نصب الراية
الزيعلي ج 1

[ 1 ]
الهداية شرح بداية المبتدى
[ 2 ]
كافة حقوق الطبع محفوظة الطبعة الاولى 1415 ه‍ - 1995 م طبع . نشر . توزيع 14 شارع جوهر القائد امام جامعة الازهر تليفون 5116510 / 5918719 / 5919697 فاكس 5919697 تلكس 92985
[ 3 ]
الهداية شرح بداية المبتدى لشيخ الاسلام برهان الدين المرغينانى مع نصب الراية تخريج أحاديث الهداية للعلامة جمال الدين الزيلعى اعتنى بهما ايمن صالح شعبان الجزء الاول دار الحديث القاهرة
[ 4 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[ 5 ]
بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله ، نحمده ، ونستعينه ، ونستهديه ، ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا . إنه من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له ، وأشهد أن لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) . (يا أيها الناس تقو ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منها رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذى تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا) . (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما) . إن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدى هدى محمد وشر الامور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار . أما بعد : إن الحركة التصنيفية في حياة الامة الاسلامية أخذت كثيرا من الاشكال وتطورت من طور آخر . وهذه حقيقة لا يقبل دفعها ، ولا يستساغ إلا قبولها - فمن عهد النبوة إلى وقتنا هذا والمسيرة العلمية في حياة الامة تمر بانماط وأطوار . وعلى هذه المسلمة يكون التمهيد بين يدى كتاب : نصب الراية تخريج أحاديث الهداية في الفقه الحنفي فاولا : الهداية مصنف لشرح المتن الفهى المسمى " بداية المبتدى " وكلاهما لمصنف واحد هو : على بن أبى بكر بن عبد الجليل الفرغان ، شيخ الاسلام برهان الدين المرغينانى (*) العلامة المحقق " صاحب الهداية " . كان إماما ، فقيها ، حافظا محدثا ، مفسرا ، جامعا للعلوم ، ضابطا للفنون ، متقنا ، محققا ، نظارا . (*) " مرغينان " - بفتح الميم - : مدينة من بلاد فرغانة - بفتح الفاء - وراء الشاش وراء جيحون وسيحون ، وأيضا قرية من قرى فارس . (*)
[ 6 ]
تفقه على أئمة عصره ، كمفتى الثقلين ، نجم الدين أبى حفص عمر النسفى ، وابنه أبى الليث " أحمد النسفى " ، والصدر الشهيد " حسام الدين عمر " ، والصدر السعيد " تاج الدين أحمد " " وأبى عمرو عثمان البيكندى " تلميذ شمس الائمة السرخسى وغيرهم كثير . فاق شيوخه وأقرانه ، وأذعنوا له كلهم ، ولا سيما بعد تصنيفه لكتاب " الهدايد شرح البداية " : " والبداية " متن فقهى كالمتون الفقهية المذهبية التى كان لها دور بارز في حفظ الدين للامة الاسلامية . فقد كانت الحاجة العلمية للامة إبان عصر تدوين الحديث تتمثل في ترجمة الاحاديث والخروج بنص تعبدي سيما وقد فترت الهمم وقل الحفظ وركن العلماء إلى التقليد . فلا بد من طور آخر يلائم حاجة الامة فكان : " النص التعبدى المذهبي " أو " المتن المذهبي " ، بعدما توافر العلماء بالامصار وكانوا أعلاما لها حتى كان يجتمع بالمدينة الواحدة مائتان منهم أو يزيد وحصيلة الافراد من الامة - غير العلماء - مئات من الاحاديث بل ألوف - كانت حكمة الله وهو الخبير بانحصار العلم في أفذاذ معدودين في المصر الواحد . وكان لهؤلاء الافذاذ المعدودين - لتقدير العزيز الحكيم - دور في نشاة المذاهب الاسلامية وانتشارها في الامصار ، والتمذهب الفقهى الذى ظهر جليلا في وضعهم للمصنفات لمسيرة الواقع وملاءمته لحاجة الامة في هذا الوقت . وبهذا نرى بنظرة عابرة كيفية نشوء " المتن المذهبي " ونقدر دوره الهام في حفظ الدين للامة . وباستدارة الزمان دارت المصنفات المستحدثة بعد المتن المذهبي في فلك هذه المتون تارة في شكل كشف غامض ، أو تنقيح ، أو تذييل أو شرح أو ذكر دليل ويغر ذلك . " والهداية " إحدى المصنفات التى دارت في هذا الفلك لشرح " بداية المبتدى " وهناك شروح على الهداية أيضا فيمنها : شروح " الهداية " فقها وحديثا قد ذكر صاحب كشف الظنون من شروح الهداية ، والتعليقات عليها ، والتخاريج لاحاديثها ، قدرا كبيرا يجاوز ستين شرحا ، ولو أخذنا في التحقيق وضم الحواشى والشروح إليه بعد عهد صاحب الكشف ، وإلحاق شروحها في اللغة الفارسية ، واللغة الاردية ، لزدنا على القدر المذكور قدرا غير يسير . ولا ستقصاء البحث موضع غير هذا .
[ 7 ]
وأول شروحها " النهاية " - لحسام الدين الصغناتى ، تلميذ صاحب " الهداية " ، وقيل : غيرها ، ومن شروحه " الفوائد " - لحميد الدين الضرير . و " معراج الدراية " - لقوام الدين الكاكى . و " الكفاية في دراية الهداية " لعمر بن صدر الشريعة . و " غاية البيان ، ونادرة الاقران " - للامام قوام الدين أمير كاتب الاتقاني ، المتوفى سنة 758 - ه‍ ، صاحب الشامل ، شرح أصول البزدوى . و " البناية " - للشيخ بدر الدين الحافظ العينى ، شارح صحيح البخاري ، المتوفى سنة 855 - ه‍ . و " العناية " - للشيخ أكمل الدين البابرتى . و " الغاية " - لابي العباس السروجى ، الامام المحدث ، وتكملته عن الشيخ المحدث ، سعد الدين الديرى . وتصدى لتخريج أحاديثها ، الحفاظ عبد القادر القرشى ، المتوفى سنة 775 - ه‍ ، وسماه : " العناية في تخريج أحاديث الهداية " . والحافظ البارع ، علاء الدين على بن عثمان الماردنى ، المتوفى سنة 750 - ه‍ ، صاحب " الجوهر النقى " في الرد على البيهقى ، وهو شيخ الحافظ الزيلعى ، وسماه " الكفاية في معرفة أحاديث الهداية " . والحافظ جمال الدين الزيلعى ، سماه " نصب الراية - لاحاديث الهداية " ، وذيل تخريجه ، الافظ الشيخ " قاسم بن قطلوبغا الحنفي " ، وسماه : منية الالمعى " ، وللشيخ مصلح الدين ، مصطفى السرورى تعليق على شرح ابن الشحنة في " التنبيه على أحاديث الهداية " ، وللحافظ ابن حجر " الدراية - في تلخيص نصب الراية " . وطبع من شروحه " فتح القدير " - للشيخ ابن الهمام السيواسى بمصر ، مع تكملته ، وهو من أمتن الشروح ، وأبرعها ، وطبع بالهند أيضا . و " العناية " - للشيخ البابرتى . و " الكفاة " . . . وهما من أحسن شروحها فقها ، وطبعت هذه الثلاثة بمصر مجموعة . وطبع " البناية " - للعينى . ثم استدار الزمان ولا يزال " المتن المذهبي " نهج للعلماء وقبلة للمصنفات ، لا إبالغ أن أقول حتى زماننا هذا . * المهم . كان من أبرز تخريج أحاديث الهداية كتاب " نصب الراية " للحافظ الزيلعى وهو : الامام - الفاضل البارع ، المحدث المفيد ، الحافظ المتقن ، جمال الدين أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد بن أيوب بن موسى الحنفي الزيلعى رحمه الله . الزيلعى - نسبة إلى - " زيلع " - بلدة على ساحل الحبشة ، قاله السيوطي في
[ 8 ]
" اللباب " وإليها نسبة شيخه فخر الدين الزيلعى ، الفقيه ، صاحب " تبيين الحقائق - في شرح كنز الدقائق " في ست مجلدات كبيرة ، ونسب إليها عدة رجال من علماء زيلع الحنفيين ، وترجم لبعضهم في كتاب " قلادة النحر - في وفيات أعيان الدهر " (1) - للشيخ أبى محمد محمد الطيب بن عبد الله ، من علماء القرن العاشر للهجرة . قال تقى الدين بن فهد المكى ، في ذيل " تذكرة الحفاظ " - للذهبي : تفقه ، وبرع ، وأدام النظر والاشتغال ، وطلب الحديث ، واعتنى به ، فانتقى ، وخرج ، وألف ، وجمع ، وسمع على جماعة من أصحاب النجيب الحرانى ، ومن بعدهم : كالشهاب أحمد بن محمد بن فتوح التجيبى " مسند الاسكندرية " . والشهاب أحمد بن محمد ابن قيس الانصاري " فقيه القاهرة . والاسكندرية " . والشمس محمد بن أحمد بن عثمانب ن عدلان " شيخ الشافعية " . وجلال الدين أبى الفتوح على بن عبد الوهاب بن حسن بن إسماعيل بن مظفر بن الفرات الجريرى - بضم الجيم - . وتقى الدين بن عبد الرزاق ابن عبد العزيز بن موسى اللخمى الاسكندرى . وتاج الدين محمد بن عثمان ابن عمر ابن كامل البلبيسى ، الكارمى الاسكندرى . وجمال الدين عبد الله بن أحمد بن هبة الله ابن البورى ، الاسكندرى ، ا ه‍ . وقال تقى الدين أبو بكر التميم في " الطبقات السنية (2) " : اشتغل ، وسمع من أصحاب النجيب ، وأخذ عن الفخر الزلعى - شارح الكنز - وعن القاضى علاء الدين التركماني ، وغيرهما ، ولازم مطالعة كتب الحديث ، إلى أن خرج أحاديث الهداية ، وأحاديث الكشاف ، فاستوعب ذلك استيعابا بالغا . قال في الدرر " يعنى به الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة " : ذكر لى - شيخنا العراقى - أنه كان يرافقه في مطالعة الكتب الحديثية ، لتخريج الكتب التى كانا قد اعتنيا بتخريجها ، فالعراقي لتخريج أحاديث الاحياء ، والاحاديث التى يشير إليها الترمذي في الابواب ، والزيلعى لتخريج أحاديث الهداية . والكشاف ، فكان كل منهما يعين الآخر ، ومن كتاب الزيلعى في تخريج أحاديث الهداية استمد " الزركشي " في كثير مما كتبه من تخريج أحاديث الرافعى . وقال ابن العديم ، ومن خطه نقلت : شاهدت بخط شيخ الاسلام حافظ الوقت ، شهاب الدين أبى الفضل أحمد بن حجر العسقلاني ما صورته - بعد أن ذكر غالب ما (1) نسخته الفوتو غرافية في - ست مجلدات كبيرة - في دار الكتب الصرية ، تحت رقم (167) ، من التاريخ . (المجلس العلمي) . (2) نسخته المخطوطة في التيمورية ، من دار الكتب المصرية ، تحت رقم (540) من التاريخ ، في - أربع مجلدات . (*)
[ 9 ]
نقلناه هنا من الدرر منه - : جمع تخريج أحاديث الهداية ، فاستوعب فيه ما ذكره صاحب الهداية من الاحاديث . والآثار في الاصل ، وما أشار إليه إشارة ، ثم اعتمد في كل باب أن يذكر أدلة المخالفين ، ثم هو في ذلك كثير الانصاف ، يحكى ما وجده من غير اعتراض ، ولا تعقب غالبا ، فكثر إقبال الطوائف عليه ، واستوعب أيضا في تخريج أحاديث الكشاف (1) ما فيه من الاحاديث المرفوعة خاصة ، فاكثر من تبين طرقها ، وتسمية مخرجيها على نمط ما في أحاديث الهداية ، لكنه فاته كثير من الاحاديث المرفوعة التى يذكرها الزمخشري بطريق الاشارة ، ولم يتعرض غالبا لشئ من الآثار الموقوفة ، ورأيت بخطه كثيرا من الفوائد ، مفرقا ، رحمه الله ، وعفا عنه بمنه وكرمه ، اه‍ ، انتهى ما حكاه التميمي في " طبقاته " . وقال الشيخ جلال الدين السيوطي في ذيل " تذكرة الحفاظ " - للذهبي : سمع من أصحاب النجيب ، وأخذ عن الفخر الزيلعى ، شارح " الكنز " . والقاضى علاء الدين ابن التركماني . وابن عقيل ، وغير واحد ، ولازم مطالعة كتب الحديث إلى أن خرج " أحاديث الهداية - وأحاديث الكشاف " ، واستوعب ذلك استيعابا بالغا ، اه‍ ، ومثله قال في " حسن المحاضرة " ، عند ذكر حفاظ الحديث ، ونقاده بمصر : ص 151 - ج 1 . قال " محمد زاهد الكوثري " ، في " حواشيه " على " ذيل بن فهد " : واستمد ابن حجر نفسه في تخاريجه كذلك ، وقال الفاضل المحقق الشيخ " عبد الحى اللكنوى " في " الفوائد البهية " : به استمد من جاء بعده من شراح الهداية ، بل به استمد كثيرا الحافظ ابن حجر في تخاريجه : كتخريج أحاديث " شرح الوجيز " - للرافعي . وغيره ، ا ه‍ . وقال الكوثري : والزيلعى أعلى طبقة من العراقى ، وعمله هذا معه - أي مرافقته في التخاريج - يدل على ما كان عليه من الاخلاق الجميلة والتواضع ، وتخاريجه شهود صدق على تبحره وسعة اطلاعه في علوم الحديث ، من : معانيه . وأسماء رجاله . ومتونه . وطرقه ، وقد رزقها الله الانتفاع بها ، والتداول بايدى أهل العلم بالحديث على مدى القرون ، كان بعيدا عن التعصب المذهبي ، يحشد الروايات ، وقد لا يتكلم فيما له كبير مجال ، انتهى كلامه . (1) وقد أخطا النواب ، صديق حسن خان في كتابه " الاكسير - في أصول التفسير " ، حيث جعل تخريج أحاديث " الشاف " للحافط ابن حجر ، وتلخيصه للحافظ الزلعى ، وذكر هذه الاوصاف - التى ذكرها ابن حجر لتخريج الزلعى - لتخريج ابن حجر ، فعكس الامر ، ونبه عليه ، الفاضل الشيخ اللكنوى في " تعليقات الفوائد البهية " والعجب أنه كيف خفى عليه هذا ! مع أن ابن حجر ولد بعد وفاة الزيلعى باحد عشر عاما ، فكيف يمكن أن يلخص الزيلعى كتاب ابن حجر ؟ ! ولم يكن هو عند ذاك في عالم الوجود ، وكثير له في تراجمه أمثال هذه الاوهام (المجلس العلمي) . (*)
[ 10 ]
قال إمام عصره الشيخ " محمد أنور الكشميري ، ثم الديوبندى " رحمه الله تعالى : كان الحافظ جمال الدين الزيلعى ، من المشائخ الصوفية ، الذين ارتاضت نفوسهم بالمجاهدات ، وتزكت قلوبهم عن الرذائل والشهوات ، كما كان من أكابر المحدثين الحفاظ ، بحور العلم والحديث ، وترى من آثار تزكية نفسه أنه لا يتعصب المذهبه شيئا ، بل يمشى مع الخصوم ، ويسايرهم بغاية الانصاف . وبمثل هذه الميزة امتاز الشيخ الحافظ ، تقى الدين بن دقيق العيد ، رحمه الله ، وبين علماء عصره ، وكان هو أيضا من أكار الصوفية ، صاحب كرامات ، لا يتعصب لاهل مذهبه ، وربما يقصد في تحقيقه إفادة الحنفية وتاييدهم ، وحاشاه أن يبخس حقهم ، ومثله منا - في الجمع بين طريقة القوم ، وبين علوم الشريعة ، ثم النصفة والعدل - الشيخ المحقق ابن الهمام ، وصاحب " فتح القدير " ، ونقل عنه - رحمه الله - : أن الشيخ ابن الهمام كل ما ذكره في " فتحه " من أدلة مذهبنا ، مستفاد من تخريج الامام الزيلعى ، ولم يزد عليه دليلا ، إلا في ثلاث مواضع : منها مسالة المهر . وقدر ما يجب . أفاد الكوثري : أن من مؤلفات الامام الزيلعى مختصر " معاني الآثار " - للطحاوي ، وهو من محفوظات مكتبة - رواق الاتراك - بالازهر ، والكوبريلى - بالآستانة - اه‍ . أما وفاة هذا الامام الجليل ، فقد اتفقت كلمتهم ، ممن ترجم له - كابن حجر . وابن فهد . والسيوطي . والتميمى . والكفوى - على وفاته في " المحرم سنة اثنتين ، وستين ، وسبعمائة " - 762 - هجرية ، وزاد ابن فهد تعيينه : " بالحادي عشر من المحرم " ، ولم يتعرض أحد منهم ، لذكر تاريخ ولادته ، ولم أظفر بها ، مع تتبع ، ودفن بالقاهرة ، واتفقت به كلمة من تعرض لوفاته ، والعجب أنه لم يعين أحد قبره ، ولا جهته ، من أصحاب التراجم ، ورجال الطبقات ، والمؤلفين . في خطط القاهرة ، وآثار مصر : كالمقيزى . وغيره ، والمتصدين لذكر مزارات الاولياء ، وقبور الصالحين بالقاهرة ، كالسخاوي . وغيره ، إلا أن على باشا مبارك في " الخطط التوفيقية " ذكر عند ذكر ، شارع باب الوزير ، في : ص 103 - ج 2 ، عطفة الزيلعى ، وقال : عرفت يضريح الشيخ الزيلعى المدفون بها ، اه‍ . فلله أعلم . خصائص هذا الكتاب الجليل قد سمعت أوال علماء الامة ، وحفاظ الحديث في حق المؤلف ، الامام الحافظ الجهبذ ، وأغنتنا كلماتهم الموجزة عن الاطناب في مدحه ، بيد أنى أحاول أن أشير إلى لمعة من خصائص مؤلفه هذا ، " نصب الراية - لتخريج أحاديث الهداية " ، ليكون من بدء الامر ، بصيرة لاولى . الابصار ، وبصرا لارباب البصائر ، فيقع الكتاب في جذر
[ 11 ]
قلوبهم ، بانبلاج وانشراح . فمن خصائص هذا الكتاب ، إنه - كما أصبح ذخيرة نادرة للمذهب الحنفي - كذلك أصبح ذخيرة ثمينة لارباب المذاهب الاخرى ، من المالكى . والشافعي . والحنبلي ، فكما أن الحنفية يفتقرون إليه في التمسك بعراها الوثيقة ، كذلك أصحاب سائر المذاهب لا يستغنون عنه أبدا . ولا بدع لو قلت : إنه دائرة المعارف العامة ، لادلة فقهاء الامصار ، حيث أحاط بادلتها ، فلا يى الباحث فيها بخسا ولا رهقا . ومنها : - أن هذا الكتاب الفذ ، خدمة جليلة للاحاديث النبوية - على صاحبها الصلوات والتحيات - أكثر مما هو خدمة للمذهب الحنفي ، فليكن أمام الباحث الحثيث ، أنه كما يحتاج إليه الفقيه المتمسك بالمذهب ، كذلك يحتاج إليه المحدث ، فاصبح مقياسا ونبراسا للفقهاء ، والمحدثين . ومنها - أنه نفع الامة في الاحاديث ، بتعقبها بجرح وتعديل ، مع سرد الاسانيد ، ثم ذكر فقه الحديث وفوائده ، فالفقيه الباع ، يفوز باربه من فقه الحديث ، والمحدث الجهبذ ، يقضى وطره من أحوال الرواة ، ولطائف الاخبار ، والتحديث . ومنها - أنه وصل إلينا - بواسطة هذا العلق النفيس - نقول : من الكتب القيمة في الحديث ، التى أصبحت بعيدة شاسعة عن متناول أيدى أهل العلم ، وأبحاث سامية فيما يتعلق بالرجال ، من كتب أصاعتها يد الحدثان ، ولا نرى لها عينا ، غير أثر في الكتب الاثرية ، وكتب الطبقات والتراجم ، من ذكر أسمائها : " كصحيح " - أبى عوانة . " وصحيح " - ابن خزيمة . و " صحيح " - ابن السكن . وكثير من " المسانيد . والسنن . والمعاجم ، والخلافيات " - للبيهقي ، وعدة كتب من تصانيف أبى بكر الخطيب البغدادي ، وكتب ابن عدى ، وكتب ابن أبى حاتم ، وغيرهم . ومن كتب المتأخرين ، ككتاب " الالمام " ، و " الامام " - للحافظ تقى الدين بن دقيق العيد ، وكتب ابن الجوزى ، " كجامع المسانيد " ، و " كتاب التحقيق " ، وغيرها من كتب أعلام الامة ، ومعالم الاسلام . ومنها - أنه نرى فيه كلمات في موضوع الجرح والتعديل ، من أئمة الفن ، وجهابذة الحديث ، ونقدة الرجال ، مالا نشاهده في الذخيرة التى بين أيدينا ، من كتب أسماء الرجال المطبوعة المتداولة ، بحيث لو أفردت منه في جزء مجموع ، لاصبح كتابا ضخما في الموضوع . فهذه خصائص عندي ، كلها على حيالها ، مزايا على حدة ، وإليك فائدة من فوائد كتابه ، تمثيلا لما قلته .
[ 12 ]
فائدة : - ومجرد الكلام في الرجل لا يسقط حديثه ، ولو اعتبرنا ذلك لذهب معظم السنة ، إذ لم يسلم من كلام الناس ، إلا من عصمه الله ، بل خرج في " الصحيح " لخلق ممن تكلم فيهم ، ومنهم جعفر بن سليمان الضبعى . والحارث بن عبد الايادي . وأيمن بن نابل الحبشى . وخالد بن مخلد القطوانى . وسويد بن سعيد الحرثانى . ويونس ابن أبى إسحاق السبيعى . وغيرهم ، ولكن صاحبا الصحيح رحمهما الله إذ أخرجا لمن تكلم فيه ، فانهم ينتقون من حديثه ما توبع عليه ، وظهرت شواهده ، وعلم أن له أصلا ، ولا يروون ما تفرد به ، سيما إذا خالفه الثقات ، كما أخرج مسلم لابي أويس حديث : " قسمت الصلوة بينى وبين عبدى " : لانه لم يتفرد به ، بل رواه غيره من الاثبات ، كمالك . وشعبة . وابن عيينة ، فصار حديثه متابعة ، وهذه العلة راحت على كثير ممن استدرك على " الصحيحين " فتساهلوا في استدراكهم ، ومن أكثرهم تساهلا ، الحاكم أبو عبد الله في " كتابه المستدرك " ، فانه يقول : هذا حديث على شرط الشيخين ، أو أحدهما ، وفيه هذه العلة إلا يلزم من كون الرواى محتجا به في الصحيح أنه إذا وجد في أي حديث ، كان ذلك الحديث على شرطه لما بيناه ، بل الحاكم كثيرا ما يجئ إلى حديث لم يخرج لغالب رواته في الصحيح ، كحديث روى عن عكرمة عن ابن عباس ، فيقول : هذا على شرط البخاري " يعنى لكون البخاري أخرج لعكرمة " ، وهذا أيضا تساهل ، وكثيرا ما يخرج حديثا بعض رجاله للبخاري ، وبعضهم لمسلم ، فيقول : هذا على شرط الشيخين ، وهذا أيضا تساهل ، وربما جاء إلى حديث فيه رجل قد أخرج له صاحبا " الصحيح " عن شيخ معين لضبطه حديثه وخصوصيته به ، ولم يخرجا حديثه عن غيره لضعفه فيه ، أو لعدم ضبطه حديثه ، أو لكونه غير مشهور بالرواية عنه ، أو لغير ذلك ، فيخرجه هو عن غير ذلك الشيخ ، ثم يقول : هذا على شرط الشيخين ، أو البخاري . أو مسلم ، وهذا أيضا تساهل ، لان صاحبي " الصحيح " لم يحتجا به إلا في شيخ معين ، لا في غيره ، فلا يكون على شرطهما ، وهذا كما أخرج البخاري . ومسلم حديث خالد بن مخلد القطوانى عن سليمان بن بلال . وغيره ، ولم يخرجا حديثه عن عبد الله بن المثنى ، فان خالدا غير معروف بالرواية عن ابن المثنى ، فإذا قال قائل في حديث يرويه خالد بن مخلد عن ابن المثنى : هذا على شرط البخاري . ومسلم ، كان متساهلا ، وكثيرا ما يجئ إلى حديث فيه رجل ضعيف ، أو متهم بالكذب ، وغالب رجاله رجال الصحيح ، فيقول : هذا على شرط الشيخين . أو البخاري . أو مسلم ، وهذا أيضا تساهل فاحش ، ومن تأمل كتابه " المستدرك " تبين له ما ذكرناه ، قال ابن دحية في كتابه " العلم " المشهور : ويجب على أهل الحديث أن يتحفظوا من قول الحاكم أبى عبد الله ، فانه كثير الغلط ظاهر السقط ، وقد غفل عن ذلك كثير ممن جاء بعده ، وقلده في ذلك .
[ 13 ]
ثم ذلك إلماع إلى أمهات الخصائص ، لا حاجة بنا إلى استيفاء الاطراف ، بعد الايماض إلى اللباب ، فقد أبدى الصريح عن الرغوة ، وما يوم حليمة بسر ، فنرجو الله سبحانه التوفيق ، وإصابة الغرض ، ونجاح العمل ، والله الموفق . تلخيص الكتاب ، وتذبيله ثم ليعلم أن الحافظ ابن حجر قد لخص هذا الكتاب ، وسماه " الدراية - في تلخيص نصب الراية " وسمعت من شيخنا إمام العصر مولانا " محمد أنور " رحمه الله : أن الحافظ ما أجاد في تلخيصه ، كما كان يرجى من براعته في التنفقيح والتحرير ، وعلو كعبه في التلخيص ، وغادر كثيرا من غرر النقول التى ما كان يحرى تركها ، وقد طبع هذا التلخيص مرتين - بالهند - ، وسموه في طبعه " نصب الراية ، وطبع أيضا على هوامش " الهداية " . هذا ، وللشيخ المحدث " قاسم بن قطلوبغا " الحنفي ، ذيل على هذا التخريج ، سماه : " منية الالمعى فيما فات من تخرج أحاديث الهداية - للزيلعى " . ولقد طبع كتاب الهداية أكثر من مرة ، وكتاب نصب الراية مرتين الاولى نادرة لم أظفر بها ، والثانية مجودة عن الطبعة الاولى بعناية المجلس العلمي بالهند قدمهما بفوائد ودرر مهمة للغاية لذا رأيت رسمها سيماهم الاحناف وهم القوم لتقديم هذا المرجع الهام فاليك رسمها : تقدمة (1) " نصب الراية " وكلمة عن فقه أهل العراق بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذى أعلى منازل الفقهاء ، إعلاء يوازن ما لهم من الهمم القعساء ، في خدمة الحنيفية السمحة البيضاء ، والصلوة والسلام على سيدنا محمد خاتم الانبياء ، (1) تحتوى على مزية تخريج الحافظ الزيلعى على تخاريج سائر حفاظ الحديث ، وكلمة في القياس والاستحسان ، وبيان حقيقة الرأى في نظر السلف ، وذكر مزية الكوفة على سائر البلاد ، في عهد الصحابة ، وبعده ، قرآنا ، وسنة ، وفقها ، وتحديثا ، وعربية ، وغيرها ، وذكر الحافظ ، والمحدثين من الحنفية في العصور المختلفة ، وكلمة في الجرح والتعديل . وهذه جواهر ودرر من الحقائق الناصعة التاريخية ، التى لا مجال للكلام فيها ، عند البصير المنصف ، وغرر نقول من الاكابر مالا يتلقاه إلا أمثالهم . جاد بها قلم المحقق النظار ، المحنك المتبحر . الاستاذ الكبير الشيخ " محمد زاهد الكوثري " في عجلة المستوفز بالتماس " المجلس العلمي " من فضيلته ، طالت حياته في عافية " البنورى " .
[ 14 ]
وسند الاتقياء ، ومخرج الامة من الظلمات إلى النور والضياء ، وعلى آله وصحبه ، السادة النجباء ، والقادة الاصفياء ، شموس الهداية ، وبدور الاهتداء ، الناضرى الوجوه ، بتبليغ ما بلغوه من أدلة الشريعة الغراء . وبعد : فان كتاب " نصب الراية - لتخريج أحاديث الهداية " للامام الحافظ الفقيه الناقد الشيخ " عبد الله بن يوسف الزيعلى " - أعلى الله سبحانه منزلته في الجنة - كتاب لا نظير له في استقضاء أحاديث الاحكام ، حيث كان مؤلفه لا يفتر ساعة عن البحث ، ولا يعوقه عن التنقيب عائق ، ولا دون فحصه تواكل ، ولا تكاسل ، ولا يزهده في الاخذ عن أقرانه ، وعمن هو دونه كبر النفس ، وسعته في العلم ، بل طريقته الدأب ، ليل نهار ، على نشدان طلبة ، أينما وجد ضالته ، وهذا الاخلاص العظيم ، وهذا البحث البالغ ، جعلا لكتابه من المنزلة في قلوب الحفاظ ، مالا تساميه منزلة كتاب من كتب التخريج ، والحق يقال : إنه لم يدع مطمعا لباحث وراء بحثه وتنقيبه ، بل استوفى في الابواب ذكر ما يمكن لطوائف الفقهاء أن يتمسكوا به على اختلاف مذاهبهم ، من أحاديث ، قلما يهتدى إلى جميع مصادرها أهل طبقته ، ومن بعده من محدثي الطوائف ، إلا من أجهد نفسه إجهاده ، وسعى سعيه لوجود كثير منها في غير مظانها ، بل قل من ينصف إنصافه ، فيدون أدلة الخصوم تدوينه ، غير مقتصر على أحاديث طائفة دون طائفة ، مع بيان مالها وما عليها ، بغاية النصفة ، بخلاف كثير ممن ألفوا في أحاديث الاحكام في المذاهب ، فانك تراهم يغلب عليهم التقصير في البحث ، أو السير وراء أهواء ، والتقصير في البحث ، يظهر المسالة القوية الحجة بمظهر أنها لا تدل عليها حجة ، والسير وراء هوى ، تعصب ياباه أهل الدين ، وأخطر ما يغشى على بصيرة العالم عند النظر في الادلة ، هو التعصب المذهبي ، فانه يلبس الضعيف لباس التقوى ، والقوى لباس الضعيف ، ويجعل الناهض من الحجة داحضا ، وبالعكس ، وليس ذلك شان من يخاف الله في أمر دينه ، ويتهيب ذلك اليوم الرهيب الذى يحاسب فيه كل امرى على ما قدمت يداه ، فإذا وجد المتفقه من هو واسع العلم ، غواص لا يتغلب عليه الهوى ، بين حافظ الحديث ، فليعض عليه بالنواجذ ، فان ذلك ، الكبريت الاحمر بينهم ، والحافظ الزيعلى هذا ، جامع لتلك الاوصاف حقا ، ولذلك أصبحت أصحاب التخاريج بعده عالة عليه ، فدونك كتب : البدر الزر كشى . وابن الملقن . وابن حجر . وغيرهم ، الذين يظن بهم أنهم يحلقون في سماء الاعجاب ، ويناطحون السحاب ، وقارنها بكتب الزيعلى ، حتى تتيقن صدق ما قلنا ، بل إذا فعلت ذلك ربما تزيد ، وتقول : إن سدى تلك الكتاب ولحمتها ، كتب الزيعلى إلا في التعصب المذهبي ، وكتاب الزيعلى هذا يجد فيه نقاوة ما خرجه ابن عبد البر في " التمهيد " . و " الاستذكار " ، وخلاصة ما بسطه
[ 15 ]
عبد الحق في كتبه ، في أحاديث الاحكام ، والشافعي يرى فيه غربلة ما خرجه البيهقى في " السنن " . و " المعرفة " . وغيرهما ، وتمحيص ما ذكره النووي في " المجموع " . و " شرح مسلم " ، واستعراض ما بينه ابن دقيق العيد في " الالمام " . و " الامام " . و " شرح العمدة " ، وكذلك الحنبلى يلاقى فيه وجوه النقد في " كتاب التحقيق " - لابن الجوزى . و " تنقيح التحقيق " . لابن عبد الهادى ، وغير ذلك من الكتب المؤلفة في أحاديث الاحكام ، بل يجد الباحث فيه سوى ما في الصحاح ، والسنن . والمسانيد . والآثار . والمعاجم ، من أدلة الاحاكام أحاديث في الابواب ، من مصنف ابن أبى شيبة - أهم كتاب في نظر الفقيه - . ومصنف عبد الرزاق . ونحوهما ، مما ليس بمتناول يد كل باحث اليوم ، مع استيفاء الكلام في كل حديث ، من أقوال أئمة الجرح والتعديل ، ومن كتب العلل المعروفة ، وهذا مما جعل لهذا الكتاب ميزة عظمي بين كتب التخاريج . ولا أريد بهذا ، الثناء على كتابه تثبيط العزائم وتخدير الهمم ، ولا إنكار أنه لا نهاية لما يفيض الله سبحانه على أهل العزيمة الصادقة من خبايا العلوم ، ولا نفى أن في كتب من بعده بعض فوائد ، يشكر مؤلفوها عليها ، ويزداد استقاء إمثالها من ينابيعها الصافية ، عند مضاعفة السعي ، وصدق العزيمة وإنما قلت ما قلت ، إعطاء لكل ذى حق حقه ، وإجلالا للعلم ، واستنهاضا للهمم ، نحو محاولة الاستدراك ، على مثل هذا العالم الجليل . وهذا حافظ واحد من حفاظ الحنفية ، قام بمثل هذا العمل العظيم الذى وقع موقع الاعجاب الكلى بين طوائف الفقهاء كلهم ، في عصره ، وبعد عصره ، فمن قلب صحائف هذا الكتاب ، ودرس ما في الابواب كلها ، لكن لا تخلو البسيطة من متعنت يتقول فيهم ، إما جهلا . أو عصبية جاهلية ، فمرة يتكلمون في أخذهم بالرأى ، عند فقدان النص ، مع أنه لا فقه بدون رأى ، ومرة يرمونهم بقلة الحديث ، وقد امتلات الامصار باحاديثهم ، وأخرى يقولون : إنهم يستحسنون ، ومن استحسن فقد شرع ، وأين يكون موقع هذا الكلام من الصدق ؟ ! بعد الاطلاع على لكامهم في الاستحسان ، وكيف يستطيع القائل بالقياس رد الاستحسان ؟ والشرع لله وحده . إنما الرسول صلوات الله عليه - مبلغه ، وقصارى ما يعمل الفقيه فهم النصوص فقط ، فمن جعل للفقيه حظا من التشريع ، لم يفهم الفقه والشرع ، بل ضل السبيل ، وجعل شرع الله من الاوضاع البشرية ، وحاش لله أن يجعل للبشر دلا في شرعه ووحيه . هذا ، وقد رأيت تفنيد تلك التقولات ، بسرد مقدمات في الرأى والاجتهاد ، وفى الاستحسان الذى يقول به الحنفية ، وفى شروط قبول الاخبار عندهم ، وفى منزلة الكوفة من علوم القرآن . والحديث . والعلوم العربية . والفقه . وأصوله ، وكون الكوفة ينبوع الفقه المشرق ، من بلاد المشرق ، المنتشر في قارات الارض كلها ، وميزة مذهب -
[ 16 ]
أهل العراق على سائر المذاهب ، ومبلغ اتاعهم في الحفط ، وكثرة الحفاظ بينهم من أقدم العصور الاسلامية إلى عصرنا هذا ، زيادة على ما لهم من الفهم الدقيق ، والغوص في المعاني ، وقد اعترف لهم بذلك كل الخصوم ، ونظرة عجلى في كتب الجرح والتعديل ، والله سبحانه حسبى ، ونعم الوكيل . الرأى والاجتهاد وردت في الرأى ، آثار تذمه . وآثار تمدحه ، والمذموم هو الرأى عن هوى ، والممدوح هو اسنباط حكم النازلة من النص ، على طريقة فقهاء الصحابة . والتابعين . وتابعيهم ، برد النظير إلى نظيره ، في الكتاب ، والسنة . وقد خرج الخطيب غالب تلك الآثار في " الفقيه والمتفقه " ، وكذا ابن عبد البر ، مع بيان موارد تلك الآثار . والقول المحتم في ذلك : إن فقهاء الصحابة . والتابعين . وتابعيهم ، جروا على القول بالرأى بالمعنى الذى سبق " أعنى استنباط حكم النازلة من النص " ، وهذا من الاجماعات التى لا سبيل إلى إنكارها ، وقد قال الامام أبو بكر الرازي في " الفصول " ، بعد أن سرد ما كان عليه فقهاء الصحابة . والتابعين من القول بالرأى : " إلى أم أن نشا قوم ذو جهل بالفقه وأصوله ، لا معرفته لهم بطريقة السلف ، ولا توفى للاقدام على الجهالة ، واتباع الاهواء البشعة التى خالفوا بها الصحابة ، ومن بعدهم من أخلافهم ، فكان أول من نفى القياس والاجتهاد في أحكام الحوادث ، وإبراهيم النظام ، وطعن على الصحابة من أجل قولهم بالقياص ، ونسبهم إلى ما لا يليق بهم ، وإلى ضد ما وصفهم الله به ، وأثنى به عليهم - بتهوره وقلة علمه بهذا الشان - ، ثم تبعه على هذا القول نفر من المتكلمين البغداديين ، إلا أنهم لم يطعنوا على السلف كطعنه ، ولم يعيبوهم ، لكنهم ارتكبوا من المكابرة ، وجحد الضرورة أمرا بشعا ، فرارا من الطعن على السلف ، في قولهم بالاجتهاد والقياس ، وذلك أنهم زعموا أن قول الصحابة في الحوادث كان على وجه التوسط والصلح بين الخصوم . . . لا على وجه قطع الحكم ، وإبرام القول ، فكأنهم قد حسنوا مذهبهم بمثل هذه الجهالة ، وتخلصوا من الشناعة التى لحقت النظام بتحطئته السلف ، ثم تبعهم رجل من الحشو جهول ، ييد - داود بن على - لم يدر ما قال هؤلاء ، ولا ما قال هؤلاء ، وأخذ طرفا من كلام النظام ، وطرفا من كلام متكلمي بغداد ، من نقاة القياس ، فاحتج به في نفى القياس والاجتهاد ، مع جهله بما تكلم به الفريقان ، من مثبتى القياس ، ومبطليه ، وقد كان مع ذلك ينفى حجج القول ، ويزعم أن العقل لا حظ له في إرداك شئ من علوم الدين ، فانزل نفسه منزلة البهيمة بل هو أضل منها ، ا ه‍ " ، وأبو بكر الرازي أطال النفس جدا في إقامة الحجة على حجية الرأى والقياس ، بحيث لا يدع أي مجال للتشغيب ضد حجيته ، فالرأى بهذا المعن ، وصف مادح يوصف به كل فقيه ، ينبئ عن دقة الفهم ، وكمال الغوص ، ولذلك تجد ابن قتيبة يذكر في " كتاب المعارف " الفقهاء
[ 17 ]
بعنوان أصحاب الرأى ، ويعد فيهم الاوزاعي . وسفيان الثوري . ومالك بن أنس رضى الله عنهم ، وكذلك تجد الحافظ محمد بن الحارث الخشنى ، يذكر أصحاب مالك في " قضاة قرطبة " باسم أصحاب الرأى ، وهكذا يفعل أيضا الحافظ أبو الوليد بن الفرضى في " تاريخ علماء الاندلس " ، وكذلك الحافظ أبو الوليد الباجى ، يقول في شرح حديث الداء العضال من " الموطا " في صدد الرد على ما يرويه النقلة عن مالك ، في تفسير الداء العضال : ولم يرو مثل ذلك عن مالك أحد من أهل الرأ من أصحابه " يعنى أهل الفقه ، من أصحاب مالك " إلى غير ذلك ، مما لا حاجة إلى استقصائه هنا . وبهذا يتبين إن تنزيل الآثار الواردة في ذم " الرأى عن هوى " في فقه الفقهاء ، وفى ردهم النوازل التى لا تنتهى إلى انتهاء تاريخ البشر ، إلى المنصوص في كتاب الله ، وسنة رسوله ، إنما هو هوى بشع ، تنبذه حجج الشرع ، وأما تخصيص الحنفية بهذا الاسم ، فلا يصح إلا بمعنى البراعة البالغة في الاستنباط ، فالفقه حيثما كان يصحبه الرأى ، سواء كان في المدينة أو في العراق ، وطوائف الفقهاء كلهم إنما يختلفون في شروط الاجتهاد ، بما لاح لهم من الدليل ، وهم متفقون في الاخذ بالكتاب . والسنة . والاجماع . والقياس ، ولا يقتصرون على واحد منها . وأما أهل الحديث فهم الرواة النقلة ، وهم الصيادلد ، كما أن الفقهاء هم الاطباء ، كما قال الاعمش ، فإذا اجترأ على الافتاء أحد الرواة الذين لم يتفقهوا ، يقع في مهزلة ، كما نص الرامهرمزى في " الفاصل " . وابن الجوزى في " التلبيس " . و " أخبار الحمقى " . والخطيب في " الفقيه والمتفقه " ، على نماذج من ذلك ، فذكر مدرسة للحديث هنا ، مما لا معنى له (1) ، قال سليمان بن عبد القوى الطوفى الحنبلى في شرح " مختصر الروضة " - في أصول الحنابلة : " وأعلم أن أصحاب الرأى بحسب الاضافة ، هم كل من تصرف في الاحكام بالرأى ، فيتناول جميع علماء الاسلام ، لان كل واحد من المجتهدين لا يستغنى في اجتهاده عن نظر ورأى ، ولو بتحقيق المناط ، وتنقيحه الذى لا نزاع في صحته ، وأما بحسب العلمية فهو في عرف السلف " من الرواة " بعد محنة خلق القرآن ، علم على أهل العراق ، وهم أهل الكوفة ، وأبو حنيفة ، ومن تابعه منهم . . . وبالغ بعهم في التشنيع عليه . . . وإنى ، والله لا أرى إلا عصمته مما قالوه ، وتنزيهه عما إليه نسبوه ، وجملة القول فيه : إنه قطعا ، لم يخالف السنة عنادا ، وإنما خالف فيما خالف منها اجتهادا ، بحجج واضحة ، ودلائل صالحة لائحة ، وحججه بين أيدى الناس موجودة ، وقل أن ينتصف منها مخالفوه ، وله بتقدير الخطا أجر ، وبتقدير الاصابة أجران ، والطاعنون عليه إما حساد . أو جاهلون بمواقع الاجتهاد ، وآخر ما صح عن الامام أحمد رضى الله عنه إحسان القول فيه ، والثناء عليه ، ذكره أبو الورد من أصحابنا في " كتاب أصول الدين " ، ا ه‍ . وقال الشهاب بن (1) تنبيه على رد ما قاله بعض أهل العصر في بعض كتبه " البنورى " .
[ 18 ]
حجر الملكى الشافعي في " خيرات الحسان " : ص 30 : " يتعين عليك أن لا تفهم من أقوال العلماء - أي المتأخرين من أهل مذهبه - عن أبى حنيفة . وأصحابه أنهم أصحاب الرأى ، أن مرادهم بذلك تنقيصهم ، ولا على قول أصحابه ، لانهم برآء من ذلك ، ثم بسط ما كان عليه أبو حنيفه . وأصحابه في الفقه ، من الاخذ بكتاب الله ، ثم بسنة رسوله ، ثم باقوال الصحابة ، ردا على من توهم خلاف ذلك ، ولا أنكر أن هناك أناسا من الرواة الصالحين ، يخصون أبا حنيفة . وأصحابه بالوقيعة من بين الفقهاء ، وذلك حيث لا ينتبهون إلى العلل القادحة في الاخبار ، التى تركها أبو حنيفة . وأصحابه ، فيظنون بهم أنهم تركوا الحديث إلى الرأى ، و كثيرا ما يعلو على مداركهم وجه استنباط هؤلاء ، الحكم من الدليل ، لدقة مداركهم ، وجمود قرائح النقلة ، فيطعنون في الفقهاء أنهم تركوا الحديث إلى الرأى ، و هذا النبز منهم لا يؤذي سوى أنفسهم . وأما ابن حزم فقد تبرأ من القياس جملة و تفصيلا ، فحظ أبى حنيفة . وأصحابه من شتائمه مثل حظ باقى الائمة القائلين بالقياس . والقاضى أبو بن العربي ممن قام بواجب الرد عليه في " العواصم و القواصم " ، وليس لابن حزم شبه دليل ، فيما يدعيه من نفى القياس ، غير المجازفة بنفى ما ثبت من الصحابة في حجية القياس ، وغير الاجتراء على تصحيح روايات واهية ، وردت في رد القياس ، والغيب أن بعض أصحاب - المجلات - ممن لم ينشا نشاة العلماء اتخذ مجلته منبرا يخطب عليه للدعوة إلى مذهب ، لا يدرى أصله ولا فرعه ، فالف قبل عشر سنوات رسالة في " أصول التشريع العام " وجمع فيها آراء ابن حزم في نفى القياس ، وآراء بعض مثبتيه ، على طريق غير طريق الائمة المتبوعين ، وآراء أخرى لبعض الشذاذ ، يبنى مذهبه على ما يعده مصلحة فقط ، وإن خالف صريح الكتاب والسنة ، فصار بذلك جامعا لاصول متضادة ، تتفرع عليها ، فروع متضادة ، لا يجتمع مثلها ، إلا في عقل مضطرب ، وما هذا إلا من قبيل محاولة استيلاد البشر من البقر ، ونحوه ، فترى ابن حزم يحتج في نفى القياس بحديث " نعيم بن حماد " الذى سقط نعيم بروايته ، عند جمهرة النقاد ، وليس ابن حزم على علم من ذلك ! وهذا مما يعرفه صغار أهل الحديث من المشارقة ، وهو حديث قياس الامور بالرأى ، وفى سنده أيضا حريز الناصبي " ، وإن كان الصحافي - المتمجهد ! - يجعله : جريا ، ويزيد على حجة ابن حزم حجة أخرى ، وهى حديث : سبايا الامم في " ابن ماجه " ويرى - الصحافي - أنه حسن ، مع أن في سنده " سويدا " ، وفيه يقول ابن معين : حلال الدم . وأحمد : متروك الحديث ، وفيه أيضا ابن أبى الرجال ، وهو متروك ، عند النسائي ، ومنكر الحديث ، عند البخاري ، ويتصور فريقين من الفقهاء ، أهل رأى ، وأهل حديث ، وليس لهذا أصل بالمرة ، وإنما هذا خيال بعض متأخري الشذاذ ، أخذا من كلمات بعض جهلة النقلة ، بعد محنة أحمد ، وأما ما وقع في كلام إبراهيم النخعي . وبعض أهل
[ 19 ]
طبقته من القول : بان أهل الرأى أعداء السنن ، فبمعنى الرأى المخالف للسنة المتوارثة في المعتقد يعنون به الخوارج . والقدرية . والمشبهة . ونحوهم من أهل البدع ، لا بمعنى الاجتهاد في فروع الاحكام ، وحمله على خلاف ذلك تحريف للكلم عن مواضعه ، فكيف ! والنخعي نفسه . وابن المسيب نفسه من أهل القول بالرأى في الفروع ، رغم انصراف المتخيلين ، خلاف ذلك . ويحاول ابن حزم أن يكذب كل ما يروى عن الصحابة في القياس ، لا سيما حديث عمر ، مع أن الخطيب . وغيره يروون عنه بطرق كثيرة ، بالفاظ متقاربة ، وكذا عن باقى الصحابة ، قال الخطيب ، بعد أن روى حديث معاذ في اجتهاد الرأى في " الفقيه والمتفقه " : وقول الحارث بن عمرو عن أناس من أصحاب معاذ ، يدل على شهرة الحديث ، وكثرة رواته ، وقد عرف فضل معاذ ، وزهده والظاهر من حال أصحابه ، الدين . والثقة . والزهد . والصلاح ، وقد قيل : إن عبادة بن نسى ، رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ ، وهذا إسناد متصل ، ورجاله معروفون بالثقة ، على أن أهل العلم قد تقبلوه ، واحتجوا به ، فوقفنا بذلك على صحته عندهم ، ا ه‍ . ومثله بل ما هو أو في منه ، مذكور في فصول أبى بكر الرازي ، وقد سبقت كلمته في " نفاة القياس " ، وليس هذا موضع بسط لذلك ، فليراجع فصول أبى بكر الرازي . و " الفقيه والمتفقه " - للخطيب ، من أراد معرفة طرق الروايات القاضية على مجازفات الظاهرية ، وأذيالهم ، وولعل هذا القدر كاف هاهنا . الاستحسان ظن أناس ممن لم يمارس العلم ، ولم يؤت الفهم ، أن الاستحسان عند الحنفية هو الحكم بما يشتهيه الانسان ، ويهواه ، ويلذه ، حتى فسره ابن حزم في " أحكامه " بانه ما اشتهته النفس ووافقها ، خطا ، كان ، أو صوابا ، لكن لا يقول بمثل هذا الاستحسان فقيه من الفقهاء ، فلو كان هذا مراد الحنفية بالاستحسان ، لكان للمخالفين ، ملء الحق ، في تقريعهم ، والرد عليهم ، إلا أن المخالفين ساءت ظنونهم ، وطاشت أحلامهم ، ففوقوا سهاما إليهم ، ترتد إلى أنفسهم ، وذلك لتقاصر أفهامهم عن إدراك مرامهم ، ودقة مدرك هذا البحث في حد ذاته ، وليس بين القائلين بالقياس من لا يستحسن بالمعنى الذى يريده الحنيفة ، وهذا الموضع لا يتسع لذكر نماذج من مذاهب الفقهاء ، في الاخذ بالاستحسان ، وإبطال الاستحسان ما هو إلا سبق قلم ممن الامام الشافعي رضى الله عنه ، فلو صحت حججه في إبطال الاستحسان ، لقضت على القياس الذى هو مذهبه ، قبل أن يقضى على الاستحسان . ومن الحكايات الطريفة في هذا الباب ، ما يروى عن إبراهيم بن جابر ، أنه لما ساله أحد كبار القضاة في عهد المتقى لله العباسي ، عن سبب انتقاله من مذهب الشافعي إلى مذهب أهل الظاهر ، جاوبه قائلا : " إنى قرأت إبطال الاستحسان للشافعي ، فرأيته
[ 20 ]
صحيحا في معناه ، إلا أن جميع ما احتج به في إبطال الاستحسان هو بعينه يبطل القياس ، فصح به عندي بطلانه " ، كانه لم يرد أن يبقى في مذهب يهد بعضه بعضا ، فانتقل إلى مذهب يبطلهما معا ، لكن القياس . والاستحسان كلاهما بخير ، لم يبطل واحد منهما بالمعنى الذى يريده القائلون بهما ، بل الخلاف بين أهل القياس في الاستحسان ، لفظي بحت ، وأود أن أسوق بعض كلمات من فصول أبى بكر الرازي ، لتنوير المسالة ، لانه من أحسن من تكلم فيه باسهاب مفهوم - فيما أعلم - ، وهو يقول في الفصول في بحث الاستحسان : " وجميع ما يقول فيه أصحابنا بالاستحسان ، فانهم قالوه مقرونا بدلائله وحججه ، لا على جهة الشهوة ، واتباع الهوى ، ووجوه دلائل مسائل الاستحسان موجودة في الكتب التى عملناها ، في شرح كتب أصحابنا ، ونحن نذكر هنا جملة تفضى بالناظر فيها إلى معرفة حقيقة قولهم في هذا الباب ، بعد تقدمة القول في جواز إطلاق لفظ الاستحسان ، فنقول : لما كان ما حسنه الله تعالى باقامته الدلائل على حسنه ، مستحسنا جاز لنا إطلاق لفظ الاستحسان ، فيما قامت الدلالة بصحته ، وقد ندب الله تعلى إلى فعاله ، وأوجب الهدايد لفاعله ، فقال عز من قائل : (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله ، واولئك هم أولو الالباب) وروى عن ابن مسعود ، وقد روى مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " ما رآه المسلمون حسنا ، فهو عند الله حسن ، وما رآه المؤمنون سيئا ، فهو عند الله سيئ " ، فإذا كنا قد وجدنا لهذا اللفظ أصلا في الكتاب . والسنة ، لم يمنع إطلاقه في بعض ما قامت عليه الدلالة بصحته على جهة تعريف المعنى وإفهام المراد . . . ثم ليس يخلو العائب للاستحسان من أن ينازعنا في اللفظ ، أو في المعنى ، فان نازعنا في اللفظ ، فاللفظ مسلم له ، فليعبر هو بما شاء ، على أنه ليس للمنازعة في اللفظ وجه ، لان لكل أحد أن يعبر عن المعنى بما عقله من المعنى ، بما شاء من الالفاظ ، لا سيما بلفظ يطابق معناه في الشرع ، وفى اللغة ، وقد يعبر الانسان عن المعنى بالعربية تارة ، وبالفارسية أخريه ، فلا ننكره ، وقد أطلق الفقهاء لفظ الاستحسان في كثير من الاشياء ، وقد روى عن إياس بن معاوية أنه قال : " قيسوا القضاء ، ما صلح الناس ، فإذا فسدوا ، فاستحسنوا " ، ولفظ الاستحسان موجود في كتب مالك بن أنس ، وقال الشافعي : أستحسن أن تكون المتعة ثلاثين درهما ، فسقط بما قلنا ، المنازعة في إطلاق الاسم ، أو منعه ، وإن نازعنا في المعنى ، فانما لم يسلم خصمنا تسليم المعنى لنا ، بغير دلالة ، وقد اصطحب جميع المعاني التى نذكرها ، مما ينتظمه لفظ الاستحسان ، عند أصحابنا ، إقامة الدلالة على صحته ، وإثباته بحجته ، ولفظ الاستحسان يكتنفه معنيان : أحدهما : استعمال الاجتهاد . غلبة الرأى في إثبات المقادير ، الموكولة إلى اجتهادنا وآرائنا ، نحو تقدير متعة المطلقات ، قال الله تعالى : (فمتعوهن ، على الموسع قدره ،
[ 21 ]
وعلى المقتر قدره ، متاعا بالمعروف حقا على المحسنين) ، فاوجبها على مقدار يسار الرجل وإعساره ، ومقدارهما غير معلوم ، إلا من جهة أغلب الرأى ، وأكثر الظن ، ونظيرها أيضا ، نفقات الزوجات ، قال الله تعالى : (وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف) ، ولا سبيل إلى إثبات المعروف من ذلك ، إلا من طريق الاجتهاد ، وقال تعالى : (ومن قتله منكم متعمدا ، فجزاء مثل ما قتل من النعم ، يحكم به ذوا عدل منكم ، هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين ، أو عدل ذلك صياما) ، ثم لا يخلو المثل المراد بالآية ، من أن يكون القيمة ، أو النظير من النعم على حسب اختلاف الفقهاء فيه ، وأيهما كان ، فهو موكول إلى اجتهاد العدلين ، وكذلك أروش الجنايات التى لم يرد في مقاديرها نص ، ولا اتفاق ، ولا تعرف إلا من طريق الاجتهاد ، ونظائرها في الاصول أكثر من أن تحصى ، وإنما ذكرنا منها مثالا يستدل به على نظائره ، فسمى أصحابنا هذا الضرب من الاجتهاد استحسانا ، وليس في هذا المعنى خلاف بين الفقهاء ، ولا يمكن أحدا منهم القول بخلافه ، وأما المعنى الآخر من ضربي الاستحسان ، فهو ترك القياس ، إلى ما هو أولى منه ، وذلك على وجهين : أحدهما : أن يكون فرع يتجاذبه أصلان ، فيجب إلحاقه به ، وأغمض ما يجئ من مسائل الفروع ، وأدقها مسلكا ، ما كان من هذا القبيل ، ووقف هذا الموقف ، لانه محتاج في ترجيح أحد الوجهين على الآخر ، إلى إنعام النظر ، واستعمال الفكر ، والروية ، في إلحاقه باحد الاصلين دون الاخر . . . فنظير الفرع الذى يتجاذبه أصلان ، فيلحق باحدهما دون الآخر ، ما قال أصحابنا ، في الرجل يقول لامرأته : إذا حضت ، فانت طالق ، فتقول : قد حضت : إن القياس أن لا تصدق حتى يعلم وجود الحيض منها ، أو يصدقها الزوج ، إلا أنا نستحسن ، فنوقع الطلاق . قال محمد : وقد ندخل في هذا الاستحسان بعض القياس ، قال أبو بكر : أما قوله : إن القياس أن لا تصدق ، فان وجهه أنه قد ثبت باصل متفق عليه ، أن المرأة لا تصدق في مثله في إيقاع الطلاق عليها ، وهو : الرجل يقول لامرأته : إن دخلت الدار ، فانت طالق ، وإن كلمت زيدا ، فانت طالق ، فقالت بعد ذلك : قد دخلتها بعد اليمين ، أو كلمت زيدا ، وكذبها الزوج ، إنها لا تصدق ، ولا تطلق حتى يعلم ذلك ببينة ، أو باقرار الزوج شرطا لايقاع الطلاق ، وكما أنه لو قال لها : إذا حضت ، فان عبدى حر ، إو قال : فامرأتي الاخرى طالق ، فقالت : حضت ، وكذبها الزوج ، لم يعتق العبد ، ولم تطلق المرأة الاخرى ، فقد أخذت هذه الحادثة شبها من هذه الاصول التى ذكرنا ، فلو لم يكن لهذه الحادثة غير هذه الاصول لكان سبيلها أن تلحق بها ، ويحكم لها بحكمها ، إلا أنه قد عرض لها أصل آخر ، منع إلحاقها بالاصل
[ 22 ]
الذى ذكرنا ، وأوجب إلحاقها بالاصل الثاني ، وهو أن الله تعالى لما قال : (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) ، وروى عن السلف ، أنه أراد : من الحيض والحبل ، وعن أبى بن كعب أنه قال : " من الامانة أن ائتمنت المرأة على فرجها " ، دل وعظه إياها ، ونهيه لها عن الكتمان ، على قبول قولها في براءة رحمها من الحبل ، وشغلها به ، ووجود الحيض وعدمه ، كما قال تعالى في الذى عليه الدين : (فليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا) ، فوعظه ونهاه عن البخس والنقصان ، علم أن المرجع إلى قوله في مقدار الدين ، فصارت الآية التى قدمنا إصلا في قبول قول المرأة ، إذا قالت : قد طهرت ، حل لزوجها قربها ، وكذلك إذا قالت ، وهى معتدة : قد انقضت عدتي ، صدقت في ذلك ، وانقطعت رجعة الزوج عنها ، وانقطاع الزوجية بينهما ، وكان المعنى في ذلك أن انقضاء العدة بالحيض معنى يخصها ، ولا يعلم إلا من جهتها ، فيوجب على ذلك إذا قال الزوج : إذا حضت ، فانت طالق ، فقالت : قد حضت ، أن تصدق في باب وقوع الطلاق عليها ، كما صدقت في انقضاء العدة ، مع إنكار الزوج ، لان ذلك معنى يخصها ، أعنى أن الحيض لا يعلم وجوده إلا من جهتها ، ولا يطلع عليه غيرها ، ولاجل ذلك أنها لا تصدق على وجود الحيض ، إذا علق به طلاق غيرها ، أو علق به عتق العبد ، لانه إنما جعل قولها كالبينة في الاحكام التى تخصها ، دون غيرها ، ألا ترى أنهم قالوا : إن الزوج لو قال : قد أخبرتني أن عدتها انقضت ، وأنا أريد أن أتوج أختها ، كان له ذلك ، ولا تصدق هي على بقاء العدة ى حق غيرها ، وتكون عدتها باقية في حقها ، ولا تسقط نفقتها ، فصار كقولها : قد حضت ، وله حكمان : أحدهما : فيما يخصها ، ويتعلق بها ، وهو طلاقها ، وانقضاء عدتها ، وما رى مجرى ذلك ، فيجعل قوله فيه كالبينة . والآخر : في طلاق غيرها ، أو عتق العبد ، فصارت في هذه الحال شاهدة ، كاخبارها بدخول الدار ، وكلام زيد إذا علق به العتق ، أو الطلاق ، ا ه‍ . ثم ضرب أبو بكر الرازي أمثالا كثيرة ، مما يكون فيه لقولها حكمان من الوجهين ، وأجاد في ذكر النظائر ، إلى أن أتى در الكلام في القسم الآخر من الاستحسان ، وهو تخصيص الحكم مع وجود العلة ، وشرحه شرحا ينثلج به الصدر ، ولا يدع شكا لمرتاب ، في أن هذا القسم من الاستحسان ، مقرون أيضا في جميع الفروع ، بدلالة ناهضة ، من نص . أو إجماع . أو قياس آخر يوجب حكما سواه في الحادثة ، وهذا القدر يكفى في لفت النظر ، إلا أن قول الخصوم في الاستحسان بعيد عن الوجاهة . شروط قبول الاخبار يرى الحنفية قبول الخبر المرسل إذا كان مرسلة ثقة ، كالخبر المسند ، وعليه جرت جمهرة فقهاء الامة ، من الصحابة . والتابعين . وتابعيهم ، إلى رأس المائتين ، ولا شك أن
[ 23 ]
إغفال الاخذ بالمرسل - ولا سيما مرسل كبار التابعين - ترك لشطر السنة . قال أبو داود صاحب " السنن " في رسالته إلى أهل مكة المتداولة بين أهل العلم بالحديث : " وأما المراسيل ، فقد كان يحتج بها العلماء ، فيما مضى ، مثل سفيان الثوري . ومالك بن أنس . والاوزاعي حتى جاء الشافعي ، فتكلم فيه " ، وقال محمد بن جرير الطبري : " لم يزل الناس على العمل بالمرسل ، وقبوله ، حتى حدث بعد المائتين القول برده " كما في " أحكام المراسيل " - للصلاح العلائى ، وفى كلام ابن عبد البر ما يقتضى أن ذلك إجماع ، ومناقشة من ناقشهم بانه يوجد بين السلف من يحاسب بعض من أرسل محاسبة عسيرة ، مناقشة في غير محلها ، لان تلك المحاسبة إنما هي من عدم الثقة بالرواي المرسل ، كما ترى مثل هذه المحاسبة في حق بعض المسندين ، فاذن ليست المسالة مسالة إسناد وإرال ، بل هي مسالة الثقة بالراوي ، والشافعي ، لما رد المرسل ، وخالف من تقدمه اضطربت أقواله ، فمرة قال : إنه ليس بحجة مطلقا ، إلا مراسيل ابن المسيب ، ثم اضطر إلى رد مراسيل ابن المسيب نفسه في مسائل ، ذكرتها فيما علقت على طبقات الحفاظ ، ثم إلى الاخذ بمراسيل الآخرين ، ثم قال بحجية المرسل عند الاعتضاد ، ولذلك تعب أمثال البيهقى في التخلص من هذا الاضطراب ، وركبوا الصعب ، وفى " مسند " الشافعي نفسه مراسيل كثيرة ، بالمعنى الاعم الذى هو المعروف بين السلف ، وفى " الموطا " ، وما في أحكام المراسيل للصلاح العلائى من البحوث في الارسال ، جزء يسير ، مما لاهل الشان من الاخذ والرد في ذلك ، وفيما علقناه على شروط الائمة الخمسة ، وجه التوفيق بين قول الفقهاء بتصحيح المرسل ، وقول متأخري أهل الرواية بتضعيفه ، مع نوع من البسط في الاحتجاج بالمرسل ، بل البخرى نفسه تراه يستدل في كتبه بالمراسيل ، وكذا مسلم في المقدمة ، وجزء الدباغ ، ولا يتحمل هذا الموضع لبسط المقال في ذلك باكثر من هذا . ومن شروط قبول الاخبار عند الحنفية مسندة ، كانت ، أو مرسلة ، أن لا تشذ عن الاصول المجتمعة عندهم ، وذلك أن هؤلاء الفقهاء بالغوا في استقصاء موارد النصوص من الكتاب والسنة ، وأقضية الصحابة ، إلى أن أرجعوا النظائر المنصوص عليها ، والمتلقاة بالقبول إلى أصل تتفرع هي منه ، وقاعدة تندرج تلك النظائ ر تحتها ، وهكذا فعلوا في النظائر الاخرى ، إلى أن أتموا الفحص والاستقراء ، فاجتمعت عندهم أصول - موضع بيانها ، كتب القواعد والفروق - يعرضون عليها أخبار الآحاد ، فإذا ندت الاخبار عن تلك الاصول ، وشذت ، يعدونها مناهضة لما هو أقوى ثبوتا منها ، وهو الاصل المؤصل من تتبع موارد الشرع الجارى مجرى خبر الكافة ، والطحاوى كثير المراعاة لهذه القاعدة في كتبه ، ويظن من لاخبرة عنده أن ذلك ترجيح منه لبعض الروايات على بعضها بالقياس ، وآفة هذا الشذوذ المعنوي في الغالب ، كثرة اجتراء الرواة على الرواة على الرواية بالمعنى ، بحيث تخل بالمعنى الاصلى ، وهذه قاعدة
[ 24 ]
دقيقة ، يتعرف بها البارعون في الفقه مواطن الضعف ، والنتوء في كثير من الروايات ، فيرجعون الحق إلى نصابه بعد مضاعفة النظر في ذلك ، ولهم أيضا مدارك أخرى في علل الحديث دقيقة ، لا ينتبه إليها دهماء النقلة ، وللعمل المتوارث عندهم شان يختبر به صة كثير من الاخبار ، وليس هذا الشان بمختص بعمل أهل المدينة ، بل الامصار التى نزلها الصحابد وسكنوها ، ولهم بها أصحاب ، وأصحاب أصحاب . سواءا في ذلك - وفى رسالة لليث إلى مالك ، ما يشير إلى ذلك - . ومن القواعد المرضية ، عند أبى حنيفة أيضا اشتراط استدامة الحفظ من آن التحمل إلى آن الاداء ، وعدم الاعتداد بالحفظ ، إذا لم يكن الراوى ذاكرا لمرويه ، كما في " الالماع " - للقاضى عياض . وغيره ، وكذلك اقتصار تسويغ الرواية بالمعنى على الفقيه ، مما يراه أبو حنيفة حتما . ومن قواعدهم أيضا مراعاة مراتب الادلة في الثبوت ، والدلالة ، فللقطعى ثبوتا . أو دلالة مرتبته ، وللظنى كذلك حكمة عندهم ، فلا يقبلون خبر الاحاد إذا خالف الكتاب ، ولا يعدون بيان المجمل به في شئ من المخالفة للكتاب ، فلا يكون بيان المجمل بخبر الآحاد في الامور المحتمة التى تعم بها البلوى ، وتتوفر فيها الدواعى إلى نقلها بطريق الاستفاضة ، حيث يعدون ذلك مما تكذبه شواهد الحال ، واشتراط شهرة الخبر عند طوائف الفقهاء . ويقول ابن رجب : إن أبا حنيفة يرى أن الثقات إذا اختلفوا في خبر ، زيادة ، أو نقصا ، في المتن ، أو السند ، فالزائد مردود إلى الناقص ، إلى غير ذلك من قواعد رصينة ، أقاموا الحجج على كل منها ، في كتب الاصول المبسوطة . فمن يقبل الحديث عن كل من دب وهب ، في عهد ذيوع الفتن ، وشيوع الكذب ، بنص الرسول صلوات الله عليه ، يظن بهم أنهم يخالفون الحديث ، لكن الامر ليس كذلك ، بل عمدتهم الآثار في التاصيل ، والتفريع ، كما يظهر ذلك لمن أحسن البحث ، ووفق للاجادة في المقارنة والموازنة ، من غير أن يستسلم للهوى ، والتقليد الاعمى ، والله سبحانه هو الموفق . منزلة الكوفة من علوم الاجتهاد ولابد هنا من استعراض ما كانت عليه الكوفة ، من عهد بنائها إلى زمن أبى حنيفة ، ليعلم من لا يعلم وه امتيازها عن باقى الامصار ، في تلك العصور ، حتى أصبحت مشرق الفقه الناضج ، والمتلاطم الانوار ، فاقول : لا يخفى أن المدينة المنورة زادها الله تشريفها - كانت مهبط الوحى ، ومستقر جمهرة الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - إى أواخر عهد ثالث الخفاء الراشدين ، خلا الذين رحلوا إلى شواسع البلدان للجهاد ، ونشر الدين ، وتفقيه المسلمين ، ولما ولى الفاروق رضى الله عنه ، وافتتح العراق في عهده . بيد سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه ، أمر عمر ببناء الكوفة ، فبنيت ، سنة 17
[ 25 ]
ه‍ ، وأسكنحولها الفصح من قبائل العرب ، وبعث عمر رضى الله عنه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه ، إلى الكوفة ، ليعلم أهلها القرآن ، ويفقههم في الدين ، قائلا لهم : " وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي " وعبد الله هذا منزلته في العلم بين الصحابة عظيمة دا ، بحيث لا يستغنى عن علمه - مثل عمر - في فقهه ، ويقظته ، وهو الذى يقول فيه عمر : " كنيف ملئ فقها " ، وفى رواية : " علما " ، وفيه ورد حديث : " إنى رضيت لامتي ، ما رضى لها ابن أم عبد " . وحديث : " وتمسكوا بعهد ابن مسعود " . وحديث : " من أراد أن يقرأ القرآن غضا ، كما أنزل ، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " ، وقال النبي صلوات الله عليه : " خذوا القرآن من أربعة " ، وذكر ابن مسعود في صدر الاربعة ، وقال حذيفة رضى الله عنه : " كان إقرب الناس هديا ، ودلا ، وسمتا برسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود ، حتى يتوارى منا في بيته ، ولقد علم المحفظون من أصحاب ممد أن ابن أم عبد ، هو أقربهم إلى الله زلفى " ، وحذيفة ، وما ورد في فضل ابن مسعود ، في - كتب السنة - شئ كثير جدا ، فابن مسعود هذا عنى بتفقيه أهل الكوفة ، وتعليمهم القرآن ، من سنة بناء الكوفة بالقراء ، والفقهاء المحدثين ، بحيث أبلغ بعض ثقات أهل العلم عدد من تفقه عليه ، وعلى أصحابه ، نحو أربعة آلاف عالم ، وكان هناك معه أمثال سعد بن مالك - أبى وقاص - وحذيفة . وعمار . وسلمان . وأبى موسى ، من أصفياء الصحابة رضى الله عنهم ، يساعدونه في مهمته ، حتى إن على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، لما انتقل إلى الكوفة ، سر من كثرة فقهائها ، وقال : " رحكم الله ابن أم عبد ، قد ملا هذه القرية علا " ، وفى لفظ : " أصحاب ابن مسعود ، سرج هذه القرية " ولم يكن باب مدينة العلم ، باقل عناية بالعلم منه ، فوالى تفقيههم ، إلى أن أصبحت الكوفة لا مثيل لها في أمصار المسلمين ، في كثرة فقهائها ، ومحدثيها والقائمين بعلوم القرآن ، وعلوم اللغة العربية فيها ، بعد أن اتخذها على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، عاصمة الخلافة ، وبعد أن انتقل إليها أقوياء الصحابة ، وفقهاؤهم ، وبينما ترى محمد بن الربيع الجيزى . والسيوطي لا يستطيعان أن يذكرا من الصحابة الذين نزلوا مصر إلا نحو ثلاثمائة صحابي ، تجد العجلى يذكر أنه توطن الكوفة وحدها ، من الصحابة ، نحو ألف وخمسمائة صحابي ، بينهم نحو سبعين بدريا ، سوى من إقام بها ، ونشر العلم بين ربوعها ، ثم انتقل إلى بلد آخر ، فضلا عن باقى بلاد العراق ، وما يروى عن ربيعة . ومالك من الكلمات البتراء في أهل العاق ، ليس بثابت عنهما أصلا ، وجل مقدارهما عن مثل تلك المجازفة ، ولسنا في حاجة هنا إلى شرح ذلك ، فنكتفي بالاشارة ، فكبار أصحاب على . وابن مسعود رضى الله عنهما بها ، ولو دونت تراجمهم في كتاب خاص لاتى كتابا ضخما ، والمجال واسع جدا لمن يريد أن يؤلف في هذا الموضوع ، وقد قال مسروق بن الاجدع التابعي الكبير : " وجدت علم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ينتهى إلى
[ 26 ]
ستة : إلى على . و عبد الله . وعمر . وزيد بن ثابت . وأبى الدرداء . وأبى بن كعب ، ثم وجدت علم هؤلاء الستة انتهى إلى : على . وعبد الله " ، وقال ابن جرير : " لم يكن أحد له أصحاب معروفون ، حرروا فتياه ومذاهبه في الفقه ، غير ابن مسعود ، وكان يترك مذهبه ، وقوله ، لقول عمر . وكان لا يكاد يخالفه في شئ من مذاهبه ، ويرجع من قوله ، إلى قوله " ، وكان بين فقهاء الصحابة من وصى أصحابه بالالتحاق إلى ابن مسعود ، إقرارا منهم بواسع علمه ، كما فعل معاذ بن جبل ، حيث أوصى صاحبه عمرو ابن ميمون الاودى باللحاق بابن مسعود ، بالكوفة . ولا مطمع هنا في استقصاء ذكر أسماء أصحاب على . وابن مسعود بالكوفة ، ولكن لا باس في ذكر بعضهم هنا ، فنقول : 1 - منهم - عبيدة بن قيس السلمانى ، المتوفى سنة 72 ه‍ ، كان شريح إذا اشتبه عليه اامر في قضية يرسل إلى السلمانى هذا يستشيره ، كما في " المحدث الفاصل " - للرامهرمزى ، وشريح ذلك ، المعروف بكمال اليقظة في الفقه ، وأحكام القضاء . 2 - ومنهم - عمرو بن ميمون الاودى ، المتوفى سنة 74 ه‍ ، من قدماء أصحاب معاذ بن جبل كما سبق ، معمر مخضرم ، أدرك الجاهلية ، وحج مائة عمرة . وحجة . 3 - ومنهم - زر بن حبيش ، المتوفى سنة 82 ه‍ ، معمر مخضرم ، وكان يؤم الناس في التروايح ، وهو ابن مائة وعشرين سنة ، وهو راوية قراءة ابن مسعود ، ومنه أخذها عاصم ، وقد رواها عنه أبو بكر بن عياش ، وفيها الفاتحة . والمعوذتان . وأما ما يروى عن ابن مسعود من الشواذ ، فليس بقراءته ، وإنما هي ألفاظ رويت عنه في صدد التفسير ، فدونها من دونها في عداد القراءة ، كما يظهر من " فضائل القرآن " - لابي عبيد ، وكان زر من أعرب الناس ، وكان ابن مسعود يساله عن العربية . 4 - ومنهم - أبو عبد الرحمن عبد الله بن حبيب السلمى ، المتوفى سنة 74 ه‍ ، عرض القرآن على على كرم الله وجهه ، وهو عمدته في القراء ، وقد فرغ نفسه لتعليم القرآن لاهل الكوفة بمسجدها ، أربعين سنة ، كما أخرجه أبو نعيم بسنده ، ومنه تلقى السبطان الشهيدان ، القراءة بامر أبيهما ، وعاصم تلقى قراءة على عنه ، وهى القراءة التى يرويها حفص عن عاصم ، وقراءة عاصم بالطريقين في أقصى درجات التواتر في جميع الطبقات ، وعرض السلمى أيضا على عثمان . وزيد بن ثابت . 5 - ومنهم - سويد بن غفلة المذحجي ، ولد عام الفيل ، فصحب أبا بكر ، ومن بعده ، إلى أن توفى بالكوفة ، سنة 82 ه‍ . 6 - ومنهم - علقمة بن قيس النخعي ، المتوفى سنة 62 ه‍ ، وعنه يقول ابن مسعود : " لا أعلم شيئا إلا وعلقمة يعلمه " ، وفى " الفاصل " : حدثنا الحسن بن سهل
[ 27 ]
العدوى ، من أهل رامهرمز ، حدثنا على بن الازهر الرازي ، - حدثنا جرير عن قابوس ، قال : قلت لابي : كيف تأتى علقمة ، وتدع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ! فقال : لان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يستفتونه ، وله رحلة إلى أبى الدرداء بالشام ، وإلى عمر . وزيد . وعائشة بالمدينة ، وهو ممن جمع علوم الامصار ، وكان خال إمام أهل العراق ، إبراهيم ابن يزيد النخعي . 7 - ومنهم - مسروق بن الاجدع ، عبد الرحمن الهمداني ، المتوفى سنة 63 ه‍ ، معمر مخضرم ، أدرك الجاهلية ، وله رحلات واسعة في العلم . 8 - ومنهم - الاسود بن يزيد بن قيس النخعي ، المتوفى سنة 74 ، معمر مخضرم ، حج ثمانين ، ما بين حجد وعمرة ، وهو ابن أخى علقمة . 9 ومنهم - شريح بن الحارث الكندى ، معمر مخضرم ، ولى قضاء الكوفة في عهد عمر ، واستمر على القضاء ، اثنتين وستين سنة ، إلى أيام الحجاج ، إلى أن توفى فانت أقضى العرب " (1) ، فناهيك بقاض يكون مرضى القضاء في عهد الراشدين ، وفى الدولة الاموية طول هذه المدة ، وقد غذى باقيته الدقيقة ، فقه أهل الكوفة ، ودربهم على الفقه العملي . 10 - ومنهم - عبد الرحمن بن أبى ليلى ، أدرك مائة وعشرين من الصحابة ، وولى القضاء ، غرق مع ابن الاشعث شهيدا ، سنة 83 ه‍ . 11 - ومنهم - عمرو بن شرحبيل الهمداني 12 - ومرة بن شراحيل 13 - وزيد ابن صوحان 14 - والحارث بن قيس الجعفي 15 - وعبد الرحمن بن الاسود النخعي 16 - وعبد الله بن عتبة بن مسعود 17 - وخيثمة بن عبد الرحمن 18 - وسلمة بن صهيب 19 - ومالك بن عامر 20 - وعبد الله بن سخبرد 21 - وخلاس بن عرو 22 - وأبو وائل شقيق بن سلمة 23 - وعبيد بن نضلة 24 - والربيع بن خيثم 25 - وعتبة بن فرقد 26 - وصلة بن زفر 27 - وهمام بن الحارث 28 - والحارث بن سويد . 29 - وزاذان أبو عمرو الكندى 30 - وزيد بن وهب 31 - وزياد بن جرير . 32 - وكردوس بن هانئ 33 - ويزيد بن معاوية النخعي ، وغيرهم من أصحابهما ، وأكثر هؤلاء لقوا عمر . وعائشة أيضا ، وأخذوا عنهما ، وهؤلاء كانوا يفتون بالكوفة ، بمحضر الصحابة ، فلو تلى حديث هؤلاء ، أوفقههم على مجنون لافاق ، فلا يستطيع من يدرى ما يقول ، أن يوجه أي مؤخذة نحو حديث هؤلاء ، وفقههم . وتليهم طبقة (1) وليكن بين عينيك أنه قول من ورد فيه " وأقضاهم على " ، نعم إنما يعرف ذا الفضل من الناس ذووه . " البنورى " (*)
[ 28 ]
لم يدر كوا عليا ، ولا ابن مسعود ، ولكنهم تفقهوا على أصحابهما ، وجمعوا علوم علماء الامصار إلى علومهم ، وما ذكه ابن حزم ، منهم نبذة يسيرة فقط ، وعدد هؤلاء في غاية الكثيرة ، وأمرهم في نهاية الشهرة ، ولسنا بسبيل سرد إسمائهم ، إلا أنا نلفت الانظار إلى عدد الذين خرجوا مع عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث ، على الحجاج الثقفى ، في دير الجماجم ، سنة 83 ه‍ ، من الفقهاء القراء خاصة من أهل الطبقتين ، وبينهم أمثال : (أ) أبى البخترى سعيد بن فيروز . (ب) - وعبد الرحمن بن أبى يعلى . (ج) - والشعبى . (د) - وسعد بن جبير ، قال الجصاص في " أحكام القرآن " ص 71 - 1 : وخرج عليه من القراء أربعة الاف رجل ، هم خيار التابعين ، وفقهائهم ، فقاتلوه مع عبد الرحمن بن محمد بن الاشعت ، ا ه‍ . فإذا نظرت إلى علماء سائر الامصار (1) يعد من أحسنهم حالا من يهاجر أباه ، ومن يقبل جوائز الحكام ، ويساير أهل الحكم ، وقل بينهم من يخطر له على بال مقاومة الظلم ، وبذل كل مرتخص وغال في هذا السبيل ، فبذلك أصبحت أحوال الكوفة في أمر الدين . والخلق . والفقه . وعلم الكتاب . والسنة . واللغة العربية ماثلة أمام الباحث المنصف ، فيكم بما تمليه النصفة ، في الموازنة بين علماء الامصار . وهذا مما يجعل للكوفة مركزا لا يسامى على توالى القرون ، ولولا ذلك لما كانت الكوفة معقل أهل الدين ، يفر إليها المضطهدون ، طول أيام الجور ، في عهد الاموية . وسعيد بن جبير وحده ، جمع علم ابن عباس إلى علمه حتى إن ابن عباس كان يقول ، حينما رأى أهل الكوفة ياتونه ليستفتوه : أليس فيكم ابن أم الدهماء ؟ يعنى " ابن جبير " ، يذكرهم ما خصه الله من العلم الواسع ، بحث يغنى علمه أهل الكوفة ، عن علم ابن عباس . وإبراهيم بن يزيد النخعي من أهل هذه الطبقة ، قد جمع أشتات علوم هاتين الطبقتين ، بعد أن تفقه على علقمة ، قال أبو نعيم : أدرك إبراهيم أبا سعيد الخدرى وعائشة . ومن بعدهما ، من الصحابة رضى الله عنهم ، ا ه‍ . وعامر بن شراحيل الشعبى ، الذى يقول عنه ابن عمر ، لما رآه يحدث بالمغازي : " لهو أحفظ لها منى ، وإن كنت قد شهدتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، يفضل أبا عمران إبراهيم النخعي هذا ، على علماء الامصار كلها ، حيث يقول لرجل حضر جنازته ، عندما توفى سنة 95 ه‍ : " دفنتم أفقه الناس " ، فقال الرجل : من الحسن ؟ قال : أفقه من الحسن ، ومن إهل البصرة ، ومن أهل الكوفة ، وأهل الشام ، وأهل الحجاز ، كما أخرجه أبو نعيم بسنده إليه . وأهل النقد يعدون مراسيل النخعي صحاحا ، بل يفضلون (1) يشير الاستاذ المحقق إلى مزية الكوفة وعلمائها ، علما ، وديانة ، وورعا ، وتقوى ، وهذا مهم ، فاعلمه . (*)
[ 29 ]
مراسيله على مسانيد نفسه ، كما نص على ذلك ابن عبد البر في " التمهيد " ، ويقول الاعمش : ما عرضت على إبراهيم حديثا قط إلا وجدت عنده منه شيئا ، وقال العمش أيضا : كان إبراهيم صيرفي الحديث ، فكنت إذا سمعت الحديث من بعض أصحابنا عرضته عليه . وقال إسماعيل بن أبى خالد : كان الشعبى . وأبو الضحى . وإبراهيم . وأصحابنا يجتمعون في المسجد ، فيتذاكرون الحديث ، فإذا جاءتهم فتيا ، ليس عندهم منها شئ ، رموا بابصارهم إلى إبراهيم النخعي . وقال الشعبى ، عن إبراهيم : إنه نشا في أهل بيت فقه ، فاخذ فقههم ، ثم جالسنا ، فاخذ صفو حديثنا ، إلى فقه أهل بيته ، فإذا نعيته أنعى العلم ، ما خلف بعده مثله ، وقال سعيد بن جبير : تستفتونى ، وفيكم إبراهيم النخعي ؟ ! ، ومما أخرجه أبو نعيم في " الحلية " : حدثنا أبو محمد بن حيان ثنا أبو أسيد ثنا أبو مسعود ثنا ابن الاسبهانى ثنا عثام عن الاعمش ، قال : ما رأيت إبراهيم يقول برأيه في . شئ قط ، ا ه‍ . ومثله في " ذم الكلام " - لابن مت ، فعلى هذا يكون كل ما يروى عنه من الاقوال في أبواب الفقه ، في " آثار " أبى يوسف . و " آثار " محمد بن الحسن ، و " المصنف " لابن إبى شيبة ، وغيرها أثرا من الآثار . واحق أنه كان يروى ويرى ، فإذا روى فهو الحجة ، وإذا رأى واجتهد ، فهو البحر الذى لا تعكره الدلاء ، لتوفر أسباب الاجتهاد عنده باكملها ، بل هو القائل : " لا يستقيم رأى إلا برواى ، ولا رواية إلا برأى " كما أخرجه أبو نعيم بسنده إليه ، وهى الطريقة المثلى في الاخذ بالحديث والرأى . وقال الخطيب في " الفقيه والمتفقه " : أخبرنا أبو بشر محمد بن عمر الوكيل أخبرنا عمر بن أحمد بن الواعظ ثنا محمد بن معاوية ثنا أبو بكر ابن عياش حدثنى احسن بن عبيد الله النخعي ، قال : قلت لابراهيم : أكل ما أسمعك تفتى به سمعته ؟ فقال لى : لا ، قلت : تفتى بما لم تسمع ؟ ! ، فقال : سمعت الذى سمعت ، وجاءني ما لم إسمع ، فقسته بالذى سمعت ، أ ه‍ . وهذا هو الفقه حقا . وبمثل هذا الامام الجليل تفقه حماد بن أبى سليمان ، شيخ أبى حنيفة ، وكان حماد شديد الملازمة لابراهيم ، قال أبو الشيخ في " تاريخ أصبهان " : حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن هارون بن سليمان بن يحيى بن سليمان بن أبى سليمان ، قال : سمعت أبى يقول : حدثنى أبى عن جدى ، قال : وجه إبراهيم النخعي حمادا ، يوما يشترى له لحما بدرهم ، في زنبيل ، فلقيه أبوه راكبا دابة ، وبيد حماد الزنبيل ، فزجره . ورمى به من يده ، فلما مات إبراهيم جاء أصحاب الحديث ، والخرسانية يدقون على باب مسلم بن يزيد - والد حماد - فخرج إليهم في الليل بالشمع ، فقالوا : لسنا نريدك ، نريد ابنك حمادا ، فدخل إليه ، فقال : يا بنى ! قم إلى هؤلاء ، فقد علمت أن الزنبيل أدى بك إلى هؤلاء ا ه‍ . وقال إبو الشيخ ، قبيل هذا : حدثنا أحمد بن الحسن ، قال : سمعت ابن خالي عبيد بن موسى ، يقول : سمعت جدنى ، تقول عن جدتها الكبرى عاتكة ، أخت حماد
[ 30 ]
ابن أبى سليمان : قالت كان النعمان ببابنا يندف قطننا ، ويشرى لبننا وبقلنا ، وما أشبه ذلك ، فكان إذا جاء الرجل يساله عن المسالة ، قال : ما مسالتك ؟ قال : كذا . وكذا ، قال : الجواب فيها ، كذا ، ثم يقول : على رسلك ، فيدخل إلى حماد ، فيقول له : جاء رجل ، فسال عن كذا ، فاجبته بكذا ، فما تقول أنت ؟ ، فقال : حدثونا بكذا ، وقال أصحابنا ، كذا ، وقال : إبراهيم كذا ، فيقول : فاروى عنك ؟ فيقول : نعم . فيخرج ، فيقول : قال حماد ، كذا ، ا ه‍ . هكذا كانت ملازمة بعضهم لبعض ، وخدمة بعضهم لبع ، أوان الطلب ، وبهذا نالوا بركة العلم . وقد أخرج ابن عدى في " الكامل " بطريق يحيى بن معين عن جرير عن مغيرة ، قال : قال حماد بن أبى سليمان : " لقيت قتادة . وطاوسا . ومجاهدا ، فصبيانكم أعلم منهم ، بل صبيان صبيانكم أعلم منهم " إنما قاله هذا تحيثا بالنعمة ، وردا على بعض شيوخ الرواية ، ممن لم يؤت نصيبا من الفقه ، حيث كان يفتى في مسجد الكوفة ، غلطا ، ويقول : لعل هناك صبيانا يخالفوننا ، في هذه الفتاوى ، وماذا يفيد تقادم السن في الروايد لمن حرم الدراية ، ويريد بالصبيان التلاميذ . وقد أخرج ابن عدى في " الكامل " بطريق يحى بن معين عن ابن إدريس عن الشيباني عن عبد الملك بن إياس الشيباني ، أنه قال : قلت لابراهيم : من نسال بعدك ؟ قال : حمادا ، ا ه‍ ، وحما بن أبى سليمان هذا ، توفى سنة 120 . وقال العقيلى : حدثنا بن محمود الهروي ، قال : حدثنا محمد بن المغيرة البلخى ، قال : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، قال : حدثنا محمد بن سليمان الاصبهاني ، قال : لما مات إبراهيم اجتمع خمسة من إهل الكوفة ، فيهم عمر بن قيس الماصر . وأبو حنيفة ، فجمعوا أربعين ألف درهم ، وجاءوا إلى الحكم بن عتيبة ، فقالوا : إنا قد جمعنا أربعين ألف درهم ، ناتيك بها ، وتكون رئيسنا ؟ ، فابى عليهم الحكم ، فاتوا حما بن أبى سليمان ، فقالوا ، فأجابهم ، ا ه‍ ، وبهذا القدر نكتفي من إنباء هذه الطبقة ، لكثرة رجالها ، وتشعب أنبائها ، مقتصرا على سوق خبرين ، مما يدل على اتساع الكوفة في الرواية والدراية ، في تلك الطبقة . قال أبو محمد الرامهرمزى في " الفاصل " : حدثنا الحسين بن نبهان ثنا سهيل بن عثمان ثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أنس بن سيرين ، قال : إتيت الكوفة ، فرأيت فيها أربعة آلاف يطلبون الحديث ، وإربعمائة قد فقهوا ، ا ه‍ . وفى أي مصر من أمصار المسلمين ، غير الكوفة ، تجد مثل هذا العدد العظيم للمحدثين . والفقهاء . وفى هذا ما يدل على أن الفقيه مهمته شاقة جدا ، فلا يكثر عدده كثرة عدد النقلة . وقال الرامهرمزى أيضا : حدثنا عبد الله بن أحمد بن معدان ثنا مذكور بن سليمان الواسطي ، قال : سمت عفان يقول - وسمع قوما يقولون : نسخنا كتب فلان ، ونسخنا كتب فلان - ، فسمعته يقول : نرى هذا الضرب من الناس لا يفلحون ، كنا ناتى هذ فنسمع
[ 31 ]
منه ما ليس عند هذا ، ونسمع من هذا ما ليس عند هذا ، فقد منا الكوفة فاقمنا أربعة أشهر ، ولو أردنا إن نكتب مائة إلف حديث لكتبناها ، فما كتبنا إلا قدر خمسين ألف حديث ، وما رضينا من إحد إلا ما لامة (1) ، إلا شريكا ، فانه أبى علينا ، وما رأينا بالكوفة لحانا مجوزا ، ا ه‍ . انظر ، مصرا يكتب بها - مثل عفان - في أربعة أشهر . خمسين ألف حديث ! مع هذا التروي (2) . ومسند أحمد أقل من ذلك بكثير ، أيعد مثل هذا البلد قليل الحديث ؟ ! على أن أحاديث الحرمين مشتركة بين علماء الامصار في تلك الطبقات ، لكثرة حجهم ، وكم بينهم من حج أربعين حجد وعمرة ، وأكثر ، وأبو حنيفة وحده ، حج خمسا وخمسين حجة ، وأنت ترى البخاري يقول : ولا إحصى ما دخلت الكوفة في طلب الحديث ، حينما يذكر عدد ما دخل باقى الامصار ، ولهذا أيضا دلالته في هذا الصدد . ومما يدل عليه الخبر السابق ، براءة علماء الكوفة من اللحن الذى اكتظت به بلاد الحجاز . والشام . ومصر في ذلك العهد ، وأنت تجد في كلام ابن فارس مدافعته عن مالك في ذلك ، وقول الليث في ربيعة ، تجده في " الحلية " ، وقول أبى حنية في نافع ، تجده في - كتاب - ابن أبى العوام ، والكلمة التى تروى عن أبى حنيفة ، (3) بدون سند متصل ، على أن وجهها في العربية ظاهر جدا ، على فرض ثبوتها عنه ، وقد توسع المبرد في - اللحنة - أنباء اللاحنين من إهل الامصار ، سوى بلاد العراق وقد نقل مسعود بن شيبة جملة من ذلك في " التعليم " ، على أن مصر كانت تعاشر القبط ، والشام يساكن الروم ، وكان الحجاز يطرقه كل طارق من الاعاجم ، ولا سيما بعد عهد كبار التابعين ، مع عدم وجود أئمة اللغة ، يحفظونها من الدخيل . واللحون ، وأما الكوفة . والبصرة ، ففيهما دونت العربية ، فاهل الكوفة راعوا تدوين جميع اللهجات العربية ، في عهد نزول الوحى ، ليستعينوا بذلك على فهم أسرار الككتاب والسنة ، ووجوه القراءة ، وأهل البصرة انتهجوا مسلك التخير من اللهجات ، ما يحق أن يتخذ لغة المستقبل ، فاحد المسلكين لا يغنى عن الآخر . فعلم بذل مركز الكوفة في الفقه . والحديث . اللغة ، وأما القرآن ، فالائمة الثلاثة ، من السبعة ، كوفيون ، وهم : 1 - علصم 2 - وحمزة 3 - والكسائي ، وزد (1) يريد : لم نرض في قبول حديث أحد ، أو رواية ، إلا ما تلقاه الامة ، انظر إلى هذا الشرط الصعب ، ثم إلى هذا الاستكثار ، وهذا مهم ، فاعلمه " البنورى " . (2) وعفان هذا ، هو : عفان بن مسلم الانصاري البصري ، شيخ البخاري . وأحمد . وإسحاق . وخلائق ، وهو الذى يقول فيه ابن المدينى : كان إذا شك في حرف من الحديث تركه ، كذا في " التقريب " ويقول أبو حاتم إمام ثقة ، متقن متين ، ويقول ابن عدى : أوثق من أن يقال فيه شئ ، كذا في " خلاصة التذهيب " . " البنورى " (3) يريد بها الاستاذ كلمة " أبا قبيس " وسمعت منه أن المراد به خشبة الجزار ، يقطع عليها اللحم ، في حوار أهل الكوفة عندئذ ، لا الجبل المعروف بمكة ، زادها الله تكريما . (*)
[ 32 ]
خلقا ، العاشر ، من بين العشرة ، وقد سبق بيان قراءة عاصم . طريقة أبى حنيفة في التفقيه ولسنا نخوض هنا في عباب ترجمة أبى حنيفة النعمان ، وى كتب الائمة ما يغنينا عن ذلك ، فدونك كتاب " أبى القاسم بن إبى العوام . الحافظ " . وكتاب " أبى الحسين الصيمري " . و " كتاب الحارثى ، المندمج في كتاب الموفق المكى " . و " جزء بن الدخيل " الذى نقل ابن عبد البر غالب ما فيه في " الانتقاء " ، وكان ابن الدخيل رواية العقيلى ، فالف جزء في فضائل أبى حنيفة ، ردا على العقيلى ، حيث أطال لسانه في فقيه الملة ، وإصحابه البررة ، شان الجهلة الاغرار ، وتبرؤ مما خطته يمين العقيلى ، مما يجافى الحقيقة ، فسمعه حكم بن المنذر البلوطى الاندلسي من ابن الدخيل بمكة ، وسمعه منه ابن عبد البر ، فساق غالب ما فيه من المناقب في " ترجمة أبى حنيفة " من الانتقاء ، وما يذكره ابن عبد البر عن البخاري كان من تمام النصفة ، أن ينظر في سنده ، وكذا ما يرويه إبراهيم بن بشار عن ابن عيينة ، وأما ابن الجارود ، فقد ثبت رد شهادته عند قاضى المسلمين ، فلو أشار إلى ذلك كله لاحسن صنعا . والحاصل أنه لم يتكلم فيه أحد بحجة ، كما شرحنا ذلك أو صع شرح ، فيما رددنا به على الخطيب في هذا الصدد ، وإنما نتكلم هنا عن طرف من أحواله ، مما ينبئ عن طريقته في التفقيه . فاقول : هو إبو حنيفة النعمان بن ثابت النعمان بن المرزبان ، الفارسى الاصل ، لم يقع عليه رق أصلا ، وإسماعيل بن حماد مصدق في ذلك ، وقد قال الصلاح بن شاكر الكتبى في " عيون التوارى " : قال محمد بن عبد الله الانصاري : ما ولى القضاء من أيام عمر بن الخطاب إلى اليوم " يعنى بالبصرة " مثل إسماعيل بن حماد ، فقيل له : ولا الحسن البصري ؟ قال : والله ، ولا الحسن البصري ، وكان عالما ، زاهدا ، عابدا ، ورعا . ا ه‍ . أمثله لا يصدق في نسبه ؟ ! وقد حدث الطحاوي في " مشكل الآثار " : ص 54 - 4 عن بكار بن قتيبة عن عبد الله بن يزيد المقرى : " أتيت أبا حنيفة ، فقال لى : من الرجل ؟ . فقلت . رجل من الله عليه بالاسلام ، فقال لى : لا تقل هكذا ، ولكن وال بعض هذه الاحياء ، ثم أنتم إليهم ، فانى كنت أنا كذلك " فعلم أن ولاءه كان ولاء الموالاة ، لا ولاء العتق ، ولا ولاء الاسلام ، (وماذا بعد الحق إلا لاضلال) ، وقال ابن الجوزى في " المنتظم " : لا يختلف الناس في فهم أبى حنيفة ، وفقهه ، كان سفيان الثوري . وابن المبارك ، يقولان : أبو حنيفة أفقه الناس ، وقيل لمالك : هل رأيت إبا حنيفة ؟ فقال : رأيت رجلا ، لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهبا ، لقام بحجته ، وقال الشافعي : الناس عيال في الفقه على أبى حنيفة ، ا ه‍ ، وقال القاضى عياض في " ترتيب المدارك " : قال الليث لمالك : أراك تعرق ؟ ، فقال مالك : عرقت
[ 33 ]
مع أبى حنيفة ، إنه لفقيه يا مصرى " ، ا ه‍ . وقد ذكرت وجوه استمداد باقى المذاهب من مذهبه رضى الله عنه ، في " بلوغ الامانى " ، فلا أعيد الكلام هنا ، وكان أجلى مميزات مذهب أبى حنيفة ، أنه مذهب شورى ، تلقته جماعة عن جماعة ، إلى الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ، بخلاف سائر المذاهب . فانها مجموعة آراء لائمتها . قال ابن أبى العوام : حدثنى الطحاوي . كتب إلى ابن أبى ثور ، قال : أخبرني ، نوح أبو سفيان ، قال لى المغيرة بن حمزة : كان أصحاب أبى حنيفة الذين دونوا معه الكتب أربعين رجلا . كبراء الكبراء ا ه‍ . وقال ابن أبى العوام أيضا : حدثنى الطحاوي ، كتب إلى محمد بن عبد الله بن أبى ثور " الرعينى " حدثنى سليمان بن عمران حدثنى أسد بن الفرات ، قال : كان أصحاب أبى حنيفة الذين دونوا الكتب أربعين رجلا ، فكان في العشرة المتقدمين : أبو يوسف . وزفر بن الهذيل . وداود الطائى . وأسد بن عمرو . ويوسف بن خالد السمتى " أحد مشايخ الشافعي " : ويحيى ابن زكريا بن أبى زائدة ، وهو الذى كان يكتبها لهم ثلاثين سنة ، ا ه‍ . وبهذا السند إلى أسد بن الفرات ، قال : قال لى أسد بن عمرو : كانوا يختلفون عند أبى حنيفة في جواب المسالة ، فيأتي هذا بجواب : وهذا بجواب ، ثم يرفعونها إليه ، ويسالونه عنها ، فيأتي الجواب من كثب - أي من قرب - ، وكانوا يقيمون في المسالة ثلاثة أيام ، ثم يكتبونها في الديوان ، ا ه‍ . قال الصيمري : حدثنا أبو العباس ، أحمد بن محمد المكى ثنا على بن محمد النخعي ثنا إبراهيم بن محمد البلخى ثنا محمد ابن سعيد الخوارزمي ثنا إسحاق بن إبراهيم ، قال : كان أصحاب أبى حنيفة يخوضون معه في المسالة ، فإذا لم يحضر عافية - ابن يزيد القاضى - ، قال أبو حنيفة : لا ترفعوا المسالة حتى يحضر عافية ، فإذا حضر عافية ووافقهم ، قال أبو حنيفة : أثبتوها ، وإن لم يوافقهم ، قال أبو حنيفة ، لاخرى سواها ، ا ه‍ . وقال يحيى بن معين في " التاريخ " . و " العلل " : رواية الدوري عنه في - ظاهريية دمشق - : قال أبو نعيم " الفضل بن دكين " سمعت زفر ، يقول : كنا نختلف إلى أبى حنيفة ، معنا أبو يوسف . ومحمد ابن الحسن ، فكنا نكتب عنه ، قال زفر : فقال يوما أبو حنيفة ، لابي يوسف : " ويحك يا يعقوب ، لا تكتب كل ما تسمع منى ، فانى قد أرى الرأى اليوم ، وأتركه غدا ، وأرى الرأى غدا ، وأتركه في غده " ، ا ه‍ . انظر كيف كان ينهى أصحابه عن تدوين المسائل ، إذا تعجل أحدهم بكتابتها قبل تمحيصها كما يجب ، فإذا أحطت خبرا ، بما سبق علمت صدق ما يقوله الموفق المكى : ص 133 - 2 . حيث قال ، بعد أن ذكر كبار أصحاب أبى حنيفة : وضع أبو حنيفة مذهبه شورى بينهم ، لم يستبد فيه بنفسه دونهم ، اجتهادا منه في الدين . ومبالغة في النصيحة لله . ورسوله . والمؤمنين ، فكان يلقى المسائل مسالة مسالة ، ويسمع ما عندهم ، ويقول ما عدنه ، ويناظرهم شهرا ، أو
[ 34 ]
أكثر ، حتى يستقر أحد الاقوال فيها ، ثم يثبتها إبو يوسف في الاصول ، حتى أثبت الاصول كلها ، وهذا يكون إولى وأصوب ، وإلى الحق أقرب ، والقلوب إليه أسكن ، وبه أطيب ، من مذهب من انفرد ، فوضع مذهبه بنفسه ، ويرجع فيه إلى رأيه ، ا ه‍ . ومن هذا يظهر أن أبا حنيفة لم يكن يحمل أصحابه على قبول ما يلقيه عليهم . بل كان يحملهم على إبداء ما عندهم ، إلى أن يتضح عندهم الامر ، كوضح الصبح ، فيقبلون ما وضح دليله ، وينبذون ما سقطت حجته ، وكان يقول ما معناه : لا يحل لاحد أن يقول بقولنا ، حتى يعلم من إين قلنا ، وهذا هو سر ظهور مذهبه في الخافقين ، ظهورا لم يعهد له مثيل ، وهو السبب الاصلى لبراعة المتفقهين عليه ، وكثرتهم ، إذ طريقته تلك هي الطريقة المثلى ، في التدريب على الفقه ، وتنشئة الناشئين ، ولذلك يقول ابن حجر المكى في " خيرات الحسان " ص 26 : " قال بعض الائمة : لم يظهر لاحد من أئمة الاسلام المشهورين ، مثل ما ظهر لابي حنيفة ، من الاصحاب . والتلاميذ ، ولم ينتفع العلماء ، وجميع الناس ، بمثل ما انتفعوا به . وباصحابه في تفسير الاحاديث المشتبهة ، والمسائل المستنبطة ، والنوازل ، والقضاء ، والاحكام " ، ا ه‍ . وقال محمد بن إسحاق النديم في " الفهرست " : و " العلم برا وبحرا ، وشرقا وغربا ، بعدا وقربا تدوينه رضى الله عنه " ، ا ه‍ ، وقال المجد بن الاثير في " جامع الاصول " ما معناه : لو لم يكن لله في ذلك سر خفى ، لما كان شطر هذه الامة من أقدم عهد إلى يومنا هذا ، يعبدون الله سبحانه على مذهب هذا الامام الجليل ، وليس أحد من هؤلاء الثلاثة على مذهب هذا الامام ، حتى يرمى بالتحزب له ، رضى الله عنه . والحاصل : أن من خصائص هذا المذاهب كون تدوين المسائل فيه على الشورى ، والمناظرات المديدة ، وتلقى الاحكام فيه من جماعة ، عن جماعة ، إلى أول نبع غزيز فياض في الفقه ، في عهد جمهرة فقهاء الصحابة ، واستمرارا سعى الجماعة في تبيين أحكام النوازل ، جماعة بعد جماعة ، إلى ما شاء الله سبحانه كذلك ، بحيث يتمشى المذهب مع حاجات العصور ، ومقتضيات الرقى الحضاري في البشر . ولذا ترى ابن خلدون يقول عن مذهب مالك ما لفظه : وإيضا فالبداوة كانت غالبة على المغرب . والاندلس ، ولم يكونوا يعاونون الحضارة التى لاهل العراق (1) ، فكانوا إلى أهل الحجاز أميل ، لمناسبة البداوة ، ولهذا لم يزل المذهب المالكى غضا عندهم ، ولم ياخذه تنقيح الحضارة وتهذيبها ، ا ه‍ . " مقدمة - علم الفقه " ، فإذا كان مذهب مالك الذى عاش الاندلس تحت حكمه طوال قرون ، هكذا في نظر ابن خلدون ، فما ظنك بما سواه من المذاهب التى لم تعاشر الحضارة في أحكاما مدة طويلة ؟ ! وأما قراءة أبى حنيفة ، فهى قراءة عاصم المنتشرة في الآفاق ، وللقرآن الكريم المنزلة انظر هذا ليس بقول حنفى ، ولا كوفى ، بل قول مؤرخ جليل ، مغربي محتدا ، مالكى المذاهب نشاة ، قاضى مصر . (*)
[ 35 ]
العليا عنده في الاحتجاج ، حيث يعد عموماته قطعية ، وقد علم الخاص والعام ختمه القرآن في ركعة ، على قلة من فعل هذا من السلف ، وما ينسب إليه من القراءات الشاذة ، في بعض - كتب التفسير - ، غير ثابت عنه أصلا ، فلا حاجة لتكلف توجيهها . كما فعل الزمخشري . والنسفي في " تفسيريهما " . بل تلك القراءات موضوعة عليه ، كما ذكره الخطيب في " تاريخه " . والذهبي في " طبقات القراء " . وابن الجزرى في " الطبقات " أيضا . وواضعها الخزاعى ، قال الذهبي في " الميزان - في ترجمة أبى الفضل ، محمد بن جعفر الخزاعى ، المتوفى سنة 407 " : ألف كتابا في قراءة أبى حنيفة ، فوضع الدارقطني خطه ، بان هذا موضوع ، لا أصل له ، وقال غيره : لم يكن ثقة ، ا ه‍ . وأما كثرة حديثه فتظهر من حججه المسرودة في أبواب الفقه ، والمدونة في تلك المسانيد السبعة عشر ، لكبار الائمة من أصحابه ، وسائر الحفاظ ، وكان مع الخطيب عندما حل دمشق ، مسند أبى حنيفة ، للدارقطني ، ومسند أبى حنيفة ، لابن شاهين ، وهما زائدان على السبعة عشر المذكورة ، وقال الموفق المكى ص 96 - 1 : قال الحسن ابن زياد : كان أبو حنيفة يروى أربعة الاف حديث : ألفين لحماد . وألفين ، لسائر المشيخة ، ا ه‍ . وأقل ما يقال في مسائله : إنها تبلغ ثلاثين وثمانين ألفا ، وكانت مشايخه بكثرة بالغة . وأما قوة أبى حنيفة في العربية ، فما يدل عليها نشاته في مهد العلوم العربية ، وتفريعاته الدقيقة على القواعد العربية ، حتى ألف أبو على الفارس . والسيرافى . وابن جنى كتبا في شرح آرائه الدقيقة في الايمان في " الجامع الكبير " إقرارا منهم بتغلغل صاحبها في أسرار العربية ، وفى هذا القدر كفاية . بعض الحفاظ ، وكبار المحدثين من أصحابه ، وأهل مذهبه 1 - الامام زفر بن الهذيل البصري ، المتوفى سنة 158 ه‍ ، ذكره ابن حبان بالحفظ والاتقان ، في " كتاب الثقات " ، وهو من إجل أصحاب الامام وله " كتاب الآثار " . 2 - الامام الحافظ إبراهيم بن طهمان الهروي ، المتوفى سنة 163 ، مترجم في " طبقات الحفاظ " ، كان صحيح الحديث مكثرا . 3 - الامام الليث بن سعد ، المتوفى سنة 175 ، عده كثير من أهل العلم حنفيا ، وبه جزم القاضى زكريا الانصراى ، في " شرح البخاري " ، وأخرج ابن أبى العوام بسنده عن الليث أنه شهد مجلس أبى حنيفة بمكة ، وقد سئل في ابن يزوجه أبوه بصرف مال كثير ، فيطلقها ، ويشترى له جارية ، فيعتقها ، فأوصى أبو حنيفة السائل أن يشترى لنفسه جارية ، تقع عليها عين الا بن ، ثم يزوجها إياه ، فان طلقها رجعت مملوكة له ، وإن أعتقها لم يجز عتقه ، قال الليث : فوالله ما أعجبني صوابه ، كما أعجبني سرعة جوابه ، وكان الليث من الائمة المجتهدين . 4 - الامام الحافظ القاسم بن معن المسعودي ، المتوفى سنة 175 ، كان من أروى الناس
[ 36 ]
للحديث والشعر ، وأعلمهم بالفقه والعربية ، وكان محمد بن الحسن يساله عن العربية ، وهو من أجل أصحاب أبى حنيفة ، راجع " طبقات الحفاظ " - للذهبي ، و " الجواهر المضيئة " : للحافظ القرشى . 5 - الامام أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضى ، ذكره الذهبي في " طبقات الحفاظ " ، وترجم له في جزء ، وقال ابن جرير : كان فقيها ، عالما ، حافظا ، وكان يعرف بحفظ الحديث ، كان يحضر المحدث ، فيحفظ خمسين وستين حديثا ، ثم يقوم فيمليها على الناس ، وكان كثير الحديث ، أ ه‍ . ووصفه بالحفظ البالغ ابن الجوزى في " أخبار الحفاظ " . وابن حبان قبله في " كتاب الثقات " - له ، توفى سنة 182 ، " وكتاب الامالى " - له وحده ، يقال : إنه في ثلاثمائة جزء ، وفى هذا القدر كفاية . 6 - يحيى بن زكريا بن إبى زائدة ، الحافظ الثبت الفقيه ، المتوفى سنة 182 ، كان من أجل أصحاب أبى حنيفة ، ترجمته في " طبقات الحفاظ " - للذهبي " والجواهر المضيئة " . 7 - عبد الله بن المبارك ، المتوفى سنة 181 ، كتبه تحتوى على نحو عشرين ألف حديث ، وكان ابن مهدى يفضله على الثوري ، قال يحيى بن آدم : إذا طلبت الدقيق من المسائل ، فلم أجده في كتب ابن المبارك ، إيست منه ، أ ه‍ ، وهو من أخص أصاب أبى حنيفة ، وقد قوله بعض الرواة ، ما لم يقله في حق إبى حنيفة ، كما فعلوا مثل ذلك . في كثير من العلماء سواه . 8 - الامام محمد بن الحسن الشيباني ، المتوفى سنة 189 كان كثير الحديث ، ترجمته في " بلوغ الامانى " . و " الآثار " - " والموطا " : و " الحجة على أهل المدينة " ، مما يقضى له بالبراعة في الحديث ، رغم أنوف الجاهلين ، بمقدر العظيم . 9 - حفص بن غياث القاضى ، كتبوا عنه أربعة الاف حديث من حفظه ، توفى سنة 194 ، راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 10 - وكيع بن الجراح ، المتوفى سنة 197 ، قال الذهبي : كان يفتى بقول أبى حنيفة ، قال أحمد 6 عليكم بمصنفات وكيع . 11 - يحيى بن سعيد القطان البصري ، إمام الجرح والتعديل ، المتوفى سنة 198 ، قال الذهبي : كان يفتى برإى أبى حنيفة . راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 12 - الحافظ القدوة الحسن بن زياد اللؤلؤي ، المتوفى سنة 204 ، كان عنده نحو اثنى عشر ألف حديث من ابن جريج ، مما لا يسع الفقيه جهله ، وقال يحيى بن آدم ، : ما رأيت أفقه منه ، وتقولات بعض الرواة فيه ، كتقولهم في الامام نفسه ، راجع " الجواهر " . 13 - الحافظ معلى بن منصور الرازي ، المتوفى سنة 211 ، جمع بين الامامة في الفقه والحديث . راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 14 - الحافط عبد الله بن داود الخريبى ، المتوفى سنة 213 ، إمام قدوة في الفقه والحديث ،
[ 37 ]
راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 15 - إبو عبد الرحمن المقرى عبد الله بن زيد الكوفى ، المتوفى سنة 213 ، من المكثرين عن أبى حنيفة ، راجع " الطبقات " . 16 - أسد بن الفرات القيرواني ، المتوفى سنة 213 ، ممن جمع بين الطريقة العراقية . والحجازيد في الفقه . والحديث . 17 - مكى بن إبراهيم الحنظلي ، شيخ خراسان ، المتوفى سنة 215 ، من المكثرين عن أبى حنيفة ، راجع " الطبقات " . 18 - أبو نعيم فضل بن دكين ، المتوفى سنة 219 ، من المكثرين عن إبى حنيفة ، راجع " الطبقات " . 19 - الامام عيسى بن إبان البصري ، المتوفى سنة 221 ، " كتاب الحجج الكبير " - له ، و " كتاب الحجج الصغير " - له ، مما يشهد له بالبراعة في الحديث ، راجع - " الصيمري " . و " ابن أبى العوام " . و " الجواهر " . 20 - الحافظ الثبت على بن الجعد 7 المتوفى سنة 230 ، إمام جليل في الفقه والحديث ، والجعديات له من أقدم الكتب المحفوظة بدار الكتب المصرية ، راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 21 - يحيى بن معين إمام الجرح والتعديل ، المتوفى سنة 233 ، سمع " الجامع الصغير " من محمد بن الحسن ، وتفقه عليه ، وسمع الحديث من إبى يوسف ، وفى " عيون التواريخ " : كان ابن المدينى . وأحمد . وابن أبى شيبة . وإسحاق يتادبون معه ، ويعرفون له فضله ، ورث من أبيه ألف ألف درهم ، فانفقها جميعا على الحديث ، وكتب بيده ستمائة ألف حديث . وقال أحمد : كل حديث لا يعرفه يحيى ، فليس بحديث ، ورأيت تاريخه - رواية الدوري - في ظاهرية دمشق ، وتختلف الروايات عنه في الجر والتعديل . ويعده الذهبي ، حنفيا ، صلبا في جزئه الذى ألفه في الذين تكلم فيهم من الثقات ، بل متعصبا لاهل مذهبه ، ومع ذلك ترى بعض الرواة لايابى أن يقوله (1) كلمات قاسية في كثير من أصحاب أبى حنيفة ، ولله في خلقه شئون . 22 - محمد بن سماعة التميمي ، المتوفى سنة 233 ، وفى " عيون التواريخ " : وهو من الحفاظ الثقات ، صاحب اختيارات في المذهب ، وروايات ، وله مصنفات . قال ابن معين : لو كان أهل الحديث يصدقون كما يصدق ابن سماعة في الرأى ، لكانوا فيه على نهايد ، راجع " الجواهر " . 23 - الحافظ الكبير إبراهيم بن يوسف البلخى الباهلى الماكيانى ، المتوفى سنة 239 ، كان مقاطعا لقتيبه بن سعيد ، لانه اذاه عند مالك ، فقال : هذا مرجئ ، فاقامه من مجلسه ، وما سمع من مالك غير حديث واحد ، وثقه النسائي ، وفى ذلك عبرة ، راجع " الطبقات " ، و " الجواهر " . 24 - أبو الليث الحافظ عبد الله بن سريج بن حجر البخاري ، المتوفى في حدود سنة 258 ، (1) أي يدعيها عليه افتراء ، يقال : قوله ما لم يقل : إى ادعاه عليه ، كذا في " مختار الصحاح " . (*)
[ 38 ]
هو من أصحاب أبى حفص الكبير البخاري ، كان يحفظ عشرة آلاف حديث ، وكان عبدان يجله ، ذكره غنجا في " تاريخ بخارى " ، ولم يذكر وفاته ، راجع " الطبقات " . 25 - الامام محمد بن شجاع الثلجى ، المتوفى سنة 266 ، وهو ساجد في صلاة العصر ، قال الموفق المكى : إنه ذكر في تصانيفه نيفا وسبعين ألف حديث ، وله " المناسك " في نيف وستين جزء ، وله " تصحيح الآثار " كبير جدا ، وله " الرد على المشبهة " ، وقال الذهبي في " النبلاء " : كان من بحور العلم ، أه‍ ، تكلم فيه بعض الرواة بتعصب ، راجع ترجمته في " فهرست ابن النديم " و " الجواهر المضيئة " ، وفيما كتبناه على تبيين كذب المفترى ، وتكملة الرد على - نونية - ابن القيم . 26 - الفقيه الحافظ أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى البرتى ، المتوفى سنة 280 ، تفقه على أبى سليمان الجوزجانى ، وكان نله إسماعيل القاضى ، وله - مسند إبى هريرة - . راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 27 - أبو الفضل عبيد الله بن واصل البخاري ، المتوفى شهيدا سنة 282 ، وهو محدث بخارى ، وأخذ عنه الحارثى ، راجع " الطبقات " . 28 - الحافظ إبراهيم بن معقل النسفى ، مصنف " المسند الكبير " - " التفسير " ، المتوفى سند 295 ، حدث الصحيح عن البخاري ، قال المستغفرى : كان فقيها ، حافظان ، بصيرا باختلاف العلماء ، عفيفا ، صينا ، راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 29 - أبو يعلى أحمد بن على بن المثنى الموصلي ، صاحب " المسند الكبير " . و " المعجم " ، المتوفى سنة 307 ، أخذ عن على بن الجعد وطبقته ، قال أبو على الحافظ : لو لم يشتغل إبو يعلى بكتب أبى يوسف على بشر بن الوليد ، لادرك بالبصرة سليمان ابن حرب ، وأبا داود الطيالسي ، وهذا مما يدل على أن كتب أبى يوسف بكثرة بالغة ، ولولا ذلك لما حال سماع كتبه ، دون علو سند أبى يعلى ، مع تسرع المحدثين في السماع ، راجع " الطبقات " . 30 - الحافظ أبو بشر الدولابى محمد بن أحمد بن حماد ، المتوفى سنة 310 ، وهو مؤلف " الكنى " . وغيره من الكتب الممتعة ، قال الدارقطني : تكلموا فيه ، ا تبين من إمره إلا خير . فقول ابن عدى : ابن حماد متهم في نعيم ، إسراف في القول ، كما هو شانه ، راجع " الطبقات " . 31 - الحافظ أبو جعفر أحمد بن محمد الطحاوي ، المتوفى سنة 321 ، في غاية من الاتساع في الحفظ . ومعرفة الرجال ، والفقه ، توسع البدر العينى في ترجمته في رجال معاني الآثار ، وشيوخ الطحاوي الثلاثة : (أ) - بكار بن قتيبة (ب) - وابن أبى عمران - (ج) - وأبو حازم ، كلهم من كبار حفاظ الحديث . 32 - الحافظ أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أبى العوام ، السعدى ، المتوفى في حدود سنة 335 ، له ذكر في " طبقات الذهبي - في ترجمة النسائي " أخذ عن النسائي . والطحاوى . وأبى بشر الدولابى ، وكتابه في فضائل أبى حنيفة ، في مجلد ضخم ، و - مسند أبى حنيفة - ، له ، من أهم المسانيد السبعة عشر ، وحفيده مترجم في " قضاة مصر " . و " الجواهر " .
