فيض القدير شرح الجامع الصغير
المناوي ج 5

[ 1 ]
فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير للعلامة محمد عبد الرؤوف المناوي ضبطه وصححه أحمد عبد السلام الجزء الخامس تتمة حرف الكاف - حرف الميم دار الكتب العلمية بيروت - لبنان
[ 2 ]
الطبعة الاولى 1415 ه‍ - 1994 م‍
[ 3 ]
6241 - (كفى بالمرء فقها إذا عبد الله ، وكفى بالمرء جهلا إذا أعجب برأيه) فالجاهل أو العاصي إذا عبد الله وتواضع وذل هيبة لله وخوفا منه فقد أطاع بقلبه فهو أطوع لله من العالم المتكبر ، والعابد المعجب . ولذلك روي أن رجلا من بني إسرائيل أتى عابدا منهم فوطئ على رقبته وهو ساجد ، فقال ارفع فوالله الله لا يغفر الله لك فأوحى الله إليه أيها المتعالي علي بل أنت لا يغفر الله لك ، ولذلك قال الحسن : صاحب الصوف أشد كبرا من صاحب المطرف الخز أي إن صاحب الخز يذل لصاحب الصوف ، ويرى الفضل له ، وصاحب الصوف يرى الفضل لنفسه . (حل عن ابن عمرو) بن العاص . ورواه عنه الديلمي أيضا . 6242 - (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع) أي إذا لم يتثبت لأنه يسمع عادة الصدق والكذب ، فإذا حدث بكل ما سمع لا محالة يكذب ، والكذب الإخبار عن الشئ على غير ما هو عليه وإن لم يتعمد ، لكن التعمد شرط الإثم . قال القرطبي : والباء في بالمرء زائدة هنا على المفعول وفاعل كفى أن يحدث وقد تزاد الباء على فاعل كفى كقوله تعالى * (وكفى بالله شهيدا) * [ النساء : 79 و 166 ، الفتح : 28 ] (م) في مقدمة صحيحه (عن أبي هرير ة) ورواه أبو داود في الأدب مرسلا . 6243 - (كفى بالمرء من الشر أن يشار إليه بالأصابع) تمامه قالوا : يا رسول الله وإن كان خيرا ؟ قال : وإن كان خيرا فهي مذلة إلا من رحمه الله وإن كان شرا فهو شر اه‍ . قالوا : وفيه تحذير من شر الإشارة إلى الإنسان بالأصابع . (طب) وكذا أبو نعيم (عن عمران بن حصين) رمز المصنف لحسنه ، وليس كما قال ففيه كثير بن مروان المقدسي قال العقيلي : لا يتابع كثير على لفظه إلا من جهة مقارنته ، وقال يحيى : كثير ضعيف ، وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به ، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال : لا يصح .
[ 4 ]
6244 - (كفى بالمرء من الكذب) كذا هو في خط المؤلف وفي رواية العسكري : كفى بالمرء من الكذب كذبا (أن يحدث بكل ما سمع) أي لو لم يكن للرجل كذب إلا تحدثه بكل ما سمع من غير مبالاة أنه صادق أو كاذب لكفاه من جهة الكذب لأن جميع ما سمعه لا يكون صدقا وفيه زجر عن الحديث بشئ لا يعلم صدقه (وكفى بالمرء من الشح أن يقول) لمن له عليه دين (آخذ حقي) منه كله بحيث (لا أترك منه شيئا) ولو قليلا فإن ذلك شح عظيم ، ومن ثم عد الفقهاء مما ترد به الشهادة المضايقة في التافه ، وهذا عد من الحكم والأمثال . (ك) في البيع عن الأصم عن هلال بن العلاء بن هلال بن عمر الرقي عن ابن عمر بن هلال قال : حدثني أبو غالب (عن أبي أمامة) قال الحاكم : صحيح فرده الذهبي أن هلال بن عمرو وأبوه لا يعرفان ، فالصحة من أين ؟ 6245 - (كفى بالموت واعظا) كيف واليوم في الدور وغدا في القبور ، وفي معناه بيت الحماسة : أبعد بني أمي الذين تتابعوا * أرجى حياة أم من الموت أجزع كيف وهو المصيبة العظمى والرزية الكبرى وأعظم منه الغفلة عنه والإعراض عن ذكره وقلة التفكير فيه وترك العمل له وأن فيه وحده لعبرة لمن اعتبر وفكرة لمن افتكر . قيل : أن أعرابيا كان يسير على جمل فخر الجمل ميتا فنزل عنه وجعل يطوف به ويتفكر فيه ويقول : مالك لا تقوم ، مالك لا تقوم ، مالك لا تقوم ، مالك لا تنبعث هذه أعضاءك كاملة وجوارحك سالمة ، ما شأنك ، ما الذي كان يبعثك ، ما الذي صرعك ، ما الذي عن الحركة منعك ، ثم تركه وانصرف متفكرا في شأنه متعجبا في أمره وأنشأ يقول : جاءته من قبل المنون إشارة * فهوى صريعا لليدين وللفم قال الحسن : قد أفسد الموت على أهل النعيم نعيمهم فالتمسوا عيشا لا موت معه وقيل : ذهب ذكر الموت بلذة كل عيش وسرور كل نعيم وقال الغزالي : الموت هو القيامة الصغرى ومن مات فقد قامت قيامته وفي هذه القيامة يكون العبد وحده وعندها يقال له * (لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) * وفيها يقال له * (كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا) * والقيامة الصغرى بالنسبة للكبرى كالولاية الصغرى بالنسبة للكبرى فإن للإنسان ولادتين أحدهما الخروج من الصلب والترائب إلى مستودع الأرحام وهو في الرحم في قرار مكين إلى قدر معلوم وله في سلوكه إلى الكمال منازل وأطوارا من نطفة وعلقة ومضغة وغيرها حتى يخرج من مضيق الرحم إلى فضاء العالم فنسبة عموم القيامة الكبرى إلى الصغرى نسبة فضاء العالم إلى مضيق الرحم ونسبة فضاء العالم الذي يقدم عليه بالموت إلى سعة فضاء الدنيا كنسبة فضاء الدنيا إلى الرحم بل أوسع فقس الآخرة بالأولى فالمقر بالقيامتين مؤمن بعالم الغيب والشهادة والمقر بالصغرى لا الكبرى ناظر بالعين العوراء
[ 5 ]
إلى أحد العالمين وذلك هو الجهل والضلال فما أعظم غفلتك يا مسكين وبين يديك هذه الأهوال فإن كنت لا تؤمن بالكبرى للجهل والضلال أفلا تكفيك القيامة الصغرى ألك اعتذار بعد قول سيد الأبرار كفى بالموت واعظا أما تستحي من استبطائك هجوم الموت إقتداءا برعاع الغافلين الذين لا ينظرون * (إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون) * فيأتيهم المرض نذيرا من الموت فلا ينزجرون ويأتيهم الشيب رسولا منه فما يعتبرون * (فيا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤون) * أيظنون أنهم في الدنيا خالدون * (ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون) * أم يحسبون أن الموتى سافروا من عندهم فهم يعودون كلا * (إن كل لما جميع لدينا محضرون) * لكن * (ما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين) * قال الحراني : والوعظ دعوة الأشياء بما فيها من العبرة للانقياد للإله الحق مما يخوفها في مقام التذكير بما يرجيها ويبسطها (وكفى باليقين غنى) لأنه سكون النفس عند جولان الموارد في الصدر لتيقنك أن حركتك فيها لا تنفعك ولا ترد عنك مقضيا فإذا رزق العبد السكون إلى قضاء الله والرضى به فقد أوتي الغناء الأكبر قال الخواص : الغنى حق الغنى من أسكن الله قلبه من غناه يقينا ومن معرفته توكلا ومن عطاياه رضى فذاك الغني كل الغنى وإن أمسى طاويا وأصبح معوزا . (تنبيه) قد تضمن هذا الخبر الحث على الزهد وهو أمر قد تطابقت عليه الملل والنحل قال الغزالي : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان وصحف موسى وصحف إبراهيم وكل كتاب منزل ما أنزل إلا لدعوة الحق إلى الملك الدائم المخلد والمراد منهم أن يكونوا ملوكا في الدنيا والآخرة أما ملك الدنيا فبالزهد والقناعة وأما الآخرة فبالقرب منه تعالى يدرك بقاء لا فناء فيه وعزا لا ذل معه والشيطان يدعوهم إلى ملك الدنيا ليفوت عليهم ملك الأخرى إذ هما ضرتان ونعيم الدنيا لا يسلم له أيضا لكدرها ومنازعتها وطول الهم والغم وإلا لحسده عليها أيضا فلما كان الزهد أيضا جاء حتى عداه عنه ومعنى الزهد أن يملك العبد شهوته وغضبه وبذلك يصير العبد حرا وباستيلاء الشهوة يصير عبدا لبطنه وفرجه وسائر أغراضه فيكون مسخرا كالبهيمة يجره زمام الشهوة إلى حيث يريد فما أعظم اغترار الإنسان أيظن أنه ينال المال بمصيره مملوكا وينال الربوبية بأن يصير عبدا ومثله هل يكون إلا معكوسا في الدنيا منكوسا في الآخرة ولهذا قال بعض الملوك لبعض الزهاد : هل لك حاجة قال : كيف أطلب منك حاجتي وملكي أعظم من ملكك قال : كيف ؟ قال : من أنت عبده فهو عبدي أنت عبد شهوتك وغضبك وفرجك وبطنك وأنا ملكتهم فهم عبيدي فهذه هو الملك في الدنيا وهو الجار إلى ملك الآخرة فالمخدوعون بالغرور خسروا الدنيا والآخرة . (طب) من حديث الحسن البصري (عن عمار) بن ياسر وضعفه المنذري وقال العلائي : حديث غريب منقطع لأن الحسن لم يدرك عمارا وفيه أيضا الربيع بن بدر قال الدارقطني : متروك ، وقال الهيثمي : فيه الربيع بن بدر متروك ، وقال الحافظ العراقي : سنده ضعيف جدا ، وهو معروف من قول الفضيل بن عياض . 6246 - (كفى بالموت مزهدا في الدنيا ومرغبا في الآخرة) لأنه أعظم المصائب وأبشع الرزايا
[ 6 ]
وأشنع البلايا فتفكر يا ابن آدم في مصرعك وانتقالك من موضعك وإذا انتقلت من سعة إلى ضيق وخانك الصاحب والرفيق وهجرك الأخ والصديق وأخذت من فراشك ونقلت من مهادك فيا جامع المال والمجتهد في البنيان ليس لك من مالك إلا الأكفان بل هو للخراب وجسمك للتراب فاعتبر يا مسكين بمن صار تحت الثرى وانقطع عن الأهل والأحباب بعد أن قاد الجيوش والعساكر ونافس الأصحاب والعشائر وجمع الأموال والذخائر فجاء الموت في وقت لم يحتسبه وهول لم يرتقبه وليتأمل حال من مضى من إخوانه ودرج من أقاربه وخلانه الذين بلغوا الآمال وجمعوا الأموال كيف انقطعت آمالهم ولم تغن عنهم أموالهم ومحى التراب محاسن وجوههم وتفرقت في القبور أجزاؤهم وترملت نساؤهم وشمل ذل اليتم أولادهم واقتسم غيرهم طريقهم وتلادهم وقيل إن الكنز الذي كان للغلامين كان فيه لوح من ذهب فيه " عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالنار كيف يضحك . (ش حم في) كتاب (الزهد عن الربيع بن أنس مرسلا) بصري نزل خراسان روى عن أنس وغيره قال أبو حاتم : صدوق وقال ابن أبي داود : حبس بمرو ثلاثين سنة . 6247 - (كفى بالمرء إثما أن يحبس عن من يملك قوته) قال النووي : قوته مفعول يحبس وقال المظهري : يحبس مبتدأ وكفى خبره مقدما أو خبر مبتدأ محذوف وإثما تمييز وهذا حث على النفقة على العيال وتحذير من التقصير فيها . (م) في الزكاة (عن ابن عمرو بن العاص) جاءه قهرمانه فقال : أعطيت الرقيق قوتهم قال : لا قال : فانطلق فأعطهم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكره . 6248 - (كفى ببارقة السيوف) أي بلمعانها قال الراغب : البارقة لمعان السيف (على رأسه) يعني الشهيد (فتنة) فلا يفتن في قبره ولا يسأل إذ لو كان فيه نفاق لفر عند التقاء الجمعين فلما ربط نفسه لله في سبيله ظهر صدق ما في ضميره وظاهره اختصاص ذلك بشهيد المعركة لكن أخبار الرباط تؤذن بالتعميم (تنبيه) قال القرطبي : إذا كان الشهيد لا يفتن فالصديق أجل قدرا وأعظم أجرا فهو أحرى أن لا يفتن لأنه المقد في التنزيل على الشهداء * (أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء) * وقد جاء في المرابط الذي هو أقل رتبة من الشهيد أنه لا يفتن فكيف بمن هو أعلى منه وهو الشهيد . (ن عن رجل) له صحبة قال : يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد فذكره . 6249 - (كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما) لأن كثرة المخاصمة تفضي غالبا في ما يذم صاحبه وقد ورد الترغيب في ترك المخاصمة ففي أبي داود عن أبي أمامة رفعه أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا وأبغض العباد إلى الله تعالى الألد الخصم كما في الصحيحين ولهذا قال داود لابنه : يا بني إياك والمراء فإن نفعه قليل وهو يهيج العداوة بين الإخوان قال بعضهم : ما رأيت شيئا
[ 7 ]
أذهب للدين ولا أنقص للمروءة ولا أضيع للذة ولا اشغل للقلب من المخاصمة فإن قيل لا بد من الخصومة لاستيفاء الحقوق فالجواب ما قال الغزالي : أن الذم المتأكد إنما هو خاص بباطل أو بغير علم كوكلاء القاضي وقال بعض العارفين : إذا رأيت الرجل لجوجا مرائيا معجبا برأيه فقد تمت خسارته . (ت عن ابن عباس) وقال : غريب وخرجه عنه البيهقي والطبراني قال ابن حجر : وسنده ضعيف . 6250 - (كفى به شحا أن أذكر عند رجل فلا يصلي علي) أخذ به جمع فأوجبوا الصلاة عليه كلما ذكر لكن الذي عليه الجمهور أنه إنما تجب عليه الصلاة في الصلوات الخمس . (ص عن الحسن مرسلا) . 6251 - (كفى بالمرء نصرا أن ينظر إلى عدوه في معاصي الله) لأن العاصي ممقوت متعرض للعطب والمؤاخذة بذنوبه في الدنيا والآخرة وذلك نصر للمرء بلا شك . - (فر عن علي) ظاهر صنيع المصنف أن الديلمي أسنده وليس كذلك . 6252 - (كفى بالرجل أن يكون بذيا فاحشا بخيلا) فيه أن هذه الأخلاق الثلاثة مذمومة منهي عنها قال الغزالي : ومصدرها الخبث واللؤم قال إبراهيم بن ميسرة : يجاء بالفاحش المتفحش يوم القيامة في صورة كلب أو في جوف كلب قال الغزالي : وحقيقته التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة ويجري أكثر ذلك في ألفاظ الوقاع وما ينطق به فإن لأهل الفساد عبارات فاحشة يستعملونها فيه وأهل الصلاح يتحاشون عن التعرض لها بل يكنون عنها ويدلون عليها بالرموز . (هب عن عقبة بن عامر) الجهني . 6253 - (كفى بالمرء في دينه أن يكثر خطؤه) أي إثمه وذنوبه (وينقص حلمه وتقل حقيقته جيفة بالليل) أي نائم طول الليل كأنه جسد ميت لا روح فيه لا يتهجد ولا يذكر الله فيه (بطال بالنهار) لا حرفة له (كسول) جزوع (هلوع) صيغة مبالغة أي شديد الجزع والضجر (منوع رتوع) أي متسع في الخصب قال في الفردوس : الهلع الحرص والشح والرتوع الأكول بسعة ولهمة . (حل) وكذا الديلمي عن (الحكم بن عمير) وفيه بقية بن الوليد وقد مر غير مرة وعيسى بن إبراهيم قال الذهبي : تركه أبو حاتم .
[ 8 ]
6254 - (كفى بالمرء إثما أن يشار إليه بالأصابع) قالوا : يا رسول الله وإن كان خيرا فقال : و (إن كان خيرا فهي مزلة إلا من رحم الله تعالى وإن كان شرا فهو شر) قال في الإحياء " قد ذكر الحسن للحديث تأويلا لا بأس به وهو أنه لما رواه قيل له : إن الناس إذا رأوك أشاروا إليك بالأصابع فقال : إنه لم يعن هذا إنما عنى به المبتدع في دينه والفاسق في دنياه وفيه أن الاشتهار مذموم وأن المحمود الخمول إلا من نشره الله لنشر دينه من غير تكلف منه الشهرة . (هب) من حديث كثير بن مرة عن إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وشاح (عن عمران بن حصين) ثم قال أعني البيهقي : كثير هذا غير قوي انتهى فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه خرجه وأقره غير سديد وفي الميزان : كثير ضعفوه وقال يحيى : كذاب ثم أورد له هذا الخبر . 6255 - (كفاك الحية ضربة بالسوط أصبتها أم أخطأتها) قال البيهقي : هذا إن صح فإنما أراد وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور به فقد أمر المصطفى صلى الله عليه وسلم بقتلها ولم يرد به المنع من الزيادة على ضربة واحدة ويدل لذلك حديث مسلم من قتل وزغة بضربة فله كذا وكذا حسنة ومن قتلها في الثالثة فله كذا وكذا حسنة أدنى من الثانية . (قط في الأفراد هق عن أبي هريرة) ورواه عنه الطبراني أيضا . 6256 - (كفارة الذنب الندامة) أي ندامة تغطي ذنبه لأن الكافر كافر لأنه يغطي نعمة الله بالجحود قال الطيبي : الكفارة عبارة الفعلة أو الخصلة التي من شأنها أن تكفر الخطيئة وهي فعالة للمبالغة كصرابة وقتالة وهي من الصفات الغالبة في الاسمية والندم الغم اللازم والحزن (ولو لم تذنبوا لأتى الله بقوم يذنبون ليغفر لهم) . (تنبيه) قال رزين : من خصائص هذه الأمة أن الندم لهم توبة وكانت بنو إسرائيل إذا أخطأ أحدهم حرم عليه كل طيب من الطعام وتصبح خطيئته مكتوبة على باب داره . (حم طب) وكذا في الأوسط (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه لكن قال الحافظ العراقي وتبعه الهيثمي : فيه يحيى بن عمر بن مالك الذكري وهو ضعيف . 6257 - (كفارة المجلس) أي اللفظ الواقع في المجلس (أن يقول العبد) بعد أن يقوم كما جاء
[ 9 ]
هكذا في رواية الأوسط للطبراني (سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك وأتوب إليك) قال الحليمي : هذا قد يلتحق بقوله تعالى * (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب) * . (طب عن ابن عمرو) بن العاص (وعن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط انتهى لكن رواه النسائي في اليوم والليلة عن رافع بن خديج قال الحافظ العراقي : سنده حسن . 6258 - (كفارة النذر إذا لم يسم كفارة اليمين) قال ابن حجر : حمله بعضهم على النذر المطلق وأما حمل بعضهم على نذر اللجاج والغضب فلا يستقيم إلا في رواية كفارة اليمين من غير تعرض لقيد عدم التسمية وقال ابن العربي : النذر الذي لم يسم هو النذر المطلق وأما المقيد وهو المعين فلا بد من الوفاء به . (حم م 3) كلهم في النذر (عن عقبة بن عامر) ولم يخرجه البخاري وما جرى عليه المصنف من نسبة الحديث بتمامه إلى مسلم غير صواب وإنما رواه بدون قوله ولم يسم ورواه من عداه بدون قيد التسمية . 6259 - (كفارة من اغتبت) أي ذكرته بما يكره في غيبته (أن تستغفر له) أي تطلب له المغفرة من الله أي إن تعذرت مراجعته واستحلاله وإلا تعين ما لم يترتب عليه مفسدة . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب فضل (الصمت) أي السكوت عن أبي عبيدة بن عبد الوارث بن عبد الصمد عن أبيه عن عتبة بن عبد الرحمن القرشي عن خالد بن يزيد اليماني (عن أنس) بن مالك وحكم ابن الجوزي بوضعه وقال : عتبة متروك وتعقبه المؤلف بأن البيهقي خرجه في الشعب عن عتبة وقال : إسناده ضعيف وبأن العراقي في تخريج الإحياء اقتصر على تضعيفه ورواه عنه الخطيب في التاريخ والديلمي فاقتصار المصنف هنا على ابن أبي الدنيا غير جيد لإبهامه قال الغزالي : وهذا الحديث يحتج به للحسن في قوله يكفيك من الغيبة الاستغفار دون الاستحلال . 6260 - (كفارات الخطايا إسباغ الوضوء) أي إتمامه وإكماله من واجباته وسننه (على المكاره) من نحو شدة برد (وإعمال الأقدام إلى المساجد) أي السعي إليها لنحو صلاة (وانتظار الصلاة بعد الصلاة) في المسجد وغيره فذلك يكفر الصغائر ما اجتنبت الكبائر . (هو عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] ورمز المصنف لحسنه .
[ 10 ]
6261 - (كفر بالله تبرؤ) أي ذو تبرئ (من نسب وإن دق) ليس المراد بالكفر حقيقته التي يخلد صاحبها في النار ومناسبته إطلاق الكفر هنا أنه كذب على الله كأنه يقول خلقني الله من ماء فلان ولم يخلقني من ماء فلان والواقع خلافه . (البزار) في مسنده (عن أبي بكر) الصديق رمز المصنف لحسنه . 6262 - (كفر بامرئ ادعاء نسب لا يعرف أو جحده وإن دق) قال ابن بطال : ليس معنى هذين الخبرين من اشتهر بالنسبة إلى غير أبيه يدخل في الوعيد كالمقداد بن الأسود وإنما المراد به من تحول عن نسبته لأبيه إلى غير أبيه عالما عامدا مختارا وكانوا في الجاهلية لا يستنكرون أن يتبنى الرجل ولد غيره ويصير الولد ينسب إلى الذي تبناه حتى نزل قوله تعالى * (ادعوهم لآبائهم) * ، * (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) * فنسب كل منهم إلى أبيه الحقيقي لكن بقي بعضهم مشهورا بمن تبناه فيذكر به لقصد التعريف لا لقصد النسب الحقيقي كالمقداد بن الأسود ليس الأسود أباه بل تبناه واسم أبيه الحقيقي عمر بن ثعلبة . (ه عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه أيضا أحمد والطبراني والديلمي وغيرهم . 6263 - (كفر بالله العظيم عشرة) من المكلفين (من هذه الأمة الغال) أي الخائن في المغنم وغيره (والساحر والديوث) الذي لا يغار على أهله (وناكح المرأة في دبرها وشارب الخمر ومانع الزكاة ومن وجد سعة ومات ولم يحج والساعي في الفتن) بالإفساد (وبائع السلاح من أهل الحرب ومن نكح ذات محرم منه) أي كل منهم يكفر إن استحل ذلك لكن ينبغي استثناء الواطئ في دبر امرأته . (ابن عساكر) في تاريخه (عن البراء) بن عازب وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر من ابن عساكر مع أن الديلمي أخرجه باللفظ المزبور عن البراء المذكور من هذا الوجه . 6264 - (كف شرك عن الناس فإنها صدقة منك على نفسك) . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (الصمت عن أبي ذر) رمز المصنف لحسنه .
[ 11 ]
6265 - (كف عنا جشاءك) هو الريح الذي يخرج من المعدة عند الشبع (فإن أكثرهم) يعني الناس (شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة) والنهي عن الجشاء نهي عن سببه وهو الشبع وهو مذموم طبا وشرعا كيف وهو يقرب الشيطان ويهيج النفس إلى الطغيان والجوع يضيق مجاري الشيطان ويكسر سطوة النفس فيندفع شرهما ومن الشبع تنشأ شدة الشبق إلى المنكوحات ثم يتبعها شدة الرغبة إلى الجاه والمال اللذان هما الوسيلة إلى التوسع في المطعومات والمنكوحات ثم يتبع ذلك استكثار المال والجاه وأنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ثم يتولد من ذلك آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ثم يتداعى ذلك إلى الحسد والحقد والعداوة والبغضاء ثم يفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء والبطر والأشر وذلك مفض إلى الجوع في القيامة وعدم السلامة إلا من رحم ربك . (ت ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال : تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فذكره قال الترمذي : حسن غريب وذلك الرجل هو أبو جحيفة كما صرح به في عدة روايات وكان لم يبلغ الحلم قال في المعارف : ولم يأكل بعد ذلك ملء بطنه حتى فارق الدنيا رمز المصنف لحسنه . 6266 - (كف عنه أذاك واصبر لأذاه فكفى بالموت مفرقا) قاله لمن شكى إليه أذى جاره له ثم عاد عن قرب وذكر أنه مات قال الغزالي : فيه الأمر بالصبر لمن أوذي بفعل أو قول أو جنى عليه في نفسه أو ماله والصبر على ذلك بترك المكافأة قال بعض الصحابة : ما كنا نعد إيمان الرجل إيمانا إذا لم يصبر على الأذى وقال تعالى * (ولنصبرن على ما آذيتمونا) * وقال لرسوله * (ودع أذاهم وتوكل على الله) * وقال * (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا) * إلى غير ذلك من الآيات ولذلك مدح تعالى العافين عن حقوقهم في القصاص فقال * (ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) * . (ابن النجار) في التاريخ (عن أبي عبد الرحمن) عبد الله بن يزيد (الحبلي) بضم المهملة والموحدة وهو المغافري من ثقات الطبقة الثالثة (مرسلا) قال : شكى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جاره فذكره . 6267 - (كفوا صبيانكم) عن الانتشار (عند العشاء فإن للجن) حينئذ (انتشارا) أي تفرقا (وخطفة) أي استيلاء بسرعة . (د عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لصحته ورواه العسكري أيضا عن جابر بلفظ كفوا فراشيكم حتى تذهب فحمة عتمة العشاء وقال جمع : فاشية وهي ما ينشر ويفشو من نحو إبل وغنم قال : ومن لا يضبط من أصحاب الحديث يقول مواشيكم وهو تصحيف .
[ 12 ]
6268 - (كفوا عن أهل لا إله إلا الله) وهم من نطق بها أي مع نطقه بالشهادة الثانية وإن لم يعلم ما في قلبه (لا تكفروهم بذنب) ارتكبوه وإن كان من أكبر الكبائر كالقتل والز نا والسرقة (فمن أكفر أهل لا إله إلا الله) أي حكم بكفرهم (فهو إلى الكفر أقرب) منه إلى الإيمان فمخالف الحق من أهل القبلة ليس بكافر ما لم يخالف ما هو من ضروريات الدين كحدوث العالم وحشر الأجساد فإنه حينئذ ليس من أهل لا إله إلا الله فنكفره وقال علي كرم الله وجهه : أعلم الناس بالله أشدهم حبا وتعظيما لأهل لا إله إلا الله . قال ابن عربي : إياك ومعاداة أهل لا إله إلا الله فإن لهم من الله الولاية العامة فهم أولياء الله ولو جاؤوا بقراب الأرض خطايا لا يشركون بالله لقيهم الله بمثلها مغفرة ومن ثبتت ولايته حرمت محاربته ومن لم يطلعك الله على عداوته لله فلا تتخذه عدوا فإذا تحققت أنه عدو الله وليس إلا المشرك فتبرأ منه كما فعل إبراهيم بأبيه ولا تعاد عباد الله بالإنكار ولا بما ظهر على اللسان بل اكره فعله لا عينه والعدو لله إنما يكره عينه ففرق بين من يكره عينه وهو عدو الله ومن يكره فعله وهو المؤمن العاصي . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه الضحاك بن حمزة عن علي بن زيد وقد اختلف في الاحتجاج بهما . 6269 - (كل آية في القرآن درجة في الجنة) فيقال للقارئ ارق في درجها على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميعه استولى على أقصى درج الجنة ومن قرأ جزءا منها فرقيه في الدرج بقدر ذلك فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة وهذا تحريض لنا على الإكثار من القراءة وملازمة التدبر والعمل به (ومصباح في بيوتكم) من كثرة الملائكة المفيضين للرحمة والمستمعين لتلاوته ، قال الإمام أحمد : رأيت الله عز وجل في النوم فقلت : يا رب ما أفضل ما تقرب به المتقربون عندك قال : بكلامي يا أحمد قلت : بفهم أو بغير فهم قال : بفهم أو بغير فهم . (حل عن ابن عمرو) ابن العاص وفيه رشد بن سعد وقد مر غير مرة تضعيفه . 6270 - (كل ابن آدم يأكله التراب) أي كل أجزاء ابن آدم تبلى وتنعدم بالكلية أو المراد أنها باقية لكن زالت أعراضها المعهودة قال إمام الحرمين : ولم يدل قاطع سمعي على تعين أحدهما ولا يبعد أن تصير أجسام العباد بصفة أجسام التراب ثم تعاد بتركها إلى المعهود (إلا عجب الذنب) بفتح العين فسكون ، العظم الذي في أصل صلبه ، فإنه قاعدة البدن كقاعدة الجدار فيبقى ليركب خلقه منه عند قيام الناس من قبورهم ، وقال القاضي : أراد طول بقائه تحت التراب لا أنه لا يفنى أصلا لأنه خلاف المشهور
[ 13 ]
(منه خلق ومنه يركب) أي منه ابتداء خلق الإنسان وابتداء تركيبه ويحتمل أن المراد ابتداء خلقه ومنه يركب خلقه عند قيام الساعة وهذا أظهر ثم هذا عام خص منه نحو عشرة أصناف كالأنبياء والشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن فمعنى الخبر كل ابن آدم مما يأكله التراب وإن كان التراب لا يأكل أجسادا كثيرة . (م د ن عن أبي هريرة) . 6271 - (كل أحد أحق بماله من والده وولده والناس أجمعين) لا يناقضه الخبر المار أنت ومالك لأبيك لما سبق أن معناه إذا احتاج لمالك أخذه لا أنه يباح له ماله على الإطلاق إذ لم يقل به أحد . (هق) عن أبي عبيد عن هشيم عن عبد الرحمن بن يحيى (عن حبان) بكسر المهملة وموحدة مشددة وآخره نون ابن أبي جبلة بفتح الجيم والموحدة (الجمحي) أشار المصنف لصحته وهو ذهول أو قصور فقد استدرك عليه الذهبي في المهذب فقال : قلت لم يصح مع انقطاعه . 6272 - (كل البواكي) على موتاهن (يكذبن) أي فيما يصفن من الفضائل أو الفواضل (إلا أم سعد) بن معاذ فإنها لم تكذب فيما وصفته به لاتصاف ميتها بذلك . (ابن سعد) في الطبقات (عن سعد بن إبراهيم مرسلا) هو الزهري ، ولى قضاء واسط قال الذهبي : صدوق . 6273 - (كل الخير أرجو من ربي) أي أؤمل منه أن يجمع في زمن الخيور ما تفرق في سائر الأنبياء وقد حقق الله رجاءه وهذا قاله للعباس في مرضه فبين به أنه يطلب للمريض أن يكون رجاؤه أقوى من خوفه عكس الصحيح . (ابن سعد) في الطبقات (وابن عساكر) في التاريخ (عن العباس) بن عبد المطلب . 6274 - (كل الذنوب يؤخر الله تعالى ما شاء منها) أي جزاءه إلى (يوم القيامة) فيجازي بها فاعلها فيه إن شاء قال الطيبي : من في منها منصوبة المحل مفعولة بيؤخر وتكون ابتدائية (إلا عقوق الوالدين) أي الأصلين المسلمين (فإن الله يعجله) أي يعجل عقوبته (لصاحبه) أي فاعله (في الحياة الدنيا قبل الممات) ولا يغتر العاق بتأخير التأثير حالا بل يقع ولو بعد حين كما وقع لابن سيرين أنه لما ركبه الدين اغتم فقال : إني لأعرف هذا الغم بذنب أصبته منذ أربعين سنة ونظر بعض العباد إلى أمر فقيل له
[ 14 ]
لتجدن غبه بعد أربعين سنة فكان كذلك . قال الذهبي : وفيه أن العقوق كبيرة وهو متفق عليه . (طب ك) في البر من حديث بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه (عن أبي بكرة) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي فقال : بكار ضعيف . 6275 - (كل العرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم) الخليل يعني هم كلهم ذريته فليس من عربي إلا وهو منهم . (ابن سعد) في الطبقات (عن علي) بضم العين وفتح اللام بضبط المصنف (ابن رباح مرسلا) هو اللخمي وكان في المكتب إذ قتل عثمان . 6276 - (كل الكذب يكتب على بن آدم إلا ثلاث الرجل يكذب في الحرب) فلا يكتب عليه في ذلك إثم (فإن الحرب خدعة) بل قد يجب إذا دعت إليه ضرورة أهل الإسلام (والرجل يكذب على المرأة فيرضيها) صادق بامرأته وغيرها كأمته أو نحو ابنته من عياله (والرجل يكذب بين الرجلين) بينهما نحو إحن وفتن (ليصلح بينهما) فالكذب في هذه الأحوال غير محرم بل قد يجب ومحصوله أن الكذب تجري فيه الأحكام الخمسة والضابط كما قال الغزالي : أن الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذب فيه حرام لفقد الحاجة وإن لم يكن للتوصل إليه إلا به جاز إن كان ذلك المقصود جائزا ويجب إن كان واجبا وله أمثلة كثيرة . (طب وابن السني في عمل يوم وليلة) والخرائطي في المكارم (عن النواس) بن سمعان رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه محمد ابن جامع العطار وهو ضعيف اه‍ . وقال شيخه العراقي : فيه انقطاع وضعف ورواه ابن عدي عن أسماء بنت يزيد يرفعه بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يقول : يا أيها الناس ما يحملكم على أن تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار ؟ كل الكذب . إلى آخر ما هنا . 6277 - (كل) مبتدأ (المسلم) فيه رد لزعم أن كلا لا تضاف إلا إلى نكرة (على المسلم حرام) خبره (ماله) أي أخذ ماله بنحو غصب (وعرضه) أي هتك عرضه بلا استحقاق (ودمه) أي إراقة دمه بلا حق وأدلة تحريم هذه الثلاثة مشهورة معروفة من الدين بالضرورة وجعلها كل المسلم وحقيقته لشدة اضطراره إليها فالدم فيه حياته ومادته المال فهو ماء الحياة الدنيا والعرض به قيام صورته المعنوية واقتصر عليها لأن ما سواها فرع عنها وراجع إليها لأنه إذا قامت الصورة البدنية والمعنوية فلا حاجة
[ 15 ]
لغيرهما وقيامهما إنما هو بتلك الثلاثة ولكون حرمتها هي الأصل والغالب لم يحتج لتقييدها بغير حق فقوله في رواية إلا بحقها إيضاح وبيان ، وذا حديث عظيم الفوائد كثير العوائد مشير إلى المبادئ والمقاصد (حسب امرئ من الشر) يكفيه منه في أخلاقه ومعاشه ومعاده (أن يحقر أخاه المسلم) أي يذله ويهينه ويزدريه ولا يعبأ به لأن الله أحسن تقويمه وسخر ما في السماوات والأرض لأجله ومشاركة غيره له إنما هي بطريق التبع وسماه مسلما ومؤمنا وعبدا وجعل الأنبياء الذين هم أعظم الخلق من جنسه فاحتقاره احتقار لما عظمه الله وشرفه ومنه أن لا يبدأه بالسلام ولا يرده عليه احتقارا . (د) في الأدب (ه) في الزهد (عن أبي هريرة) ورواه مسلم بتمامه بتقديم وتأخير ولفظه بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه اه‍ . 6278 - (كل أمتي معافى) بفتح الفاء مقصورا اسم مفعول من عافاه الله إذا أعفاه وقال النووي : هو بالهاء في آخره هكذا هو في معظم النسخ والأصول المعتمدة اه‍ . وفي نسخ المصابيح وغيرها معافى بلا هاء كما هنا قال الطيبي : وعليه فينبغي أن تكتب ألفه بالياء فيكون مطابقا للفظ كل (إلا المجاهرين) أي لكن المجاهرين بالمعاصي لا يعافون من جاهر بكذا بمعنى جهر به وعبر بفاعل للمبالغة أو هو على ظاهر المفاعلة والمراد الذي يجاهد بعضهم بعضا بالتحدث بالمعاصي وجعل منه ابن جماعة إفشاء ما يكون بين الزوجين من المباح ويؤيده الخبر المشهور في الوعيد عليه (وإن من الجهار) أي الإظهار والإذاعة (أن يعمل الرجل بالليل عملا) مسيئا (ثم يصبح) أي يدخل في الصباح (وقد ستره الله فيقول عملت البارحة) هي أقرب ليلة مضت من وقت القول من برح زال (كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه) بإشهار ذنبه في الملأ وذلك خيانة منه على ستر الله الذي أسدله عليه وتحريك لرغبة الشر فيمن أسمعه أو أشهده فهما جنايتان انضمتا إلى جنايته فتغلظت به فإن انضاف إلى ذلك الترغيب للغير فيه والحمل عليه صارت جناية رابعة وتفاحش الأمر . (ق عن أبي هريرة) ورواه عنه أبو يعلى وغيره . 6279 - (كل أمتي معافى) اسم مفعول من العافية وهو إما بمعنى عفى الله عنه وإما سلمه الله وسلم منه (إلا المجاهرين) أي المعلنين بالمعاصي المشتهرين بإظهارها الذين كشفوا ستر الله عنهم وروي المجاهرون بالرفع ووجهه بأن معافى في معنى النفي فيكون استثناء من كلام لغو موجب والتقدير لا ذنب لهم إلا المجاهرون ثم فسر المجاهر بأنه (الذي يعمل العمل بالليل فيستره ربه ثم يصبح فيقول
[ 16 ]
يا فلان إني عملت البارحة كذا وكذا فيكشف ستر الله عز وجل) عنه فيؤاخذ به في الدنيا بإقامة الحد وهذا لأن من صفات الله ونعمه إظهار الجميل وستر القبيح فالإظهار كفران لهذه النعمة وتهاون بستر الله قال النووي : فيكره لمن ابتلي بمعصية أن يخبر غيره بها بل يقلع ويندم ويعزم أن لا يعود فإن أخبر بها شيخه أو نحوه مما يرجو بإخباره أن يعلمه مخرجا منها أو ما يسلم به من الوقوع في مثلها أو يعرفه السبب الذي أوقعه فيها أو يدعو له أو نحو ذلك فهو حسن وإنما يكره لانتفاء المصلحة وقال الغزالي : الكشف المذموم إذا وقع على وجه المجاهرة والاستهزاء لا على السؤال والاستفتاء بدليل خبر من واقع امراته في رمضان فجاء فأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم فلم ينكر عليه . (طس) وكذا الصغير (عن أبي قتادة) قال الهيثمي : وفيه عوف بن عمارة وهو ضعيف . 6280 - (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى) بفتح الهمزة والموحدة بامتناعه عن قبول الدعوى أو بتركه الطاعة التي هي سبب لدخولها لأن من ترك ما هو سبب شئ لا يوجد بغيره فقد أبى أي امتنع والمراد أمة الدعوة فالآبي هو الكافر بامتناعه عن قبول الدعوة وقيل أمة الإجابة فالآبي هو العاصي منهم ، استثناهم تغليظا وزجرا عن المعاصي قالوا : ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : (من أطاعني) أي انقاد وأذعن لما جئت به (دخل الجنة) وفاز بنعيمها الأبدي ، بين أن إسناد الامتناع عن الدخول إليهم مجاز عن الامتناع لسببه وهو عصيانه بقوله (ومن عصاني) بعدم التصديق أو بفعل المنهي (فقد أبى) (1) فله سوء المنقلب بإبائه والموصوف بالإباء إن كان كافرا لا يدخل الجنة أصلا أو مسلما لم يدخلها مع السابقين الأولين قال الطيبي : ومن أبى عطف على محذوف أي عرفنا الذين يدخلون الجنة والذي أبى لا نعرفه وكان من حق الجواب أن يقال من عصاني ، فعدل إلى ما ذكره تنبيها به على أنهم ما عرفوا ذاك ولا هذا ، إذ التقدير من أطاعني وتمسك بالكتاب والسنة دخل الجنة ومن اتبع هواه وزل عن الصواب وخل عن الطريق المستقيم دخل النار فوضع أبى موضعه وضعا للسبب موضع المسبب . (خ) في أواخر الصحيح (عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم ووهم الحاكم في استدراكه وعجب إقرار الذهبي له عليه في تلخيصه . (1) [ من عصاه ، 6281 - (كل امرئ مهيأ لما خلق له) أي مصروف مسهل لما خلق له إن خيرا فخير وإن شرا فشر وفيه إيماء إلى أن المآل محجوب عن المكلف فعليه أن يجتهد في عمل ما أمر به فإن عمله أمارة إلى ما يؤول إليه أمره غالبا وإن كان بعضهم قد يختم له بغير ذلك لكن لا إطلاع لنا عليه فعلى المكلف بخاصة نفسه ولا يكلها إلى ما يؤول إليه أمره فيلام ويستحق العقوبة . (حم طب عن أبي الدرداء) قال : قالوا يا رسول الله أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه أو شئ نستأنفه فقال : بل فرغ منه قالوا : فكيف بالعمل فذكره قال الهيثمي : سليمان بن عنبسة وثقه أبو حاتم وغيره وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجاله ثقات وقال ابن حجر بعد ما عزاه لأحمد : سنده حسن .
[ 17 ]
6282 - (كل امرئ في ظل صدقته) يوم القيامة حين تدنو الشمس من الرؤوس (حتى يقضى) لفظ رواية الحاكم حتى يفصل (بين الناس) يعني أن المتصدق يكفى المخاوف ويصير في كنف الله وستره يقال أنا في ظل فلان أي في داره وحماه أو المراد الحقيقة بأن تجسد الصدقة فيصير بها في ظل بخلق الله وإيجاده كما قيل فيه وفي نظائره المعروفة كذبح الموت ووزن الأعمال * (والله على كل شئ قدير) * وكان بعض السلف لا يأتي عليه يوم إلا تصدق ولو ببصلة أو لقمة . (حم ك) في الزكاة (عن عقبة بن عامر) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال في المهذب : إسناده قوي وقال الهيثمي : رجال أحمد ثقات . 6283 - (كل أمر ذي بال) أي حال شريف محتفل ومهتم به شرعا كما يفيده التنوين المشعر بالتعظيم والبال أيضا القلب كأن الأمر ملك قلب صاحبه لاشتغاله به وقيل شبه الأمر بذي قلب على الاستعارة المكنية بأن يشبه برجل له قلب ثبت وجنان ذو عزم فنبه عن لازم المشبه به وهو البال المنكر تنكير تفخيم على موضع الاستعارة في أمر فيكون قوله أقطع من قوله (لا يبدأ فيه بالحمد أقطع) ترشيحا للاستعارة قال الطيبي : والأولى أن يحمل الحمد هنا على الثناء على الجميل من نعمة وغيرها من أوصاف الكمال والجلال والإكرام والإفضال . واعلم أن لفظ ابن ماجه لا يبدأ فيه بالحمد أقطع والبيهقي بالحمد لله ولفظ البغوي بحمد الله قال التاج السبكي : والكل بلفظ أقطع من غير إدخال الفاء على خبر المبتدأ وجاء في رواية فهو أجذم بإدخال الفاء على خبر المبتدأ ، وليس ذا في أكثر الروايات . قال النووي : يستحب البداءة بالحمد لكل مصنف ودارس ومدرس وخطيب وخاطب ، وبين يدي جميع الأمور المهمة . (ه هق) وكذا أبو عوانة الإسفرايني في مسنده المخرج على صحيح مسلم (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه تبعا لابن الصلاح قال : وإنما لم يصح لأن فيه قرة بن عبد الرحمن ضعفه ابن معين وغيره ، وأورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أحمد : منكر الحديث جدا ولم يخرج له مسلم إلا في الشواهد . 6284 - (كل أمر ذي بال) أي ذي شأن وشرف ، وفي رواية كل كلام ، والأمر أعم من الكلام لأنه قد يكون فعلا فلذا آثر روايته . قال ابن السبكي : والحق أن بينهما عموما وخصوصا من وجه فالكلام قد يكون أمرا وقد يكون نهيا وقد يكون خبرا والأمر قد يكون فعلا وقد يكون قولا (لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع) أي ناقص غير معتد به شرعا . وسبق أن المراد بالحمد ما هو أعم من
[ 18 ]
لفظه وأنه ليس القصد خصوص لفظه فلا تنافي بين روايتي الحمد والبسملة قال الكازروني : وقد فهموا من تخصيص الأمر بذي البال أنه لا يلزم في ابتداء الأمر الحقير التسمية لأن الأمر الشريف ينبغي حفظه عن صيرورته أبتر والحقير لا اهتمام ولا اعتداد بشأنه . (تنبيه) قال النووي : في كتاب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إلى هرقل استحباب تصدير الكتب ببسم الله الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافرا قال : ويحمل هذا الحديث وما أشبهه على أن المراد لا يبدأ فيه بذكر الله كما جاء في رواية أخرى ، فكأنه روي على أوجه بذكر الله ببسم الله بحمد الله ، قال : وهذا الكتاب كان ذا بال من المهمات العظام ولم يبدأ بلفظ الحمد بل بالبسملة اه‍ . قال ابن حجر : والحديث الذي أشار إليه صححه ابن حبان وفي إسناده مقال . وبتقدير صحته فالرواية المشهورة بلفظ بحمد الله وما عدا ذلك من الألفاظ التي ذكرها النووي وردت في بعض طرق الحديث بأسانيد واهية ثم اللفظ وإن كان عاما لكن أريد به الخصوص وهو الأمور التي تحتاج إلى تقديم الخطبة . وأما المراسلات فلم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتدائها بذلك وهو نظير الحديث الذي خرجه أبو داود بلفظ كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذماء ، فالابتداء بالحمد واشتراط التشهد خاص بالخطبة بخلاف بقية الأمور المهمة فبعضها يبدأ فيه بالبسملة تامة كالمراسلات وبعضها ببسم الله فقط كما في أول الجماع والذبيحة ، وبعضها بلفظ من الذكر مخصوص كالتكبير ، وقد جمعت كتب المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وغيرهم فلم يقع في واحد منها البداءة بالحمد بل بالبسملة وهو [ ص 14 ] يؤيد ما قررته اه‍ . - (عبد القادر الرهاوي) بضم الراء كما في الصحاح نسبة إلى رها بالضم حي من مذحج ، وذكر ابن عبد الهادي عن عبد الغني بن سعيد المصري أنه بالفتح (في) أول كتاب (الأربعين) البلدانية ، وكذا الخطيب في تاريخه (عن أبي هريرة) قال النووي في الأذكار بعد سياقه هذا الحديث وما قبله : روينا هذه الألفاظ في الأربعين للرهاوي وهو حديث حسن ، وقد روي موصولا ومرسلا ، قال : ورواية الموصول جيدة الإسناد ، وإذا روي الحديث موصولا ومرسلا فالحكم الاتصال عند الجمهور . 6285 - (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله) قال النووي في الأذكار : وأحسن العبارات فيه " الحمد لله رب العالمين " (والصلاة علي فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة) قال ابن السبكي : دخول الفاء في خبر هذا المبتدأ مع عدم اشتماله على واقع موضع الشرط أو نحوه موصولا بظرف أو شبهه أو فعل صالح للشرطية وجهه أن المبتدأ وهو كل ما أضيف لموصوف بغير ظرف ولا جار ولا مجرور ولا فعل صالح للشرطية فجاز دخول الفاء على حد قوله : كل أمر مباعد أو مداني * فمنوط بحكمة المتعالي وفيه كالذي قبله تعليم حسن ، وتوقيف على أدب جميل وبعث على التيمن بالذكرين والتبرك بهما والاستظهار بمكانهما على قبول ما يلقى إلى السامعين وإصغائهم إليه وإنزاله من قلوبهم المنزلة التي يبغيها المستمع وقد توارث العلماء والخطباء والوعاظ كابرا عن كابر هذا الأدب فحمدوا الله وصلوا
[ 19 ]
على نبيه أمام كل علم مفاد وقبل كل عظة وتذكرة وفي مفتتح كل خطبة وتبعهم المترسلون فأجروا عليه أوائل كتبهم من الفتوح والتهاني وغير ذلك من الحوادث التي لها شأن ذكره كله الزمخشري . (الرهاوي) في الأربعين (عن أبي هريرة) ثم قال الرهاوي : غريب تفرد بذكر الصلاة فيه إسماعيل بن أبي زياد وهو ضعيف جدا لا يعتبر بروايته ولا بزيادته ، ومن ثم قال التاج السبكي : حديث غير ثابت ، وقال القسطلاني : في إسناده ضعفاء ومجاهيل ، وقال في اللسان كأصله إسماعيل بن أبي زياد قال الدارقطني : متروك يضع الحديث ، وقال الخليلي : شيخ ضعيف والراوي عنه حسين الزاهد الأصفهاني مجهول ، ورواه ابن المديني وابن منده وغيرهم بأسانيد كلها مشحونة بالضعفاء والمجاهيل . 6286 - (كل أهل الجنة يرى مقعده من النار) أي نار جهنم (فيقول لولا أن الله هداني فيكون له شكرا) قال أبو البقاء : يكون بمعنى يحدث وكان تامة وشكر فاعلها ، ولو روي بالنصب كان خبر كان بمعنى انتهى ، وظاهره أن الرواية بالرفع ، والثابت بخط المصنف النصب ، فلعل فيه روايتين (وكل أهل النار يرى مقعده من الجنة ، فيقول لو أن الله هداني فيكون عليه حسرة) تمامه عند الحاكم ثم تلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم * (أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله) * . (حم ك) في التفسير (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 6287 - (كل بناء وبال على صاحبه يوم القيامة إلا مسجدا) أو نحوه مما بنى بقصد القربة إلى الله كمدرسة ورباط فإنه ليس بوبال بل مطلوب محبوب بشرطه ويستثنى في خبر آخر ما لا بد منه لحاجة الإنسان للسكنى وذلك لأن حاجة النفس إلى المسكن كحاجتها إلى المطعم والمشرب والملبس والمركب فإذا كان البناء مما لا يستغنى عنه فلا ضير فيه والحاصل كما في الكشاف أن العمارة متنوعة إلى واجب وندب ومباح ومكروه أي وحرام انتهى . وقال ابن الأثير : والوبال المكروه ما أراد به في الحديث العذاب في الآخرة . (هب عن أنس) رمز لحسنه . 6288 - (كل بنيان وبال على صاحبه إلا ما كان هكذا وأشار بكفه) أي إلا ما كان شيئا قليلا بقدر الحاجة فلا يوسعه ولا يرفعه ، خرج ابن أبي الدنيا عن ابن أبي عمار إذا رفع الرجل بناءه فوق سبعة أذرع نودي يا أفسق الفاسقين إلى أين ؟ قال الشهاب ابن حجر : ومثله لا يقال من قبل الرائي
[ 20 ]
وكتب عمر إلى أبي موسى لا تشتغلوا بالبناء قد كان لكم في بناء فارس والروم كفاية الزموا السنة تبقى لكم الدولة وقال نوح لما قيل له في الخص الذي بني له ليسكنه هذا لمن يموت كثير قال الزمخشري : ازدحم الناس على درجة الحسن فتحركت وكانت رثة فصاح بهم ابنه فزجره وقال : لولا أنه حان من الدنيا ارتحال وإلى الآخرة انتقال لجددنا لكم البناء شوقا للقائكم ورجاء لحديثكم وما على الدرجة نشفق ولكن عليكم فاربعوا على أنفسكم ومر بدار لبعض العلماء جديدة فقال رفع الطين ووضع الدين غره من في الأرض ومقته من في السماء أخرب داره وعمر دار غيره وكان أبو ذر لا يبني قط شيئا من داره إذا انهدم ويقول : إن رب المنزل لا يدعنا نقيم به إلا بعض أيام (وكل علم وبال على صاحبه يوم القيامة إلا من عمل به) . - (طب عن واثلة) بن الأسقع قال الهيثمي : فيه هانئ بن المتوكل قال ابن حبان : لا يحل الاحتجاج به بحال . 6289 - (كل بني آدم يمسه الشيطان) أي يطعنه في جنبه كما بينه في الرواية الآتية (يوم ولدته أمه إلا مريم) بنت عمران (وابنها) عيسى لاستجابة دعاء حنة لها بقولها * (إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) * وعلى هذا فالمس حقيقي وقيل أراد به الطمع في الإغواء لا حقيقة النخس وإلا لامتلأت الدنيا صياحا . فالاستهلال تصوير وتخييل لطمع الشيطان كأنه يمسه بيده وعليه فلا يرد ما قيل لو كان كذا لما خصا بالاستثناء لأن الصالحين كلهم كذا ما ذاك إلا لأن المراد كما قال عياض هما ومن في معناهما أما إذا أريد بالمس حقيقته وأنه من الفضائل فلا مانع من اختصاصهما حتى على المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ اختصاص المفضول بشئ لا يوجد في الفاضل غير عزيز كذا قرره بعض الأفاضل وهي زلقة زلقها مما عملته أيدي الزمخشري قال التفتازاني : طعن الزمخشري في صحة الحديث بمجرد أنه لم يوافق هواه وإلا فأي امتناع في أن يمس الشيطان المولود حين يولد بحيث يصرخ كما يرى ويسمع فليست تلك المسة للإغواء ليدفع بأنه لا يتصور في حق المولود حين يولد . قال : ثم أوله الزمخشري على تقدير صحته بأن المراد بالمس الطمع في إغوائه واستثناء مريم وابنها لعصمتهما ولما لم يخص هذا المعنى بهما عم الاستثناء لكل من يكون على صفتهما وهذا إما تكذيب للحديث بعد صحته وإما قول بتعليل الاستثناء والقياس عليه قال : وليت شعري من أين ثبت تحقق طمع الشيطان ورجائه وصدقه في أن هذا المولود محل لإغوائه ليلزمنا إخراج كل من لا سبيل له إلى إغوائه فلعله يطمع في إغواء من سوى مريم وابنها ولا يتمكن منه إلى هنا كلام السعد ، قال : وقد يشكل على ظاهر الحديث أن إعاذة أم مريم كانت بعد الوضع فلا يحل حملها على الإعاذة من المس الذي يكون حين الولادة والجواب أن المس ليس إلا بعد الانفصال وهو الوضع ومعه الإعاذة غايته أنه عبر عنه بالمضارع لقصد الاستمرار بخلاف الوضع والتسمية اه‍ . (م عن أبي هريرة) .
[ 21 ]
6290 - (كل بني آدم يطعن الشيطان) بضم العين (في جنبيه) بالتثنية (بإصبعه) بالإفراد وفي رواية للبخاري بالتثنية . قال الطيبي : المس والطعن عبارة عن الإصابة بما يؤذيه ويؤلمه لا كما زعمه المعتزلة أن المس تخييل واستهلاله صارخا من مسه تصوير لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول هذا ممن أغويه ، وأما قول ابن الرومي : لما تؤذن الدنيا به من صروفها * يكون بكاء الطفل ساعة يولد إذا أبصر الدنيا استهل كأنه * بما هو لاق من أذاها يهدد وإلا فما يبكيه منها فإنه * لأوسع مما كان فيه وارغد فمن باب حسن التعليل فلا يستقيم تنزيل الحديث على أنه لا ينافيه ، وقال البيضاوي : مس الشيطان تعلقه بالمولود وتشويش حاله والإصابة بما يؤذيه ويؤلمه أولا كما قال تعالى عن أيوب * (أني مسني الشيطان بنصب وعذاب) * والاهتمام بحصول ما يصير ذريعة ومتسلقا في إغوائه اه‍ . فقوله يؤلمه بين به أن المس حقيق ردا على الزمخشري (حين يولد) زاد البخاري في رواية في آل عمران فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه (غير عيسى ابن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب) أي المشيمة التي فيها الولد . قال ابن حجر : اقتصر هنا على عيسى دون الأولى ، لأن هذا بالنسبة للطعن في الجنب وذاك بالنسبة للمس ، أو هذا قبل الإعلام بما زاد وفيه بعد . (خ عن أبي هريرة) ورواه مسلم بمعناه في المناقب . 6291 - (كل بني آدم حسود ، ولا يضر حاسدا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد) هذا الحديث سقط من قلم المصنف منه طائفة فإن سياقه عند أبي نعيم الذي عزاه إليه : كل بني آدم حسود ، وبعض الناس أفضل في الحسد من بعض ولا يضر حاسدا حسده ما لم يتكلم باللسان أو يعمل باليد اه‍ . وإنما كان كل أدمي حسودا لأن الفضل يقتضي الحسد بالطبع فإذ نظر الإنسان إلى من فضل عليه في مال أو علم أو غيرهما لم تملكه نفسه عن أن يحسده فإن بادر بكفها انكف وإلا سقط في مهاوي الهلكة ، وقيل لا يفقد الحسد إلا من فقد الخير أجمع ولذلك قال بعض الشعراء : إن العرانين تلقاها محسدة * ولا ترى للئام الناس حسادا وقال أبو تمام : وذو النقص في الدنيا * بذي الفضل مولع
[ 22 ]
وقال البحتري : لا تحسدوه فضل رتبته التي * أعيت عليكم وافعلوا كفعاله قال في عين العلم : ونبه بهذا الحديث على أن سبب الحسد خبث النفس وأنه داء جبلي مزمن قل من يسلم منه . (حل عن أنس) بن مالك ، وفيه مجاهيل . 6292 - (كل بني آدم خطاء) بشد الطاء والتنوين يقال رجل خطاء إذا كان ملازما للخطأ وهو من أبنية المبالغة . قال الطيبي : إن أريد بلفظ كل الكل من حيث هو كل فهو تغليب لأن الأنبياء ليسوا بمبالغين في الخطأ ، وإن أريد به الاستغراق وأن كل واحد خطاء لم يستقم إلا على التوزيع كما يقال هو ظلام للعبيد أي يظلم كل واحد واحد فهو ظالم بالنسبة إلى كل أحد ظلام بالنسبة إلى المجموع وإذا قلت هو ظلام لعبده ما كان مبالغا في الظلم (وخير الخطائين التوابون) يعني أن [ ص 17 ] العبد لا بد أن يجري عليه ما سبق به القدر ، فكأنه قال لا بد لك من فعل الذنوب والخطايا لأن ذلك مكتوب عليك فأحدث توبة فإنه لا يؤتى العبد من فعل المعصية وإن عظمت وإنما يؤتى من ترك التوبة وتأخيرها فإن الله غفور يحب التوابين وقد قال تعالى * (أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرأون بالحسنة السيئة) * فما وصفهم بعد السيئة أصلا . (حم ت ه ك عن أنس) قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة اه‍ . قال الحاكم : صحيح ، وقال الذهبي : بل فيه لين ، وقال في موضع آخر : فيه ضعف ، وقال الزين العراقي : فيه علي بن مسعدة ضعفه البخاري اه‍ . وقال جدي في أماليه : حديث فيه ضعف اه‍ . لكن انتصر ابن القطان لتصحيح الحاكم ، وقال ابن مسعدة : صالح الحديث وغرابته إنما هي فيما انفرد به عن قتادة . 6293 - (كل بني آدم ينتمون) قال في الفردوس : الانتماء الارتفاع في النسب (إلى عصبة ، إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم) قال في أصل الروضة : من خصائصه أن أولاد بناته ينتسبون إليه بخلاف غيره اه‍ . قال المصنف : ولم يذكروا مثله في أولاد بنات بناته كأولاد بنت بنته زينب من عبد الله بن جعفر ، وهم موجودون الآن ، فهم من آله وذريته وأولاده إجماعا لكن لا يشاركون أولاد الحسنين في الانتساب إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : وقد فرقوا بين من يسمى ولد الرجل وبين من ينسب إليه فالخصوصية للطبقة العليا فقط ، فأولاد فاطمة الأربعة ينسبون إليه ، وأولاد زينب وأم كلثوم ابنتا فاطمة ينسبون إلى أبيهم لا إلى أمهم ولا إلى أبيها المصطفى صلى الله عليه وسلم جريا على قاعدة الشرع أن الولد يتبع أباه ما خرج عن ذلك إلا أولاد فاطمة وحدها للخصوصية التي نص عليها في هذا الخبر وهو مقصور على سلالة الحسنين رضي الله عنهما . (طب عن فاطمة الزهراء) رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : فيه أبو
[ 23 ]
بشر ابن نعامة وهو ضعيف وأورده ابن الجوزي في الأحاديث الواهية ، وقال : لا يصح . فقول المصنف هو حسن غير حسن . 6294 - (كل بني أنثى فإن عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة فأنا عصبتهم وأنا أبوهم) انظر لفظه كيف خص التعصيب بأولادها دون أختيها ، ولهذا ذهب السلف والخلف إلى أن ابن الشريفة غير شريف إذا لم يكن أبوه شريفا ، وهل يطلق على الزينبية أنهم أشراف ؟ خلاف هذا ما ذكره المؤلف ، وقال الشهاب ابن حجر الهيثمي : معنى الانتساب إليه الذي هو من خصوصياته أنه يطلق عليه أنه أب لهم وأنهم بنوه حتى يعتبر ذلك في الكفاءة ، فلا يكافئ شريفة هاشمي غير شريف قال : وقولهم إن بني هاشم والمطلب أكفاء محله فيما عدا هذه الصورة قال الذهبي : والعلامة الخضراء لا أصل لها في الشرع بل حدث سنة ثلاثة وسبعين وسبعمائة بأمر السلطان شعبان . (طب عن عمر) بن الخطاب وذلك أنه خطب إلى علي ابنته أم كلثوم فاعتل بصغرها وقال : أعددتها لابن أخي جعفر ، فقال عمر : والله ما الباه أردت ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي : فيه بشر بن مهران وهو متروك . 6295 - (كل بيعين) بتشديد التحتية بعد الموحدة (لا بيع بينهما) أي ليس بينهما بيع لازم (حتى يتفرقا) من مجلس العقد (إلا بيع الخيار) بينهما فيلزم البيع حينئذ بالتفرق فيلزم باشتراطه . (حم ق ن عن ابن عمر) بن الخطاب . 6296 - (كل جسد) وفي رواية كل لحم (نبت من سحت فالنار أولى به) هذا وعيد شديد يفيد أن أكل أموال الناس بالباطل من الكبائر قال الذهبي : يدخل فيه المكاس وقاطع الطريق والسارق والخائن والزاني ومن استعار شيئا فجحده ومن طفف في وزن أو كيل ومن التقط مالا فلم يعرفه وأكله ولم يتملكه ومن باع شيئا فيه عيب فغطاه والمقامر ومخبر المشتري بالزائد هكذا عد هذه المذكورات من الكبائر مستدلا عليها بهذا الحديث ونحوه ولا يخلو بعضها من نزاع . (تنبيه) هذا الحديث مما تمسك به المعتزلة على ذهابهم إلى أنه لا شفاعة لصاحب الكبيرة وقالوا : هو نص صريح . (هب حل) من حديث زيد بن أرقم (عن أبي بكر) الصديق قال زيد : كان لأبي بكر مملوك يغل عليه فاتاه ليلة بطعام فتناول منه لقمة ثم قال : من أين جئت به قال : مررت بقوم في الجاهلية فرقيت لهم فأعطوني قال : أف لك كدت أن تهلكني فأدخل يده في حلقه فجعل يتقيأ وجعلت لا تخرج فقيل له لا تخرج إلا بالماء فجعل يشرب الماء ويتقيأ حتى رمى بها فقيل له كل هذا من أجل لقمة قال : لو لم تخرج إلا مع نفسي لأخرجتها سمعت
[ 24 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره وفيه عبد الواحد بن واصل أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه الأزدي وعبد الواحد بن زيد قال البخاري والنسائي : متروك قال أبو نعيم : وفي الباب عن عائشة وجابر . 6297 - (كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة) إنما صرفه إلى الطاعة لأنها أكشف الأشياء وأشهرها عند الناس فالعامة إنما تعرف الطاعة والمعصية فكل ما أمر الله به فهو طاعة وما نهى عنه فهو معصية والطاعة عند الخواص بذل النفس فيما أمر ونهى والمعصية إباؤها وامتناعها والقنوت الركوع فكل شئ استقر ولم يتحرك فهو راكد فالقنوت مقابلة الشئ بالشئ راكد عليه والقنوت مقابلة القلب عظمة من وقف بين يديه فإذا قابله بقلبه فقد بذل له نفسه فقد أطاعه . (حم ع عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي : في إسناد أحمد وأبي يعلى ابن لهيعة وهو ضعيف وقد يحسن حديثه وأقول فيه أيضا دراج عن أبي الهيثم وقد سبق أن أبا حاتم وغيره ضعفوه وأن أحمد قال : أحاديثه مناكير . 6298 - (كل خطبة ليس فيها تشهد) وفي رواية شهادة موضع تشهد (فهي كاليد الجذماء) أي المقطوعة والجذم سرعة القطع يعني أن كل خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء علي فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة بها لصاحبها قال ابن العربي : ذكر الله مفتح كل كلام ولولا الحاجة إلى الدنيا لكان الكلام كله مصروفا إليه فإذا لم يكن بد من الذكر فليكن بعد الذكر له وأراد بالتشهد هنا الشهادتين من إطلاق الجزء على الكل كما في التحيات قال القاضي : أصل التشهد الإتيان بكلمة الشهادة وسمى التشهد تشهدا لتضمنه إياهما ثم اتسع فيه فاستعمل في الثناء على الله تعالى والحمد له . (د) في الأدب من حديث مسدد عن عبد الواحد بن زياد عن عاصم بن كليب عن أبيه (عن أبي هريرة) وعبد الواحد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة . قال ابن معين : ليس بشي . وقال الطيالسي : عمد إلى أحاديث كان يرسلها الأعمش فوصلها كلها وعاصم أورده في الضعفاء أيضا وقال : قال ابن المديني : لا يحتج بما انفرد به أي وقد انفرد به كما قاله البيهقي قال : وإنما تكلم ابن معين في أبي هاشم الرفاعي لهذا الحديث . 6299 - (كل خطوة) ضبطت بالضم والفتح (يخطوها أحدكم إلى الصلاة) أي إليها (تكتب له حسنة ويمحى عنه بها سيئة) . (حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وليس على ما ينبغي ففيه إبراهيم بن خالد أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : وثقوه وقال أبو حاتم : كان يتكلم بالرأي ليس محله محل المستمعين .
[ 25 ]
6300 - (كل خلة يطبع عليها المؤمن) أي يمكن أن يطبع عليها (إلا الخيانة والكذب) فلا يطبع عليهما وإنما يحصل له ذلك بالتطبع ولهذا صح سلب الإيمان عنه في قوله " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " ولا معارضة بين استثناء الخصلتين هنا وخبر من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كان فيه خصلة من النفاق من إذا أؤتمن خان وإذا وعد أخلف وإذا حدث كذب لأن خلف الوعد داخل في الكذب والفجور من لوازم الخيانة . (ع عن سعد) بن أبي وقاص رمز المصنف لحسنه وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال : فيه علي بن هاشم مجروح وقال الدارقطني : وقفه على سعد أشبه بالصواب وقال الذهبي في الكبائر : روي بإسنادين ضعيفين اه‍ . 6301 - (كل خلق الله تعالى حسن) أي أخلاقه المخزونة عنده التي هي مائة وسبعة عشر كلها حسنة فمن أراد به خيرا منحه شيئا منها . (حم طب عن الشريد بن سويد) رمز المصنف لحسنه . 6302 - (كل دابة من دواب البحر والبر ليس لها دم منعقد) كذا هو بخط المصنف وفي نسخ يتفصد وهو رواية (فليست لها ذكاة) قال في الفردوس : يقال تفصد الدم إذا سال اه‍ . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك وجزم الحافظ ابن حجر بضعف سنده . 6303 - (كل دعاء محجوب) عن القبول (حتى يصلي) بالبناء للمفعول أي حتى يصلي الداعي (على النبي صلى الله عليه وسلم) يعني أنه لا يرفع إلى الله حتى يستصحب الرافع معه الصلاة عليه إذ هي الوسيلة إلى الإجابة لكونها مقبولة والله من كرمه لا يقبل بعض الدعاء ويرد بعضا فالصلاة عليه شرط في الدعاء وهو عبادة والعبادة بدون شرطها لا تصح . (فر عن أنس) ابن مالك (هب عن علي) أمير المؤمنين (موقوفا) عليه قال بعضهم : وقفه ظاهر وأما رواية أنس فيحتمل كونه ناقلا لكلام النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ففيه تجريد جرد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه نبيا وخاطبه وهو هو ، وظاهر صنيع المصنف أنه لا علة فيه غير الوقف وأنه لم يرو عن علي إلا موقوفا والأمر بخلافه أما الأول فلأن فيه محمد بن عبد العزيز الدينوري قال الذهبي في الضعفاء : منكر الحديث وأما الثاني فقد رواه الطبراني في الأوسط عن علي موقوفا وزاد فيه الأول فقال : كل دعاء محجوب حتى يصلى على محمد وآل محمد قال الهيثمي : رجاله ثقات اه‍ ، وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رواية الديلمي الضعيفة ورواية البيهقي الموقوفة المعلولة وإهماله الطريق المسندة الجيدة الإسناد من سوء التصرف .
[ 26 ]
6304 - (كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات) حال كونه (مشركا) بالله يغني كافرا به وخص الشرك لأنه أغلب أنواع الكفر حالتئذ لا للإخراج (أو قتل مؤمنا متعمدا) بغير حق وهذا في الإشراك مقطوع به * (إن الله لا يغفر أن يشرك به) * وفي القتل منزل على ما إذا استحل وإلا فهو تهويل وتغليظ قال الذهبي في الكبائر : وأعظم من ذلك أن تمسك مؤمنا لمن عجز عن قتله فيقتله أو تشهد بالزور على جمع مؤمنين فتضرب أعناقهم بشهادتك الملعونة . (د عن أبي الدرداء حم ن) في المحاربة (ك) في الحدود (عن معاوية) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي قال المناوي وغيره : رجاله ليس فيهم إلا من روى له الشيخان أو أحدهما إلا أبا عوف الأنصاري وهو ثقة وقال الهيثمي : رواه البزار عن عبادة أيضا ورجاله ثقات . 6305 - (كل ذي مال أحق بماله) من والده وولده (يصنع به ما شاء) من إعطاء وحرمان وزيادة ونقصان . (هق عن ابن المنكدر) بضم الميم وسكون النون عبد الله بن الهدير بضم الهاء وفتح المهملة ابن عبد العزى القرشي التيمي أحد أعلام التابعين (مرسلا) . 6306 - (كل ذي ناب من السباع) يصول به كأسد ونمر وذئب وكلب (فأكله حرام) وبهذا أخذ جمهور السلف والخلف وهو قول الشافعي وأبو حنيفة ومالك في إحدى قوليه والثاني وبه قال جمهور صحبه يكره بخلاف ما له ناب لا يصول به كضبع فأكله غير حرام فإن فرض عدوه به كما قيل فيخص بحديثه عموم الحديث . (م) في الصيد (ن) كلاهما (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري ، قال ابن عبد البر : مجمع على صحته . 6307 - (كل راع مسؤول عن رعيته) أي كل حافظ لشئ يسأله الله عنه يوم القيامة هل أصلح ما تحت نظره وقام بحقوقه أم لا . - (خط) في ترجمة عبيد الله الخزاعي (عن أنس) وقال : تفرد به الزبير بن بكار ورواه عنه الطبراني ومن طريقه تلقاه الخطيب مصرحا فلو عزاه إليه لكان أولى ثم إن فيه ربيعة بن عثمان أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : صدوق . وقال فيه أبو حاتم : منكر الحديث ورواه أيضا البيهقي في أشعب باللفظ المزبور .
[ 27 ]
6308 - (كل سارحة ورائحة على قوم حرام على غيرهم) قال في الفردوس : السارحة التي تسرح بالغداة إلى مراعيها اه‍ . والمراد أن كل ماشية أسامها القوم حرم على غيرهم التعرض لها بمنعها من الرعي وغيره . (طب) عن أبي أمامة قال الهيثمي : فيه سليمان بن سلمة الجبابري وهو ضعيف وقال غيره : فيه الحسن بن علي العمري أورده الذهبي في الضعفاء وقال : حافظ رفع موقوفات قليلة وسليمان بن سلمة الجبابري تركه أبو حاتم وغيره وبقية ضعفوه . 6309 - (كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي) وفي رواية بدل ونسبي وصهري قال الديلمي : السبب هنا الوصلة والمودة وكل ما يتوصل به إلى الشئ عنك فهو سبب وقيل السبب يكون بالتزويج والنسب بالولادة وهذا لا يعارضه حسنه في أخبار أخر لأهل بيته على خوف الله واتقائه وتحذيرهم الدنيا وغرورها وإعلامهم بأنه لا يغني عنهم من الله شيئا لأن معناه أنه لا يملك لهم نفعا لكن الله يملكه نفعهم بالشفاعة العامة والخاصة فهو لا يملك إلا ما ملكه ربه فقوله لا أغني عنكم أي بمجرد نفسي من عير ما يكرمني الله تعالى به أو كان قبل علمه بأنه يشفع ولما خفي طريق الجمع على بعضهم تأوله بأن معناه أن أمته تنسب له يوم القيامة بخلاف أمم الأنبياء . - (طب ك) في فضائل علي (هق عن عمر) بن الخطاب قال عمر : فتزوجت أم كلثوم لما سمعت ذلك وأحببت أن يكون بيني وبينه نسب وسبب خرج هذا السبب البزار (طب عن ابن عباس وعن المسور) بن مخرمة قال الحاكم : صحيح وقال الذهبي : بل منقطع وقال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله ثقات . 6310 - (كل سلامى) بضم السين وتخفيف اللام وفتح الميم مفرد سلاميات عظام الجسد أو أنامله أو مفاصله أي كل مفصل من المفاصل الثلاث مائة وستين التي في كل واحد عظم (من الناس عليه) ذكره مع أن سلامى مؤنثة باعتبار العضو هي المفصل لا لرجوعه لكل كما قيل (صدقة) إيجابها عليه مجاز وفي الحقيقة واجبة علي صاحبه (كل يوم تطلع فيه الشمس) في مقابلة ما أنعم الله عليه في تلك السلامى من باهر النعم ودوامها ولو شاء لسلبها القدرة وهو فيه عادل فإبقاؤها لا سيما مع التقصير في خدمته توجب دوام شكره بالتصدق وغيره ما دامت تلك النعم إذ لو فقد له عظم واحد أو يبس أو لم ينبسط فلم ينقبض لاختلت حياته وعظم بلاؤه والصدقة تدفع البلاء وليس المراد بالصدقة هنا المالية فحسب بل كنى بها عن نوافل الطاعات كما يفيده قوله (تعدل) هو في تأويل المصدر مبتدأ خبره صدفة
[ 28 ]
(بين الاثنين) متحاكمين أو متخاصمين أو متهاجرين (صدقة عليهما) لوقايتهما مما يترتب عليه الخصام من قبيح الأقوال والأفعال (وتعين) فيه وما بعده ما ذكر أي وفي إعانتك (الرجل) يعني الإنسان (على دابته فيحمل عليها) المتاع أو الراكب بأن يعينه في الركوب أو يحمله كما هو (وترفع) بمثناة فوقية بضبط المصنف (له عليها متاعه صدقة) أي أجرها كأجر صدقة عليه حذفت المضافات وحرف التشبيه للمبالغة وكذا في أخواته وهذا تشبيه محسوس بمحسوس والجامع عقلي وهو ترتب الثواب على كل منهما (والكلمة الطيبة صدقة وبكل خطوة) بفتح الخاء المرة الواحدة وبضمها ما بين القدمين وهو مبتدأ والباء زائدة (يخطوها) في رواية يمشوها (إلى الصلاة صدقة) أطلق على الكلمة صدقة كدعاء وذكر وسلام وثناء وغير ذلك مما يجمع القلوب ويؤلفها وعلى الخطوة إلى الصلاة صدقة مع عدم تعدي نفعها إلى الغير للمشاكلة وتشبيها لهما بالمال في سعة الأجر وقيل هما صدقة على نفس الفاعل وفيه حض على حضور الجماعة ولزوم المساجد والسعي إليها (ودل الطريق صدقة وتميط) بضم أوله تنحى (الأذى) أي مما يؤذي المارة كقذر وحجر وشوك (عن الطريق) يذكر ويؤنث (صدقة) على المسلمين وأخرت هذه لكونها دون ما قبلها كما يشير إليه خبر شعب الإيمان وحمل الأذى على أذى الظالم والطريق على طريقه تعالى وهو شرعه بعيد وشرط الثواب على هذه الأعمال خلوص النية . (حم ق عن أبي هريرة) . 6311 - (كل سنن قوم لوط) أي طرائقهم (فقدت إلا ثلاثا) من سننها فإنها باقية إلى الآن معمول بها (جر نعال السيوف) على الأرض (وخضب الأظفار وكشف عن العورة) . (الشاشي وابن عساكر عن الزبير) بن العوام وقضية كلام المصنف أنه لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز والأمر بخلافه فإن أبا نعيم والديلمي خرجاه باللفظ المزبور عن الزبير المذكور . 6312 - (كل شراب أسكر) أي الذي فيه قوة الإسكار ومن شأنه أن يسكر وفي رواية لمسلم كل شراب مسكر (فهو حرام) فيه عموم يشمل جميع الأشربة نيئا أو مطبوخا عنبا أو غيره فلا وجه لتخصيص أحد الأشربة كيف والأخبار متعاضدة على ذلك . - (حم ق 4 عن عائشة) قالت : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن البتع بكسر الموحدة وسكون الفوقية وهو نبيذ العسل فذكره وفي رواية لمسلم عن أبي موسى كل ما أسكر عن الصلاة فهو حرام وفي رواية عنه أيضا أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة . 6313 - (كل شرط) أي اشتراط (ليس في كتاب الله) أي في حكمه أو ليس فيه جوازه أو وجوبه بواسطته كالنص القرآني وقال القرطبي : قوله ليس في كتاب الله أي ليس مشروعا فيه تأصيلا ولا تفصيلا فإن من الأحكام ما لا يوجد تفصيله في الكتاب كالوضوء ومنها ما يوجد تأصيله دون تفصيله
[ 29 ]
كالصلاة ومنها ما أصل أصله كدلالة الكتاب على أصلية السنة والإجماع والقياس (فهو باطل وإن كان مائة شرط) يعني وإن شرط مائة مرة لا يؤثر فذكره للمبالغة لا لقصد عين هذا العدد قال الطيبي : وهذا من الشرط الذي يتبع به الكلام السابق بلا جزاء للمبالغة وقال القرطبي : هذا خرج مخرج الكثير يعني أن الشروط الغير مشروعة باطلة وإن كثرت ويستفاد منه أن الشروط الشرعية صحيحة . (البزار) في مسنده (طب) كلاهما (عن ابن عباس) رمز لصحته . 6314 - (كل شئ بقدر) أي جميع الأمور إنما هي بتقدير الله في الأزل فالذي قدر لا بد أن يقع والمراد كل المخلوقات أي بتقدير محكم وهو تعلق الإرادة الأزلية المقتضية لنظام الموجودات على ترتيب (حتى العجز) التقصير فيما يجب فعله أو من الطاعة أو أعم (والكيس) بفتح الكاف أي النشاط والحذق والظرافة أو كمال العقل أو شدة معرفة الأمور أو تمييز ما فيه الضر من النفع قال الطيبي : قوبل الكيس بالعجز على المعنى لأن المقابل الحقيقي للكيس البلادة ولعجز القوة وفائدة هذا الأسلوب تقييد كل من اللفظين بما يضاد الآخر يعني حتى الكيس والقوة والبلادة والعجز من قدر الله فهو رد على من يثبت القدرة لغيره تعالى مطلقا ويقول إن أفعال العباد مستندة إلى قدرة العبد واختياره ولأن مصدر الفعل الداعية ومنشؤه القلب الموصوف بالكياسة والبلادة ثم القوة والضعف ومكانهما الأعضاء والجوارح إذا كانوا بقدر الله وقضائه فأي شئ يخرج عنهما وقال التوربشتي : الكيس جودة القريحة وأتى به في مقابل العجز لأنه الخصلة المفضية بصاحبها إلى الجلادة وإتيان الأمور من أبوابها وذلك يقتضي العجز ولذلك كنوا به عن الغلبة فقالوا كايسته فكيسته أي غلبته قال : والعجز هنا عدم القدرة وقيل ترك ما يجب فعله والعجز والكيس روي بالجر بحتى أو بعطفه على شئ وبالرفع على كل أو بأنه مبتدأ حذف خبره أي كائنان بقدر الله ورجح الطيبي أن حتى حرف جر بمعنى إلى نحو * (حتى مطلع الفجر) * قال : ومعنى الحديث يقتضي الغاية لأنه أراد به أن أكساب العباد وأفعالهم كلها بتقدير خالقهم حتى الكيس الموصل صاحبه إلى البغية والعجز الذي يتأخر به عن دركها وقال ابن حجر : معناه أن كل شئ لا يقع في الوجود إلا وقد سبق به علم الله ومشيئته وإنما جعلهما في الحديث غاية لذلك إشارة إلى أن أفعالنا وإن كانت معلومة لنا مرادة منا فلا تقع بعد ذلك إلا بمشيئة الله * (إنا كل شئ خلقناه بقدر) * وقال القونوي : لم يختلف أحد من علماء الإسلام في أن حكم القضاء والقدر شامل كل شئ منسحب على جميع الموجودات ولوازمها من الأفعال والصفات والأحوال وغير ذلك ، فإن قلت : كيف هذا مع حديث الصحيح عن أم حبيبة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم سمعها وهي تقول اللهم متعني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأخي معاوية وبأبي فقال لها : سألت الله بأرزاق مقسومة وآجال مضروبة لا يعجل منها شئ قبل محله ولا يؤخر بعد محله فلو سألت الله أن يجيرك من عذاب القبر وعذاب النار انتهى فما الفرق بين ما نهى عن الدعاء فيه وبين ما حث عليه من طلب الإجارة من النار والقبر ؟ فالجواب : [ ص 23 ] أن المقدرات ضربان ضرب يختص بالكليات وضرب يختص بالجزئيات التفصيلية فالكلية المختصة بالإنسان أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم بأنها محصورة في أربعة أمور العمر والرزق والأجل والشقاء والسعادة وأما اللوازم الجزئية التفصيلية فإنها لم تكد تنحصر ولم يمكن تعيين ذكرها وأيضا فظهور
[ 30 ]
بعضها وحصوله للإنسان يتوقف على أسباب وشروط ربما كان بالدعاء والكسب والسعي والتعمل من جملتها بمعنى أنه لم يقدر حصوله بدون ذلك الشرط أو الشروط بخلاف تلك الأربعة فإنه ليس للإنسان في ذلك قصد ولا تعمل ولا سعي بل ذلك نتيجة قضاء الله وقدره بموجب علمه السابق الثابت المحكم أزلا وأبدا فهذا فرق بين ما نهى عن الدعاء فيه وبين ما حرض عليه فتدبر . (حم م) في الإيمان بالقدر (عن ابن عمر) بن الخطاب . 6315 - (كل شئ فضل عن ظل بيت وجلف الخبز) بكسر وسكون (وثوب يواري عورة الرجل والماء لم يكن لابن آدم فيه حق) قال ابن الأثير : الجلف الخبز وحده لا أدم معه وقيل خبز يابس ويروى بفتح اللام جمع جلفة وهي الكسرة من الخبز وقال القاضي : الجلف هنا الظرف كالخرج والجوالق يريد ما يترك فيه الخبز . (حم) وكذا أبو نعيم في ترجمة عثمان (عن عثمان) بن عفان رمز المصنف لحسنه وفيه حريث بن السائب أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه الساجي وفيه حمدان قال النسائي : ليس بثقة وقال أبو داود : رافضي . 6316 - (كل شئ ليس من ذكر الله فهو لهو ولعب) فهو مذموم واللذة التي لا تعقب ألما في الآخرة ولا التوصل إلى لذة هناك فهي باطلة إذ لا نفع فيها ولا ضرر وزمنها قليل ليس لتمتع النفس بها قدر (إلا أن يكون أربعة) أي واحد من أربعة هي (ملاعبة الرجل امرأته وتأديب الرجل فرسه ومشي الرجل بين الغرضين (1) قال القرطبي : فيه تحريم الغناء لأنه لم يرخص في شئ منه إلا في هذه الثلاثة فيحرم ما سواها من اللهو لأنه باطل كما في خبر آخر (وتعليم الرجل السباحة) أي العوم فإنه عون ولهذا كانت لذة اللعب بالدف جائزة لإعانتها على النكاح كما تعين لذة الرمي بالقوس وتأديب الفرس على الجهاد وكلاهما محبوب لله فما أعان على حصول محبوبه فهو من الحق ولهذا عد ملاعبة الرجل امرأته من الحق لإعانتها على النكاح المحبوب لله ولما كانت النفوس الضعيفة كالمرأة والصبي لا تنقاد إلى أسباب اللذة العظمى إلا بإعطائها شيئا من اللهو واللعب بحيث لو فطمت بالكلية طلبت ما هو شر لها منه رخص لهما في ذلك ما لم يرخص لغيرهما كما دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده جوار يضربن بالدف فأسكتهن لدخوله قائلا : هو لا يحب الباطل ولم يمنعهن لما يترتب عليه من المفسدة . (ن) من حديث عطاء بن أبي رباح (عن جابر بن عبد الله وجابر بن عمير) الأنصاري قال : رأيتهما يرميان فمل أحدهما
[ 31 ]
فجلس فقال الآخر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره رمز لحسنه وهو تقصير فقد قال في الإصابة : إسناده صحيح فكان حق المصنف أن يرمز لصحته وجابر هذا قال البخاري : له صحبة وقال ابن حبان : يقال له صحبة . فجلس فقال الآخر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره رمز لحسنه وهو تقصير فقد قال في الاصابة إسناده صحيح فكان حق المصنف أن يرمز لصحته وجابر هذا قال البخاري له صحبة وقال ابن حبان يقال له صحبة 6317 - (كل شئ للرجل حل من المرأة في) حال (صيامه ما خلا ما بين رجليها) كناية عن جماعها فتجوز القبلة لمن لم تحرك شهوته . - (طس عن عائشة) وفيه إسماعيل بن عياش وقد مر غير مرة الخلاف فيه ومعاوية بن طويع اليزني أورده الذهبي في الذيل وقال : مجهول . 6318 - (كل شئ ينقص) كذا هو بخط المصنف وفي رواية يغيض بغين وضاد معجمتين يقال غاض الشئ إذا نقص وفاض إذا زاد وكثر (إلا الشر فإنه) لا ينقص بل (يزاد فيه) يحتمل أن المراد كل زمان يأتي بعده أكثر شرا منه . (حم طب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الهيثمي بأن فيه أبا بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ورجل آخر لم يسم . 6319 - (كل شئ جاوز الكعبين من الإزار) يعني كل شئ جاوزهما من قدم صاحب الإزار المسبل يعذب (في النار) عقوبة له على فعله حيث فعل خيلاء فإسبال الإزار بقصدها حرام لهذا الوعيد الشديد ويستثنى النساء ومن أسبله لضرورة كمن بقدميه نحو جرح يؤذيه نحو ذباب وفقد غيره ذكره الزين العراقي . (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : وفيه اليمان ابن المغيرة ضعفه الجمهور . 6320 - (كل شئ قطع من الحي فهو ميت) أفاد به أن ما أبين من الحي فحكمه كميتته طهارة ونجاسة فنحو يد الآدمي ومشيمته طاهر ونحو ألية الخروف نجسة . (حل) من حديث يوسف بن أسباط عن خارجة بن مصعب عن زيد بن أسلم عن عطاء (عن أبي سعيد) الخدري ثم قال : تفرد به خارجة فيما أعلم ورواه عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد عن عطاء عن أبي واقد الليثي وهو المشهور الصحيح اه‍ . 6321 - (كل شئ خلق من الماء) فهو مادة الحياة وأصل العالم . (حم ك) في البر (عن أبي هريرة) قلت : يا رسول الله إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شئ فذكره قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح خلا أبا ميمونة وهو ثقة .
[ 32 ]
6322 - (كل شئ سوى الحديدة) وفي رواية الدارقطني كل شئ سوى السيف وهي مبينة للمراد بالحديدة (خطأ) أي غير صواب يعني أنه من وجب عليه القتل فقتله الإمام أو المستحق بغير السيف كان مخطئا (ولكل خطأ أرش) قال ابن حجر : يعارضه خبر أنس في قصة العرنيين فعند مسلم في بعض طرقه إنما سملهم لأنهم سملوا الرعاء فالأولى حمله على غير المماثلة في القصاص جمعا بين الأدلة وحجة الجمهور في ذهابهم إلى أن القاتل يقتل بما قتل به قوله تعالى * (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) * وقوله * (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) * . (طب عن النعمان بن بشير) قال ابن حجر : سنده ضعيف وقال الذهبي في التنقيح : فيه جابر الجعفي واه وفي الميزان عن جمع : كذاب قائل بالرجعة ثم أورد له هذا الخبر وقال : قال البخاري : لا يتابع عليه ورواه البيهقي في سننه أيضا باللفظ المزبور ورواه الدارقطني وفيه عنده جابر المذكور . 6323 - (كل شئ ساء المؤمن فهو مصيبة) أي فيؤجر عليه بشرط الصبر والاحتساب على ما فيه مما سلف تقريره قال ابن العربي : فالكفارات سارية في الدنيا والإنسان لا يسلم من أمر يضيق صدره ويؤلمه حسا وعقلا حتى قرصة البرغوث والعثرة والآلام محدودة مؤقتة ورحمة الله غير موقتة فإنها وسعت كل شئ فمنها ما يكون من طريق المنة ومنها ما يؤخذ بطريق الوجوب الإلهي في قوله * (كتب ربكم على نفسه الرحمة) * بعد قوله * (فسأكتبها) * ثم كتبها فالناس يأخذونها جزاء وبعضهم يكون له امتنانا وكل ألم في العالم في الدنيا والآخرة مكفر لأمور مؤقتة محدودة وهو جزاء لمن يتألم به من كبير وصغير بشرط تعقل التألم لا بطريق الإحساس بالتألم من غير تعقله وهذا المدرك لا يدركه من لا كشف له فالرضيع لا يعقل التألم وإن أحس به إلا أن نحو أبويه وأقاربه يتألم ويتعقل لما يرى من تألمه بمرضه فيكون ذلك كفارة لمتعقله فإن زاد ذلك الترحم به كان مع التكفير عنه مأجورا وأما الطفل إذا استعقل التألم وطلب النفور عن السبب المؤلم فألمه كفارة لما صدر منه مما يأثم به غيره من إيذاء حيوان أو طفل آخر وإبائه عما يدعوه إليه أبواه أو قتله بنحو نملة يطؤها برجله وسر هذا الأمر عجيب سار في الموجودات حتى الإنسان يتألم بنحو غم وضيق صدر فإنه كفارة لذنوب أتاها من حيث لا يشعر وذلك كله يراه أهل الكشف تحققا . - (ابن السني) في عمل يوم وليلة (عن أبي إدريس) عائذ بن عبد الله (الخولاني) بفتح المعجمة وسكون الواو وبالنون الشامي أحد علماء التابعين ولد يوم حنين وله رؤية لا رواية فهو من حيث الرؤية صحابي ومن حيث الرواية تابعي (مرسلا) . 6324 - (كل شئ بينه وبين الله حجاب إلا شهادة أن لا إله إلا الله ودعاء الوالد لولده - ابن
[ 33 ]
النجار) في التاريخ (عن أنس) كلام المصنف يؤذن بأنه لم يره لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو عجيب فقد خرجه أبو يعلى والديلمي باللفظ المزبور عن أنس . 6325 - (كل شئ يتكلم به ابن آدم فإنه مكتوب عليه) أي يكتبه عليه الملكان الحافظان (فإذا أخطأ الخطيئة) قال في الفردوس : يقال خطئ إذا أذنب وأخطأ إذا لم يصب الصواب (ثم أحب أن يتوب إلى الله عز وجل فليأت بقعة مرتفعة فليمدد يديه إلى الله ثم يقول اللهم إني أتوب إليك منها لا أرجع أبدا فإنه يغفر له ما لم يرجع في عمله ذلك) قال السهيلي : هذا الحديث وما أشبهه من أحاديث الخروج إلى براز من الأرض وإتيان بقعة رفيعة لعل المراد به مفارقة موضع المعصية فإنه موضع سوء وأهله كذلك إذا رآهم تشبه بهم أو رأوه فلم يبصروه ولم ينكروا عليه ويشهد لهذا التأويل أخبار كثيرة ومما يشير إلى ذلك الأمر بالخروج من ديار ثمود فهو إشارة إلى أن هجر مواضع المعصية من توابع التوبة لأن التوبة طهارة من الذنب ولا بد في الطهارة من طهارة القلب والجوارح ومن طهارة موضع التوبة كموضع الصلاة والثوب والبدن اه‍ . - (طب ك) في الدعاء والذكر (عن أبي الدرداء) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي في التلخيص لكنه قال في المهذب : إنه منكر . 6326 - (كل صلاة) لفظ عام يشمل الفرض والنفل والجماعة والفرادي لأن لفظ كل للعموم (لا يقرأ فيها بأم الكتاب) أي الفاتحة سميت به لأنها أول القرآن في التلاوة (فهي خداج) أي ذات خداج بكسر الخاء مصدر خدجت الناقة إذا ألقت ولدها ناقصا فلا تصح فاستعير للناقص أي فصلاته ذات نقصان أو خدجة أي ناقصة نقص فساد وبطلان فلا تصح الصلاة بدونها للمنفرد ولا للمقتدي عند الشافعي وقال أبو حنيفة : لا يجب على المأموم قراءة ووافقه مالك وأحمد في الجهرية . (تنبيه) قال ابن عربي : المصلي يناجي ربه والمناجاة كلام والقرآن كلام والعبد لا يعلم ما يكلم به ربه وقت مناجاته فكلمه ربه لما قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي ثم إذا قال العبد الحمد لله رب العالمين يقول الله حمدني عبدي الحديث فما ذكر في حق المصلي إذا ناجاه يناجيه بغير كلامه ثم عين من كلامه أم القرآن إذا كان لا يناجي إلا بكلامه وبالجامع من كلامه والأم هي الجامعة فكأن الحديث مفسرا لما تيسر من القرآن . (حم عن عائشة حم ه عن ابن عمرو) بن العاص (هق عن علي) بن أبى طالب (خط عن أبي أمامة) الباهلي ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن جابر وزاد إلا أن يكون وراء الإمام وقال : فيه يحيى بن سلام ضعيف .
[ 34 ]
6327 - (كل طعام لا يذكر اسم الله عليه فإنما هو داء) أي يضر بالجسد وبالروح وبالقلب (ولا بركة فيه وكفارة ذلك إن كانت المائدة موضوعة أن تسمي) الله تعالى بأن تقول بسم الله على أوله وآخره (وتعيد يدك) إلى تناول الطعام (وإن كانت قد رفعت أن تسمي الله وتلعق أصابعك) قال النووي : أجمع العلماء على استحباب التسمية على الطعام في أوله قال ابن حجر : وفي نقل الإجماع نظر إلا إن أريد بالاستحباب أنه راجح الفعل وإلا فقد ذهب جمع إلى وجوبها وهو قضية القول بإيجاب الأكل باليمين لأن صيغة الأمر بالجميع واحدة . (ابن عساكر) في ترجمة منصور بن عمار من حديثه عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير (عن عقبة بن عامر) ثم قال أعني ابن عساكر : قال ابن عدي : ابن عمار منكر الحديث اه‍ وقال الدارقطني : له أحاديث لا يتابع عليها وابن لهيعة حاله معروف ورواه أيضا من هذا الوجه الديلمي والمخلص والبغوي وغيرهما فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد . 6328 - (كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه) وهو المجنون (والمغلوب على عقله) الذي لا يتحصل شئ من أمره قال ابن العربي : قد اتفق الكل على سقوط أثر قوله شرعا لكن يحاول له وليه أمره كله إن كان له ولي وإلا فالسلطان ولي من لا ولي له ، وقال : وهذا بخلاف المجنون الذي يجن مرة ويفيق أخرى فإنه في حال جنونه ساقط القول وفي حالة إفاقته معتبرة إلا إن غلب عليه الصرع فعتهه فيلحق بالأول . (ت) في الطلاق من حديث عطاء بن عجلان (عن أبي هريرة) قال الترمذي : وعطاء ضعيف ذاهب الحديث اه‍ . قال ابن الجوزي : عطاء قال يحيى : كذاب كان يوضع له الحديث فيتحدث به وقال الرازي : متروك وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات لا يحل كتب حديثه إلا للإعتبار اه‍ وقال ابن حجر : ضعيف جدا فيه عطاء بن عجلان متروك . 6331 - (كل عرفات موقف وارفعوا عن بطن عرنة) بضم العين المهملة وفتح الراء وزان رطبة وفي
[ 35 ]
لغة بضمتين موضع بين منى وعرفات وتصغيرها عرينة وبها سميت القبيلة والنسبة إليها عرنى (وكل المزدلفة موقف وارفعوا عن بطن محسر) بصيغة اسم الفاعل وهو واد بين منى ومزدلفة سميت به لأن فيل أبرهة كل فيه وأعيى فحسر أصحابه بفعله وأوقعهم في الحسرات (وكل فجاج منى منحر وكل أيام التشريق ذبح) وقال الطيبي : أراد به التوسعة ونفي الحرج . - (حم عن جبير بن مطعم) قال الهيثمي : رجاله موثقون . 6332 - (كل عمل منقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله عز وجل فإنه ينمى له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة) قال القاضي : معناه أن الرجل إذا مات لا يزاد عن ثواب ما عمل ولا ينقص منه شئ إلا الغازي فإن ثواب مرابطته ينمو ويتضاعف وليس فيه ما يدل على أن عمله يزاد بضم غيره إليه أو لا يزاد فاندفع قول البعض هذا الحديث يكاد يخل بالحصر المذكور في خبر " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث " . (طب حل عن العرباض) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : رواه الطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات . 6333 - (كل عين زانية) يعني كل عين نظرت إلى أجنبية عن شهوة فهي زانية أي أكثر العيون لا تنفك من نظر مستحسن وغير محرم وذلك زناها أي فليحذر من النظر ولا يدع أحد العصمة من هذا الخطر فقد قال المصطفى صلى الله عليه وسلم لعلي مع جلالته يا علي لا تتبع النظرة النظرة (والمرأة) في نسخة فالمرأة بالفاء (إذا استعطرت فمرت بالمجلس) فقد هيجت شهوة الرجال بعطرها وحملتهم على النظر إليها فكل من ينظر إليها فقد زنى بعينه ويحصل لها إثم لأنها حملته على النظر إليها وشوشت قلبه فإذن هي سبب زناه بالعين (فهي) أيضا (زانية) وفي رواية فهي كذا وكذا يعني زانية . (حم ت) في الاستئذان عن (أبي موسى) الأشعري قال الترمذي : حسن صحيح رمز المصنف لحسنه وقال الهيثمي : رجاله ثقات وظاهر صنيع المصنف تفرد الترمذي به من بين الستة وهو ذهول فقد رواه أيضا النسائي في الزينة باللفظ المذكور . 6334 - (كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله وعينا سهرت في سبيل الله وعينا خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله) فلا تبكي يوم القيامة بكاء حزن بل بكاء فرح وسرور لما ترى من عظيم إكرام الله لها وعظيم ثوابه . - (حل عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه .
[ 36 ]
6335 - (كل قرض صدقة) من المقرض على المقترض أي يؤجر عليه كأجر الصدقة . (طس حل عن ابن مسعود) قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني : فيه جعفر بن ميسرة وهو ضعيف وقال غيره : فيه غسان بن الربيع أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه الدارقطني وجعفر بن ميسرة الأشجعي قال أبو حاتم : منكر الحديث جدا . 6336 - (كل قرض جر منفعة) إلى المقرض (فهو ربا) أي في حكم الربا فيكون عقد القرض باطلا فإذا شرط في عقده ما يجلب نفعا إلى المقرض من نحو زيادة قدر أو صفة بطل . (الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (عن علي) أمير المؤمنين قال السخاوي : إسناده ساقط وأقول : فيه سوار بن مصعب قال الذهبي : قال أحمد والدارقطني : متروك . 6337 - (كل كلام لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم) أي مقطوع البركة أو ناقصها وما جرى عليه المصنف من أن لفظ الحمد بغير لام التعريف هو ما وقع لابن الملقن وغيره قال الكمال بن أبي شريف : والصواب في الرواية إثباتها وهكذا هو في نسخ أبي داود المعتمدة بالحمد لله . (د) في الأدب (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته ورواه أيضا النسائي في عمل يوم وليلة وابن ماجه في النكاح وأبو عوانة والدارقطني وابن حبان والبيهقي وغيرهم قال ابن حجر : اختلف في وصله وإرساله ورجح الدارقطني إرساله . 6338 - (كل كلم) بفتح فسكون (يكلمه) بضم فسكون أي كل جرح يجرحه (المسلم في سبيل الله) قد يخرج في غير سبيله وفي رواية والله أعلم بمن يكلم في سبيله إشارة إلى الإخلاص (تكون يوم القيامة كهيئتها) أعاد الضمير مؤنثا لإرادة الجراحة ويوضحه رواية كل كلمة يكلمها (إذ طعنت تفجر) بفتح الجيم المشددة وحذف التاء الأولى أصله تتفجر (دما واللون لون الدم والعرف) بفتح المهملة وسكون الراء الريح (عرف مسك) وإنما أتى على هيئته ليشهد لصاحبه بفضله وعلى ظالمه بفعله وفائدة طيب ريحه إظهار فضله لأهل الموقف وانتشار ذلك فيهم ومن ثم لم يشرع غسل الشهيد وفيه طهارة المسك ورد عليه من يقول بنجاسته لكونه دما انعقد . (ق) في الجهاد (عن أبي هريرة) .
[ 37 ]
6339 - (كل ما) قال الحرالي : كلمة تفهم تكرر الأمر في عموم الأوقات (صنعت إلى أهلك) ابتغاء لوجه الله كما قيد به في عدة أخبار (فهو صدقة عليهم) فما أنفقه الإنسان بنية التقرب به فهو داخل في قسم إرادة الآخرة والسعي إليها قال السبكي : والعبادة أربعة أقسام أحدها ما وضعه الشرع عبادة كصلاة وصوم وحج وصدقة فمتى صح فقربة مطلقا وثانيها ما طلب الشرع من مكارم الأخلاق كإفشاء سلام ونحوه مما فيه مصلحة فإن وجد بنية الامتثال فقربة وإلا فمباح ثالثها ما لا يستقل بتحصيل مصلحة فإنما يفعل للتوصل به لغيره كالمشي فهو وسيلة فيكون بحسب ما قصد رابعها ما وضع مباحا مقصودا لتحصيل مصلحة دنيوية كأكل وشرب ونوم فإن حصل بغير نية أو نية دنيوية فمباح أو بنية دينية ففيه ثواب على النية فقط عند البعض وعليها مع الفعل عند البعض وهو الحق اه‍ . (طب) من حديث الزبرقان بن عبد الله [ ص 29 ] بن عمرو بن أمية عن أبيه (عن) جده (عمرو بن أمية) الضمري قال : مر على عثمان أو على عبد الرحمن بن عوف بمرط فاستغلاه فمر به على عمرو بن أمية فاشتراه فكساه امرأته فمر به عثمان أو عبد الرحمن فقال : ما فعل المرط الذي ابتعت قال : تصدقت به على أهلي قال : أو كل ما صنعت إلى أهلك صدقة فقال عمرو : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يذكر ذلك فذكر ما قال عمرو لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : صدق عمرو كل ما صنعت إلخ والزبرقان هذا مشهور وثقه النسائي وغيره وأخرج له أيضا الترمذي وأبو داود وليس هو بالزبرقان الضمري ذاك انفرد به وقد كتبهما الذهبي وأشار إلى ضعف الفرق وأبوه انفرد به النسائي وذكره ابن حبان في الثقات وجده صحابي مشهور من غير مرة ومن لطائف إسناد هذا الحديث أن من رواته الرجل عن أبيه عن جده وقال المنذري عقب عزوه لأبي يعلى والطبراني : رواته ثقات وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير فكان حقه الرمز لصحته . 6340 - (كل مال النبي) ولفظ رواية الترمذي كل مال نبي أو مال كل نبي صدقة إذ النكرة في الإثبات للعموم (صدقة إلا ما أطعمه) في نسخة أطعمه الله وفي أخرى أطعمه بضم الهمزة أي أنا لكوني المتصرف في أموال المسلمين وضمير أطعمه على الأول عائد للنبي أو لله أي إلا ما نص على أنه يأكل منه عياله (أهله وكساهم إنا) معشر الأنبياء (لا نورث) وحكمته أن لا يتمنى الوارث موت نبي فيهلك ولئلا يظن بهم الرغبة في الدنيا لمورثهم فيهلك الظان وينفر عنهم ولأنهم أحياء ، ولأنه تعالى شرفهم بقطع حظوظهم من الدنيا وما بأيديهم منها إنما هو عارية وأمانة ومنفعة لعيالهم وأممهم ، وأما قوله تعالى * (وورث سليمان داود) * فالمراد إرث العلم وكذا قول زكريا * (يرثني) * وقد كان ينفق من ماله ويتصدق بفضله ثم توفي فصنع الصديق كفعله (د عن الزبير) وشهد به جمع من الصحابة رمز المصنف لحسنه .
[ 38 ]
6341 - (كل مال أدى زكاته فليس بكنز وإن كان مدفونا تحت الأرض وكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز وإن كان ظاهرا) على وجه الأرض فالكنز في عرف الشرع ما لم تؤد زكاته كيفما كان وفي لسان العرب المال المجتمع المخزون فوق الأرض وتحتها قال ابن الأثير : فهو حكم شرعي تجوز فيه عن الأصل . وقال ابن عبد البر : والاسم الشرعي قاض على الاسم اللغوي ولا أعلم مخالفا في أن الكنز ما لم تؤد زكاته إلا شيئا ، روى عن علي وأبي ذر والضحاك وذهب إليه قوم من أهل الزهد قالوا : إن في المال حقوقا سوى الزكاة وقال القاضي : لما نزل * (والذين يكنزون الذهب والفضة) * الآية كبر ذلك على الصحابة وظنوا أنها تمنع عن جمع المال وضبطه رأسا وأن كل من أثل مالا قل أم جل فالوعيد لاحق به فبين صلى الله عليه وسلم أن المراد في الكنز بالآية ليس الجمع والضبط مطلقا بل الحبس عن المستحق والامتناع عن الإنفاق الواجب الذي هو الزكاة وأنه تعالى ما رتب الوعيد على الكنز وحده بل على الكنز مع عدم الإنفاق وهو الزكاة . - (هق عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا وموقوفا وقال البيهقي : ليس بمحفوظ والمشهور وقفه . 6342 - (كل ما توعدون في مائة سنة) أي يكون وقوع جميعه في مائة سنة من آخر الزمان لأنه يقع في مائة سنة من البعثة والوفاة . (البزار) في مسنده (عن ثوبان) ورواه ابن الجوزي وأعله . 6343 - (كل مؤدب يحب أن تؤتى مأدبته ، ومأدبة الله القرآن فلا تهجروه) سبق عن الزمخشري أن المأدبة مصدر بمنزلة [ ص 30 ] الأدب وهو الدعاء إلى الطعام ، وأما المأدبة فاسم للصنيع نفسه كالوليمة فالمعنى أن كل مولم يحب أن يأتيه الناس في وليمته إذا دعاهم ، وضيافة الله لخلقه القرآن فلا تتركوه بل داوموا على قراءته . (هب عن سمرة) بن جندب ورواه عنه الديلمي في الفردوس . 6344 - (كل مؤذ في النار) يعني كل ما يؤذي من نحو حشرات وسباع يكون في نار جهنم عقوبة لأهلها وقيل هو وعيد لمن يؤذي الناس أي كل من آذى الناس في الدنيا من الناس أو من غيرهم يعذبه الله في تلك الدار في نار الآخرة ذكره الزمخشري والخطابي . (خط) في ترجمة عثمان الأشج المعروف بابن أبي الدنيا (وابن عساكر) في تاريخ دمشق (عن علي) أمير المؤمنين . قال الخطيب : وعثمان عندي ليس بشئ اه‍ . وأورده الذهبي في المتروكين وقال : خبر غريب .
[ 39 ]
6345 - (كل مسجد فيه إمام ومؤذي فالاعتكاف فيه يصح) أخذ بظاهره الحنابلة فقالوا : لا يصح الاعتكاف إلا في مسجد جماعة ، وقال الثلاثة : يصح في كل مسجد . - (قط عن حذيفة) قال الذهبي : هذا الحديث في نهاية الضعف ، وذلك لأن فيه سليمان بن بشار متهم بوضع الحديث . قال ابن حبان : يضع على الأثبات ما لا يخفى ، ووهاه ابن عدي وأورد له من الواهيات عدة هذا منها ، وفي اللسان سليمان بن بشار متهم بوضع الحديث . 6346 - (كل مسكر حرام) سواء كان من عنب أو نقيع زبيب أو تمر أو عسل أو غيرها كما ذهب إلى ذلك الجمهور واستدلوا بمطلق قوله كل على تحريم ما يسكر ولو لم يكن شرابا فدخل نحو حشيش وبنج وغيرهما ، وقد جزم النووي وغيره بأنها مسكرة وجزم آخرون بأنها مخدرة . قال الحافظ ابن حجر : وهي مكابرة لأنها تحدث بالمشاهدة ما يحدث الخمر من الطرب والنشوة وبفرض تسليم عدم إسكارها فقد ثبت في أبي داود النهي عن كل مسكر ومفتر وهو بالفاء . (حم ق د ن ه عن أبي موسى) الأشعري (حم ن عن أنس) بن مالك (حم د ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب (حم ن ه‍ عن أبي هريرة ه‍ عن ابن مسعود) قال : قالوا يا رسول الله إن شرابا يصنع يقال له المزر وإن شرابا يقال له البتع من العسل فذكره . قال المصنف : الحديث متواتر . 6347 - (كل مسكر خمر) أي مخامر للعقل ومغطيه يعني أن الخمر اسم لكل ما يوجد فيه الإسكار وللشرع أن يحدث الأسماء بعد أن لم تكن ، كما أن له وضع الأحكام كذلك ، أو أنه كالخمر في الحرمة ووجوب الحد وإن لم يكن خمرا (وكل مسكر حرام) قال الزين العراقي : كذا في رواية الصحيح وفي بعض طرقه في الصحيح وكل خمر حرام والكل صحيح اه‍ . والرواية الثانية يحصل منها مقدمتان وينتج ذلك كل مسكر حرام اه‍ . قال ابن العربي : من زعم أن قوله كل مسكر خمر معناه مثل الخمر لأن حذف مثل في مثله مسموع شائع فقد وهم . قال : بل الأصل عدم التقدير ولا يصار إلى التقدير إلا لحاجة ، ولا يقال احتجنا إليه لأن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم لم يبعث لبيان الأسماء قلنا بل بيان الأسماء من جملة الأحكام لمن يعلمها ، وقال الطيبي : فيه دليل على جواز القياس باطراد العلة ، وقال في الفائق : قول نعمان الخمر كل ما أسكر فغيره حلال طاهر رد بخبر كل مسكر خمر إن من الحنطة خمرا الخمر من هاتين الشجرتين فالخمر [ ص 31 ] في الكل حقيقة شرعية أو مجاز في الغير فيلزم النجاسة والتحريم (ومن شرب الخمر في الدنيا ومات وهو يدمنها) أي مصر عليها وهي معنى قوله في الرواية
[ 40 ]
الأخرى لم يتب ، وفي رواية الصحيح إلا أن يتوب ، وفيه أن التوبة تكفر الكبائر والواو للحال وإدمانها مداومة شربها (لم يشربها في الآخرة) يعني لم يدخل الجنة لأن الخمر شراب أهل الجنة فإذا لم يشربها لم يدخلها أو أنه يدخلها ويحرم شربها بأن تنزع منه شهوتها ذكره ابن عبد البر واستشكل بأن من لا يشتهي شيئا لا يخطر بباله لا يحصل له عقوبة ذلك ، وشهوات الجنة كثيرة يستغني بعضها عن بعض ، وأجاب الزين العراقي بأن كل شهوة يجد لها لذة لا يجدها لغيرها فيكون ذلك نقصا في نعيمه بل ورد في الحديث أن الطعام الواحد في الجنة يجد لكل لقمة منه لذة لا يجدها لما قبلها ، فهذا في النوع الواحد فكيف بنعيم برأسه . (حم م 4) في الأشربة (عن ابن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه . 6348 - (كل مسكر حرام) سواء اتخذ من العنب أم من غيره ، وفرق الحنفية بينهما بدعوى المغايرة في الاسم مع اتحاد العلة فيهما فإن كل ما قدر في المتخذ من العنب يقدر في المتخذ من غيرها . قال القرطبي : وهذا من أرفع أنواع القياس لمساواة الفرع فيه للأصل في جميع أوصافه مع موافقته لظهور النصوص الصحيحة (وما أسكر منه الفرق) بالتحريك مكيلة تسع ستة عشر رطلا ، وبالسكون تسعمائة وعشرون رطلا (فملء الكف منه حرام) قال الطيبي : الفرق وملء الكف كلاهما عبارة عن التكثير والتقليل لا التحديد قال القرطبي : الأحاديث الواردة في هذا الباب على صحتها وكثرتها تبطل مذهب الكوفيين القائلين بأن الخمر لا يكون إلا من العنب وما من غيره لا يسمى خمرا ولا يتناوله اسم الخمر وهو مخالف للغة العرب وللسنة الصحيحة وللصحابة لأنهم لما نزل تحريم الخمر فهموا أن الأمر بتجنب الخمر تحريم كل مسكر ولم يفرقوا بين ما يتخذ من العنب ومن غيره بل سووا بينهما وحرموا كل ما يسكر نوعه ولم يتوقفوا ولا استفصلوا ولم يشكل عليهم شئ من ذلك بل بادروا إلى إراقة ما كان من عصير غير العنب وهم أهل اللسان وبلغتهم نزل القرآن فلو كان عندهم فيه تردد لتوقفوا عن الإراقة حتى يستكشفوا ويستفصلوا ويتحققوا التحريم للنهي عن إضاعة المال فلما بادروا للإتلاف علمنا أنهم فهموا التحريم نصا فصار القائل بالتفريق سالكا غير سبيلهم وإذا ثبت أن كل ذلك يسمى خمرا لزم تحريم قليله وكثيره مطلقا قال : وأما الأحاديث التي تمسك بها المخالف فلا شئ منها يثبت . (د ت عن عائشة) قال القرطبي : إسناده صحيح ولذلك رمز المؤلف لصحته ورواه مسلم عن ابن عمر بنحوه . 6349 - (كل مشكل) أي كل حكم أشكل علينا لخفاء النص فيه أو لتعارض نصين أو لعدم نص صريح ولم يقع على ذلك الحكم إجماع واجتهد فيه مجتهد ولم يظهر له شئ أو فقد المجتهد فهو (حرام) لبقائه على إشكاله بالنسبة للعلماء وغيرهم (وليس في الدين إشكال) عند الراسخين في العلم
[ 41 ]
غالبا لعلمهم الحكم في الحادثة بنص أو إجماع أو قياس أو استصحاب أو غير ذلك فإذا تردد شئ بين الحل والحرمة اجتهد فإن ظهر له الحكم بدليل غير خال عن تطرق الاحتمال فالورع العمل بالأحوط . (طب) وكذا القضاعي (عن تميم الداري) قال الهيثمي : فيه الحسين بن عبد الله بن ضمرة وهو مجمع على ضعفه وفي الميزان : كذبه مالك وقال أبو حاتم : متروك الحديث كذاب وقال أحمد : لا يساوي شيئا وقال أبو زرعة : يضرب على حديثه وقال البخاري : منكر الحديث ضعيف ومن مناكيره هذا الحديث . 6350 - (كل مصور) لذي روح (في النار) أي يكون يوم القيامة في نار جهنم لتعاطيه ما يشبه ما انفرد الله به من الخلق [ ص 32 ] والاختراع (يجعل له) بفتح ياء يجعل والفاعل الله أضمر للعلم به (بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم) أي يعذبه نفس الصورة بأن يجعل فيه روح والباء في بكل بمعنى في أو يجعل له بعدد كل صورة شخصا يعذبه فالباء بمعنى لام السبب . (حم م) في اللباس من حديث سعيد بن أبي الحسن (عن ابن عباس) قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها فقال له : ادن مني فدنا ثم قال : ادن مني فدنا منه حتى وضع يده على رأسه وقال له : أفتك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول فذكره . 6351 - (كل معروف) أي ما عرف فيه رضى الله عنه من جملة الخيرات وقال الحرالي : هو ما يشهد عيانه بموافقته وقبول موقعه بين الأنفس فلا يلحقها منه تنكر وقال في موضع آخر : هو ما تقبله الأنفس ولا تجد منه نكيرا (صدقة) أي ثوابه كثواب الصدقة وفيه إشارة إلى أنه لا يحتقر شئ من المعروف قال ابن بطال : دل الحديث على أن كل شئ يفعله الإنسان أو يقوله يكتب له به صدقة وقال ابن أبي جمرة : المراد بالصدقة الثواب فإن قارنت النية أثيب صاحبه جزما وإلا ففيه احتمال قال : وفيه إشارة إلى أن الصدقة لا تنحصر في المحسوس فلا تختص بأهل اليسار مثلا بل كل أحد يمكنه فعلها غالبا بلا مشقة . (حم) بسند رجاله رجال الصحيح (خ) في الأدب (عن جابر) ابن عبد الله (حم م) في الزكاة (د) في الأدب (عن حذيفة) بن اليمان قال المصنف : هذا حديث متواتر . 6352 - (كل معروف صنعته إلى غني أو فقير فهو صدقة) تسمية هذا وما قبله وما بعده صدقة من مجاز المشابهة أي لهذه الأشياء أجر كأجر الصدقة في الجنس لأن الجمع صادر عن رضا الله مكافأة على طاعته إما في القدر أو الصفة فيتفاوت بتفاوت مقادير الأعمال وصفاتها وغايتها وقيل معناه أنها صدقة على نفسه واستدل بظاهر هذه الأحاديث الكعبي على أنه ليس في الشرع شئ يباح بل إما أجر وإما وزر فمن اشتغل بشئ عن المعصية أجر قال ابن التين : والجماعة على خلافه . (خط في الجامع) في
[ 42 ]
آداب المحدث والسامع (عن جابر) بن عبد الله (طب عن ابن مسعود) قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف وقال الهيثمي : في سند الطبراني صدقة بن موسى الدقيقي وهو ضعيف . 6353 - (كل معروف صدقة) أي كل ما يفعل من أنواع البر وثوابه من تصدق بالمال والمعروف لغة ما عرف وشرعا قال ابن عرفة الطاعة : ولما تكرر الأمر بالصدقة في الكتاب والسنة مالت إليها القلوب فأخبرهم بأن كل طاعة من قول أو فعل أو بذل صدقة يشترك فيها المتصدقون حثا منه للكافة على المبادرة إلى فعل المرء طاقته وسميت صدقة لأنها من تصديق الوعد بنفع الطاعة عاجلا وثوابها آجلا (وما أنفق المسلم من نفقة على نفسه وأهله كتب له بها صدقة) لأنه ينكف بذلك عن السؤال ويكف من ينفق عليه (وما وقى به المرء المسلم عرضه) أي يعطيه الشاعر ومن يخاف لسانه وشره (كتب له به صدقة) أي دفع به النقيصة عن عرضه بذكر ما يهتضم به في نفسه وفي أسلافه فإنه صدقة لأن صيانة العرض من جملة الخيرات لما أنه يحرم على الغير كالدم والمال قال ابن بطال : وأصل الصدقة ما يخرجه المرء من ماله متطوعا به وقد يطلق على الواجب لتحري صاحبه الصدق في فعله ويقال لكل ما يحابي به المرء من حقه صدقة لأنه تصدق بذلك على نفسه قال عبد الحميد الهلالي : قلت لابن المنكدر : ما وقى الرجل به عرضه قال : يعطي الشاعر أو ذا اللسان (وكل نفقة أنفقها المسلم فعلى الله خلفها والله ضامن إلا نفقة في بنيان أو معصية) ظاهر هذا أنه لا يشترط في حصول الثواب نية القربة لكنه مقيد في أخبار أخر بقوله وهو يحتسبها فيحمل المطلق على المقيد وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله صار طاعة فإن نفقة الزوجة من ملاذ الدنيا المباحة ووضع اللقمة في فمها إنما يكون عند الملاعبة وهي أبعد الشئ عن الطاعة وأمور الآخرة ومع ذلك فقد أخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أنه يثاب عليه ثواب الصدقة ففي غير هذه الحالة أولى . (عبد بن حميد ك) من حديث عبد الحميد بن الحسن عن محمد بن المنكدر (عن جابر) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن عبد الحميد ضعفوه وقال في الميزان : غريب جدا . 6354 - (كل معروف صدقة) قال القاضي : المعروف في اصطلاح الشارع ما عرف حسنه بالشرع وبإزائه المنكر وهو ما أنكره وحرمه وقال الراغب : المعروف اسم لكل ما عرف حسنه بالشرع والعقل معا ويطلق على الاقتصاد لثبوت النهي عن السرف وقال ابن أبي جمرة : يطلق المعروف على ما عرف بأدلة الشرع أنه من عمل البر جرت به العادة أم لا (والدال على الخير كفاعله والله يحب إغاثة اللهفان) أي المتحير في أمره الحزين المسكين .
[ 43 ]
(تنبيه) قال الماوردي : المعروف نوعان قول وعمل فالقول طيب الكلام وحسن البشر والتودد بجميل القول والباعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع لكن لا يسرف فيه فيكون ملقا مذموما وإن توسط واقتصد فهو بر محمود وفي منثور الحكم من قل حياؤه قل أحباؤه والعمل بذل الجاه والإسعاف بالنفس والمعونة في النائبة والباعث عليه حب الخير للناس وإيثار الصلاح لهم وليس في هذه الأمور سرف ولا لغايتها حد بخلاف الأولى فإنها وإن كثرت أفعال تعود بنفعين نفع على فاعلها في اكتساب الأجر وجميل الذكر ونفع على المعان بها في التخفيف والمساعدة فلذلك سماه هنا صدقة . - (هب عن ابن عباس) وفيه طلحة بن عمرو أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أحمد : متروك وقال الحافظ العراقي : رواه الطبراني في المستجاد من رواية الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده والحجاج ضعيف وقد جاء مفرقا في أخبار أخر . 6355 - (كل من ورد) وفي رواية لأبي نعيم كل من وافى (القيامة) من الأمم (عطشان) أي فترد كل أمة على نبيها في حوضه فيسقي من أطاعه منهم . (حل هب) كلاهما من حديث سهل بن نصر عن ابن أسماك الهيثمي بن جماز عن يزيد الرقاشي (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : دخلت على يزيد وهو يبكي في يوم حار وقد عطش نفسه أربعين سنة فقال : أدخل تعال نبكي على الماء البارد في اليوم الحار حدثني أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكره ومحمد بن صبيح بن سماك أورده الذهبي في الضعفاء قال ابن نمير : ليس حديثه بشئ والهيثم بن جماز قال أحمد والنسائي : متروك ويزيد الرقاشي قال النسائي : متروك وقال الذهبي : ضعيف . 6356 - (كل مولود) من بني آدم (يولد على الفطرة) اللام للعهد والمعهود فطرة الله التي فطر الناس عليها أي الخلقة التي خلق الناس عليها من الاستعداد لقبول الدين والنهي لتتجلى بالحق وقبول الاستعداد والتأبي عن الباطل والتمييز بين الخطأ والصواب (حتى يعرب عنه لسانه) فحينئذ إن ترك بحاله وخلى وطبعه ولم يتعرض له من الخارج من يصده عن النظر الصحيح من فساد التربية وتقليد الأبوين والألف بالمحسوسات والانهماك في الشهوات ونحو ذلك لينظر فيما نصب من الدلالة الجلية على التوحيد وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك نظرا صحيحا يوصله إلى الحق وإلى الرشد عرف الصواب ولزم ما طبع عليه في الأصل ولم يختر إلا الملة الحنيفية وإن لم ينكر بحاله بأن كان أبواه نحو يهوديين أو نصرانيين (فأبواه) هما اللذان (يهودانه) أي يصيرانه يهوديا بأن يدخلاه في دين اليهودية المحرف المبدل بتفويتهما له (أو ينصرانه) أي يصيرانه نصرانيا (أو يمجسانه) أي يدخلانه المجوسية كذلك بأن يصداه عما ولد عليه ويزينا له الملة المبدلة والنحل الزائفة ولا ينافيه * (لا تبديل لخلق الله) * لأن المراد به لا ينبغي أن تبدل تلك الفطرة التي من شأنها أن لا تبدل أو هو خبر بمعنى النهي ذكره البيضاوي وقال الطيبي : الفطرة تدل على نوع من الفطر وهو الابتداء والاختراع والمعنى بها هنا تمكن
[ 44 ]
الناس من الهدى في أصل الجبلة بالتهيئ لقبول الدين فلو ترك عليها استمر على لزومها ولم يفارقها لغيرها لأن هذا الدين حسنه مركوز في النفوس وإنما يعدل عنه بآفة من الآفات البشرية والتقليد والفاء في فأبواه للتعقيب أو للتسبب أي إذا تقرر ذلك فمن تغير كان بسبب أبويه انتهى . والحاصل أن الإنسان مفطور على التهيئ للإسلام بالقوة لكن لا بد من تعلمه بالفعل فمن قدر الله كونه من أهل السعادة قيض الله له من يعلمه سبيل الهدى فصار مهذبا بالفعل ومن خذله وأشقاه سبب له من يغير فطرته ويثني عزمته والله سبحانه هو المتصرف في عبيده كيف يشاء * (فألهمها فجورها وتقواها) * قال الطيبي : فإن قلت أمر الغلام الذي قتله الخضر ينقض هذا البيت لأنه لم يلحق بأبويه بل خيف إلحاقهما به قلت لا ينقض بل يرفعه ويستبد بثباته لأن الخضر نظر إلى عالم الغيب وقتل الغلام وموسى اعتبر عالم الشهادة وظاهر الشرع فأنكر عليه ولذلك لما اعتذر الخضر بالخفي أمسك عنه . (ع طب هق عن الأسود بن سريع) له صحبة كان شاعر بني منقذ قضى بالبصرة قال في اللسان : وهذا له أسانيد جياد انتهى . ومن ثم رمز المصنف لصحته ورواه مسلم من حديث أبى هريرة بلفظ " كل إنسان تلده أمه على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه فإن كانا مسلمين " فمسلم كل إنسان تلده أمه يلكز الشيطان في خصيتيه إلا مريم وابنها " ورواه البخاري بلفظ " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كمثل البهيمة تنتج البهيمة هل ترى فيها من جدعاء " . 6357 - (كل ميت) في أبي داود بالتعريف قال أبو زرعة : والصواب التنكير لاقتضاء التعريف استغراق أجزائه فيصير معناه يختم على كل جزء من أجزاء الميت وليس صحيحا فالتعريف تحريف (يختم على عمله) المراد به طي صحيفته وأن لا يكتب له بعد موته عمل (إلا الذي مات) أي الملازم في السفر للجهاد (في سبيل الله فإنه ينمو له عمله) أي يزيد (إلى يوم القيامة) قال الأبي : يعني الثواب المترتب على رباط اليوم والليلة يجري له دائما ولا يعارضه حديث " إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث " إما لأنه لا مفهوم للعدد في الثلاث وإما بأن يرجع هذا إلى إحدى الثلاث هنا وهو صدقة جارية (ويؤمن) بضم ففتح فتشديد (من فتان القبر) أي فتانيه منكر ونكير أي لا يأتيانه ولا يختبرانه بل يكتفى بموته مرابطا شاهدا على صحة إيمانه قال عياض : رويناه للأكثر بضم الفاء وجمع فاتن وعن الطبري بالفتح وذكره أبو داود مفسرا فقال : وأمن فتان القبر وقال القرطبي : هو جمع فاتن ويكون للجنس أو يؤمن من كل ذي فتنة فيه لكن المتبادر لا يضرانه ولا يفتن بهما (تنبيه) قال القرطبي : لا معنى للنمو إلا المضاعفة وهي موقوفة على سبب فتنقطع بانقطاعه بل هي فضل دائم من الله تعالى لأن أعمال البر لا يتمكن منها إلا بالسلامة من العدو والتحرز منه ببيضة الدين وإقامة شعائر الإسلام وهذا العمل الذي يجري عليه ثوابه هو ما عمله من الأعمال الصالحة . - (د ت [ ص 35 ] ك) في الجهاد (عن فضالة عن عبيد حم عن عقبة بن عامر) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد : فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف .
[ 45 ]
6358 - (كل ميسر) وفي رواية يسر بضم أوله وكسر المهملة الثقيلة (لما خلق له) أي مهيأ لما خلق لأجله قابل له بطبعه قال المفسرون في قوله فسنيسره أي سنهديه من يسر الفرس للراكب إذا سرجها وألجمها فليس المراد به هنا ما يقابل التعسير وأما قول الشريف في شرح حاشية المفتاح معناه كل موفق لما خلق لأجله فغير سديد كما بينه ابن الكمال وغيره لأن التوفيق خلق قدرة الطاعة في العبد وليس المعنى هنا مقصور عليه بل المراد التهيئة لما خلق لأجله من خير وشر * (ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) * (تنبيه آخر) قال الراغب : لما احتاج الناس بعضهم لبعض سخر كل واحد منهم لصناعة ما يتعاطاه وجعل بين طبائعهم وصنائعهم مناسبات خفية واتفاقات سماوية ليؤثر الواحد بعد الواحد حرفة ينشرح صدره بملابستها وتعطيه قواه لمزاولتها فإذا جعل إليه صناعة أخرى ربما وجد مستبلدا فيها متبرما منها سخرهم الله لذلك لئلا يختاروا كلهم صناعة واحدة فتبطل الأقوات والمعاونات ولولا ذلك ما اختاروا من الأسماء إلا أحسنها ومن البلاد إلا أطيبها ومن الصناعات إلا أجملها ومن الأفعال إلا أرفعها ولتنازعوا فيه لكن الله بحكمته جعل كلا منهم في ذلك مخيرا فالناس إما راض بصنعته لا يبغي عنها حولا كالحائك الذي رضي بصناعته ويعيب الحجام الذي يرضى بصناعته وبذلك انتظم أمرهم * (كل حزب بما لديهم فرحون) * وإما كاره لها يكابدها مع كراهته إياها كأنه لا يجد عنها بدلا وعلى ذلك دل هذا الحديث * (نحن قسمنا بينهم معيشهتم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات) * فالتباين والتفرق والاختلاف سبب الالتئام والاجتماع والاتفاق فسبحان الله ما أحسن صنعه . (حم ق د عن عمران بن حصين ت عن عمر) بن الخطاب (حم عن أبي بكر) الصديق قيل يا رسول الله أتعرف أهل الجنة من أهل النار ؟ قال : نعم ، قال : فلم يعمل العاملون ؟ فذكره 6359 - (كل نائحة تكذب إلا أم سعد) بن معاذ القائلة حين احتمل نعشه : ويل أم سعد أضر أمه وجدا * وسيدا سد به مسدا قالوا : من خصائص المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يخص من شاء بما شاء كجعله شهادة خزيمة بشهادة رجلين وترخيصه في إرضاع سالم وهو كبير وفي النياحة لخولة بنت حكيم وفي تعجيل صدقة عامين للعباس وفي ترك الإحداد لأسماء بنت عميس وفي الجمع بين اسمه وكنيته للولد الذي يولد لعلي وفي فتح باب من داره في المسجد له وفي فتح خوخة فيه لأبي بكر وفي أكل المجامع في رمضان من كفارة نفسه وغير ذلك . (ابن سعد) في الطبقات (عن محمود بن لبيد) ورواه الطبراني أيضا في الكبير والديلمي .
[ 46 ]
6360 - (كل نادبة كاذبة إلا نادبة حمزة) بن عبد المطلب فإنها غير كاذبة في ندبه أي فلها النوح عليه فرخص لها فيه بخصوصها وللشارع أن يخص من العموم من شاء بما شاء كما تقرر قال في النهاية : الندب أن تذكر النائحة الميت بأحسن أوصافه وأفعاله . (ابن سعد) في الطبقات (عن سعد بن إبراهيم) بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (مرسلا) أرسل عن عمرو عن خاله سعد بن أبي وقاص . 6361 - (كل نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري) قال المصنف : قيل معناه أن أمته ينسبون إليه وأمم سائر الأنبياء لا ينسبون إليهم وقيل ينتفع يومئذ بالنسبة إليه ولا ينتفع بسائر الأنساب ورجح بما ذكر في سبب الحديث الآتي بيانه قال الطيبي : والنسب ما رجع إلى ولادة قريبة من جهة الآباء والصهر ما كان من خلطة تشبه القرابة يحدثها المتزوج وعلم بهذا الحديث ونحوه عظيم نفع الانتساب إليه عليه السلام ولا يعارضه ما في أخبار آخر من حثه لأهل بيته على خشية الله واتقائه وطاعته وأنه لا يغني عنهم من الله شيئا لأنه لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا لكن الله يملكه نفع أقاربه فقوله لا أغني عنكم شيئا أي بمجرد نفسي من غير ما يكرمني الله به من نحو شفاعة ومعفرة فخاطبهم بذلك رعاية لمقام التخويف . (ابن عساكر) في ترجمة زيد بن عمر بن الخطاب من حديث جعفر بن محمد عن أبيه (عن عمر بن الخطاب) قال محمد خطب عمر إلى ابنته أم كلثوم فقال والله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحبتها ما أرصد ففعل فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين فقال زفوني ثم ذكره قال الذهبي : فيه ابن وكيع لا يعتمد لكن ورد فيه مرسل حسن . 6362 - (كل نعيم زائل إلا نعيم أهل الجنة وكل هم منقطع إلا هم أهل النار) أي الخالدين فيها لدوام هذا الهم ومن ثم قال الحسن : كل نعيم دون الجنة حقير وكل بلاء دون الناس يسير . (ابن لال عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن حمدويه قال في الميزان : حدث بخبر باطل وعمرو بن الأزهر قال البخاري : يرمى بالكذب وقال أحمد : يضع الحديث وقال النسائي : متروك . 6363 - (كل نفس تحشر على هواها فمن هوى الكفرة فهو مع الكفرة ولا ينفعه عمله شيئا) هذا ورد على سبيل الزجر والتنفير عن معاهدة الكفار . (طس عن جابر) قال الهيثمي : في إسناده ضعفاء وثقوا .
[ 47 ]
6364 - (كل نفس من بني آدم سيد فالرجل سيد أهله والمرأة سيدة بيتها) ومن لا أهل له ولا بعل سيد على جوارحه فعلى كل أحد أن يعرف قدر ما ولاه الله عليه ويعلم أنه رقيب عليه وهو الذي استخلفه على ذلك وجعل له عليه السيادة ونبه بذلك على أن السيد إذا نقص من حال من ساد عليه نقص من سيادته بقدر ذلك وعزل بقدره ذكره الحرالي . - (ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور . 6365 - (كل نفقة ينفقها العبد يؤجر فيها إلا البنيان) لغير نحو مسجد وما كان زائدا على الحاجة كما يشير إليه الخبر الآتي وغيره قال الحكيم : إنما صار غير مأجور لأنه ينفق في دنيا قد أذن الله في خرابها يزيد في زينتها حتى جعلت فتنة وبلوى للعباد ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن انتقل إلى ربه ما بنى مسكنا لنفسه وتبعه أولياء أمته فما وضع أحدهم لبنة على لبنة ولا قصبة على قصبة وذلك لأنهم رأوا الدنيا جسرا منصوبا من خشب على نهر عظيم وهم عابرون فيه راحلون عنه فهل رأيتم أحدا يبني على جسر خشب سيما وقد عرفنا أن المطر ينزل والنهر يعظم بالسيول والجسور تنقطع فكل من بنى على جسر خشب عرضه للتلف فلو كشف الله بصيرة عمار الدنيا حتى رواها جسرا والنهر الذي بنيت عليه خطرا لما بنوا فلم تكن لهم عيون يبصرون بها الدنيا وإنها قنطرة خشب على نهر خرار ولا كان لهم سمع يسمعون قول الرسول صلى الله عليه وسلم العالم بما أوحى إليه أن الدنيا قنطرة فلا بالإيمان عملوا ولا على الرؤية والكشف حصلوا * (وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا) * . (طب) وكذا الحكيم (عن خباب) بن الأرت رمز المصنف لحسنه قال الحافظ العراقي : إسناده جيد اه‍ . فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وهو ذهول فقد خرجه ابن ماجه عن جنابه باللفظ المزبور . 6366 - (كل نفقة ينفقها المسلم على نفسه وعلى عياله وعلى صديقه وعلى بهيمه يؤجر عليها ، إلا في بناء ، إلا بناء مسجد (2) يبتغي به وجه الله) وذلك لأنها نفقة في دنيا قد أذن الله بخرابها يزيد في زينتها التي هي فتنة وبلوى للعباد وعاقبتها أن يصير ما عليها صعيدا جرزا في خبر أن أبا الدرداء بنى كنيفا في منزله بحمص فكتب إليه عمر " لقد كان لك يا عويمر فيما بنت فارس والروم كفاية عن تزيين الدنيا وقد أذن الله بخرابها فإذا أتاك كتابي فارحل من حمص إلى دمشق فجعل ذلك عقوبة له " . (هب عن) أبي حمزة (إبراهيم مرسلا) وفيه علي بن الجعد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : متقن فيه تجهم وقيس بن الربيع قال الذهبي : تابعي له حديث منكر .
[ 48 ]
6367 - (كل يمين يحلف بها دون الله شرك) قال ابن العربي : يريد به شرك الأعمال لا شرك الاعتقاد من قبيل قوله " من أبق من مولاه فقد كفر " وذلك لأن اليمين عقد القلب على فعل أو ترك أخبر به الحالف ثم أكده بمعظم عنده فحجر الشرع التعظيم على غير الله لأنه إنما يجب له . (ك عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أبو نعيم والديلمي . 6368 - (كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب) فلا يليق بمن أصله التراب الافتخار والتكبر والتجبر (لينتهين) اللام في جواب القسم أي والله لينتهين (قوم يفتخرون بآبائهم أو ليكونن) عطف على لينتهين والضمير الفاعل العائد إلى أقوام هو واو الجمع المحذوف من ليكونن يعني والله إن أحد الأمرين واقع لا محالة إما الانتهاء أو كونهم (أهون على الله من الجعلان) دويبة سوداء قوتها الغائط فإن شمت ريحا طيبة ماتت فليحذر كل عاقل من الاتكال على شرف نفسه وفضيلة آبائه فإن ذلك يورث النقص والانحطاط عن معالمهم فنهايته الحسرة والندامة وغايته العداوة إذ كل يظهر مثالب الآخر ويثبت مفاخر نفسه فيؤدي لذلك فلا ينبغي لعاقل الإعجاب بنفسه * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * . والناس بجمعهم في الأنساب * وإنما اختلفوا في الفضل شتاتا وقيل : إذا افتخرت بآباء مضوا سلفا * قالوا صدقت ولكن بئس ما ولدوا وقيل : وليس فخار المرء إلا بنفسه * وإن عد آباء كراما ذوي نسب وشرف النسب وإن كان له ثمرة فينبغي للمتصف به أن لا يعجب بنفسه ولا يفاخر بحسبه بل يهضم نفسه . (البزار) في مسنده (عن حذيفة) بن اليمان رمز المصنف لحسنه وليس كما ذكر فقد أعله الهيثمي بأن فيه الحسن بن الحسين المقري وهو ضعيف . 6369 - (كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على الله) أي فارق الجماعة وخرج عن الطاعة التي يستوجب بها دخول الجنة (شراد البعير على أهله) شبهه به في قوة نفاره وحدة فراره لأن من ترك التسبب إلى شئ لا يوجد بغيره فقد أباه ونفر عنه والإباء شدة الامتناع وخص البعير لأنه أشد
[ 49 ]
الحيوانات نفارا فإذا انفلت لا يكاد يلحق . (طس ك عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير علي بن خالد وهو ثقة . 6370 - (كلكم راع) أي حافظ ملتزم بصلاح ما قام عليه وهو ما تحت نظره من الرعاية وهي الحفظ يعني كلكم مستلزم بحفظ ما يطالب به من العدل إن كان واليا ومن عدم الخيانة إن كان موليا عليه (وكل) راع (مسؤول عن رعيته) في الآخرة فكل من كان تحت نظره شئ فهو مطلوب بالعدل فيه والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقات ذلك فإن وفي ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر وإلا طالبه كل أحد من رعيته بحقه في الآخرة (فالإمام) أي الأعظم أو نائبه في رواية فالأمير (راع) فيمن ولي عليهم يقيم الحدود والأحكام على سنن الشرع ويحفظ الشرائع ويحمي البيضة ويجاهد العدو (وهو مسؤول عن رعيته) هل راعى حقوقهم أو لا (والرجل راع في أهله) زوجة وغيرها (وهو مسؤول عن رعيته) هل وفاهم حقوقهم من نحو نفقة وكسوة وحسن عشرة (والمرأة راعية في بيت زوجها) بحسن تدبيرها في المعيشة والنصح له والشفقة عليه والأمانة في ماله وحفظ عياله وأضيافه ونفسها (وهي مسؤولة عن رعيتها) هل قامت بما يجب عليها ونصحت في التدبير أو لا فإذا أدخل الرجل قوته بيته فالمرأة أمينة عليه وإن اختزنه دونها خرج عن أمانتها الخاصة وصارت هي وغيرها فيه سواء فإن سرقت من المخزن قطعت وفاقا للشافعي ومالك خلافا لأبي حنيفة في قوله : لا قطع بين الزوجين قال ابن العربي : كنت بالروضة المقدسة وعندنا عز الإسلام السميكاتي أحد أئمة الشافعية فتذاكرت معه المسألة وقلت الحنفية يقولون الزوجية توجب اتحادا في الأبدان تمنع من القطع كاتحاد الأبوة والبنوة فقال : هذا باطل إذ لو كان موجبا للاتحاد بينهما لأسقط القصاص فإذا كانت شبهة هذا الاتحاد لا تسقط العقوبة في محلها وهو البدن فأولى أن لا تسقط الواجب في غير محلها وهو المال وهو القطع بالسرقة (والخادم راع في مال سيده) بحفظه فعليه القيام بما يستحقه عليه من حسن خدمته ونصحه (وهو مسؤول عن رعيته والرجل راع في مال أبيه) بحفظه وتدبير مصلحته (وهو مسؤول عن رعيته فكلكم راع) بالفاء جواب شرط محذوف الفذلكة وهي التي يأتي بها المحاسب بعد التفصيل ويقول فلك كذا وكذا حفظا للحساب وتوقيا عن الزيادة والنقص (وكلكم مسؤول عن رعيته) عمم أولا ثم خصص ثانيا وقسم الخصوصية إلى جهة الرجل وجهة المرأة وجهة الخادم وجهة النسب ثم عم آخرا تأكيد البيان الحكم أولا وآخرا وفيه رد العجز على الصدر ذكره كله البيضاوي وقال الطيبي : كلكم راع تشبيه مضمر الأداة أي كلكم مثل الراعي وكلكم مسؤول عن رعيته وفيه معنى التشبيه وهذا مطرد في التفصيل ووجه التشبيه حفظ الشئ وحسن التعهد وهذا القدر المشترك في
[ 50 ]
التفصيل وأفاد أن الراعي غير مطلوب لذاته بل أقيم لحفظ ما استرعاه ويشمل المنفرد إذ يصدق عليه أنه راع في جوارحه بفعل المأمور وترك المنهي وفيه تكذيب لوضاع أموي افترى خبر إذا استرعى عبدا للخلافة كتب له الحسنات لا السيئات . (حم ق د ت عن ابن عمر) . 6371 - (كلما طال عمر المسلم كان له خير) لأنه في الدنيا كتاجر سافر ليتجر فيربح فيعود لوطنه سالما غانما فرأس ماله عمره ونقده أنفاسه ومزاولة جوارحه وربحه العمل فكلما زاد رأس المال زاد الربح واستشكل بأنه قد يعمل السيئات [ ص 39 ] فيزيد عمره شرا وأجيب بحمل المؤمن على الكامل وبأن المؤمن بصدد أن يفعل ما يكفر ذنوبه لمن تجنب الكبائر أو فعل الحسنات فيقاوم بتضعيفها سيئاته وما دام الإيمان باق فالحسنات بصدد التضعيف والسيئات بصدد التكفير . (طب) من حديث شداد (عن عوف بن مالك) قال شداد : قال عوف يا طاعون خذني إليك فقالوا : أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : كلما إلخ . قال : بلى . رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه النهاس بن فهم وهو ضعيف فرمز المصنف لحسنه فيه ما فيه . 6372 - (كلمات الفرج : لا إله إلا الله الحليم الكريم ، لا إله إلا الله العلي العظيم ، لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب العرش الكريم) قال الحكيم : كان هذا الدعاء عند أهل البيت معروفا مشهورا يسمونه دعاء الفرج فيتكلمون به في النوائب والشدائد متعارفا عندهم غياثه والفرج به . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في كتاب الفرج) بعد الشدة (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . 6373 - (كلمات من ذكرهن مائة مرة دبر كل صلاة الله أكبر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا قوة إلا بالله لو كانت خطاياه مثل زبد البحر لمحتهن) كناية عبر بها عن الكثرة عرفا قال النووي : ومن قالهن أكثر من مائة مرة فله الأجر المذكور والزيادة عليه وليس ذا من التحديد المنهي عن مجاوزة أعداده كعدد الركعات . (حم عن أبي ذر) رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال الهيثمي : فيه أبو كثير لم أعرفه وبقية رجاله حديثهم حسن . 6374 - (كلمات من قالهن عند وفاته دخل الجنة لا إله إلا الله الحليم الكريم) يقولها (ثلاثا) من
[ 51 ]
المرات (الحمد لله رب العالمين) يقولها (ثلاثا) من المرات (تبارك الذي بيده الملك يحيي ويميت وهو على كل شئ قدير) ظاهر السياق أن هذه يقولها واحدة بخلاف الأولين وظاهره أن ذلك يكون آخر كلامه ويعارضه خبر من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة والقياس أنه يأتي بهذه الكلمات ثم يأتي بكلمة الشهادة . (ابن عساكر) في التاريخ (عن علي) أمير المؤمنين . 7375 - (كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلس عند فراغه) أي عند انتهاء لفظ ذلك المجلس وإرادة القيام منه (ثلاث مرات إلا كفر) بالبناء المفعول (بهن عنه) ما وقع منه من اللغط في ذلك المجلس (ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم الله بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة) والكلمات المذكورة هي (سبحانك اللهم وبحمدك [ ص 40 ] لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) فإن ذلك يجبر ما كان وقع في ذلك المجلس مما يوجب العقوبة من حصائد الألسنة والهفوات والسقطات . (د حب عن أبي هريرة) . 6376 - (كلمتان) أراد بالكلمة الكلام من قبيل كلمة الشهادة وهو خبر وخفيفتان وما بعده صفة والمبتدأ سبحان الله ونكتة تقديم الخبر تشويق السامع للمبتدأ (خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان) وصفها بالخفة والثقل لبيان قلة العمل وكثرة الثواب وإشارة إلى رشاقتهما قال الطيبي : الخفة مستعارة للسهولة شبه سهولة جريها على اللسان بما خف على الحامل كنحو متاع فلا يثقله ففيه إشارة إلى أن التكاليف صعبة شاقة ثقيلة وهذه سهلة مع كونها تثقل في الميزان كثقل المشاق (حبيبتان) أي محبوبتان والمراد أن قائلها محبوب (إلى الرحمن) لتضمنها المدح بالصفات السلبية المدلول عليها بالتنزيه وبالصفات الثبوتية التي يدل عليها الحمد وخص الرحمن من الأسماء الحسنى تنبيها على سعة الرحمة حيث يجازي على العمل القليل بثواب كثير جزيل (سبحان الله) أي تنزيهه عما لا يليق به (وبحمده) الواو للحال أي أسبحه متلبسا بحمدي له أو عاطفة أي أسبحه وأتلبس بحمده والحمد مضاف إلى الفاعل والمراد لازمه أو ما يوجبه (سبحان الله العظيم) وفيه جواز السجع إذا وقع بغير كلفة وحث على المواظبة على الكلمتين وتحريض على ملازمتهما وتعريض بأن جميع التكاليف صعبة شاقة على النفس
[ 52 ]
ثقيلة وهذه خفيفة سهلة عليها مع أنها تثقل في الميزان ثقل غيرها من التكاليف فلا يليق تركها روي أن عيسى عليه السلام سئل ما بال الحسنة تثقل والسيئة تخف قال : لأن الحسنة حضرت مرارتها وغابت حلاوتها فلذلك ثقلت عليكم فلا يحملنكم ثقلها على تركها فإن بذلك تثقل الموازين يوم القيامة والسيئة حضرت حلاوتها وغابت مرارتها فلذلك خفت عليكم فلا يحملنكم على فعلها خفتها فإن بذلك تخف الموازين يوم القيامة . (حم ق ت عن أبي هريرة) ورواه عنه النسائي في اليوم والليلة . 6377 - (كلمتان إحداهما ليس لها ناهية دون العرش والأخرى تملأ ما بين السماء والأرض لا إله إلا الله والله أكبر) والمراد إذا قال ذلك بإخلاص وصحة نية وحضور قلب . (طب) من حديث معاذ بن أبي عبد الله بن رافع (عن معاذ) ابن جبل قال معاذ بن عبد الله : كنت في مجلس فيه ابن عمر وعبد الله بن جعفر وعبد الرحمن بن أبي عمرة فقال ابن أبي عمرة : سمعت معاذ بن جبل يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : معاذ بن عبد الله لم أعرفه وابن لهيعة فيه ضعف وبقية رجاله ثقات . 6378 - (كلمتان قالهما فرعون ما علمت لكم من إله غيري إلى قوله أنا ربكم الأعلى فإن بينهما أربعون عاما فأخذه الله نكال الآخرة والأولى) . (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) . 6379 - (كلم موسى) بالبناء المفعول والفاعل الله أي كلم الله موسى (ببيت لحم) قرية من قرى بيت المقدس . (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك . 6380 - (كلم المجذوم) أي من أصابه الجذام (وبينك وبينه قيد) بكسر فسكون (رمح أو رمحين) لئلا يعرض لك جذام فتظن أنه أعداك مع أن ذلك لا يكون إلا بتقدير الله وهذا خطاب لمن ضعف يقينه ووقف نظره عند الأسباب وما رواه الخطيب عن أنس كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم على بساط فأتاه مجذوم فأراد أن يدخل عليه فقال : يا أنس اثن البساط لا يطأ عليه بقدمه اه‍ . فلعله كان بحضرة من قصر نظره ووقف عند السبب . (ابن السني وأبو نعيم) معا (في) كتاب (الطب) النبوي (عن عبد الله بن أبي أوفى) قال ابن حجر في الفتح : وسنده واه .
[ 53 ]
6381 - (كل الثوم نيئا فلولا أني أناجي ربي لأكلته) الذي وقفت عليه لأبي نعيم كلوا الثوم وتداووا به فإن فيه شفاء من سبعين داء ولولا أن الملك يأتيني لأكلته بحروفه ثم إن هذا الحديث قد عورض بأحاديث النهي عن أكل الثوم وأجاب زين الحفاظ العراقي بأن هذا حديث لا يصح فلا يقاوم الصحيح وبأن الأمر بعد النهي للإباحة بدليل حديث أبي داود كلوه ومن أكله منكم فلا يقرب هذا المسجد حتى يذهب ريحه . (حل وأبو بكر في الغيلانيات عن علي) أمير المؤمنين وفيه حبة العرني قال الذهبي في الضعفاء : شيعي غالي ضعفه الدارقطني وقال زين الحفاظ : ضعفه الجمهور . 6382 - (كل) بلفظ الأمر جوازا (الجنين في بطن الناقة) التي ذكيت وخرج ولدها وليس فيه حياة مستقرة فإن ذكاتها ذكاته والناقة مثال فغيرها من كل مأكول كذلك . (خط عن جابر بن عبد الله) . 6383 - (كل) معي أيها المجذوم (بسم الله ثقة بالله) أي كل معي أثق ثقة بالله (وتوكلا على الله) أي وأتوكل توكلا عليه فالفعل المقدر منصوب على الحال والثقة الاعتماد هذا درجة من قوي توكله واطمأنت نفسه على مشاركة الأسباب وليس من هذا القبيل من ضعف يقينه ووقف مع الأسباب فإن مباعدته للمجذوم واتقاءه إياه أولى فلا تناقض بين الأخبار كما زعمه بعض الضالين . (4) في الطب (حب ك) في الأطعمة (عن جابر) قال : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد مجذوم فوضعها في قصعة ثم ذكره قال ابن حجر : حديث حسن وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وفيه نظر اه‍ . وقال ابن الجوزي : تفرد به المفضل بن فضالة وليس بذلك ولا يتابع عليه إلا من طريق لين . 6384 - (كل فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) قاله لمن رقي معتوها في القيود بالفاتحة ثلاثا غدوة وعشية وجمع بزاقه فتفل فشفي فأعطوه جعلا فقال : لا حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره . (حم د) في البيع والطب (ك) في فضائل القرآن (عن عم خارجة) بن الصلت قيل اسمه علاقة بن صخار وقيل عبد الله بن عبثر قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه أيضا النسائي في الطب . 6385 - (كل ما أصميت) أي ما أسرعت إزهاق روحه من الصيد والإصماء أن تقتل الصيد مكانه (ودع ما أنميت) أي ما أصبته بنحو سهم أو كلب فمات وأنت تراه والإنماء أن يصيب إصابة
[ 54 ]
غير قاتلة وخرج به ما لو أصابه فغاب ومات ولا يدري حاله فلا يأكله . (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : فيه عثمان بن عبد الرحمن أظنه القرشي ، وهو متروك . 6386 - (كل) من السمك وهو ما لا يعيش إلا في الماء وإذا خرج منه كان عيشه عيش مذبوح (ما طفا) أي علا من طفا بغير همز يطفو إذا علا الماء ولم يرسب (على البحر) وهو الذي يموت في الماء ثم يعلو فوق وجهه فأفاد حل ميتة البحر سواء مات بالاصطياد أم بنفسه وهو قول الجمهور ، وعن الحنفية يكره وفرقوا بين ما لفظه فمات ، وما مات بغير آفة وتمسكوا بحديث ابن الزبير عن جابر : ما ألقاه البحر أو جزره فكلوه . وما مات فيه فطفا فلا تأكلوه خرجه أبو داود مرفوعا ونوزع فيه بالضعف والانقطاع ، والقياس يقتضي الحل لأنه سمك لو مات في البر لأكل بغير تذكية فكذا لو مات فيه فيحل أكله وإن أنتن كما قاله النووي ، والنهي عن أكل اللحم إذا أنتن للتنزيه نعم إن خيف منه ضرر حرم . (ابن مردويه) في تفسيره (عن أنس) ويخالفه خبر أبي داود وابن ماجه : كلوا ما حسر عنه البحر وما قذف ، ودعوا ما طفا فوقه . 6387 - (كل ما فرى الأوداج) جمع ودج بالتحريك وهو العرق الذي في الأخدع (ما لم يكن قرض) بضاد معجمة بخط المصنف (سن أو حز ظفر) قال ابن الأثير : الرواية كل أمر بالأكل وقد ردها أبو عبيدة وغيره وقالوا : إنما هو كل ما أفرى الأوداج أي كل شئ أفرى والفري القطع ، أما السن والظفر فلا يحل أكل ما ذبح بهما لأنهما لا يفريان ولا يقع بهما غالبا إلا الخنق الذي ليس هو على صورة الذبح ، وظاهر الحديث أنه لا فرق بين المتصل والمنفصل وهو مذهب الجمهور ، وخصه الحنفية بالمتصل وأحلوا الذبح بالمنفصل وفرقوا بأنه في المتصل في معنى الخنق وبالمنفصل في معنى الآلة المستقلة من خشب أو غيره . (طب عن أبي أمامة) قال الذهبي : إسناده ضعيف . 6388 - (كل ما ردت عليك قوسك) قاله لمن قال : يا رسول الله أفتني في قوسي . قال ابن بطال : أجمعوا على أن السهم إذا أصاب الصيد فجرحه جاز أكله ولو لم يعلم هل مات بالجرح أو من سقوطه في الهوى أو من وقوعه على الأرض وأنه لو وقع على جبل مثلا فتردى منه فمات لا يؤكل أو أن السهم إذا لم ينفذ في مقاتله لا يؤكل إلا إذا أدركت ذكاته . (حم عن عقبة بن عامر) الجهني . قال الهيثمي : وفيه راو لم يسم (وحذيفة) بن اليمان (حم ه عن ابن عمرو) بن العاص (ه عن ثعلبة) جرثوم أو جرهم أو جرثم أو ناشب أو جرثومة أو عرنوف أو ناشر أو لاشن أو لاشر أو لاش أو لاشق ، والأشهر الأول وهو ابن عمرو أو ناسب أو ناسم أو ناسر أو لاسن أو ماسح أو لاسم أو جلهم أو حمير
[ 55 ]
أو جرهم أو غير ذلك (الخشني) بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين ثم نون نسبة إلى بني خشين بطن من النمر بن وبرة من قضاعة وكان إسلام أبي ثعلبة قبل خبير وشهد بيعة الرضوان وتوجه إلى قومه فأسلموا ، وهذا الحديث رمز المصنف لحسنه . قال الحافظ ابن حجر : وفيه ابن لهيعة اه‍ . وقضية صنيع المؤلف أن ابن ماجه قد تفرد بإخراجه من بين الستة وليس كذلك بل هو في أبي داود من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن أبي ثعلبة قال : يا رسول الله أفتني في قوسي قال : كل ما ردت عليك قوسك ذكيا وغير ذكي . قال : وإن تغيب عني ؟ قال : وإن تغيب عنك ما لم يصل أو تجد فيه أثرا غير سهمك ، وقوله يصل بصاد مهملة مكسورة ولام ثقيلة أي ينتن . 6389 - (كل مع صاحب البلاء) كأجذم وأبرص (تواضعا لربك وإيمانا) فإنه لا يصيبك منه شئ إلا بتقدير الله تعالى وهذا خطاب لمن قوي يقينه ، أما من لم يصل إلى هذه الدرجة فمأمور بعدم أكله معه كما يفيده خبر : فر من المجذوم . - (الطحاوي) في مسنده (عن أبي ذر) . 6390 - (كلوا الزيت) زيت الزيتون (وادهنوا به) من ادهن رأسه على افتعل طلاه بالدهن وتولى ذلك بنفسه . قال الزين العراقي : والمراد بالادهان دهن الشعر به وقيده في رواية بدهن شعر الرأس وعادة العرب دهن شعورهم لئلا تشعث لكن لا يحمل الأمر به على الإكثار منه ولا على التقصير فيه بل بحيث لا تشعث رأسه فقط (فإنه) يخرج (من شجرة مباركة) لكثرة ما فيها من القوى النفاعة أو لأنها تنبت بالأرض المقدسة التي بورك فيها ويلزم من بركة هذه الشجرة بركة ما يخرج منها من الزيت . (ت) في الأطعمة (عن عمر) بن الخطاب (حم ت) في الأطعمة (ك) في التفسير (عن أبي أسيد) بفتح الهمزة وكسر السين . قال الحافظ العراقي : كذا قيده الدارقطني والقول بأنه بالضم لا يصح . قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ، وقال ابن عبد البر : في سنده من الطريقين اضطراب . 6391 - (كلوا الزيت وادهنوا به) قال بعضهم : مثال هذا الأمر للإباحة والندب لمن قدر على استعماله ووافق مزاجه (فإنه طيب مبارك) أي كثير الخير والنفع والأمر فيه وفيما قبله إرشادي كما مر قال ابن القيم : الدهن في البلاد الحارة كالحجاز من أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن وهو كالضروري لهم وأما في البلاد الباردة فضار وكثرة دهن الرأس به فيها خطر بالبصر . (ه ك) من حديث عبد الله بن سعيد المقبري عن جده (عن أبي هريرة) وصححه فرده الذهبي بأن عبد الله واه ، وقال الزين العراقي بعد عزوه لابن ماجه وحده : فيه عبد الله بن سعيد المقبري ضعيف .
[ 56 ]
6392 - (كلوا الزيت وادهنوا به فإن فيه شفاء من سبعين داء) الظاهر أن المراد به التكثير لا التحديد كنظائره يعني أدواء كثيرة (منها الجذام) ظاهر هذا الخبر وما قبله أن إساغة المائعات تسمى أكلا فإذن هو يشكل على قولهم في تعريف الأكل هو إيصال ما يتأتى فيه المضغ إلى الجوف ممضوغا كان أو غيره قال ابن الكمال : فإذن لا يكون اللبن والسويق مأكولا اه‍ . فالحديث كما ترى صريح في رده . (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) . 6393 - (كلوا التين) في الموجز هو حار قليلا رطب كثير الماء جيد الغذاء سريع الانحدار واليابس حار لطيف أغذى من جميع الفواكه (فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة بلا عجم لقلت هي التين وإنه يذهب بالبواسير وينفع من النقرس) ويفتح السدد ويدر البول وينضج الدماميل ويحسن اللون ويلين ويبرد ويوافق الكلى والمثانة وعلى الريق يفتح مجاري الغذاء . (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما في الطب (فر) كلهم من حديث يحيى بن أبي كثير عن الثقة (عن أبي ذر) والذي وقفت عليه لابن السني والديلمي ليس على هذا السياق بل سياقه بعد قوله هي التين وينفع من النقرس اه‍ . 6394 - (كلوا التمر على الريق فإنه) مقو للكبد ملين للطبع يزيد في الباه ويغذي كثيرا و (يقتل الدود) فإنه مع حرارته فيه قوة ترياقية فإذا أديم استعماله على الريق جفف مادة الدود وأضعفه وقتله . (أبو بكر في الغلانيات فر) وكذا ابن عدي كلهم (عن ابن عباس) وفيه أبو بكر الشافعي قال في الميزان : شيخ للحاكم متهم بالوضع وعصمة بن محمد قال في الضعفاء : تركوه وأورده ابن الجوزي في الموضوعات . 6395 - (كلوا البلح بالتمر) قال في المصباح : البلح تمر النخل ما دام أخضر فإذا أخذ في التلون فبسر فإذ تكامل لونه فهو الزهو قال ابن القيم : إنما أمر بأكله معه دون البسر لأن البلح بارد يابس والتمر حار رطب فكل يصلح للآخر والبسر والتمر حاران وإن كان التمر أشد حرارة والتمر حار في الثانية وهل هو رطب أو يابس ؟ قولان وهو مقو للكبد ملين يزيد في الباه ويغذي .
[ 57 ]
(كلوا الخلق بالجديد فإن الشيطان إذا رآه غضب وقال عاش ابن آدم حتى أكل الخلق بالجديد) وفي رواية الجديد بالخلق وقال في شرح الألفية : معناه ركيك لا ينطبق على محاسن الشريعة لأن الشيطان لا يغضب من حياة ابن آدم بل من حياته مسلما مطيعا لله ومن ثم اتفقوا على نكارته . (ن ه ك) في الأطعمة (عن عائشة) قال الدارقطني : تفرد به يحيى بن محمد أبو زكير بن هشام قال العقيلي : لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به وقال ابن حبان : أبو زكير لا يحتج به يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل روي هذا الحديث ولا أصل له ومدار الحديث من جميع طرقه على أبي زكير وفيه أيضا محمد بن شداد قال الدارقطني : لا يكتب حديثه وتابعه نعيم بن حماد عن أبي زكير ونعيم غير ثقة وفي الميزان : هذا حديث منكر رواه الحاكم ولم يصححه مع تساهله في التصحيح اه‍ . ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوع والحاصل أن متنه منكر وفي سنده ضعفاء والمنكر من قبيل الضعف ففيه ضعف على ضعف إن سلم عدم وضعه . 6396 - (كلوا جميعا) أي مجتمعين كما أمرتم بالصلاة كذلك (ولا تفرقوا فإن البركة مع الجماعة) وهو محسوس لا سيما إذا كان المجتمعون على الطعام إخوانا على طاعته كما في المطامح قال ابن المنذر : يؤخذ منه استحباب الاجتماع على الطعام وأن لا يأكل المرء وحده وفيه إشارة إلى أن المواساة إذا حصلت حصلت النعمة معها والبركة فتعم الحاضرين قال بعضهم : وفي الأكل مع الجماعة فوائد منها ائتلاف القلوب وكثرة الرزق والمدد وامتثال أمر الشارع لأنه تعالى أمرنا بإقامة الدين وعدم التفرق فيه ولا يستقيم ذلك إلا بائتلاف القلوب ولا تألف إلا بالاجتماع على الطعام وشر الناس من أكل وحده ومنع رفده كما مر في حديث فمن فعل ذلك وأراد من الناس نصرته على إقامة الدين فقد أتى البيوت من غير أبوابها وربما خذلوه عنادا لبغضهم له إذ البخيل مبغوض ولو كثر تعبده ، والسخي محبوب ولو فاسقا كما هو مشاهد . (ه) من حديث عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير عن سالم عن أبيه (عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وليس كما ظنه فقد ضعفه المنذري قال : فيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير واهي الحديث وقال ابن حجر : عمرو بن دينار هذا ضعفوه وهو غير عمرو بن دينار شيخ ابن عيينة ذاك وثقوه . 6397 - (كلوا جميعا ولا تفرقوا) بحذف إحدى التاءين (فإن طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الثلاثة والأربعة كلوا جميعا ولا تفرقوا) بحذف إحدى التاءين (فإن البركة في المجاعة) قال ابن حجر : يؤخذ منه أن الكفاية تنشأ عن بركة الاجتماع وأن الجمع كلما كثر ازدادت البركة ونقل إسحاق بن راهويه عن جبير أن معنى الحديث أن الطعام الذي يشبع الواحد يكفي قوت الاثنين والذي يشبع الاثنين يكفي قوت أربعة وفيه أن لا ينبغي للمرء أن يحتقر ما عنده فيمتنع من تقديمه فإن القليل
[ 58 ]
قد يحصل به الاكتفاء بمعنى حصول سد الرمق وقيام البنية لا حقيقة الشبع . (العسكري في) كتاب (المواعظ عن عمر) بن الخطاب ورواه أيضا عنه الطبراني في الأوسط بدون قوله فإن البركة إلخ وضعفه المنذري . 6398 - (كلوا لحوم الأضاحي) قال ابن العربي : لما كان إراقة دم الأضحية لله أذن في أكلها رحمة وقد كان القرابين لا تؤكل في سائر الشرائع فمن خصائص هذه الأمة أكل قرابينها (وادخروا) قاله لهم بعد ما نهاهم عن الادخار فوق ثلاث لجهد أصاب الناس ذلك العام فلم يضحي إلا بعضهم فحثهم على المواساة فلما زالت العلة ارتفع النهي عن الادخار فرخص لهم فيه فالأمر للإباحة لا للوجوب خلافا للظاهرية وأفهم اقتصاره عليها عدم جواز البيع واتفقوا عليه لكن اختلف في الجلد فجوز أبو حنيفة بيعه بما ينتفع به ومنعه الجمهور . (حم ك) في الأضحية (عن أبي سعيد) الخدري (وقتادة بن النعمان) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال زين الحفاظ : ودخل في عمومه المنفرد والآكل مع غيره وفيه احتمال للخطابي . 6399 - (كلوا في القصعة من جوانبها ولا تأكلوا من وسطها) بالتحريك وقد يسكن (فإن البركة تنزل في وسطها مع ما فيه من القناعة والبعد عن الشره والنهمة والأمر للإرشاد أو الندب بل قيل للوجوب قال زين الحفاظ العراقي : وجه النهي عن الأكل من الوسط أن وجه الطعام أفضله وأطيبه فإذا قصده بالأكل استأثر به على رفقته وهو ترك أدب وسوء عشرة فأما إذا أكل وحدة فلا حرج والمراد بالبركة هنا الإمداد من الله وقال ابن العربي : البركة في الطعام لمعان كثيرة فمنها استمراره وصونه عن مرور الأيدي عليه فتتقذره النفس وأن زبدة المرق في الوسط فإذا أخذ الطعام من الحواشي ينتثر عليه شيئا فشيئا وإن أخذه من أعلاه فما بعده دونه في الطيب اه‍ . قال الزين : وشمل عموم الطعام الخبز فلا يأكل من وسط الرغيف كما في الإحياء بل يأكل من استدارته إلا إذا قل الخبز ويندب الأكل مما يلي الآكل ويكره مما يلي غيره قال في المطامح : وهل للآكل أن يدير الصفحة إذا وضعها ربها أم لا لأن مالكها أملك بوضعها ؟ ذهب جماعة من المحدثين إلى الثاني . (حم هق عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . 6400 - (كلوا من حواليها) يعني القصعة التي فيها الطعام (وذروا ذروتها) أي اتركوا أعلاها ووسطها ندبا لا وجوبا وبين وجه ذلك بقوله (يبارك فيها) فإنكم إذا فعلتم ذلك يبارك فيها وليس المراد ترك الأكل من الأعلى والوسط بل إنه يبدأ بالأكل من حواليها حتى ينتهي إلى الوسط فيأكل ثم يلحسها
[ 59 ]
فإنها تستغفر له كما يأتي في حديث ، زاد البيهقي : ثم قال : فوالذي نفسي بيده ليفتحن عليكم فارس والروم حتى يكثر الطعام فلا يذكر عليه بسم الله . (د ه عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة ومهملة كان للنبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قصعة يقال لها الغراء يجملها أربعة رجال فلما أصبحوا وسجدوا الضحى أتى بتلك القصعة يعني وقد ثرد فيها فالتفوا عليها فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي : ما هذه الجلسة قال : إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا ثم قال : كلوا فذكره قال في الرياض : إسناده حسن ورواه عنه أيضا البيهقي في السنن قال في المهذب : وإسناده صالح . 6401 - (كلوا بسم الله) أي قائلين بسم الله (من حواليها وأعفوا رأسها) عن الأكل (فإن البركة تأتيها من فوقها) قال في المطامح : تحقيق هذه البركة وكيفية نزولها أمر إيماني لا يطلع على حقيقته وأخذ منه ابن العربي أن الآكل يأكل الرغيف على ثلاث وثلاثين لقمة ويستدير من الجوانب حتى ينتهي إلى الوسط كما يشير إليه قوله فإن البركة تأتيها من فوقها إلى هنا كلامه فأما ما ذكره من الأكل من حواليها فقد يسلم وأما هذا العدد فليس في الحديث دلالة عليه البتة . (ه عن واثلة) بن الأسقع وفيه ابن لهيعة . 6402 - (كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير إسراف) أي مجاوزة حد (ولا مخيلة) كعظيمة بمعنى الخيلاء وهو التكبر وقيل بوزن مفعلة من اختال إذا تكبر أي بلا عجب ولا كبر * (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا) * ولفظ رواية النسائي وابن ماجه " كلوا واشربوا وتصدقوا ما لم يخف إسراف ولا مخيلة " وهذا الخبر جامع لفضائل تدبير المرء نفسه والإسراف يضر بالجسد والمعيشة والخيلاء تضر بالنفس حيث تكسبها العجب وبالدنيا حيث تكسب المقت من الناس وبالآخرة حيث تكسب الإثم . - (حم ن ه ك عن ابن عمرو) بن العاص وقال الحاكم : صحيح وهو عندهم من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال المنذري : ورواته إلى عمرو ثقات محتج بهم في الصحيح . 6403 - (كلوا السفرجل فإنه يجلي عن الفؤاد ويذهب بطخاء الصدر) قال أبو عبيد : الطخاء ثقل وغشاء يقال ما في السماء طخاء أي سحاب وظلمة قال الزمخشري : عن جعفر بن محمد ريح الملائكة ريح الورد وريح الأنبياء ريح السفرجل وريح الآس ريح الحور . (ابن السني) أحمد بن محمد بن إسحاق (وأبو نعيم) في الطب (عن جابر) بن عبد الله .
