فيض القدير شرح الجامع الصغير
المناوي ج 6

[ 1 ]
فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير للعلامة محمد عبد الرؤوف المناوي ضبطه وصححه أحمد عبد السلام الجزء السادس تتمة حرف الميم - حرف الياء دار الكتب العلمية بيروت - لبنان
[ 2 ]
جميع الحقوق محفوظة لدار الكتب العلمية بيروت - لبنان 1415 ه‍ - 1994 م
[ 3 ]
8196 - (مكارم الأخلاق عشرة) هذا الحصر إضافي باعتبار المذكور هنا (تكون في الرجل ولا تكون في ابنه وتكون في الابن ولا تكون في الأب وتكون في العبد ولا تكون في سيده يقسمها الله لمن أراد به السعادة : صدق الحديث) لأن الكذب يجانب الإيمان لأنه إذا قال كذا ولم يكن قد افترى على الله بزعمه أنه كونه فصدق الحديث من الإيمان (وصدق الناس) لأنه من الثقة بالله شجاعة وسماحة (وإعطاء السائل) لأنه من الرحمة (والمكافأة بالصنائع) لأنه من الشكر (وحفظ الأمانة) لأنه من الوفاء (وصلة الرحم) لأنها من العطف (والتذمم للجار) لأنه من نزاهة النفس (والتذمم للصاحب وإقراء الضيف) لأنه من السخاء فهذه مكارم الأخلاق الظاهرة وهي تنشأ من مكارم الأخلاق الباطنة (ورأسهن) كلهن (الحياء) لأنه من عفة الروح فكل خلق من هذه الأخلاق مكرمة لمن منحها يسعد بالواحد منها صاحبها فكيف بمن جمعت له كلها الأخلاق الحسنة كثيرة وكل خلق حسن فهو من أخلاق الله والله يحب التخلق بأخلاقه فكل مكرمة من هذه الأخلاق يمنحها العبد فهي له شرف ورفعة في الدارين . وخرج البيهقي والحاكم والحكيم أن عليا كرم الله وجهه قال : سبحان الله ما أزهد الناس في الخير عجب لرجل يجيئه أخوه لحاجة لا يرى نفسه للخير أهلا فلو كنا لا نرجو ثوابا ولا نخاف عقابا لكان لنا أن نطلب مكارم الأخلاق لدلالتها على النجاح فقام إليه رجل فقال : يا أمير المؤمنين أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : نعم ، وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاص لو أن المكارم كانت سهلة لسابقكم إليها اللثام لكنها كريهة مرة لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها . - (الحكيم) الترمذي (هب) كلاهما من طريق أيوب الوزان عن الوليد بن مسلم عن ثابت عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة (عن عائشة) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح ولعله من كلام بعض السلف وثابت بن يزيد ضعفه يحيى والوليد بن الوليد قال الدارقطني : منكر الحديث قال الحاكم : وفي اللسان ثابت بن يزيد الذي أدخله الوليد بينه وبين الأوزاعي مجهول وينبغي الحمل فيه عليه قال البيهقي في الشعب عقبه : وروي بإسناد
[ 4 ]
آخر ضعيف موقوف على عائشة وهو به أشبه اه‍ . وهو به صريح في شدة ضعف المرفوع الذي آثره المصنف . 8197 - (مكان الكي التكميد) أي يقوم مقامه ويغني عنه لمن ناب علته الكي وهو أن يسخن خرقة وسخة دسمة وتوضع على العضو و الوجع مرة بعد أخرى ليسكن ، والخرقة الكمادة ، ذكره الزمخشري (ومكان العلاق السعوط) أي بدل إدخال الأصبع في حلق الطفل عند سقوط لهاته أن يسعط بالقسط البحري مرة على مرة (ومكان النفخ للدود) يعني أن هذه الثلاثة تبدل من هذه الثلاثة وتوضع محلها فتؤدي مؤداها في النفع والشفاء وهي أسهل مأخذا وأقل مؤونة . ذكره الزمخشري . (حم عن عائشة) . 8198 - (مكتوب في الإنجيل كما تدين) بفتح التاء وكسر الدال بضبط المصنف (تدان) بضم التاء بضبطه قال الزمخشري : سمي الفعل المجازي فيه باسم الجزاء كما سميت الإجابة باسم الدعوة في قوله تعالى * (له دعوة الحق) [ الرعد : 14 ] وفي الفردوس الدين يحتمل معان وهنا الجزاء يعني كما تجازي تجازى وقيل كما تصنع يصنع بك (وبالكيل الذي تكيل تكتال) وعليه قيل : فان كنت قد أبصرت هذا فإنما * يصدق قول المرء ما هو فاعله ففيك إلى الدنيا اعتراض وإنما * يكال لدى الميزان ما أنت كايله وقد خانت الدنيا قرونا تتابعوا * كما خان أعلا البيت يوما أسافله . (فر عن فضالة بن عبيد) ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده في مسند الفردوس وليس كذلك بل ذكره بغير سند وبيض له ولده وروى الإمام أحمد في الزهد بسند عن مالك بن دينار قال مكتوب في التوراة كما تدين تدان وكما تزرع تحصد . 8199 - (مكتوب في التوراة من بلغت له ابنة اثنتي عشرة سنة فلم يزوجها فأصابت إثما) يعني زنت فإثم ذلك عليه لأنه السبب فيه بتأخير تزويجها المؤدي إلى فسادها . وذكر الاثنتي عشرة سنة لأنها مظنة البلوغ المثير للشهوة . (هب عن عمر) بن الخطاب (وعن أنس) بن مالك وحديث أنس هذا أورده البيهقي من طريق شيخه الحاكم قال عقبه : قال الحاكم : هذا وجده في أصل كتابه يعني بكر بن محمد عبدان الصدفي وهذا الإسناد صحيح والمتن شاذ بمرة قال البيهقي : إنما نرويه بالإسناد الأول وهو بهذا الإسناد منكر .
[ 5 ]
8200 - (مكتوب في التوراة من سره أن تطول حياته ويزاد في رزقه فليصل رحمه) فإن صلة الرحم تزيد في العمر وفي الرزق وقد مر معنى هذا في عدة أخبار . (ك) في البر والصلة (عن ابن عباس) وقال : صحيح وأقره الذهبي وقال المنذري : رواه الحاكم والترمذي بإسناد لا بأس به . 8201 - (مكة أم القرى) قال المصنف في ساجعة الحرم : عن مجاهد وغيره خلق الله موضع البيت الحرام من قبل أن يخلق الأرض بألفي عام وكان موضع البيت حشفة على الماء ترى ومنها دحيت الأرض ولذلك سميت أم القرى ولها أيضا أسماء كثيرة . (عد عن بريدة) قال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح وهشام بن مصك أحد رجاله قال أحمد : مطروح الحديث وقال الفلاس : متروك . 8202 - (مكة مناخ) بضم الميم أي محل للمناخ أي إبراك الإبل ونحوها (لا تباع رباعها ولا تؤاجر بيوتها) لأنها غير مختصة بأحد بل هي موضع لأداء المناسك ، قال أبو حنيفة : فأرض الحرم موقوفة فلا يجوز تملكها لأحد . وتأول الحديث من أجاز بيع دورها بأنه إنما منع من ذلك لنفسه وصحبه لكونهم هاجروا منها لله فلا يرجعون في شئ منها . (1) - (ك) في البيع من حديث إسماعيل ضعفوه فالصحة من أين ؟ وعده في الميزان من مناكير إسماعيل هذا . (1) [ وقال في السراج المنير : وبه أخذ أبو حنيفة فقال لا يجوز تملكها لأحد ، وخالفه الجمهور فأولوا الخبر . انتهى من السراج المنير . فليعلم قليلوا العلم والمطالعة من المتعصبين ، عن حقيقة التزام أبي حنيفة بنص الحديث وتركه الرأي ، خلاف ما يتوهمون . ومثل هذه المواقف كثيرة حيث يأخذ بظاهر الحديث ويترك الرأي والتأويل وإن خالفه غيره من المجتهدين ، جزاهم الله الخير أجمعين . دار الحديث ] [ ص 4 ] 8203 - (ملئ) بضم الميم وفتح الهمزة بضبطه (عمار) بن ياسر (إيمانا إلى مشاشه) بضم الميم ومعجمتين أولاهما خفيفة يعني اختلط الإيمان بلحمه ودمه وعظمه وامتزج بسائر أجزائه امتزاجا لا يقبل التفرقة فلا يضره الكفر حين أكرهه عليه كفار مكة بضروب العذاب وفيه نزل * (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) [ النحل : 106 ] * قال في الفتح : وهذه الصفة لا تقع إلا ممن أجاره الله الشيطان الرجيم ومن ثم جاء عن ابن مسعود في الصحيح أن عمارا أجاره الله من الشيطان . (ه عن علي) أمير المؤمنين (ك عن ابن مسعود) وفي الباب عائشة عند البزار قالت : ما أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لو شئت لقلت فيه ما خلا عمار فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ملئ عمار إيمانا إلى مشاشه . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ، وقال ابن حجر في الفتح : إسناده صحيح قال : وقد جاء في حديث آخر عمار ملئ إيمانا إلى مشاشه خرجه النسائي بسند صحيح اه‍ . 8204 - (ملعون من أتى امرأة في دبرها) أي جامعها فيه فهو من أعظم الكبائر إذا كان هذا في
[ 6 ]
المرأة فكيف بالذكر وما نسب إلى مالك في كتاب السر من حل دبر الحليلة أنكره جمع . (حم د) وكذا النسائي وابن ماجه كلهم في النكاح من طريق سهل بن أبي صالح عن الحارث بن مخلد (عن أبي هريرة) قال ابن حجر : والحارث بن مخلد ليس بمشهور وقال ابن القطان : لا يعرف حاله وقد اختلف فيه على سهل اه‍ فرمز المصنف لصحته غير مسلم . 8205 - (ملعون من سأل بوجه الله وملعون من سئل بوجه الله ثم منع سائله ما لم يسأل هجرا) قال الحافظ العراقي : لعنة فاعل ذلك لا يناقضها ما مر من استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم بوجه الله لأن ما هنا في جانب طلب تحصيل الشئ إما في دفع الشر ورفع الضر فلعله لا بأس به أو النهي إنما هو عن سؤال المخلوقين به وكنى عن سؤال الله به في الأمور الدنيوية . (طب عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي في شر العمدة : إسناده حسن وقال الهيثمي : فيه من لم أعرفه وقال في موضع آخر : رواه الطبراني عن شيخه يحيى بن عثمان بن صالح وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح . 8206 - (ملعون من ضار) بالفتح مصدر ضره يضره إذا فعل به مكروها (مؤمنا أو مكر به) أي خدعه بغير حق أي هو مبعود من رحمة الله يوم القيامة جزاء على فعله حتى يسترضي خصمه أو يدركه الله بعفوه . (ت) في البر (عن أبي بكر) الصديق وقال : غريب ولم يبين لم لا يصح ، وذلك لأن فيه فرقد السنجي وهو وإن كان صالحا حديثه منكر قال البخاري : وساقه في الميزان من مناكيره وفيه أبو سلمة الكندي قال ابن معين : ليس بشئ وقال البخاري : تركوه . 8207 - (ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه) إنما استحق ساب أبويه اللعن لمقابلته نعمة الأبوين بالكفران وانتهائه إلى غاية العقوق والعصيان كيف وقد قرن الله برهما بعبادته - وإن كانا كافرين - وبتوحيده وشريعته (ملعون من ذبح لغير الله) قال القرطبي : إن كان المراد الكافر الذي ذبح للأصنام فلا خفاء بحاله وهي التي أهل بها والتي قال الله فيها * (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) [ الانعام : 121 ] وأما إن كان مسلما فتناوله عموم هذا اللعن لا تحل ذبيحته لأنه لا يقصد به الإباحة الشرعية وقد [ ص 5 ] مر أنها شرط في الذكاة ويتصور ذبح المسلم لغير الله فيما إذا ذبح مجربا لآلة الذبح أو اللهو ولم يقصد الإباحة وما أشبهه ، وقال بعضهم : ذهب داود وإسحاق وعكرمة إلى أن ما ذبحه غير المالك تعديا كالسارق لا يوكل وهو قول شاذو الأئمة الأربعة علي حله لوقوع الذكاة بشروطها من المتعدي (ملعون من غير تخوم الأرض) أي معالمها وحدودها قال الزمخشري : روي بضم أوله وفتحه
[ 7 ]
وهي مؤنثة والتخوم جمع لا واحد له وقيل وواحدها تخم والمراد تغيير حدود الحرم التي حددها إبراهيم وهو عام في كل حد ليس لأحد أن يزوي من حد غيره شيئا اه‍ . وقيل أراد المعالم التي يهتدى بها في الطريق قال القرطبي : والمغير لها إن أضافها إلى ملكه فغاصب وإلا فمتعد ظالم مفسد لملك الغير (ملعون من كمه أعمى عن طريق ، ملعون من وقع على بهيمة) أي جامعها (ملعون من عمل بعمل قوم لوط) من إتيان الذكور شهوة من دون النساء وأخذ من اقتصاره على اللعنة وعدم ذكره القتل أن كلا منهما لا يقتل وعليه الجمهور وذهب البعض إلى قتلهما تمسكا بخبر اقتلوا الفاعل والمفعول به وخبر من وجدتموه وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة وفي كل مقال . - (حم عن ابن عباس) وفيه محمد بن سلمة فإن كان السعدي فواهي الحديث أو البناني فتركه ابن حبان كما بينه الذهبي ، وفيه محمد بن إسحاق ، وفيه عمرو بن أبي عمرو لينه يحيى . 8208 - (ملعون من فرق) بالتشديد زاد الطبراني في روايته بين الوالدة وولدها وبين الأخ وأخيه اه‍ . والمراد أنه مبعود من منازل الأخيار ومواطن الأبرار لا أنه مطرود من الرحمة بالكلية فالتفريق بين الأصل وفرعه في بعض صوره حرام شديد التحريم ، وفي بعضها مكروه شديد الكراهة لما فيه من البلاء العظيم والخطر الجسيم ، ومن ثم قيل : لقتل بحد السيف أسهل موقعا * على النفس من قتل بحد فراق . أما بين الأخوين والأختين فجوزه الشافعي مطلقا ومنعه أبو حنيفة أخذا بمثل هذا الخبر واختلف أصحاب مالك في ذلك فجوزه بعضهم حتى بين الأصل والفرع ومنعه آخرون ، وأجازه بعض منهم بالإذن دون غيره . (ك) في البيع (هق) كلاهما (عن عمران) بن الحصين قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه الدارقطني عن عمران من هذا الوجه . 8209 - (ملعون من لعب بالشطرنج) بكسر الشين بضبط المصنف . قال في درة الغواص : يقولون للعبة الهندية الشطرنج بالشين والقياس كسرها لأن الاسم الأعجمي إذا عرب رد إلى ما يستعمل من نظائره وزنا وصيغة وليس في كلامهم فعلنل بكسرها وقد جوزوا كونه بشين معجمة من المشاطرة وبمهملة من التسطير (والناظر إليها كآكل لحم الخنزير) قال الذهبي : وأكل لحم الخنزير حرام بإجماع المسلمين ، ومن ثم ذهب أبو حنيفة ومالك وأحمد إلى تحريمه أعني الشطرنج ، وقال الشافعي : يكره ولا يحرم فقد لعبه جماعة من الصحب ومن لا يحصى من التابعين ومن بعدهم وقال الحافظ : لم يثبت في تحريمه حديث صحيح ولا حسن . - (عبدان) في الصحابة (وأبو موسى) في الذيل (وابن حزم) كلهم في الصحابة من طريق عبد المجيد بن أبي داود عن ابن جريج (عن حبة بن مسلم مرسلا) هو تابعي لا يعرف إلا بهذا الحديث ، وفي الميزان إنه خبر منكر اه‍ . وروى الجملة الأولى منه الديلمي من حديث أنس ، وقضية صنيع المؤلف أن مخرجيه سكتوا عليه والأمر بخلافه بل قال عقبه ابن حزم : حبة مجهول
[ 8 ]
والإسناد منقطع وقال ابن القطان : حبة مجهول [ ص 6 ] قال : وقيل : إنه حبة بن سلمة أخو شقيق بن سلمة وهو لا يعرف أيضا كذا في الإصابة . 8210 - (ملك موكل بالقرآن فمن قرأه من أعجمي أو عربي فلم يقومه قومه الملك ثم رفعه) إلى الله (قواما) والمراد بعدم تقويمه تحريفه واللحن فيه لحنا يغير المعنى لكن الذي يتجه أن هذا في غير العامد أما هو فإنه إذا قرأه محرفا فليس بقرآن . (الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن أنس) بن مالك ، وظاهر صنيع المؤلف أنه لا يوجد مخرجا لأشهر من الشيرازي مع أن الحاكم والديلمي خرجاه . 8211 - (مملوكك يكفيك) أي مؤونة الخدمة (فإذا صلى فهو أخوك) أي في الإسلام (فأكرموهم) أي المماليك (كرامة أولادكم) أي مثلها (وأطعموهم مما تأكلون) أي من جنس أقواتكم والأكمل من نفس طعامكم بأن يأكل السيد وعبده من إناء واحد . (تنبيه) قال ابن العربي : سابقة الحرية عليها خلق الإنسان لكنه لما عصى الله ضرب له الرق وأدخله تحت ذل المملوكية وجعل في ذلك رفقا للأحرار وإبقاء الرق على النسل أثر من آثار الكفر يعمل على أصله حتى إذا تأكدت العقوبة واستمرت وقع الزجر موقعه كما أن العدة لما كانت أثرا من آثار النكاح عملت عمل أصلها في جمل من الأحكام . (ه عن أبي بكر) الصديق . 8212 - (من الله تعالى لا من رسوله ، لعن الله قاطع السدر) أي سدر الحرم . (طب هق عن معاوية بن حيدة) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه يحيى بن الحارث قال العقيلي : لا يصح حديثه يعني هذا الحديث اه‍ ، وقال الذهبي بعد ما عزاه للبيهقي : ضعيف جدا وفي معناه أحاديث أخر كلها ضعيفة إلا خبر جريج . 8213 - (من البر أن تصل صديق أبيك) أي في حياته وبعد موته ، وفي رواية مرت : إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه ، والبر هو الإحسان وأبر البر أحسنه وأفضله وأبر البر من قبيل جل جلاله وجد جده وجعل الجد جادا وإسناد الفعل إليه وجعل الجلال جليلا وإسناد الفعل إليه فجعل البر بارا ويبنى منه أفعل التفضيل وكذا كل ما هو من هذا القبيل نحو أفضل الفضل وأفجر الفجور وكون ذلك من البر لأن الولد إذا وصل ود أبيه اقتضى ذلك الترحم عليه والثناء الجميل فتصل إلى روحه راحة بعد
[ 9 ]
زوال المشاهدة المستوجبة للحياء وذلك أشد من كونه بارا في حياته . (طس عن أنس) بن مالك . قال الهيثمي : وفيه عنبسة بن عبد الرحمن القرشي وهو متروك اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه . 8214 - (من التمر والبسر) بكسر الباء بضبط المصنف (خمر) أي إن الخمر التي جاء القرآن بتحريمها تصنع منهما لأن ذلك يختص بما صنع من العنب كما ذهب إليه الكوفيون وقد خطب عمر رضي الله عنه على المنبر بحضرة أكابر الصحب وبين أن المراد بالخمر في الآية ليس خاصا بالمتخذ من العنب بل يتبادل المتخذ من غيرها وأن الخمر ما خامر العقل أي ستره من أي شئ كان (طب عن جابر) رمز لحسنه وظاهر عدوله للطبراني واقتصاره عليه أنه لم يخرجه أحد من الستة [ ص 7 ] وليس كذلك بل خرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه عن النعمان بن بشير يرفعه بزيادة ولفظه إن من الحنطة خمرا وإن من الشعير خمرا ومن التمر خمرا ومن الزبيب خمرا ومن العسل خمرا اه‍ . وقال الترمذي : حسن غريب وقال الصدر المناوي : سنده صحيح . 8215 - (من الجفاء) وهو ترك البر والصلة وغلظ الطبع (أن أذكر عند الرجل) لم يرد رجلا معينا فهو كالنكرة فعومل معاملتها كما في قوله : " ولقد أمر على اللئيم يسبني " بل وذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان ولو أنثى أو خنثى (فلا يصلي علي) لغلظ طبعه وعدم مروءته فمن ذكر عندهم ولم يصل عليه فقد جفاه ولا يجوز لمؤمن لمنافاته كمال حبه ومن هذا الحديث ونحوه أخذ جمع من الأئمة من المذاهب الأربعة وجوب الصلاة عليه كلما ذكر . (عب عن قتادة مرسلا) ورواه عنه أيضا النميري وعبد الرزاق في جامعه قال القسطلاني : ورواته ثقات اه‍ . 8216 - (من الحنطة خمر ومن التمر خمر ومن الشعير خمر ومن الزبيب خمر ومن العسل خمر) تمامه عند مخرجه وأنا أنهاكم عن كل مسكر ، ولأبي داود من وجه آخر عن الشعبي عن النعمان بلفظ إن من العنب خمرا وإن من العسل خمراوإن من البر خمرا وإن من الشعير خمرا ولأحمد من حديث أنس بسند قال ابن حجر صحيح " الخمر من العنب والعسل والحنطة والشعير والذرة ، وفي رواية الخلعي ذكر الزبيب بدل الشعير قال البيهقي : ليس المراد الحصر فيما ذكر بل إن الخمر يتخذ من غير العنب ، وجعل الطحاوي هذه الأحاديث متعارضة وأجيب بحمل حديث جابر وما أشبهه على الغالب أي أكثر ما يتخذ الخمر من العنب والبسر وحمل هذا الحديث على إرادة استيعاب ذكر ما عهد حينئذ أنه يتخذ
[ 10 ]
منه الخمر ، والحاصل أن المراد بيان أن الخمر يطلق على ما لا يتخذ من العنب لا خصوص المذكورات ، وإذا ثبت كون كل مسكر خمرا من الشارع كان حقيقة شرعية وهي مقدمة على الحقيقة اللغوية ، فالمتخذ من هذه المذكورات يحرم شربه ويحد شاربه عند الشافعي ومالك وأحمد وهو حجة على أبي حنيفة في قوله : إنما يحرم عصير تمر أو عنب . (ه حم عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر : ومن هذا الوجه خرجه أصحاب السنن . 8217 - (من الزرقة يمن) يعني أن زرقة عين الإنسان دالة على البركة والخير غالبا لسر علمه الشارع . (خط عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن الخطيب خرجه وأقره والأمر بخلافه فانه أورده في ترجمة إسماعيل بن أبي إسماعيل المؤدب وذكر أنه ضعيف منكر الحديث لا يحتج به اه‍ . وأقول : فيه أيضا الحارث بن أبي أسامة صاحب المسند أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال : ضعيف وسليمان بن أرقم قال الذهبي : تركوه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : سليمان متروك وإسماعيل لا يحتج به . 8218 - (من الصدقة أن تسلم على الناس وأنت طلق الوجه) أي ببشاشة وإظهار بشر فإن فاعل ذلك يكتب له به ثواب التصدق بشئ من ماله لأنه من الإحسان المأمور به . (هب عن الحسن البصري مرسلا) 8219 - (من الصدقة أن تعلم) بفتح العين وشد اللام بضبط المصنف قال القاضي : والتعليم فعل يترتب عليه العلم غالبا ولذلك [ ص 8 ] يقال علمته فلم يتعلم . - (أبو خيثمة في) كتاب (العلم عن الحسن مرسلا) وهو البصري . 8220 - (من الكبائر استطالة الرجل في عرض رجل مسلم) يقال طال عليه واستطال إذا علا وترفع عليه (ومن الكبائر السبتان) بباء موحدة ومثناة فوقية بضبط المصنف (بالسبة) الواحدة أي أن يشتمك الرجل شتمة فتشتمه شتمتين في مقابلتها . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه .
[ 11 ]
8221 - (من المذي) بفتح فسكون أو كسر (الوضوء) أي واجب (ومن المني) بكسر النون وتشديد الياء (الغسل) أي واجب قال الشارح : فيه أنه أي المذي لا يوجب الغسل بل الوضوء وأنه نجس ولهذا أوجب النبي صلى الله عليه وسلم غسل الذكر اه‍ . فأنت تعلم بأن ايحاب الوضوء منه لا يوجب نجاسته لأن الخارج الطاهر ناقض وإنما علمت نجاسته من دليل منفصل اه‍ . (تنبيه) حكمة إيجاب غسل الجنابة أنها بعد عن القرب من الطاهر الطيب تعالى وهو فعل حدث تنزه عنه وسبح نفسه عن قول من نسب إليه ذلك لأنه فعل من زوجين لا يقوم إلا باجتماعهما وهو الفرد المنفرد الذي لا قرين له فأمر المكلف بغسل جميع بدنه ليخف القلب ويطهر من ثقل فعل الجنابة التي هي في نهاية البعد عن أوصاف الواحد الفرد فإذا طهر صلح لأن يذكر كلام الحق تعالى ويذكره فيتطهر الجسد ظاهرا بطهر القلب من استغراق الشهوة التي غلبته واستغرق وغاب بها عن ذكر الله وينبغي للمغتسل أن يتذكر مع غسل أعضائه ما وقع فيه مما يبعد عن الله ويتوب منها والتنظف لدخوله على ملك الموت . - (ت) وكذا ابن ماجه في الطهارة (عن علي) أمير المؤمنين قال الترمذي : حسن صحيح ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 8222 - (من المروءة أن ينصت الرجل لأخيه) أي في الإسلام (إذا حدثه) فلا يعرض عنه ولا يشتغل بحديث غيره فإن فيه استهانة به (ومن حسن المماشاة أن يقف الأخ لأخيه) في الإسلام (إذا انقطع شسع نعله) حتى يصلحه ويمشي لأن مفارقته ربما أورثت ضغينة . - (خط عن أنس) بن مالك . 8223 - (من أخون الخيانة تجارة الوالي في رعيته) الظاهر أن المراد تجارته فيما تعم حاجتهم إليه من الأقوات وغيرها ويحتمل الإطلاق . - (طب عن رجل) . 8224 - (من أسوأ الناس منزلة) أي عند الله (من أذهب آخرته بدنيا غيره) ومن ثم سماه المتشرعة أخس الأخساء فقالوا : لو أوصى للأخس صرف له . - (هب عن أبي هريرة) وفيه شهر بن حوشب أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن عدي : لا يحتج به ووثقه ابن معين . 8225 - (من أشد أمتي لي حبا ناس يكونون بعدي يود أحدهم لو رآني بأهله وماله) قال المظهر
[ 12 ]
: الباء في بأهله باء التعدية [ ص 9 ] كما في قوله بأبي أنت وأمي يعني يتمنى أحدهم أن يكون مفديا بأهله لو اتفقت رؤيتهم إياه ووصولهم إليه ، وقال الطيبي : لو هنا كما في قوله تعالى * (ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) [ الحجر : 2 ] لا بد لقوله يود من مفعول فلو مع ما بعده نزل منزلته كأنه قيل يود أحدهم ويحب ما لا يلزم قوله لو رآني بأهله أي يفديني بأهله وماله ليراني . - (م عن أبي هريرة) . 8226 - (من أشراط الساعة) أي علاماتها (أن يتباهى) أي يتفاخر مبتدأ ومن أشراط خبره قدم للاهتمام لا للاختصاص إذا أشراطها كثيرة (الناس) المسلمون (في المساجد) أي يتفاخرون بتشييدها ويراؤون بتزيينها كما فعل أهل الكتاب بعد تحريف دينهم وأنتم تصيرون إلى حالهم فإذا صرتم كذلك فقد جاء أشراطها وقد كان المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مبني باللبن وسقفه الجريد وعمده جذوع النخل فزاد فيه عمر فبناه على بناء النبي صلى الله عليه وسلم ثم غير فيه عثمان فزاد فيه وبنى جدره وعمده بحجارة وسقفه بالساج ذكره الطيبي ، وذهب الجمهور إلى كراهية نقش المسجد وتزويقه ، وشر ذمة إلى عدم كراهته لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يذم ذلك وما كل علامة على قرب الساعة تكون مذمومة بل ذكر لها أمرا ذمها كارتفاع الأمانة وأمورا حمدها كزخرفة المساجد وأمورا لا تحمد ولا تذم كنزول عيسى فليس أشراط الساعة من الأمور المذمومة . - (ن عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو داود وابن ماجه في الصلاة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائي به عن الستة غير جيد . 8227 - (من أشراط الساعة الفحش والتفحش) أي ظهورهما وغلبتهما في الناس (وقطيعة الرحم وتخوين الأمين وائتمان الخائن) . - (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اه‍ ورمز المصنف لحسنه . 8228 - (من أشراط الساعة أن يمر الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين) تحيته (وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرف) دون من لم يعرفه (وأن يبرد الصبي الشيخ) أي يجعله رسوله في حوائجه . - (طب) من حديث سلمة بن كهيل (عن ابن مسعود) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح إلا أن سلمة وإن كان سمع من الصحابة لم أجد له رواية عن ابن مسعود . 8229 - (من أفضل الشفاعة أن تشفع بين اثنين) الرجل والمرأة (في النكاح) أي أن تكون واسطة بينهما فيه متسببا في إيقاعه مرغبا لكل منهما في صاحبه . يعني إذا وجدت الكفاءة وتوفرت الشروط
[ 13 ]
وظهر وجه المصلحة . - (ه عن أبي رهم) بضم الراء وسكون الهاء وأبو رهم في الصحابة أنماري وسمعي وظهري وغفاري وأشعري وأرحبي فلو ميزه لكان أولى . 8230 - (من أفضل العمل إدخال السرور) أي الفرح (على المؤمن) إذا كان ذلك من المطلوبات الشرعية كأن (تقضي عنه [ ص 10 ] دينا) لا يقدر على وفائه ويحتمل الإطلاق لأن تحمل ذلك عنه يسره غالبا (تقضي له حاجة) لا يستطيع إبلاغها أو يستطيعه (تنفس له كربة) من الكرب الدنيوية أو الأخروية فكل واحدة من هذه الخصال من أفضل الأعمال بلا إشكال بل ربما وقع في بعض الأحيان أن يكون ذلك من فروض الأعيان . - (هب عن) محمد بن المنكدر مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يقف عليه مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليها وهو عجب فقد خرجه الدارقطني في غرائب مالك من روايته عن ابن دينار عن ابن عمر مرفوعا وقال : فيه ضعف . 8231 - (من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة) أي عظمها وهو بالجيم من انتفج جنبا البعير إذا ارتفعا وعظما خلقة وبخاء معجمة وهو ظاهر . - (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي : وفيه عبد الرحمن بن يوسف ذكر له في الميزان هذا الحديث وقال : إنه مجهول وحديثه غير محفوظ اه‍ ورواه الطبراني في الصغير وزاد وأن يرى الهلال بليلة فيقال لليلتين قال الهيثمي : وفيه عبد الرحمن بن الأزرق الأنطاكي ولم أجد من ترجمه . 8232 - (من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا) بفتح القاف والباء أي يرى ساعة ما يطلع لعظمه ووضوحه من غير أن يتطلب (فيقال لليلتين) أي هو ابن ليلتين (وأن تتخذ المساجد طرقا) للمارة يدخل الرجل من باب ويخرج من باب فلا يصلي فيه تحية ولا يعتكف فيه لحظة (وأن يظهر موت الفجأة) فيسقط الإنسان ميتا وهو قائم يكلم صاحبه أو يتعاطى مصالحه . - (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : رواه في الصغير والأوسط عن شيخه الهيثم بن خالد المصيصي وهو ضعيف اه‍ . 8233 - (من اقتراب الساعة هلاك العرب) لفظ الرواية فيما وقفت عليه من النسخ إن من إلخ - (ت) في المناقب (عن طلحة بن مالك) الخزاعي وقيل الأسلمي قال الذهبي : نزل البصرة وله حديث روته عنه مولاته أم جرير قال الترمذي : غريب إنما نعرفه من حديث سليمان بن حرب اه‍ وأم جرير لم يرو لها سوى الترمذي ، قال الذهبي : ولا تعرف اه‍ لكن قال الزين العراقي : الحديث حسن .
[ 14 ]
8234 - (من اقتراب الساعة كثرة القطر) أي المطر (وقلة النبات) أي الزرع (وكثرة القراء) للقرآن (وقلة الفقهاء) أي الفقهاء بعلم طريق الآخرة كما بينه الغزالي (وكثرة الأمراء وقلة الأمناء) ولهذا قال عبد الله بن عمر فيما رواه أبو إسحاق عن سعيد بن وهب لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم فإذا أخذوه عن أصاغرهم وشرارهم هلكوا . - (طب عن عبد الرحمن بن عمرو الأنصاري) قال الهيثمي : فيه عبد الغفار بن القاسم وهو وضاع اه‍ فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب . 8235 - (من أكبر الكبائر الشرك بالله) بأن يتخذ معه إلها غيره وخصه لأنه الأغلب في بلاد العرب حالتئذ والمراد [ ص 11 ] الكفر بإشراك أو بغيره لكن يقال إن الكفر بالإشراك أكبر من الكفر بغيره (واليمين الغموس) أي الكاذبة سميت به لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ، وفي قرنها بالشرك إيذان بأنه لا شئ أفحش منها . - (طس عن عبد الله ابن أنيس) تصغير أنس رمز المصنف لحسنه وهو كما قال بل أعلى فقد قال الهيثمي : رجاله موثوقون وقال ابن حجر : سنده حسن . 8236 - (من إكفاء الدين تفصح النبط) بنون فموحدة مفتوحة بضبط المصنف جمعه أنباط كسبب وأسباب جيل ينزلون سواد العراق ثم استعمل في أخلاط الناس وعوامهم (واتخاذهم القصور في الأمصار) جمع مصر . - (طب عن ابن عباس) وفيه عمران بن تمام قال في الميزان : عن أبي حاتم : أتى بخبر منكر ثم ساقه اه‍ قال في اللسان : ولفظ أبي حاتم كان مستورا حتى حدث عن أبي حمزة عن ابن عباس بهذا فافتضح . 8237 - (من بركة المرأة) على زوجها كما جاء مصرحا في رواية (تبكيرها بالأنثى) تمامه عند الخطيب والديلمي ألم تسمع قوله تعالى * (يهب لمن يشاء إناثا) [ الشورى : 49 ] فبدأ بالاناث . - (ابن عساكر) وكذا الخطيب والديلمي كلهم (عن واثلة) بن الأسقع ورواه الديلمي عن عائشة مرفو بلفظ من بركة المرأة على زوجها تيسير مهرها وأن تبكر بالإناث ، قال السخاوي : وهما ضعيفان اه‍ بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات فقال : موضوع .
[ 15 ]
8238 - (من تمام التحية الأخذ باليد) أي إذا لقي المسلم المسلم فسلم عليه فمن تمام السلام أن يضع يده في يده فيصافحه فان المصافحة سنة مؤكدة كما مر غير مرة ، قال ابن بطال : الأخذ باليد هو مبالغة المصافحة وذلك مستحب عند العلماء إنما اختلفوا في تقبيل اليد فأنكره مالك وأنكر ما روي فيه وأجازه آخرون لأن كعب بن مالك وصاحبيه قبلوا يد المصطفى صلى الله عليه وسلم وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم . وجمع بأن المكروه تقبيل التكبر والتعظيم والمأذون فيه ما كان على وجه التقرب إلى الله لدين أو علم أو شرف ولهذا قال النووي : تقبيل اليد لنحو صلاح أو علم أو شرف ونحو ذلك من الأمور الدينية لا يكره بل يندب ولنحو غنى أو شوكة أو وجاهة عند أهل الدنيا مكروه شديد الكراهة وقال المتولي لا يجوز . - (ت عن ابن مسعود) قال المنذري : رواه الترمذي عن رجل لم يسمه اه‍ . وقال الترمذي في العلل : سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال : هذا حديث خطأ وإنما يروى من قول الأسود بن يزيد أو عبد الرحمن بن يزيد اه‍ وفيه يحيى بن سليم الطائفي قال في الميزان : قال أحمد : رأيته يخلط في أحاديث فتركته ثم أورد له أخبارا هذا منها وقال ابن حجر : في سنده ضعف . 8239 - (من تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم) يعني العائد له (يده على جبهته) حيث لا عذر (ويسأله) عن حالته (كيف هو) زاد ابن السني في روايته ويقول له كيف أصبحت أو كيف أمسيت فإن ذلك ينفس عن المريض ، قال ابن بطال : في وضع اليد على المريض تنفيس له وتعرف لشدة مرضه ليدعو له بالعافية على حسب ما يبدو له منه وربما رقاه بيده ومسح على ألمه بما ينتفع به العليل إذا كان العائد صالحا . وقد يعرف العلاج فيعرف العلة فيصف له ما يناسبه . وروى أبو يعلى عن عائشة أنه عليه السلام كان إذا عاد مريضا يضع يده على المكان الذي يألم ثم يقول بسم الله لا بأس قال المؤلف : رجاله موثقون (وتمام تحيتكم بينكم) أيها المسلمون (المصافحة) أي لا مزيد على السلام والمصافحة [ ص 12 ] ولو زدتم على ذلك فهو تكلف . - (حم) عن خلف بن الوليد عن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة (ت) في الاستئذان عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن يحيى عن أيوب عن عبيد الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم (عن أبي أمامة) قال الترمذي : ليس إسناده بذاك ، وفي موضع آخر : فيه علي بن يزيد ضعيف اه‍ . وأورده في الميزان في ترجمة عبيد الله بن زجر من حديثه وقال : عن ابن المديني منكر الحديث وعن ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات ، وأورده ابن الجوزي في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا . 8240 - (من تمام الصلاة) أي مكملاتها ومتمماتها (سكون الأطراف) أي اليدين والرجلين والرأس وغيرها من جميع الأعضاء فإن ذلك يورث الخشوع الذي هو روح العبادة وبه صلاحها قال
[ 16 ]
الإمام الرازي : والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة من فعل البدن كالسكون وقيل لا بد من اعتبارهما ، حكاه في تفسيره ، وقال غيره : هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون ما في الأطراف بلازم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث علي الخشوع في القلب ، أخرجه الحاكم وقال بعضهم : نبه بهذا الحديث على أن الخشوع يدرك بسكون الجوارح إذ الظاهر عنوان الباطن وروى البيهقي بإسناد قال ابن حجر : صحيح عن مجاهد : كان ابن الزبير إذا قام في الصلاة كأنه عود وكذا أبو بكر الصديق . فالعبث مكروه . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي بكر) الصديق . 8241 - (من تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار) إشارة إلى قوله تعالى * (فمن زخرح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز) [ آل عمران : 185 ] وهذا قاله لمن قال له : يا رسول الله علمني دعوة أرجو بها خيرا ، ومقصود السائل المال الكثير فرده النبي صلى الله عليه وسلم أبلغ رد بقوله ذلك في الجواب من قبيل الكناية ، وفيه من المبالغة والبداعة ما لا يخفى ، فمن أشكل عليه مطابقة الجواب للسؤال لم يفهم شيئا من أسرار ذلك المقال . - (ت عن معاذ) بن جبل . 8242 - (من حسن الصلاة) وفي رواية من تمام الصلاة (إقامة الصف) أي تسوية الصفوف وإتمامها الأول فالأول فالمراد بالصف الجنس ، قال ابن بطال : وفيه أن تسوية الصفوف سنة لأن حسن الشئ أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لم يتم بحسب الحقيقة إلا به ونوزع بأن لفظ الشارع لا يحمل على ما دل عليه الوضع في اللسان العربي وإنما يحمل على العرف إذا ثبت أنه عرف الشارع . - (ك) في الصلاة (عن أنس) بن مالك وقال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي . 8243 - (من) قال الطيبي : تبعيضية ويجوز كونها بيانية (حسن إسلام المرء) آثره على الإيمان لأنه الأعمال الظاهرة والفعل والترك إنما يتعاقبان عليها وزاد حسن ايماءا إلى أنه لا يتميز بصور الإيمان فعلا وتركا إلا إن اتصفت بالحسن بأن توفرت شروط مكملاتها فضلا عن المصححات وجعل الترك ترك ما لا يعني من الحسن (ترك ما لا يعنيه) بفتح أوله من عناه الأمر إذا تعلقت عنايته به وكان من قصده وإرادته ، وفي إفهامه أن من قبح إسلام المرء أخذه فيما لا يعنيه والذي لا يعني هو الفضول كله على اختلاف أنواعه ، والذي يعني المرء من الأمور ما تعلق بضرورة حياته في معاشه مما يشبعه ويرويه ويستر عورته ويعف فرجه ونحوه مما يدفع الضرورة دون ما فيه تلذذ وتنعم وسلامته في معاده وهو الإسلام [ ص 13 ] والإيمان والإحسان وبذلك يسلم من سائر الآفات وجميع الشرور والمخاصمات وذلك أن
[ 17 ]
حسن إسلامه ورسوخ حقيقة تقواه ومجانبته هواه ومعاناة ما عداه ضياع للوقت النفيس الذي لا يمكن أن يعوض فائته فيما لم يخلق لأجله فمن عبد الله على استحضار قربه من ربه أو قرب ربه منه فقد حسن إسلامه كما مر وأخذ النووي من هذا الخبر أنه يكره أن يسأل الرجل فيما ضرب امرأته قال بعضهم : ومما لا يعني العبد تعلمه ما لا يهم من العلوم وتركه أهم منه كمن ترك تعلم العلم الذي فيه صلاح نفسه واشتغل بتعلم ما يصلح به غيره كعلم الجدل ويقول في اعتذاره نيتي نفع الناس ولو كان صادقا لبدأ باشتغاله بما يصلح نفسه وقلبه من إخراج الصفات المذمومة من نحو حسد ورياء وكبر وعجب وتراوس على الأقران وتطاول عليهم ونحوها من المهلكات قالوا وذا الحديث ربع الإسلام وقيل نصفه وقيل كله . (تنبيه) قال ابن عربي : من أمراض النفس التي يجب التداوي منها أن يفعل رجل خيرا مع بعض بنيه دون بعض فتعرضه لهذا فضول يثمر عداوة الولد لأبيه فهي كلمة شيطانية لا تقع إلا من جاهل غبي ولا دواء لها بعد وقوعها ودواؤها قبله النظر إلى هذا الحديث . - (ت ه عن أبي هريرة) قال في الأذكار : وهو حسن . (حم طب عن الحسن بن علي) بن أبي طالب قال الهيثمي : رجال أحمد والطبراني ثقات (الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أبي بكر الشيرازي) كذا بخط المصنف وفي نسخ أبي بكر الشيرازي (عن أبي ذر ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن علي بن أبي طالب طس عن زيد بن ثابت) قال الهيثمي : فيه محمد بن كثير بن مروان وهو ضعيف (ابن عساكر) في التاريخ (عن) أبي عبد الرحمن (الحارث بن هشام) بن المغيرة المخزومي المكي من مسلمة الفتح وأشار باستيعاب مخرجيه إلى تقويه ، ورد زعم جمع ضعفه ومن ثم حسنه النووي بل صححه ابن عبد البر وبذكره خمسا من الصحابة إلى رد قول آخرين لا يصح إلا مرسلا . 8244 - (من حسن عبادة المرء حسن ظنه) كذا بخط المصنف وفي رواية خلقه بدل ظنه . - (عد خط) في ترجمة محمد بن أبي الرميك (عن أنس) بن مالك وفيه سليمان بن الفضل أورده الذهبي في الضعفاء وقال في الميزان : قال ابن عدي رأيت له غير حديث منكر ثم ساق له هذا وقال : هذا بهذا الإسناد لا أصل له فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدي خرجه وسلمه غير صواب . 8245 - (من حين يخرج أحدكم من منزله) ذاهبا (إلى مسجده) لنحو صلاة أو اعتكاف فيه (فرجل تكتب حسنة والأخرى تمحو سيئة) أي تذهبها . - (ك) في الصلاة (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم وأفره الذهبي وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور .
[ 18 ]
8246 - (من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا) قالوا : هو المهدي . - (م عن أبي سعيد) الخدري . 8247 - (من خير خصال الصائم السواك) صريح في جواز استياك الصائم بل ندبه وقد اختلف في السواك للصائم على أقوال : أحدهم لا بأس به مطلقا قبل الزوال وبعده بيابس أو رطب وعليه أبو حنيفة والثوري والأوزاعي . الثاني يكره بعد الزوال ويندب قبله وهو الأصح عند الشافعية . الثالث يكره بعد العصر فقط [ ص 14 ] روي عن أبي هريرة . الرابع يكره في الفرض بعد الزوال لا في النفل ونقل عن أحمد . الخامس يكره بعد الزوال مطلقا ويكره الرطب مطلقا وعليه أحمد في رواية . - (ه) وكذا البيهقي في رواية أبي إسماعيل المؤدب واسمه إبراهيم بن سليمان عن مجاهد عن الشعبي عن مسروق (عن عائشة) قال البيهقي بعد تخريجه : مجالد غيره أثبت منه ، وقال ابن القيم : فيه مجالد وفيه ضعف قال الزين العراقي : ولم ينفرد به مجالد بل ورد من رواية السري بن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة والسري ضعيف ومجالد وإن ضعفه الجمهور وثقه النسائي وروى له مسلم مقرونا بغيره ورواه أبو نعيم من طريقين آخرين وبه يتقوى . 8248 - (من خير طيبكم) أيها الرجال (المسك) فإنه مما يخفى لونه ويظهر ريحه والظاهر أن من زائدة فإنه أطيب الطيب مطلقا كما جاء في عدة أخبار . - (ن عن أبي سعيد) الخدري . 8249 - (من سعادة المرء) لفظ رواية البيهقي ابن آدم (حسن الخلق) بالضم فإن به يبلغ العبد خير الدنيا والآخرة (ومن شقاوته سوء الخلق) وإنه مقرب إلى النار موجب لغضب الجبار والسعادة الجد وفي إطلاق الشارع يراد بها الفوز بالنعيم الأخروي أو ما يترتب على ذلك . - (هب) وكذا القضاعي (عن جابر) بن عبد الله قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف وذلك لأن فيه الحسن بن سفيان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : قال البخاري : لم يصح حديثه عن هشام بن عمار قال أبو حاتم : صدوق تغير عن القاسم بن عبد الله عن عمر العمري قال في الضعفاء : قال أحمد : كان يكذب ويضع ورواه عنه الخرائطي في المكارم . 8250 - (من سعادة المرء أن يشبه أباه) وسببه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم جاء السائب بن عبد يزيد ومعه
[ 19 ]
ابنه فنظر إليهما فقاله ولعل المراد بالسعادة هنا سعادة الدنيا لأن تشبيهه بأبيه ينفي التهمة ولأن شبهه به في طبع الذكورة وقوة الرجولية دون أمه في طبع الأنوثة . - (ك في مناقب الشافعي) وكذا القضاعي في الشهاب وقال شارحه : غريب جدا (عن أنس) بن مالك وخرجه في مسند الفردوس من حديث أبي هريرة باللفظ المزبور . 8251 - (من سعادة المرء خفة لحيته) بحاء مهملة وتحتية فمثناة فوقية على ما درجوا عليه لكن في تاريخ الخطيب عن بعضهم أنه تصحيف وإنما هو لحييه بتحتيتين أي خفتهما بكثرة ذكر الله ثم قال الخطيب : لا يصح لحيته ولا لحييه اه‍ . ويجري على رواية لحييه بتحتيتين الخطابي وابن السكيت وغيرهم وعلى الأول فالمراد خفة شعرها لأن لحية الرجل زينة له ومن ثم كانت عائشة تقسم فتقول والذي زين الرجال باللحى والزينة إذا كانت تامة وافرة ربما أعجب المرء بنفسه والإعجاب مهلك كما جاء في الخبر وفي خبر : شر ما أعطى المسلم قلب سوء في صورة حسنة فإذا نظر لغزارة لحيته أعجب بها والإعجاب هلاك فكانت خفتها سبب إزرائه بها فكان فوزا وهي السعادة ففي الخبر دلالة على أن خير الأمور في التزين الوسط وترك المبالغة وقد جاء في خبر : بينا رجل من بني إسرائيل لبس حلة فأعجبته نفسه فاختال في مشيته فخسف به في الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة وفي الخبر اخشوشنوا وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى يتكفأ : كل ذلك دليل على كراهة المبالغة في الزينة وكره للرجل ما ظهر لونه من الطيب وكل ما أدى إلى الإعجاب فهو شفاء والسعادة في خلافه ففي خفة اللحية خفة الزينة وفي خفة الزينة السعادة وعلى تفسير لحييه بمثناتين تحتيتين فبعيد من المقام فلا إلتفات إليه وإن جل قائله . - (طب) عن محمد بن محمد المروزي عن علي بن حجر عن يوسف بن [ ص 15 ] الفرق عن سكين ابن أبي سراج عن المغيرة بن سويد عن ابن عباس قال الهيثمي : فيه يوسف بن الفرق قال الأزدي : كذاب (عد) عن ميمون بن سلمة عن عبد الرحمن بن عبيد الله الحلي عن أبي داود النخعي عن خطاب بن خفاف (عن ابن عباس) قال ابن الجوزي : موضوع المغيرة مجهول وسكين يروي الموضوعات عن الأثبات ويوسف كذاب وسويد ضعفه يحيى ، وقال النخعي : وضاع ، وقال الخطيب : يوسف منكر الحديث قال : ولا يصح لحيته ولا لحييه وفي الميزان : هذا الحديث كذب ووافقه الحافظ في اللسان . 8252 - (من سعادة ابن آدم استخارته الله) أي طلب الخير منه في الأمور والاستخارة طلب الخيرة في الشئ (ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضى الله) فان من رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط (ومن شقاوة ابن آدم تركه استخارة الله ومن شقاوة ابن آدم سخطه بما قضى الله له) أي كراهته له وغضبه عليه ومحبته لخلافه فيقول لو كان كذا كان أصلح لي وأولى مع أنه لا يكون إلا الذي كان وقدر في الأزل وقدم الاستخارة إشعارا بأن المقصود تفويض الأمر بالكلية إليه تعالى أولا وآخرا قال في
[ 20 ]
النوادر : فالاستخارة في الأمور لمن ترك التدبير في أمره وفوضه إلى ولي الأمور الذي قهر وقدر من قبل خلقه فأهل اليقين عرفوا هذا فإذا نابهم أمر قالوا اللهم خر لنا فهذا من سعادته فإن خار الله له رضي بذلك وافقه أو خالفه لحسن خلقه مع ربه والآخر بسوء خلقه ترك الاستخارة فإذا حل به قضاؤه تسخط وحنق ولا نجاة ولا فائدة فليسخط على نفسه التي أبعدته عن ربه . - (ت) في القدر (ك) في الدعاء (عن سعد) ابن أبي وقاص وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حميد وليس بقوي وقال في الميزان : ضعفوه ثم أورد له هذا الخبر قال ابن حجر : وأورده أحمد باللفظ المزبور عن سعد المذكور وسنده حسن . 8253 - (من سنن المرسلين الحلم والحياء والحجامة والسواك والتعطر) أي استعمال العطر في الثوب والبدن (وكثرة الأزواج) فقد كان سليمان عليه السلام له ألف زوجة لكن ليس المراد بكثرة التزوج والتطليق بل الجمع بين النساء في آن واحد وغايته في هذه الأمة أربع نسوة ومن قدر على العدل بينهن لم يكره له ذلك قال المصنف : وقد ورد الأمر بالتطيب في غير ما موطن من شرائع الإسلام كالجمعة والعيدين والكسوفين والاستسقاء وعند الإحرام وشرع مطلقا لكل حي ولميت كل قبيلة وحي وقال أبو ياسر البغدادي : الطيب من أعظم لذات البشر وأقوى الدواعي للوطء وقضاء الوطر . - (هب عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه : تفرد به قدامة بن محمد الحضرمي عن إسماعيل بن شبيب وليسا بقويين اه‍ . وإسماعيل هذا قال في الميزان : واه ، وقال النسائي : منكر الحديث ، وهذا الحديث مما أنكر عليه وفي اللسان عن العقيلي : أحاديثه مناكير . 8254 - (من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء) ويوافقه خبر لا تقوم الساعة على أحد يقول لا اله إلا الله لأن هؤلاء هم الشرار ولا ينافيه خبر لا يزال طائفة الحديث فحمل الغاية فيه على وقت هبوب الريح الطيبة التي تقبض روح كل مؤمن فلا يبقى إلا الشرار فتفجؤهم الساعة . - (خ عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا البزار وغيره . [ ص 16 ] 8255 - (من شكر النعمة إفشاؤها) أي تشهيرها والتنويه بها والاعتراف بمكانها لقوله تعالى * (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) [ ابراهيم : 7 ] فتوعدهم على كفران النعمة بالعذاب الشديد قال الحرالي : شكر كل نعمة إظهارها على حدها من جاه أو مال أو علم أو طعام أو شراب أو غيره وإنفاق فضلها والقناعة منها بالأدنى ، وقد خرج الطبراني وأبو نعيم أن
[ 21 ]
عمر رضي الله عنه صعد المنبر يوما فقال : الحمد لله الذي صيرني ليس فوقي أحد ثم نزل فقيل له في ذلك فقال : إنما فعلته إظهارا للشكر ، وقال الجيلاني : قدمي هذه على رقبة كل ولي ، أي من أهل زمنه ، وقال القرشي : صحبت ستمائة شيخ ثم وزنت بهم فرجحتهم وقال الشاذلي : لا يكمل شكر العبد حتى يرى نعمة ملوك الدنيا دون نعمته من حيث أنهم مسخرون له وقال المرسي : ما سارت الأبدال من قاف إلى قاف إلا ليلقوا مثلي وقال : لو علم أهل المشرق والمغرب ما تحت هذه الشعرات ويشير للحيته من العلوم لأتوها ولو سعيا على الوجوه وقال الشاذلي : ما بقي عند غيرنا من أهل عصرنا علم نستفيده وإنما ننظر في كلامهم لنعرف ما من الله به علينا دونهم فنشكره عليه . - (عب عن قتادة مرسلا) . 8256 - (من فقه الرجل رفقه في معيشته) أي إن ذلك من فهمه في الدين ، واتباعه طريق المرسلين . - (حم طب عن أبي الدرداء) وسنده لا بأس به . 8257 - (من فقه الرجل) أي جودة فهمه وحسن تصرفه (أن يصلح معيشته) أي ما يتعيش به بأن يسعى في اكتسابها من الحلال من غير كد ولا تهافت ويستعمل القصد في الإنفاق من غير إسراف ولا تقتير (وليس من حب الدنيا طلب ما يصلحك) أي ما يقوم بأودك وحاجة عيالك وخدمك ونحوهم فإنه من الضروريات التي لا بد منها فليس طلبه من محبة الدنيا المنهي عنها . - (عد هب عن أبي الدرداء) ثم قال البيهقي : تفرد به سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية اه‍ . قال الذهبي في الضعفاء : وسعيد بن سنان عن أبي الزاهرية متهم أي بالوضع . 8258 - (من كرامة المؤمن على الله تعالى نقاء ثوبه) أي نظافته ونزاهته عن الأدناس (ورضاه باليسير) من الملبس أو من المأكل والمشرب أو من الدنيا ، فالمحمود من اللباس نقاوة الثوب والتوسط في حسنه وكون لبس مثله غير خارم لمروءة جنسه ، وأما المباهاة في اللباس والتزين به فليس من خصال الشرف بل من سمات النساء ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس ما وجد فلبس الشملة والكساء الخشن والرداء والإزار الغليظ ويقسم من حضره أقبية الديباج المخصوصة بالذهب . (تتمة) دخل إلى الفقيه أبي الحسن العوضي زائر فوجده عريان فقال : نحن إذا غسلنا ثيابنا نكون كما قال القاضي أبو الطيب : قوم إذا غسلوا ثياب جمالهم * لبسوا البيوت إلى فراغ الغاسل - (طب) وكذا أبو نعيم (عن ابن عمر) بن الخطاب . قال الهيثمي : فيه عباد بن كثير وثقه ابن معين وضعفه غيره وجرول بن جعيل ثقة ، وقال ابن المديني : له مناكير وبقية رجاله ثقات .
[ 22 ]
8259 - (من كرامتي على ربي أني ولدت) بمكة المعظمة حين طلع فجر الاثنين لثمان خلون من ربيع الأول في إحدى الروايتين عن الحبر وجزم به جمع منهم الخوارزمي (مختونا) أي علي صورة المختون إذ الختان قطع القلفة ولا قطع هنا (ولم ير أحد سوأتي) كناية عن العورة . قال في المستدرك : تواترت الأخبار بولادته مختونا ومراده بالتواتر الاشتهار لا المصطلح عليه عند أهل الأثر ، كيف وقد قال الذهبي : لا أعلم صحة ذلك فضلا عن تواتره ، وقال الزين العراقي : عن [ ص 17 ] ابن العديم : أخبار ولادته مختونا ضعيفة بل لم يثبت فيه شئ وسبقه لنحوه ابن القيم . وبفرضه ليس ذا من خصائصه فقد عد في الوشاح اثني عشر نبيا ولدوا مختونين والختان من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم فأتمهن وأشد الناس بلاء الأنبياء والإبتلاء به مع الصبر عليه مما يضاعف به الثواب والأليق بحال النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يسلب هذه الفضيلة وأن يكرمه الله بها كما أكرم خليله وما أعطي نبي خصوصية إلا وأعطى نبينا صلى الله عليه وسلم مثلها وأعلى . - (طس عن أنس) بن مالك وصححه الضياء في المختارة ، وقال مغلطاي : خبر الطبراني هذا رواه ابن عساكر في تاريخه من غير طريقه قال : ورواه أبو نعيم بسند جيد وابن عدي في الكامل عن ابن عباس اه‍ . وقال ابن الجوزي : لا شك أنه ولد مختونا غير أن هذا الحديث لا يصح قال : فإن قيل لم لم يولد مطهر القلب من حظ الشيطان حتى شق صدره وأخرج قلبه ؟ قلنا لأن الله أخفى أدون التطهرين الذي جرت العادة أن تفعله القابلة والطبيب وأظهر أشرفهما وهو القلب فأظهر أثر التجمل والعناية بالعصمة في طرقات الوحي اه‍ . 8260 - (من كنوز البر كتمان المصائب والأمراض والصدقة (1) فإظهار المصيبة والتحدث بها قادح في الصبر مفوت للأجر وكتمانها رأس الصبر وقد شكى الأحنف إلى عمه وجع ضرسه وكدره فقال : لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة فما شكوتها لأحد ، أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن كتمان هذه الثلاثة كنز يدخر لصاحبه يوم فاقته لا يطلع على ثوابه ملك ولا يدفع إلى خصمائه بل يعوضهم الله من باقي أعماله أو خزائن فضله ليبقى له كنزه وذلك لأنه لصفاء توحيده كتم مصائبه وأمراضه ومهماته عن الخلق صبرا ورضا عن ربه وحياءا منه أن يشكو أو يستعين بأحد من بريته . - (حل) وكذا البيهقي كلاهما من حديث زافر بن سليمان عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع . (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال أبو
[ 23 ]
نعيم : تفرد به زافر بن عبد العزيز اه‍ . وزافر بن سليمان قال الذهبي : قال ابن عدي : أعل حديثه وعبد العزيز بن أبي رواد قال ابن حبان : يرو عن نافع عن ابن عمر نسخة موضوعة قال ابن الجوزي : حديث موضوع . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) أي المفروضة ، وهذا التقييد خلاف ما عليه الشافعية وعبارتهم ودفع صدقة التطوع سرا ، وفي رمضان ولنحو قريب كزوج وصديق فجار أقرب فأقرب أفضل ، وأما الزكاة فإظهارها أفضل في المال الظاهر وهو ماشية وزرع وثمر ومعدن ، أما الباطن وهو نقد وعرض وركاز فإخفاء زكاته أفضل ، واستثنى ابن عبد السلام وغيره من أولوية صدقة السر ما لو كان المتصدق ممن يقتدى به فإظهارها أولى . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8261 - (من موجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان) أي الجيعان ، وقيل لا يكون السغب إلا مع التعب ذكره ابن الأثير . - (ك) في التفسير من حديث طلحة بن عمرو (عن جابر) بن عبد الله . قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي بأن طلحة واه فالصحة من أين ؟ . 8262 - (منا) أهل البيت (الذي) أي الرجل الذي (يصلي عيسى ابن مريم) روح الله عند نزوله من السماء في آخر الزمان عند ظهور الدجال (خلفه) فإنه ينزل عند صلاة الصبح على المنارة البيضاء شرقي دمشق فيجد الإمام المهدي يريد الصلاة فيحسن به فيتأخر ليتقدم فيقدمه عيسى عليه السلام ويصلي خلفه ، فأعظم به فضلا وشرفا لهذه الأمة ، ولا ينافي ما ذكر في هذا الحديث ما اقتضاه بعض الآثار من أن عيسى هو الإمام بالمهدي وجزم به السعد التفتازاني وعلله بأفضليته لإمكان الجمع بأن عيسى يقتدي بالمهدي أولا ليظهر أنه نزل تابعا لنبينا حاكما بشرعه ثم بعد ذلك يقتدي المهدي به على أصل القاعدة من اقتداء المفضول بالفاضل . - (أبو نعيم في كتاب) أخبار (المهدي عن أبي سعيد) [ ص 18 ] الخدري وفيه ضعف . 8263 - (من آتاه الله من هذا المال) أي من جنسه (شيئا) أي يظن حله (من غير أن يسأله) أي يطلبه من الناس (فليقبله) أي ندبا وإرشادا لا وجوبا (فإنما هو رزق ساقه الله إليه) قال ابن جرير : فمن أعطى ممن تجوز عطيته سلطانا أو غيره عدلا أو فاسقا فلا على الإنسان في قبوله ثم أخرج بسنده أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى ابن عمر ارفع إلي حوائجك ، فقال : لست بسائلك ولا براد عليك ما رزقني الله منك فبعث بألف دينار فقبلها . - (حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8264 - (من آذى المسلمين في طرقهم) بالتخلي فيها كما بينه في رواية أخرى (وجب عليه لعنتهم) وفي رواية أصابته لعنتهم ، وقد استدل به على تحريم قضاء الحاجة في الطريق وعليه جرى
[ 24 ]
الخطابي والبغوي في شرح السنة وتبعهم النووي في نكت التنبيه واختاره في المجموع من جهة الدليل لكن المذهب أنه مكروه ، قال الحرالي : والأذى إيلام النفس وما يتبعها من الأحوال ، والضر إيلام الجسم وما يتبعه من الحواس اه‍ . وهو أحسن من تفسير الراغب الأذى بالضر حيث قال : الأذى ما يصل إلى الحيوان من ضرر في نفسه أو جسمه أو فتيانه دنيويا أو أخرويا . - (طب عن حذيفة بن أسيد) بفتح الهمزة الغفاري من أصحاب الشجرة ومات بالكوفة قال المنذري والهيثمي : إسناده حسن ثم رمز المصنف لحسنه ، مال الولي العراقي إلى تضعيفه فقال : فيه عمران القطان اختلفوا فيه وشعيب بن بسام صدوق لكن له مناكير . 8265 - (من آذى العباس) بن عبد المطلب (فقد آذاني ، إنما عم الرجل صنو أبيه) أي شقيقه . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه أيضا طراد في فضائل الصحابة بلفظ عمي بدل العباس وسببه أن العباس قال : يا رسول الله إنا نعرف ضغائن من أقوام بوقائع أوقعناها في الجاهلية فخطب فذكره ، وظاهر صنيع المؤلف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد رواه الترمذي باللفظ المزبور عن ابن عباس . 8266 - (من آذى عليا) بن أبي طالب (فقد آذاني) قال ذلك ثلاثا وقد كانت الصحابة يعرفون له ذلك ، أخرج الدارقطني عن عمر أنه سمع رجلا يقع في علي فقال : ويحك أتعرف عليا هذا ابن عمه - وأشار إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم - والله ما آذيت إلا هذا في قبره . وروى الإمام أحمد في زوائد المسند بلفظ إنك إن انتقصته فقد آذيت هذا في قبره . - (حم تخ ك) في فضائل الصحابة (عن عمرو بن شاس) الأسلمي وقيل الأسدي شاعر فارس شجاع شهد الحديبية وهو القائل : إذا نحن أدلجنا وأنت إمامنا * كفا لمطايانا بوجهك هاديا قال : خرجت مع علي إلى اليمن فجفاني فوجدت في نفسي فقدمت فاستظهرت شكايته بالمسجد فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا عمرو والله لقد آذيتني قلت : أعوذ بالله أن أوذيك فقال : من آذى عليا إلخ قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8267 - (من آذى شعرة مني) أي أحدا من أبعاضي وإن صغر ، كنى به عن ذلك كما قال فاطمة بضعة مني (فقد آذاني ومن [ ص 19 ] آذاني فقد آذى الله) زاد أبو نعيم والديلمي فعليه لعنة الله ملء السماء وملء الأرض وقد أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم وشرفهم ليس لأنفسهم وإنما الله الذي اجتباهم
[ 25 ]
وكساهم حلة الشرف فلا ينبغي لمسلم أن يذمهم بما وقع منهم فإن الله طهرهم ويعلم الذام لهم أن ذلك راجع إليه ولو ظلموه فذلك الظلم في زعمه ظلم لا في نفس الأمر وإن حكم عليه ظاهر الشرع بإيذائه بل حكم ظلمهم إيمانا في نفس الأمر يشبه جري المقادير علينا في المال والنفس بغرق أو حرق أو غيرهما من الأمور المهلكة ولا يجوز له أن يذم قضاء الله بقدره بل يقابله بالرضى وإلا فالصبر ، ذكره ابن عربي . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه أيضا أبو نعيم والديلمي كما تقرر مسلسلا بأخذ شعرة فقال كل منهم حدثنا فلان وهو أخذ بشعرة إلى أن قال الصحابي حدثني النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بشعرة . 8268 - (من آذى أهل المدينة) النبوية (آذاه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) أي نفلا ولا فرضا والمراد نفي الكمال وقيل توبة ولا فدية لأنها تفادي المفدى وقيل شفاعة ولا فدية ، وفيه تحذير عظيم ووعيد شديد لمن آذى أهلها ، وأخرج الطبراني وغيره مرفوعا المدينة مهاجري ومضجعي في الأرض حق على أمتي أن يكونوا جيراني ما اجتنبوا الكبائر فمن لم يفعل سقاه الله من طينة الخبال عصارة أهل النار ، وفي المدارك لما قدم المهدي المدينة استقبله مالك في أشرافها على أميال فلما أبصر بمالك انحرف المهدي إليه فعانقه وسايره فقال : يا أمير المؤمنين إنك تدخل الآن المدينة فتمر بقوم عن يمينك ويسارك أولاد المهاجرين والأنصار فسلم عليهم فإن ما في الأرض قوم خير من أهل المدينة . - (طب عن ابن عمرو) بن العاصي قال الهيثمي : وفيه العباس بن الفضل الأنصاري وهو ضعيف اه‍ . ينظر ما في رمز المصنف لحسنه . 8269 - (من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) ومن آذى الله يوشك أن يهلكه . - (طس عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وفيه موسى بن خلف البصري العمي قال الذهبي : قال ابن حبان : كثرت روايته للمناكير وقال غيره : ضعيف ووثقه بعضهم فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل : رأيتك تتخطى رقاب الناس وتؤذيهم ، من آذى مسلما إلخ . 8270 - (من آذى ذميا فأنا خصمه) المطالب بحقه لأن الذمي إذا أقر بالجزية لزم الإمام الدفع عنه فإذا آذاه إنسان فقد افتات عليه وتعرض لمخاصمته فصار خصمه (ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة) . - (خط) في ترجمة داود بن علي بن خلف عن إسحاق بن إبراهيم الحنظلي عن عيسى بن يونس عن الأعمش عن ثقيف (عن ابن مسعود) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر
[ 26 ]
بخلافه بل أعله وقدح فيه وقال : حديث منكر بهذا الإسناد وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال : قال أحمد : لا أصل له وداود الظاهري قال : قال الأزدي : تركوه وفي الميزان عباس بن أحمد الواعظ عن داود قال الخطيب : غير ثقة ومن بلاياه أتى بخبر من آذى ذميا أنا خصمه بإسناد مسلم والبخاري قال الخطيب : الحمل فيه على عباس اه ، قال في اللسان : له راو غير ابن التلاج وابن التلاج متهم بالاختلاق . 8271 - (من أمن رجلا على دمه فقتله فأنا برئ من القاتل وإن كان المقتول كافرا) لكنه مؤمن بخلاف ما إذا كان مرتدا [ ص 20 ] أو حربيا وفيه أن لكل مسلم ولو عبدا أو امرأة غير أسير ولا مكره تأمين كافر وكافرة قتله قال الإمام : وعليه دية ذمي . - (ن عن عمرو بن الحمق) قال الهيثمي : ورواه عنه الطبراني بأسانيد كثيرة وأحدها رجاله ثقات . 8272 - (من آوى) بالمد والقصر فكل منهما يلزم ويتعدى لكن القصر في اللازم والمد في المتعدي أشهر وبه جاء التنزيل * (أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة) [ الكهف : 63 ] ، * (وآويناهما) [ المؤمنون : 50 ] والمراد ضم إليه (ضالة) قال الزمخشري : صفة في الأصل للبهيمة فغلبت قال : والمعنى أن من يضمها إلى نفسه متملكا لها ولا ينشدها (فهو ضال) عن طريق الصواب أو آثم أو ضامن إن هلكت عنده ، عبر به عن الضمان للمشاكلة وذلك لأنه إذا التقطها فلم يعرفها فقد أضر بصاحبها وصار سببا في تضليله عنها فكان ضالا عن الحق (ما لم يعرفها) قال النووي : فيه لزوم تعريف اللقطة ، هبه قصر تملكها أو حفظها وهو الصحيح عند الشافعية ويحتمل أن المراد ضالة الإبل ونحوها مما لا يلتقط للتملك بل للحفظ فيجب تعريفها أبدا . - (حم م) في القضاء (عن زيد بن خالد) الجهني ورواه النسائي أيضا ولم يخرجه البخاري . 8273 - (من آوى يتيما أو يتيمين) أي ضمهما إليه وقام بمؤونتهما (ثم صبر واحتسب كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) تمامه عند مخرجه الطبراني وحرك أصبعيه السبابة والوسطى قال الطيبي : وقوله في الجنة خبر كان فيجب أن يقدر متعلقة خاصا ليوافقه قوله كهاتين أي متقارنين في الجنة اقترانا مثل اقتران هاتين الأصبعين ويجوز أن يكون كهاتين حالا من الضمير المستتر في الجنة . - (طس عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : وفيه من لم أعرفهم . 8274 - (من ابتاع) أي اشترى (طعاما) هو ما يؤكل (فلا يبعه حتى يستوفيه) أي يقبضه كما
[ 27 ]
جاء مصرحا به في رواية لئلا يكون متصرفا في ملك غيره بلا إذنه فإن الزيادة على المسمى في الكيل والوازن للبائع وقيد الطعام اتفاقي لأن النهي عام في كل منقول عند أبي حنيفة وفي العقار أيضا عند الشافعي وجعل مالك وأحمد القيد للاحتراز . - (حم ق ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب . 8275 - (من ابتاع) أي اشترى (مملوكا) عبدا أو أمة (فليحمد الله) أي على تيسره له (وليكن أول ما يطعمه) الشئ (الحلو) أي ما فيه حلاوة خلقية أو مصنوعة (فإنه أطيب لنفسه) مع ما فيه من التفاؤل الحسن ، والأمر للندب . - (ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة) ورواه عنها أيضا ابن عدي ورواه الخرائطي في مكارم الأخلاق عن معاذ مرفوعا وعده ابن الجوزي في الموضوعات . 8276 - (من ابتغى العلم) أي طلب تعلمه (ليباهي به العلماء) أي يفاخرهم ويطاولهم به (أو يماري به السفهاء) أي يجادلهم ويخاصمهم والمماراة المجادلة والمحاجة من المرية وهي الشك فإن كان واحد من المتخاصمين يشك فيما يقوله الآخر (أو تقبل) بطلبه [ ص 21 ] (أفئدة الناس) أي قلوبهم (إليه فإلى النار) أي فالمبتغى ذلك مآله إلى النار وفي رواية فأدخله الله النار قال القاضي : ثم المختص بهذا الوعيد إن كان من أهل الإيمان فلا بد من دخوله الجنة كما عرف بالنصوص الصحيحة فتأويل الحديث أن يكون تهديدا أو زجرا عن طلب الدنيا بعمل الآخرة وعد الذهبي تعلم العلم لشئ مما ذكر من الكبائر . - (ك هب) من حديث إسحاق بن يحيى بن طلحة عن عبد الله بن كعب (عن) أبيه (كعب بن مالك) قال الحاكم : لم يخرجا لإسحاق وإنما أخرجته شاهدا وقال الذهبي في الكبائر عقب تخريجه : في الحديث إسحاق . واه 8277 - (من ابتغى القضاء) أي طلبه (وسأل فيه) أي في توليته (شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده) قال الطيبي : جمع بين ابتغى وطلب وسأل إظهارا لحرصه فإن النفس مائلة إلى حب الرئاسة وطلب الترفع فمن منعها سلم من هذه الآفة ومن اتبع هواه وسأل القضاء هلك ولا سبيل إلى الشروع فيه إلا بالإكراه وفي الإكراه قمع هوى النفس وحينئذ يسدده إلى طريق الصواب . - (ت عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو في ذلك تابع لمخرجه حيث قال : حسن غريب قال في المنار : ولم يبين علته وقد خرجه من طريقين ففيه من طريق خيثمة النضري لم تثبت عدالته وقال ابن معين : ليس بشئ ومن الطريق الأخرى بلال بن مرداس مجهول وعبد الأعلى بن عباس ضعيف .
[ 28 ]
8278 - (من ابتلى) البلاء الامتحان يعني من امتحن (من هذه) الإشارة إلى أمثال المذكورات في السبب الآتي في الفاقة أو جنس البنات مطلقا (البنات بشئ) من أحوالهن أو من أنفسهن لينظر هل يحسن أو يسئ ، وعد نفس وجودهن بلاء لما ينشأ عنهن من العار تارة والشر تارة والفتن بين الأصهار أخرى (فأحسن إليهن) بالقيام بهن على الوجه الزائد عن الواجب من نحو إنفاق وتجهيز وغير ذلك بما يليق بأمثالهن على الكمال المطلوب (كن له سترا) أي حجابا وأراد بالستر الجنس الشامل للقليل والكثير وإلا لقال أستارا (من النار) جزاءا وفاقا فمن سترهن بالإحسان جوزي بالستر من النيران ، وأفاد تأكيد حق البنات لضعفهن غالبا بخلاف الذكور لما لهم من القوة وجودة الرأي وإمكان التصرف غالبا . (تنبيه) قال الزين العراقي : لم يقيد هذه الرواية بالاحتساب وقيده في أخرى به والظاهر حمل المطلق على المقيد . - (حم ق ت عن عائشة) قالت : دخلت امرأة ومعها بنتان لها فسألت فلم أجد عندي شيئا غير تمرة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم تأكل منها ثم قامت فخرجت فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فذكره . 8279 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فليعدل بينهم في لحظه) أي نظره إلى من تحاكم إليه منهم (وإشارته ومقعده ومجلسه) وجميع وجوه الإكرام من السلام وغيره فيحرم عليه ترك التسوية . - (قط طب هق عن أم سلمة) قال الذهبي في المهذب : إسناده واه . 8280 - (من ابتلي بالقضاء بين المسلمين فلا يرفع صوته على أحد الخصمين ما لا يرفعه على الآخر) بل يسوي بينهم [ ص 22 ] في الرفع وعدمه لوجوب التسوية كما مر . - (طب هق عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال مخرجه البيهقي نفسه عقب تخريجه الحديث : محمد بن العلاء أي أحد رجاله ليس بالقوي اه‍ . وفيه محمد بن الحسين السلمي الصوفي وقد سبق عن الخطيب أنه وضاع . 8281 - (من ابتلي) بضم التاء (فصبر وأعطى) بكسر الطاء (فشكر ، وظلم) بضم الظاء (فغفر ، وظلم) بفتح الظاء (فاستغفر : أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) استدل به القرطبي وغيره على أن حصول الابتلاء وكل ما يترتب عليه التكفير لا يحصل به الموعود إلا بانضمام الصبر إليه ورد بأن
[ 29 ]
الكلام هنا في ثواب مخصوص وهو حصول الأمن والهداية لا في مطلق الثواب . - (طب هب عن سخبرة) بمهملة مفتوحة فمعجمة ساكنة فموحدة تحتية مفتوحة وزن مسلمة هو الأزدي وقيل الأسدي وهو والد عبد الله بن سخبرة له صحبة ذكره ابن الأثير وفي التقريب كأصله : صحابي في إسناد حديثه ضعف اه‍ ورمز المصنف لحسنه وأصله قول الحافظ في الفتح : خرجه الطبراني بسند حسن . 8283 - (من أتى المسجد) أي قصده (لشئ) أي لفعل شئ فيه (فهو حظه) أي نصيبه من إتيانه لا يحصل له غيره فمن أتاه لصلاة حصل له أجرها أو لزيارة بيت الله حصلا له ومن أتاه لهما مع تعلم علم أو إرشاد جاهل حصل له ما أتاه لأجله أو أتاه لنحو تفرج أو إنشاد ضالة فهو حظه وهو من قوله عليه السلام وإنما لكل امرء ما نوى . - (د عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه عنه ابن ماجه أيضا قال عبد الحق : وفيه عثمان بن أبي عاتكة قال ابن معين : ليس بشئ وابن حنبل : لا بأس به وقال المنذري : ضعفه غير واحد وقال الذهبي : صدقه النسائي ووثقه غيره 8282 - (من أبلى) بضم الهمزة وكسر اللام (بلاء) أي أنعم عليه بنعمة والبلاء يستعمل في الخير والشر لأن أصله الاختبار والامتحان كما تقرر (فذكره فقد شكره) يعني أن من آداب النعمة أن يذكر المعطي فإذا ذكره فقد شكره وذا لا ينافي رؤية النعمة منه تعالى لأن للمعطي طريقا في وصولها وقد أثنى الله على عباده بأعمالهم وهو خالقها ومن تمام الشكر أن يستر عيوب العطاء ولا يحتقره (وإن كتمه فقد كفره) أي ستر نعمة العطاء وغطاها * (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد) [ ابراهيم : 7 ] - (د والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله ورواته ثقات . 8284 - (من أتى عرافا) بالتشديد وهو من يخبر بالأمور الماضية أو بما أخفي وزعم أنه هو الكاهن يرده جمعه بينهما في الخبر الآتي قال النووي : والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن إنما يتعاطى الأخبار عن الكوائن المستقبلة ويزعم معرفة الأسرار والعراف يتعاطى معرفة الشئ المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك ومن الكهنة من يزعم أن جنيا يلقي إليه الأخبار ومنهم من يدعي إدراك الغيب بفهم أعطيه وأمارات يستدل بها عليه وقال ابن حجر : الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الأمور المغيبة وكانوا في الجاهلية كثيرا فمعظمهم كان يعتمد على من تابعه من الجن وبعضهم كان يدعي معرفة ذلك بمقدمات أسباب يستدل على مواقعها من كلام من يسأله وهذا الأخير يسمى العراف بمهملتين اه‍ (فسأله عن شئ) أي من المغيبات ونحوها (لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) خص العدد بالأربعين على عادة العرب في [ ص 23 ] ذكر الأربعين والسبعين ونحوهما للتكثير أو لأنها المدة التي ينتهي إليها تأثير تلك
[ 30 ]
المعصية في قلب فاعلها وجوارحه وعند انتهائها ينتهي ذلك التأثير ، ذكره القرطبي ، وخص الليلة لأن من عاداتهم ابتداء الحساب بالليالي . وخص الصلاة لكونها عماد الدين فصومه كذلك ، كذا قيل ، ثم اعلم أن ذا وما أشبهه كمن شرب الخمر يلزمه الصلاة وإن لم تقبل . إذ معنى عدم القبول عدم الثواب لاستحقاق العقاب فالصلاة مع القبول لفاعلها الثواب بلا عقاب ومع نفيه لا ثواب ولا عقاب ، هذا ما عليه النووي لكن اعترض بأنه سبحانه لا يضيع أجر المحسنين فكيف يسقط ثواب صلاة صحيحة بمعصية لاحقة ؟ فالوجه أن يقال المراد من عدم القبول عدم تضعيف الأجر لكنه إذا فعلها بشروطها برئت ذمته من المطالبة بها ويفوته قبول الرضا عنه وإكرامه ويتضح باعتبار ملوك الأرض * (ولله المثل الأعلى) [ النحل : 60 ] وذلك أن المهدي إما مردود عليه أو مقبول منه والمقبول إما مقرب مكرم وإما ليس كذلك فالأول البعيد المطرود والثاني المقبول التام الكامل والثالث لا يصدق عليه أنه كالأول فإنه لم يرد هديته بل التفت إليه وقبل منه لكن لما يثب صار كأنه غير مقبول منه فصدق عليه أنه لم يقبل منه . - (حم م) في الطب (عن بعض أمهات المؤمنين) وعينها الحميدي بأنها حفصة . 8285 - (من أتى عرافا أو كاهنا) وهو من يخبر عما يحدث أو عن شئ غائب أو عن طالع أحد بسعد أو نحس أو دولة أو محنة أو منحة (فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل الله على محمد) من الكتاب والسنة وصرح بالعلم تجريدا وأفاد بقوله فصدقه أن الغرض إن سأله معتقدا صدقه فلو فعله استهزاء معتقدا كذبه فلا يلحقه الوعيد ، ثم إنه لا تعارض بين ذا الخبر وما قبله لأن المراد إن مصدق الكاهن إن اعتقد أنه يعلم الغيب كفر وإن اعتقد أن الجن تلقي إليه ما سمعته من الملائكة وأنه بإلهام فصدقه من هذه الجهة لا يكفر قال الراغب : العرافة مختصة بالأمور الماضية والكهانة بالحادثة وكان ذلك في العرب كثيرا وآخر من روى عنه الأخبار العجيبة سطيح وسواد بن قارب . - (حم ك عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرطهما وقال الحافظ العراقي في أماليه : حديث صحيح ورواه عنه البيهقي في السنن فقال الذهبي : إسناده قوي . 8286 - (من أتى فراشه) لينام (وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه) أي نام قهرا عليه (حتى يصبح كتب له ما نوى) إنما الأعمال بالنيات وفيه أن الأمور بمقاصدها (وكان نومه صدقة عليه من ربه) . - (ن ه حب ك عن أبي الدرداء) قال الحاكم : على شرطهما وعلته أن معاوية بن عمرو رواه عن زائدة فوقفه وحسين الجعفي أحفظ كذا في المستدرك وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي : سنده صحيح وقال المنذري : سنده جيد .
[ 31 ]
8287 - (من أتى الجمعة والإمام يخطب) خطبتها (كانت له ظهرا) أي فاتته الجمعة فلا يصح ما صلاه جمعة بل ظهرا لفوات شرطها من سماعه للخطبة وهذا إن لم يتم العدد إلا به . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن العاص . 8288 - (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول أو أتى امرأة حائضا) أي جامعها حال حيضها (أو أتى امرأة في دبرها) قال الطيبي : أتى : لفظ مشترك بين المجامعة وإتيان الكاهن (فقد برئ مما أنزل على محمد) صلى الله عليه وسلم ، قال الطيبي : تغليظ شديد ووعيد هائل كيف لم يكتف بكفره بل ضم إليه [ ص 24 ] بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وصرح بالعلم تجديدا والمراد بالمنزل الكتاب والسنة أي من ارتكب هذه المذكورات فقد برئ من دين محمد صلى الله عليه وسلم بما أنزل عليه وفي تخصيص المرأة المنكوحة في دبرها دلالة على أن إتيان الأجنبية سيما الذكران أشد نكيرا وفي تقديم الكاهن عليهما ترق من الأهون إلى الأغلظ اه‍ . وقال المظهر : المراد أن من فعل هذه المذكورات واستحلها فقد كفر ومن لم يستحلها فهو كافر النعمة على ما مر غير مرة وليس المراد حقيقة الكفر وإلا لما أمر في وطء الحائض بالكفارة كما بينه الترمذي وغيره ، واعلم أن إتيان الكاهن شديد التحريم حتى في الملل السابقة قال في السفر الثاني من التوراة : لا تتبعوا العرافين والقافة ولا تنطلقوا إليهم ولا تسألوهم عن شئ لئلا تتنجسوا بهم وفي الثالث من تبعهم وضل بهم أنزل به غضبي الشديد وأهله من شيعه اه‍ . وإتيان الحائض مضر شرعا وطبا ، قال الحرالي : هو مؤذ للجسم والنفس لاختلاط النطفة بركس الدم الفاسد العافن حتى قيل إن الموطوءة فيه يعرض لولدها أنواع من الآفات . (فائدة) قال الحافظ ابن حجر في اللسان في ترجمة سهل بن عمار : أصل وطء الحليلة في الدبر أي فعله مروي عن ابن عمرو عن نافع وعن مالك من طرق عدة صحيحة بعضها في صحيح البخاري وفي غريب مالك للدارقطني . - (حم 4) في الطب والبعض في الطهارة (عن أبي هريرة) قال البغوي : سنده ضعيف قال المناوي : وهو كما قال وقال الترمذي : ضعفه البخاري وقال ابن سيد الناس : فيه أربع علل التفرد عن غير ثقة وهو موجب للضعف وضعف رواته والانقطاع ونكارة متنه وأطال في بيانه ، وقال الذهبي في الكبائر : ليس إسناده بالقائم ، وقال المنذري : رووه كلهم من طريق حكيم الأثرم عن ابن تميمة وهو طريق خالد عن أبي هريرة وسئل ابن المديني من حكيم فقال : عيانا هذا وقال البخاري : لا يعرف لابن تميمة سماع من أبي هريرة . 8289 - (من أتى كاهنا فسأله عن شئ حجبت عنه التوبة أربعين ليلة فإن صدقه بما قال كفر)
[ 32 ]
تمسك به الخوارج على أصولهم الفاسدة في التكفير بالذنوب ومذهب أهل السنة أنه لا يكفر فمعناه قد كفر النعمة أي سترها فإن اعتقد صدقه في دعواه الإطلاع على الغيب كفر حقيقة على ما مر بسطه . - (طب عن واثلة) بن الأسقع قال المنذري : ضعيف وقال الهيثمي : فيه سليمان بن أحمد الواسطي وهو متروك . 8290 - (من أتى إليكم معروفا فكافئوه) لأن في ذلك التواصل والتحابب والذي أتاك المعروف محتاج كأنت فقابله بمثل فعله وأحسن قال سبحانه * (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) [ النساء : 86 ] قيل هو في الهدية وقيل السلام (فإن لم تجدوا) ما تكافئوه به (فادعوا) الله (له) أن يكافئه عنكم وفي خبر إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء . - (هب عن الحكيم بن عمير) الثمالي ، قال الهيثمي : فيه يحيى بن يعلى الأسلمي وهو ضعيف . 8291 - (من أتى امرأة) أي جامعها (في حيضها) عمدا أو جهلا (فليتصدق) ندبا وقيل وجوبا (بدينار) أي بمثقال إسلامي خالص (ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فنصف دينار) ولا شئ على المرأة لأنه حق تعلق بالوطء فخوطب به الرجل دونها كالمهر . - (طب عن ابن عباس) وصححه الحاكم لكن نوزع بضعف سنده واضطراب متنه فروى مرفوعا وموقوفا ومرسلا ومعضلا وبدينار مطلقا وبنصف كذلك وبخمسي دينار وباعتبار صفات الدم وبدونه وباعتبار أول الحيض وآخره لكن أطال ابن القطان في الانتصار له وأنه من [ ص 25 ] طريق أبي داود صحيح وإن كان ضعيفا من غيرها قال ابن حجر : وهو الصواب ولا يضر الاضطراب فكم من حديث احتجوا به وفيه من الخلف أكثر مما في هذا الخبر ؟ كخبر القلتين ، وفيه رد على النووي في زعمه ضعفه . اه‍ . 8292 - (من أتاه أخوه) في الدين وإن لم يكن أخوه من النسب (متنصلا) أي منتفيا من ذنبه معتذرا إليه (فليقبل ذلك منه) ندبا مؤكدا سواء كان (محقا) في اعتذاره (أو مبطلا) فيه (فإن لم يفعل) أي لم يقبل معذرته (لم يرد علي الحوض) يوم القيامة حين يرده المؤمنون فيسقيهم منه لأن تنصله خروج من الذنب واستسلام له والله سبحانه يقبل التوبة ممن أقبل عليه وأسلم وجهه إليه معاملة له برجائه وهو يحب صفاته ويحب من تخلق بشئ منها كما سبق فمن عرض عليه التحلي بهذا الخلق العظيم فأبى واستكبر عن قبوله ورد المتنصل إليه خائبا ولم يبرد قلبه بقبول معذرته جوزي على ذلك فإطالة عطشه في الموقف حين تدنو الشمس من الرؤوس فيعاقب بتقديم غيره في الورود في ذلك اليوم المشهود حتى
[ 33 ]
يكون من آخر الواردين . (تنبيه) حكي أن أبا سهل الصعلوكي بحث في مسألة في محفل مع عبد الله الختن فأغلظ عليه أبو سهل في الرد ثم جاء يعتذر إليه في السر فأنشد الختن . جفاء جرى لدى الناس فانبسط * وعذر إلى سر فأكد ما فرط ومن رام أن يمحو جلى اعتدائه * خفي اعتذار فهو في أعظم الغلط فبين الختن أن الاعتذار لا يمحو الذنب إلا إن جرى على نحو الذي جرى عليه التقصير وهذا قد ينافيه ظاهر قوله في الحديث محقا أو مبطلا إلا أن يراد أن هذا هو مقام الكمال والحاصل أن الكلام في مقامين مقام يتعلق بالعافي وهذا الأكمل فيه قبول العذر وإن علم كذبه سواء أنكر وقوع الذنب أو أقر فطلب العفو ومقام يتعلق بما يلحقه من المعتذر إليه وصمة ألحقها به في الملأ فهذا لا يرفع الاعتذار منه الذنب إلا إن كان بحضرة أولئك الذين أوهمهم إلحاق النقص به وهذا بالنسبة إلى الآحاد أما بالنسبة لكمل الرجال فالعفو مطلوب على كل حال . - (ك عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن السني والديلمي . 8293 - (من اتبع الجنازة فليحمل بجوانب السرير كلها) النعش الذي فوقه الميت وفي الحديث إيماء إلى تفضيل التربيع في حمل الجنازة وهو أن يتقدم رجلان ويتأخر رجلان وهو مذهب الحنفية وفضل الشافعية الحمل بين العمودين وهو أن يضع واحد العمودين على عاتقيه ويحمل المؤخر رجلان لأدلة أخرى . - (ه عن ابن مسعود) . 8294 - (من اتبع كتاب الله) القرآن أي أحكامه (هداه من الضلالة ووقاه سوء الحساب يوم القيامة) تمامه عند الطبراني وذلك أن الله عز وجل قال : * (فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى) [ طه : 123 ] انتهى . - (طس عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه أبو شيبة وعمران بن أبي عمران وكلاهما ضعيف جدا . 8295 - (من أتت عليه ستون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) أي بسط عذره على مواضع التملق له وطلب العذر إليه كما يقال لمن فعل ما نهى عنه ما حملك على هذا ؟ فيقول خدعني فلان وغرني كذا ورجوت كذا وخفت كذا [ ص 26 ] فيقال له قد عذرناك وتجاوزنا عنك فإذا لم يرجع العبد ويعتذر مع تلاهي العمر وحلول الشيب الذي هو نذير الموت بساحته فقد خلع عذاره ورفض إنذاره وعدم الحجة في ترك الحجة ولا قوة إلا بالله ، قال ابن بطال : إنما كانت الستون حدا لذلك لأنها قريبة من المعترك وهو
[ 34 ]
سن الإنابة وترقب المنية فهذا إعذار بعد إعذار لطفا منه تعالى بعباده حتى ينقلهم من حالة الجهل إلى حالة العلم ثم أعذر إليهم فلم يعاقبهم إلا بعد الحجة الواضحة . - (حم) من رواية يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبري (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وخرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور ثم قال : استشهد به البخاري وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور من الوجه الذي خرجه منه أحمد . 8296 - (من أتته) في رواية الطبراني من هديت له (هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه فيها) لأنه تعالى قد أوصى في التنزيل بالإحسان إلى الجليس وهو يعم الصاحب في الحضر والرفيق في السفر والزوجة وهي أعظمها وإنما وجب لهم حق الإكرام بمقاسمتهم من الإنعام لأنه سبحانه وتعالى أقام لك من جهتهم مرفقا موفقا ومنفعا فإن لم يوجب لهم الحق لم يشكرهم والله لا يحب الكفور قال الحكيم : الجلساء هم الذين داوموا على مجالستك حتى صاروا معك كشئ واحد فليس كل من جلس إليك جليسك بل الجليس من أفضى إليك أسراره ويخالطك في أمورك فله حق وحرمة . (حكاية) قال ابن العربي : أخبرني بهجة الملك أبو طالب ابن عين الدولة ملك صور أنه أهدى لملك مصر هدية عظمي جمعت كل ظريفة وتحفة من الآلات السلطانية والذخائر العجيبة قال : إن وجه حسنها لم يوجد مثلها لعينها وواصل جمعها في أعوام كثيرة فلما كملت بعثها إليه فدخل الرسل عليه في فسطاط مصر وسلموا له كتب الهدية وكان بالمجلس ابن ربيعة ملك طئ ضيفا فقال له : الهدية مشتركة فقال : أما لمثلنا فلا تصح الشركة ولا تليق وهي بجملتها لك فأخذها . قال بهجة الملك : فما أسف على هبتها بل على كونه لم يقف على أعيانها حتى يرى ما لم تقع عينه على مثله في مملكته . - (طب) وكذا الخطيب (عن الحسن بن علي) قال الهيثمي : وفيه يحيى بن سعيد القطان وهو ضعيف ورواه الطبراني أيضا في الكبير والأوسط عن ابن عباس قال الهيثمي : وفيه مندل بن علي ضعيف وقد وثق ورواه أيضا العقيلي وابن حبان في الضعفاء والبيهقي من حديث ابن عباس ثم قال العقيلي : لا يصح في هذا المتن حديث قال في الميزان : وقد علقه البخاري وقال : لا يصح قال في اللسان : وله طريق إلى ابن عباس موقوفة وسندها جيد اه‍ . أما المرفوع فحكم ابن الجوزي بوضعه من جميع طرقه . 8297 - (من اتخذ من الخدم غير ما) أي أمة (ينكح) ها (ثم بغين) أي زنين (فعليه مثل آثامهن) لأنه السبب فيها (من غير أن ينقص من آثامهن شئ) قال في المطامح : هذا ظاهر من حيث المعنى لأن فاعل السبب كفاعل المسبب ولا يتحقق ذلك إلا إذا قدر على الكف والمنع من المعصية وأسبابها اه‍ . وأخذ منه أن العاجز عن الوطء ينبغي له عدم اتخاذ السراري ، ومن ثم قيل :
[ 35 ]
إذا تزوج شيخ الدار غانية * مليحة القد تزهى ساعة النظر فقد تزايغ في أحواله وأتت * فأتى القيادة يستقصي عن الخبر - (البزار) في مسنده (عن سلمان) الفارسي وفيه عطاء بن يسار عن سلمان الفارسي ، قال عبد الحق : وعطاء لم يعلم سماعه منه فإن فيه سعيد بن الجرو لا أعلم له وجودا إلا هنا وفيه سلمة بن كلثوم يروي عنه جمع ومع ذلك هو مجهول الحال . [ ص 27 ] 8298 - (من اتقى الله) أي أطاعه في أمره ونهبه ولم يعصه بقدر الاستطاعة (عاش قويا) في دينه وبدنه حسا ومعنى ، وأي قوة أعظم من التأييد والنصر * (إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون) [ النحل : 128 ] (وسار في بلاده) كذا فيما وقفت عليه من النسخ لكن لفظ رواية العسكري وسار في بلاد عدوه (آمنا) مما يخاف * (وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا) [ آل عمران : 120 ] (وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور) [ آل عمران : 186 ] قال الغزالي : التقوى كنز عزيز فإن ظفرت به فكم نجد فيه من جوهر شريف وعلق نفيس وخير كثير ورزق كريم وفوز كبير وملك عظيم فخيرات الدنيا جمعت تحت هذه الخصلة الواحدة التي هي التقوى وكل خير وسعادة في الدارين تحت هذه اللفظة فلا تنس نصيبك منها ، وقال بعض العارفين لشيخه : أوصني ، قال : أوصيك بوصية رب العالمين للأولين والآخرين من قوله * (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله) [ النساء : 131 ] (حل عن علي) أمير المؤمنين ورواه بهذا اللفظ العسكري عن سمرة مرفوعا . 8299 - (من اتقى الله أهاب الله منه كل شئ ومن لم يتق الله أهابه الله من كل شئ) لأن من كان ذا حظ من التقوى امتلأ قلبه بنور اليقين فانفتح عليه من الجلال والهيبة ما يهابه به كل من يراه وبقلة التقوى يقل اليقين وتستولي الظلمة على القلب ومن هذا حاله فهو كالكلب فأنى يهاب ؟ فعلى قدر خوف العبد من ربه يكون خوف الخلق منه فكلما اشتد خوف العبد من الرب اشتد خوف الخلق منه ، قال بعضهم : الخائف الذي يخافه المخلوقات وهو الذي غلب عليه خوف الله وصار كله خوفا وقد كان سعيد بن المسيب مع شدة زهده وتقشفه يستأذنون عليه هيبة له كما يستأذنون على الأمراء بل أشد ، وكان يقول : ما استغنى أحد بالله إلا وافتقر الناس إليه . - (الحكيم) الترمذي (عن واثلة) بن الأسقع . 8300 - (من اتقى الله كل) بفتح الكاف وشد اللام (لسانه ولم يشف غيظه) ممن فعل به مكروها لأن التقوى عبارة عن امتثال أوامر الله وتجنب نواهيه ولن يصل العبد إلى القيام بأوامره إلا بمراقبة قلبه
[ 36 ]
وجوارحه في لحظاته وأنفاسه بحيث يعلم أنه مطلع عليه وعلى ضميره ومشرف على ظاهره وباطنه محيط بجميع لحظاته وخطراته وخطواته وسائر حركاته وسكناته وذلك مانع له مما ذكر فمن زعم أنه من المتقين وهو ذرب اللسان منتصر لنفسه مشف لغيظه فهو من الكاذبين ، لا ، بل من الهالكين . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (التقوى عن سهل بن سعد) ورواه عنه أيضا الديلمي في مسند الفردوس ، قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف قال : ورأيناه في الأربعين البلدانية للسلفي . 8301 - (من اتقى الله وقاه كل شئ) يخافه * (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [ يونس : 62 ] فأعظم بخصلة تضمنت مولاة الله وانتفاء الخوف والحزن وحصول البشرى في الدنيا والعقبى * (إن الله يحب المتقين) [ آل عمران : 76 ] (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، الذين آمنوا وكانوا يتقون ، لهم البشرى في الحياة الدنيا والآخرة) [ يونس : 62 ] - (ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الخطيب في تاريخه باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير غير جيد . 8302 - (من أثكل) أي فقد (ثلاثة من صلبه) بضم أوله المهملة (في سبيل الله فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة) [ ص 28 ] تفضلا منه بإنجاز وعده ولا يجب على الله شئ ، قال في الفردوس : أي يحتسب الأجر على غصة حرقة المصيبة . - (طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي : رجال الطبراني ثقات اه‍ . وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد والطبراني باللفظ المذكور من الوجه المزبور : رواته ثقات ، فكان ينبغي للمؤلف عزوه لأحمد إذ هو أولى بالعزو من الطبراني ثم إنه أيضا قد رمز لحسنه فكان حقه أن يرمز لصحته . 8303 - (من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة) قال بعض شراح المصابيح : المراد بالوجوب هنا وفيما مر ويأتي الثبوت لا الوجوب الاصطلاحي (ومن أثنتيم عليه شرا) بنصب خير وشر بإسقاط الجار ، وذكر الثناء مقابلا للشر للمشاكلة (وجبت له النار) أي إن طابق الثناء الواقع لأن مستحق أحد الدارين لا يصير من أهل غيرها بقول يخالف الواقع أو مطلقا لأن إلهام الناس الثناء آية أنه غفر له ، وأورد لفظ الوجوب زيادة في التقريع والتهديد وإلا فقد يغفر للعاصي المؤمن قال القرطبي : هذا الحديث يعارضه حديث البخاري لا تسبوا الأموات إلخ ، والثناء بالشر سب فقيل : خاص بالمنافقين الذين شهد فيهم الصحب بما ظهر منهم وقيل : هو عام فيمن يظهر الشر ويعلن به فيكون من قبيل لا غيبة لفاسق وقيل : النهي بعد الدفن لا قبله (أنتم شهداء الله في الأرض) قاله ثلاثا للتأكيد ، وفي إضافة الشهداء إلى الله غاية التشريف وإشعار بأنهم عنده بمنزلة علية لأنه عدلهم حيث قبل شهادتهم * (وكذلك جعلناكم أمة
[ 37 ]
وسطا لتكونوا شهداء على الناس) [ البقرة : 143 ] * والوسط العدل ، قال بعض الشراح : والمراد شهادة الصحابة وغيرهم ممن كان بصفتهم لا شهادة الفسقة لأنهم قد يثنون على من هو مثلهم ولا شهادة من بينه وبين الميت عداوة لأن شهادة العدو لا تقبل وقيل : معنى الخبر إن الثناء بالخير ممن أثنى عليه أهل الفضل وطابق الواقع فهو من أهل الجنة وإن لم يطابق الواقع فلا ، وكذا عكسه ، قال النووي : والصحيح أنه على عمومه وأن من مات فألهم الناس الثناء عليه بخير فهو من أهل الجنة ، هب أفعاله تقتضيه أم لا ، ووقوع الثناء بالشر كان قبل النهي عن سب الأموات والنهي خاص بغير نحو منافق ومتجاهر بفسق أو بدعة كما مر . - (حم ق ن عن أنس) قال : قاله لما مر بجنازة فأثنى عليها . 8304 - (من اجتنب أربعا) من الخصال (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب كما مر نظيره غير مرة (الدماء) بأن لا يريق دم امرئ ظلما (والأموال) بأن لا يتناول منها شيئا بغير حق (والفروج) بأن لا يستمتع بفرج غير حليلته أو بفرج حليلته حيث قام بها مانع عارض كحيض وغيره (والأشربة) بأن لا يدخل جوفه شرابا شأنه الإسكار وإن لم يسكر لقلته . - (البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه داود بن الجراح . قال ابن معين وغيره : يغلط في حديث سفيان دون غيره ، قال الهيثمي : وهذا من حديثه عن سفيان وعد في الميزان هذا من مناكير داود ومن ثم قال ابن الجوزي : حديث لا يصح . 8305 - (من أجرى الله على يديه فرجا لمسلم) معصوم (فرج الله عنه كرب الدنيا والآخرة) جزاءا وفاقا ، وهذا فضل عظيم لقضاء حوائج الناس لم يأت مثله إلا قليلا . - (خط عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين ، وفيه المنذر بن زياد الطائي [ ص 29 ] قال الذهبي : قال الدارقطني : متروك . 8306 - (من أجل سلطان الله يوم القيامة) أراد بسلطان الله الإمام الأعظم أو المراد بسلطانه ما تقتضيه نواميس الألوهية ، وهذا خبر أو دعاء مفهومه أن من أهانه أهانه الله ، وقد ورد هذا صريحا في خبر رواه الطيالسي . - (طب عن أبي بكرة) 8307 - (من أحاط حائطا على أرض فهي له) أي من أحيا مواتا وحاط عليه حائطا من جميع جوانبه ملكه فليس لأحد نزعه منه وهذا حجة لأحمد أن من حوط جدارا على موات ملكه وعند الشافعية الإحياء يختلف باختلاف المقاصد وحملوا الخبر على من قصد نحو حوش لا دار . - (حم د) في
[ 38 ]
الإحياء (والضياء) في المختارة كلهم من حديث الحسن (عن سمرة) قال ابن حجر : في صحة سماعه منه خلف ورواه عبد بن حميد من حديث جابر . 8308 - (من أحب لله) أي لأجله ولوجهه مخلصا لا لميل قلبه وهوى نفسه (وأبغض لله) لا لإيذاء من أبغضه له بل لكفره أو عصيانه (وأعطى لله) أي لثوابه ورضاه لا لميل نفسه (ومنع لله) أي لأمر لله كأن لم يصرف الزكاة لكافر لخسته وإلا لهاشمي لشرفه بل لمنع الله لهما منها واقتصار المصنف على هذا يؤذن بأن الحديث ليس إلا كذلك بل سقط هنا جملة وهي قوله ونكح لله ، هكذا حكاه هو عن أبي داود في مختصر الموضوعات (فقد استكمل الإيمان) بمعنى أكمله ، ذكره المظهر ، قال الطيبي : وهو بحسب اللغة ، أما عند علماء البيان ففيه مبالغة لأن زيادة البناء زيادة في المعنى كأنه جرد من نفسه شخصا يطلب منه الإيمان ، وهذا من الجوامع المتضمنة لمعنى الإيمان والإحسان ، إذ من جملة حب الله حب رسوله ومتابعته . لو كان حبك صادقا لأطعته * إن المحب لمن يحب مطيع ومن جملة البغض لله النفس الأمارة وأعداء الدين ، وقال بعضهم : وجه جعله ذلك استكمالا للإيمان أن مدار الدين على أربعة قواعد : قاعدتان باطنتان ، وقاعدتان ظاهرتان ، فالباطنتان الحب والبغض ، والظاهرتان الفعل والترك ، فمن استقامت نيته في حبه وبغضه وفعله وتركه لله فقد استكمل مراتب الإيمان . (تتمة) قال في الحكم : ليس المحب الذي يرجو من محبوبه عوضا ولا يطلب منه عرضا بل المحب من يبذل لك ليس المحب الذي تبذل له وقال ابن عربي : من صفة المحب أنه خارج عن نفسه بالكلية وذلك أن نفس الإنسان الذي يمتاز بها عن غيره إنما هي إرادته فإذا ترك إرادته لما يريد منه محبوبه فقد خرج عن نفسه بالكلية فلا تصرف له إلا به وفيه وله فإذا أراد به محبوبه أمرا علم هذا المحب ما يريده محبوبه منه أو به سارع لقبوله لأنه خرج له عن نفسه فلا إرادة له معه . - (د) في السنة (والضياء) المقدسي وكذا البيهقي في الشعب (عن أبي أمامة) وخرجه الترمذي وكذا الإمام أحمد عن معاذ بن أنس مثله قال الحافظ العراقي : وسند الحديث ضعيف اه‍ . أي وذلك لأن فيه كما قال المنذري القاسم بن عبد الرحمن الشامي تكلم فيه غير واحد . 8309 - (من أحب لقاء الله) أي المصير إلى ديار الآخرة بمعنى أن المؤمن عند الغرغرة يبشر برضوان الله وجنته فيكون موته أحب إليه من حياته (أحب الله لقاءه) أي أفاض عليه فضله وأكثر عطاياه (ومن كره لقاء الله) حين يرى ماله من العذاب حالتئذ (كره الله لقاءه) أبعده من رحمته وأدناه من نقمته وعلى قدر نفرة النفس من الموت يكون ضعف [ ص 30 ] منال النفس من المعرفة التي بها تأنس بربها
[ 39 ]
فتتمنى لقاءه ، والقصد بيان وصفهم بأنهم يحبون لقاء الله حين أحب الله لقاءهم لأن المحبة صفة الله ومحبة العبد ربه منعكسة منها كظهور عكس الماء على الجدر كما يشعر به تقديم يحبهم على يحبونه في التنزيل كذا قرره جمع ، وقال الزمخشري : لقاء الله هو المصير إلى الآخرة وطلب ما عند الله فمن كره ذلك وركن إلى الدنيا وآثرها كان ملوما وليس الغرض بلقاء الله الموت لأن كلا يكرهه حتى الأنبياء فهو معترض دون الغرض المطلوب فيجب الصبر عليه وتحمل مشاقه ليتخطى لذلك المقصود العظيم ، وقال الحرالي : هذه المحبة تقع لعامة المؤمنين عند الكشف حال الغرغرة وللخواص في محل الحياة إذ لو كشف لهم الغطاء لما ازدادوا يقينا فما هو للمؤمنين بعد الكشف من محبة لقاء الله فهو للموقن في حياته لكمال الكشف له مع وجوب حجاب الملك الظاهر . (تتمة) ذكر بعض العارفين أنه رأى امرأة في المطاف وجهها كالقمر معلقة بأستار الكعبة تبكى وتقول بحبك لي إلا ما غفرت لي فقال : يا هذه أما يكفيك أن تقولي بحبي لك فما هذه الجرأة ؟ فالتفتت إليه وقالت له : يا بطال أما سمعت قوله تعالى * (يحبهم ويحبونه) [ المائدة : 54 ] فلولا سبق محبته لما أحبوه ، فخجل واستغفر - (حم ق) في الدعوات (ت) في الزهد (ن) في الجنائز (عن عائشة وعن عبادة الصامت وفي الباب غيرهما أيضا . 8310 - (من أحب الأنصار) لما لهم من المآثر الحميدة في نصرة الدين وقيام نواميس الشريعة وقتالهم بالسنان واللسان على إعلان الإيمان (أحبه الله) أي أنعم عليه وزاد في تقريبه والإحسان إليه (ومن أبغض الأنصار أبغضه الله) أي عذبه قالوا : ومن علامة محبتهم محبة ذريتهم وأن ينظر إليهم نظره إلى آبائهم بالأمس كما لو كان معهم . - (حم تخ عن معاوية) بن أبي سفيان (ه حب عن البراء) بن عازب قال الهيثمي : ورجال أحمد رجال الصحيح . 8311 - (من أحب أن يكثر الله خير بيته فليتوضأ إذا حضر غذاؤه وإذا رفع) يحتمل أن المراد الوضوء الشرعي ويحتمل اللغوي ثم رأيت المنذري قال في ترغيبه : المراد به غسل اليدين ويظهر أنه أراد بالغذاء ما يتغذى به البدن وإن أكل آخر النهار لأن المراد ما يؤكل أوله فقط ، وفيه رد على مالك في كراهته غسل اليدين قبله لأنه من فعل العجم من حديث جنادة بن المفلس عن كثير بن سليم . - (ه عن أنس) بن مالك قال الزين العراقي : وجنادة وكثير ضعيفان وجزم المنذري بضعف سنده ، وقال في الميزان : ضعفه ابن المزني وأبو حاتم ، وقال النسائي : متروك وقال أبو زرعة : واه وقال البخاري : منكر الحديث وساق له أخبارا هذا منها .
[ 40 ]
8312 - (من أحب شيئا أكثر من ذكره) أي علامة صدق المحبة إكثار ذكر المحبوب ، ولهذا قال أبو نواس : وبح باسم ما تأتي وذرني من الكنى * فلا خير في اللذات من دونها ستر قال في الرعاية : علامة المحبين كثرة ذكر المحبوب على الدوام لا يتقطعون ولا يملون ولا يفترون فذكر المحبوب هو الغالب على قلوب المحبين لا يريدون به بدلا ولا يبغون عنه حولا ولو قطعوا عن ذكر محبوبهم فسد عيشهم ، وقال بعضهم : علامة المحبة ذكر المحبوب على عدد الأنفاس . (فائدة) اجتمع عند رابعة علماء وزهاد وتفاوضوا في ذم الدنيا وهي ساكتة فلاموها فقالت : من أحب شيئا أكثر من ذكره إما بحمد أو ذم فإن كانت الدنيا في قلوبكم لا شئ فلم تذكرون لا شئ ؟ - (فر عن عائشة) ورواه عنها أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي فلو عزاه المصنف إليه أو جمعهما لكان أولى . [ ص 31 ] 8313 - (من أحب دنياه أضر بآخرته) لأن من أحب دنياه عمل في كسب شهوتها وأكب على معاصيه فلم يتفرغ لعمل الآخرة فأضر بنفسه في آخرته ومن نظر إلى فناء الدنيا وحساب حلالها وعذاب حرامها وشاهد بنور إيمانه جمال الآخرة أضر بنفسه في دنياه يحمل مشقة العبادات وتجنب الشهوات فصبر قليلا وتنعم طويلا ، ولأن من أحب دنياه شغلته عن تفريغ قلبه لحب ربه ولسانه لذكره فتضر آخرته ولا بد كما أن محبة الآخرة تضر بالدنيا ولا بد كما قال (ومن أحب آخرته أضر بدنياه) أي هما ككفتي الميزان فإذا رجحت إحدى الكفتين حفت الأخرى وعكسه وهما كالمشرق والمغرب ، ومحال أن يظفر سالك طريق الشرق بما يوجد في الغرب وهما كالضرتين إذا أرضيت إحداهما أسخطت الأخرى ، فالجمع بين كمال الاستئصال في الدنيا والدين لا يكاد يقع إلا لمن سخره الله لتبديل خلقه في معاشهم ومعادهم وهم الأنبياء أما غيرهم فإذا شغلت قلوبهم بالدنيا انصرفت عن الآخرة وذلك أن حب الدنيا سبب لشغله بها والانهماك فيها وهو سبب للشغل عن الآخرة فتخلو عن الطاعة فيفوت الفوز بدرجاتها وهو عين المضرة . بنى ملك مدينة وتأنق فيها ثم صنع طعاما ونصب ببابها من يسأل عنها فلم يعبها إلا ثلاثة فسألهم فقالوا : رأينا عيبين ، قال : وما هما ؟ قالوا : تخرب ويموت صاحبها قال : فهل ثم دار تسلم منهما ؟ قالوا : نعم الآخرة ، فتخلى عن الملك وتعبد معهم ثم ودعهم فقالوا : هل رأيت منا ما تكره ؟ قال : لا لكن عرفتموني فأكر متموني فأصحب من لا يعرفوني . والباء في القرينتين للتعدية (فآثروا ما يبقى على ما يفنى) ومن أحبها صيرها غايته وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها الله وسائل إليه والى الآخرة فعكس الأمر وقلب الحكمة فانتكس قلبه وانعكس سره إلى وراء فقد جعل الوسيلة غاية والتوسل بعمل الآخرة بالدنيا وهذا سر معكوس من كل وجه وقلب منكوس غاية الانتكاس ، وقد ذم الله من يحب الدنيا ويؤثرها على الآخرة بقوله * (يحبون العاجلة ويذرون الآخرة) [ الانسان : 27 ] وذم حبها يستلزم مدح بغضها ، وقال علي : الدنيا والآخرة كالمشرق والمغرب إذا قربت
[ 41 ]
من إحداهما بعدت عن الأخرى . - (حم ك) من حديث المطلب بن عبد الله (عن أبي موسى) الأشعري ، قال الحاكم : على شرطهما ورده الذهبي وقال : فيه انقطاع اه‍ وقال المنذري والهيثمي : رجال أحمد ثقات . 8314 - (من أحب أن يسبق الدائب) أي المجد المجتهد ، من دأب في العمل جد أو تعب (المجتهد) أي المجد البالغ (فليكف عن الذنوب) لأن شؤم الذنوب يورث الحرمان ويعقب الخذلان ويثمر الخسران ، وقيد الذنوب يمنع من المشي إلى الطاعة ومسارعة الخدمة وثقل الذنوب يمنع من الخفة للخيرات والنشاط في الطاعات . والدين شطران ترك المناهي وفعل الطاعات ، وترك المناهي وهو الأشد فمن كف عنها فهو من السابقين المجدين حقا والطاعة يقدر عليها كل أحد وترك الشهوات لا يقدر عليها إلا الصديقون وجوارحك نعمة من الله عليك ونعمة لدينك فالاستعانة بنعمة الله على معصيته غاية الكفران والخيانة في الأمانة الموعودة عندك غاية الطغيان . - (حل) من حديث عبد الله بن محمد بن النعمان عن فروة بن أبي معراء عن علي بن مسهر عن يوسف بن ميمون عن عطاء (عن عائشة) ثم قال : غريب تفرد به يوسف عن عطاء . 8315 - (من أحب أن يتمثل له الرجال) وفي رواية العباد وفي أخرى عباد الله (قياما) أي ينتصب والمثول الانتصاب يعني يقومون قياما بأن يلزمهم بالقيام صفوفا على طريق الكبر والتجوه أو بأن يقام على رأسه وهو جالس قال الطيبي : قياما يجوز كونه مفعولا مطلقا لما في التمثيل من معنى القيام وأن يكون تمييز الاشتراك التمثيل بين المعنيين (فليتبوأ [ ص 32 ] مقعده من النار) قال الزمخشري : أمر بمعنى الخبر كأنه قال من أحب ذلك وجب له أن ينزل منزلته من النار وحق له ذلك اه‍ . وذلك لأن ذلك إنما ينشأ عن تعظيم المرء بنفسه واعتقاد الكمال وذلك عجب وتكبر وجهل وغرور ولا يناقضه خير قوموا إلى سيدكم لأن سعدا لم يحب ذلك والوعيد إنما هو لمن أحبه قال النووي : ومعنى الحديث زجر المكلف أن يحب قيام الناس له ولا تعرض فيه للقيام بنهي ولا بغيره والمنهي عنه محبة القيام له فلو لم يخطر بباله فقاموا له أو لم يقوموا فلا لوم عليه وإن أحبه أثم قاموا أو لا فلا يصح الاحتجاج به لترك القيام ولا يناقضه ندب القيام لأهل الكمال ونحوهم اه‍ . - (حم د) في الأدب (ت) في الاستئذان (عن معاوية) رمز لحسنه وهو تقصير فقد قال المنذري : رواه أبو داود بإسناد صحيح ، قال الديلمي : وفي الباب عمرو بن مرة وابن الزبير . 8316 - (من أحب فطرتي فليستن بسنتي وإن من سنتي النكاح) قال الإمام : المحبة توجب
[ 42 ]
الإقبال بالكلية على المحبوب وامتثال أمره والإعراض عن غيره واتباع طريقته ممن ادعى محبته وخالف سنته فهو كذاب وكتاب الله يكذبه * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) [ آل عمران : 31 ] - (هق عن أبي هريرة) قال أعني البيهقي : هو مرسل اه‍ . ورواه أبو يعلى عن ابن عباس باللفظ المذكور ورواه أيضا عن عبيد بن سعد قال الهيثمي : ورجاله ثقات ثم إن كان عبيد بن سعد صحابي وإلا فمرسل . 8317 - (من أحب قوما حشره الله في زمرتهم) فمن أحب أولياء الرحمن فهو معهم في الجنان ومن أحب حزب الشيطان فهو معهم في النيران قالوا : وذا مشروط بما إذا عمل مثل عملهم ولهذا يمثل لمحب المال ماله شجاعا أقرع يأخذ بلهزمتيه يقول أنا مالك أنا كنزك ويصفح له صفائح من نار فيكوى بها وعاشق الصدر إذا اجتمع هو ومعشوقه على غير طاعة تجمع بينهما في النار ويعذب كل منها بصاحبه إذ * (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) [ الزخرف : 67 ] فالمحب مع محبوبه دنيا وأخرى . - (طب والضياء) المقدسي (عن أبي قرصافة) بكسر القاف واسمه حيدة قال الهيثم وفيه من لم أعرفهم فقال السخاوي : فيه إسماعيل بن يحيى التيمي ضعيف . 8318 - (من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني) قالوا : ومن علامة حبهم حب ذريتهم بحيث ينظر إليهم الآن نظرة بالأمس إلى أصولهم لو كان معهم ويعلم أن نطفهم طاهرة وذريتهم مباركة ومن كانت حالته منهم غير قويمة فإنما تبغض أفعاله لا ذاته . - (حم ك) في المناقب (عن أبي هريرة) قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما على عاتقيه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل : يا رسول الله إنك تحبهما فذكره ، قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ، وقضية كلام المصنف أن ابن ماجه تفرد به عن الستة والأمر بخلافه بل خرجه الترمذي أيضا ثم إن فيه عند ابن ماجه داود بن عوف أورده الذهبي في الضعفاء وقال : مختلف فيه . 8319 - (من أحب عليا فقد أحبني ومن أبغض عليا فقد أبغضني) لما أوتيه من كرم الشيم وعلو الهمم قال السهروردي : اقتضى هذا الخبر وما أشبهه من الأخبار الكثيرة في الحث على حب أهل البيت والتحذير من بغضهم تحريم بغضهم ووجوب حبهم وفي توثيق عرى الإيمان عن الحرالي أن خواص العلماء يجدون لأجل اختصاصهم بهذا الإيمان حلاوة ومحبة خاصة لنبيهم وتقديما له في قلوبهم حتى يجد إيثاره على أنفسهم وأهليهم . - (ك) في فضائل الصحابة (عن [ ص 33 ] سلمان) الفارسي ، قيل له : ما أشد حبك
[ 43 ]
لعلي فذكره قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ، ورواه أحمد باللفظ المزبور عن أم سلمة وسنده حسن . 8320 - (من أراد أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض فلينظر إلى طلحة بن عبيد الله) هذا معدود من معجزاته فإنه استشهد في وقعة الجمل كما هو معروف . - (ت ك) في المناقب من حديث الصلت بن دينار عن أبي نضرة (عن جابر) بن عبد الله ، قال الذهبي : والصلت واه . 8321 - (من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه من بعده) أي من بعد موته أو من بعد سفره ولا مفهوم له وإنما ذكر بيانا للتأبيد ولأنه المظنة فإن ذلك له صلة ، وسبق أن الأعمال تعرض على الوالدين بعد موتهما فإن وجدا خيرا سرهما ذلك أو ضده أحزنهما . - (ع حب عن ابن عمر) بن الخطاب . 8322 - (من أحب أن تسره صحيفته) أي صحيفة أعماله إذا رآها يوم القيامة (فليكثر فيها من الاستغفار) فإنها تأتي يوم القيامة تتلألأ نورا كما في خبر آخر ، قال في الحلبيات : الاستغفار طلب المغفرة إما باللسان أو بالقلب أو بهما فالأول فيه نفع لأنه خير من السكوت ولأنه يعتاد قول الخير والثاني نافع جدا والثالث أبلغ منه لكن لا يمحصان الذنوب حتى توجد التوبة فإن العاصي المصر يطلب المغفرة ولا يستلزم ذلك وجود التوبة منه ، قال : وما ذكر من أن معنى الاستغفار غير معنى التوبة هو بحسب وضع اللفظ لكنه غلب عند الناس أن لفظ أستغفر الله معناه التوبة فمن اعتقده فهو يريد التوبة لا محالة وذكر بعضهم أن التوبة لا تتم إلا بالاستغفار لآية * (استغفروا ربكم ثم توبوا إليه) [ هود : 52 ] والمشهور عدم الاشتراط انتهى . - (هب والضياء) المقدسي (عن الزبير) بن العوام ورواه عنه الطبراني في الأوسط باللفظ المذكور قال الهيثمي : ورجاله ثقات . 8323 - (من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله) فإن من أحب شيئا سوى الله ولم تكن محبته له لله ولا لكونه معينا له على طاعة الله أظلم قلبه وعلاه الصدأ والرين فحال بينه وبين ذوق الإيمان وعذب به في الدنيا قبل اللقاء كما قيل :
[ 44 ]
أنت القتيل بأي من أحببته * فاختر لنفسك في الهوى من تصطفي فإذا كان يوم الميعاد كان المرء مع من أحبه إما منعما أو معذبا . - (هب عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله ثقات وليس كما قال ففيه يحيى بن أبي طالب أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : وثقه الدارقطني وقال : موسى بن هارون أشهد أنه يكذب وأبو ثلج قال البخاري : في حديثه نظر . 8324 - (من أحب) وفي رواية للبخاري من سره (أن يبسط) بالبناء للمفعول وفي رواية من سره أن يعظم الله (له في رزقه) أي يوسعه عليه ويكثر له فيه بالبركة والنمو والزيادة (وأن ينسأ) بضم فسكون ثم همزة أي يؤخر ومنه النسيئة [ ص 34 ] (له في أثره) محركا أي في بقية عمرة سمي أثرا لأنه يتبع العمر (فليصل) أي فليحسن بنحو مال وخدمة وزيادة (رحمه) أي قرابته وصلته تختلف باختلاف حال الواصل فتارة تكون بالإحسان وتارة بسلام وزيارة ونحو ذلك ولا يعارض هذا * (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة) [ الاعراف : 34 ] الآية لأن المراد بالبسط والتأخير هنا البسط في الكيف لا في الكم أو أن الخبر صدر في معرض الحث على الصلة بطريق المبالغة أو أنه يكتب في بطن أمه إن وصل رحمه فرزقه وأجله كذا وإن لم يصل فكذا . - (ق د ن عن أنس) بن مالك (حم خ عن أبي هريرة) . 8325 - (من احتجب) من الولاة (عن الناس) بأن منع أرباب المهمات من الولوج عليه (لم يحجب عن النار) يوم القيامة لأن الجزاء من جنس العمل فكما احتجب دون حوائح عباد الله يحجبه الله من الجنة ويدنيه من النار * (إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون) [ المطفيين : 15 ] (فائدة) قال العلم البلقيني : ذكر بعض المتصوفة أنه رأى أحمد بن طولون في النوم بحال حسنة وهو يقول : ما ينبغي لمن سكن الدنيا أن يحقر حسنة متظلم عيي اللسان شديد البهت وما في الآخرة على رؤساء الدنيا أشد من الحجاب لملتمسي الإنصاف . - (ابن منده) في تاريخ الصحابة من طريق عبد الكريم الجزري عن عبدة بن رباح (عن) أبيه (رباح) غير منسوب ، قال ابن منده : هو من أهل الشام . 8326 - (من احتجم لسبع عشرة من الشهر وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان له شفاء من كل داء) أي من كل داء سببه غلبة الدم وهذا الخبر وما اكتنفه وما أشبهه موافق لما أجمع عليه الأطباء أن الحجامة في النصف الثاني وما يليه من الربع الثالث من الشهر أنفع من أوله وآخره ، قال ابن القيم : ومحل اختيار هذه الأوقات لها ما إذا كانت للاحتياط والتحرز عن الأذى وحفظ الصحة ، أما في مداواة الأمراض فحيث احتيج إليها وجب فعلها أي وقت كان . - (د ك) في الطب (عن أبي هريرة) قال الحاكم
[ 45 ]
: على شرط مسلم وأقره الذهبي لكن ضعفه ابن القطان بأنه من رواية سعيد الجمحي عن سهل عن أبيه وسهل وأبوه مجهولان اه‍ . لكن ذكر جدي في نذكرته أن شيخه الحافظ العراقي أفتى بأن إسناده صحيح على شرط مسلم . وقال ابن حجر في الفتح : هذا الحديث خرجه أبو داود من رواية سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهل بن أبي صالح وسهل وثقه الأكثر ولينه بعضهم من قبل حفظه وله شواهد من حديث ابن عباس عن أحمد والترمذي ورجاله ثقات لكنه معلول وله شاهد آخر من حديث أنس عن ابن ماجه وسنده ضعيف . 8327 - (من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة من الشهر كان دواء لداء سنة) ظاهره يخالف قوله في الخبر المار إن يوم الثلاثاء يوم الدم وفيه ساعة لا يرقى فيها فلعله أراد هنا يوما مخصوصا وهو سابع عشر الشهر ، ذكره الطيبي . - (طب هق عن معقل بن يسار) قال الذهبي في المهذب : فيه سلام الطويل وهو متروك اه‍ . وفيه أيضا يزيد العمي ضعيف ، ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس قال الحافظ العراقي : وإسنادهما واحد لكن اختلف على راويه في الصحابة وكلاهما فيه يزيد العمي وهو ضعيف اه‍ . وفي الباب خبر جيد وهو خبر البيهقي أيضا عن أنس مرفوعا من احتجم يوم الثلاثاء لسبع عشرة خلت من الشهر أخرج الله منه داء سنة ، قال الذهبي في المهذب : إسناده جيد مع نكارته . 8328 - (من احتجم يوم الأربعاء أو يوم السبت فرأى في جسده وضحا) أي برصا ، والوضح التناقص من كل شئ (فلا [ ص 35 ] يلومن إلا نفسه) فإنه الذي عرض جسده لذلك وتسبب فيه ، وروى الديلمي عن أبي جعفر النيسابوري قال : قلت يوما هذا الحديث غير صحيح فافتصدت يوم الأربعاء فأصابني برص فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فشكوت إليه فقال : إياك والاستهانة بحديثي فذكره . وقد كره أحمد الحجامة يوم السبت والأربعاء لهذا الحديث . - (ك هق) وكذا أحمد وكأن المصنف أغفله سهوا (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح فرده الذهبي في التلخيص بأن فيه سليمان بن أرقم متروك وقال في المهذب : سليمان واه والمحفوظ مرسل وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وذكره في اللسان من حديث ابن عمرو وقال : قال ابن حبان : ليس هو من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم . 8329 - (من احتجم يوم الخميس فمرض فيه مات فيه) الظاهر أنه يلحق في هذا الخبر وما قبله من الأخبار الفصد بالحجامة ويحتمل خلافه ، قال ابن حجر بعد سياقه هذه الأخبار ونحوها : ولكون هذه
[ 46 ]
الأحاديث لم يصح منها شئ قال حنبل بن إسحاق : كان أحمد يحتجم أي وقت هاج به الدم وأية ساعة كانت . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 8330 - (من احتكر على المسلمين طعامهم) أي ادخر ما يشتريه منه وقت الغلاء ليبيعه بأغلى وأضافه إليهم وإن كان ملكا للمحتكر إيذانا بأنه قوتهم وما به معاشهم فهو من قبيل * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * أضاف الأموال إليهم لأنهم من جنس ما يقيم الناس به معاشهم (ضربه الله بالجذام) ألصقه الله وألزمه بعذاب الجذام (والإفلاس) خصهما لأن المحتكر أراد إصلاح بدنه وكثرة ماله فأفسد الله بدنه بالجذام وماله بالإفلاس ومن أراد نفعهم أصابه الله في نفسه وماله خيرا وبركة - (حم ه ك عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال المؤلف في مختصر الموضوعات : رجال ابن ماجه ثقات . 8331 - (من احتكر حكرة) قال الزمخشري : جملة من القوت من الحكر وهو الجمع والإمساك وهو الاحتكار أي يحصل جملة من القوت ويجمعها ويمسكها يريد نفع نفسه بالربح وضر غيره كما كشف عنه القناع بقوله (يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ) بالهمز وفي رواية ملعون أي مطرود عن درجة الأبرار لا عن رحمة الغفار (وقد برئت منه ذمة الله ورسوله) لكونه نقض ميثاق الله وعهده وهذا تشديد عظيم في الاحتكار وأخذ بظاهره مالك فحرم احتكار الطعام وغيره وخصه الشافعية والحنفية بالقوت . - (حم ك) في البيع من حديث محمد بن هانئ عن إبراهيم بن إسحاق العسيلي عن عبد الأعلى عن حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) رفعه وتعقبه الذهبي بأن العسيلي كان يسرق الحديث كذا ذكره في التلخيص وقال في المهذب : حديث منكر تفرد به إبراهيم العسيلي وكان يسرق الحديث . 8332 - (من احتكر طعاما على أمتي أربعين يوما) قال الطيبي : لم يرد بأربعين التحديد بل مراده أن يجعل الاحتكار حرفة يقصد بها نفع نفسه وضر غيره بدليل قوله في الخبر المار يريد به الغلاء وأقل ما يتمون المرء في هذه الحرفة هذه المدة (وتصدق به لم يقبل منه) يعني لم يكن كفارة لإثم الاحتكار ، والقصد به المبالغة في الزجر فحسب ، قال الطيبي : والضمير في تصدق به راجح للطعام لا ليتصدق وجب أن يقدر الإرادة فيفيد مبالغة وأن من نوى الاحتكار هذا شأنه فكيف [ ص 36 ] يمن فعله ، قال الحافظ ابن حجر : هذا وما قبله من الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير وظاهرها غير مراد وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على نفي الإيمان وغير ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورا
[ 47 ]
ليس فيها ما يخرج عن الإسلام فما كان هو الجواب عنها فهو الجواب هنا . - (ابن عساكر) في التاريخ عن أبي القاسم السمرقندي عن محمد بن علي الأنماطي عن محمد الدهان عن محمد بن الحسن عن خلاد بن محمد بن هانئ الأسدي عن أبيه عن عبد العزيز عن عبد الرحمن الطيالسي عن وصيف بن جبير (عن معاذ) بن جبل ورواه الديلمي في مسند الفردوس عن علي والخطيب في التاريخ عن أنس وجعل ابن الجوزى أحاديث الاحتكار من قبيل الموضوع وهو مدفوع كما بينه العراقي وابن حجر . 8333 - (من أحدث) أي أنشأ واخترع وأتى بأمر حديث من قبل نفسه قال ابن الكمال : الإحداث إيجاد شئ مسبوق بزمان وفي رواية من عمل وهو أعم فيحتج به في إبطال جميع العقود المنهية وعدم وجود ثمراتها المترتبة عليها (في أمرنا) شأننا أي دين الإسلام ، عبر عنه بالأمر تنبيها على أن هذا الدين هو أمرنا الذي نهتم به ونشتغل به بحيث لا يخلو عنه شئ من أقوالنا ولا من أفعالنا وقال القاضي : الأمر حقيقة في القول الطالب للفعل مجاز في الفعل والشأن والطريق وأطلق هنا على الدين من حيث إنه طريقه أو شأنه الذي تتعلق به شراشره وقال الطيبي : وفي وصف الأمر بهذا إشارة إلى أن أمر الإسلام كمل واشتهر وشاع وظهر ظهورا محسوسا بحيث لا يخفي على كل ذي بصر وبصيرة (هذا) إشارة لجلالته ومزيد رفعته وتعظيمه من قبيل * (ذلك الكتاب) [ البقرة : 2 ] وإن اختلفا في أداء الإشارة إذ تلك أدل على ذلك من هذا (ما ليس منه) أي رأيا ليس له في الكتاب أو السنة عاضد ظاهر أو خفي ملفوظ أو مستنبط (فهو رد) أي مردود على فاعله لبطلانه من إطلاق المصدر على اسم المفعول ، وفيه تلويح بأن ديننا قد كمل وظهر كضوء الشمس بشهادة * (اليوم أكملت لكم دينكم) [ المائدة : 3 ] فمن رام زيادة حاول ما ليس بمرضي لأنه من قصور فهمه أما ما عضده عاضد منه بأن شهد له من أدلة الشرع أو قواعده فليس برد بل مقبول كبناء نحو ربط ومدارس وتصنيف علم وغيرها ، وهذا الحديث معدود من أصول الإسلام وقاعدة من قواعده ، قال النووي : ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات وإشاعة الاستدلال به لذلك ، وقال الطوفي : هذا يصلح أن يكون نصف أدلة الشرع لأن الدليل يتركب من مقدمتين والمطلوب بالدليل إما إثبات الحكم أو نفيه والحديث مقدمة كبرى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لأن منطوقه مقدمة كلية في كل دليل ناف لحكم ، كأن يقال في الوضوء بماء نجس هذا ليس من أمر الشرع وكلما كان كذلك فهو رد بهذا العمل رد فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث وإنما النزاع في الأولى ومفهومه أن من عمل عملا عليه أمر الشرع فصحيح فالمقدمة الثانية ثابتة بهذا الحديث والأولى فيها النزاع ، فلو وجد حديث يكون مقدمة أولى في إثبات كل حكم شرعي ونفيه لا يستقل الحديث بجميع أدلة الشرع لكن الثاني لم يوجد فحديثنا نصف أدلة الشرع وفيه أن النهي يقتضي الفساد لأن النهي ليس من الدين وأن حكم الحاكم لا يغير ما في الباطن وأن الصلح الفاسد منقوض والمأخوذ عليه مستحق الرد . - (ق د ه عن عائشة) .
[ 48 ]
8334 - (من أحرم) في رواية بدله من أهل (بحج أو عمرة من المسجد الأقصى) زاد في رواية إلى المسجد الحرام (كان كيوم ولدته أمه) أي خرج من ذنوبه كخروجه بغير ذنب من بطن أمه يوم ولادتها له وفيه شمول للكبائر والتبعات وفيه كلام معروف . - (عب عن أم سلمة) ورواه عنها أبو داود ، قال المنذري : وقد اختلف في هذا المتن وإسناده اختلافا كبيرا رواه أولا عن جدته حكيمة وثانيا عن أمه عن أم سلمة ولفظه من أحرم من بيت المقدس بحج أو عمرة كان من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه وثالثا عن أم حكيم بنت أمية عنها من أهل بحج أو عمرة من بيت المقدس غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وجبت له الجنة اه‍ . [ ص 37 ] 8335 - (من أحزن والديه) أي أدخل عليهما أو فعل بهما ما يحزنهما (فقد عقهما) قال الكلاباذي : إنما قصد أن لا تجفي الوالدين ، لأن فيه ألمهما فمن أحزنهما بقصد الجفاء فقد آلمهما وذلك عقوق . - (خط في) كتاب (الجامع) لآداب المحدث والسامع (عن علي) أمير المؤمنين . 8336 - (من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين) قال الحكيم : إنما فضل هذا على غيره من الأعمال لأن اليتيم قد فقد تربية أبيه وهي أعظم الأغذية لتعهده لمصالحه فإذا قبض الله أباه فهو الولي لذلك اليتيم في جميع أموره ليبتلي به عبيده لينظر أيهم يتولى ذلك فيكافئه والذي يكفل اليتيم يؤدي عن الله ما تكفل به فلذلك صار بالقرب منه في الجنة وليس في الجنة بقعة أشرف من بقعة بها سيدنا محمد وسائر الرسل صلى الله عليه وعليهم وسلم فإذا نال كافل اليتيم القرب من تلك البقعة فقد سعد جده وسما سعده ، قال الحرالي : في ضمنه تهديد في ترك الإحسان له فمن أضاع يتيما ناله من عند الله عقوبات في ذات نفسه وزوجه وذريته من بعده ويجري مأخذ ما تقتضيه العزة على وجه الحكمة جزاءا وفاقا وحكما قصاصا ؟ - (الحكيم) الترمذي (عن أنس) بن مالك . 8337 - (من أحسن الصلاة حيث يراه الناس ثم أساءها حيث يخلو) بنفسه بأن يكون أداؤه لها في الملأ بنحو طول القنوت وإتمام الأركان وطول السجود والتخشع والتأدب وأداؤه إياها في السر بدون ذلك أو بعضه (فتلك) الخصلة أو الفعلة (استهانة استهان بها ربه) تعالى أي ذلك الفعل يشبه فعل المستهين به فإن قصد الاستهانة به كفر ومثل الصلاة في ذلك غيرها من العبادات قال ابن العربي : وهذا
[ 49 ]
من أصعب الأمراض النفسية التي يجب التداوي لها ودواؤه أن يستحضر قوله تعالى * (ألم يعلم بأن الله يرى) [ العلق : 14 ] (ويعلم سركم وجهركم) [ الانعام : 3 ] (والله أحق أن تخشاه) [ الاحزاب : 37 ] ونحو ذلك من الآيات القرآنية * (ما فرطنا في الكتاب من شئ) [ الانعام : 38 ] - (عب ع هب عن ابن مسعود) قال في الممستدركا على البيهقي : قلت فيه إبراهيم الهجري ضعيف . 8338 - (من أحسن في الإسلام) بالإخلاص فيه أو بالدخول فيه بالظاهر والباطن أو بالتمادي على محافظته والقيام بشرائطه والانقياد لأحكامه بقلبه وقالبه أو بثبوته عليه إلى الموت (لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية) أي في زمن الفترة قبل البعثة من جنايته على نفس أو مال * (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) [ الانفال : 38 ] ولا يعارضه * (ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره) [ الزلزلة : 8 ] لأن معناه استحقاق الشر بالعقوبة ومن أحسن في إسلامه غفر له ما يستحقه من العذاب (ومن أساء في الإسلام) بعدم الإخلاص أو في عقده بترك التوحيد ومات على ذلك أو بعد الدخول فيه بالقلب والانقياد ظاهرا وهو النفاق (أخذ بالأول) الذي عمله في الجاهلية (والآخر) بكسر الخاء الذي عمله في الكفر فالمراد بالإساءة الكفر وهو غاية الإساءة فإذا ارتد ومات مرتدا كان كمن لم يسلم فيعاقب على كل ما تقدم . - (حم ق ه عن ابن مسعود) قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمن سأله أنؤاخذ بما عملنا في الجاهلية ؟ فذكره . 8339 - (من أحسن فيما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس) لأنهم لا يقدرون على فعل شئ حتى يقدرهم الله عليه [ ص 38 ] ولا يريدون شيئا حتى يريده الله (ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته) ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم ومن عمل لآخرته كفاه الله عز وجل دنياه اه‍ بحروفه ، وبين بهذا الحديث أن صلاح حال العبد وسعادته وفلاحه واستقامة أمره مع الخلق إنما هو في رضا الحق فمن لم يحسن معاملته معه سرا واعتمد على المخلوق وتوكل عليه انعكس عليه مقصوده وحصل له الخذلان والذم واختلاف الأمر وفساد الحال فالمخلوق لا يقصد نفعك بالقصد الأول بل انتفاعك به والله تعالى يريد نفعك لا انتفاعه بك ، وإرادة المخلوق نفعك قد يكون فيها مضرة عليك وملاحظة هذا الحديث يمنعك أن ترجو المخلوق أو تعامله دون الله أو تطلب منه نفعا أو دفعا أو تعلق قلبك به والسعيد من عامل الخلق لله لا لهم وأحسن إليهم لله وخاف الله فيهم ولم يخفهم مع الله ورجا الله بالإحسان إليهم وأحبهم لحب الله ولم يحبهم مع الله . - (ك في تاريخه) تاريخ نيسابور (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
[ 50 ]
8340 - (من أحسن منكم أن يتكلم بالعربية فلا يتكلمن بالفارسية) يحتمل أن يلحق بها غيرها من اللغات بقرينة ما يأتي ويحتمل خلافه (فإنه) أي المتكلم بالفارسية أو التكلم بغير العربية (يورث النفاق) أراد النفاق العملي لا الإيماني أو الإنذار والتخويف والتحذير من الاعتياد والاطراد والتمادي بحيث يهجر اللسان العربي بل قد يقال الحديث على بابه وظاهره أن الله لما أنزل كتابه باللسان العربي وجعل رسوله مبلغا عنه الكتاب والحكمة به وجعل السابقين إلى هذا الدين متكلمين به لم يكن سبيل إلى ضبط الدين ومعرفته إلا بضبط هذا اللسان فصارت معرفته من الإيمان وصار اعتياد المتكلم به أعون على معرفة دين الله وأقرب إلى إقامة شعار الإسلام فلذلك صار دوام تركه جارا إلى النفاق واللسان بقارنه أمور أخرى من العلوم والأخلاق لأن العادات لها تأثير عظيم فيما يحبه الله أو فيما يبغضه ، هذا هو الوجه في توجيه الحديث ، وقد روى السلفي بسنده عن ابن عبد الحكم أن الشافعي كره للقادر النطق بالعجمية من غير أن يحرمه قال المجد ابن تيمية : وقد كان السلف يتكلمون بالكلمة بعد الكلمة من العجمية أما اعتياد الخطاب بغير العربية التي هي شعار الإسلام ولغة القرآن حتى يصير ذلك عادة ويهجر العربية فهو موضوع النهي مع أن اعتياد اللغة يورث في الخلق والدين والعقل تأثيرا بينا ونفس اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب فإن فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا بفهم اللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب . - (ك) من طريق عمرو بن هارون عن أسامة بن زيد الليثي عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال الحاكم : صحيح فتعقبه الذهبي بأن عمرو بن هارون أحد رجاله كذبه ابن معين وتركه الجماعة ، هذه عبارته . فكان ينبغي للمصنف حذفه ، وليته إذ ذكره بين حاله . 8341 - (من أحسن الرمي بالسهام) أي القسي (ثم تركه فقد ترك نعمة من النعم) الجليلة العظيمة التي أنعم الله عليه بها . - (القراب) بفتح القاف وشد الراء وبعد الألف موحدة تحتية نسبة لعمل القرب (في) كتاب (الرمي عن يحيى بن سعيد مرسلا) هو ابن سعيد بن العاص الأموي . 8342 - (من أحيا الليالي الأربع وجبت له الجنة) وهي (ليلة التروية وليلة عرفة وليلة النحر وليلة الفطر) أي ليلة عيد الفطر وليلة عيد النحر ، قال الشافعي : بلغنا أن الدعاء يستجاب في خمس ليال : أول ليلة من رجب وليلة نصف شعبان وليلتي [ ص 39 ] العيد وليلة الجمعة . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن معاذ) بن جبل ، قال ابن حجر في تخريج الأذكار : حديث غريب وعبد الرحيم ابن زيد العمي أحد رواته متروك اه‍ . وسبقه ابن الجوزي فقال : حديث لا يصح وعبد الرحيم قال يحيى : كذاب والنسائي : متروك .
[ 51 ]
8343 - (من أحيا) وفي رواية من قام (ليلة) عيد (الفطر وليلة الأضحى) وفي رواية بدله ليلتي العيد (لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) أي قلوب الجهال وأهل الفسق والضلال . فإن قلت المؤمن الكامل لا يموت قلبه كما قال حجة الإسلام وعلمه عند الموت لا ينمحي وصفاؤه لا يتكدر كما أشار إليه الحسن بقوله : التراب لا يأكل محل الإيمان ، والمراد هنا من القلب اللطيفة الصالحة المدركة من الإنسان لا اللحم الصنوبري كما مر ، قال في الأذكار : يستحب إحياء ليلتي العيد بالذكر والصلاة وغيرهما فإنه وإن كان ضعيفا لكن أحاديث الفضائل يتسامح فيها قال : والظاهر أنه لا يحصل الإحياء إلا بمعظم الليل . - (طب عن عبادة) بن الصامت ، قال الهيثمي : فيه عمر بن هارون البجلي والغالب عليه الضعف وأثنى عليه ابن مهدي لكن ضعفه جمع كثيرون وقال ابن حجر : حديث مضطرب الإسناد وفيه عمر بن هارون ضعيف وقد خولف في صحابيه وفي رفعه ورواه الحسن بن سفيان عن عبادة أيضا وفيه بشر بن رافع متهم بالوضع وأخرجه ابن ماجه من حديث بقية عن أبي أمامة بلفظ من قام ليلتي العيد لله محتسبا لم يمت قلبه حين تموت القلوب وبقية صدوق لكن كثير التدليس وقد رواه بالعنعنة ورواه ابن شاهين بسند فيه ضعيف ومجهول . 8344 - (من أحيا أرضا ميتة) بالتشديد . قال العراقي : لا التخفيف لأنه إذا خفف حذف منه تاء التأنيث والميتة والموات أرض لم تعمر قط ولا هي حريم لمعمور . قال القاضي : الأرض الميتة الخراب التي لا عمارة بها وإحياؤها عمارتها شبهت عمارة الأرض بحياة الأبدان وتعطلها وخلوها عن العمارة بفقد الحياة وزوالها عنها (فله فيها أجر) قال القاضي : ترتب الملك على مجرد الإحياء وإثباته لمن أحيا على العموم دليل على أن مجرد الإحياء كاف في التمكن ولا يشترط فيه إذن السلطان ، وقال أبو حنيفة : لا بد منه (وما أكلت العافية) أي كل طالب رزق آدميا أو غيره (منها فهو له صدقة) استدل به ابن حبان على أن الذمي لا يملك الموات لأن الأجر ليس إلا للمسلم وتعقبه المحب الطبري بأن الكافر يتصدق ويجازى به في الدنيا قال ابن حجر : والأول أقرب للصواب وهو قضية الخبر إذا إطلاق الأجر إنما يراد به الأخروي . - (حم ن) في الإحياء (عب والضياء) المقدسي كلهم من حديث عبيد الله بن عبد الرحمن (عن جابر) بن عبد الله وصرح ابن حبان بسماع هشام بن عروة منه وسماعه من جابر . 8345 - (من أحيا أرضا ميتة) أي لا مالك لها يقال أحيا الأرض يحييها إحياءا إذا أنشأ فيها أثرا ، وهذا يدل على أنه اختص بها تشبيها للعمارة في الأرض الموات بإحياء حيوان ميت والأرض الميتة والموات التي لا عمارة فيها ولا أثر عمارة فهي على أصل الخلقة وإحياؤها إلحاقها بالعامر المملوك (فهي له) أي يملكها بمجرد الإحياء وإن لم يأذن الإمام عند الشافعي حملا للخبر على التصرف بالفتيا لأنه أغلب تصرفات النبي صلى الله عليه وسلم وحمله أبو حنيفة على التصرف بالإمامة العظمى فشرط إذن الإمام وخالفه صاحباه (وليس لعرق) بكسر العين وسكون الراء (ظالم حق) بإضافة عرق إلى ظالم فهو صفة لمحذوف تقديره لعرق رجل ظالم والعرق أحد عروق الشجر أي ليس لعرق من عروق ما غرس بغير حق بأن غرس في ملك الغير بغير إذن معتبر حق وروي مقطوعا عن الإضافة بجعل الظلم صفة للعرق نفسه على سبيل الاتساع كأن العرق بغرسه صار ظالما حتى كأن الفعل له . قال ابن حجر : وغلط الخطابي من رواه بالإضافة وقال [ ص 40 ] ابن شعبان في الزاهر : العروق أربعة عرقان ظاهران وعرقان باطنان فالظاهر ان البناء والغراس والباطنان الآبار والعيون . - (حم د) في الخراج (ت) في الأحكام وكذا النسائي في الإحياء خلافا لما يوهمه صنع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة (والضياء) في المختارة (عن سعيد بن زيد) ورواه عنه أيضا البيهقي في البيع قال الترمذي : حسن غريب .
[ 52 ]
8346 - (من أحيا سنني) بصيغة الجمع عند جمع لكن الأشهر الإفراد (فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة) وإحياؤها إظهارها بعمله بها والحث عليها فشبه إظهارها بعد ترك الأخذ بها بالإحياء ثم اشتق منه الفعل فجرت الاستعارة في المصدر أصلية ثم سرت إلى الفعل تبعا ومن ثم قالوا : السنة كسفينة نوح واتباع السنة يدفع البلاء عن أهل الأرض والسنة إنما سنها لما علم في خلافها من الخطأ والزلل والتعمق ولو لم يكن إلا أن الله سبحانه وملائكته وحملة عرشه يستغفرون لمن اتبعها لكفى ويكفي في متبعها أنه يسير رويدا ويجئ أول الناس كما قيل : من لي يمثل سيرك المدلل * تمشي رويدا وتجى في الأول وفي رواية أحياني بدل أحبني فيهما . - (السجزي عن أنس) بن مالك وفيه خالد بن أنس قال في الميزان : لا يعرف وحديثه منكر جدا ثم ساق هذا الخبر وأعاده في محل آخر وقال : خالد بن أنس لا يعرف حاله وحديثه منكر جدا ثم ساق هذا بحروفه ثم قال : ورواه بقية عن عاصم بن سعد وهو مجهول عنه قال في اللسان : وهذا الرجل ذكره العقيلي في الضعفاء وذكر له هذا الحديث وقال : لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به والراوي عنه عاصم مجهول وفي الباب أحاديث بأسانيد لينة وقد يكرر الذهبي ترجمة الرجل من كلام بعض من تقدم ولا ينسبه لقائله فيوهم أنه من تصرفه وليس بجيد فإن النفس لكلام المتقدمين أميل . إلى هنا كلامه . 8347 - (من أخاف أهل المدينة) النبوية (أخافه الله) زاد في
[ 53 ]
رواية يوم القيامة ، وزاد أحمد في روايته وعليه لعنة الله وغضبه إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل اه‍ بنصه ، وفيه تحذير من إيذاء أهل المدينة أو بغضهم . قال المجد اللغوي : يتعين محبة أهل المدينة وسكانها وقطانها وجيرانها وتعظيمهم سيما العلماء والشرفاء وخدمة الحجرة النبوية وغيرهم من الخدمة كل على حسب حاله وقرابته وقربه من المصطفي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فإنه قد ثبت لهم حق الجوار ، وإن عظمت إساءتهم فلا يسلب عنهم ، وهذا الحديث رواه الطبراني في الكبير وزاد على ذلك بسند حسن ولفظه من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة ولعنه الله وغضب عليه ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا . - (حب عن جابر) بن عبد الله ، سببه أن أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان ذهب بصر جابر فقيل لجابر : لو تنحيت عنه فخرج يمشي بين أبنية فنكب فقال : تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابناه : كيف وقد مات قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال السمهودي : يسير بن أرطأة أرسله معاوية بعد تحكيم الحكمين في جيش إلى المدينة فعاث فأفسد . 8348 - (من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي) هذا لم يرد نظيره لبقعة سواها وهو مما تمسك به من فضلها على مكة ومما فضلت به أيضا أنه لا يدخلها الدجال ولا الطاعون وإذا قدم الدجال المدينة ردته الملائكة ورجفت ثلاث رجفات فيخرج إليه منها المنافقون . - (حم عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : فيه محمد بن حفص الرصافي ضعيف . [ ص 41 ] 8349 - (من أخاف مؤمنا بغير حق كان حقا على الله أن لا يؤمنه من أفزاع يوم القيامة) جزاء وفاقا - (طس عن ابن عمر) . 8350 - (من أخذ السبع) أي السور السبع الأول من القرآن كما في رواية أحمد وغيره (فهو خير له) أي من حفظها واتخذ قراءتها وردا فذلك خير كثير يعني بذلك كثرة الثواب عند الله تعالى . - (ك هب عن عائشة) 8351 - (من أخذ أموال الناس) بوجه من وجوه التعامل أو للحفظ أو لغير ذلك كقرض أو غيره كما يشير إليه عدم تقييده بظلما لكنه (يريد أداءها) الجملة حال من الضمير المستكن في أخذ (أدى الله عنه) جملة خبرية أي يسر الله له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه ويصح كونها إنشائية معنى بأن يخرج مخرج الدعاء له ثم إن قصد بها الإخبار عن المبتدأ مع كونها إنشائية معنى يحتاج لتأويله بنحو يستحق
[ 54 ]
وإلا لم يحتج فتكون الجملة معنى وإنما استحق مريد الأداء هذا الدعاء لجعله نية إسقاط الواجب مقارنة لأخذه وذا دليل على خوفه وظاهره أن من نوى الوفاء ومات قبله لعسر أو فجأة لا يأخذ رب العالمين من حسناته في الآخرة بل يرضى الله رب الدين وخالف ابن عبد السلام (ومن أخذها) أي أموالهم (يريد إتلافها) على أصحابها بصدقة أو غيرها (أتلفه الله) يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة . وعبر بأتلفه لأن إتلاف المال كإتلاف النفس أو في الآخرة بالعذاب وهذا وعيد شديد يشمل من أخذه دينا وتصدق به ولا يجد وفاء فترد صدقته لأن الصدقة تطوع وقضاء الدين واجب ، واستدل البخاري على رد صدقة المديان بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعة المال قال الزين زكريا : ولا يقال الصدقة ليست إضاعة لأنا نقول إذا عورضت بحق الدين لم يبق فيها ثواب فبطل كونها صدقة وبقيت إضاعة . - (حم خ) في الاستقراض (ه) في الأحكام (عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم . 8352 - (من أخذ من الأرض شيئا) قل أو كثر (ظلما) هو وضع الشئ في غير محله . نصبه على أنه مفعول له أو تمييز أو حال (جاء يوم القيامة يحمل ترابها) أي الحصة المغصوبة (إلى المحشر) أي يكلف نقل ما ظلم به إلى أرض المحشر وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها واضمحلالها بالتبديل والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما في الخبر وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار وكذا فيما يأتي وفيه تحريم الظلم وتغليظ عقوبته وإمكان غصب الأرض وأنه من الكبائر وأن من ملك أرضا ملك سفلها إلى منتهى الأرض وله منع غيره من حفر سرداب أو بئر تحتها وأن من ملك ظاهر الأرض
[ 55 ]
ملك باطنها وغير ذلك . - (حم طب عن يعلى بن مرة) رمز لحسنه ، قال الهيثمي : وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثق . 8353 - (من أخذ من الأرض شيئا بغير حقه خسف به) أي هوى به إلى أسفلها ، أي بالأخذ غصبا لتلك الأرض المغصوبة والباء للتعدية والجملة إخبار ويحتمل كونها إنشاء معنى على ما تقرر (يوم القيامة) بأن يجعل كالطوق في عنقه على وزن [ ص 42 ] * (سيطوقون ما بخلوا به) [ آل عمران : 180 ] ويعظم عنقه ليسع أو يطوق إثم ذلك ويلزمه لزوم الطوق أو يكلف الظالم جعله طوقا ولا يستطيع فيعذب بذلك فهو تكليف تعجيز للإيذاء لا تكليف ابتداء للجزاء ومثله غير عزيز كتكليف المصور نفخ الروح فيما صوره فمن اعترضه بأن القيامة ليست بزمن تكليف لم يتأمل أو أن هذه الصفات تتنوع لصاحب هذه الجناية بحسب قوة هذه المفسدة وضعفها فيعذب بعضهم بهذا وبعضهم بهذا (إلى سبع أرضين) بفتح الراء وتسكن وأخطأ من زعم أن المراد سبعة أقاليم إذ لا اتجاه لتحمل شبر لم يأخذه ظلما بخلاف طباق الأرض فإنها تابعة ملكا وغصبا وفيه حجة للشافعي أن العقار يغصب ورد على أبي حنيفة ومن ثم وافق الشافعي أحمد وتغليظ عقوبة الغصب وأنه كبيرة وغير ذلك . - (خ عن ابن عمر) . 8354 - (من أخذ من طريق المسلمين شيئا جاء به يوم القيامة يحمله) وفي رواية طوقه أي جعل له كالطوق أو هو طوق تكليف لا طوق تقليد على ما تقرر فيما قبله (من سبع أرضين) فيه كالذي قبله أن الأرض في الآخرة سبع طباق أيضا كالسماوات لكن لا دلالة في أية * (ومن الأرض مثلهن) [ الطلاق : 12 ] على ذلك كما ادعاه البعض لاحتمال المماثلة في الهيئة . - (طب والضياء) المقدسي (عن الحكم بن الحارث) السلمي ، قال الذهبي : له صحبة وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ، قال ابن حجر : وإسناده حسن ، وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه محمد بن عقبة السدنسي وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم وتركه أبو زرعة . 8355 - (من أخذ على تعليم القرآن قوسا قلده الله مكانها قوسا من نار جهنم يوم القيامة) قاله لمعلم أهدى له قوس فقال : هذه غير مال فأرمى به في سبيل الله ، وأخذ بظاهره أبو حنيفة فحرم أخذ الأجرة عليه وخالفه الباقون قائلين الخبر بفرض صحته منسوخ أو مؤول بأنه كان يحتسب التعليم . نعم الأولى كما قاله الغزالي الإقتداء بصاحب الشرع فلا يطلب على إفاضة العلم أجرا ولا يقصد جزاءا ولا شكورا بل يعلم لله . - (حل هق عن أبي الدرداء) ثم قال أعني البيهقي : ضعيف ، وقال الدارمي : قال دحيم لا أصل له قال الذهبي : وإسناده قوي مع نكارته . 8356 - (من أخذ على) تعليم (القرآن أجرا فذلك حظه من القرآن) أي فلا ثواب له على إقرائه وتعليمه قال ابن حجر : يعارضه وما قبله خبر أبي سعيد في قصة اللديغ ورقيهم إياه بالفاتحة وكانوا امتنعوا حتى جعلوا لهم جعلا وصوب النبي صلى الله عليه وسلم فعلهم ، وخبر البخاري إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله ، وفيه إشعار بنسخ الحكم الأول اه‍ . - (حل عن أبي هريرة) رضي الله عنه وفيه إسحاق بن العنبر قال الذهبي في الضعفاء : كذاب اه‍ ، فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب . 8357 - (من أخذ بسنتي فهو مني) أي من أشياعي أو أهل ملتي من قولهم فلان مني كأنه
[ 56 ]
بعضه متحد به (ومن رغب عن سنتي) أي تركها ومال عنها استهانة وزهدا فيها لا كسلا وتهاونا ذكره القاضي (فليس مني) أي ليس على منهاجي [ ص 43 ] وطريقتي أو ليس بمتصل بي أو ليس من أتباعي وأشياعي على ما مر . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال ابن الجوزي : حديث لا يصح فيه جويبر قال يحيى : ليس بشئ وطلحة بن السماح لا يعرف . 8358 - (من أخرج أذى من المسجد) نجس أو طاهر كدم وزرق طير ومخاط وبصاق وتراب وحجر وقمامة ونحوها من كل ما يقذره (بنى الله له بيتا في الجنة) وفي بعض الروايات إن ذلك مهور الحور العين . - (ه عن أبي سعيد) الخدري ، وفيه عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون قال في الكاشف : ضعفه أبو داود . 8359 - (من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم) كشوك وحجر وقذر (كتب الله له به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله بها الجنة) تفضلا منه وكرما . - (طس عن أبي الدرداء) اعلم أن تخريج المصنف غير محرر فإن الطبراني رواه في الأوسط عن أبي الدرداء بغير اللفظ المذكور ورواه في الكبير عن معاذ بغير لفظه أيضا وليس ما عزاه المصنف له موافقا لواحد منهما ، فأما لفظ رواية أبي الدرداء فنصه من أخرج من طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له مائة حسنة ولم يزد قال الهيثمي : وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف ، ولفظ رواية معاذ من رفع حجرا كتب له حسنة ومن كان له حسنة دخل الجنة ، قال الهيثمي : ورجاله ثقات وهذا الحديث سيجئ في هذا الجامع . 8360 - (من أخطأ خطيئة أو أذنب ذنبا ثم ندم) على فعله (فهو) أي الندم (كفارته) لأن الندم توبة والتوبة إذا توفرت شروطها تجب ما قبلها . - (طب هب عن ابن مسعود) رمز لحسنه ، وفيه الحسن بن صالح قال الذهبي : ضعفه ابن حبان وأبو سعيد البقال أورده الذهبي في الضعفاء وقال : مختلف فيه . 8361 - (من أخلص لله) لفظ رواية أبي نعيم من أخلص العبادة لله (أربعين يوما) بأن طهر بدنه من الأدناس والقاذورات وحواسه الباطنة والظاهرة من إطلاقها فيما لا يحتاج إليه من الإدراكات وأعضائه من إطلاقها في التصرفات الخارجة عن دائرة الاعتدال المعلومة من الموازين العقلية والأحكام
[ 57 ]
الشرعية والنصائح النبوية والتنبيهات الحكيمة سيما اللسان وخياله في الاعتقادات الفاسدة والمذاهب الباطلة والتخيلات الرديئة وجولانه في ميدان الآمال والأماني وذهنه من الأفكار الرديئة والاستحضارات الغير الواقعة المعتد بها وعقله من التقييد ونتائج الأفكار فيما يختص بمعرفة الحق وما يصاحب فيضه المنبسط على الممكنات من غرائب الخواص والعلوم والأسرار وقلبه من التقلب التابع للتشعب بسبب التعلقات الموجبة لتوزيع الهم وتشتت العزمات ونفسه من أعراضها بل من عينها فإنه خمرة الآمال والأماني والتعشق بالأشياء مكثرة التشوفات المختلفة التي هي نتائج الأذهان والتخيلات وروحه من الحظوظ الشريفة المرجوة من الحق تعالى لمعرفته والقرب منه والاحتظاء بمشاهدته وسائر أنواع النعيم الروحاني المرغوب فيه والمستشرف بنور البصيرة عليه وحقيقة الإنسانية من تغيير صور ما يرد عليه من الحق عما كان عليه حال تعينه وارتسامه في علم الحق أزلا (ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه) لأن المحافظة على الطهارة المعنوية ولزوم المجاهدة يوصل إلى حضرة المشاهدة ، ألا تراه سبحانه يقول * (ومن الليل فتجهد به) [ الاسراء : 79 ] ، فإذا كان مقصود الوجود لا يصل إلى المقام المحمود إلا [ ص 44 ] بالركوع والسجود فكيف يطمع في الوصول من لم يكن له محصول ، ومن ثم قيل : فجاهد تشاهد قال القونوي : في هذا الحديث سر يجب التنبيه عليه وهو احتراز الإنسان أن يكون إخلاصه هذا طلبا لظهور ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه فإنه حينئذ لم يكن أخلص لله . وروى النووي بإسناده إلى السوسي من شهد في إخلاصه الإخلاص احتاج إخلاصه إلى إخلاص وروى أيضا عن التستري من زهد في الدنيا أربعين يوما مخلصا في ذلك ظهرت له الكرامات ومن لم تظهر له فلعدم الصدق في زهده ، وحكمة التقييد بالأربعين أنها مدة يصير المداومة على الشئ فيها خلقا كالأصلي الغريزي كما مر . وأخذ جمع من الصوفية منه أن خلوة المريد تكون أربعين يوما واحتجوا بوجوه أخر أظهرها أنه سبحانه خمر طينة آدم أربعين صباحا ، وفي شرح الأحكام لعبد الحق : هذا الحديث وإن لم يكن صحيح الإسناد فقد صححه الذوق الذي خصص به أهل العطاء والإمداد وفهم ذلك مستغلق إلا على أهل العلم الفتحي الذي طريقه الفيض الرباني بواسطة الإخلاص المحمدي . - (حل) عن حبيب بن الحسن عن عباس بن يونس التكلي عن محمد بن يسار اليساري عن محمد بن إسماعيل عن يزيد بن يزيد الواسطي عن حجاج عن مكحول (عن أبي أيوب) الأنصاري أورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : يزيد بن يزيد عن عبد الرحمن الواسطي كثير الخطأ ، وحجاج مجروح ، ومحمد بن إسماعيل مجهول ، ومكحول لم يصح سماعه من أبي أيوب اه‍ . وتعقبه المؤلف بأن الحافظ العراقي اقتصر في تخريج الإحياء على تضعيفه وهو تعقب لا يسمن ولا يغني من جوع . 8362 - (من ادان دينا ينوي) أي وهو ينوي كما جاء مصرحا به في رواية صحيحة (قضاءه أداه الله عنه يوم القيامة) بأن يرضي خصماءه ، وقال الغزالي : الشأن في صحة النية فهي معدن غرور الجهال ومزلة أقدام الرجال . - (طب عن ميمون) الكردي عن أبيه ، قال الهيثمي : رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته .
[ 58 ]
8363 - (من أدى إلى أمتي حديثا لتقام به سنة أو تثلم به بدعة فهو في الجنة) أي سيكون فيها أي يحكم له بدخولها ولفظ رواية أبي نعيم فله الجنة . - (حل عن ابن عباس) وفيه عبد الرحمن بن حبيب أورده الذهبي في الضعفاء وقال : متهم بالوضع وإسماعيل بن يحيى التيمي قال أعني الذهبي : كذاب عدم . 8364 - (من أدى زكاة ماله فقد أدى الحق الذي عليه ومن زاد فهو أفضل) قال بعضهم : الأداء تسليم عن الثابت في الذمة بسبب الموجب كالوقت للصلاة والمال للزكاة والشهر للصوم إلى من يستحق ذلك الواجب . - (هق عن الحسن مرسلا) وهو البصري وورد بمعناه مسندا من حديث جابر عند الطبراني وغيره قال الهيثمي : وسنده حسن بلفظ من أدى زكاة ماله فقد أذهب عنه شره . 8365 - (من أدرك ركعة) أي ركوع ركعة وفي رواية سجدة بدل ركعة والمراد منها الركعة ، قال ابن الكمال : والإدراك إحاطة الشئ بكماله (من الصلاة) المكتوبة (فقد أدرك الصلاة) يعني من أدرك ركعة من الصلاة في الوقت وباقيها خارجه فقد أدرك الصلاة ، أي أداءا ، خلافا لأبي حنيفة حيث حكم بالبطلان في الصبح والعصر لدخول وقت النهي ، وقد روى الشيخان أيضا من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح أي أداءا ، أما لو أدرك دونها فإنها تكون [ ص 45 ] قضاء ، والفرق أن الركعة تشتمل على معظم أفعال الصلاة إذ معظم الباقي كالتكرير لها فجعل ما بعد الوقت تابعا لها بخلاف ما دونها ، هذا هو الصحيح عند الشافعية ، وقيل : تكون قضاء مطلقا ، وقيل : ما وقع بعدها قضاء وما قبله أداء . - (ق 4) في الصلاة (عن أبي هريرة) . 8366 - (من أدرك من الجمعة ركعة فليصل) بضم الياء وفتح الصاد وشد اللام (إليها أخرى) زاد أبو نعيم في روايته ومن أدركهم في التشهد صلى أربعا اه‍ . - (ه ك) في الجمعة (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وتعقبه في غيره بأنه ورد من طريقين في أحدهما عبد الرزاق بن عمرو واه ، وفي الأخرى إبراهيم بن عطية واه .
[ 59 ]
8367 - (من أدرك عرفة) أي الوقوف بها (قبل طلوع الفجر) ليلة النحر (فقد أدرك الحج) أي معظمه ، لأن الوقوف معظم أعماله وأشرفها فإدراكه كإدراكه ، ولأن الوقوف بها ضيق الوقت يفوت بفوته الحج في تلك السنة بخلاف بقية الأركان ، ووقت الوقوف من زوال عرفة إلى فجر النحر ، وخصوا الليلة بالذكر لأنها الواقعة في محل النظر والاشتباه . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه ، قال الهيثمي : وفيه عمرو بن قيس المكي وهو ضعيف متروك اه‍ ورواه الشافعي في مسنده عن ابن عمر . 8368 - (من أدرك رمضان وعليه من رمضان) أي من صومه (شئ) والحال أنه (لم يقضه) قبل مجئ مثله (فإنه لا يقبل منه حتى يصومه) . - (حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه ، قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح وأعاد في موضع آخر وقال : حديث حسن . 8369 - (من أدرك الأذان في المسجد ثم خرج لم يخرج لحاجته وهو لا يريد الرجعة) إلى المسجد ليصلي مع الجماعة (فهو منافق) أي يكون دلالة على نفاقه وفعله يشبه فعله المنافقين . - (ه عن عثمان) بن عفان ، رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعفه وسبقه إليه المنذري وغيره ، وسببه أن فيه عبد الجبار ضعفه أبو زرعة وغيره وقال البخاري : له مناكير وحرملة بن يحيى قال أبو حاتم : لا يحتج به . 8370 - (من ادعى) أي انتسب (إلى غير أبيه) قال الأكمل : عدى ادعى بإلى لتضمنه معنى انتسب (وهو) أي والحال أنه (يعلم) أنه غير أبيه وليس المراد بالعلم هنا حكم الذهن الحازم ولا الصفة التي توجب تمييزا لا يحتمل النقيض لعدم قصورها هنا إلا بطريق الكشف بل الظن الغالب (فالجنة عليه حرام) أي ممنوعة قبل العقوبة إن شاء عاقبه أو مع السابقين الأولين أو إن استحل لأن تحريم الحلال الذي لم تتطرقه تأويلات المجتهدين كفر وهو سيستلزم تحريم الجنة أو حرمت عليه جنة معينة كجنة عدن والفردوس أو ورد على التغليظ والتخويف أو أن هذا جزاؤه وقد يعفى عنه أو كان ذلك شرع من مضى أن أهل الكبائر يكفرون بها أو غير ذلك . - (حم ق د ه عن سعد) بن أبي وقاص (وأبي بكر) قال : كلاهما سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية لمسلم أيضا من حديث [ ص 46 ] أبي عثمان لما
[ 60 ]
ادعى زيادة أنه ابن أبي سفيان لقيت أبا بكر فقلت له : ما هذا الذي صنعتم ؟ إني سمعت سعد بن وقاص يقول : سمعت أذني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكر : أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم . 8371 - (من ادعى إلى غير أبيه) أي من رغب عن أبيه والتحق بغيره تركا للأدنى ورغبة في الأعلى أو خوفا من الإقرار بنسبه أو تقربا لغيره بالانتماء أو غير ذلك من الأغراض ، وعداه بإلى لتضمنه معنى الانتساب وكذا فيما قبله (أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله) أي طرده عن درجة الأبرار ومقام الأخيار لا من رحمة الغفار (المتتابعة) أي المتمادية (إلى يوم القيامة) لمعارضته لحكمة الله في الانتساب والداعي إلى غير أبيه كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان وإنما خلقه من غيره فقد كذب على الله فاستوجب الإبعاد ، والمنتمي لغير المعتق قد كفر النعمة واستن العقوق وضيع الحقوق وهذا الوعيد الشديد يفيد أن كلا منها كبيرة . - (د عن أنس) بن مالك ، وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه الإمام مسلم عن علي مرفوعا بلفظ من ادعى إلى غير أبيه أو تولى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين اه‍ وهذا الخلف اليسير ليس بعذر في العدول عن الصحيح . 8372 - (من ادعى ما ليس له) من الحقوق (فليس منا) أي من العاملين بطريقتنا المتبعين لمنهاجنا (وليتبوأ مقعده من النار) قال القاضي : لا يحمل مثل هذا الوعيد في حق المؤمن على التأبيد . - (عن أبي ذر) قضية تصرف المصنف أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو عجب مع وجوده في صحيح مسلم باللفظ المذكور عن أبي ذر . 8373 - (من ادهن ولم يسم) الله تعالى عند ادهانه (ادهن معه ستون شيطانا) الظاهر أن المراد التكثير لا حقيقة العدد قياسا على نظائره السابقة واللاحقة ، قال الغزالي : قال أبو هريرة : التقى شيطان المؤمن وشيطان الكافر فإذا شيطان الكافر سمين دهين وشيطان المؤمن هزيل أشعث عار فقال شيطان الكافر للآخر : ما لك قال : أنا مع رجل إذا أكل سمى فأظل جائعا وإذا شرب سمى فأظل ظامئا وإذا ادهن سمى فأظل شعثا وإذا لبس سمى فأظل عريانا فقال شيطان الكافر : لكني مع رجل لا يفعل شيئا من ذلك فأشركه في الكل . - (ابن السني في عمل يوم وليلة عن) أبي عيسى (دريد بن نافع القرشي) الأموي
[ 61 ]
مولاهم الشامي نزل مصر ، مقبول ، لكنه مدلس كما في التقرب (مرسلا) قال الذهبي : مصري مستقيم الحديث ، وفي الفردوس هو مولى أبي أمية يروي عن الأزهري وغيره . 8374 - (من أذل نفسه في طاعة الله فهو أعز ممن تعزز بمعصية الله) لأن من أذل نفسه لله انكشف عنه غطاء الوهم والخيال وانجلت مرآته من صدأ الأغيار وطلب الحق بالحق وافتقر به إليه وذلك غاية الشرف والعزة ، إذ غاية الذل والافتقار إلى الله سبب للغنى ، وإذا صح الغنى انتفى العبد وبقي الرب فتتبدل الصفات البشرية بالصفات الملائكية فتشرق شموس القدم على ظلة الحدث فيفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل . - (حل عن عائشة) وضعفه مخرجه أبو نعيم . 8375 - (من أذل) بالبناء للمجهول (عنده) أي بحضرته أو بعلمه (مؤمن فلم ينصره) على من ظلمه (هو) أي والحال أنه [ ص 47 ] (يقدر على أن ينصره أذله الله على رؤوس الأشهاد يوم القيامة) فخذلان المؤمن حرام شديد التحريم دنيويا كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد أن يبطش به فلا يدفعه أو دينيا . - (حم عن سهل بن حنيف) بالتصغير قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات . 8376 - (من أذن) للصلاة (سبع سنين محتسبا) أي متبرعا ناويا به وجه الله قال الزمخشري : الاحتساب من الحسبة كالاعتذار من العذر ، وإنما قيل احتسب العمل لمن ينوي به وجه الله لأن له حينئذ أن يعتد عمله فيجعله في حال مباشرة الفعل كأنه معتد (كتبت له براءة من النار) لأن مداومته على النطق بالشهادة والدعاء إلى الله هذه المدة الطويلة من غير باعث دنيوي صير نفسه كأنها معجونة بالتوحيد وذلك هدية من الله والرب لا يرجع في هديته . - (ت ه) كلاهما في الأذان (عن ابن عباس) وظاهر صنيع المصنف يدل على أن مخرجه خرجه وسلمه والأمر بخلافه فقد تعقبه الترمذي ببيان حاله فقال : فيه جابر بن يزيد الجعفي ضعفوه وتركه يحيى وابن مهدي اه‍ . وقال ابن الجوزي : حديثه لا يصح وجابر كان كذابا وقال ابن حجر : فيه جابر الجعفي وهو ضعيف جدا . 8377 - (من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة) قال الجلال البلقيني : حكمته أن العمر
[ 62 ]
الأقصى مائة وعشرون سنة والاثنتي عشر عشرها ومن سنة الله أن العشر يقوم مقام الكل * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [ الانعام : 160 ] فكأنه تصدق بالدعاء إلى الله كل عمره ولو عاش هذا القدر الذي هذا عشره فكيف دونه ؟ وأما خبر سبع سنين فإنها عشر العمر الغالب اه‍ (وكتب له بتأذينه كل يوم ستون حسنة وبإقامته ثلاثون حسنة) فترفع بها درجاته في الجنان . - (ه ك) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال الحاكم : صحيح على شرط البخاري واغتر به المصنف فرمز لصحته وقد قال ابن الجوزي : حديث لا يصح ، وأورده في الميزان من مناكير عبد الله بن صالح كاتب الليث فقال في التنقيح : هو ليس بعمدة ، وقال الحافظ ابن حجر : فيه عبيد الله بن صالح عن يحيى بن أيوب عن ابن جريج عن نافع عنه ، وهذا الحديث أحد ما أنكر عليه ورواه البخاري في تاريخه من حديث يحيى ابن المتوكل عن ابن جريج عن صدقة عن نافع وقال : هذا أشبه اه‍ . فلو عزاه المصنف له لكان أولى . 8378 - (من أذن) أي لخمس (صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر (ومن أم أصحابه) أي صلى بهم إماما (خمس صلوات إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) فيه شمول الكبائر وقياس النظائر الحمل على الصغائر خاصة ، والخمس صادقة بأن تكون من يوم وليلة أو من أيام . - (هق عن أبي هريرة) ثم قال أعني البيهقي : لا أعرفه إلا من حديث إبراهيم بن رستم اه‍ قال الذهبي : قال ابن عدي وغيره : هو متروك الحديث . 8379 - (من أذن سنة لا يطلب عليه) أي على أذانه المفهوم من أذن (أجرا) من أحد (دعي يوم القيامة ووقف على باب [ ص 48 ] الجنة فقيل له اشفع لمن شئت) الشفاعة له فإنك تشفع ودعي ووقف بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة أو غيرهم بإذن ربهم ، قال الخطابي وغيره : في هذا الحديث وما قبله ندب التطوع بالأذان وكراهة أخذ الأجر عليه ، قال الطيبي : ولعل الكراهة لما أن المؤذن متبرع في ندائه المصلين وسبب في اجتماعهم فإذا كان مخلصا أخلصت صلاتهم قال تعالى * (اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم مهتدون) [ يس : 21 ] - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ، قال ابن الجوزي : حديث لا يصح فيه موسى الطويل كذاب قال ابن حبان : زعم أنه رأى أنسا وروى عنه أشيا موضوعة ومحمد بن سلمة غاية في الضعف . 8380 - (من أذنب ذنبا فعلم أن له ربا إن شاء أن يغفر له غفر له وإن شاء أن يعذبه عذبه كان
[ 63 ]
حقا على الله أن يغفر له جعل اعترافه بالربوبية المستلزم لاعترافه بالعبودية وإقراره بذنبه سببا للمغفرة حيث أوجب الله المغفرة للتائبين المعترفين بالسيئات على سبيل الوعد والتفضل لا الوجوب الحقيقي إذ لا يجب على الله شئ . - (ك حل) كلاهما من حديث قتيبة عن جابر بن مرزوق عن عبد الله العمري عن أبي طوالة (عن أنس) قال الحاكم : صحيح فقال الذهبي : لا والله ومن جابر حتى يكون حجة ؟ بل هو نكرة وحديثه منكر اه‍ . ورواه الطبراني من هذا الوجه وتعقبه الهيثمي بأن فيه جابر هذا وهو ضعيف جدا اه‍ . 8381 - (من أذنب ذنبا فعلم أن الله قد اطلع عليه غفر له وإن لم يستغفر) ليس المراد منه ومما قبله الحث على فعل الذنب أو الترخيص فيه كما توهمه بعض أهل الغرة فإن الرسل إنما بعثوا للردع عن غشيان الذنوب بل ورد مورد البيان لعفو الله عن المذنبين وحسن التجوز عنهم ليعظموا الرغبة فيما عنده من الخير والمراد أنه سبحانه كما يحب أن يحسن إلى المحسن يحب أن يتجاوز عن المسئ ، والقصد بإيراده بهذا اللفظ الرد على منكر صدور الذنب من المؤمنين وأنه قادح في إيمانهم . - (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن مسعود) قال الحافظ العراقي : ضعيف جدا وبينه تلميذه الهيثمي فقال : فيه إبراهيم بن هراسة وهو متروك . 8382 - (من أذنب ذنبا وهو يضحك) استخفافا بما اقترفه من الذنب (دخل النار) أي جهنم (وهو يبكي) جزاءا وفاقا وقضاءا عدلا . - (حل عن ابن عباس) وفيه عمر بن أيوب قال الذهبي في الضعفاء : جرحه ابن حبان . 8383 - (من أرى الناس) أي أظهر لهم (فوق ما عنده) أي باطنه (من الخشية) لله أي من الخوف من الله تعالى (فهو منافق) أي انفاقا عمليا . - (ابن النجار) في تاريخه (عن أبي ذر) الغفاري . 8384 - (من أراد الحج) أي قدر على أدائه ، لأن الإرادة مبدأ الفعل والفعل مسبوق بالقدرة فأطلق أحد سببي الفعل الآخر والعلاقة الملابسة لأن معنى قوله (فليتعجل) فليغتنم الفرصة إذا وجد الاستطاعة من القوة والزاد والراحلة والمراد قبل عروض مانع ، وهذا أمر ندبي لأن تأخير الحج عن وقت وجوبه سائغ كما علم من دليل آخر ، قال في الكاشف : والتفعيل بمعنى الاستفعال غير عزيز ، ومنه
[ 64 ]
التعجل بمعنى الاستعجال والتأخر بمعنى الاستئخار . - (حم د ك هق) في الحج [ ص 49 ] من حديث أبي صفوان (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح وأبو صفوان مهران لم يجرح اه‍ وأقره في التلخيص لكن تعقبه في المهذب فقال : قلت هذا التابعي مجهول وسبقه له ابن القطان فقال بعد ما عزاه لأبي داود : مهران أبو صفوان مجهول . 8385 - (من أراد الحج فليتعجل) بضبط ما قبله (فإنه قد يمرض المريض وتضل الضالة وتعرض الحاجة) هذا من قبيل المجاز بإعتبار الأول إذ المريض لا يمرض بل الصحيح فسمى المشارف للمرض والضلال مريضا وضالة كما سمى المشارف للموت ميتا ومنه * (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) [ نوح : 27 ] أي صائرا إلى الفجور والكفر ، ذكره الزمخشري ، والقصد الحث على الاهتمام بتعجيل الحج قبل العوارض اه‍ . وفيه أن الحج ليس فوريا بل على التراخي وبه أخذ الشافعي وقال أبو حنيفة بل هو على الفور وقد مر جوابه . - (حم ه عن الفضل) الظاهر أنه ابن العباس قال الكمال ابن أبي شريف في تخريج الكشاف : الحديث موقوف وقد عزاه الطبراني لأبي داود وحده مرفوعا وقال : إنه ليس فيه قوله فإنه قد يمرض المريض إلخ اه‍ . قال : والحديث بتمامه عند أحمد وابن إسحاق وابن ماجه وفيه أبو إسرائيل الملائي وهو ضعيف سئ الحفظ ، إلى هنا كلامه ، وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه . 8386 - (من أراد) وفي رواية أبي نعيم من سره (أن يعلم ماله عند الله فلينظر ما لله عنده) زاد الحاكم في روايته فإن الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه فمنزلة الله عند العبد في قلبه على قدر معرفته إياه وعلمه به وإجلاله وتعظيمه والحياء والخوف منه وإقامة الحرمة لأمره ونهيه والوقوف عند أحكامه بقلب سليم ونفس مطمئنة والتسليم له بدنا وروحا وقلبا ومراقبة تدبيره في أموره ولزوم ذكره والنهوض بأثقال نعمه ومننه وترك مشيئته لمشيئته وحسن الظن به والناس في ذلك درجات وحظوظهم بقدر حظوظهم من هذه الأشياء فأوفرهم حظا منها أعظمهم درجة عنده وعكسه بعكسه اه‍ . وقال ابن عطاء الله : إذا أردت أن تعرف مقامك عنده فانظر ما أقامك فيه فإن كان في الخدمة فاجتهد في تصحيح عبوديتك ودوام المراقبة في خدمتك لأن شرط العبودية المراقبة في الخدمة لمراد المولى وهي المعرفة لأنك إذا عرفت أنه أوجدك وأعانك واستعملك قيما شاء وأنت عاجز عرفت نفسك وعرفت ربك ولزمت طاعته ، وقال بعض العارفين : إن أردت أن تعرف قدرك عنده فانظر فيما يقيمك متى رزقك الطاعة والغنى به عنها فاعلم أنه أسبغ نعمة عليك ظاهرة وباطنة وخير ما تطلبه منه ما هو طالبه منك . - (قط في الأفراد عن أنس) بن مالك (حل عن أبي هريرة وعن سمرة) ولما رواه مخرجه أبو نعيم قال : إنه غريب من حديث صالح المزي ، وصالح المزي قال الذهبي في الضعفاء : قال النسائي وغيره : متروك ورواه الحاكم عن جابر وزاد فيه ما ذكر .
[ 65 ]
8387 - (من أراد) وفي رواية من أحب (أن يلقى الله طاهرا مطهرا) من الأدناس المعنوية (فليتزوج الحرائر) قال في الإتحاف : معنى الطهارة هنا السلامة من الآثام المتعلقة بالفروج لأن تزويج الحرائر أعون على العفاف من تزوج الإماء لاكتفاء النفس بهن عن طلب الإماء غالبا بخلاف العكس وقال الطيبي : إنما خصهن لأن الأمة مسببة له غير مؤدبة وتكون خراجة ولاجة غير لازمة للخدر وإذا لم تكن مؤدبة لم تحسن تأديب أولادها وتربيتهم بخلاف الحرائر [ ص 50 ] ولأن الغرض من التزوج التناسل بخلاف التسري ولهذا جاز العزل عن الأمة مطلقا بغير إذنها قال : ويمكن حمل الحرائر على المعنى كما قال الحماسي : ولا يكشف الغماء إلا ابن حرة * يرى غمرات الموت ثم يزورها وقال آخر : ورق ذوي الأطماع رق مخلد . وقيل : عبد الشهوة أقل من عبد الرق ، فإن للنكاح منافع دينية ودنيوية منها غض البض وكف النفس عن الحرام ونفع المرأة فهو ينفع بالتزويج نفسه في دنياه وآخرته وينفع المرأة ولذلك كان نبينا عليه الصلاة والسلام يحبه ويقول أصبر عن الطعام والشراب ولا أصبر عنهن ، كما في خبر أحمد . - (ه عن أنس) بن مالك وفيه سلام بن سوار أورده الذهبي في الضعفاء وقال : لا يعرف وكثير بن سلام قال في الكاشف : ضعفوه والضحاك بن مزاحم وفيه خلف وقال المنذري بعد عزوه لابن ماجه : حديث ضعيف . 8388 - (من أراد أن يصوم فليتسحر بشئ) ندبا مؤكدا ولو بجرعة من ماء فإن البركة في اتباع السنة لا في عين المأكول كما سبق . - (حم والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : فيه عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه كلام . 8389 - (من أراد أهل المدينة) هم من كان بها في زمنه أو بعده وهو على سنته (بسوء) قال ابن الكمال : متعلق بأراد لا بإعتبار معناه الأصلي لأنه متعد بنفسه لا بالباء بل بإعتبار تضمنه معنى المس فإن عدى بالباء فالمعنى من مس أهل المدينة بسوء مريدا أي عامدا عالما مختارا لا ساهيا ولا مجبورا (أذابه الله) أي أهلكه بالكلية إهلاكا مستأصلا بحيث لم يبق من حقيقته شئ لا دفعة بل بالتدريج لكونه أشد إيلاما وأقوى تعذيبا وأقطع عقوبة فهو استعارة تمثيلية في ضمن التشبيه التمثيلي ولا يخفى لطف
[ 66 ]
موقعه في الأذهان وغرابة موضعه عن أرباب البيان ، وما في قوله (كما يذوب) مصدرية أي ذوبا كذوب (الملح) ولقد أعجب وابدع حيث حتم بقوله (في الماء) فشبه أهل المدينة به إيماءا إلى أنهم كالماء في الصفاء قال القاضي عياض : وهذا حكمه في الآخرة بدليل رواية مسلم أذابه الله في النار أو يكون ذلك لمن أرادهم بسوء في الدنيا فلا يمهله الله ولا يمكن له سلطانا بل يذهبه عن قرب كما انقضى شأن من حاربهم أيام بني أمية كعقبة بن مسلم فإنه هلك في منصرفه عنها ثم هلك يزيد بن معاوية مرسله على أثر ذلك ، قال السمهودي : من تأمل هذا الحديث وما أشبهه مما مر لم يرتب في تفضيل سكنى المدينة على مكة مع تسليم مزيد المضاعفة لمكة . - (حم م ه عن أبي هريرة عن سعد) بن أبي وقاص . 8390 - (من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج) وفي رواية فلينفس (عن معسر) بإمهال أو أداء أو إبراء أو وساطة أو تأخير مطالبة ونحوها . وفيه من بيان عظم فضل التيسير والترغيب فيه والحث عليه ما لا يخفى . - (حم عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال الهيثمي : ورجاله ثقات . 8391 - (من أراد أمرا فشاور فيه امرءا مسلما وفقه الله تعالى لأرشد أموره) فإن المشورة عماد كل صلاح وباب كل فلاح ونجاح لكن ينبغي أن لا يشاور إلا من اجتمع فيه عقل كامل مع تجربة سابقة وذو دين وتقى مأمون [ ص 51 ] السريرة موفق العزيمة ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصا محافظا على مشاورة أصحابه . - (طس عن ابن عباس) ثم قال الطبراني : لم يروه عن النضر إلا محمد بن عبد الله بن علاثة تفرد به عنه عمرو بن الحصين قال جدنا للأم الزين العراقي في شرح الترمذي : وهذا إسناد واه . وقال ابن حجر : هو ضعيف جدا وفي شيخ عمرو وشيخ شيخه مقال اه‍ . وقال الهيثمي : فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك اه‍ . 8392 - (من ارتد عن دينه فاقتلوه) من الرد وهو كف بكره لما شأنه الإقبال برفق . ذكره الحرالي . والمراد من رجع عن دين الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر يستتاب وجوبا ثم يقتل إذا كان رجلا إجماعا ، وكذا إن كان أمرأة عند الأئمة الثلاثة ، وقال أبو حنيفة : لا تقتل لأن معها عاصمها وهو الأنوثة ، وقد نهى المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن قتل النساء وسيجئ لذلك مزيد تقرير . - (طب عن عصمة) بكسر فسكون (ابن مالك) قال الهيثمي : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف . 8393 - (من أرضى سلطانا بما يسخط ربه خرج من دين الله) أي إن استحل ذلك أو هو زجر
[ 67 ]
وتهويل ، وأخرج ابن سعد عن ابن مسعود قال : إن الرجل يدخل على السلطان ومعه دينه فيخرج وما معه دينه قيل : كيف قال : يرضيه بما يسخط الله . - (ك) في الأحكام (عن جابر) بن عبد الله ، قال الذهبي تبعا للحاكم : تفرد به علاق عن جابر والرواة إليه ثقات . 8394 - (من أرضى الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس) أي لما رضي لنفسه بولاية من لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا وكله إليه (ومن أسخط الناس لرضى الله كفاه الله مؤونة الناس) لأنه جعل نفسه من حزب الله ولا يخيب من التجأ إليه * (ألا إن حزب الله هم المفحلون) [ المجادلة : 22 ] ، أوحى الله إلى داود عليه السلام ما من عبد يعتصم بي دون خلقي فتكيده السماوات والأرض إلا جعلت له مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق دوني إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه وأسخطت الأرض من تحت قدميه - (ت حل عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي والعسكري رمز المصنف لحسنه . 8395 - (من أرضى والديه فقد أرضى الله ومن أسخط والديه فقد أسخط الله) قد شهدت نصوص أخرى على أن هذا عام مخصوص بما إذا لم يكن في رضاهما مخالفة لشئ من أحكام الشرع وإلا فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . - (ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك . 8396 - (من أريد ماله) أي أريد أخذ ماله (بغير حق فقاتل) في الدفع عنه (فقتل فهو شهيد) في حكم الآخرة لا الدنيا بمعنى أنه له أجر شهيد ، قال النووي : فيه جواز قتل من قصد أخذ المال بغير حق وإن قل إن لم يندفع إلا به وهو قول الجمهور وشذ من أوجبه ، وقال بعض المالكية : لا يجوز في الحقير . - (3 عن ابن عمرو) بن العاص وقال بعض شراح الترمذي : إسناده صحيح . [ ص 52 ] 8397 - (من ازداد علما ولم يزدد في الدنيا زهدا لم يزدد من الله إلا بعدا) ومن ثم قال الحكماء : العلم في غير طاعة الله مادة الذنوب ، وقال الماوردي : قال الحكماء : أصل العلم الرغبة وثمرته السعادة ، وأصل الزهد الرهبة وثمرته العبادة فإذا اقترن العلم والزهد فقد تمت السعادة وعمت الفضيلة وإن افترقا فياويح مفترقين ما أضر افتراقهما وأقبح انفرادهما ، وقال مالك بن دينار : من لم يؤت من العلم ما يقمعه فما أوتي من العلم لا ينفعه ، وقال حجة الإسلام : الناس في طلب العلم ثلاثة رجل طلبه ليتخذه زادا إلى المعاد لم يقصد إلا وجه الله فهذا من الفائزين ورجل طلبه ليستعين به على حياته العاجلة وينال
[ 68 ]
به الجاه والمال ومع ذلك يعتقد خسة مقصده وسوء فعله فهذا من المخاطرين فإن عاجله أجله قبل التوبة خيف عليه سوء الخاتمة وإن وفق لها فهو من الفائزين ورجل استحوذ عليه الشيطان فاتخذ علمه ذريعة إلى التكاثر بالمال والتفاخر بالجاه والتعزز بكثرة الأتباع وهو مع ذلك يضمر أنه عند الله بمكان لاتسامه بسمة العلماء فهذا من الهالكين المغرورين إذ الرجاء منقطع عن توبته لظنه أنه من المحسنين . - (فر عن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف ، أي وذلك لأن فيه موسى بن إبراهيم قال الذهبي : قال الدارقطني : متروك ، ورواه ابن حبان في روضة العقلاء موقوفا عن الحسن بن علي وروى الأزدي في الضعفاء من حديث علي من ازداد بالله علما ثم ازداد للدنيا حبا ازداد من الله عليه غضبا . 8398 - (من أسبغ الوضوء) أي أتمه وأكمله بشروطه وفروضه وسننه وآدابه (في البرد الشديد كان له من الأجر كفلان) . - (طص عن علي) أمير المؤمنين ، وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه عمر بن حفص العبدي متروك وقال العقيلي : ليس لهذا المتن إسناد صحيح . 8399 - (من أسبل إزاره في صلاته خيلاء) بضم الخاء والمد : كبرا وإعجابا (فليس من الله في حل ولا حرام) بكسر الحاء من حل وقيل معناه لا يؤمن بحلال الله وحرامه قال النووي : معناه برئ من الله وفارق دينه . - (د عن ابن مسعود) . 8400 - (من استجد قميصا) أي اتخذه جديدا (فلبسه فقال حين بلغ ترقوته الحمد لله الذي كساني ما أواري) أي أستر (به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق) أي صار خلقا باليا (فتصدق به كان في ذمة الله وفي جوار الله) بكسر الجيم أي حفظه والجار الذي يجير غيره أي يؤمنه مما يخاف (وفي كنف الله) بفتحتين الجانب والساتر (حيا وميتا) . - (حم) من حديث أصبغ عن أبي العلاء الشامي (عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه ، قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وأصبغ هو ابن زيد قال ابن عدي : له أحاديث غير محفوظة ، وابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد وأبو العلاء قال : مجهول قال : والحديث غير ثابت . 8401 - (من استجمر فليستجمر ثلاثا) يحتمل كونه من الاستجمار وهو التبخر بالعود والطيب
[ 69 ]
استفعال من الجمر الذي هو النار والمجمرة ما يوضع فيه الفحم للتبخر . ويحتمل كونه من الاستجمار الذي هو مسح المخرج بالجمار وهي الحجارة [ ص 53 ] الصغار لأنه يطيب الريح كما يطيب البخور فيجب في الاستجمار بالحجر وما في معناه ثلاث مسحات مع رعاية الإنقاء عند الشافعي وأحمد ولم يشترط المالكية عددا وكذا الحنفية حيث وجب الاستنجاء عندهم بأن زاد الخارج على قدر الدرهم والحديث حجة عليهم ، قال الخطابي : لو كان القصد الإنقاء فقط لخلا اشتراط العدد عن فائدة فلما اشترط العدد لفظا وعلم الإنقاء فيه معنى دلا على إيجاب الأمرين كالعدة بالإقراء فإن العدد شرط وإن تحققت براءة الرحم بقرء واحد . (تنبيه) استدل به من أنكر الاستنجاء بالماء وقد أنكره به حذيفة وابن الزبير وسعد بن مالك وابن المسيب وكان الحسن لا يستنجي به وقال عطاء : غسل الدبر مجوسية . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته ليس كما قال فقد قال الزين العراقي : فيه قيس بن الربيع صدوق يسئ الحفظ ، وقال الحافظ الهيثمي : فيه قيس بن الربيع وثقه الثوري وضعفه جمع كثيرون اه‍ . وهذا الحديث في الصحيحين بلفظ من استجمر فليوتر ، وفي أبي داود وابن ماجه بزيادة من فعل فحسن ومن لا فلا حرج ، وإنما آثر المؤلف هذه الرواية لصراحتها في الرد على الحنفية القائلين بالاكتفاء بدون الثلاث . 8402 - (من استحل بدرهم) في النكاح كذا هو ثابت في المتن في رواية الطيالسي وأبو يعلى وغيرهما وهذا حكاه ابن حجر في الفتح وكأنه سقط من قلم المصنف (فقد استحل) أي طلب حل النكاح كذا قرره البيهقي وساقه شاهدا على جواز النكاح بصداق كثر أو قل . وفيه أنه لا حد لأقل المهر قال ابن المنذر : فيه رد على من زعم أن أقل المهر عشرة دراهم ومن قال ربع دينار قال المازري : تعلق به من أجاز النكاح بأقل من ربع دينار لكن مالك قاسه على القطع في السرقة وقال عياض : تفرد به مالك عن الحجازيين وأجازه الكافة بما تراضى عليه الزوجان قال ابن حجر : وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شئ ، منها هذا الحديث . - (هق) من حديث وكيع بن يحيى بن عبد الرحمن (عن ابن أبي لبيبة) تصغير لبة عن أبيه عن جده قال الذهبي في المهذب : قلت يحيى واه اه‍ . وعزاه ابن حجر لابن أبي 000 شيبة باللفظ المزبور عن ابن أبي لبيبة المذكور وقال : لا يثبت وعزاه الهيثم لأبي يعلى وقال : فيه يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة ضعيف . 8403 - (من استطاب بثلاثة أحجار ليس فيهن رجيع كن له طهورا) بضم الطاء ومن استطاب بأقل من ثلاث أحجار أو ما في معناها كما صرح به في رواية مسلم بقوله ولا يستنج أحدكم بأقل من ثلاثة أحجار وأخذ بهذا الشافعي وأحمد وأصحاب الحديث فاشترطوا أن لا ينقص عن ثلاث مع رعاية الإنقاء إذا لم يحصل بها فيزاد حتى ينقى ويسن حينئذ الإيتار بقوله في حديث من استجمر فليوتر وليس بواجب لزيادة في أبي داود وقال ابن حجر : حسنة الإسناد ومن لا فلا حرج وبه يحصل الجمع بين
[ 70 ]
الروايات وأما الاستدلال على عدم اشتراط العدد بالقياس على مسح الرأس ففاسد الاعتبار لأنه في مقابلة النص الصريح . - (طب عن خزيمة بن ثابت) رمز المصنف لحسنه . 8404 - (من استطاع) أي قدر (أن يموت بالمدينة) أي أن يقيم فيها حتى يدركه الموت (فليمت بها) أي فليقم بها حتى يموت فهو تحريض على لزوم الإقامة بها ليتأتى له أن يموت بها إطلاقا للمسبب على سببه كما في * (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) [ البقرة : 132 ] (فإني أشفع لمن يموت بها) أي أخصه بشفاعة غير العامة زيادة في الكرامة ، وأخذ منه حجة الإسلام ندب الإقامة بها مع رعاية حرمتها وحرمة ساكنيها وقال ابن الحاج : حثه على محاولة ذلك بالاستطاعة التي هي بذل المجهود في ذلك فيه زيادة اعتناء بها ففيه دليل على تمييزها على مكة في الفضل لإفراده إياها بالذكر هنا قال السمهودي : وفيه بشرى للساكن بها بالموت على الإسلام لاختصاص الشفاعة بالمسلمين وكفي بها مزية فكل من مات بها فهو مبشر بذلك ، ويظهر أن من [ ص 54 ] مات بغيرها ثم نقل ودفن بها يكون له حظ من هذه الشفاعة ولم أره نصا . - (حم ت) في أواخر الجامع (ه) في الحج (حب) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي : حسن صحيح غريب ، قال الهيثمي : ورجال أحمد رجال الصحيح خلا عبد الله بن عكرمة ولم يتكلم فيه أحد بسوء . 8405 - (من استطاع) أي قدر إذ هي والقدرة والقوة إذا أطلقت في حق العبد ألفاظ مترادفة عند أهل الأصول كما سبق (أن يكون له خبء) أي شئ مخبوء أي مدخر (من عمل صالح فليفعل) أي من قدر منكم أن يمحو ذنوبه بفعل الأعمال الصالحة فليفعل ذلك وحذف المفعول اختصارا ، قال ابن الكمال : والاستطاعة عرض يخلقه الله في الحيوان يفعل به الأفعال الاختيارية . - (الضياء) في المختارة وكذا الخطيب في تاريخه في ترجمة عمر الوراق (عن الزبير) بن العوام قال ابن الجوزي : قال الدارقطني : رفعه إسحاق بن إسماعيل ولم يتابع عليه وقد رواه شعبة وزهير والقطان وهشيم وابن عيينة وأبو معاوية وعبدة ومحمد بن زياد عن إسماعيل عن قيس عن الزبير موقوفا وهو الصحيح .
[ 71 ]
8407 - (من استطاع منكم أن ينفع أخاه) أي في الدين ، قال في الفردوس : يعني بالرقية (فلينفعه) أي على جهة الندب المؤكد وقد تجب في بعض الصور وقد تمسك ناس بهذا العموم فأجازوا كل رقية جربت منفعتها وإن لم يعقل معناها ، لكن دل حديث عوف الماضي أن ما يؤدي الى شرك يمنع وما لا يعرف معناه لا يؤمن أن يؤدي إليه فيمنع احتياطا وحذف المنتفع به لإرادة التعميم فيشمل كل ما ينتفع به نحو رقية أو علم أو مال أو جاه أو نحوها ، وفي قوله منكم إشارة إلى أن نفع الكافر أخاه بنحو صدقة عليه لا يثاب عليه في الآخرة وهو ما عليه جمع * (والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة [ النور : 39 ] قال الحرالي : والنفع حصول موافق الجسم الظاهر وما يتصل به في مقابلة الضر ولذلك يخاطب به الكفار كثيرا لوقوع معنييهما في الظاهر الذي هو مقصدهم * (يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا) [ الروم : 7 ] وقال الكرماني : المنفعة اللذة أو ما يكون وسيلة إلى اللذة . - (حم م ه) في الطب (عن جابر) بن عبد الله ، قال : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الرقى فجاء عمرو بن حزم فقال : يا رسول الله كانت عندنا رقية نرقي بها العقرب وإنك نهيت عن الرقى فعرضوها عليه فقال : ما أرى بأسا ثم ذكره ، وفي رواية لمسلم أيضا عن جابر قال : لدغت رجلا منا عقرب ونحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل : يا رسول الله أرق ؟ فذكره كأن السائل عرف أنه من حق الإيمان أن يعتقد أن المقدور كائن لا محالة ووجد الشرع يرخص في الاسترقاء ويأمر بالتداوي وبالإتقاء عن مواطن المهلكات فأشكل عليه الأمر كما أشكل على الصحب حين أخبروا أن الكتاب يسبق على الرجل فقالوا : ففيم العمل . 8406 - (من استطاع منكم أن يقي دينه وعرضه) بكسر العين ، محل الذم والمدح منه (بماله فليفعل) ندبا مؤكدا . - (ك) في البيع من حديث أبي عصمة نوح عن عبد الرحمن بن بديل (عن أنس) وقد سكت المصنف كالحاكم عليه فأوهم أنه لا علة فيه وليس كما أوهم فقد استدركه الذهبي على الحاكم فقال : قلت نوح هالك . 8408 - (من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين قبلته أحد) ذكر أو أنثى نائم أو مستيقظ آدمي أو دابة أو غير ذلك (فليفعل) ندبا . - (ه عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه . [ ص 55 ] 8409 - (من استطاع منكم أن يستر أخاه المؤمن بطرف ثوبه فليفعل) ذلك فإنه قربة يثاب عليها قال الحرالي : والاستطاعة مطاوعة النفس في العمل وإعطاؤها الانقياد فيه . - (فر عن جابر) بن عبد الله وفيه المنكدر بن محمد المنكدر أورده الذهبي في الضعفاء وقال : اختلف قول أحمد فيه . 8410 - (من استعاذ بالله فأعيذوه) أي من سألكم أن تدفعوا عنه شركم أو شر غيركم بالله كقوله بالله عليك أن تدفع عني شر فلان وإيذاءه واحفظني من فلان فأجيبوه واحفظوه لتعظيم اسم الله
[ 72 ]
ذكره المظهر ، وقال الطيبي : قد جعل متعلق استعاذ محذوفا وبالله حالا أي من استعاذ بكم متوسلا بالله مستعطفا به ويمكن أن يكون بالله صلة استعاذ ، والمعنى من استعاذ بالله فلا تتعرضوا له بل أعيذوه وادفعوا عنه الأذى فوضع أعيذوه موضعه مبالغة ولهذا لما تزوج المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم الجونية وهم ليقبلها فقالت : أعوذ بالله منك فقال : قد عذت بمعاذ إلحقي بأهلك (ومن سألكم بوجه الله) شيئا من أمر الدنيا والآخرة (فأعطوه) وقد ورد الحث على إعطائه بأعظم من هذا فروى الطبراني ملعون من سئل بوجه الله وقد سبق تقييده وورد أن الخضر أعطى نفسه لمن سأله فيه فباعه . - (حم د) من حديث أبي نهيك (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الترمذي في العلل وذكر أنه سأل البخاري عن أبي نهيك فلم يعرف اسمه . 8411 - (من استعاذكم) أي من سأل منكم الإعاذة مستعينا (بالله) عند ضرورة أو حاجة حلت به أو ظلم ناله أو تجاوز عن جناية (فأعيذوه) أي أعينوه أو أجيبوه فإن إغاثة الملهوف فرض وفي رواية بدل أعيذوه أعينوه أي على ما تجوز الإعانة فيه * (وتعاونوا على البر والتقوى) [ المائدة : 2 ] (ومن سألكم بالله) أي بحقه عليكم وأياديه لديكم أو سألكم بالله أي في الله أي سألكم شيئا غير ممنوع شرعا دنيويا أو أخرويا (فأعطوه) ما يستعين به على الطاعة إجلالا لمن سأل به فلا يعطى من هو على معصية أو فضول كما صرح به بعض الفحول (ومن دعاكم فأجيبوه) وجوبا إن كان لوليمة عرس وتوفرت الشروط المبينة في الفروع وندبا في غيرها ويحتمل من دعاكم لمعونة في بر أو دفع ضر (ومن صنع إليكم معروفا) هو اسم جامع للخير (فكافئوه) على إحسانه بمثله أو خير منه (فإن لم تجدوا ما تكافئوه) في رواية بإثبات النون وفي رواية المصابيح بحذفها قال الطيبي : سقطت من غير جازم ولا ناصب إما تخفيفا أو سهوا من النساخ (فادعوا له) وكرروا له الدعاء (حتى تروا) أي تعلموا (أنكم قد كافأتموه) يعني من أحسن إليكم أي إحسان فكافئوه بمثله فإن لم تقدروا فبالغوا في الدعاء له جهدكم حتى تحصل المثلية ، ووجه المبالغة أنه رأى من نفسه تقصيرا في المجازاة فأحالها إلى الله ونعم المجازي هو ، قال الشاذلي : إنما أمر بالمكافأة ليستخلص القلب من إحسان الخلق ويتعلق بالملك الحق . - (حم د) في الأدب (ن) في الزكاة (حب ك) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال النووي في رياضه : حديث صحيح . 8412 - (من استعجل أخطأ) أو كاد لأن العجلة تحمل على عدم التدبر والتأمل وقلة النظر في العواقب فيقع الخطأ ومن ثم قيل إنما تكون الزلة من العجلة ، قال ابن الكمال : والاستعجال طلب تعجيل الأمر قبل مجئ وقته . - (الحكيم) الترمذي (عن الحسن مرسلا) وهو البصري . [ ص 56 ]
[ 73 ]
8413 - (من استعف) بفاء واحدة مشددة وفي رواية استعفف بفاءين أي طلب العفة وهي الكف عن الحرام وعن السؤال (أعفه الله) أي جعله عفيفا من الإعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي (ومن) ترقى من هذه المرتبة إلى ما هو أعلى منها و (استغنى) أي أظهر الغنى عن الخلق (أغناه الله) أي ملأ الله قلبه غنى لأن من تحمل الخصاصة وكتم الفقر فصبر علما بأن الله القادر على كشفها كان ذلك تعرضا لإزالتها عنه كالمعتر الذي يتعرض ولا يسأل وقد أمر الله بإعطاء المعتر فالله أولى أن يعطي من يتعرض لفضله (ومن سأل الناس) أن يعطوه من أموالهم مدعيا للفقر (وله عدل خمس أواق) من الفضة جمع أوقية (فقد سأل إلحافا) أي إلحاحا وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه فهو نصب على الحال أي ملحفا يعني سؤال إلحاف أو عامله محذوف وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل إلحاله أي أعطاني من فضل ما عنده . - (حم عن رجل من مزينة) من الصحابة وجهالته لا تضر لأن الصحابة عدول وقد رمز المصنف لحسنه . 8414 - (من استعمل رجلا من عصابة) (1) يعني أي إمام أو أمير نصب أميرا أو قيما أو عريفا أو إماما للصلاة على قوم وفيهم من هو أي ذلك المنصوب (أرضى لله منه فقد خان) أي من نصبه (الله ورسوله والمؤمنين (2) . - (ك) في الأحكام من حديث حسين بن قيس عن عكرمة (عن ابن عباس) وقال : صحيح وتعقبه الذهبي فقال : حسين ضعيف وقال المنذري : حسين هذا هو حنش وهو واه وقال ابن حجر : فيه حسين بن قيس الرحبي واه وله شاهد من طريق إبراهيم بن زياد أحد المجهولين عن حصين عن عكرمة عن ابن عباس وهو في تاريخ الخطيب . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) بكسر أوله أي جماعة . (2) فيلزم الحاكم رعاية المصلحة وتركها خيانة . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8415 - (من استعملناه) أي جعلناه عاملا أو طلبنا منه العمل ، والضمير راجع إلى من وقوله (على عمل) متعلق باستعملنا (فرزقناه رزقا فما أخذ بعد ذلك فهو غلول) أي أخذ للشئ بغير حله فيكون حراما بل كبيرة ، قال في المطامح : وقد يطلق الغلول على ما يسرق من المغنم وهو الغالب العرفي . (تنبيه) قال الطيبي : قوله فما أخذ جزاء الشرط وما موصولة والعائد محذوف وهو خبره وجئ بالفاء لتضمنه معنى الشرط ويجوز كونها موصوفة . - (د) في الخراج (ك) في الزكاة (عن بريدة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي .
[ 74 ]
8416 - (من استعملناه منكم) خطاب للمسلمين وخرج به الكافر فاستعماله على شئ من أموال بيت المال ممنوع (على عمل فكتمنا) بفتح الميم أخفى عنا (مخيطا) بكسر الميم وسكون الخاء إبرة ونصبه على أنه بدل من ضمير المتكلم بدل اشتمال أي كتم مخيطا (فما فوقه) عطفا على مخيطا أي شيئا يكون فوق الأبرة في الصغر (كان) الضمير عائد الى مصدر كتمنا (ذلك غلولا) أي خيانة ففيه تشبيه ذلك الكتم بالغلول من الغنيمة في فعله أو وباله يوم القيامة (يأتي به) أي بما غل (يوم القيامة) (1) تفضيحا [ ص 57 ] وتعذيبا له وهذا مسوق لتحريض العمال على الأمانة وتحذيرهم من الخيانة ولو في تافه وللحديث تتمة وهي فقام رجل إليه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسود من الأنصار كأني أنظر إليه فقال : يا رسول الله أقبل مني عملك قال : وما لك قال : سمعتك تقول كذا وكذا قال : وأنا أقوله الآن من استعملناه منكم على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ وما نهى عنه اه‍ . كذا في مسلم . - (م د) في الخراج (عن) أبي ذرارة عن عدي (بن عميرة) بفتح العين المهملة فكسر الميم وآخره هاء ابن فروة الكندي صحابي مات في خلافة معاوية وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن أصحابه والأمر بخلافه بل خرجه بعينه البخاري عن أبي حميد الساعدي ولعل المصنف غفل لكون البخاري إنما ذكره في ذيل خطبة أولها أما بعد . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول وأنه من الكبائر وأن عليه رد ما غله فإن تفرق الجيش وتعذر إيصال حق كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء قال الشافعي وطائفة : يجب تسليمه للإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة . وقال ابن مسعود وابن عباس ومعاوية والحسن الزهري والأوزاعي ومالك الثوري والليث وأحمد والجمهور : يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي ، واختلفوا في صفة عقوبة الغال فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار : يعزر على حسب ما يراه الإمام ولا تحرق ثيابه وهذا قول مالك والشافعي وأبي حنيفة ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8417 - (من استغفر الله دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم) بالنصب صفة أو مدح لله وبالرفع بدل من الضمير أو خبر مبتدأ محذوف على المدح (وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان قد فر من الزحف) حيث لا يجوز الفرار لكون عددنا لا يبلغ عدد نصف الكفار قال الطيبي : في تخصيص ذكر الفرار من الزحف إدماج معنى أن نصف هذا الذنب من أعظم الكبائر لأن السياق وارد في الاستغفار وعبارة في المبالغة عن حط الذنوب عنه فيلزم بإشارته أن هذا الذنب أعظم الذنوب . - (ع وابن السني) أبو بكر أحمد بن محمد (عن البراء) .
[ 75 ]
8418 - (من استغفر الله في كل يوم سبعين مرة لم يكتب من الكاذبين) لأنه يبعد أن المؤمن يكذب في اليوم سبعين مرة (ومن استغفر الله في) كل (ليلة سبعين مرة لم يكتب من الغافلين) عن ذكر الله ، قال بعض العارفين لآخر : أوصني قال : ما أدري ما أقول غير أنك لا تفتر عن الحمد والاستغفار فإن ابن آدم بين نعمة وذنب ولا تصلح النعمة إلا بالحمد والشكر ولا الذنب إلا بالتوبة والاستغفار . - (ابن السني عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي باللفظ المزبور . 8419 - (من استغفر) الله (للمؤمنين والمؤمنات) بأي صفة كانت ، وورد في ذلك صيغ بألفاظ متقاربة (كتب الله له) أي أمر الله الحفظة أن تكتب له في صحيفته (بكل مؤمن ومؤمنة حسنة) قال علي كرم الله وجهه : العجب ممن يهلك ومعه النجاة ، قيل : وما هي ؟ قال : الاستغفار وقال بعضهم : العبد بين ذنب ونعمة لا يصلحهما إلا الاستغفار . - (طب عن عبادة) بن الصامت ، قال الهيثمي : وإسناده جيد . 8420 - (من استغفر) الله (للمؤمنين والمؤمنات كل يوم سبعا وعشرين مرة كان من الذين يستجاب لهم) الدعاء (ويرزق [ ص 58 ] بهم أهل الأرض) قال الغزالي : ورد في فضل الاستغفار أخبار خارجة عن الحصر حتى قرنه الله ببقاء الرسول فقال : * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) [ الانفال : 33 ] وقال بعضهم : كان لنا أمانان أحدهما كون الرسول فينا فذهب وبقي الاستغفار فإن ذهب هلكنا . - (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : فيه عثمان بن أبي عاتكة وثقه غير واحد وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات . 8421 - (من استغنى) بالله عمن سواه (أغناه الله) أي أعطاه ما يستغني به عن الناس ويخلق في قلبه الغنى فإن الغنى غنى النفس (ومن استعف) أي امتنع عن السؤال (أعفه الله) بتشديد الفاء أي جازاه الله على استعفافه بصيانة وجهه ودفع فاقته (ومن استكفى) بالله (كفاه الله) ما أهمه ورزقه القناعة ، قال ابن الجوزي : لما كان التعفف يقتضي ستر الحال عن الخلق وإظهار الغنى عنهم كان صاحبه معاملا لله في الباطن فيقع له الربح على قدر صدقه في ذلك وقال الطيبي : معنى قوله من استغنى أعفه الله يعف عن السؤال وإن لم يظهر الاستعفاف عن الناس لكنه إن أعطى شيئا لم يتركه يملأ الله قلبه غني
[ 76 ]
بحيث لا يحتاج إلى سؤال ومن داوم على ذلك وأظهر الاستعفاف وتصبر ولو أعطى لم يقبل فهو أرفع درجة ، والصبر جامع لمكارم الأخلاق وقال ابن التين : معنى قوله أعفه إما يرزقه من المال ما يستغني به عن السؤال وإما أن يرزقه القناعة ، وقال الحرالي : من ظن أن حاجته يسدها المال فليس برا إنما البر الذي أيقن أن حاجته إنما يسددها ربه ببره الخفي وجوده الوفي (ومن سأل) الناس (وله قيمة أوقية) من الوقاية لأن المال مخزون مصون أو لأنه يقي الشخص من الضرورة والمراد بها في غير الحديث نصف سدس رطل قال الجوهري وغيره : أربعون درهما كذا كان ، قال البرماوي وغيره : وأما الآن فيما يتعارف ويقدر عليه الأطباء فعشرة دراهم وخمسة أسباع درهم اه ، . وأقول : كذا كان والآن اثني عشر درهما (فقد ألحف) أي سأل الناس إلحافا تبرما بما قسم له . (تنبيه) مقصود الحديث الإشارة إلى أن في طلب الرزق من باب المخلوق ذلا وعناءا وفي طلبه من الخالق بلوغ المنى والغنى . قال بعض العارفين : من استغنى بالله افتقر الناس إليه . قف بباب الواحد * تفتح لك الأبواب * واخضع لسبب واحد * تخضع لك الرقاب هذا : وربنا يقول * (وإن من شئ إلا عندنا خزائنه) [ الحجر : 21 ] فأين الذهاب والغنى غنى النفس من الحظوظ والأغراض لا غنى اليد بفاني الأعراض . إن الغنى هو الغنى بنفسه * ولو أنه عاري المناكب حافي ما كل ما فوق البسيطة كافي * فإذا قنعت فبعض شئ كافي - (حم ن والضياء) المقدسي (عن أبي سعيد) الخدري ، قال : سرحتني أمي إلى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أسأله فأتيته فوجدته قائما يخطب وهو يقول ذلك فقلت في نفسي : لنا خير من خمس أواق فرجعت ولم أسأله . قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 8422 - (من استفاد مالا فلا زكاة عليه حتى يحول عليه الحول) . - (ت) في الزكاة (عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا وموقوفا قال الترمذي : والموقوف أصح لأن فيه من طريق المرفوع عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف عندهم وقال ابن المديني وغيره : كثير الغلط اه‍ وقال الذهبي : فيه عبد الرحمن بن يزيد واه وصح من قول ابن عمر ، وقال ابن الجوزي : لا يصح مرفوعا . [ ص 59 ] 8423 - (من استفتح أول نهاره بخير وختمه بالخير) كصلاة وذكر وتسبيح وتحميد وتهليل وصدقة وأمر بمعروف ونهي عن منكر ونحو ذلك (قال الله لملائكته) يعني الحافظين الموكلين به (لا تكتبوا عليه ما بين ذلك من الذنوب) يعني الصغائر كما في قياس النظائر ، ويحتمل التعميم وفضل
[ 77 ]
الله عظيم . - (طب والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن يسر) قال الهيثمي : فيه الجراح بن يحيى المؤذن لم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 8424 - (من استلحق شيئا ليس منه حته الله حت الورق) أي ورق الشجر . - (الشاشي) أبو الهيثم بن كليب الأديب يروي الشمائل عن الترمذي نسبة إلى الشاشى بمعجمتين مدينة وراء نهر سيحون خرج منها جمع من العلماء (والضياء) المقدسي (عن سعد) بن أبي وقاص . 8425 - (من استمع إلى آية من كتاب الله) أي أصغى إلى قراءة آية منه وعدى الاستماع بإلى لتضمنه معنى الإصغاء قال في الكشاف : الاستماع جار مجرى الإصغاء والاستماع من السمع بمنزلة النظر من الرؤية ويقال استمع إلى حديثه وسمع حديثه ، أي أصغى إليه وأدركه بحاسة السمع اه‍ (كتب الله له حسنة مضاعفة ومن تلى آية من كتاب الله كانت له نورا يوم القيامة) إشارة إلى أن الجهر بالقراءة أفضل لأن النفع المتعدي أفضل من اللازم ومحله إن لم يخف نحو رياء كما يفيده أخبار أخر . - (حم عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي : وفيه ضعف وانقطاع وقال تلميذه الهيثمي : فيه عباد بن ميسرة ضعفه أحمد وغيره ووثقه ابن معين مرة وضعفه أخرى . 8426 - (من استمع) أي أصغى (إلى حديث قوم وهم له) أي لمن استمع (كارهون) أي لا يريدون استماعه ، قال الزمخشري : الجملة حال من القوم أو من ضمير استمع ، يعني حال كونهم يكرهونه لأجل استماعه أو يكرهون استماعه إذا علموا ذلك أو صفة قوم والواو لتأكيد لصوقها بالموصوف نظير * (سبعة وثامنهم كلبهم) [ الكهف : 22 ] قال : والقوم الرجال خاصة وهذه صفة غالبة جمع قائم كصاحب وصحب اه‍ (صب) بضم المهملة وشد الموحدة (في أذنيه) بالتثنية وفي رواية للبخاري بالإفراد (الآنك) بفتح الهمزة الممدودة وضم النون : الرصاص أو الخالص منه أو الأسود أو الأبيض أو القصدير . قال الزمخشري : وهي أعجمية وقال الجوهري : أفعل بضم العين من أبنية الجمع ولم يجئ عليه الواحد إلا آنك والجملة إخبار أو دعاء عليه ، وفيه وعيد شديد وموضعه فيمن يستمع لمفسدة كنميمة أما مستمع حديث قوم يقصد منعهم من الفساد أو ليحترز من شرهم فلا يدخل تحته بل قد يندب بل يجب بحسب المواطن ، والرسائل حكم المقاصد (ومن أرى عينه في المنام ما لم ير كلف أن يعقد شعيرة) زاد الإسماعيلي يعذب بها وليس بفاعل وفي رواية بين شعيرتين وذلك ليطول عذابه لأن عقد ما بين الشعير مستحيل ، قال الطبري : إنما شدد الوعيد على الكذب على المنام مع أن الكذب يقظة أشد
[ 78 ]
مفسدة لأن كذب المنام كذب على الله وقال القونوي : هذه المجازات والعقوبة صادرة من مقام العدل لأن العالم محصور في صورة ، ومعنى قلب في جسم وروح وعالم المثال برزخ بينهما جامع بين الطرفين وخيال الإنسان جزء من عالم المثال فالمركب في خياله من المواد الحسية والمعنوية يتعمد صورة لم يرها [ ص 60 ] ثم يخبر عنها بصورة أنه اطلع عليها دون تعمد فقد كذب وأوهم السامع أن الحق أطلعه على ذلك فلا جرم مثل له عالم المعنوي في شعيرة وعالم الصور في شعيرة من الشعور الذي هو الإدراك وكلف أن يعقد بينهما العقد الصحيح على نحو ما ربط الحق سبحانه أحدهما بالآخر فلا يقدر على ذلك عقوبة من الله على كذبه به وتعجيزا له جزاءا وفاقا . - (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . 8427 - (من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين في الجنة) وبقية الحديث عند مخرجه الحكيم قيل : ومن الروحانيين يا رسول الله ؟ قال : قراء أهل الجنة ، وهذا يدل على أن في الجنة أئمة كالأمراء وعرفاء وقراء فالأئمة هم الأنبياء والعرفاء هم أهل القرآن الذين عرفوا به في الدنيا والقراء يتلذذ أهل الجنة بأصواتهم سموا روحانيين للروح الذي على قلوبهم من فرحهم بالله أيام الدنيا وكل أحد في الجنة حظه من الله على درجته هنا . (تنبيه) قال القرطبي : قيل إن حرمانه سماع الروحانيين إنما هو في الوقت الذي يعذب فيه في النار فإن خرج بالشفاعة أو الرحمة العامة المعبر عنها في الحديث بالقبضة أدخل الجنة ولم يحرم شيئا ويجري مثله في حرمان الحرير والخمر والذهب والفضة لمستعملها في الدنيا . - (الحكيم) الترمذي (عن أبي موسى) الأشعري . 8429 - (من استنجى من الريح فليس منا) أي ليس من العاملين بطريقتنا الآخذين بسنتنا فإن الاستنجاء من الريح غير واجب ولا مندوب . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن جابر) بن عبد الله وفيه شرفي بن قطامي ، قال في الميزان : له نحو عشرة أحاديث فيها مناكير وساق هذا منها وقال الساجي : شرفي ضعيف وفي اللسان عن النديم كان كذبا . 8428 - (من استمع إلى قينة) أي أمة تغني قال الزمخشري : والقينة عند العرب الأمة والقين العبد قال : وإنما خص الأمة لأن الغناء أكثر ما يكون يتولاه الإماء دون الحرائر (صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) بالمد والضم ذكره القاضي ، وتمسك بذا من حرم الغناء وسماعه كالقرطبي تبعا لإمامه مالك وبه رد ابن تيمية على القشيري جعل أل في * (الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) [ الزمر : 18 ] للعموم والاستغراق فقال : من القول ما يحرم استماعه ومنه ما يكره كما هنا . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك .
[ 79 ]
8430 - (من استودع وديعة) فتلفت (فلا ضمان عليه) حيث لم يفرط لأنه محسن و * (ما على المحسنين من سبيل) [ التوبة : 91 ] - (ه هق عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أعني البيهقي : حديث ضعيف وجزم بضعفه افي المهذب وقال ابن حجر : فيه المثنى بن الصباح وهو متروك . 8431 - (من أسدى إلى قوم نعمة) قال في الفردوس : المسدي المعروف يقال أسدى إليه معروفا إذا أصابه بخير وفي جامع الأصول أسدى وأولى بمعنى المعروف صفة لمحذوف أي شيئا معروفا والمراد به الجميل والبر والإحسان قولا وعملا (فلم يشكروها له فدعا عليهم استجيب له) لأنهم كفروا بالنعمة واستخفوا بحقها لعدم شكرهم له ، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ، والمسدي وإن كان واسطة لكنه طريق وصول نعمة الله إليهم ، والطريق حق من حيث [ ص 61 ] جعله واسطة ذلك لا ينافي رؤية النعم من الله وإنما المنكر أن يرى الواسطة أصلا ومن تمام الشكر ستر عيب العطاء وعدم الاحتقار . - (الشيرازي) في الألقاب (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا الحاكم والديلمي بأبسط من هذا ولفظه من أسدى إلى قوم نعمة فلم يقبلوها بالشكر فدعا عليهم استجيب له فيهم . 8432 - (من أسف على دنيا فاتته) أي حزن على فواتها وتحسر على فقدها قال الطيبي : ولا يجوز حمله على الغضب لأنه لا يجوز أن يقال غضب على ما فات بل على من فوت عليه اه‍ وأشار بذلك إلى ما قال الراغب : الأسف الحزن والغضب معا ، وقد يقال الكل منهما على انفراده ، وحقيقته ثوران دم القلب شهوة للانتقام ، فمن كان على من دونه انتشر فصار غضبا أو فوقه انقبض فصار حزنا (اقترب من النار مسيرة ألف سنة) يعني قربا كثيرا جدا (ومن أسف على آخرة فاتته) أي على شئ من أعمال الآخرة المقربة من الجنة ورضوان الله ورحمته (اقترب من الجنة مسيرة ألف سنة) أي شيئا كثيرا جدا ، ومقصود الحديث الحث على القناعة والترغيب في فضلها وإيثار ما يبقى على ما يفنى ، قال ابن أدهم : قد حجبت قلوبنا بثلاثة أغطية فلن ينكشف للعبد اليقين حتى يرفع الفرح بالوجود والحزن على المفقود والسرور بالمدح ، فإذا فرحت بالموجود فأنت حريص وإذا حزنت على المفقود فأنت ساخط والساخط معذب وإذا سررت بالمدح فأنت معجب والعجب يحيط العمل قال الراغب : الحزن على ما فات لا يلم ما تشعث ولا يبرم ما تنكث ، كما قيل : " وهل جزع مجد علي فأجزعا " ، فأما غمه على المستقبل فإما أن يكون في شئ ممتنع كونه أو واجب كونه أو ممكن كونه فإن كان على ما هو ممتنع كونه فليس من شأن العاقل ، وكذا إن كان من قبيل الواجب كونه كالموت فإن كان ممكنا
[ 80 ]
كونه فإن كان لا سبيل لدفعه كإمكان الموت قبل الهرم فالحزن له جهل واستجلاب غم إلى غم فإن أمكن دفعه احتال لرفعه بفعل غير مشوب بحزن فإن دفعه وإلا تلقاه بصبر . - (الرازي في مشيخته عن ابن عمر) بن الخطاب . 8433 - (من أسلف) أي عقد السلم وهو بيع موصوف في الذمة وفي رواية أسلم والمعنى متحد ، وجعل بعضهم الهمزة للتسلب لأنه أزال سلامة الدراهم بالتسليم إلى من قد يكون مفلسا (في شئ فليسلف في كيل) مصدر كال أريد به ما يكال به (معلوم) إن كان السلف فيه مكيلا (ووزن معلوم إلى أجل معلوم) إن كان موزونا قالوا أو بعين أو ، ولا يسوغ بقاؤها على ظاهرها لاستلزامه جواز السلم في شئ واحد كيلا ووزنا وهو ممتنع لعزة الوجود ، واقتصر على الكيل والوزن لورود السبب على الخبر الآتي فإن كان المسلم فيه غير مكيل ولا موزون شرط العد أو الذرع فيما يليق به ، وقد قام الإجماع على وجوب وصف المسلم فيه يما يميزه ، ولم ينص عليه في الخبر لعلم المخاطبين به ، وقد وقع بين الشافعي وأبي حنيفة ومالك خلف في صحة السلم وسببه هل ذلك المنازع فيه مما تضبطه الصفة أم لا . - (حم ق 4) في السلم (عن ابن عباس) قال : قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في الثمار لسنة ولسنتين فذكره . 8434 - (من أسلف في شئ فلا يصرفه إلى غيره) أي لا يستبدل عنه وإن عز أو عدم وإذا امتنع الاستبدال عنه امتنع بيعه من غيره قبل القبض ، قال الطيبي : يجوز أن يرجع الضمير إلى من في قوله من أسلف يعني لا يبيعه من غيره قبل القبض أو إلى شئ أي لا يبدل المبيع قبل القبض بشئ آخر . - (ه عن أبي سعيد) الخدري ، رمز لحسنه وفيه عطية بن سعد العوفي [ ص 62 ] وهو ضعيف وأعله أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب ومن ثم رمز المصنف لضعفه لكن أخرجه الترمذي في العلل الكبرى وحسنه ، وأقره عليه الحافظ ابن حجر وقال : ينبغي للمصنف عزوه إليه . 8435 - (من أسلم على يديه رجل وجبت له الجنة) المراد أنه أسلم بإشارته وترغيبه له في الإسلام . - (طب) وكذا في الأوسط ، الجميع من حديث محمد بن معاوية النيسابوري عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد (عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي : فيه محمد بن معاوية النيسابوري ضعفه الجمهور وقال ابن معين : كذاب وبقية رجاله ثقات اه‍ وقال ابن حجر : رواه ابن عدي من وجهين ضعيفين وهو من أحدهما عند الطبراني والدارقطني اه‍ . وفي الميزان : محمد بن معاوية كذبه الدارقطني وابن معين وغيرهما ، وقال مسلم والنسائي : متروك ثم أورد له هذا الخبر وقال : هذا منكر جدا تفرد به ابن معاوية وقال ابن معين : لا أصل لهذا الحديث ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له متابعات في مسند الشهاب .