[ 39 ]
33 - الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الحارى البخاري ، المتوفى سنة 340 ، له مناقب أبى حنيفة ، وله مسند أبى حنيفة أيضا ، أكثر فيه جدا من سوق طرق الحديث ، وقد أكثر ابن مندة الرواية عنه ، وكان حسن الرإى فيه ، وقد تكلم فيه أناس بتعصب ، وأكبر ما يرمونه به إكثاره من الرواية عن النير مى ، أباء بن جعفر ، في مسند إبى حنيفة ، ولم ينتبهوا إلى أن روايته عنه ليس في أحاديث ينفرد هو بها ، بل فيما له مشار فيه ، كما فعل مثل ذلك الترمذي في محمد بن سعيد المصلوب . والكلبي ، لكن قاتل الله التعصب ، يعمى ويصم . راجع " الجواهر " . و " تعجيل المنفعة " . 34 - الحافظ أبو الحين عبد الباقي بن قانع القاضى ، حدث به اختلاط قبل وفاته بسنتين . 35 - الحافط الامام أبو بكر أحمد بن على الرازي الجصاص ، امتوفى سنة 370 ، كان إماما في الاصول . والفقه . والحديث ، كان جيد الاستحضار الاحاديث أبى داود . وابن شيبة . وعبد الرزاق ، والطيالسي : يسوق سنده ماشء منها في إى موضع شاء ، وكتابه " الفصول في الاصول " وشروحه على مختصر الطحاوي . والجامع الكبير ، وكتابه في " أحكام القرآن " مما يقضى له بالبراعة التى لا تلحق ، وقوة معرفته بالرجال تظهر من كلامه في أدلة الخلاف . 36 - الحافظ محمد بن المظفر بن موسى البغدادي ، المتوفى سنة 379 ، وهو مؤلف مسند أبى حنيفة ، وكان الدارقطني يجله ، وهو من أعيان الحفاظ ، راجع " الطبقات " . 37 - الحافظ أبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذى ، المتوفى سنة 378 ، مؤلف رجال البخاري ، وكان الدار قطني يرضى فهمه ، وهو كان أحفظ من كان بما وراء النهر في زمانه ، راجع " الطبقات " . 38 - أبو حامد أحمد بن الحسين المروزى ، المعروف بابن الطبري ، المتوفى سنة 376 ، كان متقنا في الحديث والرواية ، راجع " الجوهر " . 39 - الحافظ أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر المعدل البغدادي ، صاحب مسند أبى حنيفة . المتوفى سنة 380 . 40 - الحافظ أبو الفضل السليمانى أحمد بن على البيكندى ، شيخ ما وراء النهر ، المتوفى سنة 404 ، وعنه أخذ جعفر المستغفرى ، راجع " الطبقات " . 41 - غنجار الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد البخاري ، المتوفى سنة 412 ، صاحب تاريخ بخارى . راجع " طبقات " . 42 - الحافظ أبو العباس جعفر بن محمد المستغفرى ، صاحب المصنفات ، المتوفى سنة 432 ، راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 43 - الحافظ أبو سعد السمان إسماعل بن على بن زنجويه الرازي ، المتوفى سنة 445 ، كان إماما في الحديث ، والرجال ، وفقه أبى حنيفة ، على بدعت ه . راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 44 - الحافظ أبو القاسم عبيد الله بن عبد الله النيسابوري الحاكم ، المتوفى سنة 490 ، راجع
[ 40 ]
" الطبقات " . و " الجواهر " . 45 - الحافظ أبو محمد الحسن بن إحمد بن محمد السمر قندى ، المتوفى سند 491 ، تخرج بالمستغفرى ، قال أبو سعد : لم يكن في زمانه في فنه مثله في الشرق والغرب ، له كتاب " بحر الاسانيد ، من صحاح المسانيد " ، في ثمانمائة جزء ، جمع فيه مائة إلف حديث ، ولو رتب وهذب ، لم يقع في الاسلام مثله ، راجع " الطبقات . 46 - مسند هراة نصر بن أحمد بن إبراهيم الزاهد بقية المسندين ، المتوفى سنة 510 . 47 - مسند سمرقند إسحاق بن محمد بن إبراهيم التنوخى النسفى ، المتوفى سنة 518 . 48 - المحدث أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخى ، صاحب " مسند أبى حنيفة " ، المتوفى سنة 522 ، ياخذه ابن حجر بروايته المسند لقاضي المارستان ، قائلا : إنه لا مسند له ، لكن تلميذه السخاوى يرويه عن التدمرى عن الميدومى عن النجيب عن ابن الجوزى عن الجامع قاضى المارستان ، فبهذا ظهر تهور ابن حجر . 49 - الحافط أبو حفص ضياء الدين عمر بن بدر بن سعيد الموصلي ، المتوفى سنة 622 . 50 - أبو الفضائل الحسن بن محمد لاصغانى ، المتوفى سنة 650 ، كان إماما في اللغة . والفقه والحديث . له " العباب " . و " المحكم " . و " مشارق الانوار " . 51 - المحدث الجوال أبو محمد عبد الخالق بن أسد الدمشقي ، صاحب المعجم ، المتوفى سنة 564 . 52 - مسند الشام تاج الدين إبو اليمن زيد بن الحسن الكندى ، المتوفى سنة 613 . 53 - الامام المسند أبو على الحسن بن المبارك الزبيدى ، المتوفى سنة 629 . 54 - الامام المحدث الجمال أبو العباس أحمد بن محمد الظاهرى ، المتوفى سنة 696 ، خرج مشيخة للفخر البخاري في خمسة أجزاء . راجع " الطبقات " . و " الجواهر " . 55 - المحدث أبو محمد على بن زكريا بن مسعود الانصاري المنبجى ، مؤلف " اللباب - في الجمع بين السنة والكتاب " ، وشارح آثار الطحاوي ، المتوفى في حدود سند 698 ، وابنه محمد مذكور ى " الجواهر المضيئة " . و " الدار - الكامنة " . 56 - الشمس السروجى أحمد بن إبراهيم بن عبد الغنى شارح الهداية . المتوفى سنة 701 . 57 - علاء الدين على بن بلبان الفارسى ، شارح تلخيص الخلاطى ، ومؤلف الاحسان في ترتيب صحيح ابن حبان ، توفى سنة 731 . 58 - المحدث الكبير ابن المهندس محمد بن إبراهيم بن غنائم ، الشروطى ، المتوفى سنة 733 . 59 - الحافط قطب الدين عبد الكريم بن عبد النور الحلبي ، شارح البخاري في عشرين مجلدا ، ومؤلف - الاهتمام بتلخيص الالمام - . و - القدح المعلى في الكلام ، على بعض
[ 41 ]
أحاديث المحلى - ، توفى سنة 735 ، راجع ذيل الحسينى على " الطبقات " 600 - الحافظ أمين الدين محمد بن إبراهيم الوانى ، المتوفى سنة 735 ، راجع " ذيل السيوطي " . 61 - الحافظ الشمس السروجى محمد بن على بن أبيك ، المتوفى سنة 744 ، راجع الذيول . 62 - الحافظ علاء الدين على بن عثمان الماردينى ، مولف " الجوهر النقى " ، المتوفى سنة 749 ، به تخرج الجمال الزيلعى . والزين العراقى . وعبد القادر القرشى ، راجع الذيول . 63 - الحافظ ابن الوانى عبد الله بن محمد بن إبراهيم المتوفى سنة 749 ، راجع " الحسينى " . 64 - الحافظ جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعى ، مؤلف " نصب الراية " . المتوفى سنة 762 . 65 - الحافظ علاء الدين مغلطاى البكجرى ، المتوفى سنة 762 ، راجع " ذيل ابن فهد " . 66 - الحافظ عبد القادر القرشى ، المتوفى سنة 775 ، راجع الذيول . 67 - المجد إسماعيل البلبيسى صاحب - مختصر أنساب الرشاطى - ، المتوفى سنة 802 . 68 - العلامة جمال الدين يوسف بن موسى الملطى ، صاحب " المعتصر " . المتوفى سند 803 ه‍ . 69 - العلامة شمس الدين محمد بن عبد الله الديرى ، مؤلف " المسائل الشريفة في أدلة مذهب الامام أبى حنيفة " ، المتوفى سنة 827 . 70 - المحدث أبو التح أحمد بن عثمان بن محمد الكلوتاتى ، الكرماني . المتوفى سنة 835 ، فكثر جدا من رواية الكتب الكبار ، وسماعها ، وإسماعها ، راجع " الضوء اللامع " . 71 - المحدث عز الدين عبد الرحيم بن محمد بن الفرات ، المتوفى سنة 851 ، من المحدثين المكثرين ، أصحاب الاسانيد العالية ، راجع " الضوء اللامع " . 72 - الحافظ البدر العينى محمود بن أحمد ، المتوفى سنة 855 ، ترجمته ترجمة واسعة ، في أول " عمدة القارى " - من الطبعة المنيرية . 73 - كمال الدين بن الهمام محمد بن عبد الواحد صاحب " فتح القدير " ، المتوفى سنة 861 . 74 - سعد الدين بن الشمس الديرى صاحب " تكملة شرح الهدايد " - للسروجى ، المتوفى سنة 768 ه‍ . 75 - تقى الدين أحمد بن محمد الشمنى ، المتوفى سنة 872 ، شرحه على " الوقاية " المسمى - بكمال الدراية - يدل على يده البياء في أحاديث الاحكام . 76 - الحافظ العلامة ، قاسم بن قطلوبغا ، المتوفى سنة 879 ، تخريجه لاحاديث " الاختيار " ، ولاحاديثه " أصول البزدوى " ، وسائر ما ألفه في الحديث والفقه ، تدل على عظم شانه في الحديث والفقه ، راجع " الضوء اللامع " .
[ 42 ]
77 - شمس الدين محمد بن على ، المعروف بابن طولون الدمشى ، المتوفى سنة 953 ، هو من المكثرين في الحديث والفقه ، له من المولفات ما يقارب خمسمائة مؤلف . 78 - على المتقى بن حسام الدين الهندي . صاحب " كنز العمال " في - ترتيب الجامع الكبير - للسيوطي ، قال أبو الحسن السبكى : له منة على السيوطي ، توفى سنة 975 . 79 - ملك المحدثين الشيخ محمد بن طاهر الفتنى الكجراتى ، مؤلف " مجمع البحار " . و " تذكرة الموضوعات " . و " المغنى " ، وغيرها من المؤلفات الممتعة ، في الحديث ، وغريبه ، توفى سنة 987 شهيدا . 80 - المحدث على بن سلطان محمد القارى الهروي المكى ، المتفى سنة 1014 ، شرحه على المشكاة ، وشرحه على مختصر الوقاية ، من الكتب المهمة في أحاديث الاحكام تخرج على قطب النهروالى . وعبد الله السندي . 81 - المحدث أحمد بن محمد ن يونس الشلبي ، المتوفى سنة 1027 . 82 - محدث الهند عبد الحق بن سيف الدين الدهلوى ، مؤلف - اللمعات شرح المشكاة - و - التبيان في أدلة مذهب الامام أبى حنيفة النعمان - ، توفى سنة 1052 ، أخذ عن عبد الوهاب المتقى ، تلميذ على المتقى ، وعن على القارى ، أخذ عنه محمد حسين الخافى ، وعنه حسن العجيمي . 83 - المحدث أيوب بن أحمد بن أيوب الخلوتى الدمشقي ، المتوفى سند 1071 . 84 - المحدث حسن بن على العجيمي المكى ، المتوفى سنة 1113 ، وأسانيد مروياته في " كفاية المستطلع " في مجلدين . 85 - أبو الحسن الكبير ، ابن عبد الهادى السندي ، المتوفى سنة 1139 ، صاحب " الحواشى على الاصول الستتة " . و " مسند أحمد " . 86 - الشيخ عبدالغنى بن إساعيل النابلسي ، مؤلف " ذخائر المواريث - في أطراف الاصول السبعة " ، المتوفى سنة 1143 . 87 - المحدث محمد بن أحمد عقيلة ، المكى المتوفى سنة 1150 ، له " المسلسلات - وعدة أثبات - والدر المنظوم في خمس مجلدات - في تفسير القرآن بالمأثور - والزيادة والاحسان في علوم القرآن " ، هذب به " الاتقان " ، وزاد كثيرا من علوم القران ، وغالب مؤلفاته في مكتبة على باشا الحكيم ، بالصطنبول ، أخذ عن العجيمي . وغيره . 88 - الشيخ عبد الله بن محمد المامسى ، شرح البخاري ، وسماه : " نجاح القارى - في شرح البخاري " في ثلاثين مجلدا ، وشرح - صحيح مسلم - في سبع مجلدات ، وسماه : " عناية المنعم بشرح صحيح مسلم " ، بلغ فيه إلى شطر مسلم ، المتوفى سنة 1167 . 89 - محمد بن الحسن المعروف ، بابن همات ، مؤلف " تحفة الراوى - في تخريج أحاديث البيضاوى " ، المتوفى سنة 1175 .
[ 43 ]
90 - السيد محمد المرتضى الزبيدى ، شارح " الاحياء " ومؤلف " عقود الجواهر المنيفة - في أدلة مذهب الامام إبى حنيفة " ، المتوفى سنة 1205 . 91 - المحدث الفقيه محمد هبة الله البعلى ، مؤلف " حديقة الرياحين - في طبقات مشايخنا المسندين " . ومؤلف " التحقيق الباهر في شرح الاشباه والنظائر " في خمس مجلدات خام ، المتوفى سنة 1224 . 92 - صاحب " رد المحتار " العلامة محمد أمين بن السيد عمر المشهور " بابن عابدين " ، المتوفى سنة 1252 ، صاحب المؤلفات المشهورة ، وإسانيده . ومروياته في ثبته المشهور باسم " عقود اللآلى - في الاسانيد العوالي " . 93 - الشيخ محمد عابد السندي صاحب " حصر الشارد " و " طوالع الانوار - على الدر المختار " في ستة عشر مجلدا ضخما ، وشارح " مسند إبى حنيفة " في مجلدات ، سماه : " المواهب اللطيفة " ، المتوفى سنة 1257 . 94 - الشيخ عبد الغنى المجددى ، المتوفى سنة 1296 ، أسانيده في " الياغنع الجنى " . 95 - الشيخ محمد عبد الحى اللكنوى ، ألم أهل عصره باحاديث الاحكام ، المتوفى سنة 1304 ، إلا أن له بعض اراء شاذة لا تقبل في المذهب ، واستسلامه لكتب التجريح من غير أن يتعرف دخائلها ، لا يكون مريا عند من يعرف ما هنالك . 96 - شيخ مشايخنا ، الشيخ المحدث أحمد ضياء الدين بن مصطفى الكمشخانوى ، المتوفى سنة 1311 ألف " راموز أحاديث الرسول " في مجلد ضخم ، وشرحه " لوامع العقول " في خمسة مجلدات ، وله نحو خمسين مولفا سوى ذلك . وفى الهند علماء بارعون في الحديث من أهل المذهب ، لا مجال لا ستقصائهم ، كثر الله أمثالهم ، وهذه نبذة يسيره من محدثي الحنفية ، سردنا أسماءهم هنا ، ليدل القليل على الكثير . رحمهم الله . هذه الطبعة إن هذا الطبعة الماثلة بين يدى القارئ العزيز لتعبر أولا عن الجهد الجهيد الذى تقوم بها دار الحديث لخدمة الكتاب الاسلامي وإخراجه في شكل جديد دقيق معتنا به . وقد حرصنا في هذه الطبعة على تنسيق كتاب الهداية مع تخريجه ليكون أوقع وأقرب للتعامل مع الهداية سيما والكتابان لا ينفكان عن بعضهما . كما حرصنا في هذه الطبعة تحقيق عزو النص من الاصل على المراجع حديثة الطبع المعتمدة في عزو موسوعات الفهارس للتيسير على الباحثين ، سيما وطبعة المجلس العلمي قد اعتمد فيها على طبعات لها حكم الندرة في عالم الكتاب . كما حرصنا على وضع أرقام صفحات طبعة المجلس العلمي جانب الصفحة في هذه
[ 44 ]
الطبعة الجديدة لفائدة هامة لا تخفى ثم قمنا بوضع فهرس لا طراف الاحاديث والآثار الواردة في الكتاب ننبه أن العزو في فهرس الاطراف لرقم ص / ج‍ طبعة المجلس العلمي الموجودة بهامش الصفحة من هذه الطبعة الجديدة . وقد أقمنا النص على طبعة المجلس العلمي المفادة من عدة نسخ هي : 1 - نسخة المكتبة السعيدية ، المخطوطة المنسوبة إلى الشيخ محمد سعيد المدارسى بالهند . 2 - نسخة مكتبة الشيخ عبد الوهاب الدهلوى - المكتوبة سنة 1134 ه‍ . 3 - نسخة مكتبة الحرم الملكى - ولعلها منقولة من نسخة الشيخ عبد الوهاب . 4 - نسخة كلكته . وقد إفاد محققو نص الكتاب من نسختين خطيتين عن دار الكتب المصرية . بيد أن هذه الافادة منهما لم تكن بالمعتمد كما ورد في مقدمة طبعة المجلس العلمي / 61 - 64 . وقد راعينا الافادة من كلتا النسختين في هذه الطبعة - قدر الاستطاعة - لتكون مزية . سيما وإحدى النسخان منقولة عن نسخة المصنف . حديث [ 130 ] المؤيد . والحمد لله الذى تتم بنعمته الصالحات . وأخيرا / أسال الله تعالى القبول ، والجزاء بالخير لكل من ساعد في إخراج هذه الطبعة . والله من وراء القصد . وكتبه راجى عفو ربه أبو صالح أيمن صالح شعبان
[ 45 ]
عنوان الجزء الاول من المخطوط عن نسخة المويد 130 حديث دار الكتب
[ 46 ]
الورقة الاخيرة من الجزء الاول
[ 47 ]
الورقة الاولى من الجزء الاول
[ 48 ]
آخر الجزء الثاني وفيه توثيق النسخة عن نسخة المصنف
[ 49 ]
بسم الله الرحمن الرحيم كتاب الطهارات الحديث الاول : روى المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما وتوضأ ومسح على ناصيته وخفيه قلت هذا حديث مركب من حديثين رواهما المغيرة بن شعبة جعلهما المصنف حديثا واحدا فحديث المسح على الناصية والخفين أخرجه مسلم عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين انتهى ورواه الطبراني في معجمه بهذا الاسناد ولم يذكر فيه العمامة ووهم بن الجوزي في كتاب التحقيق فعزا هذا
[ 50 ]
الحديث إلى الصحيحين وليس كذلك بل انفرد مسلم وتعقبه عليه صاحب التنقيح وروى أبو داود في سننه من حديث أبي معقل عن أنس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وعليه عمامة قطرية فأدخل يده من تحت العمامة فمسح مقدم رأسه ولم ينقض العمامة انتهى وسكت عنه أبو داود ثم المنذري في مختصره ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه ثم قال وهذا الحديث وإن لم يكن إسناده على شرط الكتاب فإن فيه لفظة غريبة وهي أنه مسح بعض رأسه ولم ينقض العمامة انتهى وحديث السباطة والبول قائما رواه بن ماجة في سننه حدثنا إسحاق بن منصور ثنا أبو داود ثنا شعبة بن عاصم عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما قال شعبة قال عاصم يومئذ وهذا الاعمش يرويه عن أبي وائل عن حذيفة وما حفظه فسألت عنه منصورا فحدثنيه عن أبي وائل عن حذيفة انتهى وحديث حذيفة هذا أخرجه البخاري ومسلم عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى سباطة قوم فبال قائما ثم دعا بماء فجئته به ثم توضأ زاد مسلم ومسح على خفيه انتهى ووقع لشيخنا العلامة علاء الدين في هذا الحديث وهم من وجهين أحدهما أنه قال في حديث حذيفة بعد أن حكاه بلفظ البخاري وزيادة مسلم أخرجاه وقد بينا أن مسلما انفرد فيه بالمسح على الخفين وقد صرح بذلك عبد الحق في الجمع بين الصحيحين فقال لم يذكر البخاري فيه المسح على الخفين الوهم الثاني أنه جعل حديث الكتاب مركبا من حديث المغيرة أنه عليه
[ 51 ]
السلام مسح بناصيته وخفيه ومن حديث حذيفة في السباطة والبول قائما وهذا عجب منه لان المصنف جعلهما من رواية المغيرة وقد بينا أن حديث السباطة والبول قائما أيضا رواه المغيرة بن شعبة كما أخرجه بن ماجة وكان من الواجب أن يذكرهما من رواية الميغرة ليطابق عزو المصنف وهذا الوهم الثاني لم يستبد به الشيخ وإنما قلد فيه غيره والله أعلم الحديث الثاني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في الاناء حتى يغسلها ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم فرواه البخاري من طريق مالك عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ماء ثم لينتثر ومن استجمر فليوتر وإذا استيقظ أحكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في الاناء فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده انتهى ورواه مسلم من حديث عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلهما ثلاثا فإنه لا يدري أين باتت يده انتهى ورواه أيضا من حديث أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعا إذا قام أحدكم من الليل فلا يغمس يده في الاناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده انتهى ورواه بن ماجة في سننه من حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا إذا قام أحدكم من النوم فأراد أن يتوضأ فلا يدخل يده في وضوئه حتى يغسلها فإنه لا يدري أين باتت يده ولا على وضعها انتهى ووقع في لفظ المصنف وغيره من أصحابنا فلا يغمسن بنون التوكيد المشددة ولم أجدها فيه إلا عند البزار في مسنده فإنه رواه من حديث هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا إذا استيقظ
[ 52 ]
أحدكم من منامه فلا يغمسن يده في طهوره حتى يفرغ عليها الحديث الحديث الثالث قال عليه السلام لا وضوء لمن لم يسم الله تعالى قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث سعيد بن زيد ومن حديث الخدري ومن حديث سهل بن سعد الساعدي ومن حديث أبي سبرة أما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود وابن ماجة من حديث يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك فقال فيه عن يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة فذكره ثم قال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة الماجشون واسم أبي سلمة دينار انتهى كلامه قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتاب الامام نقل عن الحاكم أنه أخرج هذا الحديث في كتابه المستدرك من جهة بن أبي فديك عن يعقوب بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة وأنه قال صحيح الاسناد وقد احتج مسلم بيعقوب بن أبي سلمة وهذا إن صح عنه فهو انتقال ذهني من يعقوب بن سلمة إلى يعقوب بن أبي سلمة ويعقوب بن أبي سلمة الماجشون احتج به مسلم ويعقوب بن سلمة الليثي هذا لم يحتج به مسلم وقد أخرجه بن ماجة والدارقطني من رواية بن أبي فديك لم يقولا إلا يعقوب بن سلمة انتهى كلامه وهذا الكلام
[ 53 ]
مشعر بأن الشيخ تقي الدين لم ير المستدرك وقد صرح في الامام في باب مواقيت الصلاة أنه رآه فقال بعد أن نقل منه كلاما طويلا هكذا رأيته في نسخة عتيقة من المستدرك وقال في كتاب الزكاة بعد أن نقل فيه حديثا في زكاة التجارة فيه وفي البر صدقة هكذا وجدته في أصل من المستدرك بضم الباء وقد نقلت كلامه وقال البخاري في تاريخه الكبير لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب من أبيه انتهى ذكره في ترجمة سلمة ورواه الدارقطني في سننه من حديث أيوب بن النجار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما توضأ من لم يذكر اسم الله عليه وما صلى من لم يتوضأ انتهى وأيوب بن النجار وثقه جماعة لكن البيهقي رواه وأعله بأن فيه انقطاعا قال كان أيوب بن النجار يقول لم أسمع من يحيى بن أبي كثير إلا حديثا واحدا وهو حديث التقى آدم وموسى ذكر ذلك يحيى بن معين فيما رواه عنه بن أبي مريم انتهى رضي الله تعالى عنه وأما حديث سعيد بن زيد فرواه الترمذي وابن ماجة من حديث أبي ثفال عن رباح بن عبد الرحمن أنه سمع جدته بنت سعيد بن زيد تحدث أنها سمعت أباها سعيد بن زيد يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بلفظ أبي داود قال الترمذي قال أحمد لا أعلم في هذا الباب حديثا له إسناد جيد وقال محمد بن إسماعيل يعني البخاري أحسن شئ في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن انتهى ورواه الحاكم في المستدرك أيضا وصححه وأعله بن القطان في كتا ب الوهم والايهام وقال فيه ثلاثة مجاهيل الاحوال جدة رباح لا يعرف لها اسم ولا حال ولاتعرف بغير هذا ورباح أيضا مجهول الحال وأبو ثفال مجهول الحال أيضا مع أنه أشهر لرواية جماعة عنه منهم الدراوردي انتهى وذكره بن أبي حاتم في كتاب العلل وقاهذا الحديث ليس عندنا بذاك الصحيح أبوثفال مجهول ورباح مجهول
[ 54 ]
انتهى وقال الترمذي في علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل عن اسم أبي ثفال فلم يعرفه ثم سألت الحسن بن علي الخلال فقال اسمه ثمامة بن حصين انتهى وأما حديث أبي سعيد فرواه بن ماجة في سننه من حديث كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك أيضا وصححه وأسند إلى الاثرم أنه قاسألت أحمد بن حنبل عن التسمية في الوضوء فقال أحسن ما فيها حديث كثير بن زيدولا أعلم فيها حديثا ثابتا وأرجو أن يجزئه الوضوء لانه ليس فيه حديث أحكم به انتهى وقال الترمذي في علله الكبير قال محمد بن إسماعيل ربيح بن عبد الرحمن منكر الحديث انتهى وأما حديث سهل بن سعد فرواه بن ماجة أيضا من حديث عبد المهيم بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه وأما حديث أبي سبرة فرواه الطبراني في معجمه ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا شعيب بن سلمة الانصاري ثنا يحيى بن يزيد بن عبد الله بن أنيس عن عبد الله بن سبرة عن جده أبي سبرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة إلا بوضوء ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه مختصر
[ 55 ]
حديث يشكل على أحاديث التسمية أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر عن المهاجر بن قنفذ قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فسلمت عليه فلم يرد علي فلما فرغ قال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت على غير وضوء انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الرابع عن بن خزيمة بسنده ورواه الحاكم في المستدرك وقال إنه صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى والجواب عنه من وجهين أحدهما أنه معلول والآخر أنه معارض أما كونه معلولا فقال ابن دقيق العيد في الامام سعيد بن أبي عروبة قد اختلط بآخره فيراعى فيه سماع من سمع منه قبل الاختلاط قال بن عدي قال أحمد بن حنبل يزيد بن زريع سمع منه قديما قال وقد رواه النسائي من حديث شعبة عن قتادة به وليس فيه إنه لم يمنعني إلى آخره ورواه حماد بن سلمة عن حميد وغيره عن الحسن عن المهاجر منقطعا فصار فيه ثلاث علل وروى أبو داود في سننه من حديث محمد بن ثابت العبدي ثنا نافع قال انطلقت مع عبد الله بن عمر في حاجة إلى بن عباس فلما قضى حاجته كان من حديثه قال مر النبي صلى الله عليه وسلفي سكة من سكك المدينة وقد خرج من غائط أو بول إذ سلم عليه رجل فلم يرد عليه السلام ثم إنه ضرب بيده الحائط فمسح وجهه مسحا ثم ضرب ضربة فمسح ذراعيه إلى المرفقين ثم كفه وقال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني لم أكن على طهارة انتهى وقال النووي في الخلاصة محمد بن ثابت العبدي ليس بالقوي عند أكثر المحدثين وقد أنكر عليه البخاري وغيره رفع هذا الحديث وقالوا الصحيح أنه موقوف على بن عمر انتهى وأما كونه معارضا فروى البخاري ومسلم من حديث كريب عن ابن
[ 56 ]
عباس قال بت ليلة عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاضطجعت في عرض الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم في طولها فنام عليه السلام حتى إذا انتصف الليل أو قبله أو بعده بقليل استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده ثم قرأ العشر الخواتيم من سورة آل عمران ثم قام إلى شن معلقة فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام فصلى الحديث ففي هذا ما يدل على جواز ذكر اسم الله وقراءة القرآن مع الحدث ولكن وقع في الصحيح أنه عليه السلام تيمم لرد السلام أخرجاه عن أبي الجهيم قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل فلقيه رجل فسلم عليه فلم يرد عليه حتى أقبل على الجدار فمسح وجهه ويديه ثم رد عليه السلام انتهى ولم يصل مسلم بسنده به ولكنه روى من حديث الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر أن رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه لم يذكر فيه التيمم ورواه البزار في مسنده من حديث أبي بكر رجل من آل عمر بن الخطاب عن نافع عن بن عمر في هذه القصة وقال فرد عليه السلام وقال إنما رددت عليك خشية أن تقول سلمت عليه فلم يرد علي فإذا رأيتني هكذا فلا تسلم علي فإني لا أرد عليك انتهى وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة البزار ثم قال وأبو بكر هذا فيما أعلم هو بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب روى عنه مالك وغيره لا بأس به ولكن حديث الضحاك بن عثمان أصح فإن الضحاك أوثق من أبي بكر هذا ولعل ذلك كان في موطنين انتهى كلامه وتعقبه ابن القطان في كتابه فقال من أين له أنه هو ولم يصرح في الحديث باسمه واسم أبيه وجده انتهى قلت قد جاء ذلك مصرحا في مسند السراج فقا حدثنا محمد بن إدريس ثنا عبد الله بن رجاء ثنا سعيد بن سلمة حدثني أبو بكر بن عمربن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن نافع عن بن عمر فذكره وروى بن ماجة في سننه من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن
[ 57 ]
رجلا مر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فقال له عليه السلام إذا رأيتني على هذه الحالة فلا تسلم علي فإنك إن فعلت ذلك لم أرد عليك انتهى ورواه البزار وقال فيه فلم يرد عليه وينظر في التوفيق بين هذه الاحاديث فإنها معارضة جدا وتراجع الاصول أيضا واستدل البيهقي على عدم وجوب التسمية بما رواه أصحاب السنن الاربعة من حديث علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع في المسئ صلاته قال له النبي صلى الله عليه وسلم إذا قمت فتوضأ كما أمرك الله وفي لفظ لهم إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين ثم يكبر الله عزوجل ويحمده ثم يقرأ من القرآن ما تيسر ثم يكبر ويسجد فيمكن وجهه أو قال جبهته من الارض حتى تطمئن مفاصله ثم يكبر فيستوي قاعدا على مقعده فيقيم صلبه فوصف الصلاة هكذا أربع ركعا ت حتى فرغ لا يتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك انتهى قال الترمذي حديث حسن وذكر بن القطان أن يحيى بن علي بن خلاد لا يعرف له حال وأبوه على ثقة وجده يحيى بن خلاد أخرج له البخاري قال البيهقي احتج أصحابنا بهذا الحديث في نفي وجوب التسمية وحديث المسئ صلاته في الصحيحين عن أبي هريرة وليس فيه هذا اللفظ وإنما فيه إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن الحديث قال واحتجوا أيضا بحديث يحيى بن هاشم السمسار ثنا الاعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا تطهر أحدكم فليذكر اسم الله فإنه يطهر جسده كله فإن لم يذكر اسم الله على طهوره لم يطهر إلا ما مر عليه الماء قال وهذا ضعيف لا أعلم رواه عن الاعمش غير يحيى بن هاشم وهو متروك الحديث ورماه بن عدي بالوضع ثم أخرج نحوه عن أبي هريرة وعن بن عمر وضعفهما قال بن الجوزي في التحقيق وربما قال الخصم في هذا الحديث إنه حجة له لانه حكم بطهارة الاعضاء مع عدم التسمية قال وجوابه أنا نقول البدن محدث بدليل أنه لا يجوز له مس
[ 58 ]
المصحف بصدره ومع بقاء الحدث في بعض البدن لا تصح الصلاة وقال في الامام واستدل على وجوب التسمية بما رواه معمر عن ثابت وقتادة عن أنس قال طلب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وضوء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم ماء فوضع يده في الماء وقال توضؤوا باسم الله قال فرأيت الماء يخرج من بين أصابعه حتى توضؤوا من عند آخرهم قال قلت لانس كم تراهم قال نحو من سبعين انتهى رواه بن خزيمة والنسائي والدارقطني ثم البيهقي وقال هذا أصح ما في التسمية وأصل الحديث عن أنس متفق عليه وإنما المقصود برواية معمر هذه اللفظة التي ذكر فيها التسمية والحديث ليس فيه حجة فتأمله والنسائي والبيهقي بوبا عليه باب التسمية عند الوضوء ومما استدل به من السنة على أن الوضوء لا يجب قبل وقت الصلاة ما رواه أبو داود والترمذي في كتاب الاطعمة والنسائي في الطهارة من حديث عبد الله بن أبي مليكة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الخلاء فقرب إليه طعام فقالوا ألا نأتيك بوضوء قال إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة انتهى قال الترمذي حديث حسن ورواه بن خزيمة في صحيحه والحديث عند مسلم من رواية سعيد بن الحويرث عن بن عباس لكن بغير لفظة إنما المفيدة للمطلوب من الحديث وبها استدل بن خزيمة على ذلك ورواه البيهقي في سننه من طريق أبي داود بلفظة إنما الحديث الرابع روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواظب على السواك قلت فيه أحاديث فمنها ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي وائل عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك انتهى وفي لفظ إذا قام ليتهجد حديث آخر روى مسلم من حديث شريح عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته بدأ بالسواك انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود في سننه عن على بن زيد بن جدعان عن أم محمد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يستيقظ من ليل أو نهار إلا تسوك قبل أن يتوضأ انتهى
[ 59 ]
حديث آخر أخرجه النسائي وابن ماجة عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل ركعتين ركعتين ثم ينصرف فيستاك انتهى حديث آخر رواه أحمد وأبو داود الطيالسي وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم حدثنا محمد بمهران القرشي حدثني جدي أبو المليح عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لاينام إلا والسواك عنده فإذا استيقظ بدأ بالسواك حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه عن صالح بن أبي صالح عن زيد بن خالد الجهني قال ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من بيته لشئ من الصلوات حتى يستاك انتهى حديث آخر يدل على محافظته عليه السلام على السواك وهو أنه فعله عليه السلام حتى عند وفاته كما رواه البخاري في آخر كتاب المغازي من حديث القاسم عن عائشة قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن به فأبده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فأخذت السواك فقضمته وطيبته ثم دفعته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به فما رأيته عليه السلام استن استنانا قط أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده أو إصبعه ثم قال في الرفيق الاعلى ثلاثا ثم قضى وكانت تقول مات بين حاقنتي وذاقنتي انتهى رضي الله تعالى عنه أحاديث الامر بالسواك روى الائمة الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل صلاة وقال مسلم عند كل صلاة انتهى وعند النسائي في رواية عند كل وضوء قال بن دقيق العيد في الامام ورواها بن خزيمة في صحيحه وفي الخلاصة وصححها الحاكم وذكرها البخاري في صحيحه تعليقا في كتاب الصوم
[ 60 ]
حديث آخر رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد الجهني مرفوعا لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة قال أبو سلمة فرأيت زيدا يجلس في المسجد وأن السواك من أذنه موضع القلم من أذن الكاتب وكلما قام إلى الصلاة استاك انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح قال البيهقي وقد اسند آخر هذا الحديث من جهة محمد بن إسحاق ثم أخرجه من طريق بن إسحاق عن أبي جعفر عن جابر بن عبد الله قال كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم موضع القلم من أذن الكاتب انتهى قال البيهقي رواه عن بن إسحاق سفيان ولم يروه عن سفيان إلا يحيى بن اليمان ويحيى بن اليمان ليس بالقوي عندهم ويشبه أن يكون وهم من حديث زيد بن خالد إلى هذا والله أعلم الحديث الخامس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان عند فقد السواك يعالج بالاصبع قلت حديث غريب وروى ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم قال البيهقي في سننه باب وقد ورد في الاستياك بالاصبع حديث ضعيف ثم أخرج عن عيسى بن شعيب عن عبد الحكم القسملي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجزئ من السواك الاصابع انتهى ثم أخرجه عن عيسى بن شعيب عن بن المثنى عن النضر بن أنس عن أبيه فذكره وقال تفرد عيسى بالاسنادين جميعا انتهى وقال بن عدي بعد أن روى الاول سمعت بن حماد يقول قال البخاري عبد الحكم القسملي البصري عن أنس وعن أبي الصديق منكر الحديث انتهى ثم أخرجه البيهقي عن عبد الله بن المثنى عن النضر بن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تجري الاصابع مجرى السواك انتهى ثم قال المحفوظ عن بن المثنى أنه قال حدثني بعض أهل بيتي عن أنس بن مالك أن رجلا من الانصار من بني عمرو بن عوف قال يا رسول الله إنك رغبتنا في السواك فهل دون ذلك من شئ قال إصبعك سواك عند وضوئك تمر بها على أسنانك إنه لا علم لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسبة له انتهى وأخرجه أيضا عن أبي أمية الطرسوسي ثنا عبد الله
[ 61 ]
بن عمر الحمال ثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاصبع يجزئ من السواك انتهى حديث آخر في المعنى رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة ثنا محمد بن أبي السري ثنا الوليد بن مسلم ثنا عيسى بن عبد الله الانصاري عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة قالت قلت يا رسول الله الرجل يذهب فوه يستاك قال نعم قلت كيف يصنع قال يدخل إصبعه في فيه انتهى وقال لا يروى عن عائشة إلا بهذا الاسناد انتهى الحديث السادس عن النبي صلى الله عليه وسلم في المضمضة والاستنشاق أنه فعلهما عن المواظبة قلت الذين رووا صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عشرون نفرا عبد الله بن زيد بن عاصم وعثمان بن عفان وابن عباس والمغيرة بن شعبة وعلي بن أبي طالب والمقدام معدي كرب والربيع بنت معوذ وأبو مالك الاشعري وأبو هريرة وأبو بكرة ووائل بن حجر ونفير أبو جبير الكندي وأبو أمامة وعائشة وأنس وكعب بن عمرو اليمامي وأبو أيوب الانصاري و عبد الله بن أبي أوفى والبراء بن عازب وأبو كاهل وكلهم حكوا فيه المضمضة والاستنشاق أما حديث عبد الله بن زيد فوراه الائمة الستة في كتبهم من حديث مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعابتور من ماء فتوضأ لهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكفأ على يده من التور فغسل يديه ثلاثا ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاثا بثلاث غرفات ثم أدخل يده في التور فغسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين مرتين ثم أدخل يده في التور فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة ثم غسل رجليه انتهى ورواه جماعة عن عمرو بن يحيى كما رواه مالك إلا سفيان بن عيينة فإنه رواه عنه وقال فيه عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو
[ 62 ]
وهم وإنما هو عبد الله بن زيد بن عاصم وأما بن عبد ربه فهو راوي حديث الاذان ووهم فيه أيضا وهما آخر فقال فيه ومسح رأسه مرتين قال بن عبد البر لم يقل فيه مرتين غير بن عيينة ورواه مالك ووهيب وسليمان ببلال وخالد الواسطي وغيرهم فكلهم قالوا فأقبل بهما وأدبر وكأنه والله أعلم تأول قوله فأقبل بهما وأدبر فجعلهما مرتين والله أعلم انتهى وأما حديث عثمان بن عفان فرواه البخاري ومسلم من حديث حمران مولى عثمان أنه رأى عثمان بن عفان دعا بوضوء فأفرغ على يديه من إنائه فغسلهما ثلاث مرات ثم أدخل يمينه في الوضوء ثم تمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ نحو وضوئي هذا انتهى وأما حديث بن عباس فرواه البخاري من حديث عطاء بن يسار عنه أنه توضأ فغسل وجهه أخذ غرفة من ماء فتمضمض بها واستنشق ثم اخذ غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الاخرى فغسل بها وجهه ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى ثم أخذ بغرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى ثم مسح برأسه ثم أخذ غرفة من ماء فرش على رجله اليمنى حتى غسلها ثم أخذ غرفة أخرى فغسل بها يعنى رجله اليسرى ثم قال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ انتهى وأما حديث المغيرة بن شعبة فرواه البخار أيضا في كتاب اللباس في باب من لبس جبة ضيقة الكمين وفيه المضمضة والاستنشاق وأما حديث علي بن أبي طالب فرواه أصحاب السنن الاربعة من حديث عبد خير عنه أنه أتى بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الاناء على يمينه فغسل يديه ثلاثا ثم تمضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا وغسل يده اليمنى ثلاثا وغسل يده الشمال ثلاثا ثم جعل يده في الاناء فمسح برأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ورجله الشمال ثلاثا ثم قال من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا انتهى أخرجوه مختصرا ومطولا وأما حديث المقدام بن معدي كرب فرواه أبو داود من رواية عبد الرحمن بن ميسرة عنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثا ثم
[ 63 ]
تمضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثالثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما انتهى قال بان دقيق العيد في الامام قال علي بن المديني عبد الرحمن بن ميسرة مجهول لم يرو عنه غير حريز انتهى وأما حديث الربيع بنت معوذ فرواه أبو داود أيضا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فحدثت أنه قال لها اسكبي لي وضوء فذكرت صفة وضوئه عليه السلام قالت فيه فغسل كفيه ثلاثا ووضأ وجهه ثلاثا ومضمض واستنشق مرة ووضأ يديه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا انتهى وأما حديث أبي مالك الاشعري فرواه عبد الرزاق في مصنفه أنبأ معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي مالك الاشعري واسمه حارث أنه قال هلموا أصلي لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بجفنه من ماء فغسل يديه ثلاثا ومضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ومسح برأسه وأذنيه وغسل قدميه ثم صلى الظهر فقرأ بفاتحة الكتاب وكبر ثنتين وعشرين تكبيرة انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في معجمه وكذلك رواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم وأما حديث عائشة فرواه النسائي في سنننه الكبرى من حديث سالم يعني سبلان عن عائشة أنها أرته كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فتمضمضت واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثم مرت بيديها بأذنيها قال سالم كنت آتيها مكانها فأجلس بين يديها فتتحدث معي حتى جئتها يوما فقلت يا أم المؤمنين أدعو لي بالبركة قالت وما ذاك
[ 64 ]
قلت أعتقني الله قالت بارك الله لك وأرخت الحجاب دوني فلم أرها بعد ذلك اليوم انتهى وأما حديث أبي بكرة فرواه البزار في مسنده من حديث عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبيه عن أبيه أبي بكرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل يديه ثلاثا ومضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثم مسح برأسه وغسل رجليه مختصر قال البزار و عبد الرحمن بن صالح وأما حديث أبي هريرة فرواه أحمد في مسنده من حديث عطاء عنه ورواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن بكار ثنا حفص بن عمر الحوضي ثنا همام عن عامر الاحول عن عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه وغسل يديه ثلاثا ومسح برأسه وغسل قدميه انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ثنا محمد بن بكار ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضرت الصلاة قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فغسل يديه ثم مضمض واستنثر وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح برأسه وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم نضح تحت ثوبه ثم قال هكذا إسباغ الوضوء انتهى وأما حديث وائل بن حجر فرواه البزار في مسنده من حديث عبد الجبار بن وائل عنه قال شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وأتي بإناء فأكفأ على يمينه ثلاثا ثم غمس يمينه في الماء فغسل بها ذراعه اليمنى حتى جاوز المرفق ثلاثا ثم غسل يساره بيمينه حتى جاوز المرفق ثلاثا ثم مسح على رأسه ثلاثا وظاهر أذنيه ثلاثا وظاهر رقبته وأظنه قال وظاهر لحيته ثلاثا ثم غسل بيمينه قدمه اليمنى وفصل بين أصابعه أو قال خلل بين أصابع ورفع الماء حتى جاوز الكعب ثم رفعه في الساق ثم فعل باليسرى مثل ذلك ثم أخحفنة من ماء فملا بها يده ثم وضعها على رأسه حتى انحدر الماء من جوانبه وقال هذا تمام الوضوء ولم أره تنشف بثوب انتهى قال في
[ 65 ]
الامام يرويه محمد بن حجر بن عبد الجبار وقال البخاري فيه نظر انتهى وأما حديث جبير بن نفير فرواه بن حبان في صحيحه من حديث معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه جبير بن نفير أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له عليه السلام بوضوء وقا توضأ يا أبا جبير فبدأ بفيه فقال عليه السلام يا أبا جبير لا تبدأ بفيك فإن الكافر يبدأ بفيه ثم دعا عليه السلام بوضوء فغسل يديه حتى أنقاهما ثم تمضمض واستنشق ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثا ثم غسل يده اليسرى إلى المرفق ثلاثا ثم مسح رأسه وغسل رجليه انتهى ورواه البيهقي في سننه فلم يقل فيه عن نفير وتعقبه الذهبي في مختصره فقال إنه سقط منه عن جده نفير ويراجع بن حبان وأما حديث أبي أمامة فرواه أحمد في مسنده أيضا وأما حديث أنس فأخرجه الدارقطني في سننه عن معلى بن أسد ثنا أيوب بن عبد الله أبو خالد القرشي قال رأيت الحسن البصري دعا بوضوء فجئ بكوز من ماء فصب في تور فغسل يده ثلاث مراتومضمض ثلاث مرات واستنشق ثلاث مرات وغسل وجهه ثلاث مرات وغسل يديه إلى المرفقين ثلاث مرات ومسح رأسه وأذنيه وخلل لحيته وغسل رجليه إلى الكعبين ثم قال حدثني أنس بن مالك أن هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وأما حديث كعب بن عمرو اليمامي فرواه أبو داود في سننه من حديث ليث بن أبي سليم عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره فرأيته يفصل بين المضمضة
[ 66 ]
والاستنشاق انتهى وسكت عنه ثم المنذري بعده ورواه الطبراني في معجمه ولفظه فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وسيأتي قريبا وأما حديث أبي أيوب فرواه الطبراني في معجمه وإسحاق بن راهويه في مسنده من حديث واصل بن السائب عن أبي سورة عن أبي أيوب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ تمضمض واستنشق وأدخل أصابعه من تحت لحيته فخللها انتهى وبقية إسناد الطبراني حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا سعيد بن يحيى الاموي حدثني أبي عن واصل به وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى فرواه أبو يعلى الموصلي في مسنده عن يزيد بن هارون أنا أبو الورقاء فائد بن عبد الرحمن عن بن أبي أوفى قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم فغسل يديه ثلاثا ثم مضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح برأسه وأذنيه وغسل رجليه انتهى ورواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد من حديث محمد بن ميمون الزعفراني في ترجمته عن أبي الورقاء به وقال محمد بن ميمون ثقة انتهى وأما حديث البراء بن عازب فرواه أحمد أيضا في مسنده عنه أنه قال لبنيه اجتمعوا فلاريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وكيف كان يصلي فإني لا أدري ما قدر صحبتي إياكم فجمع بنيه وأهله ودعا بوضوء فمضمض واستنشق وغسل وجهه ثلاثا ثم غسل يده اليمنى ثلاثا ثم اليسرى ثلاثا ثم مسح رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وغسل رجله اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ثم قال هكذا ما ألوت أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسليتوضأ مختصر
[ 67 ]
وأما حديث أبي كاهل فرواه الطبراني في معجمه من حديث الهيثم بن حماد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي كاهل واسمه قيس بن عائد قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أدن مني أريك كيف تتوضأ للصلاة فقلت يا رسول الله لقد أعطانا الله بك خيرا كثيرا فغسل يده ثلاثا وتمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وغسل ذراعيه ثلاثا ومسح رأسه ولم يوقت وغسل رجليه ولم يوقت ثم قال يا أبا كاهل ضع الطهور منك مواضعه وابق فضل طهورك لاهلك ولا تشقن على خادمك انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأعله بالهيثم ونقل عن يحيى بن معين أنه ضعفه وعن أحمد أنه قال منكر الحديث انتهى وهذه الاحاديث في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم أجد في شئ منها ذكر التسمية ولكنها في حديث ضعيف أخرجه الدارقطني في سنن عن حارثة بن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس طهروا سمى الله قال أبو بدر كان يقوم إلى الوضوء فيسمي الله عزوجثم يفرغ الماء على يديه انتهى وأما حديث عبد الله بن أنيس فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الداري ثنا أبو كريب ثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن عبد الله قال حدثني عبد الرحمن بن عباد بن يحيى بن خلاد الزرقي قال دخلنا على عبد الله بن أنيس فقال ألا أريكم كيف توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف صلى قلنا بلى فغسل يديه ثلاثا ثلاثا ومضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه مقبلا ومدبرا ومس أذنيه وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم صلى انتهى قال الطبراني لا يروى عن عبد الله بن أنيس إلا بهذا الاسناد انتهى أحاديث الامر بالمضمضة والاستنشاق قال في الامام قال بن عبد البر أما لفظ الاستنشاق فلا يكاد يوجد الامر به
[ 68 ]
إلا في رواية همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينثر أخرجه مسلم وفي حديث لقيط بن صبرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم أسبغ الوضوء وخلل بين الاصابع وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما أخرجه الاربعة في سننهم قال الترمذي حديث حسن صحيح وأخرجه بن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم في المستدرك وفي رواية لابي داود عن لقيط بهذا الحديث إذا توضأت فمضمض انتهى ورواه أبو البشر الدولابي في جزء جمعه من أحاديث سفيان الثوري فذكر فيه المضمضة والاستنشاق فقال حدثنا محمد بن بشار ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سفيان الثوري عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة مرفوعا أسبغ الوضوء وخلل بين الاصابع وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما انتهى وذكره بن القطان في كتابه الوهم والايهام بسنده المذكور ثم قال وهذا سند صحيح وابن مهدي أحفظ من وكيع فإن وكيعا رواه عن الثوري لم يذكر فيه المضمضة انتهى كلامه وحديث آخر أخرجه البيهقي في سننه عن هدبة بن خالد عن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالمضمضة والاستنشاق انتهى وقال رواه مرة أخرى فأرسله لم يقل فيه عن أبي هريرة وأظنه هدبة أرسله مرة ووصله أخرى وتابعه داود بن المحبر عن حماد فوصله وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلال شيخ ليعقوب بن سفيان فقال عن حماد عن عمار عن بن عباس بدل أبي هريرة ولم يثبت ثم أخرج عن عصام بن يوسف ثنا عبد الله بن المبارك عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لابد منه وفي لفظ من الوضوء الذي لا يتم الصلاة إلا به ثم أسند عن الدارقطني أنه قال تفرد به عصام ووهم فيه والصواب عن بن جريج عن سليمان بن موسى مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخرجه الدارقطني كذلك قال والمرسل أصح هكذا رواه السفيانان وغيرهما
[ 69 ]
انتهى كلامه الحديث السابع حكى عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه تمضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا أخذ في كل مرة ماءا جديدا قلت رواه الطبراني في معجمه حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا شيبان بن فروخ ثنا أبو سلمة الكندي ثنا ليث بن أبي سليم حدثني طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده كعب بن عمرو اليمامي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا يأخذ لكل واحدة ماء جديدا وغسل وجهه ثلاثا فلما مسح رأسه قال هكذا وأومأ بيده من مقدم رأسه حتى بلغ بهما إلى أسف عنقه من قبل قفاه انتهى والحديث رواه أبو داود في سننه لكنه ليس صريحا في المقصود وبوب عليه باب الفرق بين المضمة والاستنشاق ثم أسند عن ليث عن طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ والماء يسيل من وجهه ولحيته على صدره فرأيته يفصل بين المضمة والاستنشاق انتهى وسكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده في المختصر وفي المحيط من كتب أصحابنا قال هكذا حكاه علي وعثمان من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك نقله الغزالي في الوسيط وتعقبه بن الصلاح في مشكلات الوسيط فقال وهذا لا يعرف عن علي ولا عثمان بل عن علي خلافه أنه عليه السلام تمضمض واستنشق بماء واحد رواه أبو داود وإنما احتج القائلون بالفصل بين المضمة والاستنشاق بحديث طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده فذكره بلفظ أبي داود انتهى وقال البيهقي في سننه أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا عباس بن محمد الدوري قال قلت ليحيى بن معين طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده رأى جده النبي صلى الله عليه وسلم فقال يحيى المحدثون
[ 70 ]
يقولون إنه رآه وأهل بيت طلحة يقولون ليست له صحبة وقال في المعرفة كان عبد الرحمن بن مهدي يقول جده اسمه عمرو بن كعب وله صحبة انتهى قلت ويدل على أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما رواه بن سعد في الطبقات أخبرنا يزيد بن هارون عن عثمان بن مقسم البري عن ليث عن طلحة بن مصرف الايامي عن أبيه عن جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه هكذا ووصف فمسح مقدم رأسه وجريديه إلى قفاه انتهى بحروفه الحديث الثامن قال عليه السلام الاذنان من الرأس قلت روى من حديث أبي أمامة و عبد الله بن زيد وابن عباس وأبي هريرة وأبي موسى وأنس وابن عمر وعائشة فحديث أبي أمامة رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ومسح برأسه وقال الاذنان من الرأس انتهى ولفظ بن ماجة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذنان من الرأس وكان يمسح الماقين انتهى قال أبو داود والترمذي قال قتيبة قال حماد لا أدري هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي امامة يعني حديث الاذنين وقال الترمذي رضي الله تعالى عنها حديث ليس إسناده بذاك القائم ورواه الدارقطني في سننه وقال رفعه وهم وشهر بن حوشب ليس بالقوي وقد وقفه سليمان بن حرب وهو ثقة ثم أخرجه عن سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد به وفيه وقال أبو أمامة الاذنان من الرأس ورواه الطحاوي في شرح الآثار بالاسناد الاول ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح اذنيه مع الرأس وقال الاذنان من الرأس انتهى وقال بن دقيق العيد في الامام وهذا الحديث معلول بوجهين أحدهما الكلام في شهر بن حوشب والثاني الشك في
[ 71 ]
رفعه ولكن شهر وثقه أحمد ويحيى والعجلي ويعقوب بن شيبة وسنان بن ربيعة اخرج له البخاري وهو وان كان قد لين فقال بن عدي ارجو انه لا بأس به وقال بن معين ليس بالقوي فالحديث عندنا حسن والله اعلم انتهى كلامه وقال بن القطان في كتاب الوهم والايهام شهر بن حوشب ضعفه قوم ووثقه آخرون وممن وثقه بن حنبل وابن معين وقال أبو زرعة لا بأس به وقال أبو حاتم ليس هو بدون أبي الزبير وغير هؤلاء يضعفه قال ولا اعرف لمضعفه حجة واما ما ذكروه عنه من تزييه بزي الجند وسماعه الغناء بالآلات واخذه الخريطة من المغنم فهو اما انه لا يصح عنه وإما انه خارج على مخرج لا يضره وخبر الخريطة انما هو لقول شاعر كذب عليه حكى ان شهر بن حوشب كان على بيت المال فأخذ خريطة فيها دراهم فقال فيه الشاعر لقد باع شهر دينه بخريطة فمن يأمن القراء بعدك يا شهر انتهى كلامه قلت وقد صحح الترمذي في كتابه حديث شهر بن حوشب عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه وسلم لف على الحسن والحسين وعلي وفاطمة كساءا وقال هؤلاء أهل بيتي ثم قال هذا حديث حسن صحيح انتهى وقال البيهقي في سننه حديث الاذنان من الرأس أشهر إسناد فيه حديث حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي امامة وكان حماد يشك في رفعه في رواية قتيبة عنه فيقول لا أدري من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي اماموكان سليمان بن حرب يرويه عن حماد ويقول هو من قول أبي امامة انتهى قلت قداختلف فيه على حماد فوقفه بن حرب عنه ورفعه أبو الربيع واختلف أيضا على مسدد عن حماد فروى عنه الرفع وروى عنه الوقف وإذا رفع ثقة حديثا ووقفه آخر أو فعلهما شخص واحد في وقتين ترجح الرافع لانه اتى بزيادة ويجوز ان يسمع الرجل حديثا فيفتي به في وقت ويرفعه في وقت آخر وهذا أولى من تغليط الراوي والله اعلم واما حديث عبد الله بن زيد فأخرجه بن ماجة في سننه عن سويد بن سعيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن شعبة عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذنان من الرأس انتهى وهذا أمثل إسناد في الباب لاتصاله وثقة رواته فابن أبي زائدة وشعبة وعباد احتج بهم الشيخان وحبيب
[ 72 ]
ذكره بن حبان في الثقات في اتباع التابعين وسويد بن سعيد احتج به مسلم والله اعلم واما حديث بن عباس فأخرجه الدارقطني عن أبي كامل الجحدري ثنا غندر محمد بن جعقر عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الاذنان من الرأس انتهى قال بن القطان إسناده صحيح لاتصاله وثقة رواته قال واعله الدارقطني بالاضطراب في إسناده وقال ان إسناده وهم وانما هو مرسل ثم أخرجه عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وتبعه عبد الحق في ذلك وقال ان بن جريج الذي دار الحديث عليه يروى عنه عن سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال وهذا ليس يقدح فيه وما يمنع ان يكون فيه حديثان مسند ومرسل انتهى فانظر كيف اعرض البيهقي عن حديث عبد الله بن زيد وحديث بن عباس هذين واشتغل بحديث أبي امامة وزعم ان إسناده اشهر إسناد لهذا الحديث وترك هذين الحديثين وهما أمثل منه ومن هنا يظهر تحامله والله اعلم اما حديث أبي هريرة فرواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن يحيى ثنا عمرو بن الحصين ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن عبد الكريم الجزري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذنان من الرأس انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه ثم قال عمرو بن الحصين وابن علاثة ضعيفان ثم أخرجه عن البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال والبختري ضعيف وأبوه مجهول ثم أخرجه عن علي بن هاشم عن إسماعيل بن مسلم المكي عن عطاء عن أبي هريرة قال وإسماعيل بن مسلم ضعيف انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء بهذا الاسناد واعله بعلي بن هاشم وقال انه كان غاليا في التشيع منكر ضعيف الحديث مع ما يقلب من الاسانيد انتهى
[ 73 ]
واما حديث أبي موسى فرواه الدارقطني في سننه والطبراني في معجمه من حديث أشعث بن سوار عن الحسن عن أبي موسى مرفوعا نحوه قال الدارقطني والحسن لم يسمع من أبي موسى والصواب موقوف ثم أخرجه موقوفا ورواه العقيلي في كتابه واعله بأشعث وقال ضعيف ولا يتابع عليه ومشاه بن عدي فقال لم أجد له حديثا منكرا ولكنه يخالف فبعض أحاديثه وغيره يروى هذا الحديث موقوفا وبالجملة فهو ممن يكتب حديثه انتهى واما حديث بن عمر فرواه الدارقطني من طرق أحدها عن أسامة بن زيد عن نافع عن بن عمر مرفوعا قال وهذا وهم والصواب عن أسامة بن زيد عن هلال بن أسامة الفهري عن بن عمر موقوفا ثم أخرجه كذلك الثانية عن القاسم بن يحيى بن يونس البزاز ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن نافع عن بن عمر قال والقاسم بن يحيى هذا ضعيف وصوابه موقوف الثالثه عن عبد الرزاق عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال وهذا وهم من وجهين أحدهما قوله عبيد الله والثاني رفعه وانما رواه عبد الرزاق عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر موقوفا ثم أخرجه كذلك الرابعة عن محمد بن الفضل عن زيد العمي عن مجاهد عن بن عمر قال ومحمد بن الفضل متروك انتهى واما حديث أنس فأخرجه الدارقطني عن عفان بن سيار ثنا عبد الحكم عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه ثم قال وعبد الحكم لا يحتج به انتهى واما حديث عائشة فأخرجه الدارقطني أيضا عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا نحوه قال والمرسل أصح يعني عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم قلت وفي سنده محمد بن الازهر كذبه أحمد بن حنبل وضعفه الدارقطني
[ 74 ]
ولاصحابنا أحاديث من فعله عليه السلام فأمثلها حديث أخرجه النسائي عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فغرف غرفة فتمضمض واستنشق ثم غرف غرفة فغسل وجهه ثم غرف غرفة فغسل يده اليمنى ثم غرف غرفة فغسل يده اليسرى ثم مسح برأسه واذنيه باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه ثم غرف غرفة فغسل رجله اليمنى ثم غرف غرفة فغسل رجله اليسرى انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك ولفظهما قال الا أخبركم بوضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وفيه ثم غرف غرفة فمسح بها رأسه واذنيه قال في الامام وأخرجه بن خزيمة وابن منده في صحيحيهما انتهى ورواه البيهقي في سننه في آخر باب مسح الرأس ولفظه فيه قال ثم قبض قبضة من الماء فنفض يده ثم مسح بها رأسه واذنيه وهذا الحديث رواه البخاري في صحيحه لكنه لم يذكر فيه مسح الاذنين فلذلك بوب عليه النسائي باب مسح الاذنين مع الرأس وما يدل على انهما من الرأس انتهى وأخرجه أبو داود في سننه عن عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن منصور عن بن عباس انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فذكر الحديث كله ثلاثا ثلاثا وقال فيه ومسح برأسه واذنيه مسحة واحدة انتهى الا ان عباد بن منصور فيه شئ حديث آخر أخرجه أبو داود أيضا عن عبد الله بن محمد بن عقيل ان الربيع بنت ت معوذ بن عفراء أخبرته انها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قالت فمسح رأسه ما أقبل منه وما أدبر وصدغيه وأذنيه مرة واحدة انتهى ورواه الطبراني في معجمه ولفظه فيه ومسح اذنيه مع مؤخر رأسه الا ان بن عقيل أيضا فيه شئ والله اعلم حديث آخر استدل به بن عبد البر في كتاب التمهيد لابي حنيفة رواه مالك في الموطأ عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي ان رسول الله
[ 75 ]
صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض خرجت الخطايا من فيه وذكر الحديث وفيه فإذا مسح رأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من اذنيه إلى آخره كما قال في الوجه من اشفار عينيه وفي اليدين من تحت اظفاره انتهى ومن طريق مالك رواه النسائي وابن ماجة قال عبد الحق في احكامه و عبد الله الصنابحي لم يلق النبي صلى الله عليه وسلم ويقال أبو عبد الله وهو الصواب واسمه عبد الرحمن بن عسيلة انتهى حديث تجديد الماء للاذنين رواه الحاكم في المستدرك من حديث حبان بن واسع ان أباه حدثه انه سمع عبد الله بن زيد يذكر انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فأخذ لاذنيه ماء خلاف الماء الذي اخذه لرأسه انتهى وقال حديث صحيح على شرط مسلم انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في سننه بسنده ومتنه ثم قال إسناده صحيح انتهى وذكره عبد الحق في احكامه وقال هذا حديث رواه الحاكم في كتابه علوم الحديث وهذا عجز منه وتقصير فقد رواه في المستدرك وصححه كما ذكرناه والله اعلم قال عبد الحق وقد ورد الامر بتجديد الماء للاذنين من حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو إسناد ضعيف انتهى وتعقبه بن القطان في كتاب الوهم والايهام وقال ان هذا حديث لا يوجد أصلا لا بسند ضعيف ولا بصحيح قال وهو ليعزه إلى موضع فيتحاكم إليه قال وكأنه اختلط عليه بحديث نمران بن جارية عن أبيه جارية بن ظفر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خذوا للرأس ماءا حديدا واما الامر بتجديد الماء للاذنين فلا وجود له في علمي انتهى وحديث نمران الذي أشار إليه بن القطان رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أسد بن عمرو عن دهثم عن نمران بن جاريه بن ظفر الحنفي عن أبيه فذكره حديث آخر رواه مالك في الموطأ من رواية يحيى بن بكير عنه عن نافع عن بن عمر انه كان إذا توضأ يأخذ الماء بإصبعيه لاذنيه انتهى ومن طريق مالك رواه البيهقي
[ 76 ]
ولفظه كان يعيد أصبعيه في الماء فيمسح بهما اذنيه انتهى وما ذهب إليه أصحابنا أولى لكثرة رواته وتعدد طرقه والتجديد انما وقع بيانا للجواز ومما استدل به على ان الاذنين من الوجه حديث علي ان النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة قال وجهت وجهي إلى آخره وفيه سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره أخرجه مسلم وأخرجه أصحاب السنن عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجود القرآن سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره زاد الحاكم فتبارك الله أحسن الخالقين وقال هذه الزيادة صحيحة على شرط الشيخين وبهذا الحديث وحديث الاذنان من الرأس عمل بن شريح وكان يغسلهما مع الوجه ويمسحهما مع الرأس فيجعل ما اقبل منهما من الوجه وما ادبر من الرأس حديث في صفة مسحهما روى بن ماجة في سننه أخبرنا أبو بكر بن أبي شيبة عن عبد الله بن إدريس عن بن عجلان عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح لاذنيه فأدخلهما السبابتين وخالف إبهاميه إلى ظاهر اذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما انتهى قال في الامام وهذا إسناد صحيح انتهى وتقدم قريبا من حديث بن عباس ثم مسح برأسه واذنيه باطنهما بالسباحتين وظاهرهما بإبهاميه رواه النسائي الحديث التاسع روى في تخليل اللحية انه عليه السلام امره جبرائيل بذلك قلت رواه بن أبي شيبة في مصنفه في باب الاحاديث المخالفة لمذهب أبي حنيفة فقال حدثنا وكيع ثنا الهيثم بن حماد عن يزيد بن أبان عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاني جبرائيل فقال إذا توضأت فخلل لحيتك انتهى ورواه بن عدي في الكامل ولفظه قال جاءني جبرائيل فقال لي يا محمد خلل لحيتك بالماء عند الطهور انتهى واعله بالهيثم بن حماد وأسند تضعيفه عن أحمد بن حنبل وابن معين
[ 77 ]
والسعدي ووافقهم وقد تقدم ذكره في حديث أبي كاهل من أحاديث المضمضة والاستنشاق ويقرب منه ما أخرجه ابو داود في سننه عن الوليد بن زروان عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ اخذ كفا من ماء فادخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال هكذا أمرني ربي انتهى وسكت عنه ثم المنذري بعده قال في الامام والوليد بن زروان روى عنه جماعة وقول بن القطان انه مجهول هو على طريقته في طلب زيادة التعديل مع رواية جماعة عن الراوي انتهى كلامه الاحاديث الواردة في تخليل اللحية روى تخليل اللحية عن النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من الصحابة عثمان بن عفان وأنس بن مالك وعمار بن ياسر وابن عباس وعائشة وأبو أيوب وابن عمر وأبو امامة و عبد الله بن أبي أوفى وأبو الدرداء وكعب بن عمرو وأبو بكرة وجابر بن عبد الله وأم سلمة وكلها مدخولة وامثلها حديث عثمان رواه الترمذي وابن ماجة من حديث عامر بن شقيق الاسدي عن أبي وائل عن عثمان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته وقال الترمذي انه عليه السلام توضأ وخلل لحيته وقال حديث حسن صحيح قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري أصح شئ في هذا الباب حديث عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد وقد احتجا يعني البخاري ومسلما بجميع رواته غير عامر بن شقيق قال ولا اعلم في عامر طعنا بوجه من الوجوه وله شاهد صحيح عن عمار بن ياسر وأنس وعائشة ثم أخرج أحاديثهم الثلاثة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل لحيته وزاد في حديث أنس وقال بهذا أمرني ربي وتعقبه شيخنا العلامة شمس الدين الذهبي في مختصره وقال إن عامر بن شقيق ضعفه بن معين انتهى وكذلك قال الشيخ تقي الدين قال بن معين عامر بن شقيق ضعيف
[ 78 ]
الحديث وقال أبو حاتم ليس بالقوي قال وقد أخرج الشيخان حديث عثمان في الوضوء من عدة طرق وليس في شئ منها ذكر التخليل والله أعلم انتهى وقال الترمذي في علله الكبير قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري أصح شئ عندي في التخليل حديث عثمان وهو حديث حسن انتهى وأما حديث عمار بن ياسر فرواه الترمذي وابن ماجة حدثنا محمد بن أبي عمر العدني ثنا سفيان عن عبد الكريم بن أبي المخارق عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلل لحيته انتهى قال الترمذي سمعت إسحاق بن منصور يقول سمعت أحمد بن حنبل يقول قال بن عيينة لم يسمع عبد الكريم من حسان بن بلال حديث التخليل انتهى ثم أخرجه الترمذي وابن ماجة حدثنا بن أبي عمر عن سفيان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن حسان بن بلال عن عمار بن ياسر فذكره وينظر سند الحاكم والطبراني وأما حديث أنس فرواه بن ماجة في سننه من حديث يزيد الرقاشي عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته ورواه البزار في مسنده حدثنا روح بن حاتم ثنا معلى بن أسد ثنا أيوب بن عبد الله عن الحسن عن أنس ولفظه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يخلل لحيته قال وأيوب بن عبد الله بصري لا نعلم حدث عنه إلا معلى بن أسد ورواه الحاكم وأما حديث أبي أيوب فرواه بن ماجة أيضا من حديث واصل بن السائب الرقاشي عن أبي سورة عن أبي أيوب قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فخلل لحيته انتهى وواصل بن السائب قال فيه البخاري وأبو حاتم منكر الحديث وقال النسائي متروك الحديث وأما حديث بن عمر فرواه بن ماجة أيضا حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الحميد بن حبيب ثنا الاوزاعي ثنا عبد الواحد بن قيس حدثني نافع عن بن عمر قال كان
[ 79 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأعرك عارضيه بعض العرك ثم شبك لحيته بأصابعه من تحتها انتهى وأما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن إسماعيل الوساوسي البصري ثنشيبان بن فروخ ثنا نافع أبو هرمز عن عطاء عن بن عباس قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ فغسل يديه ومضمض واستنشق ثلاثا ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وخلل لحيته وغسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه وأذنيه مرتين مرتين وغسل رجليه حتى أنقاهما فقلت يا رسول الله هكذا الطهور قال هكذا أمرني ربي انتهى وأما حديث أبي أمامة فرواه الطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والطبراني ثنا عنبسة بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا زيد بن الحباب ثنا عمر بن سليمان الباهلي عن بن غالب عن أبي أمامة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ توضأ خلل لحيته وأما حديث عبد الله بن أبي أوفى فرواه الطبراني أيضا ثنا علي بن عبد العزيز ومحمد بن يحيى المروزي قال ثنا أبو عبيد القاسم بن سلام ثنا مروان بن معاوية عن أبي الورقاء عن عبد الله بن أبي أوفى أنه توضأ ثلاثا ثلاثا وخلل لحيته وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل هذا وأما حديث أبي الدرداء فرواه الطبراني أيضا ثنا أبو سفيان بن أبي نعيم الملوحي ثنا آدم بن أبي إياس ح ثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا كامل بن طلحة الجحدري قالا ثنا إسماعيل بن عياش عتمام بن نجيح الدستوي عن الحسن عن أبي الدرداء قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلل لحيته يقصد وضوءه وزاد كامل ومسح رأسه يقصد ذراعيه
[ 80 ]
وأما حديث كعب بن عمرو فرواه الطبراني أيضا حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا أحمد بن مصرف بن عمرو اليامي حدثني أبي مصرف بن عمرو بن السري بن مصرف بن كعب بن عمرو عن أبيه عن جده يبلغ به كعب بن عمرو قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مسح باطن لحيته وقفاه وأما حديث أبي بكرة فرواه البزار في مسنده من حديث عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن أبيه عن أبيه أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وخلل لحيته مختصر وأما حديث جابر فرواه بن عدي في الكامل من حديث أصرم بن غياث ثنا مقاتل بن حيان عن الحسن عن جابر قال وضأت رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث فرأيته يخلل لحيته بأصابعه كأنها أنياب مشط انتهى وأسند عن البخاري أنه قال أصرم بن غياث النيسابوري منكر الحديث وعن النسائي أنه قال متروك الحديث ثم قال وهو كما قال وأما حديث عائشة فرواه الحاكم في المستدرك وأحمد في مسنده ثنا أبو بكر محمدابن داود بن سليمان ثنا محمد بن أيوب ثنا هلال بن فياض ثنا عمر بن أبي وهب عن موسى بن ثروان عن طلحة بن عبيد الله بن كريز عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته وأما حديث أم سلمة فرواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا أبو معاوية عن خالد بن الياس عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا توضأ خلل لحيته انتهى ورواه العقيلي في ضعفائه وأعله
[ 81 ]
بخالد بن الياس العدوي وقال إنه منكر الحديث قال بن أبي حاتم في كتاب العلل سمعت أبي يقول لا يثبت في تخليل اللحية حديث انتهى الحديث العاشر قال النبي صلى الله عليه وسلم خللوا أصابعكم قبل أن تخللها نار جهنم قلت غريب بهذا اللفظ وأخرج الدارقطني في سننه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خللوا أصابعكم لا يتخللها الله بالنار يوم القيامة انتهى وأخرج نحوه من حديث عائشة وفي الاول يحيى بن ميمون التمار قال بن أبي حاتم قال عمرو بن علي كان يحيى بن ميمون كذابا حدث عن علي بن زيد بأحاديث موضوعة وفي الثاني عمر بن قيس ولقبه سندل قال فيه أحمد وعمرو بن علي وابن أبي حاتم متروك وأخرج الطبراني في معجمه عن العلاء بن كثير عن مكحول عواثلة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يخلل أصابعه بالماء خللها الله بالنار يوم القيامة انتهى أحاديث تخليل الاصابع أمثلها حديث لقيط بن صبرة رواه أصحاب السنن الاربعة من حديث عاصم بن لقيط عن أبيه لقيط بن صبرة قال قال رسوالله صلى الله عليه وسلم إذا توضأت فأسبغ الوضوء وخلل بين الاصابع قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه فإنهما أعرضا عن الصحابي الذي لا يروي عنه غير الواحد حديث آخر روى الترمذي وابن ماجة من حديث صالح مولى التوءمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك انتهى قال الترمذي حديث حسن غريب
[ 82 ]
حديث آخر روى أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث بن لهيعة عن يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره انتهى قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث بن لهيعة انتهى ورواه البيهقي في كتابه بزيادة عمرو بن الحرث وليث بن سعد مع بن لهيعة وذكره بن القطان في كتابه مطريق بن لهيعة ثم قال وابن لهيعة ضعيف إلا أنه قد رواه غيره فصح بإسناد صحيح ثم ذكره بسند البيهقي الحديث الحادي عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف له الاجر مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الانبياء من قبلي فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم قلت غريب بجميع هذا اللفظ وقد رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم من الصحابة عبد الله بن عمر وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو هريرة وليس فيه فمن زاد على هذا أو نقص فقد تعدى وظلم ولكنه مذكور
[ 83 ]
في حديث آخر سنذكره بعد ذكر هذه الاحاديث أما حديث عبد الله بن عمر فلطرق أمثلها ما رواه الدارقطني من حديث المسيب بن واضح ثنا حفص بن ميسرة عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله صلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من يضاعف له الاجر مرتين ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال هو والدارقطني تفرد به المسيب بن واضح وهو ضعيف وقال في المعرفة المسيب بن واضح غير محتج به وقد روى هذا الحديث من أوجه كلها ضعيفة انتهى وقال عبد الحق في أحكامه هذا الطريق من أحسن طرق هذا الحديثونقل عن بن أبي حاتم أنه قال المسيب صدوق لكنه يخطئ كثيرا طريق آخر رواه بماجة في سننه من حديث عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن بن عمر قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة واحدة فقال هذا وضوء من لا يقبل الله صلاة إلا به ثم توضأ ثنتين ثنتين وقال هذا وضوء القدر من الوضوء وتوضأ ثلاثثلاثا وقال هذا أسبغ الوضوء وضوئي ووضوء خليل الله إبراهيم مختصر ورواه البيهقي في سننه والطبراني في معجمه ولفظهما قالا دعا بماء فتوضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ثم دعا بماء فتوضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من أوتي أجره مرتين ثم دعا بماء فتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الانبياء من قبلي انتهى قال البيهقي هكذا رواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه وخالفهما غيرهما وليسا في الرواية بقويين انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن حديثرواه عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره بلفظ البيهقي فقال أبي عبد الرحيم بن زيد متروك الحديث وأبوه زيد ضعيف الحديث ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبي وسئل أبو زرعة
[ 84 ]
عن هذا الحديث فقال هو عندي حديث واه ومعاوية بن قرة لم يلحق بن عمر انتهى ثم وجدته في معجم الطبراني الاوسط عن مرحوم بن عبد العزيز عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده فذكره وقال هكذا رواه مرحوم بن عبد العزيز عن عبد الرحيم بن زيد ورواه الجبي وغيره عن عبد الرحيم بن زيد فقال فيه عن بن عمر ورواه بسند بن ماجة بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بعبد الرحيم بن زيد العمي وأبيه وضعفهما قال في الامام وزيد العمي مختلف فيه فضعفه النسائي وأبو زرعة وقال الحسن بن سفيان هو ثقة وقال أحمد صالح وإنما سمي العمي لانه كان إذا سئل قال حتى أسأل عمي انتهى وأما حديث أبي بن كعب فرواه بن ماجة أيضا في سننه حدثنا جعفر بن مسافر ثنا إسماعيل بن قعنب أبو بشر ثنا عبد الله بن عرادة الشيباني عن زيد بن أبي الحواري عن معاوية بن قرة عن عبيد بن عمير عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء فتوضأ مرة مرة وقال هذا وظيفة الوضوء وقال وضوء من لم يتوضأه لم يقبل الله له صلاة ثم توضأ مرتين مرتين وقال هذا وضوء من توضأ أعطاه الله كفلين من الاجر ثم توضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء المرسلين قبلي انتهى وهو ضعيف قال بن معين في زيد بن أبي الحواري ليس بشئ وقال النسائي ضعيف وقال أبو زرعة واهي الحديث وعبد الله بن عرادة قال فيه بن معين أيضا ليس بشئ وقال البخاري منكر الحديث وقال بن حبان لا يجوز الاحتجاج به وأما حديث زيد بن ثابت وأبي هريرة فرواه الدارقطني في كتابه غرائب مالك من حديث علي بن الحسن الشامي ثنا مالك بن أنس عن ربيعة عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة وقال هذا الذي لا يقبل الله العمل إلا به وتوضا مرتين مرتين وقال هذا يضاعف الله به الاجر مرتين وتوضأ ثلاثا ثلاثا وقال هذا وضوئي ووضوء الانبياء من قبلي انتهى قال الدارقطني تفرد به علي بن الحسن وكان ضعيفا انتهى والحديث الذي أشرنا إليه أولا رواه أبو داود والنسائي وابن ماجة من حديث
[ 85 ]
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كيف الطهور فدعا بماء في إناء فغسل كفيه ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل ذراعيه ثلاثا ثم مسح برأسه وأدخل إصبعيه السباحتين في أذنيه ومسح بإبهامه على ظاهر أذنيه وبالسباحتين باطن أذنيه ثم غسل رجليه ثلاثا ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أو ظلم وأساء وفي لفظ لابن ماجة أو تعدى وظلم وللنسائي فقد أساء وتعدى وظلم قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا الحديث صحيح عند من يصحح حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده لصحة الاسناد إلى عمرو انتهى قوله في الكتاب ويستوعب رأسه بالمسح هو السنة يشير إلى حديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من طريق مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه قال شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد عن وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه ثم أدخل يده يعني في التور فمسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة وقد تقدم المسح على الناصية عند مسلم فظهر أن الاستيعاب سنة قال في الامام قال بن مندة روى هذا الحديث عن عمرو بن يحيى جماعة لم يذكر فيه مسح جميع الرأس إلا مالك بن أنس قال وقد رواه الطحاوي من طريق بن وهب عن يحيى بن عبد الله بن سالم ومالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه وأنه أخذ بيده ماء فبدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بيديه إلى مؤخر الراس ثم ردهما إلى مقدمه قال فقد تابع مالكا على هذه الرواية يحيى بن عبد الله وقد أخرج له مسلم انتهى الحديث الثاني عشر روى عن أنس رضي الله عنه أنه توضأ ثلاثا ثلاثا ومسح برأسه مرة واحدة وقال هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت غريب من حديث أنس
[ 86 ]
والحديث في الصحيحين من رواية عبد الله بن زيد أنه مسح رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة وعز شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره إلى كتاب الامام الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد أنه قال رواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث أنس برواية راشد أبي محمد الحماني قال رأيت أنس بن مالك بالزاوية فقلت أخبرني عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كان فإنه بلغني أنك كنت توضئه قال فدعا بوضوء فأتي بطست وقدح فوضع بين يديه فأكفأ على يده من الماء وأنعم غسل كفيه ثم مضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا ثم أخرج يده اليمنى فغسلها ثلاثا ثم غسل يده اليسرى ثلاثا ثم مسح برأسه مرة واحدة غير أنه أمرهما على أذنيه فمسح عليهما انتهى وهذا لم أجده لا في الامام ولا في معجم الطبراني الوسط ويضعفه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا إسحاق الازرق عن أبي العلاء عن عبادة عن أنس كان يمسح على الرأس ثلاثا يأخذ لكل مسحة ماء جديدا حديث آخر أخرجه أصحاب السنن الاربعة عن عبد خير عن علي بن أبي طالب أنه أتي بإناء فيه ماء وطست فأفرغ من الاناء على يمينه فغسل يديه ثم تمضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا وغسل يده اليمنى ثلاثا وغسل يده الشمال ثلاثا ثم جعل يده في الاناء فمسح برأسه مرة واحدة ثم غسل رجله اليمنى ثلاثا ورجله الشمال ثلاثا ثم قال من سره أن يعلم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو هذا انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حفص بن غياث عن أشعث عن أبي إسحاق عن جدته عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ ثلاثا ثلاثا إلا المسح فإنه مرمرة انتهى وهذا أصرح في المقصود لاصحابنا فإنه بلفظ كان المقتضية للدوام إلا أن فيه ضعيفا
[ 87 ]
حديث آخر أخرجه أبو داود عن عباد بن منصور عن عكرمة بن خالد عن سعيد بن جبير عن بن عباس أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فذكر الحديث كله ثلاثا ثلاثا قال ومسح براسه وأذنيه مرة واحدة انتهى وعباد بن منصور فيه مقال حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن زيد بن الحباب عن عمرو بن عبد الرحمن بن سعد المخزومي حدثني جدي أن عثمان بن عفان خرج في نفر من أصحابه حتى جلس على المقاعد فدعا بوضوء فغسل يديه ثلاثا وتمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة واحدة وغسل رجليه ثلاثا ثلاثا ثم قال هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ وكنت على وضوء ولكن أحببت أن أريكم كيف توضأ النبي صلى الله عليه وسلم انتهى الحديث الثالث عشر قال المصنف والذي يروي فيه يعني مسح الرأس من التثليث محمول عليه بماء واحد قلت في تثليث المسح أحاديث بعضها صريحة وبعضها بالمفهوم أما الصريحة فمنها حديث عامر بن شقيق بن جمرة بالجيم والراء عن شقيق بن سلمة قال رأيت عثمان بن عفان غسل ذراعيه ثلاثا ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا انتهى قال أبو داود ورواه وكيع عن إسرائيل فقال توضأ ثلاثا فقط قال وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا ثلاثا وقالوا ومسح رأسه لم يذكروا فيه عددا انتهى وعامر بن شقيق تقدم الكلام عليه في تخليل اللحية ورواه الدارقطني في سننه من حديث صالح بن عبد الجبار حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه عن عثمان بن عفان أنه توضأ بالمقاعد فذكر فيه التثليث في المسح وبقية الاعضاء قال بن القطان في كتابه صالح بن عبد الجبار لا أعرفه إلا في
[ 88 ]
هذا الحديث وهو محهول الحال ومحمد بن عبد الرحمن بن البيلماني قال الترمذي قال البخاري منكر الحديث انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن المثنى ثنا أبو عامر ثنا عبد الرحمن بن وردان حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن حمران عن عثمان به قال البزار ولا نعلم روى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن حمران إلا هذا الحديث انتهى ورواه أبو داود في سننه عن عبد الرحمن بن وردان به و عبد الرحمن بن وردان أبو بكر الغفاري قال فيه بن معين صالح وقال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال لا بأس به طريق رابع أخرجه البيهقي في الخلافيات وأشار إليه في السنن عن الليث بن سعد عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن عطاء بن أبي رباح أن عثمان بن عفان أتى بوضوء فذكر الحديث قال ثم مسح براسه ثلاثا حتى قفاه وأذنيه قال الشيخ تقي الدين في الامام وهو منقطع فيما بين عطاء بن أبي رباح وعثمان انتهى وأما حديث علي فله أيضا طرق أحدها عند الدارقطني عن أبي يوسف القاضي عن أبي حنيفة رضي الله عنه عن خالد بم علقمة عن عبد خير عن علي بن أبي طالب أنه توضأ فغسل يديه ثلاثا وفيه ومسح رأسه ثلاثا وغسل رجليه ثلاثا ثم قال من أحب أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم كاملا فلينظر إلى هذا وفي رواية هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ قال الدارقطني كذا رواه أبو حنيفة عن خالد بن علقمة عن عبد خير عن علي وقال فيه ومسح رأسه ثلاثا وخالفه جماعة من الحفاظ الثقات كزائدة بن قدامة وسفيان الثوري وشعبة وأبي عوانة وشريك وأبي الاشهب جعفر بن الحرث وهارون بن سعد وجعفر بن محمد وحجاج بن أرطاة وأبان بن تغلب وعلي بن صالح وحازم بن إبراهيم وحسن بن صالح وجعفر بن الاحمر فرووه عن خالد بن علقمة وكلهم قالوا ومسح رأسه مرة ولا نعلم أحدا قال فيه ومسح رأسه ثلاثا غير أبي حنيفة انتهى طريق آخر أخرجه البزار في مسنده من طريق أبي داود الطيالسي ثنا أبو الاحوص سلام بن سليم عن أبي إسحاق عن أبي حية بن قيس أنه رأى عليا في الرحبة
[ 89 ]
توضأ فغسل كفيه ثم مضمض ثلاثا واستنثر ثلاث وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا وغسل رجليه إلى الكعبين ثلاثا ثلاثا ثم قال إني أحببت أن أريكم كيف كان طهور رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهوذكره بن القطان في كتابه من جهة البزار ولم يحكم عليه بصحة ولا ضعف طريق آخر روى الطبراني في كتابه مسند الشاميين حدثنا الحسن بن علي بن خلف الدمشقي ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا إسماعيل بن عبد الرحمن ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عثمان بن سعيد النخعي عن علي أنه قال ألا أريكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا بلى فأتى بطست من ماء فغسل كفيه ووجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاثا ثلاثا ومسح رأسه ثلاثا بماء واحد ومضمض واستنشق ثلاثا بماء واحد وغسل رجليه ثلاثا انتهى وأما حديث عبد الله بن زيد فرواه النسائي في سننه من حديث سفيان بن عيينة عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد الذي أرى النداء قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ وغسل وجهه ثلاثا ويديمرتين وغسل رجليه مرتين ومسح برأسه مرتين وأخرجه البيهقي في سننه ثم قال خالفمالك ووهيب وسليمان بن بلال وخالد الواسطي وغيرهم فرووه عن عمرو بن يحيى فمس رأسه فأقبل بهما وأدبر مرة واحدة وقال بن عبد البر لم يذكر فيه أحد مرتين غير بم عيينة ووهم فيه وأظنه والله أعلم تأول قوله فأقبل بهما وأدبر فجعلهما مرتين وما ذكر عن بن عيينة فمن رواية مسدد ومحمد بن منصور وأبي بكر بن أبي شيبة كلهم ذكروا عنه هذا وأما الحميدي فإنه ميز ذلك فلم يذكره أو حفظ عنه أنه رجع عنه فذكر فيه عن بن عيينة ومسح رأسه وغسل رجليه فلم يصف المسح ولا قال مرتين أحاديث التثليث الواردة بالمفهوم لا بالمنطوق منها حديث عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين رواه البخاري وروى مسلم من حديث أبي أنس أن عثمان بن عفان توضأ بالمقاعد وقال ألا أريكم كيف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم توضأ ثلاثا ثلاثا قال البيهقي وعلى هذا اعتمد
[ 90 ]
الشافعي في تكرار المسح وهذه رواية مطلقة والروايات الثابتة المفسرة عن عثمان تدل على أن التكرار وقع فيما عدا الرأس من الاعضاء فإنه مسح برأسه مرة واحدة قال وقد روى من أوجه غريبة عن عثماذكر التكرار في مسح الرأس إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة وإن كان بعض أصحابنا يحتج به انتهى كلامه وروى الترمذي من حديث سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حية عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا انتهى وصححه قال أصحابنا ليس في هذه الاحاديث حجة على التثليث لان قوله توضأ يعود إلى ما يحصل به الوضاءة وهي الغسل بدليل أن الترمذي روى حديث علي هذا مطريق أبي الاحوص عن أبي إسحاق عن أبي حية عن علي أنه توضأ فغسل كفيه ثم تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه مرة ثم غسل قدميه ثم قال أحببت أن أريكم كيف كان طهور النبي صلى الله عليه وسلم وما أبهمه الراوي الاول فسره الراوي الثاني فدل على ان التثليث في الوضوء إنما يرجع للمغسول دون الممسوح ويؤيد هذا أيضا حديث عثمان في الصحيحين أنه توضأ فغسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ثم قال ومسح رأسه فلم يذكر عددا ثم قال وغسل رجليه ثلاثا وأجاب الخصم بأن الوضوء إذا أطلق عم الغسل والمسح الحديث الرابع عشر قال عليه السلام إن الله تعالى يحب التيامن في كل شئ قلت غريب بهذا اللفظ وروى الائمة الستة في كتبهم من حديث مسروق عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شئ حتى في طهوره وتنعله
[ 91 ]
وترجله وشأنه كله انتهى رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة في الطهارة وأبو داود في اللباس والترمذي في آخر الصلاة وألفاظهم متقاربة ومن أحاديث الباب ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن زهير بن معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأتم فابدأووا بميامنكم انتهى وأخرجه بن خزيمة وابن حبان في صحيحهما قال في الامام وهو جدير بأن يصحح ورواه البيهقي ولفظه إذا لبستم أو توضأتم فابدءووا بأيامنكم أحاديث الترتيب والموالاة واستدل على عدم وجوب الترتيب في الوضوء بما أخرجه البخاري عن شقيق قال كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى الاشعري فقال له أبو موسى لو أن رجلا أجنب فلم يجد الماء شهرا أما كان يتيمم ويصلي فذكر الحديث وفيه ألم تسمع قول معاذ لعمر بن الخطاب بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فأجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا وضرب بكفه ضربة على الارض ثم نفضها ثم مسح بها ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه ثم مسح بهما وجهه ورواه الاسماعيلي في كتاب المخرج على البخاري ولفظه إنما يكفيك أن تضرب بيديك على الارض ثم تنفضها ثم تمسح بيمينك على شمالك وشمالك على يمينك ثم تمسح على وجهك ورواه أبو داود ولفظه ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا فضرب بيده على الار ض فنفضها ثم ضرب بشماله على يمينه وبيمينه على شماله على الكفين ثم مسح وجهه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن بسر بن سعيد قال أتى عثمان المقاعد فدعا بوضوء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه ثلاثا ورجليه ثلاثا ثلاثا ثم مسح برأسه ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ هكذا يا هؤلاء كذلك قالوا نعم لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 92 ]
