا على كل ميت من أهل القبلة انتهى وأبو سعيد هذا قال الدارقطني مجهول وعتبة قال بن الجنيد لا يساوي شيئا والحارث بن نبهان قال النسائي متروك وقال بن حبان لا يحتج به وأسند إلى بن معين أنه قال ليس بشئ حديث آخر أخرجه الدارقطني عن محمد بن الفضيل عن سالم الافطس عن مجاهد عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا وراء من قال لا إله إلا الله انتهى وأعله بن الجوزي بمحمد بن الفضل قال قال النسائي متروك وقال أحمد حديثه يشبه حديث أهل الكذب وقال بن معين كان كذابا انتهى ورواه أبو نعيم في الحلية عن سويد بن عمر وعن سالم الافطس به وأخرجه بن الجوزي في العلل المتناهية من طرق أخرى واهية أحدها فيها عثمان بن عبد الرحمن ونسبه إلى الكذب عن بن معين والاخرى فيها الوليد المخزومي خالد بن إسماعيل ونسبه إلى الوضع عن بن عدي والاخرى فيها وهب بن وهب القاضي ونسبه أحمد إلى الوضع والاخرى فيها عبد الله العثماني ونسب إلى الوضع عن بن عدي وابن حبان وحديث عثمان بن عبد الرحمن وحديث الوليد المخزومي كلاهما في سنن الدارقطني حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عمر بن صبيح عن منصور عن إبراهيم عن علقمة والاسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من السنة الصف خلف كل إمام لك صلاتك وعليه إثمه والجهاد مع كل أمير لك جهادك وعليه شره والصلاة عل كل ميت من أهل التوحيد وإن كان قاتل نفسه انتهى قال عمر بن صبيح متروك انتهى وفي تحقيق بن الجوزي قال بن حبان كان يضع الحديث انتهى
[ 36 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن فرات بن سليمان عن محمد بن علوان عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصل الدين الصلاة خلف كل بر وفاجر والجهاد مع كل أمير والصلاة على كل من مات من أهل القبلة انتهى قال الدارقطني ليس في هذه الاحاديث شئ يثبت ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل وقال فرات بن سليمان قال بن حبان منكر الحديث جدا يأتي بما لا يشك أنه معمول لكن سماه فرات بن سليم والحارث فقال فيه بن المديني كان كذابا انتهى حديث آخر أخرجه العقيلي في كتابه عن الوليد بن الفضل أخبرني عبد الجبار بن الحجاج الخراساني عن مكرم بن حكيم الخثعمي عن سيف بن منير عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكفروا أحدا من أهل القبلة وصلوا خلف كل إمام وجاهدوا مع كل أمير انتهى والوليد بن الفضل العنزي قال بن حبان في كتاب الضعفاء له يروي المناكير التي لا يشك أنها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به وقال أبو حاتم مجهول ومكرم بن حكيم قال الازدي ليس حديثه بشئ وسيف ضفعه الدارقطني وقال الازدي لا يكتب حديثه الحديث الرابع والستون قال عليه السلام من أم قوما فليصل بهم صلاة أضعفهم فإن فيهم المريض والكبير وذا الحاجة قلت رواه البخاري ومسلم من حديث الاعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى لنفسه فليطول ما شاء انتهى وفي لفظ لمسلم والمريض وفي لفظ لمسلم الصغير والكبير والضعيف والمريض وذا الحاجة
[ 37 ]
حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أبي مسعود الانصاري قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان قال فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا من يومئذ فقال أيها الناس إن منكم منفرين من صلى بالناس فليخفف فإن فيهم الكبير والضعيف وذا الحاجة انتهى زاد في لفظ للبخاري والمريض حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي لفظ مسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس في تمام انتهى وروى مسلم عن عثمان بن أبي العا ص قال آخر ما عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أممت قوما فأخف بهم الصلاة انتهى وفي لفظ له أم قومك فمن أم قوما فليخفف فإن فيهم الكبير وإن فيهم الضعيف وإن فيهم المريض وإن فيهم ذا الحاجة وإذا صلى أحدكم وحده فليصل كيف شاء انتهى حديث آخر حديث معاذ أخرجه البخاري ومسلم عن جابر قال صلى معاذ لاصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى فأخبر معاذ عنه فقال إنه منافق فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما قال فقال له عليه السلام أتريد أن تكون فتانا يا معاذ إذا أممت بالناس فاقرأ بالشمس وضحاها وسبح اسم ربك الاعلى وأقرأ باسم ربك والليل إذا يغشى انتهى وفي لفظ لمسلم إن معاذا افتتح بسورة البقرة فانصرف الرجل الحديث وفي لفظ له فافتتح بسورة البقرة فانحرف رجل فسلم ثم صلى وحده وانصرف الحديث هكذا روايات الصحيحين إن هذه القصة كانت فصلاة العشاء ووقع عند أبي داود أنها كانت المغرب أخرجه عن حزم بن أبي بن كعب أنه أتى معاذ بن جبل وهو يصلي بقوم صلاة المغرب في هذا الخبر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاذ لا تكن فتانا فإنه يصلي وراءك الكبير والضعيف وذو الحاجة والمسافر انتهى ووقع في مسند أحمد
[ 38 ]
إن السورة كانت اقتربت الساعة والمشهور في الصحيحين وغيرهما أنها كانت البقرة قال النووي في الخلاصة فيجمع بين الروايات بأنهما قصتان لشخصين فإن الرجل الذي جاء قيل فيه حزم وقيل فيه حازم وقيل حزام وقيل سليم فلعل ذلك كان في واحدة لان معاذا لا يفعله بعد النهي ويبعد أن ينساه ورد البيهقي رواية المغرب وقال إن روايات العشاء أصح وهو كما قال لكن الجمع أولى ولعله قرأ البقرة في ركعة فانصرف رجل ثم قرأ اقتربت في الركعة الاخرى فانصرف آخر وأما رواية مسلم أنه سلم ثم صلى وحده فأشار البيهقي إلى أنها شاذة ضعيفة فقال لا أدري هل حفظت هذه الزيادة أم لا لكثرة من رواه عن سفيان بدونها وانفرد بها عنه محمد بن عباد انتهى وروى النسائي في التفسير حديث معاذ وسمى الرجل حرام أعنى المنصرف الحديث الخامس والستون روى عن عائشة أنها أمت نسوة في المكتوبة فقامت بينهن وسطا قلت أخرجه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن إدريس عن ليث عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤذن وتقيم وتؤم النساء فتقوم وسطهن انتهى وسكت عنه انتهى طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن ميسرة بن حبيب النهدي عن ريطة الحنفية أن عائشة امتهن وقامت بينهن في صلاة مكتوبة
[ 39 ]
انتهى وبهذا الاسناد رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما ولفظهما فقامت بينهن وسطا قال النووي في الخصلة سنده صحيح طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن هاشم عن بن أبي ليلى عن عطاء عن عائشة أنها كانت تؤم النساء تقوم معهن في الصف انتهى طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أن عائشة كانت تؤم النساء في شهر رمضان فتقوم وسطا انتهى وقد روى نحو هذا عن أم سلمة رواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما والشافعي في مسنده قالوا ثلاثتهم أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمار الذهبي عن امرأة من قومه يقال لها حجيرة بنت حصين عن أم سلمة أنها أمتهن فقامت وسطا انتهى ولفظ عبد الرزاق قالت أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه قال النووي سنده صحيح طريق آخر لابن أبي شيبة حدثنا علي بن مسهر عن سعيد عن قتادة عن أم الحسن أنها رأت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تؤم النساء فتقوم معهن في صفهن انتهى أحاديث الباب أخرج أبو داود في سننه عن الوليد بن جميع عن ليلى بنت مالك وعبد الرحمن بن خلاد الانصاري عن أم ورقة بنت نوفل أن النبي صلى الله عليه وسلم لما غزا بدرا قالت قلت له يا رسول الله إئذن لي في الغزو معك أمرض مرضاكم لعل الله يرزقني شهادة قال قومي في بيتك فإن الله تعالى يرزقك الشهادة قال فكانت تسمى الشهيدة قال وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في
[ 40 ]
دارها مؤذنا يؤذن لها قال وكانت دبرت غلاما لها وجارية فقاما إليها بالليل فغماها بقطيفة لها حتى ماتت وذهبا فأصبح عمر فقام في الناس فقال من عنده من هذين علم أو من رآهما فليجئ بهما فأمر بهما فصلبا فكانا أول مصلوب بالمدينة انتهى ثم أخرجه عن الوليد بن جميع عن عبد الرحمن بن خلاد عن أم ورقة بهذا الحديث قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنا يؤذن لها وأمرها أن تؤم أهل دارها قال عبد الرحمن بن خلاد فأنا رأيت مؤذنها شيخا كبيرا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك ولفظه وأمرها أن تؤم أهل دارها في الفرائض وقال لا أعرف في الباب حديثا مسندا غير هذا وقد احتج مسلم بالوليد بن جميع انتهى وقال المنذري في مختصره الوليد بن جميع فيه مقال وقد أخرج له مسلم انتهى وقال بن القطان في كتابه الوليد بن جميع وعبد الرحمن بن خلاد لا يعرف حالهما انتهى قلت ذكرهما بن حبان في الثقات حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل وأبو الشيخ الاصبهاني في كتاب الاذان عن الحكم بن عبد الله بن سعد الابلي عن القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على النساء أذان ولا إقامة ولا جمعة ولا اغتسال ولا تتقدمهن امرأة ولكن تقوم وسطهن انتهى ثم أسند بن عدي عن بن معين أنه قال الحكم بن عبد الله بن سعد ليس بثقة ولا مأمون وعن البخاري قال تركوه وعن النسائي قال متروك الحديث وكان بن المبارك يوهنه انتهى وهذا الحديث أنكره بن الجوزي في التحقيق فقال وحكى أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس على النساء أذان ولا إقامة وهذا لا نعرفه مرفوعا إنما هو شئ يروى عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي ورده الشيخ في الامام والله أعلم حديث آخر موقوف رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن محمد عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس قال تؤم المرأة النساء تقوم في وسطهن انتهى
[ 41 ]
قوله وحمل فعلها الجماعة على ابتداء الاسلام قال السروجي وهكذا في المبسوط والمحيط وفيه بعد لانه عليه السلام أقام بمكة بعد النبوة ثلاث عشرة سنة كما رواه البخاري ومسلم ثم تزوج عائشة بالمدينة وبنى بها وهي بنت تسع وبقيت عنده عليه السلام تسع سنين وما تصلي إماما إلا بعد بلوغها فكيف يستقيم حمله على ابتداء الاسلام لكن يمكن أن يقال إنه منسوخ وفعلن ذلك حين كان النساء يحضرن الجماعات ثم نسخت جماعتهن انتهى الحديث السادس والستون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بابن عباس فأقامه عن يمينه قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن كريب مولى بن عباس قال بت عند خالتي ميمونة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فأطلق القربة فتوضأ ثم أوكأ القربة ثم قام إلى الصلاة فقمت فتوضأت كما توضأ ثم جئت فقمت عن يساره فأخذني بيمينه فأدارني من ورائه فأقامني عن يمينه فصليت معه انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا الحديث السابع والستون روى عن بن مسعود أنه أم اثنين فتوسطهما قلت أخرجه مسلم في صحيحه عن إبراهيم عن علقمة والاسود أنهما دخلا على عبد الله فقال أصلى من خلفكم قالا نعم فقام بينهما فجعل أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله ثم ركعنا فوضعنا أيدينا على ركبنا ثم طبق بين يديه ثم جعلهما بين فخذيه فلما صلى قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه أبو داود في سننه لم يذكر فيه التطبيق ولفظه قال استأذن علقمة والاسود على عبد الله فأذن لهما ثم قام فصلى بينهما ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل قال المنذري في مختصره قال أبو عمر بن عبد البر هذا الحديث لا يصح رفعه والصحيح
[ 42 ]
عندهم التوقيف على بن مسعود أنه صلى كذلك بعلقمة والاسود قال وهذا الذي أشار إليه أبو عمر قد أخرجه مسلم في صحيحه أن بن مسعود صلى بعلقمة والاسود وهو موقوف وقال بعضهم إنه منسوخ لانه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وفيها التطبيق وأحكام أخرى هي الآن متروكة وهذا الحكم من جملتها ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه انتهى كلامه وقال النووي في الخلاصة الثابت في صحيح مسلم أن بن مسعود فعل ذلك ولم يقل هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ورواه أبو داود مرفوعا بسند فيه هارون بن عنترة وهو وإن وثقه أحمد وابن معين فقد قال الدارقطني هو متروك كان يكذب وهذا جرح مفسر فيقدم على التعديل ورواه البيهقي من طريق بن إسحاق عن بن الاسود به وابن إسحاق مشهور بالتدليس وقد عنعن والمدلس إذا عنعن لا يحتج به بالاتفاق انتهى كلامه قلت كأنهما ذهلا فإن مسلما أخرجه من ثلاث طرق لم يرفعه في الاوليين ورفعه في الثالثة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيه هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل عليه أن الترمذي قال في جامعه وروى عن بن مسعود أنه صلى بعلقمة والاسود فقام بينهما قال ورواه عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ورواه البيهقي وأحمد من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه قال دخلت أنا وعلقمة على بن مسعود بالهاجرة فلما زالت الشمس أقام الصلاة فقمت أنا وصاحبي خلفه فأخذ بيدي وبيد صاحبي فجعلنا عن يمينه ويساره وقام بيننا وقال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثة انتهى وضعف بابن إسحاق وقد عنعن وهو مدلس وأجيب عن حديث بن مسعود هذا بثلاثة أجوبة أحدها أن بن مسعود لم يبلغه حديث أنس الاتي ذكره عقيب هذا الحديث الثاني أنه كان لضيق المسجد رواه الطحاوي في شرح الآثار بسنده عن بن سيرين أنه قال لا أرى بن مسعود فعل ذلك إلا لضيق المسجد أو لعذر آخر لا على أنه من السنة انتهى والثالث ذكره البيهقي في المعرفة قال وأما ما روي عن بن مسعود فقد قال فيه بن سيرين إنه كان لضيق المسجد وقد قيل إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وأبو ذر عن يمينه كل واحد يصلي
[ 43 ]
لنفسه فقام بن مسعود خلفهما فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم بشماله فظن عبد الله أن ذلك سنة الموقف ولم يعلم أنه لا يؤمهما وعلمه أبو ذر حتى قال فيما روى عنه يصلي كل رجل منا لنفسه وذهب الجمهور إلى ترجيح رواية غيره على روايته بكثرة العدد والقائلين به وبسلامته من الاحكام المنسوخة انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ وحديث بن مسعود منسوخ لانه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وفيها التطبيق وأحكام أخرى هي الآن متروكة وهذا الحكم من جملتها ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه بدليل ما أخرجه مسلم عن عبادة بن الوليد عن جابر قال سرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقام يصلي قال فجئت حتى قمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه فجاء بن صخر حتى قام عن يساره فأخذنا بيده جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه انتهى قال وهذا دال على أن هذا الحكم هو الآخر لان جابرا إنما شهد المشاهد التي كانت بعد بدر ثم في قيام بن صخر عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم أيضا دلالة على أن الحكم الاول كان مشروعا وأن بن صخر كان يستعمل الحكم الاول حتى منع منه وعرف الحكم الثاني الحديث الثامن والستون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم تقدم على أنس واليتيم حين صلى بهما قلت أخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعته فأكل منه ثم قال قوموا فلاصل لكم قال أنس فقمت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبث فنضحته بماء فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصففت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا فصلى لنا ركعتين ثم انصرف انتهى واليتيم هو ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم له ولابيه صحبة قال أبو عمر قوله جدته مليكة مالك يقوله والضمير عائد على إسحاق وهي جدة إسحاق أم أبيه عبد الله بن أبي
[ 44 ]
طلحة وهي أم سليم بنت ملحان زوج أبي طلحة الانصاري وهي أم أنس بن مالك وقال غيره الضمير يعود على أنس وهو القائل إن جدته وهي جدة أنس بن مالك أم أمه واسمها مليكة بنت مالك بن عدي ويؤيد ما قاله أبوعمران في بعض طرق الحديث إن أم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيها أخرجه النسائي عن يحيى بن سعيد عن إسحاق بن عبد الله فذكره وأم سليم هي أم أنس جاء ذلك مصرحا في البخاري وقال النووي في الخلاصة الضمير في جدته لاسحاق على الصحيح وهي أم أنس وجدة إسحاق وقيل جدة أنس وهو باطل وهي أم سليم صرح به في رواية للبخاري واليتيم هو ضميرة بن سعد الحميري انتهى كلامه ومن أحاديث الباب ما أخرجه مسلم عن جابر رضي الله عنه قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فقمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جابر بن صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأيدينا جميعا فدفعنا حتى اقامنا خلفه مختصر من حديث طويل في آخر مسلم وهو عقيب حديث أصحاب الاخدود الحديث التاسع والستون قال النبي صلى الله عليه وسلم اخروهن من حيث أخرهن الله قلت حديث غريب مرفوعا وهو في مصنف عبد الرزاق موقوف على بن مسعود فقال أخبرنا سفيان الثوري عن الاعمش عن إبراهيم عن أبي معمر عن بن مسعود قال كان الرجال والنساء في بني إسرائيل يصلون جميعا فكانت المرأة تلبس القالبين فتقوم عليهما فتواعد خليلها فألقى عليهن الحيض فكان بن مسعود يقول أخروهن من
[ 45 ]
حيث أخرهن الله قيل فما القالبان قال أرجل من خشب يتخذها النساء يتشرفن الرجال في المساجد انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه قال السروجي في الغاية كان شيخنا الصدر سليمان يرويه الخمر أم الخبائث والنساء حبائل الشيطان وأخروهن من حيث أخرهن الله ويعزوه إلى مسند رزين وقد ذكر هذا الجاهل أنه في دلائل النبوة للبيهقي وقد تتبعته فلم أجده فيه لا مرفوعا ولا موقوفا والذي فيه مرفوعا الخمر جماع الاثم والنساء حبالة الشيطان والشباب شعبة من الجنون ليس فيه أخروهن من حيث أخرهن الله أصلا أحاديث الباب أخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن أبي مالك الاشعري أنه قال يوما يا معشر الاشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم حتى أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمعوا وجمعوا أبناءهم ونساءهم ثم توضأ واراهم كيف يتوضأ ثم تقدم فصف الرجال في أدنى الصف وصف الولدان خلفهم وصف النساء خلف الصبيان الحديث ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث بن أبي سليم عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فأقام الرجال يلونه وأقام الصبيان خلف ذلك واقام النساء خلف ذلك انتهى ومن طريق بن أبي شيبة رواه الطبراني في معجمه الحديث السبعون قال النبي صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولو الاحلام والنهى قلت روى من حديث بن مسعود ومن حديث أبي مسعود ومن حديث البراء بن عازب فأما حديث بن مسعود فأخرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلني منكم ألو الاحلام والنهى ثم الذين
[ 46 ]
يلونهم ثم الذين يلونهم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وإياكم وهيشات الاسواق انتهى وأما حديث أبي مسعود فأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلني منكم أولو الاحلام والنهى ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم انتهى وأما حديث البراء بن عازب فرواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من حديث البراء بن عازب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إذا أقيمت الصلاة فيمسح عواتقنا ويقول أقيموا صفوفكم ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم وليلني منكم أولو الاحلام والنهى انتهى وسكت عنه والمصنف استدل بهذا الحديث على قوله ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء ولا ينهض ذلك إلا على تقديم الرجال فقط أو نوع من الرجال ويمكن أن يستدل بحديث أبي ملاك الاشعري المتقدم في الحديث الذي قبل هذا الحديث وروى الحارث بن أسامة في مسنده حدثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية عن ليث عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصفهم في الصلاة فيجعل الرجال قدام الغلمان والغلمان خلفهم والنساء خلف الغلمان مختصر قوله لانها عرفت مفسدة بالنص يعني المرأة وكأنه يشير إلى حديث أخروهن من حيث أخرهن الله وفيه مع ضعفه بعد أحاديث المنفرد خلف الصف أخرج أبو داود والترمذي عن عمرو بن مرة
[ 48 ]
عن هلال بن يساف عن عمرو بن راشد عن وابصة بن معبد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي خلف الصف وحده فأمره أن يعيد الصلاة انتهى وأخرجه الترمذي أيضا وابن ماجة عن حصين عن هلال بن يساف قال أخذ زياد بن أبي الجعد بيدي ونحن بالرقة فقام بي على شيخ يقال له وابصة فقال زياد حدثني هذا الشيخ والشيخ يسمع أن رجلا صلى فذكره وقال حديث حسن قال واختلف أهل العلم فقال بعضهم حديث عمرو بن مرة أصح وقال بعضهم حديث حصين أصح وهو عندي أصح من حديث عمرو لانه روى من غير وجه عن هلال عن زياد عن وابصة انتهى وليس في حديث بن ماجة أخبرني هذا الشيخ فكأن هلالا رواه عن وابصة نفسه ورواه بن حبان في صحيحه بالاسنادين المذكورين ثم قال وهلال بن يساف سمعه من عمرو بن راشد ومن زياد بن أبي الجعد عن وابصة فالخبران محفوظان وليس هذا الخبر مما تفرد به هلال بن يساف ثم أخرجه عن يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عمه عبيد بن أبي الجعد عن أبيه زياد بن أبي الجعد عن وابصة فذكره ورواه البزار في مسنده بالاسانيد الثلاثة المذكورة ثم قال أما حديث عمرو بن راشد فإن عمرو بن راشد رجل لا يعلم حدث إلا بهذا الحديث وليس معروفا بالعدالة فلا يحتج بحديثه وأما حديث حصين فإن حصينا لم يكن بالحافظ فلا يحتج بحديثه في حكم وأما حديث يزيد بن زياد فلا نعلم أحدا من أهل العلم إلا وهو يضعف أخباره فلا يحتج بحديثه وقد روى عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف عن وابصة وهلال لم يسمع من وابصة فأمسكنا عن ذكره لارساله انتهى قال البيهقي في المعرفة وإنما لم يخرجاه صاحبا الصحيح لما وقع في إسناده من الاختلاف ثم ذكر هذه الاسانيد الثلاثة
[ 49 ]
حديث آخر للخصم أخرجه بن ماجة عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه قال صلينا وراء النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى الصلاة رأى رجلا فردا يصلي خلف الصف قال فوقف عليه نبي الله حين انصرف ثم قال له استقبل صلاتك فإنه لا صلاة لمن صلى خلف الصف وحده ورواه بن حبان في صحيحه والبزار فمسنده وقال وعبد الله بن بدر ليس بالمعروف إنما حدث عنه ملازم بن عمرو ومحمد بن جابر فأما ملازم فقد احتمل حديثه وإن لم يحتج به وأما محمد بن جابر فقد سكت الناس عن حديثه وعلي بن شيبان لم يحدث عنه إلا ابنه وابنه هذه صفته وإنما يرتفع جهالة المجهول إذا روى عنه ثقتان مشهوران فأما إذا روى عنه من لا يحتج بحديثه لم يكن ذلك الحديث حجة ولا ارتفعت جهالته انتهى حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو حديث بن شيبان قال البزار ولا يعلم رواه عن عكرمة إلا النضر وهو لين الحديث وقد روى أحاديث لا يتابع عليها وهو عند بعض أهل العلم ضعيف جدا فلا يحتج بحديثه وقد عارض هذه الاحاديث أخبار ثابتة دلت على جواز صلاة الذي يصلي خلف الصف وحده انتهى حديث آخر مرسل رواه أبو داود في المراسيل عن مقاتل بن حيان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه فما أعظم أجر المختلج انتهى ورواه البيهقي الاحاديث الدالة على الجواز أخرج البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي بكرة أنه دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم راكع فركع دون الصف ثم دب حتى انتهى إلى الصف فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال إني سمعت نفسا عاليا فأيكم الذي
[ 50 ]
ركع دون الصف ثم مشى إلى الصف فقال أبو بكرة أنا يا رسول الله خشيت أن تفوتني الركعة فركعت دو الصف ثم لحقت الصف فقال النبي صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصا ولا تعد انتهى وهذا يدل على أن أمره عليه السلام بالاعادة في حديث وابصة ليس على الايجا ب ولكن على الاستحباب وقوله في حديث أبي بكرة ولا تعد إنما هو إرشاد له في المستقبل إلى ما هو أفضل له ولو لم يكن مجزئا لامره بالاعادة والنهي إنما وقع عن السرعة والعجلة إلى الصلاة كأنه أحب له أن يدخل في الصف ولو فاتته الركعة ولا يعجل بالركوع دون الصف يدل عليه ما رواه البخاري فيه وفي كتابه المفرد في القراءة خلف الامام ولا تعد صل ما أدركت واقض ما سبقت انتهى فهذه الزيادة دلت على ذلك ويقويها حديث فأتوا وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضووقيل وقع على التأخر عن الصلاة حديث آخر حديث أنس أخرجه البخاري ومسلم وفيفصففت أنا واليتيم خلفه والعجوز من ورائنا وأحكام الرجال والنساء في ذلك سواقال بن حبان في صحيحه وقد وهم بعض أئمتنا أن العجوز لم تكن وحدها وإنما كان معها أخرى حديث أخبرنا به الحسين فذكره بسنده عن أنس بن مالك قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بساط فأقامني عن يمينه وقامت أم سليم وأم حرام خلفنا انتهى قال وليس كذلك لانهما صلاتان في وقتين مختلفين فتلك الصلاة كانت على حصير وقام فيها أنس واليتيم معه خلف المصطفى والعجوز وحدها وراءهم وهذه الصلاة كانت على بساط وقام فيها أنس عن يمين المصطفى وأم سليم وأم حرام خلفهما فكانتا صلاتين مختلفتين انتهى كلامه
[ 52 ]
الحديث الحادي والسبعون روى أنه عليه السلام صلى آخر صلاته قاعدا والناس خلفه قيام قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال دخلت على عائشة فقلت لها ألا تحدثيني عمرض النبي صلى الله عليه وسلم قالت بلى لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى الناس قلنا لا هم ينتظرونك للصلاة قال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم أفاق فقال أصلى الناس قلنا لا وهم ينتظرونك يا رسول الله فقال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم افاق فقال أصلى الناس فقلنا لا وهم ينتظرونك يا رسول الله فقال ضعوا لي ماء في المخضب فاغتسل ثم ذهب لينوء فأغمي عليه ثم افاق فقال أصلى الناس فقلنا لا وهم ينتظرونك يا رسول الله قالت والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة قالت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر أن يصلي بالناس فأتاه الرسول وكان أبو بكر رجلا رقيقا فقال يا عمر صل أنت فقال عمر أنت أحق بذلك قالت فصلى بهم أبو بكر ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد من نفسه خفة فخرج يهادى بين رجلين أحدهما العباس لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر وقال لهما أجلساني إلى جنبه فأجلساه إلى جنب أبي بكر فكان أبو بكر يصلي وهو قائم بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبي بكر والنبي صلى الله عليه وسلم قاعد قال عبيد الله فعرضت على بن عباس حديث عائشة فما أنكر منه شيئا غير أنه قال أسمت لك الرجل الذي كان مع بن عباس قلت لا قال هو علي انتهى وأخرجه مسلم عن الاسود عن عائشة قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه
[ 53 ]
الذي توفي فيه فذكر نحوه ورواه البيهقي في المعرفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرأبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه الذي مات فيه إلى أن قال فكان عليه السلام بييدي أبي بكر يصلي قاعدا وأبو بكر يصلي بصلاته قائما والناس يصلون بصلاة أبي بكر والناس قيام خلف أبي بكر انتهى أحاديث الخصوم لهم حديث إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أخرجه البخاري ومسلم وباقي الستة عن الزهري عن أنس قال سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الايمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدا فصلينا وراءه قعودا فلما قضى الصلاة قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا إلى أن قال وإذا صلى قاعدا فصلوا قعودا وأخرجا من حديث أبي هريرة نحوه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به الحديث ليس فيه قصة الفرس وأخرجا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليه ناس من أصحابه يعودونه فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فصلوا بصلاته قياما فأشار إليهم أن اجلسوا فجلسوا فلما انصرف قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا ركع فاركعوا وإذا رفع فارفعوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا انتهى وأخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر نحوه سواء وقد أخرج البخاري في صحيه حديث أنس المذكور من رواية حميد الطويل عنه مخالفا لرواية الزهري عنه ولفظه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط عن فرسه فجحشت ساقه أو كتفه وآلى من نسائه شهرا فجلس في مشربة له فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم جالسا وهم قيام فلما سلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وإن صلى قائما فصلوا قياما ونزل لتسع وعشرين فقالوا يا رسول الله إنك آليت شهرا فقال إن الشهر تسع وعشرون انتهى ذكره في أوائل الصلاة في باب الصلاة في السطوح منفردا به دون الباقين وتكلف القرطبي في شرح مسلم الجمع بين الروايتين فقال يحتمل أن يكون البعض صلوا قياما والبعض صلوا جلوسا فأخبر أنس بالحالتين وهذا مع ما فيه من التعسف ليس في شئ من الروايات ما يساعده عليه وقد ظهر لي فيه وجهان أحدهما أنهم صلوا خلفه
[ 54 ]
قياما فلما شعر بهم النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالجلوس فجلسوا فرآهم أنس على الحالتين فأخبر بكل منهما مختصرا للاخرى لم يذكر القصة بتمامها يدل عليه حديث عائشة وحديث جابر المتقدمان الثاني وهو الاظهر أنهما كانا في وقتين وإنما أقرهم عليه السلام في إحدى الواقعتين على قيامهم خلفه لان تلك الصلاة كانت تطوعا والتطوعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الفرائض وقد صرح بذلك في بعض طرقه كما أخرجه أبو داود في سننه عن أبي سفيان عجابر قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا بالمدينة فصرعه على جذم نخلة فانفكت قدمه فأتيناه نعوده فوجدناه في مشربة لعائشة يسبح جالسا قال فقمنا خلفه فسكت عنا ثم أتيناه مرة أخرى نعوده فصلى المكتوبة جالسا فقمنا خلفه فأشار إلينا فقعدنا قال فلما قضى الصلاة قال إذا صلى الامام جالسا فصلوا جلوسا وإذا صلى قائما فصلوا قياما ولا تفعلوا كما تفعل فارس بعظمائها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه كذلك ثم قال وفي هذا الخبر دليل على أن ما في حديث حميد عن أنس أنه صلى بهم قاعدا وهم قيام أنه إنما كانت تلك الصلاة سبحة فلما حضرت الفريضة أمرهم بالجلوس فجلسوا فكان أمر فريضة لا فضيلة انتهى قلت ومما يدل على أن التطوعات يحتمل فيها ما لا يحتمل في الفرائض ما أخرجه الترمذي عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أنس قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والالتفات في الصلاة فإنه هلكة فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة انتهى وقال حديث حسن انتهى وأصحابنا يجعلون أحاديث إذا صلى جالسا فصلوا جلسوا منسوخة بحديث عائشة المتقدم أنه صلى آخر صلاته قاعدا والناس خلفه قيام وبحديث لا يؤمن أحد بعدي جالسا وسيأتي ذكره لكن حديث عائشة وقع فيه اضطراب لا يقدح فيه فالذي تقدم أنه عليه السلام كان إماما وأبو بكر مأموم وقد ورد فيه العكس كما أخرجه الترمذي والنسائي عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي توفي فيه خلف أبي بكر قاعدا انتهى قال الترمذي حديث
[ 55 ]
حسن صحيح وأخرج النسائي أيضا عن حميد عن أنس قال آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحا خلف أبي بكر انتهى ومثل هذا لا يعارض ما وقع في الصحيح مع أن العلماء جمعوا بينهما قال البيهقي في المعرفة ولا تعارض بين الخبرين فإن الصلاة التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم إماما هي صلاة الظهر يوم السبت أو الاحد والتي كان فيها مأموما هي صلاة الصبح يوم الاثنين وهي آخر صلاة صلاها عليه السلام حتى خرج من الدنيا قال وهذا لا يخالف ما يثبت عن الزهري عن أنس في صلاتهم يوم الاثنين وكشفه عليه السلام الستر ثم إرخائه فإن ذلك إنما كان في الركعة الاولى ثم إنه عليه السلام وجد في نفسه خفة فخرج فأدرك معه الركعة الثانية يدل عليه ما ذكره موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري وذكره أبو الأسود عن عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقلع عنه الوعك ليلة الاثنين فغدا إلى صلاة الصبح متوكئا على الفضل بن العباس وغلام له وقد سجد الناس مع أبي بكر حتى قام إلى جنب أبي بكر فاستأخر أبو بكر فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوبه فقدمه في مصلاه فصفا جميعا ورسول الله جالس وأبو بكر يقرأ فركع معه الركعة الآخرة ثم جلس أبو بكر حتى قضى سجوده فتشهد وسلم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الركعة الاخرى ثم انصرف إلى جذع من جذوع المسجد فذكر القصة في دعائه أسامة بن زيد وعهده إليه فيما بعثه فيه ثم في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أخبرنا به أبو عبد الله الحافظ بسنده إلى بن لهيعة حدثنا أبو الأسود عن عروة فذكره قال البيهقي فالصلاة التي صلاها أبو بكر وهو مأموم هي صلاة الظهر وهي التي خرج فيها بين العباس وعلي والتي كان فيها إماما هي صلاة الصبح وهي التي خرج فيها بين الفضل بن العباس وغلام له وفيها الجمع بين الاخبار انتهى كلام البيهقي قلت وحديث كشف الستارة في الصحيحين وليس فيه أنه عليه السلام صلى خلف أبي بكر
[ 56 ]
أخرجاه عن أنس أن أبا بكر كان يصلي بهم في وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه حتى إذا كان يوم الاثنين وهم صفوف في الصلاة كشف رسوالله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فنظر إلينا وهو قائم كأنه وجهه ورقة مصحف ثم تبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا قال فبهتنا ونحن في الصلاة فرحا برسول الله ونكص أبو بكر على عقبيه وظن أن رسول الله خارج للصلاة فأشار إليهم بيده أن أتموا صلاتكم ثم دخل وأرخى الستر وتوفي من يومه ذلك وفي لفظ للبخاري أن ذلك كان في صلاة الفجر والله أعلم وقال بن حبان في صحيحه بعد أن روى حديث عائشة من رواية زائدة عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة بلفظ الصحيحين ثم رواه من حديث شعبة عن موسى بن أبي عائشة به أن أبا بكر صلى بالناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الصف خلفه انتهى قال فهذا شعبة قد خالف زائدة في هذا الخبر وهما ثبتان حافظان ثم أخرج عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت أغمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم افاق فقال أصلي بالناس قلنا لا الحديث إلى أن قال فخرج بين ثويبة وبريرة فأجلستاه إلى جنب أبي بكر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو جالس وأبو بكر قائم يصلي بصلاة رسول الله والناس يصلون بصلاة أبي بكر ثم قال وقد خالف نعيم بن أبي هند في هذا الخبر عاصم بن أبي النجود ثم أخرج عن نعيم بن أبي هند عن أبي وائل عن مسروق عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه خلف أبي بكر قاعدا قال وعاصم بن أبي النجود ونعيم بن أبي هند حافظان ثقتان قال وأقول وبالله التوفيق إن هذه الاخبار كلها صحيحة ليس فيها تعارض فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه صلاتين في المسجد في إحداهما كان إماما وفي الاخرى كان مأموما قال والدليل على ذلك أن في خبر عبيد الله بن عبد الله عن عائشة أنه عليه السلام خرج بين رجلين العباس وعلي وفي خبر مسروق عنهما أنه عليه السلام خرج بين بريرة وثويبة انتهى وفي كلام البخاري ما يقتضي الميل إلى أن حديث إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا منسوخ فإنه قال بعد أن رواه قال
[ 57 ]
الحميدي هذا حديث منسوخ لانه عليه السلام آخر ما صلى صلى قاعدا والناس خلفه قيام وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعله عليه السلام انتهى ذكره في عدة مواضع من كتابه وابن حبان لم ير بالنسخ فإنه قال بعد أن رواه في صحيحه وفي هذا الخبر بيان واضح أن الامام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا وأفتى به من الصحابة جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد ولم يرو عن غيرهم من الصحابة خلاف هذا بإسناد متصل ولا منقطع فكان إجماعا والاجماع عندنا إجماع الصحابة وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد ولم يرو عن غيره من التابعين خلافه بإسناد صحيح ولا واه فكان إجماعا من التابعين أيضا وأول من أبطل ذلك في الامة المغيرة بن مقسم وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان ثم أخذه عن حماد أبو حنيفة ثم عنه أصحابه وأعلى حديث احتجوا به حديث رواه جابر الجعفي عن الشعبي قال عليه السلام لا يؤمن أحد بعدي جالسا وهذا لو صح إسناده لكان مرسلا والمرسل عندنا وما لم يرو سيان لانا لو قبلنا إرسال تاعبي وإن كان ثقة للزمنا قبول مثله عن أتباع التابعين وإذا قلنا لزمنا قبوله من أتباع أتباع التابعين ويؤدي ذلك إلى أن يقبل من كل أحد إذا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي هذا نقض الشريعة والعجب أن أبا حنيفة يجرح جابر الجعفي ويكذبه ثم لما أخطره الامر جعل يحتج بحديثه وذلك كما أخبرنا به الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ثنا أحمد بن أبي الحواري سمعت أبا يحيى الحماني سمعت أبا حنيفة يقول ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء ولا لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي ما أتيته بشئ من رأيي قط إلا جاءني فيه بحديث وقد ذكرنا ترجمة جابر الجعفي في كتاب الضعفاء انتهى كلامه وحديث جابر الجعفي هذا أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن جابر الجعفي عن الشعبي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحد بعدي جالسا قال الدارقطني لم يروه عن الشعبي غير جابر الجعفي وهو متروك والحديث مرسل لا تقوم به حجة انتهى وقال عبد الحق في أحكامه ورواه عن الجعفي مجالد وهو أيضا ضعيف انتهى وقال البيهقي في المعرفة الحديث مرسل لا تقوم به حجة وفيه جابر الجعفي وهو متروك في روايته مذموم في رأيه ثم قد اختلف عليه فيه فرواه
[ 58 ]
بن عيينة عنه كما تقدم ورواه بن طهمان عنه عن الحكم قال كتب عمر لا يؤمن أحد جالسا بعد النبي صلى الله عليه وسلوهذا مرسل موقوف ثم أسند عن الشافعي ثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن ابي الزبير عن جابر أنه صلى وهو مريض جالسا وصلى الناس خلفه جلوسا وأخبرنا الثقفي عن يحيى بن سعيد أن اسيد بن حضير فعل مثل ذلك قال الشافعي وإنما فعلا مثل ذلك لانهما لم يعلما بالناسخ وكذلك ما حكي عن غيرهم من الصحابة أنهم أموا جالسين ومن خلفهم جلوس محمول على أنه لم يبلغهم النسخ وعلم الخاصة يوجد عند بعض ويعزب عن بعض انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف الناس في الامام يصلي بالناس جالسا من مرض فقالت طائفة يصلون قعودا اقتداء به واحتجوا بحديث عائشة وحديث أنس وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون وقد فعله أربعة من الصحابة جابر بن عبد الله وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن قهد وقال أكثر أهل العلم يصلون قياما ولا يتابعونه في الجلوس وبه قال أبو حنيفة والشافعي وادعوا نسخ تلك الاحاديث بأحاديث أخرى منها حديث عائشة في الصحيحين أنه عليه السلام صلى بالناس جالسا وأبو بكر خلفه قائم يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم والناس يقتدون بصلاة أبي بكر وليس المراد أن أبا بكر كان إماما حقيقة لان الصلاة لا تصح بإمامين ولكن النبي صلى الله عليه وسلم كان الامام وأبو بكر كان يبلغ الناس فسمي لذلك إماما والله أعلم انتهى كلامه واعلم أنه لا يقوى الاحتجاج على أحمد بحديث عائشة المذكور أنه عليه السلام صلى جالسا والناس خلفه قيام بل ولا يصلح لانه يجوز صلاة القائم خلف من شرع في صلاته قائما ثم قعد لعذر ويجعلون هذا منه سيما وقد ورد في بعض طرق الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ في القراءة من حيث انتهى إليه أبو بكر رواه الدارقطني في سننه وأحمد في مسنده قال بن القطان في كتابه الوهم والايهام وهي رواية مرسلة فإنها ليست من رواية بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما رواها بن عباس عن أبيه العباس عن النبي صلى الله عليه وسلم لذلك رواه البزار في مسنده بسند فيه قيس بن الربيع وهو ضعيف ثم ذكر له مثالب في دينه قال وكان بن عباس كثيرا ما يرسل ولا يذكر من حدثه حتى قالوا إن جميع مسموعاته سبعة عشر حديثا وقيل أكثر من ذلك
[ 59 ]
جمعها الحميدي وغيره والصحيح الذي ينبغي العمل به هو أن يحمل أحاديثه كلها على السماع المتصل حتى يظهر من دليل خارج أنه سمع هذا الحديث بواسطة فيقال حينئذ إنه مرسل وذلك نحو هذا الحديث انتهى وحديث العباس هذا الذي أشار إليه رواه البزار في مسنده من حديث قيس عن عبد الله بن أبي السفر عن أرقم بن شرحبيل عن بن عباس عن العباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يصلي بالناس فقرأ من حيث انتهى إليه أبو بكر انتهى قال البزار لا نعلم هذا الكلام يروى إلا من هذا الوجه بهذا الاسناد انتهى قلت رواه بن ماجة من غير طريق قيس فقال حدثنا علي بن محمد ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الارقم بن شرحبيل عن بن عباس قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره إلى أن قال بن عباس وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في القراءة من حيث كان بلغ أبو بكر قال وكيع وكذا السنة مختصر أحاديث الفريضة خلف النافلة احتج أصحابنا على المنع بحديث أخرجه البخاري ومسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما جعل الامام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه قالوا واختلاف النية داخل في ذلك قال النووي وحمله الشافعي على الاختلاف في أفعال الصلاة بدليل قوله فإذا ركع فاركعوا وإذا سجد فاسجدوا وبدليل أنه يصح اقتداء المتنفل بالمفترض وبقولنا قال مالك وأحمد أحاديث الخصوم أخرج البخاري ومسلم عن جابر أن معاذا كان يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء الآخرة ثم رجع إلى قومه فيصلي بهم تلك الصلاة هذا لفظ مسلم وفي لفظ البخاري فيصلي بهم الصلاة المكتوبة انتهى ذكره في كتاب الادب ولاصحابنا عنه أجوبة استوفاها الشيخ تقي الدين في شرح العمدة
[ 60 ]
أحدها أن الاحتجاج به من باب ترك الانكار من النبي صلى الله عليه وسلم وشرط ذلك علمه بالواقعة وجاز أن لا يكون علم بها ويدل عليه ما رواه أحمد في مسنده عن معاذ بن رفاعة عن سليم رجل من بني سلمة أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام ونكون في أعمالنا بالنهار فينادي بالصلاة فنخرج إليه فيطول علينا فقال له عليه السلام يا معاذ لا تكن فتانا إما أن تصلي معي وإما أن تخفف على قومك فدل على أنه كان يفعل أحد الامرين ولم يكن يجمعهما لانه قال إما أن تصل معي أي ولا تصل بقومك وإما أن تخفف على قومك أي ولا تصل معي الوجه الثاني أن النية أمر باطن لا يطلع عليه إلا بإخبار الناوي ومن الجائز أن يكون معاذ كان يجعل صلاته معه عليه السلام بنية النفل ليتعلم سنة القراءة منه وأفعال الصلاة ثم يأتي قومه فيصلي بهم الفرض ويؤيده أيضا حديث أحمد المذكور قال بن تيمية في المنتقى وقوله عليه السلام إما أن تصلي معي وإما أن تخفف عن قومك ظاهر في منع اقتداء المفترض بالمتنفل لانه يدل على أنه متى صلى معه امتنعت إمامته وبالاجماع لا تمتنع إمامته بصلاة النفل معه فعلم أنه أراد به صلاة الفرض وأن الذي كان يصليه معه كان ينويه نفلا وأجيب عن هذا العذر بوجهين أحدهما الاستبعاد من معاذ أن يترك فضيلة الفرض خلف النبي صلى الله عليه وسلم ويأتي به مع قومه قالوا وكيف يظن بمعاذ بعد سماعه قول النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة وفي لفظ للطبراني إلا التي أقيمت أن تصلى النافلة مع قيام المكتوبة ولعل صلاة واحدة مع النبي صلى الله عليه وسلم خير له من كل صلاة صلاها في عمره والثاني أنه وقع في رواية الشافعي ومن طريقه الدارقطني ثم البيهقي هي له تطوع ولهم فريضة رواها الشافعي في سننه ومسنده أخبرنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن بن جريج عن عمرو بن دينار أخبرني جابر بن عبد الله
[ 61 ]
الانصاري قال كان معاذ بن جبل يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم ينطلق إلى قومه فيصليها بهم هي له تطوع ولهم فريضة انتهى قال البيهقي قال الشافعي لا أعلمه يروي من طريق أثبت من هذا ولا أوثق رجالا قال البيهقي وكذلك رواه أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن بن جريج وذكر فيه هذه الزيادة والزيادة من الثقة مقبولة وقد رويت من طريق آخر عند الشافعي في مسنده أخبرنا إبراهيم بن يحيى الاسلمي عن بن عجلان عن عبيد الله بن مقسم عن جابر فذكر نحوه قلنا أما الاستبعاد فليس بقدح سيما وفي الحديث ما يؤيد المستبعد كما بيناه وأما هذه الزيادة فليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي من الروا ولعلها من الشافعي فإنها دائرة عليه ولا تعرف إلا من جهته فيكون منه ظنا واجتهادا وأما الجواب عن قوله عليه السلام إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة فقال الشيخ في شرح العمدة يمكن أن يقال فيه إن مفهومه أن لا يصلي نافلة غير الصلاة التي تقام لان المحذور وقوع الخلاف على الائمة وهذا المحذور منتف مع الاتفاق في الصلا المقامة ويؤيد هذا اتفاقهم على جواز اقتداء المتنفل بالمفترض ولو تناوله النهي لما جاز مطلقا انتهى كلامه الوجه الثالث أنه حديث منسوخ قال الطحاوي يحتمل أن يكون ذلك وقت كانت الفريضة تصلى مرتين فإن ذلك كان يفعل أول الاسلام حتى نهى عنه ثم ذكر حديث بن عمر لا تصلي صلاة في يوم مرتين قال بن دقيق العيد وهذا مدخول من وجهين أحدهما أنه أثبت النسخ بالاحتمال والثاني أنه لم يقم دليلا على أن ذلك كان واقعا أعني صلاة الفريضة في يوم مرتين قال ولكن قد يستدل على النسخ بتقرير حسن وذلك أن إسلام معاذ متقدم وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد سنتين من الهجرة صلاة الخوف غير مرة على وجه وقع فيه مخالفة ظاهرة بالافعال المنافية للصلاة فيقال لو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لامكن إيقاع الصلاة مرتين على وجه لا يقع فيه المنافاة والمفسدات في غير هذه الحالة وحيث صليت على هذا الوجه مع إمكان رفع المفسدات على تقدير جواز اقتداء المفترض
[ 62 ]
بالمتنفل دل على أنه لا يجوز وبعد ثبوت هذه الملازمة يبقى النظر في التاريخ انتهى كلامه وهذا التقرير إنما يمشي على تقدير أنه عليه السلام صلى أربعا بتسليمة واحدة وهو ظاهر لفظ حديث جابر في الصحيحين يعني فلو جاز اقتداء المفترض بالمتنفل لصلى بهم الصلاة مرتين فيصلي بالطائفة الاولى الصلاة كاملة على وجه لا يقع فيهما شئ من الاشياء المنافية للصلاة أعني في غير هذه الحالة وذلك مثل جلوسهم يحرسون العدو ورجوعهم إلى الصلاة وإعادتهم لما فاتهم فلما لم يصل بهم مرتين على وجه لا يقع فيه ذلك دل على أنه لا يجوز اقتداء المفترض فإن ثبت أن هذه الصلاة كانت بعد حديث معاذ فهي ناسخة له هذا معنى كلامه وقد فهم بعضهم من حديث جابر أنه سلم من الركعتين وفسره بحديث أبي بكرة كما سيأتي وقال البيهقي في المعرفة ومن ادعى أن ذلك وقع حين كان الفرض يفعل مرتين في يوم فقد ادعى ما لا يعرفه إذ لم يدل على النسخ سبب ولا تاريخ وحديث عمرو بن شعيب عن سليمان مولى ميمونه عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تصلوا صلاة في يوم مرتين لا يقاوم حديث معاذ للاختلاف في الاحتجاج بعمرو بن شعيب والاتفاق على رواة حديث معاذ وقد كان عليه السلام يرغبهم في إادة الصلاة بالجماعة فنجوز أن يكون بعضهم ذهب وهمه إلى أن الاعادة واجبة فقا لا تصلوا صلاة في يوم مرتين أي كلتاهما على سبيل الوجوب انتهى كلامه الوجه الرابع نقله الشيخ في شرح العمدة عن بعضهم ولم يسمه وهو أن الحاجة دعت إليه في ذلك الوقت ولم يكن لهم غنى عن معاذ ولم يكن لمعاذ ولم يكن لمعاذ غنى عن صلاته مع النبي صلى الله عليه وسلم قال وهذا يحتمل أن يريد به قائله معنى النسخ فيكون كما تقدم ويحتمل أنه مما أبيح بحالة مخصوصة فيرتفع الحكم بزوالها ولا يكون نسخا على كل حال فهو ضعيف لعدم قيام الدليل على تعيين ذلك علة لهذا الفعل ولان القدر المجزئ من القراءة في الصلاة ليس بقليل وما زاد عليه فلا يصلح أن يكون سببا لارتكاب ممنوع شرعا والله أعلم
[ 63 ]
انتهى كلامه حديث آخر أخرجه أبو داود عن الحسن عن أبي بكرة قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم فانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موقف أصحابهم ثم جاأولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولاصحابه ركعتين ركعتين انتهى فصلاته الثانية وقعت نفلا له وفرضا لاصحابه وهم الفرقة الثانية والحديث في مسلم من رواية جابر وليس فيه التسلم من الركعتين أخرجه عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع إلى أن قال ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الاخرى ركعتين قال وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان وذكره البخاري معلقا في المغازي في غزوة ذات الرقاع فقال وقال أبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا الحديث ورواه أيضا متصلا بإسناده لكن لم يذكر فيه قصة الصلاة ووهم النووي في الخلاصة فذكره باللفظ المذكور وقال متفق عليه انتهى وعزا حديث أبي بكرة لابي داود والترمذي ولم يروه الترمذي أصلا ولكني لم أعتمد على النسخة فليراجع ولفظ الصحيحين هذا قد يفهم منه أنه لم يسلم من الركعتين وهو الاقرب كما فهمه القرطبي في شرح مسلم وقد يفهم منه أنه سلم من الركعتين ويفسره حديث أبي بكرة كما فهمه النووي بل قد جاء مفسرا من رواية جابر أنه سلم من الركعتين كما رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا الثقة بن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم انتهى وأخرج الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محاصرا لبني محارب فنودي بالصلاة فذكر نحوه
[ 64 ]
والاول أصح من هذا إلا أن فيه شائبة الانقطاع فإن شيخ الشافعي فيه مجهول وأما الثاني ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي وقد تكلم فيه غير واحد من الائمة قال أبو حاتم ضعيف الحديث يأتي بالطامات وقال الفلاس كان مختلطا لا يروي عنه وقد روى له أبو داود حديثا مقرونا بحميد الطويل وعلى كل حال فالاستدلال على الحنفية بحديث جابر صحيح وإن لم يسلم من الركعتين لان فرض المسافر عندهم ركعتان والقصر عزيمة فإن صلى المسافر أربعا وقعد في الاولى صحت صلاته وكانت الاخريان له نافلة وقد ذهل عن هذا جماعة من شراح الحديث ومنهم النووي وقالوا لا يحسن الاستدلال عليهم إلا بحديث أبي بكرة أو بحديث جابر على تقدير أنه سلم في الركعتين وقد أجاب الطحاوي عن هذا أيضا بالنسخ وقد تقدم نزاعهم في ذلك فإن الطحاوي لما ذكر حديث أبي بكرة قال يحتمل أن يكون ذلك وقتا كانت الفريضة تصلى مرتين فإن ذلك كان يفعل أول الاسلام ثم نهى عنه ثم ذكر حديث بن عمر نهى أن يصلي فريضة في يوم مرتين قال والنهي لا يكون إلا بعد الاباحة والله أعلم أحاديث إقامة الجماعة مرتين في المساجد منعها مالك وأجازها الباقون والحجة عليه ما أخرجه الترمذي في كتابه عن سليمان الاسود عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم أبصر رجلا يصلي وحده فقال ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه انتهى ورواه بن خزيمة وابن حبان والحاكم في صحاحهم قال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه وسليمان الاسود هو بن سخيم وقد احتج به مسلم انتهى قال الترمذي حديث حسن وفي الباب عن أبي أمامة وأبي موسى والحكم بن عمير انتهى ورواه أبو داود واللفظ المذكور له ولفظ الترمذي قال جاء رجل وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقا أيكم يتجر على هذا فقام رجل فصلى معه انتهى وفي رواية البيهقي أن الذي قام فصلى معه أبو بكر رضي الله عنه والله أعلم
[ 65 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن الحسن الاسدي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا جاء وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم فقام يصلي وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتجر على هذا فيصلي معه انتهى وسنده جيد حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى الظهر وقعد في المسجد إذ دخل رجل يصلي فقال عليه السلام الا رجل يقوم فيتصدق على هذا فيصلي معه انتهى وهو ضعيف بالفضل بن المختار قال بن عدي الفضل بن مختار أحاديثه منكرة وقال أبو حاتم الرازي هو مجهول وأحاديثه منكرة يحدث بالاباطيل قاله بن الجوزي في التحقيق ونقل عن أبي حنيفة أنه قال لا يجوز إعادة الجماعة في مسجد له إمام راتب حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن أشرس ثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك ثنا الحسن بن أبي جعفر عن ثابت عن أبي عثمان عن سليمان أن رجلا دخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم قد صلى فقال ألارجل يتصدق على هذا فيصلي معه انتهى وسكت عنه الحديث الثاني والسبعون قال عليه السلام من أم قوما ثم ظهر أنه كان محدثا أو جنبا أعاد صلاته وأعادوا قلت غريب وفيه أثر عن علي رواه محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار أن علي بن أبي طالب قال في الرجل يصلي بالقوم جنبا قال يعيد ويعيدون انتهى
[ 66 ]
أحاديث الباب أخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي جابر البياضي عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس وهو جنب فأعاد وأعادوا انتهى قال الدارقطني هذا مرسل والبياضي ضعيف وقال البيهقي أبو جابر البياضي متروك الحديث كان مالك لا يرتضيه وكان بن معين يرميه بالكذب وقال الشافعي من روى عن البياضي بيض الله عينيه انتهى قال النووي في الخلاصة لا يعرف إلا عن البياضي واجتمعوا على ضعفه ورماه بن معين بالكذب حديث آخر قال بن الجوز في التحقيق ومما يحتج به للشافعي أن المأموم لا يعيد بما أخرجه أبو داود والترمذي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الامام ضامن وفي سندهما اضطراب لكن رواه أحمد في مسنده حدثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا وهذا سند الصحيح قال في التنقيح روى مسلم في صحيحه بهذا الاسناد نحوا من أربعة عشر حديثا حديث آخر أخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أقميت الصلاة وعدلت الصفوف قياما فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام في مصلاه ذكر أنه جنب فقال لنا مكانكم ثم رجع فاغتسل ثم خرج إلينا ورأسه يقطر فكبر وصلينا معه انتهى أخرجه مسلم في الصلاة والباقون في الطهارة وبوب عليه البخاري باب إذا ذكر في المسجد أنه جنب يخرج كما هو ولا يتيمم وبوب له مسلم باب خروج الامام بعد الاقامة للغسل وبوب له أبو داود باب الجنب يصلي بالقوم وهو ناس وبوب له النسائي والاظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم تذكر الجنابة قبل أن يصلي وقد صرح به مسلم في الحديث قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف الحديث فلا يصير في الحديث دلالة لكن أخرج أبو داود في سننه عن الحسن عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فأومأ بيده أن
[ 67 ]
مكانكم ثم جاء ورأسه يقطر فصلى بهم فلما قضى الصلاة قال إنما أنا بشر وإني كنت جنبا انتهى قال البيهقي في المعرفة إسناده صحيح وأخرج بن ماجة في سننه عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وكبر ثم أشار إليهم فمكثوا ثم انطلق فاغتسل وكان رأسه يقطر ماء فصلى بهم فلما انصرف قال إني خرجت اليكم جنبا وإني نسيت حتى قمت في الصلاة انتهى قال النووي في الخلاصة يحمل اختلفا الرواية في أنه عليه السلام انصرف قبل أن يكبر أو بعد أن كبر على أنهما قضيتان انتهى ووقع للنووي هنا وهم فإنه ذكر حديث أبي هريرة المتقدم وفيه حتى إذا قام في مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف الحديث إلى آخره وقال متفق عليه فان قولة قبل أن يكبر ليست عند البخاري وإنما انفرد بها مسلم والله أعلم الآثار أخرج الدارقطني في سننه عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي أنه صلى بالقوم وهو جنب فأعاد ثم أمرهم فأعادوا انتهى قال الدارقطني عمرو بن خالد الواسطي متروك الحديث رماه أحمد بن حنبل بالكذب انتهى وقال البيهقي قال وكيع كان كذابا وقال عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يرو عن عاصم بن ضمرة شيئا قط انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن يزيد المكي عن عمرو بن دينار عن أبي جعفر أن عليا صلى بالناس وهو جنب أو على غير وضوء فأعاد وأمرهم أن يعيدوا انتهى أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا حسين بن مهران عن مطرح عن أبي المهلب عن عبيدالله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال صلى عمر بالناس وهو جنب فأعاد ولم يعد الناس فقال له علي قد كان ينبغي لمن صلى معك أن يعيدوا قال فرجعوا إلى قول علي قال القاسم وقال بن مسعود
[ 68 ]
مثل قول علي انتهى حديث للخصم أخرجه الدارقطني عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما إمام سها فصلى بالقوم وهو جنب فقد مضت صلاتهم وليغتسل هو ثم ليعد صلاته وإن صلى بغير وضوء فمثل ذلك انتهى وسكت عنه الدارقطني وهو حديث ضعيف فإن جويبرا متروك والضحاك لم يلق البراء واحتج النووي في الخلاصة لمذهبه بحديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون لكم فإن اصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم انتهى رواه البخاري وليس بحجة باب الحدث في الصلاة الحديث السادس والستون قال النبي صلى الله عليه وسلم من قاء أو رعف في صلاته فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم قلت تقدم في نواقض الوضوء من رواية عائشة والخدري فحديث عائشة أخرجه بن ماجة في سننه عن إسماعيل بن عياش عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابه قئ أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال وأصحاب بن جريج الحفاظ عنه يروونه عن بن جريج عن أبيه مرسلا ثم أخرجه عن
[ 69 ]
عبد الرزاق عن بن جريج به مرسلا وقال هذا هو الصحيح وكذلك رواه محمد بن عبد الله الانصاري وأبو عاصم النبيل وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم كما رواه عبد الرزاق وقد تابع إسماعيل بن عياش سليمان بن أرقم ثم أخرجه عن سليمان بن أرقم عن بن جريج به مسندا قال وسليمان بن أرقم ضعيف وقد رواه إسماعيل بن عياش عن غير بن جريج مسندا أيضا ثم أخرجه عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن عطاء بن عجلان عن بن أبي مليكة عن عائشة مثله قال وعباد بن كثير وعطاء بن عجلان ضعيفان انتهى وأما حديث الخدري فتقدم الكلام عليه حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمر بن رياح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على ما بقي من صلاته انتهى قال الدارقطني وعمر بن رياح متروك انتهى وقال بن عدي عمر بن رياح هو عمر بن أبي عمر العبدي مولى بن طاوس يحدث عن بن طاوس بالاباطيل لا يتابع عليها وأسند إلى البخاري وإلى عمر بن علي الفلاس أنهما قالا فيه دجال وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه نحو هذا الحديث موقوفا على عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي بكر الصديق وسلمان وابن عمر وابن مسعود ومن التابعين عن علقمة وطاوس وسالم بن عبد الله وسعيد بن جبير والشعبي وإبراهيم النخعي وعطاء ومكحول وسعيد بن المسيب أحاديث الخصوم أخرج أبو داود في الطهارة والترمذي في الرضاع والنسائي في عشرة النساء عن مسلم بن سلام عن علي بن طلق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا فسا أحدكم في الصلاة فلينصرف فليتوضأ وليعد صلاته انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الاول قال الترمذي حديث حسن وسمعت محمدا يقول لا أعرف لعلي بن طلق غير هذا
[ 70 ]
الحديث انتهى قال بن القطان في كتابه وهذا حديث لا يصح فإن مسلم بن سلام الحنفي أبا عبد الملك مجهول الحال انتهى حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن مسلمة عن بن أرقم عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه وليستقبل صلاته انتهى وكذلك أخرجه الدارقطني حدثنا محمد بن أحمد بن عمرو بن عبد الخالق ثنا أبوعلاثة محمد بن عمرو بن خالد الحراني ثنا أبي ثنا محمد بن سلمة به وأخرجه بن عدي في الكامل عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن بن عباس مرفوعا نحوه وضعف سليمان بن أرقم عن أحمد وأبي داود والنسائي وابن معين والبخاري وقالوا كلهم إنه متروك الحديث الرابع والسبعون قال عليه السلام إذا صلى أحدكم فقاء أو رعف
[ 71 ]
فليضع يده على فمه وليقدم من لم يسبق بشئ قلت غريب وأخرج أبو داود وابن ماجة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فأحدث فليأخذ بأنفه ثم لينصرف انتهى وأخرج الدارقطني في سننه عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي موقوفا إذا أم القوم فوجد في بطنه رزء أو رعافا أو قيئا فليضع ثوبه على أنفه وليأخذ بيد رجل من القوم فليقد مه
[ 72 ]
انتهى وهو ضعيف . الحديث الخامس والسبعون حديث بن مسعود إذا قلت هذا أو فعلت هذا فقد تمت صلاتك قلت تقدم
[ 73 ]
أحاديث الباب أخرج أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الافريقي عن عبد الرحمن بن رفاع وبكر بن سوادة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قضى الامام الصلاة وقعد فأحدث قبل أن يتكلم فقد تمت صلاته ومن كان خلفه ممن أتم الصلاة انتهى قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بالقوي وقد اضطربوا في إسناده انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني وعبد الرحمن بن زياد ضعيف لا يحتج به وقال البيهقي وهذا الحديث إنما يعرف بعبد الرحمن بن زياد الافريقي وقد ضعفه
[ 74 ]
يحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان وأحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي قال وإن صح فإنما كان قبل أن يفرض التسليم ثم روى بإسناده عن عطاء بن أبي رباح قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد في آخر صلاته قدر التشهد أقبل على الناس بوجهه وذلك قبل أن ينزل التسليم انتهى قلت رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا جعفر بن عون حدثني عبد الرحمن بن رافع وبكر بن سوادة قالا سمعنا عبد الله بن عمرو مرفوعا فذكره ورواه الطحاوي بسند السنن ولفظه قال إذا قضى الامام الصلاة فقعفأحدث هو أو أحد ممن أتم الصلاة معه قبل أن يسلم الامام فقد تمت صلاته فلا يعيدها انتهى حديث آخر رواه أبو نعيم الاصبهاني في كتاب الحلية في ترجمة عمر بن ذر حدثنا محمد بن المظفر ثنا صالح بن أحمد ثنا يحيى بن مخلد المفتي ثنا عبد الرحمن بن الحسن أبو مسعود الزجاج عن عمر بن ذر عن عطاء عن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من التشهد أقبل علينا بوجهه وقال من أحدث حدثا بعد ما يفرغ من التشهد فقد تمت صلاته انتهى وقال غريب من حديث عمر بن ذر تفرد به متصلا أبو مسعود الزجاج ورواه غيره مرسلا حدثناه محمد بن أحمد بن الحسين ثنا بشير بن موسى ثنا خلاد بن يحيى ثنا عمر بن ذر أنبأ عطاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قضى التشهد فذكر نحوه انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال إذا جلس الامام في الرابعة ثم أحدث فقد تمت صلاته فليقم حيث شاء انتهى وأخرجه البيهقي عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي فذكر وزاد فيه قدر التشهد قال وعاصم بن ضمرة إنما يذكر في الشواهد فإذا انفرد بحديث لم يقبل ثم أسند عن أحمد بن حنبل أنه قال فيه حديث لا يصح وأخرج بن أبي شيبة نحوه عن الحسن وابن المسيب وعطاء وإبراهيم النخعي
[ 75 ]
باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها الحديث السادس والسبعون قال المصنف ومفزعه يعني الشافعي الحديث المعروف قلت يشير إلى قوله عليه السلام رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وهذا لا يوجد بهذا اللفظ وإن كان الفقهاء كلهم لا يذكرونه إلا بهذا اللفظ وأقرب ما وجدناه بلفظ رفع الله عن هذه الامة ثلاثا رواه بن عدي في الكامل من حديث أبي بكرة وسيأتي وأكثر ما يروى بلفظ إن الله تجاوز لامتي عن الخطأ والنسيان هكذا روى من حديث بن عباس وأبي ذر وثوبان وأبي الدرداء وابن عمر وأبي بكرة أما حديث بن عباس فأخرجه بن ماجة في سننه في الطلاق عن الاوزاعي عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والستين من القسم الثالث عن عطاء بن أبي رباح عن عبيد بن عمير عن بن عباس مرفوعا وكذلك الحاكم في المستدرك في الطلاق وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأما حديث أبي ذر فرواه بن ماجة أيضا حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي ثنا أيوب بن سويد ثنا أبو بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أبي ذر الغفاري مرفوعا نحو سواء
[ 76 ]
وأما حديث ثوبان فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا إسحاق بن إبراهيم أبو النصر ثنا يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن ثوبان مرفوعا نحوه قلت لفظه إن الله تجاوز عن أمتي ثلاثة الخطأ والنسيان وما أكرهوا عليه وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني أيضا حدثنا عبدان بن أحمد ثنا هشام بن عمار ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر الهذلي عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن أبي الدرداء مرفوعا نحوه قلت لفظه إن الله تجاوز لامتي عن النسيان وما أكرهوا عليه وأما حديث بن عمر فرواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة مالك حدثنا الحسن بن أحمد بن صالح السبيعي ثنا عبد الله بن الصفر السكري ثنا محمد بن المصفى ثنا الوليد بن مسلم ثنا مالك عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه انتهى وقال غريب من حديث مالك تفرد به بن مصفى عن الوليد انتهى وأخرجه العقيلي في كتابه وأعله بابن المصفى وضعفه عن أحمد وأما حديث أبي بكرة فرواه بن عدي في الكامل عن جعفر بن جسر بن فرقد حدثني أبي عن الحسن به عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع الله عن هذه الامة ثلاثا الخطأ والنسيان والامر يكرهون عليه قال الحسن قول باللسان فأما اليد فلا انتهى وعده بن عدي من منكرات جعفر هذا قال ولم أر للمتكلمين في الرجال فيه قولا ولا أدري لما غفلوا عنه ولعله إنما هو من قبل أبيه فإن أباه قد تلكم فيه بعض من تقدم لاني لم أر جعفرا يروي عن غير أبيه انتهى قال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن حديث رواه الوليد بن مسلم عن الاوزاعي عن عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما
[ 77 ]
استكرهوا عليه وعن الوليد عن مالك عن نافع عن بن عمر مثله وعن الوليد عن بن لهيعة عن موسى بن وردان عن عامر مثله فقال أبي هذه أحاديث منكرة كأنها موضوعة ولا يصح هذا الحديث ولا يثبت إسناده انتهى الحديث السابع والسبعون قال عليه السلام إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ
[ 78 ]
من كلام الناس وإنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن قلت رواه مسلم في صحيحه من حديث معاوية بن الحكم السلمي قال بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم فقلت له يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتوني لكني سكت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي وما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن الحديث بطوله وللبيهقي إنما هي قال النووي في الخلاصة بسند صحيح وفي لفظ للطبراني في معجمه إن صلاتنا لا يحل فيها شئ من كلام الناس بوب عليه مسلم باب نسخ الكلام في الصلاة والمصنف استدل بهذا الحديث على أن الكلام مبطل للصلاة وللخصم عنه جوابان أحدهما إن قوله لا يصلح ليس دالا على البطلان ولكن معناه أنه محظور وليس كل محظور مبطل الثاني قالوا إنه لم يأمره بالاعادة وإنما علمه أحكام الصلاة انتهى أحاديث الباب أخرج البخاري ومسلم عن جابر قال أرسلني رسول الله
[ 79 ]
صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته فقال لي بيده وأومأ زهير بيمينه ثم كلمته فقال لي هكذا وأنا أسمعه يقرأ يومئ برأسه فلما فرغ قال ما فعلت في الذي أرسلتك له فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أن كنت أصلي انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي شيبة عن يزيد أبي خالد الدالاني عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلام ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء انتهى وهو حديث ضعيف فيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان جد الامام أبي بكر بن أبي شيبة وقد ضعفه غير واحد وفيه يزيد الدالاني أيضا قال بن حبان لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرقال البيهقي والصحيح في هذا الحديث موقوف ورواه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان فرفعه وهو ضعيف انتهى أحاديث الخصوم حديث ذي اليدين وقد روى من حديث أبي هريرة ومن حديث عمران بن حصين ومن حديث بن عمر فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر فسلم في ركعتين ثم أتى جذعا في قبلة المسجد فاستند إليها مغضبا وفي القوم أبو بكر وعمر فهابا أن يتكلما وخرج سرعان الناس فقام ذو اليدين فقال يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فقال ما يقول ذو اليدين قالوا صدق لم تصل إلا الركعتين فصلى ركعتين وسلم ثم سجد سجدتين ثم سلم وفرواية للبخاري قال لم أنس ولم تقصر وفي رواية لهما قال كل ذلك لم يكن قال قد كان بعض ذلك وفي رواية للبخاري فقام رجل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه ذو اليدين فقال يا رسول الله أنسيت أم قصرت وفي لفظ لهما صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر وفي لفظ لهما صلى ركعتين من صلاة الظهر ثم
[ 80 ]
سلم فأتاه رجل من بني سليم ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع عشر من القسم الخامس ولفظه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم في الركعتين فقال ذو الشمالين بن عبد عمرو حليف لبني زهرة أخففت الصلاة أم نسيت يا رسول الله فقال عليه السلام ما يقول ذو اليدين قالوا يا نبي الله صدق قال فأتم بهم الركعتين اللتين نقصهما ثم سلم قال الزهري كان هذا قبل بدر ثم استحكمت الامور بعد انتهى ورواه مالك في الموطأ مالك عن بن شهاب الزهري عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع ركعتين من إحدى صلاتي النهار الظهر أو العصر فسلم من اثنتين فقال له ذو الشمالين رجل من بني زهرة بن كلاب أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قصرت الصلاة وما نسيت فقال له ذو الشمالين قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال أصدق ذو اليدين قالوا نعم فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سلم انتهى قال بن عبد البر في التقصي هذا مرسل إلا أنه يتصل من وجوه صحاح انتهى وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه البخاري ومسلم أيضا عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات ثم دخل منزله فقام إليه رجل يقال له الخرباق وكان في يديه طول فقال يا رسول الله فذكر له صنيعه فقال أصدق هذا قالوا نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم وفي لفظ لهما فقام رجل بسيط اليدين الحديث وأما حديث بن عمر فأخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي كريب الهمداني عن أبي أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني صلاة فسها فيها فسلم في الركعتين فقال له رجل يقال له ذو اليدين يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فقال ما قصرت ولا نسيت قال إنك صليت ركعتين قال أكما يقول ذو اليدين قالوا نعم فتقدم فصلى ركعتين ثم سلم ثم سجد سجدتي السهو انتهى وأخرجه أبو داود أيضا عن أحمد بن محمد بن ثابت عن أبي أسامة به وأخرجه بن خزيمة في صحيحه عن أبي كريب وبشر بن
[ 81 ]
خالد العسكري عن أبي أسامة به وأخرجه الدارقطني عن أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الاثبات ثنا أبو أسامة به قال الدارقطني ولا نعلم حدث به غير أحمد بن سنان القطان وهو من الثقات الاثبات والعجب من الدارقطني وعلو مرتبته كيف يقول مثل هذا وقد رواه أبو كريب وأحمد بن ثابت وبشر بن خالد كما قدمناه ولكن تخلص بقوله لا نعلم والله أعلم ولاصحابنا عن حديث ذي اليدين جوابان أحدهما أنه منسوخ بحديث زيد بن أرقم وحديث بن مسعود فحديث زيد بن أرقم أخرجه البخاري ومسلم عنه قال كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام انتهى وحديث بن مسعود أيضا أخرجاه عنه قال كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك فترد علينا فقال إن في الصلاة شغلا انتهى أخرجاه عن إبراهيم بن علقمة عنه وأخرجه أبو داود عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عنه قال كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا فقدمت على رسول الله وهو يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي السلام فأخذني ما قدم وما حدث فلما قضى الصلاة قلت يا رسول الله إنك كنت ترد علينا قال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإنه قد أحد ث أن لا تكلموا في الصلاة انتهى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه قال البيهقي ورواه جماعة من الائمة عن عاصم بن أبي النجود وتداوله الفقهاء إلا أن صاحبي الصحيح يتوقيان رواية عاصم لسوء حفظه فأخرجاه من طريق آخر ببعض معناه انتهى قال أصحابنا وذوي اليدين قتل يوم بدر وقد قال الزهري إن قصة ذي اليدين في الصلاة كانت قبل بدر وإسلام أبي هريرة كان عام خيبر بعد بدر بخمس سنين ولا يمتنع كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الاسلام عن بدر لان الصحابي قد يروي ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو من صاحبي آخر وأجاب البيهقي في المعرفة بأن أبا هريرة شهد قصة ذي اليدين في الصلاة وحضرها كما ورد في الصحيحين عنه قال صلى بنا رسول الله
[ 82 ]
صلى الله عليه وسلم وفي لفظ بينا نحن نصلي مع رسول الله إحدى صلاتي العشي قال والذي قتل ببدر إنما هو ذو الشمالين اسمه عمير بن عمرو خزاعي قال وقد أجمعوا على أن إسلام أبي هريرة كان عام خيبر سنة سبع بعد بدر بخمس سنين انتهى وقال البيهقي في المعرفة أيضا وهم الزهري في قوله ذو الشمالين وإنما هو ذو اليدين وذو الشمالين تقدم موته فيمن قتل ببدر وذو اليدين بقي بعد النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقال وقال في موضع آخر وذو الشمالين هو بن عبد عمرو بن نضلة حليف لبني زهرة من خزاعة استشهد يوم بدر هكذا ذكره عروة بن الزبير وسائر أهل العلم بالمغازي قال بن إسحاق لا عقب له وأما ذو اليدين فقال يحيى بن كثير في حديثه رجل من بني سليم وشعيب بن مطير يروي عن أبيه عن ذي اليدين قال البيهقي وليس في حديث زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة دلالة على أنه بعد حديث ذي اليدين لان زيد بن أرقم من متقدمي الصحابة روى عنه أنه قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع عشرة غزوة وأبو هريرة إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر وصحبه ثلاث سنين أو أربعا روى عن قيس بن أبي حازم قال سمعت أبا هريرة يقول صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين وابن مسعود فقد شهد بدرا لانه هاجر إلى الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم رجع إلى المدينة وشهد بدرا ذكره موسى بن عقبة في مغازيه وهي أصح المغازي عند أهل الحديث روى عبد الله بن عتبة عن عبد الله بمسعود قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وهم ثمانون رجلا فذكر القصة وفي آخرها فبادر بن مسعود وجاء فشهد بدرا وحديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين كان بعد ذلك وعمران بن حصين قال الحميدي وهو أحد أركان الحديث كان إسلامه بعد بدر وقد حضر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وقوله الخرباق ومعاوية بن حديج كان إسلامه قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين وقد حضر قصة طلحة بن عبيد الله وروينا عن الاوزاعي قال كان إسلام معاوية بن الحكم في آخر الامر فلم يأمره عليه السلام بإعادة الصلاة وقوله إن الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس أي الكلام العمد الذي يمكن الاحتراز منه وحديث ذي اليدين في كلام السهو قال والدليل على عدم النسخ ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ وأسند إلى عطاء أن بن الزبير صلى بهم ركعتين من المغرب ثم سلم ثم قام إلى الحجر ليستلمه فسبح به القوم فالتفت إلينا وقال ما أتممنا الصلاة فقلنا برؤوسنا لا فرجع فصلى الركعة الباقية ثم سجد سجدتين فذكر ذلك لابن عباس فقال ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه
[ 83 ]
وقال السهيلي في الروض الانف روى الزهري حديث التسليم من الركعتين وقال فيه فقام ذو الشمالين رجل من بني زهرة فقال أقصرت الصلاة أم نسيت فقال عليه السلام أصدق ذو اليدين لم يروه أحد هكذا إلى الزهري وهو غلط عند أهل الحديث وإنما هو ذو اليدين السلمي واسمه خرباق وذو الشمالين قتل ببدر والحديث شهده أبو هريرة وكان إسلامه بعد بدر بسنتين ومات ذو اليدين السلمي في خلافة معاوية وروى هذا الحديث عنه ابنه مطير بن الخرباق ورواه عن مطير ابنه شعيب بن مطر ولما رأى المبرد حديث الزهري قال ذو اليدين هو ذو الشمالين كان يسمى بهما جميعا ذكره في آخر كتابه الكامل وجهل ما قاله أهل الحديث والسير انتهى قلت وهكذا قال بن سعد في الطبقات ذو اليدين ويقال ذو الشمالين اسمه عمير بن عمرو بن نضلة من خزاعة انتهى الجواب الثاني لاصحابنا عن حديث ذي اليدين قالوا إنه كان قبل تحريم الكلام في الصلاة بدليل أن أبا بكر وعمر وغيرهما من الناس تكلموا عامدين وأجاب الخطابي عن هذا بأمرين أحدهما أنهم لم يتكلموا ولكنهم اشاروا وقع ذلك في رواية حماد بن زيد عن أيوب أنهم أومأوا أي نعم ورواية من روى أنهم قالوا نعم إنما هو تجوز ونقل بالمعنى كما يقول الرجل قلت برأسي نعم الثاني أن ذلك من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم وكل كلام كان جوابا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فغير منسوخ جوازه في الصلاة يدل عليه حديث أبي سعيد بن المعلى قال كنت أصلي في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجبه ثم أتيته فقلت يا رسول الله إني كنت أصلي فقال ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم وإذا ثبت أن جواب الرسول واجب لم يبطل انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام وبهذا الحديث استدل من قال إن المتكلم بكلام واجب عليه لا يبطل انتهى والله أعلم وقال بن حبان تحريم الكلام إنما كان بمكة فلما بلغ المسلمون بالمدينة سكتوا فقال زيد بن أرقم وهو من أهل المدينة يحكي الحال كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت وقال الخطابي نسخ الكلام بعد الهجرة بمدة يسيرة وعلى القولين قد
[ 84 ]
كان ذاك قبل إسلام أبي هريرة بسنين انتهى والله أعلم حديث آخر للخصوم عن معاوية بن حديج رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوما فسلم وقد بقيت من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال نسيت من الصلاة ركعة فرجع فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى للناس ركعة فأخبرت بذلك الناس فقالوا لي أتعرف الرجل قلت لا إلا أن أراه فمر بي فقلت هذا هو فقالوا هذا طلحة بن عبيدالله انتهى رواه أبو داود والنسائي والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد قال النووي في الخلاصة قالوا كان إسلام معاوية هذا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهرين قال والعلم أنه قد جاء في رواية أبي هريرة لقصة ذي اليدين أنها صلاة الظهر وفي رواية أنها صلاة العصر كما سبق في الصحيح قال المحققون هما قضيتان ورواية عمران بن الحصين قضية وغيرهما أخرى وكذلك رواية معاوية بن حديج وذو اليدين اسمه الخرباق وكنيته أبو العربان عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم زمانا وأما ذو الشمالين فهو عمير بن عمرو الخزاعي قتل يوم بدر شهيدا وهو غير المتكلم في حديث السهو هذا قول جميع الحفاظ إلا الزهري وقد اتفقوا على تغليط الزهري في ذلك والله أعلم انتهى كلامه الحديث الثامن والسبعون قال عليه السلام إذا نابت أحدكم نائبة في الصلاة
[ 85 ]
فليسبح قلت أخرجه البخاري ومسلم عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم ذهب إلى بني عمرو بن عوف ليصلح بينهم فحانت الصلاة فجاء المؤذن إلى أببكر فقال أتصلي بالناس قال نعم فصلى أبو بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس في الصلاة فتخلص حتى وقف في الصف فصفق الناس وكان أبو بكر لا يلتفت في الصلاة فلما أكثر الناس التصفيق التفت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشا إليه أن امكث مكانك فرفع أبو بكر يديه فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ثم انصرف فقال يا أبا بكر ما منعك أن تثبت إذ أمرتك فقال أبو بكر ما كان لابن أبي قحافة أن يصلي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلفقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالي رأيتكم أكثرتم التصفيق من نابه شئ في صلاته فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيق للنساء انتهى ولم يعزه الشيخ في الامام إلا لمسلم فقط فإنه قال أخرجه مسلم من رواية مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد وأخرجا من حديث الزهري عن أبي
[ 86 ]
سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التسبيح للرجال والتصفيق للنساء انتهى كلامه الحديث التاسع والسبعون قال عليه السلام لا يقطع الصلاة مرور شئ قلت روى من حديث الخدري ومن حديث بن عمر ومن حديث أبي أمامة ومن حديث أنس ومن حديث جابر وأما حديث الخدري فرواه أبو داود في سننه من حديث مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع الصلاة شئ وادرءوا ما استطعتم فإنما هو شيطان انتهى ومجالد بن سعيد فيه مقال وأخرج له مسلم مقرونا بجماعة من أصحاب الشعبي وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي وأما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن يزيد ثنا سالم بن عبد الله عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر قالوا لا يقطع صلاة المسلم شئ وادرءوا ما استطعتم انتهى ووقفه مالك في الموطأ حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه قال لا يقطع الصلاة شئ من مر بين يدي المصلي انتهى ووقفه البخاري في صحيحه على الزهري فأخرجه عن محمد بن عبد الله بن أخي الزهري أنه سأل عمه بن شهاب الزهري عن الصلاة أيقطعها شئ فقال لا يقطعها شئ انتهى
[ 87 ]
وأما حديث أبي أمامة فرواه الدارقطني أيضا عن عفير بن معدان عن سليم بن عامر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقطع الصلاة شئ وأما حديث أنس فأخرجه الدارقطني أيضا عن صخر بن عبد الله بن حرملة أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول عن أنس بن مالك أن رسول صلى الله عليه وسلم صلى بالناس فمر بين أيديهم حمار فقال عياش بن أبي ربيعة سبحان الله سبحان الله فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من المسبح آنفا قال أنا يا رسول الله إني سمعت أن الحمار يقطع الصلاة قال لا يقطع الصلاة شئ انتهى وروى بن الجوزي في العلل المتناهية هذه الاحاديث الثلاثة من طريق الدارقطني وقال لا يصح منها شئ قال في التحقيق أما حديث بن عمر ففيه إبراهيم بن يزيد الخوزي قال أحمد والنسائي هو متروك وقال بن معين ليس بشئ وأما حديث أبي أمامة ففيه عفير بن معدان قال أحمد ضعيف منكر الحديث وقال يحيى ليس بثقة وقال أبو حاتم الرازي ليس بثقة وأما حديث أنس ففيه صخر بن عبد الله قال بن عدي يحدث عن الثقات بالاباطيل عامة ما يرويه منكر أو من موضوعاته وقال بن حبان لا يحل الرواية عنه انتهى كلامه وتعقبه صاحب التنقيح وقال إنه وهم في صخر هذا فإن صخر بن عبد الله بن حرملة الراوي عن عمر بن عبد العزيز لم يتكلم فيه بن عدي ولا بن حبان بل ذكره بن حبان في الثقات وقال النسائي هو صالح وإنما ضعف بن عدي صخر بن عبد الله الكوفي المعروف بالحاجي وهو متأخر عن بن حرملة روى عن مالك والليث وغيرهما انتهى
[ 88 ]
وأما حديث جابر فرواه الطبراني في معجمه الوسط عن عيسى بن ميمون عن جرير بن حازم عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الانصاري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما يصلي فذهبت شاة تمر بين يديه فساعاها حتى ألزقها بالحائط ثم قال لا يقطع الصلاة شئ وادرءوا ما استطعتم انتهى وقال تفرد به عيسى بن ميمون انتهى قال بن حبان في كتابه في الضعفاء عيسى بن ميمون أبو سلمة الخواص الواسطي يروي العجائب لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد انتهى وقال النووي في شرح مسلم وحديث لا يقطع الصلاة شئ حديث ضعيف انتهى ومن أحاديث الباب ما أخرجا في الصحيحين عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة وفي لفظ لمسلم عن عروة قال قالت عائشة ما يقطع الصلاة قال قلنا المرأة والحمار فقالت إن المرأة لدابة سوء لقد رأيتني بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم معترضة كاعتراض الجنازة وهو يصلي انتهى أحاديث الخصوم ذهبت الحنابلة إلى أن الكلب الاسود يقطع الصلاة وعمدتهم ما أخرجه مسلم عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الاسود قلت ما بال الاسود من الاحمر قالت يا بن أخي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني فقال الكلب الاسود شيطان انتهى قال الترمذي قال أحمد الذي لا أشك فيه أن الكلب الاسود يقطع الصلاة وفي نفسي من المرأة والحمار شئ قال بن الجوزي في التحقيق وإنما قال أحمد ذلك لانه صح عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه كاعتراض الجنازة وصح عن بن عباس أنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فنزلت عن الحمار وتركته أمام الصف فما بالاه ولم يجد في الكلب
[ 89 ]
شيئا وعبد الله بن الصامت بن أخي أبي ذر الغفاري فيه لين وكذلك أعرض البخاري عن حديثه قال أبو حاتم يكتب حديثه حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن شعبة ثنا قتادة سمعت جابر بن زيد يحدث عن بن عباس مرفوعا يقطع الصلاة المرأة الحائض والكلب قال يحيى بن سعيد لم يرفعه غير شعبة وقال أبو داود وقفه سعيد وهشام وهمام عن قتادة على بن عباس قال النووي في الخلاصة وتأول الجمهور القطع المذكور في هذه الاحاديث على قطع الخشوع جمعا بين الاحاديث انتهى كلامه وأخرجاه في الصحيحين عن ميمونة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا حذاءه وأنا حائض وربما أصابني ثوبه إذا سجد انتهى وأخرج مسلم عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جانبه وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه انتهى الحديث الثمانون قال عليه السلام لو علم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الوزر لوقف أربعين قلت أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن أبي النضر عن بسربن سعيد أن زيد بن خالد أرسله إلى أبي جهيم يسأله ماذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم في المار بين يدي المصلي قال أبو جهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه قال أبو النضر لا أدري أقال أربعين يوما أو شهرا أو سنة انتهى وكذلك رواه الباقون إلا بن ماجة فإنه رواه من حديث سفيان عن أبي النضر وسيأتي وهو في الاربعين للرهاوي ماذا عليه من الاثم وذكره النووي في الخلاصة بهذا
[ 90 ]
اللفظ وعزاه إليه ورواه البزار في مسنده حدثنا أحمد بن عبدة ثنا سفيان عن سالم أبي النضر عن بشر بن سعيد قال أرسلني أبو جهيم إلى زيد بن خالد أسأله عن المار بين يدي المصلي فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقوم أربعين خريفا خيرا له من أن يمر بين يديه انتهى وسكت عنه وفيه فائدتان إحداهما قوله أربعين خريفا الثانية إن متنه عكس متن الصحيحين فالمسئول في لفظ الصحيحين هو أبو الجهيم وهو الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم والمسئول الراوي عند البزار زيد بن خالد ونسب بن القطان وابن عبد البر الوهم فيه إلى بن عيينة قال بن القطان في كتابه بعد أن ذكره من جهة البزار وقد خطأ الناس بن عيينة في ذلك لمخالفة رواية مالك وليس خطؤه بمتعين لاحتمال أن يكون أبو جهيم بعث بشر بن سعيد إلى زيد بن خالد وزيد بن خالد بعثه إلى أبي جهيم بعد أن أخبره بما عنده ليستثبته فيما عنده فأخبر كل واحد منهما بمحفوظة وشك أحدهما وجزم الآخر بأربعين خريفا واجتمع ذلك كله عند أبي النضر وحدث به الامامين مالك وابن عيينة فحفظ مالك حديث أبي جهيم وحفظ سفيان حديث زيد بن خالد انتهى كلامه وقال بن عبد البر في التمهيد روى بن عيينة هذا الحديث مقلوبا فجعل في موضع زيد بن خالد أبا جهيم وفي موضع أبي جهيم زيد بن خالد والقول عندنا قول مالك وقد تابعه الثوري وغيره انتهى كلامه قلت وحديث بن عيينة في سنن بن ماجة بمثل حديث البزار إلا أنه لم يسم أبا جهيم ولفظه حدثنا هشام بن عمار ثنا سفيان بن عيينة عن سالم أبي النضر عن بشر بن سعيد قال أرسلوني إلى زيد بن خالد أسأله عن المرور بين يدي المصلي فأخبرني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لان يقوم أربعين خير له من أن يمر بين يديه قال سفيان لا أدري أربعين سنة أو شهرا أو صباحا أو ساعة انتهى ثم أخرجه عن وكيع ثنا سفيان عن سالم أبي النضر به بمتن الصحيحين ولا أدري سفيان هذا الذي في السند الثاني أهو الثوري أو بن عيينة فإن كان الثوري فقد وافق كلام بن عبد البر وإن كان بن عيينة فقد خالفه والذي يظهر أنه بن عيينة يدل عليه السند الاول والله أعلم وروى بن ماجة وابن حبان في صحيحه في النوع السابع والاربعين من القسم الثاني من حديث أبي هريرة
[ 91 ]
مرفوعا لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه معترضا في الصلاة كان لان يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطا انتهى الحديث الحادي والثمانون قال عليه السلام إذا صلى أحدكم في الصحراء فليجعل بين يديه سترة قلت غريب بهذا اللفظ ويقرب منه ما أخرجه أبو داود عن حديث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخطط خطا ولا يضره ما مر أمامه انتهى وأخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي والستين من القسم الثالث وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليصل إلى ستره وليدن منها ولا يدع أحدا يمر بين يديه فإن جاء أحد يمر فليقاتله فإنه شيطان انتهى وأخرج بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن الضحاك بن عثمان ثنا صدقة بن يسار عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة ولا يدع أحدا يمر بين يديه انتهى قال الحاكم صحيح علي شرط مسلم ولم يخرجه وأخرجه أحمد والبزار وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم زاد بن حبان فيه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين وروى البخاري في تاريخه الكبير في ترجمة سبرة بن معبد الجهني حدثنا الحميدي ثنا حرملة بن عبد العزيز بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني حدثني عمي عبد الملك بن الربيع بن سبرة بن معبد الجهني عن أبيه عن حده قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ليستتر أحدكم في صلاته ولو بسهم انتهى وأخرج الحاكم في مستدركه أيضا عن سهل بن أبي خيثمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها انتهى وقال على شرطهما
[ 92 ]
الحديث الثاني والثمانون قال عليه السلام أيعجز أحدكم إذا صلى في الصحراء أن يكون أمامه مثل مؤخرة الرحل قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج مسلم عن طلحة بن عبيد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جعلت بين يديك مثل مؤخرة الرحل فلا يضرك من مر بين يديك انتهى وأخرج أيضا عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم يصلي فإنه يستره إذا كان بين يديه مثل آخرة الرحل انتهى وأخرج أيضا عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع الصلاة المرأة والحمار والكلب ويقي ذلك مثل مؤخرة الرحل انتهى وأخرج أيضا عن عروة عن عائشة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك عن سترة المصلي فقال مثل مؤخرة الرحل انتهى أحاديث المرور بين يديه أخرج مسلم في صحيحه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال جئت أنا والفضل بن عباس على أتان ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فمررنا على بعض الصف فنزلنا وتركناها ترتع ودخلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة فلم يقل لنا شيئا انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وجعل بعضهم هذا على أنه كان يصلي بدون سترة واستدل بما أخرجه أبو داود عن عباس بن عبيد الله بن عباس عن الفضل بن عباس قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية ومعه عباس فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة وحمارة وكلبة تعبثان بين يديه فما بالى ذلك انتهى وروى البزار في مسنده حدثنا بشر بن آدم ثنا أبو عاصم عن بن جريج أنبأ عبد الكريم أن مجاهدا أخبره عن بن عباس قال أتيت أنا والفضل على أتان فمررنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة وهو يصلي المكتوبة ليس شئ يستره ويحول بيننا وبينه انتهى ولكن روى البخاري ومسلم من حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالابطح فقام فتوضأ وأذن بلال ثم ركزت له عنزة ثم قام فصلى العصر ركعتين يمر بين يديه الحمار
[ 93 ]
والكلب لا يمنع ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى دخل المدينة مختصر فظاهر هذا اللفظ أن الكلب والحمار مرا بين يديه دون السترة إذ لا يقال مر بين يديه كذا لشئ يمر من وراء السترة والله أعلم الحديث الثالث والثمانون قال عليه السلام من صلى إلى سترة فليدن منها قلت روى من حديث سهل بن أبي خيثمة ومن حديث الخدري ومن حديث جبير بن مطعم ومن حديث سهل بن سعد ومن حديث بريدة اما حديث سهل بن أبي خيثمة فأخرجه أبو داود والنسائي عن سفيان عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي خيثمة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته انتهى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والتسعين من القسم الاول قال أبو داود وقد اختلف في إسناده ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط البخاري ومسلم وأما حديث الخدري فرواه بن حبان في صحيحه من حديث زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها فإن الشيطان يمر بينه وبينها ولا يدع أحدا يمر بين يديه انتهى ورواه أبو داود بلفظ إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح انتهى وأما حديث جبير بن مطعم فرواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن العباس الاحزم الاصفهاني ثنا سليمان بن أيوب الصريفيني ثنا بشر بن السري عن داود بن قيس الفراء عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى
[ 94 ]
أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يمر الشيطان بينه وبينها انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا محمد بن عمر الجبيري ثنا محمد بن عبد الله بن عمير هكذا وجدته في كتابه وأحسبه محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أمية بن صفوان عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه فذكره وقال لا يحفظه من حديث جبير إلا من هذا الوجه وأما حديث سهل بن سعد فأخرجه الطبراني في معجمه أيضا عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا نحوه سواء ثم أخرجه عن إسماعيل بن جعفر عن عيسى بن ميمون بن إياس عن صفوان بن سليم به نحوه وبهذا السند رواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة صفوان بن سليم وقال هكذا قال إسماعيل بن جعفر وتابعه عليه عبيد الله بن أبي جعفر فقالا عن سهل بن سعد وأما حديث بريدة فرواه البزار في مسنده حدثنا عمرو بن مالك ثنا عمرو بن النعمان ثنا يوسف بن صهيب عن عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعا نحوه سواء وقال لا نعلمه يروى عن بريدة إلا من هذا الوجه وعمرو بن النعمان بصري مشهور انتهى الحديث الرابع والثمانون قال المصنف ويجعل السترة على حاجبه الايمن أو الايسر به ورد الاثر قلت يشير إلى حديث أخرجه أبو داود في سننه عن علي بن عياش عن الوليد بن كامل عن المهلب بن حجر عن ضباعة بنت المقداد بن الاسود عن أبيها قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود ولا عمود ولا شجرة إلا جعله على حاجبه الايمن أو الايسر ولا يصمد له صمدا انتهى ورواه أحمد
[ 95 ]