[ 81 ]
8436 - (من أسلم على يديه رجل) وفي رواية الرجل ، قال ابن حجر : وبالتنكير أولى (فله ولاؤه) أي هو أحق بأن يرثه من غيره ، وفي رواية للبخاري في تاريخه هو أولى الناس بحياته ومماته قال البخاري : ولا يصح لمعارضته حديث إنما الولاء لمن أعتق وعلى التنزل فيتردد في الجمع هل يخص عموم الحديث المتفق على صحته بهذا فيستثنى منه من أسلم أو يؤول الولاء بالموالاة بالنصر والمعاونة لا بالإرث ويبقى الحديث متفق على صحته على عمومه ؟ ذهب الجمهور إلى الثاني ، وقال أبو حنيفة : يستمر إن عقل عنه وإن لم يعقل فله التحول لغيره ويستحق الثاني وهلم جرا . - (طب عد قط) ورواه الدارقطني عن معاوية بن يحيى الصدفي عن القاسم الشامي عن أبي أمامة ثم قال : الصدفي ضعيف (هق) من حديث جعفر بن الزبير عن القاسم (عن أبي أمامة) الباهلي والحديث له عند هؤلاء طريقان أحدهما عن الفضل بن حبان عن مسدد عن عيسى بن يونس عن جعفر بن الزبير عن القاسم عن أبي أمامة ، الثانية معاوية عن يحيى الصدفي عن القاسم ، وأورده ابن الجوزي من طريقيه في الموضوعات وقال : القاسم واه وجعفر يكذب ومعاوية ليس بشئ ، وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف ، وفي الميزان : هذا الخبر من مناكير جعفر بن الزبير وجعفر هذا كذبه شعبة ووضع مائة حديث . 8437 - (من أسلم على شئ فهو له) استدل به على أن من أسلم أحرز نفسه وماله . - (عد هق عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه ابن عدي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل قال يس بن الزيات أحد رواته عن الزهري متروك . 8438 - (من أسلم من فارس فهو قرشي) هذا من قبيل سلمان منا أهل البيت . - (ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب ، ورواه الديلمي عن ابن عباس بلفظ من أسلم من فارس فهو من قريش هم إخواننا وعصبتنا اه‍ بنصه . 8439 - (من أشاد) أي أشاع أصله من أشدت البنيان وشيدته إذا طولته فاستعير لرفع صوت الإنسان بما يكرهه صاحبه (على مسلم عورة يشينه بها بغير حق) قال الزمخشري : أشاده وأشاد به إذا أشاعه ورفع ذكره من أشدت البناء فهو مشاد وشيدته إذا طولته وفي العين الإشادة شبه الشديد وهو رفعك الصوت بما يكرهه صاحبك اه‍ . (شانه الله بها في النار) نار جهنم (يوم القيامة) لأن البهتان وحده عظيم شأنه فما بالك به إذا قارنه قصد إضرار مسلم ؟ وفي [ ص 63 ] بعض الآثار " سأل سليمان داود :
[ 82 ]
ما أثقل شئ جرما ؟ قال : البهتان على البرئ " ، وذلك لأن العبد ائتمن على جوارحه ووكل برعايتها مدة حياته لئلا يتدنس حتى يقدم على الله وهو مقدس يصلح لجواره بدار القدس فإن رعاها حق رعايتها فقال هذا في عرضه ما هو منه برئ فقد خونه في أمانة الله ولم يخن ودنس عرضه النقي وألزم جوارحه من الشين ما لم يلصق به بقية الكلمة في عنق صاحبها راجعة بثأرها وعارها وشنارها عليه لكونه هتك سترا علم الله أنه غير مهتوك فيكتب في شهود الزور . - (هب عن أبي ذر) وفيه كما قال الحافظ العراقي عبد الله بن ميمون فإن لم يكن القداح فهو متروك اه‍ . ورواه عنه الحاكم وصححه وضعفه الذهبي بأن سنده مظلم وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 8440 - (من أشار إلى أخيه) أي في الإسلام والذي في حكمه (بحديدة) يعني بسلاح كسكين وخنجر وسيف ورمح ونحو ذلك من كل آلة للجرح (فإن الملائكة تلعنه) أي تدعو عليه بالطرد والبعد عن الجنة أول الأمر وعن الرحمة الكاملة السابقة زاد في رواية حتى يدعه أي لأنه ترويع للمسلم وتخويفه وهو حرام (وإن كان أخاه) أي المشير أخا للمشار إليه ويصح عكسه (لأبيه وأمه) يعني وإن كان هازلا ولم يقصد ضربه كأن كان شقيقه ، لأن الشقيق لا يقصد قتل شقيقه غالبا فهو تعميم للنهي ومبالغة في التحذير منه مع كل أحد وإن لم يتهم ، قيد بمطلق الأخوة ثم قيد بأخوة الأب والأم إيذانا بأن اللعب المحض المعرى عن شوب قصد إذا كان حكمه كذا فما بالك بغيره ؟ وإذا كان هذا يستحق اللعن بالإشارة فما الظن بالإصابة ؟ . - (م) في الأدب (ت) في الفتن (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 8441 - (من أشار بحديدة إلى أحد من المسلمين يريد قتله فقد وجب دمه) أي حل للمقصود بها أن يدفعه عن نفسه ولو أدى إلى قتله ، فوجب ههنا بمعنى حل ، ذكره ابن الأثير ، ولغيره أيضا أن يدفعه عنه وإن أدى لقتله ، قال ابن العربي : إذا استحق الذي يشير بالحديدة اللعن أو القتل فكيف الذي يصيب بها ؟ وإنما يستحق اللعن إذا كانت إشارة تهديد سواء كان جادا أو لاعبا إنما أوخذ اللاعب لما أدخله على أخيه من الورع ولا يخفى أن إثم الهازل دون الجاد . - (ك عن عائشة) ورواه أحمد عن علقمة بن أبي علقمة عن أخيه عن عائشة . قال الهيثمي : وأخوه علقمة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 8442 - (من اشتاق إلى الجنة سابق إلى الخيرات) أي إلى فعلها لكونها تقرب إليها والشوق
[ 83 ]
الحنين ونزاع النفس (ومن أشفق من النار) أي خاف من نار جهنم (لهى) بكسر الهاء ، أي غفل (عن الشهوات) لغلبة الشوق على قلبه وشغله بطاعة ربه أي عن نيلها في الدنيا لاشتعال نار الخوف بحنانه . كان مالك بن دينار يطوف في السوق فإذا رأى الشئ يشتهيه قال لنفسه : اصبري فوالله لا أمنعك إلا لإكرامك علي ، قال في الإحياء : اتفق العلماء والحكماء على أن الطريق إلى سعادة الآخرة لا يتم إلا بنهي النفس عن الهوى ومخالفة الشهوات فالإيمان بهذا واجب اه‍ . (ومن ارتقب) ترقب (الموت) أي انتظره وتوقع حلوله (هانت عليه اللذات) من مأكل ومشرب وغيرهما لعلمه أنها مكفرات للعوام ودرجات للخواص والموت أعظم المصائب فيهون عليه لأنه يوصل إلى ثوابها والدنيا جيفة فانية زائلة بما فيها بل بشكر الله تعالى إذ كل قضاء يقضيه خير * (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) [ القصص : 68 ] (تنبيه) قد أخرج أبو نعيم هذا الحديث مطولا عن علي مرفوعا بلفظ : بني الإسلام على أربعة أركان : على الصبر واليقين والجهاد والعدل ، وللصبر [ ص 64 ] أربع شعب : الشوق والشفقة والزهد والترقب ، فمن اشتاق إلى الجنة سلا عن الشهوات ، ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ، ومن زهد في الدنيا تهاون بالمصيبات ، ومن ارتقب الموت سارع في الخيرات ، ولليقين أربع شعب : تبصرة الفطنة وتأويل الحكمة ومعرفة العبرة واتباع السنة فمن أبصر الفطنة تأول الحكمة ومن تأول الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة اتبع السنة ومن اتبع السنة فكأنما كان في الأولين ، وللجهاد أربع شعب : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدق في المواطن وشنآن الفاسقين فمن أمر بالمعروف شد ظهر المؤمن ومن نهى عن المنكر أرغم أنف المنافق ومن صدق في المواطن قضى الذي عليه وأحرز دينه ومن شنأ الفاسقين فقد غضب لله تعالى ومن غضب لله يغضب الله له . وللعدل أربع شعب : غوص الفهم وزهرة العلم وشرائع الحكم وروضة الحلم فمن غاص الفهم حمل العلم ومن رعى زهرة العلم عرف شرائع الحكم ومن عرف شرائع الحكم ورد روضة الحلم ومن ورد روضة الحلم لم يفرط في أمره وعاش في الناس وهو في راحة اه‍ . - (هب عن علي) أمير المؤمنين ، ورواه عنه العقيلي في الضعفاء ، وتمام في فوائده ، وابن عساكر في تاريخه ، وابن صصري في أماليه وقال : حديث حسن غربب قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف وزعم ابن الجوزي وضعه . 8443 - (من اشترى سرقة) أي شيئا سرقه إنسان وباعه منه (وهو) أي والحال أنه (يعلم أنها سرقة فقد شرك في عارها وإثمها) وفي رواية للطبراني من أكلها وهو يعلم أنها سرقة فقد أشرك في إثم سرقتها . - (ك هق) في البيع من حديث الزنجي عن مصعب عن شرحبيل مولى الأنصار (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح ، ورده الذهبي بأن الزنجي وشرحبيل ضعيفان 8444 - (من اشترى ثوبا بعشرة دراهم) مثلا (وفيه درهم حرام لم يقبل الله له صلاة) قال الطيبي :
[ 84 ]
كان الظاهر أن يقال منه لكن المعنى لم يكتب له صلاة مقبولة مع كونها مجزئة مسقطة للقضاء كالصلاة بمحل مغصوب (ما دام عليه) زاد في رواية منه شئ وذلك لقبح ما هو ملتبس به لأنه ليس أهلا لها حينئذ فهو استبعاد للقبول لاتصافه بقبيح المخالفة وليس إحالة لإمكانه مع ذلك تفضلا وإنعاما ، وأخذ أحمد بظاهره فذهب إلى أن الصلاة لا تصح في المغصوب وفيه إشارة إلى أن ملابسة الحرام لبسا أو غيره كأكل مانعة لإجابة الدعاء ، لأن مبدأ إرادة الدعاء القلب ثم يفيض بتلك الإرادة على اللسان فينطق به وملابسة الحرام مفسدة للقلب بدلالة الوجدان فيحرم الرقة والإخلاص وتصير أعماله أشباحا بلا أرواح وبفساده يفسد البدن كله فيفسد الدعاء لأنه نتيجة فاسدة . - (حم) من حديث هشام (عن ابن عمر) بن الخطاب ، ثم أدخل أصبعيه في أذنيه وقال : صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله قال الذهبي : وهاشم لا يدرى من هو . وقال الحافظ العراقي : سنده ضعيف جدا . وقال أحمد : هذا الحديث ليس بشئ وقال الهيثمي : هاشم لم أعرفه وبقية رجاله وثقوا على أن بقية مدلس ، وقال ابن عبد الهادي : رواه أحمد في المسند وضعفه في العلل . 8445 - (من أصاب ذنبا) أي كبيرة توجب حدا غير الكفر بقرينة أن المخاطب المسلمون ، فلو قتل المرتد لم يكن القتل كفارة ، وقيل الحديث عام مخصوص بآية * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) [ النساء : 48 ] (فأقيم عليه حد ذلك الذنب) أي العقا ب فهو (كفارته) ولفظ رواية أحمد كفارة له زاد البخاري في التوحيد وطهوره وهذا بالنسبة لذات الذنب أما بالنسبة لترك التوبة منه فلا يكفرها الحد لأنها معصية أخرى كما يعلم من دليل آخر وعليه حمل إطلاق أن إقامته ليست كفارة بل لا بد معها من التوبة وقوله سبحانه في المحاربين * (لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم) [ البقرة : 114 ] لا يناقض ذلك [ ص 65 ] لأنه ذكر عقوبتهم في الدارين ولا يلزم اجتماعهما ولو زنى فحد فالحد كفارة لحق الله لا لأهل المرأة وزوجها بل حقهم باق ، كما في العارضة لما هتك من حرمتهم وجر إليهم من العار . - (حم والضياء) المقدسي (عن خزيمة) بن ثابت قال الترمذي في العلل : سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال : هذا حديث فيه اضطراب وضعف جدا . وقال ابن الجوزي : قال ابن حبان : هذا ليس من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الذهبي في المهذب : إسناده صالح . 8446 - (من أصاب مالا من نهاوش) روي بالنون من نهش الحية وبالميم من الاختلاط وبالتاء وبالياء وكسر الواو جمع نهواش أو مهواش من الهوش الجمع وهو كل مال أصيب من غير حله ، والهواش بالضم ما جمع من مال حرام (أذهبه الله في نهابر) بنون أوله ، أي مهالك وأمور مبددة جمع نهبر ، وأصل النهابر مواضع الرمل إذا وقعت بها رجل بعير لا تكاد تخلص . والمراد أن من أخذ شيئا من غير حله كنهب أذهبه الله في غير حله . - (ابن النجار) في تاريخ بغداد (عن أبي سلمة الحمصي) تابعي روى عن
[ 85 ]
بلال قاله في التقريب كأصله مجهول ، وفيه عمرو بن الحصين أورده في الميزان وقال : متروك ، وذكر نحوه السخاوي ولم يطلع عليه السبكي فإنه سئل عنه فقال : لا يصح ولا هو وارد في الكتب ومن أورده من العوام حديثا فإن علم عدم وروده أتم وإن اعتقد وروده لم يأثم وعذر بجهله . 8447 - (من أصاب من شئ فليلزمه) أي من أصاب من أمر مباح خيرا لزمه ملازمته ولا يعدل عنه إلى غيره إلا بصارف قوي ، لأن كلا ميسر لما خلق له ذكره الطيبي ، وفي رواية من حضر له في شئ فليلزمه ، قال الزمخشري : أي من بورك له في نحو صناعة أو حرفة أو تجارة فليقبل عليها ، قال في الحكم : من علامة إقامة الحق لك في الشئ إدامته إياك فيه مع حصول النتائج . (تنبيه) قال الراغب : فرق الله هم الناس للصناعات المتفاوتة وجعل آلاتهم الفكرية والبدنية مستعدة لها فجعل لمن قيضه لمراعاة العلم والمحافظة على الدين قلوبا صافية وعقولا بالمعارف لائقة وأمزجة لطيفة وأبدانا لينة ، ومن قيضه لمراعاة المهن الدنيوية كالزراعة والبناء جعل لهم قلوبا قاسية وعقولا كزة وأمزجة غليظة وأبدانا خشنة ، وكما أنه محال أن يصلح السمع للرؤية والبصر للسمع فمحال أن يكون من خلق المهنة يصلح للحكمة وقد جعل الله كل جنس من الفريقين نوعين رفيعا ووضيعا فالرفيع من تحرى الحذق في صناعته وأقبل على عمله وطلب مرضات ربه بقدر وسعه وأدى الأمانة بقدر جهده . - (ه) من حديث فروة بن يونس (عن أنس) قال الزمخشري : وفروة تكلم فيه الأزدي وقال غيره : نسب إلى الضعف والوضع انتهى . لكن رواه عنه البيهقي وكذا القضاعي بلفظ من رزق بدل من أصاب وهو يعضده . 8448 - (من أصاب حدا) أي ذنبا يوجب الحد فأقيم المسبب مقام السبب ويمكن أن يراد بالحد المحرم من قوله تعالى * (تلك حدود الله فلا تعتدوها) [ البقرة : 229 ] أي تلك محارمه (فعجل) وفي نسخة فعجلت (عقوبته في الدنيا فالله أعدل من أن يثني على عبده العقوبة في الآخرة ومن أصاب حدا فستره الله عليه فالله أكرم من أن يعود في شئ قد عفا عنه) قال الطيبي : قوله فستره مع قوله عفا عنه معا عطف على الشرط أي من ستر الله عليه وتاب ، فوضع غفران الله موضع التوبة استشعارا بترجيح جانب الغفران وأن الذنب مطلوب له ولذلك وضع المظهر موضع الضمير في الجزاء ، وفيه حث على الستر والتوبة وأنه أولى وأحرى من الإظهار ، وقال ابن جرير : فيه أن إقامة الحد في الدنيا يكفر [ ص 66 ] الذنب وإن لم يتب المحدود وإلا كان أهل الكبائر مخلدون في النار على خلاف ما عليه أهل الحق لأن العقوبة الدنيوية إذا لم تكفر إلا مع التوبة كانت كذلك في الآخرة لا يكون العقاب لأهل التوحيد بالنار منجيا لهم منها إن لم تسبق التوبة في الدنيا وكذلك يرده تصريح النصوص بأن الموحدين غير مخلدون . - (ت) في الإيمان (ه) في الحدود (ك) في التفسير والتوبة (عن علي) أمير المؤمنين قال الترمذي : حسن غريب وقال الحاكم : صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال في المهذب : إسناده جيد وقال في الفتح : سنده حسن .
[ 86 ]
8449 - (من أصابته فاقة) أي شدة حاجة (فأنزلها بالناس) أي عرضها عليهم وسألهم سد خلته (لم تسد فاقته) لتركه القادر على حوائج جميع الخلق الذي لا يغلق بابه وقصد من يعجز عن جلب نفع نفسه ودفع ضرها (1) (ومن أنزلها بالله أوشك) بفتح الهمزة والشين (الله له بالغنى) أي أسرع غناه وعجله قال التوربشتي : والغناء بفتح الغين الكفاية من قولهم لا يغني غناء بالمد والهمزة ومن رواه بكسر الغين بالمد والكسر الكفاف مقصور على معنى اليسار فقد حرف المعنى لأنه قال يأتيه الكفاف عما هو فيه (إما بموت آجل أو غنى عاجل) كذا في نسخ هذا الكتاب تبعا لما في جامع الأصول وأكثر نسخ المصابيح والذي في سنن أبي داود والترمذي بموت عاجل أو غنى آجل وهو كما قال الطيبي أصح . - (حم د) في باب من لا تحل له المسألة (ك) في الزكاة (عن ابن مسعود) ورواه عنه الترمذي أيضا وقال : حسن صحيح غريب وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) قال العلقمي : بل يغضب الله على من أنزل حاجته لغيره العاجز وهو القادر على قضاء حوائج خلقه كلهم من غير أن ينقص من ملكه شئ وقد قال وهب بن منبه لرجل يأتي الملوك : ويحك أتأتي من يغلق عنك بابه ويواري عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ويظهر لك غناه ؟ فالعبد عاجز عن جلب مصالحه ودفع مضاره ولا معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله تعالى . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8450 - (من أصابه هم أو غم أو سقم أو شدة) أو أزل أو لأواء هكذا هو عند أحمد والطبراني فكأنه سقط من قلم المصنف أو من النساخ (فقال الله ربي لا شريك له كشف ذلك عنه) قال في الفردوس : الأزل الضيق والشدة واللأواء الفقر وهذا إذا قال الكلمة بصدق عالما معناها عاملا بمقتضاها فإنه إذا أخلص وتيقن أن الله ربه لا شريك له وأنه الذي يكشف كربه ووجه قصده إليه لا يخيبه والقلوب التي تشوبها المعاصي قلوب معذبة قد أخدت غموم النفس بأنفاسها فالملوك يخافون من العذر والأمراء من العزل والأغنياء من الفقر والأصحاء من السقم وهذه أمور مظلمة تورد على القلب سحائب متراكمات مظلمة فإذا فر إلى ربه وسلم أمره إليه وألقى نفسه بين يديه من غير شركة أحد من الخلق كشف عنه ذلك فأما من قال ذلك بقلب غافل لاه فهيهات . - (طب عن أسماء بنت عميس) ورواه عنها أيضا أحمد باللفظ المزبور قال : فالإضراب عنه لا ينبغي ثم إن فيه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه أبو مسهر ووثقه جمع . 8451 - (من أصبح وهو) أي والحال أنه (لا يهم) وفي رواية ولم يهم (بظلم أحد) من الخلق
[ 87 ]
(غفر له بالبناء للمفعول أي غفر الله له (ما اجترم) وفي رواية للخطيب في تاريخه من أصبح وهو لا ينوي ظلم أحد أصبح وقد غفر له ما جنى وفي رواية وإن لم يستغفر أي من أصبح عازما على ترك ظلم مع قدرته على الظلم لكنه عقد عزمه على ذلك امتثالا لأمر [ ص 67 ] الشارع وابتغاء لمرضاته أما من يصبح لا ينوي ظلم أحد لشهوة أو غفلة أو عجز أو شغل بمهم فلا ثواب له لأنه لم ينو طاعة ومن عزم فثواب عزمه غفران ما يطرأ من جناية لعدم العصمة فيغفر له بسالف نيته ، ويحتمل أنه على ظاهره كأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ذكر بهذا عبدا طهر الله قلبه وصفى باطنه بمعرفة الله وخوفه ومراقبته عن وضر الأخلاق الدنية من نحو حقد وغل فإن حدث منه زلة لعدم العصمة غفر له وإن لم يستغفر لأنه مختاره ومحبوبه والغفران نعته . - (ابن عساكر) في تاريخه من طريق عيينة بن عبد الرحمن عن إسحاق بن مرة (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وإسحاق قال في الميزان عن الأزدي : متروك الحديث وساق له في اللسان هذا الحديث ثم قال : عيينة ضعيف جدا وأعاده في اللسان في ترجمة عمار بن عبد الملك وقال : أتى عنه بقية بعجائب منها هذا الخبر ، ورواه عنه أيضا الديلمي والمخلص والبغوي وابن أبي الدنيا قال الحافظ العراقي : وسند الحديث ضعيف . 8452 - (من أصبح وهمه التقوى ثم أصاب فيما بين ذلك) يعني في أثناء ذلك اليوم (ذنبا غفر الله له) ما اجترم من الصغائر على نيته ، وإنما لكل امرئ ما نوى . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 8453 - (من أصبح وهمه) وفي رواية لابن النجار في تاريخه من أصبح وأكثر همه وهي تبين المراد هنا (غير الله فليس من الله) أي لا حظ له في قربه ومحبته ورضاه وزاد في رواية في شئ فأفضل الطاعات مراقبة الحق على دوام الأوقات فمن كان همه غير الله كان مطلبه وبالا عليه واستيحاشك لفقد ما سواه دليل على عدم وصلتك به (ومن أصبح لا يهتم بالمسلمين) أي بأحوالهم (فليس منهم) أي ليس من العاملين على منهاجهم ، وهذا رجل قد زاغ قلبه عن الله فضل في مفاوز الحيرة والفرح بأحوال النفس وبروحها وغياضها وذلك يميت القلب ويعمي عن الرب وينسي الحياء منه ويذهب لذة مراقبته ويلهي عن السرور بالقرب منه ومن أصبح مهتما بالله وبأمر خلقه لأجله وجد قوة تبعثه علي كل صعب فيهون وبشرى تغنيه عن كل شئ دونه وبشرى يفرق فيها جميع آمال قلبه فتدق الدنيا والآخرة في جنب ذلك الفرح . (فائدة) أخرج الحافظ ابن العطار بسنده عن العارف الأندلسي كنت ليلة عند العارف ابن طريف فقدم لنا ثريد بحمص فهممنا بالأكل فاعتزل فأمسكنا عن الأكل فقال : بلغني الآن أن حصن فلان أخذه العدو وأسر من فيه فلما كان بعد وقت قال : كلوا قد فرج الله عليهم فجاء الخبر بعد ذلك
[ 88 ]
بذلك ، وقد عد من مقامات الأولياء مشاركة أحدهم لمن بلغه أنه في ضيق أو بلاء أو محنة حتى أنه يشارك المرأة في ألم الطلق والمعاقب في ألم الضرب المقارع ، ويقال إن الفضيل بن عياض كان على هذا وصاحب هذا المقام لا تطلع الشمس ولا تغرب إلا وبدنه ذائب كأنه شرب سما . - (ك) في الرقاق (عن ابن مسعود) سكت عليه المصنف فأوهم أنه صالح وهو غفول عن تشنيع الذهبي على الحاكم بأن إسحاق بن بشر أحد رجاله عدم وقال : وأحسب أن الخبر موضوع ، وأورده في الميزان في ترجمة إسحاق هذا من حديثه وقال : كذبه ابن المديني والدارقطني ، ومن ثم حكم ابن الجوزي عليه بالوضع . 8454 - (من أصبح مطيعا لله في) شأن (والديه) أي أصليه المسلمين (أصبح له بابان مفتوحان من الجنة فإن كان واحدا فواحد) قال الطيبي : فيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى وهي من باب قوله * (إن الذين يؤذون الله ورسوله) [ الاحزاب : 57 ] ومن الجنة يجوز كونه صفة أخرى لقوله بابان وكونه حالا من الضمير في مفتوحان ، وقوله [ ص 68 ] فواحد أي فكأن الباب المفتوح واحد ، وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من النار وإن كان واحدا فواحد قال رجل : وإن ظلماه قال : وإن ظلماه وإن ظلماه وإن ظلماه اه‍ بلفظه . قال الطيبي : وأراد بالظلم ما يتعلق بالأمور الدنيوية لا الأخروية ، وفيه أن طاعة الوالدين لم تكن طاعة مستقلة بل هي طاعة الله وكذا العصيان والأذى . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) قال في اللسان : رجاله ثقات أثبات غير عبد الله بن يحيى السرخسي فهو أفقه ، اتهمه ابن عدي بالكذب . 8455 - (من أصبح منكم آمنا في سربه) بكسر السين على الأشهر أي في نفسه وروي بفتحها أي في مسلكه وقيل بفتحتين أي في بيته (معافى في جسده) أي صحيحا بدنه (عنده قوت يومه) أي غذاؤه وعشاؤه الذي يحتاجه في يومه ذلك ، يعني من جمع الله له بين عافية بدنه وأمن قلبه حيث توجه وكفاف عيشه بقوت يومه وسلامة أهله فقد جمع الله له جميع النعم التي من ملك الدنيا لم يحصل على غيرها فينبغي أن لا يستقبل يومه ذلك إلا بشكرها بأن يصرفها في طاعة المنعم لا في معصية ولا يفتر عن ذكره (فكأنما حيزت) بكسر المهملة (له الدنيا) أي ضمت وجمعت (بحذافيرها) أي بجوانبها أي فكأنما أعطي الدنيا بأسرها ، ومن ثم قال نفطويه : إذا ما كساك الدهر ثوب مصحة * ولم يخل من قوت يحلى ويعذب فلا تغبطن المترفين فإنه * على حسب ما يعطيهم الدهر يسلب
[ 89 ]
وقال : إذا القوت يأتي لك والصحة والأمن * وأصبحت أخا حزن فلا فارقك الحزن وفيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى . - (خد ت ه) في الزهد من حديث مروان الفزاري عن عبد الرحمن بن أبي سهيلة عن سلمة بن عبد الله بن محصن (عن) أبيه (عبيد الله) بالتصغير على الأصح (ابن محصن) الأنصاري مختلف في صحبته ، وقال : حسن غريب قال ابن القطان : ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن عبد الرحمن لا يعرف حاله وإن قال ابن معين مشهور فكم من مشهور لا تقبل روايته ، وفي الميزان سلمة قال أحمد : لا أعرفه ولينه العقيلي ثم ساق له هذا الخبر وقال : روي من طريق أبي الدرداء أيضا بإسناد لين . 8456 - (من أصبح يوم الجمعة صائما وعاد مريضا وشهد جنازة) أي حضرها وصلى عليها (وتصدق بصدقة فقد أوجب) أي فعل فعلا وجب له به دخول الجنة - (هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد عن ابن أبي غاضر عن عبد العزيز بن عبد الله الأوسي عن ابن لهيعة عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل عقبه بالخبر الذي بعده ثم قال : هذا مؤكد للإسناد الأول وكلاهما ضعيف اه‍ بنصه . وأورده ابن الجوزى في الموضوع ولم يصب إذ قصاراه أن فيه عبد العزيز بن عبد الله الأوسي أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أبو داود : ضعيف وفيه ابن لهيعة أيضا . 8457 - (من أصبح يوم الجمعة صائما وعاد مريضا وأطعم مسكينا وشيع جنازة لم يتبعه ذنب أربعين سنة) أي إن اتقى [ ص 69 ] الله مع ذلك وامتثل الأوامر واجتنب النواهي . - (عد هب) كلاهما معا عن محمد بن أحمد المصيصي عن يوسف بن سعيد عن عمرو بن حمزة البصري عن الخليل بن مرة عن إسماعيل بن إبراهيم عن عطاء عن جابر قال ابن الجوزي : موضوع عمرو والخليل وإسماعيل ضعفاء ، ورده المؤلف بأن هذا لا يقتضي الوضع (عن جابر) بن عبد الله قال ابن الجوزي : قال الدارقطني : تفرد به عمرو بن حمزة عن الخليل بن مرة وعمرو ضعيف والخليل قال ابن حبان : منكر الحديث . 8458 - (من أصيب بمصيبة في ماله أو جسده فكتمها ولم يشكها إلى الناس كان حقا على الله أن يغفر له) لا يناقضه قول النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه وارأساه وقول سعد قد اشتد بي الوجع يا رسول الله وقول عائشة وارأساه فإنه إنما قيل على وجه الإخبار لا الشكوى فإذا حمد الله ثم أخبر بعلته لم يكن شكوى
[ 90 ]
بخلاف ما لو أخبر بها تبرما وتسخطا فالكلمة الواحدة قد يثاب عليها وقد يعاقب بالنية والقصد . - (طب) عن أحمد الأبار عن هشام بن خالد عن بقية عن ابن جريج عن عطاء (عن ابن عباس) قال المنذري : لا بأس بإسناده وقال الهيثمي : فيه بقية وهو ضعيف اه‍ . وعده في الميزان في ترجمة بقية من جملة ما طعن عليه فيه ، وأعاده في ترجمة هشام بن الأزرق وقال : قال أبو حاتم : هذا موضوع لا أصل له . 8459 - (من أصيب بمصيبة) أي بشئ يؤذيه في نفسه أو أهله أو ماله (فذكر مصيبته) تلك (فأحدث استرجاعا) أي قال * (إنا لله وإنا إليه راجعون) [ البقرة : 156 ] (وإن تقادم عهدها) قال المصنف : وفي رواية من استرجع بعد أربعين سنة (كتب الله له من الأجر مثله يوم أصيب (1) لأن الاسترجاع اعتراف من العبد بالتسليم وإذعان للثبات على حفظ الجوارح ، ولأنه قد تكلم بتلك الكلمة ثم دنسها بسوء أفعاله وأخلقها فإذا أعادها فقد جدد ما وهى وطهر ما تدنس . قال القاضي : وليس الصبر بالاسترجاع باللسان بل به وبالقلب بأن يتصور ما خلق لأجله فإنه راجع إلى ربه ويتذكر نعم الله عليه ليرى ما بقي عليه أضعاف ما استرده منه فيهون على نفسه ويستسلم له اه‍ . وقال بعضهم : جعل الله هذه الكلمة ملجأ لذوي المصائب لما جمعت من المعاني العجيبة . (فائدة) ورد في حديث مرفوع أعل بإرساله مما يحبط الأجر في المصيبة صفق الرجل بيمينه على شماله وقوله فصبر جميل ورضا بما قضى الملك الجليل . - (ه عن الحسين بن علي) بن أبي طالب وضعفه المنذري . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) جعل الله هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب وعصمة للممتحنين لما جمعت من المعاني المباركة فإن قوله إنا لله توحيد وإقرار بالعبودية والملك ، وقوله وإنا إليه راجعون : إقرار بالهلك على أنفسنا والبعث من قبورنا واليقين بأن رجوع الأمر كله إليه كما هو ، قال سعيد بن جبير : لم يعطها الله نبيا ، ولو عرفها يعقوب لما قال * (يا أسفى على يوسف) * . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8460 - (من أصيب في جسده بشئ فتركه لله) فلم يأخذ عليه دية ولا إرشاء (كان كفارة له) أي من الصغائر . - (حم عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه مجالد وقد اختلط . 8461 - (من أضحى) أي ظهر للشمس (يوما محرما) بحج أو عمرة (ملبيا) أي قال لبيك اللهم لبيك واستمر كذلك [ ص 70 ] (حتى غربت الشمس) أي شمس ذلك اليوم (غفرت ذنوبه) يعني غفر له قبل
[ 91 ]
غروبها (فعاد كما ولدته أمه) أي بغير ذنب قال المحب الطبري : الأضحى الظهور للشمس واعتزال الكن والظل ، يقال ضحيت للشمس بالكسر وضحيت أضحى إذا برزت لها وظهرت والضحايا بالفتح والمد قريب من نصف النهار ، والضحوة أول ارتفاع النهار والضحى بالضم والقصر فوق ذلك وبه سميت صلاة الضحى ، وليس الأضحى بشرط في حصول هذه المثوبة بل المقصود الإكثار من التلبية . - (حم ه عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه . 8462 - (من اضطجع مضجعا لم يذكر الله عليه كان عليه ترة) بكسر المثناة الفوقية وفتح الراء المهملة كما في شرح المصابيح أي نقص من تره يتره ، وقيل حسرة لأنها من لوازم النقصان ، قال الطيبي : روي كانت بالتأنيث ورفع ترة فينبغي أن يؤول مرجع الضمير من كانت مؤنثا أي الاضطجاعة والقعدة ، وترة مبتدأ والجار والمجرور خبره والجملة خبر كان ، وأما على رواية التذكير ونصب ترة فظاهر (يوم القيامة) فإن النوم على غير ذكر الله تعطيل للحياة وربما قبضت روحه في ليلته فكان من المبعدين والعبد يبعث على ما مات عليه وأما من نام على ذكر وطهارة فإنه يعرج بروحه إلى العرش ويكون مصليا إلى أن يستيقيظ فإن مات على تلك الحالة مات وهو من المقربين فيبعث على ما مات ذكره حجة الإسلام (ومن قعد مقعدا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة يوم القيامة) . - (د) في الأدب (عن أبي هريرة) رمز لحسنه ، وفيه محمد بن عجلان خرج له مسلم متابعة وأورده الذهبي في الضعفاء وظاهر صنيع المصنف أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الثقة وليس كذلك بل خرجه النسائي أيضا عن أبي هريرة . 8463 - (من أطاع الله فقد ذكر الله وإن قلت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) زاد في رواية وصنيعه للخير قال القرطبي : هذا يؤذن بأن حقيقة الذكر طاعة الله في امتثال أمره وتجنب نهيه وقال بعض العارفين : هذا يعلمك بأن أصل الذكر إجابة الحق من حيث اللوازم (ومن عصى الله فلم يذكره وإن كثرت صلاته وصيامه وتلاوته للقرآن) زاد في رواية وصنيعه للخير قال القرطبي : لأنه كالمستهزئ والمتهاون ومن اتخذ آيات الله هزوا وقد قالوا في تأويل قوله سبحانه * (ولا تتخذوا آيات الله هزوا) [ البقرة : 231 ] أي لا تتركوا أوامر الله فتكونوا مقصرين لاعبين ، قال : ويدخل فيه الاستغفار من الذنب قولا مع الإصرار فعلا ، وقال الغزالي : من أحب شيئا طمع في تحصيله ومتى طمع فيه كان عبده ، فمن أحب الدنيا استعبدته ومن أحب الله صار عبده ومن صار عبده صار حرا مما سواه خدمته الأكوان وأطاعه الإنس والجان لأن من أطاع الله أطاعه كل شئ ومن أحب الله ولم يخدمه بأداء الفرائض استخدمه الشيطان اه‍ . - (طب عن واقد) يحتمل أنه ابن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري تابعي ثقة فيلحرر قال الهيثمي : وفيه الهيثم بن جماز وهو متروك اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه .
[ 92 ]
8464 - (من أطعم مسلما جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة) زاد أبو الشيخ [ ابن حبان ] في روايته ومن كسا مؤمنا عاريا كساه الله من خضر الجنة وإستبرقها ، ومن سقى مؤمنا على ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة اه‍ . بنصه . - (حل عن أبي سعيد) الخدري ، وقال : غريب من حديث الفضل وأبي هارون العبدي واسمه عمارة بن جوين تفرد به خالد بن يزيد ورواه [ ص 71 ] عنه أيضا الديلمي وغيره . 8465 - (من أطعم أخاه المسلم شهوته حرمه الله على النار) أي نار الخلود التي أعدت للكافرين للأخبار الدالة على أن طائفة من العصاة يعذبون . - (هب عن أبي هريرة) قضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بقوله هو بهذا الإسناد منكر اه‍ . 8466 - (من أطعم مريضا شهوته أطعمه الله من ثمار الجنة) * (جزاء وفاقا) * ويظهر أن الكلام فيما إذا لم يعلم أن ذلك يضر كثيره وقليله بالمرض فإن ضره كثيره أطعمه القليل . - (طب عن سلمان) الفارسي ، وفيه عبد الرحمن بن حماد قال أبو حاتم : منكر الحديث ذكره الهيثمي وأعاده في موضع آخر وقال : فيه أبو خالد عمرو بن خالد وهو كذاب متروك . 8467 - (من أطفأ عن مؤمن سيئة كان خيرا ممن أحيا موؤدة) أي أعظم أجرا منه على ذلك . - (هب عن أبي هريرة) وفيه الوليد بن مسلم أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة مدلس سيما في شيوخ الأوزاعي وعبد الواحد بن قيس قال يحيى : لا شئ 8468 - (من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم) أي نظر في بيت إلى ما يقصد أهل البيت ستره من نحو شق باب أو كوة وكان الباب غير مفتوح (فقد حل) لم يقل وجب إشارة إلى أنه خرج مخرج التعزير لا الحد ذكره القرطبي (لهم أن يفقأوا عينه) أي يرموه بشئ فيفقؤا عينه إن لم يندفع إلا بذلك وتهدر عين الناظر فلا دية ولا قصاص عند الشافعي والجمهور ، وقال الحنفية : يضمنها لأن النظر فوق الدخول
[ 93 ]
والدخول لا يوجبه ، وأوجب المالكية القصاص وقالوا : لا يجوز قصد العين ولا غيرها لأن المعصية لا تدفع بالمعصية ، وأجاب الجمهور بأن المأذون فيه إذا ثبت الإذن لا يسمى معصية وإن كان الفعل لو تجرد عن ذلك السبب يسماها ولهذا قال القرطبي : الإنصاف خلاف ما قاله أصحابنا وقد اتفقوا على جواز دفع الصائل ولو أتى على النفس ولو بغير السبب المذكور وهذا منه مع ثبوت النص فيه وليس مع النص قياس ، وهل يلحق الاستماع بالنظر ؟ وجهان أصحهما لا لأن النظر أشد ، ويشمل قوله اطلع كل مطلع كيف كان ومن أي جهة كانت من باب أو غيره إلى العورة أو غيرها ذكره القرطبي . (تنبيه) هذا الحديث يتناول الإناث فلو نظرت امرأة في بيت أجنبي جاز رميها على الأصح بناء على أن من شرطية تتناول الإناث وقيل لا يجوز بناء على مقابل أن من يختص بالذكور ووجه بأن المرأة لا يستتر منها شئ . - (حم م عن أبي هريرة) وفي الباب أبو أمامة وغيره . 8469 - (من اطلع في كتاب أخيه) في الدين (بغير إذنه فكأنما اطلع في النار) أي أن ذلك يقربه منها ويدنيه من الإشراف عليها ليقع فيها فهو حرام شديد التحريم وقيل معناه فكأنما ينظر إلى ما يوجب عليه النار ، ويحتمل أنه أراد عقوبة البصر لأن الجناية منه كما يعاقب السمع إذا استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون ، قال ابن الأثير : وهذا الحديث محمول على الكتاب الذي فيه سر وأمانة يكره صاحبه أن يطلع عليه وقيل عام في كل كتاب . - (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . [ ص 72 ] 8470 - (من أعان مجاهدا في سبيل الله) على مؤون غزوه أو إخلافه في أهله بخير ونحو ذلك (أو) أعان (غارما في عسرته أو) أعان (مكاتبا في رقبته) أي في فكها بنحو أداء بعض النجوم عنه أو الشفاعة له (أظله الله) من حر الشمس عند دنوها من الرؤوس يوم القيامة (في ظله) أي في ظل عرشه كما تشهد له النظائر المارة (يوم لا ظل إلا ظله) إكراما له وجزاء بما فعل وأضاف الظل إليه للتشريف . - (حم ك) في باب المكاتب من حديث عمرو بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله عن سهل بن حنيف وحديثه حسن اه‍ 8471 - (من أعان على قتل مؤمن) ولو (بشطر كلمة) نحو أق : من القتل (لقي الله مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله) كناية عن كونه كافرا إذ * (لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) [ يوسف : 87 ] وقد يقال بعمومه ويكون المراد يستمر هذا حاله حتى يطهر من ذنبه بنار الجحيم فإذا
[ 94 ]
طهر منه زال بأسه فزال يأسه وأدركته الرحمة فأخرج من دار النقمة وأسكن دار النعمة ، وذلك لأن القتل أخطر الأشياء شرعا وأقبحها عقلا لأن الإنسان مجبول على محبة بقاء الصورة الإنسانية المخلوقة في أحسن تقويم . قال الطيبي : وذا وعيد شديد لم ير أبلغ منه . - (ه) عن محمد بن إبراهيم الأنماطي عن محمد بن خراش عن مروان عن معاوية الفزاري عن يزيد بن أبي زياد الشامي عن الزهدي عن ابن المسيب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور أحمد . قال الذهبي : فيه يزيد بن أبي زياد الشامي تالف ، وقال ابن حجر كالمنذري : حديث ضعيف جدا ، وبالغ ابن الجوزي فحكم بوضعه وتبع فيه أبا حاتم فإنه قال في العلل : باطل موضوع وفي الميزان : يزيد بن أبي زياد الشامي ضعفه المنذري وتركه النسائي وغيره وقال البخاري : منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر ثم قال : أعني في الميزان : وقال أحمد : ليس هذا الحديث بصحيح . 8472 - (من أعان ظالما سلطه الله عليه) مصداقه قوله سبحانه * (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) [ الانعام : 129 ] - (ابن عساكر) في التاريخ من جهة الحسن بن زكريا عن سعيد بن عبد الجبار الكرابيسي عن حما 0 د بن عاصم بن بهدلة عن زر (عن ابن مسعود) قال السخاوي : وابن زكريا هو العدوي متهم بالوضع فهو آفته . 8473 - (من أعان على خصومة بظلم) لفظ رواية الحاكم بغير حق (لم يزل في سخط الله) أي غضبه الشديد (حتى ينزع) أي يقلع عما هو عليه من الإعانة وهذا وعيد شديد يفيد أن ذا كبيرة ولذلك عده الذهبي من الكبائر . - (ه ك) في الأحكام (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص ، وقال في الكبائر : صحيح ورواه عنه أيضا الطبراني باللفظ المذكور . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8474 - (من أعان ظالما) لفظ رواية الحاكم باطلا بدل ظالما (ليدحض) أي ليبطل من دحضت حجته بطلت (بباطله) أي بسبب ما ارتكبه من الباطل (حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله) أي عهده وأمانته ، لأن لكل أحد عهدا [ ص 73 ] بالحفظ والكلاءة فإذا فعل ما حرم عليه أو خالف ما أمر به خذلته ذمة الله . - (ك) في الأحكام من حديث سليمان التيمي عن حنش عن عكرمة (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح فرده الذهبي فقال : قلت حنش الذهبي ضعيف اه‍ . 8475 - (من اعتذر إليه أخوه بمعذرة) أي طلب قبول معذرته واعتذر عن فعله أظهر عذره .
[ 95 ]
قال الراغب : والمعتذر هو المظهر لما يمحو به الذنب (فلم يقبلها) منه (كان عليه من الخطيئة مثل صاحب مكس) لأن من صفاته تعالى قبول الإعتذار والعفو عن الزلات فمن أبى واستكبر عن ذلك فقد عرض نفسه لغضب الله ومقته . قال الراغب : وجميع المعاذير لا تنفك عن ثلاثة أوجه إما أن يقول لم أفعل أو فعلت لأجل كذا فيتبين ما يخرجه عن كونه ذنبا أو يقول فعلت ولا أعود فمن أنكر وأنبأ عن كذب ما نسب إليه فقد برئت منه ساحته وإن فعل وجحد فقديعد التغابي عنه كرما ومن أقر فقد استوجب العفو بحسن ظنه بك . قال الحكماء : تحاذر عن مذنب لم يسلك بالإقرار طريقا حتى أخذ من رجائك رفيقا وإن قال فعلت ولا أعود فهذا هو التوبة وحق الإنسان أن يقتدي بالله في قبولها . قال الغزالي : مهما رأيت إنسانا يسئ الظن بالناس طالبا للعيوب فاعلم أنه خبيث في الباطن وأن ذلك خبث يترشح منه وإنما يرى غيره من حيث هو فإن المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب العيوب والمؤمن سليم الصدر في حق الكافة ، وفيه إيذان بعظم جرم المكس فإنه من الجرائم العظام . - (ه والضياء) المقدسي وابن حبان في روضة العقلاء من طريق وكيع عن سفيان عن ابن جرير عن ابن مينا (عن جودان) غير منسوب . قال الحافظ العراقي : اختلف في صحبته وجهله أبو حاتم وقال : لا صحبة له وباقي رجاله ثقات . قال : ورواه الطبراني عن جابر بسند ضعيف اه‍ . وفي الإصابة عن ابن حبان : إن كان ابن جرير سمعه فهو حسن غريب ، وما ذكر من أنه جودان بالجيم هو ما جرى عليه ابن ماجه قال ابن حجر : وهو الصواب وقول العسكري يودان تصحيف . 8476 - (من اعتز (1) بالعبيد أذله الله) يحتمل الدعاء لأنه طلب العز من غير الله العزيز وتعلق بالأسباب دون مسببها فاستوجب الدعاء عليه ، أو هو خبر عن أن العبيد كلهم أذلاء تحت قهر العزيز فمن لجأ إلى أحد منهم فقد تعجل ذلا آخر على ذله وإنما سموا عبيدا لذلهم من قولهم طريق معبد أي مذلل بالأقدام وأيا ما كان فالعزة لله والاعتزاز بالعبيد من الجهل به وجهل العبد يذله لأنه مفتون بجميع من دونه والاعتزاز بالشر هو الامتناع به من النوائب فمن امتنع بما لا يملك به لنفسه نفعا ولا ضرا فقد ذل ومن اعتز بعرض الدنيا فهو المخذول في دينه الساقط من عين الله . (تنبيه) قال في الحكم : إذا أردت أن يكون لك عز لا يفنى فلا تستعز بعز يفنى . العطاء من الخلق حرمان ، والمنع من الله إحسان ، جل ربنا أن يعامل العبد نقدا فيجازيه نسيئة ، إن الله حكم بحكم قبل خلق السماوات والأرض أن لا يطيعه أحد إلا أعزه ولا يعصيه أحد إلا أذله فربط مع الطاعة العز ومع المعصية الذل كما ربط مع الإحراق النار فمن لا طاعة له لا عز له قال الحكيم : الاعتزاز بالعبيد منشؤه من حب العز وطلبه له فإذا طلب العز للدنيا وطلبه من العبيد ترك العمل بالحق والقول به لينال ذلك العز فيعزوه ويعظموه وعاقبة أمره الذلة وأنه سبحانه يمهل المخذول وينتهي به إلى أن يستخف لباس
[ 96 ]
الذل فعندها يلبسه إما في الدنيا أو يوم خروجه فيها فيخرجه من أذل ذلة وأعنف عنف . - (الحكيم) الترمذي وكذا العقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في الحلية (عن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الله بن عبد الله الأموي ، قال في الميزان عن العقيلي : لا يتابع على حديثه أورد له هذا الخبر وذكره ابن حبان في الثقات وقال : يخالف في روايته . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) بعين مهملة فمثناة فزاي كذا بخط المؤلف ، لكن الذي ذكره مخرجه الحكيم اغتر بغين معجمة وراء كذا هو بخطه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ ص 74 ] 8477 - (من أعتق رقبة) قال الحرالي : هي ما ناله الرق من بني آدم فالمراد الرقبة المسترقة التي يراد فكها بالعتق (مسلمة) في رواية سليمة وفي وواية مؤمنة وخصها لا لإخراج الكافر بل تنويها بزيادة فضل عتق المؤمن هكذا قاله البعض ، لكن أخذ بعضهم بالمفهوم فقال : لا ينكر أن في عتق الكافر فضلا لكن لا يترتب عليه ذلك (أعتق الله) أي أنجى الله . وذكر بلفظ الإعتاق للمشاكلة (بكل عضو منها عضوا منه من النار) نار جهنم (1) (حتى فرجه بفرجه) خص الفرج بالذكر لكونه محل أكبر الكبائر بعد الشرك والقتل كقولهم مات الناس حتى الكرام قال الزين العراقي : حرف الغاية في قوله حتى يحتمل أن تكون الغاية هنا للأعلى والأدنى فإن الغاية تستعمل في كل منهما فيحتمل أن يراد هنا الأدنى لشرف أعضاء العبادة عليه كالجبهة واليدين ونحو ذلك ويحتمل أن يراد الأعلى فإن حفظه أشد على النفس ، وأخذ من الخبر ندب إعتاق كامل الأعضاء تحقيقا للمقابلة ولهذا قيل يندب أن يعتق الذكر ذكرا والأنثى أنثى . (تنبيه) أخبر الصادق بأن الله يعتق فرج المعتق بثواب فرج المعتق ولا يتعلق بالفرج ذنب إلا نحو الزنا وذلك قسمان مباشرة فيما دون الفرج أو فيه من غير إيلاج كمال الحسفة ، الثاني ، إيلاجها والأول صغائر تكفرها الحسنات إجماعا والثاني كبائر لا يكفرها إلا التوبة فيحتمل حمل الحديث على الأول ويحتمل أن للعتق حظا في الموازنة ليس لغيرها وظاهر تكفير الكبائر لكونه أشق من غيره من العبادات كالصلاة . - (هق ت عن أبي هريرة) وفيه بقية ومسلمة بن علي وهو الشامي قال الذهبي : قال الدارقطني : متروك وعثمان بن عطاء ضعفه الدارقطني وغيره . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) ظاهره أن العتق يكفر الكبائر وذلك لأن للعتق مزية على كثير من العبادات لأنه أشق من الوضوء والصلاة والصوم لما فيه من بذل المال الكثير ولذلك كان الحج أيضا يكفر الكبائر . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8478 - (من اعتقل رمحا في سبيل الله) الاعتقال أن يجعل الراكب الرمح تحت فخذه ويجر آخره على الأرض وراءه ، (عقله الله من الذنوب يوم القيامة) أي حماه منها وهذا دعاء أو خبر . - (حل عن أبي هريرة) وهو حديث ضعيف .
[ 97 ]
8479 - (من اعتكف عشرا في رمضان) أي عشرا من الأيام بلياليها ، ويحتمل عشرا من الليالي فقط (كان كحجتين وعمرتين) أي يعدلهما في الثواب وهذا وارد على منهج الترغيب في الاعتكاف لما فيه من عكوف القلب على الحق والخلوة به والانقطاع عن الخلق والاشتغال به وحده بحيث يصير همه كله به وخطراته كلها بذكره فيصير أنسه بالله بدلا عن أنسه بالخلق . - (هب عن الحسين بن علي) بن أبي طالب وظاهر كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره وليس كذلك بل تعقبه فقال : إسناده ضعيف ومحمد بن زاذان أي أحد رجاله متروك وقال البخاري : لا يكتب حديثه اه‍ كلامه . وفيه أيضا عنبسة بن عبد الرحمن قال البخاري : تركوه ، وقال الذهبي في الضعفاء : متروك متهم أي بالوضع . 8480 - (من اعتكف إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر حيث اجتنب الكبائر وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي ومن اعتكف فلا يحرم من الكلام اه‍ . - (فر عن عائشة) وفيه من لا يعرف . [ ص 75 ] 8481 - (من أعطاه الله كتابه) القرآن (فظن أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد غلط) وفي رواية صغر (أعظم النعم) لأنه قد أعطي النعمة العظمى التي كل نعمة وإن عظمت فهي بالنسبة إليها حقيرة ضئيلة فإذا رأى أن غيره ممن لم يعط ذلك أوتي أفضل مما أوتي فقد صغر عظيما وعظم حقيرا قال الغزالي : كل من أوتي القرآن حق له أن لا ينظر إلى الدنيا الحقيرة نظرة بالاستحلاء فضلا عن أن يكون له فيها رغبة وليلزم الشكر على ذلك فإنه الكرامة العظمى . - (تخ هب عن رجاء الغنوي) بفتح المعجمة وفتح النون وآخره واو نسبة إلى غنن وهو ابن أعصر أو يعصر ينسب إليه جمع كثير (مرسلا) قال الغزالي : رجاء مختلف في صحبته وقد ورد من حديث عبد الله بن عمر وجابر وللبراء نحوه وكلها ضعيفة اه‍ . وأورد في الإصابة وجاء هذا في الصحابة في القسم الأول وقال : روت عنه ساكنة بنت الجعد ثم قال : وأما ابن حبان فذكره في ثقات التابعين وقال : أبو عمر لا يصح حديثه . 8482 - (من أعطي حظه من الرفق) أي نصيبه منه (فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير) كله إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية وبفوته يفوتان ولهذا قال
[ 98 ]
نسطور لما بعث صاحبيه ليدعوان الملك إلى دين عيسى وأمرهما بالرفق فخالفا وأغلظا عليه فحبسهما وآذاهما فقال لهما نسطور : مثلكما كالمرأة التي لم تلد قط فولدت بعد ما كبرت فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به فحملت على معدته ما لا يطيق فقتلته . - (حم ت عن أبي الدرداء) ورواه ابن منيع والديلمي عن عائشة . 8483 - (من أعطي شيئا فوجد) أي من أعطي حقا فليكن عارفا بحقه فإن وجد مالا (فليجز به) مكافأة على الصنيعة (ومن لم يجد) مالا (فليثن به) عليه ولا يجوز له كتمان نعمته (فإن أثنى) عليه (به فقد شكره) على ما أعطاه (وإن كتمه فقد كفره) أي كفر نعمته ، وفيه معنى قوله الحمد رأس الشكر ما شكر الله عبد لم يحمده والفاء في وجد عاطفة على الشرط وفي فليجر به جوابية ، وفائدة التعبير بحرف الترتيب الإشارة إلى أن من أعطي لا يؤخر الجزاء عن الإعطاء أيما وجد اليسار (ومن تحلى بما لم يعط) أي ومن تزين بشعار الزهاد وليس منهم (فإنه كلابس ثوبي زور) أي فهو كمن لبيس قميصا وصل كمه بكمين آخرين موهما أنه لابس قميصين فهو كالكاذب القائل ما لم يكن وقيل شبه بالثوبين أن المتحلي كذب كذبين فوصف نفسه بصفة ليست فيه ووصف غيره بأنه خصه بصلة . قال الطيبي : واتبع المجازي والمثنى بالمتحلي لأنهما أظهرا ما وجب عليهما لئلا يكفر المنعم وهذا إنما يظهر ما يلبس به على الناس ليسخر منهم . - (خد د ت حب عن جابر) بن عبد الله قال الترمذي : حسن قال الصدر المناوي : وفيه إسماعيل بن عياش . 8484 - (من أعيته المكاسب) أي أعيته ولم يهتد لوجهها (فعليه بمصر) أي فيلتزم سكانها أو ليتجر بها (وعليه بالجانب الغربي منها) فإن المكاسب فيها ميسرة وفي جانبها الغربي أيسر ولم تزل الناس يترجمون مصر بكثرة الربح ونهوض المتجر . [ ص 76 ] وقد روى الخطيب في التاريخ عن الجاحظ الأمصار عشرة فالصناعة بالبصرة والفصاحة بالكوفة والخير ببغداد والعز بالري والحسد بهراة والجفاء بنيسابور والبخل بمرو والطرمزة بسمرقند والمروة ببلخ والتجارة بمصر اه‍ ، وفي الخطط أن في بعض الكتب الإلهية إن مصر خزائن الأرض كلها فمن أرادها بسوء قصمه الله وعن كعب الأحبار مصر بلد معافاة من الفتن من أرادها بسوء كبه الله على وجهه وعن أبي موسى ما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته ، نعم كره بعض السلف استيطانها ، أخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر بن عبد العزيز قال لرجل : أين تسكن قال : الفسطاط قال : أف أتسكن الخبيثة المنتنة وتذر الطيبة الإسكندرية فإنك تجمع بها دنيا وأخرى طيبة الموطأ والذي نفس عمر بيده لوددت أن قبري يكون بها . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمرو) بن العاص .
[ 99 ]
8485 - (من أغاث ملهوفا) أي مكروبا وهو شامل للمظلوم والعاجز (كتب الله له ثلاثا وسبعين مغفرة واحدة فيها صلاح أمره كله) أي في الدنيا والآخرة (وثنتان وسبعون درجات يوم القيامة) فيه ترغيب عظيم في الإعانة والإغاثة ، قال بعضهم : فضائل الإغاثة لا تسع بيانه الطروس فإنه يطلق في سائر الأحوال والأزمان والقضايا . - (تخ هب) عن أبي طاهر عن أبي داود الخفاف عن غسان بن الفضل عن عبد العزيز بن عبد الصمد العمي عن زياد عن أبي حسان (عن أنس) بن مالك ، قضية تصرف المصنف أن البخاري خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرجه في ترجمة عباس بن عبد الصمد وقال : هو منكر الحديث وفي الميزان : وهاه ابن حبان وقال : حدث عن أنس بنسخة أكثرها موضوع ثم ساق منها هذا الخبر وحكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا . 8486 - (من اغبرت قدماه) أي أصابهما غبار أو صارتا ذا غبار والمراد المشي (في سبيل الله) أي في طريق يطلب فيها رضا الله فشمل طريق الجهاد وطلب العلم وحضور الجماعة والحج وغير ذلك لأنه اسم جنس مضاعف يفيد العموم إلا أن المتبادر في سبيل الله الجهاد (حرمه الله) كله (على النار) أبلغ من قوله أدخله الجنة وإذا كان ذا في غبار قدميه فكيف بمن بذل نفسه فقاتل وقتل في سبيل الله ؟ فيه تنبيه على فضيلة المشي على الأقدام للطاعات وأنه من الأعمال الرابحة التي يستوجب العبد بها معالي الدرجات والفردوس الأعلى . - (حم خ) في الصلاة والجهاد وفيه قصة (ت ن) في الجهاد (عن أبي عبس) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة عبد الرحمن بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة اه‍ . 8487 - (من اغتاب غازيا فكأنما قتل مؤمنا) أي في مطلق حصول الإثم أو هو زجر وتهويل - (الشيرازي) أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الحافظ (عن ابن مسعود) وفيه الحسن بن أبي الحسن قال الذهبي في الضعفاء : منكر الحديث . 8488 - (من اغتسل يوم الجمعة) أي لها في وقت غسلها وهو من الفجر إلى الزوال (كان في طهارة) من الساعة التي صلى فيها الجمعة أو من وقت الغسل (إلى) مثلها من (الجمعة الأخرى) والمراد الطهارة المعنوية ، وهذا تنبيه على عظيم فضل الغسل لها - (ك) في باب الجمعة من حديث هارون بن مسلم العجلي عن أبان عن يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة (عن أبي قتادة) قال عبد الله : دخل علي أبي وأنا
[ 100 ]
أغتسل يوم الجمعة فقال : غسل جنابة أو للجمعة قلت : من جنابة قال : أعد غسلا آخر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم : على شرطهما وهارون بصري ثقة تفرد عنه [ ص 77 ] شريح بن يونس اه‍ وتعقبه الذهبي في المهذب فقال : هذا حديث منكر وهارون لا يدرى من هو اه‍ . 8489 - (من اغتيب عنده أخوه المسلم فلم ينصره وهو يستطيع نصره أذله الله تعالى في الدنيا والآخرة) أي خذله بسبب تركه نصرة أخيه مع قدرته عليه لتركه للنصر وخذلانه أن يدركه سخطه أو يقابله بعقوبته . قال النووي : والغيبة ذكر الإنسان بما يكره بلفظ أو كتابة أو رمز أو إشارة عين أو رأس أو يد ، وضابطه كل ما أفهمت به غيرك من نقص مسلم فهو غيبة ومنه المحاكاة بأن يمشى متعارجا أو مطأطئا أو غير ذلك من الهيئات مريدا حكاية من ينقصه فكل ذلك حرام يجب إنكاره بلا خلاف . قال : ومنه إذا ذكر مصنف كتاب شخصا بعينه قاتلا قال فلان مريدا تنقيصه والشناعة عليه فهو حرام فإذا أراد بيان غلطه لئلا يقلد أو بيان ضعفه لئلا يغتر به فليس بغيبة بل نصيحة واجبة قال : ومن ذلك غيبة المتفقهين والمتعبدين فإنهم يعرضون بالغيبة تعريضا يفهم به كما يفهم بالتصريح فيقال لأحدهم كيف حال فلان فيقولون الله يصلحنا الله يغفر لنا الله يصلحه نسأل الله العافية الله يتوب علينا ، وما أشبه ذلك مما يفهم تنقصه فكل ذلك غيبة محرمة وكما يحرم على المغتاب يحرم على السامع سماعها وإقرارها فيلزم السامع نهيه إن لم يخف ضررا فإن خافه لزمه الإنكار بقلبه ومفارقة المجلس - (ابن أبي الدنيا في) كتاب (ذم الغيبة عن أنس) بن مالك ، رمز المصنف لحسنه ، وقال المنذري : أسانيده ضعيفة ورواه عنه أيضا البغوي في شرح السنة والحارث بن أبي أسامة . 8490 - (من أفتى بغير علم) في رواية أفتى بالبناء للمجهول وعليها اقتصر جمع منهم الكمال ابن أبي شريف ، ولفظ رواية الحاكم من أفتى الناس بغير علم (كان إثمه على من أفتاه) وقال الأشرفي : يجوز أن يكون أفتى الناس بمعنى استفتى أي كان إثمه على من استفتاه فإنه جعل في معرض الإفتاء بغير علم ويجوز أن يكون الأول مجهولا أي فإثم أصابه على من أفتاه أي الإثم على المفتي دون المستفتى اه‍ . وخرج بقوله بغير علم ما لو اجتهد من هو أهل للاجتهاد فأخطأ فلا إثم عليه بل له أجر الاجتهاد (ومن أشار على أخيه بأمر يعلم أن الرشد في غيره فقد خانه) قال الطيبي : إذا عدى أشار بعلى كان بمعنى المشورة أي استشاره وسأله كيف أفعل هذا الأمر . - (د) في العلم (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) وأورده عبد الحق في الأحكام ساكتا عليه قال ابن القطان : ولا أدري كيف سكت ولعله اعتقد اعتقادا أخطأ فيه كيف وهو يسمع تأثيم من أفتى بغير علم والخبر ضعيف لأمور ثم اندفع في توجيهه وأطال .
[ 101 ]
8491 - (من أفتى بغير علم لعنته ملائكة السماء والأرض) لفظ رواية ابن لال وغيره السماوات بلفظ الجمع . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا ابن لال والديلمي . 8492 - (من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له) وفي رواية بدله من غير عذر وفي رواية من غير علة (لم يقض عنه صيام الدهر كله) وهو مبالغة ولهذا أكده بقوله (وإن صامه) أي الدهر حق الصيام ولم يقصر فيه وبذل جهده وطاقته وزاد في المبالغة حيث أسند القضاء إلى الصوم إسنادا مجازيا وأضاف الصوم إلى الدهر إجراءا للظرف مجرى المفعول به ، إذ الأصل لم يقض هو في الدهر كله أو هو مؤول بأن القضاء لا يقوم مقام الأداء وإن صام [ ص 78 ] عوض اليوم دهرا (1) لأن الإثم لا يسقط بالقضاء وإن سقط به الصوم ، ولأن القضاء لا يساوي الأداء في الإكمال فقوله لم يقضه عنه صيام الدهر ، أي في وصفه الخاص به وهو الكمال ، وإن كان يقضى عنه وصفه العام المنحط عن كمال الأداء ، قال ابن المنير : هذا هو الأليق بمعنى الحديث ولا يحمل على نفي القضاء بالكلية ، إذ لا تعهد عبادة واجبة مؤقتة لا تقبل القضاء . - (حم 4) كلهم في الصوم واللفظ للترمذي وذكره البخاري تعليقا بصيغة التمريض (عن أبي هريرة) وفيه أبو المطوس ابن يزيد الطوس تفرد به ، قال الترمذي في العلل عن البخاري : لا أعرف له غيره ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا ، وقال القرطبي : حديث ضعيف لا يحتج بمثله وقد صحت الأحاديث بخلافه ، وقال الدميري : ضعيف وإن علقه البخاري وسكت عليه أبو داود وممن جزم بضعفه البغوي وقال ابن حجر : فيه اضطراب قال الذهبي في الكبائر : هذا لم يثبت . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) ومذهب الشافعي أنه يجب عليه قضاء يوم بدله وإمساك بقية النهار وبرئت ذمته ، وبهذا قال أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء ، وعن ربيعة بن أبي عبد الرحمن أنه يلزمه أن يصوم اثني عشر يوما لأن السنة اثنا عشر شهرا ، وقال سعيد بن المسيب : يلزمه أن يصوم ثلاثين يوما ، وقال النخعي : يلزمه أن يصوم ثلاثة آلاف يوم ، وقال علي وابن مسعود : لا يقضيه صوم الدهر واحتجا بهذا الحديث . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8493 - (من أفطر يوما) وفي رواية (من رمضان في الحضر) تعديا (فليهد بدنة) قيد بالحضر ليخرج السفر الذي يباح فيه القصر والفطر ، وهذا القيد ثابت في كتاب الدارقطني المعزو إليه كما ترى ، ومن عزى الحديث له وأسقط القيد كعبد الحق فقد وهم ، وقضية تصرف المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الدارقطني فإن لم يجد فليطعم ثلاثين صاعا من تمر للمساكين
[ 102 ]
اه‍ . - (قط) من حديث عثمان السماك عن أحمد بن خالد بن عمرو الحمصي عن أبيه عن الحارث بن عبيدة الكلاعي عن مقاتل بن سليمان عن عطاء (عن جابر) ثم قال أعني الدارقطني : الحارث ومقاتل ضعيفان جدا اه‍ . فقد برئ مخرجه من عهدته ببيان حاله فتصرف المصنف بحذف ذلك من كلامه غير جيد ، وفي الميزان : هذا حديث باطل يكفي في رده تلف خالد وشيخه ضعيف ومقاتل غير ثقة وخالد كذبه الغرياني ووهاه ابن عدي اه‍ . وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : مقاتل كذاب والحارث ضعيف وتبعه المؤلف في مختصره ساكتا عليه . 8494 - (من أفطر يوما من رمضان فمات قبل أن يقضيه) أي قبل أن يتمكن من قضائه (فعليه) في تركه (بكل يوم مد) من جنس الفطرة (لمسكين) أو فقير وبه قال الشافعي (1) . - (حل عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الطبراني أيضا وفيه أشعث بن سوار ضعفه جمع اه‍ . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وحمله على ما إذا فات بغير عذر أما ما فات بعذر كمن أفطر فيه لمرض ولم يتمكن من قضائه بأن استمر مرضه حتى مات فلا إثم في هذا الفائت ولا تدارك له بالفدية . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8495 - (من أفطر في رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة) وبه أخذ الشافعي ، وقال مالك وأحمد : من أكل أو جامع ناسيا لزمه قضاء وكفارة وأنه عبادة تفسد بأكل وجماع عمدا فوجب أن يفسد بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو وقعا في ابتداء الصوم أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان طلوع الفجر عند أكله أو جماعه فكذا وقوعهما في أثنائه ورد [ ص 79 ] الأول بالفرق لأن المنهي في الصوم نوع واحد ففرق بين عمده وسهوه ، وفي الحج قسمان أحدهما ما استوى عمده وسهوه كخلق وقتل صيد والثاني ما فيه فرق كتطيب ولبس فألحق الجماع بالأول لأنه إتلاف والثاني لأنه مخطئ في الفعل وبينهما فرق ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء أو في عدد الركعات بنى على صلاته ثم دليلنا هذا الخبر وخبر من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فليس عليه بأس وخبر رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فإن قيل لو كان النسيان عذرا كان في النية رد بأن الجماع وأخواته من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال لأنها قصد وما كان من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون المناهي فقد تسقط ولأن النص فرق بينهما فلا تصح التسوية ولا بالشروع في العبادة والشروع فيها أليق بالتغليظ ولأن النية مأمور بها للفعل والإمتثال بخلاف المنهي عنه فإنه للاتباع والكف والنسيان فيه غالب فإن قيل لا يبطل الصوم إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو تداويا لورود النص بالأكل والشرب رد بأنه ألحق بها الغير قياسا وإجماعا فإن قيل السهو كالجهل عذر بالنسبة لكل مفطر مطلقا لعموم النص رد بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندور
[ 103 ]
كثرة السهو . - (ك هق عن أبي هريرة) قال البيهقي : رواته ثقات وتعقبه في المهذب بأن النسائي رواه عن يوسف بن سعيد عن علي بن بكار عن محمد بن عمرو وقال : هذا حديث منكر . 8496 - (من أقال مسلما) أي وافقه على نقض البيع أو البيعة وأجابه إليه (أقال الله عثرته) أي رفعه من سقوطه يقال أقاله يقيله إقالة وتقاؤلا إذا فسخا البيع وعاد المبيع إلى مالكه والثمن إلى المشتري إذا ندم أحدهما أو كلاهما وتكون الإقالة في البيعة والعهد ، كذا في النهاية ، قال ابن عبد السلام في الشجرة إقالة النادم من الإحسان المأمور به في القرآن لما له من الغرض فيما ندم عليه سيما في بيع العقار وتمليك الجوار . - (د ه ك) في البيع (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرطهما ، وقال ابن دقيق العيد : هو على شرطهما وصححه ابن حزم لكنه في اللسان نقل تضعيفه عن الدارقطني . 8497 - (من أقال نادما) زاد في رواية صفقته أي وافقه على نقض البيع (1) (أقاله الله يوم القيامة) دعاء أو خبر قال المطرزي : الإقالة في الأصل فسخ البيع وألفه واو أو ياء فإن كانت واوا فاشتقاقه من القول لأن الفسخ لا بد فيه من قيل وقال وإن كانت ياء فيحتمل أن ينحت من القيلولة . - (هق) من حديث زاهر بن نوح عن عبد الله بن جعفر ولد ابن المديني عن العلاء عن أبيه (عن أبي هريرة) وعبد الله مجمع على ضعفه كما بينه في الميزان وأورد هذا الخبر من مناكيره وأعاده في محل آخر ونقل تضعيفه عن الدارقطني . - - - - - - - - - - - - - - - (1) وأجابه إليه إذا كان قد ندم أحدهما أو كلاهما وهي فسخ لا بيع فلا يترتب عليها أحكام البيع من الأخذ بالشفعة وغيره . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8498 - (من أقام مع المشركين) في ديارهم بعد إسلامه (فقد برئت منه الذمة) وهذا كان في صدر الإسلام حين كانت الهجرة إليه عليه الصلاة والسلام واجبة لنصرته ثم نسخ . - (طب هق عن جرير) بن عبد الله ، رمز المصنف لصحته وليس كما قال ففيه حجاج بن أرطاة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : متفق على تليينه ، قال أحمد : لا يحتج به وقال يحيى : ضعيف وقال النسائي : ليس بقوي وقال الدارقطني : لا يحتج به وقال ابن عدي : ربما أخطأ لكن لا يتعمد الكذب وقال ابن حبان : تركوه وفيه قيس بن أبي حازم وثقه قوم وقال ابن المديني عن القطان : منكر الحديث وأقره الذهبي . 8499 - (من أقام البينة على أسير) أي على قتله إياه (فله سلبه) (1) بالتحريك وهو ما على بدنه
[ 104 ]
من الثياب قال الراغب : [ ص 80 ] الأسر الشد بالقيد من قولهم أسرت القتب فسمى الأسير به ثم قيل لكل مأخوذ مقيد وإن لم يشد ذلك ويتجوز به فيقال أنا أسير نعمتك . - (هق عن أبي قتادة) رمز المصنف لصحته - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) أي بشرط أن يكون القاتل مسلما والسلب بفتح اللام ثياب القتيل التي عليه والخف والران وهو خف بلا قدم والمركوب الذي قاتل عليه وأمسكه بعنانه والسرج واللجام والنفقة التي معه والجنيبة التي تقاد معه وكفاية شر الحربي مثل قتله كأن يفقأ عينيه أو يقطع يديه أو رجليه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8500 - (من اقتبس) أي تعلم من قبست من العلم واقتبست من الشئ إذا تعلمته والقبس شعبة من النار واقتباسها الأخذ منها (علما من النجوم) أي من علم تأثيرها لا تسييرها فلا يناقض ما سبق من خبر تعلموا من النجوم ما تهتدون به في ظلمات البر والبحر وقد مر التنبيه على طريق الجمع (اقتبس شعبة) أي قطعة (من السحر) المعلوم تحريمه ثم استأنف جملة أخرى بقوله (زاد ما زاد) يعنى كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل إثم الساحر أو زاد اقتباس شعب السحر ما زاده اقتباس علم النجوم ، ومن زعم أن المراد زاد النبي على ما رواه ابن عباس عنه في حق علم النجوم فقد تكلف ، ونكر علما للتقليل ومن ثم خص الاقتباس لأن فيه معنى العلة ومن النجوم صفة علما وفيه مبالغة ، ذكره الطيبي ، وذلك لأنه يحكم على الغيب الذي استأثره الله بعلمه فعلم تأثير النجوم باطل محرم وكذا العمل بمقتضاه كالتقرب إليها بتقريب القرابين لها كفر ، كذا قاله ابن رجب . (تنبيه) قال بعض العارفين : أصناف حكما عقلاء السالكين إذا حاولوا جلب نفع أو دفع ضر لم يحاوله بما يجانسه من الطبائع بل حاولوه بما هو فوق رتبته من عالم الأفلاك مثلا التي رتبتها غالبة رتب الطبائع ومستولية عليها فحاولوا ما يرومونه من أمر ظاهر لتلك بما هو أعلى منه كالطلاسم واستنزال الروحانيات المنسوبة عندهم للكواكب وهذا الاستيلاء الروحاني الفلكي الكوكبي على عالم الطبيعة هو المسمى علم السيميا وهو ضرب من السحر لأنه أمر لم يتحققه الشرع ولا يتم ولا يتحقق مع ذكر الله عليه بل يبطل ويضمحل اضمحلال السراب عند غشيانه ، والى نحوه يشير هذا الخبر . - (حم د) في الطب (ه) في الأدب (عن ابن عباس) وقال النووي في رياضه بعد عزوه لأبي داود : إسناده صحيح فرمز المصنف لحسنه فقط تقصير قال الذهبي في المهذب : حديث صحيح وقال في الكبائر : رواه أبو داود بسند صحيح . 8501 - (من اقتصد) في النفقة (أغناه الله ومن بذر) فيها (أفقره الله ومن تواضع رفعه الله ومن تجبر قصمه الله) أهانه وأذله . (تنبيه) في تذكرة العلم للبلقيني أن سبب موت أبي العباس الناشئ أنه كان في جماعة على شراب فجرى ذكر القرآن وعجيب نظمه فقال : كم تقولون لو شئت - وتكلم بكلام عظيم - فأنكروا عليه فقال : إيتوني بقرطاس ومحبرة فأخذه ودخل بيتا فانتظروه طويلا فلم يخرج فدخلوا فإذا هو ميت . - (البزار) في مسنده (عن طلحة) بن عبيد الله قال : كنا نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو صائم فأجهده الصوم فحلبنا له ناقة في قعب وصببنا عليه عسلا نكرمه به عند فطره فلما غابت الشمس
[ 105 ]
ناولناه فلما ذاقه قال بيده كأنه يقول ما هذا قلنا : لبنا وعسلا أردنا أن نكرمك به أحسبه قال أكرمك الله بما أكرمتني أو دعوة هذا معناها ثم ذكره قال الهيثمي : وفيه من لم أعرفه وقال شيخه الزين العراقي : فيه عمران بن هارون البصري قال الذهبي : شيخ لا يعرف حاله والحديث منكر . 8502 - (من اقتطع) أي أخذ أرضا باستيلاء عليها بغير حق قليلا كان أو كثيرا وتقييده بالشبر في رواية خرج مخرج [ ص 81 ] التقليل سواء كانت لمالك معين أو غيره كبيت المال كما في بعض شروح مسلم وسواء اقتطعها للتملك أو ليزرعها ويردها وفي رواية لمسلم من اقتطع حق امرئ وهو يشمل غير المالك كجلد ميتة وسرجين وحد قذف ونصيب زوجة في القسم وغير ذلك حال كونه ظالما (لقي الله وهو عليه غضبان) في رواية وهو عنه معرض والغضب كيفية نفسانية وهو بديهي التصور وقد عرف بتعريف لفظي فقيل هو تغير يحصل عند غليان دم القلب لإرادة الانتقام وهذا بإطلاقه محال على الله تقدس وكذا ما شاكله كفرح وخداع واستهزاء لكن لها غايات كإرادة الانتقام من المغضوب عليهم في الغضب فإطلاقها عليه سبحانه بذلك الاعتبار ، وأفاد إثبات الغصب في العقار فهو رد على أبي حنيفة في نفيه وخص الغضب بهذا العاصي مع أنه سبحانه غضبان على غيره من العصاة لأن الظالم لم يرض بنعمة الله وغضب عليه حق طمع في قسمة غيره فجوزي بالمثل . - (حم م عن وائل) بن حجر . 8503 - (من اقتنى) بالقاف (كلبا) أمسكه عنده للادخار (إلا كلب ماشية أو كلبا ضاريا) أي معلما للصيد معتاد له ومنه قول عمران لللحم ضراوة كضراوة الخمر أي من اعتاده لا يصبر عنه كما لا يصبر عن الخمر معتادها وروي ضاري بلغة من يحذف الألف من المنقوص حالة النصب وأو للتنويع لا للترديد (نقص من عمله) اي من أجر عمله ففيه إيماء إلى تحريم الإقتناء والتهديد عليه إذ لا يحبط الأجر إلا بسببه (كل يوم) من الأيام الذي اقتناه فيها (قيراطان) أي قدرا معلوما عند الله إما بأن يدخل عليه من السيئات ما ينقص أجره في يومه وإما بذهاب أجره في إطعامه لأن في كل كبد حراء أجر أو بغير ذلك ولا ينافيه خبر البخاري قيراط لأن من زاد حفظ ما لم يحفظه غيره أو أخبر أولا بنقص قيراط ثم زيد النقص أو ذلك منزل على حالتين كالقلة والكثرة أو خفة الضرر وشدته أو قيراط من عمل الليل وقيراط من عمل النهار أو قيراط فيما مضى من عمله وقيراط من مستقبله أو قيراط من عمل الفرض وقيراط من عمل النفل أو مختلف باختلاف الأنواع والبقاع فقيراطان بالحرمين وقيراط بغيرهما أو الزمنين بأن خفف الشارع أولا ثم لما بلغه أنهم يأكلون معها غلظ أو لغير ذلك ، ولو تعددت الكلاب فهل تتعدد القراريط كما في صلاة الجنازة أولا كما في غسلات الولوغ ؟ احتمالان وسبب النقص منع الملائكة من ولوج محله أو ضرر المارة أو الجار أو هو عقوبة للمقتني أو لتنجس الأواني أو لترويع الناس وتنجيسهم أو لغيرها قال بعض المتأخرين : والظاهر أن هذا القيراط دون القيراط في خبر من شهد
[ 106 ]
الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ، لأن هذا من قبيل المطلوب تركه وذلك من المطلوب فعله وعادة الشارع تعظيم الحسنات وتخفيف مقابلها كرما منه ، وأفاد حل اقتناء كلب لنحو ماشية وصيد وقيس به نحو حرس وزرع ودرب ودار بجامع الحاجة . - (حم ق ت عن ابن عمر) بن الخطاب . 8504 - (من أقر بعين مؤمن) أي فرحها وأسرها أو بلغها أمنيتها حتى رضيت وسكنت (أقر الله عينه يوم القيامة) جزاء وفاقا . - (ابن المبارك) في الزهد والرقائق (عن رجل) من التابعين (مرسلا) قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف . 8505 - (من أقرض ورقا) بفتح فكسر فضة (مرتين كان عدل صدقة مرة) وفي رواية لابن حبان في صحيحه من أقرض مسلما درهما مرتين كان له كأجر صدقة مرة وهذا الحديث تقدم ما يعارضه في حرف الدال ومر الجمع بحمل هذا على أن الصدقة أفضل من حيث الانتهاء والقرض أفضل من حيث الابتداء لما فيه من صون وجه من لم يعتد السؤال . - (هق عن ابن مسعود) ثم قال البيهقي : إسناده ضعيف ورواه بإسناد آخر قال الذهبي : فيه قيس مجهول وأبو الصباح [ ص 82 ] مجمع على ضعفه وهذا الحديث قد رواه ابن حبان في صحيحه كما تقرر فعدول المؤلف عن الصحيح وإيراد الضعيف من سوء التصرف اه‍ . 8506 - (من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا) لأن في الاكتحال به مزية للعين وتقوية للبصر ومدد للروح متصل ببصر العين فإذا اكتحل فذهبت الغشاوة وصل النفع إلى بصر الروح ووجد له راحة وخفة فإذا كان ذلك منه في ذلك اليوم نال البركة فعوفي من الرمد . - (هق) عن الحاكم عن عبد العزيز بن محمد عن علي بن محمد الوراق عن الحسين بن بشر عن محمد بن الصلت بن جويبر عن الضحاك (عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي : إسناده ضعيف بمرة قال : وجويبر ضعيف والضحاك لم يلق ابن عباس اه‍ . وقال الحاكم : منكر وأنا أبرأ إلى الله من عهدة جويبر فقال السخاوي : قلت بل هو موضوع وقال الزركشي : لا يصح فيه أثر وهو بدعة وقال ابن رجب في لطائف المعارف : كل ما روي في فضل الاكتحال والاختضاب والاغتسال فيه موضوع لا يصح وقال ابن حجر : حديث إسناده واه جدا وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من هذا الوجه بسند ليس فيه غير أحمد بن منصور وهو إسناد مختلف بهذا المتن قطعا اه‍ .
[ 107 ]
8507 - (من اكتوى أو استرقى فقد برئ من التوكل) لفعله ما يسن التنزه عنه من الاكتواء لخطره والاسترقاء بما لا يعرف من كتاب الله لاحتمال كونه شركا أو هذا فيمن فعل معتمدا عليها لا على الله فصار بذلك بريئا من التوكل فإن فقد ذلك لم يكن بريئا منه وقد سبق أن الكي لا يترك مطلقا ولا يستعمل مطلقا بل عند تعينه طريقا للشقاء وعدم قيام غيره مقامه مع مصاحبة اعتقاد أن الشفاء بإذن الله تعالى والتوكل عليه ، وقال ابن قتيبة : الكي نوعان كي الصحيح لئلا يعتل فهذا الذي قيل فيه من اكتوى لم يتوكل لأنه يريد أن يدفع القدر والقدر لا يدافع . والثاني كي الجرح إذا فسد والعضو إذا قطع فهو الذي شرع التداوي فيه فإن كان لأمر محتمل فخلاف الأولى لما فيه من تعجيل التعذيب بالنار لأمر غير محقق . - (حم ت ه ك عن المغيرة) بن شعبة ، قال الترمذي : حسن صحيح وصححه ابن حبان والحاكم . 8508 - (من أكثر من الاستغفار) وفي رواية للبيهقي من لزم الاستغفار (جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب) مقتبس من قوله تعالى * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) [ الطلاق : 2 ] لأن من داوم على الاستغفار وقام بحقه كان متقيا وناظرا إلى قوله تقدس * (استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا) [ نوح : 10 ] قال الحكيم : وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنب أو عيب ساعة فساعة والعذاب عذابان أدنى وأكبر فالأدنى عذاب الذنوب والعيوب فإذا كان العبد مستيقظا على نفسه فكلما أذنب أو أعتب أتبعهما استغفارا فلم يبق في وبالها وعذابها وإذا لها عن الاستغفار تراكمت ذنوبه فجاءت الهموم والضيق والعسر والعناء والتعب فهذا عذابه الأدنى وفي الآخرة عذاب النار وإذا استغفر تنصل من الهم فصار له من الهموم فرجا ومن الضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب . - (حم ك) في التوبة (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن فيه الحكم بن مصعب فيه جهالة اه‍ وقال في المهذب : مجهول وظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك بل خرجه أبو داود والنسائي في يوم وليلة قال الحافظ العراقي : وضعفه أبو حاتم وقال الصدر المناوي : فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به . [ ص 83 ] 8509 - (من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق) لأن في إكثار الذكر دلالة على محبته لله لأن من أحب شيئا أكثر من ذكره ومن أحبه فهو مؤمن حقا . - (طص عن أبي هريرة) وفيه موصل بن إسماعيل قال الذهبي في الذيل : قال البخاري : منكر الحديث وسهل بن أبي صالح أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة وقال ابن معين وغيره : ليس بقوي اه‍ . ورواه عنه أيضا البيهقي في الشعب .
[ 108 ]
8510 - (من أكثر ذكر الله أحبه الله تعالى) قال في الحكم : لا تترك الذكر لعدم حضورك مع الله فيه ، لأن غفلتك عن وجود ذكره أشد من غفلتك في وجود ذكره ، فعسى أن يرفعك من ذكر مع وجود غفلة إلى ذكر مع وجود يقظة ، ومن ذكر مع وجود يقظة إلى ذكر مع وجود حضور ، ومن ذكر مع وجود حضور إلى ذكر مع غيبة عما سوى المذكور * (وما ذلك على الله بعزيز) [ ابراهيم : 20 ] - (فر عن عائشة) وفيه أحمد بن سهل الواسطي قال الذهبي : قال الحاكم : له مناكير ونعيم بن مودع قال النسائي : غير ثقة . 8511 - (من أكرم القبلة) فلم يستقبلها ولم يستدبرها ببول ولا غائط احتراما لكونها جهة معظمة (أكرمه الله تعالى) أي في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما جزاءا وفاقا . - (قط عن الوضين بن عطاء مرسلا) وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه تقدم لكن يعضده ما رواه الدارقطني أيضا في سننه عن طاوس مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أتى أحدكم البراز فليكرم قبلة الله فلا يستقبلها ولا يستدبرها وما رواه الطبراني في تهذيب الآثار عن سراقة بن مالك مرفوعا إذا أتى أحدكم الغائط فليكرم قبلة الله فلا تستقبلوا القبلة وفيه أحمد بن ثابت الملقب فرخويه متهم . 8512 - (من أكرم امرءا مسلما فإنما أكرم الله تعالى) لفظ رواية الطبراني من أكرم أخاه المؤمن ، والقصد بالحديث الحث على تراحم المؤمنين وتعاطف بعضهم على بعض والتحذير من التدابر والتقاطع واحتقار المسلم والمحافظة على توقيره وتعظيمه والإحسان إليه بالقول والفعل . - (طس عن جابر) بن عبد الله قال في الميزان : خبر باطل اه‍ لكن قال الحافظ العراقي : حديث ضعيف وقال تلميذه الهيثمي : فيه بحر بن كثير وهو متروك اه‍ . 8513 - (من أكل لحما فليتوضأ) أي لحم إبل كما يرشد إليه بعض الروايات أو لحما مسته النار كما جاء في الأخبار من الأمر بالوضوء مما مسته وكيفما كان فالخبر منسوخ أو محمول على الندب . - (حم طب عن سهل بن الحنظلية) رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه سليمان بن أبي الربيع لم أر من ترجمه والقاسم بن عبد الرحمن مختلف في الاحتجاج به . 8514 - (من أكل الطين فكأنما) وفي رواية فإنما (أعان على قتل نفسه) لأنه ردئ مؤذ يسد مجاري العروق شديد البرد واليبس قوي التجفيف يمنع استطلاق البطن ويورث نفث الدم وقروح الدم ، وقد استدل بعض المجتهدين على ذهابه إلى تحريم أكل الطين بقوله تعالى * (كلوا مما في الأرض) [ البقرة : 168 ] وما قال كلوا الأرض قال الحرالي : والطين متخمر الماء والتراب . - (طب عن سلمان) قال الهيثمي : فيه يحيى بن يزيد الأهوازي جهله الذهبي وبقية رجاله رجال الصحيح اه‍ وفي الميزان :
[ 109 ]
يحيى بن يزيد الأهوازي حديثه في أكل الطين لم يصح والرجل لا يعرف اه‍ وقال ابن حبان : الحديث باطل ، وكذا قال الخطيب وقال ابن الجوزي : موضوع وقال الرافعي : أخبار النهي عن أكل الطين لا يثبت منها شئ وقال ابن حجر : جمع ابن منده فيها جزءا [ ص 84 ] ليس فيه ما يثبت وعقد لها البيهقي بابا ، وقال : لا يصح منها شئ وقال المصنف في الدرر تبعا للزركشي : أحاديثه لا تصح وقضية صنيع المصنف أنه مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه والأمر بخلافه فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن أبي هريرة . 8515 - (من أكل ثوما) بضم الثاء المثلثة (أو بصلا) أي نيئا من جوع أو غيره كما في لفظ رواية البخاري (فليعتزلنا أو ليعتزل) شك من الراوي (مسجدنا) أيها المسلمون أي الأماكن المعدة للصلاة ، فالمراد بالمسجد الجنس كما يدل عليه رواية أحمد مساجدنا فالإضافة للملابسة أو تقديره مسجد أهل ملتنا ، وأما ما قيل الإضافة تفيد أن النهي خاص بمسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم أو المسجد الذي فرضه للصلاة فيه يوم خيبر فقد تعقبوه بأن علة النهي تأذي الملائكة وذا شامل للمصلي منفردا وقضيته ترك الصلاة إلى التنصل من الرائحة وذلك قد يفضي بخروج الوقت وهو محرم فلزم إما جواز تأخير الصلاة إلى خروج الوقت أو حرمة أكل ذلك لأن ما أفضى لمحرم يحرم وكل منهما منتف والجواب أن أداء الصلاة في الوقت فرض والفرض لا يترك عند اجتماعه بمحرم وبأن المراد بالملائكة الملائكة الذين مع المصلي فإنه لا بد أن يكون معه من ملائكة ينوي بهم عند التسليم عن يمينه وشماله فلا يلزم من كون الجماعة متروكة بتأذي جمع من المؤمنين مع ملائكتهم كون الصلاة متروكة بتأذي ملائكة المصلي وحده ، وألحق بهذين كل ما آذى ريحه كالكراث وأخذ منه أن كل من به ما يؤذي الناس كجذام وبرص وبخر وجراحة نضاحة وذات ريح تؤذي ونحو سماك وزبال وقصاب يمنع من المسجد ، وقال ابن عبد البر : ومنه يؤخذ أن من آذى الناس بلسانه يمنع من المسجد إلا أن ما ذكر من منع الأجذم وما معه نازع فيه ابن المنير بأن أكل الثوم أدخل في نفسه المانع اختيارا بخلاف أولئك وأشار ابن دقيق العيد إلى أن هذا كله توسع غير مرضي (وليقعد) بواو العطف وفي رواية أو ليقعد (في بيته) بالشك وهو أخص من الاعتزال لأنه أعم من أن يكون في البيت أو غيره ، وقيل إنه تأكيد لما قبله على وجه المبالغة . (تنبيه) قال في الفتح : حكم رحبة المسجد وما قرب منها حكمه . - (ق) في الصلاة (عن جابر) بن عبد الله قال : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم والبصل والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منها فذكره ورواه عنه أيضا أبو داود والنسائي قال المصنف : وهو متواتر 8516 - (من أكل بالعلم) يعني اتخذ علمه ذريعة إلى جلب المال والتكالب على جمعه رجاء أن يقضي من الدنيا وطره ويتنعم بأكل الطيبات (طمس الله على وجهه) وفي رواية الديلمي طمس الله عز وجل عينيه (ورده على عقبيه وكانت النار أولى به) وإن انتفع الناس بعلمه لأن ما أفسد بعلمه أكثر مما
[ 110 ]
أصلحه بقوله إذ لا يستجرى الجاهل على الرغبة في الدنيا إلا باستجراء العالم واتخاذهم العلم مجلبة لحطامها فقد صار علمه سببا لجرأة عباد الله على معاصيه ونفسه الجاهلة مع ذلك تمنيه وترجيه وتخيل له أنه خير من كثير من الناس وبذلك ينقطع عن التوبة فيخاف عليه سوء الخاتمة فإياك يا مسكين أن تذعن لتزويره وتتدلى بحبل غروره قال حجة الإسلام : والعلم النافع مما يزيد الخوف من الله والبصيرة بعيوب النفس ويقلل الرغبة في الدنيا ويزيد الرغبة في الآخرة ويطلع على مكائد الشيطان وغروره وكيفية تلبيسه على علماء الشر حتى عرضهم لمقت الله وسخطه حيث أكلوا الدنيا بالدين واتخذوا العلم ذريعة إلى أخذ الأموال من السلاطين وأكل أموال الأوقاف واليتامى والمساكين وصرف هممهم طول نهارهم الى طلب الجاه والمنزلة في قلوب الخلق واضطرهم ذلك إلى المماراة والمنافسة والمباهاة - إلى هنا كلام الحجة . - (الشيرازي) في الألقاب (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي . [ ص 85 ] 8517 - (من أكل فشبع وشرب فروى) بفتح فكسر (فقال الحمد لله الذي أطعمني وأشبعني وسقاني وأرواني خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) أي كحاله وقت ولادة أمه له في كونه لا ذنب له والظاهر أن المراد الصغائر لا الكبائر كنظائره وفي رواية لأبي داود عن أنس مرفوعا من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذ الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، وفي الحديث دليل على جواز الشبع ورد على من كرهه من الصوفية والمكروه منه ما يزيد على الاعتدال وهو الأكل بكل البطن حتى لا يترك للماء ولا للنفس مساغا وحينئذ قد ينتهي إلى التحريم . - (ع وابن السني عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي : فيه من لم أعرفه وقال ابن حجر : سنده ضعيف اه‍ . ووجهه أن فيه محمد بن إبراهيم الشامي قال الذهبي في الضعفاء : قال ابن حبان : يضع الحديث وحرب بن شريح قال أعني الذهبي : لينه بعضهم . 8518 - (من أكل قبل أن يشرب) في الصوم (وتسحر ومس شيئا من الطيب) أي في ليل الصوم (قوي على الصيام) لأن الطيب غذاء الروح . - (هب عن أنس) بن مالك . 8519 - (من أكل من قصعة) بفتح القاف ، أي من أكل طعاما من آنية قصعة أو غيرها (ثم لحسها) تواضعا واستكانة وتعظيما لما أنعم الله به عليه وصيانة لها عن الشيطان (استغفرت له القصعة) لأنه إذا
[ 111 ]
فرغ من طعامه لحسها الشيطان فإذا لحسها الإنسان فقد خلصها من لحسه فاستغفرت له شكرا بما فعل ولا مانع شرعا ولا عقلا من أن يخلق الله في الجماد تمييزا ونطقا أو ذلك كناية عن حصول المغفرة له ابتداء لأنه لما كان حصول المغفرة بواسطة لحسها جعلت كأنها طلبت له المغفرة وقال القاضي : معناه أن من أكل فيها ولحسها تواضعا واستكانة وتعظيما لما أنعم الله عليه من رزق وصيانة عن التلف غفر له ولما كانت المغفرة بسبب لحس القصعة جعلت كأنها تستغفر له وتطلب المغفرة لأجله ، لا يقال التسمية عند الأكل دافعة للشيطان فلا حاجة إلى لحسها لدفعه لأنا نقول هو إذا سمى على أكله ثم رفض ما بقي ذهب سلطان التسمية وحراسته فإذا استقصى لحسها شكرت له فسألت ربها المغفرة وهي الستر لذنوبه حيث سترها قال زين الحفاظ : وإذا سلت الطعام بأصبعه كان لاحسا للقصعة بواسطة الأصبع خلافا لما زعمه ابن العربي من أن اللحس إنما يكون بلسانه قال في المطامح : وشرب الماء الذي يغسل به القصعة لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ما يفعله أجلاف المريدين من بيعه والنداء عليه فبدعة وضلالة . - (حم ت ه) في الأطعمة (عن نبيشة) بمعجمة مصغرا ابن عبد الله الهذلي ويقال له نبيشة الخير وقيل هو ابن عمرو بن عوف الهذلي وكذا رواه عنه الدارمي وابن شاهين والحكيم وغيرهم وقال الترمذي : غريب وكذا قال الدارقطني . 8520 - (من أكل مع قوم تمرا) لفظ رواية ابن حبان من تمر وهم شركاء فيه (فلا يقرن) تمرة بتمرة ليأكلهما معا (إلا أن يأذنوا له) فلا نهي قال النووي : اختلف في النهي هل هو للتحريم أو للكراهة والصواب التفصيل فإن كان الطعام مشتركا لم يجز القران إلا بإذن صريح أو ما يقوم مقامه من قرينة قوية تغلب ظن الرضى وإن كان له وحده فالأدب [ ص 86 ] تركه ككلما يقتضي الشره إلا أن يكون مستعجلا يريد به الإسراع لشغل آخر قال : وقول الخطابي المنع كان في زمن قلة العيش وأما الآن فلا حاجة للاستئذان مردود إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب لو ثبت كيف وهو غير ثابت اه‍ . قال ابن حجر : ولعل النووي أشار إلى ما أخرجه ابن شاهين والبزار في تفسيره عن بريد رفعه كنت نهيتكم عن القران في التمر وإن الله وسع عليكم فأقرنوا ، فإن في إسناده ضعفا ، وقد حكى الحازمي الإجماع على جواز القران أي للمالك أو للمأذون قال ابن حجر : وفي معنى التمر الرطب والزبيب والعنب ونحوها لوضوح العلة الجامعة . - (طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ من أكل مع قوم من تمر فلا يقرن فإذا أراد أن يفعل ذلك فليستأذنهم فإن أذنوا فليفعل . 8521 - (من أكل من هذه اللحوم فليغسل يده من ريح وضره) بفتح الواو والضاد المعجمة ، أي دسمه وزهومته يعني يزيل رائحة ذلك بالغسل بالماء وبغيره لكن بعد لعق أصابعه كما تقدم حيازة لبركة الطعام كما تقدم (لا يؤذي من حذاءه) من الآدميين أو الملائكة فترك غسل اليد من الطعام مكروه لتأذي الحافظين به . - (ع عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه الوازع بن نافع وهو متروك وقال
[ 112 ]
الحافظ العراقي وتبعه القسطلاني : في سنده ضعيف وذلك لأن فيه محمد بن سلمة فإن كان ابن كهيل ففي الضعفاء للذهبي : واهي الحديث ، أو البناني فتركه ابن حبان عن الوازع بن نافع قال أحمد وغيره : غير ثقة . 8522 - (من أكل طيبا) أي حلالا (وعمل في) موافقة (سنة) نكرها لأن كل عمل يفتقر إلى معرفة سنة وردت فيه (وأمن الناس بوائقه) أي دواهيه جمع بائقة وهي الداهية والمراد الشرور كالظلم والغش والإيذاء كذا قرره التوربشتي ، قال الطيبي : وأراد أن سنة نكرة وضعت موضع المعرفة لإرادة استغراق الجنس بحسب أفراده وفائدته أن كل عمل وردت فيه سنة ينبغي رعايتها حتى قضاء الحاجة وإماطة الأذى (دخل الجنة) أي من اتصف بهذه الخصلة استحق دخولها مع الفائزين الأولين أو بدون عذاب وإلا فمن لا يعمل بالسنة وكان شريرا خبيثا ومات على الإسلام يدخلها بعد العذاب أو العفو . وهذا الحديث له عند مخرجه الترمذي تتمة وهي قال رجل : يا رسول الله إن هذا اليوم في الناس لكثير قال : وسيكون في قرون بعدي اه‍ . بنصه - (ت) قبيل باب صفة الجنة (ك) في الأطعمة (عن أبي سعيد) الخدري ، قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه سألت محمدا يعني البخاري عنه فلم يعرف اسم أبي بشير أحد رواته وعرفه من وجه آخر وضعفه اه‍ ، وقال ابن الجوزي : قال أحمد : ما سمعت بأنكر من هذا الحديث . 8523 - (من ألطف مؤمنا أو خف له في شئ من حوائجه صغر أو كبر كان حقا على الله أن يخدمه) بضم فسكون وكسر الدال أي يجعل له خدما (من خدم أهل الجنة) يتولون خدمته جزاء ومكافأة على خدمته لأخيه في دار الدنيا * (إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا) [ الكهف : 30 ] وهذا إبانة عن عظيم فضل قضاء حوائج الناس . - (البزار) في مسنده (عن أنس) ابن مالك قال الهيثمي : فيه يعلى بن ميمون وهو متروك . [ ص 87 ] 8524 - (من ألف المسجد) أي تعود القعود فيه لنحو اعتكاف وصلاة وذكر الله عز وجل وتعلم أو تعليم علم شرعي ابتغاء وجه الله تعالى (ألفه الله تعالى) أي آواه إلى كنفه وأدخله في حرز حفظه . قال الراغب : الألف الاجتماع مع القيام يقال ألفت بينهم ومنه الألفة ويقال المألوف ألف وأليف وألوف ما جمع من أجزاء مختلفة ورتبت ترتيبا قدم فيه ما حقه أن يقدم وآخر فيه ما حقه أن يؤخر . (فائدة) قال مالك بن دينار : المنافقون في المساجد كالعصافير في القفص ، وكان أبو مسلم الخولاني يكثر الجلوس في المساجد
[ 113 ]
ويقول : المساجد مجالس الكرام . - (طص عن أبي سعيد) الخدري ، قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف وعزاه إلى الأوسط لا الأصغر وقال تلميذه الهيمثي : فيه ابن لهيعة وهو ضعيف . 8525 - (من ألقى) لفظ رواية ابن عدي من خلع (جلباب الحياء فلا غيبة له) يعني المجاهر المتظاهر بالفواحش لا غيبة له إذا ذكر بما فيه فقط ليعرف فيحذر . قال في الفردوس : الجلباب الإزار وقيل كل ما يستتر به من الثوب وهذا فيمن أظهره وترك الحياء فيه لأن النهي عن الغيبة إنما هو لإيذائه المغتاب بما لم يعيبه من شئ ظهر شينه فهو يستره ويكره إضافته له فلا يقدر على التبري منه وأما من فضح نفسه بترك الحياء فهو غير مبال في ذكره لم يلحقه منه أذى فلا يلحقه وعيد الغيبة وهي ذكر العيب بظهر الغيب . - (هق) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك ، قال البيهقي : في إسناده ضعف وإن صح حمل على فاسق معلن بفسقه اه‍ ، وقال الذهبي : أبو سعيد الساعدي أحد رجاله مجهول ، وفي الميزان ليس بعمدة ثم أورد له هذا الخبر . قال الحافظ العراقي : ورواه عنه أيضا ابن عدي وابن حبان في الضعفاء وأبو الشيخ [ ابن حبان ] في الثواب بسند ضعيف . 8526 - (من أماط الأذى) من نحو شوك وحجر (من طريق المسلمين) المسلوك (كتب له) به (حسنة ومن تقبلت منه حسنة دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب على ما مر نظيره . - (خد) من حديث المستنير بن الأخضر بن معاوية بن قرة عن أبيه عن جده (عن معقل بن يسار) قال معاوية : كنت مع معقل في بعض الطرقات فمر بأذى فأماطه فرأيت مثله فنحيته فقال : ما حملك على ذلك قلت : رأيتك صنعت فصنعت فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي : سنده حسن اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 8527 - (من أم قوما) أي صلى بهم إماما (وهم له كارهون) لمعنى مذموم فيه شرعا فإن كرهوه لغير ذلك فلا كراهة في حقه بل الملام عليهم (فإن صلاته لا تجاوز ترقوته) أي لا ترفع إلى الله رفع العمل الصالح بل أدنى شئ من الرفع كما سلف تقريره . - (طب) من حديث شهر بن حوشب عن أبي عبد الرحمن الصعاني (عن جنادة) بضم الجيم وخفة النون ابن أبي أمية الأزدي قال الحافظ في الإصابة : سنده ضعيف . 8528 - (من أم الناس فأصاب الوقت) أي وقعت الصلاة بهم في الوقت (وأتم الصلاة) بأن
[ 114 ]
أوقعها بشروطها وأركانها (فله ولهم) أي فله ثوابها ولهم ثوابها (ومن انتقص من ذلك شيئا) بأن كان في صلاته خلل ككونه جنبا أو محدثا أو ذا نجاسة خفيفة [ ص 88 ] أو أخل ببعض الأركان الحقيقية (فعليه ولا عليهم) أي فعليه الوزر ولهم الثواب لا عليهم الإثم إذ لا تقصير منهم وهو المجازف . - (حم د ه ك) وقال : على شرط البخاري (عن عقبة بن عامر) الجهني ، قال عبد الحق : فيه يحيى بن أيوب لا يحتج به وقال ابن القطان : لولا هو لكنا نقول الحديث صحيح وقال الذهبي في المهذب : تابعه ابن أبي حازم عن حرملة . 8529 - (من أم قوما وفيهم من هو أقرأ منه لكتاب الله وأعلم لم يزل في ثفال) بكسر الثاء المثلثة وفتح الفاء أي هبوط (إلى يوم القيامة) . - (عق) من حديث الهيثم بن عقاب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال في الميزان : والهيثم بن عقاب لا يعرف وقال عبد الحق : مجهول وقال العقيلي : حديث غير محفوظ ثم ساق له هذا الخبر فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه العقيلي خرجه وسلمه غير جيد . 8530 - (من أمركم من الولاة) أي ولاة الأمور (بمعصية فلا تطيعوه) أن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق * (والله أحق أن ترضوه) [ التوبة : 13 ] - (حم ه ك عن أبي سعيد) الخدري ، قال : كنا في سرية عليها عبد الله بن حذافة وكان من أهل بدر وفيه دعابة فنزل منزلا فأوقد القوم نارا يصطلون فقال : أليس لي عليكم السمع والطاعة ؟ قالوا : بلى قال : فإني أعزم عليكم إلا تواثبتم في النار فقام ناس فتحجزوا حتى ظن أنهم واقعون فيها قال : أمسكوا فإنما كنت أضحك معكم فلما قدموا ذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . 8531 - (من أمر بمعروف فليكن أمره بمعروف) أي برفق ولين فإنه أدعى للقبول . - (هق) من طريق الحاكم (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه سلام بن ميمون الخواص أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن حبان : بطل الاحتجاج به وقال أبو حاتم : لا يكتب حديثه ووثقه ابن معين عن زافر قال ابن عدي : لا يتابع على حديثه عن المثنى بن الصباح ضعفه ابن معين وقال سهل متروك عن عمرو بن شعيب مختلف فيه . 8532 - (من أمسى كالا من عمل يديه أمسى مغفورا له) ولهذا كان نبي الله داود لا يأكل إلا
[ 115 ]
من عمل يده والأحاديث الدالة على طلب الكسب كثيرة وورد أنه كان أخوان في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم أحدهما يحترف والآخر لا يحترف فشكا المحترف أخاه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : لعلك ترزق به ، وفيه أن الكسب لا ينافي التوكل أي حيث أيقن بالله ووثق بقضائه وقد ظاهر المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم في الحرب بين درعين ولبس المغفر وأقعد الرماة على فم الشعب وخندق حول المدينة وهاجر وأمر بالهجرة وتعاطى أسباب الأكل والشرب وادخر لأهله قوتهم ولم ينتظر أن ينزل عليهم من السماء وقال اعقل وتوكل . - (طس) وكذا ابن عساكر (عن ابن عباس) قال الحافظ الزين العراقي : سنده ضعيف وقال تلميذه الهيثمي : فيه جماعة لم أعرفهم . 8533 - (من أمسك بركاب أخيه المسلم) حتى يركب أو هو راكب فمشى معه (لا يرجوه ولا يخافه) بل إكراما لله تعالى لكونه نحو عالم أو صالح أو شريف (غفر له) أي الصغائر ، وكم له من نظائر . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه حفص [ ص 89 ] ابن عمر المازني ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 8534 - (من انتسب إلى تسعة آباء كفار (1) يريد بهم) يعني يريد بالانتساب إليهم (عزا وكرما) لفظ رواية أحمد وأبو يعلى فيما وقفت عليه من النسخ وكرامة بدل كرما (كان عاشرهم في النار) أي نار جهنم ، لأن من أحب قوما حشر في زمرتهم ومن افتخر بهم فقد أحبهم وزيادة ، وهذا نهي شديد عن لافتخار بالكفرة لكن محل ذلك كما قاله ابن حجر ما إذا أورده على طريق المفاخرة والمشاجرة والظاهر أن مراده بهذا العدد التكثير لا التحديد . - (حم) وكذا أبو يعلى بهذا اللفظ من هذا الوجه (عن أبي ريحانة) أبو ريحانة اثنان مدني وسعدي فكان ينبغي تمييزه قال الهيثمي : رجاله ثقات ، ومن ثم رمز المصنف لحسنه وقال ابن حجر في الفتح : إسناده حسن . - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) انظر حكمة التقييد بهذا العدد هل له حكمة أو لا مفهوم له ، فمتى قصد بالانتساب إلى الكفار الافتخار كان الحكم كذلك ، كما يشير إليه بقوله يريد بهم عزا إلخ ؟ . والظاهر أن المراد الزجر والتنفير عن الافتخار بهم . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8535 - (من انتقل) أي تحول وارتحل من بلده أو محله إلى محل آخر (ليتعلم علما) من العلوم الشرعية (غفر له) ما تقدم من الصغائر (قبل أن يخطو) خطوة من موضعه إذا أراد بذلك وجه الله تعالى ويتعين الانتقال لتعلم الفروض العينية . - (الشيرازي) في الألقاب (عن عائشة) ورواه عنها ابن شاهين والديلمي .
[ 116 ]
8536 - (من انتهب) أي أخذ ما لا يجوز له أخذه قهرا جهرا (فليس منا) أي على طريقتنا وليس من العاملين بعملنا المطيعين لأمرنا فأخذ المرء مال المعصوم بغير إذنه ولا علم رضاه حرام شديد التحريم بل يكفر مستحله ولو قضيبا من أراك ، ومن هذا كره مالك - وطائفة - النهب في نثار العرس لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية والنهب يقتضي خلافها وإما أن يحمل على أنه علق التملك على ما يحصل لكل أحد ففي صحته خلاف . - (حم ت والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك (حم د ه والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الديلمي : وفي الباب عمران بن حصين وغيره . 8537 - (من أنظر معسرا) أي أمهل مديونا فقيرا من المنظرة قال الحرالي : وهي التأخير المرتقب نجازه (أو وضع عنه) أي حط عنه من دينه وفي رواية أبي نعيم أو وهب له أو وضع عنه (أظله الله في ظله) أي وقاه الله من حر يوم القيامة على سبيل الكناية أو أظله في ظل عرشه حقيقة أو أدخله الجنة (يوم لا ظل إلا ظله) أي ظل الله والمراد به ظل الجنة وإضافته لله إضافة ملك وجزم جمع بالأول فقالوا : المراد الكرامة والحماية من مكاره الموقف وإنما استحق المنظر ذلك لأنه آثر المديون على نفسه وأراحه فأراحه الله والجزاء من جنس العمل . - (حم م) في حديث طويل وكذا ابن ماجه (عن أبي اليسر) . 8538 - (من أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته) إلى أن يتوب فيقبل توبته ولا يعاجله بعقوبة ذنبه ولا يميته فجأة قبل التوبة جزاءا وفاقا قال ابن العربي : هذا إذا أنظره من قبل نفسه لا بأمر حاكم فإن رفعه حتى أثبت لم يكن له ثواب ، وقد أمر الله بالصبر على المعسر في قوله * (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة) [ البقرة : 280 ] فمتى علم رب الدين عسره حرم [ ص 90 ] مطالبته وإن لم يثبت عسره عند القاضي وإبراؤه أفضل من إنظاره على الأصح لأن الإبراء يحصل مقصود الإنظار وزيادة ولا مانع من أن المندوب يفضل الواجب أحيانا نظرا للمدارك . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : وفيه الحكم بن الجارود وقد ضعفه الأزدي وشيخ الحاكم وشيخ شيخه لم أعرفهما . 8539 - (من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة قبل أن يحل الدين فإذا حل الدين فأنظره فله
[ 117 ]
كل يوم مثلاه صدقة) قال السبكي : وزع أجره على الأيام يكثر بكثرتها ويقل بقلتها وسره ما يقاسيه المنظر من ألم الصبر مع تشوق القلب لماله فلذلك كان ينال كل يوم عوضا جديدا . وقد تعلق بهذا من ذهب إلى أن إنظاره أفضل من إبرائه فإن أجره وإن كان أوفر لكنه ينتهي بنهايته . - (حم ه ك عن بريدة) قال الدميري : انفرد به ابن ماجه بسند ضعيف وقال الحافظ العراقي : سنده ضعيف وقال الذهبي في المهذب : إسناده صالح وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 8540 - (من أنعم عليه بنعمة فليحمد الله) عليها لأنه يحط عنه غب الواجب ويصون نفسه عن الكفران وترتبط به النعمة ويستمد المزيد ، وقيل الحمد والشكر قيد للنعمة الموجودة وقيد للنعمة المفقودة (ومن استبطأ الرزق فليستغفر الله) فإن الاستغفار يجلب الرزق وييسره * (استغفروا ربكم إنه كان غفارا ، يرسل السماء عليكم مدرارا) [ نوح : 10 و 11 ] (ومن حزبه أمر فليقل لا حول ولا قوة إلا بالله) . - (هب) من حديث سعيد بن داود الزبيدي عن ابن أبي حازم عن عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه (عن) جده (علي) أمير المؤمنين قال ابن أبي حازم وعبد العزيز كنا جلوسا فدخل الثوري فقال له جعفر إنك رجل يطلبك السلطان وأنا يتبعني السلطان فقم غير مطرود قال سفيان فحدث لا قوم قال جعفر أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره ثم قام فناداه جعفر يا سفيان خذهن ثلاث وأي ثلاث وأشار بأصبعيه اه‍ . وظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه ببيان حاله فقال : تفرد به الزبيدي عنه والمحفوظ أنه من قول جعفر وقد روي من وجه آخر ضعيف اه‍ والزبيدي هذا أورده الذهبي في الضعفاء وقالوا : ضعفه أبو زرعة وغيره وعبد العزيز قال أبو زرعة يسئ الحفظ . 8541 - (من أنعم الله عليه بنعمة فأراد بقاءها فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله) تمامه عند مخرجه الطبراني ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم * (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) [ الكهف : 39 ] - (طب عن عقبة بن عامر الجهني) قال الهيثمي : فيه خالد بن نجيح وهو كذاب . 8542 - (من أنفق نفقة في سبيل الله) أي في جهاد أو غيره من وجوه القرب (كتبت له سبعمائة ضعف) أخذ منه بعضهم أن هذا نهاية التضعيف ورد بآية * (والله يضاعف لمن يشاء) [ البقرة : 261 ] - (حم ت ن ك) كلهم في الجهاد (عن خزيم) بضم الخاء وفتح الزاي المعجمتين هاء (ابن فاتك)
[ 118 ]
الأسدي شهد الحديبية وهو خزيم بن الأخزم بن شداد بن عمرو بن فاتك نسبة لجده ولم يصح أنه شهد بدرا قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الترمذي : حسن وإنما يعرف من حديث الركين بن الربيع . [ ص 91 ] 8543 - (من أهان قرشيا) القبيلة المعروفة (أهانه الله) أي من أحل بأحد من قريش هوانا جازاه الله بمثله وقابل هوانه بهوانه ولكن هوان الله أشد وأعظم ، وجاء في رواية عند الطبراني عن أنس تقييده بقبل موته قال الحرالي : والإهانة الإطراح إذلالا واحتقارا . - (حم ك) في المناقب وكذا الطبراني وأبو يعلى والبزار كلهم (عن عثمان) قال الهيثمي : رجالهم ثقات وفي الحديث قصة ورواه الترمذي باللفظ المزبور وكأن المصنف ذهل عنه . 8544 - (من أهل بعمرة من بيت المقدس غفر له) قال الطيبي : إنه لا إهلال أفضل وأعلى من ذلك لأنه أهل من أفضل البقاع ثم انتهى إلى الأفضل أي مطلقا فلا غرو أن يعامل معاملة الأفضل فيغفر له وهذا يستثنى من الأمر بالإحرام من الميقات وتفضيله على الإحرام من دويرة أهله لهذا الوعد العظيم وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند أبي داود " ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة " اه‍ فحذفه غير جيد . - (ه عن أم سلمة) رمز لحسنه وفيه محمد بن إسحاق وفيه كلام ولفظ رواية ابن ماجه فيما وقفت عليه " كانت كفارة لما قبلها من الذنوب " ثم إن عزوه لابن ماجه يؤذن بأن تفرد به عن الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود باللفظ المزبور عن أم سلمة وكأن رمز المصنف بالهاء سبق قلم من الدال ثم إن فيه يحيى بن سفيان الخنسي قال أبو حاتم : ليس يحتج به وقال الذهبي : وثق وقال المنذري : اختلف فيه يعني في إسناده ومتنه . 8545 - (من بات) يعني نام (على طهارة) من الحدثين (ثم مات من ليلته) تلك (مات شهيدا) أي يكون من شهداء الآخرة لأن النفوس تعرج الى الله في منامها فما كان طاهرا سجد تحت العرش وما كان غير طاهر تباعد في سجوده ، هكذا رواه الحكيم وغيره وفي رواية لا يؤذن له في السجود فإذا بات طاهرا ومات تحت العرش حصل على ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر قال الزمخشري : البيتوتة خلاف الظلول وهي أن يدرك الليل نمت أو لم تنم والظاهر أن المراد إحياء الليل أو أكثره فإن من لازمه الطهارة الحسية أو المعنوية يقال فلان يظل صائما ويبيت قائما اه‍ . - (ابن السني عن أنس) . 8546 - (من بات كالا من طلب) الكسب (الحلال بات مغفورا له) لأن طلب كسب الحلال من أصول الورع وأساس التقوى . - (ابن عساكر عن أنس) بن مالك .
[ 119 ]
8547 - (من بات) أي نام وعبر بالبيتوتة لكون النوم غالبا إنما هو ليلا (على ظهر بيت) يعني مكان (ليس عليه حجار) أي حائط مانع من السقوط والحجرة المنع وفي رواية حجاب أي ستر تشبيه بالحجر الذي هو العقل المانع من الوقوع في الهلكة وفي رواية حجاب بالباء وهو الذي يحجب الإنسان من الوقوع وفي أخرى حجاز وهو ما حجز به من نحو حائط يعني من نام على سطح لا سترة له تمنعه من السقوط (فقد) تصدى للهلاك (برئت منه الذمة) أي أزال عصمة نفسه وصار كالمهدر الذي لا ذمة له فربما انقلب من نومه فسقط فمات هدرا من غير تأهب ولا استعداد للموت قال الزمخشري : وذلك لأن لكل أحد ذمة من الله بالكلاءة فإذا ألقى بيده إلى الهلكة فقد خذلته ذمة الله وتبرأت منه . - (خد د) في الأدب (عن علي بن شيبان) الحنفي اليماني له وفادة رمز لحسنه وفيه كما قال الذهبي : أبو عمران [ ص 92 ] الجوني لا يعرف وفيه عبد الرحمن بن علي هذا قال ابن القطان : هو مجهول . 8548 - (من بات) وفي رواية من نام (وفي يده غمر) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء : ريح لحم أو دسمه أو وسخه ، زاد أبو داود ولم يغسله (فأصابه شئ) أي إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه) لتعرضه لما يؤذيه من الهوام بغير فائدة وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده في المنام لريح الطعام فتؤذيه . - (خد ت) في الزهد (ك) كلهم (عن أبي هريرة) وقضية تصرف المؤلف أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل رواه أبو داود قال ابن حجر : بسند صحيح على شرط مسلم عن أبي هريرة رفعه من بات وفي يده غمر لم يغسله فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه اه‍ . فزاد على الترمذي قوله ولم يغسله مع صحة إسناده فالقاعدة عندهم أن أبا داود مقدم في العرف إليه على الترمذي فإهماله العزو إليه مع صحة إسناده وزيادة متنه من سوء التصرف . 8549 - (من بات) وفي رواية من نام (وفي يده ريح غمر) محركا (فأصابه وضح) بفتح الواو والضاد المعجمة جميعا بعدهما حاء مهملة (فلا يلومن إلا نفسه) لتمكينه الشيطان من نفسه بإتيانه ما يتجسس له به ، والوضح عبارة عن سوء مزاج يحصل بسببه فساد بلغم يضعف القوة . - (طس) وكذا البزار (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي : إسناده حسن وسبقه لتحسينه المنذري . 8550 - (من باع دارا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها) لأنها ثمن الدنيا المذمومة وقد
[ 120 ]
خلق الله الأرض وجعلها مسكنا لعباده وخلق الثقلين ليعبدوه وجعل ما على الأرض زينة لهم * (لنبلوهم أيهم أحسن عملا) [ الكهف : 7 ] فصارت فتنة لهم * (إلا من رحم ربك) [ هود : 119 ] فعصمه وصارت سببا للمعاصي فنزعت البركة منها فإذا بيعت وجعل ثمنها متجرا لم يبارك له في ثمنها ولأنه خلاف تدبيره تعالى في جعل الأرض مهادا . وأما إذا جعل ثمنها في مثلها فقد أبقى الأمر على تدبيره الذي هيأه له فيناله من البركة التي بارك فيها فالبركة مقرونة بتدبيره تعالى لخلقه . قال الطيبي : وبيع الأراضي وصرف ثمنها إلى أرض أو دار قال الحرالي : والبيع رغبة المالك عما في يده إلى ما في يد غيره . - (ه) في الأحكام (والضياء) المقدسي (عن حذيفة) بن اليمان ورواه عنه أيضا الطبراني وغيره . قال الهيثمي : وفيه الصباح بن يحيى وهو متروك ورواه عنه أحمد وغيره وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وقد ضعفوه ورواه عنه أيضا ابن ماجه عن سعيد بن حريث من باع منكم دارا أو عقارا قمن - بالقاف - أن لا يبارك له إلا أن يجعله في مثله وقال المصنف : هذا متواتر كذا قال . 8551 - (من باع عيبا) أي معيوبا كضرب الأمير مضروبه (لم يبينه) أي لم يبين البائع للمشتري ما فيه من العيوب (لم يزل في مقت الله) أي غضبه الشديد ، والمقت أشد الغضب (ولم تزل الملائكة تلعنه) لأنه غش الذي ابتاع منه ولم ينصح ، قال الطيبي : قد تقرر في علم المعاني أن المصدر إذا وضع موضع الفاعل أو المفعول كان للمبالغة كرجل عدل أي هو مجسم من العدل ، جعل المعيب نفس العيب دلالة على شناعة هذا البيع وأنه عين العيب ولذلك لم يكن من شيم المسلمين كما قال في الحديث المتقدم : فإن غش فليس منا أو يقدر ذا عيب ، والتنكير للتقليل ، وفي قوله في مقت الله مبالغتان فإن المقت أشد الغضب وجعله ظرفا له . هذا ما وقفت عليه في نسخ الكتاب وهو الموجود في المصابيح والمشكاة وغيرهما والذي رأيته في سنن ابن ماجه من باع عبدا بعيب ولم يبينه لم يزل في مقت الله اه‍ . وأيا ما كان فيه من باع شيئا فعلم أنه معيب يجب عليه وكذا على كل من علم به إعلام المشتري بأن يريه إن أمكن رؤيته أ يخبره به إن لم [ ص 93 ] يمكن . - (ه) من حديث ابن سباع (عن واثلة) بن الأسقع قال أبو سباع : اشتريت ناقة من دار واثلة فلما خرجت بها أدركني يجر رداءه قال : اشتريت ؟ قلت : نعم . قال : هل بين لك ما فيها ؟ قلت : وما فيها ؟ إنها لظاهرة الصحة . قال : أردت بها لحما أو سفرا ؟ قلت : بل الحج قال : فإن بخفها نقبا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الوهاب بن الضحاك قال في الكاشف : قال أبو داود : يضع الحديث وبقية وقد مر ومعاوية بن يحيى قال في الكاشف : ضعفوه . 8552 - (من باع الخمر فليشقص الخنازير) أي يذبحها بالمشقص وهو نصل عريض يعني من استحل بيعها استحل أكلها ولم يأمره بذبحها لكنه تحذير وتعظيم لإثم بائع الخمر ، كذا قرره قوم . قال ابن العربي : وهذا حديث بديع لم يفهمه من زعم أن معناه ذلك بل يربأ المرء بنفسه عن أن يضيفه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لما فيه من تكلف القول وضعف الاستعارة والتغلغل على مبادئ الفصاحة وإنما معناه
[ 121 ]
فليبعضه وليجعله أشقاصا فيقول منه حلال ومنه حرام وذلك لأنه تعالى حرم شرب الخمر فمن أراد أن يبعض حالها فيجعل الشرب وحده حراما ويجيز البيع فليفعل كذلك في الخنزير فإنه لا فرق بين الحالين والذاتين والحكمين وأخاف أن يدخل فيه من قال : إن شقصا منه وهو الشعر حلال وهذا مما وهم فيه من رأيته تعرض لتأويله وهذا الباب الحق . - (حم د عن المغيرة) بن شعبة رمز المصنف لصحته . 8553 - (من باع عقر دار من غير ضرورة) قال في الفردوس : عقر الدار بفتح العين أصلها (سلط الله على ثمنها تالفا يتلفه) لما سبق تقريره ولأن الإنسان يطلب منه أن يكون له آثار في الأرض ، فلما محى أثره ببيعها رغبة في ثمنها جوزي بفواته (1) قال في الكاشف : أخذ معاوية في إحياء أرض في آخر أمره ، فقيل له : ما حملك على هذا ؟ فقال : ما حملني عليه إلا قول القائل : ليس الفتى بفتى لا يستضاء به * ولا يكون له في الأرض آثار وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا مع ما فيهم من العسف ، فسأل بعض الأنبياء ربه عن سبب تعميرهم ، فأوحى الله إليه أنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي . - (طس عن معقل بن يسار) قال الهيثمي : فيه جماعة لم أعرفهم منهم عبد الله بن يعلى الليثي رمز لحسنه وفيه علي بن عثمان اللاحقي قال في الميزان : عن أبي خراش فيه خلاف ورده في اللسان بتوثيق ابن حبان وجعفر بن حرب أورده في الميزان وقال من كبار المعتزلة . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وهذا مشاهد . فالإنسان لا يزال ينتفع بعقاره ويحصل له ريعه ما دام باقيا فإذا باعه تصرم ثمنه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8554 - (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له) أي لا يحصل له الثواب الموعود للمضحي على أضحيته (1) قال ابن الكمال : والأضحية اسم لما يذبح في أيام النحر تقربا إلى الله . - (ك) في التفسير (هق) كلاهما من حديث عبد الله بن عياش عن الأعرج (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي في التلخيص فقال ابن عياش ضعف وقد خرج له مسلم . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) فبيع جلدها حرام وكذا إعطاؤه للجزار وللمضحي الانتفاع به كما في الأضحية المندوبة دون الواجبة بنحو نذر . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8555 - (من بدأ بالسلام) على من لقيه أو دخل عليه (فهو أولى بالله ورسوله (1) لأن السلام شرع لهذه الأمة ليأمن [ ص 94 ] بعضهم بعضا ويسلم بعضهم من بعض في الدم والمال والعرض ومن ثم قال
[ 122 ]
الصديق : السلام أمان للعباد فيما بينهم فأولاهم بالله أوفرهم حظا من أن يأمنه الناس ويسلموا منه . - (حم عن أبي أمامة) الباهلي وفيه عبد الله بن زحر أورده الذهبي في الضعفاء وقال : له صحيفة واهية عن علي بن يزيد . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) يحتمل أن المراد أولى بأمان الله وأمان رسوله أي أولى بأن يرد عليه من سلم عليه ويؤمنه لأن السلام معناه الأمان فيجب الرد والله أعلم بمراد نبيه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8556 - (من بدأ بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه (1) لما تقرر أنه مأمن من للعباد فيما بينهم فمن أهمله وبدأ بالكلام فقد ترك الحق والحرمة فحقيق أن لا يجاب وجدير بأن يهان ولا يهاب قال في التجنيس وغيره : هذا في الفضاء فيسلم أولاثم يتكلم وأما في البيوت فيستأذن فإذا دخل سلم لقوله سبحانه وتعالى * (لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها) [ النور : 27 ] فأمر بالاستئذان قبل السلام . - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه هارون بن محمد أبو الطيب وهو كذاب (حل) من حديث هشام بن عبد الملك عن بقية عن عبد العزيز بن أبي داود عن نافع (عن ابن عمر) ثم قال : غريب من حديث عبد العزيز لم نكتبه إلا من حديث بقية . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) فيه الحث على السلام والزجر عن تركه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8557 - (من بدأ) بدال مهملة قال الزمخشري : بدوت أبدو إذا أثبت البدو وفيه قيل لأهل البادية بادية (جفا) أي من سكنها صار فيه جفاء الأعراب لتوحشه وانفراده وغلظ طبعه لبعده عن لطف الطباع ومكارم الأخلاق فيفوته الأدب ويتبلد ذهنه ويقف عن فهم دقيق المعاني ولطيف البيان فكره . - (حم عن البراء) بن عازب رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله ثقات وأعاده في موضع آخر ثم قال : رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة اه‍ ورواه أبو داود والترمذي . 8558 - (من بدا جفا) أي من قطن بالبادية صار فيه جفاء الأعراب (ومن اتبع الصيد غفل) بفتحات أي من شغل الصيد قلبه وألهاه صارت فيه غفلة (1) قال الزمخشري : وليس الغرض ما تزعمه جهلة الناس أن الوحش يعم الجن فمن تعرض لها خلبلته وغفلته اه‍ (ومن أتى أبواب السلطان افتتن) زاد في رواية أحمد وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا اه‍ . وذلك لأن الداخل عليهم إما أن يلتفت إلى تنعمهم فيزدري نعمة الله عليه أو يهمل الإنكار عليهم مع وجوبه فيفسق فتضيق صدورهم بإظهار ظلهم وبقبيح فعلهم وإما أن يطمع في دنياهم وذلك هو السحت . قال عمار بن ياسر لعلي : يا أمير المؤمنين أخبرنا عن الكفر على ماذا بني ؟ قال علي : أربع دعائم الجفاء والعمى والغفلة والشك فمن جفا احتقر الحق وجهر بالباطل ومقت العلماء ومن عمي نسي الذكر ومن غفل حاد عن
[ 123 ]
الرشد وغرته الأماني فأخذته الحسرة والندامة وبدا له من الله ما لم يحتسب . وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل تعقبه وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه ، ظاهر حال صنيع المؤلف أنه لم يره لأحد أعلى من الطبراني ولا أحق بالعزو وهو عجيب فقد خرجه باللفظ المزبور أحمد عن أبي هريرة وعن ابن عباس قال المنذري والهيثمي : وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقة اه‍ وفي مسند الطبراني وهب بن منبه أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة مشهور ضعفه الفلاس . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) والظاهر أن المراد غفل عن الذكر والعبادة . والظاهر أن الاكتساب بالاصطياد مفضول بالنسبة لبقية المباحات . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - [ ص 95 ] 8559 - (من بدل دينه) أي انتقل من الإسلام لغيره بقول أو فعل مكفر وأصر (فاقتلوه) أي بعد الاستتابة وجوبا كما جاء في بعض طرق الحديث عن علي ، وهذا عام خص منه من بدل دينه في الباطن ولم يثبت عليه ذلك في الظاهر لأنه يجري على إحكام الظاهر ومن بدل دينه في الظاهر مكرها وعمومه يشمل الرجل وهو إجماع والمرأة وعليه الأئمة الثلاثة ويهودي تنصر وعكسه وعليه الشافعي ومالك في رواية وقال أبو حنيفة : تقتل المرأة ولأن من شرطية لا تعم المؤنث للنهي عن قتل النساء كما لا تقتل في الكفر الأصلي لا تقتل في الطارئ ولا في المنتقل لأن الكفر ملة واحدة . (تنبيه) هذا الحديث مثل به أصحابنا في الأصول إلى ما ذهبوا إليه من أن مذهب الصحابي لا يخصص العام فإن الحديث من رواية ابن عباس مع قوله إن المرتدة لا تقتل . - (حم خ 4 عن ابن عباس) قال ابن حجر : واستدركه الحاكم فوهم . 8560 - (من بر والديه طوبى له زاد الله في عمره) قال الحكيم : زيادة العمر في هذا ونحوه على وجهين أحدهما البركة فالقصير من العمر إذا احتشى من أعمال البر أربى على كثير . الثاني أنه تعالى قدر الآجال والأرزاق والحظوظ بين أهلها ثم أثبت ذلك في أم الكتاب الذي عنده لا يطلع عليه أحد ، فما في أم الكتاب لا زيادة فيه ولا نقص وما في صحف الملائكة يمحو منه ما يشاء ويثبت ما يشاء بالإحداث التي تكون من أهلها في الأرض . - (خد ك) في البر والصلة (عن معاذ بن أنس) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه أيضا أبو يعلى قال الذهبي : ورجاله ثقات إلا زياد بن قائد ففيه خلاف وقال المنذري : رواه الطبراني وأبو يعلى والحاكم كلهم من طريق زياد بن قائد . 8561 - (من بلغ) وفي راوية أبي نعيم من ضرب (حدا في غير حد فهو من المعتدين) أي من توجه عليه تعزير وجب على الحاكم أن لا يبلغ به الحد بأن ينقص عن أقل حدود المعزر فمتى جاوز ذلك فهو من المعتدين الآثمين الذين أخبر الله سبحانه أنه لا يحبهم فيجب أن ينقص في العبد عن
[ 124 ]
عشرين جلدة ونصف سنة في الحبس والتعزيب وفي الحر عن أربعين وسنة . - (هق عن النعمان بن بشير) ثم قال البيهقي : المحفوظ مرسل . 8562 - (من بلغه عن الله فضيلة فلم يصدق بها لم ينلها) أي لم يعطه الله إياها وإن أعطيها حرم من ذوق ما أنكره ولهذا قال الصوفية : كل من أنكر شيئا على القوم بغير دليل عوقب بحرمان ما أنكره فلا يعطيه الله له أبدا والفضيلة ما يفضل به الشئ على غيره يقال لفلان فضيلة أي خصلة حميدة وفي حديث الديلمي عن جابر من بلغه عن الله عز وجل شئ فيه فضيلة فأخذ بها إيمانا رجاء ثوابه أعطاه الله ذلك وإن لم يكن كذلك . - (طس عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى قال الهيثمي : وفيه بزيغ أبو الحليل وهو ضعيف اه‍ . وحكم ابن الجوزي بوضعه بعد ما أورده من حديث أنس هذا وقال : فيه يزيغ متروك ومن حديث جابر وقال : فيه البياضي كذاب وإسماعيل بن يحيى كذاب اه‍ . وأقره المصنف وفي المقاصد عن ابن حجر هذا لا يصح . 8563 - (من بنى) بنفسه أو بنى له بأمره (لله مسجدا) أي محلا للصلاة يعني وقفه لذلك فخرج الباني بالأجرة كما يرشد إليه السياق ، ونكره ليشيع فيشمل الكبير والصغير وبه صرحت رواية الترمذي وإطلاق البناء غالبي فلو ملك بقعة لا بناء بها أو كان يملكه بناء فوقفه مسجدا صح نظرا للمعنى (بنى الله له) إسناد البناء إليه سبحانه مجاز وأبرز الفاعل [ ص 96 ] تعظيما وافتخارا ولئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده لباني المسجد (بيتا في الجنة) متعلق ببنى وفيه أن فاعل ذلك يدخل الجنة إذ القصد ببنيانه له إسكانه إياه . - (م عن علي) أمير المؤمنين ظاهره أن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو ذهول فقد خرجاه معا عن عثمان في الصلاة كما عزاه لهما الصدر المناوي وغيره والعجب أن المصنف نفسه عزاه لهما معا في الأحاديث المتواترة وعد هذا منها . 8564 - (من بنى مسجدا) التنكير للشيوع فيشمل الصغير والكبير وزاد الترمذي في روايته لسمويه من بنى لله بيتا وفي رواية لابن ماجه من بنى الله مسجدا يذكر فيه اسم الله (يبتغي به وجه الله) أي يطلب به رضاه وهو بمعنى حديث الطبراني لا يريد به رياء ولا سمعة وأيا ما كان فالمراد الإخلاص وقد شدد الأئمة في تحريمه حتى قال ابن الجوزي : من كتب اسمه على مسجد بناه فهو بعيد من الإخلاص وقول بعض الشراح ومعنى يبتغي به وجه الله يطلب به ذات الله فإن بناه بقصد الفوز بالجنة والنجاة من النار لا يقدح في إخلاص الباني وابتغاء وجه الله أمر زائد هو أعلى وأجل من ذلك فلا يلائم سياق قوله (بنى الله له مثله في الجنة) ولو كان المراد ذلك لقيل في الجواب أعطاه الله مطلوبه أو تفضل عليه بالنظر إليه الذي وقع البناء لأجله وبقصده . فان قلت : ما الحكمة في اقتصاره في الحديث المار على
[ 125 ]
الإضافة لله واقتصاره هنا على لفظ الابتغاء ؟ قلت : قد سمعت أن المراد النص على شرطية الإخلاص وبإضافته إلى الله تعالى في الخبر الأول علم ذلك ولما لم يذكر لفظ الجلالة في الثاني احتاج إلى إلحاق القيد . وقوله مثله أي بنى مثل المسجد في الشرف ولا يلزم كون جهة الشرف متحدة فإن شرف المساجد في الدنيا بالتعبد فيها وشرف ذلك البناء في جهة الحسن الحسنى أو المراد بيان وصف ذلك البيت ويكون له عشر بيوت في الجنة أو لفظ المثل يراد به الإفراد فلا يمتنع كون الجزاء أبنية متعددة هي عشر مثله فلا وجه للاستشغاب بأن الحسنة بعشرة أمثالها على أن المثلية هنا بحسب الكمية والزيادة بحسب الكيفية فكم من بيت خير من عشر بل مائة بل ألف ؟ أما سمعت خبر موضع شبر من الجنة خير من الدنيا وما فيها ؟ وهنا أجوبة غير مرضية . - (حم ق ت ن ه) من حديث عبيد الله الخولاني (عن عثمان) بن عفان ذكر الخولاني أنه سمع عثمان يقول عند قول الناس فيه حين بنى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أنكم قد أكثرتم وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . 8565 - (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص) وفي رواية مثل مفحص (قطاة) حمله الأكثر على المبالغة لأن مفحصها بقدر ما تحفره (لبيضها) وترقد عليه وقدره لا يكفي للصلاة فيه وزعم أن المراد بالمسجد محل السجود فحسب يأباه لفظ بنى لإشعاره بوجود بناء حقيقي أو ما في معناه قال ابن حجر : لكن لا تمنع إرادة الآخر مجازا إذ بناء كل شئ بحسبه وقد شاهدنا كثيرا من المساجد في طرق المسافرين يحوطونها إلى جهة القبلة وهي في غاية الصغر وبعضها لا يكون أكثر من قدر محل السجود وقال الزركشي : لو هنا للتقليل وقد عده من معانيها ابن هشام الخضراوي وجعل منها اتقوا النار ولو بشق تمرة والظاهر أن التقليل مستفاد مما بعد لو ، لا منها (بنى الله له بيتا في الجنة) إن كان قد بنى المسجد من حلال كما جاء مصرحا به في رواية البيهقي عن أبي هريرة ولفظه من بنى لله بيتا يعبد الله فيه من مال حلال بنى الله له بيتا في الجنة من در وياقوت اه‍ . وهذا من أعظم أنواع الإعظام والإكرام لإيذائه بأنه مقره ومسكنه قد أعد له وهيئ وبنى وأنه عند الله بمكان جليل يبنى له بدار القرار بجوار الغفار . (تنبيه) قال الزركشي : خص القطاة بالذكر دون غيرها لأن العرب تضرب به المثل في الصدق ففيه رمز إلى المحافظة على الإخلاص في بنائه والصدق في إنشائه . - (حم) وكذا البزار عن أنس قال الهيثمي : فيه جابر الجعبي ضعيف . 8566 - (من بنى لله مسجدا بنى الله له في الجنة أوسع منه) فيه إشعار بأن المثلية لم يقصد بها المساواة من كل وجه ، وفيه [ ص 97 ] إيذان بدخول فاعل ذلك الجنة إذ القصد بالبناء له أن يسكنه وهو لا يسكنه إلا بعد الدخول . (فائدة) قال ابن الجوزي : من كتب اسمه على مسجد بناه كان بعيدا من الإخلاص قال غيره : ومن بناه بالأجرة لا يحصل له هذا الوعد المخصوص لعدم الإخلاص وإن كان يؤجر في الجملة
[ 126 ]
كما أشار إليه الحديث السابق إن الله يدخل بالسهم الواحد الحديث وبحث بعضهم أنه يدخل في الثواب المذكور من حوط على بعضه وجعله مسجدا بغير بناء ومن يملك نحو بيت فوقفه مسجدا نظرا للمعنى وحقيقة البناء إنما هي المباشرة لكن المعنى يقتضي دخول الأمر به وإسناد البناء إلى الله مجاز وإبراز الفاعل فيه لتعظيم ذكره جل اسمه أو لئلا تتنافر الضمائر أو يتوهم عوده على باني المسجد . - (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي : فيه علي بن يزيد ضعف ورواه أيضا أحمد عن ابن عمرو ، بفتح العين . قال الزين العراقي : وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه مقال . 8567 - (من بنى بناء أكثر مما يحتاج إليه كان عليه وبالا يوم القيامة) ومن ثم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يضع لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وقيل في قوله تعالى * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا) [ القصص : 83 ] أنه الرياسة والتطاول في البناء . قال القونوي : اعلم أن صور الأعمال أعراض جواهرها مقاصد العمال وعلومهم واعتقاداتهم ومتعلقات هممهم وهذا الحديث وإن كان من حيث الصيغة مطلقا فالأحوال والقرائن تخصصه وذلك أن بناء المسجد والربط ومواضع التعبد يؤجر الباني عليها اتفاقا فالمراد هنا إنما هو البناء الذي لم يقصد صاحبه إلا التنزه والانفساح والاستراحة والرياء والسمعة وإذا كان كذلك فهمة الباني وقصده لا يتجاوز هذا العالم فلا يكون لبنائه ثمرة ولا نتيجة في الآخرة لأنه لم يقصد بما فعله أمرا وراء هذه الدار ففعله عرض زائل لا ثمرة له ولا أجر . - (هب عن أنس) وفيه بقية بن الوليد والكلام فيه مشهور والضحاك بن حمزة قال الذهبي في الضعفاء : قال النسائي : غير ثقة . 8568 - (من بنى) بناء (فوق ما يكفيه) لنفسه وأهله على الوجه اللائق المتعارف لأمثاله (كلف يوم القيامة أن يحمله على عنقه) أي وليس بحامل فهو تكليف تعجيز كما مر نظيره . (تنبيه) قال حجة الإسلام : من أبواب الشيطان ووساوسه حب التزين في البناء والثياب والأثاث فإن الشيطان إذا رأى ذلك غالبا على قلب الإنسان باض فيه وفرخ فلا يزال يدعوه إلى عمارة الدار وتزيين سقوفها وحيطانها وتوسيع أبنيتها ويدعوه إلى التزين بالأثواب والدواب ويسخره فيها طول عمره وإذا أوقعه فيها استغنى عن معاودته فإن بعض ذلك يجره لبعض فلا يزال يدرجه من شئ إلى شئ حتى يساق إليه أجله فيموت وهو في سبيل الشيطان واتباع الهوى . - (طب حل عن ابن مسعود) قال في الميزان : هذا حديث منكر وقال الحافظ العراقي : إسناده فيه لين وانقطاع . 8569 - (من بنى) بناء وجعل ارتفاعه (فوق عشرة أذرع ناداه مناد من السماء) أي من جهة
[ 127 ]
العلو والظاهر أنه من الملائكة (يا عدو الله إلى أين تريد) أغفل المصنف من خرجه وعزاه في الدرر إلى الطبراني . - (عن أنس) وفيه الربيع بن سليمان [ ص 98 ] الجيري أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقيل كان فقيها دينا لم يتقن السماع من ابن وهب . 8570 - (من تاب) أي رجع عن ذنبه بشرطه (قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه) أي قبل توبته ورضيها فرجع متعطفا عليه برحمته وذلك لأن العبد إذا جاء في الاعتذار والتنصل بأقصى ما يقدر عليه قابله الله بالعفو والتجاوز وفيه تطبيب لنفوس العباد وتنشيط للتوبة وبعث عليها وردع عن اليأس والقنوط وأن الذنوب وإن جلت فإن عفوه أجل وكرمه أعظم وقوله تاب الله عليه كناية عن قبول توبته لأن قبوله مستلزم لتعطف الله وترحمه عليه وقوله قبل أن تطلع حد لقبول التوبة ولها حد آخر وهو وقوعها قبل الغرغرة كما في الحديث الآتي ولصحتها شروط مبينة في الأصول والفروع . - (م) في الدعوات (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 8571 - (من تاب إلى الله قبل أن يغرغر) أي يأخذ في حالة النزع (قبل الله منه) توبته ومن قبل توبته لم يعذبه أبدا قال الكلاباذي : ومعلوم أن هذا وقت لا يتلافى فيه ما فات فتوبته الندم بالقلب والاستغفار باللسان أما حال الغرغرة فلا تقبل توبته ولا ينفذ تصرفه لقوله تعالى * (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا) [ غافر : 85 ] لأن الاعتبار إنما هو بالإيمان بالغيب . - (ك) في التوبة (عن رجل) من الصحابة ولم يصححه ولا ضعفه . 8572 - (من تأنى أصاب أو كاد) أن يصيب أي قارب الإصابة (ومن عجل أخطأ أو كاد) أن يخطئ لأن العجلة شؤم الطبع وجبلة الخلق فجاء المشرع بضد الطبع وكفه وجعل في التأني اليمن والبركة فإذا ترك شؤم الطبع وأخذ بأمر الشرع أصاب الحق أو قارب لتعرضه لرضى ربه ، قال الغزالي : الاستعجال هو الخصلة المفوتة للمقاصد الموقعة في المعاصي ومنها تبدو آفات كثيرة وفي المثل السائر إذا لم تستعجل تصل ، قال : قد يدرك المتأني بعض حاجته * وقد يكون مع المستعجل الزلل ومن آفاته أنه مفوت للورع فإن أصل العبادة وملاكها الورع والورع أصله النظر البالغ في كل شئ والبحث التام عن كل شئ هو بصدده فإن كان المكلف مستعجلا لم يقع منه توقف ونظر في الأمور كما يجب ويتسارع إلى كل طعام فيقع في الزلل والخلل . - (طب) وكذا في الأوسط (عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي : رواه عن شيخه بكر بن سهل وهو مقارب الحال وضعفه النسائي وفيه ابن لهيعة .
[ 128 ]
8573 - (من تأهل من بلد) أي تزوج بها يعني ونوى إقامة أربعة أيام صحاح (فليصل صلاة المقيم) أي فيتم الصلاة ولا يجوز له القصر لأنه صار مقيما . - (حم عن عثمان) بن عفان قال الهيثمي : فيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وسببه أنه لما حج صلى بمنى أربع ركعات فأنكر عليه الناس فقال : يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . قال الهيثمي : وفيه عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف وقال الحافظ في الفتح : هذا الحديث لا يصح لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتج به قال : ويرده قول عروة : إن عائشة تأولت ما تأول عثمان ولا جائز أن يتأهل فدل على وهاه هذا الخبر والمنقول أن إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا وأما من أقام بمكان أثناء سفره فله حكم المقيم فيتم اه‍ . 8574 - (من تبتل) أي تخلى من النكاح وانقطع عنه كما يفعل رهبان النصارى (فليس منا) أي ليس على سنتنا وطريقتنا لكونه ترك ما علم أن الشارع نظر إليه من تكثير الأمة والمباهاة بها . - (عب عن أبي قلابة) بكسر القاف وخفة اللام : عبد الله بن زيد الجرمي (مرسلا) . [ ص 99 ] 8575 - (من تبع) وفي رواية من شيع (جنازة وحملها ثلاث مرار) في رواية مرات (فقد قضى ما عليه من حقها) يحتمل أن المراد بالحمل ثلاثا أنه يحمل حتى يتعب فيترك ثم هكذا ثم هكذا . وتعلق بهذا الخبر من ذهب إلى أن السنة المشي خلف الجنازة لأن التابع والمشيع إنما يكون من خلف قلنا ليس هكذا بل يكون معه وأمامه وخلفه وليس له من هذا اللفظ موضع مخصوص بل الكل محتمل فخص أحد المواضع المحتملة فعل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم والخليفتين بعده من المشي أمامها لأنه شافع والشافع يتقدم . - (ت) في الجنائز (عن أبي هريرة) وقال : غريب قال : فيه أبو المهزم يزيد بن سفيان ضعفه شعبة اه‍ . وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح والمتهم به أبو المهزم . وقال النسائي : هو متروك الحديث . 8576 - (من تتبع ما يسقط من السفرة) فأكله تواضعا واستكانة وتعظيما لما رزقه الله وصيانة له عن التلف (غفر له) لتعظيمه المنعم بتعظيم ما أنعم به عليه والمراد الصغائر دون الكبائر وهو قياس النظائر . - (الحكيم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن عبد الله بن أم حرام) بحاء وراء مهملتين . 8577 - (من تحلم) بالتشديد أي تكلف الحلم بأن زعم أنه حلم حلما أي رأى رؤيا في حال
[ 129 ]
كونه (كاذبا) في دعواه أنه رأى ذلك في منامه (كلف) بضم الكاف وشد اللام المكسورة (يوم القيامة أن يعقد بين شعيرتين) بكسر العين تثنية شعيرة (ولن) يقدر أن (يعقد بينهما) لأن اتصال أحدهما بالأخرى غير ممكن عادة فهو يعذب حتى يفعل ذلك ولا يمكنه فعله فكأنه يقول يكلف ما لا يستطيعه فيعذب عليه فهو كناية عن تعذيبه على الدوام ولا دلالة فيه على جواز التكليف بما لا يطاق لأنه ليس في دار التكليف ووجه اختصاص الشعير بذلك دون غيره لما في المنام من الشعور وبما دل عليه فحصلت المناسبة بينهما من جهة الاشتقاق وإنما شدد الوعيد على ذلك مع أن الكذب في اليقظة قد يكون أشد مفسدة منه إذ يكون شهادة في قتل أو حد لأن الكذب في النوم كذب على الله تعالى لأن الرؤيا جزء من النبوة وما كان من أجزائها فهو منه تعالى والكذب على الخالق أقبح منه على المخلوق . - (ت ه عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول بل هو في البخاري في التعبير ولفظه من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل اه‍ . 8578 - (من تخطى رقاب الناس يوم الجمعة) أي من تجاوز رقابهم بالخطو إليها (اتخذ) ببنائه للفاعل (جسرا إلى جهنم (1) [ ص 100 ] أي اتخذ لنفسه جسرا يمر عليه إلى جهنم بسبب ذلك ، أو للمفعول أي يجعل جسرا يمر عليه من يساق لجهنم جزاء لكل بمثل عمله وضعفه التوربشتي ، قال الزين العراقي : والمشهور في رواية هذا الحديث اتخذ ببنائه للمفعول بضم التاء وكسر الخاء بمعنى أنه يجعل جسرا على طريق جهنم ليوطأ ويتخطى كما يتخطى رقاب الناس قال : ويجوز بناءه للفاعل والأول أظهر وأوفق للرواية وقد ذكره الديلمي بلفظ من تخطى رقبة أخيه المسلم جعله الله يوم القيامة جسرا ممتدا إلى جهنم اه‍ . والتخطي حرام في بعض صوره ومكروه في بعضها ومحل التفصيل كتب الفروع . - (حم ت ه عن معاذ بن أنس) قال الترمذي : غريب ضعيف فيه رشدين بن سعد ضعفوه اه‍ وتبعه عبد الحق . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وظاهر الحديث أن التخطي حرام وقال شيخ الإسلام في شرح البهجة : وإذا قلنا بالكراهة أي كراهة التخطي فكلام الشيخين يقتضي أنها كراهة تنزيه واعتمده الرملي وهذا في غير إمام أو رجل صالح لأن الصالح بتبرك به ولا يتأذى الناس بتخطيه وألحق بعضهم بالصالح الرجل العظيم ولو في الدنيا ، قال : لأن الناس يتسامحون بتخطيه ولا يتأذون به وواجد فرجة لا يصلها إلا بالتخطي ولم يرج سدها فلا يكره له وإن وجد غيرها لتقصير القوم بإخلائها لكن يسن له إن وجد غيرها أن لا يتخطى فإن رجا سدها كأن رجا أن يتقدم أحد إليها إذا أقيمت الصلاة كره وقيد بعضهم جواز التخطي للفرجة برجل أو رجلين . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8579 - (من تخطى الحرمتين) أي تزوج محرمه كزوجة أبيه بعقد (فخطو وسطه بالسيف) أي اضربوه به والمراد اقتلوه فليس المراد السيف بعينه بل القتل وجعل السيف عبارة عنه لأنه يكون ثمة
[ 130 ]
غالبا فتمسك ابن القيم بظاهره وزعمه أن فيه دلالة على القتل بالتوسيط لا اتجاه له وهذا قاله فيمن تزوج امرأة أبيه بعقد على صورة الشرع قال ابن جرير : وإنما كان متخطئا حرمتين لأنه جمع بين كبيرتين إحداهما عقد نكاح على من حرم الله عقد النكاح عليه بنص تنزيله بقوله * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم) [ النساء : 22 ] والثانية إتيانه فرجا محرما عليه وأعظم من ذلك إقدامه عليه بمشهد من المصطفى صلى الله عليه وسلم وإعلانه عقد النكاح على من حرم الشارع العقد عليها بكل حال ونص عليه في كتابه نصا لا يقبل تأويلا ولا شبهة ففعله دليل على تكذيبه لمحمد فيما جابه عن الدين وجحود الحكمة في تنزيله فإن كان قد أسلم فهو ردة وإن كان له عهد فإظهاره لذلك نقص فمن ثم أمر بقتله بالسيف فقتله بالسيف ليس لكونه زنا فحسب فسقط الاعتراض بأن حد الزنا المنصوص عليه في الكتاب إنما هو رجم المحصن وجلد غيره ولم يخص ذلك بالعزاب دون المحارم ثم قال ابن جرير : الحديث مبين لخطأ من زعم أنه لو تزوج مسلم محرمة كأخته ثم وطئها عالما عامدا فالعقد شبهة تدرء الحد فتوجب المهر هذا كلام الإمام ابن جرير وقد رأيت في سبب الحديث من كلام الراوي نفسه ما يخالفه ، وهو أن الحديث إنما ورد في رجل أكره أخته فزنا بها ، وفي معجم الطبراني عن صالح بن راشد أن الحجاج أتى برجل اغتصب أخته نفسها فقال : احبسوه واسألوا من هنا من الصحابة فسألوا عبد الله بن مطرف فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تخطى الحرمتين فخطوا وسطه بالسيف ثم كتبوا بذلك إلى ابن عباس فكتب إليهم بمثله اه‍ وفي مصنف ابن أبي شيبة من طريق بكر بن عبد الله المزني أتي الحجاج برجل قد وقع على ابنته فذكره . وقد اختلف العلماء فيمن وطئ محرمه على أقوال : الأول أنه زنا فيحد له وهو قول الشافعي ومالك ، الثاني يقتل وهو قول أحمد ، الثالث يدرء عنه الحد إن تزوج بشهود وهو قول أبي حنيفة وأقاموا عليه القيامة ، وحاصل ما عليه الشافعي ومالك أنه إن استحل كفر وإلا فكالزنا . - (طب هب عن عبد الله بن أبي مطرف) بضم أوله وفتح ثانيه وشد الراء المكسورة الأزدي قال الذهبي : شامي يروى له حديث لا يثبت قاله البخاري ، وقضية كلام المصنف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بأن البخاري قال : عبد الله بن مطرف له صحبة ولم يصح إسناده اه‍ بنصه ولما عزى الهيثمي الحديث للطبراني قال : وفيه رندة بن قضاعة عن الأوزاعي وثقه هشام بن عمار وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات اه‍ . 8580 - (من تخطى حلقة قوم) بسكون اللام (بغير إذنهم) أي ولم يعلم رضاهم (فهو عاص) أي آثم . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه جعفر بن الزبير وهو متروك . 8581 - (من تداوى بحرام كخمر (1) لم يجعل الله فيه شفاء) فإن الله لم يجعل شفاء هذه الأمة
[ 131 ]
فيما حرم عليها كما ورد في حديث [ ص 101 ] * (ويسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) [ البقرة : 219 ] والمحرم وإن أثر في إزالة المرض لكن يعقبه أمراض قلبية ومن شرب الخمر للتداوي أثم . نعم يجوز التداوي بمعجون بخمر ولو لتعجيل شفاء بشرط إخبار طبيب مسلم أو معرفة المتداوي وعدم ما يقوم مقامه . - (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) أو غيره من سائر الأعيان النجسة مع وجود طاهر يقوم مقامه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8582 - (من ترك الجمعة) ممن تلزمه (من غير عذر) وهو من أهل الوجوب (فليتصدق) ندبا مؤكدا (بدينار) أي مثقال إسلامي (فإن لم يجد فبنصف دينار) فإن ذلك كفارة الترك والأمر للندب لا للوجوب . - (حم د ن ه حب ك) من حديث قدامة (عن سمرة) بن جندب قال ابن الجوزي : حديث لا يصح قال البخاري : لا يصح سماع قدامة من سمرة وقال أحمد : قدامة لا يعرف اه‍ . وقال الدميري : حديث منقطع مضطرب وذكر نحوه ابن القيم . 8583 - (من ترك الجمعة بغير عذر) وهو من أهل الوجوب (فليتصدق) ندبا مؤكدا (بدرهم) فضة (أو نصف درهم أو صاع أو مد) وفي رواية أو نصف صاع وفي أخرى أو نصف مد وقد وقع التعارض بين هذا الحديث وما قبله ويمكن أن يقال في الجمع إن هذا بالنسبة لأصل السنة وأما كماله فلا يحصل إلا بما ذكر في الأول . - (هق عن سمرة) بن جندب قال الدميري : اتفقوا على ضعف هذه الروايات كلها وقول الحاكم حديث ضعيف مردود وهذا مع ما قبله اضطراب يضعف لأجله . 8584 - (من ترك اللباس) أي لبس الثياب الحسنة وفي رواية ترك ثوب جمال (تواضعا لله تعالى) أي لا ليقال إنه متواضع أو زاهد ونحوه والناقد بصير (وهو يقدر عليه دعاه الله يوم القيامة على رؤوس الخلائق) أي يشهره بين الناس ويباهي به ويقال هذا الذي صدرت منه هذه الخصلة الحميدة (حتى يخيره من أي حلل الإيمان شاء يلبسها) ومن ثم كان النبي صلى الله عليه وسلم يلبس الصوف ويعتقل الشاة وفي رواية لأحمد من ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعا لله تعالى والباقي سواء قال أبو البقاء : أن يلبس مفعول ترك أي ترك لبس صالح الثياب وهو يقدر جملة في موضع الحال وتواضعا يجوز كونه مفعولا له أي للتواضع وكونه مصدرا في محل الحال أي متواضعا اه‍ ثم هذا إشارة إلى أن الجزاء من جنس العمل وأن التواضع الفعلي مطلوب كالقولي وهذا من أعظم أنواع التواضع لأنه مقصور على نفس الفاعل فمقاساته أشق بخلاف التواضع المتعدي فإنه خفض الجناح وحسن التخلق ومزاولته أخف على النفس
[ 132 ]
من هذا لرجوعه لحسن الخلق لكن بزيادة نوع كسر نفس ولين جانب ولما أرادوا أن يغيروا زي عمر عند إقباله على بيت المقدس زجرهم وقال : إنا قوم أعزنا الله بالإسلام فلن نلتمس العز بغيره . (تنبيه) عرف بعضهم التواضع بأنه الخضوع لغة وعرفا بأنه حط النفس الى ما دون قدرها واعطاؤها من التوقير أقل من استحقاقها . - (ت ك) في الإيمان واللباس (عن معاذ بن أنس) وأقره الذهبي في باب الإيمان وضعفه في باب اللباس فقال : عبد الرحيم بن ميمون أحد رواته ضعفه ابن معين اه‍ وأورده ابن الجوزي في العلل وأعله به . 8585 - (من ترك صلاة) أي من الخمس عامدا عالما بغير عذر (لقي الله وهو عليه غضبان) أي مستحقا لعقوبة المغضوب [ ص 102 ] عليهم فإن شاء رضي عليه وسامحه وإن شاء عذبه وشاححه قال الطيبي : إذا أطلق الغضب على الله حمل على الغاية وهي إرادة الانتقام فترك الفريضة أو تفويتها بلا عذر كبيرة فإن لازم تركها ومات على ذلك فهو من الأشقياء الخاسرين إلا أن يدركه عفو الله . (تنبيه) قال القيصري : الوجود كله بأجزائه مصل لله بدوام وجود الوجود لا ينفك عن الصلاة فإنه في مقام العبودية لله فمن حقق النظر رأي الوجود كله باطنا وظاهرا مصليا فمن ترك الصلاة فقد خالف الخليقة كلها ولذلك يحشر مع فرعون وهامان كما جاء في بعض الأخبار . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه سهل بن محمود ذكره ابن أبي حازم وقال : لم يرو عنه إلا الدورقي وسعدان وبقية رجاله رجال الصحيح . 8586 - (من ترك صلاة العصر) أي متعمدا كما في الرواية الآتية (حبط) وفي رواية البخاري فقد حبط بكسر الموحدة (عمله) أي بطل كمال ثواب عمله يومه ذلك . وأخذ بظاهره المعتزلة فأحبطوا الطاعة بالمعصية وخص العصر لأنها مظنة التأخير بالتعب من شغل النهار أو لأن فوتها أقبح من فوت غيرها لكونها الوسطى المخصوصة بالأمر بالمحافظة عليها على القول المنصوص قال ابن تيمية : وهي التي عرضت على من قبلنا فضيعوها فالمحافظ عليها له الأجر مرتين وهي التي لما فاتت سليمان فعل بالخيل ما فعل وهي خاتمة فرائض النهار وبفوتها يصير عمل نهاره أبتر غير كامل الثواب فتعبيره بالحبوط وهو البطلان ليس للتقريع والتهويل فحسب كما ظن وسلف في شرح خبر الذي تفوته صلاة العصر ما له تعلق بذلك قال الحرالي : والإحباط من الحبط وهو فساد في الشئ الصالح يفسده عن وهم صلاحه اه‍ - (حم خ ن) كلهم في الصلاة (عن بريدة) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتية ودال مهملة ابن الحصيب بحاء فصاد مهملتين ولم يخرجه مسلم . 8587 - (من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا) أي استوجب عقوبة من كفر أو قارب أن ينخلع عن الإيمان بانحلال عروته وسقوط عماده كما يقال لمن قارب البلد إنه بلغها أو فعل فعل الكفار وتشبه بهم لأنهم لا يصلون أو فقد ستر تلك الأقوال والأفعال المخصوصة التي كلفه الله بأن
[ 133 ]
يبديها . - (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : رجاله موثقون إلا محمد بن أبي داود البغدادي فما أدري أهو هو أم لا ؟ اه‍ وقال ابن حجر : الحديث سئل عنه الدارقطني فقال : رواه أبو النضر عن أبي جعفر عن الربيع موصولا ووقفه أشبه بالصواب اه‍ . وقال الحافظ العراقي : في مسنده مقال . نعم روى أحمد بسند رجاله ثقات من ترك صلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة محمد اه‍ . 8588 - (من ترك الرمي) بالسهام (بعد ما علمه رغبة عنه فإنها) أي الخصلة التي هي معرفة الرمي ثم أهملها (نعمة كفرها) فإنه ينكي العدو ونعم العون في الحرب ، وهذا خرج مخرج الزجر والتغليظ فتعلم الرمي مندوب وتركه بعد معرفته مكروه . نعم شرط ندبه عدم الإكباب عليه بحيث تضيع بعض الواجبات بسببه وإلا فلا يطلب بل يكره بل قد يحرم إذ لا يجوز ترك فرض لسنة ومحله أيضا ما لم يعارضه ما هو أهم منه ومن ثم لما سئل عنه بعض العلماء قال : هو حسن لكنها أيامك فانظر بما تقطعها - (طب عن عقبة بن عامر) ورواه عنه الطيالسي . 8589 - (من ترك ثلاث جمع تهاونا بها) أي إهانة ، وعدل إلى التفاعل للدلالة على أن الجمعة شأنها أنها أعلى رتبة وأرفع مكانة من أن يتصور فيه الاستهانة بوجه فلا يقدر أحد على إهانته إلا تكلفا وزورا قال أبو البقاء : وتهاونا منصوب على أنه مفعول له ويجوز أن يكون منصوبا في موضع الحال أي متهاونا (طبع الله على قلبه) أي ختم عليه وغشاه ومنعه ألطافه وجعل فيه الجهل والجفاء والقسوة أو صير قلبه قلب منافق . والطبع بالسكون الختم وبالتحريك الدنس [ ص 103 ] وأصله من الوسخ يغشى السيف ثم استعمل فيما يشبه ذلك من الآثام والقبائح . - (حم 4 ك) في المناقب (عن أبي الجعد) الضمري ويقال الضميري بالتصغير قال الترمذي عن البخاري : لا أعرف اسمه وقال : لا أعرف له إلا هذا الحديث لكن ذكر العسكري أن اسمه الأقرع وقيل جنادة صحابي له حديث قتل يوم الجمل قال الحاكم مرة : هو على شرط مسلم وأخرى : سكت قال الذهبي في التلخيص : هو حسن وقال في الكبائر : سنده قوي وعده المصنف في الأحاديث المتواترة . 8590 - (من ترك ثلاث جمعات من غير عذر كتب من المنافقين) أراد النفاق العملي قال في فتح القدير : صرح أصحابنا بأن الجمعة فرض آكد من الظهر وبإكفار جاحدها . (فائدة) قال الغزالي : اختلف رجل إلى ابن عباس يسأله عن رجل مات لم يكن يشهد جمعة ولا جماعة فقال : في النار ، فلم يزل يتردد إليه شهرا يسأله عن ذلك فيقول : في النار . - (طب عن أسامة بن زيد) قال الهيثمي : فيه جابر الجعفي وهو
[ 134 ]
ضعيف عند الأكثر لكن له شاهد صحيح وهو خبر أبي يعلى عن الحبر يرفعه من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الإسلام وراء ظهره قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8591 - (من تزوج فقد استكمل نصف الإيمان) وفي رواية نصف دينه (فليتق الله في النصف الباقي) جعل التقوى نصفين نصفا تزوجا ونصفا غيره ، قال أبو حاتم : المقيم لدين المرء في الأغلب فرجه وبطنه وقد كفي بالتزوج أحدهما قال الطيبي : وقوله فقد استكمل جواب ، والشرط فليتق الله عطف عليه أو الجواب الثاني والأول عطف على الشرط فعليه السبب مركب والمسبب مفرد فالمعنى أنه معلوم أن التزوج نصف الدين فمن حصله فعليه بالنصف الباقي وهذا أبلغ لإيذائه بأنه معلوم مقدر وعلى الوجه الآخر إعلام بذلك فلا يكون مقدرا وعلى الأول السبب مفرد والمسبب مركب . (فائدة) قال الغزالي عن بعضهم : غلبت علي شهوتي في بدئ إرادتي بما لم أطق فأكثرت الضجيج إلى الله فرآني شخص في المنام فقال : تحب أن يذهب ما تجد وأضرب عنقك قلت : نعم قال : مد رقبتك فمددتها فجرد سيفا من نور وضرب به عنقي فأصبحت وقد زال ما بي فبقيت معافى سنة ثم عاودني ذلكك فاشتد فرأيت شخصا يخاطبني فيما بين صدري وجنبي يقول : ويحك كم تسأل الله رفع ما لا يحب رفعه تزوج فتزوجت فانقطع ذلك عني وولد لي . - (طب) بل في معاجيمه الثلاثة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : ورواه بإسنادين وفيهما يزيد الرقاشي وجابر الجعفي وكلاهما ضعيف وقد وثقا . وقال الحافظ العراقي : سنده ضعيف اه‍ وذلك لأن فيه عمرو بن أبي سلمة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة وقال أبو حاتم : لا يحتج به اه‍ وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وفيه آفات ورواه الحاكم بلفظ من تزوج امرأة فقد أعطي نصف العبادة قال ابن حجر : وسنده ضعيف . 8592 - (من تزين بعمل الآخرة وهو لا يريدها ولا يطلبها لعن في السماوات والأرض) لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ الأرضين بالجمع وذلك لما اشتمل عليه من التدليس والتحلي بأوصاف التدليس وذلك من علامات النفاق إذ المنافق من يظهر خلاف ما يبطن . (تنبيه) قال ابن عربي : من مرض الأحوال النفسانية التي يجب التداوي منها صحبة الصالحين ليشتهر أنه منهم وهو في نفسه مع شهوته فإن حضر معهم سماعا وقد عشق أمرد أو جارية فأصابه وجد وغلب عليه حال من عشقه يصيح ويتنفس الصعداء ويقول الله أو هو هو ، ويشير بإشارات الصوفية فيظن الحاضرون أنه حال إلهي مع كونه ذا وجد صحيح وحال صحيحة لكن فيهما * (وقد خاب من دساها) [ الشمس : 10 ] قال : ومن أمراض الأحوال أن يلبس دون ما في نفسه مما يحل له فمتى عرف هذه العلل وأدواءها واستعملها نفع نفسه قال : وكان في زمن [ ص 104 ] نور الدين شيخ كثير الزعقات والتنهيدات
[ 135 ]
في حال وجده بالله بحيث كان يشعب على الطائفين حال طوافه فكان يطوف على سطح الحرم وكان صادق الحال فابتلي بحب مغنية فانتقل وجده إليها والناس يظنون أنه في الله فجاء إلى الصوفية ورمى خرقته وذكر قصته وقال : لا أكذب في حالي ولزم خدمة المغنية فأخبرت أنه من الأولياء وابتلي فاستحيت وتابت ببركة صدقه ولزمت خدمته فزال ذلك التعلق من قلبه ورجع لحاله فلبس خرقته ولم ير أن يكذب مع الله في حاله فهذا حال صدقهم فليحذر من الكذب في ذلك ولا يظهر للناس إلا ما يظهر لله ، إلى هنا كلامه ، وفي حكمة الأشراف صاحب الرياء عند الصوفية كمنافق علمت منه الطوية فكلما أراد أن يستر ما علموا كذبوه وفضحوه . ومهما يكن عند امرئ من خليقة * وإن خالها تخفى على الناس تعلم قال : ومن المرائين قوم زينوا ظاهرهم وتشبهوا بالفقراء ناصبين شبكة احتيالهم على العوام فإن كان ذلك حظهم من الله فيا فضيحتهم بين يديه . وروى ابن كامل في معجمه وابن النجار في تاريخه عن أنس قال : وعظ النبي صلى الله عليه وسلم يوما فإذا رجل قد صعق فقال صلى الله عليه وسلم : من ذا الذي لبس علينا ديننا إن كان صادقا فقد شهد نفسه وإن كان كاذبا محقه الله . - (طس عن أبي هريرة) قال المنذري : ضعيف وقال الهيثمي : فيه إسماعيل بن يحيى التيمي وهو كذاب اه‍ فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب . 8593 - (من تشبه بقوم) أي تزيا في ظاهره بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم وسار بسيرتهم وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر الباطن (فهو منهم) وقيل المعنى من تشبه بالصالحين وهو من أتباعهم يكرم كما يكرمون ومن تشبه بالفساق يهان ويخذل كهم ، ومن وضع عليه علامة الشرف أكرم وإن لم يتحقق شرفه وفيه أن من تشبه من الجن بالحيات وظهر يصورتهم قتل وأنه لا يجوز الآن لبس عمامة زرقاء أو صفراء كذا ذكره ابن رسلان ، وبأبلغ من ذلك صرح القرطبي فقال : لو خص أهل الفسوق والمجون بلباس منع لبسه لغيرهم فقد يظن به من لا يعرفه أنه منهم فيظن به ظن السوء فيأثم الظان والمظنون فيه بسبب العون عليه ، وقال بعضهم : قد يقع التشبه في أمور قلبية من الاعتقادات وإرادات وأمور خارجية من أقوال وأفعال قد تكون عبادات وقد تكون عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وسفر وإقامة وركوب وغيرها وبين الظاهر والباطن ارتباط ومناسبة وقد بعث الله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالحكمة التي هي سنة وهي الشرعة والمنهاج الذي شرعه له فكان مما شرعه له من الأقوال والأفعال ما يباين سبيل المغضوب عليهم والضالين فأمر بمخالفتهم في الهدى الظاهر في هذا الحديث وإن لم يظهر فيه مفسدة لأمور منها أن المشاركة في الهدى في الظاهر تؤثر تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين تعود إلى موافقة ما في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس فإن لابس ثياب العلماء مثلا يجد من نفسه نوع انضمام إليهم ولابس ثياب الجند المقاتلة مثلا يجد من نفسه نوع تخلق بأخلاقهم وتصير طبيعته منقادة لذلك إلا أن يمنعه مانع ومنها أن المخالفة في الهدى الظاهر توجب مباينة ومفارقة توجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال والانعطاف على أهل الهدى والرضوان ومنها أن مشاركتهم في الهدى للظاهر توجب الاختلاط الظاهر حتى يرتفع التمييز ظاهرا بين المهدبين المرضيين وبين المغضوب عليهم
[ 136 ]
والضالين الى غير ذلك من الأسباب الحكيمة التي أشار إليها هذا الحديث وما أشبهه . وقال ابن تيمية : هذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بأهل الكتاب وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم فكما في قوله تعالى * (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) [ المائدة : 51 ] وهو نظير قول ابن عمرو من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر يوم القيامة معهم فقد حمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب الكفر ويقتضي تحريم أبعاض ذلك ، وقد يحمل منهم في القدر المشترك الذي شابههم فيه فإن كان كفرا أو معصية أو شعارا لها كان حكمه كذلك . - (ه) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزركشي : فيه ضعف ولم يرو 0 ه عن ابن خالد إلا كثير بن مروان [ ص 105 ] وقال المصنف في الدرر : سنده ضعيف ، وقال الصدر المناوي : فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو ضعيف كما قاله المنذري ، وقال السخاوي : سنده ضعيف لكن له شواهد ، وقال ابن تيمية : سنده جيد ، وقال ابن حجر في الفتح : سنده حسن (طس عن حذيفة) بن اليمان . قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الأوسط وفيه علي بن غراب وثقه غير واحد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات اه‍ . وبه عرف أن سند الطبراني أمثل من طريق أبي داود . 8594 - (من تصبح كل يوم) أي أكل في الصباح تفعل من صبحت القوم أي سقيتهم الصبوح والأصل في الصبوح شرب الغداة ، وقد يستعمل في الأكل أيضا لأن شرب اللبن عند العرب بمنزلة الأكل (بسبع تمرات) بفتح الميم جمع تمرة (عجوة) بنصبه صفة أو عطف بيان لتمرات وهي ضرب من أجود التمر (1) (لم يضره في ذلك اليوم) ظرف معمول ليضره أو صفة لقوله (سم) بتثليث السين (ولا سحر) وليس ذلك عاما في العجوة بل خاصا بعجوة المدينة بدليل رواية مسلم من أكل سبع تمرات مما بين لابتيها أي المدينة لم يضره ذلك اليوم سم ، قال القرطبي : فمطلق هاتين الروايتين مقيد بالأخرى فحيث أطلق العجوة هنا أراد عجوة المدينة واختصاص بعض الثمار في بعض الأماكن ببعض الخواص في بعض الأشياء غير بعيد وهذا من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني وتكلفه بعضهم من ترجيعه إلى القياس وزعمه أن السموم إنما تقتل لإفراط بردها فإذا دام على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة واستعانت بها الحرارة الغريزية فقابل ذلك برد السم فبرأ صاحبه اه‍ . فمما لا ينبغي أن يلتفت إليه ، أما أولا فلأن هذا وإن يقع في السم لا ينجع في السحر وأما ثانيا فلأن ذلك يدفع كما قال القرطبي خصوصية عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقا بل خصوصية التمر فإن من الأدوية الحارة ما هو أبلغ في ذلك منه كما هو معروف عند أهله فالصواب القول باختصاص ذلك بعجوة المدينة وجهاتها لأن الخطاب لهم فهو من العام الذي أريد به الخصوص وقد يكون الشئ دواء نافعا لأهله في محله وفي بعضها سم قاتل ، ثم هل ذلك خاص بزمن المصطفى صلى الله عليه وسلم أو عام ؟ قولان رجح
[ 137 ]
بعضهم الأول ، قال بعض المحققين : والذي يدفع الاحتمال التجربة المتكررة فإن وجد ذلك كذلك الآن علم أنها خاصة دائمة وإلا فخاصة مخصوصة ومما تقرر علم أنه لا اتجاه لزعم بعضهم أن ذلك لخاصية في هواء المدينة أو لكون التمر حافظا لصحة أهلها لكونه غذاء وهو بمنزلة الحنطة لغيرهم قال القرطبي : وتخصيصه بسبع لخاصية لهذا العدد علمها الشارع وقد جاء ذلك في مواضع كثيرة لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في مرضه صبوا علي من سبع قرب وقوله غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا وقد جاء هذا العدد في غير الطلب كقوله تعالى * (سبع بقرات سمان) [ يوسف : 43 ] ، * (وسبع عجاف) [ يوسف : 43 ] وسبع كسني يوسف * (وسبع سنبلات) [ يوسف : 43 ] وكذا سبعون وسبعمائة فمن جاء من هذا العدد مجئ التداوي فذلك لخاصة لا يعلمها إلا الله ومن أطلعه عليها وما جاء في غيره فالعرب تضع هذا العدد للتكثير لا لإرادة عدد بعينه ولا حصر اه‍ . وقال بعضهم : خص السبع لأن لهذا العدد خاصية ليست لغيره فالسماوات والأرض والأيام والطواف والسعي ورمي الجمار وتكبير العيد في الأولى سبع وأسنان الإنسان والنجوم سبع والسبعة جمعت معاني العدد كله وخواصه إذ العدد شفع ووتر والوتر أول وثاني والشفع كذلك فهذه أربع مراتب أول وثان ووتر أول وثان ولا تجمع هذه المراتب في أقل من سبعة وهي عدد كامل جامع لمراتب العدد الأربعة الشفع والوتر والأوائل والثواني والمراد بالوتر الأول الثلاثة وبالثاني الخمسة وبالشفع الأول الاثنين والثاني [ ص 106 ] الأربعة وللأطباء اعتناء عظيم بالسبعة سيما في البحارين وقال بقراط : كل شئ في هذا العالم يقدر على سبعة أجزاء وشرط الانتفاع بهذا وما أشبهه حسن الاعتقاد وتلقيه بالقبول . - (حم) في الأطعمة (د) في الطب (عن سعد) بن أبي وقاص . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وألينه ، وفي رواية بتمر المدينة ، وقال ابن الأثير : العجوة ضرب أكبر من الصيحاني يقرب إلى السواد وهو مما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة بيده . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8595 - (من تصدق بشئ من جسده أعطي بقدر ما تصدق) يعني من جنى عليه إنسان كأن قطع منه عضوا أو أزال منفعته فعفا عنه لوجه الله أثابه الله تعالى عليه بقدر الجناية ويحتمل أن المراد بالتصدق بذلك أن يباشر بعض الطاعة ببعض بدنه كأن يزيل الأذى عن الطريق بيده فيثاب بقدر ذلك ، أخرج ابن سعد عن الربيع بن خيثم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له : إنك تكفى هذا قال : إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة . - (طب عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه ورواه عنه أحمد أيضا باللفظ المزبور قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد في المسند والطبراني : رجال المسند رجال الصحيح اه‍ . فاقتضى أن رجال الطبراني ليسوا كذلك فكان ينبغي للمصنف عزوه له . 8596 - (من تطبب ولم يعلم منه طب) أي من تعاطى الطب ولم يسبق له تجربة ، ولفظ التفعل يدل على تكلف الشئ والدخول فيه بكلفة ككونه ليس من أهله (فهو ضامن) لمن طبه بالدية إن مات بسببه لتهوره بإقدامه على ما يقتل ومن سبق له تجربة وإتقان لعلم الطب بأخذه عن أهله فطب وبذل الجهد الصناعي فلا ضمان عليه قال الخطابي : لا أعلم خلافا أن المعالج إذا تعدى فتلف المريض ضمن أي بالدية لا القود إذ لا يستبد به بدون إذن المريض والضمان على العاقلة ، وشمل الخبر من طب
[ 138 ]
بوصفه أو قوله وهو ما يخص باسم الطبائعي وبمروده وهو الكحال وبمراهمه وهو الجرائحي وبموساه وهو الخاتن وبريشته وهو الفاصد وبمحاجمه وشرطه وهو الحجام وبخلعه ووصله ورباطه وهو المجبر وبمكواته وناره وهو الكواء وبقربته وهو الحاقن فاسم الطبيب يشمل الكل وتخصيصه ببعض الأنواع عرف حادث . - (د ن) متصلا ومنقطعا (ه) في الديات (ك) في الطب (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه الدارقطني من طريقين عن ابن عمرو أيضا وقال : لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم وغيره يرويه مرسلا قال الغرياني : وفيه عيسى بن أبي عمران في طريق وقال أبو حاتم غير صدوق يرويه عن الوليد بن مسلم وفي طريق آخر محمد بن الصباح وثقه أبو زرعة وله حديث منكر . 8597 - (من تعذرت عليه التجارة) الظاهر أن التعذر قلة الربح وعدم سهولته (فعليه بعمان) أي فيلزم النجادة بها فإنها كثيرة الربح وهو فيها أسهل تناولا من غيرها وعمان بضم العين وخفة الميم بلد باليمن وصقع من البحرين وقرية على البحر بجنب البصرة وعمان بفتح العين وشد الميم مدينة في أرض البلقاء من كور دمشق والحديث يحتملها ويظهر أن الكلام في ذلك الزمن فلا يلزم اطراده إلى هذا الزمان . - (طب عن شرحبيل) بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة (ابن السمط) بكسر المهملة وسكون الميم وقيل بفتح المهملة وكسر الميم الكندي أمير حمص لمعاوية وكان من فرسانه قال الذهبي : اختلف في صحبته وجزم ابن سعد بأن له وفادة . 8598 - (من تعظم في نفسه) أي تكبر وتجوه (واختال في مشيته) أي تكبر وتبختر وأعجب في نفسه فيها (لقي الله وهو عليه غضبان) أي يفعل به ما يفعله الغضبان بالمغضوب عليه لمنازعته له في إزاره وردائه تعالى فإن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه وفيه أن ذلك كبيرة (1) . - (حم خد عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي : [ ص 107 ] رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : رواته محتج بهم في الصحيح . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) والكلام في الاختيال في غير الحرب أما فيها فمطلوب ، ومن التكبر الترفع في المجالس والتقدم والغضب إذا لم يبدأ بالسلام وجحد الحق إذا ناظر والنظر إلى العامة كأنه ينظر إلى البهائم وغير ذلك فهذا كله يشمله الوعيد ، وإنما لقيه وهو عليه غضبان لأنه نازعه في خصوص صفته إذ الكبرياء رداؤه . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8599 - (من تعلق شيئا) أي تمسك بشئ من المداواة واعتقد أنه فاعل للشفاء أو دافع للداء (وكل إليه) أي وكل الله شفاءه إلى ذلك الشئ فلا يحصل شفاؤه أو المراد من علق تميمة من تمائم
[ 139 ]
الجاهلية يظن أنها تدفع أو تنفع فإن ذلك حرام والحرام لا دواء فيه وكذا لو جهل معناها وإن تجرد عن الاعتقاد المذكور فإن من علق شيئا من أسماء الله الصريحة فهو جائز بل مطلوب محبوب فإن من وكل إلى أسماء الله أخذ الله بيده وأما قول ابن العربي : السنة في الأسماء والقرآن الذكر دون التعليق فممنوع أو المراد من تعلقت نفسه بمخلوق غير الله وكله الله إليه فمن أنزل حوائجه بالله والتجأ إليه وفوض أمره كله إليه كفاه كل مؤونة وقرب عليه كل بعيد ويسر له كل عسير ومن تعلق بغيره أو سكن إلى علمه وعقله واعتمد على حوله وقوته وكله الله إلى ذلك وخذله وحرمه توفيقه وأهمله فلم تصحح مطالبه ولم تتيسر مآربه وهذا معروف على القطع من نصوص الشريعة وأنواع التجارب . - (حم ت ك عن عبد الله بن عليم) بالتصغير الجهني أبو سعيد الكوفي أدرك المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم يره فروى عن عمر وغيره وقد سمع كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهينة . 8600 - (من تعلم الرمي) بالنشاب (ثم تركه فقد عصاني) (1) لأنه قد حصلت له أهلية الدفاع عن الدين ونكاية العدو فتعين قيامه بوظيفة الجهاد فإذا تركه حتى جهله فقد فرط في القيام مما تعين عليه وتشديد الوعيد يفيد حرمته بل إنه كبيرة لكن مذهب الشافعية الكراهة وأفتى ابن الصلاح بأن الرمي أفضل من الضرب بالسيف لأن فضيلة كل منهما إنما هي من حيث كونه عدة وقوة لأهل الطاعة على أهل المعصية والرمي أبلغ في ذلك . - (ه عن عقبة بن عامر) الجهني وفيه عثمان بن نعيم قال في الميزان : تفرد عنه ابن لهيعة ومن مناكيره هذا الحديث الراوي له ابن ماجه اه‍ . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وفي رواية فليس منا أي ليس على طريقتنا ولا سنتنا كما قال ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ، ومن غشنا فليس منا ، وهو ذم بلا شك . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8601 - (من تعلم علما لغير الله) كالتنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة عند الحكام (فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ له فيها منزلا فإنها داره وقراره ، هكذا ساقه المؤلف فيما وقفت عليه من النسخ وقد سقط من قلمه بعضه فإن لفظ رواية الترمذي وابن ماجه من تعلم علما لغير الله أو أراد به غير الله فليتبوأ مقعده من النار هكذا ساقه عنهما جمع منهم المنذري قال ابن عطاء الله : جعل الله العلم الذي علمه من هذا وصفه حجة عليه وسببا في تحصيل العقوبة لديه ولا يغرنك أن يكون به انتفاع للبادي والحاضر وفي الخبر إن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ومثل من يتعلم العلم لاكتساب الدنيا والرفعة فيها كمن رفع العذرة بملعقة من الياقوت فما أشرف الوسيلة وما أخس المتوسل إليه ، قال السيد السمهودي : وقد جرت العادة الإلهية بتمييز هذا القسم من المنتسبين للعلم عمن يعتدي به منهم بإظهار ما يخفيه من مضمراته وكشف ما يستره من عوراته سيما المنهمك في الدنيا المستعبد لأهلها * (ليميز الله الخبيث من الطيب) [ الانفال : 37 ] ومثل هذا يجب تجنبه ، أوحى الله إلى داود لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا فيصدك عن محبتي أولئك قطاع الطرق على عبادي . وليت شعري من شهد بقلبه أن الله هو الفعال وأنه لا نافع ولا ضار إلا هو وأن قلوب العباد بيده وأنه لا يناله من الدنيا إلا ما قسم [ ص 108 ] له
[ 140 ]
كيف يقصد بعلمه غير الله من جلب الدنيا وقد مازج قلبه العلم فإنه لا يأتيه إلا ما قدر له منها وأن هذا القصد لا يفيده من الدنيا إلا الخسران . - (ت عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه ابن ماجه أيضا قال المنذري : ورواه الترمذي وابن ماجه كلاهما عن خالد بن درنك عن ابن عمر ولم يسمع منه ورجالهما ثقات . 8602 - (من تقحم في الدنيا) أي رمى نفسه وتهافت في تحصيلها ولم يحترز عن الحرام والشبه (فهو يتقحم في النار) أي نار جهنم يقال قحم في الأمر رمى بنفسه فيه بغير روية . - (هب عن أبي هريرة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه فإنه تعقبه بما نصه قال أبو حازم : تفرد به حفص بن عمر المهرقاني عن يحيى بن سعيد اه‍ . 8603 - (من تمسك بالسنة) من السنن بفتحتين الطريق يعني من تمسك بطريق مرضية يقتدي به فيها (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين وإلا فالمؤمن الفاسق الزائغ المبتدع يدخلها بعد العذاب أو العفو ، وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته قالت عائشة : يا رسول الله وما السنة قال : حب أبيك وصاحبه عمر اه‍ بنصه وبالجملة فعلامة الفوز بالجنة التمسك بالسنة قال أبو يزيد البسطامي : هممت أن أسال الله كفاية مؤونة الطعام والنساء ثم قلت : كيف يجوز لي أن أسأل ما لم يسأله النبي صلى الله عليه وسلم وقال الداراني : ربما وقع في قلبي نكتة من نكت القوم أياما فلا أقبل إلا بشاهدين عدلين الكتاب والسنة وقال الجنيد : الطرق كلها مسدودة عن الخلق إلا على من اقتفى أثر المصطفى صلى الله عليه وسلم وقال العارف ابن قوام : كانت الأحوال تطرقني في بدايتي فنهاني شيخي عن الكلام فاستأذنت الشيخ في المضي لوالدتي فأذن وقال : سيحدث لك الليلة أمر عجيب فاثبت ولا تجزع فلما خرجت ذاهبا سمعت صوتا من جهة السماء فرفعت رأسي فإذا نور كأنه سلسلة يتداخل بعضه في بعض فالتقت على ظهري حتى أحسست ببردها فرجعت فأخبرت الشيخ فقال : هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذن لي في الكلام . - (قط في الأفراد) من حديث عمر مولى عفرة عن هشام (عن عائشة) قال ابن الجوزي في العلل : وعمر ضعيف وقال ابن حبان : يقلب الأخبار ولا يحتج به . 8604 - (من تمنى على أمتي الغلاء ليلة واحدة أحبط الله عمله أربعين سنة) الظاهر أن المراد به مزيد الزجر والتهويل والتنفير عن ذلك الفعل لا حقيقة الإحباط وذلك لأنه لما كانت الأنفس مجبولة على محبة الاستئثار على العير حذرها مما لا يحل من ذلك وهول الأمر لمزيد من الزجر . - (ابن عساكر) في التاريخ من طريق مأمون السلمي عن أحمد بن عبد الله الشيباني عن بشر بن السري عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب أورده المؤلف في مختصر الموضوعات من زيادته على أصله ثم قال : مأمون وشيخه كذابان هكذا قال ، وعجب منه كيف خرجه هنا مع اعترافه بذلك وكأنه نسي
[ 141 ]
ما قرره ثم ؟ وأما ابن الجوزي فإنه أورده من حديث الخطيب عن سليمان بن عيسى السجزي عن عبد العزيز به ثم قال : موضوع قال مخرجه الخطيب : منكر جدا لا أعلم رواه غير سليمان وهو كذاب اه‍ . وفي الميزان سليمان بن عيسى السجزي هالك وقال أبو حاتم : كذاب وقال ابن عدي : وضاع ومن بلاياه هذا الخبر اه‍ فعدل المؤلف عن طريق فيها كذاب واحد إلى طريق فيها كذابان . 8605 - (من تواضع لله) أي لأجل عظمة الله تواضعا حقيقيا وهو كما قال ابن عطاء الله : ما كان ناشئا عن شهود عظمة الحق وتجلى صمته فالتواضع للناس مع اعتقاد عظمة في النفس واقتدار ليس بتواضع حقيقي بل هو بالتكبر أشبه (رفعه الله) لأن من أذل [ ص 109 ] نفسه لله فقد بذل نفسه لله فيجازيه الله بأحسن ما عمل ، وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن سودة أوحى الله إلى موسى : أتدري لما اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي قال : لا يا رب قال : لأنه لم يتواضع لي أحد قط تواضعك ، وزاد في رواية ومن تكبر على الله وضعه الله حيث يجعله في أسفل السافلين وجاء في رواية تفسير الرفعة هنا بأنه يصيره في نفسه صغيرا وفي أعين الناس كبيرا وقيل التواضع لله أن يضع نفسه حيث وضعها الله من المعجز وذل العبودية تحت أوامره سبحانه بالامتثال وزواجره بالانزجار وأحكامه بالتسليم للأقدار ليكون عبدا في كل حال فيرفعه بين الخلائق وإن تعدى طوره وتجاوز حده وتكبر وضعه بين الخلائق وقال الطيبي : في التواضع مصلحة الدارين فلو استعمله الناس في الدنيا زالت من بينهم الشحناء واستراحوا من نصب المباهاة والمفاخرة وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أبو نعيم في الحلية وقال : انتعش رفعك الله فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم ومن تكبر خفضه الله وقال آخر خفضك الله فهو في نفسه كبير وفي أعين الناس صغير حتى يكون أهون من كلب اه‍ . (تتمة) قال ابن الحاج : قال بعض أهل التحقيق : من رأى أنه خير من الكلب فالكلب خير منه قال وهذا واضح ، ألا ترى أن الكلب يقطع بعدم دخوله النار وغيره من المكلفين قد يدخلها ؟ فالكلب والحالة هذه أفضل منه قال : فمن أراد الرفعة فليتواضع لله فإن الرفعة لا تقع إلا بقدر النزول ، ألا ترى أن الماء لما نزل إلى أسفل الشجرة صعد إلى أعلاها كأن سائلا سأله ما صعد بك ههنا وأنت قد نزلت تحت أصلها ؟ فقال لسان حاله من تواضع لله رفعه الله . (تنبيه) قال في الحكم : ما طلب لك شئ مثل الاضطرار ولا أسرع بالرهب إليك من الذلة والافتقار . - (حل) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي : رواه ابن ماجه بلفظ من تواضع لله رفعه الله ومن تكبر وضعه الله ، قال أعني العراقي : وإسناده حسن ورواه أحمد والبزار عن عمر بلفظ من تواضع لله رفعه الله وقال : انتعش نعشك الله فهو في أعين الناس عظيم وفي نفسه كبير قال الهيثمي : رجالهما رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح : خرجه ابن ماجه من حديث أبي سعيد رفعه بلفظ من تواضع لله رفعه الله حتى يجعله في أعلى عليين قال : وصححه ابن حبان بل خرجه مسلم في الصحيح والترمذي في الجامع بلفظ ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله هكذا خرجاه معا عن أبي هريرة رفعه فالضرب عن ذلك كله صفحا وعزوه إلى أبي نعيم وحده مع لين سنده من العجب العجاب .
[ 142 ]
8606 - (من توضأ كما أمر) بالبناء للمفعول أي كما أمره الله من استيعاب الشروط والفروض (وصلى كما أمر) كذلك (غفر له ما تقدم من عمل) أي من عمل السيئات والمراد الصغائر بقرينة قوله في الخبر المار ما اجتنبت الكبائر والمراد الصلاة المفروضة بدليل الخبر المذكور ، وفيه دليل على فضل الوضوء وأنه مكفر للذنب وعلى شرف الصلاة عقبه وأن السعادة الواحدة قد يرجى منها غفران ما تقدم من الذنوب وأن الثواب من كرم الله إذ العبد لا يستحق بصلاة مغفرة ذنوب كثيرة ولو كان ذلك على حكم محض الجزاء وتقدير الثواب بالفعل لكانت العبادة الواحدة تكفر السيئة الواحدة فلما كفرت ذنوبا كثيرة عرف أن المغفرة من الكريم بفضله العميم وليست على حكم المقابلة ولا على قضية المعاوضة . - (حم ن ه حب عن أبي أيوب) الأنصاري (و) عن (عقبة بن عامر) الجهني . قال الهيثمي : رجاله موثقون . 8607 - (من توضأ) أي جدد وضوءه (علي طهر) قال الولي العراقي : أي مع طهر ، فعلى معناها هنا المصاحبة كقوله تعالى * (وآتى المال على حبه) [ البقرة : 177 ] اه‍ . أي مع طهر الوضوء الذي صلي به فرضا أو نفلا كما بينه فعل راوي الخبر وهو ابن عمر فمن لم يصل به شيئا لا يسن له تجديده فإن فعل كره ، وقيل حرم ، وأيا ما كان لا ينال الثواب الموعود بقوله (كتب) [ ص 110 ] بالبناء للمجهول ورواية الترمذي كتب الله ، ولعل المؤلف لم يستحضرها حيث قال في فتاويه الحديثية : لفظ الحديث كتب له بالبناء للمجهول من غير ذكر الله اه‍ . وذكر ذلك رد على السائل حيث كتب كتب الله (له) بالتجديد (عشر حسنات) أي عشر وضوءات إذ أقل ما وعد به من الأضعاف الحسنة بعشر ، وأفاد أن الوضوء لكل صلاة لا يجب وما ورد مما يخالفه منسوخ كما مر وندب تجديده أي لمن صلى صلاة ، وخرج الغسل فلا يسن تجديد عند الشافعية كالتيمم . (فائدة) سئل المؤلف عن حديث الوضوء نور على نور : فنقل عن المنذري والعراقي أنهما لم يريا من خرجاه وأن ابن حجر ذكر أن رزينا أورده في كتابه قال : ومعناه ظاهر لأن الوضوء يكسب أعضاءه نورا ، ولهذا قيل باشتقاقه من الوضاءة ودليله قصة الغرة والتحجيل فكان الوضوء على الوضوء يقوي ذلك النور ويزيده إذا لم يعرض من الحديث ما يقتضي ستره قال : وقد كان شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي يذكر لنا أن العارفين يشاهدون الحدث على الأعضاء ويرتبون عليه مقتضاه . قال : وفيه إشارة إلى ذلك . - (د ت ه) كلهم في الطهارة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي : سنده ضعيف وفي المهذب : فيه عبد الرحمن بن زياد لين ونقل بعضهم عن البخاري أنه حديث منكر وقال البغوي في شرح السنة : إسناده ضعيف ، وذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف وقال : قال في شرح أبي داود : هو ضعيف في إسناده ضعيفان عبد الرحمن بن زياد الأفريقي وأبو غطيف مجهول عينا وحالا قال الولي العراقي : فإن قلت الشواهد في الباب موجودة منها حديث أنس وابن حنظلة وبريدة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ لكل صلاة قلت ليس في شئ من هذه الأحاديث
[ 143 ]
تعيين هذا الثواب وإنما فيها وجود ذلك من فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم اه‍ وممن جرى على ضعفه المؤلف في فتاويه الحديثية فقال : المشهور تضعيفه وقال ابن حجر : سنده ضعيف . 8608 - (من توضأ بعد الغسل) من نحو جنابة (فليس منا) أي ليس من العاملين بسنتنا المتبعين لمنهاجنا لأن الغسل يكفي للحدث الأكبر والأصغر لكن مذهب الشافعي أن الغسل يسن له الوضوء وتحصل السنة بتقديمه وتوسطه وتأخيره لكن التقديم أفضل . - (طب عن ابن عباس) قال في الميزان : غريب جدا وفيه أبان بن عياش واه ويوسف بن خالد السهمي قال يحيى : كذاب . 8609 - (من توضأ في موضع بوله فأصابه الوسواس فلا يلومن إلا نفسه) أي فلا يلوم صاحب الشرع الآمر بالوضوء لأنه لم يفعله في محله أو على وجه لا يتسلط منه الشيطان بالوسواس الذي إنما ينشأ عن خبل في العقل أو قلة في الفقه . والوسواس بفتح الواو حديث النفس كما في الصحاح وفي النهاية حديث النفس في الأفكار ، وفي المشارق ما يلقيه الشيطان في القلب وأصله الحركة الخفية وهي من أسماء الشيطان أيضا وبكسرها مصدر بمعنى الوسوسة وهي كلام في اختلاط وفيه أنه يكره الوضوء في الموضع الذي بال فيه وقد أشار في الحديث إلى تعليل النهي بأن هذا الفعل يورث الوسواس ومعناه أن المتطهر يتوهم أنه أصابه شئ من قطره أو رشاشه فيحصل له وسواس . - (عد عن ابن عمرو) بن العاص وهو من حديث منصور بن عمار عن ابن لهيعة والكلام فيه معروف قال الولي العراقي : وحكم العقيلي عليه بالوقف تحكم لا دليل عليه . 8610 - (من توضأ يوم الجمعة فيها) قال الزمخشري : الباء متعلقة بفعل مضمر أي فبهذه الخصلة أو الفعلة ينال الفضل والخصلة هي الوضوء (ونعمت) أي ونعمت الخصلة هي ، فحذف المخصوص بالمدح وقيل أي فبالرخصة أخذ ونعمت السنة التي ترك ، وفيه انحراف عن مراعاة حق اللفظ فإن الضمير الثاني يرجع إلى غير ما يرجع إليه الضمير الأول ويحتمل أن يقال فعليه [ ص 111 ] بتلك الفعلة اه‍ وقال غيره : هو كلام يطلق للتجويز والتحسين أي فأهلا بتلك الخصلة أو الفعلة المحصلة للواجب ونعمت الخصلة هي أو فبالسنة أخذ أي بما جوزته من الاقتصار على الوضوء ونعمت الخصلة أو الفعلة لأن الوضوء تطهير لجميع البدن إذ البدن باعتبار ما يخرج منه من الحدث غير متجزئ فكان الواجب غسل جميعه غير أن الحدث الخفيف لما كثر وقوعه كان في إيجابه حرج فاكتفى الشارع بغسل الأعضاء التي هي الأطراف تسهيلا على العباد وجعله طهارة لكل بدن كالصلوات فإنها خمس بثواب خمسين فلما كان تطهيرا للجميع كان تكفيرا لخطايا الجميع وقوله فيها ونعمت يفيد أن الوضوء قربة مقصودة فلا يصح
[ 144 ]
بدون نية فهو رد على الحنفية (ومن اغتسل) يومها (فالغسل أفضل) من الاقتصار على الوضوء لأنه أكمل وأشمل وفيه ندب الغسل لمريد الجمعة وهو سنة مؤكدة يكره تركها كما مر مرارا . - (حم 3 وابن خزيمة) في صحيحه من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب بضم الدال وتفتح قال الترمذي : حسن قال في الإمام : من يحمل رواية الحسن عن سمرة على الاتصال يصحح هذا الحديث قال ابن حجر : وهو مذهب المديني وقيل لم يسمع منه إلا حديث العقيقة وقيل : لا مطلقا . 8611 - (من تولى غير مواليه) أي اتخذ غيرهم وليا يرثه ويعقل عنه وزاد في رواية تقييده بغير إذنهم قال جمع : ولا مفهوم له بل ذكر تأكيدا للتحريم قال ابن حجر : ويحتمل أن يكون قوله من تولى شاملا للمعنى الأعم من الموالاة وإن منها مطلق النصرة والإعانة والإرث ويكون قوله بغير إذن مواليه يتعلق مفهومه بالأولين بما عدا الإرث ، وقال ابن العربي : التولي لغير الموالي يكون بوجوه منها أن يكون حليفا لقوم فيخلع حلفهم ليعقده مع غيرهم (فقد خلع ريقة الإسلام من عنقه) أي أهمل حدود الله وأوامره ونواهيه وتركها بالكلية وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق الدابة تمسك به فاستعير للإسلام أي ما يشد به نفسه من عرى الإسلام وأحكامه وذلك لأن من رغب عن موالاة من أنعم عليه بالحرية كافر بالنعمة ظالم بوضع الولاء في غير محله ومن كفر نعمة العباد فهو بكفران نعم الله أجدر . - (حم والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : فيه خالد بن حبان وثقه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح . 8612 - (من جادل في خصومه) أي استعمل المراء والتعصب (بغير علم لم يزل في سخط الله حتى ينزع) أي يترك ذلك ويتوب منه توبة صحيحة وأخذ الذهبي وغيره منه أن الجدال بغير علم من الكبائر قال الغزالي : والمراء طعن في كلام الغير لإظهار خلل فيه والجدال عبارة عن مراء يتعلق بإظهار المذاهب وتقريرها والخصومة لجاج في الكلام ليستوفي به مال أو حق مقصود وذلك يكون ابتداء ويكون اعتراضا والمراء لا يكون إلا باعتراض على كلام سبق . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغيبة) والأصبهاني في الترغيب والترهيب (عن أبي هريرة) قال الذهبي : فيه رجاء أبو يحيى صاحب السقط وهو لين وقال الحافظ العراقي : وفيه رجاء أبو يحيى ضعفه الجمهور . 8613 - (من جامع المشرك) بالله والمراد الكافر ونص على الشرك لأنه الأغلب حينئذ (وسكن معه) أي في ديار الكفر (فإنه مثله) أي من بعض الوجوه لأن الإقبال على عدو الله وموالاته توجب
[ 145 ]
إعراضه عن الله ومن أعرض عنه تولاه الشيطان ونقله إلى الكفران قال الزمخشري : وهذا أمر معقول فإن مولاة الولي وموالاة عدوه متنافيان قال : تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك ليس النول عنك بعازب وفيه إبرام وإلزام بالتصلب في مجانبة أعداء الله ومباعدتهم والتحرز عن مخالطتهم ومعاشرتهم * (لا يتخذ المؤمنون [ ص 112 ] الكافرين أولياء من دون المؤمنين) [ آل عمران : 28 ] والمؤمن أولى بموالاة المؤمن وإذا والى الكافر جره ذلك إلى تداعي ضعف إيمانه فزجر الشارع عن مخالطته بهذا التغليظ العظيم حسما لمادة الفساد * (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم فتتقلبوا خاسرين) [ آل عمران : 149 ] ولم يمنع من صلة أرحام من لهم من الكافرين ولا من مخالطتهم في أمر الدنيا بغير سكنى فيما يجري مجرى المعاملة من نحو بيع وشراء وأخذ وعطاء ليوالوا في الدين أهل الدين ولا يضرهم أن يبارزوا من لا يجاريهم من الكافرين ذكره الحرالي ، وفي الزهد لأحمد عن ابن دينار أوحى الله إلى نبي من الأنبياء قل لقومك لا تدخلوا مداخل أعدائي ولا تلبسوا ملابس أعدائي ولا تركبوا مراكب أعدائي فتكونوا أعدائي كما هم أعدائي وقوله من جاء مع المشرك ظن بعضهم أن معناه أتى معه مناصرا وظهيرا فجاء فعل ماض ومع المشرك جار ومجرور وقال بعضهم : معناه نكح الشخص المشرك يعني إذا أسلم فتأخرت عنه زوجته المشركة حتى بانت منه فحذر من وطئه إياها ويؤيده ما روي عن سمرة بن جندب مرفوعا لا تساكنوا المشركين ولا تجامعوهم فمن ساكنهم أو جامعهم فهو منهم وأفاد الخبر وجوب الهجرة أي على من عجز عن إظهار دينه وأمكنته بغير ضرر . (تنبيه) قال ابن تيمية : المشابهة والمشاكلة في الأمور الظاهرة توجب مشابهة ومشاكلة في الأمور الباطنة والمشاركة في الهدى الظاهر توجب مناسبة وائتلافا وإن بعد المكان والزمان وهذا أمر محسوس فمرافقتهم ومساكنتهم ولو قليلا سبب لوقوع ما مر واكتساب أخلاقهم التي هي ملعونة ولما كان مظنة الفساد خفي غير منضبط علق الحكم به وأدير التحريم عليه فمساكنتهم في الظاهر سبب ومظنة لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال المذمومة بل في نفس الاعتقادات فيصير مساكن الكفار مثله وأيضا المشاركة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة وهذا مما يشهد به الحس فإن الرجلين إذا كانا من بلد واجتمعا في دار غربة كان بينهما من المودة والائتلاف أمر عظيم بموجب الطبع وإذا كانت المشابهة في أمور دنيوية تورث المحبة والمولاة فكيف المشابهة في الأمور الدينية ؟ فالموالاة للمشركين تنافي الإيمان * (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) * . - (د عن سمرة) بن جندب رمز المصنف لحسنه وفيه سليمان بن موسى الأموي الأشدق قال في الكاشف : قال النسائي : ليس بالقوي وقال البخاري : له مناكير . 8614 - (من جر ثوبه) وفي رواية لمسلم ثيابه وفي رواية ذكرها الذهبي في الكبائر شيئا بدل ثوبه فبين به أن الازار والسراويل والجبة ونحوها من كل ملبوس فيه الوعيد قال الزين العراقي : بل ورد عند أبي داود دخول العمامة فيه قال : وهل المراد جر طرفها على الأرض أو المبالغة في تطويلها وتعظيمها ؟
[ 146 ]
الظاهر الثاني لأن جرها على الأرض غير معهود والإسبال في كل شئ بحسبه (خيلاء) بضم الخاء وقد قيل بكسرها حكاه القرطبي أي سبب الخيلاء أي العجب والتكبر في غير حالة القتال كما أفاده حديث آخر وفي رواية من مخيلة ولفظ رواية مسلم من الخيلاء وحقيقة المخيلة حالة الخيلاء كالشبيبة حالة الشباب وأصله أن يخيل إليه أي يجول فيه الظن بمنزلة ليس هو فيها وفي رواية لمسلم من جر إزاره لا يريد بذلك إلا المخيلة (لم ينظر الله إليه) وفي رواية لمسلم فإن الله لا ينظر إليه نظر رحمة ، عبر عن المعنى الكائن عند النظر بالنظر لأن من نظر إلى متواضع رحمه ومن نظر إلى متكبر مقته والرحمة والمقت مسببان عن النظر ذكره الزين العراقي وقال الكشاف : نسبة النظر لمن يجوز عليه النظر كناية لأن من اعتد بالشخص التفت إليه ثم كثر حتى صار عبارة عن الإحسان وإن لم يكن هناك نظر ولمن لا يجوز عليه حقيقة النظر وهو تقليب الحدقة والله منزه عن ذلك فهي بمعنى الإحسان مجاز عما وقع في حق غيره كناية (يوم القيامة) خصه لأنه محل الرحمة المستمرة بخلاف رحمة الدنيا فقد تنقطع بما يتجدد من الحوادث ، وتتمة الحديث عند البخاري فقال أبو بكر : يا رسول الله إن إزاري يسترخي إلا أن أتعاهده فقال له : إنك لست ممن يفعله خيلاء ، قال ابن عبد البر : ومفهوم الحديث أن الجار لغير الخيلاء لا يلحقه الوعيد إلا أن جر القميص وغيره من الثياب مذموم [ ص 113 ] بكل حال وقال النووي : لا يجوز الإسبال تحت الكعبين للخيلاء فإن كان لغيرها كره . - (حم ق 4) كلهم في اللباس إلا النسائي ففي الزينة (حم عن ابن عمر) بن الخطاب ، زاد أبو داود والترمذي والنسائي قال ابن عمر : قالت أم سلمة : يا رسول الله فكيف تصنع النساء بذيولهن قال : يرخين شبرا قالت : إذن تنكشف أقدامهن قال : فترخيه ذراعا لا يزدن عليه ، وإسناده صحيح ورواه الطبراني عن ابن مسعود باللفظ المذكور وزاد وإن كان على الله كريما . 8615 - (من جرد ظهر امرئ مسلم) أي عراه من ثيابه (بغير حق لقي) بالقاف (الله وهو) أي والحال أنه (عليه غضبان) والمراد فيما يظهر أنه جرده من ثيابه ليضربه وفعل ، ويحتمل على بعد أن المراد هتك العورة وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك كبيرة . - (طب) وكذا في الأوسط (عن أبي أمامة) قال الهيثمي كالمنذري : وإسناده جيد وقال ابن حجر في الفتح : في سنده مقال . 8616 - (من جعل قاضيا بين الناس) بأن تولى القضاء بينهم (فقد ذبح) أي من تصدى له وتولاه فقد تعرض لهلاك دينه فالذبح مجاز عنه لأنه أسرع أسبابه بل أعظم إذ الذبح المتعارف يحصل به الإزهاق والإراحة وهذا ذبح (بغير سكين) بل بعذاب أليم فضرب المثل ليكون أبلغ في الزجر وأشد في التوقي لخطره وقال القاضي : قوله بغير سكين يريد به كخنق وتغريق وإحراق وحبس عن طعام وشراب فإنه أصعب وأشد من القتل بالسكين لما فيه من مزيد التعذيب وامتداد مدته ، شبهت به التولية لما في
[ 147 ]
الحكومة من الخطر والصعوبة ويحتمل أن المراد أن التولية إهلاك لكن لا بآلته المحسوس فينبغي أن لا يستشرف له ولا يحرص عليه . - (حم د ه ك) في القضاء كلهم (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال العراقي : إسناده صحيح وقال ابن حجر : أعله ابن الجوزي وقال : لا يصح وليس كما قال وكفاه قوة تخريج النسائي له وقد صححه الدارقطني وغيره . 8617 - (من جلب على الخيل يوم الرهان) ككتاب ما يجعل لمن غلب يقال تراهن القوم أخرج كل واحد منهم رهنا ليفوز بالجميع إذا غلب (فليس منا) الجلب في السباق أن يتبع الرجل فرسه إنسانا فيزجره ويصيح حثا على السبق ، والمراد ليس على طريقتنا . - (طب عن ابن عباس) ورواه عنه ابن أبي عاصم أيضا وقال ابن حجر بعد إيراده عنه وعن الطبراني : إسناد ابن أبي عاصم لا بأس به أي وطريق الطبراني مضعف وذلك لأن فيه عنده ضرار بن صرد قال الذهبي في الضعفاء : قال النسائي : متروك اه‍ . وبه يعرف أن المصنف لم يصب في عدوله عن ابن أبي عاصم واقتصاره على الطبراني . 8618 - (من جمع بين صلاتين من غير عذر) كسفر ومطر كذا مثل به الشافعي للعذر (فقد أتى بابا من أبواب الكبائر) تمسك به أبو حنيفة على منع الجمع في السفر وقال الشافعية السفر عذر كما تقرر . - (ت ك) كلاهما من حديث خنش عن عكرمة (عن ابن عباس) قال الحاكم : وخنش ثقة ورده الذهبي في تلخيصه بأنهم ضعفوه قال في تنقيح التحقيق : لم يتابع الحاكم على توثيقه فقد كذبه أحمد والنسائي والدارقطني وقال البيهقي : تفرد به خنش وهو ضعيف لا يحتج به وذكره ابن حبان في الضعفاء وتركه ابن معين ورواه الدارقطني من هذا الوجه وقال : فيه خنش أبو علي الرجبي متروك وقال ابن حجر : خرجه الترمذي وفيه خنس أبو قيس وهو واه جدا ، وحكم ابن الجوزي بوضعه ونوزع بما هو تعسف [ ص 114 ] للمصنف فإن سلم عدم وضعه فهو واه جدا . 8619 - (من جمع المال من غير حقه سلطه الله على الماء والطين) أي سبب لجامعه صرفه في البنيان الذي للرياء والسمعة أو فوق ما يحتاجه أو نحو ذلك . - (هب عن أنس) بن مالك وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه محمد بن عبد الرحمن القشيري أي أحد رجاله من شيوخ بقية المجهولين اه‍ . وبقية مر الكلام فيه غير مرة ، وفي الميزان عن ابن عدي محمد بن عبد الرحمن هذا منكر الحديث وساق له أحبارا هذا منها وقال : قال الأزدي : كذاب متروك الحديث اه‍ .
[ 148 ]
8620 - (من جمع القرآن) لعل المراد حفظه فإنهم بوبوا عليه ثواب حافظ القرآن (متعه الله بعقله حتى يموت) أي لا يزال عقله موفرا تاما كاملا لا يعتريه خلل ولا خبل كما يعرض لمن أدركه الهرم وطعن في السن غالبا . - (عد) من حديث رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد (عن أنس) بن مالك قال ابن الجوزي في العلل : قال ابن عدي : لا يرويه عن جرير غير رشدين ورشدين قال يحيى : ليس بشئ والنسائي : متروك اه‍ . 8621 - (من جهز غازيا) أي هيأ له أسباب سفره أو أعطاه عدة الغزو ومنه تجهيز العروس وتجهيز الميت (حتى يستقل) وفي رواية للبخاري أو خلفه في أهله بخير (كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع) أي يستوي معه في الأجر إلى انقضاء غزوه بموته أو فراغ الوقعة ، فالوعد مرتب على تمام التجهيز المشار إليه بقوله حتى يستقل وعلى انقضاء الغزو ، وذهب البعض إلى أن المراد بالأخبار الواردة بمثل ثواب الفعل حصول الأجر بغير تضعيف وأن التضعيف يختص بالمباشرة ، وهل هذا الثواب مقصور على من جهز من لا يستطيع الجهاد أو عام ؟ احتمالان أرجحهما الثاني إذ يكون يقدر على الجهاد يمنعه الشح ، ومثل المجهز المعين كما في خبر مر وأفاد قوله يستقل أنه لو جهز بعضا وترك بعضا لا يحصل له الثواب الموعود بل له بقدر ما جهز وكذا جميع الطاعات من أعان عليها كان له مثلها كما ذكره بعضهم . - (ه عن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما عزاه لهما : وفيه صالح بن معاذ شيخ البزار وبقية رجاله ثقات . 8622 - (من حافظ على أربع ركعات قبل صلاة الظهر وأربع بعدها حرم على النار) أي نار جهنم وفي رواية حرمه الله على النار ، وفيه أن رواتب الظهر أربع قبلها وأربع بعدها لكن المؤكد ركعتان قبلها وركعتان بعدها . - (4) في الصلاة (ك) من حديث مكحول عن عنبسة بن أبي سفيان (عن أم حبيبة) قال الذهبي في المهذب : هذا الحديث معلل على وجوه وهو منقطع ما بين مكحول وعنبسة وقال أبو زرعة : مكحول لم يسمع من عنبسة . 8623 - (من حافظ على شفعة الضحى) بضم الشين وقد تفتح من الشفع بمعنى الزوج والمراد ركعتا الضحى ويروى بالفتح والضم كالغرفة وإنما سماها شفعة لأنها أكثر من واحدة قال القتبي : الشفع الزوج ولم أسمع به مؤنثا إلا هنا وأحسبه ذهب بتأنيثه إلى الفعلة أو الصلاة الواحدة (غفرت له
[ 149 ]
ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) أي كثيرة جدا ، والمراد [ ص 115 ] الصغائر على وزان ما مر . - (حم ت ه عن أبي هريرة) وفيه النهاس بن فهم القيسي قال في الميزان : تركه القطان وضعفه ابن معين ثم أورد له هذا الخبر . 8624 - (من حافظ على الأذان سنة وجبت له الجنة) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة من الشعب بدل وجبت إلخ أوجب الجنة فلينظر والمراد من حافظ على ذلك محتسبا كما قيده به في روايات أخر . - (هب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وفيه أبو قيس الدمشقي عن عبادة بن نسي أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين فقال : كأنه المصلوب منهم . 8625 - (من حاول أمرا) أي حصوله أو دفعه (بمعصية) لله (كان أبعد لما رجا) أي أمل (وأقرب لمجئ ما اتقى) . - (حل) من حديث عبد الوهاب بن نافع عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة (عن أنس) ثم قال : غريب من حديث مالك وإسحاق لم يكتبه إلا من حديث محمد بن أحمد بن إدريس عن عبد الوهاب بن نافع قال العقيلي : منكر الحديث فقال الذهبي : قلت بل هالك . 8626 - (من حج) زاد الطبراني والدارقطني أو اعتمر (لله) أي لابتغاء وجه الله طلبا لرضاه والمراد الإخلاص بأن لا يكون قصده نحو تجارة أو زيارة ويحتمل بتكلف الحمل على الظاهر من أن المراد ابتغاء النظر إلى وجه الله في الآخرة ورجاء الجنة والتخلص من النار (فلم يرفث) أي يفحش من القول أو يخاطب امرأة بما يتعلق بجماع وفاؤه مثلثة في الماضي والمضارع قال ابن حجر : والأفصح الفتح في الماضي والضم في المستقبل (ولم يفسق) أي لم يخرج عن حد الاستقامة بفعل معصية أو جدال أو مراء أو ملاحاة نحو رقيق أو أجير ، والفاء في فلم يرفث عطف على الشرط وجوابه (رجع) أي صار (كيوم) بجره على الإعراب وبفتحه على البناء وإضافته لقوله (ولدته أمه في خلوه عن الذنوب وهو يشمل الكبائر والتبعات وإليه ذهب القرطبي وعياض ، لكن قال الطبري : وهو محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجز عن وفائها وقال الترمذي : هو مخصوص بالمعاصي المتعلقة بحق الله لا العباد ولا يسقط الحق نفسه بل من عليه صلاة يسقط عنه إثم تأخيرها لا نفسها فلو أخرها بعده تحدد إثم آخر ، ولم يذكر الجدال مع النهي عنه في الآية لأنه أريد به الخصومة مع الرفقاء اكتفاء بذكر البعض أو خروجا عن حدود الشريعة في الفسق أو لاختلاف في الموقف لم يحتج لذكره هنا . - (حم خ ن ه عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أنه من تفردات البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه فقد عزاه لهما جمع منهم الصدر المناوي .
[ 150 ]
8627 - (من حج هذا البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده الطواف بالبيت) طواف الوداع فهو واجب وإن نفر من مني جير بالدم ، ولا يلزم حائضا طهرت خارج مكة ولو مكث بعده أعاده . - (حم 3 والضياء) المقدسي (عن الحارث ابن أوس أو ابن عبد الله بن أوس (الثقفي) قال الذهبي : له حديث واحد في طواف الوداع اختلف فيه على الحجاج بن أرطاة ومراده هذا الحديث . [ ص 116 ] 8628 - (من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي) ومن ثم ذهب جمع من الصوفية إلى أن الهجرة إليه ميتا كمن هاجر إليه حيا . وأخذ منه السبكي أنه تسن زيارته حتى للنساء وإن كانت زيارة القبور لهن مكروهة وأطال في إبطال ما زعمه ابن تيمية من حرمة السفر لزيارته حتى على الرجال . - (طب) عن ابن عمر قال الهيثمي : فيه عائشة بنت يونس ولم أجد من ترجمها (هق عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال البيهقي : تفرد به حفص بن سليمان وهو ضعيف وقال ابن عدي : حفص هذا هو القارئ ضعفوه جدا مع إمامته في القراءة ورمي بالكذب والوضع ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر وأعله بأن فيه حفص بن أبي داود ضعفوه ، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع لكن نازعه السبكي . 8629 - (من حج عن أبيه وأمه فقد قضى عنه حجته وكان له فضل عشر حجج (1) قال المحب الطبري : لا أعلم أحدا قال بظاهره من الإجزاء عنهما بحج واحد وهو محمول على أنه يقع للأصل فرضا وللفرع ثوابا . - (قط عن جابر) بن عبد الله ، وفيه عثمان بن عبد الرحمن ضعفوه وقال الغريباني في مختصر الدارقطني : فيه محمد بن عمرو البصري الأنصاري كان يحيى بن سعيد يضعفه جدا وقال ابن نمير : لا يساوي شيئا . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) أي إذا كان الفاعل قد حج عن نفسه ، والقصد : الترغيب في الحج عن الوالدين . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8630 - (من حج عن والديه) لفظ رواية الدارقطني أبويه (أو قضى عنهما بعثه الله يوم القيامة مع الأبرار) جمع بار وهو الكثير البر المتسع في الإحسان المتجنب العقوق والعصيان . - (طس قط عن ابن
[ 151 ]
عباس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه صلة بن سليمان العطار متروك وفي الميزان : قال النسائي : متروك والدارقطني : يترك حديثه قال : ومن مناكيره هذا الخبر اه‍ وقال الغرياني في اختصار الدارقطني : فيه صلة بن سليمان عن ابن جريح تركوه قال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه وقال ابن معين : ليس بثقة وقال مرة : كان كذابا ترك الناس حديثه قال النسائي : متروك الحديث اه‍ . فما أوهمه صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه غير جيد . 8631 - (من حدث) وفي رواية ابن ماجه من روى (عني بحديث) لفظ روايات ابن ماجه حديثا وفي رواية له من روى عني حديثا (وهو) أي والحال أنه (يرى) بضم ففتح يظن وبفتحتين ذكره بعضهم وقال النووي : يرى ضبطنا بضمن الياء والكاذبين بكسر الباء وفتح النون على الجمع قال : وهذا هو المشهور في اللفظين وقال عياض : الرواية عندنا الكاذبين على الجمع قال الطيبي : وقوله أحد الكاذبين من باب القلم أحد اللسانين والخال أحد الأبوين يعلم أنه كذب بكسر الكاف مصدر وبفتح فكسر أي ذو كذب على حذف مضاف أو المصدر بمعنى الفاعل (فهو أحد الكاذبين) بصيغة الجمع باعتبار كثرة النقلة وبالتثنية باعتبار المفتري والناقل عنه والأول كما في الديباج أشهر فليس لراوي حديث أن يقول قال الرسول إلا إن علم صحته ويقول في الضعيف روى أو بلغنا فإن روى ما علم أو ظن وضعه ولم يبين حاله أيدرج في جملة الكذابين لإعانته المفتري على نشر فريته فيشاركه في الإثم كمن أعان ظالما ولهذا كان بعض التابعين يهاب الرفع ويوقف قائلا الكذب على الصحابي أهون . - (حم م) في أول صحيحه (ه) في السنة (عن سمرة) بفتح فضم ففتح ابن جندب بضم الدال وفتحها ولم يخرجه البخاري ، رواه ابن ماجه عن سمرة من طريقين وعن علي من طريقين وعن المغيرة من طريق واحد . [ ص 117 ] 8632 - (من حدث بحديث) وفي رواية حديثا (فعطس عنده فهو حق) لأن للروح كشف غطاء عن الملكوت وذكر هنالك فإذا تحرك لذلك تنفس وهو عطاسه فإذا كان في ذلك الوقت كان وقت تحقق الحديث . - (الحكيم) الترمذي من طريق معاوية بن يحيى عن أبي الزناد عن الأعرج (عن أبي هريرة) قال المصنف في الدرر تبعا للزركشي : وحسنه النووي في فتاويه وأخطأ من قال إنه باطل ، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من الحكيم وهو عجب فقد خرجه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى باللفظ المذكور كلهم من الطريق المذكور وقال أعني الطبراني : لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وكذا أبو يعلى والديلمي قال الهيثمي : وفيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف اه‍ . وعزاه النووي في الأذكار لأبي يعلى ثم قال : كل إسناده ثقات متقنون إلا بقية بن الوليد فمختلف فيه قال : وأكثر الحفاظ والأئمة يحتجون بروايته عن الشاميين وقد رواه معاوية الشامي وممن خرجه البيهقي في الشعب وقال : إنه منكر اه‍ . وبالجملة هو حديث ضعيف لا موضوع كما قال ابن الجوزي : ويكفي في رده قول النووي في فتاويه : له أصل أصيل اه‍ وقول بعضهم : حديث باطل وإن كان إسناده كالشمس إذ كيف يجوز أن يثبت أن
[ 152 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم شهد بصدق كل محدث عطس عنده وكم أرى في الناس من كذاب ومحدث بباطل قارن حديثه العطاس : رده الزركشي وغيره بأن إسناده إذا صح ولم يكن في العقل ما يأباه وجب تلقيه بالقبول وقد صح في الحديث العطاس من الله وكان هذا الأمر المضاف إلى الله حق ولا يضاف إليه إلا حق . 8633 - (من حسب كلامه من عمله قل كلامه فيما لا يعنيه) قال الغزالي : بين بهذا الخبر أن حرص الإنسان على معرفة ما لا حاجة له به علاجه أن يعلم أن الموت بين يديه وأنه مسؤول عن كل كلمة وأن أنفاسه رأس ماله وأن لسانه شبكته يقدر على أن يقتنص بها الحور العين وإهماله وتضييعه خسران مبين ، هذا علاجه من حيث العلم وأما علاجه من حيث العمل فالعزلة ولزوم السكوت . - (ابن أبي السني عن أبي ذر) . 8634 - (من حضر معصية) وهي مخالفة الشارع بترك واجب أو فعل محرم ، أعم من الكبائر والصغائر (فكرهها فكأنما غاب عنها ومن غاب عنها فرضيها فكأنه حضرها) لأن من ود شيئا كان من عمله ولهذا خاطب الله سبحانه بني إسرائيل بقوله * (وإذا قتلتم نفسا) [ البقرة : 72 ] مع أن القائلين هم الماضون من أسلافهم . - (هق عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن أبي سليم أو ابن أبي سليمان قال الذهبي : غير قوي . 8635 - (من حضر إماما) أي مجلسه والمراد الإمام الأعظم ومثله نوابه وكذا القضاة وكل ذي ولاية عامة (فليقل خيرا أو ليسكت) قال في الفردوس : يعني بالإمام السلطان ويلحق به من ذكر . - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : وفيه صالح بن محمد بن زياد وثقه أحمد وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات وأعاده في موضع آخر وقال : فيه محمد بن محمد التمار قال ابن حبان : ثقة وربما أخطأ وقد أكثر عنه الطبراني . 8636 - (من حفظ عشر آيات من أول) وفي رواية من آخر (سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) لما في قصة أهل الكهف من العجائب فمن علمها لم يستغرب أمر الدجال فلا يفتن أو لان من
[ 153 ]
تدبر هذه الآيات وتأمل معناها حذره فأمن منه أو هذه خصوصية أودعت في السورة (1) ومن ثم ورد في رواية كلها وعليه يجتمع رواية من أول ومن آخر ويكون ذكر العشر استدراجا لحفظ الكل والتعريف للعهد أو للجنس لأن الدجال من يكثر الكذب والتمويه وفي خبر يكون في آخر الزمان دجالون وفيه جواز الدعاء بالعصمة من نوع معين والممتنع الدعاء بمطلقها لاختصاصها بالنبي صلى الله عليه وسلم والملك . - (حم م) في الصلاة (د) في الملاحم (ن) كلهم (عن أبي الدرداء) ووهم الحاكم فاستدركه وقال الترمذي : حسن صحيح ولم يخرجه البخاري . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) فمن تدبرها لم يفتتن بالدجال ويجوز أن يكون التخصيص بها لما فيها - أي العشر الآيات الأول - من ذكر التوحيد وخلاص أصحاب الكهف من شر الكفرة المتجبرة . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8637 - (من حفظ لسانه) أي صانه عن النطق بالكذب وغيره من المحرمات (وسمعه) من الاستماع إلى ما لا يجوز كغيبة ونميمة (وبصره) عن النظر إلى محرم أو صورة مليحة بشهوة نفس أو إلى مسلم بعين الاحتقار (يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة) ظاهر اللفظ يشمل الواقف بعرفة وغيره لكن قضية السياق أن الكلام في الحاج الواقف بها فتدبر . - (هب عن الفضل) بن عباس ورواه عنه أبو يعلى أيضا . 8638 - (من حلف على يمين) أي بها وهو مجموع المقسم به والمقسم عليه لكن المراد هنا المقسم عليه مجازا ذكرا للكل وإرادة للبعض (فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه) يعني من حلف يمينا جزما ثم بدا له أمر فعله أفضل من إبرار يمينه فليفعل ذلك الأمر ويكفر بعد فعله وفي جواز التكفير قبل الحنث وبعد اليمين خلاف جوزه الشافعية ومنعه الحنفية . (فائدة) قيل اليمين ضروري لا يغتفر إلى تعريف وقيل غير ضروري للاختلاف في التعاليق هل هي أيمان أو التزامات والضروري لا يختلف وإذا بطل كونه ضروريا فالنظر يفتقر للتعريف وعرفه ابن العربي بأنه ربط العقد بالامتناع من الفعل أو القدوم عليه بمعظم حقيقة أو اعتقادا ونوزع بخروج اليمين الغموس واللغو والتعاليق . - (حم م ت) في الأيمان (عن أبي هريرة) قال : أعتم رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فرجع إلى أهله فوجد الصبية ناموا فأتاه أهله بطعام فخلف لا يأكل لأجل الصبية ثم بدا له فأكل فأتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر فذكره ولم يخرجه البخاري .