حديث آخر استدل به على وجوب الترتيب والموالاة أخرجه أبو داود عن بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه عليه السلام رأى رجلا يصلي وفي قدمه لمعة لم يصبها الماء فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة انتهى قال في الامام وبقية مدلس إلا أن الحاكم رواه في المستدرك فقال فيه حدثنا بحير بن سعد فزالت التهمة انتهى ومن طريق أبي داود رواه البيهقي في السنن وقال إنه مرسل قال في الامام عدم ذكر اسم الصحابي لا يجعل الحديث مرسلا فقد قال الاثرم سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال إسناده جيد قلت له إذا قال التابعي حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه أيكون الحديث صحيحا قال نعم انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل الظفر فقال له عليه السلام ارجع فأحسن وضوءك انتهى قال الدارقطني تفرد به جرير عن قتادة وهو ثقة انتهى وقد روى هذا من طريق آخر وفيه ارجع فأتم وضوءك لكنها من رواية الوازع بن نافع وقد ضعفه النسائوأحمد وابن معين وأبو حاتم والدارقطني وهذا الحديث أخرجه الطبراني في معجمه الوسط والدارقطني في سننه عن الوازع بن نافع عن سالم عن بن عمر عن أبي بكر الصديق قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رجل قد توضأ وفي قدمه موضع لم يصبه الماء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فأتم وضوءك ففعل انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر أن عمر بن الخطاب رأى رجلا توضأ للصلاة وترك موضع ظفر على ظهر قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ارجع فأحسن وضوءك فرجع فتوضأ ثم صلى انتهى واستدلوا أيضا على وجوب الترتيب
[ 93 ]
والموالاة بحديث هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به وقالوا لا يخلوا أن يكون رتب ووالى ولا جائز أنه لم يرتب ولم يوال وإلا يلزم عدم صحتها مرتبة متوالية فيثبت أنه توضأ مرتبا مواليا ويلزم حينئذ أن لا يصح إلا مرتبا متواليا وقد تقدم الكلام على طرق هذا الحديث في الحديث الحادي عشر والله أعلم حديث استدل به على عدم وجوب الموالاة قال في الامام روى الحافظ أبو بكر الاسماعيلي عن إسماعيل بن يحيى ثنا مسعر عن حميد بن سعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال قلت يا رسول الله إن أهلي تغار علي إذا أنا وطئت جواري قال وبم يعلمن ذلك قلت من قبل الغسل قال إذا كان ذلك منك فاغسل رأسك عند أهلك فإذا حضرت الصلاة فاغسل سائر بدنك انتهى قال وإسماعيل متروك عندهم فصل في نواقض الوضوء الحديث الخامس عشر سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الحدث فقال ما يخرج من السبيلين قلت غريب وروى الدارقطني في كتابه غرائب مالك حدثنا الحسين بن رشيق ومحمد بن مظفر قالا ثنا محمد بن عمير البزار بمصر ثنا أحمد بن عبد الله بن محمد اللجلاج ثنا يوسف بن أبي روح ثنا سوادة بن عبد الله الانصاري حدثني مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينقض الوضوء إلاما خرج من قبل أو دبر انتهى قال الدارقطني وأحمد بن اللجلاج
[ 94 ]
ضعيف انتهى ليس في هذا مقصود المصنف فإنه استدل بعموم قوله ما يخرج من السبيلين على مالك فتخصيصه بالمعتاد الحديث السادس عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاء فلم يتوضأ قلت غريب جدا الحديث السابع عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الوضوء من كل دم سائل قلت روى من حديث تميم الداري ومن حديث زيد بن ثابت أما حديث تميم الداري فأخرجه الدارقطني في سننه عن يزيد بن خالد عن يزيد بن محمد عن عمر بن عبد العزيز عن تميم الداري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء من كل دم سائل انتهى قال الدارقطني وعمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم ولا رآه واليزيدان مجهولان انتهى وأما حديث زيد بن ثابت فرواه بن عدي في الكامل في ترجمة أحمد بن الفرج عن بقية ثنا شعبة عن محمد بن سليمان بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن عبد الرحمن بن أبان بن عثمان بن عفان عن زيد بن ثاب‍ ت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوضوء من كل دم سائل انتهى قال بن عدي هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أحمد هذا وهو ممن لا يحتج بحديثه ولكنه يكتب فان الناس مع ضعفه قد احتملوا حديثه انتهى وقال بن أبي حاتم في كتاب العلل أحمد بن الفرج كتبنا عنه ومحله عندنا الصدق انتهى الحديث الثامن عشر روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قاء أو رعف في صلاته
[ 95 ]
فلينصرف وليتوضأ وليبن على صلاته ما لم يتكلم قلت روى من حديث عائشة ومن حديث الخدري فحديث عائشة صحيح وأعاده في باب الحدث في الصلاة أخرجه بن ماجة في سننه في الصلاة عن إسماعيل بن عياش عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابه قئ أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم ورواه الدارقطني في سننه ولفظه قال إذا قاء أحدكم في صلاته أو قلس فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على ما مضى من صلاته ما لم يتكلم انتهى قال الدارقطني الحفاظ من أصحاب بن جريج يروونه عن بن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا انتهى ورواه بن عدي في الكامل في ترجمة إسماعيل بن عياش ثم قال هكذا رواه بن عياش مرة ومرة قال عن بن جريج عن أبيه عن عائشة وكلاهما غير محفوظ قال وبالجملة فإسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه ويحتج به في حديث الشاميين فقط وأما حديثه عن الحجازيين فلا يخلو من ضعف إما موقوف فيرفعه أو مقطوع فيوصله أو مرسل فيسنده أو نحو ذلك انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ وإنما وثق إسماعيل بن عياش في الشاميين دون غيرهم لانه كان شاميا ولكل أهل بلد اصطلاح في كيفية الاخذ من التشدد والتساهل وغير ذلك والشخص أعرف باصطلاح أهل بلده فلذلك يوجد في أحاديثه عن الغرباء من النكارة فما وجدوه من الشاميين احتجوا به وما كان من الحجازيين والكوفيين وغيرهم تركوه انتهى ورواه البيهقي في سننه من جهة بن عدي وحكى كلامه المذكور ثم أسند البيهقي إلى أحمد بن حنبل أنه قال حديث بن عياش عبن جريج عن بن أبي مليكة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قاء أو رعف الحديث إنما رواه بن جريج عن أبيه ولم يسنده ليس فيه عائشة وإسماعيل بن عياش ما رواه عن
[ 96 ]
الشاميين فصحيح وما رواه عن أهل الحجاز فليس بصحيح انتهى كلام أحمد ثم أخرجه البيهقي من جهة الدارقطني بسنده عن عبد الرزاق عن بن جريج عن أبى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وقال هذا هو الصحيح عن بن جريج وكذلك رواه محمد بن عبد الله الانصاري وأبو عاصم النبيل وعبد الوهاب بن عطاء وغيرهم كما رواه عبد الرزاق ورواه إسماعيل بن عياش مرة هكذا مرسلا كما رواه غيره ثم أسند إلى الشافعي قال ليست هذه الرواية ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإن صحت فيحمل على غسل الدم لا على وضوء الصلاة انتهى وهذا الحمل غير صحيح إذ لو حمل الوضوء في هذا الحديث على غسل الدم فقط لبطلت الصلاة التي هو فيها بالانصراف ثم بالغسل ولما جاز له أن يبني على صلاته بل يستقبل الصلاة وإسماعيل بن عياش فقد وثقه بن معين وزاد في الاسناد عن عائشة والزيادة من الثقة مقبولة والمرسل عند أصحابنا حجة والله أعلم واما حديث الخدري فرواه الدارقطني أيضا من حديث أبي بكر الداهري عن حجاج عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قاء أحدكم أو رعف وهو في الصلاة أو أحدث فلينصرف فليتوضأ ثم ليجئ فليبن على ما مضى انتهى وهو معلول بأبي بكر الداهري قال بن الجوزي في التحقيق قال أحمد ليس بشئ وقال السعدي كذاب وقال بن حبان يضع الحديث وينبغي ان ينظر في حجاج هذا مح ن هو فإني رأيت في حاشية ان حجاج بن أرطاة لم يسمع من الزهري ولم يلقه أحاديث الباب احتج بن الجوزي في التحقيق لاصحابنا بحديث أخرجه البخاري في صحيحه عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني امرأة استحاض فلا اطهر افادع الصلاة قال لا انما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم قال هشام قال أبي ثم توضئى لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت انتهى واعترض الخصم بان قوله ثم توضئي لكل صلاة
[ 97 ]
من كلام عروة وأجيب بأنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ولكن الراوي علقه إذ لو كان من كلام عروة لقال ثم تتوضأ لكل صلاة فلما قال توضئى شاكل ما قبله في اللفظ وأيضا فقد رواه الترمذي فلم يجعله من كلام عروة ولفظه وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وتوضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت وصححه حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن حسين المعلم عن يحيى بن أبي كثير حدثني الاوزاعي عن يعيش بن الوليد المخزومي عن أبيه عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء ان النبي صلى الله عليه وسلم قاء فتوضأ فلقت ثوبان في مسجد دمشق فذكرت ذلك له فقال صدق انا صببت له وضوءه انتهى قال الترمذي هو أصح شئ في هذا الباب ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه واعله الخصم باضطراب وقع فيه فان معمرا رواه عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء ولم يذكر فيه الاوزاعي وأجيب بأن اضطراب بعض الرواة لا يؤثر في ضبط غيره قال بن الجوزي قال الاثرم قلت لاحمد قد اضطربوا في هذا الحديث فقال قد جوده حسين المعلم وقد قال الحاكم هو على شرطهما والله اعلم ونقل البيهقي عن الشافعي انه حمل الوضوء فيه على غسل الدم قال وهو معروف من كلام العرب ثم اسند إلى مطرف بن ماذن حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي المجالد عن أبي الحكم الدمشقي ان عبادة
[ 98 ]
ابن نسي حدثه عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري عن معاذ بن جبل قال كنا نسمي غسل الفم واليد وضوءا وليس بواجب قال البيهقي ومطرف بن ماذن تكلموا فيه وقد روى عبد بن مسعود أنه غسل يديه من طعام ثم مسح وجهه وقال هذا وضوء من لم يحدث انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو القرشي أبي خالد الواسطي عن أبي هاشم عن زاذان عن سليمان قال رآني النبي صلى الله عليه وسلم وقد سأل من انفي دم فقال أحدث وضوءا انتهى ورواه البزار في مسنده وسكت عنه قال بن القطان في كتابه قال إسحاق بن راهويه عمرو بن خالد الواسطي يضع الحديث وقال بن معين كذاب انتهى وفي التحقيق لابن الجوزي قال وكيع كان في جوارنا يضع الحديث فلما فطن له تحول إلى واسط وقال أبو زرعة كان يضع انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن يزيد بن عبد الرحمن بن خالد الدالاني عن أبي هاشم به واعله بالدالاني وقال انه كثير الخطأ لا يحتج به إذا وافق فكيف إذا انفرد حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمر بن رباح ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف في صلاته توضأ ثم بنى على صلاته انتهى واعله الخصم بعمر بن رباح قال بن عدي في الكامل عمر بن رباح العبدي مولى بن طاوس يحدث عن بن طاوس بالبواطيل لا يتابعه عليها أحد وأسند عن البخاري انه قال فيه دجال وفي التحقيق قال الدارقطني متروك وقال بن حبان يروي عن الثقات الموضوعات لا يحل كتب حديثه الا على سبيل التعجب انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن عطاء عن بن عباس
[ 99 ]
قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رعف أحدكم في صلاته فلينصرف فليغسل عنه الدم ثم ليعد وضوءه ويستقبل صلاته انتهى واعله الخصم بسليمان بن أرقم الآثار في ذلك روى مالك في الموطأ ثنا نافع عن بن عمر انه كان إذا رعف رجع فتوضأ ولم يتكلثم رجع وبني على ما قد صلى انتهى وعن مالك رواه الشافعي في مسنده قال الشافعي وحدثنا عبد المجيد عن بن جريج عن الزهري عن سالم عن بن عمر انه كان يقول من اصابه رعاف أو مذي أو قئ انصرف فتوضأ ثم رجع فيبني انتهى وروى عبد الرزاق في مصنف أخبرنا الثوري عن أبي إسحاق عن الحارث عن على قال إذا وجد أحدكم رزءا أو رعافا أو قيئا فلينصرف فليتوضأ فان تكلم استقبل والا اعتد بما مضى انتهى أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي نحوه أخبرنا الثوري عن عمران بن ظبيان الحنفي عن حكيم بن سعد الحنفي قال قال سلمان إذا وجد أحدكم رزء من غائط أو بول فلينصرف فليتوضأ غير متكلم ثم ليعد إلى الآية التي كان يقرأ وأخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال إذا رعف الرجل في الصلاة أو زرعه القئ أو وجد مذيا فإنه ينصرف فليتوضأ ثم يرجع فيتم ما بقي على ما مضى ما لم يتكلم انتهى وروى مالك في الموطأ أخبرنا يزيد بن عبد الله بن قسيط انه رأى سعيد بن المسيب رعف وهو يصلى فاتى حجرة أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فاتى بوضوء فتوضأ ثم رجع وبنى على ما قد صلى انتهى قا النووي في الخلاصة ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه بالدم والقئ والضحك في الصلاة حديث صحيح انتهى عز وجلاحاديث الخصوم روى أبو داود فسننه من حديث محمد بن إسحاق حدثني صدقة بن يسار عن عقيل عن جابر ن عبد الله قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني في غزوة ذات الرقاع فأصاب رجل امرأة رجل من المشركين فحلف ان لا انتهى حتى اهريق دما في أصحاب محمد فخرج يتبع اثر النبي صلى الله عليه وسلم فنزل النبي صلى الله عليه وسلم منزلا فقال هل رجيكلا فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الانصار فقال كونا بفم الشعب فلما خرج الرجلان إلى فم الشعب اضطجع
[ 100 ]
المهاجري وقام الانصاري فصلى فأتى الرجل فلما رأى شخصه عرف انه ربيئة القوم فرماه بسهم فوضعه فيه فنزعه حتى رماه بثلاثة أسهم ثم ركع وكبر ثم انتبه صاحبه فلما عرف انهم قد نذروا به هرب فلما رأى المهاجري ما بالانصاري من الدماء قال سبحان الله الا انبهتني أول ما رمى قال كنت في سورة اقرأها فلم احب ان اقطعها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخمسين من القسم الرابع ورواه الحاكم في المستدرك وصححه وعلقه البخاري في صحيحه في كتا ب الوضوء فقال ويذكر عن جابر بن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في غزوة ذات الرقاع فرمى رجل بسهم فنزفه الدم فركع وسجد ومضى في صلاته انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما الا ان البيهقي رواه في كتابه دلائل النبوة وقال فيه فنام عمار بن ياسر وقام عباد بن بشر يصلى وقال كنت أصلي بسورة وهي الكهف فلم احب ان اقطعها حديث أخر أخرجه الدارقطني في سننه عن صالح بن مقاتل ثنا أبي ثنا سليمان بن داود القرشي ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه انتهى قال الدارقطني عن صالح بن مقاتل ليس بالقوي وأبوه غير معروف وسليمان بن داود مجهول ورواه البيهقي من طريق الدارقطني وقال في إسناده ضعف انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن عتبة بن السكن الحمصي ثنا الاوزاعي عن عبادة بن نسي وهبيرة بن عبد الرحمن قالا ثنا أبو أسماء الرحبي ثنا ثوبان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فدعاني بوضوء فتوضأ فقلت يا رسول الله أفريضة الوضوء من القئ قال لو كان فرضة لوجدته في القرآن انتهى قال الدارقطني لم يروه عن الاوزاعي غير عتبة بن السكن وهو متروك الحديث انتهى
[ 101 ]
الحديث التاسع عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم القلس حدث قلت رواه الدارقطني في سننه من حديث سوار بن مصعب عن زيد بن علي عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القلس حدث انتهى قال الدارقطني لم يروه عن زيد بن علي غير سوار بن مصعب وهو متروك انتهى الحديث العشرون قال عليه السلام ليس في القطرة والقطرتين من الدم وضوء الا ان يكون سائلا قلت رواه الدارقطني أيضا من حديث الحسن بن علي الرزاز عن محمد بن الفضل عن أبيه عن ميمون بن مهران عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إلى آخره سواء قال وخالفه حجاج بن نصير فرواه عن محمد بن الفضل بن عطية حدثني أبي عن ميمون بن مهران عن أبي هريرة مرفوعا نحوه سواء قال وحجاج بن نصير ضعيف ومحمد بن الفضل بن عطية أيضا ضعيف قوله روى عن علي رضي الله عنه انه قال حين عد الاحداث أو دسعة تملا الفم قلت غريب واخرج البيهقي في الخلافيات عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعاد الوضوء من سبع من اقطار البول والدم السائل والقئ ومدسعة تملا الفم ونوم المضطجع وقهقهة الرجل في الصلاة وخروج الدم انتهى وضعف فان
[ 102 ]
الحديث الحادي والعشرون قال النبي صلى الله عليه وسلم لا وضوء على من نام قاعدا أو
[ 103 ]
راكعا أو ساجدا انما الوضوء على من نام مضطجعا فإنه إذا نام مضطجعا استرخت مفاصله قلت غريب بهذاللفظ وروى أبو داود والترمذي من حديث أبي خالد يزيد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن بن عباس انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ ثم قام يصلى فقلت يا رسول الله انك فد نمت قال ان الوضوء لا يجب الا على من نام مضطجعا فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله انتهى ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه والدارقطني في سننه وقال تفرد به أبو خالد الدالاني عن قتادة ولا يصح ورواه البيهقي في سننه ولفظ فيه لا يجب الوضوء على من نام جالسا أو قائما أو ساجدا حتى يضع جنبيه فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله وقال تفرد به يزيد بن عبد الرحمن الدالاني انتهى قال الترمذي وقد رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن بن عباس قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولم يرفعه انتهى وقال أبو داود وقوله انما الوضوء على من نام مضطجعا منكر لم يروه الا يزيد الدالاني عن قتادة وروى أوله جماعة عن بن عباس لم يذكروا شيئا من هذا وذكر ما يدل على ان قتادة لم يسمع هذا الحديث من أبي العالية مع انه قال في كتاب السنة في حديث لا ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس بن متى ان قتادة لم يسمع من أبي العالية الا ثلاثة أحاديث وقال في موضع آخر قال شعبة انما سمع قتادة من أبي العالية أربعة أحاديث حديث يونس بن متى وحديث بن عمر في الصلاة وحديث القضاة ثلاثة وحديث بن عباس شهد عندي رجال مرضيون فتحرر من هذا كله ان الحديث منقطع وقال بن حبان كان يزيد الدالاني كثير الخطأ فاحش الوهم لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا تفرد عنهم بالمعضلات وقال أحمد والنسائي وابن معين لا بأس به وقال الترمذي في العلل سألت محمدابن إسماعيل عن هذا الحديث فقال لا شئ رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن بن عباس قوله ولم يذكر فيه أبا العالية ولا اعرف لابي خالد الدالاني سماعا من قتادة وأبو خالد صدوق لكنه يهم في الشئ انتهى وكان هذا على مذهبه في اشتراطه في
[ 104 ]
الاتصال السماع ولو مرة وقال بن عدي أبو خالد الدالاني لين الحديث ومع لينه انه يكتب حديثه وقد تابعه على روايته مهدي بن هلال ثم اسند عن مهدي بن هلال ثنا يعقوب بن عطاء بن أبي رباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على من نام قائما أو قاعدا وضوء حتى يضطجع جنبه إلى الارض واخرج بن عدي أيضا ثم البيهقي من جهته عن بحر بن كنيز السقا عن ميمون الخياط عن أبي عياض عن حذيفة بن اليمان قال كنت في مسجد المدينة جالسا اخفق فاحتضني رجل من خلفي فالتفت فإذا انا بالنبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هل وجب على وضوء قال لا حتى يضع جنبك قال البيهقي تفرد به بحر بن كنيز السقا وهو ضعيف لا يحتج بروايته انتهى واستدل من زعم ان قليل النوم وكثيره ناقض وعلى أي هيئة كانت بأحاديث منها ما أخرجه أبو داود وابن ماجة عن بقية عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذة بمعجمة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وكاء السه العينان فمن نام فليتوضأ واعل بوجهين أحدهما ان بقية والوضين فيهما مقال قاله المنذري ونازعه بن دقيق العيد فيهما قال وبقية قد وثقه بعضهم وسأل أبو زرعة عبد الرحمن بن إبراهيم عن الوضين بن عطاء فقال ثقة وقال بن عدي ما أرى باحاديثه بأسا والثاني الانقطاع فذكر بن أبي حاتم عن أبي زرعة في كتاب العلل وفي كتاب المراسيل ان بن عائذ عن علي مرسل وزاد في العلل انه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا ليس بقوي وقال النووي في الخلاصة إسناده حسن حديث آخر أخرجه البيهقي عن بقية أيضا عن أبي بكر بن أبي مريم عن عطية بن قيس عن معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم العين وكاء سه فإذا نامت العين استطلق الوكاء ورواه الطبراني في معجمه وزاد فمن نام فليتوضأ واعل أيضا بوجهين أحدهما الكلام في أبي بكر بن أبي مريم قال أبو حاتم وأبو زرعة ليس بالقوي والثاني ان مروان بن جناح رواه عن عطية بن قيس عن معاوية موقوفا هكذا رواه بن عدي وقال
[ 105 ]
مروان اثبت من أبي بكر بن أبي مريم انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في كتاب العلل عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وجب الوضوء على كل نائم الا من خفق براسه خفقة أو خفقتين انتهى وقال الصحيح عن بن عباس من قوله انتهى واستدل من زعم ان قليله وكثيره غير ناقض بما أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عن بن عباس قال نمت عند خالتي ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل إلى ان قال فتتامت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة ثم اضطجع فنام حتى نقخ فاتاه بلاب فآذنه بالصلاة فقام فصلى ولم يتوضأ الحديث بطوله ذكره البخاري في الدعوات ومسلم في التهجد فان قيل ان هذا مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلم لانه كان محفوظا قلنا فقد اخرج مسلم عن خالد بن الحرث عن شعبة عن قتادة عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضئون انتهى وحمل هذا على نوم الجالس ويؤيده لفظ أبي داود وفيه قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون قال النووي إسناده صحيح وأخرجه البيهقي عن بن المبارك عن معمر عن قتادة عن أنس قال لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظون للصلاة حتى اني لاسمع لاحدهما غطيطا ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون انتهى قال بن المبارك يعني وهم جلوس قال البيهقي وعلي ذلك حمله الشافعي لان اللفظ محتمل والحاجة إلى هذا التأويل هنا أشد لذكر الغطيط انتهى إذ لا يخفق براسه الا من نام جالسا قال بن القطان في الوهم والايهام وهذا يرده ما رواه البزار في مسنده من حديث عبد الاعلى عن شعبة عن قتادة عن أنس قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون الصلاة فيضعون جنوبهم فمنهم من ينام ثم يقوم إلى الصلاة قال وهذا كما ترى صحيح من رواية امام عن شعبة وقال قاسم بن أصبع ثنا محمد بن
[ 106 ]
عبد السلام الخشني ثنا محمد بن يسار ثنا يحيى بن سعيد القطان ثنا شعبة به قال وهذا كما ترى صحيح من رواية امام عن شعبة واستدل على ان النعا س غير ناقض بما في الصحيحين عن بن عباس انه ذكر قيامه خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل وفيه قال فجعلت إذا اغفيت يأخذ بشحمة اذني الحديث الحديث الثاني والعشرون قال النبي صلى الله عليه وسلم الامن ضحك منكم قهقهة فليعد
[ 107 ]
الصلاة والوضوء جميعا قلت فيه أحاديث مسندة وأحاديث مرسلة اما المسندة فرويت من حديث أبي موسى الاشعري وأبي هريرة و عبد الله بن عمر وأنس بن مالك وجابر بن عبد الله وعمران بن الحصين وأبي المليح اما حديث أبي موسى فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن زهير التستري ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي ثنا محمد بن أبي نعيم الواسطي ثنا مهدي بن ميمون ثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن أبي موسى قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس إذ دخل رجل فتردى في حفرة كانت في المسجد وكان في بصره ضرر فضحك كثير من القوم وهم في الصلاة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك ان يعيد الوضوء ويعيد الصلاة انتهى واما حديث أبي هريرة فأخرجه الدارقطني في سننه عن عبد العزيز بن الحصين عن عبد الكريم بن أبي أمية عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عيه وسلم قال إذا قهقه أعاد الوضوء والصلاة انتهى قال وعبد العزيز ضعيف و عبد الكريم متروك مع ما يقال فيه من الانقطاع بين الحسن وأبي هريرة وانه لم يسمع منه انتهى قال بن عدي والبلاء في هذا الاسناد من عبد العزيز وعبد الكريم وهما ضعيفان انتهى واما حديث بن عمر فرواه بن عدي في الكامل من حديث بقية ثنا أبي ثنا عمرو بن قيس السكوني عن عطاء عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك في الصلاة قهقهة فليعد الوضوء والصلاة قال بن الجوزي في العلل المتناهية هذا حديث لا يصح فإن بقية من عادته التدليس وكأنه سمعه من بعض الضعفاء فحذف اسمه وهذا فيه نظر لان بقية صرح فيه بالتحديث والمدلس إذا صرح بالتحديث وكان صدوقا زالت تهمة التدليس وبقية من هذا القبيل قال بن عدي
[ 108 ]
وبعضهم يقول فيه عمر بن قيس وانما هو عمرو انتهى واما حديث أنس فأخرجه الدارقطني عن داود بن المحبر عن أيوب بن خوط عن قتادة عن أنس قال كان رسو الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فجاء رجل ضرير البصر يمثل الاول ثم قال داود بن المحبر متروك الحديث وأيوب ضعيف والصواب من ذلك قول من رواه عن قتادة عن أبي العالية مرسلا ثم أخرجه عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ثنا سلام بن أبي مطيع عقتادة عن أنس وأبي العالية ان اعمى تردى فذكره وقال لم يروه عن سلام غير عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة وهو متروك يضع الاحاديث ثم أخرجه عن سفيان ين محمد الفزاري عن عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن أنس نحوه وقال وسفيان هذا سئ الحال واحسن حالاته ان يكون وهم على بن وهب ان لم يكن تعمده اعني قوله فيه عن أنس فقد رواه غير واحد عن بن وهب منهم خالد بن خداش وموهب بن يزيد وأحمد بن عبد الرحمن بن وهب وغيرهم لم يذكر فيه أحد منهم أنس بن مالك بل ارسلوه عن الحسن ثم اخرج أحاديثهم ثم اخرج عن الزهري انه قال لا وضوء في القهقهة قال فلو كان هذا صحيحا عند الزهري لما أفتى بخلافه انتهى وله طرق آخر رواه أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان فقال حدثنا الامام أبو بكر أحمد بن إبراهيم الاسماعيلي حدثني أبو عمرو محمد بن عمرو بن شهاب بن طارق الاصبهاني ثنا أبو جعفر أحمد بن فورك ثنا عبيد الله بن أحمد الاشعري ثنا عمار بن يزيد البصري ثنا موسى بن هلال ثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قهقه في الصلاة قهقهة شديدة فعليه الوضوء والصلاة انتهى واما حديث جابر فأخرجه الدارقطني أيضا عن محمد بن يزيد بن سنان ثنا أبي ثنا الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك منكم في صلاته فليتوضأ ثم ليعد الصلاة انتهى ثم قال يزيد بن سنان ضعيف ويكنى بأبي فروة الرهاوي وابنه ضعيف أيضا وقد وهم في هذا الحديث في موضعين أحدهما في رفعه إياه والآخر في لفظه والصحيح عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر من قوله من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء كذلك رواه عن الاعمش جماعة من الرفعة الثقات منهم سفيان الثوري وأبو معاوية الضرير ووكيع و عبد الله بن داود الخريبي وعمر بن علي المقدمي وغيرهم وكذلك رواه شعبة وابن جريج
[ 109 ]
عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر ثم اخرج احاديثهم عن جابر انه قال من ضحك في الصلاة أعاد الصلاة ولم يعد الوضوء وزافي لفظ انما كان لهم ذلك حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم واما حديث عمران بن الحصين فأخرجه الدارقطني عن إسماعيل بن عياش عن عمر بن قيس اللائي عن عمرو بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ضحك في الصلاة قرقرة فليعد الوضوء والصلاة قال وعمر بن قيس المكي المعروف بسندل ضعيف ذاهب الحديث وعمرو بن عبيد قيل في انه كذاب وأخرجه البيهقي عن عبد الرحمن بن سلام عن عمر بن قيس به ولابن عدي فيه طريق آخر أخرجه عن بقية عن محمد الخزاعي عن الحسن عن عمران بن الحصين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل ضحك في الصلاة أعد وضوءك انتهى قال ومحمد الخزاعي من مجهولي مشايخ بقية قال ويروى عن محمد بن راشد عن الحسن وابن راشد مجهول انتهى واما حديث أبي المليح فأخرجه الدارقطني أيضا من حديث محمد بن إسحاق حدثني الحسن بن دينار عن الحسن البصري عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه قال بينا نحن نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ اقبل رجل ضرير البصر باللفظ الاول قال بن إسحاق وحدثني الحسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه مثل ذلك قال الدارقطني والحسن بن دينار وابن عمارة ضعيفان وكلاهما أخطأ في الاسناد إنما رواه الحسن البصري عن حفص بن سليمان المنقري عن أبي العالية مرسلا وكان الحسن كثيرا ما يرويه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فاما قول الخسن بن عمارة عن خالد الحذاء عن أبي المليح عن أبيه فوهم قبيح وانما رواه خالد الحذاء عن حفصة بنت سيرين عن أبي العالية عن النبي مرسلا رواه عنه كذلك سفيان الثوري وهشيم ووهب وحماد بن سلمة وغيرهم وقد اضطرب بن إسحاق في روايته عن الحسن بن دينار هذا الحديث
[ 110 ]
فمرة رواه عنه عن الحسن البصري ومرة رواه عنه عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه وقتادة انما رواه عن أبي العالية مرسلا كذلك رواه عنه سعيد بن أبي عروبة ومسلم بن أبي الذيال ومعمر وأبو عوانة وسعيد بن بشير وغيرهم ثم ذكر احاديثهم الخمسة ثم قال فهؤلاء خمسة ثقات رووه عن قتادة عن أبي العالية مرسلا وأيوب بن خوط وداود بن المحبر وعبد الرحمن بن جبلة والحيسن بن دينار كلهم متروكون ليس فيهم من يجوز الاحتجاج به لو لم يكن له مخالف فكيف وقد خالف كل واحد منهم خمسة ثقات من أصحاب قتادة ثم اسند عن محمد بن سلمة عن بن إسحاق عن الحسن بن دينا عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه فذكره وفيه فضحك ناس من خلفه وقال الحسن بن دينار متروك الحديث وحديثه هذا بعيد من الصواب ولا نعلم أحدا تابعه عليه انته واما المراسيل فهي أربعة اشهرها مرسل أبي العالية والثاني مرسل معبد الجهني والثالث مرسل إبراهيم النخعي والرابع مرسل الحسن اما مرسل أبي العالية فله وجهان أحدهما روايته عن نفسه مرسلا وهو الصحيح جاء ذلك من جهة قتادة وحفصة بنتسيرين وأبي هاشم الزماني فاما حديث أبي قتادة فمن رواية معمر وأبي عوانة وسعيبن أبي عروبة وسعيد بن بشير فحديث معمر رواه عنه عبد الرزاق في مصنفه عن قتاد عن أبي العالية الرياحي ان اعمى تردى في بئر والنبي صلى الله عليه وسلم يصلى بأصحابه فضحك بعض من كان يصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم من كان ضحك منهم ان يعيد الوضوء ويعيد الصلاة وأخرجه الدارقطني من طريق عبد الرزاق بسنده و عبد الرزاق فمن فوقه من رجال الصحيحين وبقية الروايا ت عن قتادة أخرجها الدارقطني أيضا واما حديث حفصة فمن جهة خالد الحذاء وأيوب السختياني وهشام بن حسان ومطر الوراق وحفص بن سليمان أخرجها كلها الدارقطني واما حديث أبي هاشم الزماني فمن جهة شريك ومنصور اخرجهما الدارقطني وأخرجه بن أبي شيبة من جهة شريك فقط وأبو داود رواه في مراسيله الوجه الثاني روايته مرسلا عن غيره رواه الدارقطني من جهة خالد بن عبد الله
[ 111 ]
الواسطي عن هشام بن حسان عن حفصة عن أبي العالية عن رجل من الانصار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى فمر رجل في بصره سوء فتردى في بئر فضحك طوائف من القوم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ضحك ان يعيد الوضوء والصلاة قال الدارقطني هكذا رواه خالد ولم يسم الرجل ولا ذكر أله صحبة أم لا ولم يصنع خالد شيئا وقد خالفه خمسة اثنان ثقات حفاظ وقولهم أولى بالصواب انتهى ولقائل ان يقول زيادة خالد هذا الرجل الانصاري زيادة عدل لا يعارضها نقض من نقضها ثم اسند الدارقطني عن عاصم قال قال بن سيرين لا تأخذوا بمراسيل الحسن ولا أبي العاليه وما حدثتموني فلا تحدثوني عن رجلين من أهل البصرة عن أبي العالية والحسن فإنهما كانا لا يباليان عمن اخذا حديثهما وأسند عبن عون قال قال محمد بن سيرين أربعة يصدقون من حدثهم فلا يبالون ممن يسمعون الحسن وأبو العالية وحميد بن هلال ولم يذكر الرابع وذكره غيره فسماه أنس بن سيرين واما مرسل معبد الجهني فأخرجه الدارقطني عن الامام أبي حنيفة عن منصور بن زاذان الواسطي عن الحسن عن معبد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا هو في الصلاة إذ اقبل اعمى يريد الصلاة فوقع في زبية فاستضحك القوم حتى قهقهوا فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان منكم قهقه فليعد الوضوء والصلاة قال الدارقطني وهم أبو حنيفة فيه على منصور وانما رواه منصور عن محمد بن سيرين عن معبد ومعبد هذا لا صحبة له ويقال انه أول من تكلم في القدر من التابعين حدث به عن منصور عن بن سيرين غيلان بن جامع وهشيم بن بشير وهما احفظ من أبي حنيفة للاسناد ثم أخرجه كذلك وقال بن عدي لم يقل في إسناده عن معبد الا أبو حنيفة واخطأ فيه قال لنا بن حماد وكان يميل إلى أبي حنيفة هو معبد بن هوزة قال وهذا غلط منه لان معببن هوزة أنصاري وهذا جهني انتهى واما مرسل النخعي فأخرجه الدارقطني عن أبي معاوية عن الاعمش عن إبراهيم قال جاء رجل ضرير البصر والنبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة الحديث ثم اسند الدارقطني عن علي بن المديني قال قلت لعبد الرحمن بن مهدي روى هذا الحديث إبراهيم مرسلا فقال حدثني شريك عن أبي هاشم قال انا حدثت به إبراهيم عن أبي العاليه قال فرجع حديث إبراهيم هذا الذي أرسله إلى أبي العاليه لان أبا هاشم ذكر انه حدثه
[ 112 ]
به عنه انتهى وهذا الذي ذكره الدارقطني عن علي بن المديني ذكره بن عدي في الكامل بحروفه وأسند بن عدي عن يحيى بن معين انه قامراسيل إبراهيم صحيحة الا حديث تاجر البحرين وحديث القهقهة انتهى قلت اما حديث القهقهة فقد عرف واما حديث تاجر البحرين فرواه بن أبي شيبة في مصنفه وكيع ثنا الاعمش عن إبراهيم قال جاء رجل فقال يا رسول الله اني رجل تاجر اختلف إلى البحرين فأمره ان يصلي ركعتين يعني القصر انتهى واما مرسل الحسن فأخرجه الدارقطني أيضا عن يونس عن بن شهاب عن الحسن فذكره وعلته رواية بن أخي بن شهاب الزهري عن عمه قال حدثني سليمان بن أرقم عن الحسن ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر من ضحك في الصلاة ان يعيد الوضوء والصلاة أخرجها الدارقطني وكذلك رواه الشافعي في مسنده أخبرنا الثقة يعني يحيى بن حسان عن معمر عن بن شهاب عن سليمان بن أرقم عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشافعي وهذا لا يقبل لانه مرسل قال بن دقيق العيد وإذا آل الامر إلى توسط سليمان بن أرقم بين بن شهاب والحسن وهو عندهم متروك تعلل انتهى ورواه محمد بن الحسن في كتاب الآثار أخبرنا أبو حنيفة ثنا منصور بن زاذان عن الحسن البصري فذكره وأسند بن عدي في الكامل عن علي بن المديني قال قال لي عبد الرحمن بن مهدي وكان اعلم الناس بحديث القهقهة انه كله يدور على أبي العالية فقلت له ان الحسن يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فقال عبد الرحمن حدثنا حماد بن زيد عن حفص بن سليمان قال انا حدثت به الحسن عن حفصة عن أبي العالية قلت له فقد رواه إبراهيم عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال عبد الرحمن حدثنا شريك عن أبي هاشم قال انا حدثت به إبراهيم عن أبي العالية فلت له فقد رواه الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا فقال عبد الرحمن قرأت هذا الحديث في كتاب بن أخي الزهري عن الزهري عن سليمان بن أرقم عن الحسن انتهى وقال البيهقي في سننه قال الامام أحمد ولو كان عند الزهري أو الحسن فيه حديث صحيح لما استجاز القول بخلافه وقد صح عن قتادة عن الحسن انه كان لا يرى من الضحك في الصلاة وضوءا وعن شعيب بن أبي حمزة وغيره عن الزهري انه قال من الضحك في الصلاة تعاد الصلاة ولا يعاد الوضوء قال البيهقي وقد روى هذا الحديث بأسانيد موصولة الا انها ضعيفة وقد ثبت احاديثها في الخلافيات انتهى وقال بن عدي في الكامل وقد روى هذا الحديث الحسن البصري وقتادة وإبراهيم النخعي
[ 113 ]
والزهري مرسلا وقد اختلف على كل واحد منهم موصولا ومرسلا ومدار الكل يرجع إلى أبي العالية والحديث له وبه يعرف ومن أجله تكلم الناس فيه ولكن سائر أحاديثه مستقيمة صالحة انتهى وقال الحاكم في كتاب مناقب الشافعي قال الشافعي أخبار أبي العالية الرياحي رياح قال وهو انما أراد بذلك حديث القهقهة فقط فإنه يرويه مرة عن محمد بن سيرين ومرة عن حفصة بنت سيرين ومرة يرسله فيقول عن رجل وأبو العالية واسمه رفيع من ثقات التابعين المجمع على عدالتهم انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة وقول الشافعي أخبار الرياحي رياح يريد به ما يرسله فاما ما يوصله فهو فيه حجة انتهى وقال بن عدي في الكامل في ترجمة الحسن بن زياد بعد ان نقل عن بن معين انه قال فيه كذوب ليس بشئ ونقل عن آخرين انهم رموه بحب الشباب وله حكايات تدل على ذلك ثم اسند إلى الشافعي انه ناظر الحسن بن زياد يوما فقال له ما تقول في رجل قذف محصنا في الصلاة قال تبطل صلاته قال وضوؤه على حاله قال فلو ضحك في الصلاة قال تبطل صلاته ووضوءه فقال الشافعي فيكون الضحك في الصلاة أسوأ حالا من قذف المحصن فأفحمه انتهى واستدل على ان حديث القهقهة من الخصائص بحديث أخرجه الدارقطني عن المسيب بن شريك عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر قال ليس على من ضحك في الصلاة وضوء انما كان لهم ذلك حين ضحكوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وهذا لا يصح قال بن معين المسيب ليس بشئ وقال أحمد ترك الناس حديثه وكذلك قال الفلاس ومما استدل به على ان الضحك غير ناقض للوضوء حديث أخرجه الدارقطني عن أبي شيبة عن يزيد أبي خالد عن أبي سفيان عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء انتهى وأبو شيبة اسمه إبراهيم بن عثمان قال أحمد منكر الحديث ويزيد أيضا قال فيه بن حبان لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد قال البيهقي روى هذا أبو شيبة فرفعه وهو ضعيف والصحيح موقوف انتهى ومع ضعف هذا الاسناد اضطرب في متنه فروى بهذا الاسناد الكلام ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء أخرجه الدارقطني أيضا ومما استدل به على ان التبسم غير مبطل للصلاة حديث أخرجه الطبراني في
[ 114 ]
معجمه وأبو يعلى الموصلي في مسنده والدارقطني في سننه عن الوازع بن نافع العقيلي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثنا جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بأصحابه العصر فتبسم في السلاة فلما انصرف قيل له يا رسول الله تبسمت وأنت تصلى فقال انه مر ميكائيل وعلى جناحه غبار فضحك إلى فتبسمت إليه وهو راجع من طلب القوم انتهى وسكت الدارقطني عنه والوازع بن ناقع ضعيف جدا ووجدته في معجم الطبراني جبرائيل عوض ميكائيل والسهيلي في الروض الانف ذكره من جهة الدارقطني وتكلم عليه وبنى كلامه على أنه ميكائيل ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء واعله بالوازع وقال انه كثير الوهم فيبطل الاحتجاج به حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الصغير عن ثابت بن محمد الزاهد ثنا سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقطع الصلاة الكشر ولكن يقطعها القهقهة انتهى وقال لم يرفعه عن سفيان الا ثابتثم أخرجه من طريق عبد الرزاق عن سفيان الثوري به موقوفا ورواه بن عدي في الكا ولفظه ولكن يقطعها القرقرة قال بن عدي لا أعلمه الا من رواية ثابت عن الثوري ولعله كان عنده عن العرزمي عن أبي الزبير فشبه عليه والله اعلم ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا إذا ضحك الرجل في صلاته فعليه الوضوء والصلاة وإذا تبسم فلا شئ عليه انتهى أحاديث مس الفرج وللخصوم القائلين بالنقض أحاديث امثلها حديث بسرة أخرجه أصحاب السنن الاربعة فأبو داود والنسائي من طريق مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير قال دخلت على مروان فذكر ما يكون منه الوضوء فقال مروان أخبرتني بسرة بنت صفوان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ انتهى ورواه الترمذي وابن ماجة من حديث هشام بن
[ 115 ]
عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة وقال الترمذي حديث حسن صحيح وفي الباب عن أم حبيبة وأبي أيو ب وأبي هريرة واروى بنت أنيس وعائشة وجابر وزيد بن خالد و عبد الله بن عمر وقال محمد بن إسماعيل هذا الحديث أصح شئ في هذا الباب وكذلك رواه النسائي وقال لم يسمع هشام من أبيه هذا الحديث وكذلك قال الطحاوي في شرح الآثار قال وانما اخذه هشام من أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثم أخرجه عن همام عن هشام بن عروة حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثني عروة قال فرجع الحديث إلى أبي بكر انتهى فلت يشكل عليه رواية الترمذي عن يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة قال أخبرني أبي عن بسرة وكذلك رواه أحمد في مسنده حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال حدثني أبي ان بسرة بنت صفوان أخبرته وقال البيهقي في سننه ورواه يحيى بن سعيد القطان عن هشام بن عروة عن أبيه فصرح فيه بسماع هشام من أبيه انتهى وجمع الدارقطني طرق هذا الحديث في اثنى عشر ورقة كبار وروى الطبراني في معجمه الوسط حديث بسرة من رواية عبد الحميد بن جعفر عن هشام بن عروة عن أبيه عن بسرة مرفوعا من مس فرجه وانثييه فليتوضأ وضوءه للصلاة قال الطبراني لم يقل فيه وانثييه عن هشام الا عبد الحميد بن جعفر انتهى ورواه الترمذي أيضا من جديث عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة عن بسرة وبالسند الاول رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث العشرين من القسم الاول والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين قال بن حبان ومعاذ الله ان نحتج بمروان بن الحكم في شئ من كتبنا ولكن عروة لم يقنع بسماعه من مروان حتى بعث مروان شرطيا له إلى بسرة فسألها ثم اتاهم فأخبرهم بما قالت بسرة ثم لم يقنعه ذلك حتى ذهب عروة إلى بسرة فسمع منها فالخبر عن عروة عن بسرة متصل ليس بمنقطع وصار مروان والشرطي كأنهما زائدان في الاسناد ثم أخرجه عن عروة عن بسرة وأخرجه أيضا عن عروة عن مروان عن بسرة وفي آخره قال عروة فذهبت إلى بسرة فسألتها فصدقته قال بن حبان وليس المراد من الوضوء غسل اليد وان كانت العرب تسمى غسل اليد وضوءا بدليل ما أخبرنا وأسند عن عروة بن الزبير عن مروان عن بسرة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مس فرجه فليتوضأ وضوءه للصلاة وأسند أيضا عن عروة عن بسرة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مس فرجه فليعد الوضوء قال والاعادة لا تكون الا لوضوء الصلاة
[ 116 ]
انتهى واستضعفه الطحاوي بالاسناد الاول وروى بإسناده عن بن عيينة انه عد جماعة لم يكونوا يعرفون الحديث ومن رأيناه يحدث عنهم سخرنا منه فذكر مهم عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ثم أخرجه من طريق الاوزاعي أخبرني الزهري حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال فثبت انقطاع هذا الخبر وضعفه انتهى وبالسند الاول رواه مالك في الموطأ وعنه الشافعي في مسنده ومن طريق الشافعي رواه البيهقي ثم قال ورواه يحيى بن بكير عن مالك فزاد فيه فليتوضأ وضوءه للصلاة قال الشافعي وقد روينا قولنا عن غير بسرة والذي يعيب علينا الرواية عن بسرة يروي عن عائشة بنت عجرد وأم حراش وعدة نساء لسن بمعروفات ويحتج بروايتهن وهو يضعف بسرة مع قدم هجرتها وصحبتها للنبي صلى الله عليه وسلم وقد حدثت بهذا الحديث في دار المهاجرين والانصار متوافرون ولم يدفعه منهم أحد ولما سمعها بن عمر لم يزل يتوضأ من مس الذكر حتى مات قال البيهقي وانما لم يخرجا في الصحيح حديث بسرة لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة أو هو عن مروان عن بسرة ولكنهما احتجا بسائر رواته والله اعلم حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه عن يزيد بن عبد الملك ونافع بن أبي نعيم القاري عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حائل فليتوضأ انتهى ورواه الحاكم في المستدر ك وصححه قال بن حبان واحتجاجنا فيه بنافع لا بيزيد فانا قد تبرأنا من عهدة يزيد في كتاب الضعفاء انتهى ورواه أحمد في مسنده الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه وكذلك البيهقي ولفظه فيه من افضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب فقد وجب عليه وضوء الصلاة قال ويزيد بن عبد الملك تكلموا فيه ثم اسند عن أحمد بن حنبل انه سئل عنه فقال شيخ من أهل المدينة ليس به باس ثم أخرجه البيهقي من طريق البخاري موقوفا على أبي هريرة قال الذهبي في مختصره والبخاري أخرجه في تاريخه موقوفا هكذا انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن الهيثم بن حميد ثنا العلاء بن
[ 117 ]
الحارث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ انتهى قال الترمذي في كتابه قال محمد يعني البخاري لم يسمع مكحول من عنبسة بن أبي سفيان وروى مكحول عن رجل عن عنبسة غير هذا الحديث وكأنه لم ير هذا الحديث صحيحا قال وقال محمد أصح شئ سمعت في هذا الباب حديث العلاء بن الحرث عن مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان عن أم حبيبة انتهى وهذا مناقض لما نقله عن البخاري في حديث بسرة انه قال هو أصح شئ في هذا الباب وقد تقدم ويجمع بينهما بأنه سمع أحدهما اولا فقال هذا أصح شئ في الباب ثم سمع الآخر فوجده أصح من الاول فقال هذا أصح شئ في الباب والله اعلم وأسند الطحاوي في شرح الآثار عن أبي مسهر انه قال لم يسمع مكحول من عنبسة شيئا قال وهم محتجون بقول أبي مسهر فرجع الحديث إلى الانقطاع وهم لا يحتجون بالمنقطع حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن إسحاق بن أبي فروة عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد القار عن أبي أيوب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ انتهى وهو حديث ضعيف فإن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة متروك باتفاقهم وقد اتهمه بعضهم وليس هو بإسحاق بن محمد الفروي الذي في حديثه بن عمر الآتي ذاك ثقة وظنهما بن الجوزي واحدا فضعفهما وسيأتي بيانه حديث آخر أخرجه بن ماجة أيضا عن عبد الله بن نافع عن بن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مس أحدكم ذكره فعليه الوضوء انتهى وأخرجه البيهقي في سننه من طريق الشافعي عن عبد الله بن نافع به ولفظه فيه إذا افضى أحدكم
[ 118 ]
بيده إلى فرجه فليتوضأ ثم قال قال الشافعي وسمعت جماعة من الحفاظ غير بن نافع يروونه لا يذكرون فيه جابرا قا الشافعي والافضاء انما يكون بباطن الكف كما يقال افضى بيده مبايعا وافضى بيده إلى ركبته راكعا والى الارض ساجدا انتهى قال الذهبي في مختصره وهذا الحديث ان صح فليس الاستدلال فيه على باطن الكف الا بالمفهوم وانما يكون المفهوم حجة إذا سلم من المعارض كيف وأحاديث المس مطلقا في مسمى المس أعم وأصح انتهى وقال الطحاوي في شرح الآثار وقد روى الحافظ هذا الحديث عن بن أبي ذئب فارسلوه لم يذكروا فيه جابرا فرجع الحديث إلى الارسال وهم لا يحتجون بالمراسيل انتهى حديث آخر روى أحمد في مسنده والبيهقي في سننه عن بقية بن الوليد حدثني محمد بن الوليد الزبيدي حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مس فرجه فليتوضأ وايما امرأة مست فرجها فلتتوضأ انتهى قال البيهقي ومحمد بن الوليد ثقة ثم اخرجه من طريق بن عدي بسنده عن يحيى بن راشد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن عمرو بن شعيب نحوه قال وخالفهم المثنى بن الصباح في إسناده وليس بالقوي ثم أخرجه عن المثنى بن الصباح عن عمرو شعيب عن سعيد بن المسيب عن بسرة بنت صفوان قالت يا رسول الله كيف ترى في احدانا تمس فرجها والرجل يمس فرجه بعد ما يتوضأ قال يتوضأ يا بسرة قال عمرو وحدثني سعيد بن المسيب أن مروان أرسل إليها ليسألها فقالت دعني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده فلان وفلان و عبد الله بن عمر فأمرني بالوضوء انتهى وأكثر الناس يحتج بحديث عمرو بن شعيب إذا كان الراوي عنه ثقة واما إذا كان الراوي عنه مثل المثنى بن الصباح أو بن لهيعة وامثالهما فلا يكون حجة اما حديثه عن أبيه عن جده فقد تكلم فيه من حهة انه كاه يحدث من صحيفة جده قالوا وانما روى أحاديث يسيرة وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها ومن فوائد شيخنا الحافظ جمال الدين المزي قال عمرو بن شعيب يأتي على ثلاثة أوجه عمرو بن
[ 119 ]
شعيب عن أبيه عن جده وهو الجادة وعمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو فعمرو له ثلاثة اجداد محمد و عبد الله وعمرو بن العاص فمحمد تابعي وعبد الله وعمرو صحابيان فان كان المراد بجده محمدا فالحديث مرسل لانه تابعي وان كان المراد به عمرو فالحديث منقطع لان شعيبا لم يدرك عمروا وان كان المراد به عبد الله فيحتاج إلى معرفة سماع شعيب من عبد الله وقد ثبت في الدارقطني وغيره بسند صحيح سماع عمرو من أبيه شعيب وسماع شعيب من جده عبد الله حديث آخر أخرجه الدارقطني عن إسحاق بن محمد الفروي أنبأ عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ وضوءه للصلاة انتهى وإسحاق بن محمد الفروي هذا ثقة اخرج له البخاري في صحيحه وليس هو بإسحاق بن أبي فروة المتقدم في حديث أبي أيوب ووهم بن الجوزي في التحقيق فجعلهما واحدا وتعقبه صاحب التنقيح وله طريقان آخران عند الطحاوي أحدهما عن صدقة بن عبد الله عن هشام بن زيد عن نافع عن بن عمر قال وصدقة هذا ضعيف الثاني عن العلاء بن سليمان عن الزهري عن سالم عن أبيه قال والعلاء ضعيف انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده عن بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد الجهني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مس فرجه فليتوضأ انتهى ورواه الطحاوي وقال انه غلط لان عروة أجاب مروان حين سأله عن مس الذكر بأنه لا وضوء فيه فقال له مروان أخبرتني بسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن فيه الوضوء فقال له عروة ما سمعت هذا حتى أرسل مروان إلى بسرة شرطيا فأخبرته وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بما شاء الله فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما حدثه به زيد بن خالد هذا بما لا يستقيم ولا يصح انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر
[ 120 ]
بن حفص العمري عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضئون قالت عائشة بأبي وامي هذا للرجال أفرأيت النساء قال إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة انتهى وهو معلول بعبد الرحمن هذا قال أحمد كان كذابا وقال النسائي وأبو حاتم وأبو زرعة متروك زاد أبو حاتم وكان يكذب وله طريق آخر عند الطحاوي وأخرجه عن عمر بن شريح عن بن شهاب عن عروة عن عائشة مرفوعا من مس فرجه فليتوضأ ثم قال وعمر بن شريح لا يحتج به انتهى وقد روى أبو يعلى الموصلي في مسنده حديثا يعارض هذا فقال حدثنا الجراح بن مخلد ثنا عمر بن يونس اليمامي ثنا المفضل بن ثواب حدثني حسين بن اوزع عن أبيه عن سيف بن عبد الله الحميري قال دخلت انا ورجال معي على عائشة فسألناها عن الرجل يمس فرجه أو المراة تمس فرجها فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما ابالي إياه مسست أو انفي انتهى أحاديث أصحابنا ومن قال بعدم النقض حديث طلق بن علي وهو امثلها وله أربع طرق أحدها عند أصحاب السنن الا بن ماجة عن ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن قيس بن طلق بن علي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن الرجل يمس ذكره في الصلاة فقال هل هو الا بضعة منك انتهى ورواه بن حبان في صحيحة قال الترمذي هذا الحديث أحسن شئ يروى في هذا الباب وفي الباب عن أبي امامة وقد روى هذا الحديث أيوب بن عتبة ومحمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه وأيو ب ومحمد تكلم فيهما بعض أهل الحديث وحديث ملازم بن عمرو أصح
[ 121 ]
واحسن انتهى الطريق الثاني أخرجه بن ماجة عن محمد بن جابر عن قيس بن طلق به ومحمد بن جابر ضعيف قال الفلاس متروك وقال بن معين ليس بشئ الطريق الثالث عن عبد الحميد بن جعفر عن أيوب بن محمد العجلي عن قيس بن طلق به وهي عند بن عدي و عبد الحميد ضعفه الثوري والعجلي ضعفه بن معين الطريق الرابع عن أيوب بن عتبة اليمامي عن قيس بن طلق عن أبيه وهي عند أحمد وأيوب بن عتبة قال ابن مغين ليس بشئ وقال النسائي مضطرب الحديث والطريق الاول رواه الطحاوي في شرح الاثار وقال هذا حديث مستقيم الاسناد غير مضطرب في اسناده ولامتنه ثم عن على بن مدينى انه قال حديث ملازم بن عمر واحسن من حديث بسرة انتهى قال حبان في صحيحه وهذا حديث أوهم عالما من الناس انه معارض لحديث بسرة وليس كذلك لانه منسوخ فإن طلق بن علكان قدومه على النبي صلى الله عليه وسلم أول سنة من سني الهجرة حيث كان المسلمون يبنون مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ثم اخرج عن قيس بن طلق عن أبيه قال بنيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة وكان يقول قدموا اليمامي من الطين فإنه من احسنكم له مسا انتهى قال وقد روى أبو هريرة إيجاب الوضوء من مس الذكر ثم ساقه كما تقدم قال وأبو هريرة إسلامه سنة سبع من الهجرة فكان خبر أبي هريرة بعد خبر طلق لسبع سنين وطلق بن علي رجع إلى بلده ثم اخرج عن فيس بن طلق عن أبيه قال خرجنا وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة نفر خمسة من بني حنيفة ورجلا من بني ضيعة بن ربيعة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا معه وأخبرناه ان بأرضنا بيعة لنا واستوهبناه من فضل طهوره فقال اذهبوا بهذا الماء فإذا قد متم بلدكم فاكسروا بيعتكم ثم انضحوا مكانها من هذا الماء واتخذوا مكانها مسجدا فقلنا يا رسول الله البلد بعيد والماء ينشف قال فامدوه من الماء فإنه لا يزيده الا طيبا فخرجنا فتشاحنا على حمل الاداوة اينا يحملها فجعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل رجل منا يوما فخرجنا بها حتى قدمنا بلدنا فعملنا الذي أمرنا
[ 122 ]
وراهب أولئك القوم رجل من طئ‌فنادينا بالصلاة فقال الراهب دعوه ثم هرب فلم ير بعد انتهى قال فهذا بيان واضح ان طلق بن علي رجع إلى بلده بعد قدمته تلك ثم لا يعلم له رجوع إلى المدينة بعذلك فمن ادعى ذلك فليثبته بسنة مصرحة ولا سبيل له إلى ذلك انتهى وذكر عبد الحفي احكامه حديث طلق هذا وسكت عنه فهو صحيح عنده على عادته في مثل ذلك وتعقبه بن القطان في كتابه فقال انما يرويه قيس بن طلق عن أبيه وقد حكى الدارقطني في سننه عن بن أبي حاتم انه سأل أباه وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة ووهناه ولم يثبتاه قال والحديث مختلف فيه فينبغي ان يقال فيه حسن ولا يحكم بصحته والله اعلم انتهى واخرج البيهقي في سننه حديث طلق من رواية ملازم بن عمرو ثم قال وملازم بن عمرو فيه نظر قال ورواه محمد بن جابر اليمامي وأيوب بن عتبة عن قيس بن طلق قال وكلاهما ضعيف قال ورواه عكرمة بن عمار عن قيس ان طلقا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأرسله وعكرمة بن عمار أمثل من رواه وهو مختلف فيه في تعديله فغمزه يحيى القطان وأحمد بن حنبل وضعفه البخاري جدا وقيس قال الشافعي سألنا عنه فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره وقد عارضه من عرفنا ثقته وثبته في الحديث ثم اسند عن يحيى بن معين وأبي حاتم وأبي زرعة قالوا لا نحتج بحديثه ثم قال وان صح فنقول ان ذلك كان في ابتداء الهجرة وسماع أبي هريرة وغيره كان بعد ذلك فان طلقا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني مسجده ثم اخرج عن حماد بن زيد عن محمد بن جابر حدثني قيس بن طلق عن أبيه قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبني المسجد فقال لي اخلط الطين فإنك اعلم بخلطه فسألته أرأيت الرجل يتوضأ ثم مس ذكره فقال انما هو منك انتهى قال ومن أصحابنا من حمله على انه مسه بظهر كفه ثم اسند إلى طلق قال بينا انا أصلي إذ ذهبت احك فخذي فاصابت يدي ذكري فسألته عليه السلام فقال انما هو منك قال والظاهر من حال من يحك فخذه انما يصيبه بظهر كفه انتهى واما ما رواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا الحسن بن علي الفسوي ثنا حماد بن محمد الحنفي ثنا أيوب بن عتبة عن قيس بن طلق عن أبيه طلق بن علي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ انتهى فسنده ضعيف
[ 123 ]
فان حماد بن محمد وشيخه أيوب ضعيفان قال الطبراني لم يرو هذا الحديث عن أيوب بن عتبة الا حماد بن محمد وقد روى الحديث الآخر حماد بن محمد وهما عندي صحيحان ويشتبه ان يكون سمع الحديث الاول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا ثم سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة وأم حبيبة وأبي هريرة وزيد بن خالد وغيرهم ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الامر بالوضوء من مس الذكر فسمع الناسخ والمنسوخ انتهى كلامه في معجمه الكبير بحروفه وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ وقد اختلق أهل العلم في هذا الباب فذهب بعضهم إلى ترك الوضوء من مس الذكر آخذا بهذا الحديث وروى ذلك عن علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر و عبد الله بن مسعود و عبد الله بن عباس وحذيفة بن اليمان وعمران بن الحصين وأبي الدرداء وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين عنه وسعيد بن المسيب في إحدى الروايتين وسعيد بن جبير وإبراهيم النخعي وربيعة بن أبي عبد الرحمن وسفيان الثوري وأبي حنيفة وأصحابه ويحيى ين معين وأهل الكوفة وخالفهم في ذلك آخرون فذهبوا إلى إيجاب الوضوء منه آخذا بحدي‍ ث بسرة وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبي أيوب الانصاري وزيد بن خالد وأبي هريرة و عبد الله بن عمرو بن العاص وجابر وعائشة وأم حبيبة وبسرة بنت صفوان وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين وابن عباس في إحدى الروايتين وعروة بن الزبير وسليمان بن يسار وعطاء بن أبي رباح وأبان بن عثمان وجابر بن زيد والزهري ومصعب بن سعد ويحيى بن أبي كثير وسعيد بن المسيب في أصح الروايتين وهشام بن عروة والاوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأحمد وإسحاق وهو المشهور من قول مالك ولهم في الجواب عن حديث طلق أمران أحدهما تضعيفه والآخر الحكم بأنه منسوخ اما تضعيفه فان أيوب بن
[ 124 ]
عتبة ومحمد بن جابر ضعيفان عند أهل العلم بالحديث وقد رواه ملازم بن عمرو عن عبد الله بن بدر عن قيس الا ان صاحبي الصحيح لم يحتجا بشئ من روايتهما وتكلم الناس أيضا في قيس بن طلق فقال الشافعي سألنا عن قيس فلم نجد من يعرفه بما يكون لنا قبول خبره وقال يحيى بن معين لقد أكثر الناس في قيس بن طلق وانه لا يحتج بحديثه وعن بن أبي حاتم قال سألت أبي وأبا زرعة عن هذا الحديث فقال قيس بن طلق ليس ممن يقوم به حجة ووهناه ولم يثبتاه قالوا وحديث قيس بن طلق كما لم يخرجه صاحبا الصحيح فإنهما لم يحتجا بشئ من روايته وحديث بسرة وان لم يخرجاه لاختلاف وقع في سماع عروة من بسرة أو هو عن مروان عن بسرة فقد احتجا بسائر رواة حديثها مروان فمن دونه فترجح حديث بسرة ورواه عكرمة بن عمار عن قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وهو أقوى من رواه عن قيس الا انه رواه منقطعا واما حكم النسخ فان حديث طلق كان في ابتداء الاسلاثم اسند إلى طلق بن على انه قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبنوالمسجد فذكره كما تقدم قال ومما يؤيد حكم النسخ ان طلق الذي روى حديث الرخصة وجدناه قد روى حديث الانتقاض ثم ساق من طريق الطبراني بسنده المتقدم ومتنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من مس ذكره فليتوضأ قال فدل ذلك على صحة النسخ وان طلقا قد شاهد الحالتين ثم اعترض للقائلين بالرخصة بان بسرة غير مشهورة واختلاف الرواة في نسبها يدل على جهالتها لان بعضهم يقول هي كنانية وبعضهم يقول هي اسدية ولو سلم عدم جهالتها فليست توازي طلقا في شهرته وكثرة روايته وطول صحبته واختلاف الرواة أيضا في حديثها يدل على ضعف حديثها وبالجملة فحديث النساء إلى الضعف ما هو قال وروى عن عمر بن علي الفلاس انه قال حديث طلق عندنا اثبت من حديث بسرة وأجاب بان بسرة مشهورة لا ينكر شهرتها الامن لا يعرف أحوال الرواة ثم اسند إلى مالك انه قال بسرة بنت صفوان هي جدة عبد الملك بن مروان أو أمه فاعرفوها وقال مصعب الزبيري بسرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد من التابعيا ت وورقة بن نوفل عمها وليس لصفوان بن نوفل عقب الا من قبل بسرة وهي زوجة معاوية بن المغيرة بن أبي العاص قال واما اختلاف الرواة في حديثها فقد وجد في حديث طلق نحو ذلك ثم إذا صح للحديث
[ 125 ]
طريق واحد وسلم من شوائب الطعن تعين المصير إليه ولا عبرة باختلاف الباقين وطريق مالك إليها لا يختلف في صحته وعدالة رواته قال وقد روى هذا الحديث جماعة من الصحابة غير بسرة نحو عبد الله بن عمرو بن العاص وأبي هريرة وعائشة وأم حبيبة وكثرة الرواة مؤثرة في الترجيح واما حديث الرخصة فإنه لا يحفظ من طريق توازي هذه الطريق أو تقاربها الا من حديث طلق بن علي اليمامي وهو حديث فرد في الباب قال وزعم بعض الكوفيين ان كثرة الرواة لا اثر لها في باب الترجيحات لان طريق كل واحد منهما غلبة الظن فصار كشهادة شاهدين مشهادة أربعة ورده بان غلبة الظن انما تعتبر في باب الرواية دون الشهادة الا ترى انه لو شهد خمسون امرأة بشهادة لم تقبل شهادتين ولو شهد بها رجلان قبلا ومعلوم اشهادة خمسين امرأة أقوى في اليقين وكذلك سوى الشارع بين شهادة امامين عالمين وشهادة رجلين جاهلين واما في الرواية فترجح رواية الاعلم الدين على غيره من غير خلاف يعرف في ذلك فظهر الفرق بينهما ووجب المصير إلى حديث بسرة والله اعلم انتهى الحديث الثاني من أحاديث الاصحاب أخرجه بن ماجة في سننه عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي امامة ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني مسست ذكري وانا أصلي فقال لا باس انما هو جزء منك انتهى وهو حديث ضعيف قال البخاري والنسائي والدارقطني في جعفر بن الزبير متروك والقاسم أيضا ضعيف الحديث الثالث أخرجه الدارقطني في سننه عن الفضل بن المختار عن عبيد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي وكان من الصحابة ان رجلا قال يا رسول الله اني احتككت في الصلاة فاصابت يدي فرجى فقال النبي صلى الله عليه وسلم وانا افعل ذلك انتهى وهو حديث ضعيف أيضا قال بن عدي الفضل بن مختار أحاديثه منكرة وقال أبو حاتم هو مجهول واحاديثه منكرة يحدث بالاباطيل انتهى قال الطحاوي في شرح الآثار وقد روى عن جماعة من الصحابة مثل مذهبنا ثم اخرج عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انه قال ما ابالي مسست انفي أو ذكري واخرج عن بن مسعود نحو ذلك واخرج عن عمار بن ياسر انه قال وانما هو بضعة منك وان لكفك موضعا غيره ثم اخرج عحذيفة وعمران بن حصين
[ 126 ]
كانا لا يريان في مس الذكر وضوءا قال ولا نعلم أحدا من الصحابة أفتى بالوضوء منه غير بن عمر وقد خالفه في ذلك أكثر الصحابة وما رواه عن بن عباس انه قال فيه الوضوء فقد روى عنه خلافه ثم اخرج عنه انه قال ما ابالي إياه مسست ذكري أو انفي قال وما رووه عن الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص قال كنت امسك المصحف على أبي فمسست ذكري فأمرني ان اتوضأ فمحمول على غسل اليدين بما أخبرنا وأسند إلى الزبير عن عدي عن مصعب بن سعد مثله وقال فيه قم فاغسل يدك انتهى وحكى صاحب التنقيح قال اجتمع سفيان وابن جريج فتذاكرا مس الذكر فقال بن جريج يتوضأ منه وقال سفيان لا يتوضأ منه أرأيت لو امسك بيده منيا ما كان عليه قال بن جريج يغسل يده قال فايهما أكبر المنى أو مس الذكر فقال ما القاها على لسانك الا الشيطان انتهى أحاديث مس المرأة حديث للخصوم القائلين بنقض الوضوء منه رواه الترمذي في كتابه من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله ارايت رجلا لقي امرأة وليس بينهما معرفة فليس يأتي الرجل إلى امرأته شيئا الا أتاه إليها الا انه لم يجامعها قال فانزل الله اقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل الآية قال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ ويصلى قال معاذ فقلت يا رسول الله اهي له خاصة أم للمؤمنين عامة قال بل للمؤمنين عامة انتهى قال الترمذي هذا حديث ليس إسناده بمتصل فان عبد الرحمن بن أبي
[ 127 ]
ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ومعاذ بن جبل مات في خلافة عمر وقتل عمر و عبد الرحمن بن أبي ليلى صغير بن ست سنين انتهى ذكره في تفسير سورة هود ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه ورواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما والفاظهم الثلاثة فيه قال يا رسول الله ما تقول في رجل أصاب من امرأة لا تحل له فلم يدع شيئا يصيبه الرجل من امرأته الا اصابه منها غير انه لم يجامعها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءا حسنا ثم صل قال فانزل الله الآية فقال معاذ اهي له خاصة أم للمسلمين عامة قال بل للمسلمين عامة انتهى وهذا الحديث مع ضعفه وانقطاعه ليس فيه حجة لانه انما امره بالوضوء للتبرك وإزالة الخطيئة لا للحدث ولذلك قال له توضأ وضوءا حسنا وقد وردانه عليه السلام أتاه رجل فقال له يا رسول الله ادع الله لي ان يعافيني من الخطايا فقال له اكتم الخطيئة وتوضأ وضوءا حسنا ثم صل ركعتين ثم قال اللهم فذكر دعاءا وفي مسلم عن أبي هريرة حديث خروج الخطايا من كل عضو يغسله في الوضوء ثم ذكر البيهقي اثرا عن بن مسعود واثرا عن بن عمر واثرا عن عمر ان اللمس ما دون الجماع فمن لمس فعليه الوضوء ثم قال وخالفهم بن عباس فقال هي الجماع ولم ير في اللمس وضوءا ثم اسند عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير بن عباس انه قال اللمس والمباشرة الجماع ولكن الله يكنى ما يشاء بما يشاء انتهى اما اثر عمر فقد ضعفه بن عبد البر وقال هو عندهم خطأ وهو صحيح عن بن عمر لا عن عمر انتهى أحاديث أصحابنا ومن قال بعدم النقض منه فيه عن عائشة وأبي امامة وحديث عائشة اختلفت طرقه اختلافا كثيرا واما ألفاظه فانها وان اختلفت فانها ترجع إلى معنى واحد وانا اذكر ما تيسر لي وجوده من الصحيح وغيره الطريق الاول رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سلمة عن عائشة قالت كنت انام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح وفي لفظ فإذا أراد ان يسجد غمز رجلي فضممتها إلى ثم سجد انتهى طريق آخر أخرجه مسلم عن أبي هريرة عن عائشة قالت فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فجعلت اطلبه بيدي فوقعت يدي على قدميه وهما منصوبتان وهو ساجد
[ 128 ]
يقول أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا احصى ثناءا عليك أنت كما اثنيت على نفسك انتهى وهذان الطريقان رواه النسائي في سننه وبوب عليهما ترك الوضوء من مس الرجل امرأته بغير شهوة والخصوم يحملون هذا الحديث على ان المس وقع بحائل وهذا التأويل مع شدة بعده يدفعه بعض ألفاظه كما ستراه ان شاء الله تعالى طريق آخر روى أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسل قبل امرأة من نسائه ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ قال عروة فقلت لها من هي الا أنت فضحكت انتهى ثم أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن مغراء ثنا الاعمش ثنا أصحاب لنا عن عروة المزني عن عاشة بهذا الحديث قال أبو داود قال يحيى بن سعيد القطان لرجل احك عني أن هذين الحديثين يعني حديث الاعمش هذا وحديثه بهذا الاسناد في المستحاضة انها تتوضأ لكل صلاة انهما شبه لا شئ قال أبو داود وروى عن الثوري انه قال ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت الا عن عروة المزني يعني لم يحدثهم عن عروة بن الزبير بشئ قال أبو داود وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا انتهى والترمذي لم ينسب عروة في هذا الحديث أصلا واما بن ماجة فإنه نسبه فقال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع ثنا الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة فذكره وكذلك رواه الدارقطني ورجال هذا السند كلهم ثقات قال الترمذي وسمعت محمد بن إسماعيل يضعف هذا الحديث ويقول لم يسمع حبيب بن أبي ثابت من عروة شيئا قال الترمذي ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شئ انتهى وروى البيهقي في سننه هذا الحديث وضعفه وقال انه يرجع إلى عروة المزني وهو مجهول انتهى قلنا بل هو عروة بن الزبير كما أخرجه بن ماجة بسند صحيح واما سند أبي داود الذي قال فيه عن عروة المزني فإنه من رواية عبد الرحمن بن مغراء عن ناس مجاهيل و عبد الرحمن بن مغراء متكلم فيه قال بن المديني ليس بشئ كان يروي عن الاعمش ستمائة حديث أحاديث تركناه لم يكن بذالك قال بن عدي والذي قاله بن المديني هو كما قال فإنه روى عن الاعمش أحاديث لا يتابعه عليها الثقات واما ما حكاه أبو داود عن الثوري انه قال ما حدثنا حبيب بن أبي ثابت الا عن عروة المزني
[ 129 ]
فهذا لم يسنده أبو داود بل قال عقيبه وقد روى حمزة عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا فهذا يدل على ان أبا داود لم يرض بما قاله الثوري ويقدم هذا لانه مثبت والثوري نافي والحديث الذي أشار إليه أبو داود هو انه عليه السلام كان يقول اللهم عافني في جسدي وعافني في بصري رواه الترمذي في الدعوات وقال غريب وسمعت محمد بن إسماعيل يقول حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة شيئا انتهى وعلي تقدير صحة ما قال البيهقي انه عروة المزني فيحتمل ان حبيبا سمعه من بن الزبير وسمعه من المزني أيضا كما وقع ذلك في كثير من الاحاديث والله اعلم وقد مال أبو عمر بن عبد البر إلى تصحيح هذا الحديث فقال صححه الكوفيون وثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عمن هو أكبر من عروة واقدم موتا وقال في موضع آخر لا شك انه أدرك عروة انتهى طريق آخر أخرجه أبو داود والنسائي عن الثوري عن أبي دوق عن إبراهيم التيمي عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلى ولا يتوضأ قال أبو داود والنسائي وإبراهيم التيمي لم يسمع من عائشة قال البيهقي ورواه أبو حنيفة عن أبي دوق عن إبراهيم عن حفصة وإبراهيم لم يسمع من عائشة ولا من حفصة قال والحديث الصحيح عن عائشة انما هو في قبلة الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها ولو صح إسناده لقلنا به انتهى قلنا اما قوله إبراهيم لم يسمع من عائشة فقال الدارقطني في سننه بعد ان رواه وقد روى هذا الحديث معاوية بن هشام عن الثوري عن أبي دوق عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عائشة فوصل سنده ومعاوية هذا اخرج له مسلم في صحيحه وأبو دوق عطية بن الحرب اخرج له الحاكم في المستدرك وقال أحمد ليس به باس وقال بن معين صالح وقال أبو حاتم صدوق وقال بن عبد البر قال الكوفيون هو ثقة لم يذكره أحد بجرح ومراسيل الثقات عندهم حجة واما قوله والحديث الصحيح عن عائشة في قبلة الصائم فحمله الضعفاء من الرواة على ترك الوضوء منها فهذا تضعيف منه للرواة من غير دليل ظاهر والمعنيان مختلفان فلا يقال أحدهما بالآخر
[ 130 ]
طريق آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ ثم يقبل ويصلي ولا يتوضأ وربما فعله بي انتهى وهذا سند جيد طريق آخر أخرجه النسائي عن بن الهاد واسمه يزيد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة قالت ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي واني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد ان يوتر مسني برجله انتهى وهذا الاسناد على شرط الصحيح وابن الهاد قد اتفقوا على الاحتجاج به طريق آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا بقية بن الوليد حدثني عبد الملك بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وقال ان القبلة لا تنقض الوضوء ولا تفطر الصائم وقال يا حميراء ان في ديننا لسعة انتهى طريق آخر روى البزار في مسنده حدثنا إسماعيل بن يعقوب بن صبيح ثنا محمد بن موسى بن اعين ثنا أبي عن عبد الكريم الجزري عن عطاء عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ و عبد الكريم روى عنه مالك في الموطأ واخرج له الشيخان وغيرهما ووثقه بن معين وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم وموسى بن اعين مشهور وثقه أبو زرعة وأبو حاتم واخرج له مسلم وأبوه مشهور روى له البخاري وإسماعيل روى عنه النسائي ووثقه وأبو عوانة الاسفرائيني واخرج له بن خزيمة في صحيحه وذكره بن حبان في الثقات واخرج الدارقطني هذا الحديث من وجه آخر عن عبد الكريم وقال عبد الحق بعد ذكره لهذا الحديث من جهة البزار لا اعلم له علة توجب تركه ولا اعلم فيه مع ما تقدم
[ 131 ]
أكثر من قول بن معين حديث عبد الكريم عن عطاء حديث ردي لانه غير محفوظو انفراد الثقة بالحديث لا يضره فاما ان يكون قبل نزول الآية ويكون الملامسة الجماع كما قال بن عباس انتهى كلامه فان قيل فقد رواه الدارقطني من جهة بن مهدي عن الثوري عن عبد الكريم عن عطاء قال ليس في القبلة وضوء قلنا الذي رفعه زاد والزيادة مقبولة والحكم للرافع ويحتمل ان يكون عطاءا أفتى به مرة ومرة أخرى رفعه والله اعلم طريق آخر اخرج الدارقطني من طرق عن سعيد بن بشير حدثني منصور بن زاذان عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة قالت لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلني إذا خرج إلى الصلاة ولا يتوضأ قال الدارقطني تفرد به سعيد وليس بالقوي انتهى وسعيد هذا وثقه شعبة ودحيم كذا قال بن الجوزي واخرج له الحاكم في المستدرك وقال بن عدي لا أرى بما يروى بأسا والغالب عليه الصدق انتهى واقل أحوال مثل هذا ان يستشهد به والله اعلم طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن بن أخي الزهري عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت لا تعاد الصلاة من القبلة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ويصلي ولا يتوضأ انتهى ولم يعله الدارقطني بشئ سوى ان منصورا خالفه وذكر البيهقي في الخلافيات ان أكثر رواته إلى بن أخي الزهري مجهولون وينظر فيه طريق آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بكر النيسابوري عن حاجب بن سليمان عن وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ ثم ضحكت والنيسابوري امام مشهور وحاجب لا يعرف فيه مطعن وقد حدث عنه النسائي ووثقه وقال في موضع آخر باس به وباقي الاسناد لا يسأل عنه الا ان الدارقطني قال عقيبه تفرد به حاجب عن وكيع ووهم فيه والصواب عن وكيع بهذا الاسناد انه عليه السلام كان يقبل وهو
[ 132 ]
صائم وحاجب لم يكن له كتاب وانما كان يحدث من حفظه ولقائل ان يقول هو تفرد ثقة وتحديثه من حفظه ان كان أوجب كثرة خطأه بحيث يجب ترك حديثه فلا يكون ثقة ولكن النسائي وثقه وان لم يوجب خروجه عن الثقة فلعله لم يهم وكان لنسبته إلى الوهم بسبب مخالفة الاكثرين له طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن علي بن عبد العزيز الوراق عن عاصم بن علي عن أبي أويس حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة انه بلغها قول بن عمر في القبلة الوضوء فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم ثم لا يتوضأ قال الدارقطني لا اعلم حدث به عن عاصم هكذا غير علي بن عبد العزيز انتهى كلامه وعلي هذا مصنف مشهور مخرج عنه في المستدرك وعاصم اخرج له البخاري وأبو أويس استشهد به مسلم واما حديث أبي امامة فرواه بن عدي في الكامل من حديث ركن بن عبد الله الشامي عن مكحول عن أبي امامة الباهلي قال قلت يا رسول الله الرجل يتوضأ ثم يقبل أهله ويلاعبها اينقض ذلك وضوءه قال لا انتهى وأسند تضعيف ركن هذا عن بن معين ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء واعله بركن وقال انه روى عن مكحول ستمائة حديث ما لكثير منها أصل لا يجوز الاحتجاج به بحال انتهى واما حديث أبي هريرة فرواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا علي بن سعيد الرازي ثنا سعد بن يحيى بن سعيد الاموي حدثني أبي ثنا يزيد بن سنان عن عبد الرحمن بن عمرو الاوزاعي عن يحيى بن كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ثم يخرج إلى الصلاة ولا يحدث وضوءا انتهى واما حديث بن عمر فرواه بن حبان في كتاب الضعفاء عن غالب بن عبد الله العقيلي الجزري عن نافع عن بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ولا يعيد
[ 133 ]
الوضوء انتهى واعله بغالب هذا وقال انه كان يروي المعضلات عن الثقات لا يجوز الاحتجاج بخبره فصل في الغسل الحديث الثالث والعشرون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عشر من الفطرة وذكر منها المضمضمة والاستنشاق قلت رواه الجماعة الا البخاري فمسلم وأبو داود وابن ماجة في الطهارة والترمذي في الاستيذان وقال حديث حسن والنسائي في الزينة كلهم عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر من الفطرة قص الشارب واعفاء اللحية والسواك والاستنشاق بالماء وقص الاظفار وغسل البراجم ونتف الابط وحلق العانة وانتقاص الماء قال مصعب ونسيت العاشرة الا ان بكون المضمضة انتهى وهذا الحديث وان كان مسلم أخرجه في صحيحه ففيه علتان ذكرهما الشيخ تقي الدين في الامام وعزاهما لابن مندة إحداهما الكلام في مصعب بن شيبة قال النسائي في سننه منكر الحديث وقال أبو حاتم ليس بقوي ولا يحمدونه الثانية ان سليمان التيمي رواه عن طلق بن حبيب عن بن الزبير مرسلا هكذا رواه النسائي في سننه ورواه أيضا عن أبي بشر عن طلق بن حبيب عن بن الزبير مرسلا قال النسائي وحديث التيمي وأبي بشر أولى وأبو مصعب منكر الحديث انتهى ولاجل هاتين العلتين لم يخرجه البخاري ولم يلتفت مسلم إليهما لان مصعبا عنده ثقة والثقة إذا وصل حديثا يقدم وصله على الارسال حديث آخر رواه أبو داود وابن ماجة من حديث علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من الفطرة المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الاظفار ونتف الابط
[ 134 ]
والاستحداد وغسل البراجم والانتضاح بالماء والاختتان انتهى ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والبيهقي في سننه وسكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده وفي رواية لابي داود عن علي بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار عن أبيه فيكون مرسلا لان أباه ليست له صحبة واما جده عمار فقال البخاري لا يعرف لسلمة من عمار سماع وهذا على شرطه وغيره يكتفي بالمعاصرة والبيهقي هنا سكت عن علي بن زيد وقد ضعفه في باب الوضوء من النبيذ قال بن القطان في كتاب الوهم والايهام في كلام علي هذا الحديث وعلي بن زيد وثقه قوم وضعفه آخرون وجملة امره انه كان يرفع الكثير مما يقفه غيره واختلط اخيرا ولا يتهم بكذب انتهى حديث آخر استدل به بن الجوزي في التحقيق للشافعي وهو حديث أم سلمة قالت يا رسول الله اني امرأة أشد ضفر رأسي فقال انما يكفيك ان تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهري وفي لفظ فإذا أنت قد طهرت وهدليل جيد حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن القاسم بن عصر عن إسماعيل بن مسلم عن عطاء عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمضة والاستنشاق سنة انتهى قال الدارقطني والقاسم وإسماعيل بن مسلم ضعيفان انتهى أحاديث القائلين بوجوبهما في الطهارتين واستدل بن الجوزي لمذهب أحمد بأحاديث منها ما أخرجه الدارقطني عن عصام بن يوسف ثنا عبد الله بن المبارك عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري عن عروة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه انتهى قال الدارقطني تفرد به عصام ووهم فيه والصواب عن بن جريج عن سليمان بن موسى مرسلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أخرجه كذلك قال وهذا أصح هكذا رواه السفيان وغيرهم
[ 135 ]
ورواه البيهقي كذلك ونقل كلام الدارقطني حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن هدبة بن خالدعن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق انتهى قال الدارقطني لم يسنده عن حماد غير هدبة وغيره يرسله وقال البيهقي رواه هدبة مرة أخرى فأرسله لم يقل فيه عن أبي هريرة وأظن هدبة أرسله مرة ووصله أخرى وتابعه داود بن المحبر عن حماد فوصله وخالفهما إبراهيم بن سليمان الخلال شيخ ليعقوب بن سفيان فقال عن حماد عن عمار عن بن عباس بدل أبي هريرة حديث آخر أخرجه الدارقطني عن جابر الجعفي عن عطاء عن بن عباس عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الا بهما قال الدارقطني وجابر الجعفي ضعيف وقد اختلف عنه فأرسله بعضهم عنه عن عطاء عن النبي وهو اشبه بالصواب قال في التنقيح وجابر الجعفي ضعفه الجمهور وسكت بن الجوزي عنه هنا فإنه يحتج به في موضع يكون الحجة له بالحديث ويضعفه في موضع يكون الحديث حجة عليه الحديث الرابع والعشرون قال عليه السلام في المضمضة والاستنشاق انهما فرضان في الجنابة سنتان في الوضوء قلت غريب وروى الدارقطني ثم
[ 136 ]
البيهقي في سننهما من حديث بركة بن محمد الحلبي عن يوسف بن أسباط عن سفيان عن خالد الحذاء عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة انتهى قال الحاكم في المدخل بركة بن محمد الحلبي يروي عن يوسف بن أسباط أحاديث موضوعة وقال الدارقطني حديث بركة هذا باطل لم يحدث به غيره وهو يضع الحديث وقال البيهقي في المعرفة هذا الحديث وهم وانما يروي هذا عن محمد بن سيرين قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستنشا في الجنابة ثلاثا هكذا رواه الثقات عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن بن سيرين مرسلا فأسنده بركة الحلبي عن أبي هريرة وغير لفظه ثم اسنده من جهة الدارقطني بسند صحيح إلى بن سيرين قال سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستنشاق في الجنابة ثلاثا قال وهكذا رواه عبيد الله بن موسى وغيره عن سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن بن سيرين وهو الصواب انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال لم يروه موصولا غير بركة الحلبي وكان يحدث وسائر ما يرويه من الاحاديث باطل لا يرويها غيره وقال لي عبدان الاهوازي حدثني حديثا فحدثته بهذا الحديث فقال لي هات حديث المسلمين انا قرأيت بركة هذا بحلب ولم اكتب عنه لانه كان يكذب انتهى وذكره بن الجوزي في الموضوعات واتهم بركة وقال لعله وضعه انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وقد روى هذا الحديث موصولا من غير حديث بركة قال أخرجه الامام أبو بكر الخطيب من جهة الدارقطني ثنا علي بن محمد بن يحيى بن مهران السواق ثنا سليمان بن الربيع النهدي ثنا همام بن مسلم ثنا سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المضمضة والاستنشاق ثلاثا للجنب فريضة قال الدارقطني هكذا حدثنيه هذا الشيخ من أصله وهو غريب تفرد به سليمان بن الربيع عن همام انتهى قلت وبهذا الاسناد أيضا ذكره بن الجوزي في الموضوعات واتهم هماما بوضعه واغلظ فيه القول عن الدارقطني وابن حبان ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء في ترجمة همام فقال حدثنا حمزة بن داود نا سليمان بن الربيع به واعله بهمام وقال انه كان يسرق الحديث ويحدث به فلما كثر ذلك في روايته بطل الاحتجاج به وهذا لاأصل لرفعه وانما هو مرسل انتهى قال الشسخ تقي الدين في الامام وربما استدل
[ 137 ]
لهذا بحديث أبي هريرة فبلوا الشعر وانقوا البشر رواه الترمذي وبحديث عطاء بن السائب عن زاذان عن علي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ترك شعرة من جسده لم يغلها فعل به كذا وكذا من النار قال علي فمن ثم عاديت شعري وكان يجزه انتهى رواه بن ماجة وبحديث أبي ذر فإذا وجدت الماء فامسه جلدك أو قال بشرتك رواه أصحاب السنن الا بن ماجة انتهى كلامه قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي وقد اعتمد بعض الناس في ذلك على اثر ورد عن بن عباس ثم اخرج البيهقي من طريق الدارقطني بسنده عن أبي حنيفة عن عثمان بن راشد عن عائشة بنت عجرد عن بن عباس فيمن نسي المضمضة والاستنشاق قال لا يعيد الا ان يكون جنبا قال وزعم ان هذا اثر ثابت يترك به القياس وهو يعيب علينا الاخذ بحديث بسرة في مس الذكر وعثمان بن راشد وعائشة بنت عجرد غير معروفين ببلدهما فكيف يجوز لاحد ان يثبت ضعيفا مجهولا ويوهن قويا معروفا انتهى الحديث الخامس والعشرون حديث ميمونة في اغتسال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجنابة قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم مطولا ومختصرا عن عبد الله بن عباس قال حدثتني خالتي ميمونة قالت أدنيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسله من الجنابة فغسل كفيه مرتين أو ثلاثا ثم ادخل يده في الاناء ثم افرغ على فرجه وغسله بشماله ثم ضرب بشماله الارض فدلكها دلكا شديدا ثم توضأ وضوءه للصلاة ثم افرغ على رأسه ثلاث حفنات ملا كفه ثم غسل سائر جسده ثم تنحي عن مقامه ذلك فغسل رجليه ثم اتيته بالمنديل فرده انتهى قال في الامام غسله بكسر الغين ما يغسل به
[ 138 ]
الحديث السادس والعشرون حديث أم سلمة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم يكفيك إذا بلغ الماء أصول شعرك قلت رواه الجماعة الا البخاري من حديث عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت قلت يا رسول الله اني امرأة أشد ضفر رأسي فانقضه لغسل الجنابة فقال لا انما يكفيك ان تحثي على رأسك ثلاث حثيات ثم تفيضي عليك الماء فتطهرين وفي رواية لمسلم اما أنقضه للجنابة والحيض فقال لا الحديث حديث آخر أخرجه مسلم عن عبيد بن عمير قال بلغ عائشة ان عبد الله بن عمرو بن العاص كان يأمر النساء إذا اغتسلن ان ينقضن رؤوسهن فقالت يا عجبا لابن عمرو هذا يأمر النساء إذا اغتسلن ان ينقضن رؤوسهن أفلا يامرهن ان يحلقن رؤوسهن لقد كنت اغتسل انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من اناء واحد وما ازيد على ان افرغ على رأسي ثلاث افراغات انتهى حديث آخر رواه أبو داود في سننه حدثنا محمد بن إسماعيل بن عياش عن أبيه قال حدثني ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد قال افتاني جبير بن نفير ان ثوبان حدثهم انهم استفتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال اما الرجل فلينتشر رأسه فليغسله حتى يبلغ أصول الشعر واما المرأة فلا عليها ان لا تنقضه لتغرف على راسها ثلاث غرفات يكفيها انتهى وإسماعيل بن عياش وابنه فيهما مقال قال الشيخ تقي الدين في الامام وقد ورد ما يدل على ان المرأة تنقض شعرها في الحيض روى البخاري في صحيحه من حديث بن شهاب عن عروة عن عائشة قالت اهللت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فكنت ممن تمتع ولم يسق الهدى فزعمت انها حاضت ولم تطهر حتى دخلت ليله عرفة فقالت يا رسول الله هذه ليلة
[ 139 ]
يوم عرفة انما كنت تمتعت بعمرة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم انقضي رأسك وامتشطي وأمسكي عن عمرتك ففعلت فلما قضيت الحج أمر عبد الرحمن ليلة الحصبة فاعمرني من التنعيم مكان عمرتي التي نسكت انتهى قال وروى الدارقطني في الافراد ثم الخطيب من جهته في تلخيص المتشابه من حديث مسلم بن صبيح ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسلت المرة من حيضتها نقضت شعرها نقضا وغسلته بخطمى واشنان فإذا اغتسلت من الجنابة صبت على راسها الماء وعصرته انتهى الحديث السابع والعشرون قال النبي صلى الله عليه وسلم الماء من الماء قلت رواه مسلم وأبو داود من حديث أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء من الماء انتهى ولفظ مسلم انما الماء من الماء وأخرجه مسلم في قصة من حديث عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسليوم الاثنين إلى قبا حتى إذا كنا في بني سالم وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب عتبان فصرخ به فخرج يجر إزاره فقال عليه السلام اعجلنا الرجل عقال عتبان يا رسول الله ارايت الرجل يعجل عن امرأته انه ولم يمن ماذا عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما الماء من الماء انتهى وهذا السياق يدفع رواية من روى عن بن عباس ان قوله عليه السلام الماء من الماء انما كان في الاحتلام رواهما الترمذي في كتابه فقال حدثنا علي بن حجر نا شريك عن أبي الجحاف عن عكرمة عن بن عباس قال انما الماء من الماء في الاحتلام انتهى وأسند عن وكيع قال لم نجد هذا الحديث الا عند شريك
[ 140 ]
واسم أبي الجحاف داود بن أبي عوف قال الثوري كان مرجئا انتهى ورواه الطبراني في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ثنا محمد بن الصباح ثنا شريك عن أبي الجحاف عن عكرمة عن بن عباس قال انما قال النبي صلى الله عليه وسلم الماء من الماء في الاحتلام انتهى الله عز وجلالكلام على نسخ هذا الحديث اعلم ان حديث الماء من الماء حديث منسوخ لان مفهومه عدم الغسل من الاكسال بل ورد في الصحيحين صريحا من حديث أبي بن كعب ومن حديث أبي سعيد اما حديث أبي بن كعب فرواه البخاري ومسلم من رواية أبي أيوب عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يصيب من المرأة ثم يكسل فقال يغسل ما اصابه من المرأة ثم يتوضأ ويصلي انتهى واما حديث أبي سعيد فرواه الخاري ومسلم أيضا من رواية ذكوان عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل من الانصار فأرسل إليه فخرج وراسه يقطر ماءا فقال لعلنا اعجلناك فقال نعم يا رسول الله فقال إذا عجلت أو اقحطت فلاغسل عليك وعليك الوضوء انتهى وهذه الاحاديث كلها منسوخة وللناس في الاستدلال على نسخها طريقان أحدهما بالاحاديث والثاني رجوع من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الاول اما الاحاديث فمنها ما ذكر فيها النسخ ومنها ما لم يذكر فيها فالتي لم يذكر فيها النسخ بل فيه الغسل فقط حديثان أحدهما من رواية أبي هريرة والآخر من رواية أبي موسى فحديث أبي هريرة رواه البخاري ومسلم من حديث أبي رافع عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس الرجل بين شعبها الاربع ثم جهدها فقد وجب الغسل زاد مسلم في رواية وان لم ينزل انتهى واخرج مسلم قبل ذكره حديث أبي هريرة بهذا عن أبي العلاء بن الشخير رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضه بعضا كما ينسخ القرآن بعضه بعضا انتهى وحديث أبي موسى رواه مسلم من حديث أبي بردة عنه قال اختلف في ذلك رهط من المهاجرين والانصار فقال الانصاريون لا يجب الغسل الا من الدفق أو من الماء وقال المهاجرون بل إذا خالط فقد وجب الغسل فقال الو موسى انا اشفيكم من ذلك فقمت واستاذنت على عائشة فأذن لي فقلت لها يا اماه اني ان اسالك