في مسنده والطبراني في معجمه وابن عدي في الكامل وأعله بالوليد بن كامل ونقل عن البخاري أنه قال عنده عجائب وأما بن القطان فإنه ذكر فيه علتين علة في إسناده وعلة في متنه أما التي في إسناده فقال إن فيه ثلاثة مجاهيل فضباعة مجهولة الحال ولا أعلم أحدا ذكرها وكذلك المهلب بن حجر مجهول الحال والوليد بن كامل من الشيوخ الذين لم يثبت عدالتهم وليس له من الرواية كثير شئ يستدل به على حاله وأما التي في متنه فهي أن أبا علي بن السكن رواه في سننه هكذا حدثنا سعيد بن عبد العزيز الحلبي ثنا أبو تقي هشام بن عبد الملك ثنا بقية عن الوليد بن كامل ثنا المهلب بن حجر البهراني عن ضبيعة بنت المقدام بن معدي كرب عن أبيها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم إلى عمود أو سارية أو شئ فلا يجعله نصب عينيه وليجعله على حاجبه الايسر انتهى قال بن السكن أخرج هذا الحديث أبو داود عن رواية علي بن عياش عن الوليد بن كامل فغير إسناده ومتنه فإنه عن ضباعة بنت المقداد بن الاسود عن أبيها وهذا الذي روى بقية هو عن ضبيعة بنت المقدام بن معدي كرب عن أبيها وذاك فعل وهذا قول قال بن القطان فمع اختلافهما في المتن بقية يقول ضبيعة بنت المقدام وابن عياش يقول ضباعة بنت المقداد فالوهن من حيث هو اختلاف على الوليد بن كامل ومورث للشك فيما كان عنده من ذلك على ضعف الوليد في نفسه والجهل بحال من فوقه ولما ذكر ابن أبى حاتم المهلب بن حجر ذكره بروابة الوليد بن كامل وأنه يروى عن ضباعة بنت المقداد وأما ضبيعة بنت المقدام فجاء هو بأمر ثالثوذلك كله دليل على الاضطراب والجهل بحال الرواة انتهى الحديث الخامس والثمانون روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ببطحاء مكة إلى عنزة ولم يكن للقوم سترة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة والمرأة والحمار يمرون من
[ 96 ]
ورائها قوله ولم يكن للقوم سترة ليس في الحديث فيحتمل أن يكون من كلام المصنف وهو الاظهر الحديث السادس والثمانون قال عليه السلام فادرءوا ما استطعتم قلت تقدم لابي داود عن مجالد عن أبي الوداك عن الخدري مرفوعا لا يقطع الصلاة شئ وادرءوا ما استطعتم وفي حديث بن عمر وفي حديث جابر نحو ذلك وقد تقدم في حديث لا يقطع الصلاة شئ وأخرج البخاري ومسلم عن الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحدا يمر بين يديه وليدرأه ما استطاع فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان انتهى وأخرج مسلم عن بن عمر مرفوعا نحوه سواء وقال بن حبان في صحيحه بعد أن رواه ومعناه أن معه شيطان يأمره بذلك لا أن الرجل شيطان يدل عليه ما أخبرنا أبو بكر بن خزيمة ثم أسند عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلوا إلا إلى سترة ولا يدع المصلي أحدا يمر بين يديه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين انتهى وهذا رواه مسلم في صحيحه بهذا اللفظ ورواه البزار في مسنده وزاد يعني الشيطان انتهى وقد يقال إنه على ظاهره فإن الشيطان اسم لكل متمرد قال في الصحاح وكل عات متمرد من الانس والجن والدواب فهو شيطان انتهى وقال القاضي عياض في الشفاء وقد استمر كلام العرب في وصفهم كل قبيح من شخص أو غيره بالشيطان قال تعالى كأنه رؤوس الشياطين وقال عليه السلام فليقاتله فإنما هو شيطان وكلام الصحاح أخص من هذه لانه خصه بالحيوان والله أعلم الحديث السابع والثمانون قال المصنف ويدرأ بالاشارة كما فعل عليه
[ 97 ]
السلام بولدي أم سلمة قلت رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن أسامة بن زيد عن محمد بن قيس هو قاص عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن أم سلمة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في حجرة أم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة فقال بيده فرجع فمرت زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هن أغلب انتهى رواه بن أبي شيبة في مصنفه هكذا قال بن القطان في كتابه بعد أن ذكر الحديث من جهة بن أبي شيبة ومحمد بن قيس هذا أعرف من هو فإن في طبقته جماعة باسمه وأمه لا تعرف ألبتة فالحديث من أجلهما لايعرف انتهى ولم أجد في كتاب بن ماجة ومصنف بن أبي شيبة إلا محمد بن قيس عن أبيه وكلام بن القطان مبني على أنه قال عن أمه وقوله ومحمد بن قيس لا أعرف من هو فقد عرفه بن ماجة بقوله هو قاص عمر بن عبد العزيز وفي تهذيب الكمال أخرج له مسلم واستشهد به البخاري فلينظر في ذلك كله والله أعلم فصل * (* (* (الحديث الثامن والثمانون قال عليه السلام إن الله كره لكم ثلاثا وذكر
[ 98 ]
منها العبث في الصلاة قلت رواه القضاعي في مسند الشهاب من طريق بن المبارك عن إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن دينار عن يحيى بن أبي كثير مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله كره لكم ثلاثا العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك في المقابر انتهى وذكره شيخنا الحافظ شمس الدين الذهبي في كتابه الميزان وعده من منكرات إسماعيل بن عياش قال بن طاهر في كلامه على أحاديث الشهاب هذا حديث رواه إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن دينار وسعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا مقطوع وعبد الله بن دينار شامي من أهل حمص وليس بالمكي انتهى كلامه الحديث التاسع والثمانون قال عليه السلام لابي ذر في تقليب الحصى في الصلاة مرة يا أبا ذر وإلا فذر قلت غريب بهذا اللفظ وأخرجه أحمد في مسنده عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شئ حتى سألته عن مسح الحصى فقال واحدة أو دع انتهى هكذا عزاه صاحب التنقيح على التحقيق ولم أجده فيه إلا عن حذيفة فقال حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى عن شيخ يقال له هلال عن حذيفة فذكر نحوه سواء ورواه بن أبي شيبة في مصنفه كذلك سواء ولكن حديث أبي ذر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن بن أبي ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أبي ذر قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كل شئ إلى آخر اللفظ المتقدم وكذلك رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الله بن نمير عن بن أبي ليلى عن عيسى به قال الدارقطني في علله وحديث أبي ذر رواه بن عيينة عن الاعمش عن مجاهد عن بن أبي ليلى عن أبي ذر وخالفه بن أبي نجيح فرواه عن مجاهد عن أبي ذر مرسلا وحديث الاعمش أصح انتهى
[ 99 ]
أحاديث الباب روى الائمة الستة في كتبهم عن معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لابد فاعلا فواحدة انتهى حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبى الاحوص عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يمسح الحصى فإن الرحمة تواجهه انتهى قال الترمذي حديث حسن وفي الباب عن علي وحذيفة ومعيقيب وجابر انتهى وأبو الاحوص هذا قال بن عساكرلا يعرف له اسم ولم يرو عنه إلا الزهري انتهى لكن صحح له الحاكم في المستدرك حديثا في النهي عن الالتفات في الصلاة وسيأتي قريبا بتمامه حديث آخر رواه بن أبشيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا بن أبي ذئب عن شرحبيل أبي سعد عن جابر بن عبد الله قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى فقال واحدة ولان تمسك عنها خير لك من مائة ناقة كلها سود الحدق انتهى الحديث التسعون قال عليه السلام لا تفرقع اصابعك وأنت تصلي قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن الحارث عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لا تفرقع اصابعك وأنت في الصلاة انتهى وهو معلول بالحارث أخرجه في باب ما يكره في الصلاة ومن أحاديث الباب ما أخرجه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن بن لهيعة عن زبان بن فائد عن سهل بن معاذ عن أبيه معاذ بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الضاحك في الصلاة والملتفت والمفرقع اصابعه بمنزلة
[ 100 ]
واحدة انتهى وأخرجه الطبراني أيضا عن رشدين بن سعد عن زبان بن فائد به وهو حديث ضعيف فان بن لهيعة وزبان بن فائد ورشيدين بن سعد وسهل بن معاذ كلهم ضعفاء والدارقطني أورده في حديث القهقهة محتجا به على أن الضحك في الصلاة لا ينقض الوضوء رضي الله تعالى عنهما الحديث الحادي والتسعون روى أنه عليه السلام نهى عن الاختصار في الصلاة قلت أخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل مختصرا انتهى وفي لفظ نهى عن الاختصار في الصلاة وزاد بن أبي شيبة في مصنفه قال بن سيرين وهو أن يضع الرجل يده على خاصرته وهو في الصلاة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهو وهم منه فقد أخرجاه كما تقدم وفي الاختصار تأويلات أشهرها ما قاله بن سيرين ويؤيده ما أخرجه أبو داود عن زياد بن صبيح الحنفي قال صليت إلى جنب بن عمر وضعت يدي على خاصرتي فلما صلى قال هذا الصلب في الصلاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه انتهى وفي البخاري وعن عائشة أنها كانت تكره أن يجعل الرجل يده في خاصرته وتقول إن اليهود تفعله انتهى ذكره في آخر ذكر الانبياء وقيل أن يصلي الرجل متكئا على عصا وقيل أن لا يتم الركوع والسجود وقيل أن يختصر الآيات التي فيها السجدة والله أعلم الحديث الثاني والتسعون قال عليه السلام لو علم المصلي من يناجي ما التفت قلت غريب وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا علي بن معبد بن نوح ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا نافع بن ثابت بن عبد الله
[ 101 ]
بن الزبير عن يزيد بن رومان عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم والالتفات في الصلاة فإن أحدكم يناجي ربه ما دام في الصلاة انتهى وروى البيهقي في شعب الايمان في الباب الحادي والعشرين منه عن كعب قال ما من مؤمن يقوم مصليا إلا وكل به ملك ينادي يا بن آدم لو تعلم ما في صلاتك ومن تناجي ما التفت انتهى وروى بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث عباد بن كثير الرملي عن حوشب عن الحسن عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المصلي يتناثر على رأسه الخير من عنان السماء إلى مفرق رأسه وملك ينادي لو يعلم هذا العبد من يناجي ما انفتل انتهى قال وعباد بن كثير هذا روى عن الثوري وعنه يحيى بن يحيى كان بن معين يوثقه وهو عندي لا شئ في الحديث وليس هذا بعباد بن كثير الثقفي ساكن مكة ومن الناس من جعلهما واحدا وفيه نظر فإن الثقفي مات قبل الثوري وأبى الثوري أن يشهد جنازته ويحيى بن يحيى كان طفلا صغيرا انتهى ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عائشة قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن أبي الاحوص عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الله مقبلا على العبد وهو في صلاته ما لم يلتفت فإذا التفت انصرف عنه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه قال المنذري في حواشيه وأبو الاحوص هذا لا يعرف اسمه وهو مولى بني ليث وقيل مولى بني غفار لم يرو عنه غير الزهري
[ 102 ]
قال يحيى بن معين ليس بشوقال الكرابيسي ليس بالمتين عندهم قال النووي في الخلاصة هو فيه جهالة لكن الحديث لم يضعفه أبو داود فهو حسن عنده انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن أنس قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتفات في الصلاة هلكة فإن كان لابد ففي التطوع لا في الفريضة انتهى وقال حديث حسن صحيح انتهى الحديث الثالث والتسعون روي أنه عليه السلام كان يلاحظ في صلاته بمؤق عينيه قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الترمذي والنسائي عن الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن ثور بن زيد عن عكرمة عن بن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ في الصلاة يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره انتهى قال الترمذي حديث غريب ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الرابع مرفوعا والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجه وقال الترمذي في جامعه وقد خالف وكيع الفضل بن موسى في روايته ثم أخرجه عن وكيع عن عبد الله بن سعيد به مرسلا وقال في علله الكبير ولا أعلم أحدا روى هذا الحديث عن عبد الله بن سعيد مسندا مثل ما رواه الفضل بن موسى انتهى ورواه أيضا الدارقطني في سننه وقال تفرد به الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد به متصلا وغيره يرسله ثم أخرجه عن وكيع ثنا عبد الله بن سعيد به فذكره مرسلا وقال بن القطان في كتابه هذا حديث صحيح وإن كان غريبا لا يعرف إلا من هذه الطريق فإن عبد الله بن سعيد وثور بن زيد ثقتان وعكرمة احتج به البخاري فالحديث صحيح والله أعلم انتهى كلامه وله طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن مندل بن علي العنزي عن الشيباني
[ 103 ]
عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى يلاحظ أصحابه في الصلاة يمينا وشمالا ولا يلتفت انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بمندل وضعفه عن النسائي والسعدي وابن معين ولينه هو وقال إنه ممن يكتب حديثه انتهى ولو قال المصنف كان يلاحظ اصحابه بمؤخر عينيه لكان أقرب إلى الحديث وإلى مقصوده أيضا إذ لا يمكن الملاحظة بمؤق العين إلا ومعها شئ من الالتفات وفي الحديث عن علي بن شيبان رضي الله عنه قال خرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه فلمح بمؤخر عينيه رجلا لم يقم صلبه في الركوع والسجود فقال إنه لا صلاة لمن لم يقم صلبه انتهى رواه بن ماجة في سننه وابن حبان في صحيحه وسند بن ماجة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن عبد الرحمن بن علي بن شيبان عن أبيه فذكره قوله ولا يرد السلام بلسانه ولا بيده لانه كلام معنى حتى لو صافح بنية التسليم تبطل صلاته قلت أجاز الباقون رد السلام بالاشارة ولنا حديث جيد أخرجه أبو داود في سننه عن بن إسحاق عن يعقوب عن عتبة عن أبي غطفان عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أشار في الصلاة إشارة تفهم أو تفقه فقد قطع الصلاة انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بابن إسحاق وأبو غطفان مجهول وتعقبه صاحب التنقيح فقال أبو غطفان هو بن ظريف ويقال بن مالك المري قال عباس الدوري سمعت يحيى بن معين يقول فيه ثقة وقال النسائي في الكنى أبو عطفان ثقة قيل اسمه سعد وذكره بن حبان في الثقات وأخرج له مسلم في صحيحه وقال إسحاق بن إبراهيم بن هانئ سئل أحمد عن حديث من أشار في صلاته إشارة تفهم عنه فليعد الصلاة فقال لا يثبت إسناده ليس بشئ وقال البيهقي قال الدارقطني قال لنا بن أبي داود أبو عطفان مجهول انتهى أحاديث الخصوم أخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن بكير بن عبد الله بن الاشج عن نابل صاحب العبا عن عبد الله بن عمر عن صهيب قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد على إشارة وقال لا أعلم إلا أنه
[ 104 ]
قال إشارة بإصبعه انتهى وصححه الترمذي حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن هشام بن سعد عن نافع عن بن عمر قال قلت لبلال كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه في الصلاة قال كان يشير بيده انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح حديث آخر أخرجه بن خزيمة ثم بن حبان في صحيحيهما والدارقطني في سننه عن عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة انتهى ورواه أبو داود في سننه قال النووي إسناده على شرط مسلم قال بن حبان اختصر عبد الرزاق من الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ضعف قدم أبا بكر يصلي بالناس وأدخله في باب من كان يشير بإصبعه في الصلاة وأوههم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد وليس كذلك وقال غير بن حبان إنما كانت إشارة النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر قبل دخوله في الصلاة فلا حجة فيه وقد يجاب عن هذه الاحاديث بأنه كان قبل نسخ الكلام في الصلاة يؤيده حديث بن مسعود كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا ولم يقل فأشار إلينا وكذا حديث جابر أنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي فلو كان الرد بالاشارة جائزا لفعله وأجيب عن هذا بأن أحاديث الاشارة لو لم تكن بعد نسخة لرد باللفظ إذ الرد باللفظ واجب إلا لمانع كالصلاة فلما رد بالاشارة علم أنه ممنوع من الكلام قالوا وأما حديث بن مسعود وجابر فالمراد بنفي الرد فيه بالكلام بدليل لفظ بن حبان في حديث بن مسعود وقد أحدث أن لا تكلموا في الصلاة والله أعلم الحديث الرابع والتسعون روى عن أبي ذر أنه قال نهاني خليلي عن ثلاث
[ 105 ]
عن نقر الديك وأن أقعي إقعاء الكلب وأن أفترش افتراش الثعلب وفي بعض النسخ افتراش السبع قلت غريب من حديث أبي ذر وأخرجه أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث عن نقرة كنقرة الديك وإقعاء كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب انتهى والمصنف احتج به على حكمين أحدهما كراهية الاقعاء والآخر كراهة الافتراش وليس في حديث أحمد ذكر الافتراش لكنه في حديث عائشة في الصحيح وفيه وكان ينهى عن عقبة الشيطان وأن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وفي النهي عن الاقعاء أحاديث منها عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي لا تقع إقعاء الكلب انتهى أخرجه الترمذي وابن ماجة ومنها عن العلاء عن أنس قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب ضع إليتيك بين قدميك والزق ظهر قدميك بالارض انتهى أخرجه بن ماجة ومنها عن الحسن عن سمرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الاقعاء في الصلاة انتهى رواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وقد تقدم في أول الكتاب تصحيح الحاكم لسماع الحسن من سمرة وروى البيهقي فيه أحاديث ضعيفة قال النووي في الخلاصة قال الحافظ
[ 106 ]
ليس في النهي عن الاقعاء حديث صحيح إلا حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير إلى أن قال وكان ينهى عن عقبة الشيطان وينهى أن يفترش الرجل ذراعيه افتراش السبع وكان يختم الصلاة بالتسليم أخرجه مسلم ولكن اخرج مسلم عن طاوس قال قلت لابن عباس في الاقعاء على القدمين قال هي السنة فقلنا له إنا نراه جفاء بالرجل فقال بل هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم انتهى وروى البيهقي عن بن عمر وابن الزبير وابن عباس انهم كانوا يقعون والجواب عن ذلك ان الاقعاء على ضربين أحدهما مستحب والآخر منهى عنه فالمنهي عنه أن يضع التنبيه ويديه على الارض وينصب ساقيه والمستحب أن يضع أليتيه على عقبيه وركبتاه في الارض فهذا الذي رواه بن عباس وفعلته العبادلة نص الشافعي على استحبابه بين السجدتين وقد بسطناه في شرح المهذب وهو من المهمات وقد غلط فيه جماعة لتوهمهم أن الاقعاء نوع واحد وأن الاحاديث فيه متعارضة حتى ادعى بعضهم أن حديث بن عباس منسوخ وهذا غلط فاحش فإنه لم يتعذر الجمع ولا تاريخ فكيف يصح النسخ انتهى الحديث الخامس والتسعون روى انه عليه السلام نهى ان يصلي الرجل ورأسه معقوص قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن شعبة عن مخول بن راشد سمعت أبا سعيد يقول رأيت أبا رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى الحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص شعره فأطلقه وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره انتهى ورواه أبو داود والترمذي واللفظ لابي داود عن عمران بن موسى عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه انه رأى أبا رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم مر بحسن بن علي وهو يصلي قائما وقد غرز ضفره في قفاه فحلها أبو رافع فالتفت حسن إليه مغضبا فقال له أبو رافع أقبل على صلاتك ولا تغضب فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذاك كفل الشيطان انتهى ولفظ الترمذي كذلك
[ 107 ]
إلا أنه قال فيه عن أبي رافع لم يقل إنه رأى أبا رافع وقال حديث حسن انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن مخول بن راشد عن رجل عن أبي رافع قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو حذيفة ثنا سفيان عن مخول بن راشد عن سعيد المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي الرجل ورأسه معقوص انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا المؤمل بن إسماعيل ثنا سفيان به سندا ومتنا وزاد قال إسحاق قلت للمؤمل بن إسماعيل أفيه أم سلمة فقال بلا شك هكذا كتبته منه إملاء بمكة انتهى وبهذا السند رواه الدارقطني في كتاب العلل قال ووهم المؤمل في ذكر أم سلمة وغيره لا يذكرها ورواه عمران بن موسى عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي رافع وهو أصحهما إسنادا وقال في موضع آخر من العلل هذا حديث يرويه أبو حذيفة ومؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن المقبري عن أبي رافع عن أم سلمة وغيرهما يرويه عن الثوري عن مخول ولا يذكر أم سلمة وهكذا رواه شعبة وشريك عن مخول وهو الصواب انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه المؤمل بن إسماعيل عن الثوري عن مخول عن سعيد المقبري عن أم سلمة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل ورأسه معقوص فقال أبي أخطأ مؤمل إما روى عن مخول عن أبي سعيد عن أبي رافع الحديث عن أبي رافع انتهى وقال عبد الحق في أحكامه قال الطحاوي في كتابه مشكل الآثار يبعد أن يكون أبو سعيد المقبري شاهد من أبي رافع قصة الحسن هذه فان وفاة أبي سعيد كانت سنة خمس وعشرين ومائة وكانت وفاة علي قبل ذلك بخمس وثمانين سنة ووفاة أبي رافع قبل ذلك وعلي كان وصى أبي رافع قال عبد الحق وهذا الذي استبعده الطحاوي ليس ببعيد فان المقبري سمع عمر بن الخطاب على ما
[ 108 ]
ذكر البخاري في تاريخه وقال ابو عمر بن عبد البر توفى أبو رافع في خلافة عثمان وقيل في خلافة على وهو أصح انتهى كلامه قال بن القطان في كتابه وهذا الذي قاله يحتاج إلى زيادة وذلك إذا سلمنا أن أبا سعيد توفي سنة خمس وعشرين ومائة وأن بين وفاته ووفاة علي خمسا وثمانين سنة لان عليا مات سنة أربعين فينبغي أن يضيف إلى ذلك أيامه وهي أربع سنين وتسعة أشهر وأيام عثمان وهي ثنتان عشرة سنة فهذه سبع عشرة سنة غير ربع فجاء الجميع مائة سنة وسنتين فليفرض أنه سمع من عمر في آخر حياته فلا أقل أن يكون سن من يضبط كثمان سنين أو نحوها فهذه مائة سنة وعشر فيحتاج سن أبي سعيد أن يكون هذا القدر وإلا فلا يصح سماعه عن أبي رافع وهذا شئ لا يعرف له ولا ذكر به قال فالاولى في ذلك أن يقال إن وفاة أبي سعيد المقبري لم تكن سنة خمس وعشرين ومائة فإني لا أعرف أحدا قال ذلك إلا الطحاوي وإنما المعروف في وفاته إما سنة مائة كما حكاه الطبري في كتابه ذيل المذيل وقاله أبو عيسى الترمذي وإما في خلافة الوليد بن عبد الملك كما قاله الواقدي وغيره وكانت وفاة الوليد سنة ست وتسعين وإما في خلافة عبد الملك وهو قول أبي حاتم الرازي فلينزل على أبعد هذه الاقوال وهو قول من قال سنة مائة حتى يكون بين وفاته ووقت حياة أبي رافع ستون سنة أو أكثر بقليل وهذا لا بعد فيه ولا يحتاج معه إلى تقدير سماعه من عمر فإنه وإن حكاه البخاري مشكوك فيه ولم يحكم بإسناده والذي قاله غير البخاري إنه روى عن عمر وهذا لا ينكر فإنه قد يرسل عنه قال ويؤيد ما قلناه إن المقبري لا يبعد سماعه من أبي رافع أن أبا داود روى الحديث المذكور وقال فيه عن أبي سعيد انه رأى أبا رافع مر بالحسن ففي هذا اللفظ أنه رأى هذا الفعل من أبي رافع وشاهده ولكن في إسناده عمران بن موسى ولا أعرف حاله ولا أعرف روى عنه غير بن جريج انتهى كلامه قلت قد رواه بن ماجة أيضا وفيه رأيت أبا رافع وقد تقدم ومخول بن راشد ثقة أخرجا له في الصحيحين وأخرج له الباقون أحاديث الباب أخرج الائمة الستة في كتبهم عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن اسجد على سبعة وأن لا أكف شعرا ولا ثوبا
[ 109 ]
انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن مسلم عن كريب أن عبد الله بن عباس رأى عبد الله بن الحارث يصلي ورأسه معقوص من ورائه فقام وراءه فجعل يحله فلما انصرف أقبل على بن عباس فقال مالك ولرأسي قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما مثل هذا مثل الذي يصلي وهو مكتوف انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق أخبرنا الحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعقص شعرك في الصلاة فإنه كغل الشيطان انتهى الحديث السادس والتسعون روى أنه عليه السلام نهى عن السدل في الصلاة قلت أخرجه أبو داود في سننه عن سلمان الاحول عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة زاد أبو داود وأن يغطى الرجل فاه انتهى ورواه بالزيادة بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا فيه تغطية
[ 110 ]
الرجل فاه انتهى وأخرجه الترمذي بدون الزيادة عن عسل بن سفيان عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا وقال لا نعرفه مرفوعا من حديث عطاء عن أبي هريرة إلا من حديث عسل بن سفيان انتهى قلت قد تابعه سليمان الاحول كما تقدم لابي داود وتابعه أيضا عامر الاحول كما أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أبي بحر البكراوي واسمه عبد الرحمن بن عثمان ثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الاحول عن عطاء عن أبي هريرة مرفوعا فذكره ورجاله كلهم ثقات إلا البكراوي فإنه ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما وكان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه وروى عنه قال بن عدي وهو ممن يكتب حديثه وسند أبي داود فيه الحسن بن ذكوان المعلم ضعفه بن معين وأبو حاتم وقال النسائي ليس بالقوي لكن أخرج له البخاري في الصحيح وذكره بن حبان في الثقات وقال بن عدي أرجو أنه لا باس به وسند الترمذي فيه عسل بن سفيان بكسر العين وسكون السين المهملتين هو بن سفيان التميمي اليربوعي البصري كنيته أبو قرة ضعفه البخاري والنسائي وغيرهما وعند الطبراني في معجمه عن أبي مالك النخعي عن علي بن الاقمر عن أبي جحيفة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل سدل ثوبه في الصلاة فضمه وفي رواية فقطعه وفي رواية فعطفه انتهى قوله روى ان بن عمر ربما كان ستر في بعض أسفاره بنافع قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن هشام بن الغاز عن نافع قال كان بن عمر إذا لم يجد سبيلا إلى سارية من سواري المسجد قال لي ولني ظهرك انتهى
[ 111 ]
وروى أيضا حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن عبد الله عن نافع ان بن عمر كان يقعد رجلا ويصلي خلفه والناس يمرون بين يدي ذلك الرجل انتهى واما ما روى من النهي خلف النائم والمتحدث فأخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصلوا خلف النائم ولا المتحدث انتهى في سند أبي داود رجل مجهول وفي سند بن ماجة أبو المقدام هشام بن زياد البصري لا يحتج بحديثه وقال الخطابي هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وبسط القول فيه وقد صح انه عليه السلام صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا محمود بن بكر ثنا أبي عن عيسى بن المختار عن بن أبي ليلى عن عبد الكريم عن مجاهد عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نهيت أن أصلي إلى النيام والمتحدثين وقال لا نعلمه يروي إلا عن بن عباس انتهى وروى أيضا حدثنا أحمد بن يحيى الكوفي ثنا إسماعيل بن صبيح ثنا إسرائيل عن عبد الاعلى الثعلبي عن محمد بن الحنفية عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي إلى رجل فأمره ان يعيد الصلاة قال يا رسول الله إني صليت وأنت تنظر إلي انتهى قال هذا حديث لا نحفظه إلا بهذا الاسناد وكأنه هذا المصلي كان مستقبل الرجل فوجهه فلم يتنح عن حياله انتهى كلامه الحديث السابع والتسعون حديث جبرائيل إنا لا ندخل بيتا في كلب ولا
[ 112 ]
صورة قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث ميمونة ومن حديث عائشة فحديث بن عمر أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب بدء الخلق في باب إذا قال أحدكم آمين والملائكة في السماء فوافقت إحداهما الاخرى غفر له ما تقدم من ذنبه عن عمر بن محمد بن زيد بن عبد الله عن عم أبيه سالم بن عبد الله عن أبيه قال واعد النبي صلى الله عليه وسلم جبرائيل فراث عليه أي أبطأ حتى شق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة انتهى وأما حديث ميمونة فأخرجه مسلم في اللباس عن بن عباس قال أخبرتني ميمونة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبح يوما واجما فقالت له ميمونة قد استنكرت هيئتك منذ اليوم قال إن جبرائيل كان وعدني أن يلقاني الليلة فلم يلقني ثم وقع في نفسه جرو كلب تحت فسطاط لنا فأمر به فأخرج ثم أخذ بيده ماء فنضح مكانه فلمالقيه جبرائيل قال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بقتل الكلاب حتى أنه ليأمر بقتل كلب الحائط الصغير ويترك كلب الحائط الكبير انتهى وأما حديث عائشة فأخرجه مسلم أيضا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عنها قالت واعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جبرائيل في ساعة يأتيه فيها فجاءت تلك الساعة ولم يأته وفي يده عصا فالقاها من يده وقال ما يخلف الله وعده ولا رسله ثم التفت فإذا جرو كلب تحت سريره فقال ما هذا يا عائشة متى دخل هذا الكلب ههنا فقالت والله ما دريت فأمر به فأخرج فجاء جبرائيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم واعدتني فجلست لك فلم تأت فقال منعني الكلب الذي كان في بيتك إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة انتهى أحاديث الباب أخرج الائمة الستة في كتبهم عن أبي طلحة الانصاري واسمه زيد بن سهيل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الملائكة بيتا فيه كل ولا
[ 113 ]
صورة انتهى لمسلم ولبعضهم فيه قصة وزاد فيه البخاري يريد صورة التماثيل التي فيها الارواح ذكره في المغازي في باب شهود الملائكة بدرا ولمسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا لا يدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه عن عبد الله بن نجي عن أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب انتهى لم يذكر بن ماجة فيه الجنب وعبد الله بن نجي فيه مقال وزاد أحمد فيه ولا صورة روح ولشيخنا علاء الدين ههنا وهمان قلد فيهما غيره أحدهما أنه لم يعز الحديث إلا لابي داود والترمذي من حديث أبي هريرة وقد قدمنا أنه في الصحيحين والثاني أن حديث أبي هريرة عند أبي داود والترمذي ليس فيه ذكر الملائكة وهذا لفظهما عن مجاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبرائيل فقال لي أتيتك البارحة فلم يمنعني أن ادخل إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل وكان في البيت كلب فمر برأس التمثال فليقطع فيصير كهيئة الشجرة ومر بالستر فليقطع وليجعل فيه وسادتين منتبذتين توطآن ومر بالكلب فليخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الكلب للحسن أو للحسين كان تحت نضد لهم فأمر به فأخرج انتهى رواه أبو داود في اللباس والترمذي في الاستئذان والنسائي في الزينة ورواه بن حبان في صحيحه وهذا ليس فيه ذكر الملائكة وإنما هو مخصوص بجبرئيل في واقعه مخصوصة فليس هذا حديث الكتاب لا لفظا ولا معنى ويا ليته ذكره من حديث أبي طلحة واعلم ان المصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على شئ وهو غير مطابق لمقصوده فإنه قال ويكره ان يكون فوق رأسه أو بين يديه أو بحذائه تصاوير أو كلب أو صورة معلقة يعني في الصلاة لحديث جبرائيل عليه السلام إنا لا ندخل بيتا فيه
[ 114 ]
كلب أو صورة ثم قال ولو صلى على بساط فيه تصاوير فلا بأس لان فيه استهانة بالصورة فالحديث عام بالنسبة إلى كل صورة وكلام المصنف خاص بالصورة المعلقة وقد يستدل له بحديث أخرجه النسائي عن أبي هريرة قال استأذن جبرائيل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادخل فقال كيف أدخل وفي بيتك ستر فيه تصاوير أما ان تقطع رؤوسها أو يجعل بساطا يوطأ فإنا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه تصاوير انتهى ورواه بن حبان في صحيحه ولفظه فإن كنت لا بد فاعلا فاقطع رؤوسها أو اقطعها وسائد أو اجعلها بسطا انتهى حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب المظالم عن عائشة انها اتخذت على سهوة لها ستر فيه تماثيل فهتكه النبي صلى الله عليه وسلم قالت فاتخذت منه نمرقتين فكانتا في البيت تجلس عليهما زاد أحمد في مسنده فلقد رايته متكئا على إحداهما وفيها صورة حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا عبد الله بن عمر بن أبان ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سليمان بن أرقم عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم في التماثيل أنه رخص فيما كان يوطأ وكره ما كان منصوبا انتهى وقال لم يروه عن بن سيرين إلا سليمان بن أرقم انتهى الحديث الثامن والتسعون قال عليه السلام اقتلوا الاسودين ولو كنتم في
[ 115 ]
الصلاة قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن ضمضم بن جرس عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الاسودين في الصلاة الحية والعقرب انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السبعين من القسم الاول وفي النوع الستين من القسم الرابع وأحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح ولم يخرجاه وضمضم بن جرس من ثقات أهل اليمامة سمع جماعة من الصحابة وقد وثقه أحمد بن حنبل انتهى كلامه أحاديث الباب أخرج مسلم في صحيحه عن زيد بن جبير قال سأل رجل بن عمر ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم فقال حدثتني إحدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب الحدأة والغراب والحية قال وفي الصلاة أيضا انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن هشام بن زياد أبي المقدام مولى عثمان بن عفان ثنا محمد بن كعب القرظي عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان لكل شئ شرفا وإن شرف المجالس ما استقبل به القبلة واقتلوا الحية والعقرب وان كنتم في صلاتكم مختصر وسكت عنه وسيأتى بتمامه في الحج وهو معلوم بهشام حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله عن سليمان بن موسى عن رجل من بني عدي بن كعب انهم دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي جالسا فقالوا ما شأنك يا رسول الله قال لسعتني عقرب ثم قال إذا وجد أحدكم عقربا وهو يصلي
[ 116 ]
فليقتلها بنعله اليسرى انتهى قال أبو داود سليمان بن موسى لم يدرك العدوي انتهى وهو منقطع وأورد الامام أبو محمد عبد الحق في أحكامه لهذه المسألة حديث مسلم ومرسل أبي داود ولم يورد الشيخ تقي الدين في كتاب الامام لهذه المسألة إلا حديث السنن فقط والله اعلم واستدل الشيخ في الامام على ان المشي اليسير لا يبطل الصلاة بحديث بن عباس في صلاة الليل فأدارني عن يمينه أخرجه البخاري ومسلم واستدل عن أن النفخ في الصلاة لا يبطل بحديث أخرجه أبو داود عن حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه ثم نفخ في آخر سجوده أف أف الحديث وعلقه البخاري في صحيحه فقال باب ما يجوز من النفخ في الصلاة ويذكر عن عبد الله بن عمرو قال نفخ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سجوده في كسوف انتهى وفي منعه حديثان أخرجهما البيهقي أحدهما عن هشام بن عبد الله ثنا عنبسة بن الازهر عن سلمة بن كهيل عن كريب عن أم سلمة قالت مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على غلام لنا يقال له رياح فرآه سجد فنفخ فقال له عليه السلام يا رياح لا تنفخ فإنه من نفخ فقد تكلم والثاني عن نوح بن أبي مريم عن يزيد الرقاشي عن أنس مرفوعا نحوه من ألها شئ في الصلاة فذاك حظه والنفخ كلام قال البيهقي الاول ضعيف والثاني أضعف منه واستدل على أن الافعال المفرقة لا تبطل الصلاة بحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها رواه البخاري
[ 117 ]
أحاديث الصلاة بحضرة الطعام ومدافعة الحديث أخرج البخاري ومسلم عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه زاد البخاري وكان بن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ منه وأنه ليسمع قراءة الامام انتهى وأخرجا عن عائشة نحوه وأخرجا عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء انتهى وفي لفظ إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم انتهى وأخرج مسلم عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الاخبثان انتهى وأخرج أصحاب السنن الاربعة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن أرقم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أراد أحدكم أن يذهب إلى الخلاء وأقيمت الصلاة فليبدأ بالخلاء انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وأخرجوا إلا النسائي عن حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح الحضرمي عن أبي حي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يحل لاحد أن يفعلهن لا يؤم رجل قوما فيخص نفسه بالدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم ولا ينظر في قعر بيت قبل أن يستأذن فإن فعل فقد دخل ولا يصلي وهو حقن حتى يتخفف انتهى قال الترمذي حديث حسن انتهى وأخرج أبو داود عن أبي هريرة مرفوعا لا يحل لاحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصلي وهو حاقن حتى يتخفف انتهى وفيه رجل فيه جهالة ولم يضعفه أبو داود فصل * (الحديث التاسع والتسعون روى أنه عليه السلام نهى عن استقبال القبلة بالفرج
[ 118 ]
في الخلاء قلت أخرجه الائمة الستة في الطهارة عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب الانصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا ولا تستدبروها ولكن شرقوا أو غربوا حديث آخر أخرجه الجماعة إلا البخاري عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان الفارسي قيل له علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة فقال أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن نستنجي باليمين أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع أو عظم انتهى حديث آخر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة واللفظ لمسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي زيد عن معقل بن أبي معقل الاسدي قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو بغائط انتهى قال أبو داود أبو زيد مولى لبني ثعلبة انتهى ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في سننه قال شيخنا الذهبي في مختصر سنن البيهقي وأبو زيد هذا لا يدرى من هو انتهى وهذا حديث لم يذكر فيه الاستدبار
[ 119 ]
ومثله حديث آخر أخرجه بن ماجة عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه سمع عبد الله بن الحارث بن جد الزبيدي يقول أنا أول من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يبولن أحدكم مستقبل القبلة وأنا أول من حدث الناس بذلك انتهى وروى مالك في الموطأ عن نافع عن رجل من الانصار عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يستقبل القبلة ببول أو غائط فيه رجل مجهول فهو كالمنقطع والله أعلم قال الشيخ في الامام وقد اختلف العلماء هل النهي لاجل القبلة أو لاجل الملائكة قال وتعلق الاولون بما أخرجه أبو جعفر الطبري في تهذيب الآثار عن سماك بن الفضل عن بن رشدين الجندي عن سراقة بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله عزوجل فلا يستقبل القبلة وأخرج أيضا عن عمرو بن جميع عن عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس ببول قبالة القبلة فذكر فتحرف عنها إجلالا لها لم يقم من مجلسه حتى يغفر له وأخرج الدارقطني عن زمعة بن صالح عن سملة بن وهرام عن طاوس مرسلا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله عزوجل ولا يستقبلها ولا يستدبرها قال عبد الحق في أحكامه وقد أسند هذا عن بن عباس ولا يصح أسنده أحمد بن الحسن المصري وهو متروك قال بن القطان في كتابه والمرسل أيضا ضعيف فإنه دائر على زمعة بن صالح وقد ضعفه أحمد بن حنبل وابن معين وأبو حاتم فائدة قال الشيخ في الامام ذكر بن حزم في كتابه أنه يحرم استقبال القبلة بالاستنجاء واستدل عليه بحديث سلمان بعد ما أخرجه من جهة مسلم بسنده عن سلمان قال قال لنا المشركون علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة فقال سلمان أجل لقد نهانا أن يستنجي أحدنا بيمينه أو مستقبل القبلة الحديث كذا رأيته في كتابه مستقبل بالميم وبها تتم الحجة وليست هذه اللفظة في مسلم
[ 120 ]
مما تتبعته من نسخة انتهى قال الشيخ وتعلق الآخرون بما أخرجه البيهقي عن عيسى الحناط قال قلت للشعبي إني أعجب من اختلاف أبي هريرة وابن عمر قال نافع عن بن عمر دخلت بيت حفصة فجاءت التفاتة فرأيت كنيف رسول الله صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وقال أبو هريرة إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها قال الشعبي صدقا جميعا أما قول أبي هريرة فهو في الصحراء إن لله عبادا ملائكة وجنا يصلون فلا يستقبلهم أحد ببول ولا غائط ولا يستدبرهم وأما كنفهم هذه فإنما هي بيوت بنيت لا قبلة فيها قال البيهقي وعيسى هذا هو بن ميسرة وهو ضعيف قال الشيخ وعيسى هذا يقال فيه الحناط بحاء مهلمة ونون ويقال فيه الخباط بخاء معجمة وموحدة ويقال فيه الخياط بخاء معجمة وياء آخر الحروف وحديث عيسى هذا اختصره بن ماجة ليس فيه ما قصدناه أحاديث الرخصة أخرج الجماعة عن واسع بن حبان عن بن عمر أنه كان يقول إن ناسا يقولون إذا قعدت على حاجتك فلا تستقبل القبلة ولا بيت المقدس قال عبد الله فلقد ارتقيت على ظهر بيت لنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته وهو في لفظ الترمذي مستقبل الشام مستدبر الكعبة حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن محمد بن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد بن جبير عن جابر بن عبد الله قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستقبل القبلة فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها انتهى وأخرجه بن حبان في صحيحه في القسم الثاني والحاكم في المستدرك والدارقطني ثم البيهقي
[ 121 ]
في سننهما وعندهم الاربعة حدثني أبان بن صالح فزالت تهمة التدليس ولفظهم فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا أن نستقبل القبلة أو نستدبرها بفروجنا إذا أهرقنا الماء ثم رأيته قبل موته بعام يبول مستقبل القبلة انتهى وأبان بن صالح وثقه المزكون يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وقال الترمذي في العلل الكبير سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال حديث صحيح انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن أبي الصلت عن عراك عن عائشة قالت ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم قوم يكرهون أن يستقبلوا بفروجهم القبلة فقال أراهم قد فعلوها استقبل بمقعدتي القبلة قال في الامام قال الاثرم قال أحمد بن حنبل أحسن ما في الرخصة حديث عائشة وإن كان مرسلا فإن مخرجه حسن قلت له فإن عراكا يرويه مرة ويقول سمعت عائشة فأنكره وقال من أين سمع عراك عائشة بما يروي عن عروة عنها وحكى بن أبي حاتم في المراسيل عن أحمد قال رواه غير واحد عن خالد الحذاء ليس فيه سمعت وهكذا رواه غير واحد عن حماد بن سلمة ليس فيه سمعت قال الشيخ وقد ذكر عن موسى بن هارون مثل ما حكى عن أحمد في هذا ولعراك أحاديث عديدة عن عروة عن عائشة قال ولكن لقائل أن يقول إذا كان الراوي عنه قوله سمعت ثقة فهو مقدم لاحتمال أنه لقي الشيخ بعد ذلك فحدثه إذا كان ممن يمكن لقاءه وقد ذكروا سماع عراك من أبي هريرة ولم ينكروه وأبو هريرة توفي هو وعائشة في سنة واحدة فلا يبعد سماعه من عائشة مع كونهما في بلدة واحدة ولعل هذا هو الذي أوجب لمسلم أن أخرج في صحيحه حديث عراك عن عائشة من رواية يزيد بن أبي زياد مولى بن عباس عن عراك عن عائشة جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها الحديث وبعد هذا كله فقد وقعت لنا رواية صريحة بسماعه من غير جهة حماد بن سملة التي أنكرها أحمد أخرجها الدارقطني عن علي بن عاصم عن خالد الحذاء وفيه فقال عراك حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بلغه قول الناس أمر بمقعدته فاستقبل بها القبلة انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ
[ 122 ]
والمنسوخ اختلف أهل العلم في ذلك على ثلاثة أقوال فصنف كرهوه مطلقا منهم مجاهد والنخعي وأبو حنيفة وأخذوا بحديث أبي أيوب وحديث أبي هريرة وقد تقدما وصنف رخصوه مطلقا وهم فرقتان فرقة طرحوا الاحاديث لتعارضها ورجعوا إلى الاصل في الاشياء وهي الاباحة ومنهم من أدعى النسخ بحديث بن عمر وجابر وقد تقدما وبحديث عراك أيضا والصنف الثالث فصلوا فكرهوه في الصحارى دون البنيان ومنهم الشعبي وأحمد والشافعي واحتجوا بحديث أخرجه أبو داود في سننه عن الحسن بن ذكوان عن مروان الاصفر قال رأيت بن عمر أناخ راحلته وجلس يبول إليها فقلت أبا عبد الرحمن أليس قد نهى عن هذا قال بلى إنما نهى عن ذلك في الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس انتهى وهذا رواه بن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرط البخاري وفي نسخة على شرط البخاري وفى نسخة على شرط مسلم والحسن بن ذكوان وإن كان أخرج له البخاري فقد تكلم فيه غير واحد فكذلك قال الحازمي هو حديث حسن انتهى باب صلاة الوتر الحديث الموفي للمائة حديث إن الله تعالى زادكم صلاة الا وهي الوتر فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر قلت روى من حديث خارجة بن حذافة
[ 123 ]
ومن حديث عمرو بن العاص وعقبة بن عامر ومن حديث بن عباس ومن حديث أبي بصرة الغفاري ومن حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ومن حديث بن عمر ومن حديث أبي سعيد الخدري أما حديث خارجة فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد عن عبد الله بن أبي مرة عن خارجة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله أمدكم بصلاة هي لكم خير من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفحر انتهى قال الترمذي حديث غريب وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه لتفرد التابعي عن الصحابي انتهى ورواه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه والطبراني في معجمه ورواه بن عدي في الكامل ونقل عن البخاري أنه قال لا يعرف سماع بعض هؤلاء من بعض انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بابن إسحاق وبعبد الله بن راشد ونقل عن الدارقطني أنه ضعفه قال صاحب التنقيح أما تضعيفه بابن إسحاق فليس بشئ فقد تابعه الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب به وأما نقله عن الدارقطني أنه ضعف عبد الله بن راشد فغلط لان الدارقطني إنما ضعف عبد الله بن راشد البصري مولى عثمان بن عفان الراوي عن أبي سعيد الخدري وأما هذا راوي حديث خارجة فهو الزوفي أبو الضحاك المصري ذكره بن حبان في كتاب الثقات انتهى قلت هكذا رواه النسائي في كتاب الكنى أخبرنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعيد عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن راشد الزوفي أبي الضحاك عن عبد الله بن أبي مرة به واما حديث عمرو بن العاص وعقبة فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده
[ 124 ]
أخبرنا سويد بن عبد العزيز ثنا قرة بن عبد الرحمن بن حيوئيل عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مرثد بن عبد الله اليزني عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عزوجل زادكم صلاة هي لكم خير من حمر النعم الوتر وهي لكم فيما بين صلاة العشاء إلى طلوع الفجر انتهى ومن طريق بن راهويه رواه الطبراني في معجمه وأما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه عن النضر أبي عمر عن عكرمة عن بن عباس قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم مستبشرا فقال إن الله تعالى قد زادكم صلاة وهي الوتر انتهى قال الدارقطني والنضر أبو عمر الخزاز ضعيف انتهى وأما حديث أبي بصرة فرواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من طريق بن لهيعة حدثني عبد الله بن هبيرة أن أبا تميم الجيشاني عبد الله بن مالك أخبره أنه سمع عمرو بن العاص يقول سمعت أبا بصرة الغفاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تعالى زادكم صلاة وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح انتهى وسكت عنه وأعله الذهبي في مختصره بابن لهيعة وله طريق آخر عند الطبراني في معجمه وأحمد في مسنده عن بن المبارك ثنا سعيد بن يزيد عن بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني به وطريق آخر عند الطبراني عن الليث بن سعد عن جبير بن نعيم عن بن هبيرة به وأما حديث عمرو بن شعيب فأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 125 ]
فاجتمعنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله قد زادكم صلاة فأمرنا بالوتر انتهى ثم قال والعرزمي ضعيف ونقل بن الجوزي عن النسائي وأحمد والفلاس أنه متروك الحديث ورواه أحمد في مسنده عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب والحجاج غير ثقة رضي الله تعالى عنهم وأما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن حميد بن أبي الجون الاسكندراني ثنا عبد الله بن وهب عن مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم محمرا وجهه يجر رداءه فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم وهي الوتر انتهى قال الدارقطني وحميد بن أبي الجون ضعيف الرب عز وجلو أما حديث الخدري فرواه الطبراني في كتابه مسند الشاميين حدثنا عبدان بن أحمد ثنا العباس بن الوليد الحلال الدمشقي ثنا مروان بن محمد ثنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى زادكم صلاة وهي الوتر انتهى قال البزار في مسنده وقد روى في هذا المعنى أحاديث كلها معلولة فمنها ما رواه النضر بن عبد الرحمن عن عكرمة عن بن عباس فذكره قال والنضر لين وقد حدث عن عكرمة بأحاديث لم يتابع عليها فأمسك أهل العلم عن الاحتجاج بحديثه في الاحكام واحتملوه في غيرها ورواه محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن مرة الزوفي عن خارجة بن حذافة وعبد الله بن مرة الزوفي لا يعلم حدث بغير هذا ولا روى عنه غير يزيد والمجهول لا يقوم به حجة وروى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفيه كلام فقال بعضهم إنها صحيفة كانت عند عبد الله بن عمرو وقال بعضهم إن حديثه لا يثبت لان عمرو بن شعيب إنما هو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو وقد قال بعض أهل العلم حديثه عن غير أبيه يقبل وعن أبيه صحيفة وكل ما
[ 126 ]
كان من الاخبار في حكم لا يثبت العلم به حتى يتفق على صحة إسناده انتهى وقال صاحب تنقيح التحقيق في أحاديث إن الله تعالى زادكم صلاة لا يلزم أن يكون المزاد من جنس المزاد فيه يدل عليه ما رواه البيهقي بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري مرفوعا إن الله تعالى زادكم صلاة إلى صلاتكم هي خير من حمر النعم ألا وهي الركعتان قبل صلاة الفجر انتهى رواه عن الحاكم بسنده قال وهو حديث صحيح ثم نقل عن بن خزيمة أنه قال لو أمكنني أن أرحل في هذا الحديث لرحلت انتهى أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي أيوب قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الوتر حق واجب على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليوتر ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليوتر انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرطهما حديث آخر أخرجه أبو داود عن أبي المنيب عبيد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وقال أبو المنيب ثقة ووثقه بن معين أيضا قال بن أبي حاتم سمعت أبي يقول هو صالح الحديث وأنكر على البخاري إدخاله في الضعفاء وتكلم فيه النسائي وابن حبان والعقيلي وقال بن عدي هو عندي لا بأس به
[ 127 ]
حديث آخر أخرجه أحمد بن خليل بن مرة عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يوتر فليس منا انتهى وهو منقطع قال أحمد لم يسمع معاوية بن قرة من أبي هريرة شيئا ولا لقيه والخليل بن مرة ضعفه يحيى والنسائي وقال البخاري منكر الحديث حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوتروا قبل أن تصبحوا انتهى حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن بن عمر مرفوعا بادروا الصبح بالوتر وأخرجه الترمذي بلفظ إذا طلع الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر فأوتروا قبل طلوع الفجر انتهى قال النووي في الخلاصة وإسناده صحيح انتهى حديث آخر رواه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه حدثنا هارون بن معروف ثنا بن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي القاضي أن معاذ بن جبل قدم الشام فوجد أهل الشام لا يوترون فقال لمعاوية ما لي أرى أهل الشام لا يوترون فقال معاوية وواجب ذلك عليهم فقال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول زادني ربي عزوجل صلاة وهي الوتر ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بعبيد الله بن زحر قال قال بن معين ليس بشئ وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات وعبد الرحمن بن رافع قال البخاري في حديثه مناكير قال صاحب التنقيح وفيه انقطاع فإن عبد الرحمن التنوخي لم يدرك معاذا انتهى حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن حكام بن عنبسة عن جابر بن أبي معشر عن إبراهيم عن الاسود عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الوتر واجب على كل
[ 128 ]
مسلم انتهى وقال لا يعلمه يروي عن بن مسعود إلا من هذا الوجه بهذا الاسناد انتهى أحاديث الخصوم استدلوا على عدم وجوب الوتر بحديث الاعرابي أنه عليه السلام قال له خمس صلوات كتبهن الله عليك قال هل علي غيرها قال لا إلا أن تطوع أخرجه البخاري ومسلم عن طلحة بن عبيد الله وأجاب الاصحاب عنه بأنه كان قبل وجوب الوتر بدليل أنه لم يذكر فيه الحج فدل على أثر متقدم على وجوب الحج ولفظة زادكم صلاة مشعرة بتأخر وجوب الوتر ولكن الحج مذكور عند مسلم في حديث ضمام بن ثعلبة أخرجه في أول الايمان عن أنس ولم يسم مسلم ضماما ورواه البخاري في العلم وسمى ضماما وليس فيه الحج حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن عرم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر على البعير وفي لفظ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر على راحلته قال الطحاوي هذا كان قبل وجوبه ثم عارضه برواية حنظلة بن أبي سفيان عن نافع عن بن عمر أنه كان يصلي على راحلته ويوتر بالارض ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل كذلك انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن معاذ أنه عليه السلام بعثه إلى اليمن وقال له فيما قال فإن أطاعوك فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة قال بن حبان وكان بعث معاذا إلى اليمن قبل خروجه من الدنيا بأيام يسيرة انتهى ويقوي هذا ما في موطأ مالك أنه عليه السلام توفي قبل أن يقدم عليه معاذ من اليمن وسيأتي في الزكاة في حديث الاوقاص حديث آخر أخرجه بن حبان عن جابر أنه عليه السلام قام بهم في رمضان فصلى ثمان ركعات وأوتر ثم انتظروا من القابلة فلم يخرج إليهم فسألوه فقال خشيت أن يكتب عليكم الوتر انتهى رواه في النوع التاسع والستين من القسم الخامس
[ 129 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن محيريز أن رجلا من بني كنانة يدعى المخدجي سمع رجلا بالشام يدعى أبا محمد سأله رجل عن الوتر أواجب هو قال نعم كوجوب الصلاة ثم سأل عبادة بن الصامت فقال كذب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خمس صلوات كتبهن الله على العباد من جاء بهن يوم القيامة كما أمر الله لم يستخف بشئ من حقوقهن فإن الله عزوجل جاعل له عهدا أن يدخله الجنة ومن لم يجئ بهن يوم القيامة استخفافا بحقهن فلا عهد له عند الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وذكر المخدجي في كتاب الثقات وقال هو أبو رفيع وقيل رفيع انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وسكت عنه عن أبي جناب الكلبي يحيى بن أبي حبة عن عكرمة عن بن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث هن علي فرائض وهن لكم تطوع الوتر والنحر وصلاة الضحى انتهى قال الذهبي في مختصره سكت الحاكم عنه وهو غريب منكر وأبو جناب الكلبي ضعفه النسائي والدارقطني انتهى وأخرجه أحمد والحاكم أيضا عن جابر الجعفي عن عكرمة به والجعفي مختلف فيه وله طريق آخر عند بن الجوزي في العلل المتناهية فيها وضاح بن يحيى ومندل وهما ضعيفان وأخرج بن الجوزي نحوه من حديث أنس وفيه عبد الله بن محيريز وهو ساقط قال بن حبان كان يكذب حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا توتروا بثلاث واوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب انتهى قال الدارقطني إسناده ثقات انتهى
[ 133 ]
الحديث الحادي بعد المائة روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث يعني لا يفصل بينهن بسلام قلت أخرجه النسائي في سننه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يسلم في ركعتي الوتر انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال إنه صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه ولفظه قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى وفي لفظ كان رسول
[ 134 ]
الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى ثم أخرج عن حبيب المعلم قال قيل للحسن إن بن عمر كان يسلم في الركعتين الاوليين من الوتر فقال كان عمر أفقه منه فكان ينهض في الثانية بالتكبير انتهى وسكت عنه أحاديث الباب حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعة الاولى من الوتر بفاتحة الكتاب وسبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين رواه أصحاب السنن الاربعة وابن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الطحاوي في شرح الآثار وقال إنه موافق الحديث سعدد بن هشام انتهى وظاهر الحديث أن الثالثة متصلة غير منفصلة وإلا لقال وفي ركعة الوتر أو الركعة المفردة أو نحو ذلك ولكن قد يعكر عليه في لفظه الدارقطني عن عائشة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين اللتين يوتر بعدهما بسبح اسم ربك الاعلى وقل يا أيها الكافرون ويقرأ في الوتر بقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس انتهى حديث آخر وروى الطحاوي حدثنا روح بن الفرج ثنا لوين ثنا شريك بن مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث يقرأ في الاول بسبح إلى آخره بنحو حديث عائشة حدثنا حسين بن نصر ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن زبيد عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الوتر فقرأ في الركعة الاولى بسبح إلى آخره
[ 135 ]
وأخرج عن علي وعمران بن حصين نحوه وأخرجه النسائي والترمذي وابن ماجة قال النووي في الخلاصة بإسناد صحيح عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير به أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الاعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في ركعة ركعة انتهى وسكت الترمذي عنه حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن يحيى بن زكريا ابنا الاعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد النخعي عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتر الليل ثلاث كوتر النهار صلاة المغرب انتهى قال الدارقطني لم يروه عن الاعمش مرفوعا غير يحيى بن زكريا وهو ضعيف وقال البيهقي الصحيح وقفه على بن مسعود ورفعه يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب وهو ضعيف ورواه الثوري وعبد الله بن نمير وغيرهما عن الاعمش فوقفوه انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن إسماعيل بن مسلم المكي عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة مرفوعا نحوه سواء من طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل المتناهية وقال هذا لا يصح قال بن معين إسماعيل المكي ليس بشئ وزاد في التحقيق وقال النسائي متروك وقال بن المديني لا يكتب حديثه انتهى حديث آخر حديث النهي عن البتيراء أخرجه بن عبد البر في كتاب التمهيد عن عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل واحدة يوتر بها انتهى وذكره عبد الحق في أحكام وقال الغالب على حديث عثمان بن محمد هذا الوهم انتهى وسيأتي في باب سجود السهو وقال بن القطان في كتابه هذا حديث شاذ لا يعرج على رواية وذكره بن الجوزي في التحقيق ثم قال والمروي عن ابن عمر أنه فسر البتيراء أن يصلى بركوع ناقص وسجود ناقص انتهى وهذا إن صح عن ابن عمر ففي الحديث ما يرده وتفسير
[ 136 ]
راوي الحديث مقدم على تفسير غيره بل ظاهر اللفظ أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم والدليل على أن هذا غير صحيح عن بن عمر ما رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا سليمان بن شعيب ثنا بشر بن بكر ثنا الاوزاعي حدثني المطلب بن عبد الله المخزومي أن رجلا سأل بن عمر عن الوتر فأمره بثلاث يفصل بين شفعه ووتره بتسليمة فقال الرجل إني أخاف أن يقول الناس هي البتيراء فقال بن عمر هذه سنة الله ورسوله انتهى فقد سمع بن عمر هذا من الرجل ولم ينكره والله أعلم وقال بن الجوزي في التحقيق وهم معارضون في حديث النهي عن البتيراء بحديث أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن عبد الله بن وهب حدثني سليمان بن بلال عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن الفضل عن أبي مسلمة والاعرج عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو بسبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب انتهى قال الدارقطني رواته كلهم ثقات ورواه الحاكم في مستدركه وقال على شرطهما انتهى وليس في هذا الحديث الوتر بركعة فليزمهم أن يقولوا به والله أعلم الآثار روى محمد بن الحسن في موطئه عن يعقوب بن إبراهيم ثنا حصين عن إبراهيم عن بن مسعود أنه قال ما أجزأت ركعة قط انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم ثنا القاسم بن معن ثنا حصين عن إبراهيم قال بلغ بن مسعود أن سعدا يوتر بركعة فقال ما أجزأت ركعة قط انتهى قال النووي في الخلاصة موقوف ضعيف أثر آخر رواه الطحاوي حدثنا روح بن الفرج ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن عقبة بن مسلم قال سألت عبد الله بن عمر عن الوتر فقال أتعرف وتر النهار فقلت نعم صلاة المغرب قال صدقت وأحسنت انتهى قال الطحاوي وعليه يحمل حديث بن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فصل ركعة توتر لك ما
[ 137 ]
صليت قال معناه صل ركعة مع ثنتين قبلها وتتفق بذلك الاخبار حدثنا أبو بكرة ثنا أبو داود ثنا أبو خالد سألت أبا العالية عن الوتر فقال علمنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوتر مثل صلاة المغرب هذا وتر الليل وهذا وتر النهار انتهى أثر آخر رواه الطحاوي أيضا حدثنا صالح بن عبد الرحمن ثنا سعيد بن منصور ثنا هشيم عن حميد عن أنس قال الوتر ثلاث ركعات حدثنا بن مرزوق ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت قال صلى بي أنس الوتر أنا عن يمينه وأم ولده خلفنا ثلاث ركعات لم يسلم إلا في آخرهن انتهى أثر آخر رواه الطحاوي أيضا حدثنا إبراهيم بن أبي داود ثنا يحيى بن سليمان الجعفي ثنا بن وهب أخبرني عمرو عن بن هلال عن بن إسحاق عن المسور بن مخرمة قال دفنا أبا بكر فقال عمر إني لم أوتر فقام وصففنا وراءه فصلى بنا ثلاث ركعات لم يسلم إلا في آخرهن قال ومذهبنا أيضا قوي من جهة النظر لان الوتر لا يخلو إما أن يكون فرضا أو سنة فإن كان فرضا فالفرض ليس إلا ركعتين أو ثلاثا أو أربعا وكلهم أجمعوا أن الوتر لا يكون اثنين ولا أربعا فثبت أنه ثلاث وإن كان سنة فإنا لم نجد سنة إلا ولها مثل في الفرض منه أخذت والفرض لم نجد منه وترا إلا المغرب وهو ثلاث فثبت أن الوتر ثلاث انتهى وهذا الذي قاله حسن جدا وقد ذكر الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ من جملة الترجيحات أن يكون الحديث موافقا للقياس وهذا لفظه قال الوجه الثاني والعشرون من الترجيحات أن يكون أحد الحديثين موافقا للقياس دون الآخر فيكون العدول عن الثاني إلى الاول متعينا قال ولهذا قدم حديث أبي هريرة ليس على المسلم في فرسه صدقه لان ما لا تجب الزكاة في ذكوره لا تجب في إناثه قياسا على سائر الحيوانات انتهى قوله وحكى الحسن إجماع المسلمين على الثلاث يعني لا يفصل بينهن بسلام قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص ثنا عمرو عن الحسن قال أجمع
[ 138 ]
المسلمون على أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى وعمرو هذا الظاهر أنه عمرو بن عبيد وهو متكلم فيه فإني وجدته مصرحا به في إسناد آخر نظير هذا وقال الطحاوي في شرح الآثار حدثنا أبو العوام محمد بن عبد الله بن عبد الجبار المرادي ثنا خالد بن نزار الايلي ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء السبعة سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وأبي بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبد الله وسليمان بن يسار في مشيخة سواهم أهل فقه وصلاح فكان مما وعيت عنهم أن الوتر ثلاث لا يسلم إلا في آخرهن انتهى رضي الله تعالى عنها الحديث الثاني بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في آخر الوتر قال المصنف وهو بعد الركوع قلت رواه الدارقطني في سننه حدثنا عبد الصمد بن علي ثنا عبد الله بن غنام ثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن بكير ثنا عمرو بن شمر عن سلام عن سويد بن غفلة قال سمعت أبا بكر وعمر وعثما ن وعليا يقولون قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الوتر وكانوا يفعلوا ذلك انتهى أحاديث الباب أخرج الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخر القنوت وسيأتي وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه إلا أن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة خالفه محمد بن جعفر بن أبي كثير في إسناده ثم أخرجه عن محمد بن جعفر بن أبي كثير حدثني موسى بن عقبة ثنا أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء الكلمات في الوتر اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره وسكت عنه وسيأتي في القنوت حديث آخر قد يستأنس له بحديث أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 139 ]
كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك انتهى قال الترمذي حديث حسن الحديث الثالث بعد المائة روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع قلت روى من حديث أبي بن كعب ومن حديث بن مسعود ومن حديث بن عباس ومن حديث بن عمر فحديث أبي رواه النسائي وابن ماجة فقالا حدثنا علي بن ميمون الرقي ثنا مخلد بن يزيد عن سفيان عن زبيد اليامي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع انتهى لابن ماجة ولفظ النسائي كان يوتر بثلاث يقرأ في الاولى سبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد ويقنت قبل الركوع انتهى وزاد في سننه الكبرى فإذا فرغ قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يطيل في آخرهن انتهى ثم قال وقد روى هذا الحديث غير واحد عن زبيد اليامي فلم يقل فيه ويقنت قبل الركوع انتهى وذكره أبو داود في سننه بإسناد آخر غير موصول فقال وروى حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع ورواه عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي مرفوعا بنحوه قال وحدث زبيد رواه سليمان الاعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجرير بن حازم كلهم عن زبيد لم يذكر أحد منهم القنوت وحديث سعيد رواه أيضا هشام
[ 140 ]
الدستوائي وشعبة عن قتادة ولم يذكروا القنوت ورواه يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه أبيا ولا ذكر القنوت وكذلك رواه عبد الاعلى ومحمد بن بشر العبدي وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس ولم يذكروا القنوت انتهى كلامه وأما حديث بن مسعود فأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه عن أبان بن أبي عياش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع انتهى قال الدارقطني وأبان بن عياش متروك انتهى طريق آخر رواه الخطيب البغدادي في كتاب القنوت له حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد الاهوازي ثنا أحمد بن محمد بن سعيد ثنا أحمد بن الحسين بن عبد الملك ثنا منصور بن أبي نويرة عن شريك عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وذكره بن الجوزي في التحقيق من جهة الخطيب وسكت عنه إلا أنه قال أحاديثنا مقدمة انتهى وأما حديث بن عباس فأخرجه الحافظ أبو نعيم في كتابه الحلية عن عطاء بن مسلم ثنا العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي ثابت عن بن عباس قال أوتر النبي صلى الله عليه وسلم بثلاث فقنت فيها قبل الركوع انتهى وقال غريب من حديث حبيب والعلاء تفرد به عطاء بن مسلم انتهى وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمود بن محمد المروزي ثنا سهيل بن العباس الترمذي ثنا سعد بن سالم القراح عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات ويجعل القنوت قبل الركوع انتهى قال الطبراني لم يروه عن عبيد الله إلا سعيد بن سالم انتهى
[ 141 ]
الآثار روى الطبراني في معجمه حدثنا فضل بن محمد الملطي ثنا أبو نعيم ثنا أبو العميس وحدثني عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه قال كان عبد الله بن مسعود لا يقنت في صلاة الغداة وإذا قنت في الوتر قنت قبل الركوع انتهى وفي لفظ كان لا يقنت في شئ من الصلوات إلا في الوتر قبل الركعة انتهى أثر آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يزيد بن هارون عن هشام الدستوائي عن حماد عن إبراهيم عن علقمة أن بن مسعود وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقنتون في الوتر قبل الركوع انتهى الحديث الرابع بعد المائة قال عليه السلام للحسن بن علي حين علمه دعاء القنوت اجعل هذا في وترك قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن علي قال علمني جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر وفي لفظ في قنوت الوتر اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شرك ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت انتهى قال الترمذي هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي الحوراء السعدي واسمه ربيعة بن شيبان ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيئا أحسن من هذا انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثالث والعشرين من القسم الثاني منه والحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل وسكت عنه ورواه البيهقي في سننه وزاد في رواية بعد واليت ولا يعز من عاديت وزاد النسائي في رواية تباركت وتعاليت
[ 142 ]
وصلى الله على النبي قال النووي في الخلاصة وإسنادها صحيح أو حسن انتهى ورواه إسحاق بن راهويه والدارمي والبزار في مسانيدهم قال البزار هذا حديث لا نعلم أحدا يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا الحسن بن علي انتهى طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن عقبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن الحسن بن علي قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم في وتري إذا رفعت رأسي ولم يبق إلا السجود اللهم اهدني فيمن هديت إلى آخره سواء وقال حديث صحيح على شرط الشيخين إلا أن إسماعيل بن عقبة خالفه محمد بن جعفر بن أبي كثير في إسناده ثم أخرجه عن محمد بن جعفر بن أبي كثير حدثني موسى بن عقبة ثنا أبو إسحاق عن يزيد بن أبي مريم به بسند السنن ومتنه وسكت عنه انتهى وصاحب الكتاب استدل بهذا الحديث وإطلاقه على وجوب القنوت في السنة كلها وهو قوله اجعل هذا في وترك من غير فصل ولم أجد هذا في الحديث واستدل لنا بن الجوزي في التحقيق بحديث أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن حماد بن سلمة عن هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك انتهى قال الترمذي حديث حسن وكأنه بناه على أن كان تقتضي الدوام والله أعلم أحاديث الخصوم وللشافعية في تخصيصهم القنوت بالنصف الاخير من رمضان حديثان الاول أخرجه أبو داود عن الحسن أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب فكان يصلي بهم عشرين ليلة من الشهر يعني رمضان ولا يقنت بهم إلا في النصف الثاني فإذا كان العشر الاواخر تخلف فصلى في بيته انتهى وهذا منقطع فإن الحسن لم يدرك عمر ثم هو فعل صحابي وأخرجه أيضا عن هشام عن محمد بن سيرين عن بعض أصحابه أن أبي بن كعب أمهم يعني في رمضان
[ 143 ]
وكان يقنت في النصف الآخر من رمضان انتهى وفيه مجهول وقال النووي في الخلاصة الطريقان ضعيفان قال أبو داود وهذان الحديثان يدلان على ضعف حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر انتهى وهو منازع في ذلك الحديث الثاني أخرجه بن عدي في الكامل عن أبي عاتكة طريف بن سلمان عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في النصف من رمضان إلى آخره انتهى وأبو عاتكة ضعيف قال البيهقي هذا حديث لا يصح إسناده الحديث الخامس بعد المائة حديث لا ترفع الايدي إلا في سبعة مواطن وذكر منها القنوت قلت تقدم في صفة الصلاة وليس فيه القنوت الحديث السادس بعد المائة روى بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه قلت استدل هب المصنف للشافعي علينا في وجوب القنوت في الفجر وهو غير مطابق فإنه قال ولا يقنت في غير الوتر خلافا للشافعي في الفجر
[ 144 ]
لما روى بن مسعود أنه عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه ولا يصلح أن يكون حجة لمذهبنا أيضا لان ترك القنوت في الفحر لا يلزم منه تركه في باقي الصلوات نعم يصلح أن يكون حجة لنا في دعوى نسخ حديثهم ولا يبعد أن يكون سقط من النسخة خلافا للشافعي لانه عليه السلام كان يقنت في الفحر ولنا أنه منسوخ لما روى بن مسعود أنه عليه السلام قنت في صلاة الفجر شهرا ثم تركه وبالجملة فالحديث رواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والطحاوي في الآثار كلهم من حديث شريك القاضي عن أبي حمزة ميمون القصاب عن إبراهيم عن علقمة عن عبيد الله قال لم يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح إلا شهرا ثم تركه لم قنت قبله ولا بعده انتهى وفي لفظ للطحاوي قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على عصية وذكوان فلما ظهر عليهم ترك القنوت وهو معلول بأبي حمزة القصاب قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان فاحش الخطأ كثير الوهم يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات تركه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة واستدل بعضهم على نسخ القنوت في الفجر بحديث أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سلمة وسعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رفع رأسه من الركعة الثانية من الصبح قال اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وفي آخره ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت ليس لك من الامر شئ الآية قال ولعل آخر الحديث من قول من هو دون أبي هريرة فقد أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال قال لاقربن بكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يقنت في الركعة الاخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار وأبو هريرة أسلم في غزوة خيبر وهو بعد نزول الآية بكثير لانها نزلت في أحد وكان أبو هريرة يقنت في حياته عليه السلام وبعد وفاته قال والدليل على أن الآية نزلت يوم أحد ما أخبرنا وأسند عن عمر بن حمزة عن سالم عن
[ 145 ]
بن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح يوم أحد فلما رفع رأسه من الركعة الثانية قال سمع الله لمن حمده اللهم العن أبا سفيان وصفوان بن أمية والحارث بن هشام فنزلت ليس لك من الامر شئ وأخرجه البخاري في صحيحه عن الزهري عن سالم به لم يقل فيه يوم أحد قال ويدل عليه أيضا ما أخرجه مسلم في صحيحه عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج فجعل يسلت الدم عن وجهه وهو يقول كيف يفلح قوم قوم شجوا نبيهم وهو يدعوهم إلى الله فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ الآية أو يكون المراد بقوله ثم ترك ذلك يعني الدعاء على أولئك القوم فقد دعى النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته على من قتل من ببئر معونة وهي بعد أحد فدل على أن الآية لم تحمل على نسخ القنوت جملة انتهى كلام البيهقي أحاديث الباب أخرج بن ماجة في سننه عن محمد بن يعلى ثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القنوت في صلاة الصبح انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه وقال محمد بن يعلى وعنبسة وعبد الله بن نافع كلهم ضعفاء ولا يصح لنافع سماع من أم سلمة انتهى وأعله العقيلي في كتابه بعنبسة ونقل عن البخاري أنه قال تركوه حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن هياج عن عنبسة عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن صفية بنت أبي عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال الدارقطني وصفية هذه لم تدرك النبي صلى الله عليه وسلم حديث آخر أخرجه بن حبان عن إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم أو على قوم انتهى حديث آخر رواه الخطيب البغدادي في كتابه في القنوت من حديث محمد بن عبد الله الانصاري ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا
[ 146 ]
قنت إلا إذا دعى لقوم أو دعى على قوم انتهى قال صاحب التنقيح وسند هذين الحديثين صحيح وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة والله أعلم حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن جابر السحيمي عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فما رأيت أحدا منهم قانتا في صلاة إلا في الوتر انتهى وأعله العقيلي في كتابه بمحمد بن جابر وقال لا يتابع عليه وضعفه عن جماعة من غير توثيق حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن بشر بن حرب عن بن عمر أنه ذكر القنوت فقال والله إنه لبدعة ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير شهر واحد انتهى وأعله ببشر بن حرب ثم قال وهو عندي لا بأس به ولا أعرف له حديثا منكرا وضعفه عن النسائي وابن معين حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي مالك الاشجعي سعد بن طارق الاشجعي عن أبيه قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقنت وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف علي فلم يقنت ثم قال يا بني إنها بدعة انتهى واسم أبي مالك سعد بن طارق بن الاشيم قال البخاري طارق بن أشيم له صحبة وكذلك قال بن سعد قال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظه ولفظ بن ماجة عن أبي مالك قال قلت لابي يا أبت إنك قد صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي بالكوفة نحوا من خمس سنين أكانوا يقنتون في الفجر قال أي بني محدث انتهى وقد وثق أبي مالك الامام أحمد بن حنبل وابن معين والعجلي وقال أبو حاتم صالح الحديث يكتب حديثه وقال النسائي ليس به بأس
[ 147 ]
وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقد أخرج مسلم في صحيحه حديثين عن أبي مالك عن أبيه وقال البيهقي لم يحفظ طارق بن أشيم القنوت عمن صلى خلفه فرآه محدثا وقد حفظه غيره فالحكم لمن حفظ دون من لم يحفظ وقال غيره ليس في هذا الحديث دليل على أنهم ما قنتوا قط بل اتفق أن طارقا صلى خلف كل منهم وأخذ بما رأى ومن المعلوم أنهم كانوا يقنتون في النوازل وهذا الحديث يدل على أنهم ما كانوا يحافظون على قنوت راتب والله أعلم الآثار أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا لا يقنتون في الفجر وأخرج عن علي أنه لما قنت في الصبح أنكر الناس عليه ذلك فقال إنما استنصرنا على عدونا وأخرج أيضا عن بن عباس وابن مسعود وابن عمر وابن الزبير أنهم كانوا لا يقنتون في صلاة الفجر وأخرج عن بن عمر أنه قال في قنوت الفجر ما شهدت ولا علمت انتهى وروى محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن الاسود بن يزيد أنه صحب عمر بن الخطاب سنين في السفر والحضر فلم يره قانتا في الفجر حتى فارقه قال إبراهيم وأهل الكوفة إنما أخذوا القنوت عن علي قنت يدعو على معاوية حين حاربه وأهل الشام أخذوا القنوت عن معاوية قنت يدعو على علي انتهى وأخرج البيهقي عن بن عباس قال القنوت في الصبح بدعة وضعفه ومن أحاديث الخصوم ما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه وإسحاق بن راهويه في مسنده ولفظه عن الربيع بن أنس قال قال رجل لانس بن مالك أقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعو على حي من أحياء العرب قال فزجره أنس وقال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى فارق الدنيا قال
[ 148 ]
إسحاق وقوله ثم تركه يعني ترك تسمية القوم في الدعاء انتهى ورواه الحاكم أبو عبد الله في كتاب الاربعين له وفي الخلاصة للنووي صححه الحاكم في كتاب المستدرك فليراجع وقال حديث صحيح ورواته كلهم ثقات وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه وسكت عنه قال وله شواهد عن أنس ذكرناها في السنن وقال صاحب التنقيح على التحقيق هذا الحديث أجود أحاديثهم وذكر جماعة وثقوا أبا جعفر الرازي وله طرق في كتاب القنوت لابي موسى المديني قال وإن صح فهو محمول على أنه ما زال يقنت في النوازل أو على أنه ما زال يطول في الصلاة فإن القنوت لفظ مشترك بين الطاعة والقيام والخشوع والسكوت وغير ذلك قال الله تعالى إن إبراهيم كان أمة قانتا لله وقال أمن هو قانت آناء الليل وقال ومن يقنت منكن لله وقال يا مريم اقنتي لربك وقال وقوموا لله قانتين وقال كل له قانتون وفي الحديث أفضل الصلاة طول القنوت انتهى كلامه وضعفه بن الجوزي في كتاب التحقيق وفي العلل المتناهية فقال هذا حديث لا يصح فإن أبا جعفر الرازي واسمه عيسى بن ماهان قال بن المديني كان يخلط وقال يحيى كان يخطئ وقال أحمد بن حنبل ليس بالقوي في الحديث وقال أبو زرعة كان يهم كثيرا وقال بن حبان كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير انتهى ورواه الطحاوي في شرح الآثار وسكت عنه إلا أنه قال وهو معارض بما روي عن أنس أنه عليه السلام إنما قنت شهرا يدعو على أحياء من العرب ثم تركه انتهى قلت ويعارض أيضا بما رواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ثنا شيبان بن فروخ ثنا غالب بن فرقد الطحان قال كنت عند أنس بن مالك شهرين فلم يقنت في صلاة الغداة انتهى وروى محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا محمد أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي قال لم ير النبي صلى الله عليه وسلم قانتا في الفجر حتى فارق الدنيا انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف الناس في قنوت الفجر
[ 149 ]
فذهب إليه أكثر الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الامصار إلى يومنا فروي ذلك عن الخلفاء الاربعة وغيرهم من الصحابة مثل عمار بن ياسر وأبي بن كعب وأبي موسى الاشعري وعبد الرحمن بن أبي بكر الصديق وعبد الله بن عباس وأبي هريرة والبراء بن عازب وأنس بن مالك وسهيل بن سعد الساعدي ومعاوية بن أبي سفيان وعائشة ومن المخضرمين أبو رجاء العطاردي وسويد بن غفلة وأبو عثمان النهدي وأبو رافع الصانع ومن التابعين سعيد بن المسيب والحسن ومحمد بن سيرين وأبان بن عثمان وقتادة وطاوس وعبيد بن عمير والربيع بن خيثم وأيوب السختياني وعبيدة السلماني وعروة بن الزبير وزياد بن عثمان وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعمر بن عبد العزيز وحميد الطويل وذكر جماعة من الفقهاء ثم قال وخالفهم طائفة من الفقهاء وأهل العلم فمنعوه وزعموا أنه منسوخ محتجين بأحاديث منها حديث أبي حمزة القصاب عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال لم يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا شهرا لم يقنت قبله ولا بعده وقال تابعه أبان بن أبي عياش عن إبراهيم فقال في حديثه لم يقنت في الفجر قط ورواه محمد بن جابر اليمامي عن حماد عن إبراهيم وقال في حديثه ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ من الصلوات إلا في الوتر كان إذا حارب يقنت في الصلوات كلها يدعو على المشركين ومنها حديث أم سلمة رواه محمد بن يعلى زنبور عن عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في صلاة الصبح ومنها حديث بن عمر أنه ذكر القنوت فقال إنه لبدعة ما قنت غير شهر واحد ثم تركه رواه بشر بن حرب عنه قال وأجاب القائلون به عن حديث بن مسعود بأنه معلول بأبي حمزة كان يحيى بن سعيد القطان لا يحدث عنه وقال أحمد متروك الحديث وقال بن معين ليس بشئ وقال البخاري ليس بالقوي وقال السعدي وإسحاق بن راهويه ليس بشئ وقال النسائي ليس بثقة وأبان بن أبي عياش فقد قيل فيه أكثر مما قيل في أبي حمزة ومحمد بن جابر فقد ضعفه يحيى بن معين وعمرو بن علي الفلاس وأبو حاتم وغيرهم وقد روى من عدة طرق كلها واهية لا يجوز الاحتجاج بها ومثل هذا لا يمكن أن يكون رافعا لحكم ثابت
[ 150 ]
بطرق صحاح وأما حديث أم سلمة فمعلول أيضا قال بن أبي حاتم قال أبي ويحيى بن معين كان عنبسة بن عبد الرحمن يضع الحديث وعبد الله بن نافع ضعيف جدا ضعفه بن المديني ويحيى وأبو حاتم والساجي وغيرهم وقال الدارطقني عبد الله بن نافع عن أبيه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن القنوت مرسل لان نافعا لم يلق أم سلمة ولا يصح سماعه منها ومحمد بن يعلى زنبور وعبد الله بن نافع وعنبسة كلهم ضعفاء وأما حديث بن عمر فمعلول أيضا لان بشر بن حرب ويقال له أبو عمرو الندلي مطعون فيه قال البخاري رأيت بن المديني يضعه وكان يحيى القطان لا يروي عنه وقال أحمد ليس بقوي وقال إسحاق متروك ليس بشئ وقال السعدي لا يحمل حديثه وقال النسائي وابن أبي حاتم ضعيف قالوا وعلى تقدير صحة هذا الحديث فيكون المراد بالبدعة ههنا القنوت قبل الركوع لانه روى عنه في الصحيح من طرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت بعد الركوع فدل على أنه إنما أنكر القنوت قبل الركوع أو يكون بن عمر نسي بدليل ما أخبرنا وأسند عن بن سيرين أن سعيد بن المسيب ذكر له قول بن عمر في القنوت فقال أما إنه قد قنت مع أبيه ولكنه نسي قال وروى عنه أنه كان يقول كبرنا ونسينا ائتوا سعيد بن المسيب فاسألوه قالوا وعلى تقدير صحة هذه الاخبار فهي محمولة على دعائه عليه السلام على أولئك القوم ويبقى ما عداه من الثناء والدعاء وهذا ألوى لان فيه الجمع بين الاحاديث قال والدليل على أن المراد بالنهي عن القنوت في حديث أم سلمة فإنه بدعة في حديث بن عمر القنوت قبل الركوع لا الذي بعد الركوع ما أخبرنا وأسند من طريق الطبراني ثنا إسحاق الديري ثنا عبد الرزاق عن أبي جعفر الرازي عن عاصم عن أنس قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصبح بعد الركوع يدعو على أحياء من العرب وكان قنوته قبل ذلك وبعده قبل الركوع انتهى وقال إسناده متصل ورواه ثقات وأبو جعفر الرازي قال فيه بن المديني ثقة وكذلك قال بن معين وقال أبو حاتم صدوق ثقة وقال أحمد صالح الحديث وأخرج حديثه في مسنده ثم أخرج من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الاحول عن أنس قال سألته عن القنوت أقبل الركوع أو بعده فقال قبل
[ 151 ]
الركوع قال قلت فإنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الركوع فقال كذبوا إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا يدعوا على أناس قتلوا أناسا من أصحابه يقال لهم القراء انتهى هكذا أخرجه البخاري ومسلم وفي حديثهم إنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الركوع شهرا ألا تراه فصل بين القنوت المنزول والقنوت الملزوم ثم لم يطلق اللفظ حتى أكده بقوله بعد الركوع فدل على مشروعية القنوت بعد الانتهاء عن الدعاء على الاعداء قال فإن قيل فقوله في الحديث ثم تركه ليس فيه دلالة على النسخ لانه يجوز أن يكون تركه وعاد إليه قلنا هذا مدفوع بما أخبرنا وأسند من طريق أبي يعلى الموصلي بسنده عن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن الحارث عن عبد الله بن كعب عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركعة الاخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده يدعو للمؤمنين ويلعن الكفار من قريش فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ فما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أحد بعد انتهى وقال حديث غريب من هذا الوجه ويؤكده ما أخرجه البخاري ومسلم عن سعيد وأبي سملة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدعو على أحد أو لاحد قنت بعد الركوع وربما قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد اللهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام والمستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف يجهر بذلك حتى كان يقول في بعض صلاة الفجر اللهم العن فلانا وفلانا لاحياء من العرب حتى أنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم الآية قال وأخرج أبو داود في المراسيل عن معاوية بن صالح عن عبد القاهر عن خالد بن أبي عمران قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على مضر إذ جاءه جبريل عليه السلام فأومأ إليه أن اسكن فسكت فقال يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك رحمة ليس لك من الامر شئ الآية ثم علمه القنوت اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يكفرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ونرجوا رحمتك ونخاف عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق انتهى ثم ساق من طريق الدارقطني حدثنا أبو بكر النيسابوري ثنا أحمد بن يوسف السلمي ثنا عبيد الله بن موسى ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت
[ 152 ]
شهرا يدعو عليهم ثم ترك وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا انتهى قال فهذه الاخبار كلها دالة على أن المتروك هو الدعاء على الكفار والله أعلم انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق أحاديث الشافعية على أربعة أقسام منها ما هو مطلق وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت وهذا لا نزاع فيه لانه ثبت أنه قنت والثاني مقيد بأنه قنت في صلاة الصبح فيحمله على فعله شهرا بأدلتنا الثالث ما روى عن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح والمغرب رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأحمد وقال أحمد لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قنت في المغرب إلا في هذا الحديث والرابع ما هو صريح في حجتهم نحو ما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ومن طريق عبد الرزاق رواه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه قال وقد أورد الخطيب في كتابه الذي صنفه في القنوت أحاديث أظهر فيها تعصبه فمنها ما أخرجه عن دينار بن عبد الله خادم أنس بن مالك عن أنس قال ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في صلاة الصبح حتى مات انتهى قال وسكوته عن القدح في هذا الحديث واحتجاجه به وقاحة عظيمة وعصبية بادرة وقلة دين لانه يعلم أنه باطل قال بن حبان دينار يروي عن أنس آثارا موضوعة لا يحل ذكرها في الكتب إلا على سبيل القدح فيه فواعجبا للخطيب أما سمع في الصحيح من حدث عني حديثا وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين وهل مثله إلا كمثل من أنفق نبهرجا ودلسه فإن أكثر الناس لا يعرفون الصحيح من السقيم وإنما يظهر ذلك للنقاد فإذا أورد الحديث محدث واحتج به حافظ لم يقع في النفوس إلا أنه صحيح ولكن عصبية ومن نظر في كتابه الذي صنفه في القنوت وكتابه الذي صنفه في الجهر ومسألة الغيم واحتجاجه بالاحاديث التي يعلم بطلانها اطلع على فرط عصبيته وقلة دينه ثم ذكر له أحاديث أخرى كلها عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنت في الصبح حتى مات وطعن في أسانيد ها حديث في الصلاة بعد الوتر أخرجه مسلم عن عائشة في حديث طويل قالت كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيهن إلا في الثامنة فيذكر الله ويمجده ويدعوه ثم
[ 153 ]
يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد وفي لفظ كان يصلي ثمان ركعات ثم يوتر ثم يصلي ركعتين وهو جالس فإذا أراد أن يركع قام فركع قال النووي في الخلاصة ورويت صلاة الركعتين بعد الوتر عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أمامة وأنس وأم سلمة وثوبان ومعظمها ضعيف وحديث عائشة محمول على أنه عليه السلام فعله مرة أو مرات لبيان الجواز فإن الروايات الصحيحه عن عائشة وخلائق من الصحابة أن آخر صلاته في الليل كان وترا مع حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجعلوا آخر صلاتكم الليل وترا متفق عليه والله أعلم انتهى كلامه باب النوافل الحديث السابع بعد المائة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة في اليوم والليلة بنى الله له بيتا في الجنة وفسرها المصنف وقال إنها مفسرة في الحديث على نحو ما ذكر وهي ركعتان قبل الفجر وأربع قبل الظهر وبعدها ركعتان وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين وركعتان بعد المغرب وأربع قبل العشاء وأربع بعدها وإن شاء ركعتين ثم قال غير أنه لم يذكر الاربع قبل العصر في الحديث فلهذا سماه في الاصل حسنا وخير لاختلاف الآثار والافضل هو
[ 154 ]
الاربع ولم يذكر الاربع قبل العشاء ولهذا كان مستحبا لعدم المواظبة وذكر فيه ركعتين بعد العشاء وفي غير ذكر الاربع فلهذا خير إلا أن الاربع أفضل خصوصا عند أبي حنيفة قلت روى الجماعة إلا البخاري من حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد مسلم يصلي لله في كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا من غير الفريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة انتهى لمسلم وأبي داود وابن ماجة وزاد الترمذي والنسائي أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الغداة انتهى وللنسائي في رواية وركعتين قبل العصر يدل وركعتين بعد العشاء وكذلك عند بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الاول رواه عن بن خزيمة بسنده وكذلك رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه انتهى وجمع الحاكم في لفظ بين الروايتين فقال فيه وركعتين قبل العصر وركعتين بعد العشاء وكذلك عند الطبراني في معجمه حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن المغيرة بن زياد عن عطاء عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثابر على ثنتي عشرة ركعة من السنة بنى الله له بيتا في الجنة أربع ركعات قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الفجر انتهى قال الترمذي حديث غريب من هذا الوجه ومغيرة بن زياد قد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه انتهى حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن محمد بن سليمان الاصبهاني عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى في يوم اثنتي عشرة ركعة بنى له بيت في الجنة ركعتين قبل الفجر وأربعا قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين قبل العصر وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء انتهى وضعف محمد بن سليمان هذا وقال إنه مضطرب الحديث انتهى فصح قول المصنف إنه لم يذكر في الحديث الاربع قبل العصر وقوله
[ 155 ]
وخير لاختلاف الآثار يعني خير بين أن يصلي أربعا أو ركعتين لان الآثار اختلفت في ذلك فأخرج أبو داود والترمذي عن أبي المثنى عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله امرء صلى قبل العصر أربعا انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب ورواه أحمد في مسنده وابن خزيمة ثم بن حبان في صحيحهما قال بن حبان والمراد أنها بتسليمتين لما جاء في خبر يعلى بن عطاء عن علي بن عبد الله الازدي عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى كلامه وقد تقدم للنسائي وابن حبان والحاكم في حديث أم حبيبة وركعتين قبل العصر وأخرج أبو داود عن عاصم بن ضمرة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل العصر ركعتين انتهى ورواه الترمذي وأحمد وقالا أربعا عوض ركعتين وقال الترمذي حديث حسن واختار إسحاق بن إبراهيم أن لا يفصل في الاربع قبل العصر واحتج بهذا الحديث وقال يعني قوله يفصل التسليم على الملائكة يعني التشهد انتهى كلامه وهذا يرد قول بن حبان إنها بتسليمتين وأعاده الترمذي في آخر الصلاة في باب تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار وزاد فيها يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين والمرسلين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين انتهى وقال حديث حسن وروى عن بن المبارك أنه ضعف هذا الحديث وإنما ضعفه والله أعلم من أجل عاصم بن ضمرة وعاصم بن ضمرة ثقة عند بعض أهل الحديث قال علي بن المديني قال يحيى بن سعيد القطان قال سفيان كنا نعرف فضل حديث عاصم بن ضمرة على حديث الحارث انتهى كلامه وفي عاصم مقال وصح قوله أيضا وذكر فيه ركعتين بعد العشاء وقوله وفي غيره ذكر الاربع عزى إلى سنن سعيد بن منصور من حديث البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى قبل الظهر أربعا كان كأنما تهجد من ليلته ومن صلاهن بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر ورواه البيهقي من قول عائشة قالت من صلى أربعا بعد العشاء كان كمثلهن من ليلة القدر وأخرج النسائي والدارقطني من قول
[ 156 ]
كعب وروى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على أثر كل صلاة ركعتين إلى الفجر والعصر انتهى ورواه الدارقطني في كتاب العلل من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن علي فذكره أحاديث النافلة قبل المغرب لاصحابنا في تركها أحاديث منها ما أخرجه أبو داود عن طاوس قال سئل بن عمر عن الركعتين قبل المغرب فقال ما رأيت أحدا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليها ورخص في الركعتين بعد العصر انتهى سكت عنه أبو داود ثم المنذري في مختصره فهو صحيح عندهما قال النووي في الخلاصة إسناده حسن قال وأجاب العلماء عنه بأنه نفى فتقدم رواية المثبت ولكونها أصح وأكثر رواة ولما معهم من علم ما لم يعلمه بن عمر انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن حيان بن عبيد الله العدوي ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عند كل أذانين ركعتين ما خلا المغرب انتهى ورواه البزار في مسنده وقال لا نعلم رواه عن بن بريدة إلا حيان بن عبيد الله وهو رجل مشهور من أهل البصرة لا بأس به انتهى كلامه وقال البيهقي في المرعفة أخطا فيه حيان بن عبيد الله في الاسناد والمتن جميعا أما السند فأخرجاه في الصحيحين عن سعيد الجريري وكهمس عن عبد الله بن بريدة عن عبيد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين كل أذانين صلاة قال في الثالثة لمن شاء وأما المتن فكيف يكون صحيحا وفي رواية بن المبارك عن كهمس في هذا الحديث قال وكان بن بريدة يصلي قبل المغرب ركعتين وفي رواية حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل قال قال