[ 154 ]
8639 - (من حفظ على أمتي) يعني نقل إليهم بطريق التخريج والإسناد على ما سيجئ (أربعين حديثا من السنة) صحاحا أو حسانا قيل أو ضعافا يعمل بها في الفضائل (كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة) وفي رواية كتب في زمرة العلماء وحشر في زمرة الشهداء وفي رواية بعثه الله يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء قال الأصفهاني : واختلف في هذه فذهب بعضهم إلى أنها أربعين من أحاديث الأحكام وذهب بعضهم إلى أن الشرط أن تكون خارجة عن الطعن سليمة من القدح كيفما كانت وذهب آخرون إلى أنها أحاديث على مذهب الصوفية فيما يتعلق بآداب النفس والمعاملة وذهب بعضهم إلى أنها أحاديث تصلح للمتقين وتوافق حال المتبصرين وكلها صواب والمرجع إلى حقيقة يقين العبد وما أعد الله لأهل طاعته من الثواب في دار الحساب وكل من ذهب إلى واحد من هذه الأقوال فحافظ عليه بجد واجتهاد وقام به بمعرفة ورشاد نال من الله ما وعده رسوله يوم المعاد ووجه إيثار هذا العدد بذلك أن الأربعين أقل عدد له ربع عشر صحيح فكما دل حديث الزكاة على تطهير ربع العشر الباقي فكذا العمل بربع عشر الأربعين يخرج باقيها عن كونه غير معمول به فخصت بالذكر إشارة لذلك . - (عد عن ابن عباس) قال النووي : طرقه كلها ضعيفة وقال الزين العراقي : رواه أيضا ابن عبد البر في العلم من حديث ابن عمر وضعفه وقال العلائي : تفرد به إسحاق بن نجيح الملطي قال أحمد وابن معين : كذاب وقال ابن عدي : وضاع وقال صالح : هذا الحديث باطل وقال البيهقي في الشعب : بين مشهور بين الناس وليس إسناده بصحيح ، وقال ابن عساكر : الحديث روي عن علي وعمر وأنس وابن عباس وابن مسعود ومعاذ وأبي أمامة وأبي الدرداء وأبي سعيد بأسانيد فيها كلها مقال ليس للتصحيح فيها مجال لكن كثرة طرقه تقويه وأجود طرقه خبر معاذ مع ضعفه . 8640 - (من حفظ على أمتي أربعين حديثا من سنتي) ونقلها إليهم (أدخلته يوم القيامة في شفاعتي (1) فإن لم ينقلها إليهم لم يشمله هذا الوعد وإن حفظ عن ظهر قلب إذ المدار على نفع الأمة ولم يوجد واستنباط معنى من النص يخصصه سائغ ثم إن كان نقلها بطريق الإسناد والاجتهاد كما فعل البخاري وأضرابه فهو أعلى درجات النقل وإن كان يأخذها من دواوين أولئك كنقل المصنف ونحوه ففي دخوله في هذا الوعد وقفة إذ لم يحفظ هو على الأمة وإنما حافظه صاحب الكتاب المدون الذي تعب في تخريجه وبتسليم دخوله فليس كدخول المسند للمجتهد وإنما له أجر إفراد الحديث من ذلك الديوان
[ 155 ]
وتقريب تناوله لا أجر إسناده وحاصله أنه إن لم يحفظه الحفظ التام لم يدخل في الوعد الدخول التام ، ذكره العز بن جماعة وحاول بعض أهل القرن العاشر اعتراضه فلم يأت بطائل . - (ابن النجار) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري قال ابن حجر : حديث من حفظ ورد في رواية ثلاثة عشر صحابيا خرجها ابن الجوزي في العلل بين ضويعفها كلها وأفرده المنذري بجزء ولخصت القول فيه في الإملاء ثم جمعت طرقه في جزء ليس فيها طريق تسلم من علة قادحة اه‍ . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) قال العلقمي : الحفظ هو ضبط الشئ ومنعه من الضياع فتارة يكون حفظ العلم بالقلب وإن لم يكتب وتارة في الكتاب وإن لم يحفظ بقلبه فلو حفظ في كتابه ثم نقل إلى الناس دخل في وعد الحديث وإن كتبها في عشرين كتابا . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8641 - (من حفظ ما بين فقميه) بضم الفاء وفتحها لحييه وهو الفم من أكل الحرام وقبيح الكلام (ورجليه) وهو الفرج [ ص 119 ] من نحو زنا ولواط وسحاق ومقدماتها فمن قصره على الزنا فقد قصر في رواية من حفظ لي ومعنى كون النبي صلى الله عليه وسلم محفوظا له أنه طالب لهذه المحافظة ونفعها راجع إليه لأنه هو الهادي واهتداء المدلول نافع له (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سابقة عذاب وإلا فلو لم يحفظها دخل أيضا بعد التعذيب بل إن سومح لم يعذب . - (حم ك) في الحدود وكذا أبو يعلى والطبراني كلهم (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال المنذري : رواته ثقات وقال الهيثمي : رجال الطبراني وأبي يعلى ثقات والظاهر أن الراوي الذي سقط عند أحمد سليمان بن يسار . 8642 - (من حلف بغير الله فقد كفر) وفي رواية أشرك أي فعل فعل أهل الشرك أو تشبه بهم إذ كانت أيمانهم بآبائهم وما يعبدون من دون الله أو فقد أشرك في تعظيم من لم يكن أن يعظمه لأن الأيمان لا تصلح إلا بالله فالحالف بغيره معظم غيره مما ليس له فهو يشرك غير الله في تعظيمه ورجحه ابن جرير . ومن هذا التقرير علم أن من زعم أن الخبر ورد على منهج الزجر والتغليظ فقد تكلف ، قال النووي : ومن المكروه قول الصائم وحق هذا الخاتم الذي على فمي . - (حم ت ك) في الأيمان (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر : إسناده على شرط مسلم وقال الزين العراقي في أماليه : رجاله ثقات . 8643 - (من حلف) أي أراد الحلف (فليحلف برب الكعبة) لا بالكعبة فإن الحلف بمخلوق مكروه وإن كان عظيما كالكعبة والأنبياء والملائكة وإقسام الله ببعض مخلوقاته تنبيه على شرفها . - (حم هق عن قتيلة) بقاف مضمومة ومثناة فوقية مفتوحة مصغرا (1) (بنت صيفي) الجهنية والأنصارية صحابية من المهاجرات . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) قالت قتيلة : جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : نعم القوم أنتم يا محمد لولا أنكم تشركون قال : سبحان الله وما ذلك قال : تقولون والكعبة إذا حلفتم فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قال : إنه قد قال من حلف فليحلف برب الكعبة ثم قال : نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله ندا قال : وما ذاك قال : تقولون ما شاء الله وشئت قال : فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال : إنه قد قال من قال ما شاء الله فليقل ثم شئت . - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
[ 156 ]
8644 - (من حلف علي يمين) أي على محلوف يمين قال القاضي : إنما قال على يمين تنزيلا للحلف منزلة المحلوف عليه اتساعا (صبر) بفتح الصاد وسكون الموحدة هي التي تلزم ويجبر حالفها عليها حال كونه (يقتطع بها) أي بسبب اليمين (مال) وفي رواية حق (امرئ) وهي بالترجيح أحق لعمومها وشمولها غير المال كحد قذف ونصيب زوجة في قسم ونحو ذلك (مسلم) قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك بل حقه أوجب رعاية لإمكان أن يرضي الله المسلم المظلوم يوم الجزاء برفع درجاته فيعفو عن ظالمه والكافر لا يصلح لذلك (هو فيها فاجر) أراد بالفجور لازمه وهو الكذب وقال القاضي : أقام الفجور مقام الكذب ليدل على أنه من أنواعه (لقي الله) يوم القيامة (وهو عليه غضبان) فيعامله معاملة المغضوب عليه من كونه لا ينظر إليه ولا يكلمه ولا يكرمه بل يهينه ويعذبه أو وهو عليه غضبان أي مريد لعقوبته وإذا لقيه وهو يريدها جاز بعد ذلك أن يرفع عنه تماديه بشرط أن لا يكون متعلق إرادته عذاب واصب فإن ما تعلق به وصف الإرادة لا بد من وقوعه . وغفران الجرائم أصل من أصول الدين إما بالموازنة أو بالطول المحض . والتنوين للتهويل أو للإشارة إلى عظم هذه الجريمة وفي رواية لقي الله أجذم وفي أخرى أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة وهذا خرج مخرج الزجر والمبالغة في المنع بدليل تأكيد إيجاب النار في الرواية الأخيرة بتحريم الجنة فإن أحدها يستلزم الآخر والمقام يقتضي التأكيد إذ مرتكب هذه الجريمة قد بلغ في الاعتداء الغاية حيث اقتطع حق امرئ لا تعلق له به واستخف بحرمة الإسلام ومع ذلك فلا يجري على ظاهره وفيه أن اقتطاع الحق يوجب دخول النار إلا أن يبرئ صاحب الحق أو يعفو عن الحق والكلام فيما إذا حلف باسم من أسمائه تعالى أو بصفة من صفاته فإن حلف بغير ذلك فليس بيمين شرعي وإنما سموه الفقهاء يمينا مجازا كمن حلف بطلاق أو عتاق أو مشى لأنه إنما علق فعله بشرط فإنه إذا وقع الشرط وقع المشروط . - (حم ق 4 عن الأشعث بن قيس) بن معد يكرب بن معاوية الكندي اسمه معد يكرب وفد في قومه [ ص 121 ] فأسلموا ثم ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم فأسر فأسلم فزوجه أبو بكر أخته ثم شهد اليرموك والقادسية وكان ممن ألزم عليا بالتحكيم (وابن مسعود) وهذا الحديث فيه قصة وذلك أن ابن مسعود لما حدث بذلك في مجلسه دخل الأشعث بن قيس فقال : ما يحدثكم أبو عبد الرحمن قالوا : كذا وكذا قال : صدق في نزلت ، كان بيني وبين رجل أرض باليمن فخاصمته إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : هل لك بينة قلت : لا قال : فيمينه قلت : إذن يحلف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك - فذكره - فنزلت * (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) [ آل عمران : 77 ] الاية . 8645 - (من حلف على يمين) أي من حلف يمينا بالله أو بطلاق (فقال) متصلا باللفظ (إن شاء
[ 157 ]
الله فقد استثنى (1) أي فلا حنث عليه كما في رواية الترمذي وذلك لأن المشيئة وعدمها غير معلوم والوقوع بخلافها محال . وفي تعبيره بالفاء في فقال إشعار بالاتصال لأنها موضوعة لغير التراخي فمتى انفصل الاستثناء لم يؤثر والاستثناء استفعال من المثنى بضم فسكون من ثنيت الشئ إذا عطفته فإن المستثنى عطف بعض ما ذكره لأنها عرفا إخراج بعض ما تناوله اللفظ بإلا وأخواتها . - (د ن ك) في الأيمان وصححه (عن ابن عمر) بن الخطاب يرفعه ووقفه بعضهم وقول الترمذي لم يرفعه غير أبي أيوب تعقبه مغلطاي بأن غيره رفعه أيضا وقال ابن حجر : رجاله ثقات . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) ولا فرق بين الحلف بالله أو بالطلاق أو بالعتاق عند أكثرهم ، وقال مالك والأوزاعي : إذا حلف بطلاق أو عتاق فالاستثناء لا يغني عنه شيئا ، وقال المالكية : الاستثناء لا يعمل إلا في يمين تدخلها الكفارة ، ولا بد من قصد التعليق فلو قصد التبرك بذكر الله أو أطلق وقع الطلاق . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8646 - (من حلف بالأمانة) أي الفرائض كصلاة وصوم وحج (فليس منا) أي ليس من جملة المتقين معدودا ولا من جملة أكابر المسلمين محسوبا وليس من ذوي أسوتنا فإنه من ديدن أهل الكتاب ولأنه سبحانه أمر بالحلف بأسمائه وصفاته ، والأمانة أمر من أموره فالحلف بها يوهم التسوية بينها وبين السماء والصفات فنهوا عنه كما نهوا عن الحلف بالآباء قال الطيبي : ولعله أراد الوعيد عليه لكونه حلفا بغير الله وصفاته ولا تتعلق به الكفارة وفاقا ، وقال الشافعية : من قال علي أمانة الله لأفعلن كذا وأراد اليمين كان يمينا وإلا فلا ، وقال أشهب المالكي : الأمانة محتملة فإن أريد بها بين الخلق فغير يمين وإن أريد بها التي هي من صفات ذاته تعالى فهي يمين ولهذا صح الحلف بالصفات (1) . - (د) في الأيمان والنذور (عن بريدة) وإسناده صحيح كما في الأذكار ، وفي الرياض : حديث صحيح . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وإذا قال الحالف وأمانة الله كانت يمينا عند أبي حنيفة ولم يعدها الشافعي يمينا . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8647 - (من حمل) وفي رواية من شهر (علينا السلاح) أي قاتلنا بالسلاح فهو منصوب بنزع الخافض وجعلهم مفعول حمل وعلينا حال أي حمله علينا لا لنا لنحو حراسة عن دفع عدو ذكره الطيبي ، وهو هنا ما أعد للحرب وفي رواية بدل السلاح السيف وكنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل اللازم له غالبا ، قال ابن دقيق العيد : يحتمل أن يراد بالحمل ما يضاد الوضع ويكون كناية عن القتال به ويحتمل أن المراد حمل للضرب به وكيفما كان ففيه دلالة على تحريم قتال المسلمين والتشديد فيه ، وقال ابن العربي : حمل السلاح لا يخلو أن يكون باسم حرابة أو تأويل أو ديانة فإن كان لحرابة فجزاؤه نص في الكتاب أو منازعة في ولاية فهم البغاة بشرطه أو لديانة فإن كانت بدعة فإن كفرناه بها فمرتد وإلا فكمحارب في القتل والقتال (فليس منا) إن استحل ذلك فإن لم يستحل فالمراد ليس متخلقا بأخلاقنا ولا عاملا بطرائقنا . أطلقه مع احتمال إرادة ليس على ملتنا مبالغة في الزجر عن إدخال الرعب على الناس وجمع الضمير ليعم جميع الأمة . - (مالك [ ص 122 ] حم ق ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه مسلم عن أبي
[ 158 ]
هريرة وزاد فيه ومن غشنا فليس منا . 8648 - (من حمل بجوانب السرير) الذي عليه الميت (الأربع غفر له أربعون كبيرة) ومنه أن حمل الجنازة ليس فيه دناءة بل هو مستحب لما فيه من بر الميت وإكرامه ، وبهذا أخذ الخنفية فذهبوا إلى أن التربيع أفضل من الحمل بين العمودين ، وقال الشافعية : الحمل بين العمودين أفضل . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن واثلة) بن الأسقع رواه عنه أيضا الطبراني في الكبير والأوسط وفيه علي بن عمارة وهو ضعيف كما قال الهيثمي . 8649 - (من حمل من) وفي رواية عن (أمتي أربعين حديثا بعثه الله) في رواية لقي الله (يوم القيامة فقيها عالما) يعني حشر يوم القيامة في زمرة الفقهاء والعلماء أو أعطي مثل ثواب الفقيه العالم وجعل معه في درجته وهذا تنويه عظيم بفضل رواية الحديث وحفظه . - (عد عن أنس) وفيه عمر بن شاكر قال في الميزان : بصري واه له عن أنس نحو عشرين حديثا مناكير وقال ابن عدي : له نسخة نحو عشرين حديثا غير محفوظة ثم سرد منها هذا الخبر ثم قال في الميزان : قلت هذا من وضع سليمان بن سلمة اه‍ . 8650 - (من حمل) من السوق (سلعته) بكسر السين بضاعته والجمع سلع كسدرة وسدر ولفظ رواية البيهقي من حمل بضاعته (فقد برئ من الكبر) وذلك لما يلزم الحمل من التواضع وطرح النفس قال الحرالي : وإذا كان ذا فيمن يحمل متاعه فكيف بمن يحمل أمتعة الناس إعانة لهم ؟ والكبر آية المطرودين عن منازل النعيم وهذا حث على التواضع وترك عادة أهل النخوة . - (هب) وكذا ابن لال (عن أبي أمامة) قضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله في إسناده ضعف اه‍ وذلك لأن فيه سويد بن سعيد وهو ضعيف عن بقية وهو مدلس عن عمرو بن موسى الدمشقي قال في الميزان : لا يعتمد عليه ولا يعرف ولعله الوجهي . 8651 - (من حمل أخاه) في الدين (على شسع) في رواية على شسع نعل والشسع بالكسر قبال النعل (فكأنما حمله على دابة في سبيل الله) في رواية بدله فكأنما حمله على فرس شاك في السلاح في سبيل الله . - (خط عن أنس) وفيه محمد بن جبار قال الخطيب : يحدث بمناكير اه‍ وأورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن منده : ليس بذلك والصوري ضعيف وفيه أبو معمر مجهول وعبد الواحد بن زيد قال الذهبي : قال البخاري والنسائي : متروك وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح .
[ 159 ]
8652 - (من حوسب عذب) بالبناء للمفعول يعني من حوسب بمناقشة كما يدل عليه الخبر الآتي من نوقش الحساب عذب والمراد هنا المبالغة في الاستيفاء والمعنى وتحرير الحساب يفضي إلى استحقاق العذاب لأن حسنات العبد موقوفة على القبول ، وإن لم تقع الرحمة المقتضية للقبول لا تحصل النجاة . - (ن والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك وقضية تصرف المصنف أن هذا الحديث مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في أواخر صحيحه من حديث عائشة بلفظ من حوسب يوم القيامة عذب قيل أليس قال الله * (فسوف يحاسب حسابا يسيرا) [ الانشقاق : 80 ] فقال : ليس ذلك الحساب إنما ذلك العرض من نوقش الحساب يوم القيامة عذب اه‍ بنصه . [ ص 123 ] 8653 - (من خاف أدلج) بسكون الدال مخففا سار من أول الليل وأما بالتشديد فمعناه سار من آخره (ومن أدلج بلغ المنزل) يعني من خشي الله أتى منه كل خير ومن أمن اجترأ على كل شر ، كذا في الكشاف ، وقال في الرياض : المراد التشمير في الطاعة . وفي الترغيب معناه من خاف ألزمه الخوف السلوك إلى الآخرة والمبادرة بالعمل الصالح خوف القواطع والعوائق . وقيل هو حث على قيام الليل . جعل قيامه من علامات الخوف لأن الخائف يدلج أي منعه الخوف من نوم كل الليل ، والأظهر أنه ضرب مثلا لكل من خاف الردى أو فوت ما يتمنى أن يصل إلى السير بالسرى ولا يركن إلى الراحة والهوى حتى يبلغ المنى (ألا إن سلعة الله غالية) أي رفيعة القدر (ألا إن سلعة الله الجنة) قال الطيبي : هذا مثل ضربه لسالك الآخرة فإن الشيطان على طريقه ، والنفس وأمانيه الكاذبة أعوانه ، فإن تيقظ في سيره وأخلص في عمله أمن من الشيطان وكيده ومن قطع الطريق انتهى ، وثمن هذه السلعة العمل الصالح المشار إليه بقوله [ الكهف : 46 ] (والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا) * وقال العلائي : أخبر أن الخوف من الله هو المقتضي للسير إليبالعمل الصالح والمشار إليه بالإدلاج وعبر ببلوغ المنزلة عن النجاة المترتبة على العمل الصالح وأصل ذلك كله الخوف . - (ت) في الزهد (ك) في الرقاق (عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن غريب وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي لكن تعقبه الصدر المناوي بأن فيه عندهما يزيد بن سنان ضعفه أحمد وابن المديني اه‍ وقال ابن طاهر : يزيد متروك والحديث لا يصح مسندا وإنما هو من كلام أبي ذر . 8654 - (من خبب) بخاء معجمة ثم موحدة تحتية مكررة (زوجة امرئ) أي خدعها وأفسدها (أو مملوكة فليس منا) أي ليس على طريقتنا ولا من العاملين بقوانين أحكام شريعتنا قال شيخنا الشعراوي : ومن ذلك ما لو جاءته امرأة غضبانة من زوجها ليصلح بينهما مثلا فيبسط لها في الطعام ويزيد في النفقة والإكرام ولو إكراما لزوجها فربما مالت لغيره وازدرت ما عنده فيدخل في هذا
[ 160 ]
الحديث ، ومقام العارف أن يؤاخذ نفسه باللازم وإن لم يقصده . قال : وقد فعلت هذا الخلق مرارا فأضيق على المرأة الغضبانة وأوصي عيالي أن يجوعوها لترجع وتعرف حق نعمة زوجها . وكذا القول في العبد . - (د عن أبي هريرة) وفيه هارون بن محمد أبو الطيب ، قال في الميزان : قال ابن معين : كذاب ثم أورد له هذا الخبر . 8655 - (من ختم القرآن أول النهار صلت عليه الملائكة) أي استغفرت له الملائكة (حتى يمسي) أي يدخل في المساء (ومن ختمه آخر النهار صلت عليه الملائكة حتى يصبح) أي يدخل في الصباح يحتمل أن المراد بالملائكة الحفظة ويحتمل أن المراد الملائكة الموكلين بالقرآن وسماعه . - (حل عن سعد) بن أبي وقاص وفيه هشام بن عبد الله قال الذهبي في الضعفاء : قال ابن حبان : كثرت مخالفته للأثبات ثم روى له حديثين موضوعين ومصعب بن سعد قال أعني الذهبي : خرجه ابن عدي . 8656 - (من ختم له بصيام يوم) أي من ختم عمره بصيام يوم بأن مات وهو صائم أو بعد فطره من صومه (دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب . - (البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان قال الهيثمي : رجاله موثقون . [ ص 124 ] 8657 - (من خرج) لفظ رواية الترمذي من خرج من بيته (في طلب العلم) أي الشرعي النافع الذي أريد به وجه الله (فهو في سبيل الله) أي حكمه حكم من هو في الجهاد (حتى يرجع) لما في طلبه من إحياء الدين وإذلال الشيطان وإتعاب النفس كما في الجهاد فلذلك أشبهه ، وفي قوله حتى يرجع إشارة إلى أنه بعد الرجوع وإنذار القوم له درجة أعلى من تلك الدرجة لأنه حينئذ وارث الأنبياء في تكميل الناقصين . - (ت) في العلم (والضياء) في المختارة (عن أنس) وقال الترمذي : حسن غريب ولم يرفعه بعضهم وفيه خالد بن يزيد اللؤلؤي قال العقيلي : لا يتابع على كثير من حديثه ثم ذكر له هذا الخبر قال الذهبي : واه مقارب . 8658 - (من خضب شعره بالسواد سود الله وجهه) دعاء أو خبر (يوم القيامة) وهذا وعيد شديد يفيد التحريم ، وبه أخذ جمع شافعية فحرموه به لغير الجهاد فيجوز به لإرهاب العدو ، ورجحه النووي ، ومنهم من فرق بين الرجل والمرأة فأجازه لها دونه واختاره الحليمي . - (طب) من رواية الوضين
[ 161 ]
عن جنادة عن أبي الدرداء قال الزين العراقي في شرح الترمذي : فيه الوضين بن عطاء ضعيف وقال ابن حجر في الفتح : سنده لين وقال في الميزان : قال أبو حاتم : هذا حديث موضوع اه‍ . وذلك لأن فيه جعفر بن محمد بن فضال وهو الدقاق قال الذهبي : كذبه الدارقطني ومحمد بن سليمان بن أبي داود قال أبو حاتم : منكر الحديث وجنادة ضعفه أبو زرعة . 8659 - (من خلقه الله لواحدة من المنزلتين وفقه الله لعملها) فمن خلقه الله للسعادة أقدره على أعمالها حتى تكون الطاعة أيسر الأمور عليه * (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام) [ الانعام : 125 ] ومن خلقه للشقاوة منعه الألطاف حتى تكون الطاعة أعسر شئ عليه وأشده * (ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا) [ الانعام : 125 ] . - (طب عن عمران) رمز لحسنه . 8660 - (من دخل البيت) أي الكعبة المعظمة (دخل في حسنة وخرج من سيئئة مغفورا له) ترغيب عظيم في دخول الكعبة ، قال العراقي : وندبه متفق عليه لكن محله ما لم يؤذ أو يتأذى بنحو زحمة ، قال الشافعي : واستحب دخول البيت إن كان لا يؤذي أحدا بدخوله . - (طب هب عن ابن عباس) قال البيهقي : تفرد به عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف وقال المحب الطبري : هو حسن غريب وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه عبد الله بن المؤمل وفيه ضعف ووثقه ابن سعد . 8661 - (من دخل الحمام بغير مئزر) ساتر لعورته عن العيون (لعنه الملكان) أي الحافظان الكاتبان حتى يستتر ، وفيه أن كشف العورة أو بعضها بحضرة من لا يحل له النظر إليها حرام فإن كان بحضرة من يحل له النظر إليها أو كان خاليا وكشفها لحاجة جاز . - (الشيرازي عن أنس) بن مالك . 8662 - (من دخلت عينه) أي نظر بعينه إلى من في الدار من أهلها وهو بالباب (قبل أن يستأنس ويسلم فلا إذن له) أي فلا ينبغي لرب الدار أن يأذن له (وقد عصى ربه) ومن ثم جاز لرب الدار أن يرميه وإن انفقأت عينه . - (طب) من حديث إسحاق بن يحيى (عن عبادة) بن الصامت قال الهيثمي : وإسحاق لم يدرك عبادة وبقية رجاله ثقات اه‍ . [ ص 125 ]
[ 162 ]
86631 - (من دعا إلى هدى) أي إلى ما يهتدى به من العمل الصالح ، ونكره ليشيع فيتناول الحقير كإماطة الأذى عن الطريق (كان له من الأجر مثل أجور من تبعه) فهبه ابتدعه أو سبق إليه لأن اتباعهم له تولد عن فعله الذي هو من سنن المرسلين (لا ينقص ذلك) الإشارة إلى مصدر كان (من أجورهم شيئا) دفع ما يتوهم أن أجر الداعي إنما يكون بالتنقيص من أجر التابع وضمه إلى أجر الداعي فكما يترتب الثواب والعقاب على ما يباشره ويزاوله يترتب كل منهما على ما هو سبب فعله كالإرشاد إليه والحث عليه ، قال البيضاوي : أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية للثواب والعقاب بذاتها لكنه تعالى أجرى عادته بربط الثواب والعقاب ارتباط المسببات بالأسباب وفعل ما له تأثير في صدوره بوجه ، ولما كانت الجهة التي بها استوجب الجزاء المتسبب غير الجهة التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره من أجره شيئا ، وكذا يقال فيما يأتي إلى هنا كلام القاضي ، وقال الطيبي : الهدى إما الدلالة الموصلة إلى البغية أو مطلق الإرشاد وهو في الحديث ما يهتدي به من الأعمال وهو بحسب التنكير مطلق شائع في جنس ما يقال له هدى يطلق على ما قل وكثر والحقير والعظيم فأعظمه هدى من دعا إلى الله وعمل صالحا وأدناه هدى من دعا إلى إماطة الأذى ولهذا عظم شأن الفقيه الداعي المنذر حتى فضل واحد منهم على ألف عابد ولأن نفعه يعم الأشخاص والأعصار إلى يوم الدين (ومن دعا إلى ضلالة) ابتدعها أو سبق بها (فإن عليه من الإثم مثل آثام من تبعه) لتولده عن فعله الذي هو من خصال الشيطان والعبد يستحق العقوبة على السبب وما تولد منه ، كما يعاقب السكران على جنايته حال سكره وإذا كان السبب محظورا لم يكن السكران معذورا فالله يعاقب على الأسباب المحرمة وما تولد منها كما يثيب على الأسباب المأمور بها وما تولد منها ، ولهذا كان على قابيل القاتل لأخيه كفل من ذنب كل قاتل ومر أن ذا لا يعارضه حديث " إذا مات الإنسان انقطع عمله " إلا من ثلاث لأنه نبه بتلك الثلاث على ما في معناها من كل ما يدوم النفع به للغير (ولا ينقص ذلك من آثامهم شيئا) ضمير الجمع في أجورهم وآثامهم يعود لمن باعتبار المعنى فإن قيل إذا دعا واحد جمعا إلى ضلالة فاتبعوه لزم كون السيئة واحدة وهي الدعوة مع أن هنا آثاما كثيرة قلنا تلك الدعوة في المعنى متعددة لأن دعوى الجمع دفعة دعوة لكل من أجابها فإن قيل كيف التوبة مما تولد وليس من فعله والمرء إنما يتوب مما فعله اختيارا قلنا يحصل بالندم ودفعه عن الغير ما أمكن . (تنبيه) أخذ المقريزي من هذا الخبر أن كل أجر حصل للشهيد حصل للنبي صلى الله عليه وسلم بسببه مثله والحياة أجر فيحصل للنبي صلى الله عليه وسلم مثلها زيادة على ماله من الأجر الخاص من نفسه على هذا المهتدي وعلى ماله من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأحوال التي لا تصل جميع الأمة إلى عرف نشرها ولا يبلغون معاشر عشرها فجميع حسنات المسلمين وأعمالهم الصالحة في صحائف نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر مع مضاعفة لا يحصيها إلا الله لأن كل مهتد وعامل إلى يوم القيامة يحصل له أجر ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك
[ 163 ]
الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة وللرابع ثمانية وهكذا تضعف كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة بعده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبذلك يعرف تفضيل السلف على الخلف فإذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كلما ازدادوا واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا . - (حم م 4 عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . [ ص 126 ] 8664 - (من دعا لأخيه) في الدين (بظهر الغيب) أي في غيبته (قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل) بالتنوين أي بمثل ما دعوت له به . - (م د عن أبي الدرداء) . 8665 - (من دعا على من ظلمه فقد انتصر) أي أخذ من عرض الظالم فنقص من إثمه فنقص ثواب المظلوم بحسبه وهذا إخبار بأن من انتصر ولو بلسانه فقد استوفى حقه فلا إثم عليه ولا أجر له فالحديث تعريض بكراهة الانتصار وندب العفو بجعل أجره على الله * (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) [ الشورى : 43 ] وفيه شفقته على جميع أمته مظلومهم وظالمهم ، فأما مظلومهم فأحب له العفو لئلا يحرم الأجر وظالمهم خوف أن يدعو عليه المظلوم فيجاب ، وقد مدح الله المنتصريمن البغي كما مدح العافين فحمل الثاني على من ندر منه البغي فيقال عثرته والأول على ما إذا كان الداعي تجاوز جرأة وفجورا . - (ت عن عائشة) ذكر في العلل أنه سئل عنه البخاري فقال : لا أعلم أحدا رواه غير أبي الأحوص لكن هو من حديث أبي حمزة وضعف أبا حمزة جدا اه‍ . 8666 - (من دعا رجلا بغير اسمه لعنته الملائكة) أي دعت عليه بالبعد عن منازل الأبرار ومواطن الأخيار ولعل المراد أنه دعاه بلقب يكرهه بخلاف ما لو دعاه بنحو يا عبد الله . - (ابن السني) أحمد بن محمد وكذا ابن لال (عن عمير بن سعد) هما في الصحابة اثنان أنصاري وعبدي فكان ينبغي تمييزه قال ابن الجوزي : قال النسائي : هذا حديث منكر . 8667 - (من دعي إلى عرس) أي إلى وليمة عرس (أو نحوه) كختان وعقيقة (فليجب) وجوبا في وليمة العرس عند توفر الشروط المبينة في الفروع وندبا في غيرها وأخذ بظاهره بعض الشافعية فأوجب الإجابة إلى الدعوة مطلقا عرسا أو غيره بشرطه ونقله ابن عبد البر عن العنبري قاضي البصرة وزعم ابن حزم بأنه قول جمهور الصحب والتابعين وهو الذي فهمه ابن عمر من الخبر فعند عبد الرزاق
[ 164 ]
قال ابن حجر : بإسناد صحيح عن ابن عمر أنه دعي إلى طعام فقال رجل : أعفني فقال ابن عمر : إنه لا عافية لك من هذا فقم وجزم باختصاص الوجوب بوليمة النكاح المالكية والحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية وبالغ السرخسي منهم فنقل فيه الإجماع . - (م) في الوليمة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال في الميزان : أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن راهويه عن عيسى عن بقية وليس لبقية في الصحيح سواه أخرجه شاهدا اه‍ ورواه عنه أبو داود أيضا . 8668 - (من دفع غضبه دفع الله عنه عذابه) مكافأة له على كظم غيظه وقهر نفسه لله (ومن حفظ لسانه) أي عن الوقيعة في أعراض الناس أو عن النطق بما يحرم (ستر الله عورته) عن الخلق فلا يطلع الناس على عيوبه . - (طس) وكذا في الأوسط (عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه عبد السلام بن هلال وهو ضعيف . 8669 - (من دفن ثلاثة من الولد) أي من أولاده ذكورا أو إناثا ولعل المراد من أولاد الصلب ويحتمل شموله لأولاد الأولاد (حرم الله عليه النار) أي نار جهنم بأن يدخل الجنة من غير عذاب بالكلية ، وظاهره أن الكلام في المسلم . [ ص 127 ] - (طب عن واثلة) بن الأسقع رمز لحسنه وقال الهيثمي : فيه سنان مجهول . 8670 - (من دل على خير) شمل جميع أنواع الخصال الحميدة (فله) من الأجر (مثل أجر فاعله) أي له ثواب كما لفاعله ثواب ولا يلزم تساوي قدرهما ، ذكره النووي ، أو أن المراد المثل بغير تضعيف ، وقد مر هذا غير مرة . (تنبيه) علم من هذا الحديث وحدث من دعا إلى هدى المتقدم أن كل أجر حصل الدال والداعي حصل للمصطفى صلى الله عليه وسلم مثله زيادة على ما له من الأجر الخاص من نفسه على دلالته أو هدايته للمهتدي وعلى ما له من الأجور على حسناته الخاصة من الأعمال والمعارف والأجور التي لا تصل جميع أمته إلى عرف نشرها ولا يبلغون عشر عشرها وهكذا نقول إن جميع حسناتنا وأعمالنا الصالحة وعبادات كل مسلم مسطرة في صحائف نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على ما له من الأجر ويحصل له من الأجور بعدد أمته أضعافا مضاعفة لا تحصى يقصر العقل عن إدراكها لأن كل مهد ودال وعالم يحصل له أجر إلى يوم القيامة ويتجدد لشيخه في الهداية مثل ذلك الأجر ولشيخ شيخه مثلاه وللشيخ الثالث أربعة والرابع ثمانية وهكذا تضعف في كل مرتبة بعدد الأجور الحاصلة قبله إلى أن ينتهي إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم إذا فرضت المراتب عشرة بعد النبي صلى الله عليه وسلم كان للنبي صلى الله عليه وسلم من الأجر ألف وأربعة وعشرون فإذا اهتدى بالعاشر حادي عشر صار أجر النبي صلى الله عليه وسلم ألفين وثمانية وأربعين وهكذا كل ما زاد واحدا يتضاعف ما كان قبله أبدا إلى
[ 165 ]
يوم القيامة وهذا أمر لا يحصره إلا الله فكيف إذا أخذ مع كثرة الصحابة والتابعين والمسلمين في كل عصر وكل واحد من الصحابة يحصل له بعدد الأجور الذي ترتبت على فعله إلى يوم القيامة وكل ما يحصل لجميع الصحابة حاصل بجملته للنبي صلى الله عليه وسلم وبه يظهر رجحان السلف على الخلف وأنه كلما ازاد الخلف ازداد أجر السلف وتضاعف ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل ، فليتأمل المسلم هذا المعنى وسعادة الدال على الخير وشقاوة الدال على الشر ، وقد مر بعض هذا في حديث من دعا . - (حم م) في الجهاد وفيه قصة (د) في الأدب (ت) في العلم (عن أبي مسعود) البدري قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله فقال : ما عندي فقال رجل : أنا أدله على من يحمله فذكره . 8671 - (من ذب) أي من دفع (عن عرض أخيه) زاد في رواية لمسلم (بالغيبة) قال الطيبي : هو كناية عن الغيبة كأنه قيل من ذب عن غيبة أخيه في غيبته وعلى هذا فقوله بالغيبة ظرف ويجوز كونه حالا (كان حقا على الله أن يقيه) وفي رواية أن يعتقه (من النار) زاد في رواية * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) [ الروم : 47 ] قال الطيبي : هو استشهاد لقوله كان حقا إلخ وفيه أن المستمع لا يخرج من إثم الغيبة إلا بأن ينكر بلسانه فإن خاف فبقلبه فإن قدر على القيام أو قطع الكلام لزمه وإن قال بلسانه اسكت وهو مشته ذلك بقلبه فذلك نفاق ، قال الغزالي : ولا يكفي أن يشير باليد أن اسكت أو بحاجبه أو رأسه وغير ذلك فإنه احتقار للمذكور بل ينبغي الذب عنه صريحا كما دلت عليه الأخبار . - (حم طب عن أسماء بنت يزيد) قال المنذري : إسناد أحمد حسن ، وقال الهيثمي : . إسناد حسن ، وقال الصدر المناوي : إسناده ضعيف والمؤلف رمز لحسنه . 8672 - (من ذبح لضيفه ذبيحة) إكراما له لأجل الله (كانت فداءه من النار) أي نار جهنم فلا يدخلها إلا تحلة القسم [ ص 128 ] بل يكرم بالجنة كما أكرم ضيفه بإحسان الضيافة - (ك) في تاريخه من حديث أبي عوانة عن عامر بن شعيب عن عبد الوهاب الثقفي عن جده عن الحسن (عن جابر) بن عبد الله ثم قال الحاكم : عامر بن شعيب روى أحاديث منكرة بل أكثرها موضوع اه‍ . فعزو المصنف الحديث لمخرجه وسكوته عما عقبه به من بيان القادح لا ينبغي . 8673 - (من ذرعه) بذال معجمة وراء عين مفتوحات أي غلبه (القئ وهو صائم) فرضا (فليس عليه قضاء) يجب (ومن استقاء) أي تكلف القئ عامدا عالما (فليقض) وجوبا لبطلان صومه
[ 166 ]
وبهذا التفصيل أخذ الشافعي . - (4 ك) في الصوم (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الدارمي وابن حبان والدارقطني وغيرهم وذكر الترمذي أنه سأل عنه البخاري فقال : لا أراه محفوظا ، وقد روي من غير وجه ولا يصح إسناده وأنكره أحمد ، وقال الدارمي : زعم أهل البصرة أن هشاما وهم فيه . 8674 - (من ذكر الله ففاضت عيناه) أي الدموع من عينه فأسند الفيض إلى العين مبالغة كأنها هي التي فاضت ، ولما كان فيض العين تارة يكون من الخشية وتارة يكون من الشوق وتارة من المحبة بين أن الكلام هنا في مقام الخوف فقال (من خشية الله حتى يصيب الأرض من دموعه لم يعذبه الله يوم القيامة) فإنه تعالى لا يجمع على عبده خوفين فمن خافه في الدنيا لم يخفه يوم الفزع الأكبر بل يكون من الآمنين المطمئنين الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون . - (ك) في التوبة (عن أنس) بن مالك ، وقال : صحيح وأقره عليه الذهبي . 8675 - (من ذكر الله عند الوضوء طهر جسده كله) أي ظاهره وباطنه (فإن لم يذكر اسم الله) عند وضوئه (لم يظهر منه إلا ما أصاب الماء) أي من الظاهر دون الباطن وذلك موقع نظر الخلق وطهارة الباطن يعني القلب بالذكر وخلوه عن الأخلاق الذميمة موقع نظر الحق فمن اقتصر على طهارة ظاهره فهو كمن أراد أن يدعو ملكا لبيته وتركه مشحونا بالقذر واشتغل في تخصيص ظاهر الدار ، وما أجدر من فعل ذلك بالبوار . - (عب عن الحسن) الضبي (الكوفي مرسلا) قال الذهبي : ثقة ، قال عبد الحق : وفيه محمد بن أبان لا أعرفه الآن وقال ابن القطان : فيه من لا يعرف البتة وهو مرداس بن محمد راويه عن أبان اه‍ ورواه الدارقطني عن أبي هريرة مسندا مرفوعا قال الحافظ العراقي : وسنده أيضا ضعيف . 8676 - (من ذكر امرءا بما) وفي رواية بشئ (ليس فيه ليعيبه) به بين الناس (حبسه الله) عن دخول الجنة (في نار جهنم حتى يأتي بنفاذ ما قال) أي وليس بقادر على ذلك فهو كناية عن دوام تعذببه يعني طوله من قبيل الخبر المار كلف أن يعقد بين شعيرتين ونحو ذلك . - (طب عن أبي الدرداء) قال المنذري : إسناده جيد وقال الهيثمي : رواه الطبراني عن شيخه مقدام بن داود وهو ضعيف . 8677 - (من ذكر رجلا بما فيه) من النقائص والعيوب (فقد اغتابه) والغيبة حرام فعليه أن يستحله ، تمامه عند مخرجه [ ص 129 ] ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته اه‍ بنصه . - (ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور
[ 167 ]
(عن أبي هريرة) وفيه أبو بكر بن أبي صبرة المدني قال في الميزان : ضعفه البخاري وغيره وقال أحمد : كان يضع الحديث فقال ابن عدي : ليس بشئ ثم ساق له أخبارا هذا منها . 8678 - (من ذكرت عنده فلم يصل علي فقد شقي) حيث أحرم نفسه فضل الصلاة عليه المقرب لدخول الجنة المبعد عن النار قال في الأذكار : ويستحب لقارئ الحديث ومن في معناه إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع صوته بالصلاة والسلام عليه بلا مبالغة ولا يقتصر على أحدهما ، والحديث يدل على وجوب الصلاة عليه كلما جرى ذكره وإليه صار جمع من المذاهب الأربعة وقيل يجب ذلك في العمر مرة فقط . - (ابن السني عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد جزم النووي في الأذكار بضعف إسناده . 8679 - (من ذكرت عنده فخطئ الصلاة علي خطئ طريق الجنة) فلم ينجح قصده لبخله بما يرغب فيه عن مستحقه وفي رواية لابن عاصم " من ذكرت عنده فنسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة " قال في الإتحاف : ومعنى النسيان فيه الترك كما قال تعالى * (أتتك آياتنا فنسيتها) [ طه : 126 ] وليس المراد به الذهول لأن الناسي غير مكلف . - (طب عن الحسين) بن علي بن أبي طالب رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه بشر بن محمد الكندي أو بشير فإن كان بشر فقد ضعفه ابن المبارك وابن معين والدارقطني وغيرهم وإن كان بشير فلم أر من ذكره اه‍ وقال القسطلاني : حديث معلول . 8680 - (من ذكرت عنده فليصل علي فإنه) اي الشأن (من صلى علي مرة واحدة) أي طلب لي من الله دوام التشريف (صلى الله عليه عشرا) أي رحمه وضاعف أجره عشر مرات هكذا سياق الحديث عند مخرجيه والظاهر أن فيه حذفا والتقدير من ذكرت عنده ولم يصل علي فقد شقي أو فقد فاته ثواب كثير أو نحو ذلك . - (ت) وكذا الطبراني وابن السني (عن أنس) بن مالك ، قال النووي في الأذكار : وإسناده جيد قال الهيثمي : رجاله ثقات . 8681 - (من ذهب بصره في الدنيا) أي بعمى أو فق ء عين أو تغويرها أو إخراجها (جعل الله له نورا يوم القيامة إن كان صالحا) الظاهر أن المراد مسلما كما قالوه في خبر أو ولد صالح يدعو له . - (طس عن ابن مسعود) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه بشر بن إبراهيم الأنصاري وهو ضعيف .
[ 168 ]
8682 - (من ذهب في حاجة أخيه المسلم) لأجل الله (فقضيت حاجته كتب له حجة وعمرة وإن لم تقض كتب له عمرة) أي كتبت له بذلك أجر عمرة مقبولة مكافأة له على ذلك . - (هب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين . 8683 - (من رأى) من أخيه المؤمن (عورة) أي عيبا أو خللا أو شيئا قبيحا (فسترها) عليه (كان كمن أحيا موءودة من قبرها) يعني كان ثوابه كثواب من أحيا موءودة أي كمن رأى حيا مدفونا في قبره فأخرجه من القبر كيلا يموت ووجه الشبه [ ص 130 ] أن الساتر دفع عن المستور الفضيحة بين الناس التي هي بمنزلة الموت فكأنه أحياه كما دفع الموت عن الموءودة من أخرجها من القبر وهذا في عورة مسلم غير متجاهر بفسقه كما مر . - (خد) في الأدب (ك) في الحدود وصححه وأقره الذهبي (عن عقبة بن عامر) قال كاتبه دجين : كان لنا جيران يشربون الخمر فنهيتهم فأبوا فأردت أن أدعو لهم الشرط أي أعوان السلطان فقال عقبة : دعهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . 8684 - (من رأى شيئا يعجبه) لفظ رواية الديلمي والبزار شيئا فأعجبه له أو لغيره (فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله) أي لا قوة على الطاعة إلا بمعونته (لم تضره العين) وفي حديث عن عامر بن ربيعة فليدع بالبركة قال السخاوي : وهذا مما جرب لمنع الإصابة بالعين . - (ابن السني عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا البزار والديلمي قال الهيثمي : وفيه أبو بكر الهذلي ضعيف جدا . 8685 - (من رأى حية فلم يقتلها مخافة طلبها) أي أن يطالب بدمها في الدنيا والآخرة ويحتمل أن المراد مخافة أن تطلبه هي فتعدو عليه (فليس منا) أي ليس من العاملين بأوامرنا المراعين لقوانيننا زاد أبو داود ما سالمناهن منذ حاربناهن . - (طب عن أبي ليلى) بفتح اللامين رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه محمد بن أبي ليلى وهو سئ الحفظ وبقية رجاله ثقات . 8686 - (من رأى مبتلى) في بدنه أو دينه فقال الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلا لم يصبه ذلك البلاء) سبق أن الطيبي زعم أن الخطاب فيما ابتلاك يشعر بأن
[ 169 ]
الكلام في عاص خلع الريقة من عنقه لا في مبتلى بنحو مرض أو نقص خلفة ويسن السجود لذلك شكرا لله على سلامته منه وفي الأذكار : قال العلماء : ينبغي أن يقول هذا الذكر سرا بحيث يسمع نفسه ولا يسمعه المبتلى إلا أن يكون بليته معصية فيسمعه إن لم يخف مفسدة . - (ت) في الدعوات (عن أبي هريرة) وقال الترمذي : غريب اه‍ . ورمز لحسنه ، قال الصدر المناوي : وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير بصري ليس بقوي . 8687 - (من رأى) يعني علم (منكم) معشر المسلمين المكلفين القادرين ، فالخطاب لجميع الأمة حاضرها بالمشافهة وغائبها بطريق التبع أو لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة (منكرا) أي شيئا قبحه الشرع فعلا أو قولا ولو صغيرة (فليغيره) أي فليزله وجوبا شرعا وقال المعتزلة : عقلا ، ثم إن علم أكثر من واحد فكفاية وإلا فعين لقوله تعالى * (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير) [ آل عمران : 104 ] والواجب أن يزيله (بيده) حيث كان مما يزال بها ككسر آلة لهو وآنية خمر (فإن لم يستطيع) الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به لكون فاعله أقوى منه (ف‍) الواجب تغييره (بلسانه) أي بالقول كاستغاثة أو توبيخ أو تذكير بالله أو إغلاظ بشرط أن لا يغلب ظن أن النهي يزيد عبادا أو أن لا يعلم عادة أنه لا يؤثر على ما عليه الأكثر لكن في الروضة خلافه ، ثم إن كان المأمور ظاهرا كصلاة وصوم لم يختص بالعلماء وإلا اختص بهم أو بمن علمه منهم وأن يكون المنكر مجمعا عليه أو يعتقد فاعله تحريمه أو حله وضعفت شبهته جدا كنكاح متعة ولا يناقض الخبر * (عليكم أنفسكم) [ المائدة : 105 ] ص 131 ] لأن معناه إذا كلفتم ما أمرتم به لا يضركم تقصير غيركم (فإن لم يستطع) ذلك بلسانه لوجود مانع كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح (فبقلبه) ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول أو فعل فعل وهذا واجب عينا على كل أحد بخلاف الذي قبله فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل طريق ممكن فلا يكفي الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده ولا القلب لمن يمكنه باللسان (وذلك) أي الإنكار بالقلب (أضعف الإيمان) أي خصاله فالمراد به الإسلام أو آثاره وثمراته فالمراد به حقيقة من التصديق وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل وصلاح الإيمان وجريان شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة في الإسلام قال القيصري : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقوى شعب الإيمان بوجه وأضعفها بوجه فتغييره باليد واللسان أقوى وتغييره بالقلب أضعف الإيمان . - (حم م) في الإيمان (4) في مواضع متعددة من حديث طارق بن شهاب (عن أبي سعيد) قال طارق : أول من بدأ يوم العيد بالخطبة قبل الصلاة مروان فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة فقال : قد ترك ما هنالك فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . 8688 - (من رآني في المنام) أي في حال النوم وقال العصام في وقت النوم - فيه نظر - أي رآني بصفتي التي أنا عليها وهكذا بغيرها على ما يأتي إيضاحه (فقد رآني) أي فليبشر بأنه رآني حقيقة أي
[ 170 ]
حقيقتي كما هي فلم يتحد الشرط والجزاء وهو في معنى الإخبار أي من رآني فأخبره بأن رؤيته حق ليست بأضغاث أحلامية ولا تخيلات شيطانية ثم أردف ذلك بما هو تتميم للمعنى وتعليل للحكم فقال (فإن الشيطان لا يتمثل بي) وفي رواية لمسلم فإن الشيطان لا ينبغي له أن يتشبه بي وفي أخرى له لا ينبغي أن يتمثل في صورتي وفي رواية لغيره لا يتكونني وذلك لئلا يتدرع بالكذب على لسانه في النوم وكما استحال تصوره بصورته يقظة إذ لو وقع اشتبه الحق بالباطل ، ومنه أخذ أن جميع الأنبياء كذلك ، وظاهر الحديث أن رؤياه صحيحة وإن كان على غير صفته المعروفة وبه صرح النووي مضعفا لتقييد الحكيم الترمذي وعياض وغيرهما بما إذا رآه على صورته المعروفة في حياته وتبعه عليه بعض المحققين ثم قال : فإن قيل كيف يرى على خلاف صورته المعروفة ويراه شخصان في حالة واحدة في مكانين والبدن الواحد لا يكون إلا في مكان واحد ؟ قلنا التغيير في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته حيث شاء الله وصفاته متخيلة في الأذهان والإدراك لا يشترط فيه تحقق الإبصار ولا قرب المسافة ولا كون المتخيل ظاهرا على الأرض حيا حياة دنيوية وإنما الشرط كونه موجودا اه‍ وما ذكر ملخص من كلام القرطبي حيث قال : اختلف في معنى الحديث فقال قوم من القاصرين هو على ظاهره فمن رآه في النوم رأى حقيقته كما يرى في اليقظة وهو قول يدرك فساده ببادئ العقل إذ يلزم عليه أن لا يراه أحد إلا على صورته التي مات عليها وأن لا يراه اثنان في وقت واحد في مكانين وأن يحيى الآن ويخرج من قبره ويخاطب الناس ويخلو قبره عنه فيزار غير جثته ويسلم على غائب لأنه يرى ليلا ونهارا على اتصال الأوقات وهذه جهالات لا يتفوه بالتزامها من له أدنى مسكة من عقل وملتزم ذلك مختل مخبول وقال قوم من رآه بصفته فرؤياه حق أو بغيرها فأضغاث أحلام ومعلوم أنه قد يرى على حالة مخالفة ومع ذلك تكون تلك الرؤيا حقا كما لو رؤي قد ملأ بلدا أو دارا بجسمه فإنه يدل على امتلاء تلك البلدة بالحق والشرع وتلك الدار بالبركة وكثيرا ما وقع ذلك قال : والصحيح أن رؤيته على أي حال كان غير باطلة ولا من الأضغاث بل حق في نفسها وتصوير تلك الصورة وتمثيل ذلك المثال ليس من الشيطان بل مثل الله ذلك للرائي بشرى فينبسط للخير أن إنذار فيزجر عن الشر أو تنبيه على خير يحصل وقد ذكرنا أن المرئي في المنام أمثلة المرئيات لا أنفسها غير أن تلك الأمثلة تارة تطابق حقيقة المرئي وتارة لا وأن المطابقة قد تظهر في اليقظة على نحو ما أدرك في النوم ، وقد لا ، فإذا لم تظهر في اليقظة كذلك فالمقصود بتلك الصورة معناها لا عينها ، ولذا خالف المثال [ ص 132 ] صورة المرئي بزيادة أو نقص أو تغير لون أو زيادة عضو أو بعضه فكله تنبيه على معاني تلك الأمور اه‍ وحاصل كلامه أن رؤيته بصفته إدراك لذاته وبغيرها إدراك لمثاله فالأولى لا تحتاج لتعبير والثانية تحتاجه ولسلفنا الصوفية ما يوافق معناه ذلك وإن اختلف اللفظ حيث قالوا هنا ميزان يجب التنبيه له وهو أن الرؤية الصحيحة أن يرى بصورته الثابتة بالنقل الصحيح فإن رآه بغيرها كطويل أو قصير أو شيخ أو شديد السمرة لم يكن رآه وحصول الجزم في نفس الرائي بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم غير حجة بل ذلك المرئي صورة الشرع بالنسبة لاعتقاد الرائي أو خياله أو صفته أو حكم من أحكام الإسلام أو بالنسبة للمحل الذي رأى فيه تلك الصورة قال القونوي كابن عربي : وقد جربناه فوجدناه لم ينخرم قالوا والمصطفى صلى الله عليه وسلم وإن ظهر بجميع أسماء الحق وصفاته تخلقا وتحققا فمقتضى رسالته للخلق أن يكون الأظهر فيه حكما وسلطنة من صفات الحق الهداية والاسم الهادي والشيطان مظهر الاسم
[ 171 ]
المضل والظاهر بصفة الضلالة فهما ضدان فلا يظهر أحدهما بصورة الآخر والنبي صلى الله عليه وسلم خلق للهداية فلو ساغ ظهور إبليس بصورته زال الاعتماد عليه فلذلك عصم صورته عن أن يظهر لها شيطان فإن قيل عظمة الحق تعالى لا صورة له معينة توجب الاشتباه بخلاف النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وأيضا مقتضى حكمة الحق أن يضل ويهدي من يشاء بخلاف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه مقيد بالهداية ظاهر بصورتها فتجب عصمة صورته من مظهرية الشيطان اه‍ وقال عياض : لم يختلف العلماء في جواز صحة رؤية الله في النوم وإن رئي على صفة لا يليق بجلاله من صفات الأجسام لتحقق أن المرئي غير ذات الله إذ لا يجوز عليه التجسم ولا اختلاف الحالات بخلاف النبي صلى الله عليه وسلم فكانت رؤيته تعالى في النوم من باب التمثيل والتخييل وقال ابن العربي : في رؤية الله في النوم أوهام وخواطر في القلب بأمثال لا تليق به في الحقيقة ويتعالى عليها وهي دلالات للرائي على أمر كان ويكون كسائر المرئيات وقال غيره : رؤيته تعالى في النوم حق وصدق لا كذب فيها في قول ولا فعل . - (حم خ ت عن أنس) قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح قال المصنف : والحديث متواتر . 8689 - (من رآني) يعني في النوم (فقد رأى الحق) أي الرؤيا الصحيحة الصادقة وهي التي يريها الملك الموكل ، يضرب أمثال الرؤية بطريق الحكمة لبشارة أو نذارة أو معاتبة ليكون على بصيرة من أمره وتوفيق من ربه ، وأبعد البعض فقال : يمكن أن يراد بالحق هو الله مبالغة تنبيها على من رآه على وجه المحبة والاتباع كأنه رأى الله كقوله من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله اه‍ . وهذا يأباه قوله (فإن الشيطان لا يتزيى بي) بالزاي المعجمة أي لا يظهر في زيي وفي رواية فإن الشيطان لا يتكونني أي لا يتكلف كونا مثل كوني ، ذكره الكرماني ، وقال غيره : قوله لا يتزيى بي أي لا يستطيع ذلك ، يشير إلى أنه تعالى وإن مكنه من التصور في أي صورة أراد فإنه لا يمكنه من التصور في صورة النبي . قال ابن أبي جمرة : الشيطان لا يتصور بصورته أصلا فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذلك خلل في دين الرائي قال : هذا هو الحق وقد جرب فوجد كذلك وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يظهر الرائي هل عنده خلل أم لا ؟ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم نوراني كالمرآة الصقيلة فما كان في الناظر فيها من حسن أو غيره تصور فيها وهي في ذاتها حسنة لنقص ولا شين فيها وكذا يقال في كلامه في النوم فما وافق سنته فهو حق وما لم يوافقها فخلل في سمع الرائي ، قال : ويؤخذ من قوله فإن الشيطان إلخ أن من تمثلت صورة المصطفى صلى الله عليه وسلم في خاطره من أرباب القلوب وتصور له في عالم سره أنه يكلمه أن ذلك يكون حقا بل هو أصدق من مرأى غيرهم لتنوير قلوبهم . - (حم ق عن أبي قتادة) قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح .
[ 172 ]
8690 - (من رآني في المنام فسيراني في اليقظة) بفتح القاف رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب والشفاعة قال الدماميني : [ ص 133 ] وهذه بشارة لرائيه بموته على الإسلام لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة باعتبار القرب منه إلا من تحقق منه الوفاة على الإسلام اه‍ . وقال جمع منهم ابن أبي جمرة : بل يراه في الدنيا حقيقة قال : وذا عام في أهل التوفيق ومحتمل في غيرهم فإن خرق العادة قد يقع للزنديق إغواء وإملاء ، وقد نص على إمكان رؤيته بل وقوعها أعلام منهم حجة الإسلام وقول ابن حجر يلزم عليه أن هؤلاء صحابة وبقاء الصحبة للقيامة رد بأن شرط الصحبة رؤيته على الوجه المتعارف ، قال الحجة : وليس المراد أنه يرى بدنه بل مثالا له صار آلة يتأدى بها المعنى والآلة تكون حقيقية وخيالية والنفس غير المثال المتخيل فما رآه من التشكل ليس روح النبي صلى الله عليه وسلم ولا شخصه بل مثاله اه‍ ، وقال الشاذلي : لو حجب عني طرفة عين ما عددت نفسي مسلما ، وكان بعضهم إذا سئل عن شئ قال : حتى أعرضه عليه ثم يطرق ثم يقول : قال كذا فيكون كما أخبر لا يتخلف (ولا يتمثل الشيطان بي) استئناف جواب لمن قال ما سبب ذلك يعني ليس ذلك المنام من قبيل تمثل الشيطان بي في خيال الرائي بما شاء من التخيلات . (فائدة) سئل شيخ الاسلام زكريا عن رجل زعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بقول له مر أمتي بصيام ثلاثة أيام وأن يعيدوا بعدها ويخطبوا فهل يجب الصوم أو يندب أو يجوز أو يحرم ؟ وهل يكره أن يقول أحد للناس أمركم النبي عليه الصلاة والسلام بصيام أيام لأنه كذب عليه ومستنده الرؤيا التي سمعها من غير رائيها أو منه ؟ وهل يمتنع أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويقول للنائم إنه النبي عليه الصلاة والسلام ويأمره بطاعة ليتوصل بذلك إلى معصية كما يمتنع عليه التشكل في صورته الشريفة أم لا ، وبه تتميز الرؤية له صلى الله عليه وآله وسلم الصادقة من الكاذبة ؟ وهل يثبت شئ من أحكام الشرع بالرؤية في النوم ؟ وهل المرئي ذاته صلى الله عليه وسلم أو روحه أو مثل ذلك ؟ أجاب لا يجب على أحد الصوم ولا غيره من الأحكام بما ذكر ولا مندوب بل قد يكره أو يحرم لكن إن غلب على الظن صدق الرؤية فله العمل بما دلت عليه ما لم يكن فيه تغيير حكم شرعي ولا يثبت بها شئ من الأحكام لعدم ضبط الرؤية لا للشك في الرؤية ويحرم على الشحص أن يقول أمركم النبي صلى الله عليه وسلم بكذا فيما ذكر بل يأتي بما يدل على مستنده من الرؤية إذ لا يمتنع عقلا أن يتسمى إبليس باسم النبي صلى الله عليه وسلم ليقول للنائم إنه النبي ويأمره بالطاعة ، والرؤية الصادقة هي الخالصة من الأضغاث والأضغاث أنواع : الأول تلاعب الشيطان ليحزن الرائي كأنه يرى أنه قطع رأسه ، الثاني أن يرى أن بعض الأنبياء يأمره بمحرم أو محال . الثالث ما تتحدث به النفس في اليقظة تمنيا فيراه كما هو في المنام ، ورؤية المصطفى صلى الله عليه وسلم بصفته المعلومة إدراك لذاته ورؤيته بغير صفته إدراك لمثاله فالأولى لا تحتاج إلى تعبير والثانية تحتاج إليه ويحمل على هذا قول النووي : الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كانت صفته المعروفة أو غيرها وللعلماء في ذلك كلام كثير ليس هذا محل ذكره وفيما ذكرته كفاية اه‍ بنصه . - (ق) في الرؤيا (د عن أبي هريرة) ورواه الطبراني وزاد ولا بالكعبة وقال : لا تحفظ هذه اللفظة إلا في هذا الحديث
[ 173 ]
8691 - (من رأيتموه) أي علمتموه (يذكر أبا بكر) الصديق (وعمر) الفاروق (بسوء) وتنقيص (فإنما يريد الإسلام) أي فإنما قصده بذلك تنقيص الإسلام والطعن فيه فإنهما شيخا الإسلام وبهما كان تأسيس الدين وتقرير قواعده وقمع المرتدين وفتح الفتوحات وفي رواية للديلمي من رأيتموه يذكر أبا بكر وعمر بسوء فاقتلوه فإنما يريدني والإسلام . وقوله فإنما إلخ استثناف بياني كأنه قيل ما سبب قتله فأجاب بأن بينه وبينهما كمال اتحاد فمن سبهما فكأنه سبه ومن سبه سب الإسلام فيقتل وهذا محمول على سب يتضمن تكفيرا بدليل قوله في الحديث الآتي من سب الأنبياء قتل ومن سب أصحابي جلد وهذا الحديث رواه الحافظ عبد الباقي . - (ابن قانع) في معجم الصحابة في ترجمة الحجاج بن منبه من حديث إبراهيم بن منبه بن الحجاج بن منبه (عن) أبيه عن جده (الحجاج) بن منبه (السهمي) بفتح [ ص 134 ] المهملة وسكون الهاء وآخره ميم نسبة إلى سهم بن عمرو من ولده خلق كثير من الصحابة فمن بعدهم قال في الميزان : هو حديث منكر جدا وإبراهيم مجهول لا أعلم له راويا غير أحمد بن إبراهيم الكربزي ولم يذكر ابن عبد البر ولا غيره الحجاج بن منبه في الصحابة بل ذكروا الحجاج بن الحارث السهمي ممن هاجر إلى أرض الحبشة وليس هو هذا وقال في الإصابة : في إسناده غير واحد من المجهولين . 8692 - (من رابط) من الرباط بكسر ففتح مخففا وهو ملازمة الثغر أي المكان الذي بيننا وبين الكفار (فواق ناقة) بضم الفاء وتفتح ما بين الحلبتين من الوقت لأنها تحلب ثم تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر وخص الناقة بالذكر لكثرة تداولها لحلبها فهو أقرب للتعميم (حرمه الله على النار) أي منعه عنها كما في * (وحرام على قرية) [ الانبياء : 95 ] ومعناه حرم الله النار عليه والمراد نار الخلود وإلا فمعلوم أن من رابط ولو طول عمره وعصى من جهة أخرى يدخل النار إن لم يعف عنه ثم يخرج منها بالشفاعة والفضل . (تنبيه) قال ابن حبيب : الرباط شعبة من الجهاد وبقدر خوف ذلك الثغر يكون كثرة الأجر وقال أبو عمرو : شرع الجهاد لسفك دماء المشركين وشرع الرباط لصون دماء المسلمين ، وصون دمائهم أحب إلي من سفك دماء أولئك وهذا يدل على أنه مفضل على الجهاد . - (عق) من حديث محمد بن حميد عن أنس بن جندل عن هشام عن أبيه (عن عائشة) ثم قال أعني العقيلي : إن كان محمد بن حميد ضبطه وإلا فليس أنس ممن يحتج بحديثه اه‍ . وفي الميزان عن أبي حاتم : أنس بن جندل مجهول وأورده العقيلي أيضا في ترجمة سليمان بن مرقاع من حديثه وقال : منكر الحديث لا يتابع عليه ذكره الحافظ في اللسان وسبقه ابن الجوزي فقال : حديث منكرلا يعرف إلا بسليمان بن مرقاع ولا يتابع عليه وسليمان منكر الحديث .
[ 174 ]
86931 - من رابط) أي راقب العدو في الثغر المقارب لبلاده (ليلة في سبيل الله كانت تلك الليلة) أي ثوابها (كألف ليلة صيامها وقيامها) أي مثل ثواب ألف ليلة يصام يومها ويقام فيها فإضافة الصيام إلى الليل لأدنى ملابسة وإلا فالليل لا يصام فيه ، قيل : وذا فيمن ذهب للثغر لحراسة المسلمين فيه مدة لا في سكانه أبدا وهم وإن كانوا حماة غير مرابطين قال ابن حجر : وفيه نظر لأن ذلك المكان قد يكون وطنه وينوي الإقامة فيه لدفع العدو . - (ه عن عثمان) بن عفان وفيه هشام بن عمار وقد مر وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال في الكاشف : ضعفوه ومصعب بن ثابت قال في الكاشف : بين لغلطه . 8694 - (من راح روحة في سبيل الله) أي في الجهاد لإعلاء كلمة الدين (كان له بمثل ما أصابه من الغبار) أي غبار التراب (مسكا يوم القيامة) أي يكون ما أعد له يوم القيامة من النعيم قدر ذلك الغبار الذي أصابه في المعركة وفي ذهابه إليها مسكا يتنعم به وعلى هذا فالمراد الحقيقة ويحتمل أنه من قبيل التشبيه البليغ أو الاستعارة التبعية والمراد كثرة الثواب بكل روحة لغزو . - (ه والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك ، وفيه شبيب البجلي قال أبو حاتم : لين نقله عنه في الكاشف . 8695 - (من رآءى بالله) أي بعمل من أعمال الآخرة المقربة من الله الجالبة لرضاه (لغير الله) أي فعل ذلك لا لله بل ليراه الناس فيعتقد ويعظم أو يعطى (فقد برئ من الله) يعني لم يحصل له منه تعالى على ذلك العمل ثواب بل عقاب إن لم [ ص 135 ] يعف عنه لكونه شركا خفيا وقد سئل الشافعي عن الرياء فقال على البديهة هو فتنة عقدها الهوى حيال أبصار قلوب العلماء فنظروا بسوء اختيار النفوس فأحبطت أعمالهم اه‍ . قال الغزالي : وذا يدل على علمه بأسرار القلب وعلم الآخرة . - (طب عن أبي هند) الداري يزيد قال الهيثمي : وفيه جماعة لم أعرفهم . 8696 - (من ربي صغيرا حتى يقول لا إله إلا الله لم يحاسبه الله) أي في الموقف ، والصغير شامل لولد وولده غيره لليتيم ولغيره وذلك لأن كل مولود يولد على فطرة الإسلام وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما في الحديث فمن رباه تربية موافقة للفطرة الأصلية حتى يعقل ويشهد شهادة الحق جوزي على ذلك بإدخال الجنة بغير حساب مطلقا ويحتمل أن المراد بغير حساب مفسر بكونه يسيرا سليم العاقبة فلخلوه عن الضرر والمشقة عبر عنه بعدم الحساب مبالغة حثا على تأديب الأطفال لا سيما
[ 175 ]
الأيتام بآداب الإسلام ليتمرنوا على ذلك وينشأوا عليه ، والظاهر أن الكلام في مجتنب الكبائر ، ويحتمل الإطلاق وفضل الله واسع . - (طس) عن أبي عمير عبد الكبير بن محمد عن الشاذكوني عن عيسى بن يونس عن هشام عن عروة عن عائشة (عد) عن قاسم بن علي الجوهري عن عبد الكبير عن الشاذكوني عن عيسى عن هشام عن عروة (عن عائشة) ثم قال مخرجه ابن عدي : لا يصح وأصل البلاء فيه من أبي عمير قال : وقد رواه إبراهيم بن البراء عن الشاذكوني وإبراهيم حدث بالأباطيل قال الهيثمي : فيه سليمان بن داود الشاذكوني وهو ضعيف اه‍ . وقال في الميزان : متنه موضوع وقال في اللسان : خبر باطل والشاذكوني هالك اه‍ . 8697 - (من رحم ولو ذبيحة عصفور) بضم أوله وحكى فتحه قيل سمي به لأنه عصى وفر (رحمه الله) أي تفضل عليه وأحسن إليه (يوم القيامة) ومن أدركته الرحمة يومئذ فهو من السابقين إلى دار النعيم ، وخص العصفور بالذكر لكونه أصغر مأكول ينذبح وإذا استلزمت رحمته رحمة الله مع حقارته وهوانه على الناس فرحمة ما فوقه سيما الآدمي أولى ، وأفاد معاملة الذبيحة حال الذبح بالشفقة والرحمة وإحسان الذبحة كما ورد مصرحا به في عدة أخبار . وخرج أحمد خبر قيل : يا رسول الله إني أذبح الشاة وأنا أرحمها فقال : إن رحمتها رحمك الله وخرج عبد الرزاق أن شاة انفلتت من جزار حتى جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فاتبعها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : اصبري لأمر الله وأنت يا جزار فسقها للموت سوقا رفيقا ومن الرفق بها والرحمة بها أن لا يذبح أخرى عندها ولا يحد السكين وهي تنظر فقد مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل واضع رجله على صفحة شاة وهو يحد شفرته وهي تلحظه فقال أفلا قبل هذا ؟ تريد أن تميتها موتات ؟ رواه الطبراني وغيره . (تنبيه) قال ابن عربي : عم برحمتك وشفقتك جميع الجيوان والمخلوقات ولا تقل هذا نبات هذا جماد ما عنده خبر ، نعم عنده أخبار أنت ما عندك خبر فاترك الوجود على ما هو عليه وارحمه برحمة موجده ولا تنظر فيه من حيث ما يقام فيه في الوقت حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين . - (خد طب والضياء) المقدسي (عن أبي أمامة) قال الهيثمي : رجاله ثقات اه‍ . وفي الميزان في ترجمة الوليد بن جميل عن أبي حاتم وله أحاديث منكرة وساق منها هذا . 8698 - (من رد عن عرض أخيه) في الدين أي رد على من اغتابه وشان من أذاه وعابه (رد الله عن وجهه) أي ذانه وخصه لأن تعذيبه أنكى في الإيلام وأشد في الهوان (النار يوم القيامة) جزاء بما فعل وذلك لأن عرض المؤمن كدمه فمن هتك عرضه فكأنه سفك دمه ومن عمل على صون عرضه فكأنه صان دمه فيجازى على ذلك بصونه [ ص 136 ] عن النار يوم القيامة إن كان ممن استحق دخولها وإلا كان زيادة رفعة في درجاته في الآخرة في الجنة والعموم المستفاد من كلمة من مخصوص بغير كافر وغير فاسق متجاهر كما مر وزاد الطبراني في روايته * (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) [ الروم : 47 ] - (حم ت عن أبي
[ 176 ]
الدرداء) قال الترمذي : حسن قال ابن القطان : ومانعه من الصحة أن فيه مرزوق التيمي وهو والد يحيى بن بكير وهو مجهول الحال . 8699 - (من رد عن عرض أخيه) في الإسلام (كان له) أي الرد أي ثوابه (حجابا من النار) يوم القيامة وذلك بظهر الغيب أفضل منه بحضوره وإذا رد عن عرضه فأحرى أن لا يتولى ذلك فيغتابه بل ينبغي أن يكاشفه فيما ينكر منه لكن بلطف فذلك من نصره له كما دل عليه خير انصر أخاك ظالما أو مظلوما الحديث . - (هق عن أبي الدرداء) رمز لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد في أحد دواوين الإسلام الستة مع أن الترمذي خرجه . 8700 - (من رد عادية ماء أو عادية نار فله أجر شهيد) أي من صرف ماء جاريا متعديا أو متجاوزا إلى إهلاك معصوم أو صرف نارا كذلك فله مثل أجر شهيد من شهداء الآخرة مكافأة له على إنقاذه معصوما من الغرق أو الحرق . - (النوسي) بفتح النون وسكون الواو وسين مهملة نسبة إلى نوس (في كتاب) فضل (قضاء الحوائج) للناس (عن علي) أمير المؤمنين . 8701 - (من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك) بالله تعالى لاعتقاده أن لله شريكا في تقدير الخير والشر * (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) [ الاسراء : 4 و 43 ] وهذا وارد على منهج الزجر والتهويل وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد قالوا : يا رسول الله ما كفارة ذلك قال : يقول أحدكم اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك ولا إله غيرك اه‍ . فينبغي لمن طرقته الطيرة أن يسأل الله تعالى الخير ويستعيذ به من الشر ويمضي في حاجته متوكلا عليه . - (حم طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة وبقية رجاله ثقات ذكره الهيثمي . 8702 - (من رزق في شئ فليلزمه) أي جعلت معيشته في شئ فلا ينتقل عنه حتى يتغير ، ذكره الغزالي ، وذلك أنه قد لا يفتح عليه في المنتقل إليه فيصير فارغا بطالا والمسلم إذا احتاج أول ما يبذل دينه كما رواه البيهقي . - (هب عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن عبد الله الأنصاري قال الذهبي : اتهم أي بالوضع وهو ضعيف عن فروة بن يونس الكلابي وقد ضعفه الأزدي عن هلال بن جبير قال أعني الذهبي : وفيه جهالة ورواه عنه أيضا ابن ماجه قال الحافظ العراقي : بسند حسن فما أوهمه صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة غير جيد وممن خرجه لابن ماجه والديلمي وغيره .
[ 177 ]
8703 - (من رزق تقى فقد رزق خير الدنيا والآخرة) يعني من منحه الله الهداية والتقوى فقد أعطاه الله خير الدارين وصار عليه كريما بقوله تعالى * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) [ الحجرات : 13 ] - (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان في الثواب (عن عائشة) فيه عبد الصمد ابن النعمان أورده الذهب في ذيل الضعفاء وقال : صدوق مشهور وقال الدارقطني : غير قوي وعيسى بن ميمون فإن كان الخواص فقد ضعفوه أو القرشي وهو الظاهر فهو متهم كما ذكره الذهبي . [ ص 137 ] 8704 - (من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه فليتق الله في الشطر الباقي) وذلك لأن أعظم البلاء الفادح في الدين شهوة البطن وشهوة الفرج وبالمرأة الصالحة تحصل العفة عن الزنا وهو الشطر الأول فيبقى الشطر الثاني وهو شهوة البطن فأوصاه بالتقوى فيه لتكمل ديانته وتحصل استقامته وهذا التوجيه أولى من قول بعض الموالي المرأة الصالحة تمنع زوجها عن القباحة الخارجية فعبر عن إعانتها إياه بالشطر بمعنى البعض مطلقا أو بمعنى النصف انتهى . وقيد بالصالحة لأن غيرها وإن كانت تعفه عن الزنا لكن ربما تحمله على التورط في المهالك وكسب الحطام من الحرام ، وجعل المرأة رزقا لأنا إن قلنا إن الرزق ما ينتفع به كما أطلقه البعض فظاهر وإن قلنا إنه ما ينتفع به للتغذي كما عبر البعض فكذلك لأنه كما أن ما يتغذى به يدفع الجوع كذلك النكاح يدفع التوقان إلى الباه فيكون تشبيها بليغا أو استعارة تبعية قال ابن حجر في الفتح : هذا الحديث وإن كان فيه ضعف فمجموع طرقه تدل على أنه لما يحصل به المقصود من الترغيب في التزويج أصلا لكن في حق من يتأتى منه النسل . - (ك) في النكاح من حديث زهير بن محمد عن عبد الرحمن بن يزيد (عن أنس) بن مالك قال الحاكم : صحيح فتعقبه الذهبي بأن زهيرا وثق لكن له مناكير اه‍ . وقال ابن حجر : سنده ضعيف . 8705 - (من رضى من الله باليسير من الرزق) بأن لم يضجر ولم يتسخط وقنع بما أعطاه الله وشكره عليه وأجمل في الطلب وترك الكد والتعب (رضى الله منه بالقليل من العمل) فلا يعاقبه على إقلاله من نوافل العبادة كما مر ويكون ثواب ذلك العمل القليل عند الله أكثر من ثواب العمل الكثير مع عدم الرضا وطلب الإكثار والكد بالليل والنهار فمن سامح سومح له ومن رضي فله الرضا ومن سخط فعليه السخط وليس له إلا ما قدر ، فرغ ربك من ثلاث ، وفي الطبراني عن أبي سعيد يرفعه من سخط رزقه وبث شكواه لم يصعد له إلى الله عمل ولقي الله وهو عليه غضبان قال الحرالي : والرضا هو إقرار ما ظهر عن إرادة . - (هب عن علي) أمير المؤمنين وفيه إسحاق بن محمد الفروي أورده الذهبي في الضعفاء وقال النسائي : ليس بثقة ووهاه أبو داود وتركه الدارقطني وقال أبو حاتم : صدوق لقن لذهاب
[ 178 ]
بصره وقال مرة : يضطرب ، وقال الحافظ العراقي : رويناه في أمالي المحاملي بإسناد ضعيف من حديث علي ومن طريق المحاملي رواه في مسند الفردوس . 8706 - (من رضي عن الله) بقضائه وقدره (رضي الله تعالى عنه) بأن يدخله الجنة ويتجلي عليه فيها حتى يراه عيانا . قال الطيبي : ولعلو شأن هذه المرتبة التي هي الرضا من الجانبين خص الله كرام الصحب بها حيث قال : * (رضي الله عنهم ورضوا عنه) [ المائدة : 119 ] قال بعضهم : ورضا العبد عن الله أن لا يختلج في سره أدنى حزازة من وقوع قضاء من أقضيته بل يجد في قلبه لذلك برد اليقين وثلج الصدر وشهود المصلحة وزيادة الطمأنينة ، ورضا الله عن العبد تأمينه من سخطه وإحلاله دار كرامته ، وقال السهروردي : الرضا يحصل لانشراح القلب وانفساحه وانشراح القلب من نور اليقين فإذا تمكن النور من الباطن اتسع الصدر وانفتحت عين البصيرة وعاين حسن تدبير الله فينزع التسخط والتضجر لأن انشراح الصدر يتضمن حلاوة الحب وفعل المحبوب بموقع الرضا عند المحب الصادق لأن المحب يرى أن الفعل من المحبوب مراده واختياره فيفنى في لذة رؤية اختيار المحبوب عن اختيار نفسه ، وقال بعض العارفين : الرضا عن الله باب الله الأعظم وجنة الدنيا ولذة العارفين والرضوان عن الله في الجنة وهم في الدنيا راضون عنه متلذذو بمجاري [ ص 138 ] أقضيته سليمة صدورهم من الغل مطهرة قلوبهم عن الفساد لا يتحاسدون ولا يتباغضون ، وقال ابن أبي رواد : ليس الشأن في أكل الشعير ولبس الصوف ولكن في الرضا عن الله ، وقال ميمون بن مهران : من لم يرض بالقضاء فليس لحمقه دواء ، وقال رجل لابن كرام : أوصني . فقال : اجتهد في رضا خالفك بقدر ما تجتهد في رضا نفسك . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) . 8707 - (من رفع رأسه قبل) رفع (الإمام) من المقتدين به (أو وضع) رأسه قبل وضع الإمام رأسه من غير عذر (فلا) يجوز له ذلك ولا (صلاة له) أي كاملة فهو من قبيل لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد هذا ما عليه الشافعي وكثير من الحنفية ، وحمله بعضهم على نفي الصحة . - (ابن قانع) في المعجم (عن شيبان) بفتح أوله المعجم ابن مالك الأنصاري السلمي له وفادة . 8708 - (من رفع حجرا عن الطريق) أي أماط عن طريق الناس أذى من حجر أو غيره كشوك قاصدا إزالة الضرر عنهم احتسابا ، وخص الحجر بالذكر لغلبته أو لكونه أعظم ضررا أو بطريق التمثيل (كتبت له حسنة ومن كانت له حسنة دخل الجنة) أي لا بد له من دخولها إما بلا عذاب بأن اجتنب الكبائر أو لم يجتنبها وعفا عنه أو لم يعف عنه وعذب فإنه لا بد أن يخرج من النار والعموم المستفاد من
[ 179 ]
كلمة من مشروط بالإيمان . - (طب) من حديث أبي شبيبة المهري (عن معاذ) بن جبل قال أبو شيبة : كان معاذ يمشي ورجل معه فرفع حجرا من الطريق فقلت : ما هذا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي : رجاله ثقات . 8709 - (من ركع ثنتي عشرة ركعة بني له بيت في الجنة) الظاهر أنه أراد صلاة الضحى وذلك هو أكثرها عند الشافعية وأفضلها عند كثير منهم . - (طس عن أبي ذر) . 8710 - (من ركع عشر ركعات فيما بين المغرب والعشاء بني له قصر في الجنة) تمامه كما في رواية فقال عمر : إذن تكثر قصورنا يا رسول الله ، وإنما استحق مصليها القصر المذكور لأن ذلك الوقت وقت غفلة لاشتغال الناس فيه بتناول الطعام والشراب فإذا ترك العبد شهوته وأقبل على الله تعالى بإحياء ذلك الوقت المغفول عنه بالصلاة استحق ذلك القصر العظيم في دار النعيم ، وظاهر الحديث أن ذلك لا يشترط فيه المداومة وأن بكل عشر ركعات في ذلك الوقت قصر وبه يصرح قول عمر إذن تكثر قصورنا . - (ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن عبد الكريم بن الحارث مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن المبارك في الزهد وغيره . 8711 - (من رمى بسهم في سبيل الله فهو له عدل) بكسر العين وفتحها أي مثل (محرر) زاد الحكيم في روايته ومن بلغ بسهم فله درجة في الجنة قال أبو نجيح الراوي : فبلغت يومئذ ستة عشر سهما اه‍ . والمعنى من رمى بسهم بنية جهاد الكفار كان له ثواب مثل ثواب تحرير رقبة أي عتقها . - (ت ن ك) في الجهاد (عن أبي نجيح) بفتح النون السلمي أو هو [ ص 139 ] القيسي فلو ميزه لكان أولى قال : حاصرنا قطر الطائف فسمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فذكره قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي . 8712 - (من رمى) أي سب (مؤمنا بالكفر) بأن قال هو كافر وهو مؤمن فشبه السب بالرمي فيكون استعارة مصرحة وذكر فعل الرمي استعارة تبعية ووجه الشبه أنه كما أن الرمي يهلك ظاهرا فالسب يهلك باطنا فاشتركا في مطلق الإهلاك لكن الثاني أولى كقول المرتضى كرم الله وجهه " جراحات السنان لها التئام " . البيت . (فهو كقتله) في عظم الوزر وشدة الإصر عند الله تعالى فقوله كقتله إشارة إلى خبر عرض المؤمن كدمه ، يعني من سبه بالكفر هتك عرضه وعرض المؤمن كدمه فمن سبه
[ 180 ]
بالكفر فكأنه سفك دمه ، أو المراد حكمه حكم قتله في الآخرة وحكمه فيها دخول النار . - (طب عن هشام بن عامر) بن أمية الأنصاري البخاري رمز المصنف لحسنه . 8713 - (من رمانا بالليل) أي رمى إلى جهتنا بالقسي ليلا وفي رواية بالنبل بدل الليل (فليس منا) لأنه حاربنا ومحاربة أهل الإيمان آية الكفران ، أو ليس على منهاجنا ، لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه فضمير المتكلم في الموضعين لأهل الإيمان ، وسببه أن قوما من المنافقين كانوا يرمون بيوت بعض المؤمنين فقاله ، ويشمل هذا التهديد كل من فعله من المسلمين بأحد منهم لعداوة واحتقار ومزاح لما فيه من التفزيع والترويع ، وذهب البعض إلى أن المراد بالرمي ليلا ذكره لغيره بسوء أو قذف خفية تشبيها برمي الليل . (تنبيه) قد خفي معنى هذا الحديث ومعرفة سببه على بعض عظماء الروم فأتى من الخلط والخبط بما يتعجب منه حيث قال عقب سياقه الحديث يعني من ذكر المؤمنين بسوء في الغيبة . وتخصيص الليل بالذكر لأن الغيبة أكثر ما تكون بالليل ولأنه يحتمل أن يكون سبب ورود الحديث واقعا في الليل وفي قوله رمانا استعارة مكنية وتبعية إلى هنا كلامه . وإنما أوردته ليتعجب منه . - (حم) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : وفيه يحيى بن أبي سليمان وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني عن عبد الله بن جعفر وزاد يونس ومن رقد على سطح لا جدار له فمات فدمه هدر . 8714 - (من روع مؤمنا) أي أفزعه فأخافه كأن أشار إليه بنحو سيف أو سكين ولو هازلا أو أشار إليه بحبل يوهمه أنه حية (لم يؤمن الله تعالى روعته) أي لم يسكن الله تعالى قلبه (يوم القيامة) حين يفزع الناس من هول الموقف ، وإذا كان هذا في مجرد الروع فما ظنك بما فوقه بل يخيفه ويرعبه جزاءا وفاقا يقال أمن زيد الأسد وأمن منه سلم منه وزنا ومعنى قال في المصباح وغيره : والأصل أن يستعمل في سكون القلب اه‍ . ومنه أخذ الشافعية أن المالك يحرم عليه أخذ وديعته من تحت يد المودع بغير علمه لأنه فيه إرعابا له بظن ضياعها ، قال بعض الأئمة : ولا فرق في ذلك بين كونه جدا أو هزلا أو مزحا وجرى عليه الزركشي في التكملة نقلا عن القواعد فقال : ما يفعله الناس من أخذ المتاع على سبيل المزح حرام ، وقد جاء في الخبر لا يأخذ أحدكم متاع صاحبه لاعبا ، ومن ثم اتجه جزم بعضهم بحرمة كل ما فيه إرعاب للغير مطلقا . (تنبيه) ما ذكر من معنى هذا الحديث في غاية الظهور وقد قرر بعض موالي الروم تقريرا يمجه السمع وينبو عنه الطبع فقال : المعنى أن من أفزع مؤمنا وخوفه بأن قال له لم تؤمن بالله أي ما صدر منك الإيمان المنجي ولا ينفعك هذا الإيمان والحال أنه آمن بالله روعته يوم القيامة أي أكون خصمه وأخوفه بالنار يوم القيامة قال : وهذا على تقدير [ ص 140 ] أن يكون كلمة في قوله لم يؤمن بالله للنفي كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون للاستفهام أي أتعلم لأي شئ تؤمن بالله ؟ والإيمان بالله لا بد أن يكون على وجه يعتد به في الآخرة ولا فائدة في إيمانك هذا وقوله لم يؤمن بالله يجوز أن يكون بالتاء الفوقية
[ 181 ]
والياء التحتية إلى هنا كلامه ، وهو عجب (ومن سعى بمؤمن) إلى سلطان ليؤذيه (أقامه الله تعالى مقام ذل وخزي يوم القيامة) فالسعاية حرام بل قضية الخبر أنها كبيرة وأفتى ابن عبد السلام في طائفة بأن من سعى بإنسان إلى سلطان ليغرمه شيئا فغرمه رجع به على الساعي كشاهد رجع وكما لو قال هذا لزيد وهو لعمر ولكن الأرجح عند الشافعية خلافه لقيام الفارق وهو أنه لا إيجاب من الساعي شرعا . - (هب عن أنس) بن مالك ثم قال أعني البيهقي : تفرد به مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ومبارك هذا أورده الذهبي في المتروكين وقال : قال أبو زرعة : ما أعرف له حديثا صحيحا وعبد العزيز ضعفه ابن معين وغيره . 8715 - (من زار قبري) أي من زارني في قبري فقصد البقعة نفسها ليس بقربة كذا ذكره السبكي في الشفاء وحمل عليه ما نقل عن مالك من منع شد الرحل لمجرد زيارة القبر من غير إرادة إتيان المسجد للصلاة فيه (وجبت) أن حقت وثبتت ولزمت (له شفاعتي) أي سؤالي الله له أن يتجاوز عنه قال السبكي : يحتمل كون المراد له بخصوصه بمعنى أن الزائرين يخصون بشفاعة لا تحصل لغيرهم عموما ولا خصوصا ، أو المراد يفردون بشفاعة عمل يحصل لغيرهم ويكون إفرادهم بذلك تشريفا وتنويها يحسب الزيادة ، أو المراد ببركة الزيارة يجب دخولهم في عموم من تناله الشفاعة ، وفائدة البشرى بأنه يموت مسلما وعليه يجب إجراء اللفظ على عمومه إذ لو أضمر فيه شرط من الوفاة على الإسلام لم يكن لذكر الزيارة معنى إذ الإسلام وحده كاف في نيلها وعلى الأولين يصح هذا الإضمار ، والحاصل أن أثر الزيارة إما الموت على الإسلام مطلقا لكل زائر وإما شفاعة تخص الزائر أخص من العامة وقوله شفاعتي في الإضافة إليه تشريف لها إذ الملائكة وخواص البشر يشفعون ، فللزائر نسبة خاصة فيشفع هو فيه بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الزائر وفي ثبوت لفظة الزيارة رد على مالك حيث كره أن يقال زرنا قبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم . - (عد هب) وكذا الدارقطني (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن القطان : وفيه عبد الله بن عمر العمري قال أبو حاتم : مجهول وموسى بن هلال البصري قال العقيلي : لا يصح حديثه ولا يتابع عليه ، وقال ابن القطان : فيه ضعيفان . وقال النووي في المجموع : ضعيف جدا . وقال الغرياني : فيه موسى بن هلال العبدي قال العقيلي : لا يتابع على حديثه . وقال أبو حاتم : مجهول . وقال السبكي : بل حسن أو صحيح . وقال الذهبي : طرقه كلها لينة لكن يتقوى بعضها ببعض قال ابن حجر : حديث غريب خرجه ابن خزيمة في صحيحه . وقال في القلب في سنده شئ وأنا أبرأ إلى الله من عهدته قال أعني ابن حجر : وغفل من زعم أن ابن خزيمة صححه وبالجملة فقول ابن تيمية موضوع غير صواب . 8716 - (من زارني بالمدينة) في حياتي أو بعد وفاتي (محتسبا) أي ناويا بزيارته وجه الله وثوابه ، وقيل له محتسبا لاعتداده بعمله فجعل حال مباشرته الفعل كأنه معتد به والاحتساب طلب الثواب كما سبق (كنت له شهيدا وشفيعا) أي شهيدا للبعض وشفيعا لباقيهم أو شهيدا للمطيع شفيعا للعاصي
[ 182 ]
وهذه خصوصية زائدة على شهادته على جميع الأمم وعلى شفاعته العامة وفي رواية لمسلم كنت له شفيعا أو شهيدا ، وأو فيه بمعنى الواو للتقسيم كما تقرر وجعلها للشك رده عياض ، قال ابن الحاج : والمراد أنه شهيد له بالمقام الذي فيه الأجر (يوم القيامة) مكافأة له على صنيعه قالوا : وزيارة قبره الشريف من كمالات الحج بل زيارته عند الصوفية فرض وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حيا ، قال الحكيم : زيارة قبر المصطفى صلى الله عليه وسلم هجرة المضطرين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضا فانصرفوا فحقيق أن لا يخيبهم بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم . [ ص 141 ] - (هب عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس بحسن ففيه ضعفاء منهم أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي قال الذهبي : ترك وقال أبو حاتم : منكر الحديث . 8717 - (من زار قبر والديه) لفظ رواية الحكيم أبويه (أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ عنده يس) أي سورتها (غفر له) ذنوبه والظاهر المنقاس أن المراد الصغائر وزاد في رواية وكتب برا بوالديه أي كان برا بهما غير عاق مضيع حقهما فعدل عنه إلى قوله كتب لمزيد الإثبات وأنه من الراسخين فيه مثبت في ديوان الأبرار ومنه قوله تعالى * (فاكتبنا مع الشاهدين) [ آل عمران : 53 ] اي اجعلنا في زمرتهم قال بعض موالي الروم : وتخصيص يوم الجمعة بالذكر إما أن يكون اتفاقيا إن كانت المغفرة لقراءة يس سواء قرئت على القبر في يوم جمعة أو غيرها وإما أن يكون قصديا إن كان سبب المغفرة قراءة يس على القبر في يوم الجمعة دون غيرها لا يقال قصد الزائر بقراءتها على قبرهما نفع والديه ومغفرتهما ، والحديث إنما دل على المغفرة للزائر فقط لأنا نقول الظاهر إنما غفر له لكونه سببا لحصول المغفرة بهما فدل على مغفرتهما بالأولى وقوله والديه أو أبويه من باب التغليب . - (عد) عن محمد بن الضحاك عن يزيد بن خالد الأصبهاني عن عمر بن زياد عن يحيى بن سليم الطائفي عن هشام عن أبيه عن عائشة (عن) أبيها (أبي بكر) الصديق ثم قال ابن عدي : هذا الحديث بهذا الإسناد باطل وعمرو متهم بالوضع اه‍ . ومن ثم اتجه حكم ابن الجوزي عليه بالوضع وتعقبه المصنف بأن له شاهدا وهو الحديث التالي لهذا وذلك غير صواب لتصريحهم حتى هو بأن الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف ونحوه . 8718 - (من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة مرة غفر الله له) ذنوبه (وكتب برا) بوالديه ، وقضية قوله كل اشتراط المداومة لحصول المغفرة فإما أن يحمل إطلاق الحديث الذي قبله عليه وإما أن يقال إن الزيارة في جمعة واحدة سبب حصول المغفرة والمداومة شرط لكتابته برا مع المغفرة وظاهر الحديث أن حصول المغفرة والكتابة برا وإن لم يقرأ يس فإما أن يحمل إطلاقه على الحديث الأول أو يقال إن ما يقاسيه الزائر من نصب إدامة الزيارة كل جمعة يوجب المغفرة والكتابة وإن لم يقرأ يس والفضل للمتقدم وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي عن أبي بكر من زار قبر والديه كل جمعة أو أحدهما فقرأ عنده
[ 183 ]
يس والقرآن الحكيم غفر له بعدد كل آية وحرف منها . وهنا سؤال هو أن تحصيل الحاصل محال فإذا حصلت المغفرة بحرف فما الذي يكفره بقية الحروف ، وأجيب بأن كل حرف يكفر البعض فيكون من قبيل قولهم إذا قوبل الجمع بالجمع تنقسم الآحاد وزعم أنه إنما يصح إذا تساوى عدد الذنوب والحروف يرده أنه يمكن أن يقابل البعض من غير نظر إلى الأفراد كواحد بثلاثة مثلا وفي رواية لأبي نعيم من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة كان كحجة ، قال السبكي : والزيارة لأداء الحق كزيارة قبر الوالدين يسن شد الرحل إليها تأدية لهذا الحق . - (الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) ورواه الطبراني عنه بلفظه لكنه قال وكان برا وزاد بعد قوله أحدهما سنة قال الهيثمي : وفيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وقال العراقي : رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من رواية محمد بن النعمان يرفعه وهو معضل ومحمد بن النعمان مجهول وشيخه يحيى بن العلاء متروك وروى ابن أبي الدنيا من حديث ابن سيرين أن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو الله لهما من بعدهما فيكتبه الله من البارين فقال العراقي : مرسل صحيح الإسناد . 8719 - (من زار قوما فلا يؤمهم) أي لا يصلي بهم إماما في موضعهم فيكره بغير إذنهم (وليؤمهم) ندبا (رجل منهم) حيث كان في المزورين من هو أهل للإمامة فالساكن بحق أولى بالإمامة من غيره كزائره ولا ينافيه خبر البخاري عن عتبة أن النبي صلى الله عليه وسلم زاره وأمه ببيته لأنه بإذن عتبة ولأن الكلام في غير الامام الأعظم قال الزين العراقي : وعموم [ ص 142 ] الحديث يقتضي أن صاحب المنزل يقدم وإن كان ولد الزائر وهو كذلك قال : وقضية التعبير بالقوم الذي هو للرجال أن الرجل إذا زار النساء يؤمهن إذ لا حق لهن في إمامة الرجال . - (حم د ت) وكذا النسائي والبيهقي في السنن كلهم من حديث أبي عطية وهو العقيلي مولاهم (عن مالك بن الحويرث) قال : كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا نتحدث فحضرت الصلاة يوما فقلنا يتقدم بعضكم حتى أحدثكم لم لا أتقدم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الترمذي : حسن وتبعه المؤلف فرمز لحسنه وتعقبه الذهبي فقال : هذا حديث منكر وأبو عطية مجهول . 8720 - (من زرع زرعا فأكل منه طير أو عافية) أي كل طالب رزق (كان له صدقة) أي كان له فيما يأكله العوافي ثواب كثواب الصدقة تصدق بها في اختياره قال في الإتحاف : والعافية السباع أو نحوها مما يرد المياه والزرع . - (حم) وكذا الطبراني في الكبير من طريق أحمد ولعل المصنف أغفله ذهولا (وابن خزيمة) في صحيحه (عن خلاد بن السائب) قال الهيثمي : إسناده حسن .
[ 184 ]
8721 - (من زنى خرج منه الإيمان) إن استحل وإلا فالمراد نوره أو أنه صار منافقا نفاق معصية لا نفاق كفر أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في حل قتاله أو قتله وليس بمستحضر حال تلبسه به حلال من آمن به فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها عليه الشهوة والمعصية تذهله عن رعاية الإيمان وهو تصديق القلب فكأنه نسي من صدق به أو أنه يسلب الإيمان حال تلبسه به فإذا فارقه عاد إليه أو المعنى خرج منه الحياء لأن الحياء من الإيمان كما مر في عدة أخبار صحاح وحسان أو هو زجر وتنفير فغلظ بإطلاق الخروج عليه لما أن مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الإنسان وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقي العداوة والبغضاء بين الناس وغير ذلك (فإن تاب تاب الله عليه) أي قبل توبته فينبغي أن يبادر بالتوبة قبل هجوم هاذم اللذات فيكون قد باع أبكارا عربا أترابا كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات مسافحات أو متخذات أخدان وحور مقصورات في الخيام بخيثات مسبيات بين الأنام . - (طب عن شريك) قال الحافظ في الفتح : سنده جيد رمز لحسنه . 8722 - (من زنى أو شرب الخمر نزع منه الإيمان) أي كماله (كما يخلع الإنسان القميص من رأسه) أبرز المعقول بصورة المحسوس تحقيقا لوجه التشبيه ولم يذكر التوبة لظهورها أو للتشديد والتهديد والتهويل وذلك لأن الخمر أم الفواحش والزنا يترتب عليه المقت من الله وقد علق سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل إلى الفلاح بدونه فقال * (قد أفلح المؤمنون) [ المؤمنون : 1 ] الآيات وهذا يتضمن أن من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين وأنه من الملومين العادين ففاته القلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم فمقاساة ألم الشهوة أيسر من بعض ذلك . - (ك) في الإيمان من حديث عبد الله بن الوليد عن أبي حجيرة (عن أبي هريرة) قال الحاكم : احتج مسلم بعبد الرحمن بن حجيرة وبعبد الله وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر : إسناده جيد . 8723 - (من زنى زنى به) بالبناء لما لم يسم فاعله (ولو بحيطان داره) يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن [ ص 143 ] يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتما مقضيا ، وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته * (والله عزيز ذو انتقام) [ آل عمران : 4 ] فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر فقوله زني به من قبيل المشاكلة إلا أن قوله ولو بحيطان دار ينبو عنه ، والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد المبالغة
[ 185 ]
ويحتمل الحقيقة بأن يحك رجل ذكره بجداره فينزل وكما أن الزنا يهتك العرض فكذا مسح الذكر بالجدار وتلوثه بالمني ، وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله زني به مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا ، هبه لنفسه أو لشخص من أتباعه ، والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما ورأيت في بعض التواريخ أن رجلا حصره البول فدخل خربة فبال ثم تناول عظمة فاستجمر بها فبمجرد مسح ذكره بها أنزل فأخذها وعرضها على بعض أهل التشريح فقالوا : إنها عظمة فرح امرأة ، وفي هذه الأحاديث أن من زنى دخل في هذا الوعيد ، هبه بكرا أو محصنا سواء كان المزني بها أجنبية أو محرمة بل المحرم أفحش وهبه أعزب أم متزوج لكن المتزوج أعظم ولا يدخل فيه ما يطلق عليه اسم الزنا من نظر وقبلة ومباشرة فيما دون الفرج ومس محرم لأنها من اللمم . - (ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ، ورواه عنه أيضا الديلمي باللفظ المزبور . 8724 - (من زنى) بالتشديد (أمة) أي رماها بالزنا لا أنه زنى بها في الواقع وإلا لم يكن قوله (لم يرها تزني) له فائدة (جلده الله يوم القيامة بسوط من نار) في الموقف على رؤوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية جزاءا وفاقا وقوله لم يرها تزني جملة حالية من فاعل زنى أو من مفعوله والأمة أعم من كونها للقاذف أو لغيره قال المهلب : أجمعوا على أن الحر إذا قذف عبدا أو أمة لم يجب عليه الحد ودل هذا الحديث على ذلك لأنه لو وجب عليه في الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة وإنما خص دلك بالآخرة تمييزا للحر من المملوك اه‍ . ومن تعقب حكاية الإجماع بما ورد عن ابن عمر في أم الولد من أن قاذفها يحد فقد وهم لأن مراده به بعد موت السيد . (تنبيه) قد أذنت هذه الأخبار بقبح الزنا وقد تظافر على ذلك أرباب الملل والنحل بل وبعض البهائم ففي البخاري أن قردة في الجاهلية زنت فرجمت وساقه الإسماعيلي مطولا عن عمرو بن ميمون قال : كنت باليمن في غنم لأهلي فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد سلا رفيقا وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق فاستيقظ فرحا فشمها فصاح فاجتمعت القردة فجعل يصيح ويرمى إليها فذهبت القردة يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد فحفروا لهما حفرة فرجموهما وذكر أبو عبيدة في كتاب الخيل من طريق الأوزاعي أن مهرا نزى على امه فامتنع فأدخلت بيتا وجللت بكساء فأنزى عليها فنزى فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه من أصله بأسنانه . - (حم عن أبي ذر) رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن أبي جعفر أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أحمد : ليس بقوي . 8725 - (من زهد في الدنيا) واشتغل بالتعبد (علمه الله بلا تعلم) من مخلوق (وهداه بلا هداية) من غير الله (وجعل بصيرا) بعيوب نفسه (وكشف عنه العمى) أي رفع عن بصيرته الحجب فانجلت له
[ 186 ]
الأمور فعرف الأشياء النافعة وضدها والظاهر أن المراد بالعلم علم طريق الآخرة كما يشير إليه كلام حجة الإسلام ، قال الحجة : والذي يبعث على الزهد ترك آفات الدنيا وعيوبها وقد أكثر الناس القول فيه ومنه قول بعضهم تركت الدنيا لقلة غنائها وكثرة عنائها وسرعة فنائها [ ص 144 ] وخسة شركائها قال الإمام : لكن يجئ من هذا رائحة الرغبة لأن من شكا فراق أحد أحب وصاله ومن ترك شيئا لمكان الشركاء فيه أخذه لو انفرد به فالقول البالغ له أن الدنيا عدوة الله وأنت محبه ومن أحب أحدا أبغض عدوه ولأنها وسخة جيفة لكنها ضمخت بطيب وطرزت بزينة فاغتر بظاهرها الغافلون وزهد فيها العاقلون . - (حل) في مناقب المرتضي (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا الديلمي وفيه ضعيف . 8726 - (من ساء خلقه عذب نفسه) باسترساله مع خلقه بكثرة الإنفعال والقيل والقال فلا تزال نفسه شكسة يائسة فقيرة كزة محتاجة وأما صاحب الخلق الحسن فقلبه في راحة لأن نفسه طيبة غنية وبينهما بون بعيد قلب معذب وقلب مستريح (ومن كثر همه سقم بدنه) مع أنه لا يكون إلا ما قدر (ومن لاحى الرجال) أي قاولهم وخاصمهم ونازعهم (ذهبت كرامته) عليهم وأهانوه بينهم (وسقطت مروءته) وفي المثل من لاحاك فقد عاداك قال الفضيل كما رواه عنه البيهقي في الشعب لا تخالط إلا حسن الخلق فإنه لا يأتي إلا بخير ولا تخالط سئ الخلق فإنه لا يأتي إلا بشر . وقال أبو حازم : سئ الخلق أشقى الناس به نفسه هي منه في بلاء ثم زوجته ، ثم ولده . - (الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (وابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في الطب) النبوي (عن أبي هريرة) وفيه سلام أو أبو سلام الخراساني قال الذهبي : قال أبو حاتم : متروك . 8727 - (من سأل الله الشهادة بصدق) قيد السؤال بالصدق لأنه معيار الأعمال ومفتاح بركاتها وبه ترجى ثمراتها (بلغه الله منازل الشهداء) مجازاة له على صدق الطلب وفي قوله منازل الشهداء بصيغة الجمع مبالغة ظاهرة (وإن مات على فراشه) لأن كلا منهما نوى خيرا وفعل ما يقدر عليه فاستويا في أصل الأجر ولا يلزم من استوائهما فيه من هذه الجهة استواؤهما في كيفيته وتفاصيله إذ الأجر على العمل ونيته يزيد على مجرد النية فمن نوى الحج ولا مال له يحج به يثاب دون ثواب من باشر أعماله ولا ريب أن الحاصل للمقتول من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل للناوي الميت على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد فهما وإن استويا في الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي أثرا زائدا وقربا خاصا وهو فضل الله يؤتيه من يشاء فعلم من التقرير أنه لا حاجة لتأويل البعض وتكلفه بتقدير من بعد قوله بلغه الله فأعط ألفاظ الرسول صلى الله عليه وسلم حقها وأنزلها منازلها يتبين لك المراد وفيه ندب سؤال الشهادة بنية صادقة . - (م 4) في الجهاد من حديث سهل بن أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه (عن) جده (سهل بن حنيف) بضم المهملة مصغرا ولم يخرجه البخاري واستدركه الحاكم فوهم وسهل هذا تابعي
[ 187 ]
ثقة واسم أبيه أسعد صحابي ولد في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسماه باسم جده لأمه بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة وكناه بكنيته وجده سهل بن حنيف بن وهب الأوسي شهد بدرا وثبت يوم أحد وأبلى يومئذ بلاء حسنا وليس في الصحابة سهل بن حنيف غيره ومن لطائف إسناد الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده . 8728 - (من سأل الله الجنة) أي دخولها بصدق وإيقان وحسن نية (ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة ومن استعاذ من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار) وهذا القول يحتمل كونه بلسان القال بأن يخلق الله [ ص 145 ] فيها الحياة والنطق وهو على كل شئ قدير أو بلسان الحال وتقديره قالت خزنة الجنة من قبيل قوله تعالى * (واسأل القرية) [ يوسف : 82 ] ويؤيده ذكر الجنة في قوله اللهم أدخله الجنة وإلا لقالت اللهم أدخله إياي ويحتمل كونه التفات من التكلم إلى الغيبة وكذا الكلام في قوله قالت النار وجاء في رواية ذكر العدد في الاستجارة من النار ثلاثا وحذفه في سؤال الجنة وهو تنبيه على أن الرحمة تغلب الغضب وعلى أن عذابه شديد * (إن الله شديد العقاب) [ الحشر : 7 ] فيكفي في طلب الجنة السؤال الواحد بخلاف الاستجارة من النار قال السمهودي : لك أن تقول ما الحكمة في تخصيص الثلاث مع أن الحسن بن سفيان روى عن أبي هريرة مرفوعا ما سأل الله عز وجل عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلانا سألني فأدخله وفي رواية لأبى يعلى بإسناد على شرط الشيخين ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلانا استعاذ بك مني فأعذه وأدخله الجنة وفي رواية للطيالسي من قال أسأل الله الجنة سبعا قالت الجنة اللهم أدخله الجنة وفي رواية له إن العبد إذا أكثر مسألة الله الجنة قالت الجنة يا رب إن عبدك هذا سألنيك فأسكنه إياي - الحديث - . وأجيب بأنه خص الثلاث في هذا الحديث لأنها أول مراتب الكثرة والسبعة في غيرها لأنها أول مراتب النهاية في الكثرة لاشتمالها على أقل الجمع من الأفراد وأقل الجمع من الأزواج . - (ت) في صفة أهل الجنة (ن) في الاستعاذة وفي يوم وليلة وكذا ابن ماجه في الزهد خلافا لما يوهمه اقتصار المصنف على ذينك (ك) في باب الدعاء (عن أنس) بن مالك وقال : صحيح وسكت عليه الذهبي وكذا رواه عنه ابن حبان في صحيحه بهذا اللفظ من هذا الوجه . 8729 - (من سأل الناس) نصب بنزع الخافض أو مفعول به (أموالهم) بدل اشتمال منه (تكثرا) مفعوله أي لتكثر ماله لا لحاجة (فإنما يسأل جمر جهنم) أي سبب للعقاب بالنار أو هي قطع عظيمة من الجمر حقيقة يعذب بها كمانع الزكاة لأخذه ما لا يحل أو لكتمه نعمة الله وهو كفران فإن شاء (فليستقل منه) أي من ذلك السؤال أو من المال أو من الجمر (أو فليستكثر) أي وإن شاء
[ 188 ]
فليستكثر ، أمر توبيخ وتهديد من قبيل * (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) [ الكهف : 29 ] ومن ثم قالوا : من قدر على قوت يوم لم يحل له السؤال والقياس أن الدافع إن علم بحاله أثم لإعانته على محرم إلا أن يجعله هبة لصحتها للغنى . (فائدة) أخرج ابن عساكر أن مطرف بن عبد الله بن الشخير كان يقول لابن أخيه إذا كانت لك حاجة اكتبها في رقعة فإني أصون وجهك عن الذل . يا أيها المبتغى نيل الرجال * وطالب الحاجات من ذي النوال لا تحسبن الموت موت البلى * فإنما الموت سؤال الرجال كلاهما موت ولكن ذا * أعظم من ذاك لذل السؤال - (حم م ه عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 8730 - (من سأل) الناس (من غير فقر) أي عن غير حاجة بل لتكثير المال (فإنما) في رواية فكأنما (يأكل الجمر) جعل المأكول نفس الجمر مبالغة في التوبيخ والتهديد والمراد أنه يعاقب بالنار وقد يجعل على ظاهره وأن ما يأخذه يطعمه في الآخرة على صورة الجمر كما يكوى مانع الزكاة بها ، قال النووي : اتفقوا على النهي عن السؤال بلا ضرورة وفي القادر على الكسب وجهان أصحهما أنها حرام لظاهر الحديث ، والثاني يحل بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح في السؤال ولا يؤذي المسؤول وإلا حرم اتفاقا . - (حم وابن خزيمة) في صحيحه (والضياء) في المختارة (عن حبشي) بضم الحاء المهملة فموحدة ساكنة فمعجمة بعدها ياء ثقيلة بضبطه (ابن جنادة) السلولي بفتح المهملة شهد حجة الوداع قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8731 - (من سئل بالله) قال بعضهم : قوله سأل يجوز كونه بصيغة المجهول وبصيغة المعلوم وقوله بالله أي بحب الله ورضاه [ ص 146 ] وقوله (فأعطى) يجوز كونه بصيغة الفاعل أو المفعول أي أعطى السائل ما سأله امتثالا لآية * (ويطعمون الطعام على حبه) [ الانسان : 8 ] الآية (كتب له سبعون حسنة) أي إن علم أن السائل لا يصرفه في نحو فسق والظاهر أن المراد بالسبعين التكثير لا التحديد لشيوع استعمال السبعين فيه لاشتمالها على جملة ما هو الأصل من كسور العدد فكأنها العدد بأسره ولا منافاة بين هذا الحديث وقوله تعالى * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [ الانعام : 160 ] لأن المراد من الآية بيان أقل مراتب الثواب في مقابلة من جاء بحسنة واحدة ولا نهاية لأكثره كما يدل عليه * (ليلة القدر خير من ألف شهر) [ القدر : 3 ] . - (هب عن ابن عمرو) بن العاص وفيه محمد بن مسلم الطائفي أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه أحمد ووثقه ابن معين
[ 189 ]
8732 - (من سئل عن علم) علمه قطعا وهو علم يحتاج إليه سائل في أمر دينه وقيل ما يلزم عليه تعليمه كمريد الإسلام يقول علمني الإسلام والمفتي في حلال أو حرام وقيل هو علم الشهادتين (فكتمه) عن أهله (ألجمه الله يوم القيامة بلجام) فارسي معرب (من نار) أي أدخل في فيه لجاما من نار مكافأة له على فعله حيث ألجم نفسه بالسكوت في محل الكلام فالحديث خرج على مشاكلة العقوبة للدنب وذلك لأنه سبحانه أخذ الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه وفيه حث على تعليم العلم لأن تعلم العلم إنما هو لنشره ودعوة الخلق إلى الحق والكاتم يزاول إبطال هذه الحكمة وهو بعيد عن الحكيم المتقن ولهذا كان جزاؤه أن يلجم تشبيها له بالحيوان الذي سخر ومنع من قصد ما يريده فإن العالم شأنه دعاء الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصراط المستقيم وقوله بلجام من باب التشبيه لبيانه بقوله من نار على وزان * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) [ البقرة : 187 ] شبه ما يوضع في فيه من النار بلجام في الدابة ولولا ما ذكر من البيان كان استعارة لا تشبيها . - (حم 4 ك عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن وقال الحاكم : على شرطهما وقال المنذري : في طرقه كلها مقال إلا أن طريق أبي داود حسن وأشار ابن القطان إلى أن فيه انقطاعا وللحديث عن أبي هريرة طرق عشرة سردها ابن الجوزي ووهاها ، وفي اللسان كالميزان عن العقيلي : هذا الحديث لا يعرف إلا لحماد بن محمد وأنه لا يصح اه‍ . قال الذهبي في الكبائر : إسناده صحيح رواه عطاء عن أبي هريرة وأشار بذلك إلى أن رجاله ثقات لكن فيه انقطاع وساقه البيضاوي في تفسيره بلفظ من كتم علما عن أهله قال الولي العراقي : ولم أجده هكذا . 8733 - (من سب العرب فأولئك) أي السابون (هم المشركون بالله) أي بسبهم لكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم أو نحو ذلك مما يقتضي طعنا في الشريعة أو نقصا في ما جاء به صلى الله عليه وسلم وقال بعض علماء الروم : المراد من سب جنس العرب من حيث إنهم عرب فإنه حينئذ كافر لأن الأنبياء منهم فسب الجنس يستلزم سبهم وسبهم كفر ويؤيده خبر حب العرب إيمان وبغضهم كفر والضمير المستتر في سب يعود إلى من باعتبار اللفظ والجمع في اسم الإشارة والضمير في فأولئك هم المشركون عبارة عن من باعتبار المعنى والفاء في قوله فأولئك لتضمن معنى الشرط وضمير الفصل في هم المشركون لتأكيد إفادة الحصر للمبالغة . - (هب) من حديث مطرف بن مغفل عن ثابت البناني (عن عمر) بن الخطاب وظاهر صنيع المصف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه عقبه ببيان حاله فقال : تفرد به مغفل هذا وهو منكر بهذا الإسناد ، هذا لفظه وفي كلام الذهبي إشارة إلى أن هذا الخبر موضوع فإنه قال في الضعفاء والمناكير : مطرف بن مغفل عن ثابت له حديث موضوع ثم رأيته صرح بذلك في الميزان فقال : مطرف بن مغفل له حديث موضوع ثم ساق هذا الخبر بعينه .
[ 190 ]
8734 - (من سب أصحابي) أي شتمهم (فعليه لعنة الله والملائكة والناس) أي الطرد والبعد عن مواطن الأبرار ومنازل [ ص 147 ] الأخيار والسب والدعاء من الخلق (أجمعين) تأكيد لمن سب أو الناس فقط أي كلهم وهذا شامل لمن لابس القتل منهم لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون فسبهم كبيرة ونسبتهم إلى الضلال أو الكفر كفر . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد الله بن خراش وهو ضعيف . 8735 - (من سب الأنبياء قتل) لانتهاكه حرمة من أرسلهم واستخفافه بحقه وذلك كفر قال القيصري : إيذاء الأنبياء بسبب أو غيره كعيب شئ منهم كفر حتى من قال في النبي ثوبه وسخ يريد بذلك عيبه قتل كفرا لا حدا ولا تقبل توبته عند جمع من العلماء وقبلها الشافعية (ومن سب أصحابي جلد) تعزيرا ولا يقتل خلافا لبعض المالكية ولبعض منا في ساب الشيخين ولبعض فيهما والحسنين . - (طب) وكذا الأوسط والصغير (عن علي) أمير المؤمنين وفيه عبيد الله العمري شيخ الطبراني قال في الميزان : رماه النسائي بالكذب قال في اللسان : ومن مناكيره هذا الخبر وساقه ثم قال : رواته كلهم ثقات إلا العمري . 8736 - (من سب عليا) بن أبي طالب (فقد سبني فقد سب الله) ومن سب الله فهو أعظم الأشقياء ، وفيه إشارة إلى كمال الاتحاد بين المصطفى والمرتضى بحيث أن محبة الواحد توجب محبة الآخر وبغضه يوجب بغضه ولا يلزم منه تفضيل علي على الشيخين لما بين في علم الكلام وقد أساء بعض علماء الروم الأدب مع الحضرة الإلهية حيث قال : فيه إشارة إلى كمال المناسبة والاتحاد بين هؤلاء الثلاثة وأستغفر الله من حكايته . - (حم ك) في فضائل الصحابة من حديث أبي عبيد الله الجدلي (عن أم سلمة) قال الجدلي : دخلت على أم سلمة فقالت أيسب رسول فيكم فقلت سبحان الله قالت سمعته يقول فذكرته قال الحاكم : صحيح قال الذهبي : والجدلي وثق وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجدلي وهو ثقة . 8737 - (من سبح سبحة الضحى) أي صلى صلاتها وذكر الله تعالى وقتها وداوم على ذلك (حولا مجرما) بالجيم كمعظم بضبط المصنف أي حولا تاما (كتب الله له براءة من النار) أي خلاصا من النار بسبب اشتغاله بذلك في ذلك الوقت ودوامه عليه وإنما خصه وقت انتشار الناس في المعاش
[ 191 ]
والغفلة عن ذكر الله وعن الصلاة ولأن فيه كلم موسى ربه وألقى السحرة سجدا كما نقل عن البيضاوي . - (سمويه عن سعد) بن أبي وقاص . 8738 - (من سبح) أي قال سبحان الله (في) دبر (صلاة الغداة) أي عقب فراغه من الصبح وظاهر التقييد بها أن ذلك من خواصها فلا يحصل الموعود به على قول ما يأتي بقوله عقب غيرها ويحتمل أنه قيد اتفاقي (مائة تسبيحة) بأ ، قال سبحان الله ثلاثة وثلاثين والحمد لله ثلاثة وثلاثين والله أكبر كذلك ولا إله إلا الله مرة فيكون المجموع مائة مرة وعبر عنه بالتسبيح أوله من تسمية الكل باسم جزئه (وهلل) أي قال لا إله إلا الله (مائة تهليلة غفر له ذنوبه) بهذا الشرط وهو من سبح والظاهر أن المراد الصغائر كما مر نظائره غير مرة (ولو كانت) في الكثرة (مثل زبد البحر) وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه واختصاص هذه الألفاظ بالذكر واعتبار الأعداد المعينة بحكمة تخصها لا يطلع [ ص 148 عليها إلا من خصه الله بمعرفة أسرار الحروف التي تركب منها هذا الذكر ومراتب قولها وسئل ابن حجر هل تحصل سنة التسبيح والتكبير المسنون دبر الصلاة بذكرها مفرقة فأجاب بأنه يجوز الضم بأن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويغررها كذلك ويجوز التفريق بأن يقول سبحان الله حتى يتم العدد وهكذا والأفضل التفريق لزيادة العمل فيه بحركة الأصابع بالعدد . (تنبيه) قال الغزالي : لا تظن أن ما في التهليل والتقديس والتحميد والتسبيح من الحسنات بإزاء تحريك اللسان بهذه الكلمات من غير حصول معانيها في القلب فسبحان الله كلمة تدل على التقديس ولا إله إلا الله كلمة تدل على التوحيد والحمد لله تدل على معرفة النعمة من الواحد الحق فيما وعد به من الحسنات والمغفرة ونحو ذلك بإزاء هذه المعارف وإنما هو من أبواب الإيمان واليقين . (تنبيه) قال ابن حجر في الفتح : قال بعضهم : الأعداد الواردة كالذكر عقب الصلاة إذا رتب عليها ثواب مخصوص فزاد الآتي بها على العدد لا يحصل له الثواب المخصوص لاحتمال أن يكون لتلك الأعداد حكمة وخاصة تفوت بمجاوزة ذلك قال شيخنا الحافظ أبو الفضل في شرح الترمذي : فيه نظر لأنه أتى بالقدر الذي رتب الثواب عليه فإذا زاد عليه من جنسه كيف يكون الزيادة مزيلة لذلك الثواب بعد حصوله اه‍ . ويمكن أن يفرق بالنية فإن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الوارد ثم أتى بالزيادة لم يضر وإلا ضر وقد بالغ القرافي في قواعده فقال : من البدع المكروهة الزيادة في المندوبات المحدودة شرعا لأن شأن العظماء إذا حدوا شيئا أن يوقف عنده ويعد الخارج عنه مسيئا للأدب وقد مثله بعضهم بالدواء إذا زيد فيه سكرا مثلا ضر ، ويؤيده الأذكار المتغايرة إذا ورد لكل منها عدد مخصوص مع طلب الإتيان بجميعها متوالية لم تحسن الزيادة عليه لما فيه من قطع الولاء لاحتمال أن يكون للولاء حكمة خاصة يفوت بفوتها . - (ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وقضية صنيع المؤلف أنه لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في الصلاة بزيادة ولفظه من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين قتلك تسعة وتسعون ثم قال تمام المائة لا إله إلا
[ 192 ]
الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر . 8739 - (من سبق إلى ما لم يسبقه إليه مسلم فهو له) قال البيهقي : أراه إحياء الموات ، وقال غيره : يحتمل أن المراد بماء واحد المياه ، ويحتمل كون ما موصولة وجملة لم يسبق صلتها وكونها نكرة موصوفة بمعنى شئ والأخيران أولى كأنها أعم والحمل عليه أكمل وأتم فيشمل ما كل عين وبئر ومعدن كملح ونفط فالناس فيه سواء ومن سبق لشئ منها فهو أحق به حتى يكتفي وشمل من سبق لبقعة من نحو مسجد أو شارع وخرج الكافر فلا حق له وقوله فهو له أي فهو أحق بما سبق إليه من غيره يقدم منه بكفايته فإن زاد أزعج هذا ما قرره جمع شارحون ومن وقف على سبب الحديث وتأمله علم أن المراد إنما هو إحياء الموات ولذلك اقتصر عليه الإمام البيهقي فذكره غيره غفلة واسترسال مع ظاهر اللفظ . - (د) في الخراج (والضياء) المقدسي (عن أم جندب) كذا رأيته في مسودة المؤلف بخطه من غير زيادة ولا نقصان وأم جندب غفارية وأزدية وظفرية فكان ينبغي التمييز ، ثم إن الذي في أبي داود إنما هو عن أم جندب بنت ثميلة عن أمها سودة بنت جابر عن أمها عقيلة بنت أسمر عن أبيها أسمر بن مضرس الطائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهكذا هو في الإصابة بخط الحافظ ابن حجرعازيا لأبي داود . وقال : إسناده جيد وسبقه إلى ذلك ابن الأثير وغيره فذهل المصنف عن ذلك كله قال البغوي : لا أعلم بهذا الإسناد غير هذا الحديث . وقال ابن السكن : ليس لأسمر إلا هذا الحديث الواحد . 8740 - (من ستر) أي غطى (على مؤمن من عورة) في بدنه أو عرضه أو ماله حسية أو معنوية ولو بنحو إعانته علي ستر دينه [ ص 149 ] (فكأنما أحيا ميتا) قيل : ولعل وجهه أن مكشوف العورة يشبه الميت في كشف العورة وعدم الحركة فكما أن الميت يسر أهله بعود الحياة إليه فكذا من كانت عورته مكشوفة فسترت ، ففيه تشبيه بديع واستعارة تبعية اه‍ . ولا يخفى تكلفه ، ثم هذا فيمن لم يعرف بأذى الناس ولم يتجاهر بالفساد وإلا ندب رفعه للحاكم ما لم يخف فتنة لأن الستر يقويه على فعله وكذا يقال في الخبر الآتي وإلى ذلك أشار حجة الإسلام حيث قال : إنما يرجوه عبد مؤمن يستر على الناس عوراتهم واحتمل في حق نفسه تقصيرهم ولم يحرك لسانه بذكر مساوئهم ولم يذكرهم في غيبتهم بما يكرهونه لو سمعوه فهذا أجدر بأن يجازى بمثله في القيامة ومحله أيضا في ذنب مضى وانقضى أما المتلبس به فتجب المبادرة بمنعه منه بنفسه أو بغيره كالحاكم حيث لم يخف مفسدة به أو بغيره من كل معصوم وليس في الحديث ما يقتضي ترك الإنكار عليه فيما بينه وبينه أيضا . (تنبيه) إظهار السر كإظهار العورة فكما يحرم كشفها يحرم إفشاؤها وكتمان الأسرار قد تطابق على الأمر به الملل وقد قالوا : صدور الأحرار قبور الأسرار .
[ 193 ]
وقيل : قلب الأحمق في فيه ولسان العاقل في قلبه . وقيل لبعضهم : كيف أنت في كتم السر قال : أستره وأستر أني أستره . - (طب والضياء) المقدسي (عن شهاب) ورواه الطبراني في الأوسط عن مسلمة بن مخلد قال رجاء بن حيوة : سمعت مسلمة بن مخلد يقول : بينا أنا على مصر فأتى البواب فقال : إن أعرابيا بالباب يستأذن فقلت : من أنت قال : جابر بن عبد الله فأشرفت عليه فقلت : أنزل إليك أو تصعد قال : لا تنزل ولا أصعد حديث بلغني أنك ترويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ستر المؤمن جئت أسمعه قلت : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره لكنه قال : فكأنما أحيا موءودة فضرب بعيره راجعا . 8741 - (من ستر أخاه المسلم في الدنيا) في قبيح فعله وقوله (فلم يفضحه) بأن اطلع منه على ما يشينه في دينه أو عرضه أو ماله أو أهله فلم يهتكه ولم يكشفه بالتحدث ولم يرفعه الحاكم بالشرط المار (ستره الله يوم القيامة) أي لم يفضحه على رؤوس الخلائق بإظهار عيوبه وذنوبه بل يسهل حسابه ويترك عقابه لأن الله حيي كريم وستر العورة من الحياء والكرم ففيه تخلق بخلق الله والله يحب التخلق بأخلاقه ، ودعى عثمان إلى قوم على ريبة فانطلق ليأخذهم فتفرقوا فلم يدركهم فأعتق رقبة شكرا لله تعالى أن لا يكون جرى على يديه خزي مسلم . - (حم عن رجل) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقضية تصرف المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في البخاري في المظالم والإكراه ومسلم في الأدب ولفظهما من ستر مسلما ستره الله يوم القيامة ولفظ البخاري من ستر على مسلم إلخ فليس فيما آثره إلا زيادة قوله في الدنيا وهو صفة كاشقة فليس بعذر في العدول عما في الصحيحين عندهم وممن رواه أيضا من الستة الترمذي في الحدود عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ ستره الله في الدنيا والآخرة وكذا أبو داود والنسائي في الرجم فضرب المؤلف عن ذلك كله صفحا واقتصاره على أحمد غير جيد على أن فيه عند أحمد مع كون صحابيه مجهولا مسلم بن أبي الدبال عن أبي سنان المدني قال الهيثمي : ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات . 742 - (من سره) أي أفرحه والفرح كيفية نفسانية تحصل من حركة الروح التي هي القلب إلى خارج قليلا قليلا (أن يكون أقوى) في رواية أكرم (الناس) في جميع أموره وسائر حركاته وسكناته (فليتوكل على الله) لأنه إذا قوي توكله قوي قلبه وذهبت مخافته ولم يبال بأحد * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) [ الطلاق : 3 ] وكفى به حسيبا ، * (أليس الله بكاف عبده) [ الزمر : 36 ] وليس في الحديث ما يقتضي ترك الاكتساب بل يكتسب مفوضا مسلما متوكلا على الكريم الوهاب معتمدا عليه طالبا منه غير ملاحظ لتسبب معتقدا أنه لا يعطي ويمنع إلا الله فلا يركن إلى سواه ولا يعتمد بقلبه على غيره ، قال الغزالي : طالب [ ص 150 ] الكفاية من غيره هو التارك للتوكل وهو المكذب بهذه الآية فإن سؤاله في معرض الاستنطاق
[ 194 ]
بالحق ولما أحكم أبناء الآخرة هذه الخصلة وأعطوها حقها تفرغوا للعبادة وتمكنوا من التفرد من الخلق والسياحة واقتحام الفيافي واستيطان الجبال والشعاب فصاروا أقوياء العباد ورجال الدين وأحرار الناس وملوك الأرض بالحقيقة يسيرون حيث شاؤوا وينزلون حيث أرادوا لا عائق لهم ولا حاجز دونهم وكل الأماكن لهم واحد وكل الأزمان عندهم واحد ، قال الخواص : ولو أن رجلا توكل على الله بصدق نية لاحتاج إليه الأمراء ومن دونهم ، وكيف يحتاج ومولاه الغني الحميد ؟ . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (التوكل عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه بهذا اللفظ الحاكم والبيهقي وأبو يعلى وإسحاق وعبد بن حميد والطبراني وأبو نعيم كلهم من طريق هشام بن زياد بن أبي المقدام عن محمد القرطبي عن ابن عباس قال البيهقي : في الزهد تكلموا في هشام بسبب هذا الحديث . 8743 - (من سره) من السرور وهو انشراح الصدر بلذة فيها طمأنينة النفس عاجلا وذلك في الحقيقة إنما يكون إذا لم يخف زواله ولا يكون إلا فيما يتعلق بالأمور الأخروية قال : أشد الغم عندي في سرور * تيقن عنه صاحبه ارتحالا (أن يستجيب الله له عند الشدائد والكرب) بضم الكاف وفتح الراء جمع كربة وهي غم يأخذ بالنفس لشدته (فليكثر الدعاء في الرخاء) أي في حال الرفاهية والأمن والعافية لأن من شيمة المؤمن الشاكر الحازم أن يريش السهم قبل الرمي ويلتجئ إلى الله قبل الاضطرار بخلاف الكافر الشقي والمؤمن الغبي * (وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا) [ الزمر : 8 ] فتعين على من يريد النجاة من ورطات الشدائد والغموم أن لا يغفل بقلبه ولسانه عن التوجه إلى حضرة الحق تقدس بالحمد والابتهال إليه والثناء عليه إذ المراد بالدعاء في الرخاء كما قاله الإمام الحليمي دعاء الثناء والشكر والاعتراف بالمنن وسؤال التوفيق والمعونة والتأييد والاستغفار لعوارض التقصير فإن العبد وإن جهد لم يوف ما عليه من حقوق الله بتمامها ومن غفل عن ذلك ولم يلاحظه في زمن صحته وفراغه وأمنه كان صدق عليه قوله تعالى * (فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) [ العنكبوت : 65 ] . - (ت ك عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 8744 - (من سره أن يحب الله ورسوله) أي من سره أن يزداد من محبة الله ورسوله (فليقر القرآن نظرا (في المصحف) وهذا بناء على ما هو المتبادر أن فاعل يحب العبد وقال بعض موالي الروم : فاعل يحب لفظ الجلالة والرسول أي من سره أن يحبه الله ورسوله إلخ وذلك لأن في القراءة نظر زيادة ملاحظة للذات والصفات فيحصل من ذلك زيادة ارتباط توجب زيادة المحبة وكان بعض مشايخ الصوفية إذا سلك مريدا أشغله بذكر الجلالة وكتبها له في كفه وأمره بالنظر إليها حال الذكر قالوا : هذا
[ 195 ]
أول شئ يرفع كما قاله عبادة بن الصامت ويبقى بعده على اللسان حجة ، فيتهاون الناس فيه حتى نذهب بذهاب حملته ثم تقوم الساعة على شرار الناس وليس فيهم من يقول الله الله . - (حل هب عن ابن مسعود) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه فإنه إنما ذكره مقرونا ببيان حاله فقال عقبه : هكذا يروى هذا الإسناد مرفوعا وهو منكر تفرد به أبو سهل الحسن بن مالك عن شعبة اه‍ وفيه الحر بن مالك العنبري قال في الميزان : أتى بخبر باطل ثم ساق هذا الخبر وقال : إنما اتخذت المصاحف بعد النبي صلى الله عليه وسلم قال في اللسان : وهذا التعليل ضعيف ففي الصحيحين نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو وما المانع أن يكون الله أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم على أن صحبه يتخذون المصاحف ؟ لكن الحر مجهول الحال . [ ص 151 ] 8745 - (من سره أن يجد حلاوة) وفي رواية لأبي نعيم طعم (الإيمان) استعار الحلاوة المحسوسة للكمالات الإيمانية العقلية بقرينة إضافتها الى الإيمان بجامع الالتذاذ بكل منهما (فليحب المرء لا يحبه) لشئ (إلا لله) أي لا يحبه إلا لأجل الله لا لغرض آخر كإحسان وإنما قال حلاوة الإيمان لأن أصل الإيمان الذي هو التصديق لا يتوقف على تلك المحبة والمراد الحب العقلي الذي هو موجب إيثار ما يقتضي العقل ورجحانه وإن كان على خلاف الهوى كحب المريض للدواء لا الحب الطبيعي إذ * (لا يكلف الله إلا وسعها) [ البقرة : 286 ] - (حم ك) من حديث شعبة عن أبي بلح (عن أي هريرة) قال الحاكم : صحيح واحتج بأبي بلح قال الذهبي : قلت لم لا يحتج به وقد وثق وقال البخاري : فيه نظر اه‍ وقال الحافظ العراقي في أماليه : حديث أحمد صحيح وهو من غير طريق الحاكم . 8746 - (من سره أن يسلم) من السلامة لا من الإسلام أي من سره أن يسلم في الدنيا من أذى الخلق وفي الآخرة من عقاب الحق (فليلزم الصمت) عما لا يعنيه ولا منفعة فيه ليسلم من الزلل ويقل حسابه لأن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة ولسلامة اللسان حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان وليس يسلم من ذلك كله إلا بتقييده بلجام الشرع ، قال الغزالي : ومن آفات اللسان الخطأ والكذب والنميمة والغيبة والرياء والنفاق والفحش والمراء وتزكية النفس والخصومة والفضول والخوض في الباطل والتحريف في الزيادة والنقص وإيذاء الخلق وهتك العورات وغير ذلك . - (هب) وكذا أبو الشيخ [ ابن حبان ] وابن أبي الدنيا (عن أنس) قال الزين العراقي كالمنذري : إسناده ضعيف وذلك لأن فيه محمد بن إسماعيل بن أبي فديك قال ابن أبي فديك : قال ابن سعد : ليس بحجة وقال الهيثمي : فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو متروك وقال الذهبي في الضعفاء : تركوه وفي الميزان : عن الأزدي عمر الوقاصي منكر الحديث وعن أبي حاتم مجهول وله حديث باطل وساق هذا الخبر .
[ 196 ]
8747 - (من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن) بن علي أحد الريحانتين فإنه سيدهم وأهل الجنة كلهم شباب كما دل عليه خبر أهل الجنة جرد مرد لا يفنى شبابهم ولا يصح إضافة الشباب إليهم إلا بجعل الإضافة للبيان كقوله تعالى * (من بهيمة الأنعام) [ الحج : 28 ، 34 ] وفي رواية الحسين بدل الحسن . - (ع عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته وليس بمسلم ففيه الربيع بن سعد الجعفي قال في الميزان : كوفي لا يكاد يعرف ثم أورد هذا الخبر مما خرجه أبو يعلى وابن حبان 8748 - (من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى) ابن مريم (فلينظر إلى أبي ذر) الغفاري فإنه في مزيد التواضع ولين الجانب وخفض الجناح وكف النفس عن الشهوات يقرب من عيسى الذي كان في ذلك على غاية الكمال ونهاية التمام وفي رواية لابن عساكر أن أبا ذر يباري عيسى ابن مريم في عبادته ، أخرج أيضا أن جبريل كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو ذر فقال : هذا أبو ذر قال : وتعرفه قال : هو في أهل السماء أعرف منه في أهل الأرض ، وأفادت هذه الأحاديث أن أبا ذر تواضعه حقيقي لا يمازجه رياء ولا يشوبه سفه وأنه عند إلهه سبحانه وتعالى بحال الرضا لتشبيهه بروح الله الذي حاز قصب السبق في إظهار المسكنة والافتقار للواحد القهار . - (ع عن أبي هريرة) رمز لحسنه ورواه أحمد بلفظ من أحب أن ينظر إلى تواضع عيسى ابن مريم إلى ربه وصدقه وجده فلينظر إلى أبي ذر قال الهيثمي : رجاله وثقوا والبزار عن أبي مسعود بلفظ : من سره أن ينظر إلى شبيه عيسى خلقا وخلقا فلينظر إلى [ ص 152 ] أبي ذر قال الهيثمي : رجاله ثقات . 8749 - (من سره أن يتزوج امرأة من أهل الجنة فليتزوج) السيدة الفاضلة الجليلة حاضنة المصطفى صلى الله عليه وسلم (أم أيمن) بركة الحبشية كان ورثها من أبيه وزوجها من زيد بن حارثة فولدت له أسامة وهي التي دخل عليها أبو بكر وعمر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقالا : ما يبكيك فما عند الله خير لنبيه قالت : إني لأعلم ذلك وإنما أبكي لانقطاع خبر السماء فهيجتهما على البكاء فبكيا ، وهذا الحديث يلحق أم أيمن بالعشرة المبشرة بالجنة فإنه كما شهد لهم بها شهد لها بها فصار دخولها إياها مقطوعا به ، والمراد بالعموم في قوله من سره أن يتزوج إلخ ترغيب المؤمنين في أن يتزوجها واحد منهم فإن مات عنها أو فارقها تزوجها غيره وهكذا محبة فيها لكونها من أهل الجنة فإذا مات يكون معها في الجنة لأن المرء مع من أحب . - (ابن سعد) في الطبقات (عن سفيان بن عقبة مرسلا) هو أخو قبيصة الكوفي قال الذهبي : صدوق .
[ 197 ]
8750 - (من سره أن ينظر إلى امرأة) أي يتأملها بعين بصيرته لا ببصره فإنه إلى الأجنبية حرام أو أن ذلك قبل نزول الحجاب أو وهي ملتفة بإزارها أو المخاطب بذلك جماعة النسوة والمحارم فلا يقال النظر إلى الأجنبية حرام (من الحور العين) أي إلى امرأة كأنها من الحور من حيث الكمال والجمال وكونها من أهل الجنة (فلينظر إلى أم رومان) بنت عامر بن عويمر الكنانية على ما في التجريد أو بنت سبع بن دهمان على ما في الفردوس وهي زوج أبي بكر الصديق وأم عائشة وعبد الرحمن صحابية كبيرة الشأن واسمها زينب وقيل دعد ، وزعم الواقدي ومن تبعه أنها ماتت في حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم سنة سبع أو أربع أو خمس ونزل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم قبرها واستغفر لها وجزم به الذهبي في التجريد لكن قال ابن حجر : الصحيح أنها عاشت بعده وبكونها زوجة الصديق يعلم خبط بعض موالي الروم حيث قال في محل إشكال النظر إليها قال في الفردوس : وهي بنت سبيع بن دهمان زوج أبي بكر أم عائشة . - (ابن سعد) في طبقاته (عن القاسم بن محمد مرسلا) قضية تصرف المصنف أنه لم يقف عليه مسندا لأحد وهو ذهول فقد خرجه أبو نعيم والديلمي من حديث أم سلمة قالت : لما دفنت أم رومان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره إلخ وعلى هذا فأم رومان ماتت في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم . 8751 - (من سرته حسنته) لكونه راجيا ثوابها مؤقنا بنفعها (وساءته سيئته فهو مؤمن) أي كامل الإيمان لأن من لا يرى للحسنة فائدة ولا للمعصية آفة فذلك يكون من استحكام الغفلة على قلبه فإيمانه ناقص بل ذلك يدل على استهانته بالدين فإنه يهون عظيما ويغفل عما لا يغفل الله عنه والمؤمن يرى ذنبه كالجبل والكافر يراه كذباب مر على أنفه فالمؤمن البالغ الإيمان يندم على خطيئته ويأخذه القلق كاللديغ لإيقانه بخبر الآخرة وشرها بخلاف غير الكامل فإنه لا ينزعج لذلك لتراكم الظلمة في صدره وعلى قلبه فيحجبه عن ذلك ، ولهذا قال ابن مسعود فيما خرجه الحكيم الترمذي بأن المؤمن إذا أذنب فكأنه تحت صخرة يخاف أن تقع عليه فتقتله والمنافق ذنبه كذباب مر على أنفه فعلامة المؤمن أن توجعه المعصية حتى يسهر ليله فيما حل بقلبه من وجع الذنب ويقع في العويل كالذي فارق محبوبه من الخلق بموت أو [ ص 153 ] غيره فيتفجع لفراقه فيقع في النحيب فالمؤمن الكامل إذا أذنب يحل به أكثر من المصاب لحجبه عن ربه ومن أشفق من ذنوبه فكان على غاية الحذر منها لا يرجو لغفرها سوى ربه فهو يقبل على الله وهو الذي أراده الله من عباده ليتوب عليهم ويجزل ثوابهم ، نعم السرور بالحسنة مقيد في أخبار أخر بأن شرطه ألا ينتهي إلى العجب بها فيسر بما يرى من طاعته فيطمئن إلى أفعاله فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة الأمارة اللوامة فيهلك ، ولهذا قال بعض العارفين : ذنب يوصل العباد إلى الله تعالى خير من عبادة تصرفه عنه وخطيئة تفقره إلى الله خير من طاعة تغنيه عن الله . (تتمة) قال الراغب : من لا يخوفه الهجاء ولا يسره الثناء لا يردعه عن سوء الفعال إلا سوط أو سيف وقيل من لم يردعه الذم عن سيئة ولم يستدعه المدح الى حسنة فهو جماد أو
[ 198 ]
بهيمة وليس الثناء في نفسه بمحمود ولا مذمو وإنما يحمد ويذم بحسب المقاصد . - (طب عن أبي موسى) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال ، فقد قال الهيثمي : فيه موسى بن عتيك وهو هالك في الضعف نعم رواه الطبراني عن أبي أمامة باللفظ المذكور قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح اه‍ فعدول المصنف عن الطرق الصحيحة واقتصاره على الضعيفة من سوء التصرف ثم ظاهر صنيعه أيضا أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وإلا لما عدل عنه وهو ذهول فقد خرجه النسائي في الكبرى باللفظ المزبور عن عمر فساق بإسناده إلى جابر بن سمرة أن عمر خطب الناس فقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرته إلى آخر ما هنا قال الحافظ العراقي في أماليه : صحيح على شرط الشيخين وأخرجه أحمد في المسند بلفظ من ساءته سيئته وسرته حسنته فهو مؤمن قال أعني العراقي : حديث صحيح اه‍ . 8752 - (من سعى بالناس) أي وشى بهم إلى سلطان أو جائر ليؤذيهم وفي تعبيره بالناس إشعار بأن الكلام فيمن دأبه ذلك وعادته (فهو لغير رشده أو فيه شئ منه) أي من غير الرشد لأن العاقل الرشيد الكامل السعيد لا يتسبب إلى إيذاءه الناس بلا سبب قال بعض الحنفية : وإذا كان الساعي عادته السعي وإضاعة أموال الناس فعليه الضمان وإلا فلا ، قال الراغب : والرشد عناية إلهية تعين الإنسان عند توجهه في أموره فتقويه على ما فيه صلاحه وتفتره عما فيه فساده وأكثر ما يكون ذلك من الباطن نحو قوله تعالى * (ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) [ الانبياء : 51 ] وكثيرا ما يكون ذلك بتقوية العزم أو بفسخه . - (ك عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم : له أسانيد هذا أمثلها وتعقبه الحافظ العراقي بأن فيه سهل بن عطية قال فيه ابن طاهر في التذكرة : منكر الرواية قال : والحديث لا أصل له . 8753 - (من سكن البادية جفا) أي غلظ قلبه وقسا فلا يرق لمعروف كبر وصلة رحم لبعده عن العلماء وقلة اختلاطه بالفضلاء فصار طبعه طبع الوحش قال القاضي : وأصل التركيب للنبو عن الشئ (ومن اتبع الصيد غفل) لحرصه الملهي عن الترحم والرقة أو لأنه إذا اهتم به غفل عن مصالحه أو لشبهه بالسباع وانجذابه عن الرقة ، قال الحافظ ابن حجر : يكره ملازمة الصيد والإكثار منه لأنه قد يشغل عن بعض الواجبات وكثير من المندوبات ودليله هذا الحديث وقال ابن المنير : الاشتغال بالصيد لمن عيشه به مشروع ولمن عرض له وعيشه بغيره مباح وأما التصيد لمجرد اللهو فهو محل النهي (ومن أتى السلطان افتتن) لأنه إن وافقه في مرامه فقد خاطر بدينه وإن خالفه فقد خاطر بروحه ولأنه يرى سعة الدنيا فيحتقر نعمة الله عليه وربما استخدمه فلا يسلم من الإثم في الدنيا والعقوبة في العقبى . (تنبيه) قال ابن تيمية : فيه أن سكنى الحاضرة يقتضي من كمال الإنسان في رقة القلب وغيرها ما لا تقتضيه سكنى البادية فهذا الأصل موجب كون جنس الحاضرة أفضل من جنس البادية وقد يتخلف المقتضي لمانع . - (حم 3 عن
[ 199 ]
ابن عباس) فيه من طريق الأربعة [ ص 154 ] أبو موسى لا يعرف البتة قال ابن القطان : وقول الدولابي أبو موسى الثمالي لا يخرجه عن الجهالة وقال الكرابيسي : حديثه ليس بالقائم وقول الترمذي حسن مبني على رأي من لا يبغي على الإسلام مزيدا ، نعم له عند البزار سند حسن . 8754 - (من سل سيفه) فقاتل به الكفار (في سبيل الله) امتثالا لقوله تعالى * (فاقتلوا المشركين) [ التوبة : 5 ] وغيرها من الآيات (فقد بايع الله) إما من البيع لقوله تعالى * (إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة) [ التوبة : 111 ] وإما من البيعة لقوله تعالى * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) [ الفتح : 10 ] والمعنى على كلا التقديرين من حارب الكفار لإعلاء كلمة الله فقد بذل نفسه التي هي أحب الأشياء إليه ولا أحد أنفس ممن بذل نفس ما عنده فيكون في أرفع منازل الجنان وناهيك بذلك فضلا وورد في غير ما خبر أن الله يباهي بسيف الغازي وسلاحه ، قال في المطامح : وإذا باهى الله بعبد لم يعذبه أبدا وخص السيف بالذكر لأن استعماله في القتال أغلب لا لإخراج غيره فكل من جاهد الكفار بقوس أو رمح أو حجر أو غير ذلك كذلك . - (ابن مردويه) في التفسير (عن أبي هريرة) . 8755 - (من سل علينا السيف) أي أخرجه من غمده لإضرارنا (فليس منا) حقيقة إن استحل ذلك وإلا فمعناه ليس من العاملين على طريقتنا المتبعين لارشادنا الدلالة الشقاق على النفاق وخرج بقوله علينا حمله لنا لنحو حراسة أو دفع عدو . - (حم م) في الإيمان (عن سلمة بن الأكوع) قالوا تفرد به مسلم . 8756 - (من سلك طريقا) حسية أو معنوية ونكره ليتناول أنواع الطريق الموصلة إلى تحصيل أنواع العلوم الدينية (يلتمس) حال أو صفة أي يطلب فاستعار له اللمس وهي رواية (فيه) أي في غايته أو سببه وإرادة الحقيقة في غاية البعد للندرة (علما) نكره ليشمل كل علم وآلته ويندرج فيه ما قل وكثر وتقييده بقصد وجه الله به لا حاجة إليه لاشتراطه في كل عبادة لكن يعتذر لقائله هنا بأن تطرق الرياء للعلم أكثر فاحتيج للتنبيه على الإخلاص وظاهر قوله يلتمس أنه لا يشترط في حصول الجزاء الموعود به حصوله فيحصل إذا بذل الجهد بنية صادقة وإن لم يحصل شيئا لنحو بلادة (سهل الله له به) أي بسببه (طريقا) في الآخرة أو في الدنيا بأن يوفقه للعمل الصالح (إلى الجنة) أي إلى السلوك المفهوم من سلك ذكره بعضهم وقال الطيبي : الضمير في به عائد إلى من والباء للتعدية أي يوفقه أن يسلك طريق الجنة قال : ويجوز رجوع الضمير إلى العلم والباء سببية والعائد إلى من محذوف والمعنى سهل الله له بسبب العلم طريقا من طرق الجنة وذلك لأن العلم إنما يحصل بتعب ونصب وأفضل الأعمال أحزمها فمن تحمل المشقة في طلبه سهلت له سبل الجنة سيما إن حصل المطلوب ، قال ابن جماعة : والأظهر أن المراد أن يجازيه
[ 200 ]
يوم القيامة بأن يسلك به طريقا لا صعوبة له فيه ولا هول إلى أن يدخله الجنة سالما ، فأبان أن العلم ساعد السعادة وأس السيادة والمرقاة إلى النجاة في الآخرة والمقوم لأخلاق النفوس الباطنة والظاهرة فهو نعم الدليل والمرشد إلى سواء السبيل وتقديم الظرفين للإختصاص لأن تسهيل طريق الجنة خاص بالله وغيره في مقابلته كالعدم لأنه في حقه غير مفيد وكذا بالنسبة لسببه فإن غير هذا السبب من أسباب التسهيل كالعدم لأنه أقوى الأسباب المسهلة وفيه حجة باهرة على شرف العلم وأهله في الدنيا والآخرة لكن الكلام في العلم النافع لأنه الذي يترتب عليه الجزاء المذكور كما تقرر . - (ت) في العلم (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل للترمذي مقتصرا وهو عجب من هذا الإمام المطلع فقد خرجه مسلم بلفظه إلا أنه قال بدل يلتمس يطلب وما أراه إلا ذهل عنه . [ ص 155 ] 8757 - (من سلم على قوم) أي بدأهم بالسلام بدلالة السياق (فقد فضلهم) أي زاد عليهم في الفضل (بعشر حسنات) لأنه ذكرهم السلام وأرشدهم إلى ما شرع لإظها الأمان بين الأنام وأولى الناس بالله ورسوله من بدأهم بالسلام كما في حديث آخر وفيه أن ابتداء السلام وإن كان سنة أفضل من رده وإن كان واجبا وزاد قوله (وإن ردوا عليه) أي رد عليه كل منهم إشارة إلى أن ما أتى به وحده أفضل من رد الجماعة أجمعين فإذا كانوا ثلاثة فردوا كلهم كان ما أتى به وحده يفضل على ما أتى به الكل بعشر حسنات وبهذا التقرير علم أن قول بعض موالي الروم قوله وإن ردوا عليه يشعر بأن رد السلام ليس بواجب وليس كذلك فلا بد من التأمل من قبيل الباطل كما لا يخفى على اللبيب الفاضل وقوله بقي في الحديث شئ وهو أن رد السلام من الأفعال الحسنة كالسلام فمن رده يحصل للمسلم فيلزم تساويهما في حصول عشر حسنات فكيف قوله من سلم على قوم فقد فضلهم بعشر حسنات وإن ردوا عليه فلا بد عن دفعه من الغبار انتهى . من قيل الهذيان كما لا يخفى على أهل هذا الشأن . - (عد) من حديث رجاء بن وداع الراسبي عن غالب عن الحسن (عن رجل) قال غالب : بينما نحن جلوس مع الحسن إذ جاء أعرابي بصوت له جهوري كأنه من رجال شنوءة فقال : السلام عليكم حدثني أبي عن جدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال ابن عدي : لم يحضرني له غير هذا الحديث وضعفه . 8758 - (من سمع المؤذن) وفي رواية لأبي نعيم النداء بدل المؤذن (فقال مثل ما يقول) أي أجابه بمثل قوله إلا في الحيعلتين والتثويب كما سبق (فله مثل أجره) أي فله أجر كما للمؤذن أجر ولا يلزم منه تساويهما في الكم والكيف كما مر نظيره غير مرة . - (طب عن معاوية) الخليفة رمز لحسنه قال الهيثمي : هو من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو ضعيف فيهم وقال المنذري : متنه حسن وشواهده كثيرة .
[ 201 ]
8759 - (من سمع) بالتشديد أي من نوه بعلمه وشهر ليراه الناس ويمدحوه (سمع الله به) أي شهره بين أهل العرصات وفضحه على رؤوس الأشهاد وإنما سمى فعل المرائي سمعة ورياء لأنه يفعله ليسمع به ذكره القاضي وذكر نحوه البيضاوي ، وقال النووي : معنى هذا الحديث من راءى بعلمه وسمعه للناس ليكرموه ويعظموه فقد سمع الله به الناس وفضحه يوم القيامة لكونه فعله رياء وسمعة لا لأجل الله وقيل معناه من سمع بعيوب الناس أظهر الله عيوبه وقيل أسمعه المكروه وقيل أراه ثواب ذلك ولا يعطيه إياه ليكون حسرة عليه اه‍ . قال بعض موالي الروم : وكل من هؤلاء القائلين خلط المسألتين في الحديث فالظاهر أنه لا كذلك وأن قوله من سمع سمع الله به مخصوص بالقول وقوله من راءى راءى الله به بالفعل وعليه فمعنى الأول من أمر الناس بالمعروف ونهاهم عن المنكر فإما أن يأمر نفسه بما أمر الناس به أو لا فإن كان الأول سمع الله به الناس بالخير يوم القيامة أي يعطى ثوابه ويدخله الجنة وإن كان الثاني سمع الله به الناس بالشر أي يظهر فضيحته يوم القيامة ويدخله النار إن لم يعف عنه ومعنى الثاني من فعل فعلا حسنا وأراد الناس فإما أن تكون إرادته إياهم بنية خالصة بأن يرغبهم في ذلك الفعل الحسن ليحوزوا ثوابه أو ليكرموه ويعظموه فإن كان الأول أثيب عليه أو الثاني افتضح يوم القيامة ، وحاصل المعنى أن من سمع سمع الله به إن خيرا فخير وإن شرا فشر ومن راءى راءى الله به إن خيرا فخير وإن شرا فشر ويدل عليه إطلاق الأفعال في الحديث مع ترك المفعول لكن يعكر عليه أن الرياء والسمعة مشهوران في الشرف فقط (ومن راءى) بعمله والرياء إظهار العبادة بقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها (راءى الله به) أي بلغ مسامع خلقه أنه مراء مزور وأشهره بذلك بين خلقه وقرع به أسماعهم ليشتهر بأنه مراء فيفتضح بين الناس ذكره القاضي [ ص 156 ] وقال الزمخشري : السمعة أن يسمع الناس عمله وينوه به على سبيل الرياء يعني من نوه بعمله رياء وسمعة نوه الله بريائه وتسميعه وقرع به أسماع خلقه فتعارفوه وأشهروه بذلك فيفتضح اه‍ قال ابن حجر : ورد في عدة أحاديث التصريح بوقوع ذلك في الآخرة فهو المعتمد وفيه ندب إخفاء العمل الصالح قال ابن عبد السلام : لكن يستثنى من يظهره ليقتدى به أو لينتفع به ككتابة العلم فمن كان إماما يستن بعلمه عالما بما لله عليه قاهرا لشيطانه استوى ما ظهر من علمه وما خفي لصحة قصده والأفضل في حق غيره الإخفاء مطلقا . - (حم م) في آخر صحيحه (عن ابن عباس) قضية تصرف المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو وهم فقد خرجه البخاري في الرقاق . 8760 - (من سمى المدينة يثرب) بفتح فسكون كانت سميت به باسم من يسكنها أولا (فليستغفر الله) أي فليطلب منه المغفرة لما وقع فيه من الإثم (هي طابة هي طابة) لأن اليثرب الفساد والتثريب التوبيخ والمؤاخذة بالذنب واللوم ولا يليق بها ذلك ، وظاهر أمره بالاستغفار أن تسميتها
[ 202 ]
بذلك حرام لأن استغفارنا إنما هو عن خطيئة وهو ظاهر كلام جمع منهم الدميري قالوا : وتسميتها في التنزيل حكاية لقول المنافقين أو من باب مخاطبة الناس بما يعرفونه اه‍ . والأكثر على الكراهة ولا ينافي الكراهة ما في الصحيحين في حديث الهجرة فإذا هي المدينة يثرب وفي رواية لا أراها إلا يثرب لأن ذلك كان قبل النهي كما ذكره السمهودي تبعا لصحاح الجوهري . - (حم عن البراء) بن عازب ورواه أيضا أبو يعلى قال الهيثمي : ورجاله ثقات اه‍ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ورده ابن حجر . 8761 - (من سها في صلاته في ثلاث أو أربع فليتم فإن الزيادة خير من النقصان) أخذ به الشافعية فقالوا : من شك عمل بيقينه فيأخذ بالأقل وقالت الحنفية : إن كان الشك ليس عادة له وجب البناء على المتيقن وإن كثر الشك منه وجب العمل بما يقع عليه التحري للزوم الحرج بتقدير الإلزام فإن لم يقع تحريه على شئ بنى على الأقل . - (ك) في سجود السهو عن عمار بن مطر الرهاوي عن ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كريب عن ابن عباس (عن عبد الرحمن بن عوف) رفعه قال الحاكم : صحيح ، ورده الذهبي فقال : بل عمار تركوه . 8762 - (من سود) بفتح السين وفتح الواو المشددة بضبطه أي من كثر سواد قوم بأن ساكنهم وعاشرهم وناصرهم فهو منهم وإن لم يكن من قبيلتهم أو بلدهم (مع قوم فهو منهم ومن روع) بالتشديد بضبطه (مسلما لرضا سلطان جئ به يوم القيامة معه) أي مقيدا مغلولا مثله فيحشر معه ويدخل النار معه . - (خط عن أنس) بن مالك . 8763 - (من شاب شيبة في الإسلام) وفي رواية في سبيل الله (كانت له نورا يوم القيامة) أي يصير الشيب نفسه نورا يهتدي به صاحبه ويسعى بين يديه في ظلمات الحشر إلى أن يدخله الجنة والشيب وإن لم يكن من كسب العبد لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه فيكره نتف الشيب من نحو لحية وشارب وعنفقة وحاجب وعذار للفاعل والمفعول به قال النووي : ولو قيل يحرم لم يبعد . - (ت) في الجهاد (عن كعب بن مرة) البهزي صحابي نزل الأردن رمز لحسنه قال : رأى حجام شيبة في لحية النبي صلى الله عليه وسلم فأهوى ليأخذها فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم يده فذكره قال الترمذي : حسن صحيح . [ ص 157 ]
[ 203 ]
8764 - (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا) يوم القيامة (ما لم يغيرها) بالسواد لا بغيره لورود الأمر بالتغيير بالغير وفي رواية أحمد ما لم يخضبها أو ينتفها وفي رواية لأبي الشيخ من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا تضئ ما بين السماء والأرض إلى يوم القيامة وفي الكبير والأوسط للطبراني من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة فقال له رجل : فإن رجالا ينتفون الشيب قال : من شاء فلينتف نوره . - (الحاكم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أم سليم) بنت ملحان الأنصاري سهلة أو رميلة أو مليكة رمز لحسنه . 8765 - (من شدد سلطانه بمعصية الله) أي قوي حجته وبرهانه بارتكاب محرم كأن أقام بينة زورا أو نحوه مستعينا ببعض الظلمة على خصمه (أوهن الله كيده يوم القيامة) أي أضعف تدبيره ورده خاسئا إذ السلطان الحجة والبرهان أو هو من السلاطة والشدة بالفتح الحملة يقال شد على القوم في القتال شدا وشدادا أي حمل عليهم والمعنى من خرج على السلطان من البغاة وشق عصاه بمعصية الله أوهن الله كيده وعليه فالباء في بمعصية للملابسة حال من فاعل شدد أو معنى شدد قوي من الشدة بالكسر القوة والصلابة والمراد من قوي سلطانه أي إمامه الأعظم وأعانه على محرم كالظلم أضعفه الله فالباء بمعنى على أو في للملابسة حال من المفعول وأقرب الاحتمالات أولها . - (حم عن قيس بن سعد) بن عبادة قال الهيثمي : وفيه ابن لهيعة وبقية رجاله ثقات وقد رمز المؤلف لحسنه . 8766 - (من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يتب منها) أي من شربها حتى مات وفي كلمة ثم إشارة إلى أن تراخي التوبة لا يمنع قبولها ما لم يغرغر (حرم منها) بضم الحاء وبالتخفيف وفي رواية مسلم حرمها (في الآخرة) يعني حرم دخول الجنة إن لم يعف عنه إذ ليس ثم إلا جنة أو نار والخمر من شراب الجنة فإذا لم يشربها في الآخرة لا يدخلها لأن شربها مرتب على دخولها فكأنه قال من شربها لا يدخل الجنة أو المراد جزاؤه أن يحرم شربها في الآخرة عقوبة له وإن دخلها ، كذا في المنضد ورجح واعترض بأنه يتألم بذلك والألم العقوبة والجنة ليست بدارها ، ورد بمنع تألمه لجواز نزع شهوتها منه واعترض بأنه إذا لم يتألم لا يكون منعها جزاء فلا يرتدع عنه في الدنيا والحديث ورد لذلك ومنع بأنه إذا لم يتألم لا يلتذ بها أيضا وكفى به جزاء . - (حم ق ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب ولفظ رواية مسلم من شرب الخمر في الدنيا فلم يتب منها حرمها في الآخرة فلم يسقها وخرج بقوله لم يتب ما لو تاب فلا يدخل في هذا الوعيد وفيه أن التوبة من الذنب مكفرة له وبه صرح الكتاب والسنة ، قال القرطبي : وهو مقطوع به في
[ 204 ]
الكفر أما غيره فهل هو مقطوع أو مظنون ؟ قولان والذي أقوله أن من استقرأ الشريعة قرآنا وسنة علم القطع واليقين أن الله يقبل توبة الصادقين . 8767 - (من شرب الخمر أتى عطشان يوم القيامة) وذلك لأن الخمر تدفع العطش فلما شربها مع تحريمها عليه في الدنيا فقد استعجل ما يدفع العطش فيحرم منها يوم القيامة جزاءا وفاقا ومن استعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه فيا لها من حسرة وندامة حيث باع أنهارا من خمرة لذة للشاربين بشراب نجس مذهب للعقل مفسد للدنيا والدين ، وبقيته عند أحمد من حديث قيس ألا كل مسكر حرام . - (حم) وكذا أبو يعلى (عن قيس بن سعد) بن عبادة (و) عن (ابن عمرو) ابن العاص رمز المصنف لحسنه قال الزين العراقي : فيه من لم يسم وقال تلميذه الهيثمي : فيه من لم أعرفهم . 8768 - (من شرب خمرا) مختارا (خرج نور الإيمان من جوفه) فالخارج بعض نوره لا كماله ولفظ رواية الطبراني [ ص 158 ] أخرج الله نور الإيمان إلخ . - (طس) من رواية أبي عثمان الطنبدي (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي في شرح الترمذي : إسناده ضعيف ، وقال الهيثمي : فيه من لم أعرفهم ، وقال المنذري : ضعيف وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه . 8769 - (من شرب مسكرا ما كان) أي أي شئ كان سواء كان خمرا وهو المتخذ من العنب أو نبيذا وهو المتخذ من غيره (لم يقبل الله له صلاة أربعين يوما) زاد أحمد فإن مات مات كافرا وخص الصلاة لأنها أفضل عبادات البدن فإن لم تقبل فغيرها أولى وخص الأربعين لأن الخمر يبقى في جوف الشارب وعروقه وأعصابه تلك المدة فلا تزول بالكلية غالبا إلا فيها قال ابن العربي : وقوله لم تقبل له صلاة أربعين يوما تعلقت به وبأمثاله الصوفية على قولهم إن البدن يبقى أربعين يوما لا يطعم ولا يشرب لاجتزائه بما تقدم من غذائه لهذه المدة بما يقتضيه فضيله وتوجيه ميراثه ، وقالت الغالية منهم : إن موسى لما تعلق باله بلقاء ربه نسي نفسه واشتغل بربه فلم يخطر له طعام ولا شراب على بال وذلك على الله غير عزيز وورد به خبر وإلا فتعين الجائزات من غير خبر من الله تعدى على دينه . - (طب عن السائب بن يزيد) وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وقضية تصرف المصنف حيث عدل للطبراني واقتصر عليه أنه لم يره مخرجا في شئ من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد خرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه في الأشربة الأول عن ابن عمرو بن العاص الكل مرفوعا بلفظ من شرب الخمر لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه هذا لفظهم ثم زادوا فيه بعده .
[ 205 ]
8770 - (من شرب بصقة من خمر) أي شيئا قليلا بقدر ما يخرج من الفم من البصاق (فاجلدوه ثمانين) إن كان حرا ومن فيه رق عليه نصب حد الحر وقد بين به أن ما أسكر كثيره حرم قليله وإن كان قطرة واحدة وحد شاربه وإن لم يتأثر من ذلك ، وقد استدل به من ذهب إلى أن حد الخمر ثمانون وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحد قولي الشافعي واختاره ابن المنذر والقول الآخر للشافعي أنه أربعون وهو المشهور وجاء عن أحمد كالمذهبين وظاهر الحديث أن الشارب ليس حده إلا ما ذكر وإن تكرر منه الشرب لكن في حديث في السنن قال ابن حجر : بطرق أسانيدها قوية أنه يقتل في المرة الرابعة ونقل الترمذي الإجماع على ترك القتل وهو محمول على من بعد من نقل غيره عنه القول به كعبد الله بن عمرو وبعض الظاهرية قال النووي : وهو قول باطل مخالف لإجماع الصحابة فمن بعدهم والحديث الوارد فيه منسوخ إما بحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وإما بأن الإجماع دل على نسخه قال الحافظ : قلت بل دليل النسخ منصوص وهو ما خرجه أبو داود والشافعي من طريق الزهري عن قبيصة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه إلى أن قال فإذا شرب في الرابعة فاقتلوه قال : فأتي برجل قد شرب فجلد ثم أتي به في الرابعة قد شرب فجلده ثم أتي به فجلد ثم أتي به فجلده فرفع القتل عن الناس فكان رخصة اه‍ ثم قال الحافظ : وقد استقر الإجماع على أن لا قتل فيه قال : وحديث قبيصة على شرط الصحيح لأن إيهام الصحابي لا يضر وله شواهد منها عند النسائي وغيره عن جابر فإن عاد الرابعة فاضربوا عنقه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قد شرب أربع مرات فلم يقتله فرأى المسلمون أن الحد قد رفع ثم قال النسائي : هذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم . وقال : أحاديث القتل منسوخة وقال الترمذي : لا نعلم بين أهل العلم في القديم والحديث اختلافا في هذا قال : وسمعت محمدا يعني البخاري يقول : إنما كان هذا يعني القتل في أول الأمر ثم نسخ بعد وقال ابن المنذر : فإن الأصل فيمن شرب الخمر أن يضرب وينكل به ثم نسخ بجلده فإن تكرر أربعا قتل ثم نسخ ذلك بالأخبار الثابتة بالإجماع إلا ممن شذ ممن لا يعد خلافه خلافا قال الحافظ : وأشار به إلى بعض أهل الظاهر وهو ابن حزم . - (طب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي : فيه حميد بن كريب ولم أعرفه اه‍ . [ ص 159 ] ورواه أيضا عنه أبو يعلى باللفظ المزبور قال ابن حجر : وسنده واه . 8771 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أي مع محمد رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فاكتفى بأحد الجزءين عن الآخر (دخل الجنة) ابتداء أو بعد تطهيره بالنار فالمراد لا بد من دخولها وفي رواية للشيخين أدخله الله الجنة على ما كان من العمل قال البيضاوي : فيه دليل على المعتزلة في مقامين أحدهما أن العصاة من أهل القبلة لا يخلدون في النار لعموم قوله من شهد ، الثاني أنه تعالى يعفو عن السيئات قبل التوبة واستيفاء العقوبة فإن قوله على ما كان من العمل حال من قوله أدخله الجنة والعمل غير حاصل حينئذ بل الحاصل إدخاله استحقاق ما يناسب عمله من ثواب أو عقاب ، فإن قيل ما ذكر يوجب أن لا يدخل أحد النار من العصاة قلنا اللازم منه عموم العفو وهو لا يستلزم عدم دخول
[ 206 ]
النار لجواز أن يعفو عن بعضهم بعد الدخول وقبل استيفاء العذاب ، هذا وليس محتم عندنا أن يدخل النار أحد من الأمة بل العفو عن الجميع بموجب وعده بنحو قوله * (يغفر الذنوب جميعا) [ الزمر : 53 ] - (البزار) في مسنده (عن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني من حديث جابر بلفظ من شهد أن لا إلا الله خالصا من قلبه دخل الجنة ولم تمسه النار ورواه الشيخان بلفظ من شهد أن لاإله إلا الله وجبت له الجنة وذكر المصنف أنه بهذا اللفظ متواتر رواه نحو ثلاثين صحابيا . 8772 - (من شهد أن لا إله إلا الله) أداة الحصر لقصر الصفة على الموصوف قصر إفراد لأن معناه الألوهية منحصرة في الله الواحد في مقابلة من يزعم اشتراك غيره معه وليس قصر قلب لأن أحدا من الكفار لم ينفها عن الله وإنما أشرك معه غيره * (ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله) [ لقمان : 25 ] (وأن محمدا رسول الله) صادقا من قلبه كما قيد به في أخبار أخر وزعم أن شهد بمعنى صدق بقلبه فلا يحتاج الى تقدير غير مرضي لأنه حينئذ إما أن يكون بمعنى صدق مجردا عن الإقرار باللسان أو معه فالأول يستلزم محذورا آخر وهو أن يكون المصدق بقلبه الذي لم يقر بلسانه بلا عذر مؤمنا إذ لا يدخلها إلا مؤمن وليس كذلك والثاني يستلزم الجمع بين المعنيين المختلفين بلفظ واحد وهو ممنوع ذكره بعض الكاملين (حرم الله عليه النار) أي نار الخلود وإذا تجنب الذنوب أو تاب أو عفي عنه وظاهره يقتضي عدم دخول جميع من شهد الشهادتين النار لما فيه من التعميم لكن قامت الأدلة القطعية على أن طائفة من عصاة الموحدين يعذبون ثم يخرجون بالشفاعة فعلم أن ظاهره غير مراد فكأنه قال إن ذلك مقيد بمن عمل صالحا أو فيمن قالها تائبا ثم مات على ذلك أو أن ذلك قبل نزول الفرائض والأوامر والنواهي أو خرج مخرج الغالب إذ الغالب أن الموحد يعمل الطاعة ويجتنب المعصية وجاء في أحاديث مرت ويأتي بعضها تقييد ذلك بقوله الشهادة مخلصا قال الحكيم : والإخلاص أن تخلص إيمانك حتى لا تفسده شهوات نفسك . (تنبيه) قال محقق : قد يتخذ نحو هذا الحديث البطلة والإباحية ذريعة إلى طرح التكاليف ورفع الأحكام وإبطال الأعمال ظانين أن الشهادة كافية في الخلاص وذا يستلزم طي بساط الشريعة وإبطال الحدود وللزواجر السمعية ويوجب كون الترغيب في الطاعة والتحذير من المعصية غير متضمن طائلا وبالأصل باطلا بل يقتضي كون الانخلاع من ربقة التكليف والانسلال عن قيد الشريعة والخروج عن الضبط والولوج في الخيط وترك الناس سدى من غير مانع ولا دافع وذلك مفض إلى خراب الدنيا والأخرى قيل وفيه أن مرتكب الكبيرة لا يخلد في النار ، واعترض بأن المسألة قطعية والدليل ظني . - (حم م ت عن عبادة) بن الصامت حدث به وهو في الموت وذكر أنه لو لم يصل إلى تلك الحالة لما حدث به ضنا به . 8773 - (من شهد شهادة) باطلة (يستباح بها مال امرئ مسلم أو يسفك بها دمه) ظلما (فقد
[ 207 ]
أوجب النار) أي فعل فعلا [ ص 160 ] أوجب له دخولها وتعذيبه بها فشهادة الزور من الكبائر . - (طب عن ابن عباس) ورواه عنه البزار أيضا وزاد من شرب شرابا حتى يذهب عقله الذي رزقه الله إياه فقد أتى بابا من أبواب الكبائر وقال الهيثمي : وفيه حاش واسمه حسين بن قيس وهو متروك وزعم أنه شيخ صدوق رمز المصنف لحسنه . 8774 - (من شهر سيفه) من غمده (ثم وضعه فدمه هدر) أي من أخرجه من غمده للقتال وأراد بوضعه ضرب به ذكره الديلمي وابن الأثير وقيل معنى وضعه ضرب به . - (ن ك عن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام وأخرجه عنه أيضا الطبراني مرفوعا وخرجه النسائي موقوفا قال ابن حجر : والذي وصله ثقة . 8775 - (من صام رمضان) أي في رمضان يعني صام أيامه كلها (إيمانا) مفعول له أي صامه إيمانا بفرضيته أو حال أي مصدقا أو مصدر أي صوم مؤمن (واحتسابا) أي طلبا للثواب غير مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه (غفر له ما تقدم ذنبه) اسم جنس مضاف فيشمل كل ذنب لكن خصه الجمهور بالصغائر وفي الحديث الآتي وما تأخر واستشكاله بأن الغفر الستر فكيف يتصور فيما لم يقع منع بأن من لم يقع فرض وقوعه مبالغة وفيه فضل رمضان وصيامه وأن تنال به المغفرة وبأن الإيمان وهو التصديق والاحتساب وهو الطواعية شرط لنيل الثواب والمغفرة في صوم رمضان فينبغي الإتيان به بنية خالصة وطوية صافية امتثالا لأمره تعالى واتكالا على وعده من غير كراهية وملالة لما يصيبه من أذى الجوع والعطش وكلفة الكف عن قضاء الوطر بل يحتسب النصب والتعب في طول أيامه ولا يتمنى سرعة انصرامه ويستلذ مضاضته فإذا لم يفعل ذلك فقد مر في حديث رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع . (تنبيه) قال في الروض : قال سيبويه : مما لا يكون العمل إلا فيه كله المحرم وصفر يريد أن الاسم العلم يتناوله اللفظ كله وكذا إذا قلنا الأحد أو الأثنين فإن قلنا يوم الأحد شهر المحرم كان ظرفا ولم يجر مجرى المفعولات وذاك العموم من اللفظ لأنك تريد في الشهر وفي اليوم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ولم يقل شهور رمضان ليكون العمل كله قال : وهذه فائدة تساوي رحلة قال الكرماني : ولو ترك الصوم فيه لمرض ونيته أنه لولا العذر صامه دخل في هذا الحكم كما لو صلى قاعدا لعذر فإن له ثواب القائم . - (حم ق) في الصوم (عن أبي هريرة) وفي الباب غيره أيضا . 8776 - (من صام رمضان إيمانا) تصديقا بثواب الله أو أنه حق (واحتسابا) لأمر الله به طالبا الأجر أو إرادة وجه الله لا لنحو رياء فقد يفعل المكلف الشئ معتقدا أنه صادق لكنه لا يفعله مخلصا
[ 208 ]
بل لنحو خوف أو رياء (غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) قال الكرماني : من متعلق بغفرأي غفر من ذنبه ما تقدم فهو منصوب المحل أو مبينة لما تقدم فهو منصوب وهو مفعول ما لم يسم فاعله فمرفوع المحل والذنب وإن كان عاما إلا أنه اسم جنس مضاف فيقتضي مغفرة كل ذنب حتى تبعات الناس لكن علم من الأدلة الخارجية أن حقوق الخلق لا بد فيها من رضا الخصم فهو عام خص بحق الله إجماعا بل وبالصغائر عند قوم وظاهره أن ذلك لا يحصل إلا بصومه كله فإن صام بعضه وأفطر بعضه لعذر كمرض وكان لولاه لصام لأنه جاز الثواب لتقدم نية ذكره ابن جماعة ، والصوم أقسام : صيام العوام عن مفسدات الصيام ، وصوم الخواص عنها وعن إطلاق الجوارح في غير طاعة ، وصوم خواص الخواص حفظ قلوبهم عما سوى الله ففطرهم ظاهرا كفطر المسلمين ولا يفطرون باطنا إلى يوم الدين فإذا شاهدوا مولاهم ونظروا إليه عيانا أفطروا . - (خط عن ابن عباس) ورواه أيضا أحمد والطبراني بهذه الزيادة ، قال الهيثمي : ورجاله موثقون إلا أن حمادا شك في وصله وإرساله وقال في اللسان في ترجمة عبد الله العمري بعد ما نقل عن النسائي : إنه رماه بالكذب ومن [ ص 161 ] مناكيره هذا الخبر وما تقدم قال : تفرد العمري بقوله وما تأخر وقد رواه الناس بدونها . 8777 - (من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال) لم يقل ستة مع أن العدد مذكر لأنه إذا حذف جاز الوجهان (كان كصوم الدهر) في أصل التضعيف لا في التضعيف الحاصل بالفعل إذ المثلية لا تقتضي المساواة من كل وجه ، نعم يصدق على فاعل ذلك أنه صام الدهر مجازا فأخرجه مخرج التشبيه للمبالغة والحث وهذا تقرير يشير إلى أن مراده بالدهر السنة وبه صرح بعضهم لكن استبعده بعض آخر قائلا : المراد الأبد لأن الدهر المعرف باللام للعمر ، وخص شوال لأنه زمن يستدعي الرغبة فيه إلى الطعام لوقوعه عقب الصوم فالصوم حينئذ أشق فثوابه أكثر ، وفيه ندب صوم الستة المذكورة وهو مذهب الشافعي قال الزاهدي : وصومها متتابعا أو متفرقا يكره عند أبي حنيفة وعن أبي يوسف يكره متتابعا لا متفرقا (1) وعن مالك يكره مطلقا . - (حم م 4) كلهم في الصوم واللفظ لمسلم ولفظ أبي داود فكأنما صام الدهر (عن أبي أيوب) الأنصاري ولم يخرجه البخاري . قال الصدر المناوي : وطعن فيه من لا علم عنده وغره قول الترمذي حسن والكلام في راويه وهو سعد بن سعيد ، واعتنى العراقي بجمع طرقه فأسنده عن بضعة وعشرين رجلا رووه عن سعد بن سعيد أكثرهم حفاظ أثبات . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) قال الحصكفي في شرح التنوير : وندب صوم الست من شوال ولا يكره التتابع على المختار خلافا للثاني والاتباع المكروه أن يصوم الفطر وخمسة بعده فلو أفطر الفطر لم يكره بل يستحب ويسن . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8778 - (من صام رمضان وستا من شوال والأربعاء والخميس دخل الجنة) بالمعنى المار . قال
[ 209 ]
بعض موالي الروم : قوله الأربعاء والخميس يحتمل أن يكونا من شوال غير الستة منه ويحتمل أن يكونا من جميع الشهور وهو الظاهر . - (حم عن رجل) من الصحابة قال الهيثمي : فيه من لم يسم وبقية رجاله ثقات . 8779 - (من صام ثلاثة أيام من كل شهر) قيل الأيام البيض وقيل أي ثلاث كانت (فقد صام الدهر كله) وفي رواية فذلك صوم الدهر كله ووجهه أن صوم كل يوم حسنة و * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [ الانعام : 160 ] فمن صام ثلاثا من كل شهر فكأنه صام الشهر كله . - (حم ت ن ه والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) قال الديلمي : وفي الباب أبو هريرة وغيره . 8780 - (من صام يوما في سبيل الله) أي لله ولوجهه أو في الغزو أو الحج (بعد الله وجهه) أي ذاته ، والعرب تقول وجه الطريق تريد به عينه (عن النار) أي نجاه منها أو عجل إخراجه منها قبل أوان الاستحقاق ، عبر عنه بطريق التمثيل ليكون أبلغ لأن من كان مبعدا عن عدوه بهذا القدر لا يصل إليه ألبتة (سبعين خريفا) أي سنة أي نحاه وباعده عنها مسافة تقطع في سبعين سنة إذ كل ما مر خريف انتقضت سنة قيل لأنه آخر فصولها الأربع فهو من إطلاق اسم البعض على الكل وذكر الخريف من ذكر الجزء وإرادة الكل ، وخصه دون غيره من الفصول لأنه وقت بلوغ الثمار وحصول سعة العيش وذلك لأنه جمع بين تحمل مشقة الصوم ومشقة الغزو فاستحق هذا التشريف وذكر السبعين على عادة العرب في التكثير لكن هذا مقيد في الغزو بما إذا لم يضعفه الصوم عن القتال وإلا ففطره أفضل من [ ص 162 ] صومه . - (حم ق ت ن عن أبي سعيد) الخدري . 8781 - (من صام يوم عرفة غفر الله له سنتين سنة أمامه وسنة خلفه) وفي رواية لمسلم يكفر السنة التي قبله أي التي هو فيها والسنة التي بعده أي التي بعدها أي الذنوب الصادرة في العامين . قال النووي : والمراد غير الكبائر ، وقال البلقيني : الناس أقسام : منهم من لا صغائر له ولا كبائر فصوم عرفة له رفع درجات ، ومن له صغائر فقط بلا إصرار فهو مكفر له باجتناب الكبائر ، ومن له صغائر مع الإصرار فهي التي تكفر بالعمل الصالح كصلاة وصوم ، ومن له كبائر وصغائر فالمكفر له بالعمل الصالح الصغائر فقط ، ومن له كبائر فقط يكفر عنه بقدر ما كان يكفر من الصغائر . - (ه عن قتادة بن النعمان) رمز المصنف لصحته مع أن فيه هشام بن عمار ، وفيه مقال سلف ، وعياض بن عبد الله قال في الكاشف : قال أبو حاتم : ليس بقوي .
[ 210 ]
8782 - (من صام يوما من المحرم فله بكل يوم ثلاثون حسنة) ومن ثم ذهب جمع إلى أن أفضل الصيام بعد رمضان المحرم وخصه بالذكر لأنه أول السنة فمن عظمه بالصوم الذي هو من أعظم الطاعات جوزي بإجزال الثواب ولا تعارض بين قوله ثلاثون حسنة وبين آية * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [ الانعام : 160 ] لأن الآية مبينة لأقل رتب الثواب ولا حد لأكثره كما يفهمه * (ليلة القدر خير من ألف شهر) [ القدر : 3 ] - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه الهيثم بن حبيب ضعفه الذهبي . 8783 - (من صا يوما تطوعا لم يطلع عليه أحد) من الناس (لم يرض الله له بثواب دون الجنة) أي دخولها بغير عذاب أو مع السابقين الأولين والظاهر أنه لو أخفاه جهده فاطلع عليه غيره اضطرارا لا اختيارا منه أنه لا يضر في حصول الجزاء المذكور لأن المقصود بالجزاء من صام لوجه الله من غير شوب رياء بوجهه وذلك حاصل . - (خط عن سهل بن سعد) وفيه عصام بن الوضاح قال الذهبي : له مناكير قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به . 8784 - (من صام الأبد) أي سرد الصوم دائما (فلا صام ولا أفطر) قال الزمخشري : لا نافية بمنزلتها في قوله تعالى * (فلا صدق ولا صلى) [ القيامة : 31 ] اه‍ ، وقال النووي : هذا دعاء عليه أو إخبار بأنه كالذي لم يفعل شيئا لأنه اعتاد ذلك لم يجد رياضة ولا مشقة يتعلق بها مزيد ثواب فكأنه لم يصم اه‍ . ونوزع في الأول بأن الدعاء إنما يكون في مقابلة فعل منكر أو قبيح ولا كذلك صوم الدهر من حيث إنه صوم فلا يحسن الدعاء عليه وفي الثاني بمنع عدم حصول المشقة لأن الصوم ليس كالفطر فلا يخلو عن مشقة غايته أن فطر يوم وصوم يوم أشق فالأولى أن يقال معناه أن صومه وفطره سواء لا ثواب ولا عقاب فلا ينبغي فعله وزعم أن هذا فيمن لم يفطر الأيام المبينة رده ابن القيم بأنه ذكر ذلك جوابا لمن قال أرأيت من صام الدهر ولا يقال في جواب من صام حراما لا صام ولا أفطر فإن ذا مؤذن بأن فطره وصومه سواء كما تقرر ولا كذلك من صام الحرام فصوم يوم وفطر يوم أفضل . - (حم ن ه ك) في الصوم (عن عبد الله بن الشخير) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 8785 - (من صام ثلاثة أيام من شهر حرام : الخميس والجمعة والسبت) بين الثلاثة أيام بقوله
[ 211 ]
الخميس والجمعة والسبت ولم [ ص 163 ] يبين شهر حرام وقد قيل يحتمل أنه ليعمه كما بين في تفسير قوله * (الشهر الحرام) [ البقرة : 194 ] ووجه كتابة سنتين أن صوم الثلاثة أيام يمنزلة عبادة سنة وكونها من شهر حرام بمنزلة عبادة سنة (كتب له عبادة سنتين) وظاهر الحديث حصول هذا الثواب الموعود وإن لم يداوم وفضل الله واسع . - (طس) من حديث يعقوب بن موسى المدني عن مسلمة (عن أنس) بن مالك ، قال الهيثمي : ويعقوب مجهول ومسلمة إن كان الخشني فهو ضعيف وإن كان غيره فلم أعرفه . 8786 - (من صام يوما لم يخرقه كتب له عشر حسنات) لأن صومه حسنة والحسنة تضاعف بالعشر والمراد كما في الإتحاف لم يخرقه بما نهى الصائم عنه وقال بعض موالي الروم : ضمير الفاعل فيه عائد إلى الصوم ويحتمل عوده إلى اليوم الذي صام فيه وكيفما كان فمعناه أنه لم يصدر منه شئ من المنكرات في ذلك اليوم وإلا أحبط ثوابه فلا يكتب له شئ ، وفي قوله لم يخرقه استعارة تعرف بالتأمل . - (د حم) وكذا الطبراني في الأوسط (عن البراء) بن عازب وفيه خباب الكلبي مدلس ذكره الهيثمي . 8787 - (من صبر على القوت الشديد) أي المعيشة الضيقة والفقر المدقع (صبرا جميلا) أي من غير تضجر ولا شكوى بل رضاء بالقضاء والقدر امتثالا لقوله تعالى * (إن الله مع الصابرين) [ البقرة : 153 ، الانفال : 46 ] (أسكنه الله من الفردوس حيث شاء) مكافأة له على صبره على الضيق والضنك في الدنيا والفردوس أعلى درجات الجنة وأصله البستان الذي يجمع محاسن كل بستان قال بعض موالي الروم : والظاهر أن إضافة الجنة إلى الفردوس أي الواقع في بعض الروايات من إضافة العام إلى الخاص كشجر أراك وعلم الفقه ويوم الأحد وقيل من قبيل الإضافة البيانية . - (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) بن حبان في الثواب (عن البراء) بن عازب وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي قال الذهبي : ضعفوه وفضيل بن مرزوق ضعفه ابن معين وغيره ، وظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في الديباجة مع أن الطبراني خرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور قال الهيثمي : وفيه إسماعيل البجلي ضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح . 8788 - (من صدع رأسه) أي حصل له وجع في رأسه والصداع وجع الرأس ويقال هو وجع أحد شقي الرأس والمتبادر من الحديث الأول لكن يكون من قبيل التجريد كقوله * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) [ الاسراء : 1 ] الآية (في سبيل الله) أي في الجهاد أو الحج أو نحو ذلك (فاحتسب) أي طلب بذلك الثواب من عند الله (غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب) مكافأة له على ما قاساه من مشقة السفر والغربة ومشقة الوجع ، ويؤخذ منه أنه نبه بالصداع على غيره من الأمراض لا سيما إن كان
[ 212 ]
أشق والظاهر أن المراد الصغائر . - (طب) وكذا البزار (عن ابن عمرو) بن العاص قال المنذري والهيثمي : سنده حسن . 8789 - (من صرع عن دابته) في سبيل الله فمات (فهو شهيد) أي من شهداء المعركة إن كان سقوطه بسبب القتال وعلى ذلك ترجم البخاري - باب فضل من صرع في سبيل الله فمات فهو منهم - أي من المجاهدين ، فلما كان الحديث ليس على شرطه أشار إليه بالترجمة وفي الباب ما رواه أبو داود والحاكم والطبراني عن أبي مالك الأشعري مرفوعا ومن وقصه فرسه أو بعيره في سبيل الله أو لدغته هامة أو مات على أي حتف شاء الله فهو شهيد ، والصرع كما في القاموس وغيره الطرح [ ص 164 ] على الأرض وعلة معروفة تمنع الأعضاء النفيسة عن أفعالها منعا غير تام وسببه شدة تعرض في بعض بطون الدماغ أو في بعض مجاري الأعضاء من خلط غليظ أو لزج فيمنع الروح عن السلوك فيها سلوكا طبيعيا فتتشنج الأعضاء والمراد بالحديث السقوط عن الدابة حال قتال الكفار بسببه على أي وجه كان إما بطرح الدابة له أبو بعروض تلك العلة في تلك الحالة عروضا ناشئا عن القتال كأن أورثه شدة الانفعال . - (طب عن عقبة بن عامر) الجهني قال الهيثمي : رجاله ثقات وقال ابن حجر : إسناده حسن . 8790 - (من صلى الصبح) في رواية مسلم في جماعة وهي مقيدة للإطلاق (فهو في ذمة الله) بكسر الذال عهده أو أمانه أو ضمانه فلا تتعرضوا له بالأذى (فلا يتبعنكم الله) ولفظ رواية مسلم فلا يطلبنكم الله وفي رواية الترمذي فلا تخفروا الله (بشئ من ذمته) قال ابن العربي : هذا إشارة إلى أن الحفظ غير مستحيل بقصد المؤذي إليه لكن الباري سيأخذ حقه منه في إخفار ذمته فهو إخبار عن إيقاع الجزاء لا عن وقوع الحفظ من الأذى ، وقال البيضاوي : ظاهره النهي عن مطالبته إياهم بشئ من عهده لكن المراد نهيهم عن التعرض لما يوجب المطالبة في نقض العهد واختفار الذمة لا على نفس المطالبة قال : ويحتمل أن المراد بالذمة الصلاة المقتضية للأمان ، فالمعنى لا تتركوا صلاة الصبح ولا تتهاونوا في شأنها فينتقض العهد الذي بينكم وبين ربكم فيطلبكم الله به ومن طلبه الله للمؤاخذة بما فرط في حقه أدركه ومن أدركه كبه على وجهه في النار وذلك لأن صلاة الصبح فيها كلفة وتثاقل فأداؤها مظنة إخلاص المصلي والمخلص في أمان الله وقال الطيبي : قوله لا يطلبنكم أو لا يتبعنكم فيه مبالغات لأن الأصل لا تخفروا ذمته فجئ بالنهي كما ترى وصرح به بضمير الله ووضع المنهي الذي هو مسبب موضع التعرض الذي هو سبب فيه ثم أعاد الطلب وكرر الذمة ورتب عليه الوعيد ، والمعنى أن من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا تتعرضوا له بشئ ولو يسيرا فإنكم إن تعرضتم يدرككم ولن تفوتوه فيحيط بكم من جوانبكم والضمير في ذمته يعود لله لا إلى من تعرضتم . - (ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وقضية صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في الصلاة باللفظ المزبور وزاد ما سمعته .
[ 213 ]
8791 - (من صلى ركعة من الصبح ثم طلعت الشمس فليصل الصبح) أي فليتمها بأن يأتي بركعة أخرى وتكون أداء فلا دلالة فيه على قول أبي حنيفة إن طلوع الشمس في صلاة الصبح مفسد لها وتوجيه الحديث على ما قيل النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة خلاف الظاهر على أن بعضهم نازع في نسبة ذلك إليه ، وخص الصبح لا لاختصاصها بهذا الحكم بل لأن ذلك يغلب فيها لغلبة النوم . - (ك) في الصلاة من حديث أبي النضر أحمد بن عتيق المروزي (عن أبي هريرة) ثم قال : على شرطهما إن كان ابن عتيق حفظه وهو ثقة ورواه الدارقطني بهذا اللفظ من حديث بشير بن نهيك عن أبي هريرة وقال : أبو نهيك وثقه النسائي وغيره وقال أبو حاتم : لا يحتج به . 8792 - (من صلى البردين) بفتح الموحدة وسكون الراء صلاة الفجر والعصر لأنهما في بردي النهار أي طرفيه ، والمراد أداؤهما وقت الاختيار (دخل الجنة) مفهومه أن من لم يصلهما لا يدخلها وهو محمول على المستحل أو أراد دخولها ابتداء من غير عذاب وعبر بالماضي عن المضارع لمزيد التأكيد بجعل متحقق الوقوع كالواقع وخصهما لزيادة شرفهما أو لأنهما مشهودتان تشهدهما ملائكة الليل والنهار أو لكونهما ثقيلتان مشقتان على النفوس لكونهما وقت التشاغل والتثاقل ومن راعاهما راعى غيرهما بالأولى ومن حافظ عليهما فهو على غيرهما أشد محافظة وما عسى يقع منه تفريط [ ص 165 ] فبالحرى أن يقع مكفرا فيغفر له ويدخل الجنة ذكره القاضي وهكذا كله بناء على أن من شرطية ، وقوله دخل الجنة جواب الشرط ، وذهب الفراء إلى أنها موصولة والمراد الذين يصلوهما أول ما فرضت الصلاة ثم ماتوا قبل فرض الخمس لأنها فرضت أولا ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ثم فرضت الخمس فهو خبر عن ناس مخصوصين ، وهذا غريب . - (م عن أبي موسى) الأشعري قضيته أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول فقد عزاه الديلمي للشيخين معا في الصلاة . 8793 - (من صلى الفجر) أي صلاة الفجر بإخلاص وفي رواية صلاة الصبح (فهو في ذمة الله) أي في أمانته وخص الصبح لأن فيها كلفة لا يواظبها إلا خالص الإيمان فيستحق الأمان (وحسابه على الله) أي فيما يخفيه وهو تشبيه أي كالواجب عليه في تحقق وقوع محاسبته على ما يخفيه من رياء أو غيره فيثيب المخلص ويجازي المسئ بعدله أو يعفو عنه بفضله وزعم أن المراد حسابه على الله فيما يفرط منه من الذنوب في غير الصلاة فإنه وإن حفظ من المحن ذلك اليوم بصلاته إياها لكنه إذا فرط منه ذنب آخر قد يؤاخذ به في الآخرة لا يخفى ما فيه من التكلف وقول بعض موالي الروم معناه أنه لا يعرف قدر ثوابه إلا الله بعيد . - (طب عن والد أبي مالك الأشجعي) قال الهيثمي : فيه الهيثم بن يمان ضعفه الأزدي
[ 214 ]
وبقية رجاله رجال الصحيح اه‍ ورواه مسلم بلفظ من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله بشي من ذمة فإنه من يطلبه من ذمته بشئ فيدركه فيكبه في نار جهنم . 8794 - (من صلى الغداة) أي الصبح مخلصا (كان في ذمة الله حتى يمسي) أي يدخل في المساء قال بعضهم : والظاهر أن القيد معتبر في الحديث الذي قبله وما كان من قبيله وأفاد الحديث التهديد الأبلغ والوعيد الأشد على إخفار ذمة الملك القهار والتحذير من إيذاء من صلى الغداة وفي رواية لأبي داود من صلى الفجر ثم قعد بذكر الله حتى تطلع الشمس وجبت له الجنة . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب . 8795 - (من صلى العشاء في جماعة) أي معهم (فكأنما قام نصف الليل) أي اشتغل بالعبادة إلى نصف الليل (ومن صلى الصبح في جماعة فكأنما صلى الليل كله) نزل صلاة كل من طرفي الليل منزلة نوافل نصفه ولا يلزم منه أن يبلغ ثوابه ثواب من قام الليل كله لأن هذا تشبيه في مطلق مقدار الثواب ولا يلزم من تشبيه الشئ بالشئ أخذه بجميع أحكامه ولو كان قدر الثواب سواء لم يكن لمصلي العشاء والفجر جماعة منفعة في قيام الليل غير التعب ذكره البيضاوي . وقال الطيبي : لم يرد بقوله فكأنما صلى الليل كله ولم يقل قام ليشاكل قوله صلى الصبح . - (حم م) في الصلاة من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة (عن عثمان) بن عفان قال عبد الرحمن : دخل عثمان المسجد بعد صلاة المغرب فقعد وحده فقعدت إليه فقال : يا ابن أخي سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره ، وظاهره أنه من تفردات مسلم عن صاحبه وعن بقية الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود والترمذي عن عثمان أيضا نعم هو مما تفرد به عن البخاري . 8796 - (من صلى العشاء في جماعة) أي معهم أي ثم صلى الصبح في جماعة كما قيد به في روايات أخر (فقد أخذ بحظه من ليلة القدر) أخذ به الشافعي فقال في القديم : من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها ، قال أبو زرعة : ولا يعرف له في الجديد ما يخالفه ، وفي المجموع ما نص عليه في القديم ولم يتعرض له في الحديث بموافقة ولا مخالفة فهو [ ص 166 ] مذهبه بلا خلاف . - (طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : فيه مسلمة بن علي وهو ضعيف وذكره مالك في الموطأ بلاغا عن سعيد بن المسيب اه‍ . وقال الهيثمي : فيه مسلمة وهو ضعيف ورواه الخطيب في التاريخ من حديث أنس بلفظ من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الوافر .
[ 215 ]
8797 - (من صلى في اليوم والليلة) وفي رواية في كل يوم وليلة (اثنتي عشرة ركعة) في رواية مسلم سجد بدل ركعة (تطوعا بنى الله له بيتا في الجنة) ذكر اليوم دون الليلة وأن السنن الرواتب فيهما كما بينه خبر مسلم لأن ذلك كان معلوما عندهم ، والمراد الحث على المداومة أو لأن أكثر الصلاة في اليوم ، وفيه رد على مالك في قوله لا راتبة لغير الفجر وهذا الحديث له تنمة عند الترمذي عن أم حبيبة وهي بعد قوله في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر . - (حم م د ن ه عن أم حبيبة) قالت : فما تركتهن منذ سمعتهن وصحح الحاكم إسناده ولم يخرجه البخاري . 8798 - (من صلى قبل الظهر أربعا غفر له ذنوبه يومه ذلك) يعني الصغائر كما مر والأربع قبيل الظهر من السنن الرواتب لكن المؤكد منها ثنتان والأفضل أن يصلي الأربع بتسليمتين عند الشافعية وبتسليمة واحدة عند الحنفية وفيه الصلاة الواحدة قد يرجى منها غفران ذنوب كثيرة وأن الثواب من فضله تعالى وكرمه إذ لا يستحق العبد بأربع ركعات غفران عدد ذنوب ولو كان على حكم الجزاء وتقدير الثواب بالفعل كانت الصلاة الواردة تكفر سيئة واحدة كما مر . - (خط) في ترجمة أبي سليمان الداراني من حديثه وماله غيره (عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن عمر بن الفضل قال الذهبي : متهم بالكذب . 8799 - (من صلى قبل الظهر أربعا كان له) من الأجر (كعدل رقبة) أي مثل عتق نسمة (من بني إسماعيل) خصه لشرفه ولكونه أبا العرب ولمناسبته لعتقه في القصة المعروفة بناء على أنه الذبيح فأفاد أن للفرائض رواتب وهو رأي الجمهور وقال مالك : لا رواتب ولا توقيت لما عدا ركعتي الفجر . - (طب عن رجل) من الأنصار رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه عمرو الأنصاري والرجل الأنصاري لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات . 8800 - (من صلى الضحى أربعا وقبل الأولى أربعا بنى له بيت في الجنة) وفي رواية بنى الله له بيتا في الجنة والظاهر أن المراد بقوله وقبل الأولى الظهر فإنها أول الصلوات المفروضة في ليلة الإسراء وهي أول الفرائض المفعولة في الضحى والضحى كما يراد به صدر النهار يراد به النهار كما في قوله
[ 216 ]
تعالى * (أن يأتيهم بأسنا ضحى) [ الاعراف : 98 ] في مقابلة قوله * (بياتا) [ الاعراف : 4 و 97 ، يونس : 50 ] وفيه ندب صلاة الضحى وهو المذهب المنصور وزعم أنها بدعة مؤول قال الحافظ العراقي : وقد اشتهر بين العوام أن من صلاها ثم قطعها عمي فتركها كثير خوفا من ذلك ولا أصل له . - (طس عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه قال الهيثمي في موضع : فيه جماعة لم أجد من ترجمهم وفي موضع : فيه جماعة لا يعرفون . 8801 - (من صلى قبل العصر أربعا) من الركعات (حرمه الله على النار) هذا لفظ الطبراني في الكبير ولفظه في الأوسط [ ص 167 ] لم تمسه النار وإلى ندب أربع قبل العصر ذهب الشافعي لكنها عنده غير مؤكدة وخالف الحنفية وأولوا الحديث بأنه ليس لبيان سنة العصر بل لمجرد بيان أن من صلى قبله أربعا تطوعا حرم على النار . - (طب عن ابن عمرو) بن العاص قال : جئت ورسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قاعد في أناس من أصحابه فيهم عمر فأدركته في آخر الحديث ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى إلخ فقلت : هذا حديث جيد فقال عمر بن الخطاب : ما فاتك من صدر الحديث أجود قلت : فهات حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة ، رمز لحسنه ، قال الهيثمي : فيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وعزاه أعني الهيثمي في موضع آخر إلى أوسط الطبراني وقال : فيه حجاج بن نصير الأكثر على ضعفه . 8802 - (من صلى بعد المغرب ركعتين قبل أن يتكلم) أي بشئ من أمور الدنيا ويحتمل الاطلاق (كتبتا) بالبناء للمفعول والفاعل الملائكة بإذن ربهم وفي رواية رفعتا له (في عليين) علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء النقلين سمي به لأنه سبب الارتفاع إلى أعلى الجنة أو لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يكون الكروبيون والمغرب في الأصل اسم زمان مفعل من الغروب وتسمى صلاة المغرب صلاة الشاهد لطلوع نجم حينئذ يسمى الشاهد نسبت إليه وما قيل إنه لاستواء الشاهد والحاضر والمسافر في عددها فضعيف إذ الصبح لا تقصر ولا تسمى كذلك . - (عب عن مكحول مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ورواه في مسند الفردوس مسندا عن ابن عباس بلفظ من صلى أربع ركعات بعد المغرب قبل أن يكلم أحدا رفعت له في عليين وكان كمن أدرك ليلة القدر في المسجد الأقصى قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 8803 - (من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة) قال البيضاوي : إن قلت كيف تعدل العبادة القليلة الكثيرة فإنه تضييع لما زاد من العمل
[ 217 ]
الصالح وقد قال تعالى * (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا) [ الكهف : 30 ] قلت : الفعلان إذا اختلفا نوعا فلا إشكال إذ القدر اليسير من جنس قد يزيد في القيمة والبدل على ما يزيد مقداره ألف مرة وأكثر من جنس آخر وإن اتفقا فلعل القليل يكتسب بمقارنة ما يخصه من الأوقات والأحوال ما يرجحه عللا أمثاله ثم إن من العبادات يتضاعف ثوابها عشرة أضعاف على مراتب العبادات كما قال عليه الصلاة والسلام الصدقة بعشر أمثالها والقرض بسبعين فلعل القليل في هذا الوقت والحال بسببها يضاعف أكثر ما يضاعف الكثير في غيرهما فيعادل المجموع المجموع ، ويحتمل أن المراد أن ثواب القليل مضعفا يعادل ثواب الكثير غير مضعف وهذا الكلام سؤالا وجوابا يجري في جميع نظائره اه‍ . وقال الطيبي : هذا وأمثاله من باب الحث والترغيب فيجوز أن يفضل ما لا يعرف فضله على ما يعرف وإن كان أفضل حثا وتحريضا . - (ت) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الترمذي : غريب ضعيف اه‍ . وذلك لأن فيه عمر بن أبي خثعم قال البخاري : منكر الحديث وضعفه جدا وقال ابن حبان : لا يحل ذكره إلا على سبيل القدح بضع الحديث على الثقات . 8804 - (من صلى ما بين المغرب والعشاء فإنها) في رواية فإن ذلك (صلاة) في رواية من صلاة (الأوابين) ثم تلى قوله تعالى * (إنه كان للأوابين غفورا) [ الاسراء : 25 ] قال الزمخشري : هم التوابون الرجاعون عن المعاصي والأوب والتوب والثوب أخوات والقصد والإيذان بفضل الصلاة فيما بين العشاءين وهي ناشئة الليل وهي تذهب بملاغات النهار وتهذب آخره قال [ ص 168 ] الغزالي : وإحياء ما بين العشاءين سنة مؤكدة لها فضل عظيم وقيل إنه المراد بقوله سبحانه وتعالى * (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) [ السجدة : 16 ] وفي الكشاف عن علي بن الحسين أنه كان يصلي بينهما ويقول أما سمعتم قوله تعالى * (إن ناشئة الليل هي أشد وطأ) [ المزمل : 6 ] ولم يبين عدة صلاة الأوابين تنبيها على الإكثار من الصلاة بينهما زيادة على سنة المغرب والعشاء قال بعض موالي الروم : والظاهر أن خبر من في الحديث محذوف تقديره من صلى ما بين المغرب والعشاء يكون في زمرة الأوابين المقبولين عند الله لمشاركتهم إياهم في تلك الصلاة فقوله فإنها صلاة الأوابين ، أشار إلى أنه علة الحكم المحذوف وقائم مقامه . - (ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن محمد بن المنكدر) - (مرسلا) ورواه عنه أيضا ابن المبارك في الرقائق . 8805 - (من صلى بين المغرب والعشاء عشرين ركعة بنى الله له بيتا في الجنة) قال المظهر : المفهوم من الحديث أن السنة المذكورة في الحديث المار والعشرين في هذا الحديث هي مع الركعتين الراتبتين وقال ابن الصلاح : فيه ندب صلاة الرغائب لأنه مخصوص بما بين العشاءين فهو يشملها من جهة أن
[ 218 ]
اثنى عشر داخلة في عشرين وما فيها من الأوصاف الزائدة لا يمنع من الدخول في العموم وخالفه ابن عبد السلام . - (ه عن عائشة) ورواه الترمذي عنها مقطوع السند . 8806 - (من صلى ست ركعات بعد المغرب قبل أن يتكلم) يحتمل الإطلاق ويحتمل أن المراد الكلام السوء أخذ من الخبر المار والحمل على الأعم أتم (غفر له بها ذنوب خمسين سنة) يعني الصغائر الواقعة في هذه المدة ولا تدافع بينه وبين خبر الاثنى عشر السابق لأن ذلك في الكتابة وهذا في المحو وقد ورد في عظم فضل الصلاة بعد المغرب أخبار كثيرة غير ما ذكر منها خبر من صلى بعد المغرب في ليلة الجمعة ركعتين يقرأ في كل ركعة منها بفاتحة الكتاب مرة واحدة وإذا زلزلت خمس عشرة مرة هون الله عليه سكرات الموت وأعاذه من عذاب القبر ويسر له الجواز على الصراط قال ابن حجر : في أماليه سنده ضعيف . - (ابن نصر) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن غزوان قال في الميزان : عن أبي زرعة : منكر الحديث وعن ابن حبان : يقلب الأخبار ويرفع الموقوف . 8807 - (من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا في الجنة من ذهب) قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي : يحتمل أن يكون الضحى مفعول صلى أي صلاة الضحى وثنتي عشرة تمييز ويحتمل أن يكون مفعول صلى ثنتي عشرة وأن يكون الضحى ظرفا أي من صلى وقت الضحى وتمسك به من جعل الضحى ثنتي عشرة ركعة وهو ما في الروضة كأصلها لكن الأصح عند الشافعية أن أكثرها ثمان ولا خلاف في أن أقلها ركعتان ووقتها من ارتفاع الشمس إلى الزوال ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصليها في بعض الأحيان ويتركها في بعض خوف أن يعتقد الناس وجوبها كما ترك المواظبة على التراويح لذلك . - (ت ه) في باب صلاة الضحى (عن أنس) بن مالك وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال : هو من حديث غيره وقال المناوي : ذكر النووي هذا الحديث في الأخبار الضعيفة وقال ابن حجر : سنده ضعيف . 8808 - (من صلى ركعتين في خلاء لا يراه إلا الله والملائكة كتب له براءة من النار) في الآخرة مما يعذب به المنافق [ ص 169 ] من النار أو يشهد له بأنه غير منافق فإن المنافقين إذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى وهذا حالة بخلافهم ذكره الطيبي ، وفيه دليل على شرف الصلاة التي تقع في السر بحيث لا يطلع عليها أحد من الناس وأنها من أرجى الصلاة وأقربها للقبول . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] والديلمي فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد .
[ 219 ]
8809 - (من) شرطية والمشروط (صلى) وجزاء الشرط قوله الآتي وهو صلى الله عليه بها عشرا (علي واحدة) زاد البزار في روايته من تلقاء نفسه (صلى الله عليه بها عشرا) أي من دعا لي مرة رحمه الله وأقبل عليه بعطفه عشر مرات والدعاء له بالمغفرة وإن كان تحصيل الحاصل لكن حصول الأمور الجزئية قد يكون مشروطا بشروط من جملتها الدعاء ومن ثم حرض أمته على الدعاء بالوسيلة والمراد برحمة الله له إعطاء الفضل بالدرجات المقدرة له في علمه وذلك لا يتعدد فذكر العشرة للمبالغة في التكثير لا لإرادة عدد محصور وفيه فضل الصلاة عليه وأنه من أجل الأعمال وأشرف الأذكار كيف وفيه موافقة على ما قال عزت قدرته * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) [ الاحزاب : 56 ] صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولو لم يكن للصلاة عليه ثواب إلا أنه يرجى بها شفاعته كما في الخبر الآتي لكان يجب على العاقل أن لا يغفل عن ذلك . - (حم م 3) في الصلاة (عن أبي هريرة) واللفظ لمسلم ولم يخرجه البخاري . 8810 - (من صلى علي) أي طلب لي من الله دوام التعظيم والترقي وقوله (واحدة) للتأكيد (صلى الله عليه بها عشر صلوات) أي رحمه وضاعف أجره بشهادة * (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) [ النساء : 160 ] قال الطيبي : الصلاة من العبد طلب التعظيم والتبجيل لجناب المصطفى ومن الله على العبد إن كان بمعنى الغفران فيكون من باب المشاكلة من حيث اللفظ لا المعنى وإن كان بمعنى التعظيم فيكون من الموافقة لفظا ومعنى وهذا هو الوجه لئلا يتكرر معنى الغفران (وحط عنه عشر خطيئات) جمع خطيئة وهي الذنب (ورفع له عشر درجات) اي رتبا عالية في الجنة وفائدة ذكره وإن كانت الحسنة بعشر أنه سبحانه لم يجعل جزاء ذكره إلا ذكره فكذا جعل جزاء ذكر نبيه ذكر من ذكره ولم يكتف بذلك بل زاده الحط والرفع المذكورين ، وقال الحرالي : إن صلاة الله على عباده إقباله عليهم بعطفه إخراجا لهم من حال ظلمه إلى رفعة نور * (هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور) [ الاحزاب : 43 ] فصلاته عليهم إخراجهم من ظلمات ما أوقفتهم في حوب تلك الإبتلاءات . (تنبيه) ذكر هنا أن الواحدة بعشرة وفي خبر أحمد عن ابن عمرو من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم واحدة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة ، قال في الإتحاف : قد اختلف مقدار الثواب في هذه الأحاديث ويجمع بأنه كان يعلم بهذا الثواب شيئا فشيئا فكلما علم بشئ قاله . - (حم خد ن) في الصلاة (ك) في الدعاء (عن أنس) بن مالك قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وصححه ابن حبان ، وقال ابن حجر : رواته ثقات .
[ 220 ]
8811 - (من صلى علي حين يصبح عشرا وحين يمسي عشرا أدركته شفاعتي يوم القيامة) أي تدركه فيها شفاعة خاصة غير العامة وفي هذا الحديث وما قبله وبعده دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله وتكفير السيئات ورفع الدرجات والإغاثة بالشفاعة عند شدة الحاجة إليها ، قال الأبي : وقضية اللفظ حصول الصلاة بأي لفظ كان وإن كان الراجح الصفة الواردة في التشهد وفيه دليل على فضل الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من [ ص 170 ] أفضل الأعمال وأجل الأذكار بموافقة الجبار على ما قال * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) [ الاحزاب : 56 ] صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن للصلاة عليه ثواب إلارجاء شفاعته لكفى . - (طب عن أبي الدرداء) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : وفيه انقطاع وقال الهيثمي : رواه الطبراني بإسنادين أحدهما جيد لكن فيه انقطاع لأن خالدا لم يسمع من أبي الدرداء . 8812 - (من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي نائيا) أي بعيدا عني (أبلغته) أي أخبرت به من أحد من الملائكة وذلك لأن روحه تعلقا بمقر بدنه الشريف وحرام على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء فحاله كحال النائم الذي ترقى روحه بحسب قواها إلى ما شاء الله له مما اختص به من بلوغه غاية القدرة له بحسب قدره عند الله في الملكوت الأعلى ولها بالبدن تعلق فلذا أخبر بسماعه صلاة المصلي عليه عند قبره ، وذا لا ينافيه ما مر في خبر " حيثما كنتم فصلوا علي " من أن معناه لا تتكلفوا المعاودة إلى قبري فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ما ذاك إلا لأن الصلاة في الحضور مشافهة أفضل من الغيبة لكن المنهي عنه هو الاعتياد الرافع للحشمة المخالف لكمال المهابة والإجلال . - (هب عن أبي هريرة) قال ابن حجر في الفتح : سنده جيد وهو غير جيد قال البيهقي : رواه في الشعب وفي كتاب حياة الأنبياء من حديث محمد بن مروان عن الأعمش عن أبي هريرة وضعفه في كتاب حياة الأنبياء بابن مروان هذا وأشار الى أن له شواهد اه‍ . وقال العقيلي : حديث لا أصل له وقال ابن دحية : موضوع تفرد به محمد بن مروان السدي قال : وكان كذابا وأورده ابن الجوزي في الموضوع ، وفي الميزان : ابن مروان السدي تركوه واتهم بالكذب ثم أورد له هذا الخبر . 8813 - (من صلى علي صلاة كتب الله له قيراطا) أصله قراط بالتشديد قلب أحد المتجانسين ياء بدليل جمعه على قراريط كدينار ودنانير (والقيراط مثل أحد) أي مثل جبل أحد في عظم القدر وهذا يستلزم دخول الجنة لأن من لا يدخلها لا ثواب له والمراد بالقيراط هنا نصيب من الآجر وهو من مجاز التشبيه ، شبه المعنى العظيم بالجسم العظيم وخص القيراط بالذكر لأن غالب ما تقع به المعاملة إذ ذاك
[ 221 ]
كان به فالمراد تعظيم الثواب فمثل للعيان بأعظم الجبال خلقا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حبا ويمكن كونه حقيقة بأن يجعل الله عمله يوم القيامة جسما قدر أحد ويوزن ، كذا قرروه ، وقال ابن العربي : تقدير الأعمال بنسبة الأوزان تقريبا للأفهام وذلك لفقه بليغ وهو أن أصغر القراريط إذا كان من ثلاث حبات فالذرة التي يخرج بها من النار جزء من ألف وأربعة وعشرين جزءا من حبة من قيراط أكبره أكبر من جبل أحد وهو أكبر من هذا البلد قال : وقراريط الحسنات هذا تقديرها أما قيراط السيئات فهو من ثلاث حبات لا تزيد بل تمحقه الحسنة وتسقطه . - (عب عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لحسنه . 8814 - (من صلى صلاة لم يتمها زيد عليها من سبحاته حتى تتم) الظاهر أن المراد إذا صلى صلاة مفروضة وأخل بشئ من أبعاضها أو هيئاتها كملت من نوافله حتى تصير صلاة مفروضة مكملة السنن والآداب ويحتمل أن المراد أنه إذا حصل منه خلل في بعض الشروط أو الأركان ولم يعلم به في الدنيا يتمم له من تطوعه ولا مانع من شموله للأمرين فتدير . - (طب عن عائذ) بمثناة تحتية ومعجمة (ابن قرظ) شامي روى عنه السكوني وغيره رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله ثقات . 8815 - (من صلى خلف إمام فليقرأ بفاتحة الكتاب) أي ولا يجزيه قراءة الإمام وهذا مذهب الشافعي وذهب الحنفية إلى أنه تجزيه قراءة إمامه مطلقا تمسكا بخبر " من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة " قال في الفتح : وهو حديث ضعيف [ ص 171 ] عند الحفاظ . - (طب عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه وفيه سعيد بن عبد العزيز قال الذهبي : نكره . 8816 - (من صلى عليه) وهو ميت (مائة من المسلمين غفر له) ذنوبه ظاهره حتى الكبائر وفي رواية سبعون وفي رواية أربعون وقد مر وجه الجمع . - (ه عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو الشيخ [ ابن حبان ] وغيره . 8817 - (من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ عليه) أي لا حرج عليه فإنه جائز وبه أخذ الشافعي والجمهور بل يسن في المسجد عند الشافعي وأما ما وقع في رواية لأبي داود أيضا فلا شئ له فأجيب بأن الذي في نسخه الصحيحة المعتمدة المسموعة فلا شئ عليه وبأنه لو صح حمل على بعض الأجر فيمن صلى عليها في المسجد ولم يشيعها الى المقبرة ويحضر الدفن أو جعل له بمعنى عليه كما في قوله تعالى * (وإن أسأتم فلها) [ الاسراء : 7 ] جمعا بين الأدلة فقد صح في مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على سهل بن بيضاء في المسجد وصلى على سعد بن معاذ في المسجد فمن ثم ذهب الشافعية إلى أن الصلاة عليه في المسجد أفضل عند أمن التلويث وكرهه مالك والحديث يرد عليه قال ابن العربي : ولا
[ 222 ]
إشكال فيه بيد أن مالكا لاحتراسه وحسمه للذرائع منع من ذلك . - (د عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وصالح مولى التوؤمة أحد رجاله كذبه مالك وقال ابن حبان : تغير فصار يأتي بأشياء تشبه الموضوعات . 8818 - (من صلى صلاة فريضة فله) أي عقبها (دعوة مستجابة ومن ختم القرآن) أي قراءة (فله دعوة مستجابة) فإما أن تعجل في الدنيا وإما أن تدخر له في الآخرة أو يعوض بما هو أصلح . - (طب عن العرباض) بن سارية قال الهيثمي : فيه عبد الحميد بن سليمان وهو ضعيف . 8819 - (من صمت) عن النطق بالشر (نجا) من العقاب والعتاب يوم المآب قال الغزالي : هذا من فصل الخطاب وجوامع كلمه صلى الله عليه وسلم وجواهر حكمه ولا يعرف ما تحت كلماته من بحار المعاني إلا خواص العلماء وذلك أن خطر اللسان عظيم وآفاته كثيرة من نحو كذب وغيبة ونميمة ورياء ونفاق وفحش ومراء وتزكية نفس وخوض في باطل ومع ذلك إن النفس تميل إليها لأنها سباقة إلى اللسان ولها حلاوة في القلب وعليها بواعث من الطبع والشيطان فالخائض فيها قلما يقدر على أن يلزم لسانه فيطلقه فيما يحب ويكفه عما لا يحب ففي الخوض خطر وفي الصمت سلامة مع ما فيه من جمع الهم ودوام الوقار وفراغ الفكر للعبادة والذكر والسلامة من تبعات القول في الدنيا ومن حسابه في الآخرة قال ابن حجر : الأحاديث الواردة في الصمت وفضله كمن صمت نجا وحديث ابن أبي الدنيا بسند رجاله ثقات أيسر العبادة الصمت لا يعارض حديث ابن عباس الذي جزم بقضيته الشيخ في التنبيه من النهي عن صمت يوم إلى الليل لاختلاف المقاصد في ذلك فالصمت المرغب فيه ترك الكلام الباطل وكذا المباح إن جر إليه والصمت المنهي عنه ترك الكلام في الحق لمن يستطيعه وكذا المباح المستوي الطرفين . - (حم ت) في الزهد (عن ابن عمرو) بن العاص وقال : غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة قال النووي في الأذكار بعد ما عزاه للترمذي : إسناده ضعيف وإنما ذكرته لأبينه لكونه مشهورا وقال الزين العراقي : سند الترمذي ضعيف وهو عند الطبراني بسند جيد وقال المنذري : رواة الطبراني ثقات اه‍ . وقال ابن حجر : رواته ثقات . [ ص 172 ] 8820 - (من صنع إليه معروف) ببناء صنع للمجهول (فقال لفاعله جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء (1) لاعترافه بالتقصير ولعجزه عن جزائه فوض جزاءه إلى الله ليجزيه الجزاء الأوفى قال بعضهم :
[ 223 ]
إذا قصرت يداك بالمكافأة فليطل لسانك بالشكر والدعاء بالجزاء الأوفى . - (ت) في البر (ن) في يوم وليلة (حب عن أسامة) بن يزيد قال الترمذي في جامعه : حسن صحيح غريب وذكر في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال هذا منكر وسعد بن الخمس أي أحد رجاله كان قليل الحديث ويروون عنه مناكير ومالك ابنه مقارب الحديث . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وهذا عند العجز عن مكافأته بالإحسان فإن قدر على مكافأته فالجمع بينهما أفضل من الاقتصار على الدعاء . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - 8821 - (من صنع) في رواية من اصطنع (إلى أحد من أهل بيتي يدا كافأته عليها يوم القيامة) فيه من الدلالة على عناية الله ورسوله بهم ما لا يخفى فهنيئا لمن فرج عنهم كربة أو لبى لهم دعوة أو أنالهم طلبة والوقائع الدالة على ذلك أكثر من أن تحصر وأشهر من أن تذكر فمن أراد الوقوف على كثير منها فعليه بتوثيق عرى الإيمان للبارزي ومؤلفات ابن الجوزي . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين وفيه عيسى بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب قال في الميزان عن الدارقطني : متروك الحديث وعن ابن حبان يروي عن آبائه أشياء موضوعة فمن ذلك هذا وساق عدة أخبار هذا منها ورواه عنه أيضا الجعابي في تاريخ الطالبين وفيه ما فيه . 8822 - (من صنع صنيعة إلى أحد من خلف عبد المطلب) أي ذريته والكلام في المسلمين (في الدنيا فعلي مكافأته إذا لقيني) أي في القيامة يوم الفزع الأكبر ونعم المجازي والمكافئ في محل الاضطرار . - (خط) في ترجمة عبد الرحمن بن أبي كامل الفزازي (عن عثمان) بن عفان وفيه عبد الرحمن بن أبي الزياد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه النسائي وقد وثق وأبان بن عثمان متكلم فيه وقال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح ورواه أيضا الطبراني في الأوسط قال الهيثمي : وفيه عبد الرحمن المذكور وهو ضعيف . 8823 - (من صور صورة) ذات روح (في الدنيا كلف أن ينفخ فيها الروح يوم القيامة وليس بنافخ) أي ألزم ذلك وطوقه ولا يقدر عليه فهو كناية عن دوام تعذيبه واستفيد منه جواز التكليف بالمحال في الدنيا كما جاز في الآخرة لكن ليس مقصود هذا التكليف طلب الامتثال بل تعذيبه على كل حال وإظهار عجزه عما تعاطاه مبالغة في توبيخه وإظهارا لقبح فعله ذكره القرطبي ، وهذا وعيد شديد يفيد أن التصوير كبيرة وتمسك بعضهم بهذا الخبر على أنه أغلظ من القتل لأن وعيده ينقطع بحمل قوله تعالى * (خالدا فيها) [ النساء : 14 و 93 ، التوبة : 63 ] على الأمد الطويل وهنا لا يستقيم أن يقال يعذب زمنا طويلا ثم يخلص لكونه مغيا بما لا يمكن وهو نفخ الروح فيها المستحيل حصوله ولهذا
[ 224 ]
ذهب المعتزلة إلى تخليده في النار وأهل السنة على خلافه وحملوا الخبر على من يكفر بالتصوير كمن يصور صنما ليعبد أو يقصد مضاهاة خلق الله وأما من لم يكفر به في حقه خرج مخرج الروع والتهويل فهو متروك الظاهر وفيه أن أفعال العباد مخلوقة لله للحوق الوعيد لمن تشبه بالخالق [ ص 173 ] فكيف يقال إن الله خالق حقيقة واعترض بأن الوعيد على خلق الجواهر لا الأفعال والمعتزلة لم تقل بخلق الجواهر لغير الله وأجيب بأن الوعيد لاحق بالشكل والهيئة وذلك غير جوهر واعترض بأنه لو كان كذا كان تصوير غير ذي روح كذا ومنع بأن ذا رخص فيه بأثر ورد فيه نعم الاستدلال بذلك غير مرضي من جهة أخرى وهو أن المسألة قطعية والدليل من الآحاد . - (حم ق ن) من حديث النضر بن أنس (عن ابن عباس) قال : كنت جالسا عند ابن عباس فجعل يفتي ولا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سأله رجل فقال : إني أصور هذه الصورة قال له ابن عباس : ادن فدنا فقال ابن عباس : سمعته يقول فذكره . 8724 - (من ضار) بشد الراء أي أوصل ضررا إلى مسلم بغير حق (ضار الله به) أي أوقع به الضرر وشدد عليه عقابه في العقبى (ومن شاق) بشد القاف أي أوصل مشقة إلى أحد بمحاربة أو غيرها (شق الله عليه) أي أدخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على فعله بمثله وأطلق ذلك ليشمل المشقة على نفسه وعلى الغير بأن يكلف نفسه أو غيره بما هو فوق طاقته . - (حم 4 عن أبي صرمة) بصاد مهملة مكسورة وراء ساكنة مالك بن قيس ويقال ابن أبي قيس ويقال قيس بن مالك أنصاري بخاري شهد بدرا وما بعدها وكان شاعرا مجيدا ، رمز لحسنه قال الترمذي : غريب قال في المنار : ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه لؤلؤة وهو لا يعرف إلا فيه قال ابن القطان : وعندي أنه ضعيف ثم أطال في بيانه . 8825 - (من ضحى) أضحية (طيبة بها نفسه) أي من غير كراهة ولا تبرم بالإنفاق (محتسبا لأضحيته كانت له حجابا من النار) أي حائلا بينه وبين دخول نار جهنم . - (طب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي : فيه سليمان بن عمر النخعي وهو كذاب اه‍ . فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب . 8826 - (من ضحى قبل الصلاة) أي ذبح أضحيته قبل صلاة العيد (فإنما ذبح لنفسه) ولم يضح وفي رواية فإنما هو لحم قدمه لأهله (ومن ذبح بعد الصلاة) للعيد (فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين) وهي التضحية . - (ق عن البراء) .
[ 225 ]
8827 - (من ضحك في الصلاة) زاد في رواية قهقه (فليعد الوضوء) لبطلانه بالقهقهة وبه أخذ أبو حنيفة ومر أن مذهب الشافعي عدم النقض به (و) ليعد (الصلاة) لبطلانها بذلك أي بالاتفاق إن ظهر منه حرفان أو حرف مفهم . - (خط) من حديث عبد العزيز بن حصين عن عبد الكريم أبي أمية عن الحسن (عن أبي هريرة) وعبد الكريم تالف قال أحمد : ليس في الضحك حديث صحيح اه‍ . ورواه الدارقطني من عدة وجوه بعدة أسانيد كلها ساقطة . 8828 - (من ضرب غلاما) أي عبدا يعني قنا ذكرا كان أم أنثى (له حدا لم يأته) أي لم يأت بموجب ذلك الحد ولم يكن ذلك لمصلحته كتأديب وتعليم قال الطيبي : جملة لم يأته صفة حدا والضمير المنصوب راجع إليه أي لم يأت موجبه فحذف المضاف (أو لطمه) أي ضربه على وجهه بغير جناية منه واللطم الضرب على الوجه ببطن الطف (فإن) ذلك ذنب منه وإن (كفارته) أي ستره يوم القيامة وغفره أن (يعتقه) فإن لم يفعل عوقب به في العقبى بقدر ما اعتدى به عليه [ ص 174 ] أما في أحكام الدنيا فلا يلزمه عتقه ولا يعاقب لأجله لكونه ملكه هذا مذهب الأئمة الثلاثة وقال مالك : إن ضربه ضربا مبرحا أو مثل به لزمه عتقه ويؤدب فإن لم يعتقه صار حرا . - (م) في النذر (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري . 8829 - (من ضرب مملوكه) حال كون السيد (ظالما) له في ضربه إياه وفي أصول صحيحة ظلما بدل ظالما (أقيد) وفي رواية اقتص (منه يوم القيامة) ولا يلزمه في أحكام الدنيا شئ من قود أو عقل أو حد أو غيرها لتصرفه في ملكه . - (طب) وكذا البزار (عن عمار) بن ياسر قال الهيثمي كالمنذري : رجاله ثقات ومن ثم رمز لحسنه . 8830 - (من ضرب بسوط) وفي رواية من ضرب سوطا (ظلما اقتص منه يوم القيامة) وإن كان المضروب عبده - (خد هق) وكذا البزار والطبراني (عن أبي هريرة) قال الهيثمي كالمنذري : إسناده حسن اه‍ . وفيه عبد الله بن شقيق العقيلي قال في الميزان : ثقة لكن فيه نصب وقال يحيى : قال التيمي : سئ الرأي فيه .
[ 226 ]
8831 - (من ضم يتيما له أو لغيره) أي تكفل بمؤونته وما يحتاجه (حتى يغنيه الله عنه وجبت له الجنة) زاد في رواية ألبتة وهو نصب على المصدر والمراد به القطع بالشئ والمراد أنه لا بد له من الجنة وإن تقدم عذاب لأن المراد أنه يدخلها بلا عذاب ألبتة . - (طس عن عدي بن حاتم) قال الهيثمي : فيه المسيب بن شريك وهو متروك اه‍ . فرمز المصنف لحسنه غير لائق وكما أنه لم يصب في ذلك لم يصب في إيثاره هذا الطريق واقتصاره عليه مع وجود أمثل منه ففي الباب خبر أحمد والطبراني عن عمرو بن مالك القشيري يرفعه " من ضم يتيما من بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة " قال الهيثمي : فيه علي بن زيد وهو حسن الحديث وبقية رجاله رجال الصحيح وخبرهما أيضا عن زرارة مرفوعا " من ضم يتيما بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة البتة " قال الهيثمي : حسن الإسناد . 8832 - (من ضن بالمال أن ينفقه) في وجوه البر (وبالليل أن يكابده فعليه بسبحان الله وبحمده) أي فليلزم قول سبحان الله وبحمده قال في الفردوس : يقال ضن بالشئ إذا بخل به فهو ضنين وهذا علق مضنة أي هو نفيس يضن به والمكابدة تحمل الضيق لصلاة الليل والشدة في طلب المعيشة . - (أبو نعيم في) كتاب المعرفة (عن عبد الله بن حبيب) قال الذهبي في الصحابة : مجهول عن عبيد الله بن عمير وفي التقريب : عبد الله بن حبيب بن ربيعة بن عبد الرحمن السلمي الكوفي المقرئ مشهور بكنيته ولأبيه صحبة وفيه عبيد الله بن سعيد بن كثير قال الذهبي : فيه ضعف عن أبيه سعيد قال السعدي : فيه غير لون من البدع وكان مختلطا غير ثقة قال الذهبي : وهذا مجازفة . 8833 - (من ضيق منزلا أو قطع طريقا أو آذى مؤمنا) في الجهاد (فلا جهاد له (1) أي كاملا أو لا أجر له في جهاده - (حم [ ص 175 ] د عن معاذ بن أنس) الجهني عن أبيه قال : غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم غزوة فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق فبعث مناديا ينادي بذلك رمز لحسنه وفيه عند أحمد إسماعيل بن عياش . - - - - - - - - - - - - - - - - - - - (1) وكذا من ضيق طريق الحاج والمسجد والجامع ، وفيه دليل على أنه يستحب للإمام إذا رأى بعض الناس فعل شيئا مما تقدم أن يبعث مناديا ينادي بإزالة ما تضرر به الناس ويتأذون به وهذا لا يختص بالجهاد بل أمير الحاج كذلك وكذا الأمير الحاكم في المدينة ومن يتكلم في الحسبة ونحو ذلك . - - - - - - - - - - - - - - - - - -
[ 227 ]
8834 - (من طاف بالبيت) الكعبة (سبعا) أي سبعة أشواط (وصلى ركعتين كان كعتق رقبة) وفي رواية أبي نعيم بدله كعدل رقبة يعتقها . - (ه) في الحج (عن ابن عمر) بن الخطاب . قال ابن الجوزي : حديث لا يصح ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه بلفظ من طاف بهذا البيت أسبوعا فأحصاه كان كعتق رقبة . 8835 - (من طاف بالبيت خمسين مرة) قيل أراد بالمرة الشوط ورد ، وقيل أراد خمسين أسبوعا (خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) والمراد أن الخمسين توجد في صحيفته ولو في عمره كله لا أنه يأتي بها متوالية . - (ت عن ابن عباس) ثم استغربه قال ابن الجوزي : فيه يحيى بن اليمان قال أحمد : ليس بحجة وابن المديني : تغير حفظه وأبو داود : يخطئ في الأحاديث ويقلبها وفيه شريك قال يحيى : ما زال مخلطا . 8836 - (من طلب) أي سأل من الله (الشهادة) أي أن يموت شهيدا حال كونه (صادقا) أي مخلصا في طلبه إياها (أعطيها) بالبناء للمفعول أي أجر الشهادة بأن يبلغه الله منازل الشهداء كما فسره بذلك في رواية أخرى (ولو لم تصبه) الشهادة بأن مات على فراشه وذلك أمر لا يطلع عليه إلا الله أو من أطلعه الله عليه وجواب لو محذوف لدلالة ما قبله عليه أو ما قبله جواب . قال عياض : هذا يدل على أن من نوى شيئا من أفعال الخير ولم يفعله لعذر يكون بمنزلة من عمله ويدل على ندب سؤا لا لشهادة ونية الخير لا يقال سؤالها ملزوم لتمني لقاء العدو المنهي عنه لأنه لا يتعين في سؤالها كونه على وجه يلزم منه ذلك بل يمكنه أن يقول اللهم إن قضيت بحضوري لقاء العدو فهب لي الشهادة أو ما في معنى ذلك . - (حم عن أنس) بن مالك . 8837 - (من طلب العلم) الشرعي النافع (كان كفارة لما مضى) من الذنوب . قال الحرالي : وإذا كان هذا فيمن طلب فكيف بمن يفيده العامة والخاصة إذ هو أولى وأحق . - (ت) في العلم (عن سخبرة) بسين مهملة مفتوحة وخاء معجمة ساكنة وموحدة تحتية مفتوحة وراء بعدها تاء التأنيث وهو الأزدي أو الأسدي في صحبته خلف قال مخرجه الترمذي : ضعيف الإسناد اه‍ ، وفيه نفيع وهو أبو داود الأعمى قال أبو داود : ضعيف جدا ، وقال الذهبي : تركوه وكان يترفض ورواه الطبراني في الكبير قال الهيثمي : وفيه أبو داود الأعمى كذاب .