[ 141 ]
عن شئ واني استحييك فقالت لا تستح ان تسألني عما كنت سائلا عنه أمك التي ولدتك فانما انا أمك قلت فما يوجب الغسل قالت على الخبير سقطت قال رسول الله صلى الله عليوسلم إذا جلس بين شعبها الاربع ومس الختان الختان فقد وجب الغسل انتهى وأما الاحاديث التي صرح فيها بالنسخ فهي ثلاثة أحدها ما أخرجه أبو داود والترمذي وابماجة عن يونس عن الزهري عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال انما كان الماء من الماء رخصه في أول الاسلام ثم نهى عنها انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وأعل هذا الحديث بأن فيه انقطاعا بين الزهري وسهل يدل عليه رواية بن ماجة قال قال سهل بن سعد الساعدي فلم يذكر الاخبار وعند أبي داود وقال بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن بن شهاب قال حدثني بعض من ارضى ان سهل بن سعد الساعدي أخبره ان أبي بن كعب أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره وهذا يقتضى ان الزهري لم يسمعه من سهل وقد جزم بذلك البيهقي فقال وهذا الحديث لم يسمعه الزهري من سهل انما سمعه من بعض اصحابه عن سهل قال بن خزيمة وهذا الرجل الذي لم يسمعه عمرو بن الحارث يشبه ان يكون أبا حازم بن سلمة بن دينار لان مبشر بن إسماعيل روى هذا الخبر عن أبي غسان محمد بن مطرف عن أبي حازم عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال الشيخ قلت قد رواه بهذا السند أبو داود في سننه وابن حبان في صحيحه عن أبي جعفر الجمال عن مبشر بن إسماعيل بالسند المذكور ولفظه عن أبي بن كعب ان الفتيا التي كانوا يفتون ان الماء من الماء كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الاسلام ثم أمر بالاغتسال بعد انتهى وأخرجه البيهقي في سننه من طريق أبي داود وقال قبل إخراجه وقد رويناه بإسناد آخر صحيح موصول عن سهل بن سعد ثم ذكره وقال بن حاتم سألت أبي عن أحاديث الماء من الماء فقال كلها منسوخة بحديث سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال الشيخ وقد وقع لي رواية عن محمد بن جعفر من جهة أبي موسى عنه عن معمر عن الزهري وفيها قال أخبرني سهل بن سعد فعليك بالبحث عنها فانها مخالفة لما ذكره عمرو بن الحارث والله
[ 142 ]
اعلم انتهى الحديث الثاني أخرجه بن حبان في صحيحه عن الحسين بن عمران عن الزهري قال سألت عروة الذي يجامع وينزل قال على الناس ان يأخذوا بالآخر فالآخر من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثتني عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ولا يغتسل وذلك قبل فتح مكة ثم اغتسل بعد ذلك وامر الناس بالغسل انتهى وأخرجه الحازمي في كتابه من جهة بن حبان وقال هذا حديث قد حكم بن حبان بصحته غير ان الحسين بن عمران كثيرا ما يأتي عن الزهري بالمناكير وقد ضعفه غير واحد من أهل الحديث وعلى الجملة فالحديث بهذا السياق فيه ما فيه ولكنه حسن جيد في الاستشهاد قال الشيخ الذي وجدته في كتاب الضعفاء للعقيلي انه روى هذا الحديث ثم اعله بالحسين بن عمران وقال لا يتابع على حديثه ولا يعلم هذا اللفظ عن عائشة الا في هذا الحديث انتهى وذكر العقيلي عن آدم بن موسى قال سمعت البخاري يقول حسين بن عمران الجهني لا يتابع على حديثه وكذلك ذكر أبو العرب القروى عن أبي بشر قال ولم اقف على أكثر من هذا في حسين بن عمران وهو اخف من قول الحازمي وقد ضعفه غير واحد بل لو قيل ليس فيه جزم بالتضعيف لم يبعد ذلك انتهى الحديث الثالث رواه أحمد في مسنده حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا رشدين بن سعد عن موسى بن أيوب الغافقي عن بع‍ ض ولد رافع بن خديج عن رافع بن خديج قال ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا على بطن امراتي فقمت ولم انزل فاغتسلت وخرجت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا عليك انما الماء من الماء قال رافع ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالغسل انتهى وذكره الحازمي في كتابه وقال هذا حديث حسن انتهى وهذا فيه نظر فان فيه رشدين بن سعد أكثر الناس على ضعفه
[ 143 ]
وبعض ولد رافع مجهول العين والحال وحديث يشتمل سنده على ضعيف ومجهول كيف يكون حسنا قال الشيخ تقي الدين وقد وقع لي تسمية ولد رافع في أصل سماع الحافظ السلفي وساق الشيخ سنده إلى رشدين بن سعد عن موسى بن أيوب عن سهل بن رافع بن خديح عن رفيع بن خديج فذكره الطريق الثاني في الاستبدال على النسخ وهو أن بعض من روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحكم الاول أفتى بوجوب الغسل أو رجع عن الاول فروى مالك عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أن محمود بن لبيد الانصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد يغتسل فقال له محمود إن أبى بن كعب كان لا يرى الغسل فقال له زيد إن أبى بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت قال الشافعي لا أحسبه تركه إلا أنه ثبت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعده ما نسخه وقال البيهقي قول أبى بن كعب الماء من الماء ثم نزوعه عنه بعد ذلك يدل على أنه ثبت عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعده ما نسخه وكذلك عثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وغيرهما وروى مالك أيضا عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يقولون إذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل والله أعلم انتهى الحديث الثامن والعشرون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا التقي الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أولم ينزل قلت رواه الامام أبو محمد عبد الله بن وهب في مسنده أخبرنا الحرث بن نبهان عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ما يوجب الغسل فقال إذا
[ 144 ]
التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل أنتهي وذكره عبد الحق في أحكامه من جهة بن وهب وكذلك الشيخ تقى الدين في الامام قال عبد الحق وإسناده ضعيف جدا انتهى وكأنه يشير إلى الحرث بن نبهان وأورده بهذا اللفظ كما أورده المصنف صاحب المدونة من المالكية في كتابه وقد تقدم معنى الحديث في الصحيحين عن أبى هريرة مرفوعا إذا قعد بين شعبها الاربع وجهدها فقد وجب الغسل زاد مسلم في رواية وإن لم ينزل ولمسلم عن عائشة مرفوعا نحوه وفيه ومس الختان الختان ورآه الطبراني في معجمه الوسط أخبرنا عبد الله بن محمد الصفار التستري ثنا يحيى بن غيلان ثنا عبد الله بن بزيع عن أبى حنيفة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن سائلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أيوجب الماء إلا الماء فقال إذا التقى الختانان وغيبت الحشفة فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل انتهى لحديث التاسع والعشرون روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سلم انه سن الغسل للجمعة والعيدين وعرفة والاحرام قلت أما الجمعة ففي الصحيحين من حديث عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل انتهى وروى بن عدى في الكامل من حديث حفص بن عمر الايلي ثنا عبد الله بن المثنى عن عميه النضر وموسى بن أنس بن مالك عن أبيهما أنس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاصحابه اغتسلوا يوم الجمعة ولو كاسا بدينار انتهى وضعف حفصا هذا وذكره عبد الحق في احكامه من جهة بن عدي ولفظه فيه ولو كانت بدينار وهو تصحيف نبه عليه بن القطان في كتابه واما العيدان ففيهما أحاديث منها حديث الفاكه بن سعد رواه بن ماجة في سننه حدثنا نصر بن علي ثنا يوسف بن خالد ثنا أبو جعفر الخطمي عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه عن جده الفاكه بن سعد وكانت له صحبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة وكان الفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل
[ 145 ]
في هذه الايام انتهى ورواه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده وزاد فيه ويوم الجمعة قال ولا يعرف للفاكه بن سعد غير هذا الحديث وهو صحابي مشهور والحديث في مسند أحمد بلفظ البزار لكنه ليس من رواية أحمد وانما رواه عبد الله بن أحمد عن نصر بن علي به وعلة الحديث يوسف بن خالد السمتي قال في الامام تكلموا فأفظعوا فيه حديث آخر رواه بن ماجة أيضا أخبرنا جبارة بن المغلس عن حجاج بن تميم عن ميمون بن مهران عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل يوم الفطر ويوم الاضحى انتهى قال بن القطان في كتابه هذا حديث معلول بجبارة بن المغلس فإنه ضعيف وان كان بن عدي قد مشاه وقال لا باس به ولا يتابع على بعض حديثه وحجاج أيضا قال فيه بن عدي أحاديث حجاج عن ميمون غير مستقيمة حديث آخر أخرجه البزار في مسنده عن مندل عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل للعيدين انتهى وذكره عبد الحق في احكامه من جهة البزار وقال إسناده ضعيف قال بن القطان في كتابه وعلته محمد بن عبيد الله قال بن معين ليس بشئ وقال أبو حاتم ضعيف الحديث واهيه وقال البخاري منكر الحديث ومندل بن علي أشبه حالا منه مع أنه ضعي انتهى وأما عرفة فقد تقدم فيها حديث الفاكه بن سعد واما الاحرام ففيه حديثان أحدهما أخرجه مسلم في الحج عن عائشة قالت نفست أسماء بنت عميس بمحمد بن أبي بكر بالشجرة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ان يأمرها ان تغتسل وتهل انتهى الثاني أخرجه الترمذي أيضا في الحج عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه زيد بن ثابت انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لاهلاله واغتسل انتهى وقال حديث حسن غريب انتهى وسيأتي الكلام عليه مستوفي في كتاب الحج ان
[ 146 ]
شاء الله تعالى الحديث الثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم من اتى الجمعة فليغتسل قلت رواه البخاري ومسلم من حديث بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاء منكم الجمعة فليغتسل انتهى وفي لفظ لهما إذا جاء أحدكم الجمعة فليغتسل انتهى ورواه الترمذي وابن ماجة بلفظ من اتى الجمعة فليغتسل زاد البيهقي ومن لم ياتها ليس عليه غسل قال النووي في الخلاصة وسندها صحيح حديث آخر دال على الوجوب رواه البخاري ومسلم من حديث الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غسل الجمعة واجب على كل محتلم انتهى حديث آخر روى البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق لله على كل مسلم ان يغتسل في كل سبعة أيام زاد البزار والطحاوي وذلك يوم الجمعة وأخرجه النسائي عن جابر بلفظ البزار والطحاوي قال النووي في الخلاصة إسناده على شرط مسلم حديث آخر روى البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي هريرة ان عمر بينما هو يخطب يوم الجمعة إذ دخل رجل ولفظ مسلم إذ دخل عثمان بن عفان فعرض به عمر فقال ما بال رجال يتاخرون بعد النداء فقال عثمان يا أمير المؤمنين ما هو الا ان سمعت النداء فتوضأت ثم أقبلت فقال عمروالوضوء أيضا الم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل انتهى حديث آخر روى بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بالغسل يوم الجمعة انتهى رواه بن خزيمة في صحيحه والطحاوي وللناس
[ 147 ]
عن هذه الاحاديث جوابان أحدهما ان يحمل الامر فيها على الاستحباب لان الامر بالغسل ورد على سبب والسبب قد زال فيزول الحكم بزوال علته كما رواه البخاري ومسلم من حديث يحيى بن سعيد انه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة فقالت قالت عائشة كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم واخرج مسلم عن عروة عنهما قالت كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فيخرج منهم الريح فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم انسان منهم وهو عندي فقال عليه السلام لو انكم تطهرتم ليومكم هذا واخرج أبو داود عن عكرمة ان اناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا يا بن عباس اترى الغسل يوم الجمعة واجبا قال لا ولكنه اطهر وخير لمن اغتسل ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب وساخبركم كيف بدأ الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف انما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعرق النا س في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضا فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه قال بن عباس ثم جاء الله تعالى بالخير ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان كان يؤذى بعضهم بعضا من العرق انتهى ويؤيد ذلك ان عمر رضي الله عنه لم ينكر على عثمان حين جاء إلى الجمعة من غير ان يغتسل فإنه قال ما زدت على ان توضأت فكان ذلك بمحضر من الصحابة وانما انكر عليه تأخره واما قوله غسل الجمعة واجب فقال الخطابي معناه قوي في الاستحباب كما تقول حقك على واجب قال ويدل عليه انه قرنه بما لا يجب اتفاقا كما رواه مسلم في حديث الخدري انه عليه السلام قال غسل الجمعة على كل محتلم والسواك وان يمس من الطيب ما يقدر عليه انتهى يحمل مؤخر ما رواه مالك يعني حديث من اتى الجمعة فليغتسل على الاستحباب وعلى النسخ انتهى ومما يدل على ان هذا الحديث ناسخ لاحاديث
[ 148 ]
الوجوب ما رواه بن عدي في الكامل من حديث الفضل بن المختار عن أبان بن أبي عياش عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاء منكم الجمعة فليغتسل فلما كان الشتاء قلنا يا رسول الله امرتنا بالغسل للجمعة وقد جاء الشتاء ونحن نجد البرد فقال من اغتسل فبها ونعمت ومن لم يغتسل فلا حرج انتهى الا ان هذا سند ضعيف يسد بغيره الجواب الثاني إن هذه الاحاديث منسوخة بحديث من توضأ فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل قال بن الجوزي في التحقيق وفي هذا بعد إذ لا تاريخ معهم وأيضا فأحاديث الوجوب أصح واقوى والضعيف لا ينسخ القوي انتهى والى هذين الجوابين أشار صاحب الكتاب بقوله وبهذا يعني حديث من توضأ فبها ونعمت الحديث الحادي والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل قلت روى من حديث سمرة بن جندب ومن حديث أنس ومن حديث الخدري ومن حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث عبد الرحمن بن سمرة ومن حديث بن عباس اما حديث سمرة فأخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن قتادة عن الحسن عن سمرة فأبو داود في الطهارة عن همام عن قتادة به والترمذي والنسائي في الصلاة عن شعبة عن قتادة به قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت ومن اغتسل فهو أفضل انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وقد روى عن الحسن عن النبي مرسلا انتهى ورواه أحمد في مسنده
[ 149 ]
والبيهقي في سننه وابن أبي شيبة في مصنفه وفي سماع الحسن من سمرة ثلاثة مذاهب أحدها انه سمع منه مطلقا وهو قول بن المديني ذكره عنه البخاري في أول تاريخه الوسط فقال حدثنا الحميدي ثنا سفيان عن إسرائيل قال سمعت الحسن يقول ولد ت لسنتين بقيتا من خلافة عمر قال علي سماع الحسن من سمرة صحيح انتهى ونقله الترمذي في كتابه فقال في باب الصلاة الوسطى قال محمد بن إسماعيل يعني البخاري قال على يعني بن المديني سماع الحسن من سمرة صحيح انتهى ولم ولم يحسن شيخنا علاء الدين فقال مقلدا لغيره قال الترمذي سماع الحسن من سمرة عندي صحييح والترمذي لم يقل ذلك فانما نقله عن البخاري عن بن المديني كما ذكرناه ولكن الظاهر من الترمذي انه يختار هذا القول فإنه صحح في كتابه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة واختار الحاكم هذا القول فقال في كتابه المستدرك بعد ان اخرج حديث الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءته ولا يتوهم ان الحسن لم يسمع من سمرة فإنه سمع منه انتهى واخرج في كتابه عدة أحاديث من رواية الحسن عن سمرة وقال في بعضها على شرط البخاري وقال في كتاب البيوع بعد ان روى حديث الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الشاة باللحم وقد احتج البخاري بالحسن عن سمرة انتهى القول الثاني انه لم يسمع منه شيئا واختاره بن حبان في صحيحه فقال في النوع الرابع من القسم الخامس بعد ان روى حديث الحسن عن سمرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان والحسن لم يسمع من سمرة شيئا انتهى وقال صاحب التنقيح قال بن معين الحسن لم يلق سمرة وقال شعبة الحسن لم يسمع من سمرة وقال البرديجي أحاديث الحسن عن سمرة كتاب ولا يثبت عنه حديث قال فيه سمعت سمرة انتهى كلامه القول الثالث انه سمع منه حديث العقيقة فقط قاله النسائي واليه مال الدارقطني في سننه فقال في حديث السكتتين والحسن اختلف في سماعه من سمرة ولم يسمع منه الا حديث العقيقة فيما قاله قريش بن أنس انتهى واختاره عبد الحق في احكامه فقال عند ذكره هذا الحديث والحسن لم يسمع من سمرة
[ 150 ]
الا حديث العقيقة واختاره البزار في مسنده فقال في آخر ترجمة سعيد بن المسيب عن أي هريرة والحسن سمع من سمرة حديث العقيقة ثم رغب عن السماع عنه ولما رجع إلى ولده اخرجوا له صحيفة سمعوها من أبيهم فكان يرويها عنه من غير ان يخبر بسماع لانه لم يسمعها منه انتهى روى البخاري في تاريخه عن عبد الله بن أبي الاسود عن قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال قال محمد بن سيرين سئل الحسن ممن سمع حديثه في العقيقة فسألته فقال سمعته من سمرة وعن البخاري رواه الترمذي في جامعه بسنده ومتنه ورواه النسائي عن هارون بن عبد الله عن قريس وقال عبد الغني تفرد به قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد وقد رده آخرون وقالوا لا يصح له سماع منه انتهى ذكر كلام البزار في سماع الحسن من الصحابة قال البزار في مسنده في أخر ترجمة سعيد بن المسي بعن أبي هريرة سمع الحسن البصري من جماعة من الصحابة وروى عن جماعة آخرين لم يدركهم وكان صادقا متأولا في ذلك فيقول حدثنا وخطبنا ويعني قومه الذين حدثوا وخطبوا بالبصرة فاما الذين سمع منهم فهو أنس بن مالك ومعقل بن يسار و عبد الله بن مغفل وعائذ بن عمرو وأبو برزة و عبد الرحمن بن سمرة وعمران بن حصين وأبو بكرة وسمع من سوار بن عمرو وعمرو بن تغلب وسعد مولى أبي بكرة وروى عن عثمان بن أبي العاص وسمع منه وروى عن محمد بن مسلمة ولا ابعد سماعه منه واما قوله خطبنا بن عباس بالبصرة فقد انكر عليه لان بن عباس كان بالبصر أيام الجمل وقدم الحسن أيام صفين فلم يدركه بالبصرة وتأول قوله خطبنا أي خطب أهل البصرة وكذلك قال حدثنا الاسود بن سريع والاسود قدم يوم الجمل فلم يره ولكن معناه حدث أهل البصرة وقال علي بن زيد عن الحسن ان سراقة بن مالك حدثهم وانما حدث من حدثه ولذلك لم يقل ثنى وروى عن أبي موسى الاشعري وأبو موسى انما كان بالبصرة أيام عمر فلا أحسبه سمع منه وقد رأى جماعة جلة منهم عثمان بن عفان وقد حدث عن اسيد بن المشمس عن أبي موسى وعن قيس بن عباد وحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص ولا أعلمه سمع من واحد منهما وحدث عن جندب بن عبد الله البجلي بأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بأحاديث رواها عن جندب عن حذيفة وحدث عن النعمان بن بشير ولا أحسبه سمع منه لان النعمان لا نعلمه دخل البصرة وانما كان بالكوفة وقد رايته يحدث عن رجل عنه وحدث عن عقبة
[ 151 ]
بن عامر بشك فقال عن سمرة أو عقبة وقال يونس عن الحسن عن عقبة من غير شك ولا أحسبه سمع منه وحدث عن عبادة بن الصامت ولم يسمع منه وبينهما خطاب بن عبد الله وحدث عن سلمة بن المحبق ولم يسمع منه وبينهما حول بن قتادة وقبيصة وحدث عن صعصعة بن معاوية وحدث عن عتبة بن غزوان ولم يسمع منه لانه انما دخل البصرة أيام عمر بعثه أميرا عليها ثم انصر ف عنها ومات ولم يسمع منه وعتبة روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا واحدا وروى عن علي بن أبي طالب غير حديث ولم يسمع منه وبينهما قيس بن عباد وابن الكواءروى عن انس مراسيل ولا يثبت له منها الا ماكان فيه بينهما رجل كابي سفيان ويزيد الرقاشي وغيرهما وروى عن أبي هريرة أحاديث ولم يسمع منه وروى عن ثوبان حديثا واحدا ولم يسمع منه وروى عن أسامة بن زيد حديثين ولم يسمعهما منه وروى عن جابر بن عبد الله أحاديث ولم يسمع منه وروى عن العباس بن عبد المطلب ولم يسمع منه وبينهما الاحنف بن قيس ولم يثبت له سماع من أحد من أهل بدر ولا حديثا واحدا وذكر الحسن انه رأى طلحة والزبير في بعض بساتين المدينة انتهى كلام البزار ملخصا محررا وروى الترمذي في كتابه في أبواب صفة جهنم حديثا عن الحسن عن عتبة بن غزوان عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوى فيها سبعين عاما ما تفضى إلى قرارها ثم قال لا نعرف للحسن سماعا من عتبة بن غزوان وانما قدم عتبة البصرة زمن عمر وولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر انتهوقال في غير موضع من كتابه قال أيوب السختياني ويونس بن عبيد وعلي بن زيد الحسن لم يسمع من أبي هريرة انتهى واما حديث أنس فرواه بن ماجة في سننه من حديث إسماعيل بن مسلم المكي عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت تجزئ عنه الفريضة ومن اغتسل فالغسل أفضل انتهى وهذا سند ضعيف وله طريق آخر عند الطحاوي في شرح الآثار والبزار في مسنده عن الضحاك بن حمزة عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن مهاجر عن الحسن عن أنس وهذا السند ضعيف من الذي قبله فالضحاك بن حمزة ضعيف وان كان بن عدي قد مشاه وقال أحاديثه حسان غرائب والحجاج بن أرطاة ضعيف وإبراهيم بن مهاجر كذلك والحسن لم يسمع من أنس كما قال البزار
[ 152 ]
طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن عبد الرحمن المروزي ثنا عثمان بن يحيى الفرساني ثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس فذكره واما حديث الخدري فرواه البيهقي في سننه والبزار في مسنده عن اسيد بن زيد الجمال عن شريك عن عو ف عن أبي نضرة عن أبي سعيد فذكره قال البزار لا نعلم رواه عن عوف الا شريك ولا عن شريك الا اسيد بن زيد وأسيد كوفي قد احتمل حديثه على شيعية شديدة كانت فيه انتهى وقال بن القطان في كتابه اسيد بن زيد الجمال قال الدوري عن بن معين انه كذاب وقال الساجي له مناكير وقال بن حبان يروي عن الثقات المنكرات ومع هذا فقد اخرج البخاري له وهو ممن عيب عليهم الاخراج عنه انتهى كلامه واما حديث أبي هريرة فأخرجه البزار في مسنده عن أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن أبي هرير مرفوعا نحوه ورواه بن عدي في الكامل وأعله بأبي بكر الهذلي واسمه سلمى بن عبد الله واما حديث جابر فرواه عبد بن حميد في مسنده حدثنا عمر بن سعد عن الثوري عن أبان عن أبي نضرة عن جابر مرفوعا نحوه ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن رجل عن أبي نضرة به وأخرجه بن عدي في الكامل عن عبيد بن إسحاق عن قيس بن الربيع عن الاعمش عن أبي سفيان عن جابر وضعف عبيد بن إسحاق واما حديث عبد الرحمن بن سمرة فرواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث حفص بن عمر الرازي ثنا أبو حرة عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة مرفوعا نحوه ورواه العقيلي في كتاب الضعفاء عن مسلم بن سليمان الضبي ثنا أبو حرة وضعف مسلم بن سليمان ثم قال وهذا الحديث رواه الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن جابر ورواه محمد بن حرب الزبيدي عن الضحاك
[ 153 ]
بن حمزة عن الحجاج بن أرطاة عن إبراهيم بن مهاجر عن حسن عن أنس ورواه أسباط بن محمد القرشي عن أبي بكر الهذلي عن الحسن ومحمد بن سيرين عن أبي هريرة ورواه شعبة وهمام وأبو عوانة عن قتادة عن الحسن عن سمرة وهو الصواب انتهى كلامه واما حديث بن عباس فرواه البيهقي في سننه أخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو أحمد محمد بن إسحاق الصفار أنبأ أحمد بن نصر ثنا عمرو بن طلحة القناد ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال البيهقي وهذا الحديث غريب من هذا الوجه وانما يعرف من حديث الحسن وغيره انتهى قال البيهقي والآثار الضعيفة إذا ضم بعضها إلى بعض احدثت قوة فيما اجتمعت فيه من الحكم انتهى قوله عن عائشة في تفسير المني والمذي والودي قال في الكتاب والمني خاثر أبيض ينكسر منه الذكر والمذي رقيق يضرب إلى البياض يخرج عند ملاعبة الرجل أهله والودي الغليظ من البول يتعقب الرقيق منه خروجا ثم قال وهذا التفسير ماثور عن عائشة رضي الله عنها قلت غريب ورواه عبد الرزاق في مصنفه عن قتادة وعكرمة قالا هي ثلاثة المني والمذي والودى اما المني فهو الماء الدافق الذي يكون فيه الشهوة ومنه يكون الولد ففيه الغسل واما المذي فهو الذي يخرج إذا لاعب الرجل امرأته ففيه غسل الفرج والوضوء واما الودى فهو الذي يكون مع البول وبعده فيه غسل الفرج والوضوء انتهى الحديث الثاني والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم كل فحل يمذي وفيه الوضوء قلت يوجد هذا الحديث في بعض نسخ الهداية وقد روى من حديث عبد الله بن سعد ومعقل بن يسار وعلي بن أبي طالب فحديث عبد الله بن سعد أخرجه أبو داود عن
[ 154 ]
معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حزام بن حكيم عن عبد الله بن سعد الانصاري قاسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عما يوجب الغسل وعن الماء يكون بعد الماء فقال ذاك المذي وكل فحل يمذي فتغسل من ذلك فرجك وانثييك وتوضأ وضوءك للصلاة انتهى ورواه أحمد في مسنده قال عبد الحق في احكامه إسناده لا يحتج به وحديث معقل بن يسار رواه الطبراني في معجمه من حديث إسماعيل بن عياش عن عطاء بن عجلان عمعاوية بن قرة عن معقل بن يسار ان عثمان بن عفان كان يلقى من المني شدة فسدد رحلا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال ذلك المذي وكل فحل يمذي اغسله بالما وتوضأ وصل انتهى وحديث علي رواه الطحاوي في شرح الآثار حدثنا صالح بن عبد الرحمن ثنا سعيد بن منصور أنبأ هاشم انبأ الاعمش عن منذر أبي يعلي الثوري عن محمد بن الحنفية انه حدث عن أبيه قال كنت أجد مذيا فأمرت المقداد ان يسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان كل فحل يمذي فإذا كان المني ففيه الغسل وإذا كان المذي ففيه الوضوء انتهى ورواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا عيسى بن يونس ثنا الاشعث عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن المذي فقال كل فحل يمذي فيغسل ذكره ويتوضأ انتهى وحديث على هذا في الصحيحين بغير هذا اللفظ قال استحيت ان اسال النبي صلى الله عليه وسلم عن المذي من اجل فاطمة فأمرت المقداد فسأله فقال منه الوضوء انتهى باب الماء الذي يجوز به الطهارة الحديث الثالث والثلاثون قال عليه السلام الماء طهور لا ينجسه شئ الا ما
[ 155 ]
غير لونه أو طعمه أو ريحه قلت غريب بهذا اللفظ وروى بن ماجة في سننه من حديث رشدين بن سعد عن معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الماء طهور لا ينجسه الا ما غلب على ريحه وطعمه
[ 156 ]
ولونه انتهى والمصنف استدل بهذا الحديث هنا على طهورية الماء فقط ثم استدل به قريبا على طهورية الماء القليل حجة لمالك مشيرا إليه بقوله وقال مالك يجوز ما لم يتغير أحد اوصافه لما روينا وهذا الحديث ضعيف فان رشدين بن سعد جرحه النسائي وابن حبان وأبو حاتم ومعاوية بن صالح قال أبو حاتم لا يحتج به ورواه الطبراني في معجمه والبيهقي والدارقطني في سننهما ولم يذكروا فيه اللون قال الدارقطني لم يرفعه غير رشدين بن سعد وليس بالقوي انتهى واعترضه الشيخ تقي الدين في الامام فقال انه قد رفع من وجهين غير طريق رشدين اخرجهما البيهقي أحدهما عن عطية بن بقية بن الوليد عن أبيه عن ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن أبي امامة عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الماء طاهر الا ان تغير ريحه أو طعمه أو لونه بنجاسة تحد ث فيها انتهى الثاني عن حفص بن عمر ثنا ثور بن يزيد عن راشد بن سعد عن أبي امامة مرفوعا الماء لا ينجس الا ما غير طعمه أو ريحه انتهى قال البيهقي والحديث غيقوي ورواه عبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه عن الاحوص بن حكيم عن راشد بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا والاحوص فيه مقال انتهى حديث آخر لمالك أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والثلاثين من القسم الثالث عن عكرمة غن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الماء لا ينجسه شئ انتهى قال بن حبان وهذا مخصوص بحديث القلتين وكلاهما مخصوص بالاجماع ان الماء المتغير بنجاسة ينجس قليلا كان الماء أو كثيرا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن معاوية بن صالح عن رشدين بن سعد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الماء طهور الا ما غلب على ريحه أو طعمه انتهى وسنده ضعيف
[ 157 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الماء لا ينجسه شئ انتهى حديث أبي ثعلبة أخرجاه عنه قال قلت يا رسول الله انا بأرض أهل كتاب افنأكل في آنيتهم قال ان وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وان لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها وفي رواية أبي داود انا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر فذكره وحديث عمران بن حصين أخرجاه أيضا عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإناء فافرغ فيه من أفواه مزادتي المرأة المشركة واوكأ افواههما وأطلق العزالى ونودي في الناس ان اسقوا واستقوا فسقى من شاءوا سقي من شاء وكان آخر ذلك ان أعطى الذي اصابته الجنابة اناء من ماء قال اذهب فافرغه عليك انتهى حديث آخر قال الشيخ تقي الدين في الامام ومن غريب ما يستدل به في هذا المعنى حديث أبي ثعلبة في الامر بغسل أو انى المشركين قبل الاكل فيها مع حديث عمران بن حصين في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم من مزادة المشركة فان الاول يدل على نجاسة الاناء والثاني على طهورية الماء فدل على ان النجاسة غير مؤثرة في الماء ما لم تغيره انتهى الحديث الرابع والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم في البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتته قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث جابر ومن حديث على بن أبي طالب ومن حديث أنس ومن حديث عبد الله بن عمرو ومن حديث الفراسي ومن حديث أبي بكر اما حديث أبي هريرة فأخرجه أصحا ب السنن الاربعة من طريق مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة عن المغيرة بن أببردة العبدري عن أبي هريرة ان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فان توضأنا به عطشنا افنتوضأ من البحر فقال عليه السلام هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وسألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال حديث صحيح انتهى ورواه بن حبان في
[ 158 ]
صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الرابع والحاكم في مستدركه وقال ورواه بن أبي شيبة في مصنفه ومسنده أخبرنا حماد بن خالد عن مالك بن أنس به ان النبي صلى الله عليه وسلم قال البحر الطهور ماؤه الحل ميتته انتهوهو لفظ غريب قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا الحديث يعل بأربع علل أحدها جهالة سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة وقالوا لم يرو عن المغيرة بن أبي بردة الا سعيد بن سلمة ولا عن سعيد بن سلمة الا صفوان بن سليم قال وجوابه ان سعيد بن سلمة قد روى عنه غير صفوان وهو الجلاح أبو كثير ورواه عن الجلاح يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث اما رواية عمرو فمن طريق بن وهب واما رواية يزيد فمن طريق الليث بن سعد عنه أخرجها كلها البيهقي في سننه الكبير واما المغيرة بن أبي بردة فقد روى عنه يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد القرشي الا ان يحيى بن سعيد اختلف عليه فيه ورواية مزيد ين محمد رواها أحمد بن عبيد الصفار صاحب المسند ومن جهته أخرجها البيهقي فتلخص ان المغيرة بن أبي بردة روى عنه ثلاثا يحيى بن سعيد ويزيد بن محمد وسعيد بن سلمة وان سعيد بن سلمة روى عنه صفوان بن سليم والجلاح وبطلت دعوى من ادعى انفراد سعيد عن المغيرة وانفراد صفوان عن سعيد العلة الثانية انهم اختلفوا في اسم سعيد بن سلمة فقيل هذا وقيل عبد الله بن سعيد وقيل سلمة بن سعيواصحهما سعيد بن سلمة لانها رواية مالك مع جلالته وهذا مع وفاق من وافقه والاسما الآخران من رواية محمد بن إسحاق العلة الثالثة الارسال قال بن عبد البر ذكر بن أبي عمرو الحميدي والمخزومي عن بن عيينة عن يحيى بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة اناسا من بني مدلج اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث قال وهذا مرسل لا يقوم بمثله حجة ويحيى بن سعيد احفظ من صفوان بن سليم واثبت من سعيد بن سلمة قال الشيخ وهذا مبني على تقديم إرسال الاحفظ على إسناد من دونه وهو مشهور في الاصول والعلة الرابعة الاضطراب فوقع في رواية محمد بن إسحاق عبد الله بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا هو في مسند الدارمي ووقع في رواية عنه سلمة بن سعيد عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن
[ 159 ]
النبي صلى الله عليه وسلم وأما رواية يحيى بن سعيد فقيل عنه عن المغيرة بن أبي بردة عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم هذه رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن هشيم عن يحيى ورآه بعضهم عن هشيم فقال فيه المغيرة بن أبي برزة فقال وهم فيه وانما هو المغيرة بن أبي بردة وهشيم ربما وهم في الاسناد وهو في المقطعات احفظ قال الشيخ وهذا الوهم انما يلزم هشيما إذا اتفقوا عليه فيه فاما وقد رواه أبو عبيد عن هشيم على الصواب فالوهم ممن رواه عن هشيم على ذلك الوجه وقيل فيه عن المغيرة بن عبد بن عبد ان رجلا من بني مدلج اتى النبي صلى الله عليه وسلم وقيل عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة ان رجلا من بني مدلج وفي رواية عبد الله بن المغيرة عن رجل من بني مدلج وقيل عن عبد الله بن المغيرة عن أبيه عن رجل من بني مدلج قال البيهقي في كتاب المعرفة هذا حديث أودعه مالك بن أنس كتاب الموطأ ورواه أبو داود وأصحاب السنن وجماعة من أئمة الحديث في كتبهم محتجين به وصححه البخاري فيما رواه الترمذي عنه وانما لم يخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما لاختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة وكذلك قال الشافعي في إسناده من لا اعرفه ولا يضر اختلاف من اختلف عليه فيه فإن مالكا قد أقام إسناده عن صفوان بن سليم وتابعه الليث بن سعد عن يزيد عن الجلاح كلاهما عن سعيد ين سلمة عن المغيرة بن أبي بردة ثم يزيد بن محمد القرشي عن المغيرة بن أبي بردة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فصار الحديث بذلك صحيحا والله اعلم انتهى وقال في السنن الكبيرة قد تابع يحيى بن سعد الانصاري ويزيد بن محمد القرشي سعيدا على روايته الا انه اختلف فيه على يحيى بن سعيد فروى عنه عن المغيرة بن أبي بردة رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة ان رجلا من بني مدلج وروى عنه عن المغيرة بن عبد الله عن رجل من بني مدلج عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه عن المغيرة بن عبد الله عن أبيه وقيل غير هذا واختلفوا أيضا في اسم سعيد بن سلمة فقيل كما قال مالك وقيل عبد الله بن سعيد المخزومي وقيل سلمة بن سعيد وهو الذي أراد الشافعي بقوله في إسناده من لا اعرفه أو المغيرة أو هما الا ان الذي أقام إسناده ثقة وهو مالك رحمه الله انتهى ولما روى الحاكم في المستدرك هذا الحديث ذكر ما فيه من المتابعات ثم قال اسم الجهالة مرفوع عنهما بهذه المتابعات وقال بن مندة اتفاق صفوان
[ 160 ]
والجلاح يوجب شهرة سعيد بن سلمة واتفاق يحيى بن سعيد وسعيد بن سلمة عن المغيرة يوجب شهرته فصار الاسناد مشهورا وبهذا يرتفع جهالة عينهما انتهى وفي كتاب المزي توثيقهما فزالت جهالة الحال أيضا ولهذا صححه التزمذي وحكى عن البخاري تصحيحه والله اعلم واما حديث جابر فرواه بن ماجة في سننه من طريق أحمد بن حنبل ثنا أبو القاسم بن أبي الزياد حدثني إسحاق بن حازم عن عبيد الله بن مقسم عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والثلاثين من القسم الرابع والحاكم في المستدرك رواه من حديث بن جريج عن أبي الزبير عن جابر وسكت عنه ورواه الدارقطني في سننه وأحمد في مسنده بسند بن ماجة واما حديث علي بن أبي طالب فرواه الحاكم في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث الحسين بن علي بن أبي طالب عن أبيه مرفوعا نحوه سواء وسكت الحاكم عنه واما حديث أنس فرواه عبد الرزاق في مصنفه والدارقطني في سننه أخبرنا الثوري عن أبان بن أبي عياش عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله قال الدارقطني وأبان متروك واما حديث بن عباس فرواه الدارقطني أيضا من حديث موسى بن سلمة عن بن عباس مرفوعا نحوه ثم قال والصواب موقوف ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه واما حديث عبد الله بن عمرو فأخرجه الدارقطني أيضا من جهة عمرو بن
[ 161 ]
شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه ورواه الحاكم في المستدرك وسكت عنه واما حديث أبي بكر الصديق فرواه الدارقطني أيضا من حديث عبد العزيز عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله عن أبي بكر الصديق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ماء البحر الحديث وفي سنده عبد العزيز بن عمران وهو بن أبي ثابت قال الذهبي مجمع على ضعفه ثم أخرجه عن عبيد الله بن عمر عن عمرو بن دينار عن أبي الطفيل عن أبي بكر موقوفا قال الذهبي وهذا سند صحيح انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث السري بن عاصم الهمذاني عن محمد بن عبيد الله بن عمر به مرفوعا واعله بالسري وقال انه يسرق الحديث ويرفع الموقوف لا يحل الاحتجاج به وانما هو من قول أبي بكر الصديق فأسنده انتهى واما حديث الفراسي فرواه بن عبد البر في التمهيد حدثنا خالد بن القاسم ثنا أحمد بن الحسن الرازي ثنا أبوالزنباع روح بن الفرج القطان ثنا يحيى بن عبد الله بن بكير ثنا الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي انه حدث ان الفراسي قال كنت اصيد في البحر الاخضر على ارماث وكنت احمل قربة لي فيها ماء فإذا لم اتوضأ من القربة رفق ذلك بي وبقيت لي فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصت ذلك عليه فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى قال عبد الحق في احكامه حديث الفراسي هذا لم يروه فيما اعلم الا مسلم بن مخشى ومسلم بن مخشى لم يرو عنه فيما اعلم الا بكر بن سوادة انتهى قال بن القطان في كتابه وقد خفي على عبد الحق ما فيه من الانقطاع فان بن مخشي لم يسمع من الفراسي وانما يرويه عن بن الفراسي عن أبيه ويوضح ذلك ما حكاه الترمذي في علله قال سألت محمد بن إسماعيل عن حديث بن الفراسي في ماء البحر فقال حديث مرسل لم يدرك بن الفراسي النبي صلى الله عليه وسلم والفراسى له صحبة قال فهذا كما تراه يعطى ان الحديث يروى عن بن الفراسي أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر فيه الفراسي فمسلم بن مخشي انما يروى عن الابن وروايته عن الاب مرسلة انتهى قلت حديث بن الفراسي رواه بماجة في سننه حدثنا سهل بن أبي سهيل
[ 162 ]
ثنا يحيى بن بكير حدثني الليث بن سعد عن جعفر بن ربيعة عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشى عن بن الفراسي قال كنت اصيوكانت لي قربة اجعل فيها ماءا واني توضأت بماء البحر فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو الطهور ماؤه الحل ميتته انتهى ما ورد في طهورية الماء المستعمل روى الدارقطني ثم البيهقي من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بما فضل في يديه وفي لفظببلل في يديه قال البيهقي وابن عقيل هذا لم يكن بالحافظ وأهل العلم يختلفون في الاحتجاج به انتهى ونقل الترمذي عن البخاري قال كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه والحميدي يحتجون بحديثه قال البخاري وهو مقارب الحديث قال في الامام وليس فيه تصريح بان الماء كان مستعملا لكن رواه الاثرم في كتابه ولفظه انه عليه السلام مسح بماء بقي من ذراعيه قال وهذا أظهر في المقصود قال البيهقي في سننه وقد روى يعني هذا من حديث على وابن عباس وابن مسعود وأبي الدرداء وعائشة وأنس بمالك ذكرناها في الخلافيات ولا يصح منها شئ لضعف اسانيدها اما حديث على فرواه من حديث محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحسن بن سعد عن أبيه عن علي مرفوعا قال البيهقي والعرزمي متروك وحديث بن عباس من جهة سليمان بن أرقم عن الزهري عن عبيد الله عن بن عباس قال النسائي والدارقطني في سليمان متروك وحديث بن مسعود من جهة يحيى بن عنبسة عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ويحيى بن عنبسة كذبه الدارقطني وقال بن عدي يروي عن الثقات الموضوعات ليس بشئ وحديث عائشة من جهة عطاء بن عجلان عن بن أبي مليكة عن عائشة وعطاء بن عجلان قال النسائي والرازي متروك وحديث أبي الدرداء من جهة تمام بن نجيح عن الحسن عن أبي الدرداء وتمام بن نجيح قال البيهقي غير
[ 163 ]
محتج به وحديث أنس من جهة المتوكل بن فضيل عن أبي ظلال عن أنس وذكر الدارقطني ان المتوكل بن فضيل بصري ضعيف انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن المسلم بن سعيد عن أبي على الرحبي عن عكرمة عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل من جنابة فرأى لمعة لم يصبها الماء فقال بجمته فبلها عليه قال إسحاق في حديثه فعصر شعره عليها انتهى وأبو علي الرحبي حسين بن قيس يلقب بحنش قال أحمد والنسائي والدارقطني متروك وقال أبو زرعة ضعيف ما ورد في طهارة الماء المستعمل روى البخاري في صحيحه من حديث محمد بن المنكدر عن جابر قال مرضت مرضا فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني وأبو بكر وهما ماشيان فوجداني قد اغمي علي فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم ثم صب وضوءه على فافقت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف اصنع في مالي كيف اقضي في مالي فلم يجبني بشئ حتى نزلت أية الميراث انتهى في الخلاصة متفق عليه حديث آخر روى الترمذي في كتابه من حديث رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن انعم عن عتبة بن حميد عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ مسح وجهه بطر ف ثوبه انتهى وقال حديث غريب وإسناده ضعيف ورشدين بن سعد و عبد الرحمن بن زياد يضعفان في الحديث انتهى وأخرجه البيهقي وقال إسناده ليس بالقوي حديث آخر أخرجه الترمذي أيضا عن أبي معاذ عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خرقة ينشف بها بعد الوضوء انتهى وقال حديث ليس بالقائم ولا يصح في هذا الباب شئ وأبو معاذ يقولون انه سليمان بن أرقم وهو ضعيف عند أهل الحديث انتهى حديث آخر أخرجه بن ماجة في سننه عن الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن سلمان الفارسي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فقلب جبة صوف كانت عليه
[ 164 ]
فمسح بها وجهه انتهى والوضين بن عطاء وثقه أحمد وقال بن معين لا باس به ما ورد في عدم طهارته روى مسلم في صحيحه من حديث أبي السائب مولى هشام بن زهرة انه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقال كيف يا أبا هريرة قال يتناوله تناولا انتهى ورواه البيهقي من حديث محمد ين عجلان قال سمعت أبي يحدث عن أبي هرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسفيه من الجنابة انتهى ورواه البيهقي من حديث محمد بن عجلان عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة انه عليه السلام نهى ان يبال في الماء الدائم وان يغتسل فيه من الجنابة انتهى ومحمد بن عجلان وأبوه اخرج لهما مسلم واستشهد بهما البخاري والله اعلم ما ورد في الماء المشمس ورد مرفوعا من حديث عائشة ومن حديث أنس وموقوفا على عمر اما حديث عائشة فله خمس طرق أحدها عند الدارقطني ثم البيهقى في سننهما عن خالد بن إسماعيل عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت اسخنت ماءا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الشمس ليغتسل به فقال لي يا حميراء لا تفعلي فإنه يورث البرص انتهى قال الدارقطني خالد بن إسماعيل متروك وقال بن عدي يضع الحديث على ثقات المسلمين الثانية عند بن حبان في كتاب الضعفاء عن أبي البختري وهب بن وهب عن هشام به قال بن عدي هو شر من خالد الثالثة عند الدارقطني عن الهيثم بن عدي عن هشام به قال النسائي والدارمي الهيثم بن عدي متروك ونقل بن الجوزي عن بن معين انه قال كان يكذب الرابعة عند الدارقطني عن عمرو بن محمد الاعشم عن فليح عن عروة عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ بالماء المشمس أو يغتسل به وقال انه يورث البرص
[ 165 ]
انتهى قال الدارقطني عمرو بن محمد الاعشم منكر الحديث ولم يروه عن فليح غيره ولا يصح عن الزهري واغلظ بن حبان في عمرو بن محمد الاعشم القول وذكر بن الجوزي هذا الحديث من هذه الطرق الاربعة في الموضوعات الطريق الخامس رواه الدارقطني في كتابه غرائب مالك من حديث إسماعيل بن عمرو الكوفي عن بن وهب عن مالك عن هشام به ولفظه قالت سخنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ماءا في الشمس يغتسل به فقال لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص انتهى قال الدارقطني هذا باطل عن مالك وعن بن وهب ومن دون بن وهب ضعفاء وانما رواه خالد بن إسماعيل المخزومي وهو متروك عن هشام انتهى والى هذه الطريق أشار البيهقي في سننه فقال وروى بإسناد آخر منكر عن بن وهب عن مالك عن هشام ولا يصح انتهى طريق آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة عن أبيه به وقال لم يروه عن هشام الا محمد بن مروان ولا يروي عن النبي الا بهذا الاسناد انتهى ووهم في ذلك واما حديث أنس فرواه العقيلي في كتاب الضعفاء من حديث على بن هشام الكوفي ثنا سوادة عن أنس انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تغتسلوا بالماء الذي يسخن في الشمس فإنه يعدى من البرص انتهى قال العجيلي وسوادة عن أنس مجهول وحديثه غير محفوظ ولا يصح في الماء الشمس حديث مسند انما هو شئ يروي من قول عمر انتهى ومن طريق العقيلي رواه بن الجوزي في الموضوعات ونقل كلامه بحروفه واما موقوف عمر فرواه الشافعي أخبرنا إبراهيم بن محمد الاسلمي أخبرني صدعة بن عبد الله عن أبي الزبير عن جابر ان عمر كان يكره الاغتسال بالماء المشمس وقال انه يورث البرص انتهى ومن طريق الشافعي رواه البيهقي
[ 166 ]
طريق آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن حسان بن ازهر قال قال عمر لا تغتسلوا بالماء المشمس فإنه يورث البرص انتهى وصفوان بن عمرو حمصي ورواية إسماعيل بن عياش عن الشاميين صحيحة وقد تابعه المغيرة بن عبد القدوس فرواه عن صفوان به رواه بن حبان في كتاب الثقات في ترجمة حسان بن ازهر والله اعلم وسند الشافعي فيه الاسلمي قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي كان قدريا لكنه كان ثقة في الحديث فلذلك روى عنه انتهى وصدقة بن عبد الله هو السمين قال البيهقي في سننه في باب زكاة العسل ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما انتهى ما ورد في الماء المسخن روى البهقي في سننه والطبراني في معجمه من حديث العلاء بن الفضل بن موسى المنقري ثنا الهيثم بن رزين عن أبيه عن الاسلع بن شريك قال كنت ارحل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصابتني جنابة في ليلة باردة وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الراجلة فكرهت ان ارحل ناقته وانا جنب وخشيت ان اغتسل بالماء البارد فاموت أو امرض فأمرت رجلا من الانصار فرحلها ووضعت احجارا فاسخنت بها ماءا فاغتسلت ثم لحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال يا اسلع مالي أرى راحلتك تضطرب فقلت يا رسول الله لم ارحلها ولكن رحلها رجل من الانصار قال ولم قلت اصابتني جنابة فخشيت البرد على نفسي فأمرته ان يرحلها ووضعت احجارا فاسخنت ماءا فاغتسلت به فانزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى إلى قوله عفوا غفورا انتهى قال الذهبي في مختصر سنن البيهقي تفرد به العلاء بن الفضل وليس بحجة انتهى حديث آخر موقوف أخرجه الدارفطني ثم البيهقي في سننهما عن علي بن غراب عن هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن أبيه عن عمر انه كان يسخن له ماءا في قمقمة ثم يغتسل به قال الدارقطني إسناده صحيح انتهى وفيه رجلان تكلم
[ 167 ]
فيهما أحدهما على بن غراب فممن وثقه الدارقطني وابن معين وممن ضعفه أبو داود وغيره وقال الخطيب تكلموا فيه لمذهبه فإنه كان غاليا في التشيع والآخر هشام بن سعد فهو وان اخرج له مسلم فقد ضعفه النسائي وعن بن حنبل انه ذكره فلم يرضه وقال ليس بمحكم للحديث قوله في الكتاب لان الميت يغسل بالماء الذي اغلى فيه السدر بذلك وردت السنة قلت غريب ولم يحسن شيخنا علاء الدين إذ استشهد لهذا بحديث الذي وقصته راحلته وفيه فقال أغسلوه بماء وسدر والذي قلده الشيخ اعتذر فقال بعد أن ذكره وليس في الحديث أن الماء أغلي بالسدر فيقال له فأي فائدة في ذكره قوله وقال مالك يجوز ما لم يتغير أوصافه لما روينا قلت يشير إلى حديث الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه وقد تقدم قريبا ومما يستدل به على ذلك مالك حديث المستيقظ رواه أصحاب الكتب الستة ووجهه أنه نهى أن يغمس يده في الاناء عند التوهم فأولى عند التحقيق وبحديث أبي هريرة لا يغتسل أحدكم في الماء الدائم وهو جنب فقال كيف يفعل قال يتناوله تناولا رواه مسلم هكذا بهذا اللفظ ورواه البيهقي بسند على شرط مسلم أنه عليه السلام نهى أن يبال في الماء الدائم وأن يغتسل فيه من الجنابة انتهى ورواه أبو داود وابن ماجة كذلك ولفظهما لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة انتهى
[ 168 ]
الحديث الخامس والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا قلت رواه أصحاب السنن الاربعة من حديث بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الارض وما ينوبه من السباع والدواب قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في القسم الثاني منه وأعاده في القسم الثالث ولفظه لم ينجسه شئ ورواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأظنه لاختلاف فيه على أبي أسامة عن الوليد بن كثير انتهى وقد أجاد الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في كتاب الامام جمع طرق هذا الحديث ورواياته واختلاف ألفاظه وأطال في ذلك إطالة تلخص منها تضعيفه له فلذلك أضرب عن ذكره في كتاب الالمام مع شدة احتياجه إليه وأنا أذكر ما قاله ملخصا محررا وأبين ما وقع فيه من الاضطراب لفظا ومعنى أما اضطرابه في اللفظ فمن جهة الاسناد والمتن أما إسناده فمن ثلاث روايات أحدها رواية الوليد بن كثير رواها أبو داود عن محمد بن العلاء عن أبي أسامة حماد بن أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر بن زبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الماء وما ينوبه من الدواب والسباع فقال عليه السلام إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث ورواه هكذا عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله جماعة منهم إسحاق بن راهويه وأحمد بن جعفر الوكيعي وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو عبيدة بن أبي السفر ومحمد بن عبادة بفتح العين وحاجب بن سليمان وهناد السري والحسين بن حريث وروى عن أبي أسامة عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر قال أبو مسعود الرازي الحافظ وعثمان بن أبي شيبة من رواية أبي داود و عبد الله بن الزبير الحميدي ومحمد بن حسان
[ 169 ]
الازرق ويعيش بن الجهم وغيرهم وتابعهم الشافعي عن الثقة عنده عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر قاله الدارقطني وذكر بن مندة أن أبا ثور رواه عن الشافعي عن عبد الله بن الحرث المخزومي عن الوليد بن كثير قال ورواه موسى بن أبي الجارود عن البوبطي عن الشافعي عن أبي أسامة وغيره عن الوليد بن كثير فدل روايته على أن الشافعي سمع هذا الحديث من عبد الله بن الحرث وهو من الحجازيين ومن أبي أسامة وهو كوفي جميعا عن الوليد بن كثير وقد اختلف الحفاظ في هذا الاختلاف بين محمد بن عباد ومحمد بن جعفر فمنهم من ذهب إلى الترجيح فيقال عن أبي داود أنه لما ذكر حديث محمد بن عباد قال هو الصواب وذكر عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب العلل عن أبيه أنه قال محمد بن عباد بن جعفر ثقة ومحمد بن جعفر بن الزبير ثقة والحديث لمحمد بن جعفر بن الزبير أشبه وقال بن مندة واختلف على أبي أسامة فروى عنه عن الوليد بن كثير عن محمد بن عباد بن جعفر وقال مرة عن محمد بن جعفر بن الزبير وهو الصواب لان عيسى بن يونس رواه عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فذكره وأما الدارقطني فإنه جمع بين الروايتين فقال ولما اختلف على أبي أسامة في إسناده أحببنا أن نعلم من أتى بالصواب في ذلك فوجدنا شعيب بن أيوب قد رواه عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير لي الوجهين جميعا عن محمد بن جعفر الزبير ثم أتبعه عن محمد بن عباد بن جعفر فصح القولان جميعا عن أبي أسامة وصح أن الوليد بن كثير رواه عن محمد بن جعفر بن الزبير وعن محمد بن عباد بن جعفر جميعا فكان أبو أسامة يحدث به عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومرة يحدث به عن الوليد عن محمد بن عباد بن جعفر ثم روى عن أبي بكر أحمد بن محمد بن سعدان الصيدلاني عن شعيب بن أيوب عن أبي أسامة عن الوليد بن كثير محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله وكذلك فعل البيهقي فأخرج رواية عن إسماعيل بن قتيبة عن أبي بكر وعثمان ابنا أبي شيبة بذكر محمد بن جعفر بن الزبير على خلاف رواية أبي داود عن عثمان بن أبي شيبة بذكر محمد بن عباد بن جعفر وذكر رواية أخرى من جهة أبي العباس محمد بن يعقوب عن أحمد بن عبد الحميد الحارثي فيها ذكر محمد بن جعفر بن الزبير على خلاف رواية الدارقطني عن أحمد بن محمد بن سعيد عن أحمد بن عبد الحميد الحارثي وفيها ذكر محمد بن عباد بن جعفر وقصدا
[ 170 ]
بذلك الدلالة على صحة الروايتين جميعا قال البيهقي وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثني أبو علي محمد بن علي الاسفرائني من أصل كتابه وأنا سألته حدثنا علي بن عبد الملك بن مبشر الواسطي ثنا شعيب بن أيوب ثنا أبو أسامة الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الماء بمثله وههنا اختلاف آخر وهو أن الصواب في الرواية عبيد الله بن عمر لا عبد الله أو كل واحد منهما صواب فكأن إسحاق بن راهويه فيما حكاه عنه البيهقي في المعرفة يقول غلط أبو أسامة في عبد الله بن عبد الله إنما هو عبيد الله بن عبد الله واستدل بما رواه عن عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم فذكره إلا أن عيسى بن يونس أرسله ورأيت في كتاب إسماعيل بن سعيد النسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن عيسى بن يونس موصولا ورواه عباد بن صهيب عن الوليد وقال عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه موصولا والحديث مسند في الاصل فقد رواه محمد بن إسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره أعني البيهقي وذكر بن مندة عن رواية عيسى بن يونس موصولة وذكر أن رواية عيسى بن يونس أشبه لان هذا الحديث رواه عبد الله بن المبارك وغيره عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم مثل رواية عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير قال فهذا إسناد صحيح على شرط مسلم في عبيد الله بن عبد الله ومحمد بن جعفر ومحمد بن إسحاق والوليد بن كثير قال وروى هذا الحديث حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه رواه إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل عن بن المنذر فهذا محمد بن إسحاق وافق عيسى بن يونس عن الوليد بن كثير في ذكر محمد بن جعفر بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عمر وروايتهما وافق رواية حماد بن سملة وغيره عن عاصم بن المنذر في ذكر عبيد الله بن عبد الله فثبت هذا الحديث باتفاق أهل المدينة والكوفة والبصرة على حديث عبيد الله بن عبد الله وباتفاق محمد بن إسحاق والوليد بن كثير عن روايتهما عن محمد بن جعفر بن الزبير فعبيد الله وعبد الله ابنا عبد الله بن عمر مقبولان بإجماع من الجماعة في كتبهم وكذلك محمد بن جعفر بن الزبير ومحمد بن عباد بن جعفر والوليد بن كثير في كتاب
[ 171 ]
مسلم وأبي داود والنسائي وعاصم بن المنذر يعتبر بحديثه ومحمد بن إسحاق أخرج عنه مسلم وأبو داود والنسائي وعاصم بن المنذر استشهد به البخاري في مواضع وقال شعبة محمد بن إسحاق أمير المؤمنين في الحديث وقال عبد الله بن المبارك محمد بن إسحاق ثقة ثقة ثقة انتهى قال الشيخ وكان أبا عبد الله بن مندة حكم بالصحة على شرط مسلم من جهة الرواة وأعرض عن جهة الرواية وكثرة الاختلاف فيها والاضطراب ولعل مسلما تركه لذلك وحكى البيهقي في كتاب المعرفة عن شيخه أبي عبد الله الحافظ انه كان يقول الحديث محفوظ عنهما جميعا اعني عن عبيد الله وعبد الله بن عبد الله كلاهما رواه عن أبيه قال وذهب إليه كثير من أهل الرواية وهذا خلاف ما يقتضيه كلام أبي زرعة فيما حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم قال سألت أبا زرعة عن حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير فقلت انه يقول عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن البي صلى الله عليه وسلم رواه الوليد بن كثير عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ قال أبو زرعة بن إسحاق ليس يمكن ان يقضي له قلت له ما حال محمد بن جعفر فقال صدوق الرواية الثانية رواية محمد بن إسحاق لهذا الحديث وقد احرجه الترمذي من حديث هناد وأبو داود من حديث حماد بن سلمة ويزيد بن زريع وابن ماجة من حديث يزيد بن هارون وابن المبارك كلهم عن بن إسحاق ورواه أحمد بن خالد الوهبي وإبراهيم بن سعد الزهري وزائدة بن قدامة ورواه عبيد الله بن محمد بن عائشة عن حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق بسنده وقال فيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الماء يكون بالفلاة وترده السباع والكلاب فقال إذا كان الماء قلتين لا يحمل الخبث رواه البيهقي وقال كذا قال السباع والكلا ب وهو غريب وكذلك قاله موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة وقال إسماعيل بن عيا ش عن محمد بن إسحاق الكلاب والدواب الا ان بن عياش اختلف عليه في إسناده انتهى وهذا الاختلاف الذي أشار إليه هو المحفوظ عن بن عياش عن محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر أبيه ورواه محمد بن وهب السلمي عن بن عياش عن بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن القليب يلقى فيه الجيف ويشرب منه الكلاب
[ 172 ]
والدواب قال ما بلغ الماء قلتين فما فوق ذلك لم ينجسه شئ رواه الدارقطني وروى أيضا من جهة عبد الوهاب بن عطاء عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخرجه عن محمد بن عبد الله بن إبراهيم عن عبد الله بن أحمد بن خزيمة عن علي بن سلمة اللبقي عن عبد الوهاب ورواه المغيرة بن سقلاب عن بن إسحاق عن نافع عن بن عمر الرواية الثالثة رواية حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر واختلف في اسنادها ومتنها اما الاسناد فرواه أبو داود وابن ماجة عن موسى بن إسماعيل عن حماد عن عاصم عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر قال حدثنا أبي ان رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين فإنه ينجس وخالف حماد بن زيد فرواه عن عاصم بن المنذر عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله موقوفا قال الدارقطني وكذلك رواه إسماعيل بن علية عن عاصم بن المنذر عن رجل لم يسمه عن بن عمر موقوفا أيضا واما الاختلاف في اللفظ فان يزيد بن هارون رواه عن حماد بن سلمة فاختلف فيه على يزيد فقال الحسن بن محمد الصباح عنه عن حماد عن عاصم قال دخلت مع عبيد الله بن عبد الله بن عمر بستانا فيه مقراة ماء فيه جلد بعير ميت فتوضأ فيه فقلت له اتتوضأ منه وفيه جلد بعير ميت فحدثني عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شئ أخرجه الدارقطني وعبد بن حميد وإسحاق بن راهويه في مسنديهما ورواه أبو مسعود الرازي عن يزيد فلم يقل أو ثلاثا قال الدارقطني وكذلك رواه إبراهيم بن الحجاج وهدبة بن خالد وكامل بن طلحة عن حماد بن سلمة بهذا الاسناد قالوا فيه إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثا ورواية إبراهيم بن الحجاج وهدبة بن خالد عن حماد به عند الحاكم في مستدركه قال إذا بلغ الماء قلتين أو ثلاثا لم ينجسه شئ قال الحاكم ورواه عفان بن مسلم وغيره من الحفاظ عن حماد لم يقولوا فيه أو ثلاثا انتهى قلت وكذلك روواه وكيع عن حماد بن سلمة بسنده وقال إذا كان الماء قلتين أو ثلاثة لم ينجسه شئ رواه بن ماجة في سننه ثم قال الدارقطني بعد تخريج ما ذكر من الروايات ورواه عفان من مسلم ويعقوب بن إسحاق الحضرمي وبشر بن السري والعلاء بن عبد الجبار المكي وموسى بن إسماعيل وعبيد الله العيشي عن حماد بن سلمة بهذا الاسناد وقالوا فيه إذا كان الماء قلتين لم ينجس ولم يقولوا أو ثلاثا ثم اخرج هذه الروايات ولحديث
[ 173 ]
بن عمر طريقان آخران أحدهما من رواية إبراهيم بن محمد عن أبي بكر بن عمربن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ أخرجه الدارقطني وإبراهيم بن محمد هو بن أبي يحيى الاسلمي وقد مر ذكره والثاني رواه عبد الله بن الحسين بن جابر عن محمد بن كثير المصيصي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين فلا ينجسه شئ أخرجه الدارقطني عن محمد بن إسماعيل الفارسي عنه وقال رفعه هذا الشيخ عن محمد بن كثير عن زائدة ورواه معاوية بن عمرو عن زائدة موقوفا وهو الصواب ثم خرجه والله اعلم واما الاضطراب في متنه فقد تقدم من ذلك شئ وروى الدارقطني في سننه وابن عدي في الكامل والعقيلي في كتابه عن القاسم بن عبيد الله العمري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الماء أربعين قلة فإنه لا يحمل الخبث انتهى قال الدارقطني كذا رواه القاسم العمري عن بن المنكدر عن جابر ووهم في إسناده وكان ضعيفا كثير الخطأ وخالفه روح بن القاسم وسفيا الثوري ومعمر بن راشد رووه عن بن المنكدر عن عبد الله بن عمر موقوفا ورواه أيوب السختياني عن محمد بن المنكدر من قوله لم يجاوز به ثم روى بإسناد صحيح من جهة روح بن القاسم عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمر قال إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس ثم اخرج رواية سفيان من جهة وكيع وأبي نعيم عنه عن محمد بن المنكدر عن عبد الله بن عمر وقال إذا كان الماء أربعين قلة لم ينجسه شئ واخرج رواية معمر أيضا من جهة عبد الرزاق عن غير واحد عنه واخرج رواية أيوب عن محمد بن المنكدر قال إذا بلغ الماء أربعين قلة لم ينجس أو كلمة نحوها وروى الدارقطني أيضا من جهة بشر بن السري عن بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سليمان بن سنان عن عبد الرحمن بن أبي هريرة عن أبيه قال إذا كان الماء قدر أربعين قلة لم يحمل خبثا قال الدارقطني كذا قال وخالفه غير واحد رووه عن أبي هريرة فقالوا أربعين غربا ومنهم من قال أربعين دلوا وسليمان بن سنان سمع بن عباس وأبا هريرة قاله البخاري في تاريخه اما الاضطراب في معناه فقيل ان القلة اسم مشترك يطلق على الجرة
[ 174 ]
وعلى القربة وعلى راس الجبل وروى الشافعي في تفسيرها حديثا فقال في مسنده أخبرني مسلم بن خالد الزنجي عن بن جريج بإسناد لا يحضرني ذكره ان رسواله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا وقال في الحديث بقلال هجر قال قال بن جريج وقد رأيت قلال هجر فالقلة تسع قربتين أو قربتين وشيئا قال الشافعي فالاحتياط ان يجعل القلة قربتين ونصفا فإذا كان الماء خمس قرب كبار كقرب الحجاز لم يحمل نجسا الا ان يظهر في الماء ريح أو طعم أو لون انتهى وهذا فيه امران أحدهما ان سنده منقطع ومن لا يحضره مجهول فلا يقوم بهذا الحجة عنده والثاني ان قوله وقال في الحديث بقلال هجر يوهم ان هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم وليس كذلك فروى الدارقطني من حديث أبي بكر عبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري عن أبي حميد عن حجاج عن بن جريج قال أخبرني محمد بن يحيى فذكره قامحمد بن يحيى قلت ليحيى بن عقيل أي قلال قال قلال هجر قال محمد فرأيت قلال هجرفاظن كل قلة تسع قربا قال وإسناد الاول اجفظ فهذان الوجهان ليس فيهما رفع هذه الكلمة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان مرسلا فان يحيى بن عقيل ليس بصحابي ثم الطريق التي ذكر البيهقي ان اسنادها احفظ يقول فيها فاظن ان كل قلة تحمل قربتين والقربة ستة عشر رطلا فيكون مجموع القلتين أربعة وستون رطلا وهذا لا يقول به والرواية الاخرى كل قلة قربتين يقتضي أن القلتين أربع قرب وقد روى بن عدي في الكامل من حديث المغيرة بن سقلاب عن محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين لم ينجسه شئ والقلة أربع آصع قال والمغيرة ترك طريق هذا الحديث وقال عن أبي إسحاق عن نافع عن بن عمر وكان هذا أسهل عليه ومحمد بن إسحاق يرويه عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عمر ثم روى بن عدي من طريق المغيرة أيضا عن محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الماء قلتين من قلال هجر لم ينجسه شئ ويذكر انهما فرقان قال بن عدي قوله في متنه من قلال هجر غير محفوظ لا يذكر الا في هذا الحديث من رواية مغيرة هذا عن محمد بن إسحاق قال ومغيرة بن سقلاب يكنى أبا بشر منكر الحديث ثم اسند إلى أبي جعفر بن نفيل قال المغيرة بن سقلاب لم يكن مؤتمنا على حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بن عدي وعامة ما يرويه لا
[ 175 ]
يتابع عليه فهذا الحديث ذكر فيه قلال هجر وذكر انهما فرقان وهذا لا يقول به من حزرهما بخمسمائة رطل أو أكثر واخرج الدارقطني من حديث عبد العزيز بن أبي رزمة عن حماد بن زيد عن عاصم بن المنذر قال القلال الجوابي العظام واخرج أيضا من جهة الحسن بن عرفة سمعت هشيما يقول القلتان هما الجرتان الكبيرتان وقال بن مندة قال الاوزاعي وأصحابه القلة ما تقله اليد أي ترفعه واخرج البيهقي من جهة عبد الرحيم بن سليمان سألت أحمد بن إسحاق عن القلتين فقال هي الجرار التي يستقي فيها الماء والدواريق واخرج عن وكيع قال هي الجرة وقال البيهقي في كتاب المعرفة وقلال هجر كانت مشهورة عند أهل الحجاز ولشهرتها عندهم شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر فقال في حديث مالك بن صعصعة رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا ورقها مثل اذان الفيلة وإذا نبقها مثل قلال هجر قال واعتذار الطحاوي في ترك الحديث أصلا بأنه لا يعلم مقدار القلتين لا يكون عذرا عند من علمه وكذل ترك القول ببعض الحديث بالاجماع لا يوجب تركه فيما لم يجمع عليوتوقيته بالقلتين لمنع من حمله على الماء الجاري على أصله انتهى كلامه الحديث السادس والثلاثون حديث المستيقظ تقدم أول الكتاب رواه أصحاب الكتب الستة ووجهه انه منع من الغمس في الاناء عند التوهم فاولى ان يمنع عند التحقق الحديث السابع والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الما الدائم ولا يغتسلن فيه من الجنابة قلت رواه بهذا اللفظ أبو داود وابن ماجة من حديث محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صى الله عليه وسلم لايبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة انتهى وهو في الصحيحين من حديث أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه وفي لفظ ثم يغتسل منه وفي لفظ الترمذي ثم يتوضأ منه وروى مسلم من حديث أبي السائب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغتسلن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري وهو جنب
[ 176 ]
فقال كيف يفعل يا أبا هريرة قال يتناوله تناولا وروى أيضا من حديث أبي الزبير عن جابر مرفوعا لايبولن أحدكم في الماء الراكد انتهى وروى البيهقي من حديث بن عجلان عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى ان يبال في الماء الراكد وان يغتسل فيه من الجنابة انتهى ووهم شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره في عزوه هذا الحديث لمسلم عن طلحة وانما رواه مسلم عن أبي هريرة وروى بعضه عن جابرولم يخرج مسلم لطلحة في كتابه الا خمسة أحاديث ليس هذا مها فاولها حديث جاء رجل من أهل نجد ثائر الراس أخرجه في كتاب الايمان وشاركه فيه البخاري ثم حديث الصلاة إلى مؤخرة الرحل أخرجه في الصلاة ثم حديث أهدى لنا طير ونحن حرم أخرجه في الحج ثم حديث لم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير طلحة وسعد وحديث مررت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم على رءوس النخل اخرجهما في الفضائل فالمقلد ذهل والمقلد جهل قوله وما رواه مالك ورد في بئر بضاعة وماءها كان جاريا بين البساتين قلت يريد بما رواه مالك حديث الماء طهور لا ينجسه شئ وقد تقدأول الباب ووروده في بئر بضاعة أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن عبيد الله بن عبد الله بن رافع بن خديج عن أبي سعيد الخدري قال قيل يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة وهي تلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن فقال عليه السلام ان الماء طهور لا ينجسه شئ انتهى قال الترمذي حديث حسن انتهى وضعف بن القطان في كتابه الوهم والايهام هذا الحديث وقال ان في إسناده اختلافا فقوم يقولون عبيد الله بن عبد الله بن رافع وقوم يقولون عبد الله بن عبد الله بن رافع ومنهم من يقول عبيد الله بن عبد الرحمن بن رافع ومنهم من يقول عبد الله ومنهم من يقول عن عبد الرحمن بن رافع قال فيحصل فيه خمسة أقوال وكيفما كان فهو لا يعرف له حال ولا عين وله إسناد صحيح من رواية سهل بن سعد قال قاسم بن اصبغ حدثنا محمد بن وضاح ثنا أبو علي عبد الصمد بن أبي سكينة ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قالوا يا رسول الله انك تتوضأ من بئر بضاعة وفيها ما ينجى الناس والمحايض والخبث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ قال قاسم هذا أحسن شئ في بئر بضاعة انتهى كلامه
[ 177 ]
وذكر البيهقي في سننه ما وقع في هذا الحديث من الاختلاف في باب الماء الكثير لا ينجس بنجاسة تحدث فيه وأطال فيه ثم أخرجه عن حاتم بن إسماعيل ثنا محمد بن أبي يحيى عن أمه قالت دخلت على سهل بن سعد في نسوة فقال لو اني اسقيكم من بئر بضاعة لكرهتم ذلك وقد والله سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي منها ثم قال وهذا إسناد حسن موصول انتهى وقول صاحب الكتاب ان ماءها كان جاريا بين البساتين هذا رواه الطحاوي في شرح الآثار عن الواقدي فقال أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي عمران عن أبي عبد الله محمد بن شجاع الثلجي عن الواقدي قال كانت بئر بضاعة طريقا للماء إلى البساتين انتهى وهذا سند ضعيف ومرسل ومدلوله على جريانها غير ظاهر قال البيهقي في المعرفة وزعم الطحاو ان بئر بضاعة كان ماؤها جاريا لا يستقر و انها كانت طريقا إلى البساتين ونقل ذلك عن الواقدي والواقدي لا يحتج بما يسنده فضلا عما يرسله وحال بئر بضاعة مشهور بين أهل الحجاز بخلاف ما حكاه انتهى وقول صاحب الكتاب وما رواه الشافعي ضعفه أبو داود هذا غير صحيح فان أبا داود روى حديث القلتين وسكت عنه فهو صحيح عنده على عادته في ذلك ثم اردفه بكلام دل على تصحيحه له وتضعيفه لمذهب مخالفه فقال قال قتيبة بن سعيد سألت فيم بئر بضاعة عن عمقها فقال أكثر ما يكون فيها الماء إلى العاة فإذا نقص كان إلى العورة قال أبو داود ومددت ردائي عليهما ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع وسالت الذي فتح باب البستان هل غير بناؤها عما كانت عليه فقال لا ورأيت فيها ماءا متغير اللون انتهى وجهل من عزى حديث بئر بضاعة لابن ماجة
[ 178 ]
الحديث الثامن والثلاثون قال النبي صلى الله عليه وسلم هو الحلال اكله وشربه والوضوء منه قلت يعني فيما وقع فيه ما ليس له نفس سائلة فمات فيه والحديث رواه
[ 180 ]
الدارقطني في سننه من حديث بقية حدثني سعيد بن أبي سعيد الزبيدي عن بشر بن منصور عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن سلمان قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال اكله وشربه ووضوءه انتهى قال الدارقطني لم يروه غير بقية عن سعيد بن أبي سعيد الزبيدي وهو ضعيف انتهى ورواه بن عدي في الكامل واعله بسعيد هذا وقال هو شيخ مجهول وحديثه غير محفوظ انتهى أحاديث الباب روى البخاري في صحيحه من حديث عبيد بن حنين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فان في إحدى جناحيه داء وفي الآخر شفاء انتهى قال البيهقي قال الشافعي ووجه ذلك انه عليه السلام لا يأمر بغمس ما ينجس ما مات فيه لان ذلك عمد افساده انتهى وزاد فيه أبو داود بإسناد حسن وانه يتقي بجناحه الذي فيه الداء انتهى حديث آخر روى النسائي وابن ماجة في سننهما من حديث سعيد بن خالد القارظي عن أبي سلمة حدثني أبو سعيد الخدري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في إحدى جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فيه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده وسعيد هذا ضعفه النسائي وقال الدارقطني مدني يحتج به وذكره بن حبان في
[ 181 ]
حديث لا يبولن أحدكم في الماء الدائم تقدم قريبا الحديث التاسع والثلاثون قال عليه السلام أيما اهاب دبغ فقد طهر قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث بن عمر أما حديث بن عباس فرواه النسائي في سننه في كتاب الفرع والعتيرة والترمذي وابن ماجة في كتاب اللباس من حديث زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن وعلة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما اهاب دبغ فقد طهر انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح فسره النضر بن شميل وقال انما يقال اهاب لجلد ميؤكل لحمه انتهى ورواه مالك في الموطأ عن زيد بن اسلم عن بن وعلة سواء ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والمائة من القسم الثاني ورواه أحمد والشافعي وإسحاق بن راهويه والبزار في مسانيدهم ورواه البزار في حديث يحيى بن سعيد عن بن وعلة ومن حديث القعقاع بن حكم عنه ثم قال وانما رويناه كذلك يقول جاهل ان عبد الرحمن رجل مجهول وروى عنه أيضا عبد الله بن هبيرة انتهى كلامه واعلم أن كثيرا من أهل العلم المتقدمين والمتاخرين عزوا هذا الحديث في كتبهم إلى مسلم وهو وهم وممن فعل ذلك البيهقي في سننه وانما رواه مسلم بلفظ إذا دبغ الاهاب فقد ظهر واعتذر عنه الشيخ تقي الدين في كتاب الامام فقال والبيهقي وقع له مثل في كتابه كثيرا ويريد به أصل الحديث لاكل لفظة منه قال وذلك عندنا معيب جدا إذا قصد الاحتجاج بلفظه معينة لان فيه إيهام ان اللفظ المذكور أخرجه مسلم مع ان المحدثين اعذر في هذا من الفقهاء لان مقصود المحدثين الاسناد ومعرفة المخرج وعلى هذا الاسلوب ألفوا كتب الاطراف فاما الفقيه الذي يختلف نظره باختلاف اللفظ فلا ينبغي له ان يحتج بأحد المخرجين الا إذا كانت اللفظة فيه انتهى
[ 182 ]
واما حديث بن عمر فأخرجه الدارقطني في سننه عن إبراهيم بن طهمان عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله الله صلى الله عليه وسلم أيما اهاب دبغ فقد طهر انتهى قال الدارقطني إسناده حسن انتهى أحاديث الباب روى البخاري ومسلم من حديث بن عبا س قال تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هلا اخذتم اهابها فدبغتموه فانتفعتم به فقالوا انها ميتة قال انما حرم اكلها انتهى أخرجه البخاري في الذبائح ومسلم في الطهارة ورواه الدارقطني وزادا وليس في الماء والقرظ ما يطهرها وفي الفظ قال انما حرم عليكم لحمها ورخص لكم في مسكها وفي لفظ قال ان دباغه طهوره اخرج هذه الالفاظ في حديث ميمونة ثم قال وهذه الاسانيد كلها صحاح انتهى حديث آخر روى البخاري في الايمان والنذور من حديث سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ماتت لنا شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننبذ فيه حتى صار شنا انتهى حديث آخر روى مسلم من حديث أبي الخير قال رأيت على بن وعلة فروا فمسسته فقال مالك تمسه قد سألت بن عباس فقلت انا نكون بالمغرب ومعنا البربر والمجوس نؤتى بالكبش قد ذبحوه ونحن لا ناكل ذبائحهم ويؤتى بالسقاء يجعلون فيه الماء والودك فقال بن عباس قد سألنا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال دباغه طهوره انتهى حديث آخر روى بن خزيمة في صحيحه والبيهقي في سننه من حديث عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه عن بن عباس قال أراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يتوضأ من سقاء فقيل له انه ميتة فقال دباغه يزيل خبثه أو نجسه أو رجسه انتهى قال البيهقي اسناده صحيح ورواه الحاكم وقال هو صحيح حديث آخر روى بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الثالث عن الاسود عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دباغ جلود
[ 183 ]
الميتة طهورها انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه من طريق مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ان يستمتع بجلود الميتة إذا دبغت انتهى قال في الامام واعله الاثرم بن أم محمد غير معروفة ولا يعرف لمحمد عنها غير هذا الحديث وسئل أحمد عن هذا الحديث فقال ومن هي أمه كأنه أنكره من اجل أمه حديث آخر أخرج أبو داود والنسائي عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق ان النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك دعا بماء من عند امرأة قالت ما عندي الا في قربة لي ميتة قال أليس قد دبغتها قالت بلى قال فان دباغها طهورها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده قال في الامام وأعله الاثرم بجون وحكى عن أحمد انه قال لا أدري من هو الجون بن قتادة انتهى ورواه الترمذي في علله الكبرى وقال لا اعرف لجون بن قتادة غير هذا الحديث ولا أدري من هو انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن زيد بن اسلم عن يسار عن عائشة مرفوعا طهور كل أديم دباغه انتهى وقالا إسناد حسن وكلهم ثقات انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن معروف بن حسان عن عمر بن ذر عن معاذة
[ 184 ]
عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استمتعوا بجلود الميتة إذا هي ديغت ترابا كان أو رمادا أو ملحا أو ما كان بعد ان يزيد صلاحه انتهى ومعروف بن حسان قال أبو حاتم مجهول وقال بن عدي منكر الحديث حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عبد الجبار بن مسلم عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال انما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الميتة لحمهفاما الجلد والشعر والصوف فلا باس به انتهى قال الدارقطني عبد الجبار ضعيف قلت ذكره بن حبان في الثقات بهذا الحديث حديث آخر أخرجه الدارقطني عن يوسف بن السفر ثنا الاوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال سمعت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا باس بمسك الميتة إذا دبغ ولا باس بصوفها وشعرها وقرونها إذا غسل بالماء انتهى قال ويوسف متروك ولم يأت به غيره حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي بكر الهذلي ثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قل لا أجد فيما اوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا كل شئ من الميتة حلال الا ما أكل منها فاما الجلد والقرن والشعر والصوف والسن والعظ فكله حلال لانه لا يذكى انتهى قال وأبو بكر الهذلي متروك حديث آخر أخرجه البيهقي عن القاسم بن عبد الله عن عبد الله بن دينار عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم مر على شاة فقال ما هذه قالوا ميتة قال ادبغوا اهابها فان دباغها طهوره انتهى وقال القاسم ضعيف
[ 185 ]
حديث آخر أخرجه البيهقي عن سعيد بن المسيب عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دباغ جلود الميتة طهورها انتهى حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده عن يقعوب بن عطاء عن أبيه عن بن عباس قال ماتت شاة لميمونة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هلا استمتعتم بإهابها فإن دباغ الاديم طهوره انتهى ويعقوب هذا هو بن عطاء بن أبي رباح فيه مقال قال أحمد منكر الحديث وقال بن معين وأبو زرعة ضعيف وذكره بن حبان في الثقات حديث آخر أخرجه الدارقطني عن فرج بن فضالة عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن أم سلمة انها كانت لها شاة تحلبها ففقدها النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعلت الشاة قالوا ماتت قال أفلا انتفعتم بإهابها فقلنا انها ميتة فقال عليه السلام ان دباغها يحل كما يحل خل الخمر انتهى وقال تفرد به فرج بن فضالة وهو ضعيف حديث آخر في العظم أخرجه أبو داود وأحمد عن حميد بن أبي حميد الشامي عن سليمان المنبهي عن ثوبان ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وحميد وسليمان غير معروفين والعاج قال بن قتيبة ليس الذي تعرفه العامة ذلك ميتة وانما العاج الذبل قاله الاصمعي قال في التنقيح وحميد بن أبي حميد ذكره بن عدي وقال انما انكر عليه هذا الحديث ولا اعلم له غيره وروى عن حميد سالم المرادي وصالح بن صالح بن حي وغيلان بن جامع ومحمد بن جحادة واما سليمان المنبهى فيقال انه سليمان بن عبد الله ذكره بن حبان في الثقا ت انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه عن بقية عن عمرو بن خالد عن قتادة عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمتشط بمشط من عاج انتهى قال ورواية بقية عن شيوخه المجهولين ضعيفة وقال الخطابي قال الاصمعي العاج الذبل وهو ظهر السلحفاة البحرية واما العاج الذي يعرفه العامة عظم انياب الفيلة فهو ميتة لا يجوز
[ 186 ]
استعماله انتهى كلامه وفيه امران أحدهما انه أوهم بقوله عن شيوخه المجهولين ان الواسطي مجهول وليس كذلك والثاني انه أوهم بقوله الذي يعرفه العامة انه لي‍ س من لغة العرب وليس كذلك قال بن مندة في المحكم العاج انياب الفيلة ولا يسمة غير الناب عاجا وقال الجوهري العاج عظم الفيل الواحدة عاجة الحديث الاربعون حديث النهى الوارد عن الانتفاع من الميتة بإهاب قلت رواه أصحاب السنن الاربعة من حديث الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كتب إلى جهينة قبل موته بشهر ان لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب انتهى أخرجه النسائي في الذبائح والباقون في اللباس قال الترمذي حديث حسن وقد روى عن عبد الله بن عكيم عن أشياخ له قال وسمعت أحمد بن الحسن يقول كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث قبل وفاته بشهرين ويقول كان هذا آخر أمر النبي صلى الله عليه وسلم ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا في إسناده انتهى رواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والمائة
[ 187 ]
من القسم الثاني من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن عكيم الجهني قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بأرض جهينة ان لا تنتفعوا من الميت بإهاب ولا عصب انتهى ثم رواه عن بن أبي ليلى أيضا عن عبد الله بن عكيم ثنا مشيخة لنا من جهينة ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم ان لا تستمتعوا من الميتة بشئ انتهى قال وهذا ربما أوهم عالما ان الخبر ليس بمتصل وليس كذلك فان الصحابي قد يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ثم يسمعه من صحابي آخر فمرة يخبر به عن النبي صلى الله عليه وسلم ومرة يرويه عن الصحابي الا يرى ان بن عمر شهد سؤال جبرائيل عن الايمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعه من عمر بن الخطاب فمرة أخبر بما شاهد ومرة روى عن أبيه ما سمع وعلى ذلك يحمل حديث بن عكيم من غير ان يكون في الخبر انقطاع قال والمراد بقوله لا تنتفعوا من الميتة بإهاب أي قبل الدباغ انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه والبيهقي في سننه وعند أحمد قبل موته بشهر أو شهرين قال البيهقي وجاء في لفظ آخر قبل موته بأربعين يوما وجاء عن بن عكيم ثنا مشيخة لنا من جهينة ثم اسند إلى بن معين انه قال في حديث ثقات الناس عن بن عكيم انه قال حدثنا أصحابنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم يريد تعليل الحديث بذلك قال البيهقي وهو محمول عندنا على ما قبل الدبغ بدليل ما هو أصح منه فذكر حديث شاة ميمونة انتهى ورواه الطبراني في معجمه الوسط ولفظه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في ارض جهينة انى كنت رخصت لكم في جلود الميتة فلا تنتفعوا من الميتة بجلد ولا عصب وفي سنده فضالة بن مفضل بن فضالة المصري قال أبو حاتم لم يكن باهل ان نكتب عنه العلم انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام والذي يعلل به حديث عبد الله بن عكيم الاختلاف فروى بن عيينة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى وعن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن عكيم وروى أبو داود من جهة خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة عن
[ 188 ]
عبد الرحمن انه انطلق هو وناس إلى عبد الله بن عكيم قال فدخلوا وقعدت على الباب فخرجوا إلى فأخبروني ان عبد الله بن عكيم أخبرهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى جهينة قبل موته بشهر الحديث قال ففي هذه الرواية انه سمعه من الناس الداخلين عليه وهم مجهولون انتهى قال أبو داود قال النضر بن شميل انما يسمى اهابا ما لم يدبغ فإذا دبغ سمى شنا وقربة انتهى وقال النووي في الخلاصة وحديث بن عكيم اعل بأمور ثلاثة أحدها الاضطراب في سنده كما تقدم والثاني الاضطراب في متنه فروى قبل موته بثلاثة أيام وروى بشهرين وروى بأربعين يوما والثالث الاختلاف في صحبته قال البيهقي وغيره لا صحبة له فهو مرسل انتهى قال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ وحكى الخلال في كتابه ان أحمد توقف في حديث بن عكيم لما رأى تزلزل الرواة فيه وقيل انه رجع عنه قال وطريق الانصاف ان حديث بن عكيم ظاهر الدلالة في النسخ ولكنه كثير الاضطراب وحديث بن عباس سماع وحديث بن عكيم كتاب والكتاب والوجادة والمناولة كلها مرجوحات لما فيها من شبه الانقطاع بعدم المشافهة ولو صفهو لا يقاوم حديث بن عباس في الصحة ومن شرط الناسخ ان يكون أصح سندا واقوم قاعدة من جميع جهات الترجيح على ما قررناه في مقدمة الكتاب وغير خاف على من صناعته الحديث ان حديث بن عكيم لا يوازي حديث بن عباس في جهة واحدة من جهات الترجيح فضلا عن جميعها انتهى كلامه أحاديث الباب روى أبو داود والترمذي والنسائي من حديث سعيد عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جلود السباع زاد الترمذي
[ 189 ]
ان تفترش انتهى ورواه الحاكم وصححه حديث آخر رواه بن وهب في مسنده عن زمعة بن صالح عن أبي الزبير عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنتفعوا من الميتة بشئ انتهى وزمعة فيه مقال حديث آخر في الشعر والظفر روى البيهقي في سننه من حديث عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد حدثني أبي عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادفنوا الشعر والدم والاظفار فانها ميتة انتهى ورواه بن عدي في الكامل واعله بعبد الله بن عبد العزيز وقال له أحاديث لا يتابع عليها وقال البيهقي في شعب الايمان وقد روى حديث دفن الشعر والاظفار من أوجه كلها ضعيفة انتهى فصل في البئر الحديث الحادي والاربعون حديث الامر بتطهير المساجد قلت فيه عن عائشة
[ 190 ]
وسمرة بن جندب اما حديث عائشة فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة في كتاب الصلاة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور وان تنظف وتطيب انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده وأخرجه أبداود وابن ماجة عن زائدة بن قدامة عن هشام به وأخرجه الترمذي وأحمد عن عامر بن صالح الزهري عن هشام به ثم أخرجه الترمذي عن عبدة ووكيع وسفيان ثلاثتهم عن عشام عن أبيه ان النبي مرسلا قال وهذا أصح من الاول انتهى وأخرجه بن ماجة أيضا عن مال‍ ك بن سعير عن هشام به مسندا وأخرجه البزار في مسنده عن يونس بن بكير عن هشام به مسندا وعن عامر بن صالح عن هشام به وعن زائدة عن هشام به كذلك ثم قال ولا يعلم اسنده غير هؤلاء وغيرهم يرويه عن هشام عن أبيه مرسلا انتهى قلت فإنه حديث مالك بن سعير كما تقدم عند بن ماجة وله عذره واما حديث سمرة فأخرجه أبو داود عن حبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه سليمان عن أبيه سمرة انه كتب إلى بنيه اما بعد فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا ان نصنع المساجد في دورنا ونصلح صنعتها ونطهرها انتهى وسكت عنه أبو داود ثم المنذري بعده حديث في اقتناء الحمام في المساجد رواه الطبراني في معجمه والبيهقي في دلائل النبوة والبزار في مسنده من حديث عوين بن عمرو القيسي قال سمعت
[ 191 ]
أبا مصعب المكي قال أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يتحدثون ان النبي صلى الله عليه وسلم قا أمر الله شجرة ليلة الغار فنبتت في وجهي وامر الله العنكبوت فنسجت فسترني وامر الله حمامتين وحشيتين فوقفتا بفم الغار واقبل فتيان من قريش بعصيهم وهراواتهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من النبي صلى الله عليه وسلم قدر أربعين ذراعا تعجل بعضهم ينظر في الغار فرأى حمامتين بفم الغار فرجع إلى اصحابه فقالوا مالك لم تنظر في الغار قال رأيت بفمه حمامتين فعرفت انه ليس فيه أحد فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فعرف ان الله قد درأ عنه بهما فدعا لهما وسمت عليهن وأقررن في الحرم وفرض جزاءهن انتهى قال البزار لا يعلم رواه الا عوين بن عمرو وهو بصرى مشهور انتهى ورواه العقيلي في ضعفاءه فاعله بعوين ويقال عون قال ولا يتابع عليه وأبو مصعب مجهول انتهى الحديث الثاني والاربعون عن النبي صلى الله عليه وسلم انه أمر العرنيين بشرب أبوال الابل وألبانها قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث أنس ان اناسا من عرينة اجتووا المدينة فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يأتوا ابل الصدقة فيشربوا من البانها وأبوالها فقتلوا الراعي واستاقوا الذود فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتى بهم فقطع أيديهم وارجلهم وسمر اعينهم وتركهم بالحرة يعضون الحجارة انتهى أخرجه البخاري ومسلم في الصلاة عن شعبة عن قتادة عن أنس وعجب من الشسخ زكي الدين المنذري كيف قال في مختصره وأخرجه البخاري تعليقا من حديث قتادة عن أنس والبخاري رواه متصلا وأخرجه أبو داود وابن ماجة في الحدود والترمذي في الطهارة والنسائي في تحريم الدم ولفظ أبي داود والترمذي والنسائي وامرهم ا ن يشربوا من أبوالها والبانها ورواه البخاري ومسلم أيضا من حديث أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي عن أنس والبخاري في الطهارة ولفظه فامرهم النبي صلى الله عليه وسلم