[ 157 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا قبل المغرب ركعتين وقال في الثالثة لمن شاء خشية أن يتخذها الناس سنة رواه البخاري في صحيحه انتهى وذكر بن الجوزي هذا الحديث في الموضوعات ونقل عن الفلاس أنه قال كان حيان هذا كذابا انتهى بسم الله الرحمن الرحيم حديث آخر رواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا يحيى بن صاعد ثنا محمد بن منصور المكي ثنا يحيى بن أبي الحجاج ثنا عيسى بن سنان عن رجاء بن حيوة عن جابر قال سألنا نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيتن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين قبل المغرب فقلن لا غير أن أم سلمة قالت صلاهما عندي مرة فسألته ما هذه الصلاة فقال نسيت الركعتين قبل العصر فصليتهما الآن انتهى حديث آخر معضل رواه محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا حماد بن أبي سليمان أنه سأل إبراهيم النخعي عن الصلاة قبل المغرب قال فنهاه عنها وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر لم يكونوا يصلونها انتهى أحاديث الخصوم أخرج الائمة الستة في كتبهم عن عبد الله بن مغفل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كل أذانين صلاة قال في الثالثة لمن شاء انتهى وفى لفظ للبخاري قال صلوا قبل المغرب ثم قال صلوا قبل المغرب قال في الثالثة لمن شاء كراهية أن يتخذها الناس سنة انتهى ذكره في كتاب الاعتصام وفي لفظ أبي داود قال صلوا قبل المغرب ركعتين وزاد فيه بن حبان في صحيحه وأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل المغرب ركعتين حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال كان المؤذن إذا أذن لصلاة المغرب قام ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يبتدرون السواري فيركعون ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما انتهى وفي لفظ لمسلم عنه قال كنا نصلي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب فقلت أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 158 ]
يصليهما قال كان يرانا نصليهما فلم يأمرنا ولم ينهانا انتهى حديث آخر أخرجه البخاري عن مرثد بن عبد الله اليزني قال أتيت عقبة بن عامر فقلت ألا أعجبك من أبي تميم ركع ركعتين قبل صلاة المغرب فقال عقبة إنا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت فما يمنعك الآن قال الشغل انتهى وروى البزار في مسنده حديث أنس وقال لا نعلم هذه الرواية إلا عن أنس وقد رويت عنه من وجوه وعارضها حديث بريدة أنه عليه السلام قال بين كل أذانين صلاة إلا المغرب انتهى والخصوم يجيبون بأن رواية المثبت مقدمة على الثاني مع أن رواية الاثبات أصح والله أعلم حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني والتسعين من القسم الاول عن سليم بن عامر عن عبد الله بن الزبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان انتهى الحديث الثامن بعد المائة قال المصنف والاربع قبل الظهر بتسليمة واحدة كذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه أبو داود في سننه والترمذي في الشمائل عن عبيدة عن إبراهيم عن سهم بن منجاب عن قرثع عن أبي أيوب الانصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم يفتح لهن أبوا ب السماء انتهى ورواه بن ماجة في سننه بلفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل الظهر أربعا إذا زالت الشمس لا يفصل بينهن بتسليم وقال أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس انتهى وضعفه أبو داود وقال عبيدة بن معتب الضبي ضعيف انتهى وأطلق المنذري عزوه إلى الترمذي في مختصره وكان عليه أن يقيده بالشمائل ورواه أحمد في مسنده حدثنا أبو معاوية ثنا عبيدة به وفي لفظه قلت يا رسول الله
[ 159 ]
أفيهن تسليم فاصل قال لا وهذا هو لفظ الترمذي في الشمائل طريق آخر له رواه محمد بن الحسن في موطئه حدثنا بكير بن عامر البجلي عن إبراهيم والشعبي عن أبي أيوب الانصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي قبل صلاة الظهر أربعا إذا زالت الشمس فسأله أبو أيوب الانصاري عن ذلك فقال إن أبواب السماء تفتح في هذه الساعة فأحب أن يصعد لي في تلك الساعة خير قلت أفي كلهن قراءة قال نعم قلت أتفصل بينهن بسلام فقال لا انتهى قال صاحب التنقيح وروى بن خزيمة هذا الحديث في مختصر المختصر وضعفه فقال وعبيدة بن معتب ليس ممن يجوز الاحتجاج بخبره وحدثنا أبو موسى ثنا أبو أحمد ثنا شريك عن الاعمش عن المسيب بن رافع عن علي بن الصلت عن أبي أيوب فذكره وليس فيه لا يسلم بينهن انتهى وتكلم الدارقطني في علله وذكر الاختلاف فيه ثم قال وقول أبي معاوية أشبه بالصواب انتهى وحديث أبي معاوية عند الترمذي وأحمد كما تقدم الحديث التاسع بعد المائة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن لم يزد على ثمان ركعات بتسليمة واحدة قلت غريب وفي صحيح مسلم خلافه أخرجه من حديث عائشة في حديث طويل قالت كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم
[ 160 ]
يقعد فيذكر الله تعالى ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسلميا يسمعنا مختصر وهو في غير مسلم كان يوتر بتسع ركعات الحديث العاشر بعد المائة قال عليه السلام صلاة الليل والنهار مثنى مثنى قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة أما حديث بن عمر فأخرجه أصحاب السنن الاربعة عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن علي بن عبد الله الازدي عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى وسكت عنه الترمذي إلا أنه قال اختلف أصحاب شعبة فيه فرفعه بعضهم ووقفه بعضهم ورواه الثقات عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكروا فيه صلاة النهار انتهى وقال النسائي هذا الحديث عندي خطأ وقال في سننه الكبرى إسناده جيد إلا أن جماعة من أصحاب بن عمر خالفوا الازدي فيه فلم يذكروا فيه النهار منهم سالم ونافع وطاوس ثم ساق رواية الثلاثة انتهى والحديث في الصحيحين من حديث جماعة عن بن عمر ليس فيه ذكر النهار ورواه بن خزيمة ثم بن حبان في صحيحيهما ذكره بن حبان في ثلاثة مواضع من صحيحه أحدها في النوع السابع والستين من القسم الاول محتجا به في حديث من صلى الجمعة فليصل بعدها أربعا انها في تسليمتين ثم أورد على نفسه ما أخرجه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان منكم مصليا يوم الجمعة فليصل أربعا فإن كان له شغل فركعتين في المسجد وركعتين في بيته ثم أجاب بأن قوله فإن كان له شغل إلى آخره مدرج من كلام الراوي ثم ساقه من طريق آخر ففصله من الحديث وأسند البيهقي في المعرفة عن أبي أحمد بن فارس قال سئل أبو عبد الله البخاري عن حديث يعلى بن عطاء هذا صحيح هو فقال نعم انتهى
[ 161 ]
طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه الاوسط والصغير عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني ثنا عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر مرفوعا نحوه وقال لم يروه عن العمري إلا الحنيني انتهى وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن إسحاق الحنيني عن مالك عن نافع به وقال تفرد به الحنيني عن مالك انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن ليث بن سعد عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الاشج عن عبد الله بن أبي سلمة عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى طريق آخر رواه الحاكم أبو عبد الله في كتابه في علوم الحديث حدثنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمدان ثنا أبو حاتم الرازي ثنا نصر بن علي ثنا أبي عن بن عون عن محمد بن سيرين عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى وقال رجاله ثقات إلا أن فيه علة يطول بذكرها الكلام انتهى وأما حديث عائشة فأخرجه الحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان عن أبي هاشم محبوب بن مسعود البصري البجلي ثنا عمار بن عطية عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول صلى الله عليه وسلم صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى وأما حديث أبي هريرة فرواه إبراهيم الحربي في غريب الحديث حدثنا نصر بن علي ثنا أبي عن بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الليل والنهار مثنى مثنى انتهى وللشافعي أيضا في أن الافضل في التطوع أن يسلم من كل ركعتين ما أخرجاه في الصحيحين عن نافع عن بن عمر قال قال رجل يا رسول الله كيف تأمرنا أن نصلي من الليل قال يصلي أحدكم مثنى مثنى فإذا خشي الصبح صلى واحدة فأوترت له ما صلى من الليل انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي والنسائي عن بن المبارك ثنا الليث بن سعد ثنا عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع عن ربيعة بن الحارث عن
[ 162 ]
الفضل بن العباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة مثنى مثنى تشهد في كل ركعتين انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن شعبة قال سمعت عبد ربه بن سعيد يحدث عن أنس بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن عبد الله بن الحارث عن المطلب بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فذكره ونقل الترمذي عن البخاري أن شعبة أخطأ في سند هذا الحديث في مواضع وحديث الليث أصح من حديث شعبة انتهى الحديث الحادي عشر بعد المائة روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العشاء أربعا قلت قال شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره هذا الحديث لم أجده وهذا من أعجب العجاب فقد رواه أبو داود في سننه من حديث زرارة بن أوفى عن عائشة أنها سئلت عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جوف الليل فقالت كان يصلي صلاة العشاء في جماعة ثم يرجع إلى أهله فيركع أربع ركعات ثم يأوي إلى فراشه الحديث بطوله وفي آخره حتى قبض على ذلك قال أبو داود في سماع زرارة من عائشة نظر ثم أخرجه عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة قال وهذه الرواية هي المحفوظة عندي فإن أبا حاتم الرازي قال سمع زرارة من أبي هريرة وابن عباس وعمران بن حصين وهذا ما صح له فظاهر هذا أن زرارة لم يسمع من عائشة والله أعلم وأخرجه أبو داود والنسائي في سننه الكبرى عن شريح بن هانئ عن عائشة قال سألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء قط فدخل علي إلا صلى بعدها أربع ركعات أو ستا وسكت عنه حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي عن عبد الرحمن بن أبي الموالي أخبرني نافع بن ثابت عن عبد الله بن الزبير قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى العشاء ركع أربع ركعات وأوتر بسجدة ثم نام حتى يصلي
[ 163 ]
بعدها صلاته من الليل انتهى وكذلك رواه البزار في مسنده والطبراني في معجمه قال البزار لا نعلم أحدا يرويه بهذا اللفظ إلا بن الزبير ولا نعلم له طريقا أحسن من هذه الطريق انتهى حديث آخر رواه البخاري في صحيحه لكن ليس فيه كان المقتضية للدوام فلذلك أخرناه أخرجه في كتاب العلم في باب السمر في العلم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم عندها في ليلتها فصلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ثم نام ثم قام فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ثم خرج إلى الصلاة حديث عن عائشة مخالف لحديثها المتقدم أخرجه مسلم عن عبد الله بن شقيق عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في بيتي قبل الظهر أربعا ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يدخل فيصلي ركعتين وكان يصلي بالناس المغرب ثم يدخل فيصلي ركعتين ويصلي بالناس العشاء ويدخل بيتي فيصلي ركعتين انتهى الحديث الثاني عشر بعد المائة روى أنه عليه السلام كان يواظب على الاربع في الضحى قلت رواه مسلم في صحيحه من حديث معاذة أنها سألت عائشة كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت أربع ركعات ويزد ما شاء الله انتهى وفي رواية ويزيد ما شاء انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا شيبان بن فروخ ثنا طبيب بن سلمان قال قالت عمرة سمعت أم المؤمنين
[ 164 ]
عائشة تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربع ركعات لا يفصل بينهن بكلام انتهى وتكلم الناس في الجمع بين هذا وما أخرجه البخاري عن عروة عن عائشة قالت أن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم وما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبحة الضحى قط وإني لاسبحها انتهى وما أخرجه مسلم عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى قالت لا إلا أن يجئ من مغيبه انتهى فقال المنذري في حواشيه يحتمل أنها أخبرت في الانكار عن رؤيتها ومشاهدتها وفي الآخر بغير المشاهدة إما من خبره عليه السلام أو خبر غيره عنه وقد يكون إنكارها أي مواظبا عليها ومعلنا بها وقد يكون الانكار إنما هو لصلاة الضحى المعهودة عند الناس على الذي اختاره جماعة من السلف من صلاتها ثمان ركعات وأنه عليه السلام كان يصليها أربعا ويزيد ما شاء فيصليها مرة أربعا ومرة ستا ومرة ثمانية وأقلها ركعتان وقد رأى جماعة أن يصلى في وقت دون وقت ليخالف بينها وبين الفرائض انتهى الحديث الثالث عشر بعد المائة قال عليه السلام لا صلاة إلا بقراءة قلت أخرجه مسلم عن عطاء بن رباح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة إلا بقراءة قال أبو هريرة فما أعلن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلناه وما أخفاه أخفيناه لكم
[ 165 ]
انتهى والمصنف استدل به للشافعي على وجوب القراءة في كل ركعة ونحن نقول بوجوبها في الركعتين الاوليين وليس الحديث بصريح فيه وأصرح منه حديث المسئ صلاته أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة وفيه أنه عليه السلام قال له إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن وفي آخره ثم افعل ذلك في صلاتك كلها وحديث رفاعة بن رافع أيضا كما رواه أحمد في مسنده وفيه أنه عليه السلام قال له إذا استقبلت الصلاة فكبر ثم اقرأ بأم القرآن ثم اقرأ بما شئت وفي آخره ثم اصنع ذلك في كل ركعة وسجدة وقد ذكرناه بتمامه في حديث لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها وهو في السنن الاربعة ليس فيه ثم اصنع ذلك في كل ركعة والله أعلم قوله وهو مخير في الاخريين إن شاء قرأ وإن شاء سبح وإن شاء سكت هو المأثور عن علي وابن مسعود وعائشة قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه عن شريك عن أبي إسحاق السبيعي عن علي وابن مسعود قالا اقرأ في الاوليين وسبح في الاخريين وفيه انقطاع وهو عن عائشة غريب الحديث الرابع عشر بعد المائة روى أنه عليه السلام داوم على ذلك يعني
[ 166 ]
القراءة في الاخريين قلت يشهد له حديث أبي قتادة رواه الجماعة إلا الترمذي
[ 167 ]
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الركعتين الاوليين بفاتحة الكتاب وسورتين وفي الركعتين الاخريين بفاتحة الكتاب ويطيل في الركعة الاولى ما لا يطيل في الثانية وكذلك في العصر وهكذا في الصبح انتهى صلى الله عليه وسلم الحديث الخامس عشر بعد المائة قال عليه السلام لا يصلي بعد صلاة مثلها
[ 168 ]
قلت غريب مرفوعا ووقفه بن أبي شيبة في مصنفه على عمر بن الخطاب وابن مسعود فقال حدثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم قال قال عمر لا يصلي بعد صلاة مثلها انتهى حدثنا عبد الله بن إدريس عن حصين عن إبراهيم والشعبي قال قال عبد الله لا يصلي على إثر صلاة مثلها انتهى أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار قال أتيت بن عمر على البلاط وهم يصلون قلت ألا تصلي معهم قال قد صليت إني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلوا صلاة في يوم مرتين انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والسبعين من القسم الثاني ولفظه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن نعيد صلاة في يوم مرتين قال بن حبان وعمرو بن شعيب في نفسه ثقة يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه فأما روايته عن أبيه عن جده فلا تخلو من انقطاع وإرسال فلذلك لم يحتج بشئ منها انتهى قيل ورواه بن خزيمة في صحيحه قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح قال ومعناه كما قاله أصحابنا أي لا تجب الصلاة في اليوم مرتين وإنما لم يعد ها بن عمر لانه كان صلاها في جماعة انتهى كلامه قال البيهقي في المعرفة قال مالك ثنا نافع أن رجلا سأل عبد الله بن عمر فقال إني أصلي في بيتي ثم أدرك الصلاة مع الامام أفأصلي معه فقال بن عمر نعم قال فأيتهما أجعل صلاتي فقال بن عمر ليس ذلك إليك إنما ذلك إلى الله يجعل أيهما شاء انتهى رواه في الموطأ قال وهذا من بن عمر دليل على أن الذي روى عن عمرو بن شعيب عن سليمان بن يسار عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة مكتوبة في يوم مرتين إنما أراد به كلتاهما على وجه الفرض أو إذا صلى في جماعة فلا يعيدها أخرى ثم أسند عن أبي المتوكل الناجي ثنا أبو سعيد الخدري قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فدخل رجل فقال يصلي الظهر فقال ألا رجل يتصدق على هذا فيصلي معه قال وروينا عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا في هذا الخبر فقام أبو
[ 169 ]
بكر فصلى معه وقد كان صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم وروينا عن أبي موسى الاشعري وأنس بن مالك أنهما فعلا وكانا قد صليا بالجماعة قال البيهقي ودعوى من ادعى نسخ هذه الاخبار باطلة لا يشهد بها له تاريخ ولا سبب وإذا أمكن الجمع بين الاخبار فهو أولى والله أعلم أحاديث إعادة الفريضة لاجل الجماعة أخرج مسلم عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف أنت إذا كان عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها قلت فما تأمرني قال صل الصلاة لوقتها فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة انتهى وفي لفظ يؤخرون الصلاة لم يقل عن وقتها وفي لفظ ولا تقل إني قد صليت فلا أصلي وفي لفظ صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة وأخرج أيضا عن بن مسعود عنه عليه السلام قال إنه سيكون عليكم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها فإذا رأيتموهم قد فعلوا ذلك فصلوا الصلاة لميقاتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحة مختصر من حديث التطبيق قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين لم يخرج البخاري في هذا الباب شيئا انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن يزيد بن الاسود رضي الله عنه قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد الخيف فلما قضى صلاته إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه فقال علي بهما فجئ بهما ترعد فرائصهما قال ما منعكما أن تصليا معنا قالا يا رسول الله إنا كنا صلينا في رحالنا قال فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وفي رواية للدارقطني والبيهقي وليجعل التي صلاها في بيته نافلة وقالا إنها رواية ضعيفة شاذة مردودة لمخالفتها الثقات حديث آخر رواه أبو داود حدثنا قتيبة عن معن بن عيسى عن سعيد بن السائب
[ 170 ]
عن نوح بن صعصعة عن يزيد بن عامر السوائي بمعناه وقال في آخره إذا جئت الصلاة فوجدت الناس فصل معهم وإن كنت صليت تكن لك نافلة وهذه مكتوبة قال النووي في الخلاصة إسناده ضعيف انتهى الحديث السادس عشر بعد المائة قال النبي صلى الله عليه وسلم صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم قلت أخرجه الجماعة إلا مسلما عن عمران بن حصين قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الرجل قاعدا فقال من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد انتهى قال النووي في الخلاصة قال العلماء هذا في صلاة النافلة وأما الفرض فلا يجوز القعود فيه مع القدرة على القيام بالاجماع فإن عجز لم ينقص ثوابه انتهى قلت يدل عليه ما أخرجه البخاري في الجهاد عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا انتهى ذكره في باب ما يكتب للمسافر ما كان يعمل في الاقامة وأخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة
[ 171 ]
الرجل قاعدا نصف الصلاة قال فأتيته فوجدته جالسا فوضعت يدي على رأسه فقال مالك يا عبد الله قال حدثت يا رسول الله أنك قلت صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة وأنت تصلي قاعدا قال أجل ولكني لست كأحد منكم انتهى قال النووي أي ثوابي في النفل قاعدا كثوابي قائما هكذا قاله أصحابنا انتهى الحديث السابع عشر بعد المائة روى بن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر يومئ إيماء قلت أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي عن عمر بن يحيى المازني عن سعيد بن يسار عن عبد الله بن عمر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو متوجه إلى خيبر انتهى قال النسائي عمرو بن يحيى لا يتابع على قوله على حمار وإنما هو على راحلته انتهى
[ 172 ]
قيل وقد غلط الدارقطني وغيره عمرو بن يحيى في ذلك والمعروف على راحلته وعلى البعير انتهى وقوله يومئ إيماء ليس في الحديث وشيخنا علاء الدين ذكر فيه يومئ برأسه وعزاه للصحيحين ولم أجد لفظ الايماء إلا عند البخاري مع أن الشيخ في الامام وعزاه للصحيحين عن سالم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه يومئ برأسه فلينظر وذكره النووي في الخلاصة بهذا اللفظ وقال أخرجاه واللفظ للبخاري انتهى وقال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين تفرد البخاري بذكر الايماء فيه لكن أخرج البخاري عن عمرو بن دينار قال رأيت عبد الله بن عمر يصلي في السفر على راحلته أينما توجهت يومئ وذكر عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله انتهى وأخرج هو ومسلم واللفظ للبخاري عن عامر بن ربيعة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الراحلة يسبح يومئ برأسه قبل أي وجه توجه ولم يكن يصنع ذلك في المكتوبة انتهى قال المنذري في مختصره وقد أخرجه مسلم من فعل أنس بن مالك قلت هذا تقصيره منه فقد أخرجه البخاري في صلاة المسافر بلفظ مسلم كلاهما عن أنس بن سيرين قال استقبلنا أنس بن مالك حين قدم من الشام فلقيناه بعين التمر فرأيته يصلي على حمار ووجهه من ذا الجانب يعني عن يسار القبلة فقلت رأيتك تصلي لغير القبلة فقال لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله لم أفعله انتهى وأخرجه الدارقطني في غرائب مالك عن مالك عن الزهري عن أنس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوجه إلى خيبر على حمار يصلي يومئ إيماء انتهى وسكت عنه وهذا لفظ الكتاب وأخرج بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الرابع عن أبي الزبير عن جابر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي النوافل على راحلته في كل وجه يومئ إيماء ولكنه يخفض السجدتين من الركعتين انتهى وأخرجه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح عن جابر قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يصلي على راحلته نحو المشرق السجود أخفض من الركوع انتهى وأخرجه البخاري عن جابر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على راحتله حيث توجهت به فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة انتهى
[ 173 ]
فصل في قيام شهر رمضان قوله روى أن الخلفاء الراشدين واظبوا عليها يعني التراويح الحديث الثامن عشر بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بين العذر في ترك المواظبة على التراويح وهو خشية أن تكتب علينا قلت أخرجه البخاري ومسلم في التهجد عن عروة بن الزبير عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في المسجد فصلى بصلاته ناس ثم صلى من القابلة فكثر الناس ثم اجتمعوا من الليلة الثالثة فلم يخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أصبح قال قد رأيت الذي صنعتم فلم يمنعني من الخروج إليكم إلا أني خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل وذلك في رمضان انتهى وفي لفظ لهما ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل وذلك في رمضان وزاد البخاري فيه في كتاب الصيام فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والامر على ذلك انتهى وعند بن حبان في صحيحه عن جابر بن عبد الله أنه عليه السلام قام بهم في رمضان فصلى
[ 174 ]
ثمان ركعات وأوتر ثم انتظروه من القابلة فلم يخرج إليهم فسألوه فقال خشيت أن يكتب عليكم الوتر انتهى وقد تقدم في الوتر وعن بن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القارئ أنه قال خرجت مع عمر بن الخطاب ليلة في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع متفرقون يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط فقال عمر إني أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل ثم عزم فجمعهم على أبي بن كعب ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم فقال عمر نعمت البدعة هذه والتي ينامون عنها أفضل عن التي يقومون يريد أخر الليل وكان الناس يقومون أوله انتهى وهذا يدل على أنها تركت إلى زمان عمر بدليل أن عمر جمع الناس على أبي بن كعب والله أعلم رواه البخاري أيضا وعن أبي ذر نحوه رواه أصحاب السنن وحسنه الترمذي وصححه وعن النعمان بن بشير نحوه رواه النسائي قال النووي في الخلاصة بإسناد حسن أحاديث العشرين ركعة روى بن أبي شيبة في مصنفه والطبراني في معجمه وعنه البيهقي من حديث إبراهيم بن عثمان أبي شيبة عن الحكم عن مقسم عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان عشرين ركعة سوى الوتر انتهى ورواه الفقيه أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي في كتاب الترغيب فقال ويوتر بثلاث وهو معلول بأبي شيبة إبراهيم بن عثمان جد الامام أبي بكر بن أبي شيبة وهو متفق على ضعفه ولينه بن عدي في الكامل ثم إنه مخالف للحديث الصحيح عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان قالت ما كان يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثا قالت عائشة فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن
[ 175 ]
توتر قال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي انتهى أخرجه البخاري ومسلم في التهجد وفي لفظ لهما كان يصلي من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع ركعتي الفجر فتلك ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر ووقع في رواية للبخاري عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلي إذا سمع النداء بالصبح ركعتين خفيفتين انتهى قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين هكذا في هذه الرواية وبقية الروايات عند البخاري ومسلم أن الجملة ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر حديث آخر موقوف رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو طاهر الفقيه ثنا أبو عثمان البصري ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الوهاب ثنا خالد بن مخلد ثنا محمد بن جعفر حدثني يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد قال كنا نقوم في زمن عمر بن الخطاب بعشرين ركعة والوتر انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح وكأنه ذكره من جهة السنن لا من جهة المعرفة فإنه ذكره بزيادة حديث آخر رواه مالك في الموطأ عن يزيد بن رومان قال كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب في رمضان بثلاث وعشرين ركعة انتهى ومن طريق مالك رواه البيهقي في المعرفة بسنده ومتنه وفي رواية في الموطأ بإحدى عشرة ركعة قال البيهقي ويجمع بين الروايتين بأنهم قاموا بإحدى عشرة ثم قاموا العشرين وأوتروا بثلاث قال ويزيد بن رومان لم يدرك عمر انتهى قوله لان أفراد الصحابة رضي الله عنهم روي عنهم التخلف يعني عن التراويح ذكر أن الطحاوي رواه عن بن عمر وعروة وغيرهما قال الطحاوي ثنا فهد ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر أنه كان لا يصلي خلف الامام في شهر رمضان ثنا يونس وفهد ثنا عبد الله بن يوسف ثنا بن لهيعة عن أبي الاسود عن عروة أنه كان يصلي مع الناس في رمضان ثم ينصرف إلى منزله فلا
[ 176 ]
يقوم مع الناس ثنا يونس ثنا أنس عن عبيد الله بن عمر قال رأيت أبي وسالما ونافعا ينصرفون من المسجد في رمضان ولا يقومون مع الناس قوله والمستحب في الجلوس بين الترويحتين مقدار الترويحة وكذا بين الخامسة وبين الوتر لعادة أهل الحرمين قوله ولا يصلى الوتر جماعة في غير شهر رمضان عليه الاجماع باب إدراك الفريضة
[ 177 ]
الحديث التاسع عشر بعد المائة قال عليه السلام لا يخرج من المسجد بعد النداء إلا منافق أو رجل يخرج لحاجة يريد الرجوع قلت رواه بن ماجة في سننه بمعناه حدثنا حرملة بن يحيى ثنا بن وهب أخبرنا عبد الجبار بن عمر عن بن أبي فروة عن محمد بن يوسف مولى عثمان بن عفان عن أبيه عن عثمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك الاذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجة وهو
[ 178 ]
لا يريد الرجوع فهو منافق انتهى وأخرج أبو داود في المراسيل عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يخرج من المسجد أحد بعد النداء إلا منافق إلا أحد أخرجته حاجة وهو يريد الرجوع انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن عيينة حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن بن المسيب فذكروه وأخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي الشعثاء قال كنا مع أبي هريرة في المسجد فخرج رجل حين أذن المؤذن للعصر فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم انتهى وهذا الحديث موقوف عند بعضهم وقال أبو عمر بن عبد البر إنه مسند وكذلك نظائره لحديث أبي هريرة من لم يجب الدعوة فقد عصى أبا القاسم وقال لا تختلفون في ذلك ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وزاد فيه أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن فلا تخرجوا حتى تصلوا انتهى الحديث العشرون بعد المائة حديث الوعيد بترك الجماعة قلت كأنه يشير إلى حديث الجماعة من سنن الهدى لا يتخلف عنها إلا منافق وقد تقدم في باب الامامة مع غيره
[ 179 ]
الحديث الحادي والعشرون بعد المائة قال المصنف والافضل في عامة السنن والنوافل المنزل هو المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أخرجه البخاري ومسلم عن بسر بن سعيد عن زيد بن ثابت قال احتجر رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد حجرة من حصيرة في رمضان فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالي حتى اجتمع إليه أناس وجاءوا يصلون بصلاته ثم جاءوا ليلة فحضروا وأبطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخرج إليهم فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم ما زال بكم صنيعكم وفي آخره فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي والترمذي مختصرا فلفظ أبو داود صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة انتهى ولفظ الآخرين أفضل صلاتكم في بيوتكم إلا المكتوبة انتهى قال بن دحية في العلم المشهور وقد استدل من يرى صلاة التراويح في البيوت وأنها لا تقام جماعة بهذا الحديث وأخذ الجمهور بحديث عمر أنه جمع الناس على أبي بن كعب وبحديث أبي ذر أن الرجل إذا قام مع الامام حتى ينصرف حسب له قيام ليلة قال فالحديث ضعيف وإن كان بن حبان رواه في صحيحه صحح فيه من سقيم ومرض من صحيح انتهى وحديث أبي ذر هذا أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن جبير بن نفير عنه وصححه الترمذي وحسنه وينظر الصحيحان فائدة قد يعارض هذا الحديث بحديث صلاة في مسجدي هذا أفضل من صلاة مفروضة في غير مسجدي هذا يدل على لفظ أبي داود المتقدم صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا ونظير هذا حديث عمرة في رمضان تعدل حجة أخرجه البخاري ومسلم في الحج عن عطاء عن بن عباس
[ 180 ]
مرفوعا مع حديث ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من عشر ذي الحجة قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلارجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع بشئ من ذلك انتهى أخرجه البخاري في العيدين عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس مرفوعا فيحمل العمل الصالح فيه على الصوم والصلاة فقط ويستأنس بحديث أخرجه الترمذي وابن ماجة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر انتهى قال الترمذي حديث غريب لا يعترض على هذا الحديث بما روي عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط انتهى أخرجوه في الصوم إلا البخاري وفي لفظ لمسلم لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط ورجح الترمذي الرواية الاولى فإن بعض الحفاظ قال يحتمل أن تكون عائشة لم تعلم بصيامه عليه السلام فإنه كان يقسم لتسع نسوة فلعله لم يتفق صيامه في نوبتها وينبغي أن يقرأ لم ير مبنية للفاعل لتتفق الروايتين على أن حديث المثبت أولى من حديث النافي وقيل إذا تساويا في الصحة يؤخذ بحديث هنيدة أخرجه أبو داود والنسائي عن هنيدة عن امرأة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر وأول اثنين من الشهر والخميس وهو ضعيف قال المنذري في مختصره اختلف فيه على هنيدة فروي كما ذكرنا وروي عنه عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وروي عنه عن أبيه عن أم سلمة مختصرا انتهى الحديث الثاني والعشرون بعد المائة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ركعتي الفجر بعد ارتفاع الشمس غداة ليلة التعريس ثم قال المصنف والحديث ورد بقضائها تبعا
[ 181 ]
للفرض قلت روي من حديث أبي قتادة ومن حديث ذي مخبر ومن حديث عمران بن حصين ومن حديث عمرو بن أمية الضمري ومن حديث جبير بن مطعم ومن حديث بلال ومن حديث أنس ومن حديث أبن مسعود ومن حديث بن عباس ومن حديث مالك بن ربيعة السلولي ومن حديث أبي هريرة كما أخرجه مسلم عن أبي حازم عن أبي هريرة قال عرسنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليأخذ كل إنسان برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان قال ففعلنا ثم دعا بالماء فتوضأ ثم صلى سجدتين ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة انتهى فحديث أبي قتادة أخرجه مسلم في صحيحه عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنكم تسيرون عشيتكم وتأتون الماء غدا إن شاء الله إلى أن قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس ثم نزل فدعا بميضأة كانت معي فيها شئ من ماء ثم قال لابي قتادة احفظ علينا ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم أذن بلال بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم الحديث بطوله قال البيهقي في المعرفة وقد رواه خالد بن سمير عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن أدركته هذه الصلاة من غداة فليصل
[ 182 ]
معها مثلها هكذا أخرجه أبو داود في سننه ولم يتابع خالد على هذه الرواية معه وإنما اللفظ الصحيح فيه فإذا كان من الغداة فليصلها عند وقتها كما رواه مسلم ولكن حمله خالد على الوهم وقد صرح في حديث عمران بن حصين أينهاكم الله عن الربا وقبله منكم كما سيأتي ونسب الشيخ في الامام الوهم فيه للراوي عن خالد وهو الاسود بن شيبان ونقله عن البيهقي فليراجع وسمير بضم السين المهملة ورباح بالموحدة وأما حديث ذي مخبر فرواه أبو داود في سننه من حديث حريز بن عثمان حدثني يزيد بن صليح عن ذي مخبر الحبشي وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر قال فتوضأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وضوء لم يلث منه التراب ثم أمر بلالا فأذن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل ثم قال لبلال اقم الصلاة ثم صلى وهو غير عجل انتهى وقد تقدم في الاذان وأما حديث عمران بن حصين فأخرجه أبو داود أيضا عن الحسن عن عمران بن حصين بنحوه ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه بزيادة فيه ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على ما قدماه من صحة سماع الحسن من عمران وإعادته الركعتين لم يخرجاه انتهى قال الشيخ في الامام ورواه بن خزيمة في صحيحه ورجاله ثقات وليس في الاستماع الحسن من عمران فقال بن أبي حاتم عن أبيه وابن معين أنهما قالا لم يسمع منه وقال علي بن المديني أيضا إنه قال لم يسمع منه انتهى وقد تقدم في الآذان الله عز وجلو أما حديث عمرو بن أمية الضمري فقد أخرجه أبو داود أيضا وقد تقدم أيضا وأما حديث جبير بن مطعم فأخرجه النسائي عن حماد بن سلمة ثنا عمرو بن
[ 183 ]
دينار عن نافع عن جبير بن مطعم عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال من يكلانا الليلة فقال بلال أنا فاستقبل مطلع الشمس فما أيقظهم إلا حر الشمس فقاموا فأذن بلال وصلوا الركعتين ثم صلوا الفجر انتهى ووراه أحمد في مسنده وكذا الطبراني في معجمه من طريق حماد بن سلمة وأما حديث بلال فرواه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده قال البزار حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبويحيى والفضل بن سهيل قالا ثنا عبد الصمد بن النعمان قال حدثنا أبو جعفر الرازي عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن بلال فذكره وقد تقدم وأما حديث أنس فرواه البزار أيضا حدثنا عمرو بن محمد بن محمد بن الحسن الاسدي ثنا أبي عن عتبة أبي عمرو عن الشعبي عن أنس قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال من يكلانا الليلة فقلت أنا فنام ونام الناس فلم يستيقظ إلا بحر الشمس فقال أيها الناس إن هذه الارواح عارية في أجساد العباد يقبضها ويرسلها إذا شاء فاقضوا حوائجكم على رسلكم فقضينا حوائجنا على رسلنا وتوضأنا وتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم وصلى ركعتي الفجر قبل الصلاة ثم صلى بنا وقال لا نعلم رواه عن الشعبي عن أنس إلا عتبة انتهى وأما حديث بن مسعود فرواه البيهقي في كتاب الاسماء والصفات أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن إسحاق البخاري المقري بالكوفة أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن دحيم الشيباني ثنا أحمد بن حازم ثنا عمرو بن حماد عن أسباط عن سماك عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له القوم عرس بنا يا رسول الله فقال من يوقظنا فقلت أنا يا رسول الله فنمت وناموا فما استيقظنا إلا بحر الشمس في رؤوسنا فقام النبي صلى الله عليه وسلم فتوضأ وتوضأ القوم فصلى ركعتين ثم صلى الفجر انتهى وزاد في رواية وقال إن الله لو شاء لايقظنا ولكنه أراد أن يكون لمن بعدكم فهكذا لمن نام أو نسي انتهى
[ 184 ]
وأما حديث بن عباس فرواه البزار أيضا حدثنا محمد بن مرزوق بن بكير ثنا حربي بن حفص ثنا صدقة بن عباد عن أبيه عباد عن بن عباس قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير فنمنا عن الصلاة صلاة الغداة حتى طلعت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤذنا فأذن كما كان يؤذن وصلى ركعتي الفجر كما كان يصلي ثم صلى الغداة انتهى وأما حديث مالك بن ربيعة السلولي فرواه النسائي في سننه أخبرنا هناد بن السري عن أبي الاحوص عن عطاء بن السائب عن يزيد بن أبي مريم عن أبيه واسمه مالك بن ربيعة السلولي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره فأسرينا ليلة فلما كان في وجه الصبح نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنام ونام الناس فلم يستيقظ إلا بالشمس قد طلعت علينا فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن فأذن ثم صلى ركعتين قبل الفجر ثم أمره فأقام ثم صلى بالناس ثم حدثنا ما هو كائن حتى تقوم الساعة انتهى الحديث الثالث والعشرون بعد المائة قال عليه السلام في سنة الفجر صلوها وإن طردتكم الخيل قلت أخرجه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن إسحاق المديني عن بن زيد عن بن سيلان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل انتهى قال المنذري في مختصره عبد الرحمن بن إسحاق المدني أبو شيبة الواسطي ويقال عباد بن إسحاق أخرج له مسلم ووثقه بن معين واستشهد به البخاري وقال أبو حاتم الرازي لا يحتج به وهو حسن الحديث وليس بثبت ولا بقوي وقال يحيى القطان سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه وقال بعضهم إنما لم يحمدوه في مذهبه فإنه كان قدريا فنفوه من المدينة فأما رواياته فلا بأس بها وقال البخاري مقارب الحديث وابن سيلان
[ 185 ]
بكسر السين المهملة بعدها آخر الحروف ساكنة وآخره نون واسمه عبد ربه هكذا جاء مسمى في بعض طرقه وقيل هو جابر بن سيلان وقد رواه بن المنكدر عن أبي هريرة انتهى كلامه وقال أبو محمد عبد الحق في أحكامه بعد أن ذكره من جهة أبي داود وابن سيلان هذا هو عبد ربه وليس إسناده بالقوي انتهى قال بن القطان في كتابه وعلته الجهل بحال بن سيلان ولا يدرى أهو عبد ربه بن سيلان أو جابر بن سيلان فجابر بن سيلان يروي عن بن مسعود روى عنه محمد بن زيد بن مهاجر كذا ذكره بن أبي حاتم وذكره الدارقطني فقال يروي عن أبي هريرة روى عنه محمد بن زيد بن مهاجر وقال بن الفرضي روى عن بن مسعود وأبي هريرة فعلى هذا يشبه أن يكون هذا الذي لم يسم في الاسناد جابر وهو غالب الظن وعبد ربه بن سيلان أيضا مدني سمع أبا هريرة روى عنه أيضا محمد بن زيد بن مهاجر بن أبي حاتم وابن الفرضي وغيرهما وأيهما كان فحاله مجهول لا يعرف وأيضا عبد الرحمن بن إسحاق هو الذي يقال له عباد المقري قال يحيى القطان سألت عنه بالمدينة ولم يحمدوه وقال أحمد روى أحاديث منكرة انتهى كلامه ومن أحاديث الباب تقدم بعضها أول الباب وأخرج مسلم عن سعد بن هشام عن عائشة مرفوعا ركعتا الفجر أحب إلي من الدنيا وما فيها وفي لفظ لمسلم خير من الدنيا وما فيها وأخرج البخاري ومسلم عن عبيد بن عمير أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شئ من النوافل أسرع منه إلا الركعتين قبل الفجر انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن على شئ من النوافل أشد معاهدة على الركعتين قبل الفجر انتهى أخرجاه عن عبيد بن عمير عنها وأخرج البخاري عنها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الفجر انتهى وأخرج عنها أيضا قالت صلى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء ثم صلى ثمان ركعات قائما وركعتين جالسا وركعتين بعد النداءين ولم يكن
[ 186 ]
يدعهما أبدا انتهى وأخرج الطبراني في معجمه الوسط عن هدية بن المنهال عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه أنه أرسل إلى عائشة رضي الله عنها فسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يصلي ويدع ولكني لم أره يترك الركعتين قبل صلاة الفجر في سفر ولا حضر وصحة ولا سقم انتهى وأخرج أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا سويد بن عبد العزيز ثنا فضيل بن عياض عن ليث عن مجاهد عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تتركوا ركعتي الفجر فإن فيهما الرغائب مختصر الحديث الرابع والعشرون بعد المائة قال عليه السلام من ترك الاربع قبل الظهر لم تنله شفاعتي قلت غريب جدا الحديث الخامس والعشرون بعد المائة روى أنه عليه السلام واظب عليها يعني السنن الرواتب عند أداء المكتوبات بالجماعة قلت هذا معروف من الاحاديث ولم يرو أنه عليه السلام ترك شئ من الرواتب المذكورة في النوافل إلا الركعتين بعد الظهر
[ 187 ]
وقضاهما بعد العصر وركعتي الفجر وقضاهما بعد الفرض بعد الشمس باب قضاء الفوائت الحديث السادس والعشرون بعد المائة قال عليه السلام من نام عن صلاة أو نسيها فلم يذكرها إلا وهو مع الامام فليصل التي هو فيها ثم ليصل التي ذكرها ثم ليعد التي صلى مع الامام قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن إسماعيل بن إبراهيم الترجماني عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة فلم يذكرها إلا وهو مع الامام فليتم صلاته فإذا فرغ من صلاته فليعد التي نسي ثم ليعد التي صلاها مع الامام انتهى قال الدارقطني رفعه أبو إبراهيم الترجماني ووهم في رفعه وزاد في كتاب العلل والصحيح من قول بن عمر هكذا رواه عبيد الله ومالك عن نافع عن بن عمر انتهى وقال البيهقي وقد أسنده غير أبي إبراهيم الترجماني عن سعيد بن عبد الرحمن فوقفه وهو الصحيح انتهى
[ 188 ]
أما حديث مالك فهو في الموطأ عن مالك عن نافع عن بن عمر قال من نسي صلاة الحديث وأما حديث يحيى بن أيوب فهو في سنن الدارقطني عنه ثنا سعيد عن عبد الرحمن الجمحي موقوفا ورواه النسائي في الكنى عن الترجماني مرفوعا ثم قال رفعه غير محفوظ وأخبرني عبد الله بن أحمد بن حنبل قال سألت يحيى بن معين عن إبراهيم الترجماني فقال لا بأس به انتهى وكذلك قال أبو داود وأحمد ليس به بأس ونقل بن أبي حاتم في علله عن أبي زرعة أنه قال رفعه خطأ والصحيح وقفه وقال عبد الحق في أحكامه رفعه سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وقد وثقه النسائي وابن معين وذكر شيخنا الذهبي في ميزانه توثيقه عن جماعة ثم قال وابن حبان نصاب قال فيه روى عن الثقات أشياء موضوعة وذكر من مناكيره هذا الحديث انتهى وقال بن عدي في الكامل لا اعلم رفعه عن عبيدالله غير سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وقد وثقه بن معين وأرجو أن أحاديثه مستقيمة لكنه يهم فيرفع موقوفا ويصل مرسلا لا عن تعمد انتهى فقد اضطرب كلامهم فمنهم من ينسب الوهم في رفعه لسعيد ومنهم من ينسبه للترجماني الراوي عن سعيد والله أعلم قوله فلو كان في الوقت سعة وقدم الوقتية لا يجوز لانه أداها قبل وقتها الثابت بالحديث قلت يشير إلى حديث أنس أخرجه الجماعة عنه مرفوعا من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها وزاد في الصحيحين لا كفارة لها إلا ذلك انتهى وفي لفظ لابي داود فليصلها حين تذكرها الحديث الله تبارك وتعالى أحاديث الباب روى أحمد في مسنده والطبراني في معجمه من طريق بن
[ 189 ]
لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد عن عبد الله بن عوف عن أبي جمعة حبيب بن سباع وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب ونسي العصر فقال لاصحابه هل رأيتموني صليت العصر قالوا لا يا رسول الله ما صليتها فأمر المؤذن فأذن ثم أقام فصلى العصر ونقص الاولى ثم صلى المغرب انتهى وأعله الشيخ تقي الدين في الامام بابن لهيعة فقط وقال في التنقيح بن لهيعة لا يحتج به إذا انفرد ومحمد بن يزيد هو بن أبي زياد الفلسطيني صاحب حديث الصور روى عنه جماعة لكن أبو حاتم قال هو مجهول وعبد الله بن عوف هو القاري روى عنه الزهري وغيره وكان زمن عمر بن عبد العزيز على ديوان فلسطين انتهى واستدل الشيخ في الامام على وجوب الترتيب في الفائتة بحديث جابر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوم الخندق جعل يسب كفار قريش وقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس تغرب فقال عليه السلام فوالله إن صليتها فنزلنا إلى بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله العصر بعد ما غربت الشمس وصلينا بعدها المغرب رواه البخاري ومسلم وبحديث صلاته عليه السلام يوم الخندق في وقت المغرب أربع صلوات وسيأتي في الحديث الآتي وليس بظاهر فيهما بل هما ظاهران في امتداد وقت المغرب والله أعلم الحديث السابع والعشرون بعد المائة روى أنه عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الخندق فقضاهن مرتبا ثم قال صلوا كما رأيتموني أصلي قلت
[ 190 ]
روى من حديث بن مسعود ومن حديث الخدري ومن حديث جابر أما حديث بن مسعود فأخرجه الترمذي والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه
[ 191 ]
عبد الله بن مسعود قال قال عبد الله بن مسعود إن المشركين شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء انتهى ورواه أحمد في مسنده قال الترمذي حديث ليس بإسناده بأس إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه انتهى ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فينقل كلام الترمذي إلا أن أبا عبيدة لم يدرك أباه والترمذي لم يقل ذلك في جميع كتابه وإنما قال لم يسمع منه ذكره في خمس مواضع من كتابه أولها في الطهارة في باب الاستنجاء وثانيها في الصلاة في باب الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ ثم في باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الاوليين ثم في الزكاة في باب ما جاء في زكاة البقر ثم في التفسير في سورة الانفال ولفظه في الجميع وأبو عبيدة لم يسمع من عبد الله وقد ذكر في باب الاستنجاء بحجرين وفي باب زكاة البقر سنده عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة هل تذكر من عبد الله شيئا انتهى وهذا دليل على أنه أدركه على صغر وكذلك قال النسائي في سننه الكبري في باب صف القدمين وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه انتهى ولم أجد فيما رأيته من كلام العلماء من قال إنه لم يدرك أباه فقال أبو داود توفي عبد الله بن مسعود ولولده أبي عبيدة سبع سنين وقال يحيى القطان توفي عبد الله بن مسعود ولولده عبد الرحمن ست سنين وسئل أحمد عن عبد الرحمن فقال أما الثوري وشريك فإنهما يقولان إنه سمع من أبيه وقال بن المديني لقي أباه واختلف قول بن معين فقال مرة إنهما لم يسمعا من أبيهما وروي عن معاوية بن صالح أن عبد الرحمن سمع من أبيه ومن علي وجزم بن عساكر في الاطراف بسماع عبد الرحمن دون أبي عبيدة وأبو عبيدة اسمه عامر والله أعلم ثم وجدت الشيخ محي الدين في الخلاصة قال في هذا الحديث بعينه إنه منقطع فإن أبا عبيدة لم يدرك أباه انتهى وقال في باب إخفاء التشهد أبا عبيدة لم يسمع أباه ولم يدركه باتفاقهم وقيل ولد بعد موته وقال في باب الوتر أبا عبيدة لم يدرك أباه وكذلك قال في باب سجود السهو وكذلك في باب صلاة الخوف وكذلك في باب الجنائز
[ 192 ]
طريق آخر أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده والبيهقي في سننه عن يحيى بن أبي أنيسة عن زبيد الايامي عن أبي عبد الرحمن السلمي عن بن مسعود به سواء واعلم أن ظاهر الحديث أن العشاء أيضا من الفوائت فإنه قال شغل عن أربع صلوات وذكر منها العشاء وليس كذلك وإنما صلاها عليه السلام في وقتها ولكن لما أخرها عن وقتها المعتاد سماها الراوي فائتة مجازا وسيأتي ما يدل على ذلك وقوله في الحديث ثم صلوا كما رأيتموني أصلي ليس هو في هذا الحديث ولو ذكره المصنف بالواو لكان أجود وهو في حديث مالك بن الحويرث أخرجه البخاري في الاذان عن أبي قلابة ثنا مالك بن الحويرث فذكره وفيه فصلوا كما رأيتموني أصلي وقد تقدم وأما حديث الخدري فرواه النسائي في سننه من حديث بن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء حين لقينا ذلك فأنزل الله تعالى تعالى وكفى الله المؤمنين القتال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بلالا فأقام ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى العصر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى المغرب كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك وذلك قبل أن ينزل فرجالا أو ركبانا انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس ولم يذكر فيه العشاء إلى آخر الحديث وهذا يوضح ما قدمناه من أن العشاء لا تعد من الفوائت إلا مجازا ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده وقال فيه عن بن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن به فذكره وهذا الحديث يرد قول من احتج بحديث بن مسعود على تأخير الصلوات في حال الخوف قال في الشفاء والصحيح أنه كان قبل نزول آية الخوف فهي ناسخة انتهى
[ 193 ]
وأما حديث جابر فأخرجه البزار في مسنده عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن مجاهد عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم شغل يوم الخندق عن صلاة الظهرو العصر والمغرب والعشاء حتى ذهبت ساعة من الليل فأمر بلالا فأذن وأقام فصلى الظهر ثم أمره فأذن وأقام فصلى العصر ثم أمره فأذن وأقام فصلى المغرب ثم أمره فأذن وأقام فصلى العشاء ثم قال ما على ظهر الارض قوم يذكرون الله في هذه الساعة غيركم انتهى وعبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف وفي الباب حديث عمر بن الخطاب المتقدم أول الباب أخرجاه في الصحيحين حديث بطحان حديث آخر ذكر بن الجوزي في العلل بإسناده عن إبراهيم الحربي قال سئل أحمد بن حنبل عن قول النبي صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن عليه صلاة فقال لا أعرف هذا ولا سمعته عن النبي صلى الله عليه وسلم انتهى ونقله الشيخ في الامام هكذا قال ما عرفنا له أصلا انتهى باب سجود السهو الحديث الثامن والعشرون بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد للسهو قبل السلام قلت خرجه الائمة الستة في كتبهم عن عبد الله بن بحينة واللفظ للبخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فقام في الركعتين الاوليين ولم يجلس فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر وهو جالس فسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى
[ 194 ]
الحديث التاسع والعشرون بعد المائة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لكل سهو سجدتان بعد السلام قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبد الله الكلاعي عن زهير بن سالم العنسي عن عبد الرحمن بن جبير عن نفير عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لكل سهو سجدتان بعد السلام انتهى وفي رواية لابي داود عن أبيه عن ثوبان والاختلاف فيه من الرواة عن بن عياش قال البيهقى في المعرفة انفرد به اسماعيل بن عياش وليس بالقوي انتهى ورواه أحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه والطبراني في معجمه أحاديث الباب أخرج الجماعة إلا الترمذي عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن علقمة قال قال عبد الله بن مسعود صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزاد أو نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ قال وما ذاك قالوا صليت كذا وكذا قال فثنى رجله واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه فقال إنه لو حدث في الصلاة شئ لنبهتكم به ولكني إنما أنا بشر أنسى كما تنسون وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم ليسجد سجدتين وذكره أبو داود بلفظ البخاري ولفظ بن ماجة فيه بالواو ولفظه ويسلم ويسجد سجدتين وأما النسائي فلم يذكر فيه وإذا شك أحدكم إلى آخره بالجملة حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عتبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعد ما يسلم انتهى ورواه أحمد في مسنده قيل وابن خزيمة في صحيحه ورواه البيهقي وقال إسناده
[ 195 ]
لا بأس به وعقبة بن محمد ويقال عتبة ذكره بن حبان في الثقات ومصعب بن شيبة وإن أخرج له مسلم في صحيحه ووثقه بن معين فقد ضعفه أحمد وأبو حاتم والدارقطني الحديث الثلاثون بعد المائة روي أنه عليه السلام سجد سجدتي السهو بعد السلام قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عبد الله قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر خمسا فقيل له أزيد في الصلاة قال وما ذاك قالوا صليت خمسا فسجد سجدتين بعد ما سلم انتهى ولم يقل مسلم بعد ما سلم ولكنه أخرج عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد سجدتين بعد السلام والكلام انتهى أحاديث الباب منها حديث ذي اليدين أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت إلى أن قال فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد التسليم وحديث عمران بن حصين أخرجه مسلم عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى العصر فسلم في ثلاث ركعات فقام رجل يقال له الخرباق فذكر له صنيعه فقال أصدق هذا فقالوا نعم فصلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن السعودي عن زياد بن علاقة قال صلى بنا المغيرة بن شعبة فنهض في الركعتين فسبح به من خلفه فأشار إليهم قوموا فلما فرغ من صلاته سلم سجد سجدتي السهو فلما انصرف قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع كما صنعت انتهى سكت عنه أبو داود وقال الترمذي حديث حسن صحيح قال المنذري في مختصره والمسعودي عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود واستشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد قال النووي في الخلاصة وروى الحاكم في المستدرك نحوه من حديث
[ 196 ]
سعد بن أبي وقاص ومثله من حديث عقبة قال في كل منهما صحيح على شرط الشيخين حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا أبو الطاهر أحمد بن عمر بن السرح ثنا أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس قال سمعت أبي عبد الله يحدث عن أبيه محمد قال صليت خلف أنس بن مالك صلاة فسها فيها فسجد بعد السلام ثم التفت إلينا وقال أما إني لم أصنع إلا كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع انتهى حديث آخر روى بن سعد في الطبقات في ترجمة بن الزبير فقال أخبرنا عارم بن الفضل ثنا حماد بن زيد ثنا عسل بن سفيان عن عطاء بن أبي رباح قال صليت مع بن الزبير المغرب فسلم في ركعتين ثم قام فسبح به القوم ثم قام فصلى بهم الركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين قال فأتيت بن عباس من فوري فأخبرته فقال لله أبوك ما ماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم انتهى قوله في الكتاب فتعارضت روايتا فعله فبقي التمسك بقوله يعني حديث ثوبان المتقدم لكل سهو سجدتان وهذا فيه نظر لان الاحاديث قد وردت في السجود قبل السلام من قوله صلى الله عليه وسلم منها ما أخرجه مسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدركم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم سجد سجدتين قبل أن يسلم وأخرج الائمة الستة في كتبهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحدكم إذا قام يصلي جاءه الشيطان فليس عليه حتى لا يدري كم صلى فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس زاد فيه أبو داود وابن ماجة وهو قبل التسليم وفي لفظ قبل أن يسلم ثم ليسلم وأخرج أبو داود والنسائي عن أبي عبيدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كنت في صلاة فشككت في ثلاث أو أربع وأكبر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين
[ 197 ]
وأنت جالس قبل أن تسلم ثم تشهدت أيضا ثم تسلم انتهى وأخرج الترمذي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث ويسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف الناس في هذه المسألة على أربعة أقوال فطائفة رأت السجدة بعد السلام عملا بحديث ذي اليدين وهو مذهب أبي حنيفة وقال به من الصحابة علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن الزبير ومن التابعين الحسن وإبراهيم النخعي وعبد الرحمن بن أبي ليلى والثوري والحسن بن صالح وأهل الكوفة وذهب طائفة
[ 198 ]
إلى أن السجود قبل السلام أخذا بحديث بن بحينة وزعموا أن حديث ذي اليدين منسوخ وحديث بن بحينة رواه البخاري ومسلم وأخذا بحديث الخدري رواه مسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى وبحديث معاوية ثم أخرج عن يحيى بن أيوب ثنا بن عجلان أن محمد بن يوسف مولى عثمان بن عفان حدثه عن أبيه أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فنسي فقام وعليه جلوس فلما كان آخر صلاته سجد سجدتين قبل التسليم ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع انتهى وهذا رواه النسائي في سننه من حديث الليث بن سعد عن محمد بن عجلان به بلفظ ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم الصلاة وقال الحازمي وتابع يحيى بن أيوب عليه بن لهيعة وبكر بن الاشج عن بن عجلان ثم أسند عن الشافعي ثنا طريف بن حارث عن معمر عن الزهري قال سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتي السهو قبل السلام وبعده وآخر الامرين قبل السلام ثم أكده الشافعي بحديث معاوية المذكور قال وصحبة معاوية متأخرة قال الحازمي وطريق الانصاف أن يقول إن أحاديث السجود قبل السلام وبعده كلها ثابتة صحيحة وفيها نوع تعارض ولم يثبت تقدم بعضها على بعض برواية صحيحة وحديث الزهري هذا منقطع فلا يدل على النسخ ولا يعارض بالاحاديث الثابتة والاولى حمل الاحاديث على التوسع وجواز الامرين المذهب الثالث أن السهو إذا كان في الزيادة كان السجود بعد السلام أخذا بحديث ابن بحينة وإليه ذهب المالك بن انس القول الرابع أنه إذا نهض من ثنتين سجدهما قبل السلام أخذا بحديث ذى اليدين وإذا كان في النقصان كان قبل السلام أخذا بحديث بن بحينة وكذا إذا شك فرجع إلى اليقين أخذا بحديث أبي سعيد وإذا سلم من ثنتين سجد بعد السلام أخذا بحديث أبي هريرة وكذا إذا شك وكان من يرجع إلى التحري أخذا بحديث بن مسعود وإليه ذهب أحمد فإنه احتياط ففعل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو قاله في نظير كل واقعة عنه انتهى وقال البيهقي في المعرفة عن الزهري أنه ادعى نسخ السجود بعد السلام رواه الشافعي ثنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري فذكره ثم أكده بحديث معاوية أنه عليه السلام سجد فيما قبل
[ 199 ]
السلام وبحديث أبي هريرة كما أخبرنا وساق من طريق الدارقطني بسنده عن عكرمة عن عمار عن يحيى بن أبي كثير ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى أحدكم فلم يدر أزاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس ثم يسلم قال أبو هريرة ومعاوية متأخر الاسلام إلا أن بعض أصحابنا زعم أن قول الزهري منقطع وأحاديث السجود قبل وبعد ثابتة قولا وفعلا وتقديم بعضها على بعض غير معلوم برواية صحيحة والله أعلم انتهى الحديث الحادي والثلاثون بعد المائة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على فاتحة الكتاب والقنوت والتشهد وتكبيرات العيدين من غير تركها مرة قلت هذا معروف ولم ينقل الترك
[ 201 ]
الحديث الثاني والثلاثون بعد المائة حديث نهيه عليه السلام عن البتيراء قلت رواه أبو عمر بن عبد البر في التمهيد حدثنا عبد الله بن محمد بن يوسف ثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل بن الفرج ثنا أبي ثنا الحسن بن سليمان قبطية ثنا عثمان بن محمد بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن ثنا عبد العزيز ثنا بن محمد الدراوردي عن عمر بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء أن يصلي الرجل
[ 202 ]
واحدة يوتر بها انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن عبد البر وقال الغالب على حديث عثمان بن محمد بن ربيعة الوهم انتهى وقال بن القطان في كتابه ليس دون الدراوردي من يغمض عنه والحديث شاذ لا يعرج عليه ما لم يعرف عدالة رواته وعثمان بن محمد بن ربيعة الغالب على حديثه الوهم انتهى وقوله ليس دون الدراوردي من يغمض عنه فيه نظر فإن عبد الله بن محمد بن يوسف شيخ بن عبد البر هو بن الفرضي الامام الثقة الحافظ والحسن بن سليمان بن سلامة البراري أبو علي الحافظ يعرف بقبطية قال فيه بن يونس كان ثقة حافظا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق والمروي عن بن عمر أنه فسر البتيراء أن يصلي الرجل ركعتين يتم إحداهما ركوعا وسجودا ولا يتم الاخرى انتهى وهذا الذي أشار إليه من قول بن عمر رواه البيهقي في المعرفة عن الحكم بسنده عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي منصور مولى سعد بن أبي وقاص قال سألت عبد الله بن عمر عن وتر الليل فقال يا بني هل تعرف وتر النهار قلت نعم هو المغرب قال صدقت ووتر الليل واحدة بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا أبا عبد الرحمن إن الناس يقولون هي البتيراء قال يا بني ليس تلك البتيراء إنما البتيراء أن يصلي الرجل الركعة يتم ركوعها وسجودها وقيامها ثم يقوم في الاخرى ولا يتم لها ركوعا ولا سجودا ولا قياما فتلك البتيراء انتهى وهذا إن صح ففي حديث النهي ما يرد هذا وتفسير راوي الحديث يقدم على تفسير غيره بل الظاهر أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم في الوتر عند الطحاوي ما يؤيده والله أعلم وتقدم أثر بن مسعود أيضا وقال النووي في الخلاصة حديث محمد بن كعب القرظي في النهي عن البتيراء ضعيف ومرسل ولم أجده الحديث الثالث والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام إذا شك أحدكم في صلاته أنه كم صلى فليستقبل الصلاة قلت حديث غريب وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن بن عمر قال في الذي لا يدري كم صلى أثلاثا أو أربعا قال يعيد حتى يحفظ انتهى وفي لفظ قال أما أنا إذا لم أدر كم صليت فإني
[ 203 ]
أعيد انتهى وأخرج نحوه عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وشريح الحديث الرابع والثلاثون بعد المائة وقال عليه السلام من شك في صلاته فليتحر الصواب قلت أخرجه البخاري ومسلم عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن علقمة عن بن مسعود مرفوعا وإذا شك أحدكم فليتحر الصواب فليتم عليه وفيه قصة وقد تقدم أول الباب ومذهب الشافعي أنه يبنى على اليقين مطلقا في الصور كلها ويأخذ بحديث الخدري وبحديث عبد الرحمن بن عوف الآتيين وعندنا إن كان له ظن بني على غالب ظنه وإلا فبنى على اليقين وحجتنا حديث بن مسعود هذا قال البيهقي في المعرفة وحديث بن مسعود هذا رواه الحاكم بن عتيبة والاعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله دون لفظ التحري ورواها إبراهيم بن سويد عن عبد الله دون لفظ التحري فيشبه أن يكون من جهة بن مسعود أو من دونه فأدرج في الحديث قال قائل منهم إن منصور بن المعتمر من حفاظ الحديث وثقاتهم وقد روى القصة بتمامها وفيها لفظ التحري مضافا إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواها عنه جماعة من الحفاظ كمسعر والثوري وشعبة ووهيب بن خالد وفضيل بن عياض وجرير وغيرهم والزيادة من الثقة مقبولة إذا لم يكن فيها خلاف الجماعة قلنا عن ذلك جوابان أحدهما أن التحري يكون بمعنى اليقين قال الله تعالى فأولئك تحروا رشدا ذكر ذلك أبو سليمان الخطابي الثاني قال الشافعي وهو أن قوله فليتحر الصواب معناه فليتحر الذي يظن أنه نقصه فيتمه فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على حال يستقين فيها قال وهو عندي مطابق لحديث الخدري إلا أن الالفاظ قد تختلف لسعة الكلام في الامر الذي معناه واحد انتهى كلامه الحديث الخامس والثلاثون بعد المائة وقال عليه السلام من شك في صلاته
[ 204 ]
فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا بنى على الاقل قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة عن محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب عن بن عباس عن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظ بن ماجة إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم ثنتان فليجعلها واحدة وإذا شك في الثنتين والثلاث فليجعلها ثنتين وإذا شك في الثلاث والاربع فليجعلها ثلاثا ثم ليتم ما بقي من صلاته حتى يكون الوهم في الزيادة ثم يسجد سجدتين وهو جالس قبل أن يسلم انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك ولفظه فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليتم فإن الزيادة خير من النقصان انتهى وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وتعقبه الذهبي في مختصره فإن فيه عمار بن مطر الرهاوي وقد تركوه انتهى وعمار ليس في السنن أحاديث الباب أخرج مسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى فليبن على اليقين حتى إذا استيقن أن قد أتم فليسجد سجدتين قبل أن يسلم فإنه إن كانت صلاته وترا شفعها
[ 205 ]
وإن كانت شفعا كان ذلك ترغيما للشيطان انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في أواخر الصلاة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم فلم يدر كم صلى ثلاثا أو أربعا فليركع ركعة يحسن ركوعها وليسجد سجدتين انتهى قال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه الزيادة من ذكر الركعة انتهى كلامه باب صلاة المريض الحديث السادس والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام لعمران بن حصين صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب تومئ إيماء قلت أخرجه الجماعة إلا مسلما عن عمران بن حصين قال كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فقال صل قائما فإن لم تستطع فعلى جنب زاد النسائي فإن لم تستطع فمستلقيا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها انتهى ووهم الحاكم في المستدرك فقال بعد أن رواه كذلك هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ذكره البخاري عقيب صلاة المسافر الحديث السابع والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام إن قدرت أن تسجد
[ 206 ]
على الارض وإلا أومئ برأسك قلت روي من حديث جابر ومن حديث بن عمر أما حديث جابر فأخرجه البزار في مسنده والبيهقي في المعرفة عن أبي بكر الحنفي ثنا سفيان الثوري ثنا أبو الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عودا ليصلي عليه فأخذه فرمى به وقال صل على الارض ان استطعت وإلا فأومئ إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك انتهى قال البزار لا نعلم أحدا رواه عن الثوري إلا أبو بكر الحنفي وقال البيهقي هو يعد في أفراد أبي بكر الحنفي وقد تابعه عبد الوهاب بن عطاء عن الثوري وهذا يحتمل أن يكون في وسادة مرفوعة إلى جبهته ويحتمل أن تكون موضوعة على الارض والله أعلم انتهى وقال عبد الحق في أحكامه رواه أبو بكر الحنفي وكان ثقة عن الثوري عن أبي الزبير عن جابر ولا يصح من حديثه إلا ما ذكر فيه السماع أو كان من رواية الليث عن أبي الزبير انتهى طريق آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا أبو الربيع حدثنا حفص بن أبي داود عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني شباب العصفري ثنا سهل أبو غياث حدثنا حفص بن سليمان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن بن عمر قال عاد النبي صلى الله عليه وسلم رجلا من
[ 207 ]
أصحابه مريضا فذكره طريق آخر رواه في معجمه الوسط حدثنا عبد الله بن بكر السراج ثنا شريح بن يونس ثنا قران بن تمام عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن يسجد فليسجد ومن لم يستطع فلا يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه وليكن ركوعه وسجوده يومئ برأسه انتهى الحديث الثامن والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام يصلي المريض قائما فإن
[ 208 ]
لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه قلت حديث غريب وأخرج الدارقطني في سننه عن الحسن ابن الحسين العرني ثنا حسين بن زيد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن حسين عن الحسين بن علي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يصلي المريض قائما فإن لم يستطع صلى قاعدا فإن لم يستطع أن يسجد أومأ وجعل سجوده أخفض من ركوعه فإن لم يستطع أن يصلي قاعدا صلى على جنبه الايمن مستقبل القبلة فإن لم يستطع صلى مستلقيا رجلاه مما يلي القبلة انتهى وأعله عبد الحق في
[ 209 ]
أحكامه بالحسن العرني وقال كان من رؤساء الشيعة ولم يكن عندهم بصدوق ووافقه بن القطان قال وحسين بن زيد لا يعرف له حال انتهى وقال بن عدي روى أحاديث مناكير ولا يشبه حديثه حديث الثقات وقال بن حبان يروي المقلوبات ويأتي عن الاثبات بالمرويات انتهى وحسين بن زيد هو بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قال عبد الرحمن بن أبي حاتم قلت لابي ما تقول فيه فحرك يده وقلبها يعني تعرف وتنكر وقال بن عدي أرجو أنه لا بأس به إلا أني وجدت في حديثه بعض النكرة انتهى واعلم أن المصنف احتج بهذا الحديث على أن المريض إذا عجز عن القعود استلقى على ظهره مادا رجليه إلى القبلة والشافعي يخالف ويقول يصلي على جنبه مستقبلا بوجهه وحجته حديث عمران بن حصين المتقدم وحديث علي ليس بحجة لنا قوله ثم الزيادة تعتبر من حيث الاوقات عند محمد وعندهما من حيث الساعات هو المأثور عن علي وابن عمر رضي الله عنهما قلت يعني بالزيادة على خمس صلوات في الاغماء أخرج الدارقطني عن يزيد مولى عمار بن ياسر أن عمار بن ياسر أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء واققا نصف الليل فقضاهن انتهى ومن طريق الدارقطني رواه البيهقي في المعرفة وقال قال
[ 210 ]
الشافعي هذا ليس بثابت عن عمار ولو ثبت فمحمول على الاستحباب قال البيهقي وعليه إن رواية يزيد مولى عمار مجهول والراوي عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي كان يحيى بن معين يضعفه وكان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسا ولم يحتج به البخاري انتهى والرواية عن علي غريبة وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن أبي ليلى عن نافع أن بن عمر أغمي عليه شهرا فلم يقض ما فاته انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن أبي ليلى به وروى إبراهيم الحربي في أواخر كتابه غريب الحديث ثنا أحمد بن يونس ثنا زائدة عن عبيد الله عن نافع قال أغمي على عبد الله بن عمر يوما وليلة فأفاق فلم يقض ما فاته واستقبل انتهى وروى محمد بن الحسن في كتابه الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن سليمان عن إبراهيم النخعي عن بن عمر أنه قال في الذي يغمى عليه يوما وليلة قال يقضى انتهى حديث احتج به الشافعي ومالك على سقوط الصلاة بالاغماء قلت أو كثرت أخرجه الدار قطني عن الحكيم بن عبد الله بن سعيد الايلى أن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يغمى عليه فيترك الصلاة فقال ليس لشئ من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه في وقت صلاة فيفيق فيه فإنه يصليه وهو ضعيف جدا قال أحمد في الحكم بن سعيد الايلي أحاديثه موضوعة وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات وقال بن معين ليس بثقة ولا مأمون وكذبه الجوزجاني وأبو حاتم وتركه النسائي وابن الجنيد والدارقطني وقال البخاري تركوه وبقية السند كله إلى الحكم مظلم وقالت الحنابلة يقضي ما فاته من صلاة قلت أو كثرت ولا تسقط وتوسط أصحابنا فقالوا يسقط ما زاد على يوم وليلة سوى ما دون ذلك والله أعلم
[ 211 ]
باب سجود التلاوة قوله والسجدة في حم السجدة عند قوله وهم لا يسأمون في قول عمر وهو المأخوذ للاحتياط قلت غريب وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن بن عباس أنه كان يسجد في آخر الآيتين من حم السجدة عند قوله وهم لا يسأمون انتهى وزاد في لفظ وأنه رأى رجلا سجد عند قوله إن كنتم إياه تعبدون فقال له لقد عجلت انتهى الحديث التاسع والثلاثون بعد المائة قال عليه السلام والسجدة على من سمعها وعلى من تلاها قلت حديث غريب وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن بن عمر أنه قال السجدة على من سمعها انتهى وفي صحيح البخاري وقال عثما إنما السجود على من استمع انتهى وهذا التعليق رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن بن المسيب أن عثمان مر بقاص فقرأ سجدة ليسجد معه عثمان فقال عثمان إنما السجود على من استمع ثم مضى ولم يسجد انتهى أحاديث الباب أخرج مسلم في الايمان عن أبي هريرة مرفوعا إذا قرأ بن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول يا ويله أمر بن آدم بالسجود
[ 212 ]
فسجد وأمرت بالسجود وأبيت فلي النار انتهى أحاديث الخصوم احتج القائلون بعدم وجوب السجود بحديث زيد بن ثابت قال قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يسجد انتهى أخرجاه في الصحيحين وبحديث الاعرابي هل علي غيره قال لا إلا أن تطوع أخرجاه عن طلحة نقله البيهقي في المعرفة عن الشافعي رحمه الله الآثار روى مالك في موطئه عن هشام بن عروة عن أبيه أن عمربن الخطاب قرأ سجدة وهو على المنبر يوم الجمعة فنزل فسجد وسجدنا معه ثم قرأها يوم الجمعة الاخرى فتهيأ الناس للسجود فقال على رسلكم إن الله لم يكتبها علينا
[ 213 ]
إلا أن نشاء فلم يسجد ومنعهم أن يسجدوا انتهى وعلقه البخاري في صحيحه بسند آخر فقال في باب من لم ير السجود واجبا وعن ربيعة بن عبد الله بن الهدير وكان من خيار الناس أنه حضر عمر بن الخطاب فذكره وهذا رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا بن جريج أخبرني أبو بكر بن أبي مليكة عن عثمان بن عبد الرحمن التيمي عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه حضر عمر بن الخطاب يوم
[ 214 ]
الجمعة فقرأ على المنبر سورة النحل حتى إذا جاء السجدة نزل إلى آخره قال بن جريج وزاد نافع عن بن عمر أنه قال إن الله لم يفرض السجود علينا إلا أن نشاء انتهى وذكره النووي في في الخلاصة عن ربيعة عن عبد الله أن عمر بن الخطاب فذكره بلفظ عبد الرزاق سواء ثم قال رواه البخاري ولم أجده إلا معلقا فليراجع قوله ومن أراد السجود كبر ولم يرفع يديه وسجد ثم كبر ورفع رأسه ولا تشهد عليه ولا سلام هو المروي عن بن مسعود قلت غريب وأخرأبو داود عن عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بسجدة كبر وسجد وسجدنا معه انتهى
[ 215 ]
وعبد الله بن عمر العمري فيه مقال وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن وعطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير أنهم كانوا لا يسلمون في السجدة وأخرج عن الحسن قال إذا قرأ الرجل السجدة فليكبر إذا رفع رأسه وإذا سجد انتهى وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن الحسن قال ليس في السجود تسليم انتهى أحاديث السجدتين في الحج أخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن لهيعة ثنا مشرح بن هاعان سمعت عقبة بن عامر يقول قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين قال نعم فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال الترمذي ليس إسناده بالقوي وقال الحاكم هذا حديث لم نكتبه مسندا إلا من هذا الوجه وعبد الله بن لهيعة أحد الائمة إنما نقم عليه اختلاطه في آخر عمره انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن الحارث عن سعيد العقبي عن عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن منها ثلاث عشرة سجدة في المفصل وفي الحج سجدتان انتهى ورواه الحاكم أيضا وقال قد احتج الشيخان بأكثر رواته وليس في عد سجود القرآن أتم منه انتهى وعبد الله بن منين فيه جهالة قال عبد الحق في أحكامه وعبد الله بن منين لا يحتج به قال بن القطان وذلك لجهالته فإنه لا يعرف روى عنه غير الحارث بن سعيد العتقي وهو رجل لا يعرف له حال فالحديث من أجله لا يصح قال وقد وقع لابن أبي حاتم تصحيف في اسمه وفي نسبه فقال عبد الله بن منين وإنما هو منين بنونين وميم مضمومة وقال فيه من بني عبد الدار وصوابه من عبد بني كلالة هكذا هو في كتاب أبي داود وتاريخ البخاري انتهى كلامه
[ 216 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود في مراسيله عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين انتهى قال أبو داود وقد أسند هذا ولا يصح انتهى الآثار أخرج مالك في موطئه عن عمر بن الخطاب أنه قال فضلت سورة الحج على سائر السور بسجدتين انتهى وأخرج الحاكم عن بن عباس أنه قال في الحج سجدتان وأخرج عن عمر وابن عمر وعبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر وأبي موسى وأبي الدرداء أنهم سجدوا في الحج سجدتين أحاديث السجود في ص احتج أصحابنا على أنها من سجود التلاوة بما أخرجه الدارقطني عن حفص بن غياث عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في ص انتهى قال الدارقطني في علله انفرد به حفص وخالفه إسماعيل بن حفص وغيره عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في إذا السماء انشقت وهو الصواب انتهى حديث آخر أخرجه النسائي في سننه أخبرني إبراهيم بن الحسن التيمي ثنا حجاج بن محمد عن عمرو بن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في ص وقال سجدها نبي الله داود توبة ونسجدها شكرا انتهى أخرج الدارقطني عن عبد الله بن بزيع عن عمرو بن ذر به لكنه لم ينفرد حديث آخر رواه الامام أحمد في مسنده عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي سعيد قال رأيت رؤيا وأنا أكتب سورة ص فلما بلغت السجدة رأيت الدواة والقلم وكل شئ يحضرني انقلب ساجدا قال فقصصتها على رسول الله
[ 217 ]
صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجدها وذكر الدارقطني في علله اختلافا أحاديث الخصوم احتج بن الجوزي في التحقيق للقائلين بأنها سجدة شكر لا تلاوة بحديث أخرجه البخاري عن بن عباس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في ص قال بن عباس وليست من عزائم السجود انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي السرح عن أبي سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقرأ ص فلما مر بالسجود نزل فسجد وسجدنا معه وقرأها مرة أخرى فلما بلغ السجدة تشزن الناس للسجود فلما رآنا قال إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم أراكم قد استعددتم للسجود فنزل فسجد وسجدنا انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك في تفسير سورة ص وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وعندي أنهما حجة لنا قال النووي في الخلاصة سنده صحيح على شرط البخاري قال وتشزنا مثناة من فوق ثم شين معجمة ثم زاي مشددة بعدها نون تهيأنا انتهى أحاديث السجود في الانشقاق أخرج البخاري ومسلم عن أبي رافع أن أبا هريرة قرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت ما هذه السجدة قال لو لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يسجدها لم أسجد فلا أزال أسجد بها حتى ألقاه وأخرجوا إلا الترمذي عنه أيضا قال سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في إذا السماء انشقت واقرأ باسم ربك انتهى ورواه مالك في الموطأ مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الاسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أنه قرأ لهم إذا السماء انشقت فسجد فيها فلما انصرف أخبرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد فيها انتهى
[ 218 ]
أحاديث الخصوم واحتج لمالك في ترك السجود بحديث أخرجه بن ماجة في سننه عن عثمان بن فائد عن عا صم بن رجاء بن حيوة عن المهدي بن عبد الرحمن حدثتني عمتي أم الدرداء قالت حدثني أبو الدرداء أنه سجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى عشر سجدة ليس فيها شئ من المفصل الاعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج والفرقان والنمل والسجدة وص وحم السجدة انتهى وعثمان بن فائد قال بن حبان لا يحتج به ووهاه بن عدي وقال أبو داود في سننه وروى عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة وإسناده واه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن أبي قتادة عن مطر الوراق عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شئ من المفصل منذ تحول إلى المدينة قال عبد الحق في أحكامه إسناده ليس بقوي ويروي مرسلا والصحيح حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في إذا السماء انشقت وإسلامه متأخر قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في النسة السابعة من الهجرة وقال بن عبد البر هذا حديث منكر وأبو قدامة ليس بشئ وأبو هريرة لم يصحب البني صلى الله عليه وسلم إلا بالمدينة وقد رآه يسجد في الانشقاق والقلم انتهى وقال بن القطان في كتابه وأبو قدامة الحارث بن عبيد قال فيه بن حنبل مضطرب الحديث وضعفه بن معين وقال النسائي صدوق وعنده مناكير وقال أبو حاتم البستي كان شيخا صالحا وكثر وهمه ومطر الوراق كان سئ الحفظ حتى كان يشبه في سوء الحفظ بمحمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد عيب على مسلم إخراج حديثه انتهى وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال ليس في المفصل سجدة أخبرنا بن جريج عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن بن عباس وابن عمر قالا ليس في المفصل سجدة انتهى
[ 219 ]
باب صلاة المسافر الحديث الاربعون بعد المائة قال عليه السلام يمسح المقيم كمال يوم وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليها قلت تقدم في مسح الخفين قوله عن علي قال لو جاوزنا هذا الخص لقصرنا قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عباد بن العوام عن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الاسود الديلي أن عليا خرج من البصرة فصلى الظهر أربعا ثم قال إنا لو جاوزنا هذا الخص لصلينا ركعتين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن داود بن أبي هند أن عليا لما خرج إلى البصرة رأى خصا فقال لولا هذا الخص لصليت ركعتين فقلت وما الخص قال بيت من قصب انتهى وروى عبد الرزاق أيضا أخبرنا الثوري عن
[ 220 ]
وقاء بن إياس الاسدي قال حدثنا علي بن ربيعة الاسدي قال خرجنا مع علي ونحن ننظر إلى الكوفة فصلى ركعتين وهو ينظر إلى القرية فقلنا له ألا تصلي أربعا قال لا حتى ندخلها انتهى وذكر البخاري في الصحيح تعليقا من غير سند فقال وخرج علي فقصر وهو يرى البيوت فلما رجع قيل له هذه الكوفة قال لا حتى ندخلها انتهى وروى أيضا أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه كان يقصر الصلاة حين يخرج من بيوت المدينة ويقصر إذا رجع حتى يدخلها انتهى قوله ولا يزال على حكم السفر حتى ينوي الاقامة في بلدة أو قرية خمسة عشر يوما أو أكثر وإن نوى أقل من ذلك قصر وهو مأثور عن بن عباس وابن عمر رضي الله عنهما والاثر في مثله كالخبر قلت أخرجه الطحاوي عنهما قالا إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم خمسة عشر يوما أكمل الصلاة بها وإن كنت لا تدري متى تظعن فأقصرها انتهى وروى بن أبي شيبة في مصفنه ثنا وكيع ثنا عمرو بن ذر عن مجاهد أن بن عمر كان إذا أجمع على إقامة خمسة عشر يوما أتم الصلاة انتهى وأخرجه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا موسى بن مسلم عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال إذا كنت مسافرا فوطنت نفسك على إقامة خمسة عشر يوما فأتمم الصلاة وإن كنت لا تدري فأقصر الصلاة انتهى وقدرها الشافعي بأربعة أيام فإن نواها صار مقيما ويرده حديث أنس قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة وكان يصلي ركعتين
[ 221 ]
حتى رجعنا إلى المدينة قلت كم أقمتم بمكة قال أقمنا بها عشرا انتهى أخرجه الائمة الستة ولا يقال يحتمل أنهم عزموا على السفر في اليوم الثاني أو الثالث واستمر بهم ذلك إلى عشر لان الحديث إنما هو في حجة الوداع فتعين أنهم نووا الاقامة أكثر من أربعة أيام لاجل قضاء النسك نعم كان يستقيم هذا لو كان الحديث في قضية الفتح والحاصل أنهما حديثان أحدهما حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام بمكة تسعة عشر يوما يقصر الصلاة رواه البخاري وكان في الفتح صرح بذلك في بعض طرقه أقام بمكة عام الفتح والآخر حديث أنس المذكور وكان في حجة الوداع قال المنذري في حواشيه حديث أنس يخبر عن مدة مقامه عليه السلام بمكة شرفها الله تعالى في حجة الوداع فإنه دخل مكة صبح رابعة من ذي الحجة وهو يوم الاحد وبات بالمحصب ليلة الاربعاء وفي تلك الليلة أعمرت عائشة من التنعيم ثم طاف عليه السلام طواف الوداع سحرا قبل صلاة الصبح من يوم الاربعاء وخرج صبيحته وهو الرابع عشر وأما حديث بن عباس وغيره فهو إخبار عن مدة مقامه عليه السلام بمكة زمن الفتح انتهى كلامه وفي رواية لابي داود والبيهقي عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة سبع عشرة يقصر الصلاة قال النووي في الخلاصة وإسنادها على شرط البخاري وفي رواية لهما مرسلة ضعيفة خمسة عشر وفي رواية لهما عن عمران بن حصين ثمانية عشر وهي أيضا ضعيفة قال البيهقي يمكن الجمع بأن من روى تسعة عشر عد يومي الدخول والخروج ومن روى سبعة عشر تركهما ومن روى ثمانية عشر عد أحدهما انتهى قوله روى أن بن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر وكان يقصر وعن
[ 222 ]
جماعة من الصحابة مثل ذلك قلت رواه عن عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا عبد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة انتهى وأخرج البيهقي في المعرفة عن عبيد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر قال ارتج علينا الثلج ونحن بأذربيجان ستة أشهر في غزاة وكنا نصلي ركعتين انتهى قال النووي وهذا سند على شرط الصحيحين أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا هشام بن حسان عن الحسن قال كنا مع عبد الرحمن بن سمرة ببعض بلاد فارس سنتين فكان لا يجمع ولا يزيد على ركعتين انتهى أخبرنا الثوري عن يونس عن الحسن نحوه أثر آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن جعفر بن عبيد الله أن أنس بن مالك أقام بالشام شهرين مع عبد الملك بن مروان يصلي ركعتين ركعتين انتهى ورواه البيهقي قال النووي وفي مسنده عبد الوهاب بن عطاء مختلف فيه وثقه الاكثرون واحتج به مسلم في صحيحه
[ 223 ]
أثر آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا المثنى بن سعيد عن أبي جمرة نصر بن عمران قال قلت لابن عباس إنا نطيل القيام بخراسان فكيف ترى قال صل ركعتين وإن أقمت عشر سنين انتهى اثر آخر رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا عثمان بن أحمد الدقاق ثنا علي بن إبراهيم ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة قال كنا مع سعد بن أبي وقاص في قرية من قرى الشام أربعين ليلة وكنا نصلي أربعا وكان يصلي ركعتين انتهى أثر آخر أخرجه البيهقي عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أقاموا برامهرمز تسعة أشهر يقصرون الصلاة انتهى قال النووي إسناده صحيح وفيه عكرمة بن عمار واختلفوا في الاحتجاج به واحتج به مسلم في صحيحه انتهى أحاديث الباب مسندة أخرج أبو داود في سننه عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بتبوك عشرين يوما يقصر الصلاة انتهى قال أبو داود غير معمر لا يسنده ورواه البيهقي في المعرفة وقال تفرد معمر بروايته مسندا ورواه علي بن المبارك وغيره عن يحيى عن بن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى قال النووي في الخلاصة هو حديث صحيح الاسناد على شرط البخاري ومسلم لا يقدح فيه تفرد معمر فإنه ثقة حافظ فزيادته مقبولة انتهى
[ 224 ]
حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الحسن بن عمارة عن الحكم بن مقسم عن بن عباس قال أقام النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر أربعين ليلة يقصر الصلاة انتهى قال البيهقي وهو غير صحيح تفرد به الحسن بن عمارة وهو متروك حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله قام بمكة تسع عشرة يقصر الصلاة فنحن إذا سافرنا تسعة عشر قصرنا وإن زدنا أتممنا وفي لفظ لابي داود سبع عشرة وقال البيهقي اختلفت الروايات في تسع عشرة وسبع عشرة وأصحها عندي تسع عشرة وهي التي أودعها البخاري في صحيحه فأخذ من رواها ولم يختلف عليه عبد الله بن المبارك وهو أحفظ من رواه عن عاصم الاحول انتهى وقال في المعرفة ويمكن الجمع بين هذه الروايات فمن روى تسع عشرة عد يوم الدخول ويوم الخروج ومن روى سبع عشرة لم يعدهما ومن روى ثمان عشرة عد أحدهما قال وأما حديث محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة فقد رواه كذلك بعض أصحاب بن إسحاق عنه ورواه عبدة بن سليمان وسلمة بن الفضل عن بن إسحاق لم يذكر بن عباس ورواه عبد الله بن إدريس عن بن إسحاق عن الزهري من قوله انتهى الحديث الحادي والاربعون بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين صلى بأهل مكة وهو مسافر أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر قلت أخرجه أبو داود والترمذي عن علي بن زيد عن أبي نضرة عن عمران بن حصين قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهدت معه الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين يقول يا أهل مكة صلوا أربعا فإنا قوم سفر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه الطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في
[ 225 ]
مصنفه وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي والبزار في مسانيدهم ولفظ الطيالسي قال ما سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرا قط إلا صلى ركعتين حتى يرجع معه وشهدت حنين والطائف وكان يصلي ركعتين حججت معه واعتمرت فصلى ركعتين ثم حججت مع أبي بكر واعتمرت فصلى ركعتين ثم قال أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ثم حججت مع عثمان واعتمرت فصلى ركعتين ثم إن عثمان أتم انتهى وزاد فيه بن أبي شيبة وشهدت معه الفتح وأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين وقال فيه وحججت مع عثمان سبع سنين من إمارته فكان لا يصلي إلا ركعتين ثم صلاها بمنى أربعا انتهى أثر عن عمر رواه مالك في الموطأ عن الزهري عن سالم عن عبد الله عن أبيه أن عمر بن الخطاب كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر أن عمر صلى بأهل مكة الظهر فسلم في ركعتين ثم قال يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر انتهى الحديث الثاني والاربعون بعد المائة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم كانوا يسافرون ويعودون إلى أوطانهم مقيمين من غير عزم جديد قلت لم أجد له شاهدا والمصنف استدل به على أن المسافر إذا دخل مصره أتم الصلاة وإن لم ينو الاقامة الحديث الثالث والاربعون بعد المائة روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة عد نفسه
[ 226 ]
بمكة من المسافرين قلت يشهد له حديث أنس خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة قيل كم أقمتم بمكة قال أقمنا بها عشرا انتهى أخرجاه في الصحيحين وحديث بن عباس أنه عليه السلام أقام بمكة تسع عشرة يقصر الصلاة انتهى أخرجه البخاري وحديث عمران بن حصين قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم وشهدت الفتح فأقام بمكة ثمان عشرة ليلة لا يصلي إلا ركعتين يقول يا أهل مكة صلوا أربعا فإنا قوم سفر أخرجه أبو داود وحسنه الترمذي وصححه وقد تقدمت هذه الاحاديث وأخرج البخاري ومسلم عن أبي جحيفة قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالابطح بمكة في قبة له حمراء من أدم فأتاه بلال بوضوئه قال فخرج البني صلى الله عليه وسلم وعليه حلة حمراء فتوضأ وأذن بلال فجعلت أتتبع فاه ههنا وههنا يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح قال ثم أركزت له عنزة فتقدم فصلى الظهر ركعتين يمر بين يديه الحمار والكلب لا يمنع ثم صلى العصر ركعتين ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع
[ 227 ]
إلى المدينة انتهى وأخرج أبو يعلى الموصلي في منسده عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو عن جابر أن أبا هريرة قال سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ومع أبي بكر ومع عمر كلهم صلى حين خرج من المدينة إلى أن رجع إليها ركعتين في المسير وفي المقام بمكة انتهى أحاديث القصر رخصة أو عزيمة استدل أصحابنا على أنه عزيمة بأحايث منها حديث عائشة قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر انتهى أخرجاه في الصحيحين وفي لفظ قالت فرض الله الصلاة حين فرضها ركعتين فأتمها في الحضر وأقرت صلاة السفر على الفريضة الاولى انتهى زاد في لفظ قال الزهري فقلت لعروة فما بال عائشة تتم في السفر قال إنها تأولت كما تأول عثمان انتهى وفي لفظ للبخاري قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم ففرضت أربعا فتركت صلاة السفر على الاول انتهى ذكره بعد المناقب في باب من أين أرخوا التاريخ وهذه الرواية ترد قول من قال إن زيادة الصلاة في الحضر كانت قبل الهجرة وقد تقدم في أول الصلاة انتهى وأجاب الخصم بأنه رأى لا رواية وبأنه إشارة إلى المفروض الاول يدل عليه أن عائشة كانت تتم في السفر حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه عن مجاهد عن بن عباس قال فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة انتهى ورواه الطبراني في معجمه بلفظ افترض رسول الله ركعتين في السفر كما افترض في الحضر أربعا انتهى حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عمر قال صلاة السفر ركعتان وصلاة الاضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم ورواه بن حبان في
[ 228 ]
صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث ولم يقدحه بشئ ولكن اعترضه النسائي في سننه بأن فيه انقطاعا فقال وابن أبي ليلى لم يسمعه من عمر انتهى وقوى ذلك بعضهم بأن بن ماجة أخرجه في سننه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر فذكره وأجيب عن ذلك بأن مسلما حكم في مقدمة كتابه بسماع بن أبي ليلى من عمر فقال وأسند عبد الرحمن بن أبي ليلى وقد حفظ عن عمر بن الخطاب انتهى ويؤيد ذلك ما أخرجه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن الحنين بن واقد عن الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت أن عبد الرحمن بن أبي ليلى حدثه قال خرجت مع عمر بن الخطاب إلى مكة فاستقبلنا أمير مكة الحديث بل صرح بسماعه منه في بعض طرقه فقال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال سمعت عمر بن الخطاب فذكره حديث آخر أخرجه النسائي عن بن عمر قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتانا ونحن ضلال فعلمنا فكان فيما علمنا أن الله عزوجل أمرنا أن نصلي ركعتين في السفر انتهى قال في تنقيح التحقيق هكذا عزاه بن تيمية في المنتقى للنسائي ولم أجد فيه في قصر الصلاة انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن بقية بن الوليد عن أبي يحيى المديني عن عمرو بن شعيب عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المتم للصلاة في السفر كالمقصر في الحضر انتهى واعترضه بن الجوزي في التحقيق بأن بقية مدلس وشيخ الدارقطني فيه أحمد بن محمد بن المفلس وكان كذابا انتهى قال في التنقيح اشتبه عليه بن المفلس هذا بآخر وهو أحمد بن محمد بن الصلت بن المفلس الحماني وهو كذاب وضاع قال والحديث لا يصح فإن في رواته مجهول انتهى أحاديث الخصوم احتج الشافعي وأحمد ومالك في أحد قوليه على أنه رخصة بحديث أخرجه مسلم في صحيحه عن يعلى بن أمية قال قلت لعمر بن الخطاب ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين
[ 229 ]