[ 228 ]
8838 - (من طلب العلم تكفل الله له برزقه) تكفلا خاصا بأن يسوقه من حيث لا يحتسب فينبغي لطالبه أن يتوكل على ربه ويقنع من القوت بما تيسر ومن اللباس بما ستر قال الشافعي : لا يصلح طلب العلم إلا لمفلس قيل : ولا غني مكفي قال : ولا غني مكفي . وقال مالك : من لم يرض بالفقر لم يبلغ من العلم ما يريد ، وقال أبو حنيفة : يستعان عليه بجمع الهم وخوف العلائق . - (خط) في ترجمة محمد بن القاسم السمسار (عن زياد بن الحارث الصدائي) بضم الصاد وفتح الدال المهملتين نسبة إلى صداء قبيلة من اليمن ، وفيه يونس بن عطاء أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به . [ ص 176 ] 8839 - (من طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع) قال في الفردوس : ويروى من خرج في طلب العلم إلخ . قال الغزالي : وهذا وما قبله وما بعده في العلم النافع ، وهو الذي يزيد في الخوف من الله ، وينقص من الرغبة في الدنيا ، وكل علم لا يدعوك من الدنيا إلى الآخرة ، فالجهل أعود عليك فيه فاستعذ بالله من علم لا ينفع . - (حل عن أنس) بن مالك ، وفيه خالد بن يزيد مضعف . 8840 - (من طلب العلم ليجاري به العلماء) أي يجري معهم في المناظرة والجدال ليظهر علمه رياء وسمعة (أو ليماري به السفهاء) أي يحاججهم ويجادلهم مباهاة وفخرا قال القاضي : المجاراة المفاخرة من الجري لأن كلا من المتفاخرين يجري مجرى الآخر والمباراة المحاجة والمجادلة من المرية وهو الشك فإن كلا منهما يشك فيما يقوله صاحبه أو يشككه بما يورده على حجته أو من المرئ وهو مسح الحالب الضرع ليستنزل منه اللبن فإن كلا من المتناظرين يستخرج ما عند صاحبه والسفهاء الجهال فإن عقولهم ناقصة مرجوحة بالإضافة إلى عقول العلماء (أو يصرف به وجوه الناس إليه) أي يطلب العلم بنية تحصيل المال والجاه وصرف وجوه العامة (أدخله الله النار) أي نار جهنم جزاءا بما عمل قال في العوارف : إنما كان المراء وما معه سببا لدخولها لظهور نفوسهم في طلب القهر والغلبة وهما من صفات الشيطنة ، قال حجة الإسلام : روي عن معاذ أن من العلماء من يخزن علمه ولا يحب أن يوجد عند غيره فذاك في الدرك الأول من النار ومن يكون في علمه كالسلطان إن رد عليه غضب فذاك في الثاني ومن يجعل علمه وغرائب حديثه لأهل الشرف والمال فهو في الثالث ومن ينصب نفسه للفتيا فيفتي بالخطأ ففي الرابع ومن يتكلم بكلام أهل الكتاب ففي الخامس ومن يتخذ علمه نبلا وذكرا في الناس ففي السادس ومن يستفزه الزهو والعجب فإن وعظ عنف وأنف فذاك في السابع وفي الخبر " إن العبد ينشر له لواء من الثناء ما بين المشرق والمغرب ومايزن عند الله جناح بعوضة " . - (ت) في العلم (عن كعب بن
[ 229 ]
مالك) عن أبيه يرفعه رمز المصنف لحسنه وقال : غريب وفيه إسحاق بن يحيى بن طلحة قال الذهبي في الكبائر : واه وقال غيره : متكلم فيه من قبل حفظه وقال في اللسان : عن العقيلي في الباب عن جمع من الصحب كلها لينة الأسانيد قال : وقال العلائي : هذه الأحاديث بواطيل وقال في المهذب : عن الدارقطني إسحاق متروك . 8841 - (من طلب البدعة ألزمناه بدعته) الذي وقفت عليه في نسخ من هذا الجامع طلب بالباء والذي رأيته في أصول صحيحة من سنن البيهقي ومختصرها للذهبي بخطه من طلق للبدعة اه‍ . ولفظ الدارقطني من طلق في البدعة ألزمناه بدعته وبه احتج من ذهب إلى أن الطلاق البدعي يلزم ويقع وإن كان حراما ومن ذهب إلى عدم لزومه تمسك بخبر " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " . - (هق عن معاذ) بن جبل قال في المطامح : سنده ضعيف ورواه الدارقطني من هذا الوجه ثم قال : فيه إسماعيل بن أبي أمية البصري متروك الحديث وقال ابن الجوزي : لا يصح وأورده في لسان الميزان وقال : قال ابن حزم : حديث موضوع وإسماعيل ساقط يعني إسماعيل بن أبي عباد البصري أحد رجاله . 8842 - (من ظلم قيد شبر) بكسر القاف وسكون التحتية أي قدره (من الأرض طوقه) بضم الطاء المهملة وكسر الواو المشددة مبنيا للمفعول (من سبع أرضين) بفتح الراء وقد يسكن أي يوم القيامة فيجعل الأرض في عنقه كالطوق وقيل [ ص 177 ] أراد أطواق التكليف وقد مر ذلك فينبغي المبادرة بالخروج من تلك الظلامة قبل أن يكون ممن باع جنة عرضها السماوات والأرض بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات * (ومساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار) * بأعطان ضيقة آخرها الخراب والبوار ، وفي الحديث تهديد عظيم للغاصب ، قال بعض شراح البخاري : سيما ما يفعله بعضهم من بناء الربط والمدارس ونحوهما مما يظنون به القرب والذكر الجميل من غصب الأرض لذلك وغصب الآلات واستعمال العمال ظلما بتقدير أن يعطى من مال حرام المأخوذ ظلما الذي لم يقل بحل أخذه ولا الكفار على اختلاف مللهم فيزداد هذا الظالم بإرادته الخير على زعمه من الله بعدا . (تنبيه) هذا الحديث مما تمسك به المعتزلة على دوام تعذيب صاحب الكبيرة في النار قالوا لأنه تعالى لا يبدل القول لديه . - (حم م ق عن عائشة وعن سعيد بن زيد) قال المصنف : وهذا متواتر . 8843 - (من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة) بضم الخاء وفتحها وسكون الراء ما يخترف أي يجتنى من الثمر أي لم يزل في بستان يجتني منه الثمر ، شبه ما يحوزه العابد من الثواب بما يحوزه المحترف من الثمر (حتى يرجع) ويخرج من ذلك التشبيه التلويح بقرب المتناول وقيل المراد بالخرفة هنا الطريق قال ابن جرير : وهو صحيح أيضا إذ معناه عليه أن عائده لم يزل سالكا طريق الجنة لأنه من الأمور التي
[ 230 ]
يتوصل بها إليها . - (م عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم وتمامه عند مسلم قيل يا رسول الله وما خرفة الجنة قال جناها . 8844 - (من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ) أي لجأ إلى ملجأ وأي ملجأ قال ابن العربي : دليل على أن كل من صرح بالاستعاذة بالله لأحد في شئ فليجب إليه وليقبل منه وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة قد نكحها فقالت له : أعوذ بالله منك فقال : لقد عذت بمعاذ الحقي بأهلك . - (حم) من حديث عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن موهب (عن عثمان) بن عفان (وابن عمر) بن الخطاب وقال ابن موهب : إن عثمان قال لابن عمر : اذهب فافض قال : أو تعفيني قال : عزمت عليك قال : لا تعجل أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال : نعم قال : فإني أعوذ بالله أن أكون قاضيا قال الهيثمي : رجال ثقات رمز المصنف لحسنه . 8845 - (من عال جاريتين) أي من ربى بنتين صغيرتين وقام بمصالحهما من نحو نفقة وكسوة (حتى يدركا) رواية البخاري حتى يبلغا (دخلت أنا وهو الجنة كهاتين) وضم أصبعيه مشيرا إلى قرب فاعل ذلك منه أي دخل مصاحبا لي قريبا مني يعني أن ذلك الفعل مما يقرب فاعله إلى درجة من درجات المصطفى صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس : هذا من كرائم الحديث وغرره . - (م ت عن أنس) بن مالك واستدركه الحاكم فوهم ورواه البخاري بلفظ من عال جاريتين حتى يبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين قال الأكمل : في الكلام تقديم وتأخير فأما في جاء ضمير يعود إلى من وقوله هو تأكيد له وقوله أنا معطوف عليه وتقديره هو وأنا ثم قدم أنا لكون المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أصلا في تلك الخصلة أو قدم في الذكر لشرفه اه‍ . واعترض بأن تقديم المعطوف على المعطوف عليه لا يجوز فالأولى جعل أنا مبتدأ وهو معطوف عليه وكهاتين الخبر والجملة حالية بدون الواو نحو * (اهبطوا بعضكم لبعض عدو) [ البقرة : 36 ] . 8846 - (من عال أهل بيت من المسلمين) أي قام بما يحتاجونه من نحو قوت وكسوة يومهم وليلتهم (غفر الله له ذنوبه) أي الصغائر فقط . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين . 8847 - (من عال ثلاث بنات) أي قام بما يحتجنه من نحو نفقة وكسوة وغيرهما (فأدبهن) بآداب الشريعة الإسلامية وعلمهن أمور دينهن (وزوجهن) من كفء عند احتياجهن للزواج (وأحسن
[ 231 ]
إليهن) بعد الزواج بنحو صلة وزيارة (فله الجنة) أي مع السابقين الأولين قال ابن عباس : هذا من كرائم الحديث وغرره قال الزين العراقي : في هذا الحديث تأكيد حق البناء على حق البنين لضعفهن عن القيام بمصالحهن من الاكتساب وحسن التصرف وجزالة الرأي . - (د عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : رجاله موثقون . 8848 - (من عد) بالتشديد بلفظ المصنف (غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت) فإن الموت مصاحب له إن لم يفجأه اليوم وافاه في غد والقصد بهذا الحث على قصر الأمل وأنه ينبغي للإنسان أن لا يطول أمله فيثقل عليه عمله ويقدر قرب الموت ويتفكر في قصر العمل ويقول في نفسه إني أحتمل مشقة العمل الصالح اليوم فلعلي أموت الليلة وأصبر الليلة فلعلي أموت غدا فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها إلا أمدا قليلا ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم أو نفس فقرر هذا على ما قلبك كل يوم وكلف نفسك على الطاعة يوما فيوما فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصبر على الطاعة نفرت واستعصت فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحا لا آخر له وإن سوفت وتساهلت جاء الموت في وقت لا تحتسبه وتحسرت تحسرا لا آخر له وعند الصباح يحمد القوم السرى * (ولتعلمن نبأه بعد حين) [ ص : 88 ] وأنشد ابن أبي الدنيا : أيا فرقة الأحباب لا بد لي منك * ويا دار دنيا إنني راحل عنك ويا قصر الأيام ما لي وللمنى * ويا سكرات الموت ما لي وللضحك وما لي لا أبكي لنفسي بعبرة * إذا كنت لا أبكي لنفسي فمن يبكي ألا أي حي ليس بالموت موقنا * وأي يقين منه أشبه بالشك - (هب) وكذا الخطيب (عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه وليس كذلك بل إنما ذكره مقرونا ببيان حاله فقال عقبه : هذا إسناد مجهول وروي من وجه آخر ضعيف اه‍ بنصه . 8849 - (من عرض عليه) طيب وفي رواية (ريحان) أي نبت طيب الريح من أنواع المشموم وليس المراد قصره على ما هو المتعارف عند الفقهاء من اختصاصه بما ساق له منها (فلا يرده) برفع الدال على الفصيح المشهور (فإنه خفيف المحمل) بفتح الميم الأولى وكسر الثانية مصدر ميمي أي قليل المنة (طيب الريح) تعليل ببعض العلة لا بتمامها والمراد لا يرده لأنه هدية قليلة نافعة ولا مؤونة فيها ولا منة ولا يتأذى المهدي بها فردها لا وجه له قال ابن القيم : هذا لفظ الحديث وبعضهم يرويه من عرض عليه طيب فلا يرده وليس بمعناه فإن الريحان تخف مؤونته ويتسامح به بخلاف نحو مسك وعنبر وظاهره أن رواية الطيب منكرة أو نادرة والأشهر أكثر ريحان وليس كذلك فقد قال ابن حجر : رواه أحمد
[ 232 ]
وسبعة أنفس معه بلفظ الطيب ورواه مسلم بلفظ الريحان قال : والعدد الكثير أولى بالحفظ من الواحد وفيه الترغيب في استعمال الطيب وعرضه من يستعمله . - (م) في الطب (د) في الترجل وكذا النسائي في الزينة وابن حبان في صحيحه كلهم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 8850 - (من عزى ثكلى) بفتح المثلثة مقصورة ، من فقدت ولدها (كسي بردا في الجنة) مكافأة له على تعزيتها وذلك بأن يذكر لها الصبر وفضله والابتلاء وأجره والمصيبة وثوابها وما في ذلك من الآيات والأخبار والآثار لكن لا يعزي المرأة [ ص 179 ] الشابة إلا محارمها أو زوجها (تتمة) كتب ذو القرنين لأمه حين حضرته الوفاة مرشدا أن اصنعي طعاما للنساء ولا يأكل منه من أثكلت ولدا ، ففعلت ودعتهن فلم تأكل منهن واحدة وقلن ما منا امرأة إلا وقد أثكلت ما هي له والدة فقالت : * (إنا لله وإنا إليه راجعون) [ البقرة : 156 ] هلك ولدي وما كتب بهذا إلا تعزية لي . - (ت عن أبي برزة) ثم قال أعني الترمذي : وليس إسناده بالقوي وقال البغوي : وهو غريب . 8851 - (من عزى مصابا) أي حمله على الصبر بوعد الأجر (فله) في رواية كان له (مثل أجره) أي له مثل أجر صبره إذ المصيبة ليست فعله وقد قال تعالى * (إنما تجزون ما كنتم تعملون) [ الطور : 16 ] كذا ذكره ابن عبد السلام واعترض قال النووي : والتعزية التصبير وذكر ما يسلي صاحب الميت ويخفف حزنه ويهون مصيبته وذلك لأن التعزية تفعلة من العزاء وهو الصبر والتصبير يكون بالأمر بالصبر وبالحث عليه بذكر ما للصابرين من الأجر ويكون بالجمع بينهما وبالتذكير بما يحمل على الصبر كما في حديث الصحيحين " إن لله ما أخذ وله ما أعطى " ولا يتعين لها لفظ ، كتب الشافعي إلى ابن مهدي فأرسل إليه تعزية في ابنه وكان جزع عليه . إني معزيك لا أني على طمع * من الحياة ولكن سنة الدين فما المعزى بباق بعد صاحبه * ولا المعزي ولو عاشا إلى حين - (ت ه) وكذا البيهقي في السنن (عن ابن مسعود) قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن عاصم ويقال أكثر ما ابتلى به على هذا الحديث نقموه عليه ، وقال في الأذكار : إسناده ضعيف وذكره ابن الجوزي في الموضوع وقال الخطيب : رواه جمع عن أبي عاصم وليس شئ منها ثابتا ، وقال الذهبي : حماد بن الوليد واه وله طرق لا تصح وقال ابن حجر : كل التابعين لعلي أضعف منه بكثير وليس فيها رواية يمكن التعلق بها إلا طريق إسرائيل فقد ذكرها صاحب الكمال ولم أقف على سندها اه‍ ، وقال الزركشي في تخريج الرافعي بعد ما ساق للحديث عدة طرق : هذا كله يرد على ابن الجوزي حيث ذكر الحديث في الموضوعات ، وقال العلائي : له طرق لا طعن فيها وليس واهبا فضلا عن كونه موضوعا .
[ 233 ]
8852 - (من عشق) من يتصور حل نكاحه لها شرعا لا كأمرد (فعف ثم مات ، مات شهيدا) أي يكون من شهداء الآخرة لأن العشق وإن كان مبدأه النظر والسماع لكنهما غير موجبين له فهو فعل الله بالعبد بلا سبب ، ولهذا قال أفلاطون : ما أعلم الهوى غير أني أعلم أنه جنون إلهي لا محمود صاحبه ولا مذموم ، وقال بعض الحكماء : العشق طمع يحدث في القلب قهرا ، وكلما قوي زاد صاحبه قلقا وضجرا فيلتهب به الصدر فيحترق الدم فيصير مع الصفراء سوداء وطغيانه يفسد الفكر ويؤدي للجنون فربما مات وقتل نفسه ، وإذا كان فعل القلب وأكثر أفعاله ضروريات فلا يؤاخذ به بل يؤجر عليه ، والمراد بالعفة العفة عن إيتاء النفس حظها طلبا لراحة قلبه ومتابعة لهوى نفسه ، وإن كان في غير محرم وكان صاحبه يأثم ، لكن رتبة الشهادة سنية لا تنال إلا بفضيلة كاملة أو بلية شاملة وإنما قارب وصف من عف وصف القتيل في سبيل الله لتركه لذة نفسه فكما بذل المجاهد مهجته لإعلاء كلمة الله فهذا جاهد نفسه في مخالفة هواها بمحبته للقديم خوفا ورهبة وإيثارا على ما يحدث ، ذكره في البحر . - (خط) في ترجمة عطية بن الفضل (عن عائشة) وفيه أحمد بن محمد بن مسروق أورده الذهبي في الضعفاء وقال : لينه الدارقطني وسويد بن سعيد فإن كان هو الدقاق فقد قال علي بن عاصم منكر الحديث وإن كان الذي خرج له مسلم فقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أحمد : متروك وأبو حاتم : صدوق وفيه أيضا أبو يحيى القتات . [ ص 180 ] 8853 - (من عشق فكتم وعف ومات مات شهيدا) قال ابن عربي : العشق التقاء الحب بالمحب حتى خالط جميع أجزائه واشتمل عليه اشتمال الصماء . - (خط) في ترجمة عثمان المروزي (عن ابن عباس) وفيه سويد بن سعيد قال أحمد : متروك وقال ابن معين : لو كان لي فرس ورمح لغزوته قال ابن الجوزي : ومدار الحديث عليه فهو لا يصح لأجله ورواه الحاكم من عدة طرق كلها معلولة وهذا الطريق أمثلها فقد قال ابن حجر : عن بعضهم إنه أقواها حتى يقال إن أبا الوليد الباجي رحمه الله تعالى نظم فيه : إذا مات المحب جوى وعشقا * فتلك شهادة يا صاح حقا رواه لنا ثقات عن ثقات * عن الحبر ابن عباس يرقى وقد غلط في هذا الطريق بعض الرواة فأدخل إسنادا في إسناد اه‍ . وقال ابن القيم : هذا الحديث والذي قبله كله منهما موضوع ولا يجوز كونه من كلام المصطفى صلى الله عليه وسلم وأطال لكن انتصر الزركشي لتقويته فقال : أنكره ابن معين وغيره على سويد لكنه لم ينفرد به فقد رواه الزبير بن بكار قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون عن عبد العزيز بن أبي حازم عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وهو إسناد صحيح وقد ذكره ابن حزم في معرض الاحتجاج وقال : رواته ثقات .
[ 234 ]
8854 - (من عفا عند القدرة) على الانتصار لنفسه والانتقام من ظالمه (عفا الله عنه يوم العسرة) أي يوم الفزع الأكبر وفي هذه العدة عموم لا يقاس أمره في العظيم * (ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور) [ الشورى : 43 ] فالعفو لذلك مندوب ندبا مؤكدا أصالة ثم قد ينعكس الأمر في بعض الأحوال فيرجع ترك العفو مندوبا إليه وذلك إذا احتيج إلى كف زيادة البغي وقطع مادة الأذى كما مر . - (طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه العلاء بن كثير وهو ضعيف . 8855 - (من عفا عن دم لم يكن له ثواب إلا الجنة) (تنبيه) قال الراغب : لذة العفو أطيب من لذة التشفي لأن لذة العفو يلحقها حمد العاقبة ولذة التشفي يلحقها ذم الندم والعقوبة وآلام حالات ذوي القدرة وهي طرف من الجزع . - (خط عن ابن عباس) وفيه أحمد بن إسحاق البغدادي قال الخطيب : روى عنه أبو عوانة خبرا معللا من عفا إلخ فما أوهمه صنيع المؤلف أن الخطيب خرجه وسلمه غبر جيد . 8856 - (من عفا عن قاتله دخل الجنة) أي مع السابقين الأولين أو من غير سبق عذاب أو هو إعلام بوفاته على الإسلام والأمن من سوء الخاتمة . - (ابن منده) الحافظ المشهور (عن جابر) بن عبد الله (الراسبي) قال صالح جزرة نزل البصرة قال الذهبي في الصحابة : جاء في حديث مظلم عن أبي شداد عنه اه ، . وهنا أمران الأول أن المصنف أطلق العزو لابن منده فاقتضى أنه خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله هذا حديث غريب إن كان محفوظا اه‍ . الثاني أنه تبعه على قول الراسبي وليس بصواب فقد قال أبو نعيم قوله الراسبي وهم وإنما هو الأنصاري اه‍ . بنصه وأقره عليه الحافظ ابن حجر . 8857 - (من علق) على نفسه أو غيره من طفل أو دابة (تميمة) هي ما علق من القلائد لرفع العين (فقد أشرك) أي فعل فعل أهل الشرك وهم يريدون به دفع المقادير المكتوبة قال ابن عبد البر : إذا اعتقد الذي قلدها أنها ترد العين فقد ظن [ ص 181 ] أنها ترد القدر واعتقاد ذلك شرك . - (حم ك عن عقبة بن عامر) الجهني قال المنذري : رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات . 8858 - (من علق ودعة) بفتح أو سكون على نحو ولده (فلا ودع الله له) أي لا جعله في دعة وسكون وهو لفظ بنى من الودعة أي لا خفف الله عنه ما يخافه كذا ذكره ابن الأثير وهذا دعاء أو خبر وكذا يقال في قوله (ومن علق تميمة فلا تمم الله له) قال في مسند الفردوس : الودعة شئ يخرج من البحر
[ 235 ]
شبه الصدف يتقون به العين والتميمة خرزات تعلق على الأولاد للعين فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك . (تنبيه) قال ابن حجر كغيره : محل ما ذكر في هذا الخبر وما قبله تعليق ما ليس فيه قرآن ونحوه أما ما فيه ذكر الله فلا نهي عنه فإنه إنما جعل للتبرك والتعوذ بأسمائه وذكره وكذا لا نهي عما يعلق لأجل الزينة ما لم يبلغ الخيلاء والسرف . - (حم ك عنه) ورواه أيضا الطبراني قال الهيثمي : رجالهم ثقات . 8859 - (من علم أن الصلاة عليه حق واجب) في رواية بدل واجب مكتوب (دخل الجنة) لأنه إذا تيقن حقيقتها وأنها عليه لا يتركها وإذا واظبها كفرت ما بينها من الصغائر فدخل الجنة مع السابقين الأولين ومن جحد حقيقتها كفر فلا يدخل الجنة بل مأواه النار خالدا فيها . - (حم ك) في الإيمان (عن عثمان) بن عفان قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص ولكنه في المهذب قال : فيه عبد الملك مجهول وقال الهيثمي : رجال أحمد موثقون . 8860 - (من علم أن الله ربه وأني نبيه موقنا من قلبه) زاد الطبراني وأومأ بيده إلى جسده (حرمه الله على النار) أي نار الخلود . (فائدة) سئل الصديق : بم عرفت ربك قال : عرفت ربي بربي فقيل : هل يمكن بشر أن يدركه فقال : العجز عن درك الإدراك إدراك ، وسئل مصباح التوحيد وصباح التغريد علي كرم الله وجهه : بم عرفت ربك قال : بما عرفني به نفسه لا يدرك بالحواس ولا يقاس بالناس قريب في بعده بعيد في قربه . - (البزار) في مسنده وكذا الخطيب وأبو نعيم في الحلية (عن عمران) بن الحصين رمز لحسنه . قال الهيثمي : فيه عمران القصير وهو متروك وعبد الله بن أبي القلوص . 8861 - (من علم) من أهل القرى الخارجة عن بلد الجمعة (أن الليل يأويه إلى أهله) إذا سار إلى محل إقامتها (فليشهد الجمعة) أي فليحضر صلاتها ليصليها أي يلزمه ذلك ومذهب الشافعي أن العبرة بسماع النداء تمسكا بخبر الجمعة على من سمع النداء . - (هق عن أبي هريرة) عده ابن الجوزي من الأحاديث الواهية وأعله بمعارك بن عباد وقال الذهبي في المهذب : هذا الحديث ضعيف بمرة وفيه عبد الله بن سعيد متروك . 8862 - (من علم الرمي) أي رمي النشاب (ثم تركه فليس منا) أي من علم رمي السهم ثم تركه فليس من المتخلقين بأخلاقنا والعاملين بسنتنا أو ليس متصلا بنا ولا داخلا في زمرتنا وهذا أشد ممن لم يتعلمه لأنه لم يدخل في زمرتهم وهذا دخل ثم خرج فكأنه استهزاء به وهو كفران لتلك النعمة
[ 236 ]
الخطيرة فيكره ذلك كراهة شديدة لما في التهديد من التشديد وثم للتراخي في الرتبة يعني رتبة الترك متراخية عن رتبة التعلم فلا يقدر عليها لا للتراخي في الزمن للحوق الوعيد له وإن [ ص 182 ] كان الترك عقب التعلم وهذا تشديد عظيم في نسيانه بعد تعلمه . - (م) في الجهاد من حديث عبد الرحمن المهدي (عن عقبة بن عامر) قال عبد الرحمن : قال رجل لعقبة كيف تختلف بين هذين الغرضين وأنت شيخ كبير يشق عليك فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ولم يخرجه البخاري . 8863 - (من علم) بفتح اللام المشددة بضبط المصنف (علما فله أجر من عمل به لا ينقص من أجر العامل) لأن العامل إنما يتلقى كيف تصحيح عمله من العالم فله الأجر على حسب الانتفاع بعلمه . - (ه عن معاذ بن أنس) وفيه سهل بن معاذ ضعفه كثيرون لكن الترمذي حسن له واحتج به الحاكم وهذا الخبر مما انفرد به ابن ماجه . 8864 - (من علم) بالتشديد بضبطه (آية من كتاب الله أو بابا من علم أنمى الله أجره إلى يوم القيامة) وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي من علم آية من كتاب الله أو سنة في دين الله هيأ له الله من الثواب يوم القيامة ما لا يكون ثواب أفضل مما تهيأ له . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري . 8865 - (من عمر) بفتح العين وبالتشديد بضبطه (ميسرة المسجد كتب الله له كفلين من الأجر) أي نصيبين منه قاله لما ذكر أن ميسرة المسجد قد تعطلت وأصل هذا الحديث أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما رغب في تفضيل ميامن الصفوف عطل الناس ميسرة المسجد فقيل له ذلك فذكره فأعطى أهل الميسرة في هذه الحالة ضعف ما لأهل الميمنة من الأجر وليس لهم كما قال المؤلف وغيره ذلك في كل حال وإنما خص بذلك هذه الحالة لما صارت معطلة . - (ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف وقال ابن حجر في الفتح : في إسناده مقال . 8866 - (من عمر) بفتح العين وبالتشديد بضبطه (جانب المسجد الأيسر) بالصلاة فيه (لقلة أهله فله أجران) قال ابن حجر : هذا وما قبله إن ثبت لا يعارض الخبر إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف لأن ما ورد لمعنى عارض يزول بزواله . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه بقية وهو
[ 237 ]
مدلس وقد عنعنه لكنه ثقة ، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد من الستة مع أن ابن ماجه خرجه من حديث ابن عمر باللفظ المزبور . 8867 - (من عمر) بضم العين والتشديد (من أمتي سبعين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر) أي بلغ أقصى العذر أو لم يبق له عذر في الرجوع إلى الله بطاعته لما شاهد من العبر مع ما أرسل إليه من الإنذار . - (ك) وكذا القضاعي (عن سهل بن سعد) الساعدي وقال الحاكم : على شرط البخاري ولم يخرجاه قال الزيلعي : ووهم إذ هو في البخاري بلفظ من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر . 8868 - (من عمل عملا) أي أحدث فعلا (ليس عليه أمرنا) أي حكمنا وإذننا (فهو رد) أي مردود عليه فلا يقبل منه وفيه دليل للقاعدة الأصولية أن مطلق النهي يقتضي الفساد لأن المنهي عنه مخترع محدث وقد حكم عليه بالرد المستلزم [ ص 183 ] للفساد ، قال الشيخ ابن حجر الهيثمي : وزعم أن القواعد الكلية لا تثبت بخبر الواحد باطل قال العلائي : وفيه أيضا دليل على اعتبار ما المسلمون عليه من جهة الأمر الشرعي أو العادة المستقرة فإن عموم قوله ليس عليه أمرنا يشمله قال : وهذا الحديث أصل من أصول الشريعة . - (حم م عن عائشة) وعلقه البخاري في صحيحه . 8869 - (من عير أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله) قال مخرجه الترمذي : قال أحمد بن منيع قالوا من ذنب قد تاب منه . - (ت) في الزهد من حديث محمد بن الحسن بن أبي يزيد عن ثور عن خالد بن معدان (عن معاذ) بن جبل وقال أعني الترمذي : حسن غريب وليس إسناده بمتصل اه‍ . وقال البغوي : هو منقطع لأن خالد بن معدان لم يدرك معاذا ومحمد بن الحسن ابن أبي يزيد قال أبو داود وغيره : كذاب ، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع ولم يتعقبه المؤلف في مختصره سوى بأن له شاهدا وهو قول الحسن كانوا يقولون من رمى أخاه بذنب قد تاب منه لم يمت حتى يبتليه الله به ، ومن العجب أن المؤلف لم يكتف بإيراده حتى أنه رمز لحسنه أيضا . 8870 - (من غدا إلى المسجد) في رواية خرج وفي رواية يخرج (وراح) أي ذهب ورجع وأصل الغدو الرواح بغدوة والرجوع بعشية استملال في كل ذهاب ورجوع توسعا (أعد الله) أي هيأ (له نزلا) أي محلا ينزله والنزل بضمتين المحل الذي يهيأ للنزول فيه وبضم فسكون ما يهيأ للقادم من نحو ضيافة فعلى الأول من في قوله (من الجنة) للتبعيض وعلى الثاني للتبيين وفي رواية بدل من في وهي محتملة لهما
[ 238 ]
وفي رواية للبخاري أو راح بأو فعلى الواو لا بد من الأمرين حتى يعد له النزل وعلى أو يكفي أحدهما في الإعداد وكذا يقال في قوله (كلما غدا وراح) أي بكل غدوة وروحة إلى المسجد قال بعضهم : الغدو والرواح كالبكرة والعشي في قوله * (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا) [ مريم : 62 ] أراد بهما الديمومة لا الوقتين المعلومين لأن المسجد بيت الله فمن دخله لعبادة أي وقت كان أعد الله له أجره لأنه أكرم الأكرمين لا يضيع أجر المحسنين وفي قوله كلما إيماء إلى أن الكلام فيمن تعود ذلك . - (حم ق) في الصلاة (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم وغيره . 8871 - (من غدا) أي ذهب (إلى صلاة الصبح غدا براية الإيمان ومن غدا إلى السوق غدا براية إبليس) قال الطيبي : تمثيل لبيان حزب الله وحزب الشيطان فمن أصبح يغدو إلى المسجد كأنه يرفع أعلام الإيمان ويظهر شرائع الإسلام ويتحرى في توهين أمر المخالفين ، وفيه ورد الحديث المار فذلكم الرباط ومن أصبح يغدو إلى السوق فهو من حزب الشيطان يرفع أعلامه ويشد من شوكته وينصر حزبه ويتوخى توهين دينه وفي قوله يغدو إشارة إلى أن التبكير إلى السوق محظور وأن من تأخر وراح بعد أداء وظائفه لطلب الحلال وما يقيم صلبه ويتعفف به عن السؤال كان من حزب الله وهذا إعلام بإدامته في الأسواق وجميع أعوانه وإذا كانت موطنه فينبغي أن لا يدخلها الرجل إلا بقدر الضرورة كبيت الخلاء فحق من ابتلى بدخولها أن يخطر بباله أنه بمحل الشيطان وحزبه . - (ه عن سلمان) الفارسي وفيه عنبس ابن ميمون قال في الكاشف : ضعفه ابن معين وغيره . 8872 - (من غدا أو راح) قال الزركشي : أصل غدا خرج بغدو أي مبتكرا أو راح رجع بالعشي ثم قد يستعملان في الخروج [ ص 184 ] مطلقا توسعا وهذا الحديث وما قبله يصلح أن يحمل على الأصل وعلى التوسع (وهو في تعليم دينه فهو في الجنة) أي إن قصد به وجه الله وعمل بعلمه وإحياء الشريعة وتنوير قلبه وتطهيره من كل غش ودنس وحقد وغل ليصلح بذلك لقبول العلم والإطلاع على دقائقه وحقائق غوامضه فإن العلم كما قيل صلاة السر وعبادة القلب وقربة الباطن وكما لا تصح الصلاة التي هي عبادة الجوارح الظاهرة إلا بطهارة الظاهر عن الحدث والخبث فلا يحصل العلم الذي هو عبادة القلب إلا بطهارته عن خبث الصفات ومساوئ الأخلاق ، والحاصل أن العلم إن خلصت فيه النية زكا ونما وأدخل صاحبه الجنة وإن قصد به غير الله حبط وضاع واستحق صاحبه النار . - (حل عن أبي سعيد) الخدري وقال : غريب من حديث مسعر عن عطية اه‍ وفيه الفضل بن الحكم وفيه كلام .
[ 239 ]
8873 - (من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله إلا كان له صدقة) أي يثاب عليه ثواب الصدقة وإن لم يكن باختياره ولم يعلم به وهذا الحديث كما ترى مدح لعمارة الأرض ويوافقه قوله تعالى * (واستعمركم فيها) [ هود : 16 ] وقوله * (أو لم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها) [ الروم : 9 ] وورد في أخبار وآيات أخر ذم عمارتها ، كخبر : الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها ، وفي الحقيقة لا تعارض ولا تخالف فإن ما جاء في ذم الدنيا وعمارتها فباعتبار من رضيها حقا لنفسه وجعلها قاضية مراده كما قال تعالى * (ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها) [ يونس : 7 ] وما جاء في مدحها فباعتبار تناولها واتفاق ما يحصل من الغلات على ما يحمد ، ولذلك قال علي كرم الله وجهه : الدنيا دار تجارة لمن فهم عنها ، ودار غنى لمن تزود منها . - (حم) وكذا الطبراني في الكبير من هذا الوجه (عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه ، وسببه أن رجلا مر بأبي الدرداء وهو يغرس غرسا بدمشق فقال له : أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : لا تعجل علي سمعته يقول فذكره قال الهيثمي : رجاله موثقون وفيهم كلام لا يضر . 8874 - (من غزا في سبيل الله) أي للجهاد (ولم ينو) وفي رواية وهو لا يريد (إلا عقالا) هو ما يربط به ركبة البعير (فله ما نوى) قال الطيبي : العقال حبل يشد به ركبة البعير وهو مبالغة في قطع النظر عن الغنيمة بل يكون غزوه خالصا لله غير مشوب بغرض دنيوي فإنه ليس للإنسان إلا ما نوى اه‍ . وقال الزمخشري : أراد الشئ التافه الحقير فضرب مثلا له . - (حم ن ك عن عبادة) بن الصامت . 8875 - (من غسل ميتا فليغتسل) قال أحمد : هذا منسوح وكذا جزم أبو داود ، وفي خبر الحبر : ليس عليكم في غسل ميتكم غسل إذا غسلتموه ، أو يجمع بحمل الأمر على الندب أو المراد بالغسل غسل الأيدي كما يصرح به خبر عند الخطيب وغيره . قال ابن حجر : وهذا أحسن ما جمع به بين مختلف هذه الأحاديث . - (حم عن المغيرة) بن شعبة وخرجه الترمذي في العلل ثم ذكر أنه سأل عنه البخاري فقال لا يصح في هذا الباب شئ قال ابن الجوزي : طرقه كلها لا تصح وقال الهيثمي : في سنده من لم يسم اه‍ ، لكن رمز المصنف لحسنه أخذا من قول الحافظ ابن حجر طرقه كثيرة وفيه خلاف طويل وأسوأ أحواله أن يكون حسنا فإنكار النووي على الترمذي تحسينه معترض وقال الذهبي : طرقه أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء اه‍ ، وذكر الماوردي أن بعض المحدثين خرج له مائة وعشرين طريقا . [ ص 185 ]
[ 240 ]
8876 - (من غسل الميت فليغتسل) قال الخطابي : إنما أمر به لإصابة الغسل من رشاش المغسول وربما كان ببدن الميت نجاسة وهو لا يعلم (ومن حمله) قال البغوي : أي مسه (فليتوضأ) قال الخطابي : لم ار أحدا قال بوجوب الوضوء من حمله وقيل معناه ليكن حامله على وضوء ليتأهب للصلاة عليه حين وصوله المصلى خوف الفوت . - (د ه حب عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن وضعفه الجمهور وقال ابن حجر : ذكر له البيهقي طرقا وضعفها ثم صحح وقفه وقال البخاري : الأشبه موقوف وقال ابن الجوزي : فيه محمد بن عمرو قال يحيى : ما زال الناس يتوقون حديثه . 8877 - (من غسل ميتا فستره ستره الله من الذنوب) يحتمل أن المراد ستر عورته ويحتمل أن المراد ستر ما يبدو له من علامة ردية كظلمة ويحتمل الأمرين وهو أظهر (ومن كفنه كساه الله من السندس) قال النووي : فيه أنه يسن إذا رأى الغاسل ما يعجبه أن يذكره وإذا رأى ما يكره لا يحدث به قال : وهكذا أطلقه أصحابنا لكن قال صاحب البيان : لو كان الميت مبتدعا معلنا ببدعته فينبغي ذكر ما يكره منه زجرا للناس عن البدعة . - (طب عن أبي أمامة) وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه أبو عبد الله الشامي لم أجد من ترجمه اه‍ . وأورده ابن الجوزي في الموضوعات فلم يصب فقد رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في المعرفة بزيادة ولفظه من غسل ميتا فكتم عليه غفر له أربعون كبيرة ومن كفنه كساه الله من السندس والإستبرق ومن حفر له قبرا فكأنما أسكنه مسكنا حتى يبعث . 8878 - (من غسل ميتا فليبدأ) في تغسيله (بعصره) يعني يمر يده على بطنه ليخرج ما فيه من أذى ثلاثا ويتعهد مسح بطنه في كل مرة من الثلاث أرفق مما قبلها وهذا مندوب لا واجب . - (هق عن ابن سيرين مرسلا) ظاهره أن البيهقي لم يذكر له علة سوى الإرسال والأمر بخلافه بل قال مرسلا وراويه ضعيف اه‍ . واستدرك عليه الذهبي في المهذب فقال : قلت فيه جماعة ضعفاء . 8879 - (من غش) أي خان والغش ستر حال الشئ (فليس منا) أي من متابعينا . قال الطيبي : لم يرد به نفيه عن الإسلام بل نفي خلقه عن أخلاق المسلمين أي ليس هو على سنتنا أو طريقتنا في مناصحة الإخوان كما يقول الإنسان لصاحبه أنا منك يريد الموافقة والمتابعة قال تعالى عن إبراهيم * (فمن تبعني فإنه مني) [ ابراهيم : 36 ] وهذا قاله لما مر على صبرة طعام فأدخل يده فيها فابتلت أصابعه فقال : ما هذا ؟ قال : أصابته السماء قال : أفلا صببته فوق الطعام ليراه الناس ؟ ثم ذكره . - (ت عن أبي
[ 241 ]
هريرة) ظاهر عدوله للترمذي واقتصاره عليه أنه لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم فقد خرجه مسلم في الصحيح بلفظ من غشنا فليس منا بل عزاه المصنف نفسه إلى الشيخين معا في الأزهار المتناثرة وذكر أنه متواتر . 8880 - (من غش العرب لم يدخل في شفاعتي) أي يوم القيامة (ولم تنله مودتي) في ذلك الموقف الأعظم . قال الحكيم : غشهم أن يصدهم عن الهدى أو يحملهم على ما يبعدهم عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك فقد قطع الرحم بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فبسبب ذلك يحرم مودته وشفاعته ومن غشهم حسدهم على ما آتاهم الله من فضله ووضع رفعتهم وتحقير شأنهم ، وقال ابن تيمية : هذا كخبر يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك قال : كيف أبغضك وبك هداني الله [ ص 186 ] قال : تبغض العرب فتبغضني اه‍ ، فهذا قريب من معناه فإن الغش للنوع لا يكون مع محبتهم بل لا يكون إلا مع استخفاف أو نقص . - (حم ت) في المناقب عن حفص بن عمر الأحمسي عن مخارق عن طارق (عن عثمان) وقال : غريب اه‍ ، وحفص الأحمسي قال الذهبي : ضعفوه ، وقال ابن تيمية : ليس عند أهل الحديث بذاك والرواية المنكرة ظاهرة عليها وقد أنكر أكثر الحفاظ أحاديث حفص ، وقال البخاري وأبو زرعة : هو منكر الحديث . 8881 - (من غشنا فليس منا) أي ليس على منهاجنا لأن وصف المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وطريقته الزهد في الدنيا والرغبة فيها وعدم الشره والطمع الباعثين علي الغش (والمكر والخداع في النار) أي صاحبهما يستحق دخولها لأن الداعي إلى ذلك الحرص في الدنيا والشح عليها والرغبة فيها وذلك يجر إليها وأخذ الذهبي من الوعيد على ذلك أن الثلاثة من الكبائر فعدها منها . - (طب حل عن ابن مسعود) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني في الكبير وللصغير معا : رجاله ثقات وفي عاصم بن بهدلة كلام لسوء حفظه . 8882 - (من غل بعيرا أو شاة أتى به يحمله يوم القيامة) قال المظهر : معناه من سرق شيئا في الدنيا من زكاة أو غيرها يجئ به يوم القيامة وهو حامله وإن كان حيوانا له صوت رفيع ليعلم أهل الموقف حاله فتكون فضيحته أشهر ، وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يشدد في الغلول كثيرا وأمر الخليفتان الراشدان بعده بتحريق متاع الغال فقيل هو منسوخ بالأخبار التي لم يذر التحريق فيها ، وقال ابن القيم : الصواب أنه من باب التعزير والعقوبة المالية الراجعة إلى اجتهاد الإمام بحسب المصلحة . - (حم والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن أنيس) بالتصغير .
[ 242 ]
8883 - (من غلب على ماء) مباح أي سبق إليه (فهو أحق به) من غيره حتى تنتهي حاجته وليس لأحد إزعاجه قبل انقضاء حاجته . - (طب والضياء عن سمرة) بن جندب . 8884 - (من فاته الغزو معي فليغز في البحر) زاد في رواية فإن غزوة في البحر أفضل من غزوتين في البر وفي رواية من عشر غزوات وبه استدل من فضل غزو البحر على البر وعكس آخرون وعليه ابن عبد البر كما مر . - (طس عن واثلة) ابن الأسقع قال الهيثمي : فيه عمرو بن الحصين وهو ضعيف . 8885 - (من فدى أسيرا من أيدي العدو) أي الكفار (فأنا ذلك الأسير) أي فكأني أنا المأسور فرضا وقد فداني فله من الأجر في فدائه مثل ماله في فدائي وهذا خرج مخرج الترغيب الشديد والحث الأكيد على فكاك الأسرى وبذلك الجهد في ذلك وأن فيه من الثواب ما لا يحيط بقدره ووصفه إلا الوهاب (طص عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه أيوب بن أبي حجر قال أبو حاتم : أحاديثه صحاح وضعفه الأزدي وبقية رجاله ثقات . 8886 - (من فر من ميراث وارثه) بأن فعل ما فوت بإرثه عليه في مرض موته (قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة) أفاد أن حرمان الوارث حرام بل قضية هذا الوعيد أنه كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره من حديث سويد بن سعيد عن عبد الرحيم بيزيد العمي عن أبيه . - (عن أنس) بن مالك وهؤلاء الثلاثة ضعفاء ومن ثم قال الشيباني حديث ضعيف [ ص 187 ] جدا انفرد به ابن ماجه وقال الذهبي في الكبائر : في سنده مقال ، وقال المنذري : ضعيف . 8887 - (من فرق بين والدة وولدها) بما يزيل الملك (فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة) فالتفريق بين الأمة وولدها بنحو البيع أو الهبة حرام شديد التحريم عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك بشرط كونه قبل التمييز عند الشافعي وقبل البلوغ عند أبي حنيفة وكذا مالك في رواية ابن غانم عنه وفي رواية عنه قبل أن يثغر وسواء رضيت الأم أم لا عند الشافعي وقال مالك : يجوز برضاها ، وذهب بعض الأئمة إلى منع التفريق بينهما مطلقا وقال كما قال ابن العربي : إنه ظاهر الحديث لأنه لم يفرق بين الوالدة
[ 243 ]
وولدها بلفظ بين وفرق في جوابه حيث كرر بين في الثاني ليدل على عظم هذا الأمر وأنه لا يجوز التفريق بينهما في اللفظ بالبيع فكيف التفريق بين ذواتيهما ؟ ذكره جمع . قال الطيبي : وفي درة الغواص من أوهام الخواص أن يدخلوا بين المظهرين وهو وهم ، وإنما أعادوها بين مظهر ومضمر لأن المضمر المتصل كجزء الكلمة فلا يعطف عليه بخلاف المظهر لاستقلاله . - (حم ت ك) في البيع (عن أبي أيوب) خالد بن يزيد الأنصاري قال الترمذي : حسن غريب قال ابن القطان : ولم يصححه لأنه من رواية ابن وهب عن حي بن عبد الله وحي نظر فيه البخاري وقال أحمد : أحاديثه مناكير ، وقال ابن معين : لا بأس به فلا اختلاف فيه ولم يصححه اه‍ ، وظاهر تقريره له على تحسينه لكن علم الحفاظ ابن حجر جزم بضعفه وتبعه السخاوي ورد تصحيح الحاكم له بأنه منتقد . 8888 - (من فرق) بين والدة وولدها (فليس منا) أي ليس من العاملين بشرعنا المتبعين لأمرنا . - (طب عن معقل بن يسار) قال الهيثمي : وفيه نصر بن طريف وهو كذاب . 8889 - (من فطر صائما) بعشائه وكذا بتمر فإن لم يتيسر فبماء (كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئا) فقد حاز الغني الشاكر أجر صيامه هو أو مثل أجر الفقير الذي فطره ففيه دلالة على تفضيل غني شاكر على فقير صابر ، ووقع في رواية البيهقي من فطر صائما كان له أجر من عمله والحديث المشروح كما قال المؤلف يبين أن الضمير راجع للصوم المفهوم من الصائم أي فله مثل أجر من عمل الصوم لا مثل أجر من عمل تفطير الصائم ويجوز كون من بمعنى ما والأصل كان له أجر ما عمله وهو الصوم . - (حم ت ه حب عن زيد بن خالد) الجهني قال في اللسان : عن العقيلي ليس يروى هذا من وجه يثبت . 8890 - (من فطر صائما) هو عام في القادر على الفطر وغيره وكذا يقال في قوله (أو جهز غازيا فله مثل أجره) قال الطيبي : نظم الصائم في سلك الغازي لانخراطهما في معنى المجاهدة مع أعداء الله وقدم الصائم لأن الصوم من الجهاد الأكبر جهاد النفس بكفها عن شهواتها . - (هق عنه) أي عن زيد بن خالد وقضيته أنه لم يخرج في أحد الستة والأمر بخلافه فقد رواه النسائي في الصوم بجملته والترمذي وابن ماجه مقطعا في الصوم وفي الجهاد . 8891 - (من قاتل لتكون كلمة الله) أي كلمة توحيده وهي الدعوة إلى الإسلام (هي العليا) بضم العين تأنيث أعلى (فهو) [ ص 188 ] أي المقاتل (في سبيل الله) قدم هو ليفيد الاختصاص فيفهم أن من قاتل
[ 244 ]
للدنيا أو للغنيمة أو لإظهار نحو شجاعة أو ذب عن نفس أو مال فليس في سبيل الله ولا ثواب له نعم من قاتل للجنة ولم يخطر بباله إعلاء كلمة الله فهو كالمقاتل للإعلاء إذ مرجعهما وهو رضا الله واحد ، كذا قيل ، وهل يشترط مقاربة قصد الإعلاء للقتال أو يكفي عند التوجيه ؟ رجح البعض الثاني لكن أقول يشترط أن لا يأتي بمناف بينهما كما هو ظاهر . - (حم ق 4 عن أبي موسى) الأشعري عبد الله ابن قيس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله ؟ فذكره . 8892 - (من قاتل في سبيل الله فواق ناقة) بالضم والفتح ما بين الحلبتين (حرم الله على وجهه النار) أي نار الخلود في الجحيم وإن مسه عذابها الأليم لذنب ما ، قال أبو البقاء : في نصب فواق وجهان أحدهما أن يكون ظرفا تقديره وقت فواق أو وقتا مقدرا بذلك والثاني أن يكون جاريا مجرى المصدر أي قتالا بقدر الفواق . - (حم عن) أبي نجيح (عمرو بن عنبسة) السلمي رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد العزيز بن عبيد الله وهو ضعيف . 8893 - (من قاد أعمى أربعين خطوة وجبت له الجنة) أي دخولها وإن كان منه قبل ذلك ما كان لكن من البين أن الكلام فيما إذا قاده لغير معصية بل لو قيل باشتراط قصد الامتثال لم يبعد . - (ع طب) عن ابن عمر قال الهيثمي : وفيه عندهما علي بن عروة وهو كذاب (عد) بعدة أسانيد فيه عدة ضعفاء منها عن علي بن إسماعيل بن أبي النجم عن عامر بن يسار عن محمد بن عبد الملك الأنصاري وهو متروك عن محمد بن المنكدر عن ابن عمر ومنها عن إسماعيل بن محمد عن سليمان بن عبد الرحمن القشيري عن ثور عن ابن المنكدر عن ابن عمر (حل هب) عن طريق ابن عدي المذكورين (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال البيهقي : إسناده ضعيف وقال ابن الجوزي : له عنه طرق فيها كذابون فهو موضوع (عد) عن عبد الله بن محمد المكي عن عبد الله بن أبان الثقفي عن الثوري عن عمرو بن دينار (عن ابن عباس) ثم قال مخرجه ابن عدي : عبد الله بن أبان حدث عن الثقات بالمناكير وهو مجهول اه‍ . واقتطاع المؤلف ذلك من كلامه غير صواب (و) من حديث ميمون بن سلمة عن المسيب بن واضح عن أبي البحتري عن محمد بن أبي حميد عن محمد بن المنكدر (عن جابر) بن عبد الله (هب عن أنس) من طريقين في أحدهما المعلى بن هلال وفي الآخر أبو داود النخعي وبقية بن أسلم الثلاثة كذابون وتابع أبا داود يوسف بن عطية وهو ضعيف اه‍ . وتعقبه المصنف فلم يأت بطائل . 8894 - (من قاد أعمى) مسلما ويحتمل أن الذمي كذلك (أربعين خطوة) لفظ رواية الخطيب أربعين ذراعا (غفر الله له ما تقدم من ذنبه) الظاهر أن المراد الصغائر على ما مر . - (خط) في ترجمة البحتري
[ 245 ]
(عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عبد الباقي ابن قانع أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال الدارقطني : يخطئ كثيرا والمعلى بن مهدي قال أبو حاتم : يأتي أحيانا بالمنكر . 8895 - (من قال لا إله إلا الله) أي مخلصا (نفعته) وفي رواية أبي نعيم أنجته (يوما من دهره) إن قرنها بمحمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الغزالي : ذكر في بعض الروايات الصدق والإخلاص فقال مرة من قال لا إله إلا الله مخلصا ومعنى الإخلاص مساعدة الحال للمقال (يصيبه) وفي رواية أبي نعيم أصابه (قبل ذلك ما أصابه) لأنه إذا أخلص [ ص 189 ] عند قول تلك الكلمة أفاض الله على قلبه نورا أحياه به فبذلك النور طهر جسده فنفعته عند فصل القضاء وأهلته لجوار الجبار في دار القرار لكن ليس الغرض أنه يلفظ بهذا الكلام فحسب بل أنه عقد ضميره على التوحيد وجعل دين الإسلام مذهبه ومعتمده كما تقول قول الشافعي تريد مذهبه أشار إلى ذلك الزمخشري . (فائدة) قال ابن عربي : أوصيك أن تحافظ على أن تشتري نفسك من الله بعتق رقبتك من النار بأن تقول لا إله إلا الله سبعين ألف مرة فإن الله يعتق رقبتك أو رقبة من تقولها عنه بها ورد به خبر نبوي وأخبرني أبو العباس القسطلاني بمصر أن العارف أبا الربيع المالقي كان على مائدة وقد ذكر هذا الذكر عليها صبي صغير من أهل الكشف فلما مد يده للطعام بكى فقيل : ما شأنك قال : هذه جهنم أراها وأمي فيها فقال المالقي في نفسه : اللهم إني قد جعلت هذه التهليلة عتق أمه من النار فضحك الصبي وقال : الحمد لله الذي خرجت أمي منها وما أدري سبب خروجها قال المالقي : فظهر لي صحة الحديث قال ابن عربي : وقد عملت أنا على ذلك ورأيت بركته . - (البزار) في مسنده (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الطبراني في معاجيمه باللفظ المزبور ولكنه قال بدل يصيبه إلخ بعد ما يصيبه العذاب قال الطبراني : لم يروه عن موسى الصغير إلا حفص تفرد به الحسين بن علي . 8896 - (من قال لا إله إلا الله مخلصا) زاد في رواية من قلبه (دخل الجنة) قال الطيبي : قوله مخلصا وفي رواية بدله صدقا أقيم مقام الاستقامة لأن ذلك يعبر به قولا عن مطابقة القول المخبر عنه ويعبر به فعلا عن تحري الأخلاق المرضية كقوله تعالى * (والذي جاء بالصدق وصدق به) * أي حقق ما أورده قولا بما نحراه فعلا وبهذا التقرير يندفع ما أوهمه ظاهر الأخبار من منع دخول كل من نطق بالشهادتين النار وإن كان من الفجار وقال الغزالي : معنى الإخلاص أن يخلص قلبه لله فلا يبقى فيه شركة لغيره فيكون الله محبوب قلبه ومعبود قلبه ومقصود قلبه ومن هذا حاله فالدنيا سجنه لمنعها له عن مشاهدة محبوبه وموته خلاص من السجن وقدوم على المحبوب ، قال الفخر الرازي : اشترط القول والإخلاص لأن أحكام الإيمان بعضها يتعلق بالباطن وبعضها بالظاهر فمما يتعلق بالباطن أحكام الآخرة وذا متفرع على الإخلاص الذي هو باطن عن الخلق ومما يتعلق بالظاهر أحكام الدنيا وذا لا يعرف إلا بالقول فصار الإخلاص ركنا أصليا في حق الله والقول ركنا شرعيا في حق الخلق وقال
[ 246 ]
الدقاق : معناه من قالها مخلصا في قالته دخل الجنة في حالته وهي جنة المعرفة * (ولمن خاف مقام ربه جنتان) * . (فائدة) جلس الحسن البصري في جنازة النوار امرأة الفرزدق وقد اعتم بعمامة سوداء وأسدلها بين كتفيه والناس بين يديه ينظرون إليه فوقف عليه الفرزدق وقال : يا أبا سعيد يزعم الناس أنه اجتمع في هذه الجنازة خير الناس وشرهم قال : من ومن قال : أنت وأنا قال : ما أنا بخيرهم ولا أنت بشرهم لكن ما أعددت لهذا اليوم قال : شهادة أن لا إله إلا الله منذ سبعين سنة قال : نعم والله العدة . (البزار) في مسنده (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي : رجاله ثقات لكن من روى عنه البزار لم أقف له على ترجمة اه‍ وقد تناقض في هذا الحديث الحافظ العراقي فمرة حسنه وأخرى ضعفه . 8897 - (من قال سبحان الله) أي أنزهه عن النقائص (العظيم وبحمده) في محل الحال أي نسبحه حامدين له (غرست له بها نخلة في الجنة) أي غرست له بكل مرة نخلة فيها وخص النخل لكثرة منافعه وطيب ثمره قال في المطامح : أسرار الأذكار وترتيبها في التجليات والواردات لا يعرفه إلا أهل السلوك والمنازلات والكلام فيه بغير ذوق كلام من وراء حجاب قال العراقي : وغرس وغرز كلاهما بمعنى وضع على جهة الثبوت . - (ت حب ك عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا النسائي وابن السني في يوم وليلة وحسنه واستغربه الترمذي وقال الحاكم : صحيح على شرط مسلم . [ ص 190 ] 8898 - (من قال سبحان الله وبحمده في يوم) واحد (مائة مرة) ولو متفرقة وفي أثناء النهار لكن متوالية وفي أوله وأول الليل أفضل ذكره النووي (حطت خطاياه) أي غفرت ذنوبه (وإن كانت مثل زبد البحر) كناية عن المبالغة في الكثرة وهذا وأمثاله نحو ما طلعت عليه الشمس كناية عبر بها عن الكثرة عرفا قال ابن بطال : والفضائل الواردة في التسبيح والتحميد ونحو ذلك إنما هي لأهل الشرف في الدين والكمال كالطهارة من الحرام وغير ذلك فلا يظن ظان أن من أد من الذكر وأصر على ما شاء من شهواته وانتهك دين الله وحرماته أن يلتحق بالمطهرين المقدسين ويبلغ منازل الكاملين بكلام أجراه على لسانه ليس معه تقوى ولا عمل صالح قال عياض : وظاهر قوله مثل زبد مع قوله في حديث التهليل محيت عنه خطايا مائة سنة أن التسبيح أفضل لكون عدد الزبد أضعاف المائة لكن قوله في التهليل ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به يقتضي أنه أفضل . - (حم ق ت ه عن أبي هريرة) . 8899 - (من قال في القرآن بغير علم) أي من قال فيه قولا يعلم أن الحق غيره أو من قال في مشكلة بما لا يعرف من مذهب الصحب والتابعين (فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ لنفسه نزلا فيها حيث نصب نفسه صاحب وحي يقوله ما شاء قال ابن الأثير : النهي يحتمل وجهين أحدهما أن يكون
[ 247 ]
له في الشئ رأي وإليه ميل من طبعه وهواه فيتناول القرآن على وفقه محتجا به لغرضه ولو لم يكن له هوى لم يلح له منه ذلك المعنى وهذا يكون تارة مع العلم كمن يحتج منه بآية على تصحيح بدعته عالما بأنه غير مراد بالآية وتارة يكون مع الجهل بأن تكون الآية محتملة فيميل فهمه إلى ما يوافق غرضه ويرجحه برأيه وهواه فيكون فسر برأيه إذ لولاه لم يترجح عنده ذلك الاحتمال وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن فيستدل به بما يعلم أنه لم يرد به كمن يدعو إلى مجاهدة القلب القاسي بقوله * (اذهب إلى فرعون إنه طغى) * ويشير إلى قلبه ويومئ إلى أنه المراد بفرعون وهذا يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الصحيحة تحسينا للكلام وترغيبا للسامع وهو ممنوع ، الثاني أن يتسارع إلى تفسيره بظاهر العربية بغير استظهار بالسماع والنقل يتعلق بغرائب القرآن وما فيه من الألفاظ المبهمة والمبدلة والاختصار والحذف والإضمار والتقديم والتأخير فمن لم يحكم ظاهر التفسير وبادر إلى استنباط المعاني بمجرد فهم العربية كثر غلطه ودخل في زمرة من فسر القرآن بغير علم فالنقل والسماع لا بد منهما أولا ثم هذه تستتبع التفهم والاستنباط ولا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر إلى هنا كلامه . - (ت) في التفسير (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا أبو داود في العلم والنسائي في الفضائل خلافا لما أوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به عن الستة ثم إن فيه من جميع جهاته عبد الأعلى بن عامر الكوفي قال أحمد وغيره : ضعيف وردوا تصحيح الترمذي له . 8900 - (من قال في القرآن) وفي رواية للترمذي وغيره من قال في كتاب الله وفي رواية من تكلم في القرآن (برأيه) أي بما سنح في ذهنه وخطر بباله من غير دراية بالأصول ولا خبرة بالمنقول (فأصاب) أي فوافق هواه الصواب دون نظر كلام العلماء ومراجعة القوانين العلمية ومن غير أن يكون له وقوف على لغة العرب ووجوه استعمالها من حقيقة ومجاز ومجمل ومفصل وعام وخاص وعلم بأسباب نزول الآيات والناسخ والمنسوخ منها وتعرف لأقوال الأئمة وتأويلاتهم (فقد أخطأ) في حكمه على القرآن بما لم يعرف أصله وشهادته على الله تعالى بأن ذلك هو مراده أما من قال فيه بالدليل وتكلم فيه على وجه التأويل فغير داخل في هذا الخبر ولما لم يتفطن بعض الناس لإدراك هذا [ ص 191 ] المعنى طعن في صحة الخبر وحاول إنكاره بغير دليل . - (3 عن جندب) بن عبد الله البجلي رمز المؤلف لحسنه ولعله لاعتضاده وإلا ففيه سهل بن عبد الله بن أبي حزم تكلم فيه أحمد والبخاري والنسائي وغيرهم وقال الترمذي : تكلم فيه بعضهم . 8901 - (من قام رمضان) أي قام بالطاعة في رمضان أتى بقيام رمضان وهو التراويح أو قام إلى صلاة رمضان أو إلى إحياء لياليه بالعبادة غير ليلة القدر تقديرا ويحصل بنحو تلاوة أو صلاة أو ذكرا أو علم شرعي وكذا كل أخروي ويكفي بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة (إيمانا) تصديقا بوعد الله بالثواب عليه (واحتسابا) إخلاصا ونصبهما على الحال أو المفعول له وجمع بينهما لأن المصدق
[ 248 ]
للشئ قد لا يفعله مخلصا بل لنحو رياء والمخلص في الفعل قد لا يكون مصدقا بثوابه فلا ملجئ لجعل الثاني تأكيدا للأول (غفر له ما تقدم من ذنبه) الذي هو حق لله تعالى والمراد الصغائر قال الزركشي : كل ما ورد من إطلاق غفران الذنوب كلها على فعل بعض الطاعات من غير توبة كهذا الحديث وحديث الوضوء يكفر الذنوب وحديث من صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له فحملوه على الصغائر فإن الكبائر لا يكفرها غير التوبة ونازع في ذلك صاحب الذخائر وقال : فضل الله أوسع وكذا ابن المنذر في الأشراف فقال : في حديث من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه قال : يغفر له جميع ذنوبه صغيرها وكبيرها وحكاه ابن عبد البر عن بعض معاصريه قيل : وأراد به أبا محمد الأصيلي المحدث أن الكبائر والصغائر يكفرها الطهارة والصلاة لظاهر الأحاديث قال : وهو جهل بين وموافقة للمرجئة في قولهم ولو كان كما زعموا لم يكن للأمر بالتوبة معنى ، وقد أجمع المسلمون أنها فرض والفروض لا تصح إلا بقصد ولقول المصطفى صلى الله عليه وسلم كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر وفيه جواز قوله رمضان بغير إضافة شهر قال أصحابنا ويكره قيام الليل كله أي إدامته لا ليلة أو ليالي بدليل ندبهم إحياء ليلتي العيد وغيرهما . - (ق 4) في الصوم (عن أبي هريرة) . 8902 - (من قام ليلة القدر) أي أحياها مجردة عن قيام رمضان (إيمانا واحتسابا) إخلاصا من غير شوب نحو رياء طلبا للقبول . هبه شعر بها أم لا ، هذا مصدر في موضع الحال أي مؤمنا أو محتسبا أو مفعول من أجله قال أبو البقاء : ونظيره في جواز الوجهين * (اعملوا آل داود شكرا) * (غفر له ما تقدم من ذنبه) وفي رواية وما تأخر قال الحافظ ابن رجب : ولا يتأخر تكفير الذنوب بها إلى انقضاء الشهر بخلاف صيام رمضان وقيامه وقد يقال يغفر لهم عند استكمال القيام في آخر ليلة منه قبل تمام نهارها وتتأخر المغفرة بالصوم إلى إكمال النهار بالصوم . - (خ 3 عنه) أي عن أبي هريرة . 8903 - (من قام ليلتي العيد) الفطر والأضحى أي أحياهما (محتسبا) لله (لم يمت قلبه يوم تموت القلوب) أي لا يشغف بحب الدنيا لأنه موت أو يأمن من سوء الخاتمة * (أو من كان ميتا فأحييناه) [ الأنعام : 122 ] أي كافرا ، فهديناه ويحصل ذا بمعظم الليل وقيل بصلاة العشاء والصبح جماعة على ما مر . - (ه عن أبي أمامة) الباهلي . 8904 - (من قام في الصلاة فالتفت رد الله عليه صلاته) أي لم يقبلها بمعنى أنه لا يثيبه عليها وأما الفرض فيسقط عنه ولا يلزمه قضاؤه ، فإن الالتفات بالوجه في الصلاة لا يبطلها بل هو مكروه
[ 249 ]
تنزيها فإن التفت بصدره بطلت حقيقة . - (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : فيه يوسف بن عطية وهو ضعيف . 8905 - (من قام مقام رياء وسمعة فإنه في مقت الله حتى يجلس) يعني حتى يترك ذلك ويتوب وفي رواية أحمد من قام مقام رياء وسمعة راءى الله به وسمع قال المنذري : وإسناده جيد . - (طب عن عبد الله الخزاعي) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه يزيد بن عياض وهو متروك . 8906 - (من قبل بين عيني أمه) إكراما لها وشفقة وتعظيما واستعطافا (كان له ذلك) أي ثوابه (سترا من النار) أي حائلا بينه وبينها مانعا له من دخوله إياها ثم الذي وقفت عليه في أصول صحيحة بخط الحفاظ بزيادة ما بعد قبل وهل مثل الأم أمهاتها والأب وآباه وفيه احتمال . - (عد هب) كلاهما من حديث عقيل بن خويلد عن خلف بن يحيى القاضي عن أبي مقاتل عن عبد العزيز بن أبي رواد عبد الله بن طاوس عن أبيه (عن ابن عباس) قضية صنيع المصنف أن مخرجه سكتا عليه وليس كذلك بل تعقبه ابن عدي بقوله منكر إسنادا ومتنا وأبو مقاتل لا يعتمد على روايته وقال البيهقي : إسناده غير قوي اه‍ وقال ابن الجوزي : موضوع فيه أبو مقاتل لا تحل الرواية عنه اه‍ وفي الميزان حفص بن سليم أبو مقاتل السمرقندي وهاه ابن قتيبة شديدا وكذبه ابن مهدي وقال السليماني : يضع الحديث ثم ساق له هذا الخبر قال في اللسان : عن الحاكم والنقاش حدث بأحاديث موضوعة وكذبه وكيع اه‍ . ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه وتعقبه المؤلف فلم يصنع شيئا . 8907 - (من قتل حية فكأنما قتل رجلا مشركا) بالله (قد حل دمه) لأنها شاركت إبليس في ضرر آدم وبنيه وعداوتهم وتظاهرت معه فكانت سببا لإهباطه إلى الأرض فالعداوة بين بنيها وبينهم متأصلة متأكدة لا تبقى في ضررهم غاية فليس لها حرمة ولا ذمة . - (حم) من حديث أبي الأحوص (عن ابن مسعود) قال أبو الأحوص : بينا ابن مسعود يخطب فإذا بحية تمشي على الجدار فقطع خطبته ثم ضربها بقضيبه فقتلها ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ورواه عنه أبو يعلى والبزار قال الهيثمي بعد ما ذكر الثلاثة : رجال البزار رجال الصحيح . 8908 - (من قتل حية أو عقربا فكأنما قتل كافرا) ومن قتل كافرا كان فداءه من النار لأنه عادى الله . - (خط عن ابن مسعود) وأخرجه عنه الديلمي لكن بدون العقرب .
[ 250 ]
8909 - (من قتل حية فله سبع حسنات ومن قتل وزغة) بفتحات سام أبرص قال الزمخشري : سمي وزغا لخفته وسرعة حركته يقال لفلان وزغ أي رعشة وهو من وزغ الجنين في البطن توزيغا إذا تحرك اه‍ . (فله حسنة) ومن له حسنة دخل الجنة كما في الخبر المار . - (حم حب عن ابن مسعود) . 8910 - (من قتل عصفورا) بضم أوله ونبه بالعصفور لصغره على ما فوقه وألحق به تنزه المترفين بالاصطياد لا لأكل أو حاجة وفي رواية فما فوقها وهو محتمل لكونه فوقها في الحقارة والصغر وفوقها في الجثة والعظم (بغير حقه) في رواية حقها والتأنيث باعتبار الجنس والتذكير باعتبار اللفظ وحقها عبارة عن الانتفاع بها (سأله الله عنه) في رواية عن قتله أي عاقبه وعذبه عليه (يوم القيامة) تمامه عند مخرجه أحمد وغيره قيل : وما حقها يا رسول الله قال : أن تذبحه [ ص 193 ] فتأكله ولا تقطع رأسه فترمى بها فما أوهمه صنيع المصنف من أن ما ذكره هو الحديث بتمامه غير صحيح وفي رواية للقضاعي وغيره من قتل عصفورا عبثا جاء يوم القيامة وله صراخ تحت العرش يقول رب سل هذا فيم قتلني من غير منفعة قال البغوي : فيه كراهة ذبح الحيوان لغير الأكل قال الخطابي : وفي معناه ما جرت به العادة من ذبح الحيوان عند قدوم الملوك والرؤساء وعند حدوث نعمة ونحو ذلك من الأمور . - (حم عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وفيه صهيب مولى ابن عامر قال الذهبي في المهذب : كان حذاء بمكة فيه جهالة وقد وثق وهذا إسناده جيد اه‍ . 8911 - (من قتل كافرا (1) وفي رواية للبخاري من قتل قتيلا (فله سلبه) أي فله أخذ ثيابه التي عليه والسلب بالفتح المسلوب (2) وهذا قاله يوم حنين فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين رجلا فأخذ أسلابهم قال ابن حجر : ووهم من قال إنه قاله يوم بدر وإنما سماه قتيلا والقتيل لا يقتل لاكتساب لباس مقدمات القتل فهو مجاز باعتبار الأول من قبيل * (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) * وهذا الخبر حمله أبو حنيفة ومالك على أنه من التصرف بالإمامة العظمى فلا يكون السلب للقاتل إلا إذا نقله الإمام إياه وحمله الشافعي على الفتيا المقتضية للتشريع العام لأن ذلك هو الأغلب من تصرف
[ 251 ]
النبي صلى الله عليه وسلم فلا يخمس السلب عند نابل هو للقاتل وإن لم ينقله الإمام . - (ق د ت عن أبي قتادة) الأنصاري وفيه قصة (حم د عن أنس حم ه عن سمرة) بن جندب قال ابن حجر : وسنده لا بأس به وقال الكمال بن أبي شريف في تخريج الكشاف : وهم الشرف الطيبي في شرحه للكشاف حيث عزاه لأبي داود من حديث ابن عباس فإن الذي فيه أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر من قتل قتيلا فله كذا وكذا لم يقل فله سلبه . 8912 - (من قتل معاهدا) أي من له عهد منا بنحو أمان قال ابن الأثير : وأكثر ما يطلق في الحديث على أهل الذمة وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب (لم يرح) بفتح أوليه على الأشهر وقد تضم الياء وتفتح الراء وتكسر (رائحة الجنة) أي لم يشمها حين شمها من لم يرتكب كبيرة لا أنه لا يجدها أصلا كما يفيده أخبار أخر جمعا بينه وبين ما تعاضد من الدلائل النقلية والعقلية على أن صاحب الكبيرة إذا كان موحدا محكوما بإسلامه لا يخلد في النار ولا يحرم من الجنة (وإن ريحها) الواو للحال (ليوجد) في رواية يوجد بلا لام (من مسيرة أربعين عاما) وروي مائة وخمسمائة وألف ولا تدافع لاختلافه باختلاف الأعمال والعمال والأحوال أو القصد المبالغة في التكثير لا خصوص العدد ، والوعيد يفيد أن قتله كبيرة وبه صرح الذهبي وغيره لكن لا يلزم منه قتل المسلم به . (تنبيه) قال ابن القيم : ريح الجنة نوعان نوع يوجد في الدنيا تشمه الأرواح أحيانا لا تدركه العبارة ونوع يدرك بحاسة الشم للأبد كما يشم رائحة الأزهار ونحوها وذا يشترك أهل الجنة في إدراكه في الآخرة من قرب ومن بعد يدركه الخواص في الدنيا وقد أشهد الله عباده في هذه الدار آثارا من آثار الجنة وأنموذجا منها من الرائحة الطيبة واللذة الشهية والمناظر البهية والمناكح الشهية والنعيم والسرور وقرة العين . - (حم خ) في الجزية (ن ه) في الديات (عن ابن عمرو) بفتح العين ومن ضمه فقد صحف ، ابن العاص رفعه . 8913 - (من قتل معاهدا) بفتح الهاء أي من عوهد أي صولح مع المسلمين بنحو جزية أو هدنة من إمام أو أمان من مسلم ويجوز كسر الهاء على الفاعل قال في التنقيح : والفتح أكثر (في غير كنهه) أي في غير وقته أو غاية أمره والذي يحل فيه قتله وكنه الأمر حقيقته أو وقته أو غايته والمراد الوقت الذي بيننا وبينه فيه عهد أو أمان (حرم الله عليه الجنة) ما دام ملطخا بذنبه ذلك فإذا طهر بالنار صار إلى ديار الأبرار وقال القاضي : حرم الله عليه الجنة ليس فيه ما يدل على الدوام والإقناط الكلي فضلا عن القطع ، وقال غيره : هذا التحريم مخصوص بزمان ما ، لقيام الأدلة على أن من مات مسلما لا يخلد في النار وإن
[ 252 ]
ارتكب كل كبيرة ومات على الإصرار . - (حم د ن ك عن أبي بكرة) قال في المهذب : هذا إسناد صالح ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور الحاكم ، وقال : صحيح وأقره الذهبي . 8914 - (من قتل مؤمنا فاعتبط بقتله) بعين مهملة أي قتله ظلما بغير جناية ولا عن جريرة ولا عن قصاص يقال عبطت الناقة إذا نحرتها من غير داء بها ، وقيل بمعجمة من الغبطة الفرح والسرور لأن القاتل يفرح بقتل خصمه فإذا كان المقتول مؤمنا وفرح بقتله (لم يقبل الله منه صرفا ولا عدلا) أي نافلة ولا فريضة والرواية الأولى أولى كما في المنضد لأن القاتل ظلما عليه القود ، هبه فرح بقتله أو لا ، والقتل أكبر الكبائر بعد الكفر . - (د والضياء) المقدسي (عن عبادة) بن الصامت ورجاله ثقات . 8915 - (من قتل وزغا) بفتح الزاي والغين المعجمتين معروف ويسمى سام أبرص (غفر الله له) لفظ رواية الطبراني محا الله عنه (سبع خطيئات) لتشوف الشارع إلى إعدامه لكونه مجبولا على الإساءة وقد كان ينفخ النار على إبراهيم حين ألقى فيها وفي مسلم من قتل وزغا في أول ضربة كتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك قال النووي : سبب تكثير الثواب في قتله أول ضربة الحث على المبادرة بقتله والاعتناء به والحرص عليه فإنه لو فاته ربما انفلت وفات قتله والمقصود انتهاز الفرصة بالظفر على قتله اه‍ . وفي رواية من قتله في أول ضربة له مائة وخمسون وفي الثانية سبعون ووجهه ابن الكمال بأن التعب باطني وظاهري والباطني تعب الاهتمام والإقدام والأول أولى بالاعتبار عند التعارض ، ولهذا كان الأقل ضربا أكثر جزاءا مع أن الظاهر المتبادر إلى الوهم خلافه اه‍ . وتردد بعض الكاملين في إلحاق الفواسق الخمس به في الثواب الموعود ثم رجح المنع لأن الإلحاق بالقياس ممنوع لبطلان العدد المنصوص وبالدلالة يحتاج لمعرفة لحوق فسادها إلى رتبة فساد الفواسق وهو غير معروف ورجح البعض أنها مثلها لأنه صلى الله عليه وسلم سماها فويسقة فلو عمل بها كذلك كان عملا بالنص . - (طس عن عائشة) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف ، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وهو ذهول بالغ فقد خرجه مسلم في الصحيح عن أبي هريرة بلفظ من قتل وزغا محا الله عنه سبع خطيئات . 8916 - (من قتله بطنه) أي مات بمرض بطنه كالاستقاء أو الاسهال أو من حفظ البطن من الحرام والشبه (لم يعذب في قبره) وإذا لم يعذب فيه لم يعذب في غيره لأنه أول منازل الآخرة فإن كان سهلا فما بعده أسهل وإلا فعكسه قال القرطبي : وحكمته أنه حاضر القلب عارفا بربه فلم يحتج لإعادة السؤال بخلاف من يموت بغيره من الأمراض [ ص 195 ] فإنه يغيب عقولهم قال الطيبي : وفيه استعارة تبعية ، شبه ما يلحق للمبطون من ازهاق نفسه به بما يزهق النفس بالمحدد ونحوه والقرينة نسبة القتل إلى البطن .
[ 253 ]
(تنبيه) هذا الحديث خص به حديث ابن ماجه والبيهقي من مات مريضا مات شهيدا ووقى فتنة القبر . - (حم ن حب عن خالد بن عرفطة) الليثي أو البكري (وعن سليمان بن صرد) بضم المهملة وفتح الراء ابن أبي الجون الخزاعي كان اسمه في الجاهلية سيار فسماه المصطفى صلى الله عليه وسلم سليمان كان حبرا عابدا نزل الكوفة . 8917 - (من قتل دون ماله) أي عنده ودون في الأصل ظرف مكان بمعنى أسفل وتحت استعملت هنا بمعنى لأجل التي للسببية توسعا مجازا لأن الذي يقاتل على ماله كأنه يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل عليه ، ذكره جمع (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا أي له ثواب كثواب شهيد مع ما بين الثوابين من التفاوت وذلك لأنه محق في القتال ومظلوم بطلبه منه (ومن قتل دون دمه) أي في الدفع عن نفسه (فهو شهيد ومن قتل دون دينه) أي في نصرة دين الله والذب عنه وفي قتال المرتدين (فهو شهيد ومن قتل دون أهله) أي في الدفع عن بضع حليلته أو قريبته (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا لأن المؤمن بإسلامه محترم ذاتاودما وأهلا ومالا فإذا أريد شئ منه من ذلك جاز له الدفع عنه أو وجب على الخلاف المعروف لكن إنما يدفعه دفع الصائل فلا يصعد إلى رتبة وهو يرى ما دونه كافيا كما هو مقرر في الفروع فإذا أدى قتاله لقتله فهو هدر . - (حم 3 حب) والقضاعي (عن سعيد بن زيد) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الشهيد فيكم ؟ قالوا : من قتل في سبيل الله قال : إن شهداء أمتي إذن لقليل قالوا : فمن هم يا رسول الله فذكره قال المصنف : وهو متواتر . 8918 - (هن قتل دون مظلمته) قال الطيبي : يعني قدامها كقوله " تريك الندى ما دونها وهي دونه " (فهو شهيد) قال ابن جرير : هذا أبين بيان وأوضح برهان على الإذن لمن أريد ماله ظلما في قتال ظالمه والحث عليه كائنا من كان لأن مقام الشهادة عظيم فقتال اللصوص والقطاع مطلوب فتركه من ترك النهي عن المنكر ولا منكر أعظم من قتل المؤمن وأخذ ماله ظلما . - (ن والضياء) المقدسي وكذا أحمد والقضاعي (عن سويد بن مقرن) بضم الميم وفتح القاف وشد الراء مكسورة (المزني) صحابي نزل الكوفة وظاهر صنيع المصنف أن ذا الحديث وما قبله لا ذكر له في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فهذا خرجه البخاري في المظالم بلفظ من قتل دون ماله فهو شهيد وكذا رواه مسلم في الإيمان . 8919 - (من قدم من نسكه) أي حجته أو عمرته (شيئا أو أخره فلا شئ عليه) يفسره أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حجة الوداع بمنى يوم النحر ما سئل عن شئ من الأعمال قدم أو أخر إلا قال افعل ولا حرج . - (هق عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه .
[ 254 ]
8920 - (من قذف مملوكه) أي رماه بالزنا وفي رواية عبده (وهو) أي والحال أنه : أي المملوك (برئ مما قال) سيده [ ص 196 ] فيه لم يحد لقذفه في حكم الدنيا لأن شرط حد القذف الإحصان والقن غير محصن وعليه يستوي مملوكه ومملوك غيره لكنه يعزر لمملوك غيره و (جلد) السيد (يوم القيامة) أي ضرب يوم الجزاء الأكبر (حدا) لانقطاع الرق بزوال ملك السيد المجازي وانفراد البارئ تعالى بالملك الحقيقي وحصول التكافئ ولا تفاضل يومئذ إلا بالتقوى (إلا أن يكون) المملوك (كما قال) من كونه زانيا فلا يحد في الآخرة لا يقال قوله وهو برئ جملة حالية والأحوال شروط فكأنه قال جلد يوم القيامة بشرط كونه بريئا فيفهم أنه إذا لم يكن بريئا لا يجلد فلا ينافي قوله إلا أن يكون كما قال لأنا نقول إن كان مفهوم الشرط غير معتبر وهو ما عليه جمع فهذا مفهوم شرط وإن كان معتبرا وهو مذهب آخرين فينزل قوله وهو برئ على أن المراد أنه يغلب على ظنه براءته والواقع فنفس الأمر خلافها فحينئذ لا يحد لصدقه كذا قرره بعض الأعاظم وقال الطيبي : الإستثناء مشكل لأن قوله وهو برئ يأباه إلا أن يؤول قوله وهو برئ أن يعتقد ويظن براءته ويكون العبد كما قال في الواقع لا ما اعتقد هو فحينئذ لا يجلد لكونه صادقا فيه . - (حم ق) في اللباس والنذر (د) في الأدب (ت) في البر كلهم (عن أبي هريرة) قال : قال أبو القاسم هي التوبة فذكره ورواه عنه أيضا النسائي . 8921 - (من قذف ذميا) أي رماه بالزنا (حد له يوم القيامة بسياط من نار) جمع سوط وهو معروف أما في الدنيا فلا يحد مسلم لقذف ذمي لكن يعزر والقصد بالحديث التحذير من قذفه وأنه حرام متوعد عليه بالعقوبة في الآخرة لما فيه من إيذائه . - (طب) وكذا ابن عدي (عن واثلة) بن الأسقع رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك اه‍ وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : محمد بن محصن يضع وتعقبه المؤلف في مختصر الموضوعات ساكتا عليه . 8922 - (من قرأ القرآن يتأكل به) أي يستأكل به على حد * (فمن تعجل في يومين) [ البقرة : 203 ] أي استعجل والباء للآلة ككتبت بالقلم (الناس جاء يوم القيامة ووجهه عظم ليس عليه لحم) أي من جعل القرآن ذريعة ووسيلة إلى حطام الدنيا جاء يوم القيامة في أسوأ حال وأقبح صورة حيث عكس وجعل أشرف الأشياء وأعزها وصلت إلى أذل الأشياء وأحقرها وذا أبلغ من خبر لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم لأنه أخبر عن وجهه أنه عظم صرف ثم أكده بقوله وليس عليه لحم قال الأفضلي : من استجر الجيفة ببعض الملاهي والمعازف أهون ممن استجرها بالمصحف . - (هب عن بريدة) قال ابن أبي حاتم : لا أصل لهذا من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن الجوزي :
[ 255 ]
وفيه علي بن قادم ضعفه يحيى وأحمد بن ضبير ضعفه الدارقطني اه‍ . وأورده الذهبي في المتروكين وقال : ضعفه ابن معين وكان شيعيا غاليا . 8923 - (من قرأ مائة آية في ليلة كتب له قنوت ليلة) أي عبادتها قال السهيلي : ويقبح إخراج الباء هنا لتعلقها بما في ضمن الكلام من معنى التقرب والتهجد وكدخولها هنا خروجها من قوله أمرتك الخير لأنك إذا أمرته بخير فقد كلفته إياه وألزمته ففي ضمن الكلام ما يقتضي حذفها بخلاف نهيت عن الشر فإنه ليس في اللفظ والمعنى إلا ما يطلب حرف الجر وقال الأندلسي في شرح المفصل : قرأت السورة وقرأت بالسورة من باب حذف الجار وإيصال الفعل ومثله وسميته محمدا وبمحمد وقيل الباء زائدة والفعل من قسم المتعدي وقال ابن أبي الربيع : الأصل في قراءة بالسورة أن يعدى بنفسه فزيد حرف الجر لأن قرأت في معنى تلوت وتلوت لا يتعدى بنفسه وقال أبو حيان في شرح التسهيل : خرج الشلوبين [ ص 197 ] قرأت بالسورة على أن الباء للإلصاق أي ألزقت قراءتي بالسورة . - (حم ن عن تميم) الداري قال الحافظ العراقي : إسناده صحيح وقال الهيثمي : فيه سليمان بن موسى الشامي وثقه ابن معين وأبو حاتم وقال البخاري : عنده مناكير . 8924 - (من قرأ في ليلة) من الليالي ولو قيل في الليل معرفا لأوهم أن الثواب مرتبا على القراءة الواقعة في جنس الليل (مائة آية لم يكتب من الغافلين) الذي وقفت عليه في مستدرك الحاكم عن أبي هريرة من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين ولم أر هذا اللفظ فيه فليحرر . - (ك عن أبي هريرة) مرفوعا . 8925 - (من قرأ سورة البقرة) أي اتخذ قراءتها وردا وجعلها ديدنه وعادته (توج بتاج في الجنة) لما في حفظها والملازمة على تلاوتها من الكلفة والمشقة واشتمالها على الحكم والشرائع والقصص والمواعظ والوقائع الغريبة والمعجزات العجيبة وذكر خالصة أوليائه والمصطفين من عباده وتفضيح الشيطان ولعنه وكشف ما توسل به إلى تسويل آدم وذريته ولذلك سماها مع آل عمران الزهراوين قال الطيبي : وتخصيص ذكر التاج كناية عن الملك والسيادة كما يقال قعد فلان على السرير كناية عنه . - (هب) عن علي بن أحمد بن عبيد بن أبي عمارة المستملي عن محمد بن النضر ابن الصلصال (عن الصلصال) بفتح الصاد ابن الدلهمين بفتح الدال واللام وسكون الهاء وفتح الميم وأحمد بن عبيد قال ابن عدي : ثقة له مناكير . 8926 - (من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت) قال
[ 256 ]
التفتازاني : يعني لم يبق من شرائط دخول الجنة إلا الموت وكأن الموت يمنعه ويقول لا بد من حضوري أولا لتدخل الجنة اه‍ قيل دبر الصلاة يحتمل قبل السلام وبعده ورجح ابن تيمية كونه قبله وفيه بعد ودبر الشئ كل شئ منه في دبر كدبر الحيوان . (فائدة) في كتاب الصوم من شرح البخاري للقسطلاني روي أن من أدمن قراءة آية الكرسي عقب كل صلاة فإنه لا يتولى قبض روحه إلا الله . - (ن حب عن أبي أمامة) أورده ابن الجوزي في الموضوعات لتفرد محمد بن حميد به وردوه بأنه احتج به أجل من صنف في الصحيح وهو البخاري ووثقه أشد الناس مقالة في الرجال ابن معين قال ابن القيم : وروي من عدة طرق كلها ضعيفة لكنها إذا انضم بعضها لبعض مع تباين طرقها واختلاف مخرجيها دل على أن له أصلا وليس بموضوع وقال ابن حجر في تخريج المشكاة : غفل ابن الجوزي في زعمه وضعه وهو من أسمح ما وقع له وقال الدمياطي : له طرق كثيرة إذا انضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة ونقل الذهبي في تاريخه عن السيف ابن أبي المجد الحافظ قال صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات فأصاب في ذكره أحاديث مخالفة للعقل والنقل ومما لم يصب فيه إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعضهم في أحد رواتها كفلان ضعيف أولين أو غير قوي وليس ذلك الحديث مما يشهد القلب ببطلانه ولا يعارض الكتاب والسنة ولا حجة بأنه موضوع سوى كلام رجل في رواته وهذا عدوان ومجازفة فمن ذلك هذا الحديث . 8927 - (من قرأ الآيتين) وفي رواية للبخاري بالآيتين بزيادة الباء واللام للعهد (من آخر سورة البقرة) يعني من قوله تعالى * (آمن الرسول) * إلى آخر السورة فآخر الآية الأولى المصير ومن ثم إلى آخر السورة آية واحدة وأما * (اكتسبت) * فليست رأس آية باتفاق العادين ، ذكره ابن حجر (في ليلة كفتاه) بتخفيف الفاء أي أغتناه عن قيام تلك الليلة بالقرآن [ ص 198 ] وأجزأتا عنه عن قراءة القرآن مطلقا ، هبه داخل الصلاة أم خارجها ، أو أجزأتاه فيما يتعلق بالاعتقاد لما اشتملا عليه من الإيمان والأعمال إجمالا أو وقتاه من كل سوء مكروه وكفتاه شر الشيطان أو الآفات أو دفعتا عنه شر الثقلين أو كفتاه بما حصل له بسبب قراءتهما من الثواب عن طلب شئ آخر أو كفتاه قراءة آية الكرسي التي ورد أن من قرأها حين يأخذ مضجعه أمنه الله على داره وجاء في حديث إنه لم ينزل خير من خير الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه هاتان الآيتان أما خير الآخرة فإن قوله * (آمن الرسول) * إلى قوله * (لا نفرق بين أحد من رسله) * إشارة إلى الإيمان والتصديق ، وقوله * (سمعنا وأطعنا) * إلى الإسلام والإنقياد والأعمال الظاهرة ، وقوله * (وإليك المصير) * إشارة إلى جزاء العمل في الآخرة وقوله * (لا يكلف الله) * إلخ إشارة إلى المنافع الدنيوية لما فيهما من الذكر والدعاء والإيمان بجميع الكتب والرسل وغير ذلك ولهذا أنزلتا من كنز تحت العرش وقول الكرماني نقلا عن النووي كفتاه عن قراءة الكهف وآية الكرسي رده ابن حجر بأن النووي لم يقل ذلك مطلقا . - (4 عن ابن مسعود)
[ 257 ]
البدري ، وقضية كلامه أن الشيخين لم يخرجاه والأمر بخلافه فقد خرجاه من حديث ابن مسعود باللفظ المزبور وزادا لفظ كل فقالا في كل ليلة . 8928 - (من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تحجب الشمس) أي تغرب ذلك اليوم أي إن قرأها نهارا فإن قرأها ليلا صلوا عليه حتى تطلع الشمس وذلك لاشتمالها على جملة ما تحتويه الكتب السماوية من الحكم النظرية والأحكام العملية والتصفية الروحانية وبيان أحوال السعداء والأشقياء والترغيب في الطاعة والترهيب في المعصية بالوعد والوعيد إجمالا مع السؤال لما فيه صلاح الدارين والفوز بالحسنين ولذلك شمل الله قارئها برحمته وسألت له الملائكة مفغرة زلته . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه طلحة بن زيد الرقي وهو ضعيف جدا وقال ابن حجر : طلحة ضعيف جدا ونسبه أحمد وأبو داود إلى الوضع اه‍ فكان ينبغي للمصنف حذفه . 8929 - (من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين) فيندب قراءتها يوم الجمعة وكذا ليلتها كما نص عليه الشافعي رضي الله عنه قال الطيبي : وقوله أضاء له يجوز كونه لازما وقوله ما بين الجمعتين ظرف ، فيكون إشراق ضوء النهار فيما بين الجمعتين بمنزلة إشراق النور نفسه مبالغة ويجوز كونه متعديا والظرف مفعول به وعليهما فسر * (فلما أضاءت ما حوله) * [ البقرة : 17 ] وروى الديلمي عن أبي هريرة يرفعه من قرأ سورة الكهف ليلة الجمعة أعطى نورا من حيث مقامه إلى مكة وصلت عليه الملائكة حتى يصبح وعوفي من الداء والدبيلة وذات الجنب والبرص والجنون والجذام وفتنة الدجال قال ابن حجر : وفيه إسماعيل بن أبي زياد متروك كذبه جمع منهم الدارقطني . (تنبيه) قال ابن حجر : ذكر أبو عبيد أنه وقع في رواية شعبة من قرأها كما أنزلت ، وأولها على أن المراد يقرؤها بجميع وجوه القراءات قال وفيه نظر والمتبادر أنه يقرؤها كلها بغير نقص حسا ولا معنى وقد يشكل عليه ما ورد من زيادات أحرف ليست في المشهور مثل سفينة صالحة وأما الغلام فكان كافرا ، ويجاب أن المراد المتعبد بتلاوته . - (ك) في التفسير من حديث نعيم بن هشام عن هشيم عن أبي هاشم عن أبي مجلز عن قيس بن عبادة عن أبي سعيد (هق عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح فرده الذهبي فقال : قلت نعيم ذو مناكير وقال ابن حجر في تخريج الأذكار : حديث حسن قال : وهو أقوى ما ورد في سورة الكهف .
[ 258 ]
8930 - (من قرأ) الآيات (العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال) مر تقريره غير مرة فمن تدبرها لم يفتن بالدجال * (أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء) * [ الكهف : 102 ] قال الطيبي : التعريف فيه للعهد وهو الذي يخرج آخر الزمان يدعي الإلهية إما نفسه أو يراد به من شابهه في فعله ويجوز أن يكون للجنس لأن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس ومنه حديث يكون في آخر الزمان دجالون كذابون . - (حم م ن عن أبي الدرداء) . 8931 - (من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال) لما في أولها من العجائب والآيات المانعة لمن تأملها وتدبرها حق التدبر من متابعته والاغترار بتلبيسه . - (ت) في الفضائل (عن أبي الدرداء) وقال : حسن صحيح وصححه البغوي . 8932 - (من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق) قال الحافظ ابن حجر في أماليه : كذا وقع في روايات يوم الجمعة وفي روايات ليلة الجمعة ويجمع بأن المراد اليوم بليلته والليلة بيومها وأما خبر أبي الشيخ عن الحبر الذي جمع بينهما فضعيف جدا وخبر الضياء عن ابن عمر يرفعه من قرأ يوم الجمعة سورة الكهف سطع له نور من تحت قدميه إلى عنان السماء يضئ له إلى يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين ففيه محمد بن خالد تكلم فيه ابن منده وغيره وقد خفي حاله على المنذري حيث قال في الترغيب : لا بأس به ويحتمل أنه مشاه لشواهده واعلم أن المتبادر إلى أكثر الأذهان أنه ليس المطلوب قراءته ليلة الجمعة ويومها إلا الكهف وعليه العمل في الزوايا والمدارس وليس كذلك فقد وردت أحاديث في قراءة غيرها يومها وليلتها ، منها ما رواه التيمي في الترغيب من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له من الأجر كما بين البيداء أي الأرض السابعة وعروبا أي السماء السابعة وهو غريب ضعيف جدا وما رواه الطبراني في الأوسط عن ابن عباس مرفوعا من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته حتى تجب الشمس قال ابن حجر : وفيه طلحة بن زيد ضعيف جدا بل نسب للوضع وخبر أبي داود عن الحبر من قرأ سورة يس والصافات ليلة الجمعة أعطاه الله سؤله وفيه انقطاع وخبر ابن مردويه عن كعب يرفعه " اقرؤوا سورة هود يوم الجمعة " قال ابن حجر : مرسل سنده صحيح . - (هب عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وهو تابع فيه للحافظ ابن حجر قال البيهقي : ورواه الثوري عن أبي هاشم موقوفا ورواه يحيى بن كثير عن شعبة عن أبي هاشم مرفوعا قال الذهبي في المهذب : ووقفه أصح قال ابن حجر : ورجال الموقوف في طرقه كلها
[ 259 ]
أتقن من رجال المرفوع قال : وفي الباب عن علي وزيد بن خالد وعائشة وابن عباس وابن عمر وغيرهم بأسانيد ضعيفة . 8933 - (من قرأ يس كل ليلة غفر له) أي الصغائر كنظائره . - (هب عن أبي هريرة) وفيه المبارك بن فضالة أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال : ضعفه أحمد والنسائي وقال أبو زرعة : مدلس . 8934 - (من قرأ يس في ليلة أصبح مغفورا له) وقياسه أن من قرأها في يومه أمسى مغفورا له أي الصغائر كما تقرر . [ ص 200 ] - (حل عن ابن مسعود) أورده ابن الجوزي بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة وحكم بوضعه ورده المصنف بوروده من عدة طرق بعضها على شرط الصحيح . 8935 - (من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن مرتين) أي دون يس كما هو بين . - (هب عن أبي سعيد) الخدري ، قال في الميزان : هذا حديث منكر اه‍ وفيه طالوت بن عبادة قال أبو حاتم : صدوق وقال ابن الجوزي : ضعفه علماء النقل ونازعه الذهبي وسويد أبو حاتم ضعفه النسائي . 8936 - (من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن عشر مرات) لا يعارض ما قبله لاختلاف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وكلاهما خرج جوابا لسائل اقتضى حاله ما أجيب به . - (هب عن أبي هريرة) سنده سند ما قبله وفيه ما فيه . 8937 - (من قرأ يس ابتغاء وجه الله) أي ابتغاء النظر إلى وجه الله في الآخرة أي لا للنجاة من النار والفوز بالجنة فإن هذا أمر أجل وأعظم من ذلك (غفر له ما تقدم من ذنبه) أي من الصغائر (فاقرؤها) ندبا (عند موتاكم) أي من حضره الموت قال الطيبي : الفاء جواب شرط محذوف أي إذا كان قراءة يس بالإخلاص تمحو الذنوب السالفة فاقرؤوها على من شارف الموت حتى يسمعها ويجريها على قلبه فيغفر له ما سلف . - (هب عن معقل بن يسار) ضد اليمين . 8938 - (من قرأ حم الدخان في ليلة) أي ليلة كانت كما يفيده التنكير (أصبح) أي دخل في
[ 260 ]
الصباح والحال أنه (يستغفر له سبعون ألف ملك) أي يطلبون له من الله الغفران لستر ذنوبه بالعفو عنها وعدم العقاب عليها . - (ت) في فضائل القرآن عن سفيان بن وكيع عن زيد بن الحباب عن عمر بن راشد عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) وقال : غريب ورواه ابن الجوزي في الموضوع . 8939 - (من قرأ حم الدخان في ليلة الجمعة غفر له) أي ذنوبه الصغائر كما تقرر . - (ت) في فضائله عن نصر بن عبد الرحمن عن زيد بن الحباب عن هشام أبي المقدام عن الحسن (عن أبي هريرة) وقال : لا نعرفه إلا من هذا الوجه وأبو المقدام يغفل والحسن لم يسمع من أبي هريرة اه‍ قال الصدر المناوي : فهو ضعيف منقطع لكن له شواهد . 8940 - (من قرأ سورة الدخان في ليلة غفر له ما تقدم من ذنبه) مفرد مضاف فيعم لكن قد علمت غير مرة أن المراد الصغائر فحسب . - (ابن الضريس) بضم المعجمة وشد الراء من حديث حماد بن سلمة عن أبي سفيان طريف السعدي (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال ابن حجر : ورواه غير حماد موصولا بذكر أبي هريرة لكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة على الصحيح قال النقاد : كل مسند جاء فيه التصريح بسماعه منه وهم اه‍ . 8941 - (من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بها) أي بثواب قراءتها (بيتا في الجنة) ومن لازم ذلك [ ص 201 ] دخوله الجنة لأنه إنما بنى له فيها ليسكنه . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه فضالة بن جبير ضعيف جدا . 8942 - (من قرأ سورة الواقعة في كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا) هذا من الطب الإلهي وسبق أنه ينفع لحفظ الصحة وإزالة المرض قال البيهقي : وكان ابن مسعود يأمر بناته بقراءتها كل ليلة وقال الغزالي : سألت بعض مشايخنا عما يعتاده أولياؤنا من قراءة سورة الواقعة في أيام العسرة أليس المراد به أن يدفع الله به الشدة عنهم ويوسع عليهم في الدنيا فكيف يصح إرادة متاع الدنيا بعمل الآخرة ؟ فأجاب بأن مرادهم أن يرزقهم قناعة أو قوتا يكون لهم عدة على عبادته وقوة على دروس العلم وهذا من إرادة الخير لا الدنيا وقراءة هذه السورة عند الشدة في أمر الرزق وردت به الأخبار المأثورة عن السلف حتى عوتب ابن مسعود في أمر ولده إذ لم يترك لهم دينارا فقال : خلفت لهم سورة الواقعة اه‍ . وهذا الخبر رواه
[ 261 ]
أيضا ابن لال والديلمي أيضا باللفظ المزبور من حديث ابن عباس وزادا فيه ومن قرأ في كل ليلة * (لا أقسم بيوم القيامة) * لقي الله يوم القيامة ووجهه في صورة القمر ليلة البدر . - (هب عن ابن مسعود) وفيه أبو شجاع قال في الميزان : نكرة لا يعرف ثم أورد هذا الخبر من حديثه عن ابن مسعود قال ابن الجوزي في العلل : قال أحمد : هذا حديث منكر وقال الزيلعي تبعا لجمع : هو معلول من وجوه أحدها الانقطاع كما بينه الدارقطني وغيره ، الثاني نكارة متنه كما ذكره أحمد ، الثالث ضعف رواته كما قاله ابن الجوزي ، الرابع اضطرابه ، وقد أجمع على ضعفه أحمد وأبو حاتم وابنه والدار قطني والبيهقي وغيرهم . 8943 - (من قرأ خواتيم الحشر من ليل أو نهار فقبض في ذلك اليوم أو الليلة فقد أوجب الجنة) الموجود في نسخ الشعب فمات من يومه أو من ليلته فقد أوجب الله له الجنة . - (عد هب عن أبي أمامة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بقوله انفرد به سليمان بن عثمان عن محمد بن زياد اه‍ . وممن جزم بضعفه الحافظ العراقي . 8944 - (من قرأ قل هو الله أحد مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن) لأنها متضمنة لتوحيد الاعتقاد والمعرفة والأحدية المنافية لمطلق الشركة المثبتة لجميع صفات الكمال ونفي الولد والوالد الذي هو من لازم صمديته وأحديته والكفؤ المتضمن لنفي الشبيه وهذه الأصول هي مجامع التوحيد الاعتقادي المباين لكل شرك وضلال فمن ثم عدلت ثلثه . - (حم ن والضياء) المقدسي (عن أبي) بن كعب أو عن رجل من الأنصار كذا عبر به أحمد قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح . 8945 - (من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ القرآن أجمع) إذ مدار القرآن على الخبر والإنشاء والإنشاء أمر ونهي وإباحة والخبر خبر عن الخالق وأسمائه وصفاته وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الإخلاص الخبر عنه وعن أسمائه فعدلت ثلثا ، لكن ينبغي أن يعلم أنه لا يلزم من تشبيه قارئها بمن قرأ القرآن كله أن يبلغ ثوابه ثواب المشبه به إذ لا يلزم من تشبيه شئ بشئ أخذه بجميع أحكامه ولو كان قدر الثواب متحدا لم يكن القارئ كله غير التعب ، وفيه استعمال اللفظ في غير ما يتبادر للفهم لأن المتبادر من إطلاق ثلث القرآن أن المراد ثلث حجة المكتوب مثلا وقد ظهر أنه غير مراد . - (عق عن رجاء الغنوي) وفيه أحمد بن الحارث الغساني قال في الميزان : قال أبو حاتم : متروك الحديث ، [ ص 202 ] وفي اللسان :
[ 262 ]
قال العقيلي : له مناكير لا يتابع عليها اه‍ . قال أعني في اللسان : ولا يعرف لرجاء الغنوي رواية ولا صحبة وحديث * (قل هو الله أحد) * ثابت من غير هذا الوجه بغير هذا اللفظ اه‍ . 8946 - (من قرأ قل هو الله أحد) حتى يختمها هكذا هو ثابت في رواية أحمد فكأنه سقط من قلم المصنف (عشر مرات بنى الله له بيتا في الجنة) تمامه عند مخرجه أحمد فقال عمر : إذن نستكثر يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الله أكبر وأطيب . - (حم عن معاذ بن أنس) الجهني قال الهيثمي : فيه رشدين بن سعد وزياد وكلاهما ضعيف وفيهما توثيق لين . 8947 - (من قرأ قل هو الله أحد عشرين مرة بنى الله له قصرا في الجنة) وفي هذا الحديث وما قبله إثبات فضل * (قل هو الله أحد) * وقد قال بعضهم : إنها تضاهي كلمة التوحيد لما اشتملت عليه من الجمل المثبتة والنافية مع زيادة تعليل ومعنى النفي أنه الخالق الرزاق المعبود لأنه ليس فوقه من يمنعه من ذلك كالوالد ولا من يساويه كالكفؤ ولا من يعينه كالولد . - (ابن زنجويه) حميدة في كتاب الترغيب من طريق حسن بن أبي زينب عن أبيه (عن خالد بن زياد) الأنصاري ، قال أبو موسى : ذكر بعض أصحابنا أنه غير أبي أيوب الأنصاري . 8948 - (من قرأ قل هو الله أحد خمسين مرة غفرت له ذنوب خمسين سنة) قال القرطبي : اشتملت سورة الإخلاص على اسمين من أسمائه تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال وبيانه أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لشئ حاز جميع فضائل الكمال وذلك لا يصلح إلا لله تعالى . - (ابن نصر) أي محمد بن نصر من طريق أم كثير الأنصارية (عن أنس) بن مالك . 8949 - (من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة في الصلاة أو غيرها كتب الله له براءة) أي سلامة بها (من النار) فلا يدخله إلا تحلة القسم . - (طب عن فيروز) الديلمي اليماني صحابي له أحاديث وهو الذي قتل الأسود العنسي مدعي النبوة وهو ابن أخت النجاشي ، وقد خدم النبي صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي : فيه محمد بن قدامة الجوهري وهو ضعيف .
[ 263 ]
8950 - (من قرأ قل هو الله أحد مائة مرة غفر الله له خطيئة خمسين عاما ما اجتنب خصالا أربعا الدماء) أي سفكها ظلما (والأموال) أي أخذها بغير حق (والفروج) المحرمة (والأشربة) المسكرة وخص هذه الأربعة لأنها أمهات الكبائر . - (عد هب عن أنس) بن مالك وظاهره أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه والأمر بخلافه بل قالا تفرد به الخليل بن مرة وهو من الضعفاء الذين لا يكتب حديثهم . 8951 - (من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة غفر الله له ذنوب مائتي سنة) ومن فوائد قراءتها العظيمة ما رواه الشيخان عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاته فيختم بقل هو الله أحد فلما رجعوا ذكر ذلك للمصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : اسألوه لأي شئ يصنع ذلك ؟ فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأ بها فقال : أخبروه أن الله يحبه . - (عب عن أنس) ابن مالك وفيه عبد الرحمن بن الحسن الأسدي الأزدي أورده الذهبي وغيره في الضعفاء ورماه بالكذب ومحمد بن أيوب الرازي قال الذهبي : قال أبو حاتم : كذاب وصالح المري قال النسائي وغيره : متروك ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه لكن نوزع . 8952 - (من قرأ في يوم قل الله أحد مائتي مرة كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة إلا أن يكون عليه دين) (فائدة) قال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الرافعي : قال الدارقطني : أصح شئ في فضائل سور القرآن " قل هو الله أحد " وأصح شئ في فضل الصلاة صلاة التسبيح وقال العقيلي : ليس في صلاة التسبيح حديث يثبت ، وقال ابن العربي : ليس فيها حديث صحيح ولا حسن ، وبالغ ابن الجوزي فذكره في الموضوعات ، وصنف المديني جزءا في تصحيحه فتنافيا ، والحق أن طرقه كلها ضعيفة ، إلى هنا كلامه . - (عد هب عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره وليس كذلك فإنه أورده في ترجمة حاتم بن ميمون قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به ، ثم إن ظاهر كلام المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه فكأنه ذهول فقد خرجه الترمذي من حديث أنس هذا ولفظه " من قرأ قل هو الله أحد في يوم مائتي مرة كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة إلا أن يكون عليه دين " . 8953 - (من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله) أي يجعل الله ثواب قراءتها
[ 264 ]
عتقه من النار وروى أبو الشيخ [ ابن حبان ] عن ابن عمر من قرأ " قل هو الله أحد " عشية عرفة ألف مرة أعطاه الله ما سأله . - (الخياري في فوائده عن حذيفة) بن اليمان . 8954 - (من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبع مرات) زاد في رواية قبل أن يتكلم وفي أخرى وهو ثان رجله قال ابن الأثير : أي عاطف رجله في التشهد قبل أن ينهض قال : وفي حديث آخر من قال قبل أن يثني رجله وهو ضد الأول في اللفظ ومثله في المعنى لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالته التي هي عليها في التشهد اه‍ . (اعاذه الله بها من السوء إلى الجمعة الأخرى) قال الحافظ ابن حجر : ينبغي تقييده بما بعد الذكر المأثور في الصحيح ، وفيه رد على ابن القيم ومن تبعه في نفيه استحباب الدعاء بعد السلام من الصلاة للمنفرد والإمام والمأموم قال : وغاية الأدعية المتعلقة بالصلاة إنما فعلها وأمر بها فيها والمصلي مقبل على ربه يناجيه فإذا سلم انقطعت المناجاة وانتفى قربه فكيف يترك سؤاله حال مناجاته وقربه ثم يسأله بعد الانصراف ؟ قال ابن حجر : وما ادعاه من النفي المطلق مردود . - (ابن السني) في عمل يوم وليلة (عن عائشة) قال ابن حجر : سنده ضعيف وله شاهد من مرسل مكحول أخرجه سعيد بن منصور في سننه عن فرج بن فضالة وزاد في أوله فاتحة الكتاب وقال في آخره : كفر الله عنه [ ص 204 ] ما بين الجمعتين ، وفرج ضعيف اه‍ . وأخذ حجة الإسلام بقضية هذا الخبر وما بعده فجزم بندبه في بداية الهداية فقال : إذا فرغت وسلمت أي من صلاة الجمعة فاقرأ الفاتحة قبل أن تتكلم سبع مرات والإخلاص سبعا والمعوذتين سبعا سبعا فذلك يعمصك من الجمعة إلى الجمعة ويكون لك حرزا من الشيطان اه‍ . 8955 - (من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجله) أي قبل أن يصرف رجله عن حالته التي عليها في التشهد (فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبعا سبعا) من المرات (غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) أي من الصغائر إذا اجتنب الكبائر ، وقد سبق له نظائر وقد ألف الحافظ ابن حجر كتابا وسماه الخصال المكفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة جمع فيه ستة عشر خصلة تكفر ما تقدم وما تأخر : الحج ، وإسباغ الوضوء ، وإجابة المؤذن ، وموافقة الملائكة في التأمين ، وصلاة الضحى ، وقراءة الإخلاص والمعوذتين سبعا سبعا بعد سلام الإمام من الجمعة قبل أن يثني رجله ، وقيام ليلة القدر ، وقيام رمضان وصيامه ، وصوم عرفة ، والحج والعمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ، ومن جاء حاجا يريد وجه الله ، ومن قضى نسكه وسلم المسلمون من لسانه
[ 265 ]
ويده ، ومن قرأ آخر الحشر ، ومن قاد أعمى أربعين خطوة ، ومن سعى لأخيه المسلم في حاجة ، ومن التقيا فتصافحا وصليا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أكل أو لبس فحمد الله وتبرأ من الحول والقوة . (تنبيه) ما ذكره المؤلف من أن سياق الحديث هكذا الأمر بخلافه بل سياقه عند مخرجه القشيري " من قرأ إذا سلم الإمام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب و * (قل هو الله أحد) * و * (قل أعوذ برب الفلق) * و * (قل أعوذ برب الناس) * سبعا سبعا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وأعطي من الأجر بعدد كل من آمن بالله واليوم الآخر " هكذا هو في الأربعين أو هكذا نقله عنه الحافظ في الخصال المكفرة . - (أبو الأسعد القشيري في) كتاب (الأربعين) له عن أبي عبد الرحمن السلمي عن محمد بن أحمد الرازي عن الحسين بن داود البلخي عن يزيد بن هارون عن حميد (عن أنس) بن مالك قال ابن حجر في الخصال : وفي إسناده ضعف شديد فإن الحسين البلخي قال الحاكم : كثير المناكير وحدث عن أقوام لا يحتمل منه السماع منهم وقال الخطيب : حدث عن يزيد بن هارون بنسخة أكثرها موضوع . 8956 - (من قرأ القرآن فليسأل الله به) بأن يدعو بعد ختمه بالأدعية المأثورة أو أنه كلما قرأ آية رحمة سألها أو آية عذاب تعوذ منه ونحو ذلك (فإنه سيجئ أقوام يقرؤون القرآن يسألون به الناس) قال النووي : يندب الدعاء عقب ختمه وفي أمور الآخرة آكد . - (ت) في فضائل القرآن (عن عمران) بن الحصين ثم قال : إسناده ليس بذاك اه‍ . رمز لحسنه ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبي أنه مر على قاص يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فساقه . 8957 - (من قرض بيت شعر بعد العشاء) زاد العقيلي في روايته الآخرة (لم تقبل لصلاة تلك الليلة) ولا يزال كذلك (حتى يصبح) أي يدخل في الصباح وهذا في شعر فيه هجو أو إفراط في مدح أو كذب محض أو تغزل بنحو أمرد [ ص 205 ] أو أجنبية أو الخمر أو نحو ذلك بخلاف ما كان في مدح الإسلام وأهله والزهد ومكارم الأخلاق ونحو ذلك . - (حم) من حديث قزعة بن سويد عن عاصم بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني (عن شداد بن أوس) قال الهيثمي : قزعة بن سويد وثقه ابن معين وضعفه الجمهور إلا أن ذا لا يقتضي على الحديث بالوضع فقول ابن الجوزي هو لذلك موضوع ممنوع كما بينه الحافظ ابن حجر في القول المسدد . 8958 - (من قرن) أي جمع (بين حجة وعمرة أجزأه لهما طواف واحد) لدخول أعمال العمرة
[ 266 ]
في الحج والإفراد أفضل بأن يحرم بالحج وحده ويفرغ منه ثم يحرم بالعمرة من سنته فإن لم يعتمر فيها فالتمتع أفضل والقرآن أفضل منه وبه قال الشافعي . - (حم عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وفيه عبيد الله بن عمر قال الهيثمي : لين . 8959 - (من قضى نسكه) أي حجه وعمرته (وسلم المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من ذنب) بالمعنى المقرر في نظائره وذهب البعض إلى أن الحج يكفر الكبائر أيضا والبعض إلى أنه يكفر حتى التبعات . - (عبد بن حميد عن جابر) ابن عبد الله وفيه عبد الله بن عبيدة الترمذي قال في الميزان : وثقه غير واحد وقال ابن عدي : الضعف على حديثه بين وقال يحيى : ليس بشئ وقال أحمد : لا يشتغل به ولا بأخيه وقال ابن حبان : لا راوي له أي هذا الخبر غير أخيه فلا أدري البلاء من أيهما ثم ساقه . 8960 - (من قضى لأخيه المسلم حاجة) ولو بالتسبب والسعي فيها (كان له من الأجر كمن حج واعتمر) قال حجة الإسلام : وقضاء حوائج الناس له فضل عظيم والعبد في حقوق الخلق له ثلاث درجات ، الأولى أن ينزل في حقهم منزلة الكرام البررة وهو أن يسعى في أغراضهم رفقا بهم وإدخالا للسرور على قلوبهم ، الثانية أن ينزل منزلة البهائم والجمادات في حقهم فلا ينلهم خيره لكن يكف عنهم شره ، الثالثة أن ينزل منزلة العقارب والحيات والسباع الضارية لا يرجى خيره ويتقى شره فإن لم تقدر أن تلحق بأفق الملائكة فاحذر أن تنزل عن درجة الجمادات إلى مراتب العقارب والحيات فإن رضيت النزول من أعلى عليين فلا ترض بالهوي في أسفل سافلين فلعلك تنجو كفافا لا لك ولا عليك . - (خط عن أنس) بن مالك وفيه من لم أعرفه . 8961 - (من قضى لأخيه المسلم حاجة كان له من الأجر كمن خدم الله عمره) وفي رواية بدله كان بمنزلة من خدم الله عمره قيل : هذا إجمال لا تسع بيانه لطروس فإنه يطلق في سائر الأزمان والأحوال فينبغي لمن عزم على معاونة أخيه في قضاء حاجته أن لا يجبن عن إنفاذ قوله وصدعه بالحق إيمانا بأنه تعالى في عونه وأمر الحسن ثابتا البناني بالمشي في حاجة فقال : أنا معتكف فقال : يا أعمش أما تعلم أن مشيك في حاجة أخيك خير لك من حجة بعد حجة ؟ وأخذ منه ومما قبله أنه يتأكد للشيخ السعي في مصالح طلبته ومساعدتهم بجاهه وماله عند قدرته على ذلك وسلامة دينه وعرضه . - (حل) وكذا الخطيب عن إبراهيم بن شاذان عن عيسى بن يعقوب بن جابر الزجاج عن دينار مولى أنس (عن أنس) بن مالك وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا لأعلى من أبي نعيم وإلا لما عدل إليه واقتصر
[ 267 ]
عليه والأمر بخلافه فقد خرجه البخاري في تاريخه ولفظه من قضى لأخيه حاجة فكأنما خدم الله عمره وكذا الطبراني والخرائطي عن أنس يرفعه بسند قال الحافظ العراقي : ضعيف وأورده ابن الجوزي في الموضوع . 8962 - (من قطع سدرة) شجرة نبق زاد في رواية الطبراني من سدر الحرم (صوب الله رأسه في النار) أي نكسه أو أوقع رأسه في جهنم يوم القيامة والمراد سدر الحرم كما صرح به في رواية الطبراني أو السدر الذي بفلاة يستظل به ابن السبيل والحيوان أو في ملك إنسان فيقطعه ظلما ذكره الزمخشري . قال : والحديث مضطرب الرواية . (فائدة) قال في المطامح : سمعت من بعض أشياخي حديثا مسندا أن سدرة المنتهى قالت للمصطفى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء استوص بأخواتي التي في الأرض خيرا . - (د) في الأدب ، وكذا النسائي في السير خلافا لما يوهمه كلام المصنف (والضياء) في المختارة (عن عبد الله بن حبشي) بحاء مهملة مضمومة وموحدة ساكنة ومعجمة الخثعي نزل مكة وله صحبة وفيه سعيد بن محمد بن حبر قال ابن القطان : لا يعرف حاله وإن عرف نسبه وبيته ، وروى عنه جمع فالحديث لأجله حسن لا صحيح اه‍ . ورواه الطبراني بسند قال الهيثمي : رجاله ثقات . 8963 - (من قطع رحما أو حلف على يمين فاجرة رأى وباله) قبل أن يموت قال في الإتحاف : في جمع اليمين الفاجرة مع القطيعة ما يلوح باشتراكهما في القطيعة لأن اليمين الفاجرة قطعت الوصلة بين العبد وبين الله والقطيعة قطعت ما بينه وبين الرحم وفي هذا الاقتران في التحذير ما لا يخفى . - (تخ عن القاسم بن عبد الرحمن مرسلا) القاسم بن عبد الرحمن في التابعين هذلي ودمشقي وأموي لقي مائة من الصحابة ولعله المراد هنا . 8964 - (من قعد على فراش مغيبة) بفتح الميم وبكسر الغين المعجمة وسكونها أيضا مع كسر الياء : التي غاب زوجها (قيض الله له ثعبانا يوم القيامة) أي ينهشه ويعذبه بسمه ، وفي رواية الطبراني مثل الذي يجلس على فراش المغيبة مثل الذي ينهشه أسود من أساود يوم القيامة . (حم عن أبي قتادة) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي كالمنذري : فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف اه‍ . لكن في الميزان عن أبي حاتم هذا حديث باطل .
[ 268 ]
8965 - (من كان آخر كلامه) في الدنيا (لا إله إلا الله) قال أبو البقاء : آخر بالرفع اسم كان ولا إله إلا الله في موضع نصب خبر كان ويجوز عكسه اه‍ . قيل أهل الكتاب ينطقون بكلمة التوحيد فلم لم يذكر قرينتها ، وأجاب الطيبي بأن قرينتها صدورها عن صدر الرسالة . قال الكشاف في * (إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر) * لما علم وشهر أن الإيمان بالله قرينته الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لاشتماله كلمة الشهادة عليهما مزدوجين مقترنين كأنهما واحد غير منفك أحدهما عن صاحبه انطوى تحت ذكر الإيمان بالله برسوله صلى الله عليه وسلم (دخل الجنة) لأنها شهادة شهد بها عند الموت وقد ماتت شهواته وذهلت نفسه لما حل به من هول الموت وذهب حرصه ورغبته وسكنت أخلاقه السيئة وذل وانقاد لربه فاستوى ظاهره بباطنه فغفر له بهذه الشهادة لصدقه ، وقائلها في الصحة قلبه مشحون بالشهوات والغي ونفسه شرهة بطرة ميتة على الدنيا عشقا وحرصا فلا يستوجب بذلك القول مغفرة بخلاف قائلها عند الموت ، ومثل من قالها في الصحة بعد رياضة نفسه وموت شهواته وصفائه عن التخليط قاله الغزالي ، فنسأل الله أن يجعلنا في الخاتمة من أهل لا إله إلا الله حالا ومقالا وظاهرا وباطنا حتى نودع الدنيا غير ملتفتين إليها بل متبرمين منها ومحبين للقاء الله . - (حم د) في الجنائز (ك) فيها (عن معاذ) بن جبل ، وقال الحاكم : صحيح اه‍ لكنه أعله ابن القطان بصالح بن أبي عريب فإنه لا يعرف حاله ولا يعرف من روى عنه غير عبد الحميد وتعقب بأن ابن حبان [ ص 207 ] ذكره في الثقات وانتصر له التاج السبكي وقال : حديث صحيح . 8966 - (من كان حالفا) أي من كان مريدا للحلف (فلا يحلف إلا بالله) يعني باسم من أسمائه وصفة من صفاته لأن في الحلف تعظيما للمحلوف وحقيقة العظمة لا تكون إلا لله قاله لما أدرك عمر يحلف بأبيه والحلف بالمخلوق مكروه كالنبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم والكعبة لاقتضاء الحلف غاية تعظيم المحلوف به والعظمة محتصة بالله تعالى فلا يضاهي به غيره وأما قسمه تعالى ببعض خلقه كالفجر والشمس فعلى الإضماء أي ورب الفجر على أن اليمين من العبد إنما هو لترجيح جانب الصدق وصدق الله قطعي لا يتطرق إليه احتمال الكذب وإنما وقعت في كلامه جريا على عادة عباده تنويها بشرف ما شاء من خلقه وتعليما لعباده شرعية القسم وأخذ بهذا علي كرم الله وجهه ثم شريح وطاوس وعطاء فقالوا : لا يقضي بالطلاق على من حلف به فحنث ، قال في المطامح : ولا يعرف لعلي في ذلك مخالف من الصحابة اه‍ . (فائدة) سئل شيخ الإسلام زكريا عن قوم جرت عادتهم إذا حلفوا أن يقولوا ببركة سيدي فلان على الله هل هم مخطئون بحلفهم بغير الله تعالى ؟ أجاب يكره الحلف المذكور ويمنع منه فإن لم يمتنع أدب إن قصد بعلى الاستعلاء على بابها . - (ن عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه البخاري بلفظ من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت .
[ 269 ]
8967 - (من كان سهلا هينا لينا حرمه الله على النار) ومن ثم كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم في غاية اللين فكان إذا ذكر أصحابه الدنيا ذكرها معهم وإذا ذكروا الآخرة ذكرها معهم وإذا ذكروا الطعام ذكره معهم وقال عمر فيما رواه الحاكم إنكم تؤنسون مني شدة وغلظة إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عبده وخادمه فكان كما قال الله تعالى * (بالمؤمنين رؤوف رحيم) * فكنت بين يديه كالسيف المسلول إلا أن يغمدني لمكان لينه . - (ك هق عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي . 8968 - (من كان عليه دين فهم بقضائه لم يزل معه من الله حارس) يحرسه أي من الشيطان أو من السلطان أو منهما حتى يوفي دينه لكن الظاهر أن المراد بالحارس المعين . - (طس) من حديث ورقاء بنت هداب (عن عائشة) قالت ورقاء : كان عمر إذا خرج من منزله مر على أمهات المؤمنين فسلم عليهن قبل أن يأتي مجلسه فكان كلما مر وجد بباب عائشة رجلا فقال : ما لي أراك هنا قال : حق أطلبه من أم المؤمنين فدخل عليها فقال : أما لك كفاية في كل سنة قالت : بلى لكن علي فيها حقوق وقد سمعت أبا القاسم يقول من كان إلخ وأحب أن لا يزال معي من الله حارس . 8969 - (من كان في المسجد ينتظر الصلاة) أي في حكم من هو فيها في إجراء الثواب عليه وتناثر البر على رأسه كما مر (فهو في الصلاة ما لم يحدث) حدث سوء والمراد ينتقض طهره . (حم ن حب عن سهل بن سعد) الساعدي . 8970 - (من كان في قلبه مودة لأخيه) في الإسلام (ثم لم يطلعه عليها فقد خانه) والله لا يحب الخائنين . (ابن أبي الدنيا في) كتاب فضل (الإخوان عن مكحول مرسلا) . 8971 - (من كان قاضيا فقضى بالعدل فبالحرى) أي فجدير وخليق (أن ينقلب منه كفافا)
[ 270 ]
نصب على الحال أي مكفوفا من شر القضاء لا عليه ولا له وفي رواية لأحمد والطبراني من كان قاضيا فقضى بجهل كان من أهل النار ومن كان قاضيا عالما قضى بحق أو بعدل سأل المنقلب كفافا . (ت عن ابن عمر) بن الخطاب ، سببه كما بينه الترمذي في العلل أن عثمان قال : لابن عمر اذهب فأفت بين الناس قال : أو تعافيني يا أمير المؤمنين فقال : ما تكره منه وكان أبوك يقضي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الملك بن أبي جميلة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : مجهول اه‍ . وعزاه الهيثمي لأحمد والطبراني وقال : رجاله ثقات . 8972 - (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) أخذ بظاهره أبو حنيفة فلم يوجب قراءة الفاتحة على المقتدي قالوا : وبه يخص عموم قوله تعالى * (فاقرؤوا ما تيسر من القرآن) * وخبر لا صلاة إلا بقراءة والأئمة الثلاثة على الوجوب لأن الحديث ضعيف من سائر طرقه (1) . - (حم ه) من حديث جابر الجعفي عن الزبير (عن جابر) بن عبد الله ، قال مغلطاي في شرح ابن ماجه : ضعفه الدارقطني والبيهقي وابن عدي وغيرهم ، وقال : عبد الحق الجعفي ساقط الحديث ثابت الكذب قائل بالمرجئة قال أبو حنيفة : ما رأيت أكذب منه ، وقال الذهبي : هو واه بمرة وقال ابن حجر : طرقه كلها معلولة اه‍ . قال الذهبي : وله طرق أخرى كلها واهية . 8973 - (من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا) وفي رواية الخطيب لا يحضر مصلانا وأخذ بظاهره جمع منهم الليث فأوجبوها على الموسر وأوجبها أبو حنيفة على من يملك نصابا وجعلها الشافعية وأكثر المالكية سنة كفاية لكنها متأكدة خروجا من الخلاف (1) . (ه ك) في باب الأضحية (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وصحح الترمذي وقفه ، وقال ابن حزم : حديث لا يصح . 8974 - (من كان له شعر فليكرمه) بتعهده بالتسريح والترجيل والدهن ولا يتركه حتى يتشعث ويتلبد لكنه لا يفرط في المبالغة في ذلك للنهي عن الترجل إلا غبا . - (ه) في الترجيل (عن أي هريرة) رمز
[ 271 ]
لحسنه وأصله قول ابن حجر في الفتح : إسناده حسن وله شواهد من حديث عائشة في الغيلانيات وسنده أيضا حسن اه‍ . لكن قال الحافظ العراقي : إسناده ليس بالقوي وذلك لأن فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو وإن كان من أكابر العلماء ووثقه مالك لكن في الميزان عن ابن معين والنسائي تضعيفه وعن يحيى ابن أبي حاتم : لا يحتج به وعن أحمد : مضطرب الحديث ثم قال أعني في الميزان : ومن مناكيره خبر من كان له شعر فليكرمه . 8975 - (من كان له صبي فليتصابى له) أي من كان له ولد صغير ذكرا أو أنثى فليتصابى له بلطف ولين في القول والفعل ويفرحه ليسره . - (ابن عساكر) في تاريخه من حديث أبي سفيان القتبي (عن معاوية) الخليفة قال أبو سفيان : دخلت على معاوية وهو مستلق على ظهره وعلى صدره صبي أو صبية تناغيه فقلت : أمط هذا عنك يا أمير المؤمنين قال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فذكره وفيه محمد بن عاصم قال الذهبي في الضعفاء : مجهول بيض له أبو حاتم وقضية كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الديلمي خرجه باللفظ المزبور عن معاوية . 8976 - (من كان له قلب صالح) أي نية صادقة صالحة (تحنن الله عليه) أي عطف عليه برحمته . - (الحكيم) الترمذي (عن بريد) تصغير برد . 8977 - (من كان له مال فلير عليه أثره) فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده حسنا كما مر في عدة أخبار قال الغزالي : وينوي بذلك امتثال أمر الله من ستر عورته وتجمله وليحذر أن يكون قصده من لباسه مراءاة الخلق . - (طب عن أبي حازم) الأنصاري مولى بني بياضة وأورد حديثه أبو داود في المراسيل رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : وفيه يحيى بن يزيد بن أبي بردة وهو ضعيف . 8978 - (من كان له وجهان في الدنيا) يعني من كان مع كل واحد من عدوين كأنه صديقه ويعده أنه ناصر له ويذم ذا عند ذا أو ذا عند ذا ، يأتي قوما بوجه وقوما بوجه على وجه الإفساد (كان له يوم القيامة لسانان من نار) كما كان في الدنيا له لسان عند كل طائفة ، قال الغزالي : اتفقوا على أن ملاقاة الاثنين بوجهين نفاق وللنفاق علامات هذه منها ، نعم إن جامل كل واحد منهما وكان صادقا لم يكن ذا لسانين فإن نقل كلام كل منهما للآخر فهو نمام دون لسان وذلك شر من النميمة ، وقيل لابن عمر : إنا ندخل على أمرئنا فنقول القول فإذا خرجنا قلنا غيره قال : كنا نعده نفاقا على عهد المصطفى صلى الله
[ 272 ]
تعالى عليه وعلى آله وسلم فهذا نفاق إذا كان غنيا عن الدخول على الأمير والثناء عليه فلو استغنى عن الدخول فدخل فخاف إن لم يثن عليه فهو نفاق لأنه المحوج نفسه إليه فإن استغنى عن الدخول لو قنع بقليل وترك المال والجاه فدخل لضرورتهما فهو منافق وهذا معنى خبر حب المال والجاه ينبت النفاق في القلب لأنه يحوج إلى رعايتهم ومداهنتهم أما إن ابتلي به لضرورة وخاف إن لم يثن فهو معذور فإن اتقاء الشر جائز (د) في الأدب (عن عمار) بن ياسر رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : سنده حسن اه‍ لكن قال الصدر المناوي : فيه شريك بن عبد الله القاضي وفيه مقال ، نعم رواه البخاري في الأدب المفرد بسند حسن . 8979 - (من كان يؤمن بالله) أي إيمانا كاملا منجيا من عذابه المتوقف على امتثال الأوامر الآتية كمال الإيمان لا حقيقته وهو على المبالغة في الاستجلاب إلى هذه الأفعال كما تقول لولدك إن كنت ابني فأطعني تهييجا له على الطاعة ومبادرتها مع شهود حقوق الأبوة لا على أنه بانتفاء طاعته تنتفي الأبوة (واليوم الآخر) وهو من آخر أيام الحياة الدنيا إلى آخر ما يقع يوم القيامة ، وصف به لأنه لا ليل بعده ولا يقال يوم إلا لما يعقبه ليل أي بوجوده بما اشتمل عليه مما [ ص 210 ] يجب الإيمان به فليفعل ما يأتي فإن الأمر للوجوب حملا على حقيقته عند فقد الصارف سيما وفرض انتفاء الجزء يستلزم انتفاء الإيمان واكتفى بهما عن الإيمان بالرسل والكتب وغيرهما لأن الإيمان باليوم الآخر على ما هو عليه يستلزمه فإن إيمان اليهود به إيمان بأن النار لا تمسهم أياما معدودة وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان هودا ونحو ذلك وإيمان النصارى به بأن الحشر ليس إلا بالأرواح ليس إيمانا به على ما هو عليه والإيمان به كذلك يستلزم الإيمان بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وهو يستلزم الإيمان بجميع ما جاء به وفي ذكره تنبيه وإرشاد لإيقاظ النفس وتحرك الهمم للمبادرة لامتثال جواب الشرط وهو (فليحسن) بلام الأمر هنا وفيما بعده ويجوز سكونها وكسرها حيث دخلت عليها الفاء والواو بخلافها في ليصمت فمكسورة لا غير وقول النووي هو بالضم اعترضوه (إلى جاره) أي من كان يؤمن بجوار الله في الآخرة والرجوع إلى السكنى في جواره بدار كرامته فليكرم جاره في الدنيا بكف الأذى وتحمل ما صدر عنه منه والبشر في وجهه وغير ذلك كما لا يخفى رعايته على الموفقين والجار من بينك وبينه أربعون دارا من كل جانب ثم الأمر بالإكرام يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال فقد يكون فرض عين وقد يكون فرض كفاية وقد يكون مندوبا ويجمع الجميع أن ذلك من مكارم الأخلاق (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي يوم القيامة وصفه به لتأخره عن أيام الدنيا ولأنه أخر إليه الحساب والإيمان به تصديق ما فيه من الأحوال والأهوال (فليكرم ضيفه) الغني والفقير بطلاقة الوجه والإتحاف والزيارة وقد عظم شأن الجار والضيف حيث قرر حقهما بالإيمان بالله واليوم الآخر قال ابن تيمية : ولا يحصل الامتثال إلا بالقيام بكفايته فلو أطعمه بعض كفايته وتركه جائعا لم يكن له مكرما لانتفاء جزء الإكرام وإذا انتفى
[ 273 ]
جزءه انتفى كله وفي كتاب المنتخب من الفردوس عن أبي الدرداء مرفوعا إذا أكل أحدكم مع الضيف فليلقمه بيده فإذا فعل ذلك كتب له به عمل سنة صيام نهارها وقيام ليلها ، ومن حديث قيس بن سعد من إكرام الضيف أن يضع له ما يغسل به حين يدخل المنزل ومن إكرامه أن يركبه إذا انقلب إلى منزله إن كان بعيدا ومن إكرامه أن يجلس تحته ، وأخرج ابن شاهين عن أبي هريرة يرفعه من أطعم أخاه لقمة حلوة لم يذق مرارة يوم القيامة (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا) أي كلاما يثاب عليه قال الشافعي : لكن بعد أن يتفكر فيما يريد التكلم به فإذا ظهر له أنه خير لا يترتب عليه مفسدة ولا يجر إليها أتى به (أو ليسكت) وفي رواية للبخاري بدله يصمت قال القرطبي : معناه أن المصدق بالثواب والعقاب المترتبين على الكلام في الدار الآخرة لا يخلو إما أن يتكلم بما يحصل له ثوابا أو خيرا فيغنم أو يسكت عن شئ فيجلب له عقابا أو شرا فيسلم ، وعليه فأو للتنويع والتقسيم فيسن له الصمت حتى عن المباح لأدائه إلى محرم أو مكروه وبفرض خلوه عن ذلك فهو ضياع الوقت فيما لا يعنيه ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه وأثرها في رواية البخاري يصمت على يسكت لأنه أخص إذ هو السكوت مع القدرة وهذا هو المأمور به أما السكوت مع العجز لفساد آلة النطق فهو الخرس أو لتوقفها فهو العي ، وأفاد الخبر أن قول الخير خير من الصمت لتقديمه عليه وأنه إنما أمر به عند عدم قول الخبر قال القرطبي : وقد أكثر الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات ، فحينئذ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة ، وهذا من جوامع الكلم لأن القول كله خير أو شر أو آيل إلى أحدهما فدخل في الخير كل مطلوب من فرضها وندبها فأذن فيه على اختلاف أنواعه ودخل فيه ما يؤول إليه وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إليه فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت [ ص 211 ] قال بعضهم : اجتمع الحديث على أمور ثلاثة تجمع مكارم الأخلاق ، وقال بعضهم : هذا الحديث من القواعد العظيمة العميقة لأنه بين فيه جميع أحكام اللسان الذي هو أكثر الجوارح عملا . - (حم ق ت ه عن أبي شريح) بضم المعجمة وفتح الراء الخزاعي الكعبي اسمه خويلد بن عمر أو غير ذلك حمل لواء قومه يوم الفتح (وعن أبي هريرة) . 8980 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي يوم القيامة قالوا هذا من خطاب التهييج من قبيل * (وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) * وقضيته أن استحلال هذا المنهي عنه لا يليق بمن يؤمن بذلك فهذا هو المقتضي لذكر هذا الوصف لا أن الكفار غير مخاطبين بالفروع ، ولو قيل لا يحل لأحد لم يحصل الغرض (فلا يسق ماءه ولد غيره) يعني لا يطأ أمة حاملا سباها أو اشتراها فيحرم ذلك إجماعا لأن الجنين ينمو بمائة ويزيد في سمعه وبصره منه فيصير كأنه ابن لهما فإذا صار مشتركا اقتضت المشاركة توريثه وهو ابن غيره وتملكه وهو ابنه . - (ت) وحسنه (عن رويفع) مصغر ابن ثابت الأنصاري يعد في البصريين له صحبة ورواية . ولي لمعاوية غزة وإفريقية رمز لحسنه ورواه أحمد وأبو داود وابن حبان بلفظ لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره .
[ 274 ]
8981 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له (فلا يروعن) بالتشديد (مسلما) فإن ترويع المسلم حرام شديد التحريم ومنه يؤخذ أنه كبيرة . - (طب عن سليمان بن صرد) قال : صلى أعرابي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعه قرن فأخذها بعض القوم ، فلما سلم قال الأعرابي : القرن فكان بعض القوم ضحك فذكره رمز لحسنه قال الهيثمي : رواه الطبراني من رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن مسلم ، فإن كان هو العبدي فمن رجال الصحيح وإن كان المكي فضعيف وبقية رجاله ثقات . 8982 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) أي يصدق بلقاء الله والقدوم عليه (فلا يلبس) أي الرجل (حريرا ولا ذهبا) فإنه حرام عليه لما فيه من الخنوثة التي لا تليق بشهامة الرجال . - (حم ك عن أبي أمامة) ورواه عنه أيضا الديلمي والحارث بن أبي أسامة . 8983 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس خفيه حتى ينفضهما) فقد يكون فيه نحو حية أو عقرب وهو لا يشعر فيكون قد ألقى بنفسه الى التهلكة . - (طب عن أبي أمامة) قال : دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بخفيه فلبس أحدهما ثم جاء غراب فالتبس الأخرى فرمى به فوقعت منه حية فذكره . قال الهيثمي : صحيح إن شاء الله . 8984 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام بغير إزار) ساتر لعورته والأولى كونه سابغا (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل حليلته الحمام) فإنه لها مكروه إلا لعذر كحيض ونفاس . قال الغزالي : ويكره للرجل أن يعطيها أجرته فيكون كفاعل المكروه (ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يجلس على مائدة يدار عليها الخمر) وإن لم يشرب معهم لأنه تقرير على المنكر . - (ت) في الاستئذان (ك) في الأدب (عن جابر) قال الترمذي : حسن غريب ، وقال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي ، وقال في المنار بعد ما عزاه للترمذي : فيه ليث بن أبي سليم ضعيف وقد رد من أجله أحاديث عدة وقضية صنيع المصنف أن الترمذي تفرد به من بين الستة والأمر بخلافه فقد خرجه
[ 275 ]
النسائي في الطهارة باللفظ المزبور عن جابر المذكور فكان ينبغي للمصنف ضمه إليه وإيثار الثاني فإن سنده أصح كما جزم به الصدر المناوي وغيره ، ولهذا قال ابن حجر : أخرجه النسائي من حديث جابر مرفوعا إسناده جيد [ ص 212 ] وأخرجه الترمذي من وجه آخر بسند فيه ضعف وأبو داود عن ابن عمر بسند فيه انقطاع وأحمد عن ابن عمر . 8985 - (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر) وفي رواية من كان يحب الله ورسوله (فليحب أسامة بن زيد) فإنه حب رسوله وابن حبه . - (حم عن عائشة) قالت : لا ينبغي لأحد أن يبغض أسامة بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8986 - (من كتم شهادة إذا دعى إليها كان كمن شهد بالزور) فكتمان الشهادة حرام شديد التحريم فهو من الكبائر * (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) * . (طب) وكذا في الأوسط (عن أبي موسى) الأشعري ، وفيه عبد الله بن صالح وثقه عبد الملك بن شعيب وضعفه جمع ، وذكر الهيثمي كالمنذري أن جزرة كذبه وغيره ضعفه عن معاوية ابن صالح . قال الذهبي في الضعفاء : ثقة ، وقال أبو حاتم : لا يحتج به عن العلاء بن الحارث . قال الذهبي في الضعفاء : قال البخاري : منكر الحديث . 8987 - (من كتم على غال) أي ستر على من غل في الغنيمة (فهو مثله) في الإثم في أحكام الآخرة لا الدنيا ، ورأى بعض السلف أنه يحرق متاعه وعليه لا يعارضه الأمر بالستر لأن المراد به الستر المندوب إليه كالستر على ذوي الهيئات ممن انقضت معصيته . - (د عن سمرة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قالوا : رجاله ثقات . 8988 - (من كتم علما عن أهله ألجم) بالبناء للمفعول والفاعل الله ، وفي رواية ألجمه الله (يوم القيامة لجاما من نار) أي الممسك عن الكلام ممثل بمن ألزم نفسه بلجام وتنكير علم في حيز الشرط يوهم شمول العموم لكل علم حتى غير الشرعي وخصه كثير كالحليمي بالشرعي والمراد به ما أخذ من الشرع أو توقف هو عليه توقف وجود كعلم الكلام أو كمال كالنحو والمنطق ، والحديث نص في تحريم الكتم وخصه آخرون بما يلزمه تعليمه وتعين عليه واحترز بقوله عن أهله كتمه عن غير أهله فمطلوب
[ 276 ]
بل واجب ، فقد سئل بعض العلماء عن شئ فلم يجب فقال السائل : أما سمعت خير من كتم علما إلخ قال : اترك اللجام واذهب فإن جاء من يفقهه فكتمته فليجمني وقوله تعالى * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * تنبيه على أن حفظ العلم عمن يفسده أو يضربه أولى وليس الظلم في إعطاء غير المستحق بأقل من الظلم في منع المستحق ، وجعل بعضهم حبس كتب العلم من صور الكتم سيما إن عزت نسخه ، وأخرج البيهقي عن الزهري إياك وغلول الكتب قيل : وما غلولها قال : حبسها . - (عد عن ابن مسعود) بإسناد ضعيف ، قال الزركشي : ورواه عبد الله بن وهب المصري عن عبد الله بن عباس عن أبيه عن أبي عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار وهذا إسناده صحيح ليس فيه مجروح ، وظن ابن الجوزي أن ابن وهب هو النشوي الذي قال فيه ابن حبان دجال وليس كذلك اه‍ ، ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه من حديث أبي هريرة وحسنه بلفظ من علم علما فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار وقال الذهبي : سنده قوي . 8989 - (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار) أي استنار وجهه وعلاه بهاءا وضيئا ، وفي العوارف وجهان في معنى هذا الحديث أحدهما اكتسابه نورا وضياءا والثاني أن وجوه أموره التي يتوجه إليها تحسن وتدركه المعونة منه تعالى في تصاريفه وأسراره والتوفيق في أقواله وأفعاله وقال غيره : التهجد بالليل يغسل الوجه عن الكدورات الحادثة بالنهار عن رؤية الأغيار التي لها خدش في القلب عظيم كالقذى في العين فيصبح وقد أضاء وجهه حقيقة لأن الظاهر عنوان الباطن وقال الثعلبي المراد بالنهار نهار القيامة كالدنيا وجعل صاحب الكافي من الحنفية هذا دليلا على أن حسن الوجه من الصفات التي يقدم بها للإمامة فقال : قوله أحسنهم وجها أي أكثرهم صلاة بالليل لهذا الحديث قال في الفتح : والمحدثون لا يثبتونه . - (ه عن جابر) بن عبد الله قال العقيلي : حديث باطل لا أصل له ولم يتابع ثابتا عليه ثقة وأطنب ابن عدي في رده وأنه منكر بل مثلوا به للموضوع غير المقصود وممن مثل له به الحافظ العراقي في متن الألفية وقال : لا أصل له ولم يقصد ثابت وضعه وإنما دخل على شريك وهو بمجلس إملائه عند قوله حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر المتن فقال شريك متصل بالسند أو المتن حين نظر إلى ثابت ممازحا له من كثرت صلاته إلخ معرضا بزهده وعبادته فظن ثابت أن هذا متن السند فحدث به اه‍ . ومن العجب العجاب أن المؤلف قال في كتابه أعذب المناهل : إن الحفاظ حكموا على هذا الحديث بالوضع وأطبقوا على أنه موضوع هذه عبارته فكيف يورده في كتاب ادعى أنه صانه عما تفرد به وضاع وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الذهبي : فيه ثابت بن موسى الضبي الكوفي العابد قال يحيى : كذاب وقال غيره : خبر باطل وقال الحاكم : هذا لم يثبت عن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولم ينطق به قط علماء الحديث .
[ 277 ]
8990 - (من كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به) لأن السقط ما لا عبرة به ولا نفع فيه فإن كان لغوا لا إثم فيه حوسب على تضييع عمره وكفران النعمة يصرف نعمة اللسان عن الذكر إلى الهذيان وقلما سلم من الخروج إلى ما يوجب الآثام فتصير النار أولى به من الجنة لذلك ولهذا قال لقمان لابنه لو كان الكلام من فضة لكان السكوت من ذهب وقال الغزالي : لا تبسطن لسانك فيفسد عليك شأنك ، وفي المثل السائر رب كلمة تقول لصاحبها دعني ونظر بعضهم إلى رجل يكثر الكلام فقال : يا هذا ويحك إنما تملي كتابا إلى ربك يقرأ على رؤوس الأشهاد يوم الشدائد والأهوال وأنت عطشان عريان جوعان فانظر ماذا تملي ؟ ولابن المبارك : احفظ لسانك إن اللسا * ن سريع إلى المرء في قتله وإن اللسان دليل الفؤا * د يدل الرجال على عقله ولابن مطيع : لسان المرء ليث في كمين * إذا خلى عليه له إغاره فصنه عن الخنا بلجام صمت * يكن لك من بليته ستاره قال عمر للأحنف : يا أحنف من كثر ضحكه قلت هيبته ومن مزح استخف به ومن أكثر من شئ عرف به ومن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه قل حياؤه ومن قل حياؤه قل ورعه ومن قل ورعه مات قلبه وقال معاوية يوما : لو ولد أبو سفيان الخلق كلهم كانوا عقلاء فقال له رجل : قد ولد من هو خير من أبي سفيان فكان فيهم العاقل والأحمق فقال معاوية : من كثر كلامه كثر سقطه . - (طس) وكذا القضاعي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : وفيه من لا أعرفهم وأعاده في [ ص 214 ] محل آخر وقال : فيه جماعة ضعفاء وقد وثقوا اه‍ . وفي الميزان : إنه خبر ساقط وذلك في ترجمة إبراهيم بن الأشعث أحد رواته أن أبا حاتم قال : كنا نظن به الخير فقد جاء بمثل هذا الحديث وذكر حديثا ساقطا ثم ساق هذا الحديث بعينه وذكر ابن الحباب في الثقات يغرب وينفرد ويخفي ويخالف اه‍ ، وقال الزين العراقي : رواه في الحلية عن ابن عمر وسنده ضعيف وابن حبان في روضة العقلاء والبيهقي في الشعب موقوفا وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال العسكري : أحسب هذا الحديث وهما لأن هذا الكلام إنما يروى عن عمر من قوله . 8991 - (من كذب بالقدر) محركا (فقد كفر بما جئت به) وفي رواية الطبراني فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا مسوق للزجر والتهويل والأصح عدم تكفير أهل القبلة . (عد عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الخطاب قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وفيه سوار بن عبد الله قال أحمد والنسائي يحيى متروك اه‍ ، وفي الميزان قال الثوري : سوار ليس بشئ وفي اللسان أورده العقيلي في ترجمته وقال :
[ 278 ]
يروي في القدر أحاديث صحاحا فأما بهذا اللفظ فلا يحفظ إلا عنه اه‍ ثم ناقشه ورواه الطبراني أيضا لكنه قال بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي : وفيه محمد بن الحسين القصاص لم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 8992 - (من كذب في حلمه كلف يوم القيامة عقد شعيرة) لأن الرؤيا نوع من الوحي يريه الله تعالى عبده فمن كذب فيه فقد كذب في نوع من الوحي فاستحق الوعيد الشديد وقيل معناه ليس أن ذلك عذابه وجزاؤه بل أن يجعل ذلك شعاره ليعلم به أنه كان يزور الأحلام . قال القاضي : ولفظه كلف يشعر بالمعنى الأول قال ابن العربي : وخص الشعير بذلك لما بينهما من نسبة تلبسه بما لم يشعر به . - (حم ت ك) في باب الرؤيا (عن علي) أمير المؤمنين قال الحاكم : وتعقبه ابن القطان بأن فيه عبد الأعلى بن عامر ضعفه أبو زرعة وغيره ثم إن كلام المصنف كالصريح في أن هذا غير موجود في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه بل هو كما قال الحافظ العراقي في البخاري من حديث ابن عباس . 8993 - (من كذب علي متعمدا) أي من أخبر عني بشئ على خلاف ما هو عليه (فليتبوأ) بسكون اللازم فليتخذ أو فلينزل أصله من إباء الإبل وهي أعطانها أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء عليه أي بوأه الله ذلك أو خبر بلفظ الأمر ومعناه استوجب ذلك فليوطن نفسه عليه والمراد أن هذا جزاؤه وقد يغفر له أو الأمر على حقيقته والمعنى من كذب فليأمر نفسه بالبواء ويلزم عليه ، ذكر الأخير الكرماني ، قال ابن حجر : وأولها أولاها (مقعده من النار) قال الطيبي : فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب وجزائه كما أنه قصد بالكذب التعمية فليقصد في جزائه البوار وهذا وعيد شديد يفيد أن ذلك من أكبر الكبائر سيما في الدين وعليه الإجماع ولا التفات إلى ما شذ به الكرامية [ ص 215 ] من حل وضع الحديث في الترغيب والترهيب واقتدى بهم بعض جهلة المتصوفة فأباحوه في ذلك ترغيبا في الخير بزعمهم الباطل وهذه غباوة ظاهرة وجهالة متناهية قال ابن جماعة وغيره : وهؤلاء أعظم الأصناف ضررا وأكثر خطرا إذ لسان حالهم يقول الشريعة محتاجة لكذا فنكملها ومن هذه الطبقة واضع حديث فضائل القرآن وظاهر الخبر عموم الوعيد في كل كذب وتخصيصه بالكذب في الدين لا دليل عليه ولو قصد الكذب عليه ولم يكن في الواقع كذبا لم يدخل في الوعيد لأن إثمه من جهة قصده واستشكل هذا بأن الكذب معصية مطلقا إلا لمصلحة والعاصي متوعد بالنار فما الذي امتاز به الكاذب عليه وأجيب بأن الكذب عليه يكفر متعمده عند جمع منهم الجويني لكن ضعفه ابنه بأن الكذب عليه كبيرة وعلى غيره صغيرة ولا يلزم أن يكون مقر الكاذبين واحدا . - (حم ق ت ه عن أنس) بن مالك (حم خ د ن ه عن الزبير) بن العوام (م عن أبي هريرة) الدوسي (ت عن علي) أمير المؤمنين (حم ه عن جابر) بن عبد الله (وعن أبي سعيد) الخدري (ت ه عن ابن مسعود) عبد الله (حم ك عن خالد بن عرفطة) العذري
[ 279 ]
وصحف من قال عرفجة (وعن زيد بن أرقم) الأنصاري الخزرجي (حم عن سلمة بن الأكوع) هو أبو عمرو بن الأكوع (وعن عقبة بن عامر) الجهني (وعن معاوية) بن أبي سفيان الخليفة (طب عن السائب بن يزيد) بن سعيد بن ثمامة الكندي (وعن سلمان بن خالد الخزاعي وعن صهيب) الرومي (وعن طارق) بالقاف (ابن أشيم) بالمعجمة وزن أحمد بن مسعود الأشجعي (وعن طلحة بن عبيد الله) أحد العشرة (وعن ابن عباس) بن عبد المطلب (وعن ابن عمر) بن الخطاب (وعن ابن عمرو) بن العاص (وعن عتبة بن غزوان) بفتح المعجمة وسكون الزاي ابن جابر المازني صحابي جليل (وعن العروس بن عميرة وعن عمار بن ياسر) بكسر المهملة (وعن عمران بن حصين) بضم المهملة (وعن عمر بن حريث) تصغير حرث (وعن عمر بن عبسة) بفتح المهملتين بينهما موحدة (وعن عمرو بن مرة الجهني وعن المغيرة) بضم الميم (ابن شعبة وعن يعلى بن مرة وعن أبي عبيدة بن الجراح وعن أبي موسى الأشعري (طس عن البزار عن معاذ بن جبل وعن نبيط) بالتصغير (ابن شريط) بفتح المعجمة الأشجعي الكوفي صحابي صغير (وعن ميمونة) أم المؤمنين (قط في الأفراد عن أبي رمثة) بكسر الراء وسكون الميم وبالمثلثة (وعن ابن الزبير وعن أبي رافع وعن أم أيمن) بركة الحبشية (خط عن سلمان الفارسي ، وعن أبي أمامة) الباهلي (ابن عساكر عن رافع بن خديج) بفتح المعجمة وكسر المهملة (وعن زيد بن أسد عن عائشة ، ابن صاعد في طرقه عن أبي بكر الصديق وعن عمر بن الخطاب وعن سعد بن بن أبي وقاص وعن حذيفة بن أبي أسيد وعن حذيفة بن اليمان ، أبو مسعود ابن الفرات في جزئه عن عثمان بن عفان ، البزار عن سعيد بن زيد عن أسامة بن زيد وعبريدة وعن سفينة وعن أبي قتادة ، أبو نعيم في المعرفة عن جندع بن عمرو وعن مسعود بن المدحاس وعن عبد الله بن زغب بن قانع عن [ ص 216 ] عبد الله بن أبي أوفى ك في المدخل عن عفان بن حبيب عد عن غزوان وعن أبي كبشة ابن الجوزي في مقدمة
[ 280 ]
الموضوعات عن أبي ذر وعن أبي موسى الغافقي) ظاهر استقصاء المصنف في تعداد المخرجين والرواة أنه لم يروه من غير ذكر وليس كذلك بل قال ابن الجوزي : رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية وتسعون صحابيا منهم العشرة ولا يعرف ذلك لغيره وخرجه الطبراني عن نحو هذا العدد وذكر ابن دحية أنه خرج من نحو أربعمائة طريق وقال بعضهم : رواه مائتان من الصحابة وألفاظهم متقاربة والمعنى واحد ومنها من نقل عني ما لم أقله فليتبوأ مقعده من النار قالوا وهذا أصعب ألفاظه وأشقها لشموله للمصحف واللحان والمحرف وقال ابن الصلاح : ليس في مرتبته من التواتر غيره لكن نوزع . 8994 - (من كذب علي فهو في النار) ظاهره ولو مرة قال أحمد : فيفسق وترد شهادته ورواياته ولو تاب وحسنت حالته تغليظا عليه وغالب الكذابين على النبي صلى الله عليه وسلم زنادقة أرادوا تبديل الدين قال حماد : وضعت الزنادقة أربعة عشر ألف حديث . (تنبيه) قال البيضاوي : ليس كل ما ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم صدقا والاستدلال فيه جائزا فإنه روى عن شعبة وأحمد والبخاري ومسلم أن نصف الحديث كذب وقد قال عليه الصلاة والسلام إنه سيكذب علي فهذا الخبر إن كان صدقا فلا بد أن يكذب عليه وقال من كذب علي متعمدا الحديث وإنما وقع هذا من الثقات لا عن تعمد بل لنسيان كما روي أن ابن عمر روى أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فبلغ ابن عباس قال : ذهب أبو عبد الرحمن إنه صلى الله عليه وسلم مر بيهودي يبكي على قبر فذكره أو لالتباس لفظ بلفظ أو تغيير عبارة ونقل بالمعنى نظيره أن ابن عمر روى أنه وقف على قتلى بدر فقال هل وجدتم ما وعد ربكم حفا ثم قال إنهم يسمعون ما أقول فذكر ذلك لعائشة فقالت لا بل قال لتعلمون ما أقول إن الذي كنت أقول لهم هو الحق أو لأنه ذكره الرسول صلى الله عليه وسلم حكاية فظن الراوي أنه من عنده أو لأن ما قاله مختص بسبب فغفل الراوي عنه كما روي أنه قال التاجر فاجر فقالت عائشة : إنما قاله في تاجر يدلس وقد يقع عن تعمد إما عن ملاحدة طعنا في الدين وتنفيرا للعقلاء عنه وإما عن الغلاة المتعصبين تقريرا لمذهبهم وردا لخصومهم كما روي أنه قال سيجئ أقوام يقولون القرآن مخلوق فمن قال ذلك فقد كفر أو جهلة القصاص ترقيقا لقلوب العوام وترغيبا لهم في الأذكار أو لغير ذلك . (حم عن ابن عمر) بن الخطاب . 8995 - (من كذب في حلمه متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) أشار بإيراده هذا الحديث غب الكذب عليه إلى أن الكذب عليه في الرؤيا كالكذب عليه في الرواية وربما كان أغلظ لاجتماع الكذب في رؤيا المنام مع الكذب عليه في اليقظة ولما عجز الكذبة في هذه العصور وقبلها عن افتراء الكذب في الرواية لجهلهم بمعرفة الأسانيد والمتون عدلوا إلى وضع منامات مكذوبة فيها أوامر ونواه بألفاظ عامية
[ 281 ]
وكلمات ركيكة وتراكيب ضعيفة فعلى المكلف الضرب عن ذلك صفحا واعتقاد أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى ترك الناس على شريعة بيضاء ليلها كنهارها لا تحتاج إلى تتمة ولا تفتقر إلى زيادة وحسبك في الرد عليهم * (اليوم أكملت لكم دينكم) * . - (حم عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه . 8996 - (من كرم أصله وطاب مولده حسن محضره) فكان مفتاحا للخير مغلاقا للشر ولا يذكر أحد في المجلس إلا بخير . (ابن النجار) في تاريخه (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي : قال ابن عدي : هذا الحديث بهذا الإسناد باطل ورواه الديلمي عن ابن عمر . 8997 - (من كظم غيظا) أي أمسك وكف عن إمضائه من كظمت القربة إذا ملأنها وشددت رأسها ذكره القاضي (وهو يقدر على إنفاذه ملأ الله قلبه أمنا وإيمانا) لأنه قهر النفس الأمارة بالسوء فانحلت ظلمة قلبه فامتلأ يقينا وإيمانا ولهذا أثنى الله على الكاظمين الغيظ في كتابه وكان ذلك من آداب الأنبياء والمرسلين ومن ثم خدم أنس المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين فلم يقل له في شئ فعله لم فعلته ولا في شئ تركه لم تركته . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : فيه من لم يسم ورواه أبو داود باللفظ المزبور لكنه قال على أن ينفذه بدل إنفاذه قال ابن طاهر : وفي إسناده مجهول وأورده في الميزان في ترجمة عبد الجليل وقال : قال البخاري : لا يتابع عليه ورواه الطبراني في الأوسط والصغير بلفظ من كظم غيظا وهو قادر على إنفاذه زوجه الله من الحور العين يوم القيامة ومن ترك ثوب جمال وهو قادر على لبسه كساه الله رداء الإيمان يوم القيامة ومن أنكح عبدا وضع الله على رأسه تاج الملك يوم القيامة قال الهيثمي : فيه بقية مدلس ورواه الطبراني من حديث أبي مرحوم عن معاذ مرفوعا بلفظ " من كظم غيظا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلق يوم القيامة حتى يزوجه من أي الحورشاء " قال في المهذب : أبو مرحوم ليس بذاك . 8998 - (من كف غضبه) وفرواية لسانه (ستر الله عورته) أي من منع نفسه عند هيجان الغضب عن أذى معصوم فعاجل ثوابه أن يستر عورته في الدنيا ومن ستره فيها لا يهتكه في الآخرة ولا يعذبه بنارها لأن من وراء الستر الرضا والنار إنما تلظت وتسعرت لغضبه فإذا كف العبد غضبه ستر الله عورته وأما ما صح أن موسى اغتسل عريانا فوضع ثوبه على حجر في خلوة ففر به فعدا وراءه يقول
[ 282 ]
ثوبي يا حجر ويضربه بعصاه حتى أثرت فيه فهو ضرب تأديب لا انتقام . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزين العراقي : إسناده حسن . 8999 - (من كفن ميتا) أي قام له بالكفن من ماله واحتمال أن المراد فعل التكفين لا يلائم السياق (كان له بكل شعرة منه حسنة) يعطاها في الآخرة والظاهر أن المراد الميت المعسر العاجز عن الكفن وليس له من يلزمه مؤونة تجهيزه ويحتمل التعميم وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي " من كفن ميتا كساه الله من السندس " . (خط عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي : تفرد به أبو العلاء خالد بن طهمان وتفرد به عنه الصلت بن الحجاج قال يحيى : خالد ضعيف وابن عدي : عامة أحاديث الصلت منكرة وفي الميزان : الظاهر أن هذا حديث موضوع . 9000 - (من كنت مولاه فعلي مولاه) أي وليه وناصره ولاء الإسلام * (ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا) * وخصه لمزيد علمه ودقائق مستنبطاته وفهمه وحسن سيرته وصفاء سريرته وكرم شيمته ورسوخ قدمه قيل سببه أن أسامة قال لعلي : لست مولاي إنما مولاي رسول الله فقال النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك ومن الغريب ما ذكره في لسان الميزان في ترجمة اسفنديار بن الموفق الواعظ أنه كان يتشيع وكان متواضعا عابدا زاهدا عن ابن الجوزي [ ص 218 ] أنه حكى عن بعض العدول أنه حضر مجلسه فقال لما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنت مولاه فعلي مولاه تغير وجه أبي بكر وعمر ونزلت * (فلما رأوه زلفة سيئت وجوه الذين كفروا) * الآية هكذا ذكره الحافظ في اللسان بنصه ولم أذكره إلا للتعجب من هذا الضلال وأستغفر الله قال ابن حجر : حديث كثير الطرق جدا استوعبها ابن عقدة في كتاب مفرد منها صحاح ومنها حسان وفي بعضها قال ذلك يوم غدير خم وزاد البزار في رواية " اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأحب من أحبه وأبغض من أبغضه وانصر من نصره واخذل من خذله " ولما سمع أبو بكر وعمر ذلك قالا فيما خرجه الدارقطني عن سعد بن أبي وقاص " أمسيت يا بن أبي طالب مولى كل مؤمن ومؤمنة " وأخرج أيضا قيل لعمر إنك تصنع بعلي شيئا لا تصنعه بأحد من الصحابة قال إنه مولاي وفي تفسير الثعلبي عن ابن عيينة أن النبي صلى الله عليه وعلى وآله وسلم لما قال ذلك طار في الآفاق فبلغ الحارث بن النعمان فأتى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم فقال : يا محمد أمرتنا عن الله بالشهادتين فقبلنا وبالصلاة والزكاة والصيام والحج فقبلنا ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك تفضله علينا فهذا شئ منك أم من الله فقال : " والذي لا إله إلا هو إنه من الله " فولى وهو يقول : اللهم إن كان ما يقوله محمد صلى الله عليه وسلم حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو اتتنا بعذاب أليم فما وصل لراحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على هامته فخرج من دبره فقتله ولا حجة في ذلك كله على تفضيله على الشيخين كما هو مقرر بمحله من فن الأصول . (حم ه عن البراء) بن عازب (حم عن بريدة) بن الحصيب (ت ن والضياء) المقدسي (عن زيد بن أرقم) قال الهيثمي : رجال أحمد ثقات وقال في موضع آخر : رجاله رجال الصحيح وقال المصنف : حديث متواتر .
[ 283 ]
9001 - (من كنت وليه فعلي وليه) يدفع عنه ما يكره قال الشافعي : عنى به ولاء الإسلام ورواه الديلمي بلفظ " من كنت نبيه فعلي وليه " ولهذا قال أبو بكر فيما أخرجه الدارقطني " على عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم " أي الذين حث على التمسك بهم . - (حم ن ك عن بريدة) بن الحصيب قال الهيثمي في موضع : رجاله موثقون وفي آخر : رجاله ثقات وفي آخر : رجاله رجال الصحيح . 9002 - (من لبس الحرير في الدنيا) أي من الرجال كما أفاده الحديث المار " حرم الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم " (لم يلبسه في الآخرة) أي جزاؤه أن لا يلبسه فيها لاستعجاله ما أمر بتأخيره ووعد به فحرمه عند ميقاته كوارث قتل مورثه * (أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها) * وهذا وعيد مقتض لهذا الحكم وقد يتخلف لمانع وقد دلت النصوص القرآنية على أن التوبة لحوق الوعيد وكذا الحسنات الماحية والمصائب المكفرة والدعاء والشفاعة بل وشفاعة أرحم الراحمين إلى نفسه ولمالك الجزاء إسقاطه وهذا الحديث نظير " من شرب الخمر في الدنيا لم يشربها في الآخرة " (حم ق) في اللباس (ن) في الزينة كلهم (عن أنس) بن مالك . 9003 - (من لبس ثوب الشهرة) أي ثوب تكبر وتفاخر والشهرة هي التفاخر في اللباس المرتفع أو المنخفض للغاية ولهذا قال ابن القيم : هو من الثياب الغالي والمنخفض وقال ابن الأثير : ظهور الشئ في شنعة حتى بظهره للناس (أعرض الله عنه) أي لم ينظر الله إليه نظر رحمة ويستمر ذلك (حتى يضعه متى وضعه) بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب وقال ابن الأثير : المراد به ما ليس من لبس الرجال يعني يشتهر بينهم بمخالفة ثوبه لألوان ثيابهم وليس ذا مختصا [ ص 219 ] بالثياب بل يحصل لمن لبس ما يخالف ملبوس الناس فيعجبوا من لباسه ويعتقدوه وقال القاضي : المراد بثوب الشهرة ما لا يحل لبسه وإلا لما رتب الوعيد عليه أو ما يقصد بلبسه التفاخر والتكبر على الفقراء والإدلال والتيه عليه وكسر قلوبهم أو ما يتخذه المساخر ليجعل به نفسه ضحكة بين الناس أو ما يرائي به من الأعمال فكنى بالثوب عن العمل وهو شائع والأظهر الأول لملاءمته لقوله ألبسه الله ثوب مذلة . (ه والضياء) المقدسي (عن أبي ذر) وضعفه المنذري وقال غيره : فيه وكيع بن محرز الشامي قال في الميزان : قال البخاري رحمه الله تعالى : عنده عجائب وساق هذا منها وقال أبو حاتم : لا بأس به . 9004 - (من لبس ثوب شهرة) قال القاضي : الشهرة ظهور الشئ في شنعة بحيث يشتهر به
[ 284 ]
(ألبسه الله يوم القيامة) التي هي دار الجزاء وكشف الغطاء (ثوبا مثله) كذا بخط المصنف وفي رواية ثوب مذلة أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن في ذلك الجمع الأعظم بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب لأنه لبس شهوة الدنيا ليفتخر بها على غيره فيلبسه الله مثله (ثم تلهب فيه النار) عقوبة له بنقيض فعله والجزاء من جنس العمل فأذله الله كما عاقب من أطال ثوبه خيلاء بأن خسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ولبس الدنئ من الثياب يذم في موضع ويحمد في موضع فيذم إذا كان شهرة وخيلاء ويمدح إذا كان تواضعا واستكانة كما أن لبس الرفيع منها يذم إذا كان لكبر أو فخر ويمدح إذا كان تجملا وإظهارا للنعمة . - (د ه) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري : إسناده حسن اه‍ وقال عبد الحق : فيه شريك بن عثمان بن أبي زرعة اه‍ قال ابن القطان : يوهم ضعف عثمان وما به ضعف اه‍ . ورواه عنه أيضا النسائي في الزينة فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك عن السنة به غير لائق . 9005 - (من لبس الحرير) أي من الرجال (في الدنيا) أي عامدا عالما بلا عذر (ألبسه الله يوم القيامة ثوبا) أو قال يوما هكذا ذكره المنذري (من نار) جزاء بما عمل وفي رواية " من لبس ثوب حرير في الدنيا ألبسه الله يوم القيامة ثوب مذلة من النار أو ثوبا من النار " كذا ساقه المنذري . (حم) وكذا الطبراني (عن جويرية) تصغير جارية قال الهيثمي : فيه جابر الجعفي وهو ضعيف ، وقد وثقه اه‍ . وقال المنذري عقب عزوه لأحمد والطبراني : فيه جابر الجعفي قال : ورواه البزار عن حذيفة رضي الله عنه موقوفا " من لبس ثوب حرير ألبسه الله يوما من نار ليس من أيامكم ولكن من أيام الله الطوال " . 9006 - (من لطم مملوكه أو ضربه فكفارته) الماحية لذلك (أن يعتقه) أي ندبا وأجمعوا على عدم وجوبه قال ابن العربي : إذا لطمته فقد ظلمته وفعلت به ما ليس لك فعله فتعين النظر في مغفرة ذلك الذنب بما يقارنه ويناسبه من العمل وهو العتق لينجو اللاطم من النار باخراج الملطوم من الرق ، فإن قيل : وباللطمة يستحق النار ، قلنا : حق الآدمي لا يسقط إلا برضاه واللطمة قد تكون بسبب دخول صاحبها النار بأن تصادفه ، وقد استوت حسناته وسيئاته فتوضع اللطمة في كفة السيئات فترجح فيقتضي النار فيكون عتقها عاصما منها أجرا في مقابل وزر محلا بمحل . (حم م د عن ابن عمر) بن الخطاب . 9007 - (من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله) وفي رواية مسلم " من لعب بالنردشير فكأنما
[ 285 ]
صنع يده في لحم الخنزير ودمه " والنردشير هو النرد ومعناه الفرس حلو ، قيل : سبب حرمته أن واضعه سابور بن أزدشير أول ملوك ساسان شبه رقعته بوجه الأرض والتقسيم الرباعي بالفصول الأربعة والشخوص الثلاثين بثلاثين يوما والسواد والبياض بالليل [ ص 220 ] والنهار والبيوت الاثني عشر بشهور السنة والكعاب الثلاثة بالأقضية السماوية فيما للإنسان وعليه وما ليس له ولا عليه والخصال بالأغراض التي يسعى الإنسان واللعب بها بالكسب فصار من يلعب بها حقيقا بالوعيد المفهوم من تشبيه أحد الأمرين بالآخر لاجتهاده في إحياء سنة المجوس المستكبرة على الله . وقد اتفق السلف على حرمة اللعب به ونقل ابن قدامة عليه الإجماع ولا يخلو عن نزاع قال الزمخشري : دخلت في زمن الحداثة على شيخ يلعب بالنرد مع آخر يعرف بازدشير فقلت الأزدشير النردشير بئس المولى وبئس العشير . (حم د ه) في الأدب (ك) في الإيمان (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ولم يضعفه أبو داود قال ابن حجر : وهم من عزاه لمسلم . 9008 - (من لعب بطلاق أو عتاق) أي قال : طلقت زوجتي أو أعتقت عبدي هازلا (فهو كما قال) أي فيقع الطلاق والعتق فإن هزلهما جد كما مر . (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف فرمز المصنف لحسنه لا يحسن . 9009 - (من لعق الصحفة ولعق أصابعه) من أثر الطعام (أشبعه الله في الدنيا والآخرة) يحتمل الدعاء والخبر قال زين الحفاظ العراقي : وينبغي في لعق الأصابع الابتداء بالوسطى فالسبابة فالإبهام كما ثبت في حديث كعب بن عجرة اقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم وسببه أن الوسطى أكثرها تلوثا بالطعام لكونها أعظم الأصابع وأطولها فينزل في الطعام منها أكثر منهما وينزل من السبابة فيه أكثر من الإبهام لطول السبابة عليها ويحتمل أن البداءة بالوسطى لأنه ينتقل منها إلى جهة اليمين في لعق الأصابع وذلك لأن الذي يلعق أصابعه يكون بطن كفه إلى جهة وجهه فإذا ابتدأ بالوسطى انتقل للسبابة على جهة يمينه ثم الإبهام كذلك بخلاف ما لو بدأ بالإبهام فإنه ينتقل إلى جهة يساره وهذا أظهر الاحتمالات . (طب عن العرباض) بن سارية قال زين الحفاظ العراقي : فيه شيخ الطبراني إبراهيم بن محمد بن عزق ضعفه الذهبي ، وقال الهيثمي : فيه رجل مجهول . 9010 - (من لعق العسل ثلاث غدوات كل شهر) قال الطيبي : صفة لغدوات أي غدوات كائنة في كل شهر (لم يصبه عظيم من البلاء) لما في العسل من المنافع الدافعة للأدواء وتخصيص الثلاث لسر
[ 286 ]
علمه الشارع والعسل يذكر ويؤنث وأسماؤه تزيد على المائة ومن منافعه أنه يجلي وسخ العروق والأمعاء ويدفع الفضلات ويغسل خمل المعدة ويشدها ويسخنها باعتدال ويفتح أفواه العروق ويحلل الرطوبة أكلا وطلاء وتغذية وينقي الكبد والصدر والكلى والمثانة ويدر البول والطمث وينفع السعال البلغمي وغير ذلك وهو غذاء من الأغذية ودواء من الأدوية وشراب من الأشربة وحلوى من الحلاوات وطلاء من الأطلية ومفرح من المفرحات . - (ه) عن إدريس بن عبد الكريم المغربي عن أبي الربيع الزهراني عن سعيد بن زكريا المدائني عن الزهر بن سعيد عن عبد الحميد بن سالم (عن أبي هريرة) قال في الميزان عن البخاري : لا يعرف لعبد الحميد سماع من أبي هريرة وقال ابن حجر في الفتح : سنده ضعيف لكنه قال : إن ابن ماجه خرجه من حديث جابر والمؤلف قال : عن أبي هريرة فليحرر وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال الزبير : ليس بثقة وقال العقيلي : ليس لهذا الحديث أصل ولم يتعقبه المؤلف سوى بأن له شاهدا وهو ما رواه أبو الشيخ [ ابن حبان ] في الثواب عن أبي هريرة مرفوعا من شرب العسل ثلاثة أيام في كل شهر على الريق عوفي من الداء الأكبر الفالج والجذام والبرص . 9011 - (من لقي الله) أي من لقي الأجل الذي قدره الله يعني الموت (لا يشرك به) أي والحال أنه لقيه وهو غير [ ص 221 ] مشرك به (شيئا) قال أبو البقاء : شيئا مفعول يشرك ومنه قوله تعالى * (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) * ويجوز كونه في موضع المصدر وتقديره لا يشرك به إشراكا كقوله تعالى * (لا يضركم كيدهم شيئا) * أي ضررا (دخل الجنة) أي من مات مؤمنا غير مشرك بالله دخل الجنة بفضل الله ابتداء أو بعد عتاب أو عقاب ومن مات مشركا دخل النار وخلد فيها بالدلائل الدالة عليه فإن قيل أهل الكتاب ليسوا بمشركين ولا يدخلون الجنة فالجواب أن الشرك هنا إن كان بمعنى الكفر فقد اندفع السؤال وإلا كان الكفر مساويا للشرك في استحقاق الخلود في النار فألحق به . - (حم خ) في كتاب العلم (عن أنس) بن مالك قال : ذكر لي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال لمعاذ من لقي إلخ قال : ألا أبشر الناس قال : لا أخاف أن يتكلوا كذا في البخاري وزاد أحمد والطبراني و لم تضره معه خطيئة كما لو لقيه وهو بشرك به دخل النار ولم ينفعه معه حسنة قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ما خلا التابعي فلم يسم ، ثم إن ظاهر صنيع المؤلف أن هذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه وليس كذلك بل رواه مسلم من حديث جابر بزيادة وزاد " ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار " . 9012 - (من لقي الله بغير أثر) أي علامة من جراحة أو تعب نفساني أو غير ذلك (من جهاد) صفة وهي نكرة في سياق النفي فتعم كل جهاد مع العدو والنفس والشيطان (لقي الله وفيه ثلمة) أي نقصان يوم القيامة وأصلها أن تستعمل في نحو الجدار ثم استعيرت هنا للنقص والأثر ما بقي من رسم الشئ وحقيقته ما يدل على وجود الشئ ثم قيل إنه خاص بزمن النبي صلى الله عليه وسلم وقيل عام . (تنبيه) الجهاد من الجهد وهو المشقة فإنه سفر عن الوطن والسفر قطعة من العذاب مع ما فيه من المخاطرة بالنفس فلذلك
[ 287 ]
عظمت درجة المجاهد لعظيم ما يلقى وكثرة حسناته لأنه يقاتل عن كل من وراءه من ا لمسلمين ولولا الجهاد لوصل العدو إليهم فكأنه ناب مناب الكل . (ت ه ك) في الجهاد من حديث الوليد بن مسلم عن إسماعيل بن رافع عن سمى عن أبي صالح (عن أبي هريرة) قال الحاكم : هذا حديث كبير غير أن إسماعيل لم يحتجا به وقال الذهبي في موضع : إسماعيل ضعفوه وفي آخر : ضعيف واه اه‍ . 9013 - (من لقي العدو فصبر حتى يقتل أو يغلب لم يفتن في قبره) أي لم يسأله الملكان منكر ونكير فيه كما يسأل غيره لما مر . (طب ك عن أبي أيوب) الأنصاري قال الهيثمي : وفيه منصف بن بهلول والد محمد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 9014 - (من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر) أي لم يفهم في أثناء صلاته أمورا تلك الأمور تنهى عن الفحشاء والمنكر (لم يزدد) بصلاته (من الله إلا بعدا) لأن صلاته ليست هي المستحق بها الثواب بل هي وبال يترتب عليه العذاب قال الحرالي : هذه الآفة غالبة على كثير من أبناء الدنيا واستدل به الغزالي على أن الخشوع شرط للصلاة قال : لأن صلاة الغافل لا تمنع من الفحشاء والمنكر . (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس وقال الزيلعي : فيه يحيى بن طلحة اليربوعي وثقه ابن حبان وضعفه النسائي وقال في الميزان : هو صويلح الحديث وقال النسائي : ليس بشئ وساق له هذا الخبر ثم قال : أفحش بن الجنيد فقال : هذا كذب وزور ورواه عنه أيضا ابن مردويه في تفسيره . قال الحافظ العراقي : وسندهما لين ، ورواه علي بن معبد في كتاب الطاعة والمعصية من حديث الحسن مرسلا بإسناد صحيح . 9015 - (من لم يأت بيت المقدس يصلي فيه فليبعث) إليه (بزيت يسرج فيه) لينتفع بضوئه المصلون والعاكفون فإن [ ص 222 ] ذلك يقوم مقام الصلاة فيه فإن من أعان على خير فله مثل أجره فاعله وذا قاله لما قالت له ميمونة يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس قال ائتوه فصلوا فيه قالت فإن لم نستطع فذكره . - (هب عن ميمونة) أم المؤمنين رمز المصنف لحسنه وليس كما قال ففيه عثمان بن عطاء الخراساني أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه الدارقطني وغيره وقال عبد الحق : إسناده ليس بقوي .
[ 288 ]
9016 - (من لم يأخذ من شاربه) ما طال حتى يبين الشفة بيانا ظاهرا (فليس منا) أي ليس على طريقتنا الإسلامية وأخذ بظاهره جمع فأوجبوا قصه والجمهور على الندب كما مر غير مرة . (حم ت) في الاستئذان (ن) في الطهارة (والضياء) في المختارة (عن زيد بن أرقم) قال الترمذي : حسن . 9017 - (من لم يؤمن بالقدر) بالتحريك أي القضاء الإلهي (خيره وشره فأنا منه برئ) . (ع عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه صالح بن سرح وهو خارجي وأقول : فيه أيضا يزيد الرقاشي وهو متروك كما مر فتعقبيه الجناية برأس الخارجي وحده خارج عن الإنصاف . 9018 - (من لم يبيت الصيام) وفي رواية لابن ماجه من لم يفرضه من الليل أي يقطع بالصوم من الليل والفرض القطع وعند الدارقطني من لم يروضه أي يتعرض للصيام وينوبه وفي رواية حكاها ابن العربي من لم يبت الصيام والبت القطع (قبل طلوع الفجر) أي ينويه من الليل (فلا صيام له) ظاهره فرضا كان أو نفلا وعليه جمع منهم ابن عمر ومالك وداود الظاهري والمزني وخصه الأكثر بالفرض لخبر الدارقطني عن عائشة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قال : " هل عندكم من غداء قالت : لا قال : فإني إذا أصوم " الحديث ، وإذن للاستقبال والاستثناف واتفقوا على اشتراط التبييت في كل فرض لم يتعلق بزمن معين واختلفوا فيما له زمن معين فشرطه الأكثر فيه أخذا بعموم الحديث غير أن مالكا وأحمد في إحدى روايتين قالا لو نوى أول ليلة من رمضان صوم جميع الشهر أجزأ لأن صوم الكل كصوم يوم واحد قال القاضي : وهو قياس مردود في مقابلة النص ولم يشترط الحنفية التبييت في صوم رمضان والنذر المعين وشرطوه في النذر غير المعين والقضاء والكفارة . - (قط) من طريق عبد الله بن عباد عن الفضل بن فضالة عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة (هق عن عائشة) قال الدارقطني : تفرد به عبد الله بن عباد عن الفضل وكلهم ثقات اه‍ . وقال الذهبي : هو واه وقال الزين العراقي : قال الدارقطني : كلهم ثقات اه‍ . يحتمل أن يراد به المفضل ومن بعد دون عبد الله بن عباد فيكون مراده أنه المتهم به وأنه عصب الجناية به ويحتمل أن يراد به رجاله كلهم عبد الله وغيره فيكون تقوية للحديث والأول أقرب لأن غير واحد اتهم عبد الله بهذا الحديث قال ابن حبان : يقلب الأخبار وعنده نسخة موضوعة ثم ذكر هذا الحديث وفهم ابن العربي من كلام الدارقطني تصحيحه فخطب له وادعى دعاوي عريضة .
[ 289 ]
9019 - (من لم يترك) من الأموات (ولدا ولا والدا) يرثه (فورثته كلالة) هو أن يموت رجل ولا يدع ولدا ولا والدا يرثانه والكلالة الوارثون الذين ليس فيهم والد ولا ولد فهو واقع على الميت وعلى الوارث (هق عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن) بن عوف الزهري اسمه عبد الرحمن أو إسماعيل تابعي ثقة مكثر أحد الأئمة 9020 - (من لم يجمع) فسكون أي يحكم النية ويعقد العزيمة والإجماع العزم التام قال القاضي : يقال أجمع على الأمر وجمع إذا صمم ومنه * (وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم) * [ يوسف : 102 ] أي أحكموه بالعزيمة ولفظ رواية النسائي من لم يبيت (الصيام [ ص 223 ] قبل الفجر) أي الصادق (فلا صيام له) أي صحيح فهو نفي للحقيقة الشرعية وإن وجد الإمساك وحمله من يجوز الصوم بالنية نهارا مطلقا على نفي الكمال . قال أصحابنا في الأصول : ومن البعيد تأويل الحنفية الحديث على القضاء والنذر لصحة غيرهما بنية من النهار عندهم وذلك لأن قصر العام النص في العموم على نادر لندرة القضاء والنذر بالنسبة إلى صوم المكلف به في أصل الشرع (تنبيه) قال ابن العربي : ألبست القدرية بهذا الحديث على سلفنا الأصوليين وأسكنتهم في ضنك من النظر فقالت لهم : إن النفي بلا إذا اتصل باسم على تفصيل فإنه مجمل وقاضوهم وناظروهم فيه وما كان لهم أن يفعلوا فإن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لم يبعث لبيان المشاهدات فإذا نفى شيئا وأثبته فإنما ينفيه ويثبته شرعا فليس في كلامه بذلك احتمال فيدخله إجمال . (حم 3 عن حفصة) قال ابن حجر : سنده صحيح لكن اختلف في رفعه ووقفه وصوب النسائي وقفه اه‍ . وفي العلل للترمذي عن البخاري أن هذا خطأ والصحيح وقفه على ابن عمر . 9021 - (من لم يحلق عانته) يعني يزيل الشعر الذي على فرجه وحوله وخص الحلق لأنه الأغلب (ويقلم أظفاره) أي أظفار يديه ورجليه بقص أو غيره (ويجز شاربه) حتى تتبين الشفة بيانا ظاهرا (فليس منا) أي ليس على سنتنا الإسلامية فإن ذلك مندوب ندبا مؤكدا فتاركه متهاون بالسنة لا أن ذلك واجب كما ظن . - (حم عن رجل) رمز لحسنه وليس كما ظن فقد قال الحافظ العراقي : هذا لا يثبت وفي إسناده ابن لهيعة والكلام فيه معروف . 9022 - (من لم يخلل أصابعه) أي أصابع يديه ورجليه في الوضوء والغسل (بالماء خللها الله
[ 290 ]
بالنار) أي أدخل النار بينهما (يوم القيامة) جزاء له على إهماله وتقصيره فيما طلب منه وهذا الوعيد محمول على من لم يصل الماء لما بين أصابعه إلا بالتخليل فأفاد به أنه لا يجوز ترك ما خفي كما هو بين أما من يصل الماء له بدونه فهو له مندوب وتركه مكروه . (طب عن واثلة) بن الأسقع وضعفه المنذري ولم يبين وجهه وبينه الهيثمي فقال : فيه العلاء بن كثير الليثي وهو مجمع على ضعفه . 9023 - (من لم يدرك الركعة) في الوقت (لم يدرك الصلاة) أي أداء بل تكون قضاء . (هق) من حديث عبد العزيز بن محمد المكي (عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه وقال الذهبي في المهذب : لا أعرف المكي . 9024 - (من لم يدع) يترك (قول الزور) الكذب والميل عن الحق (والعمل به) أي بمقتضاه مما نهى الشرع عنه زاد البخاري في الأدب والجهل وزاد ابن وهب في الصوم وعليه فإفراد الضمير لاشتراكهما في تنقيص الصوم ذكره العراقي (فليس لله حاجة) قال ابن الكمال : هذا وما أشبهه يتفرع على الكناية كقوله تعالى * (إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة) * أي ليس له اعتبار عند الله اه‍ . وأصله قول الزين العراقي فليس لله حاجة في كذا أي ليس مطلوبا له [ ص 224 ] فكنى به عن طلبه تعالى لذلك تجوزا إذ الطلب في الشاهد إنما يكون غالبا عن حاجة الطالب (في أن يدع) أي يترك (طعامه وشرابه) فهو مجاز عن الرد وعدم القبول قال البيضاوي : فنفى السبب وأراد المسبب وإلا فهو سبحانه لا يحتاج إلى شئ وذلك لأن الغرض من إيجاب الصوم ليس نفس الجوع والظمأ بل ما يتبعه من كسر الشهوة وإطفاء ثائرة الغضب وقمع النفس الأمارة وتطويعها للنفس المطمئنة فوجوده بدون ذلك كعدمه ذكره كله البيضاوي رحمه الله تعالى ، فإن قيل : فيلزم الصائم القضاء إذا كذب قلنا : سقوط القضاء من أحكام الدنيا وهي تعتمد وجود الأركان والشرائط ولا خلل فيها فلا قضاء وأما عدم القبول فمعناه عدم استحقاق الفاعل الثواب في الآخرة أو نقصانه وذلك يعتمد اشتماله على الكمالات المقصودة وقول ابن بطال رحمه الله تعالى : معنى قوله حاجة أي إرادة في صيامه فوضع الحاجة موضع الإرادة رد بأنه لو لم يرد الله تركه لم يقع وليس المراد الأمر بترك صيامه إذا لم يترك الزور بل التحذير من قوله وفيه كما قال الطيبي : دليل على أن الكذب والزور أصل الفواحش ومعدن النواهي بل قرين الشرك قال تعالى * (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) * وقد علم أن الشرك مضاد الإخلاص وللصوم مزيد اختصاص بالإخلاص فيرتفع بما يضاده (حم خ د ت ه عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم . 9025 - (من لم يذر) بفتح الياء وذال معجمة أي يترك (المخابرة) وهي العمل على أرض ببعض
[ 291 ]
ما يخرج منها كذا فسره أصحابنا قال ابن رسلان : ولا يستقيم إذ العمل من وظيفة العامل فلا يفسر العقد به (فليؤذن) بالبناء للمفعول (بحرب من الله ورسوله) وجه النهي أن منفعة الأرض ممكنة بالإجارة فلا حاجة للعمل عليها ببعض ما يخرج منها . (د ك عن جابر) وفيه عند أبي داود عبد الله بن رجاء أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : صدوق قال الفلاس : كثير الغلط والتصحيف ورواه أيضا الترمذي في العلل وذكر أنه سأل عنه البخاري فقال : إنما نهى عن تلك الشروط الفاسدة التي كانوا يشترطونها فمن لم ينته فليؤذن بحرب . 9026 - (من لم يرحم صغيرنا) أي من لا يكون من أهل الرحمة لأطفالنا أيها المسلمون (ويعرف حق كبيرنا) سنا أو علما (فليس منا) أي ليس على طريقتنا وسنتنا . (خد د عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه ورواه الحاكم باللفظ المزبور وصححه وأقره الذهبي . 9027 - (من لم يرض بقضاء الله ويؤمن بقدر الله فليلتمس إلها غير الله) لا إله إلا هو فعلى العبد الرضى بقضائه وقدره ولا يلزم من الرضا بالقضاء الرضا بالمقضي . (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : فيه سهل بن أبي حزم وثقه ابن معين وضعفه جمع وبقية رجاله ثقات . 9028 - (من لم يشكر الناس لم يشكر الله) لأنه لم يطعه في امتثال أمره بشكر الناس الذين هم وسائط في إيصال نعم الله عليه والشكر إنما يتم بمطاوعته فمن لم يطعه لم يكن مؤديا شكره أو لأن من لم يشكر الناس مع ما يرى من حرصهم على حب الثناء على الإحسان فأولى بأن يتهاون في شكر من يستوي عليه الشكر والكفران احتمالان للبيضاوي والأول أقرب ومن ثم اقتصر عليه ابن العربي حيث قال : الشكر في العربية إخبار عن النعمة المبتدأة إلى المخبر وفائدته صرف النعم في الطاعة وإلا فذلك كفران وأصل النعم من الله والخلق وسائط وأسباب فالمنعم حقيقة هو الله وله الحمد وله الشكر فالحمد خبر عن جلاله والشكر خبر عن إنعامه وأفضاله لكنه أذن في الشكر للناس لما فيه من تأثير المحبة [ ص 225 ] والألفة وفي رواية لا يشكر الله من لا يشكر الناس ، قال ابن العربي : روي برفع الله والناس ونصبهما ورفع أحدهما ونصب الآخر قال الزين العراقي : والمعروف المشهور في الرواية نصبهما ويشهد له حديث عبد الله بن أحمد : من لا يشكر الناس لم يشكر الله . (حم ت) في البر (والضياء) في المختارة (عن أبي سعيد) الخدري ، قال الترمذي : حسن وقال الهيثمي : سند أحمد حسن ولأبي داود وابن حبان نحوه من حديث أبي هريرة وقال : صحيح .
[ 292 ]
9029 - (من لم يصل ركعتي الفجر) في وقتها (فليصلهما بعد ما تطلع الشمس) فيه أن الراتبة الفائتة تقتضي . (حم ت ك) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9030 - (من لم يطهره البحر) الملح أي ماؤه (فلا طهره الله) دعا عليه فإنه الطهور ماؤه وفيه رد على من كره التطهر به من السلف وأخرج الدارقطني عن ابن عباس البحر ماء طهور للملائكة إذا نزلوا توضؤوا وإذا صعدوا توضؤوا قط عن أبي هريرة) قال في المهذب : ساقه المؤلف يعني البيهقي من حديث محمد بن حميد وهو واه اه‍ وقال الغرياني في مختصر الدارقطني : فيه سعيد بن ثوبان وأبو هند مجهولان . 9031 - (من لم يقبل رخصة الله) يعني لم يعمل بها (كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة) في عظمها ، تمسك به الظاهرية فأوجبوا الفطر في السفر وقالوا : لو صامه لم ينعقد صومه ، وذهب الجمهور إلى جواز الصوم بل إلى أفضليته على الفطر وأجابوا عن هذا الحديث ونحوه بحمله على من يخاف ضررا وعلى من وجد في نفسه رغبة عن الفطر ولم يحتمل قلبه قبول رخصة الله تعالى . (حم عن ابن عمر) بن الخطاب قاله ابن عمر لما جاءه رجل فقال : إني أقوى على الصوم في السفر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . رمز لحسنه . قال الزين العراقي في شرح الترمذي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني معا : إسناده حسن وقال الهيثمي : إسناد أحمد حسن . 9032 - (من لم يوتر فلا صلاة له) أي كاملة . (طس عن أبي هريرة) . 9033 - (من لم يوص) عند موته (لم يؤذن له في الكلام مع الموتى) عقوبة له على ما ترك ما أمر به ، وتمامه عند مخرجه أبي الشيخ قيل : يا رسول الله ويتكلمون قال : نعم ويتزاورون اه‍ . (تتمة) أخرج ابن أبي الدنيا أن حفارا حفر قبرا ونام عنده فأتاه امرأتان فقالت إحداهما : أنشدك بالله إلا ما صرفت عنا هذه المرأة ، فاستيقظ فإذا بامرأة جئ بها فدفنها في قبر آخر فرأى في تلك الليلة المرأتين تقول إحداهما : جزاك الله خيرا فقال : ما لصاحبتك لم تتكلم فقالت : ماتت بغير وصية ومن لم يوص لم يتكلم إلى يوم القيامة . (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان (في) كتاب (الوصايا عن قيس) بن قبيصة
[ 293 ]
9034 - (من مات محرما حشر ملبيا) لأن من مات على شئ بعث عليه كما هو نص الخبر الآتي ، ولذلك قال بعض الصحابة : يحشر الناس يوم القيامة على مثل هيئتهم في الصلاة من الطمأنينة والهدوء ، ومن وجود النعيم بها واللذة وغير ذلك . (خط عن ابن عباس) وسببه كما في تاريخ ابن عساكر عن الصولي أن المغيرة المهلبي قال : سئل الحسن الخليع عن الأمين وأدبه فوصف أدبا كثيرا قيل : فالفقه ؟ قال : ما سمعت فقها ولا حديثا إلا مرة نعى إليه غلام له بمكة فقال : حدثني أبي [ ص 226 ] عن أبيه عن المنصور عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . 9035 - (من مات مرابطا في سبيل الله آمنه الله من فتنة القبر) لأن المرابط ربط نفسه وسجنها وصيرها حبيسا لله في سبيله لحرب أعدائه فإذا مات على ذلك فقد ظهر صدق ما في ضميره فوقي فتنة القبر . (طب عن أبي أمامة) الباهلي رمز لحسنه وفيه محمد بن حفص الحمصي عن محمد بن حمير وابن حفص قال في اللسان كأصله : ضعفه ابن منده وتركه ابن أبي حاتم ووثقه ابن حبان وابن حمير جهله الدارقطني وضعفه غيره ذكره فيه أيضا . 9036 - (من مات على شئ بعثه الله عليه) أي يموت على ما عاش عليه ويراعى في ذلك حال قلبه لا حال شخصه لأن نظر الحق إلى القلوب دون ظواهر الحركات فمن صفات القلوب تصاغ الصور في الدار الآخرة ولا ينجو فيها إلا من أتى الله بقلب سليم كذا قرره حجة الإسلام . (حم ك) في الرقاق (عن جابر) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 9037 - (من مات من أمتي) أي أمة الإجابة والحال أنه (يعمل عمل قوم لوط) من إتيان الذكور شهوة من دون النساء ودفن في مقابر المسلمين (نقله الله إليهم) أي إلى مقابرهم فصيره فيهم (حتى يحشر) يوم القيامة (معهم) فيكون معهم أينما كانوا . (تنبيه) في تذكرة العلم البلقيني عن ابن عقيل : جرت مناظرة بين أبي علي بن الوليد وبين أبي يوسف القزويني في إباحته جماع الولدان في الجنة فقال ابن الوليد : لا يمتنع أن يجعل ذلك من جملة لذاتها لزوال المفسدة لأنه إنما منع منه في الدنيا لقطع النسل وكونه محلا للأذى وليس في الجنة ذلك ، ولهذا أبيح شرب الخمر فيها وقال أبو يوسف : الميل إلى الذكور عاهة وهو قبيح في نفسه لأنه محل لم يخلق للوطء ولهذا لم يبح في شريعة من الشرائع بخلاف الخمر وهو مخرج الحدث والجنة منزهة من العاهات فقال ابن الوليد : العاهة التلوث بالأذى وهو مفقود . (خط
[ 294 ]
عن أنس) بن مالك ، وقضية صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه ، والأمر بخلافه بل إنما ذكره مقرونا ببيان علته فإنه أورده في ترجمة عيسى بن مسلم الصفار المعروف بالأحمر عن حماد بن زيد عن سهل عن أنس قال : وعيسى هذا حدث عن مالك وحماد وابن عباس بأحاديث منكرة اه‍ بنصه . 9038 - (من مات) عام في المكلفين بقرينة قوله (و) الحال أن (عليه صيام) هذا لفظ الشيخين ولم يصب من عزاه لهما بلفظ صوم (صام عنه) ولو بغير إذنه (وليه) أي جوازا لا لزوما عند الشافعي في القديم المعمول به كالجمهور وبالغ إمام الحرمين وأتباعه فادعوا الإجماع عليه واعتراضه بأن بعض الظاهرية أوجبه ساقط إذ الإمام قال : لا أقيم للظاهرية وزنا والجديد وهو مذهب أبي حنيفة ومالك عدم جواز الصوم عن الميت لأنه عبادة بدنية والمراد بوليه على الأول كل قريب أو الوارث أو عصبته وخرج الأجنبي فلا يصوم إلا بإذن الميت أو الولي بأجرة أو دونها . - (حم ق د) في الصوم (عن عائشة) وصححه أحمد وعلق الشافعي به على ثبوت الحديث وقد ثبت . 9039 - (من مات) في رواية البخاري من أمتي (لا يشرك بالله شيئا) اقتصر على نفي الشرك لاستدعائه التوحيد بالاقتصار واستدعائه إثبات الرسالة باللزوم إذ من كذب رسل الله فقد كذب الله ومن كذب الله فهو مشرك وهو كقولك من توضأ صحت صلاته أي مع سائر الشروط فالمراد من مات حال كونه مؤمنا بجميع ما يجب به الإيمان إجمالا في [ ص 227 ] الإجمالي وتفصيلا في التفصيلي (دخل الجنة) أي عاقبة أمره دخولها ولا بد وإن دخل النار للتطهير وفيه دليل لجواز قياس العكس وهو إثبات ضد الحكم لضد الأصل ورد لمن خالف فيه من أهل الأصول - (حم ق عن ابن مسعود) ورواه مسلم من حديث جابر بزيادة قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله ما الموجبتان قال : من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار . 9040 - (من مات بكرة فلا يقيلن إلا في قبره ومن مات عشية فلا يبيتن إلا في قبره) لأن المؤمن عزيز مكرم وإذا استحال جيفة ونتنا استقذرته النفوس ونفرت عنه الطباع فهان ، فينبغي الإسراع بما يواريه ليستمر على عزته . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : وفيه الحكم بن ظهيرة وهو متروك . 9041 - (من مات وهو مدمن خمر لقي الله وهو كعابد وثن) أي إن استحل شربها لكفره حينئذ .
[ 295 ]
(طب حل) وكذا أحمد والبزار (عن ابن عباس) قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني وأحمد : رجال أحمد رجال الصحيح ، وفي إسناد الطبراني زيد بن فاختة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 9042 - (من مثل) بالتشديد (بالشعر) صيره مثله بضم الميم بأن نتفه أو حلقه من الخدود أو غيره بالسواد ذكره الزمخشري (فليس له عند الله خلاق) بالفتح حظ ونصيب وما تقرر من أن المراد الشعر بالتحريك هو ما فهمه جمع من شراح الحديث لكن حرر بعضهم على أن المراد بالشعر الكسر أي الكلام المنظوم وعليه يدل صنيع الهيثمي كالطبراني حيث ذكر الحديث فيما جاء في الشعر والشعراء وذكره بين الأحاديث الواردة في ذم الشعر وزجر الشعراء . (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه حجاج بن نصير ضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان وقال : يخطئ وبقية رجاله ثقات . 9043 - (من مثل بحيوان) بالتشديد قطع أطرافه وفي رواية بدل حيوان بأخيه (فعليه لعنة الله تعالى والملائكة والناس أجمعين) عام مخصوص بغير القاتل الممثل لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودي بين حجرين لفعله ذلك يجارية من المدينة ، وعن جمع من السلف أن من قتل لكفر أو ردة يمثل به بالحرق بالنار ، ونقل ذلك عن أبي بكر وخالد بن الوليد وصح أن عليا كرم الله وجهه حرق المرتدين فقال الحبر : لو كنت أنا لم أحرقهم بل أقتلهم بالسيف فإنه لا يعذب بالنار إلا خالقها اه‍ . فأشار رضي الله عنه إلى أن المجتهد لا يقلد مجتهدا ولا ينكر عليه وأنه لو كان هو الإمام ورفع إليه ذلك لم يحرقهم لأنه خلاف قضية اجتهاده وبه يعرف أن مولانا ابن حجر الهيثمي قد جازف وأساء الأدب حيث عبر عن ذلك بما لفظه فأنكر عليه ابن عباس اه‍ (1) أو خفي على الشيخ أن المجتهد لا ينكر على مجتهد كلا بل ذلك مما طغى به القلم فزلت به القدم وأصل فعل الصديق والمرتضى فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم بالعرنيين حيث قطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم وتعذيبهم في الشمس فصاروا يطلبون الماء فيقول النار وذلك لكونهم قتلوا ونهبوا وارتدوا وأجيب بأجوبة منها أنه كان قبل تحريم المثلة . (طب عن [ ص 228 ] ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس كما ذكر فقد قال الهيثمي : فيه بقية وهو مدلس والأصم بن هرمز ولم أعرفه . 9044 - (من مرض ليلة فصبر ورضي بها عن الله خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه) فيه شمول للكبائر والقياس استثناؤها كما مر . (الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) .
[ 296 ]
9045 - (من مس الحصا) أي سوى الأرض للسجود فإنهم كانوا يسجدون عليها وقيل هو تقليب السبحة وعدها (فقد لغا) أي وقع في باطل مذموم أو فعل ما لا يعنيه ولا يليق به فيكره مس الحصى وغيره من أنواع اللعب في جميع الصلاة وألحق به حال الخطبة بل يقبل بقلبه وجوارحه عليها . (ه عن أبي هريرة) رمز لحسنه وعدول المصنف لابن ماجه ، واقتصاره عليه كالصريح في أنه لم يره لواحد من الشيخين ولا لغيرهما من الستة سواه : هو ذهول بالغ فقد خرجه مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي في باب التنظف والتبكير للجمعة كلهم عن أبي هريرة . 9046 - (من مس ذكره) في رواية لابن ماجه فرجه قال الحرالي : والمس ملاقاة الجرمين بغير حائل (فليتوضأ) ولفظ رواية الترمذي فلا يصلي حتى يتوضأ وذلك لبطلان طهره بمسه وهذا الخبر عام مخصوص بمفهوم خبر إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه وليس بينهما ستر ولا حجاب فليتوضأ إذ الإفضاء مبالغة المس ببطن الكف وبه رد قول أحمد ظهر الكف كبطنها ومس المرأة فرجها كمس الرجل ذكره كما يدل عليه رواية من مس فرجه ومس فرج غيره أفحش وأبلغ في اللذة فهو أولى بالنقض هذا كله ما عليه الشافعية والحنابلة قالوا : وخبر هل هو إلا بضعة منك بفرض صحته منسوخ أو محمول على المس بحائل كما هو المناسب بحال المصطفى صلى الله عليه وسلم ومنع الحنفية النسخ وأخذوا به مؤولين للحديث المشروح بأنه جعل مس الذكر كناية عما يخرج منه قالوا وهو من أسرار البلاغة يكنون عن الشئ ويرمزون إليه بذكر ما هو من روادفه فلما كان مس الذكر غالبا يرادف خروج الحدث منه ويلازمه عبر به عنه كما عبر عن المجئ من الغائط لما قصد الغائط لأجله اه‍ ولا يخفى بعده ومنشأ الخلاف أن خبر الواحد هل يجب العمل به فقال الشافعية : نعم مطلقا وقال الحنفية : لا فيما تعم به البلوى ومثلوا بهذا الحديث لأن ما تعم به البلوى يكثر السؤال عنه فتقضى العادة بنقله تواترا لتوفر الدواعي على نقله فلا يعمل بالآحاد فيه قلنا لا نسلم قضاء العادة بذلك . - (مالك) في الموطأ (حم 4 ك) كلهم في الطهارة (عن بسرة) بضم المهملة وسكون الموحدة (بنت صفوان) بن نوفل الأسدية أخت عقبة بن أبي معيط لأمه قال الترمذي والحاكم : صحيح ورواه عنه أيضا الشافعي وابن خزيمة وابن حبان وابن الجارود وقال الدارقطني : حديث ثابت وصححه ابن معين والبيهقي والحارمي وهو على شرط البخاري بكل حال وعده المصنف من الأحاديث المتواترة ونقل ابن الرفعة عن القاضي أبي الطيب أنه رواه تسعة عشر صحابيا ونقل البعض عن ابن معين أنه لا يصح رده ابن الجوزي وغيره بل أفردوه بتأليف . 9047 - (من مشى إلى) أداء (صلاة مكتوبة فهي) أي المشية والخصلة (كحجة) أي كثوابها (ومن
[ 297 ]
مشى إلى صلاة تطوع [ ص 229 ] فهي كعمرة نافلة) أي كثوابها لكن لا يلزم التساوي في المقدار . استدل به من ذهب إلى أن العمرة سنة لا فرض . (طب عن أبي أمامة) قال في المطامح : فيه علتان انقطاع في سنده لأن مكحولا رواه عن أبي أمامة ولم يسمع منه وفيه رجل مجهول . 9048 - (من مشى بين الغرضين كان له بكل خطوة حسنة) والحسنة بعشر أمثالها . (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : فيه عثمان بن مطر وهو ضعيف . 9049 - (من مشى مع ظالم ليعينه) على ظلمه (وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام) هذا مسوق للزجر والتهويل والتهديد أو المراد خرج عن طريقه المسلمين أو المراد إن استحل الظلم والمعاونة عليه . (طب والضياء) المقدسي (عن أوس بن شرحبيل) بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة بن أوس صحابي قال المنذري : ضعيف غريب وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني : فيه عياش بن موسى لم أجد من ترجمه وبقية رجاله وثقوا وفي بعضهم كلام رواه عنه أيضا الديلمي . 9050 - (من ملك ذا رحم) أصله محل تكوين الولد ثم استعير للقرابة فيقع على كل من بينك وبينه نسب (محرم) وهو من لا يحل نكاحه من الأقارب (فهوحر) يعني يعتق عليه بدخوله في ملكه قال الطيبي : وفهم من السياق معنى الند ب لجعله الجزاء من باب الإخبار والتنبيه على تحري الأداء إذ لم يقل من ملك ذا رحم فيعتقه بل هو حر والجملة الإسمية المقتضية للدوام والثبوت في الأزمنة الماضية والآتية تنبئ عنه لأنه لم يكن في الأزمنة الماضية حرا فاستبان أنه لا تمسك به للحنفية والمالكية في عتقهم كل محرم وأنه ليس بحجة على الشافعي في قوله لا يعتق إلا الأصل والفرع وقول بعضهم : ينزل على الأصول والفروع ممنوع لما فيه من صرف العام على العموم لغير صارف يجاب بل نفي العتق عن غيرهما للأصل المعقول وهو أنه لا عتق بدون إعتاق خولف في الأصول لخبر لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه أي بالشراء من غير حاجة إلى صيغة إعتاق وفي الفروع لقوله تعالى * (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا سبحانه بل عباد مكرمون) * دل على نفي اجتماع الولد به والعبدية وقول الترمذي العمل على هذا الحديث عند أهل العلم فنحتاج نحن إلى بيان مخصص له بخلاف الحنفية أجيب بأن مخصصه القياس على النفقة فإنها لا تلزم عندنا لغير أصل وفرع . (تنبيه) قال أبو البقاء : عادة الفقهاء المولعين بالتدقيق يوردون على هذا الحديث وأمثاله إشكالا هو أن من مبتدأ تحتاج إلى خبر وخبره فهو حر وهو لا يعود على من بل على المملوك فتبقى من لا عائد عليها وهذا عند المحققين ليس بشئ لأن خير من قوله ملك وفي ملك ضمير يعود على من وقوله فهو حر جواب الشرط . (حم ه) في العتق (ت) في
[ 298 ]
الأحكام (ه ك) في العتق من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال أبو داود والترمذي : لم يروه إلا حماد بن سلمة عن قتادة عن الحسن وفيه علل أخرى انقطاعه ووقفه على عمر أو على الحسن أو على جابر أو على النخعي . 9051 - (من منح منحة) بكسر الميم أي عطية وهي تكون في الحيوان وفي الرقبة والمنفعة والمراد هنا منحة (ورق) قال الزمخشري : وهي القرض أي قرض الدراهم (أو منحة لبن) قال : وهي أن يعيره أخوه ناقته أو شاته فيحلبها مدة ثم يردها (أو هدى زقاقا) بزاي مضمومة وقاف مكررة الطريق يريد أن من دل ضالا أو أعمى على طريقه ذكره ابن الأثير وقال الطيبي : يروى بتشديد الدال إما للمبالغة من الهداية أو من الهدية أي من تصدق بزقاق من نخل وهو السكة والصف من شجر (فهو كعتق نسمة) وفي رواية كان له عتق رقبة قال ابن العربي : ومن أسلف رجلا دراهم فهو [ ص 230 ] أيضا منحة وفي ذلك ثواب كثير لأن عطاء المنفعة مدة كعطاء العين وجعله كعتق رقبة لأن خلصه من أسر الحاجة والضلال كما خلص الرقبة من أصل الرق وللباري أن يجعل القليل من العمل كالكثير لأن الحكم له وهو العلي الكبير والنسمة كل ذي روح وقيل كل ذي نفس مأخوذ من النسم . (حم ت) في البر (حب عن البراء) بن عازب قال الحاكم : حسن صحيح غريب وكذا قال البغوي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 9052 - (من منح منحة) أي عطية (غدت بصدقة) الجملة خبر من والضمير العائد محذوف تقديره غدت تلك المنحة له ملتبسة بصدقة (وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها) منصوبان على الظرفية أي في أول النهار وأول الليل والصبوح بالفتح الشرب أول النهار والغبوق بالفتح الشرب أول الليل وقيل هما مجروران على البدل . - (م عن أبي هريرة) . 9053 - (من منع فضل ماء أو كلأ) يعني أي شخص حفر بئرا بموات للارتفاق فهو أحق بمائها وبما حولها من الكلأ حتى يرتحل وعلى كل حالة يجب عليه بذل الفاضل عن حاجته وحاجة ماشيته للمحتاج فإن لم يفعل وفي رواية لأحمد من منع فضل مائه أو فضل كلئه واتفقت الروايات على أن الجواب قوله (منعه الله فضله يوم القيامة) لتعديه بمنع ما ليس له قال الرافعي : وله المنع من سقى الزرع به قال جمع : والنهي عن بيع فضل الماء للتحريم وحمله على التنزيه يحتاج لدليل (حم عن ابن
[ 299 ]
عمرو) بن العاص قال الهيثمي : فيه محمد بن راشد الخزاعي وهو ثقة وقد ضعفه بعضهم قال ابن حجر : هذا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وفي مسنده ليث بن سليم ورواه الطبراني في الصغير من حديث الأعمش عن عمرو بن شعيب وقال : لم يرو الأعمش عن عمرو غيره ورواه في الكبير من حديث واثلة بلفظ آخر وإسناده ضعيف ، إلى هنا كلامه . 9054 - (من نام عن وتره) في رواية بدله حزبه وهو ما يجعله الإنسان على نفسه من نحو صلاة وتلاوة كالورد (أو نسيه فليصله إذا ذكره) لفظ رواية الدارقطني إذا أصبح وذكره زاد الترمذي وإذا استيقظ وفيه أن الوتر يقضى دائما كالفرض وهو مذهب الشافعي واستدل به أيضا على أن تأخير الوتر لآخر الليل أفضل أي إن وثق بيقظة ، وأنت خبير بأنه لا دلالة فيه على ذلك . (حم ك عن أبي سعيد) الخدري وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ضعيف وذكر القزويني ما يدل على أن الخبر واه ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن أبي سعيد قال الغرياني : وفيه محمد بن إسماعيل الجعفري قال أبو حاتم : منكر الحديث وعنه محمد بن إبراهيم السمرقندي لم أر له ذكرا إلا أن يكون الذي روى عنه ابن السماك فهو هالك وشيخ الجعفري عبد الله بن سلمة بن أسد عن زيد بن أسلم لم أر له ذكرا . 9055 - (من نام بعد العصر فاختلس عقله فلا يلومن إلا نفسه) حيث فعل ما يؤدي إلى ذلك وفي الميزان عن مروان الطاطري بفتح الطاءين قلت لليث بن سعد : يا أبا الحارث تنام بعد العصر وقد حدثنا ابن لهيعة عن عقيل عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وسلم من نام بعد العصر فقال : أدع ما ينفعني بحديث ابن لهيعة عن عقيل (ع) عن عمرو بن حصين عن ابن علاثة قال الذهبي عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة (عن عائشة) وعمرو بن الحصين عن ابن علاثة قال الذهبي في الضعفاء : تركوه ، وقال الهيثمي : رواه أبو يعلى عن شيخه عمرو بن الحصين وهو متروك ورواه ابن حبان عن أحمد بن يحيى بن زهير عن عيسى بن أبي حرب الصقال عن خالد بن القاسم عن الليث بن سعد عن عقيل عن [ ص 231 ] الزهري عن عروة عن عائشة وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال : خالد كذاب والحديث لابن لهيعة فأخذه خالد ونسبه إلى الليث اه‍ . 9056 - (من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه) أي من نذر طاعة الله وجب عليه الوفاء بنذره ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء به لأن النذر مفهومه الشرعي إيجاب قربة
[ 300 ]
وذا إنما يتحقق في الطاعة ويتصور نذر الواجب بأن يوقته وينقلب المندوب بالنذر واجبا (1) . (حم خ 4) في الأيمان والنذور وغيرهما (عن عائشة) زاد الطحاوي وليكفر عن يمينه قال ابن القطان : عندي شك في رفع الزيادة . 9057 - (من نذر نذرا ولم يسمه فكفارته كفارة يمين (1) حمله مالك والأكثر على النذر المطلق كعلي نذر وحمله كثيرون على نذر اللجاج والغضب . (ه) في النذر (عن عقبة بن عامر) رمز لحسنه ورواه أبو داود وغيره عن ابن عباس قال الصدر المناوي : في إسناد ابن ماجه من لا يعتمد . 9058 - (من نزل على قوم) في رواية بقوم (فلا يصوم تطوعا إلا بإذنهم) لأن صوم التطوع حينئذ يورث حقدا في النفس وجبر خاطر المضيف يورث المودة والمحبة في الله وهو أعم نفعا ولا يعارضه خبر " إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم فليقل إني صائم " لأن المراد به الفرض وبفرض إرادة العموم فالأول فيما إذا نزل ضيفا فيجبر خاطر المضيف بالفطر إن شق عليه صومه والثاني فيما إذا دعاه أهل بيته إلى طعامه فيخبرهم بالواقع ولا يقدح فيه أنه دخل على أم سليم فأتته بتمر وسمن فقال : " أعيدوا سمنكم في سقائه وتمركم في وعائه فاني صائم " لأن أم سليم كانت عنده بمنزلة أهل بيته ، هذا كله بفرض صحة الحديث المشروح ! وإلا فهو حديث في سنده ضعيف . (ت عن عائشة) ثم قال : أعني الترمذي سألت محمدا يعني البخاري عنه فقال : حديث منكر ، وقال عبد الحق : ما في رجاله من يقبل حديثه ، وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح . 9059 - (من نسي صلاة) مكتوبة أو نافلة مؤقتة فلم يصلها حتى خرج وقتها (أو نام عنها) كذلك قال الطيبي : ضمن نام معنى غفل أي غفل عنها في حال نومه (فكفارتها) أي تلك المتروكة قال
[ 301 ]
الطيبي الكفارة عبارة عن الفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة (أن يصليها) وجوبا في المكتوبة وندبا في النفل (إذا ذكرها) ويبادر بالمكتوبة وجوبا إن فاتت بغير عذر وندبا إن فاتت به تعجيلا لبراءة ذمته وإذا شرع القضاء للناسي مع عدم الإثم فالعامد أولى . (حم ق ت عن أنس) بن مالك وفي رواية عنه لمسلم " من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك " قضية صنيع [ ص 232 ] المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هؤلاء الأربعة والأمر بخلافه فقد عزوه للستة كلهم . 9060 - (من نسي الصلاة علي) أي تركها عمدا على حد * (نسوا الله فنسيهم) * (خطئ) بفتح الخاء المعجمة وكسر الطاء وهمز يقال خطئ في دينه إذا أثم وأخطأ سلك سبيل الخطأ أو فعل غير الصواب (طريق الجنة) ومن أخطأ طريقها لم يبق له إلا الطريق إلى النار . - (ه عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه بضعفه فقال : هذا حديث إسناده ضعيف لضعف راويه جبارة بن المفلس وجابر بن يزيد وقال المنذري : ضعيف وجبارة له مناكير وفي الميزان : عن ابن معين كذاب وعن ابن نمير يضع الحديث فيرويه ولا يدري ومن مناكيره هذا الخبر قال : وهذا بهذا الإسناد باطل اه‍ . لكن انتصر له ابن الملقن فقال : حديث ضعيف لكنه تقوى بما رواه الطبراني عن الحسن بن علي مرفوعا " من ذكرت عنده فخطئ الصلاة علي خطئ طريق الجنة " وتبعه الحافظ ابن حجر فقال : خرجه ابن ماجه عن ابن عباس والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة والطبراني عن الحسين بن علي قال : وهذه الطرق يسد بعضها بعضا اه‍ . فكان ينبغي للمؤلف استيعاب الطرق وفيه إشارة إلى تقويته . 9061 - (من نسي) مفعوله محذوف وهو صومه بقرينة قوله (وهو صائم) أي والحال أنه صائم (فأكل أو شرب) قليلا أو كثيرا كما رجحه النووي من الشافعية خصهما من بين المفطرات لغلبتهما وندرة غيرهما كالجماع (فليتم صومه) أضافه إليه إشارة إلى أنه لم يفطر وإنما أمر بالإتمام لفوت ركنه ظاهرا ثم علل كون الصائم لا يفطر بقوله (فإنما أطعمه الله وسقاه) فليس له فيه مدخل فكأنه لم يوجد منه فعل . قال الطيبي : إنما للحصر أي ما أطعمه وما سقاه أحد إلا الله تعالى فدل على أن النسيان من الله ، ومن لطفه في حق عباده تيسيرا عليهم ودفعا للحرج ، وأخذ منه الأكثر أنه لا قضاء وذهب مالك وأحمد إلى أن من أكل أو جامع ناسيا لزمه القضاء والكفارة لأنه عبادة تفسد بالأكل والجماع فوجب أن تفسد بنسيان كالحج والحدث ولأنهما لو وقعا في ابتداء الصوم أفسدا كما لو أكل أو جامع ثم بان طلوع الفجر عند أكله أو جماعه ، فكذا وقوعهما في أثنائه ورد الأول بالمنع بأنه لم يتعرض له فيه بل روى الدارقطني وابنا حبان وخزيمة سقوط القضاء بلفظ " فلا قضاء عليه " والثاني بالفرق لأن النهي في الصوم نوع واحد ففرق بين عمده وسهوه وفي الحج قسمان أحدهما ما استوى عمده وسهوه كحلق وقتل صيد والثاني فرق في وقت الصلاة كتطيب ولبس فالحق الجماع بالأول لأنه إتلاف ، والثاني بأنه
[ 302 ]
مخطئ في الوقت وهذا مخطئ في الفعل وبينهما فرق ، ولهذا لو أخطأ في وقت الصلاة لزمه القضاء ، أو في عدد الركعات بنى على صلاته ، ثم دليلنا خبر : من أكل أو شرب ناسيا وهو صائم فليس عليه بأس ، وخبر : من أفطر رمضان ناسيا فلا قضاء ولا كفارة ، وخبر : رفع عن أمتي الخطأ والنسيان فإن قيل : لو كان النسيان عذرا كان في النية رد بأن الجماع وأخواته من قبيل المناهي والنية من قبيل الأفعال لأنها قصد وما كان من قبيل الأفعال لا يسقط بالسهو دون المناهي فقد تسقط ولأن النص فرق بينهما فلا ينتفي لأن الشئ لا يبقى مع المنافي لتسويته ولأنها للشروع في العبادة والشروع فيها أليق بالتغليظ ولأن النية مأمور بها للفعل والامتثال ولأن المنهي عنه فإنه للامتناع والكف والترك والنسيان به غالب ، فإن قيل : لا يبطل الصوم إلا بدخول عين بقصد أكله وشربه ولو تداويا لورود النص بالأكل والشرب رد لأنه ألحق بها الغير قياسا وإجماعا ، فإن قيل السهو والجهل عذر بالنسبة لكل مفطر مطلقا لعموم النص ورد بأنه عذر فيما قل لا فيما كثر لندرة كثرة السهو . (حم ق ه) في الصوم (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الثلاثة مع أن الجماعة كلهم رووه بألفاظ متقاربة . 9062 - (من نصر أخاه) في الإسلام (بظهر الغيب) زاد البزار في روايته وهو يستطيع نصره (نصره الله في الدنيا والآخرة) جزاءا وفاقا ونصر المظلوم فرض كفاية على القادر إذا لم يترتب على نصره مفسدة أشد من مفسدة الترك ، فلو علم أو غلب على ظنه أنه لا يفيد سقط الوجوب وبقي أصل الندب بالشرط المذكور ، فلو تساوت المفسدتان خير ، وشرط الناصر كونه عالما بكون الفعل ظلما . (هق والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك ويروى عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عمران بن حصين قال الذهبي في المهذب : وأخطأ من رفعه . 9063 - (من نظر إلى أخيه) في الدين (نظر ود) أي محبة ، ولفظ رواية الطبراني محبة (غفر الله له) أي ذنوبه . قال الحكيم : نظرة المودة قضاء المنية وقد أيس المشتاق إلى الله أن ينظر الله في هذه الدار ، فإذا نظر إلى عبده المطيع فإنما يقضي منيته من ربه ولا يشفيه ذلك فكل لحظة بلحظ الله يريد التشفي من حرقات الشوق إلى رؤية ربه وقد حبسه الله في هذا السجن بباقي أنفاسه فيستوجب بتلك النظرة التي أورثتها العبرة من الحسرة المغفرة . (الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه باللفظ المزبور الطبراني في الأوسط بزيادة فقال " من نظر إلى أخيه نظر مودة لم يكن في قلبه عليه إحنة لم يطرف حتى يغفر له ما تقدم من ذنبه " قال الهيثمي : فيه سوار بن مصعب متروك . 9064 - (من نظر إلى مسلم نظرة يخيفه بها في غير حق أخافه الله يوم القيامة) قال الطيبي : قال الطيبي : قوله
[ 303 ]
يخيفه يجوز أن يكون حالا من فاعل نظر وأن يكون صفة للمصدر على حذف الراجع أي بها (طب) وكذا الخطيب في التاريخ والبيهقي في الشعب (عن ابن عمرو) بن العاص قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال المنذري : ضعيف وقال الهيثمي : ورواه الطبراني عن شيخه أحمد بن الرحمن بن عقال وضعفه أبو عروبة . 9065 - (من نفس) أي أمهل وفرج من تنفيس الخناق أي إرحائه ، وقال عياض : التنفيس المد في الأجل والتأخير ومنه * (والصبح إذا تنفس) * أي امتد حتى صار نهارا (عن غريمه) بأن آخر مطالبته (أو محا عنه) أي أبرأه من الدين المكتوب عليه (كان في ظل العرش يوم القيامة) لأن الإعسار من أعظم كرب الدنيا بل هو أعظمها فجوزي من نفس عن أحد من عيال المعسرين بتفريج أعظم كرب الآخرة وهو هول الموقف وشدائده بالإزاحة من ذلك ورفعته إلى أشرف المقامات ثم قالوا وقد يكون ثواب المندوب أكمل من ثواب الواجب (حم م عن أبي هريرة) . 9066 - (من نيح عليه) بكسر النون وسكون التحتية مبنيا للمفعول من الماضي ، وفي رواية من نيح عليه مضارع مبنى للمفعول ، وفي أخرى من يناح بألف مرفوعا على أن من موصولة لا شرطية (يعذب) بجزمه على أن من شرطية ورفعه بجعلها موصولة أو شرطية بتقدير فإنه يعذب أو خبر مبتدأ محذوف أي فهو يعذب (بما نيح عليه) بإدخال باء السببية على ما فهي مصدرية غير ظرفية أي بالنياحة أي مدة النواح عليه والنون مكسورة عند الكل ذكره في الفتح ولبعضهم ما نيح بغير موحدة قال العيني : ما في هذه الرواية للمدة أي يعذب مدة النواح عليه ولا يقال ما ظرفية ، وهذا إذا أوصى به فإنه من دأب الجاهلية فهو إنما يعذب بذنبه لا بذنب غيره فلا تدافع بينه وبين آية * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * [ الأنعام : 164 ، الإسراء : 15 ، الزمر : 39 ] أو المراد بالميت المحتضر فإذا سمع الصراخ تحسر كما مر بما فيه (حم ق ت عن المغيرة) بن شعبة قال علي بن ربيعة : [ ص 234 ] مات رجل فنيح عليه فرقى المغيرة المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ما بال هذا النواح في الإسلام سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . 9067 - (من نوقش المحاسبة) نصب بنزع الخافض أي من ضويق في محاسبته بحيث سئل عن كل شئ فاستقصى في محاسبته حتى لم يترك منه شئ من الكبائر ولا من الصغائر إلا وأوخذ به ، قال الحرالي : المحاسبة مفاعلة من الحساب وهو استيفاء الأعداد فيما للمرء وعليه من الأعمال الظاهرة والباطنة ليجازى بها ثم قال : وحقيقة المحاسبة ذكر الشئ والجزاء عليه (هلك) أي يكون نفس المناقشة والتوقيف عليها هلاكه لما فيه من التوبيخ أو أنها تفضي إلى العذاب لأن التقصير غالب على العباد فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك وعذب ولكن يغفر الله لمن يشاء (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن
[ 304 ]
الزبير) رمز المصنف لحسنه وهو فوق ذلك فقد قال المنذري بعد عزوه للطبراني في الكبير : إسناده صحيح وقال الهيثمي : رجال الكبير رجال الصحيح وكذا رجال الأوسط غير عمرو بن أبي عاصم النبيل وهو ثقة . 9068 - (من نوقش الحساب) أي عوسر فيه واستقصى فلم يسامح بشئ من نقش الشوكة وهو استخراجها كلها ومنه انتقشت منه جميع حقي ذكره الزمخشري (عذب) وفي رواية لمسلم هلك أي يكون نفس تلك المضايقة عذابا وسببا مفضيا للعذاب على ما تقرر فيما قبله وفي خبر أحمد لا يحاسب أحد يوم القيامة فيغفر له قال الحكيم : يحاسب المؤمن في القبر ليكون أهون عليه في الموقف فيمحص في البرزخ فيخرج وقد اقتص منه اه‍ . ثم إن ذا لا يعارضه خبر ابن مردويه لا يحاسب رجل يوم القيامة إلا دخل الجنة لعدم التنافي بين التعذيب ودخولها إذ الموحد وإن عذب لا بد من إخراجه بالشفاعة أو عموم الرحمة (ق عن عائشة) وكذا رواه عنها أبو داود والترمذي وتمامه قالت عائشة : فقلت أليس يقول الله * (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا) * الآية فقال : إنما ذلك العرض وليس أحد يحاسب يوم القيامة هلك هكذا هو عند مخرجيه المذكورين . 9069 - (من هجر أخاه) في الإسلام (سنة) أي بغير عذر شرعي (فهو كسفك دمه) أي مهاجرته سنة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها والمراد اشتراك الهاجر والقاتل في الإثم لا في قدره ولا يلزم التساوي بين المشبه والمشبه به ومذهب الشافعي أن هجر المسلم فوق ثلاث حرام إلا لمصلحة كإصلاح دين الهاجر أو المهجور أو لنحو فسقه أو بدعته ومن المصلحة ما جاء من هجر بعض السلف لبعض فقد هجر سعد بن أبي وقاص عمار بن ياسر وعثمان عبد الرحمن بن عوف وطاوس ووهب بن منبه والحسن وابن سيرين إلى أن ماتوا وهجر ابن المسيب أباه وكان زياتا فلم يكلمه إلى أن مات وكان الثوري يتعلم من ابن أبي ليلى ثم هجره فمات ابن أبي ليلى فلم يشهد جنازته وهجر أحمد بن حنبل عمه وأولاده لقبولهم جائزة السلطان وأخرج البيهقي أن معاوية باع سقاية من نقد بأكثر من وزنها فقال له أبو الدرداء : نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال معاوية : لا أرى به بأسا فقال : أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخبرني عن رأيك لا أساكنك بأرض أنت فيها أبدا (حب خد) في الأدب (ك) في البر والصلة (عن حدرد) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي : سنده صحيح وفي خبر أبي داود " من هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار " قال العراقي : سنده صحيح . 9070 - (من وافق من أخيه) أي في الدين (شهوة غفر له) أي ذنوبه الصغائر . - (طب) من حديث نصر بن نجيح الباهلي عن عمرو بن حفص عن زياد النميري عن أنس (عن أبي الدرداء) فيه شيئان الأول أن المصنف سكت عليه وكان حقه أن يرمز إليه بعلامة الضعف لشدة ضعفه بل قال ابن الجوزي :
[ 305 ]
موضوع وعمرو بن حفص متروك وقال الذهبي في الضعفاء : نصر بن نجيح عن عمران بن حفص عن زياد النميري إسناده مجهول الثاني أنه اقتصر على عزوه للطبراني فأشعر بانفراده به مع أن البزار خرجه باللفظ المزبور عن أبي الدرداء ولما عزاه الهيثمي للطبراني والبزار قال : فيه زياد النميري وثقه ابن حبان وقال : يخطئ وضعفه غيره وفيه من لم أعرفه هكذا قال . 9071 - (من وافق) وفي رواية من صادف ويقال مثله فيما يأتي (موته) من المؤمنين (عند انقضاء رمضان دخل الجنة) أي بغير عذاب (ومن وافق موته عند انقضاء عرفة) أي من وقف بها (دخل الجنة) كذلك (ومن وافق موته عند انقضاء صدقة) تصدق بها وقبلت (دخل الجنة) أي من غير سبق عذاب وإلا فكل من مات على الإيمان لا بد من دخوله إياها قطعا وإن لم يوافق موته ما ذكر ولو عذب ما عذب (حل) وكذا الديلمي (عن ابن مسعود) وفيه نصر بن حماد قال الذهبي : قال النسائي : ليس بثقة ومحمد بن حجاوة قال أعني الذهبي : قال أبو عوانة : الوضاح كان يغلو في التشيع . 9072 - (من وجد سعة) من الأموات (فليكفن في ثوب حبرة) كعنبة على الوصف والإضافة برد يماني مخطط ذو ألوان ومنه ما روي أن رجلا قال : يا رسول الله رأيت سد يأجوج كالبرد المحبر طريقة حمراء وطريقة سوداء قال : قد رأيته قال المظهر : اختار بعض الأئمة كون الكفن حبرة لهذا الحديث والأصح أفضلية الأبيض لأن أحاديثه أكثر اه‍ . وذهب بعض الحنفية إلى أنه يسن كون في أحد الأكفان حبرة لهذا الحديث ويؤيده خبر أبي داود كفن النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبين وبرد حبرة وسنده حسن - (حم عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة 9073 - (من وجد من هذا الوسواس) بفتح الواو أي وسوسة الشيطان أي شيئا (فليقل آمنا بالله ورسوله ثلاثا) من المرات (فإن ذلك يذهب عنه) إن قاله بنية صادقة وقوة يقين (ابن السني عن عائشة) وفيه ليث بن سالم قال في الميزان : لا يعرف روى عنه عبيد بن واقد خبرا منكرا اه‍ وقال في اللسان : قال ابن عدي : غير معروف وساق له هذا الخبر . 9074 - (من وجد تمرا) وهو صائم (فليفطر عليه) ندبا مؤكدا (ومن لا) يجده (فليفطر على الماء
[ 306 ]
فإنه طهور) فالفطر عليه يحصل السنة ت ن ك عن أنس) بن مالك قال الحاكم : على شرط البخاري ورواه عنه أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم من فعل النبي صلى الله عليه وسلم . 9075 - (من وسع على عياله) وهم في نفقته (في يوم عاشوراء) عاشر المحرم وفي رواية بإسقاط في (وسع الله عليه في سنته كلها) دعاء أو خبر وذلك لأن الله سبحانه أغرق الدنيا بالطوفان فلم يبق إلا سفينة نوح بمن فيها فرد عليهم دنياهم يوم عاشوراء وأمروا بالهبوط للتأهب للعيال في أمر معاشهم بسلام وبركات عليهم وعلى من في أصلابهم من الموحدين [ ص 236 ] فكان ذلك يوم التوسعة والزيادة في وظائف المعاش فيسن زيادة ذلك في كل عام ذكره الحكيم وذلك مجرب للبركة والتوسعة ، قال جابر الصحابي : جربناه فوجدناه صحيحا وقال ابن عيينة : جربناه خمسين أو ستين سنة وقال ابن حبيب أحد أئمة المالكية : لا تنس ينسك الرحمن عاشورا * واذكره لا زلت في الأخبار مذكورا قال الرسول صلاة الله تشمله * قولا وجدنا عليه الحق والنورا من بات في ليل عاشوراء ذا سعة * يكن بعيشته في الحول مجبورا فارغب فديتك فيما فيه رغبنا * خير الورى كلهم حيا ومقبورا قال المؤلف : فهذا من هذا الإمام الجليل يدل على أن للحديث أصلا . - (طس) عن عبد الوارث بن إبراهيم عن علي بن أبي طالب ، البزار عن هيصم بن شداخ عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال العقيلي : الهيصم مجهول والحديث غير محفوظ (هب) من هذا الوجه (عن أبي سعيد) الخدري ثم قال : تفرد به هيصم عن الأعمش وقال ابن حجر في أماليه : اتفقوا على ضعف الهيصم وعلى تفرده به وقال البيهقي في موضع : أسانيده كلها ضعيفة وقال ابن رجب في اللطائف : لا يصح إسناده وقد روي من وجوه أخر لا يصح شئ منها ورواه ابن عدي عن أبي هريرة قال الزين العراقي في أماليه : وفي إسناده لين فيه حجاج بن نصير ومحمد بن ذكوان وسليمان بن أبي عبد الله مضعفون لكن ابن حبان ذكرهم في الثقات فالحديث حسن على رأيه وله طريق آخر صححه ابن ناصر وفيه زيادة منكرة اه‍ . وتعقب ابن حجر حكم ابن الجوزي بوضعه وقال المجد اللغوي : ما يروى في فضل صوم يوم عاشوراء والصلاة فيه والانفاق والخضاب والادهان والاكتحال بدعة ابتدعها قتلة الحسين رضي الله عنه وفي القنية للحنفية الاكتحال يوم عاشوراء لما صار علامة لبغض أهل البيت وجب تركه . 9076 - (من وصل صفا) من صفوف الصلاة (وصله الله) أي زاد في بره وصلته وأدخله في رحمته (ومن قطع صفا) منها (قطعه الله) أي قطع عنه مزيد بره قال الحرالي : والوصل التكملة مع المكمل
[ 307 ]
شيئا واحدا (ن ك) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب ووهم من قال عمرو بن العاص قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 9077 - (من وضع الخمر على كفه) أي ليشربها أو ليسقيها غيره أو نحو ذلك ثم دعا (لم تقبل له دعوة ومن أدمن) أي داوم (على شربها سقي من الخبال) بفتح المعجمة وخفة الموحدة جاء في خبر تفسيره بأنه عصارة أهل النار : الفساد والجنون (طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه . 9078 - (من وطئ امرأته وهي حائض) أي في حال حيضها (فقضى) أي قدر (بينهما ولد) أي العلوق بولد منه في تلك الحالة (فأصابه) أي الولد أو الواطئ (جذام فلا يلومن إلا نفسه) لتسببه فيما يورثه فلا يلزم الشارع لأنه قد حذر منه فلما علم الرجل أن وطء الحائض مؤذ شرعا وطبعا وأقدم عليه فكأنه وطن نفسه على حصول الأذى فلا يلومن إلا نفسه (طس عن أبي هريرة) وفيه محمد بن السري متكلم فيه ورواه عنه الديلمي أيضا . 9079 - (من وطئ أمته فولدت له) ما فيه صورة آدمي ولو بقول أهل الخبرة (فهي معتقة عن دبر) منه أن يحكم بعتقها بموته من رأس المال وإن أحبلها في المرض أما لو لم تكن صورة خفية وقال أهل الخبرة : لو بقي لتصور فلا تعتق (حم عن ابن عباس) . 9080 - (من وطئ على إزار) أي علاه برجله (خيلاء) أي تيها وتكبرا (وطئه في النار) أي يلبس مثل ذلك الثوب الذي كان يرفل فيه في الدنيا ويجره تعاظما في نار جهنم ويعذب باشتعال النار فيه جزاء بما فعل (حم عن صهيب) بضم المهملة الرومي رمز لحسنه ورواه الطبراني باللفظ المزبور من حديث وهيب بن معقل . 9081 - (من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه) أراد شر لسانه وفرجه (دخل الجنة) أي بغير عذاب أو مع السابقين قالوا وذا من جوامع الكلم . (ن ك) في الحدود (هب) كلهم (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره وفي سنده مقال ورواه أحمد بلفظ " ثنتان من وقاه الله شرهما
[ 308 ]
دخل الجنة ما بين لحبيه وما بين رجليه " قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير تميم بن يزيد مولى بني زمعة وهو ثقة . 9082 - (من وقر صاحب بدعة) وفي رواية من وقر أهل البدع (فقد أعان على هدم الإسلام) لأن المبتدع مخالف للسنة مائل عن الاستقامة ومن وقره حاول اعوجاج الاستقامة لأن معاونة نقيض الشئ معاونة لرفع ذلك الشئ فكان الظاهر أن يقال من وقر المبتدع فقد استخف السنة فوضع موضعه أعان على هدم الإسلام إيذانا بأن مستخف السنة مستخف للإسلام ومستخفه هادم لبنائه وهو من باب التغليظ فإذا كان هذا حال الموقر فما حال المبتدع ومفهومه أن من وقر صاحب سنة فقد أعان على تشييد الإسلام ورفع بنائه (طب) وكذا أبو نعيم من طريقه عن الحسن بن علان الوراق عن محمد بن محمد بن الواسط عن أحمد بن معاوية عن عيسى بن يونس عن ثور عن ابن معدان (عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسكون المهملة ، ورواه عن بشر أيضا البيهقي في الشعب قال ابن الجوزي : موضوع أحمد حدث عنه بأباطيل ورواه ابن عدي عن عائشة قال الحافظ العراقي : وأسانيدها كلها ضعيفة بل قال ابن الجوزي : إنها كلها موضوعة . 9083 - (من وقى شر لقلقه) أي لسانه (وقبقبه) أي بطنه من القبقبة وهي صوت يسمع من البطن فكأنها حكاية ذلك الصوت (وذبذبه) أي ذكره سمي به لتذبذبه أي تحركه (فقد وجبت له الجنة) أي استحق دخولها (هب عن أنس) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بحلافه بل قال عقبه في إسناده ضعف اه‍ . وقال الحافظ العراقي : سنده ضعيف . 9084 - (من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل) أي فعل فعل أهل الجهل مع ما في ذلك من عظيم البركة التي فاتته وفي رواية لابن عساكر عن أبي أمامة مرفوعا من ولد له مولود فسماه محمدا تبركا به كان هو ومولوده في الجنة قال المؤلف في مختصر الموضوعات : هذا أمثل حديث ورد في هذا الباب وإسناده حسن . - (طب) عن أحمد بن النضر [ ص 238 ] عن مصعب بن سعيد عن موسى بن أعين عن ليث عن مجاهد (عد) عن عمر بن الحسين عن مصعب عن أعين عن ليث عن مجاهد (عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه مصعب بن سعيد وهو ضعيف وأورده في الميزان في ترجمة ليث بن أبي سليم وقال : قال أحمد : مضطرب الحديث لكن حدثوا عنه وضعفه يحيى والنسائي وأورده ابن الجوزي في الموضوعات
[ 309 ]
وقال : تفرد به موسى عن ليث وليث تركه أحمد وغيره وقال ابن حبان : اختلط آخر عمره وكان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل اه‍ وتعقبه المؤلف بأنه لم يبلغ أمره أن يحكم عليه بالوضع . 9085 - (من ولد له ولد) في رواية مولود (فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أم الصبيان) ريح تعرض لهم فربما غشي عليهم منها كذا قيل وأولى منه قول الحافظ ابن حجر أم الصبيان هي التابعة من الجنة (ع) وكذا البيهقي (عن الحسين) بن علي كرم الله وجهه قال الهيثمي : فيه مروان بن سالم الغفاري وهو متروك وأقول : تعصيبه الجناية برأسه وحده يؤذن بأنه ليس فيه مما يحمل عليه سواه والأمر بخلافه ففيه يحيى بن العلاء البجلي الرازي قال الذهبي في الضعفاء والمتروكين قال : أحد كذاب وضاع وقال في الميزان : قال أحمد : كذاب يضع ثم أورده له أخبارا هذا منها . 9086 - (من ولى شيئا من أمور المسلمين لم ينظر الله في حاجته حتى ينظر في حوائجهم) أي بنصح ورفق وصدق وهمة وحسن عزيمة والرفق يحسن وقعه عند عظم أثره فرفق الإمام برعيته أعظم أجرا من رفق الرجل بأهل بيته ودونه مراتب لا تحصى كرفق الإمام بالمقتدين في التطويل ورفق المعلم بمن يعلمه ورفق رب الدين في اقتضائه . (فائدة) قال القاضي : الفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن الحاجة ما يهتم به الإنسان وإن لم يبلغ حد الضرورة بحيث لو لم يحصل لاختل به أمره والخلة ما كان كذلك مأخوذ من الخلل لكن قد لا يبلغ حد الاضطرار بحيث لو لم يجد لامتنع التعيش والفقر هو الاضطرار إلى ما لا يمكن التعيش دونه مأخوذ من الفقار كأنه كسر فقاره ولذلك فسر الفقير بالذي لا شئ له أصلا واستعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفقر (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه حسين بن قيس وهو متروك وزعم محصن أنه شيخ صدوق وبقية رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : رجاله رجال الصحيح إلا حسين بن قيس المعروف بحنش ولا يضر في المتابعات . 9087 - (من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين) أي فقد عرض نفسه لعذاب يجد فيه ألما كألم الذبح بغير سكين في صعوبته وشدته وامتداد مدته ، شبه به التولية لما في الحكومة من الخطر والصعوبة أو ذبح بحيث لا يرى ذبحه ، أو المراد أن التولية إهلاك لكن لا بألة محسوسة فينبغي أن لا يتشوق إليه ولا يحرص عليه قال التوربشتي : شتان ما بين الذبحين فإن الذبح بالسكين عناء ساعة والآخر عناء عمره ، أو المراد أنه ينبغي أن تموت جميع دواعيه الخبيثة وشهواته الردية فهو مذبوح بغير سكين ، فعلى هذا القضاء مرغب فيه وعلى ما قبله محذر منه قال المظهر : خطر القضاء كثير وضرره عظيم لأن النفس مائلة لما تحبه
[ 310 ]
ومن له منصب يتوقع جاهه أو يخاف سلطنته ويميل إلى الرشوة وهما الداء العضال وما أحسن قول ابن الفضل : ولما أن توليت القضايا * وفاض الجور من كفيك فيضا ذبحت بغير سكين وإنا * لنرجو الذبح بالسكين أيضا - (د ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال الحافظ العراقي : سنده صحيح . 9088 - (من وهب هبة فهو أحق منها ما لم يثب منها) أخذ به مالك فجوز الرجوع في الهبة للأجانب غير ذوات الثواب مطلقا إلا في هبة أحد الزوجين من الآخر ومذهب الشافعية أنه بعد القبض ليس له طلب الثواب . - (ك) في البيع (هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : على شرطهما إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا اه‍ . ونقل ابن حجر عنه وعن ابن حزم أنهما صححاه وأقراه ، وإنما وقفت على نسخة من تلخيص المستدرك للذهبي بخطه فرأيته كتب على الهامش بخطه ما صورته موضوع اه‍ . فلينظر بعد ما بين الحكم ، بالصحة والحكم بالوضع من البون ثم رأيته في الميزان ساقه في ترجمة إسحاق بن محمد الهاشمي وقال عقب قوله إلا أن يكون الحمل فيه على شيخنا ما نصه قلت الحمل فيه عليه بلا ريب وهذا الكلام معروف من قول عمر غير مرفوع اه‍ . 9089 - (من لا حياء له فلا غيبة له) أي فلا تحرم غيبته أي لا يحرم ذكره بما تجاهر به من المعصية ليعرف فيحذر (الخرائطي في) كتاب (مساوى الأخلاق وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 9090 - (من لا يرحم) بالبناء للفاعل (لا يرحم) بالبناء للمفعول أي من لا يكون من أهل الرحمة لا يرحمه الله أو من لا يرحم الناس بالإحسان لا يثاب من قبل الرحمن * (هل جزاء الإحسان إلا الإحسان) * أو من لا يكون فيه رحمة الإيمان في الدنيا لا يرحم في الآخرة أو من لا يرحم نفسه بامتثال الأمر وتجنب النهي لا يرحمه الله لأنه ليس عنده عهد فالرحمة الأولى بمعنى الأعمال والثانية بمعنى الجزاء ولا يثاب إلا من عمل صالحا أو الأولى الصدقة والثانية البلاء أي لا يسلم من البلاء إلا من تصدق أو غير ذلك ، وهو بالرفع فيهما على الخبر وبالجزم على أن من موصولة أو شرطية ورفع الأول وجزم الثاني وعكسه ، وأفاد الحث على رحمة جميع الخلق مؤمن وكافر وحر وقن
[ 311 ]
وبهيمة وغير ذلك ودخل في الرحمة التعهد بنحو إطعام وتخفيف حمل ونحو ذلك (حم د ق ت عن أبي هريرة ق عن جرير) بن عبد الله وسببه أن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قبل الحسين فقال الأقرع بن حابس : لي عشرة من الولد ما قبلت منهم أحدا فنظر إليه فذكره قال المصنف : هذا حديث متواتر . 9091 - (من لا يرحم الناس لا يرحمه الله) قال الطيبي : الرحمة الثانية حقيقة والأولى مجازية إذ الرحمة من الخلق العطف والرأفة وهو لا يجوز على الله ومن الله الرضا عمن رحمه لأن من رق له القلب فقد عرض له الإنعام أو إرادته والجزاء من جنس العمل فمن رحم خلق الله رحمه الله قال الزين العراقي : وجاء في رواية تقييده بالمسلمين فهل يحمل إطلاق الناس على التقييد أو الأمر أعم ورحمة كل أحد بحسب ما أذن فيه الشارع فإن كانوا أهل ذمة فيحفظ لهم ذمتهم أو حربيين دخلوا بإذن فيحفظ لهم ذلك لا أن المراد بالرحمة مودتهم وموالاتهم (حم ق ت عن جرير) بن عبد الله (حم ن عن أبي سعيد) الخدري وفي الباب أنس وغيره . 9092 - (من لا يرحم من في الأرض لا يرحمه من في السماء) أمره أو سلطانه فهو عبارة عن غاية الرفعة ومنتهى الجلالة لا عن محل يستقر فيه ومن تمام الرحمة إيثار الأطفال بذلك لضعفهم وتوقير الكبير لسنه وفي رواية بدل من في السماء أهل السماء وفي شرح الحكم رؤي بعضهم في المنام فقيل له : ما فعل الله بك قال : غفر لي ورحمني ، وسببه أني مررت بشارع بغداد في مطر شديد فرأيت هرة ترعد من البرد فرحمتها وجعلتها بين أثوابي (طب) عن [ ص 240 ] جرير بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وكان حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : إسناده جيد قوي . 9093 - (من لا يرحم لا يرحم) أكثر ضبطهم فيه بالضم على الخبر قاله القاضي ، وقال أبو البقاء : الجيد أن يكون من بمعنى الذي فيرتفع الفعلان وإن جعلت شرطا بجزمهما جاز (ومن لا يغفر لا يغفر له) دل بمنطوقه على أن من لم يكن رحيما لا يرحمه الله ومن لا يغفر لا يغفر الله له ومن شهد أفعال الحق في الخلق وأيقن بأنه المتصرف فيهم رحمهم ومن لم يرحمهم واشتغل بهم عن الحق كان سببا لمقته من الله وجلب كل رزية إليه ويدل على العكس بمفهومه وهو أن كل من كان رحيما يرحمه الله الرحمن ومن يغفر يغفر الله له (حم عن جرير) بن عبد الله قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
[ 312 ]
9094 - (من لا يرحم لا يرحم ومن لا يغفر لا يغفر له ومن لا يتب لا يتب عليه) في منطوقه ومفهومه العمل المذكور فيما قبله (طب عن 0 جرير) بن عبد الله رمز المصنف لصحته لكن قضية كلام الهيثمي أنه غير صحيح فإنه عزاه لأحمد والطبراني ثم قال : رجال أحمد رجال الصحيح فأفهم أن رجال الطبراني ليسوا كذلك وقد يقال لا مانع من كونه صحيحا مع كون رجاله غير رجال الصحيح وقال المنذري : إسناده صحيح . 9095 - (من لا يستحي من الناس لا يستحي من الله) فلا يسامحه ولا يدع عقابه ومفهومه أن من يستحي من الناس يستحي الله منه يعني أنه يسامحه ولا يعاقبه وقد مر غير مرة أن حقيقة الحياء مستحيلة عليه تعالى (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : فيه جماعة لم أعرفهم اه‍ . ولعل المصنف عرفهم حيث رمز لحسنه وسببه أن أنسا خرج لصلاة فوجد الناس راجعين منها فتوارى عنهم ثم ذكره . 9096 - (من لا يشكر الناس لا يشكر الله) قال ابن العربي : روي برفع الجلالة والناس ومعناه من لا يشكره الناس لا يشكره الله وبنصبهما أي من لا يشكر الناس بالثناء بما أولوه لا يشكر الله فإنه أمر بذلك عبيده أو من لا يشكر الناس كمن لا يشكر الله ومن شكرهم كمن شكره وبرفع الناس ونصب الجلالة وبرفع الجلالة ونصب الناس ومعناه لا يكون من الله شاكرا إلا من كان شاكرا للناس وشكر الله ثناؤه على المحسن وإجراؤه النعم عليه بغير زوال قال ابن عطاء الله : إن كانت عين القلب تنظر إلى أن الله تعالى واحد فالشريعة تقتضي أنه لا بد من شكر خليقته والناس في ذلك على أقسام غافل منهمك في غفلته قويت دائرة حسه وانطمست حفرة قدسه فنظر الإحسان من المخلوقين ولم يشهده من رب العالمين إما اعتقادا فشركه جلي وإما استنادا فشركه خفي وصاحب حقيقة غائب عن الخلق بشهود الملك الحق وفني عن الأسباب بشهود مسببها فهذا عبد مواجه بالحقيقة ظاهر عليه سناها سالك للطريقة قد استوى على مداها غير أنه غريق الأنوار مطموس الآثار قد غلب سكره على صحوه وجمعه على فرقه وفناؤه على بقائه وغيبته على حضوره وأكمل منه عبد شرب فازداد صحوا أو غاب فازداد حضورا فلا جمعه يحجبه عن فرقه ولا فرقه يحجبه عن جمعه ولا فناؤه يصرفه عن بقائه ولا بقاؤه يصده عن فنائه يعطي كل ذي قسط قسطه ويوفي كل ذي حق حقه فالأكمل مقام البقاء المقتضي لإثبات الآثار وقد قال الله تعالى * (أن اشكر لي ولوالديك) * وهو المشار إليه في هذا الخبر وما ضاهاه من الأخبار . (ت عن أبي هريرة) .