[ 60 ]
6404 - (كلوا السفرجل على الريق فإنه يذهب وغر الصدر) أي غليه وحرارته والسفرجل بارد قابض جيد للمعدة والحلو منه أقل بردا ويبسا والحامض أشد يبسا وبردا وأكله يسكن الظمأ والقئ ويدر البول ويعقل البطن وينفع من قرحة الأمعاء ونفث الدم والهيضة ويمنع الغثيان وتصاعد الأبخرة إذا استعمل بعد الطعام ويقوي المعدة والكبد ويشد القلب ويسكن النفس . (ابن السني وأبو نعيم) معا في الطب (فر عن أنس) وفيه محمد بن موسى الحوشي قال الذهبي : قال أبو داود : ضعيف عن عيسى بن شعيب قال ابن حبان : يستحق الترك . 6405 - (كلوا السفرجل فإنه يجم الفؤاد) أي يريحه وقيل يفتحه ويوسعه من جمام الماء وهو اتساعه وكثرته (ويشجع القلب) أي يقويه (ويحسن الولد) قيل يجمعه على صلاحه ونشاطه قال الحرالي : كان النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ما ينبه على حكمة الله في الأشياء التي بها يتناول أو يجتنب عملا بقوله تعالى * (يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة) * فكان يبين لهم حكمة الله في المتناول من مخلوقاته ومعرفة أخص منافعها مما خلقه ليكون غذاء في سعته أو ضرورة أو إداما أو فاكهة أو دواء كذلك ومعرفة موازنة ما بين الانتفاع بالشئ ومضرته واستعماله على حكم الأغلب من منفعته واجتنابه على حكم الأغلب من مضرته . (فر عن عوف بن مالك) وفيه عبد الرحمن العرزمي أورده الذهبي في الضعفاء ونقل تضعيفه عن الدارقطني قال ابن الجوزي : ليس لخبر السفرجل مدار يرجع إليه وقال ابن القيم : روي في السفرجل أحاديث هذا منها ولا تصح . 6406 - (كما تكونوا يولى عليكم) فإذا اتقيتم الله وخفتم عقابه ولى عليكم من يخافه فيكم وعكسه وفي بعض الكتب المنزلة أنا الله ملك الملوك قلوب الملوك ونواصيهم بيدي فإن العباد أطاعوني جعلتهم عليهم رجمة وإن هم عصوني جعلتهم عليهم عقوبة فلا تشتغلوا بسب الملوك ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم ومن دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يرحمنا وروى الطبراني عن كعب الأحبار أنه سمع رجلا يدعو على الحجاج فقال : لا تفعل إنكم من أنفسكم أتيتم فقد روي أعمالكم عمالكم وكما تكونوا يولى عليكم . (فر) وكذا القضاعي كلاهما من حديث يحيى بن هاشم عن يونس بن إسحاق عن أبيه عن جده (عن أبي بكرة) مرفوعا قال السخاوي : ورواية يحيى في عداد من يضع (هب) من جهة يحيى بن هشام عن يونس بن إسحاق (عن أبي إسحاق) عمر بن عبد الله (السبيعي مرسلا) بلفظ كما تكونون كذلك يؤمر عليكم ثم قال : هذا منقطع وراويه يحيى بن هشام
[ 61 ]
ضعيف والسبيعي بفتح المهملة وكسر الموحدة وسكون المثناة تحت وعين مهملة نسبة إلى سبيع بطن من همدان وله طريق أخرى مسندة عند ابن جميع في معجمه والقضاعي من جهة أحمد بن عثمان الكرماني عن المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة مرفوعا قال ابن طاهر : والمبارك وإن ذكر بشئ من الضعف فالعمدة على من رواه عنه فإن فيهم جهالة . 6407 - (كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار وهما طريقان فأيهما أخذتم أدركتم) إليه وفي رواية للعسكري وهما طريقان في أيهما سلكتم وردتم على أهله وفي رواية فأيهما أخذتم أدتكم إليه وهذا الحديث قد عده العسكري وغيره من الحكم والأمثال . (ابن عساكر) في تاريخه وكذا ابن منيع والعسكري (عن أبي ذر) وفيه مكبر بن عثمان التنوخي قال في الميزان عن ابن حبان : منكر الحديث جدا ثم ساق من مناكيره هذا الخبر . 6408 - (كما لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا ينزل الفجار منازل الأبرار فاسلكوا أي طريق شئتم فأي طريق سلكتم وردتم على أهله) فمن سلك طريق أهل الله ورد عليهم فصار من السعداء ومن سلك طريق الفجار ورد عليهم وكان منهم فصار من الأشقياء والإنسان مع من أحب ومن تشبه بقوم فهو منهم والعبد يبعث على ما مات عليه . - (حل عن يزيد بن مرثد مرسلا) . 6409 - (كما لا ينفع مع الشرك شئ كذلك لا يضر مع الإيمان شئ) وفي رواية لأبي نعيم أيضا كما لا يضر مع الإيمان ذنب لا ينفع مع الشرك عمل انتهى . وأراد بالإيمان الحقيقي الكامل الذي يملأ القلب نورا فتستأنس النفس وتصير تحت سلطنته وقهره فهذا هو الذي لا يضر معه شئ من الأشياء إذ الإيمان كما في شرح الحكم قد يكون بالغيب وقد يكون عن كشف وشهود وهو الحقيقي . (خط عن عمر) بن الخطاب وفيه منذر بن زياد الطائي وعنه حجاج بن نصير ومنذر قال في الميزان عن الدارقطني : متروك الحديث وساق له ابن عدي مناكير منها هذا الخبر وقال الفلاس : كان كذابا وحجاج ضعفه ابن معين وغيره وقال البخاري : متروك (حل) من حديث يحيى بن اليمان عن سفيان عن إبراهيم بن محمد المنتشر عن أبيه عن مسروق (عن ابن عمرو) بن العاص ثم قال أبو نعيم : غريب من حديث الثوري عن إبراهيم تفرد به يحيى بن اليمان ويحيى بن اليمان ثقة من رجال مسلم لكنه فلج في آخر عمره فساء حفظه .
[ 62 ]
6410 - (كما يضاعف لنا) معشر الأنبياء (الأجر) أي الثواب ورفع الدرجات (يضاعف علينا البلاء) وأشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل كما سبق ولذلك كان على المصطفى صلى الله عليه وسلم من التشديدات في التكليفات ما لم يكن على غيره وكان يوعك كما يوعك الرجلان . (ابن سعد) في الطبقات (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه . 6411 - (كما تدين تدان) أي كما تفعل تجازى بفعلك وكما تفعل يفعل معك سمى الفعل المبتدأ جزاء والجزاء هو الفعل الواقع بعده ثوابا كان أو عقابا للمشاكلة كما في * (وجزاء سيئة سيئة مثلها) * مع أن الجزاء المماثل مأذون فيه شرعا فيكون حسنا لا سيئا قال الميداني في ذلك : ويجوز إجراؤه على ظاهره أي كما تجازي أنت الناس على صنيعهم تجازى أنت على صنيعك والكاف في محل نصب للمصدر أي تدان دينا مثل دينك والقصاص إن لم يكن فيك أخذ من ذريتك ولهذا قال تعالى * (وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم فليتقوا الله) * فاتق الله في أولاد غيرك يحفظك في ذريتك وييسر لهم ببركة تقواك ما تقر به عينك بعد موتك وإن لم تتق الله فيهم فأنت مؤاخذ بذلك في نفسك وذريتك وما فعلته كله يفعل بهم وهم وإن كانوا لم يفعلوا لكنهم تبعا لأولئك الأصول وناشئون عنهم * (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا) * . (عد) من جهة مكرم بن عبد الله الجوزجاني عن محمد بن عبد الملك الأنصاري عن نافع (عن ابن عمر) ثم ضعفه بمحمد المذكور فعزو الحديث لمخرجه وحذفه من كلامه وتصريحه بتضعيفه غير صواب قال الزركشي : ورواه البيهقي في الأسماء والصفات وفي الزهد عن أبي قلابة مرسلا بلفظ الذنب لا ينسى والبر لا يبلى والديان لا يموت وكما تدين تدان وبه يتقوى وقال ابن حجر : له شاهد مرسل خرجه عبد الرزاق عن أبي قلابة يرفعه قال : ورجاله ثقات ورواه أحمد في الزهد عن أبي قلابة قال : قال أبو الدرداء فذكره . 6412 - (كم من أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره) أي لأمضى ما أقسم لأجله (منهم البراء بن مالك) أخو أنس لأبويه قال أنس : ثم إن البراء لقي زحفا من المشركين وقد أوجع المشركون في المسلمين فقالوا : يا براء إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لو أقسمت على ربك عز وجل لأبرك فأقسم على ربك فقال : أقسمت عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم فمنحوا أكتافهم ثم التقوا على قنطرة السوس فأوجعوا في المسلمين فقالوا : أقسمت يا براء على ربك قال : أقسم عليك يا رب لما منحتنا أكتافهم وألحقتني بنبيك فمنحوا أكتافهم وقتل البراء شهيدا رواه أبو نعيم وغيره عن أنس . (ت والضياء) في المختارة (عن أنس) ورواه عنه أيضا الحاكم وصححه أبو نعيم .
[ 63 ]
6413 - (كم من ذي طمرين لا يؤبه له لو أقسم على الله لأبره منهم عمار بن ياسر) قال الزين العراقي : وقد قلت في ذلك : لا تحسب الفخر في لبس وتدريع * ووصف حسن وزي غير مشروع فرب أشعث ذي طمرين مدفوع * إن قال قولا تراه غير مسموع لكنه عند رب الناس ذي قسم * بر إذا رام أمرا غير ممنوع (تنبيه) قال ابن عربي : هؤلاء الذي أرادهم بهذا الحديث هم الرجال المسمون بالملامتية الذين حلوا من الولاية أقصى درجاتها وهذا ما يسمى مقام القرب اقتطعهم لله إليه وحبسهم في خيام الأعمال الظاهرة فلا يعرفون بخرق العوائد فلا يلفت إليهم بل هم غامضون في الناس مغمورون فيهم وقد قال بعضهم في صفتهم لما سئل عن قولهم : العارف مسود الوجه في الدنيا والآخرة أي مستغرقا لأوقاته كلها في تجليات الحق له فلا يرى نفسه ولا مقامه كونا من الأكوان والأكوان في نور الحق ظلمة فلا يشهد إلا سواد الدوام التجلي عليه فهو مع الحق في الدارين أو المراد بالتسويد السيادة وبالوجه حقيقة الإنسان أي له السيادة في الدارين واعلم أن الظهور للرسل كمال وللأولياء نقص لأن الرسل مضطرون إليه لأجل التشريع بخلاف الأولياء فإن الله أكمل لهم الدين فكمال حالهم ستر مرتبتهم عن نفوسهم فضلا عن غيرهم فمن منازل صونهم أداء الفريضة مع الجماعة ولا يتوطن مكانا في المسجد وإذا كلمه الناس كلمهم ورأى الحق عليه رقيبا في كلامه وإذا سمع كلامهم سمع كذلك ويقلل مجالسة الناس حتى جيرانه لئلا يشعر به ويقضي حاجة الصغير والأرملة ويلاعب أولاده وأهله بما يرضي الله ويمزج ولا يقول إلا حقا وإن عرف في موضع انتقل إلى غيره فإن لم تمكنه النقلة استقضى من يعرفه وألح عليه في حوائجه حتى ينفي عنه وإن كان عنده مقام التحول في الصورة تحول كما كان قضيب البان وهذا كله حيث لم يرد الحق إظهاره . (ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) ورواه أيضا الطبراني في الأوسط عنها باللفظ المزبور فما أوهمه صنيع المصنف أنه لم يخرجه أحد ممن وضع لهم الرموز غير جيد قال الهيثمي : وسنده ضعيف لكنه يجبر بتعدده فقد رواه الرافعي في أماليه أيضا . 6414 - (كم من عذق) بكسر العين المهملة غصن من نخلة وأما بفتحها فالنخلة بكمالها وليس مرادا هنا (معلق لأبي الدحداح) بدالين وحاءين مهملات ولا يعرف اسمه (في الجنة) جزاء له على جبره لخاطر اليتيم الذي خاصمه أبو لبانة في نخلة فبكى فاشتراها أبو الدحداح من أبي لبابة بحديقة فأعطاها اليتيم فبإشارة الباقي على الفاني جوزي بتكثير النخل في الجنة فوق ما لأمثاله والجزاء من جنس العمل . (حم م د ت عن جابر بن سمرة) ورواه عنه الطيالسي أيضا .
[ 64 ]
6415 - (كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع معروفه) فيه تأكيد عظيم لرعاية حق الجار والحث على مؤاساته وإن جار وذلك سبب للائتلاف والاتصال فإن أهان كل أحد جاره انعكس الحال . (خد عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أبو الشيخ [ ابن حبان ] والديلمي والأصفهاني وضعفه المنذري . 6416 - (كم من عاقل عقل عن الله أمره وهو حقير عند الناس ذميم المنظر) ينجو إذا وقف على معرفة نفسه واشتغل بالعلم بحقائقه من حيث هو إنسان فلم ير فرقا بينه وبين العالم الأكبر ورأى أنه مطيع لله ساجد له قائم بما تعين عليه من عبادة خالقه فطلب الحقيقة التي يجتمع فيها مع العالم فلم يجد إلا الإمكان والافتقار والذلة والخضوع والمسكنة ثم رأى أن العالم فطر على عبادة ربه فافتقر هذا العاقل إلى من يرشده وينزله الطريق المقربة إلى سعادته لما سمع قوله سبحانه * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * فعبده بالافتقار إليه كما عبده سائر العالم ثم رأى أن الله قد حد له حدودا ونهاه عن تعديها وأن يأتي من أمره بما استطاع فتعين عليه العلم بما شرعه الله يقيم عبادته الفرعية كما أقام الأصلية فعلمها فإذا علم أمر ربه ونهيه ووفى حقه وحق عبوديته فقد عرف نفسه ومن عرف نفسه عرف ربه ومن عرف ربه فهو من الناجين الفرجين يوم القيامة (وكم من ظريف اللسان جميل المنظر عظيم الشأن هالك غدا في القيامة) لسوء عمله وكآبة منقلبه وقبح سيرته وسوء سريرته إن الله لا ينظر إلى صوركم وإنما ينظر إلى قلوبكم فالقلب هو محل نظر الحق فلا عبرة بحسن الظاهر وزخرف اللسان مع خبث الجنان . (هب) من حديث نهشل بن سعيد عن عبادة بن كثير عن عبد الله بن دينار (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال أعني البيهقي : تفرد به نهشل بن عباد اه‍ . ونهشل هذا قال الذهبي : قال ابن راهويه : كان كذابا وعباد بن كثير قال البخاري : تركوه وعبد الله بن دينار قال الذهبي : ليس بالقوي . 6417 - (كم ممن) وفي رواية من (أصابه السلاح ليس بشهيد ولا حميد وكم ممن قد مات على فراشه وحتف أنفه عند الله صديق شهيد) قال في الفردوس : قال أبو عبيد : يقال مات فلان حتف أنفه إذا مات على فراشه وقال غيره : قيل له ذلك لأن نفسه تخرج بتنفسه من فيه وأنفه وغلب أحد الاسمين على الآخر لتجاورهما وأصل هذا الحديث أنه عليه الصلاة والسلام قال : من تعدون الشهيد فيكم قالوا : من
[ 65 ]
أصابه السهم فذكره وعلى ذلك ترجم البخاري باب لا يقال فلان شهيد أي على سبيل القطع والجزم إلا أن يكون بالوحي فالمقصود بالحديث النهي عن تعيين وصف واحد بعينه بأنه شهيد بل يجوز أن يقال ذلك على طريق الإجمال . - (حل) من حديث عبد الله بن خبيق عن يوسف بن أسباط عن حماد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت (عن أبي ذر) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من تعدون الشهيد فيكم قالوا : من أصابه السلاح فذكره ثم قال أبو نعيم : غريب بهذا الإسناد واللفظ لم نكتبه إلا من حديث يوسف اه‍ ويوسف بن أسباط أورده الذهبي في الضعفاء وقال : وثقه يحيى وقال أبو حاتم : لا يحتج به وقال ابن حجر : في إسناده نظر فإنه من رواية عبد الله بن خبيق بمعجمة ثم موحدة وقاف مصغرا عن يوسف بن أسباط الزاهد . 6418 - (كم من حوراء عيناء) أي واسعة العين بيضاء أعدت لرجل في الجنة (وما كان مهرها) في الدنيا (إلا) شيئا قليلا مثل (قبضة) قبضها (من حنطة أو مثلها من تمر) وناولها لمسكين قاصدا بها وجه الله تعالى فيثيبه بها زوجة في الجنة من الحور العين وتتعدد الزوجات بتعدد القبضات سبحان الكريم ما أوسع عطاءه . (عق) عن أحمد بن محمد النصيبي عن هشام بن عبد الملك عن عقبة بن السكن الفزاري عن أبان بن المجبر عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حبان : باطل وأبان متروك وقال مخرجه العقيلي : لا يتابعه عليه إلا من هو مثله أو دونه وفي الميزان عن ابن حبان : حديث باطل وقال الأزدي : أبان متروك الحديث وقال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج به ولا الرواية عنه ومن ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات وأقره عليه المؤلف في مختصرها فلم يتعقبه . 6419 - (كم من مستقبل يوما لا يستكمله غدا ومنتظر غدا لا يدركه) بين به أن على العاقل أن يروض نفسه ويكشف لها حالة الأجل ويصرفها عن غرور الأمل حتى لا يطول الأمل أجلا قصيرا ولا ينسيه موتا ولا نشورا والليل والنهار يتراكضان تراكض البريد يقربان كل بعيد ويخلقان كل جديد قال رجل لزاهد في البصرة : ألك حاجة ببغداد قال : ما أحب أن أشط أملي بمن يذهب لبغداد ويجئ أما سمعت قول عيسى عليه السلام الدنيا ثلاثة أيام أمس مضى ما بيدك منه وغدا لا تدري أتدركه أم لا ويوم أنت فيه فاغتنمه وقال إمام الحرمين : الدنيا ثلاثة أنفاس نفس مضى عملت فيه ما عملت ونفس أنت فيه ونفس لا تدري أتدركه أم لا إذ كم من تنفس نفسا ففاجأه الموت قبل النفس الآخر فلست تملك إلا نفسا واحدا لا يوما ولا ساعة فبادر في هذا النفس إلى الطاعة قبل الفوت وإلى التوبة قبل الموت ولا تهتم بالرزق فلعلك لا تبقى حتى تحتاج إليه فيكون وقتك ضائعا والهم فاضلا . (فر عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عون بن عبد الله أورده في اللسان ونقل عن الدارقطني ما يفيد تضعيفه .
[ 66 ]
6420 - (كمل) بتثليث الميم لكن الكسر ضعيف والكمال المتناهي والتمام (من الرجال كثير) لأن كمال المرء في سبعة العلم والحق والعدل والصواب الصدق والأدب والكمال في هذه الخصال موجود في كثير من الرجال بفضل العقول وتفاوتها لأن المعرفة تبع للعقل والنساء ناقصات عقل فعقلهن على النصف من الرجال ولهذا عدلت شهادة اثنتين رجلا (ولم يكمل) بضم الميم (من النساء إلا آسية) بنت مزاحم قيل من العمالقة وقيل من بني إسرائيل من سبط موسى وقيل عمة موسى وقيل بنت عمة فرعون (امرأة فرعون) أعدى أعداء الله الناطق بالكلمة العظمى (ومريم بنت عمران) أم عيسى فإنهما برزتا على الرجال لما أعطيتا من سلوك السبيل إلى الله ثم الوصول إليه ثم الاتصال به والمراد بالكمال هنا التناهي في الفضائل والبر والتقوى وحسن الخصال وتمسك به من زعم نبوة مريم وآسية لأن كمال البشر إنما هو في مقام النبوة وارد بأن الكمال في شئ ما يكون حصوله للكامل أوفى من غيره والنبوة ليست أولى للنساء لبنائها على الظهور للدعوة وحالهن الاستنكار والكمال في حقهن الصديقية ثم الظاهر أنهما خير نساء عصرهما والتفضيل بينهما مسكوت عنه وعلم من دليل منفصل أن مريم أفضل وزادت عليهما فاطمة بزيادة كمال من كمال أبويها (وأن فضل عائشة) بنت أبي بكر الصديق (على النساء) أي نساء هذه الأمة (كفضل الثريد) بالمثلثة (على سائر الطعام) لا تصريح فيه بأفضلية عائشة على غيرها لأن فضل الثريد على غيره إنما هو لسهولة مساغه وتيسر تناوله وكان يومئذ جل طعامهم . (تنبيه) قال ابن عربي : كمال الوجود وجود النقص فيه إذ لو لم يكن كان كمال الوجود ناقصا لعدم لنقص فيه قال تعالى * (أعطى كل شئ خلقه ثم هدى) * فما نقصه شيئا حتى النقص أعطاه فهذا كمال العلم ولله كمال يليق به وللإنسان كمال يليق به ومن نقص من الناس عن هذا الكمال فذلك النقص الذي في العالم لأن الإنسان من جملة العالم وما كل إنسان يقبل الكمال وما عداه فكامل في مرتبته لا ينقص شئ بنص القرآن فما ظهر في العالم نقص إلا في الإنسان لأنه مجموع حقائق العالم وهو المختصر الوجيز منه . (حم ق ت عن أبي موسى) الأشعري رواه عنه النسائي أيضا . 6421 - (كن في الدنيا كأنك غريب) أي عش بباطنك عيش الغريب عن وطنه بخروجك عن أوطان عاداتها ومألوفاتها بالزهد في الدنيا والتزود منها للآخرة فإنها الوطن أي أن الآخرة هي دار القرار كما أن الغريب حيث حل نازع لوطنه ومهما نال من الطرف أعدها لوطنه وكلما قرب مرحلة سره وإن تعوق ساعة ساءه فلا يتخذ في سفره المساكن والأصدقاء بل يجتزئ بالقليل قدر ما يقطع به مساقة عبوره لأن الإنسان إنما أوجد ليمتحن بالطاعة فيثاب أو بالإثم فيعاقب * (ليبلوكم أيكم أحسن
[ 67 ]
عملا) * فهو كعبد أرسله سيده في حاجة فهو إما غريب أو عابر سبيل فحقه أن يبادر لقضائها ثم يعود إلى وطنه وهذا أصل عظيم في قصر الأمل وأن لا يتخذ الدنيا وطنا وسكنا بل يكون فيها على جناح سفر مهيأ للرحيل وقد اتفقت على ذلك وصايا جميع الأمم وفيه حث على الزهد والإعراض عن الدنيا والغريب المجتهد في الوصول إلى وطنه لا بد له من مركب وزاد ورفقاء وطريق يسلكها فالمركب نفسه ولا بد من رياضة المركوب ليستقيم للراكب والزاد التقوى والرفقاء الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والصراط المستقيم وإذا سلك الطريق لم يزل خائفا من القطاع إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع (أو عابر سبيل) قال الطيبي : الأحسن جعل أو بمعنى بل شبه الناسك السالك بغريب لا مسكن له يأويه ثم ترقى وأضرب عنه إلى عابر سبيل لأن الغريب قد يسكن بلد الغربة وابن السبيل بينه وبين مقصده أودية رديئة ومفارز مهلكة وقطاع وشأنه أن لا يقيم لحظة ولا يسكن لمحة قال بعض العارفين : الأرواح خلقت قبل الأجساد ثم أفيضت من عالمها العلوي النوراني فأودعت هذا الجسد الترابي الظلماني فاجتمعا اجتماع غربة كل منهما يشير إلى وطنه ويطير إلى مسكنه فالبدن أخلد إلى الأرض والروح بدون السمو لم ترض . راحت مشرقة ورحت مغربا * شتان بين مشرق ومغرب (خ) في الرقاق (عن ابن عمر) بن الخطاب (زاد حم د ت ه وعد نفسك من أهل القبور) أي استمر سائرا ولا تفتر فإن قصرت انقطعت وهلكت في تلك الأودية فلا تتنافس في عمارة الدور فعل المستوطن المغرور فيأتيك الموت من غير استعداد وتقدم على سفر الآخرة بغير زاد ، رواه العسكري وزاد : إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح وخذ من صحتك لسقمك ومن حياتك لموتك فإنه لا تدري ما اسمك غدا قالوا : وذا من جوامع الكلم . 6422 - (كن ورعا تكن أعبد الناس) أي داوم عليه في جميع الحالات حتى يصير طبعا لك فتكون أعبد الناس لدوام مراقبتك واشتغالك بأفضل العبادات بظاهرك وباطنك بإيثار حقك على حظك وهذا كمال العبودية ولهذا قال الحسن : ملاك الدين الورع وقد رجع ابن المبارك من خراسان إلى الشام في رد قلم استعاره منها وأبو يزيد إلى همدان لرد نملة وجدها في قرطم اشتراه وقال : غريبة عن وطنها وابن أدهم من القدس للبصرة لرد تمرة ، فانظر إلى قوة ورع هؤلاء وتشبه بهم إن أردت السعادة (وكن قنعا تكن أشكر الناس) لأن العبد إذا قنع بما أعطاه الله رضي بما قسم له وإذا رضي شكر فزاده الله من فضله جزاء لشكره وكلما زاد شكرا ازداد فضلا * (لئن شكرتم لأزيدنكم) * (وأحب للناس ما تحب لنفسك) من الخير (تكن مؤمنا) أي كامل الإيمان لإعراضك عن هواك وإن لم تحب لهم ما تحب لنفسك فأنت مؤمنا ناقص الإيمان لمتابعتك هواك (وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما) أي كامل الإسلام فإن المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه (وأقل الضحك فإن كثرة
[ 68 ]
الضحك تميت القلب) وفي رواية البيهقي بدله فإن في كثرة الضحك فساد لقلب وإذا فسد القلب فسد الجسد كله . (تنبيه) الضحك المميت للقلب ينشأ من الفرح والبطر بالدنيا وللقلب حياة وموت فحياته بدوام الطاعة وموته بإجابة غير الله من النفس والهوى والشيطان ، بتواتر أسقام المعاصي تموت الأجسام بأسقامها واقتصر من أسباب موته على كثرة الضحك وهو ينشأ عن جميعها لانتشائه من حب الدنيا وحبها رأس كل خطيئة بنص الخبر أوحى الله إلى داود ومن عصاني فقد مات ومن أسباب موت القلب الأشر والبطر والفرح وإذا مات لم يستجب له الله إذا دعاه . (تنبيه) المأمور بالكف عن كثرة الضحك إنما هو أمثالنا أما من ذاق مشرب القوم من الأحباب فليس مرادا بهذا الخطاب ، قال بعض العارفين : جلس ذو النون للوعظ والناس حوله يبكون وشاب يضحك فزجره ، فأنشأ يقول : كلهم يعبدون الله من خوف النار * ويرون النجاة حظا جزيلا ليس لي في الجنان والنار رأي * أنا لا أبتغي بحبي بديلا فقيل له : فإن طردك فما تفعل ؟ قال : فإذا لم أجد من الحب وصلا * رمت في النار منزلا ومقيلا ثم أزعجت أهلها ببكائي * بكرة في ضريعها وأصيلا معشر المشركين نوحوا علي * أنا عبد أحببت مولى جليلا لم أكن في الذي ادعيت صدوقا * فجزائي منه العذاب الوبيلا وقال ابن عربي : خدمت امرأة من المخبآت العارفات تسمى فاطمة بنت المثنى القرطبي خدمتها وسنها فوق خمس وتسعين سنة وكنت أستحي أنظر إليها من حمرة خديها وحسن نغمتها وجمالها كأن عمرها دون عشرين سنة وكانت تضرب بالدف وتفرح وتقول اعتنى بي وجعلني من أوليائه واصطنعني لنفسه فكيف لا أفرح ومن أنا حتى يختارني على ابن جني . (هب) من حديث أبي رجاء وكذا القضاعي (عن أبي هريرة) قال العلائي : وأبو رجاء متكلم فيه وأقول : فيه أيضا يزيد بن سنان أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أبو داود : يرى بالقدر وبه يعرف أن العامري لم يصب في زعمه لصحته . 6423 - (كنت أول الناس في الخلق وآخرهم في البعث) بأن جعله الله حقيقة تقصر عقولنا عن معرفتها وأفاض عليها وصف النبوة من ذلك الوقت ثم لما انتهى الزمان بالاسم الباطن في حقه إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان إلى الاسم الظاهر فظهر بكليته جسما وروحا وأما قول الحجة المراد بالخلق التقدير لا الإيجاد فإنه قبل ولادته لم يكن موجودا فتعقبه السبكي بأنه لو كان كذلك لم يختص . (ابن سعد) في الطبقات (عن قتادة مرسلا) ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مسندا لأحد وهو غفول فقد خرجه أبو نعيم في الدلائل وابن أبي حاتم في تفسيره وابن لال والديلمي كلهم من حديث سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث ثم إن فيه بقية وقد مر الكلام فيه وسعيد بن بشير ضعفه ابن معين وغيره .
[ 69 ]
6424 - (كنت نبيا) لم يقل كنت إنسانا ولا كنت موجودا إشارة إلى أن نبوته كانت موجودة في أول خلق الزمان في عالم الغيب دون عالم الشهادة فلما انتهى الزمان بالاسم الباطن إلى وجود جسمه وارتباط الروح به انتقل حكم الزمان في جريانه إلى الاسم الظاهر فظهر بذاته جسما وروحا فكان الحكم له باطنا أوفى كل ما ظهر من الشرائع على أيدي الأنبياء والرسل ثم صار الحكم له ظاهرا فنسخ كل شرع أبرزه الاسم الباطن بحكم الاسم الظاهر لبيان اختلاف حكم الاسمين وإن كان الشرع واحدا (وآدم بين الروح والجسد) يعني أنه تعالى أخبره بمرتبته وهو روح قبل إيجاد الأجسام الإنسانية كما أخذ الميثاق على بني آدم قبل إيجاد أجسامهم ذكره ابن عربي ومنه أخذ بعضهم قوله لما أخذ الله من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم كان محمد أول من قال بلى ولهذا صار متقدما على الأنبياء وهو آخر من يبعث ، فإن قيل حقيقة آدم في هذا الهيكل المخلوق من طين المنفوخ فيه الروح فمجموع الروح والجسد هو المسمى بآدم فما معنى وآدم بين الروح والجسد ؟ فالجواب أنه مجاز عما قبل تمام خلقته قريبا منه كما يقال فلان بين الصحة والمرض أي حالة تقرب من كل منهما قال السخاوي : وما اشتهر على الألسنة بلفظ كنت نبيا وآدم بين الماء والطين فلم أقف عليه . (ابن سعد) في الطبقات (حل عن ميسرة الفجر) له صحبة من أعراب البصرة (ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء طب عن ابن عباس) قال : قيل يا رسول الله متى كنت نبيا فذكره قال الطبراني : لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الإسناد وفيه قيس بن الربيع قال الذهبي : تابعي له حديث منكر ، وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وإلا لما أبعد النجعة وهو عجب فقد خرجه الترمذي في العلل وذكر أنه سأل عنه البخاري ولم يعرفه قال أبو عيسى : وهو غريب وأخرجه البخاري في تاريخه وأحمد بن السكن والبغوي عن ميسرة أيضا وأخرجه عنه الحاكم بلفظ قلت : يا رسول الله متى كنت نبيا قال : وآدم بين الروح والجسد وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وأخرجه أحمد والطبراني باللفظ المزبور عنه قال الهيثمي : رجالهما رجال الصحيح . 6425 - (كنت بين شر جارين بين أبي لهب وعقبة بن أبي معيط) فإنهما كانا أشد الناس إيذاء وظلما له وقد بلغ من إيذائهما ما حكاه بقوله (إن كانا ليأتيان بالفروث فيطرحانها على بابي حتى إنهم ليأتون ببعض ما يطرحون من الأذى) كالغائط والدم (فيطرحونه على بابي) تناهيا في إيصال الأذية مبالغة في إضرار تلك النفس الطاهرة الزكية لما أراد الله وقدر في الأزل من تضاعف العقاب على تلك النفوس الشقية وقصة أبي جهل في وضع سلا الجزور على ظهره وهو ساجد مشهورة وفي ذلك إرشاد إلى ندب تحمل الأذى من الجار وأن من صبر فله عقبى الدار . (ابن سعد) في الطبقات (عن عائشة) .
[ 70 ]
6426 - (كنت من أفل الناس في الجماع حتى أنزل الله علي الكفيت) بفتح الكاف وسكون الفاء وفتح الياء بضبط المصنف كذا رأيته بخطه في نسخته (فما أريده من ساعة إلا وجدته وهو قدر فيها لحم) هذا صريح في رد ما قيل إن معنى الكفيت في خبر ورزقت الكفيت ما أكفت به معيشتي أي أضم وأصلح قال ابن سيد الناس : وكثرة الجماع محمودة عند العرب إذ هو دليل الكمال وصحة الذكورية ولم يزل التفاخر بكثرته عادة معروفة والتمدح به سيرة مرضية . - (ابن سعد) في الطبقات (عن محمد بن إبراهيم مرسلا) وهو الزهري (وعن صالح بن كيسان مرسلا) رأى ابن عمر وسمع عروة والزهري قال الذهبي : كان جامعا بين الفقه والحديث والمروءة وغير ذلك . 6427 - (كنت نهيتكم عن الأشربة) جمع شراب وهو كل مائع رقيق يشرب ولا يتأتى فيه المضغ حلالا أو حراما قاله ابن الكمال (إلا في ظروف الأدم) فإنها جلد رقيق لا تجعل الماء حارا فلا يصير مسكرا وأما الآن فاشربوا في كل وعاء ولو غير أدم (غير أن لا تشربوا مسكرا) فإن زمن الجاهلية قد بعد واشتهر التحريم وتقرر في النفوس فينسخ ما كان قبل ذلك من تحريم الانتباذ في تلك الأوعية خوفا من مصيره مسكرا فلما تقرر الأمر أبيح الانتباذ في كل وعاء بشرط عدم الإسكار . (م عن بريدة) بن الحصيب كزبيب وفي رواية له عنه أيضا نهيتكم عن الظروف وإن الظروف لا تحل شيئا ولا تحرمه وكل مسكر حرام . 6428 - (كنت نهيتكم عن الأوعية) أي عن الانتباذ في الظروف (فانبذوا) في أي وعاء كان ولو أخضر وأبيض لعموم الخبر خلافا لبعض المتقدمين (واجتنبوا كل مسكر) أي ما من شأنه الإسكار أي من أي شراب كان ، وهذا نسخ صريح لنهيه عن النبذ في المزفت والنقير وبه أخذ الحبر . (ه) عن بريدة ورواه عنه أيضا ابن جرير وغيره . 6429 - (كنت نهيتكم) نهي تنزيه أو تحريم (عن لحوم الأضاحي) أي عن إمساكها وادخارها والأكل منها (فوق ثلاث) من الأيام ابتداؤها من يوم الذبح أو من يوم النحر وأوجبت عليكم التصديق بها عند مضي الثلاث وإنما نهيتكم عن ذلك (ليتسع ذوو الطول) أي ليوسع أصحاب الغنى (على من لا
[ 71 ]
طول له) أي على الفقراء (فكلوا ما بدا لكم) أي مدة بدو الأكل لكم ولو فوق ثلاث (وأطعموا وادخروا) فإنه لم يبق تحريم ولا كراهة فيباح الآن الادخار فوق ثلاث والأكل متى شاء مطلقا قال القرطبي : وهذا الحديث ونحوه من الأحاديث الدافعة للمنع لم يبلغ من استمر على النهي كعلي وعمر وابنه لأنها أخبار آحاد لا متواترة وما هو كذلك يصح أن يبلغ بعض الناس دون بعض قال النووي : وهذا من نسخ السنة بالسنة قال ابن العربي : هذا من ناسخ الحديث ومنسوخه وهو باب عسر أعسر من القرن وقد كان أكلها مباحا ثم حرم ثم أبيح ففيه رد على المعتزلة الذي يرون أن النسخ لا يكون إلا بالأخف لا الأثقل وأي هذين أخف أو أثقل فقد نسخ أحدهما بالآخر قالوا : ومحل جواز الأكل في التطوع لا المنذور . (ه عن بريدة) وفي الباب عن علي وغيره . 6430 - (كنت نهيتكم عن زيارة القبور) لحدثان عهدكم بالكفر وأما الآن حيث انمحت آثار الجاهلية واستحكم الإسلام وصرتم أهل يقين وتقوى (فزوروا القبور) أي بشرط أن لا يقترن بذلك تمسح بالقبر أو تقبيل أو سجود عليه أو نحو ذلك فإنه كما قال السبكي بدعة منكرة إنما يفعلها الجهال (فإنها تزهد في الدنيا وتذكر الآخرة) ونعم الدواء لمن قسى قلبه ولزمه ذنبه فإن انتفع بالإكثار منها فذاك وإلا أكثر من مشاهدة المحتضرين فليس الخبر كالعيان قال القاضي : الفاء متعلق بمحذوف أي نهيتكم عن زيارتها مباهاة بتكاثر الأموال فعل الجاهلية وأما الآن فقد جاء الإسلام وهدم قواعد الشرك فزوروها فإنها تورث رقة القلب وتذكر المموت والبلى ، قال ابن تيمية : قد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في زيارتها بعد النهي وعلله بأنها تذكر الموت والدار الآخرة وأذن إذنا عاما في زيارة قبر المسلم والكافر والسبب الذي ورد عليه لفظ الخبر يوجب دخول الكافر والعلة موجودة في ذلك كله وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور البقيع والشهداء للدعاء والاستغفار لهم فهذا المعنى يختص بالمسلمين انتهى . (ه عن ابن مسعود) قال المنذري : إسناده صحيح وظاهر صنيع المصنف أن هذه الأحاديث لم يخرج منها شئ في أحد الصحيحين وليس كذلك بل جمع مسلم غالبها في حديث واحد وهو نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وعن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا انتهى . وعزاه ابن حجر إلى مسلم وأبي داود والترمذي وابن حبان والحاكم من حديث بريدة بنحوه . 6431 - (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة ولا تقولوا هجرا) بالضم أي قبيحا أو فحشا وقد أهجر في منطقة أفحش وأكثر الكلام فيما لا ينبغي ، وقوله نهيتكم خطاب رجال فلا يدخل فيه الإناث على المختار عند أصحابنا فلا يندب لهن لكن يجوز
[ 72 ]
مع الكراهة ثم الزيارة بمجرد هذا القصد يستومي فيها القبور كما سبق قال السبكي : متى كانت الزيادة بهذا القصد لا يشرع فيها قصد قبر بعينه ولا تشد الرحال لها وعليه يحمل ما في شرح مسلم من منع شد الرجال لزيارة القبور وكذا بقصد التبرك إلا الأنبياء فقط وقال بعضهم : استدل به على حل زيارة القبور ، هب الزائر ذكرا أم أنثى والمزور مسلما أم كافرا قال النووي : بالجواز قطع الجمهور وقال صاحب الحاوي : ولا تجوز زيارة قبر الكافر وهو غلط انتهى . وحجة الماوردي آية * (ولا تقم على قبره) * وفيه نظر انتهى . (ك) في الجنائز (عن أنس) قال ابن حجر : سنده ضعيف . 6432 - (كنس المساجد مهور الحور العين) بمعنى أن له بكل كنسة يكنسها لمسجد من المساجد حوراء في الجنة ويظهر أن ذلك إذا فعله محتسبا لا بأجرة كما هو المتعارف الآن . (ابن الجوزي) في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية من حديث عبد الواحد بن زيد عن الحسن (عن أنس) بن مالك وأورده أيضا بسنده في الموضوعات وحكم بوضعه وقال : فيه مجاهيل وعبد الواحد بن زيد متروك انتهى وروى نحوه الديلمي والطبراني . 6433 - (كونوا في الدنيا أضيافا) يعني بمنزلة الضيف ودار ضيافتكم الإسلام والضيف ينزل حيث ينزله المضيف ويأكل ما قدم له ولا يتحكم فإنه لا بد من الارتحال وسائر ما تراه في هذه الدنيا خيال ومن لا يعرف مرتبة الخيال فلا عنده من المعرفة رائحة بحال وقد قال عليه الصلاة والسلام الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا فنبه به على أن ما أدرك في هذه الدار كإدراك النائم في النوم وهو خيال فبالموت يرى أنه استيقظ وهكذا كل حال يكون فيه لا بد لك من الانتقال عنه كالضيف لا بد له من الانتقال (واتخذوا المساجد بيوتا) يعني لدينكم إليها تأوون وإلى ذكر الله فيها تسكنون ولطاعته فيها تأنسون ولدينكم بكثرة المقام فيها تحصنون كبيوت الدنيا لأسباب دنياكم ولأنس أهليكم وتحصين أموالكم واتخذوها لمعاشكم وفكاهتكم وخصوماتكم فإنها لم تبن لذلك كما في الخبر المار (وعودوا قلوبكم الرقة) أي عند ذكر الله ووعده ووعيده ورقتها بدوام الفكر في الذكر ونسيان ذكر الخالق بإيثار ذكر الحق ويحتمل أن المراد تعويد القلب الرقة على الإخوان وإصفائها بذكر الله (وأكثروا التفكر والبكاء) يعني التفكر في عظمة الله وقوة بطشه فيكثر البكاء والحذر يمتنع من متابعة هواه كما قال (ولا تختلفن) في رواية لئلا تختلفن (بكم الأهواء) أما أهواء الدنيا فتقطع عن الاستعداد للآخرة ، وأما أهواء البدع في الدين فتقطع عن المولى (تبنون ما لا تسكنون ، وتجمعون ما لا تأكلون ، وتؤملون ما لا تدركون) وهذا الذي رجح عند المنقطعين إلى الله انقطاعهم عن الخلق ولزومهم السياحات والبراري والسواحل والفرار من الناس والخروج عن ملك الحيوان . (الحسن بن سفيان حل) وكذا الديلمي (عن الحكم بن عمير) وفيه عندهم جميعا بقية وموسى بن حبيب قال الذهبي : ضعفه أبو حاتم .
[ 73 ]
6434 - (كونوا للعلم رعاة) كذا هو في الفردوس وغيره بالراء وفي نسخ بالواو فليحرر (ولا تكونوا له رواة) تمامه عند مخرجه أبي نعيم فقد يرعوي من لا يروى وقد يروى من لا يرعوي إنكم لم تكونوا عالمين حتى تكونوا بما علمتم عاملين اه‍ بلفظه . فاقتصار المصنف على هذه القطعة وحذف ما عداها من سوء التصرف وإن كان جائزا . قال في شرح الحكم : علم الهداية يحصل به المقصود من أوله وهلة وعلم الرواية لا تحصل به الهداية إلا بشرط وتدرج . وعلم الهداية تسبقه الخشية للقلب فتسكنه الهيبة والحياء والأنس ، وقال الماوردي : ربما عنى المتعلم بالحفظ من غير تصور ولا فهم حتى يصير حافظا لألفاظ المعاني وهو لا يتصورها ولا يفهم ما تضمنها يروي بغير روية ويخير عن غير خبرة فهو كالكتاب الذي لا يدفع شبهة ولا يؤدي حجة . - (حل عن ابن مسعود) من رواية القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده ابن مسعود . 6435 - (كلام ابن آدم كله عليه لا له ، إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكرا لله عز وجل) لأن اللسان ترجمان القلب يؤدي إليه القلب علم ما فيه فيعبر عنه اللسان فيرمي به إلى الأسماع فيولج القلب إن خيرا فخير ، وإن شرا فشر وكلام ابن آدم على ضروب منها ما يخلص للآخرة فذلك محبوب مطلوب متوعد عليه خير . ومنها ما يخلص للدنيا ولا نصيب للآخرة فيه وذلك مرغوب عنه متوعد عليه ، ومنها ما لا بد لهم منه في معاشهم كأخذ وعطاء فذلك مأذون فيه والحساب من ورائه ، ومن ثم قال بعض السلف : ما تكلمت بكلمة منذ عشرين سنة لم أتدبرها قبل التكلم بها إلا ندمت عليها إلا ذكر الله ، وهذا الحديث مقتبس من قوله تعالى * (لا خير في كثير من نجواهم) * الآية . قال : كلام يكون بخير فهو له وفيه ثواب وشر فهو عليه وفيه عقاب ولغو وعله حسابه وعقابه فلا يضيع نعمة نطقه فيما لا حاجة إليه وربما جر كثرة الكلام المباح إلى الحرام . (ت ه ك هب عن أم حبيبة) قال الترمذي : غريب . 6436 - (كلام أهل السماوات) من الملائكة (لا حول ولا قوة إلا بالله) أي أن ذلك أكثر كلامهم . (خط) في ترجمة خلف الموازيني (عن أنس) وفيه أحمد بن محمد بن عمران . قال الذهبي في الضعفاء : ضعيف معروف وداود بن صفير قال الدارقطني وغيره : منكر الحديث وابن عدي : غاليا في التشيع ، ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال : لا يصح . 6437 - (كلامي لا ينسخ كلام الله ، وكلام الله ينسخ كلامي ، وكلام الله ينسخ بعضه بعضا)
[ 74 ]
وهذا من خصائص هذه الشريعة وهذا النبي صلى الله عليه وسلم . قال الجلال : من خصائصه أن في كتابه وشرعه الناسخ والمنسوخ ، ثم هذا الحديث احتج به من منع نسخ الكتاب بالسنة وذهب الأكثر إلى جوازه لأن السنة مما أتى به الله قالوا : والخبر منكر . (عد قط عن جابر) قال الذهبي : فيه جيرون بن واقد الإفريقي متهم فإنه روى بقلة حيائه هذا الحديث اه‍ . وقال الغرياني في مختصر الدارقطني : فيه جيرون غير ثقة وعنه داود بن محمد القنطري أتى بحديثين باطلين قاله الذهبي ، وقال ابن الجوزي في العلل : قال ابن عدي هذا حديث منكر وفي الميزان تفرد به القنطري وهو موضوع وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لابن عدي وحذف ما أعله به غير مرضي . 6438 - (كيف أنتم) أي كيف الحال بكم فهو سؤال عن الحال وعامله محذوف أي كيف تصنعون فلما حذف الفعل أبرز الفاعل (إذا كنتم من دينكم في مثل القمر ليلة البدر لا يبصره منكم إلا البصير) . (ابن عساكر) في ترجمة صدقة الخراساني (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن ابن عساكر خرجه وأقره ساكتا عليه والأمر بخلافه بل قال : إن صدقة ضعفه أحمد والنسائي ووثقه أبو زرعة اه‍ . وفي الضعفاء للذهبي عن ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به . 6439 - (كيف أنتم) أي كيف تصنعون (إذا جارت عليكم الولاة) الحال المسؤول عنها أتصبرون أم تقاتلون وترك القتال لازم كما هو مصرح به في عدة أخبار . (طب عن عبد الله بن بسر) المازني رمز المصنف لحسنه وليس كما قال ففيه عمرو بن هلال الحمصي مولى بني أمية قال الهيثمي : جهله ابن عدي قال في الميزان : قال ابن عدي : غير معروف ولا حديثه بمحفوظ وأشار إلى هذا الحديث قال في اللسان : قال ابن عدي هذا الذي ضعفه ابن عدي . 6440 - (كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم) أي الخليفة من قريش على ما وجب واطرد أو وإمامكم في الصلاة رجل منكم كما في مسلم أن يقال له صل بنا فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة لهذه الأمة . وقال الطيبي : معنى الحديث أي يؤمكم عيسى حال كونكم في دينكم وصحح المولى التفتازاني أنه يؤمهم ويقتدي به المهدي لأنه أفضل فإمامته أولى وفي رواية بدل إمامكم منك ويؤمكم منكم ومعناه يحكم بشريعة الإسلام وهذا استفهام عن حال من يكونون أحياء عند نزول عيسى كيف يكون سرورهم بلقاء هذا النبي الكريم وكيف يكون فخر هذه الأمة وعيسى روح الله يصلي وراء إمامهم وذلك لا يلزم انفصال عيسى من الرسالة لأن جميع الرسل بعثوا بالدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل والنهي عما خالف ذلك من جزئيات الأحكام بسبب تفاوت الأعصار في المصالح من حيث أن كل واحدة منها حق بالإضافة إلى زمانها مراعى فيه صلاح من خوطب به فإذا نزل
[ 75 ]
المتقدم في أيام المتأخر نزل به على وقفه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : لو كان موسى حيا لما وسعه إلا اتباعي تنبيها على أن اتباعه لا ينافى الإيمان به بل يوجبه . (ق عن أبي هريرة) ورواه عنه أحمد أيضا . 6441 - (كيف أنت يا عويمر) أي أخبرني على أي حالة تكون يا عويمر وهو تصغير عامر (إذا قيل لك) من قبل الله تعالى (يوم القيامة أعلمت أم جهلت فإن قلت علمت قيل لك فماذا عملت فيما علمت وإن قلت جهلت قيل لك فما كان عذرك فيما جهلت ألا تعلمت) هذا من الأدلة الشرعية على قبح الجهل وعلى وبال عدم العمل بالعلم وهو استعظام لما يقع يومئذ من الدهشة والتحير في الجواب والارتباك فيما لا حيلة في دفعه ولا سبيل إلى التخلص منه وأن ما يحدث المرء به نفسه ويسهله عليها تعلل بباطل وطمع فيما لا يجدي فأفاد أن الغفلة عن الله على ضربين الجهل بأمر الدين فلا يعرف ما يأتي ولا يعلم ما يذر والسهو عما يعلم ذهابا عن إتيان ما أمر الله به وركوبا لما نهى عنه بشهوة النفس وغرور الدنيا وزخارفها وهذا أقبح النوعين . (ابن عساكر) في تاريخه عن (أبي الدرداء) . 6442 - (كيف بكم) قال الطيبي : كيف يسأل بها عن الحال أي ما حالكم وكيف أنتم (إذا كنتم عن) وفي نسخ في (دينكم كرؤية الهلال) كيف تفعلون وكيف يكون حالكم إذا خفيت عليكم أحكام دينكم فلم تبصرونها لغلبة الجهل واستيلاء الرين على القلب وهو استعظام لما أعد لهم وتهويل لهم وأنهم يقعون في أمر مهول لا مخلص منه . (ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) . 6443 - (كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ من شديدهم لضعيفهم) استخبار فيه إنكار وتعجيب أي أخبروني كيف يطهر الله قوما لا ينصرون الظالم القوي على العاجز الضعيف مع تمكنهم من ذلك أي لا يطهرهم الله أبدا فما أعجب حالكم إن ظننتم أنكم مع تماديكم في ذلك يطهركم ولأن التقديس من قدس في الأرض إذا ذهب فيها وأبعد ويقال قدس إذا طهر ، لأن مطهر الشئ يبعده عن الأفذار . (ه‍ هب عن جابر) بن عبد الله . 6444 - (كيف يقدس الله أمة) أي من أين يتطرق إليها التقديس والحال أنه (لا يأخذ ضعيفها
[ 76 ]
حقه من قويها وهو غير متعتع) بفتح التاء أي من غير أن يصيبه ويزعجه قال القاضي : ترك الحسنة أقبح من مواقعة المعصية لأن النفس تلتذ بها وتميل إليها ولا كذلك ترك الإنكار عليها فترك إزالة المنكر مع القدرة أبلغ في الذم وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس أن ذنب النبي أيوب الذي ابتلي به أنه استعان به مسكين على ظالم فلم يعنه . (ع هق) وكذلك في الشعب (عن بريدة) قال : لما قدم جعفر من الحبشة قال له النبي صلى الله عليه وسلم : أخبرني ما أعجب ما رأيته بها قال : موت امرأة على رأسها مكتل فأصابها فارس فرما فجعلت تلمه وتقول : ويل لك يوم يضع الملك كرسيه فيأخذ للمظلوم من الظالم فذكره قال الهيثمي بعد عزوه لأبي يعلى : فيه عطاء بن السائب ثقة لكنه اختلط وبقية رجاله ثقات وقال بعضهم عقب عزوه للبيهقي : وفيه عمرو ابن قيس عن عطاء أورده الذهبي في المتروكين وقال : تركوه واتهم أي بالوضع . 6445 - (كيف وقد قيل) قاله لعقبة وقد تزوج فأخبرته امرأة أنها أرضعتهما فركب إليه يسأله فقال : كيف أي كيف تباشرها وتفضي إليها وقد قيل إنك أخوها من الرضاع فإنه بعيد من المروءة والورع ففارقها ونكحت غيره قال الشافعي : كأنه لم يره شهادة فكره له المقام معها تورعا أي فأمره بفراقها لا من طريق الحاكم بل بالورع لأن شهادة المرضعة على فعلها لا يقبل عند الجمهور وأخذ أحمد بظاهر الخبر فقبلها ولم يجز بحضرته ترافع ولا أداء شهادة بل كان ذلك مجرد إخبار واستفسار وهو كسائر ما تقبل فيه شهادة النساء الخلص لا يثبت إلا بأربع قاله القاضي قال الطيبي : كيف سؤال عن الحال وقد قيل حال وهما يستدعيان عاملا يعمل فيهما يعني كيف تباشرها وتفضي إليها وقد قيل إنك أخوها ؟ هذا بعيد من المروءة والورع وفيه أنه يجب تجنب مواقع التهم وأنشدوا : قد قيل ذلك إن صدقا وإن كذبا * فما اعتذارك عن قول إذا قيلا (خ) في الشهادات (عن) أبي سروعة بكسر المهملة وسكون الراء وفتح الواو والمهملة (عقبة) بضم المهملة وسكون القاف (ابن الحارث) بالمثلثة بن عامر القرشي النوفلي من مسلمة الفتح ورواه أبو داود في القضاء والترمذي في الرضاع والنسائي في النكاح . 6446 - (كيلوا طعامكم) عند البيع وخروجه من مخزنه (يبارك لكم فيه) أي يحصل فيه الخير والبركة والنمو بنفي الجهالة عنه أما في البيع والشراء فظاهر وأما كيل ما يخرجه لعياله فلأنه إذا أخرجه جزافا قد ينقص عن كفايتهم فيتضررون أو يزيد فلا يعرف ما يدخر لتمام السنة فأمر بالكيل ليبلغهم المدة التي ادخر لها . قال ابن الجوزي وغيره : وهذه البركة يحتمل كونها للتسمية عليه وكونها لما بورك في مد أهل المدينة بدعوته ولا ينافيه خبر عائشة أنها كانت تخرج قوتها بغير كيل فبورك لها فيه حتى علمت المدة التي تبلغ إليها عند انقضائها لأن ما هنا في طعام يشترى أو يخرج من مخزنه فبركته بكيله لإقامة القسط والعدل وعائشة كالته اختبارا فدخله النقص وقوله يبارك بالجزم جوابا للأمر . (حم
[ 77 ]
خ) في الأطعمة (عن المقدام) بكسر الميم (بن معد يكرب) غير معروف (تخ ه عن عبد الله بن بسر حم ه‍ عن أبي أيوب طب عن أبي الدرداء) . 6447 - (كيلوا طعامكم فإن البركة في الطعام المكيل) قال البعض : كأنه يشير إلى أنه إذا علم كيله ووزنه حلت البركة بنفي الجهالة ونفي التهمة عن الطعام بيده وكان بعضهم إذا أنفذ حاجة مع غلمانه ختمها ويقول فيه فائدتان سلامة سرى من سوء الظن بالغلام ويمنعه من الخيانة ويعوده الأمانة لكن مجرد الكيل لا يحصل البركة ما لم ينضم له قصد الامتثال فيما يشرع كيله ومجرد عدم الكيل لا ينزعها ما لم ينضم له قصد الاختبار والمعارضة . (ابن النجار) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين ورواه القضاعي وغيره وقال بعضهم : حسن غريب . فصل في المحلى بأل من هذا الحرف [ أي حرف الكاف ] 6448 - (الكافر يلجمه العرق يوم القيامة حتى يقول) يا رب (أرحني ولو إلى النار) أي ولو بصرفي من الموقف إلى جهنم لكونه يرى أن ما فيه أشد منها وفيه أن العذاب لا يكون في الآخرة بإدخال الجحيم فقط بل قد يكون بأنواع أخر تقدم على دخولها . (خط) في ترجمة علي بن عبد الملك الطائي (عن ابن مسعود) وفيه بشر بن الوليد قال الذهبي : صدوق لكنه لا يعقل كان قد خرف . 6449 - (الكبائر) جمع كبيرة وهي كل ما كبر من المعاصي وعظم من الذنوب واختلف فيها على أقوال والأقرب أنها كل ذنب رتب الشارع عليه حدا وصرح بالوعيد عليه (الإشراك بالله) بالرفع خبر المبتدأ المقدر (وعقوق الوالدين) بأن يفعل الولد ما يتأذى به الوالد تأذيا ليس بهين مع كونه ليس من الأفعال الواجبة ذكره النووي كابن الصلاح (وقتل النفس) بغير حق (واليمين الغموس) والواو في الأربعة للعطف على السابق والشرك أعظمها . (حم خ ت ن عن ابن عمرو) .
[ 78 ]
6450 - (الكبائر سبع) قالوا : يا رسول الله وما هن ؟ قال : هن (الشرك بالله) بأن يتخذ معه إلها غيره (وعقوق الوالدين) أي الأصلين المسلمين وإن عليا (وقتل النفس التي حرم الله) قتلها (إلا بالحق) كالقصاص والقتل بالردة والرجم (وقذف) المرأة (المحصنة) بفتح الصاد أي التي أحصنها الله من الزنا وبكسرها اسم فاعلة أي التي حصنت فرجها من الزنا (والفرار) أي الهرب (من الزحف) يوم القتال في جهاد الكفار (وأكل الربا) أي تناوله بأي وجه كان (وأكل مال اليتيم) أي الطفل الذي مات أبوه والمراد بغير حق قال الذهبي في الكبائر : وفرار الفار عن سلطانه أعظم وزرا من فرار الفار من عسكر خذلوا ثم انضم إلى بلد سلطانه وكذا فرار من فر لفرار سلطانه أخف كالجند في فرارهم (والرجوع إلى الأعرابية بعد الهجرة) هذا يدل على انقسام الكبائر في عظمها إلى كبير وأكبر ، وأخذ منه ثبوت الصغيرة لأن الكبيرة بالنسبة إليها أكبر منها وما وقع للأستاذ الباقلاني والإمام من أن كل ذنب كبيرة وتفهيم الصغيرة فإنما هو نظر إلى عظمة من عصى الرب فكرهوا تسمية معصية الله صغيرة مع وفاقهم في الحرج على أنه لا يكون بمطلق المعصية فالخلف لفظي يرجع إلى مجرد التسمية ثم إنه لا يلزم من كون المذكورات أكبر الكبائر استواء رتبتها في نفسها كما إذا قلت زيد وعمرو أفضل من بكر فإنه لا يقتضي استواؤهما قال الطيبي : ليس لقاتل أن يقول كيف عدها هنا سبعا وفي أحاديث أخر أكثر لأنه إنما أنهى في كل مجلس ما أوحي إليه أو سنح له باقتضاء أحوال السائل وتفاوت الأوقات فالأضبط أن تجمع كلها وتجعل مقيسا عليها كما بينه ابن عبد السلام . - (طس عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لصحته والأمر بخلافه ففيه عبد السلام بن حرب أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : صدوق وقال ابن سعد : في حديثه ضعف وإسحاق ابن عبد الله بن أبي فروة ساقه الذهبي في الضعفاء وقال : متروك واه . 6451 - (الكبائر) جمع كبيرة قال أبو البقاء : وهي من الصفات الغالبة التي لا يكاد يذكر الموصوف معها (الشرك بالله) أي أن تجعل لله ندا وتعبد معه غيره من حجر أو شجر أو شمس أو قمر أو نبي أو شيخ أو جني أو نجم أو غير ذلك قال الله تعالى * (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) * وقال * (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار) * فمن أشرك به ومات مشركا فهو من أصحاب النار قلت : كما أن من آمن به ومات مؤمنا فمن أهل الجنة وإن عذب (والإياس من روح الله) بفتح الراء (والقنوط من رحمة الله) قال القاضي : ليس لقائل أن يقول كيف عد الكبائر هنا ثلاثا أو أربعا وفي حديث آخر سبعا لأنه لم يتعرض للحصر في شئ من ذلك ولم يعرب به كلامه أما في هذا الحديث فظاهر وأما في رواية السبع فلأن الحكم مطلق
[ 79 ]
والمطلق لا يفيد الحصر فإن قلت بل الحكم فيه كلي إذ اللام في الكبائر للاستغراق قلت لو كانت للاستغراق لا للجنس كان المعنى كل واحدة من هذه الخصال وهو فاسد أما في رواية اجتنبوا السبع الموبقات فإنه لا يستدعي عدم اجتناب غيرها ولا أن غيرها غير موبق لا بلفظه ولا بمعناه ومفهوم اللقب ضعيف مزيف . (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) قال : إن رجلا قال : يا رسول الله ما الكبائر فذكره . رمز المصنف لحسنه قال الزين العراقي في شرح الترمذي : إسناده حسن . 6452 - (الكبائر الإشراك بالله) أي مطلق الكفر وتخصيص الشرك لغلبته في الوجود حالتئذ واحتمال إرادة تخصيصه رد بأن بعض الكفر أقبح من الشرك وهو التعطيل لأنه نفي مطلق والإشراك إثبات مقيد (وقذف المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار يوم الزحف) أي الإدبار للفرار يوم الازدحام للقتال والزحف الجماعة الذين يزحفون أي يمشون بمشقة (وأكل مال اليتيم وعقوق الوالدين المسلمين) مصدر عق والده يعق عقوقا فهو عاق أذاه وعصاه وخرج عليه (وإلحاد بالبيت) أي ميل عن الحق في الكعبة أي حرمها (قبلتكم أحياءا وأمواتا) فيه انقسام الذنوب إلى كبير وأكبر فيفيد ثبوت الصغائر لأن الكبيرة بالنسبة إليها أكبر منها وقد فهم الفرق بين الكبيرة والصغيرة من مدارك الشرع وقد جاء في عدة أخبار ما يكفر الخطايا ما لم يكن كبائر فثبت به أن من الذنوب ما يكفر بالطاعة ومنها ما لا يكفر وذلك عين المدعي ولهذا قال حجة الإسلام : إنكار الفرق بين الكبيرة والصغيرة لا يليق بفقيه واعلم أن هذا الحديث قد روى بأتم من هذا ولفظه الكبائر تسع الشرك بالله وقتل مؤمن بغير حق وفرار يوم الزحف وأكل مال اليتيم وأكل الربا وقذف المحصنة وعقوق الوالدين المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم ما من رجل يموت لم يعمل هؤلاء الكبائر ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة إلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبوابها مصاريع من ذهب قال الذهبي في الكبائر : إسناده صحيح ووضع عليه علامة أبي داود والنسائي فكان ينبغي للمؤلف إيثاره . - (عق عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لصحته وفيه عبد الحميد بن سنان قال في الميزان : لا يعرف ووثقه بعضهم وقال البخاري : حديثه عن ابن عمر فيه نظر . 6453 - (الكبر من بطر الحق) أي فعل من بطره أي دفعه وأنكره وترفع عن قبوله (وغمط الناس) بطاء مهملة كذا بخط المؤلف وهي رواية مسلم وفي رواية الترمذي غمص بغين معجمة وصاد مهملة بدل الطاء قال القاضي : فالمعنى واحد قال الغزالي : وقوله غمص الناس أي ازدراهم واحتقرهم وهم عباد الله أمثاله أو خير منه وبطر الحق رده وقال القاضي : البطر الحيرة والمعنى التحير في الحق والتردد فيه أو معناه التكبر عن الحق وعدم الالتفات إليه أو معناه إبطاله وتضييعه من قولهم ذهب دم فلان بطرا أي هدرا وغمط الناس احتقارهم والتهاون بحقوقهم والمتكبر منازع لله في صفته الذاتية التي
[ 80 ]
لا يستحقها غيره فمن نازعه إياه فالنار مثواه فعقوبة المتكبر في الدنيا المقت من أولياء الله والذلة بين عباد الله . (د ك عن أبي هريرة) ورواه يعلى عن ابن مسعود وهو في مسلم من جملة حديث . 6454 - (الكبر الكبر) بضم الكاف والباء ونصب آخره على الإغراء أي كبر الكبر أو ليبدأ الأكبر بالكلام أو قدموا الأكبر إرشادا إلى الأدب في تقديم الأسن قاله وقد حضر إليه جمع في شأن صاحب لهم وجدوه قتيلا في خيبر فلم يعرف قاتله فبدأ أصغرهم ليتكلم فذكره ثم طالبهم ببينة فقالوا : ما لنا بينة قال : فيحلفون قالوا : ما نرضى بأيمان اليهود فكره أن يبطل دمه فواده بمائة من إبل الصدقة أي اشتراها من أصحابها بعد ما ملكوها قال القاضي : خبر القسامة أصل من أصول الشرع به أخذ العلماء كافة وإنما اختلفوا في كيفية الأخذ . (ق د عن سهل بن أبي حثمة) الخزرجي صحابي مشهور . 6455 - (الكذب كله إثم إلا ما نفع به مسلم) محترم في نفس أو مال (أو دفع به عن دين) لأنه لغير ذلك غش وخيانة ومن ثم كان أشد الأشياء ضررا والصدق أشدها نفعا وقبح الكذب مشهور معروف إذ ترك الفواحش بتركه وفعلها بفعله فموضعه من القبح كموضع الصدق من الحسن ولهذا أجمع على حرمته إلا لضرورة أو مصلحة قال الغزالي : وهو من أمهات الكبائر قال : وإذا عرف الإنسان بالكذب سقطت الثقة بقوله وازدرته العيون واحتقرته النفوس وإذا أردت أن تعرف قبح الكذب فانظر إلى قبح كذب غيرك ونفور نفسك عنه واستحقارك لصاحبه واستقباحك ما جاء به قال : ومن الكذب الذي لا إثم فيه ما اعتيد في المبالغة كجئت ألف مرة فلا يأثم وإن لم يبلغ ألفا قال : ومما يعتاد الكذب فيه ويتساهل أن يقال كل الطعام فيقول لا أشتهيه وذلك منهي عنه وهو حرام إن لم يكن فيه غرض صحيح وقال الراغب : الكذب عار لازم وذل دائم وحق الإنسان أن يتعود الصدق ولا يترخص في أدنى الكذب فمن استحلاه عسر فطامه وقال بعض الحكماء : كل ذنب يرجى تركه بتوبة إلا الكذب فكم رأينا شارب خمر أقلع ولصا نزع ولم نر كذابا رجع ، وعوتب كذاب في كذبه فقال : لو تغرغرت به وتطعمت حلواته ما صبرت عنه طرفة عين . (الروياني) في مسنده (عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم رمز لحسنه . 6456 - (الكذب يسود الوجه) لأن الإنسان إذا قال بلسانه ما لم يكن كذبه الله وكذبه إيمانه من قلبه فينظر أثر ذلك على وجهه * (يوم تبيض وتسود وجوه) * قال البيهقي : والكذب مراتب أعلاها في القبح والتحريم الكذب على الله ثم رسوله ثم كذب المرء على عينه فلسانه فجوارحه وكذبه على والديه ثم الأقرب فالأقرب أغلظ من غيره (والنميمة عذاب القبر) أي هي سبب
[ 81 ]
له وأوردها عقب ذم الكذب إشارة إلى أن من الصدق الممدوح ما يذم كالنميمة والغيبة والسعاية فإنها تقبح وإن كان صدقا لذلك قيل كفى بالنميمة ذما أنه يقبح فيها الصدق . (تنبيه) قال الراغب : الكذب إما أن يكون اختراع قصة لا أصل لها أو زيادة في قصة أو نقصانا أو تحريفا بتغيير عبارة فالاختراع يقال له الافتراء والاختلاق والزيادة والنقص يقال له ذنب وكل من أراد كذبا على غيره فإما أن يقول بحضرة المقول فيه أو بغيبته وأعظم الكذب ما كان اختراعا بحضرة المقول فيه وهو المعبر عنه بالبهتان والداعي إلى الكذب محبة النفع الدنيوي وحب الترؤس وذلك أن المخبر يرى أن له فضلا على المخبر بما علمه فيظن أنه يجلب بقوله فضيلة ومسرة وهو يجلب به نقيصة وفضيحة كذبة واحدة لا توازي مسرات . - (هب) من حديث زياد بن المنذر عن أبي داود (عن أبي برزة) مرفوعا وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل أعله فقال عقبه : في هذا الإسناد ضعف اه‍ . وقد تساهل في إطلاقه عليه الضعف وحاله أفظع من ذلك فقد قال الهيثمي وغيره : فيه زياد بن المنذر وهو كذاب اه‍ . فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب . 6457 - (الكرسي لؤلؤ والقلم وطول القلم سبعمائة سنة) أي مسيرة سبعمائة عام والظاهر أن المراد به التكثير لا التحديد كنظائره (وطول الكرسي حيث لا يعلمه العالمون) قال في الكشاف : في آية الكرسي هذا تصوير لعظمة الله وتخييل لأن الكرسي عبارة عن المعقد الذي لا يزيد على القاعد وهنا لا يتصور ذلك وقال في الكشف : الكرسي ما يجلس عليه ولا يفضل عن مقعد القاعد وقوله * (وسع كرسيه السماوات والأرض) * تصويرا لعظمته وتخييل فقط ولا كرسي ثمة ولا قعود ولا قاعد * (وما قدروا الله حق قدره) * اه‍ . وقال الجمهور : الكرسي مخلوق عظيم مستقل بذاته وقال الإمام الرازي : قد جاء في الأخبار الصحيحة أن الكرسي جسم عظيم مستقل بذاته تحت العرش وفوق السماء السابعة ولا امتناع من القول به فوجب القول بإثباته . - (الحسن بن سفيان ، حل عن محمد بن الحنفية مرسلا) هذا تصريح من المصنف بأن أبا نعيم لم يروه إلا مرسلا وهو ذهول عجيب فإنه إنما رواه عن الحنفية عن أبيه أمير المؤمنين مرفوعا ثم إن فيه عندهما عنبسة بن عبد الرحمن فقد مر قول الذهبي وغيره : فيه متروك متهم . 6458 - (الكرم التقوى والشرف التواضع) قال السكري : أراد أن الناس متساوون وأن أحسابهم إنما هي بأفعالهم لا بأنسابهم قال الحجاج بن أرطأة لسوار بن عبد الله : أهلكني حب الشرف فقال : سوار اتق الله تشرق (واليقين الغنى) فإن العبد إذا تيقن أن له رزقا قدر لا يتخطاه عرف أن طلبه لما لم يقدر عناء لا يفيد سوى الحرص والطمع المذمومين فقنع برزقه وشكر عليه . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر
[ 82 ]
(في اليقين) أي في كتاب اليقين (عن يحيى بن كثير مرسلا) ورواه العسكري عن عمر بلفظ الكرم التقوى والحسب المال لست بخير من فارسي ولا نبطي إلا بتقوى . 6459 - (الكريم) أي الجامع لكل ما يحمد (ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم) قال في التنقيح : ابن الأول مرفوع وما بعده مجرور وكذا قوله الآتي يوسف بن يعقوب إلى آخره فإن ابن الأول صفة الكريم المرفوع وأما البواقي فصفة للكرم المجرور قال : فليتنبه لذلك فإنه مما يخفى اه‍ . وهذا من تتابع الإضافات لكنه غير مستكره قال في دلائل الإعجاز عازيا للصاحب بن عباد : إياك والإضافات المتداخلة فإنها لا تحسن لكنه إذا سلم من الاستكراه ملح ولطف وكتب ابن في الثلاثة بدون ألف لعله من تصرف النساخ وصوابه إثباتها لوقوعها بين الصفات (يوسف) بالرفع خبر المبتدأ وهو قوله الكريم (ابن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم) نسب مرتب لما ذكر من اللف والنشر وأي كريم أكرم ممن حاز مع كونه ابن ثلاثة أنبياء متراسلين شرف النبوة وحسن الصورة وعلم الرؤيا ورئاسة الدنيا وحياطة الرعايا في القحط والبلاء ؟ قال الشاعر : إن السرى إذا سرى فبنفسه * وابن السرى إذا سرى أسراهما وقد وقع قوله الكريم ابن الكريم إلخ موزونا ولا تعارض بينه وبين قوله تعالى * (وما علمناه الشعر) * لأنه لم يقع منه قصدا . - (حم خ) في تفسير يوسف (عن ابن عمر) بن الخطاب (حم عن أبي هريرة) ووهم الحاكم فاستدركه وعجب من الذهبي كيف أقره عليه وغلط الطيبي فقال : رواه الشيخان والذي روياه إنما هو خبر أكرم الناس المال . 6460 - (الكشر) بكسر الكاف ظهور الأسنان للضحك (لا يقطع الصلاة ولكن يقطعها القرقرة) أي الضحك العالي إن ظهر به حرفان أو حرف مفهم عند الشافعية . وقال أبو حنيفة : القهقهة تبطلها مطلقا . (خط عن جابر) وفيه ثابت بن محمد الزاهد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعف لغلطه ورواه عنه الطبراني في الصغير مرفوعا وموقوفا قال الهيثمي : ورجاله موثقون . 6461 - (الكلب الأسود البهيم) أي الذي لا شية فيه بل كله أسود خالص شيطان سمي شيطانا لكونه أعقر الكلاب وأخبثها وأقلها نفعا وأكثرها نعاسا ومن ثم قال أحمد : لا يحل الصيد به ولا يؤكل مصيده لأنه شيطان وقال الثلاثة : لا فرق بين الأسود وغيره وليس المراد بالحديث إخراجه من جنس الكلاب لأنه إذا ولغ في الإناء يغسل كغيره ولا يزاد وأخذ بظاهر هذا الخبر المالكية فمنعوا اقتناء الأسود إلا لحاجة نحو صيد أو حرس وجوزوا قتله دون غيره والأصح عند الشافعية حال اقتنائه لما ذكر وجواز قتل العقور لا غيره مطلقا قيل ولولا أن لسان الكلب معقول لتكلم . (حم عن عائشة) رمز
[ 83 ]
المصنف لصحته وليس كما ينبغي فقد قال الهيثمي : فيه ليث بن أبي سليم ثقة لكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح . 6462 - (الكلمة الحكمة) قال التوربشتي : روي بالإضافة وروي الكلمة الحكيمة بالياء وكل قريب فالمراد بالكلمة الحكمة المقيدة والحكمة التي أحكمت مباينها بالعلم والعقل والحكيم المتقن للأمور الذي له غور فيها . قال الطيبي : وعلى الرواية الأولى يعني الكلمة الحكمة جعل الكلمة نفس الحكمة مبالغة وعلى رواية الحكيمة يكون من الإسناد المجازي لأن الحكيم قائلها (ضالة المؤمن) أي مطلوبه فلا يزال يطلبها كما يتطلب الرجل ضالته (فحيث وجدها فهو أحق بها) أي بالعمل بها واتباعها يعني أن كلمة الحكمة ربما نطق بها من ليس لها بأهل ثم رجعت إلى أهلها فهو أحق بها كما أن صاحب الضالة لا ينظر إلى خساسة من وجدها عنده . خطب الحجاج فقال : إن الله أمرنا بطلب الآخرة وكفانا مؤونة الدنيا فليته كفانا مؤونة الآخرة وأمرنا بطلب الدنيا فقال الحسن : خذوها من فاسق الحكمة ضالة المؤمن ، ووجد رجل يكتب عن مخنث شيئا فعوتب فقال : الجوهرة النفيسة لا يشينها سخافة غائصها ودناءة بائعها . قال بعضهم : والحكمة هنا كل كلمة وعظتك أو زجرتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيحة وقال القاضي : الكلمة هنا بمعنى الكلام والحكمة المحكمة وهي التي تدل على معنى فيه دقة للحكيم الفطن المتقن الذي له غور في المعاني وضالته مطلوبه والمعنى أن الناس متفاوتة الأقدام في فهم المعاني واستنباط الحقائق المحتجبة واستكشاف الأسرار المرموزة فمن قصر فهمه عن إدراك حقائق الآيات ودقائق الأحاديث ينبغي أن لا ينكر على من رزق فهمها وألهم تحقيقها ولا ينزع فيه كما لا ينازع صاحب الضالة في ضالته إذا وجدها وأن من سمع كلاما ولم يفهم معناه أو لم يبلغ كنهه فعليه أن لا يضيعه ويحمله إلى من هو أفقه منه فلعله يفهم منه ما لا يفهمه ويستنبط ما لا يمكنه استنباطه كما أن الرجل إذا وجد ضالة مضيعة فلا يضيعها بل يأخذها ويتفحص عن صاحبها حتى يجده فيردها عليه فإن العالم إذا سئل عن معنى ورأى في السائل دراية وفطانة يستعيد بها فهمه فعليه أن يعلمه ولا يمنعه . (تنبيه) قال العارف ابن عربي : لا يحجبنك أيها الناظر في العلم النبوي الموروث إذا وقفت على مسألة من مسائله ذكرها فيلسوف أو متكلم أن تنقلها وتعمل بها لكون قائلها لا دين له فإن هذا قول من لا تحصيل له إذ الفيلسوف ليس كل علمه باطلا فإذا وجدنا شرعنا لا يأباها قبناها سيما فيما وصفوه من الحكم والتبرئ من الشهوات ومكائد النفوس وما تنطوي عليه من سوء الضمائر . (ت) في العلم (ه‍) في الزهد كلاهما عن إبراهيم بن المفضل عن سعيد المقبري (عن أبي هريرة ، ابن عساكر) في تاريخه وكذا القضاعي (عن علي) أمير المؤمنين قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وإبراهيم بن المفضل مضعف اه‍ . وقال في العلل : قال يحيى : إبراهيم ليس حديثه بشئ رمز المصنف لحسنه وقال العامري : غريب .
[ 84 ]
6463 - (الكمأة) بفتح الكاف وسكون الميم وبعدها همزة شئ أبيض كالشحم ينبت بنفسه (من المن) الذي نزل على بني إسرائيل أي مما خلقه الله لهم في التيه كان ينزل عليهم في شجرهم مثل السكر أو هو الترنجبين أو من شئ يشبهه طبعا أو طعما أو نفعا أو من حيث حصولها بلا تعب لكونه ينبت بنفسه بغير استنبات أو أراد بالمن النعمة وزعم أن المراد به مما من الله به على عباده يأباه ظاهر السبب وهو أن جمعا من الصحب قالوا : ما نرى الكمأة إلا الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار والله ما نرى لها أصلا في الأرض ولا فرعا في السماء وقال قوم : هي جدوى الأرض فلا نأكلها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فذكره (وماءها شفاء للعين) إذا خلط بالدواء كالتوتيا لا مفردا فإنه يؤذيها وقال النووي : بل مطلقا وقيل إن كان الرمد حارا فماؤها البحت شفاء وإلا فمخلوطا قال الديلمي : أنا جربت ذلك أمرت أن تقطر عين جارية بمائها وقد أعيي الأطباء علاجها فبرأت وقال ابن القيم : اعترف فضلاء الأطباء كالمسيحي وابن سينا بأن الكمأة تجلو العين . (حم ق ت عن سعيد بن زيد حم ن ه عن أبي سعيد) الخدري (وجابر) بن عبد الله (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن ابن عباس وعن عائشة) . 6464 - (الكمأة من المن) مصدر بمعنى المفعول أي الممنون به (والمن من الجنة وماؤها شفاء للعين) أي شفاء من داء العين إذا خلط مع أدوية لا مفردا ذكره الزمخشري قال ابن جرير : وإنما خص الكمأة مع مشاركة الكشوت في حدوثه في العراق بلا أصل لأنه يقتني ثم يربي وينمو فينمو بخلاف الكمأة وقال بعضهم : أشار بإدخال من على المن إلى أنها فرد من أفراده فالترنجبين فرد من أفراد المن وإن غلب استعمال المن عليه عرفا والمن أنواع من النبات الذي يؤخذ عفوا بلا علاج وماؤها شفاء للعين أي شفاء لداء العين إذا خلط بغيره من الأدوية اللائقة لا مفردا ذكره الزمخشري وحكى إبراهيم بن الحارث عن صالح وعبد الله بن أحمد بن حنبل أنهما اشتكيا أعينهما فأخذا الكمأة وعصراها واكتحلا بمائها فهاجت أعينهما ورمدا قال ابن الجوزي : وحكى شيخنا ابن عبد الباقي أن رجلا عصر ماءها واكتحل به فذهبت عينه قال ابن حجر : والذي يزيل الإشكال عن هذا الاختلاف أن الكمأة كغيرها خلق في الأصل سليما من المضار ثم عرضت له آفات من نحو جوار وامتزاج فالكمأة في الأصل نافع وإنما عرض له المضار بالمجاورة واستعمال كل ما وردت به السنة بصدق ينفع مستعمله ويدفع عنه الضرر لنيته والعكس بالعكس . (أبو نعيم) في الطب (عن أبي سعيد) الخدري .
[ 85 ]
6465 - (الكنود) بفتح الكاف وضم النون مخففا الكافر والعاصي والمراد به في القرآن (الذي يأكل وحده) تيها وتكبرا وترفعا على غيره واستحقارا له (ويمنع رقده) بكسر فسكون عطاءه وصلته (ويضرب عبده) أو أمته أو زوجته حيث لا يجوز الضرب وهذا قاله لما سئل عن تفسير الآية . (طب) وكذا الديلمي (عن أبي أمامة) وفيه الوليد بن مسلم وقد سبق . 6466 - (الكوثر) فوعل من الكثرة المفرطة (نهر في الجنة حافتاه) أي جانباه (من ذهب) يحتمل مثل الذهب في النضارة والضياء ويحتمل الحقيقة وأخذ بها جمع مفسرون فرجحوا أنه نهر في الجنة ورجح آخرون أنه حوض في القيامة لخبر مسلم * (ولكل وجهة هو موليها) * (ومجراه على الدر) أي اللؤلؤ (والياقوت) لا يعارضه ما في رواية أن طينه مسك لجواز كون المسك تحت اللؤلؤ والياقوت كما يدل له قوله (تربته أطيب ريحا من المسك وماؤه أحلى من العسل وأشد بياضا من الثلج) لا يلزم من ذلك الاستغناء عن أنهار العسل كمائهم لأنها ليست للشرب . (حم ت ه عن ابن عمر) ابن الخطاب رمز المصنف لحسنه ، وروى ابن أبي الدنيا عن ابن عباس موقوفا في قوله تعالى * (إنا أعطيناك الكوثر) * هو نهر في الجنة عمقه سبعون ألف فرسخ ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل شاطئه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت خص الله به نبيه قبل الأنبياء وما ذكر في عمقه قد يخالفه ما خرجه ابن أبي الدنيا أيضا عن ابن عباس مرفوعا بإسناد حسن عن سماك أنه قال في حديث لابن عباس أنهار الجنة في أخدود قال : لا لكنها تجري على أرضها مستكفة لا تفيض ههنا ولا ههنا وأجيب بأن المراد إنها ليست في أخدود كالجداول ومجاري الأنهار التي في الأرض بل سائحة على وجه الأرض مع عظمها وارتفاعها حافاتها فلا ينافي ما ذكر في عمقها . 6467 - (الكوثر نهر أعطانيه الله في الجنة) وهو النهر الذي يصب في الحوض فهو مادة الحوض كما جاء صريحا في البخاري (ترابه مسك أبيض من اللبن وأحلى من العسل ترده طير أعناقها مثل أعناق الجزر وآكلها أنعم منها) قال القرطبي في التذكرة : ذهب صاحب القوت وغيره إلى أن الحوض يكون بعد الصراط وعكس آخرون والصحيح أن له حوضين أحدهما في الموقف قبل الصراط والآخر داخل في الجنة وكل منهما يسمى كوثرا قال ابن حجر : وفيه نظر لأن الكوثر داخل الجنة كما في هذا الحديث وماؤه يصب في الحوض ويطلق على الحوض كوثر لأنه يمد منه . (ك عن أنس) بن مالك .
[ 86 ]
6468 - (الكيس) أي العاقل قال الزمخشري : الكيس حسن التأني في الأمور والكيس المنسوب إلى الكيس المعروف به وقال ابن الأثير : الكيس في الأمور يجري مجرى الرفق فيها وقال الراغب : الكيس القدرة على جودة استنباط ما هو أصلح في بلوغ الخير وتسميتهم الغادر كيسا إما على طريق التهكم أو تنبيها على أن الغادر يعد ذلك كيسا (من دان نفسه) أي حاسبها وأذلها واستعبدها وقهرها يعني جعل نفسه مطيعة منقادة لأوامر ربها قال أبو عبيد : الدين الدأب وهو أن يداوم على الطاعة والدين الحساب قال ابن عربي : كان أشياخنا يحاسبون أنفسهم على ما يتكلمون به وما يفعلونه ويقيدونه في دفتر فإذا كان بعد العشاء حاسبوا نفوسهم وأحضروا دفترهم ونظروا فيما صدر منهم من قول وعمل وقابلوا كلا بما يستحقه إن استحق استغفارا استغفروا أو التوبة تابوا أو شكرا شكروا ثم ينامون فزدنا عليهم في هذا الباب الخواطر فكنا نقيد ما نحدث به نفوسنا ونهم به ونحاسبها عليه (وعمل لما بعد الموت) قبل نزوله ليصير على نور من ربه فالموت عاقبة أمور الدنيا فالكيس من أبصر العاقبة والأحمق من عمي عنها وحجبته الشهوات والغفلات (والعاجز) المقصر في الأمور وهذا ما وقفت عليه في النسخ ورواه العسكري بلفظ الفاجر بالفاء (من أتبع نفسه هواها) فلم يكفها عن الشهوات ولم يمنعها عن مقارفة المحرمات واللذات (وتمنى على الله) زاد في رواية الأماني بتشديد الياء جمع أمنية أي فهو مع تقصيره في طاعة ربه واتبع شهوات نفسه لا يستعد ولا يعتذر ولا يرجع بل يتمنى على الله العفو والعافية والجنة مع الإصرار وترك التوبة والاستغفار قال الطيبي : والعاجز الذي غلبت عليه نفسه وقهرته فأعطاها ما تشتهيه ، قوبل الكيس بالعاجز والمقابل الحقيقي للكيس السفيه الرأي وللعاجز القادر إيذانا بأن الكيس هو القادر والعاجز هو السفيه واصل الأمنية ما يقدره الإنسان في نفسه من منى إذا قدر ولذلك يطلق على الكذب وعلى ما يتمنى قال الحسن : إن قوما ألهتهم الأماني حتى خرجوا من الدنيا وما لهم حسنة ويقول أحدهم إني أحسن الظن بربي وكذب لو أحسن الظن لأحسن العمل * (وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين) * وقال سعيد بن جبير : الغرة بالله أن يتمادى الرجل بالمعصية ويتمنى على الله المغفرة قال العسكري : وفيه رد على المرجئة وإثبات الوعيد اه‍ . قد أفاد الخبر أن التمني مذموم وأما الرجاء فمحمود لأن التمني يفضي بصاحبه إلى الكسل بخلاف الرجاء فإنه تعليق القلب بمحبوب يحصل حالا قال الغزالي : والرجاء يكون على أصل والتمني لا يكون على أصل فالعبد إذا اجتهد في الطاعات يقول أرجو أن يتقبل الله مني هذا اليسير ويتم هذا التقصير ويعفو وأحسن الظن فهذا رجاء وأما إذا غفل وترك الطاعة وارتكب المعاصي ولم يبال بوعد الله ولا وعيده ثم أخذ يقول أرجو منه الجنة والنجاة من النار فهذه أمنية لا طائل تحتها سماها رجاء وحسن ظن وذلك خطأ وضلال وهو المشار إليه في الحديث وفيه قال الحسن : إن أقواما ألهتهم أمي المغفرة حتى خرجوا من الدنيا ليس لهم حسنة يقول : إني أحسن الظن بربي وكذب ولو أحسن الظن بربه لأحسن العمل له
[ 87 ]
(تنبيه) قال الزمخشري : الأماني جمع أمنية وهي تقدير الوقوع فيما يترامى إليه الأمل اه‍ . وقال غيره : التمني طلب ما لا مطمع فيه أو ما فيه عسر فالأول نحو قول الهرم : ألا ليت الشباب يعود يوما الثاني نحو قول العادم ليت لي مالا فأحج منه فإن حصول المال ممكن لكن يعسر ، والحاصل أن التمني يكون في الممتنع والممكن لا الواجب كمجئ الغد . - (حم ت ه) في الزهد (ك) في الإيمان من حديث أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن ضمرة (عن شداد بن أوس) قال الحاكم : صحيح على شرط البخاري قال الذهبي : لا والله أبو بكر واه قال ابن طاهر : مدار الحديث عليه وهو ضعيف جدا . 6469 - (الكيس من عمل لما بعد الموت) من حيث إنه لا خير يصل إليه الإنسان أفضل مما بعد الموت لأن عاجل الحال يشترك في درك ضره ونفعه وجميع الحيوانات بالطبع وإنما الشأن في العمل للآجل فجدير بمن الموت مصرعه والتراب مضجعه والدود أنسه ومنكر ونكير جليسه والقبر مقره وبطن الأرض مستقره والقيامة موعده والجنة أو النار مورده أن لا يكون له ذكر إلا الموت وما بعده ولا ذكر إلا له ولا استعداد إلا لأجله ولا تدبير إلا فيه ولا مطلع إلا إليه ولا تعريج إلا عليه ولا اهتمام إلا به ولا حوم إلا حوله ولا انتظار وتربص إلا له وحقيق بأن يعد نفسه من الموتى ويراها في أصحاب القبور فإن كل ما هو آت قريب والبعيد ما ليس بآت فلذلك كان الكيس من عمل لما بعد الموت ولا يتيسر الاستعداد للشئ إلا عند تجدد ذكره على القلب ولا يتجدد ذكره إلا عند التذكر بالإصغاء إلى المذكرات والنظر في المنهيات (والعاري العاري من الدين) بكسر الدال بضبط المصنف ، وذلك لأن الإنسان إذا بلغ وقع في حومة الحرب بين داعي العقل والهوى وداعي الطبع والهوى ، فإن غلب باعث الدين رد جيش الهوى خاسئا أو داعي الهوى سقط نزاع داعي الدين رأسا فاستلبه الشيطان لباس الإيمان فيمسي ويصبح وهو عريان (اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة) فهو العيش الكامل وما سواه ظل زائل وحال حائل . (هب) من حديث عون بن عمارة عن هشام بن حسان بن ثابت (عن أنس) قال أعني البيهقي : وعون ضعيف اه‍ . وممن ضعفه أيضا أبو حاتم وغيره . باب كان وهي الشمائل الشريفة قال الراغب : هي عبارة عما مضى من الزمان ، وفي كثير من وصف الله تنبئ عن معنى الأزلية نحو * (وكان الله بكل شئ عليما) * وما استعمل منه في جنس الشئ متعلقا بوصف له وهو موجود فيه فينبه على أن ذلك الوصف لازم له قليل الانفكاك عنه نحو * (وكان الإنسان كفورا) * وإذا استعمل في الماضي جاز أن يكون المستعمل فيه بقي على حاله وأن يكون تغير نحو فلان كان كذا ثم صار كذا ولا فرق بين مقدم ذلك الزمن وقرب العهد به نحو كان
[ 88 ]
آدم كذا وكان زيد هنا ، وقال القرطبي : زعم بعضهم أن كان إذا أطلقت عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لدوام الكثرة والشأن فيه العرف وإلا فأصلها أن تصدق على من فعل الشئ ولو مرة (وهي الشمائل الشريفة) جمع شمائل بالكسر وهو الطبع والمراد صورته الظاهرة والباطنة وهي نفسه وأوصافها ومعانيها الخاصة بها ووجه إيراد المصنف لها في هذا الجامع مع أن كله من المرفوع ، قول الحافظ ابن حجر : الأحاديث التي فيها صفته داخلة في قسم المرفوع اتفاقا . 6470 - (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض مليحا مقصدا) بالتشديد أي مقتصدا يعني ليس بجسيم ولا نحيف ولا طويل ولا قصير كأنه نحى به القصد من الأمور . قال البيضاوي : المقصد المقتصد يريد به المتوسط بين الطويل والقصير والناحل والجسيم ، وقال القرطبي : الملاحة أصلها في العينين والمقصد المقتصد في جسمه وطوله يعني كان غير ضئيل ولا ضخم ولا طويل ذاهبا ولا قصيرا بل كان وسطا . (م) في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (ت في) كتاب (الشمائل) النبوية من حديث الجريري (عن أبي الطفيل) عامر بن واثلة ، ورواه عنه أيضا أبو داود في الأدب فما أوهمه كلامه من تفرد ذينك به عن الأربعة غير جيد . قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما على وجه الأرض رجل رآه غيري قال : فقلت كيف رأيته ؟ فذكره ، وفي رواية لمسلم عنه أيضا كان أبيض مليح الوجه . 6471 - (كان أبيض كأنما صيغ) أي خلق من الصوغ يعني الإيجاد أي الخلق . قال الزمخشري : من المجاز فلان حسن الصيفة وهي الخلقة وصاغه الله صيغة حسنة ، وفلان بين صيغة كريمة من أصل كريم (من فضة) باعتبار ما كان يعلو بياضه من الإضاءة ولمعان الأنوار والبريق الساطع فلا تدافع بينه وبين ما يأتي عقبه من أنه كان مشربا بحمرة ، وآثره لتضمنه نعته بتناسب التركيب وتماسك الأجزاء فلا اتجاه لجعله من الصوغ بمعنى سبك الفضة ، وقد نعته عمه أبو طالب بقوله : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل وفي رواية لأحمد فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة ، وفي أخرى للبزار ويعقوب بن أبي سفيان بإسناد قال ابن حجر : قوي عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يصفه فقال : كان شديد البياض ، وفي رواية لأبي الطفيل عن الطبراني ، ما أنسى شدة بياض وجهه مع شدة سواد شعره (رجل الشعر) بكسر الجيم ومنهم من سكنها أي مسرح الشعر كذا في الفتح وفسر بما فيه تثن قليل ، وما في المواهب أنه روى أنه شعر بين شعرين ، لا رجل ولا سبط فالمراد به المبالغة في قلة التثني . (ت فيها) أي الشمائل (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته .
[ 89 ]
6473 - (كان أبيض مشربا بياضه بحمرة) بالتخفيف من الإشراب . قال الحرالي : وهو مداخلة نافذة سابغة كالشراب وهو الماء الداخل كلية الجسم للطافته ونفوذه ، وقال البيهقي : يقال إن المشرب منه حمرة إلى السمرة ما ضحى منه للشمس والريح وأما ما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر ، وروي مشربا بالتشديد اسم مفعول من التشرب يقال بياض مشرب بالتخفيف فإذا شدد كان للتكثير والمبالغة فهو هنا للمبالغة في شدة البياض المائل إلى الحمرة (وكان أسود الحدقة) بفتحات أي شديد سواد العين قال في المصباح وغيره : حدقة العين سوادها جمعه حدق وحدقات كقصب وقصبات وربما قيل حداق كرقبة ورقاب (أهدب الأشفار) جمع شفر بالضم ويفتح حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر وهي الهدب بالضم والأهدب كثيرة ويقال لطويله أيضا وما أوهمه ظاهر هذا التركيب من أن الأشفار هي الأهداب غير مراد ففي المصباح عن ابن قتيبة العامة تجعل أشفار العين الشعر وهو غلط وفي المغرب لم يذكر أحد من الثقات أن الأشفار الأهداب فهو إما على حذف مضاف أي الطويل شعر الأجفان وسمي النابت باسم المنبت للملابسة . (البيهقي في) كتاب (الدلائل) أي دلائل النبوة (عن علي) أمير المؤمنين ورواه عنه الترمذي أيضا لكن قال : أدعج العينين بدل أسود الحدقة (كان أبيض مشربا بحمرة) أي مخالط بياضه حمرة كأنه سقي بها (ضخم الهامة) بالتخفيف أي عظيم الرأس وعظمه ممدوح محبوب لأنه أعون الادراكات ونيل الكمالات (أغر) أي صبيح (أبلج) أي مشرق مضئ وقيل الأبلج من نقي ما بين حاجبيه من الشعر فلم يقترنا والاسم البلج بالتحريك والعرب تحب البلج وتكره القرن (أهدب الأشفار) قد سمعت ما قيل فيه وحذف العاطف فيه وفيما قبله ليكون أدعى إلى الإصغاء إليه وأبعث للقلوب على تفهم خطابه فإن اللفظ إذا كان فيه نوع غرابة وعدم ألفة أصغى السمع إلى تدبره والفكر فيه فجاءت المعاني مسرودة على نمط التعديد إشعارا بأن كلا منها مستقل بنفسه قائم برأسه صالح لانفراده بالغرض (البيهقي) في الدلائل (عن علي) أمير المؤمنين . 6474 - (كان أحسن الناس وجها) حتى من يوسف قال المؤلف : من خصائصه أنه أوتي كل الحسن ولم يؤت يوسف إلا شطره (وأحسنهم خلقا) بضم المعجمة على الأرجح فالأول إشارة إلى الحسن الحسي والثاني إشارة إلى الحسن المعنوي ذكره ابن حجر وما رجحه ممنوع فقد جزم القرطبي بخلافه فقال : الرواية بفتح الخاء وسكون اللام قال : أراد حسن الجسم بدليل قوله بعده ليس بالطويل إلخ قال : وأما ما في حديث أنس الآني فروايته بضم الخاء واللام فإنه عنى به حسن المعاشرة بدليل بقية الخبر
[ 90 ]
وفي رواية وأحسنه بالإفراد والقياس الأول قال أبو حاتم : لا يكادون يتكلمون به إلا مفردا وقال غيره : جرى على لسانهم بالإفراد ومنه حديث ابن عباس في قول أبي سفيان عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بالإفراد في الثاني (ليس بالطويل البائن) بالهمز وجعله بالياء وهم أي الظاهر قوله من باب ظهر أو المفرط طولا الذي بعد عن حد الاعتدال وفاق سواه من الرجال (ولا بالقصير) بل كان إلى الطول أقرب كما أفاده وصف الطويل بالبائن دون القصير بمقابله وجاء مصرحا به في رواية البيهقي وزعم أن تقييد القصير بالمتردد في رواية لوجوب جمل المطلق على المقيد يدفعه أن حمله عليه في النفي لا يجب وفي الإثبات تفصيل . (ق عن البراء) بن عازب ورواه عنه أيضا جمع منهم الخرائطي . 6475 - (كان أحسن الناس قدما) بفتح القاف والدال وهي من الإنسان معروفة وهي أنثى وتصغيرها قديمة والجمع أقدام وقد روى ابن صاعد عن سراقة قال : دنوت من المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته فرأيت ساقه في غرزه كأنها جهارة أي في شدة البياض فلا ينافيه ما ورد أنه كان في ساقه حموشة . (ابن سعد) في الطبقات (عن عبد الله بن بريدة مرسلا) هو قاضي مرو ، قال الذهبي : ثقة ولد سنة 15 وعاش مائة سنة . 6476 - (كان أحسن) لفظ رواية الترمذي من أحسن (الناس خلقا) بالضم لحيازته جميع المحاسن والمكارم وتكاملها فيه ولما اجتمع فيه من خصال الكمال وصفات الجلال والجمال ما لا يحصره حد ولا يحيط به عد : أثنى الله عليه به في كتابه بقوله * (وإنك لعلى خلق عظيم) * فوصفه بالعظم وزاده في المدحة بعلى المشعرة باستعلائه على معالي الأخلاق واستيلائه عليها فلم يصل إليها مخلوق وكمال الخلق إنما ينشأ عن كمال العقل لأنه الذي تقتبس به الفضائل وتجنب الرذائل وقضية كلام المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مسلم فربما تحضر الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح ثم يؤم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ونقوم خلفه فيصلي بنا وكان بساطهم من جريد النخل كذا في صحيح مسلم (فائدة) روى أبو موسى بإسناد مظلم كما في الإصابة إلى هدية عن حماد عن ثابت عن أنس قال : وفد وفد من اليمن وفيهم رجل يقال له ذؤالة بن عوقلة الثمالي فوقف بين يدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال : يا رسول الله من أحسن الناس خلقا وخلقا قال : أنا يا ذؤالة ولا فخر فذكر حديثا ركيك الألفاظ . (م د عن أنس) بن مالك تمامه في بعض الروايات قال أي أنس : وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال : أحسبه كان فطيما فكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال : يا أبا عمير ما فعل النفير قال : فكان يلعب به هكذا هو عند مسلم وفيه أيضا عنه كان من أحسن الناس خلقا فأرسلني يوما لحاجة فقلت : والله لا أذهب فخرجت حتى أمر على صبيان يلعبون في السوق فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض بقفاي من ورائي فنظرت إليه وهو يضحك فقال : أنيس ذهبت حيث أمرتك قلت : نعم أنا ذاهب .
[ 91 ]
6477 - (كان أحسن الناس) صورة وسيرة (وأجود الناس) بكل ما ينفع حذف للتعميم أو لفوت إحصائه كثرة لأن من كان أكملهم شرفا وأيقظهم قلبا وألطفهم طبعا وأعدلهم مزاجا جدير بأن يكون أسمحهم صلة وأنداهم يدا ولأنه مستغن عن الغانيات بالباقيات الصالحات ولأنه تخلق بصفات الله تعالى التي منها الجود (وأشجع الناس) أي أقواهم قلبا وأجودهم في حال البأس فكان الشجاع منهم الذي يلوذ بجانبه عند التحام الحرب وما ولى قط منهزما ولا تحدث أحد عنه بفرار وقد ثبتت أشجعيته بالتواتر النقلي قال المصنف : بل يؤخذ ذلك من النص القرآني لقوله * (يا أيها النبي جاهد الكفار) * فكلفه وهو فرد جهاد الكل و * (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) * ولا ضير في كون المراد هو ومن معه إذ غايته أنه قوبل بالجمع وذلك مفيد للمقصود وقد جمع صفات القوى الثلاث العقلية والغضبية والشهوية والحسن تابع لاعتدال المزاج المستتبع لصفات النفس الذي به جودة القريحة الدالة على العقل واكتساب الفضائل وتجنب الرذائل والجود كمال القوة الشهوية والغضبية كمالها الشجاعة وهذه أمهات الأخلاق الفاضلة فلذلك اقتصر عليها قاله الطيبي . (ق ت ه عن أنس) بن مالك وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته في البخاري ولقد فزع أهل المدينة أي ليلا فكان النبي صلى الله عليه وسلم سبقهم على فرس أي استعاره من أبي طلحة وقال : وجدناه بحرا هكذا ساقه في باب مدح الشجاعة في الحرب وفي مسلم في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم عقب ما ذكر وقد قرع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق ناس قبل الصوت فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا وقد سبقهم إلى الصوت وهو على فرس لأبي طلحة عرى في عنقه السيف وهو يقول لن تراعوا قال : وجدناه بحرا أو إنه لبحر انتهى . 6478 - (كان أحسن الناس صفة وأجملها) لما منحه الله من الصفات الحميدة الجليلة (كان ربعة إلى الطول ما هو بعيد ما بين المنكبين أسيل الخدين) في رواية الترمذي سهل الخدين أي ليس في خديه نتوء ولا ارتفاع وأراد أن خديه أسيلان قليلا اللحم رقيقا الجلد (شديد سواد الشعر أكحل العينين) أي شديد سواد أجفانهما (أهداب الأشفار) قال ابن حجر : وكأن قوله أسيل الخدين هو الحامل على من سأل كأن وجهه مثل السيف (إذا وطئ بقدمه وطئ بكلها ليس له أخمص) أي لا يلصق القدم بالأرض عند الوطء قال المصنف وغيره : وذكر كثير أنه كان إذا مشى على الصخر غاصت قدماه فيه ولم أقف له على أصل (إذا وضع رداءه عن منكبيه فكأنه سبيكة فضة وإذا ضحك يتلألأ) أي يلمع ويضئ ولا يخفى ما
[ 92 ]
في تعدد هذه الصفات من الحسن وذلك لأنها بالتعاطف تصير كأنها جملة واحدة قالوا : ومن تمام الإيمان به الإيمان بأنه سبحانه خلق جسده على وجه لم يظهر قبله ولا بعده مثله ، وفي الأثر أن خالد بن الوليد خرج في سرية فنزل بحي فقال سيد الحي : صف لنا محمدا صلى الله عليه وسلم فقال : أما إني أفصل فلا ، فقال : أجمل فقال : الرسول على قدر المرسل ، كذا في أسرار الإسراء لابن المنير . (البيهقي) في الدلائل (عن أبي هريرة) . 6479 - (كان أزهر اللون) أي نيره وحسنه وفي الصحاح كغيره الأبيض المشرق وبه أو بالأبيض المنير فسره عامة المحدثين حملا على الأكمل أو لقرينة ولعل من فسره بالأبيض الممزوج بحمرة نظر إلى المراد بقرينة الواقع قال محقق : والأشهر في لونه أن البياض غالب عليه سيما فيما تحت الثياب لكن لم يكن كالجص بل نير ممزوج بحمرة غير صافية بل مع نوع كدر كما في المغرب ولهذا جاء في رواية أسمر وبه يحصل التوفيق بين الروايات (كان عرقه) محركا يترشح من جلد الحيوان (اللؤلؤ) في الصفاء والبياض وفي خبر البيهقي عن عائشة كان يخصف نعله وكنت أغزل فنظرت إليه فجعل جبينه يعرق وجعل عرقه يتولد نورا (إذا مشى تكفأ) بالهمز وتركه أي مال يمينا وشمالا . (م) في المناقب (عن أنس) بن مالك وروى معناه البخاري . 6480 - (كان أشد حياء) بالمد أي استحياء من ربه ومن الخلق يعني حياؤه أشد (من) حياء (العذراء) البكر لأن عذرتها أي جلدة بكارتها باقية (في خدرها) في محل الحال أي كائنة في خدرها بالكسر سترها الذي يجعل بجانب البيت والعذراء في الخلوة يشتد حياؤها أكثر مما يكون خارجه لكون الخلوة مظنة الفعل بها ومحل حيائه في غير الحدود ولهذا قال بالذي اعترف بالزنا : أنكتها ؟ لا يكنى كما بين في الصحيح في كتاب الحدود . (حم ق) في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وفي فضائله (ه) في الزهد (عن أبي سعيد) الخدري وفي الباب أنس وغيره . 6481 - (كان أصبر الناس) أي أكثرهم صبرا (على أقذار الناس) أي ما يكون من قبيح فعلهم وسئ قولهم لأنه لانشراح صدره يتسمع لما تضيق عنه صدور العامة فكانت مساوئ أخلاقهم ومدانئ أفعالهم وسوء مسيرهم وقبح سيرتهم في جنب صدره كقطرة دم في قاموس اليم وفيه شرف الصبر . (ابن سعد) في الطبقات (عن إسماعيل بن عياش) بفتح المهملة وشد المثناة وشين معجمة وهو ابن سليم (مرسلا) هو العنسي بالنون عالم الشام في عصره صدوق في روايته عن أهل بلده يخلط في غيرهم .
[ 93 ]
6482 - (كان أفلج الثنيتين) أي بعيد ما بين الثنايا والرباعيات والفلج والفرق فرجة بين الثنيتين كذا في النهاية وزاد الجوهري رجل مفلج الثنايا أي منفرجها قال محقق : فله معيتان قيل أكثر الفلج في العليا وهي صفة جميلة لكن مع القلة لأنه أتم في الفصاحة لاتساع الأسنان فيه (إذا تكلم رئ) كقيل على الأفصح وروي كضرب (كالنور يخرج من بين ثناياه) جمع ثنية بالتشديد وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم ثنتان من فوق وثنتان من تحت قال الطيبي : ضميره يخرج إلى الكلام فهو تشبيه في الظهور إلى النور فالكاف زائدة وحاصله أنه يخرج كلامه من بين الثنايا الأربع شبيها بالنور في الظهور قال محقق : والأنسب بأول الحديث أن المعنى يخرج من الفلج ما يشبه نور النجم أو نحوه فالضمير إلى المشبه المقدر وقيل يخرج من صفاء الثنايا تلألؤ (تنبيه) كانت ذاته الشريفة كلها نورا ظاهرا وباطنا حتى أنه كان يمنح لمن استحقه من أصحابه سأله الطفيل بن عمرو آية لقومه وقال : اللهم نور له فسطع له نور بين عينيه فقال : أخاف أن يكون مثلة فتحول إلى طرف سوطه وكان يضئ في الليل المظلم فسمي ذا النور وأعطى قتادة بن النعمان لما صلى معه العشاء في ليلة مظلمة ممطرة عرجونا وقال : انطلق به فإنه سيضئ له من بين يديك عشرا ومن خلفك عشرا فإذ دخلت بيتك فسترى سوادا فاضربه ليخرج فإنه الشيطان فكان كذلك ومسح وجه رجل فما زال على وجهه نورا ومسح وجه قتادة بن ملحان فكان لوجهه بريق حتى كان ينظر في وجهه كما ينظر في المرآة إلى غير ذلك . - (ت في) كتاب (الشمائل طب) وكذا في الأوسط (والبيهقي) في الدلائل (عن ابن عباس) قال الهيثمي : وفيه عبد العزيز بن أبي ثابت وهو ضعيف جدا . 6483 - (كان حسن السبلة) بالتحريك ما أسبل من مقدم اللحية على الصدر ذكره الزمخشري وهو الشعرات التي تحت اللحى الأسفل أو الشارب وفي شرح المقامات للشربيني : السبلة مقدم اللحية ورجل مسبل وفلان خفيف العذارين وهما ما اتصل من اللحية بالصدغ وهما العارضان وهما ما نبت في الخدين من الشعر على عوارض الأسنان . (طب عن العذاه) بفتح العين المهملة وشد الذال المعجمة وآخره مهملة (ابن خالد) بن هودة العامري أسلم يوم حنين هو وأبوه جميعا قال البيهقي : فيه من لم أعرفهم . 6484 - (كان خاتم النبوة في ظهره بضعة) بفتح الباء قطعة لحم (ناشزة) بمعجمات مرتفعة من اللحم وفي رواية مثل السلعة وأما ما ورد من أنها كانت كأثر محجم أو كالشامة سوداء أو خضراء ومكتوب عليها محمد رسول الله أو سر فأنت المنصور ونحو ذلك . قال ابن حجر : فلم يثبت منها شئ . قال القرطبي : اتفقت الأحاديث الثابتة على أن الخاتم كان شيئا بارزا أحمر عند كتفه الأيسر قدره إذا قلل
[ 94 ]
كبيضة الحمامة وإذا كثر جمع اليد وفي الخاتم أقوال متقاربة وعد المصنف وغيره جعل خاتم النبوة بظهره بإزاء قلبه حيث يدخل الشيطان من خصائصه على الأنبياء وقال : وسائر الأنبياء كان خاتمهم في يمينهم . (ت فيها) أي الشمائل (عن أبي سعيد) الخدري . 6485 - (كان خاتمه غدة) بغين معجمة مضمومة ودال مهملة مشددة قال المؤلف : ورأيت من صحفه بالراء وسألني عنه فقلت إنما هو بالدال والغدة كما في القاموس وغيره كل عقدة في الجسد أطاف بها شحم وفي المصباح لحم يحدث بين الجلد واللحم يتحرك بالتحريك (حمراء) أي تميل حمرة فلا تعارض بينه وبين روايته أنه كان لون بدنه قال العصام : وفيه رد لرواية أنها سوداء أو خضراء (مثل بيضة الحمامة) أي قدرا وصورة لا لونها بدليل وصفها بالحمرة قبله وفي رواية لابن حبان مثل البندقة من اللحم وفي رواية للبيهقي مثل السلعة وفي رواية للحاكم والترمذي شعر يجتمع وفي رواية للبيهقي كالتفاحة وكلها متقاربة وأصل التفاوت في نظر الرائي بعد أو قرب . (ت عن جابر بن سمرة) . 6486 - (كان ربعة من القوم) بفتح الراء وكسر الباء على ما ذكره بعضهم لكن الذي رأيته في الفتح لابن حجر بكسر الراء وسكون الموحدة أي مربوعا قال : والتأنيث باعتبار النفس اه‍ . وقال غيره : هو وصف يشترك فيه المذكر والمؤنث ويجمع على ربعات بالتحريك وهو شاذ وفسره بقوله (ليس بالطويل البائن) أي الذي يباين الناس بزيادة طوله وهو المعبر عنه في رواية بالمشيب ، وفي رواية أخرى بالممغط أي المتناهي في الطول من بان أي ظهر على غيره أو فارق من سواه (ولا بالقصير) زاد البيهقي عن علي وهو إلى الطول أقرب ووقع في حديث أبي هريرة عند الهذلي في الزهريات قال ابن حجر : بإسناد حسن كان ربعة وهو إلى الطول أقرب (أزهر اللون) أي مشرقه نيره زاد ابن الجوزي وغيره في الرواية كأن عرقه اللؤلؤ . قال في الروض : الزهرة لغة إشراق في اللون أي لون كان من بياض أو غيره ، وقول بعضهم : إن الأزهر الأبيض خاصة والزهر اسم للأبيض من النوار فقط خطأه أبو حنيفة فيه وقال : إنما الزهرة إشراق في الألوان كلها . وفي حديث يوم أحد نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تزهران تحت المغفر اه‍ . وقال ابن حجر : قوله أزهر اللون أي أبيض مشرب بحمرة وقد ورد ذلك صريحا في روايات أخر صريحة عند الترمذي والحاكم وغيرهما كان أبيض مشربا بياضه بحمرة (ليس بالأبيض الأمهق) كذا في الأصول ورواية أمهق ليس بأبيض قال القاضي : وهم (ولا بالآدم) بالمد أي ولا شديد السمرة وإنما يخالط بياضه الحمرة لكنها حمرة بصفاء فيصدق عليه أنه أزهر كما ذكره القرطبي ، والعرب تطلق على من هو كذلك أسمر والمراد بالسمرة التي تخالط البياض ، ولهذا جاء في حديث أنس
[ 95 ]
عند أحمد والبزار قال ابن حجر بإسناد صحيح صححه ابن حبان أنه كان أسمر ، وفي الدلائل للبيهقي عن أنس كان أبيض بياضه إلى السمرة ، وفي لفظ لأحمد بسند حسن أسمر إلى البياض قال ابن حجر : يمكن توجيه رواية أمهق بالأمهق الأخضر اللون الذي ليس بياضه في الغاية ولا سمرته ولا حمرته ، فقد نقل عن رؤية أن المهق خضرة الماء فهذا التوجيه على تقدير ثبوت الرواية (وليس) شعره (بالجعد) بفتح الجيم وسكون العين (القطط) بفتحتين أي الشديد الجعودة الشبيه شعر السودان (ولا بالسبط) بفتح فكسر أو سكون المنبسط المسترسل الذي لا تكسر فيه فهو متوسط بين الجعودة والسبوطة . (ق د ت عن أنس) بن مالك تبع في عزوه للشيخين ابن الأثير . قال الصدر المناوي : والظاهر أن ما قاله وهم فإني فحصت عن قول أنس كان ربعة من القوم فلم أقف عليها في مسلم بل هي رواية البخاري ولهذا قال عبد الحق : قوله كان ربعة من القوم من زيادة البخاري على مسلم . فالصواب نسبة هذه الرواية للبخاري دونه . 6487 - (كان شبح الذراعين) بشين معجمة فموحدة فحاء مهملة عبلهما عريضهما ممتدهما ففي المجمل شبحت الشئ مددته (بعيد) بفتح فكسر (ما بين المنكبين) أي عريض أعلى الظهر وما موصولة أو موصوفة لا زائدة لأن بين من الظروف اللازمة للإضافة فلا وجه لإخراجه عن الظرفية بالحكم بزيادة ما والمنكب مجتمع رأس العضد والكتف وبعد ما بينهما يدل على سعة الصدر وذلك آية النجابة وجاء في رواية بعبد مصغرا تقليلا للبعد المذكور إيماء إلى أن بعد ما بين منكبيه لم يكن وافيا منافيا للاعتدال (أهدب أشفار العينين) أي طويلهما غزيرهما على ما مر . (البيهقي) في الدلائل (عن أبي هريرة) . 6488 - (كان شعره دون الجمة وفوق الوفرة) وفي حديث الترمذي وغيره فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره أي جعله وفرة ، فالمراد أن معظم شعره كان عند شحمة أذنه وما اتصل به مسترسل إلى المنكب ، والجمة شعر الرأس المتجاوز شحمة الأذن إذا وصل المنسكب كذا في الصحاح في حرف الميم وفيه في باب الراء المتجاوز من غير وصول وفي النهاية ما سقط على المنكبين ولعل مراده بالسقوط التجاوز ، وفي القاموس الوفرة ما سال على الأذن أو جاوز الشحمة قال أبو شامة : وقد دلت صحاح الأخبار على أن شعره إلى أنصاف أذنيه ، وفي رواية يبلغ شحمة أذنيه ، وفي أخرى بين أذنيه وعاتقه وفي أخرى يضرب منكبيه ولم يبلغنا في طوله أكثر من ذلك ، وهذا الاختلاف باعتبار اختلاف أحواله فروى في هذه الأحوال المتعددة بعدما كان حلقه في حج أو عمرة ، وأما كونه لم ينقل أنه زاد على كونه يضرب منكبيه فيجوز كون شعره وقف على ذلك الحد كما يقف الشعر في حق كل إنسان على حد
[ 96 ]
ما ويجوز أن يكون كانت عادته أنه كلما بلغ هذا الحد قصره حتى يكون إلى أنصاف أذنيه أو شحمة أذنيه لكن لم ينقل أنه قصر شعره في غير نسك ولا حلقه ولعل ما وصف به شعره من الأوصاف المذكورة كان بعد حلقه له عمرة الحديبية سنة ست فإنه بعد ذلك لم يترك حلقه مدة يطول فيها أكثر من كونه يضرب منكبيه فإنه في سنة سبع اعتمر عمرة القضاء وفي ثمان اعتمر من الجعرانة وفي عشر حج اه‍ . (ت في الشمائل ، د عن عائشة) . 6489 - (كان شبيه نحو عشرين شعرة) بيضاء في مقدمة هذا بقية الحديث وقد اقتضى حديث ابن بشران شيبه كان لا يزيد على عشر شعرات لإيراده بصيغة جمع القلة لكن خص ذلك بعنفقته فيحتمل أن الزائد على ذلك في صدغيه كما في حديث البراء لكن وقع عند ابن سعد قال ابن حجر بإسناد صحيح عن حميد عن أنس ما عددت في رأسه ولحيته إلا أربع عشرة شعرة وروى الحاكم عنه لو عددت ما أقبل من شيبه في رأسه ولحيته ما كنت أزيدهن على إحدى عشرة شيبة وفي حديث الهيثم بن زهر ثلاثون عددا وجمع بينهما باختلاف الأزمان وبأن رواية ابن سعد إخبار عن عده وما عداها إخبار عن الواقع فأنس لم يعد أربع عشرة وهو في الواقع سبع عشرة أو ثمان عشرة أو أكثر وذلك كله نحو العشرين . (ت فيها) أي في الشمائل (ه) كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا ابن راهويه وابن حبان والبيهقي . 6490 - (كان ضخم الرأس) أي عظيمه وفي رواية ضخم الهامة (واليدين) يعني الذراعين كما جاء مبينا هكذا في رواية (والقدمين) يعني ما بين الكعب إلى الركبة وجمع بين الرأس واليدين والقدمين في مضاف لشدة تناسبهما إذ هي جميع أطراف الحيوان وهو بدونها لا يسماه . (خ) في باب اللباس (عن أنس) بن مالك . 6491 - (كان ضليع الفم) بفتح الضاد المعجمة أي عظيمه أو واسعه والعرب تتمدح بعظمه وتذم صغره قال الزمخشري : والضليع في الأصل الذي عظمت أضلاعه ووفرت فأجفر جنباه ثم استعمل في موضع العظيم وإن لم يكن ثم أضلاع وقيل ضليعه مهزولة وذابلة والمراد ذبول شفتيه ورقتهما وحسنهما وقيل هذا كناية عن قوة فصاحته وكونه يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه (أشكل العينين) أي في بياضهما حمرة على الصحيح وذلك محمود قال محقق : وذا ينافيه كونه أدعج (منهوس العقب) بإعجام الشين وإهمالها أي قليل لحم العقب بفتح فكسر مؤخر القدم ففي جامع الأصول رجل منهوس القدمين والعقبين بسين وشين خفيف لحمهما وفي القاموس المنهوس من الرجال قليل اللحم . (م ت) كلاهما (عن جابر بن سمرة) .
[ 97 ]
6492 - (كان ضخم الهامة) كبيرها وعظم الرأس يدل على الرزانة والوقار (عظيم اللحية) غليظها كثيفها هكذا وصفه جمع منهم علي وابن مسعود وغيرهما ، وفي رواية حميد عن أنس كانت لحيته قد ملأت من ههنا إلى ههنا ومد بعض الرواة يديه على عارضيه . - (البيهقي) في الدلائل (عن علي) أمير المؤمنين وروى الترمذي نحوه . 6493 - (كان فخما) بفتح الفاء فمعجمة ساكنة أفصح من كسرها أي عظيما في نفسه (مفخما) اسم مفعول أي معظما في صدور الصدور وعيون العيون لا يستطيع مكابر أن لا يعظمه وإن حرص على ترك تعظيمه كان مخالفا لما في باطنه فليست الفخامة جسيمة وقيل فخما عظيم القدر عند صحبه مفخما معظما عند من لم يره قط وهو عظيم أبدا ومن ثم كان أصحابه لا يجلسون عنده إلا وهم مطرقون لا يتحرك من أحدهم شعرة ولا يضطرب فيه مفصل كما قيل في قوم هذه حالهم مع سلطانهم : كأنما الطير منهم فوق رؤوسهم * لا خوف ظلم ولكن خوف إجلال وقيل : فخامة وجهه وعظمه وامتلاؤه مع الجمال والمهابة (يتلألأ) أي يضئ ويتوهج (وجهه تلألؤ القمر) أي يتلألأ مثل تلألؤه فأعرب المضاف إليه إعرابه بعد حذفه للمبالغة في التناسي (ليلة البدر) أي ليلة أربعة عشر سمي بدرا لأنه يسبق طلوعه مغيب الشمس فكأنه يبدر بطلوعه والقمر ليلة البدر أحسن ما يكون وأتم ولا يعارضه قول القاضي في تفسير * (والشمس وضحاها والقمر إذا تلاها) * أنه يبدر طلوعه غروبها ليلة البدر وطلوعها طلوعه أول الشهر لأن مراده بالغروب الإشراف عليه وشبه الوصاف تلألؤ الوجه بتلألؤ القمر دون الشمس لأنه ظهر في عالم مظلم بالكفر ونور القمر أنفع من نورها (أطول من المربوع) عند إمعان التأمل وربعه في بادي النظر فالأول بحسب الواقع والثاني بحسب الظاهر ولا ريب أن الطول في القامة بغير إفراط أحسن وأكمل (وأقصر من المشذب) بمعجمات آخره موحدة اسم فاعل وهو البائن الطول مع نحافة أي نقص في اللحم من قولهم نخلة شذباء أي طويلة بشذب أي قطع عنها جريدها ووقع في حديث عائشة عند ابن أبي خيثمة لم يكن أحد يماشيه من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطولهما فإذ فارقاه نسبا إلى الطول ونسب إلى الربعة (عظيم الهامة) بالتخفيف (رجل الشعر) كأنه مشط فليس بسبط ولا جعد قال القرطبي : والرواية في رجل بفتح الراء وكسر الجيم وهي المشهورة وقال الأصمعي : يقال شعر رجل بفتح فكسر ورجل بفتح الجيم ورجل بسكونها ثلاث لغات إذا كان بين السبوطة والجعودة وقال غيره : شعر مرجل أي مسرح وكان شعره بأصل خلقته مسرحا (إن انفرقت عقيقته) أي إن انقلبت عقيقته أي شعر رأسه انفرق بسهولة لخلفة شعره حينئذ (فرق) بالتخفيف أي جعل شعره نصفين نصفا عن يمينه ونصفا عن شماله سمي عقيقة تشبيها بشعر المولود قبل أن يحلق فاستعير له
[ 98 ]
اسمه (وإلا) بأن كان مختلطا متلاصقا لا يقبل الفرق بدون ترجل (فلا) يفرقه بل يتركه بحاله معقوصا أي وفرة واحدة والحاصل أنه إن كان زمن قبول الفرق فرقه وإلا تركه غير مفروق وهذا أقعد من قول جمع معناه أنه إن انفرق بنفسه تركه مفروقا لعدم ملاءمته لقوله وإلا فلا لمصير معناه وإلا فلا يتركه مفروقا وهو ركيك وهذا بناء على جعل قوله وإلا فلا كلاما تاما وجعل بعضهم قوله فلا (يجاوز شحمة أذنيه إذا هو وفرة) كلاما واحدا وفسره تارة بأنه لا يجوز شحمة أذنيه إذا أعفاه من الفرق وقوله إذا هو وفره بيان لقوله وإلا وأخرى بأنه إذا انفرق لا يجوز شحمة أذنه في وقت توفير الشعر قال : وبه يحصل الجمع بين الروايات المختلفة في كون شعره وفرة وكونه جمة فيقال يختلف باختلاف أزمنة الفرق وعدمه واعلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان أولا لا يفرق تجنبا لفعل المشركين وموافقة لأهل الكتاب ثم فرق واستقر عليه (أزهر اللون) أبيضه نيره وهو أحسن الألوان فالمراد أبيض اللون ليس بأمهق ولا آدم وحينئذ فاللون مستدرك (واسع الجبين) يعني الجبينين وهما ما اكتنف الجبهة عن يمين وشمال والمراد بسعتهما امتدادهما طولا وعرضا وذلك محمود محبوب (أزج الحواجب) أي مرققهما مع تقوس وغزارة شعر جمع حاجب وهو ما فوق العين بلحمه وشعره أو هو الشعر الذي فوق العظم وحده وسمي به لحجبه الشمس عن العين أي منعه لها والحجب المنع وعدل عن الحاجبين إلى الحواجب إشارة إلى المبالغة في امتدادهما حتى صار كعدة حواجب (سوابغ) بالسين أفصح من الصاد جمع سابغة أي كاملات . قال الزمخشري : حال من المجرور وهو الحواجب وهي فاعلة في المعنى إذ تقديره أزج حواجبه أي زجت حواجبه (في غير قون) بالتحريك أي اجتماع يعني أن طرفي حاجبيه قد سبقا أي طالا حتى كادا يلتقيان ولم يلتقيا (بينهما) أي الحاجبين (عرق) بكسر فسكون (يدره) أي يحركه نافرا (الغضب) كان إذا غضب امتلأ ذلك العرق دما كما يمتلئ الضرع لبنا إذا در فيظهر ويرتفع (أقنى) بقاف فنون مخففة من القنا وهو ارتفاع أعلى الأنف واحد يدأب وسطه (العرنين) أي طويل الأنف مع دقة أرنبته وهو بكسر فسكون الأنف أو ما صلب منه أو أوله حيث يكون الشم والقنا فيه طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه (له) أي للعرنين أو للنبي صلى الله عليه وسلم وهو أقرب (نور) بنون مضمومة (يعلوه) يغلبه من حسنه وبهاء رونقه (يحسبه) بضم السين وكسرها أي النبي أو عرنينه (من لم يتأمله) أي يمعن النظر فيه (أشم) مرتفعا قصبة الأنف قال محقق : وذا يفيد أن قناه كان قليلا فمن عكس انعكس عليه ومن قال المشهور كان أشم فالكتب المشهورة تكذبه اه‍ . ومراده الدلجي والشمم ارتفاع قصبة الأنف وإشراف الأرنبة (كث اللحية) وفي رواية للحارث عن أم معبد كثيف اللحية بفتح الكاف غير دقيقها ولا طويلها وفيها كثافة كذا في النهاية وفي التنقيح كث اللحية كثير شعرها غير مسبلة وفي القاموس كثت كثرت أصولها وكثفت وقصرت وجعدت ولذا روى كانت ملتفة وفي شرح المقامات للشريشي كثة كثيرة الأصول بغير طول ويقال للحية إذا قص شعرها وكثر إنها لكثة وإذا عظمت وكثر شعرها قيل إنه لذوا عشنون فإذا
[ 99 ]
كانت اللحية قليلة في الذقن ولم يكن في العارضين فذلك السنوط والسناط وإذا لم يكن في وجهه كثير شعر فذلك الشطط واللحية بكسر اللام ، وفي الشكاف الفتح لغة الحجاز الشعر النابت على الذقن خاصة (سهل الخدين) ليس فيهما نتوء ولا ارتفاع وهو بمعنى خبر البيهقي وغيره كان أسيل الخدين وذلك أعذب عند العرب (ضليع) بضاد معجمة (الفم) عظيمه أو واسعه (أشنب) أي أبيض الأسنان مع بريق وتحديد فيها أو هو رونقها وماؤها أو بردها وعذوبتها (مفلج الأسنان) أي مفرج ما بين الثنايا (دقيق) بالدال وروي بالراء (المسربة) بضم الراء وتفتح وضم الميم وسكون السين المهملة ما دق من شعر الصدر كالخيط سائلا إلى السرة (كأن عنقه) بضم المهملة وبضم النون وتسكن (جيد) بكسر فسكون وهما بمعنى وإنما عبر به تفننا وكراهة للتكرار اللفظي (دمية) كعجمة بمهملة ومثناة تحتية الصورة المنقوشة من نحو رخام أو عاج شبه عنقه بعنقها لأنه يتأنق في صنعتها مبالغة في حسنها وخصها لكونها كانت مألوفة عندهم دون غيرها (في صفاء الفضة) حال مقيدة لتشبيهه به أي كأنه هو حال صفائه قال الزمخشري : وصف عنقه بالدمية في الاستواء والاعتدال وظرف الشكل وحسن الهيئة والكمال وبالفضة في اللون والإشراق والجمال (معتدل الخلق) أي معتدل الصورة الظاهرة يعني متناسب الأعضاء خلقا وحسنا (بادنا) أي ضخم البدن لكن لا مطلقا بل بالنسبة لما يأتي من كونه شثن الكفين والقدمين جليل الشماش والكتد ولما كانت البدانة قد تكون من كثرة اللحم وإفراط السمن الموجب لرخاوة البدن وهو مذموم دفعه بقوله (متماسكا) يمسك بعض أجزائه بعضا من غير ترزرز قال الغزالي : لحمه متماسك يكاد يكون على الخلق الأول ولم يضره السن أراد أنه في السن الذي من شأنه استرخاء اللحم كان كالشباب ولا يناقض كونه بادنا ما في رواية البيهقي ضرب اللحم لأن القلة والكثرة والخفة والتوسط من الأمور النسبية المتفاوتة فحيث قيل بادن أريد عدم النحولة والهزال وحيث قيل ضرب أريد عدم السمن التام (سواء البطن والصدر) بالإضافة أو التنوين كناية عن كونه خميص البطن والحشاء أي ضامر البطن من قبل طويل النجاد أي القامة (عريض الصدر) في الشفاء واسع الصدر وفي المواهب رحب الصدر والعرض خلاف الطول قال البيهقي : كان بطنه غير مستفيض فهو مساو لصدره وظهره عريض فهو مساو لبطنه أو العريض بمعنى الوسيع أو مجاز عن احتمال الأمور (بعيد ما بين المنكبين) تثنية منكب مجتمع عظم العضد والمنكب وهو لفظ مشترك يطلق على ما ذكر وعلى المحل المرتفع من الأرض وعلى ريشة من أربع في جناح الطير (ضخم الكراديس) أي عظيم الألواح أو العظام أو رؤوس العظام وقال البغوي : الأعضاء وفيه دلالة على المقصود وقال محقق : والمراد عظام تليق بالعظم كالأطراف والجوارح وقد ثبت عظيم الأطراف والجوارح (أنور المتجرد) الرواية بفتح الراء قال البغوي وغيره : بمعنى نيره قال محقق : ولا حاجة له لأن أفعل التفضيل إذا أضيف فأحد معنييه الفضيل على غير المضاف إليه والإضافة للتوضيح فكأنه قال متجرده أنور من متجرد غيره قال البغوي وغيره : المتجرد ما جرد عنه الثياب وكشف من جسده أي كان مشرف البدن ثم المراد جميع البدن والقول بأن
[ 100 ]
المراد ما يستر غالبا ويجرد أحيانا متعقب بالرد (موصول ما بين اللبة) بفتح اللام المنحر وهي التطامن الذي فوق الصدر وأسفل الحلق من الترقوتين (والسرة) بشعر متعلق بموصول (يجري) يمتد شبهه بجريان الماء وهو امتداده في سيلانه (كالخط) الطريقة المستطيلة في الشئ والخط الطريق وطلبه الاستقامة والاستواء فشبه بالاستواء وروي كالخيط والتشبيه بالخط أبلغ وهذا معنى دقيق المسربة المار (عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك) أي ليس عليهما شعر سوى ذلك وما ذكر من أن اللفظ الثديين تثنية ثدي هو ما في نسخ هذا الجامع لكن في النهاية الثندوتين قال : وهما للرجل كالثديين للمرأة فمن ضم الثاء همز ومن فتحها لم يهمز أراد إن لم يكن على ذلك الموضع كثير لحم اه‍ . والأول هو رواية الشفاء وغيره وقول القرطبي ولا شعر تحت إبطيه رده الولي العراقي بأنه لم يثبت والخصوصية لا تثبت بالاحتمال (أشعر) أي كثير شعر (الذراعين) تثنية ذراع ما بين مفصل الكف والمرفق وفي القاموس من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى (والمنكبين وأعالي) جمع أعلى (الصدر) أي كان على هذه الثلاثة شعر غزير (طويل الزندين) بفتح الزاي عظما الذراعين تثنية زند كفلس وهو ما انحسر عنه اللحم من الذراع (رحب الراحة) واسعها حسا وعطاء ، ومن قصره على حقيقة التركيب أو جعله كناية عن الجود فحسب فغير مصيب . قال الزمخشري : ورحب الراحة أي الكف دليل الجود وصغرها دليل البخل ، قال محقق : وأما سعة القدمين فلم أقف عليه لكنه يفهم مما مر أنه ضخمها (سبط القصب) بالقاف أي ليس في ذراعيه وساقيه وفخذيه نتوء ولا تعقد والقصب جمع قصبة كل عظم أجوف فيه مخ (شثن الكفين) أي في أنامله غلظ بلا قصر وذلك يحمد في الرجل لكونه أشد لقبضه ويذم في النساء (والقدمين) وذا لا يعارضه خبر البخاري عن أنس ما مسست حريرا ولا ديباجا ألين من كفه لأن المراد اللين في الجلد والغلظ في العظام فيجتمع له نعومة البدن وقوته ومن ثم قال ابن بطال : كانت كفه ممتلئة لحما غير أنها مع ضخامتها لينة أو حيث وصف باللين واللطافة حيث لا يعمل بهما شيئا بل كان بالنسبة لأصل الخلقة وحيث وصف بالغلظ والشثونة فبالنسبة إلى امتهانهن بالعمل فإنه يتعاطى كثيرا من أموره (سائل الأطراف) بسين ولام أي ممتدها كذا في النهاية لكن البيهقي وغيره فسروه بممتد الأصابع طوال غير منعقدة ولا متثنية ويؤيده رواية كأن أصابعه قضبان فضة أي أغصانها ، والوجه التعميم فقد ورد سبط القصب وفسر بكل عظم ذي مخ والسبوط الامتداد قاله أبو نعيم وروي شائل الأطراف بشين معجمة أي مرتفعها وهو قريب من سائل [ ص 79 ] من قوله شالت الميزان ارتفعت إحدى كفتيه يعني كان مرتفع الأصابع بلا أحد يذاب ولا تقبض ، وروي سائن بالنون وهي بمعنى سائل بالسين المهملة وسائر بالراء من السير بمعنى طويلها ومحصول ما وقع الشك فيه في هذه اللفظة سائل بمهملة وبمعجمة وسائن بالنون وسائر براء . قال الزمخشري : ومقصود الكل أنها غير متعقدة (خمصان) بضم المعجمة وفتحها (الأخمصين) مبالغة من الخمص أي شديد تجافي أخمص القدم عن الأرض وهو المحل الذي لا يلصق بها عند الوطء (مسيح القدمين) أملسهما مستويهما لينهما بلا تكسر ولا تشقق جلد (بحيث ينبو عنهما
[ 101 ]
الماء) أي يسيل ويمر سريعا إذا صب عليهما لاصطحابهما (إذا زال) أي النبي صلى الله عليه وسلم (زال تقلعا) أي إذا ذهب وفارق مكانه رفع رجليه رفعا بائنا متداركا إحداهما بالأخرى مشية أهل الجلادة فتقلعا حال أو مصدر منصوب أي ذهاب قلع والقلع في الأصل انتزاع الشئ من أصله أو تحويله عن محله وكلاهما يصلح أن يراد هنا أي ينزع رجله عن الأرض أو يحولها بقوة (ويخطو) يمشي (تكفؤا) بالهمز وتركه أي تمايل إلى قدام من قولهم كفأت الإناء إذا قلبته أو إلى يمين وشمال ويؤيد الأول قوله الآتي كأنما ينحط (ويمشي) تفتن حيث عبر عن المشي بعبارتين فرارا من كراهة تكرار اللفظ (هونا) بفتح فسكون أي حال كونه هينا أو هو صفة لمصدر محذوف أي مشيا هينا بلين ورفق والهون الرفق (ذريع) كسريع وزنا ومعنى (المشية) بكسر الميم أي سريعها مع سعة الخطوة فمع كون مشيه بسكينة كان يمد خطوته حتى كأن الأرض تطوى له (إذا مشى كأنما ينحط من صبب) أي منحدر من الأرض وأصله النزول من علو إلى سفل ومنه صببت الماء والمراد التشبيه بالمنحدر من علو إلى سفل بحيث لا إسراع ولا إبطاء . وخير الأمور أوساطها . قال بعضهم : والمشيات عشرة أنواع هذه أعدلها وبما تقرر يعرف أنه لا تعارض بين الهون الذي هو عدم العجلة وبين الانحدار والتقلع الذي هو السرعة فمعنى الهون الذي لا يعجل في مشيته ولا يسعى عن قصد إلا لحادث أمر مهم ، وأما الانحدار والقلع فمشيه الخلقي (وإذا التفت التفت جميعا) وفي رواية جمعا كضربا أي شيئا واحدا فلا يسارق النظر ولا يلوي عنقه كالطائش الخفيف بل كان يقبل ويدبر جميعا . قال القرطبي : ينبغي أن يخص بالفتاته وراءه أما التفاته يمنة أو يسرة فبعنقه (خافض) من الخفض ضد الرفع (الطرف) أي البصر يعني إذا نظر إلى شئ خفض بصره تواضعا وحياءا من ربه وذلك هو شأن المتأمل المتفكر المشتغل بربه ثم أردف ذلك بما هو كالتفسير له فقال (نظره إلى الأرض) حال السكوت وعدم التحدث (أطول من نظره إلى السماء) لأنه كان دائم المراقبة متواصل الفكر فنظره إليها ربما فرق فكره ومزق خشوعه ولأن نظر النفوس إلى ما تحتها أسبق لها من نظرها إلى ما علا عليها أما في غير حال السكوت والسكون فكان ربما نظر إلى السماء بل جاء في أبى داود وكان إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء وهذا كله في غير الصلاة ، أما فيها فكان ينظر إليها أولا ، فلما نزلت * (والذين هم في صلاتهم خاشعون) * أطرق . (فائدة) رأيت بخط الحافظ مغلطاي أن ابن طغر ذكر أن عليا أتاه راهب بكتاب ورثه عن آبائه كتبه أصحاب المسيح فإذا فيه : الحمد لله الذي قضى فيما قضى وسطر فيما سطر أنه باعث في الأميين رسولا لا فظ ولا غليظ ولا صخاب في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح . أمته الحمادون نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى المساء (جل نظره) بضم الجيم أي معظمه وأكثر (الملاحظة) مفاعلة من اللحظ أي النظر بشق العين مما يلي الصدغ أراد به هنا أنه كان أكثر نظره في حال الخطاب الملاحظة وكثرة الفكر فلا يعارض قوله إذا التفت التفت جميعا (يسوق أصحابه) أي يقدمهم
[ 102 ]
أمامه ويمشي خلفهم كأنه يسوقهم تواضعا وإرشادا إلى ندب مشي كبير القوم وراءهم ولا يدع أحدا يمشي خلفه أو ليختبر حالهم وينظر إليهم حال تصرفهم في معاشهم وملاحظتهم لإخوانهم فيربي من يستحق التربية ، ويكمل من يحتاج التكميل ، ويعاقب من يليق به المعاقبة ، ويؤدب من يناسبه التأديب ، وهذا شأن المولى مع رعيته ، أو لأن الملائكة كانت تمشي خلف ظهره أو لغير ذلك ، وإنما تقدمهم في قصة جابر رضي الله تعالى عنه لأنه دعاهم إليه فجاؤوا تبعا له (ويبدأ) وفي رواية يبدر أي يسبق (من لقيه بالسلام) حتى الصبيان تأديبا لهم وتعليما لمعالم الدين ورسوم الشريعة وإذا سلم عليه أحد رد عليه كتحيته أو أحسن منها فورا إلا لعذر كصلاة وبراز قال ابن القيم : ولم يكن يرده بيده ولا برأسه ولا بأصبعه إلا في الصلاة ثبت بذلك عدة أخبار ولم يجئ ما يعارضها إلا شئ باطل . (ت في الشمائل) النبوية (طب هب عن هند بن أبي هالة) بتخفيف اللام وكان وصافا لحلية النبي صلى الله عليه وسلم وهو ربيبه إذ هو ابن خديجة ودالة اسم لدارة القمر قتل مع علي يوم الجمل وقيل مات في طاعون عمواس وبقي مدة لم يجد من يدفنه لكثرة الموتى حتى نادى مناد واربيب رسول الله فترك الناس موتاهم ورفعوه على الأصابع حتى دفن ، رمز المصنف لحسنه ولعله لاعتضاده عنده وإلا ففيه جميع بن عمر العجلي قال أبو داود : أخشى أن يكون كذابا وتوثيق ابن حبان له متعقب بقول البخاري : إن فيه نظرا ولذلك جزم الذهبي بأنه واه وفيه رجل من تميم مجهول ومن ثم قال بعض الفحول : خبر معلول . 6494 - (كان في ساقيه) روي بالإفراد وبالتثنية (حموشة) بحاء مهملة مفتوحة وشين معجمة أي دقة قال القاضي : حموشة الشاق دقتها يقال حمشت قوائم الدابة إذا دقت هكذا ضبط بعضهم . وقال بعضهم : خموشة بضم أوله المعجمة دقتها وبكسره ليفيد التقليل والمراد نفي غلظها وذلك مما يمتدح به وقد أكثر أهل القيافة من مدحها وفوائدها . (ت) في المناقب (ك) كلاهما (عن جابر بن سمرة) وقال : حسن غريب صحيح . 6495 - (كان في كلامه) وفي رواية كان في قراءته (ترتيل) أي تأن وتمهل مع تبيين الحروف والحركات بحيث يتمكن السامع من عدها (أو ترسيل) عطف تفسيري أو شك من الراوي وفي الحديث أن الناس دخلوا عليه صلى الله عليه وسلم أرسالا يصلون عليه أي فرقا مقطعة يتبع بعضهم بعضا وأخذ بذا جمع ففضلوا قراءة القليل المرتل على الكثير بغير ترتيل لأن القصد من القراءة التدبر والفهم وذهب قوم إلى فضيلة الكثرة واحتجوا بأخبار قال ابن القيم : والصواب أن قراءة الترتيل والتدبر أرفع قدرا وثواب كثرة القراءة أكثر عددا فالأول كمن تصدق بجوهرة عظيمة والثاني كمن تصدق بدنانير كثيرة . (د عن جابر) بن عبد الله قال الزين العراقي : فيه شيخ لم يسم . 6496 - (كان كثير العرق) محركا ما يترشح من جلد الحيوان كما سبق وقد يستعار لغيره وكانت أم سليم تجمع عرقه فتجعله في قارورة وتخلطه في الطيب لطيب ريحه والقلب الطاهر الحي يشم منه
[ 103 ]
رائحة الطيب كما أن القلب الخبيث الميت يشم منه رائحة النتن لأن نتن القلب والروح يتصل بباطن البدن أكثر من ظاهره والعرق يفيض من الباطن فالنفس العلية يقوى طيبها ويفوح عرف عرقها حتى يبدو على الجسد والخبيثة بضدها . (فائدة) أخرج أبو يعلى عن أبي هريرة مرفوعا قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله إني زوجت ابنتي وأنا أحب أن تعينني بشئ قال : ما عندي شئ ولكن إذا كان غدا فأتني بقارورة واسعة الرأس وعود شجرة وآية ما بيني وبينك أن أجيف ناحية الباب فلما كان من الغد أتاه الرجل بقارورة واسعة وعود شجرة فجعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسلت العرق عن ذراعيه حتى امتلأت القارورة فقال : خذها وأمر بنتك أن تغمس هذا العود في القارورة فتتطيب فكانت إذا تطيبت شم أهل المدينة رائحة ذلك الطيب فسموا بيت المطيبين قال الذهبي : حديث منكر . (م عن أنس) قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي أم سليم فيقيل عندها فتبسط له نطعا وكان كثير العرق فكانت تجمعه فتجعله في الطيب . 6497 - (كان كثير شعر اللحية) أي غزيرها مستديرها زاد في رواية قد ملأت ما بين كتفيه قال القرطبي : ولا يفهم منه أنه كان طويلها لما صح أنه كان كث اللحية أي كثير شعرها غير طويله انتهى . قال الغزالي : وفي خبر غريب أنه كان يسرحها في اليوم مرتين . (م عن جابر بن سمرة) . 6498 - (كان كلامه كلاما فصلا) أي فاصلا بين الحق والباطل وآثره عليه لأنه أبلغ أو مفصولا عن الباطل أو مصونا عنه فليس في كلامه باطل أصلا أو مختصا أو متميزا في الدلالة على معناه وحاصله أنه بين المعنى لا يلتبس على أحد بل (يفهمه كل من سمعه) من العرب وغيرهم لظهوره وتفاصيل حروفه وكلماته واقتداره لكمال فصاحته على إيضاح الكلام وتبيينه ولهذا تعجب الفاروق من شأنه وقال له : مالك أفصحنا ولم تخرج من بين أظهرنا قال : كانت لغة إسماعيل قد درست أي متممات فصاحتها فجاءني بها جبرائيل فحفظتها وورد أنه كان يتكلم مع الفرس بالفارسية قال الزمخشري : وقد أعيا أولئك المفلقين المصاقع حتى قعدوا مقهورين ونكبوا فصاروا مبهوتين واستكانوا وأذعنوا وأسهبوا بالاستعجاب وأيقنوا أن الله عزت قدرته محض هذا اللسان العربي وألقى على لسانه زبدته فما من خطيب يقاومه إلا نكص متفكك الرجل وما من مصقع يناهزه إلا رجع فارغ السجل وما قرن بمنطقه منطق إلا كان كالبرذون مع الحصان المطهم ولا وقع من كلامه شئ في كلام الناس إلا أشبه الوضح في ثقبة الأدهم وقال ابن القيم : كان أفصح الخلق وأعذبهم كلاما وأسرعهم أداء وأحلاهم منطقا حتى كان كلامه يأخذ بالقلوب ويسبي الأرواح وقد شهد له بذا أعداؤه وقد جمعوا من كلامه المفرد الموجز البليغ البديع دواوين لا تكاد تحصى . - (د عن عائشة) ورواه عنها أيضا الترمذي لكنه قال : يحفظه من جلس إليه وقال النسائي في يوم وليلة يحفظه كل من سمعه قال الزين العراقي : وإسناده حسن .
[ 104 ]
6499 - (كان وجهه مثل) كل من (الشمس والقمر) أي الشمس في الإضاءة والقمر في الحسن والملاحة أو الواو بمعنى بل إذ الشمس تمنع استيفاء الحظ من رؤيتها فاللائق القمر وما في الوفاء من أنه لم يقم مع شمس إلا غلب ضوؤه ضوء الشمس لا ينافي التشبيه بالشمس لأنه إن سلم عدم المبالغة أو المسامحة في الغلبة فذلك حين كانت الشمس في السماء الرابعة لا مطلقا على أنه يكفي أنها أعرف وأشهر ولا دعوى المماثلة العرفية لأن القدر الغير الفاحش لا يضر عرفا (وكان مستديرا) مؤكد لعدم المشابهة التامة والمماثلة أي هو أضوأ وأحسن لاستدارته دونه فكيف يشبهه أي يماثله أو مؤكد لمشابهتهما وقيل التشبيه بالنيرين إنما يتبادر منه الضوء والملاحة فبين الاستدارة ليكون التشبيه فيها أيضا . (م عن جابر بن سمرة) . 6500 - (كان أبغض الخلق) أي أبغض أعمال الخلق (إليه الكذب) لكثرة ضرره وجموم ما يترتب عليه من المفاسد والفتن وكان لا يقول في الرضى والغضب إلا الحق كما رواه أبو داود عن ابن عمر ولهذا كان يزجر أصحابه وأهل بيته عنه ويهجر على الكلمة من الكذب المدة الطويلة وذلك لأنه قد يبنى عليه أمورا ربما ضرت ببعض الناس وفي كلام الحكماء إذا كذب السفير بطل التدبير ولهذا لما علم الكفار أنه أبغض الأشياء إليه نسبوه إليه فكذبوه بما جاءهم به من عند الله ليغيظوه بذلك لأنه يوقف الناس عن قبول ما جاء به من الهدى ويذهب فائدة الوحي وروي أن حذيفة قال : يا رسول الله ما أشد ما لقيت من قومك قال : خرجت يوما لأدعوهم إلى الله فما لقيني أحد منهم إلا وكذبني . (هب عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه وهو باطل فإنه خرجه من حديث إسحاق بن إبراهيم الديري عن [ ص 82 ] عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عائشة وعن محمد بن أبي بكر عن أيوب عن إبراهيم بن ميسرة عن عائشة ثم عقبه بما نصه قال البخاري : هو مرسل يعني بين إبراهيم بن ميسرة وعائشة ولا يصح حديث ابن أبي مليكة قال البخاري : ما أعجب حديث معمر عن غير الزهري فإنه لا يكاد يوجد فيه حديث صحيح اه‍ . فأفاد بذلك أن فيه ضعفا أو انقطاعا فاقتطاع المصنف لذلك من كلامه وحذفه من سوء التصرف وإسحاق الديري يستبعد لقيه لعبد الرزاق كما أشار إليه ابن عدي وأورده الذهبي في الضعفاء . 6501 - (كان أحب الألوان إليه) من الثياب وغيرها (الخضرة) لأنها من ثياب الجنة فالخضرة أفضل الألوان ولهذا كانت السماء خضراء وما نرى نحن من الزرقة إنما هو لون البعد وفي الخبر إن النظر إلى الخضرة والماء الجاري يقوي البصر فلخصاصته بهذه المزية كان أحب الألوان إليه قال ابن بطال
[ 105 ]
: وكفى به شرفا موجبا للمحبة . (طس وابن السني وأبو نعيم في الطب) النبوي (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا البزار . قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف لكن له شواهد منها ما خرجه ابن عدي في البيهقي عن قتادة قال : خرجنا مع أنس إلى الأرض فقيل : ما أحسن هذه الخضرة فقال أنس : كنا نتحدث أن أحب الألوان إلى المصطفى صلى الله عليه وسلم الخضرة . 6502 - (كان أحب التمر إليه العجوة) قيل عجوة المدينة وقيل مطلقا وهي أجود التمر وألينه وألذه هناك ولها منافع كثيرة مر بيان بعضها . (أبو نعيم) في الطب (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا (ه) أبو الشيخ [ ابن حبان ] وابن ماجه باللفظ المزبور قال الزين العراقي : فإسناده ضعيف . 6503 - (كان أحب الثياب إليه) من جهة اللبس (القميص) أي كانت نفسه تميل إلى لبسه أكثر من غيره من نحو رداء أو إزار لأنه أستر منهما وأيسر لاحتياجهما إلى حل وعقد بخلافه فهو أحبها إليه لبسا والحبرة أحبها إليه رداء فلا تدافع بين حديثيهما أو ذاك أحب المخيط وذا أحب غيره ويلوح من ذلك أن لبسه له أكثر وكان لا يختلج في ذهني خلافه حتى رأيت الحافظ العراقي قال في حديث إلباس المصطفى صلى الله عليه وسلم قميصه لابن أبي لما مات ما نصه : وفيه لبسه عليه الصلاة والسلام للقميص وإن كان الأغلب من عادته وعادة سائر العرب لبس الإزار والرداء اه‍ . ولم أقف له على سلف في جزمه بهذه الأغلبية بالنسبة لخصوص المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وفوق كل ذي علم عليم ولا يلزم من كون ذلك أغلب للعرب كونه أغلب له لأن أحواله وشؤونه كانت منوطة بما يؤمر به وبما كان دأب آبائه وإخوانه من الأنبياء والمرسلين فيما لم يوح إليه بشئ لا بشعار العرب وزيهم على أن أغلبية لبس الإزار والرداء لا ينافي أغلبية لبس القميص ولا مانع من لبس الثلاثة غالبا معا فتدبر . (د ت) في اللباس (ك) كلهم (عن أم سلمة) ورواه عنها أيضا النسائي في الزينة ، قال الصدر المناوي : وفيه أبو ثميلة يحيى بن واضح أدخله البخاري في الضعفاء لكن وثقه ابن معين . 6504 - (كان أحب الثياب إليه) أن يلبسها هذا لفظ رواية الشيخين (الحبرة) كعنبة برد يماني ذو ألوان من التحبير وهو التزيين والتحسين قال الطيبي : والحبرة خبر كان وأن يلبسها متعلق أحب أي كان بأحب الثياب إليه لأجل اللبس الحبرة لاحتمالها الوسخ أو للينها وحسن انسجام نسجها وإحكام صنعتها وموافقتها لبدنه الشريف فإنه كان بالغ النهاية في النعومة واللين فالخشن يضره ودعوى أنه إنما أحبها لكونها خضراء وثياب أهل الجنة خضر يردها ما جاء في رواية أنها حمراء قال في المطامح : وهذا على ما فهم أنس من حاله ولعل البياض كان أحب إليه وذكر في غير ما حديث أنه خير الثياب وقال البغدادي : كانت أحب الثياب إليه لكنه لم يكثر من لبس المخطط وقد يحب الشئ ويندب إليه ولا يستعمله لخاصية في غيره كقوله أفضل الصيام صيام داود كان يصوم يوما ويفطر يوما وما روي قط أنه
[ 106 ]
أخذ نفسه بذلك بل قالت عائشة : كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم مع القطع بأنه سيد أولي العزم وقال بعضهم : هذا الحديث يعارضه ما ورد أنه صلى بثوب أحمر فخلعه وأعطاه لغيره وقال : أخشى أن أنظر إليه فيفتنني عن صلاتي وأجيب بأن أقبية الحبرة خاصة بغير الصلاة جمعا بين الحديثين . (ق) في اللباس (د ن عن أنس) بن مالك . 6505 - (كان أحب الدين) بالكسر يعني التعبد (إليه ما دام عليه صاحبه) وإن قل ذلك العمل المداوم عليه يعني ما واظب عليه مواظبة عرفية وإلا فحقيقة الدوام شمول جميع الأزمنة وذلك غير مقدور وإنما كان أحب إليه لأن المداوم يدوم له الإمداد والإسعاد من حضرة الوهاب الجواد وتارك العمل بعد الشروع كالمعرض بعد الوصول والهاجر بعد ما منحه من الفضل والبدل وبدوام القليل تستمر الطاعة والإقبال على الله بخلاف الكثير المشاق . (خ د عن عائشة) . 6506 - (كان أحب الرياحين) جمع ريحان نبت طيب الريح أو كل نبت طيب الريح كذا في القاموس وفي المصباح الريحان كل نبت طيب الريح لكن إذا أطلق عند العامة انصرف إلى نبات مخصوص (إليه الفاغية) نور الحناء وهو من أطيب الرياحين وأحسنها ومر في خبر أنها سيدة الرياحين في الدنيا والآخرة وفي الشعب عن ابن درستويه الفاغية عود الحناء يغرس مقلوبا فيخرج بشئ أطيب من الحناء فيسمى الفاغية قال المصنف : وفيه منافع من أوجاع العصب والتمدد والفالج والصداع وأوجاع الجنب والطحال ويمنع السوس من الثياب ودهنه يلين العصب ويحلل الإعياء والنصب ويوافق الخناق وكسر العظام والشوهة وأوجاع الأرحام ويقوي الشعور ويزينها ويكسيها حمرة وطيبا . (طب هب) من حديث عبد الحميد بن قدامة (عن أنس) قال ابن القيم : الله أعلم بحال هذا الحديث فلا نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا نعلم صحته وقال الذهبي في الضعفاء : عبد الحميد بن قدامة عن أنس في الفاغية قال البخاري : لا يتابع عليه اه‍ . 6507 - (كان أحب الشاة إليه مقدمها) لكونه أقرب إلى المرعى وأبعد عن الأذى وأخف على المعدة وأسرع انهضاما وذا من طلبه الذي لا يدركه إلا أفاضل الأطباء فإنهم شرطوا في جودة الأغذية نفعها وتأثيرها في القوى وخفتها على المعدة وسرعة هضمها . (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (هق) كلهم (عن مجاهد) بن جبير (مرسلا) . 6508 - (كان أحب الشراب إليه الحلو البارد) الماء العذب كالعيون والآبار الحلوة فإنه كان يستعذب له الماء أو الممزوج بعسل أو المنقوع في تمر وزبيب قال ابن القيم : والأظهر أنه يعمها جميعها ولا
[ 107 ]
يشكل بأن اللبن كان أحب إليه لأن الكلام في شراب هو ماء أو فيه ماء وإذا جمع الماء هذين الوصفين أعني الحلاوة والبرد كان من أعظم أسباب حفظ الصحة ونفع الروح والكبد والقلب وتنفذ الطعام إلى الأعضاء أتم تنفيذ وأعان على الهضم وقال في العارضة : كان يشرب الماء البارد ممزوجا بالعسل فيكون حلوا باردا وكان يشرب اللبن ويصب عليه الماء حتى يبرد أسفله . (حم ت) في الأشربة عن عائشة وقال : الصحيح عن الزهري مرسلا (ك) في الأطعمة (عن عائشة) وتعقبه الذهبي بأنه من رواية عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة عن هشام عن أبيه عن عائشة وعبد الله هالك فالصحيح إرساله اه‍ . 6509 - (كان أحب الشراب إليه اللبن) لكثرة منافعه ولكونه لا يقوم مقام الطعام غيره لتركبه من الجبنية والسمنية والمائية وليس شئ من المائعات كذلك لكن ينبغي أن لا يفرط في استعماله لأنه ردئ للمحموم والمصروع وإدامته نؤذي الدماغ وتحدث ظلمة البصر والغشى ووجع المفاصل وسدد الكبد ونفخ المعدة ويصلحه العسل ونحوه . (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن ابن عباس) . 6510 - (كان أحب الشراب إليه العسل) أي الممزوج بالماء كما قيده به في رواية أخرى وفيه من حفظ الصحة ما لا يهتدي لمعرفته إلا فضلاء الأطباء فإن شربه ولعقه على الريق يذيب البلغم ويغسل خمل المعدة ويجلو لزوجتها ويدفع فضلاتها ويفتح سددها ويسخنها باعتدال ويفعل ذلك بالكبد والكلى والمثانة وإنما يضر بالعرض لصاحب الصفراء لحدته وحدة الصفراء فربما هيجها ودفع ضرره لهم بالخل قال في العارضة : العسل واللبن مشروبان عظيمان سيما لبن الإبل فإنها تأكل من كل الشجر وكذا النحل لا تبقي نورا إلا أكلت منه فهما مركبان من أشجار مختلفة وأنواع من النبات متباينة فكأنهما شرابان مطبوخان مصعدان لو اجتمع الأولون والآخرون على أن يركبوا شيئين منهما ما أمكن فسبحان جامعهما . (ابن السني وأبو نعيم) معا كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن عائشة) . 6511 - (كان أحب الشهور إليه أن يصوم شعبان) أخذ منه أن أفضل الصوم بعد رمضان شعبان ومر الجمع بينه وبين قوله أفضل الصيام بعد رمضان المحرم . (د ن عن عائشة) ورواه عنها الحاكم باللفظ المزبور وزاد ثم يصله برمضان وقال : على شرطهما وأقره عليه الذهبي . 6512 - (كان أحب الصباغ إليه الخل) أي كان أحب الصبوغ إليه ما صبغ بالخل والخل إذا أضيف إليه نحو نحاس صبغ أخضر أو نحو حديد صبغ أسود . - (أبو نعيم) في الطب (عن ابن عباس) ورواه عنه أبو الشيخ [ ابن حبان ] باللفظ المذكور قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف .
[ 108 ]
6513 - (كان أحب الصبغ إليه الصفرة) لعله أراد به الخضاب بدليل أنه كان يخضب بها ومر به من خضب بالصفرة فاستحسنه ويحتمل أنه المراد من الثياب ولا يعارضه النهي عن المصفر والمزعفر لأن ما في هنا في الأصل بخلاف ذلك قال ابن العربي : ولم يرد في لباس الأصفر حديث اه‍ . وهو خطأ وزلل فقد قال الحافظ عبد الحق وغيره : ورد في الأصفر أحاديث كثيرة منها ما خرجه البخاري عن أم خالد أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي قميص [ ص 85 ] أصفر وفي أبي داود قيل لابن عمر لم تصبغ بالأصفر فقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن شئ أحب إليه من الصفرة وقد كان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته وأخرج الطبراني عن قيس التميمي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أصفر ورأيته يسلم على نساء وقال ابن عبد البر : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة إلا ثيابه . (طب عن ابن أبي أوفى) رمز المصنف لصحته وإنه لشئ عجيب فقد قال فيه الهيثمي : فيه عبيد بن القاسم وهو كذاب متروك . 6514 - (كان أحب الطعام إليه الثريد من الخبز) وهو بفتح المثلثة أن يثرد الخبز أي يفتت ثم يبل بمرق وقد يكون معه لحم لمزيد نفعه وسهولة مساغه وتيسر مناولته وبلوغ الكفاية منه بسرعة اللذة والقوة وقلة المؤونة في المضغ (والثريد من الحسيس) هو تمر خلط بأقط وسمن والأصل فيه الخلط قال الراجز : التمر والسمن جميعا والأقط * الحيس إلا أنه لم يختلط (د) من رواية رجل من أهل البصرة لم يسم عن عكرمة عن ابن عباس ثم قال أبو داود في بعض رواياته : وهو حديث ضعيف (ك) من رواية عمر بن سعيد عن عكرمة (عن ابن عباس) وقال : صحيح وأقره الذهبي . 6515 - (كان أحب العراق إليه) بضم العين جمع عرق بالسكون وهو أكل اللحم عن العظم تقول عرقت العظم عرقا أكلت ما عليه من اللحم كذا في المصباح قال في النهاية : وهو جمع نادر (ذراعي الشاة) تثنية ذراع كحمار وهو من الغنم والبقر ما فوق الكراع وذلك لأنها أحسن نضجا وأسرع استمراء وأعظم لينا وأبعد عن مواضع الأذى مع زيادة لذتها وعذوبة مذاقها . (حم د وابن السني وأبو نعيم) كلاهما في الطب النبوي (عن ابن مسعود) رمز لصحته .
[ 109 ]
6516 - (كان أحب العمل إليه ما دووم عليه وإن قل) لما تقدم من أن المداومة توجب ألفة النفس للعبادة الموجب لإقبال الحق تعالى بمزايا الإكرام ومواهب الإنعام . (ت ن عن عائشة وأم سلمة) معا ورواه مسلم من حديث عائشة بلفظ كان أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه . 6517 - (كان أحب الفاكهة إليه الرطب والبطيخ) بكسر الباء وكان يأكل هذا بهذا دفعا لضرر كل منهما وإصلاحا له بالآخر لأن الرطب حار رطب في الثانية يقوي المعدة الباردة ويزيد في الباه لكنه سريع العفن معكر للدم والبطيخ بارد رطب مطف للحرارة الملتهبة وفيه دليل على حل أكل الطيبات وقد أمرت الرسل بأكلها في القرآن ورد على من كره ذلك من السلف وفعل ذلك إن نشأ عن بخل فهو حرام شديد التحريم أو بقصد مخالفة النفس وقمع الشهوة فجائز . (عد عن عائشة) وفيه عباد بن كثير الثقفي نقل في الميزان تضعيفه عن جمع ثم ساق له هذا الحديث عن عائشة (النوقاني في كتاب) ما ورد في فضائل (البطيخ عن أبي هريرة) قال العراقي : وكلاهما ضعيف جدا . 6518 - (كان أحب اللحم إليه الكتف) لأنها أسلم من الأذى وأبعد عنه وأقوى اللحم وأطيبه وأسرعه نضجا كالذراع المتصلة بالكتف وفيه رد على المانعين أكل اللحم من فرق الضلال . (أبو نعيم) في الطب (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور أبو الشيخ [ ابن حبان ] قال الحافظ العراقي : وإسناده ضعيف لكن في الصحيحين عن أبي هريرة ما هو في معناه وهو قوله وضعت بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكانت أحب الشاة إليه . 6519 - (كان أحب ما استتر به لحاجته) أي لقضاء حاجة في نحو الصحراء (هدف) بفتح الهاء والدال ما ارتفع من أرض أو بناء (أو حائش نخل) بحاء مهملة وشين معجمة نخل مجتمع ملتف كأنه لالتفافه يحوش بعضه لبعض وفيه ندب الاستتار عند قضاء الحاجة (1) والأكمل أن يغيب الشخص عن الناس قال النووي : وهذه سنة متأكدة . - (حم م د ه عن عبد الله بن جعفر) قال : أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه وقال إلى آخره .