كفروا فقد أمن الناس فقال عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته انتهى وفي لفظ لابن حبان في صحيحه اقبلوا رخصته ورواه أصحاب السنن الاربعة حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب وليس بالانصاري قال أغارت علينا خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدته يتغدى فقال أدن وكل فقلت إني صائم فقال إذن أخبرك عن الصوم إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحامل والمرضع الصوم فيا لهف نفسي أن لا أكون طعمت من طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الترمذي حديث حسن ولا يعرف لانس هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث انتهى ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه حديث آخر أخرجه النسائي في سننه عن العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الاسود عن عائشة أنها اعتمرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة حتى إذا قدمت مكة قالت يا رسول الله بأبي أنت وأمي قصرت وأتممت وأفطرت وصمت قال أحسنت يا عائشة وما عاب علي انتهى والعلاء بن زهير قال فيه بن حبان يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الاثبات فبطل الاحتجاج به كذا قال في كتاب الضعفاء وذكره في كتاب الثقات أيضا فتناقض كلامه فيه والله أعلم وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن العلاء بن زهير عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه عن عائشة به ولفظهما قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة في رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت بأبي وأمي أنت الحديث قال البيهقي إسناده صحيح وذكر صاحب التنقيح
[ 230 ]
أن هذا المتن منكر فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في رمضان قط انتهى قلت أخرجه البخاري ومسلم عن قتادة عن أنس قال حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة واحدة واعتمر أربع عمر كلهن في ذي القعدة إلا التي مع حجته انتهى وقال النووي في الخلاصة في هذا الحديث إشكال فإن المعروف أنه عليه السلام لم يعتمر إلا أربع عمر كلهن في ذي القعدة انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا بالسند الاول ومتنه ثم قال وإسناده حسن متصل فإن عبد الرحمن أدرك عائشة ودخل عليها وهو مراهق انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عمرو بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر في الصوم ويتم ويفطر ويصوم انتهى قال الدارقطني إسناده صحيح انتهى وقد رواه البيهقي عن طلحة بن عمر ودلهم بن صالح والمغيرة بن زياد وثلاثتهم ضعفاء عن عطاء عن عائشة قال والصحيح عن عائشة موقوف ثم أخرجه كذلك عن شعبة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها كانت تصلي في السفر فقلت لها لو صليت ركعتين فقالت يا بن أخي إنه لا يشق علي انتهى وهذا سند صحيح والله أعلم وقد يعارض هذا بحديث أخرجه البخاري ومسلم عن حفص بن عاصم عن بن عمر قال صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت أبا بكر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عمر فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وصحبت عثمان فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله وقد قال تعالى لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة انتهى قال عبد الحق هكذا في هذه الرواية والصحيح أن عثمان أتم في آخر الامر كما أخرجاه من رواية نافع عنه ومن رواية ابنه سالم أنه عليه السلام صلى صلاة المسافر بمنى وغيره ركعتين وأبو بكر وعمر وعثمان ركعتين صدرا من خلافته ثم أتمها أربعا انتهى
[ 231 ]
أحاديث الجمع بين الصلاتين في السفر أخرج البخاري ومسلم عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس أخر الظهر إلى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب انتهى وفي لفظ لهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجمع بين الصلاتين في السفر أخر الظهر حتى يدخل أول وقت العصر ثم يجمع بينهما انتهى وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أعجل به السير يؤخر الظهر إلى أول وقت العصر فيجمع بينهما ويؤخر المغرب حتى يجمع بينهما وبين العشاء حتى يغيب الشفق انتهى حديث آخر أخرجاه عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء انتهى وفي لفظ كان إذا أعجله السير في السفر يؤخر صلاة المغرب حتى يجمع بينهما وبين صلاة العشاء انتهى وفي لفظ لهما جمع بين المغرب والعشاء بعد أن يغيب الشفق انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الصلاة في سفرة سافرها في غزوة تبوك فجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء قال سعيد بن جبير فقلت لابن عباس ما حمله على ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته انتهى زاد في رواية بالمدينة من غير خوف ولا سفر قال أبو الزبير فسألت سعيدا لم فعل ذلك فقال سألت بن عباس كما سألتني فقال أراد أن لا يحرج أحدا من أمته وفي رواية من غير خوف ولا مطر قال البيهقي رواية من غير خوف ولا مطر رواها حبيب بن أبي ثابت وجمهور الرواة يقولون من غير خوف ولا سفر وهو أولى أن يكون محفوظا انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الطفيل عن معاذ بن جبل قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك بين المغرب والعشاء وبين الظهر والعصر قال قلت فما حمله على ذلك قال أدار أن لا يحرج أمته انتهى حديث لاصحابنا أسند بن الجوزي لنا في التحقيق بحيث أخرجه الترمذي
[ 232 ]
عن حنش عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال حنش بن قيس ثقة انتهى قال في تنقيح التحقيق لم يتابع الحاكم على توثيقه فقد كذبه أحمد وقال مرة هو متروك الحديث وكذلك قال النسائي والدارقطني وقال البيهقي تفرد به أبو علي الرحبي المعروف بحنش وهو ضعيف لا يحتج بخبره ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال حنش بن قيس الرحبى أبو علي ولقبه حنش كذبه بن حنبل وتركه بن معين ثم روى عن الحاكم بسنده عن أبي العالية عن عمر قال جمع الصلاتين من غير عذر من الكبائر انتهى قال وأبو العالية لم يسمع من عمر ثم أسنده عن أبي قتادة العدوي أن عمر كتب إلى عامل له ثلاث من الكبائر الجمع بين الصلاتين إلا من عذر والفرار من الزحف والنهبى قال وأبو قتادة أدرك عمر فإذا انضم هذا إلى الاول صار قويا قال البيهقي قال الشافعي والعذر يكون بالسفر والمطر وتأول الطحاوي في شرح الآثار الجمع بين الصلاتين الوارد في الحديث على أنه صلى الاولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها لا أنه صلاها في وقت واحد وقوى ذلك بحديث أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير وقتها إلا بجمع فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع وصلى صلاة الصبح من الغد قبل وقتها انتهى وبحديث أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة أن يؤخر حتى يدخل وقت صلاة أخرى أخرجه مسلم قال يؤيد ما قلناها ما أخرجه مسلم عن بن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا في غير خوف ولا سفر وفي لفظ قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر قيل لابن عباس ما أراد إلى ذلك قال أراد أن لا يحرج أمته قال ولم يقل أحد منا ولا منهم بجواز الجمع في الحضر قال فدل على أن
[ 233 ]
معنى الجمع ما ذكرناه من تأخير الاولى وتعجيل الاخرى قال وأما عرفة وجمع فهما مخصوصان بهذا الحكم انتهى كلامه باب صلاة الجمعة الحديث الاول عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا جمعة ولا تشريق ولا فطر ولا
[ 234 ]
أضحى إلا في مصر جامع قلت غريب مرفوعا وإنما وجدناه موقوفا على على ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عباد بن العوام عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال لا جمعة ولا تشريق ولا صلاة فطر ولا أضحى إلا في مصر جامع أو مدينة عظمية انتهى ورواه عبد الرزاق أيضا أنبأ الثوري عن زبيد الايامي به عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لا تشريق ولا جمعة إلا في مصر جامع انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة عن شعبة عن زبيد الايامي به قال وكذلك رواه الثوري عن زبيد به وهذا إنما يروى عن علي موقوفا فاما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لا يروى عنه في ذلك شئ انتهى كلامه الحديث الثاني قال عليه السلام إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة قلت غريب وأخرج البخاري في صحيحه عن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى الجمعة حين تميل الشمس انتهى وأخرج مسلم عن سلمة بن الاكوع قال كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفئ انتهى وأما حديث عبد الله بن سيدان بكسر السين المهملة السلمي قال شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق وكانت خطبته قبل الزوال وذكر عن عمر وعثمان نحوه قال فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره
[ 235 ]
رواه الدارقطني وغيره فهو حديث ضعيف قال النووي في الخلاصة اتفقوا على ضعف بن سيدان الحديث الثالث روى أن الني صلى الله عليه وسلم لم يصل الجمعة بدون الخطبة قلت ذكره البيهقي واستدل بن الجوزي في التحقيق على وجوب الخطبة بهذا مع قوله صلى الله عليه وسلم صلوا كما رأيتموني أصلي قوله وهي قبل الصلاة ثم قال به وردت السنة يعني الخطبة قلت يؤخذ هذا من حديث السائب بن يزيد رواه البخاري عنه قال كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر يوم الجمعة حين يجلس الامام فلما كان عثمان وكثر الناس أمر بالاذان الثاني على الزوراء ووجهه أن الاذان لا يكون إلا قبل الصلاة فإذا كان الاذان حين يجلس الامام على المنبر للخطبة دل على أن الصلاة بعد الخطبة ويؤخذ أيضا من حديث أبي بردة بن أبي موسى الاشعري أخرجه مسلم عنه قال قال لي بن عمر أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان ساعة الجمعة قال قلت نعم سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هي ما بين أن يجلس الامام إلى أن يقضى الصلاة قال أبو بردة يعني على المبر انتهى قوله ويخطب خطبتين يفصل بينهما بقعدة به جرى التوارث قلت فيه أحاديث فأخرج البخاري ومسلم عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب
[ 236 ]
خطبتين يقعد بينهما وفي لفظ لهما كان يخطب قائما ثم يعقد ثم يقوم كما يفعلون الآن انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن جابر بن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما فمن حدثك أنه كان يخطب جالسا فقد كذب وقد والله صليت معه أكثر من ألفي صلاة انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبتين كانت يجلس إذا صعد المنبر حتى يفرغ أذان المؤذن ثم يقوم فيخطب ثم يجلس فلا يتكلم ويقوم فيخطب انتهى والعمري فيه مقال حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله من طريق بن وهب عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبدأ فيجلس على المنبر فإذا سكت المؤذن قام فخطب الخطبة الاولى ثم جلس شيئا يسرا ثم قام فخطب الخطبة الثانية حتى إذا قضاها استغفر الله ثم نزل فصلى قال بن شهاب وكان إذا قام أخذ عصا فتوكأ عليها وهو قائم على المنبر ثم كان أبو بكر الصديق وعمر وعثمان يفعلون ذلك انتهى وفي هذا المرسل وفي هذا الحديث قبله جلوسه عليه السلام على المنبر قبل الخطبة وليس ذلك في غيرهما وكل منهما يقوى الاخر قوله ويخطب قائما على الطهارة لان القيام فيها متوارث قلت تقدم في
[ 237 ]
الاحاديث المذكروة ما فيه كفاية قوله عن عثمان رضي الله عنه أنه قال الحمد لله فارتج عليه فنزل وصلى قلت غريب واشتهر في الكتب أنه قال على المنبر الحمد لله فارتج عليه فقال إن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المكان مقالا فانكم إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال وستأتي الخطبة بعد هذا والسلام وذكره الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث من غير سند فقال روى عن عثمان أنه صعد المنبر فارتج عليه فقال الحمد لله إن أول كل مركب صعب وأن أبا بكر وعمر كانا يعدان لهذا المقام مقالا وأنتم إلى إمام عادل أحوج منكم إلى إمام قائل وإن أعش تأتكم الخطبة على وجهها يعلم الله إن شاء الله قال يقال ارتج على فلان إذا أراد قولا فلم يصل إلى إتمامه انتهى حديث في الاكتفاء في الجمعة بثلاث أخرجه الدارقطني في سننه عن معاوية
[ 238 ]
بن سعيد التجيبي والوليد بن محمد والحكم بن عبد الله بن سعد قالوا حدثنا الزهير عن أم عبد الله الدوسية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجمعة واجبة على أهل كل قرية وإن لم يكونوا ثلاثة ورابعهم إمامهم انتهى وقال هؤلاء متروكون وكل من روى هذا عن الزهري متروك ولا يصح هذا عن الزهري ولا يصح سماع الزهري من الدوسية انتهى وقال عبد الحق في أحكامه لا يصح في عدد الجمعة شئ انتهى حديث الاثنان فما فوقهما جماعة رواه بن ماجة أخبرنا هشام بن عمار عن الربيع بن بدر بن عليلة عن أبيه عن جده عمرو بن جراد عن أبي موسى الاشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاثنان فما فوقهما جماعة انتهى ورواه الحاكم والبيهقي والعقيلي وأخرجه البيهقي عن أنس وأخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه بن عدي من حديث الحكم بن عمير وكلا ضعيفه أحاديث الخصوم أخرج أبو داود عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن أباه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لاسعد بن زرارة قال فقلت له فقال لانه أول من جمع بنا في نقيع الخضمات قلت كم كنتم يومئذ قال أربعين انتهى وفيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن لكن رواه البيهقي فصرح فيه بالتحديث قال البيهقي وهذا حديث حسن الاسناد صحيح فان بن إسحاق إذا ذكر سماعه وكان الراوي عنه ثقة استقام لا إسناد وأما قول الحاكم إنه على شرط مسلم فمردود لان مداره على بن إسحاق ولم يخرج له مسلم إلا متابعة انتهى
[ 239 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن جابر قال مضت السنة أن في كل ثلاثة إماما وفي كل أربعين فصاعدا جمعة وأضحى وفطر قال البيهقي هذا حديث لا يحتج به تفرد به عبد العزيز بن عبد الرحمن وهو ضعيف قوله ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا أعمى لم يذكر
[ 240 ]
المصنف فيه حديثا وفيه أحاديث ما رواه أبو داود في سننه أخبرنا عباس بن عبد العظيم العنبري عن إسحاق بن منصور عن هريم بن سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض انتهى قال أبو داود وطارق رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه انتهى قال النووي في الخلاصة وهذا غير قادح في صحته فإنه يكون مرسل صحابي وهو حجة و الحديث على شرط الصحيحين انتهى ورواه الحاكم في المستدرك عن هريم بن سفيان به عن طارق بن شهاب عن أبي موسى مرفوعا وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقد احتجا بهريم بن سفيان ورواه بن عيينة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر فلم يذكر فيه أبا موسى وطارق بن شهاب يعد في الصحابة انتهى وهريم بن سفيان قد رواه ليس فيه أبا موسى كما هو عند أبي داود ولينظر قال البيهقي في سننه هذا الحديث وإن كان فيه إرسال فهو مرسل جيد وطارق من كبار التابعين وممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وإن لم يسمع منه ولحديثه شواهد حديث آخر أخرجه البيهقي من طريق البخاري حدثني إسماعيل بن أبان ثنا محمد بن طلحة عن الحكم أبي عمرو عن ضرار بن عمرو عن أبي عبد الله الشامي عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجمعة واجبة إلا على صبي أو مملوك أو مسافر انتهى ورواه الطبراني في معجمه عن الحكم أبي عمرو به وزاد فيه المرأة والمريض
[ 241 ]
حديث أخر أخرجه البيهقي أيضا عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الجمعة واجبة إلا على ما ملكت أيمانكم أو ذي علة أنتهي حديث آخر أخرجه الدارقطني عن بن لهيعة حدثنا معاذ بن محمد الانصاري عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة يوم الجمعة إلا على مريص أو مسافر أو امرأة أو صبي أو مملوك انتهى قال النووي سنده ضعيف انتهى حديث في السفر يوم الجمعة أخرج الترمذي عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن مقسم عن أبي عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحة في سرة فوافق ذلك يوم الجمعة فغدا أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ألحقهم فلما صلى عليه السلام رآه فقال له ما منعك أن تغدو مع أصحابك قال أردت أن أصلي معه ثم ألحقهم فلو أنفقت ما في الارض ما أدركت فضل غدوتهم انتهى قال الترمذي قال شعبة لم يسمع الحكم عن مقسم إلا خمسة أحاديث ليس هذا منها انتهى وقال البيهقي تفرد به شعبة وهو ضعيف حديث آخر أخرجه أبو داود في المراسيل عن الزهري أنه عليه السلام خرج لسفر يوم الجمعة من أول النهار انتهى الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا قلت
[ 242 ]
أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا انتهى أخرجه البخاري في الاذان والجمعة ومسلم في أثناء الصلاة وأبو داود والترمذي وابن ماجة في المساجد والنسائي في سننه ولفظهم الجميع فيه وأتموا وأخرجه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثامن والتسعين من القسم الاول عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا وما فاتكم فاقضوا قال مسلم أخطأ بن عيينة في هذا اللفظة ولا أعلم رواها عن الزهري غيره وقال أبو داود قال فيه بن عيينة وحده فاقضوا وقال البيهقي لا أعلم روى عن الزهري واقضوا إلا بن عيينة وحده وأخطأ انتهى وفيما قالوه نظر فقد رواها أحمد في مسنده عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري به وقال فاقضوا رواه البخاري في كتابه المفرد غي الادب من حديث الليث عن الزهري وقال فاقضوا ومن حديث سليمان عن الزهري به نحوه ومن حديث الليث حدثنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة وسعيد عن أبي هريرة به كذلك ورواه أبو نعيم في المستخرج عن أبي داود الطيالسي عن بن أبي ذئب عن الزهري به نحوه فقد
[ 243 ]
تابع بن عيينة جماعة وبين اللفظين بون من جهة الاستدلال فاستدل بقوله فأتموا من قال إن ما يدركه المأموم هو أول صلاته واستدل بقوله فاقضوا من قال إنما يدركه هو آخر صلاته قال صاحب تنقيح التحقيق والصواب أنه ليس بين اللفظين فرق أن القضاء هو الاتمام في عرف الشارع قال الله تعالى فإذا قضيتم مناسككم وقال تعالى فإذا قضيت الصلاة انتهى وفي لفظ لمسلم صل ما أدركت واقض ما سبقك وأخرج أبو داود عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال آتوا الصلاة وعليكم السكينة فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم انتهى قال أبو رافع عن أبي هريرة وأبو ذر فاختلف عنه فروى عنه فأتموا وروى عنه فاقضوا انتهى كلامه الحديث الخامس قال عليه السلام إذا خرج الامام فلا صلاة ولا كلام قلت غريب مرفوعا قال البيهقي رفعه وهم فاحش إنما هو من كلام الزهري انتهى ورواه مالك في الموطأ عن الزهري قال خروجه يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام انتهى وعن مالك رواه محمد بن الحسن في موطئه وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن علي وابن عباس وابن عمر أنهم كانوا يكرهون الصلاة والكلام بعد خروج الامام وأخرج عن عروة قال إذا قعد الامام على المنبر فلا صلاة وعن الزهري قال في الرجل يجئ يوم الجمعة والامام يخطب يجلس
[ 244 ]
ولا يصلى انتهى وأخرج الائمة الستة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قلت لصاحبك أنصت والامام يخطب فقد لغوت انتهى وروى بن ماجة في سننه أخبرنا محرز بن سلمة العدني ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ يوم الجمعة تبارك وهو قائم فذكرنا بأيام الله وأبو ذر يغمز لي فقال متى أنزلت هذا السورة إني لم اسمعها إلا الآن فأشار إليه أن اسكت فلما انصرفوا قال سألتك متى أنزلت هذه السورة فلم تخبرني فقال أبي ليس لك من صلاتك اليوم إلا ما لغوت فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدق أبي انتهى ورواه أحمد في مسنده ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري ثنا عبد العزيز بن محمد به ورواه البزار في مسنده بسند آخر فقال ثنا إبراهيم بن زياد ثنا أسود بن عامر عن حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جمعة فذكر سورة فقال أبو ذر لابي متى أنزلت هذه السورة فأعرض عنه فلما انصرف قال ملاك من صلاتك إلا ما لغوت فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال صدق انتهى وأخرج بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والاربعين من القسم الثالث عن جابر بن عبد الله قال دخل عبد الله بن مسعود المسجد ورسوله الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى جنب أبي بن كعب فسأله عن شئ أو كلمه بشئ فلم يرد عليه فظن بن مسعود أنها موجودة فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال بن مسعود يا أبي ما منعك أن ترد علي قال لا بل لم تحضر معنا الجمعة قال ولم قال سألت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقام بن مسعود فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال صدق أبي أطع أبيا انتهى ورواه البيهقي في السنن فجعل بين أبي ذر وأبي قال ورويت بين أبي الدرداء وأبي انتهى ويشكل على
[ 245 ]
مسألة الصلاة حديث سليك الغطفاني أخرجه الائمة الستة عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أبن رجلا جاء يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال أصليت يا فلان قال لا قال صل ركعتين وتجوز فيهما وزاد فيه مسلم وقال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما انتهى وزاد فيه بن حبان في صحيحه وقال له لا تعد لمثل ذلك قال بن حبان يريد لا إبطاء لا صلاة بدليل أنه جاء في الجمعة الثانية بنحوه فأمره بركعتين مثلهما ثم أخرجه كذلك ولاصحابنا عنه جوابان أحدهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أنصت له حتى فرغ من صلاته رواه الدارقطني في سننه من حديث عبيد بن محمد العبدي ثنا معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس قال دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قم فاركع ركعتين وأمسك عن الخطبة حتى فرغ من صلاته انتهى ثم قال أسنده عبيد بن محمد العبدي ووهم فيه ثم أخرجه عن أحمد بن حنبل ثنا معتمر عن أبيه قال جاء رجل والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقال يا فلان أصليت قال لا قال قم فصل ثم انتظره حتى صلى انتهى قال وهذ المرسل هو الصواب ثم أخرجه أبي معشر عن محمد بن قيس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمره يعنى سليكا أن يصلى ركعتين وهو يخطب أمسك عن الخطبة حتى فرغ من ركعتيه ثم عاد إلى خطبته انتهى قال وهذا مرسل وأبو معشر اسمه نجيح وهو ضعيف انتهى وبهذا السند الثالث رواه بن أبي شيبة في مصنفه وهذا الجواب يرده ما في الحديث إذا جاء أحدكم والامام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين انتهى أخرجه البخاري ومسلم هكذا يروى القصة عن عمرو بن دينار عن جابر مرفوعا وأخرجه مسلم في قصة سليك كما تقدم والثاني أن ذلك كان قبل شروعه عليه السلام في الخطبة وقد بوب النسائي في سننه الكبرى على حديث سليك باب الصلاة قبل الخطبة ثم أخرجه عن أبي الزبير عن جابر قال جاء سليك قبل أن يصلى فقال له عليه السلام أركعت ركعتين قال لا قال قم فاركعهما انتهى وقد وردت هذه القصة في غير سليك روى الطبراني في معجمه ثنا أحمد بن يحيى الحلواني ثنا سعيد بن سليمان عن منصور بن بن أبي الاسود عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال دخل النعمان بن قوقل ورسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 246 ]
يخطب يوم الجمعة وقال له النبي صلى الله عليه وسلم قم صل ركعتين وتجوز فيهما وإذا جاء أحدكم والامام يخطب يوم الجمعة فليصل ركعتين وليخففهما انتهى والنعمان بن قوقل بدري وذكر أبو محمد عبد الحق في أحكامه قال وروى أبو سعيد الماليني في كتابه عن محمد بن أبي مطيع عن أبيه عن محمد بن جابر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلون والامام يخطب أنتهي قال بن القطان في كتابه وأبو سعيد الماليني اسمه أحمد بن محمد وهو الذي روى عن بن عدي كتابه الكامل قال وأبو محمد عبد الحق لم ير كتباه ذكر ذلك عن نفسه انتهى وروى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا أبو عامر العقدي حدثني عبد الله بن جعفر من ولد المسور بن مخرمة عن إسماعيل بن حمد بن سعيد بن أبي وقاص عن سائب بن زيد قال كنا نصلي في زمن عمر يوم الجمعة فإذا خرج عمر وجلس على المنبر قطعنا الصلاة وكنا نتحدث ويحدثونا ربما نسأل الرحل الذي يليه عن سوقه ومعاشه فإذا سكت المؤذن خطب ولم يتكلم أحد حتى يفرغ من خطبته مختصرا الحديث السادس قال المصنف فإذا صعد الامام المنبر جلس واذن المؤذن بين يدي المنبر بذلك جرى التوارث ولم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الاذان قلت أخرجه الجماعة إلا مسلما عن السائب بن يزيد قال كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الامام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما كان زمن عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء انتهى وفي رواية للبخاري النداء الثاني وزاد بن ماجة على دار في السوق يقال لها الزوراء وفي لفظ للبخاري إن الذي زاد التأذين الثالث يوم الجمعة عثمان بن عفان حين كثر أهل المدينة ولم يكن للنبي صلى الله عليه وسلم مؤذن غير واحد وكان التأذين يوم الجمعة حين يجلس الامام على المنبر انتهى وروى إسحاق بن راهويه في مسنده بلفظ كان النداء الذي
[ 247 ]
ذكره الله في القرآن يوم الجمعة إذا جلس الامام على المنبر في عهذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعامة خلافة عثمان فلما كثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء انتهى قال النووي إنما جعل ثالثا لان الاقامة تسمى أذانا كما جاء في الصحيح بين كل أذانين صلاة انتهى وأخرج البخاري في صحيحه في باب رجم الحبلى عن بن عباس قال جلس عمر بوم الجمعة على المنبر فلما سكت المؤذن قام فأثنى على الله تعالى وذكر الحديث أحاديث السلام عند صعود المنبر فيه أحاديث مسندة أحاديث مرسلة أما المسندة فعن جابر وابن عمر أما حديث جابر فأخرجه بن ماجة في سننه عن بن خالد ثنا بن لهيعة عن محمد بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر سلم انتهى وهو حديث واه قال بن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد الحراني عن بن لهيعة عن محمد بن زيد بن المهاجر عن محمد بن المنكدر عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صعد المنبر سلم فقال أبي هذا حديث موضوع انتهى وأما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث عيسى بن عبد الله أنصاري عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد يوم الجمعة سلم على من عند منبره من الجلوس فإذا صعد المنبر توجه إلى الناس فسلم عليهم انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بعيسى وقال عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى قال بن القطان وإذا كان كذلك فهو إذا منكر الحديث انتهى وقال بن حبان في كتاب الضعفاء يروى عن نافع مالا يتابع عليه لا يحتج به إذا انفرد انتهى وأما المرسلة فعن الشعبي وعطاء بن أبي رباح فمرسل عطاء رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عطاء قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذ صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه فقال السلام عليكم
[ 248 ]
انتهى وأما مرسل الشعبي فرواه بن أبي شيبة في مصنفه ثنا أبو أمامة ثنا مجالد عن الشعبي قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه وقال السلام عليكم وكان أبو بكر وعمر وعثمان يفعلونه انتهى أحاديث سنة الجمعة روى بن ماجة في سننه ثنا داود بن رشيد ثنا حفص بن غياث عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة وعن أبي سفيان عن جابر قالا جاء سليك الغطفاني ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصليت ركعتين قبل أن تجئ قال لا قال فصل ركعتين وتجوز فيهما انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن بن عباس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يركع من قبل الجمعة أربعا لا يفصل في شئ منهن انتهى ورواه الطبراني في معجمه وزاد فيه وأربعا بعدها وسنده واه جدا فمبشر بن عبيد معدود في الوضاعين وحجاج وعطية ضعيفان حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن إسماعيل الرازي أنبأ سليمان بن عمر بن خالد الرقي ثنا غياث بن بشير عن خصيف بن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن الحسين البغدادي ثنا سفيان القصعري ثنا محمد بن عبد الرحمن التيمي ثنا حصين بن عبد الرحمن السلمي عن عاصم بن ضمرة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه سواء وزاد يجعل التسليم في آخرهن ركعة انتهى ولم يذكر الشيخ محي الدين النووي في الباب غير حديث عبد الله بن مغفل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بين كل أذانين صلاة أخرجه
[ 249 ]
البخاري ومسلم ذكره في كتاب الصلاة وذكر أيضا حديث نافع قال كان بن عمر يطيل الصلاة قبل الجمعة ويصلي بعدها ركعتين في بيته ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك انتهى قال رواه أبو داود بسند على شرط البخاري انتهى وسنه الجمعة ذكرها صاحب الكتاب في الاعتكاف فقال السنة قبل الجمعة أربع وبعدها أربع وأشار إليها في إدراك الفريضة فقال ولو أقيمت وهو في الظهر أو الجمعة فإنه يقطع على راس الركعتين وقيل يتمها انتهى حديث آخر موقوف رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن قتادة أن بن مسعود كان يصلي قبل الجمعة أربع ركعات وبعدها أربع ركعات انتهى أخبرنا الثوري عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال كان عبد الله يأمرنا أن نصلي قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا انتهى حديث آخر موقوف رواه بن سعد في الطبقات في أواخر الكتاب أخبرنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن صافية قالت رأيت صفية بنت حي رضي الله عنها صلت أربع ركعات قبل خروج الامام للجمعة ثم صلت الجمعة مع الامام ركعتين انتهى وأما السنة التي بعدها ففي صحيح مسلم عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد الجمعة ركعتين في بيته وفي لفظ كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته انتهى وأخرج الجماعة إلا البخاري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعا فان عجل بك شئ فصل ركعتين في المسجد وركعتين إذا رجعت انتهى
[ 250 ]
باب صلاة العيدين الحديث الاول حديث مواظبته عليه السلام على صلاة العيد من غير تركه مرة قلت هذا معروف الحديث الثاني حديث الاعرابي هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع قلت أخرجه البخاري ومسلم في الايمان عن طلحة بن عبيد الله قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم من أهل نجد ثائر الرأس يسمع دوى صوته ولا نفقه ما يقول حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يسأل عن الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة فقال هل على غيرهن قال لا إلا أن تطوع وصيام شهر رمضان قال هل على غيره قال لا إلا أن تطوع وذكر له رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فقال هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع قال فادبر الرجل وهو يقول والله لا ازيد على هذا ولا انقص منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح إن صدق انتهى الحديث الثالث روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يطعم في يوم الفطر قبل أن يخرج
[ 251 ]
إلى المصلى وكان يغتسل في العيدين قلت هما حديثان فالاول أخرجه البخاري في صحيحه عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات قال وقال مرجى بن رجاء حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال حدثني أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ويأكلهن وترا انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن ثواب بن عتبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل وكان لا يأكل يوم النحر حتى يصلى ولفظ بن ماجة حتى يرجع انتهى قال الترمذي حديث غريب وقال محمد لا اعرف لثواب بن عتبة غير هذا الحديث انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وثواب بن عتبة قليل الحديث ولم يجرح بشئ يسقط به حديثه انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة ورواه الدارقطني في سننه وزاد حتى يرجع فيأكل من أضحيته قال بن القطان في كتابه وهذا الحديث عندي صحيح فإن ثواب بن عتبة المهري بصري ثقة وثقه بن معين روى عنه عباس وإسحاق بن منصور وزيادة الدارقطني أيضا صحيحه انتهى كلامه ورواه أحمد بالزيادة حديث أخر روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن أبي خالد ثنا إسحاق بن عبد الله التميمي الاودي ثنا إسماعيل بن علية عن أبي جريج عن عطاء عن بن عباس قال من السنة أن لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يوم النحر حتى يرجع انتهى وأما حديث الاغتسال في العيدين فقد تقدم في الطهارة
[ 252 ]
الحديث الرابع روى أنه عليه السلام كان له جبة فنك أصوف يلبسها في الاعياد قلت غريب وروى البيهقي في سننه من طريق الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد الاسلمي أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن شاذان ثنا أبي ثنا سعد بن الصلت عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس يوم العيد بردة حمراء انتهى وأخرجه البيهقي في المعرفة عن الحجاج بن أرطاة عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم برد أحمر يلبسه في العيدين والجمعة انتهى قوله ولا يكبر عند أبي حنيفة في طريق المصلى يعنى جهرا في عيد الفطر وعندهما يكبر اعتبارا بالاضحى وله أن الاصل في الثناء والاخفاء والشرع ورد به في الاضحى لانه يوم تكبير ولا كذلك الفطر قلت لم أجد له شاهدا وأخرج الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن نافع عن بن عمر أنه كان إذا غدا يوم الفطر ويوم الاضحى يجهر بالتكبير حتى يأتي المصلى ثم يكبر حتى يأتي الامام انتهى قال البيهقي الصحيح وفقه على ابن عمر وقد روى مرفوعا وهو ضعيف انتهى وروى الحاكم في المستدرك مروعا بلفظ إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في الطريق لم يذكر الجهر وقال غريب الاسناد والمتن ثم رواه موقوفا والمرفوع أخرجه
[ 253 ]
الدارقطني في سننه عن موسى بن محمد بن عطاء ثنا الوليد بن محمد الموقري ثنا الزهري ثنا سالم بن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى انتهى وضعفه بن القطان في كتابه فقال قال أبو حاتم في موسى بن محمد بن عطاء أبي الطاهر المقدسي كان يغرب ويأتي بالاباطيل وقال أبو زرعة كان يكذب وقال بن عدي منكر الحديث روى عن الموقري عن الزهري أحاديث مناكير وأبو الطاهر والموقري ضعيفان انتهى كلامه الحديث الخامس قال المصنف ولا يتنفل في المصلى قبل صلاة العيد لانه عليه السلام لم يفعل ذلك مع حرصه على الصلاة قلت أخرج الائمة الستة في كتبهم عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج فصلى بهم العيد لم يصل قبلها ولا بعدها انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن أبان بن عبد الله البجلي عن أبي بكر بن حفص عن بن عمر أنه خرج في يوم عيد فلم يصل قبلها ولا بعدها وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله انتهى وقال حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وصححه وأبان بن عبد الله البجلي وثقه بن معين وقال أحمد صدوق صالح الحديث وقال بن حبان كان ممن فحش خطؤه وانفرد بالمناكير وقال بن عدي لم أجد له حديثا منكر المتن وأرجو أنه لا بأس به انتهى حديث آخر رواه بن ماجة في سننه أخبرنا محمد بن يحيى عن الهيثم بن جميل
[ 254 ]
عن عبيد الله بن عمرو الرقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلى قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين انتهى وقوله ثم قيل الكراهة في المصلى خاصة وقيل فيه وفي غيره لانه عليه السلام لم يفعله قلت هذا يشهد له حديث أبي سعيد المذكور لانه نفى مطلق بخلاف ما قبله فان الراوي هناك أخبر أنه شاهده في المصلى لم يصل شيئا وقد يكون صلى في منزله الحديث السادس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى العيد والشمس على قيد رمح أو رمحين قلت حديث غريب والمصنف استدل به وبالحديث الذي بعده على أن وقت العيد من حين ارتفاع الشمس إلى زوال الشمس وأخرج أبو داود وابن ماجة عن يزيد بن خمير بضم الخاء المعجمة قال خرج عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم مع الناس يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الامام وقال أن كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح على شرط مسلم الحديث السابع روى أن النبي عليه السلاة والسلام أمر بالخروج إلى المصلى من الغد حين شهدوا بالهلال بعد الزوال قلت روى أبو داود والنسائي وابن ماجة واللفظ لابن ماجة من حديث أبي بشر جعفر بن وحشية عن أبي عمير بن أنس حدثني عمومتي من الانصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أعمى علينا هلال شوال
[ 255 ]
فأصبحنا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالامس فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد انتهى وبهذا اللفظ رواه الدارقطني وقال إسناده حسن وابن أبي شيبة في مصنفه ولفظ أبي داود والنسائي فيه أن ركبا جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشهدون أنهم رأوا الهلال بالامس فأمرهم أن يفطروا وإذا صبحوا يغدوا إلى مصلاهم انتهى ولكن يجمل اللفظ المجمل على اللفظ المعين وأخرجه بن حبان في صحيحه عن سعيد بن عامر ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن عمومة له شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم على رؤية الهلال فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوا العيد من الغد انتهى قال الدارقطني في علله هذا حديث اختلف فيه فرواه سعيد بن عامر عن شعبة عن قتادة عن أنس وخالفه غيره من أصحاب شعبة فرووه عن شعبة عن أبي بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك رواه أبو عوانة وهشيم عن أبي بشر وهو الصواب انتهى وقال بن القطان في كتابه وعندي أنه حديث يجب النظر فيه ولا يقبل إلا أن تثبت عدالة أبي عمير فإنه لا يعرف له كبير شئ وإنما حديثان أو ثلاثة لم يروها عنه غير أبي بشر ولا أعرف أحدا عرف من حاله ما يوجب قبول روايته ولا هو من المشاهير المختلف في ابتغاء مزيد العدالة على إسلامهم وقد ذكر الباوردي حديثه هذا وسماه في مسنده عبد الله وهذا لا يكفي في التعريف بحاله وفيه مع الجهل بحال أبي عمير كون عمومته لم يسموا فالحديث جدير بأن لا يقال فيه صحح انتهى كلامه وقال النووي في الخلاصة هو حديث صحيح وعمومة أبي عمير صحابة لا يضر جهالة أعيانهم لان الصحابة كلهم عدول وأسم أبي عمير عبد الله وهو أكبر أولاد أنس انتهى كلامه وأخرج أبو داود عن ربعي بن حراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال اختلف الناس في آخر يوم من رمضان فقام أعرابيا فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله لاهلا الهلال أمس عشية فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا
[ 256 ]
وأن يغدوا إلى مصلاهم انتهى ورواه الدارقطني وقال إسناده حسن ثم البيهقي وقال الصحابة كلهم ثقات سموا أو لم يسموا ورواه الحاكم في مستدركه وسمى الصحابي فقال عن ربعي بن خراش عن أبي مسعود فذكره وقال صحيح على شرطيهما ولم يخرجاه انتهى قوله ويصلى الامام بالناس ركعتين يكبر في الاولى للافتتاح وثلاثا بعدها ثم يقرأ الفاتحة وسورة ويكبر تكبيرة يركع بها ثم يبتدئ في الركعة الثانية بالقراءة ثم يكبر ثلاثا بعدها ويكبر رابعة يركع بها وهذا قول بن مسعود وهو قولنا قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن أبي إسحاق عن علقمة والاسود أن بن مسعود كان يكبر في العيدين تسعا تسعا أربع قبل القراءة ثم يكبر فيركع وفي الثانية يقرأ فإذا فرغ كبر أربعا ثم ركع أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن علقمة والاسود قال كان بن مسعود جالسا وعنده حذيفة وأبو موسى الاشعري فسألهم سعيد بن العاص عن التكبير في الصلاة العيد فقال حذيفة سل الاشعري فقال الاشعري سل عبد الله فإنه اقدمنا واعلمنا فسأله فقال بن مسعود يكبر أربعا ثم يقرأ ثم يكبر فيركع فيقوم في الثانبة فيقرأ ثم يكبر أربعا بعد القراءة انتهى طريق آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم ثنا مجالد عن الشعبي عن مسروق قال كان عبد الله بن مسعود يعلمنا التكبير في العيدين تسع تكبيرات خمس في الاولى وأربع في الآخرة ويوالي بين القراءتين وأن يخطب بعد الصلاة على راحلته انتهى وينظر الطبراني فإنه رواه من طرق أخرى قال الترمذي في
[ 257 ]
كتابه وروى عن بن مسعود أنه قال في التكبير في العيدين تسع تكبيرات في الاولى خمسا قبل القراءة وفي الثانية يبدأ بالقراءة ثم يكبر أربعا مع تكبيرة الركوع وقد روى عن غير واحد من الصحابة نحو هذا انتهى أحاديث الباب المرفوعة أخرج أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبيه عن مكحول قال أخبرني أبو عائشة جليس لابي هريرة أن سعيد بن العاص سأل أبا موسى الاشعري وحذيفة بن اليمان كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في الاضحي والفطر فقال أبو موسى كان يكبر أربعا تكبيره على الجنائز فقال حذيفة صدق فقال أبو موسى كذلك كنت أكبر في البصرة حين كنت عليهم انتهى سكت عنه أبوداو ثم المنذري في مختصره ورواه أحمد في مسنده واستل به بن الجوزي في التحقيق لاصحابنا ثم أعله بعبد الرحمن بن ثوبان قال قال بن معين هو ضعيف وقال أحمد لم يكن بالقوي وأحاديثه مناكير قال وليس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم في تكبير العيدين حديث صحيح انتهى قال في التنقيح عبد الرحمن بن ثوبان وثقه غير واحد وقال بن معين ليس به بأس ولكن أبو عائشة قال بن حزم فيه مجهول وقال بن القطان لا أعرف حاله انتهى الاحاديث الموقوفة قال بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يحيى بن سعيد عن أشعث عن محمد بن سيرين عن أنس أنه كان يكبر في العيد تسعا فذكر مثل حديث أين مسعود انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إسماعيل بن أبي الوليد ثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث قال شهدت بن عباس كبر في صالة العيد
[ 258 ]
بالبصرة تسع تكبيرات ووالى بين القراءتين قال وشهدت المغيرة بن شعبة فعل ذلك أيضا فسألت خالدا كيف كان فعل بن عباس ففسر لنا كما صنع بن مسعود في حديث معمر والثوري عن أبي إسحاق سواء انتهى قوله وقال بن عباس يكبر في الاولى للافتتاح وخمسا بعدها وفي الثانية يكبر خمسا ثم يقرأ وفي رواية يكبر أربعا في الثانية وظهر عمل العامة اليوم بقول بن عباس للامر بينه الخلفاء قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن بن جريج عن عطاء ان بن عباس كبر في عيد ثلاث عشرة سبعا في الاولى وستا في الآخرة بتكبيرة الركوع كلهن قبل القراءة انتهى أخبرنا بن إدريس ثنا بن جريج به نحوه حدثنا هشيم عن حجاج وعبد الملك عن عطاء عن بن عباس أنه كان يكبر في العيد ثلاث عشرة تكبيرة انتهى حدثنا يزيد بن هارون ثنا حميد عن عمار بن أبي عمار أن بن عباس كبر في عيد ثنتي عشرة تكبرة سبعا في الاولى وخمسا في الآخرة انتهى وكأن رواية يزيد بن هارون هذه هي الرواية الثانية عن بن عباس لانه كبر في الاولى سبعا بتكبيرة الركوع وكبر في الثانبة خمسا بتكبيرة الركوع فالجملة اثنى عشر تكبيرة والله سبحانه أعلم وقد ورد عن بن عباس ما يخالف هذا ويوافق مذهبنا فروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا هشيم ثنا خالد الحذاء عن عبد الله بن الحارث قال صلى بن عباس يوم عيد فكبر تسع تكبيرات خمسا في الاولى وأربعا في الآخرة ووالى بين القراءتين انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه وزاد فيه وفعل
[ 259 ]
المغيرة بن شعبة مثل ذلك وقد تقدم قريبا أحاديث الخصوم المرفوعة أخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي لهيعة عن عقيل عن بن شهاب عن عروة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين في الاولى بسبع تكبيرات وفي الثانية بخمس قبل القراءة سوى تكبيرتي الركوع انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال تفرد به بن لهيعة وقد استشهد به مسلم في موضعين قال وفي الباب عن عائشة وابن عمر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو والطرق إليهم فاسدة انتهى كلامه وذكر الدارقطني في علله أن فيه اضطرابا فقيل عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن الزهري وقيل عنه عن عقيل عن الزهري وقل عنه عن أبي الاسود عن عروة عن عائشة وقيل عنه عن الاعرج عن أبي هريرة قال ولاضطراب فيه من بن لهيعة انتهى كلامه وقال الترمذي في علله الكبرى سألت محمدا عن هذا الحديث فضعفه وقال لا أعلم رواه غير بن لهيعة انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة أيضا عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال النبي صلى الله عليه وسلم التكبير في الفطر سبع في الاولى وخمس في الثانية والقراءة بعدها كلتيهما انتهى زاد الدارقطني فيه وخمس في الثانية سوى تكبرة الصلاة انتهى قال بن القطان في كتابه والطائفي هذا ضعفه جماعة منهم بن معين انتهى قال النووي في الخلاصة قال الترمذي في العلل سألت البخاري عنه فقال هو صحيح انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي وابن ماجة عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر في العيدين في
[ 260 ]
الاولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القراءة انتهى قال الترمذي حديث حسن وهو أحسن شئ روى في هذا الباب انتهى وقال في علله الكبرى سألت محمدا عن هذا الحديث فقال ليس شئ في هذا الباب أصح منه وبه أقول وحديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي أيضا صحيح والطائفي مقارب الحديث انتهى قال بن القطان في كتابه هذا ليس بصريح في التصحيح فقوله هو أصح شئ في الباب يعنى أشبه ما في الباب وأقل ضعفا وقوله وبه أقول يحتمل أن يكون من كلام الترمذي أي وأنا أقول إن هذا الحديث أشبه ما في الباب وكذا قوله وحديث الطائفي أيضا صحيح يحتمل أن يكون من كلام الترمذي وقد عهد منه تصحيح حديث عمرو بن شعيب فظهر من ذلك أن قول البخاري أصح شئ ليس معناه صحيحا قال ونحن وإن خرجنا عن ظاهر اللفظ ولكن أوجبه أن كثير بن عبد الله عندهم متروك قال أحمد بن حنبل كثير بن عبد الله لا يساوي شيئا وضرب على حديثه في المسند ولم يحدث به وقال بن معين ليس حديثه بشئ وقال النسائي والدارقطني متروك الحديث وقال أبو زرعة واه الحديث وقال الشافعي هو ركن من أركان الكذب وقا بن حبان روى عن أبيه عن جده نسخة موضوعة لا يحل ذكرها في الكتاب إلا على سبيل التعجب والطائفي ضعفه ناس منهم بن معين انتهى قال بن دحية في العلم المشهور وكم حسن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهية منها هذا الحديث فان الحسن عندهم ما نزل عن درجة الصحيح ولا يرد عليه إلا من كلامه قال في علله التي في آخر كتابه الجامع والحديث الحسن عندنا ما روى من غير وجه ولم يكن شاذا ولا في إسناده من يتهم بالكذب وقد قال أحمد بن حنبل ليس في تكبير العيدين عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح وإنما أخذ مالك فيها بفعل أبي هريرة انتهى كلامه حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثني أبي عن أبيه عن جده أن
[ 261 ]
النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر في العيدين في الاولى سبعا قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القرءة انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن محمد بن عمار عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في العيدين في الاولى سبع تكبيرات وفي الآخرة خمسا انتهى وعبد الله بن محمد بن عمار قال فيه بن معين ليس بشئ حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير في العيدين في الاولى سبع تكبيرات وفي الآخرة خمس تكبيرات انتهى قال الترمذي في علله الكبرى سألت محمدا عن هذا الحديث فقال الفرج بن فضالة ذاهب الحديث والصحيح ما رواه مالك وغيره من الحفاظ عن نافع عن أبي هريرة فعله انتهى وحديث أبي هريرة هذا الذي أشار إليه البخاري رواه مالك في الموطأ عن نافع مولى بن عمر قال شهدت الاضحى والفطر مع أبي هريرة فكبر في الاولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الآخرة خمسا قبل القرءة قال مالك وهو الامر عندنا انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا إبراهيم بن أبي يحيى عن جعفر بن محمد عن أبيه قال قال علي يكبر في الاضحي والفطر والاستسقاء سبعا في الاولى وخمسا في الاخرى ويصلى قبل الخطبة ويجهر بالقراءة قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان يفعلون ذلك انتهى
[ 262 ]
الحديث الثامن حديث لا ترفع الايدي إلا في سبع مواطن وذكر منها تكبيرات العيدين قلت تقدم في صفة الصلاة وليس فيه تكبيرات العيدين قوله ثم يخطب بعد الصلاة خطبتين بذلك ورد النقل المستفيض قلت فيه أحاديث فاخرج البخاري ومسلم عن نافع عن بن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبو بكر وعمر يصلون العيد قبل الخطبة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن بن عباس قال شهدت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكلهم كانوا يصلون العيد قبل الخطبة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن عطاء هو بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال قام النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فبدأ بالصلاة قبل الخطبة فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن وهو يتوكأ على يد بلال وبلال باسط ثوبه يلقى فيه النساء الصدقة مختصر وذهل المنذري فعزاه للنسائي وترك البخاري ومسلما حديث آخر أخرجه الجماعة إلا البخاري عن طارق بن شهاب عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الاضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته أقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس وإن كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم وكان يقول تصدقوا تصدقوا
[ 263 ]
وكان أكثر من يتصدق النساء انتهى بلفظ مسلم وفي رواية البخاري فأول شئ يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظهم ويوصيهم يأمرهم الحديث بنحو ما سبق حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن الفضل بن موسى الشيباني عن بن جريج عن عطاء عن عبد الله بن السائب قال حضرت العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بنا العيد ثم قال قد قضينا الصلاة فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب انتهى قال النسائي هذا خطأ والصواب مرسل ونقل البيهقي عن بن معين أنه قال غلط الفضل بن موسى في إسناده وإنما هو عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حديثنا يحيى بن حكيم ثنا أبو بحر ثنا عبيد الله بن عمر والرقي ثنا إسماعيل بن مسلم ثنا أبو الزبير عن جابر قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام انتهى قال النووي في الخلاصة وروى عن بن مسعود أنه قال السنة أن يخطب في العيدين خطبتين فيفصل بينهما بجلوس ضعيف غير متصل ولم يثبت في تكرير الخطبة شئ ولكن المعتمد فيه القياس على الجمعة انتهى كلامه قوله فإن غم الهلال وشهد عند الامام بالهلال بعد الزوال صلى العيد من الغد لان هذا تأخير بعذر وقد ورد به الحديث قلت يشير إلى حديث أبي عمير المتقدم
[ 264 ]
في الحديث السابع من الباب أخرجه بن ماجة عنه قال حد ثني عمومتي من الانصار أنهم أغمى عليهم هلال شوال فأصبحوا صياما فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالامس فأمرهم عليه الصلاة والسلام أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد انتهى ورواه الدارقطني وقال إسناده حسن انتهى وقد تقدم الحديث التاسع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يطعم في يوم النحر حتى يرجع فيأكل من أضحيته قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن ثواب بن عتبة ثنا عبد الله بن بريدة عن بريدة كان قال كنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم الاضحى حتى يرجع زاد الدارقطني وأحمد في مسنده فيأكل من أضحيته انتهى وصححه بن القطان في كتابه وصحح الزيادة أيضا وقد تقدم في الحديث الثالث والله الموفق الحديث العاشر روى أنه عليه الصلاة والسلام كان يكبر في الطريق يعنى في عيد الاضحى قلت كأنه يريد الجهر بالتكبير كما تقدم كلامه في أوائل الباب وهذا غريب لم أجده وقد تقدم الذي وجدنا من ذلك قوله ويصلي ركعتين كالفطر كذلك نقل يعنى في عيد الاضحى قلت إن
[ 265 ]
أراد بقوله كالفطر مجرد العدد فشاهده ما أخرجه البخاري ومسلم عن الشعبي عن البراء بن عازب قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوم أضحى ألى البقيع فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وقال إن أول نسكنا في يومنا هذا أن نبدأ بالصلاة ثم نرجع فننحر فمن فعل ذلك وافق سنتنا ومن ذبح قبل ذلك فإنه شئ عجله لاهله انتهى وإن أراد عدد التكبير وترك الصلاة قبلها وبعدها وغير ذلك من الاحكام المتقدمة في عيد الفطر فقد تقدم كل حديث في موضعه قال المصنف ويخطب بعدها خطبتين لانه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك قلت تقدم في خطبة العيد أحاديث كثيرة قوله فإن كان عذر يمنع من الصلاة في يوم الاضحى صلاها من الغد وبعد الغد ولا يصليها بعد ذلك لان الصلاة موقتة بوقت الاضحية فتتقيد بأيامها لكنه مسيئ في التأخير بغير عذر لمخالفة المنقول قلت المنقول أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عيد الاضحى في اليوم العاشر من ذي الحجة ولم يرد غير ذلك في الحديث فصل في تكبيرات التشريق قوله ويبدأ بتكبير التشريق بعد صلاة الفجر من يوم عرفة ويختم عقيب صلاة
[ 266 ]
العصر من يوم النحر عند أبي حنيفة وقالا يختم عقيب صلاة العصر من آخر أيام التشريق والمسألة مختلفة بين الصحابة رضي الله عنهم فأخذا بقول علي أخذا بالاكثر إذ هو الاحتياط في العبادات وأخذ هو بقول بن مسعود أخذا بالاقل لان الجهر بالتكبير بدعة قلت أما حديث علي فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن شقيق عن علي أنه كان يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق ويكبر بعد العصر انتهى ورواه محمد بن الحسن في الآثار أخبرنا أبو حنيفة رحمه الله عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فذكره وأما حديث بن مسعود فرواه بن أبي شيبة أيضا حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن أبي الاسود قال كان عبد الله يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر يقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى حدثنا بن مهدى عن سفيان عن غيلان بن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن عبد الله أنه كان يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر انتهى وأخرج الدارقطني في سننه عن بن عمر وأبي سعيد الخدري وزيد بن ثابت وعثمان بن عفان بأسانيد عدة أنهم كانوا يكبرون بعد الظهر من يوم النحر إلى الظهر من آخر أيام التشريق انتهى أحاديث الباب المرفوعة أخرج الحاكم في المستدرك عن سعيد بن عثمان الخراز ثنا عبد الرحمن بن سعيد المؤذن ثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي وعمار قالا
[ 267 ]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم وكان يقنت في صلاة الفجر وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق انتهى وقال حديث صحيح الاسناد لا أعلم في رواته منسوبا إلى الجرح وقد روى في الباب عن جابر بن عبد الله وغيره فأما من فعل عمر وابن مسعود وابن عباس فصحيح ثم ساق الروايات عنهم وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إنه خبر واه كأنه موضوع فان عبد الرحمن صاحب مناكير وسعيد إن كان الكريزي فهو ضعيف وإلا فهو مجهول انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعر فة وقال إسناده ضعيف انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق حين يسلم من المكتوبات انتهى ثم أخرجه عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين وعبد الرحمن بن سابط عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عيه وسلم إذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول على مكانكم ويقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد فيكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق انتهى قال بن القطان جابر الجعفي سئ الحال وعمرو بن شمر أسوأ حالا منه بل هو من الهالكين قال السعدي عمرو بن شمر زائغ كذاب وقال الفلاس واه قال البخاري وأبو حاتم منكر الحديث زاد أبو حاتم وكان رافضيا يسب الصحابة روى في فضائل أهل البيت أحاديث موضوعة فلا ينبغي أن يعلل الحديث إلا بعمرو بن شمر مع أنه قد اختلف عليه فيه فرواه عنه سعيد بن عثمان وأسيد بن زيد فقالا عن عمرو بن شمر عن جابر عن أبي الطفيل عن علي وعمار ورواه مصعب بن سلام عن عمرو بن شمر فقال فيه
[ 268 ]
عن جابر عن أبي جعفر محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه علي بن حسين عن جابر بن عبد الله وروى محفوظ بن نصر عن عمرو بن شمر عن جابر عن محمد بن علي عن جابر فأسقط من الاسناد علي بن حسين وهكذا رواه عن عمرو بن شمر رجل يقال له نائل بن نجيح وقرن بأبي جعفر عبد الرحمن بن سابط وزاد في المتن كيفية التكبير انتهى كلامه ملخصا محررا قوله والتكبير أن يقول مرة واحدة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر والله الحمد وهذا هو المأثور عن الخليل عليه السلام قلت لم أجده مأثورا عن الخليل وقد تقدم مأثورا عن بن مسعود عند بن أبي شيبة بسند جيد ورواه أيضا حدثنا وكيع عن حسن بن صالح عن أبي إسحاق عن أبي الاحوص عن عبد الله أنه كان يكبر أيام التشريق الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك قال قلت لابي إسحاق كيف كان يكبر علي وعبد الله قال كانا يقولان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم قال كانوا يكبرون يوم عرفة وأحدهم مستقبل القبلة في دبر الصلاة الله أكبر الله
[ 269 ]
أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد انتهى وتقدم في حديث جابر مرفوعا نحوه عند الدارقطني بسند ضيعف أحاديث عيدين اجتمعا أخرج أبو داود والنسائي عن زيد بن أرقم قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا فصلى العيد ثم رخص في الجمعة فقال من شاء أن يصلى فليصل انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده حسن أثر عن عطاء قال صلى بن الزبير العيد يوم جمعة أول النهار ثم رحنا إلى الجمعة فلم يخرج إلينا فصلينا وحدانا وكان بن عباس بالطائف فلما قدم ذكرنا ذلك له فقال أصاب السنة أخرجه أبو داود قال النووي سنده علي شرط مسلم أثر آخر عن عثمان بن عفان أنه خطب يوم عيد فقال يا أيها الناس إن هذا يوم قد اجتمع لكم فيه عيدان فمن أحب أن ينتظر الجمعة من أهل العوالي فلينتظر ومن أحب أن يرجع فقد أذنت له أخرجه البخاري في حديث طويل باب صلاة الكسوف الحديث الاول حديث عائشة في كل ركعة ركوعان قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عروة عن عائشة قالت خسفت الشمس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبر وصف الناس وراءه فاقترأ قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم قام فاقترأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الاولى ثم كبر فركع ركوعا طويلا هو أدنى من الاول ثم قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم فعل في الركعة الاخرى مثل ذلك فاستكمل أربع ركعات وأربع سجدات وانجلت الشمس قبل أن ينصرف ثم قام فخطب الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم
[ 270 ]
قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة انتهى أحاديث الباب حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث عائشة وأخرجا نحوه من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ولفظ مسلم فيه عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال لما انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودي الصلاة جامعة فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين في سجدة ثم قام فركع ركعتين في سجدة ثم جلى عن الشمس فقالت عائشة ما ركعت ركوعا ولا سجدت سجودا كان أطول منه قط انتهى وكذلك لفظ الخباري وانفرد مسلم بحديث جابر أخرجه عن أبي الزبير عنه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر فصلى بأصحابه فأطال القيام حتى جعلوا يخرون ثم ركع فاطال ثم رفع فأطال ثم ركع فأطال ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحوا من ذلك فكانت أربع ركعات وأربع سجدات مختصر وانفرد البخاري بحديث أسماء مبينا فيه الصلاة أربع ركعات وأربع سجدات ورواه مسلم يبين فيه الصلاة وأما حديث الثلاث ركعات في كل ركعة فأخرجه مسلم عن عطاء عن جابر قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ست ركعات بأربع سجدات وأخرجه أيضا عن عائشة نحوه وأخرجه مسلم عن طاوس عن بن عباس أنه عليه السلام صلى في الكسوف فقرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم قرأ ثم ركع ثم سجد قال والاخرى مثلها انتهى وفي لفظ صلى ثمان ركعات وأربع سجدات وعن علي مثل ذلك انتهى لم يذكر حفظ حديث على ولكنه أحال على ما قبله وأما حديث الخمس ركعات في كل ركعة فأخرجه أبو داود في سننه عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 271 ]
صلى بهم في كسوف الشمس فقرأ سورة من الطوال وركع خمس ركعات وسجد سجدتين وفعل في الثانية مثل ذلك ثم جلس يدعو حتى تجلى كسوفها وأبو جعفر الرازي عيسى بن عبد الله بن ماهان فيه مقال قال النووي في الخلاصة لم يضعفه أبو داود وهو حديث في إسناده ضعف انتهى كلامه الحديث الثاني حديث انب عمر في كل ركعة ركوع قلت لم أجده من رواية بن عمر وإنما وجدناه عن بن عمرو بن العاص ولعله تصحف على المصنف أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي في الشمائل عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه لم يكد يركع ثم ركع فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع وفعل في الركعة الاخرى مثل ذلك زاد النسائي من القيام والركوع والسجود والجلوس وساق الحديث ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح ولم يخرجاه من أجل عطاء بن السائب انتهى وكان ينبغي للمنذري حين قال أخرجه الترمذي أن يقيده بالمسائل بل أطلق وليس بجيد قال المنذري وقد أخرج البخاري لعطاء حديثا مقرونا بأبي بشر وقال أيوب هو ثقة وقال بن معين لا يحتج بحديثه وفرق الامام أحمد وغيره بين من سمع منه قديما وحديثا انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام كل من روى عن عطاء بن السائب روى عنه في الاختلاط إلا شعبة وسفيان انتهى قلت وأصحاب السنن أخرجوه عن حماد عن عطاء خلا النسائي فإنه أخرجه في رواية عن شعبة عن عطاء به وليس متنه بصريح في
[ 272 ]
الركعتين ولفظه قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع فأطال قال سمعته وأحسبه قال في السجود نحو ذلك وساق الحديث أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن ثعلبة بن عباد عن سمرة بن جندب قال بينا أنا وغلام من الانصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانتت الشمس قيد رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الافق اسودت حتى آضت كأنها تنومة فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليحدثن شأن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حدثا قال فدفعنا فإذا هو بارز فاستقدم فصلى بنا فقام كأطول ما قام بنا في صلاة قط لان نسمع له صوتا قال ثم ركع كأطول ما ركع بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم فعل في الركعة الاخرى مثل ذلك قال فوافق تجلى الشمس جلوسه في الركعة الثانية ثم سلم فحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبده ورسوله انتهى حديث آخر أخرجه النسائي عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا خسفت الشمس والقمر فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال على شرطهما وينظر لفظهما وتكلموا في سماع أبي قلابة من النعمان قال بن أبي حاتم في علله قال أبي قال يحيى بن معين أبو قلابة عن النعمان بن بشير مرسل قال أبي قد أدرك أبي قلابة النعمان بن بشير ولا أعلم أسمع منه أو لا وقد رواه عفان عن عبد الوارث عن أيوب عن أبي قلابة عن رجل عن النعمان وقال بن القطان في كتابه هذا حديث قد اختلف في إسناده فروى عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير
[ 273 ]
وروى عنه عن قبيصة بن المخارق الهلالي وروى عنه عن هلال بن عامر عن قبيصة بن المخارق انتهى قال النووي في الخلاصة ورواه أبو داود بلفظ كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلى ركعتين ويسأل عنها حتى انجلت قال وإسناده صحيح إلا أنه بزيادة رجل بين أبي قلابة والنعمان ثم اختلف في ذلك الرجل انتهى كلامه حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن الحسن عن أبي بكرة قال خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج يجر رداءه حتى انتهى إلى المسجد وثاب الناس إليه فصلى بهم ركعتين فانجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وأنهما لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده فإذا كان ذلك فصلوا حتى ينكشف ما بكم انتهى ورواه النسائي وقال فيه فصلى بهم ركعتين كما تصلون ورواه بن حبان في صحيحه وقال فيه فصلى بهم ركعتين مثل صلاتكم قال بن حبان مثل صلاتكم في الكسوف ووهم النووي في الخلاصة فعزا هذا الحديث للصحيحين وإنما انفرد به البخاري حديث آخر أخرجه مسلم عن عبد الرحمن بن سمرة قال كنت أرمى بأسهم لي بالمدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كسفت الشمس فنبذتها وقلت والله لانظرن إلى ما حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس قال فانتهيت إليه وهو رافع يديه فجعل يسبح ويحمد ويهلل ويكبر ويدعو حتى حسر عنها فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين وفي لفظ قال فأتيته وهو قائم في الصلاة رافع يديه فجعل يسبح ويحمد ويهلل إلى آخره وظاهر هذين الحديثين أن الركعتين بركوع واحد وقد تكلفوا للجواب عنهما فقال النووي قوله وصلى ركعتين يعنى في كل ركعة قيامان وركوعان انتهى وقال القرطبي يحتمل أنه إنما أخبر عن حكم ركعة واحدة وسكت عن الاخرى وفي هذين الجوابين إخراج اللفظ عن ظاهرة وهو لا يجوز إلا بدليل وأيضا فلفظ النسائي كما تصلون وابن حبان مثل صلاتكم يرد
[ 274 ]
ذلك وتأوله المازري على أنها كانت صلاة تطوع لا كسوف فإنه إنما صلى بعد الانجلاء وابتداؤها بعد الانجلاء لا يجوز وضعفه النووي بمخالفته للرواية الاخرى قال بل يحمل قوله فانتهيت إليه وهو رافع يديه على أنه وجده في الصلاة كما في الرواية الاخرى فأتيته وهو قائم في الصلاة وكانت السورتان بعد الانجلاء وهذا لا بد منه جمعا بين الروايتين انتهى وذكر القرطبي ما ذكره المازري أيضا ثم قال لكن ورد في أبي داود عن النعمان بن بشير قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يصلى ركعتين ويسأل عنها حتى تجلت الشمس قال وهو معتمد قوى للكوفيين غير أن أحاديث الركعتين في كل ركعة أصح وأشهر ويحمل هذا على أنه بين الجواز وذلك هو السنة انتهى وقد غفل القرطبي عن حديث أبي بكرة عند البخاري كما تقدم وفيه فصلى بهم ركعتين والله أعلم حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة الهلالي قال كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فزعا يجر ثوبه وأنا معه يومئذ بالمدينة فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام ثم انصرف وقد انجلت فقال إنما هذه الآيات يخوف الله بها عباده فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث صلاة صليتموها من المكتوبة انتهى ثم رواه حدثنا أحمد بن إبراهيم ثنا ريحان بن سعيد ثنا عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر أن قبيصة الهلالي حدثه أن الشمس كسفت بمعنى حديث موسى ولم يسق المتن ورواه الحاكم في المستدرك بالسند الاول وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال والذي عندي أنهما عللاه بحديث يرويه ريحان بن سعيد عن عباد بن منصور عن أيوب عن أبي قلابة عن هلال بن عامر عن قبيصة قال وهذا لا يعلل حديثا رواه موسى بن إسماعيل عن وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن قبيصة انتهى كلامه ورواه النسائي في سننه بسند آخر فقال حدثنا إبراهيم بن يعقوب ثنا عمرو بن عاصم أن جده عبيد الله بن الوازع حدثه حديث أيوب السختياني عن أبي قلابة عن قبيصة بن مخارق الهلالي قال كسفت الشمس ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة
[ 275 ]
فذكره بلفظ أبي داود سواء قال البيهقي بعد أن رواه بالسند الاول سقط بين أبي قلابة وقبيصة رجل وهو هلال بن عامر قال النووي في الخلاصة وهذا لا يقدح في صحة الحديث فان هلالا ثقة انتهى قال البيهقي وسياق هذا الحديث وسائر الاحاديث الواردة بركعتين يدل على أن المراد الاخبار عن صلاته عليه الصلاة والسلام يوم الكسوف يوم مات إبراهيم وقد أثبت جماعة من حفاظ الصحابة عدد ركوعه في كل ركعة فهو أولى بالقبول انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق كل ما ورد أنه صلى ركعتين فهو محمول على أنه كان في كل ركعة ركوعان وقوله مثل صلاتنا أو مثل صلاتكم ظن من الراوي انتهى أحاديث خسوف القمر تقدم في الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وفي لفظ فافزعوا إلى الصلاة أخرجاه من حديث عائشة ومن حديث بن عمر وأخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله وأخرجاه أيضا من حديث أبي مسعود الانصاري والحاكم من حديث النعمان بن بشير فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلي وللبيهقي من حديث أبي بكرة فإذا خسف واحد منهما فصلوا وقد ورد أنه عليه الصلاة والسلام صلى في خسوف القمر كما أخرجه الدارقطني في سننه عن ثابت بن محمد الزاهد ثنا سفيان بن سعيد عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس والقمر ثمان ركعات في أربع سجدات انتهى وإسناده جيد سكت عنه عبد الحق في أحكامه ثم بن القطان بعده وقال إن ثابت بن محمد الزاهد صدوق
[ 276 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات قال بن القطان فيه سعيد بن حفص ولا أعرف حاله انتهى قوله لان المسنون استيعاب الوقت بالصلاة والدعاء قلت أخرج البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فادعوا الله وصلوا حتى تنكشف انتهى وللبخاري عن أبي بكرة مرفوعا نحوه وقد تقدم ولمسلم عن أبي مسعود الانصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه وله أيضا من حديث عائشة فإذا رأيتم كسوفا فاذكروا الله حتى تنجلي وفي لفظ له صلوا حتى يفرج عنكم وله أيضا من حديث جابر بن عبد الله قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم ابنه فقال الناس إنما انكسفت لموت إبراهيم فقال يا أيها الناس إنما الشمس والقمر أيات من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد من الناس فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي مختصر وأخرج أبو داود عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم إلى أن قال ثنا جلس كما هو مستقبل القبلة يدعو حتى تجلى كسوفها مختصر وأبو جعفر الرازي عيسى بن عبد الله بن ماهان اختلف قولهم فيه الحديث الثالث روت عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر في ركعتي الكسوف بالقراءة قلت أخرجه البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة قالت جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الخسوف بقرءاته فإذا فرغ من قراءته فركع وإذا رفع من الركعة قال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف أربع
[ 277 ]
ركعات في ركعتين وأربع سجدات انتهى لم يقل فيه مسلم ثم يعاود القراءة في صلاة الكسوف وللبخاري من حديث أسماء بنت أبي بكر قالت جهر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف ورواه أبو داود ولفظه إن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ قراءة طويلة فجهر بها يعني في صلاة الكسوف انتهى ورواه الترمذي ولفظه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الكسوف فجهر فيها بالقراءة انتهى وحسنه وصححه ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس ولفظه قالت كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات وجهر بالقراءة انتهى وفي هذه الالفاظ ما يدفع قول من يفسر لفظ الصحيحين بخسوف القمر كما سيأتي في الحديث الذي بعد هذا الحديث الله عز وجل الحديث الرابع روى بن عباس وسمرة الاخفاء بالقراءة في صلاة الكسوف قلت أما حديث بن عباس فرواه أحمد في مسنده وكذلك أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا حسبن موسى الاشيب أنبأ بن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن عكرمة عن بن عباس قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم الكسوف فلم أسمع منه فيها حرفا من القراءة انتهى ورواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة عكرمة من طريق الواقدي ثنا عبد الحميد بن جعفر عن يزيد بن أبي حبيب به ورواه الطبراني في معجمه ثنا علي بن المبارك ثنا زيد بن المبارك ثنا موسى بن عبد العزيز ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس قال صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس فلم أسمع له قراءة انتهى ورواه البيهقي في المعرفة من طريق بن لهيعة كما رواه أحمد ومن طريق الحكم بن أبان كما رواه الطبراني ومن طريق الواقدي كما رواه أبو نعيم ثم قال وهؤلاء وإن كانوا لا يحتج بهم ولكنهم عدد وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن بن عباس أنه عليه السلام قرأ نحوا من سورة البقرة هكذا أخرجاه في الصحيحين قال الشافعي فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره ويدفع حمله عل البعد رواية الحكم بن أبان صليت إلى جنبه ويوافق أيضا رواية محمد بن إسحاق بإسناده عن عائشة قالت فحزرت قراءته ويوافق أيضا حديث
[ 278 ]
سمرة بن جندب وإنما الجهر عن الزهري فقط وهو وإن كان حافظا فيشبه أن يكون العدد أولى بالحفظ من الواحد انتهى كلامه حديث آخر إلا أنه غير صريح وهو الذي أشار إليه البيهقي أخرجه البخاري ومسلم عن بن عباس قال انخسفت الشمس فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع وساق الحديث وقد تقدم قال الشافعي فه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ إذ لو سمعه لم يقدره بغيره هكذا نقله البهقي عنه وقال القرطبي في شرح مسلم هذا دليل لمن قال يخفى القراءة لانه لو جهر لعلم ما قرأ وقال المنذري في حواشيه هذا الحديث يدل على الاسرار وقياسه على قول عائشة في حديث آخر فحزرت قراءته قال فقيل فعله لبيان الجواز وقيل يقدم المثبت على النافي وقيل يحتمل أن يكون جهر في خسوف القمر وفيه نظر لان حديث عائشة قدر جاء فيه ما يدل على أنه في كسوف الشمس ولم يحفظ أنه عليه السلام جمع في خسوف القمر إنما هو شئ روى عن بن عباس انتهى كلامه وقال بن تيمية في المنتقى يحمل حديث الاخفاء على أنه لم يسمعه لبعده لما ورد في رواية مبسوطة أتينا والمسجد قد امتلا انتهى واعلم أن الحديث غير صريح في الاخفاء وإن كان العلماء كلهم يحملوه عليه ولكن قد ينسى الانسان الشئ المقروء بعينيه وهو مع ذلك ذاكر لقدره فيقول قرأ فلان نحو سورة البقرة وهو قد سمع ما قرأ ثم نيسه والله أعلم وأما حديث سمرة فأخرجه أصحاب الاربعة عن الاسود بن قيس حدثني ثعلبة بن عباد العبدي قال قال سمرة بن جندب بينما أنا وغلام من الانصار نرمي غرضين لنا حتى إذا كانت الشمس وقد تقدم بتمامه في أول الباب وللفظ لابي داود واختصره الباقون ولفظهم قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف لا يسمع له صوتا انتهى ولفظ النسائي في كسوف الشمس وقال الترمذي حديث
[ 279 ]
حسن صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والثلاثين من القسم الخامس مطولا بلفظ أبي داود ورواه الحاكم في المستدرك مطولا ومختصرا وقال حديث صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه انتهى قال بن حبان وكان سمرة في أخريات الناس فلذلك لم يسمع صوت النبي صلى الله عليه وسلم انتهى وقد تقدم إبطال هذا الحديث الخامس قال عليه الصلاة والسلام إذا رأيتم من هذه الافزاع شيئا فارغبوا إلى الله بالدعاء قلت غريب بهذا اللفظ وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة فإذا رأيتموها فادعوا الله وصلوا وأخرجا أيضا عن أبي موسى الاشعري فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه وأخرجا أيضا عن عائشة وإذا رأيتموهما فكبروا وادعوا وصلوا الحديث السادس وقال عليه الصلاة والسلام فاذكروا الله واستغفروه قلت غريب أيضا بهذا اللفظ وفي الصحيحين عن أبي موسى الاشعري فإذا رأيتم شيئا من ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره وللبخاري من حديث بن عمر فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله قال بن حبان في صحيحه المراد بذكر الله في الحديث الصلاة لانها تشمتل على ذكر الله فسميت به كقوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله انتهى قوله والسنة في الادعية تأخيرها عن الصلاة قلت أخرج الترمذي في جامعه في كتاب الدعوات والنسائي في كتاب اليوم واليلة عن عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال جوف الليل الاخير ودبر الصلوات المكتوبات انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه عبد الرزاق مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني عبد الرحمن بن سابط به قال بن القطان في
[ 280 ]
كتابه واعلم أن ما يرويه عبد الرحمن بن سابط عن أبي أمامة ليس بمتصل وإنما هو منقطع لم يسمع منه واختلفوا في حديثه عن جابر فقال بن أبي حاتم إنه متصل وزعم بن معين أنه مرسل وكذلك عن أبي ي أمامة قال عباس الدوري قلت ليحي سمع من أبي أمامة قال لا قيل سمع من جابر قال لا هو مرسل كان مذهب يحيى أنه يرسل عنهم ولم يسمع منهم انتهى كلامه حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن معاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا معاذ والله إني لاحبك وأوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك انتهى قال النووي في الخلاصة إسناده صحيح انتهى حديث أخر قال البخاري رحمه الله في تاريخه الوسط في باب العين المهملة في ترجمة عبد الله قال بن إسماعيل ثنا حماد عن الجريري وداود بن عون عن أبي سعيد عن وراد مولى المغيرة عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو في دبر كل صلاة انتهى الحديث السابع وقال عليه الصلاة والسلام إذا رأيتم شيئا من هذا الاهوال فافزعوا إلى الصلاة قلت غريب هذا اللفظ وللبخاري ومسلم في حديث عائشة فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصلاة والمصنف احتج على أن خسوف القمر ليس فيه جماعة وإنما يصلى كل واحد لنفسه وليس فيه مطابقة قوله وليس في الكسوف خطبة لانه لم ينقل قلت هذا غلط ففي الصحيحين من حديث أسماء ثم انصرف بعد أن تجلت الشمس فقام فخطب الناس فحمد الله واثنى عليه بما هو أهله ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات
[ 281 ]
الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن يخوف الله بهما عباده ما من شئ كنت لم أره إلا وقد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ولقد أوحى إلى أنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبا من فتنة الدجال يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن فيقول محمد رسول الله جاء بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له ثم صالحا فقد علمنا أنك كنت لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون قولا فقلته وأخرجا من حديث بن عباس فقال إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لاكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار فلم أر كاليوم منظر قط ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا بم يا رسول الله قال يكفرن العشير ويكفرن الاحسان لو أحسنت إلى إحدهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك شيئا قط وأخرجا أيضا عن عائشة أنه قال يا أمة محمد ما من أحد أغير من الله أن يزين عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وإني رأيت في مقامي هذا كل شئ وعدتم حتى لقد رأيتني أريد أن آخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم في صلاتي ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني تأخرت ورأيت فيها عمر بن لحي وهو أول من سيب السوائب وأخرج مسلم عن جابر ولقد جئ بالنار حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها وحتى رأيت فيها صاحب المحجن يجر قصبه في النار كان يسرق الحاج بمحجته فان فطن له قال إنما تعلق بمحجني وإن غفل عنه ذهب به وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الارض حتى ماتت جوعا وعطشا ثم جئ بالجنة وذلك حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه ثم بدا لي أن لا أفعل فمامن شئ توعدوه إلا قد رأيته في صلاتي هذه وأخرج أحمد في حديث سمرة بن جندب فحمد الله وأثنى عليه وشهد أنه عبد الله ورسوله ثم قال أيها الناس أنشدكم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شئ من تبليغ رسالات ربي لما أخبرتموني ذلك قال فقام رجال فقالوا نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لامتك وقضيت الذي عليك ثم قال أما بعد فان رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الارض وأنهم قد كذبوا ولكنها آيات من آيات الله يعتبر بها عباده فينظر من يحدث له منهم توبة وأيم الله لقد رأيت منذ قمت
[ 282 ]
أصلي ما أنتم لا قوه في أمر دنياكم وآخرتكم وأنه والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الاعور الدجال وأنه متى يخرج فسوف يزعم أنه الله تعالى فمن آمن به وصدقه واتبعه لم ينفعه عمل صالح من عمل سلف ومن كفر به وكذبه لم يعاقب بشئ من عمله سلف وأنه سوف يظهر على الارض كله إلا الحرم وبيت المقدس وأنه يسوق الناس إلى بيت المقدس فيحصرون حصرا شديدا قال فيصبح فيهم عيسى بن مريم فيقتله وجنوده حتى إن جذم الحائط وأصل الشجرة لينادي يا مسلم هذا كافر تعال فاقتله ولن يكون ذلك حتى يروا أمورا يتفاقم شأنها في أنفسكم فتتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها شيئا ثم على أثر ذلك الموت وكذلك رواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه أخرج بن حبان في صحيحه في حديث عمرو بن العاص فقام فحمد الله وأثنى عليه وقال لقد عرضت على الجنة حتى لو شئت لتعاطيت قطفا من قطوفها وعرضت على النار حتى جعلت ألقيها حتى خفت أن يغشاكم فجعلت أقول ألم يعدني أن لا يعذبهم وأنا فيهم ألم يعدني أن لا يعذبهم وهم يستغفرون ورأيت فيها الحميرية السوداء صاحبة الهرة كانت حبستها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الارض ورأيت فيها صاحب بدنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخا دعدع يدفع في النار بقصبته ورأيت صاحب المحجن متكئا في النار على محجنه وأجاب الاصحاب عن ذلك أكله لانه عليه الصلاة والسلام لم يقصد الخطبة وإنما قال ذلك دفعا لقول من قال إن الشمس انكسفت لموت إبراهيم وإخبارا بما رآه من الجنة والنار واستضعفه الشيخ تقي الدين فقال إن الخطبة لا ينحصر مقاصدها في شئ معين سيما وقد ورد أنه صعد المنبر وبدأ بما هو المقصود من الخطبة فحمد الله واثنى عليه ووعظ وذكر وقد يتفق دخول بعض هذه الامور في مقاصدها مثل ذكر الجنة والنار وكونهما من آيات الله بل هو كذلك جزما انتهى قلت وصعود المنبر رواه النسائي وأحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه
[ 283 ]
ولفظهم ثم انصرف بعد أن تجلت الشمس فقام فصعد المنبر فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أن الشمس والقمر الحديث وبمذهبنا قال الامام أحمد إن الخطبة لا تسن في الكسوف وأجابوا بما أجاب به أصحابنا نقله بن الجوزي في التحقيق والله الموفق باب الاستسقاء الحديث الاول روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه استسقى ولم لم يرو عنه الصلاة قلت أما استسقاءه عليه السلام فصحيح ثابت وأما إنه لم يرو عنه الصلاة فهذا غير صحيح بل صح أنه صلى فيه كما سيأتي وليس في الحديث أنه استسقى ولم يصل بل غاية ما يوجد ذكر الاستسقاء دون ذكر الصلاة ولا يلزم من عدم ذكر الشئ عدم وقوعه فهذا كما رد على الشافعي في إيجابه العمرة بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الخثعمية أن تقضى الحج عن أبيها ولم يأمرها بقضاء العمرة عنه فأجاب البيهقي رحمه الله بأن الحديث قد يكون فيه ذكر العمرة ولكن حفظ الراوي بعضه ونسي بعضه أو حفظه كله ولكن أدى البعض وترك البعض يقع ذلك بحسب السؤال والحاجة والله أعمل فما ذكر فيه الاستسقاء دون الصلاة ما أخرجه البخاري ومسلم عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس أن رجلا دخل المسجد في يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادع الله يغثنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم أغثنا اللهم أغثنا اللهم أغثنا قال أنس فلا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت فلم يزل المطر إلى الجمعة الاخرى قال ثم جاء رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة
[ 284 ]
ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الاموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها عنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ثم قال اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والظراب وبطن الاودية ومنابت الشجر قال فانقلعت وخرجنا نمشي في الشمس قال شريك فسألت أنس بن مالك أهو الرجل الاول قال لا أدري انتهى وفي لفظ للبخاري فقام إليه ذلك الرجل أو غيره وفي لفظ ثم جاء الرجل فقال يا رسول الله بشق المسافر ومنع الطريق وفي لفظ ثم جاء فقال تهدمت البيوت وفي هذين اللفظين أن القائل رجل واحد وفيما تقدم شك وتردد ومما ورد فيه ذكر الصلاة مع الاستسقاء ما أخرجه الائمة الستة عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد بن عاصم أن رسو الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس يستسقي فصلى بهم ركعتين وحول رداءه ورفع يديه فدعى واستسقى واستقبل القبلة انتهى زاد البخاري فيه جهر فيهما بالقراءة وليس هذا عند مسلم الحديث الثاني روى بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الاستسقاء ركعتين كصلاة العيد قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة قال أرسلني الوليد بن عتبة وكان أمير المدينة إلى بن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلا متواضعا متضرعا حتى أتى المصلى فلم يخطب خطبتكم هذه ولكن لم يزل في الدعاء والتضرع والتكبير وصلى ركعتين كما كان يصلى في العيد انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه قال المنذري في مختصره رواية إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبي عباس وأبي هريرة مرسلة انتهى ورواه بن
[ 285 ]
حبان في صحيحه في النوع الرابع من القسم الخامس من حديث هشام بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال أرسلني أمير من الامراء إلى بن عباس أساله عن صلاة الاستسقاء الحديث وهكذا في لفظ النسائي وهشام هو بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة فنسبه بجده وترك اسم أبيه فإن الباقين قالوا عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال أرسلني الحديث حديث آخر أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلى فاستسقى واستقبل القبل وقلب وفي لفظ لهما وحول رداءه وصلى ركعتين انتهى قال البخاري في صحيحه كان بن عيينة يقول عبد الله بن زيد هذا بن عبد ربه صاحب الاذان وهو وهم منه بل هو عبد الله بن زيد بن عاصم المازني والاول كوفي انتهى وزاد البخاري في صحيحه في هذا الحديث جهر فيهما بالقراءة وأعلم أن المصنف رحمه الله لو اقتصر على قوله صلى في الاستسقاء ركعتين لكان أولى لان الشافعي رحمه الله احتج بقوله كصلاة العيد على أنه يكبر فيها تكبير التشريق على أنه قد جاء مصرحا به في حديث أخرجه الحاكم في المستدرك والدارقطني ثم البيهقي في السنن عن محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن طلحة قال أرسلني مروان إلى بن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء فقال سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه وصلى ركعتين كبر في الاولى سبع تكبيرات وقرأ بسبح اسم ربك الاعلى وقرأ في الثانية هل أتاك حديث الغاشية وكبر فيها خمس تكبيرات انتهى قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه والجواب عنه من وجهين أحدهما ضعف الحديث فان محمد بن
[ 286 ]
عبد العزيز هذا قال فيه البخاري منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث وقال أبو حاتم ضعيف الحديث ليس له حديث مستقيم وقال بن حبان في كتاب الضعفاء يروى عن الثقات المعضلات وينفرد بالطامات عن الاثبات حتى سقط الاحتجاج به انتهى وقال بن القطان في كتابه هو أحد ثلاثة إخوة كلهم ضعفاء محمد وعبد الله وعمران بنو عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وأبوهم عبد العزيز مجهول الحال فاعتل الحديث بهما انتهى كلامه الثاني أنه معارض بحديث رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا مسعدة بن سعد العطار ثنا إبراهيم بن المنذر ثنا محمد بن فليح حدثني عبد الله بن حسين بن عطاء عن داود بن بكر بن أبي الفرات عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى فخطب قبل الصلاة واستقبل القبلة وحول رداءه ثم نزل فصلى ركعتين لم يكبر فيهما إلا تكبيرة انتهى حديث آخر وروى فيه أيضا حدثنا مصعب بن إبراهيم بن حمزة ثنا أبي ثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبيد الله بن أخي الزهري عن عمه عن كثير بن العباس أن عبد الله بن عباس كان يحدث عن صلاة النبي صلى الله عيه وسلم الكسوف قال لم يزد على ركعتين مثل صلاة الصبح انتهى الحديث الثالث روى أنه عليه السلام خطب في الاستسقاء قلت ما أخرجه بن ماجة في سننه عن النعمان بن راشد عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقى فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه ثم قلب رداءه فجعل الايمن على الايسر والايسر على الايمن انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال تفرد به النعمان بن راشد عن الزهري انتهى قال البخاري هو صدوق لكن في
[ 287 ]
حديثه وهم كبير انتهى حديث أخر روى أحمد في مسنده من طريق مالك عن عبد الله بن بكر عن عباد بن تميم عن عمه عبد الله بن زيد قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فبدا بالصلاة قبل الخطبة ثم استقبل القبلة فدعى فلما أراد أن يدعو أقبل بوجهه إلى القبلة وحول رداءه انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن سعيد الانصاري عن عبد الله بن أبي بكر به بلفظ فخطب الناس ثم استقبل القبلة إلى آخره حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدأ حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله عزوجل ثم قال إنكم شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله سبحانه أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوتا وبلاغا إلى حين ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب وحول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت عليه الصلاة والسلام مسجده حتى سألت السيول فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك حتى بدت نواجذه فقال أشهد أن الله على كل شئ قدير وأني عبد الله ورسوله انتهى قال أبو داود حديث غريب وإسناده جيد انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني عشر من القسم الخامس والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وهذا كلام مشتمل على الحمد والثناء
[ 288 ]
والموعظة والدعاء سيما وقد قاله على المنبر وفي حديث أبي داود أنه بدأ بالخطبة قبل الصلاة وفي الحديثين الماضيين العكس ولعلهما واقعتان والله أعلم وبمذهب الصاحبين أخذ الشافعي أن الخطبة تسن في الاستسقاء وقال أحمد لا تسن واحتجوا له بحديث إسحاق بن كنانة المتقدم وفيه فلم يخطب خطبتكم هذه وبه قال الامام قلنا مفهومة أنه خطب لكنه لم يخطب خطبتين كما يفعل في الجمعة ولكنه خطب خطبة واحدة فلذلك نفى النوع ولم ينف الجنس ولم يرو أنه خطب خطبتين فلذلك قال أبو يوسف يخطب خطبة واحدة ومحمد يقول يخطب خطبتين ولم أجد له شاهدا والله أعلم وهذه الاحاديث تدفع تأويل الخطبة بأنها كانت خطبة الجمعة وكان الاستسقاء في ضمنها إجابة للسائل كما تقدم للبخاري ومسلم عن أنس دخل رجل المسجد يوم جمعة والنبي صلى الله عليه وسلم قائم يخطب الحديث الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم استقبل القبلة وحول رداءه قلت تقدم في حديث عبد الله بن زيد فاستسقى وحول رداءه رواه الائمة الستة وفي لفظ للبخاري ومسلم وقلب رداءه وللبخاري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال جعل اليمين على الشمال وفي لفظ لاحمد في مسنده وحول رداءه فقلبه ظهرا لبطن وعند أبي داود قال استسقى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت قلبها على عاتقه وزاد أحمد وتحول الناس معه قال الحاكم على شرط مسلم وهذا اللفظ فيه الجمع بين الروايات لان القلب غير التحويل ولكن الثوب إذا كان له طرفان كالكساء ونحوه يمكن فيه الجمع بين القلب والتحويل والله أعلم وقول المصنف رحمه الله
[ 289 ]
ولا يقلب القوم أرديتهم لان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه أمرهم بذلك مشكل لان عدم النقل ليس دليلا على عدم الوقوع وأيضا فالقوم قد حولها بحضرته عليه الصلاة والسلام ولم ينكر عليهم وتقرير الشارع حكم كما ورد في مسند أحمد في حديث عبد الله بن زيد أنه عليه السلام حول رداءه فقلبه ظهرا لبطن وتحول الناس معه فائدة ذكر العلماء أن تحويل الرداء من النبي صلى الله عليه وسلم كان تفاؤلا لانه انتقال من هيئة إلى هيئة وتحول من شئ إلى شئ ليكون ذلك علامة لانتقالهم من الحدب إلى الخصب وتحولهم من الشدة إلى الرخاء قلت قد جاء ذلك مصرحا به في مستدرك الحاكم من حديث جابر وصححه وفيه وحول رداءه ليتحول القحط وكذلك رواه الدارقطني في سننه وفي الطوالات للطبراني من حديث أنس ولكن قلب رداءه لكي ينقلب القحط إلى الخصب وفي مسند إسحاق بن راهويه لتتحول السنة من الجدب إلى الخصب ذكره من قول وكيع باب صلاة الخوف الحديث الاول روى بن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف على هذه الصفة يعنى أنه جعل الناس طائفتين طائفة خلفه وطائفة على وجه العدو فصلى
[ 290 ]
بتلك الطائفة ركعة وسجدتين فلما رفع رأسه من السجدة الثانية مضت الطائفة التي خلفه إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الآخرة فصلى بهم ركعة وسجدتين وتشهد وسلم ولم يسلموا وذهبوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الاولى فصلوا ركعة وسجدتين وحدانا بغير قراءة وتشهدوا وسلموا ومضوا إلى وجه العدو وجاءت الطائفة الاخرى فصلوا ركعة وسجدتين بقراءة وتشهدوا وسلموا قلت أخرجه أبو داود في سننه عن خصيف الجزري عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاموا صفا خلفه وصفا مستقبل العدو فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم جاء الآخرون فقاموا في مقامهم واستقبل هؤلاء العدو فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم فقام هؤلاء فصلوا لانفسهم ركعة ثم سلموا ثم ذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبل العدو ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لانفسهم ركعة ثم سلموا انتهى ورواه البيهقي وقال أبو عبيدة لم يسمع من أبيه وخصيف ليس بالقوي ويمكن من ان يحمل عليه حديث بن عمر أخرجه الائمة الستة في كتبهم واللفظ للبخاري قال عزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نجد فوازينا العدو فصففنا لهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى لنا فقامت طائفة معه تصلى وأقبلت طائفة على العدو وركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه وسجد سجدتين ثم انصرفوا مكان الطائفة التي لم تصل فجاء وافركع رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم ركعة وسجد سجدتين ثم سلم فقام كل واحد منهم فركع لنفسه ركعة وسجد سجدتين انتهى قال القرطبي في شرح مسلم والفرق بين حديث بن عمر وحديث بن مسعود أن في حديث بن عمر كان قضاؤهم في حالة واحدة يبقى الامام كالحارس وحده وفي حديث بن مسعود كان قضاءهم متفرقا على صفة صلاتهم وقد تأول بعضهم حديث بن عمر على ما في حديث بن مسعود وبه أخذ أبو حنيفة وأصحابه غير أبي يوسف وهو نص أشهب من أصحابنا خلاف ما تأوله بن حبيب والله أعلم انتهى قوله وأبو يوسف وإن أنكر شرعيتها في زماننا فهو محجوج بما روينا قلت
[ 291 ]