[ 313 ]
9097 - (من يتزود في الدنيا) من العمل الصالح (ينفعه في الآخرة) ولا يعول إلا على نفعها قال تعالى * (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى) * (طب هب والضياء) المقدسي (عن جرير) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9098 - (من يتكفل) أي يضمن (لي) من الكفالة وهي الضمان (أن لا يسأل الناس شيئا) قال الطيبي : أن مصدرية والفعل معها مفعول يتكفل أي من يلتزم لي عدم السؤال (وأتكفل) بالرفع (له بالجنة) أي أضمنها له على كرم الله وفضله وهو لا يخيب ضمان نبيه وفيه دلالة على شدة الاهتمام بشأن الكف عن السؤال (د ك عن ثوبان) فكان ثوبان يسقط سوطه وهو راكب وربما وقع على عاتق رجل فيأخذه فيناوله فلا يأخذه منه حتى ينزل هو فيأخذه رواه الطبراني . 9099 - (من يحرم) من الحرمان وهو متعد إلى مفعولين الأول الضمير العائد إلى من والثاني (الرفق) ضد العنف فأل فيه لتعريف الحقيقة (يحرم الخير كله) بالبناء للمجهول أي صار محروما من الخير ولامه للعهد الذهني وهو الخير الحاصل من الرفق وفيه فضل الرفق وشرفه ، ومن ثم قيل الرفق في الأمور كالمسك في العطور ، قال الأكمل : والحرمان يتعدى إلى مفعولين يقال حرمت الرجل العطية حرمانا والمفعول الأول الضمير العائد إلى من والثاني هو الرفق فأل لتعريف الحقيقة وفي الخير للعهد الذهني والمعهود هو الخير المقابل للرفق وهو خير كثير (حم م) في البر (د) في الأدب وزاد كله (هو عن جرير) بن عبد الله ورواه مسلم من طريق آخر بلفظ من حرم الرفق حرم الخير . 9100 - (من يخفر ذمتي) أي يزيل عهدي وينقصه والخفرة بضم الخاء العهد والذمام (كنت خصمه) في رواية يوم القيامة (ومن خاصمته خصمته) لأن المؤيد بالحجج الباهرة والبراهين القاطعة . - (طب) وكذا في الأوسط (عن جندب) قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فذكره هكذا في الطبراني قال الهيثمي : ورجاله ثقات .
[ 314 ]
9101 - (من يدخل الجنة ينعم) بفتح الياء والعين أي يصب نعمه ويدوم نعيمه (فيها) فكأنه مظنة أن يقال كف فقال (لا ييأس) بفتح الهمزة أي لا يفتقر وفي رواية بضمها أي لا يحزن ولا يرى بأسا قيل : والصواب الأول وذا تأكيد لما قبله وإنما جئ بالواو للتقرير على وزان * (لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) * (لا تبلى) بفتح حرف المضارعة واللام (ثيابه) لأنها غير مركبة من العناصر (ولا يفنى شبابه) إذ لا هرم ثم ولا موت * (يطوف عليهم ولدان مخلدون) * [ الواقعة : 17 ] أي يبقون أبدا على شكل الولدان وحد الرصانة وهذا صريح في أن الجنة أبدية لا تفتى والنار مثلها ، وزعم جهم بن صفوان أنهما فانيتان لأنهما حادثتان ولم يتابعه أحد من الإسلاميين بل كفروه به ، وذهب بعضهم إلى إفناء النار دون الجنة ، وأطال ابن القيم كشيخه ابن تيمية في الانتصار له في عدة كراريس وقد صار بذلك أقرب إلى الكفر منه إلى الإيمان لمخالفته نص القرآن وختم بذلك كتابه الذي في وصف الجنان فكان من قبيل خبر إن أحدكم يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا قدر ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار وقد سلف عن الزمخشري في ذلك ما فيه بلاغ فراجعه وقد قال السبكي في ابن تيمية هو ضال مضل (م) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الجنة فذكره ولم يخرجه البخاري وفي الباب ابن عمر وغيره . 9102 - (من يرائي) أي يظهر للناس العمل الصالح ليعظم عندهم وليس هو كذلك (يرائي الله به) أي يظهر سريرته على رؤوس الخلائق ليفتضح أو ليكون ذلك حظه فقط (ومن يسمع) الناس عمله ويظهره لهم ليعتقدوه ويبروه (يسمع الله به) يوم القيامة أي يظهر للخلق سريرته ويملأ أسماعهم مما انطوى عليه جزاءا وفاقا . - (حم ت ه عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه . 9103 - (من يرد) بضم المثناة تحت من الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة بالوقوع في المقدور وقيل اعتقاد النفع والضر وقيل ميل يتبعه الاعتقاد وهذا لا يصح في الإرادة القديمة (الله به خيرا) أي جميع الخيرات لأن النكرة تفيد العموم أو خيرا كبيرا عظيما كثيرا فالتنوين للتعظيم (يفقهه في الدين) أي يفهمه أسرار أمر الشارع ونهيه بالنور الرباني الذي أناخه في قلبه كما يرشد إليه قول الحسن إنما الفقيه من فقه عن الله أمره ونهيه ولا يكون ذلك إلا لعامل بعلمه ومر عن حجة الإسلام أن حقيقة الفقه في الدين ما وقع في القلب ثم ظهر على اللسان فأفاد العمل فأورث الخشية فالتقوى ، وأما الذين
[ 315 ]
يتدارسون أبوابا منه ليعزز به الواحد منهم فأجنبي من هذه الرتبة العظمى وقال في موضع آخر : أراد الفقه المذكور العلم بمعرفة الله وصفاته قال : وأما الفقه الذي هو معرفة الأحكام الشرعية فقد استحوذ على أهله الشيطان واستغراهم الطغيان وأصبح كل منهم بعاجل حظه مشغوفا فصار يرى المعروف منكرا والمنكر معروفا حتى ظل علم الدين مندرسا ومنار الهدى في الأقطار منطمسا فتعين أن المراد هو علم الآخرة الذي هو فرض عين فنظر الفقيه بالإضافة إلى صلاح الدنيا ونظر هذا بالإضافة إلى صلاح الآخرة ولو سئل فقيه عن نحو الإخلاص والتوكل أو وجه التحرز عن الرياء لما عرفه مع كونه فرض عينه الذي في إهماله هلاكه ولو سئل عن اللعان والظهار يسرد من التفريعات الدقيقة التي تنقضي الدهور ولا يحتاج لشئ منها ، وقد سمى الله في كتابه علم طريق الآخرة فقها وحكمة وضياء ونورا ورشدا (حم ق عن معاوية) بن أبي سفيان (حم ت عن ابن عباس ه عن أبي هريرة) وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله بل بقيته عند الشيخين والله المعطي وأنا القاسم خرجه البخاري في العلم والخمس ومسلم في الزكاة ووجه ارتباط هاتين الجملتين بما قبلهما أن إثبات الخير للمتفقه لا يكون بالاكتساب فقط بل لمن يفتح الله عليه به على يد المصطفى صلى الله عليه وسلم ثم ورثته . 9104 - (من يرد الله به خيرا) بالتنكير في سياق الشرط فيعم أي من يرد الله به جميع الخيرات (يفقهه) بسكون الهاء لأنها جواب الشرط (في الدين) أي يفهمه علم الشريعة بالفقه لأنه علم مستنبط بالقوانين والأدلة والأقيسة والنظر الدقيق بخلاف علم اللغة والنحو والصرف . روى أن سلمان نزل على نبطية بالعراق فقال : هنا مكان نظيف نصلي فيه قالت : طهر قلبك وصل حيث شئت فقال : فقهت ، أي فهمت ، فمفهوم الحديث أنه من لم يتفقه في الدين أي يتعلم قواعد الإسلام لم يرد الله به خيرا (ويلهمه برشده) بباء موحدة أوله بخط المصنف وفيه كالذي قبله شرف العلم وفضل العلماء وأن التفقه في الدين علامة على حسن الخاتمة وروى البخاري في الصحيح معلقا من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإنما العلم بالتعلم هكذا ذكره معلقا بهاتين الجملتين ووصله ابن أبي عاصم من حديث معاوية (حل عن ابن مسعود) رمز لحسنه وهو فيه تابع لابن حجر حيث قال في المختصر : إسناده حسن لكن قال الذهبي : هو حديث منكر ورواه عنه الطبراني أيضا . 9105 - (من يرد الله يهده يفهمه) علم الذات والصفات الناشئ عنه ملابسة كل خلق سني وتجنب كل خلق دني ، فمن عرف سعة رحمته أثمرت معرفته سعة الرجاء ومن عرف شدة نقمته أثمرت معرفته شدة الخوف وأثمر خوفه الكف عن الذنوب والبكاء والحزن وحسن الإنقياد والإذعان ومن عرف إحاطة علمه لكل معلوم ورؤيته لكل مبصر أثمر ذلك العلم الحياء منه والمراقبة وإتقان العبادة وإصلاح القلب وإخلاص العمل ومن عرفه بالتفرد بالضر والنفع لم يعتمد إلا عليه ولم يفوض إلا إليه ومن عرفه بالعظمة والجلال هابه وعامله بالذلة والافتقار ومن عرف أن النعم كلها منه أحبه وأثمرت
[ 316 ]
محبته آثارها فهذه بعض ثمرات المهتدي لفقه بعض الصفات (السجزي عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه . 9106 - (من يرد الله به خيرا) أي جميع الخيرات أو خيرا غزيرا (يصب منه) بكسر الصادر عند الأكثر والفاعل الله وروي بفتحها واستحسنه ابن الجوزي ورجحه الطيبي بأنه أليق بالأدب لآية * (وإذا مرضت فهو يشفين) * والضمير في قوله منه على التقديرين للخير قال الزمخشري : أي ينل منه بالمصائب ويبتليه بها ليثيبه عليها ، وقال القاضي : أي يوصل إليه المصائب ليطهره من الذنوب ويرفع درجته وهي اسم لكل مكروه وذلك لأن الابتلاء بالمصائب طب إلهي يداوي به الإنسان من أمراض الذنوب المهلكة ، ويصح عود الضمير في يصب إلى من وفي منه إلى الله وإلى الخير ، والمعنى أن الخير لا يحصل للإنسان إلا بإرادته تعالى وعليه فلا شاهد فيه وإنما تركه لوضوحه لأن الخير الذي هو مراد لمن يحصل له مختار مرضي به إذا كان بإرادة من الغير لا من نفسه فلأن يكون ما يحصل بغير إرادة ورضا أولى (حم خ) في الطب (عن أبي هريرة) ورواه عنه النسائي أيضا . 9107 - (من يرد هوان قريش) القبيلة المعروفة (أهانه الله) هذا أعظم من الخبر المار من أهان قريشا إلخ لأنه جعل هوان الله لمن أراد هوانها لكنه إنما خرج مخرج الزجر والتغليظ ليكون الإنتهاء عن أذاهم أسرع امتثالا وإلا فحكم الله المطرد في عدله أنه لا يعاقب على الإرادات (حم ت ك) في المناقب (عن سعد) بن أبي وقاص قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال المناوي : سنده جيد . 9108 - (من يسر على معسر) مسلم أو غيره بإبراء أو هبة أو صدقة أو نظرة إلى ميسرة وإعانة بنحو شفاعة أو إفناء يخلصه من ضائقة (يسر الله عليه) مطالبه وأموره (في الدنيا) بتوسيع رزقه وحفظه من الشدائد ومعاونته على فعل الخيرات (و) في (الآخرة) بتسهيل الحساب والعفو عن العقاب ونحو ذلك من وجوه الكرامة والزلفى ، ولما كان الإعسار أعظم كرب الدنيا لم يخص جزاؤه بالآخرة بل عممه فيهما (ه عن أبي هريرة) . 9109 - (من يضمن) من الضمان بمعنى الوفاء بترك المعصية فأطلق الضمان وأراد لازمه وهو أداء الحق الذي عليه (لي ما بين لحييه) بفتح فسكون هما العظمان بجانبي الفم وأراد بما بينهما اللسان وما يتأتى به النطق وغيره فيشمل سائر الأقوال والأكل والشرب وسائر ما يتأدى بالفم من الفعل ،
[ 317 ]
والنطق باللسان أصل كل مطلوب (وما بين رجليه) أي الفرج ، والمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بالواجب والصمت عما لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من وضعه [ ص 244 ] في الحلال وكفه عن الحرام (أضمن) بالجزم جواب الشرط (له الجنة) أي دخوله إياها وهذا تحذير من شهوة البطن والفرج وأنها مهلكة ولا يقدر على كسر شهوتها إلا الصديقون (خ) في الرقائق وغيرها (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه عنه كثيرون منهم الترمذي . 9110 - (من يعمل سوءا) دخل فيه البر والفاجر والولي والعدو والمؤمن والكافر (يجز به في الدنيا) زاد الحكيم في روايته عن ابن عمر أو الآخرة فأما في الآية فقد أجمله وميز في الخبر بين الموطنين وأخبر بأن جزاءه إما في الدنيا والآخرة وليس يجمع الجزاء فيهما ففسر في الخير مجمل التنزيل وبين أن المؤمن يجزى بالسوء في الدنيا كتعب وحزن والكافر يصيبه ذلك فيها ويعاقب أيضا في العقبى لأن المؤمن صابر محتسب مذعن لربه والكافر ساخط على ربه مصر على عداوته فيزداد نارا على نار (ك عن أبي بكر) الصديق ورواه الحكيم عن الزبير قال : لما صلب ابن الزبير بمكة قال ابن عمر رحمك الله أبا خبيب إن كنت وإن كنت ولقد سمعت أباك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال ابن عمر فإن يك هذا بذاك فهه فهه يعني جوزي به ومعناه أنه قاتل في حرم الله وأحدث فيه حدثا عظيما اه‍ . 9111 - (من يك في حاجة أخيه) أي في قضاء حاجة أخيه في الدين (يكن الله في حاجته) الحاجة اسم لما يفتقر إليه الإنسان ومعناه على ظاهره ظاهر وكان لتقرير الخبر وتأتي بمعنى صار وزائدة وتامة وهنا لا تصح لواحد منها قال الأكمل : فينبغي أن الأولى بمعنى سعى لأن السعي في الحاجة يستلزم الكون فيها والثانية بمعنى قضى ورد بأن الاستمرار والانقطاع إنما يفهم من القرائن لا من كان وهنا الغرض بيان كون الأول سببا للثاني فقط فإن تكرر السبب تكرر المسبب وإلا فلا ولم يقل مقضى حاجته إشعارا بأن الله هو الذي يقضيها وليس للعبد إلا المباشرة والكون في الحاجة أعم من السعي فيها . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه . 9112 - (منى مناخ من سبق) من الحاج وغيرهم قال الطيبي : جملة مستأنفة لبيان موجب عدم البناء فيها أي ليس مختصا بأحد إنما هو موضع العبادات من رمى وذبح وحلق وغيرها فلا يجوز البناء فيها لأحد لئلا يكثر بها البناء فتضيق على الحاج وهي غير مختصة بأحد بل هي موضع للمناسك ومثلها عرفة ومزدلفة قال ابن العربي : هذا الحديث يقتضي بظاهره أنه لا استحقاق لأحد بمنى إلا بحكم الإناخة بها لقضاء النسك ثم بنى بعد ذلك بها لكن في غير موضع النسك ثم أخربت قال : ورأيت بمدينة السلام يوم الجمعة كل أحد يأتي بحصير أو خمرة بفرشها فإذا دخل الناس تحاموها فأنكرته وقلت لفخر
[ 318 ]
الإسلام الشاشي أيتخذ المسجد وطنا أو سكنا قال : لا بل إذا وضع مصلاه كان أحق به لحديث منى مناح من سبق فإذا نزل بمنى برحله ثم خرج لحاجته ليس لغيره نزع رحله قال ابن العربي : وذا أصل في جواز كل مباح للانتفاع به دون الاستحقاق والتملك . (ت ه ك) في الحج (عن عائشة) قالت : يا رسول الله ألا نبني لك بناء بمنى يظلك ؟ قال : لا ، ثم ذكره قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الترمذي : حسن قال في المنار : ولم يبين لم لا يصح وعندي أنه ضعيف لأن فيه مسكة أم يوسف لا يعرف حالها ولا يعرف روى عنها غير ابنها اه‍ . 9113 - (مناولة المسكين) أي إعطاؤه الصدقة (تقي ميتة السوء) أي الموت مع الإصرار على معصية أو قنوط من رحمه [ ص 245 ] أو حرق أو لدغ أو نحوها . بين به أن أفضل أنواع كيفيات التصدق وأعلاها المناولة وذلك لأن الله تفضل على هذه الأمة بأخذ صدقاتهم بيده كما مر في أخبار ولم يكله إلى ملائكته ولا لأحد من خلقه * (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات) * فلذلك ندب أن يتولى المتصدق المناولة وكان فضلها عظيما (طب هب والضياء عن الحارث بن النعمان) كان قد عمي فاتخذ خيطا في مصلاه بحجرته فيه صدقته فإذا جاء مسكين جره فناوله منه فيقول أهله نكفيك فيقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي : فيه من لم أعرفه . 9114 - (منبري هذا على ترعة من ترع الجنة) أي موضع بعينه في الآخرة هناك أو المراد أن التعبد عنده يورث الجنة فكأنه قطعة منها وقول البعض المراد منبر هناك يبعده اسم الإشارة وأقول : جاء في رواية لأحمد والطبراني تفسير الترعة بالباب عن بعض الصحابة (حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ومن ثم رمز المصنف لصحته . 9115 - (منعني ربي أن أظلم معاهدا ولا غيره) فالمعاهد والمؤمن لا يجوز التعرض له نفسا وعضوا ومالا ما دام عقد الأمان والمعاقدة باق ولذلك شروط وأحكام مبنية في كتب الفروع (ك عن علي) أمير المؤمنين . 9116 - (منهومان لا يشبعان طالب علم وطالب دنيا) النهمة شدة الحرص على الشئ ومنه النهم من الجوع كما في النهاية قال الطيبي : إن ذهب في الحديث إلى الأصل كان لا يشبعان استعارة لعدم
[ 319 ]
انتهاء حرصهما وإن ذهب إلى الفرع يكون تشبيها ، جعل أفراد المنهوم ثلاثة أحدها المعروف وهو المنهوم من الجوع والآخرين من العلم والدنيا وجعلهما أبلغ من المتعارف ، ولعمري إنه كذلك وإن كان المحمود منهما هو العلم ومن ثم أمر الله رسوله بقوله * (وقل رب ذدني علما) * ويعضده قول ابن مسعود عقبه لا يستويان أما صاحب الدنيا فيتمادى في الطغيان وأما صاحب العلم فيزداد من رضا الرحمن ، وقال الراغب : النهم بالعلم استعارة وهو أن يحمل على نفسه ما يقصر قواها عنه فينبت والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى اه‍ . وهذا التقرير أقوى من قول الماوردي : في الحديث تنبيه على أن العلم يقتضي ما بقي منه ويستدعي ما تأخر عنه ، وليس للراغب فيه قناعة ببعضه ، قال حجة الإسلام : اجتمع في الإنسان أربعة أوصاف سبعية وبهيمية وشيطانية وربانية فهو من حيث سلط عليه الغضب يتعاطى أفعال السباع من التهجم على الناس بنحو ضرب وشتم والبغضاء وغير ذلك ومن حيث سلط عليه الشهوة يتعاطى أفعال البهائم كشره وحرص وشبق ومن حيث إنه في نفسه أمر رباني كما قال تعالى * (قل الروح من أمر ربي) * يدعي لنفسه الربوبية ويحب الاستيلاء والاستعلاء والتخصص والاستبداد بالأمور والتعوذ بالربانية والانسلال عن رتبة العبودية ويشتهي الإطلاع على العلوم كلها ويدعي لنفسه العلم والمعرفة والإحاطة بحقائق الأمور ويفرح إذا نسب إلى العلم وهو حريص على ذلك لا يشبع منه (عد) وكذا القضاعي (عن أنس) بن مالك ، ظاهر صنيع المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بالرد فقال : محمد بن يزيد أحد رجاله ضعيف كان يسرق الحديث فيحدث بأشياء منكرة اه‍ . ومن ثم قال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف . 9117 - (موالينا منا) في الاستنان بسنتنا والاحترام والإكرام لاتصالهم بنا فليس المراد أنه يحرم عليهم أخذ الزكاة كما قيل (طس عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه مسلم بن سالم ويقال ابن مسلمة بن سالم ضعفه أبو داود [ ص 246 ] وغيره ووثقه ابن حبان وهذا حديث رواه أيضا ابن قانع في معجمه من حديث إبراهيم بن عبيد بن رفاعة عن أبيه عن جده بلفظ " مولانا منا وابن أخينا منا وحليفنا منا " . 9118 - (موت الغريب) وفي رواية موت الغربة (شهادة) أي في حكم الآخرة زاد في الفردوس وإنه إذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه ويساره فلم ير إلا غريبا وذكر أهله وولده فيتنفس فله بكل نفس يتنفسه يمحو الله عنه ألفي ألف سيئة ويكتب له ألفي ألف حسنة اه‍ قال البغدادي : وهذا فيمن تغرب لقربة أو مباح كتجارة فمات غريبا متوحشا عن مؤانس متحسرا في وحدته مستسلما في نفسه مسلما إلى ربه فيما ينزل به فهو شهيد لصعوبة ما حل به . - (ه) وكذا القضاعي (عن ابن عباس) وفيه الهذيل بن الحكم قال في الميزان : قال ابن حبان والبخاري : منكر الحديث جدا قال : ومن مناكيره هذا الحديث وقال ابن حجر : حديث ضعيف لأنه يعني ابن ماجه أخرجه من طريق الهذيل بن الحكم عن ابن أبي رواد عن
[ 320 ]
عكرمة والهذيل قال البخاري : منكر الحديث وزعم عبد الحق أن الدارقطني صححه فتعقبه ابن القطان فأجاد اه‍ . وسبقه له البيهقي فقال عقب تخريجه في الشعب : أشار البخاري إلى تفرد الهذيل به وقال : هو منكر الحديث اه‍ . وقال المنذري : قد جاء في أن موت الغريب شهادة جملة من الأحاديث لا يبلغ شئ منها درجة الحسن وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأنه ورد من طرق فيتقوى بها . 9919 - (موت الفجأة) بفاء مضمومة مع المد ومفتوحة مع القصر البغتة مصدر فجاء الأمر فجأة بغتة وزعم الكرماني أنه في بعض الروايات بكسر الفاء (أخذة أسف) بفتح السين أي غضب وبكسرها والمد أي أخذه غضبان يعني هو من أثار غضب الله تعالى فإنه لم يتركه ليتوب ويستعد للآخرة ولم يمرضه ليكون المرض كفارة لذنوبه كأخذة من مضى من العصاة المردة كما قال تعالى * (أخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) * وهذا وارد في حق الكفار والفجار لا في المؤمنين الأتقياء كما أفصح به في الخير الآتي . قال ابن العربي : وليس موت القوم فجأة إنما الفجأة موت اليقظة بغتة . (ه حم د) في الجنائز (عن عبيد) بالتصغير (ابن خالد) السلمي البهربي شهد صفين مع علي وأدرك زمن الحجاج قال الأزدي : له طرق في كل منها مقال ولم يصح منها حديث اه‍ وقال المنذري : حديث عبيد هذا رجاله ثقات اه‍ ولعله مستند المصنف في إشارته لحسنه لكن ظاهر كلام ابن حجر توهينه فإنه لما نقل عن ابن رشيد أن في إسناده مقالا أقره وسكت عليه لكنه قال في تخريج المختصر : إسناده صحيح قال : وليس في الباب حديث صحيح غيره . 9120 - (موت الفجأة راحة للمؤمن) أي المتأهب للموت المراقب له فهو غير مكروه في حقه بخلاف من هو على غير استعداد منه كما أشار إليه بقوله (وأخذة أسف للفاجر) أي الكافر أو الفاسق لما ذكر وقد مات إبراهيم الخليل صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بلا مرض كما بينه جمع وقال ابن السكن الهجري توفي إبراهيم وداود وسليمان عليهم السلام فجأة قال : وكذلك الصالحون وهو تخفيف عن المؤمن قال النووي في تهذيبه بعد نقله ذلك : قلت هو تخفيف ورحمة في حق المراقبين وقال في الإحياء : وهو تخفيف إلا لمن ليس مستعدا للموت لكونه مثقل الظهر (فائدة) يسمى موت الفجأة الموت الأبيض قال الزمخشري : ومعنى بياضه خلوه عما يحدثه من لا يعافص من توبة واستغفار وقضاء حق وغير ذلك من قولهم بيضت الإناء إذا فرغته وهو من الأضداد . - (حم هق عن عائشة) وفيه قصة قال الهيثمي : وفيه عبد الله بن الوليد الوصافي وهو متروك وقال ابن حجر : حديث غريب فيه صالح بن موسى وهو ضعيف لكن له شواهد
[ 321 ]
9121 - (موتان الأرض) يعني مواتها الذي ليس بمملوك (لله ورسوله فمن أحيا شيئا منها فهو له) وإن لم يأذن الإمام مطلقا عند الشافعي ، وشرطه أبو حنيفة مطلقا ، وقال مالك : إن تسامح الناس فيه لقربه من العمران لم يشترط وإلا شرط . - (هق عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي : تفرد بوصله معاوية بن هشام قال الذهبي : قلت هذا مما أنكر عليه اه‍ . وبه يعرف أن المصنف لم يصب في رمزه لحسنه . 9122 - (موسى بن عمران صفي الله) أي اصطفاه الله برسالته وخصه بكلامه والكلام خصوصية اختص بها من بين الأنبياء والرسل لم يشاركه فيها نبي مرسل ولا ملك مقرب وأصل الصفي ما يصطفيه الرئيس لنفسه دون أصحابه وجمعه صفايا قال الشاعر : لك المرباع منها والصفايا * وحكمك والنشيطة والفصول - (ن عن أنس) بن مالك ، ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره . 9123 - (موضع سوط في الجنة) خص السوط بالذكر لأن من شأن الراكب إذا أراد النزول في منزل أن يلقى سوطه قبل أن ينزل معلما بذلك المكان الذي يريده لئلا يسبقه إليه أحد (خير من الدنيا وما فيها) لأن الجنة مع نعيمها لا انقضاء لها والدنيا مع ما فيها فانية وهذا في محل سوط فما الظن بأعلى ما فيها وهو النظر إلى وجه الله الكريم الذي ينسي في لذته كل نعيم * (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة) * . (خ ت ه عن سهل بن سعد) الساعدي (ت عن أبي هريرة) . 9124 - (مولى القوم) أي عتيقهم قال ابن حجر : المراد بالمولى هو المعتق بفتح المثناة وأما المولى من أعلى فلا يرد هنا وقال النووي في التهذيب : في هذا الحديث سواء كان مولى عتاقة وهو الأكثر أو مولى حلف ومناصرة أو مولى إسلام بأن أسلم على يد واحدة من قبيلة كالبخاري مولى الجعفيين أسلم على يد أحدهم وقد ينسبون إلى القبيلة مولى مولاها كأبي الحباب الهاشمي مولى شقران مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم (من أنفسهم) أي ينتسب نسبتهم ويرثونه إن كان مولى عتاقة فالمعتق يرث العتيق بالعصوبة إذا فقد عصبة النسب فإن لم يكن مولى عتاقة فالمراد من أنفسهم في الإكرام والاحترام وقيل المراد من أنفسهم في حكم الحل والحرمة كمولى القرشي لا تحل له الصدقة وقيل القصد بذلك جواز نسبة العبد إلى مولاه بلفظ
[ 322 ]
النسبة (خ) في الفرائض ووهم من زعم أنه ليس فيه (عن أنس) وفيه قصة وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به إمام الفن عن صاحبه وليس كذلك ففي الفردوس اتفقا على إخراجه ورواه أيضا أحمد . 9125 - (مولى الرجل أخوه وابن عمه) المولى الرب والمالك والمنعم والمعتق والناصر والمحب والتابع والجار وابن العم والصهر والمعتق وقد جاء أكثرها في الأخبار فينزل على كل ما يليق به . - (طب عن سهل بن حنيف) رمز لحسنه وفيه يحيى بن يزيد قال الذهبي : ضعيف . 9126 - (مهنة إحداكن) بفتح الميم وتكسر خدمتها قال الزمخشري : والكسر عند الإثبات خطأ وفي رواية إلى إحداكن [ ص 248 ] (في بيتها تدرك جهاد المجاهدين إن شاء الله) أي فضله وثوابه عند الله (ع) وكذا البيهقي (عن أنس) بن مالك ، قال : جئن النساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن ذهب الرجال بالفضل والجهاد فذكره . قال ابن الجوزي : حديث لا يصح قال ابن حبان : روح أي أحد رجاله يروي عن الثقات الموضوعات لا تحل الرواية عنه . 9127 - (ميامن الخيل في شقرها) أي بركتها في الأحمر الصافي منها والشقرة حمرة صافية وبقيته عند مخرجيه أبي الشيخ والطيالسي وأيمنها ناصية ما كان واضح الجبين محجل ثلاث قوائم طلق اليد اليمنى اه‍ بنصه (الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] والديلمي . 9128 - (ميتة البحر حلال وماؤه طهور) هو بمعنى خبر " هو الطهور ماؤه الحل ميتته " وفيه أن ما لا يعيش إلا في البحر من جميع أنواع الحيوان ميتتها طاهرة يحل أكلها ولو بصورة كلب وخنزير (قط ك) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده عبد الله (بن عمرو) بن العاص قال ابن حجر : هو من طريق المثنى عن عمر والمثنى ضعيف اه‍ . وقال الغرياني في مختصر الدارقطني : فيه المثنى بن الصباح لينه أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن عياش لكن توبع .
[ 323 ]
فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [ أي حرف الميم ] - 9129 - (الماء) زاد في رواية أبي داود طهور (لا ينجسه شئ) هذا متروك الظاهر فيما إذا تغير بالنجاسة اتفاقا رخصه الشافعية والحنابلة بمفهوم خبر أبي داود وغيره " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا " فينجس ما دونها بكل حال ، وأخذ مالك وجمع بإطلاقه فقالوا : لا ينجس الماء إلا بالتغير وأل في قوله الماء للاستغراق أو للعهد أو الماء المسؤول عنه وهو ماء بئر بضاعة ويعلم حكم غيره بطريق الأولى أو لبيان الجنس أي أن هذا هو الأصل في الماء وقوله طهور بفتح الطاء على المشهور لأن المراد به الماء . قال ابن العراقي : في أصل سماعنا ولا ينجسه شئ بالواو وفي الرواية الأخرى بحذفها والأولى تدل على أن قوله لا ينجسه شئ ليس تفسيرا لقوله الماء طهور بل حكم على الماء بأمرين بكونه طهورا وبكونه لا ينجسه شئ ولا يلزم من الطهورية عدم التنجس . - (طس عن عائشة) وقضية كلام المؤلف أنه لم يخرجه أحد في الكتب الستة وهو عجيب فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور عن أبي سعيد الخدري ولفظه مررت بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهو يطرح فيها ما يكره من النتن فقال " الماء لا ينجسه شئ " وهو حديث حسنه اليعمري وغيره ورواه عنه أبو داود بلفظ : " الماء طهور لا ينجسه شئ " . قال الولي العراقي بعد ما حكى اختلاف الناس فيه : والحديث صحيح ورواه أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ، والدارقطني عن سهل بن سعد يرفعه ورمز المؤلف لحسنه . 9130 - (الماء طهور إلا ما غلب على ريحه أو على طعمه) أو على لونه قال ابن المنذر : أجمعوا على أن الماء قل أو كثر إذا وقعت فيه نجاسة فغيرته لونا أو طعما أو ريحا فهو نجس (تنبيه) ذكر ابن سراقة في الأعداد وأبو سعيد النيسابوري في شرف المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم أن من خصائص نبينا صلى الله عليه وسلم جعل الماء مزيلا للنجاسة وأن كثير الماء لا يؤثر فيه الخبث والاستنجاء بالجامد (قط) من حديث راشد (عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال مخرجه الدارقطني : لم يرفعه غير رشدين بن سعد وليس بالقوي ، والصواب من قول راشد ، [ ص 249 ] وأسنده محمد الغضيضي عن أبي أمامة وهو مجهول اه‍ . وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال ابن حجر : فيه رشدين بن سعد متروك . قال ابن يونس : كان صالحا أدركته غفلة الصالحين فخلط في الحديث ورواه ابن ماجه والطبراني وفيه رشدين أيضا . 9131 - (المائد في البحر) اسم فاعل من ماد يميد إذا دار رأسه من غثيان معدته بشم ريح البحر
[ 324 ]
قال تعالى * (أن تميد بكم) * أي لئلا تضطرب بكم (الذي يصيبه القئ له أجر شهيد) إن ركبه لطاعة كغزو وحج وتحصيل علم أو لتجارة إن لم يكن له طريق سواه ولم يتجر لزيادة مال بل للقوت ذكره المظهر . قال الطيبي : الذي يصيبه ليس بصفة مخصصة بل مبينة (والغرق) بفتح الغين وكسر الراء (له أجر شهيدين) فيه حث على ركوب البحر للغزو . (د) في الجهاد (عن أم حرام) بفتح الحاء والراء رمز لحسنه وفيه هلال بن ميمون الرملي قال أبو حاتم : غير قوي . 9132 - (المؤذن يغفر له مدى صوته) أي غاية صوته ، يعني يغفر له مغفرة طويلة عريضة على طريق المبالغة أي يستكمل مغفرة الله إذا استوفى وسعه في رفع الصوت ، وقيل تغفر خطاياه وإن كانت بحيث لو فرضت أجساما ملأت ما بين الجوانب التي يبلغها ومدى على الأول نصب على الظرف وعلى الثاني رفع على أنه أقيم مقام الفاعل (ويشهد له كل رطب) أي نام (ويابس) أي جماد (وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون صلاة ويكفر عنه ما بينهما) أي ما بين الأذان إلى الأذان قال أبو البقاء : الجيد عند أهل اللغة مدى صوته وهو ظرف مكان ، وأما مد صوته فله وجه وهو يحتمل شيئين أحدهما أن يكون تقديره مسافة مد صوته ، الثاني أن يكون بمعنى المكان أي امتداد صوته وهو منصوب لا غير ، وفي المعنى على هذا وجهان أحدهما لو كانت ذنوبه تملأ هذا المكان لغفرت له ، الثاني يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان يقدر بهذه المسافة ، وقال التوربشتي : قوله مدى صوته أي غايته وفيه حث على استفراغ الجهد في رفع الصوت بالأذان ، وقال البيضاوي : غاية الصوت يكون أخفى لا محالة فإذا شهد له من بعد عنه ووصل إليه همس صوته فلأن يشهد له من هو أدنى منه وسمع مبادئ صوته أولى قال الطيبي : قوله وشاهد إلخ عطف على قوله المؤذن يغفر له ، وفيه إشعار بأن الجملة الثانية مسببة عن الأولى وأن العطف بيان لحصول الجملتين في الوجود وتفويض ترتب الثانية موكول إلى ذهن السامع الذكي والثانية وإن كانت متأثرة عن الأولى ومسببة عنها بهذا الاعتبار كذلك الأولى متأثرة من الثانية باعتبار مضاعفة الثواب وإليه أشار من قال يغفر للمؤذن لأن كل من سمعه أسرع إلى الصلاة ثم غفرت خطاياه للصلاة المسببة لندائه فكأنه لأجل إسراع الشاهد قد غفر للمؤذن فالضمير المجرور في له للشاهد لا للمؤذن كما ظن ويشهد له خبر " صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمسا وعشرين ضعفا " (حم د ن ه حب) كلهم في الأذان من حديث أبي يحيى (عن أبي هريرة) قال الصدر المناوي : وأبو يحيى هذا لم ينسب فيعرف حاله . 9133 - (المؤذن يغفر له مدى صوته وأجره مثل أجر من صلى معه) قال ابن عربي : والمؤذنون أفضل جماعة دعت إلى الله عن أمر الله ورسوله ولولا رفق المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأمته
[ 325 ]
لأذن فإنه لو أذن وتخلف عن إجابته من سمعه إذا قال حي علي الصلاة عصى * (وكان بالمؤمنين رحيما) * (طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف . 9134 - (المؤذن المحتسب) أي الذي أراد بأذانه وجه الله و ثوابه (كالشهيد) أي المقتول في معركة الكفار (المتشحط في دمه) زاد في رواية للطبراني أيضا يتمنى على الله ما يشتهي به الأذان والإقامة (إذا مات لم يدود في قبره) أي لم يقع فيه الدود وكذا في الفردوس قال القرطبي : ظاهر هذا أن المؤذن المحتسب لا تأكله الأرض كالشهيد (طب عن ابن عمرو) بن العاص وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه إبراهيم بن رستم ضعفه ابن عدي ووثقه غيره وفيه أيضا من لا يعرف ترجمته اه‍ . وأقول : فيه أيضا سالم الأفطس قال ابن حبان : يقلب الأخبار ويتفرد بالمعضلات . 9135 - (المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة) أي وقت الأذان منوط بنظر المؤذن العدل العارف فلا يحتاج فيه لمراجعة الإمام لأنه الراصد للوقت ووقت الإقامة منوط بنظر الإمام لكن لو أذن غير المؤذن بدون إذنه أو أقام غير الإمام بغير إذنه اعتد به (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان (في) كتاب فضل (الأذان عن أبي هريرة) رمز لحسنه ينظر في قول الشيخ عن أبي هريرة فإن الحافظ ابن حجر ذكر أن أبا الشيخ خرجه من طريق أبي الجوزاء عن ابن عمر قال : وفيه مبارك بن عباد ضعيف وذكر أن الذي رواه عن أبي هريرة ابن عدي ويحتمل أن أبا الشيخ خرجه عن صحابيين لكني لم أره ورواه البيهقي عن علي موقوفا قال : ورفعه غير محفوظ وقال الذهبي : بل لا يصح . 9136 - (المؤذنون) جمع سلامة للمؤذن (أطول الناس أعناقا) بفتح الهمزة جمع عنق (يوم القيامة) أي أكثرهم تشوفا إلى رحمة الله لأن المتشوف يطيل عنقه إلى ما تشوف إليه أو يكونون سادة والعرب تصف السادة بطول العنق أو معناه أكثر ثوابا يقال لفلان عنق من الخير أي قطعة منه أو أكثر جماعات يقال جاء في عنق من الناس أي جماعة ومن أجاب دعوة المؤذن يكون معه أو أكثر الناس رجى لأن من رجى شيئا طال إليه عنقه والناس حين الكرب يكون المؤذنون أكثرهم رجاءا ومد العنق كناية عن الفرح كما أن خضوعها كناية عن الحزن وعليه اقتصر القاضي حيث قال : تعديل عنق الرجل وطوله كناية عن فرحه وعلو درجته وإناقته على غيره كما أن حنو القدر واطمئنانه وخضوع العنق وانكساره يعبر به عن الحيرة والهوان والهم ، أو المراد أنه إذا وصل العرق إلى الأفواه طالت أعناق المؤذنين حقيقة لئلا ينالهم ذلك وروي إعناقا بكسر الهمزة أي أشدهم إسراعا إلى الجنة من سار العنق (حم م ه) في الإيمان (عن معاوية) ولم يخرجه البخاري قال المصنف : هذا متواتر .
[ 326 ]
9137 - (المؤذنون أمناء المسلمين على فطورهم وسحورهم) لأنهم بأذانهم يفطرون من صيامهم وبه يصلون فحق عليهم أن يفرغوا جهدهم ويبذلوا وسعهم في تحرير دخول الوقت حذرا من فطر الصائم قبل الغروب وصلاة المصلي قبل دخول الوقت فمن قصر في ذلك فهو من الخائنين المبغوضين إلى الله وعليه إثم من عمل بقضية أذانه إلى يوم القيامة (طب عن أبي محذورة) المؤذن رمز لحسنه قال ابن حجر : في سنده يحيى الحماني مختلف فيه وقال الهيثمي : سنده حسن . 9138 - (المؤذنون أمناء المسلمين على صلاتهم) أي يتبعونهم ويعتمدون على أذانهم (وحاجتهم) المراد به حاجة الصائمين إلى الإفطار واشتغال المنوطة بأوقات الصلاة ذكره الرابعي قال : وقد يحتج به لندب العدالة في المؤذن لأنه سماه أمينا واللائق بحال الأمين كونه عدلا (هق عن الحسن) البصري (مرسلا) ورواه عنه أيضا إمام الأئمة الشافعي . 9139 - (المؤمن يأكل في معي) بكسر الميم مقصور مصران (واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء) قيل ذا خاص بمعاء رجل قيل هو نضلة الغفاري وقيل غيره فاللام عهدية وقيل عام وهو تمثيل لكون المؤمن يأكل بقدر ما يمسك رمقه ويقوى به على الطاعة فكأنه يأكل في معاء واحد والكافر لشدة حرصه كأنه يأكل في أمعاء كثيرة فالسبعة للتكثير قال القرطبي : وهذا أرجح أو المؤمن يأكل للضرورة والكافر يأكل للشهوة أو المؤمن يقل حرصه وشرهه على الطعام ويبارك له في مأكله ومشربه فيشبع من قليل والكافر شديد الحرص لا يطمح بصره إلا للمطاعم والمشارب كالأنعام فمثل ما بينهما من التفاوت كما بين من يأكل في وعاء ومن يأكل في سبعة وهذا باعتبار الأعم الأغلب ولعلك إن وجدت مسلما أكولا ولو فحصت وجدت من الكفار من تفضل نهمته أضعافا مضاعفة وقيل أراد بالسبعة صفات سبع الحرص والشره وبعد الأمل والطمع وسوء الطبع والحسد وحب السمن وقيل شهوات الطعام سبع شهوة النفس وشهوة العين وشهوة الفم وشهوة الأذن وشهوة الأنف وشهوة الجوع وهي الضرورة وهي التي يأكل بها المؤمن قال بعض الصحابة : وددت لو جعل رزقي في حصاة ألوكها حتى أموت أو المراد المؤمن الكامل الإيمان لأن شدة خوفه وكثرة تفكره تمنعه من استيفاء شهوته أو المؤمن يسمى فلا يشركه الشيطان فيكفيه القليل بخلاف الكافر وقال ابن العربي : السبعة كناية عن الحواس الخمس والشهوة والحاجة وفيه حث على التقلل من الدنيا والزهد والقناعة بما تيسر وقد كان العقلاء في
[ 327 ]
الجاهلية والإسلام يمتدحون بقلة الأكل ويذمون كثرته وقال الغزالي : المعاء كناية عن الشهوة فشهوته سبعة أمثال شهوة المؤمن (حم ق ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب (حم م عن جابر) بن عبد الله (حم ق ه عن أبي هريرة (م ه عن أبي موسى) قال المصنف : والحديث متواتر . 9140 - (المؤمن) وفي رواية المسلم (يشرب في معي واحد والكافر يشرب في سبعة أمعاء) قال أبو حاتم السجستاني : المعاء مذكر ولم أسمع من أثق به يؤنثه ، وهذا الحديث يأتي فيه من التوجيه ما ذكر فيما قبله ، قال ابن عبد البر : ولا سبيل إلى حمله على ظاهره لأن المشاهدة تدفعه فكم من كافر يكون أقل أكلا وشربا من مسلم وعكسه وكم من كافر أسلم فلم يتغير مقدار أكله وشربه ، وقيل ليست حقيقة العدد مرادة بل المراد التكثير وأن من شأن المؤمن التقلل من الأكل والشرب لشغله بأسباب العبادة وعلمه بأن مقصود الشرع من الأكل والشرب ما يمسك الرمق ويعين على التعبد والكافر لا يقف مع مقصود الشرع بل هو تابع لشهوته مسترسل في لذته غير خائف من تبعات الحرام فلذلك صار أكل المؤمن إذا نسب إلى أكل الكافر وشربه بقدر السبع منه ولا يلزم منه الاطراد فقد يوجد مؤمن يأكل ويشرب كثيرا لعارض مرض أو نحوه ويكون في الكفار من يأكل قليلا لمراعاة الصحة على رأي الأطباء أو الرياضة على رأي الرهبان أو لعارض كضعف معدة (حم م ت عن أبي هريرة) . 9141 - (المؤمن مرآة المؤمن) أي يبصر منفسه بما لا يراه بدونه ولا ينظر الإنسان في المرآة إلا وجهه ونفسه ولو أنه جهد كل الجهد أن يرى جرم المرآة لا يراه لأن صورة نفسه حاجبة له ، وقال الطيبي : إن المؤمن في إراءة عيب أخيه إليه كالمرأة المجلوة التي تحكي كل ما ارتسم فيها من الصور ولو كان أدنى شئ فالمؤمن إذا نظر إلى أخيه يستشف من وراء حاله تعريفات وتلويحات فإذا ظهر له منه عيب قادح كافحه فإن رجع صادقه ، وقال العامري : معناه كن لأخيك كالمرآة تريه محاسن أحواله وتبعثه على الشكر وتمنعه من الكبر وتريه قبائح أموره بلين في خفية تنصحه ولا تفضحه [ ص 252 ] هذا في العامة أما الخواص فمن اجتمع فيه خلائق الإيمان وتكاملت عنده آداب الإسلام ثم تجوهر باطنه عن أخلاق النفس ترقى قلبه إلى ذروة الإحسان فيصير لصفائه كالمرآة إذا نظر إليه المؤمنون رأوا قبائح أحوالهم في صفاء حاله وسوء آدابهم في حسن شمائله (طس والضياء) وكذا البزار والقضاعي (عن أنس) قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني والبزار : وفيه عثمان بن محمد من ولد ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال ابن القطان : الغالب على حديثه الوهم وبقية رجاله ثقات . 9142 - (المؤمن مرآة المؤمن) فأنت مرآة لأخيك يبصر حاله فيك وهو مرآة لك تبصر حالك فيه
[ 328 ]
فإن شهدت في أخيك خيرا فهو لك وإن شهدت غيره فهو لك وكل إنسان مشهده عائد عليه ومن ثم قالوا : من مشهدك يأتيك روح مددك (والمؤمن أخو المؤمن) أي بينه وبينه أخوه ثابتة بسبب الإيمان * (إنما المؤمنون إخوة) * (يكف عليه ضيعته) أي يجمع عليه معيشته ويضمها له وضيعة الرجل ما منه معاشه (ويحوطه من ورائه) أي يحفظه ويصونه ويذب عنه ويدفع عنه من يغتابه أو يلحق به ضررا ويعامله بالإحسان بقدر الطاقة والشفقة والنصيحة وغير ذلك قال بعض العارفين : كن رداءا وقميصا لأخيك المؤمن وحطه من ورائه واحفظه في نفسه وعرضه وأهله فإنك أخوه بالنص القرآني فاجعله مرآة ترى فيها نفسك فكما يزبل عنك كل أذى تكشفه لك المرآة فأزل عنه كل أذى به عن نفسه (خد د) في الأدب (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي : إسناده حسن . 9143 - (المؤمن للمؤمن) اللام فيه للجنس والمراد بعض المؤمنين لبعض (كالبنيان) أي الحائط لا يتقوى في أمر دينه ودنياه إبمعرفة أخيه كما أن بعض البنيان يقوى ببعضه (يشد بعضه بعضا) بيان لوجه التشبيه وبعضا منصوب بنزع الخافض أو مفعول يشد وتتمته كما في البخاري ثم شبك بين أصابعه أي يشد بعضهم بعضا مثل هذا الشد فوقع التشبيك تشبيها لتعاضد المؤمنين بعضهم ببعض كما أن البنيان الممسك بعضه ببعض يشد بعضه بعضا وذلك لأن أقواهم لهم ركن وضعيفهم مستند لذلك الركن القوي فإذا والاه قوي بما بباطنه ويعاتبه ذكره الحرالي ، وفيه تفضيل الاجتماع على الانفراد ومدح الاتصال على الانفصال فإن البنيان إذا تفاصل بطل وإذا اتصل ثبت الانتفاع به بكل ما يراد منه . (تنبيه) قال الراغب : إنه لما صعب على كل أحد أن يحصل لنفسه أدنى ما يحتاج إليه إلا بمعاونة عدة له فلقمة طعام لو عددنا تعب تحصيلها من زرع وطحن وخبز وصناع آلاتها لصعب حصره فلذلك قيل الإنسان مدني بالطبع ولا يمكنه التفرد عن الجماعة بعيشه بل يفتقر بعضهم لبعض في مصالح الدارين وعلى ذلك نبه بهذا الحديث (ق) في الأدب (ت ن) كلهم (عن أبي موسى) الأشعري . 9144 - (المؤمن من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم) يعني المؤمن من حقه أن يكون موصوفا بذلك (والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب) قالوا : وذا من جوامع الكلم (فائدة) خرج الحكيم الترمذي عن أبي سعيد مرفوعا : المؤمن في الدنيا على ثلاثة أجزاء * (الذين آمنوا بالله ورسوله لم يرتابوا) * [ الحجرات : 15 ] والذي يأمنه الناس على أنفسهم وأموالهم والذي إذا أشرف على طمع تركه قال : فالجزء الأول هم الظالمون لأنفسهم ضيعوا العبودية واستوفوا الرزق واكتالوا النعم بالمكيال الأوفى وكالوا الطاعات بكيل الخسر فهم من المطففين والثاني هو المقتصد المقتفي والثالث تركوا الهوى وشهوة النفس فهم المقربون (ه عن فضالة بن عبيد) ورواه عنه أيضا الترمذي وحسنه فرمز المصنف لحسنه .
[ 329 ]
9145 - (المؤمن يموت بعرق الجبين) أي عرق جبينه حال موته علامة إيمانه ، لأنه إذا جاءته البشرى مع قبيح ما جاء به خجل واستحيى فعرق جبينه لأن أسافله ماتت وقوة الحياة فيما علا والحياء في العينين وذلك وقت البشرى وانكشاف الغطاء والكافر في عمى عن ذلك وقال ابن العربي : معناه أن المؤمن الذي يهون عليه الموت لا يجد من شدته إلا بقدر ما يفيض جبينه ويتفصد اه‍ ويؤيد الأول ما أخرج الحكيم عن سلمان أنه قال عند موته سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول أرقب الميت عند موته ثلاثا فإن رشح جبينه وذرفت عيناه فهو رحمة نزلت به وإن غط غطيط البكر المخنوق وخمد لونه وأزبد شدقه فهو عذاب (حم ت ن ه ك عن بريدة) رمز لحسنه قال الترمذي : حسن وقال الحاكم : صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح واعترضه الصدر المناوي بأن قتادة رواه عن عبد الله بن بريدة ولا يعرف له سماعا منه كما قاله الترمذي . 9146 - (المؤمن يألف) لحسن أخلاقه وسهولة طباعه ولين جانبه وفي رواية ألف مألوف والألف اللازم للشئ فالمؤمن يألف الخير وأهله ويألفونه بمناسبة الإيمان قال الطيبي : وقوله المؤمن ألف يحتمل كونه مصدرا على سبيل المبالغة كرجل عدل أو اسم كان أي يكون مكان الألفة ومنتهاها ومنه إنشاؤها وإليه مرجعها (ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف) لضعف إيمانه وعسر أخلاقه وسوء طباعه والألفة سبب للاعتصام بالله وبحبله وبه يحصل الإجماع بين المسلمين وبضده تحصل النفرة بينهم وإنما تحصل الألفة بتوفيق إلهي لقوله سبحانه * (واعتصموا بحبل الله جميعا) * إلى قوله * (فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) * ومن التآلف ترك المداعاة والاعتذار عند توهم شئ في النفس وترك الجدال والمراء وكثرة المزاح (حم عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح اه‍ ورواه الحاكم في المستدرك من حديث أبي صخر عن أبي حازم عن أبي هريرة باللفظ المزبور وقال : على شرطهما ولم أعلم له علة اه‍ وتعقبه الذهبي بأنه معلول وعلته انقطاعه فإن أبا حازم هذا هو المديني لا الأشجعي ولم يلق أبا صخر الأشجعي ولا المديني لقي أبا هريرة . 9147 - (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) قال الماوردي : بين به أن الإنسان لا يصلح حاله إلا الألفة الجامعة فإنه مقصود بالأذية محسود بالنعمة فإذا لم يكن ألفا مألوفا تختطفه أيدي حاسديه وتحكم فيه أهواء أعاديه فلم تسلم له نعمة ولم تصف له مدة وإذا كان ألفا مألوفا انتصر بالألف على أعاديه وامتنع بهم من حساده فسلمت نعمته منهم وصفت
[ 330 ]
مودته بينهم وإن كان صفو الزمان كدرا ويسره عسرا وسلمه خطر والعرب تقول من قل ذل اه‍ (قط في الإفراد والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله . 9148 - (المؤمن يغار والله أشد غيرا) بفتح الغين وسكون الياء وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته ومن الغيرة غيره العلماء لمقام الوراثة وهو مقام العلم وعليه يحمل ما وقع لكثير من العظماء فمن ذلك ما رواه [ ص 254 ] أحمد أن عليا كرم الله وجهه دعا على رجل فعمي فورا ومطرف بن الشخير دعا على من كذب عليه فخر مكانه ميتا - (م عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه ففي مسند الفردوس أن البخاري خرجه عن أبي سلمة . 9149 - (المؤمن غر) أي يغره كل أحد ويغره كل شئ ولا يعرف الشر وليس بذي مكر ولا فطنة للشر فهو ينخذع لسلامة صدر وحسن ظنه وينخدع لانقياده ولينه (كريم) أي شريف الأخلاق (والفاجر) أي الفاسق (خب لئيم) أي جرئ ، فيسعى في الأرض بالفساد فالمؤمن المحمود من كان طبعه الغرارة وقلة الفطنة للشر وترك البحث عنه وليس ذلك منه جهلا والفاجر من عادته الخبث والدهاء والتوغل في معرفة الشر وليس ذا منه عقلا والخب بفتح الخاء المعجمة الخداع والساعي بين الناس بالفساد والشر وقد تكسر خاؤه فأما المصدر فبالكسر لا غير وقال الراغب : الخب استعمال الدهاء في الأمور الدنيوية صغيرها وكبيرها . (تنبيه) قال بعض العارفين : كن عمري الفعل فإن الفاروق يقول من خدعنا في الله انخدعنا له فإذا رأيت من يخدعك وعلمت أنه مخادع فمن مكارم الأخلاق أن تنخدع له ولا تفهمه أنك عرفت خداعه فإنك إذا فعلت ذلك فقد وفيت الأمر حقه لأنك إنما عاملت الصفة التي ظهر لك فيها والإنسان إنما يعامل الناس لصفاتهم لا لأعيانهم ، ألا تراه لو كان صادقا مخادعا فعامله بما ظهر منه وهو يسعد بصدقه ويشقى بخداعه فلا تفضحه بخداعه وتجاهل وتصنع له باللون الذي أراه منك وادع له وارحمه عسى الله أن يرحمه بك فإذا فعلت ذلك كنت مؤمنا حقا فالمؤمن غر كريم لأن خلق الإيمان يعطى المعاملة بالظاهر والمنافق خب لئيم أي على نفسه حيث لم يسلك بها طريق نجاتها وسعادتها (د) في الأدب (ت) في البر (ك) في الإيمان من حديث الحجاج بن قرافصة (عن أبي هريرة) ثم قال الحاكم : الحجاج عابد لا بأس به انتهى . وقال المنذري : لم يضعفه أبو داود ورواته ثقات سوى بشر بن رافع وقد وثق وقال ابن الجوزي : فيه بشر بن رافع قال ابن حبان : روى أشياء موضوعة كأنه يتعمدها لكن روي من طرق آخر لا بأس بها اه‍ وحكم القزوبني بوضعه ورد عليه ابن حجر وقال : هو لا ينزل عن درجة الحسن وأطال .
[ 331 ]
9150 - (المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله) لأن الدنيا سجنه وأمنية المسجون إخراجه من سجنه فعينه ممتدة إلى باب السجن فإذا استشرف الإذن له بالخروج حمد الله على خلاصه من السجن وشوق إلى ربه ولهذا لما أحس معاذ بالموت قال : مرحبا بحبيب جاء على ناقة لا أفلح من ندم الحمد لله . (ن عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . 9151 - (المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد) إشارة إلى أن المؤمن الكامل في نعوت الإيمان الجامع لمكارمه من علم وعمل وتوكل وطمأنينة إلى ربه ومحبة المؤمنين فيه وإقبالهم عليه في أهل الإيمان المتحققين بأخلاق الإيمان بمنزلة الرأس في الجسد (يألم المؤمن لأهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) هذا بيان لوجه الشبه فمن آذى مؤمنا واحدا فكأنما آذى جميع المؤمنين ومن قتل واحدا فكأنما أتلف من الجسد عضوا وآلم جميع أعضاء ذلك الجسد ففرض على أهل الإيمان تعظيمه ورفع محله وحمل مؤونته وحفظ جانبه والتألم لألمه والسرور بسلامته والاستضاءة بنوره إلى غير ذلك وأعضاؤه مع الرأس كالجسد ، ونقل العارف الشعراوي عن الخواص أن من ادعى مشاركة المسلمين في همومهم وأمراضهم ورجح ألم بدنه من البلاء النازل عليه على البلاء النازل على غيره فدعواه كمال الإيمان غير صحيحة ، قال الشعراوي : وربما [ ص 255 ] أشارك المريض في ألم النزع والمطلقة في الولادة والمعاقب في بيت الوالي في المقارع ولبس الخودة المحماة حتى أحس بدهن رأسي سائلا على وجهي لكنه داخل الجلد . (حم عن سهل بن سعد) رمز لحسنه قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي : رجاله رجال الصحيح ، وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن مصعب بن ثابت وهو ثقة ورواه الطبراني في الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح اه‍ . 9152 - (المؤمن مكفر) أي مرزء في نفسه وماله ليكفر خطاياه فيلقى الله سبحانه وقد خلصت سبيكة إيمانه من خبثها وقيل معناه يصطنع المعروف فلا يشكر (ك) في الإيمان (عن سعد) بن أبي وقاص وقال : غريب صحيح ما خرجاه لجهالة محمد بن عبد العزيز راويه . 9153 - (المؤمن يسير المؤونة) أي قليل الكلفة على إخوانه زاد القضاعي في رواية كثير المعونة قال العامري : حسب المؤمن التوقي في مراتب الإيمان فشاهد بكماله نور الغيب كالعيان ورأى جمال الجنة وتعاهدها وشين الدنيا وفناءها فاقتصر في مهماته على يسير مؤونتها تورعا من الحرام خوف العقاب وعن الشبهات خشية العقاب وعن كثير من المباحات تخفيفا لمؤونة الوقوف عند الحساب (حل) عن محمد بن
[ 332 ]
الحسن عن مخلد بن جعفر عن محمد بن سهل العطار عن مضارب بن يزيد الكلبي عن أبيه عن ابن يوسف الغرياني عن إبراهيم بن أدهم عن محمد بن عجلان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ثم قال أبو نعيم : غريب من حديث إبراهيم وابن عجلان لم نكتبه إلا من حديث مضارب اه‍ . وقال ابن الجوزي : موضوع ومحمد بن سهل كان يضع الحديث وتعقبه المؤلف بأن له طريقا آخر عند البيهقي وهو ما ذكره هنا بقوله (هب) عن علي بن أحمد بن عبدان عن أحمد بن عبيد الصفار عن أبي حكيم الأنصاري عن حرملة بن يحيى عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن يعقوب عن عقبة عن المغيرة بن الأخفش (عن أبي هريرة) . 9154 - (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم) ومن ثم عدوا من أعظم أنواع الصبر الصبر على مخالطة الناس وتحمل أذاهم ، واعلم أن الله لم يسلطهم عليك إلا لذنب صدر منك فاستغفر الله من ذنبك ، واعلم أن ذلك عقوبة منه تعالى وكن فيما بينهم سميعا لحقهم أصم عن باطلهم نطوقا بمحاسنهم صموتا عن مساوئهم ، لكن احذر مخالطة متفقهة الزمان ذكره الغزالي ، وقال الذهبي في الزهد : مخالطة الناس إذا كانت شرعية فهي من العبادة وغاية ما في العزلة التعبد فمن خالطهم بحيث اشتغل بهم عن الله وعن السنن الشرعية فذا بطال فليفر منهم ، واستدل به البعض على أن حج التطوع أفضل من صدقة النفل لأن الحج يحتاج لمخالطة الناس ، قال حجة الإسلام : وللناس خلاف طويل في العزلة والمخالطة أيهما أفضل مع أن كلا منهما لا ينفك عن غوائل تنفر عنها وفوائد تدعو إليها وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار الغزلة وميل الشافعي وأحمد إلى مقابله وساتدل كل لمذهبه بما يطول والإنصاف أن الترجيح يختلف باختلاف الناس فقد تكون العزلة لشخص أفضل والمخالطة لآخر أفضل فالقلب المستعد للإقبال على الله المنتهى لاستغراقه في شهود الحضرة : العزلة له أولى والعالم بدقائق الحلال والحرم مخالطته للناس ليعلمهم وينصحهم في دينهم أولى وهكذا ، ألا ترى إلى تولية النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد وعمرو بن العاص وغيرهما من امرائه وقوله لأبي ذر إني أراك رجلا ضعيفا وإني أحب لك ما أحب لنفسي لا تتأمر على اثنين - الحديث (حم خد ت) في الزهد بسند جيد كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب لكن الترمذي لم يسم الصحابي بل قال : عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، قال الحافظ العراقي : [ ص 256 ] والطريق واحد ، رمز لحسنه وهو كذلك ، فقد قال الحافظ في الفتح : إسناده حسن . 9155 - (المؤمن أكرم على الله من بعض ملائكته) لأن الملائكة ليست لهم شهوة تدعو إلى قبيح ولا أنفس خبيثة والمؤمن قد سلطت عليه الشهوة المهلكة والشيطان والنفس الأمارة بالسوء التي هي أعظم أعدائه فهو أبدا في مقاساة وشدائد والأجر والكرامة على قدر المشقة والمراد بالمؤمن الكامل وبعض الملائكة عوامهم فخواص المؤمنين أفضل من عوام الملائكة قال الحسن : المؤمن لو لم يذنب لكان
[ 333 ]
يطير في الملكوت لكن الله قمعه بالذنوب وقال الإمام الرازي : سمى الله المؤمن ثالث نفسه في عشرة مواضع في المراقبة والولاية والموالاة والصلاة والعزة والطاعة والمشاقة والأذى والالتجاء والشهادة وقال ابن العربي : قد انحصر في الإنسان حقائق العالم بما هو إنسان لم يتميز عن العالم إلا بصغر الحجم فقط وهو قسمان قسم لم يقبل الكمال فهو من جملة العالم غير أنه مجموع العالم المختصر الوجيز من الطول البسيط وقسم قبل الكمال فظهرت فيه صفات الجلال والجمال فصار الأفضل الأكرم على الله بكل حال (ه) من رواية أبي المهزم يزيد بن سفيان (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي : وأبو المهزم تركه شعبة وضعفه ابن معين . 9156 - (المؤمن أخو المؤمن) أي في الدنيا * (إنما المؤمنون إخوة) * وإذا كان أخوه فينبغي أن يعاشره معاشرة الأخوة في التحابب والتصافي وتجنب التجافي قال الزين العراقي : وهذه الأخوة دون الأخوة التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أصحابه حين قدم المدينة ولهذه الأخوة مزية على أخوة الإسلام قال العامري : قد يطلق المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمن ويريد جملة من يسم مؤمنا وقد يريد الخواص وقد يريد خواص الخواص ويعرف بقرائن الحديث وقوله هنا أخو المؤمن أراد أخوه الاشتباه في صفة الإيمان كقوله تعالى * (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) * ولم يرد هنا أخوة النسب فجعل علامة الإيمان معاضدته له في الخير والنفع ودفع المضار وجلب المسار وقيل الأخوة مشتقة من الأخية للفرس تضرب في الأرض فيشد بها فتمنعه من الضياع (لا يدع نصيحته على كل حال) أي لا ينبغي له أن يترك نصحه في حال من الأحوال على الوجه اللائق بحسب ما يقتضيه المقام فإن اقتضى الإعلان فعل وإن اقتضى الإسرار لا يعلن فالنصيحة في الملأ بالحق حق وهي فضيحة لا يفعلها إلا الجهلاء ، إذ فائدة النصيحة المشروعة حصول النفع وثبوت الود وهي في الملأ لا تقبل بل تثمر عداوة فهي مذمومة لذلك ولكونها تخجل وتلجئ المخاطب بالنصح إلى الكذب في اعتذاره أو خذله فيكون سببا لفساد كثير فطريقه أن ينصحه في خلوة بطريق حسن فما كل مأمور به يجري على ظاهره (ابن النجار) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله . 9157 - (المؤمن لا يثرب عليه شئ أصابه في الدنيا إنما يثرب على الكافر) والتثريب والتقريع والتوبيخ قاله في قصة أبي الهيثم بن التيهان حين أكل عنده لحما وبسرا ورطبا وماءا عذبا فقيل يا رسول الله هذا من النعيم الذي يسأل عنه يوم القيامة فقال ذلك ، كذا في الفردوس (طب عن ابن مسعود) وفيه عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في الضعفاء قال : وكان يحيى بن سعيد لا يرضاه ووثقه غيره والكلبي تركه القطان وابن مهدي .
[ 334 ]
9158 - (المؤمن كيس) أي عاقل والكيس العقل (فطن) حاذق والفطنة حدة البصيرة في بذل الأمور يفطن بزيادة نور عقله إلى ما غاب عن غيره فيهدم دنياه ليبني بها أخراه ولا يهدم أخراه ليبني بها دنياه (حذر) أي مستعد متأهب لما بين يديه متيقظ لما يهجم عليه قالوا والمراد بالمؤمن هنا الكامل الذي وقفته معرفته على غوامض [ ص 257 ] الأمور حتى صار حازما يحذر ما سيقع فلا يؤتى من جهة الغفلة ، سئل ابن عباس عن عمر فقال : كان كالطير الحذر يرى أن له في كل موضع شركا وهذا أدب شريعة ، نبه النبي صلى الله عليه وسلم أمته كيف يحذرون مما يخافون سوء عاقبته وتمام الحديث كما في الأمثال وغيرها وقاف متثبت عالم ورع إذا ذكر تذكوإذا علم تعلم ، والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا يرعوي عن محرم كحاطب ليل لا يبالي من أين كسب وفيما أنفق (القضاعي) في مسند الشهاب وكذا العسكري في الأمثال (عن أنس) بن مالك قال العامري : حسن غريب وليس فيما زعمه بمصيب بل فيه أبو داود النخعي كذاب قال في الميزان : عن يحيى كان أكذب الناس ثم سرد له عدة أخبار هذا منها قال ابن عدي : أجمعوا على أنه كان وضاعا ورواه الديلمي في مسند الفردوس أيضا وزاد وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة لا يقف عند شبهة ولا عند محرم كحاطب ليل لا يبالي من أي كسب ولا فيما أنفق . 9159 - (المؤمن هين) من الهون بفتح الهاء السكينة والوقار (لين) بتخفيف لين على فعل من اللين ضد الخشونة ، قيل يطلق على الإنسان بالتخفيف وعلى غيره على الأصل كما في الكشاف ، وفي المثل إذا عز أخوك فهن ومعناه إذا عاسر فياسر اه‍ . (حتى تخاله من اللين أحمق) أي تظنه من كثرة لينه غير متنبه لطريق الحق (تنبيه) في هذا الخبر إشارة إلى مقام التكوين وهو أن يكون حال العبد السالك بين التجلي والاستتار بين الجذب والسلوك ومن ذلك تستقيم عبوديته ويعطى المعرفة بالله ولهذا قيل المؤمن يتلون في يومه سبعين مرة وذلك بحسب تجليات الحق عليه والمنافق يثبت على قدم واحد تسعين سنة لكونه محجوبا بالمراسم الخلقية (هب) من حديث يزيد بن عياض عن صفوان عن الأعرج (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه تفرد به يزيد بن عياض وليس بقوي وروي من وجه صحيح مرسلا اه‍ وقال الذهبي في الضعفاء : يزيد بن عياض قال النسائي وغيره : متروك . 9160 - (المؤمن واه راقع) أي واه لدينه بالذنوب رافع له بالتوبة فكلما انخرق دينه بالمعصية رقعه بالتوبة قال الزمخشري : شبهه بمن وهى ثوبه فيرقعه وقد وهى الثوب إذا بلى (فالسعيد) وفي رواية فسعيد وفي أخرى فخيرهم (من مات عل رقعه) أي من مات وهو راقع لدينه بالتوبة والندم قال الغزالي : فمعاودة الذنب مع رقعه بالتوبة المرة بعد المرة لا يلحق صاحبها بدرجة المصرين ومن ألحقه بها فهو كفقيه يؤيس المتفقة عن نيل درجة الفقهاء بفتور عن التكرار في أوقات نادرة وذا يدل على نفصان الفقيه ،
[ 335 ]
فالكامل هو من لا يؤيس ا لخلق عن درجات السعادة بما يتفق لهم من الفترات ومقارفة السيئات . - (البزار) في مسنده وكذا الطبراني في الصغير والأوسط والبيهقي في الشعب فإغفاله لهؤلاء غير جيد كلهم (عن جابر) قال الزين العراقي تبعا للمنذري : سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال : فيه عند الثلاثة سعيد بن خالد الخزاعي وهو ضعيف . 9161 - (المؤمن منفعة) أي كل شؤونه نفع لإخوانه (إن ماشيته نفعك) بإرشاد الطريق والأنس والاستفادة ونحو ذلك (وإن شاورته) فيما يعرض لك من المهمات التي يضطرب رأيك فيها (نفعك) بإشارته عليك بما ينفعك (وإن شاركته) في أمر دنيوي أو غيره (نفعك) بمعرفته وتحمل المشاق عنك (وكل شئ من أمره منفعة) تعميم بعد تخصيص . (تنبيه) قال الراغب : لما احتاج الناس بعضهم إلى بعض سخر الله كل واحد من كافتهم لصناعة ما يتعاطاه وجعل بين طبائعهم وصنائعهم مناسبات خفية واتفاقات سماوية ليؤثر الواحد بعد الواحد حرفة ينشرح صدره بملابستها وتطيعه قواه لمزاولتها فإذا [ ص 258 ] جعل الله صناعة أخرى فربما وجد متبلدا فيها ومتبرما بها سخرهم الله لذلك لئلا يختاروا كلهم صناعة واحدة فتبطل الأقوات والمعاونات ولولا ذلك ما اختاروا من الأسماء إلا أحسنها ومن البلاد إلا أطيبها ومن الصناعات إلا أجملها ومن الأفعال إلا أرفعها ولتشاجروا على ذلك ، ولكن الله بحكمته جعل كلا منهم في ذلك مجبرا في صورة مخير والناس إما راض بصنعته لا يبغي عنها حولا (حل عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال : غريب بهذا اللفظ تفرد به ليث بن أبي سليم عن مجاهد وهو ثابت صحيح . 9162 - (المؤمن إذا اشتهى الولد في الجنة) أي حدوثه له (كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة) ويكون ذلك كله (كما يشتهي) من جهة القدر والشكل والهيئة وغيرها والمراد أن ذلك يكون إن اشتهى كونه لكنه لا يشتهي ذلك فلا يولد له فلا تعارض بينه وبين خبر العقيلي بسند صحيح إن الجنة لا يكون فيها ولد (حم ت ه حب عن أبي سعيد) الخدري ، قال في الميزان : تفرد به سعيد بن خالد الخزاعي وقد ضعفه أبو زرعة وغيره . 9163 - (المؤمنون هينون لينون) قال ابن الأعرابي : تخفيفهما للمدح وتثقيلهما للذم ، وقال غيره : هما سواء والأصل التثقيل كميت وميت والمراد بالهين سهولته في أمر دنياه ومهمات نفسه أما في أمر دينه فكما قال عمر فصرت في الدين أصلب من الحجر ، وقال بعض السلف : الجبل يمكن أن ينحت
[ 336 ]
منه ولا ينحت من دين المؤمن شئ ، واللين لين الجانب وسهولة الانقياد إلى الخير والمسامحة في المعاملة (كالجمل) أي كل واحد منهم . قال الزمخشري : ويجوز جعله صفة لمصدر محذوف أي لينون لينا مثل لين الجمل (الأنف) بفتح الهمزة وكسر النون من أنف البعير إذا اشتكى أنفه من البرة فقد أنف على القصر وروي آنف بالمد . قال الزمخشري : والصحيح الأول اه‍ . وبالغ في شرح المصابيح فقال المد خطأ قال ابن الكمال : مدحهم بالسهولة واللين لأنهما من الأخلاق الحسنة على ما نطق به الكتاب المبين * (فيما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) * فإن قلت : من أمثالهم لا تكن رطبا فتعصر ولا يابسا فتكسر ، ولهذا قال لقمان لابنه : يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ ، ففيه نهي عن اللين فما وجه كونه مدح ؟ قلت : لا شبهة في أن خير الأمور أوساطها وقد أطبق العقل والنقل على أن طرفي الإفراط والتفريط في الأفعال والأحوال والأقوال مذموم إنما الممدوح ما في الطبيعة من حالة جبلية مقابلة لغلظ القلب وقساوته وإنما يعبر عنها باللين تسمية لها باسم أثرها وذلك سائغ (إن قيد انقاد وإذا أنيخ على صخرة استناخ) فإن البعير إذا كان أنفا للوجع الذي به ذلول منقاد إلى طريق سلك به فيه أطاع ، والمراد أن المؤمن سهل يقضي حوائج الناس ويخدمهم وشديد الإنقياد للشارع في أوامره ونواهيه وخص ضرب المثل بالجمل لأن الإبل أكثر أموالهم وآخرها . قال في الفائق : والمحذوف من يائي هين لين الأولى وقيل الثانية والكاف مرفوعة المحل على أنها خبر ثالث . - (ابن المبارك) في كتاب الزهد والرقائق من حديث سعيد بن عبد العزيز (عن مكحول مرسلا هب) عن عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد عن أبيه عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه القضاعي أيضا ، وقال العامري : إنه حسن ، وقضية صنيع المصنف أن مخرجه خرجه ساكتا عليه والأمر بخلافه فإنه خرج المرسل أولا ثم هذا ثم قال المرسل أصح اه‍ . وذلك لأن في المسند عبد الله بن عبد العزيز بن أبي رواد أورده الذهبي في الضعفاء ، وقال : قال أبو حاتم : أحاديثه منكرة ، وقال ابن الجنيد : لا يساوي فلسا وقال العقيلي في الضعفاء : هذا الحديث من منكرات عبد العزيز ، وقال ابن طاهر : لا يتابع على رواياته . 9164 - (المؤمنون كرجل واحد إن اشتكى رأسه اشتكى كله وإن اشتكى عينه اشتكى كله) أفاد تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض وحثهم على التراحم والتعاضد في غير إثم ولا مكروه ونصرتهم والذب عنهم وإفشاء السلام عليهم وعيادة مرضاهم وشهود جنائزهم وغير ذلك ، وفيه مراعاة حق الأصحاب والخدم والجيران والرفقاء في السفر وكل ما تعلق بهم بسبب حتى الهرة والدجاجة ذكره الزمخشري قال ابن عربي : ومع هذا التمثيل فأنزل كل أحد منزلته كما تعامل كل عضو منك بما يليق به وما خلق له فتغض بصرك عن أمر لا يعطيه السمع وتفتح سمعك لشئ لا يعطيه البصر وتصرف يدك في أمر لا يكون لرجلك وكذا جميع قواك فنزل كل عضو منك فيما خلق له وإذا ساويت بين المسلمين فأعط العالم حقه من التعظيم والإصغاء لما يأتي به والجاهل حقه من نذكيره وتنبيهه على طلب العلم والسعادة والغافل حقه بأن توقظه من نوم غفلته بالتذكر لما غفل عنه مما هو عالم له غير
[ 337 ]
مستعمل لعلمه فيه والسلطان حقه من السمع والطاعة فيما يباح والصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة والكبير حقه من الشرف والتوقير . - (حم م) في الأدب (عن النعمان بن بشير) ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ بل بما يقرب منه . 9165 - (الماهر بالقرآن) أي الحاذق به الذي لا يتوقف ولا يشق عليه قراءته لجودة حفظه وإتقانه ورعاية مخارجه بسهولة من المهارة وهي الحذق (مع السفرة) الكتبة جمع سافر من السفر وأصله من الكشف فإن الكاتب يبين ما يكتبه ويوضحه ومنه قيل للكتاب سفر بكسر السين لأنه يكشف الحقائق ويسفر عنها والمراد الملائكة الذين هم حملة اللوح المحفوظ سموا بذلك لأنهم ينقلون الكتب الإلهية المنزلة إلى الأنبياء منه كأنهم يستنسخونها وقيل لأنهم يسافرون إلى الناس برسالات الله (الكرام) جمع كريم (البررة) أي المطيعون جمع بار بمعنى محسن ومعنى كونه رفيقا لهم أنه أحل مقامهم وأنزل منازلهم الرفيعة وأسكن مقاماتهم العالية من جوار الحق تعالى * (إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر) * على قوة هذه الحالة تقول * (إنا لله وإنا إليه راجعون) * وقيل معناه كونه عاملا بعملهم بل أفضل فقد جاء في بعض الطرق أن الملائكة لم يعطوا فضيلة حفظ القرآن وأنهم حريصون على استماعه من بني آدم فأعظم بها من صفة شريفة وأي شئ أعظم من كلام رب العالمين الذي منه بدأ وإليه يعود ؟ وقال القاضي : الماهر بالقرآن حافظ له أمين عليه يؤديه إلى المؤمنين يكشف لهم ما يلتبس عليهم معدود من عداد السفرة فإنهم الحاملون لأصله الحافظون له ينزلون به على أنبياء الله ورسله ويؤدون إليهم ألفاظه ويكشفون معانيه (والذي يقرؤه ويتعتع) أي يتوقف في تلاوته والتعتعة في الكلام التردد فيه لحصر أو عي أو ضعف حفظ (وهو عليه) أي والحال أن القرآن على ذلك القارئ (شاق له أجران) أي أجر بقراءته وأجر بمشقته ولا يلزم من ذلك أفضلية المتتعتع على الماهر لأن كون الماهر مع السفرة أفضل من حصول أجريبل الآجر الواحد قد يفضل أجورا كثيرة (ق د ه عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يروه من الأربعة إلا الاثنين والأمر بخلافه بل رووه جميعا . 9166 - (المتباريان) أي المتعارضان بفعلهما في الطعام ليميز أيهما يغلب (لا يجابان ولا يؤكل طعامهما) تنزيها فتكره إجابتهما وأكله لما فيه من المباهاة والرياء ولهذا دعي بعض العلماء لوليمة فلم يجب فقيل له : كان السلف يجيبون قال : كانوا يدعون للمؤاخاة والمؤاساة وأنتم تدعون للمباهاة والمكافأة . - (هب عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن لال والديلمي . 9167 - (المتحابون في الله) يكونون يوم القيامة (على كراسي من ياقوت حول العرش) لأنهم لما
[ 338 ]
قدموا أمر الله والحب فيه على حظوظ النفوس الدنيوية الباعثة غالبا على المحبة لغير الله كالجمال والكرم والأفضال ونحو ذلك وأخلصوا محبتهم لله ولم يشبها أحد منهم بحظ دنيوي استوجبوا هذا الإعظام وجوزوا بهذا الإكرام (طب عن أبي أيوب) الأنصاري رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد العزيز الليثي وقد وثق على ضعف فيه كثير اه‍ . وأورده في الميزان في ترجمته من حديثه وقال : قال البخاري : منكر الحديث وأبو حاتم : لا يشتغل به والنسائي : ضعيف وابن حبان : اختلط آخرا فاستحق الترك اه‍ . وقال العلائي : لا بأس بإسناده وروي بألفاظ متقاربة المعنى واختار المصنف منها هذا الطريق لكونه أحسنها إسنادا على ما فيه مما سمعته . 9168 - (المتشبع بما لم يعط) بالبناء للمجهول وفي رواية للعسكري بما لم ينل وأصل المتشبع الذي يظهر أنه شبعان وليس بشبعان ومعناه هنا كما قاله النووي وغيره أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست بحاصلة (كلابس ثوبي زور) أي ذي زور وهو من يزور على الناس فيلبس لباس ذوي التقشف ويتزيى بزي أهل الزهد والصلاح والعلم وليس هو بتلك الصفة ، وأضاف الثوبين إلى الزور لأنهما لبسا لأجله وثنى باعتبار الرداء والإزار يعني أن المتحلي بما ليس له كمن لبس ثوبين من الزور فارتدى بأحدهما وتأزر بالآخرة ذكره القاضي تلخيصا من قول الزمخشري المتشبع بموحدة على معنيين أحدهما المتكلف إسرافا في الأكل وزيادة على الشبع ، الثاني المشبعة بالشبعان وليس به وبهذا المعنى استعير للمتحلي بفضيلة وليس من أهلها ومشبه بلابس ثوبي زور أي ذي زور وهو من يزور على الناس بأن تزيى بزي أهل الزهد رياء وأضاف الثوبين إلى الزور لكونهما ملبوسين لأجله فقد اختصا به اختصاصا يسوغ إضافتهما إليه وأراد أن المتحلي كمن لبس ثوبين من الزور ارتدى بأحدهما وائتزر بالآخر اه‍ . وهو بمعنى قول بعضهم هو الذي يلبس ثياب الزهاد وباطنه مملوء بالفساد وكل منهما زور أي مخالف بالنسبة للآخر أو من يصل بكمية كمين ليرى أنه لابس قميصين أو من يلبس ثوبين لغيره موهما أنهما له قال القرطبي : وكيف كان يتحصل منه أن تشبع المرأة على ضرتها بما لم يعطها زوجها حرام لأنه تشبه بمحرم قال في المطامح : وذا من بديع التشبيه وبليغه ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم أن لا ينتصب للتدريس والإفادة حتى يتمكن من الأهلية ولا يذكر الدرس من علم لا يعرفه سواء شرط الواقف أم لا فإنه لعب في الدين وإزراء به قال الشبلي : من تصدر قبل أوانه فقد تصدى لهوانه (حم ق د) في الأدب (عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق (م عن عائشة) قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إن لي زوجا وضرة وإني أتشبع من زوجي أقول أعطاني وكساني كذا وهو كذب فذكره . 9169 - (المتعبد بغير فقه كالحمار في الطاحون) لفظ رواية أبي نعيم الطاحونة وذلك لأن الفقه هو المصحح لجميع العبادات وهي بدونه فاسدة فالمتعبد على جهل يتعب نفسه دائما كالحمار وهو يحسب أنه يحسن صنعا وفي تشبيهه بالحمار مذمة ظاهرة وتهجين لحاله كما في قوله * (كمثل الحمار
[ 339 ]
يحمل أسفارا) * وشهادة عليه بالبله وقلة العقل (حل) عن سهل بن إسماعلي الواسطي عن محمود بن محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي عن بقية عن ثور عن خالد بن معدان (عن واثلة) بن الأسقع ومحمد بن إبراهيم بن العلاء الدمشقي الزاهد قال في الميزان عن الدارقطني : كذاب وقال ابن عدي : عامة أحاديثه غير محفوظة وقال ابن حبان : لا تحل الرواية عنه إلا للاعتبار كان يضع الحديث ثم ساق له أخبارا هذا منها وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح محمد بن إبراهيم وضاع وتعقبه المولف بأن له متابعا . 9170 - (المتم الصلاة في السفر كالمقصر في الحضر) أي لا تصح صلاته ، وبهذا أخذ الظاهرية وتمسك به أبو حنيفة فأوجب القصر في السفر ولقول عائشة فرضت الصلاة في السفر والحضر ركعتين فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر ورد بأنه غير ثابت وإن سلم فليس بحجة أو منسوخ بالآية أو معارض بما روي أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قصر في السفر وأتم ولأنهما استويا في الصبح والمغرب وبأنه ليس بصريح في منع الزيادة (قط في الأفراد عن أبي هريرة) واعترضه ابن الجوزي في التحقيق بأن فيه بقية مدلس وشيخ الدارقطني فيه أحمد بن محمد بن مفلس كان كذابا اه‍ . قال في التنقيح : كأنه اشتبه عليه ابن المفلس هذا بآخر وهو أحمد بن محمد الصلت بن المفلس الحماني كذاب وضاع قال : والحديث لا يصح فإن رواته مجهولون إلى هنا كلامه ، وأنت تعلم بعد إذ سمعته أنه كان ينبغي للمصنف عدم إيراده . 9171 - (المتمسك بسنتي) تمثيل للمعلوم بالمحسوس تصوير للسامع كأنه ينظر إليه ليحكم اعتقاده متيقنا فينجو (عند فساد أمتي) حين يكون كما قال فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشي والماشي خير من الساعي فمن تمسك بها حينئذ (له أجر شهيد) وفي رواية البيهقي في الزهد مائة شهيد وذلك لأن السنة عند غلبة الفساد لا يجد المتمسك بها من يعينه بل يؤذيه ويهينه فيصيره على ما يناله بسبب التمسك بها من الأذى يجازى برفع درجته إلى منازل الشهداء قال الطيبي : وقال عند فساد أمتي ولم يقل فسادهم لأن أبلغ كأن ذواتهم قد فسدت فلا يصدر منهم صلاح ولا ينجع فيهم وعظ (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه محمد بن صالح العدوي ولم أر من ترجمه وبقية رجاله ثقات انتهى وقد رمز المصنف لحسنه . 9172 - (المتمسك بسنتي) التي هي شقيقة القرآن والوحي الثاني (عند اختلاف أمتي كالقابض على الجمر) لأنه إذا عارض من تمكن من الرياسة ونفاذ قولهم عند الخلق فقد بارزهم بالمحاربة لسعيه في هتك سترهم وكشف عوراتهم وإبانة كذبهم وحط رئاستهم وذلك أعظم من القبض على النار إذ هو أعظم من محاربة الكفار فإن الكافر قد تعاون القلب والأركان على هلاكه وأولئك الفساق حرمة
[ 340 ]
الإيمان معهم فيحتاج إلى التأني في أمورهم وملاطفتهم وأخذهم بالأخف فالأخف ومقاساة ذلك أشق من قبض الجمر لأن الجمر يحرق اليد وهذا يحرق القلب والكبد ، وقد وقع للسبكي أنه دخل على بعض الأمراء وعليه خلعة من حرير فأخذ يلاطفه ويداعبه إلى أن قال له في أثناء المباسطة يا أمير لبس الصوف الغالي العالي أحسن منظرا عندي من هذا وأكثر رونقا وطلاوة ومع ذلك يحل وذا يحرم فاستحسن الأمير كلامه وخلع الخلعة بطيب نفس فلما خرج وجد أعداؤه من طائفته فرصة فانتهزوها وقالوا : يا أمير ما قصد إلا الطعن عليك والتعريض بأنك تفعل المحرم فأدى ذلك إلى عزله من منصبه وأوذي كثيرا ، وبين بهذا الخبر أن المؤمن في آخر الزمان لا بد أنه يصيبه من الأذى على إيمانه ما أصاب الصدر الأول فإذا وجد في أهل هذا الزمن الأخير هذه الخصال التي كانت في أوائلهم جاز أن يساويهم في الخيرية فيكونوا فيها كهم ويكون المراد بخبر خير الناس قرني الخصوص في قوم منهم لا جميعهم ومعلوم أن قرنه كان منهم أبو جهل ومسيلمة وأضرابهما ، ذكره في بحر الفوائد (الحكيم) الترمذي (عن ابن مسعود) . 9173 - (المجالس بالأمانة) أي لا يشيع حديث جليسه إلا فيما يحرم ستره من الإضرار بالمسلمين ولا يبطن غير ما يظهر ، ذكره جمال الإسلام أبو بكر محمد العامري الواعظ البغدادي في شرح الشهاب ، قال : وفيه إشارة إلى مجالسة أهل الأمانة [ ص 262 ] وتجنب أهل الخيانة اه‍ . وقال العسكري : أراد المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن الرجل يجلس إلى القوم فيخوضون في حديث وربما كان فيه ما يكرهون فيأمنونه على سرهم فذلك الحديث كالأمانة عنده فمن أظهره فهو قتات وقال ابن الأثير : هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل فكان ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان وقد جاء في كل منها حديث . (خط عن علي) أمير المؤمنين ، وقضية كلام المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد عزاه هو في الدرر لابن ماجه من حديث جابر بهذا اللفظ ورواه بهذا اللفظ القضاعي في الشهاب ، وقال العامري في شرحه وتبعه الحضرمي اليمني : حديث صحيح ، وقال ابن حجر في الفتح : سنده ضعيف . 9174 - (المجالس بالأمانة) متعلق بمحذوف أي المجالس إنما تحسن أو حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها على ما يقع من قول وفعل (إلا) الظاهر أنه استثناء منقطع (ثلاثة مجالس سفك) بالرفع خبر مبتدأ محذوف وكذا ما بعده تقديره أحدها سفك (دم حرام) أي إراقة دم سائل من مسلم بغير حق (أو فرج حرام) أي وطئه على وجه الزنا (أو اقتطاع مال) أي ومجلس يقتطع فيه مال لمسلم أو ذمي (بغير حق) شرعي يبيحه يعني من قال في مجلس أريد قتل فلان أو الزنا بفلانة أو أخذ مال فلان ظلما لا يجوز للمستمعين حفظ سره بل عليهم إفشاؤه دفعا للمفسدة ، ذكره بعضهم ، وقال القاضي : يريد أن المؤمن ينبغي إذا حضر مجلسا ووجد أهله على منكر أن يستر عوراتهم ولا يشيع ما يرى منهم
[ 341 ]
إلا أن يكون أحد هذه الثلاثة فله فساد كبيرة واخفاؤه إضرار عظيم (د) في الأدب من حديث ابن أخي جابر (عن جابر) وقال المنذري : ابن أبي خالد مجهول قال : وفيه أيضا عبد الله بن نافع الصائغ روى له مسلم وغيره وفيه كلام وقال الزين العراقي : وابن أخيه غير مسمى عنده وأما المؤلف فقد رمز لحسنه . 9175 - (المجاهد من جاهد نفسه) زاد في رواية في الله أي فهو نفسه الأمارة بالسوء على ما فيه رضا الله من فعل الطاعات وتجنب المخالفات وجهادها أصل جهاد العدو الخارج فإنه ما لم يجاهد نفسه لتفعل ما أمرت به وتترك ما نهيت عنه لم يمكنه جهاد العدو الخارج وكيف يمكنه جهاد عدوه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر له متسلط عليه ؟ وما لم يجاهد نفسه على الخروج لعدوه لا يمكنه الخروج (تنبيه) قال حجة الإسلام : النفس تطلق لمعنيين أحدهما المعنى الجامع لقوة الغضب والشهوة في الإنسان وهو المراد هنا وهو الغالب على استعمال الصوفية فهم يريدون بالنفس الأصل الجامع للصفات المذمومة من الإنسان فيقولون لا بد من مجاهدة النفس والثاني اللطيفة الإنسانية التي هي الإنسان بالحقيقة وهي نفس الإنسان وذاته لكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب اختلاف أحوالها وبهذا الاعتبار قسموها إلى مطمئنة ولوامة وأمارة وغير ذلك - (ت حب عن فضالة بن عبيد) قال العلائي : حديث حسن وإسناده جيد ورواه أيضا أحمد والطبراني والقضاعي عنه . 9176 - (المحتكر) الطعام على الناس ليغلو (ملعون) أي مطرود مبعود عن منازل الأخيار أو عن دخول الجنة مع السابقين الأولين الأبرار أو خرج مخرج الزجر والتهويل ومن ثم كان السلف يشددون النكير على المحتكر (ك) في البيع عن إسرائيل عن علي بن سالم بن ثوبان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب (عن ابن عمر) بن الخطاب صححه الحاكم فاستدرك عليه الذهبي في التلخيص فقال : قلت علي بن سالم ضعيف وهذا رواه ابن ماجه . 9177 - (المحرمة لا تنتقب) بنقاب بكسر النون فلها ستر رأسها وسائر بدنها إلا الوجه فيحرم ستر شئ منه بنقاب أو غيره عند الشافعية (ولا تلبس القفازين) بقاف مضمومة ففاء مشددة ثوب على اليدين يحشى بنحو قطن وأفاد تحريم لبسهما وهو مذهب الجمهور (د عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لصحته وقضية عدول المصنف لأبي داود أنه لا وجود له في أحد الصحيحين وهو ذهول بالغ إذ هو في البخاري بلفظ ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين اه‍ . بنصه ولعل المصنف غفل عنه لكونه إنما ذكره في ذيل حديث . 9178 - (المحروم من حرم الوصية) قاله لما قيل هلك فلان فقال : أليس كان عندنا آنفا فقيل : مات فجأة فذكره وللحديث تتمة وهي من مات على وصية مات على سبيل وسنة وتقى وشهادة ومات
[ 342 ]
مغفورا له ، وفيه أن الوصية سنة مؤكدة بل تجب على من عليه أو عنده حق لله أو لآدمي بلا شهود وكانت الوصية أول الإسلام واجبة للأقارب ثم نسخ وجوبها بآية المواريث وبقي الندب (ه عن أنس) بن مالك ، وضعفه المنذري وذلك لأن فيه درست بن زياد البزار قال في الكاشف : وهاه أبو زرعة عن يزيد الرقاشي وقد مر ضعفه غير مرة . 9179 - (المختلعات) زاد في رواية أحمد والنسائي والمنتزعات والمراد كما قال الطيبي : ينزعن أنفسهن من أزواجهن وينشزن عليهم (هن المنافقات) أي اللاتي يطلبن الخلع والطلاق من أزواجهن لغير عذر هن منافقات نفاقا عمليا . قال ابن العربي : الغالب من النساء قلة الرضا والصبر فهن ينشزن على الرجال ويكفون العشير فلذلك سماهن منافقات والنفاق كفران العشير قال في الفردوس : وقيل إنهن اللاتي يخالعن أزواجهن من غير مضارة منهم (تتمة) نقل ابن عبد البر عن مالك أن المختلعة هي التي اختلعت من جميع مالها ، والمفتدية من افتدت ببعضه والمبارية من بارت زوجها قبل الدخول قال : وقد يستعمل بعض ذلك موضع بعض (ت عن ثوبان) قال في العلل : سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فلم يعرفه ورواه النسائي من حديث الحسن عن أبي هريرة وقال : لم يسمع الحسن من أبي هريرة قال العراقي : رواه الطبراني عن عقبة بسند ضعيف . وقال في الفتح : خرجه أحمد والنسائي عن أبي هريرة وفي صحته نظر لأن الحسن عند الأكثر لم يسمع من أبي هريرة . 9180 - (المختلعات والمتبرجات) أي مظهرات الزينة للأجانب (هن المنافقات) بالمعنى المقرر فيما قبله (حل عن ابن مسعود) ورواه أبو يعلى عن أبي هريرة باللفظ المزبور . 9181 - (المدبر) أي عتقه (من الثلث) فسبيله سبيل الوصايا (1) وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه لم يروه إلا كذلك والذي رأيته في الفردوس وغيره معزوا له المدبر لا يباع ولا يوهب وهو حر من الثلث (ه عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز لحسنه قال ابن حجر : وروي مرفوعا وموقوفا والصحيح وقفه وأما رفعه فضعيف وذلك لأن فيه علي بن ظبيان العبسي قال في الميزان عن ابن حاتم : متروك وعن ابن ميمون كذاب خبيث وقال الدارقطني : ضعيف ثم ساق له هذا الخبر . 9182 - (المدبر لا يباع ولا يوهب) أي لا يصح بيعه ولا هبته (وهو حر من الثلث) أخذ بقضيته
[ 343 ]
أبو حنيفة وسفيان وجمع فمنعوا بيعه وأجازه الشافعي وقال : الحديث ضعيف (قط عن ابن عمر) بن الخطاب قال مخرجه الدارقطني : لم يسنده غير عبيدة بن حسان وهو ضعيف وإنما هو من قول ابن عمر قال : ولا يثبت مرفوعا ورواته ضعفاء اه‍ وقال عبد الحق : إسناده ضعيف والصحيح موقوف وقال في المنار : فيه عبيدة بن حسان قال أبو حاتم : منكر الحديث وأبو معاوية عمرو بن عبد الجبار الجوزي مجهول والصحيح وقفه وقال ابن حجر : فيه عبيدة بن حبان ضعيف ، وقال الدارقطني : الصواب وقفه وخرجه من وجه آخر عن ابن عمر أضعف منه . 9183 - (المدعى عليه) إذا أنكر (أولى باليمين إلا أن تقوم عليه بينة) فإنه يعمل بها والبينة على المدعي واليمين على من أنكر وهذا في غير القسامة فأما فيها فإنها في جانب المدعي على ما مر (هق عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه . 9184 - (المدينة حرم آمن) قال القرطبي : روي بمدة بعد الهمزة وكسر الميم على النعت لحرم أي من أن يعزوه قريش أو من الدجال أو الطاعون أو يأمن صيدها وشجرها وروي بغير مد وسكون مصدر أي ذات أمن فهي ثانية الحرمين المشاركة لمكة في التفضيل والتكريم وقال السمهودي : لحرمها من الخصائص ما يزيد على مائة إلا أن حرم مكة شاركها في بعض ذلك كتحريم قطع الرطب من شجرها وحشيشها وصيدها واصطيادها وتنفيره وحمل السلاح للقتال بها وأمر لقطتها ونقل نحو التراب منها أو إليها ونبش الكافر إذا دفن بها وامتازت بتحريمها على لسان أشرف الأنبياء بدعوته وكون المتعرض لصيدها وشجرها يسلب على ما ذهب إليه جمع واشتمالها على أفضل البقاع ودفن أفضل الخلق بها وكونها محفوفة بالشهداء وكون افتتاحها بالقرآن وسائر البلاد بالسيف والسنان ووجوب الهجرة إليها والسكنى بها لنصرته وطيب ريحها وغير ذلك قال المصنف : ومما ساوت فيه مكة أن من مات بها حصل له الأمن والشفاعة (أبو عوانة عن سهل بن حنيف) . 9185 - (المدينة خير من مكة) لأنها حرم الرسول صلى الله عليه وسلم ومهبط الوحي ومنزل البركات وبها عزت كلمة الإسلام وعلت وتقررت الشرائع وأحكمت وغالب الفرائض فيها نزلت وبه تمسك من فضلها على مكة وهو مذهب عمر ومالك وأكثر المدنيين والجمهور على أن مكة أفضل والخبر مؤول بأنها خير منها من جهة السلامة من الأذى الكائن للمصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه بمكة أو من حيث كثرة الثمار والزرع والخلاف فيما عدا الكعبة فهي أفضل من المدينة اتفاقا خلا البقعة التي ضمت أعضاء الرسول صلى الله عليه وسلم فهي أفضل حتى من الكعبة كما حكى عياض الإجماع عليه (طب قط في الأفراد عن رافع بن خديج) وفيه قصة وهي أن مروان تكلم يوما على المنبر فذكر مكة وأطنب فيها ولم يذكر المدينة فقام رافع فقال : يا هذا ذكرت مكة فأطنبت ولم تذكر المدينة وأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المدينة إلخ ، وفيه محمد بن
[ 344 ]
عبد الرحمن بن أبي رواد ضعفه ابن عدي وقال الأزدي : لا يكتب حديثه ثم أورد له هذا الخبر قال في الميزان : عقبة قلت ليس هو بصحيح وقد صح في مكة خلافه . 9186 - (المدينة قبة الإسلام ودار الإيمان وأرض الهجرة ومتبوأ الحلال والحرام) وسميت في التوراة بطيبة وطابة [ ص 265 ] وجابرة والمجبورة والمدينة والمرحومة والعذراء والمحبوبة والقاصمة والسكينة ومن أسمائها بندر والبلاط وحسنه ومدخل صدق ودار السنة ودار الهجرة والبحرة والبحيرة والطيبة وغير ذلك (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه عيسى بن مينا قالون وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر في تخريج المختصر : تفرد به قالون راوي نافع وهو صدوق عن عبد الله بن نافع وفيه لين وشيخ ابن نافع هو أبو المثنى واسمه سليمان بن يزيد الخزاعي ضعيف والحديث غريب جدا سندا ومتنا اه‍ . وتبعه عليه الكمال بن أبي شريف . 9187 - (المراء في القرآن) أي الشك في كونه كلام الله (كفر) أو المراد الخوض فيه بأنه محدث أو قديم والمجادلة في الآي المتشابهة المؤدي ذلك إلى الجحود والفتن وإراقة الدماء فسماه باسم ما يخاف عاقبته وهو قريب من قول القاضي : أراد بالمراء التدارؤ وهو أن يروم تكذيب القرآن بالقرآن ليدفع بعضه ببعض فيتطرق إليه قدح وطعن ومن حق الناظر في القرآن أن يجتهد في التوفيق بين الآيات والجمع بين المختلفات ما أمكنه فإن القرآن يصدق بعضه بعضا فإن أشكل عليه شئ من ذلك ولم يتيسر له التوفيق فليعتقد أنه من سوء فهمه وليكله إلى عالمه وهو الله ورسوله * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) * اه‍ . وقال بعضهم : المراء في القرآن إن أدى إلى اعتقاد تناقض حقيقي فيه أو اختلال في نظمه فهو كفر حقيقي وقيل : أراد إنكار قراءة من السبع فإذا قال هذه ليست من القرآن فقد أنكر القرآن وهو كفر قال الحرالي : والامتراء مجادلة تستخرج السوء من خبيئة المجادل (د) في السنة (ك) كلاهما (عن أبي هريرة) وسكت عليه هو والمنذري ورواه عنه أيضا الامام أحمد باللفظ المزبور وزيادة فكان ينبغي عزوه إليه أيضا ولفظه المراء في القرآن كفر فما عرفتم فاعملوا به وما جهلتم فردوه إلى عالمه . 9188 - (المرء) مثلث الميم الرجل أو الإنسان كما في القاموس (في صلاة ما انتظرها) أي مدة انتظاره وإقامتها في المسجد فحكمه حكم ما هو داخل الصلاة في حصول الثواب على ذلك (عبد بن حميد عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته . 9189 - (المرء) قليل بمفرده (كثير بأخيه) في النسب أو في الدين قال العسكري : أراد أن الرجل
[ 345 ]
وإن كان قليلا في نفسه حين انفراده كثيرا باجتماعه معه فهو كخبر اثنان فما فوقهما جماعة اه‍ وهذا كما ترى ذهاب منه إلى أن المراد الأخوة في الإسلام ونزله الماوردي على أنهما أخوة النسب ووجهه بأنه تعاطف الأرحام وحمية القرابة يبعثان على التناصر والألفة ويمنعان من التجادل والفرقة أنفة من استعلاء الأباعد على الأقارب وتوقيا من تسلط الغرباء الأجانب اه‍ (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (الإخوان) وكذا العسكري (عن سهل بن سعد) الساعدي ورواه الديلمي والقضاعي عن أنس قال شارحه العامري : وهو غريب . 9190 - (المرء مع من أحب) طبعا وعقلا وجزاءا ومحلا فكل مهتم بشئ فهو منجذب إليه وإلى أهله بطبعه شاء أم أبى وكل امرئ يصبو إلى مناسبه رضي أم سخط ، فالنفوس العلوية تنجذب بذواتها وهممها وعملها إلى أعلى والنفوس الدنية تنجذب بذواتها إلى أسفل ومن أراد أن يعلم هل هو مع الرفيق الأعلى أو الأسفل فلينظر أين هو ؟ ومع من هو في هذا العالم ؟ فإن الروح إذا فارقت البدن تكون مع الرفيق الذي كانت تنجذب إليه في الدنيا فهو أولى بها فمن أحب الله فهو معه في الدنيا والآخرة إن تكلم فبالله وإن نطق فمن الله وإن تحرك فبأمر الله وإن سكت فمع الله فهو بالله ولله ومع الله واتفقوا على أن المحبة لا تصح إلا بتوحد المحبوب [ ص 266 ] وأن من ادعى محبته ثم لم يحفظ حدوده فليس بصادق وقيل المراد هنا من أحب قوما بإخلاص فهو في زمرتهم وإن لم يعمل عملهم لثبوت التقارب مع قلوبهم قال أنس : ما فرح المسلمون بشئ فرحهم بهذا الحديث . وفي ضمنه حث على حب الأخيار رجاء اللحاق بهم في دار القرار والخلاص من النار والقرب من الجبار والترغيب في الحب في الله والترهيب من التباغض بين المسلمين لأن من لازمها فوات هذه المعية وفيه رمز إلى أن التحابب بين الكفار ينتج لهم المعية في النار وبئس القرار * (قل تمتعوا فإن مصيركم إلى النار) * (حم ق) في الأدب (3 عن أنس) بن مالك (ق عن ابن مسعود) قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : كيف تقول في رجل أحب قوما ولما يلحق بهم فذكره قال العلائي : الحديث مشهور أو متواتر لكثرة طرقه ، وعده المصنف في الأحاديث المتواترة . 9191 - (المرء مع من أحب) قال ابن العربي : يريد المصطفى صلى الله عليه وسلم في الدنيا بالطاعة والأدب الشرعي وفي الآخرة بالمعاينة والقرب الشهودي فمن لم يتحقق بهذا وادعى المحبة فدعواه كاذب (وله ما اكتسب) في رواية وعليه بدل وله وفي رواية المرء على دين خليله أي عادة خليله فمن كانت عادته في خلق الله ما عودهم الله من لطائف مننه وأسبغ عليهم من جزيل نعمه وعطف بعضهم على بعض فلم يظهر في العالم غضبا لا يشوبه رحمة ولا عداوة لا يتخللها مودة فذلك الذي يستحق اسم الخلة لقيامه بحقها واستيفائه لشروطها (فائدة) قال بعض الصوفية : قلت لشيخنا يا سيدي إذا ارتقى الولي إلى المرتبة العظمى كالقطبية هل يرقى بعض جماعته كما هو الواقع في أبناء الدنيا من أهل الولايات ؟ فتبسم وحسن رجائي وقال ما لا يحل كشفه . وفي ثنائه هم القوم لا يشقى جليسهم (ت عن أنس) بن مالك
[ 346 ]
رمز لصحته وسببه كما في سنن الدارقطني وغيره جاء أعرابي فبال بالمسجد فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه فاحتفر فصب عليه دلوا من ماء فقال الأعرابي : يا رسول الله المرء يحب القوم ولما يعمل بعملهم فذكره . 9192 - (المرأة) في الجنة تكون (لآخر أزواجها) في الدنيا قال البيهقي : فلذا حرم على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكحن بعده لأنهن أزواجه في الجنة اه‍ قال بعضهم : وإنما كانت لآخرهم لأنها تركت الزوج ولم يتركها هو ولا يعارضه خبر أنه سئل عن المرأة يموت زوجها فتتزوج آخر ثم يموت فلمن هي ؟ قال : لأحسنهما خلقا كان معها لأن المراد به من فرق بينهما الطلاق لا الموت لأنه إذا وقع على غير بأس فهو لسوء الخلق لأنه أبغض الحلال إلى الله . - (طب عن أبي الدرداء خط عن عائشة) قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف . 9193 - (المرأة عورة) أي هي موصوفة بهذه الصفة ومن هذه صفته فحقه أن يستر والمعنى أنه يستقبح تبرزها وظهورها للرجل والعورة سوأة الإنسان وكل ما يستحي منه ؟ كنى بها عن وجوب الاستتار في حقها قال ابن الكمال : فلا حاجة إلى أن يقال هو خبر بمعنى الأمر قال في الصحاح : والعورة كل خلل يتخوف منه وقال القاضي : العورة كل ما يستحى من إظهاره وأصلها من العار وهو المذمة (فإذا خرجت) من خدرها (استشرفها الشيطان) يعني رفع البصر إليها ليغويها أو يغوي بها فيوقع أحدهما أو كلاهما في الفتنة أو المراد شيطان الإنس سماه به على التشبيه بمعنى أن أهل الفسق إذا رأوها بارزة طمحوا بأبصارهم نحوها والاستشراف فعلهم لكن أسند إلى الشيطان لما أشرب في قلوبهم من الفجور ففعلوا ما فعلوا بإغوائه وتسويله وكونه الباعث عليه ذكره القاضي ، وقال الطيبي : هذا كله خارج عن المقصود والمعنى المتبادر أنها ما دامت في خدرها لم يطمع الشيطان فيها وفي إغواء الناس فإذا خرجت طمع وأطمع لأنها حبائله وأعظم فخوخه وأصل الاستشراف وضع الكف فوق الحاجب ورفع الرأس للنظر (ت) في النكاح (عن ابن مسعود) وقال : [ ص 267 ] حسن غريب ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور الطبراني وزاد وإنها أقرب ما يكون من الله وهي في قعر بيتها قال الهيثمي : رجاله موثقون ورواه أيضا ابن حبان عنه . 9194 - (المرض سوط الله في الأرض يؤدب به عباده) لأنه يخمد النفس الأمارة ويذلها ويدهشها من طلب حظوظها ومن تأمل ذلك واستحضره انفتح له باب التسليم والرضا بقضاء الله العزيز الحكيم . (الخليلي في جزء من حديثه عن جرير) بن عبد الله .
[ 347 ]
9195 - (المريض تحات) أصله تتحات (خطاياه) أي ذنوبه عنه (كما يتحات ورق الشجر) من هبوب الرياح فإن مات من مرضه ذلك مات وقد خلصت سبيكة إيمانه من الخبث فلقي الله طاهرا مطهرا صالحا لجواره بدار كرامته . - (هب والضياء) المقدسي وكذا أبو يعلى والبغوي (عن أسد بن كرز) بن العامر القسري جد خالد بن عبد الله أمير العراق له ولأبيه صحبة ورواه باللفظ المزبور عن أسد المذكور ابن أحمد في زوائد المسند قال الهيثمي : وإسناده حسن اه‍ . لكن قال الحافظ ابن حجر في الإصابة : فيه انقطاع بين خالد وأسد . 9196 - (المزر كله حرام) هو بالكسر نبيذ يتخذ من نحو ذرة وشعير (أبيضه وأحمره وأسوده وأخضره) يعني بأي لون كان وخص هذه لأنها أصول الألوان (طب عن ابن عباس) . 9197 - (المستبان) أي الذي يسب كل منهما الآخر (ما قالا) أي إثم ما قالاه من السب والشتم (فعلى البادئ منهما) لأنه السبب لتلك المخاصمة فللمسبوب أن ينتصر ويسبه بما ليس بقذف ولا كذب كيا ظالم ولا يأثم * (ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل) * والعفو أفضل فإن قيل : إذا لم يسكت المسبوب ويرى البادئ من ظلمه بوقوع التقاص فكيف صح أن يقدر فيه إثم ما قالا قلنا : إضافته بمعنى في والمعنى إثم كائن فيما قالاه وإثم الابتداء على البادئ ويستمر هذا الحكم (حتى يعتدي المظلوم) أي يتعدى الحد في السب فلا يكون الإثم على البادئ فقط بل عليهما ، وقيل المراد أنه يحصل إثم ما قالا وللبادئ أكثر من المظلوم ما لم يتعد فيربو إثم المظلوم وقيل : المعنى أنه إذا سبه فرد عليه كان كفافا ، فإن زاد بالغضب والتعصب لنفسه كان ظالما وكان كل منهما فاسقا (حم م د ت عن أبي هريرة) وفي الباب أنس وغيره . 9198 - (المستبان شيطانان يتهاتران ويتكاذبان) أي كل منهما يتسقط صاحبه وينتقصه من الهتر وهو الباطل من القول ذكره الزمخشري . وقال ابن الأثير : أي يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر الباطل والسقط من الكلام وفيه كما قال الغزالي : أنه لا يجوز مقابلة السب بالسب وكذا سائر المعاصي وإنما القصاص والغرامة على ما ورد به الشرع قال : وقال قوم تجوز المقابلة فيما لا كذب فيه
[ 348 ]
ونهيه عن التعيير بمثله نهي تنزيه والأفضل تركه لكنه لا يعصى (حم خد) والطيالسي (عن عياض بن حمار) بلفظ الحيوان المعروف قال : قلت يا رسول الله رجل من قومي يسبني وهو دوني علي بأس أن أنتصر منه ؟ فذكره قال الزين العراقي : إسناده صحيح وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 9199 - (المستحاضة) وهي التي حدثها دائم (تغتسل من قرء إلى قرء) لكن يلزمها تجديد الوضوء لكل فرض وغسل [ ص 268 ] الفرج وتعصيبه (طس عن ابن عمرو) بن العاص ، قال الهيثمي : فيه بقية ومر أنه مدلس . 9200 - (المستشار مؤتمن) أي أمين على ما استشير فيه فمن أفضى إلى أخيه بسره وأمنه على نفسه فقد جعله بمحلها فيجب عليه أن لا يشير عليه إلا بما يراه صوابا فإنه كالإمامة للرجل الذي لا يأمن على إيداع ماله إلا ثقة والسر قد يكون في إذاعته تلف النفس أولى بأن لا يجعل إلا عند موثوق به وفيه حث على ما يحصل به معظم الدين وهو النصح لله ورسوله وعامة المسلمين وبه يحصل التحابب والإئتلاف وبضده يكون التباغض والاختلاف (تنبيه) قال بعض الكاملين : يحتاج الناصح والمشير إلى علم كبير كثير فإنه يحتاج أولا إلى علم الشريعة وهو العلم العام المتضمن لأحوال الناس وعلم الزمان وعلم المكان وعلم الترجيح إذا تقابلت هذه الأمور فيكون ما يصلح الزمان يفسد الحال أو المكان وهكذا فينظر في الترجيح فيفعل بحسب الأرجح عنده ، مثاله أن يضيق الزمن عن فعل أمرين اقتضاهما الحال فيشير بأهمهما وإذا عرف من حال إنسان بالمخالفة وأنه إذا أرشده لشئ فعل ضده يشير عليه بما لا ينبغي ليفعل ما ينبغي وهذا يسمى علم السياسة فإنه يسوس بذلك النفوس الجموحة الشاردة عن طريق مصالحها فلذلك قالوا يحتاج المشير والناصح إلى علم وعقل وفكر صحيح ورؤية حسنة واعتدال مزاج وتؤدة وتأن فإن لم تجمع هذه الخصال فخطأه أسرع من إصابته فلا يشير ولا ينصح قالوا : وما في مكارم الأخلاق أدق ولا أخفى ولا أعظم من النصيحة (4 عن أبي هريرة ت عن أم سلمة عن ابن مسعود) وفي الباب عبد الله بن الزبير والهيثم بن التيهان والنعمان بن بشير وجابر وغيرهم قال المصنف : وهذا متواتر . 9201 - (المستشار مؤتمن) أن أمين فيما يسأل من الأمور ذكره الطيبي لأنه قلد الأمر الذي استشير فيه فإذا عرف المصلحة لمن قلده أمره فلا يكتمه فإن كتم ضره وقد قال عليه الصلاة والسلام لا ضرر ولا ضرار فيكون قد ترك الإحسان وغشه فيما استشاره فيه وخان وقوله (إن شاء أشار وإن شاء لم يشر) عنى به أنه غير واجب بمعنى أنه لا يتعين أي ما لم يتحقق بترك إشارته حصول ضرر
[ 349 ]
لمحترم من نفس أو مال أو عرض وإلا تعين نصحه بل لو تعلق به علمه به وجب وإن لم يستشره كما تفيده أدلة أخرى قال العامري في شرح الشهاب : وحقيقة المشورة استخراج صواب رأيه واشتقاق الكلمة من قولهم شور العسل استخلصه من موضعه وصفاه من الشمع (طب) وكذا في الأوسط (عن سمرة) بن جندب رمز لحسنه قال الهيثمي : رواه من طريقين في أحدهما إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف وفي الأخرى عبد الرحمن بن عمر بن جبلة وهو متروك وقال ابن الجوزي : حديث لا يثبت إسناده ولا متنه . 9202 - (المستشار مؤتمن) أي هو بالخيار إن شاء قال وإن شاء سكت كالمودع ذكره بعضهم (فإذا استشير) أحدكم في شئ (فليشر) على من استشاره (بما هو صانع لنفسه) لأن الدين النصيحة كما تقرر وأقصى موجبات التحابب أن يرى الإنسان لأخيه ما يراه نفسه * (إنما المؤمنون إخوة) * [ الحجرات : 10 ] وفيه إشعار لطلب التألف على الإيمان ولهذا كره لعن الكافر رجاء إسلامه وفيه إلماح بطلب الاستشارة المأمور بها في قوله تعالى * (وشاورهم في الأمر) * ، وقيل المشاورة حصن من الندامة وأمن وسلامة ونعم المؤازرة والمشاورة ، وفي الحديث قصة وهي أن الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر أتوا المسيب بن نجية خطبوا بنته أو أخته فقال : مكانكم حتى أعود فأتى عليا فقال : أتيت أمير المؤمنين لأشاوره فقال : أما الحسن فمطلاق ولا تخطئ النساء عنده وأما الحسين فمملق زوج ابن جعفر فرجع فزوجه فلامه الحسنان فقال : أشار علي أمير المؤمنين فأتياه فقالا : وضعت منا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره (طس عن علي) أمير المؤمنين ثم قال [ ص 269 ] الطبراني لم يروه إلا عبد الرحمن بن عيينة البصري اه‍ . قال ابن حجر : ولولاه لما كان الحديث حسنا لأن رجاله موثقون إلا هو فلم أر له ذكرا إلا في هذا الحديث والمستغرب منه آخره إلى هنا كلامه . وقال الهيثمي : شيخ الطبراني وشيخ شيخه المذكوران لا أعرفهما اه‍ . وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه غير جيد . 9203 - (المسجد بيت كل مؤمن) وفي رواية بدله كل تقي قال الطبراني : يشير به إلى أنه لا بأس بالإقامة فيه والانتفاع به فيما يحل كأكل وشرب وقعود ونوم وشبهه من الأعمال التي لا ينزه المسجد عنها قال المهلب : وفيه جواز سكنى الفقراء بالمسجد قال الزين العراقي : لكن الظاهر أن المراد بالحديث ملازمته لنحو اعتكاف وصلاة وقراءة ونحو ذلك مما بنيت المساجد له اه‍ ، وقال بعضهم : أفاد الخبر أنه موطن لأتقياء الأمة لكن يشترط أن لا يشغله بغير ما بني له فمن اتخذه رحله ومعاشه وحديث دنياه فهو ممقوت . كان الصالحون لا يتكلمون فيه بمباح دنيوي وكلم إنسان خلف بن أيوب وهو فيه فأخرج رأسه منه فأجابه وقال كعب : نجد في كتاب الله من لم يغد للمسجد أو يروح إلا ليعلم أو يتعلم أو ليذكر الله فهو كالمجاهد في سبيل الله ومن لم يغد أو يروح إليه إلا لأحاديث الناس وتعبير الحديث بالمؤمن أو بالمتقي يشعر بأنه لا دخل للنساء فيه ولذلك بوب البخاري عليه فقال باب نوم الرجال في
[ 350 ]
المسجد فأفهم كراهته في حق النساء قال الزين العراقي : ولا شك في منعه لمن خيف عليها أو منها الفتنة بنومها فيه فإن أمن ذلك فلا بأس به كقصة الأمة التي كان لها حفش أو خباء في المسجد وقد ذكره البخاري أيضا وبوب عليه باب نوم النساء في المسجد . - (حل) من حديث صالح المزي عن أبي عثمان الحريري (عن سلمان) الفارسي قال أبو عثمان : كتب سلمان إلى أبي الدرداء يا أخي عليك بالمسجد فالزمه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره ثم قال أبو نعيم : غريب لم نكتبه إلا من حديث صالح المزي لم نكتبه إلا من هذا الوجه وصالح ضعيف ورواه عنه أيضا الطبراني والقضاعي من حديث محمد بن واسع قال : كتب سلمان إلى أبي العود أما بعد فاغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء ما لا يستطاع رده واغتنم دعوة المؤمن المبتلى وليكن المسجد بيتك فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وسنده ضعيف لكن له كما قال السخاوي شواهد كخبر أبي نعيم أيضا المساجد مجالس الكرام فقول العامري في شرح الشهاب : صحيح خطأ صريح . 9204 - (المسجد الذي أسس على التقوى) المذكور في قوله تعالى * (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم) * الآية هو (مسجدي هذا) مسجد المدينة ، وبهذا أخذ مالك كما في العتبية عنه ، وفي خبر آخر أنه مسجد قباء ، ومال ابن كثير إلى ترجيح الأخذ به لكثرة أحاديثه قال : ولا ينافيه هذا الخبر لأنه إذا كان مسجد قباء أسس على التقوى فمسجده أولى وقال زين الحفاظ العراقي في شرح الترمذي : الأصح أنه مسجد المدينة خلافا لابن العربي قال : وقد صح القول به عن جمع لا يحصون فهم أولى من العمل بحديث قباء ، وأطال في تقرير ذلك قال : ويمكن أن يقال إن المسجد الموصوف لكونه أسس على التقوى يصدق على كل منهما وعين المصطفى صلى الله عليه وسلم مسجد المدينة لفضله على مسجد قباء (م ت عن أبي سعيد) الخدري ، قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت لبعض نسائه فقلت : يا رسول الله أي المسجدين أسس على التقوى فذكره (حم ك عن أبي) بن كعب قال : اختلف رجلان في المسجد الذي أسس على التقوى فسألاه عن ذلك قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي قال الزين العراقي : وليس كذلك فإن عبد الله بن عامر الأسلمي أحد رجاله ضعيف . 9205 - (المسك) بالكسر معروف (أطيب الطيب) قال في المطامح : يجوز كونه حكما شرعيا وكونه إخباريا عاديا (م ت عن أبي سعيد) الخدري . 9206 - (المسلم) الكامل في الإسلام ، قال ابن الكمال : ولا يلزم منه أن من اتصف بما يأتي فقط يكون كاملا لأن المراد بذلك مع رعاية بقية الأركان (من) أي إنسان أتى بأركان الدين و (سلم المسلمون) وغيرهم من أهل الذمة فالتقييد غالبي كالتعبير بجمع المذكر (من لسانه ويده) خصا بالذكر
[ 351 ]
لأن الأذى بهما أغلب وقدم اللسان لأكثرية الأذى به ولكونه المعبر عما في الضمير وعبر به دون القول ليشمل من أخرج لسانه استهزاء وباليد دون بقية الجوارح ليدخل اليد المعنوية كالاستيلاء على حق الغير ظلما وأما إقامة الحد والتعزير فبالنظر إلى المقصود الشرعي إصلاح ولو مآلا لا أبدا ، وفيه من أنواع البديع جناس الإشتقاق . (تنبيه) قال القيصري : الإسلام مقام عظيم وحال شريف من تحقق به في الدنيا فحاله حال أهل الجنة في العقبى ومعناه الإنقياد للأوامر وترك الاستعصاء لها والإمساك عن إيذاء من دخل في الإسلام من جميع الخلق ونفع أهله وكف الأذى عنهم . (م عن جابر) قضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول بل خرجه الشيخان معا باللفظ المزبور من حديث ابن عمر كما ذكره المصنف نفسه في الدرر وانفرد مسلم بروايته عن جابر قال المصنف : الحديث متواتر ومن جوامع الكلم . 9207 - (المسلم) الكامل قال الكمال : نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية ، وقال الطيبي : التعريف في المسلم والمؤمن للجنس (من سلم المسلمون من لسانه ويده) بأن لا يتعرض لهم بما حرم من دمائهم وأموالهم وأعراضهم قدم اللسان لأن التعرض به أسرع وقوعا وأكثر وخص اليد لأن معظم مزاولة الأفعال بها لا يقال إذا سلم المسلمون منه يلزم أن يكون مسلما كاملا وإن لم يأت بأركان الإسلام المبني عليها لأنا نقول هذا ورد على سبيل المبالغة تعظيما لترك الإيذاء كأن ترك الإيذاء هو نفس الإسلام الكامل وهو محصور فيه على سبيل الإدعاء للمبالغة (والمؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم) يعني ائتمنوه وجعلوه أمينا عليها لكونه مجربا مختبرا في حفظها وعدم الخيانة فيها قال الطيبي : وذكر المسلم والمؤمن بمعنى واحد تأكيدا وتقريرا لكنه لم يذكر في الثانية ما يدل على ما يثمر اللسان من البذاء أو البهتان لأن آفة اللسان ظاهرة وآفة اليد مفتقرة إلى البيان قال القاضي : فمن لم يراع حكم الله في ذمام المسلمين والكف عنهم لم يكمل إسلامه ومن لم يكن له جاذبة نفسانية إلى رعاية حق الحق وملازمة العدل بينه وبينهم فلعله لا يراعى ما بينه وبين ربه فيخل بإيمانه (حم ت ن ك عن أبي هريرة) لكن في رواية الحاكم زيادة وهي والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب . 9208 - (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) فإيذاء المسلم من نقصان الإسلام والإيذاء ضربان ضرب ظاهر بالجوارح كأخذ المال بنحو سرقة أو نهب وضرب باطن كالحسد والغل والبغض والحقد والكبر وسوء الظن والقسوة ونحو ذلك فكله مضر بالمسلم مؤذ له ، وقد أمر الشرع بكف النوعين من الإيذاء وهلك بذلك خلق كثير (والمهاجر) أي هجرة تامة فاضلة (من هجر) أي ترك
[ 352 ]
(ما نهى الله عنه) أي ليس المهاجر حقيقة من هاجر من بلاد الكفر بل من هجر نفسه وأكرهها على الطاعة وحملها تجنب المنهي لأن النفس أشد عداوة من الكافر لقربها وملازمتها وحرصها على منع الخير فالمجاهد الحقيقي من جاهد نفسه واتبع سنة نبيه واقتفى طريقه في أقواله وأفعاله على اختلاف أحواله بحيث لا يكون له حركة ولا سكون إلا على السنة وهذه الهجرة العليا لثبوت فضلها على الدوام قال الخطابي : أراد به أن أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حق المسلمين وإثبات اسم الشئ على معنى إثبات الكمال له مستفيض في كلامهم وقيل : أراد بيان علامة المسلم التي يستدل بها على إسلامه وهي سلامة المسلمين من لسانه ويده كما ذكر مثله في علامة المنافق أو أراد الإشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه لأنه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه فهو تنبيه بالأولى على الأولى فكأنه يقول للمهاجرين لا تتكلموا على مجرد التحول من داركم فإن الشأن إنما هو في امتثال أوامر الشرع ونواهيه فاشتملت هاتان الجملتان على جوامع من معاني الحكم والأحكام (خ) في الإيمان واللفظ له (د) في الجهاد (ن) في الإيمان لكنه قال من هجر ما حرم الله عليه (عن ابن عمرو) ابن العاص ولم يخرجه مسلم . 9209 - (المسلم) حرا كان أو قنا بالغا أو صبيا (أخو المسلم) أي يجمعهما دين واحد * (إنما المؤمنون إخوة) * فهم كالأخوة الحقيقية وهي أن يجمع الشخصين ولادة من صلب أو رحم أو منهما بل الأخوة الدينية أعظم من الحقيقة لأن ثمرة هذه دنيوية وتلك أخروية . - (د) في الأدب (عن سويد بن الحنظلية) وفي نسخ ابن حنظلة الكوفي صحابي معروف قال : خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن حجر فأخذه عدوله له فتخرج القوم أن يحلفوا وحلفت أنه أخى فخلوا سبيله فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : صدقت المسلم أخو المسلم ، رمز المؤلف لحسنه . وقضية صنيعه أنه مما لا وجود له في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في البخاري في عدة مواضع عن ابن عمر [ ص 271 ] مرفوعا باللفظ المزبور بعينه وزيادة ونصه المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه هكذا هو في كتاب المظالم وغيره فالعدول إلى غيره من ضيق العطن . 9210 - (المسلم مرآة المسلم فإذا رأى به شيئا فليأخذه) أي إذا أبصر ببدنه أو ثوبه نحو قذر أو قذاه لم يشعر به فلينحه عنه ثم ليره إياه كما جاء في خبر آخر (ابن منيع عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن عبيد الله قال الذهبي : قال أحمد : غير ثقة . 9211 - (المسلمون إخوة) أي جمعتهم الأخوة الإسلامية بالحضرة المحمدية لاتحاد المرافقة في ورود المشرب الإيماني والمدد الإحساني وكل اتفاق بين شيئين أو أشياء يطلق عليه اسم الأخوة ويشترك في ذلك الحر والبالغ وضدهما فأخوك من وافقك في الذوق ومدد الأفهام لا من شاركك في معنى صورة
[ 353 ]
النطف في الأرحام (لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى) والتقوى غيب عنا إذ محلها القلب فلا يجوز للمتقي أن يحقر مسلما وكيف يحتقره وهو لا يعلم الخاتمة لنفسه ولا له ؟ ونبه بالأخوة على المساواة وأن لا يرى أحد لنفسه على أحد من المسلمين فضلا إذ يلزم منه قطع وصلة الأخوة المأمور بها (طب عن حبيب بن خراش) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة وهو متروك . 9212 - (المسلمون شركاء في ثلاث) من الخصال قال البيضاوي : لما كان الأسماء الثلاثة في معنى الجمع انتهى بهذا الاعتبار فقال في ثلاث (في الكلأ) الذي ينبت في الموات فلا يختص به أحد (والماء) أي ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها (والنار) يعني الحطب الذي يحتطبه الناس من الشجر المباح فيوقدونه أو الحجارة التي توري النار ويقدح بها إذا كانت في موات أو هو على ظاهره ، قال البيضاوي : المراد من الاشتراك في النار أنه لا يمنع من الإستصباح منها [ ص 272 ] والإستضاءة بضوئها لكن للموقد أن يمنع أخذ جذوة منها لأنه ينتقصها ويؤدي إلى إطفائها (حم د) في البيع من حديث أبي خراش (عن رجل) من المهاجرين قال : غزوت مع النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثا أسمعه يقول بلفظه فذكره رمز لحسنه ولم يسم الرجل ولا يضر فإنه صحابي وهم عدول ذكره المناوي لكن قال ابن حجر : قد سماه أبو داود حبان بن زيد وهو تابعي معروف أي فالحديث مرسل . 9213 - (المسلمون على شروطهم) الجائزة شرعا أي ثابتون عليها واقفون عندها وفي التعبير بعلى إشارة إلى علو مرتبتهم وفي وصفهم بالإسلام ما يقتضي الوفاء بالشرط ويحث عليه (د) وكذا أحمد في البيع من حديث سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح (عن أبي هريرة) قال الذهبي : لم يصححه يعني الحاكم وكثير ضعفه النسائي ومشاه غيره اه‍ . وقال ابن حجر : الحديث ضعفه ابن حزم وعبد الحق وحسنه الترمذي . 9214 - (المسلمون) ووقع في الرافعي المؤمنون قال ابن حجر : والذي في جميع الروايات المسلمون (عند شروطهم ما وافق الحق من ذلك) يعني ما وافق منها كتاب الله لخبر كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل ، أي كشرط نصر نحو ظالم وباغ وشن غارة على المسلمين ونحوها من الشروط الباطلة (ك) في البيع من حديث العزيز بن عبد الرحمن الجوزي البالسي عن خصيف بن أبي رباح (عن أنس) بن مالك وعبد العزيز بن عبد الرحمن عن خصيف عن عروة (عن عائشة) قال ابن القطان : قال أحمد : عبد العزيز أحاديثه كذب موضوعة وقال الذهبي في المهذب : هو واه وقال ابن القطان : خصيف ضعيف وقال ابن حجر : رواه الحاكم والبيهقي عن أنس وهو واه وعن عائشة وهو واه اه‍ .
[ 354 ]
9215 - (المسلمون عند شروطهم فيما أحل) بخلاف ما حرم فلا يجب بل لا يجوز الوفاء به (طب عن رافع بن خديج) قال الهيثمي : فيه حكيم بن جبير وهو متروك وقال أبو زرعة : محله الصدق . 9216 - (المشاؤون إلى المساجد في الظلم) بضم الظاء وفتح اللام جمع ظلمة بسكونها أي ظلمة الليل إلى الصلاة أو الإعتكاف فيها (أولئك الخواضون في رحمة الله) لما قاسوا مشقة ملازمة المشي إلى المساجد في الظلم جوزوا بصب الرحمة عليهم بحيث غمرت كل أحد منهم من فرقه إلى قدمه حتى صاروا كأنهم يخوضون فيها (ه عن أبي هريرة) رمز لحسنه وليس كما قال ، قال مغلطاي في شرح أبي داود : حديث ضعيف لضعف أبي رافع الأنصاري المزني البصري أحد رواته فإنه وإن قال فيه البخاري : مقارب الحديث فقد قال أحمد : منكر الحديث اه‍ . وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح فيه إسماعيل بن رافع أبو رافع قال النسائي : منكر الحديث وقال ابن عدي : الأحاديث كلها فيها نظر . 9217 - (المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء) لما اقترفه الإنسان في دار الهوان * (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) * (ص حل) من حديث الفضيل بن عياض عن سليمان بن مهران الكاهلي عن مسلم بن صبيح (عن مسروق) ابن الأجدع (مرسلا) لفظ أبي نعيم في الحلية عن مسروق بن الأجدع قال : قال أبو بكر الصديق : يا رسول الله ما أشد هذه الآية * (من يعمل سوءا يجز به) * فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : المصائب إلخ ثم قال أبو نعيم : عزيز من حديث الفضيل ما كتبته إلا من هذا الوجه حدثنا عبد الله بن جعفر أبو السعود أحمد بن الفرات . 9218 - (المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه) قال في الكشاف : البياض من النور والسواد من الظلمة فمن كان من أهل نور الحق وسم ببياض اللون وإسفاره وإشراقه ، ومن كان من أهل ظلمة الباطل وصف بسواد اللون وكسوفه وسموده وأحاطت به الظلمة من كل جانب ، قال بعض السلف : لولا مصائب الدنيا وردنا يوم القيامة مفاليس (طس عن ابن عباس) وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه سليمان بن مرقاع منكر الحديث .
[ 355 ]
9219 - (المضمضة والاستنشاق سنة) وبهذا أخذ مالك والشافعي ، وقال أحمد : هما واجبان وقال أبو حنيفة : واجبان في الغسل مسنونان في الوضوء قال ابن القيم : لم يحفظ عنه أنه أخل بها مرة واحدة (والأذنان من الرأس) لا من الوجه ولا مستقلتان فيمسحان بماء الرأس عند أبي حنيفة ومالك وأحمد وقال الشافعي : عضوان مستقلان . - (خط) في ترجمة محمد بن أبي الفرج المعروف بابن سميكة (عن ابن عباس) وفيه محمد بن محمد الباغندي أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن عدي : أرجو أنه كان لا يتعمد الكذب وسويد بن سعيد منكر الحديث والقاسم بن غصن ضعفف أبو حاتم وغيره وإسماعيل بن مسلم البصري قال الذهبي : واه مجمع على ضعفه اه‍ . ورواه الدارقطني من هذا الوجه أيضا ففيه ما فيه قال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني : فيه القاسم بن غصن ضعفه أبو حاتم ووثقه غيره ، وعنه سويد بن سعيد له مناكير وضعفه النسائي وقال ابن حجر : الحديث ضعيف . 9220 - (المطلقة ثلاث ليس لها) على المطلق (سكنى ولا نفقة) في مدة العدة وعلله في بعض طرق الحديث بأنهما إنما يجبان عليه ما كانت له عليها رجعة وإليه ذهب الجمهور وأجابوا عن قول عمر لا ندع كتاب الله وسنة نبيه لقول امرأة لا ندري أحفظت أم نسيت بأن قول الشارع مقدم على قول الصحابي (ن عن فاطمة بنت قيس) رمز لصحته ، وقضية كلام المصنف أن هذا لا ذكر له في أحد الصحيحين ولعله ذهول فقد عزاه الديلمي إلى مسلم بزيادة ولفظه المطلقة ثلاثا لا سكنى لها ولا نفقة إنما السكنى والنفقة لمن تملك الرجعة اه‍ بنصه . 9221 - (المعتدي) وفي رواية للقضاعي المتعدي ولعله تصحيف (في الصدقة) بأن يعطيها غير مستحقها أو لكون الآخذ يتواضع له أو يخدمه أو يثني عليه (كمانعها) في بقائها في ذمته أو في أنه لا ثواب له لأنه لم يخرجها مخلصا لله أو معناه أن العامل المتعدي في الصدقة يأخذ أكثر مما يجب والمانع الذي يمنع أداء الواجب كلاهما في الوزر سواء وقيل أراد أن الساعي إذا أخذ خيار المال ربما منعه في العام القابل فيكون سببه فهما في الإثم سيان وقال البغوي : معناه على المعتدي في الصدقة من الإثم ما على مانعها فلا يحل للمالك كتم شئ من المال وإن تعدى الساعي قال الطيبي : يريد أن المشبه به في الحديث ليس بمطلق بل مقيد بقيد استمرار المنع فإذا فقد القيد فقد التشبيه . (حم د ت ه) في الزكاة من حديث سعيد بن سنان (عن أنس) قال الترمذي : غريب من هذا الوجه وقد تكلم أحمد في سعيد بن سنان اه‍ . وقال المنذري : طعن فيه غير واحد من الأئمة وقال النووي : لم يروه غير سعيد وهو ضعيف وقال الذهبي : غير حجة وبه يعرف خطأ العامري في جزمه بصحته .
[ 356 ]
9222 - (المعتكف يتبع الجنازة) أي يشيعها يعني له ذلك ولا يبطل به اعتكافه (ويعود المريض) أخذ منه أحمد [ ص 274 ] والشافعي أن للمعتكف الخروج للقرب إذا اشترطه ، وقال مالك : لا يجوز اشتراط ذلك ، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته وإذا خرج لحاجة قنع رأسه حتى يرجع اه‍ (ه) من حديث هياج بن بسطام عن عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الخالق (عن أنس) بن مالك قال الذهبي : وعنبسة قال أبو حاتم : : يضع الحديث وهياج قال أحمد : متروك وعبد الخالق قال النسائي : غير ثقة . 9223 - (المعتكف يعكف الذنوب) أي يمنعها ويدفعها يقال عكفته عن حاجته منعته (ويجري له من الأجر كأجر عامل الحسنات كلها) أي فاعلها قال في الفردوس : قيل لمن يلازم المسجد وأقام على العبادة فيه معتكف وعاكف وأصله الحبس . - (ه هب عن ابن عباس) . 9224 - (المعروف باب من أبواب الجنة) أي فعله (وهو يدفع مصارع السوء) أي يردها (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان في الثواب (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن القاسم الأزدي قال الذهبي في الضعفاء : كذبه أحمد والدارقطني عن عنبسة وهو متهم . 9225 - (المعك) بسكون العين المطل واللي بأداء الحق (طرف من الظلم) إن وقع من موسر وفي قوله طرف إلماح بأنه ليس بكبيرة لكن مر ما يخالفه (طب حل والضياء) المقدسي (عن حبشي) بضم فسكون (ابن جنادة) السلولي أبي الجنوب . 9226 - (المغبون لا محمود ولا مأجور) لكونه لم يحتسب بما زاد على قيمته فيؤجر ولم يتحمد إلى بائعه فيحمد لكن استرسل في وقت المبايعة فاستغبن فغبن فلم يقع عند البائع موقع المعروف فيحمد بل رجع لنفسه فقال : خدعته فذهب الحمد ولم يحتسب فذهب الأجر ، ومن ثم قيل الغبن في البيع جود بالعقل وأصل الغبن النقص . - (خط عن علي) أمير المؤمنين وفيه أحمد بن ظاهر البغدادي سئل عنه تلميذه الأنبدوني قال : لو قيل له حدثكم أبو بكر الصديق قال : نعم وضعفه كذا ذكره مخرجه الخطيب عقبه فاقتصار المصنف على العزو له وحذف ذلك من سوء التصرف (طب عن الحسن) بن علي قال الهيثمي :
[ 357 ]
وفيه محمد بن هشام ضعيف وبقية رجاله ثقات (ع عن الحسين) بن علي يرفعه قال أبو هاشم : كنت أحمل متاعا إلى الحسين فيماكسني فيه فلعلي لا أقوم من عنده حتى يهب عامته فقلت له في ذلك فقال حدثني أبي يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره قال الهيثمي بعد ما عزاه لأبي يعلى : فيه أبو هاشم العبادي قال الذهبي : لا يكاد يعرف ولم أجد لغيره فيه كلاما اه‍ وعبارة الذهبي هذا حديث منكر وأبو هاشم لا يعرف ، وقد اضطرب فمرة عن الحسن ومرة عن الحسين وأورده في الفردوس بلفظ أتاني جبريل فقال : يا محمد ماكس عن درهمك فإن المغبون إلى آخر ما هنا ورواه الحكيم في نوادره من حديث عبد الله بن الحسن عن أبيه عن جده وطرقه كلها ترجع إلى أهل البيت . 9227 - (المغرب وتر النهار) أطلق كونها وترا لقربها منه وإلا فصلاة المغرب ليلية جهرية ، وفيه إشارة إلى أن أول وقتها يقع أول ما تغرب الشمس (فأوتروا صلاة الليل) أي ندبا لا وجوبا بدليل خبر هل علي غيرها قال : لا إلا أن تطوع - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه . 9228 - (المقام المحمود) الموعود به النبي صلى الله عليه وسلم هو (الشفاعة) في فصل القضاء يوم القيامة ووراء ذلك أقوال هذا الحديث يردها (حل هب عن أبي هريرة) . 9229 - (المقيم على الزنا) وفي رواية الطبراني على الخمر (كعابد وثن) في مطلق التعذيب بالنار ولا يلزم منه استواؤهما بل ذلك يخلد وذا يخرج ويدخل الجنة وقد يعفى عنه فلا يدخل النار فإطلاق التساوي زجر وتنفير كيف والزنا يجمع خلال الشر بأسرها من قلة الدين وذهاب الورع وفساد المروءة وقلة الغيرة والحياء والأنفة وعدم المراقبة وسواد الوجه وظلمته والكآبة والمقت وظلمة القلب وطمس النور والفقر اللازم وقلة الهيبة وفقد العفة وعكر الوحشة على الوجه إلى غيره ذلك مما هو كالمحسوس قال جدي رحمه الله تعالى : إن العارفين يشاهدون جنابة الزاني على وجهه ويشمون من بدنه نتنا وأنه إذا اغتسل أبصروا أثر الزنا على وجه الماء عيانا (الخرائطي في) كتاب (مساوي الأخلاق وابن عساكر) في ترجمة سعيد بن عمارة من طريق الخرائطي (عن أنس) بن مالك ، وضعفه المنذري وذلك أن فيه إبراهيم بن الهيثم أورده الذهبي في الضعفاء وقال ابن عدي : أحاديث مستقيمة سوى حديث الفار عن سعيد بن عمارة قال الأزدي : متروك والحارث بن النعمان قال البخاري : منكر الحديث . 9230 - (المكاتب عبد) أي في أكثر الأحكام كشهادته وإرثه وحده وجناية له أو لغيره فلا يحملها قرابته ولا عاقلة سيده وليس كالعبد في أن سيده يبيعه ويأخذ كسبه ذكره الرافعي (ما بقي) بكسر القاف لغة القرآن (من مكاتبته) أي من نجومها (درهم) فلا يعتق منه بقدر ما أدى وهو قول
[ 358 ]
الجمهور قاطبة ويؤيده قصة بريرة ومخالفة بعض السلف مؤولة وفيه جواز بيع المكاتب لأنه مملوك والمملوك يباع ومنع المالكية والحنفية بيعه (د) في العتق وكذا النسائي فما أوهمه صنيع المؤلف من أن أبا داود منفرد بإخراجه من بين الستة غير جيد (عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه وصححه الحاكم وخرجه عنه ابن حبان أيضا في أثناء حديث قال الشافعي : لا أعلم أحدا رواه إلا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ولم أر من رضيت من أهل العلم يثبته وعلى هذا فتيا المفتين انتهى . قال الصدر المناوي : ومع هذا ففيه ابن عياش والمقال فيه معروف . 9231 - (المكثرون) من المال (هم الأسفلون يوم القيامة) لطول حسابهم وتوقع عقابهم وفي رواية المكثرون هم المقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا أي ضرب يديه بالعطاء فيه من سائر جهاته قالوا ولفظ القول يستعمل في غير النطق كقوله : قال له الطير تقدم راشدا * إنك لا ترجع إلا حامدا وقوله " قالت العينان سمعا وطاعة . - (الطيالسي) أبو داود (عن أبي ذر) رمز لصحته وهو بمعناه في الصحيحين ولفظهما المكثرون هم الأخسرون قال أبو ذر : من هم يا رسول الله ؟ فقال : هم الأكثرون أمولا إلا من قال هكذا وهكذا . 9232 - (المكر والخديعة في النار) يعني صاحب المكر والخداع لا يكون تقيا ولا خائفا لله لأنه إذا مكر غدر وإذا غدر خدع وذا لا يكون في تقى وكل خلة جانبت التقى فهي في النار (هب) من حديث أبي رافع (عن قيس بن سعد) بن عبادة قال أبو رافع : قال قيس لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول المكر إلخ لكنت أمكر هذه الأمة [ ص 276 ] قال في الميزان : في سنده لين وذلك لأن فيه أحمد بن عبيد قال ابن معين : صدوق له مناكير والجراح بن مليح قال الدارقطني : ليس بشئ ووثقه غيره وخالف الذهبي فقال في الكبائر : سنده قوي ورواه البزار والديلمي عن أبي هريرة والقضاعي عن ابن مسعود . 9233 - (المكر والخديعة والخيانة في النار) أي تدخل أصحابها في النار قال الراغب : والمكر والخديعة متقاربان وهما اسمان لكل فعل يقصد فاعله في باطنه خلاف ما يقتضيه ظاهره وذلك ضربان : أحدهما مذموم وهو الأشهر عند الناس والأكثر وذلك أن يقصد فاعله إنزال مكروه بالمخدوع وإياه قصد المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث ومعناه يؤديان بقاصدهما إلى النار والثاني بعكسه وهو أن يقصد فاعلهما إلى استجرار المخدوع والممكور به إلى مصلحة بهما كما يفعل بالصبي إذا امتنع من فعل خير ،
[ 359 ]
وقال الحكماء : المكر والخديعة يحتاج إليهما في هذا العالم لأن السفيه يميل إلى الباطل ولا يقبل الحق لمنافاته لطبعه فيحتاج أن يخدع عن باطله بزخارف مموهة كخديعة الصبي عن الثدي عند الفطام ، ولهذا قيل مخرق فإن الدنيا مخاريق وسفسط فإن الدنيا سفسطة وليس ذا حثا على تعاطي الخبث بل على جذب الناس إلى الخير بالاحتيال ولكون المكر والخديعة ضربان سيئا وحسنا قال تعالى * (والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور) * ، * (ولا يحيق المكر السئ إلا بأهله) * ووصف نفسه بالمكر الحسن فقال * (والله خير الماكرين) * [ آل عمران : 54 ، الأنفال : 30 ] (د في مراسيله عن الحسن مرسلا) وهو البصري . 9234 - (الملحمة الكبرى) أي الحرب الكثير (وفتح القسطنطينية وخروج الدجال) يكون ذلك كله (في سبعة أشهر) وفي خبر أحمد وأبي داود وابن ماجه بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين قال ابن كثير : مشكل إلا أن يكون من أول الملحمة وآخرها ست سنين ويكون بين آخرها وفتح المدينة وهي القسطنطينية مدة قريبة بحيث يكون ذلك مع خروج الدجال في سبعة أشهر (حم د) في الملاحم (ت ه) في الفتن (ك عن معاذ) بن جبل واستغربه الترمذي قال المناوي : وفيه أبو بكر ابن أبي مريم الغساني الشامي قال الذهبي : ضعفوه . 9235 - (الملك في قريش) القبيلة المشهورة (والقضاء في الأنصار) خصهم به لأنهم أكثر فقها ، فمنهم معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم (والأذان في الحبشة) الذين منهم بلال زاد أحمد في روايته هنا والشرعة في اليمن هكذا هو ثابت في جميع الأصول (والأمانة في الأزد) بسكون الزاي قال النووي في التهذيب : يعني اليمن هكذا جزم به الزين العراقي في القرب ، ويقال الأسد أيضا بسكون السين يجتمع نسبهم مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في عامر بن شالخ وروى الترمذي وحسنه عن أنس مرفوعا : ألا إن الأزد أسد الله في الأرض ، يريد الناس أن يضعوهم ويأبى الله إلا أن يرفعهم ، وليأتين على الناس زمان يقول الرجل يا ليت أبي كان أزديا ويا ليت أمي كانت أزدية (حم ت) في فضل اليمن (عن أبي هريرة) مرفوعا وموقوفا قال الترمذي : ووقفه أصح قال الهيثمي : ورجال أحمد ثقات . 9236 - (المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ قل يا أيها الكافرون) أي سورتها أي علامته أنه لا يفعلهما فإذا وجد من هو [ ص 277 ] متماد على تركهما أشعر بنفاق في قلبه ، ولعل هذا خرج مخرج الزجر والتهويل عن تركهما والحث على فعلهما فلا يحكم في ظاهر الشرع على تاركهما بأحكام المنافقين الذين
[ 360 ]
هم في الدرك الأسفل ، نعم إن أهملهما استخفافا بأمر الشارع فهو منافق حقيقة قال الزمخشري : والمنافقون أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى (فر عن عبد الله بن جراد) وفيه يعلى بن الأشدق قال الذهبي : قال البخاري : لا يكتب حديثه . 9237 - (المنافق) يملك عينيه أي دمعهما (يبكي كما يشاء) لأنه أبدا ذو لونين باطن وظاهر ويقين وشك ودهاء ومكر وزهادة ورغبة وبذل وحرص وإخلاص ورياء وصدق وكذب وصبر وجزع وجود وبخل وسعة وضيق وذا لا يكون إلا في قلب للنفس عليه شعبة من الشيطان وإنما سمي نفاقا لأنه دخل عليه الأمر من بابين من باب الله ومن باب النفس والشيطان فيخلط عليه الحال ويساعده الشيطان بإرسال الدمع متى شاء كما قال مالك بن دينار : قرأت في التوراة إذا استكمل العبد النفاق ملك عينيه ، ومن ثم قيل دمع الفاجر حاضر ، قال الصلاح الصفدي : رأيت من يبكي إحدى عينيه ثم يقول لها قفي فتقف دمعه ويقول للأخرى ابكي أنت فيجري دمعها (فر) من حديث إسحاق بن محمد الفروي عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن علي أمير المؤمنين عن أبيه (عن) جده (علي) أمير المؤمنين وإسحاق هذا من رجال البخاري وفي الضعفاء للذهبي عن أبي داود أنه واه وعيسى قال الذهبي : متروك ومن ثم قال السخاوي : حديث ضعيف وقال ابن عدي : ضعيف جدا . 9238 - (المنتعل راكب) أي الذي في رجليه نعل في حكم الراكب وإن كان ماشيا (ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) ابن مالك ورواه عنه الديلمي أيضا ولعل المصنف لم يستحضره وكذا أبو الشيخ [ ابن حبان ] باللفظ المزبور . 9239 - (المنتعل بمنزلة الراكب) في رفع الأذى عن الرجل سمويه عن جابر) بن عبد الله . 9240 - (المنحة مردودة) سبق أنها ناقة أو شاة يعطيها الرجل لصاحبه يشرب لبنها (والناس على شروطهم ما وافق الحق) (البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني وهو ضعيف جدا فرمز المؤلف لحسنه إما ذهول وإما لاعتضاده . 9241 - (المهدي من عترتي من ولد فاطمة) لا يعارضه ما يجئ عقبه أنه من ولد العباس لحمله على أنه شعبة منه . (تنبيه) قال العارف البسطامي في الجفر : هذه الدرة اليتيمة والحكمة القديمة ستدخل في باب السبب إلى مكتب الأدب ليقرأ لوح الوجود ثم يخرج منه ويدخل إلى مكتب التسليم ليطالع لوح
[ 361 ]
الشهود وقيل يولد في فارس وهو خماسي القد عقيقي الخد وقد آتاه الله في حال الطفولية الحكمة وفصل الخطاب وأما أمه فاسمها نرجس من أولاد الحواريين وقيل يولد بجزيرة العرب وقيل يخرج من المغرب فأول من يشم رائحته طائفة من أرباب القلوب المطلعين على أسرار الغيوب وأول من يبايعه أبدال الشام عند قبة الإسلام وأهل مكة بين الركن والمقام ثم عصائب العراق ولا يخرج حتى تخرب خوز وكرمان وروم ويونان ولا يظهر الهوارج والأشرار والخوارج ومن أمارات خروجه يكون المطر قيظا والولد غيظا ومن أكبر أمارات خروجه انتشار علم الحرف وقيل علم التصوف وقيل اختلاف الأقوال وقيل [ ص 278 ] علم النحو وقيل كثرة الفتاوى وقيل كثرة المساجد وقيل ركوب الفروج على السروج وقيل كثرة السراري وقيل ارتفاع البنيان وقيل ولاية الصبيان قال : وإذا خرج هذا الإمام المهدي فليس له عدو مبين إلا الفقهاء خاصة وهو والسيف أخوان ولو السيف بيده لأفتى الفقهاء بقتله لكن الله يظهره بالسيف والكرم فيطيعونه ويخافونه ويقبلون حكمه من غير إيمان بل يضمرون خلافه ، إلى هنا كلامه بنصه وحروفه (د ه ك) في الفتن (عن أم سلمة) وفيه علي بن نفيل قال في الميزان : عن العقيلي لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به وقال أبو حاتم : لا بأس به . 9242 - (المهدي من ولد العباس عمي) حاول بعضهم التوفيق بينه وبين ما قبله وبعده بأنه من ولد فاطمة لكنه يدلى إلى بعض بطون بني العباس (غريبة) قال البسطامي في الجفر : قال علي كرم الله وجهه إذا نفد عدد حروف * (بسم الله الرحمن الرحيم) * يكون أوان ولادة المهدي ، قال : إذا نفد الزمان على حروف * ببسم الله فالمهدي قاما ودوران الخروج عقيب صوم * ألا بلغه من عندي سلاما - (قط في الأفراد) والديلمي في مسنده (عن عثمان) بن عفان قال ابن الجوزي : فيه محمد بن الوليد المقري قال ابن عدي : يضع الحديث ويصله ويسرق ويقلب الأسانيد والمتون وقال ابن أبي معشر هو كذاب وقال السمهودي : ما بعده وما قبله أصح منه وأما هذا ففيه محمد بن الوليد وضاع مع أنه لو صح حمل على المهدي ثالث العباسيين وعليه يحمل أيضا خبر الرافعي ألا أبشرك يا عم أن من ذريتك الأصفياء ومن عترتك الخلفاء ومنك المهدي إلى آخر الزمان ، به ينشر الهدى وبه يطفأ نيران الضلال إن الله فتح بنا هذا الأمر وبذريتك يختم . 9243 - (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) وقيل إنه يصير منصرفا في عالم الكون والفساد بأسرار الحروف قال البسطامي : ومن فهم سر العين اطلع على سر أسرار العلوم الحرفية والمعارف الإلهية ولهذا كان جد المهدي علي كرم الله وجهه من أعلم الصحابة بدقائق العلوم ولطائف الحكم وكان من أجل علومه علم أسرار الحروف ألا ترى أن العين قد وقعت في مفتاح اسمه (حم ه عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه وفيه ياسين العجلي قال في الميزان : عن البخاري : فيه نظر ثم ساق له هذا الخبر .
[ 362 ]
9244 - (المهدي مني أجلى الجبهة) بالجيم أي منحسر الشعر من مقدم رأسه (أقنى الأنف) أي طويله (يملأ الأرض قسطا وعدلا) القسط بكسر القاف والجور والعدل وليس المراد هنا إلا العدل فالجمع للإطناب والعطف تفسيري (كما ملئت جورا وظلما) فسروا الجور بأنه الظلم والظلم وضع الشئ في غير موضعه فهو من عطف الرديف كما بينه ما قبله (يملك سبع سنين) زاد في رواية أو ثمان أو تسع وفي رواية أخرى يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه من خالفه وأدبارهم يبعثه ما بين الثلاثين إلى الأربعين قال البسطامي : ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون وما أقل مدته وأحقرها بين الستين يتممها تميم الذي هو من البؤس سليم عزيز على القلوب مليح الشروق والغروب شيخ فإن يعرفه أهل العرفان ظهر الحق خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وثمانية أيام فالإمام المهدي أبو الحق والدجال أبو الباطل والمهدي أبو الأخيار والدجال أبو الأشرار والمهدي سيف إدريس والدجال سيف إبليس والمهدي حبيب العشاق والدجال حبيب الفساق [ ص 279 ] والمهدي سيف الكتاب والدجال سيف الخراب والمهدي لباسه أخضر والدجال لباسه أصفر والدجال قد حال عند أرباب الحال والمسيح قد شاخ عند أرباب القال والمهدي قد سل السيف فافهم بالوصف وحسن الصف (د ك) في الفتن (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن فيه عمران القطان ضعيف ولم يخرج له مسلم . 9245 - (المهدي رجل من ولدي وجهه كالكوكب الدري) قال في المطامح : حكى أنه يكون في هذه الأمة خليفة لا يفضل عليه أبو بكر اه‍ . وأخبار المهدي كثيرة شهيرة أفردها غير واحد في التأليف قال السمهودي : ويتحصل مما ثبت في الأخبار عنه أنه من ولد فاطمة وفي أبي داود أنه من ولد الحسن والسر فيه ترك الحسن الخلافة لله شفقة على الأمة فجعل القائم بالخلافة بالحق عند شدة الحاجة وامتلاء الأرض ظلما من ولده وهذه سنة الله في عباده إنه يعطى لمن ترك شيئا من أجله أفضل مما ترك أو ذريته ، وقد بالغ الحسن في ترك الخلافة ونهى أخاه عنها وتذكر ذلك ليلة مقتله فترحم على أخيه ، وما روى من كونه من ولد الحسين فواه جدا اه‍ . (تنبيه) أخبار المهدي لا يعارضها خير لا مهدي إلا عيسى بن مريم لأن المراد به كما قال القرطبي : لا مهدي كاملا معصوما إلا عيسى (الروياتي) في مسنده (عن حذيفة) قال ابن الجوزي : قال ابن حمدان الرازي : حديث باطل اه‍ ، وفيه محمد بن إبراهيم الصوري قال في الميزان عن ابن الجلاب : روى عن رواد خبرا باطلا أو منكرا في ذكر المهدي ثم ساق هذا الخبر ، وقال : هذا باطل . 9246 - (الموت كفارة لكل مسلم) لما يلقاه من الآلام والأوجاع وفي رواية لكل ذنب قال ابن الجوزي : وفي بعض طرق الحديث ما يفهم أن المراد بالموت الطاعون فإنهم كانوا في الصدر الأول
[ 363 ]
يطلقون الموت ويريدونه به اه‍ . وقال الغزالي : أراد المسلم حقا المؤمن صدقا الذي سلم المسلمون من لسانه ويده ويتحقق فيه أخلاق المؤمنين ولم يدنس من المعاصي إلا باللمم والصغائر فالموت يطهره منها ويكفرها بعد اجتنابه الكبائر وإقامته الفرائض (حب هب) وكذا الخطيب في تاريخه كلهم (عن أنس) بن مالك ، قال ابن العربي : حديث صحيح ، وقال الحافظ العراقي في أماليه : ورد من طرق يبلغ بها درجة الحسن وزعم الصغاني كابن الجوزي وابن طاهر وغيرهم وضعه قال ابن حجر : ممنوع مع وجود هذه الطرق وقد جمع شيخنا العراقي طرقه في جزء والذي يصح في ذلك خبر البخاري الطاعون كفارة لكل مسلم . 9247 - (الملائكة شهداء الله في السماء وأنتم) أيها الأمة (شهداء الله في الأرض) قاله لما مر بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال : وجبت ثم ذكره وقد مر غير مرة (ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته . 9248 - (الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) قال ابن حبان : أراد بثيابه أعماله من خير وشر من قبيل * (وثيابك فطهر) * لتصريح الأخبار ببعث الناس عراة اه‍ وأخذ بظاهره الخطابي وقال : لا يعارضه بعث الناس عراة لأن البعض يحشر عاريا والبعض كاسيا أو يخرجون من قبورهم بثيابهم ثم تتناثر عنهم قال التوربشتي : وقد كان في الصحابة رضوان الله عليهم من يقصر فهمه في بعض الأحاديث عن المعنى المراد والناس متفاوتون في ذلك فلا يعد أمثال ذلك عليهم وقد سمع عدي بن حاتم * (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) * فعمد إلى عقالين أسود وأبيض فوضعهما تحت وسادته - الحديث - وقد رأى بعضهم الجمع بين الحديثين فقال : البعث غير الحشر فالبعث بثياب والحشر بدونها قال : ولم ينصع هذا القائل شيئا فإنه ظن أنه نصر السنة وقد ضيع أكثر مما حففإنه سعى في تحريف سنن كثيرة ليسوي كلام أبي سعيد وقد روينا عن أفضل الصحب أنه أوصى أن يكفن في ثوبيه وقال : إنما هما للمهل والتراب ثم إنهم ليس لهم [ ص 280 ] أن يحملوا قول المصطفى صلى الله عليه وسلم يبعث في ثيابه على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى اه‍ . وتعقبه القاضي فقال : العقل لا يأبى حمله على ظاهره حسبما فهم منه الرازي إذ لا يبعد إعادة ثيابه البالية كما لا يبعد إعادة عظامه النخرة فإن الدليل الدال على جواز إعادة المعدوم لا تخصيص له بشئ دون شئ غير أن عموم قوله عليه الصلاة والسلام يحشر الناس حفاة عراة حمله جمهور أهل المعاني وبعثهم على أنهم أولوا الثياب بالأعمال التي يموت عليها من الصالحات والسيئات والعرب تطلق الثياب وتستعير بها للأعمال فإن الرجل يلابسها ويخالطها كما يلابس الملابس ، قال الراجز : لكل دهر قد لبست أثوبا * حتى اكتسى الرأس قناعا أشيبا اه‍ .
[ 364 ]
قال الطيبي : وجواب القاضي عن قول التوربشتي صحيح لكن قوله كالهروي : ليس لهم حملها على الأكفان لأنها بعد الموت تبلى : قوي متين ويعضده إخراج بموت على المضارع الدال على الاستمرار وأن فعل الطاعات والحسنات دأبه وعادته ، وأما العذر عن الصحابي فيقال إنه عرف مغزى الكلام لكنه سلك سبيل الإبهام وحمل الكلام على غير ما يترقب (د حب ك) من حديث أبي سلمة (عن أبي سعيد) الخدري قال أبو سلمة : لما احتضر أبو سعيد دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال المنذري : فيه يحيى بن أيوب الغافقي المصري احتج به الشيخان وله مناكير . 9249 - (الميت من ذات الجنب شهيد) أي من شهداء الآخرة وهم كثيرون . قال في الفردوس : ذات الجنب الدبيلة وهي قرحة قبيحة تثقب البطن (حم طب عن عقبة) بن عامر رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد أعله الحافظ الهيثمي بأن فيه عندهما معا ابن لهيعة . 9250 - (الميت يعذب في قبره بما نيح عليه) روي بإثبات الباء الجارة وحذفها وذا إذا أوصاهم بفعله كما مر ، فلا ندافع بينه وبين آية * (ولا تزر وازرة وزر أخرى) * . [ الأنعام : 164 ، الإساء : 15 ، الزمر : 7 ] (فائدة) قال الحسن البصري : شر الناس للميت أهله ، يبالغون في البكاء عليه والإحداد مع كونه يضره ولا يهون عليهم قضاء دينه ليبردوا مضجعه ويخلصوه من الحبس فاعتقال اللسان بين عسكر الموتى (حم ق ن ه عن عمر) بن الخطاب . 9251 - (الميزان) وفي رواية الموازين (بيد الرحمن) وفي رواية بيد الحق (يرفع أقواما ويضع آخرين) يعني أن جميع ما كان وما يكون بتقدير خبير بصير يعرف ما يؤول إليه أحوال عبادة فيقدر ما هو أصلح لهم وأقرب إلى جمع شملهم فيفقر ويغنى ويمنع ويعطي ويقبض ويبسط كما توحيه الحكمة الربانية ولو أغناهم جميعا لبغوا ولو أفقرهم جميعا لهلكوا (البزار) في مسنده (عن نعيم بن همار) وفي نسخ حمار . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح اه‍ . ورواه الحاكم عن النواس مرفوعا وزاد في آخره إلى يوم القيامة وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه أبو نعيم عن سبرة بن مالك .
[ 365 ]
حرف النون 9252 - (ناركم هذه) أي التي توقدونها في جميع الدنيا وتنتفعون بها فيها (جزء) واحد (من سبعين جزءا) وفي رواية لأحمد من مائة جزء وجمع بأن المراد المبالغة في الكثرة لا العدد الخاص أو الحكم للزائد (من نار جهنم ، لكل جزء منها [ ص 281 ] حرها) أي حرارة كل جزء من السبعين جزءا من نار جهنم مثل حرارة ناركم . قال القاضي : معناه أن النار التي نجدها في الدنيا بالنسبة إلى نار جهنم في حرها ونكايتها وسرعة اشتعالها واحد في سبعين وكأنها فضلت على ما عندها بتسعة وستين جزءا من الشدة والحرارة ، ولذلك تتقد فيها نيران الدنيا كالناس والحجارة ، وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرجه أحد الشيخين والأمر بخلافه بل خرجه البخاري في الصحيح ولفظه : ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم قيل : يا رسول الله إن كانت لكافية ؟ قال : فضلت عليهن بتسعة وتسعين جزءا كلهن مثل حرها انتهى بنصه . فأعاد عليه السلام حكاية تفضيل نار جهنم ليتميز عذاب الله عن عذاب الخلق ، وقال حجة الإسلام : نار الدنيا لا تناسب جهنم لكن لما كان أشد عذاب في الدنيا عذاب النار عرف عذاب جهنم بها وهيهات لو وجد أهل الجحيم مثل هذه النار لخاضوها هربا مما هم فيه ، وفي رواية لأحمد : جزء من مائة جزء والحكم للزائد (ت) في صفة جهنم (عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه ، وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان لتخريجه وهو عجب فقد خرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ : ناركم هذه التي يوقد ابن آدم جزء من سبعين جزءا من حر جهنم قالوا : والله إن كانت لكافية يا رسول الله ؟ قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلها مثل حرها اه‍ . 9253 - (ناموا فإذا انتبهتم فأحسنوا) يحتمل أن المراد به القيام إلى التهجد . (هب عن ابن مسعود) ورواه عنه البزار أيضا قال البيهقي : وفيه يحيى بن المنذر ضعفه الدارقطني وغيره . 9254 - (نبات الشعر في الأنف) وعدم نباته لفساد المنبت يؤذن باستعداد البدن لعروض الجذام . وهذا من دقائق الحكمة التي كان يعلمها المصطفى صلى الله عليه وسلم . قال الحرالي : كان يتكلم في علوم
[ 366 ]
الأولين بكلمات يعجز عنها إدراك الخلق ، لأن الخلق لا يستطيعون حصر المحسوسات ، غاية إدراكهم حصر كليات المعقولات ومن استجلى أحواله علم إطلاع حسه على إحاطة المحسوسات وأحكامها . قال ابن الكمال : وفيه دلالة على أن الأمر يكون من العلل أيضا ، فاندفع تمسك الشافعي ومالك بقوله تعالى : * (فإذا أمنتم) * الآية في الاحتجاج على أن الإحصار لا يكون إلا عن (1) والجذام معروف . قال الجوهري : الجذام كالصدام - بالكسر - وقال الأزهري : بالضم ، وفي مجمع الأمثال للميداني : هذا هو القياس ، لأن هذه الأدواء على هذه الصيغة وردت كالزكام والجذام والصداع (ع) عن شيبان عن فروخ عن أبي الربيع السمان ، واسمه أشعث بن سعيد عن هشام عن عروة عن عائشة (طس) عن أحمد الأبار عن عبيد بن محمد التيمي عن أبي الربيع (عن عائشة) قال ابن الجوزي : موضوع ، وأبو الربيع متروك . وسئل ابن معين عن هذا الحديث فقال : باطل ، وكذا قال البغوي ، وابن حبان . قال المؤلف : والأشبه أنه ضعيف لا موضوع وقال الهيثمي : رواه أبو يعلى والبزار والطبراني وفيه الربيع والسمان وهو ضعيف ، وفي الميزان : قال البغوي : هذا باطل . اه‍ . 9255 - (نبدأ بما بدأ الله به) فنبدأ بالصفا قبل المروة . وهذا وإن ورد على سبب ، لكن العبرة بعموم اللفظ ، فيقدم على مقدم كالوجه في الوضوء . - (حم 3) عن جابر بن عبد الله ، رمز لصحته . 9256 - (نجاء أول هذه الأمة) وهم الصحب والتابعون بإحسان (ومن داناهم) من السلف (باليقين والزهد) الذي هو من صفات [ ص 282 ] العلم القطعي الذي فوق المعرفة ، فعلى قدر قربهم من التقوى أدركوا من اليقين ، والمصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا المقام أرفع العالمين قدرا (ويهلك) أي يكاد يهلك (آخرها بالبخل والأمل) أي بالاسترسال فيهما . والمراد أن الصدر الأول قد تحلوا باليقين والزهد وتخلوا من البخل والأمل ، وذلك من أسباب النجاة من العقاب ، وفي آخر الزمان ينعكس الحال ، وذا من الأسباب المؤدية للهلاك ، ومع ذلك تكون طائفة مقامة على أمر الله ، ظاهرين على الحق إلى قرب قيام الساعة . فلا تعارض بين هذا الخبر وخبر : أمتي مثل المطر : لا يدرى أوله خير أم آخره ؟ لأن المراد بعض الأمة . وفيه ذم البخل والآمل ، لكن إنما يذم من الأمل : الاسترسال - كما تقرر - أما أصله فلا بد منه لقيام هذا العالم . قال الحسن : السهو والأمل نعمتان عظيمتان ، ولولاهما ما مشى الناس في الطريق . وقال الثوري : خلق الإنسان أحمق ، ولولا ذلك لما تهنأ بالعيش ، وإنما عمرت الدنيا بقلة عقول أهلها ومر عيسى بشيخ يثير الأرض بمسحاته ، فقال : اللهم انزع أمله ، فوضع مسحاته واضطجع ، فدعا عيسى برد أمله ، فعمل ، فسأله ، فقال : بينا أعمل قالت نفسي أنت شيخ كبير ، فإلى
[ 367 ]
متى تعمل ؟ فتركت ، ثم قالت لا بد من عيش ما بقيت ، فعملت (ابن أبي الدنيا) وكذا ابن لال (عن ابن عمرو) بن العاص قال العلائي : هو من حديث ابن لهيعة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وابن لهيعة لا يحتج به . 9257 - (نح الأذى) من نحو شوك وحجر (عن طريق المسلمين) فإنه لك صدقة ، والأمر للندب ويظهر أن المراد الطريق المسلوك ، لا المهجور (ع حب عن أبي برزة الأسلمي) . 9258 - (نزل الحجر الأسود من الجنة) زاد الآزرقي : مع آدم : أي حقيقة واتساعا : بمعنى أنه بما فيه من اليمن والبركة يشارك جواهر الجنة ، فكأنه نزل منها ، وذلك لأن الجنة وما فيها خلق غير قابل للزوال مباين لما خلق في دار الدنيا وقد كسر الحجر ، وذلك من أقوى أسباب الزوال فاضطر الحال إلى تأويله بأنه لما فيه من السر والكرامة يشارك جواهر دار البقاء (وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم) وإنما لم يبيضه توحيد أهل الإيمان لأنه طمس نوره لتستر زينته عن الظلمة ، فالسواد كالحجاب المانع من الرؤية ، أو لأن اسوداده للاعتبار ليعرف أن الخطايا إذا أثرت في الحجر ففي القلوب أولى وقال بعضهم : إنما سودته الخطايا دون غيره من أجزاء البيت لأنه ألقم ما كتب فيه من العهد يوم * (ألست بربكم) * وهو الفطرة التي فطر الناس عليها من توحيده ، فكل مولود يولد على الفطرة وقلبه أبيض بسبب ذلك العهد ، ثم يسود بالذنوب ، فكذا الحجر الذي ألقم فيه العهد ، وقال القاضي : لعل هذا الحديث جار مجرى التمثيل والمبالغة في تعظيم أمر الخطايا والذنوب والمعنى أن الحجر لما له من الشرف والكرامة ولما فيه من الأمن والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها وأن خطايا بني آدم تكاد تؤثر في الجماد فتجعل المبيض مسودا فكيف بقلوبهم ؟ لأنه من حيث إنه مكفر للخطايا محاء الذنوب كأنه من الجنة من كثرة تحمله أوزار بني آدم صار كأنه ذا بياض شديد فسودته خطاياهم ، هذا واحتمال إرادة الظاهر غير مدفوع عقلا وسمعا (ت) وكذا النسائي (في الحج ، عن ابن عباس) قال في الفتح : وفيه عطاء بن السائب وهو صدوق ، لكنه اختلط لكن له طريق آخر في صحيح ابن خزيمة فتقوى بها اه‍ . وقال في المنار : هو من رواية جرير عن عطاء ولا ينبغي أن يصحح ما يرويه عطاء . 9259 - (نصبر ولا نعاقب) قال ذلك يوم أحد لما مثل بحمزة فأنزل الله يوم الفتح * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * الآية (عم عن أبي) بن كعب .
[ 368 ]
9260 - (نصرت) يوم الأحزاب وكانوا اثني عشر ألفا حين حاصروا المدينة (بالصبا) بفتح الصاد مقصورا : الريح التي تجئ من ظهرك إذا استقبلت القبلة وتسمى القبول - بفتح القاف - لأنها تقابل باب الكعبة وفي التفسير : إنها التي حملت ريح يوسف إلى يعقوب قبل السير إليه فإليها يستريح كل محزون ، فأرسلت عليهم الصبا في ليلة شاتية فسفت التراب عليهم وأخمدت نارهم وقلعت خيامهم فانهزموا (وأهلكت) بضم الهمزة وكسر اللام (عاد) قوم هود (بالدبور) بفتح الدال تجئ من قبل الوجه إذا استقبلت القبلة فأتت تقلع الشجر وتهدم البيوت وترفع الظعينة بين السماء والأرض حتى ترى كأنها جرادة وترميهم بالحجارة فتدق أعناقهم . ومن لطيف المناسبة أن القبول نصرت أهل القبول ، والدبور أهلكت أهل الإدبار ، وفيه تفضيل بعض المخلوقات على بعض ، وإخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على جهة التحديث بالنعمة والشكر - لا الفخر - والإخبار عن الأمم الماضية وأهلها (حم ق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير . 9261 - (نصرت يوم الأحزاب بالصبا) في غزوة الخندق (وكانت عذابا على من كان قبلي) فقد هلك بها عاد وغيرهم . وهذه الريح قد سخرت لسليمان عليه السلام أيضا * (غدوها شهر ورواحها شهر) * ، لكن معجزة نبينا أظهر ، لأن تلك سخرت لذات مولانا سليمان عليه السلام ، وهذه سخرت لصفة من صفات سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم : هيئته ، فتلك إنما كانت تسير بأمر سليمان عليه السلام ، وهذه تسير من غير توسط أمر من نبينا عليه الصلاة والسلام ، فهو من تشبيه الأعلى بالعلي ، كما في : كما صليت على إبراهيم (الشافعي) في مسنده (عن محمد بن عمر) بن علي بن أبي طالب (مرسلا) هو في التابعين متعدد ، فكان ينبغي تمييزه . وأخرج الترمذي في العلل عن ابن عباس قال : أتت الصبا الشمال فقالت : مر بنا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ، فقالت الشمال : إن الحرة لا تسري بالليل ، فكانت الريح التي نصر بها الصبا . 9262 - (نصف ما يحفر لأمتي من القبور من العين) هذا بظاهره يناقض قوله في الخبر السابق ثلث منايا أمتي من العين ، وقد يجاب بأنه أراد بكل منهما التقريب لا التحديد ، والنصف يقرب من الثلث ، والمراد نحوهما وما بينهما ، أو أنه أطلق النصف والثلث غير مريد بهما حقيقتهما بل إعلاما بأن تأثير العائن في الناس بحيث يفضي إلى التلف بالكلية أمر كثير جدا أو أنه أعلم أولا بالقليل ، ثم أوحي إليه بالكثير (طب عن أسماء بنت عميس) قال الهيثمي : وفيه علي بن عروة الدمشقي وهو كذاب ، وقال الذهبي : قال ابن حبان : يضع الحديث .
[ 369 ]
9263 - (نضر الله) بضاد معجمة مشددة ، وتخفف ، قال في البحر : وهو أفصح ، وقال الصدر المناوي : أكثر الشيوخ يشددون ، وأكثر أهل الأدب يخففون ، من النضارة : الحسن والرونق (امرءا) أي رجلا ، ومؤنثه : امرأة ، وفيه لغات : مرءا : بفتح الميم وكسرها وضمها ، وامرءا : بزيادة همزة الوصل مع ضمها ومع فتحها ومع كسرها في سائر الأحوال ، ومع تغيره باعتبار إعرابها ، فتضم الراء مع الرفع ، وتفتح مع النصب ، وتكسر مع الجر والمعنى : خصه الله بالبهجة [ ص 284 ] والسرور ، أو حسن وجهه عند الناس وحاله بينهم وأصله : * (نضرة النعيم) * (سمع منا شيئا) من الأحاديث بما رزق من العلم والمعرفة ، والمراد بقوله شيئا : عموم الأقوال والأفعال الصادرة من المصطفى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين ، بدليل صيغة منا - بلفظ الجمع - ولهذا أوقع امرءا موقع عبدا ، وهو أعم من العبد ، لما في العبد من معنى الإستكانة والمضي لأمر الله ورسوله بلا امتناع وعدم الإستنكاف مع أداء ما سمع إلى من هو أعلم منه ، فإن حقيقة العبودية مشعرة بذلك (فبلغه) أي أداه إلى من يبلغه (كما سمعه) أي من غير زيادة ولا نقص ، فمن زاد أو نقص فهو مغير ، لا مبلغ ، فيكون الدعاء مصروفا عنه ، قال الطيبي : كما سمعه : إما حال من فاعل بلغه ، وإما مفعول مطلق ، وإما موصولة ، أو مصدرية ، قال التوربشتي : ورب : موضوعة للتقليل ، فاستعيرت في الحديث للتكثير (فرب مبلغ) بفتح اللام (أوعى) أي أعظم تذكرا . قال المظهر : وعى يعي وعيا : إذا حفظ كلاما بقلبه ودام على حفظه ولم ينسه . وقال الطيبي : الوعي : إدامة الحفظ وعدم النسيان (من سامع) لما رزق من جودة الفهم وكمال العلم والمعرفة . وخص مبلغ سنته بالدعاء لكونه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة فجوزي بما يليق بحاله ، وقد رأى بعض العلماء المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم في النوم ، فقال له : أنت قلت نضر الله امرءا - إلخ - ؟ قال : نعم - ووجهه يتهلل - أنا قلته ، وكرره ثلاثا ، قالوا : ولذلك لا يزال في وجوه المحدثين نضارة ببركة دعائه ، وفيه وجوب تبليغ العلم ، وهو الميثاق المأخوذ على العلماء ، وأنه يكون في آخر الزمان من له الفهم والعلم ما ليس لمن تقدمه ، لكنه قليل ، بدلالة رب ، ذكره بعضهم ، ومنعه ابن جماعة بمنع دلالته على المدعي ، فإن حامل السنة يجوز أن يؤخذ عنه وإن كان جاهلا بمعناها ، فهو مأجور على نقلها وإن لم يفهمها ، وأن اختصار الحديث لغير المبحر ممنوع ، وأن النقل بالمعنى مدفوع إلا على المتأهل ففيه خلف وجه المنع أنه سد لطريق الاستنباط على من بعده (حم ت عن ابن مسعود) قال الترمذي : صحيح ، قال ابن القطان : فيه سماك بن حرب يقبل التلقين ، وقال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث مشهور ، خرج في السنن أو بعضها من حديث ابن مسعود وزيد بن ثابت وجبير بن مطعم ، وصححه ابن حبان والحاكم ، وذكر أبو القاسم بن منده في تذكرته أنه رواه عن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أربعة وعشرون صحابيا ، ثم سود أسماءهم ، وقال عبد الغني في الأدب : تذاكرت أنا والدارقطني طرق هذا الحديث فقال : هذا أصح شئ روي فيه .
[ 370 ]
9264 - (نضر الله امرأ) بفتح النون وضاد معجمة ، قال التوربشتي : الحسن والرونق يتعدى ولا يتعدى ، قال الحافظ العراقي : روي مشددا ومخففا ، ومعناه ألبسه النضرة وخلوص اللون : يعني جمله الله وزينه ، أو معناه : أوصله الله إلى نضرة الجنة وهي نعيمها ، قال تعالى * (تعرف في وجوههم نضرة النعيم) * ، * (وجوه يومئذ ناضرة) * ، * (ولقاهم نضرة وسرورا) * [ القيامة : 23 ] وقال جرير : طرب الحمام بذكركن فشاقني * لا زلت في فنن الرياض الناضر " أي مورف غض " وقيل : معناه حسن الله وجهه في الناس أي جاهه وقدره ، ثم إن قوله نضر يحتمل الخبر والدعاء ، وعلى كل فيحتمل كونه في الدنيا ، وكونه في الآخرة ، وكونه فيهما (سمع منا حديثا فحفظه حتى يبلغه غيره ، فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه) قال الخطابي : فيه دلالة على كراهة اختصار الحديث لمن ليس بمتناه في الفقه ، لأن فعله يقطع طريق الاستنباط على من بعده ممن هو أفقه منه (ورب حامل فقه ليس بفقيه) بين به أن راوي الحديث ليس الفقه [ ص 285 ] من شرطه ، إنما شرطه الحفظ ، أما الفهم والتدبر فعلى الفقيه ، وهذا أقوى دليل على رد قبول من شرط لقبول الرواية كون الراوي فقيها عالما ، وقسم التحمل إلى شيئين : لأن حامل الحديث لا يخلو إما أن يكون فقيها ، أو غير فقيه ، والفقيه إما أن يكون غيره أفقه أو لا ، فانقسم بذلك إليهما . وفيه كالذي قبله ، على أن أساس كل خير حسن الاستماع * (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم) * وقد حقق العارفون أن كلام الله رسالة من الله لعبيده ومخاطبة لهم ، وهو البحر المشتمل على جواهر العلم المتضمن لظاهره وباطنه . ولهذا قاموا بأدب سماعه ورعوه حق رعايته ، وقد تجلى لخلقه في كلامه * (لو كانوا يعقلون) * وكذا كلام رسوله مما يتعين حسن الاستماع لأنه لا ينطق عن الهوى (ت) في العلم (والضياء) في المختارة (عن زيد بن ثابت) قال الترمذي : صحيح . وقال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث زيد بن ثابت هذا صحيح خرجه أحمد وأبو داود وابن حبان وابن أبي حاتم والخطيب وأبو نعيم والطيالسي والترمذي وفي الباب عن معاذ بن جبل وأبي الدرداء وأنس وغيرهم . وقال في موضع آخر : الحديث صحيح المتن وإن كان بعض أسانيده معلول . 9265 - (نطفة الرجل بيضاء غليظة ، ونطفة المرأة صفراء رقيقة ، فأيهما غلبت صاحبتها فالشبه له) أي إن غلبت نطفة الرجل نطفة المرأة جاء الولد يشبهه ، وعكسه جاء الولد يشبه المرأة (وإن اجتمعا
[ 371 ]
جميعا كان الولد منها ومنه) أي بين الشبهين . والنطفة : القليل من الماء ، سمى به ماء الآدمي لقلته (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن ابن عباس) . 9266 - (نظر الرجل) يعني الإنسان ، ولو أنثى : وخص الرجل لكون الخطاب مع الرجل غالبا (إلى أخيه) أي في الدين (على شوق) منه إليه (خير) أي أكثر أجرا (من اعتكاف سنة في مسجدي هذا) يعني مسجد المدينة . قال الحكيم : فالاعتكاف في مسجده صلى الله عليه وسلم مضاعف ، لتضعيف الصلاة ، وكما أن الصلاة بمسجده تعدل ألفا : فكذا اعتكاف يوم فيه بألف في غيره ، فجعل هذا النظر على شوق منه خير من الاعتكاف ثم ، وذلك لأن المعتكف غايته أنه حبس نفسه على الانبساط مقبلا على ربه في مسجد نبيه عليه الصلاة والسلام مهبط الوحي ، والنظر على شوق أكثر من هذا ، فإنه لما انتبه بقلبه واشتعل نور اليقين فيه عرف ربه وانكشف له الغطاء عن جلاله وجماله واشتاق إليه ، فلم يزل يدوم له الشوق حتى قلق بالحياة وضاق بها ذرعا ، فإذا نظر إلى الكعبة استروح إليها لكونها بنيته وإلى القرآن استراح إليه لكونه كلامه ، وإلى أخيه استراح المشاهدة نور الجلال والجمال الذي أشرق في صدره (الحكيم) الترمذي (عن ابن عمرو) بن العاص ، وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، ورواه ابن لال والديلمي باللفظ المزبور عن ابن عمر . 9267 - (نعم) كلمة مدح (الإدام) بكسر الهمزة ما يؤتدم به (الخل) لأنه سهل الحصول ، قامع للصفراء ، نافع لأكثر الأبدان . واللام فيه للجنس ، فالخبر حجة في أن ما خلل من الخمر حلال طاهر : أي بشرطه المعروف في الفروع ، وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يحبه ويشربه ممزوجا بالعسل ، وذلك من أنفع المطعومات . قال ابن العربي : ولذلك جمعهما الأطباء وجعلوهما أصل المشروبات ، ولم يكن في صناعة الطب شراب سواه ، ثم حدث عند المتأخرين تركيب آخر ولم يكن عند من تقدم ، قال : ولم يكن عند الأطباء إلا السكنجبين ، فلما كان زمان الخلفاء دبروا الأشربة وحركوها عنه ، والأول [ ص 286 ] أقوى ، وأخرج الحكيم أن عامة أدم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعده كان الخل ، ليقطع شهوة الرجال . وأخرج ابن عساكر عن أنس مرفوعا : من تأدم بالخل وكل الله له ملكين يستغفران الله له إلى أن يفرغ ، قال في اللسان : ورواته ثقات غير الحسن بن علي الدمشقي ، واستفيد من الاقتصار عليه في الأدم : مدح الاقتصاد ومنع الاسترسال مع النفس في حلاوة الأطعمة . قال ابن القيم : هذا ثناء عليه بحسب الوقت ، لا لتفضيله على غيره ، لأن سببه أن أهله قدموا له خبزا ، فقال : ما من أدم ؟ قالوا : ما عندنا إلا خلا ، فقال ذلك جبرا لقلب من قدمه وتطييبا لنفسه ، لا تفضيلا له على غيره ، إذ لو حصل نحو لحم أو عسل أو لبن كان أحق بالمدح (حم م 4) في الطعام (عن جابر) بن عبد الله . وسببه أن جابر دخل عليه نفر من الصحابة فقدم إليهم خبزا وخلا ، فقال : كلوا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يقول : فذكره (م ن عن عائشة) وفي رواية أحمد عن جابر
[ 372 ]
زيادة وسياقها نعم الإدام الخل : إنه هلاك بالرجل أن يدخل إليه النفر من إخوانه فيحتقر ما في بيته أن يقدمه إليهم وهلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم إليهم اه‍ . 9268 - (نعم البئر بئر غرس) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء وسين مهملة ، وقيل هي بضم الغين . بئر بينها وبين مسجد قباء نحو نصف ميل شرقي المسجد إلى جهة الشمال بين النخيل ، وتعرف ناحيتها بها وكانت خربت فجددت بعد السبعمائة وماؤها غزير (هي من عيون الجنة ، وماؤها أطيب المياه) وذرعها - فيما ذكره ابن النجار في تاريخ المدينة - طولا : سبعة أذرع ، منها ذراعان ماؤها ، وعرضها عشرة أذرع ، ولو لم يكن من فضلها إلا أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم غسل منها بوصية منه لكفى . قال الحافظ العراقي : والآبار التي كان يتطهر منها سبعة : بئر أريس ، وبئر حاء ، وبئر رومة ، وبئر غرس ، وبئر بضاعة ، وبئر البصة ، وبئر السقيا أو العهن ، وبئر جمل (ابن سعد) في طبقاته (عن عمر بن الحكم مرسلا) . 9269 - (نعم) بكسر النون وسكون العين المهملة (الجهاد : الحج) قاله حين سأله نساؤه عن الجهاد ، وقال ابن بطال : وفيه أن النساء لا يلزمهن الجهاد ، لأنهن لسن من أهل القتال للعدو ، والمطلوب الستر ومجانبة الرجال ، فلهذا كان الحج أفضل لهن . نعم لهن التطوع بالجهاد ، وللإمام الاستعانة بالأنثى لنحو سقي الماء ومداواة الجرحى (خ عن عائشة) قالت : سألت النبي صلى الله عليه وسلم نساؤه عن الجهاد في سبيل الله : أي هل يفعلنه ؟ فذكره . 9270 - (نعم السحور : التمر) أي فإن في التسحر به ثوابا كبيرا قال الطيبي : إنما مدحه في هذا الوقت لأن في نفس السحور بركة ، فيكون المبدوء به والمنتهى إليه بركة (حل عن جابر) بن عبد الله ، ثم قال : غريب من حديث عمرو بن دينار ، تفرد به زمعة بن صالح اه‍ ، ورواه عنه أيضا الخطيب في تاريخه ، وابن عدي في الكامل ، والطبراني باللفظ المزبور عن جابر ، قال الهيثمي : وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي ضعيف ، ورواه البزار باللفظ المزبور عن جابر قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9271 - (نعم الشئ الهدية أمام الحاجة) وفي رواية للحاكم والديلمي عن عائشة : نعم العون الهدية في طلب الحاجة ، وفي رواية للديلمي : نعم المفتاح الهدية أمام الحاجة . (تتمة) قال الخطيب : حضر إلى الدارقطني بعض الغرباء وسأله [ ص 287 ] القراءة ، فامتنع وتعلل ، فسأله أن يملي عليه أحاديث ، فأملى عليه من حفظه مجلسا تزيد أحاديثه على عشرة متون كلها نعم الشئ الهدية أمام الحاجة ، فانصرف ثم جاء وقد أهدى إليه شيئا فقربه وأملى عليه من حفظه بضعة عشر حديثا متون كلها : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ، قال ابن الجوزي : واعجبا من الدارقطني ، وكيف روى حديثين ليس فيهما ما يصح ولم
[ 373 ]
يبين ؟ ثم اندفع في توجيه بطلانهما ، فتعقبه المؤلف بقوله : واعجبا من ابن الجوزي كيف يحكم على رد الأحاديث الثابتة بلا تثبت ؟ فإن الحديث : إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه : ورد من رواية أكثر من عشرة من الصحابة ، فهو متواتر على رأي من يكتفي في التواتر بعشرة (طب عن الحسين) بن علي . قال الهيثمي : فيه هاشم بن سعد وثقه ابن حبان ، وضعفه جمع ، وحكم ابن الجوزي بوضعه ، وقد عرفت أن الحاكم رواه من حديث عائشة ، وسنده أجود من هذا ، فلو عزاه إليه كان أولى . 9272 - (نعم العبد الحجام) لفظ رواية الحاكم : نعم الدواء الحجامة (يذهب بالدم ، ويخف الصلب ، ويجلو عن البصر) القذى والرمص ونحو ذلك (ت ه ك) في الطب (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح ، قال الذهبي : قلت لا ، كذا في التلخيص ، ولم يبين لم ذلك ؟ وبينه في الميزان فأورده في ترجمة عباد بن منصور الساجي ، ونقل تضعيفه عن النسائي وغيره ، قال الساجي ضعيف مدلس ، روى مناكير اه‍ وكما أن عباد هذا في سند الحاكم هو في ابن ماجه . 9273 - (نعم العطية) أي خير عطية (كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمه إياها) لأن فيها صلاح الدارين وفيه حث على تعلم العلم والحكمة وبذلها لمن طلبها وعرضها على من لم يطلبها رجاء انتفاعه مع إخلاص النية شكرا لنعمتها لتكون نعمة ، وإلا انقلبت حجة ونقمة ، قال تعالى : * (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله) * (طب عن ابن عباس) وفيه عمرو بن الحصين العقيلي قال الذهبي في الضعفاء : تركوه . وقال الزين العراقي : سند الحديث ضعيف . 9274 - (نعم العون على الدين) بكسر الدال (قوت سنة) أي ادخار قوت سنة . وذلك لا ينافي الزهد لأن الساعي في طلب العلم والكمال وليس معه كفايته " كساع إلى الهيجا بغير سلاح * كباز يروم الصيد بلا جناح " ومن عدم المال صار مستغرق الأوقات في ضرورات المعيشة أما ما زاد على السنة فمذموم لأن من أمل بقاء أكثر منها فهو طويل الأمل جدا (فر عن معاوية بن حيدة) وفيه محمد بن داود بن دينار . قال الذهبي في الضعفاء : روى عنه ابن عدي وقال : كان يكذب وبهز بن حكيم وقد ضعفه . 9275 - (نعم الميتة) بكسر الميم (أن يموت الرجل دون حقه) فإنه يموت شهيدا لما مر (حم) من
[ 374 ]
حديث أبي بكر بن حفص (عن سعد) بن أبي وقاص ، وفيه قصة قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا بكر بن حفص لم يسمع من سعد . 9276 - (نعم تحفة المؤمن التمر) فإنه بركة كما في حديث آخر . فينبغي للمسافر إذا قدم أن يهدي منه لإخوانه وجيرانه وفي حديث : نعم سحور المؤمن من التمر (خط) من حديث محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان سبط الحسين (عن) أمه (فاطمة) بنت الحسن ، هكذا رواه الخطيب ، فما أوهمه إطلاق عزو المصنف لفاطمة أنها الكبرى بنت [ ص 288 ] المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم غير صواب ثم إن محمد هذا قد وثقه النسائي مرة ، ومرة قال : ليس بالقوي ، وكذا في الكاشف . 9277 - (نعم سلاح المؤمن : الصبر والدعاء) أي الطلب من الله تعالى ، والصبر : القوة على مقاومة الآلام والأهوال وغيرها ، فهو شامل للصبر على كل شدة ومصيبة ، فليتخذ عدة فهو من أشرف العدد ، وليقرع به باب المهمات فإنه مفتاح الفرج ، ومن لج ولج ، ومن جد وجد ، ولكل شئ جوهر ، وجوهر الإنسان العقل ، وجوهر العقل الصبر . قال بعضهم : وجميع المراتب العلية والمراقي السنية الدينية والدنيوية إنما تنال بالصبر (فر عن ابن عباس) وفيه من لم أعرفه . 9278 - (نعمت) وفي رواية : نعم (الأضحية : الجذع من الضأن) وهو ما أكمل سنة ودخل في الثانية ، فالأضحية به مجزئة محبوبة ، بخلاف الجذع من المعز فلا تجزئ التضحية به عند الأئمة الربعة . وحكى عياض الإجماع عليه ، وشذ ابن حزم (ت عن أبي هريرة) من حديث أبي كياش ، قال أبو كياش : جلبت غنما جذعانا إلى المدينة فكسدت علي ، فلقيت أبا هريرة فسألته : فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فذكره - فانتهبه الناس كذا رواه الترمذي ، ثم استغربه ونقل عن البخاري أن الراجح وقفه قال الحافظ العراقي : وحكى القرطبي عن الترمذي أنه حسن ، وليس كذلك قال ابن حجر في الفتح : وفي سنده ضعف وفي الباب جابر وعقبة وغيرهما . 9279 - (نعلان) ألبسهما و (أجاهد فيهما خير من أن أعتق ولد الزنا) أي العامل بعمل أبويه ، المصر على ذلك ، العاهر العاجز المتظاهر المتمرد على الله المبارز لمولاه أما غيره فحديث آخر (حم ه ك عن ميمونة بنت سعد) أو سعيد الصحابية وفيه زيد بن جبير قال الذهبي : أبو زيد الضبي عن ميمونة بنت سعد لا يعرف وخبره لا يصح .
[ 375 ]
9280 - (نعمتان) تثنية نعمة ، وهي الحالة الحسنة ، أو النفع المفعول على وجه الإحسان للغير . وزاد في رواية " من نعم الله " (مغبون فيهما) بالسكون والتحريك قال الجوهري : في البيع بالسكون وفي الراوي بالتحريك ، فيصح كل في الخبر . إذ من لا يستعملهما فيما ينبغي فقد غبن ولم يحمد رأيه (كثير من الناس : الصحة والفراغ) من الشواغل الدنيوية المانعة للعبد عن الاشتغال بالأمور الأخروية ، فلا ينافي الحديث المار : إن الله يحب العبد المحترف ، لأنه في حرفة لا تمنع القيام بالطاعات . شبه المكلف بالتاجر ، والصحة والفراغ برأس المال لكونهما من أسباب الأرباح ومقدمات النجاح فمن عامل الله بامتثال أوامره ربح ، ومن عامل الشيطان باتباعه ضيع رأس ماله . والفراغ نعمة غبن فيها كثير من الناس . ونبه بكثير على أن الموفق لذلك قليل . وقال حكيم : الدنيا بحذافيرها في الأمن والسلامة . وفي منشور الحكم : من الفراغ تكون الصبوة ، ومن أمضى يومه في حق قضاه ، أو فرض أداه ، أو مجد أثله ، أو حمد حصله ، أو خير أسسه ، أو علم اقتبسه فقد عتق يومه وظلم نفسه . قال : لقد هاج الفراغ عليك شغلا * وأسباب البلاء من الفراغ - (تخ) في الرقائق (ن ه) في الزهد (عن ابن عباس) ورواه عنه النسائي أيضا ، واستدركه الحاكم فوهم . 9281 - (نفس المؤمن) أي روحه (معلقة) بعد موته (بدينه) أي محبوسة عن مقامها الكريم الذي أعد لها ، أو عن [ ص 289 ] دخولها الجنة في زمرة الصالحين . وينصره ما في خبر آخر : تشكو إلى ربها الوحدة (حتى يقضى عنه) بالبناء للمفعول ، أو الفاعل ، وحينئذ فيحتمل أن يراد : يقضي المديون يوم الحساب دينه . ذكره الطيبي ، أو المراد أن سره معلق بدينه : أي مشغول لا يتفرغ بما أمر به حتى يقضيه ، أو المراد بالدين : دينا أدانه في فضول أو لمحرم ، وإنما يؤدي الله عمن ادان لجائز ونوى وفاءه . وفيه حث الإنسان على وفاء دينه قبل موته ليسلم من هذا الوعيد الشديد (حم ت) في الجنائز (ه) في الأحكا (ك) في البيع (عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن ، وقال الحاكم : صحيح وصححه ابن حبان أيضا ، ورواه عنه الشافعي وغيره . 9282 - (نفقة الرجل على أهله) من نحو زوجة وولد وخادم : يريد بها وجه الله (صدقة) في الثواب ، وفي رواية : نفقته على نفسه وأهله صدقة ، وذلك لأنه يكف به عن السؤال ويكف من ينفق عليه ، وهذا إن قصد الامتثال والقربة كما دل عليه قوله في رواية : وهو يحتسبها ، فدل على أن شرط الثواب : الاحتساب . وأخذ منه تقييد إطلاق الثواب في جماع الحليلة بما إذا قصد نحو ولد أو إعفاف
[ 376 ]
قال في الإتحاف : وأهله هنا : زوجته وخدمه ونحو ذلك ممن هو في مؤونته عادة أو شرعا (خ) في كتاب المغازي (ت عن ابن مسعود) عقبة بن عمرو البدري . وقضية كلام المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه مع أنه في الفردوس عزاه لهما جميعا باللفظ المزبور . 9283 - (نفي بعدهم ، ونستعين الله عليهم) قاله لحذيفة لما خرج هو وأبوه ليشهد بدرا ، فأخذهما كفار قريش فأخذوا منهما عهدا أن لا يقاتلا معه ، فأتياه ، فأخبراه ، فقال انصرفا - ثم ذكره - (م عن حذيفة) بن اليمان . 9284 - (نهران من الجنة : النيل والفرات) لا تعارض بينه وبين عدها أربعة في الحديث المار لاحتمال أنه أعلم أولا بالاثنين (الشيرازي عن أبي هريرة) رمز لحسنه . 9285 - (نهيتكم) آنفا (عن زيارة القبور) وأما الآن (فزوروها فإنها تذكركم الموت) فيه ندب زيارة القبور بعد نهيهم عنها . ففيه الجمع بين الناسخ والمنسوخ . والمخاطب به الرجال (ك عن أنس) . 9286 - (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن لكم فيها عبرة) الخطاب فيه - وفيما قبله - للرجال ، فيكره للنساء زيارتها ، وهي كراهة تحريم إن اشتملت زيارتهن على التعديد والبكاء والنوح على عادتهن . وإلا فكراهة تنزيه . ويستثنى قبور الأنبياء فيسن لهن زيارتها ، وألحق بهم الأولياء (طب عن أم سلمة) رمز لحسنه ، قال الهيثمي : فيه يحيى بن المتوكل وهو ضعيف ، ورواه أحمد بلفظ : نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة . قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح اه‍ . فلو عزاه المصنف له كان أولى . 9287 - (نهيت عن التعري) أي عن كشف العورة بلا حاجة . وفي معجم الطبراني عن ابن عباس بإسناد ضعيف أن ذلك أول ما أوحي إليه ، فما رؤيت عورته بعد اه‍ . (الطيالسي) أبو داود (عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وليس كما قال ، ففيه عمرو بن ثابت وهو ابن أبي المقدام أورده الذهبي في الضعفاء وقال : تركوه وقال أبو داود : رافضي وسلمان بن حرب وسيجئ ضعفه .
[ 377 ]
9288 - (نهيت أن أمشي عريانا) أي نهاني الله تعالى عن المشي حال كوني عريانا من لباس يواري عورتي ، وهذا قبل أن ينزل عليه الوحي ، كما يصرح به السبب الآتي وصرح به الديلمي عن ابن عباس ، فنهى قبل النبوة عن المشي عريانا ثم نهى بعدها عن التعري مطلقا . - (طب عن العباس) بن عبد المطلب قال : كنا ننقل الحجارة إلى البيت حين كانت قريش تبنيه ، فانفردت قريش رجلان رجلان ينقلان الحجارة ، فكنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم ننقل الحجارة على رقابنا وأزرنا تحت الحجارة ، فإذا غشينا الناس اتزرنا ، فبينما أنا أمشي وهو أمامي ليس عليه إزار فخر ، فألقيت حجري وجئت أسعى ، فإذا هو ينظر إلى السماء فوقه ، قلت ما شأنك ؟ فقام فأخذ إزاره وقال نهيت إلخ ، فكنت أكتمها مخافة أن يقولوا مجنون حتى أظهر الله نبوته ، قال الهيثمي : فيه قيس بن الربيع ضعفه جمع ووثقه شعبة وغيره اه‍ . وفيه أيضا سماك بن حرب أورده في الضعفاء وقال : ثقة كان شعبة يضعفه ، وقال ابن حجر : وقيل أبي حراش في حديثه لين ، وهذا الحديث رواه بنحوه الطبراني أيضا والحاكم من حديث أبي الطفيل وفيه : بينما هو يحمل الحجارة من أجياد لبناء الكعبة وعليه نمرة فضاقت عليه فذهب يضعها على عاتقه ، فبدت عورته من صغرها ، فنودي : يا محمد خمر عورتك ، فلم ير عورته عريانا بعد ذلك ، فكان بين ذلك وبين البعث خمس سنين . 9289 - (نهيت عن المصلين) قاله مرتين ، وفي رواية البزار : عن ضرب المصلين ، وفي رواية : عن قتل المصلين . (طب) وكذا الدارقطني (عن أنس) بن مالك . قال الهيثمي : فيه عامر بن سنان وهو منكر الحديث اه‍ لكن له شواهد اه‍ . 9290 - (نهينا عن الكلام في الصلاة) إلا بالقرآن والذكر والدعاء ، فمن تكلم بغير ذلك بطلت صلاته ، وعورض ذلك بما جاز في الأخبار الصحيحة من ندب الإتيان بالأذكار المعروفة المشهورة في الركوع والسجود بأنها قرآنا ، وقد نهى عن القرآن فيهما ، وأجيب بأن خصوصية لا أنه أمر أمته بذلك أو دعاء (طب عن ابن مسعود) . 9291 - (نوروا منازلكم بالصلاة وقراءة القرآن) زاد الديلمي في رواية : فإنها صوامع المؤمنين ، وذلك لأن القلب كالمرآة ، وآثار الصلاة والقرآن تزيده إشرافا ونورا وضياء حتى تتلألأ فيه جلية الحق وينكشف منه حقيقة الأمر المطلوب في الدين وبذلك تحصل الطمأنينة واليقين * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * (هب) من حديث كثير (عن أنس) بن مالك ، وكثير هذا : قال ابن حبان : هو
[ 378 ]
ابن عبد الله يروي عن أنس ويضع عليه ، وقال أبو حاتم : لا يروى عن أنس حديثا له أصل ، وقال أبو زرعة : واهي الحديث . 9292 - (نوروا بالفجر) أي صلوا صلاة الصبح إذا استنار الأفق كثيرا (فإنه) أي التنوير به (أعظم للأجر) ظاهره أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه ، بل بقيته عند مخرجه الطبراني : نؤر يا بلال بالفجر قدر ما يبصر القوم مواقع نبلهم اه‍ بنصه (سمويه عن رافع بن خديج) رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن ، ففيه إدريس بن جعفر العطار قال الذهبي في الضعفاء : قال الدارقطني : متروك ، ويزيد بن عياض قال النسائي وغيره : متروك . 9293 - (نوم الصائم عبادة وصمته) وفي رواية : ونفسه (تسبيح) أي بمنزلة التسبيح (وعمله مضاعف) والحسنة بعشرة إلى [ ص 291 ] ما فوقها (ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور) أي ذنوبه الصغائر ما اجتنبت الكبائر كما تقدم في خبر الصلوات الخمس . (هب عن عبد الله بن أبي أوفى) الأسلمي وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره ، والأمر بخلافه ، بل إنما ذكره مقرونا ببيان عليه فقال عقبه : معروف بن حسان - أي أحد رجاله - ضعيف ، وسليمان بن عمر النخعي أضعف منه اه‍ . وقال الحافظ العراقي : فيه سليمان النخعي أحد الكذابين اه‍ وأقول : فيه أيضا عبد الملك بن عمير أورده الذهبي في الضعفاء ، وقال أحمد : مضطرب الحديث ، وقال ابن معين : مختلط ، وقال أبو حاتم : ليس بحافظ ، وعجب من المصنف كيف يعزو الحديث إلى مخرجه ويحذف من كلامه ما أعله به ؟ وأعجب منه أن له طريقا خالية عن كذاب أورده الزين العراقي في أماليه من حديث ابن عمر ، فأهمل تلك وآثره هذه مقتصرا عليها . 9294 - (نوم على علم خير من صلاة على جهل) لأن تركها خير من فعلها فقد يظن المبطل مصححا والممنوع جائزا بل واجبا والشر خيرا لجهله بالفرق بينهما وتقاربهما في بعض الوجوه فيعد على الله المعصية بالطاعة ويحتسبها عنده فأعظم بها من قباحة وشناعة ومع ذلك فللأعمال الظاهرة علائق من المساعي الباطنة تصلحها وتفسدها كالإخلاص والرياء والعجب فمن لم يعلم هذه المساعي الباطنة ووجه تأثيرها في العبادة الظاهرة وكيفية التحرز منها وحفظ العمل عنها فقلما يسلم له عمل الظاهر فتفوته طاعات الظاهر والباطن فلا يبقى بيده إلا الشقاء والكد * (وذلك هو الخسران المبين) * [ الزمر : 15 ] فلذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم هنا ما قال ومن أتعب نفسه في العبادة على خبط فليس له إلا العناء قال علي كرم الله وجهه قصم ظهري رجلان جاهل متنسك وعالم متهتك ، وروي أن صوفيا حلق
[ 379 ]
لحيته وقال : إنها تنبت على المعصية ولطخ شاربه بالعذرة وقال : أردت التواضع (حل عن سلمان) الفارسي وفيه أبو البحتري . قال الذهبي في الضعفاء : وقال وحيم كذاب . 9295 - (نية المرء خير من عمله) لأن تخليد الله العبد في الجنة ليس بعمله وإنما هو لنيته لأنه لو كان بعمله كان خلوده فيها بقدر مدة عمله أو أضعافه لكنه جازاه بنيته لأنه لو كان ناويا أن يطيع الله أبدا فلما اخترمته منيته جوزي بنيته وكذا الكافر لأنه لو جوزي بعمله لم يستحق التخليد في النار إلا بقدر مدة كفره لأنه نوى الإقامة على كفره أبدا لو بقي فجوزي بنيته ، ذكره بعضهم ، وقال الكرماني : المراد أن النية خير من العمل بلا نية إذ لو كان المراد خير من عمل مع نية لزم كون الشئ خيرا من نفسه مع غيره أو المراد أن الجزء الذي هو النية خير من الجزء الذي هو العمل لاستحالة دخول الرياء فيها أو أن النية خير من جملة الخيرات الواقعة بعمله أو أن النية فعل القلب وفعل الأشرف أشرف أو لأن القصد من الطاعة تنوير القلب وتنويره بها أكثر لأنها صفته ، وقال ابن الكمال : هذا ترجيح لعمل القلب على عمل الجوارح على ما دل عليه خبر الوزغة وقد أفصح عنه البيضاوي حيث قال في تفسير * (والله يضاعف لمن يشاء) * بفضله على حسب حال المنفق من إخلاصه وثقته بربه ومن أجله تفاوتت الأعمال في مقادير الثواب ، فالمعنى أن جنس النية راجح على جنس العمل بدلالة أن كلا من الجنسين إذا انفرد عن الآخر يثاب على الأول دون الثاني وهذا لا يتمشى في حق الكافر ولذا قال نية المؤمن اه‍ ، وقال البعض : إنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن النية عبودية القلب والعمل عبودية الجوارح وعمل القلب أبلغ وأنفع وهو أمير والجوارح رعية وعمل الملك أعظم وأبلغ ولأن العمل يدخل تحت الحصر ، والنية لا ، إذ المتحقق في إيمانه عقد نيته على أن يطيع الله ما أحياه ولو أماته ثم أحياه وثم ثم ، وهذا اعتقاد منبرم مستدام فيترتب له من الجزاء على نيته ما لا يترتب له على عمله ، وقال بعضهم : معناه أن المؤمن كلما عمل خيرا [ ص 292 ] نوى أن يعمل ما هو خير منه فليس لنيته في الخير منتهى والفاجر كلما عمل شرا نوى أن يعمل ما هو شر منه فليس لنيته في الشر منتهى وقال بعضهم في حديث آخر : من نوى حسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشر حسنات ، فالعمل في هذا الحديث خير من النية ، وليس ذلك مرادا للحديث الأول ، وإنما تكون النية خيرا من العمل في حال دون حال ، وقال بعض شراح مسلم : أفاد هذا الخبر أن الثواب المترتب على الصلاة أكثر للنية وباقية لغيرها من قيام وغيره . (هب عن أنس) بن مالك وفيه شيئان : الأول أن كلام المصنف يوهم أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه : هذا إسناد ضعيف اه‍ . وذلك لأن فيه أبو عبد الرحمن السلمي وقد سبق قول جمع فيه أنه وضاع ، ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه . الثاني أنه ورد من عدة طرق من هذا الوجه وغيره وأمثل وأنزل فرواه باللفظ المذكور عن أنس المزبور القضاعي في مسند الشهاب وابن عساكر في أماليه وقال : غريب ورواه الطبراني أيضا كذلك ، والحاصل أنه له عدة طرق تجبر ضعفه وأن من حكم بحسنه فقد فرط وممن جزم بضعفه المصنف في الدرر تبعا للزركشي .
[ 380 ]
9296 - (نية المؤمن خير) وفي رواية بدله : أبلغ (من عمله) لما تقرر ولأن المؤمن في عمل ونيته عند فراغه لعمل ثان ولأن النية بانفرادها توصل إلى ما لا يوصله العمل بانفراده ولأنها هي التي تقلب العمل الصالح فاسدا والفاسد صالحا مثابا عليه ويثاب على العمل ويعاقب عليها أضعاف ما يعاقب عليه فكانت أبلغ وأنفع وقيل إذا فسدت النية وقعت البلية ومن الناس من تكون نيته وهمته أجل من الدنيا وما عليها وآخر نيته وهمته من أخس نية وهمة فالنية تبلغ بصاحبها في الخير والشر ما لا يبلغه عمله فأين نية من طلب العلم وعلمه ليصلي الله عليه وملائكته وتستغفر له دواب البر وحيتان البحر إلى نية من طلبه لمأكل أو وظيفة كتدريس وسبحان الله كم بين من يريد بعلمه وجه الله والنظر إليه وسماع كلامه وتسليمه علمه في جنة عدن وبين من يطلب حظا خسيسا كتدريس أو غيره من العرض الفاني (وعمل المنافق خير من نيته وكل يعمل على نيته فإذا عمل المؤمن عملا) صالحا (ثار في قلبه نور) ثم يفيض على جوارحه قال الحكيم : والنية نهوض القلب إلى الله وبدوها خاطر ثم المشيئة ثم الإرادة ثم النهوض ثم اللحوق إلى الله تعالى مرتحلا بعقله وعمله وذهنه وهمته وعزمه فمن هنا تتم النية ومنه يخرج إلى الأركان فيظهر على الجوارح فعله وإذا صح العزم خرج الرياء والفخر والخيلاء من جميع أعماله وبلغ مقام الأقوياء وأما غير الكامل فصدره مرج من المروج ملتف فيه من النبات ما إذا تخطى فيه لا يكاد يستبين موضع قدمه أن يضعه من كثرة النفاق فهذا صدر فيه أشغال النفس وفنونها ووساوس شهواتها فمن أين يأتي النور وإنما يستنير قلب أجرد أزهر في صدره فسح قد شرحه الله للإسلام فهو على نور من ربه رطب بذكر الله ورحمته وصلب بآلاء الله والناس في هذه النية على طبقات أمانية العامة فارتحالهم إلى الله بهذا العلم والعقل والذهن والهمة والعزم فمبلغ ارتحالهم المحو ثم ليس لقلوبهم من القوة ما يرتحلون به فيطيرون لأنه لا ريش لقلوبهم والمحو مسدود لأن القلوب لما مالت إلى النفوس وإطاعتها انسد طريقها إلى ربها وأما العارفون فنياتهم صارت كلها نية واحدة لأن القلب ارتحل إلى الله ووجد الطريق إليه فمر والقلب أمير والنفس أسير (طب عن سهل بن سعد) الساعدي ، قال الهيثمي : رجاله موثقون إلا حاتم بن عباد بن دينار لم أر من ذكر له ترجمة اه‍ وأطلق الحافظ العراقي أنه ضعيف من طريقه . فصل في المحلى بأل من هذا الحرف 9297 - (النائحة إذا لم تتب قبل موتها) أي قبل حضور موتها ، قيد به إيذانا بأن شرط التوبة أن يتوب وهو يؤمل البقاء ويتمكن من العمل ذكره التوربشتي (تقام) يعني تحشر ويحتمل أنها تقام حقيقة
[ 381 ]
على تلك الحال بين أهل النار والموقف جزاء على قيامها في النياحة (يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب) أي يصير جلدها أجرب حتى يكون جلدها كقميص على أعضائها والدرع قميص النساء والقطران دهن يدهن به الجمل الأجرب فيحترق لحدته وحرارته فيشتمل على لذع القطران وحرقته وإسراع النار في الجلد واللون الوحش ونتن الريح جزاءا وفاقا فخصت بذلك الدرع لأنها كانت تجرح بكلماتها المؤنقة قلب المصاب وبلون القطران لكونها كانت تلبس السواد في المآتم قال ابن العربي : وهذا الخبر ونحوه من الأخبار الوعيدية مجرية على الإطلاق في موضع ومقيدة بالمشيئة في آخر فيحمل المطلق على المقيد ضرورة إذ لو حمل على إطلاقه بطل التقييد ولم يكن له فائدة (حم م) في الجنائز (عن أبي مالك الأشعري) لكنه بعض حديث في مسلم ورواه ابن حبان مستقلا . 9298 - (النائم الطاهر كالصائم القائم) فالصائم بترك الشهوات يطهر وبقيام الليل يرحم فيحيا والنائم محتسبا إذا نام على طهر فنفسه تعرج إلى الله فإن كان طاهرا قرب فسجد تحت العرش كما مر وربما كان النوم عند خاصة الله أرفع وأبر من القيام لأن نفوسهم تطلب الانفلات إلى فسحة التوحيد تحت العرش فبالنوم تذهب إلى هناك فترتاح وتطهر وترجع بالكرامات ولذلك كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتحرى نوم السحر فكان نومه عنده حينئذ أفضل من قيامه لأنه حال القيام يعرج إليه قلبه بعقله وحال النوم تعرج النفس مع القلب والعقل ، والعارف قد اعتدل نومه بصومه ومكثه في نومه بقومته فهذا قصد المشتاقين إلى الله بالمنامات يتوخون بها ليجدوا أحوال النفوس ويتوقعون من الله المنن والكرامات ولذلك كان الصديق يقول لأن أسمع برؤيا صالحة أحب إلي من كذا وكذا فقوله في هذا الحديث النائم الطاهر كالصائم القائم نظير حديث الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر (الحكيم) الترمذي (عن عمرو بن حريث) ورواه عنه أيضا الديلمي قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف . 9299 - (الناجش) أي الذي يزيد في السلعة لا لرغبة بل ليخدع غيره أو الذي يمدح سلعته ويطري في مدحها بالكذب ليغر غيره ويخدعه (آكل ربا) أي تناوله ما خدع به غيره مثل تناوله الربا في الحرمة ، وخص الأكل لأنه أعظم وجوه الانتفاعات (ملعون) أي مطرود مبعود عن منازل الأخيار فأفاد أن النجش حرام بل قضية هذا الوعيد أنه كبيرة . (طب) من حديث العوام بن حوشب (عن عبد الله بن أبي أوفى) قال الهيثمي : رجاله ثقات لكن لا أعلم للعوام سماعا من ابن أبي أوفى . 9300 - (النار جبار) المراد بالنار الحريق فمن أوقدها بملكه لغرض فطيرتها الريح فشعلتها في مال غيره ولا يملك ردها فلا يضمنه وقال قوم : النار تصحيف البئر ورده الخطابي . (د ه) في الديات (عن أبي هريرة) وفيه محمد بن المتوكل [ ص 294 ] العسقلاني أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أبو حاتم : لين .