[ 110 ]
6520 - (كان أخف) لفظ رواية مسلم من أخف (الناس صلاة) إذا صلى إماما لا منفردا كما صرح به الحديث الآتي عقبه (في تمام) للأركان قيد به دفعا لتوهم من يفهم أنه ينقص منها حيث عبر بأحق قال ابن تيمية : فالتخفيف الذي كان يفعله هو تخفيف القيام والقعود وإن كان يتم الركوع والسجود ويطيلهما فلذلك صارت صلاته قريبا من السواء وقال بعضهم : محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبت عنه التطويل أيضا جدا أحيانا . (م ت عن أنس) بن مالك وفي رواية لمسلم أيضا كان يوجز في الصلاة ويتم وظاهر صنيع المصنف أن هذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه فقد قال الزين العراقي في المغني : إنه متفق عليه . 6521 - (كان أخف الناس صلاة على الناس) يعني المقتدين به (وأطول الناس صلاة لنفسه) ما لم يعرض ما يقتضي التحقيق كما فعل في قصة بكاء الصبي ونحوه وفيه كالذي قبله أنه يندب للإمام التخفيف من غير ترك شئ من الأبعاض والهيئات لكن لا بأس بالتطويل برضاهم إن انحصروا كما استفيد من حديث آخر . (حم ع) من حديث نافع بن سرجس (عن أبي واقد) بقاف ومهملة الليثي بمثلثة بعد التحتية واسمه الحارث بن مالك المديني شهد بدرا قال في المهذب : إسناده جيد ونافع هذا قال أحمد : لا أعلم إلا خيرا اه‍ . 6522 - (كان إذا أتى مريضا أو أتي به) شك من الراوي (قال) في دعائه له (أذهب الباس) بغير همز للمؤاخاة وأصله الهمز أي الشدة والعذاب (رب الناس) بحذف حرف النداء اشفه بهاء السكت أو الضمير للعليل (وأنت) وفي رواية بحذف الواو (الشافي) أخذ منه جواز تسميته تعالى بما ليس في القرآن بشرط أن لا يوهم نقصا وأن يكون له أصل في القرآن وهذا منه فإن فيه * (وإذا مرضت فهو يشفين) * (لا شفاء) بالمد مبني على الفتح والخبر محذوف تقديره لنا أوله (إلا شفاؤك) بالرفع على أنه بدل من محل لا شفاء . قال الطيبي : خرج مخرج الحصر تأكيدا لقوله أنت الشافي لأن خبر المبتدأ إذا عرف باللام أفاد الحصر لأن تدبير الطبيب ونفع الدواء لا ينجع إلا بتقدير الله (شفاء) مصدر منصوب بقوله اشف (لا يغادر) بغين معجمة يترك (سقما) بضم فسكون وبفتحتين وفائدة التقييد به أنه قد يحصل الشفاء من ذلك المرض فيخلفه مرض آخر وكان يدعو له بالشفاء المطلق لا بمطلق الشفاء وقال الطيبي : قوله شفاء إلى آخره تكميل لقوله اشف وتنكير سقما للتقليل واستشكل الدعاء بالشفاء مع ما في المرض من كفارة وأجور وأجيب بأن الدعاء عبادة وهو لا ينافيهما (1) قال ابن القيم : وفي هذه الرقية
[ 111 ]
توسل إلى الله بكمال ربوبيته ورحمته وأنه وحده الشافي . (ق ه‍) وكذا النسائي أربعتهم في الطب كلهم (عن عائشة) . 6523 - (كان إذا أتى باب قوم) بنحو عيادة أو زيارة أو غير ذلك من المصالح (لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه) كراهة أن يقع النظر على ما لا يراد كشفه مما هو داخل البيت (ولكن) يستقبله (من ركنه الأيمن أو الأيسر فيقول السلام عليكم) وذلك لأن الدور يومئذ لم تكن لها ستور والظاهر أن تكرير السلام إنما هو لمن عن يمينه مرة ومن عن يساره مرة . (حم د) في الأدب (عن عبد الله بن بسر) بضم الموحدة وسين مهملة ساكنة رمز المصنف لحسنه وفيه كما قال ابن القطان : بقية وحاله معروف ومحمد بن عبد الرحمن بن عدة ذكره أبو حاتم ولم يذكر له حالا قال ابن القطان : فهو عنده مجهول . 6524 - (كان إذا أتاه الفئ) بالهمز ولا يجوز الإبدال والإدغام كما في المصباح وهو الخراج والغنيمة وأما تخصيصه بما حصل من كفار بلا قتال وإيجاف فعرف الفقهاء (قسمه) بين مستحقيه (في يومه) أي في اليوم الذي يصل إليه فيه (فأعطى الآهل) بالمد الذي له أهل أي زوجة اسم فاعل من أهل يأهل بكسر العين وضمها أهو لا إذا تزوج حظين بفتح الحاء بضبط المصنف لأنه أكثر حاجة فيعطى نصيبا له ونصيبا لزوجته أو زوجاته (وأعطى العزب) الذي لا زوجة له (حظا) واحدا لما ذكر وفيه طلب مبادرة الإمام للقسمة ليصل الحق لمستحقه فينتفع به فورا ولا يجوز التأخير إلا لعذر وقوله العزب هكذا هو في عدة نسخ والذي في المصابيح الأعزب قال القاضي : وهو أفعل من العزوبة هكذا هو وما رأيته مستعملا بهذا المعنى إلا في هذا الحديث وإنما المستعمل له العزب . (د) في الخراج وسكت عليه (ك) كلاهما (عن عوف بن مالك) قال الحافظ العراقي : وأما خبر كان يعطي العطاء مقدار العيلة فلم أر له أصلا . 6525 - (كان إذا أتاه رجل فرأى في وجهه بشرا) بكسر الباء وسكون الشين طلاقة وجه وأمارة سرور (أخذ بيده) إيناسا له واستعطافا ليعرف ما عنده مما يسره من نصرة الدين وقيام شعار الإسلام وتأييد المؤمنين قال ابن العربي : الأخذ باليد نوع من التودد والمعروف كالمصافحة . (ابن سعد) في الطبقات (عن عكرمة مرسلا) وهو مولى ابن عباس .
[ 112 ]
6526 - (كان إذا أتاه الرجل) يعني الإنسان فقد وقع له تغيير أسماء عدة نساء (وله اسم لا يحبه) لكراهة لفظه أو معناه عقلا أو شرعا (حوله) بالتشديد أي نقله إلى ما يحبه لأنه كان يحب الفأل الحسن وكان شديد الاعتناء بالعدول عن اسم تستقبحه العقول وتنفر منه النفوس وكذا ما فيه تزكية النفس وفي أبي داود لا تزكوا أنفسكم هو الله أعلم بأهل البر منكم . (ابن منده) الحافظ المشهور (عن أبي) الوليد (عتبة) بضم المهملة ومثناة فوقية ساكنة وموحدة (ابن عبد) السلمي صحابي شهد أول مشاهده قريظة عمره مائة سنة وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد لأشهر من ابن منده ولا أحق بالعزو منه وهو عجب فقد رواه الطبراني باللفظ المزبور عن عتبة المذكور قال الهيثمي : ورجاله ثقات . 6527 - (كان إذا أتاه قوم بصدقتهم) أي بزكاة أموالهم (قال) امتثالا لقول ربه له * (وصل عليهم) * (اللهم صل على آل فلان) كناية عمن ينسبون إليه أي زكى أموالهم التي بذلوا زكاتها واجعلها لهم طهورا واخلف عليهم ما أخرجوه منها واعطف عليهم بالرحمة واغفر لهم إنك أنت الغفور الرحيم وهذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام إذ يكره تنزيها إفراد الصلاة على غير نبي أو ملك لأنه صار شعارا لهم إذا ذكروا فلا يقال لغيرهم وإن كان معناه صحيحا . (حم ق د ن ه) كلهم في الزكاة (عن) عبد الله (ابن أبي أوفى) علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمي . 6528 - (كان إذا أتاه الأمر) الذي (يسره) وفي رواية أتاه الشئ يسره (قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا أتاه الأمر الذي يكرهه قال الحمد لله على كل حال) قال الحليمي : هذا على حسن الظن بالله تعالى وأنه لم يأت بالمكروه إلا لخير علمه لعبده فيه وأراده به فكأنه قال اللهم لك الخلق والأمر تفعل ما تريد وأنت على كل شئ قدير . (ابن السني في عمل يوم وليلة ك) في كتاب الدعاء عن زهير بن محمد عن منصور بن صفية عن أمه (عن عائشة) قال الحاكم : صحيح فاعترضه الذهبي بأن زهير له مناكير وقال ابن معين : ضعيف فأنى له بالصحة . 6529 - (كان إذا أتي بطعام) زاد أحمد في روايته من غير أهله (سأل عنه) عمن أتى به (أهدية) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أي هذا وبالنصب بتقدير أجئتم به هدية (أم) جئتم به (صدقة فإن قيل) هو
[ 113 ]
صدقة أو جئنا به صدقة (قال لأصحابه) أي من حضر منهم (كلوا ولم يأكل) هو منه لأنها حرام عليه (وإذا قيل هدية) بالرفع (ضرب بيده) أي مد يديه وشرع في الأكل مسرعا (فأكل معهم) من غير تحام عنه تشبيها للمد بالذهاب سريعا في الأرض فعداه بالباء قال البيضاوي : وذلك لأن الصدقة منحة لثواب الآخرة والهدية تمليك للغير إكراما ففي الصدقة نوع ذل للأخذ فلذا حرمت عليه بخلاف الهدية . (ق ن) في الزكاة (عن أبي هريرة) . 6530 - (كان إذا أتي بالسبي) النهب وأخذ الناس عبيدا وإماء (أعطى أهل البيت جميعا) أي الآباء والأمهات والأولاد والأقارب (كراهة أن يفرق بينهم) لما جبل عليه من الرأفة والرحمة فاستفدنا من فعله أن يسن للإمام أن يجمع شملهم ولا يفرقهم لأنه أدعى إلى إسلامهم وأقرب إلى الرحمة والإحسان بهم . (حم د عن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته . 6531 - (كان إذا أتي بلبن قال بركة) أي هو بركة يعني شربه زيادة في الخير وكان تارة يشربه خالصا وتارة مشوبا بماء بارد لأنه عنده الحلب حار وتلك البلاد حارة تنكسر حدة حره ببرد الماء . (ه‍ عن عائشة) . 6532 - (كان إذا أتي بطعام أكل مما يليه) تعليما لأمته آداب الأكل فإن الأكل مما يلي الغير مكروه لما فيه من مزيد الشره والنهمة وإلحاق الأذى بمن أكل معه وسببه أن كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام فأخذ الغير له تعد عليه مع ما فيه من تقذر النفوس مما خاضت فيه الأيدي ثم هو سوء أدب من غير فائدة إذا كان الطعام لونا واحدا أما إذا اختلفت أنواعه فيرخص فيه كما أشار إليه بقوله (وإذا أتي بالتمر جالت) بالجيم (يده فيه) أي دارت في جهاته وجوانبه فتناول منه ما أحب من جال الفرس في الميدان يجول جولا وجولانا قطع جوانبه والجول الناحية وجال في البلاد طاف فيها غير مستقر وذلك لفقد العلة المذكورة فيما قبله ومنه أخذ الغزالي أن محل ندب الأكل مما يليه ما إذا كان الطعام لونا واحدا وما إذا كان غير فاكهة أما هي فله أن يجيل يده فيها لأنها في معنى التمر قال ابن العربي : إذا كان الطعام صنفا واحدا لم يكن للجولان فيه معنى إلا الشره والمجاعة وإذا كان ذا ألوان كان جولانها له معنى وهو اختيار ما استطاب منه اه‍ . وقضيته ما مر أنه لا يكره الأكل من غير ما يليه إذا أكل وحده لكن صرح
[ 114 ]
بعض الشافعية بالكراهة . (خط) في ترجمة عبيد بن القاسم (عن عائشة) وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسكت عليه وهو تلبيس فاحش فقد تعقبه بما نصه : قال أبو علي هذا كذاب وعبيد بن أخت سفيان كان يضع الحديث وله أحاديث مناكير اه‍ كلامه . 6533 - (كان إذا أتي بباكورة التمرة) أي أول ما يدرك من الفاكهة قال أبو حاتم : الباكورة هي أول كل فاكهة ما عجل الإخراج وابتكرت الفاكهة أكلت باكورتها ونخلة باكورة وباكور وبكور أثمرت قبل غيرها (وضعها على عينيه ثم على شفتيه وقال) في دعائه (اللهم كما أريتنا أوله فأرنا آخره) كان القياس أولها وآخرها لكنه ذكره على إرادة النوع (ثم يعطيه من يكون عنده من الصبيان) خص الصبي بالإعطاء لكونه أرغب فيه ولكثرة تطلعه إلى ذلك ولما بينهما من المناسبة في حداثة الانفصال عن الغيب وذا أقرب من قول الطيبي في وجه المناسبة الصبي ثمرة الفؤاد وباكورة الإنسان . (ابن السني عن أبي هريرة طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير والصغير ورجال الصغير رجال الصحيح اه‍ . وكلامه كالصريح في أن سند الكبير مدخول فعزو المؤلف الحديث إلى الطريق الضعيفة وضربه صفحا عن الطريق الصحيحة من سوء التصرف (الحكيم) الترمذي في النوادر كلهم (عن أنس) بن مالك . 6534 - (كان إذا أتي بمدهن الطيب لعق منه) أولا (ثم ادهن) قال في المصباح : المدهن بضم الميم والهاء ما يجعل فيه الدهن والمدهنة تأنيث المدهن قال : وهو من النوادر التي جاءت بالضم وقياسه الكسر والدهن بالضم ما يدهن به من زيت أو غيره لكن المراد هنا الدهن المطيب . (ابن عساكر) في تاريخ دمشق (عن سالم بن عبد الله بن عمر) بن الخطاب أحد فقهاء التابعين (والقاسم) بن محمد الفقيه المشهور (مرسلا) . 6535 - (كان إذا أتي بامرئ قد شهد بدرا) أي غزوة بدر الكبرى التي أعز الله بها الإسلام (والشجرة) أي والمبايعة [ ص 90 ] التي كانت تحت الشجرة والمراد جاؤوا به ميتا للصلاة عليه (كبر عليه تسعا) أي افتتح الصلاة عليه بتسع تكبيرات لأن لمن شهد هاتين القضيتين فضلا على غيره في كل شئ حتى في تكبيرات الجنائز (وإذا أتي به قد شهد بدرا ولم يشهد الشجرة أو شهد الشجرة ولم يشهد بدرا كبر عليه
[ 115 ]
سبعا) من التكبيرات إشارة إلى شرف الأول وفضله عليه (وإذا أتي به لم يشهد بدرا ولا الشجرة كبر عليه أربعا) من التكبيرات إشارة إلى أنه دونهما في الفضل قالوا : وذا منسوخ بخبر الحبر أن آخر جنازة صلى عليها النبي صلى الله عليه وسلم كبر أربعا قالوا : وهذا آخر الأمرين وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعله وقد مر خبر " إن الملائكة لما صلت على آدم كبرت عليه أربعا وقالوا تلك سنتكم يا بني آدم " وقال أبو عمرو : انعقد الإجماع على أربع ولم نعلم من فقهاء الأمصار من قال بخمس إلا ابن أبي ليلى وقال النووي في المجموع : كان بين الصحابة خلاف ثم انقرض وأجمعوا على أنه أربع لكن لو كبر الإمام خمسا لم تبطل صلاته . (ابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله وفيه محمد بن عمر المحرم قال في الميزان : قال أبو حاتم : واه وقال ابن معين : ليس بشئ ثم أورد له هذا الخبر . 6536 - (كان إذا اجتلى النساء) أي كشف عنهن لإرادة جماعهن يقال جلوت واجتليت السيف ونحوه كشفت صداه وجلي الخبر للناس جلاء بالفتح والمد وضح وانكشف وجلوت العروس واجتليتها مثله (أقعى) أي قعد على ألييه مفضيا بهما إلى الأرض ناصبا فخذيه كما يقعى الأسد (وقبل) المرأة التي قعد لها يريد جماعها وأخذوا منه أنه يسن مؤكدا تقديم المداعبة والتقبيل ومص اللسان على الجماع وكرهوا خلافه وقد جاء في خبر رواه الديلمي عن أنس مرفوعا " ثلاثة من الجفاء أن يؤاخي الرجل الرجل فلا يعرف له اسما ولا كنية وأن يهيئ الرجل لأخيه طعاما فلا يجيبه وأن يكون بين الرجل وأهله وقاعا من غير أن يرسل رسوله المزاح والقبل لا يقع أحدكم على أهله مثل البهيمة على البهيمة " وروى الخطيب عن أم سلمة أنه كان يغطي رأسه ويخفض صوته ويقول للمرأة عليك بالسكينة . (ابن سعد) في الطبقات (عن أبي أسيد الساعدي) بكسر العين المهملة . 6537 - (كان إذا حلف واجتهد في اليمين قال : لا والذي نفس أبو القاسم بيده) أي ذاته وجملته (بيده) أي بقدرته وتدبيره قال الطيبي : وهذا في علم البيان من أسلوب التجريد لأنه جرد من نفسه من يسمى أبا القاسم وهو هو وأصل الكلام الذي نفسي ثم التفت من التكلم إلى الغيبة . (حم عن أبي سعيد) الخدري رمز لصحته وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة والأمر بخلافه بل رواه أبو داود في الإيمان وابن ماجه في الكفارة وله ألفاظ . 6538 - (كان إذا أخذ مضجعه) بفتح الميم والجيم أي أراد النوم في مضجعه أي استقر فيه لينام والمضجع موضع الضجوع (جعل يده اليمنى تحت خده الأيمن) كما يوضع الميت في اللحد وقال الذكر المشهور فختم به كلامه فيندب ذلك لكل من أراد النوم ليلا أو نهارا وعلم من هذا كونه على شقه
[ 116 ]
الأيمن والنوم عليه أسرع إلى الانتباه لعدم استقرار القلب حالتئذ فإنه بالجانب الأيسر فيتعلق ولا يستغرق في النوم بخلاف النوم على الأيسر لأن القلب لاستراحته يستغرق فيبطئ الانتباه والنوم عليه وإن كان أهنأ لكن إكثاره يضر القلب لميل الأعضاء إليه فتنصب المواد فيه . - (طب عن حفصة) [ ص 91 ] بنت عمر بن الخطاب رمز المصنف لصحته وظاهر صنيعه أن هذا ليس في الكتب الستة ولا كذلك فقد خرجه الترمذي عن البراء بزيادة وقال رب قني عذابك يوم تبعث عبادك . 6539 - (كان إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده تحت خده) ليس فيه ذكر اليمنى وهو مبين في الرواية قبلها (ثم يقول باسمك اللهم) أي بذكر اسمك (أحيا) ما حييت (وباسمك أموت) أي وعليه أموت وباسمك المميت أموت وباسمك المحيي أحيا لأن معاني الأسماء الحسنى ثابتة له سبحانه وكل ما ظهر في الوجود فصادر عن تلك المقتضيات أو لا أنفك عن اسمك في حياتي ومماتي وهو إشارة إلى مقام التوحيد وقيل الاسم مفخم من قبيل سبح اسم ربك يعني أنت تحييني وتميتني أراد به النوم واليقظة فنبه على إثبات البعث بعد الموت (وإذا استيقظ) أي انتبه من نومه (قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا) أي أيقظنا بعد ما أنامنا أطلق الموت على النوم لأنه يزول معه العقل والحركة ومن ثم قالوا : النوم موت خفيف والموت نوم ثقيل وقالوا : النوم أخو الموت كذا قرره بعض المتأخرين وهو استمداد من بعض قول المتقدمين (قوله أحيانا بعدما أماتنا) أي رد أنفسنا بعد قبضها عن التصرف بالنوم يعني الحمد لله شكرا لنيل نعمة التصرف في الطاعات بالانتباه من النوم الذي هو أخو الموت وزوال المانع عن التقرب بالعبادات (وإليه النشور) الإحياء للبعث أو المرجع في نيل الثواب مما نكسب في حياتنا هذه وفيه إشارة بإعادة اليقظة بعد النوم إلى البعث بعد الموت وحكمة الدعاء عند النوم أن يكون خاتمة عمله العبادة فالدعاء هو العبادة * (وقال ربكم ادعوني أستجب لكم) * وحكمة الدعاء عند الانتباه أن يكون أول ما يستيقظ يعبد الله بدعائه وذكره وتوحيده . تنبيه : قال القاضي : ورد آنفا أنه كان إذا قعد نظر إلى السماء فقرأ * (إن في خلق السماوات والأرض) * إلى آخر السورة ثم قام فتوضأ وقد دل بهذا على أن المتهجد إذا استيقظ ينبغي أن يشغل كل عضو منه بما هو المطلوب منه والموظف له من الطاعات فيطالع بعينه عجائب الملك والملكوت ثم يتفكر بقلبه فيما انتهى إليه حاسة بصره يعرج بمواقي فكره إلى عالم الجبروت حتى ينتهي إلى سرادقات الكبرياء فيفتح لسانه بالذكر ثم يتبع بدنه نفسه بالتأهب للصلاة وللوقوف في مقامات التناجي والدعاء . - (حم م عن البراء) بن عازب (حم خ عد عن حذيفة) بن اليمان (حم ق عن أبي ذر) الغفاري . 6540 - (كان إذا أخذ مضجعه من الليل قال بسم الله) وفي رواية باسمك اللهم (وضعت جنبي)
[ 117 ]
أي بإقدارك إياي وضعت جنبي ففيه الإيمان بالقدر وفي رواية أنه كان يقول " باسمك اللهم وضعت جنبي وبك أرفعه " قال الولي العراقي : قال السبكي : وينبغي لنا الاقتصار على الوارد فلا يقال أرفعه إن شاء الله فإنه لما قدم الجار والمجرور كان المعنى الإخبار بأن الرفع كان باسم الله وهو عمدة الكلام (اللهم اغفر لي ذنبي واخسئ شيطاني) أي اجعله خاسئا أي مطرودا وهو بوصل الهمزة يقال خسئت الكلب أي طردته وخسأ يتعدى ولا يتعدى (وفك رهاني) أي خلصني من عقال ما اقترفت نفسي من الأعمال التي لا ترتضيها بالعفو عنها والرهان كسهام الرهن وهو ما يجعل وثيقة بالدين والمراد هنا نفس الإنسان لأنها مرهونة بعملها * (كل امرئ بما كسب رهين) * (وثقل ميزاني) يوم توزن الأعمال (واجعلني في الندي الأعلى) أي الملأ الأعلى من الملائكة والندي بفتح النون وكسر الدال وتشديد الياء كما في الأذكار القوم المجتمعون في مجلس ومنه [ ص 92 ] النادي وهذا دعاء يجمع خير الدنيا والآخرة فتتأكد المواظبة عليه كلما أريد النوم وهو من أجل الأدعية المشروعة عنده على كثرتها . - (د) في الأدب (ك) في الدعاء وصححه (عن أبي الأزهر) قال النووي في الأذكار : ويقال أبو زهير الأنماري الشامي قال البغوي في المعجم : لم ينسب ولا أدري أله صحبة أم لا ، وفي التقريب : صحابي لا يعرف اسمه وإسناده حسن . 6541 - (كان إذا أخذ مضجعه) من الليل (قرأ قل يا أيها الكافرون) أي سورتها (حتى يختمها) ثم ينام على خاتمتها فإنها براءة من الشرك كما جاء معللا به في خبر آخر . - (طب عن عباد) بن عباد بموحدة مشددة (ابن أخضر) وهو عباد بن عباد بن علقمة المازني المصري المعروف بابن أخضر وكان زوج أمه وليس بصحابي فليحرر رمز المصنف لحسنه وليس كما زعم فقد أعله الهيثمي وغيره بأن فيه يحيى الحماني ويحيى الجعفي كلاهما ضعيف جدا . 6542 - (كان إذا أخذ أهله) أي أحدا من أهل بيته (الوعك) أي الحمى أو ألمها (أمر بالحساء) بالفتح والمد طبيخ يتخذ من دقيق وماء ودهن (فصنع) بالبناء للمفعول (ثم أمرهم فحسوا وكان يقول أنه ليرنو) بفتح المثناة التحتية وراء ساكنة فمثناة فوقية أي يشد ويقوي (فؤاد الحزين) قلبه أو رأس معدته (ويسرو عن فؤاد السقيم) بسين مهملة أي يكشف عن فؤاده الألم ويزيله (كما تسرو إحداهن الوسخ بالماء عن وجهها) أي تكشفه وتزيله قال ابن القيم : هذا ماء الشعير المغلي وهو أكثر غذاء من سويقه نافع للسعال قامع لحدة الفضول مدر للبول جدا قامع للظمأ مطف للحرارة وصفته أن يرض
[ 118 ]
ويوضع عليه من الماء العذب خمسة أمثاله ويطبخ بنار معتدلة إلى أن يبقى خمساه . - (ت) في الطب (ك) في الأطعمة كلهم (عن عائشة) وقال الترمذي : حسن صحيح وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 6543 - (كان إذا ادهن) بالتشديد على افتعل تطلى بالدهن أي أراد ذلك (صب في راحته) أي في بطن كفه (اليسرى فبدأ بحاجبيه) فدهنهما أولا (ثم عينيه ثم رأسه) وفي رواية الطبراني عن عائشة كان إذا دهن لحيته بدأ بالعنفقة . - (الشيرازي في) كتاب (الألقاب عن عائشة) . 6544 - (كان إذا أراد الحاجة) أي القعود للبول أو الغائط (لم يرفع ثوبه) عن عورته لفظ رواية أبي داود حال قيامه بل يصبر (حتى يدنو) أي يقرب (من الأرض) فإذا دنا منها رفعه شيئا فشيئا وهذا الأدب مستحب اتفاقا ومحله ما لم يخف تنجس ثوبه وإلا رفع قدر حاجته . - (د ت) في الطهارة (عن أنس) بن مالك (وعن ابن عمر) بن الخطاب (طس عن جابر) بن عبد الله وقد أشار المصنف لصحته وليس بمسلم فأما من طريقي أبي داود والترمذي فقد قال أبو داود نفسه وتبعه المنذري وعبد السلام بن حرب رواه عن الأعمش عن أنس وهو ضعيف وقال الزين العراقي : مداره على الأعمش وقد اختلف عليه فيه ولم يسمع الأعمش من أنس وهو ضعيف وإن كان رآه وفي حديث ابن عمر مجهول وذكر الترمذي في العلل أنه سأل البخاري عن حديث أنس وابن عمر فقال : كلاهما مرسل ثم قال أعني العراقي : والحديث [ ص 93 ] ضعيف من جميع طرقه وقد أورد النووي في الخلاصة الحديث في فصل الضعيف فدل على أنه ضعيف عنده من جميع طرقه اه‍ . قال في موضع آخر : الحديث ضعيف من جميع طرقه لأن رواية الأعمش عن ابن عمرو وعن أنس متقطعة وقال الصدر المناوي : الحديث ضعيف من رواية ابن عمر وصرح الترمذي أيضا بضعفه وإرساله قال بعض شراح أبي داود وضعفه للانقطاع أو لأن فيه متهما وقال عبد الحق : الأكثر على أن الحديث مقطوع وأن فيه رجلا لا يعرف وهو الصحيح وأما من طريق الطبراني فقد قال الحافظ الهيثمي : فيه الحسين بن عبد الله العجلي قيل إنه كان يضع الحديث . 6545 - (كان إذا أراد الحاجة) بالصحراء (أبعد) بحيث لا يسمع لخارجه صوت ولا يشم له ريح ذكره الفقهاء وقال في الروض : لم يبين مقدار البعد وهو مبين في حديث ابن السكن في سننه أي في وتهذيب الآثار للطبري والأوسط والكبير للطبراني أي بسند جيد كما قاله الولي العراقي في شرح أبي داود بأنه على ثلثي فرسخ من مكة أو نحو ميلين أو ثلاثة وهو بفتح الميم الأخيرة وقال أبو دريد : الأصح كسرها مفعل من غمست كأنه اشتق من الغميس النبات الأخضر الذي ينبت في الخريوش اليابس وعلى رواية الفتح هو من غمست الثوب غطيته وهو مستور بهضاب الرمضاء والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يكن يأتي
[ 119 ]
مكانا للمذهب إلا وهو مستور منخفض وفيه دليل على ندب الإبعاد لنحوه فإن قيل إنما يحصل الاستتار بذلك عن عيون الإنس فكيف بالجن قلنا يحصل المقصود في الجن وهو عدم قدرتهم على النظر إليه بأن يقول بسم الله كما مر في الحديث فإن قيل كما ثبت الإبعاد ثبت عدمه أيضا كما في أبي داود عن حذيفة أجيب بأنه إنما فعله لبيان الجواز أو لحاجة كخوف والبول أخف من الغائط لكراهة ريحه واحتياجه إلى زيادة تكشف وفي معنى الإبعاد اتخاذ الكنيف في البيوت وضرب الحجب وإرخاء الستور وإعماق الحفائر ونحو ذلك مما يستر العورة ويمنع الريح قال الولي العراقي : ويلحق بقضاء الحاجة كل ما يستحى منه كالجماع فيندب إخفاؤه بتباعد أو تستر وكذا إزالة القاذورات كنتف إبط وحلق عانة كما نقله والدي عن بعضهم . - (ه عن بلال بن الحارث) المزني قدم سنة خمس في وفد مزينة وأقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم العقيق (حم ن ه عن عبد الرحمن بن أبي قرار) بشديد الراء بضبط المصنف وليس بصحيح ففي التقريب كأصله بضم القاف وتخفيف الراء السليمي الأنصاري ويقال له الفاكه قال الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه : هذا حديث ضعيف لضعف رواته ومنهم كثير بن عبد الله بن عمر بن عوف المزني قال أحمد مرة : منكر الحديث ومرة : لا يساوي شيئا والنسائي والدارقطني : متروك وأبو زرعة : واه وقال الشافعي : هو ركن من أركان الكذب وابن حبان : يروي الموضوع اه‍ لكن يعضده رواية أحمد عن المغيرة كان إذا تبرز تباعد ورواية أبي داود عن جابر كان إذا أراد البراز انطلق حتى لا يراه أحد وهو بمعنى كان إذا أراد الحاجة أبعد لأنه جعل غاية الانطلاق أن لا يراه أحد وذلك إنما يحصل بالإبعاد ذكره الولي العراقي قال : فإن قيل يحصل بمكان خال وإن لم يبعد قلنا لا يأتي إلا في الكنف المعدة ولم تكن الكنف اتخذت ذلك الوقت فلا يحصل المقصود من ذلك إلا بالإبعاد . 6546 - (كان إذا أراد أن يبول فأتى عزازا من الأرض) بفتح العين ما صلب واشتد منها من العزوز وهي الناقة الضيقة الإحليل الذي لا ينزل لبنها إلا بجهد وإنما يكون في أطرافها (أخذ عودا فنكت به في الأرض حتى يثير من التراب ثم يبول فيه) ليأمن عود الرشاش عليه فينجسه ولأن البول يخد في الأرض اللينة فلا يسيل ومتى سال قد يلوث رجله وذيله إن لم يرفعه فإن رفعه أدى إلى تكشفه فيستحب فعل ذلك لكل من بال بمحل صلب قال النووي : وهذا متفق [ ص 94 ] عليه . - (د في مراسيله والحارث) بن أبي أسامة (عن طلحة بن أبي قنان) بفتح القاف والنون العبدري مولاهم الدمشقي . قال في التقريب كأصله : مجهول أرسل حديثا أي وهو هذا (مرسلا) وهو ابن قنان العبدري مولاهم قال ابن القطان : لم يذكر عبد الحق لهذا علة إلا الإرسال وطلحة هذا لا يعرف بغير هذا وفي الميزان طلحة هذا لا يدرى من هو تفرد عنه الوليد بن سليمان .
[ 120 ]
6547 - (كان إذا أراد أن ينام وهو جنب غسل فرجه) أي ذكره (وتوضأ) وضوء (للصلاة) أي توضأ كما يتوضأ للصلاة وليس معناه أنه توضأ لأداء الصلاة إنما المراد توضأ وضوءا شرعيا لا لغويا قال ابن حجر : يحتمل أن يكون الابتداء بالوضوء قبل الغسل سنة مستقلة بحيث يجب غسل أعضاء الوضوء مع بقية الجسد ويحتمل الاكتفاء بغسلها في الوضوء عن إعادته وعليه فيحتاج إلى نية غسل الجنابة في أول جزء وإنما قدم على أعضاء الوضوء تشريفا لها ولتحصل له صورة الطهارتين الصغرى والكبرى وإلى الثاني ذهب بعض قدماء الشافعية ونقل ابن بطال الإجماع على عدم وجوب الوضوء مع الغسل ورد بأن مذهب داود أن الغسل لا يجزئ عن الوضوء للمحدث . - (ق د ن ه عن عائشة) . 6548 - (كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ) أي غسل أعضاءه الأربعة بالنية ولما كان الوضوء لغويا وشرعيا دفع توهم إرادة اللغوي الذي هو مطلق النظافة بقوله (وضوءه للصلاة) احترازا عن الوضوء اللغوي فيسن وضوء الجنب للنوم ويكره تركه ونقل ابن العربي عن مالك والشافعي أنه لا يجوز النوم بدونه إن أراد به نفي الحل المستوي الطرفين فمسلم وإلا فهو باطل عند الشافعي إذ لم يقل هو ولا أحد من صحبه بوجوبه ونوم المصطفى صلى الله عليه وسلم بغير وضوء وهو جنب بفرض صحة الخبر به لبيان الجواز وحكمة الوضوء تخفيف الحدث سيما إن قلنا بجواز تفريق الغسل فينويه فيرتفع الحدث عن تلك الأعضاء ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة بسند قال ابن حجر : رجاله ثقات عن شداد رفعه إذا أجنب أحدكم من الليل ثم أراد أن ينام فليتوضأ فإنه نصف غسل الجنابة وقيل حكمته أنه أحد الطهارتين وعليه فيقوم التيمم مقامه وقد روى البيهقي بإسناد قال ابن حجر : حسن عن عائشة كان إذا أجنب فأراد أن ينام توضأ أو تيمم أي عند فقد الماء وقيل حكمته أن ينشط إلى العود أو الغسل ونقل ابن دقيق العيد عن نص الشافعي أنه مثل الجنب الحائض بعد الانقطاع وفيه ندب التنظف عند النوم قال ابن الجوزي : وحكمته أن الملائكة تبعد عن الوسخ والريح الكريه بخلاف الشياطين (وإذا أراد أن يأكل أو يشرب وهو جنب غسل يديه ثم يأكل ويشرب) لأن أكل الجنب بدون ذلك يورث الفقر كما جاء في خبر الديلمي عن شداد بن أوس يرفعه : ثلاث تورث الفقر أكل الرجل وهو جنب قبل أن يغسل يديه وقيامه عريانا بلا مئزر وسترة والمرأة تشتم زوجها في وجهه . - (د ن ه عن عائشة) قال الهيثمي : رجاله ثقات وفي الميزان عن ابن عدي : منكر . 6549 - (كان إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه) أي يلصق بشرته ببشرتها ، قال الحرالي : المباشرة التقاء البشرتين عمدا وليس المراد هنا الجماع فقط (وهي حائض أمرها أن تتزر ثم يباشرها) بالمئزر أي
[ 121 ]
بالاتزار اتقاءا عن محل الأذى وفي رواية تأتزر بهمزتين قال القاضي كالهروي : وهي الصواب فإن الهمزة لا تدغم في التاء ولعل الإدغام من تحريف [ ص 95 ] بعض الرواة وفي المفصل إنه خطأ لكن قيل أنه مذهب كوفي والمراد أمرها بعقد إزار في وسطها بستر ما بين سرتها وركبتها كالسراويل ونحوه أي يضاجعها ويمس بشرتها وتمس بشرته للأمن حينئذ من الوقوع في الوقاع المحرم وهو عليه الصلاة والسلام أملك الناس لأربه ولا يخاف عليه ما يخاف عليهم من أن من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه لكنه فعل ذلك تشريعا للأمة فأفاد أن الاستمتاع بما بين سرة الحائض وركبتها بلا حائل حرام وبه قال الجمهور وهو الجاري على قواعد المالكية في سد الذرائع ويجوز بحائل والحديث مخصص لآية * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * وفيه تبليغ أفعال المصطفى صلى الله عليه وسلم للاقتداء به وإن كانت مما يستحى ذكره عادة . - (خ د عن ميمونة) ورواه عنه أيضا البيهقي وغيره . 6550 - (كان إذا أراد من الحائض شيئا) يعني مباشرة فيما دون الفرج كالمفاخذة فكنى بها عنه (ألقى على فرجها ثوبا) ظاهره أن الاستمتاع المحرم إنما هو بالفرج فقط وهو قول للشافعي ورجحه النووي من جهة الدليل وهو مذهب الحنابلة وحملوا الأول على الندب جمعا بين الأدلة قال ابن دقيق العيد ليس في الأول ما يقتضي منع ما تحت الإزار لأنه فعل مجرد وفصل بعضهم بين من يملك أربه وغيره . - (د عن بعض أمهات المؤمنين) قال ابن حجر : وإسناده قوي قال ابن عبد الهادي : انفرد بإخراجه أبو داود وإسناده صحيح . 6551 - (كان إذا أراد سفرا) أي للغزو أو نحوه ومفهومه اختصاص القرعة بحالة السفر قال ابن حجر : وليس عمومه مرادا بل يقرع فيما لو أراد القسم بينهن فلا يبدأ بأيهن شاء بل يقرع فمن قرعت بدأ بها وفي رواية للبخاري كان إذا أراد أن يخرج إلى سفر (أقرع بين نسائه) تطييبا لنفوسهن وحذرا من الترجيح بلا مرجح عملا بالعدل ، لأن المقيمة وإن كانت في راحة لكن يفوتها الاستمتاع بالزوج والمسافرة وإن حظيت عنده بذلك تتأذى بمشقة السفر فإيثار بعضهن بهذا وبعضهن بهذا اختيارا عدول عن الانصاف ومن ثم كان الاقراع واجبا لكن محل الوجوب في حق الأمة لا في حقه عليه الصلاة والسلام لعدم وجوب القسم عليه كما نبه عليه ابن أبي جمرة (فأيتهن) بتاء التأنيث أي أية امرأة منهن وروي فأيهن بدون تأنيث . قال الزركشي : والأول هو الوجه قال الدماميني : ودعواه أن الرواية الثانية ليست على الوجه خطأ إذ المنقول إذا أريد بأي المؤنث جاز إلحاق التاء به موصولا كان أو استفهاما أو غيرهما (خرج سهمها خرج بها معه) في صحبته وفي رواية أخرج بزيادة همزة قال ابن حجر : والأول الصواب وهذا أول حديث الإفك وفيه حل السفر بالزوجة وخروج النساء في الغزوات وذلك مباح إذا
[ 122 ]
كان العسكر تؤمن عليه الغلبة وكان خروج النساء مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في الجهاد فيه مصلحة بينة لإعانتهن على ما لا بد منه وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته كما في البخاري وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تبتغي بذلك رضا الله ورسوله هكذا ذكره في كتاب الهبة وفيه مشروعية القرعة في القسمة بين الشركاء ونحو ذلك والمشهور عن الحنفية والمالكية عدم اعتبارها . - (ق) في الإفك (د ه عن عائشة) وروي عن غيرها أيضا . 6552 - (كان إذا أراد أن يحرم يتطيب بأطيب ما يجد) أي بأطيب ما تيسر عنده من طيب الرجال فيندب التطيب عند إرادة الإحرام وكونه بأطيب الطيب وأنه لا بأس باستدامته ومنعه مالك وفي الحديث رد عليه . - (م عن عائشة) . [ ص 96 ] 6553 - (كان إذا أراد أن يتحف الرجل بتحفة) كرطبة وقد تسكن الحاء ما أنحفت به غيرك (سقاه من ماء زمزم) لجموم فضائله وعموم فوائده ومدحه في الكتب الإلهية قال وهب : إنكم لا تدرون ماء زمزم والله إنها لفي كتاب الله أي التوراة المضنونة وبرء وشراب الأبرار لا تنزف ولا تدم طعام من طعم وشفاء من سقم لا يعمد إليها امرؤ فيتضلع منها إلا نفت ما به من داء وأحدثت له شفاء والنظر إلى زمزم عبادة تحط الخطايا حطا رواه عبد الرزاق وابن منصور بسند فيه انقطاع . - (حل عن ابن عباس) قال ابن حجر : هذا غريب من هذا الوجه مرفوعا والمحفوظ وقفه وفيه مقال من جهة محمد بن حميد الرازي ومن لطائف إسناده أنه من رواية الأكابر عن الأصاغر وخرجه الفاكهي في تاريخ مكة موقوفا بسند على شرط الشيخين . 6554 - (كان إذا أراد أن يدعو على أحد) في صلاته (أو يدعو لأحد) فيها (قنت) بالقنوت المشهور عنه (بعد الركوع) تمسك بمفهومه من زعم أن القنوت قبل الركوع قال : وإنما يكون بعده عند الدعاء على قوم أو لقوم وتعقب باحتمال أن مفهومه أن القنوت لم يقع إلا في هذه الحالة . - (خ) بهذا اللفظ في التفسير (عن أبي هريرة) قال الذهبي : وروى مسلم نحوه اه‍ . فما أوهمه صنيع المصنف من أن هذا مما تفرد به البخاري غير جيد والتشبث بالخلف اللفظي خيال . 6555 - (كان إذا أراد أن يعتكف صلى الفجر) أي صلاته (ثم دخل معتكفه) في رواية في معتكفه أي انقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاته الصبح لأن ذلك وقت ابتداء اعتكافه بل كان يعتكف
[ 123 ]
من الغروب ليلة الحادي والعشرين وإلا لما كان معتكفا للعشر بتمامه الذي ورد في عدة أخبار أنه كان يعتكف العشر بتمامه وهذا هو المعتبر عند الجمهور لمن يريد اعتكاف عشر أو شهر وبه قال الأئمة الأربعة ذكره الحافظ العراقي وغيره . - (د ت) في الاعتكاف (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه فظاهر صنيعه أنه لم يروه أحد من الستة غير هذين والأمر بخلافه بل رواه الجماعة جميعا لكن عذره أن الشيخين إنما روياه مطولا في ضمن حديث فلم يتنبه له لوقوعه ضمنا . 6556 - (كان إذا أراد أن يودع الجيش) الذي يجهزه للغزو (قال أستودع الله دينكم وأمانتكم وخواتيم أعمالكم) قال الطيبي : قوله أستودع الله هو طلب حفظ الوديعة وفيه نوع مشاكلة للتوديع جعل دينهم وأمانتهم من الودائع لأن السفر يصيب الإنسان فيه المشقة والخوف فيكون ذلك سببا لإهمال بعض أمور الدين فدعا المصطفى صلى الله عليه وسلم لهم بالمعونة في الدين والتوفيق فيه ولا يخلو المسافر من الاشتغال بما يحتاج فيه إلى نحو أخذ وإعطاء وعشرة فدعا للناس المصطفى صلى الله عليه وسلم بحفظ الأمانة وتجنب الخيانة ثم بحسن الإختتام ليكون مأمون العاقبة عما سواه في الدنيا والدين . - (د ك) في الجهاد ، وكذا النسائي في اليوم والليلة (عن عبد الله بن يزيد الخطمي) بفتح المعجمة وسكون المهملة صحابي صغير شهد الحديبية وولى الكوفة . قال في الأذكار : حديث صحيح ، وقال في الرياض : رواه أبو داود بإسناد صحيح . 6557 - (كان إذا أراد غزوة ورى) بتشديد الراء أي سترها وكنى عنها (بغيرها) أي بغير تلك الغزوة التي أرادها [ ص 97 ] فيوهم أنه يريد غزو جهة أخرى كان يقول إذا أراد غزو خيبر كيف تجدوا مياهها موهما أنه يريد غزو مكة لا أنه يقول أريد غزو خيبر وهو يريد مكة فإنه كذب وهو محال عليه والتورية أن يذكر لفظا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيسأل عنه وعن طريقه فيفهم السامع بسبب ذلك أنه يقصد المحل القريب والمتكلم صادق لكن لخلل وقع من فهم السامع خاصة ، وأصله من وريت الخبر تورية سترته وأظهرت غيره وأصله ورا الإنسان لأنه من ورى بشئ كأنه جعله وراءه وضبطه السيرافي في شرح سيبويه بالهمزة وأصحاب الحديث لم يضبطوا فيه الهمزة فكأنهم سهلوها وذلك لئلا يتفطن العدو فيستعد للدفع والحرب كما قال الحرب خدعة ، وفي البخاري أيضا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفاوز واستقبل غزو عدو كثير فجلى المسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد ، وعن كعب بن مالك ظاهر صنيعه أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وهو وهم بل هو فيهما فقد قال الحافظ العراقي : هو متفق عليه اه‍ . وهو في البخاري في غزوة تبوك وفي موضع آخر وفي مسلم في التوبة كلاهما عن كعب المزبور مطولا ولفظهما : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة يعني تبوك غزاها في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا وغزوا كثيرا
[ 124 ]
فجلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم فأخبرهم بجهته الذي يريد اه‍ . وقد تقرر غير مرة عن مغلطاي وغيره من أهل الفن أنه ليس لحديثي عزو حديث لغير الشيخين مع وجود ما يفيده لأحدهما . 6558 - (كان إذا أراد أن يرقد) في رواية بدله ينام (وضع يده اليمنى تحت خده) في رواية رأسه (ثم يقول : اللهم قني عذابك) أي أجرني منه (يوم تبعث) في رواية تجمع (عبادك) من القبور إلى النشور للحساب يقول ذلك (ثلاث مرات) أي يكرره ثلاثا والظاهر حصول أصل السنة بمرة وكمالها باستكمال الثلاث . - (د) في الأدب وكذا النسائي في يوم وليلة كلاهما (عن حفصة) أم المؤمنين ورواه الترمذي عن حذيفة لكن بدون التثليث وحسنه ورمز المصنف لحسنه . 6559 - (كان إذا أراد أمرا) أي فعل أمر من الأمور استخار الله تعالى (قال اللهم خر لي واختر لي) أي اختر لي أصلح الأمرين واجعل لي الخيرة فيه فالخيرات كلها من خيرته والصفوة من الخيرات مختارة . - (ت) عن عائشة (عن أبي بكر) الصديق وفيه زنفل العوفي قال في الميزان : ضعفه الدارقطني وساق له هذا الخبر ، وقال النووي في الأذكار بعد عزوه للترمذي : سنده ضعيف ، وقال ابن حجر بعدما عزاه للترمذي : سنده ضعيف . 6560 - (كان إذا أراد سفرا قال) عند خروجه له (اللهم بك أصول) أي أسطو على العدو وأحمل عليه (وبك أحول) عن المعصية أو أحتال والمراد كيد العدو (وبك أسير) إلى العدو فانصرني عليهم . قال الزمخشري : المحاولة طلب الشئ بحيلة ونظيرها المراوغة والمصاولة المواثبة وهو من حال يحول حيلة بمعنى احتال ، والمراد كيد العدو وقيل هو من حال بمعنى تحرك اه‍ . تنبيه : في حاشية الكشاف للطيبي في آية * (الآن خفف الله عنكم) * هذا التخفيف للأمة دون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومن لا يثقله حمل أمانة النبوة كيف يخاطب بتخفيف لقاء الأضداد وكيف يخاطب به وهو الذي يقول في هذا الحديث بك أصول وبك أحول ، ومن كان به كيف يخفف عنه أو يثقل عليه . - (حم) وكذا البزار (عن علي) أمير المؤمنين . قال الهيثمي : رجالهما ثقات اه‍ . فإشارة المصنف لحسنه تقصير بل حقه الرمز لصحته . 6561 - (كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه) يعني من أقاربه أو بنات أصحابه الأقربين
[ 125 ]
(يأتيها من وراء الحجاب فيقول لها يا بنية إن فلانا قد خطبك فإن كرهتيه فقولي لا فإنه لا يستحي أحد أن يقول لا ، وإن أحببت فإن سكوتك إقرار) زاد في رواية فإن حركت الخدر لم يزوجها وإن لم تحركه أنكحها فيستحب لكل ولي مجبر أن يفعل ذلك مع موليته لأنه أطيب للنفس وأحمد عاقبة . - (طب عن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو متروك ، وقد وثقه ابن معين في رواية ورواه ابن عدي في الكامل وابن أبي حاتم في العلل وأبو الشيخ [ ابن حبان ] والغرياني في كتاب النكاح ورواه البيهقي عن ابن عباس وعكرمة المخزومي وغيرهما . 6562 - (كان إذا استجد ثوبا) أي لبس ثوبا جديدا (سماه) أي الثوب (باسمه قميصا) أي سواء كان قميصا (أو عمامة أو رداء) بأن يقول رزقني الله هذه العمامة . كذا قرره البيضاوي (ثم يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه) قال الطيبي : الضمير راجع إلى المسمى وقال المظهر : يحتمل أن يسميه عند قوله اللهم لك الحمد كما كسوتني هذه العمامة والأول أوجه لدلالة العطف بثم وفيه رد ، وقوله كما كسوتنيه مرفوع المحل مبتدأ وخبره (أسألك من خيره) وهو المشبه أي مثل ما كسوتنيه من غير حول مني ولا قوة (وخير ما صنع له وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له) وقال ابن العربي : خير ما صنع له استعماله في الطاعة وشر ما صنع له استعماله في المعصية وفيه ندب للذكر المذكور لكل من لبس ثوبا جديدا والظاهر أن ذلك يستحب لمن ابتدأ لبس غير ثوب جديد بأن كان ملبوسا ، ثم رأيت الزين العراقي قال : يستحب عند لبس الجديد وغيره بدليل رواية ابن السني في اليوم والليلة إذا لبس ثوبا . - (حم د ت) كلاهما في اللباس (ك) في اللباس أيضا كلهم (عن أبي سعيد) الخدري قال الترمذي : حسن ، وقال النووي : صحيح ، ورواه أيضا النسائي في اليوم والليلة وابن السني . 6563 - (كان إذا استجد ثوبا لبسه يوم الجمعة) لكونه أفضل أيام الأسبوع فتعود بركته على الثوب وعلى لابسه . - (خط عن أنس) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وعنبسة أحد رواته مجروح ومحمد بن عبيد الله الأنصاري يروي عن الأثبات ما ليس من حديثهم فلا يجوز الاحتجاج به . 6564 - (كان إذا استراث الخبر) أي استبطأ وهو استفعل من الريث وهو الاستبطاء يقال راث ريثا أبطأ واسترثته استبطأته (تمثل ببيت طرفة) وهو قوله (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) وأوله * ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا * وفي رواية أنه كان أبغض الحديث إليه الشعر غير أنه تمثل مرة ببيت أخي قيس بن طرفة ستبدي
[ 126 ]
إلخ والتمثيل إنشاد بيت ثم آخر ثم آخر وتمثل بشئ ضربه مثلا كذا في القاموس والمثل الكلام الموزون في مورد خاص ثم شاع في [ ص 99 ] معنى يصح أن تورده باعتبار أمثال مورودة . - (حم عن عائشة) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح قال : ورواه الترمذي أيضا لكن جعل مكانه طرفة بن رواحة . 6565 - (كان إذا استسقى) أي طلب الغيث عند الحاجة إليه (قال اللهم اسق عبادك) لأنهم عبيدك المتذللون الخاضعون لك فالعباد هنا كالسبب للسقي (وبهائمك) جمع بهيمة وهي كل ذات أربع لأنهم يرحمون فيسقون وفي خبر لابن ماجه لولا البهائم لم تمطروا (وانشر رحمتك) أي ابسط بركات غيثك ومنافعه على عبادك (وأحي بلدك الميت) قال الطيبي : يريد به بعض بلاد المبعدين عن مظان الماء الذي لا ينبت فيه عشب للجذب فسماه ميتا على الاستعارة ثم فرع عليه الأحياء وزاد الطبراني في روايته واسقه مما خلقت أنعاما وأناسي كثيرا . - (د عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال النووي في الأذكار : وإسناده صحيح وقال ابن القطان : فيه علي بن قادم وهو وإن كان صدوقا فإنه مستضعف ضعفه يحيى وقال ابن عدي : نقبت عليه أحاديث رواها عن الثوري وهذا منها ، وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن بن محمد الحارثي وقال : حدث بأشياء لم يتابع عليها اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وتصحيح النووي له . 6566 - (كان إذا استسقى قال اللهم أنزل في أرضنا بركتها وزينتها) أي نباتها الذي يزينها (وسكنها) بفتح السين والكاف أي غياث أهلها الذي تسكن إليه نفوسهم (وارزقنا وأنت خير الرازقين) . - أبو عوانة) في صحيحه المشهور (طب) كلاهما (عن سمرة) قال ابن حجر : إسناده ضعيف . 6567 - (كان إذا استفتح) الذي وقفت عليه في أصول مخرجي هذا الحديث افتتح (الصلاة) أي ابتدأ فيها (قال) أي بعد تكبيرة الإحرام (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك) قال ابن الأثير : الاسم هنا صلة قال الفخر الرازي : وكما يجب تنزيه ذاته عن النقائص يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن الرفث وسوء الأدب (وتعالى جدك) أي على جلالك وعظمتك والجد الحظ والسعادة والغنى (ولا إله غيرك) لفظ رواية الترمذي كان إذا قام إلى الصلاة بالليل كبر ثم يقول سبحانك الله وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من
[ 127 ]
همزه ونفخه ونفثه اه‍ . قال الطيبي : والواو في وبحمدك للحال أو هو عطف جملة فعلية على مثلها إذ التقدير أنزهك تنزيها وأسبحك تسبيحا مقيدا بشكرك وعلى التقديرين اللهم جملة معترضة والجار والمجرور أعني بحمدك متصل بفعل مقدر والباء سببية أو حال من فاعل أو صفة لمصدر محذوف أي نسبح بالثناء عليك أو متلبسين بشكرك أو تسبيحا مقيدا بشكرك وفيه رد على مالك في ذهابه إلى عدم سن الافتتاح لكن قال الحافظ ابن حجر : يعارض حديث الاستفتاح حديث أنس أن المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يستفتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين أخرجاه ، وخبر مسلم عن جابر كان يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين ثم إن الحديث المشروح قد تمسك به الحنابلة على أن السنة في الافتتاح إنما هي ما ذكر مخالفين [ ص 100 ] للشافعي في ذهابه إلى ندبه بقوله وجهت وجهي إلخ . - (د ت ه ك) وصححه (عن عائشة) ثم قال مخرجه أبو داود : لم يروه عن عبد السلام غير طلق بن غنام وليس هذا الحديث بالقوي وقال النووي في الأذكار : رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه بأسانيد ضعيفة قال الذهبي : خرجه الترمذي من طريق حارثة بن أبي الرجال وهو واه (ن ه ك عن أبي سعيد) الخدري قال الذهبي : فيه علي بن علي الرفاعي وفيه لين (طب عن ابن مسعود وعن واثلة) بن الأسقع قال الصدر المناوي : روي مرفوعا عن عائشة وأبي سعيد والكل ضعيف ورواه مسلم موقوفا قال : ووهم المحب الطبري حيث عزاه للسبعة أي الستة وأحمد فإنه ليس في الصحيح بل ولا صحيح بل ضعيف وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه : فيه علة خفية وهي الانقطاع بين أبي الجوزاء أوس بن عبد الله وعائشة فإنه لم يسمع منها وقال الحافظ ابن حجر : رجاله ثقات لكن فيه انقطاع وأعله أبو داود وغيره وقال الهيثمي في رواية الطبراني : فيه عمرو بن حسين وهو ضعيف وقال الطيبي : حديث حسن قال : وقد رماه في المصابيح بالضعف وليس الأمر كما توهمه . 6568 - (كان إذا استلم الركن) اليماني (قبله) بغير صوت (ووضع خده الأيمن عليه) ومن ثم ذهب جمع من الأئمة إلى ندب ذلك لكن مذهب الأئمة الأربعة أنه يستلمه ويقبل يده ولا يقبله . - (هق) من حديث عبد الله بن مسلم بن هرمز عن مجاهد (عن ابن عباس) ثم قال أعني البيهقي : وعبد الله ضعيف وتعقبه الذهبي في المهذب فقال : قال أحمد صالح الحديث لكنه نقل في الميزان تضعيفه عن ابن معين والنسائي وابن المديني وأورد له هذا الحديث . 6569 - (كان إذا استن) أي تسوك من السن وهو إمرار شئ فيه خشونة على آخر ومنه المسن (أعطى السواك الأكبر) أي يناوله بعد ما تسوك به إلى أكبر القوم الحاضرين لأن توقير الأكبر واجب وإذا لم نبدأ به لم نوقره وسيجئ في خبر " ليس منا من لم يوقر كبيرنا " فيندب تقديم الأكبر في السواك وغيره من سائر وجوه الإكرام والتوقير وفيه حل الاستياك بحضرة الغير والظاهر أن المراد به الأفضل
[ 128 ]
ويحتمل الأسن ثم محل تقديمه (1) ما لم يؤد إلى ترك سنته ككون من عن اليمين خلافه كما يشير إليه قوله (وإذا شرب) ماء أو لبنا (أعطى الذي عن يمينه) ولو مفضولا صغيرا كما مر قيل وفيه أيضا مشروعية الهبة وفيه ما فيه قال ابن حجر : وظاهر تخصيص الشراب أن ذلك لا يجري في الأكل لكن وقع في حديث أنس خلافه . - (الحكيم) الترمذي في النوادر (عن عبد الله بن كعب) بن مالك السلمي قال في التقريب : يقال له رؤية أي ولا رواية له اتفاقا فالحديث مرسل . 6570 - (كان إذا اشتد البرد بكر بالصلاة) أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شئ فقد بكر إليه (وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة) أي دخل بها في البرد بأن يؤخرها إلى أن يصير للحيطان ظل يمشي فيه قاصدا الجماعة قال الإمام البخاري : يعني هنا صلاة الجمعة قياسا على الظهر لا بالنص لأن أكثر الأحاديث تدل على الإبراد بالظهر وعلى التبكير بالجمعة مطلقا وقوله أعني البخاري يعني الجمعة يحتمل كونه قول التابعي مما فهم وكونه من تفقه فترجح عنده إلحاقا بالظهر لأنها إما ظهر وزيادة أو بدل عن الظهر لكن الأصح من مذهب الشافعي عدم الإبراد بها . - (خ ن عن أنس) بن مالك ولم يخرجه [ ص 101 ] مسلم ولا الثلاثة وإطلاق الصدر المناوي أن أصحاب السنن الأربعة لم يخرجوه ذهول عن النسائي . 6571 - (كان إذا اشتد الريح الشمأل) هي مقابل الجنوب (قال اللهم إني أعوذ بك من شر ما أرسلت فيها) وفي رواية بدله من شر ما أرسلت به والمراد أنها قد تبعث عذابا على قوم فتعوذ من ذلك فتندب المحافظة على قول ذلك عند اشتدادها وعدم الغفلة عنه . - (ابن السني) وكذا البزار (طب) كلهم (عن عثمان بن أبي العاص) رمز المصنف لحسنه وهو غير جيد فقد قال الهيثمي : فيه عبد الرحمن بن إسحاق وأبو شيبة كلاهما ضعيف . 6572 - (كان إذا اشتد الريح قال اللهم) اجعلها (لقحا) بفتح اللام والقاف من باب تعب أي حاملا للماء كاللقحة من الإبل (لا عقيما) لا ماء فيها كالعقيم من الحيوان لا ولد له شبه الريح التي
[ 129 ]
جاءت بخير من إنشاء سحاب ماطر بالحامل كما شبه ما لا يكون كذلك بالعقيم * (وأرسلنا الرياح لواقح) * . - (حب ك) في الأدب وكذا ابن السني كلهم (عن سلمة بن الأكوع) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي قال في الأذكار : إسناده صحيح . 6573 - (كان إذا اشتكى) أي مرض (نفث) بالمثلثة أي خرج الريح من فمه مع شئ من ريقه (على نفسه بالمعوذات) بالواو المشددة : الإخلاص واللتين بعدها ، فهو من باب التغليب أو المراد : الفلق والناس ، وجمع باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو المراد الكلمات المعوذات بالله من الشيطان والأمراض أي قرأها ونفث الريح على نفيه أو أن المعوذتين وكل آية تشبههما نحو * (وإن يكاد) * [ القلم ] الآية أو أطلق الجمع على التثنية مجازا ذكره القاضي . قال الزمخشري : والنفث بالفم شبيه بالنفخ ويقال نفث الراقي ريقه وهو أقل من التفل والحية تنفث السم ومنه قولهم لا بد للمصدور أن ينفث ويقال أراد فلان أن يقر بحقي فنفث في ذؤابة إنسان حتى أفسده (ومسح عنه بيده) لفظ رواية مسلم بيمينه أي مسح من ذلك النفث بيمينه أعضاءه وقال الطيبي : الضمير في عنه راجع إلى ذلك النفث والجار والمجرور حال أي نفث على بعض جسده ثم مسح بيده متجاوزا عن ذلك النفث إلى جميع أعضائه وفائدة النفث التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء الذي ماسه الذكر كما يتبرك بغسالة ما يكتب من الذكر وفيه تفاؤل بزوال الألم وانفصاله كانفصال ذلك الريق وخص المعوذات لما فيها من الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا ففي الإخلاص كمال التوحيد الاعتقادي وفي الاستعاذة من شر ما خلق ما يعم الأشباح والأرواح وبقية هذا الحديث في صحيح البخاري فلما اشتكى وجعه الذي توفي فيه فطفقت أنفث على نفسه بالمعوذات التي كان ينفث فرفع رأسه إلى السماء وقال في الرفيق الأعلى . تنبيه : قال الحكيم : جاء في رواية بدل فنفث فقرأ فدل على أن النفث قبل القراءة وفي حديث بدأ بذكر القرآن ثم النفث وفي آخر بدأ بذكر النفث بالقراءة فلا يكون النفث إلا بعد القراءة وإذا فعل الشئ لشئ كان ذلك الشئ مقدما حتى يأتي الثاني وفي حديث آخر نفث بقل هو الله أحد وذلك يدل على أن القراءة تقدم ثم نفث ببركتها لأن القصد وصول نورها إلى الجسد فلا يصل إلا بذلك فإذا قرأ استنار صدره بنور المقروء الذي يتلوه كل قارئ على قدره والنفث من الروح والنفخ من النفس وعلامته أن الروح باردة والنفس حارة فإذا قال نفث خرجت الريح باردة لبرد الروح وإذا قال هاه خرجت حارة فتلك نفثه والثانية نفخة وذلك لأن الروح مسكنه الرأس ثم ينبث في البدن والنفس في البطن ثم ينبث في البدن كله وفي كل منهما حياة بهما يستعملان البدن بالحركة ولا روح سماوية والنفس أرضية والروح شأنه الطاعة والنفس ضده فإذا ضم شفتيه اعتصر الروح في مسكنه فإذا أرسله خرج إلى شفتيه مع برد فذلك النفث [ ص 102 ] وإذا فتح فاه اعتصرت النفس فإذا أرسله خرجت ريح جلدة فلذلك ذكر في الحديث النفث لأن الروح أسرع نهوضا إلى نور تلك الكلمات والنفس ثقيلة بطيئة وإذا صار الريح بالنفث إلى الكفين مسح بهما وجهه وما أقبل من بدنه لأن قبالة المؤمن حيث كان فهو لقبالة
[ 130 ]
الله فإذ فعل ذلك بجسده عند إيوائه إلى فراشه أو عند مرضه كان كمن اغتسل بأطهر ماء وأطيبه فما ظنك بمن يغتسل بأنوار كلمات اللتعالى . (فائدة) قال القاضي : شهدت المباحث الطبية على أن الريق له دخل في النضح وتبديل المزاج ولتراب الوطن تأثير في حفظ المزاج الأصلي ودفع نكاية المغيرات ولهذا ذكروا في تدبير المسافر أنه يستصحب تراب أرضه إن عجز عن استصحاب مائها حتى إذا ورد غير الماء الذي تعود شربه ووافق مزاجه جعل شيئا منه في سقايته ويشرب الماء من رأسه ليحفظ عن مضرة الماء الغريب ويأمن تغير مزاجه بسبب استنشاق الهواء المغاير للهواء المعتاد ثم إن الرقى والعزائم لها آثار عجيبة تتقاعد العقول عن الوصول إلى كنهها . - (ق د ن عن عائشة) ورواه عنها النسائي أيضا . 6574 - (كان إذا اشتكى) أي مرض ، والشكاية كما قال الزركشي المرض (ورقاه جبريل قال بسم الله يبريك) الاسم هنا يراد به المسمى فكأنه قال الله يبريك من قبيل * (سبح اسم ربك الأعلى) * [ الاعلى : 1 ] ولفظ الاسم عبارة عن الكلمة الدالة على المسمى والمسمى هو مدلولها لكنه قال : يتوسع فيوضع الاسم موضع المسمى مسامحة ذكره القرطبي (من كل داء يشفيك ومن شر حاسد إذا حسد) خصه بعد التعميم لخفاء شره (وشر كل ذي عين) من عطف الخاص على العام لأن كل عائن حاسد ولا عكس فلما كان الحاسد أعم كان تقديم الاستعاذة منه أهم وهي سهام تخرج من نفس الحاسد والعائن نحو المحسود والمعيون تصيبه تارة وتخطئه أخرى ، فإن صادفته مكشوفا لا وقاية عليه أثرت فيه ولا بد وإن صادفته حذرا شاكي السلاح لا منفذ فيه للسهام خابت فهو بمنزلة الرمي الحسي لكن هذا من النفوس والأرواح وذلك من الأجسام والأشباح ، ولهذا قال ابن القيم : استعاذ من الحاسد لأن روحه مؤذية للمحسود مؤثرة فيه أثرا بينا لا ينكره إلا من هو خارج عن حقيقة الإنسانية وهو أصل الإصابة بالعين فإن النفس الخبيثة الحاسدة تتكيف بكيفية خبيثة تقابل المحسود فتؤثر فيه بتلك الخاصة والتأثير كما يكون بالاتصال قد يكون بالمقابلة وبالرؤية وبتوجه الروح وبالأدعية والرقى والتعوذات وبالوهم والتخييل وغير ذلك ، وفيه ندب الرقية بأسماء الله وبالعوذ الصحيحة من كل مرض وقع أو يتوقع وأنه لا ينافي التوكل ولا ينقصه ، وإلا لكان المصطفى صلى الله عليه وسلم أحق الناس بتحاشيه فإن الله لم يزل يرقى نبيه في المقامات الشريفة والدرجات الرفيعة إلى أن قبضه وقد رقى في أمراضه حتى مرض موته فقد رقته عائشة في مرض موته ومسحته بيدها ويده وأقر ذلك . - (م) في الطب (عن عائشة) ورواه أيضا ابن ماجه في الطب والترمذي في الجنائز والنسائي في البعوث أربعتهم عن أبي سعيد مع خلف يسير والمعنى متقارب جدا . 6575 - (كان إذا اشتكى اقتحم) أي استف وفي رواية تقحم (كفا) أي ملأ كفا (من شونيز) بضم الشين المعجمة وهو الحبة السوداء (وشرب عليه) أي على أثر استفافه (ماءا وعسلا) أي ممزوجا بعسل لأن لذلك سرا بديعا في حفظ الصحة لا يهتدي إليه إلا خاصة الأطباء ، ومنافع العسل لا
[ 131 ]
تحصى حتى قال ابن القيم : ما خلق لنا شئ في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريبا منه ، ولم يكن معول الأطباء إلا عليه ، وأكثر كتبهم لا يذكرون فيها السكر ألبتة . - (خط عن أنس) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور الطبراني في الأوسط . قال الهيثمي : وفيه يحيى بن سعيد القطان ضعيف قال الحافظ العراقي وفيه الوليد بن شجاع . قال أبو حاتم : لا يحتج به . [ ص 103 ] 6576 - (كان إذا اشتكى أحد رأسه) أي وجع رأسه (قال) له (اذهب فاحتجم) فإن للحجامة أثرا بينا في شفاء بعض أنواع الصداع فلا يجعل كلام النبوة الخاص الجزئي كليا عاما ولا الكلي العام جزئيا خاصا وقس على ذلك (وإذا اشتكى رجله) أي وجع رجله (قال) له (اذهب فاخضبها بالحناء) لأنه بارد يابس محلل نافع من حرق النار والورم الحار وللعصب إذا ضمد به ويفعل في الجراحات فعل دم الأخوين ، فلعل المراد هنا إذا اشتكى ألم رجله من إحدى هذه العلل ، ومن خواصه العجيبة المجربة أنه إذا بدأ بصبي جدري وخضب به أسافل رجليه أمن على عينيه . - (طب عن سلمى امرأة أبي رافع) داية فاطمة الزهراء ، ومولاة صفية عمة المصطفى صلى الله عليه وسلم لها صحبة وأحاديث . 6577 - (كان إذا أشفق من الحاجة ينساها ربط في خنصره) بكسر الخاء والصاد كما في المصباح وهي أنثى (أو في خاتمه الخيط) ليتذكرها به والذكر والنسيان من الله إذا شاء ذكر وإذا شاء أنسى ، وربط الخيط سبب من الأسباب لأنه نصب العين فإذا رآه ذكر ما نسي فهذا سبب موضوع دبره رب العالمين لعباده كسائر الأسباب كحرز الأشياء بالأبواب والأقفال والحراس وأصل اليقين وهم الأنبياء لا يضرهم الأسباب بل يتعين عليهم فعلها للتشريع فتدبر تنبيه : قال بعض العارفين : النسيان من كمال العرفان . قال تعالى في حق آدم * (فنسي ولم نجد له عزما) * وكان كاملا بلا ريب وكماله هو الذي أوجب النسيان لأنه كان يعلم أن فيه مجموع الوجود المقابل لأخلاق الحق تعالى وأن الحق نزه نفسه عن النسيان وجعله من حقيقة العبد كما وصف تعالى نفسه بالجواد وجعل البخل من وصف خلقه لا من وصفه فافهم . - (ابن سعد) في الطبقات (والحكيم) الترمذي في النوادر (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا أبو يعلى بلفظ كان إذا أشفق من الحاجة أن ينساها ربط في إصبعه خيطا ليذكرها . قال الزركشي : فيه سالم بن عبد الأعلى قال فيه ابن حبان : وضاع وقال ابن أبي حاتم : حديث باطل وابن شاهين في الناسخ : أحاديثه منكرة وقال المصنف في الدرر : قال أبو حاتم حديث باطل وقال ابن شاهين : منكر لا يصح ورواه ابن عدي عن واثلة بلفظ : كان إذا أراد الحاجة أوثق في خاتمه خيطا زاد في رواية الحارث بن أبي أسامة من حديث ابن عمر ليذكره به قال الحافظ العراقي : وكلاهما سنده ضعيف ، وقال السخاوي : فيه سالم بن عبد الأعلى رماه ابن حبان بالوضع واتهمه أبو حاتم بهذا الحديث
[ 132 ]
وقال : هو باطل وقال ابن شاهين : جميع أسانيده منكرة ، وفي الميزان في ترجمة بشر بن إبراهيم الأنصاري عن العقيلي وابن عدي وابن حبان : هيضع الحديث اه‍ . ورواه عن ابن عمر أيضا أبو يعلى وكذا هو في رابع الخلعيات قال الحافظ ابن حجر : وفيه سالم بن عبد الأعلى وهو متروك ونقل الترمذي عن البخاري أنه منكر وأبو حاتم عن أبيه أنه باطل اه‍ . وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من طرق ثلاثة الأولى للدارقطني عن ابن عمر باللفظ المذكور هنا وقال : تفرد به مسلم وليس بشئ وقال العقيلي : لا يعرف إلا به ولا يتابع عليه الثانية له ولابن عدي معا عن واثلة بلفظ كان إذا أراد الحاجة أوثق في خاتمه خيطا وقال : تفرد به بشير بن إبراهيم الأنصاري وهو يضع الحديث الثالثة للدارقطني والبغوي عن رافع بن خديج رأيت في يد رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم خيطا فقلت : ما هذا قال : أستذكر به وقال : تفرد به غياث وهو متروك ثم حكم بوضعه من جميع طرقه وزاد المؤلف طريقا رابعا وهو ما رواه الطبراني عن محمد بن [ ص 104 ] عبدوس عن عبد الجبار بن عاصم عن بقية عن أبي عبد مولى بني تيم عن سعيد المقبري عن رافع بلفظ كان يربط الخيط في خاتمه يستذكر به . 6578 - (كان إذا أصابته شدة) بالتشديد كعدة (فدعا) برفعها (رفع يديه) حال الدعاء (حتى يرى) بالبناء للمجهول (بياض إبطيه) أي لو كان بلا ثوب لرئي أو كان ثوبه واسعا فيرى بالفعل وذكر بعض الشافعية أنه لم يكن بإبطيه شعر قال في المهمات : وبياض الإبط كان من خواصه ، وأما إبط غيره فأسود لما فيه من الشعر ورده الزين العراقي بأن ذلك لم يثبت والخصائص لا تثبت بالاحتمال ولا يلزم من بياض إبطه أن لا يكون له شعر فإن الشعر إذا نتف بقي المكان أبيض وإن بقي فيه آثار الشعر اه‍ . وحكمة الرفع اعتياد العرب رفعهما عند الخضوع في المسألة والذلة بين يدي المسؤول وعند استعظام الأمر والداعي جدير بذلك لتوجهه بين يدي أعظم العظماء ومن ثم ندب الرفع عند التحريم والركوع والرفع منه والقيام من التشهد الأول إشعارا بأنه ينبغي أن يستحضر عظمة من هو بين يديه حتى يقبل بكليته عليه . - (ع عن البراء) بن عازب رمز لحسنه . 6579 - (كان إذا أصابه رمد) بفتح الراء والميم وجع عين (أو أحد من أصحابه دعا بهؤلاء الكلمات) وهي (اللهم متعني ببصري واجعله الوارث مني وأرني في العدو ثأري وانصرني على من ظلمني) هذا من طبه الروحاني فإن علاجه صلى الله عليه وسلم للأمراض كان ثلاثة أنواع بالأدوية الطبية وبالأدوية الإلهية وبالمركب منهما فكان يأمر بما يليق به ويناسبه . - (ابن السني) في الطب النبوي (ك) في الطب (عن أنس) بن مالك سكت عليه فأوهم أنه لا علة فيه والأمر بخلافه فقد تعقبه الذهبي على الحاكم فقال : فيه ضعفاء .
[ 133 ]
6580 - (كان إذا أصابه غم) أي حزن سمي به لأنه يغطي السرور (أو كرب) أي هم (يقول حسبي الرب من العباد) أي كافيني من شرهم (حسبي الخالق من المخلوقين حسبي الرازق من المرزوقين ، حسبي الذي هو حسبي ، حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم) الذي ضمني إليه وقربني منه ووعدني بالجميل والرجوع إليه قال الحكيم : قد جعل الله في كل موطن سببا وعدة لقطع ما يحدث فيه من النوائب فمن أعرض عن السبب والعدة ضرب عنه صفحا واغتنى بالله كافيا وحسيبا وأعرض عما سواه وقال حسبي الله عند كل موطن ومن كل أحد كفاه الله وكان عند ظنه إذ هو عبد تعلق به ومن تعلق به لم يخيبه وكان في تلك المواطن فإذا ردد العبد هذه الكلمات بإخلاص عند الكرب نفعته نفعا عظيما وكن له شفيعا إلى الله تعالى في كفايته شر الخلق ورزقه من حيث لا يحتسب وكان الله بكل خير إليه أسرع . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (الفرج) بعد الشدة (من طريق الخليل بن مرة) بضم الميم وشد الراء نقيض حلوة الضبعي بضم المعجمة وفتح الموحدة البصري نزيل الرقة ضعيف (عن فقيه أهل الأردن) بضم الهمزة وسكون الراء وضم الدال المهملتين وتشديد النون من بلاد الغور من ساحل الشام وطبرية من الأردن (بلاغا) أي أنه قال بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص 105 ] 6581 - (كان إذا أصبح وإذا أمسى) أي دخل في الصباح والمساء (يدعو بهذه الدعوات اللهم إني أسألك من فجاءة الخير) بالضم والمد وفي لغة وزان تمرة أي عاجله الآتي بغتة (وأعوذ بك من فجاءة الشر فإن العبد لا يدري ما يفجأه إذا أصبح وإذا أمسى) قال ابن القيم : من جرب هذا الدعاء عرف قدر فضله وظهر له جموم نفعه وهو يمنع وصول أثر العائن ويدفعه بعد وصوله بحسب قوة إيمان العبد لها وقوة نفسه واستعداده وقوة توكله وثبات قلبه فإنه سلاح والسلاح بضاربه . - (ع وابن السني) في الطب (عن أنس) بن مالك ورمز المصنف لحسنه . 6582 - (كان إذا أصبح وإذا أمسى قال أصبحنا على فطرة الإسلام) بكسر الفاء أي دينه الحق
[ 134 ]
وقد ترد الفطرة بمعنى السنة (وكلمة الإخلاص) وهي كلمة الشهادة (ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم) الظاهر أنه قاله تعليما لغير ويحتمل أنه جرد من نفسه نفسا يخاطبها قال ابن عبد السلام في أماليه : وعلى في مثل هذا تدل على الاستقرار والتمكن من ذلك المعنى لأن المجسم إذا علا شيئا تمكن منه واستقر عليه ومنه * (أولئك على هدى من ربهم) * قال النووي في الأذكار : لعله صلى الله عليه وسلم قال ذلك جهرا ليسمعه غيره فيتعلمه منه (وملة أبينا إبراهيم) الخليل (حنيفا) أي مائلا إلى الدين المستقيم (مسلما وما كان من المشركين) قال الحرالي : جمع بين الحجتين السابقة بحسب الملة الحنيفية الإبراهيمية واللاحقة بحسب الدين المحمدي وخص المحمدية بالدين والإبراهيمية بالملة لينتظم ابتداء الأبوة الإبراهيمية لطوائف أهل الكتاب سابقهم ولاحقهم ببناء ابتداء النبوة الآدمية في متقدم قوله تعالى * (وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة) * الآية لينتظم رؤوس الخطابات بعضها ببعض وتفاصيلها بتفاصيلها . - (حم طب) وكذا النسائي في اليوم والليلة وإغفاله غير جيد كلهم (عن عبد الرحمن بن أبزى) بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالزاي وألف مقصورة الخزاعي مولى نافع بن عبد الحارث استعمله علي على خراسان وكان عالما مرضيا مختلف في صحبته قال ابن حجر : له صحبة ونفاها غيره وجزم ابن حجر بأنه صحابي صغير ، رمز المصنف لحسنه وليس يكفي منه ذلك بل حقه الرمز لصحته فقد قال النووي في الأذكار عقب عزوه لابن السني : إسناده صحيح وقال الحافظ العراقي في المغني : سنده صحيح وقال الهيثمي : رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح . 6583 - (كان إذا اطلى) أصله اطتلي قلبت التاء طاء وأدغمت يقال طليته بالنورة أو غيرها لطخته واطليت بترك المفعول إذا فعل ذلك بنفسه (بدأ بعورته) أي بما بين سرته وركبته (فطلاها بالنورة) المعروفة وهي زرنيخ وجص (وسائر جسده أهله) أي بعض حلائله فاستعمالها مباح لا مكروه وتوقف المؤلف في كونها سنة قال : لاحتياجه إلى ثبوت الأمر بها كحلق العانة ونتف الإبط وفعله وإن كان دليلا على السنة فقد يقال هذا من الأمور العادية التي لا يدل فعله لها على سنة وقد يقال فعله بيانا للجواز ككل مباح وقد يقال إنها سنة ومحله كله ما لم يقصد اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في فعله وإلا فهو مأجور آت بالسنة اه‍ . قال : وأما خبر كان لا يتنور فضعيف لا يقاوم هذا الحديث القوي إسنادا على أن هذا الحديث مثبت وذاك ناف والقاعدة عند التعارض تقديم المثبت قال ابن القيم : ولم يدخل نبينا صلى الله عليه وسلم حماما قط ويرده ما رواه الخرائطي عن أحمد بن إسحاق الوراق عن سليمان بن ناشرة عن محمد بن زياد الألهاني قال : كان ثوبان مولى المصطفى صلى الله عليه وسلم جارا لي وكان يدخل الحمام فقلت : فأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه [ ص 106 ] وسلم تدخل الحمام فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الحمام وكان يتنور وأخرجه أيضا يعقوب بن سفيان في تاريخه عن سليمان بن سلمة الحمصي عن بقية عن سليمان بن ناشرة به وأخرجه
[ 135 ]
ابن عساكر في تاريخه من طريقه . - (ه عن أم سلمة) قال ابن كثير في مؤلفه في الحمام : إسناده جيد ورواه عنها البيهقي أيضا قال في المواهب : ورجاله ثقات لكن أعل بالإرسال وقال ابن القيم : ورد في النورة عدة أحاديث هذا أمثلها وأما خبر كان لا يتنور وكان إذا كثر شعره حلقه فجزم بضعفه غير واحد . 6584 - (كان إذا طلى بالنورة ولى عانته وفرجه بيده) فلا يمكن أحدا من أهله بمباشرتهما لشدة حيائه وفي رواية بدل عانته مغابنه بغين معجمة جمع مغبن من غبن الثوب إذ أثناه وهي بواطن الأفخاذ وطيات الجلد قال ابن حجر : وهذا الحديث يقابله حديث أنس كان لا يتنور وكان إذا كثر شعره حلقه وسنده ضعيف جدا . - (ابن سعد عن إبراهيم وعن حبيب بن أبي ثابت مرسلا) وإسناده صحيح قال ابن كثير : إسناده جيد وحبيب هو الأسدي كان ثقة مجتهدا ورواه ابن ماجه والبيهقي إلا فرجه عن أم سلمة قال في الفتح : ورجاله ثقات لكن أعل بالإرسال وأنكر أحمد صحته وروى الخرائطي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينوره الرجل فإذا بلغ مراقه تولى هو ذلك . 6585 - (كان إذا اطلع على أحد من أهل بيته) أي من عياله وخدمه (كذب كذبة) واحدة بفتح الكاف وكسرها والذال ساكنة فيهما (لم يزل معرضا عنه) إظهارا لكراهته الكذب وتأديبا له وزجرا عن العود لمثلها (حتى يحدث توبة) من تلك الكذبة التي كذبها وفي رواية البزار ما كان خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما يزال في نفسه حتى يعلم أنه أحدث منها توبة . - (حم ك عن عائشة) وقال أعني الحاكم : صحيح الإسناد وسكت عليه الذهبي في التلخيص لكنه في الميزان قال يحيى بن سلمة العقبي قال العقيلي حدث بمناكير ثم ساق منها هذا الخبر . 6586 - (كان إذا اعتم) أي لف العمامة على رأسه (سدل عمامته) أي أرخاها (بين كتفيه) يعني من خلفه وفيه مشروعية العذبة قال في الفتح : وفيه يعني الترمذي أن ابن عمر كان يفعله والقاسم وسالم وأما مالك فقال : إنه لم ير أحدا يفعله إلا عامر بن عبد الله بن الزبير . - (ت) في اللباس (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال : حسن غريب رمز المصنف لحسنه وفي الباب عن علي ولا يصح إسناده . 6587 - (كان إذا اهتم أخذ لحيته بيده ينظر فيها) كأنه يسلي بذلك حزنه أو لكونه أجمع للفكرة . (الشيرازي) في الألقاب (عن أبي هريرة) .
[ 136 ]
6588 - (كان إذا أفطر) من صومه (قال) عند فطره (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) قال الطيبي : قدم الجار والمجرور في القرينتين على العامل دلالة على الاختصاص إظهارا للاختصاص في الافتتاح وإبداء لشكر الصنيع المختص به [ ص 107 ] في الإختتام . - (د) في الصوم من مراسيله وسننه (عن معاذ بن زهرة) ويقال أبو زهرة الضبي التابعي قال في التقريب كأصله : مقبول أرسل حديثا فوهم من ذكره في الصحابة مرسلا قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إلخ . قال ابن حجر : أخرجه في السنن والمراسيل بلفظ واحد ومعاذ هذا ذكره البخاري في التابعين لكنه قال معاذ أبو زهرة وتبعه ابن أبي حاتم وابن حبان في الثقات وعده الشيرازي في الصحابة وغلطه المستغفري ويمكن كون الحديث موصول ولو كان معاذ تابعيا لاحتمال كون الذي بلغه له صحابيا وبهذا الاعتبار أورده أبو داود في السنن وبالاعتبار الآخر أورده في المراسيل اه‍ . 6589 - (كان إذا أفطر قال ذهب الظمأ) مهموز الآخر مقصور العطش قال تعالى * (ذلك بأنهم لا يصبهم ظمأ) * ذكره في الأذكار قال : وإنما ذكرته وإن كان ظاهرا لأني رأيت من اشتبه عليه فتوهمه ممدودا (وابتلت العروق) لم يقل ذهب الجوع أيضا لأن أرض الحجاز حارة فكانوا يصبرون على قلة الطعام لا العطش وكانوا يمتدحون بقلة الأكل لا بقلة الشرب (ثبت الآجر) قال القاضي : هذا تحريض على العبادة يعني زال التعب وبقي الأجر (إن شاء الله) ثبوته بأن يقبل الصوم ويتولى جزاءه بنفسه كما وعد * (إن الله لا يخلف الميعاد) * وقال الطيبي : قوله ثبت الأجر بعد قوله ذهب الظمأ استبشار منه لأنه من فاز ببغيته ونال مطلوبه بعد التعب والنصب وأراد اللذة بما أدركه ذكر له تلك المشقة ومن ثم حمد أهل الجنة في الجنة . - (د) وكذا النسائي (ك) في الصوم من حديث حسين بن واقد عن مروان بن سالم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : احتج البخاري بمروان بن المقنع قال : رأيت ابن عمر يقبض على لحيته فيقطع ما زاد على الكف وقال : كان ثم ساقه ورواه الدارقطني من هذا الوجه أيضا ثم قال . تفرد به الحسين بن واقد عن المقنعي وهو إسناد حسن قال ابن حجر : حديثه حسن . 6590 - (كان إذا أفطر قال اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت فتقبل مني) وفي رواية للدارقطني أفطرنا وتقبل منا (إنك أنت السميع) لدعائي (العليم) بحالي وإخلاصي ولعله كان يأتي بالإفراد إذا أفطر وحده وبالجمع إذا أفطر مع غيره . - (طب وابن السني) من حديث عبد الملك بن
[ 137 ]
هارون بن عنترة عن أبيه عن جده (عن ابن عباس) قال ابن حجر : غريب من هذا الوجه وسنده واه جدا وهارون بن عنترة كذبوه اه‍ وقال الهيثم : فيه عبد الملك بن هارون ضعيف جدا اه‍ ورواه الدارقطني من هذا الوجه فتعقبه الغرياني في مختصره فقال : فيه عبد الملك بن هارون بن عنترة تركوه وقال السعدي : دجال . 6591 - (كان إذا أفطر قال الحمد لله الذي أعانني فصمت ورزقني فأفطرت) فيندب قول ذلك عند الفطر من الصوم فرضا أو نفلا . - (ابن السني هب عن معاذ) بن زهرة أو أبي زهرة أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال ذلك . قال ابن حجر : أخرجاه من طريق سفيان الثوري عن حصين عن رجل عن معاذ هذا وهذا محقق الإرسال اه‍ وأقول : حصين بن عبد الرحمن هذا أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة نسي أو شاخ وقال النسائي : تغير . 6592 - (كان إذا أفطر عند قوم) أي نزل ضيفا عند قوم وهو صائم فأفطر (قال) في دعائه (أفطر عندكم الصائمون) [ ص 108 ] خبر بمعنى الدعاء بالخير والبركة لأن أفعال الصائمين تدل على اتساع الحال وكثرة الخير إذ من عجز عن نفسه فهو عن غيره أعجز (وأكل طعامكم الأبرار) قال المظهري : دعاء أو إخبار وهذا الوصف موجود في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه أبر الأبرار (وتنزلت) وفي رواية بدله وصلت (عليكم الملائكة) أي ملائكة الرحمة بالبركة والخير الإلهي . - (حم هق عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا أبو داود قال الحافظ العراقي : بإسناد صحيح قال تلميذه ابن حجر : وفيه نظر فإن فيه معمرا وهو وإن احتج به الشيخان فإن روايته عن ثابت بخصوصه مقدوح فيها . 6593 - (كان إذا أفطر عند قوم قال أفطر عندكم الصائمون وصلت عليكم الملائكة) أي استغفرت لكم وقد مر معناه . - (طب عن ابن الزبير) رمز لحسنه . 6594 - (كان إذا اكتحل اكتحل وترا وإذا استجمر استجمر وترا) ظاهر السياق أن المراد بالاستجمار التبخر بنحو عود ويحتمل أن المراد الاستنجاء غير أن اقترانه بالاكتحال يبعده وفي كيفية الإيتار بالاكتحال وجهان أصحهما في كل عين ثلاثة لما رواه الترمذي وحسنه كان له مكحلة يكتحل
[ 138 ]
منها كل عين ثلاثة أطراف والثاني يكتحل في عين وترا وفي عين شفعا ليكون المجموع وترا لما في الطبراني من حديث ابن عمر بسند قال الولي العراقي : ضعيف أنه كان إذا اكتحل جعل وفي اليمنى ثلاثا وفي اليسرى مرتين فجعلهما وتره وفي إيضاح التنبيه للأصبحي تفسير هذا الوجه قال يكتحل في اليمنى أربعة أطراف وفي اليسرى ثلاثة قال الولي العراقي : وهو تقييد غريب وفي أحكام المحب الطبري عن أنس كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يكتحل وترا زاد ابن وضاح اثنين في كل عين وقسم بينهما واحدة . - (حم عن عقبة بن عامر) ورواه عنه الطبراني اثنين أيضا قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح خلا ابن لهيعة ورمز المصنف لصحته . 6595 - (كان إذا أكل طعاما) يلتصق بأصابعه ويحتمل مطلقا محافظة على البركة (لعق أصابعه الثلاث) زاد في رواية الحاكم التي أكل بها اه‍ وهذا أدب حسن وسنة جميلة لإشعاره بعدم الشره في الطعام وبالاقتصار على ما يحتاجه وذلك أن الثلاث يستقل بها الظريف الخبير وهذا فيما يمكن فيه ذلك من الأطعمة وإلا فيستعان بما يحتاجه من أصابعه كما مر وهذا بعض الحديث وتتمته عند مسلم وغيره وقال : إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان وأمرنا أن نسلت القصعة وقال : إنكم لا تدرون في أي طعامكم البركة وفيه رد على من كره لعق الأصابع استقذارا قال الخطابي : عاب قوم أفسد عقولهم الترفيه لعق الأصابع واستقبحوه كأنهم ما علموا أن الطعام الذي علق بها وبالصفحة جزء من المأكول وإذا لم تستقذر كله فلا تستقذر بعضه وليس فيه أكثر من مصها بباطن الشفة . - (حم م 3 عن أنس بن مالك) . 6596 - (كان إذا أكل لم تعد أصابعه ما بين يديه) لأن تناوله كان تناول تقنع ويترفع عن تناول النهمة والشره [ ص 109 ] وكان يأمر بذلك غيره أيضا فيقول سم الله وكل مما يليك . - (تخ عن جعفر بن أبي الحكم) الأوسي (مرسلا ، أبو نعيم في) كتاب (المعرفة) أي معرفة الصحابة (عنه) أي عن أبي جعفر (عن الحكم بن نافع بن سبأ) كذا هو في خط المصنف والظاهر أنه سبق قلم فإن الذي وقفت عليه بخط الحافظ ابن حجر في مواضع سنان بنونين وهو الأنصاري الأوسي له ولأبيه صحبة وفي التقريب صحابي له حديث مختلف في إسناده (طب عن الحكم بن عمرو الغفاري) بكسر المعجمة من بني ثعلبة أخي غفار نزل البصرة فاستعمله زياد على خراسان . رمز المصنف لحسنه وليس بسديد فهو ضعيف . 6597 - (كان إذا أكل أو شرب قال) عقبه (الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه) أي سهل
[ 139 ]
دخوله في الحلق ومنه * (ولا يكاد يسيغه) * أي يبتلعه (وجعل له مخرجا) أي السبيلين قال الطيبي : ذكر نعما أربعا : الإطعام والإسقاء والتسويغ وسهولة الخروج ، فإنه خلق الأسنان للمضغ والريق للبلع وجعل المعدة مقسما للطعام ولها مخارج فالصالح منه ينبعث إلى الكبد وغيره يندفع في الأمعاء كل ذلك فضل ونعمة يجب القيام بواجبها من الشكر بالجنان والبث باللسان والعمل بالأركان . (د ن حب عن أبي أيوب) الأنصاري قال ابن حجر : حديث صحيح . 6598 - (كان إذا التقى الختانان) أي تحاذيا وإن لم يتماسا لأن ختانها فوق ختانه (اغتسل) أنزل أم لم ينزل والمراد محل ختان الرجل أي قطع جلدة تمرته وخفاض المرأة وهو قطع جلدة أعلى فرجها كعرف الديك وإنما ثنيا بلفظ واحد تغليبا وقاعدتهم رد الأثقل إلى الأخف . - (الطحاوي) بفتح الطاء والحاء المهملتين وبعد الألف واو نسبة إلى طحا قرية بصعيد مصر منها هذا الإمام وهو أبو جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الأسدي صاحب كتاب شرح الآثار (عن عائشة) رمز المصنف لصحته . 6599 - (كان إذا انتسب لم يجاوز في نسبه معد بن عدنان بن أدد) بضم الهمزة ودال مهملة مفتوحة (ثم يمسك) عما زاد (ويقول كذب النسابون قال الله تعالى * (وقرونا بين ذلك كثيرا) *) قال ابن عباس : لو شاء أن يعلمه لعلمه قال ابن سيد الناس : ولا خلاف أن عدنان من ولد إسماعيل وإنما الخلاف في عدد من بين عدنان وإسماعيل من الآباء فمقل ومكثر وكذا من إبراهيم إلى آدم لا يعلمه على حقيقته إلا الله تعالى . - (ابن سعد) في الطبقات (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا في مسند الفردوس لكن قال السهيلي : الأصح أن هذا من قول ابن مسعود . 6600 - (كان إذا نزل عليه الوحي) أي حامل الوحي أسند النزول إلى الوحي للملابسة بين الحامل والمحمول ويسمى مجازا عقليا تارة واستعارة بالكناية أخرى بمعنى أنه شبه الوحي برجل مثلا ثم أضيف إلى المشبه الإتيان الذي هو من خواص المشبه به ينتقل الذهن منه إليه والوحي لغة الكلام الخفي وعرفا إعلام الله نبيه الشرائع بوجه ما (نكس رأسه) أي أطرق كالمتفكر (ونكس أصحابه رؤوسهم فإذا أقلع عنه) أي سرى عنه (رفع) رأسه . - (م) في المناقب [ ص 110 ] (عن عبادة بن الصامت) ولم يخرجه البخاري .
[ 140 ]
6601 - (كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك) أي حزن لنزول الوحي والكرب الغم الذي يأخذ بالنفس والمستكن في كرب إما للنبي صلى الله عليه وسلم يعني كان لشدة اهتمامه بالوحي كمن أخذه غم أو لخوف ما عساه يتضمنه الوحي من التشديد والوعيد أو الوحي بمعنى اشتد فإن الأصل في الكرب الشدة (وتريد وجهه) بالراء وتشديد الموحدة بضبط المصنف أي تغير لونه ذكره ابن حجر قال : وهذا حيث لا يأتيه الملك في صورة رجل وإلا فلا وقال القاضي : الضمير المستكن في كرب إما للرسول صلى الله عليه وآله وسلم والمعنى أنه كان لشدة اهتمامه بالوحي كمن أخذه غم أو تخوف مما عساه أن يتضمنه الوحي من التشديد والوعيد أو للوحي بمعنى اشتد فإن الأصل في الكرب الشدة وتربد وجهه من الغضب إذا تعبس وتغير من الربدة وهو أن يضرب إلى الغبرة . - (حم م) في المناقب (عنه) أي عن عبادة ولم يخرجه البخاري أيضا . 6602 - (كان إذا نزل عليه الوحي) بالمعنى السابق والمراد هنا وفيما مر من الوحي كما ذكره البعض (سمع عند وجهه شئ كدوي النحل) أي سمع من جانب وجهه وجهته صوت خفي كدوي النحل كأن الوحي يؤثر فيهم وينكشف لهم انكشافا غير تام فصاروا كمن يسمع دوي صوت ولا يفهمه أو سمعوه من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من غطيطه وشدة تنفسه عند نزوله ذكره القاضي وكان يأتيه أيضا كصلصلة الجرس في شدة الصوت وهو أشده وكان يأتيه في صورة رجل فيكلمه وهو أخفه قال ابن العربي : وإنما كان الله يقلب عليه الأحوال زيادة في الاعتبار وقوة في الاستبصار . - (حم ت ك عن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي بأن فيه يونس بن سلم قال فيه تلميذه عبد الرزاق أظنه لا شئ انتهى وقال النسائي : حديث منكر وأعله أبو حاتم وابن عدي والعقيلي بيونس المذكور وقال : لم يروه غيره ولا يتابع عليه . 6603 - (كان إذا انصرف من صلاته) أي سلم (استغفر) أي طلب المغفرة من ربه تعالى (ثلاثا) من المرات زاد البزار في روايته ومسح جبهته بيده اليمنى قيل للأوزاعي وهو أحد رواة الحديث كيف الاستغفار قال يقول أستغفر الله أستغفر الله قال الشيخ أبو الحسن الشاذلي استغفاره عقب الفراغ من الصلاة استغفار من رؤية الصلاة (ثم قال) بعد الاستغفار والظاهر أن التراخي المستفاد من ثم غير مراد هنا (اللهم أنت السلام) أي المختص بالتنزه عن النقائض والعيوب لا غيرك (ومنك السلام) أي أن غيرك في معرض النقصان والخوف مفتقر إلى جنابك بأن تؤمنه ولا ملاذ له غيرك فدل على التخصيص بتقدم الخبر على المبتدأ أي وإليك يعود السلام يعني إذا شوهد ظاهرا أن أحدا من غيره فهو بالحقيقة
[ 141 ]
راجع إليك وإلى توفيقك إياه ذكره بعضهم وقال التوربشتي : أرى قوله ومنك السلام واردا مورد البيان لقوله أنت السلام وذلك أن الموصوف بالسلامة فيما يتعارفه الناس لما كان قد وجد بعرضة أنه ممن يصيبه تضرر وهذا لا يتصور في صفاته تعالى ، بين أن وصفه سبحانه بالسلام لا يشبه أوصاف الخلق فإنهم بصدد الافتقار فهو المتعالي عن ذلك فهو السلام الذي يعطي السلامة ويمنعها ويبسطها ويقبضها (تباركت) تعظمت وتمجدت أو حييت بالبركة وأصل الكلمة للدوام والثبات ومن ذلك البركة وبرك البعير ولا تستعمل هذه اللفظة إلا لله تعالى عما تتوهمه الأوهام (يا ذا الجلال والإكرام) . - (حم م 4) في الصلاة (عن ثوبان) مولى المصطفى صلى الله [ ص 111 ] عليه وسلم ولم يخرجه البخاري . 6604 - (كان إذا انصرف) من صلاته بالسلام (انحرف) بجانبه أي مال على شقه الأيمن أو الأيسر فيندب ذلك للإمام والأفضل انتقاله عن يمينا بأن يدخل يمينا في المحراب ويساره إلى الناس على ما ذهب إليه أبو حنيفة أو عكسه على ما عليه الشافعي . - (د عن يزيد) من الزيادة (ابن الأسود) العامري السوائي شهد حنينا كافرا ثم اسلم رمز المصنف لحسنه . 6605 - (كان إذا انكسفت الشمس أو القمر صلى) صلاة الكسوف (حتى ينجلي) وحكى ابن حبان في سيرته ومغلطاي والعراقي أن القمر خسف في السنة الخامسة فصلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف فكانت أول صلاة الكسوف في الإسلام . - (طب عن النعمان بن بشير) رمز المصنف لحسنه . 6606 - (كان إذا اهتم أكثر من مس لحيته) فيعرف بذلك كونه مهموما ، قال البعض : ويجوز كون مسه لها تسليما لله بنفسه وتفويضا لأمره إليه فكأنه موجه نفسه إلى مولاه . - (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن عائشة) ترفعه (أبو نعيم) في الطب أيضا (عن أبي هريرة) قال الزين العراقي : إسناده حسن اه‍ . لكن أورده في الميزان ولسانه في ترجمة سهل مولى المغيرة من حديث أبي هريرة فقال : قال ابن حبان : لا يحتج به يروي عن الزهري العجائب ورواه البزار عن أبي هريرة قال الهيثمي : وفيه رشدين ضعفه الجمهور . 6607 - (كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء) مستغيثا مستعينا متضرعا (وقال سبحان الله العظيم وإذا اجتهد في الدعاء قال يا حي يا قيوم) هو من أبنية المبالغة والقيم معناه القائم بأمور الخلق
[ 142 ]
ومدبرهم ومدبر العالم في جميع أحوالهم ومنه قيم الطفل والقيوم هو القائم بنفسه مطلقا لا بغيره ويقوم به كموجود حتى لا يتصور وجود شئ ولا دوام وجوده إلا به وأخذ الحليمي من الخبر أنه يندب أن يدعو الله بأسمائه الحسنى قال : ولا يدعوه بما لا يخلص ثناء وإن كان في نفسه حقا . - (ت عن أبي هريرة) . 6608 - (كان إذا أوى إلى فراشه) أي دخل فيه قال القاضي : آوى جاء لازما ومتعديا لكن الأكثر في المتعدي المد (قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا) أي دفع عنا شر خلقه (وآوانا) في كن نسكن فيه يقينا الحر والبرد ونحرز فيه متاعنا ونحجب به عيالنا (فكم ممن لا كافي له ولا مؤوى له) أي كثير من خلق الله لا يكفيهم الله شر الأشرار ولا يجعل لهم مسكنا بل تركهم يتأذون في الصحارى بالبرد والحر وقيل معناه كم من منعم عليه لم يعرف قدر نعمة الله فكفر بها . - (حم م 3) كلهم (عن أنس) ولم يخرجه البخاري . 6609 - (كان إذا أوحى إليه وقد) بضم الواو بضبط المصنف أي سكن (لذلك ساعة كهيئة السكران) وهو المعبر عنه [ ص 112 ] بالحال فإن الطبع لا يناسبه فلذلك يشتد عليه وينحرف له مزاج الشخص ثم يسرى عنه فيخبر عنه بما قيل له . - (ابن سعد) في الطبقات (عن عكرمة) مولى ابن عباس (مرسلا) وفي الباب غيره أيضا . 6610 - (كان إذا بايعه الناس يلقنهم فيما استطعت) أي يقول فيما استطعت تلقينا لهم وهذا من كمال شفقته ورأفته بأمته يلقنهم أن يقول أحدهم فيما استطعت لئلا يدخل في عموم بيعته ما لا يطيقه . - (حم عن أنس) بن مالك . 6611 - (كان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم من أول النهار) قال القاضي : البعث مصدر بمعنى المبعوث أي إذا أراد أن يرسل جيشا أرسله في غرة النهار لأنه بورك له ولأمته في البكور كما في الخبر المار . - (د) في الجهاد (ت) في البيوع (ه) في التجارة من حديث عمارة بن حديد (عن صخرة) بن وداعة العامري الأزدي قال الترمذي : ولا يعرف له غيره قال الذهبي : وعمارة هذا لا يعرف .
[ 143 ]
6612 - (كان إذا بعث) أي إذا أرسل (أحدا من أصحابه في بعض أمره قال بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا) أي سهلوا الأمور ولا تنفروا الناس بالتعسير وزعم أن المراد النهي عن تنفير الطير وزجره وكانوا ينفرونه فإن جنح عن اليمين تيمنوا أو الشمال تشاءموا زلل فاحش إذ المبعوث الصحابة كما قيد به ومعاذ الله أن يفعلوا بعد إسلامهم ما كانت الجاهلية تفعله . - (د) في الأدب (عن أبي موسى) ظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وإلا لما عدل لأبي داود وهو ذهول فقد خرجه مسلم في المغازي باللفظ المذكور . 6613 - (كان إذا بعث أميرا) على جيش أو نحو بلدة (قال) فيما يوصيه به (أقصر الخطبة) بالضم فعلة بمعنى مفعول كنسخة بمعنى منسوخ وغرفة بمعنى مغروف (وأقل الكلام فإن من الكلام سحرا) أي نوعا تستمال به القلوب كما تستمال بالسحر وذلك هو السحر الحلال وليس المراد هنا بالخطبة خطبة الصلاة كما هو جلي بل ما كان يعتاده البلغاء الفصحاء من تقديمهم أمام الكلام خطبة بليغة يفتتحونه بها ثم يشرع الخطيب في المقصود بعد ذلك . - (طب) وكذا الخطيب في تاريخه (عن أبي أمامة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الحافظ الهيثمي بأنه من رواية جميع بن ثور وهو متروك . 6614 - (كان إذا بلغه) من البلاغ وهو الانتهاء إلى الغاية (عن الرجل) ذكر الرجل وصف طردي والمراد الإنسان (الشئ) الذي يكرهه (لم يقل فلان يقول) كذا (ولكن) استدراك أفاد أن من شأنه أن لا يشافه أحدا معينا حياء منه بل (يقول) منكرا عليه ذلك (ما بال أقوام) أي ما شأنهم وما حالهم (يقولون كذا وكذا) إإشارة إلى ما أنكر وكان يكني عما اضطره الكلام فما يكره استقباحا للتصريح . - (د عن عائشة) رمز لصحته . 6615 - (كان إذا تضور من الليل) بالتشديد أي تلوى وتقلب ظهرا لبطن (قال لا إله إلا الله الواحد القهار رب السماوات [ ص 113 ] والأرض وما بينهما العزيز الغفار) . - (ن) في عمل اليوم والليلة (ك) في باب
[ 144 ]
الدعاء (وكذا ابن حبان) كلهم عن عائشة ، وقال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال الحافظ العراقي في أماليه : حديث صحيح . 6616 - (كان إذا تعار) بتشديد الراء أي انتبه (من الليل) والتعار الانتباه في الليل مع صوت من نحو تسبيح أو استغفار وهذا حكمة العدول إليه عن التعبير بالانتباه فإن من هب من نومه ذاكرا لله وسأله خيرا أعطاه وإنما يكون ذلك لمن تعود الذكر واستأنس به وغلب عليه وصار حديث نفسه في نومه ويقظته قالوا : وأصل التعار السهر والتقلب على الفراش ثم استعمل فيما ذكر وقد ورد عن الأنبياء أذكار مأثورة منها أنه كان إذا انتبه (قال رب اغفر وارحم واهد للسبيل الأقوم) أي دلني على الطريق الواضح الذي هو أقوم الطرق وأعظمها استقامة وحذف المعمول ليؤذن بالعموم وفيه جواز تسجيع الدعاء إذا خلا عن تكلف وقصد كهذا فينبغي المحافظة على قول الذكر عند الانتباه من النوم ولا يتعين له لفظ لكنه بالمأثور أفضل ومنه ما ذكر في هذا الخبر . - (محمد بن نصر) في كتاب فضل (الصلاة عن أم سلمة) وفي الباب غيرهما أيضا . 6617 - (كان إذا تغدى لم يتعش وإذا تعشى لم يتغد) اجتنابا للشبع وإيثارا للجوع تنزها عن الدنيا وتقويا على العبادة وتقديما للمحتاجين على نفسه كما يدل له خبر البيهقي عن عائشة ما شبع ثلاثة تباعا ولو شاء لشبع لكنه يؤثر على نفسه . قال الغزالي : فيندب للإنسان أن يقتصر في اليوم والليلة على أكلة واحدة وهذا هو الأقل وما جاوز ذلك إسراف ومداومة للشبع وذلك فعل المترفين . تنبيه : قال ابن الحجاج : دعا موسى ربه أن يغنيه عن الناس فأوحى الله إليه يا موسى أما تريد أن أعتق بغدائك رقبة من النار وبعشائك كذلك قال : بلى يا رب فكان يتغدى عند رجل من بني إسرائيل ويتعشى عند آخر وكان ذلك رفعة في حقه ليتعدى النفع إلى عتق من من الله عليه بعتقه من النار . - (حل عن أبي سعيد) الخدري غفل عنه الحافظ العراقي فقال : لم أجد له أصلا وإنما رواه البيهقي في الشعب من فعل أبي حجيفة . 6618 - (كان) قال الكرماني : قال الأصوليون مثل هذا التركيب يشعر بالاستمرار (إذا تكلم بكلمة) أي بجملة مفيدة (أعادها ثلاثا) من المرات وبين المراد بقوله (حتى تفهم) وفي رواية للبخاري ليفهم بمثناة تحتية مضمومة وبكسر الهاء وفي رواية له بفتحها (عنه) أي لتحفظ وتنقل عنه وذلك إما
[ 145 ]
لأن من الحاضرين من يقصر فهمه عن وعيه فيكرره ليفهم ويرسخ في الذهن وإما أن يكون المقول فيه بعض إشكال فيتظاهر بالبيان دفع الشبه وفي المستدرك حتى تعقل عنه بدل حتى تفهم وهذا من شفقته وحسن تعليمه وشدة النصح في تبليغه قال ابن التين : وفيه أن الثلاث غاية ما يقع به الإقرار والبيان (وإذا أتى على قوم) أي وكان إذا قدم على قوم (فسلم عليهم) هو من تتميم الشرط (سلم عليهم) جواب الشرط (ثلاثا) قيل هذا في سلام الاستئذان أما سلام المار فالمعروف فيه عدم التكرار لخبر إذا استأذن أحدكم فليستأذن ثلاثا واعترض بأن تسليم الاستئذان لا يثنى إذا حصل الإذن بالأولى ولا يثلث إذا حصل بالثانية قال الكرماني : والوجه أن معناه كان إذا أتى قوما يسلم تسليمة الاستئذان ثم إذا قعد سلم تسليمة التحية ثم إذا قام سلم تسليمة الوداع وهذه [ ص 114 ] التسليمات كلها مسنونة وكان يواظب عليها وقال ابن حجر : يحتمل أنه كان يفعله إذا خاف عدم سماع كلامه اه‍ وسبقه إليه جمع منهم ابن بطال فقال : يكرره إذا خشي أنه لا يفهم عنه أو لا يسمع أو أراد الإبلاغ في التعليم أو الزجر في الموعظة وقال النووي في الأذكار والرياض : هذا محمول على ما لو كان الجميع كثيرا وفي مسلم عن المقداد : كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن فيجئ من الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان اه‍ وجرى عليه ابن القيم فقال : هذا في السلام على جمع كثير لا يبلغهم سلام واحد فيسلم الثاني والثالث إذا ظن أن الأول لم يحصل به إسماع ولو كان هديه دوام التسليم ثلاثا كان صحبه يسلمون عليه كذلك وكان يسلم على كل من لقيه ثلاثا وإذا دخل بيته سلم ثلاثا ومن تأمل هديه علم أنه ليس كذلك وأن تكرار السلام كان أحيانا لعارض إلى هنا كلامه . - (حم خ) في العلم والاستئذان (ت) في الاستئذان (عن أنس) بن مالك . 6619 - (كان إذا تهجد) أي تجنب الهجود وهو نوم الليل قال الكرماني : يعني ترك النوم للصلاة فإذا لم يصل فليس بتهجد اه‍ . قال أبو شامة : ولعله أراد في عرف الفقهاء أما في أصل اللغة فلا صحة لهذا الاشتراط إإلا أن يثبت أن لفظ تهجد بمعنى ترك الهجود فلم يسمع إلا من جهة الشارع فقط ولم تكن العرب تعرفه وهو بعيد (يسلم بين كل ركعتين) فاستفدنا أن الأفضل في نفل الليل التسليم من كل ركعتين . - (ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن أبي أيوب) الأنصاري وقد رمز المصنف لحسنه . 6620 - (كان إذا توضأ) أي فرغ من الوضوء (أخذ كفا من ماء) وفي رواية بدل كفا حفنة قال القاضي : والحفنة ملء الكفين ولا يكاد يستعمل إلا في الشئ اليابس ذكره الجوهري واستعماله في الماء مجاز (فنضح به فرجه) أي رشه عليه قال التوربشتي : قيل إنما كان يفعله دفعا للوسوسة وقد أجاره الله منها وعصمه من الشيطان لكن فعله تعليما للأمة أو ليرتد البول فإن الماء البارد يقطعه أو يكون النضح بمعنى الغسل كما قال البيضاوي وغيره . - (حم د ن ه ك عن الحكم بن سفيان مرسلا) وهو الثقفي وفي
[ 146 ]
سماعه من المصطفى صلى الله عليه وسلم خلاف قال ابن عبد البر : له حديث واحد في الوضوء مضطرب الإسناد وهو هذا وقال في الميزان : ما له يعني الحكم بن سفيان غيره وقد اضطرب فيه ألوانا . 6621 - (كان إذا توضأ فضل ماء) من ماء الوضوء (حتى يسيله على موضع سجوده) أي من الأرض ويحتمل على بعد أن المراد جبهته . - (طب عن الحسن) بن علي أمير المؤمنين (ع عن الحسين) بن علي قال الهيثمي : إسناده حسن . 6622 - (كان إذا توضأ) زاد في رواية وضوءه للصلاة (حرك خاتمه) زاد في رواية في أصبعه أي عند غسل اليد التي فيها ليصل الماء إلى ما تحته يقينا فيندب ذلك ندبا مؤكدا سيما إن ضاق قال ابن حجر : هذا محمول على ما إذا كان واسعا بحيث يصل الماء إلى ما تحته بالتحريك . - (ه) من حديث معمر بن محمد بن عبيد الله عن أبيه (عن) جده (أبي رافع) مولى المصطفى واسمه أسلم أو إبراهيم أو صالح أو ثابت أو هرمز كان للعباس فوهبه للمصطفى فلما بشره بإسلام العباس أعتقه قال ابن سيد الناس : ومعمر منكر الحديث وقال ابن القيم ومغلطاي وغيرهما : حديث ضعيف ضعفه ابن عدي والدارقطني والبيهقي وعبد الحق وابن القطان وابن طاهر والبغدادي والمقدسي وابن الجوزي وغيرهم ومحمد قال فيه البخاري : منكر الحديث وقال الرازي : ذاهب منكر جدا ومعمر قال ابن معين : ما كان بثقة ولا مأمون ، وقال أبو حاتم عن بعضهم : كذاب [ ص 115 ] وقال ابن حبان : أكثر أحاديثه مقلوبة لا يجوز الاحتجاج به اه‍ . وقال الأرغياني في حاشية مختصر الدارقطني : فيه معمر ليس بثقة وأبوه ضعيف ، وقال الحافظ ابن عبد الهادي وابن حجر : إسناده ضعيف ثم إن من لطائف إسناده أنه من رواية رجل عن أبيه عن جده ، وعبيد الله تابعي جليل خرج له جماعة وكان كاتبا لعلي رضي الله عنه . 6623 - (كان إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه) تثنية مرفق بكسر الميم وفتح الفاء العظم الناتئ في آخر الذراع مسي بذلك لأنه يرتفق به في الاتكاء وفيه أنه يجب إدخال المرفقين في غسل اليدين وهو مذهب الأربعة وقال زفر وداود : لا يجب والحديث حجة عليهما . قال الحافظ : يمكن أن يستدل لدخول المرفقين في الغسل بفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم . هذا والحديث وإن كان ضعيفا لكن يقويه ما في الدارقطني بإسناد حسن من حديث عثمان في صفة الوضوء فغسل يديه إلى المرفقين حتى مس أطراف العضدين ، وفي البزار والطبراني وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفق . - (قط) من حديث القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبيه عن جده (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وقال ابن جماعة وابن الملقن وابن حجر : ضعيف ، وقال الذهبي : القاسم متروك وسبقه لذلك أبو حاتم وقال أبو زرعة : منكر الحديث ، وقال الولي العراقي : حديث ضعيف لضعف القاسم عند الجمهور ولضعف جده عبد الله
[ 147 ]
عند بعضهم وقال ابن حجر : ولا التفات لذكر ابن حبان للقاسم في الثقات وقد صرح بضعف هذا الحديث المنذري وابن الجوزي وابن الصلاح والنووي وغيرهم . إلى هنا كلام الحافظ . وقال الأرغياني في مختصر الدارقطني كما رأيته بخطه : فيه القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل متروك قاله أبو حاتم وغيره . وقال أحمد : ليس بشئ . وقال الذهبي : هو عبد الله بن محمد نسب إلى جده وعبد الله هذا أيضا فيه مقال اه‍ . وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه استرواح . 6624 - (كان إذا توضأ خلل لحيته بالماء) أي أدخل الماء في خلالها بأصابعه الشريفة . وفيه ندب تخليل اللحية الكثة فإن لحيته الشريفة كانت كثة ومثلها كل شعر لا يجب غسل باطنه قال ابن القيم : ولم يكن يواظب على التخليل . - (حم ك عن عائشة) وصححه الحاكم (ت ك عن عثمان) بن عفان ، وقال الترمذي : حسن صحيح عنه (ت ك عن عمار) بن ياسر (ك عن بلال) المؤذن (ه ك عن أنس) بن مالك (طب عن أبي أمامة) الباهلي (وعن أبي الدرداء وعن أم سلمة طس عن ابن عمر) بن الخطاب . قال الهيثمي : بعض هذه الطرق رجاله موثقون وفي البعض مقال اه‍ . وأشار المصنف باستيعاب مخرجيه إلى رد قول أحمد وأبي زرعة لا يثبت في تخليل اللحية حديث . 6625 - (كان إذا توضأ أخذ كفا) بفتح الكاف أي غرفة (من ماء) وفي رواية غرفة من ماء (فأدخله تحت حنكه فخلل به لحيته وقال الترمذي هكذا أمرني ربي) أن أخللها . قال الكمال ابن الهمام : طرق هذا الحديث متكثرة عن أكثر من عشرة من الصحابة لو كان كل منهم ضعيفا ثبت حجية المجموع فكيف وبعضها لا ينزل عن الحسن فوجب اعتبارها إلا أن البخاري يقول لم يثبت منها المواظبة بل مجرد الفعل إلا في شذوذ من الطرق فكان مستحبا لا سنة ، لكن ما في هذا الحديث من قوله بهذا أمرني ربي لم يثبت ضعفه وهو مغن عن نقل صريح المواظبة لأن أمره تعالى حامل عليها فيترجح [ ص 116 ] القول بسنيته اه‍ . وأما قول أحمد وأبي حاتم لا يصح في تخليل اللحية شئ فمرادهما به أن أحاديثه ليس شئ منها يرتقي إلى درجة الصحة بذاته لا أنه لم يثبت فيه شئ يحتج به أصلا . - (د) في الوضوء كلاهما (عن أنس) بن مالك قال في المنار : فيه الوليد بن ذروان مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث لكن له سند حسن رواه به محمد بن يحيى الذهلي في العلل اه‍ . قال في الإلمام : ودعواه جهالة الوليد على طريقته من طلب التعديل من رواية جماعة عن الراوي وقد روى عن الوليد هذا جمع من أهل العلم .
[ 148 ]
6626 - (كان إذا توضأ عرك عارضيه بعض العر ك) يعني عركا خفيفا (ثم شبك) وفي رواية وشبك بالواو (لحيته بأصابعه) أي أدخل أصابعه مبلولة فيها (من تحتها) وهذه هي الكيفية المحبوبة في تخليل اللحية قيل والعارض من اللحية ما نبت على عرض اللحى فوق الذقن وقيل عارضا الإنسان صفحتا خذه كذا في الفائق قال ابن الكمال : وقول ابن المعتز : كأن خط عذار شق عارضه * عيدان آس على ورد ونسرين يدل على صحة الثاني وفساد الأول وكأنه قائله لم يفرق بين العذار والعارض . - (ه) وكذا الدارقطني والبيهقي (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عندهم عبد الواحد بن قيس قال يحيى : شبه لا شئ ، وقال البخاري : كان الحسن بن ذكوان يحدث عنه بعجائب ثم أورد له أخبارا هذا منها ، وفيه رد على ابن السكن تصحيحه له ، وقال عبد الحق تبعا للدارقطني : الصحيح أنه فعل ابن عمر غير مرفوع ، وقال ابن القطان : وبعد ذلك هو معلول بعبد الواحد بن قيس راويه عن نافع عن ابن عمر فهو ضعيف اه‍ . وقال ابن حجر : إسناده إسناد ضعيف . 6627 - (كان إذا توضأ صلى ركعتين ثم خرج إلى الصلاة) أي بالمسجد مع الجماعة وفيه ندب ركعتين سنة الوضوء وأن الأفضل فعلهما في بيته قبل إتيان المسجد تنبيه : قال الكمال : هذه الأحاديث وما أشبهها تفيد المواظبة لأنهم إنما يحكمون وضوء الذي هو دأبه وعادته . - (ه عن عائشة) أم المؤمنين . 6628 - (كان إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره) أي بخنصر إحدى يديه والظاهر أنها اليسرى قال ابن القيم : هذا إن ثبت عنه فإنما فعله أحيانا ولهذا لم يروه الذين اعتنوا بضبط وضوئه كعلي وعثمان وغيرهما . - (د ت ه) كلهم في الوضوء (عن المستورد) بن شداد واللفظ لأبي داود وقال الترمذي : حسن غريب قال اليعمري : يشير بالغرابة إلى تفرد ابن لهيعة به عن يزيد بن عمرو وبابن لهيعة صار حسنا وليس بغريب وهذا ليس بحسن فقد رواه عن يزيد كرواية ابن لهيعة الليث ابن سعد وعمرو بن الحارث وناهيك بهما جلالة ونبلا فالحديث إذن صحيح مشهور . 6629 - (كان إذا توضأ مسح وجهه بطرف ثوبه) فيه أن تنشيف ماء الوضوء غير مكروه أي إذا كان لحاجة فلا يعارض ما ورد في حديث آخر أنه رد منديلا جئ به إليه لذلك وذهب بعض الشافعية إلى أن الأولى عدمه بطرف ثوبه وأجاب عن هذا الحديث بأنه فعله بيانا للجواز . فائدة : قال الكمال ابن الهمام : جميع من روى وضوءه عليه الصلاة والسلام قولا وفعلا اثنان وعشرون نفرا ثم ذكرهم وهم عبد الله بن زيد فعلا وعثمان وابن عباس والمغيرة وعلي الكل فعلا
[ 149 ]
والمقدام بن معد يكرب قولا وأبو مالك الأشعري فعلا وأبو بكر قولا وأبو هريرة قولا وواثل بن حجر قولا وجبير بن نصير وأبو أمامة وأبو أيوب الأنصاري وكعب بن عمر اليماني وعبد الله بن أبي أوفى قولا والبراء [ ص 117 ] ابن عازب فعلا وأبو كامل قيس بن عائذ فعلا والربيع بن معوذ قولا وعائشة فعلا وعبد الله بن أبي أنيس فعلا وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وليس في شئ منها ذكر التسمية إلا في حديث ضعيف ورواه الدارقطني عن عائشة . - (ت عن معاذ) بن جبل وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله حديث غريب وسنده ضعيف فيه رشدين عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهما ضعيفان انتهى . وقال الطبراني : لا يروى عن معاذ إلا بهذا الإسناد انتهى . لكن قول الترمذي أنه لا يصح فيه شئ رده مغلطاي بخبر فيه عن أم هانئ . 6630 - (كان إذا تلا قوله) تعالى (غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال) في صلاته عقب الفاتحة (آمين) بقصر أو مد وهو أفصح مع تخفيف الميم فيهما : أي استجب ويقولها رافعا بها صوته قليلا (حتى يسمع) بضم أوله بضبط المصنف أي في الجهرية (من يليه من الصف الأول) وفيه أنه يسن للإمام بعد الفاتحة في الصلاة آمين وأنه يجهر بها في الجهرية ويقارن المأموم تأمين إمامه . - (د عن أبي هريرة) أشار المصنف لحسنه وليس كما ادعى فقد رده عبد الحق وغيره بأن فيه بشر بن رافع الحارثي ضعيف وقال ابن القطان : وبشر يرويه عن أبي عبد الله بن عم أبي هريرة وهو لا يعرف حاله والحديث لا يصح من أجله انتهى . 6631 - (كان إذا جاء الشتاء دخل البيت ليلة الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة) يحتمل أن المراد بيت الاعتكاف ويحتمل أن المراد بالبيت الكعبة (وإذا لبس ثوبا جديدا حمد الله) أي قال اللهم لك الحمد كما كسوتنيه إلى آخر ما ورد عنه في الحديث المتقدم (وصلى ركعتين) أي عقب لبسه شكر لله تعالى على هذه النعمة (وكسى) الثوب (الخلق) بفتح اللام بضبط المصنف أي كسى الثوب البالي لغيره من الفقراء ونحوهم صدقة عنه ففيه أن لابس الثوب الجديد يسن له ثلاثة أشياء حمد الله تعالى والأكمل بلفظ الوارد وصلاة ركعتين أي بحيث ينسبان للبسه عرفا والتصدق بالثوب الخلق . قال في المصباح : خلق الثوب بالضم إذا بلي فهو خلق بفتحتين وأخلق الثوب بالألف لغة وأخلقته يكون الرباعي لازما ومتعديا . - (خط) في ترجمة الربيع حاجب المنصور (وابن عساكر) في تاريخه كلاهما (عن ابن عباس) وهو من رواية الربيع المذكور عن الخليفة المنصور عن أبيه عن جده وبه عرف حال السند .
[ 150 ]
6632 - (كان إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم) أي شرع في قراءتها (علم) بذلك (أنها سورة) أي أنه نزل عليه بافتتاح سورة من القرآن لكون البسملة أول كل سورة من القرآن حتى براءة كما قال ابن عربي قال : لكن بسملتها نقلت إلى النمل فإن الحق تعالى إذا وهب شيئا لم يرجع فيه ولا يرده إلى العدم فلما خرجت رجمته براءة وهي البسملة بحكم التبرئ من أهلها برفع الرحمة عنهم وقف الملك بها لا يدري أين يضعها لأن كل أمة من الأمم الإنسانية قد أخذت برحمتها بإيمانها بنبيها فقال أعطوا هذه البسملة للبهائم التي آمنت بسليمان وهي لا يلزمها إيمان إلا برسولها فلما عرفت قدر سليمان وآمنت به أعطيت من الرحمة الإنسانية حظا وهو البسملة التي سلبت عن المشركين فائدة : في تذكرة المقريزي عن الميانشي أنه صلى خلف المازري فسمعه يبسمل فقال له أنت اليوم إمام في مذهب مالك فكيف تبسمل فقال قول واحد في مذهب مالك أن من قرأها في الفريضة لا تبطل صلاته وقول واحد في مذهب الشافعي أن من لم يقرأ بها بطلت صلاته فأنا أفعل ما لا [ ص 118 ] تبطل به صلاتي في مذهب إمامي وتبطل بتركه في مذهب الغير لكي أخرج من الخلاف . - (ك) في الصلاة عن معتمر عن مثنى بن الصلاح عن عمرو بن دينار عن سعيد (عن ابن عباس) وقال : صحيح فتعقبه الذهبي بأن مثنى متروك كما قاله النسائي . 6633 - (كان إذا جاءه مال) من فئ أو غنيمة أو خراج (لم يبيته ولم يقيله) أي إن جاءه آخر النهار لم يمسكه إلى الليل أو أوله لم يمسكه إلى القائلة بل يعجل قسمته وكان هديه يدعو إلى تعجيل الإحسان والصدقة والمعروف ولذلك كان أشرح الخلق صدرا وأطيبهم نفسا وأنعمهم قلبا فإن للصدقة والبذل تأثيرا عجيبا في شرح الصدر . - (هق خط عن) أبي محمد (الحسن بن محمد بن علي مرسلا) . 6634 - - (كان إذا جاءه) لفظ رواية الحاكم أتاه (أمر) أي أمر عظيم كما يفيده التنكير (يسر به خر ساجدا شكرا لله) أي سقط على الفور هاويا إلى إيقاع سجدة لشكر الله تعالى على ما أحدث له من السرور ومن ثم ندب سجود الشكر عند حصول نعمة واندفاع نعمة والسجود أقصى حالة العبد في التواضع لربه وهو أن يضع مكارم وجهه بالأرض وينكس جوارحه وهكذا يليق بالمؤمن كلما زاده ربه محبوبا ازداد له تذللا وافتقارا فيه ترتبط النعمة ويجتلب المزيد * (لئن شكرتم لأزيدنكم) * والمصطفى صلى الله عليه وسلم أشكر الخلق للحق لعظم يقينه فكان يفزع إلى السجود وفيه حجة للشافعي في ندب سجود الشكر عند حدوث سرور أو دفع بلية ورد على أبي حنيفة في عدم ندبه وقوله لو ألزم العبد
[ 151 ]
بالسجود لكل نعمة متجددة كان عليه أن لا يغفل عن السجود طرفة عين فإن أعظم النعم نعمة الحياة وهي متجددة بتجديد الأنفاس رد بأن المراد سرور يحصل عند هجوم نعمة ينتظر أن يفجأ بها مما يندر وقوعه ومن ثم قيدها في الحديث بالمجئ على الاستعارة ومن ثم نكر أمر للتفخيم والتعظيم كما مر . - (د ه ك) في الصلاة من حديث بكار بن عبد العزيز ابن أبي بكرة عن أبيه (عن) جده (أبي بكرة) قال الحاكم : وبكار صدوق وللخبر شواهد وقال عبد الحق : فيه بكار وليس بقوي قال ابن القطان : لكنه مشهور مستور وقد عهد قبول المستورين وقول ابن معين ليس بشئ أراد به قلة حديثه قال : نعم الخبر معدول بأبيه عبد العزيز فإنه لا يعرف حاله اه‍ . وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة إلا هذين والأمر بخلافه فقد أخرجه الترمذي آخر الجهاد وقال : حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه . 6635 - (كان إذا جرى به الضحك) أي غلبه (وضع يده على فيه) حتى لا يبدو شئ من باطن فمه وحتى لا يقهقه وهذا كان نادرا وأما في أغلب أحواله فكان لا يضحك إلا تبسما - (البغوي) في معجمه (عن والد مرة) الثقفي . 6636 - (كان إذا جلس مجلسا) أي قعد مع أصحابه يتحدث (فأراد أن يقوم) منه (استغفر) الله تعالى أي طلب منه الغفر أي الستر (عشرا) من المرات (إلى خمس عشرة) بأن يقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه كما ورد تعيينه في خبر آخر فتارة يكررها عشرا وتارة يزيد إلى خمس عشرة وهذه تسمى كفارة المجلس أي أنها ماحية لما يقع فيه من اللغط وكان عليه الصلاة والسلام يقولها تعليما للأمة وتشريعا وحاشا مجلسه من وقوع اللغط . (تنبيه) أخرج النسائي في اليوم والليلة عن عائشة قالت : ما جلس رسول اله صلى الله عليه وسلم مجلسا ولا تلا قرآنا ولا صلى إلا ختم ذلك بكلمات فقلت : يا رسول الله أراك ما تجلس مجلسا ولا تتلو قرآنا ولا تصلي صلاة إلا ختمت [ ص 119 ] بهؤلاء الكلمات قال نعم من قال خيرا كن طابعا له على ذلك الخير ومن قال شرا كانت كفارة له " سبحانك وبحمدك لا إلا إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك " . - (ابن السني عن أبي أمامة) الباهلي . 6637 - (كان إذا جلس) لفظ رواية أبي داود في المسجد ولفظ البيهقي في مجلس وإغفال المصنف لفظه مع ثبوته في الحديث المروي بعينه غير مرضي (احتبى يديه) زاد البزار ونصب ركبتيه أي جمع ساقيه إلى بطنه مع ظهره بيديه عوضا عن جمعهما بالثوب وفي حديث أن الاحتباء حيطان العرب أي ليس في البراري حيطان فإذا أرادوا الاستناد احتبوا لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط ويصير لهم كالجدار ، وفيه أن الاحتباء غير منهي عنه وهذا مخصص بما عدا الصبح وبما عدا يوم الجمعة والإمام يخطب للنهي عنه أيضا في حديث جابر بن سمرة : الاحتباء مجلبة للنوم فيفوته سماع الخطيب وربما
[ 152 ]
ينتقض وضوءه لما في أبي داود بسند صحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الفجر تربع في مجلسه حتى تطلع الشمس حسناء أي بيضاء نقية قال الحافظ ابن حجر : ويستثنى أيضا من الاحتباء باليدين ما لو كان بالمسجد ينتظر الصلاة فاحتبى بيده فينبغي أن يمسك أحدهما بالأخرى كما وقعت الإشارة إليه في هذا الحديث من وضع إحداهما على رسغ الأخرى ولا يشبك بين أصابعه في هذه الحالة لورود النهي عنه عند أحمد بسند لا بأس به ذكره ابن حجر . - (د) وكذا الترمذي في الشمائل (هق) كلاهما من حديث عبد الله بن إبراهيم الغفاري عن إسحاق الأنصاري عن ربيح بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده (عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه ثم تعقبه أبو داود بأن الغفاري منكر الحديث وتعقبه أيضا الذهبي في المهذب بأنه ليس بثقة والصدر المناوي بأن ربيح قال أحمد غير معروف ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف إسناده وبه تبين أن رمز المصنف لحسنه غير حسن بل وإن لم يحسنه فاقتصاره على عزوه لمخرجه مع سكوته عما عقبه به من بيان الفادح من سوء التصرف . 6638 - (كان إذا جلس يتحدث يكثر أن يرفع طرفه إلى السماء) انتظارا لما يوحى إليه وشوقا إلى الرفيق الأعلى ذكره الطيبي وقوله جلس يتحدث خرج به حالة الصلاة فإنه كان يرفع بصره فيها إلى السماء أولا حتى نزلت آية الخشوع في الصلاة فتركه فإن قلت : ينافيه أيضا ما ورد في عدة أخبار أن نظره إلى الأرض كان أكثر من نظره إلى السماء قلت : يمكن الجواب بأن ذلك مختلف باختلاف الأحوال والأوقات فإذا كان مترقبا لنزول الوحي عليه متوقعا هبوط الملك إليه نظر إلى جهته شوقا إلى وصول كلام ربه إليه واستعجالا ومبادرة لتنفيذ أوامره وكان في غير هذه الحالة نظره إلى الأرض أطول . - (د) في الأدب (عن عبد الله بن سلام) بالفتح والتخفيف ورواه عنه أيضا البيهقي في دلائل النبوة ورمز المصنف لحسنه وفي طريقيه محمد بن إسحاق . 6639 - (كان إذا جلس يتحدث يخلع نعليه) أي ينزعهما فلا يلبسهما حتى يقوم وتمام الحديث عند مخرجه البيهقي فخلعهما يوما وجلس يتحدث فلما انقضى حديثه قال لغلام من الأنصار : يا بني ناولني نعلي فقال : دعني أنا أنعلك قال : شأنك فافعله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إن عبدك يستحبب إليك فأحبه اه‍ . - (هب عن أنس) وفيه الخصر بن أبان الكوفي قال الذهبي : ضعفه الحاكم وجعفر بن سليمان ضعفه القطان وفي الكاشف ثقة فيه شئ . 6640 - (كان إذا جلس) يتحدث (جلس إليه أصحابه حلقا حلقا) بفتحتين على غير قياس واحده حلقة بالسكون والحلقة [ ص 120 ] القوم الذين يجتمعون متدبرين وذلك لاستفادة ما يلقيه من العلوم ويبثه
[ 153 ]
من أحكام الشريعة وتعليم الأمة ما ينفعهم في الدارين . - (البزار) في مسنده (عن قرة بن إياس) سكوت المصنف على هذا الحديث غير جيد فقد قال الحافظ الهيثمي وغيره : فيه سعيد بن سلام كذبه أحمد اه‍ . 6641 - (كان إذا حزبه) بحاء مهملة وزاي فموحدة مفتوحة (أمر) أي هجم عليه أو غلبه أو نزل به هم أو غم وفي رواية حزنه بنون أي أوقعه في الحزن يقال حزنني الأمر وأحزنني الأمر فأنا محزون ولا يقال محزن ذكره ابن الأثير (صلى) لأن الصلاة معينة على دفع جميع النوائب بإعانة الخالق الذي قصد بها الإقبال عليه والتقرب إليه فمن أقبل بها على مولاه حاطه وكفاه لإعراضه عن كل ما سواه وذلك شأن كل كبير في حق من أقبل بكليته عليه . - (حم د عن حذيفة) بن اليمان وسكت عليه أبو داود . 6642 - (كان إذا حزبه) بضبط ما قبله (أمر قال) مستعينا على دفعه (لا إله إلا الله الحليم) الذي يؤخر العقوبة مع القدرة (الكريم) الذي يعطي النوال بلا سؤال (سبحان الله رب العرش العظيم) الذي لا يعظم عليه شئ (الحمد لله رب العالمين) وصف العرش بوصف مالكه ، فإن قيل هذا ذكر وليس بدعاء لإزالة حزن أو كرب ، فالجواب أن الذكر يستفتح به الدعاء أو يقال كان يذكر هذه الكلمات بنية الحاجة وذا كاف عن إظهاره لأن المذكور علام الغيوب وقد قال سبحانه من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وقال ابن أبي الصلت في مدح ابن جذعان : أأذكر حاجتي أم قد كفاني * حباؤك إن شيمتك الحباء إذا أثنى عليك المرء يوما * كفاه من تعرضك الثناء فائدة : أخرج النسائي عن الحسن بن الحسن بن علي أن سبب هذا أنه لما زوج عبد الله بن جعفر بنته قال لها : إن نزل بك أمر فاستقبليه بأن تقولي لا إله إلا الله إلى آخر ما ذكر فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يقوله قال الحسن : فأرسل إلي الحجاج فقلتهن فقال : والله لقد أرسلت إليك وأنا أريد قتلك فأنت اليوم أحب إلي من كذا وكذا فسل حاجتك . - (حم عن عبد الله بن جعفر) وهو في مسلم بنحوه من حديث ابن عباس رمز لحسنه . 6643 - (كان إذا حلف على يمين) واحتاج إلى فعل المحلوف عليه (لا يحنث) أي لا يفعل ذلك المحلوف عليه وإن احتاجه (حتى نزلت كفارة اليمين) أي الآية المتضمنة مشروعية الكفارة وتمامه عند الحاكم فقال : لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا كفرت عن يميني ثم أتيت الذي هو خير اه‍ . فإغفال المصنف له غير سديد . - (ك) في كتاب الإيمان (عن عائشة) وقال : على شرطهما وأقره الذهبي .
[ 154 ]
6644 - (كان إذا حلف قال والذي نفس محمد بيده) أي بقدرته وتصريفه وفيه جواز تأكيد اليمين بما ذكر أي إذا عظم المحلوف عليه وإن لم يطلب ذلك المخاطب وقد سبق هذا غير مرة . - (ه عن رفاعة) بكسر الراء ابن عرابة بفتح المهملة وموحدة (الجهني) حجازي أو مدني صحابي روى عنه عطاء بن يسار رمز لحسنه . 6645 - (كان إذا حم) أي أخذته الحمى التي هي حرارة بين الجلد واللحم (دعا بقربة من ماء فأفرغها على قرنه فاغتسل) بها وذلك نافع في فصل الصيف في البلاد الحارة في الغب العرضية أو الغير الخالصة التي لا ورم فيها ولا شئ من الأعراض الرديئة والمراد الفاسدة فيطفئها بإذن الله إذا كان الفاعل لذلك من أهل الصدق واليقين وأكابر المتقين . - (طب ك) في الطب وكذا البزار (عن سمرة) بن جندب قال الحاكم : صحيح وأقره عليه الذهبي لكن قال ابن حجر في الفتح بعد ما عزاه للبزار والحاكم وأنه صححه : في سنده راو ضعيف وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه إسماعيل بن مسلم وهو متروك . 6646 - (كان إذا خاف قوما) أي شر قوم (قال) في دعائه (اللهم إنا نجعلك في نحورهم) أي في إزاء صدورهم لتدفع عنا صدورهم وتحول بيننا وبينهم تقول جعلت فلانا في نحر العدو إذا جعلته قبالته وترسا يقاتل عنك ويحول بينه وبينك ذكره القاضي (ونعوذ بك من شرورهم) خص النحر لأنه أسرع وأقوى في الدفع والتمكن من المدفوع والعدو إنما يستقبل بنحره عن المناهضة للقتال أو للتفاؤل بنحرهم أو قتلهم والمراد نسألك أن تصد صدورهم وتدفع شرورهم وتكفينا أمورهم وتحول بيننا وبينهم . - (حم د) في الصلاة (ك) في الجهاد (هق) كلهم (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا النسائي في اليوم والليلة قال النووي : في الأذكار والرياض : أسانيده صحيحة قال الحافظ العراقي : سنده صحيح . 6647 - (كان إذا خاف أن يصيب شيئا بعينه) يعني كان إذا أعجبه شئ (قال اللهم بارك فيه ولا تضره) الظاهر أن هذا الخوف وهذا القول إنما كان يظهره في قالب التشريع للأمة وإلا فعينه الشريفة
[ 155 ]
إنما تصيب بالخير الدائم والفلاح والإسعاد والنجاح فطوبى لمن أصابه ناظره وهنيئا لمن وقع عليه باصره . - (ابن السني عن سعيد بن حكيم) ابن معاوية بن حيدة القشيري البصري أخو بهز تابعي صدوق . 6648 - (كان إذا خرج من الغائط) في الأصل الأرض المنخفضة ثم سمي به محل قضاء الحاجة (قال) عقب خروجه بحيث ينسب إليه عرفا فيما يظهر (غفرانك) منصور بإضمار أطلب أي أسألك أن تغفر لي وأسألك غفرانك الذي يليق إضافته إليك لما له من الكمال والجلال عما قصرت فيه من ترك الذكر حال القعود على الخلاء . قال النووي : والمراد بغفران الذنب إزالته وإسقاطه فيندب لمن قضى حاجته أن يقول غفرانك سواء كان في صحراء أم بنيان وظاهر الحديث أنه يقوله مرة وقال القاضي وغيره : مرتين وقال المحب الطبري : ثلاثا فإن قيل : ترك الذكر على الخلاء مأمور به فلا حاجة للاستغفار من تركه قلت : فالجواب أن سببه من قبله فالأمر بالاستغفار مما تسبب فيه أو أنه سأل المغفرة لعجزه عن شكر النعمة حيث أطعمه ثم هضمه ثم جلب منفعته ودفع مضرته وسهل خروجه فرأى شكره قاصرا عن بلوغ هذه النعم ففزع إلى الاستغفار وقال الحرالي : والغفران فعلان صيغة مبالغة تعطى الملاءة ليكون غفرا للظاهر والباطن لما أودعته لأنفس التي هي مظهر حكمة الله التي هي موقع مجموع الغفران والعذاب وقال القاضي : غفرانك بمعنى المغفرة [ ص 122 ] ونصبه بأنه مفعول به والتقدير أسألك غفرانك ووجه تعقيب الخروج أنه كان مشغولا بما يمنعه من الذكر وما هو نتيجة إسراعه إلى الطعام واشتغاله بقضاء الشهوات هذا قصارى ما وجهوا به هذا الحديث وشبهه وهو من التوجيهات الاقناعية والرأي الفصل ما أشار إليه بعض العارفين أن سر ذلك أن النجو يثقل البدن ويؤذيه باحتباسه والذنوب تثقل القلب وتؤذيه باحتباسها فيه فهما مؤذيان مضران بالبدن والقلب فحمد الله عند خروجه لخلاصه من هذه المؤذي لبدنه وخفة البدن وراحته وسأله أن يخلصه من المؤذي الآخر فيريح قلبه منه ويخففه وإسرار كلماته وأدعيته فوق ما يخطر بالبال . - (حم 4 حب ك) وكذا البخاري في الأدب المفرد وعنه رواه الترمذي ووهم ابن سيد الناس حيث قال : هو أبو إسماعيل الترمذي (عن عائشة) وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود والنووي في مجموعه وأما قول الترمذي غريب لا نعرفه إلا من حديث عائشة هذا أي لا يعرف من وجه صحيح إلا من حديثها وغيره من أذكار الخروج ضعيف كما يجئ فاعتراض مغلطاي عليه ليس في محله ورواه البيهقي بزيادة ربنا وإليك المصير وقال : الأشبه أنه لا أصل لهذه الزيادة . 6649 - (كان إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي أذهب عني الأذى) بهضمه وتسهيل خروجه (وعافاني) منه وفي رواية الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني وأمسك علي ما ينفعني وفي أخرى الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى علي قوته وأذهب عني أذاه أي من احتباس ما يؤذي بدني
[ 156 ]
ويضعف قواي على ما تقرر فيما قبله . - (ه عن أنس) بن مالك (ن عن أبي ذر) قال ابن محمود شارح أبي داود : في حديث ابن ماجه هذا إسماعيل بن مسلم المكي تركوه . وفي النسائي : إسناده مضطرب غير قوي وقال الدارقطني : حديث غير محفوظ وقال المنذري : ضعيف وقال مغلطاي في شرح ابن ماجه : حديث ضعيف لضعف رواته ومنهم إسماعيل منكر الحديث قال المديني : أجمعوا على تركه وقال الفلاس : إنما يحدث عنه من لا يبصر الرجال ولا معرفة له بهم . 6650 - (كان إذا خرج من الغائط قال الحمد لله الذي أحسن إلي في أوله وآخره) أي في تناول الغذاء أولا فاغتذى البدن مما صلح منه ثم بإخراج الفضلة ثانيا فله الحمد في الأولى والآخرة وهذا وضحه خبر كان إذا خرج قال الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته وأذهب عني أذاه لكنه ضعيف . (ابن السني) في عمل اليوم والليلة (عن أنس) قال الولي العراقي : فيه عبد الله بن محمد العدوي وهو ضعيف وجزم المنذري أيضا بضعفه فقال : هذا وما قبله أحاديث كلها ضعيفة ولهذا قال أبو حاتم : أصح ما في هذا الباب حديث عائشة السابق . 6651 - (كان إذا خرج من بيته قال بسم الله) زاد الغزالي في الإحياء الرحمن الرحيم واعترض (التكلان على الله) بضم التاء الاعتماد عليه (لا حول ولا قوة إلا بالله) أي لا حيلة ولا قوة إلا بتيسيره وإقداره ومشيئته . - (ه ك وابن السني) كلهم (عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد قال الحافظ العراقي فيه ضعف . [ ص 123 ] 6652 - (كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله) أي اعتمدت عليه في جميع أموري (اللهم إنا نعوذ بك من أن نزل) بفتح أوله وكسر الزاي بضبط المصنف من الزلل الاسترسال من غير قصد ويقال زلت رجله نزل إذا زلق والزلة الزلقة وقيل الذنب بغير قصد له زلة تشبيها بزلة الرجل . قال الطيبي : والأولى حمله على الاسترسال إلى الذنب ليزدوج مع قوله (أو فضل) بفتح النون وكسر الضاد بضبطه عن الحق من الضلالة (أو نظلم) بفتح النون وكسر اللام (أو نظلم) بضم النون وفتح اللام (أو نجهل) بفتح النون على بناء المعلوم أي أمور الدين (أو يجهل) بضم الياء بضبطه (علينا) أي ما يفعل الناس بنا من إيصال الضرر إلينا قال الطيبي : من خرج من منزله لا بد أن يعاشر الناس ويزاول الأمور فيخاف العدل عن الصراط المستقيم فأما في الدين فلا يخلو أن يضل أو يضل وأما في الدنيا فإما سبب
[ 157 ]
التعامل معهم بأن يظلم أو يظلم وإما بسبب الخلطة والصحبة فإما أن يجهل أو يجهل عليه فاستعاذ من ذلك كله بلفظ وجيز ومتن رشيق مراعيا للمطابقة المعنوية والمشاكلة اللفظية كقوله : ألا لا يجهلن أحد علينا * فنجهل فوق جهل الجاهلين (ت) في الدعوات (وابن السني) كلاهما (عن أم سلمة) ورواه عنها أيضا النسائي في الاستعاذة ، لكن ليس في لفظه توكلت على الله ، وقال الترمذي : حسن صحيح غريب ، وقال في الرياض : حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وغيرهما بأسانيد صحيحة . 6653 - (كان إذا خرج من بيته قال بسم الله رب أعوذ بك من أن أزل أو أضل) بفتح فكسر فيهما وفي رواية أعوذ بك أن أزل أو أزل أو أضل أو أضل بفتح الأول فيهما مبني للفاعل والثاني للمفعول وهو المناسب لقوله (أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي) أي أفعل بالناس فعل الجهال من الإيذاء والإضلال ويحتمل أن يراد بقوله أجهل أو يجهل علي الحال الذي كانت العرب عليها قبل الإسلام من الجهل بالشرائع والتفاخر بالأنساب والتعاظم بالأحساب والكبرياء والبغي ونحوها . - (حم ن ه ك) في الدعاء وصححه (عن أم سلمة) ورواه عنها أيضا الترمذي وقال : حسن صحيح (زاد ابن عساكر) في روايته في تاريخه (أو أن أبغي أو أن يبغى علي) أي أفعل بالناس فعل أهل البغي من الإيذاء والجور والإضرار . 6654 - (كان إذا خرج يوم العيد) أي عيد الفطر أو الأضحى (في طريق رجع في غيره) مما هو أقصر منه فيذهب في أطولهما تكثيرا للأجر ويرجع في أقصرهما ليشتغل بهم آخر وقيل خالف بينهما ليشمل الطريقين ببركته وبركة من معه من المؤمنين أو ليستفتيه أهلهما أو ليشيع ذكر الله فيهما أو ليتحرز عن كيد الكفار وتفاؤلهم بأن يقولوا رجع على عقبيه أو لاعتياده أخذ ذات اليمين حيث عرض له سبيلان أو لغير ذلك . - (ت ك عن أبي هريرة) . 6655 - (كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أعوذ بك أن أضل [ ص 124 ] أو أضل أو أزل أو أزل أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل علي أو أبغي أو يبغى
[ 158 ]
علي) قال الطيبي : فإذ استعاذ العبد بالله باسمه المبارك فإنه يهديه ويرشده ويعينه في الأمور الدينية وإذا توكل على الله وفوض أمره إليه كفاه فيكون حسبه * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * ومن قال لا حول ولا قوة إلا بالله كفاه الله شر الشيطان . - (طب عن بريدة) بن الحصيب . 6656 - (كان إذا خطب) أي وعظ وأصل الخطب المراجعة في الكلام (احمرت عليناه وعلا صوته) أي رفع صوته ليؤثر وعظه في خواطر الحاضرين (واشتد غضبه) لله تعالى على من خالف زواجره قال عياض : يعني بشدة غضبه أن صفته صفة الغضبان قال : وهذا شأن المنذر المخوف ويحتمل أنه لنهي خولف فيه شرعه وهكذا يكون صفة الواعظ مطابقة لما يتكلم به (حتى كأنه منذر جيش) أي كمن ينذر قوما من جيش عظيم قصدوا الإغارة عليهم فإن المنذر المعلم الذي يعرف القوم بما يكون قد دهمهم من عدو أو غيره وهو المخوف أيضا (بقول) أي حال كونه يقول (صبحكم) أي أتاكم الجيش وقت الصباح (مساكم) أي أتاكم وقت المساء قال الطيبي : شبه حاله في خطبته وإنذاره بقرب القيامة وتهالك الناس فيما يريهم بحال من ينذر قومه عند غفلتهم بجيش قريب منهم يقصد الإحاطة بهم بغتة بحيث لا يفوته منهم أحد فكما أن المنذر يرفع صوته وتحمر عيناه ويشتد غضبه على تغافلهم فكذا حال الرسول صلى الله عليه وسلم عند الإنذار وفيه أنه يسن للخطيب أن يفخم أمر الخطبة ويرفع صوته ويحرك كلامه ويكون مطابقا لما تكلم به من ترغيب وترهيب قال النووي : ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمرا عظيما وقال في المطامح : فيه دليل على إغلاظ العالم على المتعلم والواعظ على المستمع وشدة التخويف ثم هذا قطعة من حديث وبقيته عند ابن ماجه وغيره ويقول بعثت أنا والساعة كهاتين ويقرن بين أصابعه السبابة والوسطى ثم يقول أما بعد فإن خير الأمور كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة . (تنبيه) قال ابن القيم : كان يخطب على الأرض والمنبر والبعير ولا يخطب خطبة إلا افتتحها بحمد الله قال : وقوله كان كثيرا يستفتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار ليس معه سنة تقتضيه ، وكان كثيرا ما يخطب بالقرآن ، وكان يخطب كل وقت بما تقتضيه الحاجة . قال : ولم يكن له شاويش يخرج بين يديه إذا خرج من حجرته ، وكانت خطبته العارضة أطول من الراتبة . تتمة : قال ابن عربي : شرعت الخطبة للموعظة والخطيب داعي الحق وحاجب بابه ونائبه في قلب العبد يرده إلى الله ليتأهب لمناجاته ولذلك قدمها في صلاة الجمعة لما ذكر من قصد التأهب للمناجاة كما سن النافلة القبلية للفرض لأجل الذكر والتأهب . - (ه حب ك عن جابر) ظاهره أنه لم يخرجه من الستة إلا ابن ماجه ، وإلا لما اقتصر عليه من بينهم على عادته وهو إيهام فاحش فقد خرجه الإمام مسلم في الجمعة عن جابر بن سمرة باللفظ المزبور ويقول أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة اه‍ .
[ 159 ]
6657 - (كان إذا خطب في الحرب خطب على قوس ، وإذا خطب في الجمعة خط ب على عصا) قال ابن القيم : ولم يحفظ عنه أنه توكأ على سيف وكثير من الجهلة يظن أنه كان يمسك السيف على المنبر إشارة إلى قيام الدين به وهو جهل قبيح لأن الوارد العصا والقوس ولأن الدين إنما قام بالوحي ، وأما السيف فلمحق المشركين ، والمدينة التي كانت [ ص 125 ] خطبته فيها إنما افتتحت بالقرآن . - (ه ك هق عن سعد القرظ) ورواه عنه أيضا الطبراني في الصغير قال الهيثمي : وهو ضعيف . 6658 - (كان إذا خطب يعتمد على عنزة) كقصبة رمح قصير (أو عصا) عطف عام على خاص إذ العنزة محركة عصا في أسفلها زج بالضم أي سنان وعبر عنها بعكاز في طرفه سنان وبعضهم بحربة قصيرة ، وفي طبقات ابن سعد أن النجاشي كان أهداها له وكان يصحبها ليصلي إليها في الفضاء أي عند فقد السترة ويتقي بها كيد الأعداء ولهذا اتخذ الأمراء المشي أمامهم بها ، ومن فوائدها اتقاء السباع ونبش الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة خوف الرشاش وتعليق الأمتعة بها والركزة عليها وغير ذلك وقول بعضهم كان يحملها ليستتر بها عند الحاجة رد بأن ضابط السترة ما يستر الأسافل والعنزة لا تسترها . - (الشافعي) في مسنده في باب إيجاب الجمعة (عن عطاء) بن أبي رباح (مرسلا) . 6659 - (كان إذا خطب المرأة قال : اذكروا لها جفنة سعد بن عبادة) بفتح الجيم وسكون الفاء القصعة العظيمة المعدة للطعام وقضية تصرف المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته تدور معي كلما درت هكذا هو ثابت عند مخرجه ابن سعد وغيره ، وقال ابن عساكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة كان سعد يبعث إليه في كل يوم جفنة فيها ثريد بلحم أو ثريد بلبن أو غيره وأكثر ذلك اللحم فكانت جفنته تدور في بيوت أزواجه اه‍ . - (ابن سعد) في الطبقات (عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم) الأنصاري قاضي المدينة مات سنة 92 (عن عاصم بن عمر بن قتادة مرسلا) هو ابن النعمان الظفري قال الذهبي : وثق وكان علامة بالمغازي مات سنة عشرين وقيل غير ذلك وظاهر حال المؤلف أنه لم ير هذا لأشهر من ابن سعد ولا أحق بالعزو منه وهو عجب فقد خرجه الطبراني عن سهل ابن سعد قال : كانت للنبي صلى الله عليه وسلم في كل ليلة من سعد صحفة فكان يخطب المرأة يقول لك كذا وكذا وجفنة سعد تدور معي كلما درت قال الهيثمي : فيه عبد المؤمن بن عباس بن سهل بن سعد ضعيف .
[ 160 ]
6660 - (كان إذا خطب) امرأة (فرد لم يعد) إلى خطبتها ثانيا (فخطب امرأة فأبت ثم عادت) فأجابت (فقال قد التحفنا لحافا) بكسر اللام كل ثوب يتغطى به كنى به عن المرأة لكونها تستر الرجل من جهة الإعفاف وغيره (غيرك) أي تزوجت امرأة غيرك وهذا من شرف النفس وعلو الهمة ، ومن ثم قيل : يا صاح لو كرهت كفى مبايتني * لقلت إذ كرهت كفى لها بيني لا أبتغي وصل من لا يبتغي صلتي * ولا أبالي حبيبا لا يباليني قال المؤلف : وهذا من خصائصه ثم هو يحتمل التحريم ويحتمل الكراهة قياسا على إمساك كارهته ولم أر من تعرض له . - (ابن سعد عن مجاهد مرسلا) . 6661 - (كان إذا خلا بنسائه ألين الناس وأكرم الناس ضحاكا بساما) حتى أنه سابق عائشة يوما فسبقته كما رواه [ ص 126 ] الترمذي في العلل عنها . قال ابن القيم : وكان من تلطفه بهم أنه إذا دخل عليهم بالليل سلم تسليما لا يوقظ النائم ويسمع اليقظان ذكره مسلم . - (ابن سعد) في طبقاته (وابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) وفيه حارثة بن أبي الرحال ضعفه أحمد وابن معين ، وفي الميزان عن البخاري منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر ، وقال ابن عدي : عامة ما يرويه منكر . 6662 - (كان إذا دخل الخلاء) بالفتح والمد أي أراد الدخول إلى المحل الذي يتخلى فيه لقضاء الحاجة ويسمى بالكنيف والحش والبراز بفتح الموحدة والغائط والمذهب والمرفق والمرحاض وسمى بالخلاء لخلائه في غير أوقات قضاء الحاجة أو لأن الشيطان الموكل به اسمه خلاء ونصبه بنزع الخافض أو بأنه مفعول به لا بالظرفية خلافا لابن الحاجب لأن دخل عدته العرب بنفسه إلى كل ظرف مكان مختص تقول دخلت الدار ودخلت المسجد ونحوهما كما عدت ذهب إلى الشام خاصة فقالوا : ذهبت الشام ولا يقولون ذهبت العراق ولا اليمن (وضع خاتمه) أي نزعه من أصبعه ووضعه خارج الخلاء لما كان عليه محمد رسول الله . قال مغلطاي : هذا أصل عظيم في ندب وضع ما فيه اسم معظم عند الخلاء وفيه ندب تنحية ما عليه اسم معظم عند قضاء الحاجة . هبه بصحراء أو عمران قال التاج الفزاري : لكنه في الصحراء عند قضاء الحاجة وفي العمران عند دخول الخلاء وقول ابن حبان الحديث يدل على عدم الجواز ممنوع إذ لا يلزم من فعل المصطفى صلى الله عليه وسلم شيئا أن يكون ضده غير جائز ولعله أراد بكونه غير جائز أنه غير مباح مستوي الطرفين بل مكروه . - (4 حب ك) في مستدركه وقال : على شرط الشيخين وتبعه في
[ 161 ]
الاقتراح وفي رواية الحكم التصريح بأن سبب النزع النقش كلهم (عن أنس) قال النووي : هذا الحديث ضعفه أبو داود والنسائي والبيهقي والجمهور قال : وقول الترمذي حسن مردود اه‍ . ومثل به العراقي في ألفيته وشرحها للمنكر وقال بعضهم : هذا الحديث قد اختلفت رواته في حاله ما بين مصحح ومضعف فقال الترمذي : حسن غريب والحاكم : صحيح وأبو داود : منكر والنسائي : غير محفوظ والدارقطني : شاذ ومال مغلطاي إلى الأول والبغوي والبيهقي إلى الثاني لكن قال : له شواهد وقال ابن حجر : علته أنه من رواية همام عن ابن جريج عن الزهري عن أنس وابن جريج قيل لم يسمع من الزهري ولما نظر بعض الأعاظم إلى ذلك قال : إن في إثبات الكراهة بمجرد هذا الحديث نظر لأن الكراهة حكم شرعي . 6663 - (كان إذا دخل) وفي رواية للبخاري في الأدب المفرد كان إذا أراد أن يدخل وهي مبينة للمراد بقوله هنا دخل أي كان يقول الذكر الآتي عند إرادته الدخول لا بعده قال ابن حجر : وهذا في الأمكنة المعدة لذلك بقرينة الدخول ولهذا قال ابن بطال : رواية أبي أعم لشمولها (الخلاء) وأصله المحل الذي لا أحد به ويطلق على المعد لقضاء الحاجة ويكنى به عن إخراج الفضلة المعهودة . قال الولي العراقي : والأولان حقيقيان والثالث مجازي قال : فيحتمل أن المراد في الحديث الأول ويوافقه أن الإتيان بهذا الذكر لا يختص بالنسيان عند الفقهاء وأن المراد الثاني ويوافقه لفظ الدخول وفي رواية الكنيف بدل الخلاء (قال) عند شروعه في الدخول (اللهم إني أعوذ) أي ألوذ وألتجئ (بك من الخبث) بضم أوله وثانيه وقد تسكن والرواية بهما وقول الخطابي تسكين المحدثين خطأ لأنه بالسكون جمع لأخبث لا لخبيث قال مغلطاي : هو الخطأ قال الولي العراقي : اتفق من بعده على تغليطه في إنكار الإسكان ثم افترقوا فرقتين فقالت إحداهما : هو بالسكون بمعناه بالتحريك وإنما هو مخفف منه وعليه النووي وابن دقيق العيد وقالت الأخرى ومنهم عياض : بالسكون معناه الشر والمكروه وقال ابن حجر كابن الأثير : وعليه فالمراد بالخبائث المعاصي أو مطلق الأفعال المذمومة ليحصل التناسب فإن فعلاء المضموم يسكن قياسا (والخبائث) المعاصي أو لخبث الشيطان والخبائث البول [ ص 127 ] والغائط وأصل الخبث في كلامهم المكروه فإن كان من الكلام فهو الشتم أو من الملل فهو الكفر أو من الطعام فالحرام أو من الشراب فالضار اه‍ . وفائدة قوله هذا مع كونه معصوما من الشياطين وغيرهم التشريع لأمته والاستنان بسنته أو لزوم الخضوع لربه وإظهار العبودية له قال الفاكهي : والظاهر أنه كان يجهر بهذه الاستعاذة إذ لو لم يسمع لم ينقل وإخباره عن نفسه بها بعيد وفيه استحباب هذا الذكر عند إرادة قضاء الحاجة وهو مجمع عليه كما حكاه النووي . قال ابن العربي : وإنما شرعت الاستعاذة في هذا المحل لأنه محل خلوة والشيطان يتسلط فيها ما لا يتسلط في غيرها ولأنه موضع قدر ينزه الله عن جريان ذكره على اللسان فيه والذكر مبعد للشيطان فإذا انقطع الذكر اغتنم تلك الغفلة فشرع تقديم الاستعاذة للعصمة منه . - (حم ق 4) كلهم في الطهارة (عن أنس) بن مالك .
[ 162 ]
6664 - (كان إذا دخل الكنيف) بفتح الكاف وكسر النون موضع قضاء الحاجة سمي به لما فيه من التستر إذ معنى الكنيف الساتر (قال بسم الله الله إني أعوذ بك من الخبث) بضم المعجمة والموحدة كذا في الرواية وقال الخطابي : لا يجوز غيره واعترض بأنه يجوز إسكان الموحدة كنظائره فيما جاء على هذا الوجه قال النووي : وقد صرح جمع من أهل المعرفة بأن الباء هنا ساكنة منهم أبو عبيدة قال ابن حجر : إلا أن يقال إن ترك التخفيف أولى لئلا يشتبه بالمصدر (والخبائث) بياء غير صريحة ولا يسوغ التصريح بها كما بينه في الكشاف حيث قال : في معايش هو بياء صريحة بخلاف الشمائل والخبائث ونحوهما فإن تصريح الياء فيها خطأ والصواب الهمزة أو إخراج الياء بين بين إلى هنا كلامه . وخص الخلاء بهذا لن الشياطين يحضرونه لكونه ينحي فيه ذكر الله ولا فرق في ندب هذا الذكر بين البنيان والصحراء والتعبير بالدخول غالبي فلا مفهوم له . - (ش عن أنس) بن مالك قال الولي العراقي : فيه انقطاع . 6665 - (كان إذا دخل الخلاء) بالمد (قال يا ذا الجلال) أي صاحب العظمة التي لا تضاهي والعز الذي لا يتناهى . - (ابن السني عن عائشة) . 6666 - (كان إذا دخل الغائط) أي أتى أرضا مطمئنة ليقضي فيها حاجته (قال اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس) بكسر الراء والنون وسكون الجيم فيهما لأنه من باب الاتباع (الخبيث المخبث) بضم فسكون فكسر قال الزمخشري : هو الذي أصحابه وأعوانه خبثا كقولهم للذي فرسه قوي مقو والذي ينسب الناس إلى الخبث ويوقعهم فيه (الشيطان الرجيم) أي المرجوم قال الولي العراقي : ينبغي الأخذ بهذه الزيادة وإن كانت روايتها غير قوية للتساهل في حديث الفضائل قال ابن حجر : وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يستعيذ إظهارا للعبودية ويجهر بها للتعليم قال : وقد روى المعمري هذا الحديث من طريق عبد العزيز بن المختار عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بلفظ الأمر قال : إذا دخلتم الخلاء فقولوا بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث وإسناده على شرط مسلم وفيه زيادة التسمية ولم أرها في غير هذه الرواية اه‍ . وقال الولي العراقي في شرح أبي داود : وأصح ما في هذا ما رواه المعمري في عمل يوم وليلة بإسناد صحيح على شرط مسلم من حديث أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : إذا دخلتم الغائط فقولوا بسم الله أعوذ بالله من الخبث والخبائث قال : وفي مصنف ابن أبي شيبة وذكر الحديث المتقدم قال : وهذا يدل لما قاله أصحابنا أنه يستحب هنا تقديم بسم الله على الاستعاذة وفارق الصلاة لأن الاستعاذة فيها للقراءة والبسملة هناك قراءة فقدمت . - (د في مراسيله عن الحسن) البصري (مرسلا ، [ ص 128 ] ابن
[ 163 ]
السني) أبو بكر في عمل يوم وليلة من طريق إسماعيل بن مسلم (عنه) أي عن الحسن وعن قتادة أيضا كلاهما (عن أنس) بن مالك وإسماعيل بن مسلم ضعفه أبو زرعة وغيره (عد عن بريدة) بن الحصيب بإسناد ضعيف ورواه ابن السني أيضا باللفظ المذكور من حديث ابن عمر وروى ابن ماجه من طريق عبيد الله بن زجر عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة مرفوعا " لا يعجز أحدكم إذا دخل مرفقه أن يقول اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم " ورواه ابن أبي شيبة موقوفا على حذيفة . 6667 - (كان إذا دخل المرفق) بكسر الميم وفتح الفاء الكنيف (لبس حذاءه) بكسر الحاء والمد نعله قال في المصباح : الحذاء ككتاب النعل وذلك صونا لرجله عما قد يصيبها (وغطى رأسه) حياء من ربه تعالى ولأن تغطية الرأس حال قضاء الحاجة أجمع لمسام البدن وأسرع لخروج الفضلات ولاحتمال أن يصل شعره ريح الخلاء فيعلق به . قال أهل الطريق : ويجب كون الإنسان فيما لا بد منه من حاجته حي خجل مستور . - (ابن سعد) في الطبقات عن أبي بكر بن عبد الله (عن) أبي موسى حبيب بن صالح ويقال ابن أبي موسى الحمصي الطائي (مرسلا) ظاهر صنيعه أنه لا علة له غير الإرسال والأمر بخلافه فقد قال الذهبي : أبو بكر ضعيف وظاهره أيضا أنه لم يره مخرجا لغير ابن سعد ممن هو أشهر وأحق بالعزو إليه وهو عجب عجاب فقد رواه البيهقي عن حبيب المذكور ورواه أبو داود موصولا مسندا عن عائشة بزيادة ولفظه كان إذا دخل الخلاء غطى رأسه وإذا أتى أهله غطى رأسه لكن الظاهر أن المصنف لم يغفل هذا الموصول عن ذهول بل لعلمه أن فيه محمد بن يونس الكديمي متهم بالوضع . 6668 - (كان إذا دخل الخلاء قال اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبث المخبث الشيطان الرجيم فإذا خرج قال الحمد لله الذي أذاقني لذته وأبقى في قوته وأذهب عني أذاه) خص هذا الدعاء بالخارج من الخلاء للتوبة من تقصيره في شكر النعمتين المنعم على العبد بهما وهما ما أطعمه ثم هضمه ثم سهل خروج الأذى منه وأبقى فيه قوة ذلك . تنبيه : ذكر بعض المفسرين والمحدثين في قوله تعالى في نوح * (إنه كان عبدا شكورا) * أنه روى عبد الرزاق بسند منقطع أن نوحا كان إذا ذهب إلى الغائط يقول الحمد لله الذي رزقني لذته وأبقى في قوته وأذهب عني أذاه . - (ابن السني) أبو بكر في عمل يوم وليلة من طريق إسماعيل بن رافع عن دريد بن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري : هذا حديث ضعيف وقال العراقي : إسماعيل مختلف فيه ورواية دريد بن نافع عن ابن عمر منقطعة .