يشير إلى حديث بن مسعود المتقدم وهذا الاحتجاج فيه نظر لان أبا يوسف إنما ينكر شرعيتها بعد زمان النبي صلى الله عليه وسلم وكون النبي صلى الله عليه وسلم فعلها لا يرد عليه لانه يقول به وتبع أبا يوسف في هذه المقالة المزني ومستندهم خصوص الخطاب به عليه الصلاة والسلام في قوله تعالى وإذ كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة الآية ولان فيها أفعالا منافية للصلاة فيقتصر على مورد الخطاب ودليل الجمهور وجوب الاتباع والتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وقوله صلوا كما رأيتموني أصلي والافعال المنافية إنما هي لاجل الضرورة وهي موجودة بعده عليه الصلاة والسلام قلت قد وردت صلاة الخوف من قوله عليه الصلاة والسلام لا من فعله كما رواه البخاري في صحيحه في تفسير سورة البقرة في باب قوله تعالى فان خفتم فرجالا أو ركبانا حدثنا عبد الله بن يوسف أبا ملاك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا سئل عن صلاة الخوف قال يتقدم الامام وطائفة من لناس فيصلى بهم الامام ركعة وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدو لم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف الامام وقد صلى ركعتين فيقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لانفسهم ركعة بعد أن ينصرف الامام فيكون كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين فان كان خوف هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها قال مالك قال نافع لا أرى عبد الله بن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حديث آخر رواه الترمذي وابن ماجة قالا حدثنا محمد بن بشار ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا يحيى بن سعيد الانصاري عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات بن جبير عن سهل بن أبي حثمة أنه قال في صلاة الخوف قال يقوم الامام مستقبل القبلة وتقوم طائفة منهم معه وطائفة من قبل العدو ووجوهم إلى العدو فيركع بهم ركعة ويركعون لانفسهم ركعة ويسجدون لانفسهم سجدتين في مكانهم ثم يذهبون إلى مقام أولئك ويجئ أولئك فيركع بهم ركعة ويسجد بهم سجدتين فهي له ثنتان ولهم واحدة ثم يركعون ركعة ويسجدون سجدتين قال محمد بن بشار سألت يحيى بن سعيد القطان عن هذا الحديث فحدثني عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث يحيى بن سعيد الانصاري قال الترمذي حديث حسن صحيح لم يرفعه يحيى بن سعيد
[ 292 ]
الانصاري عن القاسم بن محمد ورفعه شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد انتهى وفيه أيضا آثار منها ما رواه أبو داود في سننه حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الازدي أخبرني أبي أنهم غزوا مع عبد الرحمن بن سمرة كابل فصلى بنا صلاة الخوف يعنى بمثل حديث بن مسعود ذكره عقيب حديث بن مسعود ينبغي أن ينظر في الآثار التي عن الصحابة الذين صلوا صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم أو في زمانه الحديث الثاني روى أنه عليه الصلاة والسلام صلى الطهر بطائفتين ركعتين ركعتين قلت أخرجه مسلم عن أبي سلمة عن جابر قال أقبلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بذات الرقاع قال كنا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلق بشجرة فأخذه فاخترطه ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتخافني قال لا قال فمن يمنعك مني قال الله يمنعني منك قال فتهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه قال ثم نودي بالصلاة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الآخرة ركعتين قال فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان انتهى ولم يصل البخاري سنده به فقال في كتاب المغزي في غزوة ذات الرقاع وقال أبان حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سملة عن جابر فذكره ووهم شيخنا علاء الدني مقلدا لغيره فقال أخرجاه وقد نص على ذلك الحميدي وعبد الحق في كتابيهما الجمع بين الصحيحين مع أن البخاري وصل سنده به في مواضع لكن ليس فيه قصة الصلاة والله أعلم قال شيخنا علاء الدين عقيب ذكره حديث جابر هذا وللنسائي في رواية كأنها كانت صلاة الظهر وقال من قلده الشيخ ولابي داود والنسائي أن الصلاة
[ 293 ]
كانت صلاة الظهر وهذا كله وهم أما النسائي فإنه لم يذكر هذه الرواية أصلا لا في حديث جابر ولا في حديث أبي بكرة وأما أبو داود فإنه لم يذكرها إلا في حديث أبي بكرة والله أعلم حديث آخر أخرجه أبو داود بسند صحيح عن الحسن عن أبي بكرة قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم في خوف الظهر فصف بعضهم خلفه وبعضهم بإزاء العدو فصلى ركعتين ثم سلم وانطلق الذين صلوا معه فوقفوا موفق اصحابهم ثم جاء أولئك فصلوا خلفه فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولاصحابه ركعتين انتهى وهذا هو حديث الكتاب فإن فيه ذكر الظهر واعلم أن هذا الحديث صريح في أنه عليه الصلاة والسلام سلم من الركعتين وحديث جابر ليس صريحا فذلك حمله بعضهم على حديث أبي بكرة ومنهم النووي ومنهم من لم يحمله عليه ومنهم القرطبي وقال المنذري في مختصره قال بعضهم كان النبي عليه السلام في غير حكم سفر وهم مسافرون وقال بعضهم هذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لفضيلة الصلاة خلفه وقيل فيه دليل على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل ويعترض عليه بأنه لم يسلم من الفرض كما في حديث جابر وقيل إنه عليه السلام كان مخيرا بين القصر والاتمام في السفر فاختار الاتمام واختار لمن خلفه القصر وقال بعضهم كان في حضر ببطن نخلة على باب المدينة وكان خوف فخرج منه محترسا انتهى قلت قد يتقوى هذا بحديث أخرجه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا الثقة بن علية أو غيره عن يونس عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلى بالناس صلاة الظهر في الخوف ببطن نخلة فصلى بطائفة ركعتين ثم سلم ثم جاءت طائفة أخرى فصلى بهم ركعتين ثم سلم انتهى وأخرج الدارقطني عن عنبسة عن الحسن عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محاصرا لبنى محارب فنودي بالصلاة فذكر نحوه والاول أصح إلا أن فيه شائبة الانقطاع فان شيخ الشافعي مجهول وأما الثاني ففيه عنبسة بن سعيد القطان الواسطي ضعفه غير واحد وقال غيره لم يحفظ عن النبي عليه السلام أنه صلى صلاة خوف قط في حضر ولم يكن له حرب قط في حضر إلا يوم الخندق ولم يكن آية الخوف نزلت بعد والله أعلم ولما ذكر الطحاوي
[ 294 ]
حديث أبي بكرة المذكور قال يحتمل أن يكون ذلك كان في وقت كانت الفريضة تصلى مرتين فان ذلك كان يفعل أول الاسلام حتى نهى عنه ثم ذكر حديث بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى فريضة في يوم مرتين قال والنهي لا يكون إلا بعد الاباحة والله أعلم فائدة ذكر بعض الفقهاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف في عشرة مواضع والذي استقر عند أهل السير والمغازي أربعة مواضع ذات الرقاع بطن نخل وعسفان وذي قرد فحديث ذات الرقاع أخرجه البخاري ومسلم عن مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة وفي لفظ للبخاري عمن صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه الحديث وحديث بطن نخلة أخرجه النسائي عن سفيان عن أبي الزبير عن جابر قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بنخل والعدو بيننا وبين القبلة الحديث وحديث عسفان أخرجه أبو داود والنسائي عن مجاهد عن أبي عياش الرزقي زيد بن الصامت قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد الحديث ورواه البيهقي في المعرفة بلفظ حدثنا أبو عياش قال وفي هذا تصريح بسماع مجاهد من أبي عياش وحديث ذي قرد أخرجه النسائي عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد الحديث وروى الواقدي في المغازي حدثني ريبعة بن عثمان عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال قال أول ما صلى رسول الله صلى اله عليه وسلم صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع ثم صلاها بعد بعسفان بينهما أربع سنين قال الواقدي وهذا عندنا أثبت من غيره انتهى الحديث الثالث روى أنه عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الخندق قلت
[ 295 ]
تقدم في باب قضاء الفوائت والمصنف رحمه الله استدل بهذا الحديث على أنه لا يجوز القتال في حال الصلاة فإن فعلوه بطلت صلاتهم قال لانه عليه السلام شغل عن أربع صلوات يوم الاحزاب ولو جاز الاداء مع القتال لما تركها قلت فيه نظر لان صلاة الخوف إنما شرعت بعد يوم الاحزاب قال القرطبي في شرح مسلم ومنع بعضهم من صلاة الخائفين متى لم يتهيأ لهم أن يأتوا بها على وجهها ويؤخروها إلى أن يتمكنوا من ذلك واحتجوا بتأخير النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ولا حجة لهم فيه لان صلاة الخوف إنما شرعت بعد ذلك انتهى وقال النووي في شرحه قيل إنها شرعت في غزوة ذات الرقاع وهي سنة خمس من الهجرة وقيل إنها شرعت في غزوة بنى النضير وقد تقدم في طرق الحديث التصريح بأن صلاة يوم الاحزاب كانت قبل نزول صلاة الخوف رواه النسائي ورواه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما والبيهقي في سننه والدارمي في سننه والشافعي وأبو يعلى الموصلي في مسنديهما كلهم عن بن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق فذكره إلى أن قال ذلك قبل أ ينزل فرجالا أو ركبانا قال القاضي عياض في الشفا والصحيح أن حديث الخندق كان قبل نزول الآية فهي ناسخة انتهى باب الجنائز قوله إذا احتضر الرجل وجه إلى القبلة على شقه الايمن اعتبارا بحال الوضع في
[ 296 ]
القبر والمختار في بلادنا الاستلقاء لانه أيسر والاول هو السنة قلت لم أجد له شاهدا ويستأنس بحديث أخرجه البخاري ومسلم عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن وقل اللهم إني أسملت نفسي إليك الحديث أخرجاه في الدعاء وأخرجه البخاري من فعله عليه الصلاة والسلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه نام على شقه الايمن ثم قال اللهم إني أسلمت نفسي إليك الحديث وأخرجه بن ماجة في سننه والنسائي في اليوم والليلة من فعله عليه السلام عن سفيان عن الربيع بن أخي البراء عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه وضع كفه اليمنى تحت شقه الايمن الحديث وكذلك رواه الترمذي في الشمائل وليس فيه ذكر القبلة حديث آخر أخرجه الامام أحمد في مسنده عن أم سلمى قالت اشتكت فاطمة شكواها الذي قبضت فيه فكنت أمرضها فأصبحت يوما كأمثل ما رأيتها وخرج على لبعض حاجته فقالت يا أمه اسكبي لي غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل ثم قالت يا أمه أعطني ثيابي الجدد فأعطيتها فلبستها ثم قالت يا أمه قدمي لي فراشي وسط البيت ففعلت واضطجعت فاستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها ثم قالت يا أمه إني مقبوضة الآن وقد تطهرت فلا يكشفني أحد فقبضت مكانها انتهى وسنده حدثنا أبو النضر ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أم سلمى فذكره سواء بزيادة قالت فجاء علي فأخبرته انتهى حدثنا محمد بن جعفر الوركاني ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق به نحوه هكذا وقع في مسند أم سلمى وصوابه سلمى قال بن عساكر في الجزء الذي رتب فيه أسماء الصحابة المذكورين في مسند أحمد على الحروف الصواب سلمى وهي زوجة أبي رافع وذكر الامام أحمد لها بعد هذا الحديث حديثين في المسند وسماها سلمى قال بن القطان في كتابه أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم احتوشته امرأتان كل واحدة منهما اسمها سلمى إحداهما أمه
[ 297 ]
والاخرى زوجته فأمه سلمى مولاه صفية بنت عبد المطلب روت عن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت خادما له روى جارية بن محمد عن عبيد الله بن أبي رافع عن جدته سلمى قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم بيت لا تمر فيه جياع أهله وأما زوجته سلمى فهي مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم شهدت خيبر وولدت عبيد الله بن أبي رافع كاتب علي رضي الله عنه انتهى وفي حاشية عليه ولابي رافع امرأة أخرى اسمها سلمى تابعية لا صحبة لها وروى عنها القعقاع بن حكيم ذكرها بن حبان في الثقات انتهى واعلم أن الحديث ذكره بن الجوزي في الموضوعات وفي العلل المتناهية من رواية عاصم بن علي الواسطي ثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن أمه سلمى فذكره بلفظ أحمد وزاد في آخره فجاء علي رضي الله عنه فأخبر فقال والله لا يكشفها أحد فدفنها بغسلها ذلك انتهى قال في الموضوعات وقد رواه نوح بن يزيد عن إبراهيم بن سعد بهذا الاسناد ورواه الحكم بن أسلم عن إبراهيم أيضا قال وهذا حديث لا يصح أما محمد بن إسحاق فمجروح شهد بكذبه مالك وسليمان التيمي ووهيب بن خالد وهشام بن عروة ويحيى بن سعيد وقال بن المديني يحدث عن المجهولين بأحاديث باطلة وأما عاصم فقال بن معين فيه ليس بشئ وأما نوح بن يزيد والحكم فكلاهما شيعي وأيضا فالغسل إما أن يكون لحدث الموت فكيف تغتسل قبل الحدث هذا مما لا ينسب إلى على وفاطمة بل ينزهون عن مثل هذا انتهى وكذلك قال في العلل المتناهية إلى أنه زاد ثم إن أحمد والشافعي يحتجان في جواز غسل الرجل زوجته بأن عليا غسل فاطمة رضي الله عنها ردا على أبي حنفية رضي الله عنه انتهى قال صاحب التنقيح عاصم بن علي الواسطي روى عنه البخاري في صحيحه ونوح بن يزيد هو المؤدب صدوق ثقة ولا نعلم أحدا رماه بالتشيع والحكم بن أسلم قال فيه أبو حاتم الرازي قدري صدوق انتهى قلت ورواه عبد الرزاق في مصنفه بسند ضعيف ومنقطع لكن ليس فيه هيئة الاضطجاع فقال أخبرنا معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن فاطمة لما حضرتها الوفاة أمرت عليا فوضع لها غسلا فاغتسلت وتطهرت ودعت بثياب أكفانها فلبستها ومست من الحنوط ثم أمرت عليا أن
[ 298 ]
لا تكشف إذا هي قبضت وأن تدرج كما هي في أكفانها فقلت له هل علمت أحدا فعل نحو ذلك قال نعم كثير بن عباس وكتب في أطراف أكفانه يشهد كثير بن عباس أن لا إله إلا الله انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه والحديث الذي أشار إليه بن الجوزي في غسل علي لفاطمة رواه الحافظ أبو نعيم في كتاب الحلية في ترجمة فاطمة رضي الله عنها قال حدثنا إبراهيم بن عبد الله ثنا أبو العباس السراج ثنا قتيبة بن سعيد ثنا محمد بن موسى المخزومي عن عون بن محمد بن علي بن أبي طالب عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا أسماء إني أستقبح ما يفعل بالنساء إنه يطرح على المرأة الثور فيصفها فقالت أسماء يا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك شيئا رأيته بالحبشة فدعت بجرائد رطبة فلوتها ثم طرحت عليها ثوبا فقالت فاطمة ما أحسن هذا وأجمله يعرف به المرأة من الرجل فإذا أنا مت فاغسليني أنت وعلي فلما توفيت غسلها علي وأسماء ورواه الدارقطني في سننه عن أسماء أن فاطمة أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء فغسلاها وينظر واستدل النووي أيضا في الخلاصة للشافعي بحديث أخرجه بن ماجة وأحمد والدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن محمد بن إسحاق عن أيوب بن علقمة عن عائشة قالت رجع النبي صلى الله عليه وسلم من البقيع وأنا أجد صداعا في رأسي وأقول واراساه فقال بل أنا يا عائشة وارأساه ثم قال ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك انتهى وهذا ليس فيه حجة فان هذا اللفظ لا يقتضى المباشرة فقد يأمر بغسلها الثاني أنه حديث ضعيف قال النووي فيه محمد بن إسحاق وهو مدلس وقد عنعن انتهى واستشهد شيخنا علاء الدين لهذا الحديث بحديث أخرجه الحاكم في المستدرك عن نعيم عن حماد بن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة سأل عن البراء بن معرور فقالوا توفى وأوصى أن يوجه إلى القبلة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب الفطرة ثم ذهب فصلى عليه وقال حديث صحيح ولا أعلم في توجيه المحتضر غيره وروى البيهقي ولم يذكر في الباب غيره وهذا الاستشهاد غير طائل إذ ليس فيه التوجيه على الصفة التي ذكرها المصنف
[ 299 ]
وإنما فيه مجرد التوجيه فقط ومجرد التوجيه فيه حديث أخرجه أبو داود في الوصايا والنسائي في المحاربة عن عبيد بن عمير أن أباه عمير بن قتادة حدثه وكان له صحبة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ما الكبائر قال هن تسع الشرك بالله والسحر وقتل النفس التي حرم الله وأكل الربا وأكل مال اليتيم والتولى يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال رجاله محتج بهم في الصحيح إلا عبد الحميد بن سنان انتهى وعبد الحميد بن سنان حجازي لا يعرف إلا بهذا الحديث وذكره بن حبان في الثقات وقال البخاري في حديثه نظر انتهى طريق آخر رواه أبو القاسم البغوي حدثنا علي بن الجعد ثنا أيوب بن عتبة ثنا طيسلة سألت بن عمر عشية عرفة عن الكبائر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هن سبع فذكره ورواه الطبري في تفسيره عن سليمان بن ثابت الجحدري عن مسلم بن سلام عن أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد بن عمير بن قتادة عن أبيه فذكره ومداره على أيوب بن عتبة قاضي اليمامة وهو ضعيف ومشاه بن عدي وقال إنه مع ضعفه يكتب حديثه انتهى وذكر الامام أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز له باب في توجيه المحتضر ولم يذكر فيه غير أثر عن إبراهيم النخعي قال يستقبل بالميت القبلة وعن عطاء بن أبي رباح نحوه بزيادة على شقه الايمن ما علمت أحدا تركه من ميته انتهى الحديث الاول قال عليه السلام لقنوا موتاكم شهادة أن لا إله إلا الله قلت روى من حديث الخدري وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وعائشة وعبد الله بن
[ 300 ]
جعفر وواثلة بن الاسقع وابن عمر أما حديث الخدري فأخرجه الجماعة إلا البخاري عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله انتهى أخرجوه عن يحيى بن عمارة عنه وذكر النووي في الخلاصة في هذا الباب حديثا عزاه لابي داود والحاكم وقال صحيح الاسناد عن معاذ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة انتهى وأما حديث أبي هريرة فأخرجه مسلم عنه مرفوعا نحوه سواء عن أبي حازم عنه وأما حديث جابر أخرجه الطبراني في كتاب الدعاء له عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه مرفوعا نحوه ورواه العقيلي في ضعفائه وأعله بعبد الوهاب وأسند عن وكيع قال سألت عبد الوهاب بن مجاهد عن هذا الحديث فقال ذكره أبي عن جابر بن عبد الله قال وكيع ثم قلت له أنت سمعته من أبيك قال فذهب وتركني انتهى وذكره بن حبان في كتاب الضعفاء بغير هذا الحديث وقال فيه كان يروى عن أبيه ولم يره ويجيب عن كل ما يسأل عنه فاستحق (الترك) قال بن معين ليس بشى وكان الثوري يرميه بالكذب انتهى وأما حديث عائشة فرواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ثنا وهيب عن منصور بن صفية عن أبيه عن عائشة مرفوعا نحوه رضي الله تعالى عنهما وأما حديث واثلة فأخرجه أبو نعيم في الحلية في ترجمة مكحول من حديث
[ 301 ]
إسماعيل بن عياش عن أبي معاذ عتبة بن حميد عن مكحول عن واثلة بن الاسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة فان الشيطان أقرب ما يكون من بن آدم عند ذلك المصرع والذي نفسي بيده لا يموت عبد حتى يألم كل عرق منه على حياله انتهى وأما حديث بن عمر فرواه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز له وهو مجلد وسط حدثنا عثمان بن جعفر بن أحمد السبيعي ثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ثنا علي بن عياش ثنا حفص بن سلمان حدثني عاصم وعطاء بن السائب عن زاذان عن بن عمر مرفوعا لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه ليس مسلم يقولها عند الموت إلا أنجاه الله من النار انتهى وأما حديث عبد الله بن جعفر فرواه البزار في مسنده قوله فإذا مات شد لحياه وغمض عيناه بذلك جرى التوارث قلت تغميض البصر فيه أحاديث منها ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه فضج ناس من أهله فقال لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير فان الملائكة يؤمنون ثم قال اللهم اغفر لابي سلمة وارفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله رب العالمين انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن قزعة بن سويد عن حميد الاعرج عن الزهير عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرتم موتاكم فاغمضوا البصر فان البصر يتبع الروح وقولوا خيرا فإن الملائكة تؤمن على ما قال أهل البيت انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه البزار في مسنده وقال لا يعلم رواه عن حميد الاعرج إلا قزعة بن سويد وليس به بأس لم يكن بالقوي
[ 302 ]
واحتملوا حديثه انتهى وأعله بن حبان في كتاب الضعفاء بقزعة وقال إنه كان كثير الخطأ فاحش الوهم حتى كثر ذلك في روايته فسقط الاحتجاج به انتهى وحديث شد اللحيين غريب فصل في الغسل الحديث الثاني قال عليه الصلاة والسلام إن الله وتر يحب الوتر قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث على ومن حديث بن عمر ومن حديث الخدري فحديث أبي هريرة أخرجه البخاري ومسلم في الذكر والدعاء عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله تسعة وتسعين اسما مائة
[ 303 ]
إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة إنه وتر يحب الوتر انتهى وحديث علي أخرجه أصحاب السنن الاربعة في الصلاة عن عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر انتهى ورواه أحمد في مسنده وابن خزيمة في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن انتهى وحديث بن عمر رواه البزار في مسنده حدثنا يحيى بن ورد بن عبد الله ثنا أبي ثنا عدي بن الفضل ثنا أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا إن الله وتر يحب الوتر انتهى وسكت عنه وحديث الخدري رواه البزار أيضا حدثنا عمرو بن علي ثنا يحيى بن سعيد ثنا محمد بن عمر ثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن الخدري مرفوعا نحوه وفيه قصة قوله لان الغسل عرفناه بالنص قلت روى الحاكم في المستدرك من طريق بن إسحاق عن محمد بن ذكوان عن الحسن عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آدم عليه الصلاة والسلام رجلا أشعر طوالا آدم كأنه نخلة سحوق فلما حضره الموت نزلت الملائكة بحنوطه وكفنه من الجنة فلما مات غسلوه بالماء والسدر ثلاثا وجعلوا في الثالثة كافورا وكفنوه في وتر ثياب وحفروا له لحدا وصلوا عليه وقالوا هذه سنة ولد آدم من بعده انتهى وسكت عنه ثم أخرجه عن الحسن عن عتي بن ضمرة السعدي عن أبي بن كعب مرفوعا نحوه وفيه فقالوا يا بني آدم هذه سنتكم من بعده فكذاكم فافعلوا وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه لان عتي بن ضمرة ليس له راو غير الحسن انتهى وضعف النووي في الخلاصة الاول
[ 304 ]
وذكر النووي في الخلاصة في باب حديث الذي وقصته راحلته أخرجاه عن بن عباس وفيه أغسلوه بماء وسدر الحديث وحديث أم عطية أنه عليه السلام قال له من في حق ابنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو سبعا رواه الجماعة وحديث أخرجه أبو داود عن محمد بن سيرين أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية يغسل بالسدر مرتين والثالثة بالماء والكافور قال وإسناده على شرط البخاري ومسلم انتهى حديث آخر رواه البيهقي في المعرفة أخبرنا أبو عبد الله الحافظ أخبرني بكر بن محمد الصيرفي ثنا عبد الصمد بن الفضل ثنا عبد الله بن يزيد المقري ثنا سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل بن شريك عن علي بن أبي رباح قال سمعت أبا رافع يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والاستبرق ومن حفر له قبرا حتى يجنه فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا هارون بن ملول المصري ثنا عبد الله بن يزيد المقري به سندا ومتنا ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم حديث آخر أخرجه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز عن حماد بن عمرو الضبي عن السري بن خالد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي غسل الموتى فإنه من غسل ميتا غفر له سبعون مغفرة لو قسمت مغفرة منها على جميع الخلائق لو سعتهم قلت يا رسول الله ما يقول من يغسل ميتا قال يقول غفرانك يا رحمن حتى يفرغ من الغسل انتهى وأخرجه بن ماجة في سننه عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا من غسل ميتا وحنطه وحمله وصلى عليه ولم يفش عليه ما رأى خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه انتهى وعمرو بن خالد هذا متهم بالوضع وقد غسل سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أشرف المخلوقين وأمر
[ 305 ]
بتغسيل ابنته وغسل أبو بكر بعده والناس يتوارثون خلفا عن سلف ولم ينقل عن أحد من المسلمين أنه مات فدفن من غير غسل إلا الشهداء وأما قول الشيخ جلال الدين الخبازي في حواشيه وقوله لان الغسل عرفناه بالنص ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمسلم على المسلم ثمانية حقوق وذكر منها غسل الميت فهذا حديث ما عرفته ولا وجدته والذي وجدناه من هذا النوع ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حق المسلم على المسلم خمس رد السلام وعيادة المريض واتباع الجنائز وإجابة الدعوة وتشميت العاطس انتهى وفي لفظ لهما خمس يجب للمسلم على أخيه وفي لفظ لمسلم حق المسلم على المسلم ست فزاد وإذا استنصحك فانصح له وروى أبو القاسم الاصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب من حديث أبي محمد القاسم بن محمد بن جعفر حدثني أبي عن أبيه محمد بن عبد الله عن أبيه عمر عن أبيه علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلم على أخيه المسلم ثلاثون حقا لا براءة له منها إلا بالاداء أو العفو يغفر له ذلته ويرحم عترته ويستر عورته ويقيل عثرته ويقبل معذرته ويرد غيبته ويديم نصحته ويحفظ خلته ويرعى ذمته ويعود مرضه ويشهد ميتته ويشمت عطسته ويرشد ضالته ويرد سلامه ويطيب كلامه ويبر إنعامه ويصدق أقسامه وينصره ظالما أو مظلوما ويواليه ولا يعاديه ويحب له من الخير ما يحب لنفسه ويكره له من الشر ما يكره لنفسه وإن أحدكم ليدع من حقوق أخيه شيئا حتى العطسة يدع تشميته عليها فيطالبه يوم القيامة فيقضى له بها عليه انتهى قوله لان السنة هي البداية بالميامن قلت فيه حديث عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في كل شئ حتى في تنعله وترجله رواه الجماعة وحديث أم عطية رواه الجماعة أيضا واللفظ للبخاري قالت لما غسلنا ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ونحن نغسلها ابدءوا بميامنها ومواضع الوضوء منها انتهى وابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه هي زينب زوج أبي العاص وهي أكبر بناته وهو مصرح به في لفظ لمسلم عن أم
[ 306 ]
عطية قالت لما ماتت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا عليه السلام أغسلنها وترا الحديث وقد جاء في سنن أبي داود ومسند أحمد وتاريخ البخاري الوسط أنها أم كلثوم أخرجوه عن بن إسحاق حدثني نوح بن حكيم الثقفي عن رجل من بنى عروة بن مسعود الثقفي يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قائف الثقفية قالت كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقو ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر قالت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا انتهى قال المنذري في مختصره فيه محمد بن إسحاق وفيه من ليس بمشهور والصحيح أن هذه القصة في زينب لان أم كلثوم توفيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم غائب ببدر انتهى قال بن القطان في كتابه ونوح بن حكيم رجل مجهول لم تثبت عدالته فأما الرجل الذي يقال له داود فلا يدري من هو فان داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي رجل معروف يروى عن عثمان بن أبي العاص وابن عمر وسعيد بن المسيب وروى عنه بن جريج ويعقوب بن عطاء وقيس بن سعد وغيرهم وهو مكي ثقة قاله أبو زرعة ولا يجزم القول بأنه هو وموجب التوقف في ذلك أنه وصف في الاسناد بأنه ولدته أم حبيبة وأم حبيبة كان لها بنت واحدة قدمت بها من أرض الحبشة ولدتها من زوجها عبيد الله بن جحش بن رئاب المفتتن بدين النصرانية المتوفى هنالك واسم هذه البنت حبيبة فلو كان زوج حبيبة هذه أو عاصم بن عروة بن مسعود أمكن أن يقال إن داود المذكور ابنه منها فهو حينئذ لام حبيبة وهذا شئ لم ينقل بل المنقول خلافه وهو أن زوج حبيبة هذه هو داود بن عروة بن مسعود كذا قال أبو علي بن السكن وغيره فداود الذي لام حبيبة عليه ولادة ليس داود بن أبي عاصم بن عروة بن مسعود إذ ليس أبو عاصم زوجا لحبيبة ولا هو بداود بن عروة بن مسعود الذي هو زوج حبيبة فإنه لا ولادة لام حبيبة عليه والله أعلم من هو فالحديث من أجله ضعيف انتهى قلت يبقى على هذا حديث رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا
[ 307 ]
عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته أم كلثوم فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأتين ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا فإذا فرغتن فآذنني فمافرغن آذناه فألقى إلينا حقوه وقال أشعرنها إياه انتهى وهذا سند صحيح رجاله مخرج لهم في الكتب وفي كتاب الصحابة الابن الاثير قال زينب بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكبر بناته وأمها خديجة بنت خويلد توفيت في السنة الثامنة ونزل عليه السلام في قبرها وأختها أم كلثوم شقيقتها توفيت سنة تسع وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي التي غسلتها أم عطية وحكت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلنها ثلاثا أو خمسا انتهى كلامه وهذا يقوى ما ذكره قوله ولان التطيب سنة قلت أخرج الحاكم في المستدرك عن حميد بن عبد الرحمن الرواسي ثنا الحسن بن صالح عن هارون بن سعيد عن أبي وائل قال كان عند علي رضي الله عنه مسك فأوصى أن يحنط به وقال هو فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وسكت ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حميد بن عبد الرحمن به ورواه البيهقي في سننه قال النووي إسناد حسن حديث آخر أخرجه الحاكم أيضا عن صدقة بن موسى ثنا سعيد الجريري عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن معقل قال إذا أنا مت فاجعلوا في آخر غسلي كافورا وكفنوني في بردين وقميص فان النبي صلى الله عليه وسلم فعل به ذلك انتهى وسكت عنه أيضا حديث آخر حديث أبي بن كعب المتقدم في قصة آدم رواه الحاكم وصححه
[ 308 ]
حديث آخر أخرجه الحاكم وصححه وابن حبان في صحيحه عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجمرتم الميت فأوتروا انتهى وفي حديث أم عطية المخرج في الكتب الستة قال لهن عليه الصلاة والسلام اغسلنها ثلاثا أو خمسا واجعلن في الآخرة كافورا وفي حديث المحرم الذي وقصته راحلته المخرج في الصحيحين ولا تحنطوه وفي لفظه ولا تمسوه طيبا دليل على أن التطيب للميت كان مسنونا عندهم وأن المعروف لغير المحرم الحنوط والطيب الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث عن همام عن شيخ من أهل الكوفة يقال له زياد عن إبراهيم عن بن مسعود قال يوضع الكافور على مواضع سجود الميت انتهى ورواه البيهقي وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن سلمان أنه استودع امرأته مسكا فقال إذا مت فطيبوني به فإنه يحضرني خلق من خلق الله لا ينالون من الطعام والشراب يجدون الريح وأخرج عن الحسن بن علي أنه لما غسل الاشعث بن قيس دعا بكافور فجعله على وجهه وفي يديه ورأسه ورجليه ثم قال ادرجوه انتهى وأخرج مسلم في الطيب عن الخدري مرفوعا أن أطيب طيبكم المسك انتهى ورواه أبو داود والنسائي في الجنائز وبوبا عليه باب الطيب للميت ولم أعرف مطابقته للباب والله أعلم قوله قالت عائشة علام تنصون ميتكم قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان عن الثوري عن حماد عن إبراهيم عن عائشة أنها رأت امرأة يكدون رأسها
[ 309 ]
بمشط فقالت علام تنصون ميتكم انتهى ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي به ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام وإبراهيم الحربي في كتابيهما في غريب الحديث حدثنا هشيم أنا مغيرة عن إبراهيم عن عائشة أنها سئلت عن الميت يسرح رأسه فقالت علام تنصون ميتكم قال أبو عبيد هو مأخوذ من نصوت الرجل أنصوه نصوا إذا مددت ناصيته فأرادت عائشة أن الميت لا يحتاج إلى تسريح الرأس وذلك بمنزلة الاخذ بالناصية انتهى وذكره البيهقي تعليقا فقال روى عن عائشة أنها قالت فذكره فصل في التكفين الحديث الثالث روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث عائشة قالت كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية من كرسف ليس فيها قميص ولا عمامة انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده وزاد فيه قالت فأما الحلة فإنها اشتبهت على الناس لانها اشتريت ليكفن بها فلم يكفن فيها وكفن في ثلاثة أثواب فأخذ الحلة عبد الله بن أبي بكر فقال أجعلها كفني ثم قال لو رضيها الله لرضيها لرسوله فباعها وتصدق بثمنها انتهى والحديث حجة على أصحابنا في عدم القميص على أن مالكا يحمله على أنه ليس بمعدود بل يحتمل أن يكون الثلاثة الاثواب زيادة على القميص والعمامة الشافعي يجعله على ظاهره ولاصحابنا حديث أخرجه بن عدي في الكامل عن ناصح بن عبد الله الكوفي عن سماك عن جابر بن سمرة قال كفن
[ 310 ]
النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثة اثواب قميص وإزار ولفافة انتهى وضعف ناصح بن عبد الله عن النسائي ولينه هو وقال هو يكتب حديثه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن بن عباس قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب قميصه الذي مات فيه وحلة نجرانية انتهى ويزيد بن أبي زياد ضعيف قال أبو عبيد الحلة إزار ورداء ولا تكون الحلة إلا من ثوبين انتهى حديث آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في حلة يمانية وقميص انتهى وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه وأخرج عن الحسن نحوه الاحاديث المخالفة لما تقدم روى بن حبان في صحيحه من حديث الفضل بن العباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثوبين سحوليين انتهى وروى أيضا من حديث أبي هريرة أنه عليه الصلاة والسلام كفن في ثوب نجراني وريطتين حديث آخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه والبزار في مسنده عن حماد بن سلمة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في سبعة أثواب انتهى قال البزار لا نعلم أحدا تابع بن عقيل عليه ولا يعلم رواه عنه غير حماد بن سلمة انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بابن عقيل وضعفه عن بن معين فقط ولينه هو وقال روى عنه جماعة من الثقات وهو ممن يكتب حديثه انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله أيضا
[ 311 ]
بابن عقيل وقال إنه كان ردئ الحفظ فيأتي بالخبر على غير وجهه فلما كثر ذلك في رواياته استحق المجانبة ولكنه كان من سادات الناس حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن قيس بن الربيع عن شعبة عن أبي جمرة عن بن عباس أ النبي صلى الله عليه وسلم كفن في قطيفة حمراء أنتهي وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن عدي وقال وقيس بن الربيع لا يحتج به والصحيح ما رواه مسلم عن غندر ووكيع ويحيى بن سعيد عن شعبة به أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل في قبره قطيفة حمراء انتهى قال بن القطان في كتابه أخاف أن يكون تصحف على بعض رواة كتاب الكامل لفظ دفن بكفن انتهى كلامه قوله عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما قلت رواه الامام أحمد بن حنبل في كتاب الزهد حدثنا يزيد بن هارون ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله اليمنى مولى الزبير بن العوام عن عائشة قالت لما احتضر أبو بكر رضي الله عنه تمثلت بهذا البيت أعاذل ما يغنى الحذار عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فقال لها يا بنية ليس كذلك ولكن قولي وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ثم قال أنظروا ثوبي هذين فاغسلوهما ثم كفنوني فيهما فان الحي أحوج إلى الجديد منهما انتهى ثم قال في كتاب الزهد حدثنا عبد الله
[ 312 ]
بن أحمد بن حنبل ثنا هارون بن معروف ثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن عبادة بن نسي قال لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة رضي الله عنها اغسلوا ثوبي هذين ثم كفنوني فيهما فانما أبوك أحد رجلين إما مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوا السلب وليس هذا من رواية أحمد طريق آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال أبو بكر لثوبيه الذين كان يمرض فيهما اغسلوهما وكفنوني فيهما فقالت عائشة ألا نشترى لك جديدا قال لا إن الحي أحوج إلى الجديد من الميت انتهى أخبرنا بن جريج عن عطاء قال سمعت عبيد بن عمير يقول أمر أبو بكر إما عائشة وإما أسماء بنت عميس بأن تغسل ثوبين كان يمرض فيهما ويكفن فيهما فقالت عائشة أو ثيابا جددا قال الاحياء أحق بذلك انتهى طريق آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا الفضل بن دكين ثنا سيف بن أبي سليمان قال سمعت القاسم بن محمد قال قثال أبو بكر حين حضره الموت كفنوني في ثوبي هذين الذين كنت أصلى فيهما واغسلوهما فإنهما للمهل والتراب انتهى أخبرنا الواقدي ثنا معمر بسند عبد الرزاق ومتنه وذكره محمد بن الحسن في كتاب الآثار بلاغا فقال بلغنا عن أبي بكر الصديق أنه قال اغسلوا ثوبي هذين وكفنوني فيهما وفي البخاري خلاف هذا أخرج عن عن عائشة أن أبا بكر قال لها في كم كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة قال فيأتي يوم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يوم الاثنين قال فأي يوم هذا قالت يوم الاثنين قال أرجو فيما بيني وبين الليل فنظر إلى ثوب عليه كان يمرض فيه به ردع من زعفران فقال اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهما قالت إن هذا خلق قال إن الحي أحق بالجديد من الميت إنما هو للمهلة فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح انتهى قال
[ 313 ]
النووي الردع بالمهملات الله تبارك وتعالى الاثر المهلة بضم الميم وفتحها وكسرها صديد الميت انتهى ذكره عبد الحق في التعاليق ومن أحاديث الباب الذي وقصته راحلته أخرجه الائمة الستة عن بن عباس وكفونوه في ثوبين وفي لفظ في ثوبيه الحديث الرابع في حديث أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى اللواتي غسلن ابنته خمسة أثواب قلت غريب من حديث أم عطية وأخرج أبو داود في سننه عن محمد بن إسحاق حدثني نوح بن حكيم الثقفي عن رجل من بنى عروة بن مسعود الثقفي يقال له داود ولدته أم حبيب بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلى بنت قائف الثقفية قالت كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها فكان أول ما أعطانا الحق ثم الدرع ثم الخمار ثم الملحفة ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر قالت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوبا ثوبا انتهى قال المنذري فيه محمد بن إسحاق وفيه من ليس بمشهور قال والحقا بكسر الحاء مقصور ولعله لغة في الحقو انتهى وقد تقدم الكلام على هذا الحديث مستوفى الحديث الخامس روى أن مصعب بن عمير حين استشهد كفن في ثوب واحد
[ 314 ]
قلت أخرجه الجماعة إلا بن ماجة عن خباب بن الارت قال هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نريد وجه الله فوقع أجرنا على الله فمنا من مضى لم يأخذ من أجره شيئا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد وترك نمرة فكنا إذا غطينا بها رأسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدأ رأسه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه ونجعل على رجليه شيئا من الاذخر انتهى أخرجه الترمذي في المناقب والباقون في الجنائز الحديث السادس روى ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإجمار اكفان ابنته وترا قلت غريب وروى بن حبان في صحيحه في النوع السابع والثمانين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم عن قطية بن عبد العزيز عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أجمرتم الميت فأجمر وا ثلاثا انتهى وفي لفظ لابن حبان فأوتروا وفي لفظ للبيهقي جمروا كفن الميت ثلاثا قال النووي وسنده صحيح ورواه البيهقي عن يحيى بن معين أنه قال لم يرفعه غير يحيى بن آدم ولا أظنه إلا غلطا قال النووي وكأن بن معين بناه على قول بعض المحدثين إن الحديث إذا روى مرفوعا وموقوفا فالحكم للوقف والصحيح أن الحكم للرفع لانه زيادة ثقة ولا شك في ثقة يحيى بن آدم انتهى كلامه وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام عن فاطمة عن أسماء أنها قالت عند موتها إذا أنا مت فاغسلوني وكفنوني وأجمروا ثيابي انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر أو بن جريج عن هشام عن أبيه عن أسماء فذكره ورواه مالك في الموطأ عن هشام به وزاد وحنطوني ولا تتبعوني بنار انتهى وهذا سند صحيح
[ 315 ]
فصل في الصلاة على الميت الحديث السابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة من الانصار قلت روى بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الرابع من حديث خارجه بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر فسأل عنه فقالوا فلانة فعرفها فقال ألا آذنتموني بها قالوا كنت قائلا صائما قال فلا تفعلوا لا أعرفن ما مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه رحمة قال ثم أتى القبر فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا انتهى ورواه الحاكم في المستدرك في الفضائل وسكت عنه وأخرج بن حبان من طريق أحمد بن حنبل ثنا غندر عن
[ 316 ]
شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة قد دفنت انتهى ورواه مالك في الموطأ عن بن شهاب الزهري عن أبي امامة بن سهيل بن حنيف أنه أخبره ان مسكينة مرضت فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمرضها فقال إذا ماتت فأذنوني بها فخرجوا بجنازتها ليلا فكرهوا أن يوقظوه فلما أصبح أخبر بشأنها فقال ألم آمركم أن تؤذنوني بها فقالوا يا رسول الله كرهنا أن نخرجك ليلا أو نوقظك فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صف بالناس على قبرها وكبر أربع تكبيرات انتهى وروى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن رجلا اسود كان يقم المسجد فمات فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا مات قال أفلا آذنتموني به دلوني على قبره فأتى قبره فصلى عليه انتهى وأخرجه أيضا عن أبي إسحاق الشيباني عن الشعبي قال أخبرني من شهد النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى على قبر منبوذ فصفهم فكبر أربعا قال الشيباني من حدثك هذا قال بن عباس انتهى قال بن حبان في صحيحه وقد جعل بعض العلماء الصلاة على القبر من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم بدليل ما ورد فيه وإني أنورها بصلاتي عليهم وليس كما توهموه بدليل أنه عليه السلام صف الناس خلفه فلو كان من خصائصه لزجرهم عن ذلك انتهى وهذا الحديث الذي أشار إليه أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة أو رجل كان يقم المسجد ثم قال إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة وإني أنورها بصلاتي عليهم انتهى وأخرج الترمذي عن سعيد بن المسيب أن أم سعد يعنى بن عبادة ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم غائب فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر قال البيهقي هو مرسل صحيح وقد روى موصولا عن بن عباس والمشهور المرسل انتهى أحاديث وضع الموتى للصلاة أخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن مسلمة بن مخلد قال كنا بمصر فجاءونا برجال ونساء فجعلوا لا يدرون كيف يصنعون فقال مسلمة سنتكم في الموت سنتكم في الحياة قال فجعلوا النساء مما يلي الامام
[ 317 ]
والرجال أمام ذلك انتهى وأخرج عن سالم بن عبد الله بن عمر والقاسم وعطاء بن أبي رباح قالوا النساء مما يلي الامام والرجال مما يلي القبلة انتهى أحاديث الخصوم وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي هريرة أنه صلى على جنائز رجال ونساء فقدم النساء مما يلي القبلة والرجال يلون الامام وأخرج عن بن عمر نحوه وكذا عن زيد بن ثابت وكذا عن عثمان وكذا عن واثلة بن الاسقع وأخرج عن سعيد بن العاص انه صلى على أم كلثوم وزيد بن عمر فجعل زيدا مما يليه وجعل أم كلثوم بين يدي زيد وفي الناس الحسن والحسين وآخرون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأخرج عن الحارث عن علي قال إذا اجتمعت جنائز الرجال والنساء جعل الرجال مما يلي الامام والنساء مما يلي القبلة وإذا اجتمع الحر والعبد جعل الحر مما يلي الامام والعبد مما يلي القبلة انتهى وأخرج أبو داود والنسائي عن عمار بن أبي عمار قال شهدت جنازة أم كلثوم وابنها فجعل الغلام مما يلي الامام فأنكرت ذلك وفي القوم بن عباس وأبو سعيد وأبو قتادة وأبي هريرة فقالوا هذه السنة قال النووي رحمه الله وسنده صحيح وفي رواية البيهقي وكان في القوم الحسن والحسين وأبو هريرة وابن عمر ونحوا من ثمانين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية إن الامام كان بن عمر وأخرج البيهقي عن نافع أن بن عمر صلى على تسع جنائز رجال ونساء فجل الرجال مما يلي الامام وجعل النساء مما يلي القبلة وصفهم صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت علي وهي امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد بن مر والامام يومئذ سعيد بن العاص وفي الناس يومئذ بن عباس وأبو هريرة وأبو سعيد وأبو قتادة فوضع الغلام مما يلي الامام وذكر الحديث الحديث الثامن روى أنه عليه الصلاة والسلام كبر أربعا في آخر صلاة صلاها
[ 318 ]
قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث عمر بن الخطاب ومن حديث بن أبي حثمة ومن حديث أنس أما حديث بن عباس فله طرق أحدها عند الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه عن الفرات بن سائب عن ميمون بن مهران عن عبد الله بن عباس قال أخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلم على الجنائز أربع تكبيرات وكبر عمر على أبي بكر أربعا وكبر بن عمر على عمر أربعا وكبر الحسن بن علي على على أربعا وكبر الحسين بن علي على الحسن أربعا وكبرت الملائكة على آدم أربعا انتهى قال الدارقطني والفرات بن السائب متروك انتهى وسكت الحاكم عنه طريق آخر أخرجه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه في النضر أبي عمر عن عكرمة عن بن عباس قال آخر جنازة صلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر عليها أربعا انتهى قال البيهقي تفرد به النضر بن عبد الرحمن أبو عمر الخراز عن عكرمة وهو ضعيف وقد روى هذا من وجوه أخر كلها ضعيفة إلا ان اجتماع أكثر الصحابة رضي الله عنهم على الاربع كالدليل على ذلك انتهى كلامه طريق آخر رواه أبو نعيم الاصبهاني في تاريخ أصبهان في ترجمة المحمديين حدثنا أبو بكر محمد بن إسحاق بن عمران ثنا إبراهيم بن محمد بن الحارث ثنا شيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز ثنا عطاء بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر على أهل بدر سبع تكبيرات وعلى بنى هاشم خمس تكبيرات ثم كان آخر صلاته أربع تكبيرات إلى أن خرج من الدنيا انتهى
[ 319 ]
طريق آخر رواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث محمد بن معاوية أبي علي النيسابوري عن أبي المليح عن ميمون بن مهران عن بن عباس وأعله بمحمد بن معاوية وقال إنه يأتي عن الثقات بما لا يتابع عليه فاستحق الترك إلا فيما وافق الثقات فإنه كان صاحب حفظ وإتقان قبل أن ظهر منه ما ظهر انتهى وأما حديث عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن يحيى بن أبي أنيسة عن جابر عن الشعبي عن مسروق قال صلى عمر على بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول لاصلين عليها مثل آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مثلها فكبر عليها أربعا انتهى ويحيى بن أبي انيسة وجابر الجعفي ضعيفان طريق آخر رواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعفي أن الناس كانوا يصلون على الجنائز خمسا وستا وأربعا حتى قبض النبي صلى الله عله وسلم ثم كبروا كذلك في ولاية أبي بكر الصديق ثم ولى عمر بن الخطاب ففعلوا ذلك فقال لهم عمر إنكم معشر أصحاب محمد متى تختلفون يختلف الناس بعدكم والناس حديث عهد بالجاهلية فاجمعوا على شئ يجمع عليه من بعدكم فأجمع رأى أصحاب محمد على ان ينظروا إلى آخر جنازة كبر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حين قبض فيأخذون ويتركون ما سواه فنظروا فوجدوا آخر جنازة كبر عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا انتهى وكان فيه انقطاعا بين إبراهيم وعمر وأما حديث بن أبي حثمة فرواه أبو عمر في الاستذكار عن عبد الوارث بن سفيان عن قاسم عن بن وضاح عن عبدالرحن بن إبراهيم دحيم عن مروان بن معاوية الفزاري عن عبد الله بن الحارث عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر على الجنائز أربعا وخمسا وستا وسبعا فثمانيا حتى جاءه موت النجاشي فخرج إلى المصلى فصلى الناس وراءه وكبر عليه أربعا ثم ثبت النبي صلى الله عليه وسلم على أربع حتى توفاه الله عزوجل انتهى وأما حديث بن عمر فرواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده حدثنا حفص بن
[ 320 ]
حمزة أنبأ فات بن السائب أنبا ميمون بن مهران أن عبد الله بن عمر قال آخر ما كبر النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ حديث بن عباس وزاد وكبر على علي يزيد بن المكفف أربعا وكبر بن الحنفية على بن عباس بالطائف أربعا انتهى وأما حديث أنس فأخرجه الحازمي في كتاب الناسخ والمنسوخ عن أبي بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي ثنا شيبان الايلي أنا نافع أبو هرمز ثنا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر على أهل بدر سبع تكبيرات وعلى بنى هاشم سبع تكبيرات وكان آخر صلاته أربعا حتى خرج من الدنيا انتهى قال واسناده واه وقد روى آخر صلاته كبر أربعا من عدة روايات كلها ضعيفة وكذلك جعل بعض العلماء الامر على التوسع وأن لا وقت ولا عدد وجمعوا بين الاحاديث قالوا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفضل أهل بدر على غيرهم وكذا بنى هاشم فكان يكبر عليهم خمسا وعلى من دونهم أربعا وأن الذي حكى آخر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن الميت من بنى هاشم ولا من أهل بدر وقد جعل بعض العلماء حديث النجاشي ناسخا فإن حديث النجاشي مخرج في الصحيحين من رواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعاه في اليوم الذي مات وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات قالوا وأبو هريرة متأخر الاسلام وموت النجاشي كان بعد إسلام أبي هريرة بمدة فإن قيل إن كان في حديث أبي هريرة ما يدل على التأخير فليس في تلك الاحاديث المنسوخة ما يدل على التقديم فليس أحدهما أولى بالتأخير من الاخر قلنا قد ورد التصريح بالتأخير من رواية عمر وابن عباس وابن أبي أوفى وجابر انتهى كلامه وأما ما روى عن علي أنه صلى بعد ذلك على سهل بن حنيف ستا فلانه كان بدريا والبدريون يزيدون في التكبير ورآه بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن مغفل أن عليا صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت إلينا فقال إنه بدري انتهى ورواه البخاري في
[ 321 ]
تاريخه حدثنا حجاج ثنا أبو عوانة عن بن أبي خالد به قال النووي في الخلاصة ورواه البرقاني في صحيحه ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره فعزاه للترمذي ويؤيد هذا ما أخرجه الطحاوي والدارقطني ثم البيهقي عن عبد خير قال كان علي يكبر على أهل بدر ستا وعلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا وعلى سائر المسلمين أربعا ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن عبدالعلى بن سلع عن عبد خير به قوله والبداءة بالثناء ثم بالصلاة لانها سنة الدعاء قلت أخرجه أبو داود والنسائي في الصلاة والترمذي في الدعوات عن حيوة بن شريح عن أبي هانئ عن أبي على الجنبي عن فضالة بن عبيد قال سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجل هذا ثم دعاه فقال له إذا صلى أحدكم فليبدأ بتمجيد ربه والثناء عليه ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بعده بما شاء انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه انتهى واعلم أن نسخ السنن مختلفة في هذا اللفظ لم يحمد الله ولم يمجد الله وقوله فليبدأ بتمجيد الله وتحميد الله والاقرب أنه بتحميد الله فان القاضي عياض في الشفا ساقه من طريق الترمذي وقال فيه بتحميد الله قال وروى من غير هذا السند بتمجيد الله وهو أصح انتهى
[ 322 ]
قوله والمسبوق لا يبتدئ بما فاته إذ هو منسوخ قلت روى سندا ومرسلا فالمسند روى من حديث معاذ ومن حديث أبي أمامة فحديث معاذ أخرجه أبو داود في سننه في الاذان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال قال وحدثنا أصحابنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين واحدة حتى لقد هممت أن أبث رجالا في الدور ينادون الناس لحين الصلاة إلى ان قال فقال عمر أما إني قد رأيت مثل الذي رأى لكن لما سبقت استحييت قال حدثنا أصحابنا قال كان الرجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته وأنهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل قال بن المثنى قال عمرو وحدثني بها حصين عن أبي ليلى حتى جاء معاذ فأشاروا إليه فقال معاذ لا أراه على حال إلا كنت عليها قال فقال عليه السلام إن معاذا قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا مختصر قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ قال المزني معنى قوله إن معاذا قد سن لكم يحتمل أن يكون عليه الصلاة والسلام أمر أن يستن بهذه السنة فوافق ذلك فعل معاذ فإن بالناس حاجة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ما يسن وليس بالناس حاجة إلى غيره انتهى وكذلك نقله البيهقي في المعرفة عن المزني رحمه الله وكذلك رواه الامام أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ قال كان الناس على عهده عليه السلام إذا سبق الرجل ببعض صلاته سألهم فأومأوا إليه بالذي سبق به فيبدأ ليقضى ما سبق ثم يدخل مع القوم فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد فلما فرغ عليه الصلاة والسلام قام فقضى ما كان سبق به فقال عليه الصلاة والسلام قد سن لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم وقد سبق بشئ من الصلاة فليصل مع الامام بصلاته فإذا فرغ الامام فليقض ما سبق به انتهى وفي سماع بن أبي ليلى من معاذ نظر تقدم في الاذان
[ 323 ]
وأما حديث أبي أمامة أخرجه الطبراني في معجمه عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سبق الرجل ببعض صلاته سألهم فأومأ إليه بالذي سبق به فيبدأ فيقضى ما سبق به ثم يدخل مع القوم فجاء معاذ والقوم قعود في صلاتهم فقعد فما فرغ عليه السلام قام فقضى ما كان سبق به فقال عليه الصلاة والسلام قد سن لكم معاذ فاقتدوا به إذا جاء أحدكم الحديث وسنده ضيف وأما المرسل فله وجهان أحدهما رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن حصين عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الرجل وقد فاته شئ من الصلاة أشار إليه الناس فصلى ما فاته ثم دخل في الصلاة حتى جاء ويوما معاذ بن جبل فأشار إليه فدخل ولم ينتظر ما قالوا فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم ذكروا له فقال قد سن لكم معاذ فاقبلوا انتهى الوجه الآخر رواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء بن أبي رباح قال الرجل إذا جاء وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا من صلاته سأل فإذا أخبر بشئ سبق به صلى الذي سبق به ثم دخل معهم في الصلاة فأتى بن مسعود فدخل مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسأل فلما فرغ عليه الصلاة والسلام قال بن مسعود فقضى ما بقي عليه فقال عليه السلام إن بن مسعود قد سن لكم سنة فاتبعوها انتهى قال البيهقي وقد روا ه عبد الرحمن بن أبي ليلى فجعل القصة في معاذ ثم أخرجه كذلك قال والدليل على أن ذلك من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا أو فاقضوا انتهى وينبغي أن ينظر في حديث المغيرة بن شعبة وصلاة النبي عليه السلام خلف عبد الرحمن بن عوف الصبح أخرجوه إلا الترمذي مختصرا ومطولا وفي لفظ أحمد فصلينا معه التي أدركنا ثم قضينا التي سبقنا بها
[ 324 ]
قوله وعن أبي حنيفة أنه يقوم من الرجل بحذاء رأسه ومن المرأة بحذاء وسطها لان أنسا فعل كذلك وقال هو السنة قلنا تأويله إن جنازتها لم تكن منقوشة فحال بينها وبينهم قلت أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن نافع أبي غالب قال كنت في سكة المربد فمرت جنازة معها ناس كثير قالوا جنازة عبد الله بن عمر فتبعتها فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق وعلى رأسه خرقة تقيه من الشمس فقلت من هذا الدهقان قالوا أنس بن مالك قال فلما وضعت الجنازة قام أنس فصلى عليها وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شئ فقام عند رأسه وكبر أربع تكبيرات لم يطل ولم يسرع ثم ذهب يقعد فقالوا يا أبا حمزة المرأة الانصارية فقربوها وعليها نعش أخضر فقام عند عجيزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ثم جلس فقال العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر عليها أربعا ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة قال نعم إلى أن قال قال أبو غالب فسألت عن صنيع أنس في قيامه على المرأة عند عجيزتها فحدثوني أنه إنما كان لانه لم تكن النعوش وكان يقوم الامام حيال عجيزتها يسترها من القوم مختصر من لفظ أبي داود
[ 325 ]
ولفظ الترمذي وابن ماجة عن أبي غالب قال رأيت أنس بن مالك صلى على جنازة رجل فقام حيال رأسه فجئ بجنازة أخرى فقالوا يا أبا حمزة صل عليها فقام حيال وسط السرير فقال العلاء بن زياد يا أبا حمزة هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام من الجنازة مقامك من الرجل وقام من المرأة مقامك من المرأة قال نعم فأقبل علينا العلاء بن زياد فقال احفظوا انتهى وبهذا اللفظ رواه أحمد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم ونافع أبو غالب الباهلي الخياط البصري قال بن معين صالح وقال أبو حاتم شيخ وذكره بن حبان في الثقات والله أعلم قال النووي في الخلاصة وقع عند أبي داود أن المرأة أنصارية وعند الترمذي أنها قرشية ولعلها كانت من قريش وبالخلف من الانصار أو عكسه والله أعلم انتهى كلامه حديث للخصوم رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث سمرة بن جندب قال صليت وراء النبي عليه السلام على أمرأة ماتت في نفاسها فقام عليها للصلاة وسطها انتهى الحديث التاسع قال عليه الصلاة والسلام من صلى على ميت في المسجد فلا أجر له قلت أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على ميت فس المسجد فلا شئ له ولفظه بن ماجة فليس له شئ انتهى قال الخطيب المحفوظ فلا شئ
[ 326 ]
له وروى فلا شئ عليه وروى فلا أجر له انتهى قال بن عبد البر رواية فلا أجر له خطأ فاحش والصحيح فلا شئ له وصالح مولى التوءمة من أهل العلم منهم من لا يحتج به لضعفه ومنهم من يقبل منه ما رواه بن أبي ذئب خاصة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه بلفظ فلا صلاة له ورواه بن عدي في الكامل بلفظ أبي داود وعده من منكرات صالح ثم اسند إلى شعبة أنه كان لا يروى عنه وينهى عنه وإلى مالك أن قال فيه ضعف وأسند عن بن معين أنه قال فيه ثقة إلا أنه اختلط قبل موته فمن سمع منه قبل ذلك فهو ثبت حجة وممن سمع منه قبل الاختلاط بن أبي ذئب انتهى كلامه وقال بن حبان في كتاب الضعفاء اختلط بآخره ولم يتميز حديث حديث من قديمة فاستحق الترك ثم ذكر له هذا الحديث وقال إنه باطل وكيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلى عليه سهيل بن بيضاء في المسجد انتهى كلامه وقال البيهقي رواه جماعة عن بن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة وهو مما يعد في أفراد صالح وحديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام صلى على سهيل بن بيضاء في المسجد أصح وصالح مولى التوءمة مختلف في عدالته كان مالك بن أنس يجرحه وقال النووي أجيب عن هذا بأجوبة أحدها أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به قال أحمد بن حنبل هذا حديث ضعيف تفرد به صالح مولى التوءمة وهو ضعيف والثاني أن الذي في النسخ المشهورة المسموعة من سنن أبي داود فلا شئ عليه ولا حجة فيه والثالث أن اللام فيه يمعنى على كقوله تعالى وإن أسأتم فلها أي فعليها جمعا بين الاحاديث انتهى كلامه وقال في الخلاصة وقد ضعف هذا الحديث أحمد بن حنبل وابن المنذر والخطابي والبيهقي قالوا وهو من افراد مولى التوءمة وهو مختلف في عدالته ومعظم ما جرحوه به الاختلاط لكن قالوا إن سماع بن أبي ذئب منه كان قبل الاختلاط انتهى كلامه أحاديث الخصوم أخرج مسلم عن أبي سلمة عن عائشة لما توفى سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قالت أدخلوه المسجد حتى أصلي عليه فأنكر ذلك عليها
[ 327 ]
فقالت والله لقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد سهيل وأخيه انتهى قال الطحاوي صلاته عليه الصلاة والسلام عليه سهيل بن بيضاء في المسجد منسوخة وآخر الفعلين منه عليه السلام الترك لانكار عامة الصحابة على عائشة ولو علموا خلافه لما أنكروه قال البيهقي ولو كان عند أبي هريرة نسخ حديث عائشة لذكره يوم صلى على أبي بكر الصديق رضى الله عنه في المسجد ويوم صلى على عمر بن الخطاب رضى الله عنه في المسجد ولذكره من أنكر على عائشة أمرها بإدخاله المسجد أو ذكره أبو هريرة حين روت فيه الخبر وإنما أنكره من لم يكن له معرفة بالجواز فلما روت فيه الخبر سكتوا ولم ينكروه ولا عارضوه بغيره وقال الخطابي وقد ثبت أن أبا بكر وعمر صلى عليهما في المسجد ومعلوم أن عامة المهاجرين والانصار شهدوا الصلاة عليهما وفي تركهم الانكار دليل على الجواز وإن ثبت حديث صالح مولى التوءمة فيتأول على نقصان الاجر أو تكون اللام بمعنى على كقوله تعالى وإن أسأتم فلها انتهى وحديث أبي بكر رواه البيهقي عن إسماعيل بن أبان الغنوي عن هشام بن عروة عن عائشة قالت مترك أبو بكر دينارا ولا درهما ودفن ليلة الثلاثاء وصلى عليه في المسجد وقال إسماعيل الغنوي متروك وأخرج عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن عمر رضي الله عنه صلى عليه في المسجد وصلى عليه صهيب انتهى قال النووي في الخلاصة سنده صحيح ورواهما عبد الرزاق في مصنفه فقال أخبرنا الثوري ومعمر عن هشام بن عروة قال رأى رجالا يخرجون من المسجد ليصلوا على جنازة قال ما يصنع هؤلاء والله ما صلى على أبي بكر إلا في المسجد انتهى أخبرنا مالك عن نافع عن بن عمر قال صلى على عمر في المسجد انتهى وهذا رواه مالك في الموطأ كما ترى
[ 328 ]
الحديث العاشر قال عليه الصلاة والسلام إذا استهل المولود صلى عليه ومن لم يستهل لم يصل عليه قلت روى من حديث جابر ومن حديث علي ومن حديث بن عباس فحديث جابر أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل انتهى بلفظ الترمذي أخرجه في الجنائز عن إسماعيل بن مسلم المكي عن أبي الزبير به قال وقد اضطرب الناس في هذا الحديث فرواه بعضهم عن أبي الزبير مرفوعا ورواه بعضهم عن أبي الزبير موقوفا وكأنه أصح انتهى وبهذا السند رواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه وقال إسماعيل بن مسلم المكي لم يحتجا به انتهى وقال بن القطان في كتابه هو من رواية أبي الزبير عن جابر معنعنا من غير رواية الليث عنه وهو علة ومع ذلك فهو من رواية إسماعيل بن مسلم المكي عن أبي الزبير وهو ضعيف جدا انتهى ورواه البيهقي وقال إسماعيل بن مسلم غيره أوثق منه انتهى وأخرجه النسائي في الفرائض عن المغيرة بن مسلم عن أبي الزبير به بلفظ إذا استهل الصبي صلى عليه وورث انتهى وبهذا السند قال النسائي
[ 329 ]
وللمغيرة بن مسلم عنه حديث منكر انتهى وبهذا السند والمتن رواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي عشر من القسم الثالث رواه الحاكم أيضا وسكت عنه وأخرجه بن ماجة عن الربيع بن بدر عن أبي الزبير به مرفوعا بلفظ النسائي والربيع بن بدر يعرف بعليلة ضعفوه وقال النسائي وغيره متروك الحديث وأخرجه الحاكم أيضا عن سفيان عن أبي الزبير مرفوعا وقال هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وأخرجه أيضا عن بقية عن الاوزاعي عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا وسكت عنه ورواه موقفا النسائي عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر من قوله وكذلك بن أبي شيبة في مصنفه عن أشعث بن سوار عن أبي الزبير عن جابر قال إذا استهل الصبي صلى عليه وورث فإذا لم يستهل لم يصل عليه ولا يورث انتهى وكذلك رواه البيهقي من طريق محمد بن إسحاق عن عطاء عن جابر بن عبد الله نحوه قال الدارقطني في علله هذا حديث اختلف فيه على عطاء وأبي الزبير فرواه المثنى بن الصباح عن عطاء فرفعه ورواه بن إسحاق عنه فوقفه ورواه عن أبي الزبير يحيى بن أبي أنيسة فرفعه ووقغه غيره انتهى وذكره البخاري في صحيحه تعليقا من قول الزهري الطفل إذا استهل صارخا صلى عليه ولا يصلى على من لا يستهل من أجل أنه سقط انتهى وهذا التعليق رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري فذكره وأما حديث على فأخرجه بن عدي في الكامل عن عمرو بن خالد الكوفي عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في السقط لا يصلى عليه حتى يستهل فإذا استهل صلى عليه وعقل وورث وإن لم
[ 330 ]
يستهل لم يصل عليه ولم يورث ولم يعقل انتهى وأما حديث بن عباس فرواه بن عدي أيضا في ترجمة شريك القاضي حدثنا القاسم بن زكريا ثنا إسماعيل بن موسى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استهل الصبي صلى عليه وورث انتهى وذهب الامام أحمد إلى أن الطفل يصلى عليه إذا استكمل أربعة أشهر ومالك معنا في المسألة وللشافعي قولان واحتج لهم بن الجوزي في التحقيق بحديثين أحدهما أخرجه أصحاب السننن الاربعة عن زياد بن جبير أخبرني أبي عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط البخاري وفي مسنده اضطراب سيأتي في المشي أمام الجنازة الحديث الثاني أخرجه بن ماجة عن البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلوا على أطفالكم فانهم من أفراطكم انتهى وضعفه الدارقطني وقال البختري ضعيف وأبوه مجهول ومع ضعفه يمكن حمل الاطفال على من استهل والله أعلم أحاديث صلاته عليه السلام على ولده إبراهيم فيه أحاديث مسندة وأحاديث مرسلة فالمسندة عن بن عباس والبراء بن عازب وأنس والخدري فحديث بن عباس رواه بن ماجة في سننه أخبرنا عبد القدوس بن محمد عن داود بن شبيب الباهلي عن إبراهيم بن عثمان عن الحكم بن عتبة عن مقسم عن بن عباس
[ 331 ]
قال لما مات إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن له مرضعا في الجنة ولو عاش لكان صديقا نبيا ولعتقت أخواله القبط وما استرق قبطي انتهى وأما حديث البراء فرواه أحمد في مسنده حدثنا اسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر الجعفي عن عامر الشعبي عن البراء قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم ومات وهو بن ستة عشر شهرا ورواه البيهقي وقال وكونه صلى عليه هو أشبه بالاحاديث الصحيحة انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن جابر الجعفي عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم إلى آخره لم يذكر فيه البراء وكذلك عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا سفيان الثوري عن جابر به مرسلا وأما حديث أنس فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا عقبة بن مكرم ثنا يونس بن يكير ثنا محمد بن عبيد الله القواريري عن عطاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على إبراهيم وكبر عليه أربعا انتهى ورواه بن سعد فذكره وأما حديث الخدري فرواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن يوسف الصرفي الكوفي ثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن الجريري عن أبي بصرة عن أبي سعيد الخدري بلفظ أبي يعلى سواء وأما المرسلة فعن البهي واسمه عبد الله بن يسار قال لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد انتهى وعن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم وهو بن سبعين ليلة انتهى رواهما أبو داود في سننه ورواهما البيهقي وقال هذه الآثار مرسلة وهي تشد الموصول وروايات
[ 332 ]
الاثبات أولى من روايات الترك انتهى حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه حديث آخر رواه أيضا عن جعفر بن محمد عن أبيه نحوه حديث آخر رواه أيضا عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه عليه الصلاة والسلام صلى عليه بالبقيع انتهى أحاديث الترك أخرج أبو داود في سننه من طريق بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرو بنت عبد الرحمن عن عائشة قال مات إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وكذلك أحمد والبزار وأبو يعلى في مسانيدهم وذكر الخطابي مرسل عطاء وقال هذا أولى الامرين وإن كان حديث عائشة أحسن إيصالا واعتل هو وغيره ممن سلم لترك الصلاة عليه بعلل ضعيفة منها شغل النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الكسوف ومنها أنه استغنى بفضيلة بنوة النبي صلى الله عليه وسلم عن صلاة كما استغنى الشهداء بفضيلة الشهادة وقيل لانه لا يصلى نبي على نبي وقد جاء أنه لو عاش لكان نبيا وقيل المعنى أنه لم يصل عليه بنفسه وصلى عليه غيره والله أعلم بالصواب الحديث الحادي عشر قال المصنف رحمه الله وإن مات الكافر وله ولي مسلم
[ 333 ]
يغسله ويكفنه ويدفنه بذلك أمر علي رضي الله عنه في حق أبيه أبي طالب قلت أخرجه أبو داود والنسائي عن سفيان عن أبي إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي قال لما مات أبوه أبو طالب قال انطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له إن عمك الشيخ الضال قد مات قال اذهب فوار أباك ثم لا تحدثني شيئا حتى تأتيني فذهبت فواريته وجئته فأمرني فاغتسلت ودعا لي انتهى وروراه أحمد وإسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة وأبو يعلى والبزار في مسانيدهم وليس في الحديث الغسل والكفن إلا أن يؤخذ ذلك من مفهوم قوله فأمرني فاغتسلت فان الاغتسال شرع من غسل الميت ولم يشرع من دفنه ولم يستدل به البيهقي وغيره من الشافعية إلا على الاغتسال من غسل الميت مع أنه قد جاء مصرحا به في بعض الاحاديث فروى بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده عن علي قال لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بموت أبي طالب بكى ثم قال لن اذهب فاغسله وكفنه وواره قال ففعلت ثم أتيته فقال لي أذهب فاغتسل قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما ولا يخرج من بيته حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين الآية انتهى وروى بن أ ي شيبة في مصنفه الحديث بسند السنن قال إن عمك الشيخ الكافر قد مات فما ترى فيه قال أرى أن تغسله وتجنه وأمره بالغسل انتهى وروى أبو يعلى الموصلي في مسنده من طريق السدى عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال لما توفى أبو طالب أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن عمك الشيخ الضال قد مات قال أذهب فواره ولا تحدث شيئا حتى تأتين قال فواريته ثم أتيته قال اذهب فاغتسل فاغتسلت ثم اتيته فدعا لي بدعوات ما يسرني
[ 334 ]
أن لي بها حمر النعم أو سودها قال وكان علي إذا غسل ميتا اغتسل انتهى ورواه الشافعي وأبو داود الطيالسي وابن راهويه في مسانيدهم عن شعبة عن أبي إسحاق به بلفظ السنن زاد الشافعي فيه فقلت يا رسول الله إنه مات مشركا قال اذهب فوراه ومن طريق الشافعي رواه البيهقي في سننه الوسطى ثم قال وناجية بن كعب لا يعلم روى عنه غير أبي إسحاق قال بن المديني وغيره من الحفاظ انتهى وروى البيهقي في سننه حديث علي هذا من طرق وقال إنه حديث باطل واسانيده كلها ضعيفة وبعضها منكر وأما حديث أبي هريرة مرفوعا من غسل مينا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ فقد رواه أبو داود والترمذي وحسنه وضعفه الجمهور وبسط البيهقي القول في طرقه وقال الصحيح وقفه قال قال الترمذي عن البخاري عن أحمد بن حنبل وابن المديني قالا لا يصح في هذا الباب شئ وقال محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري لا أعلم فيه حديثا ثابتا وقال بن المنذر ليس فيه حديث ثابت وأما حديث عائشة أنه عليه الصلاة والسلام كان يغتسل من الجنابة ويوم الجمعة ومن الحجامة وغسل الميت فرواه أبو داود بسند ضعيف والله أعلم واستدل بن الجوزي في التحقيق للامام أحمد في منعه المسلم غسل قريبه الكافر ودفنه بحديث أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي معشر عن محمد بن كعب بن مالك القرظي عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال جاء ثابت بن قيس بن شماس فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وهي نصرانية وإني أحب أن أحضرها فقال له عليه السلام اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت أمامها لم تكن معها انتهى وهذا مع ضعفه ليس فيه حجة كما تراه ثم استدل لخصومه بحديث أبي طالب وأجاب بأنه كان في ابتداء الاسلام وهذا أيضا ممنوع والله أعلم أحاديث الصلاة على الغائب فيه حديث النجاشي أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى
[ 335 ]
المصلى فصف بهم وكبر أربعا انتهى وأخرجاه عن جابر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث انتهى ولاصحابنا عنه أجوبة أحدها أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع له سريره فرآه فتكون الصلاة عليه كميت رآه الامام ولا يراه المأمون قال الشيخ تقي الدين وهذا يجتاج إلى نقل يثبته ولا يكتفى فيه بمجرد الاحتمال انتهى قلت ورد ما يدل على ذلك فروى بن حبان في صحيحه في النوع الحادي والاربعين من القسم الخامس من حديث عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أخاكم النجاشي توفى فقوموا صلو عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوا خلفه فكبر أربعا وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه الثاني أنه من باب الضرورة لانه مات بأرض لم يقم فيها عليه فريضة الصلاة فتعين فرض الصلاة عليه لعدم من يصلى عليه ثم ويدل على ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على غائب غيره وقد مات من الصحابة خلق كثير وهم غائبون عنه وسمع بهم فلم يصل عليهم إلا غائبا واحدا ورد أنه طوت له الارض حتى حضره وهو معاوية بن معاوية المزني روى حديثه الطبراني في معجمه الوسط وكتاب مسند الشاميين حدثنا عل بن سعيد الرازي ثنا نوح بن عمرو بن حوى السكسك ثنا بقية بن الوليد عن محمد بن زياد الالهاني عن أبي أمامة قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فنزل عليه جبرائيل فقال يا رسول الله إن معاوية بن معاوية المزني مات بالمدينة أتحب أن أطوي لك الارض فتصلي عليه قال نعم فضرب بجناحه على الارض فرفع له سريره فصلى عليه وخلفه صفان من الملائكة في كل صف سبعون الف ملك ثم رجع وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبرائيل بم أدرك هذا قال بحب سورة قل هو الله أحد قراءته إياها جائيا وذاهبا وقائما وقاعدا وعلى كل حال انتهى ورواه بن سعد في الطبقات في ترجمة معاوية بن معاوية المزني قال ويقال الليثي من حديث أنس فقال أخبرنا يزيد بن هارون ثنا العلاء أبو محمد الثقفي سمعت أنس بن مالك قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره
[ 336 ]
نحوه أخبرنا عثمان بن الهيثم البصري ثنا محبوب بن هلال المزني عن بن أبي ميمونة عن أنس فذكر نحوه وبسند بن سعد الاول رواه البيهقي وضعفه قال النووي في الخلاصة والعلاء هذا بن زيد ويقال بن يزيد اتفقوا على ضعفه قال البخاري وابن عدي وأبو حاتم هو منكر قال البيهقي وروى من طريق أخرى ضعيفة وغائبان آخران وهما زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب ورد أنه أيضا كشف له عنهما أخرجه الواقدي في كتاب المغزي فقال حدثني محمد بن صالح عن عاصم بن عمر بن قتاة حدثني عبد الجبار بن عمارة عن عبد الله بن أبي بكر قال لما التقى الناس بمئونة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وكشف له ما بينه وبين الشام فهو ينظر إلى معركتهم فقال عليه السلام أخذ الراية زيد بن حارثة فمضى حتى استشهد وصلى عليه ودعا له وقال استغفروا له وقد دخل الجنة وهو يسعى ثم أخذ الراية جعفر بن أبي طالب فمضى حتى استشهد فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له وقال استغفروا له وقد دخل الجنة فهو يطير فيها بجناحين حيث شاء مختصر وهو مرسل من الطريقين المذكورين أحاديث رفع اليدين في التكبيرة الاولى حديث أخرجه الترمذي في كتابه عن يحيى بن يعلى عن أبي فروة يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى على الجنازة رفع يديه فأول تكبيرة ثم وضع يده اليمنى على اليسرى انتهى وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه انتهى وأعله بن القطان في كتابه بأبي فروة ونقل تضعيفه عن أحمد والنسائي وابن معين والعقيلي قال ففيه علة أخرى وهو أن يحيى بن يعلى الراوي عن أبي فروة وهو أبو زكريا القطواني الاسلمي هكذا صرح به عند الدارقطني وهو ضعيف ولهم آخر في طبقته يكنى أبا المحيا ذاك ثقة وليس هو هذا انتهى قلت قال بن حبان في أبي فروة كثير الخطأ لا يعجبني الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد ثم نقل عن بن معين أنه قال ليس بشئ
[ 337 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الفضل بن السكن ثنا هشام بن يوسف ثنا معمر عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه على الجنازة في أول تكبيرة ثم لا يعود انتهى وسكت عنه لكن أعله العقيلي في كتابه بالفضل بن السكن وقال إنه مجهول انتهى ولم أجده في ضعفاء بن حبان حديث آخر يعارض ما تقدم أخرجه الدارقطني في علله عن عمر بن شيبة حدثنا يزيد بن هارون أنبأ يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر أن النبي عليه السلام كان إذا صلى علي الجنازة رفع يديه في كل تكبيرة وإذا انصرف سلم انتهى قال الدارقطني هكذا رفعه عمر بن شيبة وخالفه جماعة فرووه عن يزيد بن هارون موقوفا وهو الصواب انتهى ولم يرو البخاري في كتابه المفرد في رفع اليدين شيئا في هذا الباب إلا حديثا موقوفا على بن عمر وحديثا موقوفا على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهم والله أعلم فصل في حمل الجنازة قوله فإذا حمل الميت على سريره أخذوا بقوائمه الاربع بذلك وردت السنة قلت أخرج بن ماجة في سننه عن عبيد بن نسطاس عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال من اتبع جنازة فليأخذ بجوانب السرير كلها فإنه من السنة إن شاء فليتطوع وإن شاء فيدع انتهى ورواه أبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفهما حدثنا شعبة عن منصور بن المعتمر عن عبيد بن نسطاس به بلفظ فليأخذ بجوانب السرير الاربعة ومن طريق عبد الرزاق ورواه
[ 338 ]
الطبراني في معجمه ورواه محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه حدثنا منصور بن المعتمر به قال من السنة حمل الجنازة بجوانب السرير الاربعة انتهى قال محمد رحمه الله وصفته أن يبدأ الرجل فيضع يمين الميت المقدم على يمينه ثم يضع يمين الميت المؤخر على يمينه ثم يعود إلى المقدم الايسر فيضعه على يساره ثم يأتي المؤخر الايسر فيضعه على يساره وهذا قول أبي حنيفة رضي الله عنه انتهى وروى بن أبي شيبة وعبد الرزاق في مصنفيهما حدثنا هشيم عن بن عطاء عن علي الازدي قال رأيت بن عمر رضي الله عنهما في جنازة فحمل بجوانب السرير الاربع مختصر وروى عبد الرزاق أخبرني الثوري عن عباد بن منصور أخبرني أبو المهزم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال من حمل الجنازة بجوانبها الاربع فقد قضي الذي عليه انتهى قوله وقال الشافعي رضي الله عنه السنة أن يحملها رجلان يضعها السابق على أصل عنقه والثاني على أعلا صدره لان جنازة سعد بن معاذ هكذا حملت قلنا كان ذلك لازدحام الملائكة عليه قلت روى بن سعد في الطبقات في ترجمة سعد بن معاذ أخبرنا محمد بن عمر الواقدي عن إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة عن شيوخ من بني الاشهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمل جنازة سعد بن معاذ من بيته بين العمودين حتى خرج به من الدار قال الواقدي رحمه الله والدار تكون ثلاثين ذراعا انتهى قال النووي رحمه الله في الخلاصة ورواه الشافعي بسند ضعيف قلت لم أجده في كتاب المغازي إلا بغير سند ولفظه قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد فغسل ثم كفن في ثلاثة أثواب ثم حمل على السرير حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عمودي سريره حتى رفع من داره إلى أن خرج مختصر وأما ازدحام الملائكة في جنازته فروى
[ 339 ]
بن سعد أيضا أخبرنا إسماعيل بن أبي مسعود ثنا عبد الله بن إدريس ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ لقد شهده سبعون ألف ملك لم ينزلوا إلى الارض قبل ذلك ولقد ضم ضمة ثم فرج عنه انتهى وهذا ذكره بن أبي حاتم في علله وذكر في إسناده اختلافا ولم يضعفه ولا جعله منكرا ورواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني سعيد بن أبي زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة سعد بن معاذ إلى أن قال وقال الناس يا رسول الله كان سعد رجلا جسيما فلم نر أخف منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تحمله مختصر أحاديث الباب روى الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد بن عباد المكي ثنا حنظلة بن عمرو الانصاري عن بن الحويرث قال توفى جابر بن عبد الله فشهدناه فلما خرج سريره من حجرته إذا حسن بن حسن بن علي رضي الله عنهم بين عمودي السرير فأمر به الحجاج أن يخرج من بين عمودي السرير ليقف مكانه فأبي عليهم فسأله بنو جابر إلا خرجت فخرج وجاء الحجاج حتى وقف بين عمودي السرير ولم يزل حتى وضع وصلى عليه الحجاج ثم جاء إلى القبر فنزل حسن بن حسن في قبره فأمر به الحجاج أن يخرج ليدخل مكانه فأبى عليهم فسأله بنو جابر فخرج فدخل الحجاج الحفرة حتى فرغ انتهى ورواه البخاري في تاريخ الاوسط حدثنا أحمد بن أبي بكر ثنا عاصم بن سويد سمعت جدي معاوية بن معبد قال شهدت جابر بن عبد الله لما مات فذكره مختصرا وزاد فيه وكنيته جابر بن عبد الله أبو عبد الله الانصاري السلمي المدني انتهى حديث آخر روى الطبراني أيضا حدثنا أبوالزنباع روح بن الفرج المصري ثنا يحيى
[ 340 ]
بن بكر قال توفى أسيد بن حضير سنة عشرين وحمله عمر بين عمودي السرير حتى وضعه بالبقيع وصلى عليه انتهى حديث آخر روى البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي أنبأ إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال رأيت سعد بن أبي وقاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف واضعا السرير على كاهله قائما بين العمودين المقدمين انتهى ومن طريق الشافعي أيضا أخبرنا بعض أصحابنا عن عبد الله بن ثابت عن أبيه قال رأيت أبا هريرة يحمل بين عمودي سريري سعد بن أبي وقاص انتهى ومن طريق الشافعي رضي الله عنه أيضا أخبرنا الثقة من أصحابنا عن إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عمه عيسى بن طلحة قال رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه يحمل بين العمودين المقدمين واضع السرير على كاهله انتهى ومن طريق الشافعي أيضا أخبرنا بعض أصحابنا عن بن جريج عن يوسف بن ماهك انه رأى بن عمر في جنازة رافع بن خديج قائما بين قائمتي السرير انتهى ومن طريق الشافعي رضي الله عنه أيضا أخبرنا بعض أصحابنا عن شرحبيل أبي عون عن أبيه قال رأيت بن الزبير يحمل بين عمودي سرير المسور بن مخرمة انتهى حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا الواقدي حدثني علي بن مسلم عن المقبري ان أبيه قال رأيت مروان بن الحكم وهو يومئذ عامل المدينة حمل سرير حفصة بين العمودين من عند دار أبي حزم إلى دار المغيرة بن شعبة وحمله أبو هريرة من دار المغيرة إلى قبرها انتهى أخبرنا الواقدي أنبأنا إسحاق بن يحيى أخبرني عيسى بن طلحة قال رأيت عثمان بن عفان حمل سرير أمه بين العمودين حتى وضعها بموضع الجنائز وقام على قبرها ودعا لها
[ 341 ]
الحديث الثاني عشر سئل النبي صلى الله عله وسلم عن المشي بالجنازة فقال ما دون الخبب قلت أخرجه أبو داود والترمذي عن يحيى الجابر عن أبي ماجد الحنفي عن بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة فقال ما دون الخبب ان يكن خيرا يعجل إليه وان لم يكن غير ذلك فبعدا لاهل النار والجنازة متبوعة ولا تتبع ليس معها من تقدمها انتهى قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه من حديث بن مسعود إلا من هذا الوجه وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول قال الحميدي قال بن عيينة قيل ليحيى من أبو ماجد هذا فقال طائر طار فحدثنا قال الترمذي وأبو ماجد رجل مجهول وله حديثان عن بن مسعود ويحيى الجابر ويقال المجبر ثقة يكنى أبا الحارث وهو كوفي روى له شعبة وسفيان الثوري وابن عيينة وأبو الاحوص وغيرهم انتهى وقال في علله الكبرى قال البخاري أبو ماجد منكر الحديث وضعفه جدا انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى في مسانيدهم أحاديث الباب اخرج الاربعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسرعوا بالجنازة فان تك صالحة فخير تقدمونها إليه وإن تك غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم انتهى حديث اخر أخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه انه كان في جنازة عثمان بن العاص قال فكنا نمشي مشيا
[ 342 ]
خفيفا قال فرفع أبو بكرة سوطه وحمل عليهم وقال والذي كرم وجه أبي القاسم لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وان لنكاد ان نرمل بها رملا انتهى وسكت عنه وروراه أبو داود والنسائي قال النووي في الخلاصة بأسانيد صحيحة وفي رواية في جنازة عبد الرحمن بن سمرة قال واما ما أخرجه البخاري ومسلم عن عطاء قال حضرنا مع بن عباس جنازة ميمونة بسرف فقال بن عباس هذه ميمونة إذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوا ولا تزلزلوا مختصر فالمراد به شدة الاسراع لانه يخاف منه الانفجار انتهى كلامه أخرجه مسلم في النكاح وبقيته فإنه كان عند رسول الله تسع نسوة وكان يقسم لثمان ولا يقسم لواحدة قال عطاء التي لا يقسم لها صفية بنت حي انتهى وزاد مسلم قال عطاء وكان آخرهن موتا ماتت بالمدينة رضي الله عنها انتهى أحاديث المشي خلف الجنازة حديث أبي ماجد تقدم قريبا عن بن مسعود مرفوعا الجنازة متبوعة ولا تتبع ليس معها من تقدمها رواه أبو داود والترمذي وقد تقدم الكلام عليه حديث اخر أخرجه أبو داود في سننه عن حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير عن ناب بن عمر حدثني رجل من أهل المدينة ان أباه حدثه انه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ولا يمشى بين يديها انتهى ورواه أحمد في مسنده وذكره الدارقطني في علله وما فيه من الاختلاف ثم قال وقول حرب بن شداد اشبه بالصواب انتهى واعله بن الجوزي رحمه الله في العلل المتناهية بأن فيه رجلين مجهولين حديث آخر رواه الحاكم في المستدرك في فضائل مارية أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل بن مهران ثنا أبي ثنا محمد بن مصفى حدثنا بقية عن محمد بن زياد عن أبي امامة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى خلف جنازة ابنه إبراهيم عليه السلام حافيا انتهى
[ 343 ]
وسكت عنه حديث اخر رواه بن عدي في الكامل حدثنا الحسن بن أبي معشر ثنا سليمان بن سلمة عن يحيى بن سعيد الحمصي العطار عن عبد المجيد بن سليمان عن أبي حازم عن سهل بن سعد ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي خلف الجنازة انتهى قال بن القطان في كتابه سليمان بن سلمة لا يعرف من هو ويحيى بن سعيد منكر الحديث قاله السعدي وعن بن معين ليس بشئ وعبد المجيد بن سلمان أخو فليح بن سليمان ضعيف أضعف من أخيه فليح انتهى كلامه حديث اخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا حسين بن مهران عن طرح بن يزيد أبي المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي امامة قال سأل أبو سعيد الخدري علي بن أبي طالب المشي خلف الجنازة أفضل أم امامها فقال علي رضي الله عنه والذي بعث محمدا بالحق أن فضل الماشي خلفها على الماشي امامها كفضل صلاة المكتوبة على التطوع فقال له أبو سعيد أبرأيك تقول أم شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب وقال لا والله بل سمعته غير مرة ولا اثنين ولا ثلاث حتى عد سبعا فقال أبو سعيد اني رأيت أبا بكر وعمر يمشيان امامها فقال علي يغفر الله لهما لقد سمعا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سمعته وانهما والله لخير هذه الامة ولكنهما كرها ان يجتمع الناس ويتضايقوا فأحبا ان يسهلا على الناس انتهى واعله بن عدي في الكامل بمطرح وضعفه عن بن معين وقال الضعف على حديثه بين وقال بن الجوزي رحمه الله في العلل المتناهية عبيد الله بن زحر وعلى ين يزيد والقاسم كلهم ضعفاء فإذا اجتمع هؤلاء في حديث فهو مما عملته أيديهم وقال بن حبان في كتاب الضعفاء عبد الله بن زحر منكر الحديث جدا يروى الموضوعات عن الاثبات وإذا روى عن علي بن يزيد أتى بالطامات وإذا اجتمع في إسناده خبر عبيد الله بن زحر وعلى بن يزيد والقاسم بن عبد الرحمن
[ 344 ]
فمتنه مما عملته أيديهم وأسند عن بن معين انه قال عبيد الله بن زحر ليس بشئ وكل حديثه عندي ضعيف انتهى حديث اخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن بن طاوس عن أبيه قال ما مشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات إلا خلف الجنازة انتهى وهو مرسل حديث اخر رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عيسى بن يونس عن ثور عن بن جريج عن مسروق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل امة قربانا وان قربان هذه الامة موتاها فاجعلوا موتاكم بين أيديكم انتهى حديث اخر أخرجه الدارقطني عن أبي معشر عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن كعب عن أبيه كعب بن مالك قال قال جاء ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمه توفيت وهي نصرانية وهي تحب أن يحضرها فقال له النبي عليه السلام اركب دابتك وسر أمامها فإنك إذا كنت امامها لم تكن معها انتهى قال الدارقطني وأبو معشر ضعيف انتهى حديث اخر أخرجه بن عدي في الكامل عن إبراهيم بن أبي حميد ثنا أبو بكرة عبد العظيم بن حبيب حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن بن عمر قال لم يكن يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمشي خلف الجنازة إلا قول لا إله إلا الله مبديا وراجعا انتهى وضعف إبراهيم هذا وجعله من منكراته واعادة في ترجمة عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وضعفه تضعيفا يسيرا الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن عروة بن الحارث عن زائدة بن أوس عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه قال كنت في جنازة وأبو بكر وعمر يمشيان امامها وعلى يمشى خلفها فقلت لعلي أراك تمشي خلف الجنازة وهذا ن يمشيان امامها فقال على لقد علما ان فضل المشي خلفها على المشي امامها كفضل صلاة الجماعة على الفذ ولكنهما احبا ان ييسرا على الناس انتهى ورواه بن أبي شيبة
[ 345 ]
حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بن ابزي قال كنت في جنازة الحديث حديث آخر روى الطبراني في مسند الشاميين حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن أبي مريم عن راشد بن سعد عن نافع قال خرج عبد الله بن عمر في جنازة وأنا معه فقلت له يا أبا عبد الرحمن كيف السنة في المشي مع الجنازة امامها أو خلفها فقال ويحك يا نافع اما تراني امشي خلفها انتهى حديث اخر رواه بن اب شبة حدثنا عبد الله ثنا إسرائيل عن عبد الله بن المختار عن معاوية بن قرة ثنا أبو كرب أو أبو حرب عن عبد الله بن عمرو بن العاص بن أباه قال له كن خلف الجنازة فإن مقدمها للملائكة وخلفها لبني آدم مختصر أحاديث الخصوم اخرج أصحاب السنن الاربعة عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون امام الجنازة انتهى رواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الرابع وفي لفظ له حدثنا الزهري غير مرة قال بن حبان وفيه دليل على من يقول إن سفيان لم يسمعه من الزهري سكت عنه الترمذي وقال وقد رواه بن جريج وزياد بن سعد وغير واحد عن الزهري عن سالم عن أبيه نحو حديث بن عيينة وروى معمر ويونس بن يزيد ومالك وغيرهم من الحفاظ عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال وأهل الحديث كلهم يرون ان الحديث المرسل في ذلك أصح ثم أخرجه من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال كان النبي صلى الله عليه وسلم فذكره
[ 346 ]
قال الترمذي رحمه الله وسمع يحيى بن موسى يقول سمعت عبد الرزاق يقول قال عبد الله بن المبارك رضي الله عنهما حديث الزهري في هذا مرسلا أصح من حديث بن عيينة وأرى بن جريج اخذه من بن عيينة ثم أخرجه الترمذي رحمه الله عن محمد بن بكر ثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشى امام الجنازة وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم انتهى قال الترمذي وسالت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال أخطأ فيه محمد بن بكر وغانما يروى هذا عن يونس عن الزهري ان النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون امام الجنازة انتهى وقال النسائي هذا حديث خطأ وهم فيه بن عيينة وخالفه مالك رضي الله عنه فرواه عن الزهري مرسلا وهو الصواب قال وانما اتى عليه فيه من جهة ان الزهري رواه عن سلم عن أبيه انه كان يمشي امام الجنازة قال وكان النبي عليه السلام وأبو كبر وعمر يمشون امام الجنازة فقوله وكان النبي عليه السلام إلى اخره من كلام الزهري لا من كلام بن عمر قال بن المبارك الحفاظ عن الزهري ثلاثة مالك ومعمر وابن عيينة إذا اجتمع اثنان منهم على قول اخذنا به وتركنا قول الآخر انتهى كلام النسائي قلت وبهذا اللفظ الذي أشار إليه النسائي رواه أحمد في مسنده حدثنا حجاج بن محمد قال قرأت على بن جريج ثنا زياد بن سعد ان بن شهاب أخبره حدثني سالم عن بن عمر أنه كان يمشي بين يدي الجنازة وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يمشون امامها قال عبد الله بن أحمد قال أبي هذا الحديث انما هو عن الزهري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسل وحديث سالم فعل بن عمر وحديث بن عيينة كأنه وهم ومن طريق أحمد رواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا أبي به ورواه بن حبان في صحيحه أيضا من حديث شعيب بن أ ي حمزة عن الزهري عن سالم عن أبيه به بلفظ السنن وزاد فيه ذكر عثمان وقال في آخره قال الزهري وكذلك السنة انتهى وذكر عثمان عن النسائي أيضا الآثار اخرج عبد الرزاق في مصنفه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه
[ 347 ]
كان يضرب الناس يقدمهم امام جنازة زينب بنت جحش رضي الله عنها انتهى أثر اخر رواه بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن بن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة قال رأيت أبا هريرة رضي الله عنه وأبا قتادة وابن عمر وأبا اسيد رضي الله عنهم يمشون امام الجنازة انتهى أحاديث القائلين بالتفضيل ذهب الامام أحمد رضي الله عنه إلى ان امام الجنازة أفضل في حق الماشي وخلفها أفضل في حق الراكب واستدل له بحديث أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكب يسير خلف الجنازة والماشي يمشي امامها قريبا عنها عن يمينها أو عن يسارها انتهى ورواه أحمد رضي الله عنه في مسنده والحاكم في المستدرك وقال على شرط البخاري ولم يخرجه انتهى وفي سنده اضطراب وفي متنه أيضا فان أبا داود أخرجه عن يونس عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال واحسب ان أهل زياد اخبروني انه رفعه إلى النبي عليه السلام قال الراكب إلى اخره وأخرجه الترمذي عن سعيد بن عبيد الله عن زياد بن جبير به وقال حسن صحيح وبهذا السند أخرجه النسائي وابن ماجة ليس فيه عن أبيه وفي لفظ بن ماجة عن زياد بن جبير سمع المغيرة فذكره
[ 348 ]
فصل في الدفن الحديث الثالث عشر قال عليه إسلام اللحد لنا والشق لغيرنا قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث جرير ومن حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم فحديث بن عباس أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عبد الاعلى عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا انتهى قال الترمذي غريب من هذا الوجه انتهى وعبد الاعلى بن عامر الثعلبي في مقال قال بن القطان في كتابه أراه لا يصح من أجله كان بن مهدي لا يحدث عنه ووصفه بالاضطراب وقال أبو زرعة ضعيف ربما رفع الحديث وربما وقفه وقا بن عدي قال أحمد رضي الله عنه منكر الحديث حدث عن سعيد بن جبير وابن الحنفية وأبي عبد الرحمن السلمي بأشياء لا يتابع عليها انتهى كلامه واما حديث جرير رضي الله عنه فأخرجه بن ماجة في سننه عن أبي اليقظان عن زاذان عن جرير بن عبد الله البجلي مرفوعا نحوه سواء ورواه أحمد وأبو داود الطيالسي وابن أبي شيبة في مسانيدهم ورواه عن عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه الطبراني في معجمه وأبو نعيم في الحلية في
[ 349 ]
ترجمة زاذان قال أبو نعيم رواه عن أبي اليقظان سفيان الثوري وعمرو بن قيس الملائي وحجاج بن أرطاة وأبو حمزة الثمالي وقيل بن الربيع انتهى وله طريق آخر عند أحمد في مسنده عن أبي جناب عن زاذان عن جرير ان النبي عليه الصلاة والسلام جلس على شفير قبر فقال الحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا وفيه قصة والاول معلول بأبي اليقطان واسمه عثمان بن عمير البجلي وفيه مقال والثاني معلول بأبي جناب الكلبي وفي الآخر مقال وأما حديث جابر فرواه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا جعفر بن أحمد انا الشحام ثنا عبد الاعلى بن واصل ثنا محمد بن الصلت عن محمد بن عبد الملك الاسلمي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحد لنا والشق لغيرنا انتهى أحاديث الباب وروى بن ماجة في سننه حدثنا محمود بن غيلان ثنا هاشم بن القاسم حدثنا مبارك بن فضالة حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال لما توفى النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة رجلان أحدهما يلحد والآخر يصرح فقالوا نستخير ربنا ونبعث إليهما فأيهما سبق تركناه فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فلحدوا للنبي عليه السلام انتهى حدثنا عمر بن شبة ثنا عبيد بن الطفيل المقرى ثنا عبد الرحمن بن أبي مليكة القرشي ثنا بن أبي مليكة عن عائشة رضي الله عنها قالت لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا في اللحد والشق حتى تكلموا في ذلك وارتفعت أصواتهم فقال عمر رضي الله عنه لا تصيحوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حيا ولا ميتا أو كلمة نحوها فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد فجاء اللاحد فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن انتهى حديث اخر روى بن أبي شيبة في مصنفه من طريق مالك ثنا نافع عن بن