[ 192 ]
بلقاح وان يشربوا من أبوالها والبانها ومسلم في الحدود وقال فيه وامرهم ان يشربوا من البانها وأبوالها أحاديث الباب حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن بن مسعود في حديث أبي جهل حين وضع على ظهره صلى الله عليه وسلم سلا جذور وهو ساجد واستمر ساجدا حتى جاءت فاطمة رضي الله عنها فطرحته عنه حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن عمر بن الخطاب قال خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا اصابنا فيه عطش شديد حتى ان كان الرجل لينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه ويجعل ما بقي على كبده فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله ان الله عودك في الدعاء خيرا فادع الله لنا قال اتحب ذلك قال نعم فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه ودعا فلم يرجعهما حتى قالت السماء فاظلت ثم سكبت فملئوا ما معهم ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر انتهى قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وقال صاحب التنقيح رجاله ورجال الصحيح ورواه بن خزيمة في صحيحه وقال فلو كان ماء الفرث نجسا لم يجز لاحد ان يجعله على كبده فينجس يديه وهو غير واجد لماء طاهر يغسله به هذا لا يسع أحدا ان يفعله واما شربه فابيح اضطرارا لاحياء النفس انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن أنس ان النبي صلى الله عليه سلم كان يصلى في مرابض الغنم حديث آخر أخرجه أصحاب السنن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم صلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في اعطان الابل قال الترمذي حديث حسن صحي حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عمرو بن الحصين ثنا يحيى بن العلاء عن مطرف عن محارب بن دثار عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أكل لحمه فلا بأس ببوله انتهى قال الدارقطني عمرو بن الحصين متروك ويحيى بن العلاء قال فيه
[ 193 ]
أحمد كذاب يصنع الحديث حديث آخر أخرجه الدارقطني عن سوار بن مصعب عن مطرف بن طريف عن أبي الجهم عن البراء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا باس ببول ما أكل لحمه انتهى قال بن الجوزي قال أحمد والنسائي وابن معين سوار بن مصعب متروك الحديث الحديث السادس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه رمى بالروثة وقال هذا رجس أو ركس قلت رواه البخاري في صحيحه من حديث عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه عن بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى الغائط فأمرني ان آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجده فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال هذا ركس انهى ورواه بن ماجة وقال فيه هذا رجس بالجيم ورواه الدارقطني ثم البيهقي فزاد فيه اتيتني بحجر محتجين بذلك على وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار وسيأتي قريبا والكلام عليه في الاستنجاء الحديث السابع حديث المستيقظ من منامه تقدم أول الكتاب الاحاديث الواردة في بول الصبي روى الائمة الستة في كتبهم عن أم قيس بنت محصن انها اتت بابن لها صغير لم يأكل الطعام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه عليه في حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه على بوله ولم يغسله انتهى وفي لفظ لمسلم فرشه ذكره في الطب وهو لفظ بن حبان في صحيحه وزاد قال بن شهاب فمضت السنة ان لا يغسل من بول الصبي حتى يأكل الطعام فإذ أكل غسل انتهى قال الطحاوي في شرح الآثار السنة قد يراد بها سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقد يراد بها سنة غيره قال عليه السلام عليكم بسنتى وسنة الخلفاء من بعدي انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له عن عائشة قالت كان
[ 194 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فاتى بصبي فبال عليه فدعا بماء فاتبعه بوله ولم يغسله انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود الترمذي وابن ماجة عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم في بول الرضيع قال ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه وله شاهدان صحيحان ثم أخرجه من حديث لبابة وأبي السمح حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي السمح قال كنت اخدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بحسن أو حسين فبال على صدره فجئت اغسله فقال يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال انه شاهد صحيح حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة عن أم الفضل لبابة بنت الحارث قالت كان الحسين بن علي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبال عليه فقالت البس ثوبا واعطني ازارك حتى اغسله قال انما يغسل من بول الانثى وينضح من بول الذكر انتهى ورواه الحاكم أيضا وقال انه شاهد صحيح حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا محمد بن يسار أنبأ أبو بكر الحنفي ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أم كرز الخزاعية ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ينضح بول الغلام وبول الجارية يغسل انتهى ثم قال بن ماجة قال أبو الحسن بن سلمة حدثنا أحمد بن موسى بن معقل ثنا أبو اليمان المصري قال سألت الشافعي عن حديث النبي صلى الله عليه وسلم يرش من بول الغلام ويغسل من بول الجارية والماءين واحد فقال لان بول الغلام من الماء والطين وبول الجارية من اللحم والدم قال لي فهمت أو قال لقنت قلت لا قال ان الله لما خلق آدم خلق حواء من ضلعه فصار بول الغلام من الماء والطين وصار بول الجارية من اللحم والدم انتهى
[ 195 ]
حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا علي بن عبد العزيز ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا عبد السلام بن حرب عن ليث عن أبي القاسم مولى زينب عن زينب بنت جحش ان النبي صلى الله عليه وسلم كان نائما عندها وحسين يحبو في البيت فغفلت عنه فحبا حتى صعد على صدر النبي صلى الله عليه وسلم فبال واستيقظ عليه السلام فقمت فاخذته عنه فقال دعي ابني فلما قضى بوله اخذ كوزا من ماء فصبه عليه وقال انه يصب من بول الغلام ويغسل من بول الجارية انتهى وأجاب الطحاوي في شرح الآثار عن هذه الاحاديث وقال ان المراد بالنضح فيها الصب قال وقد ورد ما يدل على صحة ذلك ثم اخرج عن أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبى فبال عليه فقال صبوا عليه الماء صبا ثم اخرج من طريق مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم أتى بصبى فبال عليه فاتبعه الماء انتهى قال ورواه زائدة عن هشام فقال فيه فدعا بماء فنضحه عليه قال فدل ذلك على ان النضح عندهم الصب ثم اخرج عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئ بالحسن فبال عيه فلما فرغ صب عليه الماء ثم اخرج عن شريك عن سماك عن قابوس عن أم الفضل ان النبي صلى الله عليه وسلم وضع الحسين على صدره فبال عليه فقلت يا رسول الله اعطني ازارك اغسله فقال انما يصب على بول الغلام ويغسل بول الجارية قال فهو في غير هذه الرواية انما ينضح بول الغلام فثبت ان المراد فيه بالنضح الصب ليتفق الاثران فثبت بهذه الآثار ان حكم بول الغلام الغسل الا ان ذلك الغسل يجزئ منه الصب وان حكم بول الجارية الغسل أيضا الا ان الصب لا يكفي فيه لان بول الغلام يكون في موضع واحد لضيق مخرجة وبول الجارية يتفرق لسعة مخرجه فأمر في بول الغلام بالنضح يريد صب الما في موضع واحد وفي بول الجارية بالغسل لانه يقع في مواضع متفرقة والله اعلم انتهى كلامه الحديث الثالث والاربعون قال عليه السلام استنزهوا من البول فان عامة
[ 196 ]
عذا ب القبر فيه قلت روى من حديث أنس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث بن عباس ما حديث أنس فرواه الدارقطني في سننه حدثنا أحمد بن محمد بن زياد ثنا أحمد بن علي الآبار ثنا علي بن الجعد عن أبي جعفر الرازي عن قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه انتهى ثم قال المحفوظ مرسل انتهى وأبو جعفر متكلم فيه قال بن المديني كان يخلط وقال أحمد ليس بقوي وقال أبو زرعة يهم كثيرا واما حديث أبي هريرة فرواه الدارقطني أيضا من حديث ازهر بن سعد السمان عن بن عون عن بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال استنزهوا من البول فان عامة عذاب القبمنه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك من طريق أبي عوانة عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر عذاب القبر من البول انتهى وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولا اعرف له علة ولم يخرجاه واما حديث بن عباس فرواه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي في سننهما والحاكم في مستدركه وسكت عنه كلهم عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان عامة عذاب القبر من البول فتنزهوا منه انتهى قلت قال الدارمي عن بن معين أبويحيى القتات ثقة وقال أحمد بن سنان القطان عنه أبويحيى في الكوفيين مثل ثابت في البصريين وقال عباس عنه في حديثه ضعف وقال أحمد روى عنه إسرائيل أحاديث كثيرة مناكير جدا وقال النسائي ليس بالقوي وقال بن عدي يكتب حديثه على ما فيه
[ 197 ]
قوله روى عن أنس انه قال في الفأرة إذا ماتت في البئر واخرجت من ساعتها ينزح منها عشرون دلوا قوله وروى عن أبي سعيد الخدري انقال في الدجاجة إذا ماتت في البئر ينزح منها أربعون دلوا قلت قال شيخنا علاء الدين رواهما الطحاوي من طرق وهذان الاثران لم اجدهما في شرح الآثار للطحاوي ولكنه اخرج عن حجاج ثنا حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان انه قال في دجاجة وقعت في البئر فماتت قال ينزح منها قدر أربعين دلوا أو خمسين انتهى والشيخ لم يقلد غيره في ذلك قوله روى عن بن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما افتيا بنزح البئر كلها حين مات زنجي في بئر زمزم قلت هذه القصة رواها بن سيرين وعطاء وعمرو بن دينار وقتادة
[ 198 ]
وأبو الطفيل فرواية بن سيرين أخرجها الدارقطني في سننه حدثنا عبد الله بن محمد بن زياد عن أحمد بن منصور عن محمد بن عبد الله الانصاري عن هشام عن محمد بن سيرين ان زنجيا وقع في زمزم يعني فمات فأمر به بن عباس فاخرج وامر بها ان
[ 199 ]
تنزح قال فغلبتهم عين جاءت من الركن قال فأمر بها فدست بالقباطي والمطارق حتى نزحوها فلما نزحوها انفرجت عليهم انتهى قال البيهقي في المعرفة وابن سيرين عن بن عباس مرسل لم يلقه ولا سمع منه وانما هو بلاغ بلغه انتهى واما رواية عطاء فرواها بن أبي شيبة في مصنفه والطحاوي في شرح الآثار حدثنا هشيم ثنا منصور عن عطاء ان حبشيا وقع في زمزم فمات فأمر بن الزبير فنزح ماءها فجعل الماء لا ينقطع فنظر فإذا عين تجرى من قبل الحجر الاسود فقال بن الزبير حسبكم انتهى واما رواية عمرو بن دينار فاخرجها البيهقي في كتاب المعرفة من طريق بن لهيعة عن عمرو بن دينار ان زنيجا وقع في زمزم فمات فأمر به بن عباس فاخرج وسدت عيونها ثم نزحت انتهى قال وابن لهيعة لا يحتج به واما رواية قتادة فرواها بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عباد بن العوام عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن بن عباس ان زنجيوقع في زمزم فمات فانزل إليه رجلا فأخرجه ثم قال انزحوا ما فيها من ماء انتهى وقال البيهقي في المعرفة وقتادة عن بن عباس مرسل لم يلقه ولا سمع منه وانما هو بلاغ بلغه انتهى واما رواية أبي الطفيل فرواها البيهقي من طريق جابر الجعفي عن أبي الطفيل عن بن عباس فذكره قال ورواه جابر مرة أخرى عن أبي الطفيل نفسه ان غلاما وقع في زمزم فنزحت لم يذكر فيه بن عباس وهذه الرواية عند الدارقطني قال البيهقي وجابر الجعفي لا يحتج به واعتمد البيهقي في تضعيف هذا القصة بأثر رواه عن سفيان بن عيينة فقال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ عن أبي الوليد الفقيه عن عبد بن شرويه قال سمعت أبا قدامة يقول سمعت سفيان بن عيينة يقول انا بمكة منذ سبعين سنة لم ار صغيرا ولا كبيرا يعرف حديث الزنجي الذي قالوا انه وقع في زمزم ولا سمعت أحدا يقول نزحت زمزم ثم اسند عن الشافعي انه قال لا يعرف هذا عن بن عباس وكيف يروي بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الماء لا ينجسه شئ ويتركه وان كان قد فعل فلنجاسة ظهرت على وجه الماء ونزحها للتنظيف لا للنجاسة فان زمزم للشرب انتهى وأجاب بعض الاصحاب بان عدم علمهما لا يصلح دليلا ثم نهما لم يدركا ذلك الوقت بينهما وبينه قريب من مائة وخمسين سنة وكان أخبار من أدرك الواقعة واثبتها أولى من قولهما وقول النووي أيضا كيف يصل هذا الخبر إلى أهل الكوفة
[ 200 ]
ويجهله أهل مكة وسفيان بن عيينة كبير أهل مكة معارض بقول الشافعي لاحمد أنتم اعلم بالاخبار الصحاح منا فإذا كان خبر صحيح فأعلموني حتى اذهب إليه كوفيا كان أو بصريا أو شاميا فهلا قال كيف يصل هذا إلى أولئك ويجهله أهل الحرمين فصل في الاسآر وغيرها الحديث الرابع والاربعون قال النبي صلى الله عليه وسلم يغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلاثا قلت روى عن أبي هريرة من طريقين الاول أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الوهاب بن الضحاك عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل الاناء من ولوغ الكلب ثلاثا أو خمسا أو سبعا انتهى قال الدارقطني تفرد به عبد الوهاب بن الضحاك عن بن عياش وهو متروك وغيره
[ 201 ]
يرويه عن بن عياش بهذا الاسناد فاغسلوه سبعا وهو الصحيح انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال إذا ولغ الكلب في الاناء فاهرقه ثم اغسله ثلاث مرات وأخرجه بهذا الاسناد عن أبي هريرة انه كان إذا ولغ الكلب في الاناء اهراقه وغسله ثلاث مرات انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا اسند صحيح انتهى الطريق الثاني اخرجه بن عدي في الكامل عن الحسين بن علي الكرابيسي ثنا إسحاق الازرق ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فليرهقه وليغسله ثلاث مرات انتهى ثم أخرجه عن عمرو بن شيبة ثنا إسحاق الازرق به موقوفا قال ولم يرفعه غير الكرابيسي والكرابيسي لم أجد له حديثا منكرا غير هذا وإنما حمل عليه أحمد بن حنبل من جهة اللفظ بالقرآن فاما في الحديث فلم ار به بأسا انتهى كلامه ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق بن عدي ثم قال هذا حديث لا يصح لم يرفعه غير الكرابيسي وهو ممن لا يحتج بحديثه انتهى وقال البيهقي في كتاب المعرفة حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة في غسل الاناء من ولوغ الكلب ثلاث مرات تفرد به عبد الملك من بين أصحاب عطاء ثم عطاء من بين أصحاب أبي هريرة والحافظ الثقات من أصحاب عطاء وأصحاب أبي هريرة يروونه سبع مرات وعبد الملك لا يقبل منه ما يخالف فيه الثقات ولمخالفته أهل الحفظ والثقة في بعض رواياته تركه شعبة بن الحجاج ولم يحتج به البخاري في صحيحه وقد اختلف عليه في هذا الحديث فمنهم من يرويه عنه مرفوعا ومنهم من يرويه عنه من قول أبي هريرة ومنهم من يرويه عنه من فعله قال وعد اعتمد الطحاوي على الرواية الموقوفة في نسخ حديث السبع وان أبا هريرة لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه وكيف يجوز تر ك رواية الحفاط الاثبات من أوجه كثيرة لا يكون مثلها غلطا بروايه واحد قد عرف بمخالفة الحفاظ في بعض أحاديثه انتهى وهذا
[ 202 ]
الذي نقله عن الطحاوي ذكره في شرح الآثار فقال بعد ان روى الموقوف عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة قال إذا ولغ الكلب الخ ثم قال فثبت بذلك نسخ السبع لانا نحسن الظن بابي هريرة ولا يجوز عليه انه يترك ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم والا سقط ت عدالته ولم يقبل روايته بل كان يجب على الخصم المخالف ان يعمل بحديث عبد الله بن المغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه مسلم انه يغسل سبعا ويعفر الثامنة بالتراب لانه قد زاد على السبع والاخذ بالزائد أوجب عملا بالحديثين وهم لا يقولون به فثبت انه منسوخ انتهى الحديث الخامس والاربعون حديث الامر الوارد بالسبع قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يغسل الاناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرات اولاهن أو اخراهن بالتراب انتهى وفى لفظ لمسلم وآبى لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه وفي لفظ وهو أولى ما يستدل به على نجاسة سؤر الكلب وكذلك الامر بإراقته ورواه مالك في الموطأ وقال فيه إذا شرب عوض إذا ولغ قال بن عبد البر هكذا قال مالك وغير مالك من رواية حديث أبيه هريرة كلهم يقولون إذا ولغ وهو الذي يعرفه أهل اللغة وقال الحافظ أبو بكر الاسماعيلي في صحيحه ما معناه ان مالكا قد انفرد عن الكل بهذه اللفظة وكذلك قال الحافظ أبو عبد الله بن مندة قال فرواه هشام بن عروة وموسى بن عقبة وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة وغيرهم عن أبي الزناد وقالوا إذا ولغ الكلب وكذلك رواه جعفر بن ربيعة وغيره عن عبد الرحمن الاعرج ورواه عبيد بن حسين وثابت الاعرج و عبد الرحمن بن أبي عمرة وأبو يونس سليم بن جبير ومحمد بن سيرين وأبو صالح وأبو رزين كلهم عن أبي هريرة واتفقوا على قوله إذا ولغ قال الشيخ في الامام وقد وقعت هذه اللفظة عن أبي الزناد من غير رواية مالك ذكرها الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ في الجزء الثالث من العوالي فرواه عن أبي يعلى عن سعيد بن عبد الجبار عن المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة مرفوعا إذا شرب الكلب الحديث وكذلك وقعت في كتاب الحافظ أبي بكر الجوزقي من رواية ورقاء عن أبي الزناد قال الشيخ وها هنا شئ آخر وهو ان قول أبي عمر وغير مالك من رواة حديث أبي هريرة يقول إذا ولغ ظاهره يقتضي
[ 203 ]
اتفاق الرواة عن مالك على ذلك وقد رواه الاسماعيلي فيما وجدته من صحيحه عن محمد بن يحيى بن سليمان المروزي عن أبي عبيد القاسم بن سلام عن إسماعيل بن عمر عن مالك بن أنس بإسناده سواء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولغ الكلب في الاناء غسل سبع مرات كسائر الرواة انتهى كلامه وفي الباب حديث عبد الله بن مغفل رواه مسلم الحديث السادس والاربعون روى عن النبي صلى الله عليوسلم انه كان يصغي للهرة الاناء فتشرب منه ثم يتوضأ به قلت رواه الدارقطني في سننه من طريقين عن عائشة أحدهما عن يعقوب بن إبراهيم الانصاري عن عبد ربه بن سعيد عن أبيه عن عروة بن الزبير عن عائشة انها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تمر به الهرة فيصغي لها الاناء فتشرب ثم يتوضأ بفضلها انتهى قال ويعقوب هذا هو أبو يوسف القاضي وعبد ربه هو عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف انتهى الطريق الثاني عن محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يصغي إلى الهر الاناء حتى تشرب منه ثم يتوضأ بفضلها انتهى والواقدي فيه مقال وله طريق آخر عند الطحاوي في شرح الآثار حدثنا علي بن معبد ثنا خالد بن عمرو الخراساني ثنا صالح بن حيان ثنا عروة بن الزبير عن عائشة فذكره ورواه أبو داود بمعناه من حديث داود بن صالح التمار عن أمه ان مولاتها ارسلتها بهريسة إلى عائشة فوجدتها تصلى فاشار ت إلى ان ضعيها فجاءت هرة فاكلت منها فلما انصرفت اكلت من حيث اكلت الهرة فقالت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها ليست بنجس انما هي من الطوافين عليكم وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها انتهى ورواه الدارقطني وقال تفرد به عبد العزيز الدراوردي عن داود بن صالح عن أمه بهذه الالفاظ انتهى وروى بن ماجة والدارقطني من حديث حارثة عن عمرة عن عائشة قالت كنت اتوضأ انا
[ 204 ]
ورسول الله صلى الله عليه وسلم من اناء واحد قد اصابت منه الهرة قبل ذلك انتهى قال الدارقطني وحارثة لا بأس به انتهى ومن أحاديث الباب ما رواه الطبراني في معجمه الصغير حدثنا عبد الله بن محمد بن الحسن بن اسيد الاصبهاني ثنا جعفر بن عنبسة الكوفي ثنا عمر بن حفص المكي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده علي بن الحسين عن أنس بن مالك قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ارض بالمدينة يقال لها بطحان فقال يا أنس اسكب لي وضوءا فسكبت له فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته اقبل إلى الاناء وقد اتى هر فولغ في الاناء فوقفله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقفة حتى شرب الهر ثم سألته فقال يا أنس االهر من متاع البيت لن يقذر شيئا ولن ينجسه انتهى حديث آخر وهو حديث كبشبنت كعب بن مالك وسيأتي قريبا حديث آخر أخرجه بن خزيمة في صحيحه عن سليمان بن مسافع بن شيبة الحجبي قال سمعت منصور بن صفية بنت شيبة يحدث عن أمه صفية عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها ليست بنجس هي كبعض أهل البيت يعني الهرة انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال على شرط الشيخين ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في سننه ولفظه فيه هي كبعض متاع البيت قال في الامام والحجبي بحاء مهملة وجيم مفتوحتين نسبته إلى حجابة البيت الحديث السابع والاربعون قال النبي صلى الله عليه وسلم الهرة سبع قلت رواه الحاكم في المستدر ك من حديث عيسى بن المسيب ثنا أبو زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السنور سبع انتهى قال الحاكم حديث صحيح ولم يخرجاه وعيسى هذا تفرد عن أبي زرعة الا انه صدوق ولم يجرح قط انتهى
[ 205 ]
وتعقبه الذهبي في مختصره وقال ضعفه أبو داود وأبو حاتم انتهى وقال بن أبي حاتم في علله قال أبو زرعة لم يرفعه أبو نعيم وهو أصح وعيس ليس بالقوي انتهى ورواه الدارقطني في سننه بقصة فيه عن أبي النصر عن عيسى بن المسيب قال حدثني أبو زرعة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الانصار ودونهم دار فشق ذلك عليهم فقالوا يا رسول الله تأتي دار فلان ولا تأتي دارنا فقال عليه الصلاة والسلام لان في داركم كلبا قالوا فإن في دارهم سنورا فقال عليه السلام السنور سبع انتهى ثم أخرجه مختصرا من جهة وكيع ومحمد بن ربيعة كلاهما عن سعيد بن المسيب عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السنور سبع وقال وكيع الهر سبع انتهى ورواه أحمد وابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه في مسانيدهم عن وكيع به بلفظ الهر سبع وأخرجه العقيلي في كتاب الضعفاء عن عيسى بن المسيب به وضعف عيسى عن يحيى بن معيوقال لا يتابعه الا من هو مثله أو دونه انتهى أحاديث الباب روى الطحاوي في شرح الآثار من حديث قرة بن خالد ثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغسل الاناء من ولوغ الهرة مرة أو مرتين انتهى قال إسناده صحيح متصل ثم أخرجه عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة موقوفا قال وهذا لا يقدح في رفعه لان قرة اضبط واثبت وأيضا فان أبا هريرة لم يكن يحدث عن نفسه ثم اسند إلى محمد بن سيرين انه كان إذا حدث عن أبي هريرة فقيل له اهذا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيقول كل حديث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مع انه روى عنه موقوفا من طريق آخر ثم أخرجه عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة قال يغسل الاناء من سؤر الهرة كما يغسل من سؤر الكلب انتهى وهذا رواه الدارقطني في سننه مرفوعا وموقوفا قال صاحب التنقيح وهذا لا يصح عن أبي صالح مرفوعا والصحيح وقفه على أبي
[ 206 ]
هريرة انتهى حديث آخر رواه الترمذي في كتابه حدثنا سوار بن عبد الله العنبري ثنا المعتمر بن سليمان سمعت أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغسل الاناء إذا ولغ فيه الكلب سبع مرا ت وإذا ولغت الهرة غسل مرة انتهى وقال حديث حسن صحيح وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه ولوغ الهر انتهى قال بن الجوز في التحقيق والسوار قال فيه سفيان الثوري ليس بشئ قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا وهم فاحش فان سوارا هذا شيخ الترمذي هو سوار بن عبد الله بن سوار بن عبد الله بن قدامة مات سنة خمس وأربعين ومائتين وروى عنه أبو داود والنسائي وخلق وقال النسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات وسوار الذي جرحه سفيان هو سوار بن عبد الله بن قدامة متقدم الطبقة انتهى وأخذ صاحب التنقيح هذا الكلام برمته فنقله في كتابه متعقبا على بن الجوزي من غير ان يعزوه لقائله والله اعلم قال في التنقيح وعلة الحديث ان مسددا رواه عن معتمر فوقفه رواه عنه أبو داود قال في الامام والذي تلخص انه مختلف في رفعه واعتمد الترمذي في تصحيحه على عدالة الرجال عنده ولم يلتفت لوقف من وقفه والله اعلم أحاديث طهارة سؤر السباع واستدل بن الجوزي للشافعية على ذلك بحديثين أحدهما أخرجه بن ماجة عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن أبيه عن عطاء عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحياض التي بين مكة والمدينة فقيل له ان الكلاب والسباع ترد عليها فقال لها ما أخذت في بطونها ولنا ما بقي شراب وطهر انتهى وهو معلول بعبد الرحمن ويلزمهم القول بطهارة سؤر الكلب أيضا الحديث الثاني أخرجه الدارقطني في سننه عن داود بن الحصين عن أبيه عن جابر قيل يا رسول الله انتوضأ بماء افضلت الحمر قال نعم وبماء افضلت السباع وداود بن الحصين وان كان اخرجا له في الصحيحين وروى عنه مالك فقد ضعفه بن حبان
[ 207 ]
الحديث الثامن والاربعون حديث الطوف المعلل به طهارة الهر قلت رواه
[ 208 ]
أصحاب السنن الاربعة من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن حميدة بنت عبيد بن رفاعة هكذا في الموطإ عن خالتها كبشة ابنة كعب بن مالك وكانت تحت بن أبي قتادة ان أبا قتادة دخل عليها فسكبت له وضوءا فجاءت هرة تشرب فاصغى لها الاناء حتى شربت قالت كبشة فرآني انظر إليه فقال اتعجبين يا ابنة أخي فقلت نعم فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها ليست بنجس انها هي من الطوافين عليكم أو الطوافات انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وهو أحسن شئ في الباب وقد جوده مالك ولم يأت به أحد أتم منه انتهى ورواه مالك في الموطأ كما تراه سواء ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث ورواه الحاكم في المستدرك وقال وقد صحح مالك هذا الحديث واحتج به في موطئه وقد شهد البخاري ومسلم لمالك انه الحكم في حديث المدنيين فوجب الرجوع إلى هذا الحديث في طهارة الهرة انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام ورواه بن خزيمة وابن مندة في صحيحيهما ولكن بن مندة قال وحميدة وخالتها كبشة لا يعرف لهما رواية الا في هذا الحديث ومحلهما محل الجهالة ولا يثبت هذا الخبر من وجه من الوجوه قال الشيخ وإذا لم يعرف لهما رواية الا في هذا الحديث فلعل طريق من صححه ان يكون اعتمد على إخراج مالك لروايتهما مع شهرته بالتثبت انتهى قال المنذري في مختصره قوله ليست بنجس بفتح الجيم وهو كل ميستقذر قال تعالى انما المشركون نجس وروى أو الطوافات باو وروى بالواو كلاهما عن مالك انتهى قوله وسيب الشك تعارض الادلة في إباحته وحرمته واختلاف الصحابة في طهارته ونجاسته قلت كلام المصنف في سؤر البغل والحمار والذي يظهر عود الضمير إلى السؤر فتكون الاحاديث في ذلك غريبة وان كان الضمير راجعا
[ 209 ]
إلى اللحم فحرمة لحم الحمار في الصحيحين عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر وإباحته في سنن أبي داود من حديث غالب بن ابجر قال اصابتنا سنة فلم يكن في مالي شئ اطعم اهلي الا شئ من حمر وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حرم لحوم الحمر الاهلية فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اصابتنا السنة ولم يكن في مالي ما اطعم اهلي الا سمان حمر وانك حرمت لحوم الحمر الاهلية فقال اطعم أهلك من سمين حمرك فانما حرمتها من اجل جوال القرية انتهى وفي إسناده اختلاف كثير واضطرب وسوف يأتي في الذبائح مستوفي ان شاء الله تعالى الحديث التاسع والاربعون حديث التوضي بنبيذ التمر قلت روى من حديث بن مسعود ومن حديث بن عباس اما حديث بن مسعود فرواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن عبد الله بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن عندك طهور قال لا الا شئ من نبيذ في اداوة قال تمرة طيبة وماء طهور انتهى زاد الترمذي قال فتوضأ منه قال الترمذي وانما روى هذا الحديث عن أبي زيد عن عبد الله وأبو زيد رجل مجهول عند أهل الحديث لا يعر ف له غير هذا الحديث انتهى ووهم شيخنا علاء الدين فعزاه للاربعة والنسائي لم يروه أصلا والله اعلم ورواه أحمد في مسنده وزاد في لفظه فتوضأ منه وصلى وقد ضعف العلماء هذا الحديث بثلاث علل أحدها جهالة أبي زيد والثاني التردد في أبي فزارة هل هو راشد بن كيسان أو غيره والثالث ان بن مسعود لم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن اما الاول فقد قال
[ 210 ]
الترمذي أبو زيد رجل مجهول لا يعرف له غير هذا الحديث وقال بن حبان في كتاب الضعفاء أبو زيد شيخ يروى عن بن مسعود ليسيدري من هو ولا يعرف أبوه ولا بلده ومن كان بهذا النعت ثم لم يرو الا خبرا واحد خالف فيه الكتاب والسنة والاجماع والقياس استحق مجانبة ما رواه انتهى قال بابي حاتم في كتابه العلل سمعت أبا زرعة يقول حديث أبي فزارة في الوضوء بالنبيذ ليس بصحيح وأبو زيد مجهول وذكر بن عدي عن البحاري قال أبو زيد الذي روى حديث بن مسعود في الوضوء بالنبيذ مجهول لا يعرف بصحبته عبد الله ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف القرآن انتهى العلة الثانية وهي التردد في أبي فزارة فقيل هو راشد بن كيسان وهو ثقة اخرج له مسلم وقيل هما رجلان وان هذا ليس براشد ين كيسان وانما هو رجل مجهول وقد نقل عن الامام أحمد انه قال أبو فزارة في حديث بن مسعود رجل مجهول وذكر البخاري أبا فزارة العبسي غير مسمى فجعلهما اثنين وفي كل هذا نظر فإنه قد روى هذا الحديث عن أبي فزارة جماعة فرواه عنه شريك كما أخرجه أبو داود والترمذي ورواه عنه سفيان والجراح بن مليح كما أخرجه بن ماجة ورواه عنه إسرائيل كما أخرجه البيهقي و عبد الرزاق في مصنفه ورواه عنه قيس بن الربيع كما اخرجهما عبد الرزاق والجهالة عند المحدثين تزول برواية اثنين فصاعدا فأين الجهالة بعد ذلك الا ان يراد جهالة الحال هذا وقد صرح بن عدي بأنه راشد بن كيسان فقال مدار هذا الحديث على أبي فزارة عن أبي زيد وأبو فزارة اسمراشد بن كيسان وهو مشهور وأبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول وحكى عن الدارقطني انه قال أبو فزارة في حديث النبيذ اسمه راشد بن كيسان وقال بن عبد البر في كتاب الاستيعاب أبو فزارة العبسي راشد بن كيسان ثقة عندهم وذكر من روى عنه ومن روى هو عنه قال واما أبو زيد مولى عمرو بن حريث مجهول عندهم لا يعرف بغير رواية أبي فزارة وحديثه عن بن مسعود في الوضوء بالنبيذ منكر لا أصل له ولا رواه من يوثق به ولا يثبت انتهى
[ 211 ]
العلة الثالثة وهي إنكار كون بن مسعود شهد ليلة الجن فقد اختلف في ذلك لاختلاف ما ورد في ذلك فما ورد انه لم يشهد ما رواه مسلم من حديث الشعبي عن علقمة قال سألت بن مسعود هل شهد منكم أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ففقدناه فالتمسناه في الاودية والشعاب فقلنا استطير أو اغتيل قال فبتنا ليلة بشر ليلة بات بها قوم فلما أصبحنا إذا هو جائي من قبل حراء فقلت يا رسول الله فقدناك فطلبناك فلم نجدك فبتنا بشر ليلة فقال أتاني داعي الجن فذهبت معهم فقرات عليهم القرآن وانطلق بنا فارانا آثارهم وآثار نيرانهم وسالوه الزاد فقال لكم كل عظم ولكم كل بعرة علفا لدوابكم ثم قال لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم انتهى وفي لفظ له قال لم أكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ووددت أني كنت معه وفي لفظ وكانوا من جن الجزيرة ورواه أبو داود مختصرا لم يذكر القصة ولفظه عن علقمة قال قلت لعبد الله بن مسعود من كان منكم مع النبي صلى الله عليه وسلم قال ما كان معه منا أحد انتهى ورواه الترمذي بتمامه في الجامع في تفسير سوة الاحقاف وهذا الحديث يدفع تأويل من جمع بين الاخبار الدالة على أنه شهد وانه لم يشهد بأنه كان معه واجلسه في الحلقة وعند مخاطبته للجن لم يكن معه قال البيهقي في دلائل النبوة وقد دلت الاحاديث الصحيحة على ان بن مسعود لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وانما كان معه حين انطلق به وبغيره يريهم آثارهم وآثار نيرانهم قال وقد روى انه كان معه ليلته ثم اسند إلى عبد الله بن مسعود قال اتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اني أمرت ان اقرأ على إخوانكم من الجن ليقم معي رجل منكم ولا يقم معي رجل في قلبه مثقال حبة من كبر قال فقمت معه ومعي اداوة من ماء حتى إذا برزنا خط حولي خطة ثم قال لا تخرجن منها فإنك ان خرجت منها لم ترني ولم ارك إلى يوم القيامة هل معك من وضوء قلت لا قال فما في اداوتك قلت نبيذ قال تمرة حلوة وماء طيب ثم توضأ واقام الصلاة فلما قضى الصلاة قام إليه رجلان من الجن فسألاه المتاع قال الم آمر لكما ولقومكما ما يصلحكما قالا بلى ولكنا احببنا ان يحضر بعضنا معك قال ممن أنتما قالا من أهل نصيبين قال قد افلح هاذان وقومهما وامر لهما بالطعام والرجيع ونهانا ان نستنجي بعظم أو روث انتهى وهذا رواه أحمد في مسنده وابن أبي شيبة في مصنفه والفاظهم متقاربة قال البيهقي وهذا يخالف ما في الصحيح من فقدهم إياه حتى قيل اغتيل واستطير الا ان يكون المراد
[ 212 ]
من فقده غير الذي علم بخروجه ثم اسند البيهقي إلى موسى بن على عن رباح عن أبيه عن بن مسعود قال استتبعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان نفرا من الجن خمسة عشر بني اخوة وبني عم يأتوني الليلة فاقرأ عليهم القرآن فانطلقت معه إلى المكان الذي أراد فخط لي خطا واجلسني فيه وقال لي لا تخرج من هذا فبت فيه حتى أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السحر وفي يده عظم حائل وروثة وحممة فقال لي إذا ذهبت إلى الخلاء فلا تستنج بشئ من هؤلاء قال فلما أصبحت قلت لاعلمن علمي حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذهبت فرأيت مبرك ستين بعيرا انتهى ثم اسند البيهقي إلى أبي عثمان النهدي ان بن مسعود أبصر زطا في بعض الطريق فقال ما هؤلاء فقالوا هؤلاء الزط قال ما رأيت شبههم الا الجن ليلة الجن وكانوا مستفزين يتبع بعضهم بعضا انتهى وذكر الترمذي في جامعه ان بن مسعود شهد ليلة الجن تعليقا فروى في باب كرامة ما يستنجي به من حديث حفص بن غياث عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنه زاإخوانكم من الجن انتهى ثم قال وقد روى هذا الحديث إسماعيل بن إبراهيم وغيره عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن علقمة عن عبد الله انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن الحديث بطوله قال وكأن رواية إسماعيل أصح من رواية حفص بن غياث انتهى لكنه رواه متصلا في أبواب الامثال عن أبي عثمان النهدي عن بن مسعود قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم انصرف فأخذ بيد بن مسعود حتى خرج به إلى بطحاء مكة فأجلسه ثم خط عليه خطا ثم قال لا تبرحن خطك فإنه سينتهي إليك رجال فلا تكلمهم فإنهم لا يكلمونك قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أراد بينما انا جالس في خطي إذ أتاني رجال كأنهم الزط فذكر حديثا طويلا ثم قال حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه انتهى وروى أحمد في مسنده حدثنا عارم وعفان قالا ثنا معتمر قال قال أبي حدثني أبو تميمة عن عمرو البكالي عن عبد الله بن مسعود قال استبعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقنا حتى أتينا مكان كذا وكذا فخط لي خطة وقال لي كن بين ظهري هذه لا تخرج منها فإنك ان خرجت هلكت ثم ذكر حديثا طويلا واخرج الطحاوي هذا الحديث في كتابه المسمى بالرد على الكرابيسي ثم قال والبكالي هذا من أهل الشام ولم يرو هذا الحديث عنه الا أبو تميمة هذا وليس هو بالهجيمي بل هو السلمي بصري ليس بالمعروف انتهى
[ 213 ]
طريق آخر لحديث بن مسعود رواه أحمد في مسنده والدارقطني في سننه عن أبي سعيد مولي بني هاشم عن حما بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي رافع عن بن مسعود ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له ليلة الجن امعك ماء قال لا قال امعك نبيذ أحسبه قال نعم فتوضأ به انتهى قا الدارقطني علي بن زيد ضعيف وأبو رافع لم يثبت سماعه من بن مسعود انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وهذا الطريق أقرب من طريق أبي فزارة وان كان طريق أبي فزارة اشهر فان علي بن زيد وان ضعف فقد ذكر بالصدق قال وقول الدارقطني وأبو رافع لم يثبت سماعه من بن مسعود لا ينبغي ان يفهم منه انه لا يمكن ادراكه وسماعه منه فان أبا رافع الصائغ جاهلي إسلامي قال أبو عمر بن عبد البر في الاستيعاب هو مشهور من علماء التابعين وقال في الاستيعاب لم ير النبي صلى الله عليه وسلم فهو من كبار التابعين اسمه نفيع كان أصله من المدينة ثم انتقل إلى البصرة روى عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب و عبد الله بن مسعود وروى عنه خلاس بن عمرو الهجري والحسن البصري وقتادة وثابت البناني وعلي بن زيد ولم يرو عنه أهل المدينة وقال في الاستيعاب عظم روايته عن عمر وأبي هريرة ومن كان بهذه المثابة فلا يمتنع سماعه من جميع الصحابة اللهم الا ان يكون الدارقطني يشترط في الاتصال ثبوت السماع ولو مرة وقد أطنب مسلم في الكلام على هذا المذاهب انتهى كلامه طريق آخر رواه الدارقطني من حديث محمد بن عيسى بن حيان عن الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الاحوص عن بن مسعود قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ معك اداوة من ماء ثم انطلق وانا معه فذكر حديث ليلة الجن ثم قال فلما افرغت عليه من الاداوة إذا هو نبيذ فقلت يا رسول الله أخطأت بالنبيذ فقال تمرة حلوة وماء عذب قال الدارقطني تفرد به الحسن بن قتيبة عن يونس بن أبي إسحاق والحسن بن قتيبة ومحمد بن عيسى ضعيفان انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني عن معاوية بن سلام عن أخيه زيد عن جده أبي سلام عن بن غيلان الثقفي انه سمع عبد الله بن مسعود يقول دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن بوضوء فجئته بأداوة فإذا فيها نبيذ فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى قال الدارقطني وابن غيلان هذا مجهول قيل اسمه عمرو وقيل عبد الله بن عمرو بن
[ 214 ]
غيلان انتهى ورواه أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة من طريق الطبراني بسنده إلى معاوية عن عمرو بن غيلان والله اعلم طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن الحسين بن عبيد الله العجلي ثنا أبو معاوية عن الاعمش عن أبي وائل قال سمعت بن مسعود يقول كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فأتاهم فقرأ عليهم القرآن فقال لي رسول اللصلى الله عليه وسلم في بعض الليل امعك ماء يا بن مسعود قلت لا والله يا رسول الله الا اداوة فيها نبيذ فقال عليه السلام تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ به قال الدارقطني والحسين بن عبيد الله العجلي يضع الحديث على الثقات طريق آخر رواه الطحاوي في كتابه حدثنا يحيى بن عثمان ثنا اصبغ بن الفرج وموسى بن هارون البردي قالا ثنا جرير بن عبد الحميد عن قابوس عن أبيه عن بن مسعود قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البراز فخط خطا وادحلني فيه وقال لي لا تبرح حتى ارجع إليك ثم أبطأ فما جاء حتى السحر وجعلت اسمع الاصوات ثم جاء فقلت أين كنت يا رسول الله فقال أرسلت إلى الجن فقلت ما هذه الاصوات التي سمعت قال هي أصواتهم حين ودعوني وسلموا علي انتهى قال الطحاوي ما علمنا لاهل الكوفة حديثا يثبت ان بن مسعود كان مع النبي صلى الله عليه سلم ليلة الجن مما يقبل مثله الا هذا انتهى طريق آخر رواه بن عدي في الكامل من حديث أبي عبد الله الشقري عن شريك القاضي عن أبي زائد عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امعك ماء قلت لا الا نبيذ في اداوة قال تمرة طيبة وماء طهور فتوضأ انتهى ثم قال وهذا الاسناد شوشه أبو عبد الله الشقري عن شريك فلا أدري من قبله أو من قبل شريك فان جماعة كالثوري وإسرائيل وعمرو بن أبي قيس وغيرهم رووه عن أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن بن مسعود وهذه الرواية الصحيحة وأبو زيد رجل مجهول والحديث ضعيف به انتهى كلامه فقد تلخص لحديث بن مسعود سبعة طرق صرح في بعضها انه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو مخالف لما في صحيح مسلم أنه لم يكن معه وقد جمع بينهما بأنه لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم حين المخاطبة وانما كان بعيدا منه ومن الناس من جمع بينهما بان ليلة الجن كانت مرتين ففي أول مرة خرج إليهم لم يكن مع النبي صلى الله عليه وسلم بن مسعود ولا غيره كما هو
[ 215 ]
ظاهر حديث مسلم ثم بعد ذلك خرج معه ليلة أخرى كما روى بن أبي حاتم في تفسيره في أول سورة الجن من حديث بن جريج قال قال عبد العزيز بن عمر اما الجن الذين لقوه بنخلة فمن نينوى واما الجن الذين لقوه بمكة فحن نصيبين وتأول البيهقي حديث مسلم قال انه يقول فبتنا بشر ليلة بات بها قوم على غير بن مسعود ممن لم يعلم بخروجه عليه السلام إلى الجن قال وهو محتمل على بعد قال وقد اخرج البخاري عن سعيد بن عمرو قال كان أبو هريرة يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأداوة لوضوئه وحاجته فأدركه يوما فقال من هذا قال انا أبو هريرة قال ائتني بأحجار استنجي بها ولا تأتني بعظم ولا روثة فأتيته بأحجار في ثوبي فوضعتها إلى جنبه حتى إذا فرغ وقام اتبعته فقلت يا رسول الله ما بال العظم والروثة قال أتاني وفد جن نصيبين فسألوني الزاد فدعوت الله لهم ان لا يمروا بروثة ولا عظم الا وجدوا طعاما انتهى قال فهذا يدل على انهم وفدوا عليه بعد ذلك قال ومما يدل على وفادتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما هاجر إلى المدينة ما رواه أبو نعيم في كتاب دلائل النبوة حدثنا سليمان بن أحمد ثنا محمد بن عبد المصيصي ثنا أبو معاوية الربيع بن نافع ثنا معاوية بن سلام عن زيد بن اسلم انه سمع أبا سلام يقول حدثني عمر بن غيلان الثقفي قال أتيت عبد الله بن مسعود فقلت له حدثت انك كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن قال اجل قلت حدثني كيف كان قال ان أهل الصفة اخذ كل رجل منهم رجلا يعشيه الا انا فإنه لم ياخذني أحد فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذا فقلت انا بن مسعود فقال ما اخذك أحد يعشيك قلت لا يا رسول الله قال فانطلق لعلي أجد لك شيئا فانطلق حتى اتى حجرة أم سلمة فتركني ودخل إلى أهله ثم خرجت الجارية فقالت يا بن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجد لك عشاءا فارجع إلى مضجعك فرجعت إلى المسجد فجمعت حصباء المسجد فتوسدته والتففت بثوبي فلم البث الا قليلا حتى جاءت الجارية فقالت اجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعتها حتى بلغت مقامي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده عسيب نخل فعرض به علي صدري فقال انطلق أنت معي حيث انطلقت قال فانطلقنا حتى أتينا بقيع الغرقد فخط بعصاه خطة ثم قال اجلس فيها ولا تبرح حتى آتيك ثن انطلق يمشي وانا انظر إليه حتى إذا كان من حيث لا أراه ثارت مثل العجاجة السوداء ففزعت وقلت في نفسي هذه هوازن مكروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه فهممت ان اسعى إلى البيوت فاستغيث الناس فذكرت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني
[ 216 ]
ان لا ابرح وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفزعهم بعصاه ويقول اجلسوا فجلسوا حتى كاد ينشق عمود الصبح ثم ثاروا وذهبوا فأتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انمت فقلت لا والله ولقد فزعت الفزعة الاولى حتى هممت ان آتي البيوت فاستغيث الناس حتى سمعتك تفزعهم بعصاك فقال لو انك خرجت من هذه الحلقة لم آمن ان تخطف فهل رأيت شيئا منهم قلت رأيت رجالا سودا مستفزين بثياب بيض قال أولئك وفد جن نصيبين فسألوني الزاد والمتاع فمتعتهم بكل عظم حائل أو روثة أو بعرة قلت وما يغني ذلك عنهم قال انهم لا يجدون عظما الا وجدوا عليه لحمه الذي كان عليه يوم أكل ولا روثة الا ووجدوا فيها حبتها الذي كان فيها يوم اكلت فلا يستنجي أحد منكم بعظم ولا بعرة انتهى وفي سنده رجل لم يسم ثم اخرج أبو نعيم عن بقية بن الوليد حدثني نمير بن يزيد القيني ثنا أبي ثنا قحافة بربيعة حدثني الزبير بن العوام قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح في مسجد المدينة فلما انصرف قال أيكم يتبعني إلى وفد الجن الليلة فاسكت القوم ثلاثا فمر بي فأخذ بيدي فجعلت امشي معه حتى خنست عنا جبال المدينة كلها وافضينا إلى ارض براز فإذا رجال طوال كأنهم الرماح مستنفرين ثيابهم من بين ارجلهم فلما رايتهم غشيتني رعدة شديدة ثم ذكر نحو حديث بن مسعود وضعف البيهقي في سننه حديث بن مسعود بان بن مسعود انكر شهوده مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن وأنكره ابنه أبو عبيدة وأنكره إبراهيم النخعي ثم اسند إلى بن مسعود انه قال لم أكن مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن ووددت اني كنت معه ثم اسند إلى الشعبي قال سألت علقمة هل كان بن مسعود شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فذكره إلى آخره بلفظ مسلم ثم اسند إلى عمرو بن مرة قال سألت أبا عبيدة بن عبد الله أكان عبد الله مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن قال لا وسالت إبراهيم فقال ليت صاحبنا كان ذاك انتهى وهذا منقطع فإن البيهقي قال في باب من كبر بالطائفتين أبو عبيدة لم يدرك أباه انتهى وإبراهيم أيضا لم يسمع من بن مسعود ثم ذكر البيهقي صفة انبذتهم التي كانت فساق بسنده إلى عائشة قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء ننبذه غدوة فيشربه عشاءا وننبذه عشاءا فيشربه غدوة وهذا رواه مسلم ثم اسند البيهقي إلى أبي العالية قال ترى نبيذكم هذا الخبيث انما كان ما يلقى فيه تمرات فيصير جلوا انتهى ومقتضى كلامه ان مثل هذا النبيذ يجوز الوضوء به ومذهب الشافعية ان التمر ونحوه إذا غلب وصف منه أو أكثر على الماء فازال اسمه يمتنع الوضوء به
[ 217 ]
والظاهر ان ما ينبذ من غدوة إلى العشاء وصار حلوا صار كذلك ولانه عليه السلام قال هل معك ماء قال لا فدل االماء استحال في التمر حتى سلب عنه اسم الماء والا لما صح نفيه عنه والله اعلم وضعف الطحاوي أيضا حديث بن مسعود واختار انه لا يجوز له الوضوء لا في سفر ولا في حضر وقال ان حديث بن مسعود روى من طرق لا تقوم مثلها حجة وقد قال عبد الله بن مسعود اني لم أكن ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم ووددت أين كنت معه وسئل أبو عبيدة هل كان أبوك ليلة الجن مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا مع ان فيه انقطاعا لان أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ولم نعتبر فيه اتصالا ولا انقطاعا ولكنا احتججنا بكلام أبي عبيدة لا مثله في تقدمه في العلم ومكانه من امره وخلطته بخاصته من بعده لا يخفى عليه مثل هذا من أموره فجعلنا قوله حجة فيه قال وقد احمع الناس على انه لا يجوز الوضوء به مع وجود الماء فكذلك هو عند الماء والمروى في حديث بن مسعود انه توضأ به انما هو وهو عليه السلام غير مسافر لانه خرج من مكة يريدهم فهو في حكم استعماله له بمكة فلو ثبت ذلك جاز الوضوء به في حال وجود الماء فلما اجمعوا على خلاف ذلك ثبت طرحهم لهذا الحديث وهو النظر عندنا انتهى كلامه ملخصا من شرح الآثار وقوله في الكتاب ان في الحديث اضطرابا وفي التاريخ جهالة وليلة الجن كانت غير واحدة والحديث مشهور عملت به الصحابة ونقل عن الشافعي انه منسوخ بآية التيمم لانها مدنية وليلة الجن كانت بمكة انتهى اما الاضطراب
[ 218 ]
فقد روى ان بن مسعود شهد ليلة الجن وروى انه لم يشهد واما جهالة التاريخ ففيه نظر لان أهل السير ذكروا ان قدوم وفد نصيبين كان قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين قال السروجي وقوله ليلة الجن يوهم انها كانت بالمدينة ولم ينقل في كتب الحديث وهذا فيه نظر تقرر عند مسلم في حديث بن مسعود فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء واما كونه مشهورا فليس يريد المشهور الاصطلاحي واما عمل الصحابة ففي سنن الدارقطني عن عبد الله بن محرر عن عكرمة عن بن عباس قال النبيذ وضوء من لم يجد الماء واخرج أيضا عن الحارث عن علي انه كان لا يرى بأسا بالوضوء بالنبيذ واخرج أيضا عن مزيدة بن جابر عن علي قال لا باس بالوضوء بالنبيذ واما حديث بن عباس فرواه بن ماجة في سننه من طريق بن لهيعة ثنا قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود ليلة الجن معك ماء قال لا الا نبيذ في سطيحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة طيبة وماء طهور صب على فصببت عليه فتوضأ به انتهى وظاهر هذا اللفظ يقتضي انه مسند بن عباس لكن الطبراني في معجمه جعله من مسند بن مسعود وكذلك البزار في مسنده ولفظهما بالاسناد المذكور عن بن عباس عن بن مسعود انه وضأ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجن بنبيذ فتوضأ وقال ماء طهور انتهى قال البزار هذا حديث لا يثبت لان بن لهيعة كانت كتبه قد احترقت وبقي يقرأ من كتب غيره فصار في أحاديثه مناكير وهذا منها انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال تفرد به بن لهيعة وهو ضعيف وينظر لفظه ومن أحاديث الباب ما رواه الدارقطني في سننه من حديث مجاعة عن أبان عن عكرمة عبن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لم يجد أحدكم ماءا ووجد النبيذ فليتوضأ به انتهى قال الدارقطني أبان هو أبان بن أبي عياش متروك ومجاعة ضعيف والمحفوظ انه من قول عكرمة غير مرفوع طريق آخر أخرجه الدارقطني ثم البيهقي عن المسيب بن واضح ثنا مبشر بن إسماعيل عن الاوزاعي عن يحيى ب أبي كثير عن عكرمة عن بن عباس مرفوعا نحوه سواء قال الدارقطني وهم فيه المسيب بن واضح والمحفوظ من قول عكرمة غير مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولا إلى بن عباس ثم ساقه بسنده إلى عكرمة من قوله وقال
[ 219 ]
البيهقي وهم فيه المسيب بن واضح في موضعين في ذكره بن عباس وفي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم والمحفوظ فيه من قول عكرمة كما رواه هقل بن زياد والوليد بن مسلم عن الاوزاعي وكذلك رواه شيبان النحوي وعلي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة وكان المسيب رحمه الله كثير الوهم والله اعلم انتهى باب التيمم الحديث الاول قال النبي صلى الله عليه وسلم التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء قلت روى من حديث أبي ذر ومن حديث أبي هريرة فحديث أبي ذر رواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبي قلابة عن عمرو بن بجدان عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين ما لم يجد الماء فإذا وجد الماء فليمسه بشرته فان ذلك خير انتهى
[ 220 ]
وطوله أبو داود قال الترمذي حديث حسن صحيح وفي رواية لابي داود والترمذي طهور المسلم أخرجه أبو داود والترمذي عن خالد الحذاء عن أبي قلابة وأخرجه النسائي عن أيوب عن أبي قلابة به بالطريقين رواه بن حبان في صحيحه في النوع الثلاثين من القسم الاول ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح ولم يخرجاه إذ لم يجدا لعمرو راويا غير أبي قلابة الجرمي انتهى وبالطريقين أيضا رواه الدارقطني في سننه ورواه أيضا من حديث قتادة عن أبي قلابة وضعف بن القطان في كتابه الوهم والايهام هذا الحديث فقال وهذا حديث ضعيف بلا شك إذا لا بد فيه من عمرو بن بجدان وعمرو بن بجدان لا يعرف له حال وانما روى عنه أبو قلابة واختلف عنه فقال خالد الحذاء عنه عن عمرو بن بجدان ولم يختلف على خالد في ذلك واما أيوب فإنه رواه عن أبي قلابة واختلف عليه فمنهم من يقول عنه عن أبي قلابة عن رجل من بني قلابة ومنهم من يقول عن رجل فقط ومنهم من يقول عن عمرو بن بجدان كقول خالد منهم من يقول عن ابى المهلب ومنهم من لا يجعل بينهما أحدا فيجعله عن أبي قلابة عن أبي ذر ومنهم من يقول عن أبي قلابة ان رجلا من بني قشير قال يا نبي الله هذا كله اختلاف على أيوب في روايته عن أبي قلابة وجميعه في سنن الدارقطني وعلله انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام ومن العجب كون القطان لم يكتف بتصحيح الترمذي في معرفة حال عمرو بن بجدان مع تفرده بالحديث وهو قد نقل كلامه هذا حديث حسن صحيح وأي فرق بين ان يقول هو ثقة أو يصحح له حديث انفرد به وان كان توقف عن ذلك لكونه لم يرو عنه الا أبو قلابة فليس هذا بمقتضى مذهبه فإنه لا يلتفت إلى كثرة الرواة في نفي جهالة الحال فكذلك لا يوجب جهالة الحال بانفراد راو واحد عنه بعد وجود ما يقتضى تعديله وهو تصحيح الترمذي واما الاختلاف الذي ذكره من كتاب الدارقطني فينبغي على طريقته وطريقة الفقه ان ينظر في ذلك إذ لا تعارض بين قولنا عن رجل وبين قولنا عن رجل من بني عامر وبين قولنا عن عمرو بن بجدان واما من اسقط ذكر هذا الرجل فيأخذ بالزيادة ويحكم بها واما من قال عن أبي المهلب فان كان كنية لعمرو فلا اختلاف والا فهي رواية واحدة مخالفة احتمالا لا يقينا واما من قال ان رجلا من بني قشير قال يا نبي الله
[ 221 ]
فهي مخالفة فكان يجب ان ينظر في اسنادها على طريقته فان لم يكن ثابتا لم يعلل بها انتهى كلامه واما حديث أبي هريرة فرواه البزار في مسنده حدثنا مقدم بن محمد المقدمي حدثني القاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم ثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصعيد وضوء المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته انتهى قال البزار لا نعلمه يروى عن أبي هريرة الا من هذا الوجه ولم نسمعه الا من مقدم وكان ثقة انتهى ورواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن محمد بن صدقة ثنمقدم بن محمد المقدمي به عن أبي سيرين عن أبي هريرة قال كان أبو ذر في غنيمة بالمدينة فلما جاء قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر فسكت فرددها عليه فسكت فقال يا أبا ذر ثكلتك أمك قال اني جنب فدعا له الجارية بماء فجاءته به فاستتر براحلته ثم اغتسل فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يجزئك الصعيد ولو لم تجد الماء عشرين سنة فإذا وجدته فامسه جلدك انتهى وقال لم يروه عن بن سيرين الا هشام ولا عن هشام الا القاسم تفرد به مقدم انتهى وذكره بن القطان في كتابه من جهة البزار وقال إسناده صحيح وهو غريب من حديث أبي هريرة وله علة والمشهور حديث أبي ذر الذي صححه الترمذي وغيره قال والقاسم بن يحيى بن عطاء بن مقدم أبو محمد الهلال الواسطي يروى عن عبيد الله بن عمر و عبد الله بن عثمان بن خثيم وروى عنه بن أخيه مقدم بن يحيى الواسطي وأحمد بن حنبل واخرج له البخاري في التفسير والتوحيد وغيرهما من صحيحه معتمدا ما يرويه انتهى كلامه الحديث الثاني قال النبي صلى الله عليه وسلم التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين
[ 222 ]
إلى المرفقين قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث جابر ومن حديث عائشة اما حديث بن عمر فرواه في المستدرك والدارقطني في سننه من حديث علي بن ظبيان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين انتهى سكت عنه الحاكم وقال لا اعلم أحدا اسنده عن عبيد الله غير علي بن ظبيان وهو صدوق وقد وقفه يحيى بن سعيد وهشيم وغيرهما ومالك عن نافع وقال الدارقطني هكذا رفعه علي بن ظبيان وقد وقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما وهو الصواب ثم اخرج حديثهما وقد ضعف بعضهم هذا الحديث بعلي بن ظبيان قال في الامام قال بن نمير يخطئ في حديثه كله وقال يحيى بن سعيد أو أبو داود ليس بسئ وقال النسائي وأبو حاتم متروك وقال أبو زرعة واهي الحديث وقال بن حبان يسقط الاحتجاج بأخباره انتهى وكذلك رواه بن عدي وقال رفعه علي بن ظبيان والثقات كالثوري ويحيى القطان وقفوه وضعف علي بن ظبيان عن النسائي وابن معين ووافقهما عليه طريق آخر أخرجه الحاكم والدارقطني أيضا عن سليمان بن أبي داود الحراني عن سالم ونافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه سواء طريق آخر أخرجه الحاكم والدارقطني أيضا عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن سالم به قال الدارقطني سليمان بن أرقم وسليمان بن أبي داود ضعيفان وقال الحاكم سليمان بن أرقم وسليمان بن أبي داود ليسا من شروط هذا الكتاب ولكن ذكرناهما في الشواهد انتهى واما حديث جابر فرواه الحاكم في المستدرك أيضا والدارقطني في السنن من حديث عثمان بن محمد الانماطي ثنا حرمي بن عمارة عن عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التيمم ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى
[ 223 ]
المرفقين انتهى قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الدارقطني رجاله كلهم ثقات انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق وعثمان بن محمد متكلم فيه وتعقبه صاحب التنقيح تابعا للشيخ تقي الدين في الامام وقال ما معناه ان هذا الكلام لا يقبل منه لانه لم يبين من تكلم فيه وقد روى عنه أبو داود وأبو بكر بن أبي عاصم وغيرهما ذكره بن أبي حاتم في كتابه ولم يذكر فيه جرحا والله اعلم وأما حديث عائشة فرواه البزار في مسنده حدثنا يحيى بن حكيم ومحمد بن معمر قالا ثنا حرمي بن عمارة ثنا الحريش الخريت عن بن أبي مليكة عن عائشة ان صلى الله عليه وسلم قال في التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين انتهى قال البزار لا نعلمه يروى عائشة الا من هذا الوجه والحريش رجل من أهل البصرة أخو الزبير بن الخريت انتهى ورواه بن عدي في الكامل وأسند عن البخاري انه قال حريش بن الخريت فيه نظر قال وانا لا اعرف حاله فاني لم اعتبر حديثه انتهى كلامه أحاديث الباب اخرج أبو داود عن محمد بن ثابت العبدي ثنا نافع قال انطلقت مع بن عمر في حاجة إلى بن عباس فقضى بن عمر حاجته وكان من حديثه يومئذ ان قال مر رجل على رسول صلى الله عليه وسلم في سكة من سكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى إذا كاد الرجل ان يتوارى عنه ضر ب بيديه على الحائط ومسح بها وجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه ثم رد على الرجل السلام وقال انه لم يمنعني ان ارد عليك السلام الا اني لم أكن على طهر انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وردت هذه الرواية بالكلام في محمد بن ثابت فعن يحيى بن معين ليس بشئ وقال أبو حاتم ليس بالمتين وقال البخاري خولف في حديثه عن نافع عن بن عمر مرفوعا في التيمم وخالفه أيوب وعبيد الله وغيرهم فقالوا عن نافع عن بن عمر فعله وقال النسائي محمد بن ثابت يروى عن نافع ليس بالقوي وقال بن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه قال وذكر
[ 224 ]
البيهقي في تقوية هذه الرواية أشياء ذكرهونحن نذكر ما يمكن ان يقوله مخالفوه مع الاستعاذة بالله من تقوية الباطل أو تضعيف حق قال البيهقي وقد انكر بعض الحفاظ رفع هذا الحديث على محمد بن ثابت العبدي فقد رواه جماعة عن نافع من فعل بن عمر والذي رواه غيره عن نافع من فعل بن عمر انما هو التيمم فقط فاما هذه القصة فهي عن النبي صلى الله عليه وسلم مشهورة برواية أبي الجهم الحرب بن الصمة وغيره قال الشيخ وينبغي ان يتامل فيما أنكره هذا الحافظ هل هو أصل القصة أو روايتها من حديثا بن عمر أو رفع محمد بن ثابت للمسح إلى المرفقين وفي كلام البيهقي إشارة إلى ان المنكر انما هو رفع مسح اليدين إلى المرفقين لا أصل القصة ولا روايتها من حديث بن عمر لانه قال والذي رواه غيره عن نافع من فعل ان عمر انما هو التيمم فقط وكيف يمكن ان يتأتى رواية هذه القصة على هذا الوجه موقوفة على بن عمر فيتعين ان يكون المنكر عند من انكر هو رقع المسح إلى المرفقين وان التعليل برواية غيره موقوفة فإنه إذا كان المشهور أصل القصة من رواية أبي الجهم وليس فيها ذكر المرفقين فليس ينفع ذلك في تقوية رواية محمد بن ثابت بل قد عده خصومه سببا للتضعيف وان الذي في الصحيح في قصة أبي جهم ويديه وليس فيه وذراعيه والله اعلم انتهى قلت قال البيهقي في المعرفة وقد انكر البخاري رحمه الله على محمد بن ثابت رفع هذا الحديث ورفعه غير منكر فقد رواه الضحاك بن عثمان عن نافع عن بن عمر مرفوعا الا انه لم يذكر التيمم ورواه يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن نافع عن بن عمر فذكره بتمامه الا انه قال مسح وجهه ويديه والذي تفرد به محمد بن ثابت في هذا الحديث ذكر الذراعين ولكن تيمم بن عمر على الوجه والذراعين وفتواه بذلك يشهد بصحة روايه محمد بن ثابت لانه لا يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عنه فدل على انه حفظه من النبي صلى الله عليه وسلم وان محمد بن ثابت حفظه من نافع والله اعلم انتهى كلامه حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق إبراهيم الحربي ثنا أبو نعيم ثنا عزرة بن ثابت عن أبي الزبير عن جابر قال جاء رجل فقال اصابتني جنابة واني تمعكت في التراب فقال اضرب هكذا وضرب بيديه الارض فمسح وجهه ثم ضرب بيديفمسح بها إلى المرفقين انتهى وقال إسناده صحيح
[ 225 ]
انتهى حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي في سننهما عن الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن الاسلع قال اراني رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف امسح فضرب بكفيه الارض رفعهما لوجهه ثم ضرب ضربة أخرى فمسح ذراعيه باطنهما وظاهرهما حتى مس بيديه المرفقين زاد الطبراني قال الربيع فاراني أبي التيمم كما أراه أبوه عن الاسلع ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين انتهى قال البيهقي الربيع بن بدر ضعيف الا انه لم يتفرد به قال الشيخ في الامام والربيع بن بدر قال فيه أبو حاتم لا يشتغل به وقال النسائي والدارقطني متروك وقول البيهقي انه لم يتفرد به لا يكفي في الاحتجا حتى ينظر مرتبته ومرتبة مشاركه فليس كل من يوافق مع غيره في الرواية يكون موجبا للقوة والاحتجاج انتهى كلامه حديث آخر أخرجه البزار في مسنده من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن بن عباس عن عمار قال كنت في القوم حين نزلت الرخصة في المسح بالتراب إذا لم نجد الماء فأمرنا فضربنا واحدة للوجه ثم ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين انتهى قال البزار وقد روى هذا الحديث جماعة عن الزهري عن عبيد الله عن بن عباس عن عمار فتابعوا بن إسحاق ورواه غير واحد عن الزهري عن عبيد الله عن عمار ولم يقل عن بن عباس عن عمار انتهى حديث آخر رواه الدارقطني من حديث أبي عصمة عن موسى بن عقبة عن الاعرج عن أبي جهم قال اقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر جمل اما من غائط واما من بول فسلمت عليه فلم يرد على وضرب الحائط بيده ضربة فمسح بها وجهه ثم ضرب أخرى فمسح بها ذراعيه إلى المرفقين ثم رد السلام وأبو عصمة ان كان
[ 226 ]
هو نوح بن أبي مريفهو متروك حديث آخر رواه البيهقي في سننه من حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن بن المسيب عن أبي هريرة ان ناسا من أهل البادية اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله انا نكون بالرمال الاشهر الثلاثة والاربعة ويكون فينا الجنب والنفساء والحائض ولسنا نجد الماء فقال عليكم بالارض ثم ضر ب بيده على الارض لوجهه ضربة واحدة ثم ضربة أخرى فمسح بها يديه إلى المرفقين انتهى والمثنى بن الصباح ضعيف وسيأتي الكلام على هذا الحديث بأبسط من هذا في الحديث الثالث ان شاء الله تعالى أحاديث الضربة الواحدة روى الائمة الستة في كتبهم من حديث عبد الرحمن بن ابزى ان رجلا اتى عمر فقال اني اجنبت فلم أجد الماء فقال لا تصل فقال عمار اما تذكر يا أمير المؤمنين إذا انا وأنت في سرية فأجنبنا فلم نجد ماءا فأما أنت فلم تصل واما انا فتمعكت في التراب فصليت فقال النبي صلى الله عليه وسلم انما كان يكفيك ان تضرب بيديك الارض ثم تنفخ ثم تمسح بهما وجهك وكفيك فقال عمر نوليك من ذلك ما توليت أخرجوه مختصرا ومطولا حديث آخر روى البخاري ومسلم من حديث الاعمش عن شقيق قال كنت جالسا مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى يا أبا عبد الرحمن ارايت لو ان رجلا اجنب فلم يجد الماء شهرا كيف يصنع بالصلاة فقال عبد الله لا يتيمم وان لم يجد الماء شهرا فقال أبو موسى فكيف بهذه الآية من سورى المائدة فلم تجدوا ماءا فتيمموا بالصعيد طيبا فقال عبد الله لو رخص لهم في هذه الآية لاوشك إذا برد عليهم الماء ان يتيمموا بالصعيد فقال أبو موسى لعبد الله الم تسمع إلى قول عمار بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فاجنبت فلم أجد الماء فتمرغت في الصعيد كما تمرغ الدابة ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال انما كان يكفيك ان تقول بيديك هكذا ثم ضرب بيديه الارض ضربة واحدة ثم مسح الشمال على اليمين وظاهر كفيه ووجهه فقال عبد الله أولم تر عمر لم يقنع بقول عمار انتهى
[ 227 ]
حديث آخر رواه أحمد في مسنده من حديث سعيد بن عبد الرحمن بن ابزى عن أبيه عن عمار بن ياسر ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في التيمم ضربة للوجه والكفين انتهى أحاديث التيمم إلى المناكب اخرج أبو داود عن الزهري ان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة حدثه عن عما بن ياسر انه كان يحدث انهم تمسحوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر فضربوا بأكفهم الصعيد ثم مسحوا بوجوههم مسحة واحدة ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى فمسحوا بايديهم كلها إلى المناكب والآباط من بطون أيديهم انتهى وأخرجه بن ماجة وهو منقطع فان عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يدرك عمار بن ياسر وقد أخرجه النسائي وابن ماجة من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عمار موصولا ورواه أبو داود أيضا من حديث الزهري حدثني عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس عن عمار أتم منه ثم قال وكذلك رواه بن إسحاق قال فيه عن بن عباس وقال مالك عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار وشك فيه بن عيينة فقال مرة عن عبيد الله عن أبيه وقال مرة عن بن عباس وقال بن أبي حاتم سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه صالح بن كيسان و عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عباس عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم فقالا هذا خطأ رواه مالك وابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار وهو الصحيح وهما احفظ فقلت قد رواه يونس وعقيل وابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله عن عمار وهم أصحاب الكتب فقالا مالك صاحب كتاب وصاحب حفظ وقال الاثرم في هذا الحديث انما حكى فيه فعلهم دون النبي صلى الله عليه وسلم كما حكى في الآخر انه اجنب فعلمه عليه السلام الحديث الثالث روى ان قوما جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا قوم
[ 228 ]
نسكن الرماولا نجد الماء شهرا أو شهرين وفينا الجنب والحائض والنفساء فقال عليه السلام عليكم بأرضكم قلت رواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه وكذلك إسحاق بن راهويه في مسنده من حديث المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ان ناسا من أهل البادية اتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا نكون بالرمال الاشهر الثلاثة والاربعة ويكون فينا الجنب والنفساء والحائض ولسنا نجد الماء فقال عليه السلام عليكم بالارض ثم ضرب بيده على الارض لوجهه ضربة واحدة ثم ضرب ضربة أخرى فمسح بها على يديه إلى المرفقين انتهى قال في الامام قال أحمد والدارمي المثنى بن الصباح لا يساوي شيئا وقال النسائي متروك الحديث انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده من حديث بن لهيعة عن عمرو بن شعيب به وابن لهيعة أيضا ضعيف وله طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن محمد البزار الاصبهاني ثنا الحسن بن حماد الحضرمي ثنا وكيع بن الجراح عن إبراهيم بن يزيد عن سليمان الاحول عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة فذكره وقال لا يعلم لسليمان الاحول عن سعيد بن المسيب غير هذا الحديث وقد روى عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن سعيد به انتهى أحاديث الباب روى البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا معتزلا لم يصل مع القوم فقال ما منعك يا فلان ان تصلى في القوم فقال يا رسول الله اصابتني جنابة ولا ماء فقال عليك بالصعيد فإنه يكفيك انتهى أخرجاه مختصرا ومطولا حديث آخر أخرجه أبو داود عن عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة وانا في غزوة ذات السلاسل فاشفقت ان اغتسلت ان أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح ثم أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يقل شيئا ورواه الحاكم وقال على شرط الشيخين وفيه كلام طويل ذكرناه في أحاديث الكشاف وفي رواية ان عمر احتلم فغسل مغابنه وتوضأ وضوءه للصلاة ثم صلى بهذا الحديث رواها الحاكم ثم البيهقي وقال الحاكم أيضا على شرط الشيخين قال وعندي انهما
[ 229 ]
عللاه بالرواية الاولى يعني لاختلافهما وهي قصة واحدة قال ولا تعلل رواية التيمم رواية الوضوء فان أهل مصر اعرف بحديثهم من أهل البصرة يعني ان رواية الوضوء يرويها مصري عن مصري والتيمم بصري عن مصري قال البيهقى ويحتمل ان التيمم والوضوء وقعا فغسل ما أمكنه وتوضأ وتيمم للباقي قال النووي في الخلاصة وهذا الذي قاله البيهقي متعين والحاصل ان الحديث حسن أو صحيح انتهى أحاديث التيمم للجنازة روى بن عدي في الكامل من حديث اليمان بن سعيد عن وكيع عن معافى بن عمران عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا فجئتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم انتهى قال بن عدي هذا مرفوعا غير محفوظ والحديث موقوف على بن عباس انتهى وقال بن الجوزي في التحقيق قال أحمد مغيرة بن زياد ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير وكل حديث رفعه فهو منكر انتهى وقال البيهقي في المعرفة المغيرة بن زياد ضعيف وغيرة يرويه عن عطاء لا يسنده عن بن عباس هكذا رواه عبد الملك بن جريج عن عطاء موقوفا وقد رواه اليمان بن سعيد عن وكيع عن معافى بن عمران عن مغيرة فارتقى درحة أخرى فبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم واليمان بن سعيد ضعيف ورفعه خطأ فاحش انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عمر بن أيوب الموصلي عن مغيرة بن زياد عن عطاء عن بن عباس قال إذا خفت ان تفوتك الجنازة وأنت على غير وضوء فتيمم وصل انتهى وروا الطحاوي في شرح الآثار ورواه النسائي في كتاب الكنى عن المعافى بن عمران عن مغيرة به موقوفا وأخرج بن أبي شيبة نحوه عن عكرمة وعن إبراهيم النخفي وعن الحس واخرج عن الشعبي فصل عليها على غير وضوء وروى البيهقي من طريق الدارقطني ثنا الحسين بن إسماعيل ثنا محمد بن عمر وابن أبي مذعور ثنا عبد الله بن نمير ثنا إسماعيل بن مسلم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر انه اتى بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم وصلى عليها انتهى قال البيهقي وهذا لا أعلمه الا من هذا الوجه ويشبه ان يكون خطأ فان كان محفوظا فيحتمل انه كان في سفر وان كان الظاهر بخلافه والله اعلم انتهى كلامه
[ 230 ]
أحاديث التيمم بأجزاء الارض تعلق من إجازة بجميع أجزاء الارض بحديث
[ 231 ]
جعلت لي الارض مسجدا وطهورا أو بحديث عليكم بأرضكم وتعلق من اقتصر فيه على التراب بما وقع في مسلم من حديث ربعي بن حراش عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فضلت على الناس بثلاث وفيه وجعلت لنا الارض مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء وفي لفظ الدارقطني جعلت لنا الارض كلها مسجدا وترابها طهورا وكذلك عند البيهقي ترابها وروى أحمد والبيهقي واللفظ له من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي انه سمع علي بن أبي طالب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت ما لم يعط أحد من الانبياء فقلنا ما هو يا رسول الله قال نصرت بالرعب واعطيت مفاتيح الارض وسميت أحمد وجعل لي التراب طهورا وفي الاحتجاج بحديث عبد الله بن محمد بن عقيل خلاف وروى البيهقي من جهة قابوس بن أبي طبيان عن أبيه عن بن عباس قال
[ 232 ]
الصعيد الحرث حرث الارض ورواه من جهة جرير عن قابوس عن أبيه عن بن عباس قال اطيب الصعيد حرث الارض وأجابوا عن حديث حذيفة وغيره بان هذه الاشياء التي هي الرمل والجص والكحل والنورة وغيرها في الارض لا من الارض فكأنه قال عليكم بالتراب من ارضكم ويكشفه ان الحديث نفسه في مسند أحمد قال عليكم بالتراب هذا موضع ضعفه فان فيه المثنى بن الصباح قال أحمد وأبو حاتم لا يساوي شيئا وقال بن معين ليس بشئ وقال النسائي متروك ولهم فيه جواب آخر قالوا ان رمالهم مخلوطة بالتراب والا لما نبت فيها زرع ولا ثمر وهم يجوزون التيمم بتراب المخلوط أحاديث التيمم لكل صلاة روى الدارقطني من حديث الحسن بن عمارة عن
[ 233 ]
الحكم عن مجاهد عن بن عباس قال من السنة ان لا يصلي بالتيمم أكثر من صلاة واحدة والحسن بن عمارة تكلموا فيه وقال بعضهم فيه متروك وذكره مسلم في مقدمة كتابه في جملة من تكلم فيه والله اعلم وروى البيهقي من حديث نافع عن بن عمر قال يتيمم لكل صلاة وان لم يحدث وقال إسناده صحيح واخرج أيضا عن هشيم عن حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي قال يتيمم لكل صلاة وقا إسناده ضعيف واخرج أيضا عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ان عمرو بن العاص كان يحدث لكل صلاة تيمما قال معمر وكان قتادة يأخذ به انتهى وقال هذا مرسل ولاصحابنا حديث التيمم وضوء المسلم ما لم يجد الماء أحاديث من لم يجد مطهرا تعلق من قال يصلي بغير طهارة بما روى
[ 234 ]
البخاري ومسلم من حديث عائشة انها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من اصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما اتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال اسيد بن حضير جزاكم الله خيرا ما ترك بك أمر تكرهينه الا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة واستدل أيضا بما رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهيتكم عن شئ فاجتنبوه وإذا امرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم وبهذا الحديث تعلق من العلماء فيمن وجد من الماء مالا يكفيه ليستعمله وتعلق من قال لا يصلى عند عد المطهر بحديث لا يقبل الله صلاة بغير طهور وبحديث لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وهم يقولون ان ذلك محمول على القادر على الطهور أحاديث التيمم من غير طلب الماء قد يستدل لذلك بحديث رواه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن نافع عن الليث عن بكر بن سوادة عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال خرج رجلان في سفر فحضرت الصلاة وليس معهما ماءا فتيمما صعيدا طيبا فصليا ثم وجد الماء في الوقت فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء ولم يعد الآخر ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له فقال للذي لم يعد أصبت السنة واجزأتك صلاتك وقال للذي توضأ فأعاد لك الاجر مرتين انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين قال أبو داود وغير بن نافع يرويه عن الليث عن عميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن النبي مرسلا وذكر أبو سعيد فيه وهم ليس بمحفوظ انتهى قال بن القطان في
[ 235 ]
الوهم والايهام فالذي اسنده اسقط من الاسناد رجلا وهو عميرة فيصير منقطعا والذي يرسله فيه مع الارسال عميرة وهو مجهول الحال قال لكن رواه أبو علي بن السكن حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد الواسطي ثنا عباس بن محمثنا أبو الوليد الطيالسي ثنا الليث بن سعد عن عمرو بن الحارث وعميرة بن أبي ناجية عن بكر بن سوادة عن عطاء عن أبي سعيد ان رجلين خرجا في سفر الحديث قال فوصله ما بين الليث وبكر بعمرو بن الحارث وهو ثقة وقرنه بعميرة واسنده بذكر أبي سعيد حديث آخر رواه إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا زيد بن أبي الزرقاء الموصلي ثنا بن لهيعة عن بن هبيرة عن حنش عن عبد الله بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم تيمم فقيل له ان الماء منك قريب قال فلعلي لا ابلغه انتهى في ان التيمم رافع أو مبيح ومما استدل به على ان التيمم رافع للحديث حديث الصحيحين وجعلت لي الارض وجعلت لي الارض مسجدا أو طهورا وحديث السنن الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر حجج وتكلف القائل بأنه مبيح لا رافع وأجاب عن الحديثين بان معناهما ان التراب قائم مقام الطهور في إباحة الصلاة قالوا ولو كان طهورا حقيقة لما احتاج الجنب بعد التيمم ان يغتسل ثم استدلوا على ذلك بحديث عمران بن حصين أخرجاه في الصحيحين قال كنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فإذا هو برجل معتزل فقال ما منعك ان تصلي قال اصابتني جنابة ولا ماء قال عليك بالصعيد واشتكى إليه الناس العطش فدعا عليا وآخر فقال ابغيا الماء فذهبا فجاءا بامرأة معها مزادتان فأفرغ من أفواه المزادتين ونودي في الناس فسقى واستسقى وكان آخر ذلك ان أعطي الذي اصابته الجنابة اناء من ماء
[ 236 ]
فقال اذهب فافرغه عليك انتهى وقد يقال ان النبي صلى الله عليه وسلم عاجله بالماء قبل ان يتيمم إذ ليس في الحديث انه تيمم أو يقال انه عليه السلام امره بالاغتسال استحبابا لا وجوبا وقد روى أبو داود من حديث عمرو بن العاص قال احتلمت في ليلة باردة وانا في غزوة ذات السلاسل فاشفقت ان اغتسلت ان أهلك فتيممت ثم صليت بأصحابي الصبح ثم أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فضحك ولم يقل شيئا ورواه الحاكم وقال على شرط الشيخين فلو كان الاغتسال بعد التيمم واجبا لامره به فائدة في ذكر وهم وقع لعبد الحق في احكامه ذكر في باب التيمم من كتاب الطهارة من طريق العقيلي عن صالح بن بيان عن محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح التيمم هكذا ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته قال بن القطان فكتابه هذا خطأ وتصحيف حققه عليه ادخاله إياه في التيمم إذ لم يسمع في رواية ولافي رأى يمسح الراس في التيمم وانما هو مسح اليتيم ولو قرأ آخر الحديث لتبين لسوء نقله قال العقيلي في كتابه في ترجمة محمد بن سليمان بن علي أمير البصرة عن أبيه عن جده عن بن عباس مرفوعا مسح اليتيم هكذا ووصف صالح من وسط رأسه إلى جبهته ومن كان له اب فهكذا ووصف صالح من جبهته إلى وسط رأسه قال ومحمد بن سليمان ليس يعرف بالنقل وحديثه غير محفوظ انتهى وقد ذكره غير العقيلي كذلك ومنهم البزار في مسنده وليس لقائل ان يقول لعل التصحيف من العقيلي فان العقيلي انما يترجم بأسماء الرجال وعبد الحق انما تحقق وهمه بإدخاله إياه في كتا ب الطهارة بين أحاديث التيمم وانما هو اليتيم فقال البزار لما رواه هذا حديث لا نعلمه يروي الا من هذا الوجه فلذلك كتبناه إذ لم يشارك محمد بن سليمان في هذه الرواية أحد وكذلك رواه الخطيب في تاريخ بغداد في ترجمة محمد بن سليمان وقال لا يحفظ له غيره ولم يذكره بجرح ولا تعديل والله اعلم باب المسح على الخفين قوله المسح على الخفين جائز بالسنة والاخبار مستفيضة قلت قال أبو عمرو
[ 237 ]
بن عبد البر فكتاب الاستذكار روى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة وفي الامام قال بن المنذر روينا عن الحسن انه قال حدثني سبعون من أصحا ب النبي صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين انتهى وانا اذكر من هذه الاحاديث ما تيسر لي وجوده مستعينا بالله وابدأ بالاصح فالاصح فأقول منها حديث جرير بن عبد الله البجلي رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث الاعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير انه بال ثم توضأ ومسح على خفيه فقيل له اتفعل هذا فقال نعم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ على ومسح خفيه قال الاعمش قال إبراهيم كان يعجبهم هذا الحديث لان إسلام جرير كان بعد نزول المائدة انتهى وفي لفظ للبخاري في الصلاة لان جريرا كان من آخر من اسلم انتهى هكذا أخرجوه بهذا الاسناد الا أبا داود فإنه أخرجه عن بكير بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير ان جريرا بال ثم توضأ فمسح على الخفين وقال ما يمنعني ان امسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح قالوا انما كان ذلك قبل نزول المائدة قال ما أسلمت الا بعد نزول المائدة انتهى وبهذا السند والمتن رواه بن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح ولم يخرجاه
[ 238 ]
بهذا اللفظ المحتاج إليه انما أخرجاه من حديث الاعمش عن إبراهيم عن همام عن جرير وفيه قال إبراهيم كان يعجبهم حديث جرير لانه اسلم بعد نزول المائدة انتهى قال في الامام وقد ورد مؤرخا بحجة الوداع رواه الطبراني في معجمه الوسط عن محمد بن نوح بن حرب عن شيبان بن فروخ عن حرب بن شريح عن خالد الحذاء عن محمد بن سيرين عن جرير بن عبد الله البجلي انه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فذهب عليه السلام يتبرز فرجع فتوضأ ومسح على خفيه انتهى وسكت عنه ومنها حديث المغيرة بن شعبة رواه الائمة الستة أيضا من حديثه ان النبي صلى الله عليه وسلم خرج لحاجته فاتبعه المغيرة بأداوة فيها ماء فصب عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ ومسح على الخفين انتهى وقد رواه عن المغيرة جماعة كثيرة ورواه الحاكم في المستدرك وزاد فيه فقال المغيرة يا رسول الله انسيت قال لا بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي عزوجل انتهى وقال إسناده صحيح ولم يخرجاه بهذه الزيادة انتهى ورواه الطبراني في معجمه فزاد فيه التوقيت فقال حدثنا الحسن بن علي التسنوي عن إبراهيم بن مهدي عن بن عمر بن ذريح عن عطاء بن أبي ميمونة عن أبي بردة عن المغيرة قال آخر غزوة غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ان نمسح على اخفافنا للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوما وليلة ما لم نخلع انتهى ومنها حديث سعد بن أبي وقاص رواه البخاري من حديث بن عمر عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وان عبد الله بن عمر سأل عمر عن ذلك فقال نعم إذا حدثك سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فلا تسأل غير انتهى ومنها حديث عمرو بن أمية الضمري أخرجه البخاري عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري ان أباه أخبره انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح على الخفين انتهى ومنها حديث حذيفة أخرجه مسلم عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فانتهى إلى سباطة قوم فبال قائما فتنحيت فقال ادنه فدنوت حتى قمت عند عقبه فتوضأ ومسح على خفيه ورواه البخاري لم يذكر فيه المسح على الخفين وأخرجه أبو بكر الاسماعيلي في صحيحه وأبو نعيم في مستخرجه وفيه فتوضأ ومسح على
[ 239 ]
خفيه ومنها حديث بلال أخرجه مسلم عنه ان رسول الله صلى الله عليه سلم توضأ ومسح على الخفين والخمار انتهى ورراه النسائي بقصة فيها فائدة حسنة وسيأتي قريبا ومنها حديث بريده رواه الجماعة الا البخاري عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد ومسح على خفيه فقال له عمر بن الخطاب لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه فقال عمدا صنعته يا عمر انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وأخرجه بن مندة وقال إسناده صحيح على رسم الجماعة الا البخاري في سليمان بن بريدة انتهى واخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عن دلهم بن صالح عن حجير بن عبد الله عن بن بريدة عن أبيه ان النجاشي أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم خفين اسودين ساذجين فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما انتهى واللفظ لابي داود ثم قال هذا مما تفرد به أهل البصرة وقال الترمذي هذا حديث حسن انما نعرفه من حديث دلهم وقال الدارقطني تفرد به حجير بن عبد الله عن بن بريدة ولم يرو عنه غير دلهم بن صالح وذكره في ترجمة عبد الله بن بريدة عن أبيه قال المنذري في مختصره ورواه أحمد عن وكيع فقال عبد الله بن بريدة ومنها حديث على رواه مسلم من حديث شريح بن هانئ قال سألت عائشة عن المسح على الخفين فقالت إئت عليا فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فسألته فقال جعل للمقيم يوما وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليها انتهى وسيأتي بسطه في الحديث الاول ومنها حديث صفوان بن عسال أخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة عن زر بن حبيش انه سأل صفوان بن عسال عن المسح على الخفين فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا الا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن الا من جنابة ولكن من
[ 240 ]
غائط وبول ونوم انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحهما ورواه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه وسيأتي الكلام عليه في الحديث الثاني ان شاء الله تعالى ومنها حديث خزيمة بن ثابت اخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورآه بن حبان في صحيحه في النوع الثالث من القسم الرابع وفيه كلام سيأتي ومنها حديث ثوبان أخرجه أبو داود عن راشد بن سعد عن ثوبان قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فامرهم رسوالله صلى الله عليه وسلم ان يمسحوا على العصائب والتساخين انتهى ورواه أحمد فمسنده والحاكم في المستدرك وقال على شرط مسلم وفيه نظر فإنه من رواية ثور بن يزيد عن راشد بن سعد به وثور لم يرو له مسلم بل انفرد به البخاري وراشد بن سعد لم يحتج به الشيخان وقال أحمد لا ينبغي ان يكون راشد سمع من ثوبان لانه مات قديما وفي هذا القول نظر فانهم قالوا ان راشدا شهد مع معاوية صفين وثوبان مات سنة أربع وخمسين ومات راشد سنة ثمان ومائة ووثقه بن معين وأبو حاتم والعجلي ويعقوب بن شيبة والنسائي وخالفهم بن حزم فضعفه والحق معهم والعصائب العمائم والتساخين الخفاف ولفظ أحمد فيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على خفيه وعلى الخمار والعمامة انتهى وعند الطبراني والخمار العمامة هكذا وجدته ومنها حديث أسامة بن زيد عن داود بن قيس عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أسامة بن زيد قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال الاسواف فذهب لحاجته ثم خرج قال أسامة فسالت بلالا ما صنع فقال بلال ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لحاجته ثم توضأ فغسل وجهه ويديه ومسح برأسه ومسح على الخفين ثم صلى انتهى ورواه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم فقد احتج بداود بن قيس انتهى وعن الحاكم رواه البيهقي في المعرفة وقال حديث
[ 241 ]
صحيح انتهى قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد في الامام وأخرجه بن خزيمة في صحيحه وقال الاسواف حائط من حيطاالمدينة قال وسمعت يونس يقول ليس عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر انه مسح على الخفين في الحضر غير هذا قال الشيخ وقد وقع في معجم الطبراني من حديث بكير بن عامر البجلي عن عبد الرحمن بن أبي نعم زعم ان المغيرة بن شعبة حدثه انه مشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة فاتى بعض تلك الاودية فقضى حاجته ثم خرج فتوضأ وخلع الخفين فلما لبس خفيه وجد بعد ذلك ريحا فعاد ثم خرج فتوضأ ومسح على الخفين فقلت انسيت يا رسول الله قال بل أنت نسيت بهذا أمرني ربي انتهى وبكير بن عامر البجلي كوفي روى له مسلم وقال أحمد صالح الحديث ليس به با س وقال بن عدي ليس بكثير الرواية ولم أجد له متنا منكرا وهو ممن يكتب حديثه وقال النسائي وهي رواية عن أحمد ليس بقوي انتهى وأيضا فقد روى البيهقي في سننه من حديث محمد بن طلحة بن مصرف عن الاعمش عن أبي وائل عن حذيفة ان النبي صلى الله عليه وسلم اتى سباطة قوم بالمدينة فبال قائما ثم توضأ ومسح على خفيه انتهى قا الشيخ وقد رواه عن الاعمش قريب من ثلاثين رجلا ليس فيه بالمدينة الا من حديث محمد بن طلحة قال بن عبد البر ومن جعل هذا الحديث دليلا على المسح في الحضر من غير ان يكون فيه قوله بالمدينة من حيث ان السباطة لا تكون الا في الحضر لم يحسن لانه لا يلزم من كون السباطة الحضر ان يكون القائم عليها في حكم الحاضر انتهى ومنها حديث عمر بن الخطاب رواه بن ماجة في سننه حدثنا عمران بن موسى عن محمد بن سواء عن سعيد بن أبي عروبة عن أيوب عن نافع عن بن عمر انه رأى سعد بن مالك وهو يمسح على الخفين فقال انكم لتفعلون ذلك فاجتمعنا عند عمر فقال سعد لعمر افت بن أخي في المسح على الخفين فقال عمر كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه سلم نمسح على خفافنا لا نرى بذلك بأسا فقال بن عمر وان جاء من الغائط قال نعم انتهى قال في الامام وعمران بن موسى بن حبان روى عنه الترمذي وابن ماجة والنسائي وقال هو ثقة وقال في موضع آخر لا باس به ومحمد بن سواء مشهور اخرج له البخاري وباقي الاسناد اشهر
[ 242 ]