[ 164 ]
6669 - (كان إذا دخل المسجد قال) حال شروعه في دخوله (أعوذ بالله العظيم) أي ألوذ بملاذه وألجأ إليه مستجيرا به (وبوجهه الكريم) أي ذاته إذ الوجه يعبر به عن الذات بشهادة * (كل شئ هالك إلا وجهه) * أي ذاته وعن الجهة كما في * (فأينما تولوا فثم وجه الله) * أي جهته (وسلطانه القديم) على جميع الخلائق قهرا وغلبة (من الشيطان الرجيم) أي المرجوم (وقال) يعني الشيطان (إذا قال ذلك حفظ مني سائر اليوم) أي جميع ذلك اليوم الذي يقول هذا الذكر فيه . - (د عن [ ص 129 ] ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه وهو كذلك إذا علا فقد قال في الأذكار : إسناده جيد . 6670 - (كان إذا دخل يقول بسم الله والسلام على رسول الله) أبرز اسمه الميمون على سبيل التجريد عند ذكره التجاء إلى منصب الرسالة ومنزلة النبوة وتعظيما لشأنها كأنه غيره امتثالا لأمر الله في قوله * (إن الله وملائكته يصلون على النبي) * الآية (اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج قال بسم الله والسلام على رسول الله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك) وإنما شرعت الصلاة عليه عند دخول المسجد لأنه محل الذكر وخص الرحمة بالدخول والفضل بالخروج لأن من دخل اشتغل بما يزلفه إلى الله وثوابه فناسب ذكر الرحمة فإذا خرج انتشر في الأرض ابتغاء فضل الله من الرزق فناسب ذكر الفضل كما سبق موضحا . - (حم ه طب عن فاطمة الزهراء) قال مغلطاي : حديث فاطمة هذا حسن لكن إسناده ليس بمتصل انتهى . والمصنف رمز لحسنه . 6671 - (كان إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك وإذا خرج صلى على محمد وسلم وقال رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك) طلب المغفرة في هذا الخبر وما قبله تشريعا لأمته لأن الإنسان حمل التقصير في سائر الأحيان وأبرز ضمير نفسه الشريفة عن ذكر الغفران تحليا بالانكسار بين يدي الملك الجبار وفي هذا الدعاء عند الدخول استرواح أنه من دواعي فتح أبواب الرحمة لداخله . - (ت) وكذا أبو داود خلافا لما يوهمه صنيعه كلاهما في الصلاة
[ 165 ]
من حديث فاطمة بنت الحسن (عن) جدتها (فاطمة) الكبرى الزهراء وقالا جميعا : ليس إسناده بمتصل لأن فاطمة بنت الحسن لم تدرك فاطمة الكبرى رمز لحسنه وفيه ما فيه . 6672 - (كان إذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صل على محمد وأزواج محمد) أورده المصنف عقب الأحاديث السابقة إشعارا بندب الصلاة على الأزواج عند دخول المسجد . - (ابن السني عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه . 6673 - (كان إذا دخل السوق) أي أراد دخولها (قال) عند الأخذ فيه (بسم الله اللهم إني أسألك من خير هذه السوق) فيه أن السوق مؤنثة . قال ابن إسحاق : وهو أصح وأفصح وتصغيرها سويقة والتذكير خطأ لأنه قيل سوق نافقة وما سمع نافق بغيرها والنسبة إليها سوقي على لفظها (وخير ما فيها وأعوذ بك من شرها) أي من شر ما استقر من الأوصاف والأحوال الخاصة بها (وشر ما فيها) أي من شر ما خلق ووقع فيها وسبق إليها (1) (اللهم [ ص 130 ] إني أعوذ بك من أن أصيب يمينا فاجرة أو صفقة خاسرة) إنما سأل خيرها واستعاذ من شرها لاستيلاء الغفلة على قلوب أهلها حتى اتخذوا الأيمان الكاذبة شعارا والخديعة بين المتبايعين دثارا فأتى بهذه الكلمات ليخرج من حال الغفلة فيندب لمن دخل السوق أن يحافظ على قوله ذلك فإذا نطق الداخل بهذه الكلمات كان فيه تحرزا عما يكون من أهل الغفلة فيها ، وهذا مؤذن بمشروعية دخول السوق أي إذا لم يكن فيه حال الدخول معصية كالصاغة وإلا حرم . - (طب) عن بريدة وفيه كما قال الهيثمي : محمد بن أبان الجعفي وهو ضعيف (ك) في باب الدعاء (عن بريدة) قال الحافظ العراقي : فيه أبو عمرو وجار لشعيب بن حرب ولعله حفص بن سليمان الأسدي مختلف فيه وقال غيره : فيه أبو عمرو وجار لشعيب بن حرب ولا يعرف . وقال المديني : متروك وبه رد الذهبي في التلخيص تصحيح الحاكم له وفي الميزان محمد بن عمرو أو محمد بن عمر له حديث واحد وهو منكر ذكره البخاري في الضعفاء ثم ساق له هذا الحديث ثم قال : قال البخاري لا يتابع عليه اه‍ . 6674 - (كان إذا دخل بيته) أي إذا أراد دخوله (بدأ بالسواك) لأجل السلام على أهله فإن السلام اسم شريف فاستعمل السواك للإتيان به أو ليطيب فمه لتقبيل أهله ومضاجعتهم لأنه ربما تغير فمه عند محادثة الناس فإذا دخل بيته كان من حسن معاشرة أهله ذلك أو لأنه كان يبدأ بصلاة النفل
[ 166 ]
أول دخوله بيته فإنه قلما كان يتنقل بالمسجد فيكون السواك للصلاة وقول عياض والقرطبي خص به دخول بيته لأنه مما لا يفعله ذو مروءة بحضرة الناس ولا ينبغي عمله بالمسجد ولا في المحافل ردوه وفيه ندب السواك عند دخول المسجد وبه صرح النووي وغيره وأنه مما يبدأ به من القربات عند دخوله وتكراره لذلك ومثابرته عليه وأنه كان لا يقتصر في ليله ونهاره على مرة لأن دخول البيت مما يتكرر والتكرر دليل العناية والتأكد وبيان فضيلة السواك في جميع الأوقات وشدة الاهتمام به وأنه لا يختص بوقت ولا حال معينة وأنه لا يكره للصائم في شئ من النهار لكن يستثنى ما بعد الزوال لحديث الخلوف وذكروا أن السواك يسن للنوم وعلته ما ذكر من الاجتماع بالأهل لأن مسهن وملاقاتهن على حال من التنظف أمر مطلوب مناسب دلت عليه الأخبار ولا مانع من كونه للمجموع وفيه مداومته على التعبد في الخلاء والملاء . - (م د ن ه) كلهم في الطهارة (عن عائشة) وحكى ابن منده الإجماع على صحته وتعقبه مغلطاي بأنه إن أراد إجماع العلماء قاطبة فمتعذر أو إجماع الأئمة المتعاصرين فغير صواب لأن البخاري لم يخرجه فأي إجماع مع مخالفته . 6675 - (كان إذا دخل) أي بيته (قال) لأهله وخدمه (هل عندكم طعام) أي أطعمه (فإذا قيل لا قال إني صائم) أي وإذا قيل نعم أمرهم بتقديمه إليه كما بينه في رواية أخرى وهذا محمول بقرينة أخبار أخر على صوم النفل لا الفرض وأنه قبل الزوال وأنه لم يكن تناول مفطرا . - (د عن عائشة) رمز لصحته . 6676 - (كان إذا دخل الجبانة) محل الدفن سمي به لأنه يفزع ويجبن عند رؤيته ويذكر الحلول فيه وقال ابن الأثير : الجبانة الصحراء وتسمى بها المقابر لأنها تكون في الصحراء تسمية للشئ باسم موضعه (يقول السلام عليكم) لم يقل عليكم السلام ابتداء بل كان يكره ذلك ولا يعارضه ما في خبر صحيح أنه قال لمن قال عليك السلام لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الموتى فإن ذلك إخبار عن الواقع لا عن المشروع أي أن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذا اللفظ كقوله : [ ص 131 ] عليك سلام الله قيس بن عاصم * ورحمة ربي الله ما شاء يرحم فكره المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يحيي بتحية الأموات ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم (أيتها الأرواح الفانية) أي الأرواح التي أجسادها فانية (والأبدان البالية) التي أبلتها الأرض (والعظام النخرة) أي المتفتتة تقول نخر العظم نخرا من باب تعب بلى وتفتت فهو نخر وناخر (الذي خرجت من الدنيا وهي بالله) أي لا بغيره كما يؤذن به تقديم الجار والمجرور على قوله (مؤمنة) أي مصدقة موقنة (اللهم أدخل عليهم روحا) بفتح الراء أي سعة واستراحة (منك وسلاما منا) أي دعاء مقبولا ، وأخذ ابن تيمية من
[ 167 ]
مخاطبته للموتى أنهم يسمعون إذ لا يخاطب من لا يسمع ولا يلزم منه أن يكون السمع دائما للميت بل قد يسمع في حال دون حال كما يعرض للحي فإنه قد لا يسمع الخطاب لعارض وهذا السمع سمع إدراك لا يترتب عليه جزاء ولا هو السمع المنفي في قوله * (إنك لا تسمع الموتى) * إذ المراد به سمع قبول وامتثال أمر ، جاء في كثير من الروايات كان إذا وقف على القبور قال : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون قال البطليوسي : وهذا مما استعملت فيه إن مكان إذا فإن كلا منهما يستعمل مكان الآخر . - (ابن السني عن ابن مسعود) . 6677 - (كان إذا دخل على مريض يعوده قال لا بأس) عليك هو (طهور) بفتح الطاء أي مرضك مطهر لك من ذنوبك (إن شاء الله) وذلك يدل على أن طهور دعاء لا خبر فيه وفيه أنه لا نقص على الإمام في عيادة بعض رعيته ولو أعرابيا جاهلا جافيا ولا على العالم في عيادة الجاهل ليعلمه ويذكره ما ينفعه ويأمره بالصبر ويسليه إلى غير ذلك مما يجبر خاطره وخاطر أهله . - (خ) في الطب وغيره (عن ابن عباس) قال : دخل النبي صلى الله عليه وسلم على أعرابي يعوده فقال له ذلك فقال الأعرابي : قلت طهور كلا بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزبره القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فنعم إذن . 6678 - (كان إذا دخل رجب قال اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان وكان إذا كانت ليلة الجمعة قال هذه غراء) كحمراء أي سعيدة صبيحة (ويوم أزهر) أي نير مشرق ولفظ رواية البيهقي ويوم الجمعة يوم أزهر قال ابن رجب : فيه أن دليل ندب الدعاء بالبقاء إلى الأزمان الفاضلة لإدراك الأعمال الصالحة فيها فإن المؤمن لا يزيده عمره إلا خيرا . - (هب وابن عساكر) في تاريخه وأبو نعيم في الحلية وكذا البزار كلهم من رواية زائدة بن أبي الرقاد عن زياد النميري عن أنس بن مالك قال النووي في الأذكار : إسناده ضعيف اه‍ . وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه رواه وأقره وليس كذلك بل عقبه البيهقي بما نصه تفرد به زياد النميري وعنه زائدة بن أبي الرقاد وقال البخاري : زائدة عن زياد منكر الحديث وجهله جماعة وجزم الذهبي في الضعفاء بأنه منكر الحديث وبذلك يعرف أن قول إسماعيل الأنصاري لم يصح في فضل رجب غير هذا خطأ ظاهر . 6679 - (كان إذا دخل) في رواية بدله إذا حضر (رمضان أطلق كل أسير) كان مأسورا عنده قبله
[ 168 ]
(وأعطى كل سائل) [ ص 132 ] فإنه كان أجود ما يكون في رمضان وفيه ندب عتق الأسارى عند إقبال رمضان والتوسعة على الفقرا والمساكين . - (هب) وكذا الخطيب والبزار كلهم (عن ابن عباس) قال ابن الجوزي : فيه أبو بكر الهذلي قال ابن حبان : يروي عن الأثبات أشياء موضوعة وقال غندر : كان يكذب (ابن سعد) في طبقاته (عن عائشة) . 6680 - (كان إذا دخل شهر رمضان شد مئزره) بكسر الميم إزاره وهو كناية عن الاجتهاد في العبادة (ثم لم يأت فراشه حتى ينسلخ) أي يفرغ يقال سلخت الشهر سلخا وسلوخا صرت في آخره فانسلخ أي مضى ومن شأن المشمر المنكمش أن يقلص إزاره ويرفع أطرافه ويشدها أو كناية عن اعتزال النساء كما يجعل حله كناية عن ضد ذلك قال الأخطل : قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم * دون النساء ولو بانت بأطهار قال جمع : ولا بعد في إرادة الحقيقة والمجاز بأن يشد المئزر حقيقة ويعتزل النساء لكن الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة كما لو قلت فلان طويل النجاد وأردت طول نجاده مع طول قامته ، قيل : احتمل عبد الملك بن مروان المتاعب في جلب جارية من بلاد الصين فلما بات جعل يتململ في فراشه ويقول : ما أشوقني إليك قالت : وما يمنعك مني قال : بيت الأخطل هذا وكان في حرب . - (هب عن عائشة) رمز المصنف لحسنه فيه الربيع بن سليمان فإن كان هو صاحب الإمام الشافعي فثقة أو الربيع بن سليمان البصري الأزدي فضعيف قال يحيى : ليس بشئ . 6681 - (كان إذا دخل رمضان تغير لونه) إلى الصفرة أو الحمرة كما يعرض للخائف خشية من أن يعرض له فيها ما يقصر عن الوفاء بحق العبودية فيه (وكثرت صلاته وابتهل في الدعاء) أي تضرع واجتهد فيه (وأشفق لونه) أي تغير حتى يصير كلون الشفق وهذا لولا غرض الإطناب كان يغني عنه قوله تغير لونه . - (هب عن عائشة) فيه عبد الباقي ابن قانع قال الذهبي : قال الدارقطني يخطئ كثيرا . 6682 - (كان إذا دخل العشر) زاد ابن أبي شيبة الأخير من رمضان والمراد الليالي (شد مئزره) قال القاضي : المئزر الإزار ونظيره ملحف ولحاف وشده كناية عن التشمر والاجتهاد أراد به الجد في الطاعة أو عن الاعتزال عن النساء وبجنب غشيانهن (وأحيا ليله) أي ترك النوم الذي هو أخو الموت وتعبد معظم الليل لا كله بقرينة خبر عائشة ما علمته قام ليلة حتى الصباح فلا ينافي ذلك ما عليه
[ 169 ]
الشافعية من كراهية قيام الليل كله (وأيقظ أهله) المعتكفات معه في المسجد واللاتي في بيوتهن إذا دخلها لحاجة أي يوقظهن للصلاة والعبادة . - (ق) في الصوم (د ن) في الصلاة (ه) في الصوم كلهم (عن عائشة) . 6683 - (كان إذا دعا لرجل أصابته الدعوة وولده وولد ولده) فيستجاب دعاؤه لذلك الرجل وبلغ ما دعا له به هو وذريته من بعده ، وسكت عما لو دعا عليه لأنه قد سأل الله تعالى أن يجعل دعاءه رحمة على المدعو عليه . - (حم عن حذيفة) بن اليمان رمز المصنف لصحته وليس كما زعم فقد قال الحافظ الهيثمي متعقبا : رواه أحمد عن ابن حذيفة ولم أعرفه اه‍ . 6684 - (كان إذا دعا بدأ بنفسه) زاد أبو داود في روايته وقال رحمة الله علينا وعلى موسى اه‍ ، ومن ثم ندبوا للداعي أن يبدأ [ ص 133 ] بالدعاء لنفسه قبل دعائه لغيره فإنه أقرب إلى الإجابة إذ هو أخلص في الاضطرار وأدخل في العبودية وأبلغ في الافتقار وأبعد عن الزهو والإعجاب وذلك سنة الأنبياء والرسل قال نوح * (رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات) * وقال الخليل * (واجنبني وبني أن نعبد الأصنام) * وقال * (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي) * ، * (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) * . تنبيه : قال ابن حجر : ابتداؤه بنفسه في الدعاء غير مطرد فقد دعا لبعض الأنبياء فلم يبدأ بنفسه فقال : رحم الله لوطا رحم الله يوسف ودعا لابن عباس بقوله اللهم فقهه في الدين ودعى لحسان بقوله اللهم أيده بروح القدس . - (طب عن أبي أيوب) الأنصاري رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الهيثمي : إسناده حسن غير أن عدول المصنف للعزو للطبراني واقتصاره عليه غير جيد لإيهامه أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة وقد عرفت أن أبا داود خرجه فهو بالعزو إليه أحق . 6685 - (كان إذا دعا فرفع يديه) حال الدعاء (مسح وجهه بيديه) عند فراغه تفاؤلا وتيمنا أن كفيه ملئتا خيرا فأفاض منه على وجهه فيتأكد ذلك للداعي ، ذكره الحليمي ، وقال القونوي : سره أن الإنسان في دعائه ربه متوجه إليه بظاهره وباطنه ولهذا يشترط حضور القلب في الدعاء كما قال المصطفى صلى الله عليه وسلم إن الله لا يقبل دعاءا من قلب غافل لاه ، إذا علمته فاعرف أن يده الواحدة تترجم عن توجه الداعي من حيث ظاهره واليد الأخرى تترجم عن توجهه بباطنه واللسان يترجم عن جملته ومسح الوجه هو التبرك والتنبيه على الرجوع إلى الحقيقة الجامعة بين الروح والبدن وهو كناية عن غيبة النائب في علم الحق أزلا وأبدا فإن وجه الشئ حقيقته وهذا الوجه مظهر تلك الحقيقة وإن كشف لك عن سر قوله تعالى * (كل شئ هالك إلا وجهه) * استشرفت على سر آخر أغرب من هذا يتعذر إفشاؤه إلا لأهله اه‍ . - (د عن بريدة) رمز لحسنه .
[ 170 ]
6686 - (كان إذا دعا جعل) حال الدعاء (باطن كفيه إلى وجهه) وورد أيضا أنه كان عند الرفع تارة يجعل بطون كفيه إلى السماء وتارة يجعل ظهرهما إليها وحمل الأول على الدعاء بحصول مطلوب أو دفع ما قد يقع به بلاء والثاني على الدعاء وورد برفع ما وقع به من البلاء وروى مسلم أنه فعل الثاني في الاستسقاء وأحمد أنه فعله بعرفة وحكمة رفعهما إلى السماء أنها قبلة الدعاء ومن ثم كانت أفضل من الأرض على الأصح فإنه لم يعص الله فيها . - (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وكأنه لم ير قول الحافظ العراقي : في سنده ضعيف ولا قول الهيثمي : فيه الحسين بن عبد الله وهو ضعيف . 6687 - (كان إذا دنا من منبره) أي قرب منه (يوم الجمعة) ليصعده إلى الخطبة (سلم على من عنده) أي من بقربه عرفا (من الجلوس فإذا صعد المنبر) أي بلغ الدرجة التالية للمستراح (استقبل الناس بوجهه ثم سلم) على الناس (قبل أن يجلس) فيسن فعل ذلك لكل خطيب ويجب رد سلامه عند الشافعية . - (هق) من حديث عيسى بن عبد الله الأنصاري عن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد ضعفه ابن حبان وابن القطان بعيسى المذكور وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه . 6688 - (كان إذا ذبح الشاة يقول أرسلوا بها) لعل المراد ببعضها فأطلق الكل وأراد البعض بقرينة المقام (إلى أصدقاء [ ص 134 ] خديجة) زوجته الدارجة صلة منه لها وبرا وإذا كان فعل الخير عن الميت برا فالسوء ضد ذلك وإن كنا لا نعرف كيفيته ولا يضرنا جهلنا بكيفية ذلك بل علينا التسليم والتصديق وفيه حفظ العهد والصدق وحسن الود ورعاية حرمة الصاحب والعشير ولو ميتا وإكرام أهل ذلك الصاحب وأصدقائه . - (م عن عائشة) تمامه قالت عائشة : فأغضبته يوما فقلت : خديجة فقال : إني رزقت حبها . 6689 - (كان إذا ذكر أحدا فدعا له) بخير (بدأ بنفسه) ثم ثنى بغيره ثم عمم اتباعا لملة أبيه إبراهيم فتتأكد المحافظة على ذلك وعدم الغفلة عنه وإذا كان لا أحد أعظم من الوالدين ولا أكبر حقا على المؤمن منهما ومع ذلك قدم الدعاء للنفس عليهما في القرآن في غير موضع فغيرهما أولى . (م حب ك عن أبي) وقال الترمذي : حسن صحيح والحاكم : صحيح .
[ 171 ]
6690 - (كان إذا ذهب المذهب) بفتح فسكون أي ذهب في المذهب الذي هو محل الذهاب لقضاء الحاجة أو ذهب مذهبا على المصدر وهو كناية عن الحاجة (أبعد) بحيث لا يسمع لخارجه صوت ولا يشم له ريح أي يغيب شخصه عن الناس ، بل روى الإمام ابن جرير في تهذيب الآثار أنه كان يذهب إلى المغمس مكان على نحو ميلين من مكة واستشكل هذا بما في الطبراني عن عصمة بن مالك وأصله في البخاري قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض سكك المدينة فانتهى إلى سباطة قوم فقال : " يا حذيفة استرني حتى بال فذكر الحديث فمن ذاهب إلى أن ندب الإبعاد مخصوص بالتغوط لأن العلة خوف أن يسمع لخارجه صوت أو يشم له ريح وذلك منتف في البول ومن ثم ورد أنه كان إذا بال قائما لم يبعد عن الناس ولم يبعدوا عنه ومن ذاهب إلى أن تعميم الإبعاد ندب وأنه إنما لم يفعله أحيانا لضرورة فإنه كان يطيل القعود لمصالح الأمة ويكثر من زيارة أصحابه وعيادتهم فإذا حضر البول وهو في بعض تلك الحالات ولم يمكنه تأخيره حتى يبعد كعادته فعل ذلك لما يترتب على تأخيره من الضرر فراعى أهم الأمرين واستفيد منه دفع أشد المفسدتين بأخفهما والإتيان بأعظم المصلحتين إذا لم يمكنا معا وفيه ندب التباعد لقضاء الحاجة وأن الأدب الكناية في ذكر ما يستحى منه . فائدة : في النهاية تبعا لأبي عبيد الهروي يقال لموضع التغوط المذهب والخلاء والمرفق والمرحاض . - (4 ك) وكذا الدارمي والبيهقي (عن المغيرة) بن شعبة وصححه الترمذي والحاكم وحسنه أبو داود ورواه أيضا عن المغيرة بن خزيمة في صحيحه . 6691 - (كان إذا رأى المطر قال اللهم صيبا) أي اسقنا صيبا وقوله (نافعا) تتميم في غاية الحسن لن لفظة صيبا مظنة للضرر والفساد . قال في الكشاف : الصيب المطر الذي يصوب أي ينزل ويقع وفيه مبالغات من جهة التركيب والبناء والتكثير دل على أنه نوع من المطر شديد هائل فتممه بقوله نافعا صيانة عن الإضرار والفساد ، ونحوه قوله : فسقى ديارك غير مفسدها * صوب الربيع وديمة تهمى لكن نافعا في الحديث أوقع وأحسن من مفسدها اه‍ . - (خ عن عائشة) ولم يخرجه مسلم ورواه النسائي وابن ماجه لكن أبدل صاد صيبا سينا قال الحافظ العراقي : وسند الكل صحيح . 6692 - (كان إذا رأى الهلال صرف وجهه عنه) حذرا من شره لقوله عائشة فيما رواه الترمذي استعيذي بالله من شره فإنه الغاسق إذا وقب أو أن حكمة صرف وجهه عنه الجنوح إلى قول أبيه إبراهيم * (لا أحب الآفلين) * والهلال يكون من أول ليلة [ ص 135 ] والثانية والثالثة ثم هو قمر . - (د) من رواية أبي هلال محمد بن سليم الراسبي (عن قتادة) بن دعامة (مرسلا) قال ابن حجر عن المنذري : هلال لا يحتج به قال : وقد وجدت لهذا المرسل شاهدا مرسلا أيضا أخرجه مسدد في مسنده الكبير
[ 172 ]
ورجاله ثقات ووجدت له شاهدا موصولا عند أبي نعيم وهو بعض حديث ورجاله ثقات إلا واحدا انتهى . 6693 - (كان إذا رأى الهلال قال هلال خير) أي بركة (ورشد آمنت بالذي خلقك ثلاثا) أي يكرر ذلك ثلاثا (ثم يقول) بعده (الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا) قال الطيبي : إما أن يراد بالحمد الثناء على قدرته بأن مثل هذا الإذهاب العجيب وهذا المجئ الغريب لا يقدر عليه إلا الله أو يراد به الشكر على ما أولى العباد بسبب الانتقال من النعم الدينية والدنيوية ما لا يحصى وينصر هذا التأويل قوله هلال خير . - (د عن قتادة بلاغا) أي أنه قال : بلغنا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقوله (ابن السني عن أبي سعيد) الخدري قال ابن القيم : فيه وفيما قبله لين ، قال الحافظ العراقي : وأسنده أيضا الدارقطني في الأفراد والطبراني في الأوسط عن أنس وقال أبو داود : ليس في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث مسند صحيح . 6694 - (كان إذا رأى الهلال قال هلال خير ورشد) أي هاد إلى القيام بعبادة الحق تعالى يحدث عن ميقات الحج والصوم وغيرهما * (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) * [ البقرة : 189 ] (اللهم إني أسألك من خير هذا ثلاثا) أي كرر ذلك ثلاثا ثم يقول (اللهم إني أسألك من خير هذا الشهر وخير القدر) بالتحريك (وأعوذ بك من شره) أي من شر كل منهما يقول ذلك (ثلاث مرات) قال الحكيم : اليمن السعادة والإيمان والطمأنينة بالله كأنه سأله دوامها والسلامة والإسلام أن يدوم له الإسلام ويسلم له شهره فإن لله في كل شهر حكما وقضاء في الملكوت فالمحرم شهره ورجب صفوته ورمضان مختاره وفيه تنبيه على ندب الدعاء سيما عند ظهور الآيات وتقلب أحوال النيرات وعلى أن التوجه فيه إلى الرب لا إلى المربوب والتفات في ذلك إلى صنع الصانع لا إلى المصنوع ذكره التوربشتي . - (طب عن رافع بن خديج) قال الهيثمي : إسناده حسن . 6695 - (كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهله) قال الطيبي : روي بالفك والإدغام (علينا باليمن والإيمان والسلام والإسلام) وزاد قوله (ربي وربك الله) لأن أهل الجاهلية فيهم من يعبد القمرين
[ 173 ]
فكأنه يناغيه ويخاطبه فيقول أنت مسخر لنا لتضئ‌لأهل الأرض ليعلموا عدد السنين والحساب قال القاضي : الإهلال في الأصل رفع الصوت ثم نقل إلى رؤية الهلال لأن الناس يرفعون أصواتهم إذا رأوه بالإخبار عنه ولذلك سمي الهلال هلالا لأنه سبب لرؤيته ومنه إلى إطلاعه وهو في الحديث بهذا المعنى أي أطلعه علينا وأرنا إياه مقترنا باليمن والإيمان انتهى . قال التوربشتي : وقوله ربي وربك الله تنزيه للخالق أن يشاركه في تدبير ما خلق شئ ، وفيه رد للأقاويل الداحضة في الآثار العلوية بأوجز لفظ وفيه تنبيه على أن [ ص 136 ] الدعاء مستحب سيما عند ظهور الآيات وتقلب الأحوال النيرات وعلى أن التوجه فيه إلى الرب لا إلى المربوب والالتفات في ذلك إلى صنع الصانع لا إلى المصنوع وقال الطيبي : لما قدم في الدعاء قوله الأمن والإيمان والسلامة والإسلام طلب في كل من الفقرتين دفع ما يؤذيه من المضار وجلب ما يرفقه من المنافع وعبر بالإيمان والإسلام عنها دلالة على أن نعمة الإيمان والإسلام شاملة للنعم كلها ومحتوية على المنافع بأسرها فدل على أن عظم شأن الهلال حيث جعل وسيلة لهذا المطلوب فالتفت إليه قائلا ربي وربك الله مقتديا بأبيه إبراهيم حيث قال * (لا أحب الآفلين) * بعد قوله * (هذا ربي) * واللطف فيه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم جمع بين طلب دفع المضار وجلب المنافع في ألفاظ يجمعها معنى الاشتقاق . - (حم ت) في الدعوات (ك) في الأدب كلهم من حديث سليمان بن سفيان عن بلال بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه (عن) جده (طلحة) بن عبيد الله أحد العشرة قال الترمذي : حسن غريب وهو مستند المصنف في رمزه لحسنه ونوزع بأن الحديث عد من منكرات سليمان وقد ضعفه المديني وأبو حاتم والدارقطني وقال : لين ليس ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال : يخطئ وقال الحافظ ابن حجر : صححه الحاكم وغلط في ذلك فإن فيه سليمان بن سفيان ضعفوه وإنما حسنه الترمذي لشواهده انتهى . ومن لطائف إسناده أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده . 6696 - (كان إذا رأى الهلال قال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الحمد لله لا حول ولا قوة إلا بالله اللهم إني أسألك من خير هذا الشهر وأعوذ بك من شر القدر) محركا (ومن شر يوم المحشر) بفتح فسكون ففتح موضع الحشر كفلس بمعنى المحشور أي المجموع فيه الناس ولا شر ولا خير أعظم من شر يوم المحشر وخيره ولا مساوي ولا مغارب كيف وهو يوم الفزع الأعظم . - (حم طب عن عبادة بن الصامت) قال الهيثمي : فيه راو لم يسم وقال شيخه الحافظ العراقي : رواه عنه أيضا ابن أبي شيبة وأحمد في مسنديهما وفيه من لم يسم بل قال الراوي : حدثني من لا أتهم انتهى . وقال ابن حجر : غريب ورجاله موثقون إلا من لم يسم . 6697 - (كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام
[ 174 ]
والتوفيق) أي خلق قدرة الطاعة فينا (لما تحب وترضى ربنا وربك الله) قال البعض : هذا تنزيه للخالق أن يشاركه في تدبير ما خلق شئ وفيه رد للأقاويل الداحضة في الآثار العلوية بأوجز ممكن ذكره التوربشتي . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه عثمان بن إبراهيم الحاطبي وهو ضعيف وبقية رجاله ثقات . 6698 - (كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهله علينا بالأمن والإيمان والسلامة والإسلام والسكينة والعافية والرزق الحسن) لما قدم في الدعاء قوله الأمن والإيمان والسلامة والإسلام كل من القرينتين دفع ما يؤذيه من المضار وجلب ما ينفعه من المنافع وعبر بالإيمان والإسلام عنها دلالة على أنه نعمة الإيمان والإسلام شاملة للنعم ومحتوية على المنافع بأسرها . - (ابن السني عن جرير بن أنس السلمي) قال الذهبي : لا صحبة له . 6699 - (كان إذا رأى الهلال قال هلال خير الحمد لله الذي ذهب بشهر كذا وجاء بشهر كذا أسألك من خير هذا الشهر ونوره وبركته وهداه وظهوره ومعافاته) فيه كما قبله دلالة على عظم شأن الهلال حيث جعله وسيلة لمطلوبه وسأله من بركته وظهوره . - (ابن السني عن عبد الله بن مطرف) بضم الميم وفتح المهملة وشد الراء وبالفاء ويقال ابن أبي مطرف الأزدي شامي قال الذهبي : يروى له حديث لا يثبت قاله البخاري . 6700 - (كان إذا رأى سهيلا) الكوكب (قال لعن الله سهيلا فإنه كان عشارا فمسخ) شهابا وفي رواية للدارقطني عن ابن عمر لما طلع سهيل قال : هذا سهيل كان عشارا من عشاري اليمن يظلمهم فمسخه الله شهابا فجعله حيث ترون وفي رواية لابن السني عن ابن عمر أيضا لما طلع سهيل قال : لعن الله سهيلا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كان عشارا باليمن يظلمهم ويغصبهم في أموالهم فمسخه الله تعالى شهابا فعلقه حيث ترون وفي رواية لابن عدي عن ابن عمر أيضا أن سهيلا كان عشارا فمسخه الله كوكبا وفي رواية لأبي الشيخ عن أبي الطفيل مرفوعا لعن الله سهيلا إنه كان عشارا يعشر في الأرض بالظلم فمسخه الله شهابا وفي رواية له أيضا عن جابر عن الحكم لم يطلع سهيل إلا في الإسلام فإنه ممسوخ وفي رواية له عن عطاء نظر عمر إلى سهيل فسبه وإلى الزهرة فسبها وقال : أما سهيل فكان عشارا وأما الزهرة فهي التي فتنت هاروت وماروت وفيه ذم المكس وأنه موجب لأقبح العفوبات
[ 175 ]
وأشدها وأشنعها وهو المسخ . - (ابن السني) عن محمد بن أحمد بن المهاجر عن الفضل بن يعقوب الزحامي عن عبد الله بن جعفر عن عيسى بن يونس عن أخيه إسرائيل عن جابر الجعفي عن أبي الطفيل (عن علي) أمير المؤمنين . أورده ابن الجوزي في الموضوعات (1) من عدة طرق منها هذا الطريق وقال : مداره على جابر الجعفي وهو كذاب ورواه وكيع عن الثوري موقوفا وهو الصحيح ورواه عنه أيضا الطبراني في الكبير لكنه قال في آخره فمسخه الله شهابا قال الهيثمي : وفيه جابر الجعفي وفيه كلام كثير . 6701 - (كان إذا رأى ما يحب قال الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وإذا رأى ما يكره قال الحمد لله على كل حال) قال ابن عربي : أثنى عليه على كل حال لأنه المعطي بتجليه على كل حال فبالتجلي تغير الحال على الأعيان وبه ظهر الانتقال من حال إلى حال وهو خشوع تحت سلطان التجلي فله النقصان يمحو ويثبت ويوجد ويعدم وفي الحديث الذي صححه الكشف إن الله إذا تجلى لشئ خشع له فإنه يتجلى على الدوام لأن التغيرات مشهودة على الدوام في الظواهر والبواطن والغيب والشهادة والمحسوس والمعقول فشأنه التجلي وشأن الموجودات التغير بالانتقال من حال إلى حال فمنا من يعرفه ومنا من لا يعرف ومن عرفه أظهر له العبودية في كل حال ومن لم يعرفه أنكره في كل حال ولما ترقى المصطفى صلى الله عليه وسلم في المعرفة إلى رتب الكمال حمده وأثنى عليه على كل حال (رب أعوذ بك من حال أهل النار) بين به أن شدائد الدنيا مما يلزم العبد الشكر عليها لأن تلك الشدائد تعم بالتحقيق لأنها تعرضه لمنافع عظيمة ومثوبات جزيلة وأعراض كريمة في العاقبة تتلاشى في جنبها مشقة هذه الشدائد * (وعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) * وما سماه الله خيرا فهو أكثر مما يبلغه الوهم والنعمة ليست خيرا عن اللذة وما اشتهته النفس بمقتضى الطبع [ ص 138 ] بل هي ما يزيد في رفعة الدرجة ذكره الإمام الغزالي . - (ه) وكذا ابن السني (عن عائشة) قال في الأذكار : وإسناده جيد ومن ثم رمز المصنف لحسنه ورواه البزار من حديث علي وفيه عبد الله بن رافع وابنه محمد غير معروفين ومحمد ابن عبد الله بن أبي رافع ضعيف كذا في المنار . 6702 - (كان إذا راعه شئ) أي أفزعه (قال الله الله ربي لا أشرك به شيئا) أي لا مشارك له في ملكه فيسن قول ذلك عند الفزع والخوف . - (ن عن ثوبان) رمز المصنف لحسنه لكن فيه سهل بن هاشم الشامي قال في الميزان عن الأزدي : منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر . وقال أبو داود : هو فوق الثقة لكن يخطئ في الأحاديث .
[ 176 ]
6703 - (كان إذا رضي شيئا) من قول أحد أو فعله (سكت) عليه لكن يعرف الرضا في وجهه كما مر ويجئ في خبر ما يصرح به . - (ابن منده) في الصحابة (عن سهيل) بضم أوله بضبط المصنف (ابن سعد الساعدي أخي سهل) بفتح أوله بضبطه ابن سعد قال الذهبي في الصحابة : يروى له حديث غريب لا يصح اه‍ وكان يشير به إلى هذا . 6704 - (كان إذا رفأ الإنسان) وفي رواية إنسانا بفتح الراء وتشديد الفاء وبهمز وبدونه أي هنأه ودعا له بدل ما كانت عليه الجاهلية تقول في تهنئة المتزوج والدعاء له (إذا تزوج) قال القاضي : والترفيه أن يقول للمتزوج بالرفاء والبنين والرفا بكسر الراء والمد الالتئام والاتفاق من رفأت الثوب إذا أصلحته أو السكون والطمأنينة من رفوت الرجل إذا أسكنته ثم استعير للدعاء للمتزوج وإن لم يكن بهذا اللفظ وقدمها الشارع على قولهم ذلك لما فيه من التنفير عن البنات والتقدير لبغضهن في قلوب الرجال لكونه من دأب الجاهلية (قال بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير) وفي رواية على خير قال الطيبي : إذ الأولى شرطية والثانية ظرفية وقوله قال : بارك الله جواب الشرط وإنما أتى بقوله رفا وقيده بالظرف إيذانا بأن الترفية منسوخة مذمومة وقال : أولا بارك الله لك لأنه المدعو أصالة أي بارك الله لك في هذا الأمر ثم ترقى منه ودعا لهما وعداه بعلى لأن المدار عليه في الذراري والنسل لأنه المطلوب بالتزوج وحسن المعاشرة والموافقة والاستمتاع بينهما على أن المطلوب الأول هو النسل وهذا تابع قال الزمخشري : ومعناه أنه كان يضع الدعاء بالبركة موضع الترفية المنهي عنها واختلف في علة النهي عن ذلك فقيل لأنه لا حمد فيه ولا ثناء ولا ذكر لله وقيل لما فيه من الإشارة إلى بغض البنات لتخصيص البنين بالذكر وقيل غير ذلك . - (حم 4 ك) في النكاح (عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن صحيح وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبي وقال في الأذكار بعد عزوه للأربعة : أسانيده صحيحة . 6705 - (كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه) تفاؤلا بإصابة المراد وحصول الإمداد ففعل ذلك سنة كما جرى عليه جمع شافعية منهم النووي في التحقيق تمسكا بعدة أخبار هذا منها وهي وإن ضعفت أسانيدها تقوت بالاجتماع فقوله في المجموع لا يندب تبعا لابن عبد السلام وقال : لا يفعله إلا جاهل في حيز المنع كما مر . - (ت) في الدعوات (ك) كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال أعني الترمذي : صحيح غريب لكن جزم النووي [ ص 139 ] في الأذكار بضعف سنده .
[ 177 ]
6706 - (كان إذا رفع رأسه من الركوع في صلاة الصبح في آخر ركعة قنت) قال النووي : فيه أن القنوت سنة في صلاة الصبح وأن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان يداوم على القنوت لاقتضاء كان للتكرار قال النووي في شرح مسلم : وهو الذي عليه الكثيرون والمحققون من الأصوليين ورجحه ابن دقيق العيد وقد بين في هذا الحديث محل القنوت وقد اختلف الصحب والتابعون في ذلك وما في هذا الحديث هو ما نقل عن الخلفاء الأربعة وعليه الشافعي ومذهب جمع من الصحب منهم أبو موسى والبراء أن محله قبل الرجوع وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وذهب جمع من السلف إلى ترك القنوت رأسا وعزاه الترمذي إلى أكثر أهل العلم وتعقبوه واختلف النقل عن أحمد . - (محمد بن نصر) في كتاب الصلاة (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه ورواه الحاكم في كتاب القنوت بلفظ كان إذا رفع رأسه من الركوع من صلاة الصبح في الركعة الثانية يرفع يديه ويدعو بهذا الدعاء اللهم اهدني فيمن هديت إلخ قال الزين العراقي : وفيه المقبري ضعيف . 6707 - (كان إذا رفع بصره إلى السماء قال يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك) قال الحليمي : هذا تعليم منه لأمته أن يكونوا ملازمين لمقام الخوف مشفقين من سلب التوفيق غير آمنين من تضييع الطاعات وتتبع الشهوات . - (ابن السني عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 6708 - (كان إذا رفعت) بصيغة المجهول (مائدته) يعني الطعام (قال الحمد لله حمدا) مفعول مطلق إما باعتبار ذاته أو باعتبار تضمنه معنى الفعل والفعل مقدر (كثيرا طيبا) خالصا عن الرياء والسمعة والأوصاف التي لا تليق بجنابه تقدس لأنه طيب لا يقبل إلا طيبا أو خالصا عن أن يرى الحامد أنه قضى حق نعمته (مباركا فيه الحمد لله الذي كفانا) أي دفع عنا شر المؤذيات (وآوانا) في كن نسكنه (غير مكفى) مرفوع على أنه خبر ربنا أي ربنا غير محتاج إلى الطعام فيكفى لكنه يطعم ويكفي (ولا مكفور) أي مجحود فضله وتعميمه (ولا مودع) بفتح الدال الثقيلة أي غير متروك فيعرض عنه (ولا مستغنى عنه) بفتح النون وبالتنوين أي غير متروك الرغبة فيما عنده فلا يدعى إلا هو ولا يطلب إلا منه وإن صحت الرواية بنصب غير فهو صفة حمدا أي حمدا غير مكفى به أي نحمد حمدا لا نكتفي به بل نعود إليه مرة بعد أخرى ولا نتركه ولا نستغني عنه و (ربنا) على هذا منصوب على النداء وعلى الأول مرفوع على الابتداء وغير مكفي خبره وفيه أعاريب أخر وتوجيهات كثيرة . - (حم خ د ت ه عن أبي
[ 178 ]
أمامة) الباهلي قال خالد بن معدان : شهدت وليمة ومعنا أبو أمامة فلما فرغنا قام فقال : ما أريد أن أكون خطيبا ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند فراعه من الطعام ذلك ووهم الحاكم فاستدركه . 6709 - (كان إذا ركع سوى ظهره) أي جعله كالصفيحة الواحدة (حتى لو صب عليه الماء لاستقر) مكانه فيه دليل [ ص 140 ] لما ذهب إليه الأئمة الثلاثة أن الواجب في الركوع الانحناء بحيث تنال راحتاه ركبتيه وتطمئن واكتفى أبو حنيفة بأدنى انحناء . - (ه عن وابصة) بن معبد (طب عن ابن عباس وعن أبي برزة وعن أبي مسعود) رمز المصنف لحسنه قال مغلطاي في شرح ابن ماجه : سنده ضعيف لضعف طلحة بن زيد راويه قال الساجي والبخاري : منكر الحديث وأبو نعيم : لا شئ وأبو أحمد وأبو داود والمديني : يضع الحديث وابن حبان : لا يحل الاحتجاج به والأزدي : ساقط اه‍ . قال ابن حجر : فيه طلحة بن زيد نسبه أحمد وابن المديني إلى الوضع نعم هو من طريق الطبراني جيد فقد قال الهيثمي : رجاله موثقون ورواه أبو يعلى بسند كذلك . 6710 - (كان إذا ركع قال) في ركوعه (سبحان) علم على التسبيح أي أنزه (ربي العظيم) عن النقائص وإنما أضيف بتقدير تنكيره ونصب بفعل محذوف لزوما أي سبح (وبحمده) أي وسبحت بحمده أي بتوفيقه لا بحولي وقوتي والواو للحال أو لعطف جملة على جملة والإضافة فيه إما للفاعل والمراد من الحمد لازمه وهو ما يوجب الحمد من التوفيق أو للمفعول ومعناه سبحت ملتبسا بحمدي لك (ثلاثا) أي يكرر ذلك في ركوعه ثلاث مرات (وإذا سجد قال) في سجوده (سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثا) كذلك قال جمع ومشروعية الركوع ليس من خصائص هذه الأمة لأنه تعالى أمر أهل الكتاب به مع أمة محمد بقوله * (واركعوا مع الراكعين) * وفيه ندب الذكر المذكور وذهب أحمد وداود إلى وجوبه والجمهور على خلافه لأنه عليه الصلاة والسلام لما علم الأعرابي المسئ صلاته لم يذكر له ذلك ولم يأمره قال القاضي : قال فإن قلت لم أوجبتم القول والذكر في القيام والقعود ولم توجبوا في الركوع والسجود قلت لأنهما من الأفعال العادية فلا بد من مميز يصرفهما عن العادة ويمحضهما للعبادة وأما الركوع والسجود فهما بذاتهما يخالفان العادة ويدلان على غاية الخضوع والاستكانة ولا يفتقران إلى ما يقارنهما فيجعلهما طاعة . - (د عن عقبة بن عامر) الجهني رمز المصنف لحسنه قال الحاكم : حديث حجازي صحيح الإسناد وقد اتفقا على الاحتجاج براويه غير إياس بن عامر وهو مستقيم وخرجه ابن خزيمة في صحيحه ولعل المصنف لم يطلع على تصحيح الحاكم أو لم يرتضه حيث رمز لحسنه وكأنه توقف في تصحيحه لقول أبي داود هذه الزيادة يعني قوله وبحمده أخاف أن لا تكون محفوظة لكن بين الحافظ ابن حجر ثبوتها في عدة روايات ثم قال : وفيه رد لإنكار ابن الصلاح وغيره هذه الزيادة
[ 179 ]
قال : وأصلها في الصحيح عن عائشة بلفظ كان يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك . 6711 - (كان إذا ركع فرج أصابعه) تفريجا وسطا أي نحى كل أصبع عن التي تليها قليلا (وإذا سجد ضم أصابعه) منشورة إلى القبلة وفيه ندب تفريج أصابع يديه في الركوع لأنه أمكن وتفريقها في السجود ومثله الجلسات ، قال القرطبي : وحكمة ندب هذه الهيئة في السجود أنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض مع مغايرته لهيئة الكسلان وقال ابن المنير : حكمته أن يظهر كل عضو بنفسه ويتمكن حتى يكون الإنسان الواحد في سجوده كأنه عدد ومقتضاه أن يستقبل كل عضو بنفسه ولا يعتمد بعض الأعضاء على بعض وهذا ضد ما ورد في الصفوف من التصاق بعضهم ببعض لأن القصد هناك إظهار الاتحاد بين المصلين حتى كأنهم واحد ذكره ابن حجر . - (ك هق عن واثل بن حجر) ابن ربيعة قال الذهبي : له صحبة ورواية قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره عليه الذهبي وقال الهيثمي : سنده حسن . 6712 - (كان إذا رمى الجمار مشى إليه) أي الرمي (ذاهبا وراجعا) فيه أنه يسن الرمي ماشيا وقيده الشافعية برمي غير النفر أما هو فيرميه راكبا لأدلة مبينة في الفروع وقال الحنفية : كل رمي بعده رمي يرميه ماشيا مطلقا ورحجه المحقق ابن الهمام وقال مالك وأحمد : ماشيا في أيام التشريق . - (ت) في الحج (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته . 6713 - (كان إذا رمى جمرة العقبة مضى ولم يقف) أي لم يقف للدعاء كما يقف في غيرها من الجمرات وعليه إجماع الأربعة وضابطه أن كل جمرة بعدها جمرة يقف عندها وإلا فلا . - (ه عن ابن عباس) رمز لحسنه . 6714 - (كان إذا رمدت) قالوا : الرمد ورم حار يعرض للشحمة من العين وهو بياضها الظاهر وسببه انصباب أحد الأخلاط الأربعة أو حرارة في الرأس أو البدن أو غير ذلك (عين امرأة من نسائه) يعني حلائله (لم يأتها) أي لم يجامعها (حتى تبرأ عينها) لأن الجماع حركة كلية عامة يتحرك فيها البدن وقواه وطبيعته وأخلاطه والروح والنفس وكل حركة هي مثيرة للأخلاط مرققة لها توجب دفعها وسيلانها إلى الأعضاء الضعيفة والعين حال رمدها في غاية الضعف فأضر ما عليها حركة الجماع وهذا من الطب المتفق عليه بلا نزاع . - (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أم سلمة) .
[ 180 ]
6715 - (كان إذا زوج أو تزوج امرأة نثر تمرا) فيه أنه يسن لمن اتخذ وليمة أن ينثر للحاضرين تمرا أو زبيبا أو لوزا أو سكرا أو نحو ذلك وتخصيص التمر في الحديث ليس لإخراج غيره بل لأنه المتيسر عند أهل الحجاز لكن مذهب الشافعي أن تقديم ذلك للحاضرين سنة ونثره جائز ويجوز التقاطه والترك أولى . - (هق عن عائشة) . 6716 - (كان إذا سأل الله) تعالى خيرا (جعل باطن كفيه إليه وإذا استعاذ) من شر (جعل ظاهرهما إليه) لدفع ما يتصوره من مقابلة العذاب والشر فيجعل يديه كالترس الواقي عن المكروه ولما فيه من التفاؤل برد البلاء . - (حم عن السائب) رمز لحسنه قال ابن حجر : وفيه ابن لهيعة وقال الهيثمي : رواه أحمد مرسلا بإسناد حسن اه‍ . وفيه إيذان بضعف هذا المتصل فتحيز المصنف له كأنه لاعتضاده . 6717 - (كان إذا سال السيل قال اخرجوا بنا إلى هذا الوادي الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه ونحمد الله عليه) فيسن فعل ذلك لكل أحد . قال الشافعية : ويسن لكل أحد أن يبرز للمطر ولأول مطر آكد ويكشف له من بدنه غير عورته ويغتسل ويتوضأ في سيل الوادي فإن لم يجمعهما توضأ . - (الشافعي) في مسنده (هق) كلاهما (عن يزيد بن الهاد) مرسلا ظاهره أنه لا علة فيه إلا الإرسال والأمر بخلافه فقد قال الذهبي في المهذب : إنه مع إرساله منقطع أيضا . 6718 - (كان إذا سجد جافى) مرفقيه عن إبطيه مجافاة بليغة أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها (حتى نرى) بالنون كما [ ص 142 ] في شرح البخاري للقسطلاني وفي رواية حتى يرى بضم التحتية مبنيا للمفعول وفي رواية حتى يبدو أي يظهر لكثرة تجافيه (بياض إبطيه) فيسن ذلك سنا مؤكدا للذكر لا الأنثى قال ابن جرير : وزعم أنه إنما فعله عند عدم الازدحام وضيق المكان لا دليل عليه والكلام حيث لا عذر كعلة أو ضيق مكان اه‍ . والمراد يرى لو كان غير لابس ثوبا أو هو على ظاهره وأن إبطه كان أبيض وبه صرح الطبري فقال : من خصائصه أن الإبط من جميع الناس متغير اللون بخلافه ومثله القرطبي وزاد ولا شعر عليه وتعقبه صاحب شرح تقريب الأسانيد بأنه لم يثبت وبأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال ولا يلزم من بياضه كونه لا شعر له . - (حم) وكذا ابن خزيمة وأبو عوانة (عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه قال أبو زرعة : صحيح وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح ورواه ابن جرير في تهذيبه من عدة طرق عن ابن عباس وسببه عنده أنه قيل له هل لك في مولاك فلان إذا سجد وضع
[ 181 ]
صدره وذراعيه بالأرض فقال : هكذا يربض الكلب ثم ذكره وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وليس كذلك بل رواه البخاري بلفظ كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه ومسلم بلفظ كان إذا سجد فرج يديه عن إبطيه حتى إني لأرى بياض إبطيه . 6719 - (كان إذا سجد رفع العمامة عن جبهته) وسجد على جبهته وأنفه دون كور عمامته قال ابن القيم : لم يثبت عنه سجود على كور عمامته في خبر صحيح ولا حسن وأما خبر عبد الرزاق كان يسجد على كور عمامته ففيه متروك . - (ابن سعد) في طبقاته (عن صالح بن خيران) بفتح الخاء المعجمة وسكون المثناة تحت وراء ويقال بحاء مهملة أيضا وهو السبائي بفتح المهملة والموحدة مقصورا (مرسلا) قال الذهبي : الأصح أنه تابعي وحكى في التقريب أنه من الطبقة الرابعة . 6720 - (كان إذا سر استنار وجهه) أي أضاء (كأنه) أي الموضع الذي يتبين فيه السرور وهو جبينه (قطعة قمر) قال البلقيني : عدل عن تشبيهه بالقمر إلى بشبيهه بقطعة منه لأن القمر فيه قطعة يظهر فيها سواد وهو المسمى بالكلف فلو شبه بالمجموع لدخلت هذه القطعة في المشبه به وغرضه الشبيه على أكمل وجه فلذلك قال قطعة قمر يريد القطعة الساطعة الإشراق الخالية من شوائب الكدر وقال ابن حجر : لعله حين كان متلثما والمحل الذي يتبين فيه السرور جبينه وفيه يظهر السرور فوقع الشبه على بعض الوجه فناسب تشبيهه ببعض القمر قال : ويحتمل أنه أراد بقطعة قمر نفسه والتشبيه وارد على عادة الشعراء وإلا فلا شئ يعدل حسنه وفي الطبراني عن جبير بن مطعم التفت بوجهه مثل شقة القمر فهذا محمول على صفته عند الالتفات وفي رواية للطبراني كأنه دارة قمر . - (ق عن كعب بن مالك) . 6721 - (كان إذا سلم من الصلاة قال ثلاث مرات سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين) أخذ منه بعضهم أن الأولى عدم وصل السنة التالية للفرض بل يفصل بينهما بالأوراد المأثورة . - (ع عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه . 6722 - (كان إذا سلم لم يقعد) أي بين الفرض والسنة لما صح أنه كان يقعد بعد أداء الصبح في مصلاه حتى تطلع الشمس [ ص 143 ] وقد أشار إلى ذلك البيضاوي بقوله إنما ذلك في صلاة بعدها راتبة أما التي
[ 182 ]
لا راتبة بعدها فلا (إلا بمقدار ما يقول اللهم أنت السلام) أي السالم من كل ما لا يليق بجلال الربوبية وكمال الألوهية (ومنك) لا من غيرك لأنك أنت السلام الذي تعطي السلامة لا غيرك وإليك يعود السلام وكل ما يشاهد من سلامة فإنها لم تظهر إلا منك ولا تضاف إلا إليك (السلام) أي منك يرجى ويستوهب ويستفاد السلامة (تباركت يا ذا الجلال والإكرام) أي تعاظمت وارتفعت شرفا وعزة وجلالا وما تقرر من حمل لم يقعد إلا بمقدار ما ذكر على ما بين الفرض والسنة هو ما ذهب إليه ذاهبون أي لم يمكث مستقبل القبلة إلا بقدر ما يقول ذلك وينتقل ويجعل يمينه للناس ويساره للقبلة وجرى ابن حجر على نحوه فقال : المراد بالنفي نفي استمراره جالسا على هيئته قبل الإسلام إلا بقدر ما يقول ذلك فقد ثبت أنه كان إذا صلى أقبل على أصحابه . وقال ابن الهمام : لم يثبت عن المصطفى صلى الله عليه وسلم الفصل بالأذكار التي يواظب عليها في المساجد في عصرنا من قراءة آية الكرسي والتسبيحات وأخواتها ثلاثا وثلاثين وغيرها والقدر المتحقق أن كلا من السنن والأعداد له نسبة إلى الفرائض بالتبعية والذي ثبت عنه أنه كان يؤخر السنة عنه من الأذكار هو ما في هذا الحديث فهذا نص صريح في المراد وما يتخيل أنه يخالفه لم يعرفوه إذ يلزم دلالته على ما يخالف اتباع هذا النص ، واعلم أن المذكور في حديث عائشة هذا هو قولها لم يقعد إلا مقدار ما يقول وذلك لا يستلزم سنية أن يقول ذلك بعينه في دبر كل صلاة إذا لم يقل إلا حتى يقول أو إلى أن يقول فيجوز كونه كان مرة بأوله ومرة يقول غيره من الأوراد الواردة ومقتضى العبارة حينئذ أن السنة أن يفصل بذكر قدر ذلك وذلك يكون تقريبا فقد يزيد قليلا وقد ينقص قليلا وقد يدرج وقد يرتل فأما ما يكون زيادة غير متقاربة مثل العدد المعروف من التسبيحات والتحميدات والتكبيرات فينبغي استنان تأخيره عن الراتبة وكذا آية الكرسي ونحوها على أن ثبوت ذلك عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمواظبة فلم تثبت بل الثابت ندبه إلى ذلك ولا يلزم من ندبه إلى شئ مواظبته عليه فالأولى أن لا تقرأ الأعداد قبل السنة لكن لو فعل لم تسقط حتى إذا صلى بعد الأوراد يقع سنة مؤداة قال أبو زرعة : هذا لا يعارضه خبر إن الملائكة تصلي على أحدكم ما دام في مصلاه لأنه كان يترك الشئ وهو يحب فعله خشية المشقة على الناس والافتراض عليهم . - (م 4) في الصلاة كلهم (عن عائشة) ولم يخرجه البخاري . 6723 - (كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح) أي هلموا إليها وأقبلوا وتعالوا مسرعين (قال لا حول ولا قوة إلا بالله) قال ابن الأثير : المراد بهذا ونحوه إظهار الفقر إلى الله بطلب المعونة منه على ما يحاول من الأمور كالصلاة هنا وهو حقيقة العبودية . - (حم عن أبي رافع) ورواه عنه أيضا البزار والطبراني قال الهيثمي : وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف لكن روى عنه مالك . 6724 - (كان إذا سمع المؤذن يتشهد) أي ينطق بالشهادتين في أذانه (قال وأنا وأنا) أي يقول عند شهادة أن لا إله إلا الله وأنا وعند أشهد أن محمدا رسول الله وأنا . رواه ابن حبان وبوب عليه باب
[ 183 ]
إباحة الاقتصار عند سماع الأذان على وأنا وأنا . قال الطيبي : وقوله وأنا عطف على قول المؤذن يتشهد على تقدير العامل الاستئناف أي وأنا أشهد كما تشهد والتكرير وأنا راجع إلى الشهادتين . قال : وفيه أنه كان مكلفا أن يشهد على رسالته كسائر الأمة وفيه لو اقتصر عليه حصل له فضل متابعة الأذان كله . (د ك عن عائشة) . 6725 - (كان إذا سمع المؤذن قال حي على الفلاح قال : اللهم اجعلنا مفلحين) أي فائزين بكل خير ناجين من كل ضير . - (ابن السني) في عمل يوم وليلة (عن معاوية) بن أبي سفيان . قال السخاوي : وفيه نصر بن طريف أبو جزء القصاب متروك والراوي عنه عبد الله بن واقد قال البخاري : متروك . 6726 - (كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق) جمع صاعقة وهو قصفة رعد تنقض منها قطعة من نار (قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك) خص القتل بالغضب والإهلاك بالعذاب لأن نسبة الغضب إلى الله استعارة والمشبه به الحالة التي تعرض للملك عند انفعاله وغليان دم القلب ثم الانتقام من المغضوب عليه ، وأكثر ما ينتقم به القتل فرشح الاستعارة به عرفا والإهلاك والعذاب جاريان على الحقيقة في حق الحق ولما لم يكن تحصيل المطلوب إلا بمعافاة الله كما في خبر أعوذ بمعافاتك من عقوبتك قال : وعافانا إلخ . - (حم ت) في كتاب الدعاء قال الصدر المناوي : بسند جيد (ك) في الأدب (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . لكن قال النووي في الأذكار بعد عزوه للترمذي : إسناده ضعيف . قال الحافظ العراقي : وسنده حسن قال المناوي : وقد عزاه النووي في خلاصته لرواية البيهقي وقال : فيه الحجاج بن أرطأة وهو قصور فإن الحديث في الترمذي من غير طريق الحجاج اه‍ . وقال ابن حجر : حديث غريب أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحجاج صدوق لكنه مدلس وقد صرح بالتحديث ، والعجب من الشيخ - يعني النووي - يطلق الضعف على هذا وهو متماسك ، وسكت على خبر ابن مسعود وقد تفرد به متهم بالكذب . 6727 - (كان إذا سمع بالاسم القبيح حوله إلى ما هو أحسن منه) فمن ذلك تبديله عاصية بجميلة ، والعاصي بن الأسود بمطيع لأن الطباع السليمة تنفر عن القبيح وتميل إلى الحسن المليح وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير . قال القرطبي : وهذه سنة ينبغي الاقتداء به فيها وفي أبي داود كان لا يتطير وإذا بعث غلاما سأل عن اسمه فإذا أعجبه اسمه فرح ورؤي بشره في وجهه ، فإن كره اسمه
[ 184 ]
رئي كراهته في وجهه . قال القرطبي : ومن الأسماء ما غيره وصرفه عن مسماه لكن منع منه حماية واحتراما لأسماء الله وصفاته عن أن يسمى بها فقد غير اسم حكم وعزيز كما رواه أبو داود لما فيهما من التشبه بأسماء الله تعالى . - (ابن سعد) في الطبقات (عن عروة) بن الزبير (مرسلا) ظاهره أنه لم يره مخرجا لأشهر من ابن سعد وأنه لم يقف عليه موصولا ولا عجب من هذا الإمام المطلع وقد رواه بنحوه بزيادة الطبراني في الصغير عن عائشة بسند قال الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ولفظه كان إذا سمع اسما قبيحا غيره فمر على قرية يقال لها عفرة فسماها خضرة هذا لفظه فعدول المصنف عنه قصور أو تقصير . 6728 - (كان إذا شرب الماء قال الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا) الفرات العذب فالجمع بينهما للإطناب وهو لائق في مقام السؤال والابتهال (برحمته ولم يجعله ملحا أجاجا) بضم الهمزة مرا شديد الملوحة وكسر الهمزة لغة نادرة [ ص 145 ] (بذنوبنا) أي بسبب ما ارتكبناه من الذنوب . - (حل) من حديث الفضل عن جابر بن يزيد الجعفي (عن أبي جعفر) محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب مرسلا ، ثم قال : غريب ورواه أيضا كذلك الطبراني في الدعاء . قال ابن حجر : وهذا الحديث مع إرساله ضعيف من أجل جابر الجعفي . 6729 - (كان إذا شرب تنفس) خارج الإناء (ثلاثا) من المرات إن كان يشرب ثلاث دفعات والمراد التنفس خارج الإناء يسمي الله في أول كل مرة ويحمده في آخرها كما جاء مصرحا به في رواية واستحب بعضهم أن يكون التنفس الأول في الشرب خفيفا والثاني أطول والثالث إلى ربه ولم أقف له على أصل (ويقول هو) أي الشرب بثلاث دفعات (أهنأ) بالهمز من الهناء وفي رواية بدله أروى من الري بكسر الراء أي أكثر ريا قال ابن العربي : والهناء خلوص الشئ عن النصب والنكد والاستمراء الملائمة واللذة (وأمرأ) بالهمز من المرئ أي أكثر مراءة أي أقمع للظمأ وأقوى على الهضم (وأبرأ) بالهمز من البراءة أو من البرئ أي أكثر برءا أي صحة للبدن فهو يبرئ كثيرا من شدة العطش لتردده على المعدة الملتهبة بدفعات فتسكن الثانية ما عجزت الأولى عن تسكينه والثالثة ما عجزت عنه الثانية وذلك اسلم للحرارة الغريزية فإن هجوم البارد يطفئها ويفسد مزاج الكبد والتنفس استمداد النفس . (حم ق عن أنس) بن مالك . 6730 - (كان إذا شرب تنفس مرتين) أي تنفس في أثناء الشرب مرتين فيكون قد شرب ثلاث مرات وسكت عن التنفس الأخير لكونه من ضرورة الواقع فلا تعارض بينه وبين ما قبله وبعده من
[ 185 ]
الثلاث قال ابن العربي : وبالجملة فالتنفس في الإناء يعلق به روائح منكرة تفسد الماء والإناء وذلك يعلم بالتجربة ولذلك قلنا إن الشرب على الطعام لا يكون إلا حتى يسمح فمه ولا يدخل حرف الإناء في فيه بل يجعله على الشفة ويتعلق الماء بشربه بالشفة العليا مع نفسه بالاجتذاب فإذا جاء نفسه الخارج أبان الإناء عن فيه . - (ت عن ابن عباس) قال الحافظ في الفتح : سنده ضعيف . 6731 - (كان إذا شرب تنفس في الإناء ثلاثا) قال القاضي : يعني كان يشرب بثلاث دفعات لأنه أقمع للعطش وأقوى على الهضم وأقل أثرا في برد المعدة وضعف الأعصاب (يسمي عند كل نفس) بفتح الفاء بضبطه (ويشكر) الله تعالى (في آخرهن) بأن يقول الحمد لله إلى آخر ما جاء في الحديث المتقدم والحمد رأس الشكر كما في حديث . قال الزين العراقي : هذا يدل على أنه إنما يشكر مرة واحدة بعد فراغ الثلاث لكن في رواية للترمذي أنه كان يحمد بعد كل نفس وفي الغيلانيات من حديث ابن مسعود كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس في الإناء ثلاثا يحمد على كل نفس ويشكر عند أخرهن . - (ابن السني) في الطب (طب) كلاهما (عن ابن مسعود) قال النووي في الأذكار عقب تخريجه لابن السني : إسناده ضعيف قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني : رجاله رجال الصحيح إلا المعلى فاتفقوا على ضعفه قال البخاري : منكر الحديث وقال النسائي : متروك انتهى . وسبقه الذهبي ففي الميزان معلى بن عرفان منكر الحديث وقال الحاكم : متروك وكان من غلاة الشيعة انتهى . ومن ثم قال ابن حجر : غريب ضعيف ورواه الدارقطني أيضا في الأفراد . 6732 - (كان إذا شهد جنازة) أي حضرها (أكثر الصمات) بضم الصاد السكوت (وأكثر حديث نفسه) أي [ ص 146 ] في أهوال الموت وما بعده من القبر والظلمة وغير ذلك . - (ابن المبارك وابن سعد) في الطبقات (عن عبد العزيز بن أبي رواد) بفتح الراء وشد الواو وقال : صدوق عابد ربما وهم رمي بالإرجاء (مرسلا) هو مولى المهلب بن أبي صفرة قال الذهبي : ثقة مرجئ عابد . 6733 - (كان إذا شهد جنازة رؤيت عليه كآبة) بالمد أي تغير نفس بانكسار (وأكثر حديث النفس) قال في فتح القدير : ويكره لمشيع الجنازة رفع الصوت بالذكر والقراءة ويذكر في نفسه . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة .
[ 186 ]
6734 - (كان إذا شيع جنازة علا كربه) بفتح فسكون ما يدهم المرء مما يأخذ بنفسه فيغمه ويحزنه (وأقل الكلام وأكثر حديث نفسه) تفكرا فيما إليه المصير . - (الحاكم في) كتاب (الكنى عن عمران بن حصين) . 6735 - (كان إذا صعد المنبر) للخطبة (سلم) فيه رد على أبي حنيفة ومالك حيث لم يسنا للخطيب السلام عنده . - (ه عن جابر) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الزيلعي : حديث رواه وسأل عنه ابن أبي حاتم أباه فقال : هذا موضوع . وقال الحافظ ابن حجر : سنده ضعيف جدا انتهى . وكيفما كان فكان الأولى للمصنف حذفه من الكتاب فضلا عن رمزه لحسنه . 6736 - (كان إذا صلى الغداة) أي الصبح (جاءه خدم أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى بإناء إلا غمس يده فيه) للتبرك بيده الشريفة وفيه بروزه للناس وقربه منهم ليصل كل ذي حق لحقه وليعلم الجاهل ويقتدي بأفعاله وكذا ينبغي للأئمة بعده . - (حم م عن أنس) بن مالك . 6737 - (كان إذا صلى الغداة) لفظ رواية مسلم الفجر (جلس في مصلاه) أي يذكر الله تعالى كما في رواية الطبراني (حتى تطلع الشمس) حسناء هكذا هو ثابت في صحيح مسلم في رواية وأسقطها في رواية أخرى قال البيضاوي : قيل الصواب حسناء على المصدر أي طلوعها حسناء ومعناه أنه كان يجلس متربعا في مجلسه إلى ارتفاع الشمس وفي أكثر النسخ حسناء فعلى هذا يحتمل أن يكون صفة لمصدر محذوف والمعنى ما سبق أو حالا والمعنى حتى تطلع الشمس نقية بيضاء زائلة عنها الصفرة التي تتخيل فيها عند الطلوع بسبب ما يعترض دونها على الأفق من الأبخرة والأدخنة وفيه ندب القعود في المصلى بعد الصبح إلى طلوع الشمس مع ذكر الله عز وجل . - (حم م 3) كلهم في الصلاة (عن جابر بن سمرة) . 6738 - (كان إذا صلى بالناس أقبل عليهم بوجهه) أي إذا صلى صلاة ففرغ منها أقبل عليهم ولضرورة أنه لا يتحول [ ص 147 ] عن القبلة قبل الفراغ وذلك ليذكرهم ويسألهم ويسألوه فقال : هل فيكم
[ 187 ]
مريض أعوده فإن قالوا : لا قال : فهل فيكم جنازة أتبعها (فإن قالوا لا قال من رأى منكم رؤيا) مقصور غير منصرف وتكتب بالألف كراهة اجتمامثلين (يقصها علينا) أي لنعبرها له قال الحكيم : كان شأن الرؤيا عنده عظيم فلذلك كان يسأل عنه كل يوم وذلك من أخبار الملكوت من الغيب ولهم في ذلك نفع في أمر دينهم بشرى كانت أو نذارة أو معاتبة اه‍ . وقال القرطبي : إنما كان يسألهم عن ذلك لما كانوا عليه من الصلاح والصدق وعلم أن رؤياهم صحيحة يستفاد منها الاطلاع على كثير من علم الغيب وليسن لهم الاعتناء بالرؤيا والتشوق لفوائدها ويعلمهم كيفية التعبير وليستكثر من الاطلاع على الغيب وقال ابن حجر : فيه أنه يسن قص الرؤيا بعد الصبح والانصراف من الصلاة وأخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل كان عليه السلام إذا صلى الصبح قال : هل رأى أحد منكم شيئا فإذا قال رجل أنا قال خيرا تلقاه وشرا توقاه وخيرا لنا وشرا لأعدائنا والحمد لله رب العالمين اقصص رؤياك . الحديث وسنده ضعيف جدا قال ابن حجر : في الحديث إشارة إلى رد ما خرجه عبد الرزاق عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن عن بعض علمائهم لا تقصص رؤياك على امرأة ولا تخبر بها حتى تطلع الشمس ورد على من قال من أهل التعبير يستحب أن يكون تفسير الرؤيا بعد طلوع الشمس إلى الرابعة من العصر إلى قبيل المغرب فإن الحديث دل على ندب تعبيرها قبل طلوع الشمس ولا يصح قولهم بكراهة تعبيرها في أوقات كراهة الصلاة . قال المهلب : تعبير الرؤيا بعد الصبح أولى من جميع الأوقات لحفظ صاحبها لها لقرب عهده بها وقل ما يعرض له نسيانها ولحضور ذهن العابر وقلة شغله فيما يفكره فيما يتعلق بمعاشه وليعرض الرائي ما يعرض له بسبب رؤياه . (تنبيه) قال ابن العربي : صور العالم الحق من الاسم الباطن صور الرؤيا للنائم والتعبير فيها كون تلك الصور أحوال الرائي لا غيره فما رأى إلا نفسه فهذا هو قوله في حق العارفين * (ويعلمون أنه الحق المبين) * أي الظاهر فمن اعتبر الرؤيا يرى أمرا هائلا ويتبين له ما لا يدركه من غير هذا الوجه فلهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يسألهم عنها لأنها جزء من النبوة فكان يحب أن يشهدها في أمته والناس اليوم في غاية من الجهل بهذه المرتبة التي كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعتني بها ويسأل كل يوم عنها والجهلاء في هذا الزمان إذا سمعوا بأمر وقع في النوم لم يرفعوا له رأسا وقالوا : ليس لنا أن نحكم بهذا الخيال وما لنا وللرؤيا فيستهزئون بالرائي وذلك لجهل أحدهم بمقامها وجهله بأنه في يقظته وتصرفه في رؤيا وفي منامه في رؤيا فهو كمن يرى أنه استيقظ وهو في نومه وهو قوله عليه السلام الناس نيام فما أعجب الأخبار النبوية لقد أبانت عن الحقائق على ما هي عليه وعظمت ما استهونه العقل القاصر فإنه ما صدر إلا من عظيم وهو الحق تعالى . تكميل : قالوا : ينبغي أن يكون العابر دينا حافظا ذا حلم وعلم وأمانة وصيانة كاتما لأسرار الناس في رؤياهم وأن يستغرق المنام من السائل بأجمعه ويرد الجواب على قدر السؤال للشريف والوضيع ولا يعبر عند طلوع الشمس ولا غروبها ولا زوالها ولا ليله ومن آداب الرائي كونه صادق اللهجة وينام على طهر لجنبه الأيمن ويقرأ والشمس والليل والتين والإخلاص والمعوذتين ويقول اللهم إني أعوذ بك من سئ الأحلام وأستجير بك من تلاعب الشيطان في اليقظة والمنام اللهم إني أسألك رؤيا صالحة صادقة نافعة حافظة غير منسية اللهم أرني في منامي ما أحب . ومن آدابه أنه لا يقصها على امرأة ولا على عدو ولا جاهل . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب .
[ 188 ]
6739 - (كان إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع) ليفصل بين الفرض والنفل لا للراحة من تعب القيام فسقط قول ابن [ ص 148 ] العربي أن ذلك لا يسن إلا للمتهجد (على شقه الأيمن) لأنه كان يحب التيامن في شأنه كله أو تشريع لنا لأن القلب في جهة اليسار فلو اضطجع عليه استغرق نوما لكونه أبلغ في الراحة بخلاف اليمين فإنه يكون معلقا فلا يستغرق وهذا بخلافه عليه السلام فإن قلبه لا ينام وهذا منصوب وعليه حمل الأمر به في خبر أبي داود وأفرط ابن حزم فأخذ بظاهره فأوجب الاضطجاع على كل أحد وجعله شرطا لصحة صلاة الصبح وغلطوه قال الشافعي فيما حكاه البيهقي : وتتأدى السنة بكل ما يحصل به الفعل من اضطجاع أو مشي أو كلام أو غير ذلك اه‍ قال ابن حجر : ولا يتقيد بالأيمن . - (خ عن عائشة) ظاهره أن هذا من تفردات البخاري على مسلم وليس كذلك فقد عزاه الصدر المناوي وغيره لهما معا فقالوا : رواه الشيخان من حديث الزهري عن عروة عن عائشة . 6740 - (كان إذا صلى صلاة أثبتها) أي داوم عليها بأن يواظب على إيقاعها في ذلك الوقت أبدا ولهذا لما فاته سنة العصر لم يزل يصليها بعده وما تركها حتى لقي الله وقد عدوا المواظبة على ذلك من خصائصه . - (م عن عائشة) . 6741 - (كان إذا صلى) يحتمل أراد أن يصلي ويحتمل فرغ من صلاته أما فعل ذلك في أثناء الصلاة فبعيد لأمره في أخبار بالمحافظة على سكون الأطراف فيها (مسح بيده اليمنى على رأسه ويقول بسم الله الذي لا إله غيره الرحمن الرحيم اللهم أذهب عني الهم) وهو كل أمر يهم الإنسان أو يهينه (والحزن) وهو الذي يظهر منه في القلب خشونة وضيق يقال مكان حزن أي خشن وقيل الهم والغم والحزن من واد واحد وهي ما يصيب القلب من الألم من فوات محبوب إلا أن الغم أشدهما والحزن أسهلهما . - (خط عن أنس) بن مالك . 6742 - (كان إذا صلى الغداة في سفر مشى عن راحلته قليلا) الراحلة الناقة التي تصلح لأن ترتحل فظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته كما وقفت عليه في سنن البيهقي وناقته تقاد ولعل المصنف حذفه سهوا . - (حل) من حديث سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن أنس قال : غريب من حديث سليمان ويحيى (هق عن أنس) ورواه الطبراني في الأوسط بلفظ كان إذا صلى الفجر في السفر مشى . قال الحافظ العراقي : وإسناده جيد .
[ 189 ]
6743 - (كان إذا ظهر في الصيف استحب أن يظهر ليلة الجمعة وإذا دخل البيت في الشتاء استحب أن يدخل ليلة الجمعة) لأنها الليلة الغراء فجعل غرة عمله فيها تيمنا وتبركا . - (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في الطب) النبوي (عن عائشة) ورواه عنها أيضا باللفظ المزبور البيهقي في الشعب وقال : تفرد به الزبيدي عن هشام وروى من وجه آخر أضعف منه عن ابن عباس اه‍ . 6744 - (كان إذا طاف بالبيت استلم الحجر والركن) أي اليماني زاد في رواية وكبر (في كل طواف) أي في كل طوفة فذلك سنة قال الفاكهي عن ابن جرير : ولا يرفع بالقبلة صوته كصوته كقبلة النساء قال المصنف : وفي الحجر فضيلتان الحجر وكونه على قواعد إبراهيم فله التقبيل والاستلام وللركن اليماني فضيلة واحدة فله الاستلام فقط . - (ك) في الحج (عن [ ص 149 ] ابن عمر) بن الخطاب وقال : صحيح وأقره الذهبي . 6745 - (كان إذا عرس) بالتشديد أي نزل وهو مسافر آخر الليل للاستراحة والتعريس نزول المسافر آخر الليل نزله للنوم والاستراحة (وعليه ليل) وفي رواية للترمذي بليل أي زمن ممتد منه (توسد يمينه) أي يده اليمنى أي جعلها وسادة لرأسه ونام نوم المتمكن لاعتماده على الانتباه وعدم فوت الصبح لبعده (وإذا عرس قبل الصبح) أي قبيله (وضع رأسه على كفه اليمنى وأقام ساعده) لئلا يتمكن من النوم فتفوته الصبح كما وقع في قصة الوادي فكان يفعل ذلك لأنه أعون على الانتباه وذلك تشريع وتعليم منه لأمته لئلا يثقل بهم النوم فيفوتهم أول الوقت . - (حم حب ك عن أبي قتادة) ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة والأمر بخلافه فقد خرجه الترمذي في الشمائل بل عزاه الحميدي والمزني إلى مسلم في الصلاة وكذا الذهبي لكن قيل إنه ليس فيه . 6746 - (كان إذا عصفت الريح) أي اشتد هبوبها وريح عاصف شديد الهبوب قال داعيا إلى الله (اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به) قال الطيبي : يحتمل الفتح على الخطاب ويحتمل بناؤه للمفعول اه‍ . وفي رواية بدل أرسلت به جبلت عليه أي خلقت وطبعت عليه ذكره ابن الأثير (وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت إليه) تمامه عند مخرجه مسلم وإذا تخيلت
[ 190 ]
السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سرى عنه فعرفت ذلك عائشة فسألته فقال لعله كما قال قوم عاد * (فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا (1)) * [ الاحقاف : 24 ] اه‍ . بنصه وكأن المصنف ذهل عنه - (حم م ت عن عائشة) . 6747 - (كان إذا عطس) بفتح الطاء من باب ضرب وقيل من باب قتل (حمد الله) أي أتى بالحمد عقبه والوارد عنه الحمد لله رب العالمين وروي الحمد لله على كل حال (فيقال له يرحمك الله) ظاهره الاقتصار على ذلك لكن ورد عن ابن عباس بإسناد صحيح يقال عافانا الله وإياكم من النار يرحمكم الله (فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم) أي حالكم وقد تقدم شرحه غير مرة . - (حم طب عن عبد الله بن جعفر) ذي الجناحين رمز المصنف لحسنه وفيه رجل حسن الحديث على ضعف فيه وبقية رجاله ثقات ذكره الهيثمي . 6748 - (كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض) وفي رواية غض (بها صوته) أي لم يرفعه بصيحة كما يفعله العامة وفي رواية لأبي نعيم خمر وجهه وفاه وفي أخرى كان إذا عطس غطى وجهه بيده أو ثوبه إلخ قال التوربشتي : هذا نوع من الأدب بين يدي الجلساء فإن العطاس يكره الناس سماعه ويراه الراؤون من فضلات الدماغ . - (د ت) وقال : [ ص 150 ] حسن صحيح (ك) في الأدب (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 6649 - (كان إذا عمل عملا أثبته) أي أحكم عمله بأن يعمل في كل شئ بحيث يداوم دوام أمثاله وذلك محافظة على ما يحبه ربه ويرضاه لقوله في الحديث المار " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه " . - (م د عن عائشة) . 6750 - (كان إذا غزى قال اللهم أنت عضدي) أي معتمدي قال القاضي : العضد ما يعتمد عليه ويثق به المرء في الحرب وغيره من الأمور (وأنت نصيري بك أحول) بحاء مهملة قال الزمخشري : من
[ 191 ]
حال يحول بمعنى احتال والمراد كيد العدو أو من حال بمعنى تحول وقيل أدفع وأمنع من حال بين الشيئين إذا منع أحدهما عن الآخر (وبك أصول) بصاد مهملة أي أقهر قال القاضي : والصول الحمل على العدو ومنه الصائل (وبك أقاتل) عدوك وعدوي قال الطيبي : والعضد كناية عما يعتمد عليه ويثق المرء به في الخيرات ونحوها وغيرها من القوة . - (حم د) في الجهاد (د ت) في الدعوات (د ك والضياء) المقدسي في المختارة كلهم (عن أنس) بن مالك وقال الترمذي : حسن غريب ورواه عنه أيضا النسائي في يوم وليلة . 6751 - (كان إذا غضب احمرت وجنتاه) لا ينافي ما وصفه الله به من الرأفة والرحمة لأنه كما أن الرحمة والرضا لا بد منهما للاحتياج إليهما كذلك الغضب والاستقصاء كل منهما في حيزه وأوانه ووقته وإبانه قال تعالى * (ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) * وقال * (أشداء على الكفار رحماء بينهم) * فهو إذا غضب إنما يغضب لإشراق نور الله على قلبه ليقيم حقوقه وينفذ أوامره وليس هو من قبيل العلو في الأرض وتعظيم المرء نفسه وطلب تفردها بالرياسة ونفاذ الكلمة في شئ . - (طب عن ابن مسعود وعن أم سلمة) . 6752 - (كان إذا غضب وهو قائم جلس وإذا غضب وهو جالس اضطجع فيذهب غضبه) لأن البعد عن هيئة الوثوب والمسارعة إلى الانتقام مظنة سكون الحدة وهو أنه يسن لمن غضب أن يتوضأ . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن أبي هريرة) . 6753 - (كان إذا غضب لم يجترئ عليه أحد إلا علي) أمير المؤمنين لما يعلمه من مكانته عنده وتمكن وده من قلبه بحيث يحتمل كلامه في حال الحدة فأظم بها منقبة تفرد بها عن غيره . - (حم ك) في فضائل الصحابة عن حسين الأشقر عن جعفر الأحمر عن مخول عن منذر (عن أم سلمة) قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي بأن الأشقر وثق وقد اتهمه ابن عدي وجعفر تكلم فيه اه‍ . ورواه الطبراني عنها أيضا بزيادة فقالت : كان إذا غضب لم يجترئ عليه أحد أن يكلمه إلا علي قال الهيثمي : سقط منه تابعي وفيه حسين الأشقر ضعفه الجمهور وبقية رجاله وثقوا اه‍ . فأشار إلى أن فيه مع الضعف انقطاع . 6754 - (كان إذا غضبت عائشة عرك بأنفهما) بزيادة الباء (وقال) ملاطفا لها (يا عويش) منادى
[ 192 ]
مصغر مرخم فيجوز ضمه وفتحه على لغة من ينتظر وعلى التمام (قولي اللهم رب محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات [ ص 151 ] الفتن) فمن قال ذلك بصدق وإخلاص ذهب غضبه لوقته وحفظ من الضلال والوبال . - (ابن السني عن عائشة) . 6755 - (كان إذا فاته) الركعات (الأربع) أي صلاتها (قبل الظهر صلاها بعد الركعتين) اللتين (بعد الظهر) لأن التي بعد الظهر هي الجابرة للخلل الواقع في الصلاة فاستحقت التقديم وأما التي قبله فإنها وإن جبرت فسنتها التقدم على الصلاة وتلك تابعة وتقديم التابع الجابر أولى كذا وجهه الشافعية ووجهه الحنفية بأن الأربع فاتت عن الموضع المسنون فلا تفوت الركعتان أيضا عن موضعهما قصدا بلا ضرورة . - (ه عن عائشة) وقال الترمذي : حسن غريب ورمز المصنف لحسنه . 6756 - (كان إذا فرغ من طعامه) أي من أكله (قال الحمد لله الذي أطعمنا) لما كان الحمد على النعم يرتبط به القيد ويستجلب به المزيد أتى به صلى الله عليه وسلم تحريضا لأمته على التأسي به ولما كان الباعث على الحمد هو الطعام ذكره أولا لزيادة الاهتمام وكان السقي من تتمته قال : وسقانا لأن الطعام لا يخلو عن الشرب في أثنائه غالبا وختمه بقوله (وجعلنا مسلمين) عقب بالإسلام لأن الطعام والشراب يشارك الآدمي فيه بهيمة الأنعام وإنما وقعت الخصوصية بالهداية إلى الإسلام كذا في المطامح وغيره . - (حم 4 والضياء) المقدسي في المختارة (عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه وخرجه البخاري في تاريخه الكبير وساق اختلاف الرواة فيه . قال ابن حجر : هذا حديث حسن اه‍ وتعقبه المصنف فرمز لحسنه لكن أورده في الميزان وقال : غريب منكر . 6757 - (كان إذا فرغ من دفن الميت) أي المسلم قال الطيبي : والتعريف للجنس وهو قريب من النكرات (وقف عليه) أي على قبره هو وأصحابه صفوفا (فقال استغفروا لأخيكم) في الإسلام (وسلوا له التثبيت) أي اطلبوا له من الله تعالى أن يثبت لسانه وجنهنه لجواب الملكين قال الطيبي : ضمن سلوا معنى الدعاء كما في قوله تعالى * (سأل سائل) * أي ادعوا الله له بدعاء التثبيت أي قولوا ثبته الله بالقول الثابت (فإنه) الذي رأيته في أصول صحيحة قديمة من أبي داود بدل هذا ثم سلوا له التثبيت (فهو الآن يسأل) أي يسأله الملكان منكر ونكير فهو أحوج ما كان إلى الاستغفار وذلك لكمال
[ 193 ]
رحمته بأمته ونظره إلى الإحسان إلى ميتهم ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده قال الحكيم : الوقوف على القبر وسؤال التثبيت للميت المؤمن في وقت دفنه مدد للميت بعد الصلاة لأن الصلاة بجماعة المؤمنين كالعسكر له اجتمعوا بباب الملك يشفعون له والوقوف على القبر بسؤال التثبيت مدد العسكر وتلك ساعة شغل المؤمن لأنه يستقبله هول المطلع والسؤال وفتنته فيأتيه منكر ونكير وخلقهما لا يشبه خلق الآدميين ولا الملائكة ولا الطير ولا البهائم ولا الهوام بل خلق بديع وليس في خلقهما أنس للناظرين جعلهما الله مكرمة للمؤمن لتثبته ونصرته وهتكا لستر المنافق في البرزخ من قبل أن يبعث حتى يحل عليه العذاب وإنما كان مكرمة للمؤمن لأن العدو لم ينقطع طمعه بعد فهو يتخلل السبيل إلى أن يجئ إليه في البرزخ ولو لم يكن للشيطان عليه سبيل هناك ما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء بالتثبيت وقال النووي : قال الشافعي والأصحاب : يسن عقب دفنه أن يقرأ عنده من القرآن فإن ختموا القرآن كله فهو أحسن قال : ويندب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول البقرة وخاتمتها وقال المظهر : فيه دليل على أن [ ص 152 ] الدعاء نافع للميت وليس فيه دلالة على التلقين عند الدفن كما هو العادة لكن قال النووي : اتفق كثير من أصحابنا على ندبه قال الآجري في النصيحة : يسن الوقوف بعد الدفن قليلا والدعاء للميت مستقبل وجهه بالثبات فيقال اللهم هذا عبدك وأنت أعلم به منا ولا نعلم منه إلا خيرا وقد أجلسته تسأله اللهم فثبته بالقول الثابت في الآخرة كما ثبته في الدنيا اللهم ارحمه وألحقه بنبيه ولا تضلنا بعده ولا تحرمنا أجره اه‍ . - (د عن عثمان) بن عفان سكت عليه أبو داود وأقره المنذري ومن ثم رمز المصنف لحسنه لكن ظاهر كلامه أنه لم يره لغير أبي داود مع أن الحاكم والبزار خرجاه باللفظ المزبور عن عثمان قال البزار : ولا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه . 6758 - (كان إذا فرغ من طعامه قال اللهم لك الحمد أطعمت وسقيت وأشبعت وأرويت فلك الحمد غير مكفور) أي مجحود فضله ونعمته تنبيه : قال في الروض : نبه بهذا الحديث ونحوه على أن الحمد كما يشرع عند ابتداء الأمور يشرع عند اختتامها ويشهد له * (وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) * ، * (وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين) * (ولا مودع) بفتح الدال الثقيلة أي غير متروك قال ابن حجر : ويحتمل كسرها على أنه حال من القائل (ولا مستغنى) بفتح النون وبالتنوين (عنك) وقد سبق تقرير هذا عما قريب . - (حم عن رجل من بني سليم) له صحبة قال ابن حجر : وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي فيه ضعف من قبل حفظه وسائر رجاله ثقات اه‍ ومن ثم رمز المصنف لحسنه .
[ 194 ]
6759 - (كان إذا فرغ من تلبيته) من حج أو عمرة (سأل الله رضوانه) بكسر الراء وضمها رضاه الأكبر (ومغفرته واستعاذ برحمته من النار) فإن ذلك أعظم ما يسأل وفي رواية واستعفى برحمته من النار والاستعفاء طلب العفو أي وهو ترك المؤاخذة بالذنب فلا يعاقبه عليه قال الرافعي : واستحب الشافعي ختم التلبية بالصلاة أي والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم بعدهما يسأل ما أحب قال ابن الهمام : ومن أهم ما يسأل ثم طلب الحنة بغير حساب . - (هق عن خزيمة بن ثابت) وتعقبه الذهبي في المهذب بأن صالح بن محمد بن زائدة لين وعبد الله الأموي فيه جهالة وقال ابن حجر : فيه صالح بن محمد بن زائدة أبو واقد الليثي مدني ضعيف فظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لغير البيهقي وهو عجب فقد خرجه إمام الأئمة الشافعي عن خزيمة المذكور ورواه الطبراني كذلك عن خزيمة وفيه صالح المذكور ورواه الدارقطني هكذا وقال : صالح بن محمد ضعيف . 6760 - (كان إذا فقد الرجل من إخوانه) أي لم يره (ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا) أي حاضرا في البلد (زاره وإن كان مريضا عاده) لأن الإمام عليه النظر في حال رعيته وإصلاح شأنهم وتدبير أمرهم وأخذ منه أنه ينبغي للعالم إذا غاب بعض الطلبة فوق المعتاد أن يسأل عنه فإن لم يخبر عنه بشئ أرسل إليه أو قصد منزله بنفسه وهو أفضل فإن كان مريضا عاده أو في غم خفض عليه أو في أمر يحتاج لمعونة أعانه أو مسافرا تفقد أهله وتعرض لحوائجهم ووصلهم بما أمكن وإلا تودد إليه ودعا له . - (ع عن أنس) قال الهيثمي : فيه عباد بن كثير كان صالحا لكنه ضعيف الحديث متروك لغفلته وفي الحديث قصة طويلة . 6761 - (كان إذا قال الشئ ثلاث مرات لم يراجع) بضم أوله بضبطه فيه جواز المراجعة بأدب ووقار . - (الشيرازي) في الألقاب (عن أبي حدرد) الأسلمي قضية تصرف المؤلف أنه لم ير هذا الحديث لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن أحمد والطبراني في الأوسط والصغير روياه باللفظ المزبور عن أبي حدرد المذكور بسند قال الهيثمي : رجاله ثقات وفيه قصة وهو أن أبا حدرد كان ليهودي عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه فقال : يا محمد إن لي على هذا أربعة دراهم وقد غلبني عليها قال : أعطه حقه " قال : والذي بعثك بالحق لم أقدر عليها قال : أعطه حقه قال : والذي نفسي بيده ما أقدر عليها وقد أخبرته أنك تبعثنا إلى خيبر فأرجو أن نغنم شيئا فأقضيه حقه قال : أعطه قال : وكان إذا قال الشئ ثلاثا لم يراجع فخرج به ابن أبي حدرد إلى السوق وعلى رأسه عصابة ومتزر ببردة فنزع العمامة عن رأسه
[ 195 ]
فاتزر بها ونزع البردة فقال : اشتر هذه البردة فباعها منه بالدراهم فمرت عجوز فقالت : ما لك يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرها فقالت : ها دونك هذا البرد وطرحته عليه . 6762 - (كان إذا قال بلال) المؤذن (قد قامت الصلاة نهض فكبر) أي تكبيرة التحرم ولا ينتظر فراغ ألفاظ الإقامة قاعدا قال ابن الأثير : معنى قد قامت الصلاة قام أهلها أو حان قيامهم . - (سمويه) في فوائده (طب) كلاهما (عن ابن أبي أوفى) قال الهيثمي : فيه حجاج بن فروخ وهو ضعيف جدا وقال الذهبي في المهذب : فيه حجاج بن فروخ واه والحديث لم يصح . 6763 - (كان إذا قام من الليل) أي للصلاة كما فسرته رواية مسلم إذا قام للتهجد ويحتمل تعلق الحكم بمجرد القيام ومن بمعنى في كما في * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) * أي إذا قام في الليل ذكره البعض وقال ابن العراقي : يحتمل وجهين أحدهما أن معناه إذا قام للصلاة بدليل الرواية الأخرى ، الثاني إذا انتبه وفيه حذف أي انتبه من نوم الليل ويحتمل أن من لابتداء الغاية من غير تقدير حذف النوم (يشوص) بفتح أوله وضم الشين المعجمة (فاه بالسواك) أي يدلكه به وينظفه وينقيه وقيل يغسله قال ابن دقيق العيد : فإن فسرنا يشوص بيدلك حمل السواك على الآلة ظاهرا مع احتماله للدلك بأصبعه والباء للاستعانة أو يغسل فيمكن إرادة الحقيقة أي الغسل بالماء فالباء للمصاحبة وحينئذ يحتمل كون السواك الآلة وكونه الفعل ويمكن إرادة المجاز وأن تكون تنقية الفم تسمى غسلا على مجاز المشابهة ، وقال أيضا : إن فسر يشوص بيدلك فالأقرب حمله على الأسنان فيكون من مجاز التعبير بالكل عن البعض أو من مجاز الحذف أو يغسل وحمل على الحقيقة والمجاز المذكور فيمكن حمله على جملة الفم وأفهم أن سبب السواك الانتباه من النوم وإرادة الصلاة ، ولا يرد أن السواك مندوب للصلاة وإن لم ينتبه من نوم لثبوته بدليل آخر ، والكلام في مقتضى هذا الحديث نعم إن نظر إلى لفظ هذه الرواية مع قطع النظر عن الرواية الأخرى أفاد ندبه بمجرد الانتباه وسبب تغير الفم أن الإنسان إذا نام ارتفعت معدته وانتفخت وصعد بخارها إلى الفم والأسنان فنتن وغلظ فلذلك تأكد وقضيته أنه لا فرق بين النوم في الليل والنهار ومال بعضهم للتقييد بالليل لكون الأبخرة بالليل تغلظ . (حم ق د ن ه) كلهم في الطهارة (عن حذيفة) . 6764 - (كان إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين) استعجالا لحل عقدة الشيطان وهو وإن كان منزها عن عقد الشيطان على قافيته لكن فعله تشريعا لأمته ذكره الحافظ العراقي وقال ابن
[ 196 ]
عربي : حكمته تنبيه القلب لمناجاته [ ص 154 ] من دعائه إليه ومشاهدته ومراقبته (خفيفتين) لخفة القراءة فيهما أو لكونه اقتصر على قراءة الفاتحة وذلك لينشط بهما لما بعدهما فيندب ذلك . - (م) في الصلاة (عن عائشة) ولم يخرجه البخاري . 6765 - (كان إذا قام إلى الصلاة) قال الزمخشري : أي قصدها وتوجه إليها وعزم عليها وليس المراد المثول وهكذا قوله * (إذا قمتم إلى الصلاة) * اه‍ . (رفع يديه) حذو منكبيه (مدا) مصدر مختص كقعد القرفصاء أو مصدر من المعنى كقعدت جلوسا أو حال من رفع ، ذكره اليعمري ، وهذا الرفع مندوب لا واجب وحكمته الإشارة إلى طرح الدنيا والإقبال بكليته على العبادة وقيل الاستسلام والانقياد ليناسب فعله قوله الله أكبر وقيل استعظام ما دخل فيه وقيل إشارة إلى تمام القيام وقيل إلى رفع الحجاب بين العابد والمعبود وقيل ليستقبل بجميع بدنه قال القرطبي : وهذا أنسبها ونوزع وفيه ندب رفع اليدين عند التحريم وكذا يندب إذا كبر للركوع وإذا رفع رأسه لصحة الخبر به كما في البخاري وغيره . - (ت عن أبي هريرة) ورواه بنحوه ابن ماجه بلفظ كان إذا قام إلى الصلاة اعتدل قائما ورفع يديه ثم قال : الله أكبر وصححه ابن خزيمة وابن حبان . 6766 - (كان إذا قام على المنبر استقبله أصحابه بوجوههم) فيندب للخطيب استقبال الناس وهو إجماع (1) وذلك لأنه أبلغ في الوعظ وأدخل في الأدب فإن لم يستقبلهم كره وأجزأ . (ه عن ثابت) رمز المصنف لحسنه . 6767 - (كان إذا قام في الصلاة قبض على شماله بيمينه) بأن يقبض بكفه اليمين كوع اليسرى وبعض الساعد والرسغ باسطا أصابعها في عرض المفصل أو ناشرا لها صوب الساعد ويضعهما تحت صدره وحكمته أن يكون فوق أشرف الأعضاء وهو القلب فإنه تحت الصدر وقيل لأن القلب محل النية والعادة جارية بأن من احتفظ على شئ جعل يديه عليه ولهذا يقال في المبالغة أخذه بكلتا يديه . - (طب عن وائل بن حجر) رمز لحسنه .
[ 197 ]
6768 - (كان إذا قام) من جلسة الاستراحة في الصلاة (اتكأ على إحدى يديه) كالعاجن بالنون فيندب ذلك لكل مصل من إمام أو غيره ولو ذكرا قويا لأنه أعون وأشبه بالتواضع ، وقوله إحدى يديه هو ما وقع في هذا الخبر وفي بعض الأخبار يديه بدون إحدى وعليه الشافعية فقالوا : لا تتأدى السنة بوضع إحداهما مع وجود الأخرى وسلامتها . - (طب عنه) أي عن واثل المذكور . 6769 - (كان إذا قام من المجلس استغفر الله عشرين مرة) ليكون كفارة لما يجري في ذلك المجلس من الزيادة والنقصان (فأعلن) بالاستغفار أي نطق به جهرا لا سرا ليسمعه القوم فيقتدون به وقد مر ذلك . - (ابن السني عن عبد الله الحضرمي) [ ص 155 ] بفتح الحاء المهملة والراء وسكون المعجمة بينهما . 6770 - (كان إذا قدم عليه الوفد) جمع وافد كصحب جمع صاحب يقال وفد الوافد يفد وفدا ووفادة إذا خرج إلى نحو ملك لأمر (لبس أحسن ثيابه وأمر عليه أصحابه بذلك) لأن ذلك يرجح في عين العدو ويكتبه فهو يتضمن إعلاء كلمة الله ونصر دينه وغيظ عدوه فلا يناقض ذلك خبر البذاذة من الإيمان لأن التجمل المنهي عنه ثم ما كان على وجه الفخر والتعاظم وليس ما هنا من ذلك القبيل . (البغوي) في معجمه (عن جندب) بضم الجيم والدال تفتح وتضم (بن مكيث) بوزن عظيم آخره مثلثة ابن عمر بن جراد مديني له صحبة . وقيل هو ابن عبد الله بن مكيث نسبة لجده وقيل إنه أخو رافع ولهما صحبة . 6771 - (كان إذا قدم من سفر) زاد البخاري في رواية ضحى بالضم والقصر (بدأ بالمسجد) وفي رواية لمسلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد (فصلى فيه ركعتين) زاد البخاري قبل أن يجلس اه‍ . وذلك للقدوم من السفر تبركا به وليستا تحية المسجد واستنبط منه ندب الابتداء بالمسجد عند القدوم قبل بيته وجلوسه للناس عند قدومه ليسلموا عليه ثم التوجه إلى أهله (ثم يثني بفاطمة) الزهراء (ثم يأتي أزواجه) ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه فقدم من سفر فصلى في المسجد ركعتين ثم أتى فاطمة فتلقته على باب القبة فجعلت تلثم فاه وعينيه وتبكي فقال : ما يبكيك قالت : أرك شعثا نصبا قد اخلولقت ثيابك فقال لها : " لا تبكي فإن الله عز وجل بعث أباك بأمر لا يبقى على وجه الأرض بيت مدر ولا حجر ولا وبر ولا
[ 198 ]
شعر إلا أدخل الله به عزا أو ذلا حتى يبلغ حيث بلغ الليل اه‍ . - (هب ك عن أبي ثعلبة) قال الهيثمي : فيه يزيد بن سفيان أبو فروة وهو مقارب الحديث مع ضعف اه‍ . والجملة الأولى وهي الصلاة في المسجد عند القدوم رواه البخاري في الصحيح في نحو عشرين موضعا . 6772 - (كان إذا قدم من سفر تلقى) ماض مجهول من التلقي (بصبيان أهل بيته) تمامه عند أحمد ومسلم عن ابن جعفر وأنه قدم مرة من سفر فسبق بي إليهم فحملني بين يديه ثم جئ بأحد ابني فاطمة إما حسن وإما حسين فأردفه خلفه فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة اه‍ . وفي رواية للطبراني بسند قال الهيثمي : رجاله ثقات وكان إذا قدم من سفر قبل ابنته فاطمة . - (حم م) في الفضائل (د) في الجهاد (عن عبد الله بن جعفر) . 6773 - (كان إذا قرأ من الليل رفع) قراءته (طورا وخفض طورا) قال ابن الأثير : الطور الحالة وأنشد : * فإن ذا الدهر أطوار دهارير * الأطوار الحالات المختلفة والنازلات واحدها طور وقال ابن جرير : فيه أنه لا بأس في إظهار العمل للناس لمن أمن على نفسه خطرات الشيطان والرياء والإعجاب . - (ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه لكن قال ابن القطان : فيه زيادة بن نشيط لا يعرف حاله ثم إن ظاهر صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من الستة وإلا لما أبعد النجعة وهو قصور أو تقصير فقد خرجه أبو داود في [ ص 156 ] صلاة الليل عن أبي هريرة وسكت عليه هو والمنذري فهو صالح ولفظه كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يرفع طورا ويخفض طورا ورواه الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة أيضا ولفظه كان إذا قام من الليل رفع صوته طورا وخفض طورا . 6774 - (كان إذا قرأ) قوله تعالى (أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال بلى وإذا قرأ أليس الله بأحكم الحاكمين قال بلى) لأنه قول بمنزلة السؤال فيحتاج إلى الجواب ومن حق الخطاب أن لا يترك المخاطب جوابه فيكون السامع كهيئة الغافل أو كمن لا يسمع إلا دعاء ونداء من الناعق به * (صم بكم عمي فهم لا يعقلون) * فهذه هبة سنية ومن ثم ندبوا لمن مر بآية رحمة أن يسأل الله الرحمة أو عذاب أن يتعوذ من النار أو يذكر الجنة بأن يرغب إلى الله فيها أو النار أن يستعيذ به منها . (ك)
[ 199 ]
في التفسير (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وهو عجيب ففيه يزيد بن عياض وقد أورده الذهبي في المتروكين وقال النسائي وغيره : متروك عن إسماعيل بن أمية قال الذهبي : كوفي ضعيف عن أبي اليسع لا يعرف وقال الذهبي في ذيل الضعفاء والمتروكين : إسناده مضطرب ورواه في الميزان في ترجمة أبي اليسع وقال : لا يدرى من هو والسند مضطرب . 6775 - (كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى) أي سورتها (قال سبحان ربي الأعلى) لما سمعته فيما قبله وأخذ من ذلك أن القارئ أو السامع كلما مر بآية تنزيه أن ينزه الله تعالى أو تحميد أن يحمده أو تكبير أن يكبره وقس عليه ومن ثم كان بعض السلف يتعلق قلبه بأول آية فيقف عندها فيشغله أولها عن ذكر ما بعدها . - (حم د ك) في الصلاة (عن ابن عباس) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي . 6776 - (كان إذا قرب إليه طعام) ليأكل (قال) لفظ رواية النسائي كان إذا قرب إليه طعامه يقول (بسم الله فإذا فرغ) من الأكل قال (اللهم إنك أطعمت وسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت واجتبيت اللهم فلك الحمد على ما أعطيت) وقد تقدم شرح ذلك عن قريب فليراجع . - (حم) من طريق عبد الرحمن بن جبير المصري (عن رجل) من الصحابة قال جبير : حدثني رجل خدم النبي صلى الله عليه وسلم ثمان سنين أنه كان إذا قرب إليه طعام يقول ذلك وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرج في أحد الكتب الستة وهو ذهول فقد خرجه النسائي باللفظ المزبور عن الرجل المذكور . قال ابن حجر في الفتح : وسنده صحيح اه‍ . لكن قال النووي في الأذكار : إسناده حسن . 6777 - (كان إذا قفل) بالقاف رجع ومنه القافلة (من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف) بفتحتين محل عال (من الأرض ثلاث تكبيرات) تقييده بالثلاثة لبيان الواقع لا للاختصاص فيسن الذكر الآتي لكل سفر طاعة بل ومباحا بل عداه المحقق أبو زرعة للمحرم محتجا بأن مرتكب الحرام أحوج للذكر من غيره لأن الحسنات يذهبن [ ص 157 ] السيئات ونوزع بأنا لا نمنعه من الإكثار من الذكر بل النزاع في
[ 200 ]
خصوص هذا بهذه الكيفية قال الطيبي : وجه التكبير على الأماكن العالية هو ندب الذكر عند تجديد الأحوال والتقلبات وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يراعي ذلك في الزمان والمكان اه‍ . وقال الحافظ العراقي : مناسبة التكبير على المرتفع أن الاستعلاء محبوب للنفس وفيه ظهور وغلبة فينبغي للمتلبس به أن يذكر عنده أن الله أكبر من كل شئ ويشكر له ذلك ويستمطر منه المزيد (ثم يقول لا إله إلا الله) بالرفع على الخبرية لئلا أو على البدلية من الضمير المستتر في الخبر المقدر أو من اسم لا باعتبار محله قبل دخولها (وحده) نصب على الحال أي لا إله منفرد إلا هو وحده (لا شريك له) عقلا ونقلا وأما الأول فلأن وجود إلهين محال كما تقرر في الأصول وأما الثاني فلقوله تعالى * (وإلهكم إله واحد) * [ الكهف : 110 ، الانبياء : 108 ، فصلت ] وذلك يقتضي أن لا شريك له وهو تأكيد لقوله وحده لأن المتصف بالوحدانية لا شريك له (له الملك) بضم الميم السلطان والقدرة وأصناف المخلوقات (وله الحمد) زاد الطبراني في رواية يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير (وهو على كل شئ قدير) وهو إلخ عده بعضهم من العمومات في القرآن لم يتركها تخصيص وهي * (كل نفس ذائقة الموت) * [ آل عمران : 185 ، الانبياء : 35 ، العنكبوت : 75 ] * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * [ هود : 6 ] * (والله بكل شئ عليم) * [ النور : 35 و 64 ، التغابن : 11 ] * (والله على كل شئ قدير) * [ البقرة : 284 ، آل عمران : 29 و 189 ، المائدة 40 ، التوبة : 39 ، الحشر : 6 ] ونوزع في الأخيرة بتخصيصها في الممكن فظاهره أنه يقول عقب التكبير على المحل المرتفع ويحتمل أنه يكمل الذكر مطلقا ثم يأتي بالتسبيح إذا هبط وفي تعقيب التكبير بالتهليل إشارة إلى أنه المنفرد بإيجاد كل موجود وأنه المعبود في كل مكان (آيبون تائبون) من التوبة وهي الرجوع عن كل مذموم شرعا إلى ما هو محمود شرعا خبر مبتدأ محذوف أي نحن راجعون إلى الله وليس المراد الإخبار بمحض الرجوع لأنه تحصيل الحاصل بل الرجوع في حالة مخصوصة وهي تلبسهم بالعبادة المخصوصة والاتصاف بالأوصاف المذكورة قاله تواضعا وتعليما أو أراد أمته أو استعمل التوبة للاستمرار على الطاعة أي لا يقع منا ذنب (عابدون ساجدون لربنا) متعلق بساجدون أو بسائر الصفات على التنازع وهو مقدر بعد قوله (حامدون) أيضا (صدق الله وعده) فيما وعد به من إظهار دينه وكون العاقبة للمتقين (ونصر عبده) محمدا يوم الخندق (وهزم الأحزاب) أي الطوائف المتفرقة الذين تجمعوا عليه على باب المدينة أو المراد أحزاب الكفر في جميع الأيام والمواطن (وحده) بغير فعل أحد من الآدميين ولا سبب من جهتهم فانظر إلى قوله وهزم الأحزاب وحده فنفي ما سبق ذكره وهذا معنى الحقيقة فإن فعل العبد خلق لربه والكل منه وإليه ولو شاء الله أن يبيد أهل الكفر بلا قتال لفعل وفيه دلالة على التفويض إلى الله واعتقاد أنه مالك الملك وأن له الحمد ملكا واستحقاقا وأن قدرته تتعلق بكل شئ من الموجودات على ما مر . - (مالك حم ق) في الحج (د ت) في الجهاد (عن ابن عمر) بن الخطاب وزاد في رواية المحاملي في آخره و * (كل شئ هالك إلا وجهه له الحكم وإليه ترجعون) * قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 6778 - (كان إذا كان الرطب) أي زمنه (لم يفطر) من صومه (إلا على الرطب وإذا لم يكن الرطب
[ 201 ]
لم يفطر إلا على التمر) لتقويته للنظر الذي أضعفه الصوم ولأنه يرق القلب . - (عبد بن حميد عن جابر) بن عبد الله . 6779 - (كان إذا كان يوم عيد) بالرفع فاعل كان وهي تامة تكتفي بمرفوعها أي إذا وقع يوم عيد (خالف الطريق) أي رجع في غير طريق الذهاب إلى المصلى فيذهب في أطولهما تكثيرا للأجر ويرجع في أقصرهما لأن الذهاب أفضل من [ ص 158 ] الرجوع لتشهد له الطريقان أو سكانهما من إنس وجن أو ليسوي بينهما في فضل مروره أو للتبرك به أو لشم ريحه أو ليستفتى فيهما أو لإظهار الشعار فيهما أو لذكر الله فيهما أو ليغيظ بهم الكفار أو يرهبهم بكثرة أتباعه أو حذرا من كيدهم أو ليعم أهلهما بالسرور برؤيته أو ليقضي حوائجهم أو ليتصدق أو يسلم عليهم أو ليزور قبور أقاربه أو ليصل رحمه أو تفاؤلا بتغير الحال للمغفرة أو تخفيفا للزحام أو لأن الملائكة تقف في الطرق أو حذرا من العين أو لجميع ذلك أو لغير ذلك والفضل المتقدم كما صححه في المجموع لكن قال القاضي عبد الوهاب المالكي : هذه المذكورات أكثرها دعاوى فارغة انتهى وفي الصحيحين عن ابن عمر أنه كان يخرج في العيدين من طريق الشجرة ويدخل من طريق المعرس وإذا دخل مكة دخل من الثنية العليا ويخرج من الثنية السفلى . - (خ) في صلاة العيد (عن جابر) ورواه الترمذي عن أبي هريرة . 6780 - (كان إذا كان مقيما اعتكف العشر الأواخر من رمضان وإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين) أي العشرين الأوسط والأخير من رمضان عشرا عوضا عما فاته من العام الماضي وعشرا لذلك العام وفيه أن فائت الاعتكاف يقضى أي شرع قضاؤه . - (حم عن أنس) بن مالك رمز لحسنه . 6781 - (كان إذا كان في وتر من صلاة لم ينهض) إلى القيام عن السجدة الثانية (حتى يستوي قاعدا) أفاد ندب جلسة الاستراحة وهي قعدة خفيفة بعد سجدته الثانية في كل ركعة يقوم عنها . - (د ت عن مالك بن الحويرث) . 6782 - (كان إذا كان صائما أمر رجلا فأوفى) أي أشرف (على شئ) عال يرتقب الغروب يقال أوفى على الشئ أشرف عليه (فإذا قال) قد (غابت الشمس أفطر) لفظ رواية الطبراني أمر رجلا يقوم على نشز من الأرض فإذا قال قد وجبت الشمس أفطر . - (ك) في الصوم (عن سهل بن سعد) الساعدي
[ 202 ]
(طب) في الصوم (عن أبي الدرداء) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي : فيه عند الطبراني الواقدي وهضعيف . 6783 - (كان إذا كان راكعا أو ساجدا قال سبحانك) زاد في رواية ربنا (وبحمدك) أي وبحمدك سبحتك (أستغفرك وأتوب إليك) ورد تكريرها ثلاثا أو أكثر . - (طب عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه . 6784 - (كان إذا كان قبل التروية بيوم) وهو سابع الحجة ويوم التروية الثامن (خطب الناس) بعد صلاة الظهر أو الجمعة خطبة فردة عند باب الكعبة (فأخبرهم بمناسكهم) الواجبة وغيرها وبترتيبها فيندب ذلك للإمام أو نائبه في الحج ويسن أن يقول إن كان عالما هل من سائل ؟ - (ك هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : تفرد به أبو قرة الزبيدي عن موسى وهو صحيح وأقره الذهبي . 6785 - (كان إذا كبر للصلاة) أي للإحرام بها (نشر أصابعه) أي بسطها وفرقها مستقبلا بها القبلة إلى فروع أذنيه وبهذا أخذ الشافعي فقال : يسن تفريقها تفريقا وسطا وذهب بعضهم إلى عدم ندب التفريق وزعم أن معنى الحديث أنه كان يمد أصابعه ولا يطويها فيكون بمعنى خبر رفع يديه مدا . قال ابن القيم : ولم ينقل عنه أنه قال شيئا قبل التكبير ولا تلفظ بالنية قط في خبر صحيح ولا ضعيف ولا استحبه أحد من صحبه اه‍ . - (ت ك عن أبي هريرة) . 6786 - (كان إذا كربه أمر) أي شق عليه وأهمه شأنه (قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) في تأثير هذا الدعاء في دفع هذا الهم والغم مناسبة بديعة فإن صفة الحياة متضمنة لجميع صفات الكمال مستلزمة لها وصفة القيمومية متضمنة لجميع صفات الأفعال ولهذا قيل إن اسمه الأعظم هو الحي القيوم والحياة التامة تضاد جميع الآلام والأجسام الجسمانية والروحانية ولهذا لما كملت حياة أهل الجنة لم يلحقهم هم ولا غم ونقصان الحياة يضر بالأفعال وينافي القيمومية فكمال القيمومية بكمال الحياة فالحي المطلق التام الحياة لا يفوته صفة كمال البتة والقيوم لا يتعذر عليه فعل ممكن البتة فالتوصل بصفة الحياة والقيمومية له تأثير في إزالة ما يضاد الحياة وتغير الأفعال فاستبان أن لاسم الحي القيوم تأثيرا خاصا في كشف الكرب وإجابة الرب . - (ت عن أنس) بن مالك .
[ 203 ]
6787 - (كان إذا كره شيئا رؤي ذلك في وجهه) لأن وجهه كالشمس والقمر فإذا كره شيئا كوجهه ظل كالغيم على النيرين فكان لغاية حيائه لا يصرح بكراهته بل إنما يعرف في وجهه . - (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : رواه بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح وأصله في الصحيحين من حديث أبي سعيد ولفظه كان أشد حياء من العذراء في خدرها فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه . 6788 - (كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه) أي أخرج اليد اليمنى من القميص ذكره الهروي كالبيضاوي وقال الطيبي : قوله بميامنه أي بجانب يمين القميص . وقال الزين العراقي : الميامن جميع ميمنة كمرحمة ومراحم والمراد بها هنا جهة اليمين فيندب التيامن في اللبس كما يندب التياسر في النزع لخبر أبي داود عن ابن عمر كان إذا لبس شيئا من الثياب بدأ بالأيمن فإذا نزع بدأ بالأيسر وله من حديث أنس كان إذا ارتدى أو ترجل بدأ بيمينه وإذا خلع بدأ بيساره قال الزين العراقي : وسندهما ضعيف . تنبيه : قال ابن العربي في السراج : لم أر للقميص ذكرا صحيحا إلا في آية * (اذهبوا بقميصي هذا) * [ يوسف : 93 ] وقصة ابن أبي ورده ابن حجر بأنه ثابت في عدة أحاديث أكثرها في السنن والشمائل . (ت) في اللباس (عن أبي هريرة) قال العراقي : رجاله رجال الصحيح ورواه عنه أيضا النسائي في الزينة فما أوهمه تصرف المصنف من أن الترمذي تفرد به عن الستة غير جيد . 6789 - (كان إذا لقيه أحد من أصحابه فقام قام معه) الظاهر أن المراد بالقيام الوقوف (فلم ينصرف حتى يكون الرجل هو الذي ينصرف عنه وإذا لقيه أحد من أصحابه فتناول يده ناوله إياها فلم ينزع يده منه حتى يكون الرجل هو الذي ينزع يده منه) زاد ابن المبارك في رواية عن أنس ولا يصرف وجهه عن وجهه حتى يكون الرجل هو الذي يصرفه [ ص 160 ] (وإذا لقي أحدا من أصحابه فتناول أذنه ناوله إياها ثم لم ينزعها عنه حتى يكون الرجل هو الذي ينزعها عنه) الظاهر أن المراد بمناولة الأذن أن يريد أحد من أصحابه أن يسر إليه حديثا فيقرب فمه من أذنه يسر إليه فكان لا ينحي أذنه عن فمه حتى يفرغ الرجل حديثه على الوجه الأكمل وهذا من أعظم الأدلة على محاسن أخلاقه وكماله صلى الله عليه وسلم كيف وهو سيد المتواضعين وهو القائل وخالق الناس بخلق حسن . - (ابن سعد) في الطبقات (عن أنس) وفي أبي داود بعضه .
[ 204 ]
6790 - (كان إذا لقيه الرجل من أصحابه مسحه) أي مسح يده بيده يعني صافحه (ودعا له) تمسك مالك بهذا وما أشبهه على كراهة معانقة القادم وتقبيل يده وقد ناظر ابن عيينة مالكا واحتج عليه سفيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما قدم جعفر من الحبشة خرج إليه فعانقه فقال مالك : ذاك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال له سفيان : ما نخصه بفهمنا كذا في المطامح . - (ن عن حذيفة) بن اليماني وفي أبي داود والبيهقي كان إذا لقي أحدا من أصحابه بدأ بالمصافحة ثم أخذ بيده فشابكه ثم شد قبضته . 6791 - (كان إذا لقي أصحابه لم يصافحهم حتى يسلم عليهم) تأديبا لهم وتعليما لمعالم الديانة ورسوم الشريعة وحثا على لزوم ما خصت به هذه الأمة من هذه التحية العظمى التي هي تحية أهل الجنة في الجنة . - (طب عن جندب) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الحافظ الهيثمي : فيه من لم أعرفهم . 6792 - (كان إذا لم يحفظ اسم الرجل) أي الذي يريد نداءه وخطابه باسمه (قال يا ابن عبد الله) وهو عبد الله بن عبد الله بلا مزيد . - (ابن السني عن جارية الأنصاري) هو في الصحابة عدة فكان ينبغي تمييزه ورواه أيضا عنه الطبراني باللفظ المزبور قال الهيثمي : وفيه أيوب الإنماطي أو أيوب الأنصاري ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 6793 - (كان إذا مر بآية خوف تعوذ وإذا مر بآية رحمة سأل) الله الرحمة والجنة (وإذا مر بآية فيها تنزيه الله سبح) أي قال سبحان ربي الأعلى كما في الرواية السابقة قال الحليمي : فينبغي للمؤمن سواه أن يكونوا كذلك بل هم أولى به منه إذا كان الله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهم من أمرهم على خطر . - (حم م 4 عن حذيفة) بن اليمان . 6794 - (كان إذا مر بآية فيها ذكر النار قال ويل لأهل النار أعوذ بالله من النار) فيسن ذلك لكل قارئ اقتداء به قال المظهر وغيره : هذه الأشياء وشبهها تجوز في الصلاة وغيرها عند الشافعي وعند الحنفية
[ 205 ]
والمالكية لا تجوز إلا في غير صلاة قالوا : لو كان في الصلاة لبينه الراوي ولنقله عدة من الصحابة مع شدة حرصهم على الأخذ منه والتبليغ فإذا زعم أحد أنه في الصلاة حملناه على التطوع وأجاب الشافعية بأن الأصل العموم وعلى المخالف دليل الخصوص وبأن من يتعاني هذا يكون حاضر القلب متخشعا خائفا راجيا يظهر افتقاره بين يدي مولاه والصلاة مظنة ذلك والقصر على النقل تحكم . وقال ابن حجر : أقصى ما تمسك به المانع حديث إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شئ من كلام الناس [ ص 161 ] وهو محمول على ما عدا الدعاء جمعا بين الأخبار . - (ابن قانع) في معجمه (عن أبي ليلى) بفتح اللامين الأنصاري والد عبد الرحمن صحابي اسمه بلال أو غيره كما مر رمز لحسنه . 6795 - (كان إذا مر بالمقابر) أي مقابر المسلمين (قال السلام عليكم أهل الديار) بحذف حرف النداء سمي موضع القبور دارا تشبيها لهم بدار الأحياء لاجتماع الموتى فيها (من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات والصالحين والصالحات وإنا إن شاء الله بكم لاحقون) أي لاحقون بكم في الوفاة على الإيمان وقيل الاستثناء للتبرك والتفويض قال الخطابي : فيه أن السلام على الموتى كهو على الأحياء خلاف ما كانت الجاهلية عليه . - (ابن السني عن أبي هريرة) قال ابن حجر في أمالي الأذكار : إسناده ضعيف انتهى . وقد ورد بمعناه في مسلم فقال : كان يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية وفي خبر الترمذي كان إذا مر بقبور المدينة قال : السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر . 6796 - (كان إذا مرض أحد من أهل بيته) وفي رواية لمسلم من أهله (نفث عليه) أي نفخ نفخا لطيفا بلا ريق (بالمعوذات) بكسر الواو وخصهن لأنهن جامعات للاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا كما مر تفصيله وفائدة التفل التبرك بتلك الرطوبة أو الهواء المباشر لريقه وفيه ندب الرقية بنحو القرآن وكرهه البعض بغسالة ما يكتب منه أو من الأسماء الحسنى . - (م عن عائشة) وتمامه عنده فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسحه بيد نفسه لأنها كانت أعظم بركة من يدي انتهى بنصه . 6797 - (كان إذا مشى لم يلتفت) لأنه كان يواصل السير ويترك التواني والتوقف ومن يلتفت لا بد له في ذلك من أدنى وقفة أو لئلا يشغل قلبه بمن خلفه وليكون مطلعا على أصحابه وأحوالهم فلا يفرط منهم التفاتة احتشاما منه ولا غيرها من الهفوات إلى تلك الحال . (ك) في الأدب (عن جابر) بن عبد الله صححه الحاكم فتعقبه الذهبي عليه بأن فيه عبد الجبار بن عمر تالف انتهى .
[ 206 ]
6798 - (كان إذا مشى مشى أصحابه أمامه وتركوا ظهره للملائكة) قال أبو نعيم : لأن الملائكة يحرسونه من أعدائه انتهى . ولا يعارضه قوله تعالى * (والله يعصمك من الناس) * لأن هذا إن كان قبل نزول الآية فظاهر وإلا فمن عصمة الله له أن يوكل به جنده من الملأ الأعلى إظهارا لشرفه بينهم . - (ك عن جابر) بن عبد الله . 6799 - (كان إذا مشى أسرع) قال الزمخشري : أراد السرعة المرتفعة عن دبيب المتماوت امتثالا لقوله تعالى * (واقصد في مشيك) * أي اعدل فيه حتى يكون مشيا بين مشويين لا يدب دبيب المتماوتين ولا يثب وثب الشطار (حتى يهرول الرجل) أي يسرع في مشيه دون الخبب (وراءه فلا يدركه) ومع ذلك كان غاية من الهون والتأني وعدم العجلة وفي [ ص 162 ] الشمائل للترمذي عن أبي هريرة ما رأيت أحدا أسرع من مشيته كأن الأرض تطوى له حتى إنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث وكان يمشي على هينته ويقطع ما يقطع بالجهد من غير جهد . - (ابن سعد) في الطبقات عن يزيد بن مرثد مرسلا) هو أبو عثمان الهمداني الصنعاني كما مروهو ثقة . 6800 - (كان إذا مشى أقلع) أي مشى بقوة كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويا لا كمن يمشي مختالا على زي النساء فكان يستعمل التثبت ولا يبين منه في هذه الحالة استعجال وشدة مبادرة . (طب عن أبي عتبة) بكسر ففتح بضبط المصنف ورواه أيضا الترمذي في الشمائل في حديث طويل . 6801 - (كان إذا مشى كأنه يتوكأ) أي لا يتكلم كأنه أوكأ فاه فلم ينطق ومنه خبر ابن الزبير كان يوكأ بين الصفا والمروة سعيا (1) والمراد سعى سعيا شديدا . - (د ك) في الأدب (عن أنس) بن مالك وقال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي . 6802 - (كان إذا نام نفخ) من النفخ وهو إرسال الهواء من مبعثه بقوة ذكره الحرالي وبين ذلك
[ 207 ]
أن النفخ يعتري بعض النائمين دون بعض وأنه ليس بمذموم ولا مستهجن . - (حم ق عن ابن عباس) وفي الحديث قصة طويلة (1) . 6803 - (كان إذا نام من الليل) عن تهجده (أو مرض) فمنعه المرض منه (صلى) بدل ما فاته منه (من النهار) أي فيه (ثنتي عشرة ركعة) أي وإذا شفي يصلي بدل تهجده كل ليلة ثنتي عشرة ركعة . - (م عن عائشة) . 6804 - (كان إذا نام) أي أراد النوم أو المراد اضطجع لينام (وضع يده اليمنى تحت خده) قال : في رواية أبي داود وغيره الأيمن (وقال اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك) زاد في رواية يقول ذلك ثلاثا ، والظاهر أنه كان يقرأ بعد ذلك الكافرون ويجعلها خاتمة الكلام . قال حجة الإسلام : ويندب له إذا أراد النوم أن يبسط فراشه مستقبل القبلة وينام على يمينه كما يضطجع الميت في لحده ، ويعتقد أن النوم مثل الموت والتيقظ مثل البعث وربما قبضت روحه في ليلته فينبغي الاستعداد للقائه بأن ينام على طهر تائبا مستغفرا عازما على أن لا يعود إلى معصية عازما على الخير لكل مسلم إن بعثه الله . - (حم ت) في الدعوات (ن) في يوم وليلة (عن البراء) بن عازب (حم ت) في الدعوات (عن حذيفة) بن [ ص 163 ] اليمان (حم ن عن ابن مسعود) قال الترمذي : حسن صحيح ، وقال ابن حجر : إسناده صحيح ، وهو مستند المصنف في رمزه لتصحيحه . 6805 - (كان إذا نزل منزلا) في سفره لنحو استراحة أو قيلولة أو تعريس (لم يرتحل) منه (حتى يصلي) فيه (الظهر) أي إن أراد الرحيل في وقته فإن كان في وقت فرض غيره فالظاهر أنه كان لا يرتحل حتى يصليه خشية من فوته عند الاشتغال بالترحال ، وما أوهمه اللفظ من الاختصاص بالظهر غير مراد بدليل ما خرجه الإسماعيلي وابن راهويه أنه كان إذا كان في سفر فزالت الشمس صلى الظهر والعصر جميعا ثم ارتحل وفي رواية للحاكم في الأربعين فإن زاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر ثم ركب . قال العلائي : هكذا وجدته بعد التتبع في نسخ كثيرة من الأربعين بزيادة العصر وسند هذه
[ 208 ]
الزيادة جيد اه‍ . وخرج البيهقي بسند قال ابن حجر : رجاله ثقات كان إذا نزل منزلا في سفر فأعجبه أقام فيه حتى يجمع بين الظهور العصر ثم يرتحل فإذا لم يتهيأ له المنزل مد في السير فسار حتى ينزل فيجمع بين الظهر والعصر . - (حم د ن عن أنس) رمز المصنف لصحته . 6806 - (كان إذا نزل منزلا في سفر أو دخل بيته لم يجلس حتى يركع ركعتين) فيندب ذلك اقتداءا به وقد روى الطبراني أيضا وأبو يعلى عن أنس كان إذا نزل منزلا لم يرتحل منه حتى يودعه بركعتين وفيه عثمان بن سعد مختلف فيه . - (طب عن فضالة بن عبيد) سكت المصنف عليه فلم يرمز إليه فأوهم أنه لا بأس بسنده وليس كذلك فقد قال الحافظ ابن حجر في أماليه : سنده واه هكذا قال وقال شيخه الزين العراقي في شرح الترمذي : فيه الواقدي . 6807 - (كان إذا نزل عليه الوحي ثقل لذلك وتحدر جبينه عرقا) بالتحريك ونصبه على التمييز كأنه جمان بالضم والتخفيف أي لؤلؤ لثقل الوحي عليه * (إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) * (وإن كان) نزوله (في البرد) لشدة ما يلقى عليه من القرآن ولضعف القوة البشرية عن تحمل مثل ذلك الوارد العظيم وللوجل من خوف تقصير فيما أمر به من قول أو فعل وشدة ما يأخذ به نفسه من جمعه في قلبه وحفظه فيعتريه لذلك حال كحال المحموم وحاصله أن الشدة إما لثقله أو لإتقان حفظه أو لابتلاء صبره أو للخوف من التقصير . - (طب عن زيد بن ثابت) رمز المصنف لصحته . 6808 - (كان إذا نزل عليه الوحي صدع فيغلف رأسه بالحناء) لتخف حرارة رأسه فإن نور اليقين إذا هاج اشتعل في القلب بورود الوحي فيلطف حرارته بذلك . - (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي : قد اختلف في إسناده على الأخوص بن حكيم . 6809 - (كان إذا نزل به هم أ غم قال : يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث) أستعين وأستنصر يقال أغاثه الله أعانه ونصره وأغاثه الله برحمته كشف شدته وقد سمعت توجيهه عما قريب فراجعه . (ك) في الدعاء عن وضاح عن النضر بن إسماعيل [ ص 164 ] البجلي عن عبد الرحمن بن إسحاق عن القاسم
[ 209 ]
بن عبد الرحمن عن أبيه (عن ابن مسعود) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه وعبد الرحمن ومن بعده ليسوا بحجة اه‍ . 6810 - (كان إذا نزل منزلا لم يرتحل حتى يصلي فيه ركعتين) أي غير الفرض . - (هق عن أنس) بن مالك . قال الحافظ ابن حجر : حديث صحيح السند معلول المتن خرجه أبو داود والنسائي وابن خزيمة بلفظ : الظهر ركعتين ، فظهر أن في رواية الأول وهما أو سقوطا والتقدير حتى يصلي الظهر ركعتين وقد جاء صريحا في الصحيحين . 6811 - (كان إذا نظر وجهه في المرآة) المعروفة (قال الحمد لله الذي سوى خلقي) بفتح فسكون (فعدله وكرم صورة وجهي فحسنها وجعلني من المسلمين) ليقوم بواجب شكر ربه تقدس ، ولهذا كان ابن عمر يكثر النظر في المرآة فقيل له ، فقال أنظر فما كان في وجهي زين فهو في وجه غيري شين أحمد الله عليه ، فيندب النظر في المرآة والحمد على حسن الخلق والخلقة لأنهما نعمتان يجب الشكر عليهما . - (ابن السني) في اليوم والليلة (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الطبراني في الأوسط قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف ورواه عنه البيهقي في الشعب وفيه هاشم بن عيسى الحمصي أورده الذهبي في الضعفاء وقال : لا يعرف . 6812 - (كان إذا نظر في المرآة قال الحمد لله الذي حسن) بالتشديد فعل (خلقي) بسكون اللام (وخلقي) بضمها (وزان مني ما شان من غيري) قال الطيبي : فيه معنى قوله بعثت لأتمم مكارم الأخلاق فجعل النقصان شينا كما قال المتنبي : ولم أر من عيوب الناس شينا * كنقص القادرين على التمام وعلى نحو هذا الحمد حمد داود وسليمان * (ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين) * (وإذا اكتحل جعل في عين اثنتين) أي كل واحدة اثنتين (وواحدة بينهما) أي في هذه أو في هذه ليحصل الإيتار المحبوب وأكمل من ذلك ما ورد عنه
[ 210 ]
أيضا في عدة أحاديث أصح منها أنه يكتحل في كل عين ثلاثا لكن السنة تحصل بكل (وكان إذا لبس نعليه بدأ باليمين) أي بإنعال الرجل اليمنى (وإذا خلع) خلع (اليسرى) أي بدأ بخلعهما (وكان إذا دخل المسجد أدخل رجله اليمنى وكان يحب التيامن في كل شئ أخذا وعطاءا) كما مر بما فيه غير مرة . (ع طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك وتقدمه لذلك شيخه الحافظ العراقي فقال : فيه عمرو بن الحصين أحد المتروكين . 6813 - (كان إذا نظر إلى البيت) أي الكعبة (قال اللهم زد بيتك هذا) أضافه إليه لمزيد التشريف وأتى باسم الإشارة [ ص 165 ] تفخيما (تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا ومهابة) إجلالا وعظمة . (طب) من حديث عمر بن يحيى الأيلي عن عاصم بن سليمان عن زيد بن أسلم (عن حذيفة بن أسيد) بفتح المهملة الغفاري وقال : تفرد به عمر بن يحيى قال ابن حجر : وفيه مقال وشيخه عاصم بن سليمان وهو الكرزي متهم بالكذب ونسب للوضع ، ووهم من ظنه عاصم الأحول اه‍ . وقال الهيثمي : فيه عاصم بن سليمان الكرزي وهو متروك . 6814 - (كان إذا نظر إلى الهلال) أي وقع بصره عليه والهلال كما في التهذيب اسم للقمر لليلتين من أول الشهر ثم هو قمر لكن في الصحاح اسم لثلاث ليال من أول الشهر (اللهم اجعله هلال يمن) أي بركة (ورشد) أي صلاح (آمنت بالذي خلقك فعدلك تبارك الله أحسن الخالقين) ظاهر مخاطبته له أنه ليس بجماد بل حي دارك يعقل ويفهم قال حجة الإسلام : وليس في أحكام الشريعة ما يدفعه ولا ما يثبته فلا ضرر علينا في إثباته . - (ابن السني عن أنس) بن مالك . 6815 - (كان إذا هاجت ريح) وفي رواية الريح معرفا (استقبلها بوجهه وجثا على ركبتيه) أي قعد عليهما وعطف ساقيه إلى تحته وهو قعود المستوفز الخائف المحتاج إلى النهوض سريعا وهو قعود الصغير بين يدي الكبير ، وفيه نوع أدب كأنه لما هبت الريح وأراد أن يخاطب ربه بالدعاء قعد قعود المتواضع لربه الخائف من عذابه (ومد يديه) للدعاء (وقال اللهم إني أسألك من خير هذه الريح وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما أرسلت إليه اللهم
[ 211 ]
اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) لأن الريح من الهواء والهواء أحد العناصر الأربع التي بها قوام الحيوان والنبات حتى لو فرض عدم الهواء دقيقة لم يعش حيوان ولم ينبت نبات والريح اضطراب الهواء وتموجه في الجو فيصادف الأجسام فيحللها فيوصل إلى دواخلها من لطائفها ما يقوم لحاجته إليه فإذا كانت الريح واحدة جاءت من جهة واحدة وصدمت جسم الحيوان والنبات من جانب واحد فتؤثر فيه أثرا أكثر من حاجته فتضره ويتضرر الجانب المقابل لعكس مهبها بفوت حظه من الهواء فيكون داعيا إلى فساده بخلاف ما لو كانت رياحا تعم جوانب الجسم فيأخذ كل جانب حظه فيحدث الاعتدال وقال الزمخشري : العرب تقول لا تلقح السحاب إلا من رياح فالمعنى اجعلها لقاحا من السحاب ولا تجعلها عذابا . (تنبيه) استشكل ابن العربي خوفه أن يعذبوا وهو فيهم مع قوله * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * ثم أجاب بأن الآية نزلت بعد القصة واعترضه ابن حجر بأن آية الأنفال كانت في المشركين من أهل بدر ولفظ كان في الخبر يشعر بالمواظبة على ذلك ثم أجاب بأن في الآية احتمال التخصيص بالمذكورين أو بوقت دون وقت أو بأن مقام الخوف يقتضي عدم أمن المكر أو خشي على من ليس فيهم أن يقع بهم العذاب فالمؤمن شفقة عليه والكافر يود إسلامه وهو مبعوث رحمة للعالمين وفي الحديث الحث على الاستعداد بالمراقبة لله والالتجاء إليه عند اختلاف الأحوال وحدوث ما يخاف بسببه . تنبيه آخر : قال ابن المنير : هذا الحديث مخصوص بغير الصبا من جميع أنواع الريح لقوله في الحديث الآتي نصرت بالصبا ويحتمل إبقاء هذا الحديث على عمومه ويكون نصرها له متأخرا عن ذلك أو أن نصرها له بسبب إهلاك أعدائه فيخشى من هبوبها أن تهلك أحدا من عصاة المؤمنين وهو كان بهم رؤوفا رحيما وأيضا فالصبا يؤلف السحاب ويجمعه ثم المطر [ ص 166 ] غالبا يقع حينئذ ، وقد جاء في خبر أنه كان إذا أمطرت سرى عنه وذلك يقتضي أن يكون الصبا مما يقع التخوف عند هبوبها فيمكر ذلك على التخصيص المذكور . - (طب) وكذا البيهقي في سننه (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس كما ادعى ، فقد قال الحافظ الهيثمي : فيه حسن بن قيس الملقب بخنش وهو متروك وبقية رجاله رجال الصحيح اه‍ . ورواه ابن عدي في الكامل من هذا الوجه وأعله بحسين المذكور ونقل تضعيفه عن أحمد والنسائي ، ومن ضعفه هذا أن الإمامين لا يحسنا حديثه ، ثم رأيت الحافظ في الفتح عزاه لأبي يعلى وحده عن أنس رفعه وقال : إسناده صحيح اه‍ . فكان ينبغي للمؤلف عدم إهماله . 6816 - (كان إذا وقع بعض أهله) أي جامع بعض حلائله (فكسل أن يقوم) أي ليغتسل أو ليتوضأ (ضرب بيده على الحائط فتيمم) فيه أنه يندب للجنب إذا لم يرد الوضوء أن يتيمم ولم أقف على من قال به من المجتهدين ومذهب الشافعية أنه يسن الوضوء لإرادة جماع ثان أو أكل أو شرب أو نوم فإن عجز عنه بطريقه تيمم . - (طس عن عائشة) قال الهيثمي : فيه بقية بن الوليد مدلس .
[ 212 ]
6817 - (كان إذا وجد الرجل راقدا على وجهه) أي نائما عليه يقال رقد رقودا نام ليلا كان أو نهارا وخصه بعضهم بالليل والأول أصح والظاهر أن الرجل وصف طردي وأن المراد الإنسان ولو أنثى إذ هي أحق بالستر (ليس على عجزه شئ) يستره من نحو ثوب (ركضه) بالتحريك ضربه (برجله) ليقوم (وقال هي أبغض الرقدة إلى الله) ومن ثم قيل إنها نوم الشياطين والعجز بفتح العين وضمها ومع كل فتح الجيم وسكونها والأفصح كرجل وهو من كل شئ مؤخره . - (حم عن الشريد) بن سويد رمز المصنف لحسنه وهو تقصير أو قصور فقد قال الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح اه‍ فكان حقه أن يرمز لصحته . 6818 - (كان إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا ينزعها) أي يتركها (حتى يكون الرجل هو) الذي (يدع يده) باختياره (ويقول) مودعا له (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك) أي أكل كل ذلك منك إلى الله وأتبرأ من حفظه وأتخلى من حرسه وأتوكل عليه فإنه سبحانه وفي حفيظ إذا استودع شيئا حفظه ومن توكل عليه كفاه ولا قوة إلا بالله قال جدي شيخ الإسلام الشرف المناوي رحمه الله تعالى في أماليه : والأمانة هنا ما يخلفه الإنسان في البلد التي سافر منها . - (حم ت) في الدعوات (ن ه ك) في الحج كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا الضياء في المختارة وساقه من طريق الترمذي خاصة . 6819 - (كان إذا وضع الميت في لحده قال بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله) قال الشافعية : فيسن لمن يدخل الميت القبر أن يقول ذلك لثبوته عن المصطفى صلى الله عليه وسلم فعلا كما هنا وقولا كما سبق في حرف الدال . - (د ت ه هق [ ص 167 ] عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وكذا رواه عنه النسائي وكأنه أغفله ذهولا فقد قال الحافظ ابن حجر : رواه أبو داود وبقية أصحاب السنن وابن حبان والحاكم اه‍ . 6820 - (كان أرحم الناس بالصبيان والعيال) قال النووي : وهذا هو المشهور وروي بالعباد وكل منهما صحيح واقع والعيال أهل البيت ومن يمونه الإنسان . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) قال الزين العراقي : وروينا في فوائد أبي الدحداح عن علي كان أرحم الناس بالناس .
[ 213 ]
6821 - (كان أكثر أيمائه) بفتح الهمزة جمع يمين (لا ومصرف القلوب) وفي رواية البخاري لا ومقلب القلوب أي لا أفعل وأقول وحق مقلب القلوب وفي نسبة تقلب القلوب أو تصرفها إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه وقال الطيبي : لا نفي للكلام السابق ومصرف القلوب إنشاء قسم وفيه أن أعمال القلب من الأدوات والدواعي وسائر الأعراض بخلق الله وجواز تسمية الله بما صح من صفاته على الوجه اللائق وجواز الحلف بغير تحليف قال النووي : بل يندب إذا كان لمصلحة كتأكيد أمر مهم ونفي المجاز عنه وفي الحلف بهذه اليمين زيادة تأكيد لأن الإنسان إذا استحضر أن قلبه وهو أعز الأشياء عليه بيد الله يقلبه كيف يشاء غلب عليه الخوف فارتدع عن الحلف على ما لا يتحقق . - (ه عن ابن عمر) رمز المصنف لحسنه . 6822 - (كان أكثر دعائه يا مقلب القلوب) المراد تقليب أعراضها وأحوالها لا ذواتها (ثبت قلبي على دينك) بكسر الدال قال البيضاوي : إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ودفع توهم أنهم يستثنون من ذلك قال الطيبي : إضافة القلب إلى نفسه تعريضا بأصحابه لأنه مأمون العاقبة فلا يخاف على نفسه لاستقامتها لقوله تعالى * (إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم) * وفيه أن أغراض القلوب من إرادة وغيرها يقع بخلق الله وجواز تسمية الله بما ثبت في الحديث وإن لم يتواتر وجواز اشتقاق الاسم له من الفعل الثابت (فقيل له في ذلك قال إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله) يقلبه الله كيف يشاء وأتى هنا باسم الذات دون الرحمن المعبر به في الحديث المار لأن المقام هنا مقام هيبة وإجلال إذ الإلهية متقضية له لأن يخص كل واحد بما يخصه به من إيمان وطاعة وكفر وعصيان (فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ) تمامه عند أحمد فنسأل الله أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ونسأل الله أن يهب لنا من لدنه رحمة إنه هو الوهاب اه‍ . قال الغزالي : إنما كان ذلك أكثر دعائه لاطلاعه على عظيم صنع الله في عجائب القلب وتقلبه فإنه هدف يصاب على الدوام من كل جانب فإذا أصابه شئ وتأثر أصابه من جانب آخر ما يضاده فيغير وصفه وعجيب صنع الله في تقلبه لا يهتدي إليه إلا المراقبون بقلوبهم والمراعون لأحوالهم مع الله تعالى وقال ابن عربي : تقليب الله القلوب هو ما خلق فيها من الهم بالحسن والهم بالسوء فلما كان الإنسان يحس بترادف الخواطر المتعارضة عليه في قلبه الذي هو عبارة عن تقليب الحق وهذا لا يقتدر الإنسان على دفعه كان ذلك أكثر دعائه يشير إلى سرعة التقليب من الإيمان إلى الكفر وما تحتهما * (فألهمها فجورها وتقواها) * وهذا قاله للتشريع والتعليم . - (ت عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه لكن قال الهيثمي : فيه شهر بن حوشب وفيه عندهم ضعيف .
[ 214 ]
6823 - (كان أكثر دعائه يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ [ ص 168 ] قدير) قال ابن الكمال : اليد مجاز عن القوة المتصرفة وخص الخير بالذكر في مقام النسبة إليه تقدس مع كونه لا يوجد الشر إلا هو لأنه ليس شرا بالنسبة إليه تعالى وقال الزمخشري : التهليل والتحميد دعاء لكونه بمنزلته في استيجاب صنع الله تعالى وإنعامه . - (حم عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي : رجاله موثقون اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه لكن نقل في الأذكار عن الترمذي أنه ضعفه قال الحافظ ابن حجر : وفيه محمد بن أبي حميد أبو إبراهيم الأنصاري المدني غير قوي عندهم . 6824 - (كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس) فصومهما سنة مؤكدة (فقيل له) أي فقال له بعض أصحابه لم تخصهما بأكثرية الصوم (فقال الأعمال تعرض) على الله تعالى هذا لفظ رواية الترمذي وعند النسائي على رب العالمين (كل اثنين وخميس فيغفر لكل مسلم إلا المتهاجرين) أي المسلمين المتقاطعين (فيقول) الله لملائكته (أخروهما) حتى يصطلحا وفي معناه خبر تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا وفي خبر آخر اتركوا هذين حتى يفيئا قال الطيبي : لا بد هنا من تقدير من يخاطب بقول أخروا أو اتركوا أو أنظروا أو ادعوا كأنه تعالى لما غفر للناس سواهما قيل اللهم اغفر لهما أيضا فأجاب بذلك اه‍ . وما قدرته أولا أوضح وفيه رد على الحليمي في قوله اعتياد صومهما مكروه ولذلك حكموا بشذوذه وتسميتهما بذلك يقتضي أن أول الأسبوع الأحد وهو ما نقله ابن عطية عن الأكثر لكن ناقضه السهيلي فنقل عن العلماء إلا ابن جرير أن أوله السبت . - (حم عن أبي هريرة) . 6825 - (كان أكثر صومه) من الشهر (السبت) سمي به لانقطاع خلق العالم فيه والسبت القطع (والأحد) سمي به لأنه أول أيام الأسبوع عند جمع ابتدأ فيه خلق العالم (ويقول هما يوما عيد المشركين فأحب أن أخالفهم) سمى اليهود والنصارى مشركين والمشرك هو عابد الوثن إما لأن النصارى يقولون المسيح ابن الله واليهود عزير بن الله وإما أنه سمى كل من يخالف دين الإسلام مشركا على التغليب وفيه أنه لا يكره إفراد السبت مع الأحد بالصوم والمكروه إنما هو إفراد السبت لأن اليهود تعظمه والأحد لأن النصارى تعظمه ففيه تشبه بهم بخلاف ما لو جمعهما إذ لم يقل أحد منهم بتعظيم المجموع قال بعضهم : ولا نظير لهذا في أنه إذا ضم مكروه لمكروه آخر تزول الكراهة . - (حم طب ك) في الصوم
[ 215 ]
(هق) كلهم (عن أم سلمة) وسببه أن كريبا أخبر أن ابن عباس وناسا من الصحابة بعثوه إلى أم سلمة يسألها عن أي الأيام كان أكثر لها صياما فقالت : يوم السبت والأحد فأخبرهم فقاموا إليها بأجمعهم فقالت : صدق ثم ذكرته قال الذهبي : منكر ورواته ثقات . 6826 - (كان أكثر دعوة يدعو بها ربنا) بإحسانك (آتنا في الدنيا) حالة (حسنة) لنتوصل إلى الآخرة بها على ما يرضيك قال الحرالي : وهو الكفاف من مطعم ومشرب وملبس ومأوى وزوجة لا سرف فيها (وفي الآخرة حسنة) أي من [ ص 169 ] رحمتك التي تدخلنا بها جنتك (وقنا عذاب النار) بعفوك وغفرانك قال الطيبي : إنما كان يكثر من هذا الدعاء لأنه من الجوامع التي تحوز جميع الخيرات الدنيوية والأخروية وبيان ذلك أنه كرر الحسنة ونكرها تنويعا وقد تقرر في علم المعاني أن النكرة إذا أعيدت كانت الثانية غير الأولى فالمطلوب في الأولى الحسنات الدنيوية من الاستعانة والتوفيق والوسائل التي بها اكتساب الطاعات والمبرات بحيث تكون مقبولة عند الله وفي الثانية ما يترتب من الثواب والرضوان في العقبى ، قوله وقنا عذاب النار تتميم أي إن صدر منا ما يوجبها من التقصير والعصيان فاعف عنا وقنا عذاب النار فحق لذلك أن يكثر من هذا الدعاء - (حم ق د) من حديث قتادة عن أنس بن مالك قال صهيب : سأل قتادة أنسا أي دعوة كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ؟ فذكره قال : وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها . 6827 - (كان بابه يقرع بالأظافير) أي يطرق بأطراف أظافر الأصابع طرقا خفيفا بحيث لا يزعج تأدبا معه ومهابة له قاله الزمخشري ومن هذا وأمثاله تقتطف ثمرة الألباب وتقتبس محاسن الآداب كما حكى عن أبي عبيد ومكانه من العلم والزهد وثقة الرواية ما لا يخفى أنه قال : ما دققت بابا على عالم قط حتى يخرج وقت خروجه انتهى . ثم هذا التقرير هو اللائق المناسب وقول السهيلي سبب قرعهم بابه بالأظافر أنه لم يكن فيه حلق ولذلك فعلوه رده ابن حجر بأنهم إنما فعلوه توقيرا وإجلالا فعلم أن العلماء لا ينبغي أن يطرق بابهم عند الاستئذان عليهم إلا طرقا خفيفا بالأظفار ثم بالأصابع ثم الحلقة قليلا قليلا ، نعم إن بعد موضعه عن الباب بحيث لا يسمع صوت قرعه بنحو ظفر قرع بما فوقه بقدر الحاجة كما بحثه الحافظ ابن حجر وتلاه الشريف السمهودي قال ابن العربي في حديث البخاري : في قصة جابر مشروعية دق الباب لكن قال بعض الصوفية : إياك ودق الباب على فقير فإنه كضربة بالسيف كما يعرف ذلك أرباب الجمعية بقلوبهم على حضرة الله وقال بعضهم : إياك ودق الباب فربما كان في حال قاهر يمنعه من لقاء الناس مطلقا . - (الحاكم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن أنس) ورواه أيضا البخاري في تاريخه ورواه أبو نعيم عن المطلب بن يزيد عن عمير بن سويد عن أنس قال في الميزان عن ابن حبان : عمير لا يجوز أن يحتج به وقال في موضع آخر : رواه أبو نعيم عن حميد بن الربيع
[ 216 ]
وهو ذو مناكير انتهى ورواه أيضا باللفظ المزبور البراز قال الهيثمي : وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف ورواه البيهقي في الشعب أيضا عن أنس بلفظ إن أبوابه كانت تقرع بالأظافير . 6828 - (كان تنام عيناه ولا ينام قلبه) ليعي الوحي الذي يأتيه في نومه ورؤيا الأنبياء وحي ولا يشكل بقصة النوم في الوادي لأن القلب إنما يدرك الحسيات المتعلقة به كحدث وألم لا ما يتعلق بالعين ولأن قلبه كان مستغرقا إذ ذاك بالوحي وأما الجواب بأنه كان له حالان حالة ينام فيها قلبه وحالة لا فضعفه النووي . - (ك) في التفسير عن يعقوب بن محمد الزهري عن عبد العزيز بن محمد عن شريك (عن أنس) بن مالك قال الحاكم : على شرط مسلم ورده الذهبي بأن يعقوب ضعيف ولم يرو له مسلم انتهى . 6829 - (كان خاتمه) بفتح التاء وكسرها سمي خاتما لأنه يختم به ثم توسع فيه فأطلق على الحلي المعروف وإن لم يكن معدا للتختم به ذكره ابن العراقي (من ورق) بكسر الراء فضة (وكان فصه حبشيا) أي من جزع أو عقيق لأن معدنهما من الجنة أو نوعا آخر ينسب إليهما وفي المفردات نوع من زبرجد ببلاد الحبش لونه إلى الخضرة ينقي العين ويجلو البصر . - (م عن أنس) بن مالك وفيه عنه من طريق آخر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لبس خاتما من فضة في يمينه فيه فص حبشي كان يجعل فصه مما يلي كفه . 6830 - (كان خاتمه من فضة فصه منه) أي فصه من بعضه لا منفصل عنه مجاور له فمن تبعيضية أو الضمير للخاتم وهذا بدل من خاتمه وكان هذا الخاتم بيده ثم الصديق فعمر فعثمان حتى وقع منه أو من معيقيب في بئر أريس . - (خ) في اللباس (عن أنس) بن مالك . 6831 - (كان خلقه) بالضم قال الراغب : هو والمفتوح الخاء بمعنى واحد لكن خص المفتوح بالهيئات والصور المبصرة والمضموم بالسجايا والقوى المدركة بالبصيرة ثم قيل للمضموم غريزي (القرآن) أي ما دل عليه القرآن من أوامره ونواهيه ووعده ووعيده إلى غير ذلك وقال القاضي : أي خلقه كان جميع ما حصل في القرآن فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه فقد تحلى به وكل ما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلى عنه فكان القرآن بيان خلقه انتهى . وقال في الديباج : معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبيره وحسن تلاوته وقال السهروردي في عوارفه : وفيه رمز غامض وإيماء خفي إلى الأخلاق الربانية فاحتشم الراوي الحضرة الإلهية أن يقول كان متخلقا بأخلاق الله تعالى فعبر الراوي عن المعنى بقوله كان خلقه القرآن استحياء من سبحات الجلال وسترا للحال بلطف المقال وذا من نور العقل وكمال الأدب وبذلك عرف أن كمالات خلقه لا تتناهى كما أن معاني القرآن لا تتناهى وأن التعرض لحصر جزئياتها غير مقدور للبشر ثم ما انطوى عليه من
[ 217 ]
جميل الأخلاق لم يكن باكتساب ورياضة وإنما كان في أصل خلقته بالجود الإلهي والإمداد الرحمني الذي لم تزل تشرق أنواره في قلبه إلى أن وصل لأعظم غاية وأتم نهاية . - (حم م د عن عائشة) ووهم الحاكم حيث استدركه . (كان رحيما بالعيال) أي رقيق القلب متفضلا محسنا رقيقا وفي صحيح مسلم وأبي داود رحيما رفيقا ولفظه عن عمران بن حصين كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من الصحابة وأسر الصحب رجلا من بني عقيل فأصابوا معه العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى عليه وهو في الوثاق فقال : يا محمد فأتاه فقال : ما شأنك فقال : بم أخذتني فقال : بجريرة حلفائك ثقيف ثم انصرف عنه فناداه يا محمد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فرجع إليه فقال : ما شأنك ؟ قال : إني مسلم قال : لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ، وفي الصحيحين عن مالك بن الحويرث قال : أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقمنا عنده عشرين ليلة وكان رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا إلى أهلنا فقال : ارجعوا إلى أهليكم وليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم . - (الطيالسي) أبو داود في مسنده (عن أنس) رمز المصنف لصحته . 6832 - (كان رايته) تسمى العقاب كما ذكره ابن القيم وكانت (سوداء) أي غالب لونها أسود خالص ذكره القاضي ثم الطيبي . قال ابن حجر : ويجمع بينهما باختلاف الأوقات لكن في سنن أبي داود أنها صفراء ، وفي العلل للترمذي عن البراء كانت سوداء مربعة من حبرة (ولواؤه أبيض) قال ابن القيم : وربما جعل فيه السواد والراية العلم الكبير واللواء العلم الصغير فالراية هي التي يتولاها صاحب الحرب وليقاتل عليها وإليها تميل المقاتلة واللواء علامة كبكبة الأمير تدور معه حيث دار ذكره جميع وقال ابن العربي : اللواء ما يعقد في طرف الرمح ويكون عليه والراية ما يعقد فيه ويترك حتى تصفقه الرياح تتمة : روى أبو يعلى بسند ضعيف عن أنس رفعه : إن الله كرم أمتي بالألوية . - (د) في الجهاد وكذا الترمذي وكأن المؤلف ذهل عنه (ك) في الجهاد (عن ابن عباس) ولم يصححه الحاكم وزاد الذهبي فيه أن فيه يزيد بن حبان وهو أخو مقاتل وهو مجهول الحال ، وقال البخاري : عنده غلط ظاهر وساقه ابن عدي من مناكير يزيد بن حبان عن عبيد الله ، نعم رواه الترمذي في العلل عن البراء من طريق آخر بلفظ : كانت سوداء مربعة من نمرة ، ثم قال [ ص 171 ] سألت عنه محمدا يعني البخاري فقال : حديث حسن اه‍ . ورواه الطبراني باللفظ المذكور من هذا الوجه وزاد مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله . 6833 - (كان ربما اغتسل يوم الجمعة) غسلها (وربما تركه أحيانا) ففيه أنه مندوب لا واجب وفي قوله أحيانا إيذان بأن الغالب كان الفعل والأحيان جمع حين وهو الزمان قل أو كثر . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه محمد بن معاوية النيسابوري وهو ضعف ، لكن أثنى عليه أحمد ، وقال : عمرو بن علي ضعيف لكنه صدوق .
[ 218 ]
6834 - (كان ربما أخذته الشقيقة) بشين معجمة وقافين كعظيمة وجع أحد شقي الرأس (فيمكث) أي يلبث (اليوم واليومين لا يخرج) من بيته لصلاة ولا غيرها لشدة ما به من الوجع ، وذكر الأطباء أن وجع الرأس من الأمراض المزمنة وسببه أبخرة مرتفعة أو أخلاط حارة أو باردة ترتفع إلى الدماغ فإن لم تجد منفذا أخذ الصداع فإن مال إلى أحد شقي الرأس أحدث الشقيقة ، وإن ملك قمقمة الرأس أحدث داء البيضة ، وقال بعضهم : الشقيقة بخصوصها في شرايين الرأس وحدها وتختص بالموضع الأضعف من الرأس وعلاجها شد العصابة ولذلك كان المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم إذا أخذته عصب رأسه . - (ابن السني وأبو نعيم) معا (في) كتاب (الطب) النبوي (عن بريدة) بن الحصيب . 6835 - (كان ربما يضع يده على لحيته في الصلاة من غير عبث) فلا بأس بذلك إلا خلا عن المحذور وهو العبث ولا يلحق بتغطية الفم في الصلاة حيث كره ، وفي سنن البيهقي عن عمرو بن الحويرث كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ربما مس لحيته وهو يصلي . قال بعضهم : وفيه أن تحرك اليد أي من غير عبث لا ينافي الخشوع . - (عد هق عن ابن عمر) بن الخطاب ، وفيه عيسى بن عبد الله الأنصاري . قال في الميزان عن ابن حبان : لا ينبغي أن يحتج بما انفرد به ثم ساق له هذا الخبر . 6837 - (كان رحيما) حتى بأعدائه لما دخل يوم الفتح مكة على قريش وقد أجلسوا بالمسجد الحرام وصحبه ينتظروه أمره فيهم من قتل أو غيره قال : ما تظنون أني فاعل بكم قالوا : خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال : أقول كما قال أخي يوسف * (لا تثريب عليكم اليوم) * اذهبوا فأنتم الطلقاء . قال ابن عربي : فلا ملك أوسع من ملك محمد فإن له الإحاطة بالمحاسن والمعارف والتودد والرحمة والرفق * (وكان بالمؤمنين رحيما) * وما أظهر في وقت غلظة على أحد إلا عن أمر إلهي حين قال له * (جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم) * فأمر بما لم يقتضي طبعه ذلك وإن كان بشرا يغضب لنفسه ويرضى لها (وكان لا يأتيه أحد إلا وعده وأنجز له إن كان عنده) وإلا أمر بالاستدانة عليه ، وفي حديث الترمذي أن رجلا جاءه فسأله أن يعطيه فقال : ما عندي شئ ولكن ابتع علي ، فإذا جاءنا شئ قضيته فقال عمر : يا رسول الله قد أعطيته فما كلفك الله ما لا نقدر عليه فكره قول عمر ، فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أنفق ولا تخش من ذي العرش إقلالا ، فتبسم فرحا بقول الأنصاري أي وعرف في وجهه البشر ثم قال : بهذا أمرت . - (خد عن
[ 219 ]
أنس) بن مالك وروى الجملة الأولى منه البخاري وزاد بيان السبب فاسند عن مالك بن الحويرث قال : قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم ونحن [ ص 172 ] شببة فلبثنا عنده نحوا من عشرين ليلة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيما . زاد في رواية ابن علية رفيقا فقال : لو رجعتم إلى بلادكم فعلمتموهم . 6838 - (كان شديد البطش) قد أعطى قوة أربعين في البطش والجماع كما في خبر الطبراني عن ابن عمرو وفي مسلم عن البراء كنا والله إذا حمي البأس نتقي به وإن الشجاع منا الذي يحاذي به وفي خبر أبي الشيخ عن عمران ما لقي كتيبة إلا كان أول من يضرب ولأبي الشيخ عن علي كان من أشد الناس بأسا ومع ذلك كله فلم تكن الرحمة منزوعة عن بطشه لتخلقه بأخلاق الله وهو سبحانه ليس له وعيد وبطش شديد ليس فيه شئ من الرحمة واللطف ولهذا قال أبو يزيد البسطامي وقد سمع قارئا يقرأ * (إن بطش ربك لشديد) * بطشي أشد فإن المخلوق إذا بطش لا يكون في بطشه رحمة وسببه ضيق المخلوق فإنه ما له الاتساع الإلهي وبطشه تعالى وإن كان شديدا ففي بطشه رحمة بالمبطوش به فلما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أعظم البشر اتساعا كانت الرحمة غير منزوعة عن بطشه وبذلك يعرف أنه لا تعارض بين هذا والذي قبله . - (ابن سعد) في الطبقات (عن محمد بن علي) وهو ابن الحنفية مرسلا ورواه أبو الشيخ [ ابن حبان ] من رواية أبي جعفر معضلا . 6839 - (كان طويل الصمت قليل الضحك) لأن كثرة السكوت من أقوى أسباب التوقير وهو من الحكمة وداعية السلامة من اللفظ ولهذا قيل من قل كلامه قل لغطه وهو أجمع للفكر . - (حم) من حديث سماك (عن جابر بن سمرة) قال سماك : قلت لجابر أكنت تجالس النبي صلى الله عليه وسلم قال : نعم وكان طويل الصمت إلخ . رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة . 6840 - (كان فراشه نحوا) خبر كان أي مثل شئ (مما يوضع للإنسان) أي الميت (في قبره) وقد وضع في قبره قطيفة حمراء أي كان فراشه للنوم نحوها (وكان المسجد عند رأسه) أي كان إذا نام يكون رأسه إلى جانب المسجد . قال حجة الإسلام : وفيه إشارة إلى أنه ينبغي للإنسان أن يتذكر بنومه كذلك أنه سيضجع في اللحد كذلك وحيدا فريدا ليس معه إلا عمله ولا يجزى إلا بسعيه ولا يستجلب النوم تكلفا بتمهيد الفراش الوطئ فإن النوم تعطيل للحياة . - (د) في اللباس (عن بعض آل أم سلمة) ظاهر صنيعه أن أبا داود تفرد بإخراجه عن الستة وليس كذلك بل رواه أيضا ابن ماجه في الصلاة هذا وقد رمز المصنف لحسنه .
[ 220 ]
6841 - (كان فراشه مسحا) بكسر فسكون بلاسا من شعر أو ثوب خشن يعد للفراش من صوف يشبه الكساء أو ثياب سود يلبسها الزهاد والرهبان وبقية الحديث عند مخرجه الترمذي يثنيه ثنيتين فينام عليه فلما كان ذات ليلة قلت لو ثنيته أربع ثنيات لكان أوطأ فثنيناه له بأربع ثنيات فلما أصبح قال : ما فرشتموه الليلة قلنا : هو فراشك إلا أنا ثنيناه بأربع ثنيات قلنا هو أوطأ لك قال : ردوه لحاله الأول فإنه منعني وطاؤه صلاتي الليلة . قال ابن العربي : وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم يمهد فراشه ويوطئه ولا ينفض مضجعه كما يفعل الجهال بسنته اه‍ . وأقول : قد جهل هذا الإمام سنته في هذا المقام فإنه قد جاء من عدة طرق أنه قال عليه الصلاة والسلام إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره . (ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (عن حفصة) بنت عمر رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال [ ص 173 ] الحافظ العراقي هو منقطع . 6842 - (كان فرسه يقال له المرتجز) قال ابن القيم : وكان أشهب (وناقته القصواء) بضم القاف والمد قيل هي التي تسمى العضباء وقيل غيرها (وبغلته الدلدل) بضم فسكون ثم مثله سميت به لأنها تضطرب في مشيها من شدة الجري يقال دلدل في الأرض ذهب ومر يدلدل ويتدلدل في مشيه يضطرب ذكره ابن الأثير (وحماره عفير) فيه مشروعية تسمية الفرس والبغل والحمار وكذا غيرها من الدواب بأسماء تخصها غير أسماء أجناسها قال ابن حجر : وفي الأحاديث الواردة في نحو هذا ما يقوي قول من ذكر بعض أنساب الخيول العربية الأصيلة لأن الأسماء توضع لتميز بين أفراد الجنس (ودرعه) بكسر الدال زرديته (ذات العضول وسيفه ذو الفقار) قال الزين العراقي : وروينا في فوائد أبي الدحداح حماره يعفور وشاته بركة وفي حديث للطبراني اسم شاته التي يشرب لبنها غنية وأخرج ابن سعد في طبقاته كانت منائح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم سبع عجوة وسقيا وبركة وزمزم وورسة وأطلال وأطراف وفي سنده الواقدي وله عن مكحول مرسلا كانت له شاة تسمى قمر . - (ك هق عن علي) أمير المؤمنين . 6843 - (كان فيه دعابة) بضم الدال (قليلة) أي مزاح يسير قال الزمخشري : المداعبة كالمزاحة ودعب يدعب كمزح يمزح ورجل دعب ودعابة وفي المصباح دعب يدعب كمزح يمزح وزنا ومعنى والدعابة بالضم اسم لما يستملح من ذلك قال ابن عربي : وسبب مزاحه أنه كان شديد الغيرة فإنه وصف نفسه بأنه أغير من سعد بعد ما وصف سعدا بأنه غيور فأتى بصيغة المبالغة والغيرة من نعت المحبة وهم لا يظهرونها فستر محبته وما له ومن الوجد فيه بالمزاح ملاعبته للصغير وإظهار حبه فيمن أحبه من أزواجه وأبنائه وأصحابه وقال * (إنما أنا بشر) * فلم يجعل نفسه أنه من المحبين فجهلوا طبيعته وتخيلت أنه معها لما رأته يمشي في حقها ويؤثرها ولم تعلم أن ذلك عن أمر محبوبه إياه بذلك وقيل إن محمدا صلى الله عليه وسلم يحب عائشة والحسنين وترك الخطبة يوم العيد ونزل إليهما لما رآهما يعثران في
[ 221 ]
أذيالهما ، وهذا كله من باب الغيرة على المحبوب أن تنتهك حرمته وهكذا ينبغي أن يكون تعظيما للجناب الأقدس أن يعشق . - (خط وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 6844 - (كانت قراءته المد) وفي رواية مدا أي كانت ذات مد أي كان يمد ما كان في كلامه من حروف المد واللين ذكره القاضي وقال المظهر : معناه كانت قراءته كثيرة المد وحروف المد الألف والواو والياء فإذا كان بعدها همزة يمد ذلك الحرف (ليس فيها ترجيع) يتضمن زيادة أو نقصان كهمز غير المهموز ومد غير الممدود وجعل الحرف حروفا فيجر ذلك إلى زيادة في القرآن وهو غير جائز والتلحين والتغني المأمور به ما سلم من ذلك . - (طب عن أبي بكرة) رمز المصنف لحسنه وليس كما ظن فقد قال الهيثمي وغيره : فيه عمرو بن وجيه وهو ضعيف وقال مرة أخرى : فيه من لم أعرفه وفي الميزان : تفرد به عمرو بن موسى يعني ابن وجيه وهو متهم أي بالوضع . 6845 - (كان قميصه فوق الكعبين) أي إلى أنصاف ساقيه كما في رواية (وكان كمه مع الأصابع) أي مساويا لا يزيد ولا ينقص عنها قال ابن القيم : وأما هذه الأكمام التي كالأخراج فلم يلبسها هو ولا صحبه البتة بل هي مخالفة لسنته وفي جوازها نظر [ ص 174 ] لأنها من جنس الخيلاء وقال بعض الشافعية : متى زاد على ما ذكر لكل ما قدروه في غير ذلك بقصد الخيلاء حرم بل فسق وإلا كره إلا لعذر كأن يميز العلماء بشعار يخالف ذلك فلبسه بقصد أن يعرف فيسأل أو ليمتثل أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر . - (ك عن ابن عباس) . 6846 - (كان كم قميصه إلى الرسغ) بضم فسكون مفصل ما بين الكف والساعد وروي بسين وبصاد وجمع بين هذا الخبر وما قبله بأن ذا كان يلبسه في الحضر وذاك في السفر وحكمة الاقتصار على ذلك أنه متى جاوز اليد شق على لابسه ومنعه سرعة الحركة والبطش ومتى قصر عن ذلك تأذى الساعد ببروزه للحر والبرد فكان الاقتصار على ما ذكر وسطا فينبغي التأسي به ويجري ذلك في أكمامنا وخير الأمور أوسطها . - (د ت عن أسماء بنت يزيد) بن السكن قال الترمذي : حسن غريب اه‍ . رمز لحسنه وفيه شهر بن حوشب قال الحافظ العراقي : مختلف فيه وجزم غيره بضعفه . 6847 - (كان كثيرا ما يقبل عرف) ابنته (فاطمة) الزهراء وكان كثيرا ما يقبلها في فمها أيضا زاد أبو داود بسند ضعيف ويمص لسانها ، والعرف بالضم أعلى الرأس مأخوذ من عرف الديك وهو اللحمة مستطيلة في أعلى رأسه وعرف الفرس الشعر النابت في محدب رقبته . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) .