[ 382 ]
9301 - (النار عدو لكم) قال ابن العربي : معناه أنها تنافي أموالكم وأبدانكم على الإطلاق منافاة العدو لكن تتصل منفعتها بكم بوسائط ، فذكر العداوة مجاز لوجود معناها فيها (فاحذروها) أي خذوا حذركم وأطفئوا السرج قبل نومكم ، وهذا التقرير بناء على أن المراد نار الدنيا ويجوز أن المراد نار الآخرة فيكون المعنى احذروا ما يقربكم إلى جهنم (حم عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه كلامه كالصريح في أن لا وجود له في الصحيحين ولا أحدهما وهو وهم فقد عزاه الديلمي لهما جميعا من حديث ابن عمر هذا باللفظ المزبور وزيادة ولفظه : النار عدو فاحذروها واطفئوها إذا رقدتم اه‍ بنصه . 9302 - (الناس تبع لقريش (1) خبر بمعنى الأمر كما يدل عليه خبر قدموا قريشا وقيل خبر على ظاهره والمراد الناس بعضهم وهو سائر العرب من غير قريش ذكره ابن حجر (في الخير والشر) أي في الإسلام والجاهلية كما في رواية لأنهم كانوا في الجاهلية متبوعين في كفرهم لكون أمر الكعبة في يدهم فكذا هم متبوعون في الإسلام أو أن السابق بالإسلام كان من قريش فكذا في الكفر لأنهم أول من رد دعوته وكفر به وأعرض عن الآيات والنذر فكانوا قدوة في الحالين وقال القاضي : معناه أن مسلمي قريش قدوة غيرهم من المسلمين لأنهم المتقدمون في التصديق والسابقون في الإيمان وكافرهم قدوة غيرهم من الكفار فإنهم أول من رد الدعوة وكفر بالرسول صلى الله عليه وسلم (حم م) في المغازي (عن جابر) ولم يخرجه البخاري . 9303 - (الناس ولد آدم وآدم من تراب) فهم من تراب وتمسك به من فضل الملك على البشر لأن التفضيل إن كان باعتبار أصل الخلقة فمن خلق من نور أفضل ممن خلق من تراب وإن كان باعتبار ما يقوم بالمخلوق من صفات الكمال فالملائكة محض عبادة وليس من اتبع هواه وشغلته شهوته عن عبادة مولاه بأفضل من هذا ومحل بسطه علم الكلام (ابن سعد) في طبقاته (عن أبي هريرة) رمز لحسنه . 9304 - (الناس رجلان عالم ومتعلم ولا خير فيما سواهما) لأنه بالبهائم أشبه قال الغزالي : العلم
[ 383 ]
والعبارة جوهران لأجلهما كان كلما ترى وتسمع من تصنيف المصنفين وتعليم المعلمين ووعظ الواعظين ونظر المناظرين بل لأجلهما أنزلت الكتب وأرسلت الرسل بل لأجلهما خلقت السماوات والأرض وما فيهما فأعظم بأمرين هما المقصود من خلق الدارين فحق على العبد أن لا يشتغل إلا بهما ولا يدأب إلا لهما ولا ينظر إلا فيهما وما سواهما باطل لا خير فيه ولغو لا حاصل له والعمل أشرف الجوهرين وأفضلهما كما جاء في خبرين . (تتمة) قال علي كرم الله وجهه لكميل بن زياد : يا كميل القلوب أوعية فخيرها أوعاها ، احفظ ما أقول لك الناس ثلاثة : عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق [ ص 295 ] يميلون مع كل ريح العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال العلم يزكو على العمل المال تنقصه النفقة ومحبة العلم دين يدان بها مكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد موته وضيعة المال تزول بزواله مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة هاه إن ههنا - وأشار لصدره - علما لو أصبت له حمله (طب عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا في الأوسط قال الهيثمي : وفي الكبير الربيع بن بدر وفي الأوسط نهشل بن سعيد وهما كذابان وأقول : في سند الكبير أيضا سليمان بن داود الشاذكوني الحافظ قال الذهبي في الضعفاء : كذبه ابن معين وقال البخاري : فيه نظر فتعصيب الهيثمي الجناية برأس الربيع وحده تعصب . 9305 - (الناس ثلاثة سالم وغانم وشاجب) بشين معجمة وجيم وموحدة أي هالك إما سالم من الإثم وإما غانم للأجر وإما هالك آثم قال أبو عبيد : ويروى الناس ثلاثة السالم الساكت والغانم الذي يأمر بالخير وينهى عن المنكر والشاجب الناطق بالخنا المعين على الظلم (طب) وكذا أبو يعلى (عن عقبة بن عامر) الجهني (و) عن (أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وقال شيخه العراقي : ضعفه ابن عدي . 9306 - (الناس معادن) كمعادن الذهب والفضة ومعدن كل شئ أصله أي أصول بيوتهم تعقب أمثالها ويسري كرم أعراقها إلى فروعها والمعادن جمع معدن من عدن بالمكان أقام ومنه سمي المعدن لأن الناس يقيمون فيه صيفا وشتاءا ومعدن كل شئ مركزه كما في الصحاح وبه يعرف أن إطلاق اسم المعدن على بعض الأجساد كالذهب من تسمية الشي باسم مركزه والحديث ورد على منهج التشبيه في التفاضل في الصفات الوهبية والكسبية كالأخلاق الجبلية والآداب الحاصلة بواسطة الأدلة وشتان في القياس بين الذهب والفضة والرصاص والنحاس فبقدر ما بين ذلك من التفاوت تكون الصفة في الأشخاص فكأنه قال الناس يتفاوتون في الصفات الذاتية والعرضية كما تتفاوت المعادن في ذواتها وأعراضها القائمة بها من العلل والأدناس ذكره بعضهم وقال القاضي : المعدن المستقر والمستوطن من عدن بالبلد إذا توطنه فكما أن المعادن منها ما يحصل منه شئ يعبأ به ومنها ما يحصل منه بكد
[ 384 ]
وتعب كثير شئ قليل ومنها ما هو بعكسه ومنها ما يظفر منه بمغارات مملوءة ذهبا فمن الناس من لا يعي ولا يفقه ولا تغني عنه الآيات والنذر ومنهم من يحصل له علم قليل واجتهاد طويل ومنهم من هو بالعكس ومنهم من تفيض عليه من حيث لا يحتسب بلا سوق وطلب معالم كثيرة وتنكشف له المغيبات ولم يبق بينه وبين القدس حجاب ، وذا من جوامع الكلم الذي أوتيها المصطفى صلى الله عليه وسلم وأفاد الترغيب في تطبع الأوصاف الجميلة والتوصل إليها بكل حيلة (والعرق دساس وأدب السوء كعرق السوء) فعلى العاقل أن يتخير لنطفته ولا يضعها إلا في أصل أصيل وعنصر طاهر فإن الولد فيه عرق ينزع إلى أمه فهو تابع لها في الأخلاق والطباع إشارة إلى أن ما في معادن الطباع من جواهر مكارم الأخلاق وضدها ينبغي استخراجه برياضة النفس كما يستخرج جوهر المعدن بالمقاساة والتعب قال بعضهم : ومن كان وليا في علم الله فلا تتغير ولايته وإن وقع في معصية لأن الحقائق الوضعية لا يقدح فيها النقائص الكسبية فالذهب والفضة موجودان في المعادن والمعدن الأصلي صحيح لكن قد يدخل عليه علل نفسية في ظاهره فيعالج لتزول فكما أن المعدن في أصله صحيح لا يخرج عن معدنيته فكذا المؤمن الحقيقي أو الولي الحقيقي لا يخرجه ما جرى على جوارحه من النقائص عن حقيقة إيمانه أو ولايته وقال بعضهم : المراد أن كل من كان أصله عند الله مؤمنا فهو يرجع إلى أصله كالمعدن ومن كان عنده كافرا رجع إلى أصله كذلك وحقيقة الأمر مستورة عنا الآن لأنه تعالى يفعل ما يشاء فيقلب التراب ذهبا وعكسه والجماد مائعا وعكسه والنبات حيوانا وعكسه (هب عن ابن عباس) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح والحميدي تكلم في محمد بن سليمان أحد رجاله [ ص 296 ] وقال النسائي : ضعيف وابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه لا في سنده ولا في متنه وفي الميزان : محمد بن سليمان ضعفه النسائي وابن أبي حاتم وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه متنا ولا إسنادا ، ومن ذلك هذا الخبر وساق هذا . 9307 - (الناس تبع لكم يا أهل المدينة في العلم) كيف ومنهم الفقهاء السبعة المشهورون ولو لم يكن إلا الإمام مالك لكفى (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي سعيد) الخدري . 9308 - (الناكح في قومه) أي من عشيرته وقرابته (كالمعشب في داره) العشب الكلأ الرطب . (طب عن طلحة (1) ابن عبيد الله قال الهيثمي : فيه أيوب بن سليمان بن حر لم أجد من ذكره هو ولا أبوه وبقية رجاله ثقات . 9309 - (النبي لا يورث) لأنه لو ورث لظن أن له رغبة في الدنيا لوارثه ولاحتمال أن يتمنى مورثه موته فيهلك وزعم أن خوف زكريا من مواليه يوهم أن خوفه منهم كان من ماله إذ نبوته بعده
[ 385 ]
لا يخاف عليها لأنها من فضله تعالى يعطيها من يشاء فيلزم كونه موروثا مدفوعا بأن خوفه منهم لاحتمال شرتهم من جهة تغييرهم أحكام شرعه فطلب ولدا يرث نبوته ليحفظها (ع عن حذيفة) رمز المصنف لصحته . 9310 - (النبي في الجنة والشهيد في الجنة والمولود (1) في الجنة والوئيد في الجنة) لم يكتف بقوله عقب الكل في الجنة لأن المراتب فيها متفاوتة فابتدأ بالنبي ، والمراد جميع الأنبياء فأخبر بأنهم في أعلى المراتب في الجنة ودون ذلك الشهيد وبعده المولود (1) أي الصغير تبعا لأبويه في الإيمان فيلحق بدرجته في الجنة وإن لم يعمل بعمله تكرمة لأبيه ، والوئيد بفتح الواو وكسر الهمزة المدفون حيا فعيل بمعنى مفعول (حم د عن رجل) من الصحابة وسببه قالت : حسناء بنت معاوية حدثني عمي قلت للنبي صلى الله عليه وسلم من في الجنة ؟ فذكره . 9311 - (النبييون والمرسلون سادة أهل الجنة والشهداء قواد أهل الجنة وحملة القرآن) أي حفظته العاملون بأحكامه (عرفاء أهل الجنة) أي رؤساؤهم وفيه مغايرة بين النبي والرسول (حل عن أبي هريرة) . 9312 - (النجوم) أي الكواكب سميت بها لأنها تنجم أي تطلع من مطالعها في أفلاكها (أمنة السماء) الأمنة بفتحات وقيل بضم ففتح مصدر بمعنى الأمن فوصفها بالأمنة من قبيل قولهم رجل عدل يعني أنها سبب أمن السماء فما دامت النجوم باقية لا تنفطر ولا تتشقق ولا يموت أهلها (فإذا ذهبت النجوم) أي تناثرت (أتى السماء ما توعد) من الانفطار والطي كالسجل قيل ويمكن كون أمنة جمع أمن وعليه فقوله (وأنا أمنة لأصحابي) من قبيل * (إن إبراهيم كان [ ص 297 ] أمة قانتا لله) * (فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون) من الفتن والحروب واختلاف القلوب وقد وقع (وأصحابي أمنة لأمتي) أمة الإجابة (فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون) من ظهور البدع وغلبة الأهواء واختلاف العقائد وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وانتهاك الحرمين وكل هذه معجزات وقعت قال ابن الأثير : فالإشارة في الجملة إلى مجئ الشر عند ذهاب أهل الخير فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه وبموته جالت الآراء واختلفت الأهواء وقلت الأنوار وقويت الظلم وكذا حال السماء عند ذهاب النجوم وقال بعضهم : الأمنة الوافر الأمانة الذي يؤتمن على كل شئ سمى المصطفى صلى الله عليه وسلم به
[ 386 ]
لأنه ائتمنه على وحيه ودينه ثم هذا لا تعارض بينه وبين الحديث المار إن الله إذا أراد رحمة أمة قبض نبيها قبلها لاحتمال كون المراد برحمتهم أمنهم من المسخ والقذف والخسف ونحو ذلك من أنواع العذاب وبإتيان ما يوعدون من الفتن بينهم بعد أن كان بابها منسدا عنهم بوجوده قال العامري : عنى هنا أئمة أصحابه الذين لازموا دوام صحبته سفرا وحضرا فتفقهوا في الدين وعلوم القرآن وساروا بهديه ظاهرا باطنا وهم القليل عددا من أصحابه يقتدي بهم كل من وقع في عمياء الجهل وقال الترمذي الحكيم : في حديث أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم ليس كل من لقيه وتابعه أو رآه رؤية واحدة دخل فيه إنما هم من لازمه غدوا وعشيا فكان يتلقى الوحي منطويا ويأخذ عنه الشريعة التي جعلت منهاجا للأمة وينظر منه إلى أدب الإسلام وشمائله فصاروا من بعده أئمة أدلة فيهم الاقتداء وعلى سيرتهم الاحتذاء وبهم الأمان والإيمان (حم عن أبي موسى) الأشعري قال : صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا : نجلس حتى نصلي معك العشاء فجلسنا فخرج علينا وقال : ما زلتم ههنا قلنا : صلينا معك المغرب ثم قلنا : لو جلسنا معك حتى نصلي العشاء قال : أحسنتم وأصبتم قال : فرفع رأسه إلى السماء وكان كثيرا ما يرفع رأسه إليها ثم ذكره ولم يخرجه البخاري . 9313 - (النجوم أمان) لفظ رواية الطبراني النجوم جعلت أمانا (لأهل السماء) بالمعنى المقرر (وأهل بيتي أمان لأمتي) شبههم بنجوم السماء وهي التي يقع بها الاهتداء وهي الطوالع والغوارب والسيارات والثابتات فكذلك بهم الاقتداء وبهم الأمان من الهلاك قال الحكيم الترمذي : أهل بيته هنا من خلفه على منهاجه من بعده وهم الصديقون وهم الأبدال قال : وذهب قوم إلى أن المراد بأهل بيته هنا أهل بيته في النسب وهذا مذهب لا نظام له ولا وفاق ولا مساغ لأن أهل بيته بنو هاشم والمطلب فمتى كان هؤلاء أمنا للأمة حتى إذا ذهبوا ذهبت الدنيا إنما يكون هذا لمن هم أدلة الهدى في كل وقت ومن قال أهل بيته ذريته فموجود في ذريته الميل والفساد كما يوجد في غيرها فمنهم المحسن والمسئ فبأي شئ صاروا أمانا لأهل الأرض فإن قيل بحرمة رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فحرمته عظيمة وفي الأرض أعظم حرمة من حرمة ذريته وهو كتاب الله ولم يذكره فالحرمة لأهل التقوى قال العامري البغدادي في شرح الشهاب : ذهب قوم غلب عليهم الجهل بالآيات والسنن والآثار إلى أن أهل البيت هنا أهل بيته لا غير وكيف يكونون أمانا مع ما وجد في كثير منهم من الفساد وتعدي الحدود ، فإن قيل فحرمة القرابة قلنا حرمتها جليلة لكن حرمة كتاب الله أعظم من حرمة الذرية وحرمة المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالنبوة والرسالة لا بالعشيرة وإنما المراد بهم هنا أهل التقوى وأبدال الأنبياء الذين سلكوا طريقه وأحيوا سنته وفي حديث آل محمد كل تقى وقال السمهودي : يحتمل أن المراد بأهل بيته هنا علماؤهم الذين يقتدى بهم كما يقتدى بالنجوم التي إذا خلت السماء منها جاء أهل الأرض من الآيات ما يوعدون وذلك عند موت المهدي لأن نزول عيسى لقتل الدجال في زمنه كما جاءت به الأخبار ، ويحتمل أن المراد مطلق أهل بيته وهو الأظهر لأنه سبحانه وتعالى لما خلق الدنيا لأجل المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم جعل دوامها بدولته ثم بدوام أهل بيته (ع عن سلمة بن
[ 387 ]
الأكوع) رمز لحسنه ورواه عنه أيضا الطبراني ومسدد وابن أبي شيبة بأسانيد ضعيفة لكن تعدد طرقه ربما يصيره حسنا . 9314 - (النخل والشجر بركة على أهله ، وعلى عقبهم) أي ذريتهم (بعدهم إذا كانوا لله شاكرين) لأن الشكر يرتبط به العتيد ويجتلب به المزيد * (لئن شكرتم لأزيدنكم) * (طب عن الحسن بن علي) أمير المؤمنين . قال الهيثمي : فيه محمد بن جامع العطار وهو ضعيف . 9315 - (الندم توبة) أي هو معظم أركانها لأن الندم وحده كاف فيها من قبيل الحج عرفة وإنما كان أعظم أركانها لأن الندم شئ متعلق بالقلب والجوارح تبع له فإذا ندم القلب انقطع عن المعاصي فرجعت برجوعه الجوارح (تتمة) قال في الحكم : من علامة موت القلب عدم الحزن على ما فاتك من المرافقات وترك الندم على ما فعلته من الزلات (فائدة) من ألفاظهم البليغة مخلب المعصية يقص بالندامة وجناح الطاعة يوصل بالإدامة (حم تخ ه ك عن ابن مسعود ك هب عن أنس) بن مالك وفي الباب ابن عباس وأبو هيريرة ووائل بن حجر وغيرهم قال في شرح الشهاب : هو حديث صحيح ، وقال ابن حجر في الفتح : حديث حسن . 9316 - (الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له) قال الغزالي : إنما نص على أن الندم توبة ولم يذكر جميع شروطها ومقدماتها لأن الندم غير مقدور للعبد فإنه قد يندم على أمر وهو يريد أن لا يكون والتوبة مقدورة له مأمور بها فعلم أن في هذا الخبر معنى لا يفهم من ظاهره وهو أن الندم لتعظيم الله وخوف عقابه مما يبعث على التوبة النصوح فإذا ذكر مقدمات التوبة الثلاث وهي ذكر غاية قبح الذنوب وذكر شدة عقوبة الله وأليم غضبه وذكر ضعف العبد وقلة حيلته يندم ويحمله الندم على ترك اختيار الذنب وتبقى ندامته بقلبه في المستقبل فتحمله على الابتهال والتضرع ويجزم بعدم العود إليه وبذلك تتم شروط التوبة الأربعة فلما كان الندم من أسباب التوبة سماه باسمها (طب حل عن أبي سعيد الأنصاري) قال الهيثمي : وفيه من لم أعرفهم ، وقال السخاوي : سنده ضعيف ، وقال في موضع آخر : في سنده اختلاف كثير . 9317 - (النذر يمين ، وكفارته كفارة يمين) أراد نذر اللجاج والغضب . (طب عن عقبة بن عامر) الجهني رمز المصنف لصحته وفيه أمران : الأول أن عدوله للطبراني واقتصاره عليه يوهم أنه لا يوجد مخرجا لأعلى ولا أحق بالعزو منه وليس كذلك بل رواه أحمد في المسند ، وسبق عن الحافظ ابن
[ 388 ]
حجر أن الحديث إذا كان في مسند أحمد لا يعزى لمثل الطبراني ، الثاني أن الحافظ العراقي قال : إن الحديث حسن لا صحيح . 9318 - (النصر) من الله للعبد على أعداء دينه ودنياه إنما يكون (مع الصبر) على الطاعة وعن المعصية فهما أخوان شقيقان متلازمان والثاني بسبب الأول وقد أخبر الله أنه مع الصابرين أي بهدايته ونصره المبين قال * (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) * ومن خيريته لهم كونه سببا لنصرهم على أعدائهم وأنفسهم ولهذا لا يحصل الظفر لمن انتصر لنفسه غالبا [ ص 299 ] قال بعض العارفين : الصبر أنصر لصاحبه من الرجال ومحله من الظفر محل الرأس من الجسد (والفرج) يحصل سريعا (مع الكرب) فلا يدوم معه الكرب فعلى من نزل به أن يكون صابرا محتسبا راجيا سرعة الفرج حسن الظن بربه فإنه أرحم من كل راحم (وإن مع العسر يسرا) كما نطق به القرآن مرتين ولن يغلب عسر يسرين لأن النكرة إذا أعيدت تكون غير الأولى والمعرفة عينها غالبا قال البعض : وجعل مع على بابها هو الظاهر إذ أواخر أوقات الصبر والكرب والعسر أوائل أوقات مقابلها فتحققت المقارنة وقيل إن نظر للعلم الأزلي فهي متقارنة إذ لا ترتب فيه أو للوجود الحقيقي فمع بمعنى بعد لأن بينهما تضادا فلا تتصور المقارنة اه‍ . وأطيل في رده بما لا يلاقيه عند التأمل (خط عن أنس) وفيه عبد الرحمن بن زاذان قال في الميزان : متهم روى حديثا باطلا عن أنس ثم ساق هذا الخبر . 9319 - (النظر إلى علي) أمير المؤمنين (عبادة) أي رؤبته تحمل النطق بكلمة التوحيد لما علاه من سيما العبادة قال الزمخشري : عن ابن الأعرابي : إذا برز قال الناس لا إله إلا الله ما أشرق هذا الفتى ما أعلمه ما أكرمه ما أحلمه ما أشجعه فكانت رؤبته تحمل على النطق بالعبادة فيا لها من سعادة . (طب) عن محمد بن عثمان بن أبي شيبة عن أحمد بن بديل اليماني عن يحيى الرملي عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود قال الهيثمي بعد ما عزاه له : فيه أحمد بن بديل اليمامي وثقه ابن حبان وقال : مستقيم الحديث وقال ابن أبي حاتم : فيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح اه‍ . وخرجه الطبراني أيضا عن طليق بن محمد قال : رأيت عمران بن حصين يحد النظر إلى علي فقيل له فقال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكره قال الهيثمي : فيه عمران بن خالد الخزاعي ضعيف (ك) في فضائل علي (عن ابن مسعود وعن عمران بن حصين) قال الحاكم : صحيح فقال الذهبي في التلخيص : بل موضوع وفي الميزان : هذا باطل في نقدي اه‍ . وأورده ابن الجوزي في الموضوع من حديث أبي بكر وعثمان وابن مسعود والحبر ومعاذ وجابر وأنس وأبي هريرة وثوبان وعمران وعائشة ووهاها كلها وتعقبه المصنف وغيره بأنه ورد في رواية أحد عشر صحابيا بعدة طرق وتلك عدة التواتر عند قوم .
[ 389 ]
9320 - (النظر إلى الكعبة عبادة) أي من العبادة المثاب عليها ، قال المصنف في الشاجعة : وهو أفضل من الصلاة والقيام والجهاد وروي أن النظر إليها يعدل عبادة سنة وأن من نظر إليها خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، قال : قفوا واجتلوا من كعبة الله منظرا * فما لفوات منه في الدهر تعويض وقد لبست سود اللباس تواضعا * وكل ليالينا بأنوار هبيض وما من سماء ولا أرض إلا وفيها بيت بإزاء الكعبة ولكل بيت عمار وزوا فجملة البيوت أربعة عشر أو خمسة عشر كما ورد في عدة آثار وإن استغرب ذلك زعيم * (وفوق كل ذي علم عليم) * [ يوسف : 76 ] قال الحكيم : ورد في خبر أن النظر إلى البحر عبادة والنظر إلى العالم عبادة والنظر إلى الكعبة عبادة والنظر إلى وجه الأبوين عبادة ، وإنما صار عبادة لأنه عبد الله بتلك النظرة فنظر إلى البحر بعين القدرة وإلى سعته وعرضه وأمواجه فاعتبر ، ونظر إلى وجه العالم وإلى ما ألبس من نور العلم فأجله وهابه ووقره ، ونظر إلى الكعبة تلدذا بها شوقا إلى ربها ، ونظر إلى أبويه فذل لهما ورق وشكر لله لتربيتهما إياه وتعظيما لحرمتهما (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان في الثواب (عن عائشة) وفيه زافر بن سليمان قال الذهبي في الضعفاء : قال ابن عدي : لا يتابع على حديثه . 9321 - (النظر إلى المرأة) لفظ رواية أبي نعيم النظر في وجه المرأة (الحسناء والخضرة) أي إلى الشئ الأخضر ويحتمل [ ص 300 ] أن المراد الزرع والشجر خاصة (يزيدان في البصر) أي في القوة الباصرة قال العامري : يحتمل أن يريد زيادة بصره ببهجة جمال الخضرة وحسن المرأة من جمالها وأن يريد زيادة قوة بصيرته بطرق الاعتبار بخضرة النبات وحياة الأرض بعد الممات ، وكذا نظره إلى جمال حليلته يكف بصره عن غيرها فتقوى بصيرة هداه ويأمن ظلمة هواه ، والمراد بالمرأة الحليلة لا الأجنبية لأن النظر إليها يظلم البصر كما أنه يظلم البصيرة (حل) عن محمد بن حميد عن محمد بن أحمد البوراني عن إبراهيم بن حبيب بن سلام عن ابن أبي فديك عن جعفر بن محمد عن أبيه (عن جابر) بن عبد الله ، قال في الميزان : خبر باطل وقال العامري في شرح الشهاب : ضعيف غريب جدا . 9322 - (النفقة كلها في سبيل الله) فيؤجر المنفق عليها (إلا) النفقة في (البناء فلا خير فيه) أي في الإنفاق فيه فلا أجر فيه وهذا في بناء لم يقصد به قربة كمسجد ورباط أو فيما زاد على الحاجة اللائقة بالباني وعياله كما مر غير مرة (ت) في الزهد (عن أنس) وقال : غريب ، قال الصدر المناوي : وفيه محمد بن حميد الرازي وزافر بن سليمان وشبيب بن بشر ومحمد قال البخاري : فيه نظر وكذبه أبو زرعة وزافر فيه ضعف وشبيب لين اه‍ ، وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه .
[ 390 ]
9323 - (النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله) أي في الجهاد لإعلاء الدين (بسبعمائة ضعف - حم والضياء) والبيهقي في السنن (عن بريدة) قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد : فيه أبو زهير ولم أجد من ترجمه وقال الذهبي في المهذب : هذا ضعيف وفيه أبو زهير الضبعي لا أعرفه وهذا الحديث قد وهم فيه على العسكري في الصحابة وأبو موسى فجعلا صحابيه عبد الله بن زهر وهو خطأ وإنما هو عن أبي زهير الضبعي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه ، نبه عليه في الإصابة . 9324 - (النميمة والشتيمة) أي الشتم . قال الجوهري : الشتم السب والاسم الشتيمة (والحمية) الأنفة والغيرة والمراد أهل هذه الصفات الثلاث (في النار) نار جهنم أي يكونون فيها يوم القيامة إن لم يدركهم العفو (لا يجتمعن) أي هذه الصفات (في صدر مؤمن) أي في قلب إنسان كامل الإيمان والمراد إذا صدر كل منها لغير مصلحة شرعية أما لها فيجوز بل قد يجب والأمثلة لا تخفى على من له ممارسة للأحكام الشرعية (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه عفير بن معدان أجمعوا على ضعفه وأورده في الميزان في ترجمة يزيد بن سنان وقال : ضعفوه . 9325 - (النوم أخو الموت) لانقطاع العمل فيه (ولا يموت أهل الجنة) فلا ينامون ، قاله لمن سأل أينام أهل الجنة ؟ وفيه إشارة إلى ذم كثرة النوم لكثرة مفاسده الأخروية بل والدنيوية فإنه يورث الغفلة والشبهات وفساد المزاج الطبيعي والنفساني ويكثر البلغم والسوداء ويضعف المعدة وينتن الفم ويولد دود القرح ويضعف البصر والباه حتى لا يكون له داعية للجماع ويفسد الماء ويورث الأمراض المزمنة في الولد المتخلق من تلك النطفة حال تكوينه ويضعف الجسد ، هذا في النوم في غير وقت العصر والصبح فإنه فيهما أعظم ضررا لأنه يفسد كيموس صحة حكم عين المزاح المادي والصوري ولا يمكن استقصاء مفاسده في العقل والنفس والروح ومنها أنه يورث ضعف الحال بحكم الخاصية وعدم الإيمان بالبعث والنشور ، قال بعضهم : إياكم وكثرة النوم تبعا لما ترونه من بعض العارفين فإن لهم أحكاما خلافكم فإن بعضهم يخلع عليه القوة على خلع نفسه عنه متى شاء وسراحها إلى أي وجه شاء من غير ارتباط بعالم الخيال . (تنبيه) النوم بالنهار أكثر ضررا من النوم بالليل طبا . قال ابن سينا : النوم بالنهار ردئ جدا وتركه لمن [ ص 301 ] اعتاده أردأ (هب عن جابر) بن عبد الله ، ورواه عنه أيضا بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط والبزار . قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح . 9326 - (النية الحسنة تدخل صاحبها الجنة) قضية صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه الديلمي والخلق الحسن يدخل
[ 391 ]
صاحبه الجنة والجوار الحسن يدخل صاحبه الجنة فقال رجل : يا رسول الله وإن كان رجل سوء قال : نعم على رغم أنفك اه‍ بنصه ، فحذف المصنف لذلك من سوء التصرف . قال ابن القيم : النية نوعان نوع يتعلق بالمعبود ونوع يتعلق بالعباد فالأول نية تتضمن إفراد المعبود وهي نية الإخلاص الذي هو روح العمل ومواكب العبودية وبها أمر الأولون والآخرون * (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين) * والثاني تمييز العبادة عن العادة ومراتب العبادة اه‍ . (فر عن جابر) بن عبد الله ، وفيه عبد الرحيم الفارابي قال الذهبي في الضعفاء : متهم أي بالوضع عن إسماعيل بن يحيى بن عبيد الله قال أعني الذهبي : كذاب عدم اه‍ . فكان ينبغي للمصنف حذفه . 9327 - (النية الصادقة معلقة بالعرش فإذا صدق العبد نيته تحرك العرش فيغفر له) يحتمل أن المراد التحرك الحقيقي ويكون ذلك انبساطا وسرورا بذلك ويحتمل أن المراد تحرك الملائكة الذين عنده ويحتمل على ما مر نظيره في خبر اهتز العرش لموت سعد والقصد التنبيه على أنه ينبغي لكل عامل أن يقصد بعمله وجه الله لا سيما العلم فلا يقصد به توصلا إلى غرض دنيوي كمال أو جاه أو شهرة أو سمعة بل يمحض قصده لله ، قال الشريف السمهودي : قال لي شيخنا شيخ الإسلام الشرف المناوي إنه كان كلما يخرج إلى الدرس يقف بدهليزه حتى يحصل النية ويصححها ثيحضر (خط) من حديث قرة عن عطاء (عن ابن عباس) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وفيه مجاهيل ، وقرة منكر الحديث ، وفيه أيضا القاسم بن نصر السامري قال في الميزان : لا يعرف أتى بخبر عجيب ثم ساق هذا الخبر . باب المناهي 9328 - (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأغلوطات) جمع أغلوطة كأعجوبة أي ما يغالط به العالم من المسائل المشكلة لتشوش فكره ويستنزل ويستسقط رأيه لما فيه من إيذاء المسؤول وإظهار فضل السائل مع عدم نفعها في الدين قال الأوزاعي : إذا أراد الله أن يحرم عبده بركة العلم ألقى على لسانه المغاليط فلقد رأيتهم أقل الناس علما وكان أفاضل الصحابة إذا سئلوا عن شئ قالوا : وقع ؟ فإقيل نعم أفتوا وإلا قالوا دع حتى يقع ، وقد انقسم الناس في هذا الباب فمن ذاهب إلى كراهة المسائل مطلقا وسد بابها حتى قل فهمه وعلمه بحدود ما أنزل الله على رسوله فصار حامل فقه غير فقيه وهم أتباع أهل الحديث ومنهم من توسع في البحث عما لم يقع وأكثر الخصومة والجدال حتى تولد منه الأهواء والبغضاء ويقترن ذلك بنية الغلو والمباهاة وهذا الذي ذمه العلماء ودلت السنة على قبحه وأما فقهاء الحديث فوجهوا هممهم إلى البحث عن معاني الكتاب والسنة وكلام السلف والزهد والدقائق ونحوها مما فيه صفاء القلوب والإخلاص لعلام الغيوب وهذا محمود مطلوب (حم د عن معاوية) بن أبي سفيان ، وفيه عبد الله بن سعد قال أبو حاتم : مجهول قال [ ص 302 ] ابن القطان : صدق أبو حاتم لو لم يقله لقلناه وذكره الساجي في ضعفاء الشام .
[ 392 ]
9329 - (نهى عن الاختصار في الصلاة) وهو وضع اليد على الخصر وهو المستدق فوق الورك وأعلى الخاصرة وهو ما فوق الطفطفة والشراسيف وتسمى شاكلة أيضا والطفطفة أطراف الخاصرة والشراسيف أطراف الضلع الذي يشرف على البطن أو هو من المخصرة وهي العصا بأن يتوكأ عليها أو من الاختصار ضد التطويل بأن يختصر السورة أو بعضها أو يخفف الصلاة بترك الطمأنينة يسرع بالصلاة بأن لا يمد قيامها وركوعها وسجودها وتشهدها أو يترك الطمأنينة في محالها الأربع أو بعضها قال الغزالي : والأول هو الصحيح لأن الاختصار فعل المتكبرين أو اليهود أو راحة أهل النار أو غير ذلك قال الزمخشري : وأما خبر المختصرون يوم القيامة على وجوههم نور فهم من تهجد فإذا تعب وضع يده على خصره أو المتوكل على عمله يوم القيامة (حم د ت عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وقضية صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وليس كذلك فقد قال الحافظ العراقي : إنه متفق عليه بلفظ نهى أن يصلي الرجل مختصرا وقال الصدر المناوي : رواه الشيخان في الصلاة عن أبي هريرة ولفظ البخاري نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخصر في الصلاة . 9330 - (نهى عن الاختصاء) تحريما للآدمي لتفويته النسل المطلوب لحفظ النوع وعمارة الأرض وتكثير الأمة ولما فيه من تعذيب النفس والتشويه مع إدخال الضرر الذي ربما أفضى إلى الهلاك وتغيير خلق الله وكفر نعمة الرجولية لأن خلق الإنسان رجلا من النعم العظيمة فإذا زال ذلك فقد تشبه بالمرأة وفي غير الآدمي خلاف والأصح كما قاله النووي تحريم خصاء غير المأكول مطلقا وأما المأكول فيجوز في صغيره لا كبيره ونظمه ابن الوردي فقال : ولأجل طيب اللحم يخصى * جائز الأكل صغيرا قال ابن حجر في الفتح : اتفقوا يعني الشافعية على منع الجب والاختصاء فيلحق به ما في معناه من التداوي لقطع شهوة النكاح فما في شرح السنة للبغوي من جوازه محمول على دواء يسكن الشهوة ولا يقطعها أصالة (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه يوسف بن يونس الأفطس قال في الميزان : عن ابن عدي كل ما روي عن الثقات فهو منكر فمن ذلك هذا الحديث . 9331 - (نهى عن الإقران) بهمزة مكسورة بين لام وقاف عند جمع وهي رواية مسلم كما ذكره عياض قال : وكذا هو في أكثر الروايات وقال القرطبي : كذا وقعت اللفظة لجميع رواة مسلم وليست معروفة فإنها وقعت رباعية من أقرن وصوابه القران لأنه من قرن يقرن ثلاثيا كما في رواية أخرى قال الفراء : يقال قرن بين الحج ولا يقال أقرن قال القرطبي : غير أنه جاء في الصحاح أقرن الدم في العرق
[ 393 ]
واستقرن كثر فيحتمل حمل الإقران المذكور عليه فيكون معناه نهى عن الإكثار من أكل التمر إذا أكل مع غيره ويرجع معناه إلى القران المذكور في الرواية الأخرى وقال ابن حجر : الرواية الفصحى أنسب وهكذا جاء عند أحمد والطيالسي وهو أن يقرن تمرة بتمرة فيأكلها معا لأن فيه إجحافا برفيقه مع ما فيه من الشره (1) والنهي للتنزيه إن كان الآكل مالكا مطلق التصرف وإلا فللتحريم وقال ابن بطال : هو للندب مطلقا عند الجمهور لأن الذي يوضع للأكل سبيله سبيل المكارمة لا التشاح لاختلاف الناس في الأكل والأرجح الأول ومثل التمرتين اللقمتان كما صرح به ابن العربي (إلا أن يستأذن الرجل أخاه) أي رفيقه المشارك له في ذلك فيأذن له فيجوز لأنه حقه فله إسقاطه ويقوم مقام صريح إذنه قرينة يغلب على الظن رضاه فإن كان شريكه أكثر من واحد شرط إذن الكل قال ابن حجر : وهذا يقوي مذهب من يصحح هبة المجهول . (حم ق د عن ابن عمر) [ ص 303 ] ابن الخطاب ورواه عنه أيضا الترمذي وابن ماجه في الأطعمة والنسائي في الوليمة فتخصيص المؤلف الثلاث من الستة غير جيد 9332 - (نهى عن الإقعاء في الصلاة) بأن يقعد على وركيه ناصبا فخذيه ، قال البيهقي : والإقعاء نوعان أحدهما هذا وهو المنهي عنه كما تقرر والثاني صح فعله عن المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يضع أطراف أصابع رجليه وركبتيه على الأرض وأليه على عقبيه وهو سنة في الجلوس بين السجدتين (ك هق عن سمرة) بن جندب قال الحاكم : صحيح ورواه عنه أيضا الطبراني في الكبير قال الهيثمي : وفيه سلام بن أبي حبرة متروك . 9333 - (نهى عن الإقعاء) وهو نصب قدميه ووضع ألييه على عقبيه (والتورك) بأن يجلس على كعب يسراه بعد أن يضجعها بحيث يلي ظاهر الأرض ويخرجها من جهة يمينه ويلصق وركه بالأرض (في الصلاة) (حم هق عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا البزار باللفظ المزبور عن شيخه هارون بن سفيان قال الهيثمي : لم أر من ذكره وبقية رجاله رجال الصحيح وفي مسلم عن عائشة كان ينهى عن قعية الشيطان قال النووي في الخلاصة : قال بعض الحفاظ : ليس في النهي عن الإقعاء حديث صحيح إلا حديث عائشة . 9334 - (نهى عن الأكل والشرب في إناء الذهب والفضة) النهي للتحريم فيحرم على الرجال والنساء الأكل في إناء ذهب أو فضة إلا إن عجز عن غيره (ن عن أنس) بن مالك . 9335 - (نهى عن التبتل) أي الانقطاع عن النكاح لأن القصد من هذا الدين بالذات تكثير أهله على سائر الأديان والتبتل في حق عيسى ويحيى فضيلة عظيمة كما دل عليه القرآن وتركه في حق نبينا أعظم لأن فضيلة القوة على النكاح والإكثار منه مع تقلله من الغذاء والملاذ المحرك له من أعظم
[ 394 ]
المعجزات ومحل النهي فيمن اتخذ ذلك سنة يستن بها ، أما من تبتل لفقد القدرة على التزوج لفقد أو عدم موافقة فلا يدخل في النهي (حم ق ن عن سعد) بن أبي وقاص (حم ت ن ه عن سمرة) بن حندب . 9336 - (نهى عن التبقر في المال والأهل) أي الكثرة والسعة ، والبقر الشق والتوسعة كذا قرره بعضهم وقال الزمخشري : التبقر تفعل من بقر بطنه شقه وفتحه فوضع موضع التفرق والتبدد ، والمعنى النهي عن أن يكون في أهله وماله تفرق في بلاد شتى فيؤدي إلى توزع قلبه (حم عن ابن مسعود) قال الهيثمي : رواه بأسانيد وفيها رجل لم يسم اه‍ وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف . 9337 - (نهى عن التحريش بين البهائم) أي الإغراء بينها وتهييج بعضها على بعض وهل النهي للتحريم أو الكراهة قولان قال جدنا للأم الزين العراقي : ودخل في ذلك مناطحة الثيران والكبوش ومناقرة الديوك ونحو ذلك (د ت) في الجهاد (عن ابن عباس) رمز لحسنه وأصله قول الترمذي : حسن صحيح . 9338 - (نهى عن أكل) في رواية أبي داود لحم (الضب) دويبة تشبه الحرذون لكن أكبر منه وذكر ابن خالويه أنه يعيش سبعمائة سنة وأخذ بهذا قوم فحرموا أكل الضب وعزي لعلي قال ابن حجر : وهذا الحديث يعارضه ما في الحديث المتفق عليه أن خالدا سأل المصطفى صلى الله عليه وسلم : أحرام هو ؟ فقال : لا ، لكني أعافه ، فأكله خالد وهو ينظره اه‍ وأجمع الجمهور على حله لكن بالكراهة التحريمية عند الحنفية وبدونها عند غيرهم (ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) في الأطعمة (عن عبد الرحمن بن شبل) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وفيه إسماعيل بن عياش ضعيف وقال العراقي : تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بحجة وقال المناوي : فيه ضمضم بن زرعة فيه مقال وقال الهيثمي : فيه إسماعيل بن عياش ضعيف في أهل الحجاز وقال ابن حجرفي التخريج : سنده شامي ولا يخلو عن مقال لكن قال في الفتح : سنده حسن ولا يغتر بقول الخطابي ليس إسناده بذاك ولا بقول ابن الجوزي لا يصح ففيه تساهل لا يخفى . 9339 - (نهى عن أكل لحم كل ذي ناب من السباع) أي ما يعدو بنابه منها كأسد وذئب ونمر ويفسر هذا النهي ويبين أنه تحريم الخبر المار أكل كل ذي ناب من السباع حرام وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاث وعن مالك قولان كما مر (ق عن أبي ثعلبة) الخشني رضي الله عنه .
[ 395 ]
9340 - (نهى عن أكل لحم كل ذي ناب من السباع وعن كل ذي مخلب) بكسر الميم وفتح اللام (من الطير) كصقر وعقاب وغراب قال الطيبي : وقوله وكل معطوف على قوله نهى عن أكل إلخ فيلزم منه تحريم كل ذي مخلب منه لأن الواو تشرك بين المعطوف والمعطوف عليه في العامل ومعناه وقد صار إلى تحريم كل ذي مخلب الأئمة الثلاثة ومشهور مذهب مالك اباحته اه‍ قال الحرالي : وحكمة النهي عن أكل السباع وما في معناها لحماية سورة غضبها لشدة المعرة في ظهور الغضب في العبيد لأنه لا يصلح إلا لسيدهم وفيه رد على مالك في قوله لا يحرم كل ذي ناب ومخلب لآية * (قل لا أجد فيما أوحى الي محرما على طاعم يطعمه) * وقضية التقييد بذي المخلب منع أكل سباع الطير العادية كعقاب وغراب (حم م) في الصيد (د ه) من رواية ميمون بن مهران (عن ابن عباس) لم يخرجه البخاري وقول ابن القطان لم يسمعه ميمون من ابن عباس لما بينهما من سعيد بن جبير رده الخطيب بأن الصحيح أنه ليس بينهما أحد . 9341 - (نهى) نهي تحريم (عن أكل لحوم الحمر الأهلية) التي تألف البيوت ولها أصحاب ترجع إليهم وهي كالأنسية ضد الوحشية وقال بعضهم : سميت الأهلية بمعنى أنها مملوكة ولها أهل ترجع إليهم ويرجعون إليها بخلاف الوحشية فإنها لا أهل لها قال الحرالي : وحكمته الحماية من بلادتها اه‍ وذهب إلى تحريمها الأئمة الثلاثة وعن مالك روايتان أشهرهما يكره تنزيها وأحلها ابن عباس وعزي لعطاء تمسكا بخبر أبي داود أطعم أهلك من سمين حمرك وأجيب من جانب الجمهور بأنه حديث مضطرب وبأن في مساقه ما يشير إلى اضطرارهم وليس الكلام فيه قال النووي : مال إلى تحريم الحمر الأهلية أكثر العلماء فمن الصحب فمن بعدهم ولم نجد عن أحد من الصحابة فيه خلافا إلا عن ابن عباس وعند المالكية ثلاث روايات ثالثها الكراهة (ق عن البراء) بن عازب (وعن جابر) بن عبد الله (وعن علي) أمير المؤمنين (وعن ابن عمر) بن الخطاب (وعن أبي ثعلبة) الخشني وله طرق وألفاظ . 9342 - (نهى) يوم خيبر (عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير وكل ذي ناب من السباع) قد تقدم ما في الأخيرين من المذاهب ، والبغال كالحمير فيما مر ، وأما الخيل فحرم أكلها كثيرون من الحنفية واستظهروا عليه بآية * (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة) * فدل على أنها لم تخلق لغير ذلك وكرهه مالك وأباحه الشافعي كالجمهور بلا كراهة ، وهذا الخبر متفق على ضعفه والآية مكية والإذن في أكل الخيل بعد الهجرة بنحو سبع سنين (د) في الأطعمة (ه) في الذبائح (عن خالد بن
[ 396 ]
الوليد) رمز المصنف لحسنه قال أبو داود : منسوخ وقال البيهقي : إسناده مضطرب وقال ابن حجر : حديث شاذ منكر . 9343 - (نهى عن أكل لحم الجلالة) بالفتح والتشديد التي تأكل الجلة بالكسر وهي البعر وزعم ابن حزم اختصاصها بذوات الأربع والمعروف التعميم فالجلة البعر فوضع موضع العذرة يقال جلت الدابة الجلة ومضت الإماء يجتللن أي يلتقطن الجلة والنهي للتنزيه عند جمهور الشافعية فيكره أكلها إذا تغير لحمها بأكل النجاسة وللتحريم عند بعضهم وهو مذهب الحنابلة وألبانها أي شرب ألبانها قال القاضي : ولعله أراد بها البقرة اللبون فإنها تعتاد أكل الأرواث وتحرص عليها دون سائر الدواب وسائر الأحوال فسماها بوصفها الخاص بها غالبا وألحق بلحمها ولبنها بيضها وتزول الكراهة أو الحرمة بزوال ريح النجاسة بعد علفها بطاهر وجاء في خبر تقديره بأربعين يوما . - (د ت) في الأطعمة (ه) في الذبائح (ك) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : حسن غريب قال الصدر المناوي : وفيه محمد بن إسحاق . 9344 - (نهى عن أكل) البهيمة (المجثمة) بالجيم والمثلثة المفتوحة (وهي التي تصبر بالنبل) أي تحبس يعني تربط ويرمي إليها حتى تموت من جثم بالمكان توقف فيه فإذا ماتت بالرمي لم يحل أكلها لأنها موقوفة بخلاف ما لو أخذت فذبحت (غربية) في معجم الأدباء زعموا أن المبرد ورد الدينور زائرا لعيسى بن ماهان فأول ما دخل وقضى سلامه قال عيسى : أيها الشيخ ما الشاة المجثمة التي نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن أكلها قال : القليلة اللبن مثل اللحية فقال : هل من شاهد قال : نعم قول الراجز : لم يبق من آل الحميد نسمه * إلا عنيز لحية مجثمه فإذا بالخادم يستأذن لأبي حنيفة الدينوري فدخل فقال : أيها الشيخ ما المجثمة التي نهى عنها قال : التي جثمت على ركبها وذبحت من خلف قفاها قال : كيف تقوله وهذا شيخ العراقي يعني المبرد يقول هي القليلة اللبن وأنشد البيتين ، قال أبو حنيفة : أيمان البيعة يلزمني إن كان هذا التفسير سمعه هذا الشيخ أو رآه وإن كان البيتان إلا لساعتهما هذه فقال المبرد : صدق أبو حنيفة فإني أنفت أن أرد عليك من العراق وذكري ما قد شاع فأول ما تسألني عنه لا أعرفه فاستحسن منه هذا الإقرار وترك البهت (ت) في الصيد (عن أبي الدرداء) رمز لحسنه وقال : غريب ورواه الدارمي عن ابن عباس . 9345 - (نهى عن أكل الطعام الحار حتى يمكن أكله) بأن يبرد قليلا فإن الحار لا بركة فيه كما في الحديث المار والنهي للتنزيه إلا إن خيف ضرر فيكون للتحريم (هب عن صهيب) .
[ 397 ]
9346 - (نهى عن أكل الرخمة) طائر أبقع معروف يأكل الجيف ولا يصيد والنهي للتحريم (عد هق عن ابن عباس) قال [ ص 306 ] ابن حجر : حديث ضعيف جدا فيه خارجة بن مصعب وهو ضعيف جدا . 9347 - (نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو) أي يظهر (صلاحها) بأن تصير على الصفة المطلوبة منه وبيعه قبل ذلك لا يصح إلا بشرط القطع (وعن بيع النخل حتى تزهو) بفتح التاء وبالواو وفي رواية تزهى أي تحمر ، وصوب الخطابي تزهى دون تزهو قال ابن الأثير : منهم من أنكر نزهى كما أن منهم من أنكر تزهو والصواب الروايات على اللغتين زهت تزهو وأزهت تزهى أي تحمر ، وأفهم قوله حتى يبدو صلاحها أنه لا يكتفي بوقت بدو الصلاح بل لا بد من حصوله بالفعل في الكل أو البعض (خ عن أنس) ابن مالك . 9348 - (نهى عن بيع ضراب الجمل) بالجيم بخطه أي أجرة ضرابه وهو عسب الفحل فاستئجاره لذلك باطل عند الشافعي وأبي حنيفة للضرر والجهالة وأجازه مالك للحاجة (وعن بيع الماء) من نحو بئر بفلاة أي بشرط أن لا يكون ثم ما يستقى منه وأن تدعو الحاجة له لسقي ماشية لا زرع وأن لا يحتاجه مالكه (والأرض لتحرث) يعني عن إجارتها للزرع والنهي للتنزيه ليعتادوا إعارتها وإرفاق بعضهم بعضا وتصح إجارتها بغير ما يخرج منها اتفاقا ومما يخرج منها منعه مالك وأجازه الشافعي (م ت) في البيوع المنهية (عجابر) ولم يخرجه البخاري . 9349 - (نهى عن بيع فضل الماء) أي عن بيع ما فضل عن حاجته من ذي حاجة لا ثمن له وان كان له ثمن فالأولى إعطاؤه بلا ثمن فالنهي في الأول للتحريم وفي الثاني للتنزيه ذكره الشافعية ، وقال بعض المالكية : ليس له منعه وله طلب القيمة كإطعام المضطر ورد بأن الطعام منقطع المادة غير مستخلف والماء مستخلف ما دام في منبعه حتى لو جمعه في نحو حوض أو إناء فله منعه كالطعام وتأويل بعضهم الخبر بأن المراد ماء الفحل في النزو غير قويم لعطفه عليه في رواية أخرى فيكون تكرارا (م ن ه عن جابر حم 4 عن إياس بن عبد) بغير إضافة يكنى أبا عوف له صحبة يعد في الحجازيين وشهد فتح مصر وصححه الترمذي ، وقال ابن دقيق العيد : على شرطهما ولم يخرجه البخاري .
[ 398 ]
9350 - (نهى عن بيع الذهب بالورق) بكسر الراء الفضة (دينا) أي غير حال حاضر بالمجلس قال النووي : أجمعوا على تحريم بيع ذهب بذهب أو فضة مؤجلا وكذا بر ببر أو بشعير وكذا كل شيئين اشتركا في علة الربا (حم ق ن عن البراء) بن عازب (و) عن (زيد بن أرقم) . 9351 - (نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة) من الطرفين فيكون من بيع الكالئ بالكالئ لأن الربا يجري في الحيوان هكذا قرره الشافعي توفيقا بين هذا الحديث وخبر البخاري أن المصطفى صلى الله عليه وسلم اقترض بكرا ورده رباعيا وقال : خياركم أحسنكم قضاءا ، وتعلق الحنفية والحنابلة بظاهر الخبر فمنعوا بيع الحيوان بالحيوان وجعلوه ناسخا لحديث البخاري مع أن النسخ لا يثبت بالاحتمال ، وفصل مالك فقال : يجوز إن اختلف الجنس ويحرم إن اتحد ونزل الخبرين على هذين (حم 4) في الربا (والضياء) في المختارة كلهم من حديث الحسن (عن سمرة) بن جندب قال الترمذي : حسن صحيح ، وقال غيره : رجاله ثقات إلا أن الحفاظ رجحوا إرساله لما في سماع الحسن عن سمرة من النزاع لكن رواه ابن حبان والدارقطني عن ابن عباس . 9352 - (نهى عن بيع السلاح) وهو كل نافع في الحرب (في الفتنة) أي لأهل الحرب (طب هق عن عمران) بن الحصين قال ابن الجوزي : حديث لا يصح ، وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه يحيى بن كثير السقاء وهو متروك اه‍ ورواه عنه أيضا البزار وابن عدي قال ابن حجر : وهو ضعيف والصواب وقفه كما قاله ابن عدي وعلقه البخاري . 9353 - (نهى عن بيع السنين) أي يبيع ما تثمره نخله سنتين أو ثلاثا أو أربعا وأكثر لأنه غرر . (حم م د ن ه عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا ابن حبان . 9354 - (نهى عن بيع الشاة باللحم) فيه أنه لا يباع حيوان أي ولو سمكا وجرادا بلحم ولو من سمك وجراد فيستوي فيه الجنس وغيره والمأكولات وغيرها (ك هق) من رواية الحسن (عن سمرة) بن جندب قال البيهقي : وفي سماعه منه خلاف فمن أثبته عده موصولا . 9355 - (نهى عن بيع اللحم بالحيوان) ولو من سمك وجراد فيستوي فيه الجنس وغيره وسواء
[ 399 ]
كان لحم الحيوان مأكولا أولا للربا قال سعيد بن المسيب : كان من ميسر أهل الجاهلية (مالك) في الموطأ (والشافعي) في المسند (ك) كلهم (عن سعيد بن المسيب مرسلا) وهو عند أبي داود عن سهل بن سعد وحكم بضعفه لما أنه انفرد به مروان عن مالك ولم يتابع عليه وصوب الرواية المرسلة لكنه له شاهد بينه المصنف بقوله (البزار) في مسنده (عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا ، قال ابن حجر : وفيه ثابت بن زهير وهو ضعيف وأخرجه من رواية أبي أمية بن يعلى عن نافع وأبو أمية ضعيف . 9356 - (نهى عن بيع المضامين) وهي ما في البطون من الأجنة (والملاقيح وحبل الحبلة) بفتح الباء فيهما لكن الأولى مصدر حبلت المرأة بكسر الباء والثاني اسم جمع حابل كظالم وظلمة ، وقال الأخفش : وهو جمع حابلة قال ابن الانباري : الهاء في الحبلة للمبالغة (طب) وكذا البزار (عن ابن عباس) ورواه البزار عن ابن عمر قال الهيثمي : فيه إبراهيم بن إسماعيل بن جبيبة وثقه أحمد وضعفه جمهور الأئمة وأخرجه عبد الرزاق قال ابن حجر : وسنده قوي اه‍ ، ومن ثم رمز المصنف لصحته . 9357 - (نهى عن بيع الثمار حتى يبدو) أي يظهر وهو بلا همزة وأخطأ من همزه : صلاحها . وفي رواية حتى تزهو وهو بمعناه ويكفي بدو صلاح بعض ثمر البستان (وتأمن العاهة) (حم عن عائشة) . 9358 - (نهى عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان) صاع البائع وصاع المشتري (فيكون لصاحبه الزيادة وعليه النقصان) أفاد أنه لا يصح بيع المكيل قبل قبضه وهو مذهب الشافعي ، وقال أبو حنيفة : إلا العقار وخص مالك المنع بالطعام أخذا بمفهوم هذا الخبر (البزار) من طريق محمد الحموي عن مخلد بن حسين عن هشام بن محمد (عن أبي هريرة) وقال : لا نعلمه إلا من هذا الوجه قال الهيثمي : فيه مسلم بن أبي مسلم الحرمي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح [ ص 308 ] قال ابن حجر : وفي الباب أنس وابن عباس عند ابن عدي بسندين ضعيفين جدا ، وقال : روي من أوجه إذا ضم بعضها لبعض قوي مع ما ثبت عن ابن عمر وابن عباس . 9359 - (نهى عن بيع المحفلات) بفتح الفاء جمع محفلة من الحفل الجمع ومنه محفل للموضع الذي يجتمع فيه الناس والمراد المصراة وهي شاة أو بقرة أو ناقة يترك صاحبها حلبها حتى يجتمع لبنها والنهي للتحريم للتدليس ومذهب الشافعي صحة البيع وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث
[ 400 ]
بكماله وليس كذلك بل بقيته عند مخرجه البزار وقال : من ابتاعهن فهو بالخيار إذا حلبهن (البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته وليس بصحيح فقد قال الهيثمي : فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف . 9360 - (نهى عن بيعتين) بكسر الباء نظرا للهيئة وبفتحها نظرا للمرة وقال الزركشي الأحسن ضبطه بالكسر (في بيعة) بأن يبيعه شيئا على أن يشتري منه شيئا آخر وأن يقول بعتكه بعشرة نقدا وبعشرين نسيئة فخذ بأيهما شئت قال العراقي : هذا لا يقتضي اختصاص النهي بالمذكور حتى يدل انتفاء النهي عن بيعه ثالثة فإن هذا مفهوم بعت وقد اختلف الأصول في أن مفهوم العدد حجة وأما هذا فسماه السبكي مفهوم المعدود وليس بحجة اتفاقا ويجئ مثله في النهي عن لبستين فلا يقتضي النهي عن لبسة ثالثة (ت ن) في البيوع المنهية (عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن صحيح ورواه البيهقي أيضا وزاد صفقة واحدة . 9361 - (نهى أن تلقى البيوع) بضم التاء وفتح اللام وقاف مشددة مبنيا للمفعول والبيوع بالرفع نائب الفاعل وأصله تتلقى فحذفت إحدى التاءين والمعنى تستقبل أصحاب البيوع وهو أن تتلقى السلعة الواردة لمحل بيعها قبل وصولها له والنهي معقول وهو منع الضرر ولا يعارضه النهي عن بيع الحاضر للبادي لأنه اقتضى عدم الاستقصاء للجالب وحديث التلقي يقتضي الاستقصاء له لأنا نقول الأحكام مبنية على المصالح ومنها تقديم مصلحة الجماعة على الواحد فكما روعي هنا مصلحة الجالب روعي ثم مصلحة أهل الحضر على مصلحة الواحد وهو الجالب فالحديثان متماثلان لا متعارضان (ت ه عن ابن مسعود) قضية تقرير المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك فقد رواه مسلم هكذا والبخاري موقوفا . 9362 - (نهى عن تلقي الجلب) محركا بمعنى مفعول ما يجلب من بلد لبلد وهو المعبر عنه بتلقي الركبان فيحرم عند الشافعي ومالك وجوزه الحنفية إن لم يضر بالناس وشرط التحريم علم النهي (ه) في البيوع المنهية (عن ابن عمر) بن الخطاب ، رمز لحسنه ، قضية صنيع المصنف تفرد زين به من بين الستة والأمر بخلافه بل خرجه الجماعة كلهم إلا البخاري بأكثر فائدة وهو لا تتلقوا الجلب فمن تلقاه فاشترى منه شيئا فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار كذا أورده في البيوع المنهية عن أبي هريرة . 9363 - (نهى عن ثمن الكلب) نهي تحريم (وعن ثمن السنور) الذي لا نفع فيه أو المتوحش الذي لا يمكن تسليمه أو النهي للتنزيه ولا بعد في جمع الكلام الواحد نهيا تحريميا وآخر تنزيهيا (حم 4
[ 401 ]
ك عن جابر) قضية صنيع المصنف [ ص 309 ] أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وهو ذهول فقد خرجه مسلم في البيع عن جابر باللفظ المزبور . 9364 - (نهى عن ثمن الكلب) لنجاسته عند الشافعية والنهي عن اتخاذه عند المالكية وهل النهي عندهم للتنزيه أو للتحريم قولان قال ابن العربي : والصحيح دليلا جواز البيع (إلا الكلب المعلم) فإنه يجوز بيعه عند الحنفية للضرورة (حم ن عن جابر) قال ابن حجر : رجاله ثقات ، وليس في محله فقد قال ابن الجوزي : فيه الحسين بن أبي جعفر قال يحيى : ليس بشئ وضعفه أحمد وقال ابن حبان : هذا الخبر بهذا الإسناد لا أصل له . 9365 - (نهى عن ثمن الكلب إلا كلب الصيد) فإن لا يحل أخذ ثمنه عند الحنفية لصحة بيعه عندهم للحاجة إليه وفيه لمالك قولان - (ت عن أبي هريرة) قال ابن حجر : هو من رواية أبي المهزم عنه وهو ضعيف . 9366 - (نهى عن ثمن الكلب) نهي تحريم (وثمن الدم) هو على ظاهره فيحرم بيع الدم وأخذ ثمنه والمراد أجرة الحجامة (وكسب البغي) بفتح الموحدة وكسر المعجمة وشد الياء الزانية أي كسبها بالزنى أي ما تأخذه عليه (خ) منفردا به في باب ثمن الكلب (عن أبي جحيفة) ولم يخرجه بجملته غيره من الستة قال المناوي ووهم صاحب المنتقى في عزوه لمسلم . 9367 - (نهى أن يستنجى ببعرة أو عظم) نبه بالبعرة على جنس الجنس وبالعظم على كل مطعوم فأفاد منع الاستنجاء بكل نجس ومطعوم خلافا لأبي حنيفة حيث جوزه بنجس جامد وعظم ولا يجزئ بحجر نجس خلافا لابن حزم ، وجاء في بعض الروايات تعليل المنع من العظم بأنه طعام إخواننا من الجن ومعناه أنه تعالى جعلن لهم فيه رزقا فإنا نشاهد جوهر العظم وما يحمله من اللحم لا ينقص منه شئ قال ابن عربي : وأخبرني بعض المكاشفين أنه رأى الجن يأتون إلى العظم فيشمونه كما تشم السباع ثم يرجعون وقد أخذوا أرزاقهم وغذاءهم من ذلك الشم (حم م د عن جابر) . 9368 - (نهى أن يقعد على القبر) أي يجلس عليه لأن في القعود عليه تهاونا بالميت والموت وقيل أراد للإحداد والحزن ، وقول مالك المراد القعود للحدث قالوا ضعيف (وأن يقصص) بقاف وصادين
[ 402 ]
مهملتين وهو بمعنى يجصص الوارد في أكثر الروايات أي يبيض بالجص وهو الجبس وقيل الجير والمراد بهما لأنه نوع زينة ولا يليق بمن صار إلى البلى قال الزمخشري : القصة الجصة وليس أحد الحرفين بدلا من صاحبه لاستواء التصريف لكن الفصحاء على القاف اه‍ . (وأن يبني عليه) قبة أو غيرها فيكره كل من الثلاثة تنزيها فإن كان في مسبلة أو موقوفة حرم بناؤه والبناء عليه ووجب هدمه قال ابن القيم : والمساجد المبنية على القبور يجب هدمها حتى تسوى الأرض إذ هي أولى بالهدم من مسجد الضرار الذي هدمه النبي صلى الله عليه وسلم وكذا القباب والأبنية التي على القبور وهي أولى بالهدم من بناء الغاصب اه‍ . وأفتى جمع شافعيون بوجوب هدم كل بناء بالقرافة حتى قبة إمامنا الشافعي رضي الله عنه التي بناها بعض الملوك ، والقول بكراهة التنزيه في القعود على القبور هو ما عليه الشيخان حتى قال في المجموع : إن الشافعي وجمهور أصحابه عليه لكنه في شرح مسلم قال : إنها للتحريم واحتج بهذا الحديث (حم م د ن) في الجنائز (عن جابر) بن عبد الله ولم يخرجه البخاري . 9369 - (نهى أن يطرق الرجل أهله) بضم الراء من الطروق وهو المجئ ليلا فقوله (ليلا) تأكيد وإيضاح قال ابن جرير : الطريق أصله الطرق ثم استعمل ما في معناه كالضارب بالحصى ومنه مطرقة الحداد لأنه يطرق بها أي يضرب ومنه هذا الحديث فمعناه نهى أن يقدم عليهم ليلا لأن من شأن القارع ليلا قرع الباب وذلك كراهة أن يهجم من حليلته على ما يقبح عند إطلاعه عليه فيكون سببا لبغضها وفراقها فنبه المصطفى صلى الله عليه وسلم على ما تدوم به الألفة ويتأكد به المحبة فينبغي أن يجتنب مباشرة أهله في حال البذاذة وعدم النظافة وأن لا يتعرض لرؤية عورة منها وكلمة أن في قوله أن يطرق مصدرية وليلا ينصب على الظرفية . - (ق عن جابر) بن عبد الله ورواه أحمد بن سعد بزيادة ولفظه نهى أن يطرق الرجل أهله ليلا بعد صلاة العشاء قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح إلا أن الزهري لم يدرك سعدا . 9370 - (نهى أن يقتل شئ من الدواب صبرا) مر عما قريب فراجعه (حم م عن جابر) بن عبد الله . 9371 - (نهى أن يكتب على القبر شئ) فتكره الكتابة عليه ولو اسم صاحبه في لوح أو غيره عند الثلاثة خلافا للحنفية وقول الحاكم العمل على خلافه فالأئمة من الشرق إلى الغرب مكتوب على قبورهم وهو عمل أخذه الخلف عن السلف : رده الذهبي بأنه لا طائل تحته ولا نعلم صحابيا فعله بل شئ أحدثه التابعون ولم يبلغهم النهي (ه ك) في الجنائز (عن جابر) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه عنه الترمذي أيضا بلفظ نهى أن تجصص القبور وأن يكتب عليها وأن توطأ وقال : حسن صحيح .
[ 403 ]
9372 - (نهى أن يضع) في رواية يرفع (الرجل إحدى رجليه على الأخرى وهو مستلق على ظهره) تحريما إن لم يأمن انكشاف عورته وإلا فتنزيها وفعل النبي صلى الله عليه وسلم لذلك في المسجد لضرورة أو لبيان الجواز وإلا فحاله في المجامع كان على خلاف ذلك من الوقار التام ومزيد الاحتشام والقول بأن هذا النهي منسوخ بفعله رد ابن حجر بأن النسخ لا يثبت بالاحتمال على أن هذا النهي عام لأنه قول يتناول الجميع واستلقاؤه في المسجد فعل قد يدعي قصره عليه . - (حم عن أبي سعيد) الخدري ورواه الطبراني أيضا ورمز المصنف لحسنه وهو تقصير بل حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي : رجاله ثقات اه‍ . وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين بل ولا لأحد من الستة وإلا لما اقتصر على غيره وهو غفلة فقد خرجه مسلم والبخاري في اللباس باللفظ المذكور لكنه قال : يرفع بدل يضع ، وأبو داود في الأدب والترمذي في الاستئذان عن جابر والمؤلف كأنه تبع المازري حيث قال : هذا الحديث ليس في الكتب الستة وذهل عن رد الحافظ ابن حجر له بأنه عند البخاري في اللباس . 9373 - (نهى أن يدخل) بالبناء للمفعول ويمكن للفاعل (الماء) للاغتسال ونحوه (إلا بمئزر) أي بشئ يستر عورته (ك) في الطهارة (عن جابر) ثم قال الحاكم : على شرطهما ، وأقره الذهبي في التلخيص لكنه ضعفه في الميزان وعده من مناكير حماد بن شعيب الحماني وقال : قال يحيى : لا يكتب حديثه والنسائي : ضعيف وتبعه في اللسان ونقل عن ابن الجارود عن البخاري بأنه قال : منكر الحديث . 9374 - (نهى أن يمس الرجل ذكره بيمينه) أي بيده اليمنى فيكره تنزيها عند الشافعية وتحريما عند الظاهرية وعلة النهي إظهار شرفها ومرتبتها على اليسار وهي في أدب الشرع مرصدة للأكل والشرب والأخذ بخلاف اليسار فإنها للقذر وأسافل البدن والمرأة كالرجل والدبر كالذكر كما مر وفيه شمول لحالة البول وغيرها لكن قيده في رواية لمسلم بقوله وهو يبول والأصح عند الشافعية الأخذ بالإطلاق وأجيب عما أورد عليه من لزوم ترك حمل العام على الخاص بأنه لا محذور فيه هنا إذ ذاك محله فيما إذا لم يخرج القيد مخرج الغالب ولم يكن العام أولى بالحكم من الخاص وما هنا بخلافه إذ الغالب أن مس الذكر إنما يكون حال البول ولأنه إذا نهى عن المس باليمين حال الاستنجاء مع مظنة الحاجة إليه فعنه في غيرها أولى مع أن كراهة مس الذكر لا تختص باليمين بل اليسار مثلها في غير حالة البول والاستنجاء .
[ 404 ]
(تنبيه) قال الغزالي : على العبد شكر النعمة في جميع أفعاله فمن استنجى بيمينه أو مس بها فرجه فقد كفر نعمة اليدين لأن الله تعالى خلقهما وجعل إحداهما أقوى من الأخرى فاستحقت الأقوى بمزيد رجحانها للتشريف والتفضيل وتفضيل الناقص عدول به عن العدل والله لا يأمر إلا بالعدل ، والأعمال بعضها شريف كأخذ المصحف وبعضها خسيس كإزالة الخبث فإذا أخذت المصحف باليسار وأزلت الخبث أو مسست الفرج باليمين فقد خصصت الشريف بالخسيس فنقصته حقه وظلمته وعدلت عن العدل (وأن يمشي في نعل واحدة وأن يشتمل الصماء) افتعال من الشملة وهو كساء يغطى به الرأس ويلتف به قال الزركشي : وهو في قول الفقهاء أن يجلل بدنه بثوب ثم يرفع طرفيه على عاتقه الأيسر فربما تبدو منه عورته ، وعند اللغويين أن يتجلل به فلا يرفع منه جانبا فتكون الكراهة لعدم قدرته على الاستعمال ببدنه مما يعرض له في الصلاة (وأن يحتبى في ثوب ليس على فرجه منه شئ) فإنه إذا كان كذلك بدت عورته والستر مأمور به وجوبا . قال الزركشي : والاحتباء بالثوب أن يتحزم به على حقويه وركبتيه ، وكانت العرب تفعله لترتفق به في الجلوس وكذا فسره البخاري في باب اللباس ، وقال الخطابي : أن يجمع ظهره ورجليه بثوب (ن عن جابر) بن عبد الله . 9375 - (نهى أن يقوم الإمام فوق شئ) أي عال كمصطبة (والناس) أي المأمومون (خلفه) يعني أسفل كما فسر في رواية فيكره أي تنزيها ارتفاع الإمام على المقتدين أي بلا حاجة (د ك عن حذيفة) قال ابن حجر : له طريقان أحدهما فيه مجهولان والأخرى تفرد بها زياد وهو مختلف في توثيقه . 9376 - (نهى عن التختم بالذهب) وفي رواية عن خاتم الذهب وهذا في حق الرجال وأما في حق النساء فيجوز (ت عن عمران بن حصين) رمز المصنف لصحته . 9377 - (نهى عن الترجل) أي التمشط أي تسريح الشعر فيكره لأنه من زي العجم (إلاغبا) أي يوما بعد يوم فلا يكره بل يسن فالمراد النهي عن المواظبة عليه والاهتمام به لأنه مبالغة في التزيين وتهالك به وأما خبر النسائي عن أبي قتادة أنه كانت [ ص 312 ] له جمة فأمره أن يحسن إليها وأن يترجل كل يوم فحمل على أنه كان محتاجا لذلك لغزارة شعره أو هو لبيان الجواز قال الولي العراقي : ولا فرق في النهي عن التسريح كل يوم بين الرأس واللحية وأما حديث أنه كان يسرح لحيته كل يوم مرتين فلم أقف عليه بإسناد ، ولم أره إلا في الإحياء ولا يخفى ما فيها من الأحاديث التي لا أصل لها ولا فرق بين الرجل والمرأة لكن الكراهة فيها أخف لأن التزيين في حقهن أوسع منه في حق الرجال ومع هذا فترك الترفه والتنعم لهن أولى (حم) في الترجل (3) من حديث الحسن (عن عبد الله بن مغفل) قال الترمذي : حسن صحيح قال أبو الوليد : وهذا وإن رواه ثقات لكنه لا يثبت لأن رواية الحسن عن أبي مغفل فيها نظر وقال المنذري : في الحديث اضطراب .
[ 405 ]
9378 - (نهى عن التكلف للضيف) أي أن يتكلف المضيف له ضيافة فوق ما يليق بالحال لما فيه من الإضرار بل لا يمسك موجودا ولا يتكلف مفقودا ولا يزيد على عادته قال الحرالي : والتكلف أن يحمل المرء على أن يكلف بالأمر كلفة بالأشياء التي يدعو إليها طبعه . (ك) في الأطعمة (عن سلمان) الفارسي قال الذهبي : سنده لين . 9379 - (نهى عن الجذاذ بالليل) بالفتح والكسر صرام النخل وهو قطع ثمرها (والحصاد بالليل) قطع الزرع كانوا يجذون ويحصدون ليلا فرارا من الفقراء فنهوا عنه لقوله تعالى * (وآتوا حقه يوم حصاده) * ذكره الزمخشري وخفي ذلك على من علله بأنه لأجل الهوام لئلا تصيب الناس (هق عن الحسين) بن علي رمز لحسنه ورواه عنه أيضا الخطيب في التاريخ . 9380 - (نهى عن الجدال بالقرآن قال الزمخشري : يعني الجدال في آيات الله بالكفر والمراد الجدال بالباطل من الطعن فيها والقصد إلى إدحاض الحق وإخفاء نور الله فقد دل على ذلك في قوله تعالى * (وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق) * أما الجدال فيها لإيضاح ملتبسها وحل مشكلها ومقادحة أهل العلم في استنباط معانيها ورد أهل الزيع بها وعنها فأعظم جهاد في سبيل الله (السجزي عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه . 9381 - (نهى عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر) لأنه إقرار على معصية (وأن يأكل الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان ولو أنثى (وهو) أي والحال أنه (منبطح على وجهه) في رواية على بطنه فيكره ذلك لأنه مع ما فيه من قبح الهيئة يضر بالمعدة وأمعاء الجنب ويمنع من حسن الاستمراء لعدم بقاء المعدة على وضعها الطبيعي . - (د ه ك عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال في المطامح : حديث ضعيف . 9382 - (نهى عن الجمة) بضم الجيم وشدة الميم (للحرة) أي عن سدل الشعر وإرساله على كتفيها (و) نهى (عن العقصة) أي الشعر المعقوص (للأمة) للتشبيه بالحرائر (طب عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي : ورواه الطبراني في الكبير والصغير ورجال الصغير ثقات اه‍ وعجب من المصنف كيف أغفل الطريق الصحيحة وآثر المرجوحة .
[ 406 ]
9383 - (نهى عن الجلالة) التي تأكل الجلة أي العذرة من الأنعام (أن يركب عليها) حتى يتيقن ذهاب النجاسة منها وزوال اسم الجلالة عنها ولفظ أبي داود نهى عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها فلعل المؤلف سقط من قلمه في الإبل سهوا (أو يشرب من ألبانها) أو يؤكل من لحمها بالأولى ، وأخذ بظاهره جمع من السلف فمنعوا ركوبها قال عمر لرجل له إبل جلالة : لا تحج عليها ولا تعتمر وقال ابنه : لا أصاحب أحدا ركبها ، وحمل ذلك في المطامح على التغليظ قال : وليس في ركوبها معنى يوجب التحريم اه‍ ومن زعم أن ذلك لنجاسة عرقها فينجسه فقد وهم إذ الرواية مقيدة في الصحيح بالإبل وعرقها طاهر (د ك عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال النووي بعد عزوه لأبي داود : إسناده صحيح . 9384 - (نهى عن الحبوة) بكسر الحاء وضمها من الاحتباء وهو ضم ساقيه لبطنه بشئ مع ظهره وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب قال الزمخشري : وهي للعرب خاصة كان يقال حبي العرب حيطانها وعمائمها تيجانها وجاء في خبر إن الاحتباء حيطان أي ليس في البراري حيطان فإذا أرادوا الاستناد احتبوا لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط ويصير لهم كالجدر (يوم الجمعة والإمام يخطب) لأنه مجلبة للنوم وتعرض الطهر للنقض لعدم التمكن معها وجاء في رواية النهي عن الاحتباء مطلقا غير مقيد بيوم الجمعة فالظاهر أن ذكرها هنا لاختصاص الكراهة بل لكونه أشد كراهة قال ابن الأثير : وإنما نهى عنه مطلقا لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدو عورته . - (حم د ت ك) في الجمعة (عن معاذ بن أنس) قال الترمذي : حسن وقال الحاكم : صحيح وقال عبد الحق : إسناده ضعيف قال ابن القطان : وذلك لأن فيه عبد الرحيم بن ميمون ضعفه ابن معين قال : ولعل عبد الحق عنى بقوله سنده ضعيف جميع من فيه وتسامح فيه لكونه من الفضائل اهوقال المنذري : ابن ميمون ذكر أبو حاتم أنه لا يحتج به . وقال الذهبي في المهذب : فيه ابن ميمون ضعيف وفي الميزان : ضعفه يحيى ، وقال أبو حاتم : يكتب حديثه ولا يحتج به ثم أورد له هذا الخبر ، وقال المناوي : وفيه أيضا سهل بن معاذ ضعفوه . 9385 - (نهى عن الحكرة بالبلد) أي اشتراء القوت وحبسه ليقل فيغلو والفرق بين الاحتكار والادخار إنما كان لصلاح خاصة الماسك فهو ادخار وما كان لغيره فهو احتكار ذكره الحرالي (وعن التلقي) للركبان خارج البلد (وعن السوم قبل طلوع الشمس) أي أن يساوم بسلعة حالتئذ لأنه وقت ذكر الله فلا يشتغل بغيره ويمكن كونه من رعي الإبل لأنها إذا رعت قبل طلوعها والمرعى ندى أصابها منه وباء ربما قتلها (وعن ذبح قنى الغنم) بالقاف قال الزمخشري : هو الذي يقتنى للولد والنهي في هذه للتنزيه (هب عن علي) أمير المؤمنين .
[ 407 ]
9386 - (نهى عن الخذف) بخاء وذال معجمتين وفاء : الرمي بحصاة أو نواة بين سبابتيه أو غيرهما لأنه يفقأ العين ولا ينكا العدو ولا يقتل الصيد قال المهلب : أباح الله الصيد على صفة فقال * (تناله أيديكم ورماحكم) * وليس الرمي بالبندقة ونحوها من ذلك إنما هو قيد وأطلق الشارع أن الخذف لا يصاد به لكونه ليس مجهزا ، وقد اتفق العلماء إلا من شذ على تحريم أكل ما قتله البندقة أو الحجر لأنه يقتل الصيد بقوة رامية لا بحده وفيه تحريم الرمي بنحو البندق إن خيف [ ص 314 ] ادخال الضرر منه على حيوان محترم فإن أمن ذلك كأن كان بنحو فلاة جاز كما قال النووي وغيره ، وقال القرطبي : وبنكأ عند أكثر الرواة بالهمز وروي بدونه وهو أشبه وأوجه . (حم ق) في الذبائح (د) في الأدب (ه) في تعظيم الحديث من حديث سعيد جبير (عن عبد الله بن مغفل) قال سعيد : كان جالسا إلى جنبه ابن أخ له فخذف فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ، وقال : إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا وتكسر السن وتفقأ العين فعاد ابن أخيه فخذف فقال أحدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ثم تخذف ؟ لا أكلمك أبدا ، ورواه عنه النسائي في الديات أيضا وكأن المصنف أغفله سهوا . 9387 - (نهى عن الدواء الخبيث) أي السم أو النجس أو الخمر ولحم غير المأكول وروثه وبوله فلا تدافع بينه وبين حديث العرنيين : وقيل أراد الخبيث المذاق لمشقته على الطباع والأدوية وإن كانت كلها كريهة لكن بعضها أقل كراهة (حم د ت ه ك) في الطب (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص ، وقال في المهذب : إسناد صحيح . 9388 - (نهى عن الديباج) أي الثياب المتخذة من الإبريسم (والحرير والإستبرق) غليظ الديباج أو رقيقه وذكر الحرير بعد الديباج من ذكر العام بعد الخاص وذكر الإستبرق بعد الحرير من ذكر الخاص بعد العام دفعا لتوهم أن اختصاصها باسم لا يخرجها عن حكم العام (د عن البراء) بن عازب . 9389 - (نهى عن الذبيحة أن تفترس قبل أن تموت) أي أن يبان رأسها قبل أن تبرد ذكره الزمخشري والنهي للتنزيه (طب هق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا ابن عدي وغيره . 9390 - (نهى عن الرقى) بوزن العلى جميع رقية بالضم يقال رقاه أي عوذه والنهي عن الرقية بغير القرآن وأسماء الله وصفاته (والتمائم) جمع نميمة ومر أنها خرزت تعلقها العرب على الطفل لدفع العين ثم اتسع فيها فسموا بها كل عوذة (والتولة) بكسر ففتح ما يحبب المرأة للرجل من سحر وغيره كذا جزم ابن الأثير ونقله غيره عن الأصمعي وأقروه لكن الزمخشري اقتصر على أنه التفريق بين الأم وولدها فإنه لما ذكر أن معنى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لا توله والدة على ولدها أي لا تعذر عنه قال : ومنه نهى
[ 408 ]
عن التولة هذا كلامه والمعنى الأول أنسب بالسياق وأما الرقية بالقرآن أو بالأسماء أو بالصفات فجائز كما مر قا لابن التين : الرقى بذلك هو الطب الروحاني إذا كان على لسان الأبرار حصل الشفا بإذن الله تعالى فلما عز هذا النوع فزع الناس إلى الطب الجسماني وتلك الرقى المنهى عنها التي يستعملها المعزم ممن يزعم تسخير الجن تأتي مركبة من حق وباطل يجمع إلى ذكر أسماء الله وصفاته ما يشوبه من ذكر الشياطين والاستعانة بهم والتعوذ من مردتهم فلذلك نهى عن الرقى بما جهل معناه ليكون بريئا من شوب الشرك وفي الموطأ أن أبا بكر قال لليهودية التي كانت ترقى عائشة ارقيها بكتاب الله (ك عن ابن مسعود) . 9391 - (نهى عن الركوب على جلود النمار) لما فيه من الخيلاء والزينة أو لأنه زي العجم أو غير ذلك (د ن عن معاوية) . 9392 - (نهى عن الزور) قال قتادة : يعني ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق (ق عنه) أي عن معاوية وأصله كما في البخاري ومسلم إنه أعني معاوية قال ذات يوم : إنكم قد أحدثتم زي سوء وأن نبي الله نهى عن الزور وفي رواية البخاري ومسلم والنسائي عن ابن المسيب قال : قدم معاوية المدينة فخطبنا وأخرج كبة من شعر فقال ما كنت أرى أن أحدا يفعله إلا اليهود إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسماه الزور . 9393 - (نهى عن السدل في الصلاة) أي إرسال الثوب حتى يصيب الأرض وخص الصلاة مع أنه منهي عنه مطلقا لأنه من الخيلاء وهي في الصلاة أقبح فالسدل مكروه مطلقا وفي الصلاة أشد والمراد سدل اليد وهو إرسالها أو أن يلتحف بثوبه فيدخل يديه من داخله فيركع ويسجد وهو كذلك كما هو شأن اليهود أو أراد سدل الشعر فإنه ربما ستر الجبهة وغطى الوجه قال العراقي : ويدل عليه قوله (وأن يغطى الرجل فاه) لأنه من فعل الجاهلية كانوا يتلثمون بالعمائم فيغطون أفواههم فنهوا عنه لأنه ربما منع من إتمام القراءة أو إكمال السجود قال البغوي : فإن عرض له ثتاؤب غطى فمه بثوب أو بيد لخبر فيه (حم 4 ك) في الصلاة من حديث عطاء (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وظاهر صنيع المصنف أن الكل رووا الكل والترمذي إنما اقتصب على الجملة الأولى وقال : لا يعرف من حديث عسل بن سفيان اه‍ . قال المناوي : وعسل هو اليربوعي أبو فروة ضعيف وقال الذهبي في المهذب : هذا منكر . 9394 - (نهى عن السواك بعود الريحان وقال إنه يحرك الجذام) لخاصية فيه علمها الشارع وهذا
[ 409 ]
الحديث هو في نسخ الكتاب كما ترى لكن رأيت المؤلف ساقه بعينه في الموضوعات بلظ نهى عن السواك بعود الريحان والرمان وقال إنه يحرك عرق الجزام فزاد الرمان فإما أن يكون سقط من قلم النساخ هنا أو من قلم المؤلف نفسه وفي شرح أبي داود للمولى العراقي روى ابن أبي شيبة في مصنفه من طريق ضمرة بن حبيب نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان والرمان وقال يحرك عرق الجذام ، هذه عبارته . - (الحرث) بن أبي أسامة في مسنده من حديث الحكم بن موسى عن عيسى بن يونس عن أبي بكر بن أبي مريم (عن ضمرة بن حبيب) بن صهيب الزبيدي بضم الزاي أبي عتبة الضمري تابعي ثقة (مرسلا) قال ابن حجر : هذا مرسل وضعيف اه‍ . وهذا أسنده أبو نعيم عن سمرة بلفظ نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التخلل بعود الريحان والرمان وقال إنه يحرك عرق الجذام ، قال ابن محمود شارح أبي داود : وهو ضعيف بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأخرجه الأزدي عن محمد بن الحسين الحافظ عن قبيصة بن ذؤيب نهى عن السواك بعود الريحان والرمان . 9395 - (نهى عن السوم قبل طلوع الشمس) أي سوم السلعة لكونه وقت ذكر وشغل بالعبادة أو عن الرعي ويقويه قوله (وعن ذبح ذوات الدر) أي ذوات اللبن وهو مصدر در اللبن إذا جرى (ه ك عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه أيضا ابن أبي شيبة قال في المطامح : وسنده ضعيف . 9396 - (نهى عن الشرب قائما) فيكره تنزيها لما فيه من الآفات العديدة التي منها عدم استقراره في المعدة حتى يقسمه [ ص 316 ] الكبد على الأعضاء وينزل بسرعة وحده فيخاف منه أن يبرد حرارة المعدة ويسرع النفوذ إلى الأسافل بغير تدريج وكل ذلك مضر ولا ينافيه أنه فعله لأنه فعله نادرا أو لحاجة أو ليرى الناس أنه غير صائم ولا يعترض بالعوائد لأنها بمنزلة الخارج عن القياس إذ هي تهدم أصولا وتبني أصولا قال ابن العربي : وللمرء ثمانية أحوال قائم ماش مستند راكع ساجد متكئ قاعد مضطجع كلها يمكن الشرب فيها وأمناها وأكثرها استعمالا القعود والقيام فنهى الشرع عنه لما فيه من الاستعمال المؤذي للبدن قال في المفهم : لم يصر أحد إلى أن النهي في الحديث للتحريم ولا التفات لابن حزم وإنما حمل على الكراهة والجمهور على عدم الكراهة فمن السلف الشيخان والمرتضى ثم مالك تمسك بشربه من زمزم قائما وكأنهم رأوه متأخرا عن النهي فإنه في حجة الوداع فهو ناسخ وحقق ذلك حكم الخلفاء الثلاثة بخلافه ويبعد أن يخفى عليهم النهي مع شدة ملازمتهم له وتشديدهم في الدين وهذا وإن لم يصلح للنسخ يصلح لترجيح أحد الحديثين ومن قال بالكراهة جمع بأن فعله بين الجواز ونهيه يقتضي التنزيه (والأكل قائما) قال قتادة : قلنا لأنس فالأكل قائما فقال : هو أيسر من الشرب ووجهه بعضهم بأنه يورث داءا في الجوف قال في المفهم : وهذا شئ لم يقل به أحد فيما علمت وعلى ما حكاه النقلة الحفاظ فهو رأيه لا روايته والأصل الإباحة والقياس خلى عن الجامع أي فلا يكره بحال (الضياء) من حديث قتادة (عن أنس) بن مالك .
[ 410 ]
9397 - (نهى عن الشرب من في السقاء) أي فم القربة لأن انصباب الماء دفعة واحدة في المعدة ضار جدا وقد يكون فيه ما لا يراه الشارب فيدخل جوفه فيؤذيه ولأنه قد ينتنه بتردد أنفاسه فيعاف ولأن الشرب كذلك يملأ الجوف من الهواء فيضيق عن أخذ حظه من الماء ويزاحمه أو يؤذيه قال ابن القيم : أما الكرع بالفم فتكاد الأطباء تحرمه ويقولون مضر بالمعدة جدا ثم إن ما تقرر لا ينافيه ما في الشمائل أن المصطفى صلى الله عليه وسلم قام إلى قربة معلقة فشرب من فمها فقطعت ميمونة أو أم سليم موضع فمه فاتخذته عندها تبركا لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم ليس كغيره تبركا وطهارة وعطرية وأمنا من الغوائل والحوادث . (خ د ت ه عن ابن عباس) ظاهره أنه لم يروه من الستة إلا هؤلاء الثلاثة لكن الصدر المناوي قال : رواه الجماعة كلهم في الأشربة إلا مسلما . 9398 - (نهى عن الشرب من في السقاء) لا يعارضه ما قبله وخبر الترمذي أنه دعى بأداوة يوم أحد فاختنث فمها ثم شرب منها لأن التعارض إنما يكون بين خبرين صحيحين وخبر الباب صالح للاحتجاج به وأما خبر الترمذي فقال فيه الترمذي نفسه : ليس إسناده بصحيح وبفرض صحته فهو لبيان الجواز أو لكونه في حال الضرورة عند الحرب أو لفقد الإناء أو لكونه لم يتمكن من التفريغ فيه لشغله بأمر العدو أو كان لعذر آخر اقتضاه المقام (وعن ركوب الجلالة) لأنها تعرق فيتلوث الراكب بعرقها كما مر (والمجثمة) هي كل حيوان يربط ويرمى ليقتل سميت به لأنها إذا رميت تجثم بالأرض أي تلزمها وتلصق بها وجثم الطائر جثوما (حم 3 ك) في الجهاد (عنه) أي عن ابن عباس قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9399 - (نهى عن الشرب) ألحق به الأكل (من ثلمة القدح) بضم المثلثة محل الكسر منه لأن الوسخ والقذى والزهومة يجتمع في الثلمة ولا يصل إليه الغسل ومن ثم جاء في رواية أنه مقعد الشيطان وأنه لا يتماسك عليه الفم فربما انصب على الشارب (وأن ينفخ في الشراب) أي المشروب بنحو تنفسه فيه ثم يفصل القدح عن فيه ثم يتنفس فقد يسقط من ريقه فيه ما يقذره والنفخ في الطعام كهو في الشراب والنفخ أشد كراهة من التنفس فيه (حم د ك) في الأشربة (عن [ ص 317 ] أبي سعيد) الخدري وفيه قرة بن عبد الرحمن بن جبريل المصري خرج له مسلم مقرونا بغيره وقال أحمد : منكر الحديث وابن معين : ضعيف . 9400 - (نهى عن الشرب في آنية الذهب والفضة) والنهي للتحريم لثبوت الوعيد عليه بالنار في عدة أخبار ونقل ابن المنذر الإجماع عليه لكن نوزع بأن معاوية بن قرة أحد التابعين حمله على التنزيه
[ 411 ]
ونقل عن نص الشافعي في القديم وأخذ منه منع الأكل بالأولى وجاء التصريح به في رواية لأحمد وألحق بالشرب والأكل ما في معناها من نحو تطيب وتكحل وسائر وجوه الاستعمال العرفي والرجال والنساء في ذلك سواء عند الشافعية والمالكية والكلام فيما كله ذهب أو فضة أما نحو مخلوط منهما أو مضبب أو مموه فورد فيه خبر الدارقطني والبيهقي من شرب في آنية الذهب والفضة أو في إناء فيه شئ من ذلك فإنما يجرجر في جوفه نار جهنم قال البيهقي : المشهور وقفه (ونهى عن لبس الذهب والحرير) ولو ديباجا وهو ما غلظ منه أو رق (ونهى عن جلود النمور أن يركب عليها ونهى عن المتعة ونهى عن تشييد البناء) أي رفعه وأعلاه فوق الحاجة . (طب عن معاوية) ورواه الدارقطني بنحوه عن علي . 9401 - (نهى عن الشراء والبيع في المسجد) ومثلهما ما في معناهما من العقود فيكره كراهة تنزيه لأن المساجد لم تبن لذلك كما في حديث مسلم (وأن ينشد فيه ضالة وأن ينشد فيه شعر) وورد في غير ما خبر الترخيص فيه وجمع بحمل النهي على التنزيه والرخصة على بيان الجواز وبأن المرخص فيه الشعر المحمود كالذي في الزهد ومكارم الأخلاق والمنهي عنه خلافه . مر رجل بالمسجد يبيع فقال له عطاء : عليك بسوق الدنيا فإنما هذا سوق الآخرة (ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة) لأنه ربما قطع الصفوف مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف الأول فالأول . (حم) في الصلاة (عن ابن عمرو) بن العاص ، قال الترمذي : حسن لكن عمرو بن شعيب أي أحد رجاله احتج به قوم ووهاه آخرون . 9402 - (نهى عن الشغار) بالكسر أي نكاح الشغار وهو أن يزوجه موليته على أن يزوجه موليته معاوضة من شغر الكلب رفع رجله ليبول وشغر البلد من السلطان خلا والنهي للتحريم إجماعا على ما حكاه ابن عبد البر والنووي ونوزعا ويبطل العقد عند الثلاثة للتشريك في البضع أو للشرط أو للخلو عن المهر أو التعليق وقال الحنفية : يصح ويلزم مهر المثل (حم ق 4) في النكاح (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه الطبراني عن أبي بن كعب مرفوعا وزاد قالوا : وما الشغار قال : نكاح المرأة بالمرأة لا صداق بينهما . 9403 - (نهى عن الشهرتين دقة الثياب وغلظها ولينها وخشونتها وطولها وقصرها ولكن سداد
[ 412 ]
بين ذلك واقتصاد) أي توسط يقال قصد في الأمر قصدا توسط وطلب الأسد ولم يجاوز الحد وهو على قصد أي رشده وإن خير الأمور أوساطها (هب عن أبي هريرة وزيد بن ثابت) . 9404 - (نهى عن الصرف) أي بيع أحد النقدين بالآخر (قبل موته بشهرين) قال بعض شراح مسلم : الصرف بيع ذهب بفضة أو أحدهما بفلوس ، وقد كرهه جماعة من السلف تمسكا بهذا النهي ، وسببه ضيق الأمر وكثرة حرجه وعسر التوقي والتخلص فيه من الربا إلا مع سعة العلم وثخانة الدين وقال بعضهم : حكم الصرف أنه مباح الأصل كجنسه الذي هو البيع لكن يكره العمل به لما فيه من الخطر ، ولهذا ذكر أصبغ من المالكية أنه يكره الاستظلال بحانوت صيرفي (البزار) في مسنده (طب عن أبي بكرة) قال الهيثمي : فيه بحر بن كثير السقاء وهو ضعيف والحديث في الصحيح من غير ذكر تاريخ اه‍ . ورمز المصنف لحسنه ولعله لتعدد طرقه . 9405 - (نهى عن الصماء) بالمد أي اشتمالها بأن يخلل نفسه بثوبه ولا يرفعه شيئا من جوانبه ولا يمكنه إخراج يديه إلا من سفله فيخاف ظهور عورته سمى صماء لسد المنافذ كلها كالصخرة الصماء (والاحتباء في ثوب واحد) بأن يقعد على ألييه وينصب ساقيه ويلف عليهما ثوبا أو نحوه وهذه القعدة تسمى الحبوة بضم الحاء وكسرها وكان ذلك عادة العرب وحكمة النهي خوف كشف العورة (د عن جابر) بن عبد الله . 9406 - (نهى عن الصورة) أي عن نقش صورة حيوان تام الخلقة على نحو سقف وجدار أو ممتهن كبساط لأنه تشبه بخلق الله وعلى هذا التقرير فالنهي عن نفس التصوير فهو الحرام بالاتفاق وقد عد من الكبائر وأما كون الصورة في البيت فاختلف في تحريمه والجمهور على التحريم ، فإن قيل : إذا كان التصوير حراما فكيف روي أنه لما وجد خاتم دانيال وجد عليه أسد ولبؤة بينهما صبي يلحسانه وذلك أن بختنصر قيل له يولد له مولود يكون هلاكك على يده فجعل يقتل من يولد فلما ولدت أم دانيال إياه ألقته في غيضة رجاء أن يسلم فقيض الله أسدا يحفظه ولبؤة ترضعه فنقشه بمرأى منه ليتذكر نعمة الله ؟ قلنا : شرع من قبلنا ليس شرعا لنا . - (ت عن جابر) بن عبد الله . 9407 - (نهى عن الصلاة إلى القبور) تحذيرا لأمته أن يعظموا قبره أو قبر غيره من الأولياء فربما تغالوا فعبدوه فنهى أمته عنه غيرة عليهم من ركونهم إلى غير الله فيتأكد الحذر لما فيه من المفاسد التي منها إيذاء أصحابها فإنهم يتأذون بالفعل عند قبورهم من اتخاذها مساجد وإيقاد السرج فيها ويكرهونه غاية الكراهة كما كان المسيح يكره ما يفعله النصارى معه . - (حب عن أنس) بن مالك .
[ 413 ]
9408 - (نهى) نهي تحريم وقيل تنزيه (عن الصلاة) في غير حرم مكة سوى الجمعة بحديثين فيها (بعد) فعل صلاة (الصبح حتى تطلع) وفي رواية تشرق (الشمس) أي وترتفع كرمح كما تقيده رواية حتى ترتفع فالمراد طلوع مخصوص (و) نهى عن الصلاة (بعد) فعل (العصر حتى تغرب) الشمس وفي رواية تغيب فلو أحرم بما لا سبب له أو بما له سبب متأخر أثم ولم تنعقد كصوم العيد بخلاف ما له سبب متقدم أو مقارن فلا يكره عند الشافعية . وقال أبو حنيفة : يحرم فعل كل صلاة في الأوقات الثلاثة مطلقا إلا عصر يومه عند الاصفرار ، وقال مالك : يحرم النفل لا الفرض ووافقه أحمد لكنه جوز ركعتي الطواف وكما تكره الصلاة بعد هاتين تكره من الطلوع إلى الارتفاع كرمح ومن الاستواء إلى الزوال في غير [ ص 319 ] يوم الجمعة ومن الاصفرار إلى الغروب قال ابن حجر : ومحصل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات التي يكره فيها الصلاة خمسة عند طلوع الشمس وعند غروبها وبعد الصبح والعصر وعند الاستواء ، وترجع بالتحقيق إلى ثلاثة من بعد صلاة الصبح إلى ارتفاع الشمس فشمل الصلاة عند الطلوع ، وكذا من صلاة العصر إلى الغروب ولا يعكر عليه أن من لم يصل الصبح مثلا حتى تغرب يكره له التنفل حينئذ لأن الكلام أجري على الغالب المعتاد وهذه صورة نادرة لا مقصودة (فائدة) فرق ابن جرير وابن سيرين في الصلاة بعد الصبح والعصر والصلاة عند الطلوع والغروب فقالاتكره في الأوليين وتحرم في الأخريين وقال ابن حزم تبعا لابن عمر تحرم الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وتباح بعد العصر حتى تصفر تمسكا بما رواه أبو داود قال ابن حجر بإسناد قوي إنه نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة (تنبيه) أخذ بعمومه الجمهور وخصه الشافعي بخبر الحاكم وابن حبان عن جبير بن مطعم لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار . قال بعضهم : وبين الحديثين عموم وخصوص فالأول عام في المكان خاص بالزمان والثاني بالعكس فليس عموم أحدهما على خصوص الآخر بأولى من عكسه (ق ن عن عمر) بن الخطاب . 9409 - (نهى عن الصلاة نصف النهار) عند استواء الشمس في قبة الفلك لأن ذلك هو أعلى أمكنتها والسجود في الوقت إذا توهم مضافا إليها كان تعظيما لشأنها وإكبارا لقدرها فنهوا عن الصلاة حينئذ حتى لا يجري هذا الوهم ولا يظن هذا الخيال . قال الطيبي : ونصف ظرف للصلاة على تأويل أن يصلي ويستمر على ذلك (حتى تزول الشمس) أي تأخذ في الميل إلى جهة الغرب في رأى العين وجاء عند مسلم تعليل النهي بأنها ساعة تسجر فيها جهنم واستشكل بأن فعل الصلاة مظنة وجود الرحمة ففعلها مظنة لطرد العذاب فكيف أمر بتركها وأجيب بأن التعليل إذا جاء من جهة الشارع وجب قبوله وإن لم يفهم معناه وبأن وقت ظهور الغضب لا ينجع فيه الطلب إلا ممن أذن له فيه والصلاة لا تنفك عن كونها طلبا ودعاءا فناسب الإمساك عنها حينئذ فتكره تحريما حال الاستواء عند الأئمة الثلاثة
[ 414 ]
كالجمهور وخالف مالك فعمم الجواز واستثنى الشافعي يوم الجمعة ويدل له قوله (إلا يوم الجمعة) فإنها لا تكره فيه عند الاستواء وهو وإن كان ضعيفا لكن له شواهد جمة . - (الشافعي) في مسنده في كتاب الجمعة عن إبراهيم بن أبي يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن سعيد (عن أبي هريرة) قال ابن حجر : وإبراهيم وسعيد ضعيفان اه‍ ، وقال البيهقي : في إسناده من لا يحتج به لكن إذا انضمت رواياته فطرقه أحدثت بعض قوة ، وقال ابن سيد الناس : فيه من لا تقوم به الحجة لكن الشافعي لم يعتمد عليه فقط بل احتج بأشياء منها خبر ابن شهاب عن ثعلبة عن أبي مالك أنه قال النهي عن الصلاة عند الاستواء صحيح لكنه خص منه يوم الجمعة بما روي من العمل المستفيض في زمن عمر وهو لا يكون إلا عن توقيف اه‍ ، وهذا الخبر رواه أيضا أبو داود من حديث أبي الخليل عن أبي قتادة بلفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا في يوم الجمعة وقال إن جهنم تسجر إلا يوم الجمعة . قال أبو داود : وأبو الخليل لم يلق أبا قتادة وقال في الفتح : في إسناده انقطاع لكن ذكر له البيهقي شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي الخبر اه‍ . وبذلك يتجه رمز المؤلف لحسنه فهو حسن لغيره . 9410 - (نهى عن الصلاة في الحمام) داخلها ومسلخها والنهي للتنزيه لا للتحريم (وعن السلام على بادي العورة) أي كاشفها عبثا أو لحاجة كقاضي الحاجة فيكره أيضا تنزيها (عق عن أنس) بن مالك . 9411 - (نهى عن الصلاة في السراويل) وفي رواية في البخاري في سراويل قال النيسابوري : معناه على تقدير صحته نهى عن الصلاة [ ص 320 ] فيه وحده من غير رداء قال ابن الجوزي : ويدل له ما رويناه عن أبي بريدة عن أبيه مرفوعا نهى أن يصلي الرجل في السروال الواحد ليس عليه غيره (خط) وكذا الطبراني في الأوسط (عن جابر) بن عبد الله وفيه الحسين بن وردان أورده الذهبي في الضعفاء وقال : لا يعرف وحديثه منكر في ذم السراويل اه‍ . وفي الميزان نحوه وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال العقيلي : لا يعرف إلا بحسين بن وردان ولا يتابع عليه وقال الهيثمي : فيه حسين بن وردان قال أبو حاتم : غير قوي . 9412 - (نهى عن الضحك من الضرطة) لفظ رواية الطبراني الضراط أي نهاهم عن الضحك إذا سمعوا صوت الريح وقال : لم يضحك أحدكم مما يفعل ؟ أي أن كل إنسان لا يخلو من ذلك (طس عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الهيثمي بأن فيه عبد الله بن عصمة النصببي وقد قال ابن عدي : له مناكير اه‍ وفي الميزان : تركه ابن حبان وقال : لا تحل الرواية عنه ثم أورد له هذا الخبر .
[ 415 ]
9413 - (نهى عن الطعام الحار) أي عن أكله (حتى يبرد) أي يصير بين الحرارة والبرودة كما تشير إليه حتى يذهب بخاره (هب عن عبد الواحد بن معاوية بن خديج مرسلا) وفيه الحسن بن هانئ ويحيى بن أيوب وهما ضعيفان وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليه وليس كما ظن بل خرجه البيهقي نفسه من حديث صهيب مرفوعا بلفظ نهى عن أكل الطعام الحار حتى يمكن . 9414 - (نهى عن العب نفسا) بفتح الفاء بضبطه (واحدا) لأنه ربما اختنق به ولأنه يورث وجع الكبد كما مر (وقال ذلك شرب الشيطان) نسب إليه لأنه الآمر به والحامل عليه وذكر في حديث آخر أنه شرب البعير ، قال الحافظ : وذلك لأنها شبيهة بالشياطين في نفارها وفي حديث آخر على ذروة كل بعير شيطان (هب عن ابن شهاب) الزهري مرسلا . 9415 - (نهى عن العمرة) أي فعلها (قبل) فعل (الحج) لا يعارضه أنه اعتمر قبل الحج ثلاث عمر وبعد ذلك عمرته في الحجة التي حجها لأنه إنما نهى عن ذلك لسبب وقد زال بإكمال الدين أو يحمل النهي على الندب جمعا بينهما أو أنه إنما نهى عنه لئلا يميل الناس إلى التمتع وخفته فيضيع الإفراد الأفضل عند قوم (د عن رجل) من الصحابة قال الخطابي : وفي إسناده مقال . 9416 - (نهى عن الغناء) بالكسر والمد صوت معروف وقد يقصر واصطلاحا رفع الصوت بنحو شعر أو زجر على نحو مخصوص (والاستماع إلى الغناء وعن الغيبة والاستماع إلى الغيبة وعن النميمة والاستماع إلى النميمة) (طب خط عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف وقال الهيثمي : فيه فرات بن السائب وهو متروك . 9417 - (نهى عن الكي) نهي تنزيه حيث أمكن الاستغناء عنه بغيره لأنه يشبه التعذيب بعذاب الله الذي نهى عنه ولما فيه من الألم الذي ربما زاد على ألم المرض أما عند تعيينه طريقا فلا يكره فقد كوى النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ [ ص 321 ] الذي اهتز لموته عرش الرحمن وأبي بن كعب المخصوص بأنه أقرأ الأمة وأما
[ 416 ]
قوله في وصف السبعين ألفا لا يكتوون محمول على ما إذا لم يضطر إليه ومن اعتقد أن مثل سعد بن معاذ وأبي بن كعب لا يصلح أن يكون منهم فقد أخطأ كما ذكره القرطبي ، وأخرج مسلم عن ابن سعد إن الملائكة كانت تسلم على عمران بن حصين فلما اكتوى انقطع التسليم فلما تركه عاد إليه ، وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته فاكتوينا فما أفلحنا ولا نجحنا (طب عن سعيد الظفري) بفتح الظاء المعجمة والفاء وآخره راء نسبة إلى ظفر بطن من الأنصار قال الذهبي : الأصح أنه سعد بن النعمان بدري (ت ك عن عمران) بن الحصين قال : نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي فابتلينا فاكتوينا فلا أفلحنا ولا نجحنا قال الترمذي : حسن صحيح وقال ابن حجر في الفتح : سنده قوي . 9418 - (نهى عن المتعة) أي عن نكاح المتعة كما هو لفظ رواية أحمد وهو النكاح المؤقت بمدة معلومة أو مجهولة سمى به لأن الغرض منه مجرد التمتع دون النسل وغيره قال بعض الأئمة : هذا من غريب الشريعة فإنه تداوله النسخ مرتين أبيح ثم حرم ثم أبيح ثم حرم فإنه كان جائزا في صدر الدين ثم نسخ في خيبر أو عمرة القضاء أو الفتح أو أوطاس أو تبوك أو حجة الوداع والأصح عند جمع الفتح والنووي الصواب أن تحريمها وإباحتها وقعا مرتين فكانت مباحة قبل خيبر ثم حرمت فيها ثم أبيحت عام الفتح وهو عام أوطاس ثم حرمت مؤبدا قال عياض كابن المنذر وقد جاء عن الأوائل الرخصة ثم فيها وقع الإجماع على تحريمها إلا من لا يلتفت إليه من الروافض وأجمعوا على أنه متى وقع الآن أبطل ، هبه قبل الدخول أو بعده إلا أن زفر جعلها كالشروط الفاسدة ولا عبرة بقوله (تنبيه) أخرج الطبراني عن سعيد بن جبير قلت لابن عباس لما أفتى بحل المتعة أتدري ما صنعت ربما أفتيت فسارت بفتياك الركبان وقالت فيه الشعراء قال ما قالوا قلت قالوا قد قال لي الشيخ لما طال مجلسه * يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك في رخصة الأطراف آنسة * تكون مثواك حتى مصدر الناس فقال إنا لله وإنا إليه راجعون ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير قال الهيثمي : فيه الحجاج بن أرطاة ثقة يدلس وبقية رجاله رجال الصحيح (حم عن جابر) بن عبد الله (خ) في المغازي والذبائح والنكاح (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه الطبراني في الأوسط بلفظ نهى عن متعة النساء في حجة الوداع . 9419 - (نهى عن المثلة) بضم فسكون قطع أطراف الحيوان أو بعضها وهو حي للتشويه به وحديث تحريم المثلة خاص بغير من مثل وإن تمثيل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالعرنيين كان أول الإسلام ثم نسخ أو أنهم مثلوا بالرعاة (ك عن عمران) بن حصين (طب عن ابن عمر) بن الخطاب (وعن المغيرة) بن شعبة ، قضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرج في شئ من الكتب الستة وهو غفلة فقد خرجه أبو داود عن عمران بلفظ ما قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة اه‍ .
[ 417 ]
9420 - (نهى عن المجر) كذا فيما وقفت عليه من نسخ الكتاب والثابت في الأصول الصحيحة نهى عن بيع المجر وهو بفتح الميم وسكون الجيم آخره راء مهملة ما في بطن الحيوان أي عن بيعه وشرائه والشراء به قال الزمخشري : ويجوز تسمية بيع المجر مجرا اتساعا ومجازا ولا يقال لما بالبطن مجرا إلا إذا ثقلت الحامل وأما المجر محركا فداء في الشاة انتهى كلامه (هق عن ابن عمر) بن الخطاب بسند فيه موسى بن عبيد الزبدي وقال : إنه تفرد به وأنه ضعف بسببه [ ص 322 ] ووافقه على ذلك الذهبي . 9421 - (نهى) النبي صلى الله عليه وسلم (عن المحاقلة) بيع الحنطة في سنبلها بالبر صافيا لعدم التماثل (و) نهى عن بيع (المخاضرة) بخاء فضاد معجمتين مفاعلة من الخضرة لأن البيع وقع على شئ أخضر وهو الثمار والحبوب قبل بدو صلاحها (والملامسة) بأن يلمس ثوبا مطويا أو في ظلمة ثم يشتريه على أنه لا خيار له إذا رآه أو يقول إذا لمسته فقد بعتكه (والمنابذة) بأن يجعلا النبذ بيعا (والمزابنة) مفاعلة من الزبن الدفع الشديد لأن كلا من المتبايعين يزين الآخر أي يدفعه عن حقه بما يزداد منه فإذا وقف أحدهما على ما يكره تدافعا فيحرص أحدهما على فسخ البيع والآخر على إمضائه ومنه الزبانية لأنهم يزينون الكفرة في النار وهي بيع تمر يابس برطب وبيع زبيب بعنب كيلا (خ عن أنس) بن مالك . 9422 - (نهى عن المخابرة) هي المزارعة على المخبرة أي النصيب ذكره الزمخشري وقال القاضي : هي المزارعة بالنصيب بأن يستأجر الأرض بجزء من ريعها وفساد هذا العقد لجهالة الأجرة وقدرها واشتقاقها من الخبر بالضم وهو النصيب ومن الخبر وهو الزراعة ومنه الخبر للنبات والأكار والخبر الأرض اللينة اه‍ والمراد النهي عن العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها والبدن من العامل وفي رواية نهى عن المخاضرة قال ابن الأثير : وهو بيع الثمار خضرا لم يبد صلاحها (حم عن زيد بن ثابت) كلام المصنف كالصريح أن ذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو ذهول فقد قال الحافظ ابن حجر : إنه متفق عليه من حديث جابر قال : وأخرجه أبو داود من حديث زيد بن ثابت . 9423 - (نهى عن المراثي) أن يندب الميت فيقال نحو واكهفاه واجبلاه فيحرم لأنه فعل الجاهلية (د ك عن ابن أبي أوفى) . 9424 - (نهى عن المزابنة) مفاعلة من الزبن وهو الدفع لأن كلا من المتبايعين يزبن صاحبه عن حقه أو لأن أحدهما إذا وقف على ما فيه من الغبن أراد دفع البيع عن نفسه وأراد صاحبه دفعه عن هذه الإرادة بإمضاء البيع فيتزابنان (تنبيه) هذا الحديث رواه أحمد بلفظ نهى عن المزابنة التمر بالتمر قال أبو
[ 418 ]
البقاء : يجوز فيه الجر على البدل والنصب على إضمار أعني والرفع على إضمار هي بيع التمر بالتمر (ق ن ه) في البيع (عن ابن عمر) بن الخطاب . 9425 - (نهى عن المزابنة والمحاقلة) بضم الميم وفتح المهملة من الحقل وهو الزرع إذا تشعب ورقه ولم يغلظ ساقه وأصله الساحة الطيبة التربة الصالحة للزرع ومنه حقل إذا زرع والمحقلة المزرعة وعرفا بيع البر في سنبله بكيل معلوم من بر خالص والمانع فيه عدم العلم بالمماثلة (ق عن أبي سعيد) الخدري قال ابن حجر : وفي الباب ابن عمر وابن عباس وأنس وأبو هريرة وكلها في الصحيحين أو أحدهما اه‍ . 9426 - (نهى عن المزارعة) العمل في الأرض ببعض ما يخرج منها والبزر من المالك قال الجمهور : لا تصح المزارعة والمخابرة وحملوا الآثار الواردة بخلافه على المساقاة (حم) في البيع (عن ثابت بن الضحاك) الأشهلي قيل هو ممن بايع تحت الشجرة وقد مر ، وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته في صحيح مسلم وأمر بالمؤاجرة وقال : [ ص 323 ] لا بأس بها اه‍ بنصه . 9427 - (نهى عن المزايدة) أي أن يزيد في ثمن السلعة لا لرغبة فيها والنهي للتحريم (البزار) في مسنده (عن سفيان بن وهب) الخولاني شهد حجة الوداع وشهد فتح مصر رمز لصحته . 9428 - (نهى عن المقدم) بفاء ودال مهملة الثوب المشبع حمرة بالعصفر كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع من قبول الصبغ ، وفيه حجة لمن ذهب إلى تحريم لبس المعصفر على الرجل وعليه الحليمي والبيهقي من أصحابنا وحمل الشافعي النهي على الكراهة وكرهه مالك للرجال والنساء (ه) من رواية يزيد بن أبي زياد عن الحسن بن سهيل (عن ابن عمر) بن الخطاب قال : نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المقدم قال يزيد : قلت للحسن ما المقدم قال : المشبع بالعصفر . 9429 - (نهى عن المنابذة) وهو أن يجعل نبذ المبيع بيعا أو قاطعا للخيار (وعن الملامسة) وهو أن يكتفي باللمس عن النظر ولا خيار بعده ويجعلا اللمس بيعا أو قاطعا للخيار (حم ق د ن ه عن أبي سعيد) الخدري . 9430 - (نهى عن المواقعة) وفي رواية الوقاع أي الجماع (قبل الملاعبة) كذا هو في نسخة المصنف
[ 419 ]
بخطه باللام وفي نسخ وهو رواية بالدال بدل اللام (خط) في ترجمة المظهري الشيرازي (عن جابر) بن عبد الله وفيه خلف بن محمد الخيام قال في الميزان : قال الحاكم : سقط بروايته حديث نهى عن الوقاع قبل الملاعبة وقال الخليلي : خلط وهو ضعيف جدا روى متونا لا تعرف وفيه عبد الله العتكي أدخله البخاري في الضعفاء ونوزع . 9431 - (نهى) نهي تحريم أو تنزيه (عن المياثر الحمر) جمع ميثرة بالكسر مفعلة من الوثارة بالمثلثة وهي لبدة الفرس تتخذ من حرير أحمر وهي وسادة السرج يعني نهى عن الركوب على دابة على سرجها وسادة حمراء لأنها من مراكب الأعاجم المتكبرين (والقسى) بفتح القاف وكسر السين المشددة أي ونهى عن لبس القسى نوع من الثياب فيه خطوط من حرير منسوبة إلى قس قرية بمصر على ساحل البحر قال الحافظ العراقي : فإن كان حريره أكثر فالنهي للتحريم وإلا للتنزيه (خ ت) في اللباس (عن البراء) بن عازب ورواه ابن ماجه عن علي فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك به من بين الستة غير جيد . 9432 - (نهى) قال ابن حجر : هكذا عندهم على البناء للمجهول وهو محمول على الرفع اه‍ (عن الميثرة الأرجوان) بضم الهمزة وسكون الراء وضم الجيم : صبغ أحمر أو صوف أحمر يتخذ كالفرش الصغير ويحشى بنحو قطن أو صوف يجعله الراكب تحته فوق الرحل أو السرج فإن كان من حرير فالنهي للتحريم أو من غيره فللتنزيه لما فيه من الترفه والتشبه بعظماء الفرس فإنه كان شعارهم في ذلك الوقت فلما لم يصر شعارهم زال ذلك المعنى فزالت الكراهة ذكره الزين العراقي وليس علة النهي كونه أحمر لما تبين في عدة أخبار من حل لبسه وقد لبسه المصطفى صلى الله عليه وسلم (ن عن عمران) بن حصين رمز لحسنه وقضية تصرف المؤلف أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل هو عند أبي داود أيضا عن على بلفظ نهى عن مياثر الأرجوان قال ابن حجر : وسنده صحيح . 9433 - (نهى عن النجش) بنون مفتوحة وجيم ساكنة وشين معجمة وضبطه المطرزي بتحريك الجيم وجعل السكون رواية وهو الزيادة في الثمن لا لرغبة بل ليخدع غيره من نجشت الصيد إذا أثرته كأن الناجش يثير كثرة الثمن بنجشه وحرم إجماعا على العالم بالنهي وإن لم يواطئ البائع لأنه خداع وغش والنهي للبطلان عند قوم وللتحريم فقط عند الشافعي وفسر النجش بأعم من ذلك وهو المكر والخداع والاحتيال للأذى . - (ق ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب . 9434 - (نهى عن النذر) لأن من لا ينقاد إلى الخير إلا بقائد من نحو نذر أو يمين فليس بصادق في التقرب إلى ربه وعلله في خبر آخر بأنه لا يغني من الله شيئا وإنما يستخرج به من مال البخيل ، وهو يفهم أن النذر المنهي عنه ما قصد به تحصيل غرض ودفع مكروه على ظن أن النذر يرد عنه القدر وليس
[ 420 ]
مطلق النذر منهيا عنه إذ لو كان كذا لما لزم الوفاء به (ق د ن ه) في النذور (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه الطبراني وزاد وأمر بالوفاء به وسنده صحيح . 9435 - (نهى عن النعي) أي نعي الجاهلية أي إذاعة موت الميت والنداء به وندبه وتعديد شمائله ، كانت العرب إذا مات منهم شريف أو قتل بعثوا راكبا إلى القبائل ينعاه يقول نعاء فلانا أي أنع فلانا وفيه تحريم النعي وهو النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره كما تقرر أما الإعلام بموته والثناء عليه فلا ضير فيه لما في الصحيحين أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربعا (حم ت ه عن حذيفة) رمز المصنف لحسنه . 9436 - (نهى عن النفخ في الشراب) لأنه يغير رائحة الماء وقد يقع فيه شئ من الريق فيعافه الشارب ويستقذره والنهي للتنزيه قال ابن العربي : لكن إن علم أنه يناوله لغيره بعده حرم لأنه إضرار به وقال الحافظ العراقي : فيه كراهة النفخ في الإناء الذي يشرب فيه سواء فيه الماء واللبن والنهي للتنزيه لا للتحريم ، ولا فرق بين كون النفخ فيه لحاجة أو لا كما دل عليه حديث يا رسول الله القذاة أراها في الإناء فلم يرخص له في النفخ (ت عن أبي سعيد) الخدري وقال : صحيح . 9437 - (نهى عن النفخ في الطعام) لأنه يؤذن بالعجلة وشدة الشره وقلة الصبر قال المهلب : ومحل ذلك إذا أكل مع غيره فإن أكل وحده أو مع من لا يتقذر منه شيئا كزوجته وولده وخادمه وتلميذه فلا بأس ونوزع بأن الأولى ما دل عليه الخبر من التعميم إذ لا يؤمن مع ذلك أن يفضل فصلة أو يحصل التقذر من الإناء أو نحو ذلك (و) في (الشراب) لما ذكر لاشتراكهما في العلة المذكورة (حم عن ابن عباس) رمز لحسنه ورواه البزار عن أبي هريرة باللفظ المزبور قال الحافظ العراقي : وهو في أبي داود والترمذي أيضا لكنهم قالوا في الإناء . 9438 - (نهى عن النهبى) بضم النون وسكون الهاء مقصورا أي أخذ ما ليس له قهرا جهرا فنهب مال الغير غير جائز ويجوز بالإذن في الموهوب المشاع كالطعام يقدم للقوم فلكل أن يأكل مما يليه ولا يجذب من غيره إلا برضاه وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره إلا أنه ليس على ما ينبغي فإن أصل الحديث كما في شروح الصحيحين وغيرهما أنه كان من شأن الجاهلية انتهاب ما يحصل من الغارات فوقعت البيعة على الزجر عن ذلك وتشديد النهي (والمثلة) بضم فسكون [ ص 325 ] مصدر مثل بالمقتول أي جدعه أو قطع عضوه والمثلة المروية في قصة العرنيين منسوخة أو مؤولة كما سبق (حم خ) في المظالم (عن عبد الله بن
[ 421 ]
زيد) بن عبد ربه الأنصاري صحابي مشهور وهذا مما انفرد به البخاري عن الستة وهذا الحديث لم أره في نسخة المؤلف التي بخطه . 9439 - (نهى عن النفخ في السجود) تنزيها إن لم يظهر منه شئ من الحروف وتحريما إن بان منه حرفان أو حرف مفهم لبطلان الصلاة بذلك (وعن النفخ في الشراب) بل إن كان حارا صبر حتى يبرد وإن كان قذاة أزالها بنحو خلال أو أمال القدح لتسقط أو أبدل الماء إن أمكن قال الحافظ العراقي : وكراهة هذا النفخ في ثلاثة مواضع في الشراب والطعام والسجود والعلة مختلفة لمعان مختلفة أما في الشراب فبين سؤال الرجل الذي يرى القذاة ويراد به في الطعام تبريده ولم يأذن بالنفخ فيه للتبريد بل نهى عن أكله حارا وأما النفخ في السجود فالظاهر أن النهي عنه خشية أن يخرج مع النفخ حرفان نحو أف فتبطل الصلاة أو خوف أن يكون فمه متغيرا فيتأذى به الملك (طب عن زيد بن ثابت) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الزين العراقي : فيه خالد بن إلياس وهو متروك وقال البيهقي : حديث زيد بن ثابت مرفوعا ضعيف بمرة . 9440 - (نهى عن النهبة) أي أخذ المال بالغارة يعني أن يأخذ كل واحد من الجيش ما وجد من الغنيمة من الكفار بل يلزمهم جمع الغنيمة عند الإمام ليقسم بينهم بحكم الشرع (والخليسة) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وفتح السين ما يستلخص من السبع فيموت قبل ذكاته فعيلة بمعنى مفعولة (حم عن زيد بن خالد) الجهني رمز المصنف لحسنه . 9441 - (نهى عن النوح) على الميت (والشعر) أي إنشاؤه أو إنشاده (والتصاوير) التي للحيوان التام الخلقة بخلاف نحو الشجر والقمرين وحيوان مقطوع الرأس أو اليدين (وجلود السباع) أن تفرش لأنه دأب الجبابرة وحلية المترفين (والتبرج) إظهار المرأة زينتها ومحاسنها لأجنبي (والغناء) أي فعله أو استماعه (والذهب) أي التحلي به للرجال (والخز والحرير) أي لبسه للرجال بلا عذر (حم عن معاوية) الخليفة رمز لحسنه . 9442 - (نهى عن النوم قبل العشاء) أي قبل صلاة العشاء لتعريضها للفوات باستغراق النوم أو تفويت جماعتها كسلا أو تأخيرها عن وقتها المختار أو عن قيام الليل وكان عمر يضرب الناس على ذلك ويقول اسهروا أول الليل فيكره تنزيها لا تحريما لا يقال إذا كانت العلة ما ذكر فينبغي أن يفرق
[ 422 ]
بين الليل الطويل والقصير لأنا نقول الأولى إطلاق الكراهة لأن الشئ إذا شرع لكونه مظنة قد يستمر فيصير هيئة (وعن حديث بعدها) أي بعد صلاتها فيما لا مصلحة فيه (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه أبو سعد عود المكي ولم أر من ذكره . 9443 - (نهى عن النياحة) وهي قول واويلاه ، واحسرتاه ، والندبة على عد شمائل الميت فيحرم (د عن أم عطية) رمز المصنف لصحته . 9444 - (نهى عن الوحدة) وهي (أن يبيت الرجل) ومثله المرأة (وحده) أي في دار ليس فيها أحد (حم عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز المصنف لحسنه وهو تقصير بل حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9445 - (نهى عن الوسم) بسين مهملة وقد رواه بعضهم بمعجمة وهو وهم (في الوجه) أي الكي فيه بنار من السمة وهي العلامة بنحو كي فيحرم وسم الآدمي لكرامته وكذا غيره على الأصح عند الشافعية أما وسم غير الآدمي في غير وجهه فسائغ اتفاقا بل يسن في نعم الجزية والزكاة وهو مستثنى من تعذيب الحيوان بالنار للمصلحة الراجحة لكن ينبغي كما قال القرطبي أن يقتصر فيه على خفيف يحصل به المقصود ولا يبالغ في التعذيب ولا التشويه (والضرب في الوجه) من كل حيوان محترم ولو غير آدمي لكنه فيه أشد لأنه مجمع المجاسن ولطيف يظهر فيه أثر الضرب فربما شانه وربما أعدم بعض الحواس قال جدنا للأم الزين العراقي : وفيه دليل على تحريم ما اعتاده الحبشة من الكي والشروط في الوجه بل يحرم الكي في جميع بدن الآدمي كما في شرح مسلم للنووي (حم م ن عن جابر) بن عبد الله . 9446 - (نهى عن الوشم) بالشين المعجمة فيحرم في الوجه بل وفي جميع البدن لما فيه من النجاسة المجتمعة وقد جاء في عدة طرق لعن فاعله كما سبق (حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه . 9447 - (نهى عن الوصال) تتابع الصوم فرضا أو نفلا من غير فطر ليلا ودخول الليل وقت فطر وليس بفطر وخبر إذا أقبل الليل من ههنا محمول على وقته وإلا لم يتصور الوصال فلم يحرم وقيل صوم السنة من غير أن يفطر الأيام المنهية وموجب النهي إيراث الضعف والملل والعجز عن المواظبة
[ 423 ]
على بقية العبادات والنهي للتحريم على الأصح عند الشافعية وللتنزيه عند مالك والحنابلة وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله وليس كذلك بل بقيته فقال له رجل من المسلمين : إنك تواصل قال : وأيكم مثلي ؟ إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم رأوا الهلال فقال : لو تأخر لزدتكم ، كالتنكيل لهم حين أبوا أن ينتهوا اه‍ . واللفظ للبخاري ، قال البيضاوي : يريد بقوله أيكم مثلي : الفرق بينه وبين غيره لأنه تعالى يفيض عليه ما يسد مسد طعامه وشرابه من حيث إنه يشغله عن احتباس الجوع والعطش ويقوم على الطاعة ويحرسه عن تحليل يفضي إلى هلاك القوى وضعف الأعضاء (ق عن ابن عمر) بن الخطاب (وعن عائشة وعن أبي هريرة) . 9448 - (نهى عن إجابة طعام) أي الإجابة إلى أكل الطعام (الفاسقين) لأن الغالب عدم تجنبهم للحرام ولا ينافيه الأمر بإحسان الظن بالمسلم وظاهر حاله تجنب الحرام لأن الكلام في الفسقة المعلنين بفسقهم فنهى عن الإجابة إلى طعامهم زجرا لهم ليرتدعوا فهو من قبيل انصر أخاك ظالما أو مظلوما ومنه أخذ عدم لزوم إجابة وليمة العرس إذا كان هناك منكر (طب عن عمران) بن حصين قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه أبو مروان الواسطي ولم أجد من ترجمه اه‍ . وأقول : فيه من طريق البيهقي أبو عبد الرحمن السلمي وقد سبق أنه كان يضع الحديث . 9449 - (نهى عن اختناث الأسقية) أي أن تكسر أفواه القرب ويشرب منها لأنه ينتنها بما يصيبه من نفسه وبخار معدته [ ص 327 ] وقد لا تطيب نفس أحد للشرب منه بعده أو لأنه ينصب بقوة فيشرق به فتقطع العروق الضعيفة التي بإزاء القلب أو لغير ذلك فكره تنزيها لا تحريما اتفاقا ولأحاديث الرخصة في ذلك وإباحته ذكره النووي ، والاختناث الإمالة والتكسر ومنه المخنث من الرجال وهو الذي يتكسر في مشيه وكلامه كما مر ، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم للاختناث يوم أحد إنما كان للضرورة لكونها حالة حرب قال في المفهم : وأصل هذه اللفظة التكسر والتثني ومنه المخنث وهو من يتكسر في كلامه تكسر النساء ويتثنى في مشيه مثلهن ولا ينافيه نهيه هنا أنه قام إلى قربة فخنثها وشرب منها على أنه علم أنه لم يكن فيها شئ يضر وأنه لم يستقذر منه شئ . (حم ق د ت ه عن أبي سعيد) الخدري زاد مسلم في رواية عنه أن يشرب من أفواهها وفي أخرى عنه أيضا واختناثها أن يقلب رأسها ثم يشرب منها . 9450 - (نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له) المستأجر (أجره) بأن يقول له اعمل وأنا أراضيك أو أعطيك ما يطيب خاطرك ولم يذكر قدرا معلوما فلا يصح (حم عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه ورواه أبو داود في مراسيله والنسائي موقوفا وقال أبو زرعة : الموقوف هو الصحيح قال ابن حجر : وإبراهيم النخعي لم يدرك أبا سعيد أي فهو منقطع وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح إلا أن النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب .
[ 424 ]
9451 - (نهى عن أكل الثوم) بضم المثلثة لنتن ريحه فالنهي للتنزيه قال ابن حجر : هذا النهي كان يوم خيبر وهو محمول على مريد حضور المسجد (خ عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه الترمذي عن علي وزاد إلا مطبوخا . 9452 - (نهى عن أكل البصل) أي النئ كما بينه البخاري وجاء عن ابن عمر أنه كان يأكله مطبوخا ، وظاهر الأخبار أن أكله غير حرام على الإطلاق بل في خبر أبي داود عن عائشة أن آخر طعام أكله النبي صلى الله عليه وسلم فيه البصل زاد البيهقي كان مستويا في قدر وأبو داود يعني غير النضيج (طب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه . 9453 - (نهى عن أكل البصل والكراث) بضم الكاف وشد الراء آخره مثلثة (والثوم) أي النئ سواء كان أكله من الجوع أو غيره كما في البخاري كالأكل للتشهي والتأدم بالخبز (الطيالسي) أبو داود (عن أبي سعيد) الخدري رمز لصحته . 9454 - (نهى عن أكل) لحم (الهرة) فيحرم عند الشافعية لأن لها نابا تعدو به وقال المالكية : يكره أكلها (وعن أكل ثمنها) أخذ بقضيته جمع فحرموا بيعها وحمله الجمهور على هرة لا ينتفع بها لنحو صيد فالشافعي يجوز بيعه وأكل ثمنه (ت ه ك) في البيع من حديث عبد الرزاق عن عمر بن زيد الصنعاني عن ابن الزبير (عن جابر) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن عمر واه ورواه عنه النسائي أيضا وقال الترمذي : حسن غريب اه‍ ، وقال جمع : ليس كما قال فقد قال النسائي : حديث منكر وقال غيره : فيه عمر بن زيد الصنعاني قال ابن حبان : تفرد بالمناكير عن المشاهير حتى خرج عن حد الاحتجاج وقال ابن عبد البر : حديث بيع السنور لا يثبت رفعه . 9455 - (نهى عن ثمن الكلب وثمن الخنزير وثمن الخمر وعن مهر البغي) أي ما تأخذه على زناها سماه مهرا مجازا (وعن [ ص 328 ] عسب الفحل) أي عن ثمن عسبه قال القاضي : العسب الكراء المأخوذ على النزو يقال عسبت الرجل عسبا إذا أعطيته الكراء على ذلك والموجب للنهي ما فيه من الغرر لأن مقصود المكتري منه هو الإلقاح والفحل قد يضرب وقد لا وقد يلقح الأنثى وقد لا (طس عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي بعد ما عزاه للأوسط : وفيه ضرار بن صرد أبو نعيم وهو ضعيف جدا اه‍ ، وعزاه في محل آخر للكبير وقال : رجاله رجال الصحيح .
[ 425 ]
9456 - (نهى عن ثمن الكلب ومهر البغي وحلوان الكاهن) أي ما يأخذه على كهانته عن إخباره عن الكائنة المستقبلة بزعمه وهو بضم الحاء وسكون اللام من حلوت الرجل حبوته بشئ أعطيته إياه أو من الحلاوة شبه ما يعطى الكاهن بشئ حلو لأخذه إياه سهلا بلا كلفة يقال حلوته أطعمته الحلو والنهي يشمل الآخذ والمعطي وفي الأحكام السلطانية ينهى المحتسب من يتكسب بالكهانة واللهو ويؤدب عليه الآخذ والمعطي (ق 4) في البيوع (عن أبي مسعود) الأنصاري . 9457 - (نهى عن جلد الحد في المسجد) فيكره تنزيها وقيل تحريما احتراما للمسجد (ه عن ابن عمرو) بن العاص . 9458 - (نهى عن جلود السباع) أن تفرش كما صرح به في رواية الترمذي يعني ويجلس عليها والنهي للسرف والخيلاء أو لأن افتراشها دأب الجبابرة وسجية المترفين أو لنجاسة ما عليها من الشعر والشعر ينجس بالموت ولا يطهر بالدباغ عند الشافعية وخبث الملبس يكسب القلب هيئة خبيثة كما أن خبث المطعم يكسبه ذلك فإن الملابسة الظاهرة تسري إلى الباطن ومن ثم حرم على الذكر لبس الحرير والذهب لما يكسب القلب من الهيئة التي تكون لمن ذلك لبسه من نساء وأهل الفخر والخيلاء وفيه أنه يحرم الجلوس على جلد كسبع ونمر وفهد أي به شعر وإن جعل على الأرض على الأوجه لكونه من شأن المتكبرين كما تقرر (ك عن والد أبي المليح) بفتح الميم وكسر اللام وآخره حاء مهملة عامر بن أسامة وظاهر عدول المصنف للحاكم واقتصاره عليه أنه لم يخرج في شئ من دواوين الإسلام الستة وهو ذهول فقد خرجه عنه أيضا أبو داود في اللباس والنسائي في الذبائح والترمذي وزاد أن تفرش كما تقرر وليست هي في رواية غيره ورواه الترمذي أيضا مرسلا وقال : المرسل أصح قال المناوي : فتلخص أن إرسال هذا الحديث أصح من إسناده . 9459 - (نهى عن حلق القفا) وحده لأنه نوع من القزع وهو مكروه تنزيها (إلا عند الحجامة) فإنه لا يكره لضرورة توقف الحجم أو كماله عليه 9460 - (نهى عن خاتم الذهب) أي للرجال فيحرم بإجماع من يعتد به (م عن أبي هريرة) . 9461 - (نهى عن خاتم الذهب) أي لبسه واتخاذه للرجال بدليل خبر هذان حرام على ذكور
[ 426 ]
أمتي حل لإناثهم (وعن خاتم الحديد) لأنه حلية أهل النار أي زي الكفار وهم أهل النار أو لنهوكة ريحه والنهي عن خاتم الذهب للتحريم وعن الحديد للتنزيه عند الجمهور وذهب شرذمة في أن النهي أيضا في الذهب للتنزيه وقضيته إثبات خلاف في التحريم وهو يناقض القول بالإجماع على التحريم للرجل ولا بد من اعتبار وصف كونه خاتما قال ابن حجر : والتوفيق أن يقال إن القائل بالتنزيه انقرض واستقر الإجماع بعده على التحريم وهذا الحديث قد عورض بالحديث المار التمس ولو خاتما من حديد وأجيب بأنه لا يلزم من جواز الالتماس والاتخاذ جواز اللبس فيحتمل أنه أراد تحصيله لتنتفع بقيمته المرأة على أن بعضهم حمل النهي على الحديد الصرف لما خرجه ابن سعد وغيره أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان [ ص 329 ] خاتمه من حديد ملوي عليه فضة قال النقاشي في كتاب الأحجار : خاتم الفولاذ مطردة للشيطان إذا لوى عليه فضة فهذا يؤيد المغايرة في الحكم (هب عن ابن عمرو) بن العاص ورواه الطبراني في الأوسط باللفظ المذكور عن ابن عمرو المزبور وقال الهيثمي : ورجاله ثقات وروى النهى عن الذهب وحده مسلم وفيه أيضا أنه رأى خاتما من ذهب في يد رجل فنزعه وطرحه وقال : يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيجعلها في يده فقيل للرجل بعد ما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ خاتمك فانتفع به قال : لا والله لا آخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلى الله عليه وسلم . 9462 - (نهى عن خصى الخيل والبهائم) عطف عام على خاص والنهي للتحريم إلا في صغير المأكول فيجوز قال ابن الوردي : ولأجل طيب اللحم يخصي جائز الأكل صغيرا . - (حم عن ابن عمر) بن الخطاب . 9463 - (نهى عن ذبائح الجن) قال الزمخشري : كانوا إذا اشتروا دارا أو بنوها أو استخرجوا عينا ذبحوا ذبيحة خوفا أن تصيبهم الجن فأضيفت الذبائح إليهم لذلك . - (هق) من طريق عمر بن هارون عن يونس (عن) ابن شهاب (الزهري مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الإرسال وليس كذلك فقد قال الحافظ ابن حجر : هو من رواية عمر بن هارون وهو ضعيف مع انقطاعه وقد أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال : عمر بن هارون البلخي هذا تركوه وكذبه ابن معين اه‍ ، ورواه ابن حبان في الضعفاء من وجه آخر موصولا عن الزهري عن أبي هريرة وفيه عنده عبد الله بن أذينة عن ثور ولا يجوز الاحتجاج به اه‍ ، وقال ابن حبان : عبد الله يروي عن ثور ما ليس من حديثه ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع . 9464 - (نهى عن ذبيحة المجوسي) ونحوه ممن لا كتاب له كوثني ومرتد (وصيد كلبه وطائره) والنهي للتحريم لمفهوم * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * (قط عن جابر) ابن عبد الله قال الذهبي في التنقيح : في إسناده من لا يحتج به .
[ 427 ]
9465 - (نهى عن ذبيحة نصارى العرب) دخل في ذلك الدين بعد نسخه وتحريفه أو بعد تحريفه ولم يجتنب المبدل هذا مذهب الشافعي وجوزها الحنفية (حل) من حديث محمد بن فيروز عن بقية عن إبراهيم بن أدهم عن أبيه أدهم عن ابن جبير (عن ابن عباس) قال الذهبي : لم يصح اه‍ . وخرجه البيهقي في سننه عن ابن عباس أيضا باللفظ المزبور وقال : سنده ضعيف . 9466 - (نهى عن ركوب النمور) أي الركوب على ظهورها كما تركب الخيل ونحوها أو الركوب على جلودها لما مر أن استعمالها يكسب القلب هيئة مشابهة لتلك الحيوانات (ه عن أبي ريحانة) واسمه شمعون . 9467 - (نهى عن سب الأموات) لما فيه من المفاسد التي منها يؤذي الأحياء ومحله في غير كافر ومتظاهر بفسق أو بدعة فلا يحرم سب هؤلاء ولا ذكرهم بشر بقصد التحذير من طريقتهم والاقتداء بآثارهم كما يدل عليه عدة أحاديث مرت (ك عن زيد بن أرقم) ورواه أحمد من حديث زياد بن علاقة . 9468 - (نهى عن بيع الثمر حتى يطيب) يفسره رواية نهى عن بيع الثمرة حتى يبدو صلاحها . (حم ق عن جابر) بن عبد الله . 9469 - (نهى عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم مكيلها بالكيل المسمى من التمر) تصريح بتحريم بيع تمر بتمر حتى تعلم المماثلة لأن الجهل بالمماثلة هنا كحقيقة المفاضلة (حم م ت) في الربا (عن جابر) بن عبد الله ووهم الطبري فعزاه للبخاري وليس فيه ووهم أيضا الحاكم حيث استدركه . 9470 - (نهى عن بيع الكالئ بالكالئ) بالهمز أي النسيئة بالنسيئة بأن يشتري شيئا إلى أجل فإذا حل وفقد ما يقتضي به يقول بعينه لأجل آخر بزيادة فيبيعه بلا تقابض يقال كلأ الدين كلوءا فهو كالئ إذا تأخر ومنه بلغ الله بك أكلأ العمر أي أطوله وأشده تأخرا قال ابن الأعرابي : تعففت عنها في العصور التي خلت * فكيف التصابي بعد ما أكلأ العمر ذكره الزمخشري (ك هق) في البيع (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه الحاكم من طريق عبد العزيز الدراوردي عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمرو قال : على شرط مسلم قال ابن حجر : ووهم فإن
[ 428 ]
راويه موسى بن عبيدة الزيدي لا موسى بن عقبة وقال أحمد : ليس في هذا حديث يصح لكن الإجماع على أنه لا يجوز بيع دين بدين وقال الشافعي : أهل الحديث يوهنون هذا الحديث . 9471 - (نهى عن بيع حبل الحبلة) بفتح الباء فيهما قال ابن حجر : وغلط من سكنها قال القاضي : وقرنه بأل إشعارا بمعنى الأنوثة إذا المراد ببيع ما في البطون وأدخلت فيه الهاء للمبالغة اه‍ ، وذهب ابن كيسان إلى أن المراد به بيع العنب قبل أن يطيب والحبلة بالتحريك الكرمة من الحبل لأنها تحبل بالعنب كما جاء في حديث آخر نهى عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه قال السهيلي : وهو غريب لم يسبقه إليه أحد في تأويل الحديث وقيل دخلت التاء للجماعة وقيل للمبالغة وهذا كله ينعكس عليهم بأنه لم تدخل التاء إلا في أحد اللفظين دون الآخر وإنما النكتة فيه أن الحبل ما دام حبلا لا يدرى أذكر أم أنثى فيعبر عنه بالمصدر من حبلت المرأة حبلا إذا حملت فإذا ولد الحبل وعلم أذكر أم أنثى لم يسم حبلا فإذا كانت أنثى وبلغت حد الحمل فحبلت فذلك الحبل هو المنهي عنه من بيعه والأول علمت أنوثته بعد الولادة فعبر عنه الحبلة وصار المعنى نهى عن بيع حبل الجنينة التي كانت حبلا لا يعرف ما هي ثم عرف بعد الوضع وكذا في الآدميين فإذن لا يقال لها حبلة إلا بعد المعرفة بأنها أنثى وعند ذكر الحبل الثاني لأن الأنثى قبل أن تحبل تسمى حائلا فإذا حبلت وذكر حبلها وازدوج ذكره مع الحالة الأولى التي كانت فيها حبلى فرق بين اللفظين بتاء التأنيث قال وهذا كلام فصيح بليغ لا يقدر قدره في البلاغة (حم ق 4) في البيع (عن ابن عمر) بن الخطاب واللفظ للبخاري . 9472 - (نهى عن بيع الثمر) بتثليث المثلثة وفتح الميم (بالتمر) بالمثناة وسكون الميم أي بيع الرطب بالتمر زاد في رواية ورخص في بيع العرايا أن تباع بخرصها قال النووي : فيحرم بيع رطب بتمر وهو المزابنة من الزبن وهو الدفع والتخاصم كأن كلا من المتبايعين بالوقوع في الغبن يدفع الآخر عن حقه وحاصلها عند الشافعي بيع مجهول بمجهول أو بمعلوم من جنس يحرم الربا في نقده وخالفه مالك في القيد الأخير فقال سواء كان ربويا أم غيره أما العرايا وهي بيع رطب على النخل [ ص 331 ] بتمر على الأرض فأجازه الشافعي فيما دون خمسة أوسق على العموم ، ومالك على الخصوص من المهري دون غيره (ق د عن سهل بن أبي حثمة) بفتح المهملة وسكون المثلثة عبد الله وقيل عامر بن ساعدة الأنصاري صحابي صغير ورواه عنه أيضا الشافعي وأحمد وغيرهما . 9473 - (نهى عن بيع الولاء) أي ولاء العتق وهو إذا مات المعتق ورثه معتقه كانت العرب تبيعه فنهوا عنه (وعن هبته) لأنه حق كالنسب فكما لا يجوز نقل النسب لا يجوز نقله إلى غير المعتق والنهي للتحريم فيبطلان لما ذكر (حم ق 4) في البخاري (عن ابن عمر) بن الخطاب .
[ 429 ]
9474 - (نهى عن بيع الحصاة) بأن يقول البائع للمشتري في العقد إذا نبذت إليك الحصاة فقد أوجب البيع والخلل فيه إثبات الخيار وشرطه إلى أجل مجهول أو بأن يرمي حصاة في قطيع غنم فأي شاة أصابتها فهي المبيعة والخلل فيه جهالة المعقود عليه أو أنه يجعل الرمي بيعا والخلل في نفس العقد (وعن بيع الغرر) وهو ما خفي عليك أمره من الغرور وبيع الغرر كل بيع كان المعقود عليه فيه مجهولا أو معجوزا عنه وقيل هو ما احتمل أمرين أغلبهما أخوفها أو ما انطوت عنا عاقبته وذا يشمل جميع البيوع الباطلة وإنما نص عليها ولم يكتف به لأنها من بيوع الجاهلية (حم م عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا ابن حبان ورواه البيهقي عن ابن عمر . 9475 - (نهى عن بيع النخل) أي ثمره (حتى يزهو) أي يتموه ويحمر أو يصفر لما حذف المضاف أسند الفعل إلى المضاف إليه فأنث وحتى غاية النهي المخصوص ذكره الطيبي ، وقال الزمخشري : يقال زهى الثمر وأزهى إذا احمر واصفر وأبى الأصمعي الإزهاء ولم يعرف أزهى وفي كتاب العين يزهو خطأ إنما هو يزهى اه‍ . (وعن السنبل) أي بيعه (حتى يبيض) أي يشتد حبه (ويأمن العاهة) أي الآفة التي تصيب الزرع قال الحرالي : السنبل مجتمع الحب في أكمامه لأنه أية استحقاق اجتماع أهل ذلك الرزق في تعاونهم في أمرهم وفسر ابن راهويه أمن العاهة بطلوع الثريا قيل : وفيه نظر لأن طلوعها وإن كانت في وقت واحد من العام لكن البلاد مختلف حكم نضج ثمارها بسبب الحر والبرد وإنما اكتفى به في الثمار بأول الطيب ولم يجز في الزرع حتى يتم طيبه لأن الثمر يؤكل غالبا أول الطيب والزرع لا يؤكل غالبا إلا بعده ذكره الأبي (م د ت) في البيوع المنهية (عن ابن عمر) بن الخطاب . 9476 - (نهى عن بيع الثمار حتى تنجو من العاهة) وفسره في رواية مسلم بظهور الصلاح وذلك مناسب فإن الصلاح ضد الفساد والعاهة نوع من الفساد فإذا هبت عاهة الثمر وأمن فساده لم يعرض له ما يمنعه من النضج (طب عن زيد بن ثابت) شهد بدرا وقيل أحدا قتل باليمامة ورواه إمام الأئمة الشافعي عن ابن عمر بلفظ نهى عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة والدارقطني في العلل عن عائشة . 9477 - (نهى عن بيع الثمر بالتمر) الأول بالمثلثة والثاني بالمثناة أي الرطب بالتمر (كيلا وعن بيع العنب بالزبيب كيلا [ ص 332 ] وعن بيع الزرع بالحنطة كيلا) (د عن ابن عمر) بن الخطاب .
[ 430 ]
9478 - (نهى عن بيع المضطر) إلى العقد بنحو إكراه عليه بغير حق فإنه باطل أو إلى البيع لنحو دين لزمه أو مؤونة ترهقه فيبيع بالوكس للضرورة فينبغي أن يعان ويمهل أو يقرض إلى ميسرة أو يشتري منه بالقيمة فإن عقد مع الضرورة صح فالنهي في الصورة الأولى للتحريم وفي الثانية للتنزيه (وبيع الغرر) بفتح الغين المعجمة كبيع آبق أو معدوم أو مجهول أو غير مقدور على تسليمه فكلها باطلة إلا ما دعت إليه حاجة كأس دار وحشو جبة ونحو ذلك (وبيع الثمرة قبل أن تدرك) وفي رواية قبل أن تطعم أي تصلح للأكل (حم د) من حديث صالح بن عامر عن شيخ من بني تميم (عن علي) قال : خطبنا علي فذكره قال عبد الحق : حديث ضعيف وقال ابن القطان : صالح بن عامر لا يعرف والتميمي لا يعرف وفي الميزان : صالح بن عامر نكرة بل لا وجود له ذكر في حديث لعلي مرفوعا أنه نهى عن بيع المضطر والحديث منقطع اه‍ . 9479 - (نهى عن بيع العربان) بضم العين المهملة بضبط المصنف أي بيع يكون فيه العربان ويقال العربون بأن يدفع للبائع شيئا فإن رضى البيع فمن الثمن وإلا فهبة فيبطل عند الأكثر للشرط والتردد والغرر قال الزمخشري : يقال أعرب في كذا وعرب وعربن كأنه سمى به لأن فيه إعرابا لفقد البيع أي إصلاحا وإزالة فساد وإمساكا له لئلا يملكه آخر اه‍ . (حم د ه) من حديث مالك أنه بلغه عن عمرو بن شعيب (عن) أبيه عن جده (ابن عمرو) بن العاص قال الصدر المناوي في كلامه على حديث أبي داود : هذا منقطع وقال ابن حجر في كلامه على حديث ابن ماجه : حديث ضعيف . 9480 - (نهى عن سلف وبيع) كأن يقول بعتك ذا بألف على أن تقرضني ألفا لأنه إنما يقرضه ليحابيه في الثمن فيدخل في الجهالة (وشرطين في بيع) كبعتك نقدا بدينار ونسيئة بدينارين (وبيع ما ليس عندك) قال الخطابي : يريد العين لا الصفة (وربح ما لم يضمن) بأن يبيعه لو اشتراه ولم يقبضه (طب عن حكيم بن حرام) رمز المصنف لحسنه . 9481 - (نهى عن شريطة الشيطان) قال الزمخشري : هي الشاة التي شرطت أي أثر في حلقتها أثر يسير كشرط الحجام من غير قطع الأوداج وتترك حتى تموت وكانوا في الجاهلية يفعلون ذلك وأضافها إلى الشيطان لأنه الحامل على ذلك اه‍ وهذا التفسير صرح به ابن عباس راوي الخبر كما في علل الترمذي وقال الترمذي : إنما يسمى ذلك شريطة لأنه من أفعال الجاهلية المؤدي إلى إزهاق الروح من
[ 431 ]
غير حل (د عن ابن عباس وأبي هريرة) وفيه عمرو بن عبد الله ، قال ابن القطان : هو عمرو بن برق لم تثبت عدالته بل ربما توهمت جرحه وذكر ابن عدي أن أحاديثه لا يتابعه عليها الثقات . 9482 - (نهى عن صبر الروح) هو كما في النهاية الخصي والخصي صبر شديد (وخصاء البهائم) بالمد فعيل بمعنى مفعول . - (هق عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا البزار باللفظ المزبور وزاد في آخره نهيا شديدا قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9483 - (نهى عن صوم ستة أيام من السنة ثلاثة أيام التشريق ويوم الفطر ويوم الأضحى ويوم الجمعة مختصة من الأيام) [ ص 333 ] فيحرم صوم التشريق بالعيدين ولا ينعقد ويكره إفراد يوم الجمعة بالصوم ، واختلف في علة النهي فقال المظهر : ترك موافقة اليهود في يوم من الأسبوع حين عظموا السبت فلا نعظم الجمعة بصيام وقيام ورده الطيبي بأنه لو كانت العلة مخالفتهم كان الصوم أولى لأنهم يستريحون فيه ويتنعمون بالأكل والشرب بل العلة ورود النص وتخصيص كل يوم بعبادة ليس ليوم آخر فإنه تعالى استأثر الجمعة بفضائل لم يستأثر بها غيرها فجعل الاجتماع فيه للصلاة فرضا فلم ير أن يخصه بشئ من الأعمال سوى ما خصه به ثم خص بعض الأيام بعمل دون ما خص به غيره ليخص كلا منها بعمل ليظهر فضيلة كل بما يختص به (تنبيه) قسم الشارع الأيام باعتبار الصوم ثلاثة أقسام قسم شرع تخصيصه بالصيام إما إيجابا كرمضان أو استحبابا كعرفة وعاشوراء وقسم نهى عن صومه مطلقا كالعيدين وقسم إنما في عن تخصيصه كيوم الجمعة وبعد النصف من شعبان فهذا النوع لو صيم مع غيره لم يكره فإن خص بالفعل نهى عنه سواء قصد الصائم التخصيص أم لا اعتقد الرجحان أم لا (الطيالسي) أبو داود (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى قال البيهقي : وهو ضعيف من طرقه كلها وتبعه ابن حجر فقال : سنده ضعيف . 9484 - (نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة) لأن يوم عرفة يوم عيد لأهل عرفة فيكره صومه لذلك وليقوى على الاجتهاد في الدعاء وفي السنن خبر يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الإسلام قال ابن تيمية : وإنما يكون يوم عرفة عيدا لأهل عرفة لاجتماعهم فيه بخلاف أهل الأمصار فإنما يجتمعون يوم النحر فكان هو يوم عيدهم (حم د ه ك) من حديث مهدي بن حرب الهجري عن عكرمة (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرط البخاري وردوه بأنه وهم إذ مهدي ليس من رجاله بل قال ابن معين : مجهول ، وقال العقيلي : لا يتابع عليه لضعفه ، وقال ابن القيم : علة هذا الحديث مهدي مجهول وروي بأسانيد جياد أنه لم يصم يوم عرفة بها ولم يصح عنه قال ابن حجر : قلت صححه ابن خزيمة ووثق مهديا .
[ 432 ]
9485 - (نهى عن صوم يوم الفطر والنحر) والأضحى قال الطيبي : عدل عن قوله نهى عن صوم العيدين إلى الفطر والنحر إشعارا بأن علة الحرمة هي الوصف بكونه يوم فطر ويوم نحر والصوم ينافيهما فيحرم صومهما ولا ينعقد نذره ولا يجب قضاؤهما عند الشافعية وأوجبته الحنفية وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته وعن الصماء وأن يحتبى الرجل في ثوب واحد وعن صلاة بعد الصبح والعصر هذا نص البخاري . - (ق) في الصوم (عن عمر) بن الخطاب (وعن أبي سعيد) الخدري ورواه عن الثاني أبو داود والترمذي واللفظ للبخاري . 9486 - (نهى عن صيام يوم قبل رمضان) ليتقوى بالفظر له فيدخله بقوة ونشاط أو لأن الحكم علق بالرؤية فتقدمه بيوم أو بيومين محاولة للطعن في ذلك الحكم أو لغير ذلك (والأضحى والفطر وأيام التشريق) فلا يصح صومهما وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وجوزه أحمد ومالك وجمع لمتمتع فقد الهدي (هق عن أبي هريرة) ورواه الطبراني بلفظ نهى عن صيام ثلاثة أيام يوم التروية ويوم الأضحى والفطر . 9487 - (نهى عن صيام رجب كله) أخذ به الحنابلة فقالوا : يكره إفراده بالصوم قال في الإنصاف : وهو من مفردات المذهب [ ص 334 ] وهل الإفراد المكروه أن يصومه كله ولا يقرن به شهرا آخر ؟ وجهان عندهم واحتج من كرهه بأن المفسدة تنشأ من تخصيص ما لا خصيصة له كما أشعر به لفظ الرسول في عدة أخبار فإن نفس الفعل المنهي عنه والمأمور به قد يشتمل على حكمة الأمر والنهي فالفساد ناشئ من جهة الاختصاص فإذا كان يوم الجمعة أو رجب يوما أو شهرا فاضلا يسن فيه الصلاة والدعاء والذكر والقراءة ما لا يسن في غيره كان ذلك في مظنة أن يتوهم أن صومه أفضل من غيره فنهى عن تخصيصه دفعا لهذه المفسدة اه‍ . أما صوم بعضه فلا يكره اتفاقا قال المؤلف : ويسن فطر بعضه خروجا من الخلاف (د طب هب عن ابن عباس) قال الذهبي كابن الجوزي : حديث لا يصح تفرد به داود بن عطاء وقد ضعفوه . وقال البخاري وغيره : متروك اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لضعفه . 9488 - (نهى عن صيام يوم الجمعة) أي إفراده بالصوم فيكره تنزيها لأنه عيد والعيد لا يصام أولئلا يضعف عن وظائف العبادة التي فيه أو خوف اعتقاد وجوبه أو المبالغة في تعظيمه فيعتني به ولا يعارضه خبر الترمذي عن ابن مسعود قلما كان يفطر يوم الجمعة لأنه كان لا يقصد إفراده لوقوعه خلال الأيام التي كان يصومها (حم ق ه عن جابر) ابن عبد الله . 9489 - (نهى عن صيام يوم السبت) أي إفراده بالصوم فيكره تنزيها لأن اليهود تعظمه واتخذته
[ 433 ]
عيدا فلو اتخذه المؤمن للصوم لكان الاتخاذ يشبه الاتخاذ في الجملة وإن كان العمل متباينا فالمجانبة أسلم وفي أيام الأسبوع سعة ولهذا لما أتى علي كرم الله وجهه بفالوذج بالعراق قال : ما هذا قال : يوم عيد النوروز قال : نوروزنا كل يوم ولا يعارضه خبر جويرية أنه دخل عليها يوم السبت وهي صائمة فقال : أصمت أمس قالت : لا قال : فأفطري لأن النهي إنما هو عن إفراده فلو لم تفرده لم يمنعها عن صومه قال القاضي : ويستثنى ما إذا وافق سنة مؤكدة كأن كان السبت يوم عرفة أو عاشوراء اه‍ وأفاد ابن حجر في الفتح أن أبا داود صرح بأن النهي عن صيام السبت منسوخ بحديث أم سلمة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يصوم السبت والأحد أخرجه أحمد والنسائي (ق والضياء) المقدسي (عن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة (المازني) بكسر الزاي والنون نسبة إلى مازن بن عمر وهي قبيلة منها الأعشى وجمع كثيرون ورواه أبو داود بلفظ لا تصوموا يوم السبت إلا فيما فرض عليكم . 9490 - (نهى عن ضرب الدف) حديث ضعيف يرده خبر صحيح فصل بين الحلال والحرام الضرب بالدف وقال لمن قال نذرت إن ردك الله سالما أضرب بين يديك بالدف أوف بنذرك رواهما ابن حبان وغيره (ولعب الصنج) العربي يتخذ من صفر يضرب أحدهما بالآخر أو العجمي وهو ذو الأوتار وكل منهما حرام و (ضرب الزمارة) أي المزمار العراقي أو اليراع وهو الشبابة وكلاهما حرام (تنبيه) سئل جدي شيخ الإسلام قاضي القضاة محيي الدين يحيى المناوي رحمه الله تعالى عن جماعة يجتمعون يضربون بالدفوف المشتملة على الصراصير النحاس والمزامير وآلات الطرب فما يجب عليهم إذا اعتقدوا حله أو تحريمه وما يجب على من حضرهم وهو يعتقد التحريم ولم ينكره وهل لكل مسلم الإنكار عليهم والتعرض لمنعهم وهل يثاب ولي الأمر على منعهم ؟ فأجاب بما نصه أما الأوتار فإنهم يمنعون منها ويأثم الفاعل والحاضر والقادر على الإنكار ولم ينكر ويثاب ولي الأمر على منعهم (خط) في ترجمة نصر المعدل (عن علي) أمير المؤمنين وفيه إسماعيل بن عياش وقد مر ضعفه وعبد الله بن ميمون القداح قال أبو حاتم : متروك ومطر بن أبي سالم مجهول . 9491 - (نهى عن طعام المتباريين) أي المتعارضين بالضيافة فخرا ورياء والمباراة المفاخرة (أن يؤكل) أي الفاعل كل منهما فوق فعل صاحبه ليكون طعامه أكبر وآنق ورياء ومباهاة ليغلب ويريد أحدهما تعجيز الآخر لأنه للرياء لا لله وفي رواية للعقيلي في الضعفاء عن ابن عباس أيضا نهى عن طعام المتباهيين (د ك) في الأطعمة (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكن في الميزان : صوابه مرسل قال أبو داود : وأكثر من رواه عن جرير لا يذكر ابن عباس يريد أن الأكثر أرسلوه . 9492 - (نهى عن عسب الفحل) أي عن بذله ثمنا أو أجرة وهو ضرابه وماؤه فتحرم المعاوضة عليه ولا تصح عند الشافعية وجوزه مالك والحديث حجة عليه (حم خ) في الإجارة (ت) في البيوع
[ 434 ]
المنهية (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا أبو داود والترمذي باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد النسائي به عن الأربعة غير جيد قال ابن حجر : وغفل من قصر في عزوه على أصحاب السنن الثلاثة كما وهم الحاكم في استدراكه . 9493 - (نهى عن عسب الفحل) بالمعنى المقرر فيما قبله (و) عن (قفيز الطحان) هو أن يقول للطحان اطحنه بكذا وقفيز منه أو اطحن هذه الصبرة المجهولة بقفيز منها والقفيز مكيال معروف . (ع قط عن أبي سعيد) الخدري قال في الميزان : هذا حديث منكر وهشام أبو كليب أحد رواته لا يعرف اه‍ وأورده عبد الحق في الأحكام بلفظ نهى النبي صلى الله عليه وسلم فتبعه المصنف غافلا عن تعقب ابن القطان له بأنه لم يجده إلا بلفظ البناء لما لم يسم فاعله وفيه هشام أبو كليب قال ابن القطان : لا يعرف والذهبي : حديثه منكر ومغلطاي : هو ثقة وجزم ابن حجر بضعف سنده . 9494 - (نهى عن عشر : الوشر) بمعجمة وراء تحديد الأسنان وترقيقها إيهاما لحداثة السن لما فيه من تغيير خلق الله (والوشم) أي النقش وهو غرز الجلد بإبرة ثم يدر عليه ما يخضره أو يسوده (والنتف) للشيب فيكره لأنه نور الإسلام أو الشعر عند المصيبة أو للحية أو للحاجب للزينة والمقتضي للنهي في الثلاثة تغيير الخلقة (ومكامعة الرجل الرجل) بعين مهملة مضاجعته له في ثوب واحد (ومكامعة المرأة المرأة) والمكامعة المضاجعة والكميع الضجيع والمكاعمة القبلة من كعام البعير وهو سد فمه إذا هاج (بغير شعار) أي بغير ثوب يغطى به فيحول بينهما أما إن فعل ذلك بحليلته فغير منهي بل محبوب (وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا مثل الأعاجم) أي من لبس ثوب حرير تحت ثيابه كلها لتلي نعومته الجسد كما هو عادة جهال العجم (وأن يجعل الرجل على منكبيه حريرا) أي للزينة مما يحصل الخيلاء والتفاخر (مثل الأعاجم) وقد ورد النهي عن لبس زي الأعاجم مطلقا قال ابن تيمية : النهي عن هذا وما قبله من حيث كونه شعارا للأعاجم لا لكونه حريرا يعم الثوب والأصل في الصفة أن تكون لتقييد الموصوف لا لتوضيحه (وعن النهبى) بضم النون مقصورا بمعنى النهب أي عن الإغارة على المسلمين أو على الغنائم على ما مر (وركوب النمور) أي الركوب على جلودها لما فيه من الخيلاء أو لأنه زي العجم (ولبس الخاتم إلا لذي سلطان) قال الطيبي : اللام في لذي [ ص 336 ] للتأكيد تقديره نهى عن لبس الخاتم إلا ذا سلطان ومن في معناه ممن يحتاجه للختم به فإنه في معنى السلطان قال ابن حجر : وهذا الحديث لم يصح وفي إسناده رجل متهم أي فلا يعارض الأخبار الصحيحة الصريحة في حل لبسه لكل أحد وقال القاضي : والمراد بالنهي في الحديث التنزيه أو القدر المشترك بين التنزيه والتحريم وقيل إنه منسوخ ويدل
[ 435 ]
عليه أن الصحابة كانوا يتختمون في عصره وعصر خلفائه من غير إنكار اه‍ والقول بالنسخ هو الأولى وأما ما ذكره من الكراهة تنزيها أو تحريما فممنوع لتصريحهم بأن لبسه سنة فقد ورد من عدة طرق تكاد تبلغ التواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه وكذا يساره اه‍ وقال بعض شراح الترمذي : النهي في هذا الحديث تناول أشياء يختلف حكم النهي فيها ففي بعضها محمول على التحريم وفي بعضها على الكراهة وصفة النهي واحدة فإما أن تكون مشتركة بين المعنيين أو حقيقة في التحريم مجازا في الكراهة ففيه استعمال المشترك في معنييه أو اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه وما جوز من ذلك فعلى خلاف الأصل . (حم د) في اللباس (ن) في الزينة من حديث عياش بن عباس (عن أبي ريحانة) واسمه شمعون بشين معجمة وعين مهملة أنصاري أو قرشي أو مولى للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال الذهبي في المهذب : له طرق حسنة . 9495 - (نهى عن فتح التمرة) ليفتش ما فيها من السوس (وقشر الرطبة) لتؤكل قال الحرالي : الفتح توسعة الضيق حسا ومعنى (عبدان وأبو موسى) كلاهما في تاريخ الصحابة (عن إسحاق) صحابي قال الذهبي : له نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فتح التمرة من إسناد واه مجهل اه‍ . 9496 - (نهى عن قتل النساء والصبيان) أي نساء أهل الحرب وصبيانهم إن لم يقاتلوا فإن قاتلوا قتلوا وفي إفهامه أن الشيوخ والرهبان يقتلون وإن لم يقاتلوا وهو مذهب الشافعي ومنعه أبو حنيفة ومالك (تنبيه) هذا الحديث مع حديث البخاري السابق من بدل دينه فاقتلوه كل منهما عام من وجه خاص من وجه فهذا الحديث خاص بالنساء عام في الحربيات والمرتدات وذاك عام في الرجال والنساء خاص بأهل الردة ومذهب أصحابنا في مثله وجوب الترجيح من خارج لتعادلهما تقارنا أو تأخر أحدهما وقال الحنفية : المتأخر ناسخ وهو هذا الحديث (ق) في الجهاد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال : وجدت امرأة مقتولة في بعض المغازي فنهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن قتلهن قال المصنف : وهذا متواتر . 9497 - (نهى عن قتل الصبر) وهو أن يمسك الحيوان ويرمي بشئ حتى يموت أو هو كل من قتل بغير معركة ولا حرب ولا خطأ ، وللحديث قصة أخرجها ابن المقرى في فوائد حرملة عن ابن وهب قال : غزونا مع عبد الرحمن بن خالد فأتى بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا بالنبل فبلغ ذلك أبا أيوب فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل الصبر ولو كانت لجاجة ما صبرتها فبلغ ذلك عبد الرحمن فأعتق أربع رقاب (د عن أبي أيوب) الأنصاري رمز المصنف لصحته وقال ابن حجر في الفتح : سنده قوي .
[ 436 ]
9498 - (نهى عن قتل أربع من الدواب : النملة) بالجر والرفع وكذا ما عطف عليه قال الخطابي : أراد النمل السليماني الكبار ذوات الأرجل الطوال فإنها قليلة الأذى (والنحلة) لكثرة منافعها فيخرج منها العسل وهو شفاء والشمع [ ص 337 ] وهو ضياء (والهدهد) لأنه لا يضر ولا يحل أكله (والصرد) بصاد مهملة مضمومة وراء مفتوحة طائر فوق العصفور نصفه أبيض ونصفه أسود لتحريم أكله ولا منفعة في قتله وقيل : كانت العرب تتشاءم به فنهى عن قتله لينخلع عن قلوبهم ما ثبت فيها له من اعتقادهم الشؤم به والنهي في الأربعة للتحريم لكن مقيد في النمل بالكبار كما تقرر أما الصغير فلا يحرم قتله كما عليه البغوي وغيره من الشافعية (حم د) في الأدب (ه) في الصيد (عن ابن عباس) قال ابن حجر : رجاله رجال الصحيح قال البيهقي : هو أقوى ما ورد في هذا الباب . 9499 - (نهى عن قتل الضفدع) بكسر الضاد والدال على وزان خنصر قال البيضاوي : والعامة تفتح الدال وقال : فتحها غير جيد (للدواء) لا لحرمتها بل لنجاستها أو لقذارتها ونفرة الطبع منها أو أنه عرف منها من المضرة فوق ما عرفه الطبيب من المنفعة وأما تعليله بأنها تسبح فغير صواب لأن الحيوانات المأمور بقتلها تسبح أيضا * (وإن من شئ إلا يسبح بحمده) * قال المؤلف في المرقاة : وقوله للدواء لا مفهوم له (حم د) في أواخر السنن (ن) في الصيد (ك) في الطب (عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي من مسلمة الفتح شهد اليرموك قال : سأل طبيب النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعله في دواء فنهاه ، قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي قال البيهقي : هذا أقوى ما ورد في النهي عنه . 9500 - (نهى عن قتل الصرد) طائر فوق العصفور أبقع ضخم الرأس قال ابن العربي : إنما نهى عنه لأن العرب تتشاءم به فنهى عن قتله لينخلع عما ثبت فيها من اعتقاد الشؤم لا أنه حرام اه‍ والأصح عند الشافعي حرمته (والضفدع والنملة والهدهد) قال الحكيم : إنما نهى عن قتلها لأن لكل واحد منها سالف عمل مرضي وفي خلقته جوهر يتقدم الجواهر (ه عن أبي هريرة) رواه عنه البيهقي أيضا قال ابن حجر : وفيه إبراهيم بن المفضل وهو متروك . 9501 - (نهى عن قتل الخطاطيف) واحده خطاف بضم فتشديد ويسمى زوار الهند وعصفور الجنة لزهده عما في أيدي الناس من القوت ويحرم أكله وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث
[ 437 ]
بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البيهقي قال : لا تقتلوا هذه العوذ إنها تعوذ بكم من غيركم . (هق) عن الحسين بن بشران عن أبي عمرو بن السماك عن جندب بن إسحاق عن الحسين عن أبي أويس عن عبد الرحمن بن إسحاق (عن عبد الرحمن بن معاوية) بن الحويرث (المرادي) بضم الميم وفتح الراء وبعد الألف دال مهملة نسبة إلى مراد قبيلة معروفة ينسب إليها خلق كثير من الجاهلية والصحابة فمن بعدهم (مرسلا) قال الذهبي : ضعف وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه سوى الإرسال وليس كما قال فقد قال مخرجه البيهقي نفسه : إنه منقطع أيضا ورواه أبو داود في مراسيله من حديث عباد بن إسحاق عن أبيه وابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عباس بلفظ نهى عن الخطاطيف فإنها عود البيوت قال البيهقي : وفيه أيضا انقطاع والحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات . 9502 - (نهى عن قتل كل ذي روح إلا أن يؤذى) كالفواسق الخمس فيجوز بل قد يجب قتله . (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه جوهر بن سعيد وهو ضعيف لكنه في الصحيح بمعناه خلا قوله إلا أن يؤذى . 9503 - (نهى عن قسمة الضرار) يحتمل أنه أراد القسمة التي تضر بأحد المالكين بأن يتلف المال أو يدخل بسببها النقص [ ص 338 ] على العين كجوهرة تتلف بذلك وسيف يكسر وما يبطل مقصوده كحمام صغير ويحتمل أنه أراد القسم بين الزوجات كأن يجعل لواحدة ليلة وأخرى ثلاثا مثلا أو قسمة النفقة بينهن بالتفاضل . (هق عن نصير مولى معاوية مرسلا) قال في المنار : ونصير لا يعرف ولا وجدت له ذكرا اه‍ وظاهر صنيع المصنف أن هذا من مرويات البيهقي بسنده وهو باطل وإنما نقله عن البيهقي عن مراسيل أبي داود فكان حق المصنف العزو لأبي داود لا البيهقي . 9504 - (نهى عن كسب الإماء) أي أجر البغايا كانوا في الجاهلية يأمرونهن بالزنا ويأخذون أجرهن فأنزل الله * (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) * (خ د عن أبي هريرة) . 9505 - (نهى عن كسب الأمة) هكذا جاء مطلقا في رواية البخاري وقيده في رواية أبي داود بقوله (حتى يعلم من أين هو) وفي رواية البيهقي حتى يعرف وجهه ، وفي رواية الطبراني إلا أن يكون لها عمل واجب يعرف وفي رواية لأبي داود إلا ما عملت بيدها وقال بأصابعه هكذا نحو المغزل والنفش يعني نفش الصوف وذلك لأنهن إذا كان عليهن ضرائب لم يؤمن أن يكون فيهن فجور أو المراد كسب البغي منهن أو المراد التنزيه خوفا من مواقعة الحرام . (تنبيه) هذا الحديث ورد من طريق آخر بلفظ نهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها فقد أخرج أحمد وأبو داود عن طارق بن عبد الرحمن جاء
[ 438 ]
رافع بن رفاعة إلى مجلس الأنصار فقال : لقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض وكسب الحجام وكسب الأمة إلا ما عملت بيدها نحو الخبز والغزل قال : أبو عمر رافع بن رفاعة لا تصح صحبته والحديث غلط قال في الإصابة : وأخرجه ابن منده من وجه آخر عن رفاعة بن رافع الأنصاري الصحابي (د ك) في الربا (عن رافع بن خديج) قال الحاكم : أخرجناه شاهدا اه‍ . وظاهر سكوته عليه تصحيحه قال ابن القطان : وما مثله يصحح فإنه عند أبي داود من رواية عبيد الله بن هرمز عن أبيه عن جده . قال البخاري : عبيد الله مجهول حديثه ليس بالمشهور وكذا قاله أبو حاتم . 9506 - (نهى عن كسب الحجام) تنزيها لا تحريما فإنه احتجم وأعطى الحجام أجرته فلولا حله ما فعله (فائدة) أخرج ابن منده في المعرفة من حديث حرام بن سعد بن محيصة عن أبيه عن جده محيصة بن مسعود أنه كان له غلام حجام يقال له أبو طيبة فكسب كسبا كثيرا فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كسب الحجام استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فأبى عليه فلم يزل يكلمه ويذكر له الحاجة حتى قال ليكن كسبه في بطن بهيمته (ه عن أبي مسعود) الأنصاري ورواه أيضا النسائي عن أبي هريرة والإسنادان صحيحان كما أفاده الحافظ العراقي فما أوهمه صنيع المصنف من تفرد ابن ماجه به عن الستة غير جيد ورواه أحمد عن أبي هريرة بسند . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ولعل المصنف ذهل عنه وإلا فعادته أنه إذا كان الحديث في أحمد ذكره مع الشيخين وقدمه عليهما . 9507 - (نهى عن كل مسكر ومفتر) بالفاء ومن جعله بالقاف فقد صحف أي كل شراب يورث الفتور أي ضعف الجفون والخدر كالحشيش قال الحرالي : ألحق المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بتحريم الخمر الذي سكرها مطبوع تحريم المسكر الذي سكره مصنوع اه‍ . (تتمة) حضر عجمي القاهرة وطلب دليلا لتحريم الحشيش وعقد له مجلس حضره أكابر علماء العصر فاستدل الزين العراقي بهذا فأعجب من حضر (حم د عن أم سلمة) رمز المصنف لصحته وهو كذلك فقد قال الزين العراقي : إسناده صحيح . 9508 - (نهى عن لبستين) بكسر اللام نظرا للهيئة وفتحها نظرا للمرة وبضمها على اسم الفعل قال أبو زرعة : والأول هنا أوجه (المشهورة في حسنها والمشهورة في قبحها) قال الماوردي : يشير إلى أن من المروءة أن يكون الإنسان معتدل الحال في مراعاة لباسه من غير إكثار ولا إطراح فإن إطراح مراعاتها وترك تفقدها مهانة وكثرة مراعاتها وصرف الهمة إلى العناية بها دناءة وخير الأمور أوساطها . قال ابن عطاء الله : طريقة العارف الشاذلي الإعراض عن لبس زي ينادي على مس اللابس بالإفشاء ويفصح عن طريقه بالإيذاء ، وقال ابن العربي : أصل اللباس أن يكون مختصرا وعلى حالة القصد جنسا وقيمة
[ 439 ]
فإنه إذا كان الملبوس رفيعا إن صانه لا يلبسه كان عبده ، تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس عبد القطيفة ، وإن امتهنه كان مسرفا وأحوجه إلى تكلف قيمة الآخر وخير الأمور أوساطها (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه بزيغ وهو ضعيف . 9509 - (نهى عن لبن الجلالة) لتولده من النجاسة ومثله البيض والنهي للتنزيه عند الشافعي (د ك عن ابن عباس) . 9510 - (نهى عن لقطة الحاج) قال القاضي : يحتمل أن المراد النهي عن أخذ لقطتهم في الحرم وفي آخبر آخر ما يدل عليه ويحتمل أن المراد النهي عن أخذها مطلقا لتترك مكانها وتعرف بالندى عليها لأنه أقرب طريقا إلى ظهور صاحبها لأن الحاج لا يلبثون مجتمعين إلا أياما معدودة ثم يتفرقون ويصدرون مصادر شتى فلا يكون للتعريف بعد تفرقهم جدوى . - (حم م) في القضاء (د) في اللقطة (عن عبد الرحمن) بن عبد الله (التيمي) بن أخي طلحة وروى عنه النسائي أيضا ولم يخرجه البخاري . 9511 - (نهى عن محاش النساء) أي عن إتيانهن في أدبارهن وهو بحاء مهملة وشين معجمة ، ويقال بمهملة كنى به عن أدبارهن كما كنى بالحش عن محل الغائط والنهي للتحريم بل هو كبيرة ، ووهم من نقل عن مالك جوازه ومالك إنما جوز الوطء من الدبر لا في الدبر ، ولعل من نقله عنه أخذه من قياس قوله فغلط فإن المجتهد قد يذكر مسألة ولا يطرد حكمها فيما يشبهها ولو سئل لأبدي فارقا (طس عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : رجاله ثقات . 9512 - (نهى عن نتف الشيب) من نحو لحية أو رأس لأنه نور ووقار والرغبة عنه رغبة عن النور ولأنه في معنى الخضاب بالسواد كذا ذكره حجة الإسلام وقضيته أن النهي للت حريم واختاره النووي لثبوت الزجر في عدة أخبار وأطلق بعضهم الكراهة وقضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته وقال إنه نور المسلم هكذا حكاه أئمة كثيرون منهم المنذري وهكذا هو في الأصول (ت ن ه عن ابن عمرو) بن العاص وحسنه الترمذي ورواه عنه أبو داود بلفظ لا تنتفوا الشيب فإنه نور يوم القيامة وفي رواية له فإنه نور المؤمن اه‍ . وهو من رواية عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده . 9513 - (نهى عن نقرة الغراب) أي تخفيف السجود وعدم المكث فيه بقدر وضع الغراب منقاره
[ 440 ]
للأكل (وافتراش السبع) بأن يبسط ذراعيه في سجوده ولا يرفعهما عن الأرض (وأن يوطن الرجل المكان في المسجد كما يوطن البعير) أي يألف محلا منه يلازم الصلاة فيه لا يصلي في غيره كالبعير لا يلوي عن عطنه إلا لمبرك قد اتخذه مناخا لا يبرك إلا فيه (تنبيه) قال ابن القيم : نهى المصطفى صلى الله عليه وسلم في الصلاة عن التشبه بالحيوانات فنهى عن بروك كبروك البعير والتفات كالتفات الثعلب وافتراش كافتراش السبع وإقعاء كإقعاء الكلب ونقر كنقر الغراب ورفع الأيدي وقت السلام كأذناب الخيل فهدي المصلي مخالف لهدي الحيوانات (حم د ن ه ك) من حديث تميم بن محمود (عن عبد الرحمن بن شبل) قال الحاكم : صحيح تفرد به تميم عن ابن شبل . 9514 - (نهى أن يتباهى الناس في المساجد) أي يتفاخروا بها بأن يقول الرجل مسجدي أحسن فيقول الآخر مسجدي أو المراد المباهاة في إنشائها وعمارتها أو غير ذلك ، وذلك لأن المباهاة بها من دأب أهل الكتاب (حب عن أنس) بن مالك . 9515 - (نهى أن يشرب الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان رجلا أو امرأة أو خنثى أو صبيا أو صبية وفي رواية لمسلم زجر عن الشرب (قائما) أي حال كونه قائما قال القاضي : هذا النهي من قبيل التأديب والإرشاد إلى ما هو الأخلق والأولى وليس نهي تحريم حتى يعارضه أنه فعل ذلك مرة أو مرتين وفي حديث أنه أمر في خبر من شرب قائما أن يستقثه وشربه قائما مؤول بأنه لم يجد محلا للقعود لازدحام الناس على زمزم أو ليري الناس أنه غير صائم أو لابتلال المحل أو لبيان الجواز وقال الطيبي : وزعم النسخ أو الضعف غلط فاحش وكيف يصار إليه مع إمكان الجمع وبفرض عدمه يحتاج لثبوت التاريخ وأنى به أو إلى الضعف مع صحة الكل (م د ت) كلهم في الأشربة من حديث قتادة (عن أنس) بن مالك ، تمامه عند مسلم قال قتادة : فقلنا : فالأكل فقال : ذلك أشد وأخبث . 9516 - (نهى أن يتزعفر الرجل) أي يفعل الزعفران في ثوبه أو بدنه لأنه شأن النساء . قال الزمخشري : التزعفر التطلي بالزعفران والتطيب به ولبس المصبوغ به وزعفر ثوبه ، ومنه قيل للأسد المزعفر لضرب وردته إلى الصفرة ، وفيه تحريم لبس المزعفر ، ومثله المعصفر لما فيهما من الزينة والخيلاء وقضية الحديث حرمة استعمال الزعفران في البدن وبه صرح جمع شافعية قال البيهقي : لكن روى أبو داود أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يصبغ لحيته بالزعفران فإن صح احتمل أن يكون مستثنى غير أن حديث النهي عن الزعفران مطلقا أصح وهو مصرح حتى بحرمة استعماله في اللحية وحمل بعض العلماء الحل على اللحية والحرمة على بقية البدن وخرج بالرجل وألحق به الخنثى المرأة فيحل لها ذلك مطلقا (ق) في اللباس (3) في الحج (عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المصنف تفرد الثلاثة به عن الستة والأمر بخلافه بل رواه عنه أبو داود في الترجل والترمذي في الاستئذان .
[ 441 ]
9517 - (نهى أن تصبر البهائم) بضم أوله أي أن يمسك شئ منها ثم ترمى بشئ إلى أن تموت من الصبر وهو الإمساك في ضيق يقال صبرت الدابة إذا حبستها بلا علف ومنه قتل الصبر للممسك حتى يقتل والنهي للتحريم للعن فاعله في خبر مسلم واللعن فيه دلائل التحريم وفي خبر أحمد عن ابن عمر رفعه من مثل بذي روح ثم لم يتب مثل الله به يوم القيامة قال في الفتح : رجاله ثقات (ق د ن ه عن أنس) بن مالك ورواه العقيلي أيضا عن سمرة وزاد وأن يؤكل لحمها ثم قال : والنهي عن أكلها لا يعرف إلا في هذا وبفرض ثبوته حمل على أنها ماتت بغير تذكية 9518 - (نهى أن يمشي الرجل بين البعيرين يقودهما) يحتمل أنه لما يقال إنه يورث الفقر وهل مثل البعيرين الفرسين مثلا فيه احتمال والكراهة للتنزيه (ك) في الأدب (عن أنس) بن مالك قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي قال : محمد بن ثابت البناني أحد رجاله ضعفه النسائي وغيره . 9519 - (نهى أن يصلي على الجنائز بين القبور) فإنها صلاة شرعية والصلاة في المقابر مكروهة أي تنزيها . (طس عن أنس) ابن مالك قال الهيثمي : إسناده حسن . 9520 - (نهى أن ينتعل الرجل وهو قائم) في رواية قائما والأمر للإرشاد لأن لبسها قاعدا أسهل وأمكن ومنه أخذ الطيبي وغيره تخصيص النهي بما في لبسه قائما تعب كالتاسومة والخف لا كقباقاب وسرموزة . - (ت والضياء) في المختارة (عن أنس) بن مالك ، وقضية صنيع المؤلف أن الترمذي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل خرجه أولا عن جابر ثم قال : هذا حديث غريب ثم عن أنس وقال : كلا الحديثين لا يصح عند أهل الحديث وقال في حديث أنس بخصومة قال محمد ابن إسماعيل يعني البخاري لا يصح هذا الحديث وقال أعني الترمذي في العلل : سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال : ليس هذا بصحيح ورواه باللفظ المزبور من طريق أخرى عن أبي هريرة وذكر أنه سأل عنه البخاري فقال : فيه الحارث بن نبهان منكر الحديث لا يبالي ما حدث وضعفه جدا اه‍ . وقضية تصرف المؤلف أن الترمذي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه فقد خرجه أبو داود من رواية إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتعل الرجل قائما قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي : ورجال إسناده ثقات وقال النووي في رياضه : إسناده حسن . 9521 - (نهى أن يبال في الماء الراكد) وفي رواية الدائم أي الساكن وزاد في رواية الذي لا يجري وهو للتأكيد قال الزمخشري : هو الساكن ، دام الماء يدوم وأدمته أنا ومنه تدويم الطائر وهو أن يترك
[ 442 ]
الخفقان بجناحيه في الهواء ودوام الشئ مكثه وسكونه اه‍ ، فيكره البول في الماء الراكد ما لم يستبحر بحيث لا يعاف البتة والنهي للتنزيه وهو في القليل أشد لتنجيسه بل قيل يحرم فيه وأطلق المالكية الكراهة فإن تغير به فنجس إجماعا واتفق العلماء على أن الغائط ملحق بالبول وأنه لا فرق بين البول في نفس الماء أو في إناء يصبه فيه أو يبول بقربه فيجري إليه وأنه لا فرق في نجاسة الماءين البائل وغيره وزعم الظاهرية أن كل من بال بماء راكد وإن كثر امتنع عليه دون غيره استعماله في الطهارة وغيرها وأعظم الناس الشناعة عليهم (م ن ه عن جابر) بن عبد الله ولم يخرجه عنه البخاري . 9522 - (نهى أن يبال في الماء الجاري) أي القليل أما الكثير فلا يكره فيه لقوته وكالبول الغائط والكراهة في القليل للتنزيه لا للتحريم وبحث النووي أنها للتحريم لأن فيه إتلافا للماء عليه وعلى غيره أجيب عنه بأن الكلام في مملوك له أو مباح يمكن طهره بالمكاثرة ، نعم إن دخل الوقت وتعين لطهره حرم كإتلافه ويحرم في مسبل وموقوف مطلقا وما هو واقف فيه إن قل لحرمة تنجيس البدن (طس عن جابر) بن عبد الله قال المنذري : إسناده جيد ة قال الهيثمي : رجاله ثقات . 9523 - (نهى أن يسمى كلب أو كليب) لأن الكلب من الفواسق الخمس فكأنه قال لا تسموا المؤمن فاسقا لا للنظير بل كراهة النسبة للكلاب الفواسق والنهي وارد على أصل وضع الاسم فلو وضع لإنسان واشتهر به لم يكره دعاؤه به بل لا يجوز تسميته بغيره رضاه كما جزم به الغزالي وجعله أصلا مقيسا عليه فإنه قال : أسماؤه تعالى توقيفية لأنه إذا امتنع في حق آحاد الخلق أن يسمى باسم لم يسمه به أبواه ففي حق الله أولى قال : وهو نوع قياس فقهي تبنى على مثله الأحكام الشرعية (طب) وكذا في الأوسط (عن بريدة) قال الهيثمي : وفيه صالح بن حبان وهو ضعيف . 9524 - (نهى أن يصلي) بفتح اللام المشددة (في لحاف) هو كل ثوب يتغطى به (لا يتوشح به) التوشيح أن يأخذ الطرف الأيسر من تحت يده اليسرى فيلقيه على منكبه الأيمن ويلقي الطرف الأيمن من تحت اليمنى على منكبه الأيسر (ونهى أن يصلي الرجل في سراويل) أعجمي أو عربي لا ينصرف (وليس عليه رداء) لأن السراويل بمفرده يصف الأعضاء ولا يتجافى عن البدن والنهي للتنزيه عند الشافعية (د ك عن بريدة) قال ابن عبد البر : لا يحتج بهذا الحديث . 9525 - (نهى أن يقعد الرجل بين الظل والشمس) لأنه ظلم للبدن حيث فاضل بين أبعاضه وهذا من كمال محبة الله ورسوله عليه الصلاة والسلام للعدل أن أمر به حتى في حق الإنسان مع نفسه
[ 443 ]
قال ابن القيم : وفيه تنبيه على منع النوم بينهما فإنه ردئ (ك) في الأدب (عن أبي هريرة ه عن بريدة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9526 - (نهى أن يتعاطى) أي يتناول (السيف مسلولا) فيكره تنزيها مناولته كذلك لأنه قد يخطئ في تناوله فينجرح شئ من بدنه أو يسقط منه على أحد فيؤذي وفي معناه السكين ونحوها فلا يرميها له ولا يناولها والحد من جهته (حم د) في الجهاد (ت) في الفتن (ك) في الأدب (عن جابر) بن عبد الله وقال الترمذي : حسن غريب وقال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال ابن حجر : سنده صحيح . 9527 - (نهى أن يقام الرجل) يعني الإنسان المسلم (من مقعده) بفتح الميم محل قعوده (ويجلس عطف على يقام أو حال وتقديره وهو يجلس فعلى الأول كل من الإقامة والجلوس منهي عنه وعلى الثاني المنهي عنه الجمع حتى لو أقام ولم يجلس (فيه آخر) لم يرتكب النهي ذكره الطيبي والأول أصوب فقد قال القرطبي : يستوي هنا أن يجلس فيه بعد إقامته أولا غير أن الحديث خرج على أغلب ما يفعل فإنه إنما يقيم غيره من مجلسه ليجلس فيه غالبا قال النووي : والنهي للتحريم فمن سبق إلى مباح من مسجد أو غيره يوم جمعة أو غيره لصلاة أو غيرها تحرم إقامته منه لكن يستثنى ما لو ألف موضعا من مسجد لنحو إفتاء أو إقراء أو قراءة فهو أحق به فإن قعد فيه غيره فله أن يقيمه وقال ابن أبي جمرة : هذا اللفظ عام مخصوص بالمجالس المباحة إما عموما كالمساجد ومجالس الحكام والعلم أو خصوصا كمن يدعو قوما بأعيانهم إلى منزله لنحو وليمة أما مجالس لا ملك لشخص فيها ولا إذن فيقام ويخرج ثم هو في المجالس العامة ليس عاما بل خاص بغير نحو مجانين ومن يحصل منه أذى كأكل ثوم إذا دخل مسجدا وسفيه دخل مجلس حكم أو علم وحكمة النهي انتقاص حق المسلم الموجب للضغائن والحث على التواضع الموجب للمودة وأيضا الناس في المباح سواء فمن سبق استحق فإزعاجه غصب والغصب حرام اه‍ وقال النووي : هذا في حق من مجلس بمحل من نحو مسجد ثم فارقه ليعود (خ) في كتاب الجمعة (عن ابن عمر) بن الخطاب . 9528 - (نهى أن يسافر بالقرآن) أي بالمصحف أو بما فيه قرآن وإن قل لا في ضمن غيره فلا ينافي كتابته إلى هرقل * (يا أهل الكتاب) * (إلى أرض) أي بلاد (العدو) أي الكفار خوفا من الاستهانة به والباء في بالقرآن زائدة والقرآن أقيم مقام الفاعل وليست كما في خبر لا تسافروا بالقرآن فإنها حال فيكره عند الشافعي ويحرم عند مالك حمل ذلك إلى بلاد الكفر كما يشير إليه تعليله في خبر ابن ماجه بقوله مخافة أن يناله العدو فإن أمنت العلة زال المنع قال المظهر : كان
[ 444 ]
جميع القرآن محفوظا للصحابة فلو مشى بعض القراء إلى أرض العدو ومات ضاع ذلك القدر قال الطيبي : وذهب في هذا الكتابة لأن المصحف لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فنقول لم لا يجوز أن يراد بالقرآن بعض ما كتب في عهده أو يكون إخبارا عن الغيب اه‍ . قيل وفيه منع بيع المصحف من كافر لوجود العلة (ق د ه) في الجهاد (عن ابن عمر) بن الخطاب وفي رواية لمسلم كان ينهى . 9529 - (نهى أن نستقبل القبلتين) قال الحافظ العراقي : ضبطناه بفتح النون ولا يصح كونه بضم الياء على أنه مبني للمفعول لنصب القبلتين والمراد بهما الكعبة وبيت المقدس فهو من قبيل المجاز بالنسبة لما كان أو هو للتغليب كالقمرين والعمرين (ببول أو غائط) تحريما بالنسبة للكعبة بشرطه وتنزيها بالنسبة لبيت المقدس بنقل النووي الإجماع على عدم التحريم ولا يمتنع مع ذلك جمعهما في لفظ واحد فغاية ما فيه الجمع بين الحقيقة والمجاز بناء على الأصح أن النهي حقيقة في التحريم مجاز في الكراهة وأما إذا جعل حقيقة فيهما فلا يلزم ذلك ، هذا أظهر الأجوبة وهو الذي عول عليه النووي ، وأما الجواب بأن النهي منسوخ وبأنه نهى عن استقبال بيت المقدس حين كان قبلة ثم عن استقبال الكعبة حين صارت قبلة فجمعهما الراوي ظنا منه أن النهي مستمر وبأن المراد بالنهي أهل المدينة ومن على سمتها فقط لأن استقبالهم بيت المقدس يستلزم استدبار الكعبة فنهيهم لاستدبار الكعبة لا لحرمة استقبال بيت المقدس كما نقله الماوردي فرد الأول بأن النسخ لا يثبت إلا بدليل والثاني بأن فيه توهيم الراوي في جمعه بينهما بلا مستند وكلام أحمد بن حنبل يقتضي اجتماع النهيين في زمن واحد وعن الثالث بأن الأصل عدم تخصيص الحكم ببعض البلاد والنهي عن استقبالهم ورد في وقت واحد وهو عام لجميع المدن وقول الحافظ ابن حجر أخذ بظاهر هذا الحديث جمع منهم ابن سيرين فحرموا استقبال القبلة المنسوخة وهي بيت المقدس بذلك وهو حديث ضعيف في حيز المنع كيف ولم يصرح منهم أحد بالتحريم وإنما الوارد عن مجاهد وابن سيرين والنخعي أنهم كرهوا ذلك ومرادهم كراهة التنزيه لنقل النووي في المجموع كالخطابي الإجماع على عدم التحريم وزعمه أعني ابن حجر أن بعض الشافعية قال به أي التحريم غلط وإنما نقل الروياني عن أصحابنا الكراهة لكونه كان قبلة ومراده كراهة التنزيه فإنهم إذا أطلقوا الكراهة إنما يعنونها وظاهر الحديث أنه لا فرق في الكراهة بين الصحراء والبنيان وقد أطلق في الروضة الكراهة أيضا قال المحقق أبو زرعة : وقياس مذهبنا اختصاصها بالصحراء . - (حم د ه عن معقل) بن أبي معقل بفتح الميم وسكون المهملة وكسر القاف فيهما وهو معقل بن الهيثم ويقال ابن أبي الهيثم (الأسدي) بفتح السين حليف لبني زهرة بن خزيمة ، وقيل إنما هو الأزدي بزاي لا بسين صحابي مدني له من المصطفى صلى الله عليه وسلم حديثان هذا أحدهما وسكت عليه أبو داود فهو عنده صالح بل قال ابن محمود شارحه : في إسناده جيد وخالفه الذهبي فقال في المهذب : فيه عند أبي داود أبو زيد مولى بني ثعلبة لا يدرى من هو وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه : إسناده ضعيف للجهل بحال راويه أبي زيد فإني لم أر من تعرض لمعرفة حاله وسماه أبو داود الوليد وذكره ابن عبد البر في الاستقصاء ولم يسمه وسكوت أبي داود والمنذري عليه لا يكفي وينضم لجهالته انقطاع حديثه فيما ذكره العسكري من أن معقلا مات زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيكون منقطعا لأنه غير صحابي ولا ذكره فيهم أحد لكن قال ابن سرور
[ 445 ]
مات زمن معاوية فهو متصل والقلب إليه أميل اه‍ . لكن قال النووي في الخلاصة : إسناده حسن وفي شرحه لأبي داود : جيد ومراده حسن لغيره لوروده من طرق أخرى عند البيهقي في الخلافيات وابن عدي عن ابن عمر بإسناد ضعيف . 9530 - (نهى أن يتخلى الرجل) وصف طردي فالمرأة كذلك (تحت شجرة مثمرة) أي من شأنها ذلك وإن لم تثمر وفي غير وقت الثمرة فيكره تنزيها (ونهى أن يتخلى على ضفة نهر جار) ضفة النهر والبئر جانبه تفتح فتجمع على ضفات كجنة وجنات وتكسر فتجمع على ضفف كعدد وعدد (عد عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الطبراني في الأوسط وقال : لم يروه عن ميمون إلا فرات بن السائب تفرد به الحكم بن مروان الكوفي قال الهيثمي : فرات قال البخاري : منكر الحديث تركوه وقال الولي العراقي : ضعيف لضعف فرات . 9531 - (نهى أن يبال في الجحر) بضم الجيم وسكون الحاء وهو كل شئ يحتفره الهوام والسباغ لأنفسها كذا في المحكم وقيل هو الثقب وهو ما استدار ومثله السرب بفتحتين ما استطال والنهي للتنزيه قال الولي العراقي : فيه كراهة البول في الجحر ، هبه ثقبا نازلا في الأرض أو مستطيلا تحتها ، قال : وعللوه بعلتين أحدهما أنه مسكن الجن ويؤيده الأثر الصحيح أن سعد بن عبادة بال في جحر فخر ميتا فسمعت الجن تقول : نحن قتلنا سيد الخزرج * سعد بن عباده رميناه بسهم * فلم يخط فؤاده الثانية أذى الهوام بلسعها أو بعود الرشاش عليه أو تأذي ذلك الحيوان إن كان ضعيفا (د ك) في الطهارة كلاهما من حديث معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة (عن عبد الله بن سرجس) بفتح السين المهملة وسكون الراء وكسر الجيم غير مصروف صحابي معروف الصحبة والرواية لفظ أبي داود قال يعني هشام قالوا لقتادة ما تكره من البول في الجحر قال كان يقال إنها مساكن الجن ولفظ رواية الحاكم أنها مساكن الجن دون قوله يقال ، قال : وهذا صحيح على شرطهما وسكت عليه أبو داود والمنذري قال الحاكم : على شرطهما ورواه عنه أيضا النسائي وغيره . 9532 - (نهى أن يبال في قبلة المسجد) لفظ أبي داود عن أبي مجلز أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن ينهى أن يبال في قبلة المسجد والنهي للتحريم وفي بقية المسجد كذلك وإنما خص القبلة لأنه فيها أغلظ وأشد وأبو مجلز بكسر الميم وسكون الجيم وفتح اللام بعدها زاي اسمه لاحق بن حميد تابعي (د في مراسيله عن أبي مجلز) المذكور (مرسلا) .
[ 446 ]
9533 - (نهى أن يبال بأبواب المساجد) أي إن سرى البول إلى جدر المسجد أو شئ من أجزائه فالكراهة حينئذ للتحريم ويحتمل أنها للتنزيه وأن المراد البول بقرب باب المسجد لئلا يستقذره الداخلون أو يعود ريحه عليهم أو على من بالمسجد (د في مراسيله عن مكحول مرسلا) وهو الشامي . 9534 - (نهى أن يستنجي أحد بعظم أو روثة أو حممة) بضم المهملة وفتح الميمين الفحم وما احترق من نحو خشب وعظم قال الخطابي : نهيه عن الاستنجاء بها يدل على أن أعيان الحجارة غير مختصة بهذا المعنى فما عدا الثلاثة من كل جامد طاهر يدخل في الإباحة وقال غيره : ملحق بها كل مطعوم للآدمي قياسا أولويا وكذا المحترم كورق كتب العلم ومن قال علة النهي عن الروث كونه نجسا ألحق به كل نجس ومتنجس وعن العظم كونه لزجا فلا يزيل إزالة تامة وألحق به ما في معناه كزجاج أملس ويؤيده رواية الدارقطني عن أبي هريرة نهى أن يستنجى بروث أو عظم وقال إنهما لا يطهران وفيه رد على زاعم إجزاء الاستنجاء بهما وإن كان منهيا عنهما . - (د قط هق عن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته وليس بمسلم فقد قال مخرجه الدارقطني : إسناده شامي وليس بثابت قال : وفي إسناد غير ثابت أيضا جلد بدل حممة وقال : يستطيب بدل يستنجى خرجه الطحاوي . 9535 - (نهى أن يبول الرجل في مستحمه) المحل الذي يغتسل فيه بالحميم وهو في الأصل الماء الحار ثم قيل الاغتسال بأي ماء كان استحمام وذلك لجلبه الوسواس ولأنه قد يصيبه شئ من الجن لأن المغتسل محل حضور الشياطين لما فيه من كشف العورة فهو في معنى البول في الجحر ذكره الولي العراقي وحمل جمع هذا الحديث على ما إذا كان المستحم لينا ولا منفذ فيه بحيث لو نزل فيه البول شربته الأرض واستقر فيها فإن كان صلبا كنحو بلاط بحيث يجري عليه البول أو كان فيه منفذ كبالوعة فلا نهي ، وقال النووي : محل النهي عن الاغتسال فيه إذا كان صلبا يخاف إصابة رشاشه فإن كان له نحو منفذ فلا كراهة قال الولي العراقي : وهذا عكس ما ذكره أولئك الجماعة فإنهم حملوا النهي على الأرض اللينة وحملها على الصلبة لأنها فيها معنى آخر وهو أنه في الصلب يخاف عود الرشاش بخلاف الرخوة وهم نظروا إلى أنه في الرخوة يستقر محله وفي الصلبة لا فإذا صب عليه الماء ذهب أثره (ت عن عبد الله بن مغفل) وقال : غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث أشعث بن عبد الله ، ذكر في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال : لا أعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه قال ابن سيد الناس : ومع غرابته يحتمل كونه من قسم الحسن لأن أشعث مستور اه‍ . ولذلك جزم النووي بأنه حسن . 9536 - (نهى أن يجلس الرجل في الصلاة وهو معتمد على يده اليسرى وقال إنها صلاة اليهود)
[ 447 ]
أي وقد أمرنا بمخالفتهم في هديهم قال ابن تيمية : وفيه تنبيه على أن كل ما يفعله المشركون من العبادات ونحوها مما يكون معصية بالنية نهى المؤمنون عن ظاهره وإن لم يقصدوا به قصد الكافرين حسما للباب . (ك هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال الذهبي في المهذب : هذا إسناد قوي . 9537 - (نهى أن يقرن بين الحج والعمرة) نهي تنزيه أو إرشاد لما في القرآن من النقص المجبور بدم (د عن معاوية) قال للصحابة : هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كذا وكذا وركوب جلود النمر قالوا : نعم قال : فتعلمون أنه نهى أن يقرن قالوا : أما هذا فلا ، قال : أما إنها معهن ولكن نسيتم سنده جيد . 9538 - (نهى أن يقد السير) أي يقطع ويسق (بين أصبعين) لئلا يعقر الحديد يده وهو يشبه نهيه عن تعاطي السيف [ ص 346 ] مسلولا قال القاضي : القد قطع الشئ طولا كالشق والسير ما يقد من الجلد نهى عنه حذرا من أن يخطئ القاد فيجرح أصبعه (د ك) في الأدب (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في الميزان قال : هذا حديث منكر . 9539 - (نهى أن يضحى بعضباء الأذن والقرن) بعين مهملة وضاد معجمة أي مقطوعة الأذن ومكسورة القرن واستعمال العضب في القرن أكثر منه في الأذن وفي رواية نهى أن يضحى بجدعاء الأذن أي مقطوعتها - (حم 4 ك) في باب الأضحية (عن علي) أمير المؤمنين قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9540 - (نهى أن تكسر سكة المسلمين) أي الدراهم والدنانير المضروبة (الجائزة بينهم) يسمى كل واحد منها سكة لأنه طبع بسكة الحديد أي لا تكسر وذلك لما فيها من اسم الله أو لإضاعة المال (إلا من بأس) أي إلا من أمر يقتضي كسرها كزوافها وشك في صحة نقدها فلا نهي عن كسرها حينئذ قال بعض الشافعية : والوجه أنه لا يحرم إلا إذا كان فيه نقص لقيمتها (حم د ه ك عن عبد الله المزني) زاد الحاكم أن تكسر الدراهم فتجعل فضة أو تكسر الدنانير فتجعل ذهبا قال الحافظ العراقي : ضعيف ضعفه ابن حبان اه‍ وقال في المهذب : فيه محمد بن فضاء ضعيف وفي الميزان : ضعفه ابن معين وقال النسائي : ضعيف وقال العقيلي : لا يتابع على حديثه ثم أورد له أخبارا هذا منها وقال عبد الحق : الحديث ضعيف لضعف محمد بن فضاء قال في المنار : وترك ولده وهو خالد الجهني وخالد مجهول لا يعرف بغير هذا . 9541 - (نهى أن نعجم) بنون أوله بخط المصنف (النوى طبخا) أي نبالغ في نضجه حتى يتفتت
[ 448 ]
وتفسد قوته التي يصلح معها للغنم أو المعنى إذا طبخ لتؤخذ حلاوته طبخ عفوا لئلا يبلغ الطبخ النوى ولا يؤثر فيه تأثير من يعجمه أي يلوكه لأنه يفسد الحلاوة (د عن أم سلمة) رمز لحسنه . 9542 - (نهى أن يتنفس في الإناء) عند الشرب (أو ينفخ فيه) لأن التنفس فيه يورث ريحا كريها في الإناء فيعاف والنفخ في الطعام الحار يدل على العجلة الدالة على الشره وعدم الصبر وقلة المروءة . (حم د ت ه عن ابن عباس) وروى عنه مسلم الجملة الأولى وقد رمز المصنف لحسنه . 9543 - (نهى أن يمسح الرجل يده بثوب من لم يكسه) بضم السين المهملة وكسرها والمراد أنه لا يمسح يده إلا في ثوب من له عليه نعمة كثوب كساه لنحو حليلته أو خادمه ممن يحب ذلك ولا يتقذره وهذا إن غلب على ظنه لا إن شك كأكل طعام صديقه ثم رأيت العسكري قال : أراد المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذا أن يستبذل أحدا من المؤمنين وإن كان فقيرا فإن الله يطعمه ويكسوه (حم د) في الأدب (عن أبي بكرة) . 9544 - (نهى أن يسمى أربعة) أي بأربعة (أسماء أفلح ويسارا) هو اليسر والغنى وسعة الحال (ونافعا ورباحا) هو الريح فيكره التسمية بذلك لأنه قد يقال أفلح هنا فيقال لا فيتطير بذلك وكذا البقية (د ه عن سمرة) بن جندب رمز لحسنه . 9545 - (نهى أن تحلق المرأة رأسها) فيكره لها ذلك كما في المجموع عن جمع لأنه مثلة في حقها وألحق بها الخنثى وقال بعضهم : يحرم تمسكا بظاهر النهي (ت) في الحج (ن عن علي) أمير المؤمنين قال الترمذي وفيه اضطراب قال النووي فلا دلالة فيه لضعفه لكن يستدل بعموم خبر من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد وقال ابن حجر : رواته موثقون لكن اختلف في وصله وإرساله اه‍ . وعدول المنصف عن عزوه للبزار وابن عدي لأن فيه عندهما معلى بن عبد الرحمن وهو ضعيف . 9546 - (نهى أن يتخذ شئ فيه الروح غرضا) بغين وضاد معجمتين بينهما راء محركا ما ينصب ليرمى إليه لما فيه من الجرأة والاستهانة بخلق الله والتعذيب عبثا (حم ت ن عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه .
[ 449 ]
9547 - (نهى أن يجمع أحد بين اسمه وكنيته) بأن يسمى محمدا ويكنى بأبي القاسم فيحرم ذلك حتى بعد وفاته (ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته . 9548 - (نهى أن ينام الرجل على سطح ليس بمحجور عليه) أي ليس عليه حاجز يمنع من وقوع النائم من نحو جدار والحجر المنع . - (ت عن جابر) بن عبد الله . 9549 - (نهى أن يستوفز الرجل في صلاته) أي أن يقعد فيها منتصبا غير مطمئن ففي المصباح استوفز في قعدته قعد منتصبا غير مطمئن (ك عن سمرة) بن جندب . 9550 - (نهى أن يكون الإمام مؤذنا) أي أن يجمع بين وظيفتي الإمامة والأذان واختلف السلف في الجمع بينهما فقيل يكره تمسكا بهذا الحديث لكن الجمهور على عدم الكراهة فقد صح عن عمر لو أطيق الأذان مع الخلافة لأذنت رواه سعد بن منصور وغيره وقيل هو خلاف الأولى وقيل يستحب وصححه النووي (هق عن جابر) بن عبد الله وقضية صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل قال وتبعه الذهبي في المهذب : إسناده ضعيف بمرة وقال ابن الجوزي : لا يصح فيه كذاب وقال ابن حجر في الفتح : سنده ضعيف . 9551 - (نهى أن يمشي الرجل بين المرأتين) عن يمينه وشماله ولو محارم لئلا يساء به الظن أو بهما بل يمشيان بحافة الطرق حذرا من الإختلاط المؤدي إلى المفسدة ، وأخذ من مفهوم العدد إن مشى رجال بينهما ومشى رجل بين نساء غير منهي لبعد المفسدة ويحتمل شمول النهي كما لو مشت واحدة أمامه وأخرى خلفه وفي معنى المشي القعود بنحو مسجدا أو طريق (د) في آخر سننه (ك) في الأدب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح وشنع عليه به الذهبي وقال : فيه داود ابن أبي صالح قال ابن حبان : يروي الموضوعات اه‍ وهو في طريق أبي داود أيضا وقال المناوي : داود منكر الحديث وذكر البخاري الحديث في تاريخه الكبير من رواية داود هذا وقال : لا بتابع عليه . 9552 - (نهى أن يقام عن الطعام حتى يرفع) هذا في غير مائدة أعدت لجلوس قوم بعد قوم كما ذكروه (ه) من حديث الوليد بن مسلم عن منير بن الزبير عن مكحول (عن عائشة) ومنير هذا قال في الميزان عن ابن حبان : يأتي عن الثقات بالمعضلات ثم أورد له هذا الخبر وهو مع ذلك منقطع فيما بين مكحول وعائشة فرمز المصنف لحسنه غير حسن .
[ 450 ]
9553 - (نهى أن يصلي الرجل ورأسه معقوص) لأن شعره إذا نثر سقط على الأرض عند السجود فيعطى صاحبه ثواب السجود به قال الزين العراقي : فيه كراهة صلاة الرجل وهو معقوص الشعر أو مكفوفه تحت عمامته أو كف شئ من ثيابه كالكم وهي كراهة تنزيه وسواء فعله للصلاة أو لغيرها خلافا لمالك قال : والنهي خاص بالرجل دون المرأة لأن شعرها عورة يجب ستره في الصلاة فإذا نقضته لا يستر ويتعذر ستره فتبطل صلاتها (طب عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه وهو تقصير وإنما حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ورواه أبو داود من حديث أبي رافع بلفظ نهى أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره . 9554 - (نهى أن يصلي الرجل وهو حاقن) وفي رواية وهو حقن حتى يتخفف والحاقن من حبس بوله كالحاقب بموحدة للغائط (ه عن أبي أمامة) الباهلي رمز المصنف لحسنه . 9555 - (نهى أن يصلي خلف المتحدث والنائم) أي أن يصلي وواحد منهما بين يديه لأن المتحدث يلهى بحديثه والنائم قد يبدو منه ما يلهى وقد يراد بالنائم المضطجع ولا فرق بين الليل والنهار لوجود المعنى والنهي كما أشار إليه الذهبي وغيره للتنزيه جمعا بينه وبين خبر أنه كان يصلي وعائشة معترضة بينه وبين القبلة فسقط ما لابن هنا من زعم التعارض أو لأنه كان هناك نجاسة رطبة تناله إذا قعد لا إذا قام أو لأنه كان بين الناس ولم يمكنه غير ذلك أو لكونه كان أيسر من القعود في تلك الحالة وقال ابن حجر : أحاديث النهي محمولة إن ثبتت على ما إذا حصل شغل الفكر به فإن أمن من ذلك فلا كراهة (ه عن ابن عباس) رمز لحسنه قال مغلطاي في شرح ابن ماجه : سنده ضعيف لضعف راويه أبي المقدام هشام بن زياد الأموي ضعفه البخاري وقال ابن مهدي : تركوه وابن خزيمة : لا يحتج بحديثه وابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به اه‍ . وقال عبد الحق : خرجه أبو داود بسند منقطع قال ابن القطان : ولو كان متصلا ما صح للجهل براويين من رواته وبسطه وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال ابن حجر في المختصر : حديث النهي عن الصلاة إلى النائم خرجه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن عباس وقال أبو داود طرقه كلها واهية وفي الباب عن ابن عمر أخرجه ابن عدي عن أبي هريرة أخرجه الطبراني في الأوسط وهما واهيان . 9556 - (نهى عن أن يبول الرجل قائما) فيكره تنزيها لا تحريما وأما بوله قائما لبيان الجواز أو لكونه لم يجد مكانا يصلح للقعود أو لأن القيام حالة لا يمكن معها خروج الريح بصوت ففعله لكونه كان بقرب الناس أو لأن العرب تستشفي به لوجع القلب فلعله كان به أو لجرح كان بمأبضه بهمزة ساكنة فموحدة باطن ركبتيه فلم يمكنه لأجله القعود أو أن البول عن قيام منسوخ لخبر عائشة
[ 451 ]
ما بال قائما منذ أنزل عليه القرآن وخبرها من حدثكم أنه كان يبول قائما فلا تصدقوه ما كان يبول إلا قاعدا قال ابن حجر : والصواب أنه غير منسوخ وعائشة إنما تعلم ما وقع بالبيوت قال : [ ص 349 ] وقد ثبت عن جمع من الصحابة منهم عمر وعلي أنهم بالوا قياما وهو دال للجواز بغير كراهة إذا أمن الرشاش ولم يثبت في النهي عنه شئ كما بينته في أوائل شرح الترمذي (ه عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه قال مغلطاي : في سنده ضعف لضعف رواته فمنهم عدي بن الفضل قال أبو حاتم والنسائي والدارقطني : متروك الحديث وابن حبان : ظهرت المناكير في حديثه وأبو داود : ضعيف . 9557 - (نهى أن تتبع الجنازة معها رانة) بالنون المشددة أ امرأة صائحة صياحا شديدا ومن رواه بالياء فقد صحف (ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال عبد الحق : إسناده ضعيف وقال الذهبي : أبو يحيى ضعف . 9558 - (نهى أن ينفخ في الشراب وأن يشرب من ثلمة القدح أو أذنه) لما مر مفمصلا (طب عن سهل بن سعد) الساعدي قال الهيثمي : فيه عبد المهيمن بن عباس بن سهل وهو ضعيف اه‍ ورمز المصنف لحسنه . 9559 - (نهى أن يمشي الرجل) ذكره وصف طردي والمراد الإنسان والنهي للتنزيه (في نعل واحدة أو خف واحدة) لما تقدم ، قال الغزالي : إذا لبس الإنسان خفه فابتدأ باليسرى فقد ظلم وكفر النعمة لأن الخف وقاية للرجل ، وللرجل فيه حظ وبالبداءة بالحظوظ ينبغي أن يكون الأشرف فهو العدل والوفاء بالحكمة ونقيضه ظلم وكفران نعمة الرجل والخف قال : وهذا عند العارفين كبيرة وإن سماه الفقيه مكروها حتى أن بعضهم جمع أكرارا من حنطة وتصدق بها فسئل عن سببه قال : لبست المداس مرة فابتدأت بالرجل اليسرى سهوا فكفرت بالصدقة ، نعم الفقيه لا يقدر على تفخيم الأمر في هذه الأمور ونحوها فإنه مسكين بلي بإصلاح العوام الذين تقرب درجتهم من درجة الأنعام وهم منغمسون منطمسون في ظلمات أطم وأعظم من أن يظهر أمثال هذه الظلمات بالإضافة إليها (حم عن أبي سعيد) . 9560 - (نهى أن تكلم النساء إلا بإذن أزواجهن) لأنه مظنة الوقوع في الفاحشة بتسويل الشيطان ومفهومه الجواز بإذنه وحمله الولي العراقي على ما إذا انتفت مع ذلك الخلوة المحرمة والكلام
[ 452 ]
في رجال غير محارم (طب عن عمرو) ابن العاص رمز المصنف لحسنه وعدل عن عزوه للدارقطني لكونه غير موصول الإسناد عنده . 9561 - (نهى أن يلقى النوى على الطبق الذي يؤكل منه الرطب أو التمر) لئلا يختلط بالتمر والنوى مبتل من ريق الفم عند الأكل بل يلقى على ظهر أصبعه حتى يجتمع فيلقيه خارج الطبق . (الشيرازي عن علي) أمير المؤمنين . 9562 - (نهى أن يسمى الرجل حربا أو وليدا أو مرة أو الحكم أو أبا الحكم أو أفلح أو نجيحا أو يسارا) لما فيه من الفأل السوء وتزكية النفس (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن مسعود) قال الهيثمي : وفيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك اوبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 9563 - (نهى أن يخصى أحد من ولد آدم) فالخصي لهم حرام شديد التحريم (طب عن ابن مسعود) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه معاوية بن عطاء الخزاعي ضعيف . 9564 - (نهى أن يتمطى الرجل) حال كونه (في الصلاة) أي يمدد أعضاءه (أو عند النساء إلا عند امرأته أو جواريه) اللاتي يحل له وطؤهن (قط في الأفراد عن أبي هريرة) . 9565 - (نهى أن يضحي ليلا) لأنه لا يأمن الخطأ في الذبح ولعدم حضور الفقراء قال الشافعية : يكره الذبح ليلا مطلقا وللأضحية أشد (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك . 9566 - (نهى أن يقام) بضم الياء التحتية بضبطه (الصبيان في الصف الأول) إذا حضروا بعد تمام الصف الأول (ابن نصير) في كتاب الصلاة (عن راشد بن سعد) المقرئي بفتح الميم وسكون القاف وفتح الراء ثم همزة ثم ياء النسب الحمصي ثقة كثير الإرسال فلذلك قال (مرسلا) أرسل عن عوف بن مالك وغيره .
[ 453 ]
9567 - (نهى أن ينفخ في الطعام والشراب والتمرة) وألحق بها الفاكهاني الكتاب تنزيها له والتنفس في معنى النفخ (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : وفيه محمد بن جابر وهو ضعيف ورواه أبو داود بدون قوله والتمرة رمز لحسنه . 9568 - (نهى أن يفتش التمر عما فيه) نحو دود وسوس (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه . 9569 - (نهى أن يصافح المشركون أو يكنوا أو يرحب بهم) لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى) * الآية ولهذا أخرج البيهقي بسند قال ابن حجر : حسن من طريق عياض الأشعري عن أبي موسى والله ما توليته وإنما كان يكتب فقال أما وجدت في أهل الإسلام من يكتب لا تدنهم إذ أقصاهم الله ولا تأتمنهم إذ أخونهم الله ولا تعزهم بعد أن أذلهم الله (حل عن جابر) بن عبد الله . 9570 - (نهى أن يفرد يوم الجمعة بصوم) زاد في رواية إلا أن يصوم يوما قبله أو بعده وعلته الضعف به عما تميز به من العبادات الكثيرة الفاضلة مع كونه يوم عيد فإن ضم إليه غيره لم يكره وكذا إذا وافق عادة أو نذرا أو قضاء كما ورد في خبر . - (حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 9571 - (نهى أن يجلس بين الضح) هو ضوء الشمس إذا استمكن من الأرض (والظل) أي أن يكون نصفه في الشمس [ ص 351 ] ونصفه في الظل (وقال) إنه (مجلس الشيطان) أي هو مقعده أضاف المجلس إليه لأنه الباعث على القعود فيه ، والقعود فيه إذ ذاك مضر لأن الإنسان إذا قصد ذلك المقعد فسد مزاجه لاختلاف حال البدن من المؤثرين المتضادين (حم) عن أبي عياض (عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : إسناده جيد . 9572 - (نهى أن يمنع نقع البئر) أي فضل مائها لأنه ينتقع به العطش أي يروى وشرب حتى نقع أي روى وقيل النقع الماء الناقع أي المجتمع (حم عن عائشة) رمز لحسنه .
[ 454 ]
9573 - (نهى أن يجلس الرجل بين الرجلين إلا بإذنهما) فيكره بدونه تنزيها وتشتد الكراهة بين نحو والد وولده وأخ وأخيه وصديق وصديقه (هق عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه . 9574 - (نهى أن يشار إلى المطر) حال نزوله باليد أو بشئ فيها (هق عن ابن عباس) . 9575 - (نهى أن يقال للمسلم صرورة) هو بالفتح الذي لم يحج فعولة من الصر الحبس والمنع قيل أراد من قتل بالحرم قتل ولا يقبل منه إني صرورة ما حججت وما عرفت حرمة الحرم كان الرجل في الجاهلية إذا قتل فلجأ إلى الكعبة لم يهج فإذا لقيه ولي الدم قيل له صرورة فلا تهجه (هق عن ابن عباس) . 9576 - (نهى أن تستر الجدر) أي جدر البيوت تحريما إن كان بحرير وتنزيها إن كان بغيره قال ابن حجر : وقد جاء النهي عن ستر الجدر بالثياب عند أبي داود وغيره من حديث ابن عباس بلفظ لا تستروا الجدر بالثياب وفي إسناده ضعف وفي سنن سعيد بن منصور عن سلمان موقوفا أنه أنكر ستره البيت وقال : أمحموم بيوتكم أو تحولت الكعبة عندكم ثم قال : لا أدخله حتى يهتك ، وأخرج الحاكم والبيهقي عن عبد الله بن يزيد الخطمي أنه رأى بيتا مستورا فقعد وبكى وذكر حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه كيف بكم إذا سترتم بيوتكم وأصله في النسائي (هق عن علي بن الحسين مرسلا) هو زين العابدين قال الزهري : ما رأيت قرشيا أفضل منه .
[ 455 ]
حرف الهاء 9577 - (هاجروا تورثوا أبناءكم مجدا) عزا وشرفا من بعدكم والمهاجرة مفاعلة من الهجرة وهي التخلي عما شأنه الاغتباط به لإمكان ضرر منه ذكره الحرالي (خط عن عائشة) ورواه عنها أيضا الديلمي وغيره . 9578 - (هاجروا من الدنيا وما فيها) أي اتركوها لأهلها أو هاجروا من المعاصي إلى التوبة . (حل عن عائشة) وفيه سعيد بن عثمان التنوخي قال في اللسان عن الدارقطني : متروك . 9579 - (هذا القرع نكثر به طعامنا) أي نصيره بطبخه معه كثيرا ليكفي العيال والأضياف (حم عن جابر بن طارق) بالقاف صحابي مقل قال : دخلت على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في بيته وعنده الدباء فقلت : أي شئ هذا فذكره رمز لحسنه . 9580 - (هذه النار جزء من مائة جزء من) نار (جهنم) وورد أقل وأكثر والقصد من الكل الإعلام بعظيم نار جهنم وأنه لا نسبة بين نار الدنيا ونار الآخرة في شدة الإحراق (حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9581 - (هذا الحشوش) بضم الحاء المهملة وشينين معجمتين جمع حش بتثليث الحاء كما في المشارق من الحش بالفتح وهو البستان كنى به عن الخلاء لأنهم كانوا يتغوطون بين النخيل قبل اتخاذ الكنف ثم كنى به عن المستراح والإشارة يحتمل كونها لقربها فلعله أشار إلى حشوش قريبة منه ويحتمل كونها للتحقير كما في حديث من ابتلي بشئ من هذه القاذورات وكما قيل في * (أهذا الذي يذكر آلهتكم) * ذكره الولي العراقي (محتضرة) أي يحضرها الشيطان لأنها محل الخبث وكشف
[ 456 ]
العورة وعدم ذكر الله والخبيث للخبيث (فإذا دخل أحدكم) إليها (فليقل) عند دخوله ندبا (بسم الله) لتدرأ التسمية عنه شرهم قال الولي العراقي : فيه أنه ينبغي للمعلم والمفتي ذكر العلة مع الحكم لأنه أدعى للقبول والمبادرة وكأنه إنما ذكرها لاستبعادهم عن ذكر الله في محل قضاء الحاجة وفيه أيضا تقديم ذكر العلة على الحكم لمصلحة تقتضيه (ابن السني) في عمل يوم وليلة (عن أنس) بن مالك رمز لحسنه ورواه أصحاب السنن الأربعة عن زيد بن أرقم بلفظ إن هذه الحشوش محتضرة فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل أعوذ بالله من الخبث والخبائث قال الترمذي : في إسناده اضطراب قال مغلطاي : وليس قادحا ومال أبو حاتم البستي إلى تصحيحه وأخرجه الحاكم من طريقين وقال : كلاهما على شرط الصحيح . 9582 - (هاشم والمطلب كهاتين) وأشار بأصبعيه (لعن الله من فرق بينهما) أي طرده وأبعده عن منازل الأخيار والظاهر أن المراد بهما بنيهما وأن المراد التفريق بالإفساد بينهم بفتنة ونحوها (ربونا صغارا وحملونا كبارا) أي حملوا أثقالنا (هق عن) أبي الحسين (زيد بن علي) بن الحسين بن علي أمير المؤمنين من ثقات التابعين وهو الذي ينسب إليه الزيديون خرج في خلافة هشام فقتل بالكوفة (مرسلا) هو أبو الحسين العلوي . 9583 - (ههنا تسكب العبرات) جمع عبرة وهي الدمع أو انهماله أو قبل أن يفيض أو هي تردد البكاء في الصدر والحزن بغير بكاء والمراد هنا الأول أو الثاني (يعني عند الحجر) بالتحريك أي الأسود . (ه ك عن ابن عمر) بن الخطاب قال : استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا ثم التفت فإذا هو بعمر يبكي فقال : يا عمر ههنا إلخ وفيه محمد بن عون الخراساني قال في الميزان عن النسائي : متروك وعن البخاري : منكر الحديث وعن ابن معين : ليس بشئ ثم أورد له هذا الخبر . 9584 - (هجاهم حسان) أي هجا كفار قريش (فشفى واستشفى) هما إما بمعنى واحد والجمع للتأكيد أي شفى عنه من الغيظ بما أمكنه [ ص 353 ] من الميسور من القول والمعسور أو هما متغايران أي شفى غيره وأشفى نفسه أي وجد الشفاء بهجاء المشركين وأفاد جواز هجو الكفار وإيذائهم ما لم يكن لهم أمان وأنه لا غيبة لهم (م عن عائشة) . 9585 - (هجر المسلم أخاه) في الإسلام (كسفك دمه) أي مهاجرة الأخ المسلم خطيئة توجب العقوبة كما أن سفك دمه يوجبها فهي شبيهة بالسفك من حيث حصول العقوبة بسببها لا أنه مثلها في العقوبة لأن القتل من العظائم وليس بعد الشرك أعظم منه فشبه الهجر به تأكيدا للمنع منه والمشابهة في
[ 457 ]
بعض الصفات كافية إذ التشبيه إنما يصار إليه للمبالغة ولا يقصد به المساواة ولا بد (ابن قانع) الحافظ أحمد في المعجم (عن أبي حدرد) رمز لحسنه ورواه عنه أيضا ابن لال والطبراني والديلمي . 9586 - (هدايا العمال) وفي رواية بدله الأمراء (غلول) بضم اللام والغين ، أصله الخيانة لكنه شاع في الغلول في الغي فالمراد أنه إذا أهدى العامل للإمام أو نائبه فقبله فهو خيانة منه للمسلمين فلا يختص به دونهم . - (حم) والطبراني (هق) كلاهما من حديث إسماعيل بن عياش عن يحيى عن عروة (عن أبي حميد الساعدي) قال ابن عدي : وابن عياش ضعيف في الحجازيين وقال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني من طريق إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز وهي ضعيفة ، وجزم الحافظ ابن حجر بضعفه قال : ورواه الطبراني بإسناد أشد ضعفا منه فقال في موضع آخر بعد ما عزاه لأحمد : فيه إسماعيل بن عياش وروايته عن غير أهل بلده ضعيفة وهذا منها قال : وفي الباب أبو هريرة وابن عباس وجابر ثلاثتهم في الأوسط للطبراني بأسانيد ضعيفة . 9587 - (هدايا العمال حرام كلها) قال ابن بطال : فيه أن هدايا العمال تجعل في بيت المال وأن العامل لا يملكها إلا إن طيبها له الإمام واستنبط منه المهلب رد هدية من كان ماله حراما أو عرف بالظلم ، وخرج أبو نعيم وغيره أن عمر بن عبد العزيز اشتهى تفاحا ولم يكن معه ما يشتري به فركب فتلقاه غلمان الدير بأطباق تفاح فتناول واحدة فشمها ثم ردها فقيل له : ألم يكن المصطفى صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يقبلون الهدية فقال : إنها لأولئك هدية وهي للعمال بعدهم رشوة (ع عن حذيفة) بن اليمان . 9588 - (هدية الله إلى المؤمن السائل على بابه) أي وجود فقير يسأله شيئا من ماله وهو واقف ببابه وذلك لأن الله تعالى دل السائل عليه وأمال قلبه إليه وندبه إلى بابه وذكره نعمه لديه حيث أحوج غيره إليه والقصد الحث على قبول هدية الله بالإكرام بالبذل عاجلا من غير من ولا مطل هذا فيمن يسأل الدنيا فكيف بسائل يستفتي أو يتعلم علما ينفعه (خط) من حديث أبي أيوب الخبائري عن سعيد بن موسى الأزدي (في رواة مالك) عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال الخطيب : وسعيد مجهول ، والخبائري مشهور بالضعف ، قال في الميزان : قلت هذا موضوع وسعيد هالك اه‍ . وأعاده في محل آخر وقال : هذا كذب اه‍ . وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وسعيد بن موسى اتهمه ابن حبان بالوضع . 9589 - (هل ترون ما أرى) قيل الرؤية هنا علمية وقيل بصرية بأن مثلت له الفتن حتى نظر
[ 458 ]
إليها كما مثلت له الجنة والنار [ ص 354 ] في الجدار (إني لأرى مواقع الفتن) أي مواضع سقوطها (خلال) جمع خلل وهو الفرجة بين شيئين (بيوتكم) أي نواحيها (كمواقع القطر) أي المطر شبه سقوط الفتن وكثرتها بالمدينة بسقوط القطر في الكثرة والعموم وهذا من آيات نبوته فقد ظهر مصداقه من قتل عثمان وهلم جرا (حم ق عن أسامة بن زيد) أبي أمامة . 9590 - (هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم) الاستفهام للتقرير أي ليس النصر وإدرار الرزق إلا ببركتهم فأبرزه في صورة الاستفهام ليدل على مزيد التقرير والتوبيخ وذلك لأنهم أشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خضوعا في العبادة لجلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا واستدل به الشافعية على ندب إخراج الشيوخ والصبيان في الاستسقاء (خ) في الجهاد من حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص (عن) أبيه (سعد) ولم يصرح مصعب بسماعه من سعد فيما رواه البخاري فهو مرسل عنده اه‍ . وكان ينبغي للمؤلف التنبيه على ذلك كما صرح به جمع منهم النووي في الرياض فقال : رواه البخاري عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص هكذا مرسلا فإن مصعب بن سعد تابعي قال : وأخرجه البرقاني في صحيحه متصلا عن مصعب عن أبيه . 9591 - (هل تنصرون إلا بضعفائكم) لفظ رواية البخاري هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم أي بدعوتهم وإخلاصهم لأن عبادة الضعفاء أشد إخلاصا لخلاء قلوبهم عن التعلق بالدنيا وصفاء ضمائرهم مما يقطعهم عن الله فجعلوا همهم واحدا فزكت أعمالهم وأجيب دعاؤهم وبين بقوله بدعوتهم أنه لا يلزم من الضعف والصعلكة عدم القوة في البدن ولا عدم القوة في القيام بالأوامر الإلهية فلا يعارض الأحاديث التي مدح فيها الأقوياء ولا خبر إن المؤمن القوي أحب إلى الله من المؤمن الضعيف ثم إن المراد أن ذلك من أعظم أسباب الرزق والنصر وقد يكون لذلك أسباب أخر فإن الكفار والفجار يرزقون وقد ينصرون استدراجا وقد يخذل المؤمنون ليتوبوا ويخلصوا فيجمع لهم بين غفر الذنب وتفريج الكرب وليس كل إنعام كرامة ولا كل امتحان عقوبة . (حل) من حديث الحسن بن عمارة عن طلحة بن مصرف عن مصعب (عن سعد) بن أبي وقاص ورواه النسائي بلفظ هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم بصومهم وصلاتهم ودعائهم فما اقتضاه صنيع المؤلف من أن هذا لم يخرجه أحد من الستة غير صحيح . 9592 - (هل من أحد يمشي على الماء إلا ابتلت قدماه) استثناء من أعم عام الأحوال تقديره هل
[ 459 ]
يمشي أحد في حال من الأحوال إلا في حال ابتلال قدميه (كذلك صاحب الدنيا لا يسلم من الذنوب) فيه تخويف شديد منها وحث على الزهد فيها وإيثار الآخرة على الأولى (هب عن أنس) بن مالك . 9593 - (هلاك أمتي) الموجودين إذ ذاك أو من قاربهم لا كل الأمة إلى يوم القيامة (على يدي) بالتثنية وروي بلفظ الجمع (غلمة) كفتية جمع غلام وهو الطار الشارب أي صبيان وفي رواية أغيلمة تصغير أغلمة قياسا ولم يجز ولم يستعمل كذا ذكره الزمخشري قال : والغلام هو الصغير إلى حد الالتحاء فإن قيل له بعد الالتحاء غلام فهو مجاز اه‍ . وهذا محتمل لتحقير شأن الحاصل منه هذا الهلاك من حيث إنه حدث ناقص العقل ويحتمل التعظيم باعتبار الحاصل منهم [ ص 355 ] من الهلاك وكيفما كان ليس المراد هنا الحقيقة اللغوية فإن الغلام فيها ذكر غير بالغ ووردوه للبالغ على لسان الشارع غير عزيز كما في خبر الإسراء وغيره (من قريش) قال جمع منهم القرطبي منهم يزيد بن معاوية وأضرابه من أحداث ملوك بني أمية فقد كان منهم ما كان من قتل أهل البيت وخيار المهاجرين والأنصار بمكة والمدينة وسبي أهل البيت قال القرطبي : وغير خاف ما صدر عن بني أمية وحجاجهم من سفك الدماء وإتلاف الأموال وإهلاك الناس بالحجاز والعراق وغيرهما قال : وبالجملة فبنو أمية قابلوا وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم في أهل بيته وأمته بالمخالفة والعقوق فسفكوا دماءهم وسبوا نساءهم وأسروا صغارهم وخربوا ديارهم وجحدوا شرفهم وفضلهم واستباحوا نسلهم وسبيهم وسبهم فخالفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وصيته وقابلوه بنقيض قصده وأمنيته . فيا خجلهم إذا التقوا بين يديه ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه وهذا الخبر من المعجزات ، وقال ابن حجر وتبعه القسطلاني : وفي كلام ابن بطال إشارة إلى أن أول الأغيلمة يزيد كان في سنة ستين قال : وهو كذلك فإن يزيد بن معاوية استخلف فيها وبقي إلى سنة أربع وستين فمات ، ثم ولى ولده معاوية ومات بعد أشهر قال الطيبي : رآهم المصطفى صلى الله عليه وسلم في منامه يلعبون على منبره والمراد بالأمة هنا من كان في زمن ولايتهم . (تتمة) من أمثالهم الباروخ على اليافوخ أهون من ولاية بعض الفروخ (حم خ) في الفتن وغيرها (عن أبي هريرة) قال : سمعت الصادق المصدوق يقول فذكره كان ذلك بحضرة مروان بن الحكم فقال : لعنة الله عليهم غلمة فقال أبو هريرة : لو شئت أن أقول بني فلان وفلان لفعلت وقد ورد في عدة أخبار لعن الحكم والد مروان وما ولد . 9594 - (هلك المتنطعون) أي المتعمقون المتقعرون في الكلام الذين يرومون بجودة سبكه سبي قلوب الناس يقال تنطع الرجل في علمه إذا تنطس فيه قال أوس : وحشو جفير من فروع غرائب * تنطع فيها صانع وتأملا ذكره الزمخشري قال : وأراد النهي عن التماري والتلاحي في القراءات المختلفة وأن مرجعها إلى وجه واحد من الحسن والصواب اه‍ . وقال النووي : فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الإعراب في مخاطبة العوام ونحوهم اه‍ . وقال غيره : المراد بالحديث الغالون في خوضهم فيما لا يعنيهم وقيل : المتعنتون في السؤال عن عويص المسائل الذي يندر
[ 460 ]
وقوعها ، وقيل : الغالون في عبادتهم بحيث تخرج عن قوانين الشريعة ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة . (تنبيه) قال ابن حجر : قال بعض الأئمة التحقيق أن البحث عما لا يوجد فيه نص قسمان : أحدهما أن يبحث عن دخوله في دلالة النص على اختلاف وجوهها فهذا مطلوب لا مكروه بل ربما كان فرضا على من تعين عليه ، الثاني أن يدقق النظر في وجوه الفروق فيفرق بين متماثلين بفرق لا أثر له في الشرع مع وجود وصف الجمع أو بالعكس بأن يجمع بين مفترقين بوصف طردي مثلا بهذا الذي ذمه السلف وعليه ينطبق خبر هلك المتنطعون فرأوا أن فيه تضييع الزمان بما لا طائل تحته ومثله الإكثار من التفريع على مسألة لا أصل لها في كتاب ولا سنة ولا إجماع وهي نادرة الوقوع فيصرف فيها زمنا كان يصرفه في غيرها أولى سيما إن لزم منه إغفال التوسع في بيان ما يكثر وقوعه ، وأشد منه البحث عن أمور معينة ورد الشرع بالإيمان بها مع ترك كيفيتها ومنها ما لا يكون له شاهد في عالم الحس كالسؤال عن الساعة والروح ومدة هذه الأمة إلى أمثال ذلك مما لا يعرف إلا بالنقل الصرف وأكثر ذلك لم يثبت فيه شئ فيجب الإيمان به بغير بحث وقال بعضهم : مثال التنطع إكثار السؤال حتى يفضي بالمسؤول إلى الجواب بالمنع بعد أن يفتي بالإذن كأن يسأل عن السلع التي في الأسواق هل يكره شراؤها ممن بيده قبل البحث عن مصيرها إليه فيجاب بالجواز فإن عاد فقال : أخشى أن يكون من نهب أو غصب ويكون ذلك الزمن وقع فيه شئ من ذلك في الجملة فيجاب بأنه إن ثبت شئ من ذلك حرم وإن تردد كره [ ص 356 ] أو كان خلاف الأولى ولو سكت السائل عن هذا التنطع لم يزد المفتي على جوابه بالجواز قال ابن حجر : فمن سد باب المسائل حتى فاته معرفة كثير من الأحكام التي يكثر وقوعها قل فهمه وعلمه ومن توسع في تفريع المسائل وتوليدها سيما فيما يقل وقوعها أو يندر فإنه يذم فعله (حم م) في القدر (د) في السنة (عن ابن مسعود) قال : قال ذلك ثلاثا ، هكذا هو في مسلم . 9595 - (هلك المتقذرون) أي الذين يأتون القاذورات جمع قاذورة وهي الفعل القبيح والقول السيئ ذكره ابن الأثير وغيره وأما قول مخرجه أبو نعيم عن وكيع يعني المرق يقع فيه الذباب فيهراق فإن كان يريد به أنه السبب الذي ورد عليه الحديث فمسلم وإلا ففي حيز الخفاء (حل عن أبي هريرة) ثم قال : تفرد به عبد الله بن سعيد بن أبي هند اه‍ وقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة ضعفه أبو حاتم ورواه أيضا الطبراني في الأوسط قال الهيثمي : وفيه عبد الله بن سعيد المقبري بن أبي هند ضعيف جدا . 9596 - (هلكت الرجال) أي فعلت ما يؤدي إلى الهلاك (حين أطاعت النساء) فإنهن لا يأمرن بخير والحزم والنجاة في خلافهن وقد روى العسكري عن عمر خالفوا النساء فإن في خلافهن البركة وروى ابن لال والديلمي عن أنس يرفعه لا يفعلن أحدكم أمرا حتى يستشير فإن لم يجد من يستشيره فليستشر امرأة ثم ليخالفها فإن في خلافها البركة وروى العسكري عن معاوية عودوا للنساء فإنها ضعيفة وإن أطعتها أهلكتك . - (حم طب ك) في الأدب كلهم من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة
[ 461 ]
عن أبيه (عن) جده (أبي بكرة) قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشير يبشر بظفر خيل له ورأسه في حجر عائشة رضي الله عنها فقام فخر ساجدا فلما انصرف أنشأ يسأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم فحدثه فكان فيما حدثه أمر العدو وكانت عليهم امرأة فقال : هلكت إلخ قال الحاكم : صحيح وأقول : بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به قال : وهو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم . 9597 - (هلم) قال الرضى مما جاء متعديا ولازما بمعنى أقبل فيتعدى بإلى وبمعنى أحضر في نحو قوله تعالى * (هلم شهداءكم) * وهو عند الخليل هاء التنبيه ركب معها لم أمر من قولك لم الله شعثه أي جمع نفسه إلينا فلما ركب غير معناه عند التركيب لأنه صار بمعنى أقبل أو أحضر بعدما كان بمعنى أجمع صار اسما كجميع أسماء الأفعال المنقولة عن أصلها (إلى جهاد لا شوكة فيه الحج) أي لا قتال فيه وشوكة القتال شدته وحدته ومنه حديث أنس قال لعمر حين قدم عليه الهرمز أن لقد تركت بعدي عددا كثيرا وشركة شديدة أي قتالا شديدا وقوة ظاهرة (طب عن الحسين) بن علي رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال : إني جبان وإني ضعيف فقال : هلم إلخ وقال القرقشندي : وثق المنذري رواته اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 9598 - (همة العلماء الرعاية) أي التفهم والتدبر والإتقان (وهمة السفهاء الرواية) أي مجرد التلقي عن المشائخ وحفظ ما يلقوه بغير فهم معناه قال الماوردي : يشير إلى أنه ربما عنى المتعلم بالحفظ من غير تصور ولا فهم حتى يصير حافظا لألفاظ المعاني قيما بتلاوتها وهو لا يتصورها ولا يفهم ما تضمنها ، يروي من غير روية ويخبر عن غير خبرة فهو كالكتاب [ ص 357 ] الذي لا يدفع شبهة ولا يؤيد حجة وربما استثقل المتعلم الدرس والحفظ فاتكل على الرجوع إلى الكتب ومطالعتها عند الحاجة فما هو إلا كمن أطلق ما صاده ثقة بالقدرة عليه بعد الامتناع منه ولا تعقبه الثقة إلا خجلا والتفريط إلا ندما وهذه حالة قد يدعو إليها ثلاثة أشياء إما الضجر عن معاناة الحفظ ومراعاته أو طول الأمل في التوفر عليه عند نشاطه أو فساد الرأي في عزماته وما درى أن الضجور خائب وطويل الأمل مغرور وفاسد الرأي مصاب والعرب تقول في أمثالها حرف في قلبك خيرمن ألف في كتبك وقالوا لا خير في علم لا يعبر معك الوادي ولا يخبر بك النادي (ابن عساكر) في تاريخه (عن الحسن مرسلا) وهو البصري . 9599 - (هن أغلب) يعني النساء أي أن النساء يغلبن الرجال لأن النساء ألطف كيدا وأنفذ حيلة ولهن في ذلك رفق يغلبن به الرجال ومن أمثالهم النساء متى عرفن قلبك بالغرام ألصقن أنفك بالرغام ، وقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين لما راجعنه في تقديم الصديق إنكن صواحب يوسف
[ 462 ]
يريد أن النساء شأنهن مغالبة ذي اللب كما قال في الحديث الآخر ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي اللب من إحداكن ولما أنشد الأعشى أبياته التي يقول فيها : وهن شر غالب لمن غلب ، جعل المصطفى صلى الله عليه وسلم يرددها وهو يقول : وهن شر غالب لمن غلب . ولذلك امتن الله على زكريا عليه الصلاة والسلام بقوله * (وأصلحنا له زوجه) * (طب عن أم سلمة) قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فمر بين يد يه عبد الله أو عمرو بن أبي سلمة فقال بيده فرجع فمرت زينب بنت أم سلمة فقال بيده هكذا فمضت فلما صلى ذكره ، وقضية كلام المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الكتب الستة وهو ذهول فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المذكور وأعله ابن القطان بأن محمد بن قيس في طبقته جماعة باسمه ولا يعرف من هو منهم وأن أمه لا تعرف البتة قيل هذا مبني على أن محمدا هذا قال عن أمه لكن لم يوجد في كتاب ابن ماجه إلا عن أبيه وأما كونه لا يعرف فقد عرفه ابن ماجه بقوله قاضي عمر بن عبد العزيز وفي الكمال والتهذيب خرج له مسلم . فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [ أي حرف الهاء ] - 9600 - (الهدية إلى الإمام) أي الأعظم ومثله نوابه (غلول) أي خيانة ، نقل أن عمر رضي الله تعالى عنه أهدى إليه رجل فخذ جزور ثم أتاه بعد مدة ومعه خصمه فقال : يا أمير المؤمنين افض لي قضاء فصلا كما يفصل الفخذ من الجزور فضرب بيده على فخذه وقال : الله أكبر اكتبوا إلى الآفاق هدايا العمال غلول (طب عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف . 9601 - (الهدية تذهب بالسمع والقلب) في رواية بالسمع والبصر أي قبول الهدية تورث محبة المهدي إليه فيصير كأنه أصم عن سماع القدح فيه أعمى عن رؤية عيوبه لأن النفس مجبولة على حب من أحسن إليها ومن ثم حرم على القاضي قبولها (طب عن عصمة بن مالك) قال الهيثمي : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا وقال الذهبي : قال أبو حاتم : مجهول يحدث بالأباطيل وقال السخاوي : سنده ضعيف فرمز المؤلف لحسنه غير حسن . 9602 - (الهدية تعور عين الحكيم) أي تصيره أعور لا يبصر إلا بعين الرضى فقط وتعمي عين السخط ولهذا كان من [ ص 358 ] دعاء السلف اللهم لا تجعل لفاجر عندي نعمة يرعاه بها قلبي فيصير ذلك كأنه
[ 463 ]
أعور أو هو كناية عن كون قبولها يعود عليه بالذم والعيب أي إذا كان حاكما قال ابن الأثير : يقولون للردئ من كل شئ من الأخلاق والأمور أعور ومنه قول أبي طالب لأبي لهب لما اعترض على النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في إظهار الدعوة يا أعور ما أنت وهذا ولم يكن أبو لهب بأعور (فر عن ابن عباس) وفيه عبد الوهاب بن مجاهد قال الذهبي : قال النسائي وغيره : متروك . 9603 - (الهرة لا تقطع الصلاة لأنها من متاع البيت) زاد في رواية للطبراني في الأوسط لن تقذر شيئا ولا تنجسه وفيه جواز اقتناء الهرة مع ما يكون منها من تنجس وإفساد (ه ك عن أبي هريرة) قال عبد الحق : فيه عبد الرحمن بن أبي الزناد يكتب حديثه على ضعفه قال ابن القطان : فيه أيضا من لا يعرف اه‍ . وخالفهما مغلطاي فقال : لا بأس به وفي الميزان عبد الرحمن أحد العلماء الكبار ووثقه مالك وضعفه ابن معين والنسائي وقال يحيى وأبو حاتم : لا يحتج به وقال أحمد : مضطرب الحديث قال : ومن مناكيره هذا الخبر . 9604 - (الهوى مغفور لصاحبه) بالقصر ما يهواه العبد أي يحبه ويميل إليه فحقيقته شهوة النفس وهو ميلها لملائمها ويستعمل عرفا في الميل إلى خلاف الحق وهو المراد هنا * (ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله) * وذهب بعضهم إلى أن المراد العشق أي لا يؤاخذ به العاشق لأنه فعل الله بالعبد بغير سبب لأنه وإن كان مبدأه النظر فليس موجبا له قال أفلاطون : لا أعلم ما الهوى غير أني أعلم أنه جنون إلهي لا محمود صاحبه ولا مذموم فقال يحيى بن معاذ : لو وليت خزائن العذاب ما عذبت عاشقا قط لأنه اضطرار لا اختيار ولهذا جاء في الخبر من هم بسيئة لا تكتب عليه لأنه شبيه الضروري ولذلك نص في الخبر المار على أن من عشق فعف فكتم فمات فهو شهيد لكنه علق الشهادة بشرطين كما تقرر وعلق عدم المؤاخذة هنا بشرطين أشار إليهما بقوله (ما لم يعمل به) فإذا عمل به ما يؤدي إلى الوقوع في محظور كنظر ومجالسة ودنو من مواضع الاستراحة بنوع من التأويل صار ملوما (أو يتكلم) بما فيه راحة قلب ومتابعة هوى نفسه وإظهار حاله إلى أقرانه وبثه حزنه إلى إخوانه أو ترنم بشعر في خلاء أو سكب دمع في ملأ فهو ملام وإن كان في غير محرم فما لم يعمل به يغفر له ما كان من الهنات في طلب الاستراحة ويستحق وعد الله بقوله * (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى) * لكن رتبة الشهادة سنية لا تنال إلا بفضيلة من الله كاملة أو بلية شاملة وإنما تقارب أوصاف القتيل في سبيل الله أوصاف من عف لإيثار ترك لذة النفس كما تعرض للقتل في سبيل الله معرضا عن نفسه باذلا مهجته فالأول جاهد نفسه في مخالفة هواها إيثارا لمحبة القديم على الحديث وعلم مما سبق أن من عف وعجز عن الكتمان شمله الوعد بالجنان قال بعض
[ 464 ]
الصوفية : رأيت عند خلو المطاف في الثلث الأخير امرأة كأنها شمس على قضيب في كثيب متعلقة بأستار الكعبة وهي تقول : رأيت الهوى حلوا إذا اجتمع الشمل * ومرا على الهجران لا بل هو القتل ومن لم يذق للهجر طعما فإنه * إذا ذاق طعم الوصل لم يدر ما الوصل وقد ذقت طعمية على القرب والنوى * فأبعده قتل وأفر به خبل ثم التفتت فرأتني فقالت : يا هذا ظن خيرا فإن من ضعفت قوته عن حمل شئ ألقاه طلبا للراحة وفرارا من نقل المحبة وقد نطقت بما علمه الله وأحصاه الملكان فإن تعف عن أهل السرائر أكرمتهم وإن يعاقبوا فيا خيبة المدنيين ثم بكت فما رأيت درا قطع سلكه فانتثر بأحسن من دموعها ففررت منها خوفا أن أصبو إليها رحمة الله عليها كذا قرره بعض العارفين قال : والغرض من حكاية هذا التنبيه لمن عساه أن تسمو همته إلى الأمر العظيم والخطب الجسيم من محبة من ليس [ ص 359 ] كمثله شئ فمن شاهد ذلك من نفسه فليعرضها على أحوال هؤلاء في شأن مجدث لا يضر ولا ينفع (حل عن أبي هريرة) ثم قال : تفرد به المسيب بن واضح عن ابن عيينة اه‍ . والمسيب بن واضح قال الدارقطني : ضعيف .