[ 350 ]
عمر ان النبي صلى الله عليه الحد له ولابي بكر ولعمر انتهى حديث اخر رواه بن ماجة في سننه أيضا من طريق بن إسحاق ثنا حسين بن عبد الله عن عكرمة عن بن عباس قال لما أرادوا ان يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو عبيدة بن الجراح يضرح كحفر أهل مكة وكان أبو طلحة زيد بن سهل يحفر لاهل المدينة وكان يلحد فدعا العباس رجلين فقال لاحدهما اذهب إلى أبي عبيدة وللآخر اذهب إلى أبي طلحة اللهم خر لرسولك فوجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الثلاثاء وضع على سريره وقد كان المسلمون اختلفوا في دفنه فقال قائل ندفنه من مسجده وقال قائل ندفنه مع اصحابه فقال أبو بكر رضي الله عنه أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قبض نبي إلا دفن حيث قبض فرفع فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين توفى فيه فحفر له تحته ثم دعى الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون عليه ارسالا دخل الرجال حتى إذا فرغوا ادخل النساء حتى إذا فرغ النساء ادخل الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد فدفن صلى الله عليه وسلم من وسط الليل ليلة الاربعاء ونزل في حفرته على بن أبي طالب والفضل بن العباس وقثم اخوه وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أوس بن خولى وهو أبو ليلى لعلي بن أبي طالب أنشدك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له علي رضي الله عنه انزل وكان شقران مولاه أخذ قطيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبسها فدفنها في القبر وقال والله لا يلبسها أحد بعدك فدفنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى الحديث الرابع عشر روى ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل سلا قال المصنف واضطربت الروايات في ادخاله عليه السلام قلت روى الشافعي رضي الله عنه في مسنده أخبرنا الثقة عن عمر بن عطاء عن عكرمة عن بن عباس قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم من
[ 351 ]
قبل رأسه انتهى أخبرنا مسلم بن خالد الزنجي وغيره عن أبي جريج عن عمران بن موسى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك انتهى أخبرنا بعض أصحابنا عن أبي الزناد وربيعة وأبي النضر لا اختلاف بينهم في ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهم انتهى ومن طريق الشافعي رواها البيهقي وقال هذا هو المشهور فيما بين أهل الحجاز انتهى وقوله اضطربت الروايات في إدخاله عليه السلام فما ورد مخالفا لما تقدم ما أخرجه أبو داود في المراسيل عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم ان النبي عليه السلام ادخل من قبل القبلة ولم يسل سلا انتهى وذكره عبد الحق في احكامه وعزاه لمراسيل أبي داود وقال فيه عن إبراهيم التيمي وهو وهم منه نبه عليه بن القطان في كتابه وانما هو إبراهيم النخعي قال لانه رواه من حديث حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم ومعلوم ان حماد بن أبي سليمان انما يروى عن النخعي لا التيمي ولعل الذي اوقعه في ذلك اشتراكهما في الاسم واسم الاب والبلد وفي كثير من الرواة من فوق ومن أسفل فكل واحد منهما اسمه إبراهيم بن يزيد انتهى قلت صرح به بن أبي شيبة في مصنفه فقال عن حماد عن إبراهيم النخعي فذكره وزاد ورفع قبره حتى يعرف انتهى حديث اخر رواه بن عدي في الكامل والعقيلي في ضعفائه عن عمرو بن يزيد التيمي عن علقمة بن مرثد عن بن بريدة عن أبيه قال اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة والحد له ونصب عليه اللبن نصبا انتهى ونقل عن بن عدي تضعيف عمرو بن يزيد عن بن معين ولينه هو وقال هو في جملة من يكتب حديثه من الضعفاء وقال العقيلي لا يتابع عليه انتهى حديث اخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هارون بن إسحاق ثنا المحاربي عن عمرو بن قيس عن عطية عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ من قبل القبلة واستل
[ 352 ]
استلالا انتهى قال البيهقي قال الشافعي رضي الله عنه ولا يتصور ادخاله من جهة القبلة لان القبر في أصل الحائط انتهى ومن أحاديث الخصوم اخرج أبو داود عن أبي إسحاق هو السبيعي قال أوصاني الحارث ان يصلي عليه عبد الله بن يزيد الخطمي فصلى عليه ثم أدخله القبر من قبل رجل القبر وقال هذا من السنة انتهى ورواه البيهقي وقال إسناده صحيح وهو كالمسند لقوله من السنة حديث اخر أخرجه بن ماجة في سننه عن مندل بن علي أخبرني محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي رافع قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا ورش على قبره ماء انتهى ومندل بن علي ضعيف حديث اخر رواه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا عبد الله بن الاشعث ثنا الحسن بن علي بن مهران ثنا مكي بن إبراهيم عن غالب بن عبيد الله عن حميد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الميت من قبل رجليه ويسل سلا انتهى الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الاعلى عن خالد عن أبي سيرين قال كنت مع أنس رضي الله عنه في جنازة فأمر بالميت فادخل من قبل رجليه انتهى حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر عن بن عمر انه ادخل ميتا من قبل رجليه انتهى ومن أحاديث الاصحاب روى الترمذي من حديث المنهال بن خليفة عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء بن أبي رباح عن بن عباس ان النبي عليه الصلاة والسلام دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج فأخذه من قبل القبلة وقال رحمك الله ان كنت لاواها تلا للقرآن وكبر عليه أربعا قال حديث حسن وأنكر عليه لان مداره على
[ 353 ]
الحجاج بن أرطاة وهو مدلس ولم يذكر سماعا قال بن القطان ومنهال بن خليفة ضعفه بن معين وقال البخاري رحمه الله فيه نظر الآثار اخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عمير بن سعيد ان عليا رضي الله عنه كبر على يزيد بن المكفف أربعا وادخل من قبل القبلة انتهى واخرج أيضا عن بن الحنفية انه ولى بن عباس فكبر عليه أربعا وادخله من قبل القبلة انتهى الحديث الخامس عشر قال المصنف رحمه الله فإذا وضع في لحده يقول واضعه بسم الله وعلى ملة رسول الله كذا قال النبي صلى الله عليه وسلم حين وضع أبا دجانة الانصاري في القبر قلت هكذا وقع في الهداية والمبسوط وهو وهم فان أبا دجانة الانصاري توفي بعد النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة اليمامة وكانت في شهر ربيع الاول سنة اثنتى عشرة في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه كذا ذكره بن أبي خيثمة في تاريخه وروى الواقدي في كتاب الردة له حدثني عبد العزيز بن أنس الصفري عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد قال كان مسيلمة الكذاب رجلا من اليمامة من بني حنيفة وكان قد ادعى النبوة فذكر القصة بطولها إلى ان قال وحدثني معاذ بن محمد عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أم سعد بنت سعد بن الربيع قالت رأيت نسيبة بنت كعب ويدها مقطوعة فقلت لها متى قطعت يدك قالت يوم اليمامة كنت مع الانصار فانتهينا إلى حديقة فاقتتلوا عليها ساعة حتى قال أبو دجانة الانصاري واسمه سماك بن خرشة احملوني على الترسة حتى تطرحوني عليهم فأشغلهم فحملوه على الترسة وألقوه فيهم فقاتلهم حتى قتلوه رحمه الله قالت فدخلت وانا أريد عدو الله مسيلمة الكذاب فعرض إلى رجل منهم فضربني فقطع يدي فوالله ما عرجت عليها ولم أزل حتى وقعت على الخبيث مقتولا وابني يمسح سيفه بثيابه فقلت له أقتلته يا بني قال نعم يا اماه فسجدت لله شكرا قال وابنها هو عبد الله بن زيد بن عاصم قال وحدثني موسى بن بكر عن بن أبي زينب قال سألت سالم بن عبد الله كم قتل من المسلمين
[ 354 ]
يوم اليمامة قال ستمائة من المهاجرين والانصار وغير ذلك ثم عقد بابا في اسمائهم وذكر منهم أبا دجانة الانصاري سماك بن خرشة وقال انه شهد بدرا وفي معجم الطبراني في ترجمة أبي دجانة اسند عن محمد بن إسحاق قال في تسمية من استشهد يوم اليمامة من الانصار أبو دجانة سماك بن خرشة انتهى والحديث روى من طرق فروى بن ماجة من حديث الحجاج بن أرطاة عن نافع عن بن عمر قال كان النبي عليه السلام إذا دخل الميت القبر قال بسم الله وعلى ملة رسول الله انتهى وزاد الترمذي بلفظ بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله وقال حسن غريب من هذا الوجه انتهى ورواه أبو داود في سننه من حديث همام عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي عمر نحوه بلفظ بسم الله وعلى سنة رسول الله وبهذا الاسناد رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثاني عشر من القسم الخامس والحاكم في المستدرك بلفظ إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فاقرءوا لهم بسم الله وعلى ملة رسول الله انتهى قال الحاكم حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهمام بن يحيى ثبت مأمون إذا اسند هذا الحديث لا يعلل بمن وقفه وقد وقفه شعبة انتهى ورواه البيهقي وقال تفرد برفعه همام بن يحيى بهذا الاسناد وهو ثقة الا ان شعبة وهشام الدستوائي روياه عن قتادة موقوفا على بن عمر انتهى وقال الدارقطني في الموقوف هو المحفوظ قلت قد رواه بن حبان في صحيحه من حديث شعبة عن قتادة به مرفوعا ان النبي عليه السلام كان إذا وضع الميت في قبره قال بسم الله وعلى ملة رسول الله انتهى وروى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن أبان ثنا سوار بن سهل المخزومي ثنا سعيد بن عامر الضبعي عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن نافع عن بن عمر مرفوعا باللفظ الاول أعني لفظ الحاكم
[ 355 ]
حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر ثنا علي بن بشر بن إسماعيل حدثني عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال قال لي أبي الجلاج أبو خالد يا بني إذا أنا مت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل بسم الله وعلى ملة رسو الله ثم شن على التراب شنا ثم اقرا عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك انتهى الحديث السادس عشر قال المصنف رحمه الله ويوجه إلى القبلة بذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت غريب ويستأنس له بحديث أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد الحميد بن سنان عن عبيد بن عمير بن قتادة الليثي عن أبيه وكانت له صحبة ان رجلا قال يا رسول الله ما الكبائر قال هي التسع فذكر منها استحلال البيت الحرام ثم قال قبلتكم احياء وامواتا ورواه الحاكم في المستدرك في كتاب الايمان وقال قد احتج الشيخان برواة هذا الحديث غير عبد الحميد بن سنان فأما عمير بن قتادة فإنه صحابي وابنه عبيد متفق على إخراجه والاحتجاج به انتهى وقد تقدم بتمامه في الحديث الاول من الباب واستدل النووي بهذه المسألة بحديث أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال له النبي عليه السلام إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الايمن ثم قل اللهم اني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك الحديث وقد تقدمك أيضا وليس فيه ذكر القبلة وله نظير أخرجه البخاري ومسلم عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا آوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بطرف ردائه وليسم الله تعالى فإذا أراد أن يضطجع فيضطجع على شقه الايمن وليقل سبحانك ربي اللهم بك وضعت جنبي وبك ارفع اللهم
[ 356 ]
ان امسكت نفسي فاغفر لها وارحمها وان ارسلتها فاحفظها بما حفظت به عبادك الصالحين انتهى الحديث السابع عشر روى انه عليه السلام جعل على قبره اللبن قلت أخرجه مسلم في صحيحه عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه انه قال في مرضه الذي مات فيه الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى حديث اخر روى بن حبان في صحيحه في النوع السابع والاربعين من القسم الخامس من حديث جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم الحد ونصب عليه اللبن نصبا رفع قبره من الارض نحو شبر انتهى حديث آخر أخرجه بن حبان أيضا عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة اثواب سحولية ولحد له ونصب عليه اللبن انتهى حديث اخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن علي قال غسلت النبي عليه السلام فذهبت انظر ما يكون من الميت فلم ار شيئا إلى ان قال والحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم لحدا ونصب عليه اللبن نصبا وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا منه غير اللحد انتهى وهو وهم منه فقد اخرج مسلم نصب اللبن أيضا كما ذكرناه
[ 357 ]
الحديث الثامن عشر روى عن النبي عليه السلام انه جعل على قبره طن من قصب قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا مروان بن معاوية عن عثمان بن الحارث عن الشعبي ان النبي صلى الله عله وسلم جعل على قبره طن من قصب انتهى وهو مرسل وروى بن سعد في الطبقات أخبرنا الفضل بن دكين ثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق قال أوصى أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل الهمداني ان يجعل على لحده طن من قصب وقال اني رأيت المهاجرين يستحبون ذلك قال فضموا أربعة حرادى بعضها إلى بعض وجعلوها لحدا انتهى وأما حديث بن عباس أنه عليه السلام جعل في قبره قطيفة حمراء فأخرجه مسلم قال النووي رحمه الله قال العلماء انما جعلها شقران برايه ولم يوافقه أحد من الصحابة ولا علموا بفعله وفي رواية للترمذي إشارة إلى هذا انتهى كلامه الحديث التاسع عشر روى ان النبي عليه السلام نهى عن تربيع القبور ومن شاهد قبر النبي صلى الله عليه وسلم أخبر انه مسنتم قلت الاول رواه محمد بن الحسن رضي الله عنهما في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه قال حدثنا شيخ لنا يرفعه إلى النبي عليه السلام انه نهى عن تربيع القبور وتجصيصها انتهى الحديث الثاني فيه أحاديث فمنها ما أخرجه البخاري في صحيحه عن أبي بكر بن عياش ان سفيان التمار حدثنا انه رأى قبر النبي عليه السلام مسنتما انتهى
[ 358 ]
وهو من مراسيل البخاري ولم يرو البخاري بسند بن دينار التمار الا قوله هذا وقد وثقه بن معين وغيره ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ولفظه عن سفيان قال دخلت البيت الذي فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت وقبر النبي عليه السلام وقبر أبي بكر وعمر مسنمة انتهى وعارضه النووي في الخلاصة بحديث أخرجه أبو داود عن القاسم بن محمد قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطية مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء رواه الحاكم وصححه ثم قال في الجمع بينهما انه كان اولا كما قال القاسم مسطحا ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد جعل مسنما انتهى كلامه حديث آخر رواه محمد بن الحسن أيضا في الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم قال أخبرني من رأى قبر النبي عليه السلام وقبر أبي بكر وعمر ناشزة من الارض عليها فلق من مدر أبيض انتهى حديث اخر رواه أبو حفص بن شاهين في كتاب الجنائز حدثنا عبد الله بن سليمان بن الاشعث ثنا عبد الله بن سعيد ثنا عبد الرحمن المحاربي عن عمرو بن شمة عن جابر قال سألت ثلاثة كلهم له في قبر النبي عليه السلام اب سألت أبا جعفر محمد بن علي وسألت القاسم بن محمد بن أبي بكر وسالت سالم بن عبد الله قلت اخبروني عن قبور آبائكم في بيت عائشة فكلهم قالوا انها مسنمة انتهى أحاديث الخصوم واحتج الشافعي على ان القبور تسطح بما أخرجه مسلم عن أبي الهياج الاسدي قال قال لي علي ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تدع تمثالا إلا طمسته ولا قبرا مشرفا الا سويته واخرج أيضا عن أبي علي الهمداني قال كنا مع فضالة بن عبيد فتوفى صاحب لنا فأمر فضالة بقبره فسوى ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها انتهى قال بن الجوزي رحمه الله في
[ 359 ]
التحقيق وهذا محمول على ما كانوا يفعلونه من تعلية القبور بالبناء الحسن العلي انتهى أحاديث الدفن بالليل روى بن ماجة في سننه حدثنا عمرو بن عبد الله الاودي حدثنا وكيع عن إبراهيم بن يزيد المكي عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدفنوا أموتاكم بالليل إلا ان تضطروا انتهى ورواه مسلم عنه ان النبي عليه السلام خطب يوما فذكر رجلا من اصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي عليه السلام ان يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه الا ان يضطر رجل إلى ذلك وقال عليه السلام إذا كفن أحدكم اخاه فليحسن كفنه انتهى وفي المغازي الواقدي عن عمرة عن عائشة رضي الله عنهما قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المساحى في السحر ليلة الثلاثاء انتهى قال النووي المنهى عنه الدفن قبل الصلاة وأما حديث عقبة ثلاث ساعات الحديث فهو محمول على من يتحرى الدفن في هذه الاوقات الثلاثة دون غيرها ولفظ بن ماجة يدل على أن المنهى عنه الدفن بالليل ويدفع تفسير النووي ويشكل على هذا أن الخلفاء الاربعة دفنوا ليلا فحديث أبي بكر في البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر رضي الله عنه قال لها في كم كفن النبي عليه السلام إلى أن قالت فلم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح وأخرج أبو داود عن جابر قال رأى ناس في المقبرة نارا فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر وإذا هو يقول ناولوني صاحبكم وإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر انتهى ورواه الحاكم وصححه قال النووي وسنده على شرط الصحيحين وأخرج البخاري عن بن عباس قال مات إنسان كان النبي عليه السلام يعوده فمات بالليل فدفنوه ليلا فلما أصبح أخبروه بذلك فقال ما منعكم أن تعلموني قالوا كان الليل والظلمة فكرهنا أن
[ 360 ]
نشق عليك فأتى قبره فصلى عليه فصففنا خلفه قال بن عباس وأنا فيهم انتهى وأخرج البخاري ومسلم عن عروة عن عائشة أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركناه صدقة وأبي أن يدفع إليها شيئا فوجدت عليه في ذلك وهجرته ولم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فلما توفيت صلى عليها علي رضي الله عنه ودفنها ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وكان لعلي من الناس جهة حياة فاطمة فلما ماتت استنكر وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن بايع تلك الاشهر مختصر أخرجه مسلم في الجهاد باب الشهيد الحديث الاول قال عليه السلام في شهداء أحد زملوهم بكلومهم
[ 361 ]
ودمائهم ولا تغسلوهم قلت حديث غريب وفي ترك غسل الشهداء أحاديث منها ما أخرجه البخاري في صحيحه وأصحاب السنن الاربعة عن الليث بن سعد رضي الله عنه عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد ويقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلهم زاد البخاري والترمذي رحمهما الله ولم يصل عليهم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال النسائي لا أعلم أحدا تابع الليث من أصحاب الزهري على هذا الاسناد واختلف عليه فيه انتهى ولم يؤثر عند البخاري والترمذي تفرد الليث بهذا الاسناد بل احتج به البخاري في صحيحه وصححه الترمذي والله أعلم حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا زياد بن أيوب ثنا عيسى بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم انتهى وأعله النووي بعطاء حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن جابر قال رمى رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات فأدرج في ثيابه كما هو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال النووي في الخلاصة سنده على شرط مسلم حديث آخر أخرجه النسائي في سننه عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم زملوهم بدمائهم فإنه ليس كلم يكلم في سبيل
[ 362 ]
الله إلا يأتي يوم القيامة بدمي لونه لون الدم والريح ريح المسك انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف على قتلى أحد فقال إني شهيد على هؤلاء زملوهم بكلومهم ودمائهم انتهى وبهذا السند رواه الشافعي رضي الله عنه ومن طريقه البيهقي أحاديث الصلاة على الشهيد روى البخاري في صحيحه في المغازي في غزوة أحد ومسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي الخير عن عقبة بن عامر الجهني أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على شهداء أحد صلاته على الميت ثم انصرف انتهى زاد فيه مسلم فصعد المنبر كالمودع للاحياء والاموات فقال إني فرطكم على الحوض ولست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ولكن أخشى أن تنافسوا في الدنيا وتقتتلوا فتهلكوا كما هلك من قبلكم قال عقبة فكانت لآخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر انتهى زاد بن حبان ثم دخل بيته فلم يخرج حتى قبضه الله عزوجل ومن الناس من يحمل الصلاة في هذا الحديث على الدعاء ومنهم البيهقي وابن حبان في صحيحه وقوله فيه صلاته علي الميت يدفعه لكن قد يقال إنه من الخصائص لانه عليه السلام قصد بها التوديع كما صرح به في الصحيح ويؤيد هذا أنه ورد في لفظ البخاري أنه عليه السلام صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للاحياء والاموات قال بن حبان رحمه الله في صحيحه المراد بالصلاة في هذا الحديث الدعاء إذ لو كان المراد حقيقة الصلاة للزم من يقول بها أن يجوز الصلاة على الميت بعد دفنه بسنين فان وقعة أحد كانت سنة ثلاث من الهجرة وهذه الصلاة حين خروجه من الدنيا بعد وقعة أحد بسبع سنين وهو لا يقول بذلك انتهى وقد ناقض بن حبان هذا في أحاديث الصلاة في الكعبة فقال زعم أئمتنا أن بلالا اثبتها وابن عباس نفاها والمثبت مقدم علي النافي وهذا شئ يلزمنا في شهداء أحد فإن بن
[ 363 ]
عباس وغيره رووا أنه عليه السلام صلى عليهم وجابر روى أنه لم يصل عليهم أو يكون عليه السلام قصد بالصلاة عليهم أن ينور عليهم قبورهم كما ورد في البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي عليه السلام صلى على قبر امرأة أو رجل كان يقم المسجد ثم قال إن هذه القبور مملوءة على أهلها ظلمة وإني أنورها بصلاتي عليهم انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي حماد الحنفي واسمه المفضل بن صدقة عن بن عقيل قال سمعت جابر بن عبد الله يقول فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة حين قام الناس من القتال فقال رجل رايته عند تلك الشجرات فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه فلما رآه ورأى ما مثل به شهق وبكي فقام رجل من الانصار فرمى عليه بثوب ثم جئ بحمزة فصلى عليه ثم جئ بالشهداء فيوضعون إلى جانب حمزة فصلى عليهم ثم يرفعون ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء كلهم وقال صلى الله عليه وسلم حمزة سيد الشهداء عند الله يوم القيامة مختصر وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي في مختصره فقال أبو حماد الحنفي قال النسائي في متروك انتهى حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا عفان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة ثنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن بن مسعود قال كان النساء يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين إلى أن قال فوضع البي صلى الله عليه وسلم حمزة وجئ برجل من الانصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الانصاري وترك حمزة ثم جئ بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة مختصر ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن الشعبي مرسلا لم يذكر فيه بن مسعود حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن عثمان بن عمر ثنا أسامة بن زيد عن
[ 364 ]
الزهري عن أنس رضي الله عنهم ان النبي عليه السلام مر بحمزة وقد مثل به ولم يصل على أحد من الشهداء غيره ورواه الدارقطني في سننه وقال لم يقل فيه ولم يصل على أحد من الشهداء غيره إلا عثمان بن عمر وليست بمحفوظة انتهى قال بن الجوزي رحمه الله في التحقيق وعثمان بن عمر مخرج له في الصحيحين وزيادة من الثقة مقبولة انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة أبي داود وقال الصحيح حديث البخاري أنه لم يصل على الشهداء انتهى قال بن القطان في كتابه وعلته ضعف أسامة بن زيد الليثي وقد ذكر عبد الحق هذا الحديث في أحكامه الكبرى وأتبعه بالكلام في أسامة وقال وثقه بن معين وضعفه يحيى بن سعيد روى عنه الثوري وعبد الله بن المبارك ومن الاحاديث التي صححها وهي من رواية أسامة حديث انه عليه السلام كان يأخذ من طول لحيته وعرضها وحديث أبي مسعود في الاوقات وغير ذلك انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده حدثنا صفوان بن عيسى ثنا أسامة بن زيد به وأخرجه الحاكم في المستدرك عن عثمان بن عمر وروح عن أسامة به وقال على شرط مسلم انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن إسماعيل بن عياش عن عبد الملك بن أبي عتبة أو غيره عن الحكم بن عتبة عن مجاهد عن بن عباس رضي الله عنهم قال لما انصرف المشركون علن قتلى أحد إلى أن قال ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة وكانت القتلى يومئذ سبعين ثم قال لم يروه غير إسماعيل بن عياش وهو مضطرب الحديث عن غير الشاميين انتهى طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك والطبراني في معجمه والبيهقي في السنن عن زيد بن أ ي زياد عن مقسم عن بن عباس قال أمر رسول
[ 365 ]
الله صلى الله عليه وسلم بحمزة يوم أحد فهئ للقبلة ثم كبر عليه سبعا ثم جمع إليه الشهداء حتى صلى عليه سبعين صلاة زاد الطبراني ثم وقف عليهم حتى واراهم سكت الحاكم عنه وتعقبه الذهبي فقال ويزيد بن أبي زياد لا يحتج به وقال البيهقي هكذا رواه يزيد بن أبي زياد وحديث جابر أنه لم يصل عليهم أصح انتهى ورواه بن ماجة في سننه بهذا الاسناد وقال أتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فجعل يصلى على عشرة عشرة وحمزة كما هو يرفعون وهو كما هو موضوع انتهى قال بن الجوزي رحمه الله في التحقيق ويزيد بن أبي زياد منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث وتعقبه صاحب التنقيح رحمه الله بان ما حكاه عن البخاري والسنائي إنما هو في يزيد بن زياد وأما رواى هذا الحديث فهو الكوفي ولا يقال فيه بن زياد وإنما هو بن أبي زياد وهو ممن يكتب حديثه على لينه وقد روى له مسلم مقرونا بغيره وروى له أصحاب السنن وقال أبو داود لا أعلم أحدا ترك حديثه وقد جعلهما في كتابه الذي في الضعفاء واحدا وهو وهم انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني رحمه الله في سننه عن عبد العزيز بن عمران حدثني أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة يوم أحد باللفظ الذي قبله سواء ثم قال وعبد العزيز هذا ضعيف طريق آخر رواه بن هشام في السيرة عن بن إسحاق حدثني من لا أتهم عن مقسم مولى بن عباس عن بن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة رضي الله عنه فجئ ببردة ثم صلى عليه وكبر سبع تكبيرات ثم أتى بالقتلى يوضعون إلى حمزة يصلى عليهم وعليه معهم حتى صلى عليه ثنتين وسبعين صلاة مختصر قال السهيلي في الروض الانف قول بن إسحاق في هذا الحديث حدثني من لا أتهم إن كان هو الحسن بن عمارة كما قاله بعضهم فهو ضعيف بإجماع أهل الحديث وإن كان غيره فهو مجهول ولم يرو عن النبي عليه السلام أنه صلى على شهيد في
[ 366 ]
شئ من مغازيه إلا في هذه الرواية ولا في مدة الخليفتين من بعده انتهى كلامه قلت قد ورد مصرحا فيه بالحسن بن عمارة كما رواه الامام أبو قرة موسى بن طارق الزبيدي في سننه عن الحسن بن عمارة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد عن بن عباس قال لما انصرف المشركون من قتلى أحد أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القتلى فرأى منظرا ساءه فرأى حمزة قد شق بطنه واصطلم أنفه وجدعت أذناه فقال لولا ان يحزن النساء أو يكون سنة بعدي لتركته حتى يحشره الله في بطون السباع والطير ولمثلت بثلاثين منهم مكانه ثم دعا ببردة فغطى بها وجهه فخرجت رجلاه فغطى بها رجليه فخرج رأسه فغطى بها رأسه وجعل على رجليه من الاذخر ثم قدمه فكبر عليه عشرا ثم جعل يجاء بالرجل فيوضع إلى جنبه فيصلى عليه ثم يرفع ويجاء بالرجل الآخر فيوضع وحمزة مكانه حتى صلى عليه سبعين صلاة وكانت القتلى سبعين فلما دفنوا وفرغ منهم نزلته هذه الآية وإن عاقبتم فعاقبوا الآية فصبر عليه السلام ولم يقتل ولم يعاقب انتهى حديث آخر مرسل أخرجه أبو داود في مراسيله عن حصين عن أبي مالك الغفاري أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد عشرة عشرة في كل عشرة حمزة رضي الله عنه حتى صلى عليه سبعين صلاة انتهى وحصين هو بن عبد الرحمن الكوفي أحد الثقات المخرج لهم في الصحيحين وابن مالك الغفاري اسمه غزوان وهو تابعي روى عن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم ووثقه يحيى بن معين والله أعلم قال البيهقي في المعرفة وهذا الحديث مع إرساله لا يستقيم كما قاله الشافعي قال كيف يستقيم أنه عليه السلام صلى على حمزة سبعين صلاة إذا كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم وشهداء أحد إنما كانوا اثنين وسبعين شهيدا فإذا صلى عليهم عشرة عشرة فالصلاة إنما تكون سبع صلاة أو ثمانيا فمن أين جاءت سبعون صلاة قال البيهقي وأما رواية بن إسحاق عن بعض أصحابه عن مقسم عن بن عباس فذكر نحو ذلك فهو منقطع ولا يعرج بما يرويه بن إسحاق إذا لم يذكر اسم راوية لكثرة روايته عن الضعفاء المجهولين ولا أشبه أن تكون الروايتان غلطا لمخالفتهما الرواية الصحيحة عن جابر أنه عليه السلام لم يصل عليهم وهو كان قد شهد
[ 367 ]
القصة وأما ما روى البخاري عن عقبة بن عامر أنه عليه السلام صلى على قتلى أحد صلاته على الميت فكأنه عليه السلام وقف على قبورهم ودعا لهم ولا يدل ذلك على نسخ وأماما روى عن شداد بن الهاد في صلاة النبي عليه السلام على أعرابي أصابه سهم فيحتمل أن يكون بقي حيا حتى انقطعت الحرب ونحن نصلي على المريث وعلى الذي يقتل ظلما في غير معرك انتهى قلت يستقيم هذا على الرواية الاخرى انه كان يصلى عليه وعلى آخر معه حتى صلى عليه سبعين صلاة كما تقدم في مسند أحمد وغيره وأما كون شهداء أحد كانوا سبعين رجلا فمسلم ذكره بن هشام في السيرة نقلا عن بن إسحاق وسماهم بأسمائهم واحدا بعد واحد وقال بن سعد في الطبقات أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس ثنا أبو الأحوص ثنا سعيد بن مسروق عن أبي الضحى قال قتل يوم أحد سبعون رجلا منهم أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن عمير وشماس بن عثمان المخزومي وعبد الله بن جحش الاسدي انتهى حديث آخر مرسلا أخرجه أبو داود في المراسيل عن عطاء بن أبي رباح أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد انتهى حديث آخر أخرجه النسائي عن شداد بن الهاد التابعي ان رجلا من الاعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمن به واتبعه وذكر الحديث وفيه أنه استشهد فصلى عليه النبي عليه السلام حديث آخر رواه الواقدي في كتاب المغازي حدثني الثو ري عن الزبير بن عدي عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى بدر أنتهي وحدثني عبد ربه بن عبد الله عن عطاء عن بن عباس مثله انتهى وفيه أيضا في غزوة أحد من غير سند قال جابر بن عبد الله كان أبي أول قتيل قتل من المسلمين يوم أحد قتله سفيان بن عبد شمس فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهزيمة انتهى
[ 368 ]
حديث آخر روى الواقدي رحمه الله في كتاب فتوح الشام حدثني رويم بن عامر عن سعيد بن عاصم عن عبد الرحمن بن بشار عن الواقصي عن سيف مولى ربيعة بن قيس اليشكرى قال كنت في الجيش الذي وجهه أبو بكر الصديق رضي الله عنه مع عمرو بن العاص إلى أيلة وأرض فلسطين فذكر القصة بطولها إلى أن قال فلما نصر الله المسلمين وانكشف القتال لم يكن هم المسلمين إلا افتقاد بعضهم بعضا ففقدوا من المسلمين مائة وثلاثين نفرا منهم سيف بن عباد الحضرمي ونوفل بن دارم وسالم بن دويم وسعيد بن خالد وهو بن أخي عمرو بن العاص لامه واغتم عمرو بن العاص لفقدهم اغتماما شديدا فلما أصبح النهار أمر عمرو الناس بجمع الغنائم وأن يخرجوا إخوانهم من بين الروم وبنى الاصفر فالتقطوهم مائة وثلاثين رجلا ثم صلى عليهم عمرو بن العاص ومن معه من المسلمين ثم أمر بدفنهم وكان مع عمرو بن العاص من المسلمين تسعة آلاف رجل وأرسل عمرو إلى أبي بكر رضي الله عنهما كتابا فيه الحمد لله والصلاة على نبيه إني وصلت إلى أرض فلسطين ولقينا عسكر الروم مع بطريق يقال له روماس في مائة الف رجل فمن الله علينا بالنصر وقتلنا منهم أحد عشر ألفا وقتل من المسلمين مائة وثلاثون رجلا أكرمهم الله بالشهادة انتهى أحاديث الخصوم حديث جابر أنه عليه السلام لم يصل على قتلى أحد رواه البخاري رضي الله عنه وحديث آخر أخرجه أبو داود من طريق بن وهب أخبرني أسامة بن يزد الليثي بن شهاب أخبره أن أنس بن مالك رضي الله عنه حديثه أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم انتهى قوله وقد صح أن حنظلة لما استشهد جنبا غسلته الملائكة قلت روى من
[ 369 ]
حديث بن الزبير ومن حديث بن عباس ومن حديث محمود بن لبيد فحديث بن الزبير رضي الله عنهما أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم الثالث والحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من طريق بن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد قتل حنظلة بن أبي عامر الثقفي إن صاحبكم حنظلة تغسله الملائكة فاسألوا صاحبته فقالت خرج وهو جنب لما سمع الهائعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك غسلته الملائكة انتهى قال الحاكم صحيح على شرط مسلم انتهى وليس عنده فاسألوا صاحبته إلى آخره قال السهيلي في الروض الانف وصاحبته هي زوجته جميلة بنت أبي بن سلول أخت عبد الله بن أبي وكان قد ابتنى بها تلك الليلة فرأ ت في منامها كأن بابا من السماء فتح فدخل وأغلق دونه فعرفت أنه مقتول من الغد فلما أصبحت دعت برجال من قومها وأشهدتهم أنه دخل بها خشية ان يقع في ذلك نزاع ذكره الواقدي وذكر غيره أنه وجد بين القتلى يقطر رأسه ماء تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبهذا الخبر تعلق من يقول إن الشهيد يغسل إذا كان جنبا انتهى وهذا الذي نقله عن الواقدي صحيح نقله بن سعد عنه في الطبقات في ترجمة حنظلة وزاد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والارض بماء المزن في صحاف الفضة قال أبو أسيد الساعي فذهبنا إليه فوجدناه يقطر رأسه ماء فرجعت فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى زوجته فذكرت أنه خرج وهو جنب أنتهي ولفظ الواقدي في كتاب المغازي قال وكان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي بن سلول ودخل عليها ليلة قتال أحد بعد أن استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبح جنبا وأخذ سلاحه ولحق بالمسلمين وأرسلت إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها فسألوها فقالت رأيت في ليلتي كأن
[ 370 ]
السماء فتحت ثم ادخل وأغلقت دونه فعرفت أنه مقتول من الغد وتزوجها بعده ثابت بن قيس فولدت له محمد بن ثابت بن قيس فلما انكشف المشركون اعترض حنظلة لابي سفيان يريد قتله فحمل عليه الاسود بن شعوب بالرمح فقتله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني رأيت الملائكة تغسل حنظلة بن أبي عامر بين السماء والارض بماء المزن في صحاف الفضة قال أبو أسيد الساعدي فذهبنا فنظرنا إليه فإذا رأسه يقطر ماء قال أبو أسيد فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأرسل إلى امرأته فسألها فأخبرته أنه خرج وهو جنب انتهى وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه من حديث شريك عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن بن عباس قال أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظلة بن الواهب وهما جنبان فقال النبي عليه السلام إن رأيت الملائكة تغسلهما انتهى ورواه البيهقي في سننه من حديث أبي شيبة عن الحكم به نحوه والسندان ضعيفان وخبر حمزة ذكره الواقدي رحمه الله في المغازي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تغسل حمزة لانه كان جنبا ذلك اليوم ولم يغسل الشهداء وقال لفوهم بدمائهم وجراحهم فإنه ليس أحد يجرح في الله إلا جاء يوم القيامة وجرحه يثعب داما لونه لون الدم وريحه ريح المسك انتهى وأما حديث محمود بن لبيد فرواه بن إسحاق في المغازي حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان صاحبكم يعنى حنظلة بن أبي عامر لتغسله الملائكة فاسألوا أهله ما شأنه فقالت انه خرج وهو جنب حين سمع الهائعة انتهى ومن طريق بن إسحاق رواه أبو نعيم في الحلية في ترجمة أصحاب الصفة وذكره بن هشام في السيرة في غزة أحد من قول بن إسحاق لم يسنده إلى محمود بن لبيد الا انه قال حين سمع الهائعة قال ويقال الهائعة والهيعة وهي الصوت الشديد عند الفزع قال ومنه الحديث خير الناس رجل ممسك بعنان فرسه إذا سمع هيعة طار إليها انتهى وأحمد مع أبي حنيفة
[ 371 ]
رضي الله عنهما في الجنب يغسل ومالك والشافعي رضي الله عنهما مع الصاحبين رحمهم الله وأما المرسل فرواه الامام قاسم بن ثابت السرقسطي في آخر كتابه غريب الحديث حدثنا عبد الله بن علي ثنا محمد بن يحيى ثنا إبراهيم بن يحيى ثنا أبي عن محمد بن إسحاق عن محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير قال خرج حنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد واقع امرأته فخرج وهو جنب لم يغتسل فلما التقى الناس لقى حنظلة أبو سفيان بن حرب فحمل عليه فسقط أبو سفيان عن فرسه فوثب عليه حنظلة وقعد على صدره يذبحه فمر به جعونة بن شعوب الكناني فاستغاث به أبو سفيان فحمل على حنظلة فقتله وهو يرتجز ويقول لاحمين صاحبي ونفسي بطعنة مثل شعاع الشمس وقوله وشهدا أحد ماتوا عطاشا والكأس تدار عليهم خوفا من نقصان
[ 372 ]
الشهادة قلت روى البيهقي في شعب الايمان في الباب الثاني والعشرين منه أخبرنا أبو الحسن بن الفضل القطان أنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان ثنا عثمان ثنا عبد الله بن المبارك ثنا عمر بن سعيد بن أبي حسنين حدثني بن سابط وغيره عن أبي جهم بن حذيفة العدوي قال انطلقت يوم اليرموك اطلب بن عمي ومعي شنة من ماء فقلت إن كان به رمق سقيته من الماء ومسحت به وجهه فإذا به ينشع فقلت اسقيك فأشار أن نعم فإذا رجل يقول آه فأشار بن عمي أن انطلق به إليه فإذا هو هشام بن العاص أخو عمرو بن العاص فأتيته فقلت اسقيك فسمع آخر يقول آه فأشار هشام ان انطلق به إليه فجئت فإذا هو قد مات فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات فرجعت إلى بن عمي فإذا هو قد مات انتهى وحدثنا أبو عبد الله الحافظ انا أبو الحسن العمري ثنا محمد بن العباس ثنا محمد بن المثنى ثنا محمد بن عبد الله الانصاري حدثني أبو يونس القشيري حدثني حبيب بن أبي ثابت ان الحارث بن هشام وعكرمة بن أبي جهل وعياش بن أبي ربيعة اثبتوا يوم اليرموك فدعا الحارث بماء يشربه فنظر إليه عكرمة فقال ارفعوه إلى عكرمة فرفعوه إليه فنظر إليه عياش فقال عكرمة ارفعوه إلى عياش فما وصل إلى عياش ولا إلى أحد منهم حتى ماتوا وما ذاقوا انتهى وهذا رواه الطبراني في معجمه حدثنا موسى بن زكريا التستري حدثنا شباب العصفري ثنا أبو وهب السهمي عن أبي يونس القشيري به سندا ومتنا وقوله روى بن عليا رضي الله عنه لم يصل على البغاة قلت غريب وذكر بن سعد في الطبقات قصة أهل النهروان وليس فيها ذكر الصلاة ولفظه قال لما كان بين علي ومعاوية رضي الله عنهما ما وقع بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين ورجع علي رضي الله عنه إلى الكوفة خرجت عليه الخوارج من أصحابه وعسكروا بحروراء فلذلك سموا الحرورية فأرسل إليهم عبد الله بن عباس فخاصمهم وحاجهم فرجع منهم كثير وثبت آخرون على رأيهم ثم ساروا إلى النهروان فعرضوا للسبيل وقتلوا عبد الله بن خباب بن الارت فسار إليهم على رضي الله عنه فقتلهم بالنهروان وقتل منهم ذا الثدية وذلك سنة ثمان وثلاثين ثم
[ 373 ]
رجع على إلى الكوفة فلم يزالوا يخافون عليه من الخوارج حتى قتل رضي الله عنه انتهى باب الصلاة في الكعبة الحديث الاول روى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة بوم الفتح قلت أخرج البخاري عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي رضي الله عنهم فأغلقها عليه ثم مكث فيها قال بن عمر فسألت بلالا حين خرج ما صنع رسول الله الله صلى الله عليه وسلم قال جعل عمودين عن ياسره وعمودا عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه ثم صلى وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة انتهى وقال البخاري في رواية وعمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وفي رواية منقطعة عمودين عن يمينه قال المنذري في مختصره ثم الشيخ تقي الدين رحمه الله في الامام وقد اختلف فيه على مالك فروى عنه عمودين عن يمينه وعمودا عن يساره وروى عنه عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره رواهما البخاري وروى عنه عمودين عن يساره وعمودا عن يمينه رواه مسلم وأخرجا عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح
[ 374 ]
فنزل بفناء الكعبة وأرسل إلى عثمان بن طلحة فجاء بالمفتاح ففتح الباب قال ثم دخل النبي عليه السلام وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وأمر بالباب فأغلق فلبثوا فيه مليا وللبخاري رضي الله عنه فمكثوا فيه نهارا طويلا ثم فتح الباب قال عبد الله فبادرت الباب فتلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجا وبلال على إثره فقلت لبلال هل صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قلت أين قال بين العمودين تلقاء وجهه قال نسيت أن أسأله كم صلى انتهى وهذا المتن أقرب إلى لفظ المصنف وأخرجا عن سالم عن بن عمر قال أخبرني بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في جوف الكعبة بين العمودين اليمانيين انتهى أخرجا هذه الاحاديث في الحج وأخرج البخاري في الصلاة في باب قوله تعالى واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى عن مجاهد قال أتى بن عمر فقيل له هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فقال بن عمر فأقبلت والنبي صلى الله عليه وسلم قد خرج وأجد بلالا قائما بين البابين فسألت بلالا فقلت أصلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة قال نعم ركعتين بين الساريتين اللتين على يساره إذا دخلت ثم خرج فصلى في وجه الكعبة ركعتين انتهى قال عبد الحق في الجمع بين الصحيحين هكذا قال وأكثر الاحاديث على أنه لم يعلمه كم صلى انتهى المعارض أخرجا عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها ست سواري فقام عند سارية فدعا ولم يصل انتهى وبه عن بن عباس أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع في قبل البيت ركعتين وقال هذه القبلة مختصر وحديث أسامة هذا روى خلافه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الخامس عشر من القسم الخامس عن عمارة بن عمير عن أبي الشعثاء عن بن عمر أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين الساريتين ومكثت معه عمرا لم أساله كم صلى انتهى وهذا سند صحيح وقد يعلل حديث
[ 375 ]
بن عباس بالارسال فإنه رواه عن أخيه الفضل بن عباس كما رواه أحمد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما ثم الطبراني في معجمه من طريق محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء بن أبي رباح أو عن مجاهد عن عبد الله بن عباس حدثني أخي الفضل وكان مع النبي عليه السلام حين دخل الكعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة ولكنه لما دخلها وقع ساجدا بين العمودين ثم جلس يدعو زاد الطبراني وقال بن عباس رضي الله عنهما ما أحب أن أصلى في الكعبة من صلى فيها فقد ترك شيئا خلفه ورواه عبد الرزاق في مصنفه في الحج أخبرنا بن جريج ثنا عمرو بن دينار أن بن عباس أخبره أنه دخل البيت إلى آخره قال السهيلي في الروض الانف أخذ الناس بحديث بلال لانه مثبت وقدموه على حديث بن عباس لانه نفى وإنما يؤخذ بشهادة المثبت ومن تأول قول بلال رضي الله عنه أنه صلى أي دعا فليس بشئ لان في حديث بن عمر أنه صل ركعتين رواه البخاري وقد تقدم قريبا ولكن رواية بلال ورواية بن عباس صحيحتان ووجههما أنه عليه السلام دخلها يوم النحر فلم يصل ودخلها من الغد فصلى وذلك في حجة الوداع وهو حديث مروى عن بن عمر رضي الله عنهما بإسناد حسن أخرجه الدارقطني في سننه وهو حديث مروى عن بن عمر رضي الله عنهما بإسناد حسن أخرجه الدارقطني في سننه وهو من فرائده انتهى كلامه قلت حديث بن عمر الذي أشار إليه روها الدارقطني بسنده عن يحيى بن جعدة عن بن عمر قال دخل النبي عليه السلام البيت ثم خرج وبلال خلفه فقلت لبلال هل صلى قال لا فلما كان من الغد دخل فسألت بلالا هل صلى قال نعم صلى ركعتين انتهى وأخرج الدارقطني أيضا والطبراني في معجمه عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فصلى بين الساريتين ركعتين ثم خرج فصلى بين الباب والحجر
[ 376 ]
ركعتين ثم قال هذه القبلة ثم دخل مرة أخرى فقام يدعو ثم خرج ولم يصل انتهى وفي هذا اللفظ ما يعكر على اللفظ الذي قبله قال البيهقي وهاتان الروايتان إن صحتا ففيهما دلالة على أنه عليه السلام دخل البيت مرتين فصلى مرة وترك مرة إلا أن في ثبوت الحديثين نظر انتهى قلت ويعكر عليهما ما رواه إسحاق بن راهويه في مسنده والطبراني في معجمه قال إسحاق أخبرنا أحمد بن أيوب عن أبي حمزة عن جابر بن يزيد عن عكرمة عن بن عباس أن النبي عليه السلام لم يدخل البيت في الحج ودخل عام الفتح ولفظ إسحاق يوم الفتح يمحو صورا فيه فلما دخله أمر بالصور فمحيت زاد الطبراني فلما نزل صلى أربع ركعات أو قال ركعتين بين الحجر والباب مستقبل القبلة وقال هذه القبلة انتهى وفي البخاري في باب من كبر في نواحي البيت في بن عباس قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة وأمر بها فأخرجت فأخرجوا صورة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وفي ايديهما الازلام فقال عليه السلام قاتلهم الله أما علموا أنهما لم يستقيما بهما قط فدخل البيت فكبر في نواحيه ولم يصل فيه انتهى فهذا بن عباس أخبر أنه عليه السلام لم يصل فيه يوم الفتح لان إخراج الصور من البيت إنما كان زمن الفتح ومحال أن يكون عام الحج والله أعلم وقال بن حبان في صحيحه ولا تعارض بين خبر بلال وخبر بن عباس بل يحمل حديث بن عمر على يوم الفتح وحديث بن عباس على حجة الوداع انتهى وهذا يرده الحديث الذي قبله أنه عليه السلام لم يدخل البيت في الحج أحاديث الباب روى أبو داود في سننه من حديث يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة قال صلى ركعتين انتهى ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم والطبراني في معجمه
[ 377 ]
ولفظهم عن عبد الرحمن بن صفوان قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت لالبسن ثيابي فلانظرن ما يصنع رسول الله اليوم فانطلقت فوافيته قد خرج من الكعبة وأصحابه معه فقلت لعمر كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة قال صلى ركعتين انتهى ويزيد بن أبي زياد فيه مقال حديث آخر رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم الخامس من حديث عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح وقد صلى في الكعبة فخلع نعليه فوضعهما عن يساره ثم افتتح سورة المؤمنين فلما بلغ ذكر موسى وعيسى أخذته سعلة فركع انتهى الحديث الثاني قال المصنف رحمه الله ومن صلى على ظهر الكعبة جازت صلاته إلا أنه يكره لما فيه من ترك التعظيم وقد ورد النهي عنه عن النبي عليه السلام قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث عمر أما حديث بن عمر فأخرجه الترمذي وابن ماجة في المساجد عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلى في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام ومعاطن الابل وفوق ظهر بيت الله انتهى قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بذاك القوى وقد تكلم في زيد بن جبير من قبل حفظه وقد روى الليث بن سعد هذا الحديث عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن بن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وحديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم اشبه وأصح من حديث الليث بن سعد وعبد الله بن عمر العمري ضعفه بعض أهل الحديث من قبل حفظه منهم يحيى بن سعيد القطان انتهى وزيد بن جبير اتفق الناس على ضعفه فقال البخاري منكر
[ 378 ]
الحديث وقال النسائي ليس بثقة وقال أبو حاتم والازدي منكر الحديث جدا لا يكتب حديثه قال الدارقطني ضعيف الحديث وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد وقال بن حبان في كتاب الضعفاء زيد بن جبير منكر الحديث يروى المناكير عن المشاهير فاستحق التنكب عن روايته انتهى وأما حديث عمر فأخرجه بن ماجة في سننه عن أبي صالح حدثني الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبع مواطن لا يجوز الصلاة فيها ظهر بيت الله والمقبرة والمزبلة والمجزرة والحمام وعطن الابل ومحجة الطريق انتهى وهذه الطريق التي أشار إليها الترمذي قال الشيخ في الامام وعلته أبو صالح كاتب الليث بن سعد واسمه عبد الله بن صالح فإنه قد تكلم فيه والحديث في هذه الرواية من مسند عمر وفي الرواية الاولى من مسند بن عمر انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل سألت أبي عن حديث رواه أبو صالح به ورواه زيد بن جبير فقال الاسنادان واهيان انتهى وقال صاحب التنقيح رحمه الله وأما أبو صالح كاتب الليث فقد وثقه جماعة تكلم فيه آخرون والصحيح أن البخاري روى عنه في الصحيح انتهى أحاديث الصلاة في المقبرة والحمام أخرج الترمذي في جامعه عن عبد العزيز بن محمد عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الارض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام انتهى قال وهذا فيه اضطراب فرواه سفيان الثوري رضي الله عنه عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن النبي عليه السلام مرسلا ورواه حماد بن سلمة عن عمرو بن يحيى فأسنده عن أبي سعيد ورواه محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى فأسنده مرة وأرسل أخرى وكان عامة روايته الارسال وكأن رواية الثوري أثبت وأصح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه مسندا باللفظ المذكور في النوع التاسع والعشرين من القسم
[ 379 ]
الثالث والحاكم في المستدرك وقال إنه صحيح على شرط البخاري ومسلم ولم يخرجاه انتهى قال الشيخ في الامام وحاصل ما أعل به الارسال وإذا كان الرافع ثقة فهو مقبول والله أعلم انتهى قال النووي رحمه الله في الخلاصة هو حديث ضعيف ضعفه الترمذي وغيره وقال هو مضطرب ولا يعارض هذا بقول الحاكم أسانيده صحيحة فانهم أتقن في هذا منه ولانه قد يصحح أسانيده وهو ضعيف لاضطرابه انتهى والحديث معارض بحديث جابر أخرجه البخاري ومسلم عنه مرفوعا أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي كان كل نبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى كل أحمر وأسود وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي وجعلت لي الارض طيبة طهورا ومسجدا فأيما رجل أدركته الصلاة صلى حيث كان نصرت بالرعب بين يدي مسيرة شهر وأعطيت الشفاعة انتهى وفي لفظ للبخاري لم يعطهن أحد من الانبياء قبلي وفيه وبعثت إلى الناس كافة وفيه وأيما رجل من أمتي وأخرج مسلم عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الارض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وذكر خصلة أخرى انتهى وأخرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضلت على الانبياء بست أعطيت جوامع الكلم ونصرت بالرعب واحلت لي الغنائم وجعلت الارض طهورا ومسجدا وارسلت إلى الخلق كافة وختم بي النبيون انتهى واخرج البيهقي عن يزيد بن زريع عن سليمان التيمي عن يسار عن أبي امامة ان النبي عليه السلام قال إن الله عزوجل فضلني على الانبياء أو قال أمتي على الامم بأربع ارسلني إلى الناس كافة وجعل لي الارض كلها مسجدا وطهورا فأينما أدركت الصلاة رجلا من أمتي فعنده مسجده وطهوره انتهى أحاديث الصلاة في الارض المغصوبة الصحيح من مذهب أحمد رضي الله عنه
[ 380 ]
ان الصلاة في الارض المغصوبة لا تصح واحتجوا بحديث ورد عن بن عمر عن النبي عليه السلام وله طريقان أحدهما رواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن عبد الله بن أبي علاج الموصلي عن مالك عن نافع عن بن عمر قال من اشترى ثوبا بعشرة دراهم في ثمنه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة ما دام عليه صمتا إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث انتهى قال بن حبان رحمه الله وعبد الله بن أبي علاج هذا يروي عن مالك ويونس بن يزيد ما ليس من حديثهم لا يشك السامع لها انها صنعته وليس هذا من حديث بن عمر ولا حدث به نافع ولا رواه عنه مالك وانما هو مشهور من حديث الشاميين حدث به بقية بن الوليد بإسناد واه انتهى الطريق الثاني أخرجه أحمد رضي الله عنه في مسنده عن بقية عن عثمان بن زفر عن هاشم عن بن عمر نحوه سواء قال بن الجوزي رحمه الله في التحقيق وهاشم مجهول إلا أن يكون بن زيد الدمشقي فذاك يروى عن نافع وقد ضعفه أبو حاتم وذكر الخلال قال قال أبو طالب سألت أبا عبد الله عن هذا الحديث فقال ليس بشئ ليس له إسناد انتهى وقد يقال في ذلك إنه لا يلزم من نفى القبول نفي الصحة قال الشيخ في الامام وقد يحتج لهذا القول بالحديث الصحيح عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد انتهى أحاديث الصلاة بين السواري احتج أبو داود والترمذي والنسائي عن سفيان عن يحيى بن هانئ بن عروة المرادي عن عبد الحميد بن محمود قال صلينا خلف أمير من الامراء فاضطرنا الناس فصلينا بين ساريتين فلما صلينا قال أنس بن مالك كنا نتقى هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال الترمذي حديث حسن حديث آخر أخرجه البزار في مسنده من طريق أبي داود ثنا هارون أبو مسلم
[ 381 ]
عن قتادة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال كنا ننهى عن الصلاة بين الاساطين ونطرد عنها طردا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الشيخ في الامام هكذا وجدته هارون أبو مسلمة وقال بن أبي حاتم هارون بن مسلة روى عن قتادة سألت أبي عنه فقال شيخ مجهول قال الشيخ رحمه الله وينبغي ان يتأمل هل هو هذا أم لا انتهى ورواه أبو داود الطيالسي والحاكم والبيهقي قال الحاكم هذا والذي قبله اسنادهما صحيحان قال البيهقي معناه أن السارية تحول بينهم فان كان منفردا أو جماعة لم يجاوز ما بين الساريتين فإنه لا يكره لحديث بن عمر ان النبي عليه السلام حين دخل الكعبة جعل عمودا عن يمينه وعمودا عن يساره وثلاثة اعمدة وراءه ثم صلى أخرجه البخاري ومسلم انتهى كلامه
[ 382 ]
كتاب الزكاة الحديث الاول قال النبي عليه السلام ادوا زكاة أموالكم قلت روى من حديث أبي أمامة ومن حديث أبي الدرداء فحديث أبي أمامة أخرجه الترمذي في آخر أبواب الصلاة عن سليم بن عامر قال سمعت أبا امامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوداع فقال اتقوا الله وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وادوا زكاة أموالكم واطيعوا ذا امركم تدخلون جنة ربكم قال قلت لابي امامة منذ كم سمعت هذا الحديث قال سمعته وانا بن ثلاثين سنة قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك في الايمان وغيره قال حديث صحيح على شرط مسلم ولا يعرف له علة ولم يخرجاه وقد احتج مسلم بأحاديث لسليم بن عامر وسائر رواته متفق عليهم انتهى
[ 383 ]
وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين حدثنا أحمد بن مسعود المقدسي ثنا عمرو بن أبي سلمة ثنا صدقة بن عبد الله عن الوضين بن عطاء عن يزيد بن مرثد عن أبي الدراداء أن النبي عليه السلام قال اخلصوا عبادة ربكم وصلوا خمسكم وادوا زكاة أموالكم وصوموا شهركم وحجوا بيت ربكم تدخلوا جنة ربكم وفيه قصة أحاديث الباب فيه حديث معاذ رضي الله عنه لما بعثه النبي عليه السلام إلى اليمن وفيه فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من اغنيائهم فترد على فقرائهم الحديث أخرجاه عن أبي معبد مولى بن عباس عن بن عباس وحديث ضمام بن ثعلبة وفيه قال أنشدك بالله الله امرك ان تأخذ هذه الصدقة من اغنيائنا فتقسمها على فقرائنا فقال عليه السلام اللهم نعم أخرجه البخاري عن شريك بن أبي نمر عن أنس رضي الله عنه وحديث جبرائيل عليه السلام أخرجاه عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال اتى النبي عليه السلام رجلا فقال يا رسول الله ما الايمان قال ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله قال فما الاسلام قال بن تبعد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة قال فما الاحسان قال ان تعبد الله كأنك تراه الحديث وحديث الاعرابي وفيه قال وذكر له عليه السلام الزكاة فقال هل على غيرها قال لا إلا أن تطوع الحديث أخرجاه من رواية مالك عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه عن طلحة وحديث بني الاسلام على خمس وفيه أحاديث مانع الزكاة سيأتي آخر الكتاب الحديث الثاني قال المصنف رحمه الله ولا بد من ملك النصاب لانه عليه السلام قدر السبب به قلت من شواهد ذلك حديث أبي سعيد الخدري قال قال
[ 384 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمسة أو سق صدقة انتهى الحديث الثالث قال عليه السلام لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول
[ 385 ]
قلت روى من حديث على ومن حديث بن عمر ومن حديث أنس ومن حديث عائشة رضي الله عنهم اما حديث علي رضي الله عنه فأخرجه أبو داود في سننه من طريق بن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمى آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث الاعور عن علي عن النبي عليه السلام قال إذا كانت لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمس دراهم وليس عليك شئ يعنى في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحسابها ذلك قال فلا أدري أعلى يقول فبحساب ذلك أو رفعه إلى النبي عليه السلام وليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول انتهى قال ورواه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه انتهى وفيه عاصم والحارث فعاصم وثقه بن المديني وابن معين والنسائي وتكلم فيه بن حبان وابن عدي فالحديث حسن قال النووي رحمه الله في الخلاصة وهو حديث صحيح أو حسن انتهى ولا يقدح فيه ضعف الحارث لمتابعة عاصم له وقال عبد الحق في احكامه هذا حديث رواه بن وهب عن جرير بن حازم عن أبي إسحاق عن عاصم والحارث عن علي فقرن أبو إسحاق فيه بين عاصم والحارث والحارث كذاب وكثير من الشيوخ يجوز عليه مثل هذا وهو ان الحارث اسنده وعاصم لم يسنده فجمعهما جرير وادخل حديث أحدهما في الآخر وكل
[ 386 ]
ثقة رواه موقوفا فلو ان جريرا اسنده عن عاصم وبين ذلك اخذنا به وقال غيره هذا لا يلزم لان جريرا ثقة وفد اسند عنهما انتهى وهو في مسند أحمد عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول انتهى وليس من رواية أحمد وأما حديث بن عمر فله طرق أحدها عند الدارقطني عن بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر مرفوعا ليس في مال زكاة حتى يحول عليه الحول انتهى وإسماعيل بن عياش ضعيف وفي روايته عن غير الشاميين قال الدارقطني ورواه معتمر وغيره عن عبيد الله موقوفا ثم أخرجه كذلك ورواه البيهقي من حديث بن نمير عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر موقوفا وقال هو الصحيح ورواه بقية عن إسماعيل بن عياش عن عبيد الله فرفعه وليس بصحيح انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في كتاب غرائب مالك عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن نافع عن بن عمر مروفوعا نحوه قال الدارقطني الصواب موقوف انتهى قلت رواه يحيى بن يحيى ويحيى بن بكير وأبو مصعب عن مالك في الموطأ بالسند المذكور موقوفا عن مالك رضي الله عنه ورواه الشافعي رضي الله عنه في مسنده موقوفا كذلك طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن أبيه عن بن عمر مروفوعا باللفظ المذكور ورواه الترمذي في كتابه بلفظ من
[ 387 ]
استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول انتهى ثم رواه موقوفا وقال هذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن اسلم انتهى وقال الدارقطني في علله حديث نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول يرويه عبيد الله بن عمر واختلف عليه فيه فرواه إسماعيل بن عياش عنه عن نافع عن بن عمر مرفوعا ورواه سويد بن عبد العزيز عن عبيد الله مرفوعا والصحيح عن عبيد الله موقوفا كذا قاله عنه معمر وابن نمير ومحمد بن بشر وشجاع بن الوليد وغيرهم ورواه أيوب عن نافع عن بن عمر موقوفا وكذلك يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر موقوفا وقد رواه إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن مالك عن نافع عن بن عمر فرفعه ولم يرفعه عن مالك غيره والصحيح عن مالك موقوف انتهى وأما حديث أنس رضي الله عنه فأخرجه الدارقطني في سننه عن حسان بن سياه عن ثابت عن أنس مرفوعا ورواه بن عدي في الكامل واعله بحسان بن سياه وقال لا اعلم يرويه عن ثابت غيره انتهى وحسان بن سياه قال بن حبان في كتاب الضعفاء هو منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد لما طهر من خطئه على ما عرف من صلاحه انتهى واما حديث عائشة رضي الله عنها فأخرجه بن ماجة في سننه عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول انتهى وحارثة هذا ضعيف قال بن حبان رحمه الله في كتاب الضعفاء كان ممن كثر وهمه وفحش خطؤه تركه أحمد ويحيى انتهى أحاديث المال المستفاد تعلق الخصم وهو الشافعي وأحمد ومالك في
[ 388 ]
أحد قوليه بما أخرجه الترمذي عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استفاد مالا فلا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول انتهى قال الترمذي رحمه الله ورواه أيوب وعبيد الله بن عمر وغير واحد عن نافع عن بن عمر موقوفا وعبد الرحمن بن زيد بن اسلم ضعيف في الحديث ضعفه أحمد وابن المديني وغيرهما وهو كثير الغلط ثم أخرجه عن أيوب عن نافع عن بن عمر موقوفا قال وهذا أصح من حديث عبد الرحمن بن زيد بن اسلم انتهى قال النووي رحمه الله في الخلاصة ورواه الدارقطني ثم البيهقي واعله بعبد الرحمن ورواه بن أبي شيبة في مصنفه من حديث بن أبي ليلى عن نافع به موقوفا ورواه الدارقطني في سننه من حديث عبيد الله عن نافع به موقوفا قوله وليس على الصبي والمجنون زكاة خلافا للشافعي رضي الله عنه أحاديث زكاة مال اليتيم أو الصغير اخرج الترمذي عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال من ولى يتيما له مال فليتجر له ولا يتركه حتى تأكله الصدقة انتهى قال الترمذي انما يروى هذا الحديث من هذا الوجه وفي إسناده مقال لان المثنى يضعف في الحديث انتهى وقال صاحب التنقيح رحمه الله قال مهما سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال ليس بصحيح انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبيد الله بن إسحاق ثنا مندل عن أبي إسحاق الشيباني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوه قال الدارقطني الصحيح انه من كلام عمر انتهى وعبيد الله بن إسحاق ضعيف ومندل قال بن حبان كان يرفع المراسيل ويسند الموقوفات من سوء حفظه فلما فحش ذلك منه استحق الترك انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن
[ 389 ]
شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مال اليتيم زكاة قال الدارقطني العرزمي ضعيف وقال صاحب التنقيح هذه الطرق الثلاثة ضعيفة لا يقوم بها حجة انتهى وقال بن حبان لا يجوز الاحتجاج عندي بما رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لان هذا الاسناد لا يخلو من إرسال أو انقطاع وكلامهما لا يقوم به حجة فان عمرو بن شعيب بن محمد عبد الله بن عمرو بن العاص فإذا روى عن أبيه عن جده فأراد بجده محمدا فمحمد لا صحبة له وإن أراد عبد الله فشعيب لم يلق عبد الله قال بن الجوزي في التحقيق الناس لا يختلفون في توثيق عمرو بن شعيب قال بن راهويه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده كأيوب عن نافع عن بن عمر وقال البخاري رأيت أحمد بن حنبل وعلى بن عبد الله وابن راهويه الحميدي يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه فمن الناس بعدهم واما قول بن حبان لم يصح سماع شعيب من جده عبد الله فقال الدارقطني هو خطأ وقد روى عبيد الله بن عمر العمري وهو من الائمة العدول عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال كنت جالسا عند عبد الله بن عمرو فجاء رجل فاستفتاه في مسألة فقال يا شعيب امض معه إلى بن عباس فقد صح بهذا سماع شعيب من جده عبد الله وقد اثبت سماعه منه أحمد بن حنبل وغيره وقال الدارقطني جده الادنى محمد ولم يدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم وجده الاعلى عمرو بن العاص ولم يدركه شعيب وجده الاوسط عبد الله وقد أدركه فإذا لم يسم جده احتمل ان يكون محمدا واحتمل ان يكون عمروا فيكون في الحالين مرسلا واحتمل ان يكون عبد الله الذي أدركه فلا يصح الحديث ولا يسلم من الارسال إلا ان يقول فيه عن جده عبد الله بن عمرو قال بن الجوزي رحمه الله وهذا الحديث قد سمى فيه جده عبد الله فسلم من الارسال على ان المرسل عندنا حجة انتهى وقال الحاكم في كتاب البيوع من المستدرك لم ازل اطلب الحجة الظاهرة في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم اقدر عليها
[ 390 ]
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا على بن سعيد الرازي ثنا الفرات بن محمد القيرواني ثنا شجرة بن عيسى المغافري عن عبد الملك بن أبي كريمة عن عمارة بن غزية عن يحيى بن سعيد عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة انتهى قال الطبراني لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الاسناد انتهى الآثار أخرج الدارقطني عن يزيد بن هارون ثنا أشعث عن حبيب بن أبي ثابت عن صلت المكي عن بن أبي رافع ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقطع أبا رافع ارضا فلما مات أبو رافع باعها عمر رضي الله عنه بثمانين الفا فدفعها إلى على بن أبي طالب رضي الله عنه فكان يزيكيها فلما قبضها ولد أبي رافع عدوا مالهم فوجدوها ناقصة فسألوا عليا فقال احسبتم زكاتها قالوا لا فحسبوا زكاتها فوجدوها سواء فقال علي اكنتم ترون انه يكون عندي مال لا أزكيه انتهى قال البيهقي ورواه حسن بن صالح وجرير بن عبد الحميد عن أشعث وقالا عن أبي رافع وهو الصواب انتهى حديث آخر قال الشافعي أنبأ مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه ه قال كانت عائشة تليني وأخا لي يتيما في حجرها وكانت تخرج من أموالنا الزكاة ورواه مالك رضي الله عنه في الموطأ كما تراه قاله الشافعي رضي الله عنه وحدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن بن عمر انه كان يزكي مال اليتيم انتهى حديث اخر وأخرج الدارقطني عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ابتغوا بأموال اليتامى لا تأكلها
[ 391 ]
الزكاة قال البيهقي إسناده صحيح وله شواهد عن عمر ثم اسند عن يزيد بن هارون ثنا شعبة عن حميد بن هلال قال سمعت أبا محجن أو بن محجن وكان خادما لعثمان بن أبي العاص قال قدم عثمان بن أبي العاص على عمر بن الخطاب فقال له عمر كيف متجر أرضك فان عندي مال يتيم قد كادت الزكاة تفنيه قال فدفعه إليه قال ورواه معاوية بن قرة عن الحكم بن أبي العاص عن عمر وكلاهما محفوظ ورواه الشافعي رضي الله عنه من حديث عمرو بن دينار وابن سيرين عن عمر مرسلا والله اعلم حديث آخر رواه عبد الرزاق ثنا بن جريج عن أبي الزبير سمع جابر بن عبد الله يقول في الذي يلي اليتيم قال يعطى زكاته انتهى أحاديث الاصحاب أخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن حماد عن حماد عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ وعن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون حتى يعقل ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط المسلم وحماد الاول هو حماد بن سلمة وحماد الثاني هو بن أبي سليمان وقد روى له مسلم مقرونا بغيره ووثقه بن معين والنسائي والعجلي وغيرهم وتكلم فيه الاعمش ومحمد بن سعد وغيرهما وقد روى من حديث عائشة قال بن الجوزي والجواب ان المراد قلم الاثم أو قلم الاداء انتهى وبقية الكلام عليه في كتاب الحجر الآثار أخرج البيقي عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن بن مسعود قال من ولي مال اليتيم فليحص عليه السنين وإذا دفع إليه ماله أخبره بما فيه من الزكاة فان شاء زكى وان شاء ترك انتهى قال البيهقي وهذا اثر ضعيف قال مجاهدا لم يلق بن مسعود فهو منقطع وليث بن أبي سليم ضعيف عند أهل الحديث قال
[ 392 ]
وروى عن بن عباس الا انه ينفرد بإسناده بن لهيعة وهو لا يحتج به انتهى وهذا الاثر رواه محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة حدثنا ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن بن مسعود رضي الله عنهم قال ليس في مال اليتيم زكاة انتهى قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان من العباد يعني ليث بن أبي سليم لكن اختلط في آخر عمره حتى كان لا يدري ما يحدث به فكان يقلب الاسانيد ويرفع المراسيل تركه يحيى بن القطان وابن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين انتهى واعلم ان بن حبان ترجم عليه ليث بن أبي سليم بن زنيم الليثي وتعقبه الشيخ زكي الدين المنذري في حاشيته بخطه فقال ليث بن أبي سليم ليس هو بن زنيم الليثي فرقهما إمام أهل الحديث البخاري في ترجمتين وكذلك بن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي في كتبهم وابن أبي سليم قرشي مولاهم والليثي إنما هو بن زنيم انتهى كلامه نقلته من خطه والله اعلم قوله روى عن علي رضي الله عنه أنه قال لا زكاة في مال الضمار قلت
[ 393 ]
غريب وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال في باب الصدقة حدثنا يزيد بن هارون ثنا هشام بن حسان عن الحسن البصري رضي الله عنه قال إذا حضر الوقت الذي يؤدي فيه الرجل زكاته أدى عن كل مال وعن كل دين إلا ما كان منه ضمارالا يرجوه انتهى وروى مالك رضي الله عنه في الموطأ عن أيوب بن
[ 394 ]
أبي تميمة السختياني ان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنهما كتب في مال قبضه بعض الولاة ظلما فأمر برده إلى أهله وتؤخذ زكاته لما مضى من السنين ثم عقب بعد ذلك بكتاب أن لا يؤخذ منه إلا زكاة سنة واحدة فإنه كان ضمارا قال مالك رضي الله عنه الضمار المحبوس عن صاحبه انتهى قال الشيخ رحمه الله في الامام فيه انقطاع بين أيوب وعمر حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن عمرو بن ميمون قال اخذ الوليد بن عبد الملك مال رجل من أهل الرقة يقال له أبو عائشة عشرين ألفا فألقاها في بيت المال فلما ولى عمر بن عبد العزيز أتاه ولده فرفعوا مظلمتهم إليه فكتب إلى ميمون ان ادفعوا إليهم أموالهم وخذوا زكاة عامهم هذا فإنه لولا انه كان مالا ضمارا اخذنا منه زكاة ما مضى انتهى أخبرنا أبو أسامة عن هشام عن الحسن قال عليه زكاة ذلك العام انتهى باب صدقة السوائم فصل في الابل الحديث الرابع قال المصنف رحمه الله بهذا اشتهرت كتب الصدقات من
[ 395 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت منها كتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه لانس بن مالك رواه البخاري في صحيحه وفرقه في ثلاثة أبواب متوالية عن ثمامة ان أنساحدثه ان أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين بسم الله الرحمن الرحيم هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله فمن سئلها من المسلمين فليعطها على وجهها ومن سئل فوقه فلا يعطى في أربع وعشرين من الابل فما دونها من الغنم من كل خمس ذود شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى فإذا بلغت ستة وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت يعني ستة وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان طروقتا الجمل إذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة ومن لم يكن معه إلا أربع من الابل فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها فإذا بلغت خمسا من الابل ففيها شاة وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة عن أربعين شاة واحدة فليس فها صدقة إلا ان يشاء ربها وفي الرقة ربع العشر فإذا لم يكن إلا تسعين ومائة فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها انتهى وفي الباب الثاني عن ثمامة ان أنسا حدثه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له
[ 396 ]
فريضة الصدقة التي أمر الله ورسوله من بلغت عنده من الابل صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقه فانها تقبل منه الحقة ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده الحقة وعنده الجذعة فانها تقبل منه الجذعة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا بنت لبون فانها تقبل منه بنت لبون ويعطى شاتين أو عشرين درهما ومن بلغت صدقته بنت لبون وعنده حقة فانها تقبل منه الحقة ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن بلغت صدقته بنت لبون وليست عنده وعنده بنت محاض فانها تقبل منه بنت مخاض ويعطى معها عشرين درهما أو شاتين انتهى ح) وفي الباب الثالث عن ثمامة ان أنسا حدثه ان أبا بكر رضي الله عنه كتب له التي أمر الله ورسوله فلا يخرج في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا ان يشاء المصدق انتهى ورواه أبو داود في سننه حديثا واحدا وزاد فيه وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية ولكن اسنده عن حماد بن سلمة قال أخذت من ثمامة بن عبد الله بن أنس كتابا زعم ان أبا بكر رضي الله عنه كتبه لانس فذكره وهذا للفظ ظاهره الانقطاع قال البيهقي في المعرفة هو حديث صحيح موصول إلا أن بعض الرواة قصر به فرواه كذلك يعنى سند أبي داود ثم ان بعض من يدعى معرفة الآثار تعلق عليه وقال هذا منقطع وأنتم لا تثبتون المنقطع وإنما وصله عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس وأنتم لا تجعلون بن المثنى حجة ولم يعلم ان يونس بن محمد المؤدب قد رواه عن حماد بن سلمة عن ثمامة عن أنس ان أبا بكر رضي الله عنه كتب له وقد اخرجناه في كتاب السنن وكذلك رواه سريح بن النعمان عن حماد بن سلمة به ورواه إسحاق بن راهويه وهو امام عن النضر بن شميل وهو أتقن أصحاب حماد ثنا حماد بن سلمة به ثم
[ 397 ]
أخرجه كذلك قال ولا نعلم من الحفاظ أحدا استقصى في انتقاد الرواه ما استقصاه محمد بن إسماعيل البخاري رضي الله عنهما مع إمامته في معرفة علل الاحاديث واسانيدها وهو قد اعتمد فيه على حديث بن المثنى فأخرجه في صحيحه وذلك لكثرة الشواهد له بالصحة انتهى كلامه ومنها كتاب عمر رضي الله عنه أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة واللفظ للترمذي عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى قبض فقرنه بسيفه فلما قبض عمل به أبو بكر حتى قبض وعمر حتى قبض وكان فيه في خمس من الابل شاة وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإذا زادت ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين فإذا زادت فجذعة إلى خمس وسبعين فإذا زادت ففيها بنت لبون إلى تسعين فإذا زادت ففيها حقتان إلى عشرين ومائة فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون وفي الشاة في كل أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت فشاتان إلى مائتين فإذا زادت فثلاث شياه إلى ثلاثمائة شاة فإذا زادت على ثلاثمائة شاة ففي كل مائة شاة شاة ثم ليس فيها شئ حتى يبلغ مائة ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع مخافة الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بالسوية ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عيب وقال الزهري إذا جاء المصدق قسم الشاة أثلاثا ثلث خيار وثلث أوساط وثلث شرار وأخذ المصدق من الوسط ولم يذكر الزهري البقر انتهى وقال حديث حسن وقد روى يونس بن يزيد وغير واحد عن الزهري عن سالم هذا الحديث ولم يرفعوه وإنما رفعه سفيان بن حسين انتهى قال المنذري وسفيان بن حسين أخرج له مسلم واستشهد به البخاري إلا أن حديثه عن
[ 398 ]
الزهري فيه مقال وقد تابع سفيان بن حسين على رفعه سليمان بن كثير وهو ممن اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه وقال الترمذي في كتاب العلل سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال أرجو أن يكون محفوظا وسفيان بن حسين صدوق انتهى ورواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال سفيان بن حسين وثقه يحيى بن معين وهو أحد أئمة الحديث إلا أن الشيخين لم يخرجا له وله شاهد صحيح وإن كان فيه إرسال ثم أخرج حديث عبد الله بن المبارك وسيأتي وزاد فيه بن ماجة بعد قوله وفي خمس وعشرين بنت مخاض فان لم يكن بنت مخاض فابن لبون ذكر واختصر منه الغنم إلى آخر الحديث وزاد فيه أبو داود زيادة من طريق بن المبارك عن يونس بن يزيد عن بن شهاب قال هذه نسخة كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه في الصدقة وهي عند آل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بن شهاب اقرأنيها سالم بن عبد الله بن عمر فوعيتها على وجهها وهي التي انتسخ عمر بن عبد العزيز من عبد الله بن عبد الله بن عمر وسالم بن عبد الله بن عمر فذكر الحديث قال فإذا كانت إحدى وعشرين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون حتى تبلغ تسعا وعشرين ومائة فإذا كانت ثلاثين ومائة ففيها بنتا لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وثلاثين ومائة فإذا كانت أربعين ومائة ففيها حقتان وبنت لبون حتى تبلغ تسعا وأربعين ومائة فإذا كانت خمسين ومائة ففيها ثلاث حقاق حتى تبلغ تسعا وخمسين ومائة فإذا كانت ستين ومائة ففيها أربع بنات لبون حتى تبلغ تسعا وستين ومائة فإذا كانت سبعين ومائة ففيها ثلاث بنات لبون وحقة حتى تبلغ تسعا وسبعين ومائة فإذا كانت ثمانين ومائة ففيها حقتان وابنتا لبون حتى تبلغ تسعا وثمانين ومائة فإذا كانت تسعين ومائة ففيها ثلاثا حقاق وبنت لبون حتى تبلغ تسعا وتسعين ومائة فإذا بلغت مائتين ففيها أربع
[ 399 ]
حقاق أو خمس بنات لبون أي السنين وجدت أخذت وفي سائمة الغنم فذكر حديث سفيان بن حسين وهذا مرسل كما أشار إليه الترمذي قال مالك رضي الله عنه في الموطأ ومعنى لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع أن الخليطين إذا كان لكل واحد منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما فيها ثلاث شياه فإذا أظلهما فرقا غنمهما فلم يكن على كل واحد منهما إلا شاة قال فهذا الذي سمعت في ذلك انتهى كلامه وسفيان بن حسين روى له مسلم في مقدمة كتابه وتكلم الحفاظ في روايته عن الزهري قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه ليس بذاك في حديثه عن الزهري وقال بن معين رحمه الله هو ثقة ولكنه ضعيف في الزهري وقال النسائي ليس به بأس إلا في الزهري وقال بن عدي هو في غير الزهري صالح الحديث وفي الزهري يروى أشياء خالف فيها الناس قال وقد وافق سفيان ين حسين على رفعه سليمان بن كثير أخو محمد بن كثير حدثناه بن صاعد عن يعقوب الدورقي عن عبد الرحمن بن مهدي عن سليمان بن كثير بذلك وقد رواه جماعة عن الزهري عن سالم عن أبيه فوقفوه وسفيان بن حسين وسليمان بن كثير رفعاه انتهى ومنها كتاب عمرو بن حزم أخرجه النسائي في الديات وأبو داود في مراسيله النسائي عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري ثم أخرجه عن يحيى عن سليمان بن أرقم عن الزهري به وقال هذا أشبه بالصواب وسليمان بن أرقم متروك الحديث انتهى وأبو داود في مراسيله عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن وهذه نسختها بسم الله الرحمن الرحيم من محمد النبي صلى الله عليه وسلم إلى شرحبيل بن عبد كلال قيل ذي رعين ومعافر وهمدان
[ 400 ]
أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله عزوجل على المؤمنين من العشر في العقار وما سقت السماء وكان سيحا أو كان بعلا فيه العشر إذا بلغ خمسة أوسق وما سقى بالرشا والدالية ففيه نصف العشر وفي كل خمس من الابل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعا وعشرين فإذا زادت واحدة على أربع وعشرين ففيها بنت مخاض فان لم توجد ابنة مخاض فابن لبون ذكر إلى ان يبلغ خمسا وثلاثين فان زادت على خمس وثلاثين واحدة ففيها ابنت لبون إلى ان تبلغ خمسا وأربعين فان زادت واحدة ففيها حقة طروقة الجمل إلى ان تبلغ ستين فان زادت على ستين واحدة ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسا وسبعين فان زادت واحدة على خمس وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى ان تبلغ تسعين فان زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة فما زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة طروقة الجمل وفي كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين باقورة بقرة وفي كل أربعين شاة سائمة شاة إلى ان تبلغ عشرين ومائة فإذا زادت على العشرين ومائة واحدة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين فإن زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاثمائة فان زادت ففي كل مائة شاة شاة ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا عجفاء ولا ذات عوار ولاتيس الغنم ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما وبالسوية وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم وليس فيما دون خمس أواق شئ وفي كل أربعين دينارا دينار والصدقة لا تحل لمحمد ولا لاهل بيته إنما هي الزكاة تزكى بها أنفسهم في فقراء المؤمنين وفي سبيل الله وليس في رقيق ولا مزرعة ولاعمالها شئ إذا كانت تؤدي صدقتها من العشر وانه ليس في عبد مسلم ولا فرسه شئ وكان في الكتاب إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة الاشراك بالله وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار في سبيل الله يوم الزحف وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم وأن العمرة الحج الاصغر ولا يمس القرآن إلا طاهر ولا طلاق قبل إملاك ولا عتاق حتى يبتاع ولا يصلين أحدكم في ثوب واحد وشقه باد ولا يصلين أحدكم عاقصا شعره وكان في الكتاب أن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضى أولياء المقتول وأن في النفس الدية مائة من الابل وفي الانف إذا أوعب جدعه الدية وفي اللسان الدية
[ 401 ]
وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب الدية وفي العينين الدية والرجل الواحدة نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الابل وفي كل إصبع من أصابع اليد أو الرجل عشر من الابل وفي السن خمس من الابل وفي الموضحة خمس من الابل وأن الرجل يقتل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف دينار انتهى قال النسائي وسليمان بن أرقم متروك انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أنبأ معمر عن عبد الله بن أبي بكر به وعن عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه وأخرجه الدارقطني أيضا عن إسماعيل بن عياش بن يحيى بن سعيد عن أبي بكر به ورواه كذلك بن حبان في صحيحه في النوع السابع والثلاثين من القسم الخامس والحاكم في المستدرك كلاهما عن سليمان بن داود حدثني الزهري به قال الحاكم إسناده صحيح وهو من قواعد الاسلام انتهى وقال بن الجوزي رحمه الله في التحقيق قال أحمد بن حنبل رضي الله عنهما كتاب عمرو بن حزم في الصدقات صحيح قال وأحمد يشير بالصحة إلى هذه الرواية لا لغيرها لما سيأتي وقال بعض الحفاظ من المتأخرين ونسخة كتاب عمرو بن حزم تلقاها الائمة الاربعة بالقبول وهي متوارثة كنسخة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهي دائرة على سليمان بن أرقم وسليمان بن أبي داود الخولاني عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده وكلاهما ضعيف بل المرجح في روايتهما سليمان بن أرقم وهو متروك لكن قال الشافعي رضي الله عنه في الرسالة لم يقبلوه حتى ثبت عندهم أنه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أحمد رضي الله عنه أرجو أن يكون هذا الحديث صحيحا وقال يعقوب بن سفيان الفسوي لا أعلم في جميع الكتب المنقولة أصح منه كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعون يرجعون إليه ويدعون آراءهم انتهى ورواه البيهقي في سننه بسند بن حبان ثم قال وقد أثنى جماعة من الحفاظ على سليمان بن داود الخولاني منهم أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وعثمان بن سعيد الدارمي وابن عدي الحافظ قال وحديثه هذا يوافق رواية من رواه مرسلا ويوافق رواية من رواه من جهة أنس بن مالك وغيره موصولا انتهى
[ 402 ]
ومنها كتاب زياد بن لبيد إلى حضر موت رواه الواقدي في كتاب الردة فقال حدثنا محمد بن عبد الله بن كثير عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم قال لما قدم وفد كندة مسلمين أطعم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى وليعة من كندة أطعمة من ثمار حضر موت وجعل على أهل حضر موت نقلها إليهم وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك كتابا وأقاموا أياما ثم سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث عليهم رجلا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزياد بن لبيد البياضي الانصاري سر مع هؤلاء القوم فقد استعملتك عليهم فسار زياد معهم عاملا لرسول الله صلى الله عليه وسلم على حضر موت على صدقاتها الخف والماشية والثمار والكراع والعشور فقال زياد يا رسول الله بأبي أنت وأمي أكتب لي كتابا لا أعدوه إلى غيره ولا أقصر دونه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بن كعب فكتب له بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله في الصدقات فمن سئلها على وجهها فليعطها في كل أربعين شاة سائمة شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت ففيها شاتان إلى مائتين فإذا زادت شاة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلاثمائة فإذا زادت ففي كل مائة شاة شاة وفيما دون خمس وعشرين من الابل السوائم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بنت مخاض فإذا لم يوجد بنت مخاض ففيها بن لبون ذكر إلى أن تبلغ ستا وثلاثين فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها بنت لبون إلى أن تبلغ ستا وأربعين فإذا بلغت ففيها حقة إلى أن تبلغ ستين فإذا كانت إحدى وستين ففيها جذعة إلى أن تبلغ خمسا وسبعين فإذا كانت ستا وسبعين ففيها بنتا لبون إلى أن تبلغ تسعين فإذا كانت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الجمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة فإذا زادت ففي كل أربعين لبون وفي كل خمسين حقة لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق وفي صدقة البقر في كل ثلاثين من البقر تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين مسنة وفيما سقت السماء وسقى بالنيل العشر وفيما سقى بالغرب نصف العشر من النخل والعنب إذا بلغ خمسة أو سق وإذا بلغت رقة أحدكم خمس أواق ففيها ربع العشر انتهى الحديث الخامس روى أن النبي عليه السلام كتب إذا زادت الابل على مائة
[ 403 ]
وعشرين ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون من غير شرط عود ما دونها قلت تقدم في كتاب أبي بكر لانس أخرجه البخاري وفيه فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففيها حقتان فإذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة الحديث وأحمد مع الشافعي في ان الفريضة لا تستأنف بعد المائة وعشرين بل تستقر على حالها في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة وعن مالك روايتان إحداهما كمذهبنا أنه يستأنف والاخرى كالشافعي الحديث السادس روى أن النبي عليه السلام كتب في كتاب عمرو بن حزم فما كان أقل من ذلك ففي كل خمس ذود شاة قلت روى أبو داود في المراسيل وإسحاق بن راهويه في مسنده والطحاوي في مشكلة عن حماد بن سلمة قلت لقيس بن سعد خذ لي كتاب محمد بن عمرو بن حزم فأعطاني كتابا أخبر أنه أخذه من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم كتبه لجده فقرأته فكان فيه ذكر ما يخرج من فرائض الابل فقص الحديث إلى أن يبلغ عشرين ومائة فإذا كانت أكثر من عشرين ومائة فإنه يعاد إلى أول فريضة الابل وما كان أقل من خمس
[ 404 ]
وعشرين ففيه الغنم في كل خمس ذود شاة قال بن الجوزي رحمه الله في التحقيق هذا حديث مرسل قال هبة الله الطبري هذا الكتاب صحيفة ليس بسماع ولا يعرف أهل المدينة كلهم عن كتاب عمرو بن حزم إلا مثل روايتنا رواها الزهري وابن المبارك وأبو أويس كلهم عن أبي بكر محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده مثل قولنا ثم لو تعارضت الروايتان عن عمرو بن حزم بقيت روايتنا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهي في الصحيح وبها عمل الخلفاء الاربعة وقال البيهقي هذا حديث منقطع بين أبي بكر بن حزم إلى النبي عليه السلام وقيس بن سعد أخذه عن كتاب لا عن سماع وكذلك حماد بن سلمة أخذه عن كتاب لا عن سماع وقيس بن سعد وحماد بن سلمة وإن كانا من الثقات فروايتهما هذه تخالف رواية الحفاظ عن كتاب عمرو بن حزم وغيره وحماد بن سلمة ساء حفظه في آخر عمره فالحفاظ لا يحتجون بما يخالف فيه ويتجنبون ما ينفرد به وخاصة عن قيس بن سعد وأمثاله وهذا الحديث قد جمع الامرين مع ما فيه من الانقطاع والله أعلم وقال في المعرفة الحفاظ مثل يحيى القطان وغيره يضعفون رواية حماد عن قيس بن سعد ثم أسند عن أحمد بن حنبل قال ضاع كتاب حماد بن سلمة عن قيس بن سعد فكان يحدثهم من حفظ ثم أسند عن بن المديني نحو ذلك قال البيهقيي ويدل على خطأ هذه الرواية أن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم رواه عن أبيه عن جده بخلافه وأبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الانصاري رواه بخلافه والزهري مع فضل حفظه رواه بخلافه في رواية سليمان بن داود الخولاني عنه موصولا وفي رواية غيره مرسلا وإذا كان حديث حماد عن قيس مرسلا ومنقطعا وقد خالفه عدد وفيهم ولد الرجل والكتاب بالمدينة بأيديهم يتوارثونه بينهم وأمر به عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فنسخ له فوجد مخالفا لما رواه حماد عن قيس موافقا لما في كتاب أبي بكر وما في كتاب عمر وكتاب أبي بكر في الصحيح وكتاب عمر أسنده سفيان بن حسين وسليمان بن كثير عن الزهري عن
[ 405 ]
سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكتبه عمر عن رأيه إذ لا مدخل للرأي فيه وعمل به وأمر عماله فعملوا به وأصحاب النبي عليه السلام متوافرون وأقرأ ابنه عبد الله بن عمر وأقرأه عبد الله ابنه سالما ومولاه نافعا وكان عندهم حتى قرأه مالك بن أنس أفما يدلك ذلك كله على خطا هذه الرواية انتهى الآثار أخرج الطحاوي عن خصيف عن أبي عبيدة وزياد بن أبي مريم عن بن مسعود قال فإذا بلغت العشرين ومائة استقبلت الفريضة بالغنم في كل خمس شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين ففرائض الابل واعترضه البيهقي بأنه موقوف ومنقطع بين أبي عبيدة وزياد وبين بن مسعود قال وخصيف غير محتج به انتهى وأخرج عن إبراهيم النخعي نحوه حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال إذا زادت الابل على عشرين ومائة يستقبل بها الفريضة انتهى حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان عن منصور عن إبراهيم مثله قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ الوجه الثامن عشر من الترجيحات أن يكون أحد الحديثين قد اختلفت الرواية فيه والثاني لم يختلف فيه فيقدم الذي لم يختلف فيه وذلك نحو ما رواه أنس بن مالك في زكاة الابل إذا زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة وهو حديث مخرج في الصحيح من رواية ثمامة عن أنس ورواه عن ثمامة ابنه عبد الله وحماد بن سلمة ورواه عنهما جماعة كلهم قد اتفقوا عليه من غير اختلاف بينهم وروى عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الابل إذا زادت على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة كذا رواه سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم ورواه شريك عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه قال إذا زادت الابل على عشرين ومائة ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين ابنة لبون موافقا لحديث أنس فحديث أنس لم تختلف الرواية فيه وحديث علي رضي الله عنه اختلفت
[ 406 ]
الرواية فيه كما ترى فالمصير إلى حديث أنس رضي الله عنه أولى للمعنى الذي ذكرناه على أن كثيرا من الحفاظ أحالوا الغلط في حديث علي على عاصم وإذا تقابلت حجتان فما سلم منهما من المعارض كان أولى كالبينات إذا تقابلت فان الحكم فيها كذلك انتهى فصل في البقر الحديث السابع روى أنه عليه السلام أمر معاذا رضي الله عنه أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة قلت أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن مسروق عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما وجه إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة ومن كل حالم يعنى
[ 407 ]
محتلما دينارا أو عدله من المعافر ثيات تكون باليمن انتهى قال الترمذي حديث حسن وقد رواه بعضهم مرسلا لم يذكر فيه معاذا وهذا أصح انتهى وليس عند بن ماجة ذكر الحالم وسيأتي بيانه في باب الجزية إن شاء الله تعالى ورواه بن حبان في صحيحه مسندا في النوع الحادي والعشرين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى والمرسل الذي أشار إليه الترمذي رواه بن أبي شيبة بسنده عن مسروق قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فذكره ورواه أحمد وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسانيدهم في أحكامه فقال مسروق لم يلق معاذا ذكره أبو عمر وغيره انتهى قال كتابه أن يكون تصحيف عليه أبو محمد بأبي عمر إذ لا يعرف لابي عمر إلا وأما أبو محمد بن حزم فإنه رماه بالانقطاع أولا ثم رجع في آخر كلامه وهذا نص كلامهما قال أبو عمر في التمهيد في باب حميد بن قيس وقد روى هذا الخبر عن معاذ بإسناد متصل صحيح ثابت ذكره عبد الرزاق ثنا معمر والثوري عن الاعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال بعثه النبي عليه السلام إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين بقرة الحديث وقال في الاستذكار في باب صدقة الماشية ولا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر ما في حديث معاذ هذا وأن النصاب المجمع عليه فيها وحديث طاوس هذا عن معاذ غير متصل والحديث عن معاذ ثابت متصل من رواية معمر والثوري عن الاعمش عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بمعنى حديث مالك فهذا نص آخر أما بن حزم فإنه قال أول كلامه إنه منقطع وإن مسروقا لم يلق معاذا ثم استدركه في آخر المسألة فقال وجدنا حديث مسروق إنما ذكر فيه فعل معاذ باليمن في زكاة البقر ومسروق بلا شك عندنا
[ 408 ]
أدرك معاذا بسنه وعقله وشاهد أحكامه يقينا وأفتى في أيام عمر وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجل كان باليمن أيام معاذ بنقل الكافة من أهل بلده كذلك عن معاذ في أخذه لذلك عن عهد النبي عليه السلام عن الكافة انتهى كلام بن حزم قال بن القطان ولا أقول إن مسروق سمع من معاذ إنما أقول إنه يجب على أصولهم أن يحكم بحديثه عن معاذ رضي الله عنه بحكم حديث المتعاصرين اللذين لم يعلم انتفاء اللقاء بيهما فان الحكم فيه أن يحكم له بالاتصال عند الجمهور وشرط البخاري وابن المديني أن يعلم اجتماعهما ولو مرة واحدة فهما إذا لم يعلما لقاء أحدهما للآخر لا يقولان في حديث أحدهما عن الآخر منقطع إنما يقولان لم يثبت سماع فلان من فلان فإذن ليس في حديث المتعاصرين إلا رأيان أحدهما أنه محمول على الاتصال والآخر أن يقال لم يعلم اتصال ما بينهما فأما الثالث وهو أنه منقطع فلا انتهى كلامه بحروفه والحديث له طرق أخرى فمنها عن أبي وائل عن معاذ وهي عند أبي داود والنسائي ومنها عن إبراهيم النخعي عن معاذ وهي عند النسائي ومنها عن طاوس عن معاذ وهي في موطأ مالك قال في الامام ورواية إبراهيم عن معاذ منقطعة بلاشك ورواية طاوس عن معاذ كذلك قال الشافعي وطاوس عالم بأمر معاذ وإن كان لم يلقه وقال عبد الحق في أحكامه وطاوس لم يلق معاذا انتهى أحاديث الباب أخرج الترمذي وابن ماجة عن أبي عبيدة عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنة انتهى قال الترمذي وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه ثم أسند عن عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة هل يذكر من عبد الله شيئا قال لا انتهى وقال عبد الحق في أحكامه ليس في زكاة البقر حديث متفق على صحته انتهى أحاديث مخالفة لما تقدم روى أبو داود في مراسيله عن معمر قال أعطاني
[ 409 ]