[ 222 ]
6848 - (كان له برد) بضم فسكون زاد في رواية أخضر (يلبسه في العيدين والجمعة) وكان يتجمل للوفود أيضا قال الغزالي : وهذا كان منه عبادة لأنه مأمور بدعوة الخلق وترغيبهم في الاتباع واستمالة قلوبهم ولو سقط عن أعينهم لم يرغبوا في اتباعه فكان يجب عليه أن ينظره لهم محاسن أحواله لئلا تزدريه أعينهم فإن أعين العوام تمتد إلى الظاهر دون السرائر وأخذ منه الإمام الرافعي أنه يسن للإمام يوم الجمعة أن يزيد في حسن الهيئة واللباس ويتعمم ويرتدي وأيده ابن حجر بخبر الطبراني عن عائشة كان له ثوبان يلبسهما في الجمعة فإذا انصرف طويناهما إلى مثله . تنبيه : ذكر الواقدي أن طول ردائه كان ستة أذرع في عرض ثلاثة وطول إزاره أربعة أذرع وشبرين لا ذراعين وشبر وأنه كان يلبسهما في الجمعة والعيدين وفي شرح الأحكام لابن بزيزة ذرع الرداء الذي ذكره الواقدي في ذرع الإزار قال الحافظ في الفتح : والأول أولى . - (هق عن جابر) بن عبد الله ورواه عنه أيضا ابن خزيمة في صحيحه لكن بدون ذكر الأخضر . 6849 - (كان له جفنة) بضم الجيم وفتحها (لها أربع حلق) ليحملها منها أربعة رجال وكانت معدة للأضياف وهذا يدل على مزيد إكرامه للأضياف وسعة إطعامه . - (طب عن عبد الله بن بسر) بضم الباء وسكون المهملة . 6850 - (كان له حربة) بفتح فسكون رمح قصير تشبه العكاز (يمشي بها بين يديه) على الأعناق (فإذا صلى ركزها بين يديه) فيتخذها سترة يصلي إليها إذا كان في عير بناء وكان يمشي بها أحيانا وكان له حراب غيرها أيضا . - (طب عن عصمة) بكسر المهملة الأولى وسكون الثانية (ابن مالك) رمز المصنف لحسنه قال الحافظ الهيثمي وغيره : ضعيف هكذا جزم به ولم يوجهه . 6851 - (كان له حمار اسمه عفير) بضم العين المهملة وفتح الفاء وسكون التحتية بعدها راء تصغير أعفر خرجوه عن بناء [ ص 175 ] أصله كسويد تصغير أسود من العفرة وهي حمرة يخالطها بياض ذكره جمع ووهموا عياضا في ضبطه بغين معجمة قال ابن حجر : وهو غير الحمار الآخر الذي يقال له يعفور وزعم ابن عبدوس أنهما واحد رده الدمياطي فقال : عفير أهداه له المقوقس ويعفور أهداه فروة بن عمرو وقيل بالعكس ويعفور بسكون المهملة وضم الفاء اسم ولد الظبي كأنه سمي به لسرعته قال الواقدي : نعق يعفور منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع وقيل طرح نفسه في بئر يوم مات المصطفى صلى الله عليه وسلم قال الزمخشري : وإنما سمي به لعفرة لونه والعفرة بياض غير ناصع كلون عفر الأرض أي وجهها قال : ويجوز كونه سمي به تشبيها في عدوه باليعفور وهو الظبي اه‍ . وقال ابن القيم : كان أشهب أهداه له المقوقس
[ 223 ]
ملك القبط وآخر أهداه له فروة الجذامي اه‍ . - (حم عن علي) أمير المؤمنين (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه وهو كقال فقد قال الهيثمي : إسناده حسن . 6853 - (كان له خرقة يتنشف بها بعد الوضوء) وفي لفظ بعد وضوئه وحينئذ فلا يكره التنشف بل لا بأس به وعليه جمع وذهب آخرون إلى كراهته لأن ميمونة أتته بمنديل فرده ولما أخرجه الترمذي عن الزهري أن ماء الوضوء يوزن وأجاب الأولون بأنها واقعة حال يتطرق إليها الاحتمال وبأنه إنما رده مخافة مصيره عادة ويمنع دلالته على الكراهة فإنه لولا أنه كان يتنشف لما أتته به وإنما رده لعذر كاستعجال أو لشئ رآه فيه أو لوسخ أو تعسف ريح وفي هذا الحديث إشعار بأنه كان لا ينفض ماء الوضوء عن أعضائه وفيه حديث ضعيف أورده الرافعي وغيره ولفظه لا تنفضوا أيديكم في الوضوء كأنها مراوح الشيطان قال ابن الصلاح وتبعه النووي : لم أجده وقد أخرجه ابن حبان في الضعفاء وابن أبي حاتم في العلل . - (ت) في الطهارة (ك) كلاهما (عن عائشة) ظاهره أن مخرجه الترمذي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه قال عقبه : ليس بالقائم ولا يصح عن النبي فيه شئ وفيه أبو معاذ سليمان بن أرقم ضعيف عندهم وقد رخص قوم من أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم في التمندل بعد الوضوء وقال يحيى : أبو معاذ هذا لا يساوي فلسا والبخاري : منكر الحديث والرازي : صالح لا يعقل ما يحدث به والنسائي : متروك وابن حبان : يروي الموضوعات وينفرد بالمعضلات لا يجوز الاحتجاج به وممن جزم بضعف الحديث البغوي والدارقطني وابن القيم وقال ابن حجر في تخريج الهداية : سنده ضعيف . 6853 - (كان له سكة) بضم السين وشد الكاف طيب يتخذ من الرامك بكسر الميم وتفتح شئ أسود يخلط بمسك ويفرك ويقرص ويترك يومين ثم ينظم في خيط وكلما عتق عبق كذا في القاموس . وقال في المطامح : وعاء يجعل فيه الطيب كما قال (يتطيب منها) واحتمال أنها قطعة من السك وهو طيب مجتمع من أخلاط بعيد . - (د) في الترجل (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه ورواه الترمذي عنه في الشمائل . 6854 - (كان له سيف محلى قائمته من فضة ونعله من فضة) قال الزمخشري : هي الحديدة التي في أسفل قرابه قال : * إلى ملك لا ينصف الساق نعله * (وفيه حلق من فضة وكان يسمى ذا الفقار) سمي به لأنه كان فيه حفر متساوية وهو الذي رأى فيه الرؤيا ودخل به يوم فتح مكة وكانت أسيافه سبعة هذا ألزمها له ، وقال الزمخشري : سمي ذا الفقار لأنه كانت في إحدى شفرتيه حزوز سميت بفقار الظهر وكان هذا السيف لمنبه بن الحجاج أو منبه بن
[ 224 ]
وهب أو [ ص 176 ] العاص بن منبه أو الحجاج بن عكاظ أو غيرهم ثم صار عند الخلفاء العباسيين . قال الأصمعي : دخلت على الرشيد فقال : أريكم سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الفقار قلنا : نعم فجاء به فما رأيت سيفا أحسن منه إذا نصب لم ير فيه شئ وإذا بطح عد فيه سبع فقر وإذا صفيحته يمانية يحار الطرف فيه من حسنه وقال قاسم في الدلائل : إن ذلك كان يرى في رونقه شبيها بفقار الحية فإذا التمس لم يوجد (وكان له قوس تسمى) بمثناة فوقية وسكون السين بضبط المصنف وكذا ما يأتي (ذا السداد) قال ابن القيم : وكان له ستة قسي هذا أحدها (وكان له كنانة تسمى ذا الجمع) بضم الجيم بضبط المصنف الكنانة بكسر الكاف جعبة السهام وبها سميت القبيلة (وكان له درع) بكسر الدال وسكون الراء المهملتين (موشحة بنحاس تسمى ذات الفضول) وهي التي رهنها عند أبي الشحم اليهودي وكان له سبعة دروع هذه أحدها (وكان له حربة تسمى النبعاء) بنون مفتوحة فموحدة ساكنة فعين مهملة وقيل بباء موحدة ثم نون ساكنة فعين مهملة شجر يتخذ القسي منه قال ابن القيم : وكان له حربة أخرى كبيرة تدعى البيضاء (وكان له مجن) بكسر الميم ترس سمي به لأن صاحبه يستتر به وجمعه مجان ككتاب (يسمى الذقن وكان له فرس أشقر يسمى المرتجز) لحسن صهيله ذكره الزمخشري قال النووي في التهذيب : وهو الذي اشتراه من الأعرابي الذي شهد عليه خزيمة بن ثابت (وكان له فرس أدهم) أي أسود (يسمى السكب) بفتح فسكون قال الزمخشري : سمي به لأنه كثير الجري وأصل السكب الصب فاستعير لشدة الجري وقيل هو بالتحريك سمي بالسكب وهو شقائق النعمان قال الشاعر : * كالسكب المحمر فوق الرابية * وقيل بالتخفيف لكثرة سائله وهو ذنبه قيل وهذا أول فرس ملكه كما في تهذيب النووي قال : كان أغر محجلا طلق اليمين وهو أول فرس غزا عليه (وكان له سرح يسمى الداج وكان له بغلة شهباء تسمى دلدل) بضم الدالين المهملتين أهداها له يوحنا ملك أيلة وظاهر البخاري أنه أهداها له في غزوة حنين وقد كانت هذه البغلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قال القاضي : ولم يرو أنه كانت له بغلة غيرها ذكره النووي وتعقبه الجلال البلقيني بأن البغلة التي كان عليها يوم حنين غير هذه ففي مسلم أنه كان على بغلة بيضاء أهداها له الجذامي قال : وفيما قاله القاضي نظر فقد قيل كان له دلدل وفضة وهي التي أهداها ابن العلماء والأيلية وبغلة أهداها له كسرى وأخرى من دومة الجندل وأخرى من النجاشي كذا في سيرة مغلطاي وفي الهدي كان له من البغال دلدل وكانت شهباء أهداها له المقوقس وأخرى اسمها فضة أهداها له صاحب دومة الجندل (وكانت له ناقة تسمى القصواء) بفتح القاف والمد وقيل بضمها
[ 225 ]
والقصواء قبل وهي التي هاجر عليها والقصواء الناقة التي قطع طرف أذنها وكل ما قطع من الأذن فهو جذع فإذا بلغ الربع فهي قصوى فإذا جاوز فهو عضب فإذا استوصلت فهو صلم قال ابن الأثير : ولم تكن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم قصوى وإنما هو لقب لها لقيت به لأنها كانت غاية في الجري وآخر كل شئ أقصاه وجاء في خبر أن له ناقة تسمى العضباء وناقة تسمى الجذعاء فيحتمل أن كل واحدة صفة ناقة مفردة ويحتمل كون الكل صفة ناقة واحدة فيسمى كل واحد منهم بما يخيل فيها (وكان له حمار يسمى يعفور وكان له بساط) كذا بخط المصنف فما في نسخ من أنه فسطاط تصحيف عليه [ ص 177 ] (يسمى الكز) بزاي معجمة بضبط المصنف (وكان له عنزة) بالتحريك حربة (تسمى النمر وكان له ركوة تسمى الصادر) سميت به لأنه يصدر عنها بالري ذكره ابن الأثير (وكان له مرآة تسمى المدلة وكان له مقراض) بكسر الميم وهو المسمى الآن بالمقص (يسمى الجامع وكان له قضيب) فعيل بمعنى مفعول أي غصن مقطوع من شجرة (شوحظ يسمى الممشوق) قيل وهو الذي كان الخلفاء يتداولونه قال ابن أبي خثيمة في تاريخه : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد من سلاح بني قينقاع ثلاثة قسى قوس اسمها الروحاء وقوس شوحظ تسمى البيضاء وقوس تسمى الصفراء . - (طب) من حديث عثمان بن عبد الرحمن عن علي بن عروة عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء وعمرو بن دينار (عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه علي بن عروة وهو متروك وقال شيخه الزين العراقي : فيه علي بن عروة الدمشقي نسب إلى وضع الحديث وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : موضوع عبد الملك وعلي وعثمان متروكون اه‍ . ونوزع في عبد الملك بأن الجماعة إلا البخاري رووا له . 6855 - (كان له فرس يقال له اللحيف) بحاء مهملة كرغيف وقيل بالتصغير سمي به لطول ذنبه فعيل بمعنى فاعل كأنه يلحف الأرض بذنبه وقيل هو بخاء معجمة وقيل بجيم . - (خ عن سهل بن سعد) الساعدي قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له اللحيف وعند ابن الجوزي بالنون بدل اللام من النحافة وذكر الواقدي أنه أهداه له سعد بن البراء وقيل ربيعة بن البراء . 6856 - (كان له فرس يقال له الظرب) بفتح المعجمة وكسر الراء فموحدة (وآخر يقال له اللزاز) بكسر اللام وبزايين لتلززه واجتماع خلقه وبالشئ لزق كأنه يلتزق بالمطلوبات لسرعته وجملة أفراسه سبعة متفق عليها جمعها ابن جماعة في بيت فقال : والخيل سكب لحيف ظرب * لزاز مرتجز ورد لها أسوار وقيل كانت له أفراس أخر خمسة عشر . - (هق عنه) أي عن سهل رمز المصنف لصحته . 6857 - (كانت له قدح قوارير) أي زجاج وهو بالتحريك واحد الأقداح التي للشرب قال في
[ 226 ]
المشارق : إناء يسع ما يروي رجلين وثلاثة وقال ابن الأثير : هو إناء بين إناءين لا صغير ولا كبير وقد يوصف بأحدهما (يشرب فيه) أهداه إليه النجاشي وكان له قدح آخر يسمى الريان ويسمى مغيثا وآخر مضببا بسلسلة من فضة . - (ه عن ابن عباس) . 6858 - (كان له قدح من عيدان) بفتح العين المهملة وسكون التحتية ودال مهملة جمع عيدانة وهي النخلة السحوق المتجردة والمراد هنا نوع من الخشب وكان يجعل (تحت سريره) أي موضوع تحت سريره قال ابن القيم : وكان يسمى الصادر قال الراغب : والسرير مأخوذ من السرور لأنه في الغالب لأولي النعمة قال : وسرير الميت تشبيه به في الصورة وللتفاؤل بالسرور (يبول فيه بالليل) تمامه كما عند الطبراني بسند قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح فقام وطلبه فلم يجده فسأل فقالوا : شربته برة خادم أم سلمة التي قدمت معها من أرض الحبشة فقال : لقد احتظرت من النار بحظار اه‍ . قيل وذا الخبر لا يعارضه خبر الطبراني أيضا في الأوسط بإسناد قال الولي العراقي : جيد لا ينقع بول في طست في البيت فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه بول لأن المراد بانقاعه طول مكثه وما في الإناء لا يطول مكثه بل تريقه الخدم عن قرب ثم يعاد تحت السرير لما يحدث والظاهر كما قاله الولي العراقي أن هذا كان قبل اتخاذ الكنف في البيوت فإنه لا يمكنه التباعد [ ص 178 ] بالليل للمشقة أما بعد اتخاذها فكان يقضي حاجته فيها ليلا ونهارا وأخذ من تخصيص البول أنه كان لا يفعل الغائط فيه لغلظه بالنسبة للبول ولكثافته وكراهة ريحه ، والليل أنه كان لا يبول فيه نهارا وفيه حل اتخاذ السرير وأنه لا ينافي التواضع لمسيس الحاجة إليه سيما الحجاز لحرارته وحل القدح من خشب النخل ولا ينافيه ما مر من حديث أكرموا عمتكم النخلة لأن المراد بإكرامها سقيها وتلقيحها كما تقدم فإذا انفصل منها شئ وعمل إناء أو غيره زال عنه اسم النخلة فلم يؤمر بإكرامه وأما الجواب بأن بوله فيه ليس إهانة بل تشريفا فغير قويم لاقتضائه اختصاص الجواز به ولا كذلك وفيه حل البول في إناء في البيت الذي هو فيه ليلا بلا كراهة حيث لم يطل مكثه فيه كما تقرر أما نهارا فهو خلاف الأولى حيث لا عذر لأن الليل محل الأعذار بخلاف النهار وبول الرجل بقرب أهل بيته للحاجة قيل وحل الاستنجاء بغير ماء إذ لو استنجى به في القدح لعاد رشاشه عليه وقطع النخل للحاجة انتهى . وهما ممنوعان أما الأول فلوضوح جواز كونه استنجى بالماء خارج القدح في إناء آخر أو في أرض ترابية ونحوها وأما الثاني فلا يلزم كون القدح إنما يصنع من نخل مقطوع بل المتبادر أنه من الساقط لنحو هبوب ريح أو ضعف وفيه مشروعية الصناعات ونحو ذلك مما لا يتم المعاش إلا به فائدة : قال ابن قتيبة : كان سريره خشبات مشدودة بالليف بيعت في زمن بني أمية فاشتراها رجل بأربعة آلاف درهم . - (د ن) في الطهارة (ك) وصححه وكذا ابن حبان في صحيحه كلهم من حديث ابن جريج عن حكيمة (عن) أمها (أميمة بنت رقيقة) وحكيمة وأميمة ورقيقة بضم أولهن وفتح ثانيهن وتخفيفهن ورقيقة بقافين بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى أخت خديجة أم المؤمنين وقيل بنت أبي ضبعي بن هاشم بن عبد مناف أم مخرمة بن نوفل وأميمة بنتها نسبت هنا إلى أمها واسم أبيها عبد وقيل
[ 227 ]
عبد الله بن بجار بباء موحدة مكسورة ثم جيم قرشية تميمية ويقال أمية بنت أبي النجار بنون وجيم وراء وقيل هما اثنتان قال عبد الحق عن الدارقطني : هذا هو الحديث ملحق بالصحيح جار مجرى مصححات الشيخين وتعقبه ابن القطان بأن الدارقطني لم يقض فيه بصحة ولا ضعف والخبر متوقف الصحة على العلم بحال الراوية فإن ثبتت ثقتها صحت روايتها وهي لم تثبت انتهى وفي اقتفاء السنن هذا الحديث لم يضعفوه وهو ضعيف ففيه حكيمة وفيها جهالة فإنه لم يرو عنها إلا ابن جريج ولم يذكرها ابن حبان في الثقات انتهى . ونوزع بما فيه طول والتوسط ما جزم به النووي من أنه حسن . 6859 - (كان له قصعة) بفتح القاف بضبط المصنف وفي المصباح بالفتح معروفة عربية وقيل معربة (يقال لها الغراء) تأنيث الأغر من الغرة وهي بياض الوجه وإضاءته أو من الغرة وهي الشئ النفيس المرغوب فيه أو لغير ذلك (يحملها أربع رجال) بينهم لعظمها وتمامه عند مخرجه أبي داود فلما أضحوا وسجدوا الضحى أي صلوها أتى بتلك القصعة وقد ثرد فيها فالتفوا عليها فلما كثروا جثا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعرابي : ما هذه الجلسة قال : إن الله جعلني عبدا كريما ولم يجعلني جبارا عنيدا ثم قال : " كلوا من جوانبها ودعوا ذروتها يبارك فيها انتهى . وفيه دلالة على سعة كرم المصطفى صلى الله عليه وسلم . - (د عن عبد الله بن بسر) رمز لحسنه . 6860 - (كان له مكحلة) بضم الميم معروفة وهي من النوادر التي جاءت بالضم وقياسها الكسر لأنها آلة كذا في المصباح وفي شرح الترمذي للحافظ بضم الميم والحاء معا الوعاء المعروف وهو أحد ما يشذ مما يرتفق به فجاء على مفعل وبابه مفعل بفتح الميم قال : ونظيره المدهن والمسعط (يكتحل منها) بالإثمد عند النوم (كل ليلة ثلاثا في هذه وثلاثا في هذه) قال البيهقي : هذا أصح ما في الاكتحال وفي حديث آخر أن الإيتار بالنسبة للعينين . - (ت) في اللباس (ه) كلاهما (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه قال الترمذي في العلل : إنه سأل البخاري عنه فقال : هو حديث محفوظ اه‍ . وقال [ ص 179 ] الصدر المناوي : فيه عباد بن منصور ضعفه الذهبي . 6861 - (كان له ملحفة) بكسر الميم الملاءة التي تلتحف بها المرأة (مصنوعة بالورس) بفتح فسكون نبت أصفر يزرع باليمن ويصبغ به أو صنف من الكركم أو يشبهه وملحفة ورسية مصبوغة بالورس ويقال مورسة (والزعفران) معروف وزعفرت الثوب صبغته بزعفران فهو مزعفر بالفتح اسم
[ 228 ]
مفعول (يدور بها على نسائه) بالنوبة (فإذا كانت ليلة هذه رشتها بالماء وإذا كانت ليلة هذه رشتها بالماء) الظاهر أن القصد برشها التبريد لأن قطر الحجاز في غاية الحر ويحتمل أنها ترشها بماء ممزوج بنحو طيب كما يفعله النساء الآن وفيه حل لبس المزعفر والمورس ويعارضه بالنسبة للمزعفر حديث الشيخين نهى أن يتزعفر الرجل وبه أخذ الشافعي ولا فرق بين ما صبغ قبل النسج وبعده وأما المورس فذهب جمع من صحبه لحله تمسكا بهذا الخبر المؤيد مما صح أنه كان يصبغ ثيابه بالورس حتى عمامته لكن ألحقه جمع بالمزعفر في الحرمة . - (خط) في ترجمة نوح القومسي (عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن ليث قال الذهبي : لا يعرف مؤمل بن إسماعيل قال البخاري : منكر الحديث وعمارة بن زاذان ضعفه الدارقطني وغيره . 6862 - (كان له مؤذنان) يعني بالمدينة يؤذنان في وقت واحد (بلال) مولى أبي بكر (و) عمرو بن قيس بن زائدة أو عبد الله بن زائدة وكنيته (ابن أم مكتوم) واسم أم مكتوم عاتكة مات بالقادسية شهيدا (الأعمى) لا يناقضه خبر البيهقي الصحيح عن عائشة أنه كان له ثلاثة مؤذنين والثالث أبو محذورة لأن الاثنين كانا يؤذنان بالمدينة وأبو محذورة بمكة قال أبو زرعة : وكان له رابع وهو سعد القرظ بقباء وأذن له زياد بن الحارث الصدائي لكنه لم يكن راتبا . قال ابن حجر : وروى الدارمي أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر نحوا من عشرين رجلا فأذنوا ، وفيه جواز نصب الأعمى للأذان وجواز الوصف بعيب للتعريف لا للتنقيص ، واتخاذ مؤذنين لمسجد واحد ، ونسبة الرجل لأمه . (م عن ابن عمر) بن الخطاب . 6863 - (كان لنعله قبالان) أي زمامان يجعلان بين أصابع الرجلين والقبال بكسر القاف الزمام الذي يكون بين الأصابع الوسطى والتي تليها يعني كان لكل نعل زمامان يدخل الإبهام والتي تليها في قبال والأصابع الأخرى في قبال آخر . - (ت عن أنس) ظاهر صنيعه أن الترمذي تفرد به عن الستة وهو غفول أو ذهول فقد خرجه سلطان الفن في صحيحه في باب قبالان في نعل عن أنس فسبحان الله نعم في الترمذي كان لنعله قبالان مثنى شراكهما فإن كان المصنف قصد عزو هذا إليه فسقط من القلم مثنى شراكهما لم يبعد أو أن النسخ التي وقفنا عليها وقع السقط فيها من الناسخ . 6864 - (كان من أضحك الناس) لا ينافيه خبر أنه كان لا يضحك إلا تبسما لأن التبسم كان أغلب أحواله فمن أخبر به أخبر عن أكثر أحواله ولم يعرج على ذلك لندوره أو كل راو روى بحسب ما شاهد فالاختلاف باختلاف المواطن والأزمان وقد يكون في ابتداء أمره كان يضحك حتى تبدو نواجذه وكان آخرا لا يضحك إلا تبسما (وأطيبهم نفسا) ومع ذلك لا يركن إلى الدنيا ولا يشغله شاغل عن ربه بل كان استغراقه في حب الله إلى حد بحيث يخاف في بعض [ ص 180 ] الأحيان أن يسري وإلى قلبه فيحرقه وإلى قالبه فيهدمه ، فلذلك كان يضرب يده على فخذ عائشة أحيانا ويقول : كلميني ، ليشتغل بكلامها عن عظيم ما هو فيه لقصور طاقة قالبه عنه وكان طبعه الأنس بالله ، وكان أنسه بالخلق عارضا
[ 229 ]
رفقا ببدنه . ذكره كله الغزالي . - (طب) وكذا في الأوسط (عن أبي أمامة) الباهلي رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : وفيه علي بن يزيد الألهاني وهو ضعيف . 6865 - (كان من أفكه الناس) أي من أمزحهم إذا خلا بنحو أهله ، والفكاهة المزاحة ورجل فكه ذكره الزمخشري وفي حديث عائشة إني لطخت وجه سودة بحريرة ولطخت سودة وجه عائشة فجعل يضحك . رواه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة وأبو يعلى بإسناده . قال الحافظ العراقي : جيد . (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) ورواه الحسن بن سفيان في مسنده عنه أيضا ، والطبراني وزاد مع الصبي ، والبزار وزاد مع نسائه . قال الحافظ العراقي : وفيه ابن لهيعة وقد تفرد به . 6866 - (كان مما يقول للخادم ألك حاجة ؟) أي كان كثيرا ما يقول ذلك . قال عياض : عن ثابت قال : كأنه يقول هذا من شأنه ودأبه فجعل ما كناية عن ذلك ، وعن بعضهم : أن معنى ما هنا ربما ، وربما تأتي للتكثير اه‍ . قال القرطبي : وهذا كلام جملي لم يحصل منه بيان تفصيلي فإن هذا الكلام من السهل جملة الممتنع تفصيلا ، وبيانه أن اسم كان مستتر فيها يعود على النبي صلى الله عليه وسلم وخبرها في الجملة بعدها وذلك أن ما بمعنى الذي وهي مجرورة بمن وصلتها يقول والعائد محذوف والمحذوف خبر المبتدأ والتقدير كان من جملة القول الذي يقوله هذا القول ويجوز أن تكون مصدرية والتقدير كان النبي صلى الله عليه وسلم من جملة قوله ألك إلخ ، ومن الوجهين استفهام محلي قال : وأبعد ما قيل فيها قول من قال إن من بمعنى ربما إذ لا يساعده اللسان ولا يلتئم مع تكلفه الكلام اه‍ . وقال ابن حجر : لا اتجاه لقول الكرماني في نحو ما موصول أطلق على من يعقل مجازا لتصريحهم بأن من إذا وقع بعدها ما كانت بمعنى ربما وهي تطلق على الكثير كالقليل ، وفي كلام سيبويه تصريح به في مواضع . قال ابن عربي : قد خص المصطفى صلى الله عليه وسلم برتبة الكمال في جميع أموره ومنها الكمال في العبودية فكان عبدا صرفا لم يقم بذاته ربانية على أحد وهي التي أوجبت له السيادة على كل أحد وهي الدليل على شرفه على الدوام . - (حم عن رجل) خادم له صلى الله عليه وسلم رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح اه‍ . ثم اعلم أن قول المصنف عن رجل من تصرفه والذي في مسند أحمد عن زياد بن أبي زياد مولى بني مخزوم عن خادم النبي صلى الله عليه وسلم رجل أو امرأة كذا قال فأبدله المصنف برجل فوهم بل لو لم يقل رجل أو امرأة كان قول المصنف رجل خطأ لأن الخادم يطلق على الذكر والأنثى كما صرح به غير واحد من أهل اللغة ثم إن هذا ليس هو الحديث بكماله بل له عند مخرجه أحمد تتمة ولفظه كان النبي صلى الله عليه وسلم مما يقول للخادم ألك حاجة ؟ حتى كان ذات يوم قال : يا رسول الله حاجتي قال : وما حاجتك قال : حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة قال : " من دلك على هذا ؟ قال : ربي عز وجل قال : أما لا بد فأعني بكثرة السجود ، قال الزين العراقي : رجاله رجال الصحيح .
[ 230 ]
6867 - (كان له ناقة تسمى العضباء) بفتح فسكون ، والجدعاء ولم يكن بها عضب ولا جدع وإنما سميت بذلك وقيل كان بأذنها عضب وهي العضباء ، والجدعاء واحدة أو اثنتان خلاف ، والعضباء هي التي كانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود فسبقها فشق ذلك على المسلمين فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : إن حقا على الله أن لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه [ ص 181 ] وغنم يوم بدر جملا مهريا لأبي جهل في أنفه برة من فضة فأهداها يوم الحديبية ليغيظ المشركين (وبغلته الشهباء وحماره يعفور) بمثناة تحتية وعين مهملة ساكنة وفاء مضمومة (وجاريته خضرة) بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين . - (هق عن جعفر بن محمد) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بالصادق فقيه إمام (عن أبيه) محمد (مرسلا) . 6868 - (كان وسادته) بكسر الواو مخدته (التي ينام عليها بالليل من أدم) بفتحتين جمع أدمة أو أديم وهو الجلد المدبوغ الأحمر أو الأسود أو مطلق الجلد (حشوها) بالفتح أي الوسادة وفي رواية حشوه أي الأدم باعتبار لفظه وإن كان معناه جمعا فالجملة صفة لأدم (ليف) هو ورق النخل وفيه إيذان بكمال زهده وإعراضه عن الدنيا ونعيمها وفاخر متاعها وحل اتخاذ الوسادة ونحوها من الفرش والنوم عليها وغير ذلك قالوا : لكن الأولى لمن غلبه الكسل والميل للدعة والترفه أن لا يبالغ في حشو الفراش لأنه سبب لكثرة النوم والغفلة والشغل عن مهمات الخيرات - (حم د ت ه عن عائشة) . 6869 - (كان لا يأخذ بالقرف) بفتح القاف وسكون الراء وفاء ، أي بالتهمة ولفظ رواية أبي نعيم بالقرف أو القرص على الشكل والقارصة الكلمة المؤذية (ولا يقبل قول أحد على أحد) وقوفا مع العدل لأن ما يترتب عليه موقوف على ثبوته عنده بطريقة المعتبر . - (حل) من حديث قتيبة بن الدكين الباهلي عن الربيع بن صبيح عن ثابت (عن أنس) أنه قيل له إن ههنا رجلا يقع في الأنصار فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال : مخرجه أبو نعيم وحديث الربيع عن ثابت غريب لم نكتبه إلا من حديث قتيبة اه‍ . 6870 - (كان لا يؤذن له في العيدين) فلا أذان يوم العيدين ولا إقامة ولا نداء في معناهما فلا ينافي ما ذهب إليه الشافعية من ندب : الصلاة جامعة ، والعيد من العود لتكرره كل عام أو لعود السرور فيه أو لكثرة عوائد الله أي أفضاله على عباده فيه أو لغير ذلك . (م د ت عن جابر بن سمرة) .
[ 231 ]
6871 - (كان لا يأكل الثوم) بضم المثلثة أي النئ (ولا الكراث) بضم الكاف (والبصل) كذلك (من أجل أن الملائكة تأتيه وأنه يكلم جبريل) فكان يكره أكل ذلك خوفا من تأذي الملائكة به . (حل خط) وكذا الدارقطني في غرائب مالك كلهم (عن أنس) ثم قال الخطيب : تفرد به محمد بن إسحاق البكري بهذا الإسناد وهو ضعيف ومحمد بن حميد بن سهيل أي أحد رجاله ضعيف وكان فيه تساهل شديد اه‍ . وقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه ابن الجوزي . 6873 - (كان لا يأكل متكئا) أي مائلا إلى أحد شقيه معتمدا عليه وحده لأن المراد الاعتماد على وطاء تحته مع [ ص 182 ] الاستواء كما وهم فقول البعض الاتكاء هنا لا ينحصر في الماء بل يشمل الأمرين متعقب بالرد وحكمة كراهة الأكل متكئا أنه فعل المتكبرين شوقا وشفقا بالطعام (ولا يطأ عقبه) لا يمشي خلفه (رجلان) ولا أكثر كما يفعل الملوك يتبعهم الناس كالخدم قال الزين العراقي : وروى ابن الضحاك في الشامل عن أنس بسند ضعيف كان إذا قعد على الطعام استوفز على ركبته اليسرى وأقام اليمنى كما يفعل العبد وروى أبو الشيخ [ ابن حبان ] بسند جيد عن أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجثو على ركبتيه وكان لا يتكئ . (د عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه . 6874 - (كان لا يأكل من الهدية حتى يأمر صاحبها أن يأكل منها : للشاة) أي لأجل قصة الشاة (التي أهديت له) وسم فيها يوم خيبر فأكلوا منها فمات بعض أصحابه وصار المصطفى صلى الله عليه وسلم يعاوده الأذى منها حتى توفاه الله إلى كرامته . (طب) وكذا البزار (عن عمار بن ياسر) قال الهيثمي : رواه عن شيخه إبراهيم بن عبد الله الجرمي وثقه الإسماعيلي وضعفه الدارقطني وفيه من لم أعرفه وذكره في موضع آخر وقال : رجاله ثقات . 6875 - (كان لا يتطير) أي لا يسئ الظن بالله ولا يهرب من قضائه وقدره ولا يرى الأسباب مؤثرة في حصول المكروه كما كانت العرب تعتقده (ولكن) كان (يتفاءل) أي إذا سمع كلاما حسنا
[ 232 ]
تيمن به تحسينا لظنه بربه قال في المصباح : الفأل بسكون الهمزة وتخفف أن يسمع كلاما حسنا يتيمن به وإن كان قبيحا فهو الطيرة وجعل أبو زيد الفأل في سماع الكلامين قال القرطبي : وإنما كان يعجبه الفأل لأنه تنشرح له النفس ويحسن الظن بالله وإنما يكره الطيرة لأنها من أعمال أهل الشرك وتجلب سوء الظن بالله . (الحكيم) في النوادر (والبغوي) في المعجم (عن بريدة) بن الحصيب ورواه عنه أيضا قاسم بن أصبغ وسكت عليه عبد الحق مصححا له قال ابن القطان : وما مثله يصحح فإن فيه أوس بن عبد الله بن بريدة منكر الحديث وروى أبو داود عنه قوله كان لا يتطير قال : وإسناده صحيح . 6876 - (كان لا يتعار) أي ينتبه (من الليل إلا أجرى السواك على فيه) أي تسوك به وإن تعدد انتباهه فيسن ذلك لكل أحد . - (ابن نصر) في كتاب الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب وظاهر صنيع المصنف أنه لم يره لأشهر ولا أحق بالعزو من ابن نصر وهو عجب فقد رواه هكذا أبو يعلى والطبراني في الكبير قال الهيثمي : وسنده ضعيف وفيه من لم يسم . 6877 - (كان لا يتوضأ بعد الغسل) يعني كان إذا توضأ قبله لا يأتي به ثانيا . - (حم ت ن ه ك عن عائشة) . 6878 - (كان لا يتوضأ من موطئ) بفتح الميم وسكون الواو وكسر الطاء مهموز ما يوطأ من الأذى في الطريق أي لا يعيد الوضوء للأذى إذا أصاب رجله والمراد الوضوء الشرعي وقيل اللغوي فيكون معناه لا يغسل رجله من نحو طين الشارع . (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه أبو قيس محمد بن سعيد المصلوب ضعيف جدا . 6879 - (كان لا يجد من الدقل) بفتحتين ردئ التمر ويابسه فضلا عن أفضل منه (ما يملأ بطنه) قال الزمخشري : الدقل تمر ردئ لا يتلاصق فإذا نثر تفرق وانفردت كل تمرة عن أختها وهذا مسوق لما كان عليه من الإعراض عن الدنيا وعدم [ ص 183 ] الاهتمام بتحصيل ملاذها ونعيمها . - (طب عن النعمان بن بشير) ورواه عنه الحاكم وزاد في آخره وهو جائع وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 6880 - (كان لا يجيز على شهادة الإفطار) أي من رمضان (إلا رجلين) فلا يثبت هلال شوال إلا بشهادة رجلين وكان يكتفي في ثبوت هلال مضان بشهادة واحد احتياطا فيهما وهذا هو المفتى به
[ 233 ]
عند الشافعية . - (هق عن ابن عباس وابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وليس كما قال فقد قال ابن حجر فيه حفص بن عمر الأيلي ضعيف انتهى ورواه الطبراني في الأوسط قال الهيثمي : وفيه عنده حفص هذا وهو ضعيف جدا ورواه الدارقطني بالفظ المذكور ثم قال : تفرد به حفص بن عمر الأيلي أبو إسماعيل وهو ضعيف الحديث وبه عرف ما في رمز المصنف لحسنه . 6881 - (كان لا يحدث حديثا) وفي رواية بحديث (إلا تبسم) أي ضحك قليلا بلا صوت . قال في المصباح : التبسم الضحك من غير صوت قال بعضهم : جعله من الضحك مجازا إذ هو مبدأه فهي بمنزلة السنة من النوم قال في الكشاف : وكذلك ضحك الأنبياء لم يكن إلا تبسما انتهى فبين بذلك أنه ليس من خصوصياته . - (حم عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال الهيثمي : فيه حبيب بن عمرو قال الدارقطني : مجهول . 6882 - (كان لا يخرج) لصلاة العيد (يوم الفطر) أي يوم عيده (حتى يطعم) بفتح الياء والعين (ولا يطعم يوم النحر) وفي رواية يوم الأضحى (حتى يذبح) لفظ رواية الحاكم حتى يرجع وزاد الدارقطني وأحمد فيأكل من الأضحية وفي رواية فيأكل من نسيكته فيسن الأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر وتركه في الأضحى ليتميز اليومان عما قبلهما إذ ما قبل يوم الفطر يحرم فيه الأكل بخلاف ما قبل يوم النحر وليعلم نسخ تحريم الفطر قبل صلاته فإنه كان محرما قبلها أول الإسلام بخلاف ما قبل صلاة النحر أو ليوافق الفقراء في الحالين لأن الظاهر أنه لا شئ لهم إلا من الصدقة وهي سنة في الفطر قبل الصلاة وفي النحر إنما تكون بعدها ويكره ترك ذلك كما في المجموع عن النص . (حم ت ه ك) عن أبي عاصم عن ثواب بن عبيد الله عن أبي بريدة عن أبيه بريدة . قال الحاكم : صحيح وثواب لم يجرح بما يسقطه وقال الترمذي : غريب وثواب قال محمد يعني البخاري : ما أعرف له غير هذا الحديث وأنكر أبو زرعة وأبو حاتم توثيقه . 6883 - (كان لا يدخر شيئا) أي لا يجعل شيئا ذخيرة لسماحة نفسه وفيض كفه ومزيد ثقته بربه (لغد) أي ملكا بل تمليكا ولا ينافيه أنه ادخر قوت سنة لعياله فإنه كان خازنا قاسما فلما وقع المال بيده قسم لعياله مثل ما قسم لغيرهم فإن لهم حقا فيما أفاء الله به على المسلمين وهم لا تطمئن نفوسهم إلا بإحرازه عندهم فلم يكلفهن ما ليس في وسعهن على أنه وإن ادخر فليس هو وبقية الأنبياء مثل غيرهم فإن شهوتهم قد ماتت ونفوسهم قد اطمأنت والمحذور الذي لأجله منع الادخار وهو الاتكال على ما في الجراب وعدم التعرض لفيض الوهاب مفقود في أولئك لإشراق قلوبهم بالمعارف النورانية واشتغال حواسهم بالخدم السبحانية فهم في شغل عما أحرزوا وقد ارتفعت فكرهم عن شأن الأرزاق
[ 234 ]
وتعلقت قلوبهم بخالقها فقالوا حسبنا الله . - (ت) في الزهد من حديث قطن بن بشير عن جعفر بن سليمان عن ثابت (عن أنس) قال ابن عدي : كان قطن يسرق الحديث وهذا يعرف بسرقة قطن قال الذهبي : هذا ظن وتوهم وإلا فقطن مكثر عن جعفر انتهى . وقال المناوي : سند الحديث جيد . 6884 - (كان لا يدع أربعا) من الركعات أي صلاتهن (قبل الظهر) أي لا يترك صلاة أربع ركعات قبله يعني غالبا ولا ينافيه قوله في رواية ركعتين لأنه كان يصلي تارة أربعا وتارة ركعتين (وركعتين قبل الغداة) أي الصبح وكان يقول : إنهما خير من الدنيا وما فيها . - (خ د عن عائشة) . 6885 - (كان لا يدع قيام الليل) يعني التهجد فيه (وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا) ومع ذلك فصلاته قاعدا كصلاته قائما في مقدار الأجر بخلاف غيره فإن صلاته قاعدا على النصف من صلاة القائم . - (د ك عن عائشة) . 6886 - (كان لا يدع ركعتي الفجر) أي صلاة سنة الصبح (في السفر ولا في الحضر ولا في الصحة ولا في السقم) بفتحتين المرض أو الطويل فيه إشعار بأنهما أفضل الرواتب وهذا مذهب الشافعية بل قال الحسن البصري بوجوبهما لكن منع بخبر هل علي غيرها ؟ قال لا إلا أن تطوع . (خط عن عائشة) وفيه عبد الله بن رجاء قال الذهبي عن الفلاس : صدوق كثير الغلط والتصحيف وعمران القطان قال الذهبي : ضعفه أحمد والنسائي وقابوس بن أبي ظبيان أورده الذهبي في الضعفاء أيضا وقال النسائي وغيره : غير قوي . 6887 - (كان لا يدع صوم أيام البيض) أي أيام الليالي البيض الثالث عشر وتالياه وهو على حذف مضاف أي أيام الليل البيض سميت بيضا لأن القمر أولها إلى آخرها (في سفر ولا حضر) أي كان يلازم صومها فيهما . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه . 6888 - (كان لا يدفع عنه الناس ولا يضربون عنه) ببناء يدفع ويضرب للمفعول وذلك لشدة تواضعه وبراءته من الكبر والتعاظم الذي هو من شأن الملوك وأتباعهم قال ابن القاضي : وفيه أن
[ 235 ]
أصحاب المقارع بين يدي الحكام والأمراء محدثة مكروهة كما ورد في خبر رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم على ناقته لا ضرب ولا طرد ولا إليك اليك وأخذ منه أن المفتي أو المدرس ينبغي له أن لا يتخذ نقيبا جافيا غليظا بل فطنا كيسا دربا يرتب الحاضرين على قدر منازلهم وينهى عن ترك ما ينبغي فعله أو فعل ما ينبغي تركه ويأمر بالإنصات للدرس وعلى العالم سماع السؤال من مورده على وجهه ولو صغيرا . - (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . 6889 - (كان لا يراجع بعد ثلاث) أي غالبا أو من أكابر أصحابه وخاصته وإلا فقد ورد أن جماعة من المؤلفة قلوبهم أكثروا سؤاله حتى غضب فعاملهم بما يليق بعلي شأنه من الحلم والاحتمال وإكثار مراجعته ومغاضبته لا توجب سفك دم إلا أن يصدر ذلك عن كفر أو عناد كذا في المطامح . وأخذ منه أن المفتي أو المدرس إذا أجاب بجواب لا يراجع فيه بعد ثلاث فإن روجع فوقها فينبغي له زجره كما يزجر من تعدى في بحثه أو ظهر منه فيه لدد أو سوء أدب أو صياح بلا فائدة أو ترك إنصاف بعد ظهور الحق أو إساءة أدب على غيره أو ترفع في المجلس على من هو أحق به أو تحدث مع غيره أو ضحك أو استهزاء أو فعل شئ مما يخل بأدب الطلب مما هو معروف عند ذوي الرتب . - (ابن قانع) في معجم [ ص 185 ] الصحابة (عن زياد بن سعد) السلمي قال : حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وكان لا يراجع إلخ قال ابن الأثير : كذا جعله ابن قانع من الصحابة والمشهور بالصحبة أبوه وجده ذكره الأندلسي اه‍ ورواه أحمد ابن أبي حدرد وجابر في حديث طويل قال الحافظ العراقي : وإسناده حسن اه‍ ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 6890 - (كان لا يرد الطيب) لنه كما في خبر مسلم خفيف المحمل طيب الريح ولا منة في قبوله ومن العلة أخذ أن المراد بالطيب الريحان بل نص خبر مسلم من عرض عليه ريحان إلخ ووجهه أنه هو الذي يتسامح به وتخف مؤونته بخلاف نحو مسك وعنبر وغالية كما نبه عليه ابن القيم . تنبيه : قول ابن بطال إنما كان لا يرد الطيب لأنه ملازم للملائكة نوزع بأن مفهومه أنه من خصائصه وليس كذلك ومن محاسن الطيب أنه مقو للدماغ محرك لشهوة الجماع . - (حم خ) في الهبة (ت) في الاستئذان (ن) كلهم (عن أنس) ولم يخرجه مسلم بهذا اللفظ لكن بمعناه . 6891 - (كان لا يرقد) أي ينام (من ليل ولا نهار) من لابتداء الغاية أو زائدة قال ابن العراقي : والأقرب أنها ظرفية بمعنى في كما في * (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة) * (فيستيقظ) بالرفع عطف على يرقد وليس جوابا للنفي إنما جوابه قوله (إلا تسوك) قد تجاذب السواك ترتيبه على الاستيقاظ من النوم وفعله قبل الوضوء فاحتمل أن سببه النوم وأن سببه الوضوء وأن كلا منهما جزء
[ 236 ]
علة والعلة المجموع . قال ابن العراقي : الأول أقرب لكونه رتبه عليه وظاهر صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجيه أبي داود وابن أبي شيبة قبل أن يتوضأ هكذا هو ثابت في روايتيهما فأسقطه المؤلف ذهولا قال العراقي : وقوله قبل أن يتوضأ صادق مع كونه قبله بزمن كثير فلا يدل ذلك على أنه من سننه لأن السواك المشروع في الوضوء داخل في مسماه بناء على الأصح أنه من سننه فإذا دل دليل خارجي على ندب السواك للوضوء دل على أن هذا السواك غير مشروع في الوضوء لكن المشرع فيه داخل في قوله قبل أن يتوضأ فلو كان هو المشروع في الوضوء لزم التكرار . - (ش د) وكذا الطبراني في الأوسط (عن عائشة) قال النووي في شرح أبي داود : في إسناده ضعف وقال المنذري : فيه علي بن زيد بن جدعان ولا يحتج به وقال العراقي : فيه أيضا أم محمد الراوية عن عائشة وهي امرأة زيد بن جدعان واسمها أمية أو أمينة وهي مجهولة عينا وحالا تفرد عنها ابن زوجها علي . 7892 - (كان لا يركع بعد الفرض) أي لا يصلي نفلا بعده فإطلاق الركوع على الصلاة كلها من قبيل إطلاق البعض وإرادة الكل (في موضع يصلي فيه الفرض) بل ينتقل إلى موضع آخر ويتحول من المسجد إلى بيته ومن ثم اتفقوا على ندب ذلك . - (قط في الأفراد عن ابن عمر) ابن الخطاب . 6893 - (كان لا يسأل) بالبناء للمفعول (شيئا إلا أعطاه) للسائل إن كان عنده (أو سكت) إن لم يكن عنده كما بينه هكذا في رواية أخرى وفيه أنه يسن لمن طلبت منه حاجة لا يمكنه أن يقضيها أن يسكت سكوتا يفهم منه السائل ذلك ولا يخجله بالمنع إلا إذا لم يفهم إلا بالتصريح . - (ك عن أنس) وفي الصحيحين ما يشهد له ورواه الطيالسي والدارمي هكذا من حديث سهل . 6894 - (كان لا يستلم إلا الحجر) الأسود (والركن اليماني) فلا يسن استلام غيرهما من البيت ولا تقبيله اتفاقا لهذا الحديث وغيره فإن فعل فحسن لكنا نؤمر بالاتباع والاستلام لمس الحجر والركن باليد على نية البيعة كما قاله الصوفية - (ت عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته . 6895 - (كان لا يصافح النساء) الأجانب (في البيعة) أي لا يضع كفه في كف الواحدة منهن بل يبايعها بالكلام فقط قال الحافظ العراقي : هذا هو المعروف وزعم أنه كان يصافحهن بحائل لم يصح وإذا كان هو لم يفعل ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة عنه فغيره أولى بذلك قال العراقي : والظاهر أنه كان يمتنع منه لتحريمه عليه فإنه لم يعد جوازه من خصائصه خاصة وقد قالوا : يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها . - (حم عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي : إسناده حسن اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه .
[ 237 ]
6896 - (كان لا يصلي المغرب) إذا كان صائما (حتى يفطر) على شئ (ولو على شربة ماء) بالإضافة لكنه كان إن وجد الرطب قدمه وإلا فالتمر وإلا فحلفإن لم يتسير فالماء كاف في حصول السنة . (ك) في الصوم (هب) كلاهما (عن أنس) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 6897 - (كان لا يصلي قبل العيد) أي قبل صلاته (شيئا) من النفل في المصلى (فإذا) صلى العيد (ورجع إلى منزله صلى ركعتين) أخذ منه الحنفية أنه لا ينتفل في المصلى خاصة قبل صلاة العيد أي يكره ذلك وقيل فيه وفي غيره وهو الظاهر لأنه نفي مطلق . - (ه عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه وهو في ذلك تابع لابن حجر حيث قال في تخريج الهداية : إسناده حسن لكن قال غيره : فيه الهيثم بن جميل أورده الذهبي في الضعفاء وقال : حافظ له مناكير وعبد الله بن محمد بن عقيل أورده فيهم أيضا وقال : كان أحمد وابن راهويه يحتجان به . 6898 - (كان لا يصلي الركعتين بعد الجمعة ولا الركعتين بعد المغرب إلا في أهله) يعني في بيته ورواية الشيخين كان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين في بيته قال الطيبي : قوله فيصلي عطف من حيث الجملة لا التشريك على ينصرف أي لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فإذا انصرف يصلي ركعتين ولا يستقيم أن يكون منصوبا عطفا عليه لما يلزم منه أنه يصلي بعد الركعتين الصلاة . (الطيالسي) أبو داود (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه . 6899 - (كان لا يصيبه قرحة) بالضم والفتح (ولا شوكة إلا وضع عليها الحناء) لما مر أنها قابضة يابسة تبرد فهي في غاية المناسبة للقروح والجروح وهذا من طبه الحسن . (ه عن سلمى) هذا الاسم المسمى به في الصحب كثير فكان اللائق تمييزه . 6900 - (كان لا يضحك إلا تبسما) من قبيل إطلاق اسم الشئ على ابتدائه والأخذ فيه قال في الكشاف في قوله تعالى * (فتبسم ضاحكا) * : أي شارعا في الضحك وأخذ فيه يعني أنه يجاوز حد التبسم إلى الضحك وكذلك ضحك الأنبياء وأطلق النفي مع ثبوت أنه ضحك حتى بدت
[ 238 ]
نواجذه إلحاقا للقليل بالعدم أو مبالغة أو أراد أغلب أحواله لرواية جل ضحكه التبسم . - (حم ت ك) في أخبار النبي صلى الله عليه وسلم من حديث الحجاج بن أرطأة عن سماك (عن جابر بن سمرة) قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي فقال : حجاج لين الحديث . 6901 - (كان لا يطرق أهله ليلا) أي لا يقدم عليهم من سفر ولا غيره في الليل على غفلة فيكره ذلك لأن القادم إما أن يجد أهله على غير أهبة من نحو تنظف أو يجدهم بحالة غير مرضية وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند الشيخين وكان يأتيهم غدوة أو عشية . (حم ق ن عن أنس) بن مالك . 6902 - (كان لا يطيل الموعظة) في الخطبة يوم (الجمعة) لئلا يمل السامعون وتمامه عند أبي داود والحاكم إنما هن كلمات يسيرات فحذف المصنف لذلك كأنه لذهول والوعظ الأمر بالطاعة والوصية بها والاسم الموعظة وفيه أنه يسن عدم تطويل الخطبة . - (د ك) في الجمعة (عن جابر بن سمرة) بن جندب قال الحاكم : صحيح وأورده شاهدا لخبر عمار أمرنا بإقصار الخطبة . 6903 - (كان لا يعرف) لفظ رواية الحاكم لا يعلم (فصل السورة) أي انقضاءها وفي رواية السورتين وفي رواية السورة (حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم) زاد ابن حبان فإذا نزلت علم أن السورة قد انقضت ونزلت أخرى وفيه حجة لمن ذهب إلى أنها آية من كل سورة وزعم أنه ليس كل منزل قرآنا رده الغزالي بأنه عز منصف لا يستبرد هذا التأويل وقد اعترف المؤول بان البسملة كتبت بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوائل السور وأنها منزلة وهذا يفهم منه كل أحد أنها قرآن فترك بيان أنها ليست قرآن دليل قاطع أو كالقاطع أنها قرآن فإن قيل قوله لا يعرف فصل السورة دليل على أنها للفصل قلنا موضع الدلالة قوله حتى تنزل فأخبر بنزولها وهذه صفة القرآن وتقديره لا يعرف الشروع في سورة أخرى إلا بالبسملة فإنها لا تنزل إلا في السورة قال الغزالي : بيان أن البسملة غير قطعية بل ظنية فإن الدلالة وإن كانت متعارضة فجانب الشافعي فيها أرجح وأغلب . - (د عن ابن عباس) ورواه الحاكم أيضا وصححه قال الذهبي : أما هذا فثابت وقال الهيثمي : رواه عنه أيضا البزار بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح اه‍ . ومن ثم اتجه رمز المصنف لصحته . 6904 - (كان لا يعود مريضا إلا بعد ثلاث) من الأيام تمضي من ابتداء مرضه قيل ومثل العيادة تعهده وتفقد أحواله قال الزركشي : وهذا يعارضه أنه عاد زيد بن أرقم من رمد به قبلها ، قال في شرح الإلمام : وقع لبعض العوام بأن الأرمد لا يعاد وقد خرج أبو داود أنه عاد زيد بن أرقم من وجع كان في
[ 239 ]
عينيه ورجاله ثقات وقال المنذري : حديث حسن وذكر بعضهم عيادة المغمى عليه وقال : فيه رد لما يعتقده عامة الناس أنه لا يجوز عيادة من مرض بعينيه وزعموا ذلك لأنهم يرون في بيته ما يراه هو قال : وحالة الإغماء أشد من حالة مرض العين وقد جلس المصطفى صلى الله عليه وسلم في بيت جابر في حالة إغمائه حتى أفاق وهو الحجة . (ه عن أنس) بن مالك قال في الميزان : قال أبو حاتم : هذا باطل موضوع اه‍ . وقال الزركشي في اللآلئ : فيه سلمة بن علي متروك قال : وأخرجه البيهقي في الشعب وقال : إنه منكر وقال ابن حجر : هذا ضعيف انفرد به سلمة بن علي وهو متروك وقد سئل عنه أبو حاتم فقال : حديث باطل قال : لكن له شاهد ربما أورثه بعض قوة وهو خبر لا يعاد المريض إلا بعد ثلاث ، وفيه راو متروك ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضعه . 6905 - (كان لا يغدو يوم) عيد (الفطر) أي لا يذهب إلى صلاة عيد الفطر (حتى يأكل) في منزله (سبع تمرات) ليعلم نسخ تحريم الفطر قبل صلاته فإنه كان محرما قبلها أول الإسلام وخص التمر لما في الحلو من تقوية النظر الذي يضعفه الصوم ويرق القلب ومن ثم قالوا : يندب التمر فإن لم يتيسر فحلو آخر والشرب كالأكل فإن لم يفطر قبل خروجه سن في طريقه أو المصلى إن أمكنه ويكره تركه نص عليه إمامنا في الأم وخص السبع لأنه كان يحب الوتر في جميع أموره استشعارا للوحدانية . (طب عن جابر بن سمرة) رمز المصنف لحسنه وقد رواه بمعناه البخاري ولفظه كان لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا اه‍ . لكنه علق الجملة الثانية . 6906 - (كان لا يفارقه في الحضر ولا في السفر خمس) من الآلات (المرآة) بكسر الميم والمد (والمكحلة) بضم الميم وعاء الكحل (والمشط) الذي يمتشط أي يسرح به وهو بضم الميم عند الأكثر وتميم تكسرها قال في المصباح : وهو القياس قيل وكان من عاج وهو الدبل (والسواك والمدري) شئ يعمل من حديد أو خشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه يسرح به الشعر الملبد وفي ضمنه إشعار بأنه كان يتعهد نفسه بالترجيل وغيره مما ذلك آلة له وذلك من سننه المؤكدة لكنه لا يفعل ذلك كل يوم بل نهى عنه ولا يلزم من كون المشط لا يفارقه أن يمتشط كل يوم فكان يستصحبه معه في السفر ليمتشط به عند الحاجة ذكره الولي العراقي . - (عق عن عائشة) وفيه يعقوب بن الوليد الأزدي قال في الميزان : كذبه أبو حاتم ويحيى وحرق أحمد حديثه وقال : كان من الكذابين الكبار يضع الحديث ورواه أيضا ابن طاهر في كتاب صفة التصوف من حديث أبي سعيد ورواه الخرائطي من حديث أم سعد الأنصارية قال الحافظ العراقي : وسندهما ضعيف وقال في موضع آخر : طرقه كلها ضعيفة وأعله ابن الجوزي من جميع طرقه وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه .
[ 240 ]
6907 - (كان لا يقرأ القرآن في أقل من ثلاث) أي لا يقرأه كاملا في أقل من ثلاثة أيام لأنها أقل مدة يمكن فيها تدبره وترتيله كما مر تقريره غير مرة . - (ابن سعد) في طبقاته (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه . 6908 - (كان لا يقعد في بيت مظلم حتى يضاء له بالسراج) لكنه يطفئه عند النوم وفي خبر رواه الطبراني عن جابر أنه كان يكره السراج عند الصبح . (ابن سعد) في الطبقات وكذا البزار وكان ينبغي للمصنف عدم إغفاله (عن عائشة) وفيه جابر الجعفي عن أبي محمد قال في الميزان : قال ابن حبان : وجابر قد تبرأنا من عهدته وأبو محمد لا يجوز الاحتجاج به . 6909 - (كان لا يقوم من مجلس) أي لا يفارقه (إلا قال سبحانك اللهم ربي) وفي رواية ربنا (وبحمدك) أي وبحمدك سبحتك (لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك) وقال (لا يقولهن أحد حيث يقوم من مجلسه إلا غفر له ما كان منه [ ص 189 ] في ذلك المجلس) وجاء في رواية أنه كان يقول ذلك ثلاثا قال الحليمي : كان يكثر أن يقول ذلك بعد نزول سورة الفتح الصغرى عليه وذلك لأن نفسه نعيت إليه بها فينبغي لكل من ظن أنه لا يعيش مثل ما عاش أو قام من مجلس فظن أنه لا يعود إليه أن يستعمل هذا الذكر . إلى هنا كلامه ، وقال الطيبي : فيه ندب الذكر المذكور عند القيام وأنه لا يقوم حتى يقوله إلا لعذر قال عياض : وكان السلف يواظبون عليه ويسمى ذلك كفارة المجلس . (ك عن عائشة) . 6910 - (كان لا يكاد يدع أحدا من أهله) أي عياله وحشمه وخدمه (في يوم عيد) أصغر أو أكبر (إلا أخرجه) معه إلى الصحراء ليشهد صلاة العيد وفيه ترغيب في حضور الصلاة ومجالس الذكر والوعظ ومقاربة الصلحاء لينال بركتهم إلا أن في خروج النساء الآن ما لا يخفى من الفساد الذي خلا عنه زمن المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ولهذا قال الطيبي : هذا للنساء غير مندوب في زمننا لظهور الفساد . (ابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله .
[ 241 ]
6911 - (كان لا يكاد يسأل شيئا) أي من متاع الدنيا (إلا فعله) أي جاد به على طالبه لما طبع عليه من الجود فإن لم يكن عنده شئ وعد أو سكت ولا يصرح بالرد كما سبق (طب عن طلحة) وهو في الصحيحين بمعناه من حديث جابر بلفظ ما سئل شيئا قط فقال لا . 6912 - (كان لا يكاد يقول لشئ لا) أي لا أعطيه أو لا أفعل (فإذا هو سئل فأراد أن يفعل) المسؤول فيه (قال نعم وإذا لم يرد أن يفعل سكت) ولا يصرح بالرد لما مر . - (ابن سعد في) طبقاته (عن محمد) بن علي بن أبي طالب أبي القاسم (بن الحنفية) المدني ثقة عالم والحنفية أمه (مرسلا) وفي مسند الطيالسي والدارمي من حديث سهل بن سعد كان لا يسأل شيئا إلا أعطاه . 6913 - (كان لا يكل طهوره) بفتح الطاء (إلى أحد) من خدمه بل يتولاه بنفسه لأن غيره قد يتهاون ويتساهل في ماء الطهر فيحضر له غير طهور هكذا قرره شارح لكن يظهر أن المراد بذلك الاستعانة في غسل الأعضاء فإنها مكروهة حيث لا عذر أما الاستعانة في الصب فخلاف الأولى وفي إحضار الماء لا بأس بها (ولا) يكل (صدقته التي يتصدق بها) إلى أحد بل (يكون هو الذي يتولاها بنفسه) لأن غيره قد يغل الصدقة أو يضعها في غير موضعها اللائق بها لأنه أقرب إلى التواضع ومحاسن الأخلاق وهذا في مباشرة التطهر بنفسه . - (ه عن ابن عباس) وأعله الحافظ مغلطاي في شرح ابن ماجه بأن فيه علقمة بن أبي جمرة مجهول ومطهر بن الهيثم متروك وأطال في بيانه . 6914 - (كان لا يكون في المصلين إلا كان أكثرهم صلاة ولا يكون في الذاكرين إلا كان أكثرهم ذكرا) كيف وهو [ ص 190 ] أعلم الناس بالله وأعرفهم به ولهذا قام في الصلاة حتى تورمت قدماه فقيل له : أتتكلف ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر . فقال : أفلا أكون عبدا شكورا . وأخرج الترمذي وغيره عن ابن عباس قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزل قائما حتى هممت بأمر سوء قيل : وما هممت به قال : هممت أن أقعد وأدعه . (أبو نعيم في أماليه) الحديثية (خط وابن عساكر) في تاريخه كلهم (عن ابن مسعود) .
[ 242 ]
6915 - (كان لا يلتفت وراءه إذا مشى وكان ربما تعلق رداءه بالشجرة فلا يلتفت) لتخليصه بل كان كالخائف الوجل بحيث لا يستطيع أن ينظر في عطفيه ومن ثم كان لا يأكل متكئا ولا يطأ عقبه رجلان . قال سهل : من أراد خفق النعال خلفه فقد أراد الدنيا بحذافيرها وكان حقيقة أمره أعطوني دنياكم وخذوا ديني . وقال ذو النون وسئل عن الآفة التي يخدع بها المريد عن الله قال : يريه الألطاف والكرامات والآيات قيل : ففيم يخدع قبل وصوله إلى هذه الدرجة قال : بوطء الأعقاب والتوقير (حتى يرفعوه عليه) وزاد الطبراني في روايته عن جابر لأنهم كانوا يمزجون ويضحكون وكانوا قد أمنوا التفاته صلى الله عليه وسلم . (ابن سعد) في طبقاته (والحكيم) في نوادره (وابن عساكر) في تاريخه كلهم (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : إسناده حسن . 6916 - (كان لا يلهيه عن صلاة المغرب طعام ولا غيره) الظاهر أن ذلك كان في غير الصوم أما فيه فقد مر أنه كان يقدم الإفطار على صلاتها . (قط) من حديث جعفر بن محمد عن أبيه (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه . 6917 - (كان لا يمنع شيئا يسأله) وإن كثر وكان عطاؤه عطاء من لا يخاف الفقر قال ابن القيم : وكان فرحه بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما أخذه . (حم عن أبي أسيد الساعدي) بضم أوله مالك بن ربيعة رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله ثقات إلا أن عبد الله بن أبي بكر لم يسمع من أبي أسيد أي ففيه انقطاع . 6918 - (كان لا ينام حتى يستن) من الاستنان وهو تنظيف الأسنان بدلكها بالسواك (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي هريرة) ورواه أيضا أبو نعيم في المعرفة بلفظ ما نام ليلة حتى يستن . 6919 - (كان لا ينام إلا والسواك عند رأسه) لشدة حرصه عليه (فإذا استيقظ بدأ بالسواك) أي عقب انتباهه فيندب ذلك . (حم ومحمد بن نصر) في كتاب الصلاة (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الحافظ الهيثمي : سنده ضعيف وفي بعض طرقه من لم يسم وفي بعضها حسام .
[ 243 ]
6920 - (كان لا ينام حتى يقرأ) سورة (بني إسرائيل) وسورة (الزمر) قال الطيبي : حتى غاية للإينام ويحتمل كون المعنى إذا دخل وقت النوم لا ينام حتى يقرأ وكونه لا ينام مطلقا حتى يقرأ يعني لم يكن عادته النوم قبل قراءتهما فتقع القراءة قبل دخول وقت النوم أي وقت كان ولو قيل كان يقرؤهما بالليل لم يفد ذلك . - (حم ت ك عن عائشة) وقال [ ص 191 ] الترمذي : حسن غريب . 6921 - (كان لا ينام حتى يقرأ الم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك) فيه التقرير المذكور فيما قبله . (حم ت) في فضائل القرآن (ن) في اليوم والليلة (ك) في التفسير كلهم عن جابر بن عبد الله قال الحاكم : على شرطهما ، وقال البغوي : غريب ، وقال الصدر المناوي : فيه اضطراب . 6922 - (كان لا ينبعث في الضحك) أي لا يسترسل فيه ، بل إن وقع منه ضحك على ندور رجع إلى الوقار ، فإنه كان متواصل الأحزان لا ينفك الحزن عنه أبدا ، ولهذا روى البخاري أنه ما رؤي مستجمعا ضاحكا قط . (طب عن جابر بن سمرة) رمز لحسنه . 6923 - (كان لا ينزل منزلا) من منازل السفر ونحوه (إلا ودعه بركعتين) أي بصلاة ركعتين عند إرادته الرحيل منه فيندب ذلك وأخذ منه السمهودي ندب توديع المسجد الشريف النبوي بركعتين عند إرادة الرحيل منه . (ك) في صلاة التطوع وغيرها من حديث عبد السلام بن هاشم عن عثمان بن سعد (عن أنس) بن مالك وقال : صحيح ، ورده الذهبي بقول أبي حفص الفلاس : عبد السلام هذا لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه ، وقال فيه مرة عند قول الحاكم صحيح : لا وإن عبد السلام كذبه الفلاس وعثمان لين اه‍ . وقال ابن حجر : حسن غريب وقول الحاكم صحيح غلطوه فيه . 6924 - (كان لا ينفخ في طعام ولا شراب) فإن كان النفخ لحرارة صبر حتى يبرد أو لأجل قذاة أبصرها فليمطها بنحو أصبع أو عود فلا حاجة للنفخ (و) كان (لا يتنفس في الإناء) أي لا يتنفس في جوف الإناء لأنه يغير الماء ، إما لتغير الفم بالمأكول ، وإما لترك السواك ، وإما لأن النفس يصعد ببخار المعدة . (ه عن ابن عباس) ورواه عنه الطبراني أيضا رمز لحسنه .
[ 244 ]
6925 - (كان لا يواجه) أي لا يقرب من أن يقابل والمواجهة بالكلام المقابلة به لمن حضر (أحدا في وجهه) يعني لا يشافهه (بشئ يكرهه) لأن مواجهته ربما تفضي إلى الكفر لأن من يكره أمره يأبى امتثاله عنادا أو رغبة عنه يكفر وفيه مخافة نزول العذاب والبلاء إذا وقع قد يعم ففي ترك المواجهة مصلحة وقد كان واسع الصدر جدا عزير الحياء ، ومنه أخذ بعض أكابر السلف أنه ينبغي إذا أراد أن ينصح أخا له يكتبه في لوح ويناوله له كما في الشعب ، وفي الإحياء أنه كان من حيائه لا يثبت بصره في وجه أحد لشدة ما يعتريه من الحياء ، فينبغي للرجل أن لا يذكر لصاحبه ما يثقل عليه ويمسك عن ذكر أهله وأقاربه ولا يسمعه قدح غيره فيه وكثير يتقرب لصاحبه بذلك وهو خطأ ينشأ عنه مفاسد ولو فرض فيه مصالح فلا توازي مفاسده ودرؤها أولى نعم ينبهه بلطف على ما يقال فيه أو يراد به ليحذر . (حم خد د ن) في اليوم والليلة ، وكذا الترمذي في الشمائل كلهم (عن أنس) قال الحافظ العراقي بعد ما عزاه لهؤلاء جميعا : وسنده ضعيف اه‍ . وسببه أن رجلا دخل وبه أثر صفرة ، فلما خرج قال : لو أمرتم هذا أن يغسل هذا عنه ؟ رمز المصنف لحسنه . 6926 - (كان لا يولي واليا حتى يعممه) بيده الشريفة أي يدير العمامة على رأسه (ويرخي لها عذبة من جانب الأيمن نحو الأذن) إشارة إلى من ولى منا من أمر الناس شيئا ينبغي أن يراعي من تجمل الظاهر ما يوجب تحسين صورته في أعينهم حتى لا ينفروا عنه وتزدريه نفوسهم ، وفيه ندب العذبة وعدها المصنف من خصوصيات هذه الأمة . (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي تبعا لشيخه الزين العراقي في شرح الترمذي : فيه جميع بن ثوب وهو ضعيف . 6927 - (كان يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم) تلطفا وإيناسا لهم (ويعود مرضاهم) ويدنو من المريض ويجلس عند رأسه ويسأله كيف حاله (ويشهد جنائزهم) أي يحضرها للصلاة عليها . هبها لشريف أو وضيع فيتأكد لأمته التأسي به وآثر قوم العزلة ففاتهم بها خيور كثيرة وإن حصل لهم بها خير كثير (ع طب ك عن سهل بن حنيف) . 6928 - (كان يؤتى بالتمر) ليأكله و (فيه دود فيفتشه يخرج السوس منه) ثم يأكله فأكل التمر بعد تنظيفه من نحو الدود غير منهي عنه ولا يعارضه الحديث الآتي نهى أن يفتح التمر لأنه تمر لا دود فيه
[ 245 ]
وجوز الشافعية أكل دود نحو الفاكهة معها حيا وميتا إن عسر تمييزه ولا يجب غسل الفم منه ، وظاهر هذا الحديث أن السوس يطلق عليه اسم الدود وعكسه . - (د عن أنس) . 6929 - (كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم) أي يدعو لهم بالبركة ويقرأ عليهم الدعاء بالبركة ذكره القاضي . وقيل يقول بارك الله عليكم (ويحنكهم) بنحو تمر من تمر المدينة المشهود له بالبركة ومزيد الفضل (ويدعو لهم) بالإمداد والإسعاد والهداية إلى طرق الرشاد . وقال الزمخشري : بارك الله فيه وبارك له وعليه وباركه وبرك على الطعام وبرك فيه إذا دعا له بالبركة . قال الطيبي : وبارك عليه أبلغ فإن فيه تصويب البركات وإفاضتها من السماء ، وفيه ندب التحنيك وكون المحنك ممن يتبرك به . (ق د عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أن كلا منهم روى اللفظ المزبور بتمامه ، والأمر بخلافه فالبخاري إنما رواه بدون ويحنكهم . 6930 - (كان) إذا أكل رطبا وبطيخا معا (يأخذ الرطب بيمينه) أي بيده اليمنى (والبطيخ بيساره فيأكل الرطب بالبطيخ) ليكسر حر هذا برد هذا وعكسه (وكان) أي البطيخ (أحب الفاكهة إليه) فيه جواز الأكل باليدين جميعا . قال الزين العراقي : ويشهد له ما رواه أحمد عن أبي جعفر قال آخر : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى يديه رطبات وفي الأخرى قثاء يأكل بعضا من هذه وبعضا من هذه قال أعني الزين العراقي : ولا يلزم من هذا الحديث لو ثبت أكله بشماله فلعله كان يأكل بيده اليمنى من الشمال رطبة رطبة فيأكلها مع ما في يمينه فلا مانع من ذلك قال الحافظ : وأما أكله البطيخ بالسكر الذي ذكره الغزالي فلم أر له أصلا إلا في خبر معضل مضعف رواه التوقاني وأكله بالخبز لا أصل له [ ص 193 ] بل إنما ورد أكل العنب بالخبز في خبر رواه ابن عدي بسند ضعيف عن عائشة وفيه حل أكل شيئين فأكثر معا ومنه جمعه بين زبد ولبن وتمر . - (طس ك) في الأطعمة (وأبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن أنس) قال الحاكم : تفرد به يوسف بن عطية الصفار قال الذهبي : وهو واه انتهى . قال الزين العراقي بعد ما عزاه لهؤلاء جميعا : فيه يوسف بن عطية الصفار وهو متروك مجمع على ضعفه وقال الهيثمي بعد عزوه للطبراني : فيه يوسف بن عطية الصفار وهو متروك . 6931 - (كان يأخذ القرآن من جبريل خمسا خمسا) أي يتلقنه منه كذلك فيحتمل أن المراد خمس آيات ويحتمل الأحزاب ويحتمل السور ولم أر من تعرض لتعيين ذلك . (هب عن عمر) بن الخطاب .
[ 246 ]
6932 - (كان يأخذ المسك فيمسح به رأسه ولحيته) قال حجة الإسلام : الجاهل يظن أن ذلك وما يجئ في الحديث بعده من حب التزين للناس قياسا على أخلاق غيره وتشبيها للملائكة بالحدادين وهيهات فقد كان مأمورا بالدعوة وكان من وظائفه أن يسعى في تعظيم أمر نفسه في قلوبهم لئلا تزدريه نفوسهم وتحسين صورته في أعينهم فينفرهم ذلك ويتعلق المنافقون به في تنفيرهم وهذا الفعل واجب على كل عالم تصدى لدعوة الخلق إلى الحق . - (ع عن سلمة بن الأكوع) . 6933 - (كان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها) هكذا في نسخ هذا الجامع والذي رأيته في سياق ابن الجوزي للحديث كان يأخذ من لحيته من طولها وعرضها بالسوية هكذا ساقه فلعل لفظ بالسوية سقط من قلم المؤلف وذلك ليقرب من التدوير جميع الجوانب لأن الاعتدال محبوب والطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين فلعل ذلك مندوب ما لم ينته إلى تقصيص اللحية وجعلها طاقة فإنه مكروه وكان بعض السلف يقبض على لحيته فيأخذ ما تحت القبضة وقال النخعي : عجبت للعاقل كيف لا يأخذ من لحيته فيجعلها بين لحيتين فإن التوسط في كل شئ حسن ولذلك قيل كلما طالت اللحية تشمر العقل كما حكاه الغزالي ففعل ذلك إذا لم يقصد الزينة والتحسين لنحو النساء سنة كما عليه جمع منهم عياض وغيره لكن اختار النووي تركها بحالها مطلقا وأما حلق الرأس ففي المواهب لم يرو أنه حلق رأسه في غير نسك فتبقية شعر الرأس سنة ومنكرها مع علمه بذلك يجب تأديبه اه‍ . ثم إن فعله هذا لا يناقض قوله أعفوا اللحى لأن ذلك في الأخذ منها لغير حاجة أو لنحو تزين وهذا فيما إذا احتيج إليه لتشعث أو إفراط يتأذى به وقال الطيبي : المنهي عنه هو قصها كالأعاجم أو وصلها كذنب الحمار وقال ابن حجر : المنهي عنه الاستئصال أو ما قاربه بخلاف الأخذ المذكور . تتمة : قال الحسن بن المثنى : إذا رأيت رجلا له لحية طويلة ولم يتخذ لحيته بين لحيتين كان في عقله شئ وكان المأمون جالسا مع ندمائه مشرفا على دجلة يتذاكرون أخبار الناس فقال المأمون : ما طالت لحية إنسان قط إلا ونقص من عقله بقدر ما طالت منها وما رأيت عاقلا قط طويل اللحية فقال بعض جلسائه : ولا يرد على أمير المؤمنين أنه قد يكون في طولها عقل فبينما هم يتذاكرون إذ أقبل رجل طويل اللحية حسن الهيئة فاخر الثياب فقال المأمون : ما تقولون في هذا فقال بعضهم : عاقل وقال بعضهم : يجب كونه قاضيا فأمر المأمون بإحضاره فوقف بين يديه فسم فأجاد فأجلسه المأمون واستنطقه فأحسن النطق فقال المأمون : ما اسمك قال : أبو حمدويه والكنية علويه ، فضحك المأمون وغمز جلساءه ثم قال : ما صنعتك قال : فقيه أجيد الشرع في المسائل فقال : نسألك عن مسألة ما تقول في رجل اشترى شاة فلما تسلمها المشتري خرج من استها بعرة ففقأت عين رجل فعلى من الدية قال : على البائع دون المشتري لأنه
[ 247 ]
لما باعها لم يشترط أن في استها منجنيقا فضحك المأمون حتى استلقى على قفاه ثم أنشد : ما أحد كالت له لحية * فزادت اللحية في هيئته إلا وما ينقص من عقله * أكثر مما زاد في لحيته (ت) في الاستئذان (عن ابن عمرو) بن العاص وقال : غريب وفيه عمرو بن هارون قال الذهبي : ضعفوه وقال ابن الجوزي : حديث لا يثبت والمتهم به عمرو بن هارون البلخي قال العقيلي : لا يعرف إلا به وقال يحيى : كذاب وقال النسائي : متروك وقال البخاري : لا أعرف لعمرو بن هارون حديثا ليس له أصل إلا هذا وفي الميزان قال : صالح جزره عمرو بن هارون كذاب وقال ابن حبان : يروي عن الثقات المعضلات ثم أورد له هذا الخبر . 6934 - (كان يأكل البطيخ) بكسر الباء وبعض أهل الحجاز يجعل الطاء مكان الباء قال ابن السكيت في باب ما هو مكسوالأول وتقول هو البطيخ والبطيخ والعامة تفتح الأول وهو غلط لفقد فعيل بالفتح بالرطب) ثمر النخيل إذا أدرك ونضج قبل أن يتتمر وذلك ليكسر حر هذا برد هذا فبجمعهما يحصل الاعتدال قال في المناهج : والبطيخ الذي وقع في الحديث هو الأخضر وقيل الأصفر ورجح الثاني ولا مانع أنه أكلهما وذكر العارف العمودي أنه رأى المصطفى صلى الله عليه وسلم في المنام يأكل بطيخا أصفر يشقه بإبهام يده الكريمة فيأكله . (ه عن سهل بن سعد) الساعدي (ت عن عائشة) ظاهره أن هذين تفردا به من بين الستة وليس كذلك بل رواه عنها أيضا النسائي لكنه قدم وأخر فقال : كان يأكل الرطب بالبطيخ وذا لا أثر له (طب عن عبد الله بن جعفر) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الحافظ العراقي : إسناده صحيح . 6935 - (كان يأكل الرطب ويلقي النوى على الطبق) يعارضه الحديث الآتي نهى أن تلقى النواة على الطبق الذي يؤكل منه الرطب والتمر ولعل المراد هنا الطبق الموضوع تحت إناء الرطب لا الطبق الذي فيه الرطب فإن وضعه مع الرطب في إناء واحد ربما تعافه النفوس . (ك) في الأطعمة (عن أنس) وقال : على شرطهما وأقره الذهبي قال الحافظ العراقي : وأخرج أبو بكر الشافعي في فوائده عن أنس بسند ضعيف أنه أكل الرطب يوما بيمينه وكان يحفظ النوى في يساره فمرت شاة فأشار إليها بالنوى فجعلت تأكل من كفه اليسرى ويأكل هو بيمينه حتى فرغ وانصرفت الشاة . 6936 - (كان يأكل العنب خرطا) يقال خرط العنقود واخترطه إذا وضعه في فيه فأخذ حبه وأخرج عرجونه عاريا ذكره الزمخشري وفي رواية ذكرها ابن الأثير خرصا بالصاد بدل الطاء . - (طب) وكذا العقيلي في الضعفاء كلاهما من حديث داود بن عبد الجبار عن أبي الجارود عن حبيب بن يسار
[ 248 ]
(عن ابن عباس) قال العقيلي : ولا أصل له وداود ليس بثقة ولا يتابع عليه وفي الميزان عن النسائي : متروك وعن البخاري : منكر الحديث وساق له من مناكيره هذا وخرجه البيهقي في الشعب من طريقين قال : ليس فيه إسناد قوي وقال العراقي في تخريج الإحياء : طرقه ضعيفة ورواه ابن عدي من طريق آخر عن ابن عباس وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : فيه حسين بن قيس ليس بشئ كذاب وأقره عليه المؤلف من مختصرها فلم يتعقبه إلا بأن الزين العراقي اقتصر على تضعيفه وخرجه ابن القيم من حديث ابن عمر وقال : فيه داود بن عبد الجبار كذبوه . 6937 - (كان يأكل الخربز) بخاء معجمة وراء وزاي نوع من البطيخ الأصفر وزعم أن المراد الأخضر لأن في الأصفر حرارة كالرطب رده ابن حجر بأن في الأصفر بالنسبة للرطب بردا وإن كان فيه طرف حرارة (بالرطب ويقول هما الأطيبان) أي هما أطيب أنواع الفاكهة . - (الطيالسي) أبو داود (عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه . 6938 - (كان يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة) لما في الهدية من الإكرام والإعظام والصدقة من معنى الذل والترحم ولهذا كان من خصائصه تحريم صدقة الفرض والنفل عليه معا . - (حم طب عن سلمان) الفارسي (ابن سعد) في طبقاته (عن عائشة وعن أبي هريرة) كلام المصنف كالصريح في أنه ليس في الصحيحين ولا في أحدهما وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف وهو ذهول عجيب فقد قال الحافظ العراقي وغيره : إنه متفق عليه باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور وأول ناس أول الناس . 6939 - (كان يأكل القثاء) بكسر القاف وقد تضم (بالرطب) قال الكرماني : الباء للمصاحبة أو للملاصقة اه‍ وذلك لأن الرطب حار رطب في الثانية يقوي المعدة الباردة وينفع الباه لكنه سريع العفن معكر الدم مصدع مورث للسدد ووجع المثانة والأسنان ، والقثاء بارد رطب في الثانية منعش للقوى مطفئ للحرارة الملتهبة ففي كل منهما إصلاح للآخر وإزالة لأكثر ضرره وفيه حل رعاية صفات الأطعمة وطبائعها واستعمالها على الوجه اللائق بها على قانون الطب . (تنبيه) قال ابن حجر : جاء عن الطبراني كيفية أكله لهما فأخرج في الأوسط عن عبد الله بن جعفر : رأيت في يمين النبي صلى الله عليه وسلم قثاء وفي شماله رطب وهو يأكل من ذا مرة ومن ذا مرة وفي سنده ضعف . - (حم ق 4) كلهم في الأطعمة (عن عبد الله بن جعفر) بن أبي طالب وعزوه للستة جميعا يخالف قول الصدر المناوي رواه الجماعة إلا النسائي وأما خبر ابن عباد عن عائشة كان يأكل القثاء بالملح فقال الحافظ العراقي : فيه متروك .
[ 249 ]
6940 - (كان يأكل بثلاث أصابع) لم يعينها هنا وعينها في خبر آخر فقال : الإبهام والتي تليها والوسطى (ويلعق يده) يعني أصابعه فأطلق عليها اليد تجوزا وقيل أراد باليد الكف كلها فيشمل الحكم من أكل بكفه كلها أو بأصابعه فقط أو بعضها قال ابن حجر : وهذا أولى (قبل أن يمسحها) محافظة على بركة الطعام فيسن ذلك مؤكدا كما يسن الاقتصار على ثلاث أصابع فلا يستعين بالرابعة والخامسة إلا لعذر وقد جاء في أوسط الطبراني صفة لعق الأصابع ولفظه عن كعب بن عجرة : رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم يأكل بأصابعه الثلاث بالإبهام والتي تليها والوسطى ثم رأيته يلعق أصابعه الثلاث قبل أن يمسحها الوسطى ثم التي تليها قال العراقي : في سره أن الوسطى أكبر تلويثا لأنها أطول فيبقى فيها من الطعام أكثر ولأنها لطولها أول ما ينزل في الطعام ويحتمل أن الذي يلعق يكون بطن كفه لجهة وجهه فإذا ابتدأ بالوسطى انتقل إلى السبابة على جهة يمينه وكذا الإبهام . تتمة : روى الحكيم الترمذي عن ميمونة بنت كردم قالت : خرجت في حجة حجها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وطول أصبعه التي تلي الإبهام أطول على سائر أصابعه وقال في موضع آخر : روى عن أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشيرة كانت أطول من الوسطى ثم الوسطى أقصر منها ثم البنصر أقصر من الوسطى . - (حم م د) في الأطعمة (عن كعب بن مالك) ولم يخرجه البخاري قال العراقي : وروى الدارقطني في الأفراد عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل بأصبعين وقال : إنه أكل الشياطين وأخرج عنه بسند [ ص ضعيف لا تأكل بأصبع فإنه أكل الملوك ولا بأصبعين فإنه أكل الشياطين . 6941 - (كان يأكل الطبيخ) بتقديم الطاء لغة في البطيخ بوزنه (بالرطب) والمراد الأصفر بدليل ثبوت لفظ الخربز بدل البطيخ في الرواية المارة وكان يكثر وجوده بالحجاز بخلاف الأخضر وقال ابن القيم : المراد الأخضر قال زين الحفاظ العراقي : وفيه نظر والحديث دال على أن كل واحد منهما فيه حرارة وبرودة لأن الحرارة في أحدهما والبرودة في الآخر قال بعض الأطباء : والبطيخ بارد رطب فيه جلاء وهو أسرع انحدارا عن المعدة من القثاء والخيار وهو سريع الاستحالة إلى أي خلط صادفه في المعدة وإذا أكله محرور نفعه جدا وإذا كان مبرودا عدله بقليل نحو زنجبيل (ويقول يكسر حر هذا) أي الرطب (ببرد هذا) أي البطيخ (وبرد هذا بحر هذا) قال ابن القيم : وذا من تدبير الغذاء الحافظ للصحة لأنه إذا كان في أحد المأكولين كيفية تحتاج إلى كسر وتعديل كسرها وعدلها بضدها اه‍ قيل وأراد البطيخ قبل النضج فإنه بعده حار رطب . - (د) في الأطعمة (هق) كلاهما (عن عائشة) قال ابن القيم : في البطيخ عدة أحاديث لا يصح منها شئ غير هذا الحديث الواحد .
[ 250 ]
6942 - (كان يأكل بثلاث أصابع ويستعين بالرابعة) قال بعضهم : وربما أكل بكفه كلها قال ابن العربي في شرح الترمذي : ويدل على الأكل بالكف كلها أنه عليه السلام كان يتعرق العظم وينهش اللحم ولا يمكن ذلك عادة إلا بالكف كلها قال الزين العراقي : وفيه نظر لأنه يمكن بالثلاث سلمنا لكنه ممسك بكفه كلها لا آكل بها سلمنا لكن محل الضرورة لا يدل على عموم الأحوال ثم إن هذا الحديث لا يعارضه ما خرجه سعيد بن منصور من مرسل الزهري أنه عليه السلام كان إذا أكل أكل بخمس لأنه كان يختلف باختلاف الأحوال . - (طب عن عامر بن ربيعة) قال الزين العراقي : ورويناه عنه في الغيلانيات وفيه القاسم بن عبد الله العمري هالك قال : وفي مصنف ابن أبي شيبة عن الزهري مرسلا كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل بالخمس . 6943 - (كان يأكل مما مست النار ثم يصلي ولا يتوضأ) وفيه رد على من ذهب إلى وجوب الوضوء مما مسته النار وحديثه منسوخ بهذا فإنه كان آخر الأمرين منه كما جاء في بعض الروايات . - (طب عن ابن عباس) ورمز المصنف لحسنه . 6944 - (كان يأمر بالباه) يعني النكاح وهل المراد هنا العقد الشرعي أو الوطء فيه احتمالان لكن من المعلوم أن العقد لا يراد به إلا الوطء كذا زعمه ابن بزيزة وهو في حيز المنع فقد يريد الرجل العقد لتصلح المرأة له شأنه وتضبط بيته وعياله على العادة المعروفة ولا يريد الوطء والصواب أن المراد الوطء لتصريح الأخبار بأن حثه على التزويج لتكثير أمته وذا لا يحصل بمجرد العقد فافهم (وينهى عن التبتل) أي رفض الرجل للنساء وترك التلذذ بهن وعكسه فليس المراد هنا مطلق التبتل الذي هو ترك الشهوات والانقطاع إلى العبادة بل تبتل خاص وهو انقطاع الرجال عن النساء وعكسه (نهيا شديدا) تمامه عند مخرجه أحمد ويقول تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة وكان التبتل من شريعة النصارى فنهى عنه أمته اه‍ . - (حم) والطبراني في الأوسط من حديث حفص بن عمر (عن أنس) وقد ذكره ابن أبي حاتم وروى عنه جمع وبقية رجاله رجال الصحيح ذكره الهيثمي ، ورواه عنه ابن حبان أيضا باللفظ المزبور ومن ثم رمز لحسنه . 6945 - (كان يأمر نساءه إذا أرادت إحداهن أن تنام) ظاهره شمول نوم الليل والنهار (أن تحمد) الله (ثلاثا وثلاثين) أي تقول الحمد لله وتكرره ثلاثا وثلاثين مرة (وتسبح ثلاثا وثلاثين) أي تقول
[ 251 ]
سبحان الله وتكررها ثلاثا وثلاثين مرة (وتكبر ثلاثا وثلاثين) أي تقول الله أكبر وتكرره كذلك وهي الباقيات الصالحات في قول ترجمان القرآن فيندب ذلك عند إرادة النوم ندبا مؤكدا للنساء ومثلهن الرجال فتخصيصهن بالذكر ليس لإخراج غيرهن . - (ابن منده عن حابس) . 6946 - (كان يأمر) أصحابه (بالهدية) يعني بالتهادي بقرينة قوله (صلة بين الناس) لأنها من أعظم أسباب التحابب بينهم . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه البيهقي في الشعب باللفظ المزبور عن أنس المذكور وفيه سعيد بن بشير قال الذهبي : وثقه شعبة وضعفه غيره وخرجه الطبراني في الكبير باللفظ المزبور وزيادة قال الهيثمي : فيه سعيد بن بشير قد وثقه جمع وضعفه آخرون وبقية رجاله ثقات اه‍ . فلعل المؤلف لم يقف على ذلك أو لم يستحضره وإلا لما أبعد النجعة وعزاه لبعض المتأخرين مع قوة سنده ووثاقة رواته . 6947 - (كان يأمر بالعتاقة) بالفتح مصدر يقال عتق العبد عتقا وعتاقة (في صلاة الكسوف) في رواية في كسوف الشمس وأفعال البر كلها متأكدة الندب عند الآيات لاسيما العتق . (د ك) في باب الكسوف (عن أسماء) بنت أبي بكر وظاهر صنيع المصنف أنه لم يخرجه من الستة غير أبي داود والأمر بخلافه فقد رواه سلطان الفن البخاري عن أسماء في مواضع منها الطهارة والكسوف وإذا كانت رواية أحد الشيخين موفية بالغرض من معنى حديث فالعدول عنه غير جيد . 6948 - (كان يأمر أن نسترقي من العين) فإنها حق كما ورد في عدة أخبار . - (م عن عائشة) وفي رواية له عنها أيضا كان يأمرني أن أسترقي من العين . 6949 - (كان يأمر بإخراج الزكاة) زكاة الفطر بعد صلاة الصبح (قبل الغدو للصلاة) أي صلاة العيد (يوم الفطر) قال عكرمة : يقدم الرجل زكاته يوم الفطر بين يدي صلاته فإنه تعالى يقول * (قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) * والأمر للندب فله تأخيره إلى غروب شمس العيد نعم يحرم تأخير أدائها عنه بلا عذر عند الشافعي والتعبير بالصلاة غالبي من فعلها أول النهار فإن أخرت سن الأداء أوله . - (ت عن ابن عمر) رمز لحسنه . 6950 - (كان يأمر بناته ونساءه أن يخرجن في العيدين) الفطر والأضحى إلى المصلى لتصلي من لا عذر لها وتنال بركة الدعاء من لها عذر وفيه ندب خروج النساء لشهود العيدين ، هبهن شواب
[ 252 ]
أو ذوا ت هيئة أو لا ، وقد اختلف فيه [ ص 198 ] السلف فنقل وجوبه عن أبي بكر وعلي وابن عمر واستدل له بخبر أحمد وغيره بإسناد قال ابن حجر : لا بأس به حق على كل ذات نطاق الخروج في العيدين ومنهم من حمله على الندب ونص الشافعي على استثناء ذوي الهيئات والشابة . - (حم عن ابن عباس) . 6951 - (كان يأمر بتغيير الشعر) أي بتغيير لونه الأبيض بالخضاب بغير سواد كما بينته روايات أخر وعلل ذلك بقوله (مخالفة للأعاجم) أي فإنهم لا يصبغون شعورهم والأعاجم جمع أعجم أو أعجمي وهم خلاف العرب . - (طب عن عتبة بن عبد) قال الهيثمي : فيه الأحوص بن حكيم ضعيف فرمزه لحسنه غير جيد . 6952 - (كان يأمر بدفن الشعر) المبان بنحو قص أو حلق أو نتف (والأظفار) المبانة بقص أو قطع أو غيرهما لأن الآدمي محترم ولجزئه حرمة كله فأمر بدفنه لئلا تتفرق أجزاؤه وقد يقع في النار أو غيرها من الأقذار كما سبق . - (طب عن وائل بن حجر) بضم المهملة وسكون الجيم ابن سعد بن مسرور الحمصي صحابي جليل كان من ملوك اليمن ثم سكن الكوفة . 6953 - (كان يأمر بدفن سبعة أشياء من الإنسان الشعر والظفر والدم والحيضة) بكسر الحاء خرقة الحيض (والسن والعلقة والمشيمة) لأنها من أجزاء الآدمي فتحترم كما تحترم جملته لما ذكر قال الحكيم : وروي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وقال لعبد الله بن الزبير : أخفه حيث لا يراك أحد فلما برز شربه ورجع فقال : ما صنعت فقال : جعلته في أخفى مكان عن الناس فقال : شربته قال : نعم قال له : " ويل للناس منك وويل لك من الناس . - (الحكيم) الترمذي (عن عائشة) ظاهر صنيع المصنف أن الحكيم خرجه بسنده كعادة المحدثين وليس كذلك بل قال وعن عائشة بل ساقه بدون سند كما رأيته في كتابه النوادر فلينظر . 6954 - (كان يأمر من أسلم) من الرجال (أن يختتن وإن كان) قد كبر وطعن في السن مثل (ابن ثمانين سنة) فقد اختتن إبراهيم الخليل بالقدوم وهو ابن ثمانين سنة كما مر . - (طب عن قتادة) بن عياض (الرهاوي) بضم الراء وخفة الهاء نسبة إلى الرهاء مدينة من بلاد الجزيرة وقيل الجرشي رمز المصنف لحسنه .
[ 253 ]
6955 - (كان يباشر نساءه) أي يتلذذ ويتمتع بحلائله بنحو لمس بغير جماع (فوق الإزار وهن حيض) بضم الحاء وشد الياء جمع حائض وفيه جواز التمتع بالحائض فيما عدا ما بين السرة والركبة وكذا فيما بينهما إذا كان ثم حائل يمنع من ملاقاة البشرة والحديث مخصص لآية * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * . - (م د عن ميمونة) زوجته . 6956 - (كان يبدأ بالشراب) أي يشرب ما يشرب من المائع كماء ولبن (إذا كان صائما) وأراد الفطر فيقدمه على الأكل [ ص 199 ] (وكان) إذا شرب (لا يعب) أي لا يشرب بلا تنفس فإن الكباد أي وجع الكبد كما صرح به هكذا في رواية من العب (بل يشرب مرتين) بأن يشرب ثم يزيله عن فيه ويتنفس خارجه ثم يشرب ثم هكذا ثم يقول هو أهنأ وأمرؤ وأروى وآفات العب كثيرة . - (طب عن أم سلمة) قال الهيثمي : فيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف وأعاده في موضع آخر وقال : رواه الطبراني بإسنادين وشيخه في أحدهما أبو معاوية الضرير ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 6957 - (كان يبدأ إذا أفطر) من صومه (بالتمر) أي إن لم يجد رطبا ، وإلا قدمه عليه كما جاء في رواية أخرى . - (ن عن أنس) بن مالك ورمز المصنف لحسنه . 6958 - (كان يبدو إلى التلاع) لفظ رواية البخاري في الأدب المفرد إلى هؤلاء التلاع ، وهي بكسر التاء جمع تلعة بفتحها ككلبة وكلاب وهي مجرى الماء من أعلى الوادي إلى أسفله وهي أيضا ما انحدر من الأرض وما أشرف منها فهي من الأضداد كما في المصباح والنهاية وغيرهما ، والمراد أنه كان يخرج إلى البادية لأجلها . - (د حب عن عائشة) ورواه عنها أيضا البخاري في كتاب الأدب المفرد فكان ينبغي عزوه إليه أيضا وقد رمز المصنف لحسنه . 6959 - (كان يبعث إلى المطاهر) جمع مطهرة بكسر الميم كل إناء يتطهر منه والمراد هنا نحو الحياض والفساقي والبرك المعدة للوضوء (فيؤتى) إليه (بالماء) منها (فيشربه) وكان يفعل ذلك (يرجو بركة أيدي المسلمين) أي يؤمل حصول بركة أيدي الذين تطهروا من ذلك الماء وهذا فضل عظيم وفخر جسميم للمتطهرين فيا له من شرف ما أعظمه كيف وقد نص الله في التنزيل على محبتهم صريحا حيث قال : * (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) * وهذا يحمل من له أدنى عقل على المحافظة
[ 254 ]
على إدامة الوضوء ومن ثم صرح بعض أجلاء الشافعية بتأكد ندبه ، وأما الصوفية فعندهم واجب . - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب . قال الهيثمي : رجاله موثقون ومنهم عبد العزيز بن أبي رواد ثقة نسب إلى الإرجاء . 6960 - (كان يبيت الليالي المتتابعة) أي المتوالية يعني كان في بعض تلك الليالي على الاتصال (طاويا) أي خالي البطن جائعا (هو وأهله) عطف على الضمير المرفوع المؤكد بالمنفصل أكد ذلك بقوله (لا يجدون) أي الرسول وأهله (عشاءا) بالفتح عند العشاء بالكسر بمعنى آخر النهار يعني لا يجدون ما يتعشون به في الليل ، وقد أفاد ذلك ما كان دأبه وديدنه من التقلل من الدنيا والصبر على الجوع وتجنب السؤال رأسا كيف وهو أشرف الناس نفسا وفيه فضل الفقر والتجنب عن السؤال مع الجوع (وكان أكثر خبزهم خبز الشعير) أي كان أكثر خبز النبي صلى الله عليه وسلم وأهله خبز الشعير فكانوا يأكلونه من غير نخل بل كانوا لا يشبعون من خبز الشعير يومين متتابعين ففي خبر الترمذي عن عائشة ما شبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى الشيخان عنها توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عندي شئ يأكله ذو كبد إلا شطر شعير في رف قال في المغرب : وأهل الرجل امرأته وولده والذين في عياله ونفقته . - (حم ت ه عن أبن عباس) رمز لحسنه وفيه أبو العلاء البصري ثقة لكنه تغير آخرا . 6961 - (كان يبيع نخل بني النضير) ككريم قبيلة من يهود خيبر من ولد هارون عليه السلام دخلوا في العرب على نسبهم (ويحبس لأهله) الذين يمونهم (قوت سنتهم) وسبق أن ذا لا ينافي الخبر المار أنه كان لا يدخر شيئا لغد لحمله على الادخار لنفسه وهذا ادخار لغيره ثم محل حل الادخار ما لم يكن زمن ضيق وإلا امتنع . - (خ عن عمر) بن الخطاب . 6962 - (كان يتبع الحرير من الثياب) أي التي فيها حرير (فينزعه) منها مما يلبسه الرجال لما في الحرير من الخنوثة التي لا تليق بهم فيحرم لبسه على الرجال . - (حم عن أبي هريرة) . 6963 - (كان يتبع الطيب) بكسر فسكون (في رباع النساء) أي نسائه يعني في منازلهن وأماكن إقامتهن ومواضع الخلوة بهن والرباع كسهام جمع ربع كسهم محل القوم ومنزلهم وديار إقامتهم ويطلق على القوم مجازا . - (الطيالسي) أبو داود (عن أنس) بن مالك رمز لحسنه .
[ 255 ]
6964 - (كان يتبوأ) بالهمز (لبوله كما يتبوأ لمنزله) أي يطلب موضعا يصلح له كما يطلب موضعا يصلح للسكنى يقال تبوأ منزلا أي اتخذه فالمراد اتخاذ محل يصلح للبول فيه . قال الحافظ العراقي : واستعمال هذه اللفظة على جهة التأكيد والمراد أنه يبالغ في طلب ما يصلح لذلك ولو قصر زمنه كما يبالغ في استصلاح المنزل الذي يراد للدوام وفيه أنه يندب لقاضي الحاجة أن يتحرى أرضا لينة من نحو تراب أو رمل لئلا يعود عليه الرشاش فينجسه فإذا لم يجد إلا صلبة لينها بنحو عود وفيه أنه لا بأس بذكر لفظ البول وترك الكناية عنه . - (طس عن أبي هريرة) قال الولي العراقي : فيه يحيى بن عبيد وأبوه غير معروفين ، وقال الهيثمي : هو من رواية يحيى بن عبيد بن رجى عن أبيه ولم أر من ذكرهما وبقية رجاله ثقات . 6965 - (كان يتحرى صيام) لفظ رواية الترمذي صوم (الاثنين والخميس) أي يتعمد صومهما أو يجتهد في إيقاع الصوم فيهما لأن الأعمال تعرض فيهما كما علله به في خبر آخر رواه الترمذي ولأنه تعالى يغفر فيهما لكل مسلم إلا المتاجرين كما رواه أحمد واستشكل استعمال الاثنين بالياء والنون مع تصريحهم بأن المثنى والملحق به يلزم الألف إذا جعل علما وأعرب بالحركة وأجيب بأن عائشة من أهل اللسان فيستدل بنطقها به على أنه لغة وفيه ندب صوم الاثنين والخميس وتحري صومهما وهو حجة على مالك في كراهته لتحري شئ من أيام الأسبوع للصيام . - (ت ن عن عائشة) لكن زاد النسائي فيه ويصوم شعبان ورمضان وقد رمز لحسنه وأصله قول الترمذي : حسن غريب ورواه عنها أيضا ابن ماجه وابن حبان وأعله ابن القطان بالراوي عنها وهو ربيعة الجرشي وأنه مجهول قال ابن حجر : وأخطأ فيه فهو صحابي وإطلاقه التخطئة غير صواب فقد قال شيخه الزين العراقي : اختلف في صحبته واختلف فيه كلام ابن سعد في طبقاته الكبرى من الصحابة وفي الصغرى من التابعين وكذا اختلف فيه كلام ابن حبان فذكره في الصحابة وفي التابعين وقال الوافدي : إنه سمع من النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو حاتم : لا صحبة له وذكره أبو زرعة في الطبقة الثالثة من التابعين هكذا ساقه في شرح الترمذي . 6966 - (كان يتختم في يمينه) أي يبلس الخاتم في خنصر يده اليمنى يعني كان أكثر أحواله ذلك وتختم في يساره والتختم [ ص 201 ] في اليمين وفي اليسار سنة لكنه في اليمين أفضل عند الشافعي وعكس مالك . قال الحافظ الزين العراقي في شرح الترمذي وتبعه تلميذه الحافظ ابن حجر : ورد التختم في اليمين من رواية تسعة من الصحابة وفي اليسار من رواية ثلاثة كذا قالاه لكن يعكر عليه نقل العراقي نفسه التختم في اليسار عن الخلفاء الأربعة وابن عمر وعمرو بن حريث . قال البخاري : والتختم في اليمين أصح شئ في هذا الباب واليمنى أحق بالزينة وكونه صار شعار الروافض لا أثر له . - (خ ت عن ابن عمر) بن الخطاب (م ن عن أنس) بن مالك (حم ت ه عن عبد الله بن جعفر) .
[ 256 ]
6967 - (كان يتختم في يساره) بهذا أخذ مالك ففضل التختم فيها على التختم في اليمين وحمله الشافعية على بيان الجواز والتختم في اليسار غير مكروه ولا خلاف الأولى إجماعا . - (م عن أنس) بن مالك (د عن ابن عمر) بن الخطاب . 6968 - (كان يتختم في يمينه ثم حوله إلى يساره) أي وكان آخر الأمرين منه كذا ذكره البغوي في شرح السنة وتعقبه الطبري بأن ظاهره النسخ وليس ذلك مرادا قال في الفتح : لو صح هذا الحديث لكان قاطعا للنزاع لكن سنده ضعيف وقال في التخريج : هذه رواية ضعيفة اعتمدها البغوي وجمع بها بين الأخبار . - (عد عن ابن عمر) بن الخطاب (ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) ورواه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] عن ابن عمر في شرح السنة وهو ضعيف من وجوه . 6969 - (كان يتختم بالفضة) وكان أولا يتختم بالذهب ثم تركه ونهى عنه . - (طب عن عبد الله بن جعفر) رمز لحسنه 6970 - (كان يتخلف) أي يتأخر (في المسير) أي في السفر (فيزجي) بمثناه تحتية مضمومة وزاي معجمة فجيم (الضعيف) أي يسوقه ليلحقه بالرفاق (ويردف) نحو العاجز على ظهر الدابة أي دابته أو دابة غيره (ويدعو لهم) بالإعانة ونحوها ونبه به على أدب أمير الجيش وهو الرفق بالسير بحيث يقدر عليه أضعفهم ويحفظ به قوة أقواهم وأن يتفقد خيلهم وحمولهم ويراعي أحوالهم ويعين عاجزهم ويحمل ضعيفهم ومنقطعهم ويسعفهم بماله وحاله وقاله ودعائه ومدده وإمداده . - (د ك) كلاهما في الجهاد (عن جابر) بن عبد الله وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي وسكت عليه أبو داود وقال في الرياض بعد عزوه له : إسناده حسن . 6971 - (كان يتعوذ من جهد) بفتح الجيم وضمها مشقة (البلاء) بالفتح والمد ويجوز الكسر مع القصر (ودرك) بفتح الدال والراء وتسكن وهو الإدراك واللحاق (الشقاء) بمعجمة ثم قاف الهلاك . ويطلق على السبب المؤدي إليه (وسوء القضاء) أي المقضي وإلا فحكم الله كله حسن لا سوء فيه (وشماتة الأعداء) فرحهم ببلية تنزل بالمعادي تنكأ القلب أو تبلغ من النفس أشد مبلغ وقد أجمع
[ 257 ]
العلماء في كل عصر ومصر على ندب الاستعاذة من هذه الأشياء وردوا على من شذ من الزهاد . - (ق ن عن أبي هريرة) . 6972 - (كان يتعوذ من خمس : من الجبن) بضم الجيم وسكون الموحدة الضن بالنفس عن أداء ما يتعين من نحو [ ص 202 ] قتال العدو (والبخل) أي منع بذل الفضل سيما للمحتاج وحب الجمع والادخار (وسوء العمر) أي عدم البركة فيه بقوة الطاعة والإخلال بالواجبات (وفتنة الصدر) بفتح الصاد وسكون الدال المهملتين ما ينطوي عليه الصدر من نحو حسد وغل وعقيدة زائغة (وعذاب القبر) أي التعذيب فيه بنحو ضرب أو نار أو غيرهما على ما وقع التقصير فيه من المأمورات أو المنهيات والقصد بذلك تعليم الأمة كيف يتعوذون . - (د) في الصلاة (ن) في الاستعاذة (ه) في الدعاء (عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وسكت عليه أبو داود . 6973 - (كان يتعوذ من الجان) أي يقول أعوذ بالله من الجان (وعين الإنسان) من ناس ينوس إذا تحرك وذلك يشترك فيه الجن والإنس وعين كل ناظر (حتى نزلت) المعوذتان فلما نزلتا (أخذ بهما وترك ما سواهما) أي مما كان يتعوذ به من الكلام غير القرآن لما ثبت أنه كان يرقي بالفاتحة وفيهما الاستعاذة بالله فكان يرقي بها تارة ويرقي بالمعوذتين أخرى لما تضمنتاه من الاستعاذة من كل مكروه إذ الاستعاذة من شر ما خلق تعم كل شر يستعاذ منه في الأشباح والأرواح والاستعاذة من شر الغاسق وهو الليل وآيته أو القمر إذا غاب يتضمن الاستعاذة من شر ما ينتشر فيه من الأرواح الخبيثة والاستعاذة من شر النفاثات تتضمن الاستعاذة من شر السواحر وسحرهن والاستعاذة من شر الحاسد تتضمن الاستعاذة من شر النفوس الخبيثة المؤذية والسورة الثانية تتضمن الاستعاذة من شر الإنس والجن فجمعت السورتان الاستعاذة من كل شر فكانا جديرين بالأخذ بهما وترك ما عداهما . قال ابن حجر : هذا لا يدل على المنع من التعوذ بغير هاتين السورتين بل يدل على الأولوية سيما مع ثبوت التعوذ بغيرهما وإنما اكتفى بهما لما اشتملتا عليه من جوامع الكلم والاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا . - (ت ن ه والضياء) المقدسي في المختارة (عن أبي سعيد) الخدري وقال الترمذي : حسن غريب . 6974 - (كان يتعوذ من موت الفجاءة) بالضم والمد ويفتح ويقصر : البغتة (وكان يعجبه أن يمرض قبل أن يموت) وقد وقع ذلك فإنه مرض في ثاني ربيع الأول أو ثامنه أو عاشره ثم امتد مرضه اثني عشر يوما . - (طب عن أبي أمامة) الباهلي .
[ 258 ]
6975 - (كان يتفاءل) بالهمز أي إذا سمع كلمة حسنة تأولها على معنى يوافقها (ولا يتطير) أي لا يتشاءم بشئ كما كانت الجاهلية تفعله متفريق الطير من أماكنها فإن ذهبت إلى الشمال تشاءموا وذلك لأن من تفاءل فقد فهم خيرا وإن غلط في جهة الرجاء ومن تطير فقد أساء الظن بربه (وكان يحب الاسم الحسن) وليس هو من معاني التطير بل هو كراهة الكلمة القبيحة نفسها لا لخوف شئ وراءها كرجل سمع لفظ خنا فكرهه وإن لم يخف على نفسه منه شيئا ذكره الحليمي . - (حم) وكذا الطبراني (عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه ليث بن أسلم وهو ضعيف بغير كذب . 6976 - (كان يتمثل بالشعر) مثل قول طرفة (ويأتيك بالأخبار) بفتح الهمزة جمع خبر من خبرته أخبره خبرا بالضم وعرفا ما احتمل الصدق والكذب (من لم تزود) أي من لم تزوده وفي رواية كان أبغض الحديث إليه الشعر غير أنه تمثل مرة ببيت أخي قيس بن طرفة فقال : ويأتيك من لم تزود بالأخبار فجعل آخره أوله فقال أبو بكر : ليس هكذا يا رسول الله فقال : ما أنا بشاعر وهذا لا يعارض الحديث المشروح لأن المراد بالتمثل فيه الإتيان بمادة البيت أو المصراع [ ص 203 ] وجوهر لفظه دون ترتيبه الموزون هذا بعد الإغماض وفرض صحة هذه الرواية وإلا فقد قال البعض : لم أر له إسنادا ولم يسنده ابن كثير في تفسيره كما زعمه بعضهم . (طب) وكذا البزار (عن ابن عباس ت عن عائشة) قال الهيثمي : رجال الطبراني والبزار رجال الصحيح . 6977 - (كان يتمثل بهذا البيت كفى بالإسلام والشيب للمرء ناهيا) أي زاجرا رادعا وإنما كان يتمثل به لأن الشيب نذير الموت والموت يسن إكثار ذكره لتتنبه النفس من سنة الغفلة فيسن لمن بلغ سن الشيب أن يعاتب نفسه ويوبخها بإكثار التمثل بذلك وفيه جواز إنشاد الشعر لا إنشاؤه له . - (ابن سعد) في طبقاته (عن الحسن) البصري (مرسلا) . 6978 - (كان يتنور) أي يستعمل النورة لإزالة الشعر (في كل شهر) مرة (1) (ويقلم أظافره)
[ 259 ]
يعني يزيلها بقلم أو غيره فيما يظهر (في كل خمسة عشر يوما) مرة . قال الغزالي : قيل إن النورة في كل شهر مرة تطفئ الحرارة وتنقي اللون وتزيد في الجماع وورد أنه كان يقلمها يوم الجمعة وفي رواية كل يوم جمعة ولعله كان يفعل ذلك تارة كل أسبوع وتارة كل أسبوعين بحسب الحاجة . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمر) . 6979 - (كان يتوضأ عند كل صلاة) وربما صلى صلوات بوضوء واحد ولفظ رواية الترمذي كان يتوضأ لكل صلاة طاهرا أو غير طاهر قال الطحاوي : وهذا محمول على الفضيلة دون الوجوب أو هو مما خص به أو كان يفعله وهو واجب ثم نسخ انتهى والأصح الأخير بدليل حديث الترمذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة فلما كان عام الفتح صلى الصلوات كلها بوضوء واحد فقال عمر : إنك فعلت شيئا لم تكن فعلته قال : عمدا فعلته يا عمر قال الترمذي : صحيح قال النووي : فيه جواز الصلوات بوضوء واحد ما لم يحدث وهو جائز بإجماع من يتعد به . - (حم خ 4 عن أنس) بن مالك قال حميد : قلت كيف تصنعون أنتم قالوا : نتوضأ وضوءا واحدا . 6980 - (كان يتوضأ مما مست النار) ثم نسخ بخبر جابر كان آخر الأمرين ترك الوضوء منه . (طب عن أم سلمة) رمز المصنف لصحته ومستنده قول الهيثمي : رجاله موثقون وعدل عن عزوه لأحمد مع كونه خرجه باللفظ المذكور لأن في سنده من لا يعرف . 6981 - (كان يتوضأ ثم يقبل) بعض نسائه (ويصلي ولا يتوضأ) (1) من القبلة وفي رواية للدارقطني بدل ولا يتوضأ ولا يحدث وضوءا وهذا من أدلة الحنفية على قولهم إن اللمس غير ناقض . - (حم ه عن عائشة) قالت : وبما فعله بي ، رمز المصنف لصحته ونقل الدميري تضعيفه عن البيهقي وضعفه مغلطاي في شرح أبي داود . 6982 - (كان يتوضأ) مرة (واحدة واحدة واثنتين اثنتين وثلاثا ثلاثا) قال بعضهم : هذا تعديد للغسلات لا تعديد للغرفات كما ذهب إليه بعضهم يعني ابن العربي إذ لم يجر للغرفات في هذا الحديث ذكر . قال اليعمري : ويؤيده أن الغسلة لا تكون حقيقة إلا مع الإسباغ وإلا فهي بعض غسلة فحيث وقع الكلام في أجزاء الواحدة وترجيح الثانية وتكملة الفضل بالثالثة فهي يقينا مع الإسباغ ليس للغرفة في
[ 260 ]
ذلك دخل قال النووي : أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة وعلى أن الثلاث سنة وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وبعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين واختلافها دليل على جواز ذلك كله وأن الثلاث هي الكمال والواحدة تجزئ اه‍ . وفي جامع الترمذي الوضوء مجزئ مرة مرة ومرتين مرتين أفضل وأفضله ثلاث (كل ذلك يفعله) لكن كان أكثر أحواله التثليث كما تصرح به روايات أخرى وفي بعضها هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي . (طب عن معاذ) بن جبل رمز المصنف لحسنه والأمر بخلافه فقد قال الهيثمي : فيه محمد بن سعيد المصلوب ضعيف جدا . 6983 - (كان يتيمم بالصعيد) أي التراب أو وجه الأرض (فلم يمسح يديه ووجهه إلا مرة واحدة) ولهذا ذهب الشافعي إلى ندب عدم تكرار التيمم بخلاف الوضوء والغسل حيث يسن فيهما التثليث . (طب عن معاذ) بن جبل قال الحافظ الهيثمي : وفيه محمد بن سعيد المصلوب كذاب يضع الحديث اه‍ فكان ينبغي للمصنف حذفه مع ما قبله . 6984 - (كان يجتهد في العشر الأواخر) من رمضان (ما لا يجتهد في غيره) أي يجتهد فيه من العبادة فوق العادة ويزيد فيها في العشر الأواخر من رمضان بإحياء لياليه . (حم م ت ه) كلهم في الصوم (عن عائشة) ولم يخرجه البخاري . 6985 - (كان يجعل يمينه لأكله وشربه ووضوئه) زاد في رواية وصلاته (وثيابه) يعني للبس ثيابه أو تناولها (وأخذه وعطائه وشماله لما سوى ذلك) بكسر سين سوى وضمها مع القصر فيهما وفتح السين مع المد أي لغير ذلك وما زائدة فأفاد أنه يندب مباشرة الأكل والشرب والطهور والصلاة واللبس باليمين وأخذ منه أن ما هو من قبيل التكريم والتشريف كأكل وشرب ولبس ثوب وسراويل وخف ومناولة حاجة وتناولها ودخول مسجد وسواك واكتحال وتقليم ظفر وقص شارب ومشط شعر ونتف إبط وحلق رأس ومصافحة وما كان بضده كخروج مسجد وامتخاط وخلع ثوب وسراويل وخف ونحوها فباليسار وقوله وثيابه يحتمل كما قال العراقي أن المراد أخذ الثياب للبسها كما في أخذ الطعام لأكله فيتناول ثوبه باليمين وأن المراد اللبس نفسه بمعنى أنه يبدأ بلبس الشق الأيمن قبل الأيسر أما النزع فبالشمال بمعنى أن اليسرى تكون أولهما نزعا وقوله لما سوى ذلك أي مما ليس في معناه . - (حم عن حفصة) أم المؤمنين ورواه عنها أحمد أيضا بلفظ كانت يمينه لطعامه وطهوره وصلاته وثيابه ويجعل
[ 261 ]
شماله لما سوى ذلك ورواه عنها أيضا البيهقي ورمز المصنف لصحته ، وقال ابن محمود شارح أبي داود : وهو حسن لا صحيح لأن فيه أبا أيوب الأفريقي لينه أبو زرعة ووثقه ابن حبان وقال المنذري واليعمري : فيه الأفريقي وفيه مقال . وقال النووي : إسناده جيد قال العراقي : وإشارة المنذري إلى تضعيفه غير معمول بها لأن المقال في أبي أيوب غير قادح لكن فيه شئ آخر وهو الاختلاف في إسناده ص 205 ] وقال ابن سيد الناس : هو معلل . 6986 - (كان يجعل فصه) يعني الخاتم (مما يلي كفه) وفي رواية مسلم مما يلي باطن كفه فجعله كذلك أفضل اقتداء بفعله وإن لم يأمر فيه بشئ . قال ابن العربي : ولا أعلم وجهه . ووجهه النووي بأنه أبعد عن الزهو والعجب والزين العراقي بذلك وبأنه أحفظ للنقش الذي عليه من أن يحاكى أو يصيبه صدمة أو عود صلب فيغير النقش الذي وضع الخاتم لأجله وأيضا فإنه نهى الناس بأن ينقشوا على نقشه وذلك لئلا يختم غيره به فيكون صونا عن أن يدخل في الكتب ما لم يأذن به فأعلم أصحابه بذلك فهم لا يخالفون أمره ثم أراد ستر صورة النقش عن غيرهم من أهل الكفر والنفاق فجعله في باطن كفه وإنما ضم كفه عليه حتى لا يظهر على صورة النفش أحد . - (ه عن أنس) بن مالك (د عن ابن عمر) بن الخطاب وهذا الحديث في مسلم عن ابن عمر ولفظه اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خاتما من ذهب ثم ألقاه ثم اتخذ خاتما من ورق ونقش فيه محمد رسول الله وقال : لا ينقش أحد على نقش خاتمي وكان إذا لبسه جعل فصه مما يلي بطن كفه هذا لفظه ولعل المؤلف غفل عنه فعزاه لابن ماجه . 6987 - (كان يجل العباس) عمه (إجلال الولد للوالد) ويقول إنما الرجل صنو أبيه . - (ك) في المناقب (عن ابن عباس) وقال : صحيح وأقره الذهبي . 6988 - (كان يجلس القرفصاء) بضم القاف والفاء وتفتح وتكسر وتمد وتقصر والراء ساكنة كيف كان أي يقعد محتبيا بيديه قيل وينبغي حمله على وقت دون وقت فقد ورد كان يجلس متربعا . - (طب عن إياس) بكسر الهمزة وفتح التحتية وبالمهملة (ابن ثعلبة) أبي أمامة الأنصاري البلوي أو الحارثي قيل مات بعد أحد قال الذهبي : والصحيح أن ذاك أمه لأنه تأخر قال الهيثمي : فيه محمد بن عمر الواقدي وهو ضعيف . 6989 - (كان يجلس على الأرض) أي من غير حائل (ويأكل على الأرض) من غير مائدة ولا خوان إشارة إلى طلب التساهل في أمر الظاهر وصرف الهمم إلى عمارة الباطن وتطهير القلوب وتأسى به أكابر صحبه فكانوا يصلون على الأرض في المساجد ويمشون حفاة في الطرقات ولا يجعلون
[ 262 ]
غالبا بينهم وبين التراب حاجزا في مضاجعهم قال الغزالي : وقد اتنهت النوبة الآن إلى طائفة يسمون الرعونة نظافة ويقولون هي مبنى الدين فأكثر أوقاتها في تزيين الظاهر كفعل الماشطة بعروسها والباطن خراب ولا يستنكرون ذلك ولو مشى أحدهم على الأرض حافيا أو صلى عليها بغير سجادة مفروشة أقاموا عليه القيامة وشددوا عليه النكير ولقبوه بالقذر وأخرجوه من زمرتهم واستنكفوا عن مخالطته فقد صار المعروف منكرا والمنكر معروفا (ويعتقل الشاة) أي يجعل رجليه بين قوائمها ليحلبها إرشادا إلى التواضع وترك الترفع (ويجيب دعوة المملوك على خبز الشعير) زاد في رواية والإهالة السنخة أي الدهن المتغير الريح وعلمه ذلك أنها بإخبار الداعي أو للعلم بفقره ورثاثة حاله أو مشاهدة غالب مأكوله ونحو ذلك من القرابين الخالية فكان لا يمنعه ذلك من إجابته وإن كان حقيرا وهذا من كمال تواضعه ومزيد براءته من سائر صنوف الكبر وأنواع الترفع . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي : إسناده حسن 6990 - (كان يجلس إذا صعد) بكسر العين (المنبر) أي أعلاه فيكون قعوده على المستراح ووقوفه على الدرجة التي تليه (حتى يفرغ المؤذن) يعني الواحد لأنه لم يكن يوم الجمعة إلا مؤذن واحد (ثم يقوم فيخطب) خطبة بليغة مفهومة قصيرة (ثم يجلس) نحو الإخلاص (فلا يتكلم) حال جلوسه (ثم يقوم) ثانيا (فيخطب) ثانية بالعربية فيشترط كون الخطبتين بها وأن يقعا من قيام للقادر وأن يفصل القائم بينهما بقعدة مطمئنا وغيره بسكتة فإن وصلهما حسبتا واحدة كما دل على ذلك هذا الحديث . (د) في الجمعة (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه العمري وهو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب قال المنذري : فيه مقال . 6991 - (كان يجمع) تقديما وتأخيرا (بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء) ولا يجمع الصبح مع غيرها ولا العصر مع المغرب (في السفر) لم يقيده هنا بما قيده في رواية بإذا جد في السفر فيحتمل حمله على المقيد به ويحتمل بقاؤه على عمومه وذكر فرد من أفراده لا يخصصه وهو الأولى فله الجمع جد به السير أم لا أي بشرط حله وهذا نص راد على الحنفية منعهم الجمع وقد أولوه بما فيه تعسف ثم إنه لم يبين في هذا الحديث ولا غيره من أحاديث الجمع أنه كان يجمع في كل سفر أو يخص بالطويل قال المحقق العراقي : وظاهر روايته كان إذا جد به السفر إلخ الاختصاص قال : والحق أن هذه واقعة غير محتملة فيمتنع في القصير للشك فلا تساعده مسالكا فبي التعميم بل يرد عليه . - (حم خ عن أنس) . 6992 - (كان يجمع بين الخربز) بكسر الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر الموحدة بعدها زاى نوع من البطيخ الأصفر وقد تكبر القثاء فتصفر من شدة الحر فتصير كالخربز قال ابن حجر : شاهدته
[ 263 ]
كذلك بالحجاز (والرطب) كما مر بسطه قال ابن حجر : وفيه رد على من زعم أن المراد بالبطيخ في الخبر الآتي الأخضر واعتل بأن في الأصفر حرارة كما في الرطب وقد علل بأن أحدهما يطفئ حر الآحر وجوابه أن في الأصفر بالنسبة للرطب برودة وإن كان فيه لحلاوته طرف حرارة . - (حم ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (ن عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته قال ابن حجر في الفتح : سنده صحيح . 6993 - (كان يحب أن يليه المهاجرون والأنصار في الصلاة ليحفظوا عنه) فروضها وأبعاضها وهيئاتها فيرشدون الجاهل وينبهون الغافل قال ابن حجر : وحب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم للشئ إما بأخباره للصحابي بذلك وإما بالقرائن . - (حم ن ه ك) في الصلاة (عن أنس) قال الحاكم : على شرطهما وله شاهد صحيح وأقره الذهبي وقال مغلطاي في شرح أبي داود : سنده صحيح . 6994 - (كان يحب الدباء) بضم الدال المهملة وشد الموحدة والمد ويقصر : القرع ، أو خاص بالمستدير منه ، وفي المجموع أنه القرع اليابس قال في الفتح : وما أظنه إلا سهوا وهو اليقطين أيضا واحده دبه ودباه وقضية كلام الهروي أن الهمزة زائدة لكن الجوهري خرجه في المعتل على أن همزته منقلبة وهو أشبه بالصواب قال الزمخشري : ولا ندري هي مقلوبة [ ص 207 ] عن واو أو ياء . - (حم ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (ن ه عن أنس) بن مالك لكن لفظ رواية ابن ماجه القرع وزاد هو والنسائي ويقول إنها شجرة أخي يونس قال الزين العراقي : وفي فوائد أبي بكر الشافعي من حديث عائشة إذا طبختم قدرا فأكثروا فيها من الدباء فإنه يشد قلب الحزين . قال العراقي : ولا يصح . 6995 - (كان يحب) في رواية لمسلم ليحب (التيامن) لفظ رواية مسلم التيمن أي الأخذ باليمين فيما هو من باب التكريم قيل لأنه كان يحب الفأل الحسن وأصحاب اليمين أهل الجنة (ما استطاع) أي ما دام مستطيعا للتيمن بخلاف ما لو عجز عنه فيتعين غيره فنبه على المحافظة على ذلك ما لم يمنع مانع ما ليس منه بد قال ابن حجر : ويحتمل أنه احترز به عما لا يستطاع فيه التيمن شرعا كفعل الأشياء المستقذرة ياليمين كاستنجاء وتمخط (في طهوره) بضم الطاء أي تطهره (وتنعله) أي ليس نعله (وترجله) بالجيم تمشيط شعره زاد أبو داود وسواكه (وفي شأنه) أي في حاله (كله) يعني في جميع حالاته مما هو من قبيل التكريم والتزيين وهذا عطف عام على خاص وفي رواية بحذف العاطف اكتفاء بالقرينة قال ابن دقيق العيد : هذا عام مخصوص لأن دخول الخلاء والخروج من المسجد ونحوهما يبدأ فيه باليسار وتأكيد الشأن بقوله كله يدل على التعميم لأن التأكيد يرفع المجاز فقد يقال حقيقة الشأن ما كان فعلا مقصودا وما لا يندب فيه التيامن ليس من الأفعال المقصودة بل هي إما متروك أو غير مقصودة هذا
[ 264 ]
كله على تقدير إثبات الواو أما على حذفها فقوله في شأنه متعلق بيحب لا بالتيامن أي يحب في شأنه كله التيمن في تنعله إلخ أي لا يترك ذلك سفرا ولا حضرا ولا في فراغه ولا شغله وقال الطيبي : قوله في شأنه بدل من تنعله بإعادة العامل ولعله ذكر التنعل لتعلقه بالرجل والترجل لتعلقه بالرأس والطهور لكونه مفتاح العبادة فنبه على جميع الأعضاء فيكون كبدل كل من كل وفيه ندب البداءة بشق الرأس الأيمن في الترجل والغسل والحلق ولا يقال هو من باب الإزالة فيبدأ فيه بالأيسر بل هو من باب العبادة والتزيين والبداءة بالرجل اليمنى بالتنعل وفي إزالتها باليسرى والبداءة باليد والرجل اليمنى في الوضوء وبالشق الأيمن في الغسل وندب الصلاة عن يمين الإمام وفي ميمنة المسجد وفي الأكل والشرب فكلما كان من باب التكريم والتزيين يبدأ باليمين وعكسه عكسه . - (حم ق 4 عن عائشة) . 6996 - (كان يحب أن يخرج إذا غزا يوم الخميس) لأنه يوم مبارك أو لأنه أتم أيام الأسبوع عددا لأنه تعالى بث فيه الدواب في أصل الخلق فلاحظ الحكمة الربانية والخروج فيه نوع من بث الدواب الواقع في يوم المبدأ أو أنه إنما أحبه لكونه وافق الفتح له والنصر فيه أو لتفاؤله بالخميس على أنه ظفر على الخميس وهو الجيش ومحبته لا تستلزم المواظبة عليه فقد خرج مرة يوم السبت ولعله كان يحبه أيضا كما ورد في خبر آخر اللهم بارك لأمتي في سبتها وخميسها وفي البخاري أيضا أنه كان قلما يخرج إذا خرج في السفر إلا يوم الخميس وفي رواية للشيخين معا ما كان يخرج إلا يوم الخميس . (حم خ) في الجهاد (عن كعب بن مالك) ولم يخرجه مسلم . 6997 - (كان يحب أن يفطر على ثلاث تمرات) لما فيه من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم (أو شئ لم تصبه النار) أي ليس مصنوعا بنار كالبن وعسل فيندب لنا التأسي به في ذلك . (ع) عن إبراهيم بن حجاج عن عبد الواحد بن زياد عن ثابت (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس كما قال قال ابن حجر : عبد الواحد قال البخاري : منكر الحديث اه‍ . وقال الهيثمي : فيه عبد الواحد بن ثابت وهو ضعيف 6998 - (كان يحب من الفاكهة العنب) قال الحرالي : هو شجر متكرم لا يختص ذهابه بجهة العلو اختصاص النخلة بل يتفرع علوا وسفلا ويمنة ويسرة مثل المؤمن المتقي الذي تكرم بتقواه من كل جهة (والبطيخ) لما فيه من الجلاء وغيره من الفضائل وقد ذكر الله سبحانه العنب في مواضع من كتابه في جملة نعمه التي من بها على عباده في الدارين وهو فاكهة وقوت ودواء وأدم وشراب والبطيخ فيه جلاء
[ 265 ]
وتفتيح وهو نافع للمحرور جدا سيما في قطر الحر كالحجاز قال الأطباء : البطيخ قبل الطعام يغسل البطن غسلا ويذهب بالداء أصلا قال ابن القيم : وملوك الفاكهة ثلاث العنب والرطب والتين . - (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن معاوية) الذي رأيته في أصول صحاح أمية بدل معاوية فليحرر (بن يزيد العبسي) ولم أره في الصحابة قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 6999 - (كان يحب الحلواء) بالمد على الأشهر فتكتب على الألف وتقصر فتكتب بالياء وهي مؤنث قال الأزهري وابن سيده : اسم لطعام عولج بحلاوة لكن المراد هنا كما قال النووي : كل حلو وإن لم تدخله صنعة وقد تطلق على الفاكهة (و) عطف عليه (العسل) عطف خاص على عام تنبيها على شرفه وعموم خواصه وقد تنعقد الحلواء من السكر فيتفارقان وحبه لذلك لم يكن للتشهي وشدة نزوع النفس له وتأنق الصنعة في اتخاذها كفعل أهل الترفه المترفين الآن بل معناه أنه إذا قدم له نال منه نيلا صالحا فيعلم منه أنه أعجبه وفيه حل اتخاذ الحلاوات والطيبات من الرزق وأنه لا ينافي الزهد ورد على من كره من الحلوى ما كان مصنوعا كيف وفي فقه اللغة أن حلواه التي كان يحبها المجيع - كعظيم - تمر يعجن بلبن وفيه رد على زاعم أن حلواه أنه كان يشرب كل يوم قدح عسل بماء وأن الحلواء المصنوعة لا يعرفها ولم يصح أنه رأى السكر وخبر أنه حضر ملاك أنصاري وفيه سكر قال السهيلي : غير ثابت . تنبيه : قال ابن العربي : والحلاوة محبوبة لملاءمتها للنفس والبدن ويختلف الناس في أنواع المحبوب منها كان ابن عمر يتصدق بالسكر ويقول إنه تعالى يقول * (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) * [ آل عمران 92 ] وإني أحبه . - (ق 4) في مواضع عديدة (عن عائشة) وفيه قصة طويلة في الصحيح وفي الباب غيرها أيضا . 7000 - (كان يحب العراجين ولا يزال في يده) منها ينظر إليها . العرجون : العود الأصفر الذي فيه شماريخ : العذق ، فعلون من الانعراج : الانعطاف . - (حم د عن أبي سعيد) الخدري . 7001 - (كان يحب الزبد) بالضم كقفل ما يتخرج بالمخض من لبن البقر والغنم وأما لبن الإبل فلا يسمى ما يستخرج منه زبدا بل يقال له حباب (والتمر) يعني يحب الجمع بينهما في الأكل لأن الزبد حار رطب والتمر بارد يابس وفي جمعه بينهما من الحكمة إصلاح كل منهما بالآخر ولأحمد عن أبي خالد دخلت على رجل وهو يتمجع لبنا بتمر فقال : أدن فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماهما الأطيبين قال ابن حجر : إسناده قوي قال النووي : فيه جواز أكل شيئين من فاكهة وغيرها معا وجواز أكل طعامين معا وجواز التوسع في المطاعم ولا خلاف بين العلماء في جواز ذلك وما نقل عن السلف من خلافه محمول على الكراهة في التوسع والترفه والإكثار لغير مصلحة دينية وقال القرطبي : يدخل منه مراعاة صفات الأطعمة
[ 266 ]
وطبائعها واستعمالها على الوجه اللائق على قاعدة الطب . - (د ه عن ابن بشر) بكسر الموحدة وسكون المعجمة ، وابن بشر في الصحابة اثنان سلمانيان هما عبد الله وعطية فكان ينبغي تمييزه ، رمز المصنف لحسنه . 7002 - (كان يحب القثاه) لإنعاش ريحها للروح وإطفائها لحرارة المعدة الملتهبة سيما في أرض الحجاز ولكونها بطيئة الإنحدار عن المعدة كان كثيرا ما يعدلها بنحو رطب أو تمر أو عسل . - (طب عن الربيع) بالتصغير والتثقيل (بنت معوذ) ابن عفراء الأنصارية النجارية من صغار الصحابة رمز لحسنه . 7003 - (كان يحب هذه السورة) سورة (سبح اسم ربك الأعلى) أي نزه اسمه عن أن يبتذل أو يذكر إلا على جهة التعظيم قال الفخر الرازي : وكما يحب تنزيه ذاته عن النقائص يحب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن الرفث وسوء الأدب . - (حم) وكذا البزار وكلاهما (عن علي) أمير المؤمنين رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف هكذا جزم به واقتصر عليه وبينه تلميذه الهيثمي قال : فيه ثور بن أبي فاختة وهو متروك انتهى وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه زلل فاحش . 7004 - (كان يحتجم) حجمه أبو طيبة وغيره وأمر بالحجامة وأثنى عليها في عدة أخبار وأعطى الحجام أجرته والحجم تفرق اتصال أريد به تتابع استفراغ دم من جهات الجلد . - (ق عن أنس) . 7005 - (كان يحتجم على هامته) أي رأسه (وبين كتفيه ويقول من أهراق من دماء فلا يضره أن يتداوى بشئ لشئ) المراد بالرأس هنا ما عدا نقرتها بدليل خبر الديلمي عن أنس مرفوعا الحجامة في نقرة الرأس تورث النسيان فتجنبوا ذلك لكن فيه ابن واصل متهم قال أبو داود : وقال معمر : احتجمت فذهب عقلي حتى كنت القن الفاتحة في صلاتي وكان احتجم على هامته . - (د ه) في الطب (عن أبي كبشة) عمر بن سعد أو سعد بن عمر وفي الصحابة أبو كبشة وغيره . 7006 - (كان يحتجم في رأسه) لفظ رواية الطبراني في مقدم رأسه (ويسميها أم مغيث) وفي رواية لابن جرير ويسميها المغيثة وسماها في رواية المنقذة وفي أخرى النافعة قال ابن جرير : وكان يأمر من شكى إليه وجعا في رأسه بالحجامة وسط رأسه ثم أخرج بسنده عن ابن أبي رافع عن جدته سلمى قالت : ما سمعت أحدا قط يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع رأسه إلا قال احتجم . - (خط) في ترجمة محمود
[ 267 ]
الواسطي (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عبد العزيز ابن عمر بن عبد العزيز الأموي قال الذهبي : ضعفه أبو مسهر . 7007 - (كان يحتجم في الأخدعين) عرقان في محل الحجامة من العنق (والكاهل) بكسر الهاء وهو مقدم أعلى الظهر مما يلي العنق وهو الثلث الأعلى وفيه ست فقرات وقيل ما بين الكتفين وقيل الكتد وقيل موصل العنق ما بين الكتفين (وكان يحتجم لسبع عشرة) من الشهر (وتسع وعشرة وإحدى وعشرين) منه وعلى ذلك درج أصحابه فكانوا يستحبون الحجامة لوتر من الشهر لأفضلية الوتر عندهم ومحبتهم له لحب الله له ، ثم إن ما ذكر من احتجامه في الأخدعين الكامل [ ص 210 ] لا ينافيه ما قبله من احتجامه في رأسه وهامته لأن القصد بالاحتجام طلب النفع ودفع الضر وأماكن الحاجة من البدن مختلفة باختلاف العلل كما بينه ابن جرير . - (ت ك) في الطب (عن أنس) بن مالك (طب ك) في الطب (عن ابن عباس) قال الترمذي : حسن غريب وقال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي في موضع لكنه قال في آخر : لا صحة له . 7008 - (كان يحدث حديثا) ليس بمهذرم مسرع ولا متقطع يتخلله السكتات بين أفراد الكلم بل يبالغ في إفصاحه وبيانه (بحيث لو عده العاد لأحصاه) أي لو أراد المستمع عد كلماته أو حروفه لأمكنه ذلك بسهولة ومنه أخذ أن على المدرس أن لا يسرد الكلام سردا بل يرتله ويزينه ويتمهل ليتفكر فيه هو وسامعه وإذا فرغ من مسألة أو فصل سكت قليلا ليتكلم من في نفسه شئ . - (ق د) من حديث هشام عن أبيه (عن عائشة) قال عروة : كان أبو هريرة يحدث ويقول اسمعي يا ربة الحجرة وعائشة تصلي فلما قضت صلاتها قالت لعروة : ألا تسمع إلى هذا ومقالته آنفا إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا إلخ . 7009 - (كان يحفي شاربه) بالحاء المهملة وفي رواية ذكرها ابن الأثير كان يلحف شاربه أي يبالغ في قصه . (طب عن أم عياش) بشد المثناه التحتية (مولاته) أي مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وخادمته وقيل مولاة رقية ، رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد الكريم بن روح وهو متروك . 7010 - (كان يحلف) فيقول (لا ومقلب القلوب) أي مقلب أعراضها وأحوالها لا ذواتها وفيه أن عمل القلب بخلق الله وتسمية الله بما ثبت من صفاته على الوجه اللائق وانعقاد اليمين بصفة لا يشارك فيها وحل الحلف بأفعاله تقدس إذا وصف بها ولم يذكر اسمه وغير ذلك . (حم خ) في التوحيد
[ 268 ]
وغيره (ت ن) في الإيمان وغيره كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا ابن ماجه في الكفارة . 7011 - (كان يحمل ماء زمزم) من مكة إلى المدينة ويهديه لأصحابه وكان يستهديه من أهل مكة فيسن فعل ذلك . - (ت ك عن عائشة) . 7012 - (كان يخرج إلى العيدين) أي لصلاتهما (ماشيا ويرجع ماشيا) في طريق آخر كما الخبر المار والآتي لأن طريق القرية يشهد ففيه تكثير الشهود وقد ندب المشي إلى الصلاة تكثيرا للأجر . (ه عن ابن عمر) . 7013 - (كان يخرج إلى العيدين) أي لصلاتهما بالصحراء (ماشيا) لا راكبا (ويصلي) صلاة العيد (بغير أذان ولا إقامة) زاد مسلم ولا شئ واحتج جمع به على أنه لا يقال قبلها الصلاة جامعة واحتج الإمام الشافعي على سنه بالأمر به في مرسل اعتضد بالقياس على الكسوف لثبوته فيه وفيه أنه لا يؤذن لها ولا يقام وبعضهم أحدث الأذان فقيل أول من أحدثه معاوية وقيل زياد (ثم يرجع ماشيا) غير راكب ويجعل رجوعه (في طريق آخر) ليسلم على أهل الطريقين أو ليتبركا به أو ليقضى حاجتهما أو ليظهر الشعر فيهما أو ليغيظ منافقيهما قال ابن القيم : والأصح أنه لذلك كله ولغيره [ ص 211 ] من الحكم الذي لا يخلو فعله عنها . - (ه عن أبي رافع) ورواه أيضا البزاز عن سعد مرفوعا قال الهيثمي : وفيه خالد بن إلياس متروك . 7014 - (كان يخرج في العيدين) إلى المصلى الذي على باب المدينة الشرقي بينه وبين باب المسجد ألف ذراع قال ابن شيبة قال ابن القيم : وهو الذي يوضع فيه محمل الحاج ولم يصل العيد بمسجده إلا مرة واحدة لمطر بل كان يفعلها في المصلى دائما ومذهب الحنفية : أن صلاتها بالصحراء أفضل من المسجد وقال المالكية والحنابلة : إلا بمكة وقال الشافعية : إلا في المساجد الثلاثة فأفضل لشرفها ويخرج حال كونه (رافعا صوته بالتكبير والتهليل) وبهذا أخذ الشافعي وفيه رد على أبي حنيفة في ذهابه إلى أن رفع الصوت بالتكبير فيه بدعة مخالف للأمر في قوله تعالى * (واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر) * [ الاعراف : 205 ] وصيغته مشهورة . - (هب عن ابن عمر) بن الخطاب مرفوعا وموقوفا وصحح وقفه ورواه الحاكم عنه أيضا ورواه الشافعي موقوفا فما أوهمه اقتصار المصنف على البيهقي من تفرده به غير جيد .
[ 269 ]
7015 - (كان يخطب) يوم الجمعة حال كونه (قائما) عبر بكان إشارة إلى دوام فعله ذلك حال القيام وكذا قيل وهو مبني على إفادة كان التكرار وفيخلاف معروف وعليه الشافعي وهو حجة للشافعي في اشتراطه القيام للقادر وقد ثبت أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يواظب على القيام فيها ورد على الأئمة الثلاثة المجوزين لفعلها من قعود (ويجلس بين الخطبتين) قدر سورة الإخلاص (ويقرأ آيات) من القرآن (ويذكر الناس) بآلاء الله وجنته وناره والمعاد ويعلمهم قواعد الدين ويأمرهم بالتقوى ويبين موارد غضبه ومواقع رضاه ، وكان يخطب في كل وقت بما يقتضيه الحال ولم يخطب خطبة إلا افتتح بالحمد ولم يلبس لباس الخطباء الآن وفيه أنه يجب القعود بين الخطبتين لخبر صلوا كما رأيتموني أصلي . تنبيه : قال ابن عربي : حكمة كونهما خطبتين أنه يذكر في الأولى ما يليق بالله من الثناء والتحريض على الأمور المقربة من الله بالدلائل من كتاب الله والثانية بما يستطيع من الدعاء والالتجاء من الذلة والافتقار والسؤال والتضرع في التوفيق والهداية لما ذكره وأمر به في الخطبة وقيامه حال خطبته أما في الأولى فبحكم النيابة عن الحق بما أنذر به وأوعد ووعد فهو قيام حق بدعوة صدق وأما في الثانية فهو قيام عبد بين يدي كريم يسأل منه الإعانة بما في الخطبة الأولى من الوصايا وأما القعدة بين الخطبتين ليفصل بين المقام الذي يقتضيه النيابة من الحق تعالى فيما وعظ به عباده على لسان الخطبتين وبين المقام الذي يقتضيه مقام السؤال والرغبة في الهداية إلى الصراط المستقيم . (حم م د ن ه عن جابر بن سمرة) . 7016 - (كان يخطب بقاف) أي بسورتها (كل جمعة) لاشتمالها على البعث والموت والمواعظ الشديدة والزواجر الأكيدة وقوله كل جمعة قد يحمل على الجمع التي حضرها الراوي فلا ينافي أن غيره سمعه يخطب بغيرها . (د) في الصلاة (عن) أم هشام (بنت الحارث بن النعمان) الأنصارية صحابية مشهورة وهي أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها ظاهر صنيع المصنف أن هذا لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول فقد خرجه الإمام مسلم في الصلاة عن بنت الحارث هذه ورواه أيضا الترمذي وابن ماجه . 7017 - (كان يخطب النساء ويقول) لمن خطبها (لك كذا وكذا) من مهر ونفقة ومؤونة (وجفنة سعد) بن عبادة (تدور [ ص 212 ] معي إليك كلما درت) وقد مر شرح قصة جفنة سعد . - (طب عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لحسنه . 7018 - (كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم) من الاشتغال بمهنة
[ 270 ]
الأهل والنفس إرشادا للتواضع وترك التكبر لأنه مشرف بالوحي والنبوة ومكرم بالمعجزات والرسالة وفيه أن الإمام الأعظم يتولى أموره بنفسه وأنه من دأب الصالحين . - (حم عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وهو أعلى من ذلك فقد قال الزين العراقي : رجاله رجال الصحيح ورواه أبو الشيخ [ ابن حبان ] بلفظ ويرقع الثوب والبخاري من حديث عائشة كان يكون في مهنة أهله . 7019 - (كان يدخل الحمام ويتنور) أي كان يطلي عانته وما قرب منها بالنورة قال ابن القيم : لم يصح في الحمام حديث ولم يدخل حماما قط ولعله ما رآه بعينه . (ابن عساكر) في تاريخه (عن واثلة) بن الأسقع بسند ضعيف جدا بل واه بالمرة . 7020 - (كان يدركه الفجر وهو) أي والحالة أنه (جنب من) جماع (أهله) زاد في رواية في رمضان من غير حلم (ثم يغتسل ويصوم) بيانا لصحة صوم الجنب وإلا فالأفضل الغسل قبل الفجر وأردت بالتقييد بالجماع من غير احتلام المبالغة في الرد على من زعم أن فاعل ذلك عمدا مفطر وأما خبر أبي هريرة من أصبح جنبا فلا يصم فهو منسوخ أو مردود وما كان من خلاف فقد مضى وانقضى وقام الإجماع على الصحة كما بينه النووي وغيره . (مالك) في الموطأ (ق 4) كلهم في الصوم (عن عائشة وأم سلمة) . 7021 - (كان يدعى إلى خبز الشعير والإهالة) بكسر الهمزة دهن اللحم أو كل دهن يؤتدم به أو يختص بدهن الشحم والألية أو هو الدسم (السنخة) بسين مهملة مفتوحة فنون مكسورة فخاء معجمة وبزاي بدل السين أي المتغيرة الريح قال الزمخشري : سنخ وزنخ إذا تغير وفسد والأصل السين والزاي بدل اه‍ . وخفي على بعض الأعاظم حيث زعم أنه بالسين فقط وأن العامة تقول زنخة وظاهره أن الدعوة إلى مجموع ذلك وهو لو دعي إلى خبز الشعير وحده لأجاب ، وفيه حل أكل اللحم والدهن ولو أنتن حيث لا ضرر ، قضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته " فيجيب " هكذا هو ثابت عند مخرجه الترمذي في الشمائل . (ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (عن أنس) بن مالك . 7022 - (كان يدعو عند الكرب) أي عند حلوله يقول (لا إله إلا الله العظيم) الذي لا شئ يعظم عليه (الحليم) الذي يؤخر العقوبة مع القدرة (لا إله إلا الله رب العرش العظيم) وفي رواية بدل
[ 271 ]
العظيم والكريم المعطي تفضلا روي برفع العظيم والكريم على أنهما نعتان للرب والثابت في رواية الجمهور الجر نعت للعرش قال الطيبي : صدر الثناء بذكر الرب ليناسب كشف الكرب لأنه مقتضى التربية (لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم) قالوا هذا دعاء جليل ينبغي الاعتناء به والإكثار منه عند العظائم فيه التهليل المشتمل على التوحيد وهو أصل التنزيهات الجلاليه والعظمة الدالة على تمام القدرة والحلم الدال على العلم إذ الجاهل لا يتصور منه حلم ولا كرم [ ص 213 ] وهما أصل الأوصاف الإكرامية قال الإمام ابن جرير : كان السلف يدعون به ويسمونه دعاء الكرب وهو وإن كان ذكرا لكنه بمنزلة الدعاء لخبر من شغله ذكري عن مسئلتي اه‍ . وأشار به إلى رد ما قيل هذا ذكر لا دعاء ولما كان في جواب البعض بأن المراد أنه يفتتح دعاءه به ثم يدعو بما شاء تسليما للسؤال عدل عنه إلى ما ذكره . (حم ق ت ه) كلهم في الدعوات (عن ابن عباس) عبد الله (طب) عنه أيضا (وزاد) في آخره (اصرف عني شر فلان) ويعينه باسمه فإن له أثرا بينا في دفع شره . فائدة : قال ابن بطال : عن أبي بكر الرازي كنت بأصبهان عند أبي نعيم وهناك شيخ يسمى أبا بكر عليه مدار الفتيا فسعى به عند السلطان فسجن فرأيت المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم في المنام وجبريل عن يمينه يحرك شفتيه بالتسبيح لا يفتر فقال لي المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم قل لأبي بكر يدعو بدعاء الكرب الذي في صحيح البخاري حتى يفرج الله عنه فأصبحت فأخبرته فدعا به فلم يكن إلا قليلا حتى أخرج . 7023 - (كان يدور على نسائه) كناية عن جماعه إياهن (في الساعة الواحدة من الليل والنهار) ظاهره أن القسم لم يكن واجبا عليه وعورض بخبر هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما لا أملك وأجيب بأن طوافه كان قبل وجوب القسم وأقول : يحتاج إلى ثبوت هذه القيلة إذ هي ادعائية وقضية تصرف المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند البخاري وهن إحدى عشرة هذا لفظه ولو ذكره لكان أولى وكأنه فر من الإشكال المشهور وهو أن ما وقع في البخاري فيه تأمل لأنه لم يجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم هذا العدد في آن واحد وقد أجيب بأن مراده الزوجات والسراري واسم النساء يشمل الكل . - (خ ن عن أنس) بن مالك . 7024 - (كان يدير العمامة على رأسه) وكان له عمامة تسمى السحاب كساها عليا (ويغرزها من ورائه ويرسل لها ذؤابة بين كتفيه) هذا أصل في مشروعية العذبة وكونها بين الكتفين ورد على من كره ذلك ومن أنكره وجاء فيها أحاديث أخرى بعضها حسن وبعضها ضعيف ناصة على فعله لها
[ 272 ]
لنفسه ولجماعة من صحبه وعلى أمره بها ولذا تعين حمل قول الشيخين له فعل العذبة وتركها ولا كراهة فيهما على أن مرادهما الجواز الشامل للندب وتركه لها أحبانا إنما يدل على جواز الترك وعدم تأكد الندب وقد استدل جمع بكون المصطفى صلى الله عليه وسلم أرسلها بين الكتفين تارة وإلى الجانب الأيمن أخرى على أن كلا سنة وهذا مصرح بأن أصلها سنة لأن السنة في إرسالها إذا أخذت من فعله فأصل سنتها أولى ثم إرسالها بين الكتفين أفضل منه على الأيمن لأن حديث الأول أصح وأما إرسال الصوفية لها عن الجانب الأيسر لكونه محل القلب فيتذكر تفريغه مما سوى ربه فاستحسان لا أصل له وقول صاحب القاموس لم يفارقها قط رد بأنه تركها أحبانا قال بعضهم : وأقل ما ورد في طولها أربع أصابع وأكثر ما ورد ذراع وبينهما شبر وقول صاحب القاموس كانت طويلة ممنوع إلا أن يريد طولا نسبيا ويحرم إفحاش طولها بقصد الخيلاء ويكره بدونه ولو خاف إرسالها نحو خيلاء لم يؤمر بتركها خلافا لبعضهم بل يفعل ويجاهد نفسه لإزالته فإن عجز لم يضر لأنه قهري فلا يكلف به غايته أنه لا يسترسل مع نفسه وخوف إيهامه الناس صلاحا أو عملا خلى عنه لا يوجب تركها بل يفعلها ويعالج نفسه نعم إن قصد غير صالح التزين بها ونحوها لتوهم صلاحه فيعطى حرم كما ذكره الزركشي واعلم أنه لم يتحرر كما قاله بعض الحفاظ في طول عمامته وعرضها شئ وما وقع للطبراني في طولها أنه سبعة [ ص 214 ] أذرع ولغيره نقلا عن عائشة أنه سبعة في عرض ذراع وأنها كانت في السفر بيضاء وفي الحضر سوداء من صوف وقيل عكسه وأن عذبتها كانت في السفر من غيرها وفي الحضر منها فلا أصل له . - (طب هب عن ابن عمر) قال الهيثمي عقب عزوه للطبراني : رجاله رجال الصحيح إلا عبد السلام وهو ثقة . 7025 - (كان يذبح أضحيته بيده) مسميا مكبرا وربما وكل ، ففيه ندب الذبح بيد المضحي إن قدر واتفقوا على جواز التوكيل للقادر لكن عند المالكية رواية بعدم الإجزاء وعند أكثرهم يكره قال القاضي : والأضحية ما يذبح يوم النحر على وجه القربة وفيها أربع لغات أضحية بضم الهمزة وكسرها وجمعها أضاحي وضحية وجمعها ضحايا وأضحا وجمعها أضحى سميت بذلك إما لأن الوقت الذي تذبح فيه ضحى يوم العيد بعد صلاته واليوم يوم الأضحى لأنه وقت التضحية أو لأنها تذبح يوم الأضحى واليوم يسمى أضحى لأنه يتضحى فيه بالغداء فإن السنة أن لا يتغدى فيه حتى ترتفع الشمس ويصلي . (حم عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته . 7026 - (كان يذكر الله تعالى) بقلبه ولسانه بالذكر الثابت عنه من تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك (على) قال الولي العراقي : هي ههنا بمعنى في وهو الظرفية كما في قوله تعالى * (ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها) * أي في حين غفلة (كل أحيانه) أي أوقاته متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضطجعا وماشيا وراكبا وظاعنا ومقيما فكأن ذكر الله يجري مع أنفاسه والحديث عام مخصوص بغير قاضي الحاجة لكراهة الذكر حالتئذ باللسان وبغير الجنب لخبر الترمذي وغيره كان لا يحجبه عن القرآن شئ ليس الجنابة وبغير حالة الجماع وقضاء الحاجة فيكره هذا ما عليه
[ 273 ]
الجمهور ، وتمسك بعموم الحديث المشروح قوم منهم الطبري وابن المنذر وداود فجوزوا القراءة للجنب قالوا : لكون الذكر أعم من كونه بقراءة أو بغيرها وإنما فرق بالعرف وحملوا حديث الترمذي على الأكمل جمعا بين الأدلة وقال العارف ابن العربي : كان يذكر الله على كل أحيانه لكن يكون الذكر في حال الجنابة مختصا بالباطن الذي هو ذكر السر فهو في سائر حالاته محقق بالمقام وإنما وقع اللبس على من لا معرفة له بأحوال أهل الكمال فتفرقوا واختلفوا قال : قالوا : ولنا منه ميراث وافر فينبغي المحافظة على ذلك انتهى . وأخرج أبو نعيم عن كعب الأحبار قال موسى : يا رب أقريب أنت فأنأجيك أم بعيد فأناديك قال : أنا جليس من ذكرني قال : يا رب فإنا نكون على حال نجلك ونعظمك أن نذكرك بالجنابة والغائط قال : يا موسى اذكرني على كل حال أي بالقلب كما تقرر قال الأشرفي : الذكر نوعان قلبي ولساني والأول أعلاهما وهو المراد في الحديث وفي قوله تعالى * (اذكروا الله ذكرا كثيرا) (الاحزاب : 41) وهو أن لا ينسى الله على كل حال وكان للمصطفى صلى الله عليه وسلم حظ وافر من هذين النوعين إلا في حالة الجنابة ودخول الخلاء فإنه يقتصر فيهما على النوع الأعلى الذي لا أثر فيه للجنابة ولذلك كان إذا خرج من الخلاء يقول غفرانك انتهى . وقال غيره : لا ينافيه حديث كرهت أن أذكر الله إلا على طهر وتوضأ لرد السلام لكونه ذكر الله لأنه أخذ بالأفضل والأكمل . (م د ت ه) وأبو يعلى كلهم في الطهارة إلا الترمذي ففي الدعوات (عن عائشة) وعلقه البخاري في الصلاة وذكر الترمذي في العلل أنه سأل عنه البخاري فقال : صحيح . 7027 - (كان يرى بالليل في الظلمة كما يرى بالنهار في الضوء) لأنه تعالى لما رزقه الإطلاع الباطن والإحاطة بإدراك مدركات القلب جعل له مثل ذلك في مدركات العيون ومن ثم كان يرى المحسوس من وراء ظهره كما يراه من أمامه [ ص 215 ] ذكره الحرالي فالحاصل أنه من قبيل الكشف له عن المرئيات وهو في معناه ما سبق أنه كان يبصر من ورائه . (البيهقي في الدلائل) أي في كتاب دلائل النبوة (عن ابن عباس عد عن عائشة) ضعفه ابن دحية في كتاب الآيات البينات وقال البيهقي : ليس بقوي وقال ابن الجوزي : في حديث عائشة لا يصح . وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة فقال العقبلي : يحدث بما لا أصل له وذكره في الميزان مع جملة أحاديث وقال : هذه موضوعات ومع ذلك كله رمز المصنف لحسنه ولعله لاعتضاده . 7028 - (كان يرى للعباس) من الإجلال والإعظام (ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه) ويقول إنما عم الرجل صنو أبيه وأصل هذا أن عمر لما أراد أن يستسقي عام الرمادة خطب فقال : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده فاقتدوا برسول اله صلى الله عليه وسلم واتخذوا العباس وسيلة إلى الله فما برحوا حتى سقاهم الله وفيه ندب الاستشفاع بأهل الخير والصلاح
[ 274 ]
وأهل بيت النبوة وفيه فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس ومعرفته حقه . - (ك) في الفضائل وكذا ابن حبان في صحيحه (عن عمر) بن الخطاب وقال : صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه داود بن عطاء متروك قال : لكن هو في جزء البانياسي وصح نحوه من حديث أنس فأما داود فمتروك . 7029 - (كان يرخي الإزار) أي إزاره (من بين يديه ويرفعه من ورائه) حال المشي لئلا يصيبه نحو قذر أو شوك . (ابن سعد) في طبقاته (عن يزيد بن أبي حبيب) البصري بن أبي رجاء واسم أبيه سويد فقيه ثقة يرسل كثيرا (مرسلا) . 7030 - (كان يردف خلفه) من شاء من أهل بيته أو أصحابه تواضعا منه وجبرا لهم وربما أردف خلفه وأركب أمامه فكانوا ثلاثة على دابة وأردف الرجال وأردف بعض نسائه وأردف أسامة من عرفة إلى مزدلفة والفضل بن العباس من مزدلفة إلى منى كما في البخاري وفيه جواز الإرداف لكن إن أطاقته الدابة (ويضع طعامه) عند الأكل (على الأرض) أي فلا يرفعه على خوان كما يفعله الملوك والعظماء (ويجيب دعوة المملوك) يعني المأذون له من سيده في الوليمة أو المراد العتيق باعتبار ما كان واستعمال مثل ذلك في كلامهم وقول المطرزي المراد بالدعوة النداء بالأذان بعيد مناف للسياق إذ هذا معدود في سياق تواضعه وليس في إجابة الأذان إذا كان المؤذن عبدا ما يحسن عده من التواضع بل الحر فيه والعبد سواء (ويركب الحمار) هذا على طريق إرشاد العباد وبيان أن ركوب الحمار ممن له منصب لا يخل بمروءته ولا برفعته بل غايته التواضع وكسر النفس . - (ك) في الأطعمة من حديث ابن عيينة عن مسلم الملائي (عن أنس) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بقوله : قلت مسلم ترك . 7031 - (كان يركب الحمار عريا ليس عليه شئ) مما يشد على ظهره من نحو إكاف وبرذعة تواضعا وهضما لنفسه وتعليما وارشادا قال ابن القيم : لكن كان أكثر مراكبه الخيل والإبل . - (ابن سعد) في طبقاته (عن حمزة بن عبد الله بن عتبة مرسلا) . 7032 - (كان يركب الحمار ويخصف) بكسر الصاد المهملة (النعل ويرقع القميص) من نوعه ومن غير نوعه (ويلبس الصوف) رداء وإزارا وعمامة (ويقول) منكرا على من ترفع عن ذلك هذه سنتي
[ 275 ]
و (من رغب عن سنتي) أي طريقتي (فليس مني) أي من العاملين بطريقتي السالكين منهجي وهذه سنة الأنبياء قبله أيضا ، روى الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود كانت الأنبياء يستحبون أن يلبسوا الصوف ويحلبوا الغنم ويركبوا الحمر وقال عيسى عليه السلام : بحق أقول إنه من طلب الفردوس فغذاء الشعير له والنوم على المزابل مع الكلاب كثير ، وفيه ندب خدمة الرجل نفسه وأنه لا دناءة في ذلك . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي أيوب) الأنصاري ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] في كتاب الأخلاق قال الزين العراقي : وفيه يحيى بن يعلى الأسلمي ضعفوه وكذا شيخه المختار التميمي ضعيف . 7033 - (كان يركع قبل الجمعة أربعا) من الركعات (وبعدها أربعا لا يفصل في شئ منهن) بتسليم وفيه أن الجمعة كالظهر في الراتبة القبلية والبعدية وهو الأصح عند الشافعية . - (ه عن ابن عباس) فيه أمور : الأول أن الذي لابن ماجه إنما هو بدون لفظ وبعدها أربعا وإنما هذه الزيادة للطبراني كما ذكره ابن حجر وغيره ، الثاني سكت عليه فأوهم سلامته من العلل وليس كما أوهم فإن ابن ماجه رواه عن مبشر بن عبيد عن حجاج بن أرطاة عن عطية العوفي عن الحبر قال الزيلعي : ومبشر معدود من الوضاعين وحجاج وعطية ضعيفان ، اه‍ . وقال النووي في الخلاصة : هذا حديث باطل اجتمع هؤلاء الأربعة فيه وهم ضعفاء وبشر وضاع صاحب أباطيل وقال الحافظ العراقي ثم ابن حجر : سنده ضعيف جدا وقال الهيثمي : رواه الطبراني بلفظ كان يركع قبل الجمعة أربعا وبعدها أربعا لا يفصل بينهن ورواه ابن ماجه باقتصار الأربع بعدها وفيه الحجاج بن أرطاة وعطية العوفي وكلاهما ضعيف إلى هنا كلامه ، الثالث أنه قد أساء التصرف حيث عدل لهذا الطريق المعلول واقتصر عليه مع وروده من طريق مقبول فقد رواه الخلعي في فوائده من حديث علي كرم الله وجهه قال الحافظ الزين العراقي : وإسناده جيد . 7034 - (كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم) فيه رد على منع الحسن التسليم على الصبيان (ويمسح رؤوسهم) أي كان له اعتناء بفعل ذلك معهم أكثر منه مع غيرهم وإلا فهو كان يفعل ذلك مع غيرهم أيضا وكان يتعهد أصحابه جميعا ويزورهم ، قال ابن حجر : هذا مشعر بوقوع ذلك منه غير مرة أي فالاستدلال به على مشروعية السلام على الصبيان أولى من استدلال البعض بحديث مر على صبيان فسلم عليهم فإنها واقعة حال قال ابن بطال : وفي السلام على الصبيان تدريبهم على آداب الشريعة وطرح الأكابر رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب ، نعم لا يشرع السلام على الصبي الوضئ سيما إن راهق . (ن عن أنس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن النسائي تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه بل خرجه الترمذي أيضا عن أنس قال جدي رحمه الله في أماليه : هذا حديث صحيح ورواه أيضا ابن حبان في صحيحه اه‍ . فرمز المصنف لحسنه غير جيد بل كان الأولى الرمز لصحته .
[ 276 ]
7035 - (كان يستاك بفضل وضوئه) بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به قيل المراد به الغسل وقيل التنقية أي تنقية الفم وفي مصنف ابن أبي شيبة عن جرير البجلي الصحابي أنه كان يستاك ويأمرهم أن يتوضأوا بفضل سواكهم وعن [ ص 217 ] إبراهيم النخعي أنه كان لا يرى بأسا بالوضوء منفضل السواك كذلك . (ع عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الدارقطني قال ابن حجر : وفيه يوسف بن خالد التيمي متروك وروي من طريق آخر عن الأعمش عن أنس وهو منقطع . 7036 - (كان يستاك عرضا) أي في عرض الأسنان ظاهرا وباطنا في طول الفم زاد أبو نعيم في روايته ولا يستاك طولا وعورض بذكر الطول في خبر آخر وجمع مغلطاي وغيره بأنه في اللسان والحلق طولا وفي الأسنان عرضا (و) كان (يشرب مصا) أي من غير عب (ويتنفس) في أثناء الشرب (ثلاثا) من المرات (ويقول) موجها ذلك (هو) أي التنفس ثلاثا (أهنأ وأمرأ) بالهمز أفعل من مرأ الطعام أو الشراب في جسده إذا لم يثقل على المعدة وانحدر عنها طيبا بلذة ونفع (وأبرأ) أشد برا لكونه يقمع الصفراء أي يقوي الهضم وأسلم لحرارة المعدة من أن يهجم عليها البارد دفعة فربما أطفأ الحار الغريزي بشدة برده أو أضعفه . - (البغوي وابن قانع) في معجمها وكذا ابن عدي وابن منده والبيهقي (طب وابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي وفي الصحابة كلهم من حديث ثبيت بن كثير عن يحيى بن سعيد عن ابن المسيب (عن بهز) القشيري ويقال البهزي ذكره البغوي وغيره في الصحابة قال في الإصابة : قال البغوي : لاأعلم روى بهز إلا هذا وهو منكر وقال ابن منده : رواه عباد بن يوسف عن ثبيت فقال عن القشيري بدل بهز ورواه مجنس عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده فقيل إن ابن المسيب إنما سمعه من بهز بن حكيم فأرسله الراوي عنه فظنه بعضهم صحابيا لكن قضية كلام ابن منده أن ابن المسيب سمعه من معاوية جد بهز بن حكيم فقال مرة عن جد بهز فسقط لفظ جد من الراوي قال أعني ابن حجر : وبالجملة هو كما قال ابن عبد البر إسناده مضطرب ليس بالقائم اه‍ . قال شيخه الزين العراقي : لا يحتج بمثله قال الهيثمي : وفيه ثبيت بن كثير ضعيف وقال ابن العراقي بعد ما عزاه لأبي نعيم : إسناده ضعيف وقال السخاوي : ذكر أبو نعيم ما يدل على أن بهز هذا هو ابن حكيم بن معاوية القشيري وعليه هو منقطع وهو من رواية الأكابر عن الأصاغر وثبيت هذا قال في الميزان : قال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج بخبره ثم ساق له هذا الخبر (هق) وكذا العقيلي من رواية علي بن ربيعة القرشي عن بهز هذا عن ابن المسيب (عن ربيعة بن أكثم) بن أبى الجوزن الخزاعي قال في الإصابة : إسناده إلى ابن المسيب ضعيف وقال ابن السكن : لم يثبت حديثه اه‍ . قال السخاوي : وسنده ضعيف جدا بل قال ابن عبد البر ربيعة قتل بخيبر فلم يدركه سعيد وقال في التمهيد : لا يصحان من جهة الإسناد وقال الحافظ العراقي : الكل ضعيف .
[ 277 ]
7037 - (كان يستحب إذا أفطر) من صومه (أن يفطر على لبن) هذا محمول على ما إذا فقد الرطب أو التمر أو الحلو أو على أنه جمع مع التمر غيره كاللبن جمعا بين الأخبار . (قط عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه . 7038 - (كان يستجمر بألوة غبر مطراة) الألوة العود الذي يتبخر به وتفتح همزته وتضم والمطراة التي يعمل عليها ألوان الطيب كعنبر ومسك وكافور (وبكافور يطرحه مع الألوة) ويخلطه به ثم يتبخر به . (م عن ابن عمر) بن الخطاب . 7039 - (كان يستحب الجوامع) لفظ رواية الحاكم كان يعجبه الجوامع (من الدعاء) وهو ما جمع مع الوجازة خير الدنيا والآخرة نحو (ربنا آتنا في الدنيا حسنة) الآية أو هو ما يجمع الأغراض الصالحة والمقاصد الصحيحة أو ما يجمع الثناء على الله وآداب المسألة والفضل للمتقدم (ويدع) أن يترك (ما سوى ذلك) من الأدعية إشارة إلى معنى ما يراد به من [ ص 218 ] الجوامع فيختلف معنى السوي بحسب اختلاف تفسير الجوامع فعلى الأول ينزل ذلك على غالب الأحوال لا كلها فقد قال المنذري : كان يجمع في الدعاء تارة ويفصل أخرى . - (د) في الصلاة (ك) في الدعاء (عن عائشة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وسكت عليه أبو داود وقال النووي في الأذكار والرياض : إسناده جيد . 7040 - (كان يستحب أن يسافر يوم الخميس) لما مر تقريره قال ابن حجر : محبته لذلك لا تستلزم المواظبة عليه لقيام مانع منه وقد خرج في بعض أسفاره في يوم السبت . - (طب عن أم سلمة) رمز المصنف لحسنه وهو زلل فقد أعله الهيثمي وغيره : بأن فيه خالد بن إياس وهو متروك . 7041 - (كان يستحب أن تكون له فروة مدبوغة يصلي عليها) بين به أن الصلاة على الفروة لا تكره وأن ذلك لا ينافي كمال الزهد وأنه ليس من الورع الصلاة على الأرض قال في المصباح : الفروة التي تلبس قيل بإثبات الهاء وقيل بحذفها . - (ابن سعد) في طبقاته (عن المغيرة) بن شعبة وفيه يونس بن يونس بن الحارث الطائفي قال في الميزان : له مناكير هذا منها .