واعرف انتهى ورواه البزار في مسنده عن خالد بن أبي بكر بن عبيد الله حدثني سالم عن بن عمر ان سعد بن أبي وقاص سأل عمر بن الخطاب عن المسح فقال عمر سمعت رسول الله صلى لله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على ظهر الخف للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده ولفظه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالمسح على ظاهر الخفاف إذا لبسهما وهما طاهرتان انتهى قال البزار هذا حديث لم يذكر فيه التوقيت عن عمر الا من هذا الوجه وقد رواه عن عمر جماعة لم يذكروا فيه التوقيت وخالد بن أبي بكر العمري لين الحديث انتهى ورواه الدارقطني في علله وقال زاد خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فيه التوقيت وزاد فيه على ظهر الخف ولم يأت بهما يره وخالد ليس بالقوي انتهى قلت ذكره بن حبان في الثقات ومنه حديث أبي بن عمارة أخرجه أبو داود وابن ماجة في سننهما عنه انه قال للنبي صلى الله عليه وسلم امسح على الخفين قال نعم قال يوم قال ويومين قال وثلاثا حتى بلغ سبعا قال له وما بدا لك انتهى وأبي بن عمارة بكسر العين صحابي مشهور ورواه الحاكم في المستدرك وقال لم ينسب إلى واحد من رجاله جرح انتهى وفيه كلام سيأتي ان شاء الله تعالى ومنها حديث سهل بن سعد الساعدي أخرجه بن ماجة في سننه عن عبدالمهيمن بن العباس بن سهل الساعدي عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وامرنا بالمسح على الخفين انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وعبد المهيمن بن عباس استضعفه بعضهم قال وقد رواه الحافظ أبو علي بن السكن بطريق أجود من هذه فقال حدثنا أبو عبيد القاسم بن إسماعيل ويحيى بن محمد بن صاعد والحسين بن محمد قالوا ثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه قال رأيت سهل بن سعد يبول بول الشيخ الكبير يكاد ان يسبقه قائما ثم توضأ ومسح على خفيه فقلت الا تنزع هذا فقال لا رأيت خيرا منى ومنك يفعل هذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى وقال هذا إسناد على
[ 243 ]
شرط الصحيحين فيعقوب الدورقي و عبد العزيز وأبوه من رجال الصحيحين وشيوخ بن السكن هؤلاء ثقات انتهى ومنها حديث أنس بن مالك رواه بن ماجة أيضا حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ثنا عمر بن عبيد الطنافسي ثنا عمر بن المثنى عن عطاء الخراساني عن أنس بن مالك قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فقال هل من ماء فتوضأ ومسح على خفيه ثم لحق بالجيش فامهم انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس من القسم الرابع من طريق أبي عوانة عن أبي يعفور عن أنس ورواه الطبراني في معجمه الوسط ثنا عبد الرحمن ثنا عمر وأبو زرعة ثنا علي بن عياش الالهاني حدثني علي بن الفضيل بن عبد العزيز الحنفي حدثني سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال وضأت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بشهر فمسح على الخفين ومنها حديث عائشة رواه النسائي في سننه الكبرى من حديث شريح بن هانئ قال سأل عائشة عن المسح على الخفين فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا ان يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثا انتهى ورواه الدارقطني من حديث بقية ثنا أبو بكر بن أبي مريم ثنا عبدة بن أبي لبابة عن محمد الخزاعي عن عائشة قالت ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح منذ أنزلت عليه سورة المائدة حتى لحق بالله تعالى انتهى ومنها حديث أبي بكر رضي الله عنه رواه بن حبان في صحيحه في النوع الاول من القسم الرابع من حديث عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت في المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر وللمقيم يوم وليلة ومنها حديث عوف بن مالك الاشجعي أخرجه أحمد وإسحاق بن راهويه والبزار والطبراني في معجمه الوسط وقال لا يروى عن عوف الا بهذا الاسناد تفرد به هشيم في مسانيدهم قال في الامام داود بن عمر وقال بن أبي
[ 244 ]
حاتم عن أبيه ثقة وقال أحمد مقارب الحديث في مسانيدهم أخبرنا هشيم عن داود بن عمر وعن بشبن عبيد الله عن أبي إدريس عائذ الله عن عوف بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه سلم أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوم وليلة للمقيم انتهى قال صاحب التنقيح قال أحمد هذا من أجود حديث في المسح على الخفين لانه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها انتهى ومنها حديث أبي بكرة رواه بن خزيمة في صحيحه والطبراني في معجمه والبيهقي في سننه عن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة انتهى قال الترمذي في علله الكبير سألت محمدا يعني البخاري أي حديث أصح عندك في التوقيت في المسح على الخفين فقال حديث صفوان بن عسال وحديث أبي بكرة حديث حسن انتهى ومنها حديث أبي أيوب الانصار رواه إسحاق بن واهويه في مسنده ثم الطبراني في معجمه حدثنا جرير عن الاشعث عن بن سيرين عن أبي أيوب الانصاري انه كان يأمر بالمسح على الخفين ويغسل رجليه فقيل لفي ذلك فقال بئس مالي ان كان مهنأة لكم وما ثمة على رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين ويامر به ولكن حبب إلى الوضوء انتهى ومنها حديث أبي هريرة رواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا أبان يعني بن عبد الله البجلي حدثني مولى لابي هريرة زاد البيهقي وأظنه قال انا أبو وهب قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضئني فأتيته بوضوء فاستنجى ثم ادخل يده في التراب فمسحها ثم غسلها ثم توضأ ومسح على خفيه فقلت يا رسول الله رجليك لم تغسلهما قال اني ادخلتهما وهما طاهرتان انتهى ورواه بن أبي شيبة والبزار في مسندهما حدثنا زيد بن الحباب حدثني عمر بن عبد الله بن أبي خثعم الثمالي أنبأ يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة ان رجلا قال يا رسول الله اقصر الصلاة في السفر
[ 245 ]
قال نعم ان الله يحب ان يؤخذ برخصه كما يحب ان يؤخذ بفريضته قال يا رسول الله والطهور على الخفين قال للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن انتهى وقال صاحب التنقيح رواه بن ماجة عن بن أبي شيبة فذكره بسنده ومتنه ولم أجده في نسختين من بن ماجة ولا اذكره بن عساكر في اطرافه ثم قال وعمر بن عبد الله الثمالي قال البخاري فيه منكر الحديث قال وقد ضعف الدارقطني في علله كل ما روى عن أبي هريرة في المسح انتهى وعمر بن أبي خثعم قال البخاري منكر الحديث وقال أبو زرعة واهي الحديث ومنها حديث أبي بردة رواه البزار في مسنده عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث طويل انه توضأ ومسح على خفيه ومنها حديث بن عباس أخرجه البزار في مسنده عن خصيف عن مقسم عن بن عباس قال اشهد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين انتهى ومنها حديث جابر بن عبد الله أخرجه البزار عنه أيضا ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين انتهى ورواه الطبراني في معجمه ولفظه ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين حتى قبضه الله تعالى انتهى ورواه الترمذي حدثنا قتيبة عبشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال سألت جابر بن عبد الله عن المسح على الخفين فقال السنة يا بن أخي وسكت عنه ومنها حديث سلمان رواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والثلاثين من القسم الرابع عنه انه رأى رجلا توضأ وهو يريد ان ينزع خفيه فأمره ان يمسح عليهما وقال سلمان رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه وعلى خماره انتهى ومنها حديث ربيعة بن كعب الاسلمي رواه الطبراني في معجمه من طريق محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الله بن عامر الاسلمي عن يحيى بن هند الاسلمي عن حنظلة بن علي الاسلمي عن ربيعة بن كعب الاسلمي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 246 ]
يمسح على خفيه انتهى ورواه العقيلي في ضعفائه واعله بالواقدي ومنها حديث أسامة بن شريك رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده حدثنا سهل بن زنجلة ثنا الصباح بن محارب عن عمر بن عبد الله عن أبيه عن جده عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال كنا مع رسول الله في السفر لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ونكون معه في الحضر نمسح على خفافنا يوما وليلة انتهى ومنها حديث البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثة أيام ولياليها وللمقيم يوم وليلة في المسح على الخفين انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن سوار بن مصعب عن مطرف عن أبي الجهم عن البراء قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين حتى قبض انتهى وضعف سوار بن مصعب عن البخاري والنسائي وابن معين ووافقهم وقال عامة ما يرويه غير محفوظ انتهى ومنها حديث مسلم أبي عوسجة رواه الطبراني أيضا في معجمه حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني محمد بن جعفر الوركاني ثنا أبو الأحوص عن سليمان بن قرم عن عوسجة بن مسلم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه انتهى ورواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن اسحاق ثنا مهدي بن حفص ثنا أبو الأحوص به عن مسلم أبي عوسجة قال سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يمسح على الخفين انتهى قال البزار أخطأ فيه مهدي فقال سافرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وانما سافر مع على انتهى قال في الامام ورواية عبد الله بن أحمد بحنبل عن محمد بن جعفر الوركاني التي أخرجها الطبراني تبرئ مهديا من نسبة الخطأ إليه انتهى ومنها حديث أبي طلحة رواه الطبراني في معجمه الصغير من حديث يحيى
[ 247 ]
بن جعدة عن عبد الرحمن بن عبد القاري عن أبي طلحة ان النبي صلى الله عليه وس لتوضأ فمسح على الخفين والخمار ومنها حديث أوس الثقفي رواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن بن بن أوس عن أبيه قال مررنا على ماء من مياه الاعراب قال فقام أبي أوس بن أوس الثقفي فبال وتوضأ ومسح على خفيه قال فقلت له الا تخلعها قال لا ازيدك على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله انتهى ومنها حديث يسار أخرجه العقيلي في كتابه عن الهيثم بن قيس العنسي ثنا عبد الله بن مسلم بن يسار عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر وللمقيم يوم وليلة انتهى واعله بالهيثم ومنها حديث بن مسعود أخرجه بن عدي في الكامل والبزار في مسنده عن سليمان ين يسير ويقال بن اسير مولى إبراهيم النخعي عن إبراهيم النخعي عن علقمة عن عبد الله قال كنا نمسح على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر يوم وليلة وفي السفر ثلاثة أيام وفي لفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخف للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة وضعف سليمان هذا عن بن معين ونقل عن البخاري انه قال ليس بالقوي ثم قال هو وهو إلى الضعف أقرب منه إلى الصدق انتهى وأخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن أيوب بن سويد ثنا سفيان الثوري عن منصور عن خيثمة عن أبي عبيدة عن عبد الله نحوه ومنها حديث أم سعد الانصارية أخرجه بن عدي أيضا في الكامل عن محمد بن زاذان عن أم سعد الانصارية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على من أسلف مالا زكاة قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفين انتهى وضعف محمد بن زاذان واسند عن البخاري انه قال فيه منكر الحديث انتهى قال
[ 248 ]
في الامام ورواه أبو عبيد في معرفة الصحابة عن سعيد بن زكريا أبي عمرو المدائني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن غزوان عن أبسعد فذكره ومنها حديث خالد بن عرفطة رواه اسلم بن سهل الواسطي المعروف ببحشل في كتابه تاريخ واسط فقال حدثنا عبد الصمد بن محمد ثنا أبو معمر ثنا هشيم ثنا أبو رحمة مصعب بن زاذان بن جوان بن عبد الله الباهلي عن أبيه عن خالد بن عرفطة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة انتهى وخالد بن عرفطة بن أبرهة العذري القضاعي له حديث واحد عند الترمذي وللنسائي حديث من قتله بطنه ومنها حديث أبي امامة رواه الطبراني في معجمه ثنا أحمد بن شريح الحضرمي ثنا أحمد بن محمد بن عمر بن يونسثنا سليمان بن أبي سليمان ثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد بن سلام عن أبي امامة وثوبان ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين بعد ما بال ثنا أبو سلمة الكشي ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا مروان أبو سلمة ثنا شهر بن حوشب عن أبي امامة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين والعمامة ثلاثا في السفر ويوما وليلة في الحضر ومنها حديث عبادة بن الصامت رواه الطبراني أيضا في معجمه حدثنا أحمد بن أسد عن عبثر بن القاسم عن عبيدة عن أبي عتبة عن الحسن عن عبادة بن الصامت قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ومسح على خفيه انتهى قال الشيخ في الامام وينظر في سماع الحسن عن عبادة انتهى ومنها حديث عبد الرحمن بن بلال رواه الطبراني أيضا ومنها حديث عمرو بن الشريد رواه الطبراني ايصا قلت انما هو اثر حديث الشريد ثنا خير بن عرفة المصري ثنا عبد الله بن عبد الحكم ثنا بن لهيعة عن عمر بن ربيعة الصدفي عن عمرو بن الشريد عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ومنها حدي‍ ث عبد الله بن رواحة رواه الطبراني أيضا في معجمه عن عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن رواحة وأسامة بن زيد ان النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح عل الخفين انتهى قال في الامام وعطاء بن يسار عن
[ 249 ]
عبد الله بن رواحة منقطع ومنها حديث عبد الرحمن بن حسنة رواه الطبراني أيضا ثنا محمد بن العباس الاحرم الا صبيان ثنا أحمد بن يزداد الكوفي ثنا عمرو بن عبد الغفار عن الاعمش عن أسد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه ومنها حديث عمرو بن حزم رواه الطبراني أيضا ثنا أحمد بن عبد الله التستري ثنا محمد بن يحيى الازدي ثنا محمد بن عمر الواقدي ثنا عبد الحميد بن عمران بن أبي أنس عن أبيه عن عبد الله بن الطفيل قال رأيت عمرو بن حزم يمسح على الخفين ويقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه ومنها حديث عبد الله بن عمر رواه الطبراني في معجمه الوسط من طريق عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم ان عبد الله بن عمر كان يمسح على الخفين ويقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك انتهى وهذا سند صحيح ورواه فيه أيضا حدثنا عبدان بن محمد المروزي عن قتيبة بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الرواسي عن الحسن العصاب عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين للمقيم يوم وليلة وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن انتهى قال الشيخ في الامام والعصاب معروف ذكره الاسود وقال حدث عن نافع روى عنه الفضل بن موسى الشيباني انتهى ومنها حديث يعلى بن مرة الثقفي رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ثنا سهل بن زنجلة الرازي ثنا الصباح بن محارب عن عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه عن جده وعن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفين للمسافر ثلاثة وللمقيم يوم وليلة انتهى ومنها حديث مالك بن سعد رواه الحافظ أبو نعيم في كتاب معرفة الصحابة حدثنا محمد بن سعد الباوردي ثنا عبد الله بن محمد الحمري البصري ثنا أبو عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة ثنا مليكة بنت الحارث المالكية من بني مالك بن سعد
[ 250 ]
قالت حدثتني أمي عن جدي مالك بن سعد انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وسئل عن المسح على الخفين فقال ثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم انتهى قال في الامام وفي هذا الاسناد من يحتاج إلى الكشف عن حاله انتهى قال أبو نعيم مالك بن سعد مجهول عداده في اعراب البصرة انتهى ومنها حديث مالك بن ربيعة السلولي أبي مريم والد بريد رواه أبو نعيم أيضا في الكتاب المذكور حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى عن محمد بن المسيب عن عاصم بن المغيرة عن عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة عن خالد بن عاصم بن مكرمة ثنا بريد بن أبي مريم عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه وقال للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة انتهى قال أبو نعيم مالك بن ربيعة السلولي يكنى أبا مريم والد بريد شهد الشجرة سكن الكوفة له غير حديث عند ابنه بريد انتهى قال في الامام قال أبو عمر بن عبد البر لم يرو عن أحد من الصحابة إنكار المسح عل الخفين الا عن بن عباس وعائشة وأبي هريرة رضي الله عنهم فاما بن عباس وأبو هريرة فقد جاء عنهما بالاسانيد الحسان خلاف ذلك قال بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس عن فطر قال قلت لعطاء ان عكرمة يقول قال بن عبا س سبق الكتاب المسح على الخفين فقال عطاء كذب عكرمة انا رأيت بن عباس يمسح عليهما انتهى قال وروى أبو زرعة وابن جريج عن أبي هريرة انه كان يمسح على خفيه واما عائشة ففي صحيح مسلم انها احالت علم ذلك على علي قال الشيخ والراوية المذكورة عن عائشة أخرجها عن محمد بن مهاجر البغدادي بن إسماعيل بن أخت مالك ثنا إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن القاسم بن محمد عن عائشة انها قالت لان اقطع رجلي بالموسى احب إلى من ان امسح على الخفين قال هذا باطل لا أصل له قال بن حبان محمد بن مهاجر البغدادي كان يضع الحديث قلت الذي وجدته في العلل المتناهية لابن الجوزي رواه من حديث محمد بن مهاجر بالاسناد المذكور عن عائشة قالت لان يقطع رجلي بالموسى احب إلى من أن امسح على القدمين انتهى قال بن الجوزي موضوع وضعه محمد بن مهاجر على عائشة انتهى واما بن عباس فان البيهقي قا انما كرهه حين لم يثبت له مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين
[ 251 ]
بعد نزول المائدة فلما ثبت له رجع إليه وأفتى للمقيم والمسافر جميعا ثم اسند عن شعبة عن قتادة قال سمعت موسى بن سلمة قال سألت بن عباس عن المسح على الخفين فقال للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوم وليلة قال وهذا إسناد صحيح انتهى الحديث الاول قال النبي صلى الله عليه وسلم يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليها قلت رواه مسلم في صحيحه من حديث شريح بن هانئ قال أتيت عائشة أسألها عن المسح على الخفين فقالت عليك بابن أبي طالب فاسأله فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألناه فقال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم انتهى قال في الامام ورواه أبان بن تغلب عن صلة بن زفر عن شتير بن شكل عن على بن أبي طالب مرفوعا المسافر يمسح ثلاثة أيام ولياليهن والمقيم يوما وليلة انتهى رواه أبو العباس العضمي في الجزء الذي خرجه له أبو الفضل الجارودي انتهى وقد تقدم في التوقيت أحاديث كثيرة منها حديث عمرو رواه بن خزيمة في صحيحه بلفظ رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسح على الخفين المسافر إلى آخره قال الشيخ هذا اللفظ فيه دليل على ان المسح رخصة خلافا لمن قال المسح أفضل قلت والرخصة موجودة في غير هذا من الاحاديث كما هو عند البزار وحديث صفوان وحديث أبي بكرة أحاديث عدم التوقيت حديث خزيمة أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح زاد أبو داود في رواية ولو استزدناه لزادنا وابن ماجة في رواية ولو مضى السائل على مسالته لجعلها خمسا انتهى قال البيهقي في المعرفة قال الشافعي معنى قوله لو استزدناه لزادنا أي لو سألناه أكثر من ذلك لاجاب وهذا يعكر عليه رواية بن ماجة لجعلها خمسا
[ 252 ]
قال الشيخ تقي الدين في الامام وحديث خزيمة فيه ثلاث علل الاولى الاختلاف في إسناده وله ثلاث مخارج رواية إبراهيم النخعي ورواية إبراهيم التيمي ورواية الشيمي ثم في بعضها ذكر الزيادة اعني لو استزدناه لزادنا وبعضها ليست فيه فاما رواية النخعي فانها عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة وليس فيها ذكر الزيادة ولم اقف على اختلاف في هذه الرواية اعني رواية النخعي ولها طرق اشهرها عن حماد عنه ولها أيضا عن حماد طرق ورواه شعبة عن الحكم وحماد عن إبراهيم الا انها عللت بأن إبراهيم لم يسمعه من أبي عبد الله الجدلي فذكر البيهقي عن أبي عيسى الترمذي انه قال سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال لا يصح عندي حديث خزيمة بن ثابت في المسح لانه لا يعرف لابي عبد الله الجدلي سماع من خزيمة وكان شعبة يقول لم يسمع إبراهيم النخعي من أبي عبد الله الجدلي حديث المسح على الخفين وقد استدل على ذلك برواية زائدة بن قدامة قال سمعت منصورا يقول كنا في حجرة إبراهيم النخعي ومعنا إبراهيم التيمي فذكرنا المسح على الخفين فقال إبراهيم التيمي حدثنا عمرو بن ميمون عن أبي عبد الجدلي عن خزيمة ثم هي على وجهين أحدهما ما فيه الزيادة والثاني مالا زيادة فيه فاما ما فيه الزيادة فهي صحيحة عن إبراهيم مشهورة بهذا الاسناد عن منصور عن إبراهيم وله طرق عن منصور وفيها الزيادة خرجها الطبراني عنه ومن اصحها رواية التي قدمناها وذكرنا ان البيهقي أخرجها بالقصة ورواها الطبراني من حديث حسين بن علي عن زائدة بالسند من غير قصة ولا زيادة وكذلك من صحيحها رواية سفيان بن عيينة عن منصور بالسند المذكور وفيها الزيادة واما ما لا زيادة فيه ففي رواية أبي عوانة عن سعيد بن مسروق عن إبراهيم التيمي بالسند عن خزيمة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل عن المسح على الخفين فقال للمسافر ثلاثا وللمقيم يوم لم يزد أخرجه الترمذي فهذا مشهور وخالف أبو الأحوص فرواه عن منصور عن إبراهيم التيمي عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت فاسقط من الاسناد عمرو بن ميمون ووجه آخر من المخالفة في حديث التيمي رواه شعبة عن سلمة بن كهيل عن الحارث بن سويد عن عمرو بن ميمون عن خزيمة بن ثابت ليس فيه الزيادة والا مسح المقيم فزاد في السند الحارث بن سويد بن التيمي وعمرو بن ميمون واسقط الجدلي اخرج هذه الرواية كذلك الطبراني والبيهقي قال البيهقي وهو ضعيف
[ 253 ]
العلة الثانية الانقطاع قال البيهقي قال أبو عيسى الترمذي سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال لا يصح إلى آخر كلام البخاري وقد تقدم قريبا العلة الثالثة ذكر بن حزم ان أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته قال الشيخ وأقول ذكر الترمذي في جامعه بعد إخراجه حديث خزيمة من جهة أبي عوانة بسنده كما تقدم قال وذكر عن يحيى بن معين انه صحح حديث خزيمة في المسح وأبو عبد الله الجدلي اسمه عبد بن عبد ويقال عبد الرحمن بن عبد ثم قال هذا حديث حسن صحيح قاله أبو عيسى في صحيحه ولكن الطريق فيه ان تعلل طريق إبراهيم بالانقطاع كما تقدم وطريق الشعبي بالضعف كما تقدم ويرجع إلى طريق إبراهيم التيمي فالروايات متضافرة برواية التيمي له عن عمرو بن ميمون عن الجدلي عن خزيمة واما إسقاط أبي الاحوص لعمرو بن ميمون من الاسناد فالحكم لمن زاد فإنه زيادة عدل لا سيما وقد انضم إليه الكثرة من الرواة واتفاقهم على هذا دون أبي الاحوص واما زيادة سلمة الحارث بن واسقاط الجدلي فيقال في إسقاط الجدلي ما قيل في إسقاط أبي الاحوص له واما زيادة الحارث بن سويد فمقتضى المشهور من افعال المحدثين والاكثر ان يحكم بها ويجعل منقطعا فيما بين إبراهيم وعمرو بن ميمون لان الظاهر ان الانسان لا يروي حديثا عن رجل عن ثالث وقد رواه هو عن ذلك الثالث لقدرته على إسقاط الواسطة لكن إذا عارض هذا الظاهر دليل أقوى منه عمل به كما فعل في أحاديث حكم فيها بان الراوي علا ونزل في الحديث الواحد فرواه على الوجهين وفي هذا الحديث قد ذكرنا زيادة زائدة وقصة في الحكاية وان إبراهيم التيمي قال حدثنا عمرو بن ميمون فصرح بالتحديث فمقتضى هذا التصريح لقائل ان يقول لعل إبراهيم سمعه من عمرو بن ميمون ومن الحارث بن سويد عنه ووجه آخر على طريقة الفقه وهو ان يقال ان كان متصلا فيما بين التيمي وعمرو بن ميمون فذاك وان كان منقطعا فقد تبين ان الواسطة بينهما الحارث بن سويد وهو من أكابر الثقات قال بن معين ثقة ما بالكوفة أجود إسنادا منه وقال أحمد بن حنبل مثل هذا يسأل عنه لجلالته ورفعة منزلته واخرج له الشيخان في الصحيحين وبقية الجماعة واما قول البخاري انه لا يعرف لابي عبد الله الجدلي
[ 254 ]
سماع من عمر فلعل هذا بناءا على ما حكى عن بعضهم انه يشترط في الاتصال ان يثبت سماع الراوي من المرو عنه ولو مرة هذا أو معناه وقيل انه مذهب البخاري وقد أطنب مسلم في الرد لهذه المقالة واكتفى بإمكان اللقاء وذكر له شواهد واما ما ذكره بن حزم ان أبا عبد الله الجدلي لا يعتمد على روايته فلم يقدح فيه أحد من المتقدمين ولا قال فيه ما قال بن حزم ووثقه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وهما هما وصحح الترمذي حديثه انتهى كلامه حديث آخر رواه أبو داود وابن ماجة في سننهما فرواه أبو داود من حديث عمرو بن الربيع بن طارق عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيو ب بن قطن عن أبي بن عمارة رضي الله عنه قال يا رسول الله أمسح على الخفين قال نعم قال يوما قال ويومين قال وثلاثة قال نعم وما شئت وفي رواية حتى بلغ سبعا فقال عليه السلام نعم وما بدا لك انتهى قال أبو داود ورواه بن أبي مريم عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي قال أبو داود وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي انتهى كلامه ورواه بن ماجة من طريق بن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن عن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بنحوه قال بن عساكر في الاطراف ورواه يحيى بن إسحاق السالحيني عن يحيى بن أيوب مثل رواية عمرو بن الربيع ورواه سعيد بن كثير بن عفير عن بن وهب ورواه إسحاق بن العراب عن يحيى بن أيوب عن وهب بن قطن عن أبي انتهى كلامه ورواه الحاكم في المستدرك وقال إسناده مصري ولم ينسب واحد منهم إلى جرح وأبي بن عمارة صحابي مشهور ولم يخرجاه انتهى ورواه الدارقطني في سننه بسند أبي داود وقال هذا إسناد لا يثبت وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافا كثيرا و عبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون انتهى كلامه وقال بن القطان في كتابه محمد بن يزيد هو بن أبي زياد صاحب حديث الصور قال
[ 255 ]
فيه أبو حاتم مجهول ويحيى بن أيوب مختلف فيه وهو ممن عيب على مسلم إخراج حديثه قال والاختلاف الذي أشار إليه أبو داود والدارقطني هو ان يحيى بن أيوب رواه عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة فهذا قول ثان ويروي عنه عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة فهذا قول ثالث ويروي عنه كذلك مرسلا لا يذكر فيه أبي بن عمارة فهذا قول رابع انتهى كلامه وقال الشيخ تقي الدين في الامام قال أبو زرعة سمعت أحمد بن حنبل يقول حديث أبي بن عمارة ليس بمعروف الاسناد فقلت له فالى أي شئ ذهب أهل المدينة في المسح أكثر من ثلاث ويوم وليلة قال لهم فيه اثر قال الشيح وهذا الاثر الذي أشار إليه أحمد الاقرب انه أراد الرواية عن بن عمر فإنه صحيح عنه من رواية عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر انه كان لا يوقت في المسح على الخفين وقتا ويحتمل ان يريد غير ذلك من الآثار منها رواية حماد بن زيد عن كثير بن شنظير عن الحسن قال سافرنا مع أصحاب رسول الله وكانوا يمسحون خفافهم بغير وقت ولا عدد رواه بن الجهم في كتابه وعلله بن حزم فقال وكثير بن شنظير ضعيف جدا قال الشيخ وقد اختلف الرواية فيه عن يحيى بن معين ففي رواية عباس عن يحيى ليس بشئ وقال عثمان بن سعيد الدارمي فيما رواه بن عدي سألت يحيى عن كثير بن شنظير فقال ثقة وروى بن الجهم في كتابه بسنده إلى سعد بن أبي وقاص انه خرج من الخلاء فتوضأ ومسح على خفيه فقلت له تمسح عليهما وقد خرجت من الخلاء قال نعم إذا أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فامسح عليهما ولا تخلعهما الا لجنابة وروى بسنده أيضا عن الحسن انه كان يقول في المسح على الخفين يمسح عليهما ولا يجعل لذلك وقتا الا من جنابة ويسنده إلى عروة انه كان لا يوقت في المسح انتهى كلامه حديث آخر أخرجه الحاكم في مستدركه عن عبد الغفار بن داود الحراني
[ 256 ]
ثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن أبي بكر وثابت عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ أحدكم ولبس خفيه فليصل فيهما وليمسح عليهما ثم لا يخلعهما ان شاء الا من جنابة انتهى قال الحاكم إسناده صحيح على شرط مسلم ورواته عن آخرهم ثقا ت انتهى وأخرجه الدارقطني في سننه عن أسد بن موسى ثنا حماد بن سلمة به قال صاح‍ ب التنقيح إسناده قوي واسد بن موسى صدوق وثقه النسائي وغيره انتهى ولم يعله بن الجوزي في التحقيق بشئ وانما قال هو محمول على مدة الثلاث قال الشيخ في الامام قال بن حزم هذا ممن انفرد به أسد بن موسى عن حماد واسد منكر الحديث لا يحتج به قال الشيخ وهذا مدخول من وجهين أحدهما عدم تفرد أسد به كما احرجه الحاكم عن عبد الغفار ثنا حماد الثاني ان اسدا ثقة ولم ير في شئ من كتب الضعفاء له ذكر وقد شرط بن عدي ان يذكر في كتابه كل من تكلم فيه وذكر فيه جماعة من الاكابر والحفاظ ولم يذكر اسدا وهذا يقتضي توثيقه ونقل بن القطان توثيقه عن البزار وعن أبي الحسن الكوفي ولعل بن حزم وقف على قول بن يونس في تاريخ الغرباء أسد بن موسى حدثبأحاديث منكرة وكان ثقة واحسب الآفة من غيرة فان كان اخذ كلامه من هذا فليس بجيد لان من يقال فيه منكر الحديث ليس كمن يقال فيه روى أحاديث منكرة لان منكر الحديث وصف في الرجل يستحق به الترك لحديثه والعبارة الاخرى تقتضي انه وقع له في حين لا دائما وقد قال أحمد بن حنبل في محمد بن إبراهيم التيمي يروي أحاديث منكرة وقد اتفق عليه البخاري ومسلم واليه المرجع في حديث انما الاعمال بالنيات وكذلك قال في زيد بن أبي انيسة في بعض حديثه إنكاره وهو ممن احتج به البخاري ومسلم وهما العمدة في ذلك وقد حكم بن يونس بأنه ثقة وكيف يكون ثقة وهو لا يحتج بحديثه انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك ايصا عن بشر بن بكر عن موس بن على بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني انه قدم على عمر بفتح دمشق قال وعلى خفان فقال لي عمر كم لك يا عقبة منذ لم تنزع خفيك فذكرت من
[ 257 ]
الجمعة منذ ثمانية أيام فقال أحسنت واصبت السنة انتهى قال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ورواه الدارقطني في السنن وقال صحيح الاسناد وفي الامام وأخرجه النسائي ولم أجده في أطراف بن عساكر ثم رواه من حديث يزيد بن حبيب حدثني عبد الله بن الحكم عن علي بن رباح ان عقبة بن عامر حدثه انه قدم على عمر فذكره وسكت عنه وذكر الدارقطني في كتاب العلل ان عمرو بن الحارث ويحيى بن أيوب والليث بن سعد رووه عن يزيد فقالوا فيه أصبت ولم يقولوا السنة وهو المحفوظ قال ورواه جرير بن حازم عن يحيى بن أيوب عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن عقبة واسقط من الاسناد عبد الله بن الحكم البلوي وقال فيه أصبت السنة كما قال بن لهيعة والمفضل انتهى كلامه حديث آخر رواه الدارقطني من جهة أحمد بن حنبل ثنا أبو بكر الحنفي ثنا عمر بن إسحاق بن يسار أخو محمد بن إسحاق قال قرأت كتابا لعطاء بن يسار مع عطاء بن يسار قال سألت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن المسح فقالت قلت يارسول الله كل ساعة يمسح الانسان على الخفين ولا يخلعهما قال نعم انتهى ولم يعله في الامام الحديث الثاني روى المغيرة ان النبي صلى الله عليه وسلم وضع يديه علخفيه ومدهما من
[ 258 ]
الاصابع إلى اعلاهما مسحة واحدة وكاني انظر إلى اثر المسح على خف رسول الله صلى الله عليه وسلم خطوطا بالاصابع قلت غريب ويقرب منه ما رواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا الحنفي عن أبي عامر الخزاز ثنا الحسن عن المغيرة بن شعبة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم جاء حتى توضأ ومسح على خفيه ووضع يده اليمنى على خفه الايمن ويده اليسرى على خفه الايسر ثم مسح اعلاهما مسحة واحدة حتى انظر إلى أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين انتهى قال في الامام ورواه أبو أسامة عن أشعث عن الحسن به ولم يعزه حديث آخر يقرب منه رواه بن ماجة في سننه من حديث بقية عن جرير بن يزيد حدثني منذر عن محمد بن المنكد عن جابر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ ويغسل خفيه فقال بيده كأنه دفعه انما أمرت بالمسح وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا من أطراف الاصابع إلى أصل الساق وخطط بالاصابع انتهى قال صاحب التنقيح وجرير هذا ليس بمشهور ولم يرو عنه غير بقية
[ 259 ]
ومنذر هذا كأنه بن زياد الطائي وقد كذبه الفلاس وقال الدارقطني متروك ولم يخرج بن ماجة لجرير ومنذر غير هذا الحديث انتهى كلامه وهذا الحديث مما استدركه شيخنا أبو الحجاج المزي على بن عساكر إذ لم يذكره في اطرافه وكأنه ليس في بعض نسخ بن ماجة وانا وجدته في نسخة ولم أجده في أخرى والله اعلم حديث آخر أخرجه الطبراني في معجمه الوسط عن بقية عن جرير بن يزيد الحميري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل يتوضأ وهو يغسل خفيه فنخسه بيده وقال انما أمرنا بالمسح هكذا واراه بيده من مقدم الخفين إلى أصل الساق مرة وفرج بين اصابعه انتهى قال لا يروي عن جابر الا بهذا الاسناد تفرد به بقية حديث آخر في الباب أخرجه أبو داود عن عبد خير عن علي قال لو كان الدين بالراي لكان أسفل الخف أولى بالمسح عن أعلاه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه انتهى قال البيهقي والمرجع فيه إلى عبد خير وهو لم يحتج به صاحب الصحيح حديث آخر روى بن أبي شيبة في مسنده حدثنا زيد بن الحباب عن خالد بن أبي بكر عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم أمر بالمسح على ظهر الخفين إذا لبسهموهما طاهرتان انتهى ورواه الدارقطني بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمر بالمسح على ظهر الخف ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة انتهى لم يذكر الطهارة قال في الامام ورواه الفقيه أبو بكر بن الجهم المالكي في كتابه فقال على الخفين لم يذكر الطهر قال وخالد بن أبي بكر هذا هو بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر انتهى كلامه
[ 260 ]
واما حديث الوليد بن مسلم أخبرني ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة قال وضأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في غزوة تبوك فمسح اعلا الخف واسفله انتهى فأخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وهو ضعيف قال أبو داود بلغني ان ثورا لم يسمعه من رجاء وقال الترمذي حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد وسالت محمدا وأبا زرعة عن هذا الحديث فقالا ليسبصحيح لان بن المبارك رواه عن ثور عن رجاء قال حدثت عن كاتب المغيرة عن النبصلى الله عليه وسلم مرسل وقال الدارقطني في العلل هذا حديث لا يثبت لان بن المبارك رواه عن ثور بن يزيد مرسلا انتهى قال الشيخ في الامام وهذا الذي اشاروا إليه ذكره الاثرم عن أحمد بن حنبل فقال سمعت أحمد بن حنبل يضعف هذا الحديث ويذكر انه ذكره لعبد الرحمن بن مهدي فذكر عن بن المبارك عن ثور قال حدثت عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأفسده من وجهه حين قال حدثت عن رجاء وحين أرسل فلم يسنده قال الشيخ وقد روى الدارقطني هذا الحديث فقال فيه حدثنا رجاء فالله اعلم انتهى الحديث الثالث روى صفوان بن عسال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا إذا
[ 261 ]
كنا سفرا ان لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليها الا عن جنابة ولكن من بول أو غائط أو نوم قلت رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان وهو بكماله يتضمن قصة المسح والعلم والتوبة والهوى اما الترمذي فرواه في كتاب الدعوات في باب التوبة والاستغفار من حيث سفيان وحماد بن زيد كلاهما عن عاصم عن زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي اسأله عن المسح على الخفين فقال ما جاء بك يا زر فقلت ابتغاء العلم فقال ان الملائكة تضع اجنحتها لطالب العلم رضاءا بما يطلب قلت انه حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول وكنت امرأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجئتك اسالك هل سمعته يذكر في ذلك شيئا قال نعم كان يأمرنا إذا كنا سفرا أو مسافرين ان لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن الا عن جنابة لكن من غائط وبول ونوم قال فقلت هل سمعته يذكر في الهوى شيئا قال نعم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فناداه رجل يا محمد يا محمد فقلنا له ويحك اغضض من صوتك فإنك عند النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم على نحو من صوته هاؤم فقال الرجل يحب القوم ولما يلحق بهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المرء مع من احب قال فما برح يحدثني ان الله جعل بالمغرب بابا عرضه مسيرة سبعين عاما للتوبة لا يعلق ما لم تطلع الشمس من قبله وذلك قوله تعالى يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها الآية انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه في الطهارة من حديث أبي الاحوص عن عاصم به بقصة المسح فقط وقال حديث حسن صحيح ورواه النسائي في سننه في باب الوضوء من الغائط من حديث سفيان الثوري وسفيان بن عيينة ومالك بن مغول وزهير وأبي بكر بن عياش وشعبة كلهم عن عاصم به بقصة المسح فقط وأخرجه ان ماجة في الطهارة في
[ 262 ]
باب الوضوء من النوم عن سفيان عن عاصم به بقصة المسح وفي الفتن عن إسرائيل عن عاصم به بقصة التوبة وفي العلم عن معمر عن عاصم به بقصة العلم ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الحادي والسبعين من القسم الاول من حديث سفيان عن عاصم به بتمامه ورواه بن خزيمة في صحيحه من حديث معمر عن عاصم به بقصة المسح والتوبة قال الشيخ تقي الدين في الامام ذكر انه رواه عن عاصم أكثر من ثلاثين من الائمة وهو مشهور من حديث عاصم لكن الطبراني رواه محديث عبد الكريم بن أبي المخارق عن حبيب بن أبي ثابت عن زر وهذه متابعة غريبة لعاصم عن زر الا ان عبد الكريم ضعيف انتهى وعاصم روى له البخاري ومسلم مقرونا بغيره ووثقه الامام أحمد وأبو ذرعة ومحمد بن سعد وأحمد بن عبد الله العجلي وغيرهم وكان صاحب سنة وقراءة للقرآن غير انهم تكلموا في حفظه قال العقيلي لم يكن فيه الا سوء الحفظ وقال الدارقطني في حفظه شئ وقال بن معين لا باس به وقال أبو حاتم محله الصدق ولم يكن بذاك الحافظ وقال النسائي ليس به باس الحديث الرابع روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على الجرموقين قلت روى أبو داود في سننه من حديث أبي عبد الله عن أبي عبد الرحمن انه شهد عبد الرحمن بن عوف سأل بلالا عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان يخرج يقضي حاجته فأتيته بالماء فيتوضأ ويمسح على عمامته وموقيه انتهى ورواه بن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه قال الشيخ تقي الدين في الامام قيل في أبي عبد الله هذا انه مولى بني تيم ولم يسم هو ولا أبو عبد الرحمن ولا رأيت في
[ 263 ]
الرواة عن كل واحد منهما الا واحدا وهوما ذكر في الاسناد هذا انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة ثنا أبي ثنا الحسن بن موسى ثنا شيبان عن ليث بن أبي سليم عن الحكم عن شريح ين هانئ عن علي بن أبي طالب قال زعم بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الموقين والخمار انتهى ورواه بن خزيمة في صحيحه من حديث أبي إدريس الخولاني عن بلال ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الموقين والخما انتهى حديث آخر رواه البيهقي في سننه من حديث عاصم الاحول عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الموقين والخمار انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا محمد بن على الصائغ ثنا المسيب بن واضح ثنا مخلد بن الحسين عن هشام بن حسان عن حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وقد اختلفت عباراتهم في تفسير الموق فقال بن سيدة الموق ضرب من الخفاف والجمع امواق عربي صحيح وحكى الازهري عن الليث الموق ضر ب من الخفاف ويجمع على امواق وقال الجوهري الموق الذي يلبس فوق الخف فارسي معرب وقال الفراء الموق الخف فارسي معرب وجمعه امواق وكذلك قال الهروي الموق الخف فارسي معرب وقال كراع اموق الخف والجمع امواق انتهى الحديث الخامس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على جوربيه قلت روى من
[ 264 ]
حديث المغيرة بن شعبة ومن حديث أبي موسى ومن حديث بلال فحديث المغيرة رواه أصحاب السنن الاربعة من حديث أبي قيس الاودي عن هذيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال النسائي في سننه الكبرى لا نعلم أحدا تابع أبا قيس على هذه الرواية والصحيح عن المغيرة انه عليه السلام مسح على الخفين انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والثلاثين من القسم الرابع وقال أبو داود في سننه كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث لان المعروف عن المغيرة ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين قال وروى أبو موسى الاشعري أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم انه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوي قال ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وأبو مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو امامة وسهل بن سعد وعمروبن حريث وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس انتهى وذكر البيهقي حديث المغيرة هذا وقال انه حديث منكر ضعفه سفيان الثوري و عبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني ومسلم بن الحجاج والمعروف عن المغير حديث المسح على الخفين ويروى عن جماعة انهم فعلوه انتهى قال النووي كل واحد من هؤلاء لو انفرد قدم على الترمذي مع ان الجرح مقدم على التعديل قال واتفق الحفاظ على تضعيفه ولا يقبل قول الترمذي انه حسن صحيح انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام أبو قيس الاودي اسمه عبد الرحمن بن ثروان احتج به البخاري في صحيحه وذكر البيهقي في سننه ان أبا محمد يحيى بن منصور قال رأيت مسلم بن الحجاج ضعف هذا الخبر وقال أبو قيس الاودي وهذيل بن شرحبيل لا يحتملان وخصوصا مع مخالفتهما الاجلة الذين رووا هذا الخبر عن المغيرة فقالوا مسح على
[ 265 ]
الخفين وقال لا نترك ظاهر الفرآن بمثل أبي قيس وهذيل قال فذكرت هذه الحكاية عن مسلم لابي العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي فسمعته يقول سمعت علي ين محمد بن شيبان يقول سمعت أبا قدامة السرخسي يقول قال عبد الرحمن بن مهدي قلت لسفيان الثوري لو حدثتني بحديث أبي قيس عن هذيل ما قبلته منك فقال سفيان الحديث ضعيف ثم اسند البيهقي عن أحمد بن حنبل قال ليس يروى هذا الحديث الا من رواية أبي قيس الاودي وأبي عبدالرحمبن مهدي ان يحدث بهذا الحديث وقال هو منكر وأسند البيهقي أيضا عن علي بن المديني قال حديث المغيرة بن شعبة في المسح رواه عن المغيرة أهل المدينة وأهل الكوفة وأهل البصرة ورواه هذيل بن شرحبيل عن المغيرة الا انه قال ومسح على الجوربين فخالف الناس وأسند أيضا عن يحيى بن معين قال الناس كلهم يروونه على الخفين غير أبي قيس قال الشيخ ومن يصححه يعتمد بعد تعديل أبي قيس على كونه ليس مخالفا لرواية الجمهور مخالفة معارضة بل هو أمر زائد على ما رووه ولا يعارضه ولا سيما وهو طريق مستقل برواية هذيل عن المغيرة لم يشارك المشهورات في سندها انتهى واما حديث أبي موسى وهو الذي أشار إليه أبو داود فأخرجه بن ماجة في سننه والطبراني في معجمه عن عيسى بن سنان عن الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي موسى ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين انتهى ولم أجده في نسختي من بن ماجة ولا ذكره بن عساكر في الاطراف وكأنه في بعض النسخ فقد عزاه بن الجوزي في التحقيق لابن ماجة وكذلك الشيخ في الامام وقال وقول أبي داود في هذا الحديث ليس بالمتصل ولا بالقوي اوضحه البيهقي فقال الضحاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى وعيسى بن سنان ضعيف لا يحتج به انتهى وأخرجه العفيلي في كتاب الضعفاء واعله بعيسى بن سنان وضعفه عن يحيى بن معين وغيره واما حديث بلال فرواه الطبراني في معجمه من طريق بن أبي شيبة ثنا أبو معاوية عن الاعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة عن بلال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح على الخفين والجوربين انتهى وأخرجه أيضا عن يزيد بن أبي زياد وابن أبي ليلى عن
[ 266 ]
كعب بن عجرة عن بلال قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسم نحوه ويزيد بن أبي زياد وابن أبي ليلى مستضعفان مع نسبتهما إلى الصدق والله اعلم الآثار في ذلك روى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا الثوري عن الزبرقان عن كعب بن عبد الله قال رأيت عليا بال فمسح على جوربيه ونعليه ثم قام يصلي انتهى أخبرنا الثوري عن منصور عن خالد بن سعد قال كان أبو مسعود الانصاري يمسح على جوربين له من شعر ونعليه أخبرنا الثوري عن الاعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن أبي مسعود نحوه أخبرنا الثوري عن يحيى بن أبي حية عن أبي الخلاس عن بن عمر انه كان يمسح على جوربيه ونعليه أخبرنا الثوري عن الاعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه قال رأيت البراء بن عازب يمسح على جوربيه ونعليه أخبرنا معمر عن قتادة عن أنس بن مالك انه كان يمسح على الجوربين أخبرنا معمر عن الاعمش عن إبراهيم ان بن مسعود كان يمسح على خفيه ويمسح على جوربيه انتهى الحديث الساد س روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه مسح على الجبائر وامر عليا بذلك قلت هما حديثان فحديث مسحه عليه السلام على الجبائر أخرجه الدارقطني في سننه عن أبى عمارة محمد بن أحمد بن المهدي ثنا عبدوس بن مالك العطار ثنا شبانة عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمسح على الجبائر انتهى قال الدارقطني أبو عمارة هذا ضعيف جدا ولا يصح هذا الحديث
[ 267 ]
مرفوعا انتهى حديث آخر روى الطبراني في معجمه حدثنا إسحاق بن داود الصواف ثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل ثنا حفص بن عمر عن راشد بن سعد ومكحول عن أبي امامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه لما رماه بن قمة يوم أحد رأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا توضأ حل عن عصابته ومسح عليها بالوضوء انتهى واما حديث علي فرواه بن ماجة في سننه من حديث عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن أبيه عن جده الحسين بن علي بن أبي طالب قال انكسرت إحدى زندي فسالت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأمرني ان امسح على الجبائر انتهى وأخرجه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما قال الدارقطني وعمرو بن خالد أبو خالد الواسطي متروك وقال البيهقي وقد تابع عمرو بن خالد عليه عمر بن موسى بن وجيه فرواه عن زيد بن علي مثله وابن وجيه متروك منسوب إلى الوضع انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سألت أبي عن حديث رواه عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه الحديث فقال هذا حديث باطل لا أصل لوعمرو بن خالد متروك الحديث انتهى وقال بن القطان في كتابه قال إسحاق بن راهويه عمرو بن خالد كان يضع الحديث انتهى وقال بن معين هو كذاب غير ثقة ولا مأمون انتهى ورواه العقيلي في ضعفاءه واعله بعمرو بن خالد وقال لا يتابع عليه ولا يعرف الا به ونقل تكذيبه عن جماعة أحاديث الباب روى أبو داود في سننه من حديث الزبير بن خريق عن عطاء بن أبي رباح عن جابر قال خرجنا في سفر فأصاب رجلا منا حجر فشجه في رأسه ثم احتلم فقال لاصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نجدلك رخصة وأنت تقدر على الماء قال فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبر بذلك فقال قتلوه قتلهم الله الا سالوا إذ لم يعلموا فانما شفاء العي السؤال انما كان يكفيه ان يتيمم ويعصر أو يعصب شك موسى على جرحه خرقة ثم يمسح عليها
[ 268 ]
ويغسل سائر جسده انتهى قال البيهقي في المعرفة هذا الحديث أصح ما روى في هذا الباب مع اختلاف في إسناده قد بيناه في كتاب السنن انتهى وأخرجه أبو داود أيضا عن الاوزاعي انه بلغه عن عطاء بن أبي رباح انه سمع عبد الله بن عباس قال أصاب رجلا جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم احتلم فأمر بالاغتسال فاغتسل فمات فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره وتكلم عليه الدارقطني فقال لم يروه عن عطاء عن جابر غير الزبير بن خريق وليس بالقوي وخالفه الاوزاعي فرواه عن عطاء عن بن عباس وهو الصواب واختلف عن الاوزاعي فقيل عن عطاء وقيل بلغني عن عطاء وأرسله الاوزاعي بآخره فقال عن عطاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو الصواب انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن أبي الوليد خالد بن يزيد المكي ثنا إسحاق بن عبد الله بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ثنا الحسن بن زيد عن أبيه عن علي بن أبي طالب قال سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الجبائر تكون على الكسر كيف يتوضأ صاحبها وكيف يغتسل إذا اجنب قال يمسح بالماء عليها في الجنابة والوضوء قلت فان كان في برد يخاف على نفسه ان اغتسل فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تقتلوا انفسكم ان الله كان بكم رحيما يتيمم إذا خاف انتهى قال الدارقطني وأبو الوليد خالد بن يزيد ضعيف وقال البيهقي هذا مرسل وأبو الوليد ضعيف ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الباب شئ انتهى أحاديث مسح النعلين فيه عن بن عباس وابن عمر فحديث بن عباس رواه
[ 269 ]
بن عدي ثم البيهقي من جهته عن رواد بن الجراح عن سفيان عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم توضأ مرة ومسح على نعليه انتهى قال البيهقي هكذا رواه رواد وهو ينفرد عن الثوري بمناكير هذا أحدها والثقات رووه عن الثوري دون هذه اللفطة قال الشيخ تقي الدين في الامام ورواد هذا ليس بالقوي انتهى ثم ساقه البيهقي عن زيد بن الحباب عن سفيان هكذا ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم مسح على النعلين وقال الصحيح رواية الجماعة فقد رواه سليمان بن بلال ومحمد بن عجلان وورقاء بن عمر ومحمد بن جعفر بن أبي كثير عن زيد بن اسلم فحكوا في الحديث غسله رجليه والحديث واحد والعدد الكثير أولى بالحفظ من العدد اليسير مع فضل من حفظ فيه الغسل بعد الرش على على من لم يحفظه قال في الامام وحديث زيد بن الحباب هذا من أجود ما ذكر البيهقي في الباب وزيد بن الحباب ذكر بن عدي عن بن معين انه قال أحاديث زيد بن الحباب عن الثوري مقلوبة قال بن عدي وهو من اثبات مشايخ الكوفة ممن لا يشك في صدقه والذي قاله بن معين ان أحاديثه عن الثوري مقلوبة انما له عن الثوري أحاديث تستغرب بذلك الاسناد والبعض يرفعه ولا يرفعه غيره وباقي أحاديثه كلها مستقيمة وذكر بن عدي لزيد بن الحباب أحاديث ليس فيها هذا وإذا كان زيد ثقة صدوقا كان الحديث مما ينفرد به الثقة وحديث بن عمر رواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن سعيد ثنا روح بن عبادة عن بن أبي ذئب عن نافع ان بن عمر كان يتوضأ ونعلاه في رجليه ويمسح عليهما ويقول كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يفعل انتهى قال البزار نعلم رواه عن نافع الا بن أبي ذئب ولا عن بن أبي ذئب الا روح وانما كان يمسح عليهما لانه توضأ من غير حدث وكان يتوضأ لكل صلاة من غير حدث فهذا معناه انتهى كلامه فأجاب الناس عن أحاديث المسح على النعلين بثلاثة أجوبة أحدها انه كان
[ 270 ]
من النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الوضوء المتطوع به يؤيده ما أخرجه بن خزيمة فصحيحه وترجم عليه باب ذكر الدليل على ان مسح النبي صلى الله عليه وآله وسلم على النعلين كان في وضوء تطوع لا من حدث عن سفيان عن السدي عن عبد خير عن علي انه دعا بكوز من ماء ثم توضأ وضوءا خفيفا ومسح على نعليه ثم قال هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم للطاهر ما لم يحدث قال في الامام وهذا الحديث أخرجه أحمد بن عبيد الصفار في مسنده بزيادة لفظ وفيه ثم قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما لم يحدث انتهى قلت وهكذا فعل بن حبان في صحيحه في النوع الثالث والاربعين من القسم الخامس فأخرج عن بن أوس بن أبي أوس أنه توضأ ومسح على النعلين وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسح عليهما قال بن حبان وهذا انما كان في وضوء النفل ثم استدل عليه بحديث أخرجه عن النزال بن سبرة عن علي انه توضأ ومسح برجليه وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فعل كما فعلت وهذا وضوء من لم يحدث انتهى وقد تقدم للبزار في حديث بن عمر نحو ذلك الجواب الثاني قاله البيهقي ان معنى مسح على نعليه أي غسلهما في النعل واستدل بحديث الصحيحين في النعال وان بن عيينة زاد فيه ويمسح عليها ثم ساقه بسنده إلى سفيان عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن عبيد بن جريج قال قيل لابن عمر رأيناك تفعل شيئا لم نر أحدا يفعله غيرك قال وما هو قال رأيناك تلبس النعال السبتية قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلبسهما ويتوضأ فيها ثم يمسح عليهما قال في الامام وفي هذا الاستدلال نظر والذي يظهر أنه يتوضأ ثم يلبسهما وكأنه اخذ لفظة فيها على ظاهرها ولكن يحتاج إلى ان يكون لفظة يتوضأ لا تطلق الا على الغسل انتهى كلامه الجواب الثالث قاله الطحاوي في كتاب شرح الآثار وهو انه مسح على النعلين والجوربين وكان مسحه على الجوربين هو الذي يطهر به ومسحه على النعلين فضلا واستشهد بحديث أبي موسى الاشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه وبحديث المغيرة بن شعبة نحوه روى الاول بن ماجة والثاني رواه أبو داود والترمذي وقد تقدم الكلام عليهما في حديث الجوربين
[ 271 ]
أحاديث اشتراط اللبس على طهارة كاملة استدل الشافعية على ذلك بأحاديث منها في الصحيحين حديث المغيرة دعهما فاني ادخلتهما طاهرتين وفي غير الصحيح من ذلك كثير وليس فيها حجة لانا نقول بعدم جواز المسح الا بعد غسل الرجل ومحل الخلاف يظهر في مسألتين أحدهما إذا أحدث ثم غسل رجليه ثم لبس الخفين ثم مسح عليهما ثم أكمل وضوءه الثانية إذا أحدث ثم توضأ فلما غسل إحدى رجليه لبس عليها الخف ثم غسل الاخرى ثم لبس عليها الخف فان هذا المسح عندنا جائز في الصورتين خلافا لهم هذا تحرير مذهبنا وهم يطلقون النقل عن مذهبنا ويقولون الحنفية لا يشترطون كمال الطهارة في المسح وهذا يدخل فيه ما لو توضأ ولم يغسل رجليه ثم لبس الخفين وليس كذلك عندنا لل لا يجوز له المسح في هذه الصورة لان الحدث باق في القدم كما ذكره في الكتاب وأقرب ما استدلوا به حديث أخرجه الدارقطني عن المهاجر بن مخلد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن وللمقيم يوما وليلة إذا تطهر فلبس خفيه ان يمسح عليهما انتهى قالوا ووجه الحجة ان الفاء للتعقيب والطهارة إذا اطلقت انما يراد بها الطهارة الكاملة وجوابنا ان هذا حديث ضعيف فانهم تكلموا في مهاجر بن مخلد قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال لين الحديث ليس بذلك ثم انه قد روى بالواو ولبس خفيه وعلى تقدير صحته فهو محمول على طهارة الرجلين والله أعلم وأما ابتداء مدة المسح على الخفين ففيه ثلاثة أقوال عندنا فقيل من وقت اللبس وقيل من وقت المسح وقيل من وقت الحدث قال بن دقيق العيد في الامام اما من اعتبرها من وقت اللبس فقد استدل له بحديث صفوان بن عسال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا إذا كنا مسافرين أو سفرا ان لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن من
[ 272 ]
حيث انه جعل الثلاث مدة اللبس واما من اعتبرها من وقت المسح فبحديث أبي بكرة وفيه ألفاظ اقواها في مرادهم ما علق الحكم فيه بالمسح كالرواية التي ذكرناها من جهة عبد الرزاق عن معمر وفيها فأمرنا ان يمسح على الخفين إذا نحن ادخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا اقمنا انتهى قلت وهذا اللفظ أيضا في حديث صفوان بن عسال عند أحمد في مسنده أمرنا ان نمسح على الخفين إذ نحن ادخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا وليلة إذا اقمنا وفي لفظ له وقال للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن يمسح على خفيه إذا ادخل رجليه على طهور وللمقيم يوم وليلة والله اعلم باب الحيض الحديث الاول قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة أيام واكثره عشرة أيام قلت روى من حديث أبي أمامة ومن حديث واثلة بن
[ 273 ]
الاسقع ومن حديث معاذ بن جبل ومن حديث أبي سعيد الخدري ومن حديث أنس بن مالك ومن حديث عائشة اما حديث أبي امامة فرواه الطبراني في معجمه والدارقطني في سننه من حديث حسان بن إبراهيم بن عبد الملك عن العلاء بن كثير عن مكحول عن أبي امامة ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أقل الحيض للجارية البكر والثيب ثلاثة وأكثر ما يكون عشرة أيام فإذا زاد فهي مستحاضة قال الدارقطني عبد الملك مجهول والعلاء بن كثير ضعيف الحديث ومكحول لم يسمع من أبي امامة وأخرجه بن عدي في الكامل ولين حسان بن إبراهيم وقال انه لا يعتمد الكذب ولكنه يهم وهو عندي لا باس به انتهى ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث سليمان بن عمر وأبي داود النحعي عن يزيد بن جابر عن مكحول به واعله بابي داود النحعي وقال انه يضع الحديث واعله بالعلاء بن كثير أيضا وقال انه يروى الموضوع عن الاثبات لا يحل الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا تفرد قال ومن أصحابنا من زعم انه العلاء بن الحارث وليس كذلك فان العلاء بن الحارث حضرمي وهذا من موالي بني أمية ذاك صدوق وهذا ليس بشئ اما حديث واثلة فرواه الدارقطني في سننه حدثنا أبو حامد محمد بن هارون ثنا محمد بن أحمد بن أنس الشامي ثنا حماد بن المنهال البصري عن محمد بن راشد عن مكحول عن واثلة بن الاسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أقل الحيض ثلاثة أيام واكثره عشرة أيام انتهى قال الدارقطني حماد بن منهال مجهول ومحمد بن أحمد بن أنس ضعيف انتهى وقال بن حبان محمد بن راشد كثرت المناكير في روايته فاستحق الترك انتهى
[ 274 ]
واما حديث معاذ فأخرجه بن عدي في الكامل عن محمد بن سعيد الشامي حدثني عبد الرحمن بن غنسمعت معاذ بن جبل يقول انه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا حيض دون ثلاثة أيام ولا حيض فوق عشرة أيام فما زاد على ذلك فهي مستحاضة تتوضأ لكل صلاة الا أيام اقرائها ولا نفاس دون اسبوعين ولا نفاس فوق أربعين يوما فان رات النفساء الطهر دون الاربعين صامت وصلت ولا ياتيها زوجها الا بعد الاربعين انتهى وضعف محمد بن سعيد هذا عن البخاري وابن معين وسفيان الثوري وقالوا انه يضع الحديث وأخرجه العقيلي في ضعفاءه عن محمد بن الحسن الصدفي عن عبادة بن نسي عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حيض أقل من ثلاث ولا فوق عشر انتهى واعله بمحمد بن الحسن الصدفي وقال مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ انتهى واما حديث الخدري فرواه بن الجوزي في العلل المتناهية من حديث أبي داود النخعي حدثني أبو طوالة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أقل الحيض ثلاث واكثره عشر واقل ما بين الحيضتين خمسة عشر يوما انتهى قال بن الجوزي قال بن حبان كان سليمان يضع الحديث وهو أبو داود النخعي وقال أحمد كان كذابا وقال البخاري هو معروف بالكذب وقال يزيد بن هارون لا يحل لاحد ان يروي عنه واما حديث أنس فأخرجه بن عدي في الكامل عن الحسن بن دينار عمعاوية بن قرة عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحيض ثلاثة أيام وأربعة وخمسة وستة وسبعة وثمانية وتسعة وعشرة فإذا جاوزت العشر فهي مستحاضة انتهى واعله بالحسن بن دينار وقال ان جميع من تكلم في الرجال احمع على ضعفه قال ولم ار له حديثا جاوز الحد في النكارة وهو إلى الضعف أقرب وهو معرو ف بالجلد بن أيوب عن معاوية بن قرة عن أنس موقوفا وقد رويناه كذلك فيما تقدم فحرف الجيم انتهى
[ 275 ]
واما حديث عائشة فلم أجده موصولا ولكن قال بن الجوزي في التحقيق وفي العلل المتناهية وروى حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال أكثر الحيض عشر واقله ثلاث قال وحسين بن علوان قال بن حبان كان يضع الحديث لا يحل كتب حديثه كذبه أحمد ويحيى بن معين انتهى وكذلك ذكره بن حبان في كتاب الضعفاء لم يصل سنده به وقال ما نقله بن الجوزي قال بن الجوزي في التحقيق واستدل أصحابنا وأصحاب مالك والشافعي على ان أكثر الحيض خمسة عشر يوما بحديث رووه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تمكث إحداكن شطر عمرها لا تصلي قال وهذا حديث لا يعرف وأقره صاحب التنقيح عليه قوله روى ان عائشة رضي الله عنها جعلت ما سوى البياض الخالص حيضا قلت روى مالك وعنه محمد بن الحسن في موطأ يهما عن علقمة بن أبي علقمة عن أمه مولاه عائشة قالت كان النساء يبعثن إلى عائشة بالدرجة فيها الكرسف فيه الصفرة من دم الحيضة يسألنها عن الصلاة فتقول لهن لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء تريد بذلك الطهر من الحيضة انتهى ورواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن علقمة بن أبي علقمة به سواء وأخرجه البخاري في صحيحه تعليقا ولفظه قال وكن النساء يبعثن إلى عائشة بالكرسف فيه الصفرة فتقول لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء انتهى
[ 276 ]
حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الاعلى بن عبد الاعلى عن محمد بن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت كنا في حجرها مع بنات ابنها فكانت احدانا تطهر ثم تصلى ثم تنكسر بالصفرة اليسيرة فتسألها فتقول اعتزلن الصلاة ما رايتن ذلك حتى لا ترين الا البياض خالصا انتهى حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن يحيى بن سعيد عن ربطة مولاة عمرة عن عمرة انها كانت تقول للنساء إذا أدخلت إحداكن الكرسفة فخرجت متغيرة فلا تصلي حتى لا ترى شيئا انتهى الحديث الثاني عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت احدانا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طهرت من حيضها تقضي الصيام ولا تفضي الصلاة قلت رواه الائمة الستة في كتبهمن حديث معاذة بنت عبد الله العدوية قالت سألت عائشة رضي الله عنها ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة فقالت احرورية أنت قلت لست بحرورية ولكن اسال قالت كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة انتهى وفي بعض الفاظهم لعد كنا نحيض عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من كرره في الصوم الحديث الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم اني لا أحل المسجد لحائض ولاجنب قلت
[ 277 ]
روى من حديث عائشة ومن حديث أم سلمة فحديث عائشة أخرجه أبو داود عن أفلت عن جسرة بنت دجاجة عن عائشة قالت جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه بيوت اصحابه شارعة في المسجد فقال وجهوا هذه البيوت عن المسجد ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصنع القوم شيئا رجاء ان ينزل فيهم رخصة فخرج إليهم فقال وجهوا هذه البيوت عن المسجد فاني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب انتهى وهو حديث حسن قال بن القطان في كتابه قال أبو محمد عبد الحق في حديث جسرة هذا انه لا يثبت من قبل إسناده ولم يبين ضعفه ولست أقول انه حديث صحيح وانما أقوانه حسن فإنه يرويه عبد الواحد بن زياد ثنا أفلت بن خليفة حدثتني جسرة بنت دجاجة عن عائشة و عبد الواحد ثقة لم يذكر بقادح وعبد الحق احتد به في غير موضع من كتابه وافلت ويقال فليت بن خليفة العامري قال بن حنبل ما أرى به بأسا وقال فيه ابو حاتم شيخ واما جسرة بنت دجاجة فقال فيها الكوفي تابعية وقول البخاري في تاريخه الكبير عندها عجائب لا يكفي في إسقاط ما روت روى عنها أفلت وقدامة بن عبد الله بن عبدة العامري انهتى كلامه وذكر بن حبان جسرة في كتاب الثقات وقال روى عنها أفلت أبو حسان وقدامة العامري انتهى وقال الخطابي وقد ضعفوا هذا الحديث وقالوا ان أفلت روايه مجهول لا يصح الاحتجاج بحديثه قال المنذري في مختصرة وفيما قاله نظر فإنه أفلت بن خليفة ويقال فليت العامري ويقال الذهلي كنيته أبو حسان حديثه في الكوفيين روى عنه سفيان الثوري و عبد الواحد بن زياد وقال أحمد بن حنبل ما أرى به بأسا وسئل عنه أبو حاتم الرازي فقال شيخ وحكى البخاري انه سمع من جسرة بنت دجاجة قال وعند جسرة عجائب انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام رأيت في كتاب الوهم والايهام لابن القطان المقروء عليه دجاجة بكسر الدال وعليها صح وكتب الناسخ في الحاشية بكسر الدال بخلاف واحدة الدجاج انتهى كلامه واما حديث أم سلمة فرواه بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة
[ 278 ]
ومحمد بن يحيى قالا ثنا أبو نعيم ثنا بن أبي غنية عن أبي الخطاب الهجري عن محدوج الذهلي عجسرة قالت أخبرتني أم سلمة قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صرحة هذا المسجد فنادى بأعلى صوته ان المسجد لا يحل لجنب ولا لحائض انتهى ورواه الطبراني في معجمه قال بن أبي حاتم في علله سمعت أبا زرعة يذكر حديثا به عن أبي نعيم عن بن أبي غنية عن أبي الخطاب عن محدوج الذهلي عن جسرة قالت أخبرتني أم سلمة فذكره فقال يقولون عن جسرة عن أم سلمة والصحيح عن جسرة عن عائشة انتهى كلامه الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقرأ الحائض والجنب شيئا من القرآن قلت روى من حديث بن عمر ومن حديث جابر اما حديث بن عمر فأخرجه الترمذي وابن ماجة عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من الفرآن انتهى قال الترمذي لا نعلمه يروي عن بن عمر الا من هذا الوجه انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال قال البخاري فيما بلغني عنه انما روى هذا إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة ولا اعرفه من حديث غيرة وإسماعيل منكر الحديث عن أهل الحجاز وأهل العراق ثم قال وقد روى عن غيره عن موسى بن عقبة وليس بصحيح انتهى وقال في المعرفة هذا حديث ينفرد به إسماعيل بن عياش وروايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها قاله أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وغيرهما من الحفاظ وقد روى هذا عن غيره وهو ضعيف انتهى وقال بن أبي حاتم في علله سمعت أبي وذكر حديث إسماعيل بن عياش هذا فقال خطأ انما هو من قول بن عمر انتهى وقال بن عدي في الكامل هذا الحديث بهذا السند لا يرويه غير إسماعيل بن عياش
[ 279 ]
وضعفه أحمد والبخاري وغيرهما وصوب أبو حاتم وقفه على بن عمر انتهى وله طريقان آخران عند الدارقطني أحدهما عن المغيرة بن عبد الرحمن عن موسى بن عقبة به والثاني عن محمد بن إسماعيل الحساني عن رجل عن أبي معشر عن موسى بن عقبة به وهذا مع ان فيه رجلا مجهولا فأبو معشر رجل مستضعف الا انه يتابع عليه واما حديث جابر فرواه الدارقطني في سننه في آخر الصلاة من حديث محمد بن الفضل عن أبيه عن طاوس عن جابر مرفوعا نحوه ورواه بن عدي في الكامل واعله بمحمد بن الفضل واغلظ في تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين ووافقهم حديث يمكن ان يستدل به الطحاوي في إباحة ما دون الآية للجنب ورواه أحمد في مسنده حدثنا عائذ بن حبيب حدثني عامر بن السمط عن أبي العزيف الهمداني قال أتى على بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثا وغسل وجهه ثلاثا وغسل يديه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ثم مسح براسه ثم غسل رجليه ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن ثم قال هذا لمن ليس بجنب فاما الجنب فلاولا آية انتهى ولكن الدارقطني رواه في سننه موقوفا بغير هذا اللفظ فأخرجه عن عامبن السمط ثنا أبو العزيف الهمداني قال كنا مع علي رضي الله عنه في الرحبة فخرج إلى أقصى الرحبة فوالله ما أدري أبولا أحدث أم غائطا ثم جاء فدعا بكوز من ماء فغسل كفيه ثم قبضهما إليه ثم قرأ صدرا من القرآن ثم قال اقرءوا القرآن ما لم يصب أحدكم جنابة فان اصابه فلا ولا حرفا واحدا انتهى قال الدارقطني هو صحيح عن علي انتهى حديث آخر في منع القراءة للجنب رواه أصحاب السنن الاربعة من حديث
[ 280 ]
عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحجبه أو لا يحجزه عن القرآن شئ ليس الجنابة انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وصححه قال ولم يحتجا بعبد الله بن سلمة ومدار الحديث عليه انتهى قال النووي في الخلاصة قال الشافعي أهل الحديث لا يثبتونه قال البيهقي لان مداره على عبد الله بن سلمة بكسر اللام وكان قد كبر وأنكر حديثه وعقله وانما روى هذا بعد كبره قاله شعبة انتهى كلامه الحديث الخامس قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن الا طاهر قلت روى من حديث عمرو بن حزومن حديث بن عمر ومن حديث حكيم بن حزام ومن حديث عثمان بن أبي العاص ومن حديث ثوبان اما حديث عمرو بن حزم فرواه النسائي في سننه في كتاب الديات وأبو داود في المراسيل من حديث محمد بن بكار بن بلال عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن أرقم عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده ان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن في السنن والفرائض والديات ان لا يمس القرآن الا طاهر انتهى وروياه أيضا من حديث الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة ثنا سليمان بن داود الخولاني حدثني الزهري عن أبي بكر بن محمد
[ 281 ]
بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده بنحوه قال أبو داود وهم فيه الحكم بن موسى يعني في قوله سليمان بن داود وانما هو سليمان بن أرقم وقال النسائي الاول اشبه بالصواب وسليمان بن أرقم متروك انتهى وبالسند الثاني رواه بن حبان في صحيحه في النوع السابع والثلاثين من القسم الخامس وقال سليمان بن داود الخولاني من أهل دمشق ثقة مأمون انتهى وكذلك الحاكم في المستدرك وقال هو من قواعد الاسلام وإسناده من شرط هذا الكتاب انتهى أخرجه بطوله ورواه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي في سننهما وأحمد في مسنده وابن راهويه طريق آخر رواه الدارقطني في غرائب مالك من حديث أبي ثور هاشم بن ناجية عن مبشر بن إسماعيل عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده قال كان فيما اخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يمس القرآن الا طاهر قال الدارقطني تفرد به أبو ثور عمبشر عن مالك فأسنده عن جده ثم رواه من حديث إسحاق الطباع أخبرني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال كان في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا يمس القرآن الا طاهر قال وهذا الصواب عن مالك ليس فيه عن جده انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام وقوله فيه عن جده يحتمل ان يراد به جده الادنى وهو محمد بن عمرو بن حزم ويحتمل ان يراد به جده الاعلى وهو عمرو بن حزم وانما يكون متصلا إذا أريد الاعلى لكن قوله كان فيما اخذ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضى انه عمرو بن حزم لانه الذي كتب له الكتاب طريق آخر أخرجه البيهقي في الخلافيات من طريق عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في عهده ولا يمس القرآن الا طاهر انتهى قلت لم أجده عند عبد الرزاق في مصنفه وفي تفسيره الا مرسلا فرواه في مصنفه في باب الحيض أخبرنا معمر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال كان في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم الحديث ورواه في تفسيره في سورة الواقعة أخبرنا معمر عن عبد الله ومحمد ابني أبي
[ 282 ]
بكر بن عمرو بن حزم عن أبيهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كتب لهم كتابا فيه ولا يمس القرآن الا طاهر انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما هكذا مرسلا قال الدارقطني هذا مرسل ورواته ثقات انتهى طريق آخر رواه البيهقي في الخلافيات أيضا من حديث إسماعيل بن أبي أويس حدثني أبي عن عبد الله ومحمد ابني أبي بكر يخبرانه عن أبيهما عن جدهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه كتب هذا الكتاب لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن وأبو أويس صدوق اخرج له مسلم في المتابعات وقد روى هذا الحديث من طرق أخرى مرسلة وسيأتي في الزكاة وفي الديا ت بعض ذلك ان شاء الله تعالى قال السهيلي في الروض الانف حديث لا يمس القرآن الا طاهر مرسل لا يقوم به الحجة وقد اسنده الدارقطني من طرق اقواها رواية أبي داود الطيالسي عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده انتهى واما حديث بن عمر فرواه الطبراني في معجمه والدارقطني ثم البيهقي من جهته فسننهما من حديث بن جريج عن سليمان بن موسى عن الزهري قال سمعت سالما يحدث عن أبيه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن الا طاهر انتهى وسليمان بن موسى الاشدق مختلف فيه فوثقه بعضهم وقال البخاري عنده مناكير وقال النسائي ليس بالقوي واما حديث حكيم بن حزام فرواه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل من حديث سويد بن أبي حاتم ثنا مطر الوراق عن حسان بن بلال عن حكيم بن حزام قال لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال لا تمس القرآن الا وأنت طاهر انتهى قال الحاكم حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ورواه الطبراني
[ 283 ]
والدارقطني ثم البيهقي في سننهما واما حديث عثمان بن أبي العاص فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن عمرو الخلال المكي ثنا يعقوب بن حميد ثنا هشام بن سليمان عن إسماعيل بن رافع عن محمد بن سعيد عن عبد الملك عن المغيرة بن شعبة عن عثمان بن أبي العاص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمس القرآن الا طاهر انتهى واما حديث ثوبان فلم أجده موصولا ولكن قال بن القطان في كتابه الوهم والايهام وروى علي بن عبد العزيز في منتخبه حدثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا مسعدة البصري عن خصيب بن حجدر عن النضر بن شفي عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمس القرآن الا طاهر والعمرة هي الحج الاصغر انتهى قال بن القطان وإسناده في غاية الضعف اما النضر بن شفي فلم أجد له ذكرا في شئ من مظانه فهو مجهول جدا واما الخصيب بن جحدر فقد رماه بن معين بالكذب واما مسعدة البصري فهو بن اليسع تركه أحمد بن حنبل وحرق حديثه ووصفه أبو حاتم بالكذب واما إسحاق بن إسماعيل فهو بن عبد الاعلى يروي عن بن عيينة وجرير وغيرهما وهو شيخ لابي داود وأبو داود انما يروي عن ثقة عنده انتهى كلامه وفي الباب اثران جيدان أحدهما أخرجه الدارقطني عن إسحاق الازرق ثنا القاسم بن عثمان البصري عن أنس بن مالك قال خرج عمر متقلدا بالسيف فقيل له ان ختنك واختك قد صبوا فأتاهما عمر وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب وكانوا يقرءون طه فقال اعطوني الذي عندكم فاقرأه وكان عمر يقرأ الكتب فقالت له أخته انك رجس ولا يمسه الا المطهرون فقم واغتسل أو توضأ فقام عمر فتوضأ ثم اخذ الكتاب فقرأ طه انتهى ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده مطولا قال الدارقطني تفرد به القاسم بن عثمان وليس
[ 284 ]
بالقوي وقال البخاري له احاديث لا يتابع عليها الثاني أخرجه الدارقطني أيضا عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا مع سلمان فخرج فقضى حاجته ثم جاء فقلت يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا نسألك عن آيات قال اني لست امسه انه لا يمسه الا المطهرون فقرأ علينا ما شئنا انتهى وصححه الدارقطني قوله روى عن إبراهيم النخعي انه قال أقل الطهر خمسة عشر يوما قلت غريب جدا الحديث السادس قال النبي صلى الله عليه وسلم توضئي وصلي وان قطر الدم على الحصير قلت رواه بن ماجة في سننه من حديث وكيع عن الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إذا امرأة استحاض فلا اطهر فادع الصلاة قال لا انما ذلك عرق وليس بالحيضة اجتنبي الصلاة أيام محيضك ثم اغتسلي وتوضئي لكل
[ 285 ]
صلاة وان قطر الدم على الحصير انتهى ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه هذا الحديث لابي داود مقلدا لغيره في ذلك وأبو داود وان كان أخرجه لكن لم يقل فيه وان قطر الدم على الحصير فليس هو حديث الكتاب والذي اوقعه في ذلك اأصحاب الاطراف عزوه لابي داود وابن ماجة ومثل هذا لا ينكر على أصحاب الاطراف ولاغيرهم من أهل الحديث لان وظيفة المحدث ان يبحث عن أصل الحديث فينظر من خرجه ولا يضره تغير بعض الفاظه ولا الزيادة فيه أو النقص
[ 286 ]
واما الفقيه فلا يليق به ذلك لانه يقصد ان يستدل على حكم مسألة ولا يتم له هذا الا بمطابقة الحديث لمقصود والله اعلم واعلم ان أبا داود لم ينسب عروة في هذا الحديث كما نسبه بن ماجة وأصحاب الاطراف لم يذكروه في ترجمة عروة بن الزبير وانما ذكروه في ترجمة عروة المزني معتمدين في ذلك على قول بن المديني ان حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير ورواه أحمد وإسحاق بن راهويه وابن أبي شيبة والبزار في مسانيدهم ولم ينسبوا عروة ولكن بن راهويه والبزار أخرجاه في ترجمة عروة بن الزبير عن عائشة وفي لفظ لابن أبي شيبة بهذا الاسناد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تصلي المستحاضة وإن قطر الدم الحصير انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال في بعض ألفاظه وضعف الحديث فقال زعم سفيان الثوري ان حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير ثم نقل عن أبي داود السجستاني انه ضعفه بأشياء منها ان حفص بن غياث رواه عن الاعمش فوقفه على عائشة وأنكر ان يكون مرفوعا ووقفه أيضا أسباط بن محمد عن الاعمش على عائشة وبان الاعمش أيضا رواه مرفوعا أوله وأنكر ان يكون فيه الوضوء عند كل صلاة وبان الزهري رواه عن عروة عن عائشة وقال فيه فكانت تغتسل لكل صلاة انتهى وقال صاحب التنقيح رواه الاسماعيلي ورجاله رجال الصحيح انتهى وقال الترمذي في كتاب الحج من جامعه في باب ما جاء في عمرة رجب سمعت مخمد بن إسماعيل يقول حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير انتهى وقال النسائي في سننه في باب ترك الوضوء من القبلة قال يحيى القطان روى حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة حديثين كلاهما لا شئ أحدهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ والآخر حديث تصلى وان قطر الدم على الحصير انتهى وهذا الكلام بحروفه نقله الدارقطني بإسناده عن بن معين وقال البيهقي في كتاب المعرفة حديث حبيب بن أبي ثابت هذا ضعيف ضعفه يحيى بن سعيد القطان وعلي بن المديني ويحيى بن معين وقال سفيان الثوري حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئا ورواه حفص بن غياث عن الاعمش فوقفه على عائشة وأنكر ان يكون مرفوعا ووقفه أيضا أسباط عن الاعمش ورواه أيوب أبو العلاء عن الحجاج بن أرطاة عن أم كلثوم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو أيضا ضعيف لا يصح ورواه عمار بن مطر عن أبي يوسف عن إسماعيل بن
[ 287 ]
أبي خالد عن الشعبي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة مرفوعا قال الدارقطني تفرد به عمار بن مطر وهو ضعيف عن أبي يوسف والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الاسناد موقوف انتهى كلامه ومن أحاديث الباب ما رواه البخاري في صحيحه من حديث عكرمة عن عائشة قالت اعتكفت مع النبي صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه فكانت ترى الحمرة والصفرة فربما وضعت الطست تحتها وهي تصلى انتهى الحديث السابع قال النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام اقرائها قلت روى من حديث جد عدي بن ثابت ومن حديث عائشة ومن حديث أم سلمة ومن حديث سودة بنت زمعة اما الاول فرواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في المستحاضة تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتصلى انتهى قال الترمذي هذا حديث تفرد به شريك عن أبي اليقطان قال وسالت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقلت له عدي بن ثابت عن أبيه عن جده جد عدي ما اسمه فلم يعرفه وذكرت له قول يحيى بن معين ان اسمه دينار فلم يعبأ به انتهى وقال أبو داود حديث عدي بن ثابت هذا ضعيف لا يصح ورواه أبو اليقظان عن عدبن ثابت عن أبيه عن علي انتهى كلامه وقال البيهقي في المعرفة قال يحيى بن معين جد عدي اسمه دينار وقال المنذري في مختصره وقد قيل انه جده أبو أمه عبد الله بن يزيد الخطمي قال الدارقطني ولا يصح من هذا كله شئ انتهى وكلام الائمة يدل على انه يعرف ما اسمه وشريك هو بن عبد الله النخعي قاضي الكوفة تكلم فيه غير واحد وأبو اليقظان هو عثمان بن عمير الكوفي ولا يحتج بحديثه واما حديث عائشة فرواه الطبراني في معجمه الصغير من حديث يزيد بن
[ 288 ]
هارون أنبأ أيوب أبو العلاء عن عبد الله بن شبرمة القاضي عن قمير امرأة مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في المستحاضة تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل مرة ثم تتوضأ إلى مثل أيام اقرائها انتهى ورواه بن حبان في صحيحه من حديث أبي عوانة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة سئل رسول الله صلى الله عيه وسلم عن المستحاضة فقال تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ عند كل صلاة انتهى واما حديث أم سلمة فرواه الدارقطني في سننه من حديث معلى بن أسد ثنا وهيب ثنا أيوب عن سليمان بن يسار ان فاطمة بنت أبي حبيش استحيضت فأمرت أم سلمة ان تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتستذفر بثوب وتصلي انتهى قال الدارقطني ورواته كلهم ثقات ورواه بن أبي شيبة في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا حجاج عن نافع عن سليمان بن يسار ان امرأته اتت أم سلمة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لها عن المستحاضة فقال عليه السلام تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتستثفر بثوب وتتوضأ لكل صلاة وتصلي إلى مثل ذلك انتهى وهذه المرأة هي فاطمة بنت أبي حبيش يفسره رواية الدارقطني المذكروة واما حديث سودة فرواه الطبراني في معجمه الاوسط حدثنا مورع بن عبد الله أبو ذهل المصيصي ثنا الحسن بن عيسى الحربي ثنا حفص بن غياث عن العلاء بن المسيب عن الحكم بن عتيبة عن أبي جعفر عن سودة بنت زمعة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستحاضة تدع الصلاة أيام اقرائها التي كانت تجلس فيها ثم تغتسل غسلا واحدا ثم تتوضأ لكل صلاانتهى
[ 289 ]
الحديث الثامن قال النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تتوضأ لكل صلاة قلت رواه بن ماجة من حديث شريك عن أبي اليقظان عن عدي بن ثابت عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المستحاضة تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصوم وتصلى انتهى ورواه أبو داود ولفظه والوضوء عند كل صلاة ورواه الترمذي ولفظه وتتوضأ عند كل صلاة وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في الذي قبله ولكن له شواهد منها حديث أخرجه أبو داود وابن ماجة عن وكيع عن الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة زاد بن ماجة بن الزبير عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر خبرها وقال ثم اغتسلي
[ 290 ]
ثم توضئي لكل صلاة وصلي انتهى بلفظ أبي داود وزاد بن ماجة فيه وان قطر الدم على الحصير وقد تقدم في موضعه والكلام عليه وله طريق آخر رواه بن حبان في صحيحه من حديث محمد بن علي بن الحسن بن شقيق سمعت أبي يقول ثنا أبو حمزة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان فاطمة بنت أبي حبيش اتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله اني استحاض الشهر والشهرين فقال ليس ذاك بحيض ولكنه عرق فإذا اقبل الحيض فدعى الصلاة عدد ايامك التي كنت تحيضين فإذا أدبرت فاغتسلي وتوضئي لكل صلاة انتهى وهذه اللفظة اعني قوله وتوضئي لكل صلاة هي معلقة عند البخاري عن عروة في
[ 291 ]
صحيحه روى في الطهارة في باب غسل الدم من حديث أبي معاوية محمد بن حازم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت جاءت فاطمة بنت أبي حبيش فقالت يا رسول الله اني امرأة استحاض فلا اطهر افادع الصلاة قال لا انما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة وإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي قال وقال أبي ثم توضئي لكل صلاة حتى يجئ ذلك الوقت انتهى وأخرجها الترمذي عن أبي معاوية متصلا فإنه اخرج الحديث من رواية وكيع وعبدة وأبي معاوية ثلاثتهم عن هشام به وفي آخره قال أبو معاوية في حديثه وقال توضئي لكل صلاحتى يجئ ذلك الوقت انتهى وقال حديث حسن صحيح انتهى قد جعل بن القطان في كتابه مثل هذا تعليقا فقال في باب الاستسقاء قال البخاري حدثنا حديث آخر رواه أبو يعلى الموصلي في مسنده قال قرئ على بشر بن الوليد البيكندي وان حاضر قيل له حدثكم أبو يوسف القاضي عن عبد الله بن علي أبي أيوب الافريقي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر المستحاضة بالوضوء لكل صلاة انتهى ومن طريق أبي يعلى الموصلي رواه البيهقي في المعرفة قال البيهقي وأبو يوسف القاضي ثقة إذا كان يروي عن ثقة الا ان الافريقي لم يحتج به صاحبا الصحيح وابن عقيل مختلف في الاحتجاج به انتهى حديث آخر روى بن أبي شيبة في مسنده حدثنا يزيد بن هارون ثنا حجاج عن نافع عن سليمان بن يسار ان امرأته اتت أم سلمة تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة فقال عليه السلام تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتستثفر بثوب وتتوضأ لكل صلاة وتصلي إلى مثل ذلك انتهى وقد تقدم في الحديث الذي قبله
[ 292 ]
الحديث قال النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة تتوضأ لوقت كل صلاة قلت غريب جدا قال الطحاوي في شرح الآثار ومذهبنا قوي من جهة النظر وذلك انا عهدنا الاحداث اما خروج خارج أو خروج وقت فخروج الخارج معروف وخروج الوقت حدث في المسح على الخفين فرجعنا في هذا الحدث المختلف فيه فجعلناه كالحدث الذي اجمع عليه ووجد له أصل ولم نجعله كما لم يجمع عليه ولم نجد له أصلا لانا لم نعهد الفراغ من الصلاة حدثا قط انتهى فصل في النفاس الحديث التاسع رو ت أم سلمة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين
[ 293 ]
يوما قلت رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث كثير بن زياد أبي سهل قال حدثتني مسة الازدية عن أم سلمة قالت كانت المرأة من نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقعد في النفاس أربعين يوما أو أربعين ليلة وكنا نطلي وجوهنا بالورس من الكلف انتهى زاد أبو داود في لفظ لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفا س انتهى قال الترمذي قال البخاري أبو سهل ثقة لم يعرف هذا الحديث الا من حديثه انتهى ورواه الحاكم في المستدرك بزيادة أبي داود وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى ووراه الدارقطني ثم البيهقي في سننهما وأخرجه الدارقطني أيضا عن الحكم بن عتيبة عن مسة به وقال بن تيمية في المنتقى معنى الحديث أي كانت النفساء تؤمر ان تقعد أربعين يوما قال إذا لا يمكن ان يتفق عادة نساء عصر في نفاس ولا حيض انتهى وقال عبد الحق في احكامه أحاديث هذا الباب معلولة واحسنها حديث مسة الازدية انتهى قال بن القطان في كتابه
[ 294 ]
وحديث مسة أيضا معلول فان مسة المذكورة وتكنى أم بسه لا يعرف حالها ولا عينها ولا يعرف في غير هذا الحديث وأيضا فازواج النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن منهن نفساء معه الا خديجة ونكاحها كان قبل الهجرة فلا معنى لقولها قدر كانت المرأة إلى آخره الا ان تريد بنسائه غير أزواجه من بنات وقريبات وسرية عارية والله اعلم انتهى كلامه واعله بن حبان في كتاب الضعفاء بكثير بن زياد وقال انه يروي الاشياء المقلوبات فاستحق مجانبة ما انفرد به من الروايات انتهى أحاديث الباب روى بن ماجة في سننه حدثنا عبد الله بن سعيد ثنا المحاربي عن سلام بن سليم الطويل عن حميد عن أنس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنفساء أربعين يوما الا ان ترى الطهر قبل ذلك انتهى ورواه الدارقطني في سننه ثم قال لم يروه عند حميد غير سلام هذا وهو ضعيف انتهى وقال صاحب التنقيح لم يخرج بن ماجة في كتابه لسلام غير هذا الحديث انتهى اللهحديث آخر رواه الحاكم في مستدركه من حديث أبي بلال الاشعري ثنا أبو شهاب عن هشام بن حسان عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص قال وقت رسول الله صلى الله عليوسلم للنساء في نفاسهن أربعين يوما انتهى قال الحاكم ان سلم هذا الاسناد من أبي بلال فإنه مرسل صحيح لان الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال أبو بلال الاشعري ضعيف انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك أيضا عن عمرو بن الحصين ثنا محمد بن عبد الله بن علاثة عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن باباه عن عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتظر النفساء أربعين ليلة فان رات الطهر قبل ذلك
[ 295 ]
فهي طاهر وان جاوزت الاربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي فان غلبها الدم توضأت لكل صلاة انتهى قا الحاكم وعمرو بن الحصين ومحمد بن علاثة ليسا من شرط الشيخين وانما ذكرته شاهدا انتهى ورواه الدارقطني في سننه وقال عمرو بن الحضين وابن علاثة متروكان ضعيفان انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي بلال الاشعري ثنا حبان عن عطاء عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت للنساء في نفاسهن أربعين يوما انتهى وتقدم تضعيفه لابي بلال ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث حسين بن علوان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم للنفساء أربعين يوما الا ان ترى الطهر فتغتسل وتصلي ولا يقربها زوجها في الاربعين انتهى ثم قال حديث لا يصح وحسين بن علوان كان يضع الحديث انتهى وعطاء هذا هو عطاء بن عجلان هكذا نسبه الطبراني في جمعه أحاديث من اسمه عطاء وهو جزء حديثي قال الطبراني لا يعلم هذا الحديث يروي بهذا الاسناد الا من جهة عطاء بن عجلان وهو كوفي ضعيف تفرد في روايته بأشياء منها هذا الحديث ولم يروه عن بن أبي مليكة أحد غيره انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن خليد ثنا عبيد بن جناد ثنا سليمان بن حيان أبو خالد الاحمر عن الاشعث بسوار عن أبي الزبير عن جابر قال وقت للنفساء أربعين يوما انتهى حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن العلاء بن كثير الدمشقي عن مكحول عن أبي داود وأبي هريرة قالاقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتظر النفساء أربعين يوما الا ان ترى الطهر قبل ذلك فان بلغت أربعين يوما ولم تر الطهر فلتغتسل وهي