سماك بن الفضل كتابا من رسول الله صلى الله عليه وسلم للمقوقس فإذا فيه وفي البقر مثل ما في الابل وأخرج أيضا عن معمر عن الزهري قال في خمس من البقر شاة وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه وفي عشرين أربع شياه وفي خمس وعشرين بقرة إلى خمس وسبعين ففيها بقرتان إلى عشرين ومائة فإذا زادة على عشرين ومائة ففي كل أربعين بقرة قال الزهري وبلغنا أن قول النبي عليه السلام في كل ثلاثين بقرة تبيع وفي كل أربعين بقرة بقرة أنه كان تخفيفا لاهل اليمن ثم كان هذا بعد ذلك وروى بن أبي شيبة في المصنف عن عبد الاعلى عن داود عن عكرمة بن خالد قال استعملت على صدقات عك فلقيت أشياخا ممن صدق على عهذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختلفوا على فمنهم من قال اجعلها مثل صدقة الابل ومنهم من قال في ثلاثين تبيع وفي أربعين مسنة انتهى ولم يعلها الشيخ في الامام بغير إرسال والله أعلم الحديث الثامن قال عليه السلام لمعاذ رضي الله عنه لا تأخذ من أوقاص البقر شيئا قال المصنف وفسروه يعني الوقص بما بين الاربعين إلى الستين قلت روى الدارقطني ثم البيهقي في سننهما والبزار في مسنده من حديث بقية عن المسعودي عن الحكم عن طاوس عن بن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن فأمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة قالوا فال فالاوقاص قال ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها بشئ وسأسأله إذا قدمت عليه فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله فقال ليس فيها شئ قال المسعودي
[ 410 ]
والاوقاص ما بين الثلاثين إلى الاربعين والاربعين إلى الستين انتهى قال البزار لا نعلم أحدا أسنده عن بن عباس إلا بقية عن المسعودي وقد رواه الحفاظ عن الحكم عن طاوس مرسلا ولم يتابع بقية عن المسعودي على هذا أخذ وقد رواه الحسن بن عمارة أيضا عن الحكم عن طاوس عن بن عباس والحسن بن عمارة متروك انتهى وهذا السند الذي أشار إليه أخرجه الدارقطني في سننه والله أعلم حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه من طريق بن وهب عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن فأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاثة أتبعة ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة ومائة مسنتين وتبيعا ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتبعة قال وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما بين ذلك شيئا إلا أن تبلغ مسنة أو جذعا وزعم أن الاوقاص لا فريضة فيها انتهى قال صاحب التنقيح في التحقيق هذا حديث فيه إرسال وسلمة بن أسامة ويحيى بن الحكم غير مشهورين ولم يذكرهما بن أبي حاتم في كتابه انتهى واعترض بعض العلماء على هذين الحديثين أعني حديث بقية وحديث يحيى بن الحكم بأن معاذا لم يلق النبي عليه السلام بعد رجوعه من اليمن بل توفى عليه السلام قبل قدوم معاذ من اليمن قالوا والصحيح ما رواه مالك رضي الله عنه في الموطأ عن حميد بن قيس عن طاوس أن معاذا أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا ومن أربعين بقرة مسنة وأتى بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئا وقال لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا حتى ألقاه وأسأله فتوفى النبي عليه السلام قبل أن يقدم معاذ انتهى وأعل هذا بالانقطاع قال عبد الحق في أحكامه طاوس لم يدرك معاذا انتهى وعن مالك رضي الله عنه رواه الشافعي في سننه بسنده ومتنه قال الشافعي رضي الله عنه وأخبرنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن طاوس أن معاذ بن جبل أتى بوقص البقر فقال لم يأمر النبي عليه السلام فيه
[ 411 ]
بشئ قال الشافعي رضي الله عنه وهو ما لم يبلغ الفريضة انتهى قلت ويدل على صحة ذلك حديث أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن بن مسعود قال كان معاذ بن جبل رضي الله عنه شابا جميلا حليما سمحا من أفضل شباب قومه ولم يكن يمسك ولم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين فلزمه غرماؤه حتي تغيب عنهم أياما في بيته فاستأذنوا عليه رسول الله فأرسل في طلبه فجاء ومعه غرماؤه فطلبوا حقهم فكلمهم النبي عليه السلام فيه فلو ترك أحد لاحد لترك معاذ من أحل النبي عليه السلام فجعله دسول الله من ماله ودفعه إليهم فأصابهم خمسة أسباع حقوقهم وقام معاذ بغير شئ فانصرف إلي بنى سلمة فمكث فيهم أياما ثم دعاه النبي فبعثه إلى اليمن وقال له لعل الله يجبرك ويؤدي عنك دينك قال فخرج معاذ إلى اليمن فلم يزل بها حتى توفى رسول الله ثم رجع معاذ من اليمن فوافى عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمكة أميرا على الحج استعمله أبو بكر رضي الله عنه التقيا يوم التروية بمني فاعتنقا وعزى كل واحد منهما صاحبه برسول الله ثم جلسا يتحدثان فرآى عمر مع معاذ رقيقا فقال له ما هؤلاء قال هؤلاء أهدوا إلي وهؤلاء لابي بكر فقال له عمر إني أرى أن تأتي بكلهم إلى أبي بكر قال نعم فلقيه معاذ من الغد فقال له يا بن الخطاب لقد رأيتني البارحة وأنا أنزو إلى النار وأنت آخذ بحجرتي وما أراني إلا مطيعك قال فأتى بهم أبا بكر فقال هؤلاء أهدوا إلى وهؤلاء لك فقال له أبو بكر إنا قد سلمنا لك هديتك فخرج معاذ إلى الصلاة فإذا هم يصلون خلفه فقال لهم معاذ لمن تصلون قالوا لله قال فأنتم لله فأعتقهم انتهى قال الحاكم حديث صحيح على شرط الشيخين وأخرج نحوه من حديث كعب بن مالك وقال فيه أيضا على شرط الشيخين وأخرج نحوه عن جابر وسكت عنه حديث آخر مرسل رواه بن سعد في الطبقات في ترجمة معاذ عن أبي وائل قال استعمل النبي عليه السلام معاذا على اليمن فتوفى واستخلف أبو بكر ومعاذ باق على اليمن الحديث
[ 412 ]
حديث مخالف لما تقدم رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده فقال حدثنا عبد الاعلى بن حماد النرسي ثنا عثمان بن عمر ثنا نهاس بن قهم حدثنا القاسم بن عوف الشيباني عن بن أبي ليلى عن أبيه عن صهيب أن معاذا لما قدم من اليمن سجد للنبي عليه السلام فقال له النبي عليه السلام يا معاذ ما هذا قال إني لما قدمت اليمن وجدت اليهود والنصارى يسجدون لعظمائهم وقالوا هذه تحية الانبياء فقال عليه السلام كذبوا على أنبيائهم ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله لامرت المرأة أن تسجد لزوجها انتهى فهذا فيه أن معاذا رضي الله عنه رجع من اليمن قبل وفاة النبي أحاديث الباب روى الطبراني في معجمه حدثنا عثمان بن عمر الضبي ثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان عن بن أبي ليلى عن الحكم عن رجل عن معاذ بن جبل عن النبي عليه السلام قال ليس في الاوقاص شئ انتهي ووفقه بن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا عبد الله بن إدريس عن ليث عن طاو س عن معاذ قال ليس في الاوقاص شئ انتهى حديث آخر روى الدارقطني في كتابه المؤتلف والمختلف أخبرنا جعفر بن أحمد المؤذن فيما أجاز لنا حدثنا السرى بن يحيى أنبأ شعيب ثنا سيف عن سهيل بن يوسف بن سهيل عن عبيد بن صخر بن لوذان الانصاري قال عهد رسول الله إلى عماله علي اليمن في البقر في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة وليس في الاوقاص شئ انتهى قال الدارقطني والاوقاص ما بين السنين اللذين يجب فيهما الزكاة انتهى حديث أخر روى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا أبو الاسود عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سلمة بن أسامة أن معاذ بن جبل قال
[ 413 ]
بعثني رسول الله أصدق أهل اليمن وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا ومن كل أربعين مسنة ومن الستين تبيعين ومن السبعين مسنة وتبيعا ومن الثمانين مسنتين ومن التسعين ثلاثة أتبعة ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربع أتابيع قال وأمرني رسول الله أن لا آخذ مما بين ذلك شيئا وقال إن الاوقاص لا فريضة فيها انتهى قال أبو عبيدة والاوقاص ما بين الفريضتين انتهى ورواه أحمد بن زنجويه في كتاب الاموال حدثنا عبد الله ثنا بن لهيعة به إلا أنه قال عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا وزاد بعد قوله من كل ثلاثين تبيعا قال والتبيع جذع أو جذعة قال بن زنجويه وهذا التفسير من كلامه عليه السلام قوله وفسروه يعني الوقص بما بين الاربعين إلى الستين قلنا قد قيل إن المراد منها الصغار قلت تقدم في الاحاديث المذكورة ما فيه كفاية والله أعلم الحديث التاسع قال عليه السلام في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسن أو مسنة قلت أخرجه الترمذي وابن ماجة عن أبي عبيدة عن عبد الله أن النبي عليه السلام قال في كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنة انتهى قال التر مذي وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه شيئا ثم أسند
[ 414 ]
عن عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة هل تذكر من عبد الله شيئا قال لا انتهى قال بن القطان في كتابه والراوي عن أبي عبيدة هو خصيف واختلف عليه فرواه عبد السلام بن حرب وهو حافظ عن أبي عبيدة عن عبد الله كذلك ورواه شريك وهو ممن ساء حفظه عن أبي عبيدة عن أمه عن عبد الله فوصله انتهى قال في الامام هكذا رواه بن الجارود من هذا الوجه في المنتقى حديث آخر في علل الدارقطني سئل الدارقطني عن حديث رواه أنس قال قال رسول الله في كل أربعين من البقر مسنة وفي كل ثلاثين تبيع أو تبيعة فقال هذا يرويه داود بن أبي هند واختلف عنه فرواه أبو أمية الطرسوسي عن عبيد الله بن موسى عن الثوري عن داود عن الشعبي عن أنس ورفعه وغيره يرويه عن الثوري عن داود عن الشعبي مرسلا وهو الصواب انتهى وهذا مرسل رواه بن أبي شيبة عن علي بن مسهر عن الاجلح عن الشعبي به حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سوار عن ليث عن مجاهد وطاوس عن بن عباس مرفوعا ليس في البقر العوامل صدقة ولكن في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة انتهي وسيأتي في العوامل حديث آخر مرسل رواه بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيي بن حبان أن نعيم بن سلامة أخبره أن عمر بن عبد العزيز دعا بصحيفة زعموا أن رسول الله بعث بها إلى معاذ رضي الله عنه قال نعيم فقرئت وأنا حاضر فإذا فيها من كل ثلاثين تبيع جذع أو جذعة ومن كل أربعين بقرة مسنة انتهى حديث آخر روى أبو داود في سننه حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي قال زهير أحسبه عن النبي أنه قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم وليس عليكم شئ حتى يتم مائتا درهم فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلى
[ 415 ]
حساب ذلك وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة فان لم يكن إلا تسع وثلاثون فليس عليك فيها شئ وساق صدقة الغنم مثل الزهري قال وفي البقر في كل ثلاثين تبيع وفي الاربعين مسنة وليس على العوامل شئ وفي الابل فذكر صدقتها كما ذكر الزهري قال وفي خمس وعشرين خمسة من الغنم فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض فإن لم تكن بنت مخاض فابن لبون ذكر إلى خمس وثلاثين فإذا زادت واحدة ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين فإذا زادت واحدة ففيها حقة طروقة الجمل إلى ستين ثم ساق مثل حديث الزهري قال فإذا زادت واحدة يعني واحدة وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة فإن كانت الابل أكثر من ذلك ففي كل خمسين حقة ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا إن شاء المصدق وفي النيات ما سقته الانهار أو السماء العشر وما سقى بالغرب ففيه نصف العشر وفي حديث عاصم والحارث الصدقة في كل عام قال زهير أحسبه قال مرة وفي حديث عاصم إذا لم يكن في الابل بنت مخاض ولا بن لبون فعشرة دراهم أو شاتان انتهى بحروفه ورواه الدارقطني في سننه مجزوما به ليس فيه قال زهير وأحسبه عن النبي وقال بن القطان رحمه الله في كتابه إسناده صحيح وكلهم ثقات ولا أعني رواية الحارث وإنما أعني رواية عاصم انتهى كلامه ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق به مرفوعا ولم يشك فيه وفيه من الغريب قوله وفي خمس وعشرين خمسة من الغنم وكذا قوله إذا لم يكن في الابل بنت مخاض ولا بن لبون فعشرة دراهم أو شاتان قال في الامام وقد جاء في خمس وعشرين خمسة من الغنم في حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم عن أبيه قال وجدنا في كتاب عمر رضي الله عنه أن رسول الله قال في صدقة الابل في خمس من الابل سائمة شاة إلى أن قال وفي خمس وعشرين خمس شياه فإذا زادت واحدة ففيها بنت مخاض الحديث قال الدارقطني وسليمان بن أرقم ضعيف الحديث
[ 416 ]
فصل في الغنم الحديث العاشر حديث بيان زكاة الغنم في كتاب رسول الله وكتاب أبي بكر رضي الله عنه قلت تقدم في كتاب أنس وفي كتاب عمر وفي كتاب عمرو بن حزم قوله والضأن والمعز فيه سواء لان لفظة الغنم شاملة للكل والنص ورد به قلت الضمير في به راجع إلي الغنم مذكور في كتاب أنس قال وفي الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومئة شاة رواه البخاري الحديث الحادي عشر قال عليه السلام إنما حقنا الجذعة والثنى قلت حديث غريب وبمعناه أخرجه أبو داود وابن ماجة في الضحايا عن عاصم بن كليب عن أبيه قال كنا مع رجل من أصحاب النبي يقال له مجاشع من يني سليم فعزت الغنم فأمرنا مناديا فنادى أن رسول الله يقول إن الجذع يوفى
[ 417 ]
ما يوفى منه الثني انتهى ورواه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من مزينة أو جهينة قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل الاضحى بيوم أو يومين أعطوا جذعين وأخذوا ثنيا فقال عليه السلام إن الجذعة تجزئ مما تجزئ منه الثنية انتهى ومن طريق أحمد رواه الحاكم في المستدرك في الضحايا وصححه وعاصم بن كليب أخرج له مسلم وقال أحمد دضي الله عنه لا بأس بحديثه وقال أبو حاتم صالح وقال بن المديني لا يحتج به إذا انفرد قاله المنذري حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد في مسنده عن زكريا بن إسحاق حدثني عمرو بن أبي سفيان عن مسلم بن شعبة عن سعر قال جاءني رجلان مرتدفان فقالا إنا رسولا رسول الله بعثنا إليك لتؤتينا صدقة غنمك قلت وما هي قالا شاة قال فعمدت إلى شاة ممتلئة مخاضا وشحما فقالا هذه شافع وقد نهانا رسول الله أن نأخذ شافعا والشافع التي في بطنها ولدها قلت فأي شئ تأخذان قالا عناقا جذعة أو ثنية فأخرجت إليهما عناقا فتناولاها انتهى حديث آخر رواه مالك في الموطأ من حديث سفيان بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعثه مصدقا فكان يعد على الناس السخل فقالوا آتعد علينا السخل ولا تأخذه فلما قدم على عمر بن الخطاب ذكر له ذلك فقال عمر نعم نعد عليهم السخلة يحملها الراعي ولا نأخذها ولا نأخذ الاكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم ونأخذ الجذعة والثنية وذلك عدل بين غذاء الغنم وخياره انتهى قال النووي رحمه الله سنده صحيح وورواه أبو عبيد اقلسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا إسماعيل بن عباس عن عبيدالله بن عبيد الكلاعي عن
[ 418 ]
مكحول أن عمر بن الخطاب قال لسفيان بن عبد الله في صدقة الغنم خذ الجذع والثنى حدثنا هشام بن إسماعيل عن محمد بن شعيب عن الاوزاعي عن سالم بن عبد الله المحاربي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث مصدقا فأمره أن يأخذ الجذعة والثنية انتهى قال النووي الغذاء بغين مكسورة وذال معجمة ممدودة وهو الردئ انتهى الحديث الثاني عشر روى عن علي موقوفا ومرفوعا لا يؤخذ في الزكاة إلا الثنى فصاعدا قلت غريب وأخرجه إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث عن بن عمر قال لا يجزئ في الضحابا إلا الثني فصاعدا انتهى ذكره في اباب ثنا من كتابه قوله وجواز التضحية عرف نصا يعني التضحية بالجذع قلت أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن انتهى وفيه أحاديث ستأتي في الاضحية إن شاء الله تعالى الحديث الثالث عشر قال عليه السلام في كل أربعين شاة شاة قلت تقدم في كتاب عمرو في الشاة في كل أربعين شاة سائمة شاة أخرجه النسائي وابن حبان والحاكم وروى بن ماجة في سننه من حديث أبي هند الصديق عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله في أربعين شاة شاة وروى الطبراني في معجمه الوسط من حديث سلام أبي المنذر ثنا داود بن أبي هند عن أنس أن رسول
[ 419 ]
الله كتب إلى عماله في سنة الصدقات في كل أربعين شاة شاة انتهى وروى أبو داود من حديث عاصم بن ضمرة والحارث عن علي قال زهير أحسبه عن النبي قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم إلي أن قال وفي الغنم في كل أربعين شاة شاة الحديث ورواه الدارقطني مجزوما لم يشك فيه وصححه بن القطان وقد تقدم في حديث البقر بتمامه فصل في الخيل الحديث الرابع عشر قال عليه السلام ليس على المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن عراك بن مالك عن أبي هريرة قال قال رسول الله ليس علي المسلم في عبده ولا في فرسه صدقة انتهى بألفاظهم الستة ورواه بن حبان في صحيحه وزاد فيه إلا صدقة الفطر قال بن حبان فيه دليل على أن العبد لا يملك إذ لم ملك لو جب عليه صدقة الفطر وهذه الزيادة عند مسلم أيضا ولفظه ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر انتهى ورواه الدارقطني بلفظ لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلا زكاة الفطر ولهذه الالفاظ فوائد ستأتي في صدقة الفطر
[ 420 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي النسائي عن أبي عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة انتهى قال أبو داود وروى هذا الحديث الاعمش عن أبي إسحاق كما رواه أبو عوانة ورواه أبو معاوية وإبراهيم بن طهمان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي عليه السلام قال الترمذي سألت محمدا عن هذا الحديث فقال كلاهما عندي صحيح عن أبي إسحاق يحتمل أن يكون روى عنهما حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أحمد بن الحارث البصري ثنا الصقر بن حبيب قال سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن بن عباس عن علي بن أبي طالب أن النبي عليه السلام قال ليس في العوامل صدقة ولا في الجبهة صدقة قال الصقر الجبهة الخيل والبغال والعبيد وقال أبو عبيد الجبهة الخيل انتهى والصقر ضعيف قال بن حبان في كتاب الضعفاء ليس هو من كلام رسول الله وإنما يعرف بإسناد منقطع فقلبه الصقر علي أبي رجاء وهو يأتي بالمقلوبات انتهى وأحمد بن الحادث الراوي عن الصقر هو الغساني قال أبو حاتم الرازي هو متروك الحديث انتهى حديث آخر روى سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي في الكتاب الذي كتبه إلى أهل اليمن وأنه ليس في عبد مسلم ولا في فرسه شئ وقد تقدم في كتاب عمرو بن حزم حديث آخر أخرجه البيهقي عن بقية حدثني أبو معاذ عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله عفوت لكم عن صدقة الجبهة والكسعة والنخعة قال بقية الجبهة الخيل والكسعة البغال والحمير والنخعة المربيات في البيوت انتهى قال البيهقي وأبو معاذ سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث لا يحتج به مع أنه قد اختلف عليه فيه فقيل عنه هكذا وقيل عنه عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعا نحوه ثم أخرجه كذلك
[ 421 ]
عن عبيد الله بن يزيد عن سليمان بن أرقم به ورواه كثير بن زياد أبو سهل عن الحسن عن النبي عليه السلام مرسلا أخرجه أبو داود في المراسيل قوله وتأويله فرس الغازي هو المنقول عن زيد بن ثابت قلت غريب وذكره أبو زيد الدبوسي في كتاب الاسرار فقال إن زيد بن ثابت لما بلغه حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال صدق رسول الله إنما أراد فرس الغازي قال ومثل هذا لا يعرف بالرأي فثبت أنه مرفوع انتهى وروي أبو أحمد بن زنجويه في كتاب الاموال حدثنا علي بن الحسن ثنا سفيان بن عيينة عن بن طاوس عن أبيه أنه قال سألت بن عباس عن الخيل أفيها صدقة فقال ليس علي فرس الغازي في سيبل الله صدقة انتهى الحديث الخامس عشر قال عليه السلام في كل فرس سائمة دينار أو عشرة دراهم قلت أخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن الليث بن حماد الاصطخري حدثنا أبو يوسف عن غورك بن الخضرم أبي عبد الله عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال قال رسول الله في الخيل السائمة في كل فرس دينار انتهى قال الدارقطني تفرد به غورك وهو ضعيف جدا ومن دونه ضعفاء انتهى وقال البيهقي ولو كان هذا الحديث صحيحا عند أبي يوسف لم يخالفه انتهى وقال بن القطان في كتابه وأبو يوسف هذا هو أبو يوسف يعقوب القاضي وهو مجهول عندهم انتهى وفيه شئ فقد وثقه بن حبان وغيره واستدل لنا بن الجوزي في التحقيق بحديث أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله ذكر الخيل فقال ورجل ربطها تغنيا وتعففا ثم لم ينس حق الله في رقابها ولا في ظهورها فهي لذلك ستر وجوابه من وجهين
[ 422 ]
أحدهما أن حقها إعادتها وحمل المنقطعين علهيا فيكون ذلك علي وجه الندب والثاني أن يكون واجبا ثم نسخ بدليل قوله قد عفوت لكم عن صدقة الخيل إذ العفو لا يكون إلا عن شئ لازم انتهى كلامه وكذلك استدل به الشيخ في الامام والحديث في الصحيحين عن أبي صالح عن أبي هريرة في حديث مانع الزكاة بطوله وفيه الخيل ثلاثة هي لرجل وزر ولرجل ستر ولرجل أجرفأما التي هي له وزر فرجل ربطها رياء وفخرا وأما التي هي له ستر فرجل ربطها في سبيل الله ثم لم ينس حق الله في ظهورها ولا في رقابها وفي لفظ لمسلم في ظهورها ولا بطونها الحديث قوله والتخير بين الدينار والتقويم مأثور عن عمر قلت غريب وأخرج الدارقطني في سننه عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب قال جاء ناس من أهل الشام إلى عمر فقالوا إنا قد أصبنا أموالا خيلا ورقيقا وإنا نحب أن تزكيه فقال ما فعله صاحباي قبلي فأفعل أنا ثم استشار أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا أحسن وسكت على فسأله فقال هو حسن لو لم يكن جزية راتبة يأخذون بها بعدك فأخذ من الفرس عشرة دراهم ثم أعاده قريبا منه بالسند المذكور والقصة وقال فيه فوضع على كل فرس دينارا انتهى وروى محمد بن الحسن الشيباني في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة رضي الله عنه عن حماد بن أبي سليمان عن إبراهيم النخعي أنه قال في الخيل السائمة التي يطلب نسلها إن شئت في كل فرس دينارا وعشرة دراهم وإن شئت فالقيمة فيكون في كل مائتي درهم خمسة دراهم في كل فرس ذكر أو أنثي وروى عبد الرزاق عن بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن جبير بن يعلى أخبره أنه سمع يعلى بن أمية يقول ابتاع عبد الرحمن بن أمية أخو يعلى بن أمية من رجل من أهل اليمن فرسا أنثى بمائة قلوص فندم البائع فلحق بعمر فقال غصبني يعلى وأخوه فرسا لي فكتب إلى يعلى أن الحق بي فأتاه وأخبره الخبر فقال إن
[ 423 ]
الخيل لتبلغ هذا عندكم ما علمت أن فرسا يبلغ هذا فنأخذ من كل أربعين شاة شاة ولا نأخذ من الخيل شيئا خذ من كل فرس دينارا فقدر علي الخيل دينارا انتهى وروى أيضا عن بن جريج أخبرني بن أبي حسين أن بن شهاب أخبره أن عثمان كان يصدق الخيل وأن السائب بن يزيد أخبره أنه كان يأتي عمر بن الخطاب بصدقة الخيل انتهى قال بن عبد البر وقد روى فيه جويرية عن مالك حديثا صحيحا أخرجه الدارقطني عن جويرية عن مالك عن الزهري أن السائب بن يزيد أخبره قال رأيت أبي يقيم الخيل ثم يرفع صدقتها إلى عمر رضي الله عنه انتهى الحديث السادس عشر قال عليه السلام لم ينزل علي فيهما شئ يعني في البغال والحمير قلت الحديث في الصحيحين وليس فيه البغال أخرجاه عن أبي صالح عن أي هريرة وسئل النبي عليه السلام عن الخمر فقال ما نزل على فيها شئ إلا هذه الآية الجامعة الفاذة من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره أخرجه البخاري في بدء الخلق قبل باب فضائل الصحابة دضي الله عنهم وأعاده في تفسير إذا زلزلت وأوله الخيل ثلاثة لرجل أجر ولرجل ستر وعلي رجل وزر إلي آخره وأخرجه مسلم مطولا في الزكاة وهو حديث مانع الزكاة وأوله ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي حقها الحديث فعزاه شيخنا علاء الدين مقلدا بغيره لمسلم فقط وكأنهما اعتمدا على ما ذكره البخاري في الزكاة فإنه ذكر الحديث هناك واختصر منه ذكر الحمر فلذلك قال وأخرج البخاري بعضه
[ 424 ]
فصل
[ 425 ]
(الحديث السابع عشر قال عليه السلام ليس في الحوامل والعوامل ولا في البقرة المثيرة صدقة قلت غريب بهذا اللفظ وفي العوامل أحاديث منها ما رواه أبو داود في سننه من حديث زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمره والحارث عن علي قال زهير وأحسبه عن النبي أنه قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم فذكر الحديث وقال فيه وليس على العوامل شئ مختصر ورواه الدارقطني مجزوما ليس فيه قال زهير وأحسبه قال بن القطان في كتابه هذا سند صحيح وكل من فيه ثقة معروف ولا أعني رواية الحارث وإنما أعني رواية عاصم اتنهى كلامه وهذا منه توثيق لعاصم ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق به مرفوعا ووفقه عبد الرزاق في مصنفه فقال أخبرنا الثوري ومعمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال ليس في العوامل البقر صدقة حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه في سوار بن مصعب عن ليث عن مجاهد وطاوس عن بن عباس مرفوعا ليس في البقر
[ 426 ]
العوامل صدقة ورواه بن عدي في الكامل وأعله بسوار ونقل تضعيفه عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن غالب ين عبيدالله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعا نحوه وغالب لا يعتمد عليه قال يحيى ليس بثقة وقال الرازي متروك حديث في المثيرة رواه الدارقطني في سننه عن بن جريج عن زياد بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنهم أن النبي عليه السلام قال ليس في المثيرة صدقة انتهى قال البيهقي رحمه الله في إسناده ضعف والصحيح موقوف انتهى ووقفه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر موقوفا الحديث الثامن عشر قال عليه السلام لا تأخذوا من حزرات أموال الناس
[ 427 ]
وخذوا من حواشي أموالهم قلت غريب بهذا اللفظ وروى البيهقي بعضه مرسلا عن هشام بن عروة عن أبيه عروة أن النبي قال لمصدقه لا تأخذ من حزرات أنفس الناس شيئا خذ الشارف والبكر وذوات العيب ورواه بن أبي شيبه حدثنا حفص عن هشام به ورواه أبو داود في المراسيل حدثنا موسي بن إسماعيل ثنا حماد عن هشام به والشارف الهرمة والبكر الصغير من الابل يؤدي ورواه مالك في الموطأ أخبرنا يحيى بن سعيد الانصاري عن محمد بن يحيى بن حبان عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت مر على عمر بن الخطاب بغنم من الصدقة فرأى منها شاة حاملا ذات ضرع عظيم فقال ما هذه الشاة فقالوا شاة من الصدقة فقال عمر رضي الله عنه ما أعطى هذه أهلها وهم طائعون لا تفتنوا الناس لا تأخذوا حزرات المسلمين انتهى ومن طريق مالك رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال وقال الحزرات هي خيار المال انتهى وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن قيس بن أبي حازم عن الصنابح الاخمسي قال أبصر النبي عليه السلام ناقة حسنة في إبل الصدقة فقال ما هذه قال صاحب الصدقة إني ارتجعتها ببعيرين من حواشي الابل قال نعم إذا انتهى وفي الباب حديث معاذ رضي الله عنه حين بعثه النبي عليه السلام فإن هم أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وإكرام أموالهم الحديث وحديث آخر قال أبو داود في سننه قرأت في كتاب عبد الله بن سالم بحمص عند آل عمرو بن الحارث الحمصي عن الزبيدي قال وأخبرني يحيى بن جابر عن جبير بن نفير عن عبد الله بن معاوية الغامزي من غامزة قيس قال قال النبي عليه السلام ك ثلاث من فعلهن فغقد طعم طعم الايمان من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا الله وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه رافدة عليه في كل عام ولم يعط
[ 428 ]
الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره انتهى ولم يصل أبو داود به سنة ووصله الطبراني والبزاز وقد ذكرناه في أحاديث الاصول الحديث التاسع عشر قال عليه السلام في خمس من الابل شاة وليس في الزيادة شئ حتى تبلغ عشرا قلت غريب بهذا اللفظ قال بن الجوزي في التحقيق وروى القاضي أبو يعلى وأبو إسحاق الشيرازي في كتابيهما أن النبي قال في خمس من الابل شاة ولا شئ من الزيادة حتي تبلغ عشرا انتهى
[ 429 ]
وقوله في خمس من الابل شاة تقدم في كتاب عمر رضي الله عنه أن رسول الله كتب كتاب الصدقة وكان فيه في خمس من الابل شاة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة وقد تقدم في كتاب أنس عند البخاري في خمس ذود شاة قوله وليس في الزيادة حتى تبلغ عشرا فروى معناه أبو عبيد القاسم بن سالم حدثنا يزيد بن هارون عن حبيب بن أبي حبيب عن عمرو بن حزم عن محمد بن عبد الرحمن الانصاري أن في كتاب النبي وكتاب عمر رضي الله عنه في الصدقات أن الابل إذا زادت على عشرين ومائة فليس فيما دون العشر شئ يعني حتى تبلغ ثلاثين ومائة انتهى قوله وهكذا قال في كل نصاب قلت وقد يستدل لمحمد في قوله إن الزكاة تجب في النصاب مع العفو بظاهر قوله في كتاب أنس من كل خمس ذود شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض الحديث وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة الحديث وكذلك في كتاب عمرو بن حزم ووجه الدليل أنه غير الوجوب إلى النصاب الآخر فدل علي أن الوجوب الاول منسحب إلي الوجوب الثاني وما بينهما هو العفو قوله لان الصلح قد جرى على ضعف ما يؤخذ من المسلمين يعني مع بني
[ 430 ]
تغلب قلت أخرج البيهقي رحمه الله عن عبادة بن نعمان التغلبي في حديث طويل أن عمر رضي الله عنه لما صالحهم يعني نصاري بني تغلب على تضعيف الصدقة قالوا نحن عرب لا نؤدي ما يؤدي العجم ولكن خذ منا كما يأخذ بعضكم من بعض يعنون الصدقة فقال عمر رضي الله عنه لا هذه فرض المسلمين قالوا فزد ما شئت بهذا الاسم لا باسم الجزية ففعل فتراضى هو وهم على أن تضعف عليهم الصدقة وفي بعض طرقه سموها ما شئتم وروى أيضا من حديث داود بن كردوس قال صالح عمر رضي الله عنه بني تغلب على أن يضاعف عليهم الصدقة و يمنعوا فيها أحدا أن يسلم ولا أن يغمسوا أولادهم وهذا رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا علي بن مسهر عن الشيباني عن السفاح بن مطر عن داود بن كردوس عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فذكره وزاد وأن لا ينصروا صغيرا ورواه أبو عبيد القاسم بن سالم في كتاب الاموال حدثنا أبو معاوية عن الشيباني به وزاد فيه من كل عشرين درهما درهم ثم قال حدثنا سعيد بن سليمان عن هشيم ثنا مغيرة عن السفاح بن المثنى الشيباني عن زرعة بن النعمان أو النعمان بن زرعة أنه سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكلمه في نصارى بنى تغلب قال وكان عمر رضي الله عنه قد هم أن يأخذ منهم الجزية فتفرقوا في البلاد فقال النعمان بن زرعة لعمر يا أمير المؤمنين إن بنى تغلب قوم عرب يأنفون من الجزية وليست لهم أموال إنما هم أصحاب حروث ومواشي ولهم نكاية في العدو فلا تعن عدوك عليك بهم قال فصالحهم عمر رضي الله عنه على أن تضعف عليهم الصدقة واشترط عليهم أن لا ينصروا أولادهم انتهى ورواه أبو أحمد حميد بن زنجويه النسائي في كتاب الاموال حدثنا أبو النعمان حدثنا أبو عوانة عن المغيرة به أن عمر رضي الله عنه أراد أن يأخذ من نصاري بني تغلب الجزية فتفرقوا في البلاد إلى آخره وروى عبد الرزاق في مصنفه في كتاب أهل الكتاب أخبرنا عبد الله بن كثير عن شعبة عن الحكم بن
[ 431 ]
عتيبة قال سمعت إبراهيم النخعي رضي الله عنه يحدث عن زياد بن حدير وكان زياد يومئذ حيا أن عمر رضي الله عنه بعثه مصدقا فأمره أن يأخذ من نصاري بني تغلب العشر ومن نصارى العرب نصف العشر انتهى وفي الطبقات لابن سعد زياد بن حدير الاسدي يروى عن عمر وعلي وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم انتهى باب الزكاة الفضة الحديث العشرون قال عليه السلام ليس فيما دون خمس أواق صدقة والوقية أربعون درهما قلت أخرج البخاري ومسلم عن يحيى بن عمارة عن الخدري عن النبي قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمسة ذود صدقة ولا فيما دون خمس أواق صدقة انتهى وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر عن النبي قال ليس فيما دن خمسة أو سق من التمر صدقة انتهى رواه الدارقطني في حديث وقوله في الكتاب والوقية أربعون درهما يحتمل أن يكون من تمام الحديث ويحتمل أن يكون من كلام المصنف فإن كان من تمام الحديث فشاهده ما أخرجه الدارقطني في سننه عن يزيد بن سنان عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر قال سمعت رسول الله يقول ولا زكاة في شئ من الفضة حتى تبلغ خمسة أواق والاوقية أربعون درهما مختصر ويزيد بن سنان أبو فروة الرهاوي
[ 432 ]
قال يحيى في رواية عباس ليس بشئ وقال أبو حاتم سئل ابن المديني عنه فقال ضعيف وقال أبو حاتم محله الصدق الغالب عليه الغفلة يكتب حديثه ولا يحتج به قال في الامام وإن كان من كلام المصنف فشاهده ما أخرجه مسلم في صحيحه عن بن أبي مسلمة قال سألت عائشة زوج النبي عليه السلام قالت كان صداقه لازواجه ثنتي عشرة أوقية وونشا فتلك خمسمائة درهم قلت ما النش قالت نصف أوقية فهذا صداق رسول لازواجه انتهى الحديث الحادي والعشرون روى أن النبي عليه السلام كتب إلى معاذ بن جبل رضي الله عنه أن خذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم ومن كل عشرين مثقالا من الذهب نصف مثقال قلت وروى الدارقطني في سننه من حديث عبد الله بن شبيب عن عبد الجبار بن سعيد حدثني حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى عن أبي كثير مولى أبي جحش عن محمد بن عبد الله بن جحش عن رسول الله أنه أمر معاذ بن جبل رضي الله عنه حين بعثه إلي اليمن أن يأخذ من كل أربعين دينار دينارا ومن كل مائتي درهم خمسة دراهم وليس فما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة وليس في الخضروات صدقة انتهى وهو معلول بعبد الله بن شبيب قال بن حبان في كتاب الضعفاء يقلب الاخبار ويسرقها ولا يجوز الاحتاج به وذكر الشيخ هذا الحديث في الامام من جهة عبد الجبار إلى آخره وهو وثقهم ولم يتعرض لذكر بن شبيب ولا أعل الحديث له أحاديث الباب حديث أخرجه أبو داود عن زهير عن بن إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي رضي الله عنهما قال زهير أحسبه عن النبي عليه السلام قال هاتوا ربع العشر ومن كل أربعين درهما درهم وليس عليكم شئ حتى يتم مائتا درهم فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فيما زاد فعلى حساب ذلك انتهى ورواه الدارقطني مخروما ليس فيه أحسبه وصحيح بن القطان وقد تقدم في زكاة البقر حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن بن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمى
[ 433 ]
آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان لك مائتا درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وقد تقدم في حديث الحول حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعا ليس في تسعين ومائة من الورق شئ فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم انتهى حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون مائتي درهم شئ فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم انتهى وهو مرسل جيد حديث آخر رواه عبد الرزاق أيضا أخبرنا ا لحسن بن عمارة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في مائتي درهم شئ حتى يحول عليها الحول فإذا حال علها الحول ففيها خمسة دراهم وسيأتي بتمامه في زكاة الذهب حديث آخر أخرجه أبو محمد الكشي في سننه عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا ليس في أقل ما مائتي درهم فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم وهو مسند ضعيف الحديث الثاني والعشرون قال عليه السلام في حديث علي رضي الله عنه وما زاد على المائتين فبحسابه قلت أخرجه أبو داود عن بن وهب أخبرني جرير بن حازم وسمى آخر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت لك مائتا
[ 434 ]
درهم وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم وليس عليك شئ يعني في الذهب حتى كون لك عشرون دينارا فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار فما زاد فبحساب ذلك قال ولا أدري أعلى يقول فبحساب ذلك أو رفعه إلى النبي عليه السلام قال أبو داود رواه شعبة وسفيان وغيرهما عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي ولم يرفعوه انتهى وقد تقدم في أحاديث الحول حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن زهير ثنا أبو إسحاق عن عاصم بن ضمرة والحارث عن علي قال زهير أحسبه عن النبي عليه السلام أنه قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما وليس عليكم شئ حتى يتم مائتا درهم فإذا كانت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم فما زاد فعلي حساب ذلك الحديث وروى الدارقطني في سننه مجزوما به ليس فيه أحسبه وقال بن القطان رحمه الله إسناده صحيح وكلهم ثقات ولا أعني رواية الحارث وإنما أعنى رواية عاصم انتهى كلامه وقد تقدم في زكاة البقر وأخرجه بن عدي في الكامل عن زيد بن حبان الكوفي عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هاتوا ربع العشور من كل أربعين درهما درهم وما زاد فبحساب ذلك انتهى وليس زيد بن حبان وقال لا أرى برواياته بأسا انتهى قال عبد الحق في أحكامه وقد أسند قوله فما زاد فبحساب ذلك زيد بن حبان الرقي وأصله كوفي ثم نقل كلام بن عدي فيه وأخرجه الدارقطني أيضا عن أيوب بن جابر الحنفي عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي مرفوعا بلفظ بن عدي سواء قال الشيخ رحمه الله في الامام وأيوب بن جابر ضعفه بن معين وأبو حاتم وقال أبو زرعة واه الحديث وأجود ما رأيت فيه قول الامام أحمد رضي الله عنه أيوب بن جابر يشبه حديثه حديث أهل الصدق انتهى وأخرجه البزار في مسنده عن الحجاج بن أرطاة عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي
[ 435 ]
رضي الله عنه بنحوه والحجاج ليس بحجة وبهذا الاسناد رواه الدارقطني أيضا وجميع ما تقدم طرق لحديث علي رضي الله عنه الآثار روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال في كل مائتي درهم خمسة دراهم فما زاد فبحساب ذلك انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه أثر آخر راوه عبد الرزاق أيضا أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي نحوه قال عبد الرزاق فبحساب ذلك يقول فيه بعضهم إذا زادت علي المائتين فكانت زيادتها أربعين درهما ففيها درهم ويقول آخرون فما زاد يعنى إذا كانت عشرة ففيها ربع درهم انتهى وأخرجه بن أبي شيبة أيضا عن إبراهيم النخعي وعمر بن عبد العزيز ومحمد بن سيرين رضي الله عنهم الحديث الثالث والعشرون قال عليه السلام في حديث معاذ لا تأخذ من الكسور شيئا قلت روى الدارقطني في سننه من طريق بن إسحاق عن المنهال بن الجراح عن حبيب بن نجيح عن عبادة بن نسي عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره حين وجهه إلى اليمن أن لا تأخذ من الكسور شيئا إذا كان الورق مائتي درهم فخذ منها خمسة دراهم ولا تأخذ مما زاد شيئا حتى تبلغ أربعين درهما فإذا بلغت أربعين فخذ منها درهما انتهى وهو حديث ضعيف قال الدارقطني المنهال بن الجراح هو أبو العطون متروك الحديث واسمه الجراح بن المنهال وكان بن إسحاق يقلب اسمه إذا روى عنه وعبادة بن نسي لم يسمع من معاذ انتهى وقال النسائي المنهال بن الجراح متروك الحديث وقال بن حبان كان يكذب وقال عبد الحق في أحكامه كذاب وقال الشيخ في الامام قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال متروك الحديث واهيه لا يكتب حديثه انتهى وقال البيهقي إسناد هذا الحديث ضعيف
[ 436 ]
جدا الله تبارك وتعالى الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام في حديث عمرو بن حزم وليس فيما دون الاربعين صدقة قلت في أحكام عبد الحق وروى أبو أويس عن عبد الله ومحمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيهما عن جدهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين أمره على اليمن وفيه الفضة ليس فيها صدقة حتى تبلغ مائتي درهم فإذا بلغت مائتي درهم ففيها خمسة دراهم وفي كل أربعين درهما درهم وليس فيما دون الاربعين صدقة انتهى ولم يعزه عبد الحق لكتاب وكثيرا ما يفعل ذلك في أحكامه والموجود في كتاب عمرو بن حزم عند النسائي وابن حبان والحاكم وغيرهم وفي كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم ولس فيما دون خمس أواق شئ وقد تقدم بتمامه وروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحمن بن سليمان عن عاصم عن الحسن قال كتب عمر إلى أبي موسى الاشعري رضى الله عنهما فيما زاد على المائتين ففي كل أربعين درهما درهم انتهى وروى أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا يحيى بن بكير عن الليث بن سعد عن يحيى بن أيوب عن حميد عن أنس قال ولاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصدقا ت فأمرني أن آخذ من كل عشرين دينارا نصف دينار وما زاد فبلغ أربعة دنانير ففيه درهم وأن آخذ من كل مائتي درهم خمسة دراهم فما زاد فبلغ أربعين درهما ففيه درهم انتهى قوله والمعتبر في الدراهم وزن سبعة وهو أن يكون العشرة منها وزن سبعة مثاقيل
[ 437 ]
بذلك جرى التقدير في ديوان عمر بن الخطاب رضي الله عنه واستقر الامر عليه قلت روى بن سعد في الطبقات في ترجمة عبد الملك بن مروان أخبرنا محمد بن عمر الواقدي حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال ضرب عبد الملك بن مروان الدنانير والدراهم سنة خمس وسبعين وهو أول من أحدث ضربها ونقش عليها قال الواقدي وحدثنا خالد بن ربيعة بن أبي هلال عن أبيه قال كانت مثاقيل الجاهلية التي ضرب عليها عبد الملك بن مروان اثنين وعشرين قيراطا إلا حبة بالشامي وكانت العشرة وزن سبعة انتهى وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال في باب الصدقة وأحكامها كانت الدراهم قبل الاسلام كبارا وصغارا فلما جاء الاسلام وأرادوا ضرب الدراهم وكانوا يزكونها من النوعين فنظروا إلى الدرهم الكبير فإذا هو ثمانية دوانيق وإلى الدرهم الصغير فإذا هو أربعة دوانيق فوضعوا زيادة الكبير على نقصان الصغير فجعلوهما درهمين سواء كل واحد ستة دوانيق ثم اعتبروها بالمثاقيل ولم يزل المثقال في آباد الدهر محدودا لا يزيد ولا ينقص فوجدوا عشرة من هذه الدراهم التي واحدها ستة دوانيق يكون وزن سبعة مثاقيل سواء فاجتمعت فيه وجوه ثلاثة إن العشرة منها وزن سبعة مثاقيل وأنه عدل بين الكبار والصغار وأنه موافق لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصدقة فمضت سنة الدراهم على هذا واجتمعت عليه الامة فلم يختلف أن الد رهم التام ستة دوانيق فما زاد أو نقص قيل فيه زائد أو ناقص والناس في زكواتهم بحمد الله تعالى على الاصل الذي هو السنة لم يزيغوا عنه وكذلك في المبايعات والديات على أهل الورق والله أعلم انتهى كلامه ملخصا محررا
[ 438 ]
فصل في الذهب قوله فإذا كانت عشرين مثقالا وحال عليها الحول ففيها نصف مثقال لما روينا قلت يشير إلى حديث معاذ المتقدم في زكاة الفضة وقد قمنا ذكره من جهة الدارقطني رحمه الله وفيه من كل أربعين دينارا دينار أحاديث الباب أخرج بن ماجة في سننه عن عبيد الله بن موسي ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن عبد الله بن واقد عن بن عمر وعائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ من كل عشرين دينارا نصف دينار ومن الاربعين دينارا دينار انتهى قال الشيخ في الامام وإبراهيم بن إسماعيل هو بن مجمع وعبد الله بن واقد هو بن عبد الله بن عمر هكذا رواه الدارقطني ونسبهما في حديثه وابن مجمع قال فيه بن معين لا شئ وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به فإنه كثير الوهم والله أعلم
[ 439 ]
حديث آخر رواه أبو أحمد بن زنجويه في كتاب الاموال حدثنا أبو نعيم النخعي ثنا العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون مائتي درهم شئ ولا فيما دون عشرين مثقالا من الذهب شئ وفي المائتين خمسة دراهم وفي عشرين مثقالا ذهبا نصف مثقال انتهى أحاديث زكاة الحلى فيه أحاديث عامة وأحاديث خاصة فالعامة حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ليس فيما دون خمس أواق صدقة أخرجاه في الصحيحين ولمسلم عن جابر نحوه وحديث على هاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم رواه أصحاب السنن الاربعة قال بن قتيبة الرقة الفضة سواء كانت الدراهم أو غيرها نقله بن الجوزي في التحقيق وفي كتاب عمرو بن حزم ومن كل خمس أواق من الورق خمسة دراهم وفي كل أربعين دينارا دينار رواه النسائي وابن حبان والحاكم وغير ذلك من الاحاديث المدخولة وقد تقدمت جميعها وأما الخاصة فمنها حديث أخرجه أبو داود والنسائي عن خالد بن الحارث عن الحسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت النبي عليه السلام ومعها ابنة لها وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب فقال لها أتعطين زكاة هذا قالت لا قال أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارا من نار قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي عليه السلام وقالت هما لله ولرسوله انتهى قال بن القطان في كتابه إسناده صحيح وقال المنذري في مختصره إسناده لا مقال فيه فان أبا داود دواه عن أبي كامل الجحدري وحميد بن مسعدة وهما من الثقات احتج بهما مسلم وخالد بن الحارث إمام فقيه احتج به البخاري ومسلم وكذلك حسين بن ذكوان المعلم احتجابه في الصحيح ووثقه بن المديني وابن معين وأبو حاتم وعمرو بن شعيب فهو من قد علم وهذا إسناد تقوم به الحجة إن شاء الله تعالى انتهى وأخرجه النسائي أيضا عن المعتمد بن سليمان عن حسين المعلم عن عمرو قال
[ 440 ]
جاءت امرأة فذكره مرسلا قال النسائي وخالد أثبت عندنا من معتمد وحديث معتمر أولى بالصواب انتهى طريق آخر أخرجه الترمذي عن بن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال أتت امرأتان رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أيديهما سواران من ذهب فقال لهما أتؤديان زكاة هذا قالتا لا فقال أتحبان أن يسوركما الله بسوارين من نار قالتا لا قال فأديا زكاته انتهى قال الترمذي ورواه المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب نحو هذا وابن لهيعة والمثنى بن الصباح يضعفان في الحديث ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ انتهى قال المنذري لعل الترمذي قصد الطريقين اللذين ذكرهما وإلا فطريق أبي داود لا مقال فيها انتهى وقال بن القطان بعد تصحيحه لحديث أبي داود وإنما ضعيف الترمذي هذا الحديث لان عنده فيه ضعيفين بن لهيعة والمثنى بن الصباح انتهى وبسند الترمذي رواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم وألفاظهم قال لهما فأديازكاة هذا الذي في أيديكما وهذا اللفظ يرفع تأويل من يحمله على أن الزكاة المذكورة فيه شرعية للزيادة فيه على قدر الحاجة والله أعلم طريق آخر أخرجه أحمد رضي الله عنه في مسنده عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب به وهي الطريق التي أشار إليها الترمذي طريق آخر أخرجه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه عن الحجاج بن أرطاة عن عمرو به والحجاج لا يحتج به حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن إدريس الرازي ثنا عمرو بن الربيع بن طارق ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن أبي جعفر أن محمد بن عمر بن عطاء أخبره عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال دخلنا على عائشة رضي الله عنها قالت دخل على رسول الله فرأى في يدي فتخات من روق فقال ما هذا يا عائشة
[ 441 ]
فقلت صنعتهن أتزين لك بهن يا رسول الله قال أفتؤدين زكاتهن فقلت لا قال هن حسبك من النار انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن عمرو بن عطاء به وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأخرجه الدارقطني في سننه عن محمد بن عطاء به فنسبه إلى جده دون أبيه ثم قال ومحمد بن عطاء مجهول انتهى قال البيهقي في المعرفة وهو محمد بن عمرو بن عطاء لكنه لما نسب إلي جده ظن الدارقطني أنه مجهول وليس كذلك انتهى وتبع الدارقطني في تجهيل محمد بن عطاء عبد الحق في أحكامه وتعقبه بن القطان فقال إنه لما نسب في سند الدارقطني إلى جده خفي على الدارقطني أمره فجعله مجهولا وتبعه عبد الحق في ذلك وإنما هو محمد بن عمرو بن عطاء أحد الثقات وقد جاء مبينا عند أبي داود وبينه شيخه محمد بن إدريس الرازي وهو أبو حاتم الرازي إمام الجرح والتعديل ورواه أبو نشيط محمد بن هارون عن عمرو بن الربيع كما هو عند الدارقطني فقال فيه محمد بن عطاء نسبه إلى جده فلا أدري أذلك منه أم من عمرو بن الربيع انتهى كلامه قال الشيخ في الامام ويحيى بن أيوب أخرج له مسلم وعبيد الله بن أبي جعفر من رجال الصحيحين وكذلك عبد الله بن شداد والحديث على شرط مسلم انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن عتاب بن بشير عن ثابت بن عجلان عن عطاء عن أم سلمة قالت كنت ألبس أوضاحا من ذهب فقلت يا رسول الله أكنز هو فقال ما بلغ أن تؤدي زكاته فزكى فليس بكنز انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك عن محمد بن مهاجر عن ثابت به وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه انتهى ولفظه إذا أديت زكاته فليس بكنز وكذلك رواه الدارقطني
[ 442 ]
ثم البيهقي في سننهما قال البيهقي تفرد به ثابت بن عجلان قال في تنقيح التحقيق وهذا لا يضر فان ثابت بن عجلان روى له البخاري ووثقه بن معين وقال بن القطان في كتابه روي عن القدماء سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد وابن أبي مليكة ورأى أنس بن مالك قال النسائي فيه ثقة قال أبو حاتم صالح الحديث وقول عبد الحق فيه لا يحتج به قول لم يقله غيره انتهى كلامه قال بن الجوزي في التحقيق محمد بن مهاجر قال بن حبان يضع الحديث على الثقات قال في التنقيح وهذا وهم قبيح فإن محمد بن مهاجر الكذاب ليس هو هذا فهذا الذي يروي عن ثابت بن عجلان ثقة شامي أخرج له مسلم في صحيحه ووثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة ودحيم وأبو داود وغيرهم وقال النسائي ليس به بأس وذكره بن حبان في الثقات وقال كان متقنا وأما محمد بن مهاجر الكذاب فإنه متأخر في زمان بن معين وعتاب بن بشير وثقه بن معين وروى له البخاري متابعة انتهى كلامه قال الشيخ رحمه الله في الامام وقول العقيلي في ثابت بن عجلان لا يتابع على حديثه تحامل منه إذ لا يمس بهذا إلا من ليس معروفا بالثقة فأما من عرف بالثقة فانفراده لا يضره وكذلك ما نقل عن الامام أحمد رضي الله عنه أنه سئل عنه أكان ثقة فسكت إذ لا يدل السكوت على شئ وقد يكون سكوته لكونه لم يعرف حاله ومن عرف حجة علي من لم يعرف أو لانه لا يستحق اسم الثقة عنده فيكون إما صدوقا أو صالحا أو لا بأس به أو غير ذلك من مصطلحاتهم ولما ذكره بن عدي في كتابه لم يسمه بشئ وقول عبد الحق أيضا لا يحتج به تحامل أيضا وكم من رجل قد قبل روايته ليسوا مثله والله أعلم انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده حدثنا علي بن عاصم عن عبد الله بن عثمان بن خيثم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت دخلت أنا وخالتي
[ 443 ]
على النبي عليه السلام وعلينا أسورة من ذهب فقال لنا أتعطينا زكاته فقلنا لا قال أما تخافان أن يسوركما الله أسورة من نار أديا زكاته انتهى قال بن الجوزي وعلي بن عاصم رماه يزيد بن هارون بالكذب وعبد الله بن خيثم قال بن معين أحاديثه ليست بالقوية وشهر بن حوشب قال بن عدي لا يحتج بحديثه وقال بن حبان كان يروي عن الثقات المعضلات والله أعلم حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن نصر بن مزاحم عن أبي بكر الهذلي ثنا شعيب بن الحبحاب عن الشعبي قال سمعت فاطمة بنت قيس تقول أتيت النبي عليه السلام بطوق فيه سبعون مثقالا من ذهب فقلت يا رسول الله خذ منه الفريضة فأخذ منه مثقالا وثلاثة أرباع مثقال انتهى قال الدارقطني أبو بكر الهذلي متروك ولم يأت به غيره قال بن الجوزي وقال غندر هو كذاب وقال بن معين وابن المديني ليس بشئ ونصر بن مزاحم قال أبو خيثم كان كذابا وقال بن معين ليس حديثه بشئ وقال أبو حاتم متروك الحديث انتهى وفي الامام قال أبو حاتم هو لين الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به انتهى قلت أخرجه أبو نعيم الاصفهاني في تاريخ أصفهان في باب الشين عن شيبان بن زكريا عن عباد بن كثير عن شعيب بن الحبحاب به سواء حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن يحيى بن أبي أنيسة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قلت للنبي علي السلام إن لامرأتي حليا من ذهب عشرين مثقالا قال فأد زكاته نصف مثقال انتهى ثم أخرجه عن قبيصة عن علقمة عن عبد الله أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن لي حليا وإن زوجي خفيف ذات اليد أفيجزئ عني أن أجعل زكاة الحلي فيهم قال نعم انتهى قال الدارقطني والحديثان وهم والصواب عن إبراهيم عن عبد الله مرسل موقوف انتهى وقال بن القطان في كتابه وروى هذا قبيصة بن عقبة وإن كان رجلا
[ 444 ]
صالحا فإنه يخطئ كثيرا وقد خالفه من أصحاب الثوري من هو أحفظ منه فوقفه انتهى قال الشيخ في الامام وقبيصة به عقبة مخرج له في الصحيحين وقد أكثر البخاري عنه في صحيحه والله أعلم حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس أن النبي عليه السلام قال في الحلى زكاة انتهى قال الدارقطني أبو حمزة هذا ميمون وهو ضعيف الحديث انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وقال أحمد هو متروك وقال بن معين ليس بشئ وقال النسائي ليس بثقة انتهى كلامه قال البيهقي في المعرفة ومن الناس من حمل الزكاة في هذه الاحاديث على أنه كان حين كان التحلي بالذهب حراما على النساء فلما أبيح لهن سقطت منه الزكاة قال البيهقي كيف يصح هذا القول من حديث أم سلمة رضي الله عنها وحديث فاطمة بنت قيس وحديث أسماء وفيها التصريح بلبسه مع الامر بالزكاة وحديث عائشة رضي الله عنها أيضا دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى في أيدي فتخات من ورق إن كان ذكر الورق فيه محفوظا انتهى الآثار روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن مساور الوراق عن شعيب بن يسار قال كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الاشعري رضي الله عنه أن مر من قبلك من نساء المسلمين أن يزكين حليهن ولا يجعلن الزيادة والهدية بينهن تقارضا انتهى قال البخاري في تاريخه هو مرسل أثر آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن بن مسعود قال في الحلى الزكاة انتهى من طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه أثر آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه كان يكتب
[ 445 ]
إلى خازنه سالم أن يخرج زكاة حلى بناته كل سنة ورواه بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن جرير بن حازم عن عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو أنه كان يأمر نساءه أن يزكين حليهن انتهى وأخرج بن أبي شيبة عن عطاء وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير وطاوس وعبد الله بن شداد أنهم قالوا في الحلى الزكاة زاد بن شداد حتى في الخاتم وأخرج عن عطاء أيضا وإبراهيم النخعي أنهم قالوا السنة أن في الحلى الذهب والفضة الزكاة انتهى أحاديث الخصوم روى بن الجوزي رحمه الله في التحقيق بسنده عن عافية بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر عن النبي عليه السلام قال ليس في الحلى زكاة انتهى قال البيهقي في المعرفة وما يروي عن عافية بن أيوب عن الليث عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا ليس في الحلى زكاة فباطل لا أصل له إنما يروي عن جابر من وقوله وعافية بن أيوب مجهول فمن احتج به مرفوعا كان معزرا بذنبه داخلا فيما نعيب به المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين انتهى وقال الشيخ في الامام رأيت بخط شيخنا المنذري رحمه الله وعافية بن أيوب لم يبلغني فيه ما يوجب تضعيفه قال الشيخ ويحتاج من يحتج به إلى ذكر ما يوجب تعديله انتهى الآثار روى مالك عن نافع عن بن عمر أنه كان يحلى بناته وجواريه الذهب ثم لا يخرج من حليه الزكاة ورواه عبد الرزاق أنبأ عبيد الله عن نافع أن بن عمر قال لا زكاة في الحلى انتهى أثر آخر رواه مالك أيضا عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة رضي الله عنها كانت تلي بنات أخيها يتامى في حجرها فلا تخرج من حليهن الزكاة انتهى
[ 446 ]
كلاهما في الموطأ أثر آخر أخرجه الدارقطني عن شريك عن علي بن سليمان قال سألت أنس بن مالك عن الحلى فقال ليس فيه زكاة انتهى أثر آخر رواه الشافعي ثم البيهقي من جهة أبي سفيان عن عمرو بن دينار قال سمعت بن خالد يسئل جابر بن عبد الله عن الحلى أفيه زكاة قال جابر لا فقال وإن كان يبلغ ألف دينار فقال جابر كثير انتهى أثر آخر أخرجه الدارقطني عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تحلى بناتها الذهب ولا تزكيه نحوا من خمسين ألف قال صاحب التنقيح قال الاثرم سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول خمسة من الصحابة كانوا لا يرون في الحلى زكاة أنس بن مالك وجابر وابن عمر وعائشة وأسماء انتهى كلامه فصل في العروض الحديث الخامس والعشرون قال عليه السلام يقومها يعني عروض التجارة فيؤدي من كل مائة درهم خمسة دراهم قلت حديث غريب وفي الباب أحاديث مرفوعة وموقوفه فمن المرفوعة ما أخرجه أبو داود في سننه عن جعفر بن سعد
[ 447 ]
حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع انتهى سكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده وقال عبد الحق في أحكامه خبيب هذا ليس بمشهور ولا نعلم روى عنه إلا جعفر بن سعد وليس جعفر ممن يعتمد عليه انتهى قال بن القطان في كتابه
[ 448 ]
متعقبا على عبد الحق فذكر في كتابه الجهاد حديث من كتم غالا فهو مثله وسكت عنه من رواية جعفر بن سعد هذا عن خبيب بن سليمان في أبيه فهو منه تصحيح انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام وسليمان بن سمرة بن جندب لم يعرف بن أبي حاتم بحاله وذكر أنه روى عنه ربيعة وابنه خبيب انتهى كلامه وقال أبو عمر بن عبد البر وقد ذكر هذا الحديث رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن انتهى ورواه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه به عن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالرقيق الرجل والمرأة الذي هو تلاده وهم عملة لا يريد بيعهم أن لا يخرج عنهم الصدقة وكان أمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن سعيد بن سملة بن أبي الحسام ثنا عمران بن أبي أنس عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الابل صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البقر صدقتها وفي البز أو تبر صدقته ومن رفع دراهم أو دنانير أو فضة لا يعدها لغريم ولا ينفقها في سبيل الله فهو كنز يكوى به يوم القيامة وقال الحاكم تابعه بن جريج عن عمران بن أبي أنس ثم أخرجه كذلك عن زهير بن حرب عن محمد بن بكر عن بن جريج به وقال كلا الاسنادين صحيحان على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وفيه نظر فإن الترمذي رواه في كتاب العلل الكبير حدثنا يحيى بن موسى ثنا محمد بن بكر عن بن جريج به ثم قال سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال بن جريج لم يسمع من عمران بن أبي أنس هو يقول حدثت عن عمران بن أنس انتهى وقال بن القطان في كتابه بن جريج مدلس لم يقل حدثنا عمران فالحديث منقطع ثم نقل كلام الترمذي وقال الشيخ في الامام كلا الاسنادين يرجع إلى عمران بن أبي أنس وهو مذكور فيمن انفرد به مسلم فكيف يكون على شرطهما انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن معاوية عن محمد بن بكر به وأخرجه
[ 449 ]
أيضا عن موسى بن عبيدة عن عمران بن أبي أنس به وفي آخره وفي البز صدقة قالها بالزاي انتهى بحروفه قال بن القطان في كتابه الاول فيه عبد الله بن معاوية ولا يعرف حاله والثاني فيه موسي بن عبيدة الربذي وهو ضعيف انتهى قال الشيخ في الامام فقد رواه محمد بن بكر يحيى بن موسى البلخي المعروف ببخت وهو ثقة كما رواه الترمذي في العلل فلم يبق فيه إلا الانقطاع الذي ذكره البخاري والله أعلم قلت ورواه أحمد في مسنده حدثنا محمد بن بكر به وهذا فات الشيخ وقال بن الجوزي في التحقيق وقد ذكر سندي الدارقطني الاسناد الذي فيه عبد الله بن معاوية أصلح من إسناد موسي بن عبيدة مع أن عبد الله بن معاوية ضعفه البخاري والنسائي ولكن موسى بن عبيدة أشد ضعفا منه قال أحمد لا يحل عندي الرواية عنه وتعقبه صاحب التنقيح فقال عبد الله بن معاوية الذي ضعفه البخاري والنسائي هو عبد الله بن معاوية الزبيري من ولد الزبير بن العوام يروى عن هشام بن عروة وأما راوي هذا الحديث فهو الجمحي وهو صالح الحديث وليس كما قال بن القطان أنه لا يعرف حاله بل هو مشهور روى عنه أبو داود وابن ماجة وغيرهما انتهى قال الشيخ رحمه الله في الامام واعلم أن الاصل الذي نقلت منه هذا الحديث من كتاب المستدرك ليس فيه البز بالزاي المعجمة وفيه ضم الباء في الموضعين فيحتاج إلى كشفه من أصل آخر معتبر فإن اتفقت الاصول على ضم الباء فلا يكون فيه دليل على مسألة زكاة التجارة انتهى وهذا فيه نظر فقد صرح به في مسند الدارقطني قالها بالزاي كما تقدم وقال النووي في تهذيب الاسماء واللغات هو بالباء والزاي وهي الثياب التي هي أمتعة البزاز قال ومن الناس من صفحه بضم الباء وبالراء المهملة وهو غلط انتهى قال الشيخ وسعيد بن سلمة المذكور في سند الحاكم مديني كنيته أبو عمر وأخرج له مسلم في صحيحه وقد صرح فيه بالتحديث من عمران انتهى وأما الموقوفة فمنها ما رواه مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن زريق بن حبان وكان على جوار مصر في زمان الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز فذكر أن عمر بن عبد العزيز رضي الله
[ 450 ]
عنه كتب إليه أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من أموالهم مما يديرون من التجارة من كل أربعين دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرين دينارا فان نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا ومن مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون من التجارة من كل عشرين دينارا دينارا فما نقص فبحساب ذلك حتي بلغ عشرة دنانير فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا واكتب لهم بما تأخذ منهم كتابا إلي مثله من الحول انتهى قال الشيخ في الامام زريق هذا مختلف في تقديم الزاي فيه على الراء وبالعكس فقيل إن أهل مصر والشام يقدمون الزاي وأهل العراق يقدمون الراء قال أبو عبيد وأهل مصر والشام أعلم به وذكره الدارقطني وعبد الغني بتقديم الراء وزريق لقب له واسمه سعيد وكنيته أبو المقدام انتهى حديث آخر روى أحمد في مسنده وعبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه من حديث يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه أنه قال كنت أبيع الادم والجعاب فمر بي عمر بن الخطاب فقال أد صدقة مالك فقلت يا أمير المؤمنين إنما هو في الادم قال قومه ثم أخرج صدقته ورواه الشافعي عن سفيان ثنا بن عجلان عن أبي الزناد عن أبي عمرو بن حماس عن أبيه فذكره حديث آخر رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج أخبرني موسي بن عقبة عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول في كل مال يدار في عبيد أو دواب أو بز للتجارة تدار الزكاة فيه كل عام انتهى وأخرج عن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب والقاسم قالوا في العروض تدار الزكاة كل عام لا يؤخذ منها الزكاة حتى يأتي ذلك الشهر عام قابل انتهى حديث آخر روى البيهقي من طريق أحمد بن حنبل رضي الله عنهما ثنا حفص بن
[ 451 ]
غياث ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال ليس في العروض زكاة إلا ماكان للتجارة انتهى باب فيمن يمر على العاشر
[ 452 ]
قوله ويؤخذ من المسلم ربع العشر ومن الذمي نصف العشر ومن الحربي العشر هكذا أمر عمر رضي الله عنه سعاته قلت رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا هشام بن حسان عن أنس بن سيرين قال بعثني أنس بن مالك علي الايلة فأخرج لي كتابا من عمر بن الخطاب يؤخذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهم ومن أهل الذمة من كل عشرين درهما درهم وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهم انتهى أخبرنا الثوري ومعمر عن أيوب عن أنس بن سيرين به ورواه محمد بن الحسن الشيباني رحمه الله في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة عن أبي صخرة المحاربي عن زياد بن حدير قال بعثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عين التمر مصدقا فأمرني أن آخذ من المسلمين من أموالهم إذا اختلفوا بها للتجارة ربع العشر ومن أموال أهل الذمة نصف العشر ومن أموال أهل الحرب العشر انتهى وبهذا السند رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا أبو معاوية عن الاعمش عن إبراهيم بن
[ 453 ]
مهاجر عن زياد بن حدير به وقد روي مرفوعا رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن حامان الجنديسابوري ثنا زنيج أبو غسان ثنا محمد بن المعلى ثنا أشعث عن بن سيرين عن أنس بن مالك قال فرض رسول الله في أموال المسلمين في كل أربعين درهما درهم وفي أموال زهل الذمة في كل عشرين درهما درهم وفي أموال من لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهم انتهى قال الطبراني لم يسند هذا الحديث إلا محمد بن المعلى تفرد به زنيج وقد رواه أيوب وسلمة بن علقمة ويزيد بن إبراهيم وجرير بن حازم وخبيب بن الشهيد والهيثم الصيرفي وجماعة عن أنس بن سيرين عن بن مالك أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فرض فذكر الحديث انتهى كلامه بحروفه قوله قال عمر رضي الله عنه فإن أعياكم فالعشر قلت غريب
[ 455 ]
باب في المعادن والركاز الحديث السادس والعشرون قال عليه السلام وفي الركاز الخمس قلت رواه الائمه الستة في كتبهم من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 456 ]
العجماء جبار وبالبئر جبار وفي الركاز الخمس انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا والركاز يطلق علي المعدن وعلى المال المدفون هكذا ذكره المصنف فهنا استدل بالحديث على المعدن وفيما بعد استدل به على الكنز واستد لنا الشيخ في الامام بحديث أخرجه البيهقي في المعرفة عن حبان بن علي عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الركاز الذي ينبت بالارض قال البيهقي وروى عن أبي يوسف رحمه الله عن عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن جده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركاز الخمس قيل وما الركاز يا رسول الله قال الذي خلقه الله في الارض يوم خلقت انتهى حديث مخالف لما ذكر روى أبو حاتم من حديث عبد الله بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركاز العشور انتهى قال الشيخ في الامام ورواه يزيد بن عياض عن بن نافع وابن نافع رحمه الله ويزيد كلاهما متكلم فيه ووصفهما النسائي بالترك انتهى كلامه وسكت الشيخ عن علة الحديث وهو عبد الله بن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان يقلب الاخبار ويهم في الآثار قال بن معين ليس بشئ لا يكتب حديثه انتهى وحبان بن علي العنزي قال الشيخ هو بكسر الحاء المهملة قال بن معين في رواية صدوق وفي رواية ليس حديثه بشئ وقال بن نمير في حديثه وحديث أخيه مندل بعض الغلط واستدل للخصم القائل بأن في المعدن الزكاة دون الخمس بما رواه مالك رضي الله عنه في الموطأ عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن غير واحد من علمائهم أن النبي عليه السلام أقطع لبلال بن الحارث المزني معادن القبلية وهي من
[ 457 ]
ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة إلى اليوم انتهى قال بن عبد البر هذا منقطع في الموطأ وقد روى متصلا على ما ذكرنا في التمهيد من رواية الدراوردي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن الحارث بن بلال بن الحادث المزني عن أبيه عن النبي عليه السلام قال الشيخ والقبلية بفتح القاف والباء الموحدة والفرع ضبطه أبو عبيد البكري بضم أوله وثانيه والعين المهلة قال أبو عبيد في كتاب الاموال حديث منقطع ومع انقطاعه ليس فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك وإنما قال يؤخذ منه الزكاة إلى اليوم انتهى قوله وإن وجد ركازا أي كنزا وجب فيه الخمس لما روينا قلت يشير إلى
[ 458 ]
الحديث المذكور وفي الركاز الخمس وفي الباب أحاديث فأخرج الحاكم في المستدرك في آخر البيوع عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في كنز وجده رجل فقال إن كنت وجدت في قرية مسكونة أو سبيل ميتاء فعرفه إن كنت وجدته في خربة جاهلية أو في قرية غير مسكونة أو غير سبيل ميتاء ففيه وفي الركاز الخمس انتهى وسكت عنه إلا أنه قال ولم أزل أطلب الحجة في سماع شعيب بن محمد من عبد الله بن عمرو فلم أصل إليها إلى هذا الوقت انتهى ورواه الشافعي عن سفيان عن داود بن شابور ويعقوب بن عطاء عن عمرو به ومن طريق الشافعي رواه البيهقي ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام من طريق بن إسحاق عن عمرو به ومن حديث محمد بن عجلان عن عمرو به حديث آخر قال الشيخ في الامام وروى الامام أبو بكر بن المنذر ثنا محمد بن علي الصائغ ثنا سعيد بن منصور ثنا خالد بن عبد الله عن الشيباني عن الشعبي أن رجلا وجد ركازا فأتى به عليا رضي الله عنه فأخذ منه الخمس وأعطى بقيته للذي وجده فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه انتهى وهو مرسل الآثار روى بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة عن مجالد عن الشعبي أن غلاما من العرب وجد ستوقة فيها عشرة آلاف فأتى بها عمر رضي الله عنه فأخذ منها خمسها ألفين وأعطاه ثمانية آلاف آخر أخرجه البيهقي عن علي بن حرب ثنا سفيان عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن
[ 459 ]
رجل من قومه أن رجلا سقطت عليه جرة من دير بالكوفة فيها ورق فأتى بها عليا رضي الله عنه فقال أقسمها أخماسا ثم قال خذ منها أربعة ودع واحدا قال البيهقي ورواه سعيد بن منصور عن سفيان عن عبد الله عن رجل من قومه يقال له حممة قال سقطت على جرة آخر روى بن المنذر حدثنا بن إدريس عن أبيه عن أبي قيس عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل قال جاء رجل إلي عبد الله فقال إني وجدت كنزا فيه كذا وكذا من المال فقال عبد الله لا أرى المسلمين بلغت أموالهم هذا أراه ركاز مال عادي فأد خمسه في بيت المال ولك ما بقى انتهى وروى أيضا عن معتمر عن عمر الضبي قال بينا قوم عندي بسابور يثيرون الارض إذ أصابوا كنزا وعلينا محمد بن جابر الراسبي فكتب فيه إلى عدي فكتب عدي إلي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فكتب عمر أن خذوا منهم الخمس ودعوا سائره لهم فدفع إليهم المال وأخذ منهم الخمس انتهى الحديث السابع والعشرون قال عليه السلام لا خمس في الحجر قلت غريب أخرج بن عدي في الكامل عن عمر بن أبي عمر الكلاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسو الله صلى الله عليه وسلم لا زكاة في حجر انتهى وضعف عمر الكلاعي وقال إنه مجهول لا أعلم حد ث عنه غير بقية وأحاديثه منكرة وغير محفوظة انتهى وأخرجه أيضا عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب به وضعف العرزمي عن البخاري والنسائي وابن معين والفلاس ووافقهم عليه في ذلك وأخرج بن أبي شيبة في مصنفه عن عكرمة قال ليس في حجر اللؤلؤ ولا حجر الزمرد زكاة إلا أن يكون للتجارة فإن كانت للتجارة ففيه الزكاة انتهى
[ 460 ]
قوله روى أن عمر رضي الله عنه أخذ الخمس من العنبر قلت غريب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإنما هو عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه رواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل أن عمر بن عبد العزيز أخذ من العنبر الخمس انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن سفيان عن ليث أن عمر بن عبد العزيز خمس العنبر انتهى وأخرج أبو عبيد في كتاب الاموال عن الحسن البصري وابن شهاب الزهري قالا في العنبر واللؤلؤ الخمس قال أبو عبيد وحدثنا بن أبي مريم عن داود بن عبد الرحمن العطار سمعت عمرو بن دينار يحدث عن بن عباس قال ليس في العنبر خمس انتهى وحدثنا مروان بن معاوية عن إبراهيم المديني عن أبي الزبير عن جابر نحوه وزاد هو للذي وجده وليس العنبر بغنيمة انتهى وفيه أثر عن بن عباس رواه عبد الرزاق أخبرنا الثوري عن بن طاوس عن أبيه عن بن عباس أن إبراهيم بن سعد وكان عاملا بعدن سأل بن عباس عن العنبر فقال إن كان فيه شئ فالخمس انتهى ورواه الشافعي أنبأ سفيان الثوري به وفيه أثر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مخالف رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال أخبرنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن رجاء بن روح عن رجل قد سماه عبد العزيز عن بن عباس عن يعلى بن أمية قال كتب إلي عمر أن
[ 461 ]
خذ من العنبر العشر انتهى ثم قال هذا إسناد ضعيف وغير معروف وليس يثبت عندنا والله أعلم باب زكاة الزروع والثمار الحديث الثامن والعشرون قال عليه السلام ليس فيما دون خمسة أو سق صدقة قلت رواه البخاري ومسلم من حديث يحيى بن عمارة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس ذود صدقة وليس فيما دون خمس أواق صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة انتهى وفي لفظ لمسلم ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق وأعاده من طريق عبد الرزاق وقال في آخره غير أنه قد بدل التمر يعني بالمثلثة فعلم أن الاول بالمثناه وزاد أبو داود فيه والوسق ستون مختوما وابن ماجة والوسق ستون صاعا حديث آخر أخرجه مسلم أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمسة أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من الابل صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة انتهي
[ 462 ]
حديث آخر رواه أحمد في مسنده حدثنا علي بن إسحاق أنا بن المبارك أنا معمر حدثني سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ولا فيما دون خمسة أواق صدقة ولا فيما دون خمس ذود صدقة انتهي وهذا سند صحيح ورواه الدارقطني ولفظه لا يحل في البر والتمر زكاة حتي تبلغ خمسة أوسق ولا يحل في الورق زكاة حتى تبلغ خمسة أواق ولا يحل في الابل زكاة حتي تبلغ خمسة ذود انتهى الحديث التاسع والعشرون قال عليه السلام ما أخرجته الارض ففيه العشر قلت غريب بهذا اللفظ وبمعناه ما أخرجه البخاري عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر انتهى ورواه أبو داود بلفظ فيما سقت السماء والانهار والعيون أو كان بعلا العشر وفيما سقى بالسواني أو النضح نصف العشر انتهى وأخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما سقت الانهار والغيم العشر وفيما سقى بالسانية نصف العشر انتهى وأخرج بن ماجة عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن مسروق عن معاذ بن جبل قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فأمرني أن أخذ مما سقت السماء وما سقي بعلا العشر وما سقي بالدوالي نصف العشر انتهى ولما أخرج البخاري في صحيحه حديث بن عمر المتقدم عقبه بحديث ليس فما دون خمسة أوسق صدقة وقال هذا تفسير للاول والمفسر يقضي على المبهم والزيادة مقبولة انتهي وأبو حنيفة يؤول حديث ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة بزكاة التجارة كما في الكتاب ومن الاصحاب من جعله منسوخا ولهم في تقريره قاعدة ذكرها السغناقي نقلا عن الفوائد الظهيرية قال إذا ورد حديثان أحدهما عام والآخر خاص فإن علم تقديم العام علي الخاص خص العام
[ 463 ]
بالخاص كمن يقول لعبده لا تعط أحدا شيئا ثم قال له اعط زيدا درهما فإن هذا تخصيص لزيد وإن علم تأخير العام كان العام ناسخا للخاص كمن قال لعبده أعط زيدا درهما ثم قال له لا تعط أحدا شيئا فإن هذا ناسخ للاول هذا مذهب عيسى بن أبان وهو المأخوذ به قال محمد بن شجاع الثلجي هذا إذا علم التاريخ أما إذا لم يعلم فإن العام يجعل آخرا لما فيه من الاحتياط وهنا لم يعلم التاريخ فيجعل آخرا احتياطا والله أعلم انتهى كلامه وقال بن الجوزي في التحقيق واحتجت الحنفية بما روى أبو مطيع البلخي عن أبي حنفية رضي الله عنه عن أبان بن أبي عياش عن رجل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء العشر وفيما سقى بنضح أو غرب نصف العشر في قليله وكثيره قال وهذ الاسناد لا يساوي شيئا أما أبو مطيع فقال بن معين ليس بشئ وقال أحمد رضي الله عنه لا ينبغي أن يروى عنه وقال أبو داود تركوا حديثه وأما أبان فضعيف جدا ضعفه شعبة آثار عن التابعين أخرج عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن سماك بن الفضل عن عمربن عبد العزيز رضي الله عنه قال فيما أنبتت الارض من قليل أو كثير العشر انتهي وأخرج نحوه عن مجاهد وعن إبراهيم النخعي وأخرجه بن أبي شيبة أيضا في مصنفه عن عمر بن عبد العزيز وعن مجاهد وعن إبراهيم النخعي وزاد في حديث النخعي حتي في كل عشر دستجات بقل دستجة انتهى الحديث الثلاثون قال عليه السلام ليس في الخضراوات صدقة قلت روى من حديث معاذ ومن حديث طلحة ومن حديث علي ومن حديث محمد
[ 464 ]
بن عبد الله بن جحش ومن حديث أنس ومن حديث عائشة رضي الله عنهم أما حديث معاذ فأخرجه الترمذي عن الحسن بن عمارة عن محمد بن عبد الرحمن عن عبيد عن عيسى بن طلحة عن معاذ أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الخضراوات وهي البقول فقال ليس فيها شئ انتهى قال الترمذي إسناد هذا الحديث ليس بصحيح وليس يصح في هذا الباب عن النبي عليه السلام شئ وإنما يروي هذا عن موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا والحسن بن عمارة ضعفه شعبة وغيره وتركه بن المبارك انتهى وسيأتي ذكر هذا المرسل في حديث طلحة طريق آخر رواه الحاكم في المستدرك والطبراني في معجمه والدراقطني في سننه من حديث إسحاق بن يحيي بن طلحة بن عبيد الله عن عمه موسى بن طلحة
[ 465 ]
عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب والخضر فعفو عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وزعم أن موسى بن طلحة تابعي كبير لا ينكر أن يدرك أيام معاذ انتهى قال صاحب التنقيح وفي تصحيح الحاكم لهذا الحديث نظر فإنه حديث ضعيف وإسحاق بن يحيى تركه أحمد والنسائي وغيرهما وقال أبو زرعة موسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمر مرسل ومعاذ توفى في خلافة عمر فرواية موسي بن طلحة عنه أولى بالارسال وقد قيل إن موسى ولد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه سماه ولم يثبت وقيل إنه صحب عثمان مدة والمشهور في هذا ما رواه الثوري عن عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة قال عندنا كتاب معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما أخذ الصدقة من الحنطة والشعير الزبيب والتمر انتهى وقال الشيخ تقي الدين رحمه الله في الامام وفي الاتصال بين موسي بن طلحة ومعاذ نظر فقد ذكروا أن وفاة موسى سنة ثلاث ومائة وقيل سنة أربع ومائة انتهى وأما حديث طلحة فله طرق أحدها عند البزار في مسنده والدارقطني في سننه عن الحارث بن نبهان ثنا عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة عن أبيه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في الخضراوات صدقة انتهى قال البزار وروى جماعة عن موسى بن طلحة عن النبي عليه السلام مرسلا ولا نعلم أحدا قال عن أبيه إلا الحادث بن نبهان عن عطاء ولا نعلم لعطاء عن موسى بن طلحة عن أبيه إلا هذا الحديث انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بالحارث بن نبهان وقال لا أعلم أحدا يرويه عن عطاء غيره وضعفه عن جماعة
[ 466 ]
كثيرين ووافقهم طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه أيضا عن محمد بن جابر عن الاعمش عن موسى بن طلحة ومحمد بن جابر قال فيه بن معين ليس بشئ وقال الامام أحمد رضي الله عنه لا يحدث عنه إلا من هو شر منه طريق آخر أخرجه الدارقطني عن نصر بن حماد عن شعبة عن الحكم عن موسى بن طلحة به ونصر بن حماد قال فيه بن معين كذاب وقال يعقوب بن شيبة ليس بشئ وقال مسلم ذاهب الحديث والمرسل الذي أشار إليه الترمذي وغيره رواه الدارقطني في سننه من حديث عبد الوهاب ثنا هشام الدستوائي عن عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يأخذ من الخضراوات صدقة انتهى وهذا مرسل حسن فإن عبد الوهاب هذا هو بن عطاء الخفاف وهو صدوق روى له مسلم في صحيحه وعطاء بن السائب وثقه الامام أحمد رضي الله عنه وغيره وقال الدارقطني اختلط بآخره ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه عنه الاكابر الثوري وشعبة وأما المتأخرون ففي حديثهم عنه نظر والله أعلم وأما حديث علي رضي الله عنه فأخرجه الدارقطني رحمه الله أيضا عن الصفر بن حبيب سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن بن عباس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي عليه السلام قال ليس في الخضروات صدقة مختصر وقد تقدم الكلام عليه في الخيل ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل المتناهية قال بن حبان في كتاب الضعفاء ليس هذا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما يعرف بإسناد منقطع فقلبه هذا الشيخ على أبي رجاء وهو يأتي بالمقلوبات انتهى
[ 467 ]
وأما حديث محمد بن جحش فأخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الله بن شبيب حدثني عبد الجبار بن سعيد حدثني حاتم بن إسماعيل عن محمد بن أبي يحيى عن أبي كثير مولى بني جحش عن محمد بن عبد الله بن جحش عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن أن تأخذ من كل أربعين دينارا دينارا وليس في الخضراوات صدقة انتهى وهو معلول بابن شبيب قال بن حبان في كتاب الضعفاء يسرق الاخبار ويقلبها لا يجوز الاحتجاج به بحال انتهى والشيخ في الامام ترك ذكر بن شبيب ووثق الباقين وأما حديث أنس فأخرجه الدارقطني أيضا عن مروان بن محمد السنجاري ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن موسى بن طلحة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في الخضراوات صدقة انتهى قال الدارقطني مروان بن محمد ذاهب الحديث وقال بن حبان في كتاب الضعفاء لا يحل الاحتجاج به انتهى وأما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني أيضا عن صالح بن موسى عن منصور عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما أنبتت الارض من الخضرة زكاة انتهى وهو معلول بصالح قال الشيخ في الامام هو صالح بن موسى بن عبد الله بن إسحاق بن طلحة بن عبيد الله قال بن معين ليس بشئ وقال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال منكر الحديث جدا لا يعجبني حديثه انتهى وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي منكر الحديث وقال الدارقطني في كتاب العلل هذا حديث اختلف فيه على موسى بن طلحة فروى عن عطاء بن السائب فقال الحارث بن نبهان عن عطاء عن موسى بن طلحة عن أبيه قال خالد الواسطي عن عطاء عن موسى بن طلحة أن النبي عليه السلام مرسل وروى عن الاعمش عن موسى بن طلحة عن أبيه ورواه الحكم بن عتيبة وعبد الملك بن عمير وعمرو بن عثمان بن وهب عن موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل وقيل عن موسى بن طلحة عن عمر وقيل عن موسي بن
[ 468 ]
طلحة عن عمر وقيل عن موسى بن طلحة عن أنس وقيل عن موسى بن طلحة مرسل وهو أصحها كلها انتهى وقال البيهقي وهذه الاحاديث يشد بعضها بعضا ومعها قول بعض الصحابة ثم أخرج الليث عن مجاهد عن عمر قال ليس في الخضراوات صدقة قال الشيخ في الامام ليث بن أبي سليم قد علل البيهقي به روايات كثيرة ومجاهد عن عمر منقطع وأخرج عن قيس بن الربيع عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال ليس في الخضراوات والبقول صدقة قال الشيخ وقيس بن الربيع متكلم فيه انتهى وأما أحاديث إنما تجب الزكاة في خمسة فكلها مدخولة وفي متنها اضطراب فمنها ما أخرجه بن ماجة عن محمد بن عبيد الله العرزمي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال إنما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة في هذه الخمسة الحنطة والشعير والتمر الزبيب والذرة انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن العرزمي عن موسى بن طلحة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال إنما سن إلى آخره والعرزمي متروك ومنها ما أخرجه الحاكم في المستدرك وصحح إسناده عن طلحة بن يحيى عن أبي بردة عن أبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم لا تأخذ الصدقة إلا من هذه الاربعة الشعير والحنطة والزبيب والتمر ورواه البيهقي بلفظ أنهما حين بعثا إلى اليمن لم يأخذا الصدقة إلا من هذه الاربعة قال الشيخ في الامام وهذا غير صريح في الرفع انتهى ومنها ما أخرجه البيهقي عن خصيف عن مجاهد قال لم تكن الصدقة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من خسمة أشياء الحنظة والشعير والتمر والزبيب والذرة انتهى مرسل وفيه خصيف وأخرج أيضا عن عمرو بن عبيد عن الحسن قال لم يفرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في عشرة أشياء الابل والبقر والغنم والذهب والفضة والحنطة والشعير والتمر والزبيب أراه قال والذرة وهذا مرسل وفيه عمرو بن عبيد متكلم فيه ثم أخرجه من طريق أخرى فذكر السلت عوض الذرة وأخرج
[ 469 ]
أيضا عن الاجلح عن الشعبي قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن إنما الصدقة في الحنطة والشعير والتمر والزبيب وهذا أيضا مرسل والله أعلم الحديث الحادي والثلاثون قال عليه السلام في العسل العشر قلت رواه بهذا اللفظ العقيلي في كتاب الضعفاء من طريق عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن محرز عن الزهري عن أبي سملة عن أبي هريرة عن النبي عليه السلام قال في العسل العشر انتهى ولم أجده في مصنف عبد الرزاق بهذا اللفظ وإنما لفظه أن النبي عليه السلام كتب إلى أهل اليمن أن يؤخذ من أهل العسل العشر انتهى وبهذا اللفظ رواه البيهقي من طريق عبد الرزاق والحديث معلول بعبد الله بن محرز قال بن حبان في كتاب الضعفاء كان من خيار عباد الله إلا أنه كان يكذب ولا يعلم ويقلب الاخبار ولا يفهم انتهى ومعنى الحديث روى من حديث بن عمرو ومن حديث سعد بن أبي ذباب ومن حديث أبي سيارة المتعي أما حديث بن عمرو فأخرجه أبو داود في سننه حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني أنا موسى بن أعين عن عمرو بن الحارث المصري عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء هلال أحد بني متعان إلى رسول الله بعشور نحل له وسأله أن يحمي واديا يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادي فلما ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه كتب سفيان بن وهب إلى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك فكتب عمر إن أدى إليك ما كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له
[ 470 ]
سلبه وإلا فإنما هو ذباب غيث يأكله من شاء انتهى وكذلك رواه النسائي سواء ورواه بن ماجة حدثنا محمد بن يحيى عن نعيم بن حماد عن بن المبارك عن أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عبد الله بن عمرو أن النبي عليه السلام أخذ من العسل العشر انتهى وأما حديث سعد بن أبي ذباب فرواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا صفوان بن عيسى ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب الدوسي عن منير بن عبد الله عن أبيه عن سعد بن أبي ذباب الدوسي قال أتيت النبي عليه السلام فأسلمت وقلت يا رسول الله اجعل لقومي ما أسلموا عليه ففعل واستعملني عليهم واستعملني أبو بكر بعد النبي عليه السلام واستعملني عمر بعد أبي بكر فلما قدم علي قومه قال يا قوم أدوا زكاة العسل فإنه لا خير في مال لا يؤدى زكاته قالوا كم ترى قلت العشر فأخذت منهم العشر فأتيت به عمر رضي الله عنه فباعه وجعله في صدقات المسلمين انتهى ومن طريق بن أبي شيبة رواه الطبراني في معجمه ورواه الشافعي أخبرنا أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن أبيه عن سعد بن أبي ذباب فذكره ومن طريق الشافعي رضي الله عنه رواه البيهقي وقال هكذا رواه الشافعي وتابعه محمد بن عباد عن أنس بن عياض به ورواه الصلت بن محمد عن أنس بن عياض فقال عن الحارث بن أبي ذباب عن منير بن عبد الله عن أبيه عن سعد وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن الحارث بن عبد الرحمن به انتهى قال البخاري وعبد الله والد منير عن سعد بن أبي ذباب لم يصح حديثه وقال علي بن المديني منير هذا لا نعرفه إلا في هذا الحديث وسئل أبو حاتم عن عبد الله والد منير عن سعد بن أبي ذباب يصح حديثه قال نعم قال البيهقي قال الشافعي وفي هذا ما يدل على أن النبي عليه السلام لم يأمره بأخذ الصدقة من العسل وأنه شئ رآه فتطوع له به أهله انتهى
[ 471 ]
وأما حديث أبي سيارة فأخرجه بن ماجة في سننه عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن أبي سياره المتعي قال قلت يا رسول الله إن لي نحلا قال أد العشور قلت يا رسول الله احمها لي فحماها لي انتهى ورواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه وقال هذا أصح ما روى في وجوب العشر فيه وهو منقطع قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال حديث مرسل وسليمان بن موسى لم يدرك أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في زكاة العسل شئ يصح انتهى وهذا الذي نقله عن الترمذي وذكره في علله الكبرى وقال عبد الغني في الكمال أبو سيارة المتعي القيسي قيل اسمه عميرة بن الاعلم روى عن النبي عليه السلام حديثا في زكاة العسل وليس له سواه انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه الطبراني في معجمه ورواه أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم بنحوه الحديث الثاني والثلاثون قال المصنف رحمه الله وعن أبي يوسف أنه لا شئ في العسل حتى يبلغ عشر قرب لحديث بني سيارة أنهم كانوا يؤدون إلى رسول الله كذلك قلت رواه الطبرني في معجمه حدثنا إسماعيل بن الحسن الخفاف المصري ثنا أحمد بن صالح ثنا بن وهب أخبرني أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن بنى سيارة بطن من فهم كانوا يؤدون إلى رسول الله قال
[ 472 ]
الدارقطني في كتاب المؤتلف والمختلف صوابه بني شبابة بالشين المعجمة بعدها باء موحدة ثم ألف ثم باء أخرى قال وهم بطن من فهم ذكره في ترجمة شبابة وسيابة وذكر هذا الحديث وقال هذا الجاهل هكذا في غالب نسخ الهداية لحديث بني سيارة وهو غلط ويوجد في بعضها أبي سيارة وهو الصواب انتهى قلت كيف يكون هذا صوابا مع قوله كانوا يؤدون بل الصواب بني سيارة عن نحل كان لهم العشر ومن كل عشر قرب قربة وكان يحمي واديين لهم فلما كان عمر رضي الله عنه استعمل علي ما هناك سفيان بن عبد الله الثقفي فأبوا أن يؤدوا إليه شيئا وقالوا إنما كنا نؤديه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب سفيان إلى عمر فكتب إليه عمر إنما النحل ذباب غيث يسوقه الله عزوجل رزقا إلى من يشاء فإن أدوا إليك ما كان يأدون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم أوديتهم وإلا فخل بينه وبين الناس فأدوا إليه ما كانوا يؤدون إلى رسول الله وحمى لهم أوديتهم انتهى ويؤيد هذا ما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال حدثنا أبو الأسود عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله كان يؤخذ في زمانه من العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها انتهى ومن أحاديث الباب ما أخرجه الترمذي عن صدقة بن عبد الله السمين عن موسى بن يسار عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في العسل في كل عشرة أزق زق انتهى وقال في إسناده مقال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب كثير شئ انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بصدقة هذا وضعفه عن أحمد والنسائي وابن معين ورواه البيهقي وقال تفرد به صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وقال في صدقة يروى الموضوعات عن الثقات انتهى ورواه الطبراني في معجمه الوسط ولفظه وقال في العسل العشر في كل عشر قرب قربة وليس فيما دون ذلك شئ انتهى قال الطبراني لا يروي هذا عن بن عمر إلا بهذا الاسناد
[ 473 ]
انتهى الحديث الثالث والثلاثون روى أن النبي عليه السلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت
[ 474 ]
المؤنة قلت يشير إلى ما رواه البخاري في صحيحه من حديث الزهري عن سالم عن بن عمر قال قال رسول الله فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر وما سقى بالنضح نصف العشر انتهى وأخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا فيما سقت الانهار والغيم العشر وفيما سقى بالسانية نصف العشر انتهى وروى أبو داود حديث بن عمر بلفظ فيما سقت السماء والانهار والعيون أو كان بعلا العشر وفيما سقى بالسواني أو النضح نصف العشر انتهى وروى الترمذي من حديث عاصم بن عبد العزيز المديني ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن سليمان بن يسار وبسر بن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله فيما سقت السماء والعيون العشر وفيما سقى بالنضح نصف العشر انتهى قال الشيخ في الامام وعاصم هذا أثنى عليه معن بن عيسى فيما ذكره بن أبي حاتم وأما الحارث هذا فقال بن معين هو مشهور وقال أبو زرعة لا بأس به وقال أبو حاتم ليس بالقوي ويكتب حديثه انتهى وأخرج بن ماجة عن مسروق عن معاذ بن جبل قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي اليمن وأمرني أن آخذ مما سقت السماء وما سقى بعلا العشر وما سقى بالدوالي نصف العشر انتهى لان ما خفت مؤنته وعمت منفعته كان أحمل للمواساة فأوجب فيه العشر توسعة على الفقراء وجعل فيما كثرت مؤنته نصف العشر رفقا بأهل الاموال قوله روى أن عمر رضي اله عنه جعل المساكن عفوا قلت غريب وفي
[ 475 ]
كتاب الاموال لابي عبيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل الخراج على الارضين التي تغل من ذوات الحب والثمار والتي تصلح للغلة من العامر والغامر وعطل من ذلك المساكن والدور التي هي منازلهم ولم يجعل عليهم فيها شيئا انتهي ذكره من غير سند باب من يجوز دفع الصدقات إليه ومن لا يجوز قوله وعلى ذلك انعقد الاجماع يعني على سقوط المؤلفة قلوبهم من الاصناف
[ 476 ]
الثمانية المذكورين في القرآن قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع عن إسرائيل عن جابر عن عامر الشعبي قال إنما كانت المؤلفة على عهد رسول الله فلما ولي أبو بكر رضي الله عنه انقطعت انتهى وروى الطبري في تفسيره في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية حدثنا محمد بن عبد الاعلى ثنا محمد بن ثور عن معمر عن يحيى بن أبي كثير قال المؤلفة قلوبهم من بني أمية أبو سفيان بن حرب ومن بني مخزوم الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن يربوع ومن بني جمح صفوان بن أمية ومن بني عامر بن لؤي سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ومن بني أسد بن عبد العزى حكيم بن حزام ومن بني هاشم أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ومن بني فزارة عيينة بن حصين بن بدر ومن بني تميم الاقرع بن حابس ومن بني نصر مالك بن عوف ومن بني سليم العباس بن مرداس ومن ثقيف العلاء بن حارثة أعطى النبي عليه السلام كل رجل منهم مائة ناقة إلا عبد الرحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى فإنه أعطى كل رجل منهم خمسين انتهى وروى أيضا حدثنا القاسم ثنا الحسين ثنا هشام ثنا عبد الرحمن بن يحيى عن حبان بن أبي جبلة قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد أتاه عيينة بن حصين الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر يعني ليس اليوم مؤلفة انتهى وأخرج عن الشعبي قال لم يبق في الناس اليوم من المؤلفة قلوبهم أحد إنما كانوا على عهد رسول الله انتهى وأخرج نحوه عن الحسن البصري رضي الله عنه واستدل
[ 477 ]
بن الجوزي في التحقيق لمذهبنا على سقوط المؤلفة بحديث معاذ صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد علي فقرائهم قال وهذا محمول على أنه قاله في وقت غير محتاج إلى التأليف قوله وفي الرقاب أن يعان المكاتبون منها في فك رقابهم قلت روى الطبري في تفسيره من طريق محمد بن إسحاق عن الحسن بن دينار عن الحسن البصري أن مكاتبا قام إلى أبي موسى الاشعري وهو يخطب الناس يوم الجمعة فقال له أيها الامير حث الناس على فحث عليه أبو موسى فألقى الناس عليه هذا يلقى عمامة وهذا يلقي ملاءة وهذا يلقى خاتما حتى ألقى الناس عليه سوادا كثيرا فلما رأى أبو موسى ما ألقى عليه قال اجمعوه ثم أمر به فبيع فأعطى المكاتب مكاتبته ثم أعطي الفضل في الرقاب نحو ذلك ولم يرده على الناس وقال إن هذا الذي قد أعطوه في الرقاب انتهى وأخرج عن الحسن البصري رضي الله عنه والزهري وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قالوا وفي الرقاب هم المكاتبون انتهى واستشهد شيخنا علاء الدين بحديث أخرجه بن حبان والحاكم عن البراء بن عازب قال جاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني عن النار قال اعتق النسمة وفك الرقبة قال أو ليسا واحدا قال لا عتق النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها انتهى وهذا ليس فيه المقصود فإن مراد المصنف تفسير الآية لا تفسير الفك نعم الحديث مفيد في معرفة الفرق بين العتق والفك والله أعلم الحديث الرابع والثلاثون قال المصنف وفي سيبل الله منقطع الغزاة وعند محمد منقطع الحاج لما روى أنه عليه السلام أمر رجلا جعل بعيرا له في سبيل الله أن
[ 478 ]
يحمل عليه الحاج قلت استشهد له شيخنا علاء الدين بحديث أخرجه أبو داود عن أم معقل قالت كان لنا جمل فجعله أبو معقل في سبيل الله إلى أن قال فهل أخرجت عليه فان الحج من سبيل الله مختصر وهذا لا يغني لان المقصود تفسير قوله تعالى وفي سبيل الله وأيضا فلفظ الحديث لا يمنع دخول الغزاة في الحاج ولا يتم الاستدلال إلا على تقدير الحصر وأيضا فليس فيه أمر فلا يكفي في المقصود والحديث أخرجه أبو داود في كتاب الحج في باب العمرة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن قال أخبرني رسول مروان الذ ى أرسل إلى أم معقل قالت كان أبو معقل حاجا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم قالت أم معقل قد علمت أن على حجة فانطلقا يمشيان حتي دخلا عليه قال فقالت يا رسول الله إن علي حجة وإن لابي عقل بكرا قال أبو معقل جعلته في سبيل الله فقال رسول الله أعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله فأعطاها البكر ورواه أحمد في مسنده ومن طريقه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم وفيه نظر فان فيه رجلا مجهولا وإبراهيم بن مهاجر متكلم فيه ولفظ الحاكم عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال أرسل مروان إلى أم معقل يسألها عن هذا الحديث فحدثت أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى عليها فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يعطيها وقال إن الحج والعمرة لمن سبيل الله انتهى ورواه النسائي من حديث الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن امرأة من بني أسد يقال لها أم معقل بنحوه ورواه أيضا من حديث جامع بن شداد عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي معقل أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أم معقل جعلت عليها حجة فذكر نحوه ورواه أبو داود أيضا من طريق بن إسحاق عن عيسى بن معقل بن أم معقل الاسدي أسد خزيمة