[ 278 ]
7042 - (كان يستحب الصلاة في الحيطان) قال أبو داود : بمعنى البساتين وفي النهاية الحائط البستان من النخل إذا كان عليه حائط وهو الجدار قال الحافظ العراقي : واستحبابه الصلاة فيها إما لقصد الخلوة عن الناس فيها أو لحلول البركة في ثمارها ببركة الصلاة فإنها تجلب الرزق بشهادة * (وأمر أهلك بالصلاة) * الآية أو إكراما للمزور بالصلاة في مكانه أو لأن ذلك تحية كل منزلة نزلها سفرا أو حضرا وفيه الصلاة في البستان وإن كان المصلى فيها ربما اشتغل عن الصلاة بالنظر إلى الثمر والزهر وإن ذلك لا يؤدي إلى كراهة الصلاة فيها قال الحافظ العراقي : والظاهر أن المراد بالصلاة التي يستحبها فيها النفل لا الفرض بدليل الأخبار الواردة في فضل فعله بالمسجد والحث عليه ويحتمل أن المراد الصلاة إذا حضرت ولو فرضا وفيه أن فرض من بعد عن الكعبة إصابة الجهة لا العين لأن الحيطان ليست كالمسجد في نصب المحراب . - (ت عن معاذ) بن جبل ثم قال الترمذي : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث الحسن بن جعفر وقد ضعفه يحيى وغيره اه‍ . قال الزين العراقي : وإنما ضعف من جهة حفظه دون أن يتهم بالكذب وقال الفلاس : صدوق منكر الحديث وكان يحيى لا يحدث عنه وقال ابن حبان : كان من المعتقدين المجابين الدعوة لكن ممن غفل عن صناعة الحديث فلا يحتج به وقال البخاري : منكر الحديث وضعفه أحمد والمديني والنسائي . 7043 - (كان يستعذب له الماء) أي يطلب له الماء العذب ويحضر إليه لكون أكثر مياه المدينة مالح وهو كان يحب الماء الحلو البارد (من بيوت السقيا) بضم المهملة وسكون القاف مقصورة عين بينها وبين المدينة يومان وقيل قرية جامعة بين مكة والمدينة قال المصنف تبعا لغيره : (وفي لفظ) أي للحاكم وغيره (يستقى له الماء العذب من بئر السقيا) بضم السين المهملة وسكون القاف فمثناة تحت مقصور لأن الشراب كلما كان أحلى وأبرد كان أنفع للبدن وينعش الروح والقوى والكبد وينفذ الطعام إلى الأعضاء أتم تنقيذ سيما إذا كان بائتا فإن الماء البائت بمنزلة العجين الخمير والذي يشر لوقته كالفطير . (تنبيه) جاء في حديث رواه الطبراني وابن منده أن هذا البئر استنبعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولفظه عن بريج بن سدرة بن علي السلمي عن أبيه عن جده خرجنا مع رسول الله [ ص 219 ] صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا القاع فنزل في صدر الوادي فبحث بيده في البطحاء فنديت ففحص فانبعث الماء فسقى وسقى كل من كان معه فقال : هذه سقيا سقاكم الله فسميت السقيا . - (حم د ك) في الأطعمة (عن عائشة) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي وبه ختم أبو داود كتاب الأشربة ساكتا عليه . 7044 - (كان يستعط بالسمسم) أي بدهنه (ويغسل رأسه بالسدر) بكسر فسكون ورق شجر النبق المطحون قال الحجة في التفسير : والسدر نوعان أحدهما ينبت في الأرياف فينتفع بورقه بالغسل
[ 279 ]
وثمرته طيبة والآخر ينبت في البر ولا ينتفع بورقه في الغسل وثمرته عفصه . - (ابن سعد) في طبقاته (عن أبي جعفر) الهاشمي (مرسلا) . 7045 - (كان يستغفر) الله تعالى (للصف المقدم) أي يطلب من الغفر أي الستر لذنوب أهل الصف الأول في الصلاة وهو الذي يلي الإمام ويكرره (ثلاثا) من المرات اعتناء بشأنهم (وللثاني مرة) أي ويستغفر للصف الثاني مرة واحدة إشارة إلى أنهم دون الأول في الفضل وسكت عما دون ذلك من الصفوف فكأنه كان لا يخصهم بالاستغفار تأديبا لهم على تقصيرهم وتهاونهم في حيازة فضل ذينك الصفين . - (حم ه ك) في الصلاة (عن عرباض) بن سارية قال الحاكم : صحيح على الوجوه كلها ولم يخرجها للعرباض . 7046 - (كان يستفتح) أي يفتتح (دعاءه سبحان ربي العلي الأعلى الوهاب) أي يبتدئه به ويجعله فاتحته قال حجة الإسلام : فيندب أن يفتتح الدعاء بذكر الله ولا يبدأ بالسؤال وبما هو اللائق من ذكر المواهب والمكارم أولى وقال القاضي : كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاءه بالثناء على الله وإذا أراد أن يدعو يصلي ثم يدعو فأشار بذلك إلى أن من شرط السائل أن يتقرب إلى المسؤول منه قبل طلب الحاجة بما يوجب له الزلفى لديه ويتوسل بشفيع له بين يديه ليكون أطمع في الإسعاف وأحق بالإجابة فمن عرض السؤال قبل تقديم الوسيلة فقد استعجل . - (حم) وكذا الطبراني (ك) في كتاب الدعاء والذكر من حديث عمر بن راشد عن إياس بن سلمة (عن) أبيه (سلمة بن الأكوع) المسلمي ولفظ سلمة ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى فغيره المصنف إلى ما ترى قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن عمر ضعيف وقال الهيثمي : في رواية أحمد عمر بن راشد اليمامي وثقه غير واحد وضعفه آخرون وبقية رجاله رجال الصحيح . 7047 - (كان يستفتح) أي يفتتح القتال من قوله تعالى * (إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) * (الانفال : 19) ذكره الزمخشري (ويستنصر) أي بطلب النصرة (بصعاليك المسلمين) أي بدعاء فقرائهم الذين لا مال لهم ولا جاه تيمنا بهم ولأنهم لانكسار خواطرهم يكون دعاؤهم أقرب للإجابة والصعلوك من لا مال له ولا اعتمال وقد صعلكته إذا أذهبت ماله ومنه تصعلكت الإبل إذا ذهبت أوبارها وكما التقى الفتح والنصر في معنى الظفر التقيا في معنى المطر فقالوا : قد فتح الله علينا فتوحا كثيرة إذا تتابعت الأمطار وأرض بني فلان منصورة أي مغشية ذكره كله الزمخشري . - (ش طب عن
[ 280 ]
أمية بن) خالد بن (عبد الله) بن أسد الأموي يرفعه رمز لحسنه قال المنذري : رواته رواه الصحيح وهو مرسل اه‍ . وقال الهيثمي : رواه الطبراني بإسنادين أحدهما رجال الصحيح اه‍ . لكن الحديث مرسل ورواه عنه أيضا البغوي في شرح السنة وقال ابن عبد البر : لا يصح عندي والحديث مرسل اه‍ . وأمية لم يخرج له أحد من الستة وفي تاريخ ابن عساكر أن أمية هذا تابعي ثقة ولاه عبد الملك خراسان قال الذهبي في مختصره : والحديث مرسل وقال ابن حبان : أمية هذا يروي [ ص 220 ] المراسيل ومن زعم أن له صحبة فقد وهم وقال في الاستيعاب : لا يصح عندي صحبته وفي أسد الغابة : الصحيح لا صحبة له والحديث مرسل وفي الإصابة ليس له صحبة ولا رؤية . 7048 - (كان يستمطر في أول مطرة) يعني أول مطر السنة (ينزع ثيابه كلها) ليصيب المطر جسده الشريف (إلا الإزار) أي الساتر للسرة وتحتها إلى أنصاف الساقين . - (حل عن أنس) بن مالك . 7049 - (كان يسجد) في صلاته (على مسح) بكسر فسكون قال في المصباح : المسح اليلاس والجمع مسوح كحمل وحمول . - (طب عن ابن عباس) . 7050 - (كان يسلت المني من ثوبه) أي يميطه منه قال الزمخشري : سلت مسح وأصل السلت القطع والقشر وسلت القصعة لحسها وسلتت المرأة خضابها أزالته اه‍ . (بعرق الإدخر) إزالة لقباحة منظره واستحياء مما يدل عليه من حالته (ثم يصلي فيه) من غير غسل (وينحته من ثوبه) حال كونه (يابسا ثم يصلي فيه) من غير غسل فاستفدنا أن المني طاهر وهو مذهب الشافعية والإذخر بكسر الهمزة حشيشة طيبة الريح يسقف بها فوق الخشب وهمزته زائدة . - (حم عن عائشة) قال الهيثمي : رجاله ثقات اه‍ ومن ثم رمز المصنف لصحته . 7051 - (كان يسمي الأنثى من الخيل فرسا) لما كان أفصح العرب جرى على تسميتهم الأنثى فرسا بغير هاء ولا يقول فرسة لأنه لم يسمع من كلامهم قال الحرالي : وفيه إشعار بأن من اتخذ شيئا حقه أن يجعل له اسما ولهذا ورد أن السقط إذا لم يسم يطالب بحقه فيقول يا رب أضاعوني . - (د ك) في الجهاد (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي .
[ 281 ]
7052 - (كان يسمي التمر واللبن الأطيبين) لأنهما أطيب ما يؤكل . - (ك) في الأطعمة من حديث طلحة بن زيد عن هشام عن أبيه (عن عائشة) وقال : صحيح ورده الذهبي بأن طلحة ضعيف . 7053 - (كان يشتد عليه أن يوجد) أي يظهر (منه الريح) المراد هنا ريح بغير النكهة لا الريح الخارج من الدبر كما وهم بدليل خبر البخاري وغيره أنه شرب عسلا عند زينب ومكث عندها فتواطأت عائشة وحفصة فقالتا إنا نجد منك ريح مغافير قال : لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب فلن أعود له فلا تخبرن أحدا قال : وكان يشتد أي يوجد منه الريح هذا لفظه وهي مبينة للمراد . - (د عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وظاهره أنه صحيح وأن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما وإلا لما عدل عنه وهو ذهول بل هو في الصحيحين بهذا اللفظ لكنهما ساقا القصة المشار إليها بكمالها . 7054 - (كان يشد صلبه بالحجر من الغرث) بغين معجمة وراء مفتوحة فمثلثة : الجوع . - (ابن سعيد) في الطبقات (عن أبي هريرة) . 7055 - (كان يشرب ثلاثة أنفاس يسمي الله في أوله ويحمد الله في آخره) أي يسميه في ابتداء الثلاث ويحمده في انتهائها ويحتمل أن المراد يسمي في أول كل شربة وآخرها ويؤيده في أوسط الطبراني قال ابن حجر : حسن عن أبي هريرة أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يشرب في ثلاثة أنفاس إذا أدنى الإناء إلى فيه سمى الله وإذا أخره حمد الله يفعل ذلك ثلاثا وأصله في ابن ماجه قال ابن القيم : للتسمية في الأول والحمد في الآخر تأثير عجيب في نفع الطعام والشراب ودفع مضرته قال الإمام أحمد : إذا جمع الطعام أربعا فقد كمل إذا ذكر الله في أوله وحمده في آخره وكثرة الأيدي عليه وكان من حل وقال الزين العراقي : هذا الخبر لا يعارضه خبر أبي الشيخ عن زيد بن الأرقم بسند ضعيف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شربه بنفس واحد وفي خبر الحاكم عن أبي قتادة وصححه إذا شرب أحدكم فليشرب بنفس واحد لحمل هذين الحدثين على ترك النفس في الإناء . - (ابن السني عن) أبي معاوية (نوفل بن معاوية) الديلي بكسر الدال وسكون التحتية صحابي شهد الفتح ومات بالمدينة زمن يزيد وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرج في أحد الكتب المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه الطبراني باللفظ المزبور عن نوفل المذكور ورواه الطبراني أيضا في الأوسط والكبير بلفظ كان يشرب في ثلاثة أنفاس إذا أدنى الإناء ألى فيه سمى الله وإذا أخره حمد الله يفعل ذلك ثلاث مرات قال الهيثمي : فيه عتيق بن يعقوب لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح .
[ 282 ]
7056 - (كان يشير في الصلاة) أي يومئ باليد أو الرأس يعني يأمر وينهى ويرد السلام وذلك فعل قليل لا يضر ذكره ابن الأثير ، أو المراد يشير بأصبعه فيها عند الدعاء كما صرحت به رواية أبي داود من حديث ابن الزبير ولفظه كان يشير بأصبعه إذا دعا ولا يحركها ولا يجاوز بصره إشارته قال النووي : سنده صحيح قال المظهري : اختلف في تحريك الأصبع إذا رفعها للإشارة والأصح أنه يضعها بغير تحريك ولا ينظر إلى السماء حين الإشارة إلى التوحيد بل ينظر إلى أصبعه ولا يجاوز بصره عنها لئلا يتوهم أنه تعالى في السماء - تعالى عن ذلك . - (حم د عن أنس) بن مالك ورواه النسائي وابن ماجه أيضا رمز لحسنه ، واعلم أن هذا الحديث رواه أحمد عن عبد الرزاق عن معمر ورواه أبو داود عن أحمد بن محمد بن شبوية ومحمد بن رافع عن عبد الرزاق ورواه أبو يعلى عن يحيى بن معين عن عبد الرزاق قال أبو حاتم الرازي : اختصر عبد الرزاق هذه الكلمة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضعف فقدم أبو بكر فصلى بالناس وقال : أخطأ عبد الرزاق في اختصاره هذه الكلمة وأدخله في باب من كان يشير بأصبعه في الصلاة فأوهم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد وليس كذلك . 7057 - (كان يصافح النساء) أي في بيعة الرضوان كما هو مصرح به هكذا في هذا الخبر عند الطبراني وما أدري لأي شئ حذفه المصنف (من تحت الثوب) قيل هذا مخصوص به لعصمته فغيره لا يجوز له مصافحة الأجنبية لعدم أمن الفتنة . - (طس عن معقل بن يسار) . 7058 - (كان يصغي للهرة الإناء فتشرب) أي يميله لها لتشرب منه بسهولة ولفظ رواية الدارقطني وغيره كان يمر به الهرة فبصغي لها الإناء فتشرب منه ، ويصغي بالغين المعجمة والصغو بالغين الميل يقال صغت الشمس للغروب مالت وصغيت الغناء وأصغيته أملته (ثم يتوضأ بفضلها) أي بما فضل من شربها وفيه طهارة الهرة وسؤرها وبه قال عامة العلماء إلا أن [ ص 222 ] أبا حنيفة كره الوضوء بفضل سؤرها وخالفه أصحابه وصحة بيعه وحل اقتنائه مع ما يقع منه من تلويث وإفساد وأنه ينبغي للعالم فعل الأمر المباح إذا تقرر عند بعض الناس كراهته ليبين جوازه وندب سقي الماء والإحسان إلى خلق الله وأن في كل كبد حراء أجر . - (طس) عن عائشة قال الهيثمي : رجاله موثقون (حل عن عائشة) وهو عنده من حديث محمد بن المبارك الصوري عن عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن داود بن صالح عن أمه عن عائشة اه‍ . ورواه عنها الحاكم وصححه والدارقطني وحسنه لكن قال ابن حجر : ضعيف وقال ابن جماعة : ضعيف لكن له طرق تقويه . 7059 - (كان يصلي في نعليه) أي عليهما أو بهما لتعذر الظرفية إن جعلت في متعلقة بيصلي فإن علقت بمحذوف صحت الظرفية بأن يقال كان يصلي والأرجل في النعال أي مستقرة فيها ومحله لا
[ 283 ]
خبث فيهما غير معفو عنه قال ابن تيمية : وفيه أن الصلاة فيهما سنة وكذا كل ملبوس للرجل كحذاء و زربول فصلاة الفرض والنفل الجنازة حضرا وسفرا قاصدا فيهما سنة وسواء كان يمشي بها في الأزقة أولا فإن المصطفى صلى الله عليه وسلم وصحبه كانوا يمشون في طرقات المدينة بها ويصلون فيها بل كانوا يخرجون بها إلى الحش حيث يقضون الحاجة وقال ابن القيم : قيل للإمام أحمد أيصلي الرجل في نعليه قال : أي والله وترى أهل الوسواس إذا صلى أحدهم صلاة الجنازة في نعليه قام على عقبهما كأنه واقف على الجمر اه‍ . وقال ابن بطال : هو محمول على ما إذا لم يكن فيه نجاسة ثم هي من الرخص كما قال ابن دقيق العيد : لا من المستحبات لأن ذلك لا يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وإن كان من ملابس الزينة لكن ملامسة الأرض الذي تكثر فيها النجاسات قد تقصر به عن هذه المرتبة وإذا تعارضت مراعاة التحسين ومراعاة إزالة النجاسة قدمت الثانية لأنها من باب دفع المفاسد والأخرى من جلب المصالح إلا أن يرد دليل بإلحاقه بما يتجمل به فيرجع إليه . - (حم ق ت عن أنس) بن مالك . 7060 - (كان يصلي الضحى ست ركعات) فصلاة الضحى سنة مؤكدة قال ابن حجر : لا تعارض بينه وبين خبر عائشة ما صلى الضحى قط وقولها ما كان يصليها إلا أن يجئ من مغيبه يحمل الإنكار على المشاهدة والإثبات على المعاهدة والإنكار على صنف مخصوص كثمان في الضحى والإثبات على أربع أو ست أو في وقت دون وقت . - (ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (عن أنس) وكذا الحاكم في فضل صلاة الضحى عن جابر قال الحافظ العراقي : ورجاله ثقات . 7061 - (كان يصلي الضحى أربعا) وفي رواية أربع ركعات أي يدوام على أربع ركعات (ويزيد ما شاء الله) أي بلا حصر لكن الزيادة التي ثبتت إلى ثنتي عشرة من غير مجاوزة وقد يكون ستا وثمانيا وبه عرف أن ثبوت اثني عشرة لا يعارض الأربع لأن المحصور في الأربع دوامها ولا الركعتين لأن الاكتفاء بهما كان قليلا فأقلها اثنتان وأفضلها ثمان وأكثرها اثني عشر عند الشافعية وتمسك بالحديث بعضهم على اختياره أنها لا تنحصر في عدد مخصوص . قال الزين العراقي : وليس في الأخبار الواردة في إعدادها ما ينفي الزائد ولا ثبت عن أحد من الصحب وإنما ذكر أن أكثرها اثني عشر الروياني وتبعه الشيخان ولا سلف ولا دليل . - (حم م) في الصلاة (عن عائشة) ظاهر صنيعه أنه لم يروه من الستة غير مسلم وليس كذلك بل رواه عنها أيضا النسائي وابن ماجه في الصلاة والترمذي في الشمائل . 7062 - (كان يصلي على الخمرة) بخاء معجمة مضمومة سجادة صغيرة من سعف النخل أو خوصه بقدر ما يسجد المصلي أو فويقه [ ص 223 ] من الخمر بمعنى التغطية لأنها تخمر محل السجود ووجه المصلي عن الأرض سميت به لأن خيوطها مستورة بسعفها أو لأنها تخمر الوجه أي تستره وفيه أنه لا بأس
[ 284 ]
بالصلاة على السجادة صغرت أو كبرت ولا خلاف فيه إلا ما روي عن ابن عبد العزيز أنه كان يؤتى بتراب فيوضع عليها فيسجد عليه ولعله كان يفعله مبالغة في التواضع والخشوع فلا يخالف الجماعة وروى ابن أبي شيبة عن عروة وغيره أنه كان يكره الصلاة على شئ دون الأرض وحمل على كراهة التنزيه قال الحافظ الزين العراقي : وقد صلى المصطفى صلى الله عليه وسلم على الخمرة والحصير والبساط والفروة المدبوغة . - (حم د ن ه عن ميمونة) أم المؤمنين ورواه أحمد من حديث ابن عباس بسند رجاله ثقات . 7063 - (كان يصلي) في السفر هكذا هو ثابت في رواية البخاري والمراد النفل (على راحلته) أي بعيره . قال الرافعي : اسم يقع على الذكر والأنثى والهاء في الذكر للمبالغة ويقال راحلة بمعنى مرحولة كعيشة راضية (حيثما توجهت به) في جهة مقصده إلى القبلة أو غيرها فصوب الطريق بدل من القبلة فلا يجوز الانحراف عنه كما لا يجوز الانحراف في الفرض عنها (فإذا أراد أن يصلي المكتوبة) يعني صلاة واجبة ولو نذرا نزل (فاستقبل القبلة) فيه أنه لا تصح المكتوبة على الراحلة وإن أمكنه القيام والاستقبال وإتمام الأركان لكن محله عند الشافعية إذا كانت سائرة فإن كانت واقفة مقيدة يصح . - (حم ق عن جابر) ورواه أبو داود والنسائي عن ابن عمر . 7064 - (كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين) لا يعارضه ما ورد في أخبار أخرى أنه كان يصلي أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها وأربعا قبل العصر وركعتين قبل المغرب وركعتين قبل العشاء لاحتمال أنه كان يصلي هذه العشرة وتلك في بيته وأخبر كل راو بما اطلع عليه وأنه كان يواظب على هذه دون تلك وهذه العشرة هي الرواتب المؤكدة لمواظبة المصطفى صلى الله عليه وسلم عليهن وبقيت رواتب أخرى لكنها لا تتأكد كتلك (وكان لا يصلي بعد الجمعة) صلاة (حتى ينصرف) من المحل الذي جمعت فيه إلى بيته (فيصلي) بالفتح ذكره الكرماني (ركعتين في بيته) إذ لو صلاهما في المسجد ربما توهم أنهما المحذوفتان وأنها واجبة وصلاة النفل في الخلوة أفضل قال الكرماني : وقوله في بيته أفضل متعلق بالظهر على مذهب الشافعية ومختص بالأخير على مذهب الحنفية كما هو مقتضى القاعدة الأصولية وقال المحقق العراقي : لعل قوله في بيته متعلق بجميع المذكورات فقد ذكروا أن التقييد بالظرف يعود للمعطوف عليه أيضا لكن توقف ابن الحاجب وأعاد ذكر الجمعة بعد الظهر لأنه كان يصلي سنة الجمعة في بيته بخلاف الظهر وحكمته ما ذكر من أن الجمعة لما كانت بدل الظهر واقتصر فيها على ركعتين ترك النفل بعدها بالمسجد خوف ظن أنها المحذوفة قال المحقق : وركعتا الجمعة لا يجتمعا مع ركعتي الظهر إلا لعارض كأن يصلي الجمعة وسنتها البعدية ثم
[ 285 ]
يتبين فسادها فيصلي الظهر ثم سنتها ولم يذكر شيئا في الصلاة قبلها فلعله قاسها على الظهر وفيه ندب النفل حتى الراتبة في البيت . - (مالك) في الموطأ (ق د ن عن ابن عمر) بن الخطاب . 7065 - (كان يصلي من الليل) قال المحقق : الظاهر أن من لابتداء الغاية أي ابتدأ صلاته في الليل ويحتمل أنها تبعيضية أي يصلي في بعض الليل (ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الفجر) حكمة الزيادة على إحدى عشرة أن التهجد والوتر [ ص 224 ] يختص بصلاة الليل والمغرب وتر النهار فناسب كون صلاة الليل كالنهار في العدد جملة وتفصيلا قال القاضي : بنى الشافعي مذهبه على هذا في الوتر فقال : أكثره إحدى عشرة ركعة والفصل فيه أفضل ووقته ما بين العشاء والفجر ولا يجوز تقديمه على العشاء . - (ق د عن عائشة) ورواه عنها أيضا النسائي في الصلاة وكان ينبغي ذكره . 7066 - (كان يصلي قبل العصر ركعتين) في رواية أحمد والترمذي أربعا وفيه أن سنة العصر ركعتان ومذهب الشافعي أربع . - (د) في الصلاة من حديث عاصم بن ضمرة (عن علي) أمير المؤمنين . قال المنذري : وعاصم وثقه ابن معين وضعفه غيره . وقال النووي : إسناده صحيح ومن ثم رمز المصنف لصحته . 7067 - (كان يصلي بالليل ركعتين ثم ينصرف فيستاك) قال أبو شامة : يعني وكان يتسوك لكل ركعتين وفي هذا موافقة لما يفعله كثير في صلاة التروايح وغيرها قال العراقي : مقتضاه أنه لو صلى صلاة ذات تسليمات كالضحى والتروايح يستحب أن يستاك لكل ركعتين وبه صرح النووي . (حم ن ه ك عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح على شرطهما قال مغلطاي : وليس كما زعم ثم اندفع في بيانه لكن ابن حجر قال : إسناده صحيح وقال المنذري : رواة ابن ماجه ثقات . قال الولي العراقي : وهو عند أبي نعيم بإسناد جيد من حديث ابن عباس أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يستاك بين كل ركعتين من صلاة الليل . 7068 - (كان يصلي على الحصير) أي من غير سجادة تبسط له فرارا عن تزيين الظاهر للخلق وتحسين مواقع نظرهم فإن ذلك هو الرياء المحذور وهو وإن كان مأمونا منه لكن قصده التشريع والمراد بالحصير حصير منسوج من ورق النخل هكذا كانت عادتهم ثم هذا الحديث عورض بما رواه أبو يعلى وابن أبي شيبة وغيرهما من رواية شريح أنه سأل عائشة أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الحصير والله يقول
[ 286 ]
* (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) * قالت : لم يكن يصلي عليه ورجاله كما قال الحافظ الزين العراقي : ثقات وأجيب تارة بأن النفي في خبرها المداومة وأخرى بأنها إنما نفت علمها ومن علم صلاته على الحصير مقدم على النافي بأن حديثه وإن كان رجاله ثقات لكن فيه شذوذ ونكارة فإن القول بأن المراد في الآية الحصير التي تفرش مرجوج مهجور والجمهور على أنه من الحصر أي ممنوعون عن الخروج منها أفاده الحافظ العراقي قال ابن حجر : ولذلك لما ترجم البخاري باب الصلاة على الحصير حكى فيه فكأنه رآه شاذا مردودا قال العراقى : وفيه ندب الصلاة على الحصير ونحوها مما يقي بدن المصلي عن الأرض وقد حكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم (والفروة المدبوغة) إشارة إلى أن التنزه عنها توهما لتقصير الدباغ عن التطهير ليس من الورع وإيماءا إلى أن الشرط تجنب النجاسة إذا شوهدت وعدم تدقيق النظر في استنباط الاحتمالات البعيدة وقد منع قوم استفرغوا أنظارهم في دقائق الطهارة والنجاسة وأهملوا النظر في دقائق الرياء والظلم فانظر كيف اندرس من الدين رسمه كما اندرس تحقيقه وعلمه . (حم د ك) في الصلاة (عن المغيرة) بن شعبة قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي في التلخيص لكنه في المهذب بعد ما عزاه لأبي داود قال : فيه يونس بن الحارث ضعيف وقال الزين العراقي : خرجه أبو داود من رواية ابن عون عن أبيه عن المغيرة وابن عون اسمه محمد بن عبيد الله الثقفي ثقة وأبوه لم يرو عنه فيما علمت غير ابنه عون قال : فيه أبو حاتم مجهول وذكره ابن حبان في ثقات أتباع التابعين وقال : يروي المقاطيع وهذا يدل على الانقطاع بينه وبين المغيرة . 7069 - (كان يصلي بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال) لأنه يخالفنا طبعا ومزاجا وعناية من ربه تعالى [ ص 225 ] والركعتان بعده من خصائصه فأتاه قبله فقضاها بعده وكان إذا عمل عملا أثبته والوصال من خصائصه . - (د) من حديث محمد بن إسحاق (عن) محمد بن عمرو عن ذكوان مولى عائشة عن (عائشة) قال ابن حجر : وينظر في عنعنة محمد بن إسحاق انتهى . وبه يعرف أن إقدام المصنف على رمزه لصحته غير جيد . 7070 - (كان يصلي على بساط) أي حصير كما في شرح أبي داود للعراقي وسبقه إليه أبوه في شرح الترمذي حيث قال : في سنن أبي داود ما يدل على أن المراد بالبساط الحصير قال ابن القيم : كان يسجد على الأرض كثيرا وعلى الماء والطين وعلى الخمرة المتخذة من خوص النخل وعلى الحصير المتخذ منه وعلى الفروة المدبوغة كذا في الهدى ولا ينافيه إنكاره في المصائد على الصوفية ملازمتهم للصلاة على سجادة وقوله لم يصل رسول الله صلى الله عليه وسلم على سجادة قط ولا كانت السجادة تفرش بين يديه فمراده السجادة من صوف على الوجه المعروف فإنه كان يصلي على ما اتفق بسطه . - (ه عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس بجيد فقد قال مغلطاي في شرح ابن ماجه : فيه زمعة ضعفه كثيرون ومنهم من قال متماسك انتهى . ورواه الحاكم من حديث زمعة أيضا عن سلمة بن دهام عن عكرمة عن ابن عباس قال :
[ 287 ]
صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بساط قال الحاكم : صحيح احتج مسلم بزمعة فتعقبه الذهبي وقال : قلت قوته بآخر وسلمة ضعفه أبو داود انتهى . 7071 - (كان يصلي قبل الظهر أربعا) قال البيضاوي : هي سنة الظهر القبلية (إذا زالت الشمس لا يفصل بينهن بتسليم ويقول أبواب السماء تفتح إذا زالت الشمس) زاد الترمذي في الشمائل فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح وزاد البزار في روايته وينظر الله تبارك وتعالى بالرحمة إلى خلقه وهي صلاة كان يحافظ عليها آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى واستدل به على أن للجمعة سنة قبلها واعترض بأن هذه سنة الزوال وأجاب العراقي بأنه حصل في الجملة استحباب أربع بعد الزوال كل يوم سواء يوم الجمعة وغيرها وهو المقصود وهذا الحديث استدل به الحنفية على أن الأفضل صلاة الأربع قبل الظهر بتسليمة وقالوا هو حجة على الشافعي في صلاتها بتسليمتين . - (د عن أبي أيوب) الأنصاري ورواه عنه أيضا بمعناه أحمد والترمذي والنسائي قال ابن حجر : وفي إسنادهم جميعا عبيدة بن معيقيب وهو ضعيف وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وضعفه انتهى . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 7072 - (كان يصلي بين المغرب والعشاء) لم يذكر في هذا الخبر عدد الركعات التي كان يصليها بينهما (1) وقد ذكرها في أحاديث تقدم بعضها . - (طب عن عبيد) مصغرا (مولاه) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رمز المصنف لحسنه وقد قال الذهبي عن ابن عبد البر : رواه عن أبي عبيد سليمان التيمي وسقط بينهما رجل انتهى . وقال الهيثمي : رواه الطبراني وأحمد من طرق مدارها كلها على رجل لم يسم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح انتهى وقضيته أن رجال الطبراني ليسوا كذلك فلو عزاه المصنف لأحمد كان أحسن . 7073 - (كان يصلي والحسن والحسين يلعبان ويقعدان على ظهره) وهذا من كمال شفقته ورأفته بالذرية فإن قيل الصلاة محل إخلاص وخشوع وهو أشد الناس محافظة عليهما وقد قال سبحانه وتعالى * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) * ولعبهما حالة مشغلة ؟ فالجواب أنه إنما فعله تشريعا وبيانا للجواز . - (حل عن ابن مسعود) رمز لحسنه .
[ 288 ]
7074 - (كان يصلي على الرجل يراه يخدم أصحابه) يحتمل أن المراد يصلي عليه صلاة الجنازة إذا مات ولم يمنعه علو منصبه على الصلاة على بعض خدم خدمه ويحتمل أن المراد أنه إذا رأى رجلا يخدم أصحابه بجد ونصح يدعو له . - (هناد عن علي) بضم أوله وفتح ثانيه بضبط المؤلف كغيره (بن أبي رباح) بن قصير ضد الطويل المصري ثقة قال في التقريب : ثقة المشهور فيه علي بن القصير وكان يغضب منها وهو من كبار الطبقة الثانية (مرسلا) وهو اللخمي وقيل غيره . 7075 - (كان يصوم يوم عاشوراء) بمكة كما تصومه قريش ولا يأمر به فلما قدم المدينة صار يصومه (ويأمر به) أي بصومه أمر ندب لأنه يوم شريف أظهر الله فيه كليمه على فرعون وجنوده وفيه استوت السفينة على الجودي وفيه تاب على قوم يونس وفيه أخرج يوسف من السجن وفيه أخرج يونس من بطن الحوت وفيه صامت الوحوش ولا بعد أن يكون لها صوم خاص كذا في المطامح . - (حم عن علي) أمير المؤمنين رمز المصنف لحسنه ولا يصفو عن نزاع فقد قال الهيثمي : فيه جابر عن الجعفي وفيه كلام كثير . 7076 - (كان يصوم الاثنين والخميس) لأن فيهما تعرض الأعمال فيحب أن يعرض عمله وهو صائم قال الغزالي : ومن صامهما مضافا لرمضان فقد صام ثلث الدهر لأنه صام من السنة أربعة أشهر وأربعة أيام وهو زيادة على الثلث فلا ينبغي للإنسان أن ينقص من هذا العدد فإنه خفيف على النفس كثير الأجر . - (ه عن أبي هريرة) ظاهر كلامه أن ابن ماجه تفرد بإخراجه من بين الستة والأمر بخلافه فقد خرجه الأربعة إلا أبا داود واللفظ لفظ النسائي وقال الترمذي : حسن غريب وهو مستند المصنف في رمزه لحسنه . 7077 - (كان يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام) قال العراقي : يحتمل أنه يريد بغرته أوله وأن يريد الأيام الغر أي البيض وقال القاضي : غرر الشهر أوائله وقال : ولا منافاة بين هذا الخبر وخبر عائشة أنه لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم لأن هذا الراوي حدث بغالب ما اطلع عليه من أحواله فحدث بما عرف وعائشة اطلعت على ما لم يطلع عليه (وقلما كان يفطر يوم الجمعة) يعني كان يصومه منضما إلى ما قبله أو بعده فلا يخالف حديث النهي عن إفراده بالصوم أو أنه من خصائصه كالوصال ذكره المظهري قال القاضي : ويحتمل أن المراد أنه كان يمسك قبل الصلاة ولا يتغدى إلا بعد أداء الجمعة . - (ت عن ابن مسعود) قال الترمذي : حسن غريب قال الحافظ العراقي : وقد صححه أبو حاتم وابن حبان وابن
[ 289 ]
عبد البر وابن حزم وكأن الترمذي اقتصر على تحسينه للخلاف في رفعه وقد ضعفه ابن الجوزي فاعترضوه وقضية كلام المصنف أن هذا من تفردات الترمذي من بين الستة وليس كذلك بل رواه عند الثلاثة لكن ليس في أبي داود فلما إلخ . 7078 - (كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر : أول اثنين من الشهر والخميس والاثنين من الجمعة الأخرى) فينبغي لنا المحافظة على التأسي به في ذلك . - (حم د ن عن حفصة) أم المؤمنين رمز المصنف لحسنه لكن قال الزيلعي : هو حديث ضعيف وقال المنذري : اختلف فيه على هنيدة راويه فمرة قال خفصة وأخرى عن أمه عن أم سلمة وتارة عن بعض أزواح النبي صلى الله عليه وسلم . 7079 - (كان يصوم من الشهر السبت) سمي به لانقطاع خلق العلم فيه ، والسبت القطع (والأحد) سمي به لأنه أول أيام الأسبوع على نزاع فيه ابتداء خلق العالم (والاثنين) التسمية به كبقية الأسبوع إلى الجمعة (ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس) قال المظهري : أراد أن يبين سنة صوم جميع أيام الأسبوع فصام من شهر السبت والأحد والاثنين ومن شهر الثلاثاء والأربعاء والخميس قال : وإنما لم يصم الستة المتوالية لئلا يشق على أمته الاقتداء به ولم يذكر في هذا الحديث الجمعة وذكره فيما قبله . - (ت) من حديث خثيمة (عن عائشة) وقال الترمذي : حسن ورمز لحسنه قال عبد الحق : والعلة المانعة له من تصحيحه أنه روي مرفوعا وموقوفا وذا عنده علة قال ابن القطان : وينبغي البحث عن سماع خثيمة من عائشة فإني لا أعرفه . 7080 - (كان يضحي بكبشين) الباء للإلصاق أي ألصق تضحيته بالكبشين والكبش فحل الضأن في أي سن كان (أقرنين) أي لكل منهما قرنان معتدلان وقيل طويلان وقيل الأقرن الذي لا قرن له وقيل العظيم القرون (أملحين) تثنية أملح بمهملة وهو الذي فيه سواد وبياض والبياض أكثر أو الأغبر أو الذي في خلل صوفه طاقات سوداء والأبيض الخالص كالملح أو الذي يعلوه حمرة وإنما اختار هذه الصفة لحسن منظره أو لشحمه وكثرة لحمه وقيه أن المضحي ينبغي أن يختار الأفضل نوعا والأكمل خلقا والأحسن سمنا ولا خلاف في جواز الأجم (وكان يسمي) الله (ويكبر) أي يقول بسم الله والله أكبر وفي رواية سمى وكبر وأفاد ندب التسمية عند الذبح والتكبير معها وأفضل ألوان الأضحية أبيض فأغفر فأبلق فأسود . - (حم ق ن عن أنس) وزاد الشيخان وفيه يذبحهما بيده .
[ 290 ]
7081 - (كان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله) أي جميع أهل بيته وفيه صحة تشريك الرجل أهل بيته في أضحيته وأن ذلك مجزئ عنهم وبه قال كافة علماء الأمصار وعن أبي حنيفة والثوري يكره وقال الطحاوي : لا يجوز أن يضحي بشاة واحدة عن اثنين وادعى نسخ هذا الخبر ونحوه وإلى المنع ذهب ابن المبارك واليه مال القرطبي محتجا بأن كل واحد مخاطب بأضحيته فكيف يسقط عنهم بفعل أحدهم ويجاب بأنه كفرض الكفاية وسنته فيخاطب به الكل ويسقط بفعل البعض وحكى القرطبي الاتفاق على أن أضحية النبي صلى الله عليه وسلم لا تجزئ عن أمته وأول ما يدل على خلافه . - (ك عن عبد الله بن هشام) بن زهرة له صحبة . 7082 - (كان يضرب في الخمر بالنعال) بكسر النون جمع نعل (والجريد) أجمعوا على إجزاء الجلد بهما واختلفوا فيه [ ص 228 ] بالسوط والأصح عند الشافعية الإجزاء . [ ص 228 ] - (ه) في باب حد الخمر (عن أنس) بن مالك وكلام المصنف يقتضي أن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو عجب منه مع كون الصحيحين نصب عينه وهو في مسلم عن أنس نفسه وزاد في آخره العدد فقال : كان يضرب في الخمر بالنعال والجريد أربعين اه‍ . 7083 - (كان يضع اليمنى على اليسرى في الصلاة) أي يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ من الساعد كما في حديث واثلة عن أبي داود والنسائي وصححه ابن خزيمة وذلك لأنه أقرب إلى الخشوع وأبعد عن العبث واستحب الشافعي أن يكون الوضع المذكور فويق السرة والحنفية تحتها (وربما مس لحيته وهو يصلي) قال القسطلاني : فيه أن تحريك اليد في الصلاة لا ينافي الخشوع إذا كانت لغير عبث . - (هق عن عمرو بن حريث) المخزومي صحابي نزل الكوفة . 7084 - (كان يضمر الخيل) أراد بالإضمار التضمير وهو أن يعلف الفرس حتى يسمن ثم يرده إلى القلة ليشتد لحمه كذا ذكره جمع لكن في شرح الترمذي لجدنا الأعلي للأم الزين العراقي : هو أن يقلل علف الفرس مدة ويدخل بيتا كنا ويجلل ليعرق ويجف عرقه فيخف لحمه فيقوى على الجري قال : وهو جائز اتفاقا للأحاديث الواردة فيه . - (حم عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته .
[ 291 ]
7085 - (كان يطوف على جميع نسائه) أي يجامع جميع حلائله فالطواف كناية عن الجماع عند الأكثر وقول الإسماعيلي يحتمل إرادة تجديد العهد بهن ينافره السياق (في ليلة) في رواية واحدة (بغسل واحد) قال معمر : لكنا لا نشك أنه كان يتوضأ بين ذلك وسبق فيه إشكال مع جوابه فلا تغفل وزاد في رواية وله يومئذ تسع أي من الزوجات فلا ينافيه رواية البخاري وهن إحدى عشرة لأنه ضم مارية وريحانة إليهن وأطلق عليهن لفظ نسائه تغليبا ثم قضية كان المشعرة باللزوم والاستمرار أن ذلك كان يقع غالبا إن لم يكن دائما لكن في الخبر المتفق عليه ما يشعر بأن ذلك إنما كان يقع منه عند إرادته الإحرام ولفطه عن عائشة كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه فيصبح محرما ينضح طيبا وفي أبي داود ما يفيد أن الأغلب أنه كان يغتسل لكل وطء وهو خبره عن أبي رافع يرفعه أنه طاف على نسائه في ليلة فاغتسل عند كل فقلت : يا رسول الله لو اغتسلت غسلا واحدا فقال : هذا أطهر وأطيب قال ابن سيد الناس : كان يفعل ذا مرة وذا مرة فلا تعارض قال ابن حجر : وفيه أن القسم لم يكن واجبا عليه وهو قول جمع شافعية والمشهور عندهم كالجمهور الوجوب وأجابوا عن الحديث بأنه كان قبل وجوب القسم وبأنه يرضى صاحبة النوبة وبأنه كان عند قدومه من سفر . - (حم ق 4 عن أنس) بن مالك وهو من رواية حميد عن أنس قال ابن عدي : وأنا أرتاب في لقيه حميدا ودفعه ابن حجر في اللسان . 7086 - (كان يعبر على الأسماء) أي كان يعبر الرؤيا على ما يفهم من اللفظ من حسن وغيره . (البزار) في مسنده (عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : فيه من لم أعرفه . 7087 - (كان يعجبه الرؤيا الحسنة) تمامه عند أحمد وربما قال هل رأى أحد منكم رؤيا فإذا رأى الرجل الرؤيا سأل [ ص 229 ] عنه فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه فجاءت امرأة فقالت : كأني دخلت الجنة فسمعت بها وجبة ارتجت له الجنة فنظرت فإذا قد جئ بفلان وفلان حتى عدت اثني عشر رجلا وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سرية قبل ذلك فجئ بهم وعليهم ثياب بيض تشخب أوداجهم فقيل : اذهبوا بهم إلى أرض البيدخ أو قال : نهر البيدخ فغمسوا به فخرجوا وجوههم كالقمر ليلة البدر ثم أتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها فأتت تلك السرية وقالوا أصيب فلان وفلان حتى عدوا الاثني عشر التي عدتهم المرأة . - (حم عن أنس) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 7088 - (كان يعجبه الثفل) بضم الثاء المثلثة وكسرها في الأصل ما يثفل من كل شئ وفسر في
[ 292 ]
خبر بالثريد وربما يقتات به وبما يعلق بالقدر وبطعام فيه شئ من حب أو دقيق قيل والمراد هنا الثريد قال : يحلف بالله وإن لم يسأل * ما ذاق ثفلا منذ عام أول قال ابن الأثير : سمي ثفلا لأنه من الأقوات التي يكون بها ثفل بخلاف المائعات وحكمة محبته له دفع ما قد بقع لمن ابتلي بالترفه من ازدرائه وأنه أنضج وألذ . - (حم ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (ك) كلاهما (عن أنس) بن مالك قال الصدر المناوي : سنده جيد وقال الهيثمي : هذا حديث قد خولف في رفعه . 7089 - (كان يعجبه إذا خرج لحاجته أن يسمع يا راشدا يا نجيح) لأنه كان يحب الفأل الحسن فيتفاءل بذلك . (فائدة قل من تعرض لها) قال في فتح الباري : الفأل الحسن شرطه ألا يقصد فإن قصد لم يكن حسنا بل يكون من أنواع الطيرة . - (ت) في السير (ك) كلاهما (عن أنس) وقال الترمذي : حسن صحيح غريب . 7090 - (كان يعجبه الفاغية) أي ريحها وهو نور الحناء وتسميها العامة تمر حناء وقيل الفاغية والفغو نور الريحان وقيل نور كل نبت وقيل الفغوة في كل شجرة هي التنوير وقد أفغى الشجر وفي حديث الحسن سئل عن السلف في الزعفران فقال : إذ أفغى فقالوا : نور ويجوز أن يريد إذا انتشرت رائحته من فغت الرائحة فغوا ومنه قولهم هذه الكلمة فاغية فينا وشية بمعنى ذكره الزمخشري . - (حم عن أنس) قال الهيثمي : رجال ثفات رمز المصنف لحسنه . 7091 - (كان يعجبه) من الإعجاب (القرع) بسكون الراء وفتحها لغتان قال ابن السكيت : والسكون هو المشهور قال ابن دريد : وأحسبه مشبها بالرأس الأقرع وهو الدباء وهو ثمر شجر اليقطين وهو بارد رطب يغذو غذاء يسيرا سريع الانحدار وإن لم يفسد قبل الهضم وله خلطا صالحا وسبب محبته له ما فيه من زيادة العقل والرطوبة وما خصه الله به من إنباته على يونس حتى وقاه وتربى في ظله فكان له كالأم الحاضنة لفرخها . - (حم حب عن أنس) قضية كلامه أنه لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وإلا لما ساغ له الاقتصار على عزوه للغير وهو ذهول بل هو عند مسلم باللفظ المزبور وممن عزاه له الحافظ العراقي . 7092 - (كان يعجبه أن يدعى الرجل بأحب أسمائه وأحب كناه) إليه لما فيه من الائتلاف
[ 293 ]
والتحابب والتواصل . [ ص 230 ] - (ع طب وابن قانع) في معجم الصحابة (والماوردي) كلهم من طريق الزبال بن عبيد (عن حنظلبن حذيم) بكسر المهملة وسكون المعجمة وفتح التحتية بن حشفة التميمي أبو عبيد المالكي وقيل الحنفي وقيل السعدي وفد مع أبيه وجده على المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو صغير فدعا له تفرد بالرواية عنه حفيده الزبال بن عبيد بن حنظلة قال الهيثمي : ورجال الطبراني ثقات . 7093 - (كان يعجبه الطبيخ بالرطب) مقلوب البطيخ كما سبق تقربره : وقيل هو الهندي . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن عائشة) . 7094 - (كان يعجبه أن يفطر على الرطب ما دام الرطب وعلى التمر إذا لم يكن رطب) أي إذا لم يتيسر ذلك الوقت (ويختم بهن) أي يأكلهن عقب الطعام (ويجعلهن وترا ثلاثا أو خمسا أو سبعا) أخذ منه أنه يسن الفطر من الصوم على الرطب فإن لم يتيسر فالتمر فالرطب مع تيسره أفضل وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعجبه الرطب جدا وروى البزار مرفوعا يا عائشة إذا جاء الرطب فهنيني . فائدة : في تاريخ المدينة للسمهودي أن في فضل أهل البيت لابن المؤيد الحموي عن جابر كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض حيطان المدينة ويد علي في يده فمررنا بنخل فصاح النجل هذا محمد سيد الأنبياء وهذا علي سيد الأولياء أبو الأئمة الطاهرين ثم مررنا بنخل فصاح هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا علي سيف الله فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي سمه الصيحاني فسمى به فهذا سبب تسميته اه‍ . أقول : وهذا أقره السمهودي ويشم منه الوضع . - (ابن عساكر) في تاريخه وكذا أبو بكر في الغيلانيات (عن جابر) بن عبد الله . 7095 - (كان يعجبه التهجد من الليل) لأن الصلاة محل المناجاة ومعدن المصافاة (طب عن جندب) قال الهيثمي : فيه أبو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني وغيره اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 7096 - (كان يعجبه أن يدعو) قيل بفتح الواو دون الألف والألف سبق قلم ممن رقم (وأن يستغفر ثلاثا) فأكثر الأقل ثلاث بدليل ورود الأكثر وذلك بأن يقول أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه - (حم د عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه .
[ 294 ]
7097 - (كان يعجبه الذراع) وتمامه عند الترمذي وسم في الذراع أي في فتح خيبر جعل فيه سم قاتل لوقته فأكل منه لقمة فأخبره جبريل أو الذراع الخلاف المعروف بأنه مسموم فتركه ولم يضره السم أي يطيب ويحسن في مذاقه ولم يصب من قال في نظره إلا أن يريد بالنظر الرأي والاعتقاد وذلك لأنها ألين وأعجل نضجا وأبعد عن موضع الأذى . - (د عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه . 7098 - (كان يعجبه الذراعان والكتف) لنضجها وسرعة استمرائها مع زيادة لذتها وحلاوة مذاقها وبعدها عن [ ص 231 ] الأذى زاد في رواية وسم في الذراع وكان يرى أن اليهود سموه فيه - (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 7099 - (كان يعجبه الحلو البارد) أي الماء البارد ويحتمل أن المراد الشراب البارد مطلقا ولو لبنا أو نقيع تمر أو زبيب . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) . 7100 - (كان يعجبه الريح الطيبة) لأنها غذاء للروح والروح مطية القوى والقوى تزداد بالطيب وهو ينفع الدماغ والقلب وجميع الأعضاء الباطنة ويفرح القلب ويسر النفس وهو أصدق شئ للروح وأشده ملاءمة لها وبينه وبين الروح نسب قريب فلهذا كان أحب المحبوبات إليه من الدنيا . - (د ك عن عائشة) . 7101 - (كان يعجبه الفأل الحسن) الكلمة الصالحة يسمعها (ويكره الطيرة) بكسر أو فتح فسكون لأن مصدر الفأل عن نطق وبيان فكأنه خبر جاء عن غيب بخلاف الطيرة لاستنادها إلى حركة الطائر أو نطقه ولا بيان فيه بل هو تكلف من متعاطيه فقد أخرج الطبراني عن عكرمة كنت عند ابن عباس فمر طائر فصاح فقال رجل : خير فقال ابن عباس : لا شر ولا خير وقال النووي : الفأل يستعمل فيما يسر وفيما يسوء وأكثره في السرور والطيرة لا تكون إلا في الشؤم وقد تستعمل مجازا في السرور وشرط الفأل أن لا يقصد إليه وإلا صار طيرة كما مر . قال الحليمي : الفرق بينهما أن الطيرة هي سوء ظن بالله من غير سبب ظاهر يرجع إليه الظن والتيمن بالفأل حسن ظن بالله وتعليق تجديد الأمل به وذلك بالإطلاق محمود . وقال القاضي : أصل التطير التفاؤل بالطير وكانت العرب في الجاهلية يتفاءلون بالطيور والظباء ونحو ذلك فإذا عن له أمر كسفر وتجارة ترصدوا لها فإن بدت لهم سوانح تيمنوا بها وشرعوا
[ 295 ]
فيما قصدوه وإن ظهرت بوارح تشاءموا بذلك وتثبطوا عما قصدوا وأعرضوا عنه فبين المصطفى صلى الله عليه وسلم أنها خطرات فاسدة لا دليل عليها فلا يلتفت إليها إذ لا يتعلق بها نفع ولا ضر . - (ه عن أبي هريرة) قال ابن حجر في الفتح : إسناده حسن ورواه عنه أيضا ابن حبان وغيره . 7102 - (كان يعجبه أن يلقى العدو) للقتال (عند زوال الشمس) لأنه وقت هبوب الرياح ونشاط النفوس وخفة الأجسام كذا قيل وأولى منه أن يقال إنه وقت تفتح فيه أبواب السماء كما ثبت في الحديث وهو يفسر بعضه بعضا فقد ثبت أنه كان يستحب أن يصلي بعد نصف النهار فقالت عائشة : أراك تستحب الصلاة في هذه الساعة قال : تفتح فيها أبواب السماء وينظر الله تبارك وتعالى بالرحمة إلى خلقه وهي صلاة كان يحافظ عليها آدم وإبراهيم ونوح وموسى وعيسى رواه البزار عن ثوبان وهذا بخلاف الإغارة على العدو فإنه يندب أن يكون أول النهار لأنه وقت غفلتهم كما فعل في خيبر . - (طب عن ابن أبي أوفى) رمز المصنف لحسنه . 7103 - (كان يعجبه النظر إلى الأترج) المعروف بضم الهمزة وسكون الفوقية وضم الراء وشد الجيم وفي رواية الأترنج بزيادة نون بعد الراء وتخفيف الجيم لغتان قال المصنف : وهو مذكور في التنزيل ممدوح في الحديث منوه له [ ص 232 ] فيه بالتفضيل بارد رطب في الأول يصلح غذاء ودواء ومشموما ومأكولا يبرد عن الكبد حرارته ويزيد في شهوة الطعام ويقمع المرة الصفراء ويسكن العطش وينفع للقوة ويقطع القئ والإسهال المزمنين . (فائدة) في كتاب المنن أن الشيخ محمد الحنفي المشهور كان الجن يحضرون مجلسه ثم انقطعوا فسألهم فقالوا : كان عندكم أترج ونحن لا ندخل بيتا فيه أترج أبدا (وكان يعجبه النظر إلى الحمام الأحمر) ذكر ابن قانع في معجمه عن بعضهم أن الحمام الأحمر المراد به في هذا الحديث التفاح ، وتبعه ابن الأثير فقال : قال أبو موسى : قال هلال بن العلاء : هو التفاح قال : وهذا التفسير لم أره لغيره - (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي من حديث أبي سفيان الأنماري عن حبيب بن عبد الله بن أبي كبشة (عن) أبيه عن جده (أبي كبشة) الأوزاعي الأنماري ، وأبو سفيان قال ابن حبان : يروي الطامات لا يجوز الاحتجاج به إذا تفرد . وقال الذهبي : مجهول وأبو كبشة اسمه عمر أو عمرو أو سعيد صحابي سكن حمص خرج له أبو داود وفي الصحابة أبو كبشة مولى للمصطفى صلى الله عليه وآله وسلم شهد بدرا وقيل اسمه سليم وليس في الصحابة أبو كبشة غيرهما وعنه رواه الطبراني أيضا في الكبير قال الهيثمي : فيه أبو سفيان الأنماري وهو ضعيف (ابن السني وأبو نعيم) في الطب وكذا ابن حبان كلهم (عن علي) أمير المؤمنين أورده في الميزان في ترجمة عيسى بن محمد بن عمر بن علي أمير
[ 296 ]
المؤمنين من حديثه عن آبائه وقال : قال الدارقطني : متروك الحديث وقال ابن حبان : يروي عن آبائه أشياء موضوعة فمن ذلك هذا الحديث وأورده ابن الجوزي من طريقه في الموضوعات . 7104 - (كان يعجبه النظر إلى الخضرة) الظاهر أن المراد الشجر والزرع الأخضر بقرينة قوله (والماء الجاري) أي كان يحب مجرد النظر إليهما ويلتذ به فليس إعجابه بهما ليأكل الخضرة أو يشرب الماء أو ينال فيهما حظا سوى نفس الرؤية قال الغزالي : ففيه أن المحبة قد تكون لذات الشئ لا لأجل قضاء شهوة منه وقضاء الشهوة لذة أخرى والطباع السليمة قاضية باستلذاذ النظر إلى الأنوار والأزهار والأطيار المليحة والألوان الحسنة حتى أن الإنسان ليتفرج عنه الهم والغم بالنظر إليها لا لطلب حظ وراء النظر . - (ابن السني) عن أحمد بن محمد الآدمي عن إبراهيم بن راشد عن الحسن بن عمرو السدوسي عن القاسم بن مطيب العجلي عن منصور بن صفية عن أبي سعيد عن ابن عباس (وأبو نعيم) في الطب النبوي من وجه آخر عن الحسن السدوسي فمن فوقه (عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف اه‍ . والقاسم بن مطيب ضعفوه قال ابن حبان : كان يخطئ علي قلة روايته . 7105 - (كان يعجبه الإناء المنطبق) أي يعجبه الإناء الذي له غطاء لازم له ينطبق عليه من جميع جوانبه وذلك لأنه أصون لما فيه عن الهوام المؤذية وذوات السموم القاتلة . . - (مسدد) في المسند (عن أبي جعفر مرسلا) . 7106 - (كان يعجبه العراجين) جمع عرجون وقد سبق (أن يمسكها بيده) تمامه عند الحاكم عن أبي سعيد فدخل المسجد وفي يده واحد منها فرأى نخامات في قبلة المسجد فحتهن حتى ألقاهن ثم أقبل على الناس مغضبا فقال : أيحب أحدكم أن يستقبله رجل فيبصق في وجهه ؟ إن أحدكم إذا قام إلى الصلاة فإنما يستقبل ربه والملك عن يمينه فلا يبصق بين يديه ولا عن يمينه وليبصق تحت قدمه اليسرى أو عن يساره وإن عجلت به بادرة فليقل هكذا في طرف ثوبه ورد بعضه على بعض اه‍ . فائدة : ذكر ابن جرير في جامع الآثار أن من خصائص المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه كان إذا أمسك جمادا بيده وثناه لان له وانقاد بإذن الله تعالى . - (ك عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 7107 - (كان يعجبه أن يتوضأ من مخضب) بالكسر أي إجانة (من صفر) بضم المهملة صنف من جيد النحاس وفيه رد على من كره التطهير من النحاس قال ابن حجر : والمخضب بكسر الميم وسكون
[ 297 ]
الخاء وفتح الضاد المعجمتين بعدها موحدة المشهور أنه الإناء الذي يغسل فيه الثياب من أي جنس كان وقد يطلق على الإناء صغر أو كبر والقدح أكثر ما يكون من الخشب مع ضيق فيه . - (ابن سعد) في طبقاته (عن زينب بنت جحش) أم المؤمنين . 7108 - (كان يعد الآي) جمع آية (في الصلاة) الظاهر أن المراد يعد الآيات التي يقرؤها بعد الفاتحة بأصابعه ثم يحتمل كون ذلك خوف النسيان فيما إذا كان مقصده قراءة عدد معلوم كثلاث مثلا ويحتمل أنه لتشهد له الأصابع . - (طب عن ابن عمرو) بن العاص . 7109 - (كان يعرف) منه (ريح الطيب إذا أقبل) وكانت رائحة الطيب صفته وإن لم يمس طيبا وكان إذا سلك طريقا عبق طيب عرقه فيه وأما خبر إن الورد من عرقه فقال ابن حجر : كذب موضوع . (ابن سعد) في الطبقات (عن إبراهيم مرسلا) . 7110 - (كان يعقد التسبيح) على أصابعه على ما تقرر . - (ت ن ك عن ابن عمرو) بن العاص . 7111 - (كان يعلمهم) أي أصحابه (من الحمى والأوجاع كلها أن يقولوا بسم الله الكبير أعوذ بالله العظيم من شر كل عرق) كاسم (نعار) بنون وعين مهملة أي مصوت مرتفع يخرج منه الدم يفور فورا (ومن شر حر النار) هذا من الطب الروحاني لما سبق ويجئ أن الطب نوعان . - (ه) في الطب (عن ابن عباس) ظاهر صنيعه أنه لم يخرجه من الستة غيره والأمر بخلافه فقد خرجه الترمذي وقال : غريب قال الصدر المناوي : وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة قال الدارقطني : متروك . 7112 - (كان يعمل عمل أهل البيت) من ترقيع الثوب وخصف النعل وحلب الشاة وغير ذلك (وأكثر ما) كان (يعمل) في بيته (الخياطة) فيه أن الخياطة صنعة لا دناءة فيها وأنها لا تخل بالمروءة ولا بالمنصب . - (ابن سعد) في طبقاته (عن عائشة) .
[ 298 ]
7113 - (كان يعود المريض) الشريف والوضيع والحر والعبد حتى عاد غلاما يهوديا كان يخدمه وعاد عمه وهو مشرك وكان يفعل ذلك (وهو معتكلف) أي عند خروجه لما لا بد منه فإن المعتكف إذا خرج لما لا بد منه وعاد مريضا في طريقه ولم يعرج لم يبطل اعتكافه وهذا مذهب الشافعي قال ابن القيم : ولم يكن يخص يوما ولا وقتا من الأوقات [ ص 234 ] بالعيادة بل شرع لأمته ليلا ونهارا . قال في المطامح : واتباع الجنائز آكد منها . - (د) في الاعتكاف (عن عائشة) ظاهر كلام المصنف أن أبا داود لم يرو إلا اللفظ المزبور بغير زيادة وأنه لا علة فيه بل رمز لحسنه وهو في محل المنع أما أولا فإن تمامه عند أبي داود فيمر كما هو فلا يعرج يسأل عنه وأما ثانيا فلأن فيه ليث بن أبي سليم قال الذهبي وغيره : قال أحمد : مضطرب الحديث لكن حدث عنه الناس وقال أبو حاتم وأبو زرعة : لا يشتغل به وهو مضطرب الحديث . 7114 - (كان يعيد الكلمة) الصادقة بالجملة والجمل على حد * (كلا إنها كلمة) * ويجزء الجملة (ثلاثا) مفعول مطلق لفعل محذوف أي يتكلم بها ثلاثا لا أن التكلم كان ثلاثا والإعادة ثنتين (لتعقل عنه) أي ليتدبرها السامعون ويرسخ معناها في القوة العاقلة وحكمته أن الأولى للإسماع والثانية للوعي والثالثة للفكرة والأولى إسماع والثانية تنبيه والثالثة أمر وفيه أن الثلاثة غاية وبعده لا مراجعة وحمله على ما إذا عرض للسامعين نحو لغط فاختلط عليهم فيعيده لهم ليفهموه أو على ما إذا كثر المخاطبون فيلتفت مرة يمينا وأخرى شمالا وأخرى أماما ليسمع الكل . - (ت ك عن أنس) . 7115 - (كان يغتسل بالصاع) أي بملء الصاع زاد البخاري في روايته ونحوه أي ما يقاربه والصاع مكيلا يسع خمسة أرطال وثلثا رطل برطل بغداد عند الحجازيين وثمانية عند العراقيين وربما زاد في غسله على الصاع وربما نقص كما في مسلم ورطل بغداد عند الرافعي مائة وثلاثون درهما والنووي مائة وثمانية وعشرون وأربعة أسباع قال الموفق : وسبب الخلاف أنه كان في الأصل مائة وثمانية وعشرين درهما وأربعة أسباع ثم زادوا فيه مثقالا لإرادة جبر الكسر فصار مائة وثلاثين قال : والعمل على الأول لأنه الذي كان موجودا وقت تقدير العلماء به (و) كان (يتوضأ بالمد) بالضم وهو رطل وثلث وربما توضأ بثلثيه تارة وبأزيد منه أخرى وذلك نحو أربع أواق بالدمشقي وإلى أوقيتين فأخذ الراوي بغالب الأحوال وقد أجمعوا على أن المقدار المجزئ في الوضوء والغسل غير مقدر فيجزئ ما كثر أو قل حيث وجد جري الماء على جميع الأعضاء والسنة أن لا ينقص ولا يزيد عن الصاع والمد لمن بدنه كبدنه لأنه غالب أحواله ووقوع غيره له لبيان الجواز قال ابن جماعة : ولا يخفى أن الأبدان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم كانت أنبل وأعظم من أبدان الناس الآن لأن خلق الناس لم يزل في نقص إلى اليوم كما في خبر ونقل الزين العراقي عن شيخه السبكي أنه توضأ بثمانية عشر درهما - أوقية ونصف - ثم توقف في إمكان جري الماء على الأعضاء بذلك . - (ق د) في الغسل (عن أنس) .
[ 299 ]
7116 - (كان يغتسل هو والمرأة) بالرفع على العطف والنصب على المعية ولامهما للجنس (من نسائه) زاد في رواية من الجنابة أي بسببها (من إناء واحد) من الثانية لابتداء الغاية أي أن ابتداءهما بالغسل من الإناء وللتبعيض أي أنهما اغتسلا ببعضه وأشار المصنف بإيراد هذا الخبر عقب ما قبله إلى عدم تحديد قدر الماء في الغسل والوضوء لأن الخبر الأول فيه ذكر الصاع والمد وهذا مطلق غير مقيد بإناء يسع صاعين أو أقل أو أكثر فدل على أن قدر الماء يختلف باختلاف الناس ولم يبين في هذه الرواية قدر الإناء وقد تبين برواية البخاري أنه قدح يقال له الفرق بفتح الراء وبرواية مسلم أنه إناء يسع ثلاثة أمداد وقريبا منها وبينهما تناف وجمع عياض بأن يكون كل منهما منفردا باغتساله بثلاثة أمداد وأن المراد بالمد في الرواية الثانية الصاع وزاد في رواية البخاري بعد قوله من إناء واحد من قدح قال ابن حجر : وهو بدل من إناء بتكرير حرف الجر وقال ابن التين : كان هذا الإناء من شبه بالتحريك وفي رواية للطيالسي وذلك القدح يومئذ يدعى الفرق بفتح الراء أفصح إناء يسع ستة عشر رطلا وفيه حل نظر الرجل إلى عورة امرأته وعكسه وجواز تطهر المرأة والرجل من إناء واحد في حالة واحدة من جنابة وغيرها وقال النووي : إجماعا ونوزع [ ص 235 ] وحل تطهر الرجل من فضل المرأة وقد صرح به في رواية الطحاوي بقوله يغترف قبلها وتغترف قبله وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي ومنعه أحمد إن خلت به . - (حم خ عن أنس) بن مالك وأصله في الصحيحين عن عائشة بلفظ كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من إناء واحد تختلف أيدينا فيه زاد مسلم من الجنابة وانفرد كل منهما بروايته بألفاظ أخرى . 7117 - (كان يغتسل يوم الجمعة ويوم الفطر ويوم النحر ويوم عرفة) فيه أنه يندب الاغتسال في هذه الأيام ولهذه الأربعة وعليه الإجماع . - (ه عن) عبد الرحمن بن عقبة بن (الفاكه بن سعد) وكانت له صحبة قال ابن حجر : وسنده ضعيف انتهى . وظاهر صنيع المصنف أن ابن ماجه رواه هكذا لكن ابن حجر إنما ساق عنه بدون ذكر الجمعة ثم قال : وأخرجه عبد الله بن أحمد في زياداته والبزار وزاد يوم الجمعة وسنده ضعيف انتهى . وهذا صريح في أن ابن ماجه لم يذكر الجمعة . 7118 - (كان يغسل مقعدته) يعني دبره قال مغلطاي : وله في جامع القزاز وغيره نحو ثلاثين اسما ثم عدها ويفعل ذلك (ثلاثا) من المرات قال ابن عمر : فعلناه فعلناه فوجدناه دواء وطهورا انتهى . وهذا يحتمل أنه كان يغسلها في الاستنجاء ويحتمل أنه كان يفعله لغيره ليتنظف من العرق ونحوه ولم أر ما يعين المراد . - (ه عن عائشة) قال مغلطاي : رواه الطبراني في الأوسط بسند أصح من هذا . 7119 - (كان يغير الاسم القبيح) إلى اسم حسن فغير أسماء جماعة فسمى جبار بن الحارث عبد الجبار وغير عبد عمر ويقال عبد الكعبة أحد العشرة عبد الرحمن إلى أسماء كثيرة وقال لمن قال له
[ 300 ]
اسمي ضرار بل أنت مسلم وذلك ليس للتطير كما لا يخفى وفي مسلم عن ابن عمر أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها جميلة . قال النووي في التهذيب : يستحب تغيير الاسم القبيح إلى حسن لهذه الأخبار . - (ت عن عائشة) . 7120 - (كان يفطر) إذا كان صائما (على رطبات قبل أن يصلي) المغرب (فإن لم يكن رطبات) أي لم تتيسر (فتمرات) أي فيفطر على تمرات (فإن لم تكن تمرات) أي لم تتيسر (حسا حسوات من ماء) بحاء وسين مهملتين جمع حسوة بالفتح المرة من الشراب . قال ابن القيم : في فطره عليها تدبير لطيف فإن الصوم يخلي المعدة من الغذاء فلا يجد الكبد منها ما يجذبه ويرسله إلى القوى والأعضاء فيضعف والحلو أسرع شيئا وصولا إلى الكبد وأحبه إليها سيما الرطب فيشتد قبولها فتنتفع به هي والقوى فإن لم يكن فالتمر لحلاوته وتغذيته فإن لم يكن فحسوات الماء تطفئ لهيب المعدة وحرارة الصوم فتنتبه بعده للطعام وتتلقاه بشهوة اه‍ . وقال غيره في كلامه على هذا الحديث : هذا من كمال شفقته على أمته وتعليمهم ما ينفعهم فإن إعطاء الطبيعة الشئ الحلو مع خلو المعدة أدعى لقبوله وانتفاع القوى سيما القوة الباصرة فإنها تقوى به وحلاوة رطب المدينة التمر ومرباهم عليه وهو عندهم قوت وأدم وفاكهة وأما الماء فإن الكبد يحصل لها بالصوم نوع يبس فإذا رطبت بالماء انتفعت بالغذاء بعده ولهذا كان الأولى بالظامئ الجائع البداءة بشرب قليل ثم يأكل وفيه ندب الفطر على التمر ونحوه وحمله بعض الناس على الوجوب إعطاءا للفظ الأمر حقه [ ص 236 ] والجمهور على خلافه فلو افطر على خمر أو لحم خنزير صح صومه . - (ك عن أنس) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا أحمد والنسائي وغيرهما . 7121 - (كان يفلي ثوبه) بفتح فسكون من فلى يفلي كرمى يرمي ومن لازم التفلي وجود شئ يؤذي في الجملة كبرغوث وقمل فدعوى أنه لم يكن القمل يؤذيه ولا الذباب يعلوه دفعت بذلك وبعدم الثبوت ومحاولة الجمع بأن ما علق بثبوته من غيره لا منه ردت بأنه نفي أذاه وأذاه غذاؤه من البدن وإذا لم يتغذ لم يعش (ويحلب شاته ويخدم نفسه) عطف عام على خاص فنكتته الإشارة إلى أنه كان يخدم نفسه عموما وخصوصا قال المصري : ويجب حمله على أحيان فقد ثبت أنه كان له خدم فتارة يكون بنفسه وتارة بغيره وتارة بالمشاركة وفيه ندب خدمة الإنسان نفسه وأن ذلك لا يخل بمنصبه وإن جل . (حل عن عائشة) . 7122 - (كان يقبل الهدية) إلا لعذر كما رد على العصب بن جثامة الحمار الوحشي وقال : إنا لم نرده عليك إلا أنا حزم وذلك فرار عن التباغض والتقاطع بالتحابب والتواصل (ويثيب) أي يجازي
[ 301 ]
والأصل في الإثابة أن يكون في الخير والشر لكن العرف خصها بالخير (عليها) بأن يعطي بدلها فيسن التأسي به في ذلك لكن محل ندب القبول حيث لا شبهة قوية فيها وحيث لم يظن المهدى إليه أن المهدي أهداه حياء وفي مقابل وإلا لم يجز القبول مطلقا في الأول وإلا إذا أثابه بقدر ما في ظنه بالقرائن في الثاني وأخذ بعض المالكية بظاهر الخبر فأوجب الثواب عند الإطلاق إذا كان ممن يطلب مثله الثواب وقال : يثيب ولم يقل يكافئ لأن المكافأة تقتضي المماثلة وإنما قبلها دون الصدقة لأن المراد بها ثواب الدنيا وبالإثابة نزول المنة والقصد بالصدقة ثواب الآخرة فهي من الأوساخ وظاهر الإطلاق أنه كان يقبلها من المؤمن والكافر وفي السير أنه قبل هدية المقوقس وغيره من الملوك . - (حم خ) في الهبة (د) في البيوع (ت) في البر (عن عائشة) زاد في الإحياء ولو أنها جرعة لبن أو فخذ أرنب قال العراقي : وفي الصحيحين ما هو في معناه . 7123 - (كان يقبل بوجهه) على حد : رأيته بعيني (وحديثه) عطف على الوجه لكونه من توابعه فينزل منزلته (على شر) في رواية على شر بالألف وهي لغة قليلة (القوم يتألفه) وفي نسخ يتألفهم (بذلك) أي يؤانسهم بذلك الإقبال ويتعطفهم بتلك المواجهة والجملة استئنافية من أسلوب الحكيم كأنه قيل لم يفعل ذلك قال : يتألفهم لتزيد رغبتهم في الإسلام ولا يخالفه ما ورد من استواء صحبه في الإقبال عليهم لأن ذلك حيث لا ضرورة وهذا لضرورة التألف وتمامه عند الطبراني من حديث عمرو بن العاص وكان يقبل بوجهه وحديثه علي حتى ظننت أني خير القوم فقلت : يا رسول الله أنا خير أم أبو بكر قال : أبو بكر قلت : أنا خير أم عمر قال : عمر قلت : أنا خير أم عثمان قال : عثمان فلما سألت صدعني فوددت أني لم أكن سألته . - (طب عن عمرو بن العاص) قال الهيثمي : إسناده حسن وفي الصحيح بعضه وقضية صنيع المؤلف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه والأمر بخلافه فقد خرجه الترمذي باللفظ المزبور عن عمرو المذكور . 7124 - (كان يقبل بعض أزواجه) وفي رواية بعض نسائه (ثم يصلي ولا يتوضأ) وبقضيته أخذ أبو حنيفة فقال : [ ص 237 ] لا وضوء من المس ولا من المباشرة إلا إن فحشت بأن يوجدا متعانقين متماسي الفرج وذهب الشافعي إلى النقض مطلقا وأجاب بعض أتباعه عن الحديث بأنه خصوصية أو منسوخ لأنه قبل نزول * (أو لامستم) * ولخصمه أن يقول الأصل عدم الخصوصية وعدم النسخ حتى يثبت والحديث صالح للاحتجاج . قال عبد الحق : لا أعلم للحديث علة توجب تركه وقال ابن حجر في تخريج الرافعي : سنده جيد قوي اه‍ . - (حم د ن) كلهم في الطهارة من طريق الثوري عن أبي زروق عن إبراهيم التميمي (عن عائشة) قال الحافظ ابن حجر : روي عنها من عشرة أوجه اه‍ .
[ 302 ]
7125 - (كان يقبل) النساء (وهو صائم) أخذ بظاهره أهل الظاهر فجعلوا القبلة سنة للصائم وقربة من القرب اقتداء به ووقوفا عند فتياه وكرهها آخرون وردوا على أولئك بأنه كان يملك إربه كما جاء به مصرحا هكذا في رواية البخاري فليس لغيره والجمهور على أنها تكره لمن حركت شهوته وتباح لغيره وكيفما كان لا يفطر إلا بالإنزال . - (حم ق 4 عن عائشة) لكن لفظ الشيخين كان يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملكهم لإربه . 7126 - (كان يقبل) النساء (وهو محرم) بالحج والعمرة لكن بغير شهوة أما التقبيل بشهوة فكان لا يفعله فإنه حرام ولو بين التحللين لكن لا يفسد النسك وإن أنزل . - (خط عن عائشة) . 7127 - (كان يقسم بين نسائه فيعدل) أي لا يفضل بعضهن على بعض في مكثه حتى أنه كان يحمل في ثوب فيطاف به عليهن فيقسم بينهن وهو مريض كما أخرجه ابن سعد عن علي بن الحسين مرسلا (ويقول اللهم هذا قسمي) وفي رواية قسمتي (فيما أملك) مبالغة في التحري والإنصاف (فلا تلمني فيما تملك ولا أملك) مما لا حيلة لي في دفعه من الميل القلبي والدواعي الطبيعية . قال القاضي : يريد به ميل النفس وزيادة المحبة لواحدة منهن فإنه بحكم الطبع ومقتضى الشهوة لا باختياره وقصده إلى الميز بينهن . وقال ابن العربي : قد أخبر تعالى أن أحدا لا يملك العدل بين النساء والمعنى فيه تعلق القلب ببعضهن أكثر من بعض فعذرهم فيما يكنون وأخذهم بالمساواة فيما يظهرون وذلك لأن للمصطفى صلى الله عليه وسلم في ذلك مزية لمنزلته فسأل ربه العفو عنه فيما يجده في نفسه من الميل لبعضهن أكثر من بعض وكان ذلك لعلو مرتبته أما غيره فلا حرج عليه في الميل القلبي إذا عدل في الظاهر بخلاف المصطفى صلى الله عليه وسلم حتى هم بطلاق سودة لذلك فتركت حقها لعائشة . وقال ابن جرير : وفيه أن من له نسوة لا حرج عليه في إيثاره بعضهن على بعض بالمحبة إذا سوى بينهن في القسم والحقوق الواجبة فكان يقسم لثمان دون التاسعة وهي سودة فإنها لما كبرت وهبت نوبتها لعائشة قال ابن القيم : ومن زعم أنها صفية بنت حيي فقد غلط وسببه أنه وجد على صفية في شئ فوهبت لعائشة نوبة واحدة فقط لتترضاه ففعل فوقع الاشتباه . - (حم 4) في القسم (ك عن عائشة) قال النسائي : وروي مرسلا قال الترمذي : وهو أصح قال الدارقطني : أقرب إلى الصواب . 7128 - (كان يقصر في السفر ويتم ويفطر ويصوم) أي يأخذ بالرخصة والعزيمة في الموضعين . (قط هق عن عائشة) رمز لحسنه قال الدارقطني : إسناده صحيح وأقره ابن الجوزي وارتضاه الذهبي
[ 303 ]
وقال البيهقي في السنن : له شواهد ثم عد جملة وقال ابن حجر : رجاله ثقات انتهى فقول ابن تيمية هو كذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مجازفة [ ص 238 ] عظيمة وتعصب مفرط . 7129 - (كان يقطع قراءته) بتشديد الطاء من التقطيع وهو جعل الشئ قطعة قطعة أي يقف على فواصل الآي (آية آية) يقول (الحمد لله رب العالمين) ثم يقف ويقول (الرحمن الرحيم) ثم يقف وهكذا ومن ثم ذهب البيهقي وغيره إلى أن الأفضل الوقوف على رؤوس الآي وإن تعلقت بما بعدها ومنعه بعض القراء إلا عند الانتهاء قال ابن القيم : وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أولى بالاتباع وسبقه البيهقي فقال في الشعب : متابعة السنة أولى مما ذهب إليه بعض القراء من تتبع الأغراض والمقاصد والوقوف عند انتهائها قال الطيبي : وقوله رب العالمين يشير إلى ملكه لذوي العلم من الملائكة والثقلين يدبر أمرهم في الدنيا وقوله مالك يوم الدين يشير إلى أنه يتصرف فيهم في الآخرة بالثواب والعقاب وقوله الرحمن الرحيم متوسط بينهما ولذا قيل رحمن الدنيا ورحيم الآخرة فلما جاء ذلك الوقف يجوز هذا . فقول بعضهم هذه رواية لا يرتضيها البلغاء وأهل اللسان لأن الوقف الحسن هو ما عند الفصل والتام من أول الفاتحة إلى مالك يوم الدين وكان النبي صلى الله عليه وسلم أفضل الناس - غير مرضي - والنقل أولى بالاتباع . - (ت ك) في التفسير (عن أم سلمة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال الترمذي : حسن غريب ليس إسناده بمتصل لأن الليث ابن سعد رواه عن أبي مليكة عن يعلى بن مالك عن أم سلمة ورواه عنها أيضا الإمام أحمد وابن خزيمة بلفظ كان يقطع قراءته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اه‍ . واحتج به القاضي البيضاوي وغيره على عد البسملة آية من الفاتحة قال الدارقطني : وإسناده صحيح . 7130 - (كان يقلس (1) له) أي يضرب بين يديه بالدف والغناء (يوم الفطر) وفي رواية أنه كان يحول وجهه ويستحيي ويغطي بثوب فأما الدف فيباح لحادث سرور وفي الغناء خلاف فكرهه الشافعي وحرمه أبو حنيفة وأباحه مالك في رواية . - (حم ه عن قيس بن سعد) بن عبادة . 7131 - (كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة قبل أن يروح إلى الصلاة) يعارضه خبر البيهقي عن ابن عباس مرفوعا المؤمن يوم الجمعة كهيئة المحرم لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره حتى
[ 304 ]
تنقضي الصلاة وخبره عن ابن عمر المسلم يوم الجمعة محرم فإذا صلى فقد حل والجواب بأن هذين ضعيفان لا ينجع إذ خبرنا ضعيف أيضا كما يجئ الأثر وروى الديلمي في الفردوس بسند ضعيف من حديث أبي هريرة من أراد أن يأمن الفقر وشكاية العين والبرص والجنون فليقلم أظفاره يوم الخميس بعد العصر وليبدأ بخنصر يده اليمنى اه‍ بلفظه ، وقال الحافظ ابن حجر : المعتمد أنه يسن كيفما احتاج إليه ولم يثبت في القص يوم الخميس حديث ولا في كيفيته ولا في تعيين يوم وما عزي لعلي من النظم باطل . - (هب) من حديث إبراهيم بن قدامة الجمحي عن الأغر وكذا البزار عنه (عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه قال الإمام أحمد : في هذا الإسناد من يجهل اه‍ . قال ابن القطان : وإبراهيم لا يعرف البتة وفي الميزان : هذا خبر منكر . 7132 - (كان يقول لأحدهم عند المعاتبة) وفي نسخة عند المعتبة بفتح الميم وسكون المهملة وكسر المثناة ويجوز فتحها مصدر عتب قال الخليل : العتاب مخاطبة إدلال ومذاكرة وحل (ما له ترب جبينه) يحتمل كونه خر لوجهه فأصاب التراب جبينه وكونه دعاء له بالعبادة والأول أولى . (حم خ عن أنس) بن مالك . 7133 - (كان يقوم إذا سمع الصارخ) أي الديك لأنه يكثر الصياح ليلا . قال ابن ناصر : وأول ما يصيح نصف الليل غالبا وقال ابن بطال : ثلثه فإذا سمعه يقوم فيحمد الله ويهلله ويكبره ويدعوه ثم يستاك ويتوضأ ويقوم للصلاة بين يدي ربه مناجيا له بكلامه راجيا راغبا راهبا وخص هذا الوقت لأنه وقت هدوء الأصوات والسكوت ونزول الرحمة وفيه أن الاقتصاد في التعبد أولى من التعمق لأنه يجر إلى الترك والله يحب أن يوالي فضله ويديم إحسانه قال الطيبي : إذ هنا لمجرد الظرفية . (حم ق د ن عن عائشة) . 7134 - (كان يقوم من الليل) أي يصلي (حتى تتفطر) وفي رواية حتى تتورم وفي أخرى تورمت (قدماه) أي تنشق زاد الترمذي في روايته فقيل له : لم تصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : أفلا أكون عبدا شكورا وهو استفهام على طريق الإشفاق قيل وهو أولى من جعله للإنكار بلا شقاق أي إذا أكرمني مولاي بغفرانه أفلا أكون شكورا لإحسانه أو أنه عطف على محذوف أي أترك صلاتي لأجل تلك المغفرة فلا أكون عبدا شكورا وكيف لا أشكره وقد أنعم علي وخصني بخير الدارين فإن الشكور من أبنية المبالغة تستدعي نعمة خطيرة وذكر العبد أدعى إلى الشكر لأنه إذا لاحظ كونه عبدا أنعم عليه مالكه بمثل هذه النعمة ظهر وجوب الشكر كمال الظهور . - (ق ت د ه عن المغيرة) .
[ 305 ]
7135 - (كان يكبر بين أضعاف الخطبة يكثر التكبير في خطبة العيدين) قال الحرالي : فيه إشارة إلى ما يحصل للصائم بصفاء باطنه من شهوده يليح له أثر صومه من هلال نوره العلي فكلما كبر في ابتداء الشهر لرؤية الهلال يكثر في انتهائه لرؤية باطنه مرأى من هلال نور ربه فكان عمل ذلك هو صلاة ضحوة يوم العيد وأعلن فيها بالتكبير وكرر لذلك وجعل في براح من متسع الأرض لقصد التكبير لأن تكبير الله إنما هو بما جل من مخلوقاته . - (ك عن سعد) بن عائذ وقيل ابن عبد الرحمن (القرظي) بفتح القاف والراء المؤذن كان يتجر في القرظ صحابي أذن بقباء ثم للشيخين . 7136 - (كان يكبر يوم عرفة من صلاة الغداة إلى صلاة العصر آخر أيام التشريق) قال بعض الأكابر : من أعظم أسرار التكبير في هذه الأيام أن العيد محل فرح وسرور وكان من طبع النفس تجاوز الحدود لما جبلت عليه من الشره تارة غفلة وتارة بغيا شرع فيه الإكثار من التكبير لتذهب من غفلتها وتكسر من سورتها . - (هق عن جابر) رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال الحافظ ابن حجر : فيه اضطراب وضعف وروي موقوفا على علي وهو صحيح اه‍ . 7137 - (كان يكبر يوم الفطر من حين يخرج من بيته حتى يأتي المصلى) قال الحاكم : هذه سنة تداولتها العلماء وصحت الرواية [ ص 240 ] بها اه‍ . وهو مبين لقوله تعالى * (ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم) * وذهب الحنفية إلى عدم ندب الجهر بالتكبير وأجابوا بأن صلاة العيد فيها التكبير والمذكور في الآية بتقدير كونه أمرا أعم منه وبما في الطريق فلا دلالة له على التكبير المتنازع فيه لجواز كونها في الصلاة على أنه ليس في لفظ الخبر أنه كان يجهر وهو محل النزاع . - (ك هق) كلاهما من رواية موسى بن محمد البلقاوي عن الوليد بن محمد عن الزهري عن سالم (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : غريب لم يحتجا بالوليد ولا بموسى وتعقبه في التلخيص فقال : بل هما متروكان اه‍ ، وقال البيهقي : الوليد ضعيف لا يحتج به وموسى منكر الحديث اه‍ . قال في المهذب : قلت بل موسى كذاب اه‍ . قال ابن أبي حاتم عن أبيه : هذا حديث منكر وقال في محمد منكر الحديث ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر فتعقبه الغرياني في مختصره بأن فيه الوليد بن محمد الموقري قال عبد الحق : ضعيف عندهم وعند موسى بن محمد بن عطاء البلقاوي الدمياطي كذاب وقال أبو حاتم : كان يكذب ويأتي بالأباطيل وقال ابن زرعة : كان يكذب وقال موسى بن سهل الرملي : أشهد بالله أنه كان يكذب وقال ابن حجر : الوليد وموسى كذبهما غير واحد لكن موسى أوهى اه‍ .
[ 306 ]
7138 - (كان يكتحل بالإثمد) بكسر الهمزة والميم بينهما مثلثة ساكنة (وهو صائم) فلا بأ بالاكتحال للصائم سواء وجد طعم الكحل في حلقه أم لا وبهذا أخذ الشافعي إذ لا منفذ من العين للحلق وما يصل إليه يصل من المسام كما لو شرب الدماغ الدهن فوجد طعمه فإنه لا يفطر اتفاقا وقال ابن العربي : العين غير نافذة إلى الجوف بخلاف الأذن ذكره الأطباء وقال مالك وأحمد : يكره فإن وجد طعمه في الحلق أفطر وفيه أن الاكتحال غير مفطر وهو مذهب الشافعي . - (طب هق) كلاهما من رواية حبان بن علي عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع (عن) أبيه عن جده (أبي رافع) قال البيهقي : محمد غير قوي قال الذهبي : وكذا حبان اه‍ . وقال ابن أبي حاتم عن أبيه : حديث منكر وقال محمد منكر الحديث وكذا قال البخاري وقال الزين العراقي : قال ابن معين : ليس محمد بشئ ولا ابنه وقال الهيثمي : في محمد وأبيه كلام كثير . وأورده في الميزان في ترجمة محمد هذا ونقل تضعيفه عن جمع وقال قال أبو حاتم : منكر الحديث جدا وقال في الفتح : في سنده مقال وفي تخريج الهداية : سنده ضعيف . 7139 - (كان يكتحل كل ليلة) بالاثمد ويقول إنه يجلو البصر وينبت الشعر وخص الليل لأن الكحل عند النوم يلتقي عليه الجفنان ويسكن حرارة العين وليتمكن الكحل من السراية في تجاويف العين وطبقاتها ويظهر تأثيره في المقصود من الانتفاع (ويحتجم كل شهر ويشرب الدواء كل سنة) فإن عرض له ما يوجب شربه أثناء السنة شربه أيضا فشربه كل سنة مرة كان لغير علة بخلاف ما يعرض في أثنائها ولم أقف على تعيين الشهر الذي كان يشربه فيه في حديث ولا أثر . - (عد عن عائشة) وقال : إنه منكر وقال الحافظ العراقي : فيه سيف بن محمد كذبه أحمد وابن معين اه‍ . 7140 - (كان يكثر القناع) أي اتخاذ القناع وهو بكسر القاف أوسع من المقنعة والمراد هنا تغطية الرأس وأكثر الوجه برداء أو بغيره لنحو برد أو حر وسبب إكثاره له أنه كان قد علاه من الحياء من ربه ما لم يحصل لبشر قبله ولا بعده وما ازداد عبد بالله علما إلا ازداد حياء من الله فحياء كل عبد على قدر علمه بربه فألجأه ذلك إلى ستر منبع الحياء ومحله وهو العين والوجه وهما من الرأس والحياء من عمل الروح وسلطان الروح في الرأس ثم هو ينشر في جميع البدن فأهل اليقين قد أبصروا بقلوبهم أن الله يراهم فصارت جميع الأمور لهم معاينة فهم يعبدون ربهم كأنهم يرونه وكلما شاهدوا عظمته ومنته ازدادوا حياء فأطرقوا رؤوسهم وجلا وقنعوها خجلا وأنت بعد إذ سمعت هذا التقرير انكشف [ ص 241 ] لك أن من زعم أن المراد هنا بالقناع خرقة تلقى على الرأس لتقي العمامة من نحو دهن لم يدر حول الحمى بل في البحر فوه وهو في غاية الظمأ . (ت في) كتاب (الشمائل) النبوية (هب) كلاهما (عن أنس) بن مالك .
[ 307 ]
7141 - (كان يكثر القناع) قال المؤلف : يعني يتطيلس (ويكثر دهن رأسه ويسرح لحيته) ظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البيهقي في الشعب بالماء هذا لفظه وكأنه سقط في قلم المصنف وفي رواية بدل قوله ويسرح لحيته وتسريح لحيته وهو عطف على دهن ولا ينافيه ما في أبي داود من النهي عن التسريح كل يوم لأنه لا يلزم من الإكثار التسريح كل يوم بل الإكثار قد يصدق على الشئ الذي يفعل بحسب الحاجة ذكره الولي العراقي ولم يرد أنه كان يقول عند تسريحها شيئا ذكره المؤلف قال ابن القيم : الدهن يسد مسام البدن ويمنع ما تخلل منه والدهن في البلاد الحارة كالحجاز من آكد أسباب حفظ الصحة وإصلاح البدن وهو كالضروري لهم . - (هب) وكذا الترمذي في الشمائل كلاهما (عن سهل بن سعد) قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 7142 - (كان يكثر الذكر ويقل اللغو) أي لا يلغو أصلا قال بن الأثير : القلة تستعمل في نفي أصل الشئ ويجوز أن يريد باللغو الهزل والدعابة أي إنه كان منه قليلا اه‍ . (ويطيل الصلاة ويقصر الخطبة) ويقول إن ذلك من فقه الرجل (وكان لا يأنف ولا يستكبر أن يمشي مع الأرملة والمسكين والعبد حتى يقضي له حاجته) قرب محلها أو بعد . روى البخاري إن كانت الأمة لتأخذ بيده فتنطلق به حيث شاءت ، وأحمد فتنطلق به في حاجتها ، وروى مسلم والترمذي عن أنس أنه جاءت امرأة إليه صلى الله عليه وسلم فقالت : إن لي إليك حاجة فقال : اجلسي في أي طريق المدينة شئت أجلس إليك حتى أقضي حاجتك وفيه بروزه للناس وقربه منهم ليصل ذو الحق حقه ويسترشد بأقواله وأفعاله وصبره على تحمل المشاق لأجل غيره وغير ذلك . - (ن ك عن) عبد الله (بن أبي أوفى) بفتحات (ك عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ورواه الترمذي في العلل عن ابن أبي أوفى وذكر أنه سأل عنه البخاري فقال : هو حديث تفرد به الحسين بن واقد . 7143 - (كان يكره نكاح السر حتى يضرب بالدف) أي حتى يشهر أمره بضرب الدفوف للإعلان به قال في المصباح : السر ما يكتم ومنه قيل للنكاح سر لأنه يلزمه غالبا والسرية فعلية مأخوذة من السر وهو النكاح والدف بضم الدال وفتحها ما يلعب به وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بكماله والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد ويقال أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم . - (عم عن أبي حسن المازني) الأنصاري قيل اسمه غنمر بن عبد عمر ويقال إنه عقبي بدري ، قضية كلام المؤلف بل
[ 308 ]
صريحه أن هذا إنما رواه ابن أحمد لا أحمد والأمر بخلافه بل خرجه أحمد نفسه قال الهيثمي : وفيه حسين بن عبد الله بن ضمرة وهو متروك ورواه البيهقي أيضا من حديث ابن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي مرفوعا قال الذهبي في المهذب : حسين ضعيف . 7144 - (كان يكره الشكال من) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة في (الخيل) وفسره في بعض طرق الحديث عند مسلم [ ص 242 ] بأن يكون في رجله اليمين بياض وفي يده اليسرى أو يده اليمنى ورجله اليسرى وقال الزمخشري : هو أن يكون ثلاث قوائم محجلة وواحدة مطلقة أو عكسه شبه ذلك بالعقال فسمى به اه‍ ووراء ذلك أقوال عشرة مذكورة في المطولات وكرهه لكونه كالمشكول لا يستطيع المشي أو جرب ذلك الجنس فلم يكن فيه نجابة فإن كان مع ذلك أغر زالت الكراهة لزوال الإشكال كما حكاه في شرح مسلم عن بعضهم وأقره لكن توقف فيه جدنا الأعلى للأم الزين العراقي وقيل كرهه من جهة لفظه لإشعاره بنقيض ما تراد له الخيل أو لكونه يشبه الصليب بدليل أنه كان يكره الثوب الذي فيه تصليب وليس هذا من الطيرة كما حققه الحليمي . - (حم م 4) كلهم في الجهاد (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 7145 - (كان يكره ريح الحناء) لا يعارضه ما سبق من الأمر بالاختضاب فإن كراهته لريحه طبيعية لا شرعية والناس متعبدون باتباعه في الشرعي لا الطبيعي . - (حم د ن عن عائشة) رمز لحسنه . 7146 - (كان يكره التثاؤب في الصلاة) قال القاضي : تفاعل من الثوباء بالمد وهو فتح الحيوان فمه لما عراه من تمطي وتمدد الكسل وامتلاء وهي جالبة النوم الذي من حبائل الشيطان فإنه به يدخل على المصلي ويخرجه عن صلاته فلذلك كرهه قال مسلم بن عبد الملك : ما تثاءب نبي قط وأنها من علامة النبوة . - (طب عن أبي أمامة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد أعله الحافظ العراقي في شرح الترمذي بأن عبد الكريم بن أبي المخارق أحد رجاله ضعيف وقال الهيثمي : فيه عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف . 7147 - (كان يكره أن يرى الرجل جهيرا) أي (رفيع الصوت) عاليه عريضه (وكان يحب أن يراه خفيض الصوت) أخذ منه أن يسن للعالم صون مجلسه عن اللغط ورفع الأصوات وغوغاء الطلبة وأنه لا يرفع صوته بالتقرير فوق الحاجة قال ابن بنت الشافعي : ما سمعت أبي أبدا يناظر أحدا فيرفع صوته قال البيهقي : أراد فوق عادته فالأولى أن لا يجاوز صوته مجلسه . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه موسى بن علي الخشني وهو ضعيف .
[ 309 ]
7148 - (كان يكره رفع الصوت عند القتال) كأن ينادي بعضهم بعضا أو يفعل أحدهما فعلا له أثر فيصبح ويعرف على طريق الفخر والعجب وذكره ابن الأثير وذلك لأن الساكت أهيب والصمت أرعب ولهذا كان علي كرم الله وجهه يحرض أصحابه يوم صفين ويقول استشعروا الخشية وعنوا بالأصوات أي احبسوها وأخفوها من التعنن الحبس عن اللغط ورفع الأصوات . - (طب ك) في الجهاد (عن أبي موسى) الأشعري قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه بل رواه أبو داود باللفظ المزبور عن أبي موسى المذكور قال ابن حجر : حديث حسن لا يصح . 7149 - (كان يكره أن يرى) بالبناء للمجهول (الخاتم) أي خاتم النبوة وهو أثر كان بين كتفيه نعت به في الكتب المتقدمة وكان علامة على نبوته وإنما كان يكره أن يرى لأنه كان بين كتفيه كما تقرر وهو كان أشد حياء من العذراء في خدرها فكان يكره أن يرى منه ما لا يبدو في المهنة غالبا . - (طب عن عباد) بتشديد الموحدة (بن عمرو) خادم المصطفى [ ص 243 ] صلى الله عليه وسلم . 7150 - (كان يكره الكي) وورد أنه كوى جابرا في أكحله وكوى سعد بن زرارة وغيره فصار جمع إلى التوفيق بأن أولئك خيف عليهم الهلاك والأكلة ويحمل النهي على من اكتوى طلبا للشفاء مما دون ذلك قال ابن القيم : ولا حاجة لذلك كله فإن كراهته له لا تدل على المنع منه والثناء على تاركيه في خبر السبعين ألفا إنما يدل على أن تركه أفضل فحسب (والطعام الحار) أي كان يكره أكله حارا بل يصبر حتى يبرد (ويقول عليكم بالبارد) أي ألزموه (فإنه ذو بركة) أي خير كثير (ألا) بالتخفيف حرف تنبيه (وإن الحار لا بركة فيه) أي ليس فيه زيادة في الخير ولا نمو ولا يستمرئه الآكل ولا يلتذ به . - (حل عن أنس) رمز المصنف لحسنه وكأنه لاعتضاده إذ له شواهد منها ما رواه البيهقي عن أبي هريرة قال الحافظ العراقي : بإسناد صحيح قال : أتي النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم يوما بطعام سخن فقال : " ما دخل بطني طعام سخن منذ كذا وكذا قبل اليوم ولأحمد بسند جيد والطبراني والبيهقي أن خولة بنت قيس قدمت له حريرة فوضع يده فيها فوجد حرها فأحرقت أصابعه فقال : حس اه‍ . 7151 - (كان يكره أن يطأ أحد عقبه) أي يمشي عقبه أي خلفه (ولكن يمين وشمال) وكان يكره أن يمشي أمام القوم بل في وسط الجمع أو في آخرهم تواضعا لله واستكانة وليطلع على حركات أصحابه وسكناتهم فيعلمهم آداب الشريعة ويوافق هذا الخبر قوله في خبر آخر كان يسوق أصحابه
[ 310 ]
قدامه . (ك) في الأدب (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رمز لحسنه . 7152 - (كان يكره المسائل) أي السؤال عن المسائل ممن ألبس فتنة أو أشرب محنة (ويعيبها) ممن عرف منه التعنت وعدم الأدب في إيراد الأسئلة وإظهار كراهة السؤال عن المسائل لمن هذا حاله إنما هو شفقة عليه ولطف به لا بخل عليه (فإذا سأله أبو رزين) بضم الراء وأبو رزين في الصحابة متعدد والظاهر أن هذا هو العقيلي واسمه لقيط بن عامر (أجابه وأعجبه) لحسن أدبه وجودة طلبه وحرصه على ضبط الفوائد وإحراز الفوائد ولما سئل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن اللعان سؤال تعنت ابتلي السائل قبل وقوعه في أهله ، واعلم أن أبا رزين هو راوي الخبر فكان الأصل أن يقول فإذا سألته أجابني فوضع الظاهر محل المضمر ويحتمل أن نكتته الافتخار بذكر اسمه في هذا الشرف العظيم حيث كان المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم يحب منه ما يكون من غيره ويحتمل أنه من تصرف حاكي الحديث عنه وهذا أقرب . - (طب عن أبي رزين) قال الهيثمي : إسناده حسن وقد رمز المصنف لحسنه . 7153 - (كان يكره سورة الدم) أي حدته قال الزبيدي : السورة بفتح فسكون الحدة وسار الشراب يسور سورا وسورة إذا أخذ الرأس وسورة الجوع والخمر حدته ثلاثا أي مدة ثلاث من الأيام والمراد دم الحيض (ثم يباشر) المرأة (بعد الثلاث) لأخذ الدم في الضعف والانحطاط حينئذ قال سعيد بن بشير أحد رواته : يعني من الحائض والظاهر أن المراد أنه كان يباشرها بعد الثلاث من فوق حائل لأنه ما لم ينقطع الدم فالمباشرة فيما بين السرة والركبة بلا حائل حرام . - (طب) وكذا الخطيب [ ص 244 ] في التاريخ كلاهما (عن أم سلمة) وفيه سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن مجهول كما قاله الذهبي رمز لحسنه . 7154 - (كان يكره أن يؤخذ) أي يؤكل وبه وردت رواية (من رأس الطعام) ويقول دعوا وسط القصعة وخذوا من حولها فإن البركة تنزل في وسطها والكراهة للتنزيه لا للتحريم عند الجمهور ونص البويطي والرسالة على ما يقتضي أنها للتخريم مؤول . - (طب عن سلمى) قال الهيثمي : رجاله ثقات وسبقه شيخه زين الحفاظ في شرح الترمذي فقال : رجال إسناده ثقات رمز المصنف لحسنه . 7155 - (كان يكره أن يؤكل) الطعام الحار (حتى تذهب فورة دخانه) لأن الحار لا بركة فيه كما جاء مصرحا به في عدة أخبار والفور الغليان يقال فارت القدر فورا وفورانا غلت والدخان بضم الدال
[ 311 ]
والتخفيف معروف . (طب عن جويرية) تصغير جارية القصوى واسمه مما يشترك فيه الرجال والنساء وهو أحد وفد عبد القيس قال الهيثمي : فيه راو لم يسم وبقية إسناده حسن اه‍ . وقد رمز المصنف لحسنه . 7156 - (كان يكره العطسة الشديدة في المسجد) وزاد في رواية إنها من الشطيان والعطسة الشديدة مكروهة في المسجد وغيره لكنها في المسجد أشد كراهة . - (هق) وكذا في الشعب وهو فيهما من حديث إبراهيم الجوهري عن يحيى بن يزيد بن عبد الملك النوفلي عن أبيه عن داود بن فراهيج (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو مجازفة فقد أعله الذهبي في المهذب بأن يحيى ضعيف كأبيه وداود هذا أورده في الضعفاء والمتروكين وقال : مختلف فيه وفي الميزان يحيى بن يزيد النوفلي قال أبو حاتم : منكر الحديث ثم أورد له هذا الخبر . 7157 - (كان يكره أن يرى المرأة) ببناء يرى للفاعل ويصح للمفعول أيضا (ليس في يدها أثر حناء أو أثر خضاب) بكسر الخاء وفيه أنه يجوز للمرأة خضب يديها ورجليها مطلقا لكن خصه الشافعية بغير السواد كالحناء أما بالسواد فحرام على الرجال والنساء إلا للجهاد ويحرم خضب يدي الرجل ورجليه بحناء على ما قاله العجلي وتبعه النووي لكن قضية كلام الرافعي الحل ويسن فعله للمفترشة تعميما ويكره للخلية لغير إحرام . - (هق عن عائشة) رمز المصنف لحسنه ورواه عنها الخطيب في التاريخ أيضا باللفظ المزبور وفيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل قال الذهبي وغيره : ضعفوه . 7158 - (كان يكره أن يطلع من نعليه شئ عن قدميه) أي يكره أن يزيد النعل على قدر القدم أو ينقص . - (حم في) كتاب (الزهد عن زياد بن سعد مرسلا) وهو في التابعين اثنان حجازي وخراساني فكان ينبغي تمييزه . 7159 - (كان يكره أن يأكل الضب) لكونه ليس بأرض قومه فلذلك كان يعافه لا لحرمته كما صرح به في خبر بل أكل على مائدته وهو ينظر . - (خط) في ترجمة علان الواسطي (عن عائشة) وفيه شعير بن أيوب أورده الذهبي في الذيل ووثقه الدارقطني وقال أبو داود : إني لأخاف الله في الرواية عن شعيب .
[ 312 ]
7160 - (كان يكره من الشاة سبعا) أي أكل سبع مع كونها حلالا (المرارة) وهي ما في جوف الحيوان فيها ماء أخضر [ ص 245 ] قال الليث : المرارة لكل ذي روح إلا البعير فلا مرارة له وقال القتبي : أراد المحدث أن يقول الأمر وهو المصارين فقال المرارة وأنشد : فلا نهدي الأمر وما يليه * ولا نهدين معروق العظام كذا في الفائض قال في النهاية : وليس بشئ (والمثانة والحياء) يعني الفرج قال ابن الأثير : الحياء ممدود الفرج من ذوات الخف والظلف (والذكر والانثيين والغدة والدم) غير المسفوح لأن الطبع السليم يعافها وليس كل حلال تطيب النفس لأكله قال الخطابي : الدم حرام إجماعا وعامة المذكورات معه مكروهة لا محرمة وقد يجوز أن يفرق بين القرائن التي يجمعها نظم واحد بدليل يقوم على بعضها فيحكم له بخلاف حكم صواحباتها اه‍ . ورده أبو شامة بأنه لم يرد بالدم هنا ما فهمه الخطابي فإن الدم المحرم بالإجماع قد انفصل من الشاة وخلت منه عروقها فكيف يقول الراوي كان يكره من الشاة يعني بعد ذبحها سبعا والسبع موجودة فيها وأيضا فمنصب النبي صلى الله عليه وسلم يجل عن أن يوصف بأنه كره شيئا هو منصوص على تحريمه على الناس كافة وكان أكثرهم يكرهه قبل تحريمه ولا يقدم على أكله إلا الجفاة في شظف من العيش وجهد من القلة وإنما وجه هذا الحديث المنقطع الضعيف أنه كره من الشاة ما كان من أجزاءها دما منعقدا مما يحل أكله لكونه دما غير مسفوح كما في خبر أحل لنا ميتتان ودمان فكأنه أشار بالكراهة إلى الطحال والكبد لما ثبت أنه أكله (وكان أحب الشاة إليه مقدمها) لأنه أبعد من الأذى وأخف وأنضج والمراد بمقدمها الذراع والكتف وادعى بعضهم تقديم كل مقدم ففضل الرأس على الكتف وفيه ما فيه والشاة الواحدة من الغنم تقع على الذكر والأنثى فيقال هذا شاة للذكر وهذه شاة للأنثى . - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه يحيى الحماني وهو ضعيف (هق) عن سفيان عن الأوزاعي عن واصل بن أبي جميل (عن مجاهد) بن جبر مرسلا قال ابن القطان : وواصل لم تثبت عدالته (عد هق) عن فهر بن نسر بن عمر بن موسى بن وجيه (عنه) أي عن مجاهد (عن ابن عباس) ثم قال البيهقي : وعمر ضعيف ووصله لا يصح اه‍ . وقال ابن القطان : عمر بن موسى متروك اه‍ . ومن ثم جزم عبد الحق بضعف سنده ثم الحافظ العراقي . 7161 - (كان يكره الكليتين) تثنية كلية وهي من الأحشاء معروفة والكلوة بالواو لغة لأهل اليمن وهما بضم الأول قالوا ولا تكسر وقال الأزهري : الكليتين للإنسان ولكل حيوان وهما منبت زرع الولد (لمكانهما من البول) أي لقربهما منه فتعافهما النفس ومع ذلك يحل أكلهما وإنما قال لمكانهما من
[ 313 ]
البول لأنهما كما في التهذيب لحمتان حمراوان لاصقتان بعظم القلب عند الخاصرتين فهما مجاوران لتكون البول وتجمعه . - (ابن السني في) كتاب (الطب) النبوي (عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف . 7162 - (كان يكسو بناته خمر) بخاء معجمة مضمومة يخطه (والقز والإبريسم) والخمر بضمتين جمع خمار ككتاب وكتب ما تغطي به المرأة رأسها واختمرت وتخمرت لبست الخمار والقز بفتح القاف وشد الزاي معرب قال الليث : هو ما يعمل منه الإبريسم ولهذا قال بعضهم : القز والإبريسم مثل الحنطة والدقيق وفيه أن استعمال القز والحرير جائز للنساء . - (ابن النجار) في تاريخه (عن ابن عمر) بن الخطاب . 7163 - (كان يلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة) أي ليبين حل لبس مثل ذلك فيها ففيه رد على من كره لبس الأحمر القاني وزعم أن المراد بالأحمر هنا ما هو ذو خطوط تحكم لا دليل عليه . قال في المطامح : ومن أنكر لباس الأحمر فهو متعمق جاهل وإسناده لمالك باطل ومن مجازفات ابن العربي أنه أفتى بقتل رجل عاب لبس الأحمر لأنه عاب لبسة لبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل بفتياه كما ذكره في المطامح وهذا تهور غريب وإقدام على سفك دماء المسلمين عجيب وسيخاصمه هذا القتيل غدا ويبوء بالخزي من اعتدى ولبس ذلك بأول عجرفة لهذا المفتي وجرأته وإقدامه فقد ألف كتابا في شأن مولانا الحسين رضي الله عنه وكرم وجهه وأخزى شائنه زعم فيه أن يزيد قتله بحق بسيف جده نعوذ بالله من الخذلان . - (هق) من حديث حفص بن غياث بن الحجاج عن أبي جعفر (عن جابر) قال في المهذب : حجاج لين اه‍ . ورواه الطبراني عن ابن عباس بلفظ كان يلبس يوم العيد بردة حمراء قال الهيثمي : ورجاله ثقات . 7164 - (كان يلبس قميصا قصير الكمين والطول) وذلك أنفع شئ وأسهله على اللابس ولا يمنعه خفة الحركة والبطش ولا يتعثر به ويجعله كالمقيد . - (ه عن ابن عباس) جزم المصنف بحسنه ويرده جزم الحافظ العراقي بضعفه . 7165 - (كان يلبس قميصا فوق الكعبين مستوى الكمين بأطراف أصابعه) أي بقرب أصابع يديه بدليل ما رواه البزار عن أنس أنه كان يد كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ قال الهيثمي : ورجاله ثقات وقول الزين العراقي لا تعارض بين هذا الحديث وحديث كان كمه إلى الرسغ لإمكان الجمع بأنه كان له قميصان أحدهما كمه إلى الرسغ والآخر مستو بأطراف أصابعه وفيه نظر لما أخرجه الطبراني عن أبي
[ 314 ]
الدرداء أنه لم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قميص واحد ويحتمل أنه كان حين اتخذه مستوى الكمين بأطراف أصابعه وأنه بعد قطع بعضه فصار إلى الرسغ . (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 7166 - (كان يلبس قلنسوة) وفي رواية للطبراني في الأوسط عمة بدل قلنسوة بيضاء والقلنسوة بفتح القاف واللام وسكون النون وضم المهملة وفتح الواو من ملابس الرأس كالبرنس الذي تغطى به العمامة من نحو شمس ومطر . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الزين العراقي في شرح الترمذي وتبعه الهيثمي : فيه عبد الله بن خراش وثقه ابن حبان وقال : ربما أخطأ وضعفه جمهور الأئمة وبقية رجاله ثقات ورواه عنه أيضا أبو الشيخ [ ابن حبان ] والبيهقي في الشعب وقال : تفرد به عبد الله بن خراش وهو ضعيف . 7167 - (كان يلبس قلنسوة) فعنلوة بفتح العين وسكون النون وضم اللام (بيضاء) زاد أبو الشيخ [ ابن حبان ] في روايته شامية (لاطئة) أي لاصقة برأسه غير مقبية أشار به إلى قصرها وخفتها قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي : وأجود إسناد في القلانس ما رواه أبو الشيخ [ ابن حبان ] عن عائشة كان يلبس القلانس في السفر ذوات الآذان وفي الحضر المضمرة يعني الشامية وفيه ندب العمائم فوق القلانس . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن عائشة) . 7168 - (كان يلبس القلانس) جمع قلنسوة (تحت العمائم وبغير العمائم) الظاهر أنه كان يفعل ذلك في بيته وأما إذا خرج [ ص 247 ] للناس فيظهر أنه كان لا يخرج إلا بالعمامة (ويلبس العمائم بغير قلانس وكان يلبس القلانس اليمانية وهن البيض المضربة ويلبس القلانس ذوات الآذان) إذا كان (في الحرب) أي حال كونه في الحرب (وكان ربما نزع قلنسوة) أي أخرها من رأسه ، يعني أخرج رأسه منها (فجعلها سترة بين يديه وهو يصلي) الظاهر أنه كان يفعل ذلك عند عدم تيسر ما يستتر به أو بيانا للجواز . قال بعض الشافعية : فيه وما قبله لبس القلنسوة اللاطئة بالرأس والمرتفعة والمضرية وغيرها تحت العمامة وبلا عمامة كل ذلك ورد . قال بعض الحفاظ : ويسن تحنيك العمامة وهو تحذيق الرقبة وما تحت الحنك واللحية ببعض العمامة ، والأرجح عند الشافعية عدم ندبه ، قال ابن العربي : القلنسوة من لباس الأنبياء والصالحين والسالكين تصون الرأس وتمكن العمامة وهي من السنة وحكمها أن تكون لاطئة لا مقبية إلا أن يفتقر الرجل إلى أن يحفظ رأسه عما يخرج منه من الأبخرة فيقيها ويثقب فيها فيكون ذلك تطيبا (وكان من خلقه) بالضم (أن يسمي سلاحه ودوابه ومتاعه) كقميصه وردائه
[ 315 ]
وعمامته كما سبق بيانه بتفصيله فراجعه . (الروباني) في مسنده (وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 7169 - (كان يلبس النعال) جمع نعل قال في النهاية : وهي التي تسعى الآن تاسومة وقد تطلق على كل ما يقي القدم (السبتية) بكسر فسكون أي المدبوغة أو التي حلق شعرها من السبت القطع سميت به لأنها سبتت بالدماغ أي لانت (ويصفر لحيته بالورس) بفتح فسكون نبت أصفر باليمين (والزعفران) وذلك لأن النساء يكرهن الشيب ومن كره من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا كفر وكان طول نعله شبرا وأصبعين وعرضها مما يلي الكعبين سبع أصابع وبطن القدم خمس وفوقها ست ورأسها محدد وعرض ما بين القبالين أصبعان ذكره كله الزين العراقي في ألفية السيرة النبوية . تتمة : قال ابن حرب : سئل أحمد عن نعل سندي يخرج فيه فكرهه للرجل والمرأة وقال : إن كان للكنيف والوضوء وأكره الصرار لأنه من زي العجم وسئل عنه سعيد بن عامر فقال : سنة نبينا أحب إلينا من سنة باكهن ملك الهند ورأى على باب المخرج نعلا سنديا فقال : تشبه بأولاد الملوك وسئل ابن المبارك عن النعال الكرمانية فلم يجب وقال : أما في هذه غنى عنها . - (ق عن ابن عمر) بن الخطاب . 7170 - (كان يلحظ) وفي رواية الدارقطني بدله يلتفت (في الصلاة يمينا وشمالا ولا يلوي عنقه خلف ظهره) حذرا من تحويل صدره عن القبلة لأن الالتفات بالعنق فقط من غير تحويل الصدر مكروه وبالصدر حرام مبطل للصلاة والظاهر أنه إنما كان يفعل ذلك لحاجة لا عبثا لصيانة منصبه الشريف عنه ثم رأيت ابن القيم قال : إنه كان يفعل ذلك لعارض أحيانا ولم يك من فعله الراتب ومنه لما بعث فارسا طليعة ثم قام إلى الصلاة وجعل يلتفت فيها إلى الشعب الذي تجئ منه الطليعة . - (ت عن ابن عباس) وقال : غريب اه‍ . وقال ابن القطان : وهو صحيح وإن كان غريبا وقال ابن القيم : لا يثبت بل هو باطل سندا ومتنا ولو ثبت لكان حكاية فعل لمصلحة تتعلق بالصلاة وقضية تصرف المصنف أن الترمذي منفرد بإخراجه عن الستة والأمر بخلافه بل خرجه النسائي عن الحبر أيضا باللفظ المزبور من الوجه المذكور . قال ابن حجر : وصححه ابن حبان والدارقطني والحاكم وأقره على تصحيحه الذهبي ونقل الصدر المناوي عن النووي تصحيحه قال ابن حجر : لكن رجح الترمذي إرساله . 7171 - (كان يلزق صدره وجهه بالملتزم) تبركا وتيمنا به وهو ما بين باب الكعبة والحجر الأسود سمي به لأن الناس يعتنقونه ويضمونه إلى صدورهم وصح ما دعا به ذو عاهة إلا برأ أي بصدق النية وتصديق الشارع والإخلاص وغير ذلك مما يعلمه أهل الاختصاص . - (هق عن ابن عمرو) بن العاص قال الذهبي : وفيه مثنى بن الصباح لين .
[ 316 ]
7172 - (كان يليه في الصلاة الرجال) لفضلهم وليحفظوا صلاته إن سها فيجبرها أو يجعل أحدهم خليفة إن احتيج إليه (ثم الصبيان) بكسر الصاد وحكى ابن دريد ضمها وذلك لكونهم من الجنس (ثم النساء) لنقصهن والمراد إذا لم يكن خناثي وإلا فهن بعدهم . - (هق عن أبي مالك الأشعري) . 7173 - (كان يمد صوته بالقراءة) أي في الصلاة وغيرها (مدا) بصيغة المصدر يعني كان يمد ما كان من حروف المد واللين لكن من غير إفراط فإنه مذموم وروى البخاري عن أنس مرفوعا أنه كان يمد بسم الله ويمد الرحمن الرحيم . - (حم ن ه ك عن أنس) بن مالك . 7174 - (كان يمر بالصبيان) بكسر الصاد وقد تضم (فيسلم عليهم) ليتدربوا على آداب الشريعة وفيه طرح رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب . - (خ عن أنس) قضيته أن البخاري تفرد به عن صاحبه والأمر بخلافه فقد قال الزين العراقي : إنه منفق عليه من حديث أنس اه‍ . ولفظ رواية مسلم من حديث أنس أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم وفي رواية له أيضا مر على غلمان فسلم عليهم . 7175 - (كان يمر بنساء فيسلم عليهن) حتى الشواب وذوات الهيئة لأنه كالمحرم لهن ولا يشرع ذلك لغير المعصوم وبكره من أجنبي على شابة ابتداء وردا ويحرمان منها عليه . - (حم عن جرير) بن عبد الله البجلي رمز المصنف لحسنه . 7176 - (كان يمسح على وجهه) الذي وقفت عليه في أصول صحيحة يمسح وجهه (بطرف ثوبه في الوضوء) أي ينشف به ولضعف هذا الخبر ذهب الشافعية إلى أن الأولى ترك التنشيف بلا عذر بل كرهه بعضهم بطرف ثوبه أو ذيله لما قيل إنه يورث الفقر ومثل الوضوء في ذلك الغسل . - (طب عن معاذ) بن جبل قال الزين العراقي : سنده ضعيف وفي عزوه للطبراني واقتصاره عليه إيماء إلى أنه لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه على القانون المعروف والأمر بخلافه فقد خرجه الترمذي وقال : غريب وإسناده ضعيف انتهى . وممن جزم بضعفه الحافظ ابن حجر .
[ 317 ]
7177 - (كان يمشي مشيا يعرف فيه) أي به (أنه ليس بعاجز ولا كسلان) فكان إذا مشى فكأنما الأرض تطوى له كما فحديث الترمذي ومع سرعة مشيه كان على غاية من الهون والتأني وعدم العجلة فكان يمشي على هينته ويقطع ما يقطع بالجهد بغير جهد ولهذا قال أبو هريرة إنا كنا لنجهد أنفسنا وإنه لغير مكترث . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) . 7178 - (كان يمص اللسان) أي يمص لسان حلائله وكذا ابنته فقد جاء في حديث أنه كان يمص لسان فاطمة ولم يرو مثله في غيرها من بناته وهذا الحديث رواه الحافظ . - (الترقفي) بمثناة مفتوحة فراء ساكنة فقاف مضمومة ثم فاء نسبة إلى طرقف قال السمعاني : ظني أنها من أعمال واسط وهو أبو محمد العباس بن عبد الله بن أبي عيسى الترقفي الباكساني صدوق حافظ روى عن الغرياني وعنه ابن أبي الدنيا والصفار قال السمعاني : كان ثقة مات سنة بضع وستين ومائتين (في جزئه) الحديثي (عن عائشة) . 7179 - (كان ينام وهو جنب) وفي رواية كان يجنب (ولا يمس ماءا) أي للغسل وإلا فهو كان لا ينام وهو جنب حتى يتوضأ كما مر فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب ولا يليق بجناب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يبيت بحال لا يقربه فيها ملك وبهذا التقرير عرف أنه لا ضرورة إلى ارتكاب ابن القيم التكلف ودعواه بالصدر أن هذه الرواية غلط عند أئمة الحديث . - (حم ت ن ه عن عائشة) قال الحافظ العراقي : قال يزيد بن هارون هذا وهم ونقل البيهقي عن الحفاظ الطعن فيه وقال تلميذه ابن حجر : قال أحمد : ليس بصحيح وأبو داود وهم يزيد بن هارون خطاء وخرجه مسلم دون قوله ولم يمس ماءا وكأنه حذفها عمدا . 7180 - (كان ينام حتى ينفخ) قال الطنافسي : قال وكيع : يعني وهو ساجد (ثم يقوم فيصلي) أي يتم صلاته (ولا يتوضأ) لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه ومن خصائصه أن وضوءه لا ينتقض بالنوم . - (حم عن عائشة) رمز لصحته وظاهر صنيعه أنه لم يخرج في أحد الستة والأمر بخلافه بل خرجه ابن ماجه بسند صحيح قال مغلطاي في شرحه : على شرط الشيخين . 7181 - (كان ينام أول الليل) بعد صلاة العشاء إلى تمام نصفه الأول لأنه كره النوم قبلها (ويحيي آخره) لأن ذلك أعدل النوم وأنفعه للبدن والأعضاء والقوة فإنه ينام أوله ليعطي القوة حظها
[ 318 ]
من الراحة ويستيقظ آخره ليعطيها حظها من الرياضة والعبادة وذلك غاية صلاح القلب والبدن والدين . (ه عن عائشة) رمز لحسنه وظاهر صنيعه أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وهو ذهول عجيب فقد روياه فيهما معا بزيادة في الصلاة من حديث الأسود بن يزيد عن عائشة . 7182 - (كان ينحر) أو يذبح هكذا هو على الشك في رواية البخاري (أضحيته بالمصلى) بفتح اللام المشددة أي بمحل صلاة العيد ليترتب عليه ذبح الناس ولأن الأضحية من القرب العامة فإظهارها أولى إذ فيه إحياء لسنتها قال مالك : لا يذبح أحد حتى يذبح الإمام فإن لم يذبح ذبح الناس إجماعا . - (خ د ن ه عن ابن عمر) بن الخطاب . 7183 - (كان ينزل من المنبر يوم الجمعة) أي وهو يخطب عليه خطبتها (فيكلمه الرجل في الحاجة فيكلمه ، ثم يتقدم إلى [ ص 250 ] مصلاه فيصلي) أفاد جواز الكلام بين الخطبة وبين الصلاة لأنه ليس حال صلاة ولا حال استماع لكن يشترط أن لا يطول الفصل لوجوب الموالاة بين الخطبتين وبينهما وبين الصلاة . - (حم 4 ك عن أنس) بن مالك . 7184 - (كان ينصرف من الصلاة عن يمينه) أي إذا لم يكن له حاجة وإلا فينصرف جهة حاجته كما بين في روايات أخر . - (ع عن أنس) بن مالك . 7185 - (كان ينفث في الرقية) بأن يجمع كفيه ثم ينفث فيهما ويقرأ فيهما قل هو الله أحد والمعوذتين ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من بدنه يفعل ذلك ثلاثا إذا أوى إلى فراشه وكان في مرضه يأمر عائشة أن تمر بيده على جسده بعد نفثه هو فليس ذلك من الاسترقاء المنهي عنه كما ذكره ابن القيم وفيه دليل على فساد قول بعضهم أن التفل على العليل عند الرقي لا يجوز . (ه عن عائشة) رمز المصنف لحسنه . 7186 - (كان يوتر من أول الليل وأوسطه وآخره) بين به أن الليل كله وقت للوتر وأجمعوا على أن ابتداءه مغيب الشفق بعد صلاة العشاء . - (حم عن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي : رجاله ثقات ورواه عنه الطبراني وزاد فأي ذلك فعل كان صوابا .
[ 319 ]
7187 - (كان يوتر على البعير) أفاد أن الوتر لا يجب للإجماع على أن الفرض لا يقام على الراحلة وقيل : هو واجب في حقه وإنما فعله راكبا ليشرع للأمة ما يليق بالسنة في حقهم فصلى على الراحلة لذلك واحتمل الركوب للتشريع . - (ق) عن سعيد بن يسار (عن ابن عمر) بن الخطاب قال : كنت أسير مع ابن عمر بطريق مكة فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت ثم أدركته فقال لي ابن عمر : أين كنت ؟ قال : خشيت الفجر فنزلت فأوترت قال : أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة قلت : بلى قال : إنه كان يوتر إلخ . 7188 - (كان يلاعب زينب بنت أم سلمة) زوجته وهي بنتها من أبي سلمة (ويقول يا زوينب يا زوينب) بالتصغير (مرارا) فإن الله سبحانه قد طهر قلبه من الكبر والفحش بشق الملائكة صدره المرات العديدة عند تقلبه في الأطوار المختلفة وإخراج ما فيه مما جبل عليه النوع الإنساني وغسله وامتلائه من الحكم والعلوم . - (الضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك . 7189 - (كان آخر كلامه الصلاة الصلاة) أي احفظوها بالمواظبة عليها واحذروا تضييعها وخافوا ما يترتب عليه من العذاب فهو منصوب على الإغراء قال ابن مالك في شرح الكافية : معنى الإغراء إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد العكوف عليه من مواصلة ذي القربى والمحافظة على عهود المعاهدين ونحو ذلك والثاني من الاسمين بدل من اللفظ بالفعل وقد يجاء باسم المغرى به مع التكرار مرفوعا (اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم) بحسن الملكة والقيام بما عليكم وإضافة الملك إلى اليمين كإضافته إلى اليد من حيث إنه يحصل بكسب اليد وأن المالك متمكن من التصرف فيه تمكنه مما في يده بل هي أبلغ من حيث إن اليمين أبلغ اليدين وأقدرهما على العمل ذكره القاضي وقرن الوصية بالصلاة الوصية بالمملوك إشارة إلى وجوب رعاية حقه على سيده كوجوب الصلاة قالوا : وذا من جوامع الكلم لشمول [ ص 251 ] الوصية بالصلاة لكل مأمور ومنهي إذ هي تنهى عن الفحشاء والمنكر وشمول ما ملكت أيمانكم لكل ما يتصرف فيه ملكا وقهرا لأن ما عام في ذوي العلم وغيرهم فلذا جعله آخر كلامه وسبق فيه مزيد . - (د) في الأدب (ه) في الوصايا (عن علي) أمير المؤمنين وأخرج ابن سعد عن أنس قال : كانت عامة وصية النبي صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغر بها في صدره وما كاد يقبض بها لسانه أي ما يقدر على الإفصاح بها .
[ 320 ]
7190 - (كان آخر ما تكلم به) أي من الذي كان يوصي به أهله وأصحابه وولاة الأمور من بعده فلا يعارضه آخر ما تكلم به جلال ربي الرفيع ونحوه (أن قال قاتل الله اليهود والنصارى) أي قتلهم (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) قال البيضاوي : لما كانوا يسجدون لقبور أنبيائهم تعظيما لها نهى أمته عن مثل فعلهم أما من اتخذ مسجدا بجوار صالح أو صلى في مقبرته استظهارا بروحه أو وصول أثر من عبادته إليه لا لتعظيمه فلا حرج ألا ترى أن قبر إسماعيل بالحطيم وذلك المحل أفضل للصلاة فيه والنهي عن الصلاة بالمقبرة مختص بالمنبوشة اه‍ . (لا يبقين دينان) بكسر الدال (بأرض العرب) وفي رواية بجزيرة العرب وهي مبينة بالمراد بالأرض هنا إذ لا يستقيم بأرض دينان على التظاهر والتعارف لما بينهما من التضاد والتخالف وقد أخذ الأئمة بهذا الحديث فقالوا : يخرج من جزيرة العرب من دان بغير ديننا ولا يمنع من التردد إليها في السفر فقط قال الشافعي ومالك : لكن الشافعي خص المنع بالحجاز وهو مكة والمدينة واليمامة وأعمالها دون اليمن من أرض العرب وقال ابن جرير الطبري : يجب على الإمام إخراج الكفار من كل مصر غلب عليه الإسلام حيث لا ضرورة بالمسلمين وإنما خص أرض العرب لأن الدين يومئذ لم يتعداها قال : ولم أر أحدا من أئمة الهدى خالف في ذلك اه‍ . وهذا كما ترى إيماء إلى نقل الإجماع فلينظر فيه ، وقال غيره : هذا الحكم لمن بجزيرة العرب يخرج منها بكل حال عذر أم لا وأما غيرها فلا يخرج إلا لعذر كخوف منه . - (هق عن أبي عبيدة) عامر (ابن الجراح) أحد العشرة المشهود لهم بالجنة . 7191 - (كان آخر ما تكلم به) مطلقا (جلال ربي) أي أختار جلال ربي (الرفيع فقد بلغت ثم قضى) أي مات ولا يناقضه ما سبق كان آخر كلامه الصلاة إلخ لأن ذلك آخر وصاياه وذا آخر ما نطق به قال السهيلي : وجه اختياره هذه الكلمة من الحكمة أنها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب حتى يستفاد منه الرخصة لغيره في النطق وأنه لا يشترط الذكر باللسان وأصل هذا الحديث في الصحيحين عن عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة ثم أفاق فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال : اللهم الرفيق الأعلى فعلمت أنه لا يختارنا وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا وهو صحيح والذي دعاه إلى ذلك رغبته في بقاء محبوبه فلما عين للبقاء محلا خاصا ولا ينال إلا بالخروج من هذه الدار التي تنافي ذلك اللقاء اختار الرفيق الأعلى . تتمة : ذكر السهيلي عن الواقدي أن أول كلمة تكلم بها المصطفى صلى الله عليه وسلم لما ولد جلال ربي الرفيع لكن روى عائذ أن أول ما تكلم به لما ولدته أميه حين خروجه من بطنها الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا .
[ 321 ]
حرف اللام 7192 - (لله) اللام للابتداء والجلالة مبتدأ خبره (أشد فرحا) أي رضى (بتوبة عبده) فإطلاق الفرح في حق الله مجاز عن رضاه وبسط رحمته ومزيد إقباله على عبده وإكرامه له (من أحدكم إذا سقط على بعيره) أي صادفه وعثر عليه بلا قصد فظفر به ومنه قولهم على الخبير سقطت (قد أضله) أي ذهب منه أو نسي محله (بأرض فلاة) أي مفازة والمراد أن التوبة تقع من الله في القبول والرضى موقعا يقع في مثله ما يوجب فرط الفرح ممن يتصور في حقه ذلك فعبر بالرضى عن الفرح تأكيدا للمعنى في ذهن السامع ومبالغة في تقديره وحقيقة الفرح لغة انشراح الصدر بلذة عاجلة وهو محال في حقه تقدس . قال ابن عربي : لما حجب العالم بالأكوان واشتغلوا بغير الله عن الله فصاروا بهذا الفعل في حال غيبة عنه تقدس فلما وردوا عليه بنوع من أنواع الحضور أرسل إليهم في قلوبهم من لذة نعيم محاضرته ومناجاته ومشاهدته ما يتحبب بها قلوبهم فكنى بالفرح عن إظهار هذا الفعل لأنه إظهار سرور بقدومه عليه . - (ق) في التوبة وغيرها (عن أنس) بن مالك . 7193 - (لله أفرح) أي لله أرضى وأقبل كقوله تعالى * (كل حزب بما لديهم فرحن) * أي راضون (بتوبة عبده من العقيم الوالد) أي من المرأة التي لا تلد إذا ولدت (ومن الضال الواجد) أي الذي ضل راحلته ثم وجدها ومن (الظمآن الوارد) أي ومن العطشان إلى ورود الماء لأنه سبحانه يحب من عباده أن يطيعوه ويكره أن يعصوه ويفرح بتوبة عبده مع غناه المطلق عن طاعته وأن نفعها إنما يعود إليه لكن هذا من كمال رأفته بهم وحبه لنفعهم فهو يبسط رحمته على عباده ويكرمهم بالإقبال عليهم ويكره ذهابهم عنه وإعراضهم مع غناه . قال الحكيم : ما دام العبد مقبلا على الله فهو مقبل عليه ولا يعلم ما في هذا الإقبال إلا أهله فإذا أعرض العبد معتزا بخدائع نفسه وآمالها وأكاذيبها فأقبل على النفس وقبل منها ما تأتي به فقد أعرض عن الله وأعرض الله عنه وعذب قلبه فإذا تاب إلى الله ونزع أدركه من الله الغوث وفرح بها وفتح باب الرحمة عليه فوجد القلب خالصا وعاد العون والمدد فلم يزل العبد يترقى درجة وانتعش بعد النكس وحيي بعد الموت . - (ابن عساكر في أماليه) الحديثية (عن أبي هريرة) .
[ 322 ]
7194 - (لله أفرح بتوبة التائب من الظمآن الوارد ومن العقيم الوالد ومن الضال الواجد) المراد أنه تعالى يبسط رحمته على عبده ويكرمه بالإقبال عليه ويشهد لذلك الرحمة التي وضعها في الآباء والأمهات فتراهم على الغاية من الشفقة عليهم والرفق بهم والاحتراق عليهم فيما يخافونه من الوبال عليهم وفرحهم بالتوبة إذا هم تابوا فإذا كانت هذه رحمة الآباء والأمهات فكيف بالخالق الواحد الماجد الذي يدر جميع رأفة الدنيا من جنب رحمة من مائة رحمة عنده ثم ماذا يكون ذلك في جنب الرحمة العظمى (فمن تاب إلى الله توبة نصوحا) أي صادقة ناصحة مخلصة سميت به لأن العبد ينصح نفسه فيها (أنسى الله حافظيه وجوارحه وبقاع الأرض كلها خطاياه [ ص 253 ] جمع خطيئة وهي الذنب ولغرض التأكيد ومزيد النعميم جمع بينها وبين قوله (وذنوبه) فإن الله يحب التوابين والحبيب يستر الحبيب فإن بدا زين نشره أو شين ستره فإذا أحب عبدا فأذنب ستره حتى عن أبعاضه والذنب يدنس العبد والرجوع إلى الله يطهره وللعبد صفتان معصية وطاعة فالراجع عن المعصية تواب والمكثر من الطاعة أواب ويسمى حبيب الله . - (أبو العباس) أحمد بن إبراهيم بن أحمد (بن تركان) بمثنات فوقية أوله مضمومة وسكون الراء ونون بعد الكاف الخفاف التميمي (الهمداني) التركاني نسبة إلى جده وبذلك اشتهر من أكابر محدثي همدان قال السمعاني : وتركان أيضا قرية بمرو ويمكن أن ينسب إليها هذا غير أنه اشتهر بهذه النسبة (في كتاب التائبين عن أبي الجون مرسلا) . 7195 - (لله أشد أذنا) بفتح الهمزة والذال بضبط المصنف أي استماعا وإصغاءا وذا عبارة عن الإكرام والإنعام (إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن) حال كونه (يجهر) أي يرفع صوته (به) ووجهه أن الإصغاء إلى الشئ قبول له واعتناء به ويترتب عليه إكرام المصغى إليه فعبر عن الإكرام بالإصغاء وفائدته حث القارئ على إعطاء القراءة حقها من ترتيل وتحسين ما أمكن (من) استماع (صاحب القينة) بفتح القاف (إلى قينته) أي أمته التي تغنيه وفيه حل سماع الغناء من قينته ونحوها لأن سماع الله لا يجوز أن يقاس على محرم وخرج بقينته فينة غيره فلا يحل سماعها بل يحرم إن خاف ترتب فتنة كما جاء في حديث من أشراط الساعة سماع القينات والمعازف وفي آخر إن الأرض تخسف بمن يسمعها . - (ه حب ك هب) من حديث الأوزاعي عن إسماعيل بن عبد الله بن فضالة بن عبيد (عن فضالة بن عبيد) قال الحاكم : على شرطهما فرده الذهبي فقال : قلت بل هو منقطع .
[ 323 ]
7196 - (لله) مبتدأ خبره (أقدر) وقوله (عليك) صفة أقدر وقوله (منك) متعلق أفعل وقوله (عليه) حال من الكاف أي أقدر منك حال كونك قادرا عليه أو هو متعلق بمحذوف على سبيل البيان كأنه لما قيل أقدر عليك منك قيل على من قيل عليه ذكره الطيبي رادا ما من الأعاريب هنا وهذا قاله لأبي مسعود حين انتهى إليه وهو يضرب مملوكه وفيه حث على الرفق بالمملوك وحسن صحبته ووعظ بليغ في الاقتداء بحكم الله على عباده والتأديب بآدابه في كظم الغيظ والعفو الذي أمر به . - (حم عن أبي مسعود) البدري رمز المصنف لحسنه . 7197 - (لأنا) بفتح اللام وهي المؤكدة للقسم أو هي ابتدائية (أشد عليكم خوفا من النعم مني من الذنوب) لأنها تحمل على الأشر والبطر وبذلك يدخل الفساد على جميع أمورهم وكلما ازداد نعمة زاد حرصا والإنسان خلق فقيرا محتاجا مضطرا ينظر إلى الأسباب ثم تأخذه العجلة والحيرة التي ركبت فيه على تعدي الحدود وعصيان المنعم المعبود (ألا) حرف تنبيه (إن النعم التي لا تشكر) بالبناء للمفعول (هي الحتف القاضي) أي الهلاك المتحتم إذ الحتف الهلاك يقال مات حتف أنفه إذا مات بغير ضرب ولا قتل ولا حرق ولا غرق قال العكبري : ويقال إنها لم تستعمل في الجاهلية بل في الإسلام . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن محمد بن المنكدر) بن عبد الله بن الهدير التميمي المدني ثقة فاضل متأله عابد بكاء روى عن عائشة وجابر وغيرهما وعنه مالك والسفيانان فإنه مات سنة ثلاثين ومائة خرج له جماعة (بلاغا) أي أنه قال بلغنا ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . 7198 - (لأنا من فتنة السراء أخوف عليكم من فتنة الضراء إنكم ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم وإن الدنيا حلوة) من حيث الذوق (خضرة) من حيث المنظر وخضرة بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين آخره تاء التأنيث وخص الأخضر لأنه أبهج الألوان وأحسنها . - (البزار) وكذا أبو يعلى (حب هب) كلهم (عن سعد) بن أبي وقاص قال الهيثمي : فيه رجل لم يسم أي وهو رجل من بني عامر لم يذكروا اسمه وبقية رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : رواه أبو يعلى والبزار وفيه راو لم يسم وبقية رواته رواة الحديث الصحيح . 7199 - (لأن) اللام ابتدائية أو جواب قسم محذوف أي والله لأن (أذكر الله تعالى مع قوم بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها ولأن أذكر الله مع قوم بعد صلاة العصر إلى
[ 324 ]
أن تغيب الشمس أحب إلي من الدنيا وما فيها) وفي رواية للطبراني لأن أشهد الصبح ثم أجلس فأذكر الله عز وجل حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أحمل على جياد الخيل في سبيل الله ، ووجه محبته للذكر في هذين الوقتين أنه وقت رفع الملائكة الأعمال إلى الكبير المتعال أي ملائكة الليل والنهار كما جاء في عدة أخبار . - (هب عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : سنده حسن اه‍ ومن ثم رمز المصنف لحسنه ورواه البيهقي في السنن من حديث يزيد الرقاشي عن أنس أيضا وتعقبه الذهبي في المهذب بأن يزيد واه . 7200 - (لأن) بفتح اللام قال الزركشي : جواب قسم مقدر قال الدماميني : ويحتمل كونها لام الابتداء ولا تقدير (أطأ على جمرة) أي قطعة نار ملتهبة والجمع جمر كتمرة وتمر أي والله لأن أطأ عليها برجلي فتحرقني (أحب إلي من أن أطأ على قبر) والمراد قبر المسلم وقيده به في رواية الطبراني وظاهر الخبر الحرمة واختاره كثير من الشافعية لكن الأصح عندهم الكراهة ومحل الكراهة حيث لا ضرورة وإلا كأن لم يصل إلى زيارة قبر ميته إلا به فلا . - (خط) في ترجمة عمر القصباني (عن أبي هريرة) وفيه قطن بن إبراهيم أورده الذهبي في الضعفاء وقال : له حديث منكر ولذلك ترك مسلم الرواية عنه وهو صدوق عن الجارود بن يزيد وهو كما قال الدارقطني وغيره : متروك وهذا الحديث مما تركوه لأجله ثم ظاهر كلام المصنف أن هذا الحديث مما لم يتعرض أحد من الستة التي هي دواوين الإسلام لتخريجه وإلا لما عدل لهذه الطريق المعلول وأبعد النجعة وهي عجب فقد خرجه بمعناه الجماعة كلهم في الجنائز إلا البخاري والترمذي بلفظ لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر . 7201 - (لأن أطعم أخا في الله مسلما لقمة) من نحو خبز (أحب إلي من أن أتصدق بدرهم ولأن أعطي أخا في الله مسلما درهما أحب إلي من [ ص 255 ] أن أتصدق بعشرة دراهم ولأن أعطيه عشرة أحب إلي من أن أعتق رقبة) مقصود الحديث الحث على الصدقة على الأخ في الله وبره وإطعامه وأن ذلك يضاعف على الصدقة على غيره وبره وإكرامه أضعافا مضاعفة وهذا بالنسبة إلى العتق وارد على التحذير من التقصير في حق الإخوان أو على ما إذا كان زمن مخمصة ومجاعة بحيث يصل إلى حالة الاضطرار . - (هناد) في الزهد (هب) كلاهما (عن بديل) بضم الموحدة وفتح المهملة وسكون المثناة تحت (مرسلا) وهو ابن ميسرة العقيلي تابعي مشهور له عن أنس وعدة ثقة وفيه الحجاج بن فرافصة قال أبو زرعة : ليس بقوي وأورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين .
[ 325 ]
7202 - (لأن أعين أخي المؤمن على حاجته) أي على قضائها (أحب إلي من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام) لأن الصيام والاعتكاف نفعه قاصر وهذا نفعه متعد والخلق عيال الله وأحب الناس إليه أنفعهم لعياله كما في حديث وفيه أن الصوم والاعتكاف في المسجد الحرام أفضل منهما في غيره . (أبو الغنائم النرسي) بفتح النون وسكون الراء ووهم وحرف من جعلها واوا وكسر السين المهملة نسبة إلى نرس نهر بالكوفة عليه عدة قرى ينسب إليها جماعة من مشاهير العلماء والمحدثين منهم هذا الحافظ وهو محمد بن علي بن ميمون النرسي الكوفي سمع الشريف أبا عبد الله الحسني وابن إسحاق وغيرهما وروى عنه السمعاني والد الإمام أبي سعد وجماعة كثيرة قال ابن الأثير : كان متقنا ثقة مات سنة سبع وخمسمائة (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج عن ابن عمر) بن الخطاب . 7203 - (لأن) بفتح الهمزة التي بعد لام القسم (أقعد مع قوم يذكرون الله) هذا لا يختص بذكر لا إله إلا الله بل يلحق به ما في معناه كما تشير إليه رواية أحمد (من صلاة الغداة) أي الصبح (حتى تطلع الشمس) ثم أصلي ركعتين أو أربع كما في رواية (أحب إلي من أن أعتق) بضم الهمزة وكسر التاء (أربعة) أي أربعة أنفس (من ولد إسماعيل) زاد أبو يعلى دية كل رجل منهم اثنا عشر ألفا . قال البيضاوي : خص الأربعة لأن المفضل عليه مجموع أربعة أشياء ذكر الله والقعود له والاجتماع عليه والاستمرار به إلى الطلوع أو الغروب وخص بني إسماعيل لشرفهم وإنافتهم على غيرهم ولقربهم منه ومزيد اهتمامه بخلافهم وقال الطيبي : خصهم لكونهم أفضل أصناف الأمم قدرا ورجاء ووفاء وسماحة وحسبا وشجاعة وفهما وفصاحة وعفة ونزاهة ثم أولاد إسماعيل أفضل العرب لما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم منهم (ولأن أقعد مع قوم يذكرون الله) ظاهره وإن لم يكن ذاكرا لأن الاستماع قائم مقام الذكر وهم القوم لا يشقى جليسهم (من) بعد (صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق رقبة) من ولد إسماعيل والذي وقفت عليه في أصول صحيحة أربعة بدل رقبة وهكذا هو في المصابيح وغيرها وهو الصواب قال الطيبي : نكر أربعة وأعادها لتدل على أن الثاني غير الأول ولو عرف لاتحدا نحو قوله تعالى * (غدوها شهر ورواحها شهر) * وهذا يبين أن من أعتق رقبة عتق بكل عضو منها عضو منه من النار فقد حصل بعتق رقبة واحدة تكفير الخطايا مع ما يبقى من زيادة عتق الرقاب للزائد على الواحدة سيما من ولد الأنبياء . - (د) في العلم من حديث الأعمش (عن أنس) قال الأعمش : اختلف أهل البصرة في القص فأتوا أنسا فقالوا : كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص قال : لا إنما بعث بالسيف [ ص 256 ] ولكن سمعته يقول لأن أقعد إلخ رمز المصنف لحسنه وهو فيه تابع للحافظ العراقي حيث قال :
[ 326 ]
إسناده حسن لكن قال تلميذه الهيثمي : فيه محتسب أبو عائد وثقه ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله ثقات اه‍ . 7204 - (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس) لأنها الباقيات الصالحات وفيه أن الذكر أفضل من الصدقة وبه أفتى المؤلف قال : بل وأفضل من جميع العبادات وتقدمه لذلك الغزالي قال : ولذلك لم يرخص في تركه في حال من الأحوال . - (م ت) في الدعوات وكذا النسائي في يوم وليلة كلهم (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 7205 - (لأن أمتع بسوط في سبيل الله) أي لأن أتصدق على نحو الغازي بشئ ولو قليلا حقيرا كسوط يستمتع وينتفع به الغازي أو الحاج في مقاتلة أو سوق نحو دابة (أحب إلي من أن أعتق ولد الزنا) لفظ رواية الحاكم ولد زنية كذا رأيته بخط الحافظ الذهبي في مختصر المستدرك ومقصود الحديث التحذير من حمل الإماء على الزنا ليعتق أولادهن وأن لا يتوهم أحد أن ذلك قربة . (ك) في الفتن (عن أبي هريرة) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي وشاهده خبر ولد الزنا شر الثلاثة . 7206 - (لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن آمر بالزنا ثم أعتق الولد) أي الحاصل منه قاله لما نزلت * (فلا اقتحم العقبة) * فقالوا : يا رسول الله ما عندنا ما نعتقه إلا أن أحدنا له الجارية السوداء تخدمه فلو أمرناهن يزنين فيجئن بأولاد فأعتقناهم فذكره وهذا قالته عائشة لما فهم أبو هريرة من الخبر خلاف المراد فقالت : رحمه الله أساء سمعا وأساء إصابة والقصة مشهورة . (ك عن عائشة) رضي الله عنها . 7207 - (لأن أمشي على جمرة أو سيف) أي أو على حد سيف فيجرح رجلي (أو أخصف نعلي برجلي أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم وما أبالي أوسط القبر قضيت حاجتي أم وسط السوق) قال النووي في شرح مسلم : أراد بالمشي على القبر الجلوس وهو حرام في مذهب الشافعي اه‍ . لكن الأصح
[ 327 ]
ما ذكره في غيره كغيره أنه مكروه لا حرام وقوله ما أبالي إلخ أراد به أنه يتحرج ويستنكف عن قضائها بحضرة الناس في وسط السوق أي فيحرم ذلك . - (د عن عتبة بن عامر) قال المنذري : إسناده جيد . 7208 - (لأن تصلي المرأة في بيتها خير لها من أن تصلي في حجرتها ولأن تصلي في حجرتها خير لها من أن تصلي في الدار ولأن تصلي في الدار خير لها من أن تصلي في المسجد) لطلب زيادة الستر في حقها ولهذا كره لها أبو حنيفة شهود الجمعة والجماعة مطلقا ووافقه الشافعي في الشابة ونحو ذوات الهيئة كما مر . - (هق عن عائشة) رمز المصنف لحسنه [ ص 257 ] وليس كما قال فقد تعقبه الذهبي على الدارقطني في المهذب بأن فيه محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبينة ضعيف . 7209 - (لأن يأخذ أحدكم حبله) في رواية أحبله بالجمع وفي رواية حبلا (ثم يغدو) أي يذهب (إلى الجبل) محل الحطب (فيحتطب) بتاء الافتعال وفي مسلم فيحطب بغير تاء أي يجمع الحطب (فيبيع) ما احتطبه (فيأكل) من ثمنه (ويتصدق) بواو العطف ليدل على أنه يجمع بين البيع والصدقة وبالفاء في الأولين لأن الاحتطاب يكون عقب الغدو والبيع يكون عقب الاحتطاب فهو (خير له) ليست خير هنا أفعل تفضيل بل من قبيل * (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) * (من أن يسأل الناس) أي من سؤال الناس أمرا دنيويا أعطوه أو منعوه وإن كان الاكتساب بعمل شاق كالاحتطاب لثقل المنة أو ذل الخيبة وفي رواية للبخاري بدل ما ذكر خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه اه‍ . وهذا حث على التعفف وتفضيل الكسب والسبب على البطالة وجمهور المحققين كابن جرير وأتباعه على أن السبب لا ينافي التوكل حيث كان الاعتماد على الله لا على السبب فإن احتاج ولم يقدر على كسب لائق جاز بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح ولا يؤذي المسؤول فإن فقد شرط منها حرم اتفاقا . - (ق ن عن أبي هريرة) قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : والذي نفسي بيده لأن إلخ هذا لفظ البخاري . 7210 - (لأن يؤدب الرجل ولده) عندما يبلغ من السن والعقل مبلغا يحتمل يحتمل ذلك بأن ينشئه على أخلاق صلحاء المؤمنين ويصونه عن مخالطة المفسدين ويعلمه القرآن والأدب ولسان العرب ويسمعه السنن وأقاويل السلف ويعلمه من أحكام الدين ما لا غنى عنه ويهدده ثم يضربه على نحو الصلاة وغير ذلك (خير له من أن يتصدق بصاع) لأنه إذا أدبه صارت أفعاله من صدقاته الجارية وصدقة الصاع ينقطع ثوابها وهذا يدوم بدوام الولد والأدب غذاء النفوس وتربيتها للآخرة * (قوا أنفسكم
[ 328 ]
وأهليكم نارا) * فوقايتك نفسك وولدك منها أن تعظها وتزجرها بورودها النار وتقيم أودهم بأنواع التأديب فمن الأدب الموعظة والوعيد والتهديد والضرب والحبس والعطية والنوال والبر فتأديب النفس الزكية الكريمة غير تأديب النفس الكريهة اللئيمة وفيه أن تأديب الولد أعظم أجرا من الصدقة واستدل به الصوفية على تأديب النفس لأنها أجل من تأديب الابن . - (ت) في البر من رواية ناصح عن سماك (عن جابر بن سمرة) وقال : حسن غريب قال المنذري : ناصح هذا هو ابن عبد الله المحملي واه قال : وهذا مما أنكره عليه الحافظ اه‍ . وقال المزي : ضعفه النسائي وغيره وقال الذهبي : هالك . 7211 - (لأن يتصدق المرء في حياته بدرهم خير له من أن يتصدق بمائة درهم عند موته) أي عند احتضاره وقال الطيبي : أوقع هذه الحياة مقابل لقوله في حياته إشارة إلى أن الحياة الحقيقية التي يعتد فيها بالتصدق هي أن يكون المرء صحيحا شحيحا يخشى الفقر كما مر وقوله بمائة أراد به الكثرة كما أراد بدرهم القلة ويدل له ما جاء في جاء في رواية بدل مائة بماله أي بجميع ماله اه‍ . قال في الفردوس : ويروى بمائة ألف قال بعضهم : وذلك لأنه في حال صحته يصعب عليه إخراج المال يخوفه به الشيطان ويزين له من إمكان طول العمر والحاجة إلى المال وهجوم الفقر كما قال تعالى * (الشيطان يعدكم الفقر) * الآية . - (د حب عن أبي سعيد) الخدري ثم قال أعني ابن حبان : حديث صحيح وأقره ابن حجر . 7212 - (لأن يجعل أحدكم في فيه ترابا) فيأكله (خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله) كالخمر وكل مسكر والمغصوب وكل ما اكتسب [ ص 258 ] من غير حله ومقصود الحديث الأمر بتحري أكل الحلال ولو كان خبزا من شعير بغير إدام وذكر التراب مبالغة فإنه لا يؤكل وأما أكل الحرام فيظلم القلب ويغضب الرب . - (هب عن أبي هريرة) وفيه إبراهيم بن سعيد المدني قال الذهبي : مجهول منكر الحديث ورواه عنه أيضا أحمد وابن منيع والديلمي . 7213 - (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده) أي فتصل الجمرة إلى الجلد (خير له من أن يجلس على قبر) قال الطيبي : جعل الجلوس على القبر وسريان ضرره إلى قلبه وهو لا يشعر بمنزلة سراية النار من الثوب إلى الجلد ثم إلى داخله اه‍ . وهذا مفسر بالجلوس للبول والغائط كما في رواية أبي هريرة فالجلوس والاستناد والوطء على القبر لغير ذلك مكروه لا حرام بل لا يكره لحاجة . - (حم م د ن ه عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه .
[ 329 ]
7214 - (لأن يزني الرجل بعشرة نسوة خير له من أن يزني بامرأة جاره) ويقاس بها نحو أمته وبنته وأخته وذلك لأن من حق الجار على الجار أن لا يخونه في أهله فإن فعل ذلك كان عقاب تلك الزنية يعدل عذاب عشر زنيات قال الذهبي في الكبائر : فيه أن بعض الزنا أكبر إثما من بعض قال : وأعظم الزنا بالأم والأخت وامرأة الأب وبالمحارم وبامرأة الجار ، روى الحاكم وصححه والعهدة عليه من وقع على ذات محرم فاقتلوه فالزنا كبيرة إجماعا وبعضه أفحش من بعض وأقبحه زنا الشيخ بابنته وأخته مع كونه غنيا له حلائل وزناه بجارية إكراها ونحو ذلك ودونه في القبح زنا الشاب البكر بشابة خلت به وشاكلته بفعل وقام نادما تائبا (ولأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر له من أن يسرق من بيت جاره) فيه تحذير عظيم من أذى الجار بكل طريق من فعل أو قول وقد أخرج الطبراني من حديث ابن عمر قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزاة فقال : لا يصحبنا اليوم من آذى جاره فقال رجل من القوم : أنا بلت في أصل حائط جاري فقال : لا تصحبنا اليوم . - (حم خد طب عن المقداد) بكسر الميم وسكون القاف وبالمهملتين (ابن الأسود) اسمه ثعلبة بن مالك حالف أباه كندة وتبناه الأسود بن عبد يغوث فنسبه إليه رمز المصنف لحسنه وهو كما قال : أو أعلى فقد قال المنذري والهيثمي : رجاله ثقات . 7215 - (لأن يطأ الرجل على جمرة خير له من يطأ على قبر) الذي وقفت عليه في نسخ الحلية قبرا بدون على . - (حل) من حديث قطن بن إبراهيم عن الجارود بن يزيد عن شعبة بن سعيد المقبري (عن أبي هريرة) ثم قال : تفرد به الجارود عن شعبة . 7216 - (لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط) بكسر الميم وفتح الياء وهو ما يخاط به كالإبرة والمسلة ونحوها (من حديد) خصه لأنه أصلب من غيره وأشد بالطعن وأقوى في الإيلام (خير له من أن يمس امرأة لا تحل له) أي لا يحل له نكاحها وإذا كان هذا في مجرد المس الصادق بما إذا كان بغير شهوة فما بالك بما فوقه من القبلة [ ص 259 ] والمباشرة في ظاهر الفرج . - (طب) وكذا البيهقي (عن معقل بن يسار) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح وقال المنذري : رجاله ثقات .
[ 330 ]
7217 - (لأن يلبس أحدكم ثوبا من رقاع) جمع رقعة وهي خرقة تجعل مكان القطع من الثوب (شتى) أي متفرقة يقال شت الأمر شتا إذا تفرق وقوم شتى على فعلى متفرقون (خير له من أن يأخذ بأمانته ما ليس عنده) أي خير له من أن يظن الناس فيه الأمانة أي القدرة على الوفاء فيأخذ منهم بسبب أمانته نحو ثوب بالاستدانة مع أنه ليس عنده ما يرجو منه الوفاء فإنه قد يموت ولا يجد ما يوفي به دينه فيصير رهينا به في قبره ، وفيه تشديد عظيم في الاستدانة سيما لمن لا يرجو وفاء فيكره هذا هو المفتى به عند الشافعية ونقله في المجموع عن الشافعي وجمهور أصحابه لكن خالف في شرح مسلم فقال : إنها كراهة تحريم وعزاء للأصحاب بهذا الحديث وهو الأقوى دليلا . - (حم عن أنس) قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصراني وفي رواية يهودي ليبعث إليه أثوابا إلى الميسرة فقال : وما الميسرة والله ما لمحمد تاغية ولا راعية فرجعت فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : كذب عدو الله والله أنا خير من بايع لأن يلبس إلخ قال الهيثمي : وفيه راو يقال له جابر بن يزيد وليس بالجعفي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات ورواه عنه البيهقي أيضا ورمز المصنف لحسنه . 7218 - (لأن يمتلئ جوف رجل) يحتمل أن المراد الجوف كله وما فيه من القلب وغيره وأن يراد القلب خاصة وهو الظاهر لقول الأطباء إذا وصل للقلب شئ من قيح حصل الموت (قيحا) أي مدة لا يخالطها دم (حتى يريه) بفتح المثناة التحتية من الورى بوزن الرمى غير مهموز أي حتى يغلبه فيشغله عن القرآن وعن ذكر الله أو حتى يفسده كما قاله البيضاوي هكذا في نسخ الكتاب ولفظ البخاري بإسقاط حتى وعليه ضبط يريه بفتح أوله وسكون ثالثه قال ابن الجوزي : ونرى جماعة من المبتدئين ينصبون يريه هنا جريا على العادة في قراءة الحديث الذي فيه حتى وليس هنا ما ينصب وتعقبه في التنقيح بأن الأصيلي رواه بالنصب على بدل الفعل من الفعل قال الزمخشري : القيح المدة وقاحت القرحة تقيح وورى الداء جوفه إذا أفسده وقيل لداء الجوف ورى لأنه داء دخل متوار ومنه قيل للسمين وار كأن عليه ما يواريه من شحمه اه‍ . (خير له من أن يمتلئ شعرا) أنشأه أو أنشده لما يؤول إليه أمره من تشاغله به عن عبادة ربه قال القاضي : والمراد بالشعر ما تضمن تشبيبا أو هجاء أو مفاخرة كما هو الغالب في أشعار الجاهلية وقال بعضهم : قوله شعرا ظاهره العموم في كل شعر لكنه مخصوص بما لم يشتمل على الذكر والزهد والمواعظ والرقائق مما لا إفراط فيه وقال النووي : هذا الحديث محمول على التجرد للشعر بحيث يغلب عليه فيشغله عن القرآن والذكر وقال القرطبي : من غلب عليه الشعر لزمه بحكم العادة الأدبية الأوصاف المذمومة وعليه يحمل الحديث وقول بعضهم عنى به الشعر الذي هجا به هو أو غيره رد بأن هجوه كفر كثر أو قل وهجو غيره حرام وإن قل فلا يكون لتخصيص الذم بالكثير معنى . - (حم ق 4 عن أبي هريرة) ورواه مسلم أيضا عن سعد وأبو سعيد قال : بينما نحن نسير مع
[ 331 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذوا الشيطان أو أمسكوا الشيطان ثم ذكره وفي الباب عمر وابنه وسلمان وجابر وغيرهم . 7219 - (لأن يهدي الله على يديك رجلا) واحدا كما جاء في رواية (خير لك) عند الله (مما طلعت عليه الشمس وغربت) [ ص 260 ] فتصدقت به وذلك لأن الهدى على يديه شعبة من الرسالة لأن الرسل إنما بعثت لتؤدي عن الله فإذا ورد القيامة فله حظ من ثواب الرسل فإنه إنما هداه بما جاءت به الرسل عن الله والرسل أقرب الخلق إلى الله في دار الإسلام في الدرجات فمن دون الرسل إذا كان داعيا إلى الله فهدى به عبدا فقد حاز من ثواب الرسل حظا من الكرامة ومن يحصي من ثواب الرسل شيئا فهو خير له مما طلعت عليه الشمس وغربت ، يعني فأنفقه كله في سبيل الله ، أوحى الله إلى داود إن استنقذت هالكا من هلكته سميت عبدي جهرا هذا في حياة الدنيا فكيف بمن أحيى قلبه حتى ظفر بحياة الآخرة وإذا هدى الله قلبا على لسان ناطق بالهدى فقد أكرم الناطق بجزيل الكرامة فمن الكرامات أن جعل لكلامه من النور كسوة تلج آذان السامعين مع تلك الكسوة فتخرق حجب الشهوات حتى تصل إلى مستقر الإيمان من قلوبهم فتحيي ما مات منهم وتشفي ما سقم ومنها أن جعل لكلامه من السلطان ما يذهل نفوس المخلطين عن شهوانهم ومنها أن تأخذ نعمه النورانية بنواصي قلوب العباد الأباق فتردهم إلى الله جذبا وسيرا ومنها أن جعله من العملة الخزنة للقلوب ببذر يبذره فيزرعه الله فيها وينميه منها فلا منقبة أعلا منها . - (طب عن رافع) قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا إلى اليمن فعقد عليه لواءا فلما مضى قال : " يا أبا رافع ألحقه ولا تدعه من خلفه وليقف ولا يلتفت حتى أجيئه فأتاه فأوصاه بأشياء فذكره رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه يزيد بن أبي زياد مولى ابن عباس ذكره المزني في الرواية عن أبي رافع وابن حبان في الثقات . 7220 - (لئن بقيت) في رواية لئن عشت (إلى قابل) أي عشت إلى المحرم الآتي (لأصومن) اليوم (التاسع) مع عاشوراء مخالفة لليهود فلم يأت المحرم القابل حتى مات فيسن صومه وإن لم يصمه لأن ما عزم عليه فهو سنة قال التوربشتي : أراد أن يضم إليه يوما آخر ليكون هديه مخالفا لهدي أهل الكتاب لأنه وقع موقع الجواب لقولهم لأنه يوم يعظمه اليهود . - (م ه عن ابن عباس) ورواه عنه البيهقي بلفظ لآمرن بصيام يوم قبله ويوم بعده . 7221 - (لتأخذوا عني مناسككم) وهي مواقف الحج وأعمالها (فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه) هذا قاله في حجة الوداع حثا لهم على تعلم أعمال الحج وإحكام أحكامها وإعلاما لهم
[ 332 ]
بدنو أجله . - (م عن جابر) قال : رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر وبقوله ورواه عنه أيضا أبو داود والنسائي وابن خزيمة من عدة طرق . 7222 - (لتؤدن) بالبناء للمجهول وقوله (الحقوق) بالرفع أقيم مقام فاعله قال التوربشتي : هذه الرواية المعتد بها وزعم ضم الدال ونصب الحقوق والفعل مسند إلى الجماعة المخاطبين غير صحيح اه‍ . قال الطيبي : إن كان الرد لأجل الرواية فلا مقال وإن كان بحسب الرواية فإنه من باب التغليب (إلى أهلها يوم القيامة) على قسطاس العدل المستقيم (حتى يقاد للشاة الجلحاء) بالمد الجماء التي لا قرن لها (من الشاة القرناء) التي لها قرن (تنطحها) هذا صريح في حشر البهائم يوم القيامة وإعادتها كأهل التكليف وعليه تظاهر الكتاب والسنة ولا يمنع من إجرائه على ظاهره عقل ولا شرع قالوا : وليس شرط الحشر الثواب والعقاب وأما القصاص للجلحاء فليس من قصاص التكليف بل قصاص مقابلة . - (حم م) في الأدب (خد ت) في الزهد (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 7223 - (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم فيدعو خياركم فلا يستجاب لهم) [ ص 261 ] أي والله إن أحد الأمرين كائن إما ليكن منكم الأمر بالمعروف ونهيكم عن المنكر أو إنزال عذاب عظيم من عند الله ثم بعد ذلك الخيبة في الدعاء وصلاح النظام وجريان شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة في الإسلام فيجب الأمر والنهي حتى على من تلبس بمثله حتى بالغ البعض وقال : يجب على الزاني أمر المزني بها بستر وجهها كي لا ينظرها فيكون عاصيا بالزنا مطيعا بالكف عن النظر قال القاضي : اللام في لتأمرن اللام التي يتلقى بها القسم ولكونها في معرض قسم مقدر أكده بالنون المشددة وأو للعطف وفيه تهديد بليغ لتارك الإنكار وأن عذابه لا يدفع ودعاءه لا يسمع وفي أدنى من ذلك ما يزجر اللبيب . - (البزار) في مسنده وكذا الخطيب (عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بحسن فقد أعله الحافظ الهيثمي بأن فيه حبان بن علي وهو متروك وقال شيخه الزين العراقي : كلا طريقيه ضعيف . 7224 - (لتركبن) في رواية للشيخين لتتبعن (سنن) بفتح السين طريق (من كان قبلكم) سبيلهم ومناهجهم قيل : يا رسول الله اليهود والنصارى ؟ قال : فمن إذن ؟ هكذا هو ثابت عند الحاكم (شبرا بشبر وذراعا بذراع) بذال معجمة وشبرا نصب بنزع الخافض أي لتتبعن سنن من قبلكم اتباعا شبرا
[ 333 ]
متلبسا بشبر وذراعا متلبسا بذراع وهو كناية عن شدة الموافقة لهم في المخالفات والمعاصي لا الكفر ثم إن هذا لفظ خبر معناه النهي عن اتباعهم ومنعهم من الالتفات لغير دين الإسلام لأن نوره قد بهر الأنوار وشرعته نسخت الشرائع وذا من معجزاته فقد اتبع كثير من أمته سنن فارس في شيمهم ومراكبهم وملابسهم وإقامة شعارهم في الحروب وغيرها وأهل الكتابين في زخرفة المساجد وتعظيم القبور حتى كاد أن يعبدها العوام وقبول الرشا وإقامة الحدود على الضعفاء دون الأقوياء وترك العمل يوم الجمعة والتسليم بالأصابع وعدم عيادة المريض يوم السبت والسرور بخميس البيض وأن الحائض لا تمس عجينا إلى غير ذلك مما هو أشنع وأبشع (حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب لدخلتم) ممبالغة في الإتباع فإذا اقتصروا في الذي ابتدعوه فستقتصرون وإن بسطوا فستبسطوا حتى لو بلغوا إلى غاية لبلغتموها حتى كانت تقتل أنبياءها فلما عصم الله رسوله قتلوا خلفاءهم تحقيقا لصدق الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهو بضم الجيم وسكون الحاء المهملة والضب حيوان معروف يشبه الورل قال ابن خالويه : يعيش سبعمائة سنة فأكثر ولا يشرب ماء وخص جحر الضب لشدة ضيقه ومع ذلك فإنهم لاقتفائهم آثارهم واتباعهم مناهجهم لو دخلوا في مثل ذلك الضيق الردئ لوافقوهم وفي التنقيح أخذ من المعارضة إنما خص الضب لأن العرب يقولون هو قاضي الطير والبهائم وإنما اجتمعت إليه لما خلق الإنسان فوصفوه له فقال الضب تصفون خلقا ينزل الطائر من السماء ويخرج الحوت من البحر فمن كان ذا جناح فليطر ومن كان ذا مخلب فليختفي (وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه) قال ابن تيمية : هذا خرج مخرج الخبر عن وقوع ذلك والذم لمن يفعله كما كان يخبر عما يفعل الناس بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمة قال الحرالي : وجمع ذلك أن كفر اليهود أضل من جهة عدم العمل بعلمهم فهم يعملون الحق ولا يتبعونه عملا ولا قولا وكفر النصارى من جهة عملهم بلا علم يجتهدون في أصناف العبادة بلا شريعة من الله ويقولون ما لا يعلمون ففي هذه الأمة من يحذو حذو الفريقين ولهذا كان السلف كسفيان بن عيبنة يقولون من فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى قضاء الله نافذ بما أخبر رسوله صلى الله عليه وسلم بما سبق في علمه لكن ليس الحديث إخبارا عن جميع الأمة لما تواتر [ ص 262 ] عنه أنها لا تجتمع على ضلالة ثم إنه فسر هنا باليهود والنصارى وفي خبر البخاري بفارس والروم ولا تعارض لاختلاف الجواب بحسب اختلاف المقام فحيث قيل فارس والروم كان ثم قرينة تتعلق بالحكم بين الناس وسياسة الرعية وحيث قيل اليهود والنصارى كان هناك قرينة تتعلق بأمر الديانات أصولها وفروعها . - (ك) في الإيمان (عن ابن عباس) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا البزار قال الهيثمي : ورجاله ثقات ورواه البخاري ومسلم بدون قوله حتى لو أن أحدهم جامع امرأته إلخ . 7225 - (لتزدحمن هذه الأمة) أي أمة الإجابة (على الحوض) الكوثر يوم القيامة (ازدحام إبل وردت لخمس) من الأيام أي فطمت عن الماء أربعة أيام حتى اشتد عطشها ثم أوردت في اليوم الخامس فكما أنها تزدحم عليه لشدة ظمأها فكذلك الأمة المحمدية تزدحم على الحوض يوم القيامة لشدة
[ 334 ]
ما تقاسيه ذلك اليوم من شدة الحر لدنو الشمس من رؤوسهم وكثرة العرق والكرب . - (طب عن العرباض) بن سارية رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : رواه باسنادين أحدهما حسن . 7226 - (لتستحلن طائفة من أمتي الخمر باسم يسمونها إياه) فيقولون هذا نبيذ مع أنه مسكر وكل مسكر خمر لأنه يخامر العقل وهذا وعيد للقائلين بحل النبيذ المسكر . - (حم والضياء) المقدسي في المختارة (عن عبادة بن الصامت) . 7227 - (لتفتحن القسطنطينية) بضم القاف وسكون السين وفتح الطاء وسكون النون وكسر الطاء الثانية أعظم مدائن الروم بناها قسطنطين الملك وهو أول من تنصر من ملوك الروم (ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش) تقدم كون يزيد بن معاوية غير مغفور له وإن كان من ذلك الجيش لأن الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ولا كذلك يزيد . - (حم ك) في الفتن (عن) أبي عبيد الله (بشر الغنوي) وقيل الخثعمي وأقره عليه الذهبي . 7228 - (لتملأن الأرض جورا وظلما) الجور الظلم يقال جار في حكمه جورا إذا ظلم فجمع بينهما إشارة إلى أنه ظلم بالغ مضاعف (فإذا ملئت جورا وظلما يبعث الله رجلا مني) أي من أهل بيتي (اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي فيملؤها عدلا وقسطا) العدل خلاف الجور وكذلك القسط وجمع بينهما لمثل ما تقدم في ضده (كما ملئت جورا وظلما فلا تمنع السماء شيئا من قطرها ولا الأرض شيئا من نباتها يمكث فيكم سبعا أو ثمانيا فإن أكثر فتسعا) يعني من السنين وهذا هو المهدي المنتظر خروجه آخر الزمان . - (طب) وكذا في الأوسط (عن قرة بن إياس المزني) بضم الميم وفتح الزاي قال الهيثمي : رواه من طريق داود بن المجر عن أبيه وكلاهما ضعيف . 7229 - (لتملأن الأرض ظلما وعدوانا ثم ليخرجن رجل من أهل بيتي حتى يملأها قسطا
[ 335 ]
وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا) [ ص 263 ] العدوان هو الظلم يقال عدا عليه يعدو عدوانا وظلما أي ظلم وتجاوز الحد فجمع لمثل ما تقدم في ضده . - (الحارث) بن أبي أسامة (عن أبي سعيد) الخدري . 7230 - (لتنتقون) بالبناء للمفعول أي لتنظفون (كما ينتقى التمر من الحثالة) أي الردئ يعني لتنظفن كما ينظف التمر الجيد من الردئ (فليذهبن خياركم) أي بالموت (وليبقين شراركم فموتوا إن استطعتم) أي فإذا كان كذلك فإن كان الموت باستطاعتكم فموتوا فإن الموت عند انقراض الأخيار خير من الحياة في هذه الدار . - (ه ك) في الرقائق (عن أبي هريرة) قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي فيه وعند ابن ماجه طلحة بن يحيى قال في الكاشف : وثقه جمع وقال البخاري : منكر الحديث . 7231 - (لتنتهكن الأصابع بالطهور) بالبناء للفاعل ويصح للمفعول (أو لتنتهكنها النار) أي لتبالغن في غسلها في الوضوء والغسل أو لتبالغن نار جهنم في إحراقها فأحد الأمرين كائن لا محالة إما المبالغة في إيصال الماء إليها بالتخليل وإما أن يتخللها نار جهنم وهذا وعيد شديد على عدم إيصال الماء لما بين الأصابع . - (طب عن أبي مسعود) قال الهيثمي : وسنده حسن وقال المنذري : رواه الطبراني في الأوسط مرفوعا ووقفه في الكبير على ابن مسعود بإسناد حسن . 7232 - (لتنقضن) بالبناء للمجهول أي تنحل ، نقضت الحبل نقضا حللت برمه وانتقض الأمر بعد التئامه فسد (عرى الإسلام) جمع عروة وهي في الأصل ما يعلق به من طرف الدلو والكوز ونحوهما فاستعير لما يتمسك به من أمر الدين ويتعلق به من شعب الإسلام (عروة عروة) قال أبو البقاء : بالنصب على الحال والتقدير ينقض متتابعا فالأول كقولهم ادخلوا الأول فالأول أي شيئا بعد شئ (فكلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها) أي تعلقوا بها يقال تشبث به أي تعلق (فأولهن نقضا الحكم) أي القضاء وقد كثر ذلك في زمننا حتى في القضية الواحدة تنقض وتبرم مرات بقدر الدراهم (وآخرهن الصلاة) حتى أن أهل البوادي الآن وكثيرا من أهل الحضر لا يصلون رأسا ومنهم من يصلي رياء وتكلفا * (وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس) * . - (حم حب ك) في الأحكام (عن أبي أمامة) قال الحاكم : صحيح تفرد به عبد العزيز بن عبيد الله عن إسماعيل وتعقبه الذهبي بأن عبد العزيز ضعيف وقال الذهبي : رجال أحمد رجال الصحيح .