[ 465 ]
حرف الواو 9605 - (والله) أقسم تقوية للحكم وتأكيدا له (ما الدنيا في الآخرة) أي في جنب الآخرة (إلا مثل ما يجعل أحدكم أصبعه) زاد في مسلم السبابة (هذه) وأشار بالسبابة وقيل بالإبهام ويحتمل أنه أشار بكل منهما مرة (في اليم) البحر (فلينظر) نظر اعتبار وتأمل (بم يرجع) وضعه موضع قوله فلا يرجع بشئ استحضارا لتلك الحالة بأن يستحضر مشاهدة السامع ثم يأمره بالتأمل والتفكر هل يرجع بشئ أم لا ، وهذا تمثيل تقريبي وإلا فأين المناسبة بين المتناهي وغيره ، والمراد أن نعيم الدنيا بالنسبة لنعيم الآخرة في المقدار كذلك أو ما الدنيا في قصر مدتها وفناء لذتها بالنسبة للآخرة في دوام نعيمها إلا كنسبة الماء الذي يعلق بالأصابع إلى باقي البحر (حم م) في صفة الدنيا والاخرة (ه) في الزهد (عن المستورد) بن شداد . 9606 - (والله لأن) بفتح اللام وفتح همزة أن المصدرية الناصبة للمضارع (يهدي) بضم أوله مبني للمفعول (بهداك) أي لأن ينتفع بك (رجل واحد) يا علي بشئ من أمر الدين بما يسمعه منك إذ يراك تعلمه فيقتدي بك (خير لك من حمر) بسكون الميم جمع أحمر (النعم) بفتح النون أي الإبل وخص حمرها لأنها أكرمها وأعلاها وبها يضرب المثل في النفاسة وتشبيه أمور الآخرة في أعراض الدنيا إنما هو تقريب للفهم وإلا قذرة من الآخرة لا يعدلها ملك الدنيا (د عن سهل بن سعد) الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فأعطاها عليا وهو أرمد فقال علي : أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما عليهم من حق الله تعالى فوالله إلخ . 9607 - (والله إني لأستغفر الله) أي أطلب منه المغفرة (وأتوب إليه) طاهره أنه يطلب ويعزم
[ 466 ]
على التوبة والمراد أنه يقول هذا (في اليوم أكثر من سبعين مرة) تصفية للقلب وإزالة للغاشية وهو وإن لم يكن له ذنب لكنه يجب أن يكون دائم الحضور فإذا التفتت نفسه إلى ما هو صورة حظ بشرى كأكل وشرب ونحو ذلك مما قد يخل بكمال الحضور عده ذنبا واستغفر الله منه ، والمراد بالسبعين التكثير لا التحديد كما مر غير مرة وفيه كالذي قبله وبعده جواز القسم بالله وإن نجح السعي المتطوع به أن يجمع المرء فيه بين الحقيقة وأدب الشريعة فإذا فعل ذلك نجح لأنه الصادق بغير يمين فكيف باليمين (خ) في الدعوات (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الترمذي ولم يخرجه مسلم . 9608 - (والله لا يلقي الله حبيبه في النار) قال ذلك لما مر في نفر من أصحابه وصبي في الطريق فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول ابني ابني فأخذته فقالوا يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي ولدها في النار فذكره (ك عن أنس) بن مالك . 9609 - (والله لا تجدون بعدي) أي بعد وفاتي (أعدل عليكم مني) قاله ثلاثا وقد جاء إليه مال فقسمه فقال رجل : ما عدلت منذ اليوم في القسمة فغضب ثم ذكره (طب ك عن أبي بردة) الأسلمي (حم عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي : فيه الأزرق بن قيس وثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح . 9610 - (واكلي) يا عائشة (ضيفك) ندبا مؤكدا (فإن الضيف يستحي أن يأكل وحده) وكما تسن مؤاكلة الضيف يسن أن لا يقوم رب الطعام عنه ما دام الضيف يأكل ، أخرج الخطيب في تاريخه من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل مع القوم كان آخرهم أكلا . (هب عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم . 9611 - (والشاة إن رحمتها رحمك الله) قاله لقرة والد معاوية المزني لما قال له يا رسول الله إني لآخذ الشاة لأذبحها فأرحمها ولهذا ورد النهي عن ذبح حيوان بحضرة آخر ومن عجيبه ما نقله ابن عربي عن والده أنه رأى صائدا صاد قمرية فذبحها وزوجها ينظر إليها فطار في الجو حتى كاد يحتفي ثم ضم جناحيه وتكفن بهما وجعل رأسه مما يلي الأرض ونزل نزولا له دوي إلى أن وقع عليها فمات حالا (طب عن قرة بن إياس) المزني والد معاوية (وعن مغفل بن يسار) ورواه أحمد أيضا عن قرة قال الهيثمي :
[ 467 ]
ورجاله ثقات اه‍ . لكن رواه الحاكم عن قرة أيضا فتعقبه الذهبي بأن عدي بن الفضل أحد رواته هالك انتهى فليحرر . 9612 - (وأي داء أدوى) أي أقبح قال عياض كذا روي غير مهموز من دوي إذا كان به مرض في جوفه والصواب أدوأ بالهمز من الداء لكنهم سهلوا الهمزة (من البخل) أي عيب أقبح منه وأي مرض أعظم منه لا شئ‌أعظم منه لأن من ترك الإنفاق خشية الإملاق لم يصدق الشارع فهو داء مؤلم لصاحبه في العقبى وإن لم يكن مؤلما في الدنيا فتشبيهه بالدواء من حيث كونه مفسدا للدين مورثا له سواء الثناء كما أن الداء يؤول إلى طول الضنى وشدة العناء ، ومن ثم عد بعضهم هذا الحديث من جوامع الكلم والبخل بفتح الباء والخاء وبضم الباء وسكون الخاء كذا في التنقيح (حم عن جابر) بن عبد الله (ك) في المناقب (عن أبي هريرة) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من سيدكم يا بني سلمة قالوا : الجد بن قيس وإنا لنبخله فذكره ثم قال : بل سيدكم عمرو بن الجموح وفي رواية بشر بن البراء وذكر الماوردي أن للسبب تتمة وهو أنهم قالوا : وكيف يا رسول الله قال : إن قوما نزلوا بساحل البحر فكرهوا لبخلهم نزول الأضياف بهم فقالوا : نبعد النساء عنا لنعتذر للأضياف ببعدهن وتعتذر النساء ببعد الرجال ففعلوا فطال عليهم الأمد فاشتغل الرجال بالرجال والنساء بالنساء فذكره . 9613 - (وأي وضوء أفضل من الغسل) قاله وقد سئل عن الوضوء بعد الغسل لكن ذهب الشافعي إلى أن الغسل يسن له وضوء وله تقديمه وتأخيره وتوسيطه لأدلة أخرى (ك عن ابن عمر) بن الخطاب . 9614 - (وأي المؤمن) أي وعده (حق واجب) أي بمنزلة الحق الواجب عليه في تأكد الوفاء (د في مراسيله عن زيد بن أسلم) بفتح الهمزة واللام (مرسلا) ورواه ابن وهب عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال في المنار : وهشام ضعيف . 9615 - (وجبت محبة الله على من أغضب) بالبناء للمفعول (فحلم) فلم يؤاخذ من أغضبه وهذا في الغضب لغير الله (ابن عساكر) في تاريخه والأصبهاني في ترغيبه (عن عائشة) قال المنذري : فيه أحمد بن داود بن عبد الغفار المصري وقد وثقه الحاكم ، وقال في الميزان : كذبه الدارقطني وغيره ثم ساق من أكاذيبه هذا الخبر وقال في اللسان : قال ابن طاهر : كان يضع الحديث . 9616 - (وجب الخروج على كل ذات نطاق في العيدين) قال في الفردوس : النطاق أن تلبس المرأة
[ 468 ]
ثوبا ثم يشد وسطها بحبل ثم يرسل الأعلى على الأسفل والمراد بقوله وجب أنه متأكد يقرب من الوجوب فلا يجب الخروج حقيقة . - (حم م عن عمرة بنت رواحة) الأنصاري رمز لحسنه ورواه البيهقي عنها ، وأبو نعيم في الحلية باللفظ المزبور من طريق محمد بن النعمان عن طلحة اليمامي عن امرأة من عبد القيس عن عمرة . 9617 - (وددت أني لقيت إخواني) قالوا : يا رسول الله ألسنا إخوانك قال : بلى أنتم أصحابي وإخواني (الذين آمنوا بي ولم يروني) لعله أراد أن ينقل أصحابه من علم اليقين إلى عين اليقين فيراهم هو وهم معه فإن قلت : كيف يتمنى رؤيتهم وهم حينئذ في علم الله لا وجود لهم في الخارج فالجواب : أن علم الأنبياء المستمد من علم الله وعلمه لا يختلف باختلاف النسب الزمانية فكذا علم أنبيائه حالة التجلي والكشف فهم لما خلقوا عليه من التطهير والتجرد عن الأدناس صارت مراءات الكون تتجلى في سرائرهم وصار الكون كله كأنه جوهرة واحدة وهم مرآته المصقولة التي تتجلى فيها الحقائق والدقائق لكن ذلك لا يكون إلا في مقام الجمع ووقف التجلي والتغريف وربما كان ذلك في أقل من لمحة ثم بعدها يرجع العبد لوطنه ويستقر في مركزه ويرجع إلى شهود تفرقته وأحكام حسه بمرأى من مشهده فلما لم يكن ذلك الحال غير مستمر تمنى أن يراهم رؤية كشف وإدراك في ذلك الآن ومن يتأمل ذلك يعرف أنه لا تعارض بين ذا وبين خبر تجلى لي علم ما بين المشرق والمغرب وخبر زويت لي الأرض ذكره بعض العارفين وقد دل إثبات الأخوة لهؤلاء على علو مرتبتهم وأنهم حازوا فضيلة الأخروية كما حاز المصطفى صلى الله عليه وسلم فضيلة الأولية وهم الغرباء الذين أشار إليهم بخبر بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء وهم الخلفاء الذين أشار إليهم بقوله رحم الله خلفائي وهم القابضون على دينهم عند الفتن كالقابض على الجمر وهم النزاع من القبائل وهم المؤمنون بالغيب إلى غير ذلك مما لا يعسر على الفطن استخراجه من الأحاديث (حم) وكذا أبو يعلى (عن أنس) بن مالك لكن لفظ أبي يعلى متى ألقى إخواني إلخ قال الهيثمي : وفي رجال أبي يعلى محتسب أبو عائذ وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح غير أفضل بن الصباح وهو ثقة وفي إسناد أحمد حسن وهو ضعيف اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 9618 - (ورسول الله معك يحب العافية) قاله لأبي الدرداء وقد قال يا رسول الله لأن أعافي فأشكر أحب إلى من أن أبتلى فأصبر وبذلك يعلم أن العافية من أجل نعم الله على عبده وأوفر عطاء وأجل منحة ، وفيه حجة لمن فضل الشاكر على الصابر قال الغزالي : النعمة إنما تعطى لمن يعرف قدرها ، وإنما يعرف قدرها الشاكر (طب عن أبي الدرداء) قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم العافية وما أعد لصاحبها من الثواب إذا هو شكر وذكر البلاء وما أعد لصاحبه من الثواب إذا هو صبر فقلت : يا رسول الله لأن أعافي فأشكر إلخ ما تقدم فذكره . قال الذهبي : هذا حديث منكر قال [ ص 362 ] الهيثمي : ضعيف جدا اه‍ ،
[ 469 ]
وذلك لأن فيه إبراهيم بن البراء قال العقيلي : حدث عن الثقات بالبواطيل ، وقال ابن عدي : حدث بالبواطيل وهو ضعيف جدا وأحاديثه كلها مناكير موضوعة كذا في الميزان . 9619 - (وزن حبر العلماء بدم الشهداء فرجح عليهم) أي فرجح ثواب حبر العلماء على ثواب دم الشهيد كما جاء مبينا هكذا عند الديلمي في مسنده ، والحديث يشرح بعضه بعضا ثم هذا خرج مخرج ضرب المثل بما يفيد أفضلية العلماء على المجاهدين وبعد ما بين درجتهما لأنه إذا كان مداد العلماء أفضل من دم الشهداء وأعظم ما عند المجاهد دمه وأهون ما عند العالم مداده فما ظنك بأشرف ما عند العالم من المعارف والتفكر في آلاء الله وتحقيق الحق وبيان الأحكام وهداية الخلق (خط) من جهة محمد بن جعفر بإسناده إلى نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب ، ثم قال مخرجه الخطيب : محمد بن جعفر غير ثقة يروي الموضوعات عن الثقات ، وروي له حديثا آخر ثم قال : الحديثان مما صنعت يداه . قال ابن الجوزي : حديث لا يصح ، وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن الحسن بن أزهر من حديثه وقال : اتهمه الخطيب بوضع الحديث . 9620 - (وسطوا الإمام) بالتشديد : أي اجعلوه وسط الصف لينال كل أحد عن يمينه وشماله حظه من نحو سماع وقرب كما أن الكعبة وسط الأرض لينال كل منها حظه من البركة أو المراد اجعلوه من واسطة قومه أي من خيارهم (وسدوا الخلل) بخاء معجمة ولام مفتوحة ما يكون بين الاثنين من الاتساع عند عدم التراص (د عن أبي هريرة) قال في المهذب : سنده لين اه‍ . وأصله قول عبد الحق : ليس إسناده بقوي ولا مشهور ، قال ابن القطان : ولم يبين علته وهي أن فيه يحيى بن بشير بن خلاد وأمه وهما مجهولان . 9621 - (وصب المؤمن) أي دوام تعبه أو وجعه (كفارة لخطاياه) وهذا إذا صبر واحتسب قال في الفردوس : الوصب الوجع اللازم وجمعه أوصاب (ك) في الجنائز (هب عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9622 - (وضع) ببنائه للمفعول والواضع الله كما صرح به في الرواية المارة (عن أمتي) أمة الإجابة (الخطأ) بفتحتين مهموز ضد الصواب (والنسيان) وهو ترك الشئ على ذهول وغفلة (وما استكرهوا عليه) من قول أو فعل قالوا وهذا حديث عظيم الشأن يحسن أنه يعد ربع الإسلام (هق عن ابن عمر) بن الخطاب .
[ 470 ]
9623 - (وعدني ربي في أهل بيتي من أقر منهم بالتوحيد) أي أن الله تعالى إله واحد لا شريك له (ولي بالبلاغ) أي بأني بلغت ما أرسلت به (أن لا يعذبهم) بنار جهنم والله تعالى * (لا يخلف الميعاد) * [ آل عمران : 9 ، الرعد : 31 ] سيما مع وعده رسله (د) وكذا الحاكم (عن أنس) بن مالك قال الحاكم : صحيح فتعقبه الذهبي في المهذب فقال : قلت هذا منكر لا يصح . 9624 - (وفد الله ثلاثة : الغازي والحاج والمعتمر) زاد البيهقي في روايته " أولئك الذين يسألون الله فيعطيهم سؤلهم " ثم أخرج عن ابن عباس لو يعلم المقيمون ما للحاج عليهم من الحق لأتوهم حين يقدمون حتى يقبلوا رواحلهم لأنهم وفد الله من جميع الناس (ن حب ك) في الحج (عن أبي هريرة) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 9625 - (وفروا اللحى) أي لا تأخذوا منها شيئا (وخذوا من الشوارب) حتى تبين الشوارب بيانا ظاهرا (وانتفوا الإبط) أي أزيلوا شعره بأي وجه كان والنتف أولى لمن قوي عليه (وقصوا الأظافير) عند الاحتياج إليه والكل على جهة الندب المؤكدة والأولى في كل أسبوع مرة (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي : وفيه سليمان بن داود اليمامي ضعفوه . 9626 - (وفروا عثانينكم) بعين مهملة فمثلثة جمع عثنون وهو اللحية (وقصوا سبالكم) ندبا لما في توفيرها من التشبه بالأعاجم بل المجوس وأهل الكتاب ، وفي خبر ابن حبان ما يصرح بذلك . قال الزين العراقي : هذا أولى بالصواب فلا اتجاه لقول الإحياء وغيرها لا بأس بترك سباله اه‍ . وذكر نحوه الزركشي (هب عن أبي أمامة) الباهلي ، وفي صحيح ابن حبان عن عمر نحوه . 9627 - (وقت العشاء) أي أول وقت صلاتها (إذا ملأ الليل) يعني الظلام (بطن كل واد) والذي عليه العمل أن وقتها بمغيب الشفق الأحمر عند الشافعي لدليل آخر (طس عن عائشة) قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت العشاء فذكره قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ورواه أحمد أيضا بسند رجاله موثقون .
[ 471 ]
9628 - (وقروا من تعلمون) بحذف إحدى التائين للتخفيف (منه العلم ووقروا من تعلمونه العلم) فحق المعلم أن يجري متعلميه مجرى بنيه فإنه لهم في الحقيقة أشرف الأبوين وأبو الإفادة أعظم حقا من أبي الولادة فيوقرهم كما يوقر أولاده ويوقروه كما يوقروا آباءهم كما قال الاسكندر وقد سئل أمعلمك أكرم عليك أم أبوك قال : بل معلمي لأنه سبب حياتي الباقية ووالدي سبب حياتي الفانية فهو أحق بالتوقير من الأب وعلى العالم أن يعاملهم بالارشاد والشفقة ويتحنن عليهم وعليه أن يصرفهم عن الرذائل إلى الفضائل بل بلطف في المقال وتعريض في الخطاب والتعريض أبلغ من التصريح (ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره . 9629 - (وكل بالشمس تسعة أملاك يرمونها بالثلج كل يوم ولولا ذلك ما أتت على شئ إلا أحرقته) فيه دلالة على أن في الملائكة كثرة واختصاص كل واحد أو طائفة منهم بعمل ينفرد به وفي خبر أن الإنسان موكل به ثلاثمائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه من ذلك البصر سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب في اليوم الصائف ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه عفير بن معدان وهو ضعيف جدا اه‍ وتعصيبه الجناية برأس عفير وحده يوهم أنه ليس فيه مما يحمل عليه سواه والأمر بخلافه ففيه مسلمة بن علي الخشني قال في الميزان : شامي واه تركوه واستنكروا حديثه ثم ساق له أخبارا هذا منها وقال ابن الجوزي : لا يرويه غير مسلمة وقد قال يحيى : ليس بشئ والنسائي : متروك . 9630 - (ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه) إيضاح بعد إبهام للتأكيد على وزان * (كل أمة جاثية كل أمة) * بنصب كل الثانية [ ص 364 ] أبدلت الثانية من الأولى لأن في الثانية زيادة ذكر الجثو ولم يذكر ولد في المرة الثانية إذ لو ظهر فقيل ولد الرجل أطيب كسبه انقطع الثاني عن الأول بالكلية (فكلوا من أموالهم) أي فكلوا أيها الأصول من أموال فروعكم إذا كنتم فقراء لوجوب نفقتكم عليهم حينئذ (د) من حديث عمارة بن عمير فقال : مرة عن عمته ومرة عن أمه عن عائشة (ك) في الربا من حديث عمارة المذكور عن أبيه (عن عائشة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ونوزعا بأنه اختلف فيه عن عمارة فمرة عن عمته وأخرى عن أمه وأخرى عن أبيه كما تقرر وعمته وأمه لا يعرفان كما قاله ابن القطان .
[ 472 ]
9631 - (ولد الزنا شر الثلاثة) أي هو وأبواه لأن الحد قد يقام عليهما فيمحص ذنبهما وهذا لا يدرى ما يفعل به وقيل إنما ورد في معين موسوم بالشر أو النفاق أو فيمن قالت له أمه لست لأبيك فقتلها إذا عمل بعمل أبويه أو أنه شر الثلاثة أصلا وعنصرا ونسبا لأنه خلق من ماء الزنا وهو خبيث والعرق دساس وقد قضى بفساد الصل على فساد الفرع في آية * (وما كانت أمك بغيا) * (حم د) في العتق (هق عن أبي هريرة) . 9632 - (ولد الزنا شر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه) أي وزاد عليهما بالمواظبة عليه فالحديث على ظاهره ولا يحتاج لتأويل (تتمة) في مصنف عبد الرزاق عن الربعي أنه قرأ في بعض الكتب إن ولد الزنا لا يدخل الجنة إلى سبعة آباء فخفف الله عن هذه الأمة جعلها إلى خمسة آباء (طب) وكذا في الأوسط عن ابن عباس قال الهيثمي : وفيه محمد بن أبي ليلى سئ الحفظ ومندل وثق وفيه ضعف (هق عن ابن عباس) قال الذهبي في المهذب : إسناده ضعيف وروى يعني البيهقي مثله من حديث عائشة وليس بالقوي اه‍ . 9633 - (ولد الملاعنة عصبته عصبة أمه) فليس له عصبة من جهة أبيه لانتفائه عنه باللعان (ك عن رجل) من الصحابة . 9634 - (ولد آدم كلهم تحت لوائي يوم القيامة وأنا أول من يفتح له باب الجنة) وقد مر ما فيه أول الكتاب مبسوطا فتذكر (ابن عساكر) في تاريخه (عن حذيفة) بن اليمان . 9635 - (ولد نوح) رسول الله صلى الله عليه وسلم (ثلاثة) من الرجال (سام وحام ويافث) وسيأتي بيانهم في الحديث بعده (حم ك) في أخبار الأنبياء (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9636 - (ولد نوح ثلاثة قسام أبو العرب وحام أبو الحبشة ويافث أبو الروم) قال الزين العراقي في كتاب القرب في فضل العرب : وقع لنا من حديث أبي هريرة مخالفا لحديث سمرة هذا في بعض وهو
[ 473 ]
ما رواه أبو بكر البزار في مسنده عن أبي هريرة مرفوعا ولد نوح سام وحام ويافث فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم وولد حام القبط والبربر والسودان اه‍ . قال : وهذا مخالف لحديث سمرة [ ص 365 ] وحديث سمرة أولى بما هو الصواب (طب عن سمرة) بن جندب (و) عن (عمران) بن الحصين رمز المصنف لحسنه وحقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي : رجاله موثقون . 9637 - (ولد لي الليلة) في ذي الحجة سنة ثمان (غلام) من مارية القبطية (سريته فسميته باسم أبي إبراهيم) قال أبو زرعة : إن ذلك عقب ولادته اه‍ وأخذ منه بعض المالكية أنه يسن أن يسمى ساعة ولادته وذهب الجمهور إلى أن السنة تأخيرها إلى يوم السابع تعلقا بخبر يوم سابعه وجمع ابن بزيزة بأن التسمية يوم الولادة والدعاء يوم السابع اه‍ . وهو ركيك . - (حم ق د عن أنس) بن مالك تمامه عند مسلم ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له أبو سيف فانطلق يأتيه فتبعته فانتهينا إلى أبي سيف وهو ينفخ كيره وقد امتلأ البيت دخانا فأسرعت المشي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت : أمسك جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمسك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالصبي فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول فقال أنس : لقد رأيته وهو يكبد نفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فدمعت عيناه فقال : تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا والله يا إبراهيم إنا بك لمحزونون . 9638 - (وهبت خالتي فاختة بنت عمرو) الزهرية (غلاما) في رواية أبي داود وأنا أرجو أن يبارك لها فيه (وأمرتها أن لا تجعله جازرا ولا صائغا ولا حجاما) لأن الجازر والحجام يخامران النجاسة ويباشرانها والصائغ في صنعته الغش وفيه كراهة الاحتراف بهذه الصنائع الثلاثة لما ذكر - (طب عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه ورواه الدارقطني عن عمر قال الهيثمي : فيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي متروك اه‍ . فرمز المؤلف لحسنه لا يحسن وقال عبد الحق : لا يصح لأن فيه أبا ماجدة وقال ابن القطان : أبو ماجدة لا يعرف وغيره هذا منكر . 9639 - (ويح) كلمة رحمة لمن وقع في هلكة لا يستحقها كما أن ويل كلمة عذاب لمن يستحقه وهما منصوبان إذا أضيفا بإضمار فعل وكذا إذا نكر أو يجوز ويح لزيد وويل له بالرفع على الابتداء قال الزمخشري : ويح وويب وويس ثلاثتها في معنى الترحم وقيل ويح رحمة لنازل به بلية وويس رأفة واستملاح وويب كويح وأما ويل فشتم ودعاء بالهلكة وعن الفراء أن ويح كلمة شتم ودعاء استعملوها استعمال قاتله الله في محل الاستعجاب ثم استعظموها فكفوا عنها بويح وأخويه اه‍
[ 474 ]
(الفراخ فراخ آل محمد من خليفة مستخلف مترف) قالوا المراد يزيد بن معاوية وأضرابه من خلفاء بني أمية (ابن عساكر) في تاريخه (عن سلمة بن الأكوع) ورواه عنه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور . 9640 - (ويح عمار) بالجر على الإضافة وهو ابن ياسر (تقتله الفئة الباغية) قال القاضي في شرح المصابيح : يريد به معاوية وقومه اه‍ وهذا صريح في بغي طائفة معاوية الذين قتلوا عمارا في وقعة صفين وأن الحق مع علي وهو من الإخبار بالمغيبات (يدعوهم) أي عمار يدعو الفئة وهم أصحاب معاوية الذين قتلوه بوقعة صفين في الزمان المستقبل (إلى الجنة) أي إلى سببها وهو طاعة الإمام الحق (ويدعونه إلى) سبب (النار) وهو عصيانه ومقاتلته قالوا وقد وقع ذلك في يوم صفين دعاهم فيه إلى الإمام الحق ودعوه إلى النار وقتلوه فهو معجز للمصطفى وعلم من أعلام نبوته وإن قول بعضهم المراد أهل مكة الذين عذبوه أول الإسلام فقد تعقبوه بالرد قال القرطبي : وهذا الحديث من أثبت الأحاديث وأصحها ولما لم يقدر معاوية على إنكاره قال : إنما قتله من [ ص 366 ] أخرجه فأجابه علي بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن قتل حمزة حين أخرجه قال ابن دحية : وهذا من علي إلزام مفحم لا جواب عنه وحجة لا اعتراض عليها وقال الإمام عبد القاهر الجرجاني في كتاب الإمامة : أجمع فقهاء الحجاز والعراق من فريقي الحديث والرأي منهم مالك والشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي والجمهور الأعظم من المتكلمين والمسلمين أن عليا مصيب في قتاله لأهل صفين كما هو مصيب في أهل الجمل وأن الذين قاتلوه بغاة ظالمون له لكن لا يكفرون ببغيهم وقال الإمام أبو منصور في كتاب الفرق في بيان عقيدة أهل السنة : أجمعوا أن عليا مصيب في قتاله أهل الجمل طلحة والزبير وعائشة بالبصرة وأهل صفين معاوية وعسكره اه‍ . (تتمة) في الروض الأنف أن رجلا قال لعمر رضي الله تعالى عنه : رأيت الليلة كأن الشمس والقمر يقتتلان ومع كل نجوم قال عمر : مع أيهما كنت قال : مع القمر قال : كنت مع الآية الممحوة اذهب ولا تعمل لي عملا أبدا فعزله فقتل يوم صفين مع معاوية واسمه حابس بن سعد (حم خ عن أبي سعيد) الخدري قال : كنا نحمل في بناء المسجد لبنة لبنة وعمار لبنتين فرآه النبي صلى الله عليه وآله وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح إلخ قال المصنف في الخصائص : هذا الحديث أي حديث عمار متواتر ورواه من الصحابة بضعة عشرة . 9641 - (ويحك أو ليس الدهر كله غدا) قاله لابن سراقة وقد قال له وهو متوجه إلى أحد يا رسول الله قيل لي إنك تقتل غدا فذكره فإن قيل ويح كلمة تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها كنا تقرر فما وجه الترحم على هذا القائل الجافي قلت الترحم عليه من حيث النظر لقلة فهمه وبلادة ذهنه وجمود طبعه حيث لم يتفطن إلى أن المراد بغدا ما يستقبل من الزمان (ابن قانع) في المعجم (عن جعال) وقيل جعيل (ابن سراقة) الغفاري أو الضمري من أهل الصفة شهد أحدا .
[ 475 ]
9642 - (ويحك إذا مات عمر) بن الخطاب الذي يفر منه الشيطان (فإن استطعت أن تموت فمت) قاله لرجل باعه إبلا بتأخير فلقيه علي فأخبره فقال : ارجع إليه فقل يا رسول الله إن حدث بك حدث فمن يقضيني ففعل فقال أبو بكر فقال له فقل له فإن حدث بأبي بكر ففعل فقال عمر ففعل فقال قل له إن حدث بعمر ففعل (طب عن عصمة بن مالك) قال : قدم رجل من أهل البادية بإبل فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيه علي فقال : ما أقدمك قال : قدمت بإبل فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فنقدك قال : لا لكن بعتها بتأخير قال : ارجع إليه وقل له إن حدث بك حادث فمن يقضيني قال أبو بكر قال فإن حدث بأبي بكر قال عمر فقال إذا مات عمر فمن يقضي فذكره قال الهيثمي : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا اه‍ فرمز المؤلف لحسنه غير حسن . 9643 - (ويل) أي تحسر وهلك وهو في الأصل مصدر لا فعل له وإنما ساغ الابتداء به نكرة لأنه دعاء ذكره القاضي والخبر قوله (للأعقاب) أي التي لا ينالها ماء الطهر فاللام للعهد كما عليه البيضاوي كالباحي واحتمال إرادة الجنس بعيد لأنه يخرجه عن كونه وعيدا على الإخلال ببعض الوضوء وعلى هذا التقرير فالعقاب مخصوص بالأعقاب التي وقع التقصير في غسلها وقيل بل التقدير ويل لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها (من النار) في محل رفع صفة لويل ذكره الزركشي وغيره ومنع أبو البقاء تعلقه بويل من أجل الفصل بينهما وقال ابن فرحون : هو متعلق بمتعلق الخبر ومثل الأعقاب ما يشاركها في ذلك من بقية الأعضاء وهذا الحديث ورد على سبب وهو أنه رأى قوما يمسحون على أرجلهم فنادى بأعلى صوته وبل إلخ مرتين أو ثلاثا ولو كان الماسح مؤديا للفرض لما توعد بالنار فبطل مذهب الشيعة الموجبين للمسح (حم ق د ن ه عن ابن عمرو) بن العاص (حم ق ت ه عن أبي هريرة) ورواه أيضا مسلم عن عائشة وزاد قصته فقال : عن سالم مولى شداد دخلت على عائشة يوم توفي سعد بن أبي وقاص فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر فتوضأ عندها فقالت له أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكرته قال المصنف : حديث متواتر . 9644 - (ويل) قيل أصله وي فوصلوه باللام وقدروا أنها منه فأعربوه يقال وي لفلان أي حزن له وقيل ويلك وهو قبيح على المخاطب فعله (للأعقاب وبطون الأقدام) جمع قدم وهو ما يقوم عليه الشئ ويعتمد (من النار) فمن توضأ كما توضأ المبتدعة فلم يغسل باطن قدميه ولا عقبه بل يمسح ظهرهما فالويل لعقبه وباطن قدميه من النار أو الويل لفاعل ذلك على ما تقرر فعلم منه أن فرض
[ 476 ]
الرجلين الغسل لا المسح وأن الجسد يعذب خلافا لبعض الفرق الزائغة . قيل نظر أبو هريرة إلى شاب وضئ فقال أرى لك قدمين نظيفين فابتغ بينهما موقفا صالحا يوم القيامة ، وإنما خص الأعقاب وبطون الأقدام لغلبة التساهل فيها والتهاون بها . (حم ك) في الطهارة ، وكذا الدارقطني (عن عبد الله بن الحارث) بن جزء الزبيدي قال الحاكم : صحيح ولم يخرج بطون الأقدام وأقروه عليه . قال الذهبي في المهذب : حديث أحمد صحيح وقال الهيثمي : رجال أحمد ثقات . 9645 - (ويل) كلمة عذاب أو واد بجهنم أو صديد أهل النار قال ابن جماعة : لم يجئ في القرآن إلا وعيدا لأهل الجرائم (للأغنياء من الفقراء) ظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني يقولون يوم القيامة ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله عز وجل وعزتي لأدنينكم ولأباعدنهم ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم * (والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم) * اه‍ بنصه ، ومن كلامهم البليغ ويل للمساكين - بتشديد السين من المساكين - (طس عن أنس) بن مالك وفيه جنادة بن مروان قال الذهبي في الضعفاء : ضعفه أبو حاتم فيقال ليس بقوي واتهم بحديث . 9646 - (ويل للعالم من الجاهل) حيث لم يعلمه معالم الدين ويرشده إلى طريقه المبين مع أنه مأمور بذلك (وويل للجاهل من العالم) حيث أمره بمعروف أو نهاه عن منكر فلم يأتمر بأمره ولم ينته بنهيه إذ العالم حجة الله على خلقه قال الشافعي : العلم جهل عند أهل الجهل كما أن الجهل جهل عند أهل العلم (ع عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا في مسند الفردوس قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 9647 - (ويل) كلمة تقال لمن وقع في هلكة ولا يترحم عليه بخلاف ويح كذا في التنقيح (للعرب) يعني المسلمين (من شر قد اقترب) وهو الفتن التي حدثت بينهم من قتل عثمان وخروج معاوية على علي قال ابن حجر : ثم توالت الفتن حتى صارت العرب بين الأمم كالقصعة بين الأكلة كما وقع في حديث آخر : يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قضعتها ، والخطاب للعرب (أفلح من كف يده) عن القتال ولسانه عن الكلام في الفتن لكثرة الخطر أو أراد ما يقع من مفسدة يأجوج ومأجوج أو من التتار من المفاسد الهائلة التي قالوا إنه لم يسمع وقوع مثلها في العالم من بدء الدنيا إلى الآن ، وقال القرطبي : أخبر بما يكون بعده بين العرب ، وقد وجد ذلك بما استؤثر عليهم من الملك والدولة وصار ذلك في غيرهم من الترك والعجم وتشتتوا في البوادي بعد أن كان العز والملك والدنيا لهم ببركته عليه الصلاة والسلام وما جاءهم به من الإسلام فلما كفروا النعمة فقتل بعضهم
[ 477 ]
بعضا وسلب بعضهم أموال بعض سلبها الله منهم ونقلها لغيرهم * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) * [ محمد : 38 ] (د ك) في الفتن (عن أبي هريرة) قال : خرج النبي [ ص 368 ] صلى الله عليه وسلم يوما فزعا محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل للعرب إلخ قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاعا ثم إن هذا الحديث قد رواه الشيخان في صحيحيهما بزيادة ونقص ولفظه ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بأصبعيه الإبهام والتي تليها ، قيل يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث . 9648 - (ويل للذي يحدث فيكذب) في حديثه (ليضحك به القوم ويل له ويل له) كرره إيذانا بشدة هلكته وذلك لأن الكذب وحده رأس كل مذموم وجماع كل فضيحة فإذا انضم إليه استجلاب الضحك الذي يميت القلب ويجلب النسيان ويورث الرعونة كان أقبح القبائح ، ومن ثم قال الحكماء : إيراد المضحكات على سبيل السخف نهاية القباحة (حم د) في الأدب (ت) في الزهد (ك) في الإيمان (عن) بهز بن حكيم عن أبيه عن جده (معاوية بن حيدة) وبهز بن حكيم سبق بيان حاله ورواه عنه أيضا النسائي في التفسير . 9649 - (ويل للمالك من المملوك) حيث كلفه على الدوام ما لا يطيقه على الدوام أو قصر في القيام بحقه من نفقة وغيرها ونحو ذلك (وويل للمملوك من المالك) حيث لم يقم بما فرض عليه من حسن خدمته والجهد في نصيحته وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البزار وويل للغني من الفقير وويل للشديد من الضعيف وويل للضعيف من الشديد اه‍ . بنصه (البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان قال الهيثمي : ورواه البزار عن شيخه محمد بن الليث ، وقد ذكره ابن حبان في الثقات قال : يخطئ ويخالف وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه أيضا أبو يعلى وغيره . 9650 - (ويل للمتألين من أمتي) قيل من هم قال (الذين يقولون فلان في الجنة وفلان في النار) أو ليكونن كذا أو ليغفرن الله لفلان أو لا يغفر له . (تخ عن جعفر العبدي) بفتح العين وكسر الدال المهملتين بينهما موحدة ساكنة نسبة إلى عبد القيس من ربيعة ينسب إليه خلق كثير (مرسلا) ورواه القضاعي مسندا .
[ 478 ]
9651 - (ويل للمكثرين إلا من قال بالمال هكذا وهكذا) أي فرقه على من عن يمينه وشماله من الفقراء وأهل الحاجة والمسكنة وهذا من أدلة من فضل الفقر على الغنى (ه عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه . 9652 - (ويل للنساء من الأحمرين الذهب والمعصفر) قال في مسند الفردوس : يعني يتحلين بحلي الذهب ويلبسن الثياب المزعفرة وبتبرجن متعطرات متبخترات كأكثر نساء زمننا فيفتن بهن اه‍ . (هب عن أبي هريرة) وفيه عباد بن عباد وثقه ابن معين ، وقال ابن حبان : يأتي بالمناكير فاستحق الترك نقله الذهبي ورواه أيضا أبو نعيم في الصحابة بهذا اللفظ لكنه قال الزعفران بدل المعصفر قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف . 9653 - (ويل للوالي من الرعية إلا واليا يحوطهم من ورائهم بالنصيحة) أي يحفظهم بها يقال حاطه يحوطه حوطا وحيطة وحياطة إذا كلأه ورعاه قال القاضي : والمراد بالنصيحة إرادته الخير لهم والصلاح ومنه سمي الخياط ناصحا لأنه يصلح (الروياني) في مسنده (عن عبد الله بن مغفل) . 9654 - (ويل لأمتي من علماء السوء) وهم الذين قصدهم من العلم التنعم بالدنيا والتوصل إلى الجاه والمنزلة فالواحد منهم أسير الشيطان أهلكته شهوته وغلبت عليه شقوته ومن هذا حاله فضرره على الأمة من وجوه كثيرة منها الاقتداء به في أفعاله وأقواله ومنها تحسينه للحكام ظلم الأنام وتساهله في الفتوى لهم وإطلاقه القلم واللسان بالجور وبالبهتان استكبارا أن يقول فيما لا علم عنده به لا أدري قال الغزالي : آفة العلم الخيلاء فلم يلبث العالم أن يتعزز بالعلم ويستعظم نفسه ويحتقر الناس وينظر إليهم نظره إلى البهائم ويستجهلهم ويترفع أن يبدأه بالسلام فإن بدأ أحدهم بالسلام أو رد عليه ببشر أو قام له أو أجاب له دعوة رأى ذلك صنيعة عنده وبرا عليه يلزمه شكره واعتقد أنه أكرمهم وفعل بهم ما لا يستحقونه وأنه ينبغي أن يخدموه شكراله على صنيعته بل الغالب أيهم يبرونه ولا يبرهم ويزورونه ولا يزورهم ويستخدم مخالطه منهم ويسخره في حوائجه فإن قصر استنكره كأنهم عبيده أو أجراؤه وكأن تعلمه العلم صنيعة منه لديه ومعروف إليه أو استحقاق حق عليه . وقال الماوردي : الدنيا دار مرضى إذ ليس في بطن الأرض إلا ميت ولا على ظهرها إلا سقيم ومرض القلوب أكثر من مرض الأبدان والعلماء أطباء القلوب ، وقد مرضوا في هذه العصور مرضا شديدا عجزوا عن
[ 479 ]
علاجه وصارت لهم أسوة في عموم المرض حتى ظهر نقصانهم فاضطروا إلى إغراء الخلق وإرشادهم إلى ما يزيدهم مرضا وهو حب الدنيا الذي تلبسوا به لما لم يقدروا على التحذير منه حذرا أن يقال لهم فما بالكم تأمرون بالعلاج وتنسون أنفسكم ؟ فلذلك عم الداء وعظم الوباء وانقطع الدواء وهلك الخلق لفقد الأطباء بل اشتغل الأطباء بفنون الإغواء فليتهم إذ لم يصلحوا لم يفسدوا وليتهم سكتوا وما نطقوا فإنهم لم يهمهم في مواعظهم إلا ما يزعق العوام ويستميل قلوبهم من تسجيع الكلام وتغليب أسباب الرجاء وذكر دلائل الرحمة لأن ذلك ألذ في الأسماع وأخف على الطباع لينصرف الخلق عن مجالس الوعظ وقد استفادوا مزيد جراءة على المعاصي ومتى كان الطبيب جاهلا أو خائنا يضع الدواء في غير موضعه فالرجاء والخوف دواءان لكن لشخصين متضادي العلة . (تتمة) قال الحكيم : علماء السوء ضربان ضرب مكب على حطام الدنيا لا يسأم ولا يمل قد أخذ بقليه حبها وألزمه خوف الفقر فهو كالهمج يتقلب في المزابل من عذرة إلى عذرة ولا يتأذى بسوء رائحتها وإكبابه عليها كإكباب الخنازير فمسخوا في صورة الخنازير وضرب أهل تصنع ودهاء ومخادعة وتزين للمخلوقين شحا على رياستهم يتبعون الشهوات ويلتقطون الرخص ويخادعون الله بالحيل في أمور دينهم فاطمأنوا إلى الدنيا وأسبابها ورضوا من العلم بالقول دون الفعل فإذا حل بهم السخط مسخوا قردة فإن القردة جبلت على الخداع واللعب والبطالة وشأن الخنزير الإكباب على المزابل والعذرة . واعلم أن قضية كلام المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الحاكم يتخذون هذا العلم تجارة يبيعونها من أمراء زمانهم ربحا لأنفسهم لا أربح الله تجارتهم اه‍ بنصه . (فائدة) روى سحنون عن ابن وهب عن عبد العزيز بن أبي حازم سمعت أبي يقول كان العلماء فيما مضى إذا لقى العالم من هو فوقه في العلم يقول هذا يوم غنيمة وإذا لقى مثله ذاكره وإذا لقى دونه لم يزه عليه واليوم يعيب الرجل من فوقه ابتغاء أن ينقطع عنه حتى يرى الناس أنه ليس بهم حاجة إليه ولا يذاكر مثله ويزهو على من هو دونه فهلك [ ص 370 ] الناس اه‍ هذا في ذاك الزمان فما بالك بالناس الآن وما انطووا عليه من جحد الفضائل مع قيام الدلائل وحب الرياسة والتعظيم والتسارع إلى نبذ من تلوح عليه شواهد العلم بالقصور ويلتمسون بكثرة الانتقاد العثرات ويسترون رسوم الحسنات ببعض السقطات وربما رأى بعضهم استحقاق العلم بالتوارث من الآباء لكون المنصب كان لأبيه وقد نص القرافي أنه من البدع المحرمة (ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور (عن أنس بن مالك) وفيه إبراهيم بن طهمان مختلف فيه وحجاج بن حجاج قال الذهبي : مجهول . 9655 - (ويل لمن استطال على مسلم) قال في المناهج : وهو وصف قل من اتصف به إلا وقصرت به الخطى ووقع في ورطات الندم والخطأ (فانتقص حقه) أخذ منه حجة الإسلام أن ذلك كبيرة (حل عن أبي هريرة) ثم قال : غريب من حديث الثوري تفرد به شعيب بن حرب وبشر بن إبراهيم الأنصاري . 9656 - (ويل لمن لا يعلم وويل لمن علم ثم لا يعمل) قالها ثلاثا فالعلماء مثل القضاة عالم في
[ 480 ]
الجنة وعالمان في النار والوعيد والتهديد إنما هو على إهمال العلم الشرعي النافع والعمل لوجه الله أما من تعاطى العلم ليدخله في محافل العلماء ويقدمه على الأقران والنظر أو يرفع منصبه في مجالس الأمراء وليتوصل به إلى الصلة والأرزاق وولاية الأوقاف ونحو ذلك فالجهل خير منه والويل لهذا العالم فإن الشيطان قد أغواه وأنساه متقلبه ومثواه ، ذكره الغزالي (حل عن حذيفة) وفيه محمد بن عبدة القاضي قال الذهبي : ضعيف وهو صدوق . 9657 - (ويل لمن لا يعلم ولو شاء الله لعلمه واحد من الويل وويل لمن يعلم ولا يعمل سبع من الويل) أي أن العلم حجة عليه إذ يقال له ماذا عملت فيما علمت وكيف قضيت شكر الله فيه وذلك لأن صدور المعصية منه بترك العمل مع الإنعام عليه والإحسان إليه بتعليمه أقبح ألا ترى إلى قوله سبحانه * (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين) * ومقابلة الإنعام بالمعصية لا شئ أقبح منه ومن ثم كان عقوق الوالدين عظيما لما يجب من شكر أنعمهما وقد خرج البيهقي عن الفضيل أنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد . (ص عن جبلة مرسلا) جبلة في الصحب والتابعين متعدد فكان ينبغي تمييزه رواه أحمد وأبو نعيم عن ابن مسعود بلفظ ويل لمن لا يعلم ولو شاء الله لعلمه وويل لمن يعلم ثم لا يعمل سبع مرات اه‍ لكن ظاهر صنيعهما أنه موقوف . 9658 - (ويل واد في جهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا) أي سنة (قبل أن يبلغ قعره) قال القاضي : معناه أن فيها موضع يدوا فيه من جعل له الويل ولعله سماه بذلك مجازا (حم ت حب ك) في التفسير (عن أبي سعيد) الخدري ، قال الحاكم : وأقره الذهبي وفيه عند أحمد والترمذي ابن لهيعة . فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [ أي حرف الواو ] - 9659 - (الوائدة) بهمزة مكسورة قبل الدال والوأد دفن الولد حيا والوائدة فاعلة ذلك ، كان من ديدنهم أن المرأة إذا [ ص 371 ] أخذها الطلق حفر لها حفرة عميقة فجلست عليها والقابلة تحتها ترقب الولد فإن انفصل ذكرا أمسكته أو أنثى ألقتها في الحفرة وأهالت عليها التراب وكانت الجاهلية تفعله خوف
[ 481 ]
إملاق أو عار (والموءودة) قيل أراد بها هنا المفعولة لها ذلك وهي أم الطفل لقوله (في النار) ولو أريد البنت المدفونة لما اتضح ذلك وهذا أولى من ادعاء أنه وارد على سبب خاص وواقعة معينة لا يجوز إجراؤه في غيره لأنه وإن ورد على ذلك لا ينجع في التخلص عن الإشكال كما لا يخفى على أهل الكمال ، على أن الطيبي رده بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب عند قيام الشواهد (د عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى وقد رواه أيضا أحمد والطبراني وغيرهما قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح . 9660 - (الواحد شيطان والاثنان شيطانان والثلاثة ركب) يعني أن الانفراد والذهاب في الأرض على سبيل الوحدة من فعل الشيطان أي شئ يحمله عليه الشيطان وكذا الركبان وهو حث على اجتماع الرفقة في السفر ذكره ابن الأثير (ك) في الجهاد (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 9661 - (الوالد أوسط أبواب الجنة) أي طاعته وعدم عقوقه مؤد إلى دخول الجنة من أوسط أبوابها ذكره العراقي . وقال البيضاوي : أي خير الأبواب وأعلاها والمعنى أن أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة ويتوصل به إلى الوصول إليها مطاوعة الوالد ورعاية جانبه وقال بعضهم : خيرها وأفضلها وأعلاها يقال هو من أوسط قومه أي من خيارهم وعليه فالمراد بكونه أوسط أبوابها من التوسط بين شيئين فالباب الأيمن أولها وهو الذي يدخل منه من لا حساب عليه ثم ثلاثة أبواب باب الصلاة وباب الصيام وباب الجهاد هذا إن كان المراد أوسط أبواب الجنة ويحتمل أن المراد أن بر الوالدين أوسط الأعمال المؤدية إلى الجنة لأن من الأعمال ما هو أفضل منه ومنها ما هو دون البر والبر متوسط بين تلك الأعمال وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه وليس كذلك بل أغفل منه قطعة وهي قوله فإن شئت فحافظ على الباب أو ضيع اه‍ بنصه لأحمد وللترمذي الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فاحفظ وإن شئت فضيع وفيه أن العقوق كبيرة وفي لفظ له الوالد أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأضع ذلك الباب وإن شئت فاحفظ (حم ت) في البر قال الترمذي : صحيح (ه) في الطلاق (ك) في الطلاق والبر (عن أبي الدرداء) وسببه أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال : إن أمي لم تزل بي حتى تزوجت وإنها تأمرني بطلاقها فقال : ما أنا بالذي آمرك أن تعقها ولا أن تطلق وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا الطيالسي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الشعب . 9662 - (الواهب أحق بهبته ما لم يثب) بضم الياء بضبط المصنف (منها) يعني لم يعوض عليها كذا في مسند الفردوس واستدل به الحنفية على أن للواهب الرجوع فيما وهبه لأجنبي بتراضيها أو
[ 482 ]
بحكم حاكم والمالكية على لزوم الإثابة في الهدية (هق) من حديث عمرو بن دينار (عن أبي هريرة) قال ابن حجر : سنده ضعيف ورواه ابن ماجه والدارقطني وابن أبي شيبة أيضا والكل ضعيف قال : وفي الباب ابن عباس والدارقطني وإسناده صحيح اه‍ . وبه يعلم أن المصنف لم يصب في صنيعه حيث أهمل الطريق الصحيح وآثر الضعيف واقتصر عليه . 9663 - (الوتر حق) الحق يجئ بمعنى الثبوت والوجوب . ذهب الحنفية إلى الثاني والشافعية إلى الأول أي ثابت في السنة والشرع وفيه نوع تأكيد (فمن لم يوتر) أي لم يصل الوتر (فليس منا) من اتصالية أي ليس بمتصل بنا ومقتد بهدينا أي [ ص 372 ] هو ثابت في الشرع ثبوتا مؤكدا فعبر به لمزيد حقيقته وإثباته على مذهب الشافعي ولوجوبه على مذهب أبي حنيفة * (ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات) * [ البقرة : 148 ] (حم د ك) في باب الوتر من حديث أبي المنيب عبيد الله العتكي (عن بريدة) قال الحاكم : صحيح وأبو المنيب ثقة ورده الذهبي بأن البخاري قال : عنده مناكير اه‍ . وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح ، وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد : فيه الخليل بن مرة ضعفه البخاري وأبو حاتم وقال أبو زرعة : شيخ صالح . 9664 - (الوتر بليل) قال البغوي : وذهب مالك وأحمد إلى أنه لا وتر بعد الصبح وأظهر قولي الشافعي أنه يقضى لخبر من نام عن وتره فليصله إذا أصبح (فائدة) قال ابن التين وغيره : اختلف في الوتر على أشياء في وجوبه وعدده واشتراط النية فيه واختصاصه بقراءة وفي اشتراط شفع قبله وفي آخر وقته وصلاته في السفر على الدابة وفي قضائه والقنوت فيه وفي محل القنوت منه وفيما يقال فيه وفي فصله ووصله وهل تسن ركعتان بعده وفي كونه أفضل النفل (حم ع عن أبي سعيد) الخدري ، رمز لحسنه . 9665 - (الوتر ركعة من آخر) قال الطيبي : من آخر الليل خير موصوف أي ركعة منشأة من آخر الليل أي آخر وقتها آخر الليل وفيه حجة للشافعي في صحة الإيتار بركعة وندبه آخر الليل أي لمن وثق باستيقاظه وادعى الحنفية نسخه (م د ن عن ابن عمر) بن الخطاب (حم طب عن ابن عباس) . 9666 - (الوحدة خير من جليس السوء) لما في الوحدة من السلامة وهي رأس المال وقد قيل لا يعدل بالسلامة شئ وجليس السوء يبدي سوءه والنفس أمارة بالسوء فإن ملت إليه شاركك وإن كففت عنه نفسك شغلك ولهذا كان مالك بن دينار كثيرا ما يجالس الكلاب على المزابل ويقول هم خير
[ 483 ]
من قرناء السوء (والجليس الصالح خير من الوحدة) فإن مجالسته غنييمة وربح ، وفيه حث على إيثار الوحدة إذا تعذرت صحبة الصالحين وحجة لمن فضل العزلة وأما الجلساء الصالحون فقليل ما هم وقد ترجم البخاري على ذلك - باب العزلة راحة من خلاط السوء - ، قال ابن حجر : هذا أثر خرجه ابن أبي شيبة بسند رجاله ثقات عن عمر لكنه منقطع وأخرج ابن المبارك عن عمر خذوا حظكم من العزلة وما أحسن قول الجنيد : مكابدة العزة أيسر من مداراة الخلطاء ، وقال الغزالي : عليك بالتفرد عن الخلق لأنهم يشغلونك عن العبادة قال بعضهم : مررت بجماعة يترامون وواحد جالس بعيد عنهم فأردت أن أكلمه فقال : ذكر الله أشهى من كلامك قلت : إنك وحدك قال : معي ربي قلت : من سبق من هؤلاء قال : من غفر له قلت : أين الطريق فأشار بيده إلى السماء وقام وتركني وقال حاتم الأصم : طلبت من هذا الخلق خمسة أشياء فلم أجدها طلبت منهم الطاعة والزهادة فلم يفعلوها فقلت : أعينوني عليها إن لم يفعلوا فقلت : ارضوا مني إن فعلت فلم يفعلوا فقلت : لا تمنعوني منها إذا فلم يفعلوا فقلت : لا تدعوني إلى معصية فلم يفعلوا فتركتهم ووجد مع داود الطائي كلب فقيل : ما هذا الذي تصحبه قال : هذا خير من جليس السوء وقد قيل : وكل قرين بالمقارن يقتدي " وقال العارف أبو المواهب الشاذلي : الملحوظ بالتعظيم العين تلحظه بالوقار فلذلك ينبغي له مصاحبة الأبرار ومباينة الأشرار صونا له من العار : العيب في الجاهل المغمور مغمور * وعيب ذي الشهرة المشهور مشهور وفي الحكم : صغيرة الكبير كبيرة وكبيرة الصغير صغيرة ونظمه بعضهم فقال : [ ص 373 ] فصغائر الرجل الكبير كبائر * وكبائر الرجل الصغير صغائر واعلم أن خواص الخواص يرون أن كل مشتغل بغير الله ولو مباحا صحبته من قبيل أهل الشر وملحقة به وأن أهل الجد والتشمير ممن لم يبلغ مرتبة أولئك يرى أن صحبة أهل البطالة بل صحبة من لم يشاركهم في التشمير كصحبة أهل الشر وقال بعضهم : صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار (تتمة) قال الغزالي : وفي الحديث إشارة إلى أن الطريق العدل أن تخالط الناس وتشاركهم في الخيرات وتباينهم فيما سوى ذلك (وإملاء الخير) على الملك من أفعالك وأقوالك بالعلم وتكراره ونشره (خير من السكوت) وفي أثر أنت في سلامة ما سكت فإذا نطقت فإما لك أو عليك بل قد يجب الإملاء ويحرم السكوت وأمثلته لا تخفى (والسكوت خير من إملاء الشر) وفائدة الحديث أنه متى لم يتهيأ لك الخير فأمسك عن الشر تظفر بالسلامة (ك) في المناقب (هب) من حديث ابن أبي عمران (عن أبي ذر) قال : صدقت أتيت أبا ذر فوجدته في المسجد محتبيا بكساء أسود فقلت : ما هذه الوحدة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الذهبي : لم يصح ولا صححه الحاكم اه‍ ، وقال ابن حجر : سنده حسن لكن المحفوظ أنه موقوف على أبي ذر اه‍ ، ورواه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] والديلمي وابن عساكر في تاريخه .
[ 484 ]
9667 - (الود والعداوة يتوارثان) أي يرثهما الفروع عن الأصول جيلا بعد جيل وقرنا بعد قرن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين (أبو بكر في) كتاب (الغيلانيات عن أبي بكر) الصديق ، ورواه الحاكم باللفظ المزبور وصححه فتعقبه الذهبي بأن فيه يوسف بن عطية هالك . 9668 - (الود يتوارث والبغض يتوارث) أي يرثه الأقرباء بعد مورثهم وفيه تنبيه على محبة المتقين لنفسك ليرثه عنك وارثك فينتفع بودهم في الدنيا من مواصلتهم والتعلم منهم ، وفي الأخرى وعلي بغض الفجرة لأن أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله فتنتفع به عاجلا في البعد منهم وآجلا فيرثه ولدك فينتفع به كما انتفعت وفيه تحذير عن بغض أهل الصلاح فإنه يضر في الدارين ويرثه الأعقاب فيضرهم وهذا بمعنى ما اشتهر على الألسنة ولا أصل له من خبر محبة في الآباء صلة في الأبناء ذكره السخاوي ، وقد عدوا من أنواع التآلف والتودد تآلف صديق الصديق والتودد إليه واستأنسوا له بهذا الحديث (طب ك) في البر والصلة من حديث عبد الرحمن بن أبي بكرة المليكي عن محمد بن طلحة عن أبيه (عن عفير) بالتصغير قال طلحة : إن رجلا من العرب كان يغشى أبا بكر يقال له عفير ، فقال له أبو بكر : ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الود فذكره قال الحاكم : صحيح وشنع عليه الذهبي بأن المليكي واه وبأن فيه انقطاعا . 9669 - (الود الذي يتوارث في أهل الإسلام) أما الكفار فلا تودوهم وقد عاداهم الله ولا تقربوهم وقد أبعدهم الله ولا تكرموهم وقد أهانهم الله (طب عن رافع بن خديج) قال الهيثمي : فيه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف . 9670 - (الورع) بكسر الراء (الذي يقف عند الشبهة) أي الفعلة التي تشبه الحلال من وجه والحرام من وجه فيشتبه على للسالك الأمر فيها فالورع تركها احتياطا وحذرا من الوقوع في الحرام - دع ما يريبك - ولهذا ندبوا الخروج من الخلاف لكونه أبعد عن الشبهة وذا في شبهة لا يعارضها رخصة من الشارع وإلا ففعلها أولى من تجنبها كأن شك في الحدث [ ص 374 ] في الصلاة فيحرم عليه قطعها ولا نظر لما ذكره بعض المتعمقين من إيجابه قال بعض المحققين : وينبغي أن التدقيق في التوقف عن الشبه إنما يصلح لمن استقامت أحواله وتشابهت أعماله في التقوى والورع فقد قال ابن عمر لما سأله أهل العراق عن دم البعوض : أتسألون عنه وقد قتلتم الحسين واستأذن رجل أحمد أن يكتب من محبرته فقال : أكتب هذا ورع مظلم وقال لآخر : لم يبلغ ورعي ورعك هذا (طب عن واثلة) بن الأسقع . 9671 - (الوزغ) بفتح الواو وسكون الزاي آخره معجمة (فويسق) تصغير ذم وتحقير قال
[ 485 ]
القرطبي : سمي به لخروجه عن جنس الحيوان للضرر أو لخروجه عن حكم الحيوان المحترم الذي يمتنع قتله قال النووي : والفسق الخروج عن الطريق المستقيم وهذا كالفواسق الخمس خرجت عن خلق معظم الحشرات بزيادة الضرر والأذى اه‍ ، وقضية تسميته فويسقا حل قتله واتفقوا على أنه من الحشرات المؤذيات . وفي الصحيحين الأمر بقتله ولا ينافيه كون عائشة لم تسمعه فقد سمعه غيرها بل جاء عنها من وجه آخر عند أحمد وابن ماجه أنه كان في بيتها رمح فسئلت عنه فقالت : نقتل به الوزغ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن إبراهيم لما ألقي في النار لم يكن في الأرض دابة إلا أطفأت عنه إلا الوزغ فإنها كانت تنفخ عليه لكن قال ابن حجر : الذي في الصحيح أصح (ن عن عائشة) قضية كلامه أن هذا لم يخرجه الشيخان ولا أحدهما وهو ذهول فقد عزاه الديلمي للبخاري باللفظ المزبور ثم رأيته في كتاب الحج بلفظ أنه صلى الله عليه وسلم قال للوزغ فويسق هكذا رواه فيه عن عائشة . 9672 - (الوزن وزن أهل مكة) أي الوزن المعتبر في أداء الحقوق الشرعية إنما يكون بميزان أهل مكة لأنهم أهل تجارات فعهدهم للموازين وخبرتهم للأوزان أكثر (والمكيال مكيال أهل المدينة) أي والمكيال المعتبر فيما ذكر إنما هو مكيال أهل المدينة لأنهم أصحاب زراعات فهم أعرف بأحوال المكاييل قال القاضي : وهذا الحديث فيما يتعلق بالكيل والوزن من حقوق الله تعالى كالزكاة والكفارة حتى لا تجب الزكاة في الدراهم حتى تبلغ مائتي درهم بوزن مكة والصاع في صدقة الفطر صاع أهل المدينة كل صاع خمسة أرطال وثلث وقال إمام الحرمين في معنى هذا الحديث : لعل اتخاذ المكاييل كان يعم في المدينة واتخاذ الموازين كان يعم بمكة فخرج الكلام على العادة وإلا فلا خلاف أن أعيان مكاييل المدينة وموازين مكة لا ترعى ويجوز أن يقال ما تعلق بالوزن من النصب وأقدار الديات وغيرها فالاعتبار فيه بوزن مكة وما تعلق بالكيل في نحو زكاة وكفارة يعتبر ما كان يغلب بالمدينة اه‍ قال العلائي : والثاني أقوى والأول جوابه أنه ليس القصد عين الموازين بل الصنجة التي يوزن بها فهو من التعبير بأحد المتلازمين عن الآخر (د ن عن ابن عمر) بن الخطاب ، وصححه ابن حبان والدارقطني والنووي وابن دقيق العيد والعلائي ورواه بعضهم عن ابن عباس قيل وهو خطأ ورمز المصنف لحسنه . 9673 - (الوسق) بفتح الواو أشهر من كسرها (ستون صاعا) والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادي (حم ه عن أبي سعيد) الخدري (ه عن جابر) بن عبيد الله قال ابن حجر : أما رواية ابن ماجه عن جابر فإسناده ضعيف وأما رواية أبي داود والنسائي وابن ماجه عن أبي سعيد فمن طريق البحتري عنه قال أبو داود : وهو منقطع لم يسمع أبو البحتري من أبي سعيد اه‍ . 9674 - (الوسيلة درجة عند الله) في الجنة (ليس فوقها) في الشرف والرفعة (درجة فسلوا الله أن
[ 486 ]
يؤتيني الوسيلة) فإنه من [ ص 375 ] طلب له ذلك حلت له شفاعته كما جاء في خبر (حم عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه وهو ذهول عن قول الحافظ الهيثمي وغيره : فيه ابن لهيعة وفيه ضعف اه‍ وأقول : رواه ابن لهيعة عن موسى وردان وموسى هذا أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال : ضعفه ابن معين ووثقه أبو داود . 9675 - (الوضوء مما مسته النار) بنحو قلي أو شي أو طبخ أو نحوها قال ابن الأثير : يريد غسل اليد والفم منه وقيل هو على ظاهره لكنه منسوخ (م عن زيد بن ثابت) . 9676 - (الوضوء مما مسته النار ولو من ثور أقط) أي قطعة من الأقط وهو لبن جامد (ت عن أبي هريرة) وقال : حسن . 9677 - (الوضوء مرة مرة) أي للواجب إنما هو ذلك والتثليث إنما هو سنة وقد قام الإجماع على ذلك (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وهو تقصير بل حقه الرمز لصحته فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9678 - (الوضوء يكفر ما قبله) من الذنوب يعني الصغائر على ما مر تقريره غير مرة (ثم تصير الصلاة) التي بعده (نافلة) وفي رواية الطيالسي الوضوء يكفر ما قبله من ذنب مع توبة وتصير الصلاة نافلة اه‍ (حم عن أبي أمامة) رمز لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال المنذري والهيثمي : سنده صحيح . 9679 - (الوضوء مما خرج) من أحد السبيلين عند المالكية والشافعية ولو رأس إبرة ودودة وعادة وريحا من قبل وقال الحنابلة بعمومه فأوجبوا الوضوء بخروج النجاسة من غيرهما إذا فحش (وليس مما دخل) تمامه عند الطبراني والصوم مما دخل وليس مما خرج وفي رواية الدارقطني يدخل ويخرج بصيغة المضارع . (تنبيه) قال السهرودي كالحكيم الترمذي : حكمة وجوب الوضوء أن الشيطان قد وجد سبيلا إلى جوف ابن آدم كما أشار إليه الخبر المار وهو أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في الجسد فأمر آدم وولده بالوضوء لمجرى الشيطان ونجاسته فأمر بغسل أطرافه وهي خمسة الجناحان والرأس والقدمان فجعل الله الماء طهورا من آفاته الظاهرة وهي ما يخرج من الأذى من بول أو غائط ورائحتها ومعدته في مجمع الطعام وموضع الروث مجلسه وهو ينفخ فيه فإذا خرج الصوت هيج عليك الضحك فإذا ضحك أحد منك سخر الشيطان ولذلك جعل بعض الأئمة الضحك في الصلاة حدثا فجعل الله الماء طهورا للمؤمن من آفاته الظاهرة والباطنة فالظاهرة لتطهير جوارحه من تلك الأقذار
[ 487 ]
والباطنة ليرد عليه ما ذهب من حياة القلب بطهارته . - (هق) من رواية إدريس الخولاني عن الفضل بن المختار عن ابن أبي ذؤيب عن شعبة مولى ابن عباس (عن ابن عباس) ثم قال عقبه أعني البيهقي : هذا لا يثبت اه‍ قال الذهبي في المهذب : وشعبة ضعفوه والفضل واه وصوابه موقوف اه‍ وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال ابن عدي : لعل البلاء فيه من الفضل بن المختار وقال ابن حجر : فيه الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا وشعبة مولى ابن عباس وهو ضعيف ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة وسنده أضعف من الأول اه‍ وقال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني : فيه الفضل بن المختار مجهول يحدث عن ابن أبي ذؤيب بالأباطيل . 9680 - (الوضوء من كل دم سائل) أي يجب من خروج كل دم من أي موضع كان من البدن إذا سال حتى تجاوز موضع [ ص 376 ] التطهير فإن خرج ولم يتجاوز إلى موضع يلحقه حكم التطهير لم يجب الوضوء هذا مذهب أبي حنيفة وأحمد وذهب الشافعي إلى أنه لا نقض بما خرج من غير المخرج المعتاد أو ما قام مقامه وضعف الحديث وبتقدير صحته يحمل على الوضوء اللغوي لا الشرعي جمعا بين الأدلة أو لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم احتجم وغسل محاجمه وصلى ولم يتوضأ (قط) من حديث عمر بن عبد العزيز (عن تميم) الداري قال مخرجه الدارقطني : عمر لم يسمع تميما ولا رآه وفيه يزيد بن خالد ويزيد بن محمد مجهولان اه‍ قال الذهبي : فيه مجهولان وقال الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية : فيه ضعف وانقطاع وخرجه ابن عدي من حديث زيد بن ثابت وقال في تخريج المختصر : حديث غريب ضعيف . 9681 - (الوضوء شطر الإيمان) لأن الإيمان يطهر نجاسة الباطن والطهور يطهر الظاهر (والسواك شطر الوضوء) لأنه ينظف الباطن (ش عن حسان بن عطية مرسلا) هو أبو بكر المحاربي ثقة عابد نبيل لكنه قدري . 9682 - (الوضوء قبل الطعام حسنة وبعد الطعام حسنتان) أراد بالوضوء غسل اليد وقيل الوضوء الشرعي قال الجلال في الخصائص : إنما كان غسل اليدين بعد الطعام بحسنتين لأنه شرعه وقبله بحسنة لأنه شرع التوراة (ك في تاريخه) أي تاريخ نيسابور من رواية الحكم بن عبد الله الأبلي عن الزهري عن سعيد بن المسيب (عن عائشة) قال الزين العراقي في شرح الترمذي : والحكم هذا متروك متهم بالكذب .
[ 488 ]
9683 - (الوضوء قبل الطعام وبعده ينفي الفقر) لأن في غسل اليد قبله وبعده شكرا للنعمة ووفاء بحرمة الطعام المنعم به والشكر يوجب المزيد (وهومن سنن المرسلين) أي من طريقتهم المسلوكة المتعارفة بينهم . - (طس) من رواية نهشل عن الضحاك (عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه نهشل بن سعيد متروك وقال شيخه الحافظ الزين العراقي : نهشل ضعيف جدا والضحاك لم يسمع من ابن عباس وقال ولده الوالي العراقي : سنده ضعيف لكن له شواهد وهي وإن كانت كلها ضعيفة كما قاله الحافظ المذكور لكنها تكسبه فضل قوة منها خبر القضاعي في مسند الشهاب عن موسى الرضى عن آبائه متصلا الوضوء قبل الطعام ينفي الفقر وبعده ينفي اللمم وفي رواية عنه ينفي الفقر قبل الطعام وبعده وخبر أبي داود والترمذي عن سلمان بركة الطعام الوضوء قبله والوضوء بعده . 9684 - (الوقت الأول من الصلاة رضوان الله) قال الطيبي : الوقت مبتدأ ومن الصلاة بيان للوقت وضوان الله خبر إما بحذف المضاف أي الوقت الأول سبب رضوان الله أو على المبالغة وأن الوقت الأول عين رضا الله كقولك رجل صوم ورجل عدل (والوقت الآخر) منه (عفو الله) قال الشافعي : رضوان الله إنما يكون للمحسنين والعفو يشبه أن يكون من المقصرين وأفاد أن تعجيل الصلاة أول وقتها أفضل حتى الصبح عند الشافعية فلا يندب الإسفار به خلافا للحنفية وقال الحنابلة إن حضر الجيران غلس وإلا أسفر (ت) في الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد قال في المهذب : قال ابن عدي : هذا باطل ويعقوب بن الوليد أحد رجاله كذبه أحمد وسائر الحفاظ وقد روي بأسانيد أخر واهية إلى هنا كلامه وقال ابن الجوزي : قال ابن حبان : ما رواه إلا يعقوب وكان يضع الحديث على الثقات وقال أحمد : كان من الكذابين الكبار ورواه الدارقطني باللفظ المزبور وقال : فيه يعقوب بن الوليد كذاب . 9685 - (الولاء) بالفتح والمد حق ميراث المعتق من المعتق بالفتح (لمن أعطى الورق) بكسر الراء الفضة والمراد الثمن [ ص 377 ] وعبر بالورق لأنه الغالب في الأثمان وقد جاء ذلك مصرحا في رواية الترمذي ولفظه إنما الولاء لمن أعطى الثمن وولي النعمة) أي أعتق ومطابقته لقوله الولاء لمن أعتق أن صحة العتق تستدعي سبق ملك والملك يستدعي ثبوت العوض قال ابن بطال وغيره : اقتضى الحديث أن الولاء لكل معتق ذكرا أو أنثى وهو إجماع وأما جر الولاء فليس للنساء إلا ما أعتقن أو جر إليهن من أعتقن بولادة أو عتق آخر قال ابن العربي : وقوله ولي النعمة إشارة إلى مقدار الحرية وهي من أعظم النعم على العبد أن خلقه حرا فإذا طرأ عليه الرق فأجل نعمه خروجه عنه ولذلك كان أعظم جزاء من الولد
[ 489 ]
للوالد (ق 3 عن عائشة) قالت : اشتريت بريرة فشرط أهلها ولاءها فذكرت ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم فذكره . 9686 - (الولاء لمن أعتق) فيه حجة للشافعي على نفي ولاء الموالاة بجعل لام الولاء للجنس : وقال الحنفية : هي للعهد فلا ينفيه وفيه دليل على أن الولاء إنما يكون بمتقدم فعل من المعتق كما يكون النسب بمتقدم ولادة من الأب (حم طب) وكذا الخطيب (عن ابن عباس) قال الهيثمي : وفيه النضر أبو عمرو وقد وثقه جمع وضعفه بعضهم وبقية رجاله ثقات وقضية تصرف المصنف أن ذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو غفلة فقد قال ابن حجر : متفق عليه من حديث عائشة اه‍ . والعجب أن المصنف نفسه في الأزهار عزاه للشيخين معا من حديث عائشة وذكر أنه متواتر . 9687 - (الولاء لحمة) بضم اللام (كلحمة النسب) أي اشتراك واشتباك كالسدي مع اللحمة في النسج (لا يباع ولا يوهب) أي بمنزلة القرابة فكما لا يمكن الانفصال منها لا يمكن الانفصال عنه قال ابن بطال : أجمعوا على أنه لا يجوز تحويل النسب وإذا كان حكم الولاء حكم النسب لا ينقل وكانوا في الجاهلية ينقلونه في البيع فجاء الشرع بإبطاله وقال ابن العربي : معنى أن كلحمة النسب أنه تعالى أخرجه بالحرية إلى النسب حكما كما أن الأب أخرجه بالنطفة إلى الوجود حسا لأن العبد كالمعدوم في حق الأحكام ولا يشهد ولا يقضي ولا يلي فأخرجه السيد بالحرية إلى وجود هذه الأحكام من عدمها فلما أشبه حكم النسب أنيط بالمعتق فجعل الولاء له وألحق برتبة النسب في منع البيع وغير ذلك (طب عن عبد الله بن أبي أوفى) قال الهيثمي : وفيه عبيد بن القاسم وهو كذاب (ك) في الفرائض (هق) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي وشنع فقال : قلت بالدبوس . 9688 - (الولد) يقع على الذكر والأنثى والمفرد والجمع (للفراش) أي هو تابع للفراش أو محكوم به للفراش أي لصاحبه زوجا كان أو سيدا لأنهما يفترشان المرأة بالاستحقاق سواء كانت المفترشة حرة أو أمة عند الشافعي وخصه الحنفية بالحرة وقالوا ولد الأمة لا يلحق سيدها ما لم يقر به اه‍ . ومحل كونه تابعا للفراش إذا لم ينفه بما شرع له كاللعان وإلا انتفى ومثل الزوج أو السيد هنا واطئ بشبهة وليس لزان في نسبه حظ إنما حظه منه استحقاق الحد كما قال (وللعاهر) الزاني يقال عهر إلى المرأة إذا أتاها ليلا للفجور بها والعهر بفتحتين الزنا (الحجر) أي حظه ذلك ولا شئ له في الولد فهو كناية عن الخيبة والحرمان فيما ادعاه من النسب لعدم اعتبار دعواه مع وجود الفراش للآخر قال الطيبي تبعا للنووي : وأخطأ من زعم أن المراد الرجم بالحجر لأن الرجم خاص بالمحصن ولأنه لا يلزم من الرجم
[ 490 ]
نفي الولد الذي الكلام فيه ، وقال السبكي : التعويل على الأول لتعم الخيبة كل زان ودليل الرجم مأخوذ من موضع آخر فلا حاجة للتخصيص بغير دليل ثم الفراش المترتب عليه الأحكام إنما يثبت في حق الزوجة بعقد صحيح ومع تمكن [ ص 378 ] وطئها وفي الأمة بوطئها فلا يثبت نسب بوطء زنا قال المازري : وأول من استلحق في الإسلام ولد الزنا معاوية في استلحاقه زيادا قال : وذلك خلاف الإجماع من المسلمين ثم إن هذا الحديث قد مثل به أصحابنا في الأصول إلى أن المقام الوارد على سبب خاص يعتبر عمومه وصورة السبب قطعية الدخول فلا يخص منها باجتهاد كما فعله الحنفية فإنه وارد في ابن أمة زمعة المختصم فيه ابن زمعة وسعد بن أبي وقاص فقال المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم هو لك يا بن زمعة ثم ذكره (ق د ن ه عن عائشة حم ق ت ن ه عن أبي هريرة د عن عثمان) بن عفان (ن عن ابن مسعود) عبد الله (وعن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام (ه عن عمر) بن الخطاب (وعن أبي أمامة) الباهلي وفي الباب عن غير هؤلاء أيضا كما بينه الخافظ في الفتح ونقل عن ابن عبد البر أنه جاء عن بضعة وعشرين صحابيا ثم زاد عليه . 9689 - (الولد ثمرة القلب) قيل للولد ثمرة لأن الثمرة ما تنتجه الشجرة والولد ينتجه الأب (وإنه مجبنة مبخة محزنة) أي يجبن أباه عن الجهاد خشية ضيعته وعن الإنفاق في الطاعة خوف فقره فكأنه أشار إلى التحذير من النكول عن الجهاد والنفقة بسبب الأولاد بل يكتفى بحسن خلافة الله فيقدم ولا يحجم فمن طلب الولد للهوى عصى مولاه ودخل في قوله تعالى * (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم) * فالكامل لا يطلب الولد إلا لله فيربيه على طاعته ويمتثل فيه أمر ربه * (ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) * وسئل حكيم عن ولده فقال : ما أصنع بمن إن عاش كدني وإن مات هدني (ع) وكذا البزار (عن أبي سعيد) الخدري قال الزين العراقي وتبعه الهيثمي : وفيه عطية العوفي وهو ضعيف . 9690 - (الولد من ريحان الجنة) أي من رزق الله ، قال الجوهري : الريحان الرزق يقول خرجت أبتغي ريحان الله وفي النهاية الريحان يطلق على الرحمة والرزق والراحة قال : وبالرزق سمى الولد ريحان وقيل لبعضهم : أي ريح أطيب ؟ قال : ريح ولد أربه وبدن أحبه قال : ومتعة العيش بين الأهل والولد (فائدة) خرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن جبير مرفوعا الولد سيد سبع سنين وعبد سبع سنين ووزير سبع سنين فإن رضيت مكانفته لإحدى وعشرين وإلا فاضرب إلى جنبه فقد أعذرت إلى الله عز وجل (الحكيم) الترمذي (عن خولة بنت حكيم) أم أمية السلمية . 9691 - (الولد من كسب الوالد) لحصوله بواسطة تزوجه وإحباله فيجوز له أن يأكل من كسبه (طس عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال الهيثمي : فيه محمد بن أبي بلال ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح .
[ 491 ]
9692 - (الوليمة أول يوم حق) أي أمر ثابت ليست بباطل بل يندب إليها وهي سنة مؤكدة وليس المراد بالحق الوجوب عند الجمهور وأخذ بظاهره الظاهرية فأوجبوها وإليه ذهب من الشافعية سليم الرازي بل نقله في المهذب عن النص والمعروف في المذهب خلافه (والثاني معروف) أي سنة معروفة بدليل رواية الترمذي طعام أول يوم حق والثاني سنة (واليوم الثالث سمعة ورياء) أي ليرى الناس طعامه ويظهر لهم كرمه ويسمعهم ثناء الناس عليه ويباهي به غيره ليفتخر وليعظم في الناس فهو وبال عليه . (تنبيه) اختلف في وقتها هل هو عند العقد أو عقبه أو عند الدخول أو عقبه مضيق أو موسع من ابتداء العقد إلى انتهاء الدخول ؟ أقوال . قال النووي : اختلفوا فحكى عياض أن الأصح عند المالكية بعد الدخول وعن جمع عند العقد وعن آخرين قبل أو بعد وذكر السبكي أن أباه ذكر أنه لم ير لهم في تعيينها كلاما [ ص 379 ] وأنه استنبط منه بعد الدخول وأن وقتها موسع وكأنه غفل عن تصريح الماوردي بأنها عند الدخول وعليه عمل الناس وهذا الحديث أشار البخاري في صحيحه إلى عدم صحته وترك العمل به فقال : لم يوقت النبي صلى الله عليه وآله وسلم للوليمة يوما ولا يومين أي لم يجعل له وقتا معينا تختص به (حم د ت) من حديث قتادة عن الحسن بن عبد الله بن عثمان الثقفي عن رجل أعور من بني ثقيف قال قتادة : إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه اه‍ وضرب المصنف عن ذلك صفحا وجزم بعزوه إليه فقال (عن زهير بن عثمان) رمز لحسنه وذكره البخاري في تاريخه وقال : لا يصح إسناده ولا يعرف لزهير صحبة ويعارضه ما هو أصح منه قال ابن حجر : وأشار إلى ضعفه في صحيحه اه‍ وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد : فيه عطاء بن السائب وقد اختلط ورواه البيهقي في السنن من حديث أنس وضعفه وقال الحافظ الولي العراقي : طرقه كلها ضعيفة جدا وقال والده الزين العراقي : لا يصح من جميع طرقه وقال ابن حجر : ضعيف جدا لكن له شواهد منها عن أبي هريرة مثله خرجه ابن ماجه وغيره . 9693 - (الويل كل الويل لمن ترك عياله بخير) بمعنى خلف لورثته مالا ونحوه كضياع وأوقاف (وقدم على ربه بشر) لكونه اكتسب ذلك من غير حله وحصله من غير وجهه وخلفه لهم يصرفونه في ملاذهم وشهواتهم ومات هو وأمامه الحساب والعقاب وقد قيل مصيبتان للعبد في ماله لم يصب بمثلهما عند موته يؤخذ ماله كله ويحاسب عليه كله (فر) وكذا القضاعي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال في الميزان : هذا وإن كان معناه حقا فهو موضوع اه‍ ووافقه في اللسان .
[ 492 ]
حرف " لا " - 9694 - (لا آكل وأنا متكئ) يحتمل لا آكل مائلا إلى أحد الشقين معتمدا عليه وحده أو لا آكل وأنا متمكن من القعود أو لا آكل وأنا مسند ظهري إلى شئ ورجح العصام الثاني بأنه أقرب إلى الاستعمال العربي لقول ابن الأثير عن الخطابي : المتكئ في العربية المستوي قاعدا على وطاء متكئا والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه اه‍ وما اعتمد عليه لا يعول عليه فقد تعقبه المحقق أبو زرعة بالرد فقال : ظاهر كلامه أنه لا معنى للاتكاء إلا ما ذكره وهو مردود إلا أن يريد تفسير المتكئ في الحديث الذي ذكره دون غيره ومع ذلك فهو ممنوع فلم أجد في الكتب المشهورة في اللغة تفسير الاتكاء بالمعنى الذي ذكره أصلا وإنما فسروه بالميل إلى أحد الشفين كما في هذا الحديث اه‍ فاستبان بذلك أن الاتكاء المكروه عند الأكل إنما هو الميل إلى أحد الشقين والاعتماد عليه لا الاتكاء على وطاء تحته مع الاستواء فقول الشهاب الهيثمي : الاتكاء هنا لا ينحصر في المائل يشمل الأمرين فيكره كل منهما غير معمول به لأنه إنما اعتمد فيه على ابن الأثير غافلا عن كونه متعقبا بالرد من هذا الإمام المحدث الفقيه المرجوع إليه في هذا الشأن والكراهة حكم شرعي لا يصار إلى إثباتها في مذهب الشافعي بكلام مثل ابن الأثير فتدبر وحكمة كراهة الأكل متكئا أنه فعل المتكبرين المكثرين من الأكل بنهمة وشره المشغوفين من الاستكثار من الطعام فالسنة في الأكل كما قال القسطلاني : أن يقعد مائلا إلى الطعام منحنيا عليه وقال الحافظ ابن حجر : يجلس على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى اه‍ والكراهة مع الاضطجاع أشد منها مع الاتكاء نعم لا بأس بأكل ما يتنفل به مضطجعا لما ورد عن علي كرم الله وجهه أنه أكل كعكا على برش وهو مضطجع على بطنه قال حجة الإسلام : والعرب قد تفعله وقاعدا أفضل ولا يكره قائما بلا حاجة ، واعلم أن الاتكاء أربعة أنواع : الأول أن يضع يده على الأرض مثلا ، الثاني أن يتربع ، الثالث أن يضع يده على الأرض ويعتمدها ، الرابع أن يسند ظهره ، وكلها مذمومة حال الأكل لكن الثاني [ ص 380 ] لا ينتهي إلى الكراهة وكذا الرابع فيما يظهر بل هما خلاف الأولى (حم خ د ه عن أبي جحيفة) بالتصغير . 9695 - (لا أجر لمن لا حسبة له) أي لمن لم يتقصد بعمله امتثال أمره تعالى والتقرب به إليه (ابن المبارك عن القاسم) بن محمد (مرسلا) .
[ 493 ]
9696 - (لا أجر إلا عن حسبة) أي عن قصد طلب الثواب من الله (ولا عمل) معتد به (إلا بنية) وقيل لمن ينوي بعمله وجه الله أحسبية لأن له حينئذ أن يعتمد عمله (فر عن أبي ذر) الغفاري وفيه ضعف . 9697 - (لا إخصاء في الإسلام) قال القاضي : عموم اللفظ يمنع الخصاء مطلقا لكن الفقهاء رخصوا في خصاء البهائم للحاجة اه‍ وقال النووي : يحرم خصاء غير المأكول مطلقا ويجوز في صغير المأكول دون كبيره (ولا بنيان كنيسة) ونحوها من متعبدات اليهود أو النصارى وغيرهم من الكفار كبيعة أو صومعة . - (هق عن ابن عباس) وقال الحافظ ابن حجر : سنده ضعيف وأخرجه أبو نعيم بسند مصري مرسل وبسند آخر موقوف على عمر . 9698 - (لا إسعاد في الإسلام ولا شغار ولا عقر في الإسلام ولا جلب في الإسلام ولا جنب ومن اننهب فليس منا) (حم ن حب عن أنس) بن مالك رضي الله تعالى عنه . 9699 - (لا إسلال) أي لا سرقة من سل البعير وغيره في جوف الليل إذا انتزعه من الإبل (ولا علول) لا خيانة في غنيمة ولا غيرها نهى بمعنى الأمر أي لا يأخذ بعضكم مال بعض سرا ولا علنا وقيل الاسلال سل السيف والاغلال لبس الدرع أي لا يحارب بعضكم بعضا . - (طب عن عمرو بن عوف) هو من رواية كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده ورواه هكذا ابن عدي في كامله وأغلظ القول في كثير هذا . 9700 - (لا أشتري شيئا ليس) لفظ رواية الحاكم ما (عندي ثمنه) أي لا ينبغي ذلك بلا ضرورة وإن جاز لأنه يجر إلى الاحتيال في تحصيل الثمن بقرض أو غيره وفيه تشتت للخاطر واهتمام بشأن الدنيا وذلك لا يليق بحال الكمل إلا لضرورة ومعها لا ملام ومن ثم اشترى ورهن درعه لاضطرار عياله (حم ك) في البيع (عن ابن عباس) قال : قدمت عير فابتاع النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم منها بيعا فربح أواقا من الذهب فتصدق بها بين إماء بني عبد المطلب وقال : لا أشتري شيئا إلخ قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9701 - (لا أعافي) بضم الهمزة وكسر الفاء (أحدا قتل بعد أخذ الدية) لا أترك القتل عمن قتل
[ 494 ]
بعد أخذ الدية من قوله * (فمن عفي له من أخيه شئ) * أي ترك بل أقتله البتة ولا أمكن الولي من العفو عنه والمراد به التغليظ عليه والتفظيع لما ارتبكه ومزيد الزجر والتنفير لا الحقيقة فهو عند الشافعي ومالك كمن قتل ابتداء إن شاء الولي قتله أو عفى عنه وفي رواية لا إعفاء إلخ قال ابن الأثير : وهو دعاء عليه أي لا كثر ماله ولا استغنى (الطيالسي) أبو داود (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته وفيه مطر الوراق أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة لا سيما في عطاء . 9702 - (لا اعتكاف إلا بصيام) أي لا اعتكاف كاملا أو فاضلا وإلا فالاعتكاف يصح بدونه عند صحبنا الشافعية وتمسك الحنفية والمالكية بظاهره فذهبوا إلى أن من شرط الاعتكاف الصوم لأنه ليس مخصوص فلا يكون قربة بمجرده كوقوف بعرفة ولأنه لو لم يكن شرطا لم يجب بنذر كالصلاة ورد الأول بأن المراد نفي الكمال لخبر ليس على معتكف صوم إلا أن يجعله على نفسه والثاني بأنه ليس بمخصوص فيكون قربة بغير صوم كالوقوف والثالث بأنا نقول بموجبه لكن لو نذر لا غير وأنه استدلال باللازم على الملزوم والمقيس عليه عدمي فلا يجوز قياس الوجودي عليه إذ العدم لا يكون علة للوجود والفرق أن الصلاة أشد مناسبة للاعتكاف من الصوم والصوم سنة فيه لا فيها ومن قال بالتسوية أراد في الجواب وذلك غير كاف (ك هق) كلاهما من حديث سويد بن عبد العزيز عن سفيان عن حسين عن الزهري عن عروة (عن عائشة) مرفوعا ورواه الدارقطني من هذا الوجه ثم قال : تفرد به سويد عن سفيان بن حسين وسويد قال أحمد : متروك الحديث ورجح وقفه قال الحاكم : هذا معارض لخبر ليس على المتعكف صيام ولا يصح ولم يحتج به الشيخان لسفيان بن حسين وقال الذهبي : سويد واه وقال أحمد : متروك اه‍ . 9703 - (لا إله إلا الله لا يسبقها عمل) لأنها مبدأ الأعمال المعتد بها فعمل الكافر لا يعتد به ما لم يسلم (ولا تترك ذنبا) من الذنوب الموجبة للخلود في النار ما دام مصرا عليها إلى الموت (ه عن أم هانئ) . 9704 - (لا إيمان لمن لا أمانة له) قال الكمال بن أبي شريف : أراد نفي الكمال لا نفي حقيقة الإيمان (ولا دين) الدين الخضوع لأوامر الله ونواهيه وأمانيه والعهد الذي وضعه الله بينه وبين عباده يوم إقرارهم بالربوبية في حمل أعباء الوفاء في جميع جوارحه فمن استكمل الدين استوفى الجزاء * (ومن أوفى بعهده من الله) * (لمن لا عهد له) لأن الله إنما جعل المؤمن مؤمنا ليأمن الخلق جوره والله عدل لا يجوره وإنما عهد إليه ليخضع له بذلك العهد فيأتمر بأموره . ذكره الحكيم . وقال القاضي : هذا
[ 495 ]
وأمثاله وعيد لا يراد به الوقوع وإنما يقصد به الزجر والردع ونفي الفضيلة والكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان وإبطاله وقال المظهر : معنى لا دين لمن لا عهد له أن من جرى بينه وبين أحد عهد ثم عذر لغير عذر شرعي فدينه ناقص أما لعذر كنقض الإمام المعاهدة مع الحربي لمصلحة فجائز قال الطيبي : وفي الحديث إشكال لأن الدين والإيمان والإسلام أسماء مترادفة موضوعة لمفهوم واحد في عرف الشرع فلم يفرق بينها وخص كل واحد بمعنى وجوابه أيهما وإن اختلفا لفظا فقد اتفقا هنا معنى فإن الإمانة ومراعاتها : أما مع الله فهي ما كلف به من الطاعة وتسمى أمانة لأنه لازم الوجود كما أن الأمانة لازمة الأداء وأما مع الخلق فظاهر وإن العهد توثيقه وأما مع الله فاثنان الأول ما أخذه على ذرية آدم في الأزل وهو الإقرار بربوبيته قبل خلق الأجساد الثاني ما أخذه عند هبوط آدم إلى الدنيا من متابعة هدى الله من الاعتصام بكتاب ينزله ورسول يرسله وأما مع الخلق فظاهر فحينئذ ترجع الأمانة والعهد إلى طاعته تعالى في أداء حقوقه وحقوق عباده كأنه لا إيمان ولا دين لمن لا يفي بعهد الله بعد ميثاقه ولا يؤدي أمانته بعد حملها وهي التكاليف من أمر ونهي (حم حب عن أنس) بن مالك قال الذهبي : سنده قوي وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد : فيه أبو هلال وثقه ابن معين وغيره وضعفه النسائي وغيره اه‍ ورواه أيضا أبو يعلى والبغوي والبيهقي في الشعب عن أنس قال : قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال ذلك قال العلائي : فيه أبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسبي وثقه الجمهور وتكلم فيه البخاري . 9705 - (لا إيمان لمن لا أمانة له) أي لا إيمان كامل فالأمانة لب الإيمان وهي منه بمنزلة القلب من البدن والأمانة [ ص 382 ] الجوارح السبع العين والسمع واللسان واليد والرجل والبطن والفرج فمن ضيع جزءا منها سقم إيمانه وضعف بقدره فإن ضيع الكل خرج عن جملة الإيمان (ولا صلاة لمن لا طهور له ولا دين لمن لا صلاة له وموضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد) في احتياجه إليه وعدم بقائه بدونه فكما لا يبقى البدن بدون الرأس فكذا الدين لا يبقى بدون الصلاة (طس عن ابن عمر) . 9706 - (لا بأس بالحديث قدمت فيه أو أخرت إذا أصبت معناه) لأن في إلزام الأداء باللفظ إحراج شديد وربما يؤدي إلى ترك التحديث فإنه إذا لم يكتب الحديث وأراد التحديث به لا يكون على يقين من تحرير حروفه فتركه بالكلية فيضيع فيجوز للعارف التقديم والتأخير والتعبير عن أحد المترادفين بالآخر بالشرط المذكور (الحكيم) الترمذي (عن واثلة) بن الأسقع وهو مما بيض له الديلمي . 9707 - (لا بأس بالحيوان) أي ببيع الحيوان (واحد باثنين) إذا كان (يدا بيد) أي مقابضة وإذا
[ 496 ]
كان نسيئة لم يجزه أصحاب الرأي وأحمد وجوزه مالك إن اختلف الجنس والشافعي مطلقا (حم ه عن جابر) بن عبد الله زاد ابن ماجه وكرهه نسيئة رمز المصنف لصحته وليس بمسلم ففيه الحجاج بن أرطاة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : متفق على ضعفه . 9708 - (لا بأس بالقمح بالشعير) أي ببيعه فيه (اثنين بواحد) إذا كان (يدا بيد) أي مقابضة (طب ه عن عبادة) بن الصامت رمز المصنف لحسنه . 9709 - (لا بأس بالغنى لمن اتقى) فالغنى بغير تقوى هلكة ، يجمعه من غير حقه ويمنعه ويضعه في غير حقه فإذا كان مع صاحبه تقوى فقد ذهب البأس وجاء الخير قال محمد بن كعب : الغني إذا اتقى آتاه الله أجره مرتين لأنه امتحنه فوجده صادقا وليس من امتحن كمن لا يمتحن (والصحة لمن اتقى خير من الغنى) فإن صحة البدن عون على العبادة فالصحة مال ممدود والسقيم عاجز والعمر الذي أعطى به يقوم العبادة والصحة مع الفقر خير من الغنى مع العجز والعاجز كالميت (وطيب النفس من النعيم) لأن طيبها من روح اليقين وهو النور الوارد الذي أشرق على الصدر فإذا استنار القلب ارتاحت النفس من الظلمة والضيق والضنك فإنها لشهواتها في ظلمة والقلب مرتبك فيها فالسائر إلى مطلوبه في ظلمة يشتد عليه السير ويضيق صدره ويتنكد عيشه ويتعب جسمه فإذا أضاء له الصبح ووضح له الطريق وذهبت المخاوف وزالت العسرة ارتاح القلب واطمأنت النفس وصارت في نعيم (حم ه ك) في البيع (عن يسار) ضد اليمين (ابن عبد) بغير إضافة أبي عروة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم وعليه أثر غسل وهو طيب النفس فظننا أنه ألم بأهله فقلنا : نراك أصبحت طيب النفس قال : أجل والحمد لله ثم ذكر الغنى فقال : لا بأس إلخ . قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 9710 - (لا بد) للناس (من العريف) أي من يلي أمر سياستهم وحفظ شأنهم وتعرف أمورهم ليعرفها من فوقه عند الحاجة [ ص 383 ] لأن الإمام لا يمكنه مباشرة جميع الأمور بنفسه فيحتاج إليه (والعريف في النار) زاد أبو يعلى في روايته يؤتى بالعريف يوم القيامة فيقال ضع سوطك وادخل النار ، وذلك لأن الغالب على العرفاء الاستطالة ومجاوزة الحد وترك الإنصاف المفضي إلى التورط في المعاصي وقول الطيبي : قوله العرفاء في النار ظاهر أقيم مقام المضمر يشعر بأن العرافة على خطر ومن باشرها غير آمن من الوقوع في المحذور المفضي إلى العذاب فهو كقوله سبحانه * (إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما) * [ النساء : 10 ] الآية فينبغي للعاقل كونه على حذر منها لئلا يتورط فيما بؤديه إلى النار قال ابن حجر : ويؤيد هذا التأويل ما في حديث آخر حيث توعد الأمر بما توعد به العرفاء فدل على أن المراد الإشارة
[ 497 ]
إلى أن كل من يدخل في ذلك لا يسلم وأن الكل على خطر قال في الفردوس : العريف الذي يتعرف أمور القوم ويجسس أحوالهم (أبو نعيم) وكذا ابن منده كلاهما (في) كتاب (المعرفة) معرفة الصحابة من طريق عبد الرحمن بن عمرو بن جبلة أحد الضعفاء عن عبيد الله بن زياد الشني عن الجلاس بن زياد الشني (عن جعفر بن زياد) الشني قال الذهبي في التجريد : له حديث ضعيف وهو لا بد للناس من عريف وقال في الإصابة : رجاله مجهولون اه‍ . ورواه أبو يعلى والديلمي عن أنس . 9711 - (لا بر) بالكسر الخير والفضل (أن يصام في السفر) أي فالفطر فيه أفضل بشرطه كما مر موضحا (طب عن ابن عمرو) ابن العاص رمز المصنف لحسنه . 9712 - (لا تأتوا الكهان) الذين يدعون علم المغيبات قال : صحابيه معاوية بن الحكم قلت : يا رسول الله أمورا كنا نضعها في الجاهلية كنا نأتي الكهان قال : فلا تأتوا الكهان قلت : كنا نتطير قال : ذلك شئ يجده أحدكم في نفسه فلا يصرفنكم (طب عن معاوية بن الحكم) السلمي قضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين وهو عجب فقد أخرجه مسلم عن معاوية المذكور . 9713 - (لا تأتي مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة) أي مولودة فخرج الملائكة وإبليس فلا حاجة لتكلف جمع منهم المصنف إلى الجواب على الماء والهواء لا في الأرض (اليوم) فلا يعيش أحد ممن كان موجودا حال تلك المقالة وكانت عند رجوعه من تبوك أكثر من مائة وكان آخر الصحب موتا أبو الطفيل مات سنة عشر ومائة وهي رأس مائة سنة من مقاله ولا يدخل في الخبر الخضر فإن المراد ممن تعرفونه أو ترونه أو أل في الأرض للعهد أي أرضي التي نشأت فيها وبعثت منها وزعم أنه كان إذ ذاك في البحر ضعف بأن الأرض تتناول البر والبحر والمقابل للبحر البر لا الأرض وقيد بالأرض ليخرج عيسى فإنه في السماء وفيه وعظ أمته بقصر أعمارهم قال ابن جماعة : وأن أعمارهم يسيرة وأجورهم غزيرة وفيه ما فيه (م) في باب نقص العمر (عن أبي سعيد) الخدري ، قال : لما رجع المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم من تبوك سألوه عن الساعة فذكره . 9714 - (لا تأخذوا الحديث) وهو ما جاء به المصطفى صلى الله عليه وسلم لتعليم الخلق من الكتاب والسنة وهما أصول الدين (إلا عمن تجيزون شهادته) فيشترط في روايته العدالة ومن ثم قال ابن سيرين : هذا الحديث دين فانظروا عمن تأخذون دينكم والمراد الأخذ من العدول والثقات دون غيرهم ، وأخرج
[ 498 ]
الشافعي عن عروة أنه كان يسمع الحديث يستحسنه ولا يرويه لكونه لا يثق ببعض رواته لئلا يؤخذ عنه وهذا مسوق لبيان الاحتياط في الرواية والتثبت في النقل واعتبار من يؤخذ عنه والكشف عن حال رجاله واحدا بعد واحد حتى لا يكون فيهم مجروح ولا منكر الحديث [ ص 384 ] ولا معضل ولا كذاب ولا من يتطرق له طعن في قول أو فعل ومن كان فيه خلل فترك الأخذ عنه واجب لمن عقل وقد روى ابن عساكر عن مالك لا تحملوا العلم عن أهل البدع ولا تحمله عمن لم يعرف بالطلب ولا عمن يكذب في حديث الناس وإن كان في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكذب (السجزي) في الإبانة (خط) في ترجمة صالح بن حسان (عن ابن عباس) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل أعله فقال : رواه أبو حفص الأبار عن صالح فاختلف عليه في رفعه ورواه أبو داود الحفري عن صالح عن محمد بن كعب قال ابن معين : وصالح ليس بشئ وقال النسائي : متروك الحديث ثم ساق له هذا الخبر . 9715 - (لا تؤخر الصلاة) أي عن وقتها لأن التأخير مع بقاء الوقت جائز مطلقا لقوله في خبر فابدأوا بالعشاء (لطعام ولا لغيره) إن ضاق وقتها بحيث لو أكل خرج الوقت (د عن جابر) في الأطعمة من حديث محمد بن ميمون وهو منكر الحديث وقال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به وقال أبو حاتم : لا بأس به وقال عبد الحق : يعلى بن منصور كذبه أحمد . 9716 - (لا تؤخر الجنازة) أي الصلاة عليها (إذا حضرت) إلى المصلى أي إلا لزيادة مصلين وإلا إذا غاب الولي ولم يخف تغييرها (ه عن علي) أمير المؤمنين . 9717 - (لا تأذن امرأة في بيت زوجها) أي في دخوله أو في الأكل منه والمراد ببيته مسكنه بملك أم بغيره (إلا بإذنه) بالصريح أو ما ينزل منزلته من القرائن القوية قال النووي : أشار به إلى أنها لا تفتات على الزوج بالإذن في بيته إلا بإذنه وهو محمول على ما إذا لم تعلم رضاه به فإن علمته جاز نعم إن جرت عادته بادخال الضيفان موضعا معدا لهم حضر أو غاب لم يحتج لإذن خاص به وحاصله أنه لا بد من اعتبار الإذن تفصيلا أو إجمالا وهذا كله إذا سهل استئذانه فلو تعذر أو تعسر لنحو غيبة أو حبس ودعت ضرورة إلى الدخول عليها جاز بشرطه وفيه حجة على المالكية في إباحة دخول نحو الأب بيت المرأة بغير إذن زوجها لا يقال يعارضه حديث صلة الرحم لأنا نقول الصلة إنما تندب بما يملكه الواصل والتصرف في بيت الزوج لا تملكه إلا بإذنه (ولا تقوم من فراشها فتصلي تطوعا إلا بإذنه) الصريح أي إذا كان حاضرا فلو قامت بغير إذنه صح وأثمت لاختلاف الجهة ذكره العمراني قال النووي : ومقتضى المذهب عدم الثواب ويؤكد التحريم عد ثبوت الخبر بلفظ النهي وفيه أن حق الزوج
[ 499 ]
آكد على المرأة من التطوع بالخير لأن حقه واجب والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع أما بإذنه الصريح فيجوز ويقوم مقامه ما يقترن بالإعلام برضاه (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله ثقات . 9718 - (لا تأذنوا) إرشادا أو ندبا (لمن) أي لإنسان استأذن في الدخول أو الجلوس أو الأكل أو نحو ذلك (لم يبدأ بالسلام) عقوبة له بإهماله لتحية أهل الإسلام . (هب والضياء) المقدسي (عن جابر) قال الهيثمي : فيه من لم أعرفهم اه‍ . 9719 - (لا تؤذوا مسلما بشتم كافر) قاله لما شكا إليه عكرمة بن أبي جهل أنه إذا مر بالمدينة قيل له هذا ابن عدو الله فقام خطيبا فذكره (ك) في المناقب (عن سعيد بن زيد) قال الحاكم : صحيح فرده الذهبي في التلخيص فقال : قلت لا بل [ ص 385 ] فيه ضعيفان وقال في المهذب : إسناده صالح . 9720 - (لا تأكلوا البصل النئ) فيكره لأن الملائكة تتأذى بريحه أما المطبوخ فلا كراهة فيه كما مر (ه عن عطية بن عامر) الجهني رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة . 9721 - (لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بالشمال) قال في بحر الفوائد : الشيطان جسم يمكن أن يكون له يمين لكن لا يأكل بها لأنه معكوس مقلوب الخلقة فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل كفعله وقد يقال شمال الإنسان مشؤوم فإن الكافر يعطى يوم القيامة كتابه بشماله والإنسان جعل يمينه لما فوق الإزار من الأكل والطهارة وقال ابن جرير : النهي عن الأكل بالشمال لا يناقضه ما رويناه عن علي أنه أخذ رغيفا بيد وكبدا مشويا بالأخرى فأكل ذا بذا لأن النهي عن استعمال اليسرى إنما هو عند عدم شغل اليمين فهو كما لو كان بيمناه علة فلا كراهة اه‍ (د عن جابر) رمز لحسنه وقضية تصرف المصنف أن ذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو غفول بل هو في مسلم باللفظ المزبور . 9722 - (لا تألوا على الله) من الآلية اليمين أي لا تحلفوا على الله كأن تقولوا والله ليدخلن الله فلانا النار وفلانا الجنة (فإنه من تألى على الله أكذبه الله) قال المظهر : فلا يجوز لأحد أن يجزم بالغفران أو العقاب لأن أحدا لا يعلم مشيئة الله وإرادته في عباده بل يرجو للمطيع ويخاف للعاصي وإنما يجزم في حق من جاء فيه نص كالعشرة المبشرة اه‍ . وقال العزالي : روي أن نبيا من الأنبياء كان ساجدا فوطئ بعض العتاة عنقه حتى ألصق الحصى بجبهته فرفع النبي عليه السلام رأسه مغضبا وقال : اذهب فلن يغفر
[ 500 ]
الله لك فأوحى الله إليه تتألى علي في عبادي قد غفرت له وأخرج ابن عساكر في تاريخه أن عمر بن عبد العزيز قال لسليمان بن سعد : بلغنا أن فلانا عاملنا كان والده زنديقا قال : وما يضرك يا أمير المؤمنين فإن أبوي النبي صلى الله عليه وآله وسلم كافرين فما ضره فغضب غضبا شديدا وقال : ما وجدت مثلا غير هذا ثم عزله (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف . 9723 - (لا تباشر) خبر بمعنى النهي (المرأة المرأة) زاد النسائي في الثوب الواحد أي لا تمس امرأة بشرة أخرى ولا تنظر إليها فالمباشرة كناية عن النظر إذ أصلها التقاء البشرتين فاستعير إلى النظر إلى البشرة يعني لا تنظر إلى بشرتها (فتنعتها) أي تصف ما رأت من حسن بشرتها وهو عطف على تباشر (لزوجها كأنه ينظر إليها) فيتعلق قلبه بها فيقع بذلك فتنة والنهي منصب على المباشرة والنعت معا فتجوز المباشرة بغير توصيف قال القابسي : هذا الحديث أصل لمالك في سد الذرائع فإن حكمة النهي خوف أن يعجب الزوج الوصف فيفضي إلى تطليق الواصفة أو الافتتان بالموصوفة (حم خ د) في النكاح (ت) في الاستئذان (عن ابن مسعود) ولم يخرجه مسلم وعزاه له الطبراني فوهم . 9724 - (لا تباع أم الولد) أي لا يجوز ولا يصح بيعها وبيعها في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كان قبل النسخ وفي خلافة الصديق لم يعلم به ولما اشتهر النسخ في زمن عمر ونهى عنه رجع له من ذهب إلى بيعهن ولو علموا أنه قاله عن رأي فخالفوه ولم يصح عن علي أنه قضى ببيعها ولا أمر به غاية الأمر أنه تردد وقال لشريح في زمن خلافته : اقض فيه بما كنت تقضي حتى يكون الناس جماعة (طب عن خوات بن جبير) بن النعمان الأنصاري الأوسي أحد فرسان [ ص 386 ] المصطفى صلى الله عليه وسلم وقيل هو صاحب ذات التحيين المذكورة في مقامات الحريري وقصتها معروفة توفي سنة أربعين . 9725 - (لا تباغضوا) أي لا تختلفوا في الأهواء والمذاهب والنحل المخالفة لما عليه السواد الأعظم لأن البدعة في الدين والضلال عن الصراط المستبين يوجب التباغض بين المؤمنين (ولا تنافسوا) أي لا ترغبوا في الدنيا ولا تفتتنوا بها لأن المنافسة فيها تؤدي إلى قسوة القلب (ولا تدابروا) أي لا تقاطعوا ولا تغتابوا أو لا يعطى كل منكم أخاه دبره ويلقاه فيعرض عنه ويهجره (وكونوا عباد الله إخوانا) أي لا يعلو بعضكم بعضا فإنكم جميعا عباد الله فنهى عن التدابر ليقبل كل بوجهه إلى وجه أخيه لأن المدابرة رد كل واحد دبره إلى أخيه وهو التولي المنهي عنه المؤدي إلى القطيعة (م عن أبي هريرة) .
[ 501 ]
9726 - (لا تبدؤوا اليهود ولا النصارى بالسلام) لأن السلام إعزاز وإكرام ولا يجوز إعزازهم ولا إكرامهم بل اللائق بهم الإعراض عنهم وترك الالتفات إليهم تصغيرا لهم وتحقيرا لشأنهم فيحرم ابتداؤهم به على الأصح عند الشافعية وأوجبوا الرد عليهم بعليكم فقط ولا يعارضه آية * (سلام عليك سأستغفر لك ربي) * وآية * (فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعملون) * لأن هذا سلام متاركة ومنابذة لا سلام تحية وأمان (وإذا لقيتم أحدهم في طريق) فيه زحمة (فاضطروه إلى أضيقه) بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه نحو جدار أي لا تتركوا له صدر الطريق إكراما واحتراما فهذه الجملة مناسبة للأولى في المعنى والعطف ، وليس معناه كما قال القرطبي : إنا لو لقيناهم في طريق واحد نلجئهم إلى حرفة حتى يضيق عليهم لأنه إيذاء بلا سبب ، وقد نهينا عن إيذائهم ، ونبه بهذا على ضيق مسلك الكفر وأنه يلجئ إلى النار (حم م د ت عن أبي هريرة) . 9727 - (لا تبرز فخذك) يعني لا تكشفها (ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت) فيه أن الفخذ عورة ويشهد له خبر غط فخذك فإن الفخذ عورة (د) في الحمام والجنائز (ه) في الجنائز (ك) من حديث عاصم بن ضمرة (عن علي) أمير المؤمنين قال أبو داود : حديث فيه نكارة ، وقال الذهبي : عاصم ليس بذاك وفيه أيضا يزيد أبو خالد القرشي ليس بحجة كذا في التنقيح ، وقال في المهذب : تكلموا فيه اه‍ . لكن قال ابن القطان في أحكام النظر : رجاله كلهم ثقات والانقطاع الذي فيه زال برواية الدارقطني . 9728 - (لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ، ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله) ولهذا كان العلماء يغارون على دقيق العلم أن يبدؤه لغير أهله وسئل الحبر عن تفسير قوله تعالى * (والله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن) * فقال : للسائل وما يؤمنك أني إن أخبرتك بتفسيرها كفرت فإنك تكذب به وتكذيبك به كفر بها فالمسألة الدقيقة لا تبذل لغير أهلها كالمرأة الحسناء التي تهدى إلى ضرير مقعد كما قيل : " خود تزف إلى ضرير مقعد " (حم) والطبراني في الأوسط (ك) كلهم من حديث عبد الملك بن عمرو عن كثير بن زيد عن داود بن أبي صالح (عن أبي أيوب) الأنصاري قال داود : أقبل مروان بن الحكم فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر أي قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أتدري [ ص 387 ] ما تصنع ؟ فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال : نعم جئت
[ 502 ]
رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولم آت الحجر سمعته يقول لا تبكوا إلخ . قال الهيثمي عقب عزوه لأحمد والطبراني : فيه كثير بن زيد وثقه أحمد وغيره وضعفه النسائي وغيره رواه سفيان بن حمزة عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب بدل داود اه‍ ، وكثير بن زيد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه النسائي وقبله غيره وداود بن أبي صالح قال ابن حبان : يروي الموضوعات . 9729 - (لا تتبع) بضم أوله وفتح ثالثه خبر بمعنى النهي (الجنازة بصوت) أي مع صوت وهو النياحة (ولا نار) فيكره اتباعها بنار في مجمرة أو غيرها لأنه من شعائر الجاهلية ولما فيه من التفاؤل ومن ثم قيل يحرم (ولا يمشي) بضم أوله (بين يديها) أي بنار ولا صوت وقد يستدل بظاهره الحنفية على أن الماشي معها إنما يمشي خلفها وعرف من التقرير أن هذا كله إنما هو إذا حملت الجنازة لتقبر ، أما التبخير عند غسله وتكفينه فمندوب كما مر (ه عن أبي هريرة) رمز لحسنه . قال عبد الحق : وسنده منقطع . قال ابن القطان : والحديث لا يصح وإن كان متصلا للجهل بحال ابن عمير راويه عن رجل عن أبيه عن أبي هريرة ، وقال ابن الجوزي : فيه رجلان مجهولان . 9730 - (لا تتخذوا المساجد طرقا إلا لذكر أو صلاة) أو اعتكاف أو نحو ذلك (طب عن ابن عمر) بن الخطاب ، ورواه ابن ماجه بدون إلا إلخ قال الهيثمي : ورجاله موثقون . 9731 - (لا تتخذوا الضيعة) يعني القرية التي تزرع وتستغل وهذا وإن كان نهيا عن اتخاذ الضياع لكنه مجمل فسره بقوله (فترغبوا في الدنيا) يعني لا يتخذ الضياع من خاف على نفسه التوغل في الدنيا فيلهو عن ذكر الله ، فمن لم يخف ذلك لكونه يثق من نفسه بالقيام بالواجب عليه فيها فله الاتخاذ كما اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم الأراضي واحتبس الضياع * (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) * [ النور : 37 ] ومن وهم أن فعله ناسخ لقوله هنا فقد وهم كما بينه ابن جرير قال بعض الحكماء : الضياع مدارج الهموم وكتب الوكلاء مفاتيح العموم وقال : الضيعة إن تعهدتها صفت وإن لم تتعهدها ضاعت ووهب هشام للأبرش ضيعة فسأله عنها فقال : لا عهد لي بها فقال : لولا أن الراجع في هبته كالراجع في قيئه لأخذتها منك أما علمت أنها إنما سميت ضيعة لأنها تضيع إذا تركت ، وقال الغزالي : اتخاذ الضياع يلهي عن ذكر الله الذي هو السعادة الأخروية إذ يزدحم على القلب عصوبة الفلاحين ومحاسبة الشركاء والتفكر في تدبير الحذر منه وتدبير استنماء المال وكيفية تحصيله أولا وحفظه ثانيا وإخراجه ثالثا وكل ذلك مما يسود القلب ويزيل صفاءه ويلهي عن الذكر كما قال تعالى * (ألهاكم التكاثر) * فمن انتفى في حقه ذلك ساغ له الاتخاذ (حم ت) في الزهد (ك) في الرقاق (عن
[ 503 ]
ابن مسعود) وفي سندهما شهر بن عطية عن المغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه عن ابن مسعود ولم يخرج الستة عن هؤلاء الثلاثة شيئا غير الترمذي وقد وثقوا . 9732 - (لا تتخذوا بيوتكم قبورا) أي لا تجعلوها كالقبور في خلوها عن الذكر والعبادة بل (صلوا فيها) قال ابن الكمال : كنى بهذا النهي عن الأمر بأن يجعلوا لبيوتهم حظا من الصلاة ، ولا يخفى ما في هذه الكناية من الدقة والغرابة فإن مبناها على كون الصلاة منهية عند المقابر على ما نص عليه في خبر : لا تجلسوا على القبور ، ولا تصلوا إليها (حم عن زيد بن خالد) الجهني . 9733 - (لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا) أي هدفا يرمى بالسهام ونحوها لما فيه من العبث والتعذيب قاله لما رأى ناسا يرمون دجاجة محبوسة للرمي ، والنهي للتحريم لأنه لعن فاعل ذلك في خبر ولأنه تعذيب وتضييع مال بلا فائدة (م) في الذبائح (ن ه عن ابن عباس) ولم يخرجه البخاري . 9734 - (لا تترك هذه الأمة شيئا من سنن الأولين) بفتح السين أي طريق الأمم (حتى تأتيه) زاد في رواية شبرا شبرا وذراعا ذراعا (طس عن المستورد) بن شداد وقال الهيثمي : ورجاله ثقات . 9735 - (لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون) أراد بالنار نارا بخصوصها وهي ما يخاف منه الانتشار قال النووي : هذا عام يشمل السراح وغيره وأما القنديل المعلق فإن خيف منه شمله الأمر بالإطفاء وإلا فلا لانتفاء العلة (ق د ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب . 9736 - (لا تمنوا) بحذف إحدى التاءين (الموت) فيكره ذلك وقيل يحرم لما فيه من طلب إزالة نعمة الحياة وما يترتب عليها من جزيل الفوائد وجليل العوائد كيف وفي زيادة الأجور بزيادة الأعمار ولو لم يكن إلا استمرار الإيمان لكفى فأي عمل أعظم منه ؟ ثم إنه أطلق النهي هنا وقيده في غير ما حديث بكون تمنيه لضر نزل به والمراد الدنيوي لا الديني بدليل خبر لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل إلخ الحديث الآتي ومن المجموع عرف أن المنهي تمنيه لضرر دنيوي ولضرر ديني لا بأس فإن تجرد عنهما فمفهوم التقييد بالضرر أنه منهي ، غير أن أرجح الأنظار كما قاله الحافظ العراقي أن التقييد غالبي إذ الناس لا يتمنون إلا لضر ، فالمفهوم غير معمول به نعم قد استفاض عن جماهير من السلف تمنيه شوقا إلى الحضرة المتعالية الأقدسية ولا شك في حسنه بالنسبة لمقام الخواص . هذا وليس
[ 504 ]
لك أن تقول إذا كانت الآجال مقدرة لا تزيد ولا تنقص فتمني الموت لا أثر له فالنهي عنه لا معنى له لأنا نقول هذا هو حكمة النهي لأنه عبث لا فائدة له وفيه مراغمة المقدور وعدم الرضا به ولا يشكل على كون تمنيه عبثا لا يؤثر في العمر لتقديره قول النبي صلى الله عليه وسلم في اليهود لو تمنوه لماتوا جميعا لأن ذاك بوحي في خصوص أولئك فرتبت آجالهم على وصف إن وجد ماتوا وإلا فلا والأسباب مقدرة كما أن المسببات مقدرة (ه عن خباب) بن الأرت ورواه أحمد والبزار وزاد فإن هول المطلع شديد قال الهيثمي : وسنده جيد . 9736 - (لا تتمنوا لقاء العدو) لما فيه من صورة الإعجاب والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام به وهو مخالف للاحتياط ولأنهم قد ينصرون استدراجا ولأن لقاء العدو أشد الأشياء على النفس والأمور الغائبة ليست كالمحققة فلا يؤمن أن يكون عند الوقوع على خلاف المطلوب وتمني الشهادة لا تستلزم تمني اللقاء وأخذ منه النهي عن طلب المبارزة ، ومن ثم قال علي كرم الله وجهه لابنه : لا تدع أحدا إلى المبارزة ومن دعاك لها اخرج إليه لأنه باغ وقد ضمن الله نصر من بغي عليه ولطلب المبارزة شروط مبينة في الفروع إذا جمعت أمن معها المحذور في لقاء العدو (وإذا لقيتموهم) أي العدو ويستوي فيهم الواحد والجمع قال تعالى * (فإنهم عدو لي) * (فاصبروا) اثبتوا ولا تظهروا التألم إن مسكم قرح فالصبر في القتال كظم ما يؤلم من غير إظهار شكوى ولا جزع وهو الصبر الجميل * (إن الله مع الصابرين) * قال الحرالي : فيه إشعار لهذه الأمة بأن لا تطلب [ ص 389 ] الحرب ابتداء وإنما تدافع من منعها من إقامة دينها كما قال تعالى * (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) * [ الحج : 39 ] فحق المؤمن أن يأتي الحرب ولا يطلبه فإنه إن طلبه فأوتيه عجز كما عجز من طلبه من الأمم السابقة وتمسك به من منع طلب المبارزة وقد يمنع ونبه بهذا الخبر على آفة التمني وشؤم الاختيار لأنهما ليسا من أوصاف العبودية إذ التمني اعتراض نفاه الله عن العباد بقوله * (ما كان لهم الخيرة) * [ القصص : 68 ] ، * (لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) * فما ظهر من آفات التمني ما قصه الله عن آدم في تمني الخلود في جوار المعبود فعدمه وتعب فأتعب وموسى تمنى الرؤية فخر صعقا وداود سأل درجة آبائه إبراهيم وإسحاق فأوحى إليه إني ابتليتهم فصبروا فقال : أصبر فأصابه ما أصابه وجرى ما جرى وتمنى سليمان ألف ولد فعوقب بشق إنسان وتمنى نبينا هداية عمه فعاتبه الله بقوله * (إنك لا تهدي من أحببت) * (تنبيه) قضية تصرف المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل له بقية مقيدة كان ينبغي للمؤلف أن لا يحذفها ونص البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في بعض أيامه التي لقى فيها العدو وانتظر حتى مالت الشمس ثم قام في الناس أي خطيبا فقال أيها الناس لا تمنوا لقاء العدو فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ثم قال اللهم يا منزل الكتاب ومجري السحاب وهازم الأحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم اه‍ بنصه (ق عن أبي هريرة) .
[ 505 ]
9738 - (لا تثوبن) بمثلثة ونون التوكيد (في شئ من الصلوات) أي لا تقولن يا بلال بعد الحيعلتين مرتين الصلاة خير من النوم (إلا في صلاة الفجر) لأنه يعرض للنائم تكاسل بسبب النوم (ت ه) من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى (عن بلال) قال الترمذي : ضعيف اه‍ وجزم البغوي بضعفه وعده النووي في الأحاديث الضعيفة وقال ابن حجر : فيه إسماعيل الملائي وهو ضعيف مع انقطاعه بين عبد الرحمن وبلال قال ابن السكن : لا يصح إسناده اه‍ . 9739 - (لا تجادلوا في القرآن فإن جدالا فيه كفر) قال الحليمي : هو أن يسمع قراءة آية أو كلمة لم تكن عنده فيعجل عليه ويخطئه وينسب ما يقرؤه إلى أنه غير قرآن أو يجادله في تأويل ما يذهب إليه ولم يكن عنده ويضلله والجدال ربما أزاغه عن الحق وإن ظهر له وجهه فلذلك حرم وسمي كفرا لأنه يشرف بصاحبه على الكفر وقال ابن الأثير : الجدل مقابلة الحجة بالحجة والمجادلة المناظرة والمخاصمة والمراد هنا الجدل على الباطل وطلب المغالبة لإظهار الحق فإنه محمود لآية * (وجادلهم بالتي هي أحسن) * (الطيالسي) أبو داود (هب عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لصحته وكاد يكون خطأ ففيه فليح بن سليمان أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال ابن معين والنسائي : غير قوي . 9740 - (لا تجار أخاك) روي بتخفيف الراء من الجري والمسابقة أي لا تطاوله وتغالبه وتجري معه في المناظرة ليظهر علمك للناس رياء وسمعة وروي بتشديدها أي لا تجتر عليه وتلحق به جريرة أو هو من الجر وهو أن تلويه بحقه وتجره من محله إلى وقت آخر (ولا تشاره) تفاعل من الشر أي لا تفعل به شرا تحوجه أن يفعل معك مثله وروي بالتخفيف (ولا تماره) أي تلتوي عليه وتخالفه (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (ذم الغيبة عن حويرث) مصغر حرث (ابن عمرو) المخزومي له صحبة . 9741 - (لا تحاربوا أهل القدر) بالتحريك أي فإنه لا يؤمن أن يغمسوكم في ضلالهم أو يلبسوا عليكم بعض ما تعرفون (ولا تفاتحوهم) أي لا تحاكموهم أو لا تبدأوهم بالسلام أو لا تبدأوهم بالمجادلة والمناظرة في الاعتقاديات لئلا يقع أحدكم في شك فإن لهم قدرة على المجادلة بغير حق والأول أظهر (حم د ك عن عمر) بن الخطاب قال الذهبي في المهذب : حكيم [ ص 390 ] ابن شريك أي أحد رجاله لا يعرف وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح .
[ 506 ]
9742 - (لا تجاوزوا الوقت) أي الميقات (إلا بإحرام) فيحرم على مريد النسك مجاوزته بغير إحرام (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه خصيف وفيه كلام كثير . 9743 - (لا تجتمع خصلتان في مؤمن) أي كامل الإيمان (البخل والكذب) فاجتماعهما في إنسان علامة نقص الإيمان (سمويه عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه . 9744 - (لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود) أي لا تصح صلاة من لا يسوي ظهره فيها والمراد منه الطمأنينة وهي واجبة فيهما عند الشافعي وأحمد دون أبي حنيفة ذكره المظهر قال الطيبي : وفيه بحث لأن الطمأنينة أمر والاعتدال أمر اه‍ . (حم ن ه) في الصلاة (عن أبي مسعود) واسمه عقبة بن عمرو وقال البيهقي : إسناده صحيح وقضية صنيع المصنف أنه لم يروه من الستة إلا هذين والأمر بخلافه فقد عزاه الصدر المناوي إلى الأربعة جميعا . 9745 - (لا تجعلوا على العاقلة من قول معترف) في رواية من دية معترف (شيئا) أخذ به الشافعي (طب عن عبادة) بن الصامت رمز المصنف لحسنه وهو هفوة فقد قال الحافظ الهيثمي : فيه الحارث بن تيهان وهو متروك وقال الحافظ ابن حجر : إسناده واه وفيه محمد بن سعيد المصلوب وهو كذاب وفيه الحارث بن تيهان وهو منكر الحديث وروى الدارقطني والبيهقي عن عمر موقوفا العمد والعبد والصلح والاعتراف لا يعقله العاقلة وهو منقطع وفيه عبد الملك بن حسين ضعيف إلى هنا كلامه . 9746 - (لا تجلس) بفتح المثناة الفوقية أوله بخط المصنف فعل أمر (بين رجلين) يعني إنسانين (إلا بإذنهما) لأنه بغير إذن يوقع في النفس أضغانا ويورث أحقادا لإيذانه باحتقارهما مع ما فيه من التفاؤل بحصول الفرقة بينهما واختصاص النهي بأول الإسلام لا دليل عليه (د عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه . 9747 - (لا تجلسوا على القبور) ندبا لأنه استخفاف بالميت واستصحاب حرمته بعد موته من الدين ومن أقبح القبيح الاستهانة بأعظم قد أحياها رب العالمين دهرا وشرفها بعبادته ووجهها لجواره
[ 507 ]
في جنته (ولا تصلوا إليها) أي مستقبلين إليها لما فيه من التعظيم البالغ لأنه من مرتبة المعبود فجمع بين النهي عن الاستخفاف بالتعظيم والتعظيم البليغ قال ابن حجر : وذلك يتناول الصلاة على القبر أو إليه أو بين قبرين وفي البخاري عن عمر ما يدل على أن النهي عن ذلك لا يقتضي فساد الصلاة (حم م 3) في الجنائز (عن أبي مرثد) بفتح الميم والمثلثة وسكون الراء بينهما لكنه ليس على شرطه . 9748 - (لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي) مقتضاه جواز التسمي بأحدهما منفردا فيجوز التسمي بمحمد ولا كلام فيه بل قال المؤلف إنه أفضل الأسماء أما التكني بكنيته وهي أبو القاسم فلا يجوز لمن اسمه محمد وأما غيره ففيه خلاف وقد مر [ ص 391 ] ذلك (حم عن عبد الرحمن بن أبي عمرة) بفتح العين وآخره هاء الأنصاري البخاري ولد في عهد المصطفى صلى الله عليه وسلم لكن ليس له رؤية ولا رواية بل روى هذا الحديث عن عمه رفعه رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 9749 - (لا تجني أم على ولد) نهي أبرز في صورة النفي للتأكيد أي جنايتها لا تلحق ولدها مع ما بينهما من شدة القرب وكمال المشابهة فكل من الأصل والفرع يؤاخذه بجنايته غير مطالب بجناية الآخر وقد أخرج هذا المعنى بقوله لا تجني إلخ مخرجا بديعا لأن الولد إذا طولب بجناية أصله كأنه جنى تلك الجناية عليه فنفي الحكم من الأصل وجعل وقوع الجناية من أحدهما على الآخر منتفية كأنها لم تقع وذلك أبلغ فإن السبب إذا نفي من الأصل كان نفي المسبب آكد وأبلغ (ن ه عن طارق المحاربي) قال : قال رجل يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة قتلوا فلانا في الجاهلية فخذلنا بثأره فذكره رمز لحسنه وهذا رد لما كانت الجاهلية عليه مما هو معروف . 9750 - (لا تجني نفس على أخرى) أي لا يؤاخذ أحد بجناية أحد * (ولا ترزوازرة وزر أخرى) * قال القاضي : خبر في معنى النهي وفيه مزيد تأكيد لأنه كان نهاه فقصد أن ينتهي فأخبر عنه وهو الداعي إلى العدول عن صيغة النهي إلى صيغة الخبر ونظيره إطلاق لفظ الماضي في الدعاء ولمزيد التأكيد والحث على الانتهاء أضاف الجناية إلى نفسه والمراد به الجناية على الغير لأنها لما كانت سببا للجناية عليه قصاصا ومجازاة كالجناية على نفسه أبرزها على ذلك ليكون أدعى إلى الكف وأمكن في النفس لتضمنه ما يدل على المعنى الموجب للنهي وقد كانوا في الجاهلية يقودون بالجناية من يجدونه من الجاني وأقاربه الأقرب فالأقرب وعليه الآن ديدن أهل الجفاء من سكان البوادي والجبال (ن ه عن أسامة بن شريك) الثعلبي . 9751 - (لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة) في رواية إلا أن تجيزها الورثة فالوصية
[ 508 ]
للوارث موقوفة على إجازة باقي الورثة فإن أجازوا نفذ ولا رجوع لهم وإلا فباطلة (طس هق عن ابن عباس) قال الذهبي في المهذب : هذا حديث صالح الإسناد وقال ابن حجر : رجاله لا بأس بهم اه‍ . 9752 - (لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية) وعكسه لحصول التهمة لبعد ما بينهما ، وأخذ به مالك وتأوله الشافعية كالجمهور على ما يعتبر فيه كون الشاهد من أهل الخبرة الباطنة كالإعسار وأما تأويل القاضي له بأن معنى لا تجوز لا تحسن إما لعدم ضبطه وتفطنه لما تختل به الشهادة عن وجهها وإما لأن شهادته قلما تنفع فإنه يعسر طلبه عند الحاجة إلى إقامة الشهادة فغير جيد (د ه) في القضاء (ك) في الأحكام (عن أبي هريرة) قال الذهبي : لم يصححه الحاكم وهو حديث منكر على نظافة إسناده ، وقال ابن عبد الهادي : فيه أحمد بن سعيد الهمداني قال النسائي : ليس بالقوي . 9753 - (لا تجوز شهادة ذي الظنة) أي شهادة ظنين أي متهم في دينه لعدم الوثوق به فعيل بمعنى مفعول من الظنة التهمة وقيل أراد به الذي أضاف نفسه إلى مواليه أو انتسب إلى غير أصوله وأقاربه لا نفي الوثوق به عن نفسه وقيل أراد المتهم بسبب ولاء أو قرابة وبه أخذ مالك (ولا ذي الحنة) بالتخفيف أي المداوة وهي لغة قليلة ضعيفة كما في الغرب إلا في الإحنة على قلتها جاءت في عدة أخبار وأما الذهاب إلى أنه الجنة بالجيم والنون فقال المطرزي : تصحيف ، وفيه [ ص 392 ] رد على الحنفية في تجويزهم شهادة العدو على عدوه (ك هق عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي لكن قال ابن حجر : في إسناده نظر وقال القاضي : الحديث ضعيف مطعون الرواة لا احتجاج به . 9754 - (لا تحدوا النظر إلى المجذومين) لأنه أحرى أن لا تعافوهم فتزدروهم أو تحتقروهم (الطيالسي) أبو داود (عق عن ابن عباس) رمز لحسنه . 9755 - (لا تحرم) في الرضاع (المصة) الواحدة من المص (ولا المصتان) في رواية بدله الرضعة ولا الرضعتان وفي رواية الإملاجة ولا الإملاجتان والكل لمسلم قال الشافعي : دل الحديث على أن التحريم لا يكفي فيه أقل من اسم الرضاع واكتفى به الحنفية والمالكية فحرموا برضعة واحدة تمسكا بإطلاق آية * (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) * قال القاضي : ويجاب عن الآية بأن الحرمة فيها مرتبة على الأمومة والأخوة من جهة الرضاع وليس فيها دلالة على أنهما يحصلان برضعة واحدة اه‍ . وروى عبد الرزاق بإسناد قال ابن حجر : صحيح عن عائشة لا يحرم دون خمس رضعات معلومات وبه أخذ الشافعي وهو أحد روايتين عن أحمد والحديث المنسوخ ورد مثالا لما دون الخمس وإلا فالتحريم بالثلاث الذي ذهب إليه داود إنما يؤخذ منه بالمفهوم ومفهوم العدد ضعيف على أنه قد عارضه مفهوم
[ 509 ]
حديث الخمس فيرجع إلى الترجيح بين المفهومين وحديث الخمس جاء من طرق صحيحة وحديث المصتان جاء أيضا من طرق صحيحة قال بعضهم : إنه مضطرب ذكره ابن حجر (حم م 4) في النكاح (عن عائشة ن حب عن الزبير) بن العوا ولم يخرجه البخاري إلا بلفظ المصة ولا بلفظ الرضعة وخرجه الشافعي بهما . 9756 - (لا تخيفوا أنفسكم بالدين) لفظ رواية الطبراني لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها قالوا وماذا يا رسول الله قال الدين وفي رواية لأحمد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا تخيفوا أنفسكم وقال الأنفس فقيل يا رسول الله وبما نخيف أنفسنا قال الدين (هق) وكذا أحمد وكأن المؤلف أغفله ذهولا (عن عقبة بن عامر) الجهني قال الهيثمي : رواه أحمد بإسنادين أحدهما رجاله ثقات ورواه عنه أيضا الطبراني وأبو يعلى وغيرهما وقد أجحف المؤلف في اختصار التخريج . 9757 - (لا تدخل الملائكة) يعني ملائكة الرحمة ونحوهم (بيتا) يعني مكانا (فيه جرس) هو كل شئ في العنق أو الرجل حين يصوت وذلك لأنه إنما يعلق على الدواب للرعاية والحفظ ليعرف سيرها ووقوفها فتسكن الرفقة إلى سماعها ويتكلون في السير عليها والملائكة حفظ لهم من بين أيديهم ومن خلفهم فإذا سكنت القلوب انقطعت بعد سكونها إليها عن سكونها لمسيرها ومسيرهم ومصيرها ومصيرهم وحافظها وحافظهم فإذا اتخذوا لهم حفظة لأنفسهم وكلوا إليها وليس الجرس كسائر ما يجعل وقاية للنفس والمال لأن في ذلك فوائد أخرى بخلاف الجرس ذكره الكلاباذي والظاهر أن التصويت علة عدم الدخول فلو شد بما منع تصويته زالت العلة قال ابن الصلاح : فإن وقع ذلك بمحل ولم يستطع تغييره ولا الخروج منه فليقل اللهم إني أبرأ إليك من هذا فلا تحرمني صحبة ملائكتك . (حكاية) قال ابن عربي : كان بمكة رجل من أهل الكشف يسمى ابن الأسعد من أصحاب شيخنا أبي مدين فكان يشاهد الملائكة يطوفون مع الناس فنظرهم يوما تركوا الطواف وخرجوا سراعا حتى لم يبق منهم أحد وإذا بالجمال بأجراسها دخلت المسجد بالروايا تسقي الناس فلما خرجوا رجعوا (د) في باب الخاتم (عن عائشة) وفيه كما قال الذهبي : بنانة عن عائشة لا تعرف إلا برواية ابن جريج منها هذا الخبر . 9758 - (لا تدخل الملائكة) ملائكة الرحمة والبركة أو الطائفون على العباد للزيارة واستماع الذكر لا الكتبة فإنهم لا يفارقون المكلف فهو عام أريد به الخصوص وادعاء التعميم وأنهم يطلعون على عمل العبد وهم خارج الدار تكلف كزاعم التخصيص بملائكة الوحي وأن ذلك خاص بالمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم (بيتا) أي مكانا (فيه كلب) ولو لنحو زرع أو حرث كما رجحه النووي خلافا لما جزم به القاضي تمسكا بأن كلب وصورة نكرتان في سياق النفي والقلب بيت وهو
[ 510 ]
منزل الملائكة ومهبط آثارهم ومحل استقرارهم والصفات الرديئة من نحو غضب وحقد وحسد وكبر وعجب كلاب نابحة فلا تدخله الملائكة وهو مشحون بالكلاب وهذا من قبيل التنبيه على البواطن بذكر الظواهر مع إرادتها ففارق الباطنية كما مر عن حجة الإسلام موضحا (ولا صورة) أي لحيوان بخلاف صورة غير ذي روح كشجر وسبق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم توعد المصور بما أفاد أن التصوير كبيرة فالملائكة لا تدخله هجرانا له وغضبا عليه لعظم الإثم بمضاهاة الحق في خلقه لأنه الخالق المصور ولأنه ليس من جنس الصور ما هو مباح والأفعال أعراض لا بقاء لها والصور تبقى فهي أشد من المعاصي التي لا تبقى آثارها وأكثر المعاصي شهوات والتصوير أشد منها وأما الكلب فلنجاسته ولقذارته وخبث رائحته هو في ذلك أشد من سائر السباع فشدد فيه وأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بقتله قال الكمال ابن أبي شريف : قوله فيه صورة إلخ الجملة في محل نصب صفة قوله بيتا (حم ق ت ن ه عن أبي طلحة) الأنصاري زيد بن سهلة وخرجه الحاكم عن علي بزيادة ولا جنب . 9759 - (لا تدعن صلاة الليل) يعني التهجد (ولو حلب شاة) أي مقدار حلبها (طس عن جابر) قال الهيثمي : فيه بقية وفيه كلام كثير . 9760 - (لا تدعوا) أي لا تتركوا (ركعتي الفجر) أي صلاتهما (وإن طردتكم الخيل) خيل العدو بل صلوهما ركبانا أو مشاة بالإيماء ولو لغير القبلة وهذا اعتناء عظيم بركعتي الفجر وحث على شدة الحرص عليهما حضرا وسفرا وأمنا وخوفا (حم ه عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال عبد الحق : إسناده ليس بقوي . 9761 - (لا تدعوا) لا تتركوا كما في رواية (الركعتين اللتين قبل صلاة الفجر فإن فيهما الرغائب) أي ما يرغب فيه فإنه من عظيم الثواب وبه سميت صلاة الرغائب أي ما يرغب فيه فإنه من عظيم الثواب واحدها رغيبة (طب عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد الرحيم بن يحيى وهو ضعيف انتهى ورواه عنه أيضا أبو يعلى وقال : لا تتركوا بدل تدعوا . 9762 - (لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا) إلى الدفن ليلا كخوف انفجار الميت أو تغيره أو نحو فتنة وأخذ بظاهره الحسن فكره الدفن ليلا وتأوله الجمهور على أن النهي كان أولا ثم رخص أو أنه مقصور على دفنه قبل الصلاة كما يرشد إليه ما رواه مسلم في قصة فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر رجل إلى ذلك (ه عن جابر) قال ابن حجر : فيه إبراهيم بن يزيد الجوزي وهو ضعيف .
[ 511 ]
9763 - (لا تديموا النظر إلى المجذومين) بدون واو بخط المصنف لأنكم إذا أدمتم النظر إليهم حقرتموهم ورأيتم لأنفسكم [ ص 394 ] عليهم فضلا فيتأذى به المنظور أو لأن من به الداء يكره أن يطلع عليه ومر أن الأمر بتجنب المجذوم والفرار منه لا ينافي النهي عن العدوي والطيرة لتوجيهات مرت ونزيد هنا أن صاحب المطامح قال : أمر بتجنبه والفرار منه استقذارا أو تأنفا (حم ه عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الحافظ ابن حجر في الفتح : سنده ضعيف اه‍ . وذلك لأن فيه محمد بن عبد الله العثماني الملقب بالديباج وثقه النسائي ، وقال البخاري : لا يكاد يتابع على حديث ثم أورد له هذا الخبر . 9764 - (لا تذبحن) شاة (ذات در) أي لبن ندبا أو إرشادا وهذا قاله لأبي الهيثم وقد أضاف النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه فذهب ليصنع لهم طعاما وفي الحديث قصة طويلة في الشمائل وغيرها (ت عن أبي هريرة) رمز لحسنه . 9765 - (لا تذكروا هلكاكم) في رواية موتاكم (إلا بخير) إلا أن تمس لذكره حاجة كجرحه في شهادته وروايته أو تحذير من بدعته وفساد طويته ذكره ابن عبد السلام في الشجرة وقضية صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه النسائي إن يكونوا من أهل الجنة تأثموا وإن يكونوا من أهل النار فحسبهم ما هم فيه اه‍ بنصه . فحذف المصنف من سوء الصنيع (ن عن عائشة) قالت : ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك بسوء فذكره قال الحافظ العراقي : إسناده جيد . 9766 - (لا تذهب الدنيا حتى تصير) يعني حتى يصير نعيمها وملاذها والوجاهة فيها (للكع بن لكع) أي لئيم ابن لئيم أحمق واللكع عند العرب الأحمق ثم استعمل في الذم وقال أبو البقاء : هو مصروف لأنه نكرة وإن كان معدولا عن لاكع ولذلك دخلت عليه الألف واللام في قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لكع بن لكع (حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله ثقات . 9767 - (لا ترجعوا بعدي) لا تصيروا بعد موقفي هذا قاله في حجة الوداع أو بعد موتي (كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) بالرفع استثناف جواب لمن سأل عن تلك الحالة الأولى أو بالجزم بدل من ترجعوا أو جواب شرط مقدر أي فإن ترجعوا يضرب نحو لا تكفر فتدخل النار قال عياض : والرواية بالرفع والمراد أن ذلك كفر لمستحله أو كفر للنعمة أو يقرب من الكفر أو يشبه فعل الكفار أو الكفار
[ 512 ]
المتلبسون بالسلاح أو أراد به الزجر والتهويل (حم ق) البخاري في العلم ومسلم في الإيمان (ن) في العلم (ه) في الفتن (عن جرير) بن عبد الله قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في حجة الوداع استنصت الناس ثم قال : لا ترجعوا إلخ (حم خ د ن عن ابن عمر) بن الخطاب (خ ن عن أبي بكرة خ ت عن ابن عباس) . 9768 - (لا تركبوا الخز) بفتح المعجمة وزاي أي لا تركبوا على الخز لحرمه استعماله لكونه كله من إبريسم (ولا النمار) أي ولا تركبوا على النمارأو على جلودها لأنه شأن المتكبرين ، وقال الهيثمي : كأنه كره زي العجم في مراكبهم واستحب القصد في اللباس والمركب وقيل جمع نمرة وهو الكساء المخطط ولو أنه المراد منه فلعل ذلك لما فيه من الزينة ذكره [ ص 395 ] القاضي ، قال الراغب : اتخذ المهدي لجاما مفضضا فلامه المنصور وقال : أما يعلم الناس أن لك فضة ؟ ارجع إلى حالك (د) في اللباس (عن معاوية) سكت عليه ولم يعترضه المنذري وأقره البيهقي وقال النووي في رياضه : إسناده حسن . 9769 - (لا تروعوا المسلم) أي لا تخوفوه أو تفزعوه (فإن روعة المسلم ظلم عظيم) فيه إيذان بأنه كبيرة وأصل الحديث أن زيد بن ثابت نام في حفر الخندق فأخذ بعض أصحابه سلاحه فنهى عن ترويع المسلم من يومئذ كما في الإصابة ، لا يقال يشكل عليه ما رواه أحمد أن أبا بكر خرج تاجرا ومعه نعيمان وسويط فقال له : أطعمني فقال : حتى يجئ أبو بكر فذهب لأناس ثم باعه لهم موريا أنه قنه بعشرة قلائص فجاؤوا وجعلوا في عنقه حبلا وأخذوه فبلغ ذلك الصديق فذهب هو وأصحابه إليهم واستخلصوه لأنا نقول محل النهي في ترويع لا يحتمل غالبا وهذا ليس منه فإن نعيمان مزاح مضحاك معروف بذلك ومن هذا شأنه ففعله لا ترويع فيه (طب عن عامر بن ربيعة) رمز المصنف لحسنه وهو غير مسلم فقد أعله الهيثمي بأن فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف . 9770 - (لا تزال) بالمثناة أوله (طائفة من أمتي) أي أمة الإجابة (ظاهرين) على الناس أي غالبين منصورين وهم جيوش الإسلام أو العلماء الآمرون بالمعروف الناهون عن المنكر فالمقاتلة معنوية (حتى يأتيهم أمر الله) أي القيامة (وهم) أي والحال أنهم (ظاهرون) على من خالفهم واحتمال أنه أراد بالظهور الشهرة وعدم الاستتار بعيد وزاد مسلم إلى يوم القيامة أي إلى قربه وهو حيت تأتي الريح فتقبض روح كل مؤمن وهو المراد بأمر الله هنا فلا تدافع بينه وبين خبر لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق وفيه معجزة بينة فإن أهل السنة لم يزالوا ظاهرين في كل عصر إلى الآن فمن حين ظهرت البدع على اختلاف صنوفها من الخوارج والمعتزلة والرافضة وغيرهم لم يقم لأحد منهم دولة ولم تستمر
[ 513 ]
لهم شوكة بل * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * بنور الكتاب والسنة فلله الحمد والمنة ، وزعمت المتصوفة أن الإشارة إليهم لأنهم لزموا الاتباع بالأحوال وأغناهم الاتباع عن الابتداع قال بعضهم : ويحتمل أن هذه الطائفة مؤلفة من أنواع المؤمنين منهم شجعان ومنهم فقهاء ومنهم محدثون ومنهم زهاد وغير ذلك ولا يلزم كونهم من قطر واحد (ق عن المغيرة) بن شعبة ورواه مسلم أيضا من حديث جابر بلفظ لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة فينزل عيسى ابن مريم فيقول أميرهم تعال صل بنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة أكرم الله بها هذه الأمة . 9771 - (لا تزال أمتي بخير) في محل نصب خبر تزال وما في قوله (ما عجلوا) شرطية والجزاء محذوف لدلالة المذكور أولا عليه أو ما ظرفية أي مدة فعلهم (الإفطار) عقب تحقق الغروب بإخبار عدلين أو عدل على الأصح بأن تناولوا عقبه مفطرا امتثالا للسنة ووقوفا عند حدودها ومخالفة لأهل الكتاب حيث يؤخرون الفطر إلى ظهور النجوم فالتأخير لهذا القصد مكروه تنزيها وفيه إيماء إلى أن فساد الأمور تتعلق بتغير هذه السنة وأن تأخير الفطر علم على فساد الأمور قال القسطلاني : وأما ما يفعله الفلكيون من التمكين بعد الغروب بدرجة فمخالف للسنة فلذا قل الخير (وأخروا السحور) إلى الثلث الأخير امتثالا للسنة وحكمته أنه أرفق بالصائم وأقوى على العبادة وأن لا يزاد في النهار من الليل ولا يكره تأخير الفطر إذ لا يلزم من ندب الشئ كون ضده مكروها وتعجيل الفطر وتأخير السحور من خصائص هذه الأمة (حم عن أبي ذر) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه سليمان بن أبي عثمان قال أبو حاتم : مجهول اه‍ نعم قال ابن عبد البر : أخبار تعجيل الفطر وتأخير السحور متواترة . 9772 - (لا تزال أمتي على الفطرة) أي السنة وفي رواية بخير (ما لم يؤخروا المغرب) أي صلاتها (إلى اشتباك النجوم) أي انضمام بعضها إلى بعض وظهورها كلها بحيث يختلط إنارة بعضها ببعض ويظهر صغارها من كبارها حتى لا يخفى منها شئ وفيه رد على الشيعة في تأخيرهم إلى ظهور النجوم وأن الوصال يحرم علينا شرعا لأن تأخير الفطر إذا كان ممنوعا فتركه بالكلية أشد منعا (حم د) في الصلاة (ك عن أبي أيوب) الأنصاري قال الحاكم : على شرط مسلم وله شاهد صحيح (وعقبة بن عامر) الجهني (ه عن ابن عباس) بلفظ حتى تشتبك النجوم قال الذهبي : قال أحمد : هذا حديث منكر قال ابن حجر : وفي البا ب عن رافع بن خديج كنا نصلي المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله أخرجاه ولأبي داود عن أنس نحوه . 9773 - (لا تزال طائفة من أمتي) قال البخاري في الصحيح وهم أهل العلم (قوامة على أمر
[ 514 ]
الله) أي على الدين الحق لتأمن بهم القرون وتتجلى بهم ظلم البدع والفتون (لا يضرها من خالفها) لئلا تخلو الأرض من قائم لله بالحجة قال ابن عطاء : ففساد الوقت لا يكون إلا بنقص أعدادهم لا بذهاب إمدادهم لكن إذا فسد الوقت أخفاهم الله قال البيضاوي : أراد بالأمة أمة الإجابة وبالأمر الشريعة والدين وقيل الجهاد وبالقيام به المحافظة والمواظبة عليه والطائفة هم المجتهدون في الأحكام الشرعية والعقائد الدينية أو المرابطون في الثغور والمجاهدون لإعلاء الدين اه‍ وقال النووي في التهذيب : حمله العلماء أو جمهورهم على حملة العلم وقد دعا لهم المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بقوله نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها وقد جعله عدولا ففي حديث يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وهذا إخبار منه بصيانة العلم وحفظه وعدالة ناقليه وأنه تعالى يوفق له في كل عصر خلقا من العدول يحملونه وينفون عنه التحريف وهذا تصريح بعدالة حامليه في كل عصر وهذا من أعلام نبوته ولا يضر معه كون بعض الفساق يعرف شيئا من العلم بأن الحديث إنما هو إخبار بأن العدول يحملونه لا أن غيرهم لا يعرف منه شيئا . وفيه فضل العلماء على الناس وفضل الفقه على جميع العلوم وفيه أن هذه الأمة آخر الأمم وأنه لا بد أن يبقى منها من يقوم بأوامر الله حتى يأتي أمر الله وطائفة الشئ بعضه من الناس أو المال قال الرافعي : وجاء عن الحبر أنها لواحد فما فوقه وقيل إنها اثنان وقيل ثلاثة وقيل أربعة (ه حم عن أبي هريرة) ورجاله موثقون قال ابن حجر : وهذا بمعنى ما اشتهر على الألسنة من خبر الخير في وفي أمتي إلى يوم القيامة ولا أعرفه . 9774 - (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق) أي معاونين أي غالبين أو قاهرين لأعداء الدين زاد في رواية لا يضرهم من خذلهم قال النووي : يجوز أن تكون الطائفة جماعة متعددة من أنواع الأمة ما بين شجاع وبصير بالحرب وفقيه ومفسر ومحدث وقائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزاهد وعابد ولا يلزم اجتماعهم ببلد واحد ويجوز إخلاء الأرض كلها من بعضهم أولا فأولا إلى أن لا يبقى إلا فرقة واحدة ببلد واحد فإذا انقرضوا جاء أمر الله بقيام الساعة كما قال (حتى تقوم الساعة) أي إلى قرب قيامها لأن الساعة لا تقوم حتى لا يقال في الأرض الله الله كما تقرر أو المراد حتى تقوم ساعتهم . وفيه كالذي قبله أن الله يحمي إجماع هذه الأمة من الخطأ حتى يأتي أمره وبيان قسم من معجزات نبينا صلى الله عليه وسلم وهو الإخبار بالغيب فقد وقع ما أخبر به فلم تزل هذه الطائفة من زمنه إلى الآن منصورة ولا تزال كذلك قال الحرالي : ففي طيه إشعار بما وقع وهو واقع وسيقع من قتال طائفة الحق لطائفة البغي سائر اليوم [ ص 397 ] المحمدي مما يخلص من الفتنة ويخلص الدين لله توحيدا ورضا وثباتا على حال السلف الصالح وفيه أن هذه الأمة خير الأمم وأن عليها تقوم الساعة وإن ظهرت أشراطها وضعف الدين فلا بد أن يبقى من أمته من يقوم به (ك) في الفتن (عن عمر) بن الخطاب ، وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي .
[ 515 ]
9775 - (لا تزوجن) بحذف إحدى التاءين للتخفيف (عجوزا) انقطع نسلها (ولا عاقرا) لا تحمل وإن كانت شابة بل أو بكرا ويعرف بأقاربها (فإني مكاثر بكم الأمم) أي مغالب الأمم السابقة في الكثرة (يوم القيامة) فتزوج غير الولود مكروه تنزيها (طب ك) من حديث معاوية الصدفي (عن عياض بن غنم) بفتح المعجمة وسكون النون الأشعري مختلف في صحبته وجزم أبو حاتم في حديثه بأن حديثه مرسل قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن معاوية هذا ضعيف اه‍ . وقال ابن حجر : هذا الحديث فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف . 9776 - (لا تزيدوا أهل الكتاب) في رد السلام عليهم إذا سلموا (على) قولكم (وعليكم) فإن الاقتصار عليه لا مفسدة فيه فإنهم إن قصدوا السلام عليكم فالمعنى ندعو عليكم بما دعوتم به علينا وإلا فهو رد عليهم بالهداية (أبو عوانة) بفتح المهملة في صحيحه (عن أنس) بن مالك . 9777 - (لا تسأل الناس شيئا) إرشادا إلى درجة التوكل والتفويض إليه سبحانه (ولا سوطك) أي مناولته (وإن سقط منك حتى تنزل إليه) عن الدابة (فتأخذه) تتميم ومبالغة في الأمر بالكف عن السؤال ، قال ابن الجوزي : احتاجت رابعة فقيل لها : لو أرسلت إلى قريبك فلانا فبكت وقالت : الله أعلم أني استحي أن أطلب منه الدنيا وهو يملكها فكيف أسألها من لا يملكها . قال في الحكم : ربما استحيى العارف أن يرفع حاجته إلى مولاه اكتفاء بمشيئته فكيف لا يستحي أن يرفعها إلى خليقته (حم عن أبي ذر) . 9778 - (لا يسأل الرجل) بالبناء للفاعل وللمفعول (فيم) أي في أي شئ (ضرب امرأته) أي لا يسأل عن السبب الذي ضربها لأجله لأنه يؤدي لهتك سترها فقد يكون لما يستقبح كجماع والنهي شامل لأبويها وقال ابن الملقن : سره دوام حسن الظن والمراقبة بالإعراض عن الاعتراض قال الطيبي : قوله لا يسأل عبارة عن عدم التحرج والتأثم لقوله تعالى * (فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا) * [ النساء : 34 ] أي أزيلوا عن التوخي بالأذى والتوبيخ والهجر واجعلوا ما كان منهن كأن لم يكن اه‍ قال الحرالي : في إشعاره إبقاء للمروءة في أنه لا يحتكم الزوجان عند حاكم في الدنيا اه‍ والرواية بالألف في فيما وهي لغة شاذة قال ابن مالك : لأن ما استفهامية مجرورة فحقها أن تحذف ألفها فرقا بينها وبين الموصولة ويجوز كونها موصولة وأفاد حضرب الزوجة (ولا تنم إلا على وتر) أي على صلاته (حم ك)
[ 516 ]
في البر والصلة من حديث عبد الرحمن المستملي عن الأشعث (عن عمر) بن الخطاب قال الأشعث : تضيفت عمر فقام في الليل فتناول امرأته فضربها ثم ناداني يا أشعث قلت لبيك فقال احفظ عني ثلاثا حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي مع أن فيه عند الحاكم كأبي داود عبد الله المستملي قال عبد الحق : لم أر أحدا نسبه ولا تكلم فيه ، وقال ابن القطان : هو مجهول لا يروى عنه إلا هذا الحديث وقال في الميزان : لا يعرف إلا في حديثه عن الأشعث عن عمر ثم ساق هذا الخبر . 9779 - (لا تسافر المرأة) مجزوم بلا الناهية وكسر الراء لالتقاء الساكنين (ثلاثة أيام) بلياليها ولمسلم ثلاث ليال أي بأيامها وللأصيل ثلاثا وفي رواية فوق ثلاثة أيام وفي أخرى يوم وليلة وأخرى يوم وليس القصد بها التحديد بل المدار على ما يسمى سفرا عرفا والاختلاف إنما وقع لاختلاف السائل أو المواطن وليس هو من المطلق والمقيد بل من العام الذي ذكرت بعض أفراده وذا لا يخصص على الأصح (إلا مع ذي محرم) بفتح فسكون بنسب أو رضاع أو مصاهرة وفي رواية إلا معها ذو محرم أي من يحرم عليه نكاحها من الأقارب كأخ وعم وخال ومن يجري مجراهم كزوج كما جاء مصرحا به في رواية قال ابن العربي : النساء لحم على وضم كل أحد يشتهيهن وهن لا مدفع عندهن بل الاسترسال فيهن أقرب من الاعتصام فحصن الله عليهن بالحجاب وقطع الكلام وحرم السلام وباعد الأشباح إلا مع من يستبيحها وهو الزوج أو يمنع منها وهو أولو المحارم ولما لم يكن بد من تصرفهن أذن لهن فيه بشرط صحبة من يحميهن وذلك في مكان المخالفة وهو السفر مقر الخلوة ومعدن الوحدة (حم ق د ن عن ابن عمر) بن الخطاب . 9780 - (لا تسافر امرأة بريدا) أي أربعة فراسخ والفرسخ ثلاثة أميال والميل منتهى مد البصر (إلا ومعها محرم محرم عليها) بضم الميم وشد الراء مفتوحة زاده تأكيدا وإيضاحا وليس في البريد تصريح بتحريم ما فوقه من يوم أو ليلة أو ثلاثا لأن مفهوم الظرف غير حجة عند كثيرين . (د ك) في الحج (عن أبي هريرة) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 9781 - (لا تسافر) مجزوم بلا الناهية وكسرت الراء لالتقاء الساكنين (المرأة) سفرا مباحا أو لحج فرض (إلا مع ذي محرم) أي محرمية وفي معناه الزوج (ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم) والمحرم من حرم نكاحه على التأييد بسبب مباح لحرمتها وفيه وفيما قبله أنه يحرم سفرها بغير نحو محرم أو زوج أي وما ألحق بهما كعبد لها ثقة أو أجنبي ممسوح أو نسوه ثقات فلا يلزمها الحج إن وجدت ذلك لخوف استمالتها وخديعتها (حم ق عن ابن عباس) .
[ 517 ]
9782 - (لا تسبوا الأموات) أي المسلمين كما دل عليه بلام العهد فالكفار سبهم قربة (فإنهم قد أفضوا) بفتح الهمزة والضاد وصلوا (إلى ما قدموا) عملوا من خير وشر والله هو المجازي إن شاء عفا وإن شاء عذب فلا فائدة في سبهم فيحرم كما قال النووي : سب الأموات بغير حق ومصلحة شرعية كسب أهل البدع والفسقة للتحذير من الاقتداء بهم وكجرح الرواة لابتناء أحكام الشرع على بيان حالاتهم وقد أجمعوا على جواز جرح المجروح من الرواة حيا وميتا (حم خ) في الجنائز (عن عائشة) . 9783 - (لا تسبوا الأموات) الذين ليسوا بكفار ولا فجار بعد موتهم (فتوذوا الأحياء) من بنيه وأقاربه أخذ منه جمع حرمة ذكر أبوي النبي صلى الله عليه وسلم بما فيه نقص فإن ذلك يؤذيه وإيذاؤه كفر والله أعلم بهما وقد أطنب المصنف في الاستدلال لعدم الحكم عليهما بكفر (حم ت عن المغيرة) بن شعبة قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح وقال شيخه العراقي : رجاله ثقات إلا أن بعضهم أدخل بين المغيرة وبين زياد بن علاقة رجلا لم يسم . 9784 - (لا تسبوا الأئمة) الإمام الأعظم ونوابه وإن جاروا (وادعوا الله لهم بالصلاح فإن صلاحهم لكم صلاح) إذ بهم حراسة الدين [ ص 399 ] وسياسة الدنيا وحفظ منهاج المسلمين وتمكينهم من العلم والعمل وقال الفضيل بن عياض : لو كان لي دعوة مستجابة ما صيرتها إلا في الإمام لأني لو جعلتها للنفسي لم تجاوزني ولو جعلتها له كان صلاح الإمام صلاح العباد والبلاد . (طب) وكذا في الأوسط (عن أبي أمامة) قال الهيثمي : رواه الطبراني عن شيخه الحسين بن محمد بن مصعب الأسناني ولم أعرفه وبقية رجال الكبير ثقات . 9785 - (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر) أي فإن الله هو الآتي بالحوادث لا الدهر وسببه أنهم كانوا يضيفون كل حادثة تحدث إلى الدهر والزمان وترى أشعارهم ناطقة بشكوى الزمان كذا في الكشاف ، وقال المنذري : معنى الحديث إن العرب كانت إذا نزل بأحدهم مكروه بسبب الدهر اعتقدوا أن الذي أصابه فعل الدهر فكان هذا كاللعن للفاعل ولا فاعل لكل شئ إلا الله فنهاهم عن ذلك (م) في الأدب (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري بهذا اللفظ . 9786 - (لا تسبوا الديك فإنه يوقظ للصلاة) أي قيام الليل بصياحه فيه ومن أعان على طاعة يستحق المدح لا الذم وفي رواية للطيالسي لا تسبوا الديك فإنه يدل على مواقيت الصلاة قال الحليمي :
[ 518 ]
فيه دليل على أن كل من استفيد منه خير لا ينبغي أن يسب ولا يستهان به بل حقه الإكرام والشكر ويتلقى بالإحسان وليس في معنى دعاء الديك إلى الصلاة أنه يقول بصراحة صلوا أو حانت الصلاة بل معناه أن العادة جرت بأنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال فطرة فطره الله عليها فيذكر الناس بصراخه الصلاة ولا تجوز الصلاة بصراخه من غير دلالة سواه إلا ممن جرب منه ما لا يخلف فيصير ذلك له إشارة (د) في الأدب (عن زيد بن خالد) الجهني قال : صرخ ديك قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم فلعنه رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكره قال النووي في الأذكار والرياض : إسناده صحيح وقال غيره : رجاله ثقات فرمز المؤلف لحسنه فقط تقصير أو قصور . 9787 - (لا تسبوا الريح) أي لا تشتموها (فإنها من روح الله) أي رحمة لعباده (تأتي بالرحمة) أي بالغيث والراحة والنسيم (والعذاب) باتلاف النبات والشجر وهلاك الماشية وهدم البناء فلا تسبوها لأنها مأمورة فلا ذنب لها (ولكن سلوا الله من خيرها) الذي تأتي به (وتعوذوا بالله من شرها) المقدر في هبوبها أي اطلبوا المعاذ والملاذ منه إليه قال الشافعي رحمه الله : لا ينبغي شتم الريح فإنها خلق مطيع لله وجند من جنوده يجعلها رحمة إذا شاء ونقمة إذا شاء ، ثم أخرج بإسناده حديثا منقطعا أن رجلا شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفقر فقال له : لعلك تسب الريح وقال مطرف : لو حبست الريح عن الناس لأنتن ما بين السماء والأرض (حم ه) في الأدب (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته . 9788 - (لا تسبوا السلطان فإنه) وفي خط المصنف فإنهم والظاهر أنه سبق فلم بدليل ذكر السلطان قبله بالإفراد (فئ الله في أرضه) يأوي إليه المظلوم ، الفئ هو الظل يأوي إليه من آذاه حر الشمس سمي فيئا لتراجعه وكذا السلطان جعله الله معونة لخلقه فيصان منصبه عن السب والامتهان ليكون احترامه سببا لامتداد فئ الله ودوام معونة خلقه وقد حذر السلف من الدعاء عليه فإنه يزداد شرا ويزداد البلاء على المسلمين (هب عن أبي عبيدة) بن الجراح وفيه ابن أبي فديك وقد مر وموسى بن يعقوب الزمعي وأورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال النسائي : غير قوي وعبد الأعلى قال الذهبي : لا يعرف وإسماعيل بن رافع قال : ضعيف . 9789 - (لا تسبوا الشيطان) فإن السب لا يدفع عنكم ضرره ولا يغني عنكم من عداوته شيئا (و) لكن (تعوذوا بالله من شره) فإنه المالك لأمره الدافع لكيده عمن شاء من عباده (المخلص) أبو طاهر (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره فما أوهمه صنيع المؤلف حيث أبعد في العزو من أنه لا يوجد مخرجا لغير المخلص غير جيد .
[ 519 ]
9790 - (لا تسبوا أهل الشام فإن فيهم الأبدال) زاد في رواية فيهم تنصرون وبهم ترزقون وفيه رد على من أنكر وجود الأبدال كابن تيمية (طس عن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي : فيه عمرو بن واقد ضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح . 9791 - (لا تسبوا) زاد في رواية لا تلعنوا (تبعا فإنه كان قد أسلم) قال الزمخشري : هو تبع الحميري كان مؤمنا وقومه كافرين ولذلك ذم الله قومه ولم يذمه وهو الذي سار بالجيوش وحير الحيرة وبني سمرقند وقيل هدمها وقيل هو الذي كسا البيت وقيل لملوك اليمن التتابعة لأنهم يتبعونه وسمي الظل تبعا لأنه يتبع الشمس اه‍ . قال ابن الأثير : اسمه أسعد وقال السهيلي لا ندري أي التتابعة أراد غير أن في حديث معمر عن هشام بن منبه عن أبي هريرة رفعه لا تسبوا أسعد الحميري فإنه أول من كسا الكعبة فإن صح فهو الذي أراد وقيل إنه كان يؤمن بالبعث ومما ينسب له قوله : ويأتي بعدهم رجل عظيم * نبي لا يرخص في الحرام يسمى أحمد يا ليت أني * أعمر بعد مبعثه بعام (حم) من طريق ابن لهيعة عن أبي زرعة عمرو بن جابر الحضرمي (عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لحسنه وهو غير صواب فقد قال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني : فيه عمرو بن جابر وهو كذاب اه‍ . فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب وبعد أن ذكره فكان ينبغي إكثاره من ذكر مخرجيه فمنهم الطبراني والبغوي والطبري وابن مريم والدارقطني وغيرهم . 9792 - (لا تسبوا ماعزا) بن مالك الذي رجم واسمه غريب وماعز لقبه وذلك لأن الحد طهره ومن ثم صح أن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم صلى على الجهينة التي رجمت فقال عمر : تصلي عليها وقد زنت فقال : لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم وهل يوجد توبة أفضل من أن جادت بنفسها لله وفي البخاري أنه صلى على ماعز وفي أبي داود لا . وجمع بحمل صلاته عليه على معناها اللغوي وعدمها على الشرعي (طب عن) عامر (أبي الطفيل) الخزاعي قال البغوي : ليس له غيره رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه الوليد بن عبد الله بن أبي ثور ضعفه جماعة وقد وثق وبقية رجاله ثقات . 9793 - (لا تسبوا مضر) جد المصطفى صلى الله عليه وسلم الأعلى قال ابن دحية : سمي به لأنه كان يمضر القلوب لحسنه وجماله ويعرف بمضر الحمراء وكانت له فراسة وقيافة وكلمات حكمية سبق منها أنموذج وقال السهيلي : هو من المضيرة شئ يصنع من لبن سمي به لبياضه والعرب تسمي الأبيض أحمر
[ 520 ]
فلذلك قيل مضر الحمراء وقيل بل أوصى إليه أبوه بقبة حمراء وهو أول من سن للعرب حداء الإبل وكان أحسن الناس صوتا (فإنه كان قد أسلم) وكان يتعبد على دين إسماعيل أو على ملة إبراهيم قال ابن حبيب : وهو من ولد إسماعيل بلا شك وفي خبر إذا اختلف الناس فالحق مع مضر (ابن سعد) [ ص 401 ] في الطبقات (عن عبد الله بن خالد مرسلا) هو التيمي مولاهم المدني . 9794 - (لا تسبوا ورقة بن نوفل فإني قد رأيت له جنة أو جنتين) قال الحافظ العراقي : هذا شاهد لما ذهب إليه جمع من أن ورقة أسلم عند ابتداء الوحي ويؤيده خبر البزار وغيره عن جابر أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم سئل عنه فقال : أبصرته في بطنان الجنة على سندس قال : والظاهر أنه لم يكن متمسكا بالمبدل من النصرانية بل بالصحيح منها الذي هو الحق (ك) في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم (عن عائشة) قال : على شرطهما وأقره الذهبي . 9795 - (لا تسبي) خطابا لأم السائب (الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم) أي المؤمنين (كما يذهب الكير) بالكسر كير الحداد المبني من طين وقيل زقه الذي ينفخ به كما مر (خبث الحديد) لما كانت الحمى يتبعها حمية عن الأغذية الرديئة وتناول الأغذية والأدوية النافعة وفي ذلك إعانة على تنقية البدن ونفي أخباثه وفضوله وتصفيته من مواده الرديئة وتفعل به كما تفعل النار بالحديد من نفي خبثه وتصفية جوهره وأشبهت نار الكير التي تصفي الحديد وهذا القدر هو المعلوم عند علماء الأبدان وأما تصفيتها القلب من وسخه ودرنه وإخراج خبثه فأمر يعلمه أطباء القلوب كما أخبر به نبيهم عليه الصلاة والسلام لكن إذا أيس من برء المرض لم ينجح فيه هذا العلاج ذكره ابن القيم (م) في الأدب (عن جابر) بن عبد الله قال : قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على أم السائب فقال : ما لك تزفزفين أي ترتعدين قالت : الحمى لا بارك الله فيها فال : لا تسبي وساقه وقوله تزفزفين بزاي مكررة وفاء مكررة أي : ترتعدين وتتحركين بسرعة قال النووي : وروي براء مكررة وقافين . 9796 - (لا تستبطئوا الرزق) أي حصوله (فإنه لم يكن عبد) من عباد الله (ليموت حتى يبلغه) أي يصل إليه (آخر رزق هو له) في الدنيا (فاتقوا الله وأجملوا في الطلب أخذ الحلال وترك الحرام) بدل مما قبله أو خبر مبتدأ محذوف (ك هق) وأبو الشيخ [ ابن حبان ] (عن جابر) بن عبد الله قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ورواه أيضا أبو نعيم وقال : غريب من حديث شعبة تفرد به حبيش بن مبشر عن وهب بن جرير .
[ 521 ]
9797 - (لا تسكن) يا ثوبا (الكفور) أي القرى البعيدة عن الناس التي لا يمر بها أحد إلا نادرا واحده كفر كفلس قال الزمخشري : وأكثر من يتكلم به أهل الشام (فإن ساكن الكفور كساكن القبور) اي هو بمنزلة الميت لا يشاهد الأمصار والجمع ، سميت كفورا لأنها خاملة مغمورة الاسم ليست في شهرة المدن ونباهة الأمصار قاله الزمخشري ولم يطلع عليه الإمام ابن الكمال فعزى للمطرزي أن الكفر القرية لسترها الناس واقتصر على ذلك وفي التفسير الموسوم بالتيسير معناه أن أهل القرى لبعدهم عن العلم كالموتى أي لجهلهم وقلة تعاهدهم لأمر دينهم ومن ثم قيل الجاهل ميت وإن لم يدفن ، بيته قبر ، وثوبه كفن وفيه النهي عن سكنى البادية ونحو ذلك فإنه مذموم لما ذكر وقد دل على ذلك النص القرآني قال تعالى حكاية عن يوسف * (وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو) * فجعل مجئ إخوته من البدو من جملة إحسان الحق إليه وإليهم بحكم التبعية فهو ثناء على الحق بما فعل مع إخوته ومعه ومن ثم عد بعضهم النقل من الريف إلى مصر من النعم وحمده عليها حيث قال الحمد لله الذي نقلني من بلاد الجفاء والجهل إلى بلاد العطف والعلم ثم قضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته كما في الميزان : ولا [ ص 402 ] تأمرن على عشرة فإن من تأمر على عشرة جاء مغلولة يده إلى عنقه فكه الحق أو أوثقه الظلم قال ابن تيمية : وقد جعل الله سكنى القرى يقتضي من كمال الإنسان في العلم والدين ورقة القلب ما لا يقتضيه سكنى البادية كما أن البادية توجب من صلابة البدن والخلق ومتانة الكلام ما لا يكون في القرى ، هذا هو الأصل وإن جاز تخلف المقتضي لمانع فقد يكون سكنى البادية أنفع من القرى . - (خد) عن أحمد بن عاصم عن حبوة عن بقية عن صفوان عن راشد بن سعد عن ثوبان (حب) من وجه آخر عن بقية فمن فوقه (عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم رمز لحسنه ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ لا تعمرن الكفور فإن عامر الكفور كعامر القبور ورواه البيهقي من طريقين في أحدهما سعيد بن سنان الحمصي ضعفه أحمد وقال البخاري : منكر الحديث والنسائي : متروك والجوزجاني : أخاف أن يكون أحاديثه موضوعة وساق له في الميزان من مناكيره هذا الخبر وفي الطريق الآخر بقية وقد مر وراشد بن سعد قال الذهبي في الذيل : قال ابن حزم : ضعيف ، وكذا قال الدارقطني وقال مرة : لا بأس به والحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات . 9798 - (لا تسلموا تسليم اليهود والنصارى فإن تسليمهم إشارة بالكفوف) وفي رواية بالأكف (والحواجب) فلا يكفي لإقامة السنة أن يأتي بالتحية بغير لفظ كالإشارة بشئ مما ذكر أو بالانحناء ولا بلفظ غير السلام ومن فعل ذلك لم يجب جوابه ومن سلم لا يجزئ في جوابه إلا السلام ولا يكفي الرد بالإشارة بل ورد الزجر عنه في عدة أخبار هذا منها قال بعضهم : ولهذا لم يكن المصطفى صلى الله عليه وسلم يرد على المسلم بيده ولا رأسه ولا أصبعه إلا في الصلاة قال النووي : ولا يرد عليه خبر أسماء مر النبي صلى الله عليه وسلم في
[ 522 ]
المسجد وعصبة من النساء قعود فألوى يده بالتسليم فإنه محمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة خص بمن قدر على اللفظ حسا وشرعا وإلا فهي مشروعة لمن في شغل منعه من اللفظ بجواب السلام كالمصلي والأخرس وكذا السلام على الأصم . قالوا تحية النصارى وضع اليد على الفم ، واليهود الإشارة الأصبع ، والمجوس الانحناء ، والعرب حياك الله ، والملوك أنعم صباحا والمسلمين السلام عليكم وهي أشرف التحيات وأكرمها (هب) من حديث عثمان بن عبد الرحمن عن طلحة بن زيد عن ثور بن يزيد عن أبي الزبير (عن جابر) بن عبد الله وقضية كلام المصنف أن البيهقي خرجه وأقره وليس كذلك وإنما رواه مقرونا ببيان حاله فقال عقبه : هذا إسناد ضعيف بمرة فإن طلحة بن زيد الرقي متروك الحديث متهم بالوضع وعثمان ضعيف وكيف يصح ذلك والمحفوظ في حديث صهيب وبلال أن الأنصار جاؤوا يسلمون عليه وهو يصلي فكان يشير إليهم بيده إلى هنا كلامه بنصه فحذف المصنف ذلك تلبيس فاحش وإيهام مضر ثم إن قضية صنيعه أيضا أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه مع أن الترمذي خرجه مع خلف يسير ولفظه عنده لا تشبهوا باليهود والنصارى فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى بالأكف قال الترمذي : غريب قال ابن حجر : وفيه ضعف قال : لكن خرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه : لا تسلموا تسليم اليهود فإن تسليمهم بالرؤوس والأكف والإشارة . 9799 - (لا تسمي غلامك) أي عبدك خصه بالذكر لأن الأرقاء أكثر تسمية بها وإلا فالحر كذلك ولولا تفسير الراوي له بالقن في رواية لكان حمله على الصبي عبدا أو حرا أفيد لمجيئه في التنزيل كذلك * (رب أنى يكون لي غلام) * (رباحا) من الربح (ولا يسارا) من اليسر ضد العسر (ولا أفلح) من الفلاح (ولا نافعا) من النفع والنهي للتنزيه لا للتحريم بدليل خبر مسلم أراد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن ينهي أن يسمى بمقبل وببركة وبأفلح وبيسار وبنافع ثم سكت أي أراد أن ينهى عنه نهي تحريم وإلا فقد صدر النهي عنه على وجه الكراهة وأما تسمية النبي صلى الله [ ص 403 ] عليه وآله وسلم مواليه بتلك الأسماء فلبيان الجواز لا تختص الكراهة بها بل يلحق بها ما في معناها كمبارك وسرور ونعمة وخير لأنه يؤدي إلى أن يسمع كلاما يكرهه كما نص عليه بقوله (فانك تقوم أثم هو) أي لا يوجد ذلك الرد في ذلك المحل (فتقول لا) يعني إذا سألت أنت عن واحد مسمى بأحد هذه الأسماء فقلت : هل هو في مكان كذا أو لم يكن فيه يقول في الجواب لا فيتطير به ويدخل في باب النطق المكروه وقد يكون أفلح غير أفلح ومبارك غير مبارك فيكون من تزكية النفس بما ليس فيها وفي ابن ماجه أن زينب كان اسمها برة فقيل تزكي نفسها فقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمها زينب وإنما كره هذه الأسماء ونحوها لما مر وتكره لمعان أخر كقبح المعنى المشتق منه (م) في الأدب وغيره (عن سمرة) بن جندب .
[ 523 ]
9800 - (لا تسموا العنب الكرم) زاد في رواية فإن الكرم قلب المؤمن وذلك لأن هذه اللفظة تدل على كثرة الخير والمنافع في المسمى بها وقلب المؤمن هو المستحق لذلك دون شجرة العنب وهل المراد النهي عن تخصيص شجر العنب بهذا الاسم وأن قلب المؤمن أولى به منه فلا يمنع من تسميته بالكرم كما قال في المسكين والرقوب والمفلس إذ المراد أن تسميته بها مع اتخاذ الخمر المحرم منه وصف بالكرم والخير لأصل هذا الشراب الخبيث المحرم وذلك ذريعة إلى مدح المحرم وتهيج النفوس إليه محتمل (ولا تقولوا خيبة الدهر) نهى عنه لأن عادة الجاهلية نسبة الحوادث إلى الزمان فيقولون * (وما يهلكنا إلا الدهر) * فيسبونه (فإن الله هو الدهر) أي مقلبه والمنصرف فيه على حذف مضاف أو الدهر بمعنى الداهر قال بعض الكاملين : ذهب المحققون إلى أن الدهر من أسماء الله معناه الأزلي الأبدي ولم يكونوا عالمين بتسمية الله به فأعلمهم النبي صلى الله عليه وسلم فوجه المنع من سبه بين وفيه الأمر بالمحافظة على الأوضاع وأن لا يتعدى في ذلك قانون السماع وقال ابن العربي : إنما نهى عنه لأن الناس لغفلتهم إذا رأوا فعلا عقب فعل نسبوه إليه وخصوه به وإنما هي أفعال الله يترتب بعضها على بعض ولا ينسب لغيره فعلها إلا مجازا فالسب والهجر شئ يكره (ق) في الأدب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه . 9801 - (لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر) فبيعه فيه باطل لعدم العلم به والقدرة على تسليمه الغرر استتار عاقبة الشئ وتردده بين أمرين . - (حم ه حق عن ابن مسعود) ثم قال أعني البيهقي : فيه انقطاع والصحيح موقوف وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح وأورده في الميزان في ترجمة محمد بن السماك وقال : صدوق ليس حديثه بشئ وقال ابن جماعة : فيه انقطاع وقال الهيثمي : رواه أحمد مرفوعا وموقوفا وكذا الطبراني ورجال الموقوف رجال الصحيح وفي رجال المرفوع منهم محمد بن السماك شيخ أحمد لم أجد من ترجمه وبقيتهم ثقات وقال ابن حجر : رواه أحمد مرفوعا وموقوفا من طريق زيد بن أبي زياد عن المسيب بن رافع عنه قال البيهقي : فيه إرسال بين المسيب وعبد الله والصحيح وقفه وكذا الدارقطني وغيره . 9802 - (لا تشد) بصيغة المجهول نفي بمعنى النهي لكنه أبلغ منه لأنه كالواقع بالامتثال لا محالة (الرحال) جمع رحل بفتح الراء وحاء مهملة وهو للبعير بقدر سنامه أصغر من القتب كنى بشدها عن السفر إذ لا فرق بين كونه براحلة أو فرس أو بغل أو حمار أو ماشيا كما دل عليه قوله في بعض طرقه في الصحيح إنما يسافر فذكره شدها غالبي (إلا إلى ثلاثة مساجد) الاستثناء مفرغ والمراد لا تسافر لمسجد للصلاة فيه إلا لهذه الثلاثة لا أنه لا يسافر أصلا إلا لها والنهي للتنزيه عند الشافعية
[ 524 ]
كالجمهور وقول عياض والجويني والقاضي حسين للتحريم فيحرم شده الرحل لغيرها كقبور الصالحين والمواضع الفاضلة . قال [ ص 404 ] النووي : غلط فإن قوله لا تشد معناه لا فضيلة في شدها . قال الطيبي : وهو أبلغ مما لو قيل لا تسافر لأنه صورة حالة المسافر وتهيئة أسبابها وأخرج النهي مخرج الإخبار أي لا ينبغي ولا يستقيم أن تقصد الزيارة بالراحلة إلا إلى هذه الثلاثة (المسجد الحرام) بالجر بدل من ثلاثة وبالرفع خبر مبتدأ محذوف وتالياه معطوفان عليه والمراد به هنا نفس المسجد لا الكعبة ولا مكة ولا الحرم كله وإن كان يطلق على الكل الحرام بمعنى المحرم (ومسجدي هذا) في رواية مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقيل لعله من تصرف الرواة (والمسجد الأقصى) وهو بيت المقدسي سمي به لبعده عن مسجد مكة مسافة أو زمنا أو لكونه لا مسجد وراءه أو لأنه أقصى موضع من الأرض ارتفاعا وقربا إلى السماء خص الثلاثة لأن الأول إليه الحج والقبلة ، والثاني أسس على التقوى ، والثالث قبلة الأمم الماضية ، ومن ثم لو نذر إتيانها لزمه عند مالك وأحمد وكذا عن بعض الشافعية لكن الصحيح عندهم قصره على الأول لتعلق النسك به ، وقال الحنفية يلزمه إذا نذر المشي لا الإتيان وشدها لغير الثلاثة لنحو علم أو زيارة ليس للمكان بل لمن فيه قال البيضاوي : ينبغي أن لا يشتغل إلا بما فيه صلاح دنيوي وفلاح أخروي ولما كان ما عدا الثلاثة من المساجد متساوية الأقدار في الشرف والفضل وكان التنقل والارتحال لأجلها عبثا ضائعا نهى الشارع عنه والمتقضي لشرفها أنها أبنية الأنبياء ومتعبداتهم (حم ق د ن ه عن أبي هريرة حم ق ت عن أبي سعيد) الخدري (ه عن ابن عمرو) بن العاص . 9803 - (لا تشربوا الخمر فإنها مفتاح كل شر) أي أصله ومنبعه ومن ثم كان شربها من أفجر الفجور وأكبر الكبائر بل ذهب بعض الصحابة إلى أنها أكبرها بعد الشرك وذهب جمع من المجتهدين وتبعهم المؤلف إلى أن شاربها يقتل في الرابعة وزعموا صحة الحديث بذلك من غير معارض (ه عن أبي الدرداء) . 9804 - (لا تشغلوا قلوبكم بذكر الدنيا) لأن الله يغار على قلب عبده أن يشتغل بغيره وإذا أراد بعبد خيرا سلط عليه أنواع العذاب حتى ينزع حبها من قلبه (هب عن محمد بن النضر الحارثي مرسلا) . 9805 - (لا تشغلوا قلوبكم بسبب الملوك) وإن جاروا لأن منصبه يصان عن السب والامتهان (ولكن تقربوا إلى الله تعالى بالدعاء لهم) بالهداية والتوفيق فإنكم إن فعلتم ذلك (يعطف الله قلوبهم عليكم) فاستقيموا يستقيموا وكما تكونوا يول عليكم وكما تدين تدان والجزاء من جنس العمل (ابن النجار) في تاريخه (عن عائشة) .
[ 525 ]
9806 - (لا تشمن ولا تستوشمن) أي لا تفعلن الوشم ولا تطلبن من غيركن أن يفعلن بكن ذلك لما فيه من التعذيب وتغيير خلق الله وذلك حرام شديد التحريم بل ادعى بعضهم أنه مجمع عليه . (خ ن عن أبي هريرة) . 9807 - (لا تشم الطعام كما تشمه السباع) في رواية كره أن يشم الطعام كما تشمه السباع (طب عن أم سلمة) قال البيهقي عقب تخريجه : إسناده ضعيف اه‍ . فحذف المصنف ذلك من كلامه غير صواب وقال الهيثمي عقب عزوه للطبراني : فيه عباد بن كثير الثقفي وكان كذابا متعمدا هكذا جزم به . 9808 - (لا تصاحب إلا مؤمنا) وكامل الإيمان أولى لأن الطباع سراقة ، ومن ثم قيل صحبة الأخيار تورث الخير وصحبة [ ص 405 ] الأشرار تورث الشر كالريح إذا مرت على النتن حملت نتنا ، وإذا مرت على الطيب حملت طيبا ، وقال الشافعي : ليس أحد إلا له محب ومبغض فإذن لا بد من ذلك فليكن المرجع إلى أهل طاعة الله ، ومن ثم قيل : ولا يصحب الإنسان إلا نظيره * وإن لم يكونوا من قبيل ولا بلد وصحبة من لا يخاف الله لا يؤمن غائلتها لتغيره بتغير الأعراض قال تعالى * (ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا) * والطبع يسرق من الطبع من حيث لا يدري قال حجة الإسلام : والإخوان ثلاثة : أخ لآخرتك فلا نزاع فيه إلا الدين ، وأخ لدنياك فلا نزاع فيه إلا الخلق ، وأخ لتسأنس به فلا نزاع فيه إلا السلامة من شره وخبثه وفتنته . قال في الحكم : لا تصحب من لا ينهضك حاله ولا يدلك على الله مقاله . قال القصار : اصحب الصوفية فإن للقبيح عندهم وجوها من المعاذير ، وقال التستري : احذر صحبة ثلاثة : الجبابرة الغافلين ، والقراء المداهنين والصوفية الجاهلين ، أي الذين قنعوا بظاهر النسبة وتحلوا للناس بالزهد والتعبد وهؤلاء على العوام فتنة وبلاء . قال علي كرم الله وجهه : قطع ظهري رجلان : عالم متهتك ، وجاهل متنسك ، فالعالم يغر الناس بتهتكه ، والجاهل يفتنهم بتنسكه ، فعليك بامتحان من أردت صحبته لا لكشف عورة بل لمعرفة الحق (ولا يأكل طعامك إلا تقي) لأن المطاعمة توجب الألفة وتؤدي إلى الخلطة بل هي أوثق عرى المداخلة ومخالطة غير التقي يخل بالدين ويوقع في الشبه والمحظورات فكأنه ينهى عن مخالطة الفجار إذ لا تخلو عن فساد إما بمتابعة في فعل أو مسامحة في إغضاء عن منكر فإن سلم من ذلك ولا يكاد فلا تخطئه فتنة الغير به وليس المراد حرمان غير التقي من الإحسان لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أطعم المشركين وأعطى المؤلفة المئين بل يطعمه ولا يخالطه ، والحاصل أن مقصود الحديث كما أشار إليه الطيبي النهي عن كسب الحرام وتعاطي ما ينفر منه المتقي ، فالمعنى لا تصاحب إلا مطيعا ولا تخالل إلا تقيا .
[ 526 ]
(غريبة) قال ابن عربي : اجتمع جمع من المشايخ بدعوة بزقاق بمصر فقدم الطعام واحتاجوا آنية وثم إناء زجاج جديد أعد للبول ولم يستعمل فغرف فيه فنطق منذ أكرمني الله بأكل هؤلاء السادة لا أكون وعاء للأذى ثم انكسر نصفين ، فقال ابن عربي : سمعتم ما قال ؟ قالوا لا . قال : قال كذا ، وقال غير هذا أيضا . قال وكذا كم قلوبكم أكرمها الله بالإيمان فلا ترضوا أن تكون محلا لنجاسة المعصية وحب الدنيا . (حم د ت حب عن أبي سعيد) الخدري ، قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال في الرياض بعد عزوه لأبي داود والترمذي : إسناده لا بأس به . 9809 - (لا تصحب الملائكة) وفي رواية لا تقرب ، وفي أخرى لا تتبع وهو يبين أن المراد بنفي الصحبة نفي مجرد اللقاء لا في الملازمة والمراد ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة ونحوهم (رفقة) بضم الراء وكسرها جماعة مترافقة في سفر (فيها كلب) ولو لحراسة الأمتعة سفرا كما اقتضاه ظاهر الخبر قال القرطبي وهو قول أصحاب مالك قال : لكن الظاهر أن المراد غير المأذون في اتخاذه لأن المسافر يحتاجه (ولا جرس) بفتح الراء الجلجل وبسكونها صوته وذلك لأنه من مزامير الشيطان والملائكة ضده ولأنه يشبه الناقوس فيكره تنزيها عند الشافعية جرس الدواب ، وقال ابن العربي المالكي : لا يجوز بحال لأنها أصوات الباطل وشعار الكفار اه‍ . وزعم أن ذلك شعار الكفار ممنوع ، ومما فيه من المضار أنه يدل على أصحابه بصوته وكأنه عليه السلام يحب أن لا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة ، وعطف ولا جرس على فيها كلب وإن كان مثبتا لأنه في سياق النفي ، وذكر الرفقة في الحديث غالبي فلو سافر وحده كره لصحبة الجرس والكلب لوجود المعنى ولا يختص الحكم بجرس الإبل والخيل والبغال والحمر كذلك بل وعنق الرجل كما ذكره الزين العراقي (حم م د ت) في الجهاد (عن أبي هريرة) . 9810 - (لا تصحبن أحدا لا يرى لك من الفضل كمثل ما ترى له) كجاهل قدمه المال وبذل الرشوة في فضائل دينية لحاكم [ ص 406 ] ظالم منعها أهلها وأعطاه مكافأة لرشوته فتصدر وترأس وتنكب عن أن يرى لأحد مثل ما يرى له وتشبه بالظلمة في تبسطهم وملابسهم ومراكبهم . قال بعضهم : وكان يشير إلى تجنب صحبة المتكبرين المتعاظمين في دين أو دنيا سواء كان فوقه أو دونه لأنه إن كان فوقه لم يعرف له حق متابعته وخدمته بل يراه حقا عليه وأنه شرف بصحبته فإن صحبته في طلب الدين قطعك بكثرة اشتغاله عن الله وإن صحبته للدنيا من عليك برزق الله وإن كان دونك لم يعرف لك حرمة بل يرى له حقا بصحبته لك فإن صحبته في الدين كدره عليك بسوء معاشرته أو للدنيا لم تأمن من أذيته وخيانته وفي المجالسة للدينوري عن الأصمعي ماتاه على أحد قط مرتين ، قيل وكيف ؟ قال : لأنه إذا تاه على مرة لم أعدله وقيل : إذا تاه الصديق عليك كبرا * فته كبرا على ذلك الصديق
[ 527 ]
وقال بعض البلغاء : أخبث الناس المساوي بين المحاسن والمساوي . قال الغزالي : وأوصى علقمة العطاردي ابنه عند وفاته فقال : إذا أردت صحبة إنسان فاصحب من إذا مددت يدك بالخير مدها وإن رأى منك حسنة عدها وإن رأى سيئة سدها ، ومن إذا قلت صدق قولك ، وإن حاولت أمرا أمدك ، وإن تنازعتما في شئ آثرك ، قال علي رضي الله عنه : إن أخاك الحق من كان معك * ومن يضر نفسه لينفعك ومن إذا ريب الزمان صدعك * شتت فيه شمله ليجمعك ومن كلامهم البديع : محك المودة والإخاء * حالة الشدة دون الرخاء ومن ثم قيل : دعوى الإخاء على الرخاء كثيرة * وفي الشدائد تعرف الإخوان - (حل عن سهل بن سعد) وفيه عبد الله بن محمد بن جعفر القزوبني قال الذهبي : قال ابن يونس : وضع أحاديث فافتضح بها . 9811 - (لا تصلح الصنيعة) أي الإحسان (إلا عند ذي حسب أو دين) أي لا تنفع الصنيعة وتثمر حمدا وثناء وحسن مقابلة وجميل جزاء إلا عند ذي أصل ذكي وعنصر كريم كالرياضة تستخرج جوهر الفرس إن كان نجيبا وإن كان هجينا أو برذونا لم تفده الرياضة خلق نجابة لم يكن في عنصر أبيه وأمه وهذا لمن يطلب بها العاجل والحال فإن قصد بها وجه الله انتفع بها في المآل وظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البزار كما لا تصلح الرياضة إلا في النجيب اه‍ ، ومن ثم قال الشافعي : لا صنيعة عند ندل ولا شكر للئيم ولا وفاء لعبد ، وقال : ثلاثة إن أكرمتهم أهانوك : المرأة والفلاح والعبد ، وقال : ما أكرمت أحدا فوق مقداره إلا اتضع من قدري عنده بمقدار ما أكرمته رواه البيهقي ، وروي أيضا عن سفيان : وجدنا أصل كل عداوة اصطناع المعروف إلى اللئام . (البزار) في مسنده عن أحمد بن المقدام عن عبيد بن القاسم عن هشام عن عروة (عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وأقره وليس كذلك بل قال : إنه منكر اه‍ ، وقال الهيثمي : فيه عبيد بن القاسم وهو كذاب اه‍ ، ورواه ابن عدي من حديث الحسين بن مبارك الطبراني عن ابن عياش عن هشام عن أبيه عن عائشة وقال : منكر المتن والبلاء فيه من الحسين لا من ابن عياش وإن كان مختلطا اه‍ ، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وأقصى ما نوزع به أن له شاهدا . 9812 - (لا تصلوا صلاة) لفظ رواية أحمد لا تصلي صلاة وفي رواية لا تعاد الصلاة (في يوم مرتين) أي لا تفعلوها ترون وجوب ذلك ولا تقضوا الفرائض لمجرد مخافة الخلل في المؤدى ، أما إعادة المنفرد الصلاة في جماعة فجائز بل سنة في جميع الصلوات عند الشافعي حتى المغرب خلافا لأحمد لأن
[ 528 ]
فرضه الأولى وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في خبر الشيخين ففي الحمل على المنفرد جمع بين الأخبار . - (حم د) وكذا النسائي وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني كلهم [ ص 407 ] من حديث سليمان بن يسار (عن ابن عمر) بن الخطاب ، قال سليمان : أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلون قلت : ألا تصلي معهم ؟ قال : قد صليت أي جماعة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وصححه ابن السكن لكن قال البيهقي : تفرد به حسين المعلم وقال الدارقطني : تفرد به حسين بن ذكوان عن عمرو بن شعيب عنه ، وفي الموطأ عن نافع أن رجلا سأل ابن عمر فقال : إني أصلي في بيتي ثم أدرك الإمام أفأصلي معه قال : نعم قال : أيتهما أجعل صلاتي ؟ قال : ليس ذلك إليك ، قال ابن حجر : وقد يجمع بأن الممتنع إعادتها على هيئتها والثاني إعادتها على وجه أكمل اه‍ . 9813 - (لا تصلوا خلف النائم ولا المحدث) يعارضه ما صح أنه صلى وعائشة نائمة معترضة بينه وبين القبلة قال الخطابي : وقد يقال لم تكن عائشة نائمة بل مضطجعة ، ولذا قالت فكان إذا سجد غمزني قبضت رجلي فإذا قام بسطتها إلا أن يقال كان ذلك الغمز المتكرر مرارا إيقاظا ، لكن ما في الصحيحين عن عائشة أيضا كان يصلي صلاة الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت يقتضي أنها كانت نائمة لا مضطجعة قال الكمال : ويجاب بأن محل النهي إذا كانت لهم أصوات يخاف منها التغليط أو الشغل وخلافه على خلافه . (د هق عن ابن عباس) رضي الله عنهما رمز المصنف لحسنه وليس بصواب فقد جزم الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية بضعف سنده اه‍ ، وساقه البيهقي من سنن أبي داود من حديث عبد الملك بن محمد عن عبد الله بن يعقوب عمن حدثه عن ابن كعب عن ابن عباس ثم قال : هذا مرسل قال الذهبي : يريد بالرسالة كون عبد الله لم يسم من حدثه قال : ورواه هشام بن زياد وهو متروك عن أبي بن كعب رضي الله عنه . 9814 - (لا تصلوا إلى قبر ولا تصلوا على قبر) فإن ذلك مكروه فإن قصد إنسان التبرك بالصلاة في تلك البقعة فقد ابتدع في الدين ما لم يأذن به الله والمراد كراهة التنزيه قال النووي : كذا قال أصحابنا ولو قيل بتحريمه لظاهر الحديث لم يبعد ويؤخذ من الحديث النهي عن الصلاة في المقبرة فهي مكروهة كراهة تحريم ثم إن تحقق نبش المقبرة فلا تصح الصلاة فيها بلا حائل طاهر لاختلاطها بصديد الموتى وكراهة تنزيه إن تحقق عدم نبشها أو شك فيه فتصح الصلاة فيها ولو بلا حائل قطعا في الأولى على الأصح في الثانية مع الكراهة فيها لأن الأصل عدم النجاسة وإنما كرهت فيها لأن المقبرة مظنة النجاسة ولاحتمال نبشها في الثانية (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه عبد الله بن كيسان المروزي ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن حبان ورواه مسلم من حديث أبي مرثد بلظ لا تصلوا إلى القبوور ولا تجلسوا عليها . 9815 - (لا تصومن امرأة) وزوجها حاضر صوم تطوع (إلا أن يأذن زوجها) فيكره لها ذلك تنزيها عند بعض الأئمة وتحريما عند بعضهم لأن له حق التمتع بها في كل وقت والصوم يمنعه وحقه
[ 529 ]
فوري فلا يفوت بتطوع ولا بواجب على التراخي وصوم النفل وإن ساغ قطعه لكنه يهاب الإقدام على إفساده فلو صامت بغير إذنه صح وأثمت لاختلاف الجهة ذكره العمراني قال النووي : ومقتضى المذهب عدم الثواب ويؤكد التحريم ثبوت الخبر بلفظ النهي هذا كله في ابتداء الصوم فلو نكحها صائمة فلا حق له في تفطيرها كما جزم به المروزي من عظماء الشافعية وأعظم بها فائدة قل من تعرض لها أما وهو غائب عن البلد فلا يكره بل يسن قال أبو زرعة : وفي معنى غيبته كونه لا يمكنه التمتع بها لنحو مرض وأما الفرض فلا يحتاج لإذنه نعم إن كان موسعا فهو كالنفل وأما لو أذن فلا حرج (حم د حب ك عن أبي سعيد) الخدري ظاهر صنيع المصنف أنه ليس للشيخين في هذا الحديث رواية وهو ذهول بالغ فقد عزاه في مسند الفردوس للبخاري باللفظ المذكور ورواه مسلم في الزكاة بلفظ لا يحل لامرأة أن تصوم وزوجها [ ص 408 ] شاهد إلا بإذنه وخرجه البخاري في النكاح لكنه لم يقل وهو شاهد وقضية كلامه أيضا أن كلا ممن عزاه إليه لم يذكر إلا ذلك فأبو داود ذكر قيد الشهود أيضا وزاد فيه غير رمضان . 9816 - (لا تصوموا يوم الجمعة مفردا) وفي رواية بدل مفردا وحده وذلك لأنه سبحانه استأثر يومها لعباده فلم ير أن يخصه العبد بشئ من العمل سوى ما يخصه به ذكره الطيبي وأما التوجيه بأن هذا اليوم له فضل على الأيام فلما قوي الداعي لصومه نهى الشارع عنه حذرا من أن يلحقه العامة بالواجبات بمتابعتهم عليه فمنقوض بيوم عرفة فإنهم أطبقوا على ندب صومه غير مبالين بهذا الاحتمال ثم إن هذا الخبر لا يعارضه ما في السنن عن ابن مسعود قلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر في يوم الجمعة لأن ذاك غريب كما قال الترمذي وذا صحيح وبفرض تساويهما يتعين حمله على صومه مع ما قبله أو بعده جمعا بين الأدلة (حم ن ك عن جنادة) بضم أوله ثم نون بن أمية (الأزدي) الشامي يقال اسم أبيه كثير مختلف في صحبته قال : دخلت على رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في نفر من الأزد يوم الجمعة فدعانا لطعام بين يديه فقلنا : إنا صيام قال : صمتم أمس قلنا : لا قال : أفتصومون غدا قلنا : لا قال : فأفطروا ثم ذكره قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 9817 - (لا تصوموا يوم الجمعة إلا وقبله يوم أو بعده يوم) لأنه يوم عبادة وتبكير وذكر غسل فيسن فطره معاونة عليها ذكره النووي ولا يقدح فيه زوال الكراهة بصوم يوم قبله أو بعده لأن ما يحصل بسببه من الفتور في تلك الأعمال يجبره الصوم قبله أو بعده وفي خبر رواه أحمد تعليل منع صومه بأنه يوم عيد ولا يقدح فيه أن يوم العيد لا يصام مع ما قبله وبعده لأن يوم الجمعة لما أشبه العيد أخذ من شبهه النهي عن تحريمه صومه وبصومه مع ما قبله أو بعده ينتفي التحري . (تنبيه) قال ابن تيمية : علل الفقهاء الحديث بأنه يخاف أن يزاد في الصوم المفروض ما ليس منه كما زاده أهل الكتاب فإنهم زادوا في صومهم وجعلوه ما بين الشتاء والصيف وجعلوا له طريقة بالحساب يعرفونه بها (حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو غفلة فقد خرجاه معا عن أبي هريرة بلفظ " لا يصوم أحدكم يوم الجمعة إلا أن يصوم قبله أو يصوم بعده " اه‍ .
[ 530 ]
9818 - (لا تصوموا يوم السبت إلا في فريضة) لفظ رواية الترمذي والحاكم إلا فيما افترض عليكم أي لا تقصدوا صومه بعينه إلا في الفرض فإن قصد صومه بعينه بحيث لم يجب عليه إلا يوم السبت كمن أسلم ولم يبق من الشهر إلا يوم السبت فإنه يصومه وحده (وإن لم يجد أحدكم إلا عود كرم أو لحاء) بكسر اللام وحاء مهملة وبالمد (شجرة) أي قشرها وفي رواية عتبة (فليفطر عليه) وفي رواية فليمضغه وفي آخر فليمصه قال الحافظ العراقي : هذا من المبالغة في النهي عن صومه لأن قشر شجر العنب جاف لا رطوبة فيه ألبتة بخلاف غيره من الأشجار وهذا النهي للتنزيه لا للتحريم والمعنى فيه إفراده كما في الجمعة بدليل حديث صيام يوم السبت لا لك ولا عليك وهذا شأن المباح والدليل على أن المراد إفراده بالصوم حديث عائشة أنه كان يصوم شعبان كله وقوله إلا في فريضة يحتمل أن يراد ما فرض بأصل الشرع كرمضان لا بالتزام كنذر ويحتمل العموم وقد اختلف في صوم السبت فقال الشافعية : يكره إفراده بصوم ما لم يوافق عادته أو نذره ونقل نحوه عن الحنفية وقال مالك : لا يكره وقال أحمد : هذا الحديث على ما فيه يعارضه حديث أم سلمة حين سئلت أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر صياما لها قالت السبت والأحد وحديث [ ص 409 ] نهى عن صوم الجمعة إلا بيوم قبله أو يوم بعده فالذي بعده السبت وأمر بصوم المحرم وفيه السبت ولا يقال يحمل النهي على إفراده لأن الاستثبناه هنا دليل التناول وهذا يقتضي أن الحديث عم صومه كل وجه وإلا لما دخل الصوم المفروض يستثنى فإنه لا إفراد فيه والأكثر على عدم الكراهة ذكره الأثرم وقيل قصده بعينه في الفرض لا يكره وفي النفل يكره ولا تزول الكراهة إلا بضم غيره له أو موافقته عادة وقد يقال الاستثناء أخرج بعض صور الرخصة وأخرج الباقي بالدليل ثم اختلف هؤلاء في تعليل الكراهة فقيل هو يوم يمسك فيه اليهود ويخصونه بالصوم وترك العمل ففي صومه تشبه بهم وهذه العلة منتفية في الأحد وقيل هو يوم عيد لأهل الكتاب يعظمونه ونقض بالأحد وقد يقال إذا كان يوم عيد فمخالفتهم فيه بالصوم لا الفطر . - (حم ت د ه) بل رواه أصحاب السنن جميعا كما ذكره العراقي (ك) في الصوم (عن) عبد الله بن بشر عن أخته (الصماء بنت بسر) المازنية أخت عبد الله بن بسر أو عمته قال الحاكم : على شرط البخاري وأقره الذهبي وقال الترمذي : حسن اه‍ . وأعل بأن له معارضا بسند صحيح وبقول مالك هذا الخير كذب وبقول النسائي مضطرب فقيل هكذا أو قيل عبد الله بن بسر وقيل عنه عن أبيه وقيل عنه عن الصماء وقيل عنهما عن عائشة وانتصر له وأجيب ووقع اضطراب في الجواب عن الاضطراب قال ابن حجر : وبالجملة فهذا التلون في حديث واحد بسند واحد مع اتحاد المخرج بوهن روايته ويضعف ضبطه إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع الطرق وهنا ليس كذلك وزعم أبو داود نسخه ورجح واعترض . 9819 - (لا تضربوا إماء الله) جمع أمة وهي الجارية لكن المراد هنا المرأة ولو حرة لأن الكل إماء
[ 531 ]
الله كما أن الرجال عبيده أي لا تضربوهن لأنكم أنتم وهن سواء في كونكم خلق الله ولكم فضل عليهن أن جعلكم الله قوامين عليهم فإن وافقوكم فأحسنوا إليهم وإلا فاتركوهم إلى غيركم ولما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم ذلك جاءه عمر فقال ذأرن بذال معجمة فهمزة أي اجترأن النساء على أزواجهن فأمر بضربهن فطاف بآل النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة سبعون امرأة كل امرأة تشتكي زوجها فقال : ليس أولئك لخياركم قالوا كان النهي مقدما على نزول الآية المبيحة لضربهن ثم لما احتيج لتأديبهن لنحو نشوز نزلت ثم اختار لهم الصبر والتحمل وأن لا يضربوا وللضرب شروط مبينة في الفروع (د ن ه ك عن إياس بن عبد الله ابن أبي ذباب) بضم الذال المعجمة بضبط المصنف فموحدة تحتية مخففة الدوسي قال في الكاشف : مختلف في صحبته أورده ابن منده وغيره في الصحابة وجرى عليه الحافظ ابن حجر وقال في الرياض بعد عزوه للنسائي : إسناده صحيح وخرجه عنه أيضا الشافعي في المسند . 9820 - (لا تضربوا الرقيق) أي لا تضربوا رقيقكم ضربا للتشفي من الغيظ (فإنكم لا تدرون ما توافقون) يعني ما يقع عليه الضرب من الأعضاء فربما وقع على عين فتفقأ أو على عضو فيكسر أو على صدر أو خاصرة فيقتل فحذرهم أن يضربوا مماليكهم فيحدث منه حدث فيشرك في دمه أما ضربهم لتأديب أو حد فجائز بل قد يجب وعليه أن لا يتعدى ولا يؤاخذ بما تلف من ذلك على الوجه المشروع وإنما أطلق النهي لأن أكثر السادة إنما يضرب للغضب لنفسه في نفع أو ضر شفاء لما في الصدور فحسب (طب) وكذا أيو يعلى (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : في سند الطبراني وأبو يعلى عكرمة بن خالد بن سلمة وهو ضعيف . 9821 - (لا تضربوا إماءكم على كسر إنائكم) منهم في الوضع والرفع بغير اختيار (فإن لها) يعني الآنية (أجلا كآجال الناس) فإذا انقضى أجلها فلا حيلة للمملوك في دفعه وعمر الشئ هو بقاؤه إلى زمان فساد صورته التي بزوالها يزول عنه ذلك [ ص 410 ] الاسم الذي كان يستحقه جمادا كان أو بناء أو حيوانا وخص الإماء لا لإخراج العبيد بل لأن مزاولتهن لأواني الأطعمة والطبخ أكثر قال ابن الجوزي : فيه النهي عن ضرب المملوك إذا تلف منه شئ (حل عن كعب بن عجرة) أورده في الميزان في ترجمة العباس بن الوليد الشرفي وقال : ذكره الخطيب في الملخص فقال : روى عن ابن المديني حديثا منكرا رواه عمه أحمد ابن أبي الحواري من حديث كعب بن عجرة مرفوعا ثم ساق هذا بعينه . 9822 - (لا تطرحوا الدر في أفواه الخنازير) يريد بالدر العلم وبالخنازير من لا يستحقه من أهل الشر والفساد ومصداق ذلك في كلام الله القديم ففي الإنجيل لا تعطوا القدس الكلاب ولا تلقوا
[ 532 ]
جواهركم أمام الخنازير فتدوسها بأرجلها فترجع فتذمنكم اه‍ . قال حجة الإسلام : ومن قصد بطلب العلم المنافسة والمباهاة والتقدم على الأقران واستمالة وجوه الناس وجمع الحطام فهو ساع في هدم دينه وإهلاك نفسه فصفقته خاسرة وتجارته بائرة وفعله معين له على عصيانه شريط له في خسرانه فهو كبائع سيف من قاطع طريق ومن أعان على معصية ولو بشطر كلمة كان شريكا فيها اه‍ . فعلى العالم أن لا يعرج إلى بث الحكمة لغير أهلها وأن لا يضعها إلا في قلب طاهر نقي لإتقانه الحكمة فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب إن لكل تربة غرسا ولكل بناء أساس وما كل رأس تستحق التيجان ولا كل طبيعة تستحق إفادة البيان وإن كان ولا بد فيقتصر معه على إقناع يبلغه فهمه قيل كما أن لب الثمار معد للأنام والتبن مباح للأنعام فلب الحكمة معد لذوي الألباب وقشورها مجعولة للأغنام وكما أنه من المحال أن يشم الأخشم ريحا فمحال أن يفيد الحمار بيانا صحيحا (ابن النجار) في ذيل تاريخ بغداد (عن أنس) بن مالك حديث ضعيف جدا بل أورده ابن الجوزي في الموضوعات لكن له شاهد عن ابن ماجه عن أنس بلفظ واضع العلم عند غير أهله كمقلد الخنازير الجوهر واللؤلؤ والذهب . 9823 - (لا تطرحوا) وفي رواية لا تعلقوا (الدر في أفواه الكلاب) فإن الحكمة كالدر بل أعظم ومن كرهها أو لم يعرف قدرها فهو شر من الكلب والخنزير ولذلك قيل : كل لكل عبد بمعيار عقله وزن له بميزان فهمه حتى تسلم منه وإلا وقع الإنكار لتفاوت المعيار وقال علي كرم الله وجهه وأشار إلى صدره إن ههنا علما جما لو وجدت له حملة . قال الغزالي : وصدق فقلوب الأبرار قبور الأسرار فلا ينبغي أن يفشي العالم كل ما يعلمه إلى كل أحد هذا إذا كان من يفهمه كيس أهلا للانتفاع به فكيف بمن لا يفهمه وقيل في قوله تعالى * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * الآية ، أنه نبه به على هذا المعنى وذلك لأنه لما منعنا من تمكين السفيه من المال الذي هو عرض حاضر يأكل منه البر والفاجر تفاديا أنه ربما يؤديه إلى هلاك دنيوي ، فلأن يمنع عن تمكينه من حقائق العلوم التي إذا تناولها السفيه أداه إلى ضلال وإضلال وهلاك وإهلاك : أولى قال : إذا ما اقتنى العلم ذو شرة * تضاعف ما ذم من مخبره وصادف من علمه قوة * يصول بها الشر في جوهره وكما أنه يجب على الحكام إذا وجدوا من السفهاء رشدا أن يدفعوا إليهم أموالهم للآية فواجب على الحكماء والعلماء إذا وجدوا من المسترشدين قبولا أن يدفعوا إليهم العلوم بقدر استحقاقهم فالعلم قنية يتوصل بها إلى الحياة الأخروية كما أن المال قنية في المعاونة على الحياة الدنيوية (المخلص) أبو الطاهر والعسكري (عن أنس) بن مالك وفيه يحيى بن عقبة بن أبي العيزار كذاب يضع لكن شاهده ما قبله فهما يتعاضدان ثم هذا قد رواه باللفظ المزبور أبو نعيم والطبراني والديلمي وغيرهم ولعل المؤلف اقتصر على هذه الطريق لكونها أقوى عنده ولو جمع الكل لكان أولى . 9824 - (لا تطرقوا النساء) بضم الراء ولا يكون إلا (ليلا) عند الجمهور فالإتيان به للتأكيد أو
[ 533 ]
على لغة من قال إنه يستعمل [ ص 411 ] في النهار أيضا وهذا في البخاري بلفظ لا تطرقوا النساء بعد صلاة العتمة هذا لفظه وأخذ من هذا الحديث ونحوه أنه لو تزوج امرأة وطالبها بالتسليم فطلبت هي أو وليها التأخير لتنظف وتزيل نحو وسخ أمهلت قالوا لأنه إذا منع الزوج الغائب أن يطرقها معافصة فهذا أولى . (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه زمعة بن صالح وهو ضعيف وقد وثق اه‍ . ورمز المصنف لحسنه ورواه الإمام أحمد عن ابن عمر بزيادة مبينة لوجه النهي ولفظه لا تطرقوا أهلكم ليلا فخالفه رجلان فسعيا إلى منازلهما فرأى كل واحد في بيته ما يكره اه‍ . قال الحافظ العراقي : وسنده جيد . 9825 - (لا تطعموا المساكين مما لا تأكلون) فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا و * (أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون) * فينبغي إطعام نحو الفقير من كل متصدق عليه من أجود ما عنده وأحبه إليه وإذا لم يكن من الجيد فذلك من سوء الأدب فإنه إذا أمسك الجيد لنفسه وأهله فقد آثر على الله غيره ولو فعل هذا بضيفه لأوغر به صدره مع أنه مخلوق ، أخرج ابن سعد أن الربيع بن خيثم كان يحب السكر فإذا جاء السائل ناوله فيقال له : ما يصنع بالسكر الخبز خير له ، فيقول : سمعت الله يقول * (ويطعمون الطعام على حبه) * ، وكان ابن عمر يتصدق في السنة بألف قنطار من السكر فقيل له في ذلك فقال : والله أنا أحب السكر وقد سمعت الله يقول * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * (حم عن عائشة) قالت : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم يأكله فقيل يا رسول الله ألا تطعمه المساكين ؟ فذكره قال الهيثمي : رجاله موثقون . 9826 - (لا تطلقوا) في رواية البزار لا تطلق (النساء إلا من ريبة) أي تهمة (فإن الله لا يحب الذواقين) من الرجال للنساء (ولا الذواقات) من النساء للرجال أي من يتزوج بقصد ذوق العسيلة فإذا ذاق فارق فيكره التزوج بهذا القصد ويكره الطلاق لغير ريبة أي ولا عذر . (طب) وكذا البزار (عن أبي موسى) الأشعري . قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني والبزار معا : أحد أسانيد البزار فيه عمران القطان وثقه أحمد وابن حبان وضعفه يحيى وغيره ورواه عنه البزار أيضا قال عبد الحق : وليس لهذا الحديث إسناد قوي قال ابن القطان : وصدق بل هو مع ذلك منقطع . 9827 - (لا تظهر الشماتة لأخيك) كذا هو باللام في خط المصنف وفي رواية بأخيك بباء موحدة في الدين وهي الفرح ببلية من تعاديه أو يعاديك (فيرحمه الله) رغما لأنفك وفي رواية فيعافيه الله (ويبتليك) حيث زكيت نفسك ورفعت منزلتك وشمخت بأنفك وشمت به . قال الطيبي : ويرحمه الله نصب جوابا للنهي ويبتليك عطف عليه وهذا معدود من جوامع الكلم (تنبيه) أخذ قوم من هذا الخبر
[ 534 ]
أن في الشماتة بالعدو غاية الضرر فالحذر الحذر نعم أفتى ابن عبد السلام بأنه لا ملام في الفرح بموت العدو من حيث انقطاع شره عنه وكفاية ضرره - (ت) في الزهد من طريقين أحدهما من حديث عمر بن إسماعيل بن مجالد عن حفص بن غياث عن يزيد بن سنان عن مكحول (عن واثلة) والآخر من طريق القاسم بن أمية الحذاء عن حفص بن غياث به ثم قال الترمذي : حسن غريب وأورده ابن الجوزي في الموضوع وقال : عمر بن إسماعيل كذاب كذبه ابن معين وغيره والقاسم لا يجوز الاحتجاج به قال : ولا أصل للحديث وهذا مما انتقده القزويني على المصابيح وزعم وضعه كابن الجوزي ونازعهما العلائي . 9828 - (لا تعجبوا بعمل عامل) أي لا تعجبوا عجبا يفضي إلى القطع بنجاته والحكم على الله عز وجل بمغيب (حتى تنظروا [ ص 412 ] بما يختم له) لأن الخاتمة بالخير والشر تفيد قوة الرجاء والخوف لا القطع بحاله الذي لا يعلمه إلا الله فإن العمل على الخاتمة وهي غيب عنا ومن ثم منعوا لعن الكافر المعين لأنا لا ندري بما يختم له وتمام الحديث عند أحمد في المسند فإن العامل يعمل زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة ثم يتحول فيعمل عملا سيئا وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سئ لو مات عليه دخل النار ثم يتحول فيعمل عملا صالحا اه‍ بنصه وقد وقع لنا هذا الحديث عاليا أخبرني الوالد تاج العارفين قال أخبرنا الشيخ العلامة محمد بن حمص البهجوري قال حدثنا شيخ الإسلام يحيى المناوي قال أنبأنا الحافظ الكبير ولي الدين أحمد العراقي قال حدثتنا أم محمد بنت محمد بن علي الصالحية قالت أنبأني جدي عن أبي جعفر محمد الصيدلاني عن فاطمة الجورذانية عن أبي بكر بن زيدة عن أبي القاسم الطبراني عن محمد بن خالد الراسبي عن عبد الواحد بن غياث عن فضالة بن جبير عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجبوا إلخ (طب عن أبي أمامة) رمز لحسنه وفيه فضالة بن جبير قال الذهبي في الضعفاء : قال ابن عدي : أحاديثه غير محفوظة ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يره مخرجا لأقدم من الطبراني ولا أحق بالعزو منه مع أن أحمد خرجه كما تقرر وقد مر غير مرة أن الحديث إذن كان في مسند أحمد لا يعزى لمثل الطبراني وممن خرجه باللفظ المزبور البزار أيضا وقال الحافظ العراقي هذا حديث عالي الإسناد لكنه ضعيف لضعف رواته . 9829 - (لا تعجزوا في الدعاء فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد) لما مر في أخبار أنه يرد القضاء المبرم (ن) من حديث عمر بن محمد الأسلمي رواه عنه معلى بن أسد عن ثابت (عن أنس) بن مالك قال الحاكم صحيح وتعقبه الذهبي فقال لا أعرف عمر وتعقب عليه اه‍ . وفي الميزان عن أبي حاتم : مجهول قال في اللسان : وقد تساهل الحاكم في تصحيحه . 9830 - (لا تعذبوا) من استحق التعذيب (بعذاب الله) يعني النار لأنها أشد العذاب ولذلك كانت عذاب الكفار في دار القرار ولأنها جعلت في الدنيا للإرفاق فلا تستعمل في غيره فمن استحق
[ 535 ]
القتل فاقتلوه بالسيف أو بمثل ما قتل به هذا حيث أمكن ولا يجوز قتله بالتحريق هذا عند أكثر السلف والخلف ، هبه بسبب كفر أو قصاص وقصة العرنيين منسوخة أو كانت قصاصا بالمماثلة وذهب علي كرم الله وجهه إلى حل تحريق الكفار مبالغة في النكاية والنكال لأعداء ذي الجلال لكن في شرح السنة للبغوي أنه لما بلغه قول ابن عباس الآتي رجع أما لو تعذر قتل من وجب قتله إلا بإحراقه فيجوز فقد روى الحكيم عن ابن مسعود كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بمنى فمرت حية فقال اقتلوها فسبقتنا إلى جحر فدخلت فقال هاتوا سعفة ونارا فأضرمها نارا اه‍ ، فلما فاته هذا العدو أوصل إليه الهلاك من حيث قدر (د ت ك) في الحدود (عن ابن عباس) قضية صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد عزاه الديلمي في مسند الفردوس إلى البخاري ثم رأيته في كتاب الجهاد بهذا اللفظ بعينه مسندا ولفظه أن عليا حرق قوما فبلغ ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تعذبوا بعذاب الله ولقتلتهم لقوله من بدل دينه فاقتلوه اه‍ بحروفه ، وخرجه البخاري أيضا في استتابة المرتدين وأبو داود وابن ماجه في الحدود والترمذي والنسائي في المحاربة كلهم عن ابن عباس فاقتصار المؤلف على أبي داود من ضيق العطن وممن ذهب إلى مذهب علي مالك فإنه سئل عمن سب النبي صلى الله عليه وسلم فأمر كاتبه أن يكتب فزاد كاتبه ويحرق بالنار فقال أصبت كذا في المطامح وأنا أقول هذا غير مقبول فإن كلام مالك هذا كالصريح في أنه يحرق بعد قتله وأما علي فحرفهم وهم أحياء فلا يجوز بمجرد هذا أن ينسب إلى مالك أنه قائل بقول علي . 9831 - (لا تعذبوا صبيانكم بالغمز من العذرة) بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة قال الزمخشري : هو أن تأخذ الصبي العذرة وهي وجع بحلقه فتدغر المرأة ذلك الموضع أي تدفعه بأصبعها (وعليكم بالقسط) بالضم من العقاقير معروف في الأدوية (خ عن أنس) بن مالك . 9832 - (لا تعزروا) في رواية لا تعزير (فوق عشرة أسواط) جلدات وفي رواية بدل أسواط جلدات وفي رواية ضربات وزاد في رواية إلا في حد من حدود الله تعالى قال ابن حجر : وظاهره أن المراد بالحد ما ورد فيه من الشارع عدد من جلد أو ضرب اه‍ أخذ به أحمد فمنع الزيادة عليها أناطه الجمهور برأي الإمام وعليه الشافعي لكنه شرط أن لا يبلغ تعزير كل إنسان حده وقال الحديث منسوخ أو مؤول قال ابن حجر تبعا للنووي : ولا يعرف القول به عن أحد من الصحابة وقول القرطبي : قال به الجمهور : ممنوع والتعزير مصدر عزر مأخوذ من العزر وهو الرد والمنع واستعمل في الدفع عن الإنسان كدفع أعدائه عنه وكدفعه عن إتيانه القبيح ومنه عزره القاضي أي أدبه لئلا يعود إلى القبيح ويكون بالقول وبالفعل بحسب اللائق وجاء عطفه على التأديب في رواية للبخاري وفرق بأن التعزير يكون سبب المعصية والتأديب أعم منه ومنه تأديب الوالد والمعلم (ه) عن هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش عن عباد بن كثير عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال في الميزان عن العقيلي هذا حديث منكر وقال ابن الجوزي موضوع .