[ 296 ]
بمنزلة المستحاضة انتهى وضعف العلاء بن كثير عن البخاري والنسائي وابن المديني وابن عين ووافقهم وقد أشار بن الجوزي في التحقيق إلى هذا الحديث فقال وقد روى أصحابنا عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مضى أربعون فهي مستحاضة تغتسل وتصلي ثم قال وهذا الحديث لا اعرفه وأقره صاحب التنقيح على ذلك وسكت عنه وقد رواه بن عدي كما ذكرناه وتقدم نحوه عن عبد الله بن عمرو مرفوعا وان جاوزت الاربعين فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل وتصلي كما رواه الحاكم والدارقطني والله اعلم باب الانجاس الحديث الاول قال النبي صلى الله عليه وسلم حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء قلت
[ 297 ]
غريب بهذا اللفظ وروى الائمة الستة في كتبهم واللفظ لمسلم من حدي‍ ث هشام بن عروة عن امرأته فاطمة بنت المنذر بن الزبير عن جدته أسماء بنت أبي بكر قالت جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت احدانا يصيب ثوبها من دم الحيضة كيف تصنع به قال تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلى فيه انتهى وفي رواية لابي داود حتيه ثم اقرصيه بالماء ثم انضحيه وفي رواية له فان رات فيه دما فلتقرصه بشئ من ماء ولتنضح ما لم تر وتصلى فيه ورواه بن أبي شيبة وفيه قال اقرصيه بالماء واغليه وصلي فيه ورواه الامام أبو محمد عبد الله بن علي بن الجارود في كتاب المنتقى حدثنا محمود بن آدم ثنا سفيان عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن جدتها أسماء ان امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الثوب يصيبه نجاسة فقال حتيه واقرصيه ورشيه بالماء انتهى والمصنف انما استدل بهذا الحديث على وجوب الطهارة من الثياب والبيهقي في سننه استدل به على أصحابنا في وجو ب الطهارة بالماء دون غيره من المائعات وهو مفهوم لقب لا يقول به امامه واستدل لنا على ذلك بحديث عمار انما يغسل الثوب من خمس وسيأتي الكلام عليه قريبا الحديث الثاني قال النبي صلى الله عليه وسلم فان كان بهما أذى فليمسحهما بالارض فان
[ 298 ]
الارض لهما طهور قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث الخدري ومن حديث عائشة اما حديث أبي هريرة فرواه أبو داود من طريقين أحدهما عن محمد بن كثير الصنعاني عن الاوزاعي عن بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا وطئ أحدكم الاذى بخفيه فطهورهما التراب انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع السادس والستين من القسم الثالث والحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه انتهى قال النووي في الخلاصة رواه أبو داود بإسناد صحيح انتهى وقال بن القطان في كتابه هذا حديث رواه أبو داود من طريق لا يظن بها الصحة فإنه رواه من حديث محمد بن كثير عن الاوزاعي به ومحمد بن كثير الصنعاني الاصل المصيصي الدار أبو يوسف ضعيف واضعف ما هو عن
[ 299 ]
الاوزاعي قال عبد الله بن أحمد بن حنبل قال أبي هو منكر الحديث يروي أشياء منكرة وقال صالح بن أحمد بن حنبل قال أبي هو عندي ليس ثقة انتهى كلامه الطريق الثاني عن عمر بن عبد الواحد عن الاوزاعي قال انبئت ان سعيد المقبري حدث عن أبيه عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال إذا وطئ أحدكم بنعله الاذى فان التراب له طهور انتهى قال المنذري في مختصره الاول فيه محمد بن عجلان وفيه مقال لم يحتجا به والثاني فيه مجهول انتهى واما حديث الخدري فرواه أبو داود في الصلاة عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن زيد عن أبي نعامة السعدي عن أبي نضرة عن الخدري قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فلما رأى القوم ذلك ألقوا نعالهم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال ما حملكم على القائكم نعالكم قالوا رأيناك القيت نعليك فألقينا نعالنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ان جبرائيل أتاني فأخبرني ان فيهما قذرا وقال إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فان رأى في نعليه قذرا أو أذى فلمسحه وليصل فيهما ورواه بن حبان أيضا في صحيحه في النوع الثامن والسبعين من القسم الاول الا انه لم يقل فيه وليصل فيهما ورواه عبد بن حميد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم بنحو أبي داود واما حديث عائشة فرواه أبو داود أيضا عن محمد بن الوليد أخبرني سعيد بن أبي سعيد عن القعقاع بن حكيم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمعناه ولم يذكر لفظه ورواه بن عدي في الكامل عن عبد الله بن زياد بن سمعان القرشي مولى أم سلمة عن سعيد المقبري عن القعقاع بن حكيم عن أبيه عن عائشة قالت سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم
[ 300 ]
الرجل يطأ بنعليه في الاذى قال التراب لهما طهور انتهى وضعف عبد الله هذا عن البخاري ومالك وأحمد وابن معين ووافقهم وقال الضعف على حديثه بين ورواه بن الجوزي في العلل المتناهية من طريق الدارفطني بسنده إلى بن سمعان به وقال قال الدارقطني مدار الحديث على بن سمعان وهو ضعيف قال بن الجوز قال مالك هو كذاب وقال أحمد متروك الحديث انتهى كلامه الحديث الثالث روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال لعائشة في المنى فاغسليه ان كان رطبا وافركيه ان كان يابسا قلت غريب وروى الدارقطني في سننه من حديث عبد الله بن الزبير ثنا بشر بن بكر ثنا الاوزاعي عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كنت افرك المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا كان يابسا واغسله إذا كان رطبا انتهى ورواه البزار في مسنده وقال لا يعلم اسنده عن عائشة الا عبد الله بن الزبير هذا ورواه غيره عن عمرة مرسلا انتهى قال بن الجوزي في التحقيق والحنفية يحتجون على نجاسة المني بحديث رووه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم انه قال لعائشة اغسليه ان كان رطبا وافركيه ان كان يابسا قال وهذا حديث لا يعر ف وانما روى نحوه من كلام عائشة ثم ذكر حديث الدارقطني المذكور والله اعلم ومن الناس من حمل فرك الثوب على غير الثوب الذي يصلي فيه وهذا ينقض بما وقع في مسلم كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصلي فيه وعند أبي داود ثم يصلي فيه والفاء ترفع احتمال غسله بعد الفرك وحمله بعض المالكية على الفر ك بالماء وهذا ينتقض بما في مسلم أيضا لقد رأيتني واني لاحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يابسا بظفري والله اعلم
[ 301 ]
أحاديث الباب روى البخاري ومسلم من حديث عائشة انها كانت تغسل المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيخرج فيصلي وانا انظر إلى بقع الماء في ثوبه انتهى قال البيهقي وهذا لا منافاة بينه وبين قولها كنت افرك من ثوبه ثم يصلي فيه كما لا منافاة بين غسله قدميه ومسحه على الخفين انتهى وقال بن الجوزي ليس في هذا الحديث حجة لان غسلكان للاستقذار لا للنجاسة حديث آخر انما يغسل الثوب من خمس سيأتي قريبا الآثاروى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا حسين بن علي عن جعفر بن برقان عن خالد بن أبي عزة قال سأل رجل عمر بن الخطاب فقال اني احتلمت على طنفسة فقال ان كان رطبا فاغسله وان كان يابسا فاحككه وان خفي عليك فارششه بالماء انتهى أحاديث الخصوم روى أحمد في مسنده حدثنا معاذ بن معاذ أنبأ عكرمة بن عمار عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت المنى من ثوبه بعر الاذخر ثم يصلي فيه ويحته يابسا ثم يصلي فيه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني فسننه والطبراني في معجمه عن إسحاق بن يوسف الازرق عن شريك القاضي عن محمد بن عبد الرحمن عن عطاء عن بن عباس قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن المني يصيب الثوب قال انما هو بمنزلة المخاط أو البزاق وقال انما يكفيك ان تمسحه بخرقة أباذخرة انتهى قال الدارقطني لم يرفعه غير إسحاق الازرق عن شريك انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وإسحاق امام مخرج له في الصحيحين ورفعه زيادة وهي من الثقة مقبولة ومن وقفه لم يحفظ انتهى ورواه البيهقي في المعرفة من طريق الشافعي ثنا سفيان عن عمرو بن دينار وابن جريج كلاهما عن عطاء عن بن عباس موقوفا وقال هذا هو الصحيح موقوفا وقد روى عن شريك عن بن أبي ليلى عن عطاء مرفوعا ولا
[ 302 ]
يثبت انتهى الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم انما يغسل الثوب من خمس وذكر منها المني قلت رواه الدارقطني في سننه من حديث ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب عن عمار قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا اسقي راحلة لي في ركوة إذ تنخمت فاصابت نخامتي ثوبي فأقبلت اغسلها فقال يا عمار ما نخامتك ولا دموعك الا بمنزلة الماء الذي في ركوتك انما يغسل الثوب من خمس من البول والغائط والمني والدم والقئ انتهى قال الدارقطني لم يروه غير ثابت بن حماد وهو ضعيف حدا انتهى ورواه بن عدي في الكامل وقال لا اعلم روى هذا الحديث عن علي بن زيد غير ثابت بن حماد وله أحاديث في اسانيدها الثقات يخالف فيها وهي مناكير ومقلوبات انتهى قلت وجدت له متابعا عند الطبراني رواه في معجمه الكبير من حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد به سندا ومتنا وبقية الاسناد حدثنا الحسين بن إسحاق التستري ثنا علي بن بحر ثنا إبراهيم بن زكريا العجلي ثنا حماد بن سلمة به
[ 303 ]
واعلم اني وجدت الحديث في نسختين صحيحتين من مسند البزار من رواية ثابت بن حماد وليس فيه المني وانما قال انما يغسل الثوب من الغائط والبول والقئ والدم انتهى قال البزار وثابت بن حماد كان ثقة ولا يعرف انه روى غير هذا الحديث انتهى نقل البزار ذلك عن شيخ شيخه إبراهيم بن زكريا وقال البيهقي في سننه الكبرى في باب التطهير بالماء دون المائعات واما حديث عمار بن ياسر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عمار ما نخامتك إلى آخره فهو باطل لا أصل له انما رواه ثابت بن حماد عن علي بن زيد عن بن المسيب عن عمار وعلي بن زيد غير محتج به وثابت بن حماد متهم بالوضع انتهى وكان البيهقي رحمه الله توهم ان تشبيه النخامة في الحديث بالماء في الطهورية وليس كذلك انما التشبيه في الطهارة أي النخامة طاهرة لا يغسل الثوب منها وانما يغسل من كذا وكذا ولفظ الحديث يدل عليه إذا لا يلزم من تشبيه شئ بشئ استواؤهما من كل الوجوه فصح ان ما قاله غير طاهر وعلي بن زيد روى له مسلم مقرونا بغيره وقال العجلي لا باس به وفي موضع آخر قايكتب حديثه وروى له الحاكم في المستدرك وقال الترمذي صدوق وثابت هذا قال شيخنا علاء الدين ما رأيت أحدا بعد الكشف التام جعله متهما بالوضع غير البيهقي وقد ذكره في كتاب المعرفة في هذا الحديث ولم ينسبه إلى الوضع وانما حكى فيه قول الدارقطني وقول بن عدي المتقدمين والله اعلم الحديث الخامس عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال زكاة الارض يبسها
[ 304 ]
قلت غريب وأخرجه بن أبي شيبة في مصنفه عن أبي جعفر محمد بن علي قال زكاة الارض يبسها واخرج عن بن الحنفية وأبي قلابة قال إذا جفت الارض فقد زكت وروى عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال جفوف الارض طهورها انتهى وقد يستدل الخصم بما أخرجه مسلم عن انس قال بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد فقال عليه السلام لا تزرموه فتركوه حتى بال ثم أمر رجلا فدعا بدلو من ماء فشنه عليه مختصر وورد فيه الحفر من طريقين مسندين وطريقين مرسلين فالمسندان أحدهما عن سمعان بن مالك عن أبي وائل عن عبد الله قال جاء أعرابي فبال في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر وصب عليه دلوا من ما انتهى وذكر بن أبي حاتم في علله انه سمع أبا زرعة يقول في هذا الحديث انه منكر ليس بالقوي انتهى أخرجه الدارقطني في سننه الثاني أخرجه الدارفطني أيضا عن عبد الجبار بن العلاء عن بن عيينة عن يحبى بن سعيد عن أنس ان اعرابيا بال في المسجد فقال عليه السلام احفروا
[ 305 ]
مكانه ثم صبوا عليه ذنوبا من ماء قال الدارقطني وهم عبد الجبار على بن عيينة لان أصحاب بن عيينة الحافظ رووه عنه عن يحيى بن سعيد بدون الحفر وانما روى بن عيينة هذا عن عمرو بن دينار عن طاوس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال احفروا مكانه مرسلا انتهى واما المرسلان فاحدهما هذا الذي أشار إليه الدارقطني رواه عبد الرزاق في مصنفه والثاني رواه أبو داود في سننه عن عبد الله بن معقل قال صلى أعرابي فذكر القصة وفي آخره فقال عليه السلام خذوا ما بال عليه من التراب فالقوه واهريقوا على مكانه ماءا قال أبو داود هذا مرسل فان بن معقل لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم حديث لاصحابنا في تقدير النجاسة المغلظة بالدرهم أخرجه الدارقطني في سننه عن روح بن غطيف عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعاد الصلاة من قدر الدرهم من الدم وفي لفظ إذا كان في الثوب قدر الدرهم من الدم غسل الثوب واعيدت الصلاة انتهى قال البخاري حديث باطل وروح هذا منكر الحديث وقال بن حبان هذا حديث موضوع لا شك فيه لم يقله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اخترعه أهل الكوفة وكان روح بن غطيف يروي الموضوعات عن الثقات وذكره بن الجوزي في الموضوعات وذكره أيضا من حديث نوح بن أبي مريم عن يزيد الهاشمي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعا نحوه واغلظ في نوح بن أبي مريم قوله وانما كان يعني بول ما يؤكل لحمه مخففا عند أبي حنيفة وأبي يوسف
[ 306 ]
لمكان الاختلاف في نجاسة أو لتعارض النصين يشير بتعارض النصين إلى حديث استنزهوا من البول مع حديث العرنيين وقد مرا وكذلك قوله وان اصابه بول الفرس لم يفسده حتى يفحش عند أبي حنيفة
[ 307 ]
لتعارض الآثار يشير إليهما أيضا فصل في الاستنجاء الحديث السادس روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه واظب عليه يعني الاستنجاء
[ 308 ]
قلت فيه أحاديث منهاما أخرجه البخاري ومسلم عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فاحمل انا وغلام نحوي اداوة من ماء وعنزة فيستنجي بالماء انتهى في لفظ آخر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبرز لحاجته فآتيه بالماء فيغتسل به انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن شريك عن إبراهيم بن جرير عن المغيرة بن أبي زرعة عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتى الخلاء اتيته بماء في تور أ ركوة فاستنجى ثم مسح يده على الارض ثم اتيته بإناء آخر فتوضأ انتهى حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا هناد بن السري ثنا أبو الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن الاسود عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من غائط قط الامس ماءا انتهى وأخرجه أيضا عن جابر الجعفي عن زيد العمي عن أبي الصديق الناجي عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغسل مقعدته ثلاثا قال بن عمر فعلناه فوجدناه دواءا وطهورا انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي في سننه عن عبد الوهاب بن عطاء ثنا سعيد عن قتادة عن معاذة عن عائشة قالت مروا ازواجكن ان يغسلوا اثر الغائط والبول فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله وانا استحيهم انتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن سعيد به قال البيهقي ورواه أبو قلابة وغيره عن معاذة العدوية فلم يسنده إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم وقتادة حافظ ثم اخرج عن الاوزاعي قال حدثني أبو عمار عن عائشة ان نسوة من أهل البصرة دخلن عليها فأمرتهن ان يستنجين وقالت مرن ازواجكن بذلك فارسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله وقالت هو شفاء من الباسور انتهى ثم قاقال الامام أحمد هذا مرسل أبو عمار شداد لا أراه أدرك عائشة انتهى والمصنف رحمه الله استدل بمواظبته عليه السلام على الاستنجاء لمذهبنا انه سنة على عادته في ذلك واستدل لنا بن الجوزي في
[ 309 ]
التحقيق بحديث أبي هريرة المتقدم تعاد الصلاة من قدر الدرهم وقد تقدم الكلام عليه بنبغي ان يكتب هنا أحاديث في وجوب الاستنجاء استدل بن الجوزي في التحقيق للقائلين بوجوب الاستنجاء بحديث بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال انهما ليعذبان وما يعذبان في كبير اما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله واما الآخر فكان يمشي بالنميمة رواه البخاري ومسلم وبحديث رواه أبو داود والنسائي عن عروة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ذهب أحدكم لحاجته فليستطب بثلاثة أحجار ورواه الدارقطني وقال إسناده صحيح وسيأتي الكلام عليه قريبا الحديث السابع قال النبي صلى الله عليه وسلم وليستنج بثلاثة أحجار قلت رواه البيهقي في سننه من حديث القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انما انا لكم مثل الولد إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها بغائط ولا بول وليستنج بثلاثة أحجار ونهى عن الروث والرمة وان يستنجي الرجل بيمينه انتهى ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه وأحمد في مسنده كلهم بلفظ وكان بثلاثة أحجار فلذلك عزوناه للبيهقي لانه بلفظ الكتاب ومعنى الحديث في مسلم من حديث سلمان قيل له قد علمكم نبيكم كل شئ حتى الخراءة فقال سلمان اجل نهانا ان نستقبل القبلة بغائط أو بول أو ان نستنجي باليمين أو نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار أو نستنجي برجيع أو عظم انتهى حديث آخر بلفظ الكتاب رواه الدارقطني في سنن حدثنا عبد الباقي بن قانع ثنا أحمد بن الحسن المضري ثنا أبو عاصم ثنا زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام عن طاوس عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى أحدكم حاجته فليستنج بثلاثة أحجار أو ثلاثة اعواد أو ثلاثة حثيات من ترا ب قال زمعة فحدثت به بن
[ 310 ]
طاوس فقال أخبرني أبي عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا سواء قال الدارقطني لم يسنده غير المضري وهو كذاب وغيره يرويه عن طاوس مرسلا ليس فيه بن عباس وقد رواه بن عيينة عن سلمة عن طاوس قوله انتهى ومن طريق الدارقطني رواه بن الجوزي في العلل المتناهية وذكر كلامه حديث آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن حماد بن الجعد ثنا قتادة حدثني خلاد الجهني عن أبيه السائب ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دخل أحدكم الخلاء فليستنج بثلاثة أحجار انتهى وضعف حماد بن الجعد عن بن معين والنسائي ثم قال وهو حسن الحديث ومع ضعفه يكتب حديثه انتهى وروى أبو داود والنسائي من حديث مسلم بن قرط عن عروة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار فليستطب بها فإنها تجزئ عنه انتهى ورواه الدارقطني بلفظ فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئ عنه وقال إسناده صحيح انتهى وروى الطبراني في معجمه من حديث الهقل بن زياد عن الاوزاعي عن عثمان بن أبي سورة عن أبي شعيب الحضرمي عن أبي أيوب الانصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تغوط أحدكم فليتمسح بثلاثة أحجار فان ذلك كافيه انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام واستدل من جوز الاستنجاء بأقل من ثلاثة أحجار بما رواه البخاري فصحيحه حدثنا أبو نعيم ثنا زهير عن أبي إسحاق قال ليس أبو عيدة ذكره ولكن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه انه سمع عبد الله يقول اتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني ان آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فاخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين والقى الروثة وقال هذا ركس ورواه الترمذي من حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله واعترض عليه بثلاثة أشياء الاول ادعاء الانقطاع بين
[ 311 ]
أبي إسحاق و عبد الرحمن بن الاسود وان فيه تدليسا من أبي إسحاق ذكر البيهقي في الخلافيات عن بن الشاذكوني قال ما سمعت بتدليس قط اعجب من هذا ولا اخفى قال أبو عبيدة لم يحدثني ولكن عبد الرحمن عن فلان عن فلان ولم يقل حدثني فجاز الحديث وسار الاعتراض الثاني الاختلاف في إسناده قال بن أبي حاتم سمعت أبا زرعة يقول في حديث إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله ان النبي صلى الله عليه وسلم استنجى بحجرين والقى الروثة فقال أبو زرعة اختلفوا في إسناده فمنهم من يقول عن أبي إسحاق عن الاسود عن عبد الله ومنهم من يقول عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله ومنهم من يقول عن أبي إسحاق عن علقمة عن عبد الله والصحيح عندي حديث أبي عبيدة وكذلك روى إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة وإسرائيل احفظهم وقال الترمذي سألت عبد الله بن عبد الرحمن أي الروايات في هذا عن أبي إسحاق أصح فلم يقض فيه بشئ وسالت محمدا عن هذا فلم يقض فيه بشئ وكأنه رأى حديث زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه عن عبد الله اشبه فوضعه في كتابه الجامع وأصح شئ في هذا عندي حديث إسرائيل لانه اثبت واحفظ لحديث أبي إسحاق من هؤلاء وتابعه على ذلك قيس بن الربيع الاعتراض الثالث روى الدارقطني ثم البيهقي من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس عن بن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب لحاجته فأمر بن مسعود ان يأتيه بثلاثة أحجار فاتاه بحجرين وروثة فألقى الروثة وقال انها ركس ائتني بحجر انتهى قال البيهقي تابعه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان عن أبي إسحاق قال الشيخ والجواب اما الاول وهو التدليس فقد نبه البخاري على عدمه بعد ما اخرج هذا الحديث فقال وقال إبراهيم بن يوسف عن أبيه عن أبي إسحاق حدثني عبد الرحمن هذا واعترضه البيهقي في الخلافيات بان قال وذكر إبراهيم بن يوسف لسماع أبي إسحاق لا يجعله متصلا ثم اسند من جهة عباس الدوري عن يحيى بن معين قال إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق ليس بشئ انتهى قال وذكر البخاري لرواية إبراهيم بن
[ 312 ]
يوسف لعضد رفع التدليس مما يقتضي انه عنده في حيز من ترجح به ويؤيد ذلك ا ن بن أبي حاتم قال سمعت أبي يقول يكتب حديثه وهو حسن الحديث ووجه آخر في رفع التدليس ما ذكره الاسماعيلي في صحيحه المستخرج على البخاري بعد رواية الحديث من جهة يحيى بن سعيد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن عبد الله أن يحيى بن سعيد لا يرضى أن يأخذ عزهير عن أبي إسحاق ما ليس بسماع لابي إسحاق واما الوجه الثاني وهو الاختلاف وما قيل فيه من الترجيح لرواية أبي عبيدة عن أبيه من قول أبي زرعة وأبي عيسى فلعل البخاري لم ير ذلك متعارضا وجعلهما اسنادين أو أسانيد ومما يعارض كون الصحيح أبو عبيدة عن أبيه رواية البخاري عن أبي إسحاق وقوله ليس أبو عبيدة ذكره وهذا نفي لروايته عن أبي عبيدة عن أبيه صريحا واما الوجه الثالث وهو زيادة ائتني بحجر فان الدارقطني لم يتعرض لها لما رواها ولا البيهقي وهي منقطعة فان أبا إسحاق لم يسمع من علقمة شيئا بإقراره على نفسه وقد صرح البيهقي بذلك في موضع آخر من سننه وسكت عنه هنا قال البيهقي في باب الدية اخماس ان أبا إسحاق عن علقمة منقطع لانه رآه ولم يسمع منه انتهى والحديث في البخاري وليس فيه هذه الزيادة كما قدمناه والله اعلم انتهى كلام الشيخ تقي الدين ملخصا محررا وقال بن الجوزي في التحقيق وحديث البخاري ليس فيه حجة لانه يحتمل ان يكون عليه السلام اخذ حجرا ثالثا مكان الروثة وبالاحتمال لا يتم الاستدلال انتهى الحديث التاسع قال عليه السلام من استجمر فليوتر ومن فعل فحسن ومن لا فلا حرج قلت رواه أبو داود وابن ماجة من حديث ثور بن يزيد عن حصين الحميري عن أبي سعد الخير عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج مختصر وورواه أحمد في مسنده والبيهقي في سننه وابن حبان في صحيحه والحديث في الصحيحين دون هذه الزيادة عن أبي هريرة مرفوعا من استجمر فليوتر وفي لفظ لمسلم
[ 313 ]
فليستجمر وترا قال البيهقي بعد ان رواه وهذا الحديث ان صح فانما أراد وترا بعد الثلاث ثم استدل على هذا التأويل بحديث أخرجه عن أبي هريرة مرفوعا إذا استجمر أحدكم فليوتر فان الله وتر يحب الوتر اما ترى السماوات سبعا والارضين سبعا والطواف وذكر أشياء انتهى وهذا فيه نظر اما قوله ان صح فقد ذكرنا ان بن حبان رواه في صحيحه واما تأويله بوتر يكون بعد ثلاث فدعوى من غير دليل ولو صح ذلك يلزم منه ان يكون الوتر بعد الثلاث مستحبا لامره عليه السلام به على مقتضى هذا التأويل وعندهم لو حصل النقاء بالثلاث فالزيادة عليها ليست مستحبة بل هي بدعة وان لم يحصل النقاء بالثلاث فالزيادة عليها واجبة لا يجوز تركها ثم حديث اما ترى السماوات سبعا على تقدير صحته لا يدل على ان المراد بالوتر ما يكون بعد الثلاث لانه ذكر فردا من افراد الوتر إذ لو أريد بذلك السبع بخصوصها للزم بذلك وجوب الاستنجاء بالسبع لانها المأمور به في ذلك الحديث والله اعلم قوله نزلت في أقوام يتبعون الحجارة بالماء يعني الرب عز وجلقوله تعالى فيه رجال يحبون ان يتطهروا قلت رواه البزار في مسنده حدثنا عبد الله بن شبيب ثنا أحمد
[ 314 ]
بن محمد بن عبد العزيز قال وجدت في كتاب أبي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال نزلت هذه الآية في أهل قبا فيه رجال يحبون ان يتطهروا والله يحب المتطهرين فسألهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انا نتبع الحجارة الماء انتهى قال البزار هذا حديث لا نعلم أحدا رواه عن الزهري الا محمد بن عبد العزيز ولا يعلم أحدا روى عنه الا ابنه انتهى قال الشيخ تقي الدين في الامام قال بن أبي حاتم محمد بن عبد العزيز بن عمرو بن عبد الرحمن بن عوف روى عن أبي زناد والزهري وهشام بن عروة وأبيه وروى عنه بكار بن عبد الله بن أخي همام وسهل بن بكار وإبراهيم قال سألت أبي عنه فقال هم ثلاثة اخوة محمد بن عبد العزيز و عبد الله بن عبد العزيز وعمر بن عبد العزيز وهم ضعفاء في الحديث ليس لهم حديث مستقيم وليس لمحمد عن أبي الزناد والزهري وهشام بن عروة حديث صحيح انتهى كلامه وذهل الشيخ محي الدين النووي عن هذا الحديث فقال في الخلاصة التي له بعد ان ذكر حديث بن ماجة واما ما اشتهر في كتب التفسير والفقه من جمعهم بين الاحجار والماء فباطل لا يعرف انتهى وحديث بن ماجة أخرجه في سننه عن عتبة بن أبي حكيم عن طلحة بن نافع أخبرني أبو أيوب وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك لما نزلت فيه رجال يحبون ان يتطهروا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الانصار ان الله قد اثنى عليكم في الطهور فما طهوركم قالوا نتوضأ للصلاة ونغتسل من الجنابة ونستنجي بالماء قال هو ذاكم فعليكموه انتهى وسنده حسن وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال قال أبو حاتم صالح الحديث وقال بن عدي ارجو انه لا باس به وضعفه النسائي وعن بن معين فيه روايتان وأخرجه الحاكم في المستدرك وصححه ورواه البيهقي في سننه وبوب عليه باب الجمع في الاستنجاء بين المسح بالاحجار والغسل وهو غير مطابق للتبويب وفي الباب اثر جيد أخرجه البيهقي في سننه عن زائدة عن
[ 315 ]
عبد الملك بن عمير عن علي بن أبي طالب قال ان من كان قبلكم كانوا يبعرون بعرا وأنتم تثلطون ثلطا فاتبعوا الحجارة الماانتهى ورواه بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا يحيى بن يعلى عن عبد الملك بن عمير بورواه عبد الرزاق في مصنفه حدثنا الثوري عن عبد الملك بن عمير به الحديث العاشر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الاستنجاء بالعظم والروث قلت فيه أحاديث فروى البخاري في بدء الخلق من حديث أبي هريرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم ابغني احجارا استنفض بها ولا تأتني بعظم ولا بروثة قلت ما بال العظام والروثة قال هما من طعام الجن مختصر حديث آخر روى الجماعة الا البخاري من حديث سلمان قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نستقبل القبلة بغائط أو بول أان نستنجي برجيع أو عظم وفي لفظ ونهى عن الروث والعظام حديث آخر روى مسلم من حديث علقمة عن بن مسعود حديث الوضوء بالنبيذ وفيه وسالوه الزاد فقال لكم كل عطم ولكم كل بعرة علف لدوابكم ثم قال لا تستنجوا بهما فإنهما طعام إخوانكم ورواه الترمذي ولفظه قال لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام فإنهما زاد إخوانكم من الجن انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نتمسح بعظم أو بعر انتهى واقتصر شيخنا علاء الدين مقلدا لغيره على حديث عزاه للدارقطني عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يستنجي بعظم أو روث وهذا ذهول فاحش فإنه في الكتب الستة فالمقلد ذهل والمقلد جهل واستدل بن الجوزي في التحقيق للشافعي ان الاستنجاء لا يصح بالعظام والروث ويوجب اعادة الاستنجاء منهما بأحاديث النهي وليس فيها حجة إذ لا يلزم من النهي عدم
[ 316 ]
الصحة واحسن ما استدل على ذلك حديث أخرجه الدارقطني في سننه عن يعقوب بن كاسب عن سلمة بن رجاء عن الحسن بن الفرات عن أبيه عن أبي حازم عن أبي هريرة االنبي صلى الله عليه وسلم نهى ان يستنجى بعظم أو روث وقال انهما لا يطهران انتهى قال الدارقطني إسناده صحيح ورواه بن عدي في الكامل واعله بسلمة بن رجاء وقال ان أحاديثه افراد وغرائب وتحدث عن قوم بأحاديث لا يتابع عليها انتهى حديث في النهي عن الاستنجاء بالجلد أخرجه الدارقطني في سننه عن موسى بن أبي إسحاق الانصاري عن عبد الله بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى ان يستطيب أحدكم بعظم أو روثة أو جلد انتهى قال الدارقطني لا يصح ذكر الجلد انتهى قال بن القطان في كتابه وعلته الجهل بحال موسى بن أبي إسحاق قال وذكره بن أبي حاتم ولم يعرف من امره بشئ فهو عنده مجهول وعبد الله بن عبد الرحمن أيضا مجهول قال وهو أيضا مرسل لانه عمن لم يسم ممن يذكر عن نفسه انه رأى أو سمع وان لم يشهد لاحدهم التابعي الراوي عنه بالصحبة انتهى كلامه الحديث الحادي عشر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الاستنجاء باليمين قلت أخرجه الائمة الستة في كتبهم عن أبي قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال أحدكم فلا يمس ذكره بيمينه وإذا اتى الخلاء فلا يتمسح بيمينه وإذا شرب فلا يشرب نفسا واحدا انتهى أخرجوه مطولا ومختصرا وقد تقدم للجماعة الا البخاري عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه نهى عن الاستنجاء باليمين
[ 317 ]
كتاب الصلاة باب المواقيت الحديث الاول روى في حديث امامة جبرائيل عليه السلام انه أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الاول حين طلع الفجر وفي اليوم الثاني حين اسفر جدا وكادت الشمس تطلع ثم قال في آخر الحديث ما بين هاذين وقت لك ولامتك قلت حديث امامة جبرائيل رواه جماعة من الصحابة منهم بن عباس وجابر بن عبد الله وابن مسعود وأبو هريرة وعمرو بن حزم وأبو سعيد الخدري وأنس بن مالك وابن عمر اما حديث بن عباس فأخرجه أبو داود والترمذي عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف أخبرني نافع بن جبير بن مطعم عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال امني جبرائيل عند البيت مرتين فصلى الظهر في الاولى منهما حين كان الفئ مثل الشراك ثم صلى العصر حين كان كل شئ مثل ظله ثم صلى المغرب حين وجبت الشمس وافطر الصائم ثم صلى العشاء حين غاب الشفق ثم صلى الفجر حين برق الفجر وحرم الطعام على الصائم وصلى المرة الثانية الظهر حين كان ظل كل شئ مثله لوقت العصر بالامس ثم صلى العصر حين كان ظل كل شئ مثليه ثم صلى المغرب لوقته الاول ثم صلى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ثم صلى الصبح حين اسفرت الارض ثم التفت إلى جبرائيل فقال يا محمد هذا وقت الانبياء من قبلك والوقت فيما بين هذين الوقتين انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في
[ 318 ]
المستدر ك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى و عبد الرحمن بن الحارث هذا تكلم فيه أحمد وقال متروك الحديث هكذا حكاه بن الجوزي في كتاب الضعفاء ولينه النسائي وابن معين وأبو حاتم الرازي ووثقه بن سعد وابن حبان قال في الامام ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وقال بن عبد البر في التمهيد وقد تكلم بعض الناس في حديث بن عباس هذا بكلام لا وجه له ورواته كلهم مشهورون بالعلم وقد أخرجه عبد الرزاق عن الثوري وابن أبي سبرة عن عبد الرحمن بن الحارث بإسناده وأخرجه أيضا عن العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه عن بن عباس نحوه قال الشيخ وكأنه اكتفى بشهرة العلم مع عدم الجرح الثابت واكد هذه الرواية بمتابعة بن أبي سبرة عن عبد الرحمن ومتابعة العمري عن عمر بن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه وهي متابعة حسنة انتهى كلامه واما حديث جابر فرواه الترمذي والنسائي واللفظ له من طريق بن المبارك عن حسين بن علي بن الحسين حدثني وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله قال جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين زالت الشمس فقال قم يا محمد فصل الظهر حين مالت الشمس ثم مكث حتى إذا كان فئ الرجل مثله جاءه للعصر فقال قم يا محمد فصل العصر ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال قم فصل المغرب فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء ثم مكث حتى إذا غاب الشفق جاءه فقال قم فصل العشاء فقام فصلاها ثم جاءه حين سطع الفجر في الصبح فقال قم يا محمد فصل الصبح ثم جاءه من الغد حين كان فئ الرجل مثله فقال قم يا محمد فصل فصلى الظهر ثم جاءه حيكان فئ الرجل مثليه فقال قم يا محمد فصل فصلى العصر ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه فقال قم يا محمد فصل فصلى المغرب ثم جاءه للعشاء حين ذهب ثلث الليل الاول فقال قم يا محمد فصل فصلى العشاء ثم جاءه للصبح حين اسفر جدا فقال قم يا محمد فصل فصلى الصبح ثم قال ما بين هاذين وقت كله انتهى قال الترمذي قال محمد يعني البخاري حديث جابر أصح شئ في المواقيت انتهى قال وفي الباب
[ 319 ]
عن أبي هريرة وبريدة وأبي موسى وأبي مسعود وأبي سعيد وجابر وعمرو بن حزم والبراء وأنس انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه لعلة حديث الحسين بن علي الاصغر انتهى حسين الاصغر هو أخو أبجعفر وابن علي بن الحسين قال النسائي ثقة وذكره بن حبان في الثقات ورواه أحمد وابن راهويه وقال بن القطان في كتابه هذا الحديث يجب ان يكون مرسلا لان جابرا لم يذكر من حدثه بذلك وجابر لم يشاهد ذلك صبيحة الاسراء لما علم انه أنصاري انما صحب بالمدينة ولا يلزم ذلك في حديث أبي هريرة وابن عباس فإنهما رويا امامة جبرائيل من قول النبي صلى الله عليه وسلم انتهى قال في الامام وهذا المرسل غيضار فمن ابعد البعد ان يكون جابر سمعه من تابعي عن صحابي وقد اشتهر ان مراسيل الصحابة مقبولة وجهالة عينهم غير ضارة انتهى واما حديث أبي مسعود فرواه إسحاق بن راهويه في مسنده حدثنا بشر بن عمرو الزهراني حدثني سلمة بن بلال ثنا يحيى بن سعيد حدثني أبو بكر بن عمرو بن حزم عن أبي مسعود الانصاري قال جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قم فصل وذلك لدلوك الشمس حين مالت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الطهر أربعا ثم أتاه حين كان ظله مثله فقال قم فصل فقام فصلى العصر أربعا ثم أتاه حين غربت الشمس فقال له قم فصل فقام فصلى المغرب ثلاثا ثم أتاه حين غاب الشفق فقال له قم فصل فقام فصلى العشاء الآخرة أربعا ثم أتاه حين برق الفجر فقال له قم فصل فقام فصلى الصبح ركعتين ثم أتاه من الغد حين كان طله مثله فقال له قم فصل فقام فصلى الطهر أربعا ثم أتاه حين كان ظله مثليه فقال قم فصل العصر فقام فصلى العصر أربعا ثم أتاه للوقت الاول حين غربت الشمس فقال قم عصل المغرب فقام فصلى المغرب ثلاثا ثم أتاه بعد ما غاب الشفق واظلم فقال له قم فصل فقام فصلى العشاء الآخرة أربعا ثم أتاه حين طلع الفجر واسفر فقال له قم فصل الصبح فقام فصلى الصبح ركعتين ثم قال جبرائيل ما بين هاذين وقت صلاة قال يحيى فحدثني محمد بن عبد العزيز بن عمر ان جبرائيل قال للنبصلى الله عليه وسلم هذه
[ 320 ]
صلواتك وصلوات الانبياء قبلك انتهى ورواه البيهقي فكتاب المعرفة من حديث أيوب بن عتبة ثنا أبو بكر بن عمرو بن حزم عن عروة بن الزبير عن بن أبي مسعود عن أبيه فذكر نحوه قال البيهقي فأيوب بن عتبة ليس بالقوي انتهى ورواه البيهقي بالسند الاول في كتاب السنن وقال انه منقطع لم يسمع أبو بكر من بن مسعود انما هو بلاغ بلغه انتهى وقد وصله في كتاب المعرفة ورواه الطبراني في معجمه وينظر إسناده وفي الامام لم يسنده الا أيوب بن عتبة انتهى واعلم ان حديث أبي مسعود في الصحيحين الا انه غير مفسر ولفظهما عن أبي مسعود الانصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نزل جبرائيل فامني فصليت معه ثم صليت معه ويحسب بأصابعه خمس صلاة ثم قال بهذا أمرت انتهى وليس في الصحيحين غير ذلك والله اعلم أخرجاه من طريق مالك عن الزهري عن عروة عن بشير بن أبي مسعود عن أبيه وأخرجه أبو داود عن أسامة بن زيد الليثي عن الزهري فزاد فيه فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس وربما اخرها حين يشتد الحر ورايته يصلى العصر والشمس مرتفعة بيضاء فينصرف الرجل من الصلاة فياتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ويصلي المغرب حين تسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الافق وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فاسفر ثم كانت صلاته بعد ذلك بغلس حتى مات ثم لم يعد إلى ان يسفر انتهى قال أبو داود ورواه مالك ومعمر وابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه انتهى ورواه بن حبان في صحيحه عن مسنده عن أسامة به قال لم يسفر النبي صلى الله عليه وسلم بالفجر الا مرة واحدة ثم ساقه وسيأتي في حديث الاسفار
[ 321 ]
واما حديث أبي هريرة فرواه البزار في مسنده حدثنا إبراهيم بن نصر ثنا أبو نعيم ثنا عمر بن عبد الرحمن بن اسيد عن محمد بن عمار بن سعد انه سمع أبا هريرة يذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثهم ان جبرائيل عليه السلام جاءه فصلى به الصلاة وقتين وقتين الا المغرب جاءني فصلى بي الظهر حين كان الفئ مثل شراك نعلي ثم جاءني فصلى بي العصر حين كان فئ مثلي ثم جاءني المغرب فصلى بي ساعة غابت الشمس ثم جاءني العشاء فصلى بي ساعة غاب الشفق ثم جاءني الفجر فصلى بي ساعة برق الفجر ثم جاءني من الغد فصلى بي الظهر حين كان الفئ مثلي ثم جاءني العصر فصلى بي حين كان الفئ مثلين ثم جاءني المغرب فصلى بي ساعة غابت الشمس لم يغيره عن وقته الاول ثم جاءني العشاء فصلى بي حين ذهب ثلث الليل الاول ثم اسفر بي في الفجر حتى لا أرى في السماء نجما ثم قال ما بين هاذين وقت انتهى قال البزار ومحمد بن عمار بن سعد هذا لا نعلم روى عنه الا محمد بن عبد الرحمن بن اسيد انتهى ورواه النسائي في سننه أخبرنا الحسين بن حريث أبو عمار ثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا جبرائيل عليه السلام جاءكم يعلمكم دينكم فصلى الصبح حين طلع الفجر وصلى الظهر حين زاغت الشمس ثم صلى العصر حين رأى الظل مثله ثم صلى المغرب حين غربت الشمس وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء حين ذهب شفق الليل ثم جاءه الغد فصلى به الصبح حين اسفر قليلا ثم صلبه الظهر حين كان الظل مثله ثم صلى العصر حين كان الظل مثليه ثم صلى المغرب بوقت واحد حين غربت الشمس وحل فطر الصائم ثم صلى العشاء حين ذهب ساعة من الليل ثم قال الصلاة ما بين صلاتك امس وصلاتك اليوم انتهى ورواه كذلك الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم واما حديث عمرو بن حزم فرواه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن
[ 322 ]
عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جد عمرو بن حزم قال جاء جبرائيل فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس حين زالت الشمس الظهر ثم صلى العصر حين كان ظله مثله ثم صلى الغرب حين غربت الشمس ثم صلى العشاء بعد ذلك كأنه يريد ذهاب الشفق ثم صلى الفجر حين فجر الفجر بغلس ثم جاء جبرائيل من الغد فصلى الظهر بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس الظهر حين كان ظله مثله ثم صلى العصر حين صار ظله مثليه ثم صلى المغرب حين غربت الشمس لوقت واحد ثم صلى العشاء بعد ما ذهب هوى من الليل ثم صلى الفجر فأسفر بها انتهى وعن عبد الرزاق رواه إسحاق بن راهويه في مسنده واما حديث الخدري فرواه أحمد في مسنده حدثنا إسحاق بن عبسى ثنا بن لهيعة ثنا بكير بن الاشج عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الساعدي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمني جبرائيل فذكر الحديث أنه صلى به الصلوات في يومين لوقتين وصلى المغرب حين غربت الشمس في وقت واحد وصلى العشاء ثلث الليل ورواه الطحاوي في شرح الآثار واما حديث أنس فرواه الدارقطني في سننه من حديث قتادة عن أنس ان جبرائيل اتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حين زالت الشمس فأمره ان يؤذن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم فقام جبرائيل امام النبي صلى الله عليه وسلم وقام الناس خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلى أربع ركعات لا يجهر فيها بقراءة يأتم الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يأتم بجبرئيل ثم امهل حتى دخل وقت العصر فصلى بهم أربع ركعات لا يجهر فيها بالقراءة يأتم المسلمون برسول الله صلى الله عليه وسلم ويأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبرئيل ثم امهل حتى وجبت الشمس فصلى بهم ثلاث ركعات يجهر في ركعتين بالقراءة ولا يجهر في الثالثة ثم امهله حتى إذا ذهب ثلث الليل صلى بهم أربع ركعات يجهر في الاوليين بالقراءة ولا يجهر في الاخريين بها ثم امهل حتى إذا طلع الفجر صلى بهم ركعتين
[ 323 ]
يجهر فيهما بالقراءة انتهى قال الدارقطني ورواه سعيد عن قتادة مرسلا انتهى قال بن القطان في كتابه الوهم والايهام هذا حديث يرويه محمد بن سعيد بن جدار عن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس ومحمد بن سعيد هذا مجهول والراوي عن محمد بن سعيد أبوجمزة إدريس بن يونس بن يناق الفراء ولا يعرف للآخر حال انتهى كلامه وروى أبو داود في مراسيله عن الحسن في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف جبرائيل وانه اسر في الظهر والعصر والثالثة من المغرب والاخريين من العشاء نحو ذلك وذكرهما عبد الحق في احكامه وقال ان مرسل الحسن أصح انتهى واما حديث بن عمر فرواه الدارفطني أيضا من حديث حميد بن الربيع عن محبوب بن الجهم بن واقد مولى حذيفة بن اليمان ثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبرائيل حين طلع الفجر وذكر الحديث وقال في وقت المغرب ثم اتى حين سقط القرص فقال قم فصل فصليت المغرب ثلاث ركعات ثم أتانمن الغد حين سقط القرص فقال قم فصل فصلى المغرب ثلاث ركعات ورواه بن حبان في كتاب الضعفاء وأعله بمحبوب بن الجهم وقال انه يروي عن عبيد الله بن عمر ما ليس من حديثه وليس هذا من حديث عبيد الله بن عمر ولا من حديث نافع ولا من حديث بن عمر وهو صحيح بغير هذا الاسناد انتهى وذكر الحديث بطوله انتهى وينظر لفظه فان بقية الاحاديث صريحة في ابتدائه بالظهر وانه أول صلاة صلاها عليه السلام وفيه اشكال معروف ويشهد للاكثر ما رواه الطبراني في معجمه الوسط من حديث يس الزيات عن أشعث عن الحسن عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا أول صلاة فرضت على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر انتهى وسكت عنه وتقدم في حديث أنس قبله ان جبرائيل اتى
[ 324 ]
النبي صلى الله عليه وسلم بمكة حين زالت الشمس فأمره ان يؤذن للناس بالصلاة حين فرضت عليهم فقام جبرائيل إلى آخره الحديث الثاني قال رسوالله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم اذان بلال ولا الفجر المستطيل وانما الفجر المستطير في الافق قلت رواه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي كلهم في الصوم واللفظ للترمذي من حديث سوادة بن حنظلة عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم اذان بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستطير في الافق انتهى ولفظ مسلم فيه لا يغرنكم من سحوركم اذان بلال ولا بياض الافق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا وحكى حماد بيديه قال يعني معترضا انتهى وبلفظ الترمذي رواه أحمد وابن راهويه وأبو يعلى الموصلي في مسانيدهم والطبراني في معجمه وابن أبي شيبة في مصنفه الحديث الثالث في حديث امامة جبرائيل النبي صلى الله عليه وسلم انه صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الظهر في اليوم الاول حين زالت الشمس قلت تقدم في حديث بن عباس امني جبرائيل عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس إلى ان قال وصلى بي الظهر في المرة الثانية حين صار ظل كل شئ مثله الحديث أخرجه أبو داود والترمذي وتقدم أيضا في حديث جاء جبرائيل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين مالت الشمس فقال قم يا محمد فصل الظهر فقام فصلى الظهر إلى ان قال ثم جاءه من الغد حين كان فئ الرجل مثله فقال قم يا محمد فصل فصلى الظهر أخرجه الترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه وفي حديث أبي مسعود أيضا نحوه وفي حديث عمرو بن حزم قال جاء جبرائيل فصلى بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي بالناس حين زالت الشمس الظهر الحديث رواه عبد الرزاق في مصنفه وفي الباب لمسلم حديث
[ 325 ]
بريدة ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة فقال اشهد معنا الصلاة فأمر بلالا فأذن بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر ثم امره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء ثم امره بالعصر والشمس مرتفعة ثم امره بالمغرب حين وجبت الشمس ثم امره بالعشاء حين وقع الشفق ثم امره الغد فنور بالصبح ثم امره بالظهر فأبرد ثم امره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم يخالطها صفرة ثم امره بالمغرب قبل ان يقع الشفق ثم امره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه فلما أصبح قال أين السائل ما بين ما رأيت وقت انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس ما لم يحر وقت العصر وسيأتي بتمامه وحديث أبي هريرة مرفوعا إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر ورآه الترمذي وضعفه وسيأتي في السابع ولمسلم أيضا في حديث أبي موسى ثم أمره فأقام بالظهر حين زالت الشمس وسيأتي أيضا الحديث الرابع قال النبي صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم قلت أخرجه البخاري في صحيحه من حديث الاعمش عن أبي صالح عن الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبردوا بالظهر فإن شدة الحر من فيح جهنم انتهى وروى الائمة الستة في كتبهم من حديث أبي رهيرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة فإن شدة الحر من فيح جهنم ورواه الطبراني في معجمه من حديث عبد الرحمن بن حارثة وأبي موسى
[ 326 ]
وعمر بن عنبسة وصفوان والحجاج الباهلي وابن مسعود والمغيرة بن شعبة وأخرج البخاري ومسلم عن أبي ذر قال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبرد أبرد وقال إن شدة الحر من فيح جهنم فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة قال أبو ذر حتى رأينا في التلول انتهى الحديث الخامس قال النبي صلى الله عليه وسلم من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها قلت رواه الائمة الستة في كتبهم واللفظ للبخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد ادرك العصر انتهى وفى لفظ للبخاري إذا ادرك احدكم سجدة من من صلاة العصر قبل آن تغرب الشمس فليتم صلاته وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته انتهى وأخرج مسلم عن عائشة نحوه سواء ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن والتسعين من القسم الاول بعدة ألفاظ فمنها من صلى من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس لم تفته الصلاة ومن صلى من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس لم تفته الصلاة وفي لفظ فقد أدرك الصلاة كلها وفي لفظ وليتم ما بقى وفي لفظ من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها وأخرج النسائي عن معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عزرة بن تميم عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس فليصل إليها أخرى انتهى واخرج أيضا عن همام قال سئل قتادة عن رجل صلى ركعة من صلاة الصبح ثم طلعت الشمس وقال حدثني خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يتم صلاته انتهى وفي هذه الالفاظ كلها رد على من يفسر حديث الصحيحين بالكافر إذا اسلم
[ 327 ]
فقد أدرك مقدار ركعة من الصلاة ومنهم من يفسره بالمأموم ويشهد له رواية الدارقطني من أدرك ركعة من الصلا فقد ادركها قبل ان يقيم الامام صلبه انتهى وهذه الاحاديث أيضا مشكلة عن مذهبنا في القول ببطلان صلاة الصبح إذا طلعت عليها الشمس والمصنف استدل به على ان آخر وقت العصر ما لم تغرب الشمس الحديث السادس روى ان جبرائيل عليه السلام أم النبي صلى الله عليه وسلم في المغرب في اليومين في وقت واحد قلت تقدم ذلك في حديث بن عباس وفي حديث أبي مسعود وفي حديث أبي هريرة وفي حديث عمرو بن حزم وفي حديث الخدري وفي حديث بن عمر واعلم انه لم يرد صلاة المغرب في امامة جبرائيل الا في وقت واحد ولكن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه صلاها في وقتين فاخرج مسلم في صحيحه عن بريدة ان رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن مواقيت الصلاة فقال اشهد معنا الصلاة فأمر بلالا فأذن بغلس فصلى الصبح حين طلع الفجر هم امره بالظهر حين زالت الشمس عن بطن السماء ثم امره بالعصر والشمس مرتفعة ثم امره بالمغرب حين وجبت الشمس ثم امره بالعشاء حين وقع الشفق ثم امره من الغد فنور بالصبح ثم امره بالظهر فأبرد ثم امره بالعصر والشمس بيضاء نقية لم يخالطها صفرة ثم امره بالمغرب قبيل ان يقع الشفق ثم امره بالعشاء عند ذهاب ثلث الليل أو بعضه فلما أصبح قال أين السائل ما بين ما رأيت وقت انتهى وروى نحوه من حديث أبي موسى وسيأتي قال البيهقي في كتاب المعرفة والاشبه ان يكون قصة المسألة عن المواقيت بالمدينة وقصة امامة جبرائيل عليه السلام بمكة والوقت الآخر لصلاة المغرب زيادة منه ورخصة انتهى وحديث الكتاب استدل به المصنف للشافعي على ان وقت المغرب
[ 328 ]
قدر ثلاث ركعات قال بن الجوزي في التحقيق ولنا عن أحاديث امامة جبرائيل انه أم به عليه السلام المغرب في اليومين وقتا واحدا ثلاثة أجوبة أحدها ان احاديثنا انه صلاها في وقتين أصح وأكثر رواة الثاني ان امامة جبرائيل كانت بمكة وفعل النبي صلى الله عليه وسلم كان بالمدينة وانما يؤخذ بالآخر من امره عليه السلام والثالث ان فعله عليه السلام للمغرب في وقت واحد لا يدل على انه لا وقت لها غيره بدليل ان العصر يصح بعد اصفرار الشمس وهو وقت لها مع انه عليه السلام لم يصلها مع جبرائيل في الوقتين الا قبل الاصفرار ولم يدل ذلك على انه لا وقت لها غيره ومبادرته عليه السلام إلى المغرب في وقت واحد في اليومين انما كان لاجل الفضيلة والله اعلم انتهى كلامه الحديث السابع قال عليه السلام أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وآخره حين يغيب الشفق قلت غريب وبمعناه ما رواه مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الصلوات فقال وقت صلاة الفجر ما لم يطلع قرن الشمس الاول ووقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس عن بطن السماء ما لم تحضر العصر ووقت صلاة العصر ما لم تصفر الشمس ويسقط قرنها الاول ووقت صلاة المغرب إذا غابت الشمس ما لم يسقط الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل انتهى وفي رواية ما لم يغب الشفق انتهى حديث آخر أخرجه الترمذي عن محمد بن فضيل عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هرير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان للصلاة اولا وآخرا وان أول صلاة الظهر حين تزول الشمس وآخر وقتها حين يدخل وقت العصر وان أول وقت العصر حين يدخل وقتهوان آخر وقتها حين تصفر الشمس وان أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وان آخوقتها حين يغيب الافق وان أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الافق وان آخر وقتها حين ينتصف الليل وان أول وقت الفجر حين يطلع الفجر وان آخر وقتها حين تطلع الشمس انتهى قال الترمذي قال محمد بن
[ 329 ]
إسماعيل حديث محمد بن فضيل هذا خطأ أخطأ فيه بن فضيل انتهى ورواه الدارقطني وقال انه لا يصح مسندا وهم فيه بن فضيل وغيره يرويه عن الاعمش عن مجاهد مرسلا وهو أصح انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وابن فضيل ثقة يجوز ان يكون الاعمش سمعه من مجاهد مرسلا وسمعه من أبي صالح مسندا انتهى وقال بن أبي حاتم في العلل سألت أبي عن حديث محمد بن فضيل هذا فقال وهم فيه بن فضيل انما يرويه أصحاب الاعمش عن الاعمش عن مجاهد قوله وقال بن القطان في كتابولا يبعد ان يكون عند الاعمش في هذا طريقان إحداهما مرسلة والاخرى مرفوعة والذي رفعه صدوق من أهل العم وثقه بن معين وهو محمد بن فضيل انتهى تعالى أحاديث الباب مما يحتج به على الشافعي ما أخرجه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله ان عمر جاء يوم الخندق بعد ما غربت الشمس فجعل يسب كفار قريش فقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس ان تغرب فقال النبي صلى الله عليه وسلم والله ما صليتها فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان فتوضأ وتوضأنا فصلى العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أنس بن مالك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل ان تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم انتهى حديث آخر أخرجه مسلم عن بريدة قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله غن مواقيت الصلاة فقال اقم معنا فأمر بلالا فأقام فصلى حين طلع الفجر ثم امره فأقام حين زالت الشمس فصلى الظهر ثم امره فأقام فصلى العصر والشمس بيضاء مرتفعة ثم امره بالمغرب حين وقع حاجب الشمس ثم امره بالعشاء فأقام فصلى حين غاب الشفق ثم امره من الغد فنور بالفجر ثم امره بالظهر وانعم ان يبرد ثم امره بالعصر فأقام والشمس آخر وقتها ثم امره فاخر المغرب إلى قبيل ان يغيب الشفق ثم امره بالعشاء فأقام حين ذهب ثلث الليل ثم قال أين السائل عن مواقيت
[ 330 ]
الصلاة قال الرجل انا فقال مواقيت الصلاة بين هاذين انتهى وقد تقدم في الحديث الثالث حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن أبي موسى ان سائلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن مواقيت الصلاة فلم يرد عليه شيئا قال فأمر بلالا فأقام الفجر حين انشق الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضا ثم امره فأقام بالطهر حين زالت الشمس والقائل يقول قد انتصف النهار وهو كان اعلم منهم ثم امره فأقام بالعصر والشمس مرتفعة ثم امره فأقام المغرب حين وقعت الشمس ثم امره فأقام العشاء حين غا ب الشفق ثم اخر الفجر من الغد حتى انصرف والقائل يقول قد طلعت الشمس أو كاد ت ثم اخر الظهر حتى كان قريبا من وقت العصر بالامس ثم اخر العصر حتى انصرف منها والقائل يقول قد احمرت الشمس ثم اخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق ثم اخر العشاء حتى كان ثلث الليل الاول ثم أصبح فدعا السائل فقال الوقت بين هاذين انتهى حديث آخر أخرجه مسلم أيضا عن عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه وسلم قال وقت صلاة الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم يحضر وقت العصر ووقت العصر ما لم تصفر الشمس ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الاوسط ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس فأمسك عن الصلاة فانها تطلع بين قرني الشيطان انتهى حديث آخر أخرجه أحمد في مسنده والطبراني في معجمه عن بن أبي لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن يزيد ان عبد الله بن عوف حدثه ان أبا جمعة حبيب بن سباع حدثه ان النبي صلى الله عليه وسلم عام الاحزاب صلى المغرب فلما فرغ قال هل علم أحد منكم اني صليت العصر قالوا لا يا رسول الله ما صليتها فأمر المؤذن فأقام فصلى العصر ثم أعاد المغرب انتهى وفيه ضعف بن لهيعة بما انفرد به الحديث الثامن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الشفق الحمرة قلت رواه
[ 331 ]
الدارقطني في سننه من حديث عتيق بن يعقوب حدثني مالك عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفق الحمرة انتهى وذكره كذلك في كتابه غرائب مالك غير موصول الاسناد فقال قرأت في أصل أبي بكر أحمد بن عمرو بن جابر الرملي بخط يده ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ثنا هارون بن سفيان المستملي حدثني عتيق به وينظر السنن وقال حديث غريب ورواته كلهم ثقات انتهى وأخرجه في سننه موقوفا على بن عمر وعلى أبي هريرة وقال البيهقي في المعرفة روى هذا الحديث عن عمر وعلي وابن عباس وعبادة بن الصامت وشداد بن أوس وأبي هريرة ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شئ انتهى وقال الشيخ تقي الدين في الامام وروى الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي أخبرنا زاهد بن طاهر عن أبي بكر البيهقي أنبأنا عبد الله الحافظ أنبأنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه أنبأنا عبد العزيز بن محمد ثنا علي بن عبد الصمد الطيالسي ثنا هارون بن سفيان المستملي حدثني عتيق بن يعقو ب بن صديق به سندا ومتنا قال البيهقي الصحيح موقوف قال الحافظ أبو القاسم رواه موقوفا على بن عمر عبيد الله بن عمر بن حفص العمري و عبد الله بن نافع مولى بن عمر جميعا عن نافع عن بن عمر قال ورواه أبو القاسم أيضا من حديث علي بن جندل ثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي ثنا أبو حذافة ثنا مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشفق الحمرة قال أبو القاسم تفرد به علي بن جندل الوراق عن المحاملي عن أبي حذافة أحمد بن إسماعيل السهمي وقد رواه عتيق بن يعقوب عن مالك وكلاهما غريب وحديث عتيق أمثل إسنادا انتهى كلامه قوله في الكتاب وما رواه موقوف على بن عمر ذكره مالك في الموطأ انتهى والذي وجدته في موطإ مالك من رواية يحيى بن يحيى قال مالك الشفق هو الحمرة التي تكون في المغرب فإذا ذهبت الحمرة فقد وجبت صلاة العشاء وخرجت من وقت المغرب انتهى ولم أجد فيه غير ذلك لا مرفوعا ولا موقوفا وينظر من غير رواية يحيى
[ 332 ]
الحديث التاسع روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال آخر وقت المغرب إذا اسود الافق قلت غريب وروى أبو داود في سننه من حديث بشير بن أبي مسعود عن أبي مسعود الانصاري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال نزل جبرائيل فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه يحسب بأصابعه خمس صلوا ت قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر حين تزول الشمس وربما اخرها حين يشتد الحر ورايته يصلى العصر والشمس مرتفعة بيضاء قبل ان تدخلها الصفرة فينصرف الرجل من الصلاة فيأتي ذا الحليفة قبل غروب الشمس ويصلي المغر ب حين يسقط الشمس ويصلي العشاء حين يسود الافق وربما اخرها حتى يجتمع الناس وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فاسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى ان يسفر انتهى ورواه بن حبان في صحيحه وسيأتي في حديث الاسفار وصدر الحديث في الصحيحين إلى قوله يحسب بأصابعه خمس صلوات وكذلك النسائي وابن ماجة ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه الحديث بتمامه لابي داود والنسائي مقلدا لغيره في ذلك والنسائي لم يخرج منه الا صدره كما بيناه الحديث العاشر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال وآخر وقت العشاء حين يطلع الفجر قلت غريب أيضوتكلم الطحاوي في شرح الآثار هاهنا كلاما حسنا ملخصه انه قال يظهر من مجموع الاحاديث ان آخر وقت العشاء حين يطلع الفجر وذلك ان بن عباس أبا موسى والخضري رووا ان النبي صلى الله عليه وسلم اخرها إلى ثلث الليل وروى أبو هريرة وأنس انه واخرها حتى انتصف الليل وروى بن عمر انه اخرها حتى ذهب ثلث الليل وروت عائشة انه اعتم بها حتى ذهب عامة الليل وكل هذه
[ 333 ]
الروايات في الصحيح قال فثبت بهذا ان الليل كله وقت لها ولكنه على أوقات ثلاثة فاما من حين يدخل وقتها إلى ان يمضي ثلث الليل فافضل وقت صليت فيه واما بعد ذلك إلى ان يتم نصف الليل ففي الفضل دون ذلك واما بعد تصف الليل فدونه ثم ساق بسنده عن نافع بن جبير قال كتب عمر إلى أبي موسى وصل العشاء أي الليل شئت ولا تغفلها ولمسلم في قصة التعريس عن أبي قتادة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في النوم تفريط انما التفريط ان يؤخر صلاة حتى مدخل وقت الاخرى فدل على بقاء الاولى إلى ان يدخل وقت الاخرى وهو طلوع الفجر الثاني انتهى الحديث الحادي عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم في الوتر فصلوها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر قلت رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث خارجة بن حذافة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان الله امركم بصلاة هي لكم خير من حمر النعم وهي الوتر فجعلها لكم فيما بين العشاء إلى طلوع الفجر انتهى وسيأتي في الوتر ان شاء الله تعالى فصل الحديث الثاني عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم اسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر قلت روى من حديث رافع بن خديج ومن حديث بلال ومن حديث أنس ومن حديث قتادة بن النعمان ومن حديث بن مسعود ومن حديث أبي هريرة ومن حديث
[ 334 ]
حواء الانصارية اما حديث رافع بن خديج فرواه أصحاب السنن الاربعة من حديث عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر انتهى الترمذي عن محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر والباقون عن محمد بن عجلان عن عاصم قال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظ أبي داود فيه أصبحوا بالفجر قال بن القطان في كتابه طريقه طريق صحيح وعاصم بن عمر وثقة النسائي وابن معين وأبو زرعة وغيرهم ولا اعرف أحدا ضعفه ولا ذكره في جملة الضعفاء انتهى ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الخامس والاربعين من القسم الاول وفي لفظ له اسفروا بصلاة الصبح فإنه أعظم للاجر وفي لفظ له فكلما اصبحتم بالصبح فإنه أعظم لاجوركم وفي لفظ للطبراني وكلما اسفرتم بالفجر فإنه أعظم للاجر وقال الترمذي بعقول هذا حديث حسن صحيح قال الشافعي وأحمد وإسحاق معنى الاسفار ان يصح الفجر فلا يشك فيه ولم يرو ان معنى الاسفار تأخير الصلاة انتهى واما حديث محمود بن لبيد فرواه أحمد في مسنده حدثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن زيد بن اسلم عن أبيه عن محمود بن لبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه لم يذكر فيه رافع بن خديج ومحمود بن لبيد صحابي مشهور فيحتمل انه سمعه من رافع أو لا فرواه عنه ثم سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فرواه عنه الا ان عبد الرحمن بن زيد بن اسلم فيه ضعف واما حديث بلال فرواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن عبد الرحيم ثنا شبابة بن سوار ثنا أيوب بن سيار عن بن المنكدر عن جابر عن أبي بكر عن بلال عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه قال البزار وأيوب بن سيار ليس بالقوي وفيه ضعف انتهى قال في الامام وأيوب بن سيار قال البخاري فيه منكر الحديث وقال النسائي
[ 335 ]
متروك الحديث وقال بن عدي الضعف على حديثه بين الا ان أحاديثه ليت بمنكرة جدا واما حديث أنس فرواه البزار أيضا حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم الازدي ثنا خالد بن مخلد ثنا يزيد بن عبد الملك عن زيد بن اسلم عن أنس بن مالك مرفوعا نحوه ولفظه اسفروا بصلاة الفجر فإنه أعظم للاجر قال البزار وقد اختلف فيه على زيد بن اسلم فرواه شعبة عن أبي داود الجزري عن زيد بن اسلم عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج ورواه هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن بن نجاد عن جدته حواء ولا نعلم رواه عن هشام الا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ولم يتابع عليه انتهى وقال الدارقطني في علله اختلف عن زيد بن اسلم فيه بسندين أحدهما عن حواء الانصارية والآخر عن أنس واما حديث حواء فرواه إسحاق الحنيني عن هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن بن بجيد الانصاري عن جدته حواء وكانت من المبايعات ووهم فيه واما حديث أنس فرواه يزيد بن عبد الملك النوفلي عن زيد بن اسلم عن أنس ووهم فيه أيضا والصحيح عن زيد بن اسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج انتهى كلامه وهذا الذي أشار إليه رواه الطحاوي من جهة آدم بن أبي إياس عن شعبة عن أبي داود الجزري عن زيد بن اسلم عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج مرفوعا نوروا بالفجر فإنه أعظم للاجر انتهى واما حديث قتادة بن النعمان فرواه الطبراني في معجمه والبزار في مسنده من حديث فليح بن سليمان ثنا عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن أبيه عن جده مرفوعا نحوه قال البزار ولا نعلم أحدا تابع فليح بن سليمان على روايته وانما يرويه محمد بن إسحاق ومحمد بن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج وهو الصواب انتهى واما حديث بن مسعود فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن أبي
[ 336 ]
يحيى الحضرمي ثنا أحمد بن سهل بن عبد الرحمن الواسطي ثنا المعلى بن عبد الرحمن ثنا سفيان الثوري وشعبة عن زبيد عن مرة عن عبد الله بن مسعود مرفوعا نحوه واما حديث أبي هريرة فرواه بن حبان في كتاب الضعفاء من حديث سعيد بن أوس أبي زيد الانصاري عن بن عون عن بن سيرين عن أبي هريرة مرفوعا نحوه واعله بسعيد وقال لا يجوز الاحتجاج بما انفرد به من الاخبار ولا الاعتبار الا بما وافق الثقات في الآثار وليس هذا من حديث بن عون ولا بن سيرين ولا أبي هريرة وانما هو من حديث رافع بن خديج فقط وهذا بما لا يسأله انه مقلوب أو معمول انتهى واما حديث حواء فرواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن محمد الجمحي ثنا إسحاق بن إبراهيم الحنيني ثنا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن بن بجيد الحارثي عن جدته حواء الانصارية وكانت من المبايعات قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر انتهى قال في الامام وإسحاق الحنيني بضم الحاء بعدها نون ثم ياء آخر الحروف ثم نون قال البخاري في حديثه نظر وذكر له بن عدي أحاديث ثم قال وهو مع ضعفه يكتب حديثه انتهى قال الشيخ وابن بجيد هو عبد الرحمن بن بجيد بضم الباء الموحدة وفتح الجيم بعدها آخر الحروف ساكنة بن قيظي بفتح القاف بعدها ياء ساكنة بعدها ظاء معجمة الحارثي المدني ذكره بن أبي حاتم من غير تعريف بحاله وذكره بن حبان في كتاب الثقات وجدته حواء بنت زيد بن السكن أخت أسماء بنت زيد بن السكن الآثار في ذلك اخرج الطحاوي عن داود بن يزيد الاودي عن أبيه قال كان علي بن أبي طالب يصلبنا الفجر ونحن نتراآى الشمس مخافة ان تكون قد طلعت
[ 337 ]
انتهى وعن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا نصلي مع بن مسعود فكان يسفر بصلاة الصبح انتهى وعن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير قال قال أبو الدرداء اسفروا بهذه الصلاة انتهى وعن القعنبي عن عيسى بن يونس عن الاعمش عن إبراهيم قال ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم علي شئ ما اجتمعوا على التنوير انتهى وتاول الخصوم الاسفار في هذه الاحاديث بظهور الفجر وهذا باطل فان الغلس الذي يقولون به هو اختلاط ظلام الليل بنور النهار كما ذكره أهل اللغة وقبل ظهور الفجر لا يصح صلاة الفجر فثبت ان المراد بالاسفار انما هو التنوير وهو التاخير عن الغلس وزوال الظلمة وايضا فقوله اعظم للاجر يقتضى حصول الاجرة في الصلاة بالغلس فلو كان الاسفار هو وضوح الفجر وظهوره لم يكن في وقت الغلس أجر لخروجه عن الوقت قال في الامام وفسر الامام أحمد الاسفار في الحديث ببيان الفجر وطلوعه أي لا تصلوا الا على تبين من طلوعه قال وهذا يرده بعض ألفاظ الحديث أو يبعده انتهى وروى النسائي في سننه أخبرنا علي بن حجر ثنا إسماعيل ثنا حميد عن أنس ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن وقت العداة فلما أصبح أمر حين انشق الفجر ان تقام الصلاة فصلى فلما كان من الغد اسفر فأمر فاقيمت الصلاة فصلى ثم قال أين السائل ما بين هاذين وقت انتهى فعلم بهذا ان المراد بالاسفار التنوير وقد ورد في بعض ألفاظ هذا الحديث ما يدفع تأويلهم منها عند بن حبان في صحيحه فكلما اصبحتم بالصبح فهو أعظم للاجر وعند النسائي بسند صحيح قال ما اسفرتم بالفجر فإنه أعظم للاجر وعند الطبراني فكلما اسفرتم بالفجر حديث آخر يبطل تأويلهم روى بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وأبو داود الطيالسي في مسانيدهم والطبراني في معجمه قال الطيالسي حدثنا إسماعيل
[ 338 ]
بن إبراهيم المدني وقال الباقون حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا إسماعيل بن إبراهيم المدني ثنا هرير بن عبد الرحمن بن رافع بن خديح سمعت جدي رافع بن خديج يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال يا بلال نور بصلاة الصبح حتى يبصر القوم مواقع نبلهم من الاسفار انتهى ورواه بن أبي حاتم في علله فقال حدثنا أبي ثنا هارون بن معروف وغيره عن أبي إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان عن هرير به قال ورواه أبو نعيم عن إسماعيل بن إبراهيم بن مجمع عن هرير به هكذا رواه بن أبي شيبة عن أبي نعيم قال أبي وقد سمعنا من أبي نعيم كتاب إسماعيل بن إبراهيم كله فلم يكن لهذا الحديث فيه ذكر وقد حدثناه غير واحد عن أبي إسماعيل المؤدب لكني رأيت لابن أبي شيبة متابعا آخر اما محمد بن يحيى أو غيره فلعل الخطأ من أبي نعيم وكأنه أراد أبا إسماعيل المؤدب فغلط في نسبته انتهى كلامه قلت قد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده وكذلك إسحاق بن راهويه والطبراني في معجمه عن إسماعيل بن إبراهيم كما رواه أبو نعيم وقد قدمناه والله اعلم وأخرجه بن عدي في الكامل عن أبي إسماعيل المؤدب وأسند عن بن معين انه قال أبو إسماعيل المؤدب ضعيف قال بن عدي ولم أجد في تضعيفه غير هذا وله أحاديث غرائب حسان تدل على انه من أهل الصدق وهو ممن يكتب حديثه أخرجه عن أبي إسماعيل المؤدب عن هرير حديث آخر يبطل تأويلهم رواه الامام أبو محمد القاسم بن ثابت السرقسطي في كتاب غريب الحديث حدثنا موسى بن هارون ثنا محمد بن عبد الاعلى ثنا المعتمر سمعت بيانا سعيد قال سمعت انسايقول كان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يصلى الصبح حين يفسخ البصر انتهى فقال فسح البصر وانفسح إذا رأى الشئ عن بعد يعني به اسفار الصبح انتهى حديث آخر يؤيد مذهبنا أخرجه البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن يزيد عن
[ 339 ]
بن مسعود قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير وقتها الا بجمع فإنه جمع بين المغرب والعشاء بجمع ويصلي صلاة الصبح من الغد قبل وقتها انتهى قال العلماء يعني وقتها المعتاد في كل يوم لا انه صلاها قبل الفجر وانما غلس بها جدا ويوضحه رواية في البخاري والفجر حين بزغ وهذا دليل على انه عليه السلام كان يسفر بالفجر دائما وقلما صلاها بغلس والله اعلم وبه استدل الشيخ في الامام لاصحابنا واخرج الطحاوي في شرح الآثار بسند صحيح عن إبراهيم النخعي قال ما اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على شئ ما اجتمعوا على التنوير انتهى قال الطحاوي ولا يصح ان يجتمعوا على خلاف ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى وقال الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف أهل العلم في الاسفار والتغليس فرأى بعضهم ان الاسفار أفضل وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري وأهل الكوفة اخذا بحديث رافع بن خديج اسفروا بالفجر فإنه أعظم للاجر وراى بعضهم ان التغليس أفضل وبه اخذ الشافعي ومالك وأحمد اخذا بحديث عائشة كن نساء المؤمنين يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس رواه البخاري ومسلم قال وزعم الطحاوي ان حديث الاسفار ناسخ لحديث التغليس وان حديث التغليس ليس فيه دليل على الافضل بخلاف حديث رافع أو انهم كانوا يدخلون مغلسين ويخرجون مسفرين قال والامر على خلاف ما قال الطحاوي لان حديث التغليس ثابت وانه عليه السلام داوم عليه إلى ان فارق الدنيا ولم يكن عليه السلام يداوم الا علي ما هو الافضل ثم روى حديث أبي مسعود انه عليه السلام صلى الصبح بغلس ثم صلى مرة أخرى فاسفر بها ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات صلى الله عليه وسلم لم يعد إلى ان يسفر رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه في النوع الخامس والاربعين من القسم الاول كلاهما من حديث أسامة بن زيد الليثي ان بن شهاب أخبره عن عروة بن الزبير
[ 340 ]
سمعت بشير بن أبي مسعود يقول سمعت أبا مسعود يقول سمعت أبا مسعود فذكره وهو مختصر من حديث المواقيت وحديث المواقيت مخرج في الصحيحين ليس فيه هذا قال أبو داود رواه عن الزهري مالك ومعمر وابن عيينة والليث بن سعد وغيرهم لم يذكروا فيه هذا انتهى قال الشيخ في الامام وقد استدل بهذا على نسخ أفضلية الاسفار وليس فيه من مس الا أسامة فقال أحمد ليس بشئ وعن بحيى بن سعيد انه تركه بآخره انتهى وفي التنقيح واختلفت الرواية فيه عن بن معين وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال النسائي والدارقطني ليس بالقوي وقال بن عدي ليس به باس وروى له مسلم في صحيحه انتهى أحاديث الخصوم الخاصة بالفجر حديث عائشة قالت ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلفعا ت بمروطهن ما يعرفن من الغلس وفي لفظ لمسلم وما يعرفن من تغليس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة وزاد البخاري في لفط ولا يعرفن بعضهن بعضا أخرجه البخاري ومسلم وروى الطبراني في معجمه عن إسحاق الدبري عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن هند بنت الحارث عن أم سلمة نحوه سواء قال الشيخ في الامام والد بري هذا بفتح الدال المهملة والباء الموحدة وحديث جابر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة والعصر والشمس حية والمغرب إذا وجبت الشمس والعشاء إذا كثر الناس عجل وإذا قلوا اخر والصبح بغلس أخرجاه أيضا حديث آخر رواه بن ماجة في سننه حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الاوزاعي ثنا نهيك بن يريم الاوزاعي ثنا مغيث بن سمي قال صليت مع عبد الله بن الزبير الصبح بغلس فلما سلم أقبلت على بن عمر فقلت ما
[ 341 ]
هذه الصلاة قال هذه صلاتنا كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فلما طعن عمر اسفر بها عثمان انتهى وفيه حديث أسامة بسنده عن أبي مسعود وقد تقدم قريبا أحاديث الخصوم العامة لسائر الاوقات روى أبو داود من حديث عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن بعض امهاته عن أم فروة قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاعمال أفضل قال الصلاة في أول وقتها انتهى وأخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة ولم يقل عن بعض امهاته قال الترمذي هذا حديث لا يروي الا من حديث عبد الله بن عمر العمري وليس القوي عند أهل الحديث وقد اضطربوا في هذا الحديث انتهى وذكر الدارقطني في كتاب العلل في هذا الحديث اختلافا كثيرا واضطرابا ثم قال والقول قول من قال عن القاسم عن جدته الدنيا عن أم فروة انتهى وهكذا رواه الحاكم في المستدرك عن العمري عن القاسم بن غنام عن جدته أم الدنيا عن أم فروة فذكره وسكت عنه وكذلك رواه الدارقطني في سننه قال في الامام وما فيه من الاضطراب في اثبات الواسطة بين القاسم وأم فروة واسقاطها يعود إلى العمري وقد ضعف ومن اثبت الواسطة يقضي على من اسقطها وتلك الواسطة مجهولة وقد ورد أيضا عن عبيد الله مصغرا رواه الدارقطني من جهة المعتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن جدته أم فروة فذكره انتهى حديث آخر أخرجه بن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم الرابع عن أبيه عثمان بن عمر بن فارس ثنا مالك بن مغول عن الوليد بن العيزار عن أبي عمرو
[ 342 ]
الشيباني عن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الصلاة أفضل قال الصلاة في أول وقتها انتهى ورواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه وأبو نعيم في مستخرجه قاله في الامام وفي لفظ قال أي الاعمال أفضل الحديث قال بن حبان وهذه اللفظة اعني قوله في أول وقتها تفرد بها عثمان بن عمر ثم أخرجه عن شعبة وعن علي بن مسهر بلفظ الصلاة لوقتها ورواه كالاول الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه انتهى ورواه كذلك في كتاب الاربعين له عن عثمان بن عمبه ثم قال وقد أخرجاه من رواية محمد بن محمد بن سابق عن مالك بن مغول بلفظ الصلاة على ميقاتها وانما هذه زيادة تفرد بها عثمان بن عمر وهي مقبولة منه فان مذهبهما قبول الزيادة من الثقة انتهى وأخرجه في المستدرك أيضا عن حجاج بن الشاعر ثنا علي بن حفص المدائني ثنا شعبة عن الوليد بن العيزار به سندا ومتنا ثم قال رواه عن شعبة جماعة لم يذكر فيه اللفظة غير حجاج بن الشاعر وهو حافظ ثقة عن علي بن حفص المدائني قد احتج به مسلم انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود عن أسامة بن زيد الليثي ان بن شهاب أخبره عن عروة بن الزبير سمعت بشير بن أبي مسعود يقول سمعت أبا مسعود الانصاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نزل جبرائيل فأخبرني بوقت الصلاة فصليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه ثم صليت معه إلى ان قال وصلى الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فاسفر ثم كانت صلاته بعد ذلك بالغلس حتى مات ثم لم يعد إلى ان يسفر وقد تقدم بتمامه في الحدي‍ ث التاسع قال أبو داود ورواه عن الزهري معمر ومالك وابن عيينة وشعيب بن أبي حمزة والليث بن سعد وغيرهم لم يذكروا الوقت الذي صلى فيه ولم يفسروه وأسامة
[ 343 ]
بن زيد الليثي وقال أبو طالب عن أحمد بن حنبل تركه يحيى بن سعيد بآخره وقال الاثرم عن أحمد ليس بشئ وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه روى عن نافع أحاديث مناكير واختلف الرواية فيه عن بن معين فقال مرة ثقة صالح وقال مرة ليس به باس وقال مرة ثقة حجة وقال مرة ترك حديثه بآخره وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به وقال النسائي والدارقطني ليس بالقوي وقال بن عدي ليس بحديثه باس وروى له مسلم في صحيحه وبسند أبي داود ومتنه رواه بن حبان في صحيحه عن بن خزيمة به في النوع الثالث من القسم الاول حديث آخر أخرجه الترمذي عن يعقوب بن الوليد المدني عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوقت الاول من الصلاة رضوان الله والوقت الاخير عفو الله انتهى قال البيهقي قال الشافعي ولا يؤثر على رضوان الله شئ لان العفو لا يكون الا عن تقصير انتهى ورواه الحاكم في المستدرك بلفظ خير الاعمال الصلاة في أول وقتها قال الحاكم ويعقوب بن الوليد ليس من شرط هذا الكتاب انتهى قال بن حبان يعقوب بن الوليد كان يضع الحديث على الثقات لا يحل كتب حديثه الا على جهة التعجب وما رواه الا هو انتهى وقال أحمد كان من الكذابين الكبار وقال أبو داود ليس بثقة وقال النسائي متروك الحديث وقال البيهقي في المعرفة حديث الصلاة في أول الوقت رضوان الله انما يعرف بيعقوب بن الوليد وقد كذبه أحمد بن حنبل وسائر الحفاظ قال وقد روى هذا الحديث بأسانيد كلها ضعيفة انما يروى عن أبي جعفر محمد بن علي من قوله انتهى وأنكر بن القطان في كتاب علي أبي محمد عبد الحق كونه اعل الحديث بالعمري وسكت عن يعقوب قال ويعقوب هو علة فان أحمد قال فيه كان من الكذابين الكبار وكان يضع الحديث وقال أبو حاتم كان يكذب والحديث الذي رواه موضوع وابن عدي انما اعله بوفي بابه ذكره
[ 344 ]
انتهى كلامه طريق آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن الحسين بن حميد حدثني فرج بن عبيد المهلبي ثنا عبيد بن القاسم عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيسبن أبي حازم عن جرير بن عبد الله مرفوعا نحوه قال بن الجوزي في التحقيق قال مطيفي الحسين بن حميد هو كذاب بن كذاب لا يكتب حديثه وقال بن عدي هو متهم فيما يرويه وسمعت أحمد بن عبدة الحافظ يقول سمعت مطينا يقول وقد مر عليه الحسين بن حميد بن الربيع هذا كذاب بن كذاب بن كذاب انتهى طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إبراهيم بن زكريا ثنا إبراهيم بن عبد الملك بن أبي محذورة حدثني أبي عن جدي مرفوعا أول الوقت رضوان الله واوسطه رحمة الله وآخره عفو الله انتهى قال بن الجوزي وإبراهيم بن زكريا قال أبو حاتم هو مجهول والحديث الذي رواه منكر وقال ابن عدي حدث عن الثقات بالاباطيل والضعف على حديثه بين وهو من جملة الضعفاء قال وسئل أحمد عن هذا الحديث أول الوقت رضوان الله فقال ليس بثابت انتهى كلامه طريق آخر أخرجه بن عدي في الكامل عن بقية عن عبد الله مولى عثمان بن عفان حدثني عبد العزيز حدثني محمد بن سيرين عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله انتهى قال بن عدي هذا من الاحاديث التي يرويها بقية عن المجهولين فان عبد الله مولى عثمان و عبد العزيز لا يعرفان انتهى قال النووي في الخلاصة أحاديث أي الاعمال أفضل قال الصلاة لاول وقتها وأحاديث أول الوقت رضوان الله وآخره عفو الله كلها ضعيفة انتهى
[ 345 ]
حديث آخر أخرجه الترمذي عن سعيد بن أبي هلال عن إسحاق بن عمر عن عائشة قالت ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لوقتها الاخير الا مرتين حتى قبضه الله انتهى وقال غريب وليس إسناده بمتصل انتهى ورواه الدارقطني ثم البيهقي قال البيهقي وهو مرسل إسحاق بن عمر لم يدرك عائشة وقال بن أبي حاتم عن أبيه إسحاق بن عمر روى عن موسى بن وردان روى عنه سعيد بن أبي هلال مجهول انتهى وكذلك قال بن القطان في كتابه انه منقطع وإسحاق بن عمر مجهول انتهى ولم يعزه الشيخ تقي الدين في الامام الا للدارقطني فقط ونقل عن بن عبد البر انه قال إسحاق بن عمر أحد المجاهيل روى عنه سعيد بن أبي هلال انتهى وأخرجه الدارقطني أيضا عن عمرة عن عائشة نحوه وفي سنده معلى بن عبد الرحمن قال بن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال متروك الحديث وأخرجه أيضا عن أبي سلمة عن عائشة نحوه وفيه الواقدي وهو معروف عندهم حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عبد الله بن عمر مكبرا عن نافع عن بن عمر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الاعمال أفضل قال الصلاة لميقاتها الاول وأخرجه عن عبيد الله بن عمر مصغرا عن نافع به نحوه حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن إبراهيم بن الفضل عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أحدكم ليصلي الصلاة لوقتها وقد ترك من الوقت الاول ما هو خير له من أهله وما له انتهى حديث آخر رواه الترمذي في كتابه حدثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب الهاشمي عن أبيه عن
[ 346 ]
علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا علي ثلاثة لا تؤخرها الصلاة إذا اتتوالجنازة إذا حضرت والايم إذا وجدت لها كفءا انتهى وقال حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل انتهى الحديث الثالث عشر روى أنس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان في الشتاء بكر بالظهر وإذا كان في الصيف ابرد بها قلت رواه البخاري من حديث خالد بن دينار قال صلى بنا اميرنا الجمعة ثم قال لانس كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظهر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد بكر بالصلاة وإذا اشتد الحر ابرد بالصلاة انتهى واما حديث خباب بن الارت شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الرضاء فلم يشكنا أخرجه مسلم وزاد في رواية قال زهير قلت لابي إسحاق في تعجيل الطهر قال نعم انتهى فقال بن القطان في كتابه وقد اختلف في معنى هذا فقيل لم يعذرنا وقيل لم يحوجنا إلى الشكوى بعد ولكن رويت فيه زيادة مثبتة للاول قال بن المنذر حدثنا عبد الله بن أحمد ثنا خلاد بن يحيى ثنا يونس بن أبي إسحاق ثنا سعيد بن وهب أخبرني خباب بن الارت قال شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمضاء فما اشكانا وقال إذا زالت الشمس فصلوا انتهى وبهذا اللفظ رواه البيهقي في السنن وفي لفظ له شكونا حر الرمضاء في جباهنا واكفنا فلم يشكنا قلت ويؤيد الثاني حديث أبي هريرة إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة فان شدة الحر من فيح جهنم أخرجاه وانفرد البخاري بحدي‍ ث الخدري أبردوا بالظهر فان شدة الحر من فيح جهنم أحاديث لمذهبنا في تأخير العصر اخرج الدارقطني في سننه عن عبد الواحد
[ 347 ]
بن نافع قال دخلت مسجد المدينة فأذن مؤذن بالعصر وشيخ جالس فلامه وقال ان أبي أخبرني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصلاة فسالت عنه فقالوا هذا عبد الله بن رافع بن خديج انتهى ورواه البيهقي في سننه وقال قال الدارقطني فيما أخبرنا عنه أبو بكر بن الحارث هذا حديث ضعيف الاسناد والصحيح عن رافع وغيره ضد هذا وعبد الله بن رافع ليس بالقوي ولم يروه عنه غير عبد الواحد ولا يصح هذا الحديث عن رافع ولا عن غيره من الصحابة انتهى وقال بن حبان عبد الواحد بن نافع يري عن أهل الحجاز المقلوبات وعن أهل الشام الموضوعات لا يحل ذكره في الكتب الا على سبيل القدح فيه انتهى ورواه البخاري في تاريخه الكبير في باب العين في ترجمة عبد الله بن رافع حدثنا أبو عاصم عن عبد الواحد بن نافع به وقال لا يتابع عليه يعني عبد الله بن رافع والصحيح عن رافع غيره ثم أخرجه عن رافع قال كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم ننحر الجزور وسيأتي بتمامه وقال بن القطان في كتابه عبد الواحد بن نافع أبو الرماح مجهول الحال مختلف في حديثه انتهى اثر في ذلك أخرجه الحكم في المستدرك عن زياد بن عبد الله النخعي قال كنا جلوسا مع علي رضي الله عنه في المسجد الاعظم فجاء المؤذن فقال الصلاة يا أمير المؤمنين فقال اجلس فجلس ثم عاد فقال له ذلك فقال على هذا الكلب يعلمنا السنة فقام على فصلى بنا العصر ثم انصرفنا فرجعنا إلى المكان الذي كنا فيه جلوسا فجثونا للركب لنزول الشمس للغروب نتراآها انتهى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه انتهى وأخرجه الدارقطني كذلك عن العباس بن ذريح عن زياد بن عبد الله النخعي به ثم قال وزياد بن عبد الله هذا مجهول لم يروه عنه غير العباس بن ذريح انتهى قلت وهذا الاثر في حكم المرفوع أو قريب منه لذكر السنة فيه أحاديث الخصوم في أفضلية التعجيل منها حديث أبي برزة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 348 ]
يصلى العصر ثم يرجع أحدنا إلى رحله والشمس حية رواه البخاري ومسلم حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه سلم يصلي العصر ثم يذهب أحدنا إلى العوالي والشمس مرتفعة قال الزهري والعوالي على ميلين من المدينة وثلاثة وأحسبه قال وأربعة انتهى حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم أيضا عن رافع بن خديج قال كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم ننحر الجزور فنقسم عشر قسم ثم يطبخ فيؤكل لحما نضيجا قبل ان تغيب الشمس انتهى الحديث الرابع عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير ما عجلوا المغرب واخروا العشاء قلت غريب وروى أبو داود في سننه من حديث محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله عن أبي أيوب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير أو قال على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب إلى ان تشتبك النجوم مختصر وتمامه عن مرثد بن عبد الله قال قدم علينا أبو أيوب غازيا وعقبة بن عامر يومئذ على مصر فاخر المغرب فقام إليه أبو أيوب فقال له ما هذه الصلاة يا عقبة قال شغلنا قال اما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال أمتي بخير إلى آخره ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح على شرط مسلم قال الشيخ في الامام وقد خولف بن إسحاق في هذا الحديث قال بن أبي حاتم ورواه حيوة وابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن اسلم أبي عمران التجيبى عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النجوم قال أبو زرعة وحديث حيوة أصح انتهى كلامه
[ 349 ]