[ 336 ]
7233 - (لجهنم سبعة أبواب باب منها لمن سل السيف على أمتي) وقاتلهم به وفي رواية على أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال الحكيم : والمراد الخوارج ثم أخرج بسنده عن كعب الأحبار أنه قال للشهيد نوران ولمن قتل الخوارج عشرة أنوار ولجهنم سبعة أبواب باب منها للحرورية وخص السيف لكونه أعظم آلات القتال فذلك الباب لمن قاتلهم ولو بالحراب والنشاب . - (حم ت عن ابن عمر) بن الخطاب قال الترمذي : غريب . 7234 - (لحجة) واحدة (أفضل من عشرة غزوات) أي لمن لم يحج (ولغزوة) واحدة (أفضل من عشر حجات) لمن لم يغز [ ص 264 ] وقد حج الفرض . - (هب عن أبي هريرة) وفيه سعيد بن عبد الجبال أورده الذهبي في الضعفاء وقال النسائي : ليس بثقة . 7235 - (لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم) ما لم تصيدوه أو يصاد لكم كذا للأكثر . قال الطيبي : وفيه إشكال إذ قضية العربية أو يصد لكم لعطفه على المجزوم وغاية ما يتكلف به أن يقال إنه عطف على المعنى فإنه لو قيل ما لا تصيدونه أو يصاد لكم لكان ظاهرا فيقدر هذا المعنى قال الشافعي : هذا أحسن حديث في هذا الباب وأقيس والعمل عليه اه‍ . وعليه ابن عباس وطاوس والثوري . - (ك) من حديث ابن عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب عن مولاه المطلب (عن جابر) قال ابن حجر : وعمرو مختلف فيه وإن كان من رجال الصحيحين ومولاه قال الترمذي : لا نعرف له سماعا من جابر اه‍ . ورواه الطبراني باللفظ المزبور عن أبي موسى قال الهيثمي : وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن جابر قال الغرياني في مختصره : والمطلب وثقه أبو زرعة والمؤلف وضعفه ابن سعد وقال أبو حاتم : عامة حديثه مرسل ومولاه ينظر فيه . 7236 - (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل مسلم) وفي رواية لأبي نعيم مؤمن قال الطيبي : الدنيا هنا عبارة عن الدار القربى التي هي معبر الدار الأخرى ومزرعة لها وما خلقت السماوات إلا لتكون مسرح أنظار المشمرين ومتعهدات المطيعين كما يشير إليه * (ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا) * أي بغير حكمة بل خلقته لأن جعلته مساكن
[ 337 ]
المكلفين فمن حاول قتل من خلقت الدنيا لأجله فقد حاول زوال الدنيا . فائدة : أخرج ابن الأثير في أسد الغابة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج مهاجرا إلى المدينة جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن يرده عليهم أي ليقتلوه . - (ت) في الديات (ن) في المحاربين (عن ابن عمرو) بن العاص مرفوعا وموقوفا قال الترمذي عن البخاري : وقفه أصح ورواه البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ والله للدنيا وما فيها أهون على الله من قتل مؤمن بغير حق لكن تعقبه الذهبي بأن فيه يزيد بن زياد الشامي تالف وقضية صنيع المصنف أن هذا الحديث الذي خرجه ليس في الصحيحين ولا أحدهما والأمر بخلافه بل هو في مسلم كما حكاه المنذري وغيره عنه . 7237 - (لسان القاضي بين جمرتين إما إلى الجنة وإما إلى النار) أي يقوده إلى الجنة إن نطق بالعدل أو يقوده إلى نار جهنم إن جار أو قضى على جهل . - (فر عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو نعيم ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا ثم إن فيه يوسف بن أسباط وقد سبق عن جمع تضعيفه . 7238 - (لست أخاف على أمتي غوغاء تقتلهم) الغوغاء الجراد حين يخف للطيران ثم استعير للسفلة المتسرعين إلى الشر (ولا عدوا يجتاحهم) أي يهلكهم (ولكني أخاف على أمتي أئمة مضلين إن أطاعوهم فتنوهم وإن عصوهم قتلوهم) وهذا من أعلام نبوته ومعجزاته فإن ما خافه عليهم وقع . - (طب عن أبي أمامة) الباهلي . 7239 - (لست أدخل دارا فيها نوح) على ميت (ولا كلب أسود) فإن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب والنوح حرام . - (طب [ ص 255 ] عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه ابن بهنك ضعفه جمع ووثقه ابن حبان وقال : يخطئ . 7240 - (لست من دد) بفتح الدال الأولى وكسر الثانية بضبط المصنف (ولا الدد مني) أي لست من اللهو واللعب ولا هما مني ومعنى تنكير الدد في الجملة الأولى الشياع وأن لا يبقى طرف منه إلا وهو منزه عنه كأنه قال ما أنا من نوع من أنواع الدد وما أنا في شئ منه وتعريفه في الثانية لأنه صار معهودا بالذكر كأنه قال ولا ذلك النوع مني وليس يحسن أن يكون لتعريف الجنس لأن الكلام يتفكك
[ 338 ]
ويخرج عن التئامه وإنما لم يقل ولا هو مني لأن التصريح آكد وأبلغ والكلام جملتان وفي الموضعين مضاف محذوف تقديره وما أنا من أهل دد ولا الدد من أشغالي أفاده كله الزمخشري . - (خذ هق عن أنس) بن مالك (طب عن معاوية) قال الهيثمي : رواه الطبراني عن أحمد بن محمد بن نصر الترمذي عن محمد بن عبد الوهاب الأزهري ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات . 7241 - (لست من دد ولا دد مني ولست من الباطل ولا الباطل مني) لا يناقضه هو وما قبله أنه كان يمزح لأنه كان لا يقول في مزاحه إلا حقا واستدل به من ذهب إلى تحريم الغناء كالقرطبي لأن النبي صلى الله عليه وسلم تبرأ منه وما تبرأ منه حرام وليس بسديد إذ ليس كل لهو ولعب محرما بدليل لعب الحبشة بمسجد المصطفى صلى الله عليه وسلم بمشهده . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) وفيه يحيى بن محمد بن قيس المدني المؤذن قال في الميزان : ضعفه ابن معين وغيره لكن ليس بمتروك وساق له أخبارا هذا منها وقضية اقتصار المصنف على ابن عساكر أنه لا يعرف مخرجا لأشهر منه ممن وضع لهم الرموز والأمر بخلافه فقد خرجه الطبراني وكذا البزار عن أنس باللفظ المذكور قال الهيثمي : وفيه يحيى المذكور وقد وثق لكن ذكر هذا الحديث من منكراته قال الذهبي : لكن تابعه عليه غيره . 7242 - (لست من الدنيا وليست) الدنيا (مني إني بعثت) أنا (والساعة تستبق) هذا لا يعارضه تمدحه بما خص به من الغنائم التي لم تحل لغيره لأن إحلالها له وتمدحه بها ليس لنفسه بل للمصالح العامة . - (الضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك . 7243 - (لسفرة في سبيل الله خير من خمسين حجة) لمن حج ولم يقر مع توجه فرض الجهاد عليه . (أبو الحسن الصقيل) بفتح المهملة وسكون المثناة وفتح القاف وآخره لام نسبة لمن يصقل السيف والمرآة ونحوهما واشتهر بها جماعة منهم هذا (في) كتاب (الأربعين عن أبي مضاء) لم أر في الصحابة من يكنى بأبي مضاء فليحرر . 7244 - (لسقط) بالتثليث الولد يسقط قبل تمامه (أقدمه بين يدي أحب إلي من) رجل (فارس أخلفه خلفي) لفظ رواية ابن ماجه أخلفه ورائي أي بعد موتي وذلك لأن الوالد إذا مات ولده قبله يكون أجر
[ 339 ]
مصابه بفقده في ميزان الأب وإذا مات الوالد قبله يكون أجر المصيبة في ميزان الابن وهذه تسلية عظيمة في موت الأولاد وفيه رد على ابن عبد السلام في ذهابه إلى أنه لا أجر في المصيبة لأنها ليست من كسب العبد بل في الصبر عليها . - (ه عن أبي هريرة) وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي قال في الكاشف : ضعيف قال الديلمي : في الباب عمر . 7245 - (لشبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها) لأن محل الشبر باق والدنيا فانية والباقي وإن قل خير من الفاني وإن كثر . - (ه عن أبي سعيد) الخدري (حل عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه . 7246 - (لصوت أبي طلحة) زيد بن سهل بن الأسود بن حرام بن عمرو الأنصاري الخزرجي من أكابر الصحابة (في الجيش خير من فئة) أي أشد على المشركين من صوت جماعة والفئة الجماعة ولا واحد لها من لفظها وجمعها فئات وقد تجمع بالواو والنون جبرا لما نقص ، كان أبو طلحة يرمي بين يدي المصطفى صلى الله عليه وسلم يوم أحد والمصطفى صلى الله عليه وسلم خلفه فكان إذا رمى يشخص المصطفى صلى الله عليه وسلم لينظر أين يقع سهمه فكان أبو طلحة يرفع صدره ويقول : هكذا يا رسول الله لا يصيبك سهم نحري دون نحرك . ومن كراماته ما رواه أبو يعلى عن أنس أنه قرأ سورة براءة فأتى على آية * (انفروا خفافا وثقالا) * (التوبة : 41) فقال : لأرى ربي يستفزني شابا وشيخا جهزوني فقال بنوه : غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض ومع أبي بكر وعمر فنحن نغزو عنك قال : جهزوني فركب البحر فمات فلم يجدوا له جزيرة يدفنوه إلا بعد سبعة أيام فلم يتغير اه‍ . قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . - (حم ك) وكذا أبو يعلى كلهم (عن أنس) وفي رواية لأحمد وأبي لصوت أبي طلحة أشد على المشركين من فئة اه‍ . قال الهيثمي بعد ما ذكر الروايتين : رجال هذه الرواية رجال الصحيح فأعجب للمصنف كيف أهمل الرواية المشهود لها بالصحة وآثر غيرها مختصرا عليها . 7247 - (لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل) قال الواقدي : وكان أبو طلحة راميا صيتا (فائدة) أخرج أبو يعلى عن أنس قال : مطرت السماء فقال أبو طلحة : ناولني من البرد فجعل يأكل وهو صائم ويقول ليس هو بطعام ولا شراب وإنما هو بركة من السماء فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقال : خذ من عمك اه‍ . - (ك) في المناقب (عن جابر) قال الحاكم : رواته ثقات وأقره الذهبي . 7248 - (لعثرة في كد حلال) أي لسقطة أو كبوة في الجهد في طلب الكسب الحلال لأجل نفقة العيال قال قي الصحاح : الكد الشدة في العمل وفي طلب الكسب (على عيل) وزان جيد بفتح وتشديد
[ 340 ]
(محجوب) أي ممنوع من البروز والتصرف كالنساء والأطفال (أفضل عند الله من ضرب بسيف) في الجهاد (حولا) أي عاما وزاد قوله (كاملا) لأن الحول اسم للعام وإن لم يمض لأنه سيكون حولا تسمية بالمصدر وأصله حال يحول حولا إذا مضى (لا يجف دما مع إمام عادل) مقصود الحديث الحث على القيام بأمر العيال والتحذير من إضاعتهن وأن القيام بذلك أفضل من الجهاد في سبيل الله عاما كاملا والكلام في من له عيال متى أهملهن ضاعوا لكونهن لا منفق لهن إلا هو والجهاد ليس بفرض عين عليه . (ابن عساكر) في التاريخ (عن عثمان) بن عفان ورواه عنه أيضا الديلمي باللفظ المذبور . 7249 - (لعلك ترزق به) أصله أنه كان أخوان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أحدهما يأتي النبي صلى الله عليه وسلم والآخر يحترف أي يكتسب ويتسبب فشكى المحترف أخاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره . - (ت ك [ ص 267 ] عن أنس) قال كان أخوان فساقه كما ذكر قال الترمذي : صحيح غريب وفي الرياض : أسانيده صحيحة . 7250 - (لعلكم ستفتحون بعدي مدائن) بالهمز على القول بأصالة الميم ووزنها فعائل وبغير همز على القول بزيادة الميم وأنها من مدن ووزنها مفاعل والمدينة المصر الجامع (عظاما وتتخذون في أسواقها مجالس) لنحو البيع والشراء (فإذا كان ذلك فردوا السلام) على من سلم عليكم (وغضوا أبصاركم) أي اخفضوا منها يقال غض الرجل طرفه ومن طرفه غضا خفض يعني اخفضوها عن نظر ما يكره النظر إليه كتأمل حرم المؤمنين ولو في الأزر المعهودة الآن لأنها تحكي ما وراءها من الأعطاف والأرداف بل والملبوس وفي ذلك من الفتنة ما لا يخفى (واهدوا الأعمى وأعينوا المظلوم) على من ظلمه بالقول والفعل حيث أمكن ذلك . - (طب عن وحشي) بن حرب قاتل حمزة ومسيلمة رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي : رجاله كلهم ثقات وفي بعضهم ضعف . 7251 - (لعنة الله على الراشي والمرتشي) أي البعد من مظان الرحمة ومواطنها نازل وواقع عليهما وأل فيهما للجنس وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أصنافا كثيرة تزيد على عشرين يأتي أكثرها وفي جواز لعن أهل المعاصي من أهل القبلة خلف محصوله أن اللعن إما أن يتعلق بمعين أو بالجنس فلعن الجنس يجوز والمعين موقوف على السماع من الشارع ولا قياس . - (حم د) في القضاء (ت د) في الأحكام (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي : حسن صحيح ورواه عنه أيضا الطبراني في الصغير قال الهيثمي : ورجاله ثقات .
[ 341 ]
7252 - (لعن الله الخامشة وجهها) أي جارحته بأظفارها وخادشته ببنانها (والشاقة جيبها) أي جنب قميصها عند المصيبة (والداعية) على نفسها (بالويل) أي الحزن والمشقة (والثبور) الهلاك يا حزني يا هلاكي قال الحرالي : واللعن إسقاط الشئ إلى أردى محل حتى يكون في الرتبة بمنزلة النعل من القامة اه‍ . - (ه حب عن أبي أمامة) الباهلي . 7253 - (لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها) قال في الصحاح : اعتصرت عصيرا اتخذته ، قال الأشرفي : قد يكون عصيره لغيره والمعتصر من يعتصر لنفسه نحو كال واكتال وقصد واقتصد (وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها) أي ولعن الله آكل ثمنها بالمد أي متناوله بأي وجه كان وخص الأكل لأنه أغلب وجوه الانتفاع قال الطيبي : ومن باع العنب من العاصر فأخذ ثمنه فهو أحق باللعن قال : وأطنب فيه ليستوعب مزاولتها مزاولة ما بأي وجه كان قال ابن العربي : وقد لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر في الخمر عشرة ولم ينزله ولم يرتبه أحد من الرواة وتنزيله يفتقر إلى علم وافر وذلك أن يكون بشيئين أحدهما الترتيب من جهة تصوير الوجود الثاني من جهة كثرة الإثم أما بتنزيلها وترتيبها من جهة الوجود فهو المعتصر ثم العاصر ثم البائع ثم الآكل من الثمن ثم المشتري ثم الحامل ثم المحمول إليه ثم المشتراة له ثم الساقي ثم الشارب وأما من جهة كثرة الإثم فالشارب ثم الآكل لثمنها ثم البائع ثم الساقي وجميعهم يتفاوتون في الدركات في الإثم وقد يجتمع الكل منها في شخص واحد وقد يجتمع البعض ونعوذ بالله من الخذلان وتضاعف السيئات وفيه أن يحرم بيع المسكر قال شيخ الإسلام زكريا : وجه الدلالة أنه [ ص 268 ] يدل على النهي عن التسبب إلى الحرام وهذا منه وأخذ منه الشيخ أنه يحرم بيع الحشيشة ويعزر بائعها وآكلها . (فائدة) روى أحمد من طريق نافع بن كيسان عن أبيه أنه كان يتجر في الخمر فأقبل من الشام فقال : يا رسول الله جئتك بشراب جيد فقال : يا كيسان إنها حرمت بعدك قال : فأبيعها قال : إنها حرمت وحرم ثمنها وروى أحمد وأبو يعلى من حديث تميم الداري أنه كان يهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام راوية خمر فلما كان عام حرمت جاء براوية قال : أشعرت أنها قد حرمت بعدك قال : أفلا أبيعها وأنتفع بثمنها فنهاه كذا في الفتح . - (د) في الأشربة (ك) في الأشربة (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح اه‍ . وفيه عبد الرحمن الغافقي قال ابن معين : لا أعرفه ورواه ابن ماجه عن أنس قال المنذري : ورواته ثقات . 7254 - (لعن الله الراشي والمرتشي) أي المعطي والآخذ (في الحكم) سمي منحة الحكام رشوة لكونها وصلة إلى المقصود بنوع من التصنع مأخوذ من الرشاء وهو الحبل الذي يتوصل به إلى البئر
[ 342 ]
والرشوة المحرمة ما توصل به إلى إبطال حق أو تمشية باطل أما ما وقع للتوصل لحق أو دفع ظلم فليس برشوة منهية وقال الزمخشري : الرشوة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة وقد رشاه رشوا فارتشا ككساه فاكتسى من رشا الفرخ إذا مد عنقه لأمه لتزقه وإنما يدخل الراشي في اللعن إذا لم يندفع بماله مضرة اه‍ . وقال البيضاوي : إنما سمى منحة الحكام رشوة بالكسر والضم لأنها وصلة إلى المقصود بنوع من التصنع مأخوذ من الرشاء وهو الحبل الذي يتوصل به إلى نزح الماء قال الذهبي : فيه أن الرشوة كبيرة قال : والناس في القضاء على مراتب في الجودة والرداءة والقاضي مكشوف للناس لا يمكنه التستر والناس شهداء الله في أرضه فمن ارتشى منهم وجار وتضرر به الخلق فقد رأيناه جهارا . - (حم ت ك عن أبي هريرة) ورواه الطبراني في الكبير عن أم سلمة قال الهيثمي : ورجاله ثقات وقال المنذري : إسناده جيد قال الترمذي : وفي الباب عن ابن عمر وعائشة . قال ابن حجر : وعبد الرحمن بن عوف وثوبان . 7255 - (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش) بالشين المعجمة وهو السفير (الذي يمشي بينهما) يستزيد هذا ويستنقص هذا لأن الرشوة على تبديل أحكام الله إنما هي خصلة نشأت من اليهود المستحقين اللعنة فإذا سرت الخصلتان إلى أهل الإسلام استحقوا من اللعن ما استحقه اليهود كذا في المطامح وقد جاء النهي عن الرشا حتى في التوراة ففي السفر الثاني منها لا تقبلن الرشوة فإن الرشوة تعمي أبصار الحكام في القضاء وقضية صنيع المؤلف أن قوله الذي يمشي بينهما من الحديث وليس كذلك بل هو تفسير من كلام الراوي . - (حم) وكذا الطبراني والبزار (عن ثوبان) قال المنذري : فيه أبو الخطاب لا يعرف والهيثمي : فيه أبو الخطاب وهو مجهول اه‍ . وبه يعرف أن جزم السخاوي بصحة سنده مجازفة . 7256 - (لعن الله) آكل (الربا) قال القاضي : الربا في الأصل الزيادة نقل إلى ما يؤخذ زائدا علي ما بذل في المعاملات وإلى العقد المشتمل عليه والمراد به هنا القدر الزائد (وآكله) متناوله قال الحرالي : عبر بالأكل عن المتناول لأنه أكبر المقاصد وأضرها ويجري من الإنسان مجرى الدم (وموكله) معطيه ومطعمه (وكاتبه وشاهده) واستحقاقهما اللعن من حيث رضاهما به وإعانتهما عليه (وهم) أي والحال أنهم (يعلمون) أنه ربا لأن منهم المباشر للمعصية والمتسبب وكلاهما آثم أحدهما بالمباشرة والآخر بالسببية قال الذهبي : وليس إثم من استدان محتاجا لربا كإثم المرابي الغني بل دونه واشتركا في الوعيد (والواصلة) شعرها بشعر أجنبي ولو أنثى مثلها (والمستوصلة) التي تطلب ذلك [ ص 269 ] (والواشمة) فاعلة الوشم بأن تجرح جلد الوجه بحديدة حتى إذا جرى الدم حتته بنحو كحل حتى تحسن به نفسها (والمستوشمة) التي تطلب أن يفعل الوشم بها (والنامصة) أي الناتفة لشعر الوجه منها أو غيرها
[ 343 ]
(والمستنمصة) التي تطلب أن يفعل بها ذلك والنمص النتف والمنماص المنقاش وفيه أن هذه المذكورات كبائر قاله الذهبي . - (طب عن ابن مسعود) . 7257 - (لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل) فيه كما قال النووي حرمة تشبه الرجال بالنساء وعكسه لأنه إذا حرم في اللباس ففي الحركات والسكنات والتصنع بالأعضاء والأصوات أولى بالذم والقبح فيحرم على الرجال التشبه بالنساء وعكسه في لباس اختص به المشبه بل يفسق فاعله للوعيد عليه باللعن . قال جمع : ليس المراد هنا حقيقة اللعن بل التنفير فقط ليرتدع من سمعه عن مثل فعله ويحتمل كونه دعاء بالإبعاد وقد قيل إن لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم لأهل المعاصي كان تحذيرا لهم عنها قبل وقوعها فإذا فعلوها استغفر لهم ودعا لهم بالتوبة وأما من أغلظ له ولعنه تأديبا على فعل فعله فقد دخل في عموم شرطه حيث قال : سألت ربي أن يجعل لعني له كفارة ورحمة . - (د ك) في اللباس (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرط مسلم ، وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر : إسناده صحيح وقال في الرياض : إسناده صحيح . 7258 - (لعن الله الرجلة من النساء) أي المترجلة وهو بفتح الراء وضم الجيم التي تتشبه بالرجال في زيهم أو مشيهم أو رفع صوتهم أو غير ذلك أما في العلم والرأي فمحمود ويقال كانت عائشة رجلة الرأي قال الذهبي : فتشبه المرأة بالرجل بالزي والمشية ونحو ذلك من الكبائر ولهذا الوعيد قال : ومن الأفعال التي تلعن عليها المرأة إظهارها الزينة والذهب واللؤلؤ من تحت الثياب وتطيبها بنحو مسك وعنبر ولبسها المصبغات والمداس إلى ما أشبه ذلك من الفضائح . - (د) في اللباس (عن عائشة) وسكت عليه أبو داود ورمز المصنف لحسنه وأصله قول الذهبي في الكبائر : إسناده حسن . 7259 - (لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين) بفتح اللام (هاروت وماروت) قيل إنها امرأة سألتهما عن الاسم الذي يصعدان به إلى السماء فعلماها إياه فتكلمت به فعرجت فمسخت كوكبا وهي الزهرة وكان ابن عمر يكرهها وقيل إن الزهرة نزلت إليهما في صورة امرأة من فارس وجاءت إلى الملكين ففتنتهما فمسخت وبقيا في الأرض لأنهما خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما في سرب الأرض معلقان يصفقان بأجنحتهما . - (ابن راهويه وابن مردويه عن علي) أمير المؤمنين .
[ 344 ]
7260 - (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده) أي يسرق البيضة أو الحبل فيعتاد السرقة حتى يسرق ما تقطع فيه يده أو المراد جنس البيض والحبل فلا تدافع بينه وبين أحاديث اعتبار النصاب وأما تأويله ببيضة الحديد وحبل السفينة فرد بأن السياق وكلام العرب يأباه مع ما فيه من صرف اللفظ عما يتبادر منه من بيضة الدجاجة والحبل المعهود غالبا المؤيد إرادته بالتوبيخ باللعن لقضاء العرف بتوبيخ سارق القليل لا الكثير وحينئذ فترتب القطع على سرقة [ ص 270 ] ذلك لعله يجر إلى سرقة غيره مما يقطع فيه أقرب قال الطيبي : المراد باللعن هنا الإهانة والخذلان كأنه قيل لما استعمل أعز شئ في أحقر شئ خذله الله حتى قطع والحاصل أن المراد بالخبر أن السارق سرق الجليل والحقير فتقطع يده فكأنه تعجيز له وتضعيف لرأيه وتقبيح لفعله لكونه باع يده بقليل الثمن وبكثيره وصيرها بعدما كانت ثمينة خسيسة مهينة فهب أنه عذر بالجليل فلا عذر له بالحقير ومن تعود السرقة لم يتمالك من غلبة العادة التمييز بين الجليل والحقير قال عياض : فيه جواز اللعن بالصفة كما قال الله تعالى * (ألا لعنة الله على الظالمين) * لأن الله توعد ذلك الصنف وينفذ الوعيد فيمن شاء ولا بد أن يكون في ذلك الصنف من يستحق ذلك قال الأبي : والإجماع انعقد على أنه لا بد من نفوذ الوعيد في طائفة من العصاة لأنه تعالى توعدهم وكلامه صدق فلا بد من وقوعه وهل المراد طائفة من جميع العصاة أو طائفة من كل صنف الظاهر الثاني لأنه توعد كل صنف على حدته . - (حم ق ن ه عن أبي هريرة) . 7261 - (لعن الله العقرب) أي طردها من الرحمة وأبعدها ثم علل استحقاق اللعن بقوله (ما تدع) أي تترك (المصلي وغير المصلي) إلا لدغته (اقتلوها في الحل والحرم) لكونها من المؤذيات وهذا قاله لما لدغته وهو يصلي وروى أبو يعلى عن عائشة أنه كان لا يرى بقتلها في الصلاة بأسا . - (ه عن عائشة) وسنده ضعيف لكن يتقوى بوروده من عدة طرق وقد أخرج ابن منده في معرفة الصحابة من حديث الحارث بن خفاف بن أيمي بن رخصة الغفاري عن أمه عن أبيها قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عاصبا يده من عقرب لدغته والحارث روى له مسلم وأبوه خفاف بضم الخاء المعجمة صحابي بايع تحت الشجرة وأبوه أيمي بن رخصة صحابي مشهور وهو سيد غفار ووافدهم لم يخرجوا له شيئا . 7262 - (لعن الله العقرب ما تدع نبيا ولا غيره إلا لدغتهم) قاله لما لدغته عقرب بأصبعه فدعا بإناء فيه ماء وملح فجعل يضع الملدوغ فيه ويقرأ * (قل هو الله أحد) * والمعوذتين حتى سكنت فجمع العلاج بالدواء المركب من الطبيعي والإلهي فإن في سورة الإخلاص كمال التوحيد
[ 345 ]
العلمي والاعتقادي وغير ذلك وفي المعوذتين الاستعاذة من كل مكروه جملة وتفصيلا والملح نافع للسم قال ابن سينا : يضمد به مع بزر الكتان للسع العقرب وفي الملح قوة جاذبة محللة ولما كان في لسعها قوة نارية جمع بين الماء المبرد والملح الجاذب تنبيها على أن علاج السميات بالتبريد والجذب . - (هب عن علي) أمير المؤمنين قال : لدغت النبي صلى الله عليه وسلم عقرب وهو يصلي فلما فرغ قال ذلك ثم دعا بماء وملح ومسح عليها ثم قرأ * (قل يا أيها الكافرون) * والمعوذتين ورواه عنه أيضا الطبراني في الصغير قال الهيثمي : واسناده حسن . 7263 - (لعن الله القاشرة) بقاف وشين معجمة تعالج وجهها أو وجه غيرها بالحمرة ليصفو لونها (والمقشورة) التي يفعل بها ذلك كأنها تقشر أعلى الجلد قال الزمخشري : القشر أن يعالج وجهها بالحمرة حتى ينسحق أعلى الجلد ويصفو اللون وفيه أن ذلك حرام لأنه تغيير لخلق الله . - (حم عن عائشة) قال الهيثمي : فيه من لم أعرفه من النساء . 7264 - (لعن الله الذين يشققون الخطب) بضم ففتح جمع خطبة بضم فسكون المواعظ المعروفة (تشقيق الشعر) بكسر الشين وسكون العين أي يلوون ألسنتهم بألفاظ الخطبة يمينا وشمالا ويتكلف فيها الكلام الموزون المسجع حرصا [ ص 271 ] على التفصح واستعلاء على الغير تيها وكبرا يقال تشقق في الكلام والخصومة إذا أخذ يمينا وشمالا وترك القصد وتصلف وتكلف ليخرج الكلام أحسن مخرج . - (حم عن معاوية) قال الهيثمي : فيه جابر الجعفي وهو ضعيف . 7265 - (لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال) فيما يختص به من نحو لباس وزينة وكلام وغير ذلك (والمتشبهين من الرجال بالنساء) كذلك قال ابن جرير فيحرم على الرجل لبس المقانع والخلاخل والقلائد ونحوها والتخنث في الكلام والتأنث فيه وما أشبهه قال : ويحرم على الرجل لبس النعال الرقاق التي يقال لها الحذو والمشي بها في المحافل والأسواق اه‍ . وما ذكره في النعال الرقيقة لعله كان عرف زمنه من اختصاصها بالنساء أما اليوم فالعرف كما ترى أنه لا اختصاص وقال ابن أبي جمرة : ظاهر اللفظ الزجر عن التشبه في كل شئ لكن عرف من أدلة أخرى أن المراد التشبه في الزي وبعض الصفات والحركات ونحوها لا التشبه في الخير وحكمة لعن من تشبه إخراجه الشئ عن صفته التي وضعها عليه أحكم الحكماء . - (حم د ت ه عن ابن عباس) قال : إن امرأة مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم متقلدة قوسا فذكره وظاهر كلامه أن ذا لا يوجد مخرجا في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه وهو ذهول عجيب فقد رواه سلطان هذا الشأن في صحيحه في اللباس عن ابن عباس ولفظه لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال اه‍ . والتقديم والتأخير ليس عذرا في ترك العزو إليه .
[ 346 ]
7266 - (لعن الله المحلل) بكسر اللام الأولى (والمحلل له) قال القاضي : الذي يتزوج مطلقة غيره ثلاثا بقصد أن يطلقها بعد الوطء ليحل للمطلق نكاحها فكأنه يحلها على الزوج الأول بالنكاح بالوطء والمحلل له الأول وإنما لعنهما لما فيه من هتك المروءة وقلة الحياء والدلالة على خسة النفس أما بالنسبة للمحلل له فظاهر وأما بالنسبة للمحلل فلأنه يعير نفسه بالوطء لغرض الغير فإنه إنما يطؤها ليعرضها الوطء المحلل له ولذلك مثل كما في خبر بالتيس المستعار وليس في الخبر ما يدل لبطلان العقد كما قيل بل لصحته من حيث إنه سمى العاقد محللا وذلك إنما يكون إذا كان العقد صحيحا فإن الفاسد لا يحلل هذا إن أطلق العقد فإن شرط فيه الطلاق بعد الدخول بطل ذكره القاضي . - (حم عن علي) أمير المؤمنين (ت ن عن ابن مسعود عن جابر) قال الترمذي : حسن صحيح قال ابن القطان : ولم يلتفت لكونه من رواية أبي قيس عبد الرحمن بن مروان وهو مختص به اه‍ . وقال ابن حجر : رواته ثقات وقال الذهبي في الكبائر : صح من حديث ابن مسعود ورواه النسائي والترمذي بإسناد جيد عن علي رواه أهل السنن إلا النسائي هذه عبارته وبه يعرف ما في صنيع المؤلف من عدم تحرير التخريج . 7267 - (لعن الله المختفي والمختفية) المختفي النباش عند أهل الحجاز من الاختفاء والاستخراج الاستتار لأنه يسرق في خفية ومنه خبر من اختفى ميتا فكأنما قتله . - (هق عن عائشة) . 7268 - (لعن الله المخنثين) من خنث يخنث كعلم يعلم إذا لان وتكسر (من الرجال) تشبيها بالنساء والمخنث من يتخلق بخلق النساء حركة أو هيئة زيا أو كلاما وإن لم يعرف منه ثم إن كان اختيارا فهو محل الذم وإن كان خلقيا فلا لوم عليه وعليه أن يتكلف إزالته (والمترجلات من النساء) أي المتشبهات بالرجال فلا يجوز لرجل التشبه بإمرأة في نحو [ ص 272 ] لباس أو هيئة ولا لرجل التشبه بها في ذلك خلافا للأسنوي من الشافعية لما فيه من تغيير خلق الله وإذا كان المتشبه (من الرجال بالنساء) ملعونا فما بالك فيمن تشبه منهم بهن في الفعل به فهو ملعون من جهة تخنثه في نحو كلامه وحركاته ومن جهة الفاحشة العظمى قال ابن تيمية : والمخنث قد يكون قصده عشرة النساء ومباشرته لهن وقد يكون قصده مباشرة الرجال له وقد يجمع الأمرين وقال الطيبي : وقوله من النساء بيان للرجلة لأن التاء فيها لإرادة الوصفية . - (خد ت عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه ثوير بن فاختة وهو متروك وظاهر صنيع المصنف أن ذا لا يوجد في أحد الصحيحين وهو ذهول إذ هو أصح الصحاح الحديثية في الحدود في باب نفي أهل المعاصي عن ابن عباس .
[ 347 ]
7269 - (لعن الله المسوفات) جمع مسوفة قيل : ومن المسوفة يا رسول الله قال : (التي يدعوها زوجها إلى فراشه) ليجامعها (فتقول سوف) أي سوف آتيك فلا تزال كذلك (حتى تغلبه عيناه) أي تقول له ذلك وتعلله بالمواعيد وتماطله حتى يغلبه النوم فأضافه إلى العينين لكونه محلهما أو تشمه طرفا من المساعدة وتطعمه ثم لا تفعل حتى يغلبه النوم من السوف وهو الشم قال : لوسا وفتنا بسوف من تحيتها * سوف العيون لراح الركب قد قنعوا ذكره الزمخشري . - (طب) وكذا ابن منيع كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : رواه الطبراني في الكبير والأوسط من طريق جعفر بن ميسرة الأشجعي عن أبيه وميسرة ضعيف ولم أر لأبيه سماعا من ابن عمر وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح قال ابن حبان : جعفر بن ميسرة عنده مناكير لا تشبه حديث الأثبات منها هذا الحديث . 7270 - (لعن الله المفسلة) بميم مضمومة وسين مشددة قيل : من هي يا رسول الله قال : (التي إذا أراد زوجها أن يأتيها) أي يجامعها (قالت أنا حائض) وليست بحائض هكذا هو ثابت في رواية مخرجه أبي يعلى ولعله سقط من قلم المؤلف ذهولا فتفسل الرجل عنها وتغير نشاطه من الفسولة وهي الفتور . (ع عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه يحيى بن العلاء وهو ضعيف متروك اه‍ . وأقول : بل قال الذهبي : أحمد كذاب يضع هكذا ذكره في الضعفاء . 7271 - (لعن الله النائحة والمستمعة) لنوحها فالنوح واستماعه حرام غليظ التحريم قال ابن القيم : وهذه الأحاديث ونحوها تفيد أن الذنوب تدخل العبد تحت لعنة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فإنه لعن على هذه المعاصي وغيرها أكثر منها فهي أولى بدخول فاعلها تحت اللعنة فلو لم يكن في فعل ذلك إلا رضا فاعله بكونه ممن يلعنه الله ورسوله لكان فيه رادع إلى تركه . - (حم د عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لصحته وليس كما زعم فقد قال الصدر المناوي وغيره : فيه محمد بن الحسن بن عطية الصوفي عن أبيه عن جده عن أبي سعيد وثلاثتهم ضعفاء وقال ابن حجر : استنكره أبو حاتم في العلل ورواه الطبراني والبيهقي عن ابن عمر وابن عدي عن أبي هريرة وكلها ضعيفة اه‍ .
[ 348 ]
7271 - (لعن الله الواشمات) جمع واشمة وهي التي تشم غيرها (والمستوشمات) جمع مستوشمة وهي التي تطلب الوشوهو معروف وحرام قال القرطبي : ووقع في بعض روايات مسلم الواشية والمستوشية بمثناة تحت من الوشي أي تشي [ ص 273 ] المرأة نفسها بما تفعله من التنميص والتفليج وبالميم أشهر وزاد في رواية لمسلم والنامصات جمع متنمصة المتنمصات (1) بتاء ثم نون قال في التنقيح : وروى بتقدم النون على التاء ومنه قيل للمنقاش منماص لأنه ينتف وهي التي تطلب إزالة شعر الوجه والحواجب بالمنقاش (والمتفلجات) بالجيم (للحسن) أي لأجله جمع متفلجة وهي التي تفعل الفلج في أسنانها أي تعانيه حتى ترجع المصمتة الأسنان خلقة فلجاء صنعة وذلك بترقيق الأسنان (المغيرات خلق الله) هي صفة لازمة لمن تصنع الثلاثة قال الطبراني : لا يجوز للمرأة تغير شئ من خلقتها بزيادة ولا نقص التماسا للتحسن للزوج ولا غيره كمفروتة الحاجبين تزيل ما بينهما توهم البلج وعكسه وأخذ منه عياض أن من خلق بأصبع زائدة أو عضو زائد لا تحل له إزالته لأنه تغيير لخلق الله إلا إذا ضره ولما روى ابن مسعود هذا الحديث بلغ امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب وكانت تقرأ القرآن فقالت : ما حديث بلغني عنك أنك قلت كذا فذكرته فقال عبد الله : وما لي لا ألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله فقالت المرأة : والله لقد قرأت ما بين اللوحين فما وجدته قال : إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه قال الله * (وما آتاكم الرسول فخذوه) * الآية . قالت : إني أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن قال : اذهبي فانظري فذهبت فلم تر شيئا فقال : أما لو كان كذلك لم أجامعها . - (حم ق 3) من حديث علقمة (عن ابن مسعود) ورواه عنه أيضا الطيالسي وغيره . 7273 - (لعن الله الواصلة) التي تحاول وصل الشعر بيدها (والمستوصلة) التي تطلب ذلك وتطاوعها على فعله بها قال القرطبي : ووصله أن يضاف إليه شعر آخر يكثر به (والواشمة والمستوشمة) وذلك كله حرام شديد التحريم قال ابن العربي : بإجماع الأمة وذلك لأن الله خلق الصور فأحسنها ثم فاوت في الجمال بينهما مراتب فمن أراد أن يغير خلق الله فيها ويبطل حكمته فيها فهو جدير بالإبعاد والطرد لأنه أتى ممنوعا لكونه أذن في السواك والاكتحال وهو تغيير لكنه مأذون فيه مستثنى من الممنوع ويحتمل أن يكون رخصة مطلقة وقال القرطبي : هذا نص في تحريم وصل الشعر بشعر وبه قال مالك والجمهور وشذ الليث فقال : وصله بغير شعر كصوف جائز وهو محجوج بالحديث وأباح قوم وضع الشعر على الرأس وقالوا : إنما نهى عن الوصل فقط وهذه ظاهرية محضة وإعراض عن المعنى ولا يدخل في النهي ما ربط من الشعر بخيوط حرير ملونة وما يشبه الشعر ولا يكثره . - (حم ق 4 عن ابن عمر) .
[ 349 ]
7275 - (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه ومانع الصدقة) أي الزكاة أخرج البيهقي عن سمرة كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم إذا صلى أقبل علينا بوجهه فقال : هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا فقال : رأيت رجلين أتياني فأخذاني فخرجا بي إلى أرض مستوية أو فضاء فانطلقا إلى نهر من دم فيه رجال قيام ورجل قائم على الشط فيقبل أحدهم من النهر فإذا أراد الخروج رماه بحجر فرده فقلت : ما هذا ؟ قال : الذين يأكلون الربا . (حم ن عن علي) أمير المؤمنين رمز لصحته . 7276 - (لعن الله زائرات القبور) لأنهن مأمورات بالقرار في بيوتهن فأي امرأة خالفت ذلك منهن وكانت حيث يخشى منها أو عليها الفتنة فقد استحقت اللعن أي الإبعاد عن منازل الأبرار ويحرم زيارتها أيضا إن حملت على تجديد حزن ونوح فإن لم يكن شئ مما ذكر فالزيارة لهن مكروهة تنزيها لا تحريما عند الجمهور بدليل قول عائشة يا رسول الله كيف أقول إذا زرت القبور قال : قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمؤمنات ويرحم الله المتقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون (والمتخذين عليها المساجد) لما فيه من المغالاة في التعظيم قال ابن القيم : وهذا وأمثاله من المصطفى صلى الله عليه وسلم صيانة لحمى التوحيد أن يلحقه الشرك ويغشاه وتجريدا وغضبا لربه أن يعدل به سواه قال الشافعي : أكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا مخافة الفتنة عليه وعلى الناس قيل ومحل الذم أن يتخذ المسجد على القبر بعد الدفن فلو بنى مسجدا وجعل بجانبه قبر ليدفن به واقف المسجد أو غيره فلا منع قال الزين العراقي : والظاهر أنه لا فرق فلو بنى مسجدا بقصد أن يدفن في بعضه دخل في اللعنة بل يحرم الدفن في المسجد وإن شرط أن يدفن فيه لم يصح الشرط لمخالفته لمقتضى وقفه مسجدا (والسرج) لأنه تضييع للمال بلا فائدة وظاهره تحريم إيقاده على القبور لأنه تشبيه بالمساجد التي ينور فيها للصلاة ولأن فيه تقريب النار من الميت وقد ورد النهي عنه في أبي داود وغيره بل نهى أبو موسى الأشعري عن البخور عند الميت نعم إن كان الإيقاد للتنوير على الحاضر لنحو قراءة واستغفار للموتى فلا بأس . (3 ك عن ابن عباس) حسنه الترمذي ونوزع بأن فيه أبا صالح مولى أم هانئ قال عبد الحق : هو عندهم ضعيف وقال المنذري : تكلم فيه جمع من الأئمة وقيل لم يسمع من ابن عباس وقال ابن عدي : لا أعلم أحدا من المتقدمين رضيه ونقل عن القطان تحسين أمره .
[ 350 ]
7277 - (لعن الله زوارات القبور) بالتشديد قال الجلال المحلي في شرح المنهاج : الدائر على ألسنة الناس ضم زاي زوارات جمع زائرة سماعا لا قياسا (القبور) أي المفتنات أو المفتنات بزيارتها أو زيارتهن بقصد التعديد والنوح كما تقرر وادعى ابن العربي أن هذا منسوخ بخبر كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها وتعقبه الزين العراقي بأنه بناه على أن خطاب الذكور يشمل الإناث والأصح في الأصول خلافه وقيل زوارات للمبالغة فلا يقتضي وقوع اللعن على وقوع الزيارة للمبالغة نادرا نوزع بأنه إما قابل المقابلة بجميع القبور ومن ثم جاء في رواية أبو داود زائرات بلا مبالغة . - (حم د ك عن حسان) بالتشديد (بن ثابت) بن المنذر البخاري شاعر الإسلام (حم ت ه عن أبي هريرة) قال ابن حجر : وفي الباب ابن عباس وغيره . 7278 - (لعن الله من سب أصحابي) لما لهم من نصرة الدين فسبهم من أكبر الكبائر وأفجر الفجور بل ذهب بعضهم إلى أن ساب الشيخين يقتل . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لصحته وهو زلل كيف وفيه عبد الله بن سيف أورده الذهبي في الضعفاء وقال : لا يعرف وحديثه منكر وفي الميزان عن ابن عدي : رأيت له غير حديث منكر وعن العقيلي : حديثه غير محفوظ . 7279 - (لعن الله من قعد) وفي رواية بدله جلس (وسط الحلقة) وفي رواية الجماعة أراد الذي يقيم نفسه مقام السخرية ويقعد وسط القوم ليضحكهم أو الكلام في معين علم منه نفاقا وأما تفسيره بمن يتخطى الرقاب ويقعد وسط الحلقة [ ص 275 ] فيحول بين الوجوه ويحجم بعضهم عن بعض فيضرهم فغير قويم إلا إن قيل بقصد الضرر أو أول اللعن بالذم فافهم . - (حم د ت ك) في الأدب (عن حذيفة) بن اليمان قال : رأى النبي صلى الله عليه وسلم إنسانا قاعدا وسط الحلقة فذكره قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي في الرياض بعد عزوه لأبي داود إسناده حسن اه‍ . 7280 - (لعن الله من يسم في الوجه) أي يكوي الحيوان في وجهه بالنار فإنه تغيير لخلق الله والوسم الكي للعلامة واللعن يقتضي التحريم فأما وسم الوجه الآدمي فحرام مطلقا لكرامته ولأنه تعذيب بلا فائدة وأما غيره فيحرم في وجهه لا في غيره للحاجة إليه كما يأتي . - (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وهو كما قال الهيثمي : رجاله ثقات وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد الشيخين وهو ذهول ففي صحيح مسلم مر النبي صلى الله عليه وسلم على حمار قد وسم في وجهه فقال : لعن الله الذي وسمه .
[ 351 ]
7281 - (لعن الله من فرق بين الوالدة) الأمة (وولدها) ببيع ونحوه أي قبل التمييز (وبين الأخ وأخيه) كذلك واحتج به الحنفية والحنابلة على منع التفريق بالبيع بين كل ذي رحم محرم ومذهب الشافعية والمالكية اختصاص ذلك بالأصول فيحرم التفريق بين الأمة وولدها بما يزيل الملك بشرط كونه عند التمييز عند الشافعي وقبل البلوغ عند الحنفي وقبل أن يشعر عند المالكي وفي رواية عنده كالحنفي . - (ه عن أبي موسى) الأشعري قال الذهبي : وفيه إبراهيم بن إسماعيل ضعفوه . 7282 - (لعن الله من لعن والديه) أباه وأمه وإن عليا قيل هذا من باب التسبب فإن كل من لعن أبوي إنسان فهو يلعن أيضا أبوي اللاعن فكان البادئ بنفسه يلعن أبويه هكذا فسره المصطفى صلى الله عليه وسلم في خبر سب الرجل والديه ولعل وجه تفسيره بذلك استبعاده أن يسب الرجل والديه بالمباشرة فإن وقع سبهما يكون واقعا بالتسبب فإذا استحق من تسبب لسبهما اللعنة فكيف حال المباشر (ولعن الله من ذبح) وفي رواية لمسلم بدله من أهل وهو بمعناه (لغير الله) بأن يذبح باسم غير الله كصنم أو صليب بل أو لموسى أو عيسى أو الكعبة فكله حرام ولا تحل ذبيحته بل إن قصد به تعظيم المذبوح له وعبادته كفر قال ابن العربي : وفيه أن آكد ما في الأضحية إخلاص النية لله العظيم بها (ولعن الله من آوى) أي ضم إليه وحمى (محدثا) بكسر الدال أي جانيا بأن يحول بينه وبين خصمه ويمنعه القود وبفتحها وهو الأمر المبتدع ومعنى الإيواء التقرير عليه والرضى به والمراد باللعن هنا العذاب الذي يستحقه على ذنبه (ولعن الله من غير) وفي رواية لمسلم أيضا من زحزح (منار الأرض) بفتح الميم علامات حدودها جمع منارة وهي العلامة التي تجعل بين حدين للجارين وتغييرها أن يدخلها في أرضه فيكون في معنى الغاصب وفي منار الحرم وهي أعلامه التي ضربها إبراهيم على أقطاره وقيل لملك من ملوك اليمن ذو المنار لأنه أول من ضرب النار على الطريق ليهتدي به إذا رجع أفاده كله الزمخشري . وقال غيره : أراد به من غير أعلام الطريق ليتعب الناس بإضلالهم ومنعهم عن الجادة والمنار العلم والحد بين الأرضين وأصله من الظهور . (حم م ن عن علي) أمير المؤمنين وسببه كما في مسلم أن رجلا قال لعلي : ما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يسر إليك فغضب وقال : ما كان يسر إلي شيئا يكتمه عن الناس غير أنه حدثني بكلمات أربع قال : وما هن يا أمير المؤمنين فذكره وفي بعض طرقه عن هانئ مولى علي أن عليا رضي الله تعالى عنه قال : ماذا [ ص 276 ] يقول الناس قال : يدعون أن عندك علما من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تظهره فاستخرج صحيفة من سيفه فيها هذا ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال الذهبي : خرجه الحاكم . 7283 - (لعن الله من مثل بالحيوان) أي صيره مثلة بضم فسكون بأن قطع أطرافه أو بعضها وهو حي وفي رواية بالبهائم واللعن دليل التحريم . (حم ق عن ابن عمر) بن الخطاب .
[ 352 ]
7284 - (لعن عبد الدينار ولعن عبد الدرهم) أي طرد وأبعد الحريص في جمع الدنيا وزاد في رواية إن أعطي رضي وإن منع سخط قال الطيبي : الحرية ضربان من لم يجر عليه حكم السبي ومن أخذت الدنيا الدنية للمجامع قلبه وتملكته فصار عبدا لها وهو أقوى الرقيق قال : ورق ذوي الأطماع رق مخلد وقيل عبد الشهوة أولى من عبد الرق فمن ألهاه الدرهم والدينار عن ذكر ربه فهو من الخاسرين وإذا لهى القلب عن الذكر سكنه الشيطان وصرفه حيث أراد ومن فقه الشيطان في الشر أنه يرضيه ببعض أعمال الخير ليريه أنه يفعل فيها الخير وقد تعبد لها قلبه فأين يقع ما يفعله من البر مع تعبده لها . (ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 7285 - (لعنت القدرية) الذين يضيفون أفعال العباد إلى قدرهم وفي رواية بدله المرجئة (على لسان سبعين نبيا) تمامه كما في العلل للدارقطني آخرهم محمد وأخرج الطبراني عن أبي سعيد مرفوعا في آخر الزمان تأتي المرأة فتجد زوجها قد مسخ قردا لأنه لا يؤمن بالقدر . - (قط في) كتاب (العلل) له (عن علي) أمير المؤمنين قال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح فيه الحارث كذاب قال ابن المديني : وكذا فيه محمد بن عثمان اه‍ . ورواه الطبراني عن محمد بن كعب القرظي مرفوعا وفيه محمد بن الفضل متروك وأبو يعلى وفيه بقية مدلس وحبيب مجهول وأورده الذهبي من عدة طرق ثم قال : هذه أحاديث لا تثبت لضعف رواتها . 7286 - (لغدوة في سبيل الله) بفتح الغين المرة الواحدة من الغدو وهو الخروج في أي وقت كان من أول النهار إلى انتصافه (أو روحة) بفتح الراء المرة الواحدة من الرواح وهو الخروج أي وقت من الزوال إلى الغروب قال الأبي : الغدوة والروحة ذكرا للغالب فكذا من خرج في منتصف النهار أو منتصف الليل وليس المراد السير في البر بل البحر كذلك وليس المراد السير من بلد الغازي بل الذهاب إلى الغزو من أي طريق كان حتى من محل القتال (خير) أي ثواب ذلك في الجنة أفضل (من الدنيا وما فيها) من المتاع يعني أن التنعم بثواب ما رتب على ذلك خير من التنعم بجميع نعيم الدنيا لأنه زائل ونعيم الآخرة لا يزول والمراد أن ذلك خير من ثواب جميع ما في الدنيا لو ملكه وتصدق به قال ابن دقيق العيد : هذا ليس من تمثيل الفاني بالباقي بل من تنزيل المغيب منزلة المحسوس تحقيقا له في النفس لكون
[ 353 ]
الدنيا محسوسة في النفس مستعظمة في الطباع وإلا فجميع ما في الدنيا لا يعدل درهما في الجنة (ولقاب) بالجر عطف على غدوة (قوس أحدكم) أي قدره يقال بينهما قاب قوسين وقبب قوس بكسر القاف أي قدر قوس وقيل القاب من مقبض القوس [ ص 277 ] إلى سيته ، وقيل لكل قوس قابان قال عياض : ويحتمل أن المراد قدر سيفهما (أو موضع قده) بكسر القاف وتشديد الدال المهملة والمراد به السوط وهو في الأصل سير يقد من جلد غير مدبوغ سمي السوط به لأنه يقد أي يقطع طولا والقد الشق بالطول (في الجنة خير من الدنيا وما فيها) يعني ما صغر في الجنة من المواضع كلها من بساتينها وغيرها خير من مواضع الدنيا وما فيها من بساتين وغيرها فأخبر أن قصير الزمان وصغير المكان في الجنة خير من طويل الزمان كبير المكان في الدنيا تزهيدا وتصغيرا لها وترغيبا في الجهاد فينبغي للمجاهد الاغتباط بغدوته وروحته أكثر مما يغتبط لو حصلت له الدنيا بحذافيرها نعيما محضا غير محاسب عليه لو تصور والحاصل أن المراد تعظيم أمر الجهاد (ولو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض) أي نظرت إليها وأشرقت عليها (لملأت ما فيها) من نور بهائها (ولنصيفها) بفتح النون وكسر الصاد المهملة فتحتية ساكنة الخمار بكسر الخاء والتخفيف (على رأسها خير من الدنيا وما فيها) لأن الجنة وما فيها باق والدنيا وما فيها فانية ولا يعارض قوله خير من الدنيا وما فيها ونحوه من هذه الروايات قوله في رواية أحمد خير من الدنيا ومثلها معها بل أفادت رواية أحمد أن الخيرية المستفادة من تلك الروايات تزيد على انضمام مثل الدنيا إليها وليس في تلك ما ينفيه . - (حم ق ت ه عن أنس) . 7287 - (لغزوة) مبتدأ خصص بالصفة وهي (في سبيل الله) فتقديره لغزوة كائنة في سبيل الله فاللام للتأكيد وقال ابن حجر : للقسم أي والله لغزوة (أحب إلي من أربعين حجة) ليس هذا تفضيل للجهاد على الحج ولا بد فإن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والعمل المعين قد يكون أفضل في حق إنسان وغيره أفضل في حق آخر فالشجاع الباسل المشهور المهاب للعدو وقوفه في الصف ساعة لجهاد العدو أفضل من أربعين حجة تطوعا والضعيف الحال الغير الماهر في القتال الكثير المال حجة واحدة له أفضل من غزوة وولى الأمر المنصوب للحكم جلوسه لإنصاف المظلوم من الظالم أفضل من عبادة ستين ستة وهذا الخبر وما أشبهه إنما يقع للمصطفى صلى الله عليه وسلم جوابا لسؤال شخص معين فيجيبه بما يناسبه كمريض يشكو الطبيب وجع بطنه له دواء يخصه كيلا يرشده إلا إليه ولو قيل له استعملي دواء الصداع لضره هكذا فافهم تدابير المصطفى صلى الله عليه وسلم . - (عبد الجبار الخولاني في تاريخ) مدينة (داريا) بفتح الدال والراء وشد المثناة التحتية بعدها ألف كما في المعجم وهكذا ضبطه المؤلف بخطه وفي بعض التواريخ داريا بزيادة ألف بين الراء والياء وهي قرية بالغوطة ينسب إليها جماعة من العلماء والزهاد منهم أبو سليمان الداراني العارف المشهور (عن مكحول مرسلا) وهو أبو عبد الله الشلمي الفقيه الثقة الزاهد العابد كان كثير الإرسال مات سنة بضع عشر ومائة .
[ 354 ]
7288 - (لقد) باللام التي هي تأكيد لمضمون الكلام وقد لوقوع مترقب ما كان خبرا وسيكون علما قاله الحرالي (أكل الدجال الطعام ومشى في الأسواق) قيل : قصد به التورية لإلقاء الخوف على المكلفين من فتنته والالتجاء إلى الله من شره لينالوا بذلك الفضل من الله وليتحققوا بالشح على دينهم أو المراد لا تشكوا في خروجه فإنه سيخرج لا محالة فكأنه خرج وأكل ومشى . - (حم عن عمران بن حصين) قال الهيثمي : فيه علي بن زيد وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح . 7289 - (لقد أمرت) أي أمرني الله ربي (أن أتجوز) في القول بفتح الواو المشددة بضبط المؤلف (في القول) أي أوجز [ ص 278 ] وأخفف المؤونة عن السامع وأسرع فيه (فإن الجواز في القول هو خير) من الإطناب فيه بحيث لم يقتض المقام الإطناب لعارض فهو إنما بعث أصالة بجوامع الكلم والاختصار وإذا أطنب فإنما هو لعروض ما يقتضيه والتجوز في القول والجواز فيه الاقتصار والاختصار لأنه إسراع وانتقال من التكلم إلى السكوت . - (ك) في الأدب (هب) كلاهما (عن عمرو بن العاص) قال : قام رجل فأكثر القول فقال عمر : لو قصد في قوله لكان خيرا له سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول فذكره رمز المصنف لحسنه وليس بحسن إذ فيه سليمان بن عبد الحميد النهراني . قال في الكاشف : ضعيف وفي ذيل الضعفاء كذبه النسائي وإسماعيل بن عياض وليس بقوي وابنه محمد قال أبو داود : ليس بذاك وقال أبو حاتم : لم يسمع من أبيه وقد حدث به عنه وضمضم بن زرعة ضعفه أبو حاتم وأبو ظبية مجهول . 7290 - (لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن) أي قرأهن فأحسن قراءتهن وأقامها على وجهها أو من عمل بما فيهن (دخل الجنة) أي مع الفائزين الأولين أو من غير سبق عذاب (قد أفلح المؤمنين - الآيات) العشر من أولها وخصها بالذكر لما تضمنته من الحث على ما ذكر فيها من الفضائل الدينية . - (حم ك) في التفسير عن أحمد بن راهويه عن عبد الرزاق عن يونس بن زيد عن ابن شهاب عن عروة عن عبد الرحمن بن عبد (عن عمر) بن الخطاب قال الحاكم : صحيح فتعقبه الذهبي بأن عبد الرزاق سئل عن شيخه ذا فقال : أظنه لا شئ . 7291 - (لقد أوذيت) ماض مجهول من الإيذاء (في الله) أي في إظهار دينه وإعلاء كلمته (وما
[ 355 ]
يؤذى) بالبناء للمفعول (أحد) من الناس في ذلك الزمان بل كنت المخصوص بالإيذاء لنهي إياهم عن عبادة الأوثان وأمري لهم بعبادة الرحمن (وأخفت) ما ض مجهول من الإخافة (في الله) أي هددت وتوعدت بالتعذيب والقتل بسبب إظهار الدعاء إلى الله تعالى وإظهار دين الإسلام وقوله (وما يخاف أحد) حال أي خوفت في الله وحدي وكنت وحيدا في ابتداء إظهاري للدين فأذاني الكفار بالتهديد والوعيد الشديد فكنت المخصوص بينهم بذلك في ذلك الزمان ولم يكن معي أحد يساعدني في تحمل أذيتهم وقال ابن القيم : قوله في كثير من الأحاديث في الله يحتمل معنيين أحدهما أن ذلك في مرضاة الله وطاعته وهذا فيما يصيبه باختياره والثاني أنه بسببه ومن جهته حصل ذلك وهذا فيما يصيبه بغير اختياره وغالب ما مر ويجئ من قوله في الله من هذا القبيل وليست في هنا للظرفية ولا لمجرد السببية وإن كانت السببية أصلها ألا ترى إلى خبر دخلت امرأة النار في هرة كيف تجد فيه معنى زائدا على السببية فقولك فعلت كذا في مرضاتك فيه معنى زائد على فعلته لرضاك وإذا قلت أوذيت في الله لا يقوم مقامه أوذيت لله ولا بسببه وقد نال المصطفى صلى الله عليه وسلم من قريش من الأذى ما لا يحصى فمن ذلك ما في البخاري أنه كان يصلي في الحجر إذا قبل عقبة بن أبي معيط فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا بالغا وأخذ بعضهم بمجامع ردائه حتى قام أبو بكر دونه وهو يبكي ويقول أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقام إليه مرة عقبة وهو يصلي عند المقام فجعل رداءه في عنقه ثم جذبه حتى وجب لركبته وتصايح الناس وأقبل أبو بكر يشتد حتى أخذ بضبعيه وفي مسند أبي يعلى والبزار بسند قال ابن حجر : صحيح لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه فقام أبو بكر فجعل ينادي أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله فنهوا عنه وفي البزار أن عليا خطب فقال : من أشجع الناس قالوا : أنت قال : أما إني بارزني أحد إلا انتصفت منه ولكنه أبو بكر لقد رأيت [ ص 279 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذته قريش هذا يجاذبه وهذا يكبكبه ويقولون أنت جعلت الآلهة إلها واحدا فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر ووضعوا سلا الجزور على ظهره وهو ساجد وغير ذلك مما يطول ذكره فليراجعه من السير من أراد (ولقد أتت علي ثلاثون من بين يوم وليلة) تأكيد للشمول أي ثلاثون يوما وليلة متواترات لا ينقص منها من الزمان (وما لي ولبلال يأكله ذو كبد) أي حيوان أي ما معنا طعام سواء كان ما يأكل الدواب أو الإنسان (إلا شئ يواريه إبط بلال) أي يستره يعني كان في وقت الضيق رفيقي وما كان لنا من الطعام إلا شئ قليل بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه ولم يكن لنا ظرف نضع فيه الطعام فيه قال ابن حجر : كان يختار ذلك مع إمكان حصول التوسع والتبسط في الدنيا كما في خبر الترمذي أنه عرض عليه أن يجعل له بطحاء مكة ذهبا فأبى . - (حم ت) في الزهد (ه حب) كلهم (عن أنس) قال الترمذي : حسن صحيح . 7292 - (لقد بارك الله لرجل) أي زاده خيرا (في حاجة) أي بسبب حاجة (أكثر الدعاء فيها) أي الطلب من الله تعالى (أعطيها أو منعها) أي حصل له الزيادة في الخير بسبب دعائه إلى ربه سواء أعطي تلك الحاجة أو منعها فإنه تعالى إنما منعه إياها لما هو أصلح له وسيعطيه ما هو أفضل منها في حقه . (هب خط) في ترجمة محمد بن مسعد البصري (عن جابر) وفيه داود العطار قال الأزدي : يتكلمون فيه .
[ 356 ]
7293 - (لقد رأيتني) فيه اتحاد الفاعل والمفعول وهو جائز في الفعل القلبي لكن استشكل بمنع حذف أحد مفعوليه وجوابه كما في الكشاف ألا تحسبن أن حذف أحد المفعولين جائز لأنه مبتدأ في الأصل (يوم أحد) أي يوم وقعة أحد المشهورة (وما في الأرض قربي مخلوق غير جبريل عن يميني وطلحة عن يساري) فهما اللذان كانا يحرساني من الكفار يومئذ وأعظم بها منقبة لطلحة لم يقع لأحد مثلها إلا قليلا . (ك عن أبي هريرة) . 7294 - (لقد رأيت رجلا يتقلب) بشد اللام المفتوحة (في الجنة) أي يتنعم بملاذها أو يمشي ويتبختر والتقلب التردد مع التنعم والترفه قال تعالى * (لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد) * (آل عمران : 119) (في شجرة) أي لأجل شجرة (قطعها من ظهر الطريق) احتسابا لله تعالى ولفظ الظهر مقحم (كانت تؤذي الناس) فشكر الله له ذلك فأدخله الجنة وفيه فضل إزالة الأذى من الطريق كشجر وغصن يؤذي وحجر يتعثر به أو قذر أو جيفة وذلك من شعب الإيمان . - (م عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وهو في محل المنع فقد خرجه البخاري في الظلم عن أبي هريرة . 7295 - (لقد رأيت الملائكة تغسل حمزة) بن عبد المطلب لما قتل يوم أحد إعظاما لشأنه وتخصيص حمزة يوهم أن الملائكة لا تغسل كل شهيد وإنما وقع ذلك لحمزة ولبعض أفراد قليلة إظهارا لتمييزهم على غيرهم وكيفما كان فشهيد المعركة لا نغسله وإن لم تغسله الملائكة . - (ابن سعد) في الطبقات (عن الحسن) البصري (مرسلا) . 7296 - (لقد رأيت) بفتح الراء والهمزة وفي رواية أريت بضم الهمزة (الآن) ظرف بمعنى الوقت الحاضر لا اللحظة [ ص 280 ] الحاضرة التي تنقسم ولا يشكل بأن رأي وصلي الآتي للماضي لأن قد تفرق بينهما (منذ) حرف أو اسم مبتدأ وما بعده خبر والزمن مقدر قبل (صليت) وقيل عكسه (لكم الجنة والنار ممثلتين) مصورتين (في قبلة هذا الجدار) أي في جهته بأن عرض عليه مثالهما وضرب له ذلك في الصلاة كأنه في عرض الجدار وقول المصنف كغيره الرؤيا حقيقة بأن رفعت الحجب بينه وبينهما غير
[ 357 ]
جيد إذ الخبر كما ترى مصرح بأنهما مثلتا له ومثال الشئ غيره ذكره بعضهم (فلم أر كاليوم) الكاف في محل نصب أي لم أرى منظرا مثل منظري اليوم (في الخير والشر) أي في أحوالهما أو ما أبصرت شيئا مثل الطاعة والمعصية في سبب دخولهما وهذا قاله ثلاث مرات وقوله صليت لكم للماضي قطعا واستشكل اجتماعه مع الآن وأجيب بما قال ابن الحاجب كل مخبر أو منشئ فقصده الحاضر لا اللحظة الحاضرة الغير منقسمة . - (خ عن أنس) بن مالك قال : صلى لنا النبي صلى الله عليه وسلم ثم رقى المنبر فأشار بيده قبل قبلة المسجد ثم قال فذكره . 7297 - (لقد هممت) أي قصدت (أن لا أقبل هدية) وفي رواية بدله أن لا أتهب (إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي) بفتح الدال وسكون الواو وسين مهملة بطن كبير من الأزد لأنهم أعرف بمكارم الأخلاق وأحرى بالبعد عما تطمح إليه نفوس الأرذال والأخلاط ومقصود الحديث أنه ينبغي منع قبول الهدية من الباعث له عليها طلب الاستكثار وخص المذكورين بهذه الفضيلة لما عرف منهم من سخاء النفس وعلو الهمة وقطع النظر عن الأعواض فإن المستكثر رذل الأخلاق خسيس الطباع * (ولا تمنن تستكثر) * ولما قال المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ذلك قال فيه حسان : إن الهدايا تجارات اللئام وما * يبغي الكرام لما يهدون من ثمن ذكره كله الزمخشري . - (ن) وكذا الحاكم وصححه (عن أبي هريرة) قال : أهدى أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكرة فعوضه منها ست بكرات فسخطه فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فذكره قال الترمذي : روي من غير وجه عن أبي هريرة وقال عبد الحق : وليس إسناده بالقوي اه‍ . لكن قال الحافظ العراقي : رجاله ثقات وعزاه الهيثمي لأحمد والبزار ثم قال : رجال أحمد رجال الصحيح اه‍ . ولعل المؤلف ذهل عنه . 7298 - (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة) بكسر الغين المعجمة أي جماع مرضع أو حامل يقال أغالت واغتلت المرأة إذا حبلت وهي مرضعة ويسمى الولد المرضع مغيلا والغيل بالفتح ذلك اللبن وكانت العرب يحترزون عنها ويزعمون أنها تضر الولد وهو من المشهورات الذائعة بينهم (حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك) أي يجامعون المرضع والحامل (فلا يضر أولادهم) يعني لو كان الجماع أو الإرضاع حال الحمل مضرا لضر أولاد الروم وفارس لأنهم يفعلونه مع كثرة الأطباء فيهم فلو كان مضرا لمنعوه منه فحينئذ لا أنهى عنه وقال ابن القيم : والخبر لا ينافيه خبر لا تقتلوا أولادكم سرا فإن هذا كالمشورة عليهم والإرشاد لهم إلى ترك ما يضعف الولد ويقتله لأن المرأة المرضع إذا باشرها الرجل حرك منها دم الطمث وأهاجه للخروج فلا يبقى اللبن حينئذ على اعتداله وطيب ريحه وربما حملت
[ 358 ]
الموطوءة فكان من أضر الأمور على الرضيع لأن جهة الدم تنصرف في تغذية الجنين الذي في الرحم فينفذ في غذائه فإن الجنين لما كان مما يناله ويجتذبه ملائما له لأنه متصل بأمه اتصال الفرس بالأرض وهو غير مفارق لها ليلا ونهارا [ ص 281 ] ولذلك ينقص دم الحامل ويصير رديئا فيصير اللبن المجتمع في ثديها رديئا فيضعفه فهذا وجه الإرشاد لهم إلى تركه ولم يحرمه عليهم ولا نهاهم عنه فإن هذا لا يقع دائما لكل مولود . - (مالك) في الموطأ (حم م 4) كلهم في النكاح إلا أبا داود ففي الطب (عن جدامة بنت وهب) بالجيم ودال مهملة أو معجمة واسم أبيها جندب أو جندل ولم يخرجه البخاري ولا خرج عن جدامة . 7299 - (لقد هممت) أي والله لقد عزمت (أن آمر) بالمد وضم الميم (رجلا يصلي بالناس ثم) أذهب (أحرق) بالتشديد للتكثير (على رجال) خرج به الصبيان والنساء والخناثى (يتخلفون عن الجمعة) وفي رواية العشاء وفي أخرى العشاء أو الفجر ولا تعارض لإمكان التعدد (بيوتهم) كناية عن تحريقهم بالنار عقوبة لهم قال الرافعي : هذا لا يقتضي كون الإحراق للتخلف لأن لفظ رجال منكر فيحتمل إرادة طائفة مخصوصة من صفتهم أنهم يتخلفون لنحو نفاق ومطلق التخلف لا يقتضي الجزم بالإحراق لا يقال يبعد اعتناء المصطفى صلى الله عليه وسلم بتأديب المنافقين على الترك مع علمه بأنهم لا صلاة لهم وقد كان شأنه الإعراض عن عقوبتهم مع علمه بحالهم لأنا نقول هذا لا يتم إلا إن ادعى أن ترك معاقبة المنافقين يلزمه ولا دليل عليه وإذا كان مخبرا فليس في إعراضه عنهم دلالة على لزوم ترك عقابهم وفيه أن لغير النبي صلى الله عليه وسلم أن يؤم بحضرته وتقديم التهديد والوعيد على العقوبة لأن المفسدة إذا ارتفعت بالأهون كفى عن الأعلى وحل التعذيب بالإحراق وكان ذلك أولا ثم قام الإجماع على المنع وأن الإمام إذا عرض له شغل أن يستخلف من يصلي بالناس وفيه تنبيه على عظم إثم ترك الجمعة أصالة أو خلافة على الخلاف ونقل ابن وهب عن مالك أنها سنة ونص مالك القرية المتصلة البيوت ينبغي أن تصلي الجمعة إذا أمرهم إمامهم لأن الجمعة سنة اه‍ . وتأوله عياض وجمع من أصحابه على أن القرية ليست على صفة المدن والأمصار . - (حم م عن ابن مسعود) عبد الله . 7300 - (لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا استجمعت غليانا) فإن التطارد لا يزال فيه بين جندي الملائكة والشياطين فكل منهما يقلبه إلى مرامه ويلفته إلى جهته فهو محل المعركة دائما إلى أن يقع الفتح لأحد الحزبين فيسكن سكونا تاما . - (حم ك) في التفسير (عن المقداد بن الأسود) قال الحاكم : على شرط البخاري ورده الذهبي بأن فبه معاوية بن صالح لم يرو له البخاري اه‍ . وقال الهيثمي : رواه الطبراني بأسانيد أحدها ثقات .
[ 359 ]
7301 - (لقنوا) من التلقين وهو كالتفهيم وزنا ومعنى وتعديته يقال لقنته الكلام تلقينا إذا فهمته إياه تفهيما ولقنت الكلام إذا فهمته وغلام لقن بالكسر سريع الفهم (موتاكم) أي من قرب من الموت هكذا حكى في شرح مسلم الإجماع عليه سماه باعتبار ما يؤول إليه مجازا فهو من قبيل خبر من قتل قتيلا فله سلبه (لا إله إلا الله) فقط لكن لا يلح الملقن عليه به لئلا يضجر ولا يقول قل لا إله إلا الله بل يذكرها عنده وليكن غير مهتم كوارث وعدو وحاسد وإذا قالها مرة لا تعاد عليه إلا إذا تكلم بعدها وإنما كان تلقينها مندوبا لأنه وقت يشهد المحتضر فيه من العوالم ما لا يعهده فيخاف عليه الغفلة والشيطان وظاهره أنه لا يلقن الشهادة الثانية وذلك لأن القصد ذكر التوحيد والصورة أنه مسلم فلا حاجة إليها ومن ثم وجب تلقينهما معا للكافر فإن قيل من مات مؤمنا يدخل الجنة لا محالة ولا بد من دخول من لم يعف عنه النار ثم يخرج فإذا كان الميت مؤمنا ماذا ينفعه كونها آخر كلامه قلنا لعل كونها آخره قرينة أنه ممن [ ص 282 ] يعفى عنه فلا يدخل النار أصلا أما التلقين بعد الموت وهو في القبر فقيل يفعل لغير نبي وعليه أصحابنا الشافعية ونسب إلى أهل السنة والجماعة وقيل لا يلقن وعليه أبو حنيفة تمسكا بأن السعيد لا يحتاج إليه والشقي لا ينفعه ولأنه جاز أن يكون مات كافرا ولا يجوز له دعاء واستغفار ورد الأول بأن السعيد يحتاج إلى تذكار والشقي ينفعه في الجملة والنص ورد فوجب القول به كجميع السمعيات وبالنقض بتلقي المحتضر والثاني أنه لا دعاء ولا استغفار إلا لمؤمن وقيل هو بدعة ولا يفعل مطلقا لأنه إذا مات لم يحتج إليه بعد موته وإلا لم يفد لأن القصد منه الندب وقت تعرض الشيطان وذا لا يفيد بعد الموت قال الكمال : وقد يختار الشق الأول والاحتياج إليه ليثبت الجنان للسؤال فنفي الفائدة مطلقا ممنوع ، نعم الفائدة الأصلية منتفية على أنه قد قيل إن الميت لا يسمع * (وما أنت بمسمع من في القبور) * . (تنبيه) قال ابن عربي : إذا لقنته ولم يقل ذلك أو قال لا فلا تسئ الظن به فإني أعلم بشخص بتونس لقن عند احتضاره وقد شخص بصره فقال : لا وكان صالحا فخيف عليه فاتفق أنه رد إليهم فقال : جاءني الشيطان بصورة من سلف من آبائي فقالوا : إياك والإسلام مت يهوديا أو نصرانيا فهو أنجى فكنت أقول لا فعصمني الله منهم . - (حم م 4) في الجنائز (عن أبي سعيد) الخدري (م ه عن أبي هريرة ن عن عائشة) قال المصنف : وهذا متواتر ولم يخرجه البخاري . 7302 - (لقيام رجل في الصف في سبيل الله عز وجل ساعة أفضل من عبادة ستين سنة) أراد به التزهيد في الدنيا والترغيب في الجهاد وإعلاء كلمة الدين وقد مر الكلام عليه بما فيه بلاغ . - (هق خط) في ترجمة عبد الرحمن البخاري (عن عمران بن حصين) وفيه إسماعيل بن عبيد الله المكي قال في الميزان : لا يعرف وسبقه العقيلي فأورده في الضعفاء فقال : لا تحفظ أحاديثه وساق له هذا الحديث فما أوهمه صنيع المؤلف أن مخرجه العقيلي خرجه وسكت عليه غير صواب .
[ 360 ]
7303 - (لقيد سوط أحدكم) بكسر القاف أي قدره يقال بيني وبينك قيد رمح أي قدر رمح وهو بمعنى قوله في الرواية السابقة لقاب قوس أحدكم (من الجنة خير مما بين السماء والأرض) يعني أن اليسير من الجنة خير من الدنيا وما فيها وخير مما في الجو إلى عنان السماء فالمراد بذكر السوط التمثيل لا موضع السوط بعينه بل نصف سوط وربعه وعشره من الجنة الباقية خير من جميع الدنيا الفانية ذكره ابن عبد البر وقال بعضهم : جاء في رواية لقاب قوس وفي رواية لشبر وفي أخرى لقيد وفي أخرى لموضع قدم وبعض هذه المقادير أصغر من بعض فإن الشبر أو القدم أصغر من السوط لكن المراد تعظيم شأن الجنة وأن اليسير منها وإن قل قدره خير من مجموع الدنيا بحذافيرها وقال في هذه الرواية خير مما بين السماء والأرض وفي أخرى خير من الأرض وما عليها وفي أخرى من الدنيا وما فيها وفي أخرى مما طلعت عليه الشمس أو غربت وكلها ترجع إلى معنى واحد فإن كل ما بين السماء والأرض تطلع عليه الشمس وتغرب وهو عبارة عن الدنيا وما فيها . - (حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله ثقات اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 7304 - (لكل أمة مجوس ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر) ومن ثم عد الذهبي وغيره التكذيب بالقدر من الكبائر (إن مرضوا فلا تعودوهم وإن ماتوا فلا تشهدوهم) . - (حم) عن أبي ضمرة عن عمر بن عبد الله مولى عفرة (عن ابن عمر) بن الخطاب ثم قال الإمام أحمد : ما أرى عمر بن عبد الله لقي عبد الله بن عمر فالحديث مرسل قال : فأكثر حديث عمر [ ص 283 ] مولى عفرة مراسيل وقال الذهبي بعد ما أورده في الكبائر وغيرها من عدة طرق : هذه الأحاديث لا تثبت لضعف رواتها هذه عبارته وقال ابن الجوزي في العلل : هذا حديث لا يصح فيه عمر مولى عفرة قال ابن حبان : يقلب الأخبار لا يحتج به اه‍ . وأورده أعني ابن الجوزي في الموضوعات أيضا وتعقبه العلائي بأن له شواهد ينتهي مجموعها إلى درجة الحسن وهو وإن كان مرسلا لكنه اعتضد فلا يحكم عليه بوضع ولا نكارة ومن ثم رمز المؤلف لحسنه . 7305 - (لكل باب من أبواب البر باب من أبواب الجنة وإن باب الصيام يدعى الريان) وقد سبق لهذا مزيد بيان فراجعه . - (طب عن سهل بن سعد) الساعدي رمز لحسنه . 7306 - (لكل داء) بفتح الدال ممدودة وقد يقصر (دواء) يعني شئ مخلوق مقدر له (فإذا أصيب
[ 361 ]
دواء الداء) بالإضافة من ذلك الداء (برئ بإذن الله) لأن الأشياء تداوى بأضدادها لكن قد يدق ويغمض حقيقة المرض وحقيقة طبع الدواء فقيل الفقه البرؤ بالمضاد ومن ثم خطأ الأطباء فمتى كان ثم مانع لخطأ أو غيره تخلف لذلك فإن تمت المصادفة حصل لا محالة فصحت الكلية واندفع التدافع هذا أحد محمل الحديث قال القرطبي : هذه كلمة صادقة العموم لأنها خبر عن الصادق عن الخالق * (ألا يعلم من خلق) * فالداء والدواء خلقه والشفاء والهلاك فعله وربط الأسباب بالمسببات حكمته وحكمه وكل ذلك بقدر لا معدول عنه اه‍ . وقيل إنه من العام المخصوص ويكون المراد لكل داء يقبل الدواء . - (حم م) في الطب (عن جابر) ولم يخرجه البخاري واستدركه الحاكم فوهم . 7307 - (لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار) أرشد إلى أن الطب ينقسم إلى جسماني وهو ما سبق وروحاني والأول هو محط أنظار الأطباء والحكماء وأما الثاني فتقصر عنه عقولهم ولا يتصل إليه علومهم وتجاربيهم وأقيستهم وإنما تلقى من الرسل فطب القلب التوكل على الله والالتجاء إليه والانكسار بين يديه والإخلاص في الطاعة وطب الذنب التوبة الصحيحة والاستغفار ودعاء الحق والإحسان إلى الخلق وإغاثة الملهوف وتفريج الكروب فهذه أدوية أشار إليها المصطفى صلى الله عليه وسلم وجربتها الأمم على اختلاف أديانها فوجدوا لها من التأثير في الشفاء ما لا يسعه علم الطبيب ولا تجربته وقياسه بل جرب ذلك جمع كثيرون فوجدوا نفعه في الأمراض الحسية أعظم من نفع الأدوية الحقيقية الطبية وتخلفه بالنسبة إلى أمثالنا إنما هو لفقد شرطه وهو الإخلاص نسأل الله العافية ثم إن المصنف لم يذكر لهذا الخبر مخرجا وذكر صحابيه وقد عزاه في الفردوس لعلي أمير المؤمنين وبيض ولده لسنده . 7308 - (لكل سهو سجدتان بعد ما يسلم) هذا محمول على الكلية المقتضية للعموم في كل ساه لا العموم المقتضي للتفصيل فيفيد أن كل من سها في صلاته بأي سهو كان يسجد سجدتين ولا يختصان بالمواضع التي سها فيها النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالأنواع التي سها فيها فلا حجة فيه لمن قال بتعدد السجود بتعدد مقتضيه كما أن لا حجة فيه للحنفية على جعلهم السجود بعد السلام هبه لزيادة أو نقص ما ذاك إلا لقول الزهري فعله قبل السلام آخر الأمرين من فعله عليه السلام وبفرض عدم ذلك النسخ فيتعين حمله على من سها عن سجود السهو فسجده بعد السلام جمعا بين الأخبار . - (حم د ه عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي في المعرفة : انفرد به إسماعيل بن عياش وليس بقوي وقال [ ص 284 ] الذهبي : قال الأشرم : هذا منسوخ وقال الزين العراقي : حديث مضطرب وقال ابن عبد الهادي كابن الجوزي بعدما عزياه لأحمد : إسماعيل بن عياش مقدوح فيه فلا حجة فيه وقال ابن حجر : في سنده اختلاف اه‍ . فرمز المؤلف لحسنه غير حسن . 7309 - (لكل سورة حظها من الركوع والسجود) أي فلا يكره قراءة القرآن في الركوع والسجود وإلى هذا ذهب بعض المجتهدين وذهب الشافعية إلى كراهة القراءة في غير القيام لأدلة أخرى
[ 362 ]
(حم) وكذا البيهقي في الشعب (عن رجل) من الصحابة ولفظ رواية أحمد عن أبي العالية أخبرني من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لكل سورة إلخ قال أبو العالية : ثم لقيته بعد فقلت : إن ابن عمر كان يقرأ في الركعة بالسورة فهل تعرف من حدثك بهذا الحديث قال : إني لأعرفه منذ خمسين سنة قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح اه‍ . وحينئذ فرمز المصنف لحسنه فقط تقصير ولا يقدح جهالة الصحابي لأن الصحب كلهم عدول . 7310 - (لكل شئ آفة تفسده وآفة هذا الدين ولاة السوء) قال في الفردوس عقب هذا : ويروى وآفة هذا الدين بنو أمية اه‍ . ولهذا كتب ابن عبد العزيز إلى الحسن البصري أشر علي بأقوام أوليهم وأستعين بهم على أمور المسلمين فكتب يا أمير المؤمنبن إن أهل الخير لا يريدونك وأصحاب الدنيا لا نريدهم فعليك بذوي الأحساب لأنهم لا يدنسون أحسابهم بالخيانات فمن عف لسانه عن الأعراض ويده عن الأموال فهو أولى بالولاية . - (الحارث) ابن أبي أسامة في مسنده (عن ابن مسعود) وفيه مبارك بن حسان قال الذهبي : قال الأزدي : يرمى بالكذب . 7311 - (لكل شئ أس وأس الإيمان الورع ولكل شئ فرع وفرع الإيمان الصبر ولكل شئ سنام وسنام هذه الأمة عمي العباس) بن عبد المطلب (ولكل شئ سبط وسبط هذه الأمة الحسن والحسين ولكل شئ جناح وجناح هذه الأمة أبو بكر وعمر ولكل شئ مجن ومجن هذه الأمة علي بن أبي طالب) الأس بتثليث الهمزة أصله أصل البناء كالأساس واستعماله في غير ذلك مجاز قال الزمخشري : من المجاز فلا أس أمره الكذب ومن لم يؤسس ملكه بالعدل هدمه والفرع من كل شئ أعلاه وهو ما يتفرع من أصله قال الزمخشري : من المجاز فرع فلان قومه علاهم شرفا وسنام الشئ علوه وكل شئ علا شيئا فقد تسنمه ومن المجاز رجل سنيم عالي القدر وهو سنام قومه والسبط أصله انبساط في سهولة ويعبر به عن الجود وعن ولد الولد كأنه امتداد الفروع والجناح بالفتح اليد والعضد والإبط والجانب ونفس الشئ والمجن الترس وهذا كله على الاستعارة والتشبيه . - (خط وابن عساكر) في التاريخ (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور الديلمي وفيه من لا يعرف .
[ 363 ]
7312 - (لكل شئ حصاد وحصاد أمتي ما بين الستين إلى السبعين) من السنين وأقلهم من يجاوز ذلك كما صرح به حديث آخر . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) بن مالك . 7313 - (لكل شئ حلية وحلية القرآن الصوت الحسن) لأن الحلية حليتان حلية تدرك بالعين وحلية تدرك بالسمع ومرجع ذلك كله إلى جلاء القلوب وذلك على قدر رتبة القارئ وقد كان داود يقرأ قراءة تضطرب المحموم وتزيل ألم المهموم وكان إذا تلا لم يبق دابة في بر ولا بحر إلا استمعت لصوته قال ابن تيمية : وقضية الخبر أن تحسين الصوت بغير القرآن مذموم لجعله ذلك حلية له بخصوصه فلا حجة فيه لمن استشهد به من الصوفية على مشروعية السماع الحسن بل هو شاهد عليهم . - (هب والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك وفيه عبد الله بن محرز الجزري قال في الميزان : تركوا حديثه وعن الجوزجاني : هالك وعن ابن حبان : من خيار العباد لكنه يكذب ولا يعلم ويقلب الأخبار ولا يفهم ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور البزار . قال الهيثمي : وفيه عبد الله بن محرز هذا هو متروك ورواه الطبراني عن أبي هريرة وفيه عنده إسماعيل بن عمرو البجلي وهو ضعيف . 7314 - (لكل شئ زكاة) أي صدقة (وزكاة الجسد الصوم) لأن الزكاة تنقص المال من حيث العدد وتزيده من حيث البركة فكذا الصوم ينقص به البدن لنقص الغذاء ويزيد فيه من جهة الثواب فلذا كان زكاة البدن لكونه ينقص من فضوله ويزيد في مكارم الأخلاق ونحوها . - (ه عن أبي هريرة) قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف اه‍ . وذلك لأن فيه موسى بن عبيد ضعفوه (طب) وكذا الخطيب كلاهما (عن سهل بن سعد) قال الهيثمي : وفيه حماد بن الوليد ضعيف اه‍ . وأصله قول ابن الجوزي : حديث لا يصح قال ابن حبان : لا يجوز الاحتجاج بحماد بن الوليد كان يسرق الحديث ويلزق ما ليس من حديثهم وقال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه . 7315 - (لكل شئ زكاة) أي صدقة (وزكاة الدار بيت الضيافة) لما أنها تقي صاحبها من النار وتوصله إلى دار الأبرار . - (الرافعي) إمام الدين عبد الكريم القزويني (عن ثابت) عن أنس هكذا هو في الميزان قال النقاش في الموضوعات : وضعفه أحمد بن عثمان النهراوي وفي اللسان قال الجوزقاني في كتاب الأباطيل : حديث منكر وفيه عبد الله بن عبد القدوس مجهول .
[ 364 ]
7316 - (لكل شئ سنام) أي علو ، وسنام الشئ أعلاه (وإن سنام القرآن سورة البقرة) أي السورة التي ذكرت فيها البقرة (وفيها آية هي سيدة آي القرآن : آية الكرسي) وقد مر الكلام على هذا الحديث غير مرة . - (ت عن أبي هريرة) وقال : ضعيف . 7317 - (لكل شئ صفوة وصفوة الصلاة التكبيرة الأولى) صفوة الشئ خياره وخلاصته وإذا حذفت الهاء فتحت الصاد . - (ع هب عن أي هريرة عن عبد الله بن أبي أوفى) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الهيثمي وابن حجر وغيرهما ما محصوله : أن فيه من الطريق الأول الحسن بن السكن ضعفه أحمد ولم يرتضه الفلاس ومن الثاني الحسن بن عمارة وقد ذكره العقيلي في الضعفاء اه‍ . وأقول : فيه أيضا من طريق البيهقي سويد بن سعيد أورده الذهبي في الضعفاء [ ص 286 ] والمتروكين وقال أحمد : متروك وأبو حاتم : صدوق اه‍ . 7318 - (لكل شئ طريق وطريق الجنة العلم) أي النافع فإذا كان هو المنهج إلى دار النعيم فيتعين على كل لبيب أن يبادر شبابه وأوقات عمله فيها فيصرفها إلى التحصيل ولا يغتر بخدع التسويف والتأميل فيخطئ الطريق والسبيل ولا يلتفت إلى العلائق الشاغلة والعوائق المانعة ومن ثم كان كثير من السلف يرى التعزب والترهب عن الأهل والبعد عن الوطن في الطلب تقليلا للشواغل لأن الفكرة إذا توزعت قصرت عن درك الحقائق و * (ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) * ولهذا قال الخطيب في الجامع : لا ينال العلم إلا من عطل دكانه وخرب بستانه وهجر إخوانه . (فر عن ابن عمر) بن الخطاب ظاهر صنيعه أن الديلمي خرجه بسنده على العادة والأمر بخلافه بل بيض له ولم يسنده . 7319 - (لكل شئ عروس وعروس القرآن الرحمن) أي سورة الرحمن يقال أعرس الرجل فهو معرس إذا دخل بامرأته عند بنائها ويقال للرجل عروس كالمرأة وهو اسم لهما عند دخول أحدهما بالآخر وكل شئ ههنا مثل ما في قوله تعالى حكاية عن سليمان * (وأوتينا من كل شئ) * أي من كل ما يليق بحالنا من النبوة والعلم والملك فالمعنى أن كل شئ يستقيم أن يضاف إليه العروس والعروس هنا يحتمل الرتبة وشبهها بالعروس إذا زينت بالحلي والحلل وكونها ألذ لقاء إلى المحبوب والوصول إلى المطلوب وذلك أنه كلما كرر قوله * (فبأي آلاء ربكما تكذبان) * (الرحمن : 13 و 16 و 18
[ 365 ]
و 21 و 23) كأنه يجلو نعمة من نعمه السابقة على الثقلين ويزينها ويمن بها عليهم . - (هب عن علي) أمير المؤمنين وفيه علي بن الحسن دبيس عده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال الدارقطني : ليس بثقة . 7320 - (لكل شئ معدن) المعدن المركز من كل شئ (ومعدن التقوى قلوب العارفين) جمع لعارف قال بعضهم : والعارف هو دائم الشغل به عمن سواه عالما بأنه لا حافظ له ولا مالك إلا إياه والمعرفة بالله هي تحقيق العلم بإثبات الوحدانية لأن قلوبهم أشرقت بنور الإيمان واليقين وشاهدوا أحوال الآخرة بأفئدتهم فعظمت هيبة ذي الجلال في صدورهم فغلب الخوف عليهم . - (طب) عن أبي عقيل أنس بن مالك الخولاني عن محمد بن رجاء السجستاني عن منية بن عثمان بن عمر بن محمد بن يزيد عن سالم (عن) أبيه عبد الله (ابن عمر) بن الخطاب وعمر بن محمد بن يزيد وأورده الذهبي في الضعفاء وقال : ثقة لينه ابن معين وله غرائب (هب) عن علي بن أحمد عن أحمد بن عبيد عن أحمد بن إبراهيم بن ملحان عن وثيمة بن موسى عن سلمة بن الفضل عن رجل ذكره الزهري عن الزهري عن سالم عن أبيه (عن عمر) بن الخطاب وظاهر صنيع المصنف أن مخرجيه خرجاه وسكتا عليه والأمر بخلافه بل تعقبه البيهقي بما نصه هذا منكر ولعل البلاء وقع من الرجل الذي لم يسم اه‍ بحروفه ووثيمة هذا أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أبو حاتم : يحدث عن سلمة بن الفضل بأحاديث موضوعة وسلمة قال أبو حاتم : منكر الحديث لا أعرفه اه‍ . وذكر الهيثمي أن فيه أيضا عند الطبراني محمد بن رجاء وهو ضعيف اه‍ وفي الميزان عن أبي حاتم : حدث وثيمة بأحاديث موضوعة فمنها هذا الخبر ثم أورده بنصه وحكم ابن الجوزي بوضعه . 7321 - (لكل شئ مفتاح ومفتاح السماوات قول لا إله إلا لله) والمفتاح لا يفتح إلا إذا كان له أسنان وأسنان هذا المفتاح هي الأركان الخمسة التي بني عليها الإسلام ذكره القرطبي . (طب عن معقل بن يسار) قال الهيثمي : فيه أغلب بن تميم وهو ضعيف . 7322 - (لكل شئ مفتاح ومفتاح الجنة حب المساكين والفقراء) وظاهر صنيع المصنف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه ابن لال والفقراء الصبر هم جلساء الله عز وجل يوم القيامة اه‍ بنصه وحذف المصنف له غير جيد - (ابن لال) أبو بكر في مكارم الأخلاق وكذا ابن عدي (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه عمر بن راشد عن مالك وهو المديني إذ هو الذي حدث عن مالك قال
[ 366 ]
الذهبي : قال أبو حاتم : وجدت حديثه كذبا قال الحافظ العراقي : ورواه أيضا الدارقطني في غرائب مالك وابن عدي في الكامل وابن حبان في الضعفاء من حديث ابن عمر باللفظ المزبور اه‍ . وأورده ابن الجوزي من عدة طرق وحكم عليه بالوضع . 7323 - (لكل عبد صيت) أي ذكر وشهرة في خير أو شر عند الملأ الأعلى (فإن كان صالحا وضع في الأرض وإن كان مسيئا وضع في الأرض) فمن دعاه الله فأجابه فصدقه في الإجابة قربه واصطنعه لنفسه وألقى له في القلوب ملاحة وحلاوة ومحبة قال تعالى للكليم * (وألقيت عليك محبة مني) * (طه : 39) فكان موسى لا يراه أحد إلا أحبه حتى فرعون فما كان على ذلك المنهج فله الحلاوة في العيون والود في القلوب وحكم عكسه عكس حكمه . - (الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) . 7324 - (لكل صائم دعوة مستجابة عند إفطاره) يحتمل من صومه كل يوم ويحتمل في آخر رمضان (أعطيها في الدنيا أو ادخرت له في الآخرة) قال الحكيم : قد أعطى الله هذه الأمة كثيرا مما أعطى الأنبياء قبلهم فمن ذلك حثهم على الدعاء * (ادعوني أستجب لكم) * وإنما كان ذلك للأنبياء لكن لما دخل التخليط في هذه الأمة لاستيلاء شهواتهم على قلوبهم حجبت فالصوم منع النفس عن الشهوات فإذا ترك شهوته من أجله صفا قلبه وتولته الأنوار واستجيب دعاؤه فإن كان مسؤوله مقدرا عجل وإلا ادخر له في العقبى . - (الحكيم) في نوادره (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وظاهر صنيع المصنف أن هذا الحديث مرفوع اتفاقا كغيره من الأحاديث التي يوردها ومخرجه الحكيم إنما قال ابن نضر بن دعبل رفعه وأن الباقين وقفوه على ابن عمر فأشار إلى تفرد نضر برفعه فإطلاق المصنف عزو الحديث لمخرجه وسكوته عن ذلك غير مرضي . 7325 - (لكل غادر) وهو الذي يقول قولا ولا يفي به فشمل من لم يف بما نذر وبما حلف عليه وبشرط شرطه (لواء يعرف به يوم القيامة) ليعرف به فيزداد فضيحة واحتقارا وإهانة وهذا تقبيح للغدر وتشديد في الوعيد عليه سيما من صاحب الولاية العامة لأن غدره يتعدى ضرره وقيل أراد نهي الرعية عن الغدر بالإمام فلا يخرج عليه . - (حم ق عن أنس) بن مالك (حم) عن ابن مسعود عبد الله (ابن عمر) بن الخطاب .
[ 367 ]
7326 - (لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة) بمعنى أنه يلصق به ويدنى منه دنوا لا يكون معه اشتباه لتزداد فضيحته وتتضاعف استهانته ويحتمل أن يكون عند دبره حقيقة وقال ابن العربي : يزيد الشهرة به وهي عظيمة في النفوس [ ص 288 ] كبيرة على القلوب يخلق الله عند وجودها من الألم في النفوس ما شاء على قدرها وما يخلق من ذلك في الآخرة أعظم ويزيد في عظم اللواء حتى تكون الشهرة أشد وإنما كان عند استه لتكون الصورتان مكشوفتين الظاهرة في الأخلاق والباطنة في الخلق . - (م عن أبي سعيد) الخدري ظاهره أن مسلما لم يرو إلا اللفظ المذكور وهذا هو الحديث بتمامه وليس كذلك بل تمامه ألا ولا عذر أعظم غدرا من أمير عامة ، هذا لفظ مسلم في المغازي ولا أدري لأي شئ تركه المصنف . 7327 - (لكل قرن من أمتي سابقون) قال الحافظ أبو نعيم : فالصوفية سباق الأمم والقرون وبإخلاصهم تمطرون وتنصرون . - (حل عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن عجلان ذكره البخاري في الضعفاء كما مر عنه . 7328 - (لكل قرن سابق) يحتمل أن يراد المبعوث ليجدد لهذه الأمة أمر الدين . - (حل عن أنس) بن مالك . 7329 - (لكل نبي تركة) بفتح التاء وكسر الراء وتخفف وبكسر الأول وسكون الراء مثل كلمة وكلمة والتركة ما يخلفه الميت من بعده (وإن تركتي ضيعتي) أي عيالي ففي القاموس والضيعة العيال (الأنصار فاحفظوني فيهم) لما لهم من السبق في نصرة الدين وإيواء المصطفى صلى الله عليه وسلم والذب عنه وحمايته من أعدائه حتى أظهر الدين وأحكم قواعد الشريعة وفيه إشارة إلى أن الخلافة ليست فيهم إذ لو كان كذلك لأوصاهم بغيرهم ولم يوص عليهم . - (طس عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الهيثمي : إسناده جيد . 7330 - (لكل نبي حرم وحرمي المدينة) تمامه عند أحمد اللهم إني حرمتها بحرمتك أن لا يأوي فيها محدثا ولا يختلي خلاها ولا يعضد شوكها ولا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد اه‍ . هكذا هو في رواية أحمد في المسند وكأن المصنف تركه ذهولا . - (حم عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الهيثمي : سنده حسن .
[ 368 ]
7331 - (لكل نبي خليل في أمته وإن خليلي عثمان بن عفان) لا ينافي قوله في الحديث الآتي لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر - الحديث - لأن المراد هنا خلة الإخاء كما يأتي أو أنه نفى الخلة أولا ثم أذن الله له في مخاللة أبي بكر وعثمان . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح وإسحاق بن نجيح أحد رجاله قال أحمد : من أكذب الناس وقال يحيى : هو معروف بالكذب والوضع وقال ابن حبان : كان يضع وفيه يزيد بن مروان قال يحيى : كذاب وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الأثبات لا يحل الاحتجاج به . 7332 - (لكل نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان) الرفيق الذي يرافقك قال الخليل : ولا يذهب اسم الرفيق بالتفرق . - (ت) في المناقب (عن طلحة) بن عبيد الله وقال : غريب وليس سنده بقوي وهو منقطع (ه عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح . 7333 - (لكل نبي رهبانية) أي تبتل وانقطاع للعبادة (ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله) فليست رهبانيتهم كرهبانية النصارى من الإنجماع في الديور والجبال والانقطاع عن الناس ولزوم التعبد . - (حم عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى والديلمي . 7334 - (للإمام والمؤذن مثل أجر من صلى معهما) الذي يظهر أن المراد الإمام والمؤذن المحتسبان لا من يأخذ على ذلك أجرا ويطلب عليه معلوما كما هو عليه الآن . - (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان في الثواب (عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن طلحة وهو اليربوعي قال الذهبي : قال النسائي : ليس بشئ عن أبي بكر بن عياش وقد مر غير مرة عن عبد الله بن سعيد المقبري قال الذهبي في الضعفاء : تركوه . 7335 - (للبكر) بلام التمليك (سبع) أي يجب للزوجة البكر الجديدة مبيت سبع من الليالي ولاء بلا قضاء (وللثيب ثلاث) كذلك ولو أمة فيهما قال الزمخشري : أي لها ذلك زيادة على النوبة عند البناء لتحصل الألفة وتقع المؤانسة بلزوم الصحبة وفضلت البكر بالزيادة لينتفي نفارها اه‍ . وفي رواية
[ 369 ]
للبخاري تقييد ذلك بما إذا كان في نكاحه غيرها أي ويريد المبيت عندها وإلا فلا لزوم وفضله بين البكر والثيب يدل لما قاله الشافعي من عدم القضاء قال الرافعي : لأنه لو كانت الثلاثة مقضية لم يكن للتخصيص بالبكر معنى وهذا قاله حين تزوج أم سلمة فدخل عليها فأراد أن يخرج فأخذته بثوبه فقال : إن شئت زدتك وحاسبتك به للبكر إلخ . - (م) في النكاح (عن أم سلمة ه عن أنس) ورواه عنه أيضا الشافعي وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه فقد قال ابن حجر : رواه البخاري عن أنس فقال : من السنة فذكره . 7336 - (للتوبة باب بالمغرب مسيرة سبعين عاما لا يزال كذلك حتى يأتي بعض آيات ربك طلوع الشمس من مغربها) قال القاضي : معناه أن باب التوبة مفتوح على الناس وهم في فسحة منها ما لم تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت انسد عليهم فلم يقبل منهم إيمان ولا توبة لأنهم إذا عاينوا ذلك اضطروا إلى الإيمان والتوبة فلا ينفعهم ذلك كما لا ينفع المحتضر فلما رأى أن سد الباب من قبل المغرب جعل فتح الباب أيضا من ذلك الجانب وقوله مسيرة سبعين سنة مبالغة في التوسعة أو تقدير لعرض الباب بقدر ما يسده من جرم الشمس الطالع من المغرب إلى هنا كلامه . - (طب عن صفوان بن عسال) بفتح المهملة الأولى وشد الثانية رمز المصنف لحسنه . 7337 - (للجار) على جاره (حق) متأكد لا رخصة في تركه . - (البزار) في مسنده (والخرائطي في كتاب مكارم الأخلاق) كلاهما (عن سعيد بن زيد) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع وهو ضعيف . 7338 - (للجنة ثمانية أبواب سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه) أي من جهته وقد عرفت معناه [ ص 290 ] مما قبله . - (طب ك) وكذا أبو يعلى كلهم (عن ابن مسعود) قال الهيثمي : سنده جيد . 7339 - (للحرة) أي للزوجة المتمحضة الحرية في القسم (يومان وللأمة) أي من فيها رق بسائر أنواعها ولو مبعضة ومستولدة (يوم) يعني أن للحرة مثلي الأمة وبهذا أخذ الشافعي والحديث وإن كان ضعيفا لكنه اعتضد بقول علي كرم الله وجهه بل لا يعرف له مخالف وإنما سوى بينهما في حق الزفاف لأنه لزوال الحياء وهما فيه سواء . (ابن منده) في الصحابة (عن الأسود بن عويم) السدوسي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجمع بين الحرة والأمة فذكره قال الذهبي في الصحابة : حديث ضعيف .
[ 370 ]
7340 - (للرجال حواري وللنساء حوارية فحواري الرجال الزبير وحوارية النساء عائشة) . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن يزيد) من الزيادة (ابن أبي حبيب معضلا) هو الأزدي أبو رجاء عالم أهل مصر قال الذهبي : كان حبشيا من العلماء الحكماء الأتقياء مات سنة 138 . 7341 - (للرحم لسان عند الميزان تقول يا رب من قطعني فاقطعه ومن وصلني فصله) نبه به أنها تحضر عند ميزان العبد وتدعو على القاطع وتدعو للواصل وفي ذكر ذلك ما يدل على استجابة الدعاء وأوضح أن القطيعة حينئذ تكون بخفة الميزان والصلة حينئذ برحجانه ولو لم يكن في فضل صلتها وذم قطيعتها إلا ما ذكر لكفى به مرهبا ومرغبا وقوله لسان إلخ إشارة إلى أنها تتشكل به وسبق ما له بذلك تعلق . - (طب عن بريدة) تصغير بردة ، ابن الحصيب رمز المصنف لحسنه . 7342 - (للسائل حق وإن جاء على فرس) أي أن له حق الإعطاء وعدم الرد وإن كان على هيئة حسنة ومنظر بهي ومراكب فاخرة فقد يكون وراء ذلك عائلة ودين له معها أخذ الصدقة وفيه كما قال الغزالي : جواز السؤال إذ لو كان حراما مطلقا لما أجاز إعانة المعتدي على عدوانه والإعطاء إعانة . - (حم د والضياء) المقدسي (عن الحسين) بن علي قال الحافظ العراقي : وفيه يعلى ابن أبي يحيى جهله أبو حاتم ووثقه ابن حبان وسكت عليه أبو داود قال العراقي : وقول ابن الصلاح عن أحمد أربعة أحاديث تدور في الأسواق لا أصل لها منها هذا لا يصح عن أحمد بدليل عدم إخراجه لهذا الحديث في مسنده (د عن علي) أمير المؤمنين سكت عليه أبو داود أيضا قال العراقي : وفيه شيخ لم يسم (طب عن) أبي حديد بمهملتين مصغرا (الهرماسي بن زياد) بن مالك الباهلي البصري صحابي سكن اليمامة عند ابن القعقاع وغيره قال الهيثمي : حديث ضعيف لضعف عثمان بن فائد أحد رجاله اه‍ . وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتبعه القزويني لكن رده ابن حجر كالعلائي . 7343 - (للصف الأول) وهو الذي يلي الإمام (فضل على الصفوف) جميعها كما مر وهذا في حق الرجال أما النساء فالصف الأخير لهن أفضل كما مر . - (طب عن الحكم بن عمير) مصغر قال الهيثمي : فيه يحيى بن بعلى ضعيف .
[ 371 ]
7344 - (للعبد المملوك الصالح أجران) لأدائه حق الله وآخر لخدمة مولاه قال ابن حجر : اسم الصلاح يشمل شرطين [ ص 291 ] إحسان العبادة والنصح للسيد ونصيحة السيد تشمل أداء حقه من نحو خدمته قال ابن عبد البر : وفيه أن العبد المؤدي لحق الحق وحق السيد أفضل من الحر ويؤيده قول عيسى عليه السلام مرة الدنيا حلوة الآخرة وحلوة الآخرة مرة الدنيا وللعبودية غضاضة ومرارة لا تضيع عند الله اه‍ . ونوزع بأن أجر العبد إنما يضاعف فبما فيه القيام بالحقين فقط وقد يكون للسيد جهات أخر يستحق بها أضعاف أجر العبد وبقية الحديث والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله وبر أبي لأحببت أن أموت وأنا مملوك اه‍ . - (ق عن أبي هريرة) . 7345 - (للغازي أجره) الذي جعله الله على غزوه (وللجاعل) أي المجهز للغازي تطوعا لا استئجارا لعدم جوازه (أجره) أي ثواب ما بذل من المال (وأجر الغازي) لتحريضه على القتال حتى شارك الغزاة في مغزاهم قال الفاسي : يريد بالجاعل من شرط للغازي جعلا فله أجر بذل المال الذي جعله وأجر غزو المجعول له فإنه حصل بسببه وفيه ترغيب للجاعل ورخصه للمجعول له وللعلماء في حل أخذ الجعل على الجهاد خلاف فرخص فيه مالك وأصحاب الرأي ومنعه الشافعي استدلالا بأحاديث في الجهاد . - (د عن ابن عمرو) بن العاص رمز لحسنه . 7346 - (للمائد) أي الذي يلحقه دوران رأسه من ريح البحر واضطراب السفينة من ماد يمتد إذا دار رأسه (أجر شهيد وللغريق أجر شهيدين) قال المظهر : هذا إن ركبه لنحو طاعة كغزو وحج وطلب علم وكذا التجارة ولا طريق له غيره وقصد طلب القوت لا زيادة ماله . - (طب عن أم حرام) بنت ملحان بن خالد الأنصارية . 7347 - (للمرأة ستران) قيل : وما هما قال : (القبر والزوج) تمامه عند الطبراني قيل : فأيهما أستر وفي رواية أفضل قال : القبر - (عد) من حديث هشام بن عمار عن خالد بن يزيد عن أبي روق الهمداني عن الضحاك عن ابن عباس وكذا الطبراني في الصغير (عن ابن عباس) ثم تعقبه أعني مخرجه ابن عدي بأن خالد بن يزيد أحاديثه كلها لا يتابع عليها لا متنا ولا إسنادا . وقال ابن الجوزي : موضوع والمتهم به خالد هذا اه‍ . ورواه الطبراني باللفظ المذكور عن ابن عباس أيضا في معاجيمه الثلاثة قال الهيثمي : وفيه خالد بن يزيد القشيري غير قوي . قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف ويتقوى بما رواه أبو بكر الجعايني في تاريخ الطالبين عن علي للمرأة عشر عورات فإذا تزوجت ستر الزوج عورة وإذا ماتت ستر القبر تسعا ابن عدي في الطيوريات بسنده عن علي بن عبد الله نعم الأختان القبور .
[ 372 ]
7348 - (للمسلم على المسلم ست بالمعروف) صفة بعد صفة لموصوف محذوف يعني للمسلم على المسلم ست خصال متلبسة بالمعروف وهو ما عرف في الشرع والعقل حسنه (يسلم عليه إذا لقيه) أي يقول له السلام عليكم (ويجيبه إذا دعاه) يحتمل يجيبه إذا ناداه بأن يقول ما شأنك أو نحوه ويحتمل يجيبه إذا دعاه لوليمة (ويشمته إذا عطس) بأن يقول له يرحمك الله (ويعوده إذا مرض) ولو يسيرة كصداع خفيف وحمى يسيرة وكذا الرمد على الأرجح ولا يتوقف على مضي ثلاثة أيام على الأصح (ويتبع جنازته إذا مات) أي يصحبه للصلاة عليه والأكمل إلى دفنه (ويحب له ما يحب لنفسه) من الخير . (حم ت ه عن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي : رجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لحسنه . [ ص 7349 - (للمصلي ثلاث خصال يتناثر البر) بالكسر الخير والبركة والفضل (من عنان السماء) بفتح العين بضبط المصنف والعنان بالفتح السحاب وقيل ما عن لك منها أي اعترض وذلك إذا رفعت رأسك (إلى مفرق رأسه) المفرق كمسجد الطريق في شعر وهذا في مصل أتى بالصلاة بإتمام الشروط والأركان والسنن والخشوع الذي هو روح الصلاة وأما غيره فليته ينجو لا له ولا عليه (وتحف به الملائكة من لدن) ظرف مكان بمعنى عند لكنه لا يستعمل إلا في الحاضر (قدميه إلى عنان السماء ويناديه مناد لو يعلم المصلي من يناجي ما انفتل) أي انعطف عن جهة القلة تاركا الصلاة . - (محمد بن نصر في) كتاب (الصلاة عن الحسن) البصري (مرسلا) . 7350 - (للمملوك طعامه وكسوته) اللام للملك أي طعام المملوك وكسوته بقدر ما تندفع ضرورته مستحق له على سيده ونكتة تقديم الخبر أنه في هذا المقام بصدد تمليك المملوك ما ذكر فقدم ما هو عنده أهم وبه إغناء على الأصل (بالمعروف) أي بلا إسراف ولا تقتير على اللائق بأمثاله . قال ابن حجر : هذا الحديث يقتضي الرد في ذلك إلى العرف فمن زاد على ذلك كان متطوعا فالواجب مطلق المواساة لا المواساة من كل جهة ومن أخذ بالأكمل فعل الأفضل من عدم استئثاره على عياله وإن كان جائزا (ولا يكلف) بالبناء للمجهول (من العمل) نفي بمعنى النهي (إلا ما يطيق) الدوام عليه والمراد أنه لا يكلفه إلا جنس ما يقدر عليه وفيه الحث على الإحسان إلى المماليك والرفق بهم وألحق بهم من في معناهم من أجير ونحوه والمحافظة على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . - (حم م) في الأيمان والنذور
[ 373 ]
(هق عن أبي هريرة) قال ابن حجر : فيه محمد بن عجلان ورواه عنه أيضا مالك والشافعي ولم يخرجه البخاري عنه . 7351 - (للمملوك على سيده ثلاث خصال لا يعجله عن صلاته) أي عن الفرض (ولا يقيمه عن طعامه ويشبعه كل الإشباع) يعني الشبع المحمود . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه من لم أعرفهم وعبد الصمد بن علي ضعيف كذا ذكره في موضع وعزاه في آخر للطبراني في الصغير ثم قال : وإسناده ضعيف . 7352 - (للمؤمن أربعة أعداء مؤمن يحسده ومنافق يبغضه وشيطان يضله وكافر يقاتله) هؤلاء أعداؤه على الحقيقة لأنهم يريدون دينه وذلك أعظم من إرادة زوال نعمته الدنيوية إذ ليس في زوالها هلاكه بل إن زالت وعوض الصبر فاز بثواب الصابرين وإن بقيت عندك وصاحبك الشكر فأنت فائز بثواب الشاكرين فالمؤمن وإن كان يحسدك فإنه يواليك ولا يعاديك فعاد في الله من عاداك ووال من والاك ودار من حسدك وقاتل الشيطان والكفار على عبادة الله واكتساب ما تفوز به في الآخرة . - (فر عن أبي هريرة) وفيه صخر الحاجبي قال الذهبي في الضعفاء : متهم بالوضع وخالد [ ص 293 ] الواسطي مجهول وحصين بن عبد الرحمن قال الذهبي : نسي وشاخ وقال النسائي : تغير . 7353 - (للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع) الأكبر الذي يظهر أن هذا لا يختص بمن هاجر قبل الفتح بل يعم كل من هاجر من ديار الكفر إلى ديار الإسلام إلى يوم القيامة . - (حب ك) في المناقب (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح فتعقبه الذهبي بأن أحمد بن سليمان بن بلال أحد رواته رواه فالصحة من أين . 7354 - (للنار) سبعة أبواب منها (باب لا يدخل منه) يوم القيامة (إلا من شفى غيظه بسخط الله) وذلك لأن الإنسان مبني على سبعة الشرك والشك والغفلة والرغبة والرهبة والشهوة والغضب فهذه أخلاقه فأي خلق من هذه الأخلاق غلب على قلبه نسب إليه دون البقية * (إن جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم) * . - (الحكيم) الترمذي (عن ابن
[ 374 ]
عباس) ظاهر صنيع الصنف أن الحكيم أسنده على عادة المحدثين وليس كذلك بل قال روي عن ابن عباس فكما أن المصنف لم يصب في عزوه إليه مع كونه لم يسنده لم يصب في عدوله عن عزوه لمن أسنده من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو البيهقي فإنه خرجه باللفظ المزبور من حديث ابن عباس المذكور ثم إن فيه قدامة بن محمد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : خرجه ابن حبان وإسماعيل بن شيبة الطائفي عن ابن جريج قال في اللسان كالميزان : واه وأورد هذا الحديث من جملة ما أنكر عليه وقال العقيلي : أحاديثه عن ابن جريج مناكير غير محفوظة وقال ابن عدي : يروي عن ابن جريج ما لا يرويه غيره . وقال النسائي : منكر الحديث . 7355 - (لم تؤتوا بعد كلمة الإخلاص) وهي شهادة أن لا إله إلا الله (مثل العافية) لأنها جامعة لأنواع خير الدارين من الصحة في الدنيا والسلامة في العقبى (فسلوا الله العافية) أي السلامة من الشدائد والبلايا والمكاره الدنيوية والأخروية . - (هب عن أبي بكر) الصديق رضي الله عنه رمز المصنف لحسنه . 7356 - (لم تحل الغنائم لأحد سود الرؤوس من قبلكم كانت تجمع وتنزل نار من السماء فتأكلها) أشار به إلى أن تحليل الغنائم خاص بهذه الأمة . - (ت عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته . 7357 - (لم يبعث الله تعالى نبيا إلا بلغة قومه) ومصداقه في القرآن * (وما أرسلنا من رسول إال بلسان قومه) * . - (حم عن أبي ذر) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح إلا أن مجاهدا لم يسمع من أبي ذر . 7358 - (لم يبق) زاد في رواية أحمد بعدي (من النبوة) اللام للعهد والمراد نبوته أي لم يبق بعد النبوة المختصة بي (إلا المبشرات) بكسر الشين جمع مبشرة يعني أن الوحي ينقطع بموته فلا يبقى بعده ما يعلم به أنه سيكون غير المبشرات قالوا : وما المبشرات قال : (الرؤيا الصالحة) الحسنة أو الصحيحة المطابقة للواقع يعني لم يبق من أقسام المبشرات من [ ص 294 ] النبوة في زمني ولا بعدي إلا قسم الرؤيا الصالحة وهذا قاله في مرض موته لما كشف الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر . قال في المطامح : ذكر لهم ما ذكر من أمر المبشرات لأن انحسام السبل الظاهرة إلى الغيب قد آن بموته أن تذهب فأخبرهم ببقاء الرسل الباطنة
[ 375 ]
الغيبية وهي الرؤيا الواردة عن الله إلى غيب الأسرار وسماها جزءا من النبوة لذلك والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الغالب وإلا فمن الرؤيا ما تكون منذرة وغير صادقة يريها الله تعالى للمؤمن لطفا منه به ليستعد لما سيقع قبل وقوعه . - (خ) في الرؤيا (عن أبي هريرة) وكذا مسلم فيها عن ابن عباس فعزوه ذلك للبخاري وحده موهما أن ذلك مما تفرد به عن صاحبه غير سديد وزاد بعضهم فعزى للبخاري زيادة يراها المسلم أو ترى له ولم أقف عليه فيه . 7359 - (لم يتكلم في المهد) قال الحرالي : هو موضع الهدوء والسكون وقال القاضي : مصدر سمي به ما يمهد للصبي من مضجعه (إلا) أربعة أي من بني إسرائيل وإلا فقد تكلم في المهد نحو عشرة منهم إبراهيم الخليل ويحيى ومريم وموسى ومبارك اليمامة قال المؤلف في الخصائص : ونبينا أو أن هذه الأربعة محل وفاق وغيرهم قيل كانوا مميزين أو أنه أعلم أولا بالأربعة ثم أوحى إليه غيرهم فأخبر به فالأول (عيسى) ابن مريم (و) الثاني (شاهد يوسف) وشهد شاهد من أهلها قالوا كان في المهد (و) الثالث (صاحب جريج) أي الراهب وكانت امرأة ترضع ابنا في بني إسرائيل فمر بها رجل راكب فقالت : اللهم اجعل ابني مثله فترك ثديها وقال : اللهم لا تجعلني مثله ثم مر بأمة تجر وتضرب فقالت : اللهم لا تجعل ابني مثل هذه قال : اللهم اجعلني مثلها فقالت : لم قال : الراكب جبار والأمة يقولون زنت وسرقت ولم تفعل وسيجئ في هذا كلام آخر (و) الرابع (ابن ماشطة فرعون) لما أراد فرعون إلقاء أمه في النار قال : لها اصبري ، وكلام الصبي في مهده يحتمل كونه بلا تعقل كما خلق الله التكلم في الجماد وكونه عن معرفة بأن خلق الله فيهما الإدراك وفيه وجود الكرامات ورد على منكريها . - (ك) في أخبار الأنبياء (عن أبي هريرة) وقال : على شرطهما وأقره الذهبي . 7360 - (لم يحسدنا اليهود بشئ ما حسدونا بثلاث) من الخصال وهي (التسليم) أي سلام التحية عند التلاقي وهي تحية أهل الجنة وسلام اليهود الإشارة بالأكف والأصابع (والتأمين) أي قول آمين عقب القراءة في الصلاة وغيرها (واللهم) أي اللهم (ربنا لك الحمد) في الرفع من الركوع في الصلاة فهذه الثلاثة من خصائص هذه الأمة ولما رأى اليهود ذلك اشتد حسدهم لهم على ما خصوا به من الفضائل قال تعالى * (ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق) * فذم اليهود على ما حسدوا المؤمنين على الهدى والعلم وقد ابتلي بعض المنتسبين إلى العلم بنوع من الحسد لمن هداه الله بعلم نافع أو عمل صالح وهو خلق مذموم مطلقا وهو من أخلاق المغضوب عليهم . - (هق عن عائشة) قضية صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه والأمر بخلافه فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور من حديث ابن عباس .
[ 376 ]
7361 - (لم ير للمتحابين) قال الطيبي : هو من الخطاب العام ومفعوله الأول محذوف أي لم تر أيها السامع ما تزيد به المحبة (مثل النكاح) لفظ ابن ماجه والحاكم مثل التزوج أي إذا نظر رجل لأجنبية وأخذت بمجامع قلبه فنكاحها يورثه مزيد المحبة كذا ذكره الطيبي وأفصح منه قول بعض الأكابر المراد أن أعظم الأدوية التي يعالج بها العشق النكاح فهو علاجه [ ص 295 ] الذي لا يعدل عنه لغيره ما وجد إليه سبيلا (1) وهذا هو المعنى الذي أشار إليه سبحانه عقب إحلال النساء حرائرهن وإمائهن عند الحاجة بقوله * (يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا) * فذكر تخفيفه سبحانه في هذا الموضع وإخباره عن ضعف الإنسان يدل على ضعفه عن احتمال هذه الشهوة وأنه سبحانه خفف عنه أمرها بما أباحه له من أطايب النساء وبهذا التقدير استبان أن حمل الدميري الخبر على ما إذا قصد خطبة امرأة ورآها وأحبها تسن المبادرة بتزويجها هلهل بالمرة . - (ه ك) في النكاح (عن ابن عباس) وقال : على شرط مسلم وأقره الذهبي وفيه عند ابن ماجه سعيد بن سليمان قال في الكاشف : أحمد كان يصحف . 7362 - (لم يزل أمر بني إسرائيل) ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (معتدلا) أي متساويا منتظما لا اعوجاج فيه ولا خلل يعتريه وفي رواية مستقيما بدل معتدلا (حتى نشأ فيهم المولدين) جمع مولد بالفتح وهو الذي ولد ونشأ بينهم وليس منهم (وأبناء سبايا الأمم التي كانت بنو إسرائيل تسبيها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا) أي وكذلك يكون أمر هذه الأمة . قال ابن تيمية : وقد دخل في هذه الأمة أيضا من الآثار الرومية قولا وعملا والآثار الفارسية قولا وعملا ما لا خفاء به على من من الله عليهم بدين الإسلام وما حدث فيه قال ابن عباس رضي الله عنهما : ما أشبه الليلة بالبارحة هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم وقال ابن مسعود : إنهم أشبه الأمم بنا سمتا وهديا يتبعون عملهم حذو القذة بالقدة غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا ومقصود الحديث التحذير من العمل بالرأي بالقول المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين وعلى ذلك درج أكابر الصحابة فمن بعدهم فقد خرج أبو داود قال ابن حجر : بسند حسن عن علي لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه وخرج البيهقي في المدخل عن عمر اتقوا الرأي في دينكم والطبراني عنه اتهموا الرأي عن الدين والحاصل أن المصير إلى الرأي إنما يكون عند فقد النص كما يشير إليه قول الشافعي فيما خرجه البيهقي بسند قال ابن حجر : صحيح إلى أحمد سمعت الشافعي يقول : القياس عند الضرورة ومع ذلك فليس العامل برأيه على ثقة من أنه وقع في المراد من الحكم في نفس الأمر وإنما عليه بذل الوسع في الاجتهاد ليؤجر ولو أخطأ وخرج البيهقي وابن عبد البر عن جمع من أكابر التابعين كالحسن وابن سيرين والشعبي والنخعي بأسانيد قال ابن حجر : جياد ذم القول بالرأي المجرد ويجمع ذلك كله خبر " لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به خرجه الحسن بن سفيان وغيره قال ابن حجر : ورجاله ثقات وصححه النووي في الأربعين وأما هذا
[ 377 ]
الخبر ونحوه فظاهر في أنه أراد من قال بالرأي مع وجود النص من الحديث لإغفاله التنقيب عليه فهذا ملوم وأولى منه باللوم من عرف النص وعمل بمعارضه من الرأي يرده بالتأويل قال ابن عبد البر : واختلف قي الرأي المقصود بالذم فقيل القول في الاعتقاد بمخالفة السنن لأنهم استعملوا آراءهم وأقيستهم في رد الأحاديث حتى طعنوا في التواتر منها وقال الأكثر : الرأي المذموم القول في الأحكام بالاستحسان والتشاغل بالأغلوطات ورد بعض الفروع لبعض دون ردها لأصول السنن وأضاف كثير لذلك من يتشاغل بالإكثار من النوادر قبل وقوعها لما في الاستغراق فيه من التعطيل . - (ه طب) وكذا البزار (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه عند ابن ماجه سويد بن سعيد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : منكر الحديث لكنه في المنار بعد عزوه للبزار قال : إنه حديث حسن . 7363 - (لم يسلط) بالبناء للمفعول والفاعل الله أي لا يسلط الله (على الدجال) أي على قتله كما جاء مصرحا به هكذا في رواية (إلا عيسى ابن مريم) فإنه ينزل من السماء حين يخرج الدجال فيقتله ولا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا ويؤمن [ ص 296 ] به حتى تكون الملة واحدة وتقع الأمنة حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمور مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات فلا تؤذيهم . - (الطيالسي) أبو داود في مسنده (عن أبي هريرة) وفيه موسى بن مطير قال الذهبي في الضعفاء : قال غير واحد متروك الحديث اه‍ . وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه غير مرضي . 7364 - (لم يقبر نبي إلا حيث يموت ولهذا لم يقبر النبي صلى الله عليه وسلم إلا في حجرته التي مات فيها بعد ما اختلفت آراء الصحابة في ذلك كثيرا ورواه ابن منيع بلفظ لم يدفن نبي قط إلا حيث يقبض . - (حم عن أبي بكر) الصديق رمز المصنف لحسنه . 7365 - (لم يكذب من نما) بالتخفيف أي بلغ حديثا (بين اثنين ليصلح) بينهما وفي رواية ليس بالكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرا أو نما خيرا قال النووي : الظاهر إباحة حقيقة الكذب في هذا ونحوه لكن التعريض أولى وقال ابن العربي : الكذب في هذا وأمثاله جائز بالنص رفقا بالمسلمين لحاجتهم إليه وليس للعقل فيه مجال ولو كان تحريم الكذب عقليا ما انقلب حلالا قال المنذري : يقال نميت الحديث بتخفيف الميم إذا بلغته على وجه الإصلاح وتشديدها إذا كان على وجه إفساد ذات البين ذكره الجوهري وأبو عبيد وابن قتيبة وغيرهم . - (د م عن أم كلثوم بنت عقبة) بالقاف ابن معيط وسكت عليه أبو داود وأقره عليه المنذري فهو صالح ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 7366 - (لم يكن مؤمن ولا يكون إلى يوم القيامة إلا وله جار يؤذيه) وهذا واقع في كل عصر
[ 378 ]
(أبو سعيد النقاش في معجمه وابن النجار) في تاريخه كلاهما (عن علي) أمير المؤمنين . 7367 - (لم يلق ابن آدم شيئا قط منذ خلقه الله أشد عليه من الموت) أي هو أشد الدواهي وأعظم مرارة من جميع ما يكابده الإنسان من الشدائد طول عمره فإن مفارقة الروح للبدن لا تحصل إلا بعد ألم عظيم لهما فإن الروح تعلقت بالبدن وألفته واشتد امتزاجها به فلا يفترقان إلا بجهد وشدة ويتزايد ذلك الألم باستحضار المحتضر أن جسده يصير جيفة قذرة يأكلها الهوام ويبليه التراب وأن الروح المفارقة له لا يدرى أين مستقرها فيجتمع له سكرة الموت مع حسرة الفوت * (وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد) * (إن الموت لأهون) على الإنسان (مما بعده) كروعة سؤال منكر ونكير وروعة القيام من القبور ليوم النشور وروعة الصعق وروعة الموقف وقد بلغت القلوب الحناجر وروعة تطاير الصحف وروعة الورود إلى النار تحلة القسم : فلو أنا إذا متنا تركنا * لكان الموت راحة كل حي ولكنا إذا متنا بعثنا * ونسأل بعد ذا عن كل شي ثم هذا فيمن لم يستعد قبل حلوله ويوفق للعمل الصالح قبل نزوله أما من كان كذلك وختم له بذلك فما بعده أسهل إن شاء الله كما يدل عليه خبر أحمد والطبراني آخر شدة يلقاها المؤمن الموت . فتأمله فإني لم أر من تعرض له . - (حم عن أنس) قال الهيثمي : رجاله موثقون وقال في محل آخر : إسناده جيد . 7368 - (لم يمت نبي حتى يؤمه رجل من قومه) قاله لما كشف سترا أو فتح بابا في مرضه فنظر إلى الناس يصلون خلف أبي بكر قال الضياء المقدسي وابن ناصر : ثبت وصح أن المصطفى صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبي بكر مقتديا به في مرض موته ولا ينكر ذلك إلا جاهل وفي مسلم أنه صلى خلف عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك الفجر وكان خرج لحاجته فقدم الناس عبد الرحمن فأدرك المصطفى صلى الله عليه وسلم إحدى الركعتين معهم فلما سلم أتم صلاته وهذا رد لما ذهب إليه عياض من أن من خصائصه أنه لا يجوز لأحد أن يؤمه لأنه لا يصح التقدم بين يديه في الصلاة ولا غيرها لعذر ولا غيره . (ك) في الصلاة (عن المغيرة) بن شعبة وقال : على شرطهما وفيه عبد الله بن أبن أمية قال في الميزان : عن الدارقطني ليس بالقوي اه‍ . ورواه الدارقطني هكذا ثم أعله بفليح بن سليمان قال العراقي : وفليح له غرائب وقال النسائي : ليس بقوي . 7369 - (لم يمنع قوم زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا) أي لم
[ 379 ]
ينزل إليهم المطر عقوبة بشؤم منعهم للزكاة عن مستحقيها فانتفاعهم بالمطر إنما هو واقع تبعا للبهائم فالبهائم حينئذ خير منهم وهذا وعيد شديد على ترك إخراج الزكاة أعظم به من وعيد . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب . 7370 - (لما صور الله تعالى آدم) أي طينة (في الجنة تركه ما شاء الله) ما هذه بمعنى المدة (أن يتركه) فيها (فجعل إبليس يطيف به) أي يستدير حوله (ينظر إليه) من جميع جهاته (فلما رآه أجوف) أي صاحب جوف والأجوف هو الذي داخله خال (عرف أنه خلق) أي مخلوق (لا يتمالك) أي لا يملك دفع الوسوسة عنه أو لا يتقوى بعضه ببعض ولا يكون له قوة وثبات بل يكون متزلزل الأمر متغير الحال مضطرب القال معرضا للآفات والتمالك التماسك أو لا يتماسك عن ما يسد جوفه ويجعل فيه أنواع الشهوات الداعية إلى العقوبات فكان الأمر كما ظنه قال التوربشتي : هذا الحديث مشكل جدا فقد ثبت بالكتاب والسنة أن آدم من أجزاء الأرض وأدخل الجنة وهو بشر وقال البيضاوي : الأخبار متظاهرة على أن الله تعالى خلق آدم من تراب قبضه من وجه الأرض وخمره حتى صار طينا ثم تركه حتى صار صلصالا وكان ملقى بين مكة والطائف ببطن عمان لكن لا ينافي تصويره في الجنة لجواز أن تكون طينته لما خمرت في الأرض وتركت فيها مضت عليها الأطوار واستعدت لقبول الصورة الإنسانية حملت إلى الجنة فصورت ونفخ فيها الروح وقوله * (يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة) * (البقرة : 35 ، الاعراف : 19) لا دلالة فيه على أنه أدخلها بعد نفخ الروح إذ المراد بالسكون الاستقرار والتمكن والأمر به لا يجب كونه قبل الحصول في الجنة كيف وقد تظافرت الروايات على أن حواء خلقت من آدم وهو أحد المأمورين به ولعل آدم لما كانت مدته التي هي البدء من العالم السفلي وصورته التي تميز بها عن سائر الحيوان وضاهى بها الملائكة من العالم العلوي أضاف تكون مادته إلى الأرض لأنها نشأت منها وأضاف حصول صورته إلى الجنة لأنها منها وما ذكر من أن سياق الحديث هكذا هو ما رأيته في نسخ هذا الكتاب لكن في صحيح مسلم فعرف أنه خلق خلقا لا يتمالك فلعل اللفظة سقطت من قلم المؤلف والمراد جنس الآدميين . (حم م) في الأدب (عن أنس) بن مالك واستدركه الحاكم فوهم ورواه أبو الشيخ [ ابن حبان ] وزاد [ ص 298 ] بعد لا يتمالك ظفرت به . 7371 - (لما عرج بي ربي عز وجل مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم) أي يخدشونها (وصدورهم فقلت من هؤلاء يا جبريل قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في
[ 380 ]
أعراضهم) قال الطيبي : لما كان خمش الوجه والصدر من صفات النساء النائحات جعلها جزاء من يقع إشعارا بأنهما ليسا من صفة الرجال بل هما مصفة النساء في أقبح حالة وأشوه صورة وقال الغزالي : يحشر الممزق لأعراض الناس كلبا ضاريا والشره لأموالهم ذئبا والمتكبر عليهم بصورة نمر وطالب الرياسة بصورة أسد وردت به الأخبار وشهد به الاعتبار وذلك لأن الصور في هذا العالم غالبة على المعاني وهذا وعيد شديد على الغيبة قال في الأذكار : والغيبة والنميمة محرمتان بإجماع المسلمين . - (حم د والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك قال ابن حجر : وله شاهد عند أحمد عن ابن عباس . 7372 - (لما نفخ في آدم الروح مارت وطارت) أي دارت وترددت (فصار في رأسه فعطس) عند ذلك (فقال الحمد لله رب العالمين فقال الله تعالى يرحمك الله) يا آدم فأعظم بها من كرامة أكرمه بها ، قال تعالى * (ولقد كرمنا بني آدم) * فهذا مما أكرمهم به ، قال بعضهم : فكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه وقد شرف الله هذا الإنسان على جميع المخلوقات فهو صفوة العلم وخلاصته وثمرته وهو الذي سخر له ما في السماوات والأرض جميعا وهو الخليفة الأكبر فإذا طهر الإنسان من نجاسته النفسية وكدوراته الجسمية كان أفضل من الملائكة . - (حب ك) في التوبة (عن أنس) قال الحاكم : صحيح . 7373 - (لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت) زاد في رواية ولا أذن سمعت (ولا خطر على قلب بشر ثم قال لها) خطاب رضا وإكرام (تكلمي) أي أذنت لك في الكلام (فقالت قد أفلح المؤمنون) وفي رواية لمخرجه الآتي خلق الله جنة عدن بيده ودلى فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها فقال لها : تكلمي فقالت : قد أفلح المؤمنون فقال : وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل . - (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن عباس) قال المنذري : رواه فيهما بإسنادين أحدهما جيد . وقال الهيثمي بعد ما عزاه للكبير والأوسط : أحد إسنادي الأوسط جيد اه‍ . وقضيته أن سند الكبير غير جيد فعليه فكان ينبغي للمصنف العزو للأوسط . 7374 - (لما ألقي إبراهيم في النار) التي أعدها له نمروذ ليحرقه فيها (قال اللهم أنت في السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك) فرأى نفسه واحدا لله في أرضه وهي مرتبة الإنفراد بالله وذلك أعظم المراتب [ ص 299 ] وأشرف المناقب وصاحبها لم يزل ناظر إلى فرديته فيه ينطق وبه يعقل وبه يعلم قد جاز مقام الهيبة والأنس إلى مقام الأمانة والإمامة فهو أمان لأهل الأرض إمام في كل محفل وعرض ، أخرج أبو
[ 381 ]
نعيم في الحلية أنه لما ألقي في النار جأرت عامة الخليقة إلى ربها فقالوا : يا رب خليلك يلقى في النار فأذن لنا أن نطفئ عنه قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا ربه ليس له رب غيري فإن استغاثكم فأغيثوه وإلا فدعوه فجاء ملك القطر فقال : يا رب خليلك يلقى في النار فأذن لي أن أطفئ النار عنه بالقطر فقال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا ربه ليس له رب غيري فإن استغاثك فأغثه وإلا فدعه فلما ألقي فيها دعا ربه فقال الله عز وجل : يا نار كوني بردا وسلاما عليه فبردت يوما على أهل المشرق والمغرب فلم ينضج فيها كراع اه‍ . وقيل : عارضه جبريل وهو في الهوى ابتلاء من الله عز وجل فقال : هل من حاجة فقال : أما إليك فلا حسبي من سؤالي علمه بحالي فتولى الله نصرته بنفسه ولم يكله إلى أحد من خلقه . - (ابن النجار) في تاريخه (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور الديلمي في مسند الفردوس فلو ضمه المصنف لابن النجار في العزو كان أولى . 7376 - (لما كذبتني قريش) في رواية بإسقاط التاء والتكذيب الإخبار عن كون خبر المتكلم غير مطابق للواقع (حين أسري بي) بناه للمفعول لتعظيم الفاعل (إلى بيت المقدس) أي وطلبوا منه أن يصفه لهم (قمت في الحجر) أي حطيم الكعبة (فجلى الله) بالجيم وشد اللام كشف (لي بيت المقدس) أي كشف الحجب بيني وبينه حتى رأيته وفي رواية فسألوني عن أشياء لم أثبتها فكربت كربا لم أكرب مثله قط فرفعه الله لي أنظر إليه (فطفقت) أي شرعت (أخبرهم عن آياته) أي علاماته التي سألوا عنها (وأنا أنظر إليه) الواو للحال وفي رواية لا يسألوني عن شئ إلا نبأتهم به وفي أخرى فجئ بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع في دار عقيل فنعته وأنا أنظر إليه ، وهذا أبلغ في المعجزة ولا استحالة فيه فقد أحضر عرش بلقيس لسليمان في طرفة عين . - (حم ق ت ن عن جابر) بن عند الله ورواه عنه الترمذي أيضا . 7377 - (لما أسلم عمر) بن الخطاب (أتاني جبريل فقال قد استبشر أهل السماء بإسلام عمر) وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اللهم أعز الإسلام بأبي جهل أو بعمر فأصبح عمر فأسلم فأتى جبريل فذكره وفي علل الترمذي عن الحبر رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر ثوبا أبيض فقال : البس جديدا وعش حميدا ومت شهيدا . (ك) في فضائل الصحب (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي في التلخيص بأن عبد الله بن خراش أحد رجاله ضعفه الدارقطني وقال في الميزان : قال أبو زرعة : ليس بشئ وقال أبو حاتم : ذاهب الحديث وقال البخاري : منكر الحديث ثم ساق من مناكيره هذا الخبر .
[ 382 ]
7378 - (لمعالجة ملك الموت) الإنسان عند قبض روحه (أشد) عليه أي أكثر ألما (من ألف ضربة بالسيف) هذا عبارة عن كونه أشد الآلام الدنيوية على الإطلاق ومن ثم لما كان فيه من شدة المشقة لم يمت نبي من الأنبياء حتى [ ص 300 ] يخير ، كان عيسى إذا ذكر الموت يقطر جلده دما ويقول للحواريين ادع الله لي أن يخفف علي الموت وفي الرعاية للمحاسبي إن الله سبحانه قال لإبراهيم : يا خليلي كيف وجدت الموت قال : كسفود محمى جعل في صوف رطب ثم جذب قال : أما إنا قد هونا عليك وروي أن موسى قال له ربه : كيف وجدت الموت قال : وجدت نفسي كالعصفور الحي حين يلقى على المقلى وفي رواية وجدت نفسي كشاة حية تسلخ بيد القصاب ، ولما احتضر عمرو بن العاص فقال له ابنه : كنت تقول ليتني كنت ألقى رجلا عاقلا لبيبا عند نزول الموت يصفه لي وأنت ذاك قال : كأني أتنفس من سم إبرة وكأن غصن شوك يجذب من قدمي إلى هامتي وفي التذكرة عن أبي ميسرة لو أن ألم شعرة من الميت وضع على أهل السماء والأرض لماتوا جميعا فإن قيل يطلع الإنسان على بعض الموتى فلا يرى عليه حركة ولا قلقا ويرى سهولة خروج روحه فيغلب على الظن سهولة أمر الموت ؟ قلنا ألم الموت باطني ولا نعرف ما للميت فيه . (تنبيه) ذكر الغزالي في الدرة الفاخرة كلاما طويلا في كيفية قبض ملك الموت للأرواح منه أن ملك الموت يطعن الميت بحربة فتفر الروح ويقبض خارج البدن فيأخذها الملك في يده ترعد أشبه شئ بالزئبق على قدر الجرادة شخصا إنسانيا هكذا قال والعهدة عليه وقال القرطبي : قال علماؤنا مشاهدة ملك الموت وما يدخل على القلب منه من الروع والفزع أمر لا يعبر عنه لعظيم هوله وفظاعة رؤيته ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الذي يتبدى له ويطلع عليه وإنما هي أمثال تضرب وحكايات تروى تتمة : قال النووي في بستانه : مات الفقيه نجم الدين الكردي فرأيته فقلت له : أحييت فقال : أحييت قلت : قال في الإحياء : الموت أمر عظيم ولم يأتنا أحد بعده يخبرنا عن حقيقته ولا يعرف حقيقته إلا من ذاقه فأخبرنا عنه فقال : وإن كان صعبا لكنه لحظة يسيرة ثم تنقضي . - (خط) في ترجمة محمد بن منصور الهاشمي (عن أنس) وفيه محمد بن قاسم البلخي قال ابن الجوزي : وضاع وأورد الحديث في الموضوعات وتعقبه المصنف بأن فيه مرسلا جيدا يشهد له . 7379 - (لن) قال الطيبي : لن لتأكيد النفي في المستقبل وتقريره (تخلو الأرض من ثلاثين) رجلا (مثل إبراهيم خليل الرحمن بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم تمطرون) وهؤلاء هم الأبدال كما سبق وفيه رد على من أنكر وجودهم كابن تيمية ومما يؤيد ذلك قول الشافعي في بعض أصحابه كنا نعده من الأبدال وقول البخاري في بعضهم كانوا لا يشكون أنه من الأبدال ولن كلا في نفي المستقبل لكنه أبلغ وهو حرف مقتضب عند سيبويه وقيل أصله لا أن . - (حب في تاريخه) من حديث محمد بن المسيب عن عبد الله بن مرزوق عن عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة (عن أبي
[ 383 ]
هريرة) ثم قال أعني ابن حبان : وابن مرزوق هو الطرسوسي لا البرزوني يضع الحديث لا يحل ذكره إلى للقدح فيه اه‍ . وحكاه عنه في الميزان وأورد له هذا الخبر ثم قال : هذا كذب اه‍ . وبه يعرف اتجاه جزم ابن الجوزي بوضعه ومن ثم وافقه على ذلك المؤلف في مختصر الموضوعات من بيان وضعه وما صنعه المؤلف هنا من عزوه لمخرجه ابن حبان وسكوته عما عقبه به غير صواب . 7380 - (لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فيهم تسقون وبهم تنصرون ما مات منهم أحد إلا بدل الله مكانه آخر) تمامه عند مخرجه الطبراني قال سعيد : سمعت قتادة يقول لسنا نشك أن الحسن منهم وهؤلاء هم الأبدال المشار إليهم في حرف الباء . - (طس عن أنس) قال الهيثمي : إسناده حسن . 7381 - (لن تزال أمتي علي سنني ما لم ينتظروا بفطرهم طلوع النجوم) أي ظهورها للناظر واشتباكها . (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : فيه الواقدي وهو ضعيف اه‍ . فرمز المصنف لحسنه لعله لاعتضاده . 7382 - (لن تزول قدم شاهد الزور حتى يوجب الله له النار) أي دخولها لما ارتكب من فعل الكبيرة (ه عن ابن عمر) بن الخطاب . 7383 - (لن تقوم الساعة حتى يسود كل أمة منافقوها) نفاقا عمليا أما الحقيقي فهو وإن كان من الأشراط لم توجد الكلية فيه إلى الآن . - (طب) وكذا الأوسط (عن ابن مسعود) وفيه حسين بن قيس وهو متروك ذكره الهيثمي وفي الحديث قصة . 7384 - (لن تهلك أمة أنا في أولها وعيسى ابن مريم في آخرها والمهدي في وسطها) أراد بالوسط ما قبل الآخر لأن نزول عيسى لقتل الدجال يكون في زمن المهدي ويصلي عيسى خلفه كما جاءت به الأخبار وجزم به جمع من الأخيار وقال مقاتل في * (وإنه لعلم للساعة) * إنه المهدي
[ 384 ]
يكون في آخر الزمان . - (أبو نعيم في) كتاب (أخبار المهدي) أي الذي جمع فيه الأخبار الواردة فيه (عن ابن عباس) ظاهره أنه ليس في أحد الستة التي هي دواوين الإسلام وإلا لما أبعد النجعة والأمر بخلافه فقد رواه منهم النسائي . 7385 - (لن يبتلى عبد بشئ) من البلايا (أشد من الشرك) بالله تعالى والمراد الكفر ، وخص الشرك لغلبته حينئذ (ولن يبتلى بشئ بعد الشرك أشد من ذهاب بصره ولن يبتلى عبد بذهاب بصره فيصبر إلا غفر الله له) ذنوبه ، وظاهره الشمول للصغائر والكبائر ، ويحتمل التقييد بالصغائر على منوال ما تقدم في نظائره . - (البزار) في مسنده (عن بريدة) ابن الحصيب قال المنذري والهيثمي : فيه جابر الجعفي وفيه كلام سبق . 7386 - (لن يبرح هذا الدين قائما) قال الراغب : برح ثبت في البراح وهو المحل المتسع الظاهر ومنه * (لا أبرح) * وخص بالإثبات لأن برح وزال اقتضتا معنى النفي ولا للنفي والنفيان يحصل منهما الإثبات (يقاتل عليه) جملة مستأنفة بيانا للجملة الأولى وعداه بعلى لتضمنه معنى يظاهر (عصابة من المسلمين حتى تقوم الساعة) يعني أن هذا الدين لم يزل قائما بسبب مقاتلة هذه الطائفة وفيه بشارة بظهور أمر هذه الأمة على سائر الأمم إلى قيام الساعة قال ابن جماعة : ولعله بدعوة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم التي دعاها لأمته أن لا يسلط عليهم عدوا من غيرهم . - (م) في الجهاد (عن جابر بن سمرة) ولم يخرجه البخاري . 7387 - (لن يجمع الله على هذه الأمة) أمة الإجابة (سيفين : سيفا) بدل مما قبله (منهما) أي هذه الأمة في قتال بعضهم لبعض أيام الفتن والملاحم (وسيفا من عدوها) من الكفار والذين يقاتلونهم في الجهاد بمعنى أن السيفين لا يجتمعان فيؤديان إلى استئصالهم ولكن إذا جعلوا بأسهم بينهم سلط عليهم العدو وكف بأسهم عن أنفسهم وقيل معناه محاربتهم إما معهم أو مع الكفار . (د عن عوف بن مالك) رمز المصنف لحسنه قال الصدر المناوي : فيه إسماعيل بن عياش وفيه مقال معروف . 7388 - (لن يدخل النار رجل شهد بدرا) أي وقعة بدر (والحديبية) أي صلح الحديبية قال ابن حجر : وهذه بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم . - (حم عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه وقال ابن حجر في الفتح : إسناده على شرط مسلم .
[ 385 ]
7389 - (لن يزال العبد في فسحة من دينه ما لم يشرب الخمر فإذا شربها خرق الله عنه ستره وكان الشيطان وليه وسمعه وبصره ورجله يسوقه إلى كل شر ويصرفه عن كل خير) فإنه إذا شربها صار عقله مع الشيطان كالأسير في يد كافر يستعمله في رعاية الخنازير وحمل الصليب وغير ذلك فإذا أدمن شربها صار الشيطان من جنده كما قيل : وكنت امرءا من جند إبليس فارتقى * بي الحال حتى صار إبليس من جندي فيصير إبليس من جنده ومن أعوانه وأتباعه وهؤلاء هم الذين غلبت شقوتهم واشتروا الحياة الدنيا بالآخرة . (طب عن قتادة بن عياش) الجرشي وقيل الرهاوي روى عنه ابنه هشام أن المصطفى صلى الله عليه وسلم عقد له لواءا ورواه الحاكم عن ابن عمر وصححه . 7390 - (لن يشبع المؤمن من خير) أي علم وقد جاء تسميته خيرا في عدة أخبار (يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة) أي حتى يموت فيدخل الجنة قال الطيبي : شبه استلذاذه بالمسموع بالتذاذه بالمطعوم لأنه أرغب وأشهى وأكثر اتباعا لتحصيله وحتى للتدريج في استماع الخير والترقي في استلذاذه والعمل به إلى أن يوصله الجنة ويبلغه إياها لأن سماع الخير سبب العمل والعمل سبب دخول الجنة ظاهرا ولما كان قوله يشبع فعلا مضارعا يكون فيه دلالة على الاستمرار تعلق به حتى اه‍ . وقال ابن الملقن : فيه أن من شبع فليس بمؤمن وناهيك به منفرا من القناعة في العلم وسره * (وقل رب زدني علما) * (طه : 114) (ت) في العلم (حب) كلاهما (عن أبي سعيد) الخدري وفيه عند الترمذي دراج عن أبي الهيثم قال أبو داود : حديث دراج مستقيم إلا ما كان عن أبي الهيثم . 7391 - (لن يعجز الله هذه الأمة من نصف يوم) تمامه كما في الطبراني من حديث المقدام يعني خمسمائة سنة . - (د ك) في الفتن (عن أبي ثعلبة) الخشني قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي ورواه الطبراني أيضا قال الهيثمي : وفيه بقية مدلس . 7392 - (لن يغلب عسر يسرين إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) قال الحكيم : اليسر الأول هو ما أعطي العبد من الآلة والعلم والمعرفة والقوة فلولا النفس التي تحارب صاحبها تدفع ما يريد
[ 386 ]
إفساده عليه لكان الأمر يتم فإنه قد أعطي يسر ما به يقوم الأمر الذي أمر به لكن جاءت النفس بشهواتها والعدو بكيده فاحتاج إلى يسر آخر فإذا جاء العون انهزمت النفس والشهوة وهرب العدو وبطل كيده فهذا ليس يسرفهما يسران لن يغلبهما هذا العسر الذي بينهما وهو مجاهدة النفس حتى يأتيك اليسر الثاني وهو العون من الله بعطفه عليك كرر ذلك اتباعا للفظ الآية إشارة إلى العسرين في المحلين واحد واليسر الأول غير الثاني لأن النكرة إذا كررت فالثاني غير الأول والمعرفة الثانية عينه قال ابن أبي جمرة : كان علي كرم الله وجهه إذا كان في شدة استبشر وفرح أو في رخاء قلق فقيل له فقال : ما من ترحة إلا وتبعتها فرحة وما من فرحة إلا وتبعتها ترحة فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا . (ك) في التفسير (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال : خرج النبي صلى الله عليه وسلم يوما مسرورا فرحا يضحك ويقول لن يغلب إلخ قال المصنف : صحيح الإسناد لكن في مراسيل الحسن خلاف فبعضهم صححها وبعضهم قال : هي كالريح لأخذه عن كل أحد وأفاد الزيلعي أن ابن مردويه رفعه إلى جابر في تفسيره برفعه . 7393 - (لن يفلح قوم ولوا) وفي رواية ملكوا (أمرهم امرأة) بالنصب على المفعولية وفي رواية ولي أمرهم امرأة بالرفع على الفاعلية وذلك لنقصها وعجز رأيها ولأن الوالي مأمور بالبروز للقيام بأمر الرعية والمرأة عورة لا تصلح لذلك فلا يصح أن تولى الإمامة ولا القضاء قال الطيبي : هذا إخبار بنفي الفلاح عن أهل فارس على سبيل التأكيد وفيه إشعار بأن الفلاح للعرب فتكون معجزة . - (حم خ) في المغازي والفتن (ت) فيه (ن) في القضاء (عن أبي بكرة) قاله لما بلغه أن فارس أملكوا بوران ابنة كسرى فلذلك امتنع أبو بكرة عن القتال مع عائشة في وقعة الجمل واحتج بهذا الخبر . 7394 - (لن يلج النار) أي نار جهنم (أحد) من أهل القبلة (صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها) يعني الفجر والعصر كما في مسلم قال الطيبي : لن لتأكيد النفي وتقريره في المستقبل وفيه دليل على أن الورود في * (وإن منكم إلا واردها) * ليس بمعنى الدخول وهذا أبلغ من لو قيل يدخل الجنة وخص الصلاتين لأن وقت الصبح وقت لذة الكرى فالقيام أشق على النفس منه في غيره والعصر وقت قوة الاشتغال بالتجارة فما يتلهى عن ذلك إلا من كمل دينه ولأن الوقتين مشهودان تشهدهما ملائكة الليل والنهار وترفع فيهما الأعمال فإذا حافظ عليهما مع ما فيهما من التثاقل والتشاغل فمحافظته على غيرهما أشد وما عسى أن يقع منه تفريط فبالحرى أن يقع مكفرا فلن يلج النار . (حم م د ن) كلهم في الصلاة (عن عمارة) بضم أوله والتخفيف (ابن أويبة) كذا هو في خط المصنف بالهمزة والظاهر أنه سبق قلم وإنما هو رويبة براء مهملة أوله وموحدة مصغرا كذا رأيته بخط الحافظ ابن حجر في الإصابة وهو الثقفي الكوفي ولم يخرجه البخاري وما ذكره المصنف أن هؤلاء خرجوه عن عمارة عن النبي صلى الله عليه وسلم غير صواب بل عمارة رواه عن أبيه رويبة يرفعه .
[ 387 ]
7395 - (لن يلج) وفي رواية لن ينال (الدرجات العلى من تكهن) أي تعاطى الكهانة وهي الإخبار عن الكائنات وادعاء معرفة الأسرار وكان في العرب منهم كثير (أو استقسم) أي طلب القسم الذي قسم له وقدر بما لم يقسم وما لم يقدر [ ص 304 ] كان أحدهم إذا أراد أمرا كسفر ضرب بالأزلام فإذا خرج أمر فمضى مضى وإلا ترك (أو رجع من سفر تطيرا) كان أحدهم إذا أراد سفرا نفر الطير فإذا ذهب ذات اليمين سافر وإلا رجع قال في الفتح : كان أكثرهم يتطيرون ويعتمدون على ذلك ويصح معهم غالبا لتزيين الشيطان ذلك وبقيت من ذلك بقايا في كثير من المسلمين . - (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي تبعا للمنذري : رواه الطبراني بإسنادين أحدهما رجاله ثقات وقال في الفتح : رجاله ثقات لكني أظن أن فيه انقطاعا لكن له شاهد عن عمران بن حصين خرجه البزار في أثناء حديث بسند جيد . 7396 - (لن ينفع حذر من قدر) أي لا يجدي إذ لا مفر من قضائه تعالى فهو واقع على كل حال والحذر بالتحريك الاستعداد والتأهب للشئ والقدر بالتحريك أيضا القضاء الذي يقدره الله تعالى (ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم بالدعاء عباد الله) أي الزموه يا عباد الله وزاد أحمد في روايته وإنه ليلقى القضاء المبرم فيعتلجان إلى يوم القيامة . - (حم ع طب) من رواية إسماعيل بن عياش عن شهر بن حوشب (عن معاذ) بن جبير قال الهيثمي : وشهر لم يسمع من معاذ ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 7397 - (لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم) أي تكثر ذنوبهم وعيوبهم ويتركون تلافيها فيظهر عذره تعالى في عقوبتهم فيستوجبون العقوبة قال البيضاوي : يقال أعذر فلان إذا كثرت ذنوبه فكأنه سلب عذره بكثرة اقتراف الذنوب أو من أعذر أي صار ذا عذر والمراد حتى يذنبون فيعذرون أنفسهم ويحسبون أنهم يحسنون صنعا . (تنبيه) أورد في المناهج هذا الحديث في الغادر وجعله بغين معجمة ودال مهملة من الغدر والظاهر أنه تصحف عليه وإلا فالذي في كلام الجلة يعذروا بمهملة فمعجمة . (حم د) في الملاحم (عن رجل) من الصحابة وسكت عليه أبو داود ورمز المصنف لحسنه وفيه أبو البحتري وقد ضعفوه . 7398 - (لو) أي ثبت أن لأن لو لا تدخل إلا على فعل (أن الدنيا كلها بحذافيرها) أي جوانبها أو أعاليها واحدها حذفار وحذفور (بيد رجل من أمتي ثم قال الحمد لله لكانت الحمد لله أفضل من
[ 388 ]
ذلك كله) قال الحكيم : معناه أنه لو أعطي الدنيا ثم أعطي على إثرها هذه الكلمة حتى نطق بها لكانت هذه الكلمة أفضل من الدنيا كلها لأن الدنيا فانية والكلمة باقية . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الحكيم وغيره . 7399 - (لو أن العباد لم يذنبوا لخلق الله خلقا يذنبون ثم يغفر لهم وهو الغفور الرحيم) لأن ما سبق في علمه كائن لا محالة وقد سبق في علمه أنه يغفر للعصاة فلو فرض عدم وجود عاص خلق من يعصيه فيغفر له وليس هذا تحريضا للناس على الذنوب بل تسلية للصحابة وإزالة الخوف من صدورهم لغلبة الخوف عليهم حتى فر بعضهم إلى رؤوس الجبال للتعبد [ ص 305 ] وبعضهم اعتزل الناس ذكره القاضي . وقال التوربشتي : لم يرد بهذا الحديث مورد تسلية المنهمكين في الذنوب وقلة احتفال منهم بمواقعتها على ما يتوهم أهل العزة بل مورده البيان لعفو الله عن المذنبين وحسن التجاوز عنهم ليعظموا الرغبة في التوبة والاستغفار والمعنى المراد من الحديث أنه تعالى كما أحب أن يحسن إلى المحسن أحب أن يتجاوز عن المسئ وقد دل عليه غير واحد من أسمائه - كالغفار الحليم التواب العفو - لم يكن ليجعل للعباد بابا واحدا كالملائكة مجبولين على التنزه من الذنوب بل خلق فيهم طينة ميالة إلى الهوى مفتتنا بما يقتضيه ثم كلفه التوقي عنه وحذره عن مداراته وعرفه التوبة بعد الابتلاء فإن وفى فأجره على الله وإن أخطأ الطريق فالتوبة بين يديه وأراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أنكم لو كنتم مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء بقوم يأتي منهم الذنب فيتجلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة فإن الغفار يستدعي مغفورا كما أن الرزاق يستدعي مرزوقا وقال الطيبي : في الحديث رد لمن ينكر صدور الذنب عن العباد ويعده نقصا فيهم مطلقا وأنه تعالى لم يرد من العباد صدوره كالمعتزلة فنظروا إلى ظاهره وأنه مفسدة صرفة ولم يقفوا على سره أنه مستجلب للتوبة والاستغفار الذي هو موقع محبة الله عز ذكره * (إن الله يحب التوابين) * وفي الحديث " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسئ النهار " وفيه " لله أشد فرحا بتوبة عبده المؤمن " وسره إظهار صفة الكرم والحلم والغفران ولو لم يوجد لا نثلم طرف من صفات الألوهية والإنسان إنما هو خليفة الله في أرضه يتجلى له بصفات الجلال والإكرام والقهر واللطف قال السبكي : وفيه أن النطق بلولا يكره على الإطلاق بل في شئ مخصوص وعليه ورد خبر " إياك واللو " وذلك أنه من فاته أمر دنيوي فلا يشغل نفسه بالتلهف عليه لما فيه من الاعتراض على المقادير . - (ك عن ابن عمرو) بن العاص . 7400 - (لو أن الماء الذي يكون منه الولد أهرقته) أي صببته (على صخرة لأخرج الله منها ولدا وليخلقن الله تعالى نفسا هو خالقها) قاله حين سئل عن العزل وأشار بذلك إلى أن الأولى ترك العزل لأنه
[ 389 ]
إن كان خشية حصول الولد لم يمنع العزل ذلك فقد يسبق الماء ولا يشعر به فيحصل العلوق ولا راد لقضاء الله والفرار من حصول الولد يكون لأسباب منها خوف علوق الزوجة الأمة لئلا يرق الولد أو خوف حصول الضرر على الولد المرضع إذا كانت الموطوءة ترضعه أو ضررا من كثرة العيال إذا كان مقلا وكل ذلك لا يغني شيئا وليس في جميع صور العزل ما يكون العزل فيه راجي بل فيه معارضة للقضاء والقدر ذكره ابن حجر . - (حم والضياء) المقدسي في المختارة وكذا البزار (عن أنس) قال : سأل رجل النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عن العزل فذكره قال الهيثمي : إسناده حسن ورواه أيضا ابن حبان وصححه . 7401 - (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت) لأن الله تعالى ضمنه له فقال : * (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها) * ثم لم يكف بالضمان حتى أقسم فقال : * (وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنتم تنطقون) * ثم لم يكتف حتى أمر بالتوكل وأبلغ وأنذر فقال : * (وتوكل على الحي الذي لا يموت) * فإن لم يطمئن بضمانه ولم يقنع بقسمه ولم يبال بأمره ووعده ووعيده فهو من الهالكين وقال الحسن : لعن الله أقواما أقسم لهم ربهم فلم يصدقوه وقال هرم بن حيان لابن أدهم : أين تأمرني أن أقيم قال بيده : [ ص 306 ] إلى الشام قال : وكيف المعيشة فيها قال : أف لهذه القلوب لقد خالطها الشك فما تنفعها الموعظة . - (حل) من حديث المسبب بن واضح عن يوسف بن أسباط عن الثوري عن ابن المنكدر (عن جابر) ثم قال : تفرد به عن الثوري يوسف بن أسباط اه‍ . والمسيب ابن واضح قد سبق أن الدارقطني ضعفه ويوسف بن أسباط وقد مر تضعيفه ورواه البيهقي وأبو الشيخ [ ابن حبان ] والعسكري . 7402 - (لو أن أحدكم يعمل) لفظ رواية الحاكم لو أن رجلا عمل عملا (في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة يخرج) بالبناء للمفعول بضبط المصنف (عمله للناس كائنا ما كان) عبر بيعمل المفيد للتجدد والحدوث إشارة إلى أن هتك العاصي لا يكون إلا بعد تكرر ستره ويوضح ذلك ما رواه الترمذي عن جبير بن نصر أن ستور الله على المؤمنين أكثر من أن تحصى وإنه ليعمل الذنوب فيهتك عنه ستوره سترا سترا حتى لا يبقى عليه منها شئ فيقول الله للملائكة : استروا عليه من الناس فتحف يه الملائكة بأجنحتها يسترونه فإن تاب رد الله عليه ستوره وإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة : ربنا غلبنا فاعذرنا فيقول الله : خلوا عنه فلو عمل ذنبا في قعر بيت مظلم في ليلة مظلمة في جحر لبدا . (حم ع حب ك) في الرقاق (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي : إسناد أحمد وأبو يعلى حسن .
[ 390 ]
7403 - (لو أن أحدكم) قال الطيبي : لو هذه يجوز كونها شرطية وجزاؤها قال : وكونها للتمني (إذا نزل منزلا قال أعوذ بكلمات الله) أي كلمات علم الله وحكمته (التامة) السالمة من النقص والعيب وصفت به لنفع المعوذ بها فهي صفة مادحة كقوله * (هو الله الخالق) ويحتمل كون المراد بالكلمات التامات الصفات السبع أو الثمان القديمة وهي الحياة والعلم إلخ وهي المعبر عنها بمفاتيح الغيب فعليه تكون الصفة موضحة (من شر ما خلق لم يضره في ذلك المنزل شئ) الشئ عند أهل السنة الموجود ويدخل فيه الموجودات كلها (حتى يرتحل منه) قال بعض الكاملين : تخصيصه بالزمن المعين لأن المراد بالضرر المنفي ما يكون جسمانيا وأعظم ما فيه الموت فلو لم يختص بالزمن دخل فيه الأمور الكلية التي لا دخل للدعاء فيها فلا بد من التخصيص ليبقى على جزئيته فيفيد الدعاء والظاهر حصول ذلك لكل داع بقلب حاضر وتوجه تام فلا يختص بمجاب الدعوة . - (ه عن خولة بنت حكيم) الأنصارية السلمية رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا مسلم بلفظ " من نزل منزلا فقال : أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضره شئ حتى يرتحل من منزله ذلك " وبلفظ " إذا نزل أحدكم منزلا فليقل أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق فإنه لا يضره شئ حتى يرتحل منه " . 7404 - (لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي) يجامع فالإتيان كناية عنه (أهله) حليلته (قال) حين إرادته الجماع لا حين شروعه فيه فإنه لا يشرع حينئذ كما نبه عليه الحافظ ابن حجر (بسم الله اللهم) أي يا الله (جنبنا الشيطان) أي أبعده عنا (وجنب الشيطان ما رزقتنا) من الأولاد أو أعم والحمل عليه أتم لئلا يذهب الوهم في أن الإنس منهم لا يسن له الإتيان به إذ العلة ليست حدوث الولد فحسب بل هو وإبعاد الشيطان حتى لا يشاركه في جماعه فقد ورد أنه يلتف على إحليله إذا لم يسم والأهل والولد من رزق الله ويجوز كون إذا ظرفا لقال وقال خبر لأن وكونها شرطية وجزاؤها قال والجملة خبر إن (فإنه إن قضى) [ ص 307 ] بالبناء للمفعول أي قدر (بينهما) أي بين الأحد والأهل وفي رواية بينهم بالجمع نظر إلى معناه في الأصل (ولد) ذكرا أو أنثى جواب لو الشرطية ويمكن كونها للتمني (من ذلك) أي من ذلك الإتيان (لم يضره) بضم الراء على الأفصح وتفتح (الشيطان) بإضلاله وإغوائه ببركة التسمية (أبدا) فلا يكون للشيطان سلطان في بدنه ودينه ولا يلزم عليه عصمة الولد من الذنب لأن المراد من نفي الأضرار كونه مصونا من إغوائه بالنسبة للولد الحاصل بلا تسمية أو لمشاركة أبيه في جماع أمه والمراد لم يضره الشيطان في أصل التوحيد وفيه بشارة عظمي أن المولود الذي يسمى عليه عند الجماع الذي قضى بسببه يموت على التوحيد وفيه أن الرزق لا يختص بالغذاء والقوت بل كل فائدة أنعم الله بها على عبد رزق الله فالولد رزق وكذا العلم والعمل به . - (حم ق 4 عن ابن عباس) .