[ 479 ]
حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل في سيبل الله وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي عليه السلام فلما فرغ من حجه جئته فقال يا أم معقل ما منعك أن تخرجي معنا قالت لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله قال فهلا خرجت عليه فإن الحج في سبيل الله فأما إذا فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمري في رمضان فإنها الحجة ورواه أيضا حدثنا مسدد ثنا عبد الوارث عن عامر الاحول عن بكر بن عبد الله عن بن عباس قال أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها أحجني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم علي جملك فقال ما عندي ما أحجك عليه قالت أحجني على جملك فلان قال ذاك حبيس في سبيل الله فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما إنك لو حججتها عليه كان في سبيل الله مختصر وله طريق آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن أبان الاصبهاني ثنا حميد بن مسعدة ثنا عمر بن علي المقدمي عن موسى بن عقبة عن عيسى بن معقل عن جدته أم معقل قالت مات أبو معقل وترك بعيرا جعله في سبيل الله فأتيت رسول الله فقلت يا رسول الله إن أبا معقل هلك وترك بعيرا جعله في سبيل الله وعلى حجة فقال يا أم معقل حجي على بعيرك فإن الحج في سبيل الله انتهى حديث آخر من هذا المعني رواه الطبراني في معجمه حدثنا عمرو بن أبي الطاهر بن السرح ثنا يوسف بن عدي ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن المختار بن فلفل عن طلق بن حبيب عن أبي طليق الاشجعي قال طلبت مني أم طليق جملا تحج عليه فقلت قد جعلته في سبيل الله فقالت لو أعطيتنه لكان في سبيل الله فسألت النبي عليه السلام فقال صدقت لو أعطيتها لكان في سبيل الله وأن العمرة في رمضان تعدل حجة انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا علي بن حرب ثنا محمد
[ 480 ]
بن فضيل عن المختار بن فلفل به قوله والذي ذهبنا إليه مروى عن عمر وابن عباس رضي الله عنهما يعني جواز الاقتصار على صنف واحد في دفع الزكاة قلت حديث بن عباس رواه البيهقي وحديث عمر رواه بن أبي شيبة في مصنفه وروى الطبري في تفسيره في هذه الآية أخبرنا عمران بن عيينة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله تعالى إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية قال في أي صنف وضعته أجزأك انتهى أخبرنا جرير عن ليث عن عطاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال إنما الصدقات للفقراء الآية قال أيما صنف أعطيته من هذا أجزأ عنك انتهي ثنا حفص عن ليث عن عطاء عن عمر أنه كان يأخذ الفرض في الصدقة فيجعله في صنف واحد انتهى وروى أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش عن حذيقة أنه قال إذا وضعتها في صنف واحد أجزأك انتهى وأخرج نحو ذلك عن سعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وإبراهيم النخعي وأبي العالية وميمون بن مهران بأسانيد حسنة واستدل بن الجوزي في التحقيق على ذلك بحديث معاذ فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم قال والفقراء صنف واحد ولم يذكر سواهم وقال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال ومما يدل علي صحة ذلك أن النبي عليه السلام أتاه بعد ذلك مال فجعله في صنف واحد سوى صنف الفقراء وهم المؤلفة قلوبهم الاقرع بن حابس وعيينة بن حصين وعلقمة بن علاثة وزيد الخيل قسم فيهم الذهبية التي بعث بها إليه على من اليمن وإنما تؤخذ من أهل اليمن الصدقة ثم أتاه مال أخر فجعله في صنف آخر وهم
[ 481 ]
الغارمون فقال لقبيصة بن المخارق حين أتاه وقد تحمل حمالة يا قبيصة أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها وفي حديث سلمة بن صخر البياضي أنه أمر له بصدقة قومه ولو وجب صرفها إلى جميع الاصناف لم يجز دفعها إلى واحد وأما الآية التي احتج بها الشافعي رضي الله عنه فالمراد بها بيان الاصناف التي يجوز الدفع إليهم دون غيرهم وكذا المراد بأية الغنيمة انتهى كلامه الحديث الخامس والثلاثون قال عليه السلام لمعاذ خذها من أغنيائهم فردها في فقرائهم قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث بن عباس رضي الله عنه أن النبي عليه السلام بعث معاذا إلى اليمن فقال إنك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم إلى شهادة لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد علي فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب انتهى الحديث السادس والثلاثون قال عليه السلام تصدقوا على أهل الاديان كلها
[ 482 ]
قلت روي بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا جرير بن عبد الحميد عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدقوا إلا على أهل دينكم فأنزل الله تعالى ليس عليك هداهم إلى قوله وما تفعلوا من خير يوف إليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا على أهل الاديان انتهى حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن سالم المكي عن محمد بن الحنفية قال كره الناس أن يتصدقوا على المشركين فأنزل الله تعالى ليس عليك هداهم قال فتصدق الناس عليهم انتهى وهذان مرسلان وروى أبو أحمد بن زنجويه النسائي في كتاب الاموال حدثنا علي بن الحسن عن بن المبارك عن سعيد بن أبي أيوب عن زهرة بن معبد عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدق على أهل بيت من اليهود بصدقة فهي تجرى عليهم انتهى الحديث السابع والثلاثون قال عليه السلام لا تحل الصدقة لغني قلت روى من حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث أبي هريرة ومن حديث حبشي بن جنادة ومن حديث جابر ومن حديث طلحة ومن حديث عبد الرحمن بن أبي بكر ومن حديث بن عمر رضي الله عنهم فحديث عبد الله بن عمرو أخرجه أبو داود والترمذي عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد عن عبد الله بن عمرو عن النبي عليه السلام قال لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى انتهى أخرجه أبو داود عن إبراهيم بن سعد عن أبيه والترمذي عن سفيان عن سعد به وقال حديث حسن وقد رواه شعبة عن سعد فلم يرفعه انتهى قال صاحب التنقيح وريحان بن يزيد قال أبو حاتم شيخ مجهول ووثقه بن معين وقال بن حبان كان أعرابيا صدوقا وأما حديث أبي هريرة فأخرجه النسائي وابن ماجة عن أبي حصين عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والسبعين من
[ 483 ]
القسم الثاني قال صاحب التنقيح رواته ثقات إلا أن أحمد بن حنبل قال سالم بن أبي الجعد لم يسمع من أبي هريرة انتهى طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن بن عيينة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة فذكره وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وشاهده حديث عبد الله بن عمرو ثم رواه بسند السنن وسكت عنه طريق آخر أخرجه البزار في مسنده عن إسرائيل عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة قال البزار وهذا الحديث رواه بن عيينة عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة رضي الله عنه والصواب حديث إسرائيل وقد تابع إسرائيل على روايته أبو حصين فرواه عن سالم عن أبي هريرة ثم أخرجه كذلك وهذا مخلاف لكلام الحاكم وأما حديث حبشي بن جنادة فرواه الترمذي حدثنا علي بن سعيد الكندي ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن مجالد عن الشعبي عن حبشي بن جنادة السلولي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو واقف بعرفة في حجة الوداع وقد أتاه أعرابي فسأله رداءه فأعطاه إياه قال إن المسألة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوى مختصر وقال غريب من هذا الوجه ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم به ومن طريقه الطبراني في معجمه وأما حديث جابر فأخرجه الدارقطني في سننه عن الوازع بن نافع عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة فركبه الناس فقال إنها لا تصلح لغني ولا لصحيح سوى ولا لعامل قوى انتهى والوازع بن نافع
[ 484 ]
قال بن حبان في كتاب الضعفاء يروي الموضوعات عن الثقات على قلة روايته ويشبه أنه لم يتعمدها بل وقع ذلك في روايته لكثرة وهمه فبطل الاحتجاج به انتهى كلامه ورواه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان من حديث محمد بن الفضل بن حاتم ثنا إسماعيل بن بهرام الكوفي حدثني محمد بن جعفر عن أبيه عن جده عن جابر مرفوعا لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى انتهى وأما حديث طلحة فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث إسماعيل بن يعلى بن أمية الثقفي عن نافع عن أسلم مولى عمر عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوى انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال لا أعلم أحدا رواه بهذا الاسناد غير أبي أمية بن يعلي وضعفه عن بن معين والنسائي ولينه عن البخاري ووثقه عن شعبة ثم قال وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم انتهى وأما حديث عبد الرحمن بن أبي بكر فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن رشدين ثنا يحيى بن بكير ثنا بن لهيعة حدثني بكر بن سوادة عن أبي ثور عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن النبي عليه السلام نحوه سواء وأما حديث بن عمر فرواه بن عدي في الكامل من حديث محمد بن الحارث بن زياد عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن بن عمر رضي الله عنه مرفوعا بنحوه سواء وأعله بمحمد بن الحارث وضعفه عن البخاري والنسائي وابن معين وضعف أيضا بن البيلماني حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود والنسائي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عدي بن الخباز قال أخبرني رجلان أنهما أتيا النبي عليه السلام في حجة الوداع وهو يقسم الصدقة فسألاه فرفع فينا البصر وخفضه فرأنا جلدين فقال إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيهما لغنى ولا لقوى مكتسب انتهى قال صاحب
[ 485 ]
التنقيح حديث صحيح ورواته ثقات قال الامام أحمد رضي الله عنه ما أجوده من حديث هو أحسنها إسنادا انتهى حديث للشافعي رضي الله عنه في تخصيصه غنى الغزاة رواه أبو داود وابن ماجة من طريق عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة العامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غازي في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه منها فأهداها لغني انتهى ورواه أبو داود من طريق مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء عن النبي عليه السلام مرسلا قال أبو داود ورواه بن عيينة عن زيد كما رواه مالك ورواه الثوري عن زيد قال حدثني الثبت عن النبي عليه السلام انتهى الحديث الثامن والثلاثون حديث معاذ رضي الله عنه قلت تقدم قريبا الحديث التاسع والثلاثون قال عليه السلام لامرأة بن مسعود حين سألته عن
[ 486 ]
التصدق عليه لك أجران أجر الصدقة وأجر الصلة قلت أخرجه الجماعة إلا أبا داود عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاشر النساء تصدقن ولو من حليكن قالت فرجعت إلى عبد الله فقلت إنك رجل خفيف ذات اليد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا بالصدقة فأته فاسأله فان كان ذلك يجزئ عني وإلا صرفتها إلي غيركم قالت فقال لي عبد الله بل ائتيه أنت قالت فانطلقت فإذا امرأة من الانصار بباب رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجتي حاجتها قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ألقى عليه المهابة قالت فخرج علينا بلال رضي الله عنه فقلنا له أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأتين بالباب تسألانك أتجزئ الصدقة عنهم على أزواجهما وعلي أيتام في حجورهما ولا تخبره من نحن قالت فدخل بلال فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هما قال امرأة من الانصار وزينب قال أي الزيانب قال امرأة عبد الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهما أجران أجر القرابة وأجر الصدقة انتهى ووهم الحاكم فرواه في آخر المستدرك وقال حديث صحيح علي شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وقولهما أتجزئ يدل على زكاة الفرض لا التطوع لان لفظ الاجزاء إنما يستعمل في الواجب انتهى وضعف بن القطان في كتابه الاستدلال بهذا الحديث على المقصود منه بثلاثة أوجه أحدها قال إن فيه انقطاعا بين عمرو بن الحارث وزينب وبينهما بن أخي زينب هكذا رواه أبو علي بن السكن في سننه عن أبي معاوية حدثنا الاعمش عن شقيق عن عمرو بن الحارث عن بن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب
[ 487 ]
فذكره قلت الاسنادان عند النسائي في عشرة النساء وعند الترمذي في الزكاة الثاني قال إنه ليس في الحديث ما يدل علي أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أعني قوله لهما أجران الخ ولا أخبرهما بلال به لكن ظهر أن زينب سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر من رواية أبي سعيد رواه البزار في مسنده من حديث محمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن أسلم عن عياض بن عبد الله بن سعد أبي سرح عن أبي سعيد قال خرج رسول الله في أضحى أو فطر فصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة ثم مر على النساء فقال لهن تصدقن فلما انصرف وصار إلى منزله جاءته زينب امرأة عبد الله فاستأذنت عليه فأذن لها فقالت يا نبي الله إنك اليوم أمرتنا بالصدقة وعندي حلى لي فأردت أن أتصدق به فزعم بن مسعود أن هو وولده أحق من تصدق به عليهم فقال عليه السلام صدق بن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم انتهى الثالث قال إن هذا الحديث واقعة عين خاص بهاتين المرأتين فإن حكم لغيرهما بمثل ذلك فيمن دليل آخر لا من نفس الخبر انتهى كلامه ملخصا الحديث الاربعون قال عليه السلام يا بني هاشم إن الله تعالى قد حرم عليكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس قلت غريب بهذا اللفظ وروى مسلم في حديث طويل من رواية عبد المطلب بن ربيعة مرفوعا إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد الحديث وأوله عن
[ 488 ]
عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال اجتمع أبي ربيعة والعباس بن عبد المطلب فقال لو بعثنا هذين الغلامين قالا لي وللفضل بن العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا مما يصيب الناس فقال علي أرسلوهما فانطلقنا حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ عند زينب بنت جحش فقلنا يا رسول الله قد بلغنا النكاح وأنت أبر الناس وأوصل الناس وجئناك لتؤمرنا على هذه الصدقات فنؤدي إليك كما يؤدى الناس ونصيب كما يصيبون قال فسكت طويلا ثم قال إن الصدقة لا تنبغي لآل محمد إنما هي أوساخ الناس أدعو إلي محمية بن جزء رجل من بني أسد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمله على الاخماس ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب فأتياه فقال لمحمية انكح هذا الغلام ابنتك للفضل بن العباس فأنكحه وقال لنوفل بن الحارث أنكح هذا الغلام ابنتك لي فأنكحني وقال لمحمية أصدق عنهما من الخمس كذا وكذا مختصر تفرد به مسلم ورواه الطبراني في معجمه حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن بن عباس فذكر هذه القصة مختصرة وفي آخره فقال لهما عليه السلام إنه لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شئ إنما هي غسالة الايدي وإن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم انتهى حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا وكيع ثنا شريك عن خصيف عن مجاهد قال كان آل محمد لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس انتهى ورواه الطبري في تفسيره حدثنا بن وكيع به قال كان النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته لا يأكلون الصدقة فجعل لهم خمس الخمس انتهي الحديث الحادي والاربعون روى أن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أتحل لي
[ 489 ]
الصدقة فقال لا أنت مولانا قلت أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن بن أبي رافع عن أبي رافع مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي عليه السلام بعث رجلا من بني مخزوم على الصدقة فقال لابي رافع اصحبني فإنك تصيب من ها قال حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله فأتاه فسأله فقال مولي القوم من أنفسهم وإنا لا تحل لنا الصدقة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين انتهى وأبو رافع مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه أسلم وابن أبي رافع اسمه عبيد الله وهو كاتب علي بن أبي طالب رضي الله عنه انتهى بقية كلام الترمذي ومولى القوم من أنفسهم في الصحيح عن أنس رضي الله عنه وروى أحمد في مسنده حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عطاء بن السائب قال أتيت أم كلثوم بنت علي بشئ من الصدقات فردته وقالت حدثني مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له مهران أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة ومولى القوم منهم انتهى الحديث الثاني والاربعون قال عليه السلام في حق يزيد وابنه معن يا يزيد لك
[ 490 ]
ما نويت ويا معن لك ما أخذت حين دفع إلي معن وكيل أبيه يزيد صدقته قلت أخرجه البخاري عن معن بن يزيد قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي وخطب علي فأنكحني وخاصمت إليه وكان أبي يزيد قد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال والله ما إياك أردت فخاصمته إلى رسول الله فقال لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن انتهى انفرد به البخاري ولم يخرج لمعن غيره
[ 491 ]
ومن أحاديث الباب ما أخرجاه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رجل لاتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق فقال اللهم لك الحمد لاتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية فقال اللهم لك الحمد لاتصدقن بصدقة فخرج بصدقته فوضعها في يد غني فأصبحوا يتحدثون تصدق على غني فقال اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غنى فأتى فقيل له أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغنى فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله تعالى انتهى الحديث الثالث والاربعون حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه تقدم في الباب باب صدقة الفطر الحديث الاول روى عبد الله بن ثعلبة بن صعير ويقال له بن أبي صعير العذري عن أبيه أن النبي عليه السلام قال في خطبته أدوا عن كل حر وعبد صغير أو كبير نصف صاع من بر أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير قلت رواه الزهري عن عبد الله بن ثعلبة وله وجوه أحدها رواية بكر بن وائل رواه أبو داود في سننه فقال حدثنا علي بن الحسن الدرابجردي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا همام ثنا بكر بن وائل عن الزهري عن ثعلبة بن
[ 492 ]
عبد الله أو قال عبد الله بن ثعلبة ح وحدثنا محمد بن يحيي النيسابوري ثنا موسى بن إسماعيل المنقري حدثنا همام عن بكر بن وائل أن الزهري حدثهم عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن أبيه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأمر بصدقة الفطر صاع تمر أو صاع شعير عن كل رأس زاد علي في حديثه أو صاع بر أو قمح بين اثنين ثم اتفقا عن الصغير والكبير والحر والعبد انتهى وأخرجه الدارقطني عم عمرو بن عاصم عن همام بن بكر بن وائل عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن أبيه بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا فأمر بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد صاعا من تمر أو صاعا من شعير عن كل واحد أو صاع قمح انتهى الوجه الثاني راوية النعمان بن راشد أخرجها أبو داود أيضا فقال حدثنا مسدد وسليمان بن داود العتكي ثنا حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري قال مسدد عن ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه وقال سليمان بن داود عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع من بر أو قمح على كل اثنين صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه لله زاد سليمان في حديثه غني أو فقير انتهى وأخرجه الدارقطني رحمه الله عن إسحاق بن أبي إسرائيل عن حماد بن زيد به مرفوعا أدوا صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو نصف صاع من بر إلى آخره ثم أخرجه عن يزيد بن هارون عن حماد بن زيد به قال أدوا عن كل إنسان صاعا من بر عن الصغير والكبير والذكر والانثى والغنى والفقير إلى آخره ثم أخرجه عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد به عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه بنحو رواية يزيد ثم أخرجه عن خالد بن خداش عن حماد بن زيد وقال بهذا الاسناد نحوه الوجه الثالث رواية بن جرجة عن الزهري فأخرجها الدارقطني عن يحيى بن
[ 493 ]
جرجة عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال إن صدقة الفطر مدان من بر عن كل إنسان أو صاع مما سواه من الطعام انتهى ويحيى بن جرجة روى عنه بن جريج وفرعة بن سويد قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال هو شيخ وقال الدارقطني ليس بقوي الوجه الرابع رواية بن جريج عن الزهري رواه عبد الرز اق في مصنف أخبرنا بن جريج عن بن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس قبل الفطر بيوم أو يومين فقال أدوا صاعا من بر أو قمح بين اثنين أو صاعا من تمر أو شعير عن كل حر أو عبد صغير أو كبير انتهي ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه وهذا سند صحيح قوي الوجه الخامس رواية بحر بن كنيز السقاء عن الزهري أخرجه الحاكم في كتابه المستدرك في كتاب الفضائل عن بحر بن كثير حدثنا الزهري عن عبد الله بن ثعلبة عن أبيه عن النبي عليه السلام أنه فرض صدقة الفطر على الصغير والكبير صاعا من تمر أو مدين من قمح انتهى وسكت عنه ثم قال وقد رواه أكثر أصحاب الزهري عنه عن عبد الله بن ثعلبة عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا أباه انتهى وقال الدارقطني في علله هذا حديث اختلف في إسناده ومتنه أما سنده فرواه الزهري واختلف عليه فيه فرواه النعمان بن راشد عنه عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ورواه بكر بن وائل عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير وقيل عن بن عيينة عن الزهري عن بن أبي صعير عن أبي هريرة وقيل عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة وقيل عن عقيل ويونس عن الزهري عن سعيد مرسلا
[ 494 ]
ورواه معمر على الزهري عن الاعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه وأما اختلاف متنه ففي حديث سفيان بن حسين عن الزهري صاع من قمح وكذلك في حديث النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه صاع من قمح عن كل إنسان وفي حديث الباقين نصف صاع من قمح قال وأصحها عن الزهري عن سعيد بن المسيب مرسلا انتهى كلامه قال الشيخ في الامام وحاصل ما يعلل به هذا الحديث أمران أحدهما الاختلاف في اسم أبي صعير فقد تقدم من جهة أبي داود عن مسدد ثعلبة بن أبي صعير ومن جهته أيضا عن سليمان بن داود عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صعير وكذلك أيضا عن أبي داود في رواية بكر بن وائل المتقدمة ثعلبة بن عبد الله أو قال عبد الله بن ثعلبة علي الشك وعنده أيضا من رواية محمد بن يحيي وفيه الجزم بعبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير وكذلك رواية بن جريج وعند الدارقطني من رواية مسدد عن بن أبي صعير عن أبيه لم يسمه ثم أخرجه الدارقطني عن همام عن بكر أن الزهري حدثه عن عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه ثعلبة قال نحوه يعني نحو حديث مسدد فإنه ذكره عقيبه وهذا يحتاج إلى نظر فإنه ذكره من رواية مسدد عن حماد بن زيد عن النعمان بن راشد عن الزهري عن بن أبي صعير عن أبيه مرفوعا صدقة الفطر صاع من بر أو قمح عن كل رأس كذا في النسخة العتيقة الصحيحة ورواية أبي داود عن مسدد فيها أدوا صاعا من بر أو قمح عن كل اثنين وهذا مخالف للاول والله أعلم وفي رواية سليمان بن حرب عن حماد الجزم بثعلبة بن أبي صعير عن أبيه عند الدارقطني والجزم بعبد الله بن ثعلبة في رواية بحر بن كنيز كما تقدم عند الحاكم والشك في رواية يزيد بن هارون عن حماد فيها عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير أو عن ثعلبة عن أبيه عند
[ 495 ]
الدارقطني أيضا العلة الثانية الاختلاف في اللفظ ففي حديث سليمان بن حرب عند الدارقطني عن حماد بزيد عن النعمان بن راشد عن الزهري عن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه مرفوعا أدوصاعا من قمح الحديث ثم أتبعه الدارقطني براوية خالد بن خداش عن حماد بن زيد وقال بهذا الاسناد مثله وقد تقدم من رواية أبي داود عن مسدد صاع من بر أو قمح على كل اثنين وأخرجه الدارقطني عن أحمد بن داود المكي عن مسدد حدثنا حماد بن زيد به عن بن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه مرفوعا أدوا صدقة الفطر صاعا من تمر أو قمح عن كل رأس الحديث وفي رواية بكر بن وائل قيل عن كل رأس وذكر البيهقي عن محمد بن يحيي الذهلي أنه قال في كتاب العلل إنما هو عبد الله بن ثعلبة وإنما هو عن كل رأس أو كل إنسان هكذا رواية بكر بن وائل لم يقم الحديث غيره قد أصاب الاسناد والمتن قال شيخ ويمكن أن تحرف رأس إلى اثنين ولكن يبعد هذا بعض الروايات كالرواية التي فيها صاع بر أو قمح بين كل اثنين انتهى كلامه وقال صاحب تنقيح التحقيق بعد ذكره هذا الاختلاف وقد روى على الشك في الاثنين قال أحمد بن حنبل حدثنا عفان قال سألت حماد بن زيد عن صدقة الفطر فحدثني عن نعمان بن راشد عن الزهري عن بن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أدوا صاعا من قمح أو صاعا من بر وشك حماد عن كل اثنين صغير أو كبير ذكر أو أنثي حر أو مملوك غني أو فقير أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد عليه الله أكثر مما يعطى انتهي ثم قال قال مهنأ ذكرت لاحمد حديث ثعلبة بن أبي صعير في صدقة الفطر نصف صاع من بر فقال ليس بصحيح إنما هو مرسل يرويه معمر وابن جريج عن الزهري مرسلا قلت من قبل من هذا قال من قبل النعمان بن راشد وليس بالقوي في الحديث وضعف حديث بن أبي صعير وسألته عن بن أبي صعير أهو معروف فقال ومن يعرف بن أبي صعير ليس هو معروف وذكر أحمد وابن المديني بن أبي صعير فضعفاه جميعا وقال بن عبد البر ليس دون الزهري من يقوم به الحجة والنعمان بن راشد قال معاوية عن بن معين ضعيف وقال عباس عنه ليس بشئ
[ 496 ]
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه مضطرب الحديث وقال البخاري في حديثه وهم كثير وهو في الاصل صدوق وقال بن عدي النعمان بن راشد قد احتمله الناس روى عنه الثقات مثل حماد بن زيد وجرير بن حازم ووهيب بن خالد وغيرهم من الثقات وله نسخة عن الزهري لا بأس به وقال شيخنا أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال عبد الله بن ثعلبة بن صعير ويقال بن أبي صعير العذري أبو محمد المدني الشاعر حليف بني زهرة ويقال ثعلبة بن عبد الله بن صعير وأمه من بني زهرة مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ورأسه زمن الفتح ودعا له روى عن النبي عليه السلام وعن أبيه ثعلبة بن صعير وجابر بن عبد الله وسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب وعمر بن الخطاب وأبي هريرة رضي الله عنهم روى عنه سعد بن إبراهيم وعبد الله بن مسلم أخو الزهري وعبد الحميد بن جعفر ولم يدركه ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري قال سعد بن إبراهيم ثنا عبد الله بن ثعلبة بن صعير بن أخت لنا وقال محمد بن سعد كان أبو ثعلبة بن صعير شاعرا كان حليفا لبني زهرة وقال الحاكم أبو أحمد عبد الله بن ثعلبة بن أبي صعير العذري بن عم خالد بن عرفطة بن صعير حليف بني زهرة قيل إنه ولد قبل الهجرة وقيل بعد الهجرة وتوفى سنة سبع وقيل سنة تسع وثمانين وهو بن ثلاث وثمانين سنة وقيل ثلاث وتسعين وقيل في وفاته وسنه غير ذلك انتهى وقال بن سعد في الطبقات عبد الله بن ثعلبة بن صعير يكنى بأبي محمد وقد رأى النبي عليه السلام صغيرا مات سنة سبع وثمانين بالمدينة وهو بن ثلاث وثمانين سنة أخبرنا الواقدي عن معمر عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال أنا أعقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مسح رأسي انتهى واعلم أن المصنف رحمه الله استدل بحديث عبد الله بن ثعلبة هذا على أصل وجوب صدقة الفطر لا علي مقدار الواجب واستدل على مقدار الواجب بحديث أبي سعيد وسيأتي في فصل مقدار الواجب إن شاء الله تعالى وفي البا ب أحاديث منها حديث بن عمر أخرجه البخاري ومسلم من طريق مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من
[ 497 ]
المسلمين وفي لفظ لهما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر صاع من تمر أو صاع من شعير قال بن عمر فجعل للناس عدله مدين من حنطة انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن بن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات انتهى ورواه الدارقطني وقال ليس في رواته مجروح ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط البخاري ولم يخرجاه وقال الشيخ في الامام لم يخرج الشيخان لابي يزيد ولالسيار شيئا انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن داود بن شبيب ثنا يحيى بن عباد السعدي عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صارخا ببطن مكة ينادي إن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى حر أو مملوك حاضر أو باد مدان من قمح أو صاع من شعير أو تمر انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذه الالفاظ حديث آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي رضي الله عنهم أن بعض البادية جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هل علينا زكاة الفطر فقال هي على كل مسلم صغير أو كبير حر أو عبد صاع من شعير أو تمر أو أقط انتهى قال الشيخ في الامام وفي إسناده بعض من يحتاج إلى معرفة حاله انتهى وهذه الالفاظ تمنع تأويل الفرض المذكور في الصحيح بالفرض التقديري والله أعلم
[ 498 ]
الحديث الثاني قال عليه السلام لا صدقة إلا عن ظهر غنى قلت رواه أحمد في مسنده حدثنا يعلى بن عبيد ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصدقة إلا عن ظهر غنى واليد العليا خير من السفلى وابدأ بمن تعول وذكره البخاري في صحيحه تعليقا في كتاب الوصايا فقال وقال النبي عليه السلام لا صدقة إلا عن ظهر غني انتهى وهو في الصحيحين بغير هذا اللفظ فرواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وابدأ بمن تعول انتهى ورواه مسلم من حديث حكيم بن حزام مرفوعا أفضل الصدقة أو خير الصدقة عن ظهر غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول انتهى الحديث الثالث حديث بن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على الذكر
[ 499 ]
والانثى الحديث قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من طريق مالك عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من شعير أو صاعا من تمر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى قوله ويؤدي المسلم الفطرة عن عبده الكافر لاطلاق ماروينا قلت يشير إلى حديث عبد الله بن ثعلبة وإلى حديث بن عمر أيضا فإن لفظ الكتاب ليس فيه من المسلمين الحديث الرابع روى بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا عن كل
[ 500 ]
حر وعبد يهودي أو نصراني أو مجوسي الحديث قلت أخرجه الدارقطني في سننه وليس فيه ذكر المجوسي عن سالم الطويل عن زيد العمي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدوا صدقة الفطر عن كل صغير أو كبير ذكر أو أنثي يهودي أو نصراني حر أو مملوك نصف صاع أو صاعا من تمر أو شعير انتهى وقال لم يسنده غير سلام الطويل وهو متروك انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في الموضوعات وقال زيادة اليهودي والنصراني فيه موضوعة انفرد بها سالم الطويل وكأنه تعمدها وأغلظ فيه القول عن النسائي وابن معين وابن حبان وقال في التحقيق قال بن معين لا يكتب حديثه وضعفه بن المديني جدا وقال النسائي متروك الحديث وقال بن حبان يروى عن الثقات الموضوعات كأنه كان المتعمد بها انتهى أحاديث الباب روى الدارقطني ثم البيهقي من حديث القاسم بن عبد الله بن عامر بن زرارة حدثنا عمير بن عمار الهمداني ثنا الابيض بن الاغر حدثني الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر عن الصغير والكبير والحر والعبد ممن تمونون انتهى قال الدارقطني ك رفعه القاسم هذا وهو ليس بالقوي والصواب موقوف قال صاحب التنقيح القاسم وعمير لا يعرفان بجرح ولا تعديل وكلاهما من أولاد المحدثين فإن والد القاسم مشهور بالحديث وجد عمير هو أبو العريف الهمداني الكوفي مشهور والابيض بن الاغر له مناكير انتهى وقال الشيخ تقى الدين في الامام الابيض بن الاغر بن الصباح ذكره بن أبي حاتم ولم يعرف بحاله ولم يذكر عمير بن عمار وفي الاسناد من يحتاج إلى معرفة حاله انتهى
[ 501 ]
حديث آخر رواه الدارقطني ثم البيهقي أيضا من حديث علي بن الرضا عن أبيه عن جده عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بنحوه وهو مرسل فإن جد علي بن موسى هو جعفر الصادق بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وجعفر لم يدرك الصحابة وقد أخرج له الشيخان وقال بن حبان في الثقات يحتج بحديثه ما لم يكن من رواية أولاده عنه فإن في حديث ولده مناكير كثيرة حديث آخر أخرجه البيهقي عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه وزاد صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب عن كل إنسان انتهى ورواه الشاعفي رضي الله عنه ومن طريقه البيهقي أنبأ إبراهيم بن محمد الاسلمي عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض إلي آخره قال البيهقي هذا مرسل والاول منقطع لكن قال الشافعي يعضده حديث بن عمر والاجماع انتهى وهذا الانقطاع الذي أشار إليه هو بين محمد بن علي وجد أبيه علي بن أبي طالب قال الشيخ رحمه الله في الامام وقد يستدل على تعلق الوجوب بالمخرج عنه بلغظ علي وعن في الاحاديث المقتضية للوجوب فحديث نافع عن بن عمر مروى من طريق مالك وعبيد الله بن عمر ويحيى بن عمر ويحيى بن سعيد والضحاك بن عثمان فرواية مالك رضي الله عنه في الصحيحين بلفظ على كل حر أو عبد ورواية عبيد الله اختلفت فهي في الصحيحين بلفظ على كل عبد أو حر وهي عند البيهقي بلفظ عن وكذلك عند الدارقطني ورواية أيوب أيضا في مسلم بلفظة على ورواية الضحاك بن عثمان أيضا عند مسلم بلفظه على ورواية يحيى بن سعيد عند البيهقي باللفظين قال الشيخ رحمه الله وقد يستدل على هذا المقام أيضا بحديث عراك بن مالك عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صدقة على الرجل في فرسه ولا في عبده إلا زكاة الفطر رواه بهذا اللفظ الدارقطني في سننه وأما لفظ مسلم في
[ 502 ]
صحيحه ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر فليس فيه دلالة انتهى الآثار أخرج الطحاوي رحمه الله في المشكل عن بن المبارك عن بن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الاعرج عن أبي هريرة قال كان يخرج زكاة الفطر عن كل إنسان يعول من صغير وكبير حر أو عبد ولو كان نصرانيا مدين من قمح أو صاعا من تمر انتهى وحديث بن لهيعة يصلح للمتابعة سيما من رواية بن المبارك عنه أثر آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن بن عباس قال يخرج الرجل زكاة الفطر عن كل مملوك له وإن كان يهوديا أو نصرانيا أثر آخر أخرجه الدارقطني عن عثمان بن عبد الرحمن عن نافع عن بن عمر أنه كان يخرج صدقة الفطر عن كل حر وعبد صغير وكبير ذكر وأنثي كافر ومسلم حتى أن كان ليخرج عن مكاتبيه من غلمانه انتهى قال الدارقطني وعثمان هذا هو الوقاصي وهو متروك انتهى أحاديث الخصوم روى البخاري ومسلم من طريق مالك عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان على كل الناس صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى وفي لفظ لهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان علي كل نفس من المسلمين حر أو عبد رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من شعير انتهى قال الشيخ في الامام وقد اشتهرت هذه اللفظة أعني قوله من المسلمين من رواية مالك رضي الله عنه حتى قيل إنه تفرد بها قال أبو قلابة عبد الملك بن محمد ليس أحد يقول فيه من المسلمين غير مالك وقال الترمذي بعد تخريجه له زاد فيه مالك من المسلمين وقد رواه غير واحد عن نافع فلم يقولوا فيه من المسلمين انتهى قال فمنهم الليث بن سعد وحديثه عند مسلم وعبيد الله بن
[ 503 ]
عمر وحديثه أيضا عند مسلم وأيوب السختياني وحديثه عند البخاري ومسلم كلهم يروونه عن نافع بن عمر فلم يقولوا فيه من المسلمين قال وتبعها على هذه المقالة جماعة وليس بصحيح فقد تابع مالكا على هذه اللفظة من الثقات سبعة إلا أن فيهم من مس وهم عمر بن نافع والضحاك بن عثمان والمعلى بن إسماعيل وعبيد الله بن عمر وكثير بن فرقد وعبد الله بن عمر العمري ويونس بن يزيد فحديث عمر بن نافع رواه البخاري في صحيحه عنه عن أبيه نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من تمر وصاعا من شعير على العبد والحر والذكر والانثي والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدي قبل الصلاة انتهى وحديث الضحاك بن عثمان أخرجه مسلم عنه عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حر أو عبد رجل أو امرأة صغير أو كبير صاعا من تمر أو صاعا من شعير انتهى وحديث المعلى بن إسماعيل أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والعشرين من القسم الاول عنه عن نافع عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بزكاة الفطر صاعا من شعير من كل مسلم صغير أو كبير حر أو عبد قال بن عمر ثم إن الناس جعلوا عدل ذلك مدين من قمح انتهى وحديث عبد الله بن عمر أخرجه الحاكم في المستدرك عنه عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من بر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين انتهى وصححه ورواه الدارقطني في سننه والطحاوي في مشكلة وحديث كثير بن فرقد أخرجه الحاكم في المستدرك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زكاة الفطر فرض علي كل مسلم حر وعبد ذكر وأنثى من
[ 504 ]
المسلمين صاعا من تمر أو صاعا من شعير انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى وحديث عبد الله بن عمر العمري أخرجه الدارقطني عنه عن نافع عن بن عمر بنحوه سواء أبو داود في سننه رواه عبد الله بن عمر العمري عن نافع فقال فيه على كل مسلم ورواه عبيد الله عن نافع فقال فيه من المسلمين والمشهور عن عبيد الله ليس فيه من المسلمين انتهى قلت هكذا أخرجه مسلم عن عبيد الله عن نافع وليس فيه من المسلمين وقد تقدم وحديث يونس بن يزيد أخرجة الطحاوي في مشكله عنه أن نافعا أخبره قال قال عبد الله بن عمر فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس زكاة الفطر من رمضان صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل إنسان ذكر أو أنثى حر أو عبد من المسلمين انتهى حديث آخر للخصوم واستدل لهم الشيخ في الامام أيضا بحديث أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أبي يزيد الخولاني عن سيار بن عبد الرحمن عن عكرمة عن بن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه قال الشيخ ولم يخرج البخاري ولا مسلم لابي يزيد ولا لسيار شيئا ولا يصح أن يكون على شرط البخاري إلا أن يكون أخرج لهما وكأنه أراد بكونه على شرط البخاري أنه من رواية عكرمة فإن البخاري احتج بروايته في مواضع من كتابه انتهى ورواه الدارقطني وقال ليس في رواته مجروح انتهى
[ 505 ]
فصل في مقدار الواجب ووقته الحديث الخامس روى أبو سعيد الخدري قال كنا نخرج ذلك على عهد رسول الله قلت أخرجه الائمة الستة عنه مختصرا ومطولا قال كنا نخرج إذا كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب فلم نزل نخرجه حتى قدم معاوية حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إني أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك قال أبو سعيد أما أنا فإني لا أزال أخرجه أبدا ما عشت قال أبو داود وذكر فيه رجل واحد عن بن علية أو صاع حنطة وليس بمحفوظ وذكر معاوية بن هشام نصف صاع من بر وهو وهم من معاوية بن هشام أو ممن رواه عنه انتهى كلامه وقد أساء عبد الحق في أحكامه إذ قال زاد أبو داود في هذا الحديث أو صاع حنطة لان هذا يوهم أن هذه الزيادة متصلة عند أبي داود وليس كذلك هكذا تعقبه علي بن القطان والله أعلم وحجة الشافعية من هذا الحديث في قوله صاعا من طعام قالوا والطعام في العرف هو الحنطة سيما وقد وقع في رواية للحاكم صاعا من حنطة وهي التي أشار إليها أبو داود أخرجه في المستدرك من طريق أحمد بن حنبل عن بن علية عن بن إسحاق عن عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام عن عياض بن عبد الله قال قال أبو سعيد وذكر عنده صدقة الفطر فقال لا أخرجه إلا ما كنت أخرجه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر أو صاعا من حنطة أو صاعا من شعير فقال له رجل من القوم أو مدين من قمح فقال لا تلك قسمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها انتهى وصححه ورواه الدارقطني في سننه من حديث يقعوب الدورقي عن بن علية به سندا ومتنا ومن الشافعية من جعل هذا الحديث حجة لنا من حجه أن
[ 506 ]
معاوية جعل نصف صاع من الحنطة عدل صاع من التمر والزبيب قال النووي في شرح مسلم هذا الحديث معتمد أبي حنيفة رضي الله عنه ثم أجاب عنه بأنه فعل صحابي وقد خالفه أبو سعيد وغيره من الصحابة ممن هو أطول صحبة منه وأعلم بحال النبي عليه السلام وقد أخبر معاوية أنه رأى رآه لا قول سمعه من النبي انتهى صلى الله عليه وسلم كلامه قلنا أما قولهم إن الطعام في العرف هو الحنطة فممنوع بل الطعام يطلق على كل مأكول وهنا أريد به أشياء ليست الحنطة منها بدليل ما جاء فيه عند البخاري عن أبي سعيد قال كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام قال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والاقط والتمر انتهى قال الشيخ في الامام وروى بن خزيمة في مختصر المختصر بسند صحيح من حديث فضيل بن غزوان عن نافع عن بن عمر قال لم تكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة انتهى وأما ما رواه الحاكم فيه أو صاعا من حنطة فقد أشار أبو داود إلى هذه الرواية في سننه وضعفها فقال وذكر فيه رجل واحد عن بن علية أو صاع حنطة وليس بمحفوظ انتهى وقال بن خزيمة فيه وذكر الحنطة في هذا الخبر غير محفوظ ولا أدري ممن الوهم وقول الرجل له أو مدين من قمح دال علي أن ذكر الحنطة في أول الخبر خطأ ووهم إذ لو كان صحيحا لم يكن لقوله أو مدين من قمح معنى انتهي نقله الشيخ في الامام عنه وقد عرف تساهل الحاكم في تصحيح الاحاديث المدخولة وقول النووي إنه فعل صحابي قلنا قد وافقه غيره من الصحابة الجم الغفير بدليل قوله في الحديث فأخذ الناس بذلك ولفظ الناس للعموم فكان إجماعا وكذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر علي الذكر والانثي والحر والمملوك صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس به مدين من حنطة ولا يضر مخالفة أبي سعيد لذلك بقوله أما أنا فلا أزال أخرجه لانه لا يقدح في الجماع سيما إذا كان فيه الخلفاء الاربعة أو نقول أراد بالزيادة على قدر الواجب تطوعا والله أعلم وقوله ولنا ما روينا يشير إلى حديث عبد الله بن ثعلبة المتقدم أول الكتاب
[ 507 ]
أحاديث الباب أخرج أبو داود والنسائي عن حميد الطويل عن الحسن عن بن عباس أنه خطب في آخر رمضان على المنبر بالبصرة فقال أخرجوا صدقة صومكم فكأن الناس لم يعلموا قال من ههنا من أهل المدينة قوموا إلى إخوانكم فعلموهم فإنهم لا يعلمون فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصدقة صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع من قمح على كل حر أو مملوك ذكر أو أنثي صغير أو كبير فلما قدم على رأى رخص السعر فقال قد أوسع الله عليكم فلو جعلتموه صاعا من كل شئ قال حميد وكان الحسن يرى صدقة رمضان على من صام انتهى قال النسائي والحسن لم يسمع من بن عباس رضي الله عنهما وقال الحاكم أخبرنا الحسن بن محمد الاسفرائيني ثنا محمد بن أحمد بن البراء قال سمعت علي بن المديني سئل عن هذا الحديث فقال الحسن لم يسمع من بن عباس ولا رآه قط كان بالمدينة أيام كان بن عباس علي البصرة قال وقول الحسن خطبنا بن عباس بالبصرة هو كقول ثابت قدم علينا عمران بن الحصين ومثل قول مجاهد خرج علينا علي وكقول الحسن إن سراقة بن مالك حدثهم وإنما قوله خطبنا أي خطب أهل البصرة انتهى وقال صاحب تنقيح التحقيق الحديث رواته ثقات مشهورون لكن فيه إرسالا فإن الحسن لم يسمع من عباس علي ما قيل وقد جاء في مسند أبي يعلي الموصلي في حديث عن الحسن قال أخبرني بن عباس وهذا إن ثبت دل على سماعه منه انتهى كلامه وقال البزار في مسنده بعد أن رواه لا يعلم روى الحسن عن بن عباس غير هذا الحديث ولم يسمع الحسن من بن عباس وقوله خطبنا أي خطب أهل البصرة ولم يكن الحسن شاهدا لخطبته ولا دخل البصرة بعد لان بن عباس خطب يوم الجمل والحسن دخل أيام صفين انتهى طريق آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن يحيى بن عباد السعدي ثنا بن جريج عن عطاء عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث صارخا بمكة صاح إن صدقة الفطر حق واجب مدان من قمح أو صاع من شعير أو تمر انتهى ورواه البزار
[ 508 ]
بلفظ أو صاع مما سوى ذلك من الطعام وصححه الحاكم قد تقدم ورواه البيهقي وقال تفرد به يحيي بن عباد عن جريج وإنما رواه غيره عن بن جريج عن عطاء من قوله في المدين وقال بن الجوزي في التحقيق وقد تكلم العقيلي في يحيى هذا وضعفه وكذلك ضعفه الدارقطني قال الازدي منكر الحديث جدا عن بن جريج انتهي طريق آخر أخرجه الدارقطني عن الواقدي ثنا عبد المجيد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو مدين من قمح انتهى وأعل بالواقدي طريق آخر أخرجه الدارقطني عن سلام الطويل عن زيد العمي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر عن كل صغير وكبير ذكر أو أنثى نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو صاع من شعير انتهى وهو معلول بسلام الطويل حديث آخر أخرجه الترمذي عن سالم بن نوح عن بن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي عليه السلام بعث مناديا ينادي في فجاج مكة ألا إن صدقة الفطر واجبة علي كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير مدان من قمح أو صاع مما سواه من الطعام انتهى وقال حسن غريب وأعله بن الجوزي في التحقيق بسالم بن نوح قال قال بن معين ليس بشئ وتعقبه صاحب التنقيح فقال هو صدوق روى له مسلم في صحيحه وقال أبو زرعة صدوق ثقة ووثقه بن حبان وقال النسائي ليس بالقوي وقال الدارقطني فيه شئوقال بن عدي عنده غرائب وأفراد وأحاديثه مقاربة مختلفة طريق آخر أخرجه الدارقطني عن علي بن صالح عن بن جريج عن عمرو بن
[ 509 ]
شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر صائحا فصاح إن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم مدان من قمح أو صاع من شعير أو تمر انتهى قال بن الجوزي وعلى بن صالح ضعفوه قال صاحب التنقيح هذا خطأ منه ولا نعلم أحدا ضعفه لكنه غير مشهور الحال قال بن أبي حاتم علي بن صالح روى عن بن جريج وروى عنه معتمر بن سليمان سألت أبي عنه فقال مجهول لا أعرفه وذكر غير أبي حاتم أنه مكي معروف وهو أحد العباد وكنيته أبو الحسن وروى عن عمرو بن دينار و عبد الله بن عثمان بن خيثم ويحيى بن جرجة والاوزاعي وعبيد الله بن عمر وجماعة وروى عنه سعيد بن سالم القداح ومعتمر بن سليمان وسفيان الثوري وروى له الترمذي في جامعه وذكره بن حبان في كتاب الثقات وقال يعرف وتوفى سنة إحدى وخمسين ومائة انتهى ورواه البيهقي كذلك عن المعتمر بن سليمان عن علي بن صالح قال رواه سالم بن نوح عن بن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا ثم قال قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال بن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب انتهى كلامه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا بن جريج عن عمرو بن شعيب أن النبي عليه السلام أمر صارخا يصرخ الحديث ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه هكذا معضلا وأخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الوهاب هو بن عطاء أنا بن جريج قال قال عمرو بن شعيب بلغني أن النبي عليه السلام أمر صارخا يصرخ الحديث حديث آخر رواه الامام أحمد في مسنده من طريق بن المبارك أنا بن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم قالت كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله مدين من قمح بالمد الذي
[ 510 ]
يقتاتون به انتهى وضعفه بن الجوزي بابن لهيعة قال صاحب التنقيح وحديث بن لهيعة يصلح للمتابعة سيما إذا كان من رواية إمام مثل بن المبارك عنه والله أعلم حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أيوب السختياني عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر علي الذكر والانثى والحر والمملوك صاعا من تمر أو صاعا من شعير فعدل الناس به مدين من حنطة انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن سليمان بن موسى أن نافعا أخبره عن بن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن حزم في زكاة الفطر بنصف صاع من حنطة أو صاع من تمر انتهى قال البيهقي هذا لا يصح وكيف يصح ورواية الجماعة عن نافع عن بن عمر أن تعديل الصاع بمدين من حنطة إنما كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعله بن الجوزي بسليمان بن موسى قال قال بن المديني مطعون عليه وقال البخاري عنده مناكير طريق آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر قال كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو زبيب فلما كان عمر رضي الله عنه وكثرت الحنطة جعل نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الاشياء انتهى وأعله بن الجوزي بعبد العزيز قال قال بن حبان كان يحدث عن التوهم فسقط الاحتجاج به وقد تقدم في حديث أبي سعيد أنه إنما عدل القيمة في الصاع معاوية فأما عمر فإنه كان أشد اتباعا للاثر من أن يفعل ذلك انتهى قال صاحب التنقيح وعبد العزيز هذا وإن كان بن حبان تكلم فيه فقد وثقه يحيي بن سعيد القطان وابن معين وأبو حاتم
[ 511 ]
الرازي وغيرهم والموثقون له أعرف من المضعفين وقد أخرج له البخاري استشهاد انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي عن النبي عليه السلام أنه قال في صدقة الفطر ك نصف صاع من بر أو صاع من تمر انتهى والحادث معروف قال الدارقطني والصحيح موقوف ثم أخرجه عن عتبة بن عبد الله بن مسعود عن أبي إسحاق به موقوفا قال في كتاب العلل هذا حديث يرويه أبو إسحاق واختلف عليه فرواه أبو بكر بن عيا ش عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي وقال فيه نصف صاع من بر ثم اختلف عنه فرفعه أبو بكر محمد بن عبد الله بن غيلان البزار عن أبي بكر بن عياش ووهم في رفعه وغيره يرويه موقوفا ورواه أبو العميس عتبة بن عبد الله بن مسعود عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي وقال فيه صاعا من حنطة ووقفه أيضا والصحيح موقوف انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت قال خطبنا رسول الله فقال من كان عنده شئ فليتصدق بنصف صاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر أو صاع من دقيق أو صاع من زبيب أو صاع من سلت انتهى قال الدارقطني لم يروه بهذا الاسناد غير سليمان بن أرقم وهو متروك الحديث انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أحمد بن رشدين ثنا سعيد بن عفير ثنا الفضل بن المختار حدثني عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك عن النبي عليه السلام في صدقة الفطر مدان من قمح أو صاع من شعير أو أو تمر أو زبيب انتهى وأعله بن الجوزي بالفضل بن مختار قال أبو حاتم يحدث بالاباطيل وهو مجهول حديث آخر مرسل رواه أبو داود في مراسيله حدثنا قتيبة أنا الليث عن عقيل عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب قال فرض رسول الله زكاة الفطر مدين من حنطة انتهى قال بن الجوزي وهذا مع إرساله يحتمل أن يكون قوله مدين من
[ 512 ]
حنطة تفسيرا من سعيد قال صاحب التنقيح قد جاء ما يرد هذا فرواه سعيد بن منصور حدثنا هشيم عن عبد الخالق الشيباني قال سمعت سعيد بن المسيب يقول كانت الصدقة تدفع علي عهد رسول الله وأبي بكر نصف صاع من بر ورواه الطحاوي ورواه أبو عبيد في كتاب الاموال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا عبد الخالق بن سلمة الشيباني به قال كانت صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو نصف صاع حنطة عن كل رأس انتهى وقال هشيم أخبرني سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر صدقة الفطر فحض عليها وقال نصف صاع من بر أو صاع تمر أو شعير عن كل حر وعبد ذكر أو أنثى قال الطحاوي حدثنا المزني ثنا الشافعي عن يحيى بن حسان عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد وعبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر مدين من حنطة انتهى قال في التنقيح وهذا المرسل إسناده صحيح كالشمس وكونه مرسلا لا يضر فإنه مرسل سعيد ومراسيل سعيد حجة انتهى ومن طريق الشافعي أيضا رواه البيهقي ونقل عن الشافعي رضي الله عنه قال حديث مدين خطأ قال البيهقي وهو كما قال فإن الاخبار الثابتة تدل على أن التعديل بمدين كان بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الشيخ في الامام وهذا طريق استدلالي غير راجع إلى حال الرواة وإلا فالسند كله رجال الصحيح ومراسيل سعيد اشتهر تقويتها وكلام الشافعي فيها والله أعلم انهتى كلامه الله تبارك وتعالى وفي الباب حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات وسيأتي في آخر الباب إن شاء الله تعالى أحاديث الخصوم أولها حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أول الفصل حديث أخر أخرجه الحاكم في المستدرك وصححه عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ثنا عبيد الله عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من بر على كل حر زو عبد ذكر أو أنثي من المسلمين
[ 513 ]
انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي قال البيهقي هكذا قاله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي وذكر البر فيه ليس بمحفوظ قال الحاكم وأشهر منه حديث أبي معشر عن نافع الذي علونا فيه لكني تركته لانه ليس من شرط هذ الكتاب انتهى وهذا الذي أشار إليه رواه في علوم الحديث له وسيأتي قريبا إن شاء الله تعالى طريق آخر أخرجه الدارقطني عن مبارك بن فضالة عن أيوب عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض علي الذكر والانثي والحر والعبد صدقة رمضان صاعا من تمر أو صاعا من طعام انتهى قال بن الجوزي والطريقان ضعيفان ففي الاول سعيد بن عبد الرحمن قال بن حبان فيه كان يروي عن عبيد الله بن عمر وغيره من الثقات أشياء موضوعة يتخيل من يسمعها أنه كان المتعمد لها انتهى وفي الثاني مبارك بن فضالة كان أحمد يضعفه ولا يعبأ به وضعفه النسائي وابن معين تعقبه صاحب التنقيح فقال إما سعيد بن عبد الرحمن الجمحي فروى له مسلم في صحيحه ووثقه بن معين وهو أعلم من بن حبان وقال أحمد والنسائي ليس به بأس وقال بن عدي له أحاديث غرائب حسان وأرجو أنها مستقيمة ولكنه يهم في الشئ فيرفع موقوفا ويرسل مرسلا لا عن تعمد وأما مبارك بن فضالة فقد حسن أمره غير واحد من الائمة قال الفلاس سمعت عفان يقول كان مبارك بن فضالة ثقة وسمعت يحيى بن سعيد القطان يحسن الثناء عليه وسئل أبو زرعة عنه فقال يدلس كثيرا فإذا قال حدثنا فهو ثقة طريق آخر أخرجه الطحاوي في المشكل عن بن شوذب عن أيوب عن نافع عن بن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على الحر والعبد والصغير والكبير والذكر والانثى صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من بر قال ثم عدل الناس نصف صاع من بر بصاع مما سواه انتهى قال
[ 514 ]
الطحاوي لا نعلم أحدا من أصحاب أيوب تابع بن شوذب على زيادة البر فيه وقد خالفه حماد بن زيد وحماد بن سلمة عن أيوب وكل واحد منهما حجة عليه وليس هو حجة عليهما فكيف وقد اجتمعا وأيضا ففي حديثه ما يدل عن خطئه وهو قوله ثم عدل الناس نصف صاع من بر بصاع مما سواه فكيف يجوز أن يعدلوا صنفا مفروضا ببعض صنف مفروض منه وإنما يجوز أن يعدل المرفوض بما سواه مما ليس بمفروض انتهى طريق آخر أخرجه الحاكم في كتابه علوم الحديث عن أبي معشر عن نافع عن بن عمر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة الفطر وفيه أو صاع من قمح مختصر وسيأتي بتمامه في آخر الباب إن شاء الله تعالى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك أيضا وصححه عن بكر بن الاسود ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن السميب عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام حض علي صدقة رمضان على كل إنسان صاع من تمر أو صاع من شعير أو صاع من قمح انتهى ورواه الدارقطني وقال بكر بن الاسود ليس بالقوي والاكثر على تضعيف سفيان بن حسين في روايته عن الزهري قال النسائي ليس به بأس إلا في الزهري وقال بن عدي هو في غير الزهري صالح الحديث وفي الزهري يروى أشياء خالف فيها الناس وقد استشهد به البخاري في الصحيح وروى له في الادب وفي القراءة خلف الامام وروى له مسلم في مقدمة كتابه وبكر بن الاسود وإن تكلم فيه الدارقطني فقد قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال صدوق حديث آخر أخرجه الدارقطني عن هشام عن محمد بن سيرين عن بن عباس قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعطى ص قة رمضان عن الصغير والكبير والحر والمملوك صاعا من طعام من أدى برا قبل منه ومن أدى شعيرا قبل منه ومن أدى زبيبا قبل منه
[ 515 ]
ومن أدى سلتا قبل منه انتهى قال في التنقيح رجاله ثقات غير أن فيه انقطاعا قال أحمد وابن المدني وابن معين والبيهقي محمد بن سيرين لم يسمع من بن عباس شيئا وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن هذا الحديث فقال حديث منكر انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إسحاق بن إبراهيم الحنيني عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر على كل صغير وكبير صاعا من تمر أو صاعا من طعام أو صاعا من زبيب انتهى وكثير هذا مجمع على تضعيفه ولم يوافق الترمذي على تصحيح حديثه في موضع وتحسينه في آخر قال أحمد ليس بشئ وقال الشافعي رحمه الله هو ركن من أركان الكذب وقال بن معين ليس حديثه بشئ وقال النسائي والدارقطني متروك وإسحاق الحنيني أيضا تكلم فيه البخاري والنسائي والازدي وابن معين حديث أخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عمر بن محمد بن صهبان أخبر ني بن شهاب الزهري عن مالك بن أوس بن الحدثان عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا زكاة الفطر صاعا من طعام قال وطعامنا يومئذ البر والتمر والزبيب والاقط انتهى وعمر بن صهبان قال أحمد ليس بشئ وقال بن معين لا يساوي فلسا وقال النسائي والرازي والدارقطني متروك حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك عن الحارث عن علي عن النبي عليه السلام في صدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو عبد صاع من بر أو صاع من تمر انتهى والحارث لا يحتج به وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي مرفوعا وموقوفا وقالا الصحيح موقوف وقد تقدم كلام الدارقطني في علله بتمامه وفي لفظة أيضا
[ 516 ]
اختلاف فعند الحاكم هكذا صاع وفي سنن الدارقطني أو نصف صاع قوله وهو مذهب جماعة من الصحابة رضي الله عنهم فيهم الخلفاء الراشدون قلت أما حديث أبي بكر فأخرجه البيهقي ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أبي قلابة عن أبي بكر أنه أخرج زكاة الفطر مدين من حنطة وأن رجلا أدى إليه صاعا بين اثنين انتهى قال البيهقي هذا منقطع وأما حديث عمر فأخرجه أبو داود والنسائي عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر قال كان الناس يخرجون صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من شعير أو تمر أو سلت أو زبيب قال عبد الله فلما كان عمر وكثرت الحنطة جعل
[ 517 ]
عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الاشياء انتهى وقد تقدم وأخرج الطحاوي عن عمر أنه قال لنافع إنما زكاتك على سيدك أن يؤدى عنك عند كل قطر صاعا من تمر أو شعير أو نصف صاع بر انتهى وأما حديث عثمان فأخرجه الطحاوي عنه أنه قال في خطبته أدوا زكاة الفطر مدين من حنطة قال البيهقي هو موصول عنه وأما حديث علي فأخرجه الطحاوي أيضا وأخرجه عبد الرزاق عنه أيضا قال على من جرت عليه نفقتك نصف صاع من بر أو صاع من شعير أو تمر وأخرج عبد الرزاق عن بن الزبير قال زكاة الفطر مدان من قمح أو صاع من تمر أو شعير وأخرج نحوه عن بن عباس وابن مسعود وجابر بن عبد الله وروى أيضا أخبرنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال زكاة الفطر على كل حر وعبد ذكر أو أنثى صغير أو كبير فقير أو غني صاع من تمر أو نصف صاع من قمح قال معمر وبلغني أن الزهري كان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم انتهى قال الشيخ في الامام وهذا الخبر الوفق فيه متحقق وأما الرفع فإنه بلاغ لم يبين معمر من حدثه به فهو منقطع انتهى وأخرج أيضا عن مجاهد قال كل شئ سوى الحنطة ففيه صاع والحنطة نصف صاع وأخرج نحوه عن طاوس وابن المسيب وعروة بن الزبير وسعيد بن جبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن وأخرجه الطحاوي عن جماعة كثيرة ثم قال وما علمنا أحدا من الصحابة والتابعين روى عنه خلاف ذلك وقال البيهقي رحمه الله وقد وردت أخبار عن النبي عليه السلام في صاع من بر ووردت أخبار في نصف صاع ولا يصح شئ من ذلك وقد بينا علة كل واحد
[ 518 ]
منهما في في الخلافيات انتهي الحديث السادس قال عليه السلام صاعنا أصغر الصيعان قلت غريب روى بن حبان في صحيحه في النوع التاسع والعشرين من القسم الرابع عن بن خزيمة بسنده عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له يارسول الله صاعنا أصغر الصيعان ومدنا أكبر الامداد فقال اللهم بارك لنا في صاعنا وبارك لنا في قليلنا وكثيرنا واجعل لنا مع البركة بركتين انتهى قال بن حبان وفي ترك المصطفى عليه السلام الانكار عليهم حيث قالوا صاعنا أصغر الصيعان بيان واضح أن صاع المدينة أصغر الصيعان ولم نجد بين أهل العلم إلى يومنا هذا خلافا في قدر الصاع إلا ما قاله الحجازيون والعراقيون فزعم الحجازيون أن الصاع خسمة أرطال وثلث وقال العراقيون ثمانية أرطال فصح أن صاع النبي عليه السلام كان خمسة أرطال وثلث إذ هو أصغر الصيعان وبطل قول من زعم أن الصاع ثمانية أرطال من غير دليل ثبت على صحته انتهى وأخرج الدارقطني في سننه عن عمران بن موسى الطائي ثنا إسماعيل بن سعيد الخراساني ثنا إسحاق بن سليمان الرازي قال قلت لمالك بن أنس يا أبا عبد الله كم وزن صاع النبي عليه السلام قال خمسة أرطال وثلث بالعراقي أنا حزرته قلت يا أبا عبد الله خالفت شيخ القوم قال من هو قلت أبو حنيفة رضي الله عنه يقول ثمانية أرطال فغضب غضبا شديدا وقال قاتله الله ما أجرأه على الله ثم قال لبعض جلسائه يا فلان هات صاع جدك ويا فلان هات صاع عمك ويا فلان هات صاع جدتك فاجتمعت أصوع فقال مالك تحفظون في هذه فقال أحدهم حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مالك أنا حزرت هذه فوجدتها خمسة أرطال وثلثا قلت يا أبا عبد الله أحدثك بأعجب من هذا عنه أنه يزعم أن صدقة الفطر نصف صاع والصاع ثمانية أرطال فقال هذه أعجب من الاولى بل صاع تام عن كل إنسان هكذا أدركنا علماءنا ببلدنا هذا
[ 519 ]
انتهى قال صاحب التنقيح إسناده مظلم وبعض رجاله غير مشهورين والمشهور ما أخرجه البيهقي عن الحسين بن الوليد القرشي وهو ثقة قال قدم علينا أبو يوسف رحمه الله من الحج فقال إني أريد أن أفتح عليكم بابا من العلم أهمني ففحصت عنه فقدمت المدينة فسألت عن الصاع فقال صاعنا هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لهم ما حجتكم في ذلك فقالوا نأتيك بالحجة غدا فلما أصبحت أتاني نحو من خمسين شيخا من أبناء المهاجرين والانصار مع كل رجل منهم الصاع تحت ردائه كل رجل منهم يخبر عن أبيه وأهل بيته أن هذا صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فإذا هي سواء قال فعيرته فإذا هو خمسة أرطال وثلث بنقصان يسير فرأيت أمرا قويا فتركت قول أبي حنيفة رضي الله عنه في الصاع وأخذت بقول أهل المدينة هذا هو المشهور من قول أبي يوسف رحمه الله وقد روى أن مالكا ناظره واستدل عليه الصيعان التي جاء بها أولئك الرهط فرجع أبو يوسف إلى قوله وقال عثمان بن سعيد الدارمي سمعت علي بن المديني يقول عيرت صاع النبي عليه السلام فوجدته خمسة أرطال وثلث رطل بالتمر وانتهى كلامه وأخرج الحاكم في المستدرك عن هشام بن عروة عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها حدثته أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمد الذي يقتات به أهل المدنية أو الصاع الذي يقتات به يفعل ذلك أهل المدينة كلهم انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وهو الحجة لمناظرة مالك وأبي يوسف رحمهما الله تعالى انتهى واستدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي وأحمد في أن الصاع خمسة أرطال وثلث بحديث كعب بن عجرة في الفدية أن النبي عليه السلام قال له صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع رواه البخاري ومسلم وفي لفظ لهما فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطعم فرقا بين ستة أو يهدي شاة أو يصوم ثلاثة أيام قال فقوله نصف صاع حجة لنا قال ثعلب والفرق اثنا عشر مدا وقال بن قتيبة الفرق ستة عشر رطلا والصاع ثلث الفرق خمسة أرطال وثلث والمد
[ 520 ]
رطل وثلث انتهى وأخرج الطحاوي عن أبي يوسف قال قدمت المدينة فأخرج إلى من أثق به صاعا وقال هذا صاع النبي عليه السلام فوجدته خمسة أرطال وثلثا قال الطحاوي وسمعت بن أبي عمران يقول الذي أخرجه لابي يوسف هو مالك وسمعت أبا حزم يذكر عن مالك قال هو تحرى عبد الملك بصاع عمر انتهى قوله هكذا كان صاع عمر يعني ثمانية أرطال قلت روى بن أبي شيبة في مصنفه في كتاب الزكاة حدثنا يحيى بن آدم قال سمعت حسن بن صالح يقول صاع عمر ثمانية أرطال وقال شريك أكثر من سبعة أرطال وأقل من ثمانية انتهى حدثنا وكيع عن علي بن صالح عن أبي إسحاق عن موسى بن طلحة قال الحجاجي صاع عمر بن الخطاب رضي الله عنه انتهى وهذا الثاني أخرجه الطحاوي في كتابه ثم أخرج عن إبراهيم النخعي قال غيرنا الصاع فوجدناه حجاجيا والحجاجي عندهم ثمانية أرطال بالبغدادي وعنه قال وضع الحجاج قفيزه علي صاع عمر قال فما ذكراه عيار حقيقي فهو أولى مما ذكره مالك من تحري عبد الملك بصاع عمر لان التحري لا حقيقة معه انتهى الحديث السابع روى أن النبي عليه السلام كان يتوضأ بالمد رطلين ويغسل بالصاع ثمانية أرطل قلت روي من حديث أنس ومن حديث جابر
[ 521 ]
فحديث أنس أخرجه الدارقطني في سننه من ثلاثة طرق أحدها في صدقة الفطر عن جعفر بن عون عن بن أبي ليلي ذكره عن عبد الكريم عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال انتهى الطريق الثاني رواه في الطهارة عن موسى بن نصر الحنفي ثنا عبدة بن سليمان عن إسماعيل بن أبي خالد عن جرير بن يزيد عن أنس نحوه قال الدارقطني تفرد به موسي بن نصر وهو ضعيف الحديث انتهى الطريق الثالث أخرجه في الزكاة عن صالح بن موسى الطلحي ثنا منصور بن المعتمر عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة رضي الله عنها قالت جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغسل من الجنابة صاع من ثمانية أرطال وفي الوضوء رطلان وقال لم يروه عن منصور غير صالح وهو ضعيف الحديث انتهى وضعف البيهقي هذه الاسانيد الثلاثة وقال الصحيح عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد انتهى كلامه وأما حديث جابر فأخرجه بن عدي في الكامل عن عمر بن موسي بن وجيه الوجيهي عن عمرو بن دينار عن جابر قال كان النبي عليه السلام يتوضأ بالمد رطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال انتهى وضعف عمر بن موسى هذا عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال إنه في عداد من يضع الحديث انتهى وحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع أخرجه البخاري ومسلم عن أنس وأخرجه مسلم عن سفينة انتهي حديث آخر أخرجه البخاري في صحيحه عن السائب بن يزيد قال كان
[ 522 ]
الصاع علي عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مدا وثلاثا بمدكم اليوم فزيد فيه في زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه انتهى حديث آخر رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الاموال في باب الصدقة حدثنا محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم عن إبراهيم قال كان صاع النبي عليه السلام ثمانية أرطال ومده رطلين انتهى والحديث في الصحيحين عن أنس لي فيه الوزن قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع وأخرجه مسلم عن سفينة قال كان النبي عليه السلام يغتسل بالصاع من الماء من الجنابة ويتوضأ بالمد انتهى الحديث الثامن روى عن النبي عليه السلام أنه كان يخرج صدقة الفطر قبل أن يخرج قلت رواه الحاكم أبو عبد الله النيسابوري في كتابه علوم الحديث وهو مجلد كامل في باب الاحاديث التي انفرد بزيادة فيها راو واحد فقال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن الجهم السمهري ثنا نصر بن حماد ثنا أبو معشر عن نافع عن بن عمر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو عبد صاعا من تمر أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من قمح وكان يأمرنا أن نخرجها قبل الصلاة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها قبل أن ينصرف إلى المصلى ويقول أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم انتهى
[ 523 ]
ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدي قبل خروج الناس إلي الصلاة انتهى وزاد الدارقطني فيه وأن عبد الله كان يخرجها قبل ذلك بيوم أو يومين حديث آخر أخرجه بن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه عن الحجاج بن أرطاة عن عطاء عن بن عباس قال من السنة أن يخرج صدقة الفطر قبل الصلاة ولا يخرج حتي يطعم انتهى الحديث التاسع قال عليه السلام أغنوهم عن المسألة في هذا اليوم قلت غريب بهذا اللفظ وأخرجه الدارقطني في سننه عن أبي معشر عن نافع عن بن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر وقال أغنوهم في هذا اليوم انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بأبي معشر نجيح ولفظه وقال أغنوهم عن الطواف في هذا اليوم وأسند تضعيف أبي معشر عن البخاري والنسائي وابن معين ومشاه هو وقال مع ضعفه يكتب حديثه انتهى وتقدم هذا الحديث عند الحاكم في علوم الحديث بزيادة فيه ولم يعله الشيخ في الامام إلا بأبي معشر قال قال البخاري منكر الحديث انتهى أعني حديث الدارقطني حديث آخر رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الجمحي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قال وأخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال وأخبرنا عبد العزيز بن محمد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده قالوا فرض صوم رمضان بعدما حولت القبلة إلى الكعبة بشهر في شعبان علي رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر عليه السلام في هذه السنة بزكاة الفطر وذلك قبل أن يفرض الزكاة في الاموال وأن يخرج عن الصغير والكبير والذكر والانثى والحر والعبد صاع من تمر أو صاع من زبيب أو مدان من بر وأمر بإخراجها قبل الغد وإلى الصلاة وقال أغنوهم يعني المساكين عن الطواف هذا اليوم انتهي
[ 525 ]
كتاب الصوم الحديث الاول قال عليه السلام لا صيام لمن لم ينو الصيام من الليل قلت روى أصحاب السنن الاربعة من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له انتهى بلفظ أبي داود والترمذي ولفظ بن ماجة لا صيام لمن لم يفرضه من الليل وجمع النسائي بين اللفظين أخرجه أبو داود عن بن لهيعة ويحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة فذكره قال أبو داود ورواه الليث وإسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر مثله ووقفه على حفصة
[ 526 ]
معمر والزبيدي وابن عيينة ويونس الايلي عن الزهري انتهى حديث الليث عند الطبراني في معجمه وحديث إسحاق عند بن ماجة وأخرجه الترمذي عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر به وقال هذا حديث لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه وقد روى عن نافع عن بن عمر قوله وهو أصح انتهى وأخرجه بن ماجة عن إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم لم يذكر بينهما الزهري وبالطريقين رواه النسائي وقال النسائي الصواب عندي موقوف انتهي ورواه الحاكم في كتاب الاربعين عن يحيى بن أيوب به وقال حديث صحيح علي شرط الشيخين والزيادة عندهما من الثقة مقبولة انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني رفعه عبد الله بن أبي بكر عن الزهري وهو من الثقات الرفعاء ورواه معمر عن الزهري فوقفه وتابعه الزبيدي وعبد الرحمن بن إسحاق وجماعة انتهى وقال البيهقي عبد الله بن أبي بكر أقام إسناده ورفعه وهو من الثقات الاثبات انتهى وقال النسائي في سننه الكبرى ذكر اختلاف الناقلين لخبر حفصة ثم ساقه عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري به مرفوعا وعن عبد الله بن أبي بكر عن سالم به مرفوعا ثم أخرجه عن عبد الرزاق أنا بن جريج عن الزهري به أيضا مرفوعا قال وحديث بن جريج هذا غير محفوظ ثم أخرجه عن عبيد الله عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة مرفوعا ثم أخرجه عن بن وهب أخبرني يونس عن الزهري أخبرني حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن حفصة موقوفا ثم أخرجه عن بن المبارك أنا معمر عن الزهري عن حمزة بن عبد الله به موقوفا ثم أخرجه عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن حمزة به موقوفا قال النسائي والصواب عندنا موقوف ولم يصح رفعه لان يحيى بن أيوب ليس بذاك القوى وقد أرسله مالك رضي الله عنه ثم أخرجه أخرجه عن مالك عن الزهري عن عائشة وحفصة موقوفا ورواه مالك أيضا عن نافع عن بن عمر الله عز وجلقوله ثم أخرجه كذلك ثم أخرجه عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر موقوفا انتهى ولم يروه مالك في الموطأ إلا كذلك مالك عن نافع عن بن عمر فذكره مالك عن بن شهاب عن عائشة وحفصة مثل ذلك انتهى وقال
[ 527 ]
بن أبي حاتم سألت أبي عن حديث رواه إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم عن أبيه عن حفصة مرفوعا لا صيام لمن لم ينو من الليل ورواه يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة مرفوعا قلت له أيهما أصح قال لا أدري لان عبد الله بن أبي بكر أرك سالما وروى عنه ولا أدري سمع هذا الحديث منه أو سمعه من الزهري عن سالم وقد روى هذا عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن حفصة قولها وهو عندي أشبه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن روح بن الفرج عن عبد الله بن عباد ثنا المفضل بن فضالة حدثني يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي عليه السلام قال من لم يبيت الصيام قبل الفجر فلا صيام له انتهى قال الدارقطني تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الاسناد وكلهم ثقات انتهى وأقره البيهقي على ذلك في سننه وفي خلافياته وفي ذلك نظر فإن عبد الله بن عباد غير مشهور ويحيى بن أيوب ليس بالقوي وقال بن حبان عبد الله بن عباد البصري يقلب الاخبار روى عن المفضل عن فضالة عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة حديث من لم يبيت الصيام وهذا مقلوب إنما هو عن يحيى بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم عن أبيه عن حفصة روى عنه روح بن الفرج نسخة موضوعة انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الواقدي ثنا محمد بن هلال عن أبيه أنه سمع ميمونة بنت سعد تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أجمع الصوم من الليل فليصم ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم انتهى وأعله بن الجوزي في التحقيق بالواقدي الحديث الثاني روى أنه عليه السلام قال بعد ما شهد الاعرابي برؤية الهلال
[ 528 ]
ألا من أكل فلا يأكل بقية يومه ومن لم يأكل فليصم قلت حديث غريب وذكره بن الجوزي في التحقيق وقال إن هذا حديث لا يعرف وإنما المعروف أنه شهد عنده
[ 529 ]
برؤية الهلال فأمر أن ينادى في الناس أن تصوموا غدا وقد رواه الدارقطني بلفظ صريح أن أعرابيا جاء ليلة شهر رمضان فذكر الحديث وفي لفظ أبي يعلى الموصلي قال أبصرت الهلال الليلة الحديث وحديث بن عباس ليس بصريح ولكن فيه احتمال أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال جاء أعرابي إلى النبي عليه السلام فقال إني رأيت الهلال قال الحسن في حديثه يعني رمضان فقال أتشهد أن لا إله إلا الله قال نعم قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس فيصوموا انتهى قال الترمذي هذا حديث فيه اختلاف وقد روى عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى ورواه النسائي مرسلا ومسندا وذكر أن المرسل أولى بالصواب وأن سماكا إذا تفرد بشئ لم يكن حجة لانه كان يلقن فيتلقن انتهى ورواه مسندا بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقد احتج البخاري بعكرمة ومسلم بسماك انتهى قال بن حبان ومن زعم أن هذا الخبر تفرد به سماك وأن رفعه غير محفوظ فهو مردود بحديث بن عمر قال تراءى الناس الهلال فرأيته فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصام وأمر الناس بصيامه انتهى وسيأتي بقية الكلام في حديث شهادة الواحد ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن سلمة بن الاكوع أنه عليه السلام أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس أن من أكل فليصم بقية يومه ومن لم يكن أكل فليصم فإن اليوم يوم عاشوراء انتهى قال الطحاوي فيه دليل على أن من تعين عليه صوم يوم ولم ينوه ليلا أنه يجزئه نهارا قبل الزوال قال بن الجوزي
[ 530 ]
في التحقيق لم يكن صوم عاشوراء واجبا فله حكم النافلة يدل عليه ما أخرجاه في الصحيحين عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء ولم يفرض علينا صيامه فمن شاء منكم أن يصوم فليصم فإني صائم فصام الناس قال وبدليل أنه لم يأمر من أكل بالقضاء انتهى قال صاحب التنقيح والجواب أن حديث معاوية معناه ليس مكتوبا عليكم الآن أو لم يكتب عليكم بعد أن فرض رمضان قال وهذا ظاهر فإن معاوية من مسلمة الفتح وهو إنما سمعه من النبي عليه السلام بعد ما أسلم في سنة تسع أو عشر بعد أن نسخ صوم عاشوراء برمضان ورمضان فرض في السنة الثانية ونسخ عاشوراء برمضان في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت كان يوم عاشوراء يوما يصومه قريش في الجاهلية وكان رسول الله يصومه فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما فرض رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه انتهى قال وأما ترك الامر لقضائه فإن من لم يدرك اليوم بكماله لا يلزمه قضاؤه كما قيل فيمن بلغ أو أسلم في أثناء يوم من رمضان على أنه قد روى الامر بالقضاء في حديث غريب أخرجه أبو داود في سننه عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن مسلمة عن عمه أن أسلم أتت النبي عليه السلام فقال صمتم يومكم هذا قالوا لا قال فأتموا بقية يومكم واقضوه قال أبو داود يعني عاشوراء انتهى وهذا حديث مختلف في إسناده ومتنه وفي صحته نظر انتهى كلامه الحديث الثالث روى أنه عليه السلام كان يقول بعد ما يصبح غير صائم إني إذا لصائم قلت أخرجه مسلم عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت
[ 531 ]
دخل علي النبي عليه السلام ذات يوم فقال هل عندكم شئ فقلنا لا فقال إني إذا صائم ثم أتانا يوما آخر فقلنا يا رسول الله أهدى لنا حيس فقال أدنيه فلقد أصبحت صائما فأكل انتهى الحديث الرابع قال عليه السلام صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم الهلال فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما قلت أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة واللفظ للبخاري قال قال رسول الله إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين انتهى وفي لفظ لهما فعدوا ثلاثين وفي لفظ فأكملوا العدة وفي لفظ فصوموا ثلاثين يوما والمصنف رحمه الله احتج بهذا الحديث على أن اليوم الثلاثين من شعبان يوم شك إذا غم هلال رمضان وإنه لا يجوز صومه إلا تطوعا قال بن الجوزي في التحقيق وأصح الروايتين عن أحمد رضي الله عنه أنه يجب صومه بينة من رمضان ولا يسمى يوم شك قال ويوم الشك فسره أحمد بأن يتقاعد الناس عن طلب الهلال أو يشهد برؤيته من يرد الحاكم شهادته ونقل هذا القول عن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم واستدل لاصحابنا ومن قال بقولهم بأربعة أحاديث أحدها حديث البخاري المتقدم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين ثم أجاب عنه بأن الاسماعيلي قال في صحيحه الذي أخرجه على البخاري تفرد به البخاري عن آدم عن شعبة فقال فيه فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما وقد رويناه عن غندر وعبد الرحمن بن مهدي وابن علية وعيسى بن يونس وشبابة وعاصم بن علي والنضر بن شميل ويزيد بن هاون كلهم عن شعبة لم يذكر أحدا منهم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما وإنما قالوا فيه فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين قال الاسماعيلي فيجوز أن يكون آدم رواه على التفسير من عنده وإلا فليس لانفراد البخاري عنه بهذا اللفظ من بين من رواه عنه وجه قال بن الجوزي رحمه الله فعلى هذا يكون المعني فإن غم عليكم رمضان فعدوا ثلاثين ولا يصير لهم
[ 532 ]
فيه حجة على أن أصحابنا يؤولون ما انفرد به البخاري من ذكر شعبان فقالوا نحمله علي ما إذا غم هلال رمضان وهلال شوال فإنا نحتاج إلي إكمال شعبان ثلاثين احتياطا للصوم فإنا وإن كنا قد صمنا يوم الثلاثين من شعبان فلسنا نقطع بأنه من رمضان ولكنا صمناه حكما قال ويدل على ما قلناه شيئان أحدهما عود الضمير على أقرب مذكور وهو قوله وأفطروا لرؤيته الثاني أن مسلما رواه مفسرا إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فان غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما انتهى كلامه قال صاحب التنقيح وما ذكره الاسماعيلي من أن آدم بن أبي إياس يجوز أن يكون رواه على التفسير من عنده للخبر فغير قادح في صحة الحديث لان النبي عليه السلام إما أن يكون قال اللفظين وهو ظاهر اللفظ وإما أن يكون قال أحدهما وذكر الراوي اللفظ الآخر بالمعنى فإن اللام في قوله فأكملوا العدة للعهد أي عدة الشهر والنبي عليه السلام لم يخص بالاكمال شهرا دون شهر إذا غم فلا فرق بين شعبان وغيره إذ لو كان شعبان غير مراد من هذا الاكمال لبينه لان ذكر الاكمال عقيب قوله صوموا وأفطروا فشعبان وغيره مراد من وقوله فأكملوا العدة فلا تكون رواية فأكملوا عدة شعبان مخالفة لرواية فأكملوا العدة بل مبينة لها أحدهما أطلق لفظا يقتضى العموم في الشهر والثاني ذكر فرد من الافراد قال ويشهد له حديث أخرجه أبو داود والترمذي عن سماك عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا لا تصوموا قبل رمضان صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين ولا تستقبلوا الشهر استقبالا قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما ورواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا أبو عوانة عن سماك عن عكرمة عن بن عباس صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال بينكم وبينه غمامة أو ضبابة فأكملوا شهر شعبان ثلاثين ولا تستقبلوا رمضان بصوم يوم من شعبان قال وبالجملة فهذا الحديث نص في المسألة وهو صحيح كما قال الترمذي وسماك وثقه أبو حاتم وابن معين وروى له مسلم في صحيحه قال والذي دلت عليه الاحاديث في هذه المسألة وهو مقتضى القواعد أن كل شهر غم
[ 533 ]
أكمل ثلاثين سواء في ذلك شعبان ورمضان وغيرهما وعلى هذا يكون قوله فإن غم عليكم فأكملوا العدة راجعا إلى الجملتين وهما قوله صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فان غم عليكم فأكملوا العدة أي غم عليكم في صومكم أو فطركم هذا هو الظاهر من اللفظ وباقي الاحاديث تدل على ذلك كقوله فإن غم عليكم فأقدروا له انتهى الحديث الثاني أخرجه أبو داود والنسائي عن جرير عن منصور عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة قبله ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة قبله انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وأخرجه النسائي أيضا عن سفيان عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي عليه السلام فذكره أيضا وأخرجه أيضا عن الحجاج بن أرطاة عن منصور عن ربعي فذكره عن النبي عليه السلام مرسلا وقال لا أعلم أحدا من أصحاب منصور قال فيه عن حذيفة غير جرير انتهى قال بن الجوزي وحديث حذيفة هذا ضعفه أحمد ثم هو محمول على حال الصحو لانه لم يذكر فيه الغيم أو على ما إذا غم هلال رمضان وهلال شوال كما سبق قال في التنقيح وهذا وهم منه فإن أحمد إنما أراد أن الصحيح قول من قال عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام وإن تسمية حذيفة وهم من جرير فظن بن الجوزي أن هذا تضعيف من أحمد للحديث وأنه مرسل وليس هو بمرسل بل متصل إما عن حذيفة وإما عن رجل من أصحاب النبي عليه السلام وجهالة الصحابة غير قادحة في صحة الحديث قال وبالجملة فالحديث صحيح ورواته ثقات محتج بهم في الصحيح انتهى الحديث الثالث أخرجه أبو داود عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان مالا يتحفظ من غيره ثم يصوم رمضان لرؤيته فان غم عليه عد ثلاثين يوما ثم صام انتهى ورواه الدارقطني
[ 534 ]
وقال إسناده صحيح قال بن الجوزي وهذه عصبية من الدارقطني كان يحيى بن سعيد لا يرضى معاوية بن صالح وقال أبو حاتم لا يحتج به قال في التنقيح ليست العصبية من الدارقطني وإنما العصبية منه فان معاوية بن صالح ثقة صدوق وثقه أحمد بن حنبل وعبد الرحمن بن مهدي وأبو زرعة وقال بن أبي حاتم سألت عنه فقال حسن الحديث صالح الحديث واحتج به مسلم في صحيحه ولم يرو شيئا خالف فيه الثقات وكون يحيى بن سعيد كان لا يرضاه غير قادح فيه فإن يحيى شرطه شديد في الرجال وكذلك قال لو لم أرو إلا عمن أرضي ما رويت لا عن خمسة وقول أبي حاتم لا يحتج به غير قادح أيضا فإنه لم يذكر السبب وقد تكررت هذه اللفظة منه في رجال كثيرين من أصحاب الصحيح الثقات الاثبات من غير بيان السبب كخالد الحذاء وغيره والله أعلم الحديث الرابع روى بن الجوزي من طريق الامام أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي بسنده عن يعلي بن الاشدق عن عبد الله بن جراد قال أصبحنا يوم الثلاثين صياما وكان الشهر قد أغمى علينا فأتينا النبي عليه السلام فأصبناه مفطرا فقلنا يا نبي الله صمنا اليوم فقال أفطروا إلا أن يكون رجلا يصوم هذا اليوم فليتم صومه لان أفطر يوما من رمضان يتمارى فيه أحب إلى من أن أصوم يوما من شعبان ليس منه يعني من رمضان قال الخطيب ففي هذا الحديث كفاية عما سواه وشنع بن الجوزي على الخطيب في روايته لهذا الحديث تشنيعا كثيرا وقال إنه حديث موضوع علي بن جراد لا أصل له ولا ذكره أحد من الائمة الذين ترخصوا في ذكر الله تعالى الاحاديث الضعيفة وإنما هو نسخة يعلى بن الاشدق عن بن جراد وهو نسخة موضوعة قال أبو زرعة يعلى بن الاشدق ليس بشئ وقال بن عدي يعلى بن الاشدق عن عمه عبد الله بن جراد أحاديثه منكرة وهو وعمه غير معروفين وقال البخاري رحمه الله لا يكتب حديثه وقال بن حبان لا تحل الرواية عنه انتهى ووافقه صاحب النتقيح علي جميع ذلك وأقره عليه والله أعلم بالصواب
[ 535 ]
الحديث الخامس قال عليه السلام لا يصام اليوم الذي يشك فيه أنه من رمضان إلا تطوعا قلت غريب جدا الحديث السادس قال عليه السلام لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فيصومه انتهى وآخر الحديث يدفع تأويل صاحب الكتاب فإنه استدل للشافعي
[ 536 ]
بهذا الحديث على كراهية صوم يوم الشك تطوعا اتبداء أي لا يوافق عادة ثم قال ومعنى الحديث لا تصوموا رمضان في غير أوانه ويرده ما وقع في لفظ أيضا لا تقدموا بين يدي رمضان بصوم يوم ولا يومين وقد جاء بالتصريح عند البيهقي عن عبد الله بن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم قبل رمضان بيوم والاضحى والفطر وأيام التشريق انتهى وقال انفرد به عبد الله بن سعيد وهو ضعيف ورواه الواقدي بإسناد له عن سعيد المقبري به وهو ضعيف وقال صاحب التنقيح عبد الله بن سعيد المقبري أبو عباد أجمعوا على ضعفه وعدم الاحتجاج به انتهي ومذهب الشافعي كراهية الصوم بعد نصف شعبان وحجتهم ما أخرجه الترمذي والنسائي عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بقى النصف من شعبان فلا تصوموا انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح لا يعرف إلا من هذا الوجه علي هذا اللفظ ومعناه عند بعض أهل العلم أن يفطر الرجل حتى إذا انتصف شعبان أخذ في الصوم انتهى وقال النسائي لا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير العلاء وروى عن الامام أحمد رضي الله عنه أنه قال هذا الحديث ليس بمحفوظ قال وسألت عنه بن مهدي فلم يصححه ولم يحدثني به وكان يتوقاه قال أحمد والعلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا وعند النسائي فيه فكفوا قال بن القطان في كتابه وروى فأمسكوا رواه وكيع عن أبي العميس عن العلاء وروى محمد بن ربيعة عن أبي العميس عن العلاء فكفوا قال وبين هذين اللفظين ولفظ الترمذي فرق فإن هذين اللفظين نهى لمن كان صائما عن التمادي في الصوم ولفظ الترمذي نهى لمن كان صائما ولمن لم يكن صائما عن الصوم بعد النصف انتهى كلامه وقال البيهقي في المعرفة قال أبو داود قال أحمد بن حنبل هذا حديث منكر وكان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث به انتهى وقال البيهقي أيضا قال الشافعي أختار أن يفطر الرجل يوم الشك في هلال رمضان إلا أن يكون يوما كان يصومه فأختار أن يصومه انتهى وهذا خلاف ما نقله صاحب الكتاب عن الشافعي
[ 537 ]
قوله روي عن علي وعائشة أنهما كانا يصومان يوم الشك تطوعا قلت غريب وفي التحقيق لابن الجوزي مذهب علي وعائشة أنه يجب صوم يوم الثلاثين من شعبان إذا حال دونه غيم أو نحوه قال وهو أصح الروايتين عن أحمد قال وعلى هذه الرواية لا يسمى يوم شك بل هو من رمضان حكما والله أعلم انتهى الحديث السابع قال عليه السلام من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم قلت غريب أيضا والمعروف هذا من قول عمار أخرجه أصحاب السنن الاربعة في كتبهم عن أبي خالد الاحمر عن عمرو بن قيس الملائي عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر قال كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتى بشاة مصلية فتنحى بعض القوم
[ 538 ]
فقال عمار من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط ا لشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه وقال حديث صحيح ورواته كلهم ثقات انتهى وقال بن عبد البر هذا حديث مسند عندهم لا يختلفون في ذلك وذكره البخاري في صحيحه تعليقا فقال وقال صلة عن عمار من صام يوم الشك إلي آخره ووهم القاضي شمس الدين في الغاية فعزاه للبخاري ومسلم ومسلم لم يروه والبخاري إنما ذكره تعليقا وذكر أنه قلد سبط بن الجوزي في ذلك حديث آخر رواه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة محمد بن عيسى بن عبد الله الادمي ثنا أحمد بن عمر الوكيعي ثنا وكيع عن سفيان عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال من صام اليوم الذي يشك فقد عصى الله ورسوله انتهى ثم قال تابع الادمي عليه أحمد بن عاصم الطبراني عن وكيع ورواه إسحاق بن راهويه عن وكيع فلم يجاوز به عكرمة وكذلك رواه يحيى بن سعيد القطان عن سفيان الثوري لم يذكر فيه بن عباس انتهى حديث آخر رواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا صفوان بن عيسى ثنا عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة أن النبي عليه السلام نهى عن ستة أيام من السنة يوم الاضحى ويوم الفطر وأيام التشريق واليوم الذي يشك فيه من رمضان انتهى
[ 539 ]
الحديث الثامن صوموا لرؤيته وتقدم قريبا الحديث التاسع صح أنه عليه السلام قبل شهادة الواحد العدل في رؤية هلال
[ 540 ]
رمضان قلت فيه أحاديث منها حديث أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن زائده بن
[ 541 ]
قدامه عن سماك عن عكرمة عن بن عباس قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت الهلال قال أتشهد أن لا إله إلا الله قال نعم قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم قال يا بلال أذن في الناس فليصوموا انتهى ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم في المستدك وقال على شرط مسلم فإنه احتج بسماك والبخاري احتج بعكرمة انتهى ولفظ بن خزيمة وابن حبان وابن ماجة قال يا رسول الله إني رأيت الهلال الليلة وعند الدارقطني جاء ليلة رمضان وفي لفظ لابي داود رأيت الهلال يعني هلال رمضان وتابع زائدة علي إسناده الوليد بن أبي ثور وحازم بن إبراهيم فرواه عن سماك عن عكرمة عن بن عباس فحديث الوليد بن أبي ثور عند أبي داود والترمذي قال الترمذي حديث بن عباس فيه اختلاف وأكثر أصحاب سماك يروونه عنه عن عكرمة عن النبي مرسلا انتهى وحديث حازم بن إبراهيم عند الطبراني في معجمه ورواه عن سماك أيضا حماد بن سلمة واختلف عليه فأخرجه البيهقي في سننه عن عثمان بن سعيد الدارمي عن موسي بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن عكرمة عن بن عباس مسندا ورواه أبو داود في سننه حدثنا موسي بن إسماعيل به مرسلا لم يذكر فيه بن عباس وقال فيه فنادى في الناس أن تقوموا وأن تصوموا وقال لم يذكر فيه القيام إلا حماد بن سلمة انتهي ورواه عن سماك أيضا سفان الثوري واختلف عليه أيضا فأخرجه النسائي في سننه عن الفضل بن موسى الشيباني عن سفيان عن سماك به مسندا ثم أخرجه عن بن المبارك عن سفيان به مرسلا قال وهذا أولي بالصواب لان سماكا كان يلقن فيتلقن وابن المبارك أثبت في سفيان من الفضل انتهي قال الحافظ محمد بن عبد الواحد رواية زائدة وحازم بن إبراهيم البجلي مما يقوى رواية الفضل الشيباني وقد رأيت بن المبارك يروى كثيرا من حديث صحيح فيوقفه انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن مروان بن محمد عن بن وهب ثنا يحى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال تراءى الناس
[ 542 ]
الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه انتهى ورواه الحاكم في مستدركه عن هارون بن سعيد الايلي ثنا بن وهب به وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه بن حبان في صحيحه بسند أبي داود وكذلك الدارقطني في سننه وقال تفرد به مروان بن محمد عن بن وهب وهو ثقة انتهى وسند الحاكم وارد عليه حديث آخر أخرجه الدارقطني عن حفص بن عمر الايلي ثنا مسعر بن كدام وأبو عوانة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس قال شهدت المدينة وبها بن عمر وابن عباس فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده علي رؤية الهلال هلال رمضان فسأل بن عمر وبان عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه وقالا إن رسول الله أجاز شهادة رجل واحد علي رؤية الهلال هلال رمضان قالا وكان رسول الله لا يجيز حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن مروان بن محمد عن بن وهب ثنا يحى بن عبد الله بن سالم عن أبي بكر بن نافع عن أبيه عن بن عمر قال تراءى الناس
[ 542 ]
الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه انتهى ورواه الحاكم في مستدركه عن هارون بن سعيد الايلي ثنا بن وهب به وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه بن حبان في صحيحه بسند أبي داود وكذلك الدارقطني في سننه وقال تفرد به مروان بن محمد عن بن وهب وهو ثقة انتهى وسند الحاكم وارد عليه حديث آخر أخرجه الدارقطني عن حفص بن عمر الايلي ثنا مسعر بن كدام وأبو عوانة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس قال شهدت المدينة وبها بن عمر وابن عباس فجاء رجل إلى واليها فشهد عنده علي رؤية الهلال هلال رمضان فسأل بن عمر وبان عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزه وقالا إن رسول الله أجاز شهادة رجل واحد علي رؤية الهلال هلال رمضان قالا وكان رسول الله لا يجيز شهادة الافطار إلا بشهادة رجلين انتهى وقال تفرد به حفص بن عمر الايلي وهو ضعيف انتهى قال صاحب التنقيح حفص بهذا هو حفص عن عمرو بن دينار الايلي وهو ضعيف با تفاقهم ولم يخرج له أحد من أصحاب السنن وأما حفص بن عمر بن ميمون العدني المعروف الفرخ فروى له بن ماجة ووثقه بعضهم وليس هو هذا الآثار روى أحمد في مسنده حدثنا يزيد بن هارون أنبأ ورقاء عن عبد الاعلى الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كنت مع البراء بن عازب وعمر بن الخطاب في البقيع ننظر إلى الهلال فأقبل راكب فتلقاه عمر فقال من أين جئت قال من المغرب فقال أهللت قال نعم قال عمر الله أكبر إنما يكفي المسلمين