[ 536 ]
9833 - (لا تغالوا) بحذف إحدى التاءين للتخفيف (في الكفن) أي لا تبالغوا في كثرة ثمنه وأصل الغلاء الارتفاع ومجاوزة الحد في كل شئ (فإنه يسلبه) بهاء في آخره بخط المصنف أي يسلبه الميت (سلبا سريعا) علة للنهي كأنه قال لا تشتروا الكفن بثمن غال فإنه يبلى بسرعة وهو تبذير (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) * واستعار لبلاء الثوب السلب تتميما لمعنى السرعة (د) من رواية الشعبي (عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال المنذري وغيره : فيه أبو مالك عمرو بن هاشم قال البخاري : فيه نظر ومسلم : ضعيف وأبو حاتم : لين الحديث والبستي : يقلب الأسانيد وخالف ابن معين فوثقه اه‍ وقال ابن حجر : فيه عمرو بن هاشم مختلف فيه وفيه انقطاع بين الشعبي وعلي لأن الدارقطني ذكر أنه لم يسمع منه غير حديث واحد اه‍ . 9834 - (لا تغبطن فاجرا بنعمة إن له عند الله قاتلا) بمثناة فوقية بضبط المصنف (لا يموت - هب - عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا البخاري في تاريخه والطبراني في الأوسط الكل بسند ضعيف قاله الحافظ العراقي فافراد المصنف البيهقي بالعزو له غير جيد . 9835 - (لا تغضب) أي لا تفعل ما يحملك على الغضب أو لا تفعل بمقتضاه بل جاهد النفس على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به فإذا ملك الإنسان كان في أسره وتحت أمره ومن ثم قال سبحانه * (ولما سكت عن موسى الغضب) * فمن لم يمتثل ما يأمر به غضبه وجاهد نفسه اندفع عنه شر غضبه وربما سكن عاجلا وإليه الإشارة بقوله * (وإذا ما غضبوا هم يغفرون) * [ الشورى : 37 ] ومن غضب فإن في الحقيقة إنما يغضب على ربه فقال بعض الصوفية : الغضب نسيان العبودية لأن صفة العبد الذلة والانكسار والصغار والاضطرار ومن هذا حاله كيف يليق به الغضب وكفى المغضوب عقوبة في الدنيا [ ص 414 ] الاحتراق بنار نفسه وفي الأخرى إبطال حسناته . - (حم خ) في الأدب (ت) في البر (عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم ورواه الطبراني عن أبي الدرداء وزاد ولك الجنة قال المنذري : بسندين أحدهما صحيح (حم ك عن جارية بن قدامة) التميمي السعدي صحابي على الصحيح قال : قلت للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال : لا تغضب فردد عليه مرارا قال : لا تغضب قال حارثة : ففكرت فإذا الغضب يجمع الشر كله وفي بعض طرقه ما يبعدني من غضب الله قال لا تغضب وفي رواية أوصني ولا تكثر وفي أخرى مرني بأمر وأقلله كي أعقله وفي أخرى أعيش به سيدا في الناس ولا تكثر قال لا تغضب . 9836 - (لا تغضب فإن الغضب مفسدة) للظاهر بتغير اللون ورعدة الأطراف والخروج عن
[ 537 ]
حيز الاعتدال وقبح الصورة وللباطن دينا ودنيا من إضمار الحقد وإطلاق اللسان بنحو شتم وفحش واليد بنحو ضرب وقتل إلى غير ذلك مما يفسد القلب ويغضب الرب هذا إن تمكن من المغضوب عليه وإلا رجع غضبه على نفسه فمزق ثوبه ولطم خده ورمى بنفسه إلى الأرض وربما قويت عليه نار الغضب فأطفأت بعض حرارته الغريزية فأغمى أو كلها فمات (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن رجل) هو أبو الدرداء أو ابن عمر أو سفيان الثقفي أو غيرهم ويحتمل أن كلا منهم سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه فأوصاه به . 9837 - (لا تغضب ولك الجنة) فإنه يترتب على التحرز من الغضب حصول الخير الدنيوي والأخروي وهذه الأخبار الثلاثة من جوامع الكلم وبدائع الحكم فقد حوت هذه اللفظة وهي لا تغضب من استجلال المصالح ودرء المفاسد مما لا يمكن عده ولا ينتهي حده و * (الله أعلم حيث يجعل رسالاته) * وقد تضمنت أيضا دفع أكثر الشرور من الإنسان فإنه في مدة حياته بين لذة وألم فاللذة سببها ثوران الشهوة بنحو أكل أو جماع والألم سببه ثوران الغضب ثم كل من اللذة والغضب قد يباح تناوله أو دفعه كنكاح الزوجة ودفع قاطع الطريق وقد يحرم كالزنا والقتل فالشر إما عن شهوة كالزنا أو عن غضب كالقتل فهما أصل الشرور ومبدؤها فبتجنب الغضب بندفع نصف الشر بهذا الاعتبار وأكثره في الحقيقة فإن الغضب يتولد عنه القذف والهجر والطلاق والحقد والحسد والحلف الموجب للحنث أو الندم بل والقتل بل والكفر كما كفر جبلة حين غضب من لطمة أخذت منه قصاصا . وبهذا التقرير فحديث الغضب هذا ربع الإسلام لأن الأعمال خير وشر والشر ينشأ عن شهوة أو غضب والخبر يتضمن نفي الغضب فتضمن نفي نصف الشر وهو ربع المجموع (ابن أبي الدنيا طب عن أبي الدرداء) قال : قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فذكره قال الهيثمي : رواه الطبراني بإسنادين أحدهما رجاله ثقات . 9838 - (لا تفقع أصابعك) أي أصابع يديك (وأنت في الصلاة) فيكره تنزيها وكذا وهو ذاهب إليها أو منتظرها قال في الفردوس : التفقيع غمز الأصابع حتى يكون لها نقيض وهو مثل الفرقعة (ه عن علي) أمير المؤمنين قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه : سنده ضعيف الحارث راويه عن علي ضعيف ثم بسطه . 9839 - (لا تقام الحدود في المساجد) صيانة لها وحفظ لحرمتها فيكره ذلك تنزيها نعم لو التجأ إليه من عليه قود جاز استيفاؤه فيه حتى المسجد الحرام فيبسط النطع ويستوفى فيه تعجيلا لاستيفاء الحق عند الشافعي وقال أبو حنيفة لا يقتل في الحرم بل يلجأ إلى الخروج (ولا يقتل الوالد بالولد) أي لا يقاد والد بقتل ولده لأنه السبب في إيجاده فلا يكون هو السبب في إعدامه أو معناه لا يقتل الابن بقود وجب
[ 538 ]
عليه لأبيه قال الطيبي : والأول أقرب وسائر الأصول كالأب (حم ت) في الديات (ك عن ابن عباس) قال أعني الترمذي : ولا نعرفه مرفوعا إلا من حديث إسماعيل بن مسلم المكي وقد تكلم فيه بعضهم اه‍ وإسماعيل تركه النسائي وقال الذهبي : ضعفوه . 9840 - (لا تقبل) بالضم على البناء لما لم يسم فاعله وفي رواية لأحمد وغيره لا يقبل الله (صلاة بغير طهور) بضم الطاء على الأشهر لأن المراد به المصدر أي تطهير والمراد ما هو أعم من الوضوء والغسل وبالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الإجزاء ولهذا قال بعض المحققين : القبول حصول الثواب على الفعل الصحيح والصحة وقوع الفعل مطابقا للأمر وكل مقبول صحيح ولا عكس فالقبول مستلزم للصحة لا العكس ونفي الأخص وإن كان لا يستلزم نفي الأعم لكن المراد بعدم القبول هنا ما يشمل عدم الصحة وذكر الطهور في سياق النفي ليعم كل صلاة ولو نفلا وجنازة وسجدة تلاوة وشكر وفيه أن طهارة الحدث والنجس شرط لكل ذلك لكن محله في القادر عليها فالعاجز عنها يصلي محدثا وبالنجس ويعيد وقول الخطابي فيه اشتراط الطهر للطواف لأن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم سماه صلاة تعقبه اليعمري بأن المشبه لا يقوى قوة المشبه به من كل وجه (ولا صدقة من غلول) بضم المعجمة مما أخذ من جهة غلول أي خيانة في غنيمة أو نحو سرقة أو غصب فالغلول مصدر أطلق على اسم المفعول فالمعنى لا تقبل صدقة من مال مغلول نظير * (هذا خلق الله) * أي مخلوقه ومن على هذا للتبعيض أو لبيان الجنس أو بمعنى الباء كما في * (ينظرون من طرف خفي) * [ الشورى : 45 ] ويحتمل كون الغلول مصدرا على بابه ويكون من لابتداء الغاية أي لا يقبل صدقة مبدؤها ومنشؤها غلول والأول أقرب ذكره الولي العراقي وذكر الصدقة في سياق النفي ليعم الواجبة والمندوبة فلو سرق مالا وأخرجه عن زكاته أو عبدا فأعتقه عن كفارته لم يجزئه وإن أرضى صاحب المال والقن بعد لفقد شرط الصحة وهو حل المال فالصدقة بحرام في عدم القبول واستحقاق العقاب كالصلاة بغير طهور ذكره ابن العربي قال العراقي : وقضيته أنه لا يقبل لا عن المتصدق ولا عن صاحبه وإن نواه عنه لكن ذكروا أنه إذا مات المغصوب منه بلا وارث وتعذر دفعه لقاض أمين يتصدق به الغاصب على الفقراء بنية الغرامة إن وجده فتستثني هذه الصورة ووجه الجمع بين هاتين الجملتين في الحديث أن الصلاة والصدقة قرينتان في القرآن والطهارة شرط الصلاة وانتفاء الحرام شرط المال المتصدق به ذكره جمع وقال الطيبي : قرن عدم قبول الصدقة من حرام بعد قبول الصلاة بدون وضوء إيذانا بأن التصدق تزكية النفس من الأوضار وطهارة لها كما أن الوضوء كذلك ومن ثم صرح بلفظ الطهور وهو المبالغة في الطهر وهذا الحديث رواه أيضا الشيرازي في الألقاب عن طلحة بزيادة قرينة ثالثة ولفظه " لا يقبل الله صلاة إمام حكم بغير ما أنزل الله ولا صلاة عبد بغير طهور ولا صدقة من غلول " (تنبيه) قال ابن حجر في شرح الترمذي : في بعض الروايات الصحيحة من غير طهور فيحتمل أن تكون فيه من للتبيين نظير التي في الجملة الأخرى وهي ولا صدقة من غلول ويحتمل أن يكون من فيه مرادفة الباء كما قال ابن يونس النحوي ومما يؤكد هذا صحة الروايتين معا تارة بالباء وتارة بمن
[ 539 ]
والقصة واحدة فدل على الترادف اه‍ . - (م) في الطهارة (ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري لأن مداره على سماك بن حرب وهو لا يخرج عنه لكونه ليس من شروطه وسببه كما في مسلم عن مصعب بن سعد قال : دخل ابن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض فقال : ألا تدعو الله يا ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره يعني إنك غير سالم من الغلول لكونك كنت عامل البصرة فلا يقبل الله الدعاء لك ، وقصده بذلك زجره وظاهر كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة وليس كذلك فقد قال ابن محمود شارح أبي داود : رواه الجماعة كلهم إلا البخاري ورواه سعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر موقوفا وزاد ولا نفقة من ربا . 9841 - (لاتقبل) بمثناة فوقية أوله والبناء للمجهول وفي أكثر الروايات لا يقبل الله قال ابن حجر : وحقيقة القبول وقوع الطاعة مجزئة مسقطة لما في الذمة ولما كان الإتيان بشروطها مظنة [ ص 416 ] الإجزاء الذي القبول ثمرته عبر عنه بالقبول مجازا وأما القبول المنفي في حديث " من أتى عرافا لم تقبل له صلاة " فهو الحقيقي لأنه قد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع ولذلك كان بعض السلف يقول : لأن تقبل لي صلاة واحدة أحب إلي من الدنيا وما فيها (صلاة الحائض) أي الحرة التي بلغت سن الحيض (إلا بخمار) وهو ما تخمر به الرأس أي تستره وخص الحيض لأنه أكثر ما يبلغ به الإناث لا للاحتزاز فالصبية المميزة لا تقبل صلاتها إلا بخمار قال الطيبي : وكان الظاهر أن يقال لا تقبل صلاة الحرة إلا بخمار فكنى عنها بما يختص بها من الوصف توهينا لها بما يصدر عنها من كشف رأسها كأنه قيل لها غطي رأسك يا ذات الحيض وفيه أن ستر العورة شرط لصحة الصلاة وعورة المرأة الحرة عند الشافعي ما سوى الوجه والكفين والمبعضة ما بين السرة والركبة فيجب عليها سترها كلها واغتفر الحنفي نحو الربع من غير السرة ودون الدرهم منها (حم ت ه عن عائشة) رمز لحسنه ورواه عنها أبو داود وكأن المصنف أغفله سهوا وإلا فهو مقدم في العزو على ذينك قال ابن حجر : ورواه أصحاب السنن غير النسائي وابن خزيمة والحاكم وإسحاق والطيالسي وأحمد وابن حبان وأعله الدارقطني بالوقف وقال : وقفه أشبه والحاكم بالإرسال . 9842 - (لا تقتلوا الجراد) أي لغير الأكل فيحرم (فإنه من جند الله الأعظم) يعني إذا لم يتعرض لإفساد نحو زرع وحينئذ يندفع بقتل أو غيره (طب هب عن أبي زهير) تصغير زهر النميري أو الأنماري أو التميمي صحابي ورواه عنه الطبراني أيضا قال الهيثمي : وفيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف . 9843 - (لا تقتلوا الضفادع) فيحرم (فإن نقيقهن) ترجيع صوتهن (تسبيح) (ن عن ابن عمرو)
[ 540 ]
بن العاص وفيه المسيب بن واضح السلمي قال في الميزان عن أبي حاتم : صدوق يخطئ كثيرا فإذا قيل له لم يقبل وساق له ابن عدي مناكير هذا منها وسئل الدارقطني عنه فقال : ضعيف . 9844 - (لا تقص الرؤيا إلا على عالم أو ناصح) وفي رواية الطبراني لا تقصص رؤياك إلا على عالم أو ناصح (ت عن أبي هريرة) ورواه عنه الطبراني في الصغير قال الهيثمي : وفيه إسماعيل بن عمرو البجلي وثقه ابن حبان وضعفه جمع . 9845 - (لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار) أو ما قيمته ربع دينار فصاعدا فلا تقطع في أقل وهو مذهب الشافعي ، وقال مالك وأحمد : ربع دينار أو ثلاثة دراهم أو ما قيمته ذلك ، وقال أبو حنيفة : عشرة دراهم أو ما قيمته ذلك والحديث عليهم حجة (م ن ه عن عائشة) هذا كالصريح في أنه من تفردات مسلم عن صاحبه ولعله ذهول فقد عزاه الصدر المناوي للجماعة كلهم في باب قطع السرقة قال : واللفظ للبخاري . 9846 - (لا تقطع الأيدي في السفر) أي سفر الغزو بدليل الرواية الأخرى في الغزو بدل السفر يعني لا تقطع إذا سرق من الغنيمة لأنه شريك بسهمه فيه وكذا لو زنى لا يحد وحمله بعضهم على العموم لأنه قال مخافة أن يلحق المتطوع بالعدو فإذا رجعوا قطع وبه أخذ الأوزاعي وأجراه في كل حد قال ابن العربي : وهذا لا أعلم له أصلا في الشرع وحدود تقام على أهلها وإن كان ما كان وتبعه الحافظ ابن حجر فقال : هذا يعارضه خبر البيهقي أقيموا الحدود في السفر والحضر على القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم اه‍ . - (حم 3 والضياء) المقدسي وكذا ابن حبان كلهم (عن بسر) بضم [ ص 417 ] الباء الموحدة وسكون السين المهملة بن أبي أرطاة أو ابن أرطاة قال ابن حجر : والأول أصح قال ابن حبان : ومن قال ابن أرطاة فقد وهم ، وقد مر هذا موضحا واسم أبي أرطاة عمير بن عويمر بن عمران قال أعني ابن حجر : مختلف في صحبته يعني بسر وقال : وهذا إسناد مصري قوي وبسر من شيعة معاوية قال ابن معين : وبسر رجل سوء قال البيهقي : إنما قاله لما ظهر من سوء فعله في قتاله أهل المدينة وغيرهم قال الذهبي : الحديث جيد لا يرد بمثل هذا . 9847 - (لا تقولوا الكرم) أي للعنب (ولكن قولوا العنب والحبلة) بفتح الباء وقد تسكن هي أصل شجرة العنب والعنبة يطلق على الثمر والشجر والمراد هنا الشجر ولذلك سمته العرب كرما ذهابا إلى أن الخمر تكسب شاربها كرما ويلتفت عليه قول القائل ، فيابنة الكرم ، بل يا ابنة الكرم ، فلما حرم الخمر نهاهم عن ذلك تحقيرا لها وتذكيرا لتحريمها وبين لهم في خبر أن الكرم هو قلب المؤمن لأنه
[ 541 ]
معدن التقوى لا الخمر المؤدي إلى اختلال العقل وفساد الرأي وإتلاف المال (م) في الأدب (عن واثلة) ابن الأسقع قال ابن حجر : ولم يخرجه البخاري ولا خرج عن واثلة شيئا 9848 - (لا تقوم الساعة) اسم علم ليوم القيامة (حتى يتباهى) أي يتفاخر (الناس في المساجد) أي في عمارتها ونقشها وتزويقها كفعل أهل الكتاب بكنائسهم وبيعهم وقيل المراد عمارتها بالصلاة فيها وذكر الله لا بنيانها (حم د ه حب عن أنس) بن مالك ورواه عنه الطبراني والديلمي . 9849 - (لا تقوم الساعة حتى لا يقال) وفي رواية لمسلم لا تقوم الساعة على أحد يقول (في الأرض الله الله) بتكرار الجلالة ورفعها على الابتداء وحذف الخبر ذكره النووي وقد قال : يغلط بعض الناس فلا يرفعه اه‍ . ورجح القرطبي النصب بفعل مضمر وليس المراد أن لا يتلفظ بهذه الكلمة بل أنه لا يذكر الله ذكرا حقيقيا فكأنه لا تقوم الساعة وفي الأرض إنسان كامل أو التكرار كناية عن أن لا يقع إنكار قلبي على منكر لأن من أنكر منكرا يقول عادة متعجبا من قبحه الله الله فالمعنى لا تقوم الساعة حتى لا يبقى من ينكر المنكر (حم م) في الإيمان (ت عن أنس) بن مالك وذكر الترمذي في العلل عن البخاري أن فيه اضطرابا . 9850 - (لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس) وذلك أنه تعالى يبعث الريح الطيبة فتقبض روح كل مؤمن فلم يبق إلا شرار الناس وذلك إنما يقع بعد طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة وسائر الآيات العظام وقد أورد مسلم في حديث آخر أن الله يبعث ريحا طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم وفي حديث له آخر يرسل الله ريحا باردة من قبل الشام فلا تبقي على وجه الأرض أحدا في قلبه مثقال ذرة من خير إلا قبضته وفيه فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيأمرهم بعبادة الأوثان ثم ينفخ في الصور (حم م عن ابن مسعود) . 9851 - (لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس) أي أحظاهم أي بطيباتها (بالدنيا لكع ابن لكع) قال الطيبي : هو غير منصرف للعدل والصفة وقال الزمخشري : هو بالرفع اسم يكون معدول عن اللكع يقال لكع الوسخ عليه لكعا فهو [ ص 418 ] لكع إذا ألصق به إلى الرجل اللئيم كما عدلت لكاع للمرأة
[ 542 ]
اللئيمة ثم استعمل للأحمق والعبد واللئيم وأريد به من لا يعرف له أصل ولا يحمد له خلق من الأسافل والرعاع . إذا التحق الأسافل بالأعالي * فقد طابت منادمة المنايا - (حم ت) في الزهد (والضياء) المقدسي (عن حذيفة) قال الترمذي : حسن غريب اه‍ وفيه عبد العزيز الدراوردي قال في الكاشف : عن أبي زرعة : سئ الحفظ وعمر مولى المصلب لينه يحيى وقال أحمد : لا بأس به . 9852 - (لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل) ذكر الرجل وصف طردي فلا مفهوم له فالمرأة مثله لكن لما كان الغالب أن الرجال هم المبتلون بالشدائد والنساء محجبات لا يصلين نار الفتنة خصهم . كتب القتل والقتال علينا * وعلى الغانيات جر الذيول (فيقول يا ليتني مكانه) أي ميتا حتى أنجو من الكرب ولا أرى من المحن والفتن وتبديل وتغيير رسوم الشريعة ما أرى فيكون أعظم المصائب الأماني وهذا إن لم يكن وقع فهو واقع لا محالة وقد قال ابن مسعود : سيأتي عليكم زمان لو وجد أحدكم الموت يباع لاشتراه وعليه قوله : وهذا العيش ما لا خير فيه * ألا موت يباع فأشتريه قال الحافظ العراقي : ولا يلزم كونه في كل بلد ولا كل زمن ولا في جميع الناس بل يصدق على اتفاقه للبعض في بعض الأقطار في بعض الأزمان وفي تعليق تمنيه بالمرور وإشعار بشدة ما نزل بالناس من فساد الحال حالتئذ إذ المرء قد يتمنى الموت من غير استحضار لهيئته فإذا شاهد الموتى ورأى القبور نشز بطبعه ونفر بشجيته من تمنيه فلقوة الشدة لم يصرفه عنه ما شاهده من وحشة القبور ولا يناقض هذا النهي عن تمني الموت لأن مقتضى هذا الحديث الإخبار عما يكون وليس فيه تعرض لحكم شرعي (حم ق عن أبي هريرة) . 9853 - (لا تقوم الساعة حتى لا يحج) بضم المثناة التحتية وفتح الحاء مبنيا للمفعول (البيت) أي الكعبة وأشار البخاري إلى أن هذا يعارضه الخبر المار ليحجن البيت بعد يأجوج ومأجوج لأن مفهومه أن البيت يحج بعد أشراط الساعة ومفهوم هذا أنه لا يحج بعدها لكن جمع بأنه لا يلزم من حج البيت بعد خروجها امتناع الحج في وقت ما عند قرب ظهور الساعة قاله ابن حجر وقوله ليحجن البيت أي محله لأن الحبشة إذا خربوه لا يعمر بعد (ع ك) في الفتن (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : على شرطهما وعلته أن آدم وابن مهدي رفعاه وأن الطيالسي رواه عن شعبة موقوفا .
[ 543 ]
9854 - (لا تقوم الساعة حتى يرفع الركن والقرآن) غاية لعدم قيام الساعة قال الحكيم : لله في أرضه أربعة من آثاره القرآن وهو كلامه والسلطان وهو ظله والكعبة وهي بيته والولي وهو خليفته في أرضه فعلى كلامه طلاوة وعلى ظله هيبة وعلى بيته وقار وعلى خليفته جلالة فهؤلاء الأربع تقوم الأرض فإذا دنا قيام الساعة رفع القرآن وهدمت الكعبة بما لها من الأركان وذهب السلطان وقبض الأولياء ولم يبق في الأرض حرمة فالعارفون إنما يأخذون من القرآن لطائفه وطلاوته ومن السلطان هيبته وظله فلا يلحظون أفعاله وسيرته ومن البيت وقاره إلى تلك الأحجار والأبنية ومن الولي نور جلاله . (السجزي عن ابن عمر) بن الخطاب . 9855 - (لا تقوم الساعة حتى يخرج سبعون كذابا) أي يغيرون الأحاديث ويكذبون فيها أو يدعون النبوة أو الأهواء [ ص 419 ] الفاسدة والاعتقادات الباطلة أو غير ذلك وزاد في رواية آخرهم الأعور الدجال ممسوح العين اليسرى كأنها عنبة . طب عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فإن الطبراني رو من طريقين عن ابن عمرو باللفظ المذكور وزاد في أحدهما كلهم يزعم أنه نبي فأما طريق المختصر ففيها يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف وأما الأخرى فمن طريق ابن إسحاق قال حدثني شيخ من أشجع ولم يسمه وسماه أبو داود في رواية سعيد بن طارق قال الهيثمي : وبقية رجاله ثقات اه‍ ورواه مسلم بلفظ لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وابن عدي بلفظ لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا كلهم يكذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم ورواه من طريق أخرى بلفظ ثلاثون كذابا العنسي ومسلمة والمختار . 9856 - (لا تقوم الساعة حتى يكون الزهد رواية) أي يرويه قوم عن قوم كالقصاص والوعاظ يقولون وقع لفلان كذا وكان لفلان كذا ويبكون ويقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم (والورع تصنعا) وهو تكلف حسن السمت والتزين (حل عن أبي هريرة) رضي الله عنه . 9857 - (لا تكبروا في الصلاة) أي لا تحرموا بها (حتى يفرغ المؤذن من أذانه) بل تمهلوا قليلا حتى يحصل الاستعداد بنحو طهر وستر وشغل خفيف وكلام قصير وأكل لقم توفر خشوعه وتقديم سنة راتبة (ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك رضي الله عنه .
[ 544 ]
9858 - (لا تكثر همك) يا ابن مسعود (ما يقدر) لك (يكن) أي لا بد من كونه (وما ترزقه يأتك) فالهم لا يرد عنك مقضيا وعدم سكوتك عند جولان الموارد في صدرك حتى يكثر غمك لا يغني عنك شيئا وقد فرغ ربك من ثلاث ومحصول ذلك يرجع إلى الحث على قوة الإيمان بالقدر وأن المرء لا يصيبه إلا ما كتب له والراحة والسكون ثقة بضمان الله ورضا بقدره قال الغزالي : هذا الحديث هو الكلام الجامع البالغ في قلة اللفظ وكثرة المعنى ومن فوائده الرضا بالقضاء وفراغ القلب وقلة الهم فتوكل على الله واترك التدبير في أمورك كلها إلى من يدبر السماء والأرض فتريح نفسك من كل شئ لا يلغه علمك ونظرك من أمر يكون غدا أو لا يكون وتكف عن لعل ولو إذ ليس فيه إلا شغل القلب وتضييع الوقت ولعله يكون أمور لم تخطر ببالك فيكون ما سبق من فكرك وتدبيرك لغوا بلا فائدة بل خسرانا مبينا تندم عليه وتغبن فيه ومن ثم قيل : سبقت تقادير الإله وحكمه * فأرح فؤادك من لعل ومن لو وقال : سيكون ما هو كائن في وقته * وآخر الجهالة متعب محزون فلعل ما تخشاه ليس بكائن * ولعل ما ترجوه ليس يكون وتقول لنفسك يا نفس لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وهو حسبنا ونعم الوكيل . (هب) وكذا الأصبهاني في ترغيبه (عن مالك بن عبادة) الغافقي مصري له صحبة (البيهقي في القدر) وكذا في الشعب وكأن المصنف ذهل عنه (عن ابن مسعود) قال العلائي : حديث غريب فيه يحيى بن أيوب احتجا به وفيه مقال لجمع اه‍ ورواه أبو نعيم والديلمي . 9859 - (لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات) بقيته كما في مسند الفردوس عن مخرجيه أحمد والطبراني المجهزات اه‍ قال عمرو بن العاص لمعاوية وقد دخل عليه وفي حجره صبية : انبذها فإنهن يلدن الأعداء ويقربن البعداء قال : لا تفعل فما ندب الموتى ولا تفقد المرضى ولا أعان على الحزن مثلهن (حم طب عن عقبة بن عامر) قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات . 9860 - (لا تكرهوا مرضاكم على الطعام والشراب) أي على تناول ذلك لأن المريض إذا عافه فذلك لاشتغال طبيعته لمجاهدة مادة المرض أو سقوط شهوته لموت الحار الغريزي وكيفما كان إعطاء
[ 545 ]
الغذاء في هذه الحالة غير لائق (فإن الله يطعمهم ويسقيهم) أي يحفظ قواهم ويمدهم بما يقع موقع الطعام والشراب في حفظ الروح وتقويم البدن ذكره البيضاوي وأما تفسيره بأنه يطهرهم في رين الذنوب وإذا طهروا منه قذف نور اليقين في قلوبهم فاغتذوا به بدليل أن المريض يمكث مدة لا يذوق شيئا وقوته باقية ولو كان صحيحا لعجز فغير صواب لأن قائله إن أراد أن ذلك يخص المؤمن فالوجدان قاض بأن الكافر كالمؤمن في صبر تلك المدة بلا فرق وإن أراد الشمول فهو ذهول لأن الكافر خبيث مخبث لا يطهر المرض شيئا من ذنوبه ولو قذف في قلبه أدنى ذرة من يقين لاهتدى في طرفة عين فما هذه المقالة إلا مزلقة زلق فيها ذلك العلامة (ت ه ك) في الطب (عنه) أي عن عقبة قال الترمذي : حسن غريب قال في المنار : ولم يبين علته المانعة من تصحيحه وهي عندي موجبة لضعفه لأن فيه بكير بن يونس أو يونس بن بكير قال أبو حاتم : منكر الحديث ضعيفه اه‍ قال الذهبي : ضعفوه وقال البيهقي : تفرد به بكر وهو فيما قال البخاري : منكر الحديث اه‍ وفي الميزان عن أبي حاتم : هذا حديث باطل وأورده ابن الجوزي من عدة طرق وأعلها كلها وقال في الأذكار : فيه بكر بن يونس وهو ضعيف . 9861 - (لا تكلفوا) بحذف إحدى التاءين (للمضيف) لئلا تملوا الضيافة وترغبوا عنها بل أحضروا له ما سهل (ابن عساكر) في تاريخه (عن سلمان) الفارسي . 9862 - (لا تكون زاهدا حتى تكون متواضعا) أي لين الجانب مخفوض الجناح لعباد الله (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي : فيه يعقوب بن يوسف وهو كذاب اه‍ وفي الميزان يعقوب بن عبد الله عن فرقد لا يدرى من هو ثم ساق له هذا الخبر بعينه . 9863 - (لا تلاعنوا) بفتح التاء والعين وحذف إحدى التاءين تخفيفا (بلعنة الله) فإن اللعنة الإبعاد من الرحمة والمؤمنون رحماه بينهم (ولا بغضبه) أي لا يدعو بعضكم بعضا بغضب الله كأن يقال عليه غضب الله (ولا بالنار) في رواية ولا بجهنم أي لا يقول أحدكم اللهم اجعله من أهل النار ولا احرقه بنار جهنم قال الطيبي : قوله لا تلاعنوا إلخ من عموم المجاز لأنه في بعض أفراده حقيقة وفي بعضها مجاز وهذا مختص بمعين لجواز اللعن بالوصف الأعم والأخص كالمصورين (د ت ك عن سمرة) ابن جندب قال الترمذي : حسن صحيح . 9864 - (لا تلومونا على حب زيد) بن حارثة مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم وحبيبه كيف وقد قدم أبوه وعمه في فدائه [ ص 421 ] فاختاره عليهما فقالا : ويحك تختار العبودية على الحرية وعلى أهلك فقال : رأيت من هذا الرجل شيئا ما أنا بالذي أختار عليه أحد فتبناه النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل * (ادعوهم لآبائهم) * قال الزهري : ما علمنا أحدا أسلم قبل زيد وقال الحافظ : سماه النبي صلى الله عليه وسلم زيدا لمحبة قريش في قصي قال في الزهر : وهو
[ 546 ]
فاسد ثم اندفع في توجيهه (ك عن) أبي عبد الله (قيس بن أبي حازم مرسلا) هو البجلي تابعي كبير ثقة مخضرم ، يقال له رؤية ، هاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ففاتته الصحبة وهو الذي يقال إنه اجتمع له أنه يروي عن العشرة . 9865 - (لا تمار أخاك) أي لا تخاصمه من المماراة وهي المخاصمة (ولا تمازحه) بما يتأذى به قالوا والمزاح المنهي عنه هو ما فيه إفراط أو مداومة أو أذى قال الماوردي : اعلم أن للمزاح إزاحة عن الحقوق ومخرجا إلى العقوق يصم المازح ويؤذي الممازح وقال الغزالي : المزاح يريق ماء الوجه ويسقط المهابة ويستجر الوحشة ويؤذي القلوب وهو مبدأ اللجاج والغضب والتضارب ومغرس الحقد في القلوب فإن مازحك غيرك * (فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره) * وكن من * (الذين إذا مروا باللغو مروا كراما) * وقال في الأذكار : المزاح المنهي ما فيه إفراط ومداومة فإنه يورث الضحك والقسوة ويشغل عن الذكر والفكر في مهمات الدين فيورث الحقد ويسقط المهابة والوقار وما سلم من ذلك هو المباح الذي كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يفعله فإنه إنما كان يفعله نادرا لمصلحة كمؤانسة وتطييب نفس المخاطب وهذا لا منع منه قطعا بل هو مستحب (ولا تعده موعدا فتخلفه) قال الطيبي : إن روي منصوبا كان جوابا للنهي على تقدير أن يكون مسببا عما قبله أو مرفوعا فالمنهي الوعد المستعقب للأخلاق أي لا تعد موعدا فأنت تخلفه على أنه جملة خبرية معطوفة على إنشائية والوفاء بالوعد سنة مؤكدة بل قيل واجب كما مر قال حجة الإسلام : والمراء قبيح جدا لأن فيه إيذاء للمخاطب وتجهيلا له وفيه ثناء على النفس وتزكية لها بمزيد الفطنة والعلم ثم هو مشوش للعيش فإنك لا تمار سفيها إلا ويؤذيك ولا حليما إلا ويقليك ويحقد عليك ولا ينبغي أن يحدك الشيطان ويقول أظهر الحق ولا تداهن فيه فإن الشيطان أبدا يسخر بالحمقاء إلى الشر في معارض الخير فلا تكن ضحكة له يسخر بك فإظهار الحق حسن مع من يقبل منك وذلك بطريق النصيحة لا المماراة وللنصيحة صيغة وهيئة تحتاج إلى تلطف وإلا صارت فضيحة وكان فسادها أكثر من صلاحها ومن خالط متفقهة العصر غلب على طبه المراء وعسر عليه الصمت ففر منهم فرارك من الأسد (ت) في البر (عن ابن عباس) وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه قال الحافظ العراقي : يعني من حديث ليث بن أبي سليم وضعفه الجمهور وقال الذهبي : فيه ضعف من جهة حفظه . 9866 - (لا تمس القرآن) يا حكيم بن حزام أي لا تمس ما كتب عليه قرآن أو شئ منه بقصد الدراسة (إلا وأنت طاهر) أي متطهر عن الحدثين الأكبر والأصغر فيحرم مس ذلك بدون ذلك وهذا قاله لما بعثه واليا إلى اليمن (طب قط ك) في المناقب (عن حكيم بن حزام) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي .
[ 547 ]
9867 - (لا تمس النار) أي نار جهنم (مسلما رآني أو رأى من رآني) أي غالبا فتمس بعض من رأى من رآه للتطهير . - (ت والضياء) المقدسي (عن جابر) بن عبد الله . 9868 - (لا تمسح يدك) لفظ رواية الطبراني لا تنمندل (بثوب من لم تكسو) يعني إذا كانت متلوثة بنحو طعام فلا تمسحها بثوب إنسان لم تكسه أنت ذلك الثوب الذي تمسح فيه والمراد منه النهي عن التصرف في مال الغير والتحكم على من لا ولاية له عليه . قال الطيبي : ولعل المراد بالثوب الإزار والمنديل (حم طب) وكذا الخطيب في التاريخ (عن أبي بكرة) قال الهيثمي : فيه راو لم يسم وقال ابن الجوزي : حديث لا يثبت والواقدي أي أحد رجاله كذبه أحمد ومبارك بن فضالة مضعف . 9869 - (لا تمنعوا إماء الله) بكسر الهمزة والمد جمع أمة وذكر الإماء دون النساء إيماء إلى علة نهي المنع عن خروجهن للعبادة يعرف بالذوق (مساجد الله) قال الشافعي : أراد المسجد الحرام عبر عنه بالجمع للتعظيم فلا يمنعن من إقامة فرض الحج اه‍ . وأيده غيره بخبر لا تمنعوا إماء الله مسجد الله واعترض باحتمال أن يراد مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لا الحرم فلا تأييد فيه فإن كان المراد مطلق المساجد فالنهي للتنزيه إذا كانت المرأة ذات حليل بشرط أن لا تكون متطيبة ولا متزينة ولا ذات جلاجل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة ولا مختلطة بالرجال ولا نحو شابة ممن يفتتن بها فإن كانت خلية حرم المنع إذا وجدت الشروط ذكره النووي (حم م) في الصلاة من حديث الزهري عن سالم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال سالم : فقال لابن عمر : إنا لنمعهن قال : فغضب غضبا شديدا وقال : أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقول إنا لنمنعهن ورواه عنه أيضا أبو داود بلفظ لا تمنعوا نسائكم المساجد وبيوتهن خير لهن وقضية صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو ذهول فقد جزم الحافظ ابن رجب بكونه في الصحيحين وعبارته : اتفق الشيخان عليه . 9870 - (لا تنزع الرحمة إلا من شقي) لأن الرحمة في الخلق رقة القلب ورقته علامة الإيمان ومن لا رقة له لا إيمان له ومن لا إيمان له شقي فمن لا يرزق الرقة شقي ذكره الطيبي ، قال ابن العربي : حقيقة الرحمة إرادة المنفعة وإذا ذهبت إرادتها من قلب شقي بإرادة المكروه لغيره ذهب عنه الإيمان والإسلام . قال عليه الصلاة والسلام " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمؤمن من أمن جاره بوائقه " وكما يلزم أن يسلم هن لسانه ويده يلزم أن يسلم من قلبه وعقيدته المكروهة فيه فإن اليد واللسان خادمان للقلب اه‍ وقال الزين العراقي : هل المراد فيه تنزع الرحمة من قلبه بعد أن كان في قلبه رحمة لأن حقيقة النزع إخراج شئ من مكان كان فيه أو المراد لم يجعل في قلبه رحمة أصلا فيكون كقوله رفع القلم عن ثلاث والمراد شقاء الآخرة أو الدنيا أو هما وبالرحمة العامة كما في رواية الطبراني قال
[ 548 ]
القرطبي : الرحمة رقة وحنو يجده الإنسان في نفسه عند رؤية مبتلى أو صغيرا أو ضعيف يحمله على الإحسان له واللطف والرفق به والسعي في كشف ما به وقد جعل الله هذه الرحمة في الحيوان كله يعطف الحيوان على نوعه وولده ويحسن عليه حال ضعفه وصغره وحكمتها تسخير القوى للضعيف كما مر وهذه الرحمة التي جعلها الله في القلوب في هذه الدار التي ثمرتها هذه المصلحة العظيمة التي هي حفظ النوع رحمة واحدة من مائة ادخرها الله يوم القيامة يرحم بها عباده فمن خلق الله في قلبه هذه الرحمة الحاملة على الرفق وكشف ضرر المبتلى فقد رحمه الله بذلك في الجنان وجعل ذلك على رحمته إياه في المآل فمن سلبه ذلك المعنى وابتلاه بتقيضه من القسوة والغلظة ولم يلطف بضعيف ولا أشفق على مبتلى فقد أشقاه حالا وجعل ذلك علما على شقوته مآلا نعوذ بالله من ذلك (حم د) في الأدب (ت) في البر (حب ك) في التوبة (عن أبي هريرة) قال : سمعت الصادق المصدوق صاحب هذه الحجرة أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه البخاري في الأدب المفرد قال ابن الجوزي في شرح الشهاب : وإسناده صالح ورواه عنه أيضا البيهقي قال في المهذب : وإسناده صالح . 9871 - (لا توصل صلاة بصلاة حتى تتكلم أو تخرج) من المسجد فيسن الفصل بينهما بالانتقال من محل الفرض والخروج لغيره فإن لم يفعل فصل بنحو كلام (حم د عن معاوية) الخليفة رمز لحسنه . 9872 - (لا توله) بضم التاء ولام مفتوحة مشددة بضبط المصنف (والدة عن) وفي رواية على (ولدها) أي لا تخرج إلى الوله وهو الحزن الذي يخرج عن التحصيل بغلبته على العقول ذكره ابن العربي وقال الزمخشري : معناه لا نعزل عنه ويفرق بينها وبينه من الواله وهي التي فقدت ولدها والمراد النهي عن التفريق بينهما بنحو بيع والواله ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد اه‍ (هق عن أبي بكر) الصديق قال الحافظ ابن حجر : سنده ضعيف ورواه أبو عبيدة في غريب الحديث مرسلا من مراسيل الزهري ورواية ضعيفة . 9873 - (لا تيأسا) الخطاب لاثنين شكيا له الضيق (من الرزق ما تهزهزت رؤوسكما) أي ما دمتما في قيد الحياة وقوله رؤوسكما هو كقولهم قطعت رؤوس الكبشين قال ابن مالك في شرح التسهيل : يختار في المضافين إلى متضمنها لفظ الإفراد على لفظ التشبه ولفظ الجمع على لفظ الإفراد لأنهم استثقلوا اثنتين في شيئين هما كشئ واحد لفظا ومعنى فعدلوا إلى غير لفظ التثنية فكان الجمع أولى لأنه شريكهما في الضم وبذلك جاء القرآن نحو * (فقد صغت قلوبكما) * و * (فاقطعوا أيديهما) * وفي الحديث أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه وجاء لفظ الإفراد أيضا في الكلام الفصيح ومنه حديث ومسح أذنيه ظاهرهما وباطنهما ولم يجئ لفظ التثنية إلا في الشعر اه‍ (فإن
[ 549 ]
الإنسان تلده أمه أحمر لا قشر عليه ثم يرزقه الله) قال ابن الأثير : المراد بالقشر اللباس ومنه خبر إن الملك يقول للصبي المنفوس خرجت إلى الدنيا وليس عليك قشر اه‍ وقد مر غير مرة أن الله ضمن الرزق لعباده فاليأس من ذلك الضمان من ضعف الاستيقان قال الغزالي : البلية الكبرى لعامة هذا الخلق أمر الرزق وتدبيره أتعبت نفوسهم وأشغلت قلوبهم وأكثرت غمومهم وضاعفت همومهم وضيعت أعمارهم وأعظمت تبعتهم وأوزارهم وعدلت بهم عن باب الله وخدمته إلى خدمة الدنيا وخدمة المخلوقين فعاشوا في غفلة وظلمة وتعب ونصب ومهانة وذل وقدموا الآخرة مفاليس بين أيديهم الحساب والعذاب إن لم يرحمهم الله بفضله ، وانظر كم من آية أنزل الله في ذلك ، وكم من ذكر من وعده وضمانه وقسمه على ذلك ؟ ولم تزل الأنبياء والعلماء يعظون الناس ويبينون لهم الطريق ويصنفون لهم الكتب ويضربون لهم الأمثال وهم مع ذلك لا يهتدون ولا يتقون ولا يطهرون بل هم في غمرة فإنا لله وإنا إليه راجعون وأصل ذلك كله قلة التدبر لآيات الله والتفكر في صنائعه وترك التذكر لكلام الله وكلام رسول الله والتأمل لأقوال السلف والإصغاء إلى كلام الجاهلين والاغترار بعبادات الغافلين حتى تمكن الشيطان منهم ورسخت العادات في قلوبهم فأداهم ذلك إلى ضعف القلب ورقة اليقين (حم ه حب والضياء) المقدسي (عن حبة) بموحدة تحتية (وسواء ابني خالد) الأسديين ويقال هما العامريان أو الخزاعيان صحابيان نزلا الكوفة لهما حديث واحد . 9874 - (لا جلب) بجيم محركا أي لا ينزل الساعي موضعا ويجلب أرباب الأموال إليه ليأخذ زكاتهم أو لا يبيع الرجل فرسه من يحثه على الجري بنحو صياح على ما مر (ولا جنب) بجيم ونون مفتوحتين أن يجلس العامل بأقصى محل ويأمر بالزكاة أن تجنب أي تحضر إليه فنهى عن ذلك وأرشد إلى أن زكاتهم إنما تؤخذ في دورهم وأخرج النهي [ ص 424 ] بصورة الخبر تأكيدا أو هو أن تجنب فرسا إلى فرس يسابق عليه فإذا أفتر المركوب تحول للجنوب ولعل المراد هنا الأول بقرينة زيادة أبي داود في روايته الآتية عن شعيب ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في دورهم وفي القاموس لا جلب ولا جنب هو أن يرسل في الجلبة فيجتمع له جماعة يصيحون به ليرد عن وجهه أو هو أن لا يجلب الصدقة إلى المياه والأمصار بل يتصدق بها في مراعيها وأن ينزل العامل موضعا ثم يرسل من يجلب المال إليه ليأخذ صدقته وأن يتبع الرجل فرسه فيركض خلفه ويزجره (ولا شغار) بكسر الشين وفتح الغين المعجمتين (في الإسلام) قال القاضي : الشغار أن يشاغر الرجل الرجل وهو أن تزوجه أختك على أن يزوجك أخته ولا مهر . وهذا من شغر البلد إذا خلا من الناس أو السلطان لأنه عقد خال عن المهر أو من شغرت بني فلان من البلاد إذا أخرجتهم وفرقتهم وقولهم تفرقوا شغر بغر لأنهما إذا تبادلا بأختيهما فقد أخرج كل منهما أخته إلى صاحبها وفارق بها إليه والحديث دليل على فساد هذا العقد لأنه لو صح لكان في الإسلام وهو قول أكثر العلماء والمقتضي لفساده الاشتراك في البضع الذي جعله صداقا وقال أبو حنيفة : يصح العقد ولكل منهما مهر المثل (ت) في النكاح (والضياء) في المختارة (عن أنس) بن مالك قال ابن القطان : فيه
[ 550 ]
ابن إسحاق مختلف فيه وأخرجه أيضا أبو داود في الجهاد والترمذي في النكاح وابن ماجه في الفتن وقال الترمذي : حسن صحيح . 9875 - (لا حبس) بضم الحاء وفتحها على الاسم والمصدر واقتصر المصنف في نسخته على الضبط بالضم (بعد سورة النساء) أي لا يوقف مال ولا يزوى عن وارثه أشار به إلى ما كان يفعله الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه : كانوا إذا كرهو النساء لقبح أو فقر حبسوهن من الأزواج لأن أولياء الميت كانوا أولى بهم من غيرهم (هق عن ابن عباس) قال : لما نزلت سورة النساء قال صلى الله عليه وسلم لا حبس إلخ رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا الطبراني باللفظ المزبور قال الهيثمي : وفيه عيسى بن لهيعة وهو ضعيف اه‍ ، ورواه الدارقطني باللفظ المذكور عن ابن عباس وقال : لم يسند غير ابن لهيعة عن أخيه وهما ضعيفان وسبقه في الميزان فقال عن الدارقطني : حديث ضعيف وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 9876 - (لا حليم) حلما كاملا (إلا ذو عثرة) أي إلا من وقع في زلة وحصل منه خطأ واستخجل من ذلك وأحب أن يستر من رآه على عيبه أو المراد لا يتصف الحليم بالحلم حتى يرى الأمور ويعثر فيها ويستبين مواقع الخطأ فيجتنبها ويدل له قوله (ولا حكيم إلا ذو تجربة) بالأمور فيعرف أن العفو كيف يكون محبوبا فيعفو عن غيره إذا وقع في زلة كما علم بالتجارب أنه لا يسلم من الوقوع في مثلها ومن ثم كان داود قبل العثرة يقول يا رب لا تغفر للخطائين فلما عثر صار يجلس بين الفقراء ويقول مسكين بين مساكين رب اغفر للخطائين كي تغفر لداود معهم والعثرة المرة من العثار وإحكام الشئ إصلاحه عن الخلل ، والحكيم : المتيقظ المتنبه أو المتقن للحكمة الحافظ لها ، وما ذكر من أن سياق الحديث هكذا هو ما وقع في كثير من الروايات ورواه العسكري عن أبي سعيد أيضا بزيادة ثالث فقال : لا حليم إلا ذو أناة ولا عليم إلا ذو عثرة ولا حكيم إلا ذو تجربة (ت) في البر (حب ك) في الأدب من حديث دراج عن أبي الهيثم (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وليس كما قال ففي المنار ما حاصله أنه ضعيف وذلك لأنه لما نقل عن الترمذي أنه حسن غريب قال : ولم يبين المانع من صحته وذلك لأن فيه دراجا وهو ضعيف وقال ابن الجوزي : تفرد به دراج وقد قال أحمد : أحاديثه مناكير اه‍ ، وحكم القزويني بوضعه لكن تعقبه العلائي بما حاصله أنه ضعيف لا موضوع 9877 - (لا حمى) أي ليس لأحد منع الرعي في أرض مباحة والاختصاص به كما كانت الجاهلية تفعله . قال الشافعي : كان الشريف منها إذا نزل بعشيرته بلدا استعوى كلبا فحمى لخاصته مدى عواه فلم يرعه معه أحد فنهى الشارع عن ذلك لما فيه من التضييق على الناس وتقديم القوي على
[ 551 ]
الضعيف (إلا لله ورسوله) أي إلا ما يحمى لخيل المسلمين وركابهم المرصدة للجهاد والحمل وتفصيل المذهب أن للنبي صلى الله عليه وسلم الحمى لنفسه ولغيره ولأئمة المسلمين لا لهم كما حمى عمر البقيع لنعم الصدقة وخيل الغزاة وأما الآحاد فلا لهم ولا لغيرهم هذا هو المصحح عند الشافعية وعليه أبو حنيفة ومالك وتمسك البعض بظاهر الخبر فمنعه لغير النبي صلى الله عليه وسلم مطلقا وأجيب بأن المعنى إلا على مثل ما حمى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من مصالح المسلمين (حم خ) في الجهاد والشرب (د) في الخراج وكذا النسائي في الحمى والشرب خلافا لما يوهمه كلام المصنف كلهم (عن الصعب) ضد السهل (ابن جثامة) بفتح الجيم وبالمثلثة المشددة واسمه مزيد بن قيس الكناني الليثي . 9878 - (لا حمى في الإسلام ولا مناجشة) وهو أن يزيد في ثمن السلعة وهو لا يزيد شراءها ليغر غيره فتشتري بما ذكره وأصل النجش الإغراء والتحريض وحكمة النهي ما فيه من التغرير وإنما ذكر بصيغة المفاعلة لأن التجار يتعارضون في ذلك فيفعل هذا بصاحبه على أن يكافئه بمثله (طب عن عصمة بن مالك) قال الهيثمي : إسناده ضعيف هكذا جزم به وبه يعرف ما في رمز المؤلف لحسنه . 9879 - (لا حول ولا قوة إلا بالله دواء من تسعة وتسعين داءا أيسرها الهم) لأن العبد إذا تبرأ من الأسباب وتخلى من وبالها انشرح صدره وانفرج همه وغمه وجاءته القوة والعصمة والغياث والتأييد والرحمة وقويت جوارحه الباطنة وسطت الطبيعة على ما في الباطن من الأدواء فغيرتها ودفعتها والتقييد بالعدد موكول إلى علم الشارع ويحتمل أن المراد التكثير لكنه يبعده أنه لم يعهد إلا في السبعين ونحوها . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (الفرج) بعد الشدة (عن أبي هريرة) وفيه كما في الميزان بشر بن رافع قال البخاري : لا يتابع في حديثه ، وقال أحمد : ضعيف ، وقال غيره : حدث بمناكير هذا منها اه‍ . وقضية كلام المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن الطبراني خرجه في الأوسط وفيه بشر المذكور قال الهيثمي : وبقية رجاله ثقات . 9880 - (لا خزم) جمع خزامة حلقة شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير كان بنو إسرائيل تخزم أنوفها وتخرق تراقيها ونحو ذلك من أنواع التعذيب فوضع الله عن هذه الأمة أي لا يفعل الخزام في الإسلام (ولا زمام) أراد ما كان عباد بني إسرائيل يفعلونه من لازم الألوف بأن يخرق الأنف ويجعل فيه زمام كزمام الناقة لتقاد به (ولا سياحة) أراد نفي مفارقة الأمصار وسكنى البوادي وترك شهود الجمعة والجماعة أو أراد الذين يسيحون في الأرض بالشر والنميمة والإفساد كذا قيل وهو غير ملائم لما قبله ولا لقوله (ولا تبتل ولا ترهب في الإسلام) (عب عن طاوس مرسلا) هو ابن كيسان الفارسي لقب به لأنه كان طاوس القراء .
[ 552 ]
9881 - (لا خير في الإمارة لرجل مسلم) أي كامل الإسلام لأنها تفيده قوة بعد ضعف وقدرة بعد عجز والنفس مجبولة على الشر أمارة بالسوء فيتخذها ذريعة إلى الانتقام من العدو والنظر للصديق بغير حقه وتتبع الأغراض الفاسدة وهذا مخصوص بمن لم يتعين عليه وإلا وجب عليه قبولها وكانت له خيرا ، وسبب الحديث أن رجلا قام يشكو من عامله فقال : يا رسول الله إنه أخذنا بدخول كانت بيننا وبينه في الجاهلية فذكره (حم) وكذا الطبراني (عن حبان) بكسر الحاء المهملة وبفتحها وبموحدة أو تحتية (ابن بح) بضم الموحدة فمهملة ثقيلة الصدائي ذكره ابن الربيع وقال لأهل مصر عنه حديث واحد وفي التجريد له وفادة وشهد فتح مصر قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وبقية رجال أحمد ثقات رمز المصنف لحسنه . 9882 - (لا خير في مال لا يرزأ) بضم أوله والهمز آخره بضبط المصنف (منه) أي لا ينقص منه والرزء النقص (وجسد لا ينال منه) بالآلام والأسقام فإن المؤمن ملقى والكافر موقى وإذا أحب الله عبدا ابتلاه كما تقدم في غير ما حديث (ابن سعد) في الطبقات (عن عبد الله بن عبيد بن عمير مرسلا) . 9883 - (لا خير فيمن لا يضيف) أي فيمن لا يطعم الضيف الذي ينزل به أي إذا كان قادرا على ضيافته ولم يعارضه ما هو أعم من ذلك كنفقة من تلزمه مؤونته (حم هب عن عقبة بن عامر) الجهني رمز المؤلف لحسنه قال الحافظ العراقي : فيه ابن لهيعة وقال المنذري والهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة . 9884 - (لا رضاع إلا ما فتق) أي وسع (الأمعاء) يعني إنما يحرم من الرضاع ما كان في الصغر ووقع منه موقع الغذاء بحيث ينمو منه بدنه فلا أثر للقليل وإنما يؤثر الكثير الذي يوسع الأمعاء ولا لقليل ولا كثير في كبير (ه عن الزبير) بن العوام رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للترمذي لكنه بين أنه من رواية فاطمة بنت المنذر بن الزبير بن العوام عن أم سلمة اه‍ وقال جمع : إن فاطمة لم تلق أم سلمة ولم تسمع منها ولا من عائشة وإن تربت في حجرها . 9885 - (لا رقية إلا من عين أو حمة) بضم الحاء المهملة وفتح الميم مخففة أي سم أي لا رقية أولى وأنفع من رقية العيون أي المصاب بالعين ومن رقية من لدغة ذي حمة والحمة سم العقرب وشبهها وقيل فوعة السم
[ 553 ]
وقيل حدته وحرارته وزاد في رواية أو دم أو رعاف يعني لا رقية أولى وأنفع من الرقية لمعيون أو ملسوع أو راعف لزيادة ضررها فالحصر بمعنى الأفضل فهو من قبيل لا فتى إلا علي فلا تعارض بينه وبين الأخبار الآمرة بالرقية بكلمات الله التامات وآياته المنزلات لأمراض كثيرة وعوارض غزيرة وقال بعضهم : معنى الحصر هنا أنهما أصل كل ما يحتاج إلى الرقية فيلحق بالعين نحو خبل ومس لاشتراكهما في كونهما تنشأن عن أحوال شيطانية من إنسي أو جني وبالسم كل عارض للبدن من المواد السمية (م ه عن بريدة) بن الحصيب (حم د ت عن عمران) بن الحصين قال الهيثمي رجال أحمد ثقات فقول ابن العربي حديث معلول غير مقبول . 9886 - (لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول) زاد في رواية عبد ربه أي يمر عليه العام من أوله إلى آخره وهو في ملكه ويجوز كون الحول فعلا مستقبلا مبنيا من لفظ الحول الذي هو السنة وأن يكون من قولهم حال إلى محل كذا أي تحول أو من حال الشخص إذا تحول من حال عن العهد إذا انقلب والكل متقارب ثم هذا فيما يرصد للزيادة والنماء أما ما هو نماء في نفسه كحب وتمر فلا يعتبر فيه حول عند الشافعي (ه عن عائشة) أشار المصنف إلى أنه حسن وذلك منه غير حسن فإن الحديث مروي من طريقين أحدهما لابن ماجه عن عائشة وهي الطريق التي سلكها وقد قال الحافظ العراقي سندها ضعيف أي لضعف حارثة بن أبي الرجال راويه ، وقال ابن حجر : هو ضعيف وقال البيهقي : جارية ليس بحجة والأخرى من رواية أبي داود عن علي وسندها كما قال الزين العراقي جيد فانعكس على المصنف فحذف الطريق الحسنة الجيدة السند وآثر الطريقة الضعيفة وحسنها قال ابن حجر : وخرجه الدارقطني باللفظ المزبور عن أنس وفيه حسان بن سياه وفي ترجمته أورده ابن عدي وضعفه اه‍ . 9887 - (لا زكاة في حجر) كياقوت وزمرد ولؤلؤ وسائر المعادن غير النقد وإن زادت قيمتها عليه كجوهر نفيس (عد هق عن ابن عمرو) بن العاص قال البيهقي : رواه عمر بن أبي عمر الكلاعي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه عثمان بن عبد الرحمن والوقاصي عن عمرو وخالفهما محمد بن عبد الله العزرمي عن عمرو فلم يرفعه والثلاثة ضعفاء إلى هنا كلامه . 9888 - (لا سبق) بفتح الباء ما يجعل من المال للسابق على سبقه وبالسكون مصدر سبقت أي لا تجوز المسابقة بعوض (إلا في) هذه الأجناس الثلاثة قال الخطابي : والرواية الصحيحة بالفتح (خف) أي ذي خف (أو حافر) أي ذي حافر يعني الإبل والفرس (أو نصل) أي سهم فلا يستحق سبق إلا في هذه الأشياء وما في معناها والخف للإبل والحافر للخيل فكنى ببعض أعضائها عنها وهذا على حذف أي ذو خف وذو وذو ، وقوله لا سبق بالنفي العام الذي بمعنى النهي يدل على حصر السبق في هذه الأشياء لكن يلحق بها ما في معناها كما تقرر ولا خلاف في جواز الرهان على المسابقة بغير عوض وكذا
[ 554 ]
به لكن بشروط مبينة وفيه جواز المسابقة على الفيل لأنه ذو خف وهو الأصح عند الشافعية خلافا لأبي حنيفة وأحمد (حم 4 عن أبي هريرة) ورواه عنه الشافعي والحاكم وصححه . 9889 - (لا سمر) بفتح الميم من المسامرة الحديث بالليل ، وقيل بسكونها مصدر وأصل السمر ضوء القمر لأنهم كانوا يتحدثون فيه (إلا لمصل أو مسافر) - (حم) من حديث خيثمة عن رجل (عن ابن مسعود) وقال مرة عن خيثمة عن ابن مسعود بإسقاط رجل رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : وبقية رجاله ثقات . 9890 - (لا شفعة إلا في دار أو عقار) هو كسلام كل ملك ثابت له أصل كدار ونخل وفيه رد على من أثبتها في غير عقار كالأشجار والثمار (هق عن أبي هريرة) ثم قال أعني البيهقي : إسناده ضعيف وأقره الذهبي عنه ورواه البزار عن جابر قال ابن حجر : بسند جيد اه‍ . وبه يعرف أن المصنف لم يصب حيث اقتصر على الطريق الضعيفة وأهمل الجيدة . 9891 - (لا شئ أغير) بالرفع خبر لا أفعل تفضيل من الغيرة (من الله تعالى) أي لا شئ أزجر منه على ما لا يرضاه وأصل ذلك أن المرء إذا وجد ما يكرهه أو يسره تغيرت حاله إلى مكروه أو محبوب فضرب مثلا لتغير الحال بعلم المكروه فسمى الوعيد قبل والجزاء بعد غيرة وقوله شئ اسم من أسمائه التي لا يختص بها ، فكل موجود شئ وهو سبحانه شئ لا كالأشياء يسمى به في التعريف ولا يسمى به في الابتهال * (قل أي شئ أكبر شهادة قل الله) * ولا يسمى بشخص لأن حقيقة المماثل من الأجسام التي تشغل الحيز وتستقر بالمكان ويحجب ما وراءه عن العيان وذلك كله محال عليه معنى ممنوع تسميته شرعا وما وقع من ذلك في خبر ابن عمرو لا يعول عليه وبقية الحديث ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن " غيرة على عبده أن يقع فيما يضره وشرع عليها أعظم العقوبات وذلك أشرف الغيرة ، سمع الشبلي قارئا يقرأ * (وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا) * قال : أتدرون ما هذا الحجاب هذا حجاب الغيرة ولا أحد أغير من الله يعني أنه سبحانه لم يجعل الكفار أهلا لمعرفته ومن غيرة الله أن العبد يفتح له باب من الصفاء والأنس فيطمئن إليه ويلتذ به ويشغله عن المقصود فيغار عليه فيرده إليه بالفقر والذل ويشهده غاية فقره وإعدامه وأنه ليس معه من نفسه شئ فتعود عزة ذلك الأنس والصفاء ذلة ومسكنة وذرة من هذا أنفع للعبد من الجبال الرواسي من ذلك الصفاء والأنس المجرد عن شهود اليقين (حم ق عن أسماء بنت أبي بكر) الصديق . 9892 - (لا صرورة) بفتح الصاد وضم الراء الأولى وفتح الثانية أي لا تبتل (في الإسلام) لأنه من فعل الرهبان أو لا يترك الإنسان الحج فإنه من أركان الإسلام وأصله من الصر وهو الحبس يعني
[ 555 ]
لا ينبغي أن يكون في الإسلام أحد يستطيع التزوج ولا يتزوج أو الحج ولا يحج فعبر عنه بهذه العبارة تشديد وتغليظا : وقال القاضي : الصرورة من انقطع عن النكاح وسلك سبيل الرهبانية وأصلها أن الرجل إذا ارتكب جريمة لجأ إلى الكعبة وكان في أمان الله ما دام فيها فيقال له صرورة ثم اتسع فيها فاستعمل لكل متعبد معتزل عن النساء ويقال الصرورة الذي لم يحج وهو المنع كأنه أبى أن يحج ومنع نفسه عن الإتيان به وظاهر هذا يدل على أن تارك الحج غير مسلم والمراد به أنه لا ينبغي أن يكون في الإسلام أحد يستطيع الحج لا يحج فعبر عنه بهذه العبارة تشديدا وتغليظا اه‍ . (حم د ك) في الحج (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي واغتر به المصنف فرمز لصحته وهو غير مسلم فإن فيه كما قاله جمع منهم الصدر المناوي عمر بن عطاء وهو ضعيف واه وقال ابن المديني : كذاب . 9893 - (لا صلاة) أي صحيحة لأن صيغة النفي إذا دخلت على فعل في لفظ الشارع إنما تحمل على نفي الفعل الشرعي لا الوجودي بعد) فعل (الصبح) أي صلاته (حتى ترتفع) وفي رواية حتى تشرق (الشمس) كرمح كما في أخبار أخر (ولا صلاة) صحيحة (بعد) فعل العصر أي صلاتها (حتى تغرب) أي يسقط جميع القرص ولفظ الشمس ساقط وفي بعض الروايات فعلم مما قررته أن الكراهة بعدهما متعلقة بالفعل في وقتيهما فلو صلاهما قضاء في وقت آخر لم تكره الصلاة بعدهما قال النووي : أجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها في الأوقات المنهية أي وهي كراهة تحريم لا تنزيه على الأصح واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها واختلفوا في نفل له سبب كتحية وعيد وكسوف وجنازة وقضاء فائتة فذهب الشافعي إلى الجواز بلا كراهة وأدخله أبو حنيفة في عموم النهي اه‍ ونوزع في دعوى الإجماع وقال البيضاوي : اختلف في جواز الصلاة بعد الصبح والعصر وعند الطلوع والغرب والاستواء فذهب داود إلى الجواز مطلقا حملا للنهي على التنزيه وجوز الشافعي الفرض وما له سبب وحرم أبو حنيفة الكل إلا عصر يومه وحرم مالك النفل دون الفرض ووافقه أحمد إلا ركعتي الطواف اه‍ وهذا الحديث صريح أو كالصريح في تعميم الكراهة في وقت العصر من فعلها إلى الغروب وهو ما عليه الجمهور واستشكل بما في البخاري عن معاوية وأبي داود عن علي [ ص 429 ] بإسناد صحيح لا تصلوا بعد العصر إلا أن تصلوا والشمس مرتفعة وأجيب بأن الحديث الأول أصح بل متواتر كما يأتي وتقدم . - (ق ن ه) في الصلاة (عن أبي سعيد) الخدري (حم د ه عن عمر) بن الخطاب ، ورواه أحمد من حديث قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس قال : شهد عندي رجال مرضيون وأرضاهم عمر أن نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول فذكره قال المصنف : وهذا متواتر وقال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المكروهة ورد من رواية جمع من الصحابة تزيد على العشرين ورواه الدارقطني عن أبي ذر وزاد في آخره إلا بمكة أي فلا يكره فيها فهو مستثنى من حديث أبي سعيد وعمر لشرف الحرم . 9894 - (لا صلاة لمن لم يقرأ) فيها (بفاتحة الكتاب) أي لا صلاة كائنة لمن لم يقرأ فيها وعدم
[ 556 ]
الوجود شرعا هو عدم الصحة هذا هو الأصل بخلاف لا صلاة لجار المسجد ولا صلاة لآبق ونحو ذلك فإن قيام الدليل على الصحة أوجب كون المراد كونا خاصا أي كاملة فعلية يكون من حذف الخبر لا من وقوع الجار والمجرور خبرا والشافعية يثبتون ركنية الفاتحة وعلى معنى الوجوب عند الحنفية فإنهم لا يقولون بوجوبها قطعا بل ظنا لكنهم لا يخصون الفرضية والركنية بالقطعي فيتعين قراءتها عندهم فتبطل الصلاة بتركها ولا يقوم غيرها مقامها ، وعند الحنفية أنها مع الوجوب ليست شرطا للصحة بل الفرض قراءة ما تيسر من القرآن لآية * (فاقرؤوا ما تيسر منه) * وقوله لا صلاة إلا بالفاتحة أو غيره * (وإنه لفي زبر الأولين) * وأجيب عن الأول بأن المراد الفاتحة أو من لا يعرفها جمعا وإلا لزم النسخ والمجاز والتعبد أولى منه وعن الثاني بأن راويه مطعون فيه وأن قوله أو غيرها أدناه وعن الثالث بأنه مجاز والمأمور به القراءة حقا اه‍ وإذا قلنا بوجوبها فعجز عنها أتى بسبع آيات فإن عجز فذكر بعدد حروفها خلافا لمالك قياسا على الصوم وتمسكا بأن من كان معه شئ من القرآن فليقرأ وإلا فليسم الله ورد الأول بالفرق والثاني بأنه لبيان إثبات ما قدر ثم هذا الحديث ليس فيه إلا وجوب قراءتها وأما تعينها في كل ركعة فعلم من دليل آخر . (تنبيه) قال ابن القيم في البدائع : قولهم قرأت الكتاب يتعدى بنفسه وأما قرأت بأم القرآن وحديث لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ففيه نكتة بديعة قل من يفطن لها هي أن الفعل إذا عدى بنفسه فقلت قراءة سورة كذا اقتضى اقتصارك عليها تخصيصا بالذكر إذا عدى بالباء فمعناه لا صلاة لمن لم يأت بهذه السورة في قراءته أو في صلاة في جملة ما يقرأ به وهذا لا يعطى الاقتصار عليها بل يشعر بقراءة غيرها معها . (تنبيه) قال ابن عربي : شرعت المناجاة بالكلام الإلهي في القيام في الصلاة دون غيره من أحواله للاشتراك في القيومية من كون العبد قائما في الصلاة والله قائم على كل نفس بما كسبت فما للعبد ما دام قائما حديث إلا مع ربه فإن قيل الرفع من الركوع قيام ولا قراءة فيه قلنا إنما شرع للفصل بينه وبين السجود فلا يسجد إلا من قيام فلو سجد من ركوع كان خضوعا من خضوع ولا يصح خضوع من خضوع لأنه عين الخروج عما يوصف بالدخول فيه فيكون لا خضوع مثل عدم العدم ومن ثم فصل بين السجدتين برفع ليفصل بين حال الخضوع ونقيضه ولهذا كانت الملوك يحيون بالانحناء وهو الركوع أو بوضع الوجه بالأرض وهو السجود وإذا تواجهوا وأثنوا عليهم قام المتكلم أو المثني بين يديه فلا يكلمه في غير حال القيام (حم ق 4) في الصلاة (عن عبادة) بن الصامت . 9895 - (لا صلاة) صحيحة (لمن لا وضوء له) وفي لفظ لا صلاة إلا بوضوء (ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه) أي لا وضوء كاملا لمن لم يسم الله أوله فالتسمية أوله مستحبة عند الشافعية والحنفية وأوجبها أحمد في رواية تمسكا بظاهر هذا الحديث قال القاضي البيضاوي : هذه الصيغة حقيقة في نفي الشئ وتطلق مجازا على نفي الاعتداد به لعدم صحته نحو [ ص 430 ] لا صلاة إلا بطهور أو كماله نحو لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد والأول أشيع وأقرب إلى الحقيقة فيجب المصير إليه ما لم يمنع مانع
[ 557 ]
وهنا محمول على نفي الكلام خلافا لأهل الظاهر لخبر من توضأ فذكر اسم الله كان طهورا لجميع بدنه ومن توضأ ولم يذكر اسم الله كان طهورا لأعضاء وضوئه أو لم يرد به الطهور عن الحدث فإنه لا يتجزأ بل الطهور عن الذنوب اه‍ وقال ابن حجر : يعارض هذا الخبر خبر المسئ صلاته إذا قمت فتوضأ كما أمرك الله الحديث لم يذكر التسمية وخبر أبي داود وغيره أنه لم يرد السلام على من سلم عليه وهو يتوضأ فلما فرغ قال : لم يمنعني إلا أني كنت على غير وضوء فإذا امتنع من ذكر الله قبل الوضوء فكيف يوجب التسمية حينئذ وهو من ذكر الله اه‍ وهذا الحديث رواه أيضا الدارقطني باللفظ المزبور وزاد فيه ولا يؤمن بالله من لم يؤمن بي ولا يؤمن بي من لم يحب الأنصار اه‍ بنصه ورواه الطبراني بلفظه وزاد ولا صلاة لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولا صلاة لمن لا يحب الأنصار . - (حم د ه ك) من طريق يعقوب بن سلمة (عن أبي هريرة) وقال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي بأن إسناده فيه لين وقال المنذري : صححه الحاكم وليس كما قال فهم رووه كلهم عن يعقوب بن سلمة الليثي عن أبيه عن أبي هريرة وقد قال البخاري وغيره : لا يعرف لسلمة سماع من أبي هريرة ولا ليعقوب سماع من أبيه وأبو سلمة لا يعرف فالصحة من أين وقال ابن حجر : ظن الحاكم أن يعقوب هو الماجشون فصحح على شرط مسلم فوهم ويعقوب بن سلمة هو الليثي مجهول الحال اه‍ . وقال ابن الهمام بعد ما عزاه لأبي داود : ضعف بالانقطاع وبقول أحمد لا أعلم في التسمية حديثا ثابتا (ه عن سعيد ابن زيد) هذا حديث اختلف في تحسينه وتضعيفه فمن ظاهر كلامه تحسينه البخاري فإنه أجاب الترمذي حين سأله عنه بأنه أحسن شئ في هذا الباب وقال جمع منهم ابن القطان : بل هو ضعيف جدا فيه ثلاثة مجاهيل وقال ابن الجوزي : حديث غير ثابت وانتصر مغلطاي للأول . 9896 - (لا صلاة بحضرة طعام) نفي بمعنى النهي أي يصلي أحد بحضرة طعام وورد بهذا اللفظ في صحيح ابن حبان (ولا وهو يدافعه الأخبثان) بمثلثة البول والغائط فتكره الصلاة تنزيها بحضرة طعام يتوق إليه وبمدافعة الأخبثين أي أو أحدهما لما في ذلك من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع فيؤخر ليأكل ويفرغ نفسه وفيه تقديم فضيلة حضور القلب على فضيلة أول الوقت وأما خبر لا تؤخر الصلاة لطعام ولا لغيره فمعلول وبفرض صحته يحمل على من لم يشغل قلبه بذلك جمعا بين الدليلين وألحق بحضور الطعام قرب حضوره والنفس تتوق إليه وبمدافعة الأخبثين ما في معناهما من كل ما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع كما ألحق بالغضب في خبر لا يقضى القاضي وهو غضبان ما في معناه من نحو جوع وعطش شديدوغم وفرح ومحل الكراهة إذا اتسع الوقت وإلا وجبت الصلاة بحاله ومتى صلى مع الكراهة صحت صلاته عند الجمهور لكن يندب إعادتها وقال أهل الظاهر بوجوبها لظاهر الحديث والجمهور قالوا معنى لا صلاة أي كاملة (تنبيه) قال الأشرفي : هذا الحديث بهذا التركيب لا أتحققه قال الطيبي : وقد يقال لا الأولى لنفي الجنس وبحضرة طعام خبرها ولا الثانية زائدة للتأكيد والواو عطف جملة على جملة وقوله هو مبتدأ ويدافعه خبر وفيه حذف تقديره ولا صلاة حين يدافعه الأخبثان فيهما يعني الرجل يدفع الأخبثين حتى يؤدي الصلاة والأخبثان يدفعانه ويجوز حمل
[ 558 ]
المدافعة على الدفع مبالغة ويجوز حذف اسم لا الثانية وخبرها وقوله وهو يدافعه حال أي لا صلاة للمصلي وهو يدافعه الأخبثان (د) في الصلاة (عن عائشة) ظاهر صنيع المؤلف أن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما وهو ذهول فقد خرجاه معا عنهما باللفظ المزبور . 9897 - (لا صلاة) أي كاملة (لملتفت) بوجهه وهو في الصلاة بلا حاجة قال في فتح القدير : وحد الالتفات المكروه [ ص 431 ] أن يلوي عنقه حتى يخرج عن مواجهة القبلة اه‍ . أما الالتفات بصدره فمبطل للصلاة وأما بوجهه فقط لحاجة فجائز بلا كراهة لوروده من فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم كما مر (طب عن) يوسف بن (عبد الله بن سلام) بالتخفيف قال ابن الجوزي : قال الدارقطني : حديث مضطرب لا يثبت اه‍ . وفيه الصلت بن مهران قال في الميزان عن ابن القطان : مجهول الحال وأورد له هذا الخبر ثم قال : لا يثبت وقال الهيثمي : فيه الصلت ضعفه الأزدي وقال عبد الحق : هذا غير ثابت قال في المنار : ولم يبين علته وهو من الأحاديث المنقطعة ورجاله مجهولون ومع ذلك اضطربوا فيه ومثل هذا لا يلتفت إليه ولا ينبغي لمن يذكره طي إسناده وهو عدم اه‍ . 9898 - (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد) أخذ بظاهره أحمد ورد بأنه محمول على نفي الكمال لا الصحة لمقتضى اقتضاه قال ابن الدهان في العزة : هذا الحديث قرره جمع بكامله وهو نقض لما أصلناه من الصفة لا يجوز حذفها والتقدير عندي لا كمال صلاة فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه اه‍ . وقد تمسك بظاهره الظاهرية على أن الجماعة واجبة ولا حجة فيه بفرض صحته لأن النفي المضاف إلى الأعيان يحتمل أن يراد به نفي الإجزاء ويحتمل نفي الكمال وعند الاحتمال يسقط الاستدلال . - (قط) عن أبي مخلد عن جنيد بن حكيم عن أبي السكين الطائي عن محمد بن السكين عن عبد الله بن كثير الغنوي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر (عن جابر) بن عبد الله وقال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن المذكر عن محمد بن سعيد بن غالب العطار عن يحيى بن إسحاق عن سليمان بن داود اليماني عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة (عن أبي هريرة) قال : فقد النبي صلى الله عليه وسلم قوما في الصلاة فقال : ما خلفكم قالوا : لحا كان بيننا فذكره ثم قال الدارقطني : إسناده ضعيف وقال في المهذب : فيه سليمان اليماني ضعفوه وقال عبد الحق : هذا حديث ضعيف قال ابن القطان : وهو كما قال في الميزان في موضع قال الدارقطني : حديث مضطرب وفي موضع : منكر ضعيف وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال ابن حجر في تخريج الرافعي : هذا حديث مشهور بين الناس وهو ضعيف ليس له إسناد ثابت وفي الباب عن علي وهو ضعيف أيضا وفي تخريج الهداية بعد ما عزاه للدارقطني فيه سليمان بن داود اليمامي أبو الجمل وهو ضعيف ومحمد بن سكين ضعيف ورواه ابن حبان عن عائشة وفيه عمر بن راشد يضع الحديث وهو عند الشافعي عن علي وزاد وجار المسجد من أسمعه المنادي ورجاله ثقات إلى هنا كلامه ، وقال الزركشي : رواه الدارقطني وقيل لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر عبد الحق أن رواته ثقات وبالجملة
[ 559 ]
هو مأثور عن علي ومن شواهده حديث الشيخين " من يسمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر " . 9899 - (لا ضرر) أي لا يضر الرجل أخاه فينقصه شيئا من حقه (ولا ضرار) فعال بكسر أوله أي لا يجازي من ضره بإدخال الضرر عليه بل يعفو فالضرر فعل واحد والضرار فعل اثنين أو الضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه والأول إلحاق مفسدة بالغير مطلقا والثاني إلحاقها به على وجه المقابلة أي كل منهما يقصد ضرر صاحبه بغير جهة الاعتداء بالمثل وقال الحرالي : الضر بالفتح والضم ما يؤلم الظاهر من الجسم وما يتصل بمحسوسه في مقابلة الأذى وهو إيلام النفس وما يتصل بأحوالها وتشعر الضمة في الضر بأنه عن قهر وعلو والفتحة بأنه ما يكون من مماثل أو نحوه اه‍ . وفيه تحريم سائر أنواع الضرر إلا بدليل لأن النكرة في سياق النفي تعم وفيه حذف أصله لا لحوق أو إلحاق أو لا فعل ضرر أو ضرار بأحد في ديننا أي لا يجوز شرعا إلا لموجب خاص وقيد النفي بالشرع لأنه بحكم القدر الإلهي لا ينبغي وأخذ منه الشافعية أن للجار منع جاره من وضع جذعه على جداره وإن احتاج وخالف أحمد تمسكا بخبر لا يمنع أحد جاره أن يضع خشبته على جداره ومنعه الشافعية بأن فيه جابر الجعفي ضعفوه وبفرض صحته [ ص 432 ] فقد قال ابن جرير : هو وإن كان ظاهره الأمر لكن معناه الإباحة والإطلاق بدليل هذا الخبر وخبر إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام . - (حم ه عن ابن عباس) قال : قضى النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا ضرر ولا ضرار قال الهيثمي : رجاله ثقات وقال النووي في الأذكار : هو حسن (ه عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه قال الذهبي : حديث لم يصح وقال ابن حجر : فيه انقطاع قال : وأخرجه ابن أبي شيبة وغيره من وجه آخر أقوى منه اه‍ . ورواه الحاكم والدارقطني عن أبي سعيد وزاد من ضر ضره الله ومن شق شاق الله عليه اه‍ وفيه عثمان بن محمد بن عثمان لينه عبد الحق والحديث حسنه النووي في الأربعين قال : ورواه مالك مرسلا وله طرق يقوي بعضها بعضا وقال العلائي : للحديث شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الصحة أو الحسن المحتج به . 9900 - (لا ضمان على مؤتمن) تمسك به الشافعية والحنابلة على أنه لا ضمان على الأجير كقصار وصباغ إذا لم يقصر وضمنه مالك (هق) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أعني البيهقي : حديث ضعيف ورواه الدارقطني عن ابن عمرو من هذا الوجه وقال : عمرو بن عبد الجبار وعبيدة ضعيفان وقال ابن حجر في تخريج الرافعي : هذه طريقة ضعيفة وفي تخريج الهداية : إسناده ضعيف وسبقه الذهبي فقال في التنقيح كأصله : لا يصح وفي المهذب : إنه صحيح . 9901 - (لا طاعة لمن لم يطع الله) في أوامره ونواهيه وفي رواية لأحمد أيضا لا طاعة لمن عصى الله فإذا أمر الإمام بمعصية فلا سمع ولا طاعة كما هو نص حديث البخاري أنه لا يجب ذلك بل يحرم
[ 560 ]
على من قدر على الامتناع (حم عن أنس) بن مالك رمز لصحته وقال الهيثمي : فيه عمرو بن زينب لم أعرفه وبقية رجال أحمد رجال الصحيح وقال ابن حجر : سنده قوي . 9902 - (لا طاعة لأحد) من المخلوقين كائنا من كان ولو أبا أو أما أو زوجا (في معصية الله) بل كل حق وإن عظم ساقط إذا جاء حق الله (إنما الطاعة في المعروف) أي فيما رضيه الشارع واستحسنه وهذا صريح في أنه لا طاعة في محرم فهو مقيد للأخبار المطلقة (حم ق د ن عن علي) أمير المؤمنين . 9903 - (لا طاعة لمخلوق) صلة طاعة (في معصية الخالق) خبر لا وفيه معنى النهي يعني لا ينبغي ولا يستقيم ذلك وتخصيص ذكر المخلوق والخالق يشعر بغلبة هذا الحكم قال الزمخشري : قال مسلمة بن عبد الملك لأبي حازم : ألستم أمرتم بطاعتنا بقوله تعالى * (وأولى الأمر منكم) * قال : أليس قد نزعت عنكم إذا خالفتم الحق بقوله تعالى * (فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) * [ النساء : 59 ] قال ابن الأثير : يريد طاعة ولاة الأمر إذا أمروا بما فيه إثم كقتل ونحوه وقيل معناه أن الطاعة لا تسلم لصاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بمعصية والأول أشبه بمعنى الحديث - (حم ك عن عمران) بن الحصين (و) عن (الحكم بن عمرو الغفاري) ويقال له الحكم بن الأقرع صحابي نزل البصرة قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ورواه البغوي عن النواس وابن حبان عن علي بلفظ لا طاعة لبشر في معصية الله وله شواهد في الصحيحين . 9904 - (لا طلاق قبل النكاح) في رواية نكاح منكرا وهو أنسب بقوله (ولا عتاق قبل ملك) الطلاق رفع قيد النكاح [ ص 433 ] باختيار الزوج فحيث لا نكاح فلا طلاق فيكون الطلاق لغوا كالعتاق قبل الملك وبه قال الشافعية واعتبر الحنفية الطلاق قبل النكاح إذا أضيف إليه أعم أو أخص نحو كل امرأة أتزوجها فهي طالق وإن تزوجت هندا فهي طالق وأولوا الحديث بما لو خاطب أجنبية بطلاق ولم يضفه إلى النكاح ، قال القاضي : وهو تقييد وتخصيص للنص بما ينبو عنه ومخالفة للقياس لغير موجب قال الطيبي والنفي وإن ورد على لفظ الطلاق والعتاق لكن المنفي محذوف أي لا وقوع طلاق قبل نكاح ولا تقرر عتاق قبل شراء وكذا يقال فيما يجئ على هذا النحو (ه) في الطلاق (عن المسور) بكسر الميم بن مخرمة رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للحافظ ابن حجر حيث قال : سنده حسن وعليه اقتصر صاحب الإلمام لكنه اختلف فيه على الزهري فقال علي بن الحسين بن واقد عن هشام عن عروة عن المسور وقال حماد بن خالد عن هشام عن الزهري عن عروة عن عائشة اه‍ . ورواه أبو يعلى من حديث جابر مرفوعا وزاد ولا نكاح إلا بولي قال ابن عبد الهادي : ورجاله ثقات .
[ 561 ]
9905 - (لا طلاق ولا عتاق في إغلاق) أي إكراه لأن المكره يغلق عليه الباب ويضيق عليه غالبا حتى يأتي بما أكره عليه فلا يقع طلاقه بشرطه عند الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة يصح طلاقه دون إقراره لوجود اللفظ المعتبر من أهله في محله لكن لم يوجد الرضا بثبوت حكمه وهو غير معتبر كما في طلاق الهازل وعتقه وضعفه القاضي بأن القصد إلى اللفظ معتبر بدليل عدم اعتبار طلاق من سبق لسانه وهنا القصد إلى اللفظ من نتيجة الإكراه فيكون كالعدم بالنسبة للمكره وتفسير الإغلاق بالغضب رد بما صح عن الحبر وعائشة أنه يقع طلاقه وأفتى به جمع من الصحابة وزعم أن المعنى لا تعلق التطليقات كلها دفعة حتى لا يبقى منها شئ لكن مطلق طلاق السنة يأباه قوله ولا عتاق إذ المعنى المذكور لا يجئ في العتاق (حم د ه ك) كلهم في العتاق (عن عائشة) وقال الحاكم بعد ما خرجه من طريقين عنها : إنه صحيح على شرط مسلم ورده الذهبي بأن فيه من إحدى طريقيه محمد بن عبيد بن صالح لم يحتج به مسلم وضعفه أبو حاتم ومن الأخرى نعيم بن حماد صاحب مناكير اه‍ ، وعمل بقضيته ابن حجر فضعف الخبر . 9906 - (لا طلاق إلا لعدة) قبلها كما في رواية مسلم في قوله تعالى * (فطلقوهن لعدتهن) * [ الطلاق : 1 ] أي لاستقبالها ، فالمراد النهي عن إيقاعه بدعيا لتضررها بتطويل العدة عليها (ولا عتاق إلا لوجه الله) قيل أراد به النهي عن العتق حال الغضب فإنه حينئذ لا يكون صادرا عن قصد صحيح ونية صادقة يتوخى بها وجه الله تعالى قال القاضي : وهو كما ترى اه‍ ، وقال ابن حجر : أراد بذلك اختيار النية لأنه لا يظهر كونه لوجه الله تعالى إلا مع القصد وفيه رد على زعم أن من أعتق عبده لوجه الله أو للشيطان أو للصنم عتق لوجود ركن الاعتاق والزيادة على ذلك لاتخل بالعتق (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه أحمد بن سعيد بن فرقد وهو ضعيف . 9907 - (لا عدوى) أي لا سراية لعلة من صاحبها لغيره يعني أن ما يعتقده الطبائعيون من أن العلل المعدية مؤثرة لا محالة باطل بل هو متعلق بالمشيئة الربانية والنهي عن مداناة المجذوم من قبيل اتقاء الجدار المائل والسفينة المعيبة (ولا صفر) بفتحتين وهو تأخير المحرم إلى صفر في النسئ أو دابة بالبطن تعدى عند العرب . قال البيضاوي : ويحتمل أن يكون نفيا لما يتوهم أن شهر صفر تكثر فيه الدواهي والفتن (ولا هامة) بتخفيف الميم على الصحيح ، وحكى أبو زيد تشديدها دابة تخرج من رأس القتيل أو تتولد من دمه فلا تزال تصيح حتى يؤخذ بثأره كذا تزعم العرب فأكذبهم الشارع قال القرطبي : ولا ينافيه خبر : لا يورد ممرض على مصح لأنه إنما نهى عنه خوف الوقوع في اعتقاد ذلك [ ص 434 ] أو تشويش النفس وتأثير الوهم فينبغي تجنب طرق الأوهام فإنها قد تجلب الآلام وبهذا الجمع سقط التعارض بين الحديثين وعلم أنه لا دخل للنسخ هنا فإنهما خبران عن أمرين مختلفين لا متعارضين قال
[ 562 ]
ابن رجب : المشروع عند وجود الأسباب المكروهة الاشتغال بما يرجى به دفع العذاب من أعمال الطاعة والدعاء وتحقيق التوكل والثقة بالله قال بعض الحكماء : صحيح الأصوات في هياكل العبادات بأفنان اللغات محلل ما عقدته الأفلاك الدائرات أي على زعمهم (تنبيه) قال ابن مالك في شرح التسهيل : أكثر ما يحذف الحجازيون خبر لا مع إلا نحو لا إله إلا الله ومن حذفه دون إلا نحو لا ضرر ولا ضرار ولا عدوى ولا طيرة (حم ق) في الطب (عن أبي هريرة حم م عن السائب) ابن يزيد ابن أخت عمران وفي مسلم عن أبي هريرة أنه كان يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا عدوى ولا صفر ولا هام ويحدث عنه أيضا أنه قال لا يورد ممرض على مصح قال الحارث بن أبي ذئاب وهو ابن عم أبي هريرة فلا أدري أنسي أبو هريرة أو نسخ أحد القولين الآخر . 9908 - (لا عدوى ولا طيرة) بكسر ففتح من التطير التشاؤم بالطيور (ولا هامة ولا صفر ولا غول) هو بالفتح مصدر معناه البعد والهلاك وبالضم الاسم وهو من السعالى وجمعه أغوال وغيلان كانوا يزعمون أن الغيلان في الفلاة وهر من جنس الشياطين تتراءى للناس وتتغول أي تتلون فتضلهم عن الطريق فتهلكهم فأبطل ذلك وقيل إنما أبطل ما زعموه من تلونه لا وجوده ومعنى لا غول أي لا يستطيع أحد إضلال أحد قال القاضي : والمراد بقوله لا عدوى إلخ أن مصاحبة المعلول ومؤاكلته لا توجب حصول تلك العلة ولا تؤثر فيها لتخلفه عن ذلك طردا وعكسا لكنها تكون من الأسباب المقدرة التي تعلقت المشيئة بترتب العلة عليها بالنسبة إلى بعض الأبدان إحداث الله تعالى فعلى العاقل التحرز عنها ما أمكن بتحرزه عن الأطعمة الضارة والأشياء المخوفة والطيرة التفاؤل بالطير وكانوا يتفاءلون بأسمائها وأصواتها والهامة الصداء وهو طائر كبير يضعف بصره بالنهار ويطير بالليل ويصوت فيه ويقال له يوم والناس يتشاءمون بصوته ومن زعمات العرب أن روح القتيل الذي لا يدرك ثاره تصير هامة فتبدوا وتقول اسقوني فإذا أدرك ثأر طارت وقوله لا غول يحتمل أن المراد به نفيه رأسا وأن المراد نفيه على الوجه الذي يزعمونه فإنهم يقولون هو ضرب من الجن يتشخصون لمن يمشي وحده في ملاة أو في الليلة الليلاء ويمشي قدامه فيظن الماشي خلفه أنه إنسان فيتبعه فيوقعه في الهلاك اه‍ . وقال الطيبي : لا التي لنفي الجنس دخلت على المذكورات ونفت ذواتها وهي غير منفية فيوجه النفي إلى أوصافها وأحوالها التي هي مخالفة الشرع فإن العدوى وصفر والهامة موجودة والمنفي هو ما زعمت الجاهلية لا إثباتها فإن نفي الذات لإرادة نفي الصفات أبلغ في باب الكناية (حم م عن جابر) بن عبد الله . 9909 - (لا عقر في الإسلام) قال ابن الأثير : هذا نفي للعادة الجاهلية وتحذير منها كانوا في الجاهلية يعقرون الإبل أي ينحرونها على قبور الموتى ويقولون صاحب القبر كان يعقرها للأضياف في
[ 563 ]
حياته فيكافأ بصنيعه بعد موته . قال المجد ابن تيمية : وكره الإمام أحمد أكل لحمه قال : قال أصحابنا وفي معناه ما يفعله كثير من التصدق عند القبر بنحو خبز اه‍ ، وأصل العقر ضرب قوائم البعير والشاة بالسيف وهو قائم (د عن أنس) بن مالك سنده رمز المصنف لحسنه . 9910 - (لا عقل كالتدبير) قال الطيبي : أراد بالتدبير العقل المطبوع وقال القيصري : هو خاطر الروح العقلي وهو خاطر التدبير لأمر المملكة الإنسانية فالنظر في جميع الخواطر الواردة عليه من جميع الجهات ومنه تؤخذ الفهوم والعلوم [ ص 435 ] الربانية وهذا الشخص هو الملك وإليه يرجع أمور المملكة كلها فيختار ما أمره الشرع أن يختار ويترك ما أمره الشرع أن يتركه ويستحسن ما أمره الشرع أن يستحسنه ويستقبح ما أمره أن يستقبحه وصفة خاطر هذا الملك التثبت والنظر في جميع ما يرد عليه من الخواطر فينفذ منها ما يجب تنفيذه ويرد ما يجب رده وخواطر هذا الجوهر الشريف وإن كثرت ترجع إلى ثلاثة أنواع الأمر بالتنزه عن دني الأخلاق والأعمال والأحوال ظاهرا وباطنا والأمر بالاتصاف بمحاسن الأخلاق والأعمال والأحوال وأعاليها كذلك والأمر بإعطاء جميع أهل مملكته حقوقهم وتنفيذ الأحكام الشرعية فيهم (ولا ورع كالكف) الورع في الأصل الكف ويقال ورع الرجل يرع بالكسر فيهما فهو ورع ثم استعير للكف عن المحارم فإن قيل فعليه الورع هو الكف فكيف يقال الورع كالكف قلنا الكف إذا أطلق فهم منه كف الأذى أو كف اللسان كما في خبر خذ عليك هذا وأخذ بلسانه فكأنه قيل لا ورع كالصمت أو كالكف عن أذى الناس (ولا حسب كحسن الخلق) أي لا مكارم مكتسبة كحسن الخلق مع الخلق فالأول عام والثاني خاص وأخرج في الشعب عن علي كرم الله وجهه التوفيق خير قائد وحسن الخلق خير قرين والعقل خير صاحب والأدب خير ميراث ولا وحشة أشد من العجب قالوا وذا من جوامع الكلم (ه) وكذا ابن حبان والبيهقي في الشعب (عن أبي ذر) وفيه إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني قال أبو حاتم : غير ثقة ونقل ابن الجوزي عن أبي زرعة أنه كذاب وأورده في الميزان في ترجمة صخر بن محمد المنقري من حديثه وقال : قال ابن طاهر : كذاب وقال ابن عدي : حدث عن الثقات بالبواطيل فمنها هذا الخبر . 9911 - (لا غرار) بغين معجمة وراءين (في صلاة ولا تسليم) قال الزمخشري : الغرار النقصان من غارت الناقة نقص لبنها ورجل مغار الكف إذا كان بخيلا وللسوق درة وغرار أي نفاق وكساد وغرار الصلاة أن لا تقيم أركانها معدلة كاملة وفي التسليم أن يقول السلام عليك إذا سلم وأن يقتصر في رد السلام علي وعليك ومن روى ولا تسليم فعطفه عن لا غرار فمعناه لا نوم فيها ولا سلام إلى هنا كلامه (حم د ك) في الصلاة (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرط مسلم ورواه معاوية بن هشام عن النوري وشك في رفعه .
[ 564 ]
9912 - (لا غصب) بصاد مهملة بضبط المصنف (ولا نهبة) أي لا يجوز ذلك في الإسلام (طب عن عمرو بن عوف) الأنصاري البدوي ويقال له عمير . 9913 - (لا غول) بضم الغين المعجمة أي لا وجود له أو لا يضر تلونه (د عن أبي هريرة) وفيه ابن عجلان وقد مر . 9914 - (لا فرع) بغاء وراء وعين مهملتين مفتوحات وهو أول نتاج ينتج كانت الجاهلية تذبحه لطواغيتها فقال ابن حجر : أي لا فرع واجب (ولا عتيرة) واجبة قاله الشافعي ، فلا ينافي الأمر بالعتيرة في أخبار كثيرة وقال غيره : هي النسيكة التي تعتر أي تذبح في رجب تعظيما له لكونه أول الأشهر الحرم ، ثم إن النهي مخصوص بما يذبح لذلك مرادا به الأصنام أما ما تجرد عن ذلك فمباح بل مندوب عند الشافعي بل إن سهل كل شهر فأفضل (حم ق 4 عن أبي هريرة) . 9915 - (لا قطع في ثمر) بفتح المثلثة والميم أي ما كان معلقا في النخل قبل أن يجز ويحرز (ولا كثر) محركا جمار النخل [ ص 436 ] وهو شحمه الذي يخرج منه الكافور وهو وعاء الطلع من جوفه سمي جمارا وكثرا لأنه أصل الكوافير وحيث تجتمع وتكثر ذكره الزمخشري وقال ابن الأثير : الثمر الرطب ما دام في النخلة فإذا قطع فهو رطب فإذا كثر فهو تمر والكثر الجمار اه‍ . لكن يناقضه أنه فسره في رواية النسائي بالحمام فقال : والكثر الحمام وقضية تصرف المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته إلا ما أواه الجرين هكذا هو ثابت في الترمذي وغيره فبين بالحديث الحالة التي يجب فيها القطع وهي حالة كون المال في حرز فلا قطع على من سرق من غير حرز قال القرطبي بالإجماع إلا ما شذ به الحسن وأهل الظاهر . وقال ابن العربي : قد اتفقت الأمة على أن شرط القطع أن يكون المسروق محرزا يحرز مثله ممنوعا من الوصول إليه بمانع اه‍ . لكن أخذ بعمومه فلم يقطعوا في فاكهة رطبة ولو محرزة وقاسوا عليه الأطعمة الرطبة التي لا تدخر قال ابن العربي : وليس مقصود الحديث ما ذهبوا إليه بدليل قوله إلا ما أواه الجرين فبين أن العلة كونه في غير حرز له غير المحرزة (حم 4) في باب الصدقة (حب) كلهم (عن رافع بن خديج) مرفوعا ورواه أيضا مالك والبيهقي قال ابن العربي : وإن كان فيه كلام فلا يلتفت إليه وقال ابن حجر : اختلف في وصله وإرساله وقال الطحاوي : تلقت الأئمة متنه بالقبول ثم قال ابن حجر : وفي الباب أبو هريرة عند ابن ماجه بسند صحيح . 9916 - (لا قطع في زمن المجاعة) أي في السرقة في زمن القحط والجدب لأنه حالة ضرورة . (خط عن أبي أمامة) .
[ 565 ]
9917 - (لا قليل من أذى الجار) أي لا بد من قليل من أذى الجار كذا في الفردوس (طب حل عن أم سلمة) قال الهيثمي : رجال الطبراني ثقات . 9918 - (لا قود إلا بالسيف) وفي رواية للدارقطني إلا بالسلاح ، وقد تمسك بهذا الكوفيون إلى ما ذهبوا إليه مخالفين للجمهور أن المقتول إذ قتل بكعصى أو حجر لا يقتل بما قتل به بل بالسيف ورده الجمهور بأنه حديث ضعيف وبفرض ثبوته فإنه على خلاف قاعدتهم في أن السنة لا تنسخ الكتاب ولا تخصصه وبالنهي عن المثلة وهو صحيح لكنه محمول عند الجمهور على غير المماثلة في القصاص جمعا بين الدليلين وهذا مستثنى من اعتبار المساواة في القود فمن قتل بالسحر قتل بالسيف إجماعا وكذا بنحو خمر ولواط (ه عن أبي بكرة) قال أبو حاتم : حديث منكر وأعله البيهقي بمبارك بن فضالة رواه عن الحسن عن أبي بكرة (وعن النعمان بن بشير) وسنده أيضا ضعيف قال عبد الحق وابن عدي وابن الجوزي : طرقه كلها ضعيفة والبيهقي : لم يثبت له إسنادا وأبو حاتم : حديث منكر والبزار : أحسبه خطأ وقال ابن حجر : رواه ابن ماجه والبزار والبيهقي والطحاوي والطبراني وألفاظهم مختلفة وإسناده ضعيف ورواه الدارقطني عن أبي هريرة وفيه سليمان بن أرقم متروك . 9919 - (لا قود في المأمومة ولا الجائفة ولا المنقلة (1) لعدم انضباطها ففي المأمومة ثلث الدية والجائفة نصف عشر دية صاحبها والمنقلة عشر فإن أوضحت فخمسة عشر (ه عن العباس) رمز المصنف لحسنه وهو زلل ففيه أبو كريب الأزدي مجهول ورشدين بن سعد وقد مر ضعفه غير مرة 9920 - (لا كبيرة مع الاستغفار) أي طلب مغفرة الذنب من الله والندم على ما فرط منه والمراد أن التوبة الصحيحة تمحو [ ص 437 ] أثر الخطيئة وإن كانت كبيرة حتى كأنها لم تكن فيلتحق بمن لم يرتكبها والثوب المغسول كالذي لم يتوسخ أصلا قال الغزالي : فالتوبة بشروطها مقبولة ماحية لا محالة قال : فمن توهم أن التوبة تصح ولا تقبل كمن توهم أن الشمس تطلع والظلام لا يزول (ولا صغيرة مع الإصرار) فإنها بالمواظبة تعظم فتصير كبيرة فكبيرة واحدة تتصرم ولا يتبعها مثلها العفو منها أرجى من صغيرة يواظب عليها ألا ترى أنه لو وقعت قطرات ماء على حجر متوالية أثرت فيه وإن صب كثير منه دفعة لم يؤثر (فر) وكذا القضاعي (عن ابن عباس) قال ابن طاهر : وفيه أبو شيبة الخراساني قال البخاري : لا يتابع على حديثه ورواه ابن شاهين باللفظ المزبور عن أبي هريرة وكذا الطبراني في مسند الشاميين .
[ 566 ]
9921 - (لا كفالة في حد) قال في الفردوس : الكفالة الضمان يقال هو ضامن وكفيل فمن وجب عليه حد فضمنه عنه غيره فيه لم يصح (عد هق عن ابن عمرو) بن العاص وهو ما بيض له الديلمي . 9922 - (لا نذر في معصية) أي لا وفاء في نذر معصية ولا صحة له ولا عبرة به ولا العقاد له فإن نذر أحد فيها لم يجز له فعلها وعليه الكفارة (وكفارته كفارة يمين) أي مثل كفارته وبه أخذ أبو حنيفة وأحمد وقال الشافعي ومالك لا ينعقد نذره ولا كفارة عليه . - (حم 4) من حديث الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (عن عائشة) قال الترمذي : وهذا حديث لا يصح قال الزهري : لم يسمعه من أبي سلمة قال غيره وإنما سمعه من سليمان بن أرقم وهو متروك قال ابن حجر في الفتح : رواته ثقات لكنه معلول وحكى الترمذي عن البخاري أنه قال : لا يصح لكن له شاهد نبه عليه المؤلف بقوله (ن) من طريقين (عن عمران بن حصين) قال الحافظ العراقي : وفيه اضطراب من طريقيه ثم بينه قال : وقال النسائي بعد ذكر حديث عمران : هذا حديث محمد بن الزبير أي أحد رجاله ضعيف لا يقوم بمثله الحجة وكذا ضعفه ابن معين والبخاري وأبو حاتم اه‍ وقال ابن حجر : خرجه النسائي وضعفه وفي الروضة هو ضعيف باتفاق المحدثين لكن تعقب ابن حجر دعواه الاتفاق بقول من ذكر . 9923 - (لا نعلم شيئا خيرا من ألف مثله إلا الرجل المؤمن طس عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي : مداره على أسامة بن زيد بن أسلم وهو ضعيف . 9924 - (لا نكاح إلا بولي) أي لا صحة له إلا بعقد ولي فلا تزوج امرأة نفسها فإن فعلت فهو باطل وإن أذن وليها عند الشافعي كالجمهور خلافا للحنفية وتخصيصهم الخبر بنكاح الصغيرة والمجنونة والأمة خلاف الظاهر ذكره البيضاوي والجمهور على أن الحديث لا إجمال فيه وقول الباقلاني : هو مجمل إذ لا يصح النفي لنكاح بدون ولي مع وجوده حسا فلا بد من تقدير شئ وهو متردد بين الصحة والكمال ولا مرجح فكان مجملا منع بأن المرجح لنفي الصحة موجود وهو قربه من نفي الذات إذا ما انتفت صحته لا يعتد به فيكون كالعدم بخلاف ما انتفى كماله (حم 4) في النكاح (ك) في النكاح (عن أبي موسى) الأشعري (ه) في النكاح (عن ابن عباس) ورواه أيضا ابن حبان وغيره وأطال الحاكم في تخريج طرقه ثم قال : وفي الباب عن علي ثم عد ثلاثين صحابيا وقد أفرد الدمياطي طرقه بتأليف قال المصنف : وهو متواتر .
[ 567 ]
9925 - (لا نكاح) صحيح وحمله على نفي كماله لكونه على صدد فسخ الأولياء لعدم الكفاءة عدول عن الظاهر من غير دليل [ ص 438 ] وحمل الكلام على ما بعد اللفظ بالنسبة إليه كاللغز ذكره القاضي (إلا بولي وشاهدين) وفي رواية للدارقطني وشهود ومهر إلا ما كان من النبي عليه الصلاة والسلام وأخرج الطبراني في الأوسط بسند قال ابن حجر : حسن عن ابن عباس لا نكاح إلا بولي مرشد أو سلطان (طب عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه . 9926 - (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل) من إضافة الموصوف إلى صفته لأن القول من صفة الشاهد وشاهدان عدلان وشهود عدول ثم يضيفه إليها اتساعا ولما استعمل الإضافة أفرد المضاف إليه (هق عن عمران) بن الحصين (وعن عائشة) قال الذهبي في المهذب : إسناده صحيح اه‍ ورواه الدارقطني بهذا اللفظ عن ابن عباس وقال : رجال هذا الحديث ثقات هذه عبارته ورواه من حديث عمران بن حصين هذا وفيه بكر بن بكار قال النسائي : ليس بثقة عبد الله بن محرز قال البخاري : منكر الحديث ورواه أيضا عن ابن عمر يرفعه وفيه ثابت بن زهير قال البخاري : منكر الحديث وقال ابن حجر : رواه أحمد والدارقطني والطبراني والبيهقي من حديث الحسن عن عمران وفيه عبد الله محرز متروك اه‍ وفي شرح المنهاج للأذرعي أن ابن حبان خرجه في صحيحه بلفظ وقال : لا يصح ذكر الشاهدين إلا فيه قال الأوزاعي : وهذا يرد قول ابن المنذر لا يثبت في الشاهدين في النكاح خبر اه‍ . وبه يعرف ما في كلام الحافظ ابن حجر . 9927 - (لا هجرة بعد فتح مكة) أي لأنها صارت دار إسلام وإنما تكون الهجرة من دار الحرب فهذا معجرة له فإنه إخبار بأنها تبقى دار إسلام ولا يتصور منها هجرة أو لا هجرة واجبة من مكة إلى المدينة بعد الفتح كما كانت قبله لمصيرها دار إسلام واستغناء المسلمين عن ذلك إذ كان معظم الخوف من أهله فالمراد لا هجرة بعد الفتح لمن لم يكن هاجر قبله أما الهجرة من بلاد الكفر فباقية إلى يوم القيامة وأما الهجرة المندوبة وهي الهجرة من أرض يهجر فيها المعروف ويشيع فيها المنكر أو من أرض أصاب فيها ذنبا فهي باقية وفي رواية للبخاري أيضا لا هجرة بعد الفتح قال ابن حجر : أي فتح مكة إذا عم إشارة إلى أن حكم غير مكة في ذلك حكمها فلا تجب من بلدة فتحها المسلمون أما قبل فتح البلد فمن به من المسلمين إما قادر على الهجرة لا يمكنه إظهار دينه وأداء واجباته فالهجرة منه واجبة وإما قادر لكنه يمكنه إظهار ذلك وأداؤه فيندب لتكثر المسلمين ومعرفتهم والراحة من رؤية المنكر وإما عاجز لنحو مرض فله الإقامة وتكلف الخروج . (تنبيه) قال الأبي : اختلف في أصول الفقه في مثل هذا التركيب يعني قوله لا هجرة بعد الفتح هل هو لنفي الحقيقة أو لنفي صفة من صفاتها كالوجوب أو غيره فإن كان لنفي الوجوب فيدل على وجوب الجهاد على الأعيان فيكون المستدرك وجوب الجهاد على الأعيان وعلى أن المعنى الحقيقي فالمعنى أن الهجرة بعد الفتح ليست بهجرة وإنما المطلوب من الجهاد
[ 568 ]
الطلب الأعم من كونه على الأعيان أو كفاية والمذهب أن الجهاد الآن فرض كفاية أكبر ما لم يعين الإمام طائفة فيكون عينيا عليها وفي الحديث إشارة صوفية وذلك أنه قد مر في حديث أن الجهاد أكبر وأصغر فالأصغر جهاد العدو والأكبر جهاد النفس وهواها وحينئذ فيلزم في الهجرة أن تكون كبرى وصغرى فالصغرى ما ذكر والكبرى هجرة النفس من مألوفها وشهواتها وردها إلى الله تعالى في كل حال ولا يقدر على هذه الهجرة إلا أهل الهمم السنية والمقاصد العلية ومن كان ضعيفا لا يقدر على هذه الهجرة فلا يهمل نفسه بالكلية فإنه علامة الخسران وليأخذ نفسه بالرفق والسياسة في الجهاد والهجرة (خ) في الحج والجهاد (عن مجاشع بن مسعود) السلمي نزيل البصرة قتل يوم الجمل مع عائشة وقضية صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه وهو ممنوع فقد رواه الجماعة كلهم إلا ابن ماجه ولفظ مسلم " لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا " . 9928 - (لا هجر بعد ثلاث) قال ابن الأثير : يريد الهجر ضد الوصل يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة أو تقصير يقع في حقوق العشرة والصحبة لا ما كان منه في جانب الدين كهجر أهل الأهواء والبدع فإنه مطلوب أبدا اه‍ . فيحرم هجر المسلم فوق ثلاث ويجوز ما دونها ، لأن الآدمي جبل على الغضب فعفي عن الثلاث ليذهب ذلك العارض ، وذهب مالك والشافعي إلى أن السلام يقطع الهجر ويرفع الإثم ولو بنحو مكاتبة أو مراسلة كما أن تركه يزيد الوحشة (حم م عن أبي هريرة) . 9929 - (لا هم إلا هم الدين) أي لا هم أشغل للقلب وأشد مؤونة على الدين والدنيا من هم دين لا يجد وفاءه ويهتم باستعداده قبل طلبه ويتحمل مؤونته في تأخيره وأشار بالحديث إلى ترك الاستدانة مهما أمكن وتعجيل قضائه إن لزمه تخفيفا للهم في دنياه (ولا وجع إلا وجع العين) لشدة قلقه ولخطره فإن العين أرق عضو مع شرفها ، وفيه حث على الصبر عليه لعظم الأجر وحث على عيادة الأرمد بخلاف ما تعوده العامة ، وقال العسكري : في هذا القول التعظيم لأمر الدين وكذا وجع العين فإن من الأوجاع ما هو أشد لكن عادة العرب إذا أرادت تعظيم شئ تنفي عنه غيره ومثله لا سيف إلا ذو الفقار (عد) عن محمد بن يوسف الصفري عن قرين بن سهل بن قرين عن أبيه عن ابن أبي ذؤيب عن خالد عن ابن المنكدر عن جابر (هب) وكذا الطبراني وأبو نعيم في الطب كلهم من حديث قرين بن سهل عن أبيه عن أبي ذؤيب عن خالد عن ابن المنكدر (عن جابر) قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني وحده : فيه سهل بن قرين ضعيف ورواه العسكري عنه بلفظ لا غم إلا غم الدين وفيه أيضا قرين ، وقضية كلام المصنف أن مخرجيه خرجوه ساكتين عليه والأمر بخلافه بل عقباه ببيان علته فقال ابن عدي باطل الإسناد والمتن وقال الأزدي : سهل كذاب وقال البيهقي : هو حديث منكر قال أعني البيهقي : قرين منكر
[ 569 ]
الحديث وقال : ليس له غير أحاديث ثلاثة هذا منها وهي باطلة متونها وأسانيدها وقال الهيثمي كالذهبي : قرين كذبه الأزدي وأبوه لا شئ وحكم ابن الجوزي عليه بالوضع ونوزع بما لا طائل فيه . 9930 - (لا وباء مع السيف ولا نجاء مع الجراد) الرياء مرض عام وقد جرت العادة الإلهية أنه لا يجتمع مع القتال بالسيف في قطر واحد فإن وقع الوباء في قطر لا يقع السيف معه وعكسه والجراد إذا وقع بأرض لا نبات للزرع معه لأنه يجرد الأرض بأكله ما فيها فتصير جردا لا نبات فيها ولذلك سمي جرادا (ابن صصري في أماليه عن البراء) بن عازب . 9931 - (لا وتران) هذا على لغة من ينصب المثنى بالألف فإنه لا يبنى الاسم معها على ما ينصب به فهو كقراءة من قرأ * (إن هذا لساحران) * (في ليلة) أي من أوتر ثم تهجد لا يعيد الوتر إذا نام ثم قام وبهذا أخذ الشافعي وهو حجة على أبي حنيفة حيث قال : يشفع بركعة واستشكاله بأن المغرب وتر وهذا وتر فيلزم وقوع وترين في ليلة رد بأن المغرب وتر النهار وهذا وتر الليل وبأنها وتر الفروض وهذا وتر النفل (حم 3 والضياء عن طلق) بن علي قال الترمذي : حسن قال عبد الحق : ونصححه . 9932 - (لا وصال في الصوم) أي لا جواز له ولا حل بالنسبة إلى الأمة فيحرم عند الشافعي وزعم أن مقصود النهي الرخصة للضعيف لا العزم على الصائم خلاف الظاهر (الطيالسي) أبو داود (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته ورواه عنه الديلمي أيضا . 9933 - (لا وصية لوارث) لأن الغرض بذلها وزاد البيهقي وغيره إلا أن تجيز الورثة وليس المعنى نفي صحة الوصية للوارث بل نفي لزومها أي ولا صية لازمة لوارث خاص إلا بإجازة بقية الورثة إن كانوا مطلقي التصرف هب الموصى به زاد على الثلث أم لا (تنبيه) هذا الحديث احتج به من ذهب إلى جواز نسخ القرآن بالسنة ولو آحاد فإنه ناسخ لقوله سبحانه * (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) * ومن ذهب إلى أنه لم يقع قط نسخ القرآن إلا بالمتواتر قال : لا نسلم عدم تواتر ذلك للمجتهدين الحاكمين بالنسخ . - (قط عن جابر) بن عبد الله ظاهر صنيع المصنف أن الدارقطني لم يكن منه إلا روايته عن جابر فحسب وليس كذلك بل رواه عن جابر ثم صوب إرساله من هذا الوجه ومن حديث علي وسنده ضعيف ومن طريق ابن عباس وسنده حسن ذكره كله ابن حجر في تخريج الرافعي ، وقال في تخريج الهداية : في خبر الدارقطني مع إرساله ضعف اه‍ . وقال بعده في مواضع أخر : هو ساقط وقال في موضع آخر : رجاله ثقات لكنه معلول اه‍ ورواه البخاري معلقا وقال في تخريج المختصر : رواه الدارقطني من طريق ابن جريج عن عطاء عن ابن
[ 570 ]
عباس مرفوعا وأسانيده ظاهرة الصحة إذ المتبادر أن عطاء هو ابن أبي رباح فلو كان كذلك كان على شرط الصحيح لكن عطاء هو الخراساني وفيه ضعف ولم يسمع من ابن عباس وأخرجه سعيد بن منصور عن عمرو بن دينار مرفوعا وهو مرسل رجاله رجال الصحيح وإذا انضم بعض طرقه لبعض قوي اه‍ . 9934 - (لا وضوء إلا من صوت أو ريح) قال الطيبي : نفى جنس أسباب التوضئ واستثنى منه الصوت والريح والنواقض كثيرة فلعل ذلك في صورة مخصوصة فالمراد نفي جنس الشك وإثبات اليقين أي لا يتوضأ من شك مع سبق ظن الطهر إلا بيقين صوت أو ريح وقال اليعمري : هذا الحديث ونحوه أصل في إعمال الأصل وطرح الشك والعلماء متفقون على العمل بهذه القاعدة في كل صورة لكنه اختلف في صورة المشكوك فيه ما هو والمتحقق ما هو وهو ما لو شك في الحدث بعد سبق الطهر ، فالشافعي أعمل الأصل المذكور وهو الطهارة وطرح الشك الحادث وهو الحدث وأجاز الصلاة ، ومالك منع من الصلاة مع الشك في بقاء التطهير إعمالا للأصل الأول وهو ترتب الصلاة في الذمة وقال : لا يبطل إلا بطهر متيقن وهذا الحديث طاهر في إعمال الطهارة الأولى وطرح الشك وقوله إلا من صوت أو ريح لا ينفي وجوبه من غائط وبول لأن الشريعة كما قال ابن العربي لم تأت جملة بل آحادا وفصولا يتوالى واحدا بعد آخر حتى أكمل الله الدين ولأن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قال : " لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث " ثم قتل العلماء بنحو عشرة أسباب بزيادة أدلة فكذا فينقض بهما كهما ، وقال الكمال ابن أبي شريف : المعنى لا يبطل الوضوء إلا بيقين لا أن مبطله ينحصر فيما ذكر (ت ه) في الطهارة (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وأصله قول الترمذي : هذا حديث صحيح ، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لغير هذين مع أن الإمام أحمد خرجه وقال البيهقي : حديث ثابت اتفق الشيخان على إخراج معناه . 9935 - (لا وضوء لمن لم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم) أي لا وضوء كاملا . (طب عن سهل بن سعد) الساعدي . 9936 - (لا وفاء لنذر في معصية الله) زاد في رواية ولا فيما لا يملك العبد (حم) من حديث سليمان بن موسى (عن جابر) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح لكنه موقوف على جابر وسليمان قيل لم يسمع منه اه‍ وقد رمز المؤلف لحسنه وقضية كلام المصنف أن ذا لم يخرج في أحد الصحيحين وليس كذلك بل هو في مسلم عن عمران باللفظ الواقع في المتن [ ص 441 ] بدون ذكر السبب لكنه في ضمن حديث طويل فلذا أغفله المصنف ورواه مستقلا أيضا بلفظ لا نذر في معصية الله وكذا رواه أبو داود والنسائي .
[ 571 ]
9937 - (لا يأتي عليكم عام ولا يوم إلا والذي بعده شر) بحذف الألف عند الجمهور ولأبي ذر بإثباتها بوزن أفعل وعليها شرح ابن التين ، وقال في الصحاح : لا يقال أشر إلا في لغة رديئة (منه) فيما يتعلق بالدين أو غالبا وحمله الحسن على التعميم فأورد عليه ابن عبد العزيز بعد الحجاج فقال : لا بد للناس من تنفيس أي أن الله ينفس عن عباده وقتاما ويكشف البلاء عنهم حينا ما ، وأجاب غيره بأن المراد بالتفضيل مجموع العصر على مجموع العصر فإن عصر الحجاج كان فيه كثير من الصحب أحياءا وفي زمن عمر انقرضوا وزمن الصحب خير مما بعده لخبر خير القرون قرني (حتى تلقوا ربكم) أي حتى تموتوا وهذا علم من أعلام نبوته لإخباره به وقد وقع واستشكل أيضا بزمان عيسى فإنه بعد الدجال وأجيب بأن المراد الزمان الذي بعد عيسى أو جنس الزمان الذي فيه الأمر وأن المراد بالأزمنة ما قبل وجود العلامات العظام كالدجال وما بعده ويكون المراد بالأزمنة المتفاضلة في الشر في زمن الحجاج فما بعده إلى الدجال وأما زمن عيسى فله حكم مستأنف وبأن المراد بالأزمنة أزمنة الصحابة بناء على أنهم المخاطبون به فيختص بهم فأما من بعدهم فلم يقصدوا بالخير لكن الصحابي فهم التعميم . (حم خ ن) في الفتن من حديث الزبير بن عدي (عن أنس) قال الزبير : أتينا أنسا فشكونا إليه ما نلقى من الحجاج فقال : اصبروا فإنه لا يأتي زمان إلخ سمعته من نبيكم عليه الصلاة والسلام ورواه عنه أيضا الترمذي . 9938 - (لا يؤذن إلا متوضئ) فيكره تنزيها للمحدث ولو أصغر أن يؤذن غير متطهر وأخذ بظاهره الأوزاعي فأوجب الوضوء للأذان قال : لأن للأذان شبها بالصلاة في تعلق أجزائها بالوقت واشتراكهما في طلب استقبال القبلة (ت) من حديث الزهري (عن أبي هريرة) قال ابن حجر : وهو منقطع والراوي له عن الزهري ضعيف . 9939 - (لا يؤمن أحدكم) لفظ رواية ابن ماجه أحد أي إيمانا كاملا ونفي اسم الشئ بمعنى الكمال عنه مستفيض في كلامهم وخصوا بالخطاب لأنهم الموجودون إذ ذاك والحكم عام (حتى أكون أحب إليه) غاية لنفي كمال الإيمان ومن كمل إيمانه علم أن حقيقة الإيمان لا تتم إلا بترجيح حبه على حب كل (من ولده ووالده) أي أصله وفرعه وإن علا أو نزل ، والمراد من له ولادة وقدم الولد على الوالد لمزيد الشفقة وفي رواية للبخاري تقديم الوالد ووجهه أن كل أحد له والد ولا عكس وذكر الولد والوالد أدخل في المعنى لأنهما أعز على العاقل من الأهل والمال بل عند البعض من نفسه ولذلك لم يذكر النفس وشمل لفظ الوالد الأم إن أريد من له ولادة أو ذات ولد ، ويحتمل أنه اكتفى بذكر أحدهما
[ 572 ]
كما يكتفى من أحد الضدين بالآخر وعطف عليه من عطف العام على الخاص قوله (والناس أجمعين) حبا اختياريا إيثارا له عليه الصلاة والسلام على ما يقتضي العقل رجحانه من حبه احتراما وإكراما وإجلالا وإن كان حب غيره لنفسه وولده مركوزا في غريزته فسقط استشكاله بأن المحبة أمر طبيعي غريزي لا يدخل الاختيار فكيف تكلف به إذ المراد حب الاختيار المستند إلى الإيمان كما تقرر فمعناه لا يؤمن أحدكم حتى يؤثر رضاي على هوى والديه وأولاده ، قال الكرماني : ومحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إرادة طاعته وترك مخالفته وهو من واجبات الإسلام والحديث من جوامع الكلم لأنه جمع فيه أصناف المحبة الثلاث محبة الإجلال [ ص 442 ] وهي محبة الأصل ومحبة الشفقة وهي محبة الوالد ومحبة المجانسة وهي محبة الناس أجمعين وشاهد صدق ذلك بذل النفس في رضا المحبوب وإيثاره على كل مصحوب قال الإمام النووي : وفي الحديث تلميح إلى قضية النفس الأمارة والمطمئنة فمن رجح جانب المطمئنة كان حبه لنبيه راجحا ومن رجح الأمارة كان بالعكس . (تنبيه) قال الكرماني : أحب أفعل تفضيل بمعنى مفعول وهو مع كثرته على خلاف القياس إذ القياس أن يكون بمعنى فاعل وفصل بينه وبين معموله بقوله إليه لأن الممتنع الفصل بأجنبي مع أن الظرف يتوسع فيه (حم ق ن) في الإيمان (ه) في السنة (عن أنس) بن مالك ورجاله ثقات . 9940 - (لا يؤمن أحدكم) إيمانا كاملا فالمراد بنفيه هنا نفي بلوغ حقيقته ونهايته من قبيل خبر لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن (حتى يحب) بالنصب لأن حتى جارة وأن بعدها مضمرة ولا يجوز الرفع فتكون حتى عاطفة لفساد المعنى إذ عدم الإيمان ليس سببا للمحبة ذكره الكرماني (لأخيه) في الإسلام من الخير كما في رواية النسائي والقضاعي وابن منده والإسماعيلي وغيرهم فمن قصره على كف الأذى فقد قصر ولا حاجة لقول البعض هو عام مخصوص إذ المرء يحب لنفسه وطء حليلته لا لغيره والخير كلمة جامعة تعم الطاعات والمباحات الدينية والدنيوية وتخرج المنهيات لأن اسم الخير لا يتناولها والمحبة إرادة ما تعتقده خيرا قال النووي : المحبة الميل إلى ما يوافق المحب وقد يكون بحواسه كحسن الصورة أو بعلته أو بعقله إما لذاته كالفضل والكمال أو لإحسانه كجلب نفع أو دفع ضرر والمراد هنا الميل الاختياري دون القهري (ما يحب لنفسه) من ذلك وأن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه من السوء ولم يذكره لأن حب الشئ مستلزم بغض نقيضه وذلك ليكون المؤمنون كنفس واحدة ومن زعم كابن الصلاح أن هذا من الصعب الممتنع غفل عن المعنى والمراد وهو أن يحب له حصول مثل ذلك من جهة لا يزاحمه فيها كما تقرر وبه دفع ما قيل هذه محبة عقلية لا تكليفية طبيعية لأن الإنسان جبل على حب الاستئثار فتكليفه بأن يحب له ما يحب لنفسه مفض إلى أن لا يكمل إيمان أحد إلا نادرا وذكر الأخر غالبي فالمسلم ينبغي أن يحب للكافر الإسلام وما يترتب عليه من الخير والأجر ومقصود الحديث انتظام أحوال المعاش والمعاد والجري على قانون السداد * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * وعماد ذلك وأساسه السلامة من الأدواء القلبية كالحاسد يكره أن يفوته
[ 573 ]
أحد أو يساويه في شئ والإيمان يقتضي المشاركة في كل خير من غير أن ينقص على أحد من نصيب أحد شئ نعم من كمال الإيمان تمني مثل فضائله الأخروية الذي فات فيها غيره وآية * (لا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) * نهي عن الحسد المذموم فإذا فاقه أحد في فضل دين الله اجتهد في لحاقه وحزن على تقصيره لا حسدا بل منافسة في الخير وغبطة . - (حم ق ت ن ه عن أنس) بن مالك لكن لفظ رواية مسلم حتى يحب لأخيه أو قال جاره ورواية البخاري وغيره بغير شك ، وسبب هذا الحديث كما خرجه الطبراني عن أبي الوليد القرشي قال : كنت عند بلال بن أبي بردة فجاء رجل من عبد القيس وقال : أصلح الله الأمير إن أهل الطف لا يؤدون زكاتهم وقد علمت ذلك فأخبرت الأمير فقال : من أنت قال : من عبد القيس قال : ما اسمك قال : فلان فكتب لصاحب شرطته يسأل عنه عبد القيس فقال : وجدته لعمر في حبسه فقال : الله أكبر حدثني أبي عن جدي أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث . 9941 - (لا يبغي) وفي رواية للطبراني لا يسعى (على الناس إلا ولد بغي وإلا من فيه عرق منه) قال في الفردوس : البغي الاستطالة على الناس (طب عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي : فيه أبو الوليد القرشي مجهول وبقية رجاله ثقات وقال ابن الجوزي : فيه سهل الأعرابي قال ابن حبان : منكر الرواية لا يقبل ما انفرد به . 9942 - (يبلغ العبد أن يكون من المتقين) قال الطيبي : أن يكون من المتقين ظرف يبلغ على تقدير مضاف أي درجة المتقين (حتى يدع ما لا بأس به حذرا مما به بأس) أي يترك فضول الحلال حذرا من الوقوع في الحرام قال الغزالي : الاشتغال بفضول الحلال والانهماك فيه يجر إلى الحرام ومحض العصيان لشره النفس وطغيانها وتمرد الهوى وطغيانه فمن أراد أن يأمن الضرر في دينه اجتنب الخطر فامتنع عن فضول الحلال حذرا أن يجره إلى محض الحرام فالتقوى البالغة الجامعة لكل ما لا ضرر فيه للدين وقال الطيبي : إنما جعل المتقي من يدع ذلك لذلك لأن المتقي لغة اسم فاعل من وقاه فاتقى والوقاية فرط الصيانة ومنه فرس واق أي يقي حافره أن يصيبه أدنى شئ من بوله وشرعا من يقي نفسه تعاطي ما يستوجب العقوبة من فعل أو ترك والتقوى مراتب الأولى التوقي عن العذاب المخلد بالتبري من الشرك قال الله تبارك وتعالى * (وألزمهم كلمة التقوى) * ، الثانية تجنب كل ما يؤثم من فعل أو ترك حتى الصغائر وهو المتعارف بالتقوى في الشرع والمعني بقوله عز وجل * (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا) * ، الثالثة التنزه عما يشغل سره عن ربه وهو التقوى الحقيقية المطلوبة بقوله * (اتقوا الله حق تقاته) * والمرتبة الثانية هي المقصودة بالحديث ويجوز تنزيله على الثالثة أيضا واللام في لما بيان لحذرا لا صلة لأن صلته به كقوله تعالى * (هيت لك) * وقوله تعالى * (لمن أراد أن يتم الرضاعة) *
[ 574 ]
[ البقرة : 233 ] كأنه قيل حذرا لماذا قيل به بأس (ت ه) في الزهد (ك عن عطية) بن عروة (السعدي) جد عروة بن محمد مختلف في اسم جده وربما قيل فيه عطية بن سعد صحابي نزل الشام له ثلاثة أحاديث قال الترمذي : حسن غريب قال في المنار : ولم يبين لم لا يصح وذلك أنه من رواية أبي بكر بن النضر وفيه عبد الله بن يزيد لا يعرف حاله . 9943 - (لا يبلغ) في رواية لا يستكمل (العبد حقيقة الإيمان) أي كماله قال ابن حجر : الحقيقة هنا الكمال ضرورة لأن من لم يتصف بهذه الصفة لا يكون كافرا (حتى يخزن من لسانه) أي يجعل فمه خزانة للسانه فلا يفتحه إلا بمفتاح إذن الله ، ومن للتبعيض أي يخزن من لسانه ما كان باطلا ولغوا عاطلا فيخزنه من الباطل خوف العقاب ومن اللغو والهذيان وكثير من المباح خوف العقاب أي لا يصل إلى خالص الإيمان ومحضه وكنهه حتى لا ينطق إلا بخير قال ابن الأثير : والحقيقة ما يصل إليه حق الأمل ووجوبه من قولهم فلان حامي الحقيقة إذا حمى ما يوجب عليه حمايته واللسان أشبه الأعضاء بالقلب لسرعة حركته فإذا خف في نطقه بطبعه وسرعة حركته وعجلته أورث القلب سقما وإذا فسد القلب فسد الباطن والظاهر وفي حديث آخر لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه (طس) وكذا في الصغير (والضياء) في المختارة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه داود بن هلال ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه ضعفا وبقية رجاله رجال الصحيح غير زهير بن عباد وقد وثقه جمع . 9944 - (لا يتجالس قوم إلا بالأمانة) أي لا ينبغي إلا ذلك فلا يحل لأحد أن يفشي سر غيره وهو خبر بمعنى النهي (المخلص) أبو طاهر (عن مروان بن الحكم) بن أبي العاص ولد بمكة سنة اثنتين ولم ير النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم رمز لحسنه . 9945 - (لا يترك الله أحدا يوم الجمعة إلا غفر له) لأنه يوم لا تسجر فيه جهنم بل تغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار فيه [ ص 444 ] ما يعمل في سائر الأيام وهو يومه الذي يحكم فيه بين عباده فيميز بين أحبابه وأعدائه ويومه الذي يدعوهم إلى زيارته في جنة عدن ويومه الذي يفيض فيه من عظائم الرحمة ما لا يفيض مثلها في غيره فمن ثم كان يوم الغفران والكلام في أهل الإيمان وفي الصغائر ما اجتنب الكبائر وكم له من نظائر (خط عن أبي هريرة) قال في الميزان : حديث منكر جدا وهو مما طعن فيه على أحمد بن نصر بن حماد اه‍ . ورواه الحاكم في تاريخه والديلمي عن أنس . 9946 - (لا يتكلفن) بنون التوكيد (أحد لضيفه) لفظ رواية البيهقي للضيف (ما لا يقدر عليه)
[ 575 ]
لما مر بيانه غير مرة (هب عن سلمان) الفارسي ، وفيه كما قال الحافظ العراقي : محمد بن الفرج الأزرق متكلم فيه وقال الذهبي : قال الحاكم : طعن عليه لاعتقاده ولصحبته الكرابيسي . 9947 - (لا يتم بعد احتلام) وفي رواية للبزار بعد حلم أي لا يجري على البالغ حكم اليتيم . والحلم بالضم ما يراه النائم مطلقا لكن غلب استعماله فيما يرى من أمارة البلوغ كذا في النهاية وفي المغرب حلم الغلام احتلم والحالم المحتلم في الأصل ثم عم فقيل لمن بلغ مبلغ الرجال حالم أشار إلى أن حكم اليتيم جار عليه قبل بلوغه من الحجر في ماله والنظر في مهماته وكفالته وإيوائه فإذا احتلم وكانت حالة البلوغ استقل ولا يسمى باليتيم (ولا صمات) بالضم أي سكون (يوم إلى الليل) أي لا عبرة به ولا فضيلة له وليس مشروعا عندنا كما شرع للأمم قبلنا فنهى عنه لما فيه من التشبه بالنصرانية قال الطيبي : والنفي وإن جرى على اللفظ لكن المنفي محذوف أي لا استحقاق يتم بعد احتلام ، ولا حل صمت يوم إلى الليل . - (د) في الوصايا (عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه وتعقبه المنذري في حواشيه بأن فيه يحيى الجاري بالجيم قال البخاري : يتكلمون فيه قال : وقد روي عن أنس وجابر وليس فيها شئ يثبت ، وقال النووي في الأذكار والرياض : إسناده حسن . 9948 - (لا يتمنى) نهي أخرج بصورة النفي للتأكيد ذكره القاضي وهو كما في الكشاف أبلغ وآكد لأنه قدر أن المنهي حال ورود النهي عليه انتهى عن المنهي عنه وهو يخبر عن انتهائه كأنه يقول لا ينبغي للمؤمن المتزود للآخرة والساعي في ازدياد ما يثاب عليه من العمل الصالح أن يتمنى ما يمنعه عن البر والسلوك لطريق الله وعليه الخبر السالف خياركم من طال عمره وحسن عمله لأن من شأن الازدياد والترقي من حال إلى حال ومن مقام إلى مقام حتى ينتهي إلى مقام القرب كيف يطلب القطع عن مطلوبه (أحدكم الموت) لدلالته على عدم الرضا بما نزل الله به من المشاق ولأن ضرر المرض مطهر للإنسان من الذنوب والموت قاطع له ولأن الحياة نعمة وطلب إزالة النعمة قبيح (إما محسنا فلعله يزداد) من فعل الخيرات (وإما مسيئا) بكسر همزة إما فيهما ونصب محسنا ومسيئا . قال القاضي : وهو الرواية المعتد بها تقديره إن كان محسنا فحذف الفعل بما استكن فيه من الضمير وعوض عنه ما وأدغم في ميمها النون ويحتمل أن يكون إما حرف القسم ومحسنا منصوب بأنه خبر كان والتقدير إما أن يكون محسنا أو حال والعامل فيه ما دل عليه الفعل السابق أي إما أن يتمناه محسنا اه‍ ، وروي بفتحها ورفع محسن بجعله صفة لمبتدأ محذوف ما بعده خبره يستعتب وقال ابن مالك : تقديره إما أن يكون محسنا وإما أن يكون مسيئا فحذف يكون مع اسمها وأنفي الخبر قال : ولعل هنا شاهد على مجئ لعل للرجاء عن التعليل وأكثر مجيئها في الرجاء إذا كان معه تعليل وتعقبه الدماميني فقال : اشتمل كلامه على أمرين ضعيفين قابلين للنزاع أما الأول فجزمه بأن محسنا ومسيئا خبر ليكون محذوفا مع احتمال [ ص 445 ] أن يكونا حالين من فاعل يتمنى وهو أحدكم وعطف أحد الحالين على الآخر وأتى بعد كل حال بما ينبه على علة
[ 576 ]
النهي عن تمني الموت والأصل لا يتمنى أحدكم الموت إما محسنا وإما مسيئا أي سواء كان على حالة الإحسان أو الإساءة أما إذا كان محسنا فلا يتمناه لعله يزداد إحسانا على إحسانه فيضاعف ثوابه وإما أن يكون مسيئا فلا يتمناه فلعله يندم على إساءته ويطلب الرضا فيكون سببا لمحو ذنوبه وأما الثاني فادعاؤه أن أكثر مجئ لعل للترجي وهذا قيد ممنوع وكتب أكابر النحاة طافحة بالإعراض عنه (فلعله يستعتب) أي يطلب العتبى أي الرضا لله بأن يحاول إزالة غضبه بالتوبة ورد المظالم وتدارك الفائت وإصلاح العمل ذكره القاضي ، قال التوربشتي : والنهي وإن أطلق لكن المراد منه التقييد بما وجه به من تلك الدلالة وقد تمناه كثير من الصديقين شوقا إلى لقاء الله تعالى وتنعما بالوصول لحضرته وذلك غير داخل تحت نهي التقييد والمطلق راجع للمقيد اه‍ . هذا وليس لك أن تقول لم تنحصر القسمة في هذين الوصفين فلعله يكون مسيئا فيزداد إساءة فتكون زيادة العمر زيادة له في الشقاء كما في خبر : شر الناس من طال عمره وساء عمله ، أو لعله يكون محسنا فتنقلب حاله إلى الإساءة لأنا نقول ترجى المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم له زيادة الإحسان أو الانكفاف عن السوء بتقدير أن يدوم على حاله فإذا كان معه أصل الإيمان فهو خير له بكل حال وبتقدير أن يخف إحسانه فذلك الإحسان الخفيف الذي داوم عليه مضاعف له مع أصل الإيمان وإن زادت إساءته فالإساءة كثير منها مكفر وما لا يكفر يرجى العفو عنه فما دام معه الإيمان فالحياة خير له كما بينه المحقق أبو زرعة (حم خ) في الطب مطولا (ن عن أبي هريرة) وهذا حديث اشتمل على جملتين الأولى خرجها الشيخان وهي لن يدخل أحدكم الجنة بعمله قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته والثانية هذه التي اقتصر عليه المصنف . 9949 - (لا يجتمع كافر وقاتله) أي المسلم الثابت على الإسلام كما في المطامح (في النار) نار جهنم (أبدا) قال القاضي : يحتمل أن يختص بمن قتل كافرا في الجهاد فيكون ذلك مكفرا لذنوبه حتى لا يعاقب عليها وأن يكون عقابه بغير النار أو يعاقب في غير محل عقاب الكفار ولا يجتمعان في إدراكها اه‍ . قال الطيبي : والوجه الأول وهو من الكناية التلويحية نفي الاجتماع بينهما فيلزم نفي المساواة فيلزم أن لا يدخل المجاهد النار أبدا إذ لو دخلها لساواه وقوله أبدا بمعنى قط في الماضي وعوض في المستقبل تنزيلا للمستقبل منزلة الماضي (م د) في الجهاد (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 9950 - (لا يجزي) بفتح أوله وزاي معجمة (ولد والدا) وفي رواية والده أي لا يكافئه بإحسانه وقضاء حقه والأم مثله بطريق أولى ومثلهما الأجداد والجدات من النسب (إلا أن) أي بأن (يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه) أي يخلصه من الرق بسبب شرائه أو نحوه يعني يتسبب في دخوله في ملكه بأي سبب كان في شراء أو هبة بلا ثواب أو بغير ذلك فالشراء خرج مخرج الغالب لأن الرقيق كالمعدوم لاستحقاق غيره منافعه ونقصه عن المناصب الشريفة فتسببه في عتقه المخلص له من حيز ذلك كأنه أوجده كما أن
[ 577 ]
الأب سبب في إيجاده فهو تسبب في إيجاد معنوي في مقابلة الإيجاد الصوري كذا قرره بعض الأعاظم وهو في ذلك مستمد من قول ابن العربي المعنى فيه أن الأبوين أخرجا الولد من حيز العجز إلى حيز القدرة فإنه تعالى أخرج الخلق من بطون أمهاتهم لا يقدرون على شئ كما لا يعلمون شيئا فيكفله الوالدان حتى خلق الله له القدرة والمعرفة واستقل بنفسه بعد العجز فكنفاه بفضل الله وقوته لا بصورة الأمر وحقيقته أن يجد والده في عجز الملك فيخرجه إلى قدرة الحرية اه‍ لكن جعل الطيبي الحديث من قبيل التعليق بمحال للمبالغة يعني لا يجزي ولد والده إلا أن يملكه فيعتقه وهو محال فالمجازاة محال اه‍ وتبعه عليه بعضهم فقال : القصد بالخبر الإيذان بأن قضاء حقه [ ص 446 ] محال لأنه خص قضاء حقه في هذه الصورة وهي مستحيلة إذ العتق يقارن الشراء فقضاء حقه مستحيل (خد م) في العتق (د ت عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 9951 - (لا يجلد) لفظ رواية مسلم لا يجلد أحد (فوق عشرة أسواط) في رواية بدله جلدات قال في الكشاف : والجلد ضرب الجلد (إلا في حدود الله تعالى) يعني لا يزاد على عشرة أسواط بل بالأيدي والنعال أو الأولى ذلك فتجوز الزيادة إلى ما دون الحد بقدر الجرم عند الشافعي وأبي حنيفة وأخذ أحمد بظاهر الخبر فمنع بلوغ التعزير فوقها واختاره كثير من الشافعية وقالوا لو بلغ الشافعي لقال به لكن يرده نقل إمامهم الرافعي إنه منسوخ محتجا بما منه عمل الصحابة بخلافه مع إقرار الباقين ونوزع بما لا يجدي ونقل المؤلف عن المالكية أن الحديث مختص بزمن المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه كان يكفي الجاني منهم هذا القدر اه‍ . قال القرطبي في شرح مسلم : ومشهور مذهب مالك أن ذلك موكول إلى رأي الإمام بحسب ما يراه أليق بالجاني وإن زاد على أقصى الحدود قال : والحديث خرج على أغلب ما يحتاج إليه في ذلك الزمان قال في الكشاف : وفي جلد الجلد إشارة إلى أنه لا ينبغي أن يتجاوز الألم إلى اللحم . (حم ق 4 عن أبي بردة بن نيار) بكسر النون فمثناة تحتية مخففة وهو البلوى حليف الأنصار واسمه هانئ وقيل الحارث بن عمرو وقيل مالك بن هبيرة أنصاري أوسي قال ابن حجر : متفق عليه وتكلم في سنده ابن المنذر والأصيلي من جهة الاختلاف فيه . 9952 - (لا يجلس الرجل بين الرجل وابنه في المجلس) فيكره ذلك تنزيها ومثله الأم وبنتها ويظهر أن المراد الأصل وإن علا فالجد والجدات كذلك (طس عن سهل بن سعد) قال الهيثمي : وفيه من لم أعرفهم . 9953 - (لا يجوع أهل بيت عندهم التمر) هذا وارد في بلاد ليس من عادتهم الشبع بغيره وفيه
[ 578 ]
حث على القنع وتنبيه على حل ادخار قوت العيال فإنه أسكن للنفس وأحصن عن الملال (م) في الأطعمة (عن عائشة) . 9954 - (لا يحافظ على ركعتي الفجر إلا أواب) أي رجاع إلى الله تعالى بالتوبة مطيع له وقد مدح الله الحافظين للعبادة بقوله * (هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ ، من خشي الرحمن بالغيب) * [ ق : 32 و 33 ] وخص ركعتي الفجر بالتنصيص على حفظهما اعتناء بشأنهما (هب عن أبي هريرة) . 9955 - (لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب وهي صلاة الأوابين) فيه الرد على من كرهها وقال إن إدامتها تورث العمى ، والأواب الرجاع إلى الله بالتوبة يقال آب إلى الله رجع عن ذنبه فهو أواب مبالغة (ك) في صلاة التطوع (عن أبي هريرة) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في الميزان أورده في ترجمة محمد بن دينار من حديثه ونقل ابن معين وغيره تضعيفه وعن النسائي توثيقه . 9956 - (لا يحتكر) القوت (إلا خاطئ) بالهمز أي عاص أو آثم اسم فاعل من أخطأ يخطئ إذا أثم ومنه قوله تعالى * (إن قتلهم كان خطئا كبيرا) * والاسم منه الخطيئة والاحتكار جمع الطعام وحبسه تربصا به الغلاء والخاطئ من تعهد [ ص 447 ] ما لا ينبغي والمخطئ من أراد الصواب فصار إلى غيره كذا قرره قوم ، وقال ابن العربي : قوله خاطئ لفظة مشكلة اختلف ورودها في لسان العرب فيقال خطئ في دينه خطأ إذا أثم ومنه * (إنه كان خطأ كبيرا) * وقد يكون الخطأ فيما لا إثم فيه ومنه * (إن نسينا أو أخطأنا) * وإذا اشترك ورودها لم يفصلها إلا القرائن فقوله لا يحتكر إلا خاطئ أي إلا آثم فاحتكار القوت أي اشتراؤه في الرخاء ليبيعه إذا غلا السعر حرام عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك وحكمته دفع الضرر من عامة الناس كما يجبر من عنده طعام احتاجه الناس دونه على بيعه حينئذ وقال أحمد احتكار الطعام وحده بمكة والمدينة والثغور لا في الأمصار . (حم م د ت ه عن معمر) بفتح الميمين وسكون المهملة بينهما (ابن عبد الله) بن نافع بن فضلة العدوي وهو ابن أبي معمر صحابي كبير من مهاجرة الحبشة وفي الباب أبو هريرة خرجه الحاكم بلفظ من احنكر يريد أن يغالي بها المسلمين فهو خاطئ . 9957 - (لا يحرم الحرام الحلال) فلو زنى بامرأة لم تحرم عليه أمها وبنتها وإلى هذا ذهب الشافعي كالجمهور فقالوا الزنا لا يثبت حرمة المصاهرة وأثبتها به الحنفية قال بعضهم : وهي مسألة عظيمة في الخلاف ليس فيها خبر صحيح من جانبنا ولامن جانبهم وممن قال بقول أبي حنيفة الأوزاعي وأحمد وإسحاق وهي رواية عن مالك وحجة الجمهور أن النكاح في الشرع إنما يطلق على المعقود عليها لا على مجرد الوطء والزنا لا مهر فيه ولا عدة ولا إرث وبالغ الحنفية فقالوا تحرم امرأته بمجرد لمس أمها
[ 579 ]
والنظر لفرجها ثم هذا الحديث قد عورض بحديث ما اجتمع الحلال والحرام إلا غلب الحرام ، لأن المحكوم به فيه إعطاء الحلال حكم الحرام احتياطا وتغليبا لا صيرورته في نفسه حراما ذكره التاج السبكي على أن هذا الحديث قال العراقي في تخريج المنهاج لا أصل له . - (ه) في النكاح (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزيلعي : فيه إسحاق بن محمد القروي روى له البخاري وليس بإسحاق بن عبد الله القروي ذلك مجروح (هق) عن عائشة قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يتبع المرأة حراما أينكح ابنتها فذكره ثم قال البيهقي : تفرد به عثمان بن عبد الرحمن الوقاصي وهو ضعيف والصحيح عن الزهري عن علي مرسلا وموقوفا اه‍ . وقال الذهبي : عثمان متروك وقال ابن الجوزي : قال أبو حاتم : يروي عن الثقات الموضوعات وقال يحيى : يكذب وقال ابن حجر في الفتح : هذا الحديث رواه الدارقطني والطبراني عن عائشة بلفظ لا يحرم الحرام الحلال إنما يحرم ما كان بنكاح حلال وفي إسنادهما عثمان الوقاصي متروك وخرج ابن ماجه الجملة الأولى منه عن ابن عمر وإسناده أصلح من الأول . 9958 - (لا يحل لمسلم أن يروع) بالتشديد أي يفزع (مسلما) وإن كان هازلا كإشارته بسيف أو حديدة أو أفعى أو أخذ متاعه فيفزع لفقده لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (حم د) في الأدب من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى (عن رجال) من الصحابة أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى حبل معه فأخذه ففزعه فذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الزين العراقي بعد ما عزاه لأحمد والطبراني : حديث حسن . 9959 - (لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين) في المجلس (إلا بإذنهما) يعني يكره له ذلك وأراد نفي الحل المستوي الطرفين (حم د) في الأدب (ت) في الاستئذان (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي : حسن . 9960 - (لا يخرف قارئ القرآن) أي لا يفسد عقله والخرف فساد العقل لنحو كبر . (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) [ ص 448 ] ابن مالك ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي . 9961 - (لا يدخل الجنة إلا رحيم) ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البيهقي قالوا يا رسول الله كلنا رحيم قال ليس رحمة أحدكم نفسه وأهل بيته حتى يرحم الناس دل هذا الخبر على أن الرحمة ينبغي شمولها وعمومها للكافة فمن لم يكن كذلك فهو فظ غليظ فلا يليق بجوار الحق في دار كرامته وأبعد القلوب من الله القلب القاسي (هب عن أنس) بن مالك .
[ 580 ]
9962 - (لا يدخل الجنة قاطع) أي قاطع رحم كما جاء مبينا هكذا في مسلم عن سفيان بل وردت هذه اللفظة في الأدب المفرد للبخاري فقول الشيخ شهاب الدين ابن حجر الهيثمي أن لفظ رحم لم ترد وإنما هو حكاية لاختلاف العلماء في معنى قاطع قصور عجيب وهجوم قبيح وكان الأدب أن يقول لا أقف على ذلك والمراد لا يدخل الجنة التي أعدت لوصال الأرحام أو لا يدخلها مع اتصافه بذلك بل يصفي من خبث القطيعة إما بالتعذيب أو بالعفو وكذا يقال في نحو لا يدخل الجنة متكبر وشبهه وهو محمول على المستحل أو على سوء الخاتمة وقد ورد الحث فيما لا يحصى من الأخبار على صلة الرحم ولم يرد لها ضابط فالمعول على العرف ويختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمنة والواجب منها ما يعد به في العرف واصلا وما زاد تفضل ومكرمة الرحم والقرابة وهو من بينك وبينه نسب وإن لم يرث ولم يكن محرما على الأصح (حم ق) في الأدب (د) في الزكاة (ت) في البر (عن جبير) بن مطعم . 9963 - (لا يدخل الجنة) أي مع الداخلين في الوعيد الأول من غير عذاب ولا بأس أو لا يدخلها حتى يعاقب بما اجترحه وكذا يقال فيما بعده ، قال التوربشتي : هذا هو السبيل في تأويل أمثال هذه الأحاديث لتوافق أصول الدين ، وقد هلك في التمسك بظاهر أمثال هذه النصوص الجم الغفير من المبتدعة ومن عرف وجوه القول وأساليب البيان من كلام العرب هان عليه التخلص بعون الله من تلك الشبه (خب) بمعجمة مفتوحة وباء موحدة خداع يفسد بين المسلمين بالخدع وقد تكسر خاؤه وأما المصدر فبالكسر كذا في النهاية أي لا يدخل الجنة مع هذه الخصلة حتى يطهر منها إما بتوبة في الدنيا أو بالعفو أو بالعذاب بقدره (ولا بخيل ولا منان) أي من يمن على الناس بما يعطيهم فهو من المنة وهي وإن وقعت في الصدقة أبطلت الأجر أو في المعروف كدرت الصنيعة ويمكن كونه من المن وهو النقص والقطع يريد الخيانة والنقص من الحق قال الطيبي : وقوله لا يدخل الجنة أشد وعيدا من يدخل النار لأنه يرجى منه الخلاص فهو وعيد شديد (ت) في البر (عن أبي بكر) الصديق وقال : حسن غريب ورواه أيضا أحمد وأبو يعلى وغيرهما قال الحافظ المنذري والعراقي : وهو ضعيف وقال الذهبي في الكبائر : خرجه الترمذي بسند ضعيف . 9964 - (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) أي دواهيه جمع بائقة الداهية وجاء في حديث تفسيرها بالشر وهو تفسير بالأعم زاد في رواية قالوا وما بوائقه قال شره وذلك لأنه إذا كان مضرا لجاره كان كاشفا لعورته حريصا على إنزال البوائق به دل حاله على فساد عقيدته ونفاق طويته أو على امتهانه ما عظم الله حرمته وأكد وصلته فإصراره على هذه الكبيرة مظنة حلول الكفر به فإن المعاصي بريده ومن ختم له بالكفر لا يدخلها أو هو في المستحل أو المراد الجنة المعدة لمن قام بحق جاره (تتمة) قال ابن أبي جمرة : حفظ الجار من كمال الإيمان وكان أهل [ ص 449 ] الجاهلية يحافظون عليه ويحصل امتثال الوصية به بإيصال
[ 581 ]
ضروب الإحسان بقدر الطاقة كهدية وسلام وطلاقة وجه وتفقد حال ومعاونة وغير ذلك وكف أسباب الأذى الحسية والمعنوية عنه وتتفاوت مراتب ذلك بالنسبة للجار الصالح وغيره (م) في الإيمان (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري في الفتح بهذا اللفظ لكنه فيه بأتم منه ولفظه والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قيل من ؟ قال الذي لا يأمن جاره بوائقه خرجه في الأدب . 9965 - (لا يدخل الجنة صاحب مكس) المراد به العشار وهو الذي يأخذ الضريبة من الناس قال البيهقي : المكس النقصان فإذا انتقص العامل من حق أهل الزكاة فهو صاحب مكس اه‍ ، والمكس في الأصل الخيانة والماكس العاشر والمكس ما يأخذه قال الطيبي : وفيه أن المكس من أعظم الموبقات وعده الذهبي من الكبائر ثم قال : فيه شبهة من قاطع الطريق وهو شر من اللص فإن عسف الناس وجدد عليهم ضرائب فهو أظلم وأغشم ممن أنصف في مكسه ورفق برعيته . وجابي المكس وكاتبه وآخذه من جندي وشيخ وصاحب زاوية شركاء في الوزر أكالون للسحت (حم د ك عن عقبة بن عامر) الجهني قال الحاكم : صحيح وقال في المنار : فيه إسحاق مختلف فيه . 9966 - (لا يدخل الجنة سئ الملكة) أي من يسئ الصنيعة إلى مماليكه وسوء الملكة وإن كان أعم لكنه غالبا يستعمل في المماليك كذا قاله جمع وأنت خبير بأن القصر تقصير إذ لا ملجأ له هنا والحمل على الأعم أتم وهذا تهديد شديد * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) * وقال الطيبي : مراده أن سوء الملكة يدل على سوء الخلق وهو شؤم والشؤم يوؤث الخذلان والعذاب بالنيران . (فائدة) قال بعضهم : الجامع للأخلاق ومحاسن الشريعة على الإطلاق الخلق الحسن والأدب والاتباع والإحسان والنصيحة فهذه أمهات الأخلاق وقواعد الأخلاق أربعة الحكمة والشجاعة والعفة والعدل . (ت) في البر (ه) في الأدب (عن أبي بكر) الصديق قال الترمذي : غريب ورمز المصنف لحسنه وفيه فرقد السنجي ضعيف ورواه أحمد أيضا عن أبي بكر وزاد فقال رجل : أليس يا رسول الله أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأيتاما قال : بلى فأكرموهم كرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون قالوا : فما ينفعنا يا رسول الله قال : فرس مرتبطة بقاتل عليها في سبيل الله ومملوكك يكفيك فإذا صلى فهو أخوك قال الهيثمي : فيه فرقد وهو ضعيف . 9967 - (لا يرث) نفي تضمن معنى النهي وهو أبلغ (الكافر المسلم ولا المسلم الكافر) لانقطاع الموالاة بينهما وإن أسلم قبل قسم التركة ، وبه قال الخلفاء الأربعة والأئمة الأربعة خلافا للبعض في بعض الصور والإرث عند اختلاف الدين للأبعد الموافق لا لبيت المال خلافا للقاضي ، ودخل في الكافر المرتد وهو مذهب الشافعي وأحمد ، فماله لبيت المال لا لوارثه المسلم مطلقا ، وقال مالك : إلا إن قصد بردته إحرامه فله وقال أبو حنيفة : كسبه قبل ردته لوارثه وبعده لبيت المال ، وهذا الحديث مخصص لقوله
[ 582 ]
تعالى * (يوصيكم الله في أولادكم) * إلخ الشامل للولد الكافر ، ففيه رد صريح على من منع تخصيص الكتاب بخبر الواحد (حم ق 4) في الفرائض (عن أسامة) بن زيد وقضية كلام المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا الثلاثة وليس كذلك فقد عزاه جمع منهم ابن حجر للجميع وقال : أغرب في المنتقى فزعم أن مسلما لم يخرجه وابن الأثير فادعى أن النسائي لم يخرجه . 9968 - (لا يرد القضاء) المقدر (إلا الدعاء) أراد بالقضاء هنا الأمر المقدر لولا دعاؤه أو أراد برده تسهيله فيه حتى [ ص 450 ] يصير كأنه رد وقال بعضهم : شرع الله الدعاء لعباده لينالوا الحظوظ التي جعلت لهم في الغيب حتى إذا وصلت إليهم فظهرت عليهم توهم الخلق أنهم نالوها بالدعاء فصار الدعاء من السلطان ما يرد القضاء (ولا يزيد من العمر إلا البر) يعني العمر الذي كان يقصر لولا بره أو أراد بزيادته البركة فيه فعلى الأول يكون الدعاء والبر سببين من أسباب السعادة والشقاوة ولا ريب أنهما مقدران أيضا قال القاضي : مر أن القضاء قسمان جازم لا يقبل الرد والتعويق ومعلق وهو أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ما لم يرده عائق وذلك العائق لو وجد كان ذلك أيضا قدرا مقضيا ، وقيل المراد بالقضاء ما يخاف نزوله وتبدو طلائعه وأماراته من المكاره والفتن ويكون القضاء الالهي خارجا بأن يصان عند العبد الموفق للخير فإذا أتى به حرس من حلول ذلك البلاء فيكون دعاؤه كالراد لما كان يظن حلوله ويتوقع نزوله وقيل الدعاء لا يدفع القضاء النازل بل يسهله ويهونه من حيث تضمنه الصبر عليه والتحمل فيه والرضا بالقضاء وهو معنى خبر الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل (ت) في القدر (ك) في الدعاء (عن سلمان) الفارسي قال الترمذي : حسن قال في المنار : ولم يصححه لأن فيه عنده أبا مودود البصري واسمه فضة نزيل الري قال أبو حاتم : ضعيف . 9969 - (لا يزال هذا الأمر) أي أمر الخلافة (في قريش) يستحقونها أي لا يزال الذي يليها قرشيا وفي رواية (ما بقي من الناس اثنان) أمير ومؤمر عليه وليس المراد حقيقة العدد بل انتفاء كون الخلافة في غيرهم مدة بقاء الناس في الدنيا فلا يصح عقد الخلافة لغيرهم وعليه انعقد الإجماع في زمن الصحابة ومن بعدهم وهو حكم مستمر إلى آخر الدنيا ومن خالف فيه من أهل البدع فهو محجوج بإجماع الصحابة ، وقال ابن المنير : وجه الدلالة من الحديث ليس من تخصيص قريش بالذكر فإنه مفهوم لقب ولا حجة فيه عند المحققين بل الحجة وقوع المبتدأ معرفا بلام الجنس لأن المبتدأ حقيقة هنا الأمر الواقع صفة لهذا وهذا لا يوصف إلا بالجنس فمقتضاه حصر جنس الأمر في قريش فكأنه قال : لا أمر إلا من قريش قال ابن حجر : يحتمل أن يكون بقاء الأمر في قريش في بعض الأقطار دون بعض فإن ببلاد اليمن طائفة من ذرية الحسن بن علي لم تزل مملكة تلك البلاد من أواخر المائة الثالثة إلى الآن وأما من بالحجاز من ذرية الحسن وهم أمراء مكة وينبع ومن ذرية الحسين وهم أمراء المدينة فإنهم تحت حكم
[ 583 ]
غيرهم من ملوك مصر فبقي الأمر لقريش بقطر من الأقطار في الجملة ، وقال الكرماني : لم يخل الزمان من وجود خليفة من قريش إذ بالمغرب خليفة منهم على ما قيل (حم ق عن ابن عمر) . 9970 - (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) أي ما داوموا على هذه السنة لأن تعجيله بعد تيقن الغروب من سنن المرسلين فمن حافظ عليه تخلق بأخلاقهم ولأن فيه مخالفة أهل الكتاب في تأخيرهم إلى اشتباك النجوم ، وفي ملتنا شعار أهل البدع ، فمن خالفهم واتبع السنة لم يزل بخير فإن أخر غير معتقد وجوب التأخير ولا ندبه فلا ضير فيه كما قال الطيبي أن متابعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هي الطريق المستقيم ، ومن تعوج عنها فقد ارتكب المعوج من الضلال ولو في العبادة (حم ق ت) في الصوم (عن سهل بن سعد) الساعدي . 9971 - (لا يزال المسروق منه في تهمة من هو برئ منه) أي ممن هو برئ منه باطنا بأن لم يكن قد سرق ما اتهمه به (حتى يكون أعظم جرما من السارق) أي حتى يكون صاحب المال أعظم ذنبا ممن سرق ماله بسبب اتهامه ممن هو برئ في نفس الأمر (هب عن عائشة) قال في الميزان : هذا حديث منكر . 9972 - (لا يسأل بوجه الله) أي ذاته والوجه يعبر به عن الذات والجملة يعني لا يسأل بالله شئ (إلا الجنة) كأن يقال اللهم إنا نسألك بوجهك الكريم أن تدخلنا الجنة روي نفيا ونهبا ومجهولا ومخاطبا مفردا ، وقيل المراد لا تسألوا من الناس شيئا بوجه الله كأن يقال : أعطني شيئا لوجه الله ، فإن الله أعظم من أن يسأل به شيئا من الحطام . قال الحافظ العراقي : وذكر الجنة إنما هو للتنبيه به على الأمور العظام لا للتخصيص فلا يسأل الله بوجهه في الأمور الدنيئة بخلاف الأمور العظام تحصيلا أو دفعا كما يشير إليه استعاذة النبي صلى الله عليه وسلم به (د) في الأدب (والضياء) في المختارة (عن جابر) قال في المهذب : فيه سليمان بن معاذ قال ابن معين : ليس بشئ اه‍ . وقال عبد الحق وابن القطان : ضعيف . 9973 - (لا يعدل) بضم الياء التحتية بضبط المصنف (بالرعة) في المصباح ورع عن المحارم يرع بكسرتين ورعا بفتحتين أي كثير الورع (ن عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه . 9974 - (لا يعضه بعضكم بعضا) أي لا يرميه بالعضهة وهي الكذب والبهتان والعضهة والعضيهة النميمة (الطيالسي) أبو داود (عن عبادة) بن الصامت رمز لحسنه وفيه أبو الأشعث أورده الذهبي في الضعفاء وقال : هو جعفر بن الحارث كوفي نزل واسطا ضعفوه .
[ 584 ]
9975 - (لا يغل مؤمن) أي كامل الإيمان فالغلول دلالة على نقص الإيمان ولذلك عده الذهبي وغيره من الكبائر واستدلوا عليه بهذا الحديث وغيره كخبر ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه وأنه كان على ثقل المصطفى صلى الله عليه وسلم رجل يقال له كركرة فمات فقال هو في النار فذهبوا ينظرون إليه فوجدوا عباءة قد غلها وخبر زيد بن خالد الجهني أن رجلا غل في غزوة خيبر فامتنع المصطفى صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه خرجه أبو داود وغيره وخبر أحمد ما نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد إلا على الغال وقاتل نفسه والأخبار فيه كثيرة (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه روح بن صلاح وثقه ابن حبان وضعفه ابن عدي وبقية رجاله ثقات . 9976 - (لا يغلق) لا نافية أو ناهية كما في المنضد فإن كانت ناهية كسرت القاف لالتقاء الساكنين أو نافية رفعت والأحسن جعلها نافية قال الطيبي : يغلق بفتح الياء واللام (الرهن) أي لا يستحقه مرتهنه إذا لم يرد ما يرهنه به يقال غلق الرهن غلوقا إذا بقي في يد المرتهن لا يقدر على تخليصه وكان من أفاعيل الجاهلية أن الراهن إذا لم يرد ما عليه في الوقت المشروط ملك المرتهن الرهن فأبطل الشارع ذلك صريحا وفي رواية الشافعي لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه قال الشافعي : قوله لا يغلق بشئ أي إن ذهب لا يذهب بشئ وإن أراد صاحبه فكاكه فلا يغلق في يد الذي هو في يده والرهن للراهن أبدا حتى يخرجه عن ملكه بوجه يصح ، قال ابن العربي : في هذا الحديث التعلق بالرهن فقال الشافعي ومالك : ظهر الرهن ومنفعته للراهن وعليه نفقته وليس للمرتهن إلا حق التوثق وقال أحمد : الغلة للمرتهن والنفقة عليه يحلبه ويركبه بقدره سواء وقال أبو حنيفة : منافع الرهن عطل (ه) من طريق إسحاق بن راشد [ ص 452 ] عن الزهري (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وأخرجه الحاكم وغيره من عدة طرق قال الدارقطني : إسناده حسن وأقره الذهبي وقال ابن حجر : له طرق كلها ضعيفة . 9977 - (لا يغني حذر من قدر) تمامه عند الحاكم والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء فيعتلجان إلى يوم القيامة اه‍ بنصه فيستعمل العبد الحذر المأمور به من الأسباب وأدوية الأمراض والاحتراز في المهمات معتقدا أنه لا يدفع القضاء المبرم وإنما يدفع الدواء والتحرز قضية معلقة بشرط غير مبرم (فائدة) مات لذؤيب بن أبي ذؤيب الصحابي أربعة أخوة بالطاعون في زمن عمر فرثاهم بقصيدة مطلعها : أمن المنون وريبة تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع
[ 585 ]
(ك) في كتاب الدعاء (عن عائشة) قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي في التلخيص بأن زكريا بن منصور أحد رجاله مجمع على ضعفه اه‍ وفي الميزان ضعفه ابن معين ووهاه أبو زرعة وقال البخاري : منكر الحديث وساق له هذا الخبر وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح . 9978 - (لا يفقه) أي لا يفهم (من قرأ القرآن في أقل من ثلاث) أي لا يفهم ظاهر معانيه من قرأه في أقل من هذه المدة وأما إذا أعمل فكره وأمعن تدبره فلا يفهم أسراره إلا في أزمان متطاولة ويفهم منه نفي التفهيم لا نفي الثواب ثم يتفاوت هذا بتفاوت الأشخاص وأفهامهم ثم إن هذا لا حجة فيه لمن ذهب إلى تحريم قراءته في دون ثلاث كابن حزم إذ لا يلزم من عدم فهم معناه تحريم قراءته ذكره العراقي (د) في الصلاة (ت) في القراءة (ه) في الصلاة (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي : صحيح ونوزع قال ابن حجر : وله شاهد عن سعيد بن منصور بإسناد صحيح من وجه آخر عن ابن مسعود اقرؤوا القرآن في سبع ولا تقرؤوه في أقل من ثلاث اه‍ وظاهر إقامته الشاهد عليه أنه سلم ضعفه ويدفعه أن النووي جزم بصحة سنده في الأذكار . 9979 - (لا يقبل الله) المراد بالقبول هنا ما يرادف الصحة وهو الإجزاء وحقيقة القبول ثمرة وقوع الطاعة مجزئة مسقطة لما في الذمة ولما كان الإتيان بشروطها مظنة الإجزاء الذي القبول ثمرته عبر عنه بالقبول مجازا (صلاة أحدكم إذا أحدث) أي وجد منه الحدث وهو الخارج المخصوص وما في معناه من جميع نواقض الوضوء أو نفس خروج ذلك الخارج وما في معناه ولا يمكن كما قال الولي العراقي إرادة المنع المترتب على ذلك لأن هذا الحديث هو الدال على المنع فلو حمل قول إذا أحدث على المنع لم يكن فيه فائدة اه‍ وفيه رد على ابن سيد الناس حيث قال : الحدث يطلق ويراد به الخارج ويطلق ويراد به الخروج ويراد به المنع المترتب على الخروج وهذا هو المنوي رفعه فإن كلا من الخارج والخروج وقع وما وقع لا يمكن رفعه وأما المنع المرتب على الخروج فإن الشارع حكم به ومد غايته إلى استعمال الطهور فباستعماله يرتفع المنع ويصح قول القائل رفع الحدث أي المنع (حتى يتوضأ) أي إلى أن يتطهر بماء أو تراب وإنما اقتصر على الوضوء لأنه الأصل الغالب وأخذ من نفي القبول ممتد إلى غاية عدم وجوب الوضوء لكل صلاة لأن ما بعد الغاية يخالف ما قبلها فيقتضي قبول الصلاة بعده مطلقا ويرشحه أن صلاة اسم جنس وقد أضيف فيعم ولأنه قيد عدم القبول بشرط الحدث ومفهومه أنه إذا لم يحدث تقبل صلاته وإن لم يجدد وفي الكلام حذف تقديره حتى يتوضأ ويصلي لاستحالة قبول الصلاة غير مفعوله وقال أبو زرعة : صلاة أحدكم مفرد مضاف فيعم كل صلاة حتى الجنازة وهو مجمع عليه وحكى عن [ ص 453 ] الشعبي وابن جرير صحتها بلا طهر قال النووي : وهو مذهب باطل فلو صلى محدثا بلا عذر أثم ولم يكفر
[ 586 ]
عند الجمهور لأن الكفر بالاعتقاد وهذا اعتقاد صحيح وكفره الحنفية كمن استهان بمصحف (حم ق د ت) في الطهارة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه . 9980 - (لا يقبل إيمان بلا عمل ولا عمل بلا إيمان) لأن العمل بدون إيمان الذي هو تصديق القلب لا فائدة له والتصديق بمجرده بلا عمل لا يكفي أي في الكمال كما مر . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه سعيد بن زكريا اختلف في ثقته وجرحه . 9981 - (لا يقتل) بالبناء للمفعول خبر بمعنى النهي (مسلم) في رواية بدله مؤمن (بكافر) ذميا أو غيره وهو مذهب الشافعي وقتل أبو حنيفة المسلم بذمي ، وفي سنن البيهقي عن ابن مهدي عن ابن زياد قلت لزفر : يقولون تدرأ الحدود بالشبهات وأقدمتم على أعظم الشبهات قال : وما هو قلت : قتل مسلم بكافر وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لا يقتل مسلم بكافر قال : أشهد على رجوعي عنه (تنبيه) هذا الحديث روي بزيادة ولفظه لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده وقد مثل به أهل الأصول للأصح عندهم أن عطف الخاص على العام كعكسه لا يخصص فقوله ولا ذو عهد في عهده يعني بكافر حربي للإجماع على قتله بغير حربي فقال الحنفي يقدر الحربي في المعطوف عليه لوجوب الاشتراك بين المعطوفين في صفة الحكم فلا ينافي ما قال به من قتل المسلم بذمي (حم ت ه عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمر بن شعيب عن أبيه عن جده رمز لحسنه وقضية كلام المصنف أنه لم يخرج في أحد الصحيحين وهو عجب فقد قال ابن حجر : خرجه البخاري من طريق أبي جحيفة عن علي في حديث . 9982 - (لا يقتل حر بعبد) وبه قال الشافعي . - (هق) من حديث جويبر عن الضحاك (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وهو قصور أو تقصير فقد تعقبه الذهبي على البيهقي فقال : قلت جويبر هالك وقال ابن حجر : فيه جويبر وهو من المتروكين وأورده الذهبي من طريق آخر عن إسرائيل عن جابر الجعفي عن الشعبي قال علي : من السنة أن لا يقتل حر بعبد فتعقبه الذهبي فقال : فيه إرسال وجابر واه اه‍ ، ورواه الدارقطني أيضا عن ابن عباس وقال : جويبر متروك والضحاك ضعيف . 9983 - (لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن) خبر بمعنى النهي فيحرم ذلك ولو بعض آية عند الشافعي كالجمهور وجوز أبو حنيفة بعضها لا كلها ومالك آيات قليلة وداود الكل وفي رواية لم يذكر الحائض وفي أخرى الحائض والجنب لا يقرآن شيئا من القرآن وفي رواية ولا النفساء (فائدة) روى
[ 587 ]
الدارقطني وغيره عن عكرمة قال : كان ابن رواحة مضطجعا إلى جنب امرأته فقام إلى جارية له في ناحية الحجرة فوقع عليها ففزعت امرأته فلم تجده فقامت فرأته على الجارية فرجعت فأخذت الشفرة ثم خرجت ففزع فلقيها تحمل الشفرة قال : وأين رأيتني قالت : رأيتك على الجارية قال : ما رأيتني وقد نهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنب قالت : فاقرأ قال : أتانا رسول الله يتلو كتابه * كما لاح مشهور من الفجر ساطع أتى بالهدى بعد العمى فقلوبنا * به موقنات أن ما قال واقع [ ص 454 ] يبيت بجافي جنبه عن فراشه * إذا استثقلت بالمشركين المضاجع قالت : آمنت بالله وكذبت البصر ثم غدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبره فضحك حتى بدت نواجذه . - (حم ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال الذهبي في التنقيح : فيه ضعف وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه : ضعيف وقال ابن حجر : فيه إسماعيل بن عياش وروايته عن الحجازين ضعيفة وهذا منها ورواه الدارقطني من حديث المغيرة بن عبد الرحمن ومن وجه آخر فيه متهم عن أبي معشر وهو ضعيف وأخطأ ابن سيد الناس حيث صحح طريق المغيرة فإن فيها عبد الملك بن سلمة ضعيف وقال في المهذب : تفرد به إسماعيل بن عياش وهو منكر الحديث عن الحجازيين والعراقيين وقد روى عن غيره عن موسى وليس بصحيح اه‍ وفي الميزان عن ابن أحمد عن أبيه أن هذا باطل . 9984 - (لا يقص على الناس) أي لا يتكلم عليهم بالقصص والإفتاء قال الطيبي : قوله لا يقص ليس بنهي بل هو نفي وإخبار أن هذا الفعل ليس بصادر إلا من هؤلاء (إلا أمير) أي حاكم وهو الإمام قال حجة الإسلام : وكانوا هم المفتين (أو مأمور) أي مأذون له في ذلك من الحاكم (أو مرائي) وهو من عداهما سماه مرائيا لأنه طالب للرياسة متكلف ما لم يكلفه الشارع حيث لم يؤمر بذلك لأن الإمام نصب للمصالح فمن رآه لائقا نصبه للقص أو غير لائق فلا . هذا ما قرره حجة الإسلام . وقصر الزمخشري له على أن المراد خصوص الخطبة لا ملجأ إليه فلا معول عليه . (تنبيه) قال الراغب : لا يصلح الحكيم لوعظ العامة لا لنقص فيه بل لنقص في العامة فلن ترى الشمس أبصار الخفافيش وبين الحكيم والعامي من تنافي طبعيهما وتنافر شكليهما من التنافر كما بين الماء والنار والليل والنهار وقد قيل لسلمة بن كهيل ما لعلي رفضته العامة وله في كل خير ضرس قاطع قال : لأن وضوء عيونهم قصير عن نوره والناس إلى أشكالهم أميل ، وقال جاهل لحكيم : أحبك فقال : نعيت إلى نفسي قيل : ولم قال : لأنه إن صدق فليس حبه إلا إلى نقيصة بدت من نفسي لنفسه فأنست به وعليه قال الشاعر : لقد زادني حبا لنفسي أنني * بغيض إلى كل امرئ غير طائل فحق الواعظ أن يكون له مناسبة إلى الحكماء يقدر على الاقتباس عنهم والاستفادة منهم ومناسبة إلى الدهماء يقدرون على الأخذ عنه كالوزير للسلطان الذي يجب أن يكون فيه أخلاق الملوك وتواضع السوقة ليصلح كونه واسطة بينه وبينهم وكالنبي الذي جعله الله من البشر وأعطاه قوة الملك ليمكنه
[ 588 ]
التلقي من الملك ويمكن البشر الأخذ عنه وإليه الإشارة بقوله * (ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا) * تنيها على أن ليس في وسعكم التلقي عن الملك ما لم يتجسم فيصير كصورة رجل فحق الواعظ أن يكون له نسبة إلى الحكيم وإلى العامة يأخذ منهم ويعطيهم كنسبة الغضاريف إلى العظم واللحم جميعا ولولاها لم يكن للعظم اكتساب الغذاء من اللحم فتأمله فإنه بديع جدا (حم ه عن ابن عمرو) بن العاص وهو من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال الحافظ العراقي : وإسناده حسن ومن ثم رمز المؤلف لحسنه ثم إن ما ذكر من أن الحديث هكذا فحسب هو ما وقع للمؤلف والذي وقفت عليه في سند أحمد لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مختال أو مرائي فلعل المؤلف سقط من قلمه المختال . 9985 - (لا يلدغ المؤمن) بدال مهملة وغين معجمة وفي رواية العسكري لا يسع بسين وعين مهملتين (من حجر) بضم الجيم فحاء مهملة (مرتين) روي برفع الغين نفي معناه المؤمن المتيقظ الحازم لا يؤتى من قبل الغفلة فيخدع مرة بعد أخرى وبكسرها نهي أي ليكن فطنا كيسا لئلا يقع في مكروه بعد وقوعه فيه مرة قبلها وذا من جوامع كلمه التي لم يسبق إليها أراد به تنبيه المؤمن على عدم عوده لمحل حصول مضرة سبقت له فيه وكما أن هذا مطلوب في أمر الدنيا [ ص 455 ] فكذا في أمور الآخرة فالمؤمن إذا أذنب ينبغي أن يتألم قلبه كاللديغ ويضطرب ولا يعود كما فعل يوسف بعد همه بزليخا كان لا يكلم امرأة حتى يرسل على وجهه شيئا (1) وهذا الحديث فيه قصة وهو ما أخرجه العسكري أن هشام بن عبد الملك قضى عن الزهري سبعة آلاف دينار وقال : لا نعد لمثلها فقال الزهري : يا أمير المؤمنين حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره قال العسكري : وهذا قاله المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لأبي عزة الجمحي الشاعر وكان يهجوه ويحرض عليه الكفار وكان قد أصابه مرض فتجنبه الناس فضرب بطنه بشفرة فمارت عن جوفه وشقت جلده فخلص من البرص فأسر يوم بدر فسأل المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يمن عليه فعاهده أن لا يحرض عليه وأطلقه ثم حضر أحدا مع الكفار فلما خرج المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى حمراء الأسد أسره وسأله أن يمن عليه فقال : كلا لا تتحدث بالأبطح وتفتل سباليك وتقول خدعت محمدا مرتين ثم ذكر الحديث وأمر به فقتل فصار الحديث مثلا ولم يسمع ذلك قبل المصطفى صلى الله عليه وسلم قال الطيبي : لما رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم من نفسه الزكية الميل إلى الحلم والعفو عنه جرد منها مؤمنا كاملا حازما ذا شهامة ونهاه عن ذلك تأنيبا يعني ليس من شيمة المؤمن الحازم الذي يغضب لله ويذب عن دينه أن ينخدع من مثل هذا الغادر والمتمرد مرة بعد أخرى فاتته عن حدث الحلم وامض لشأنك في الانتقام والانتصار من عدو الله فإن مقام الغضب لله يأبى التحلم والعفو وأنشد النابغة في المعنى : ولاخير في حلم إذا لم تكن له * بوادر تحمى صفوه أن يكدرا - (حم ق د) في الأدب (ه) في الفتن (عن أبي هريرة حم ه عن ابن عمر) بن الخطاب .
[ 589 ]
9986 - (لا يمس القرآن إلا طاهر) أي لا ينبغي أن يمسه إلا من هو على طهارة يعني مس المكتوب فيه ومن الناس من حمله على القراءة أيضا فعن ابن عباس أنه كان لا يبيح القراءة المحدث كذا قرره الزمخشري (طب عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله موثقون اه‍ قال ابن حجر : ورواه أيضا أبو حاتم والدارقطني وعبد الرزاق والبيهقي والطيالسي وغيرهم اه‍ . ورواه الدارقطني بهذا اللفظ عن ابن عمر قال الغرياني : فيه سليمان بن موسى الأموي لينه النسائي وقال البخاري : له مناكير . 9987 - (لا يموتن) بنون التوكيد (أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله) أي لا يموتن أحدكم في حال من الأحوال إلا في هذه الحالة وهي حسن الظن بالله تعالى بأن يظن أنه يرحمه ويعفو عنه لأنه إذا حضر أجله وأتت رحلته لم يبق لخوفه معنى بل يؤدي إلى القنوط وهو تضييق لمجاري الرحمة والإفضال ومن ثم كان من الكبائر القلبية فحسن الظن وعظم الرجاء أحسن ما تزوده المؤمن لقدومه على ربه قال الطيبي : نهى أن يموتوا على غير حالة حسن الظن وذلك ليس بمقدور بل المراد الأمر بحسن الظن ليوافي الموت وهو عليه اه‍ . ونظيره * (ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * وهذا قاله قبل موته بثلاث والنهي وإن وقع عن الموت لكنه غير مراد إذ هو غير مقدور بل المراد النهي عن عدم سوء الظن بل عن ترك الخشوع وأفاد الحث على العمل الصالح المفضي إلى حسن الظن والتنبيه على تأميل العفو وتحقيق الرجاء في روح الله تعالى (حم م) في آخر صحيحه (د) في الجنائز (ه) في الزهد كلهم (عن جابر) بن عبد الله الأنصاري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاثة أيام لا يموتن فذكره .
[ 590 ]
حرف الياء 9988 - (يأتي على الناس زمان الصابر) كذا بخط المصنف وفي رواية القابض (فيهم على دينه كالقابض على الجمر) شبه المعقول بالمحسوس أي الصابر على أحكام الكتاب والسنة يقاسى بما يناله من الشدة والمشقة من أهل البدع والضلال مثل ما يقاسيه من يأخذ النار بيده ويقبض عليها بل ربما كان أشد وهذا من معجزاته فإنه إخبار عن غيب وقد وقع (ت عن أنس) بن مالك رضي الله عنه . 9989 - (يأتي على الناس زمان يكون المؤمن أذل من شاته) أي مقهورا مغلوبا عليه فهو مبالغة في كمال الذلة والهوان لما هو محافظ عليه من الإيمان (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك . 9990 - (يؤجر المرء في نفقته كلها إلا في التراب) أي في نفقته في البنيان الذي لم يقصد به وجه الله وقد زاد على ما يحتاجه لنفسه وعياله على الوجه اللائق فإنه ليس له فيه أجر بل ربما كان عليه وزر . - (ت عن خباب) بفتح المعجمة وموحدتين أولاهما ساكنة ابن الأرت رمز المصنف لصحته . 9991 - (يؤم القوم أقرؤهم للقرآن) خبر بمعنى الأمر فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم إسلاما قال البغوي : لم يختلفوا في أن القراءة والفقه مقدمان على غيرهما واختلف في فقه مع قراءة فقدم أبو حنيفة القراءة وعكس الشافعي ومالك لأن الفقه يحتاج إليه في سائر الأركان والقراءة في ركن واحد وإنما نص في الخبر على الأقرأ لأنه كان أعلم لتلقي الصحب القرآن بأحكامه وقال القاضي : إنما قدم المصطفى صلى الله عليه وسلم الأقرأ على الأعلم لأن الأقرأ في زمنه كان أفقه أما لو تعارض فضل القراءة وفضل الفقه فيقدم الأفقه
[ 591 ]
وعليه أكثر العلماء لأن احتياج المصلي إلى الفقه أكثر وأمس من حاجته للقراءة لأن ما يجب في الصلاة من القراءة محصور وما يقع فيها من الحوادث غير محصور فلو لم يكن فقيها فائقا فيه كثيرا ما يعرض له في صلاته ما يقطعها عليه وهو غافل عنه (حم عن أنس) بن مالك رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله موثقون اه‍ ، وقضية صنيع المصنف أن هذا لم يخرج في أحد الصحيحين والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم في صحيحه بلفظ يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله وكذا أبو داود والترمذي وعلقه البخاري . 9992 - (يبصر أحدكم القذى في عين أخيه) في الإسلام جمع قذاة وهي ما يقع في العين والماء والشراب من نحو تراب وتبن ووسخ (وينسى الجذع) واحد جذوع النخل (في عينه) كأن الإنسان لنقصه وحب نفسه يتوفر على تدقيق النظر في عيب أخيه فيدركه مع خفائه فيعمى به عن عيب في نفسه ظاهر لا خفاء به مثل ضرب لمن يرى الصغير من عيوب الناس ويعيرهم به وفيه من العيوب ما نسبته إليه كنسبة الجذع إلى القذاة وذلك من أقبح القبائح وأفضح الفضائح فرحم الله من حفظ قلبه ولسانه ولزم شأنه وكف عن عرض أخيه وأعرض عما لا يعنيه فمن حفظ هذه الوصية دامت سلامته وقلت ندامته فتسليم [ ص 457 ] الأحوال لأهلها أسلم والله أعلى وأعلم ولله در القائل : أرى كل إنسان يرى عيب غيره * ويعمى عن العيب الذي هو فيه فلا خير فيمن لا يرى عيب نفسه * ويعمى عن العيب الذي بأخيه وما ذكر من أن الحديث هكذا هو ما وقفت عليه في نسخ وذكر ابن الأثير أن سياق الحديث " يبصر أحدكم القذاة في عين أخيه ولا يبصر الجذل في عينه " قالوا والجذل بالكسر والفتح أصل الشجر يقطع وقد يجعل الله العود جذلا (تنبيه) هذا الحديث مثل من أمثال العرب السائرة المتداولة وروي عنهم بألفاظ مختلفة فمنها أن رجلا كان صلب أبوه في حرب ثم تناول آخر وعابه فقال له الآخر : يرى أحدكم القذاة في عينه ولا يرى الجذع معترضا في أست أبيه وفي لفظ تبصر القذاة في عين أخيك وتدع الجذع المعترض في حلقك وفي لفظ في أستك وفي لفظ في عينك فكل هذا أمثال متداولة بينهم (حل) وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال العامري : حسن . 9993 - (يبعث الناس على نياتهم) قال الداودي : معناه أن الأمم تعذب ومعهم من ليس منهم فيصاب جميعهم بآجالهم ثم يبعثون على أعمالهم فالطائع عند البعث يجازي بعمله والعاصي تحت المشيئة قال ابن حجر : والحاصل أنه لا يلزم من الاشتراك في الهلاك الاشتراك في الثواب أو العقاب بل يجازي كل أحد على حسب نيته - (حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته . 9994 - (يبعث كل عبد على ما مات عليه) أي على الحال التي مات عليها من خير وشر قال
[ 592 ]
الهروي : وليس قول من ذهب به إلى الأكفان بشئ لأن الإنسان إنما يكفن بعد الموت ثم هذا الحديث يوضحه حديث أبي داود عن ابن عمر وقيل : يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو قال : إن قتلت صابرا محتسبا بعثت صابرا محتسبا وإن قتلت مرائيا مكاثرا بعثت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله بتلك الحال ، وفي حديث أبي هريرة عن أنس مرفوعا من مات سكرانا فإنه يعاين ملك الموت سكرانا ويعاين منكرا ونكيرا سكرانا ويبعث يوم القيامة سكرانا إلى خندق في وسط جهنم يسمى السكران ، قال عياض : أورد مسلم هذا الحديث عقب حديث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله مشيرا إلى أنه مفسر له ثم أعقبه بحديث ثم بعثوا على أعمالهم مشيرا إلى أنه وإن كان مفسرا لما قبله لكنه عام فيه وفي غيره (م عن جابر) ووهم الحاكم حيث استدركه . 9995 - (يتجلى لنا ربنا ضاحكا) أي يظهر لنا وهو راض عنا ويتلقانا بالرحمة والرضوان والسرور والأمان (يوم القيامة) تمامه عند مخرجه الطبراني عن أبي موسى حتى ينظروا إلى وجهه فيخرون له سجدا فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا يوم عبادة اه‍ . بنصه قال الخطابي : الضحك الذي يعتري البشر عند الفرح والطرب محال على الحق تقدس وإنما هذا مجاز عن رضاه عنهم وإقباله عليهم والكرام يوصفون بالبشر وحسن اللقاء عند القدوم عليهم . (تنبيه) قال المؤلف وغيره : من خصائص هذه الأمة أنه تعالى يتجلى عليهم فيرونه ويسجدون له بإجماع أهل السنة وفي الأمم السابقة احتمالان لابن أبي جمرة قال المؤلف : ورأيت بخط الزركشي عن غرائب الأصول لمسلمة بن القاسم أن حديث تجلى الله يوم القيامة ومجيئه في الظلل محمول على أنه تعالى يغير أبصار خلقه حتى يرونه كذلك وهو على عرشه غير متغير عن عظمته ولا متنقل عن ملكه كذا جاء عن الماجشون قال : فكل حديث جاء في التنقل والرؤية في المحشر معناه أنه [ ص 458 ] يغير أبصار خلقه فيرونه نازلا ومتجليا ويناجي خلقه ويخاطبهم وهو غير متغير عن عظمته ولا متنقل ليعلموا أن الله على كل شئ قدير (طب) وكذا تمام في فوائده (عن أبي موسى) الأشعري رمز المصنف لحسنه قال الحافظ العراقي : وفيه علي بن زيد بن جذعان وهذا الحديث موجود في مسلم بلفظ فيتجلى لهم يضحك . 9996 - (يترك الكاتب الربع) يعني يلزم السيد أن يحط عن المكاتب بعض النجوم والأولى كونه الربع وقت الوجوب قبل العتق (ك عن علي) أمير المؤمنين . 9997 - (يجزئ من الوضوء مد ومن الغسل صاع) قال الشافعي وأحمد : ليس معناه أنه لا يجزئ أكثر ولا أقل بل هو قدر ما يكفي إذا وجد الشرط وهو جري الماء على العضو وعمومه أجزأ قل أم كثر لكن السنة أن لا ينقص في الوضوء عن مد والغسل عن صاع . - (ه) من حديث عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن أبيه (عن) جده (عقيل) بن أبي طالب الهاشمي صحابي عالم بالنسب
[ 593 ]
رمز لحسنه قال مغلطاي في شرح ابن ماجه : إسناده فيه ضعف لكن له طرق باعتبار مجموعها يكون حسنا قال ابن القطان : وقد وجدت لهذا المعنى إسنادا صحيحا عند ابن السكن بلفظ يجزئ من الوضوء المد ومن الجنابة الصاع فقال رجل لراويه جابر : ما يكفيني فقال : قد كفى من هو خير منك وأكثر شعرا اه‍ هذا بلفظه خرجه الحاكم في مستدركه وقال : على شرطهما وأقره عليه الذهبي وعقيل هذا أخو علي كرم الله وجهه وهو أكبر من علي بعشرين سنة وكان نسابة أخباريا ومن لطائف إسناد هذا الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده . 9998 - (يجزئ من الوضوء رطلان من ماء) قال جمع : والإجزاء يعم الواجب والمندوب رخصه آخرون بالواجب واعتمده المازري ونصره الأصفهاني والقرافي لكن استبعده السبكي وقال : قضية كلام الفقهاء أن المندوب يوصف بالإجزاء كالفرض . (ت عن أنس) بن مالك وفيه عبد الله بن عيسى البصري قال في الكاشف : ضعفوه . 9999 - (يجزئ من السواك الأصابع) إذا كانت خشنة لحصول مسمى الدلك والاتقاء بها وبهذا أخذ جمع وقد جوز الشافعية السواك بأصبع غيره الخشنة وحكوا في أصبع نفسه أوجها المشهور المنع والثاني الجواز واختاره في المجموع والثالث الجواز عند فقد غيرها فقط ولم يفرق بقية المذاهب بين أصبعه وأصبع غيره (الضياء) في المختارة (عن أنس) بن مالك وقال : إسناده لا بأس به اه‍ ورواه البيهقي عنه أيضا وضعفه وتبعه مغلطاي وقال ابن حجر في تخريج الرافعي : رواه ابن عدي والدارقطني والبيهقي من حديث ابن المثنى عن النضر عن أنس وفي إسناده نظر وكثير ضعفوه اه‍ وقال في تخريج الهداية : ذكره البيهقي من طرق ووهاها وقد صحح أيضا بعض طرقه . 10000 - (يجير على أمتي) وفي رواية بدله على الناس (أدناهم) أي إذا أجار واحد من المسلمين ولو عبدا واحدا أو جمعا من الكفار وأمنهم جار على جميع المسلمين وفي رواية لأبي يعلى وغيره يجير على المسلمين (حم ك عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه رجل لم يسم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اه‍ وقضية صنيع المصنف أن ذا لم يخرج في أحد دواوين الإسلام وليس كذلك فقد رواه أبو داود في الجهاد والزكاة والديات وغيرها لكنه في أثناء حديث طويل فلعل المصنف لم يتنبه له ورواه مستقلا باللفظ المزبور الطيالسي وغيره . 10001 - (يحب الله العامل إذا عمل أن يحسن) وفي رواية أن يتقن عمله فعلى الصانع الذي استعمله الله في الصورة والآلات والعدد مثلا أن يعمل بما علمه عمل إتقان وإحسان بقصد نفع خلق
[ 594 ]
الله واحتمل أن المراد يحب من العامل بالطاعة أن يحسنها بإخلاص واستيفاء للشروط والأركان والآداب (طب عن كليب) مصغرا (ابن شهاب) الجرمي والد عاصم له ولأبيه صحبة . 10002 - (يحرم) بالضم وشد الراء المكسورة وروي بالفتح وضم الراء (من الرضاعة) وفي رواية من الرضاع قال جمع من العلماء : يستثنى أربع نسوة تحرمن من النسب مطلقا وفي الرضاع قد لا يحرمن : الأولى أم الأخ في النسب حرام لأنها إما أم أو زوج أب ، الثانية أم الحفيد حرام في النسب لأنها أم بنت أو زوج ابن ، الثالثة جدة الولد في النسب حرام لأنها أم زوجة ، الرابعة أخت الولد حرام في النسب لأنها بنت أو ربيبة وفي الرضاع قد يكون الأربع الأجنبيات وزاد بعضهم أم العم وأم العمة وأم الخال وأم الخالة فيحرمن من النسب لا الرضاع قال بعضهم : التحقيق أنه لا يستثنى شئ من ذلك لأنهن لم يحرمن من النسب بل من جهة المصاهرة (ما يحرم من النسب) ويباح من الرضاع ما يباح من النسب (حم ق د ن ه) في النكاح (عن عائشة) قالت : يا رسول الله لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل علي قال نعم ذكره (حم م ن ه عن ابن عباس) ورواه أحمد عن عائشة باللفظ المزبور وزاد من خال أو عم أو ابن أخ ، قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 10003 - (يخرب الكعبة) بضم الياء وفتح الخاء المعجمة وشد الراء المكسورة من التخريب والجملة فعل ومفعول والفاعل قوله (ذو السويقتين) بضم السين وفتح الواو تثنية سويقة مصغرا للتحقير (من الحبشة) بالتحريك نوع معروف من السودان يقال إنهم من ولد حبش بن كوش بن حام قال ابن دريد : جمع الحبش أحبوش بضم أوله وأما قولهم الحبشة فعلى غير قياس وأصل التحبيش التجميع ومن للتبعيض أي يخربها ضعيف من هذه الطائفة إشارة إلى أن الكعبة المعظمة يهتك حرمتها حقير نضو الخلق وإنما سلط عليها ولم يحبس عنها كالفيل لأن هذا إنما هو قرب الساعة عند فناء أهل الحق فسلط على تخريبها لئلا تبقى مهانة معطلة بعد ما كانت مهابة مبجلة ومن هذا التقرير استبان أنه لا تعارض بين هنا وقوله تعالى * (حرما آمنا) * الأمن إلى قرب القيامة وخراب الدنيا كما تقرر وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند الشيخين فيسابها حليتها ويجردها من كسوتها كأني أنظر إليه أصيلع أفيدع يضرب عليها بمسحاته أو بمعوله هكذا عزاه لهما جمع منهم الديلمي (ق ن عن أبي هريرة) . 10004 - (يد الله على) وفي رواية (الجماعة) أي حفظه ووقايته وكلاءته عليهم . قال الزمخشري : يعني أن جماعة أهل الإسلام في كنف الله ووقايته فوقهم فأقيموا في كنف الله بين ظهرانيهم ولا تفارقوهم اه‍ ، وقال الطيبي : معنى على كمعنى فوق في آية * (يد الله فوق أيديهم) *
[ 595 ]
فهو كناية عن النصرة والغلبة لأن من تابع الإمام الحق فكأنما تابع الله ومن تابع الله نصره وخذل أعداءه أي هو ناصرهم ومصيرهم غالبين على من سواهم اه‍ . وقال ابن عربي : حكمة ذلك أن الله لا يعقل إلها إلا من حيث أسمائه الحسنى لا من حيث هو معرى عنها فلا بد من توحيد عينه وكثرة أسمائه وبالمجموع [ ص 460 ] هو الإله فيد الله وهي القوة مع الجماعة . أوصى حكيم أولاده عند موته فقال : إيتوني بجماعة عصى فجمعها وقال : اكسروها مجموعة فلم يقدروا ففرقها وقال : اكسروها ففعلوا فقال : هكذا أنتم لن تغلبوا ما اجتمعتم فإذا تفرقتم تمكن منكم العدو وكذا القائلون بالدين إذا اجتمعوا على إقامة الدين ولم يتفرقوا فيه لم يقهرهم عدو وكذا الإنسان في نفسه إذا اجتمع في نفسه على إقامة دين الله لم يغلبه شيطان من إنس ولا جن بما يوسوس به إليه مع مساعدة الإيمان والملك تلميذ له وقضية كلام المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي ومن شذ شذ إلى النار اه‍ بنصه ، ورواه الطبراني بلفظ يد الله مع الجماعة والشيطان مع من خالف يركض ورجاله كما قال الهيثمي ثقات (ت) في الفتن (عن ابن عباس) قال الترمذي : غريب لا نعرفه عن ابن عباس إلا من هذا الوجه وقد رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال الصدر المناوي : فيه سلمان بن سفيان المدني ضعفوه وقال غيره : فيه إبراهيم بن ميمون قال ابن حجر : لكن له شواهد كثيرة منها موقوف صحيح . 10005 - (يدخل الجنة أقوام أفئدتهم) أي قلوبهم (مثل أفئدة الطير) في رقتها ولينها كما في خبر أهل اليمن أرق أفئدة أي أنها لا تحمل أشغال الدنيا فلا يسعها الشئ وضده كالدنيا والآخرة أو في التوكل كقلوب الطير تغدو خماصا وتروح بطانا وفي الهيبة والرهبة لأن الطير أفزع شئ وأشد الحيوان خوفا لا يطبق حبسا ولا يحتمل إشارة هكذا أفئدة هؤلاء مما حل بها من هيبة الحق وخوف جلال الله وسلطانه لا يطيق حبس شئ يبدو من آثار القدرة ألا ترى أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى شيئا من آثارها كغمام فزع فإذا أمطرت سرى عنه وسمع إبراهيم بن أدهم قائلا يقول كل ذنب مغفور سوى الإعراض عنا فسقط مغمي عليه وسمي علي بن الفضيل قتيل القرآن وعليه فمعنى يدخل الجنة إلخ أي الذين هم لله خائفون وله مجلون ولهيبته خاضعون ومن عذابه مشفقون (حم م عن أبي هريرة) . 10006 - (يدور المعروف على يد مائة رجل آخرهم فيه كأولهم) أي في حصول الأجر له فالساعي في الخير كفاعله ومر ما يعلم منه أن حصول الأجر لهم على هذا النحو لا يلزم التساوي في المقدار (ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ظاهر حال المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أقدم ولا أحق بالعزو من ابن النجار وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه مع أن الطيالسي خرجه وكذا الديلمي باللفظ المزبور عن أنس .
[ 596 ]
10007 - (يذهب الصالحون) أي يموتون (الأول فالأول) أي قرن فقرن . قال أبو البقاء : يجوز رفعه على الصفة أو البدل ونصبه على الحال وجاز ذلك وإن كان فيه الألف واللام لأن الحال ما يتخلص من المكر لأن التقدير ذهبوا مترتبين اه‍ . قال الزركشي : وهل الحال الأول أو الثاني أو المجموع منهما خلاف كالخلاف في هذا حلو حامض لأن الحال أصلها الخبر وقال الطيبي : الفاء للتعقيب ولا بد من تقدير أي الأول منهم فالأول من الباقين منهم وهكذا حتى ينتهي إلى الحثالة والأول بدل من الصالحون ، وفي رواية يذهب الصالحون أسلافا ويقبض الصالحون الأول فالأول ، والثانية تفسير للأولى قال القرطبي : وأراد بهم من أطاع الله وعمل بما أمر به وانتهى عما نهى عنه (وتبقى حفالة) بضم الحاء المهملة وفاء وروي حثالة بثاء مثلثة وهما الردئ والفاء والثاء كثيرا ما يتعاقبان (كحفالة) بالفاء أو بالمثلثة على ما تقرر (الشعير أو) يحتمل الشك ويحتمل التنويع ذكره ابن حجر (التمر) أي كرديئهما والمراد سقط الناس ومن هذا أخذ ابن مسعود [ ص 461 ] قوله فيما رواه أبو نعيم وغيره يذهب الصالحون أسلافا ويبقى أهل الريب ممن لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا (لا يباليهم الله تعالى بالة) أي لا يرفع لهم قدرا ولا يقيم لهم وزنا والمبالاة الاكتراث ويعدى بالباء وعن وبنفسه وبالة مصدر لا يبالي وأصله بالية كمعافاة وعافية حذفت الياء تخفيفا ذكره القاضي البيضاوي وأذن بأن موت الصالحين من الأشراط وبأن الاقتداء بأهل الخير محبوب وجوز خلو الأرض من عالم حتى لا يبقى إلا الجهل (حم خ عن مرداس) بكسر الميم وسكون الراء وفتح المهملة أيضا ابن مالك (الأسلمي) من أصحاب الشجرة شهد الحديبية وفي الباب المستورد وغيره . 10008 - (يرث الولاء من يرث المال) قضية صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي من ولد أو والد (ت) في الفرائض (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي : إسناده ليس بالقوي اه‍ . وجزم البغوي بضعفه وذلك لأن فيه ابن لهيعة . 10009 - (يستجاب لأحدكم) أي لكل واحد منكم في دعائه (ما لم يعجل يقول) هذا استئناف بيان لاستعجاله في الدعاء أي يقول بلفظه أو في نفسه ، وفي رواية مسلم فيقول قد (دعوت) وفي رواية له أيضا قد دعوت ربي (فلم يستجب لي) والمراد أنه يسأم فيترك الدعاء فيكون كالمان بدعائه أو أنه أتى من الدعاء بما يستحق به الإجابة فيصير كالمبخل لربه ، وفيه حث على ترك استعجال الإجابة (ف د ت ه) في الدعاء (عن أبي هريرة) ظاهره أن النسائي لم يروه ، لكن الصدر المناوي عزاه للجماعة جميعا .
[ 597 ]
10010 - (يسروا) بفتح فتشديد أي خذوا بما فيه التيسير على الناس بذكر ما يؤلفهم لقبول الموعظة في جميع الأيام لئلا يثقل عليهم فينفروا وذلك لأن التيسير في التعليم يورث قبول الطاعة ويرغب في العبادة ويسهل به العلم والعمل (ولا تعسروا) لا تشددوا أردفه بنفي التعسير مع أن الأمر بشئ نهي عن ضده تصريحا لما لزم ضمنا للتأكيد ذكره الكرماني وأولى منه قول جمع عقبه به إيذانا بأن مراده نفي التعسير رأسا ولو اقتصر على يسر والصدق على كل من يسر مرة وعسر كثيرا كذا قرره أئمة هذا الشأن ومنهم النووي وغيره وبه يعرف أن لا حاجة لما تكلفه المولى ابن الكمال حيث قال : أراد بالتعسير التهيئة كخبر كل ميسر لما خلق له فلا يكون قوله ولا تعسروا تأكيدا بل تأسيسا اه‍ وأنت خبير بأنه مع عدم دعاء الحاجة إليه لا يلائمه السياق بل ينافره (وبشروا) بفضل الله وعظيم ثوابه وجزيل عطائه وسعة رحمته وشمول عفوه ومغفرته من التبشير وهو إدخال السرور ، والبشارة الإخبار بخبر سار ، وقوله بشروا بعد قوله يسروا فيه جناس خطي ولم يكتف به بل أردفه بقوله (ولا تنفروا) لما مر وهو من التنفير أي لا تذكروا شيئا تنهزمون منه ولا تصدروا بما فيه الشدة وقابل به بشروا مع أن ضد البشارة النذارة لأن القصد من النذارة التنفير فصرح بالمقصود منها ومن جعل معنى يسروا اصرفوا وجوه الناس إلى الله في الرغبة فيما عنده وردوه في طلب الحوائج إليه ودلوهم في كل أحوالهم ومعنى لا تعسروا لا تردوهم إلى الناس في طلب ما يحتاجونه فقد صرف اللفظ عن ظاهره بلا ضرورة وهذا الحديث كما قال الكرماني وغيره من جوامع الكلم لاشتماله على الدنيا والآخرة لأن الدنيا دار العمل والآخرة دار الجزاء فأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالدنيا بالتسهيل وفيما يتعلق بالآخرة بالوعد بالجميل والإخبار بالسرور تحقيقا لكونه رحمة للعالمين في الدارين وفيه الأمر بالتيسير بسعة الرحمة والنهي عن التنفير بذكر التخويف أي من غير ضمه إلى التبشير وتأليف من قرب إسلامه وترك التشديد عليه والأخذ بالأرفق [ ص 462 ] وتحسين الظن بالله لكن لا يجعل وعظه كله رجاء بل يشوبه بالخوف فيجعلها كأدنى حافر والعلم والعمل كجناحي طائر (حم ق ن عن أنس) بن مالك ورواه البخاري وغيره عن أبي موسى الأشعري وذكر أنه قال ذلك له ولمعاذ لما بعثهما إلى اليمن وزاد بعد ما ذكر هنا وتطاوعا ولا تختلفا قال أبو البقاء : وإنما قال يسروا بالجمع مع أن المخاطب اثنان لأن الاثنين جمع في الحقيقة إذ الجمع ضم شئ إلى شئ أو يقال إن الاثنين أميران والأمير إذا قال شيئا توقع قبول الأمر إلى الجمع أو أراد أمرهما وأمر من يوليانه . 10011 - (يشفع يوم القيامة ثلاثة الأنبياء ثم العلماء ثم الشهداء) قال القرطبي : فأعظم بمنزلة هي بين النبوة والشهادة بشهادة المصطفى صلى الله عليه وسلم ولما كان العلماء يحسنون إلى الناس بعلمهم الذي أفنوا
[ 598 ]
فيه نفائس أوقاتهم أكرمهم الله تعالى بولاية مقام الإحسان إليهم في الآخرة بالشفاعة فيهم جزاءا وفاقا وقد أخذ بقضية هذا الخبر جمع جم فصرحوا بأن العلم أفضل من القتل في سبيل الله لأن المجاهد وكل عامل إنما يتلقى عمله من العالم فهو أصله وأسه وعكس آخرون وقد رويت أحاديث من الجانبين وفيها ما يدل للفريقين قال ابن الزملكاني : وعندي أنه يجب التفصيل في التفضيل وأن يحمل على بعض الأحوال أو بعض الأشخاص كل بدليل (ه) من حديث عنبسة بن عبد الرحمن القرشي عن غيلان عن أبان (عن عثمان) بن عفان رمز المصنف لحسنه وهو عليه رد فقد أعله ابن عدي والعقيلي بعنبسة ونقلا عن البخاري أنهم تركوه ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الخبر . 10012 - (يشفع يوم القيامة الشهيد) في سبيل الله (في سبعين) إنسانا (من أهل بيته) شمل الأصول والفروع والزوجات وغيرهم من الأقارب ويحتمل أن المراد بالسبعين التكثير وفيه أن الإحسان إلى الأقارب أفضل منه إلى الأجانب (د عن أبي الدرداء) رمز لحسنه . 10013 - (يشمت العاطس) ندبا على الكفاية لو قاله بعض الحاضرين أجزأ عنهم قال النووي : لكن الأفضل أن يقوله كل منهم (ثلاثا) أي ثلاث مرات في ثلاث عطسات كل واحدة عقب الحمد قال ابن حجر : فلو تتابع عطاسه فلم يحمد لغلبه العطاس فهل يشمت بعد الحمد ظاهر الخبر نعم (فما زاد) عن العطسات الثلاث فهو مزكوم من الزكام (فلا يشمت) بعد هذا لأن الذي به مرض لا يقال إذا كان مريضا فهو أحق بالدعاء من غيره لأنا نقول يندب أن يدعى له لكن غير دعاء العاطس بل الدعاء للمريض بنحو عافية وسلامة وشفاء ونحوه مما يناسب حال المريض ولا يكون من باب التشميت (د عن سلمة بن الأكوع رمز المصنف لحسنه . 10014 - (يطبع المؤمن) أي الكامل (على كل خلق) غير مرضي أي يجعل الخلق طبيعة لازمة له يعسر تركه يشق مجاهدته أي يخلق عليها من خير وشر ، قال الجوهري : طبعت الدرهم أي عملته والطباع الذي يعمله (ليس الخيانة والكذب) أي فلا يطبع عليهما بل قد يحصلان تطبعا وتخلقا والطباع ما ركب في الإنسان من جميع الأخلاق التي لا تكاد تزاولها من خير وشر قال الطيبي : وإنما كانت الخيانة والكذب منافيين لحاله لأنه حكم بأنه مؤمن والإيمان يضادهما إذ الخيانة ضد الأمانة لا إيمان لمن لا أمانة له والكذب قد مر أنه مجانب للإيمان في غير ما مكان وليس من شرطه أن لا يوجد منه خيانة ولا كذب أصلا بل أن [ ص 463 ] لا يكثر منه . (تنبيه) قال ابن مالك في شرح الكفاية : من أدوات الاستنثاء ليس وهي على فعليتها وعملها إلا أن المرفوع بها لا يكون إلا مستترا لأنهم قصدوا أن لا يليها إلا لأنها أصل الأدوات
[ 599 ]
الاستثنائية والمستثنى بها واجب النصب بمقتضى الخبرية من الاستثناء بها هذا الحديث أي ليس بعض خلقه الخيانة هذا التقدير الذي يقتضيه الإعراب والتقدير المعنوي يطلق على كل خلق إلا الخيانة والكذب اه‍ وقد ذكروا أن هذه المسألة كانت سبب قراءة سيبويه النحو فإنه جاء إلى حماد بن سلمة فاستملى منه حديث ليس من أصحابي أحد إلا ولو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء فقال سيبويه ليس أبو الدرداء فصاح به حماد لحنت يا سيبويه إنما هذا استثناء فقال والله لأطلبن علمها ثم مضى ولزم الأخفش وغيره (تنبيه) قال الغزالي : الكذب ليس حراما لعينه بل لضرورة وذلك جائز حين تعين طريقا للمصلحة ونوزع بأنه يلزم منه جوازه حيث لا ضرر وأجيب بأنه يمنع منه حسما للمادة فلا يباح منه إلا لما فيه مصلحة . - (هب عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز لحسنه قال في المهذب : فيه عبد الله بن حفص الوكيل وهو كذاب اه‍ وقال في الضعفاء : قال ابن عدي : كان يضع الحديث وقال في الكبائر : روي بإسنادين ضعيفين ورواه البيهقي في الشعب من طريق أخرى وقال : فيه سعيد بن رزين من الضعفاء وأقول : فيه أيضا علي بن هاشم أورده أيضا في الضعفاء وقال : له مناكير وقال ابن حبان : غال في التشيع ورواه الطبراني باللفظ المزبور وقال الهيثمي : فيه عبد الله بن الوليد ضعيف ورواه أحمد بلفظ يطبع المؤمن على الخلال كلها إلا الخيانة والكذب قال الهيثمي : وفيه انقطاع ورواه البزار وأبو يعلى بلفظ يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب قال المنذري : رواته رواة الصحيح وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح وقال ابن حجر في الفتح : سنده قوي ، وبه يعرف أن المؤلف لم يصب في إيثاره الطريق الضعيفة وضربه عن الصحيحة صفحا . 10015 - (يعطى المؤمن في الجنة قوة مائة من الرجال في النساء) أي أمر النساء وهو الجماع والظاهر أن المراد بالمائة التكثير وأن قوته فيها على الجماع غير منناهية بدليل الخبر المار أن الواحد له ذكر لا ينثنى فإنه لا فتور هناك (ت حب عن أنس) بن مالك قال الترمذي : حسن صحيح . 10016 - (يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين) بفتح الدال والمراد به جميع حقوق العباد من نحو دم ومال وعرض فإنها لا تغفر بالشهادة وذا في شهيد البر أما شهيد البحر فيغفر له حتى الدين لخبر فيه والكلام فيمن عصى باستدانته أما من استدان حيث يجوز ولم يخلف وفاء فلا يحبس عن الجنة شهيدا أو غيره (حم م) في الجهاد (عن ابن عمرو) بن العاص ولم يخرجه البخاري . 10017 - (يقتل) عيسى (ابن مريم الدجال بباب لد) بالضم وشد الدال جبل بالشام أو بفلسطين وفي رواية للطيالسي والديلمي يقتله دون باب لد سبعة عشر ذراعا قال في مسند الفردوس اللد بالرملة من أرض الشام قال ابن العربي : ورد أنه إذا رآه الدجال ذاب كما يذوب الملح في الماء فإما
[ 600 ]
أن تكون صفة قتله أضيفت إلى عيسى لأنها عند لقائه وإما أن يدركه في تلك الحال فيقتله هناك قتلا . - (طب عن مجمع) بضم أوله وفتح الجيم وشد الميم مكسورة (بن جارية) ابن عامر الأنصاري أحد بني مالك بن عوف كان أبوه ممن اتخذ مسجد الضرار ومجمع غلام جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا قليلا . 10018 - (يكسى الكافر لوحين من نار في قبره) أي يجعل واحد غطاء وآخر وطاء وقضيته أن الكفار يعذبون في قبورهم [ ص 464 ] وهو مما جرى عليه بعضهم لكن ذهب آخرون أنهم إنما يعذبون في الآخرة بنار جهنم (ابن مردويه) في تفسيره (عن البراء) بن عازب . 10019 - (يكون في آخر الزمان عباد) بضم العين والتشديد بضبط المصنف (جهال) قال القرطبي : هذا الحديث صحيح المعنى لما ظهر من ذلك في الوجود قال مكحول يأتي على الناس زمان يكون عالمهم أفتن من جيفة حمار (وقراء فسقة) رواية أبي نعيم فساق (حل) عن أنس ثم قال مخرجه أبو نعيم هذا حديث ثابت لم نكتبه إلا من حديث يوسف بن عطية عن ثابت وهو قاض بصري في حديثه نكارة اه‍ (ك) في الرقاق من حديث يوسف بن عطية عن ثابت (عن أنس) قال الحاكم : صحيح فشنع عليه الذهبي فقال : قلت يوسف هالك اه‍ ، وفي الميزان عن البخاري منكر الحديث وساق له هذا الخبر اه‍ ورواه البيهقي في الشعب من هذا الوجه ثم قال : يوسف كثير المناكير اه‍ ، ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث في مواضع من المغني . 10020 - (يلبي المعتمر) أي يلبي في عمرته كلها يعني في أحواله كلها (حتى يستلم الحجر) أي بالتقبيل أو وضع اليد وظاهره أنه يلبي حال دخوله المسجد وبعد رؤيته البيت وحال مشيه حتى يشرع في الاستلام لأنه جعل الاستلام غاية (د عن ابن عباس) رمز لحسنه . 10021 - (يمن الخيل في شقرها) أي البركة فيما احمر من الخيل حمرة صافية جدا مع حمرة العرف والذنب قال ابن مهاجر : سألت عقيل بن شبيب لم فضل الأشقر ؟ قال : لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فكان أول من جاء بالفتح صاحب أشقر وزاد الطبراني بسند فيه ضعف وأيمنها ناصية ما كان منها أغر محجلا مطلق اليد اليمنى اه‍ (حم د ت) في الجهاد (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للترمذي حيث قال : حسن غريب لكن في المنار عندي أنه صحيح قال : رواته كلهم ثقات وما في سنده مما يوهم الانقطاع مدفوع عند التأمل .
[ 601 ]
10022 - (يمينك) مبتدأ وخبره (على ما يصدقك عليه صاحبك) أي واقع عليه لا تؤثر فيه التورية فالمعنى يمينك التي يجوز أن تحلفها هي التي لو علمها صاحبك لصدقك فيها فلا يجوز الحلف حتى تعرض الأمر على نفسك فإن رأيته في نفس الأمر كذلك وإلا فأمسك فإن التورية لا تفيد أي إن كان المستحلف القاضي فلو حلف بغير استحلافه نفعته التورية فالحاصل أن اليمين على نية الحالف إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه فعلى نيتهما (حم م) في الأيمان والنذور (د) فيه (ت) في الأحكام (ه) في الكفارة (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري ورواه الترمذي في العلل أيضا عن أبي هريرة وقال : إنه سأل عنه البخاري فقال : هو حديث هشيم لا أعرف أحدا رواه غيره . 10023 - (ينزل عيسى ابن مريم) من السماء إلى الأرض آخر الزمان وهو نبي رسول على حاله لا كما وهم البعض أنه يأتي واحدا من هذه الأمة نعم هو كأحدهم في حكمه بشرعنا ذكره السبكي (عند المنارة البيضاء) في رواية واضعا يديه على أجنحة ملكين إذا أدنى رأسه قطر وإذا رفع تحادر منه جمان كاللؤلؤ (فائدة) قال في الزاهر : سميت منارة لأنها آلة ما يضئ وينير من السرج قال لبيد : [ ص 465 ] وتضئ في وجه الظلام منيرة * كجانة البحري سل نظامها (شرقي دمشق) قال ابن كثير : هذا هو الأشهر في محل نزوله وقد وجدت منارة بزمننا سنة إحدى وأربعين وسبعمائة بحجارة بيض ، ولعل هذا يكون من دلائل النبوة الظاهرة حيث قيض الله من بناها . قال الجرالي : وإذ أنزل عيسى وقع العموم الحقيقي في الطريق المحمدي باتباع الكل له . (تنبيه) قال العلماء : الحكمة في نزول عيسى دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود في زعمهم أنهم قتلوه فبين الله كذبهم وأنه الذي ينزل فيقتلهم أو أن نزوله لدنو أجله ليدفن في الأرض لأنه جعل له أجلا إذا جاء أدركه الموت ولا ينبغي لمخلوق من تراب أن يموت في السماء ويوافق نزوله خروج الدجال فيقتله لا أنه ينزل له قصدا ذكر هذا الأخير الحليمي قال ابن حجر : والأول أجود وقال البسطامي في كتاب الجفر الأكبر : يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة ويتزوج في العرب فيولد له أولاد ويكون على مقدمة عسكر عيسى أصحاب الكهف يحميهم الله في زمانه ليكونوا من أنصاره إلى الله ومن أمارات خروجه عمارة بيت المقدس وخراب يثرب ثم نزول الروم بمرج دابق ثم فتح قسطنطينية (فائدة مهمة) نقل ابن سيد الناس في ترجمة سلمان الفارسي من رواية الطبراني والطبري أن عيسى نزل إلى الأرض بعد الرفع في حياة أمه وخالته فوجد أمه تبكي عند الجذع فسلم عليها وأخبرها بحاله فسكن ما بها ووجه الحواريين في بعض الحوائج قال الطبري : فإذا جاز نزوله بعد رفعه مرة قبل نزوله آخر الزمان فلا بدع أنه ينزل مرات ونقل أن سلمان اجتمع به أيام سياحته لطلب من يرشده للدين الحق قبل البعثة وأعلمه
[ 602 ]
بقرب ظهور المصطفى صلى الله عليه وسلم (تنبيه) سئل المؤلف هل ينزل جبريل على عيسى فإن قلتم نعم فيعارضه قوله للمصطفى صلى الله عليه وسلم في حديث الوفاة هذه آخر وطئتي في الأرض فأجاب بأنه ينزل عليه لما في مسلم في قصة الدجال ونزول عيسى فبينما هم كذلك إذا أوحى الله إلى عيسى إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور الحديث فقوله : أوحى الله إلى عيسى ظاهر في نزول جبريل إليه وأما حديث الوفاة فضعيف ولو صح لم يكن فيه معارضة لحمله على أنه آخر عهده بإنزال الوحي (طب) وكذا في الأوسط (عن أوس بن أوس) الثقفي له وفادة رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله ثقات وقال في بحر الفوائد : قد ورد في نزوله أحاديث كثيرة روتها الأئمة العدول التي لا يردها إلا مكابر أو معاند . 10024 - (ينزل في الفرات كل يوم مثاقيل من بركة الجنة) قال ابن حجر : الفرات بالمثناة في الخط في حالتي الوصل والوقف وجاز في القراءة الشاذة أنها هاء تأنيث وشبهها أبو المظفر بن الليث بالياقوت والتابوت (خط عن ابن مسعود) . 10025 - (يهرم ابن آدم) أي يكبر (ويبقى معه) خصلتان (اثنتان) استعارة يعني تستحكم الخصلتان في قلب الشيخ كاستحكام قوة الشاب في شبابه (الحرص) على المال والجاه والعمر (وطول الأمل) فالحرص فقره ولو ملك الدنيا والأمل تعبه ذكره الحرالي وإنما لم تذهب هاتان الخصلتان لأن المرء جبل على حب الشهوات كما قال تعالى * (زين للناس) * الآية وإنما تنال هي بالمال والعمر والنفس معدن الشهوات وأمانيها لا تنقطع فهي أبدا فقيرة لتراكم الشهوات عليها قد برح بها خوف الفوت وضيق عليها فهي مفتونة بذلك وخلصت فتنتها إلى القلب فأصمته عن الله وأعمته لأن الشهوة ظلمات ذات رياح هفافة والريح إذا وقع في الأذن أصمت والظلمة إذا حلت بالعين أعمت فلما وصلت هذه الشهوة إلى القلب حجبت النور فإذا أراد الله بعبد خيرا قذف في قلبه النور فتمزق الحجاب فذلك تقواه به يتقى مساخط الله ويحفظ حدوده ويؤدي فرائضه فإذا أشرق الصدر بذلك النور تأدى إلى النفس فأضاء ووجدت له النفس حلاوة وطلاوة ولذة تلهيه عن شهوات الدنيا وزخرفها فيحيى قلبه ويصير غنيا بالله الكريم في فعاله الحي في ديموميته القيوم في ملكه والنفس حينئذ بجواره وفي غناء الجار غناء فصارت تقواه في قلبه وهو في ذلك النور وغناه في نفسه طمأنينتها ومعرفتها أين معدن الحاجات [ ص 466 ] وحكم عكسه عكس حكمه أعاذنا الله من ذلك بمنه وكرمه (فائدة) ذكر في البستان عن أبي عثمان النهدي قال : بلغت نحوا من ثلاثين ومائة سنة وما من شئ إلا وقد أنكرته إلا أملي فإني أجده كما هو قال : وكان أبو عثمان عظيم القدر كبير الشأن (حم ق) في الزهد (ن) كلهم (عن أنس) بن مالك وقضية كلام المصنف أن القزويني تفرد به من بين الستة وليس كذلك بل هو في الصحيحين بتغيير
[ 603 ]
يسير ولفظ مسلم يهرم ابن آدم ويشب معه اثنتان الحرص على المال والحرص على العمر ولفظ البخاري يكبرابن آدم إلخ ولفظه في رواية لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل . 10026 - (يوزن يوم القيامة مداد العلماء) أي الحبر الذي يكتبون به في الإفتاء ونحوه كالتأليف (ودم الشهداء) أي المهراق في سبيل الله (فيرجع مداء العلماء على دم الشهداء) ومعلوم أن أعلى ما للشهيد دمه وأدنى ما للعالم مداده فإذا لم يف دم الشهداء بمداد العلماء كان غير الدم من سائر فنون الجهاد كلا شئ بالنسبة لما فوق المداد من فنون العلم وهذا مما احتج به من فضل العالم على الشهيد قال ابن الزملكاني : وهو حديث لا تقوم به الحجة وقد أوضح جماعة في تضعيفه المحجة وورد ما يدل على تساويهما في الدرجة والانصاف أن ما ورد للشهيد من الخصائص وصح فيه من دفع العذاب وغفران النقائص لم يرد مثله للعالم لمجرد علمه ولا يمكن أحد أن يقطع له به في حكمه وقد يكون لمن هو أعلى درجة ما هو أفضل من ذلك وينبغي أن يعتبر حال العالم وثمرة علمه وماذا عليه وحال الشهيد وثمرة شهادته وما أحدث عليه فيقع التفضيل بحسب الأعمال والفوائد فكم من شهيد وعالم هون أهوالا وفرج شدائد وعلى هذا فقد يتجه أن الشهيد الواحد أفضل من جماعة من العلماء والعالم الواحد أفضل من كثير من الشهداء كل بحسب حاله وما ترتب على علومه وأعماله . - (الشيرازي) في كتاب الألقاب (عن أنس) بن مالك (الموهبي) في فضل العلم (عن عمران) بن حصين (ابن عبد البر) أبو عمر (في) كتاب (العلم عن أبي الدرداء ابن الجوزي) كتاب (العلل) المتناهية في الأحاديث الواهية عن النعمان بن بشير قال الزين العراقي : سنده ضعيف اه‍ . وقضية صنيع المصنف أن ابن الجوزي خرجه في العلل ساكتا عليه وليس كذلك بل عقبه ببيان علنه فقال : حديث لا يصح وهارون بن عنتر أحد رجاله قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به يروي المناكير ويعقوب القمي ضعيف اه‍ . وقال في الميزان : متنه موضوع . فصل في المحلى بأل من هذا الحرف 10027 - (اليد العليا خير) لفظ رواية الطبراني أفضل (من اليد السفلى) يعني المنفق أفضل من
[ 604 ]
الآخذ أي ما لم تشتد حاجته كما مر قال الحافظ العراقي : ولم يقيد الأخذ بالسؤال فاقتضى كون يده سفلى وإن لم يسأل إلا أن يحمل المطلق على المقيد ويقال أراد الأخذ مع السؤال (وابدأ) بالهمز وتركه (بمن تعول) أي بمن تلزمك نفقته يقال عال الرجل أهله أي قام بما يحتاجونه من نحو قوت وكسوة وغيرهما ، وتتمة الحديث عند مخرجه الطبراني أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك (تنبيه) قال الراغب : في هذا الحديث إشارة إلى فضل المعلم على المتعلم (حم طب عن ابن عمر) [ ص 467 ] ابن الخطاب قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : إسناده حسن وهو في البخاري بتقديم وتأخير وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في الصحيحين ولا أحدهما وهو عجب فقد خرجه البخاري من حديث أبي هريرة بزيادة ولفظه اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله اه‍ . وقال المنذري : خرجه الشيخان معا بنحوه عن حكيم بن حزام . 10028 - (اليمن حسن الخلق بالضم أي البركة والخير الإلهي فيه (الخرائطي في) كتاب (مكارم الأخلاق عن عائشة) قال الزين العراقي : في سنده ضعف . 10029 - (اليمين على نية المستحلف) بكسر اللام أي من استحلف غيره على شئ وورى الحالف فالعبرة بنية المستحلف لا الحالف . وبه أخذ مالك في أحد قوليه وخصه الشافعي بما إذا استحلفه القاضي أو نائبه بحق وإلا نفعته التورية ومنه ما لو حلف بطلاق أو عتق (م) في الأيمان (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 10030 - (اليوم الموعود) المذكور في قوله تعالى * (واليوم الموعود وشاهد ومشهود) * (يوم القيامة والشاهد) المذكور في قوله سبحانه * (وشاهد) * (يوم الجمعة) أي يشهد لمن حضر صلاته والجمعة بمعنى المجموع كالضحك بمعنى المضحوك منه ويوم الجمعة يوم الوقت الجامع سميت جمعة لأن الخلق اجتمعوا فيها وفرغ الله من خلقهم فيه (والمشهود) المذكور في قوله تعالى * (ومشهود) * (يوم عرفة) لأن الناس يشهدونه أي يحضرونه ويجتمعون فيه ذكره ابن الأثير وقال البعض : معنى كون يوم الجمعة شاهدا أنه يشهد لكل عامل بما عمل فيه وكذلك كل يوم وله فضل مخصوص باجتماع الناس في صلاة الجمعة ما لا يجتمعون في غيره من الأيام ، ومعنى كون يوم عرفة مشهودا أنه يشهد الناس فيه موسم الحج والملائكة (ويوم الجمعة ادخره الله لنا) فلم يظفر به أحد من الأمم السابقة فهو اليوم الذي هدانا الله له
[ 605 ]
واختاره لنا وأنعم علينا به فالعمل فيه له مزية على غيره من الأيام ولذلك ذهب بعضهم إلى أنه إذا وافق الوقوف بعرفة يوم جمعة كان لتلك الحجة فضل على غيرها وأما ما رواه رزين أنه أفضل من سبعين حجة في غير يوم جمعة ففي ثبوته وقفة (وصلاة الوسطى صلاة العصر) (طب عن أبي مالك الأشعري) قال ابن القيم : الظاهر أن هذا من تفسير أبي هريرة . 10031 - (اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة) لأنه تعالى عظم شأنه في سورة البروج حيث أقسم به وأوقعه واسطة العقد لقلادة اليومين العظيمين ونكره لضرب من التفخيم وأسند إليه الشهادة على سبيل المجاز لأنه مشهود فيه نحو نهاره صائم وليله قائم ، وقد أخذ بهذا الحديث جماعة من العلماء واضطربت فيه أقوال آخرين فقيل الشاهد والمشهود محمد ويوم القيامة وقيل عيسى وأمته وقيل أمة محمد وسائر الأمم وقيل يوم التروية وقيل يوم عرفة ويوم الجمعة وقيل الحجر الأسود والحجيج وقيل الأيام والليالي وبنو آدم وقيل الحفظة وبنو آدم وقيل الأنبياء ومحمد كذا في الكشاف (وما طلعت الشمس [ ص 468 ] ولا غربت على يوم أفضل منه فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله بخير إلا استجاب الله له) دعاءه (ولا يستعيذ) بالله (من شئ إلا أعاذه الله منه) قال بعضهم : قد ادخر الله لهذه الأمة يوم الجمعة المؤذن بنهاية الوصل إذ مقام الجمعية هو مقام الوصل الذي هو أكمل المقامات وأعلاها وأغلاها وجعل لليهود السبت المؤذن بقطيعتهم وحرمانهم وللنصارى الأحد المؤذن بوحدتهم وتفردهم عن مواطن الخيرات والسعادات فكان مما خصت به كل أمة من الأيام دليل على أحوالها وما يؤول إليه أمرها وذكر ابن القيم في الهدى ليوم الجمعة اثنين وثلاثين خصوصية هيئتها وأنها يوم عيد ولا يصام مفردا وقراءة تنزيل وهل أتى في صبحها والجمعة والمنافقين فيها والغسل لها والتطيب والسواك ولبس أحسن الثياب وتبخير المسجد والتبكير والاشتغال بالذكر حتى يخرج الخطيب والخطبة والإنصات وقراءة الكهف وعدم كراهة التنفل وقت الاستواء ومنع السفر قبلها وتضعيف أجر الذاهب إليها بكل خطوة أجر سنة ونفي سجر جهنم يومها وساعة الإجابة فيها وأنها يوم المزيد والشاهد والمدخر لهذه الأمة وخير أيام الأسبوع وخلق فيه آدم وتجتمع فيه الأرواح إن ثبت به الخبر وغير ذلك (ت) في التفسير (هق) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة وهو واه اه‍ . وقال الذهبي في المهذب : موسى بن عبيدة واه اه‍ . وبنجاز الكلام على هذا الحديث تم شرح الكتاب ، ووراء ذلك من العلم البحر العباب ، وقد أتيت فيه بفوائد جمة ، على قدر الوقت والهمة وراعيت جانب التوسط في تقريره ، محافظة على سهولة تناوله وتيسيره أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، موجبا للفوز بجنات النعيم وأن يعم النفع به ببركة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم والحمد لله وحده ولا الحجر الأسود والحجيج وقيل الأيام والليالي وبنو آدم وقيل الحفظة وبنو آدم وقيل الأنبياء ومحمد كذا في الكشاف (وما طلعت الشمس [ ص 468 ] ولا غربت على يوم أفضل منه فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم يدعو الله بخير إلا استجاب الله له) دعاءه (ولا يستعيذ) بالله (من شئ إلا أعاذه الله منه) قال بعضهم : قد ادخر الله لهذه الأمة يوم الجمعة المؤذن بنهاية الوصل إذ مقام الجمعية هو مقام الوصل الذي هو أكمل المقامات وأعلاها وأغلاها وجعل لليهود السبت المؤذن بقطيعتهم وحرمانهم وللنصارى الأحد المؤذن بوحدتهم وتفردهم عن مواطن الخيرات والسعادات فكان مما خصت به كل أمة من الأيام دليل على أحوالها وما يؤول إليه أمرها وذكر ابن القيم في الهدى ليوم الجمعة اثنين وثلاثين خصوصية هيئتها وأنها يوم عيد ولا يصام مفردا وقراءة تنزيل وهل أتى في صبحها والجمعة والمنافقين فيها والغسل لها والتطيب والسواك ولبس أحسن الثياب وتبخير المسجد والتبكير والاشتغال بالذكر حتى يخرج الخطيب والخطبة والإنصات وقراءة الكهف وعدم كراهة التنفل وقت الاستواء ومنع السفر قبلها وتضعيف أجر الذاهب إليها بكل خطوة أجر سنة ونفي سجر جهنم يومها وساعة الإجابة فيها وأنها يوم المزيد والشاهد والمدخر لهذه الأمة وخير أيام الأسبوع وخلق فيه آدم وتجتمع فيه الأرواح إن ثبت به الخبر وغير ذلك (ت) في التفسير (هق) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة وهو واه اه‍ . وقال الذهبي في المهذب : موسى بن عبيدة واه اه‍ . وبنجاز الكلام على هذا الحديث تم شرح الكتاب ، ووراء ذلك من العلم البحر العباب ، وقد أتيت فيه بفوائد جمة ، على قدر الوقت والهمة وراعيت جانب التوسط في تقريره ، محافظة على سهولة تناوله وتيسيره أسأل الله أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ، موجبا للفوز بجنات النعيم وأن يعم النفع به ببركة النبي العظيم صلى الله عليه وسلم والحمد لله وحده ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .
[ 606 ]
(قال مؤلفه رحمه الله : فرغت منه يوم الإثنين ثامن عشري ربيع الأول سنة سبع وتسعمائة أحسن الله عاقبتها وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم) . تم الكتاب بعونه تعالى