واخرج بن ماجة عن عباد بن العوام عن عمر بن إبراهيم عن قتادة عن الحسن عن الاحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى يشتبك النجوم انتهى ومن أحاديث الباب ما أخرجه البخاري ومسلم عن رافع بن خديج قال كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وانه ليبصر مواقع نبله انتهى ورواه أبو داود من حديث أنس ولفظه ثم يرمي فيرى أحدنا موضع نبله حديث آخر أخرجه البخاري ومسلم عن سلمة بن الاكوع قال كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب إذا توارت بالحجاب وفي لفظه إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب انتهى ولفظ أبي داود فيه كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب ساعة يغرب الشمس إذا غاب حاجبها الحديث الخامس عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على أمتي لاخرت العشاء إلى ثلث الليل قلت روى من حديث أبي هريرة ومن حديث زيد بن خالد الجهني فحديث أبي هريرة رواه الترمذي وابن ماجة من حديث عبيد الله بن عمر غن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على أمتي لاخرت العشاء إلى ثلث الليل أو نصفه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى حديث آخر أخرجه البزار عن بن إسحاق حدثني عبد الرحمن بن يسار عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن علي بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قا لولا ان اشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ولاخرت العشاء الاخيرة إلى ثلث الليل وقال لا نعلمه يروي عن علي الا بهذا الاسناد انتهى
[ 350 ]
واما حديث زيد بن خالد فرواه الترمذي في الطهارة والنسائي في الصوم من حديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن زيد بن خالد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ان اشق على أمتي لامرتهم بالسواك عند كل صلاة ولاخرت العشاء إلى ثلث الليل فكان زيد بن خالد يشهد الصلوات في المسجد وسواكه على اذنه موضع القلم من اذن الكات‍ ب لا يقوم إلى الصلاة لا استن ثم رده إلى موضعه انتهى قال الترمذي حديث حسن صحيح انتهى وذهل شيخنا علاء الدين في عزوه هذا الحديث بتمامه لابي داود وأبو داود لم يخرج منه الا فضل السواك لم يذكر فيه تأخير العشاء وعجبت من أصحاب الاطراف إذ لم يبينوا ذلك مع انه من عادتهم كابن عساكر وشيخنا الحافظ جمال الدين المزي وقد أحسن المنذري في مختصره إذ بين ذلك لما ذكر لفظ أبي داود فعزاه للترمذي والنسائي ثم قال وحديث الترمذي مشتمل على الفضيلتين يعني فضل السواك وفضل الصلاة وأعجب من ذلك ما ذكره النووي في الخلاصة مقتصرا على فضل تأخير العشاء وعزاه لابي داود والترمذي ثم ان أصحاب الاطراف عزوه للنسائي في الصوم ولم أجده في الصغرى فلينظر الكبرى حديث آخر أخرجه مسلم عن الحكم عن نافع عن بن عمر قال مكثنا ذات ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة فخرج إلينا حين ذهب الليل أو بعضه فلا ندري اشئ شغله في أهله أو غير ذلك فقال حين خرج انكم لتنتظرون صلاة ما ينتظرها أهل دين غيركم ولولا ان يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة ثم أمر المؤذن فأقام الصلاة وصلى انتهى حديث آخر قال بن أبي حاتم سمعت أبي وذكر حدثنا مروان الفزاري عن محمد بن عبد الرحمن بن مهران عن سعيد المقبري عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ان يثقل على أمتي لاخرت صلاة العشاء إلى ثلث الليل قال
[ 351 ]
أبى انما هو عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشيخ في الامام محمد بن عبد الرحمن بن مهران المزني قال أبو حاتم روى عن أبيه والمقبري روى عنه مروان الفزاري وأبو عامر العقدي محله الصدق ولا أرى بحديثه بأسا وذكره بن حبان في ثقات التابعين وقد روى بن ماجة هذا الحديث من رواية داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى المغرب ثم لم يخرج حتى ذهب شطر الليل ثم خرج فصلى بهم وقال لولا الضعيف والسقيم لاحببت ان اؤخر هذه الصلاة إلى شطر الليل انتهى كلامه الحديث السادس عشر حديث السمر المنهي عنه بعد العشاء أشار إليه في الكتاب بقوله ولان فيه قطع السمر المنهي عنه بعدها قلت رواه الائمة الستة في كتبهم من حديث أبي برزة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه كان يكره النوم قبلها يعني العشاء والحديث بعدها انتهى رووه في المواقيت مطولا ومختصرا ولفظ مسلم كان لا يحب ورواه أبو داود في الادب أيضا ولفظه كان ينهى عن النوم قبلها والحديث بعدها انتهى وروى بن ماجة في سننه حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي نعيم عن عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى الطائفي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سمر بعدها انتهى وقد أجاز العلماء السمر بعد العشاء في الخير واستدلوا على ذلك بما أخرجه البخاري ومسلم عن سالم عن بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال ارايتكم ليلتكم هذه فان على
[ 352 ]
راس مائة سنة لا يبقى ممن هو على ظهر الارض أحد انتهى وبوب عليه النسائي في سننه باب السمر في العلم وروى الترمذي في الصلاة والنسائي في المناقب عن إبراهيم عن علقمة عن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكر الليلة في الامر من أمر المسلمين وانا معه انتهى قال الترمذي حديث حسن وقد رواه الحسن بن عبد الله عن إبراهيم عن علقمة عن رجل من جعفي يقال له قيس أو بن قيس عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة طويلة انتهى وقال بن عساكر في اطرافه علقمة لم يسمع من عمر وقال الشيخ تقي الدين في الامام روى أوس بن حذيفة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ياتينا بعد العشاء يحدثنا وكان أكثر حديثه تشكية قريش وليذكر من رواه فائدة استدل الشيخ في الامام على جواز تسمية العشاء بالعتمة بحديث رواه مالك في موطإه عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما ولو حبوا مختصر وينبغي الجمع بينه وبين حديث بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم الا انها العشاء وهم يعتمون الابل أخرجه مسلم الحديث السابع عشر قال النبي صلى الله عليه وسلم من خاف ان لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع ان يقوم آخر الليل فليوتر آخره قلت أخرجه مسلم عن الاعمش عن
[ 353 ]
سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خاف ان لا يقوم آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع ان يقوم آخره فيوتر آخر الليل فان صلاة آخر الليل مشهودة وذلك أفضل انتهى فصل في الاوقات المكروهة الحديث الثامن عشر حديث عقبة رضي الله عنه قال ثلاث أوقات نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصلى فيها وان نقبر فيها موتانا عند طلوع الشمس حتى ترتفع وعند زوالها حتى تزول وحين تضيف للغروب قلت رواه الجماعة الا البخاري من حديث موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال ثلاث ساعات
[ 354 ]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا ان نصلي فيهن أو ان نقبر فيهن موتانا حين تطلع الشمس للغروب بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب انتهى قال البيهقي في المعرفة ورواه روح بن القاسم عن موسى بن علي عن أبيه وزاد فيه قلت لعفبة ايدفن بالليل قال نعم قد دفن أبو بكر بالليل انتهى قال البيهقي ونهيه عن القبر في هذه الساعات لا يتناول الصلاة على الجنازة وهو عند كثير من أهل العلم محمول على كراهية الدفن في تلك الساعات انتهى قلت حمله أبو داود على الدفن الحقيقي فإنه ذكره في الجنائز وبوب عليه باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها وحمله الترمذي على الصلاة وبوب عليه باب ما جاء في كراهية صلاة الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها ونقل عن بن المبارك انه قال ما معنى ان نقبر فيها موتانا يعني صلاة الجنازة انتهى وقد جاء بتصريح الصلاة فيه رواه الامام أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز من حديث خارجة بن مصعب عن ليث بن سعد عن موسى بن علي به قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نصلي على موتانا عند ثلاث عند طلوع الشمس إلى آخره أحاديث الركعتين بعد العصر ما جاء في النهي عنها اخرج البخاري عن معاوية قال انكم لتصلون صلاة لقد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصليها ولقد نهى عنها يعني الركعتين بعد العصر انتهى حديث آخر روى إسحاق بن راهويه في مسنده ثم البيهقي من جهته حدثنا وكيع ثنا سفيان الثوري أخبرني أبو إسحاق عن عاصم بن حمزة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين دبر كل صلاة مكتوبة الا الفجر والعصر انتهى حديث عمر بن عنبسة أخرجه مسلم من حديث أبي امامة عنه وفيه فقلت يا رسول الله أخبرني عن الصلاة قال صلى الصبح ثم اقصر عن الصلاة حين تطلع الشمس حتى ترتفع فانها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار ثم صل فان الصلاة مشهودة محضورة حتى تستقبل الظل بالرمح ثم اقصر عن الصلاة فانها
[ 355 ]
حينئذ تسجر جهنم فإذا اقبل الفئ فصل فالصلاة مشهودة محضورة حتى تصلى العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فانها تغرب بين قرني شيطان الحديث بطوله ما ورد في إباحتها اخرج البخاري ومسلم عن الاسود عن عائشة قالت ركعتان لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعهما سرا ولا علانية ركعتان قبل صلاة الصبح وركعتان بعد العصر وفي لفظ لهما ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ياتيني في يوم بعد العصر الا صلى ركعتين انتهى وفي لفظ مسلم عن طاوس عنها قالت وهم عمر انما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتحرى طلوع الشمس وغروبها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحروا بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها فتصلوا عند ذلك وفي لفظ للبخاري عن ايمن عن عائشة قالت والذي ذهب به ما تركهما حتى لقي الله وما لقي الله حتى ثقل عن الصلاة وكان يصليهما ولا يصليهما في المسجد مخافة ان يثقل على أمته وكان يحب ما خفف عنهم انتهى ما ورد في العذر منها اخرج مسلم والبخاري في المغازي عن كريب مولى بن عباس ان عبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن ازهر والمسور بن مخرمة ارسلوه إلى عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا اقرأ عليها السلام منا جميعا وسلها عن الركعتين بعد العصر وقل لها بلغنا انك تصليهما وان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما قال كريب فدخلت على عائشة فأخبرتها فقالت سألت أم سلمة فرجعت إليهم فاخبرتهم فردوني إلى أم سلمة فقالت أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما ثم رايته يصليهما فقيل له في ذلك فقال انه أتاني ناس من عبد القيس بالاسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر وهما هاتان مختصر وعلقه البخاري فقال وقال كريب عن أم سلمة صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر ركعتين وقال شغلني ناس من عبد القيس عن الركعتين بعد الظهر انتهى وينظر البخاري في المغازي فكأنه وصله فيه واخرج مسلم عن أبي سلمة أنه سأل عائشة عن السجدتين اللتين كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت كان يصليهما قبل العصر ثم انه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم
[ 356 ]
اثبتهما وكان إذا صلى صلاة اثبتها يعني داوم عليها انتهى واخرج أبو داود من جهة بن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة انها حدثته ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بعد العصر يعني ركعتين وينهى عنهما ويواصل وينهى عن الوصال انتهى الحديث التاسع عشر روى انه عليه السلام نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس قلت روى من حديث بن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث الخدري ومن حديث عمرو بن عبسة فحديث بن عباس رواه الائمة الستة في كتبهم انه قال شهد عندي رجال مرضيون وارضاهم عندي عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس انتهى واما حديث أبي هريرة فرواه البخاري ومسلم عنه أنه عليه السلام نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وعن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس انتهى واما حديث الخدري فأخرجه البخاري ومسلم أيضا عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد صلاة
[ 357 ]
العصر حتى تغيب الشمس انتهى اما حديث عمرو بن عبسة فأخرجه مسلم عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له صل الصبح ثم اقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت فلا تصلى حتى ترتفع فانها تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفا ثم صل حتى تصلي العصر ثم اقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفار مختصر واعلم ان ركعتي الطواف داخلتان في المسألة فكرهها أصحابنا في الاوقات الخمسة المتقدمة وخالفنا الشافعي فأجازها فيها آخذا بحديث أخرجه أصحاب السنن الاربعة من حديث سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحد طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار انتهى ورواه بن حبان في صحيحه والحاكم في المستدرك في كتاب الحج وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه قال الشيخ في الامام انما لم يخرجاه لاختلاف وقع في إسناده فرواه سفيان كما تقدم ورواه الجراح بن منهال عن أبي الزبير عن نافع بن جبير سمع أباه جبير بن مطعم ورواه معقل بن عبيد الله عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا نحوه ورواه أيوب عن أبي الزبير قال أظنه عن جابر فلم يجزم به وكل هذه الروايات عند الدارقطني قال البيهقي بعد إخراجه من جهة بن عيينة أقام بن عيينة إسناده ومن خالفه فيه لا يقاومه فرواية بن عيينة أولى ان تكون محفوظة ولم يخرجاه انتهى و عبد الله بن باباه ويقال بن بأبيه ويقال بن بابي قال النسائي ثقة وقال بن المديني هو من أهل مكة معروف وأخبرني الشيخ محب الدين بن العلامة علاء الدين القونوي عن والده انه بحث هنا بحثا فقال بن بين حديث بن عباس وحديث جبير عموما وخصوصا فحديث بن عباس عام بالنسبة إلى المكان خاص بالنسبة إلى الوقت فهذا الحديث خاص بالنسبة إلى المكان عام بالنسبة إلى وقت الصلاة قال فليس حمل عموم هذا الحديث في الصلاة على خصوص حديث بن عباس بأولى من حمل عموم حديث بن
[ 358 ]
عباس في المكان على خصوص هذا الحديث فيه قلنا حديث بن عباس أصح من حديث جبير فلا يقاومه الا ما يساويه في الصحة أما يدل على عدم المعارضة روى إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا النضر بن شميل ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال سمعت نصر بن عبد الرحمن يحدث عن جده معاذ بن عفراء انه طاف بعد العصر أو بعد الصبح ولم يصل فسئل عن ذلك فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن أبي الوليد العدني عن رجاء أبي سعيد عن مجاهد عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني عبد المطلب أو يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحد يطوف بالبيت ويصلى فإنه لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس الا عند هذا البيت يطوفون ويصلون انتهى قال صاحب التنقيح وأبو الوليد العدلي لم ار له ذكرا في الكنى لابي أحمد الحاكم واما رجاء بن الحار ث أبو سعيد المكي فضعفه بن معين انتهى أحاديث الخصوم في النافلة بمكة واستدل الشافعي على جواز النافلة بمكة في الاوقات الخمسة المتقدمة بدون كراهة بما تقدم من حديث جبير بن مطعم مرفوعا يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى اية ساعة شاء من ليل أو نهار وحديث أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن المؤمل المخزومي عن حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال قدم أبو ذر فأخبعضادتي باب
[ 359 ]
الكعبة ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصلى أحدكم بعد الصبح إلى طلوع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس الا بمكة يقول ذلك ثلاثا انتهى وهو حديث ضعيف قال أحمد أحاديث بن المؤمل مناكير وقال بن معين هو ضعيف الحديث ورواه البيهقي وقال هذا يعد في افراد بن المؤمل وهو ضعيف الا ان إبراهيم بن طهمان قد تابعه في ذلك عن حميد وأقام إسناده ثم أخرجه عن خلاد بن يحيى ثنا إبراهيم بن طهمان ثنا حميد مولى عفراء عن قيس بن سعد عن مجاهد قال جاءنا أبو ذر فأخذ بحلقة الباب الحديث قال البيهقي وحميد الاعرج ليس بالقوي ومجاهد لا يثبت له سماع من أبي ذر وقوله جاءنا أي جاء بلدنا قال وقد روى من وجه آخر عن مجاهد ثم أخرجه من طريق بن عدي بسنده عن اليسع بن طلحة القرشي من أهل مكة قال سمعت مجاهدا يقول بلغنا ان أبا ذر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اخذ بحلقتي الباب يقول ثلاثا لا صلاة بعد العصر الا بمكة قال البيهقي واليسع بن طلحة ضعفوه والحديث منقطع مجاهد لم يدرك أبا ذر انتهى قال الشيخ في الامام وحديث أبي ذر هذا معلول بأربعة أشياء أحدها انقطاع ما بين مجاهد وأبي ذر ثم ذكر كلام البيهقي والثاني اختلاف في إسناده فرواه سعيد بن سالم عن بن المؤمل عن حميد مولى عفراء عن مجاهد عن أبي ذر لم يذكر فيه قيس بن سعد أخرجه كذلك بن عدي في الكامل قال البيهقي وكذلك رواه عبد الله بن محمد الشامي عن بن المؤمل عن حميد الاعرج عن مجاهد والثالث ضعف بن المؤمل قال النسائي وابن معين ضعيف وقال أحمد أحاديثه مناكير وقال بن عدي عامة حديثه الضعف عليه بين الرابع ضعف حميد مولى عفراء قال البيهقي ليس بالقوي وقال أبو عمر بن عبد البر هو ضعيف انتهى حديث آخر خاص بركعتي الطواف قال الشيخ في الامام وقد ورد ما يشعر
[ 360 ]
بان هذا الاستثناء بمكة انما هو في ركعتي الطواف فاخرج بن عدي عن سعيد بن أبي راشد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس من طاف فيصل أي حين طا ف انتهى قال بن عدي وسعيد هذا يحدث عن عطاء وغيره بما لا يتابع عليه قال البيهقي وذكره البخاري في التاريخ وقال لا يتابع عليه انتهى الحديث العشرون روى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتنفل بعد طلوع الفجر بأكثر من ركعتي الفجر قلت روى البخاري ومسلم واللفظ له من حديث عبد الله بن عمر عن أخته حفصة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طلع الفجر لا يصلى الا ركعتين خفيفتين انتهى ورواه الباقون الا أبا داود منهم من رواه هكذا ومنهم من اتى به في جملة الحديث الطويل في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم تطوعا ورواه بن حبان في صحيحه ولفظه قال كان إذا طلع الفجر لا يصلى الا ركعتي الفجر انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود والترمذي عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة عن يسار مولى بن عمر عن بن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صلاة بعد الفجر الا سجدتين انتهى قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه الا من حديث قدامة انتهى أخرجه أبو داود عن وهيب عن قدامة بن موسى عن أيوب بن حصين عن أبي علقمة به وأخرجه الترمذي عن عبد العزيز محمد الدراوردي عن قدامة عن محمد ب الحصين عن أبي علقمة قال بن القطان في كتابه كل من في هذا الاسناد معروف الا محمد بن الحصين فإنه مختلف فيه ومجهول الحال وكان عمر بن علي المقدمي والدراوردي يقولان عن قدامة بن موسى عن أيوب بن
[ 361 ]
الحصين وقال عثمان بن عمر أنبأ قدامة بن موسى حدثني رجل من بني حنظلة وذكر هذا الاختلاف البخاري ولم يعرف هو ولا بن أبي حاتم من حاله بشئ فهو عندهما مجهول انتهى كلامه ورواه أحمد في مسنده من حديث قدامة ثنا أيوب بن الحصين عن أبي علقمة به لا صلاة بعد طلوع الفجر الا ركعتين ورواه الدارقطني في سننه ولفظه عن يسار مولى بن عمر قال رآني بن عمر أصلي بعد الفجر فحصبني وقال يا يسار كم صليت قلت لا أدري قال الا دريت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليبلغ شاهدكم غائبكم ان لا صلاة بعد الفجر الا ركعتين انتهى وقدامة هذا معروف ذكره البخاري في تاريخه واخرج له مسلفي صحيحه واما محمد بن الحصين فقال بن أبي حاتم محمد بن الحصين التميمي وقال بعضهم أيوب بن حصين ومحمد أصح انتهى وقال الدارقطني في علله هذا حديث يرويه الدراوردي عن قدامة بن موسى عن محمد بن الحصين عن أبي علقمة مولى بن عباس عيسار مولى بن عمر عن بن عمر وتابعه عمر بن على المقدمي وخالفهم سليمان بلال ووهيب فروياه عن قدامة بن موسى عن أيوب بن الحصين عن أبي علقمة عن يسار مولى بن عمر ويشبه ان يكون القول قول سليمان بن بلال ووهيب لانهما يثبتان انتهى فقد اختلف كلام الدارقطني وابن أبي حاتم والله اعلم بالصواب طريق آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا عبد الملك بن يحيى بن بكير حدثني أبي ثنا الليث بن سعد حدثني محمد بن النبيل الفهري عن أبي عمر مرفوعا حدثنا محمد بن محموية الجوهري ثنا أحمد بن المقدام ثنا عبد الله بن خراش عن العوام بن حوشب عن المسيب بن رافع عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الفجر الا الركعتين قبل صلاة الفجر انتهى وقال تفرد به عبد الله بن خراش انتهى طريق آخر رواه الطبراني عن إسحاق بن إبراهيم الدبري عن عبد الرزاق عن أبي بكر بن محمد عن موسى بن عقبة عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعطلوع الفجر الا ركعتي الفجر انتهى وكل ذلك يعكر على
[ 362 ]
الترمذي في قوله لا نعرفه الامن حديث قدامة قال الشيخ في الامام ومما استدل به على ذلك حديث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم آذان بلال فإنه يؤذن بليل حتى يرجع قائمكم ويوقظ نائمكم أخرجه البخاري ومسلم قال فلو كان التنفل بعد الصبح مباحا لم يكن لقوله حتى يرجع قائمكم معنى وبحديث بن عمر مرفوعا أيضا صلاة الليل مثنى مثنى فإذا فإذا خشي الصبح صلى واحدة توتر له ما قد صلى أخرجاه أيضا قال فلو كان أيضا مباحا لما كان لخشية الصبح معنى قال الشيخ وهذا ضعيف لانه يجوز ان يكون خشي الصبح لخوف فوت الوتر قال الشيخ واستدل من أجاز التنفل بأكثر من ركعتي الفجر بما أخرجه أبو داود في حديث عمرو بن عبسة قال يا رسول الله أي الليل اسمع قال جوف الليل الاخير فصل ما شئت فان الصلاة مشهودة مقبولة حتى تصلي الصبح وفي لفظ فصل ما بدا لك حتى تصلي الصبح الحديث بطوله باب الاذان قوله الاذان سنة للصلوات الخمس والجمعة دون ما سواها للنقل المتواتر قلت هذا معروف وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير اذان ولا إقامة انتهى وفيه أيضا عن عائشة ان الشمس خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث مناديا بالصلاة جامعة انتهى والجمعة فيها حديث السائب بن يزيد والصلوات تأتي احاديثها مسألة في تثنية التكبير أول الاذان وتربيعه اما التثنية فهي في صحيح مسلم حدثنا أبو غسان المسمعي مالك بن عبد الواحد وإسحاق بن إبراهيم قالا ثنا معاذ بن هشام صاحب الدستوائي عن أبيه عن عامر الاحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة ان النبي صلى الله عليه وسلم علمه الاذان الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله إلى آخره وأخرجه أبو داود عن نافع بن عمر الجمحي عن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد الله بن محيريز الجمحي عن أبي محذورة نحوه وأخرجه
[ 363 ]
أيضا عن إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة سمعت جدي عبد الملك يذكر انه سمع أبا محذورة يقول دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمه نحوه واستدل للقائلين بالتثنية أيضا بحديث أخرجه أبو داود أيضا حدثنا محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا جعفر يحدث عن مسلم أبي المثنى عن بن عمر قال انما كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والاقامة مرة مرة غير انه يقول قد قامت الصلاة مرتين انتهى وهذا قول مالك واما التربيع فأخرجه أبو داود عن همام ثنا عامر الاحول بسند مسلم وفيه تربيع التكبير قال الشيخ في الامام وأخرجه أبو عوانة في مسنده عن علي بن المديني عن معاذ بن هشام عن أبيه عن عامر وفيها التربيع قال وأخرجه الحاكم في كتابه المخرج على كتاب مسلم من جهة عبد الله بن سعيد وأبي موسى وإسحاق بن إبراهيم كلهم عن معاذ بن هشام وفيه التربيع قال وأخرجه بن مندة عن عبد الله بن عمر عن معاذ بن هشام بسنده وفيه التربيع قال وزعم بن القطان في كتابه ان الصحيح عن عامر المذكور في هذا الحديث انما هو التربيع هطذا رواه عنه حماعة منهم عفان وسعيد بن عامر وحجاج وبذلك يصح كون الاذان تسع عشرة كلمة كما ورد انتهى وأخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة عن بن جريج أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة انه عليه الصلاة والسلام علمه التأذين وفيه التربيع وأخرجه أبو داود أيضا عن بن جريج عن عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة وفيه التربيع قال في الامام وبهذا الاسناد رواه بن خزيمة في صحيحه وهو معلول بجهالة حال بن السائب وأبيه وأم عبد الملك انتهى وفي الباب حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام وفيه التربيع وسيأتي قريبا وأخرجه أبو داود أيضا عن الحارث بن عبيد عن محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده وفيه التربيع واعله بن القطان بجهالة حال محمد بن عبد الملك وضعف الحارث بن عبيد قال بن معين ضعيف وقال بن حنبل مضطرب الحديث وقال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به انتهى وقال أبو عمر بن عبد البر وقد اختلفت الروايات عن أبي محذورة إذ علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان بمكة عام حنين فروى عنه فيه تربيع التكبير في أوله روى عنه فيه بتثنية ولا تربيع فيه من
[ 364 ]
رواية الثقات الحفاظ وهي زيادة يجب قبولها والعمل عندهم بمكة في آل أبي محذورة بذلك إلى زماننا وهو في حديث عبد الله بن زيد في قصة المنام وبه قال أبو حنيفة والشافعي وأحمد انتهى الحديث الاول حديث اذان الملك النازل من السماء قلت رواه أبو داود في سننه منطريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه حدثني أبي عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وانا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت يا عبد الله اتبيع الناقوس قال وما تصنع به فقلت ندعو به إلى الصلاة قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك فقلت بلى قال فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمد رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله قال ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال ثتقول إذا اقمت الصلاة الله اكب الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله قال فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال انها لرؤيا حق ان شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه اندى صوتا منك فقمت مع بلال فجعلت القيه إليه ويؤذن به قال فسمع عمر ذلك وهو في بيته فجعل يجر رداءه ويقول والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل ما رأى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد انتهى ورواه الترمذي فلم يذكر فيه كلمات الاذان ولا الاقامة وقال حديث حسن صحيح ورواه ابن ماجه فلم يذكر فيه لفط الاقامة وزاد فيه شعرا ورواه ابن حبان في صحيحه في النوع
[ 365 ]
الرابع والتسعين من القسم الاول فذكره بتمامه قال البيهقي في العرفة قال محمد بن يحيى الذهلي ليس في أخبار عبد الله بن زيد في فضل الاذان خبر أصح من هذا لان محمدا سمعه من أبيه وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد انتهى ورواه بن خزيمة في صحيحه ثم قال سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول ليس في أخبار عبد الله إلى آخر لفظ البيهقي وزاد خبر بن إسحاق هذا ثابت صحيح لان محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه ومحمد بن إسحاق سمعه من محمد بن إبراهيم التيموليس هو مما دلسه بن إسحاق انتهى وقال الترمذي في علله الكبير سألت محمد بن اسماعيل عن هذا الحديث فقال هو عندي صحيح انتهى ورواه أحمد في مسنده وزاد في آخره ثم أمر بالتأذين وكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال فجاءه ذات غداة فدعاه إلى الفجر فقيل له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم قال فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم قال سعيد فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر انتهى رواه من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه فذكره ورواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل بنحو حديث عبد الله بن زيد وسيأتي في الحديث الرابع وقال الحاكم في المستدرك في فضائل عبد الله بن زيد بن عبد ربه وانما اشتهر عبد الله بن زيد بن عبد ربه بحديث الاذان ولم يخرجاه في الصحيحين لاختلاف الناقلين في أسانيده وقد تداوله فقهاء الاسلام بالقبول وامثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب وقد توهم بعض أئمتنا ان سعيدا لم يلحق عبد الله بن زيدوليس كذلك وانما توفي عبد الله بن زيد في اواخر خلافة عثمان حديث الزهري عن سعيد بن المسيب مشهور رواه يونس بن يزيد ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة ومحمد بن إسحاق وغيرهم واما أخبار الكوفيين في
[ 366 ]
هذا الباب فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى فمنهم من قال عن معاذ بن جبل ان عبد الله بن زيد ومنهم من قال عن عبد الرحمن عن عبد الله بن زيد بن عبد وأما رواية ولد عبد الله بن زيد عن آبائهم عنه فغير مستقيمة الاسانيد وقد اسند عبد الله بن زيد هذا حديثا غير هذا ثم اسند عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أرى الاذان انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا حائطي صدقة إلى الله ورسوله فجاء أبواه فقالا يا رسول الله كان قوام عيشنا فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما ثم ماتا فورثهما ابنهما بعد انتهى كلامه قال الذهبي في مختصره وهذا فيه إرسال انتهى ونقل عن البخاري انه قال لا يعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه الا حديث الاذان انتهى أحاديث في ان الاذان كان وحيا لا مناما روى البزار في مسنده حدثنا محمد بن عثمان بن مخلد الواسطي ثنا أبي حدثنا زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب قال لما أراد الله ان يعلم رسوله الاذان أتاه جبرائيل عليه السلام بدابة يقال لها البراق فذهب يركبها فاستصعبت فقال لها اسكني فوالله ما ركبك عبد اكرم على الله من محمد قال فركبها حتى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى فبينا هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جبرائيل من هذا قال والذي بعثك بالحق اني لاقرب الخلق مكانا وان هذا الملك ما رايته منذ خلقت قبل ساعتي هذه فقال الملك الله أكبر الله أكبر قال فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا أكبر انا أكبر ثم قال الملك اشهد ان لا اله الا الله قال فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا لا اله الا انا ثم قال الملك اشهد ان محمدا رسول الله فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا أرسلت محمدا ثم قال الملك حي على الصلاة حي على الفلاح ثم قال الملك الله أكبر الله أكبر فقيل له من وراء الحجاب صدق عبدي انا أكبر انا أكبر ثم قال لا اله الا الله قال فقيل من وراء الحجاب صدق عبدي انا لا اله الا انا قال ثم اخذ الملك بيد محمد صلى الله عليه وسلم فقدمه فام أهل السماء فمنهم آدم ونوح انتهى قال البزار لا نعلمه يروي بهذا اللفظ عن علي الا بهذا الاسناد وزياد بن المنذر
[ 367 ]
فيه شيعية وقد روى عنه مروان بن معاوية وغيره انتهى ورواه أبو القاسم الاصبهاني في كتاب الترغيب والترهيب وقال حديث غريب لا اعرفه الا من هذا الوجه انتهى ولم يعزه في الامام الا للاصبهاني ثم قال والخبر الصحيح ان بدء الاذان كان بالمدينة اخرحه مسلم عن بن جريج عن نافع عن بن عمر قال كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون ويتحينون بالصلاة وليس يناد لها أحد فتكلموا في ذلك الحديث فائدة أخرى قال الشيخ في الامام قد اشتهر في خبر الرؤيا في الاذان كلمة الشهادتين وأمره عليه السلام لبلال بها وقد أخرج بن خزيمة في صحيحه عن عبد الله بن نافع عن أبيه عن بن عمر أنه كان يقول أول ما أذن أشهد أن لاإله إلا الله حي على الصلاة فقال عمر قل في إثرها أشهد أن محمدا رسول الله فقال له عليه الصلاة والسلام قل كما أمرك عمر انتهى قال الشيخ و عبد الله بن نافع قال فيه النسائي متروك الحديث انتهى حديث آخر أخرجه الحاكم في المستدرك في الفضائل عن نوح بن دراج عن الاجلح عن البهي عن سفيان بن الليل قال لما كان من أمر الحسين بن علي ومعاوية ما كان قدمت عليه المدينة وهو جالس في اصحابه فذكر الحديث بطوله قال فتذاكرنا عنده الاذان فقال بعضنا انما كان بدء الاذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم فقال له الحسن بن علي ان شأن الاذان أعظم من ذلك اذن جبرائيل في السماء مثنى مثنى وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم واقام مرة مرة فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن به الحسن حتى ولى انتهى وسكت عنه قال الذهبي في مختصره نوح بن دراج كذاب انتهى حديث آخر روى الطبراني في معجمه الوسط حدثنا النعمان بن أحمد الواسطي ثنا أحمد بن محمد بن ماهان حدثني أبي ثنا طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه ان النبي صلى الله عليه وسلم لما أسرى به إلى السماء أو حي إليه بالاذان فنزل به فعلمه جبرائيل انتهى وقال تفرد به محمد بن ماهان الواسطي انتهى
[ 368 ]
ورواه في موضع آخر حدثنا محمد بن حنيفة الواسطي ثنا عمي أحمد بن محمد بن ماهان الواسطي ثنا أبي به وقال تفرد به طلحة بن زيد قوله ولنا انه لا ترجيع فيه في المشاهير قلت فيه أحاديث منها حديث عبد الله بن زيد وقد تقدم بألفاظه وطرقه قال بن الجوزي في التحقيق حديث عبد الله بن زيد هو أصل التأذين وليس فيه ترجيع فدل على ان الترجيع غير مسنون انتهى حديث آخر رواه أبو داود والنسائي من حديث شعبة قال سمعت أبا جعفر مؤذن مسجد العربان في مسجد بني هلال يحدث عن مسلم أبي المثنى مؤذن المسجد الجامع عن بن عمر انه قال انما كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والاقامة مرة غير انه يقول قد قامت الصلاة فكنا إذا سمعنا الاقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة انتهى ورواه بن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما وله طريق آخر عند الدارقطني والبيهقي في سننهما أخرجه عن سعيد بن المغيرة الصياد ثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والاقامة مرة مرة انتهى قال بن الجوزي وهذا إسناد صحيح سعيد بن المغيرة وثقه بن حبان وغيره وهو دليل على انه لم يكن فيه ترجيع انتهى وقال في الامام قال بن أبي حاتم قال أبي سعيد بن المغيرة ثقة ورواه أبو عوانة في مسنده بلفظ مثنى مثنى والاقامة فرادى انتهى حديث آخر رواه الطبراني في معجمه الوسط حدثنا أحمد بن عبد بن عبد الرحمن بن عبد الله البغدادي ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة قال سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يقول انه سمع أباه أبا محذورة يقول ألقى على رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان حرفا حرفا الله أكبر الله أكبر إلى آخره لم يذكر فيه ترجيعا وهذا معارض للرواية المتقدمة التي عند مسلم وغيره ورواه أبو داود في سننه حدثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل فذكره بهذا الاسناد وفيه ترجيع
[ 369 ]
الحديث الثاني حديث أبي محذورة انه عليه السلام امره بالترجيع قلت رواه الجماعة الا البخاري من حديث عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الاذان الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله ثم يعود فيقول اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله انتهى وفي بعض ألفاظهم علمه الاذان تسعة عشر كلمة فذكرها ولفظ أبي داود قلت يا رسول الله علمني سنة الاذان قال تقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثم تقول اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله تخفض بهما صوتك ثم ترفع صوتك بهما الحديث وهو لفظ بن حبان في صحيحه واختصره الترمذي ولفظه عن أبي محذورة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اقعده والقى عليه الاذان حرفا حرفا قال بشر فقلت له أعد على فوصف الاذان بالترجيع انتهى وطوله النسائي وابن ماجة وأوله خرجت في في نففلما كنا ببعض الطريق اذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ان قال ثم قا لي ارجع فامدد من صوتك اشهد ان لا اله الا الله الحديث قوله وكان ما رواه تعليما فظنه ترجيعا هذا فيه نظر وقال الطحاوي في شرح الآثار يحتمل ان الترجيع انما كان لان أبا محذورة لم يمد بذلك صوته كما اراده النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليه السلام ارجع فامدد من صوتك وهذا قريب مما قاله صاحب الكتاب وقال بن الجوزي في التحقيق ان أبا محذورة كان كافرا قبل ان يسلم فلما اسلم ولقنه النبي صلى الله عليه وسلم الاذان أعاد عليه الشهادة وكررها لتثبت عنده ويحفظها ويكررها على اصحابه المشركين فانهم كانوا ينفرون منها خلاف نفورهم من غيرها فلما كررها عليه ظنها من الاذان فعده تسع عشرة كلمة وأيضا فاذان أبي محذورة عليه أهل مكة وما ذهبنا إليه عليه عمل أهل المدينة والعمل على المتأخر من الامور انتهى كلامه وهذه الاقوال الثلاثة متقاربة في المعنى ويردها لفظ أبي داود قلت يا رسول الله
[ 370 ]
علمن سنة الاذان وفيه ثم تقول اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله تخفض به صوتك ثم ترفع صوتك به فجعله من سنة الاذان وهو كذلك في صحيح بن حبان ومسند أحمد لكنه معارض بما أخرجه الطبراني عن أبي محذورة وليس فيه ترجيع وسيأتي حديث آخر للخصم أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ عن سعد القرظ انه وصف اذان بلال وفيه الترجيع قال بن الجوزي في التحقيق هذا لا يصح والصحيح ان بلالا كان لا يرجع وعبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ قال بن معين فيه ليس بشئ انتهى كلامه الحديث الثالث روى ان بلالا رضي الله عنه قال الصلاة خير من النوم حين وجد النبي صلى الله عليه وسلم راقدا فقال عليه السلام ما أحسن هذا يا بلال اجعله في اذانك قلت رواه الطبراني في معجمه الكبير حدثنا محمد بن علي الصائغ المكي ثنا يعقوب بن حميد ثنا عبد الله بن وهب عن يونس ب يزيد عن الزهري عن حفص بن عمر عن بلال انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصبح فوجده راقدا فقال الصلاة خير من النوم مرتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أحسن هذا يا بلال اجعله في اذانك انتهى رضي الله تعالى عنه أخرجه في با ب الباء في ترجمة حفص بن عمر عن بلال وروى الحافظ أبو الشيخ بن حيان في كتاب الاذا له حدثنا عبدان ثنا محمد بن موسى الجرشي ثنا خلف الحزان يعني البكتا قال قال بن عمر جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه
[ 371 ]
بالصلاة فوجدة قد اغفا فقال الصلاة خير من النوم فقال اجعله في اذانك إذا اذنت للصبح فجعل بلال يقولها إذ اذن للصبح انتهى أحاديث الباب روى بن ماجة في سننه حدثنا عمرو بن رافع ثنا عبد الله بن المبارك عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن بلال انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الفجر فقيل هو نائم فقال الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم فأقرت في تأذين الفجر فثبت الامر على ذلك انتهى حديث آخر روى بن خزيمة في صحيحه والدارقطني ثم البيهقي في سننهما من حديث محمد بن سيرين عن أنس قال من السنة إذا قال المؤذن في اذان الفجر حي على الصلاة حي إلى الفلاقال الصلاة خير من النوم انتهى قال البيهقي إسناده صحيح حديث آخر روى بن أبي شيبة في مصنفه حدثنا أبو خالد الاحمر عن حجاج عن عطاء عن أبي محذورة انه اذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر فكان يقول في اذانه الصلاة خير من النوم انتهى وأخرجه أبو داود عن الحارث بن عبد الله حديث آخر خرجه الطبراني في معجمه الوسط عن عمرو بن صالح الثقفي ثنا صالح بن أبي الاخضر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت جاء بلال إلى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه لصلاة الصبح فوجدة نائما فقال الصلاة خير من النوم فاقرت في اذان الصبح انتهى حديث آخر روى البيهقي في المعرفة عن الحاكم بسنده إلى الزهري عن حفص بن عمر بن سعد المؤذن ان سعدا كان يؤذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال حفص
[ 372 ]
فحدثني اهلي ان بلالا اتى النبي صلى الله عليه وسلم يؤذن لصلاة الفجر فقالوا انه نائم فنادى بأعلى صوته الصلاة خير من النوم فاقرت في صلاة الفجر انتهى وقال هذا مرسل حسن والطريق له صحيح قال في الامام وأهل حفص غير مسمين فهم مجهولون حديث آخر رواه بن ماجة أيضا حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي ثنا أبي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن سالم عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم استشار الناس لما يهمهم إلى الصلاة فذكر البوق فكرهه من اجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من اجل النصارى فأرى النداء تلك الليلة رجل من الانصار يقال له عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب فطرق الانصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر عليه السلام بلالا فأذن به قال الزهري وزاد بلال في نداء صلاة الغداة الصلاة خير من النوم فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر يا رسول الله قد رأيت مثل الذي رأى ولكنه سبقني انتهى قال في الامام ومحمد بن خالد هذا تكلم فيه حديث آخر في حديث أبي محذورة عند أبي داود قلت يا رسول الله علمني سنة الاذان وفي آخره فان كان صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله ورواه بن حبان في صحيحه في النوع الرابع والسبعين من القسم الاول حديث آخر روى أحمد في مسنده حديث عبد الله بن زيد من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه فذكره بنحو أبي داود وزاد في آخره ثم أمر بالتأذين فكان بلال يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال فجاءه ذات غداة فدعاه إلى الفجر فقيل له ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم قال سعيد
[ 373 ]
فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر انتهى وقد تقدم في حديث اذان الملك النازل من السماء وتقدم قول الحاكم في المستدرك أمثل الروايات في حديث عبد الله بن زيد رواية سعيد بن المسيب وهو خلاف ما قاله غيره فإن بن إسحاق لم يصرح فيه بالتحديث من الزهري فبقي فيه شبهة التدليس قاله الشيخ في الامام الحديث الرابع روى ان الملك النازل من السماء أقام بصفة الاذان يعني مثنى مثنى وزاد بعد الفلاح قد قامت الصلاة مرتين قلت رواه أبو داود في سننه من حديث المسعودي عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال احيلت الصلاة ثلاثة أحوال واحيل الصيام ثلاثة أحوال إلى ان قال فجاء عبد الله بن زيد رجل من الانصار وقال فيه فاستقبل القبلة يعني الملك وقال الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله ثم امهل هنية ثم قام فقال مثلها الا انه زاد بعد ما قال حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنها بلالا فأذن بها بلال مختصر ورواه أيضا عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت بن أبي ليلى قال حدثنا أصحابنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد اعجبني ان تكون صلاة المسلمين أو المؤمنين واحدة حتى لقد هممت ان ابث رجالا في الدور ينادون الناس بحين الصلاة وحتى هممت ان آمر رجالا يقومون على الآطام ينادون بحين الصلاة حتى نقسوا أو كادوا ان ينقسوا فقال فجاء رجل من الانصار فقال يا رسول الله اني لما رجعت لما رأيت من اهتمامك رأيت رجلا كأن عليه ثوبين اخضرين فقام على المسجد فأذن ثم قعد قعدة ثم قام فقال مثلها الا انه يقول قد قامت الصلاة ولو لا ان يقول الناس قال
[ 374 ]
بن المثنى ان يقولوا لقلت اني كنت يقظان غير نائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أراك الله خيرا فمر بلالا فيؤذن فقال عمر اما اني قد رأيت مثل الذي رأى ولكن لما سبقت استحييت قال وحدثنا أصحابنا قال كان رجل إذا جاء يسأل فيخبر بما سبق من صلاته وانهم قاموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين قائم وراكع وقاعد ومصل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجاء معاذ فاشاروا إليه قال فقال معاذ لا أراه على حال الا كنت عليها قال فقال ان معاذا قد سن لكم سنة كذلك فافعلوا مختصر وأخرجه الدارقطني في سننه عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل نحوه قال البيهقي في كتاب المعرفة حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى قد اختلف عليه فيه فروى عنه عن عبد الله بن زيد وروى عنه عن معاذ بن جبل وروى عنه قال حدثنا أصحاب محمد قال بن خزيمة عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ ولا من عبد الله بن زيد وقال محمد بن إسحاق لم يسمع منهما ولا من بلال فان معاذا توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وبلال توفي بدمشق سنة عشرين وعبد الرحمن بن أبي ليلى ولد لست بقين من خلافة عمر وكذلك قاله الواقدي ومصعب الزبيري فثبت انقطاع حديثه انتهى كلامه وقال المنذري في مختصره قول بن أبي ليلى حدثنا أصحابنا ان أراد الصحابة فهو قد سمع جماعة من الصحابة فيكون الحديث مسندا والا فهو مرسل انتهى قلت أراد به الصحابة صرح بذلك بن أبي شيبة في مصنفه فقال حدثنا وكيع ثنا الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ان عبد الله بن زيد الانصاري جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت في المنام كأن رجلا قام وعليه بردان اخضران فقام على حائط فأذن مثنى مثنى واقام مثنى مثنى انتهى وأخرجه البيهقي في سننه عن وكيع به قال في الامام وهذا رجال الصحيح وهو متصل على مذهب الجماعة في عدالة الصحابة وان جهالة اسماءهم لا تضر
[ 375 ]
أحاديث الباب روى الترمذي من حديث عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال كان اذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الاذان والاقامة انتهى ثم قال و عبد الرحمن بن ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد انتهى حديث آخر أخرجه أبو داود وابن ماجة في سننهما عن همام بن يحيى عن عامر الاحول ان مكحولا حدثه ان عبد الله بن محيريز حدثه ان أبا محذورة حدثه قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الاذان تسعة عشر كلمة والاقامة سبع عشرة كلمة فذكر الاذان مفسرا بتربية التكبير أوله وفيه الترجيع والاقامة مثله وزاد فيه قد قامت الصلاة مرتين وروا الترمذي والنسائي مختصرا لم يذكرا فيه لفظ الاذان والاقامة الا ان النسائي قال ثم عدها أبو محذورة تسع عشرة كلمة وسبع عشرة كلمة وقال الترمذي حديث حسن صحيح وروا بن خزيمة في صحيحه ولفظه فعلمه الاذان والاقامة مثنى مثنى وكذلك رواه بن حبان في صحيحه قال في الامام وهذا السند على شرط الصحيح وهمام بن يحيى احتج به الشيخان وعامر بن عبد الواحد احتج به مسلم واعترض البيهقي وقال وهذا الحديث قد رواه هشام الدستوائي عن عامر الاحول دون ذكر الاقامة كما أخرجه مسلم في صحيحه وهذا الخبر عندي غير محفوظ لوجوه أحدها ان مسلما لم يخرجه ولو كان محفوظا لما تركه مسلم الثاني ان أبا محذورة قد روى عنه خلافه الثالث ان هذا الخبر لم يدم عليه أبو محذورة ولا أولاده ولو كان هذا حكما ثابتا لما فعلوا بخلافه ثم اسند عن إسحاق بن راهويه انا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال أدركت أبي وجدي يؤذنون هذا الاذان ويقيمون هذه الاقامة فذكر الاذان مفسرا بتربيع التكبير أوله وتثنية الشهادتين ثم يرجع بها مثنى مثنى وتثنية الحيعلتين والتكبير ويختم بلا اله الا الله والاقامة فرادى وتثنية التكبير أولها وآخرها وأجاب الشيخ في الامام بان عدم تخريج مسلم له ليس
[ 376 ]
بمقتض لعدم صحته لانه لم يلتزم إخراج كل الصحيح وما أخرجه البيهقي من روايات ولد أبي محذورة فلم يقع لها في الصحيح ذكر ثم ان لحديث همام ترجيحات أحدها ان رجاله رجال الصحيح وان أولاد أبي محذورة لم يخرج لهم في الصحيح الثاني ان فيه ذكر الكلمات تسع عشر وسبع عشر وهذا ينفي الغلط في العدد بخلاف غيره من الروايات فإنه قد يقع فيها اختلاف واسقاط الثالث انه قد وجد متابعة لهمام في روايته عن عامر كما أخرجه الطبراني عن سعيد بن أبي عروبة عن عامر بن عبد الواحد عن مكحول عن عبد الله بن أبي محيريز عن أبي محذورة قال علمني النبي صلى الله عليه وسلم الاذان تسع عشر كلمة والاقامة سبع عشر كلمة ثم انه معارض بتصحيح الترمذي له وقول ان هذا لم يدم عليه أبو محذورة فهذ داخل في باب الترجيح لا في باب التضعيف لان عمدة التصحيح عدالة الراوي وترك العمل بالحديث لوجود ما هو أرجح منه لا يلزم منه ضعفه الا ترى ان الاحاديث المنسوخة يحكم بصحتها إذا كانت رواتها عدولا ولا يعمل بها لوجود الناسخ وإذا آل الامر إلى الترجيح فقد تختلف الناس فيه فالبيهقي صدر كلامه بما يقتضى ان الحديث غير محفوظ وفي آخر كلامه ما يقتضى انه غير معمول به انتهى كلامه وله طريق آخر عند أبي داود أخرجه عن بن جريج عن عثمان بن السائب أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة وفيه وعلمني الاقامة مرتين مرتين ثم ذكرها مفسرة وله طريق آخر عند الطحاوي أخرجه عن شريك عن عبد العزيز بن رفيع قال سمعت أبا محذورة يؤذن مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى قال في الامام قال بن معين عبد العزيز بن رفيع ثقة قال وذكر البيهقي عن الحاكم ما يقتضى ان عبد العزيز لم يدرك أبا محذورة حديث آخر أخرجه عبد الرزاق في مصنفه أخبرنا معمر عن حماد عن إبراهيم عن الاسود بن يزيد ان بلالا كان يثنى الاذان ويثنى الاقامة وكان يبدأ بالتكبير ويختم بالتكبير انتهى ومن طريق عبد الرزاق رواه الدارقطني في سننه والطحاوي في شرح الآثار قال بن الجوزي في التحقيق والاسود لم يدرك بلالا قال صاحب التنقيح وفيما قاله نظر وقد روى النسائي للاسود عن بلال
[ 377 ]
حديثا انتهى ورواه الطبراني في كتاب مسند الشاميين عن إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن بن عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن بلال انه كان يجعل الاذان والاقامة سواء مثنى مثنى وكان يجعل أصبعه في اذنه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن زياد بن عبد الله البكائي ثنا إدريس الاودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ان بلال كان يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم مثنى مثنى انتهى وزياد البكائي مختلف فيه فقال بن معين ليس بشئ وقال بن المديني لا أروى عنه ووثقه أحمد وقال أبو زرعة صدوق واعله بن حبان في كتاب الضعفاء بزياد ونقل عن بن معين انه قال ليس حديثه بشئ وقال وكيع هو اشرف من ان يكذب انتهى واحتج به مسلم ورواه له البخاري مقرونا بغيره الآثار روى الطحاوي في شرح الآثار من حديث وكيع عن إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع بن جارية عن عبيد مولى سلمة بن الاكوع ان سلمة بن الاكوع كان يثني الاقامة حدثنا محمد بن خزيمة حدثنا محمد بن سنان حدثنا حماد بن سلمة عن حماد عن إبراهيم قال كان ثوبان يؤذن مثنى ويقيم مثنى حدثنا يزيد بن سنان حدثنا يحيى بن سعيد القطان حدثنا فطر بن خليفة عن مجاهد قال في الاقامة مرة مرة انما هو شئ أحدثه الامراء وان الاصل هو التثنية انتهى حديث آخر مرفوع أخرجه البيهقي في الخلافيات عن سليمان بن داود الرازي عن أبي أسامة عن أبي العميس قال سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد الانصاري يحدث عن أبيه عجده انه أرى الاذان مثنى مثنى والاقامة مثنى مثنى قال فاتيت النبي عليه الصلا والسلام فأخبرته فقال علمهن بلالا فعلمتهن بلالا قال فتقدمت فأمرني ان اقيم فاقمت انتهى قال البيهقي قال الحاكم هذا في متنه ضعيف فإن أبا أسامة اتى فيه بشئ لم يروه أحد وهو ان بلالا اذن و عبد الله بن زيد أقام وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من اذن فهو يقيم أخبار كثيرة وقد رواه
[ 378 ]
عبد السلام بن حرب عن أبي العميس فلم يذكر فيه تثنية الاقامة وعبد السلام اعلم الكوفيين بحديث أبي العميس وأكثرهم عنه رواية قال في الامام وحديث عبد السلام بن حرب رواه الحاكم والطحاوي وعمقاله البيهقي عن الحاكم جوابان أحدهما ان الراوي إذا كان ثقة يقبل ما يتفرد به وأبو أسامة لا يسأل عنه فإنه ثقة عندهم مخرج له في الصحيح والراوي عنه سليمان بن داود الرازي قال بن أبي حاتم فيه صدوق والراوي عنه عبد الرحمن بن أبي حاتم وعن عبد الرحمن أبو علي الحافظ وعنه الحاكم وهؤلاء اعلام مشاهير الثاني ان أبا أسامة لم يتفرد به فان عبد السلام بن حرب الذي قال الحاكم انه رواه عن أبي العميس ولم يذكر فيه الاقامة قد روى هذا الحديث بالاسناد المذكور وفيه إقامة عبد الله بن زيد بعد اذان بلال هكذا رواه الحاكم ورواه أبو حفص بن شاهين من جهة محمد بن سعيد الاصبهاني عن عبد السلام بن حرب عن أبي العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده انه حين أرى الاذان أمر بلالا فأذن ثم أمر عبد الله بن زيد فأقاوروى أبو داود في سننه حدثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا حماد بن خالد ثنا محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد قال أراد النبي صلى الله عليه وسلم في الاذان أشياء يصنع منها شيئا قال فارى عبد الله بن زيد الاذان في المنام فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال القه على بلال فالقاه عليه فأذن بلال فقال عبد الله انا رايته وانا كنت اريده قال فاقم أنت انتهى قال الحازمي هذا إسناد حسن واستشهاده بحديث من اذن فهو يقيم استدلال بالمعارضة وليست المعارضة بموجبة لبطلان المعارض انتهى كلامه أحاديث الخصوم منها حديث أنس قال أمر بلال ان يشفع الاذان ويوتر الاقامة رواه البخاري ومسلم قال الشيخ في الامام والصحيح من مذهب الفقهاء والاصوليين ان قول الراوي أمر أو أمرنا ملحق بالمسند لكنه ورد بصيغة الرفع كما روى قتيبة عن عبد الوهاب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ان النبي صلى الله عليه وسلم
[ 379 ]
أمر بلالا ان يشفع الاذان ويوتر الاقامة الا ان بن أبي حاتم ذكر عن أبي زرعة انه قال هذا حديث منكر انهى لم يذكر من خرجه حديث آخر أخرجه أبو داود والنسائي وابن حبان عن بن عمر قال انما كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والاقامة مرة مرة غير انه يقول قد قامت الصلاة وقد تقدم في أحاديث الترجيع حديث آخر أخرجه الدارقطني في سننه عن عبد الملك بن أبي محذورة انه سمع أباه يقول ان النبي صلى الله عليه وسلم امره أن يشفع الاذان ويوتر الاقامة انتهى أخرجه عن عبد الله بن عبد الوهاب ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة حدثني عبد الملك بن أبي محذورة ان أباه به حديث آخر أخرجه بن ماجة عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد حدثني أبي عن أبيه عن جده ااذان بلال كان مثنى مثنى واقامته مفردة انتهى قال في الامام ذكر بن أبي حاتم عن ابي بكر بن أبي حيثمة عن بن معين انه قال في عبد الرحمن هذا ضعيف حديث آخر أخرجه بن ماجة عن معمر بتشديد الميم بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع حدثني أبي محمد عن أبيه عبيد الله قال رأيت بلالا يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى ويقيم واحدة انتهى قال في الامام ومعمر هذا متكلم فيه انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الاكوع قال كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والاقامة فرادى انتهى حديث آخر أخرجه البيهقي عن محمد بن إسحاق عن عون بن أبي جحيفة عن
[ 380 ]
أبيه قال كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثنى مثنى والاقامة مرة واحدة انتهى قا الحازمي في كتابه الناسخ والمنسوخ اختلف أهل العلم في هذا الباب فذهبت طائفة إلى ان الاقامة مثل الاذان مثنى مثنى وهو قول أبي حنيفة وأهل الكوفة واحتجوا بما أخبرنا وأسند عن أحمد بن شعيب ثنا إبراهيم بن الحسن ثنا حجاج عن بن جريج عن عثمان بن السائب قال أخبرني أبي وأم عبد الملك بن أبي محذورة عن أبي محذورة قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين خرجت عاشر عشرة من أهل مكة اطلبهم فسمعناهم يؤذنون بالصلاة فقمنا نؤذن نستهزئ بهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد سمعت في هؤلاء تأذين انسان حسن الصوت فأرسل إلينا فجئنا فأذنا رجلا رجلا وكنت آخرهم فقال حين اذنت تعال فأجلسني بين يديه ومسح على ناصيتي وبرك على ثلاث مرات ثم قال اذهب فأذن عند البيت الحرام قلت كيف يا رسول الله فعلمني الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله خي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله قال وعلمني الاقامة مرتين مرتين الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله قال بن جريج أخبرني عثمان بن السائب بهذا الخبر كله عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة انهما سمعا ذلك من أبي محذورة قال وهذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي وجعلوا هذا الحديث ناسخا لحديث أنس أمر بلال ان يشفع الاذان ويوتر الاقامة قالوا وحديث بلال انما كان أول ما شرع الاذان كما دل عليه حديث أنس المذكرو وحديث أبي محذورة كأنعام حنين وبينهما مدة مديدة وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم واليه ذهب مالك والشافعي وأحمد محتجين بحديث أنس قالوا وحديث أبي محذورة لا يصلح ان يكون
[ 381 ]
ناسخا لهذا لان من شرط الناسخ ان يكون أصح سندا واقوى من جميع جهات الترجيح على ما تقدم وحديث أبي محذورة لا يوازي حديث أنس من جهة واحدة فضلا عن الجهات كلها مع ان جماعة من الحفاظ ذهبوا إلى ان هذه اللفظة في تثنية الاقامة غير محفوظة ثم روى من طريق البخاري حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب أخبرني إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أخبرني جدي عبد الملك بن أبي محذورة انه سمع أبا محذورة يقول ان النبي صلى الله عليه وسلم امره ان يشفع الاذان ويوتر الاقامة وقال عبد الله بن الزبير الحميدي عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك قال أدركت جدي وأبي واهلي يقيمون فيقولون الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا اله الا الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله وحكى الشافعي نحو ذلك عن ولد أبي محذورة وفي بقاء أبي محذورة وولده على افراد الاقامة دلالة ظاهرة على وهم وقع في حديث أبي محذورة من تثنية الاقامة وقال بعض الائمة الحديث انما ورد في تثنية كلمة التكبير وكلمة الاقامة فقط فحملها بعض الرواة على جميع كلماتها وفي رواية حجاج بن محمد وعبد الرزاق عن بن جريج عن عثمان بن السائب عن أبيه وعن أم عبد الملك بن أبي محذورة كليهما عن أبي محذورة ما يدل على ذلك ثم لو سلمنا ان هذه الزيادة محفوظة وان الحديث ثابت لقلنا بأنه منسوخ فان اذان بلال هو آخر الاذانين لان النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد من حنين ورجع إلى المدينة أقر بلالا على اذانه واقامته ثم اخرج من طريق أبي بكر الخلال أخبرني محمد بن علي أنبأ الاثرم قال قيل لابي عبد الله يعني أحمد بن حنبل أليس حديث أبي محذورة بعد حديث عبد الله بن زيد لان حديث أبي محذورة بعد فتح مكة فقال أليس قد رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فاقر بلالا على اذان عبد الله بن زيد وبالاسناد قال الخلال أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال ناظرت أبا عبد الله في اذان أبي محذورة فقال نعم قد كان أبو محذور يؤذن ويثبت تثنية اذان أبي محذورة ولكن اذان بلال هو آخر الاذان انتهى كلام الحازمي واعترض الشيخ تقي الدين في الامام قوله من شرط الناسخ ان يكون أصح سندواقوى من جميع جهات الترجيح فقال لا نسلم ان من شرط الناسخ ما ذكر بل يكفي فيه ان يكون صحيحا متأخرا معارضا غير ممكن الجمع بينه وبين معارضه فلو فرضناهما متساويين في الصحة ووجد ما ذكرناه من
[ 382 ]
الشروط لثبت النسخ واما انه يشترط ان يكون أرجح من المعارض في الصحة فلا نسلم نعم لو كان دونه في الصحة ففيه نظر والله اعلم انتهى أحاديث تثنية قد قامت الصلاة اخرج البخاري في صحيحه عن سليمان بحرب عن حماد عن سماك بن عطية عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال أمر بلال ان يشفع الاذان ويوتر الاقامة الا الاقامة انتهى قال في الامام قال بن مندة قوله الا الاقامة زيادة ادرجها سليمان بن حرب الحديث وقد رواه غير واحد عن حماد فلم يذكروا فيه هذه اللفظة انتهى ورواه أبو عوانة في مسنده والدارقطني في سننه من طريق عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس قال كان بلال يثني الاذان ويوتر الاقامة الا قول قد قامت الصلاة حديث آخر أخرجه أبو داود عن أبي جعفر عن مسلم أبي المثنى عن بن عمر قال انما كان الاذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والاقامة مرة مرة غير انه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة قال في الامام وأخرجه بن خزيمة في صحيحه وأبو جعفر قال أبو زرعة لا اعرفه الا في هذا الحديث وأبو المثنى مسلم بن المثنى وقيل مهران قال أبو عمر كوفي ثقة انتهى ما جاء في افرادها اخرج بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد أخبرني أبي عن أبيه عن أبي امامة انه عليه السلام أمر بلالا ان يدخل أصبعيه في اذنيه وقال انه ارفع لصوتك وان اذان بلال كان مثنى مثنى واقامته مفردة قد قامت الصلاة مرة واحدة قال في الامام ولم يذكر بن عدي عبد الرحمن هذا بجرح ولا تعديل فهو مجهول عنده واما بن أبي حاتم فذكر تضعيفه وقال بن القطان عبد الرحمن هذا وأبوه وجده كلهم لا يعرف لهم حال انتهى الحديث الخامس روى ان الملك النازل من السماء اذن مستقبل القبلة قلت
[ 383 ]
تقدم عند أبي داود في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ وقال فيه فاستقبل القبلة وقال الله أكبر الله أكبر إلى آخره وروى الامام إسحاق بن راهويه في مسنده أخبرنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال جاء عبد الله بن زيد بن عبد ربه الانصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني رأيت رجلا نزل من السماء فقام على جذم حائط فاستقبل القبلة وقال الله أكبر الله أكبر اشهد ان الا اله الا الله مرتين اشهد ان محمدا رسول الله مرتين ثم قال عن يمينه حي على الصلاة مرتين ثم قال عن يساره حي على الفلاح مرتين ثم استقبل القبلة فقال الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله ثم قعد قعدة ثم قام فستقبل القبلة يفعل مثل ذلك وقال قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة وجاء عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله قد رأيت مثل ما رأى عبد الله ولكنه سبقني فقال علمها بلالا فإنه اندى صوتا منك انتهى وأخرجه بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد الفرظ حدثني أبي عن آبائه ان بلالا كان إذا كبر بالاذان استقبل القبلة وذكر بن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي خيثمة قال سئل يحيى بن معين عن عبد الرحمن بن سعد هذا فقال مدني ضعيف انتهى وهذا رواه الحاكم في المستدرك عن عبد الله بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعد الفرظ فذكره وسيأتي بعد هذا الحديث وقال بن القطان في كتابه عبد الرحمن هذا وأبوه وجده لا يعرف لهم حال انتهى الحديث السادس قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا اذنت فترسل وإذا اقمت فاحدر قلت أخرجه الترمذي عن عبد المنعم بن نعيم ثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال يا بلال إذا اذنت فترسل وإذا اقمت
[ 384 ]
فاحدر واجعل بين اذانك واقامتك قدر ما يفرغ الآكل من اكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته انتهى قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه الا من هذا الوجه من حديث عبد المنعم وهو إسناد مجهول انتهى وعبد المنعم هذا ضعفه الدارقطني وقال أبو حاتم منكر الحديث جدا لا يجوز الاحتجاج به وأخرجه الحاكم في مستدركه عن عمرو بن فائد الاسواري ثنا يحيى بن مسلم به سواءا ثم قال هذا حديث ليس في إسناده مطعون فيه غير عمرو بن فائد ولم يخرجاه انتهى قال الذهبي في مختصره وعمرو بن فائد قال الدارقطني متروك انتهى وأخرجه بن عدي عن يحيى بن مسلم به وقال فيه فاحذم بحاء مهملة وذال معجمة مكسورة وأسند عن يحيى قايحيى بن مسلم بصري متروك الحديث ومن أحاديث الباب ما أخرجه الدارقطني في سننه عن سويد بن غفلة قال سمعت علي بن أبي طالب يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يامرنا ان نرتل الاذان ونحذف الاقامة انتهى واخرج أيضا عن مرحوم بن عبد العزيز عن أبيه عن أبي الزبير مؤذن بيت المقدس قال جاءنا عمر بن الخطاب فقال إذا اذنت فترسل وإذا اقمت فاحذم انتهى و عبد العزيز مولى آل معاوية بن أبي سفيان القرشي البصري ذكر بن أبي حاتم انه روى عنه ابنه مرحوم ولم يعرف بحاله ولاذكره غيره قال في الامام وروى الطبراني في معجمه الوسط عن عمرو بن بشير عن عمران بن مسلم عن سعيد بن علقمة عن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بلالاان يرتل الاذان ويحدر في الاقامة انتهى قوله كما هو السنة يعني تحويل الوجه في الاذان يمينا وشمالا مع ثبات القدمين قلت روى الائمة التسة في كتبهم البخاري في الاذان ومسلم في الصلاة في باب المرور بين يدي المصلى من حديث أبي جحيفة انه رأبلالا يؤذن قال
[ 385 ]
فجعلت اتتبع فاه هاهنا وها هنا بالاذان يقول يمينا وشمالا حي على الصلاة حي على الفلاح وذكر فيه قصة ورواه الباقون في الاذان ولفظ أبي داود فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر ثم دخل فاخرج العنز وساق الحديث ولفظ الطبراني فيه وجعل يقول براسه هكذا وهكذا يمينا وشمالا حتى فرغ من اذانه ولفظ بن ماجة فيه مخالف لذلك قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالابطح وهو في قبة حمراء فخرج بلال فأذن فاستدار في اذانه وجعل أصبعيه في اذنيه انتهى اخرحه عن حجاج بن أرطاة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه فذكر وبهذا اللفظ رواه الحاكم في المستدرك وقال لم يذكرا فيه إدخال الاصبعين في الاذنين والاستدارة في الاذان وهو صحيح على شرطهما جميعا انتهى ما وجدته كما عزواه وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن عبد الله بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده سعدالقرظ قال كان بلال إذا كبر بالاذان استقبل القبلة ثم يقول الله أكبر الله أكبراشهد ان لا اله الا الله مرتين اشهد ان محمدا رسول الله مرتين ويستقبل القبلة ثينحرف عن يمين القبلة فيقول حي على الصلاة مرتين ثم ينحرف عن يسار القبلة فيقول حي على الفلاح مرتين ثم يستقبل القبلة فيقول الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله مختصر وسكت عنه حديث آخر أخرجه الدارقطني في افراده عن عبد الله بن رشيد ثنا عبد الله بن بزيغ عن الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن سويد بن غفلة عن بلال قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اذنا أو اقمنا ان لا نزيل اقدامنا عن مواضعها رواه عن محمد بن معرج الجنديسابوري عن جعفر بن محمد بن حبيب عنه وقال غريب من حديث سويد بن غفلة عن بلال تفرد به طلحة بن مصرف عنه وتفرد به الحسن بن عمارة عن طلحة وتفرد به عبد الله بن بزيغ عن الحسن وتفرد به عبد الله بن رشيد عنه انتهى
[ 386 ]
من الامام واما الاثران فقد تقدم عند بن ماجة والحاكم عن أبي جحيفة وفيه فاستدار في اذانه ورواه الترمذي حدثنا محمود بن غيلان ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هاهنا وها هناه واصبعاه في اذنيه وقال حديث حسن صحيح واعترض البيهقي فقال الاستدارة في الاذان ليست في الطرق الصحيحة في حديث أبي جحيفة ونحن نتوهم ان سفيان رواه عن الحجاج بن أرطاة عن عون والحجاج غير محتج به و عبد الرزاق وهم فيه ثم اسند عن عبد الله بن محمد بن الوليد عن سفيان به وليس فيه الاستدارة وقد رويناه من حديث قيس بن الربيع عن عون وفيه ولم يستدر قال الشيخ في الامام اما كونه ليس مخرجا في الصحيح فغير لازم وقد صححه الترمذي وهو من أئمة الشأن واما ان عبد الرزاق وهم فيه فقد تابعه مؤمل كما اخرحه أبو عوانة في صحيحه عن مؤمل عن سفيان به نحوه واما توهمه انه سمع من حجاج بن أرطاة فقد جاء مصرحا به كما أخرجه الطبراني عن يحيى بن آدم عن سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال رأيت بلالا اذن فاتبع فاه هاهنا وها هنا قال يحيى قال سفيان كان حجاج بن أرطاة يذكر عن عون انه قال واستدار في اذانه فلما لقينا عونا لم يذكر فيه واستدار وأيضا فقد جاءت الاستدارة من غير جهة الحجاج أخرجه الطبراني أيضا عن زياد بن عبد الله عن إدريس الاودي عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وحضرت الصلاة فقام بلال فأذن وجعل أصبعيه في اذنيه وجعل يستدير وذكر باقيه واخرج أبو الشيخ الاصبهاني في كتاب الاذان عن حماد وهيثم جميعا عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه ان بلالا اذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء فوضع أصبعيه في اذنيه وجعل يستدير يمينا وشمالا
[ 387 ]
الحديث السابع روى ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بلالا ان يجعل أصبعيه في اذنيه حين الاذان قلت أخرجه بن ماجة في سننه عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثني أبي عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا ان يجعل أصبعيه في اذنيه وقال انه ارفع لصوتك انتهى وأخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الفضائل عن عبد الله بن عمار بن سعد القرظ حدثني أبي عن جدي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا ان يضع أصبعيه في اذنيه وقال انه ارفع لصوتك مختصر وسكت عنه وأخرجه الطبراني في معجمه من حديث بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له إذا اذنت فاجعل اصبعيك في اذنيك فإنه ارفع لصوتك انتهى واخرج بن عدي في الكامل عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد أخبرني أبي عن أبيه عن أبي امامة انه عليه السلام أمر بلالا ان يدخل أصبعيه في اذنيه وقال انه ارفع لصوتك وذكره في ترجمة عبد الرحمن هذا ولم يذكره بجرح ولا تعديل فهو مجهول عنده وضعفه بن أبي حاتم وقال بن القطان عبد الرحمن هذا وأبوه وجده كلهم لا يعرف لهم حال انتهى قال القاضي شمس الدين السروجي في الغاية روى بن حيان انه عليه السلام أمر بلالا ان يجعل أصبعيه في اذنيه وهذا ليس بن حبان صاحب الصحيح وانما هو بن حيان بالياء المثناة أبو الشيخ الاصبهاني رواه في كتاب الاذان وهو جزء حديثي وأبو حاتم بن حبان بالباء الموحدة هو صاحب الصحيح وكان عليه ان يبينه والله اعلم وقد ورد في حديث الرؤيا ان الملك حين اذن وضع أصبعيه في اذنيه أخرجه أبو الشيخ الاصبهاني في كتاب الاذان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد الانصاري قال اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم للاذان بالصلاة وكان إذا جاء وقت الصلاة صعد رجل يشير بيده فمن رآه جاء ومن لم يره لم يعلم بالصلاة فاهتم لذلك هما شديدا فقال له
[ 388 ]
بعض القوم يا رسول الله لو أمرت بالناقوس قال فعل النصارى قالوا فالبوق قال فعل اليهود قال فرجعت إلى اهلي وانا مغتم لما رأيت من اغتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان قبيل الفجر رأيت رجلا عليه ثوبان اخضران وانا بين النائم واليقظان فقام على سطح المسجد فجعل أصبعيه في اذنيه ونادى الحديث ويزيد بن أبي زياد متكلم فيه و عبد الرحمن عن عبد الله بن زيد تقدم قول من قال فيه انقطاع قوله والشافعي رحمه الله يفصل بين الاذان والاقامة في المغرب بركعتين سيأتي الكلام على أحاديث المسألة في باب النوافل ان شاء الله تعالى
[ 389 ]
الحديث الثامن قال النبي صلى الله عليه وسلم وليؤذن لكم خياركم قلت رواه أبو داود في الصلاة في باب من أحق بالامامة وابن ماجة في الاذان من حديث حسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤذن لكم خياركم ويؤمكم قراءكم انتهى ورواه الطبراني في معجمه وذكر الدارقطني ان الحسين بن عيسى تفرد بهذا الحديث عن الحكم بن أبان وحسين بن عيسى منكر الحديث قاله أبو حاتم وأبو زرعة الرازيان وفي الامام وروى إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤذن لكم غلام حتى يحتلم وليؤذن لكم خياركم انتهى ولم يعزه ثم قال قال الامام أبو محمد عبد الحق إبراهيم هذا وثقه الشافعي خاصة وضعفه الناس وأصلح ما سمعت فيه من غير الشافعي انه ممن يكتب حديثه انتهى أحاديث التثويب وهو مخصوص عندنا بالفجر كما ذكره في الكتاب وفيه حديثان ضعيفان أحدهما للترمذي وابن ماجة عن أبي إسرائيل عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا اثوب في شئ من الصلاة الا في صلاة الفجر انتهى قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه الامن حديث أبي إسرائيل الملائي وليس بالقوي ولم يسمعه من الحكم انما رواه عن الحسن بن عمارة عن الحكم انتهى الحديث الثاني أخرجه البيهقي عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لااثوب الا في الفجر انتهى قال البيهقي و عبد الرحمن لم يلق بلالا انتهى ولكن اختلفوا في التثويب فقال أصحابنا
[ 390 ]
هو ان يقول بين الاذان والاقامة حي على الصلاة حي على الفلاح مرتين وقال الباقون هو قوله في الاذان الصلاة خير من النوم أحاديث الجمع بين الاذان والاقامة لا يستحب لمن اذن ان يقيم عندنا وعند مالك وقال الشافعي وأحمد يستحب لنا ما أخرجه أبو داود عن أبي سهل محمد بن عمرو عن محمد بن عبد الله عن عمه عبد الله بن زيد انه أرى الاذان قال فجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال القه على بلال فالقيته عليه فأذن ثم أراد ان يقيم فقلت يا رسول الله انا رأيت فاريد ان اقيم قال فاقم أنت فأقام هو واذن بلال انتهى واعلوه بابي سهل تكلم فيه بن معين وغيره قالوا وعلى تقدير صحته فانما أراد تطيب قلبه لانه رأى المنام أم لبيان الجواز واستدلوا بحديث الصدائي من اذن فهو يقيم رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث عبد الرحمن بن زياد الافريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي قال الترمذي انما نعرفه من حديث الافريقي وقد ضعفه سعيد القطان وغيره وقال أحمد لا أكتب حديث الافريقي وحديث عبد الله بن زيد أخرجه الطحاوي في شرح الآثار عن عبد السلام بن حرب عن أبي العميس عن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده انه حين أرى الاذان أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلال فأذن ثم أمر عبد الله فأقام حديث آخر أخرجه أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الناسخ والمنسوخ وأبو الشيخ الاصبهاني في كتب الاذان والخطيب البغدادي عن سعيد بن أبي راشد المازني ثنا عطاء بن أبي رباح عن بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فحضرت الصلاة فنزل القوم فطلبوا بلالا فلم يجدوه فقام رجل فأذن ثم جاء بلال فذكر له فأراد ان يقيم فقال له عليه السلام مهلا يا بلال فانما يقيم من اذن قال بن أبي حاتم في العلل قال أبي هذا حديث منكر وسعيد هذا منكر الحديث ضعيف قال في الامام هكذا وقع في لفظ رواية أبي داود الطيالسي حدثنا
[ 391 ]
محمد بن عمرو الواقفي عن عبد الله بن محمد الانصاري عن عمه عبد الله بن زيد قال وهو أصح من الاول انتهى الحديث التاسع روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قضى الفجر غداة ليلة التعريس بأذان
[ 392 ]
وإقامة واعاده في باب إدرا ك الفريضة قلت روى من حديث أبي هريرة وعمران بن حصين وعمرو بن أمية الضمري وذي مخبر و عبد الله بن مسعود وبلال فحديث أبي هريرة أخرجه أبو داود في سننه حدثنا موسى بن إسماعيل ثنا أبان ثنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في هذا الخبر يعني قصة التعريس قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تحولوا عن مكانكم الذي اصابتكم فيه الغفلة قال فأمر بلالا فأذن واقام وصلى انتهى قال أبو داود رواه مالك وسفيان بن عيينة والاوزاعي و عبد الرزاق عن معمر وابن إسحاق لم يذكر أحد منهم الاذان في حديث الزهري هذا ولم يسنده منهم أحد الا الاوزاعي وأبان العطار عن معمر انتهى وحديث أبي هريرة رواه مسلم فلم يذكر فيه الاذان أخرجه عن يونس عن الزهري به وفيه ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وامر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح الحديث واما حديث عمران بن حصين فرواه أبو داود أيضا حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس عن الحسن عن عمران بن حصين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في مسير له فناموا عن صلاة الفجر فاستيقظوا بحر الشمس فارتفعوا قليلا حتى استقلت الشمس ثم أمر مؤذن فأذن فصلى ركعتين قبل الفجر ثم أقام ثم صلى الفجر انتهى وحديث عمران بن حصين في الصحيحين عن أبي رجاء العطاردي عن عمران بن حصين وليس فيه ذكر الاذان ولا الاقامة بل ولا ذكر فيه الوضوء بالجملة ولفظه فقال ارتحلوا فسار بنا حتى إذا ابيضت الشمس قام فصلى بنا الغداة الحديث ورواه أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه في النوع الثامن من القسم الخامس من حديث هشام عن الحسن عن عمران فذكره وزاد فقلنا يا نبي الله الا نقضها لوقتها من الغد فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اينهاكم الله عن الربا ويقبله منكم انتهى ورواه الحاكم كذلك في المستدرك بدون الزيادة وقال حديث صحيح
[ 393 ]
على ما قدمنا من صحة سماع الحسن من عمران بن حصين واعادته عليه السلام الركعتين لم يخرجاه انتهى قال في الامام ورواه بن خزيمة في صحيحه ولفظه ثم أمر بلالا فأذن واما حديث عمرو بن أمية الضمري فرواه أبو داود أيضا من حديث حيوة بن شريح عن عياشبن عباس القتباني ان كليب بن صبيح حدثه ان الزبرقان حدثه عن عمه عمرو بن أمية الضمري قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فنام عن الصبح حتى طلعت الشمس فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تنحوا عن هذا المكان قال ثم أمر بلالا فأذن ثم توضؤوا وصلوا ركعتي الفجر ثم أمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم صلاة الصبح انتهى واما حديث ذي مخبر فرواه أبو داود أيضا من حديث حريز بن عثمان حدثني يزيد بن صليح عن ذي مخبر الحبشي وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر قال فتوضأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وضوءا لم يلن منه التراب ثم أمر بلالا فأذن ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم فركع ركعتين غير عجل ثم قال لبلال اقم الصلاة ثم صلى وهو غير عجل انتهى واما حديث بن مسعود فرواه بن حبان في صحيحه من حديث القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال سرنا ذات ليلة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله لو امسينا الارض فنمنا رعت ركائبنا قال فمن يحرسنا قلت انا قال فغلبتني عيني فلم توقظني الا وقد طلعت الشمس ولم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم الا بكلامنا قال فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى بنا انتهى ورواه أبو داود غير مفسر ولفظه عن عبد الرحمن بن أبي علقمة قال سمعت عبد الله بن مسعود قال اقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكلؤنا فقا بلال انا فناموا حتى طلعت الشمس فاستيقط النبي صلى الله عليه وسلم فقال افعلو كما كنتم تفعلوا قال ففعلنا قال فكذلك فافعلوا لمن نام أو نسي انتهى واما حديث بلال فرواه البزار في مسنده حدثنا محمد بن عبد الرحيم والفضل بن سهيل قالا ثنا عبد الصمد بن النعمان ثنا أبو جعفر الرازي عن يحيى
[ 394 ]
بن سعيد عن سعيد بن المسيب عبلال انهم ناموا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر حتى طلعت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قاموا بلالا فأذن ثم صلى ركعتين ثم أقام بلال فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر بعد ما طلعت الشمس انتهى قال البزار وقد رواه غير عبد الصمد فقال عن سعيد بن المسيب مرسلا انتهى واعلم ان شيخنا علاء الدين استشهد لحديث الكتاب بما أخرجه مسلم عن أبي قتادة وليس فيه حجة ولفظه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انكم تسيرون يومكم وليلتكم وتأتون الماء غدا ان شاء الله إلى ان قال فمال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق فوضع رأسه ثم قال احفظوا علينا صلاتنا فكان أول من استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم والشمس في ظهره قال فقمنا فزعين ثم قال اركبوا فركبنا فسرنا حتى إذا ارتفعت الشمس أنزل ثم دعا بميضأة كانت معي فيها شئ من ماء ثم قال لابي قتادة احفظ على ميضأتك فسيكون لها نبأ ثم اذن بلال بالصلاة فصلى عليه السلام ركعتين ثم صلى الغداة فصنع كما كان يصنع كل يوم الحديث وفيه ليس في النوم تفريط انما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الاخرى وفيه أيضا ان ساقي القوم آخرهم شربا فيحتمل انه أراد بقوله فصنع كما كان يصنع كل يوم إقامة الاركان فليس صريحا في المقصود وقد ذكر هذا في غير هذا الحديث وذكره البخاري مختصرا ولفظه عن أبي قتادة قال سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقال بعض القوم لو عرست بنا يا رسول الله قال أخاف ان تناموا عن الصلاة فقال بلال انا اوقظكم فاضطجعوا وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس فقال يا بلال أين ما قلت قال ما القيت على نومة مثلها قط قال ان الله قبض ارواحكم حين شاء وردها عليكم حين شاءيا بلال قم فأذن بالناس بالصلاة فتوضأ فلما ارتفعت الشمس وابيضت قام فصلى انتهى وليس كل من اللفظين صريحا في المسألة بل فيه احتمال يظهر بالتأمل الحديث العاشر قال النبي صلى الله عليه وسلم لبلال لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا
[ 395 ]
وميده عرضا قلت أخرجه أبو داود عن شداد عن بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا ومد يديه عرضا انتهى وسكت عنه واعله البيهقي بالانقطاع قال المعرفة وشداد مولى عياض لم يدرك بلالا انتهى وقال بن القطان وشداد أيضا مجهول لا يعرف بغير رواية جعفر بن برقان عنه انتهى أحاديث الباب أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وأحمد عن سوادة بن حنظلة القشيري قال سمعت سمرة بن جندب يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يغرنك أذان بلال فإن في بصره سوء انتهى قال بن الجوزي في التحقيق وهذا رواه جماعة لم يقولوا في بصره سوء قلنا سوادة بن حنظلة ذكره بن حبان في الثقات وزيادة من الثقة مقبولة وأخرجه الطحاوي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس مرفوعا نحوه سواء حديث آخر مرسل أخرجه الدارقطني عن عبد الحميد بن بيان ثنا هيثم ثنا يونس بن عبيد عن حميد بن هلال أن بلالا أذن ليلة بسواد فأمره عليه السلام أن يرجع فينادي إن العبد نام فرجع قال البيهقي هذا مرسل قال في الامام لكنه مرسل جيد ليس في رجاله مطعون فيه حديث آخر أخرجه الطحاوي ثم البيهقي عن عبد الكريم الجزري عن نافع عن بن عمر عن حفصة بنت عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن بالفجر قام فصلى ركعتي الفجر ثم خرج إلى المسجد فحرم الطعام وكا لا يؤذن حتى يصبح انتهى قال في الامام واعترضه الاثرم فقال وحديث حفص رواه الناس عن نافع فلم يذكرو فيه ما ذكر عبد الكريم قال الشيخ وعبد الكريم الجزري قال فيه بن معين وابن المديني ثبت ثقة وقال الثوري ما رأيت مثله وقال بن عيينة كان لا يقول إلا حدثنا أو سمعت قال البيهقي وهذا محمول على الاذان الثاني حديث آخر روى الاوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سكت المؤذن بالاذان من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين قال الاثرم
[ 396 ]
سمعت أحمد بن حنبل يضعف حديث الاوزاعي عن الزهري قال الشيخ في الامام ليس هذا بتعليل جيد فالاوزاعي من أئمة المسلمين وقد روى عن عائشة أنها قالت ما كان المؤذن يؤذن حتى يطلع الفجر أخرجه أبو الشيخ الاصبهاني عن وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن الاسود عنها انتهى الله عز وجلحديث آخر أخرجه أبو داود عن حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فينادي ألا إن العبد نام ثلاث مرات فرجع فنادى الا إن العبد نام انتهى قال أبو داود ورواه الدراوردي عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر قال كان لعمر مؤذن يقال له مسعود فذكر نحوه وقال هذا أصح من ذاك وذكر الترمذي لفظ الحديث وقال هذا حديث غير محفوظ ولعل حماد بن سلمة أراد حديث عمر والصحيح حديث بن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا يؤذن بليل الحديث ثم نقل عن علي بن المديني أنه قال هو حديث غير محفوظ انتهى قال البيهقي وقد تابعه سعيد بن زربي عن أيوب ثم أخرجه كذلك قال وسعيد بن زربي ضعيف قال بن الجوزي في التحقيق وقد تابع حماد بن سلمة عليه سعيد بن زربي عن أيوب وكان ضعيفا قال يحيى ليس بشئ وقال البخاري عنده عجائب وقال النسائي ليس بثقة وقال بن حبان يروي الموضوعات عن الاثبات وقال الحاكم أخبرنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه سمعت أبا بكر المطرز يقول سمعت محمد بن يحيى يقول حديث حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل طلوع الفجر شاذ غير واقع على القلب وهو خلاف ما رواه الناس عن بن عمر وقال أحمد بن حنبل حدثنا شعيب بن حرب قال قلت لمالك بن أنس إن الصبح ينادي لها قبل الفجر
[ 397 ]
فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا قلت أليس قد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الاذان قال لالم يزل الاذان عندنا بليل وقال بن بكير قال مالك لم يزل الصبح ينادي بها قبل الفجر فأما غيرها من الصلاة فإنا لم نر ينادي لها إلا بعد أن يحل وقتها انتهى كلام بن الجوزي وقال الترمذي لو كان حديث حماد بن سلمة صحيحا لم يكن في قوله إن بلالا يؤذن بليل فائدة وكيف يأمره ان يعيد الاذان وهو يقول إن بلالا يؤذن بليل وقال الاثرم وأما حديث حماد بن سلمة فإنه خطأ منه وأصل الحديث عن نافع عن بن عمر أن مؤذنا يقال له مسروح وقال بعضهم مسعود أذن بليل فأمره عمر أن يرجع فينادي إن العبد نام وقال البيهقي في الخلافيات بعد إخراجه حديث حماد هذا وحماد بن سلمة أحد أئمة المسلمين قال أحمد بن حنبل أرأيت الرجل يغمز حماد بن سلمة فاتهمه على الاسلام إلا أنه لما طعن في السن ساء حفظه فلذلك ترك البخاري الاحتجاج بحديثه وأما مسلم فإنه اجتهد في امره وأخرج من أحاديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت فلا يبلغ أكثر من اثنى عشر حديثا أخرجها في الشواهد دون الاحتجاج وإذا كان الامر كذلك فالاحتياط ان لا يحتج بما يخالف فيه الثقات وهذا الحديث من جملتها انتهى كلامه الرب عز وجل حديث آخر رواه الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه غريب الحديث حدثنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية أنبأ أبو سفيان السعدي عن الحسن انه سمع مؤذنا أذن بليل فقال علوج تباري الديوك وهل كان الاذن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما يطلع الفجر ولقد أذن بلال بليل فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فصعد فنادى إن العبد قد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عامر بن مدرك ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فأمره ان ينادي إن العبد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى قال الدارقطني وهم فيه عامر بن مدرك والصواب ما رواه شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر أن يرجع فينادي انتهى
[ 398 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي إن العبد نام ففعل وقال ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه انتهى قال الدارقطني تفرد به أبو يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة وغيره يرسله عن قتادة ان بلالا ولا يذكر إسنادا والمرسل أصح انتهى ثم أخرجه الدارقطني عن محمد بن القاسم الاسدي ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك قال أذن بلال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد فرقي وهو يقول ليت بلالا ثكلته أمه وابتل من نضح دم جبينه يرددها حتى صعد ثم قال إن العبد نام مرتين ثم أذن حين اضاء دون الاحتجاج وإذا كان الامر كذلك فالاحتياط ان لا يحتج بما يخالف فيه الثقات وهذا الحديث من جملتها انتهى كلامه الرب عز وجل حديث آخر رواه الامام القاسم بن ثابت السرقسطي في كتابه غريب الحديث حدثنا محمد بن علي ثنا سعيد بن منصور ثنا أبو معاوية أنبأ أبو سفيان السعدي عن الحسن انه سمع مؤذنا أذن بليل فقال علوج تباري الديوك وهل كان الاذن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما يطلع الفجر ولقد أذن بلال بليل فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فصعد فنادى إن العبد قد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى حديث آخر أخرجه الدارقطني عن عامر بن مدرك ثنا عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن بن عمر أن بلالا أذن قبل الفجر فغضب النبي صلى الله عليه وسلم فأمره ان ينادي إن العبد نام فوجد بلال وجدا شديدا انتهى قال الدارقطني وهم فيه عامر بن مدرك والصواب ما رواه شعيب بن حرب عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن مؤذن لعمر يقال له مسروح أذن قبل الصبح فأمره عمر أن يرجع فينادي انتهى
[ 398 ]
حديث آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن أبي يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن بلالا أذن قبل الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصعد فينادي إن العبد نام ففعل وقال ليت بلالا لم تلده أمه وابتل من نضح دم جبينه انتهى قال الدارقطني تفرد به أبو يوسف القاضي عن سعيد بن أبي عروبة وغيره يرسله عن قتادة ان بلالا ولا يذكر إسنادا والمرسل أصح انتهى ثم أخرجه الدارقطني عن محمد بن القاسم الاسدي ثنا الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس بن مالك قال أذن بلال فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد فرقي وهو يقول ليت بلالا ثكلته أمه وابتل من نضح دم جبينه يرددها حتى صعد ثم قال إن العبد نام مرتين ثم أذن حين اضاء الفجر انتهى قال بن الجوزي في التحقيق ومحمد بن القاسم