[ 391 ]
7405 - (لو أن أمرا اطلع) بتشديد الطاء (عليك) أي إلى بيتك الذي أنت أو حرمك فيه (بغير إذن) منك له فيه احترازا عمن اطلع بإذن (فحذفته) بحاء مهملة عند جمع أو بمعجمة عند آخرين قال الرافعي : وهو الأشهر أي رميته (بحصاة) أو نحوها (ففقأت عينه) بقاف فهمزة ساكنة أي شققتها أو أطفأت ضوءها (لم يكن عليك جناح) أي حرج بدليل رواية مسلم " من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه " فيه رد على من حمل الجناح على الإثم ورتب عليه وجوب الدية كالحنفية أو القود كالمالكية ووجه الدلالة أن إثبات الحل يمنع ثبوت القود والدية وعند النسائي وأحمد " من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم ففقئوا عينه فلا دية ولا قصاص " وهذا صريح في ذلك ولهذا قال القرطبي : الإنصاف خلاف ما قاله مالك إذ لم يثبت إجماع وللمسألة شروط وفروع محلها كتب الفقه . - (حم ق عن أبي هريرة) رضي الله عنه ورواه النسائي في الديات عن سهل . 7406 - (لو أن امرأة من نساء أهل الجنة أشرفت إلى الأرض لملأت الأرض من ريح المسك ولأذهبت ضوء الشمس والقمر) قال في الفردوس : أشرف على الشئ وأشاف وأشفى إذا اطلع عليه من فوق وفي رواية ذكرها ابن الأثير بدل لملأت لأفعمت ما بين السماء والأرض من ريح المسك أي ملأت اه‍ . وفيه إشارة إلى وصف بعض نساء الجنة من الضياء والريح الطيب واللباس الفاخر والأحاديث في هذا المعنى كثيرة أفردت بالتأليف . - (طب والضياء) وكذا البزاز (عن سعيد بن عامر) اللخمي أو الجمحي شهد خيبر وكان زاهدا صالحا ولى حمص لعمر وقال المنذري : إسناده حسن في المتابعات قال الهيثمي : وفيهما الحسن بن عنبسة الوراق لم أعرفه وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم ضعف . 7407 - (لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن) أي في سفكه ظلما (لكبهم الله عز وجل على وجوههم) كما في رواية الطبراني (في النار) نار جهنم وفي رواية للطبراني بدل لكبهم لعذبهم الله بلا عدد ولا حساب . قال الطيبي : لو للمضي وأن أهل السماء فاعل والتقدير لو ثبت اشتراك أهل السماء والأرض إلخ وكبهم بغير همز هو ما في أكثر الروايات قال التوربشتي : وهو الصواب ، وفي رواية بهمز قال : قال الجوهري وهو من النوادر وقال الزمخشري : لا يكون بناء فعل مطاوعا بفعل بل همزة أكب للصيرورة أو للدخول فمعناه دخل في الكب . - (ت) في الديات (عن أبي سعيد) [ ص 308 ] الخدري (وأبي هريرة معا) وقال : غريب اه‍ . وتبعه البغوي فجزم بغرابته وفيه يزيد الرقاشي وقد سبق تضعيفه وسببه كما في
[ 392 ]
المعجم للطبراني عن أبي سعيد أن قتل قتيل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فخطب فقال : ألا تعلمون من قتله قالوا : اللهم لا فقال : والذي نفس محمد بيده لو أن أهل السماء إلخ . 7408 - (لو أن بكاء داود وبكاء جميع أهل الأرض يعدل بكاء آدم ما عدله) بل ينقص عنه كثيرا وكيف لا يكثر البكاء وقد خرج من جوار الرحمن إلى محاربة الشيطان وهذه مزجرة بليغة وموعظة كافية كأنه قيل انظروا واعتبروا كيف نعيت على النبي صلى الله عليه وسلم المعصوم حبيب الله زلته نعى على نفسه طول حياته ودهره فلا تتهاونوا بما فرط منكم من السيئات والصغائر فضلا عن أن تجسروا على التورط في الكبائر ذكر نحوه الزمخشري . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن بريدة) الأسلمي ورواه عنه أيضا الطبراني والديلمي قال الهيثمي : ورجال الطبراني ثقات اه‍ . فاقتصار المصنف على ابن عساكر غير جيد . 7409 - (لو أن حجرا مثل سبع خلفات) جمع خلقة بفتح الخاء وبكسر اللام الحامل من الابل زاد أبو يعلى في روايته وأولادهن (ألقى من شفير جهنم) قال الحرالي : من الجهامة وهي كراهة المنظر (هوى فيها سبعين خريفا لا يبلغ قعرها) فيا من الكلمة تقلقه والبعوضة تسهره والبرغوث يؤرقه تقوى على إلقائك فيها . - (هناد) في الزهد (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا أبو يعلى باللفظ المزبور ولعل المصنف لم يرده حيث أبعد النجعة إلى هنا . قال الهيثمي : وفيه يزيد الرقاشي ضعيف وبقية رجاله رجال الصحيح . 7410 - (لو أن دلوا من غساق) بالتخفيف والتشديد ما يغسق من صديد أهل النار يقال غسقت العين إذا سال دمعها وقيل الحميم يحرق بحره والغساق يحرق ببرده هكذا في الكشاف وفي الأساس هو ما يسيل من جلودهم أسود من غسقت وعين غاسقة إذا أظلمت ودمعت (يهراق في الدنيا) أي يصب فيها (لأنتن أهل الدنيا) أنتن الشئ تغير أو صار ذا نتن فنصب أهل غير صواب إنما الصواب رفعه كذا ذكره التوربشتي قال الغزالي : فهذا ثوابهم إذا استغاثوا من العطش فيسقى أحدهم * (من ماء صديد يتجرعه ولا يكاد يسبغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت) * . - (ت) في صفة جهنم وقال : إنما نعرفه من حديث رشدين بن سعد وفيه ضعف (ك) في الأهوال (حب) كلهم (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي .
[ 393 ]
7411 - (لو أن رجلا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرما في مرضاة الله تعالى لحقره يوم القيامة) لما يرى وينكشف له عيانا من عظيم نواله وباهر عظائه وظاهر هذا أن الرضاء من جملة المقامات التي يتوصل إليها بالاكتساب وهو ما عليه صوفية خراسان لكن جعله العراقيون من الأحوال الوهيبة لا الكسبية وجمع بأن بدايته كسبية ونهايته وهيبة . - (حم طب تخ عن) أبي الوليد (عتبة بن عبد) السلمي صحابي شهير أول مشاهده قريظة قال المنذري : رواة الطبراني ثقات إلا بقية وقال الهيثمي : إسناد أحمد جيد وفي سند الطبراني بقية مدلس لكنه صرح بالتحديث وبقية رجاله وثقوا اه‍ . ومن ثم اتجه رمز المصنف لحسنه . 7412 - (لو أن رجلا في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله كان الذاكر لله أفضل) هذا صريح في تفضيل الذكر على الصدقة بالمال بأنواعها وعليه جمع كثيرون لكن ذهب آخرون إلى خلافه تمسكا بأدلة أخرى . - (طس عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي : رجاله وثقوا اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لحسنه لكن صحح بعضهم وقفه . 7413 - (لو أن شررة من شرر جهنم بالمشرق لوجد حرها من بالمغرب) لشدته وحدته وهذا مسوق للتحذير منها والتحرز عما يقرب إليها يعني انظر أيها العبد مع ضعفك وقلة حيلتك وعدم احتمالك لحر الشمس ولطمة شرطي وقرصة نملة كيف تحتمل نار جهنم وضرب مقامع الزبانية ولسع حيات كأعناق البخت وعقارب كالبغال خلقت من النار في دار الغضب والبوار نفوذ بالله من سخطه وعذابه . - (ابن مردويه) في تفسيره (عن أنس) ورواه الطبراني في الأوسط باللفظ المزبور عن أنس المذكور ولعل المصنف لم يستحضره حيث عدل لابن مردويه . قال الهيثمي : وفيه تمام بن نجيح ضعيف وبقية رجاله أحسن حالا من تمام . 7414 - (لو أن شيئا كان فيه شفاء من الموت لكان في السنا) نبت حجازي أفضله المكي دواء شريف مأمون الفائلة قريب من الاعتدال يسهل الأخلاط المحترقة ويقوي القلب وهذه خاصية شريفة
[ 394 ]
ومنافعه كثيرة . - (حم ت ه ك) كلهم في الطب (عن أسماء بنت عميس) قال الترمذي : غريب وقال الذهبي : صحيح . 7415 - (لو أن عبدين تحابا في الله واحد في المشرق وآخر في المغرب يجمع الله بينهما يوم القيامة يقول هذا الذي كنت تحبه في) وفيه فضل الأخوة في الله تعالى . - (هب عن أبي هريرة) وفيه حكيم بن نافع قال الذهبي : قال الأزدي : متروك . 7416 - (لو أن قطرة من الزقوم) شجرة خبيثة مرة كريهة الطعم والريح ويكره أهل النار على تناولها (قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه) قال : حين قرأ * (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) * قال أبو الدرداء : يلقى عليهم الجوع حتى يعدل ما بهم من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام ذي غصة وعذاب أليم ، والقصد بهذا الحديث وما أشبهه التنبيه على أن أدوية القلوب استحضار أحوال الآخرة وأحوال أهل الشقاء وديارهم فإن النفس مشفولة بالتفكر في لذائذ الدنيا وقضاء الشهوات وما من أحد إلا وله في كل حالة ونفس من أنفاسه شهوة سلطت عليه واستزقته فصار عقله مسخرا لشهوته فهو مشغول بتدبير حيلته وصارت لذته في طلب الحيلة أو مباشرة قضاء الشهوة فعلاج ذلك أن تقول لقلبك ما أشد غباوتك في الاحتراز من الفكر في الموت وما بعده من أهوال الموقف ثم عذاب جهنم وطعام أهلها وشرابهم فيها يورد على فكرة مثل هذا الحديث ويقول كيف تصبر على مقاساته إذا وقع وأنت عاجز عن الصبر على أدنى آلام الدنيا . - (حم ت ن ه حب ك عن [ ص 310 ] ابن عباس) قال الترمذي : حسن صحيح وقال جدي في أماليه : هذا حديث صحيح وقع لنا عاليا ورواه عنه أيضا الطيالسي وغيره . 7417 - (لو أن مقعما من حديد) أي سوطا رأسه معوج وحقيقته ما يقمع به أي يكف بعنف (وضع في الأرض فاجتمع له الثقلان) الإنس والجن سميا به لثقلهما على الأرض أو لرزانة قدرهم ورأيهم أو لغير ذلك (ما أقلوه من الأرض) لم يقل ما رفعوه لأنهم استقلوا قواهم لرفعه (ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد كما يضرب أهل النار لتفتت وعاد غبارا) فانظر يا مسكين إلى هذه الأحوال والأهوال واعلم أن الله خلق النار بأهوالها وخلق لها أهلا لا يزيدون ولا ينقصون فكيف يلذ عيش
[ 395 ]
العاقل وهو لا يدري من أي الفريقين هو . (حم ع ك) في الأهوال (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رواه أحمد وأبو يعلى وفيه ضعفاء قد وثقوا . 7418 - (لو أنكم تكونون على كل حال على الحالة التي أنتم عليها عندي) إشارة إلى أن الدوام على الحالة الآتية عزيز وأن عدم دوام العبد على تلك الحالة لا يوجب معتبة لما طبع عليه البشر من الغفلة (لصافحتكم الملائكة بأكفهم ولزارتكم في بيوتكم) قال في البحر : معناه لو أنكم في معاشكم وأحوالكم كحالتكم عندي لأظلتكم الملائكة لأن حال كونكم عندي حال مواجيد وكان الذي يجدونه معه خلاف المعهود إذا رأوا الأموال والأولاد ومعه ترون سلطان الحق وتشاهدونه وترق أنفسكم . قال أنس : ما نفضنا أيدينا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا والذي زال عنهم هو سلطان النبوة القاهر لكل عدو ، ألا ترى إلى قصة الرجل الذي باع أبا جهل إبلا فمطله فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : أعط هذا حقه فأرعد وأجاب وهو عدوه الأكبر فهذا من سلطان النبوة وقهر الحق للأعداء ولم تصافحهم الملائكة عنده لأنها لم تكن حالتهم لكنها حالة الحق ولو كان ما يجدونه حالهم لكانت حالة ثابتة لهم ولكانت موهبة الله والله لا يرجع في هبته ولا يسلب كرامته إلا بالتقصير في واجباته (ولو لم يذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم) فيتوب عليهم وينيلهم جنته وإنما يخلي الله بين المؤمن والذنب ليبلغه هذه الدرجة ولو لم يخل بينه وبينه وسعى العبد في محاب الله كلها وتجنب مساخطه كلها ربما وجد نفسه قائمة بوظائف الله وساعية في طاعة ويرى لسانه ذاكرا فأعجبته نفسه واستكثر فعله واستحسن عمله فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة القوة الدنية الصفة الأمارة بالسوء اللوامة التي هي معدن الآفات ومحل الهلكات . - (حم ت عن أبي هريرة) قال : قلنا يا رسول الله إذا رأيناك رقت قلوبنا وكنا من أهل الآخرة وإذا فارقناك أعجبتنا الدنيا وشممنا النساء والأولاد فذكره . 7419 - (لو أنكم إذا خرجتم من عندي تكونون على الحال الذي تكونون عليها) عندي من الحضور وذكر الجنة والنار (لصافحتكم الملائكة بطرق المدينة) أي مصافحة معاينة وإلا فالملائكة يصافحون أهل الذكر ساعة فساعة فاتنفت مصافحتكم لانتفاء الحالة الحاصلة عنده وذلك لأن حالتهم عنده فرق وخشية من الله كما تقرر والخوف [ ص 311 ] سبب لولوج نور اليقين في القلب وذا سبب لموت الشهوة ورفع الحجب وحينئذ يشاهد الأرواح الطاهرة المطهرة عيانا لارتفاع الموانع ذكره بعض الكاملين وقال البوني : سر ذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم مجمع الأنوار فإذا كان في مجلسه يتلقى كل منهم من أنواره ما في قوته فكأنهم في الغيبة والحضور يشاهدون ذلك على العيان لاجتماع المقامات والأطوار
[ 396 ]
النورانية في وقت واحد فإذا رجعوا إلى مواطن أجسامهم ومراكز حسهم نقص ذلك وهو بالحقيقة لم ينقص بل أخذ كل منهم ما رجع به إلى عالمه لكن لما كان الحسن أغلب في الرجعة إلى الأهل كان الحكم غالبا في الظاهر لا الباطن ألا ترى أنهم إذا حضروا ثانيا تذكروا ما بطن عنهم بزيادة الفهم عن الله . - (ع) وكذا البزار (عن أنس) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير غسان بن مرو وهو ثقة وفي الحديث قصة طويلة وهذا رواه مسلم بلفظ والذي نفسي بيده لو لم تدومون على ما تكونون عندي لمصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم . 7420 - (لو أنكم توكلون على الله حق توكله) بأن تعلموا يقينا أن لا فاعل إلا الله وأن كل موجود من خلق ورزق وعطاء ومنع من الله تعالى ثم تسعون في الطلب على الوجه الجميل والتوكل إظهار العجز والاعتماد على المتوكل عليه (لرزقكم كما ترزق) بمثناة فوقية مضمومة أوله بضبط المصنف (الطير) زاد في رواية في جو السماء (تغدو خماصا) أي ضامرة البطون من الجوع جمع خميص أي جائع (وتروح) أي ترجع آخر النهار (بطانا) أي ممتلئة البطون جمع بطين أي شبعان أي تفدو بكرة وهي جياع وتروح عشاءا وهي ممتلئة الأجواف أرشد بها إلى ترك الأسباب الدنيوية والاشتغال بالأعمال الأخروية ثقة بالله وبكفايته فإن احتج من غلب عليه الشغف بالأسباب بأن طيران الطائر سبب في رزقه فجوابه أن الهواء لا حب فيه يلقط ولا جهة تقصد ألا ترى أنه ينزل في مواضع شتى لا شئ فيها فلا عقل له يدرك به فدل على أن طيرانه في الهواء ليس من باب طلب الرزق بل هو من باب حركة يد المرتعش لا حكم لها فيتردد في الهواء حتى يؤتى برزقه أو يؤتى به إلى رزقه هذا الذي يتعين حمل طيران الطائر عليه أعني أنه لا حكم له في الرزق ولا ينسب إليه لأن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم سماه متوكلا مع طيرانه ولذلك مثل به والمكلف العاقل أولى بالتوكل منه سيما من دخل إلى باب الاشتغال بأفضل الأعمال بعد الإيمان وهو طلب العلم كذا قرره ابن الحاج وهو أوجه من قول البعض الحديث مسوق للتنبيه على أن الكسب ليس برازق بل الرازق هو الله تعالى لا للمنع عن الكسب * (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) * وقال الحرالي : الطير اسم جمع من معنى ما فيه الطيران وهو الخفة من ثقل ما ليس من شأنه أن يعلو في الهواء مثل بالطير لأن الأركان المجتمعة في الأبدان طوائر تطير إلى أوكارها ومراكزها فأخبر بأن الرزق في التوكل على الله لا بالحيل ولا العلاج قال الداراني : كل الأحوال لها وجه وقفا إلا التوكل فإنه وجه بلا قفا يعني هو إقبال على الله من كل الوجوه وثقة به وفيه أن المؤمن ينبغي أن لا يقصد لرزقه جهة معينة إذ ليس للطائر جهة معينة ومراتب الناس فيه مختلفة وما أحسن ما قال شيخ الإسلام الصابوني : توكل على الرحمن في كل حاجة * أردت فإن الله يقضي ويقدر متى ما يرد ذو العرش أمرا بعبده * يصبه وما للعبد ما يتخير وقد يهلك الإنسان من رجه أمنه * وينجو بإذن الله من حيث يحذر
[ 397 ]
(حم ت ه) في الزهد (ك) في الرقائق (عن عمر) بن الخطاب قال الترمذي : حسن صحيح وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه النسائي عنه أيضا . 7421 - (لو آمن بي عشرة من اليهود لآمن بي اليهود) كلهم وفي رواية لم يبق يهودي إلا أسلم والمراد عشرة مخصوصة [ ص 312 ] ممن ذكر في سورة المائدة وإلا فقد آمن به أكثر والمعنى لو آمن بي في الزمن الماضي كالزمن الذي قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة أو حال قدومه أو المراد من رؤسائهم وأحبارهم وفيه إشارة إلى أن اليهود أتباع ومقلدون قال السهيلي : ولم يسلم من أحبار اليهود إلا اثنان ابن سلام وابن صوريا وتعقبه ابن حجر بأنه لم ير لابن صوريا إسلاما من طرق صحيحة . تنبيه : اليهود أصله اليهوديون حذفت منه ياء النسبة واشتقاقه من اليهود وهو التوبة أو الميل أو الرجوع من شئ إلى ضده يقال هاد إذا تاب أو مال أو رجع من خير إلى شر وعكسه قال تعالى * (إنا هدنا إليك) * أي تبنا أو ملنا أو رجعنا فسموا به لأنهم تابوا عن عبادة العجل أو مالوا من الحق إلى الباطل ورجعوا من الخير إلى الشر وخلطوا في اعتقادهم . - (خ عن أبي هريرة) وقضية اقتصار المصنف على البخاري أنه مما تفرد به عن صاحبه والأمر بخلافه فقد خرجه مسلم أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ لو تابعني عشرة من اليهود لا يبقى على وجه الأرض يهودي إلا أسلم . 7422 - (لو أخطأتم حتى تبلغ خطاياكم السماء ثم تبتم لتاب الله عليكم) لأن نار الندم تحرق جميع الخطايا ونور الخشية يمحق عن القلب ظلمة السيئة ولا طاقة لظلام الخطايا بنور الحسنات كما لا طاقة لكدر الوسخ ببياض الصابون . - (ه عن أبي هريرة) قال المنذري : إسناده جيد وقال الحافظ العراقي : إسناده حسن وتبعه المصف فرمز لحسنه ورواه أحمد وأبو يعلى عن أنس يرفعه وزاد في رواية في أوله القسم فقال : والذي نفس محمد بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم لغفر لكم قال الهيثمي : رجاله ثقات اه‍ . 7423 - (لو أذن الله تعالى لأهل الجنة في التجارة لاتجروا في البز) بالفتح وزاي معجمة نوع من الثياب أو الثياب من أمتعة البيت وأمتعة التاجر (والعطر) أي الطيب قال ابن الجوزي : فيه أن ذلك أفضل ما يتجر فيه . (طب) كذا في أكثر النسخ الذي رأيته في كلام بعض الحفاظ عازيا للطبراني إنما هو في الصغير لا الكبير فليحرر (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : وفيه عبد الرحمن بن أيوب السكوني الحمصي قال العقيلي : لا يتابع على هذا الحديث وليس له إسناد يصح وليس بمحفوظ وقال ابن
[ 398 ]
الجوزي : فيه العطاف بن خالد قال ابن حبان : يروي عنه الثقات ما ليس من حديثهم وأورده في الميزان في ترجمة عبد الرحمن السكوني عن العطاف عن نافع عن ابن عمر وقال : لا يجوز أن يحتج به . 7424 - (لو أعلم لك فيه خيرا لعلمتك ولكن ادع بما شئت بجد واجتهاد وأنت موثق بالإجابة لأن أفضل الدعاء ما خرج من القلب بجد واجتهاد فذلك الذي يسمع ويستجاب وإن قل) وخلافه مذموم مردود فكيف بمن يزخرف أسجاعا يدعو بها ويتفاصح على ربه ويتشبه بحال أهل الله ويتصلف ويتكلف من أهل زماننا . - (الحكيم) الترمذي (عن معاذ) بن جبل . 7425 - (اغتسلتم من المذي) بفتح فسكون مخففا أو بفتح فكسر فتشديد ماء أبيض رقيق لزج يخرج من نحو ملاعبة [ ص 313 ] أو تذكرة وقاع أو إرادته (لكان أشد عليكم من الحيض) لأن أغلب منه وأكثر ففي عدم وجوب الغسل منه تخفيف وأي تخفيف واستفيد منه أن الغسل لا يجب به وهو إجماع الأمر بالوضوء منه في البخاري كالآمر بالوضوء من البول ولم يصب من زعم أن الوضوء يجب بمجرد خروجه والصواب أنه من نواقض الوضوء كالبول وغيره وجاء في البخاري الأمر بغسل الذكر منه والمراد به عند الشافعية المتعدي وما انتشر منه وأخذ بظاهره الحنابلة والمالكية فأوجبوا استيعابه بالغسل . (العسكري في) كتاب (الصحابة) من طريق همام عن قتادة (عن حسان بن عبد الرحمن الضبعي) بضم المعجمة وسكون الموحدة وعين مهملة نسبة إلى ضبعة قبيلة من قيس نزلوا البصرة (مرسلا) قال في الإصابة : قال البخاري وابن أبي حاتم وابن حبان حديث مرسل . 7426 - (لو أفلت أحد من ضمة القبر لأفلت هذا الصبي) قال الحكيم : إنما لم يفلت منها أحد لأن المؤمن أشرق نور الإيمان بصدره لكنه باشر الشهوات وهي من الأرض والأرض مطيعة وخلق الآدمي وأخذ عليه الميثاق في العبودية فيما نقض من وفائها صارت الأرض عليه واجدة فإذا وجدته ببطنها ضمته ضمة فتدركه الرحمة وعلى قدر مجيئها يخلص فإن كان محسنا فإن رحمة الله قريب من المحسنين وقيل هي ضمة اشتياق لا ضمة سخط وظاهر الحديث أن الضمة لا ينجو منها أحد لكن استثنى الحكيم الأنبياء والأولياء فمال إلى أنهم لا يضمون ولا يسألون وأقول استثناؤه الأنبياء ظاهر وأما الأولياء فلا يكاد يصح ألا ترى إلى جلالة مقام سعد بن معاذ وقد ضم . - (طب عن أبي أيوب) الأنصاري قال : دفن صبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
[ 399 ]
7427 - (لو أقسمت لبررت لا يدخل الجنة) أي لا يدخلها أحد من الأمم (قبل سابق أمتي) أ سابقهم إلى الخيرات فالسابق إلى الخير منهم يدخل الجنة قبل السابق إلى الخيرات من سائر الأمم وقيل أراد سابق أمته الصديق فهو أول من يدخل الجنة بعده والأرجح الأول فبهذه الأمة فتح العبودية يوم الميثاق وبها تختم يوم تصرم الدنيا وبها يفتح باب الرحمة فيدخلون داره السابق فالسابق على قدر رعاية الحقوق ووفاء العهود وظاهر صنيع المصنف إن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الديلمي وغيره إلا بضعة عشر رجلا منهم إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط اثنا عشر وموسى وعيسى ابن مريم اه‍ بحروفه . - (طب عق عن عبد الله بن عبد) بغير إضافة (الثمالي) بضم المثلثة وفتح الميم وكسر اللام نسبة إلى ثمالة بطن من الأزد قال الهيثمي : وفيه بقية وهو ثقة لكن يدلس وقد مر . 7428 - (لو أقسمت لبررت أن أحب عباد الله إلى الله) أي من أحبهم إليه (لرعاة الشمس والقمر) يعني المؤذنين وأصل الرعاة حفاظ الماشية وقد قيل للحاكم والأمير راع لقيامهما بتدبير الناس وسياستهم فلما كان المؤذنون يراعون طلوع الفجر والشمس وزوالها عن كبد السماء وبلوغ ظل الشئ مثله والغروب ومغيب الشفق سموا رعاة لذلك (وإنهم ليعرفون يوم القيامة بطول أعناقهم) بفتح الهمزة وقيل بكسرها وقد مر ذلك مبسوطا . - (خط) في ترجمة أبي بكر المطرز (عن أنس) وفيه الوليد بن مروان أورده الذهبي في الضعفاء وقال : مجهول وجنادة بن مروان ضعفه أبو حاتم واتهمه بحديث والحارث بن النعمان قال البخاري : منكر الحديث وهذا الحديث رواه أيضا الطبراني في الأوسط باللفظ [ ص 314 ] المزبور عن أنس المذكور وضعفه المنذري . 7429 - (لو أهدى إلي كراع) كغراب ما دون الركبة إلى الساق من نحو شاة أو بقرة (لقبلت) ولم أرده على المهدي وإن كان حقيرا جبرا لخاطره (ولو دعيت إليه) أي لو دعاني إنسان إلى ضيافة كراع غنم (لأجبت) لأن القصد من قبول الهدية وإجابة الدعوى تأليف الداعي وإحكام التحابب وبالرد يحدث النفور والعداوة ولا أحتقر قلته والكراع أيضا موضع بين الحرمين قال الطيبي : فيحتمل أن المراد بالثاني الموضع فيكون مبالغة لإجابة الدعوى اه‍ . وقال غيره : كان عليه السلام ناظرا إلى الله معرضا عما سواه يرى جميع الأشياء به والعطاء والمنع منه والمعنى لو أهدي إلي ذراع لقبلت لأنه من الله إذ هو على بساطه ليس معه غيره وقوله لو دعيت عليه لأجبته معناه أنه يناجيه فلا يسمع غيره داعيا فقبوله منه تعالى
[ 400 ]
وإجابته إياه لأنه معه لا يسمعه غيره قال ابن حجر : وأغرب في الإحياء فذكر الحديث بلفظ كراع الغنم ولا أصل لهذه الزيادة وفيه حسن خلق المصطفصلى الله عليه وسلم وحسن تواضعه وجبره للقلوب بإجابة الداعي وإن قل الطعام المدعو إليه جدا والحث على المواصلة والتحابب . - (حم ت حب عن أنس) ورواه البخاري عن أبي هريرة في مواضع النكاح وغيره بلفظ لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي إلي ذراع لقبلت . 7430 - (لو بغى جبل علي جبل) أي تعدى عليه وسلك سبيل العتو والفساد معه (لدك الباغي منهما) أي انهدم واضمحل وقد نظم ذلك بعضهم فقال : يا صاحب البغي إن البغي مصرعة * فاعدل فخير فعال المرء أعدله فلو بغى جبل يوما على جبل * لاندك منه أعاليه وأسفله (ابن لال) في مكارم الأخلاق (عن أبي هريرة) وظاهره أن المصنف لم يره مخرجا لأشهر منه ولا أمثل وهو ذهول عجيب فقد خرجه البخاري في الأدب المفرد باللفظ المذكور عن ابن عباس وكذا البيهقي في الشعب وابن حبان وابن المبارك وابن مردويه وغيرهم فاقتصاره على ابن لال من ضيق العطن . 7431 - (لو بنى مسجدي هذا إلى صنعاء) بلدة باليمن مشهورة (كان مسجدي) . (الزبير بن بكار في) كتاب (أخبار المدينة) النبوية (عن أبي هريرة) ظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير وهو عجب فقد خرجه الديلمي باللفظ المذكور وكذا الطيالسي . 7432 - (لو ترك أحد لأحد لترك ابن المقعدين) لهما . - (هق عن ابن عمر) بن الخطاب قال : كان بمكة مقعدان لهما ابن شاب فكان إذا أصبح نقلهما فأتى بهما المسجد فكان يكتسب عليهما يومه فإذا كان المساء احتملهما ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه فقيل مات فذكره قال الذهبي في المهذب : فيه عبد الله بن جعفر بن نجيح قال المدني : واه اه‍ . ورواه الطبراني في الأوسط من هذا الوجه قال الهيثمي : وفيه عبد البر بن جعفر بن نجيح وهو متروك وفي الميزان متفق على ضعفه وساق أخبارا هذا منها . 7433 - (لو تعلم البهائم من الموت ما يعلم بنو آدم) منه (ما أكلتم منها لحما سمينا) لأن بذكره تنقص النعمة وتكدر صفوة اللذة وذلك مهزل لا محالة . في هذه الحكمة الوجيزة أتم تنبيه وأبلغ موعظة
[ 401 ]
للقلو ب الغافلة والنفوس اللاهية [ ص 315 ] بحطام الدنيا والعقول المتحيرة في أودية الشهوات عن هازم اللذات ثم غاب عن ذوي العقول كيف لهوا عن شأن الموت حتى ثملوا بالطعام وعبلت أجسادهم من الشبع من الحرام والبهائم التي لا عقول لها لو قدر شعورها بالموت وسكرته وقطعه عن كل محسوس لمنعها من الهناء من الطعام والشراب بحيث لا تسمن فما بال العقلاء أولي النهى والأحلام مع علمهم بقهر الموت وحسرة الفوت لا يدري بماذا يسر ولا إلى أين ينقلب فالموت طالب لا ينجو منه هارب فهناك تجلي حقيقة من أحب لقاء الله فأحب الله لقاءه . (تنبيه) لهذا الحديث قصة وهي ما خرجه السهيلي والحاكم بإسناد فيه ضعفاء إلى أبي سعيد الخدري مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بظبية مربوطة إلى خباء فقالت : يا رسول الله حلني حتى أذهب فأرضع خشفي ثم أرجع فتربطني فقال صيد قوم وربطه قوم ثم أخذ عليها فحلفت فحلها فلم تمكث إلا قليلا حتى رجعت وقد نفضت ضرعها فربطها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاء صاحبها فاستوهبها منه فوهبها له يعني فأطلقها ثم قال : لو يعلم البهائم إلخ . - (هب) وكذا القضاعي (عن أم صبية) بضم الصاد وفتح الموحدة وتشديد المثناة بضبط المصنف وتقدم لذلك ابن رسلان وابن حجر وهي الجهينة والصحابية واسمها خولة بنت قيس على الأصح وفيه عبد الله بن سلمة بن أسلم ضعفه الدارقطني ورواه الديلمي عن أبي سعيد . 7434 - (لو تعلم المرأة حق زوجها) لفظ رواية الطبراني ما حق الزوج (لم تقعد) أي تقف (ما حضر غداؤه وعشاؤه) أي مدة دوام حضوره (حتى يفرغ منه) لما له عليها من الحقوق وإذا كان هذا في حق نعمة الزوج وهي في الحقيقة من الله تعالى فكيف بمن ترك شكر نعمة الله . - (طب عن معاذ) بن جبل قال الهيثمي : وفيه عبيدة بن سليمان الأغر لم أعرف لأبيه من معاذ سماعا وبقية رجاله ثقات . 7435 - (لو تعلمون قدر رحمة الله لاتكلتم عليها) زاد أبو الشيخ [ ابن حبان ] والديلمي في روايتيهما وما علمتم إلى قليلا ولو تعلمون قدر غضب الله لظننتم أن لا تنجوا اه‍ . قال حجة الإسلام : حدث عن سعة رحمة الله ولا حرج ومن ذا الذي يعرف غايتها أو يحسن وصفها فإنه الذي يهب كفر سبعين سنة بإيمان ساعة ألا ترى إلى سحرة فرعون الذين جاؤوا لحربه وحلفوا بعزة عدوه كيف قبلهم حين آمنوا ووهب لهم جميع ما سلف ثم جعلهم رؤوس الشهداء في الجنة ؟ فهذا مع من وحده ساعة بعد كل ذلك الكفر والضلال والفساد فكيف حال من أفنى في توحيده عمره ؟ أما ترى أن أصحاب الكهف وما كانوا عليه من الكفر طول أعمارهم إلى أن قالوا : * (ربنا رب السماوات والأرض) * كيف قبلهم وكرمهم وأعظم لهم الحرمة وألبسهم المهابة والخشية حيث يقول : * (لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا) * بل كيف أكرم كلبا تبعهم حتى ذكره في كتابه مرات ثم جعله معهم في الجنة ، هذا فضله مع كلب خطا خطوات مع قوم عرفوه ووحدوه أياما من غير عبادة فكيف
[ 402 ]
مع عبده المؤمن الذي خدمه ووحده وعبده سبعين سنة ؟ - (البزار) في مسنده (عن أبي سعيد) الخدري قال الهيثمي : إسناده حسن . 7436 - (لو تعلمون ما أعلم) أي من عظم انتقام الله من أهل الجرائم وأهوال القيامة وأحوالها ما علمته لما ضحكتم أصلا المعبر عنه بقوله (لضحكتم قليلا) إذ القليل بمعنى العديم على ما يقتضيه السياق لأن لو حرف امتناع لامتناع وقيل معناه لو تعلمون ما أعلم مما أعد في الجنة من النعيم وما حفت به من الحجب لسهل عليكم ما كلفتم به ثم إذا تأملتم ما وراء ذلك [ ص 316 ] من الأمور الخطرات وانكشاف المعظمات يوم العرض على فاطر السماوات لاشتد خوفكم (ولبكيتم كثيرا) فالمعنى مع البكاء لامتناع علمكم بالذي أعلم وقدم الضحك لكونه من المسرة وفيه من أنواع البديع مقابلة الضحك بالبكاء والقلة بالكثرة ومطابقة كل منهما بالآخر ، قيل الخطاب إن كان للكفار فليس لهم ما يوجب ضحكا أصلا أو للمؤمنين فعاقبتهم الجنة وإن دخلوا النار فما يوجب البكاء فالجواب أن الخطاب للمؤمن لكن خرج الخبر في مقام ترجيح الخوف على الرجاء . - (حم ق ت ن ه عن أنس) قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت بمثلها قط ثم ذكره وجاء في رواية أن تلك كانت خطبة الكسوف . 7437 - (لو تعلمون ما أعلم) أي لو دام علمكم كما دام علمي لأن علمه متواصل بخلاف غيره (لضحكتم قليلا) أي لتركتم الضحك ولم يقع منكم إلا نادرا (ولبكيتم كثيرا) لغلبة الحزن واستيلاء الخوف واستحكام الوجل (ولما ساغ لكم الطعام ولا الشراب) تمامه عند الحاكم ولما نمتم على الفرش ولهجرتم النساء ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون وتبكون ولوددت أن الله خلقني شجرة تعضد اه‍ . وما أدري لأي معنى اقتصر المصنف على بعضه وحكى ابن بطال عن المهلب أن سبب الحديث ما كان عليه الأنصار من محبة اللهو والغناء وأطال في تقريره يلا طائل ومن أين له أن المخاطب به الأنصار دون غيرهم والقصة كانت قبل موت المصطفى صلى الله عليه وسلم حيث امتلأت المدينة بأهل مكة والوفود وقد أطنب ابن المنير في الرد والتشنيع عليه وفيه ترجيح التخويف في الخطبة على التوسع بالترخيص لما في ذكر الرخص من ملاءمة النفوس لما جبلت عليه من الشهوة والطبيب الحاذق يقابل العلة بضدها لا بما يزيدها . - (ك) في الأهوال من حديث يوسف بن خباب عن مجاهد (عن أبي ذر) وقال الحاكم : على شرطهما وتعقبه الذهبي قلت : بل هو منقطع ثم يوسف رافضي اه‍ . ورواه عنه أيضا ابن عساكر بالزيادة المذكورة . 7438 - (لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا ولخرجتم إلى الصعدات) بضمتين
[ 403 ]
جمع صعيد كطريق وزنا ومعنى (تجأرون) ترفعون أصواتكم بالاستغاثة (لا تدرون تنجون أو لا تنجون) بين به أنه ينبغي كون خو ف المرء أكثر من رجائه سيما عند غلبة المعاصي واشتهارها ولهذا كان ابن أبي ميسرة إذا أوى إلى فراشه يقول : ليت أمي لم تلدني فتقول له أمه : إن الله أحسن إليك هداك إلى الإسلام فيقول : أجل لكنه بين الله لنا أنا واردوا جهنم ولم يبين أن صادرون وقال فرقد السنجي : دخل بيت المقدس خمسمائة عذراء لابسين الصوف والمسوح فذكرن ثواب الله وعقابه فمتن جميعا في يوم واحد وفيه زجر عن كثرة الضحك وحث على كثرة البكاء والتحقيق بما سيصير المرء إليه من الموت والفناء . فائدة : أخرج الطبراني عن الفرزدق قال : لقيت أبا هريرة بالشام فقال : أنت الفرزدق قلت : نعم قال : أنت الشاعر قلت : نعم قال : أما إنك إن بقيت لقيت قوما يقولون لا توبة لك فإياك أن تقطع رجاءك من رحمة الله . - (طب ك) في الرقاق (هب) كلهم (عن أبي الدرداء) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رواه الطبراني عن طريق ابنة أبي الدرداء عن أبيها ولم أعرفها وبقية أصحابه رجال الصحيح . 7439 - (لو تعلمون ما أعلم) من الأحوال والأهوال مما يؤول إليه حالكم (لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا) حث [ ص 317 ] وتحريض على البكاء وترك الضحك فإن البكاء ثمرة حياة القلب (يظهر النفاق وترتفع الأمانة وتقبض الرحمة ويتهم الأمين ويؤتمن غير الأمين أناخ بكم الشرف) بالفاء وقيل بالقاف (الجون الفتن كأمثال الليل المظلم) شبه الفتن في اتصالها وامتداد أوقاتها بالنوق المسنمة السود كذا روي بسكون الواو وهو جمع قليل في جمع فاعل وروي الشرق بالقاف يعني الفتن التي تأتي من جهة المشرق والجود من الألوان يقع على الأسود والأبيض والمراد هنا الأسود بقرينة التشبيه بالليل . - (ك) في الأهوال (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 7440 - (لو تعلمون ما ادخر لكم ما حزنتم على ما زوي عنكم) تمامه عند مخرجه أحمد ولتفتحن عليكم فارس والروم اه‍ . وذلك لأنه تعالى خلق الخلق لبقاء لا فناء معه وعز لا ذل معه وأمن لا خوف معه وغناء لا فقر معه ولذة لا ألم معها وكمال لا نقص فيه وامتحنه في هذه الدار ببقاء يسرع إليه الفناء وعز يقارنه ذل وأمن معه خوف وغنى ولذة وفرحة ونعيم مشوب بضده وهو سريع الزوال فغلط أكثر الناس في هذا المقام إذ طلبوا البقاء وما معه في غير محله ففاتهم في محله وأكثرهم لمن يظفر بما
[ 404 ]
طلبه والظافر إنما ظفر بمتاع قليل زواله قريب فكيف يحزن العاقل على الفائت منه . - (حم عن العرباض) بن سارية قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلينا في الصفة وعلينا الحوتكية ويقول لنا ذلك . قال الهيثمي : ورجاله وثقوا اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لصحته . 7441 - (لو تعلمون ما لكم عند الله من الخير) يا أهل الصفة (لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة) قاله لأهل الصفة لما رأى خصاصتهم وفقرهم قال بعض العارفين : ينبغي للعاقل أن يحمد الله على ما زوى عنه من الدنيا كما يحمده على ما أعطاه وأين يقع ما أعطاه والحساب يأتي عليه إلى ما عافاه ولم يبتله به فيشغل قلبه ويتعب جوارحه ويكثر همه وفي الحديث وما قبله وبعده إشعار بأن إفشاء سر الربوبية قبيح إذ لو جاز إفشاء كل سر لذكر لهم ما ادخر لهم ولذكرهم حتى يبكون ولا يضحكون وفيه تفضيل الفقر على الغنى قالوا : بشر الفقراء الصابرين بما لم يبشر به الأغنياء المؤمنين وكفى به فضلا . - (ت عن فضالة بن عبيد) قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس خر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة أي الجوع وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب هؤلاء مجانين فإذا صلى انصرف إليهم فقال : لو تعلمون إلخ . قال الترمذي : حسن صحيح . 7442 - (لو تعلمون من الدنيا ما أعلم لاستراحت أنفسكم منها) فإن الرسل إنما بعثوا بالدعوة إلى النعيم المقيم والملك الكبير والإعلام بحقارة الدنيا وسرعة زوالها فمن أجابهم إلى ما دعوا إليه استراحت نفسه بالزهد فيها فكان عيشه فيها أطيب من عيش الملوك إذ الزهد فيها ملك حاضر والشيطان يحسد المؤمن عليه أعظم حسد فيحرص كل الحرص على أن لا يصل إليه . - (هب عن عروة) بن الزبير (مرسلا) وفيه موسى بن عبيدة أي الربذي قال الذهبي : ضعفوه وقال أحمد : لا تحل الرواية عنه وعبد الله بن عبيدة وثقه قوم وضعفه آخرون . 7443 - (لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله شيئا) لأن الأصل في سؤال الخلق كونه ممنوعا وإنما أبيح [ ص 318 ] للحاجة فإن السؤال للمخلوق ذل للسائل وهو ظلم من العبد لنفسه وفيه إيذاء المسؤول وهو من جنس ظلم العباد وفيه خضوع العبد لغير الله وهو من جنس الشرك ففيه أجناس الظلم الثلاثة الظلم المتعلق بحق الله وظلم العباد وظلم العبد نفسه ومن له أدنى بصيرة لا يقدم على مجامع الظلم وأصوله بغير الاضطرار . - (د عن عائذ بن عمرو) المزني بايع تحت الشجرة كان صالحا تأخر موته رمز المصنف لحسنه .
[ 405 ]
7444 - (لو تعلمون ما في الصف الأول) وهو الذي يلي الإمام أي ما ادخر لأهله من الثواب الجزيل (ما كانت إلا قرعة) أي لتنازعتم في التقدم إليه والاستثار به حتى تقترعوا ويتقدم إليه من خرجت له القرعة لما فيه من الفضائل كالسبق لدخول المسجد والقرب من الإمام واستماع قراءته والتعلم منه والفتح عليه والتبليغ عنه والصف المقدم يتناول الصف الثاني بالنسبة للثالث فإنه يتقدم عليه والثالث بالنسبة للرابع وهلم جرا . - (م ه عن أبي هريرة) . 7445 - (لو تعلمون ما أنتم لاقون بعد الموت) من الأهوال والشدائد (ما أكلتم طعاما على شهوة أبدا ولا شربتم شرابا على شهوة أبدا ولا دخلتم بيتا تستظلون به) لأن العبد إما محاسب فهو معاقب وإما معاتب والعتاب أشد من ضرب الرقاب فإذا نظر العاقل إلى تقصيره في حق ربه الذي رادف عليه إنعامه في كل طرفة عين وأنه مع ذلك يستره ويسامحه ذاب كما يذوب الملح وفي بعض الكتب القديمة قال داود : يا رب أخبرني ما أدنى نعمتك علي قال : تنفس فتنفس فقال : هذا أدناها وعبد الله عابد خمسين عاما فأوحى إليه قد غفرت لك قال : يا رب أنا لم أذنب فأمر الله عرقا فضرب عليه فلم يصم ولم يصل فسكن فنام فأوحى الله إليه أعبادتك الخمسين سنة تعدل سكون العرق وفي أبي داود عن الحبر مرفوعا إن الله لو عذب أهل سماواته لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم (ولمررتم على الصعدات) جمع صعدة بضمتين وهو جمع صعيد وهو وجه الأرض وقيل التراب ولا معنى له هنا والمراد لخرجتم من منازلكم إلى الصحراء (تلدمون) تضربون (صدوركم) حيرة وإشفاقا وشأن المحزون أن يضيق به المنزل فيطلب الفضاء الخالي يشكون بثهم ودهشة لبهم (وتبكون على أنفسكم) خوفا من عظيم سطوة الله وشدة انتقامه * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) * ولهذا ما طعن عمر وقرب موته كان رأسه على فخذ ابنه فقال : ضعه على الأرض فقال : ما عليك إن كان على فخذي أو على الأرض فقال : ضعه ويلي إن لم يرحمني فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين ما هذا الخوف قد فتح الله بك الفتوح ومصر بك الأمصار وفعل وفعل قال : وددت أن أنجو لا علي ولا لي وقال أحمد بن حنبل : منعني الخوف من الطعام والشراب فلا أشتهيه . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أبي الدرداء) . 7446 - (لو جاء العسر فدخل هذا الحجر) بتقديم الجيم المضمومة على الحاء المهملة والجحر
[ 406 ]
بيت الضب واليربوع والحية (لجاء اليسر فدخل عليه فأخرجه) قال الله تعالى : * (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا) * ولن يغلب عسر يسرين وفي شعب الإيمان أن أبا عبيدة حصر فكتب إليه عمر مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين . - (ك عن أنس) ابن مالك ورواه عنه أيضا البيهقي باللفظ المذكور . 7447 - (لو خشع قلب هذا) الرجل الذي يصلي وهو يعبث في صلاته أي أخبت واطمأن ومنه الخشعة للرملة المتطامنة والخشوع اللين والانقياد ومنه خشعت بقولها إذا لينته ذكره الزمخشري (خشعت جوارحه) لأن الرعية بحكم الراعي وقد جعل الله بين الأجساد والأرواح رابطة ربانية وعلاقة روحانية فلكل منهما ارتباط بصاحبه وتعلق به يتأثر بتأثره فإذا خشع القلب أثر ذلك في الجوارح فخشعت وصفت الروح وزكت النفس وإذا أخلص القلب بالطاعة استعمل الجوارح في مصالحه قال الحرالي : والخشوع سكون القلب وهدوء الجوارح وبه يحصل حسن السمت والتودد في الأمور واستخلاف الله عبده في مال الدنيا وجاهها اه‍ . وقال بعضهم : الخشوع إعلام القلب أن العبد واقف بين يدي الرب فيسكن الباطن وعند ذلك من ملاحظة الأغيار والظاهر عن غير ما أمر به من الأفعال والأذكار . تنبيه : هذا الحديث يفيد عدم اشتراط الخشوع لصحة الصلاة لأنه لم يأمره بالإعادة بل نبه على أن التلبس به من مكملات الصلاة فيكون مندوبا وقد حكى النووي الإجماع على عدم وجوبه لكن في شرح التقريب أن فيه نظرا إذ في كلام غير واحد ما يقتضي وجوبه . - (الحكيم) الترمذي في النوادر عن صالح بن محمد عن سليمان بن عمر عن ابن عجلان عن المقبري (عن أبي هريرة) قال : رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا يعبث بلحيته في الصلاة فذكره قال الزين العراقي في شرح الترمذي : وسليمان بن عمر وهو أبو داود النخعي متفق على ضعفه وإنما يعرف هذا عن ابن المسيب وقال في المغني : سنده ضعيف والمعروف أنه من قول سعيد ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه وفيه رجل لم يسم وقال ولده : فيه سليمان بن عمرو مجمع على ضعفه وقال الزيلعي : قال ابن عدي : أجمعوا على أنه يضع الحديث . 7448 - (لو خفتم الله حق خيفته لعلمتم العلم الذي لا جهل معه) لأن من نظر إلى صفات الجلال تلاشى عنده الخوف من غيره بكل حال وأشرق نور اليقين على فؤاده فتجلت له العلوم وانكشف له السر المكتوم * (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) * ، * (إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا) * قال الشاذلي : نمت ليلة في سياحتي فأطافت بي السباع إلى الصبح فما وجدت أنسا كتلك الليلة فأصبحت فخطر لي أنه حصل لي من مقام الأنس بالله فهبطت واديا فيه طيور حجل فأحست بي فطارت فخفق قلبي رعبا فنوديت يا من كان البارحة يأنس بالسباع ما لك وجلت من
[ 407 ]
خفقان الحجل لكنك البارحة كنت بنا واليوم بنفسك اه‍ . وفي تاريخ ابن عساكر عن الرقي أنه قصد أبا الخير الأقطع مسلما فصلى المغرب ولم يقرأ الفاتحة مستويا فقال في نفسه ضاع سفري فلما سلم خرج فقصده سبع فخرج الأقطع خلفه وصاح على الأسد ألم أقل لك لا تتعرض لأضيافي فتنحى ثم قال : اشتغلتم بتقويم الظاهر فخفتم الأسد واسشتغلنا بتقوى القلب فخافنا الأسد ومن هذا القبيل ما حكى أن سفينة مرت في البحر فأرسوا على جزيرة فوجدوا فيها أمة سوداء تصلي ولا تحسن قراءة الفاتحة على وجهها وتخلط فيها ولا تحسن الركوع والسجود ولا عدد الركعات فقالوا لها : ما هو كذا افعلي كذا وكذا ثم سارت السفينة عنها بعيدا فإذا هم بها تجري على وجه الماء وتقول : قفوا علموني فإني نسيت فبكوا وقالوا : ارجعي وافعلي ما كنت تفعلين (ولو عرفتم الله حق معرفته) قال الحكيم : حق المعرفة أن يعرفه بصفاته العليا وبأسمائه الحسنى معرفة يستنير قلبه بها فلو عرفتموه كذلك (لزالت لدعائكم) وفي رواية بدعائكم بالموحدة (الجبال) لكنكم وإن عرفتموه لم تعرفوه حق معرفته فلم تنظروا إلى صنعه وحكمه وتدبيره فلم تكونوا من أهل هذه المرتبة ومن عرفه حق معرفته ماتت منه شهوة الدنيا والشبح بها وحب الرئاسة والثناء والحمد من الناس وزالت الحجب عن قلبه فأبصر ربه بعين قلبه ولبه ولم يخدعه غرور ولا خيال فزالت لدعائه الجبال فعلماء الظاهر عرفوا الله لكن لم ينالوا حق [ ص 320 ] المعرفة فلذلك عجزوا عن هذه المرتبة ومنعوا أن يكون لهم هذا بل ودونه بل ودونه كالمشي على الماء والطيران في الهواء وطئ الأرض لأحد ولو عرفوه حق المعرفة لماتت منهم شهوات الدنيا وحب الرئاسة والجاه والشح على الدنيا والتنافس في أحوالها وطلب العز وحب الثناء والمحمدة ، ترى أحدهم مصغيا لما يقول الناس له وفيه وعينه شاخصة إلى ما ينظر الناس إليه منه وقد عميت عيناه عن النظر إلى صنع الله وتدبيره فإنه تعالى كل يوم هو في شأن . - (الحكيم) الترمذي (عن معاذ بن جبل) . 7449 - (لو دعا لك إسرافيل وجبريل وميكائيل وحملة العرش وأنا فيهم ما تزوجت إلا المرأة التي كتبت لك) أي قدر في الأزل أن تتزوجها وهذا قاله لمن قال : يا رسول الله ادع الله أن أتزوج فلانة . (ابن عساكر) في تاريخه (عن محمد) السعدي . 7450 - (لو دعا بهذا الدعاء على شئ بين المشرق والمغرب في ساعة من يوم الجمعة لاستجيب لصاحبه) والدعاء المذكور هو (لا إله إلا أنت يا حنان يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام) ويعقبه بذكر حاجته . - (خط عن جابر) بن عبد الله .
[ 408 ]
7451 - (لو رأيت الأجل ومسيره أبغضت الأمل وغروره) زاد ابن لال والديلمي في روايتيهما وما من أهل بيت إلا وملك الموت يتعاهدهم في كل يوم فمن وجده قد انقضى أجله قبض روحه وإذا بكى أهله وجزعوا قال : لم تبكون ولم تجزعون ؟ فوالله ما نقصت له عمرا ولا حبست له رزقا ما لي من ذنب وإن لي فيكم لعودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا اه‍ بحروفه . وإنما كان الأمل غرارا لأنه يبعث على التكاسل والتواني في الطاعة والتسويف بالتوبة فيقول سوف أعمل سوف أتوب وفي الأيام سعة والتوبة بين يدي وأنا قادر عليها متى رمتها وربما اغتاله الحمام على الإصرار فاختطفه الأجل قبل إصلاح العمل . - (هب عن أنس) بن مالك ثم قال البيهقي : قال أبو بكر يعني ابن خزيمة : لم أكتب عن هذا الرجل يعني أحمد بن يحيى المعدل غير هذا الحديث . 7452 - (لو رجمت أحدا بغير بينة لرجمت هذه) قاله لامرأة رميت بالزنا وظهرت الريبة في م نطقها وهيئتها ومن يدخل عليها وأبهمها سترا عليها ، فأفاد أن الحد (1) لا يثبت بالاستفاضة ، (2) وإن قويت الريبة وشاعت الفاحشة وقامت القرائن . (ق عن ابن عباس) . 7453 - (لو عاش إبراهيم) بن المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي رزقه من مارية القبطية (لكان صديقا نبيا) قال ابن عبد البر : لا أدري ما هذا ولد نوح غير نبي ولو لم يلد النبي الأنبياء كان كل أحد نبيا لأنهم من ولد نوح اه‍ . واغتر به النووي في [ ص 321 ] تهذيبه فقال : قول بعض المتقدمين لو عاش إبراهيم كان نبيا باطل وجسارة على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم اه‍ . وقد تعقبه الحافظ ابن حجر بأنه عجب منه مع وروده عن ثلاثة صحابيين فكأنه لم يظهر له وجه تأويل فأنكره وجوابه أن القضية الشرطية لا يلزم منها الوقوع ولا يظن بالصحابي الهجوم على مثل هذا بالظن . - (الباوردي عن أنس) بن مالك (ابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله (وعن ابن عباس وعن ابن أبي أوفى) وقضية كلام المصنف أن هذا لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل إلى هذين وهو عجب فقد رواه ابن ماجه بزيادة ولفظه لو عاش إبراهيم لكان صديقا نبيا ولو عاش لأعتقت أخواله القبط وما استرق قبطي اه‍ بحروفه . ورواه أحمد باللفظ الأول قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح . 7454 - (لو عاش إبراهيم ما رق له خال) أي لأعتقت أخواله القبطيين جميعا إكراما له . - (ابن سعد) في طبقاته (عن مكحول مرسلا) .
[ 409 ]
7455 - (لو عاش إبراهيم لوضعت) ببنائه للفاعل أو المفعول (الجزية عن كل قبطي) بكسر القاف نسبة إلى القبط وهم نصارى مصر . - (قط ابن سعد) في الطبقات (عن) ابن شهاب (الزهري) بضم الزاي وسكون الهاء نسبة إلزهرة بن مرة بن كعب بن لؤي (مرسلا) . 7456 - (لو غفر لكم ما تأتون إلى البهائم) بنحو ضرب وعسف وتحميل فوق طاقة (لغفر لكم كثيرا) أي شئ عظيم من الإثم وفيه التحذير من إيذاء البهائم وعدم تكليف الدابة ما لا تطيقه على الدوام وتجنب الضرب لاسيما الوجه وعلى المقاتل وتعهدهم بالعلف والسقي والتحذير من الغفلة عن ذلك . - (حم طب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الهيثمي : رواه أحمد مرفوعا ورواه ابنه موقوفا وإسناده أصح وهو أشبه . 7457 - (لو قضي كان) أي لو قضى الله بكون شئ في الأزل لكان لا محالة إذ لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه . - (قط في الأفراد حل) وكذا الخطيب (عن أنس) بن مالك قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين ما بعثني في حاجة قط لم تتهيأ فلامني لائم إلا قال : دعوه لو قضى لكان قال ابن الجوزي في العلل : قال الدارقطني : تفرد به محمد بن مهاجر عن ابن عيينة ولم يتابع عليه واتفقوا على تضعيف ابن مهاجر وقال ابن حبان : كان يضع الحديث . 7458 - (لو قيل لأهل النار إنكم ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا لفرحوا بها ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون) في الجنة (عدد كل حصاة في الدنيا لحزنوا ولكن جعل لهم الأبد) نبه به على أن الجنة باقية وكذا النار وقد زلت قدم ابن القيم فذهب إلى فناء النار تمسكا بمثل خبر البزار عن ابن عمرو موقوفا يأتي على النار زمان تخفق أبوابها ليس فيها أحد وهذا خلل بين فإن المراد من الموحدين كما بينته رواية ابن عدي عن أنس مرفوعا ليأتين على جهنم يوم تصفق أبوابها ما فيها من أمة محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحد قال الزمخشري عقب إيراده : خبر ابن عمرو بلغني عن [ ص 322 ] بعض أهل الضلال أنه اغتر بهذا الحديث فاعتقد أن الكفار لا يخلدون في النار وهذا إن صح عن ابن عمرو فمعناه يخرجون من حر النار إلى برد الزمهرير وأقول : أما كان لابن عمرو في سيفيه ومقاتلته بهما عليا رضي الله عنه ما يشغله
[ 410 ]
عن تسيير هذا الحديث ؟ إلى هنا كلام الزمخشري . - (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي : فيه الحكم بن ظهير مجمع على ضعفه . 7459 - (لو كان الإيمان عند الثريا) نجم معروف وفي رواية لأبي يعلى والبزار لو كان الإيمان معلقا بالثريا وفي رواية للطبراني لو كان الدين معلقا بالثريا (لتناوله رجال من فارس) وأشار إلى سلمان الفارسي قال ابن عربي : وفي تخصيصه ذكر الثريا دون غيرها من الكواكب إشارة بديعة لمثبتي الصفات السبعة لأنها سبعة كواكب فاقهم وقال في معجم البلدان : العرب إذا ذكرت المشرق كله قالوا فارس فعنى في الحديث أهل خراسان لأنك إن طلبت مصداق الحديث في فارس لم تجده لا أولا ولا آخرا وتجد هذه الصفات نفسها في أهل خراسان دخلوا في الإسلام رغبة ومنهم العلماء والنبلاء والمحدثون والمتعبدون وإذا حررت المحدثين من كل بلد وجدت نصفهم من خراسان وجل رواة الرجال منها وأما أهل فارس فكنار خمدت لم يبق لهم بقية بذكر ولا شرف . - (ق ت عن أبي هريرة) قال : كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت عليه سورة الجمعة * (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) * قال قائل منهم : يا رسول الله من هم فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا وفينا سلمان الفارسي فوضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يده على رأسه ثم ذكره ورواه مسلم بلفظ لو كان الدين عند الثريا لذهب به رجل من فارس . 7460 - (لو كان الحياء رجلا لكان رجلا صالحا) قال الطيبي : فيه مبالغة أي لو قدر أن الحياء رجل لكان صالحا فكيف تتركونه وفيه جواز فرض المحال إذا تعلق به نكتة . - (طس) وكذا في الصغير (خط) كلاهما (عن عائشة) قال المنذري والهيثمي : فيه ابن لهيعة وهو لين وبقية رجاله رجال الصحيح . 7461 - (لو كان الصبر رجلا لكان رجلا كريما) ومنه أخذ الحسن البصري قوله الصبر كنز من كنوز الخير لا يعطيه الله إلا لعبد كريم عنده . تنبيه : قال الغزالي : القتال أبدا قائم بين باعث الدين وباعث الهوى والحرب بينهما سجال ومعركة هذا القتال قلب العبد ومدده باعث الدين من الملائكة الناصرين لحزب الله ومدده باعث الشهوة من الشياطين الناصرين لأعداء الله فالصبر عبارة عن ثبات باعث الدين في مقابلة باعث الشهوة فإن ثبت حتى قهره واستمر على مخالفة الشهوة فقد نصره حزب الله والتحق بالصابرين وإن تخاذل وضعف عن الشهوة ولم يصبر في دفعها التحق بأشياع الشياطين . - (حل) من حديث صبيح بن دينار البلدي عن المعافى بن عمران عن سفيان عن منصور عن مجاهد (عن عائشة) ثم قال : غريب تفرد به المعافى ورواه عنها أيضا الطبراني باللفظ المزبور قال الزين العراقي : وفيه صبيح بن دينار ضعفه العقيلي وغيره .
[ 411 ]
7462 - (لو كان العجب رجلا كان رجل سوء) فيتعين اجتنابه فإنه مهلك لاسيما للعالم ومن أدويته تذكر أن علمه وفهمه وجودة ذهنه وفصاحته وغير ذلك من النعم فضل من الله عليه وأمانة عنده ليرعاها حق رعايتها ، وأن العجب بها كفران لنعمتها فيعرضها للزوال لأن معطيه إياها قادر على سلبها منه في طرفة عين كما سلب بلعاما ما علمه في طرفة عين [ ص 323 ] * (أفأمنوا مكر الله) * قال الراغب : والعجب ظن الإنسان في نفسه استحقاق منزلة هو غير مستحق لها ولهذا قال أعرابي لرجل رآه معجبا بنفسه : سرني أن أكون عند الناس مثلك في نفسك وأكون في نفسي مثلك عند الناس فتمنى حقيقة ما يقرره المخاطب ورأى أن ذلك إنما يتم حسنه متى هو عرف عيوب نفسه وقيل للحسن : من شر الناس ؟ قال : من يرى أنه أفضلهم وقال بعضهم : الكاذب في نهاية البعد من الفضل والمرائي أسوأ حالا منه لأنه يكذب بفعله وفوله والمعجب أسوأ حالا منهما فإنهما يريان نقص أنفسهما ويريدان إخفاء والمعجب عمي عن مساوئ نفسه فيراها محاسن ويبديها والسفيه يقرب من المعجب لكن المعجب يصدق نفسه فيما يظن بها وهما والتائه يصدقها قطعا كأنه متحير في نفسه . - (طص عن عائشة) وفيه عبد الرحمن بن معاوية أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال مالك : ليس بثقة ، وابن معين وغيره : لا يحتج به . 7463 - (لو كان العسر في جحر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه) تمامه عند مخرجه الطبراني ثم قرأ * (إن مع العسر يسرا) * . - (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي : فيه مالك النخعي وهو ضعيف . 7464 - (لو كان العلم معلقا بالثريا لتناوله قوم من أبناء فارس) فيه كالذي قبله فضيلة لهم وتنبيه على علو هممهم قال ابن تيمية : وقد بين بهذا الحديث ونحوه أن العبرة بالأسماء إلى حمدها الله تعالى وذمها كالعالم والجاهل والمؤمن والكافر والبر والفاجر وقد جاء الكتاب بمدح بعض الأعاجم قال تعالى : * (ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) * وفي الترمذي عن أبي هريرة مرفوعا في قوله تعالى * (وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم) * أنهم من أبناء فارس ورويت آثار كثيرة في فضائل رجال فارس كالحسن وابن سيرين وعكرمة إلى أن وجد معهم من المبرزين في الدين والعلم حتى صاروا أفضل في ذلك من كثير من العرب والفضل الحقيقي هو اتباع ما بعث الله به محمدا من الإيمان والعلم فكل من كان فيه أمكن كان أفضل . - (حل عن أبي هريرة - الشيرازي في الألقاب عن قيس بن سعد) ظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد
[ 412 ]
مخرجا لأشهر من أبي نعيم ولا أحق بالعزو إليه والأمر بخلافه فقد رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة بلفظ لو كان العلم معلقا بالثريا لتناوله ناس من أولاد فارس قال الهيثمي : فيه شهر بن حوشب وثقه جمع وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الشيخان عن أبي هرية بلفظ لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء وأشار لفارس . 7465 - (لو كان الفحش خلقا لكان شر خلق الله) وقد اتفقت الحكماء على تقبيح الفحش والنطق به ووقع للحكيم نصير الدين الطوسي أن إنسانا كتب إليه ورقة فيها يا كلب يا ابن الكلب فكان جوابه أما قولك كذا فليس بصحيح لأن الكلب من ذوات الأربع وهو نابح طويل الأظفار وأنا منتصب القامة بادي البشرة عريض الأظفار وناطق ضاحك فهذه فصول وخواص غير تلك الفصول والخواص وأطال في نفض كل ما قاله برطوبة وحشمة وتأن غير منزعج ولم يقل في الجواب كلمة فاحشة . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب فضل (الصمت) أي السكوت (عن عائشة) وفيه عبد الجبار بن الورد قال البخاري : يخالف في بعض حديثه قال في الميزان : وهو أخو وهيب بن الورد وثقة أبو حاتم ورواه عنهما أيضا الطبراني والطيالسي واليشكري وغيرهم فاقتصار المصنف على عزوه لابن أبي الدنيا تقصير . 7466 - (لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار) وفي رواية ما مسته النار أي لو صور القرآن وجعل في إهاب وألقي في النار ما مسته ولا أحرقته ببركته فكيف بالمؤمن المواظب لقراءته ولتلاوته واللام في النار للجنس والأولى جعلها للعهد والمراد بها نار جهنم أو النار التي تطلع على الأفئدة أو النار التي وقودها الناس والحجارة ذكره القاضي وقيل هذا كان معجزة للقرآن في زمنه كما تكون الآيات في عصر الأنبياء وقيل المعنى من علمه الله القرآن لم تحرقه نار الآخرة فجعل جسم حافظ القرآن كإهاب له وقال التوربشتي : إنما ضرب المثل بالإهاب وهو جلد لم يدبغ لأن الفساد إليه أسرع ولفح النار فيه أنفذ ليبسه وجفافه بخلاف المدبوغ للينه والمعنى لو قدر أن يكون في إهاب ما مسته النار ببركة مجاورته للقرآن فكيف بمؤمن تولى حفظه والمواظبة عليه والمراد نار الله الموقدة المميزة بين الحق والباطل قال الطيبي : وتحريره أن التمثيل وارد على المبالغة والفرض كما في قوله * (قل لو كان البحر مدادا) * (الكهف : 109) أي ينبغي ويحق أن القرآن لو كان في مثل هذا الشئ الحقير الذي لا يؤبه به ويلقى في النار ما مسته فكيف بالمؤمن الذي هو أكرم خلق الله وقد وعاه في صدره وتفكر في معانيه وعمل بما فيه كيف تمسه فضلا عن أن تحرقه وقال الحكيم : القرآن كلام الله ليس بجسم ولا عرض فلا يحل بمحل وإنما يحل في الصحف والإهاب المداد الذي تصور به الحروف المحكى بها القرآن فالإهاب المكتوبة فيه
[ 413 ]
إن مسته النار فإنما تمس الإهاب والمداد دون المكتوب الذي هو القرآن لو جاز حلول القرآن في محل ثم حل الإهاب لم تمس الإهاب النار وفائدة الخبر حفظ مواضع الشكوك من الناس عند احتراق مصحف وما كتب فيها قرآن فيستعظمون إحراقه ويدخلهم الشك ويمكن رجوع معناه إلى النار الكبرى لتعريفه إياها بأل كأن يقول لو كان القرآن في إهاب لم تمس نار جهنم ذلك الإهاب يعني الإهاب الذي لا خطر له ولا قيمة إن جعل فيه القرآن بمعنى الكتابة والإهاب موات لا يعرف ما فيه لم تمسه نار جهنم إجلالا له فكيف تمس النار مؤمنا هو أجل قدرا عند الله من الدنيا وما فيها وقد يكون ذكر الإهاب للتمثيل أي أن الإهاب وهو جلد إذا لم تحرقه النار لحرمة القرآن والمؤمن إذا لم تطهره التوبة من الأرجاس لم تدبغه الرياضة ولا أصلحته السياسة فيرد على الله بأخلاق البشرية وأدناس الإنسانية . - (طب عن عقبة بن عامر) الجهني (وعن عصمة بن مالك) معا قال الهيثمي : فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك اه‍ . وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أشهر ولا أعلى من الطبراني وكأنه ذهول فقد خرجه الإمام أحمد عن عقبة ورواه عن عقبة أيضا الدارمي . قال الحافظ العراقي : وفيه ابن لهيعة وابن عدي والبيهقي في الشعب عن عصمة المذكور وابن عدي عن سهل بن سعد . قال العراقي : وسنده ضعيف وقال ابن القطان : فيه من كان يلقن وقال الصدر المناوي : فيه عند أحمد ابن لهيعة عن مشرح بن ماهان ولا يحتج بحديثهما عن عقبة اه‍ . لكنه يتقوى بتعدد طرقه فقد رواه أيضا عن حبان عن سهل بن سعد ورواه البغوي في شرح السنة وغيره . 7467 - (لو كان المؤمن في جحر ضب لقيض الله له من يؤذيه) وفي رواية منافقا يؤذيه لأن المؤمن محبوب الله وإذا أحبه عرضه للبلاء وذلك يتضمن ألطافا على حسب حاله من مقامات الإيمان إما تكفير الذنوب أو ابتلاه ليظهر صبره أو لرفع درجة لا يبلغها إلا بالبلاء ويبتليه أيضا في الدنيا بتنويع محنها لئلا يحبها ويطمئن إلى رخائها فيشق عليه الخروج منها ، وخص أذيته في هذا الحديث بالمؤمن لينفره ويوحشه منهم ليؤنسه بحضرته ويقطعه إليه . - (طس هب عن أنس) قال الهيثمي : فيه أبو قتادة بن يعقوب العذري ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 7468 - (لو كان المؤمن على قصبة في البحر لقيض الله له من يؤذيه) ليضاعف له الأجور ويرفع له الدرجات فينبغي أن [ ص 325 ] يقابل ذلك بالرضى والتسليم ويعلم أنه إنما سلط ذلك عليه لخير له إما بذنب اقترفه أو لزيادة رفعته في الآخرة . قال في الحكم : إنما أجرى الأذى عليك منهم لئلا تكون ساكنا إليهم أراد أن يزعجك عن كل شئ حتى لا يشغلك عنه شئ . - (ش عن) لم يذكر المصنف صحابيه .
[ 414 ]
7469 - (لو كان أسامة جارية لكسوته وحليته) أي اتخذت له حليا وألبسته إياه (حتى أنفقه) بشد الفاء وكسرها بضبط المصنف قال الحكيم التحلية التزين لأنه إذا زينه فقد حلاه وحسنه فذلك العضو أحلى في أعين الناظرين وقلوبهم وأفاد بالخبر أن أصل الزينة حق وإنما يفسدها الإرادة والقصد فإذا كانت الإرادة لله فقد أقام حقا من حقوق الله وإذا كان لغيره فهو وبال وضلال ثم فيه إيذان بأن التزين إنما يطلب للمرأة لإنفاقها عند زوجها ولو توقعا وإلا فالتخلي عن التحلي أولى كما بينه بعض المتقدمين ومنه أخذ الولي العراقي أن للولي أن يحلي محجورته بما ينفقها ويصرف على ذلك من مالها . - (حم ه عن عائشة) قالت : عثر أسامة فشج في وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أميطي عنه الأذى فتقذرته فجعل يمص الدم ويمسحه عن وجهه ثم ذكره رمز المصنف لحسنه قال الحرالي : هكذا على عادة الكبراء رأوا تقاعس أتباعهم عما يأمرون به من المهمات في تعاطيهم بأنفسهم تنبيها على أن الخطب قد فدح والأمر قد تفاقم فتساقط إليه حينئذ الأتباع كتساقط الذباب على الشراب ثم إن المصنف رمز لحسنه وهو قصور أو تقصير فقد قال الحافظ العراقي بعد ما عزاه لأحمد : إسناده صحيح هكذا جزم . 7470 - (لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب) أخبر عما لم يكن لو كان فكيف يكون كما أخبر تعالى بذلك في الدين قال فيهم * (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) ففيه أنهم عائدوا الله ورسوله على بصيرة بمواضع الحق لا لشبهة عرضت فكذا قوله لو كان بعدي إلخ ففيه إبانة عن فضل ما جعله الله لعمر من أوصاف الأنبياء وخلال المرسلين وقرب حاله منهم وفيه إشارة إلى أن النبوة ليست باستعداد بل يجتبى إليه من يشاء فكأن النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أوصاف جمعت في عمر لو كانت موجبة للرسالة لكان بها نبيا ، فمن أوصافه قوته في دينه وبذله نفسه وماله في إظهار الحق وإعراضه عن الدنيا مع تمكنه منها وخص عمر مع أن أبا بكر أفضل إيذانا بأن النبوة بالاصطفاء لا بالأسباب ذكره الكلاباذي . وقال ابن حجر : خص عمر بالذكر لثرة ما وقع له في زمن المصطفى صلى الله عليه وسلم من الواقعات التي نزل القرآن بها ووقع له بعده عدة إصابات . - (حم ت) واستغربه (ك) في فضائل الصحابة (عن عقبة بن عامر) الجهني قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي قال الحافظ العراقي : وأما خبر الديلمي عن أبي هريرة لو لم أبعث لبعث عمر فمنكر (طب عن عصمة) بكسر المهملة الأولى وسكون الثانية (ابن مالك) قال الهيثمي : وفيه الفضل بن المختار وهو ضعيف . 7471 - (لو كان جريح الراهب فقيها عالما لعلم أن إجابته دعاء أمه أولى من عبادة ربه) وذلك
[ 415 ]
أنه كان يصلي بصومعته فنادته أمه فلم يقطع صلاته لإجابتها فقالت : اللهم إن كان سمع ولم يجب فلا تمته حتى ينظر في عين المومسات فزنا راع بامرأة فولدت ، فقيل لها : ممن ؟ قالت : من جريح فجاؤوا ليقتلوه فضحك وقال للمولود : من أبوك ؟ فقال : الراعي ، وهو أحد الأربعة الذين تكلموا في المهد كما مر . قال ابن حجر : هذا إن حمل على إطلاقه أفاد جواز قطع الصلاة مطلقا لإجابة نداء الأم نفلا أو فرضا وهو وجه عند الشافعية وقال النووي كغيره : هذا محمول على أنه كان مباحا في شرعهم والأصح [ ص 326 ] أن الصلاة وإن كانت نفلا وعلم تأذي الأصل بالترك وجبت الإجابة وإلا فلا وإن كانت فرضا وضاق الوقت لم يجب وإلا وجبت عند إمام الحرمين وخالفه غيره عند المالكية الإجابة في النفل أفضل من التمادي وحكى الباجي اختصاصه بالأم دون الأب وفيه عظم بر الوالدين وإجابة دعائهما سيما الأم . (الحسن بن سفيان) في مسنده (والحكيم) في نوادره (وابن قانع) في معجمه (هب) وكذا الخطيب كلهم من طريق الليث (عن) شهر بن حوشب عن أبيه (حوشب) بفتح المهملة وسكون الواو وفتح المعجمة ابن يزيد (الفهري) بكسر الفاء وسكون الهاء وآخره راء نسبة إلى فهر بن مالك بن النضير بن كنانة ثم قال البيهقي : هذا إسناد مجهول اه‍ . وقال الذهبي في الصحابة : هو مجهول اه‍ . وفيه محمد بن يونس القرشي الكريمي قال ابن عدي : متهم بالوضع وقال ابن منده : حديث غريب تفرد به الحكم الريان عن الليث . 7472 - (لو كان حسن الخلق رجلا) يعني إنسانا (يمشي في الناس) أي بينهم (لكان رجلا صالحا) أي يقتدى به ويتبرك وفي إفهامه أن سوء الخلق لو كان رجلا يمشي في الناس لكان رجل سوء يتعين تجنبه وعدم مخالطته ما أمكن . - (الخرائطي في) كتاب (مكارم الأخلاق عن عائشة) أم المؤمنين . 7473 - (لو كان سوء الخلق رجلا يمشي في الناس لكان رجل سوء وإن الله تعالى لم يخلقني فحاشا) قال النووي : الفحش التعبير عن الأمور المستقبحة بعبارة صريحة وإن كانت صحيحة والمتكلم به صادق ويكثر ذلك في نحو ألفاظ الوقاع فينبغي أن يستعمل في ذلك الكنايات ويعبر عنها بعبارة جميلة يفهم بها الغرض وبذلك جاء القرآن والسنة المكرمة فيكنى عن الجماع بالإفضاء والدخول والوقاع ولا يصرح بالنيك والجماع وعن البول والغائط بقضاء الحاجة والذهاب للخلاء ولا يصرح بالخلاء والبول وكذا ذكر العيوب كالبرص والبخر والصنان يعبر عنها بعبارات جميلة تفهم الغرض ، وقس عليه . - (الخرائطي في) كتاب (مساوئ الأخلاق عن عائشة) قال الحافظ العراقي : ورواه ابن أبي الدنيا من رواية ابن لهيعة عن النضر عن أبي سلمة أيضا .
[ 416 ]
7474 - (لو كان شئ سابق القدر) أي غالبه وقاض عليه على وجه الفرض والتقدير والواقع المقدر بكل حال (لسبقته العين) أي لو فرض شئ له قوة وتأثير عظيم يسبق القدر لكان العين والعين لا تسبق (تنبيه) قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد وكان من أحسن الناس وجها فدخل يوما على الوليد في ثياب وشي وله غديرتان وهو يضرب بيده فقال الوليد : هكذا تكون فتيان قريش فعانه فخرج متوسنا فوقع في اصطبل الدواب فلم تزل الدواب تطؤه بأرجلها حتى مات ثم وقعت الآكلة في رجل عروة فبعث له الوليد الأطباء فقالوا : إن لم يقطعها سرت إلى جسده فهلك فنشروها بالمنشار فأخذها بيده وهو يهلل ويكبر ويقلبها فقال : أما والذي حملني عليك ما مشيت بك إلى حرام قط ثم قدم المدينة فتلقاه أهله يعزونه فلم يزد على * (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) * (الكهف : 62) ثم قال : لا أدخل المدينة إنما أنا بها بين شامت وحاسد . (حم ت ه عن أسماء بنت عميس) رمز المصنف لصحته . 7475 - (لو كان شئ سابق القدر) بالمعنى المار (لسبقته العين وإذا استغسلتم فاغسلوا) أي إذا سئلتم فأجيبوا إليه [ ص 327 ] بأن يغسل العائن وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره في قدح ثم يصبه على المصاب ذكره الإمام مالك ومن قال لا يجعل الإناء في الأرض فهو زيادة تحكم فإن قيل : فأي فائدة وأي مناسبة في ذلك لبرء المعيون قلنا : إن قال هذا متشرع قلنا الله ورسوله أعلم أو متفلسف قلنا له انكص القهقري أليس عندكم أن الأدوية قد تفعل بقواها وطباعها وقد تفعل بمعنى لا يعقل في الطبيعة ولا الصناعة . - (ت عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه . 7476 - (لو كان لابن آدم واد من مال) وفي رواية لو أن لابن آدم واديا مالا وفي رواية لو كان لابن آدم واديا من مال وفي آخرى من ذهب وفي أخرى من ذهب وفضة (لابتغى) بغين معجمة افتعل بمعنى طلب (إليه ثانيا) عداه بإلى لتضمن الابتغاء بمعنى لضم يعني لضم إليه واديا ثانيا (ولو كان له واديان لابتغى إليهما) واديا (ثالثا) وهلم جرا إلى ما لا نهاية له (ولا يملأ جوف ابن آدم) وفي رواية نفس بدل جوف وفي أخرى ولا يسد جوف وفي أخرى ولا يملأ عين وفي أخرى ولا يملأ فاه وفي أخرى ولا يملأ بطنه وليس المراد عضوا بعينه والغرض من العبارات كلها واحد وهو من التفنن في العبارة ذكره الكرماني (إلا التراب) أي لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قبره والمراد بابن آدم الجنس باعتبار طبعه وإلا فكثير منهم يقطع بما أعطى ولا يطلب زيادة لكن ذلك
[ 417 ]
عارض له من الهداية إلى التوبة كما يومئ إليه قوله (ويتوب الله على من تاب) أي يقبل التوبة من الحرص المذموم ومن غيره أو تاب بمعنى وفق يقال تاب الله عليه أي وفقه يعني جبل الآدمي على حب الحرص إلا من وفق الله وعصمه فوقع يتوب موقع إلا من عصمه إشعارا بأن هذه الجبلة مذمومة جارية مجرى الذنب وأن إزالتها ممكنة بالتوفيق وفي ذكر ابن آدم دون الإنسان إيماء إلى أنه خلق من تراب طبعه القبض واليبس وإزالته ممكنة بأن يمطر الله عليه من غمام توفيقه . تنبيه : ذهب بعض الصوفية إلى أن معنى الحديث لو كان لأبناء الدنيا ذلك لطلبوا الزيادة منه بخلاف أبناء الآخرة إذ الأدم ظاهر الجلد أي لو كان لبني آدم الذين نظروا إلى ظاهر الدنيا دون باطنها واديان من ذلك لابتغوا ثالثا وهكذا بخلاف أبناء الآخرة الذين خرقوا ببصرهم إلى الدار الآخرة وعرفوا ما يقربهم إلى حضرة الله وما يبعدهم عنها وأطال قال : ولا بد من استثناء الأنبياء والأولياء على كل حال لزهدهم في الدنيا . - (حم ق) في الرقاق (ت عن أنس) بن مالك (حم ق عن ابن عباس خ عن) عبد الله (بن الزبير) بن العوام (ه عن أبي هريرة حم عن أبي واقد) بقاف ومهملة الليثي بمثلثة بعد التحتية الحارث بن مالك المدني (ت خ والبزار عن بريدة) وفي الباب غيره . 7477 - (لو كان لابن آدم واد من نخل لتمنى مثله ثم تمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية) إشارة إلى أنه سبحانه إنما أنزل المال ليستعان به على إقامة حقوقه لا للتلذة والتمتع كما تأكل الأنعام فإذا خرج المال عن هذا المقصود فات الغرض والحكمة التي أنزل لأجلها وكان التراب أولى به فرجع هو والجوف الذي امتلأ بمحبته وجمعه إلى التراب الذي هو أصله فلم ينتفع به صاحبه ولا انتفع به الجوف الذي امتلأ به لما خلق له من الإيمان والعلم والحكمة فإنه خلق لأن يكون وعاء لمعرفة ربه والإيمان ومحبته وذكره وأنزل له من المال ما يعينه فعطل جوفه عما خلق له [ ص 328 ] وملأه بحب المال وجمعه ومع ذلك فلم يمتلئ بل ازداد فقرا وحرصا إلى أن امتلأ بالتراب الذي خلق منه فرجع إلى مادته الترابية ولم يتكل بنيله ما خلق لأجله من العلم والإيمان وأصل ذلك طول الأمل وإذا رسخ الأمل في النفس قوي الحرص على بلوغ ذلك وطول الأمل غرور وخداع إذ لا ساعة من ساعات العمر إلا ويمكن فيها انقضاء الأجل فلا معنى لطول الأمل المورث قسوة القلب وتسليط الشيطان وربما جر إلى الطغيان * (فأما من طغى وآثر الحياة الدنيا فإن الجحيم هي المأوى) * . - (حم حب) وكذا أبو يعلى والبزار (عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : رجال أبي يعلى والبزار رجال الصحيح .
[ 418 ]
7478 - (لو كان لي مثل) جبل (أحد) بضم الهمزة (ذهبا) بالنصب على التمييز قال ابن مالك بوقوع التمييز بعد مثل قليل وجواب لو (لسرني) من السرور بمعنى الفرح وفي البخاري في أداء الديون ما يسرني (أن لا يمر علي) بالتشديد (ثلاث) من الليالي ويجوز الأيام بتكلف (وعندي) أي والحال أن عندي (منه) أي الذهب (شئ) أي ليسرني عدم مرور ثلاث والحال أن عندي من الذهب شئ فالنفي في الحقيقة راجع إلى الحال يعني يسرني عدم تلك الحالة في تلك الليالي وفي التقييد بثلاث مبالغة في سرعة الإنفاق (إلا شئ أرصده) بضم الهمزة وكسر الصاد أعده (لدين) أي أحفظه لأداء دين لأنه مقدم على الصدقة واستثنى الشئ من الشئ لكون الثاني مقيدا خاصا ورفعه لكونه جواب لو في حكم النفي وجعل لو هنا للتمني متعقب بالرد وخص الذهب بضرب المثل لكونه أشرف المعادن وأعظم حائل بين الخليقة وبين فوزها الأكبر يوم معادها وأعظم شئ عصى الله به وله قطعت الأرحام وأريقت الدماء واستحلت المحارم ووقع التظالم وهو المرغب في الدنيا المزهد في الآخرة وكم أميت به من حق وأحيي به من باطل ونصر به ظالم وقهر به مظلوم فمن سره أن لا يكون عنده منه شئ فقد آثر الآخرة . - (خ) في الرقاق (عن أبي هريرة) ورواه بمعناه مسلم في الزكاة . 7479 - (لو كان مسلما فأعتقتم عنه أو تصدقتم عنه أو حججتم عنه بلغه ذلك) أي لو كان الميت مسلما ففعلتم به ذلك وصل إليه ثوابه ونفعه وأما الكافر فلا . - (د عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه . 7480 - (لو كانت الدنيا تعدل) وفي رواية لأبي نعيم لو وزنت الدنيا (عند الله جناح بعوضة) مثل لغاية القلة والحقارة والبعوضة فعولية من البعض وهو القطع كالبضع غلب على هذا النوع (ما سقى منها الكافر شربة ماء) أي لو كان لها أدنى قدر ما متع الكافر منها أدنى تمتع ، هذا أوضح دليل وأعدل شاهد على حقارة الدنيا . قال بعض العارفين : أدنى علامات الفقر لو كانت الدنيا بأسرها لواحد فأنفقها في يوم واحد ثم خطر له أنه يمسك منها مثقال حبة من خردل لم يصدق في فقره ، وقيل لحكيم : أي خلق الله أصغر ؟ قال : الدنيا إذ كانت لا تعدل عند الله جناح بعوضة فقال السائل : من عظم هذا الجناح فهو أحقر منه . وقال علي كرم الله وجهه : والله لدنياكم عندي أهون من عراق خنزير في يد مجزوم ، فعلى العبد أن يذكر هذا قولا وفعلا في حالتي العسر واليسر وبه يصل إلى مقام الزهد الموصل إلى الرضوان الأكبر وإذا استحضر أنه سبحانه يبغضها مع إباحة ما أحله فيها من مطعم وملبس
[ 419 ]
ومسكن ومنكح وزهد فيها لبغض الله إياها كان متقربا إليه ببغض ما بغضه وكراهة ما كرهه والإعراض عما أعرض عنه وبه خرج الجواب عن السؤال المشهور ما وجه التقرب إلى الله بالمنع مما أحله ؟ ألا ترى أن أبغض الحلال إلى الله الطلاق ؟ - (ت) في الزهد (والضياء) المقدسي في المختارة (عن سهل بن سعد) الساعدي قال الترمذي : صحيح غريب وليس [ ص 329 ] كما قال ففيه عبد الحميد بن سليمان أورده الذهبي في الضعفاء وقال أبو داود : غير ثقة ورواه ابن ماجه أيضا وفيه عنده زكريا بن منظور قال الذهبي في الضعفاء : منكر الحديث ورواه عنه الحاكم أيضا وصححه فرده الذهبي بأن زكريا بن منظور ضعفوه . 7481 - (لو كنت آمرا) وفي رواية لو كنت آمر (أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) فيه تعليق الشرط بالمحال لأن السجود قسمان سجود عبادة وليس إلا لله وحده ولا يجوز لغيره أبدا وسجود تعظيم وذلك جائز فقد سجد الملائكة لآدم تعظيما وأخبر المصطفى صلى الله عليه وسلم أن ذلك لا يكون ولو كان لجعل للمرأة في أداء حق الزوج وقال غيره : إن السجود لمخلوق لا يجوز وسجود الملائكة خضوع وتواضع له من أجل علم الأسماء الذي علمه الله له وأنبأهم بها فسجودهم إنما هو ائتمام به لأنه خليفة الله لا سجود عبادة * (إن الله لا يأمر بالفحشاء) * وقضية تصرف المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الترمذي ولو أمرها أن تنقل من جبل أبيض إلى جبل أسود ومن جبل أسود إلى جبل أبيض لكان ينبغي لها أن تفعله اه‍ بنصه وفيه تأكد حق الزوج وحث على ما يجب من بره ووفاء عهده والقيام بحقه ولهن على الأزواج ما للرجال عليهن . (ت) في النكاح (عن أبي هريرة) وقال : غريب وفيه محمد بن عمر قال في الكاشف : ضعفه أبو داود وقواه غيره (حم عن معاذ) بن جبل (ك عن بريدة) الأسلمي ورواه عنه أيضا ابن ماجه عن عائشة وابن حبان عن ابن أبي أوفى . 7482 - (لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن) وفي رواية لو كنت آمرا أن يسجد أحد لغير الله لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها (لما جعل الله لهم عليهن من حق) وتتمته عند أحمد لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس من القيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه ، ومقصود الحديث الحث على عدم عصيان العشير والتحذير من مخالفته ووجوب شكر نعمته وإذا كان هذا في حق مخلوق فما بالك بحق الخالق . - (د ك) في النكاح (عن قيس بن ساعدة) بن عبادة قال : أتيت الحيرة فرأيتهم يسجدون لمرزبانهم فأتيت فقلت : يا رسول الله أنت أحق أن يسجد لك فذكره قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقد رواه أحمد بأتم من هذا وفيه قصة قال : كان أهل بيت من الأنصار
[ 420 ]
لهم جمل يسنون عليه استصعب عليهم فمنعهم ظهره فجاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبروه بأن الزرع والنخل عطش فقال لأصحابه : قوموا فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحية فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه فقال الأنصار : يا رسول الله قد صار كالكلب الكلب نخاف عليك صولته قال : " ليس علي منه بأس فلما نظر الجمل إليه أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه فأخذ بناصيته حتى أدخله في العمل فقال له أصحابه : هذا بهيمة لا يعقل سجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك قال : لا يصح لبشر أن يسجد لبشر ولو صح لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها حتى لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه . رواه أحمد عن أنس . قال المنذري : بإسناد جيد رواته ثقات مشهورون . 7483 - (لو كنت متخذا من أمتي) أمة الإجابة (خليلا دون ربي) أرجع إليه في حاجاتي وأعتمد عليه في مهماتي (لاتخذت [ ص 330 ] أبا بكر) لكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه إنما هو الله والخليل الصاحب الواد الذي يفتقر إليه ويعتمد عليه وأصل التركيب للحاجة والمعنى لو كنت متخذا من الخلق خليلا أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر لكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه في جملة الأمور ومجامع الأحوال هو الله وإنما سمي إبراهيم خليلا من الخلة بالفتح هي الخصلة فإنه تخلل بخلال حسنة اختصت به أو من التخلل فإن الحب تخلل شغاف قلبه فاستولى عليه أو من الخلة من حيث إنه عليه السلام ما كان يفتقر حال الافتقار إلا إليه ولا يتوكل إلا عليه فيكون فعيلا بمعنى فاعل وهو في الحديث بمعنى مفعول ذكره القاضي (ولكن) ليس بيني وبين أبي بكر خلة بل (أخي) في الإسلام (وصاحبي) أي فأخوة الإسلام والصحبة شركة بيننا فهو استثناء من فحوى الشرطية فإذن تنتفي الخلة المنبثة عن الحاجة وإثبات الإخاء المقتضي للمساواة ولا يعكر عليه اشتراك جميع الصحبة فيه لأن مراتب المودة متفاوتة . (تنبيه) قال ابن عربي : من أسرار عدم الخلة هنا أن أبا بكر واقف مع صدقه ومحمد واقف مع الحق في الحال الذي هو عليه في ذلك الوقت فهو الحكيم كفعله يوم بدر في الدعاء والإلحاح وأبو بكر عن ذلك صاح فإن الحكيم يوفي البواطن والظواهر حقها ولما لم يصح اجتماع متضادين معا كذلك لم يقم أبو بكر وثبت مع صدقه فلو فقد النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموطن وحضره أبو بكر لقام في ذلك المقام الذي أقيم فيه المصطفى صلى الله عليه وسلم لأنه ليس ثم أعلى منه ليحجبه في ذلك فهو صادق ذلك الوقت وحكيمه وما سواه تحت حكمه . - (حم خ) في الصلاة (عن الزبير) بن العوام (خ) فيها (عن ابن عباس) ورواه مسلم أيضا في المناقب بلفظ لو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا وبلفظ لو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة خليلا ولكن صاحبكم خليل لله وفي لفظ إلا أني أبرأ إلى كل خل من خلته ولو كنت متخذا خليلا إلخ . قال المصنف : والحديث متواتر ثم ساقه عن بضعة عشر صحابيا .
[ 421 ]
7484 - (لو كنت مؤمرا على أمتي أحدا) أي لو كنت جاعلا أحدا أميرا يعني أميرا لجيش بعينه أو طائفة معينة لا الخلافة فإنه غير قرشي والأئمة من قريش (من غير مشورة منهم لأمرت عليهم ابن أم عبد) عبد الله بن مسعود صاحب النعل الشريف . - (حم ت ه ك عن علي) أمير المؤمنين . 7485 - (لو كنت) بكسر التاء (امرأة لغيرت أظافرك) أي لونها (بالحناء) قاله لمن مدت يدها له لتبايعه من وراء ستر فقبض يدها وقال : ما أدري أيد رجل أم امرأة قالت : امرأة قال ابن حجر : وإنما أمرها بالخضاب لتستر بشرتها فخضاب اليد مندوب للنساء للفرق بين كفها وكف الرجل بل ظاهر قول بعضهم أن من تركته فقد دخلت في الوعيد الوارد في المتشبهات بالرجال أي تركه حرام لكن لم يقل به أحد فيما أعلم . - (حم ن) في الزينة (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه ظاهر سكوته عليه أن مخرجه أحمد خرجه وأقره والأمر بخلافه فقد قال في العلل : حديث منكر وفي الميزان وعن ابن عدي أنه غير محفوظ وقال في المعارضة : أحاديث الحناء كلها ضعيفة أو مجهولة . 7486 - (لو كنتم تغرفون) بغين معجمة (من بطحان ما زدتم) بضم الباء وسكون الطاء اسم واد في المدينة أن من منازل بني النضير اليهود كما في المشترك الياقوت سمي به لسعته وانبساطه من البطح وهو البسط وخص بالذكر لأنه أقرب المواضع [ ص 331 ] التي تقام بها أسواق المدينة كذا ذكره القاضي في شرح المصابيح وما ذكره من ضم أوله غير صواب ففي معجم ما استعجم هو بفتح أوله وكسر ثانيه وهاء مهملة على وزن فعلان قال : ولا يجوز غيره اه‍ بنصه لكن القاضي تبع ابن قرقول حيث قال : هو في رواية المحدثين بضم الباء وحكى أهل اللغة فتحها وكسر الطاء اه‍ . - (حم ك) في النكاح (عن أبي حدرد) الأسلمي وسببه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يستعينه في مهر فقال : كم أمهرتها قال : مائتي درهم فذكره قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 7487 - (لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون) أي ثم يستغفرون كما في رواية أحمد الأخرى (ليغفر لهم) لما في إيقاع العباد في الذنوب أحيانا من الفوائد التي منها اعتراف المذنب بذنبه وتنكيس رأسه عن العجب وحصول العفو من الله ، والله يحب أن يعفو فالقصد من زلل المؤمن ندمه ومن تفريطه أسفه ومن اعوجاجه تقويمه ومن تأخيره تقديمه والخبر مسوق لبيان أن الله خلق ابن أدم وفيه شموخ وعلو وترفع وهو ينظر إلى نفسه أبدا وخلق العبد المؤمن لنفسه وأحب منه نظره له دون غيره ليرجع إلى مراقبة خالقه بالخدمة له وأقام له معقبات وكفاه كل مؤونة وعلم أنه مع ذلك كله ينظر لنفسه إعجابا به فكتب عليه
[ 422 ]
ما بصرفه إليه فقدر له ما يوقظه به إذا شغل عنه وهو الشر والمعاصي ليتوب ويرجع إلى الله * (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون) * . - (حم عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه يحيى بن عمرو بن مالك البكري وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات اه‍ . والمصنف رمز لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه مما لم يخرجه من الستة أحد وهو عجيب فقد خرجه الإمام مسلم في التوبة من حديث أبي أيوب بلفظ لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون يغفر لهم وبلفظ لولا أنكم لم تكن لكم ذنوب يغفرها لكم لجاء الله بقوم لهم ذنوب يغفرها لهم ومن حديث أبي هريرة بلفظ والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيغفر لهم . 7488 - (لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم) وفي رواية لخشيت (ما هو أكبر من ذلك العجب العجب) لأن العاصي يعترف بنقصه فترجى له التوبة والمعجب مغرور بعمله فتوبته بعيدة * (وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) * ولأن دوام الطاعة يوقع فيه ولهذا قيل أنين المذنبين إلى الله من زجل المسبحين لأن زجلهم يشوبه الافتخار وأنين أولئك يشوبه الانكسار والافتقار والمؤمن حبيب الله يصونه ويصرفه عما يفسده إلى ما يصلحه والعجب يصرف وجه العبد عن الله والذنب يصرفه إليه والعجب يقبل به على نفسه والذنب يقبل به على ربه لأن العجب ينتج الاستكبار والذنب ينتج الاضطرار ويؤدي إلى الافتقار وخير أوصاف العبد افتقاره واضطراره إلى ربه فتقدير الذنوب وإن كانت سترا ليست لكونها مقصودة لنفسها بل لغيرها وهو السلامة من العجب التي هو خير عظيم قال بعض المحققين : ولهذا قيل يا من إفساده إصلاح يعني إنما قدره من المفاسد فلتضمنه مصالح عظيمة احتقر ذلك القدر اليسير في جنبه لكونه وسيلة إليها وما أدى إلى الخير فهو خير فكل شر قدره الله لكونه لم يقصد بالذات بل بالعرض لما يستلزمه من الخير الأعظم يصدق عليه بهذا الاعتبار أنه خير وفيه كالذي قبله دلالة على أن العبد لا تبعده الخطيئة عن الله وإنما يبعده الإصرار والإستكبار والإعراض عن مولاه بل قد يكون الذيب سببا للوصلة بينه وبين ربه كما سبق . - (هب عن أنس) قال الحافظ العراقي : فيه سالم أو سلام بن أبي الصهباء قال البخاري : منكر الحديث وأحمد : حسن الحديث اه‍ . ورواه أيضا باللفظ المذكور ابن حبان في الضعفاء والديلمي في مسند الفردوس وطرقه كله ضعيفة ولهذا قال في الميزان عند إيراده : ما أحسنه من حديث لو صح وكان ينبغي للمصنف تقويتها بتعددها الذي رقاه إلى رتبة الحسن ولهذا قال في المنار : هو حسن بها بل قال المنذري : رواه البزار بإسناد جيد . 7489 - (لو لم يبق من الدهر إلا يوم لبعث الله رجلا من أهل بيتي يملأها) أي الأرض (عدلا كما ملئت جورا) المراد [ ص 332 ] المهدي كما بينه الحديث الذي بعده ولا ينافي أخبار المهدي لا مهدي إلا عيسى
[ 423 ]
ابن مريم لأن المراد كما مرت الإشارة إليه لا مهدي على الحقيقة إلى عيسى سوده لوضعه الجزية وإهلاكه الأمم المخالفة لملتنا أو لا مهدي معصوما إلا هو . - (حم د عن علي) أمير المؤمنين ، رمز لحسنه ، قال ابن الجوزي : فيه ياسين العجلي قال البخاري : وفيه نظر . 7490 - (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلا من أهل بيتي) لفظ الترمذي لا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي (يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما) القسط بكسر القاف العدل والجور الظلم فالجمع للمبالغة وفيه رد لقول الرافضة إن المهدي هو الإمام أبو القاسم محمد الحجة ابن الإمام أبي محمد الحسن الخالص وأنه المهدي المنتظر لأنه وإن وافق اسمه اسمه لكن اسم أبيه ليس موافقا لاسم أبيه . - (حم د عن ابن مسعود) وكذا أخرجه الترمذي وقال : حسن صحيح رمز المصنف لحسنه . 7491 - (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطوله الله حتى يملك رجل من أهل بيتي جبل الديلم) بفتح الدال واللام بلاد معروفة (والقسطنطينية) بضم القاف وسكون السين وفتح الطاء وسكون النون وكسر الطاء الثانية أعظم مدائن الروم يقال بناها قسطنطين الملك وهو أول من تنصر من ملوك الروم . (ه عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 7492 - (لو مرت الصدقة على يدي مائة لكان لهم من الأجر مثل أجر المبتدئ من غير أن ينقص من أجره شيئا) لأن هذه الأيدي كلها منتهية إلى يد الله سبحانه وتعالى لأنه الذي يأخذ الصدقة بيمينه وكل واحد منهم تسبب في إنفاد الصدقة فكان له مثل ثواب المتصدق وإن كثرت الوسائط . - (خط) في ترجمة بشير البلخي (عن أبي هريرة) وفيه عبد الله بن سعيد المقبري قال الذهبي في الضعفاء : تركوه . 7493 - (لو نجا أحد من ضمة القبر) وفي رواية من ضغطة القبر بضم الضاد (لنجا) منها (سعد بن معاذ) سيد الأنصار (ولقد ضم ضمة ثم روخي عنه) فالمؤمن أشرق نور الإيمان في صدره فباشر اللذات والشهوات وهي من الأرض والأرض مطيعة وخلق الآدمي من هذه الأرض وقد أخذ
[ 424 ]
عليه العهد والميثاق في العبودية له فما نقص من وفاء العبودية صارت الأرض عليه واجدة فإذا وجدته في بطنها ضمته ضمة ثم تدركه الرحمة فترحب به وعلى قدر سرعة مجئ الرحمة يتخلص من الضمة فإن كان محسنا فإن رحمة الله قريب من المحسنين فإذا كانت الرحمة قريبة من المحسنين لم يكن الضم كثيرا وإذا كان خارجا من حد المحسنين لبث حتى تدركه الرحمة ولا ينافيه اهتزاز العرض لموته لأن دون البعث زلازل وأهوال لا يسلم منها ولي ولا غيره * (ثم ننجي الذين اتقوا) * ولهذا قال عمر : لو كان لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به [ ص 333 ] من هول المطلع وفي الحديث إشارة إلى أن جميع ما يحصل للمؤمن من أنواع البلايا حتى في أول منازل الآخرة وهو القبر وعذابه وأهواله لما اقتضته الحكمة الإلهية من التطهيرات ورفع الدرجات ألا ترى أن البلاء يخمد النفس ويذلها ويدهشها عن طلب حظوظها ولو لم يكن في البلاء إلا وجود الذلة لكفى إذ مع الذلة تكون النصرة . (تنبيه) قد أفاد الخبر أن ضغطة القبر لا ينجو منها أحد صالح ولا غيره لكن خص منه الأنبياء كما ذكره المؤلف في الخصائص وفي تذكرة القرطبي يستثنى فاطمة بنت أسد ببركة النبي صلى الله عليه وسلم وفيها أيضا ذكر بعضهم أن القبر الذي غرس عليه النبي صلى الله عليه وسلم العسيب قبر سعد قال : وهذا باطل وإنما صح أن القبر ضغطه كما ذكر ثم فرج عنه قال : وكان سببه ما روى يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق حدثني أمية بن عبد الله أنه سأل بعض أهل سعة ما بلغكم في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا قالوا : ذكر لنا أنه سئل عنه فقال : كان يقصر في بعض الطهور من البول وذكر هناد بن السري حديثا طويلا عنه أنه ضم في القبر ضمة حتى صار مثل الشعرة فدعوت الله أن يرفعه عنه إنه كان لا يستبرئ في أسفاره من البول . وقال السلمي : أما الأخبار في عذاب القبر فبالغة مبلغ الاستفاضة منها قوله صلى الله عليه وسلم في سعد بن معاذ لقد ضغطته الأرض ضغطة اختلفت لها ضلوعه قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ننقم من أمره شيئا إلا أنه كان لا يستبرئ في أسفاره من البول هكذا ذكره القرطبي عنه ثم قال : فقوله صلى الله عليه وسلم ثم خرج عنه دليل على أنه جوزي على ذلك التقصير لا أنه يعذب بعد ذلك في قبره هذا لا يقوله إلا شاك في فضيلته وفضلة ونصيحته وصحبته أترى من اهتز له عرش الرحمن كيف يعذب في قبره بعد ما فرج عنه ؟ هيهات لا يظن ذلك إلا جاهل بحقه غبي بفضيلته وفضله اه‍ . وأخرج الحكيم عن جابر بن عبد الله قال : لما توفي سعد بن معاذ ووضع في حفرته سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم كبر وكبر القوم معه فقالوا : يا رسول الله لم سبحت قال : هذا العبد الصالح لقد تضايق عليه قبره حتى فرجه الله عنه فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال : كان يقصر في بعض الطهور من البول اه‍ بحروفه . قال الحكيم : فإن قيل الذي يهتز العرش لموته كيف يضيق عليه قلنا هذا خبر صحيح وذاك صحيح وإنما سبب ضم القبر أنه كان يقصر في بعض الطهور فكان القوم لا يستنجون بالماء بل بالأحجار فلما نزل فيه * (رجال يحبون أن يتطهروا) * ففشا فيهم الطهور بالماء فمنهم من استنجى بالماء ومنهم من استمر على الحجر فأهل الاستقامة يردون اللحود وقد يكون فيهم خصلة عليهم فيها تقصير فيردون اللحد مع ذلك التقصير غير نازعين عنه وليس ذلك بذنب ولا خطيئة فيعاتبون في قبورهم عليه فتلك الضمة نالت سعدا مع عظيم قدره لكونه عوتب في القبر بذلك التقصير فضم عليه ثم فرج ليلقى الله وقد حط عنه دنس ذلك التقصير مع كونه غير حرام ولا مكروه . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : رجاله موثقون .
[ 425 ]
7494 - (لو نزل موسى) بن عمران من السماء إلى الدنيا (فاتبعتموه وتركتموني لضللتم) أي لعدلتم عن الاستقامة لأن شرعي ناسخ لشرعه . قال الراغب : الضلال العدول عن الاستقامة ويضاده الهداية (أنا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الأمم) قد وجه الله وجوهكم لاتباعي ووجهني إلى دعائكم إليه قال الحرالي : فإذا كان ذلك في موسى كان في المتخذين لملته إلزام بما هم متبعون لمتبعه عندهم وأصل ذلك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما كان المبدأ في الأبد وجب أن يكون النهاية في المعاد بإلزام الله أعلى الخليقة ممن أحب الله أن يتبعوه وأجرى ذلك على لسانه إشعارا بما فيه من الخير والوصول إلى الله من أنه نبي البشرى ويكون ذلك أكظم لمن أبى اتباعه اه‍ . وقال غيره : هذا لا يوجب على تقدير نزول موسى زوال النبي صلى الله عليه وسلم ولا انتقاله عن الرسالة لأنه لو نزل نزل على نبوته ورسالته وتكون [ ص 334 ] الشريعة شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما كانت في عصر إبراهيم لإبراهيم دون لوط وفي زمن عيسى له دون يحيى فالمعنى أنه لو كان في زمني لكان عليكم اتباعي فإن تركتم ما أمرتم به ضللتم وخسرتم . - (هب عن عبد الله بن الحارث) ابن جزء بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها همزة الزبيدي بضم الزاي صحابي سكن مصر قال : دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال : هذه كنت أصبتها مع رجل من أهل الكتاب فقال : فاعرضها علي فعرضها فتغير وجهه تغيرا شديدا ثم ذكره . 7495 - (لو يعطى الناس بدعواهم) أتى بمجرد أخبارهم عن لزوم حق لهم على آخرين عند حاكم (لادعى ناس) في رواية بدله رجال وخصوا لأن ذلك من شأنهم غالبا (دماء رجال وأموالهم) ولا يتمكن المدعي عليه من صون دمه وماله ووجه الملازمة في هذا القياس الشرطي أن الدعوى بمجردها إذا قبلت فلا فرق فيها بين الدماء والأموال وغيرهما وبطلان اللازم ظاهر لأنه ظلم وقدم الدماء لأنها أعظم خطرا وفي رواية عكس وعليه فوجهه كثرة الخصومات في المال (ولكن اليمين على المدعى عليه) ذكر اليمين فقط لأنه الحجة في الدعوى آخرا وإلا فعلى المدعي البينة لخبر البيهقي بإسناد جيد البينة على المدعي واليمين على من أنكر فقوله ولكن إلخ بيان لوجه الحكمة في كونه لا يعطى بمجرد دعواه لأنه لو أعطى بمجردها لم يمكن المدعى عليه صون ماله كما تقرر وفيه حجة لمذهب الشافعي من توجه اليمين على كل من ادعى عليه بحق مطلقا ورد لاشتراط مالك المخالطة وحسبك أنه رأي في مقابلة النص . - (حم ق ه عن ابن عباس) . 7496 - (لو يعلم الذي يشرب وهو قائم ما في بطنه لاستقاء) أي تكلف القئ قال الزمخشري :
[ 426 ]
والتقيؤ أبلغ من الاستقاءة وذلك لأن الشرب قائما يحرك خلطا رديئا يكون القئ دواءه وإنما فعله هو بيانا للجواز مع أمنه منه قال النووي : قد أشكل أحاديث فعله له على بعضهم حتى قال أقوالا باطلة ولا حاجة لإشاعة الغلطات والصواب أن النهي محمول على التنزيه وفعله لبيان الجواز ومن زعم نسخا أو غيره فقد غلط والأمر بالاستقاءة محمول على الندب وقول عياض لا خلاف أن من شرب قائما ليس عليه أن يتقيأ لا يلتفت إليه إذ كونهم لم يوجبوها عليه لا يمنع الندب . - (هق) من حديث زهير بن محمد عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبيد الله (عن أبي هريرة) قال الذهبي : قلت هذا منكر وهو من جزو الحفار اه‍ . ثم رواه البيهقي من حديث عبد الرزاق أيضا من طريق الرمادي عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة فقال الذهبي هذا منقطع اه‍ . 7497 - (لويعلم المار) أي علم فوضع المضارع موضع ما تستدعيه لو من الماضي ليفيد استمرار العلم وأنه مما ينبغي أن يكون على بال منه (بين يدي المصلي) أي أمامه بالقرب منه وخص اليدين بالذكر لأن بهما غالبا دفع المار المأمور به فيما يأتي . قال الزين العراقي : ما المراد بقوله بين يديه هل يتقيد بقدر أو بوجود سترة أو يعم الحكم ؟ قيده أصحابنا بما إذا مر بينه وبين السترة فإن فقدت السترة فحده بعضهم بقدر السترة وهو ثلاثة أذرع قال : والمراد أن يمر بين يديه معترضا فإن كان قاعدا بين يديه أو قائما أو نائما فمر بين يدي المصلي لجهة القبلة لم يدخل في الوعيد الآني (ماذا عليه) زاد في رواية من الإثم وأنكرها ابن الصلاح وما استفهامية وهي مبتدأ وذا خبره وهو اسم إشارة أو موصول وهو [ ص 335 ] الأولى لافتقاره إلى ما بعده والجملة سادة مسد مفعولي يعلم وقد علق عمله بالاستفهام وأبهم الأمر تفخيما وتعظيما وجواب لو محذوف أي لو يعلم ذلك لوقف ولو وقف لكان خيرا له فقوله (لكان أن يقف أربعين) زاد البزار خريفا (خيرا له) جواب لو المحذوفة لا المذكورة وفي رواية خير بالرفع اسم كان وخبرها ما قبله وقال الزين العراقي : في رواية البخاري خيرا بالنصب على أنه خبر كان وفي رواية الترمذي بالرفع على أنه اسم كان وأن يقف الخبر (من أن يمر بين يديه) يعني لو علم قدر الإثم الذي يلحقه من مروره لاختار أن يقف المدة المذكورة لئلا يلحقه الإثم ووجه التقييد بأربعين أن الأربعة أصل جميع الأعداد فلما أريد التكثير ضربت في عشرة أو أن كمال أطوار الإنسان في أربعين كأطوار النطفة وكذا كمال عقله وبلوغ أشده لكن في ابن ماجه بدل أربعين مائة وهو يدل على أن المراد بالعدد المبالغة في التكثير لكن ذهب الطحاوي إلى أنه ورد المائة بعد الأربعين زيادة في تعظيم إثم المار وحذف مميز الأربعين هنا وذكر في رواية البزار خريفا وفيه استعمال لو في الوعيد ولا يدخل في النهي لأن محله إن أشعر بما يعاند المقدور وقضية الحديث منع المرور مطلقا وإن فقد طريقا بل يقف حتى يفرغ من صلاته وإن طالت قال الحافظ العراقي : فيه إيهام ما على المار بين يدي المصلي من الإثم زجرا له لأنه إنما يقف أربعين على خطوة يخطوها لخوف ضرر عظيم يلحقه لو فعله . قال النووي : وفيه تحريم المرور أي بين يدي المصلي وسترته فإن لم يكن سترة كره ومحله إذا لم يقصر المصلي وإلا كأن وقف بالطريق فلا تحريم ولا
[ 427 ]
كراهة قال بعضهم : وللمار مع المصلي أربعة أحوال : الأول أن يكون له مندوحة عن المرور ولم يتعرض المصلي لمرور الناس عليه فالإثم خاص بالمار ، الثاني أن لا يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي فالإثم خاص بالمصلي ، الثالث أن يكون له مندوحة عنه ويتعرض له المصلي فيأثمان ، الرابع أن لا يكون له مندوحة عنه ولا يتعرض له المصلي فلا إثم على أحد منهما اه‍ وما ذكره من إثم المصلي فيما قاله ممنوع غايته أنه مكروه فلا يأثم . - (مالك ق 4) في الصلاة (عن أبي جهيم) بضم الجيم وفتح الهاء وسكون التحتية مصغرا ابن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديجد الميم ابن عمرو الأنصاري قيل : اسمه عبد الله وقد ينسب لجده . 7498 - (لو يعلم المار بين يدي المصلي) أي سترته التي بينه وبينها ثلاثة أذرع فأقل (لأحب أن ينكسر فخذه) وفي رواية لأحب أن يكون رمادا يذريه الرياح (ولا يمر بين يديه) يعني أن عقوبة الدنيا وإن عظمت أهون من عقوبة الآخرة وإن صغرت لأنه مناج ربه واختلف في تحديد ذلك فقيل : إذا مر بينه وبين مقدار سجوده وقيل : بينه وبين ثلاثة أذرع وقيل : بينه وبين قدر رمية حجر قال النووي : فيه تحريم المرور أي بشرطه المار فإن معنى الحديث النهي الأكيد والوعيد على ذلك انتهى وقضيته أنه كبيرة واستنبط من قوله لو يعلم اختصاص الإثم بالعالم العامد وأن الوعيد مختص بالمار لا من قعد أو وقف لكن العلة تفهم خلافه وفيه وفيما قبله استعمال لو في الوعيد والتهديد ولا يدخل في خبر لا يقل أحدكم لو فإن النهي محمول على الخوض في القدر بغير علم . - (ش) في المصنف (عن) أبي أسامة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن (عبد الحميد عن ابن عبد الرحمن) عامل الكوفة لعمر بن عبد العزيز (مرسلا) قال : وقد مر رجل بين يديه وهو يصلي فجذبه حتى كاد يخرق ثوبه فلما انصرف قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره قال الزين العراقي في شرح الترمذي : وعبد الحميد بن عبد الرحمن بن يزيد بن الخطاب العدوي روى عن التابعين فالحديث معضل اه‍ . 7499 - (لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة) أي من غير التفات إلى الرحمة (ما طمع في الجنة) أي في دخولها (أحد [ ص 336 ] ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة) أي من غير التفات إلى العقوبة (ما قنط من الجنة أحد) ذكر المضارع بعد لو في الموضعين ليفيد استمرار امتناع الفعل فيما مضى وقتا مؤقتا لأن لو للمضي قال الطيبي : وسياق الحديث في بيان صفة العقوبة والرحمة لله تعالى فكما أن صفاته غير متناهية لا يبلغ كنه معرفتها أحد فكذا عقوبته ورحمته فلو فرض وقوف المؤمن على كنه صفات القهارية لظهر منها ما يقنط من ذلك الخلق طرا فلا يطمع في جنته أحد هذا معنى وضع أحد موضع ضمير المؤمن ويمكن أن يراد بالمؤمن الجنس على الاستغراق فتقديره أحد منهم ويمكن كون المعنى
[ 428 ]
المؤمن اختص بأن طمع في الجنة فإذا انتفى المطمع عنه فقد انتفى عن الكل وكذا الكافر مختص بالقنوط فإذا انتفى القنوط عنه انتفى عن الكل . - (ت عن أبي هريرة) ظاهره أن الترمذي تفرد به عن الستة وأنه لا وجود له في أحد الشيخين وإلا لما عدل عنه وهو ذهول عجيب فقد خرجه الشيخان في التوبة واللفظ لمسلم . 7500 - (لو يعلم المرء ما يأتيه بعد الموت) من الأهوال والشدائد (ما أكل أكلة ولا شرب شربة إلا وهو يبكي ويضرب على صدره) حيرة ودهشا قال الغزالي : فعلى العاقل التفكر في عقاب الآخرة وأهوالها وشدائدها وحسرات العاصين في الحرمان من النعيم المقيم وهذا فكر لذاع مؤلف للقلوب جار إلى السعادة ومن ساعد قلبه على نفرته منه وتلذذه بالفكر في أمور الدنيا على طريق التفرج والاستراحة فهو من الهالكين . - (طص عن أبي هريرة) وفيه إبراهيم بن هراسة قال الذهبي في الضعفاء : تركه الجماعة . 7501 - (لو يعلم الناس من الوحدة) بكسر الواو وتفتح وأنكر السفاقسي الكسر (ما أعلم) من الضرر الديني كفقد الجماعة والدنيوي كفقد المعين وهي جملة في محل نصب مفعول يعلم (ما سار راكب) وكذا ماش فالراكب غالبي (بليل وحده) كان القياس ما سار أحد وحده لكن قيد بالراكب لأن مظنة الضرر فيه أقوى كنفور المركوب واستيحاشه من أدنى شئ وبالليل لأنه أكثر خطرا وإذا أظلم كثر فيه الغدر فالسائر راكبا بليل متعرض للشر من وجوه وفيه أنه يكره أن يسافر وحده لا سيما بالليل ، نعم من أنس بالله حيث صار بأنس بالوحدة كأنس غيره بالرفقة عدم الكراهة كما لو دعت للانفراد ضرورة أو مصلحة لا تنتظم إلا به كإرسال جاسوس وطيعة والكراهة لما عداه وقيل حالة الجواز مقيدة بالحاجة عند الأمن والكراهة بالخوف حيث لا ضرورة . - (حم خ ت) في الجهاد (ه) في الأدب (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه مسلم . 7502 - (لو يعلم الناس) أي علموا فوضع المضارع موضع الماضي ليفيد استمرار العلم (ما في النداء) أي التأذين في الفضل أو هو الإقامة على حذف مضاف يعني في حضور الإقامة وتحرم الإمام وهو أنسب بقوله ولو يعلم الناس ما في (الصف الأول) الذي يلي الإمام أي ما في الوقوف فيه من خير وبركة كما جاء في رواية هكذا وأبهم فيه الفضيلة ليفيد ضربا [ ص 337 ] من المبالغة وأنه مما لا يدخل تحت الوصف (ثم لم يجدوا) شيئا من وجوه الأولية بأن يقع التساوي أو ثم لم يجدوا طريقا لتحصيله كأن ضاق الوقت
[ 429 ]
عن أذان بعد أذان ولا يؤذن في المسجد إلا واحد وبأن يأتوا إلى الصف دفعة ولا يسمح بعضهم لبعض (إلا أن يستهموا عليه (لاستهموا) أي بالاستهام وهو الاقتراع أو تراموا بالسهام مبالغة لما فيه من الفضائل كالسبق للمسجد وقرب الإمام وسماع قراءته والتعلم منه والفتح عليه وغير ذلك وثم هنا للإشعار بتعظيم الأمر ورغبة الناس عنه قال الطيبي : وعبر بثم المؤذنة بتراخي رتبة الاستباق عن العلم وقدم ذكر التأذين دلالة على تهنئ المقدمة الموصلة إلى المقصود الذي هو المسؤول بين يدي رب العزة فيكون من المقربين وأطلق مفعول يعلم يعني ما ولم يبين أن الفضيلة ما هي ليفيد ضربا من المبالغة فإنه مما لا يدخل تحت الحصر والوصف وكذا تصوير حالة الاستباق بالاستهام فيه من المبالغة حدها فإنه لا يقع إلا في أمر يتنافس فيه المتنافسون ويرغب فيه الراغبون سيما إخراجه مخرج الاستثناء والحصر وليت شعري بماذا يتشبث ويتمسك من طرق سمعه هذا البيان ثم يتقاعد عن الجماعة خصوصا عن الصف الأول ؟ ثم عقبه بالترغيب في إدراك أول الوقت فقال (ولو يعلمون ما في التهجير) التكبير بأي صلاة ولا يعارضه بالنسبة للظهر الإبراد لأنه تأخير قليل ذكره الهروي ملخصا من قول البيضاوي الأمر بالتهجير لا ينافيه الأمر بالإبراد لأن الأمر به رخصة عند بعضهم ومن حمله على الندب يقول الإبراد تأخير يسير ولا يخرج بذلك عن حد التهجير (لاستبقوا إليه) أي التهجير قال القاضي : التهجير السفر في الهاجرة والمراد به السعي إلى الجمعة والجماعة في أول الوقت . قال ابن أبي جمرة : المراد الاستباق معناه حسا لأن المسابقة على الإقدام حسا تقتقضي السرعة في المشي وهو ممنوع منه (ولو يعلمون ما في) ثواب أداء صلاة (العتمة) بفتح الفوقية من عتم أظلم وهي من الليل بعد مغيب الشفق والمراد العشاء (و) ثواب أداء صلاة (الصبح) أي لو يعلمون ما في ثواب أدائهما في جماعة (لأتوهما ولو) كان الإتيان إليهما (حبوا) بفتح الحاء وسكون الموحدة مشيا على الركب فهو من باب حذف كان واسمها بعد لو وهو كثير ذكره الطيبي قال : ويجوز أن يكون تقديره لو أتوهما حابين تسمية بالمصدر مبالغة وزعم أن المراد بالحبو هنا الزحف رده المحقق أبو زرعة بتصريح أبي داود وغيره بالركب والشارع أدرى بمراده والحديث يفسر بعضه بعضا وخصهما لما فيهما من المشقة على النفس وتسمية العشاء عتمة إشارة إلى أن النهي الوارد فيه للتنزيه لا للتحريم وأنه هنا لمصلحة ونفي مفسدة لأن العرب تسمي المغرب العشاء فلو قال العشاء ظنوها المغرب وفسد المعنى وفات المطلوب فاستعمل العتمة التي يعرفونها وقواعد الشرع متظاهرة على احتمال أخف لدفع شرهما . - (مالك حم ق ن ه عن أبي هريرة) زاد أحمد في روايته عن عبد الرزاق فقلت لمالك : أما تكره أن تقول العتمة قال : هكذا قال من حدثني . 7503 - (لو يعلم الناس ما لهم في التأذين) أي لو يعلمون ما لهم في التأذين من الفضل والثواب (لتضاربوا عليه بالسيوف) مبالغة لما في منصب الأذان من الفضل التام الذي سيناله المؤذن يوم القيامة . ذكر أهل التاريخ أن القادسية افتتحت صدر النهار واتبع الناس العدو فرجعوا وقد حانت صلاة الظهر وأصيب المؤذن فتشاحن الناس في الأذان حتى كادوا يقتتلون بالسيوف فأقرع بينهم سعد بن
[ 430 ]
أبي وقاص فقرع رجل فأذن . (حم عن أبي سعيد) الخدري رمز لحسنه وقد قال المنذري : فيه ابن لهيعة وقال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وفيه ضعف اه‍ . وأقول : اقتصارهما على ابن لهيعة غير مرضي إذ فيه أيضا دراج عن أبي الهيثم وقد ضعفوه . 7504 - (لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يدي أخيه) في الإسلام (معترضا في الصلاة كان لأن يقيم مائة عام خير له من [ ص 338 ] الخطوة التي خطاها) ذهب الطحاوي إلى أن التقييد بالمائة في هذا الخبر وقع بعد التقييد بأربعين في الخبر المار زيادة في تعظيم الوزر لأنهما لم يقعا معا والمائة أكثر والمقام مقام زجر وتهويل فلا يناسبه تقدم ذكر المائة . تتمة : قال ابن دقيق العيد : قسم بعض المالكية أحوال المار والمصلي في الإثم وعدمه أربعة أقسام يأثم المار دون المصلي وعكسه ويأثمان معا وعكسه والأولى أن يصلي إلى سترة في غير مشرع وللمار مندوحة فيأثم المار دون المصلي ، الثاني أن يصلي في مشرع مسلوك بغير سترة أو مباعدا عنها ولا يجد المار مندوحة فيأثم المصلي دون المار ، الثالثة كالثانية لكن يجد المار مندوحة فيأثمان ، الرابعة كالأولى لكن لا يجد المار مندوحة فلا يأثمان اه‍ . وقد مر ما فيه . - (حم عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 7505 - (لو يعلم صاحب المسألة) أي الذي يسأل الناس شيئا من أموالهم (ما له فيها) أي من الخسران والهوان عند الله (لم يسأل) أحدا من المخلوقين شيئا بل لا يسأل إلا الخالق مع ما في السؤال من بذل الوجه ورشح الجبين ولهذا قيل كل سؤال وإن قل أكثر من نوال وإن جل ، وكان علي كرم الله وجهه يقول : من له حاجة فليرفعها في كتاب لأصون وجوهكم عن المسألة . - (طب والضياء) المقدسي في المختارة (عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه قابوس بن أبي ظبيان وفيه كلام وأقول : فيه أيضا حرملة بن يحيى أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أبو حاتم : لا يحتج به وجرير بن حازم قال الذهبي : تغير قبل موته . 7506 - (لولا أن أشق على أمتي) أمة الإجابة وفي رواية لمسلم على المؤمنين بدل أمتي (لأمرتهم) أمر إيجاب (ب‍) استعمال (السواك) أي دلك الأسنان بما يزيل القلح (عند كل صلاة) فرضا أو نقلا ويندرج في عمومه الجمعة بل هي أولى لما خصت به من طلب تحسين الظاهر من غسل وتنظيف سيما تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة وإزالة ما يضر بالمناجاة وإزالة ما يضر بالملائكة وبني
[ 431 ]
آدم من تغيير الفم . قال إمامنا الشافعي : فيه أن السواك غير واجب وإلا لأمرهم به وإن شق وقال في اللمع : فيه أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لأن السواك مندوب وقد أخبر الشارع أنه لم يأمر به اه‍ . وقال غيره : المنفي لوجود المشقة الوجوب لا الندب فإنه ثابت قال بعضهم : ويحتاج في تمام ذلك إلى أن السواك يكون مندوبا حال قوله لولا أن أشق وندبه معلل إما بأن المتوجه إلى الله ينبغي كونه على أكمل الأحوال أو بأن الملك يتلقى القراءة من فيه كما في الخبر المار فيحول بالسواك بينه وبين ما يؤذيه من الريح الكريه وقال بعضهم : حكمة طلبه عند الصلاة أنها حالة تقرب إلى الله فاقتضى كونه حالة نظافة إظهارا لشرف العبادة . - (مالك) في الموطأ (حم ق ت ه عن أبي هريرة حم د ن عن زيد بن خالد الجهني) قال ابن منده : أجمعوا على صحته وقال النووي : غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن البخاري لم يخرجه وأخطأ قال المصنف : وهو متواتر . 7507 - (لولا أن أشق) أي لولا مخافة وجود المشقة (على أمتي) وفي رواية لأبي تمام على المؤمنين (لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة) قال القاضي : لولا تدل على انتفاء الشئ لثبوت غيره والحق أنها مركبة من لو الدالة على انتفاء الشئ لانتفاء غيره ولا النافية ولو تدل على انتفاء الشئ لانتفاء غيره فتدل هنا على انتفاء الأمر لانتفاء نفي المشقة وانتفاء نفي الشئ ثبوت فيكون الأمر نفيا لثبوت المشقة [ ص 339 ] وفيه أن الأمر للوجوب لا للندب لأنه نفي الأمر مع ثبوت الندبية ولو كان للندب لما جاز ذلك انتهى . قال الطيبي : فإذا كانت لو لا تستدعي امتناع الشئ لوجود غيره والمشقة نفسها غير ثابتة فلا بد من مقدر أي لولا خوف المشقة أو توقعها لأمرتهم . قال الجوهري : والمشقة ما يشق على النفس احتماله أي فكأن النفس انشقت لما نالها من صعوبة ذلك الشئ وأراد بقوله لأمرتهم القول المخصوص دون الفعل والشأن قال ابن محمود : والظاهر أنه حقيقة فيه لسبقه إلى الفهم من كونه بمعنى الفعل وفيه أن المندوب ليس مأمورا به لثبوت الندب وانتفاء الأمر لكن يطرقه ما مر من اتحاد زمنهما وفيه أن أوامر المصطفى صلى الله عليه وسلم واجبة وجواز تعبده بالاجتهاد فيما لا نص فيه لجعله المشقة سببا لعدم الأمر وشمل لفظ الأمة جميع أصنافها وأخرج غيرهم كالكفار وكونهم مخاطبون بالفروع لا يقدح لأن المندوبات قد تستلزم أن لا تدخل تحت الخطاب وقرينة خشيته على المشقة تؤيده فأل فيه لتعريف الحقيقة فتحصل السنة بكل ما يسمى سواكا أو للعهد والمعهود عندهم كل خشن مزيل فينصرف الندب إليه بتلك الصفات وفيه الاكتفاء بما يسمى سواكا فتحصل السنة عرضا أو طولا لكنه عرضا أولى وسواء بدأ بيمنى فمه أو يساره أو مقدمه وباليمين أولى فإنه يسن حتى لمن بالمسجد خلافا لبعض المالكية وأنه لا يكره بحال ما خرج عن ذلك إلا الصائم بعد الزوال بدلائل أخر وأن المشقة تجلب التيسير وإذا ضاق الأمر اتسع . شفقته على أمته وعبر بكل العمومية ليشمل كل ما يسمى صلاة ولو نفلا وجنازة واللفظ إذا تردد بين الحقيقة اللغوية والشرعية يجب حمله على الشرعية فخرج مجرد الدعاء إذ لا يسمى صلاة شرعا ثم إنه لا يلزم من نفي وجوب السواك لكل صلاة نفي وجوبه إذ المشقة التي نفي الوجوب
[ 432 ]
لأجلها غير حاصلة حصولها عند كل صلاة لكن لا قائل به (ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل) ليقل حظ النوم وتطول مدة انتظار الصلاة والإنسان في صلاة ما انتظرها كما في عدة أخبار فمن وجد به قوة على تأخيرها ولم يشق على أحد من المقتدين فتأخيرها إلى الثلث أفضل على ما نطق به هذا الحديث وهو قول الشافعي الجديد وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحب والتابعين واختاره النووي من جهة الدليل وفي القديم والإملأ أن تعجيلها أفضل وعليه الفتوى عند الشافعية قال في شرح التقريب : وإنما اتفقوا على ندب تأكد السواك ولم يتفقوا على ندب تأخير العشاء بل جعله الأكثر خلاف الاستحباب مع أن كلا منهما علل فيه ترك الأمر بالمشقة لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم واظب على السواك دون تأخيرها . - (حم ت والضياء) المقدسي في المختارة (عن زيد بن خالد الجهني) ورواه أحمد وأبو يعلى والبزار وزادوا فإنه إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الله إلى سماء الدنيا فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر فيقول ألا سائل فيعطى ألا داع فيجاب ألا مستشفع فيشفع ألا سقيم يستشفى فيشفى ألا مستغفر فيغفر له قال الهيثمي : رجالهم ثقات . 7508 - (لولا أن أشق) أن مصدرية في محل رفع على الابتداء والخبر محذوف وجوبا أي لولا المشقة موجودة والمشقة ما يصعب احتماله على النفس مشتقة من الشق وهو الوقوع في الشئ (على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) هو بمعنى قوله عند كل وضوء أي لأمرتهم بالسواك مصاحبا للوضوء ويحتمل أن معناه لأمرتهم به كما أمرتهم بالوضوء ذكره أبو شامة ، وفيه بيان شفقته على أمته ورفقه بهم واستدل به على أن الأمر يقتضي التكرار لأن الحديث دل على كون المشقة هي المانعة من الأمر بالسواك ولا مشقة في وجوبه مرة بل في التكرار ورد بأن التكرار لم يوجد هنا من مجرد الأمر بل من تقييده بكل صلاة . - (مالك) في الموطأ (والشافعي) في المسند (هق) كلهم (عن أبي هريرة طس عن علي) أمير المؤمنين قال المنذري بعد عزوه للطبراني : إسناده حسن وقال الهيثمي : فيه ابن إسحاق ثقة مدلس وقد صرح بالتحديث وإسناده حسن . 7509 - (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم) أي لولا مخافة أن أشق عليهم لأمرتهم أمر إيجاب ففيه نفي الفرضية وفي غيره من الأحاديث إثبات الندبية لخبر مسلم عشر من الفطرة وعد منها السواك (عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء بسواك) قال أبو شامة : وجهه عند الوضوء أنه وقت تطهير الفم وتنظيفه من المضمضة والسواك يأتي على ما لا تأتي عليه المضمضة فشرع معها مبالغة في النظافة والجمع بينهما بأن يتسوك عند الوضوء وعند الصلاة زيادة في النظافة المقصودة قال ابن دقيق العيد : حكمة ندب السواك عند القيام إلى الصلاة كونها في حالة تقرب إلى الله فاقتضى كونه حال كمال ونظافة إظهار لشرف العبادة . وقال الزين العراقي في شرح الأحكام : حكمته ما ورد من أنه يقطع البلغم ويزيد في
[ 433 ]
الفصاحة وتقطيع البلغم مناسب للقراءة لأنه لا يطرأ عليه فيمنعه القراءة وكذا الفصاحة . - (حم ن عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي : فيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو ثقة حسن الحديث وقال المنذري : إسناد أحمد حسن . 7510 - (لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك) قال العراقي : يطلق على الفعل وعلى الآلة التي يتسوك بها والظاهر أن المراد هنا الفعل ويحتمل إرادة الآلة بتقدير لفرضت عليهم استعماله قال القشيري : وأل فيه لتعريف الحقيقة ولا يجوز كونها للاستغراق ويحتمل كونها للعهد لأن السواك كان معهودا لهم على هيئات وكيفيات فيحتمل العود إليها والأول أقرب (عند كل صلاة كما فرضت عليهم الوضوء) تمسك بالعموم المذكور في هذا وما قبله وبعده من لم يكره للصائم السواك بعد الزوال فقالوا دخل فيها الصائم وغيره شهر رمضان وغيره واستدل بقوله عند كل صلاة على ندبه للفرض والنفل ويحتمل أن المراد الصلاة المكتوبة وهو اختيار أبي شامة ويؤيده قوله كما فرضت عليهم الوضوء فسوى بينهما فكما أن الوضوء لا يندب للراتبة التي بعد الفرض إلا إن طال الفصل مثلا فكذا السواك وقد يفرق بأن الوضوء أشق من السواك ويؤيده حديث ابن ماجه كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين ثم ينصرف فيستاك قال ابن حجر : إسناده صحيح . - (ك عن ابن العباس بن عبد المطلب) ورواه عنه أيضا البزار والطبراني وأبو يعلى قال الهيثمي : وفيه أبو علي الصقيل قال ابن السكن مجهول . 7511 - (لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك) مع الوضوء (ولأخرت صلاة العشاء الآخرة إلى نصف الليل) لما تقدم فيما قبل وخصت العشاء بندب التأخير لطول وقتها وتفرغ الناس من الأشغال والمعايش وفيه ندب السواك مطلقا فإنه دل على ندبه بقيد الوضوء والدال على المقيد دال على المطلق . - (ك هق عن أبي هريرة) قال الحاكم : لم يخرجا لفظ لفرضت وهو على شرطهما وليس له علة وشاهده ما قبله اه‍ ، ومن ثم رمز المصنف لصحته وقول النووي كابن الصلاح : هذا الحديث منكر لا يعرف ذهول عجيب قال ابن حجر : ويتعجب من ابن الصلاح أكثر فإنهما وإن اشتركا في قلة النقل من المستدرك لكن ابن الصلاح ينقل من سنن البيهقي كثيرا والحديث فيه . 7512 - (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك والطيب عند كل صلاة) لأن المصلي يناجي ربه وتصافحه الملائكة [ ص 341 ] فتأكد في حقه الطيب لذلك ومقتضى الحديث أنه لا فرق بين أن يصلي بوضوء أو
[ 434 ]
بتيمم أو بلا طهارة بالكلية كفاقد الطهورين وبه صرح النووي وقد احتج بهذه الأخبار من ذهب إلى وجوب السواك لكل صلاة وهو قول إسحاق ابن راهوية كما نقله عنه الشيخ أبو حامد وغيره وبالغ فقال : من تركه عمدا لم تصح صلاته وقال داود : هو واجب لكن ليس بشرط وبما تقرر عرف ما في دعوى حكاية بعضهم الإجماع على عدم وجوبه قال ابن حجر : وأكثر الأخبار الدالة على وجوبه لا تثبت وبتقدير الصحة فالنفي في مفهومها الأمر به مقيد بكل صلاة لا مطلق الأمر ولا يلزم من نفي المقيد نفي المطلق ولا من ثبوت المطلق التكرار . - (ص عن مكحول) الشامي (مرسلا) . 7513 - (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار) تمسك بهذا الخبر وما قبله من الأخبار من ذهب إلى أن للمصطفى صلى الله عليه وسلم الحكم باجتهاده لجعله المشقة سببا لعدم أمره ولو كان الحكم موقوفا على النص كان سبب انتفاء أمره عدم ورود النص به لا وجود المشقة والخلاف في المسألة طويل الذيل مبين في الأصول . - (أبو نعيم في كتاب السواك عن ابن عمرو) بن العاص قال ابن حجر : في إسناده ابن لهيعة . 7514 - (لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها كلها) لكنها أمة كاملة فلا آمر بقتلها ولا أرتضيه لدلالتها على الصانع وقدرته وحكمته وتسبيحها بلسان الحال والقال وما من خلق إلا وفيه نوع حكمة أو مصلحة وإذا امتنع استئصالها بالقتل (فاقتلوا منها) أخبثها وأشرها (الأسود البهيم) أي الشديد السواد فإنه أضرها وأعقرها وأبقوا ما سواه ليدل على قدرة من سواه ولينتفع بها في نحو حرس أو زرع وفيه أن الأمة تطلق على كل جنس من الحيوان . - (د ت) في الصيد (عن عبد الله بن مغفل) ورواه الطبراني وأبو يعلى عن عائشة بنحوه قال الهيثمي : وسنده حسن . 7515 - (لولا أن المساكين) في رواية بدله السؤال (يكذبون) في دعواهم الفاقة ومزيد الحاجة (ما أفلح من ردهم) يعني يكذبون في صدق ضرورتهم وحاجتهم غالبا لا أن كلهم كذلك بل فيهم من يجعل المسألة حرفة . سمعت عائشة سائلا يقول : من يعشيني أطعمه الله من ثمار الجنة فعشته فخرج فإذا هو ينادي من يعشيني فقالت : هذا تاجر لا مسكين ، فلما احتمل أمرهم كذبا وصدقا خفف أمر الرد بقوله لولا ولم يجزم وقوع التهديد وإنما رد الراد بفوات التقديس وهو التطهير بالصدقة لأن للسائل حقا وفيه حث على إجابة السائل وتحذير من التغافل عنه والرد خوفا من كونه صادقا . - (طب) والقضاعي
[ 435 ]
(عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي : فيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف وفي الميزان عن العقبلي : لا يصح في هذا شئ وحكم ابن الجوزي بوضعه ونازعه المصنف . 7516 - (لولا أن لا تدافنوا) بحذف إحدى التاءين أي لولا خوف تر التدافن من خوف أن يصيبكم من العذاب ما أصاب الميت (لدعوت الله أن يسمعكم) هو مفعول دعوت على تضمينه معنى سألت لأن دعوت لا يتعدى إلى مفعولين (عذاب القبر) لفظ [ ص 342 ] رواية أحمد لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع هكذا هو ثابت في روايته بزيادة من الذي أسمع قال الطيبي : أن يسمعكم مفعول ثان لدعوت على تضمين سألت والذي مفعول أن يسمعكم ومن عذاب القبر بيان له حال منه مقدم عليه ومعنى لولا أن لا تدافنوا أنهم لو سمعوه لتركوا التدافن حذرا من عذاب القبر أو لاشتغل كل بخويصته حتى يفضى بهم إلى ترك التدافن وقيل لا زائدة ومعناه لولا أن تموتوا من سماعه فإن القلوب لا تطيق سماعه فيصعق الإنسان لوقته فكنى عن الموت بالتدافن ويرشد إليه قوله في الحديث الآخر لو سمعه الإنسان لصعق أي مات وفي رواية لأحمد لولا أن تدافنوا بإسقاط لا وهو يدل على زيادتها في تلك الرواية وقيل أراد لأسمعتكم عذاب القبر أي صوته ليزول عنكم استعظامه واستبعاده وهم وإن لم يستبعدوا جميع ما جاء به كنزول الملك وغيره من الأمور المغيبة لكنه أراد أن يتمكن خبره من قلوبهم تمكن عيان وليس معناه أنهم لو سمعوا ذلك تركوا التدافن لئلا يصيب موتاهم العذاب كما قيل لأن المخاطبين وهم الصحب عالمون بأن العذاب أي عذاب الله لا يرد بحيلة فمن شاء تعذيبه عذبه ولو ببطن حوت بل معناه لو سمعوا عذابه تركوا دفن الميت استهانة به أو لعجزهم عنه لدهشهم وحيرتهم أو لفزعهم وعدم قدرتهم على إقباره أو لئلا يحكموا على كل من اطلعوا على تعذيبه في قبره بأنه من أهل النار فيتركوا الترحم عليه وترجي العفو له وإنما أحب إسماعهم عذاب القبر دون غيره من الأهوال لأنه أول المنازل وفيه أن الكشف بحسب الطاقة ومن كوشف بما لا يطيقه هلك تنبيه : قال بعض الصوفية : الاطلاع على المعذبين والمنعمين في قبورهم واقع لكثير من الرجال وهو هول عظيم يموت صاحبه في اليوم والليلة موتات ويستغيث ويسأل الله أن يحجبه عنه وهذا المقام لا يحصل للعبد إلا بعد غلبة روحانيته على جسمانيته حتى يكون كالروحانيين فالذين خاطبهم الشارع هنا هم الذين غلبت جسمانيتهم لا من غلبت روحانيتهم والمصطفى صلى الله عليه وسلم كان يخاطب كل قوم بما يليق بهم . - (حم م ن عن أنس) بن مالك قال : لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين قال ذلك وفي رواية لمسلم من حديث زيد بن ثابت قال : بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ حادت به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة فقال : من يعرف أصحاب هذه الأقبر قال رجل : أنا قال : فمتى مات هؤلاء قال : ماتوا في كذا فقال : إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ولولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع منه ثم أقبل علينا بوجهه فقال : تعوذوا بالله من عذاب النار فقالوا : نعوذ بالله منه فقال : تعوذوا بالله من عذاب القبر فقالوا : نعوذ بالله منه قال :
[ 436 ]
تعوذوا بالله من الفتن ما ظهر منها وبطن قال : نعوذ بالله منها قال : تعوذوا بالله من فتنة الدجال قالوا : نعوذ بالله منه اه‍ . 7517 - (لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم) قال الغزالي : جعل العجب أكبر من الذنوب ولو لم يذنب العبد لاستكثر فعله واستحسن عمله فلحظ أفعاله المدخولة وطاعاته التي هي بالمعاصي أشبه وإلى النقص أقرب فيرجع من كنف الله وحفظه إلى استحسان فعله فيهلك قال الطيبي : لم يرد به ونحوه قلة الاحتفال بمواقعة الذنوب كما توهمه أهل الغرة بل إنه كما أحب أن يحسن إلى المحسن أحب التجاوز عن المسئ فمراده لم يكن ليجعل العباد كالملائكة منزهين عن الذنوب بل خلق فيهم من يميل بطبعه إلى الهوى ثم كلفه توقيه وعرفه التوبة بعد الابتلاء فإن وفى فأجره على الله وإن أخطأ فالتوبة بين يديه فأراد المصطفى صلى الله عليه وسلم أنكم لو تكونون مجبولين على ما جبلت عليه الملائكة لجاء الله بقوم يتأتى منهم الذنوب فيتجلى عليهم بتلك الصفات على مقتضى الحكمة فإن الغفار يستدعي مغفورا والسر في هذا إظهار صفة الكرم والحلم والغفران ولو لم يوجد لانثلم طرف من صفات الألوهية والإنسان إنما هو خليفة الله في أرضه يتجلى له بصفات الجلال والإكرام في القهر واللطف وقد تقدم ذلك كله مع زيادة . (تتمة) [ ص 343 ] قال رجل للقرطبي : أريد أن أعطي الله عهدا أن لا أعصيه أبدا ، قال : ومن أعظم الآن جرما منك وأنت تتألى على الله أن لا ينفذ فيك قضاؤه وقدره إنما على العبد أن يتوب كلما أذنب . (حم م ت عن أبي أيوب) الأنصاري . 7518 - (لولا المرأة لدخل الرجل الجنة) أي مع السابقين الأولين لأن المرأة إذا لم يمنعها الصلاح الذي ليس من جبلتها كانت عين المفسدة فلا تأمر زوجها إلا بما يبعده عن الجنة ويقربه إلى النار ولا تحثه إلا على فساد ، وأل في المرأة والرجل للجنس ، قال في الفردوس : ويروى لولا النساء لدخل الرجال الجنة قال رجل : ما دخل داري شر قط فقال حكيم : ومن أين دخلت امرأتك . - (الثقفي في الثقفيات) عن عثمان بن أحمد البرجي عن محمد بن عمرو بن حفص عن الحجاج بن يوسف بن قتيبة عن بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي (عن أنس) بن مالك أورده المؤلف في مختصر الموضوعات وقال : بشر متروك ، وظاهره أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز في ديباجته وإلا لما أبعد النجعة مع أن الديلمي خرجه باللفظ المزبور . 7519 - (لولا النساء لعبد الله حقا حقا) لأنهن من أعظم الشهوات القاطعة عن العبادات ألا ترى أن الله تعالى قدمهن في آية ذكر الشهوات حيث بين الشهوات بقوله (من النساء) (آل عمران : 14 ، النساء 22 ، الاحزاب : 32) ثم عقبها بغيرها دلالة على أنها أصلها ورأسها وأسها . (عد) عن
[ 437 ]
يعقوب بن سفيان بن عاصم عن محمد بن عمر عن عيسى بن زياد الدورقي عن عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن ابن المسيب (عن عمر) بن الخطاب ثم قال مخرجه ابن عدي : هذا حديث منكر لا أعرفه إلا من هذا الطريق انتهى . وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وقال : عبد الرحيم وأبوه متروكان ومحمد بن عمر منكر الحديث اه‍ وتعقبه المؤلف بأن له شاهدا وهو ما ذكره هنا بقوله . 7520 - (لولا النساء لعبد الله حق عبادته) قال الطيبي : أول فتنة في بني إسرائيل كانت من النساء كان رجل منهم اسمه عائيل طلب منه ابن أخيه أو ابن عمه أي يزوجه ابنته فأبى فقتله لينكحها وهو الذي نزلت به سورة البقرة على ما قيل . - (فر عن أنس) وفيه بشر بن الحسين قال الذهبي : قال الدارقطني : متروك . 7521 - (لولا بنو إسرائيل) أولاد يعقوب اسم عبراني معناه عبد الله ، وقال مغلطاي : معناه أسرى إلى الله (لم يخبث الطعام) بخاء معجمة أي لم يتغير ريحه (ولم يخنز) بالخاء المعجمة وكسر النون بعدها زاي لم يتغير ولم ينتن (اللحم) قال القاضي : خنز اللحم بالكسر تغير وأنتن ، يعني لولا أنهم سنوا ادخار اللحم حتى خنز لما ادخر لحم يخنز فهو إشارة إلى أن خنز اللحم شئ عوقب به بنو اسرائيل لكفرانهم نعمة ربهم حيث ادخروا السلوى فنتن وقد نهاهم عن الادخار ولم يكن ينتن قبل ذلك وفي بعض الكتب الإلهية لولا أني كتبت الفساد على الطعام لخزنه الأغنياء عن الفقراء (ولولا حواء) بالهمز ممدودا يعني ولولا خلق حواء مما هو أعوج أو لولا خيانة هواء لآدم في إغوائه وتحريضه على مخالفة الأمر بتناول الشجرة قيل سميت حواء لأنها أم كل حي (لم تخن أنثى زوجها) لأنها أم النساء فأشبهنها ولولا أنها سنت هذه السنة لما سلكتها أنثى مع زوجها فإن البادي بالشئ كالسبب الحامل لغيره على الإتيان به فلما خانت سرت في بناتها الخيانة فقلما تسلم امرأة من خيانة زوجها بفعل أو قول وليس المراد بالخيانة الزنا حاشا وكلا لكن لما مالت إلى شهوة النفس من أكل الشجرة وزينت ذلك لآدم مطاوعة لعدوه [ ص 344 ] إبليس عد ذلك خيانة له وأما من بعدها من النساء فخيانة كل واحدة منهن بحسبها وفيه إشارة إلى تسلية الرجال فيما يقع لهم من نسائهم لما وقع من أمهن الكبرى وأن ذلك من طبعهن والعرق دساس فلا يفرط في لوم من فرط منها شئ بغير قصد أو نادرا (1) وينبغي لهن أن لا يتمسكن بهذا في الاسترسال على هذا النوع بل يضبطن أنفسهن ويجاهدن هواهن قال الحرالي : والأنثى أدنى زوجي الحيوان المتناكح . (حم ق عن أبي هريرة) واستدركه الحاكم عليهما فوهم وأعجب منه تقدير الذهبي له ولفظ مسلم لم تخن أنثى زوجها الدهر فلعل المؤلف سقط من قلمه لفظ الدهر أو تركه لكونه لم تتفق عليه الروايات . 7522 - (لولا ضعف الضعيف وسقم السقيم لأخرت صلاة العتمة) بالتحريك أي صلاة
[ 438 ]
العشاء سماها عتمة بيانا للجواز فلا ينافي كراهة تسميتها بذلك والعتمة من الليل بعد غيبوبة الشفق إلى آخر الثلث الأول ولو حرف امتناع لامتناع ففيه دلالة على أن إيقاع صلاة العشاء أول الوقت أفضل وأنه لا يندب تأخيرها إلى الثلث وهو الذي واظب عليه المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وسلم والخلفاء الراشدون فالقول بأن تأخيرها إلى الثلث أفضل محجوج بذلك وقد مر تقريره . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه محمد بن كريب وهو ضعيف اه‍ وبه ينظر في رمز المصنف لحسنه . 7523 - (لولا عباد لله ركع وصبية رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ثم رص) بضم الراء وشد الصاد المهملة بضبطه (رصا) أي ضم بعضه إلى بعض وفيه دلالة على ندب إخراج الشيوخ والأطفال والبهائم في الاستسقاء وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم . - (طب) وكذا في الأوسط (هق) كلاهما من حديث هشام بن عمار عن عبد الرحمن بن سعد بن عمار (عن) مالك بن عبيدة بن (مسافع) بضم الميم وسين مهملة وفاء (الديلمي) عن أبيه عن جده قال الذهبي في المهذب : ضعيف ومالك وأبوه مجهولان وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه عبد الرحمن بن سعد بن عمار وهو ضعيف اه‍ وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه من التوقف إلا أن يكون اعتضد . 7524 - (لولا ما مس الحجر) الأسود (من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة) كأجذم أو أعمى أو أبرص (إلا شفي) من عاهته (وما على الأرض شئ من الجنة غيره) يحتمل أن يراد به ظاهره وأنه يراد به المبالغة في تعظيمه يعني أن الحجر لما له من التعظيم والكرامة والبركة يشارك جواهر الجنة فكأنه منها وأن خطايا البشر تكاد تؤثر في الجماد . - (هق عن ابن عمرو) رواه الطبراني عن ابن عباس ورمز المصنف لحسنه . 7525 - (لولا مخافة) وفي رواية لولا خشية (القود يوم القيامة) من الظالم للمظلوم (لأوجعتك) بكسر الكاف خطابا لمؤنث وفي رواية لضربتك (بهذا السواك) وفي رواية لولا مخافة القصاص لأوجعتك بهذا السوط . - (طب) وكذا أبو يعلى (حل ك عن أم سلمة) قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فكان بيده سواك فدعى وصيفة له أو لها فأبطأت حتى استبان الغضب في وجهه فخرجت أم سلمة إليها وهي تلعب ببهيمة فقالت : ألا أراك تلعبين ورسول الله يدعوك فقالت : لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك فذكره قال المنذري : أسانيده أحدها جيد قال الهيثمي : أسانيده عند أبي بعلى والطبراني جيدة انتهى . ورمز المصنف لحسنه .
[ 439 ]
7526 - (ليأتين) قال الطيبي : الإتيان المجئ بسهولة (هذا الحجر يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد على من استلمه بحق) كذا في نسخ الكتاب ثم رأيته بخط المصنف هكذا والذي وقفت عليه في أصول صحيحة قديمة يشهد لمن استلمه بحق وعلى من استلمه بغير حق فليحرر قال البيضاوي : شبه خلق الحياة والنطق فيه بعد أن كان جمادا لا نطق فيه بنشر الموتى وبعثها ولا امتناع فيه فإن الأجسام متساوية في الجسمية وقبول الأعراض التي منها الحياة والنطق والله قادر على جميع الممكنات لكن الأغلب على الظن أن المراد منه تحقيق ثواب المسلم وأن سعيه لا يضيع وأجره لا يفوت ، قال : والمراد بالمسلم بحق من استلم اقتفاء لأثره وامتثالا لأمره انتهى . قال الطيبي : ويشهد للوجه الأول شهادة لا ترد تصدير الكلام بالقسم وتأكيد الجواب بالنون لئلا يظن خلاف الظاهر وعلى في يشهد من استلمه مثلها في قوله تعالى * (ويكون الرسول عليكم شهيدا) * أي رقيبا حفيظا عليكم فالمعنى يحفظ على من استلم أحواله شاهدا ومزكيا له ويجوز أن يتعلق بحق بقوله يشهد أي يشهد بحق على من استلمه بغير حق كالكافر والمستهزئ ويكون خصمه يوم القيامة ويشهد بحق لمن استلمه بحق كالمؤمن المعظم لحرمته . - (ه) في الحج (هب) كلاهما (عن ابن عباس) ظاهر اقتصاره على ابن ماجه من بين الستة أنه لم يخرجه منهم سواه وليس كذلك بل خرجه الترمذي عن الحبر أيضا وقال : حسن وتبعه المصنف فرمز لحسنه لكن فيه عبد الله بن عثمان بن خيثم أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال يحيى : أحاديثه ليست بقوية . 7527 - (ليأتين على القاضي العدل) عدى الإتيان بعلى لتضمنه معنى الغلبة (يوم القيامة ساعة يتمنى) من شدة الحساب (أنه لم يقض بين اثنين في تمرة قط) قال الطيبي : قوله يوم القيامة فاعل ليأتين ويتمنى حال من المجرور والوجه كونه حالا من الفاعل والعائد محذوف أي يتمنى فيه أو يوم القيامة نصبه على الظرف أي ليأتين عليه يوم القيامة من البلاء ما يتمنى أنه لم يقض فإذن يتمنى بتقدير أن وعبر عن السبب بالمسبب لأن البلاء سبب التمني والتقييد بالعدل والتمرة تتميم لمعنى المبالغة عما حل به من البلاء . - (حم) وكذا الطبراني في الأوسط وابن حبان في صحيحه (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وإنه كذلك فقد قال الهيثمي : إسناده حسن 7528 - (ليأتين على الناس زمان يكذب فيه الصادق ويصدق فيه الكاذب ويخون فيه الأمين ويؤتمن فيه الخؤون) ببناء يكذب ويصدق ويخون فيه للمفعول ويجوز للفاعل (ويشهد المرء ولم يستشهد
[ 440 ]
ويحلف وإن لم يستحلف ويكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع) اللكع أصله للعبد ثم استعمل في الحمق والذم وأكثر ما يقع في النداء وهو اللئيم والوسخ (لا يؤمن بالله ورسوله) . - (طب) وكذا في الأوسط (عن أم سلمة) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وهو ضعيف وقد وثق . 7529 - (لأتين على الناس زمان) قيل هو زمن عيسى أو وقت ظهور أشراط الساعة أو ظهور الكنوز أو قلة الناس وقصر آمالهم والخطاب لجنس الأمة والمراد بعضهم (يطوف الرجل فيه بالصدقة من الذهب) خصه بالذكر مبالغة في فقد من يقبل الصدقة لأن الذهب أعز المال وأشرفه فإذا فقد من يأخذه فغيره أولى والقصد حصول عدم القبول مع اجتماع ثلاثة أمور طواف الرجل بصدقته وعرضها على من يأخذها وكونها ذهبا (ثم لا يجد أحدا يأخذها منه) لكثرة المال وفيضه واستغناء الناس أو لكثرة الهرج والفتن واشتغال كل أحد بنفسه (ويرى الرجل) بمثناة تحتية مضمومة وراء مفتوحة مبنيا للمفعول (الواحد) حال كونه (يتبعه أربعون امرأة يلذن به) أي يلتجئن إليه (من قلة الرجال) بسبب كثرة الحروب والقتال الواقع في آخر الزمان (وكثرة النساء) بغير قوام عليهن . - (ق عن أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري . 7530 - (ليأتين على الناس زمان لا يبالي الرجل بما أخذ من المال) بإثبات ألف ما الاستفهامية الداخل عليها حرف الجر والقياس حذفها لكن وجد في كلام العرب على ندور وأخبر بهذا تحرزا من فتنة المال (أمن حلال) يأخذ (أم من حرام) وجه الذم من جهة هذه التسوية بين الأمرين وإلا فأخذ المال من الحلال غير مذموم من حيث هو وهذا من معجزاته فإنه إخبار عن أمر غيبي وقد وقع على وفق ما أخبر . - (حم خ) في باب قوله تعالى * (لا تأكلوا الربا) * (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الدارمي ولم يخرجه مسلم . 7531 - (ليأتين) اللام جواب قسم محذوف (على الناس زمان لا يبقى منهم) أي من الناس
[ 441 ]
(أحد إلا أكل الربا) الخالص (فإن لم يأكله أصابه من غباره) أي يحيق به ويصل إليه من أثره بأن يكون موكلا أو متوسطا فيه أو كاتبا أو شاهدا أو معامل المرابي أو من عامل معه وخلط ماله بماله ذكره البيضاوي وقال الطيبي : قوله إلا أكل المستثنى صفة لأحد والمستثنى منه أعم عام الأوصاف نفى جميع الأوصاف إلا الأكل ونحن نرى كثيرا من الناس لم يأكل حقيقة فينبغي أن يجري على عموم المجاز فيشمل الحقيقة والمجاز ولذلك أتبعه بالفاء التفصيلية بقوله فإن لم يأكله حقيقة أكله مجازا وفي رواية من بخاره وهو ما ارتفع من الماء من الغليان كالدخان والماء لا يغلي إلا بنار توقد تحته ولما كان المال المأكول من الربا يصير نارا يوم القيامة يغلي منه دماغ آكله ويخرج منه بخار ناسب جعل البخار من أكل الربا والبخار والغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من حضر وإن لم يأكل ووجه النسبة بينهما أن الغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من حضر وإن لم يكن هو أثاره كما يصيب البخار إذا انتثر من حضر وإن لم يتسبب فيه وهذا من معجزاته فقل من يسلم في هذا الوقت من أكل الربا الحقيقي فضلا عن غباره . (د) في الربا (ه ك) في البيع من حديث الحسن البصري (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أحمد قال الحاكم : صحيح قال الذهبي في التلخيص : إن صح سماع الحسن من أبي هريرة وقال في المهذب : لم يصح للانقطاع . 7532 - (ليأتين على أمتي) قال القاضي : إما أمة الدعوة فيندرج فيه جميع أرباب الملل والنحل الذين ليسوا على [ ص 347 ] قبلتنا أو أمة الإجابة والمراد بالملل الثلاث والسبعين مذاهب أهل القبلة وقال الطيبي : عدى يأتين بعلى لمعنى الغلبة المؤدية للهلاك (ما أتى) لفظ رواية الترمذي كما أتى . قال بعض شراحه : والكاف في قوله كما أتى اسمية كما في قوله : ويضحكن عن كالبرد المتهم إذ هي بمعنى مثل ومحله من الإعراب رفع لأنه فاعل ليأتين على أمتي مثل الذي أتى (على بني إسرائيل حذو) بالنصب على المصدر لفعل محذوف يدل عليه كما أتى أي يحذو أمتي حذو بني إسرائيل (النعل بالنعل) الحذو بحاء مهملة وذال معجمة القطع وحذوت النعل بالنعل قدرت كل واحدة على صاحبتها وقطعتها . قال الطيبي : وحذو النعل بالنعل استعارة في التساوي وقال ابن جرير : يعني أن أمته سيتبعون آثار من قبلهم من الأمم مثلا بمثل كما يقدر الحذاء طاقة النعل التي يركب عليها طاقات أخرى حتى يكون بعضها مساويا بعضا متحاذيات غير مخالفات بلا اعوجاج فهكذا هذه الأمة في مشابهتهم من قبلهم من الأمم فيما عملوا به في أديانهم وأحدثوا فيها من البدع والضلالات يسلكون سبيلهم (حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية) أي جهارا (لكان) قال الطيبي : اللام فيه جواب
[ 442 ]
إن على تأويل لو ، كما أن لو تأتي بمعنى إن ، وحتى هي الداخلة على الجملة الشرطية (في أمتي من يصنع ذلك) ولا بد (وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين) قال ابن تيمية : وهذا الافتراق مشهور عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث جمع جم من الصحابة قال الطيبي : الملة في الأصل ما شرعه الله لعباده ليتوصلوا به إلى جوار الله ويستعمل في جملة الشرائع دون آحادها ثم اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة فقيل الكفر كله ملة واحدة والمعنى أنهم يفترقون فرقا تتدين كل واحدة منها بخلاف ما تتدين بها الأخرى فتسمى طريقتهم ملة مجازا وقال بعضهم : هذا الاختلاف في الأصول وأما اختلاف الرحمة فهو في الفروع واختلف العلماء فقال بعضهم : لم تتكامل هذه الفرق إلى الآن وإنما وجد بعضها وقال بعضهم : وهو من يتبع التواريخ وجدت بتمامها فعشرون منهم الروافض وعشرون الخوارج وعشرون القدرية أي المعتزلة وسبع المرجئة وفرقة البخارية وفرقة الصرارية وفرقة الجهمية وفرقة كرامية خراسان وفرقة الفكرية وفرقة المشبهة فهؤلاء اثنان وسبعون والثالثة والسبعون الناجية (كلهم في النار) أي متعرضون لما يدخلهم النار من الأفعال القبيحة (إلا ملة واحدة) أي أهل ملة واحدة فقيل له من هي قال (ما أنا عليه) من العقائد الحقة والطرائق القويمة (وأصحابي) فالناجي من تمسك بهديهم واقتفى أثرهم واقتدى بسيرهم في الأصول والفروع قال ابن تيمية : أخبر عليه الصلاة والسلام بافتراق أمته على ثلاث وسبعين فرقة واثنتان وسبعون لا ريب أنهم الذين منهم في آية * (وخضتم كالذي خاضوا) * ثم هذا الاختلاف المخبر عنه إما في الدين فقط أو في الدين والدنيا ثم قد يؤول إلى الدنيا وقد يكون في الدنيا فقط . - (ت) في الإيمان (عن ابن عمرو) بن العاص وقال : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه اه‍ . قال الصدر المناوي : وفيه عبد الرحمن بن زياد الافريقي قال الذهبي : ضعفوه . 7533 - (ليؤذن لكم خياركم) أي أمناؤكم ليؤمن نظرهم للعورات وليثق بهم الصائم في الفطر والمصلي في حفظ الوقت قال الكمال : ويدخل كونه خيارا لا يأخذ عليه أجرا ويدخل فيه أيضا أن لا يلحن الأذان فإنه لا يحل وتحسين الصوت مطلوب ولا تلازم بينهما والتلحين إخراج الحرف عما يجوز له في الأداء اه‍ . (وليؤمكم أقرأكم) وكان الأقرأ في زمنه هو الأفقه فلو تعارض أفقه وأقرأ قدم الأفقه عند أكثر العلماء . - (د ه) كلاهما في الصلاة من حديث حسين بن عيسى عن الحكم بن أبان عن عكرمة (عن ابن عباس) وتعقبه الذهبي في المهذب فقال : حسين هو أخو سليم القارئ له مناكير اه‍ . وفي فتح العزيز فيه الحسين بن عيسى نسب إليه أبو أوزعة وأبو حاتم النكارة في حديثه وبذلك يعرف [ ص 348 ] ما في رمز المصنف لصحته . 7534 - (ليأكل كل رجل) يعني إنسان ولو أنثى (من أضحيته) ندبا والأفضل أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي الثلث . - (طب حل عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي وغيره : فيه عبد الله بن خراش وثقه ابن حبان وقال : ربما أخطأ وضعفه الجمهور .
[ 443 ]
7535 - (ليأكل أحدكم بيمينه ويشرب بيمينه) ندبا مؤكدا (وليأخذ بيمينه وليعط بيمينه) لأن اليمنى هي المناسبة للأعمال الشريفة والأحوال النظيفة وهي مشتقة من اليمن وقد شرف الله أصحاب الجنة إذ نسبهم إلى اليمين وعكسه في أصحاب الشمال (فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله ويأخذ بشماله) حقيقة في الكل لأن العقل لا يحيل ذلك فلا ملجئ لتأويل الطيبي على أن المراد يحمل أولياءه من الإنس على ذلك ليضاد به عباد الله الصالحين قال النووي : وفيه ندب الأكل والشرب والأخذ والإعطاء باليمين وكراهة ذلك بالشمال أي حيث لا عذر كشلل أو مرض وإلا فلا كراهة وأفاد ندب تجنب ما يشبه فعل الشيطان وأن للشيطان يدين . - (ه عن أبي هريرة) قال المنذري : وإسناده صحيح فرمز المؤلف لحسنه تقصير . 7536 - (ليؤمكم أكثركم قراءة للقرآن) أخذ بظاهره أحمد فقال : يقدم الأقرأ على الأفقه وقال الشافعية : الأفقه مقدم والمراد بالحديث أفقهكم إذ أقرؤهم كان أفقههم ولأن الصلاة تحتاج إلى فقه لأحكام متعلقة بالصلاة . - (ن عن) أبي بريد بموحدة وراء وقيل بتحتية وزاي (عمرو بن سلمة) بن قيس الجرمي صحابي صغير نزل البصرة قال : جاء أبي فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال " كذا " فنظروا فكنت أكثرهم قرآنا فكنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين ، رمز المصنف لحسنه . 7537 - (ليؤمكم أحسنكم وجها فإنه أحرى أن يكون أحسنكم خلقا) بالضم والأحسن خلقا أولى بالإمامة . - (عد) من حديث الحسين بن مبارك عن عمرو بن سنان عن إسماعيل بن عياش عن هشام عن أبيه (عن عائشة) قال أعني ابن عدي : والحسين متهم بالوضع والبلاء في هذا الحديث منه وقد حدث بأسانيد ومتون منكرة اه‍ . فما أوهمه صنيع المصنف من أن مخرجه ابن عدي خرجه وسكت عليه غير صواب ورأيت الذهبي في مختصر تاريخ الشام لابن عساكر كتب على الحاشية بخطه موضوع وحكم ابن الجوزي بوضعه . 7538 - (ليؤمن هذا البيت) أي الحرام (جيش) أي يقصدونه (يغزونه حتى إذا كانوا ببيداء من
[ 444 ]
الأرض) وفي رواية ببيداء المدينة والبيداء كل أرض ملساء لا شئ فيها وبيداء المدينة الشرف الذي قدام ذي الحليفة إلى حهة مكة (يخسف بأوسطهم وينادي أولهم آخرهم ثم يخسف بهم الأرض فلا يبقى إلا الشريد الذي يخبر عنهم) وهذا لم يقع الآن . - (حم م ن ه عن حفصة) [ ص 349 ] بنت عمر بن الخطاب أمير المؤمنين . 7539 - (ليبشر فقراء أمتي) أمة الإجابة (بالفوز) أي الظفر والنجاح والفلاح (يوم القيامة قبل الأغنياء بمقدار خمسمائة عام) من أعوام الدنيا (هؤلاء) يعني الفقراء (في الجنة ينعمون وهؤلاء) أي الأغنياء في المحشر (يحاسبون) على ما عملته أيديهم فيما أعطاهم الله من الأموال . - (حل عن أبي سعيد) الخدري رمز المصنف لحسنه . 7540 - (ليبعثن الله تعالى من مدينة بالشام يقال لها حمص) بكسر الحاء وسكون الميم وصاد مهملة بلدة مشهورة افتتحها أبو عبيدة قيل سميت باسم رجل من العمالقة اختطها (سبعين ألفا يوم القيامة لا حساب عليهم ولا عذاب مبعثهم فيما بين الزيتون والحائط في البرث الأحمر منها) والبرث كما في القاموس وغيره الأرض السهلة أو الجبلة من الرمل أو أسهل الأرض وأحسنها وجمعه براث وأبراث وبروث وبواريث أو هي خطأ . قال ابن الأثير : أراد بها أرضا قريبة من حمص قتل فيها جماعة من الشهداء والصالحين . - (حم طب ك عن عمر) بن الخطاب قال المؤلف في جامعه الكبير : قال الذهبي : منكر جدا وعزاه الهيثمي للبزار ثم قال : فيه أبو بكر عبد الله بن أبي مريم وهو ضعيف . 7541 - (ليبلغ شاهد غائبكم) أي ليبلغ الحاضر بالمجلس الغائب عنه وهو أمر بالتبليغ فيجب لكنه يختص بما كان من قبيل التشريع وهل يشترط البلاغ باللفظ أي ينقل الشارع أو يكنى بالمعنى خلاف معروف والمراد هنا إما تبليغ حكم هذه الصلاة أو تبليغ حكم من الأحكام الشرعية التي فيها هذا وإلى فيه مقدرة أي ليبلغ شاهدكم إلى غائبكم (لا تصلوا بعد) طلوع (الفجر إلا سجدتين) أي ركعتين بدليل رواية الترمذي لا صلاة بعد طلوع الفجر إلا بركعتي الفجر وأخذ به أحمد فكره الصلاة بعد الفجر حتى ترتفع الشمس إلا ركعتي الفجر وفرض الصبح وهو وجه عند الشافعية والأصح عندهم أن أول وقت الكراهة من صلاة الفجر إلى الارتفاع وفيه أنه يجب على الإمام تعليم العلم بلسانه أو بكتابته لمن لم يبلغه وتفهيمه لمن لم يفهمه وحفظ الكتاب والسنة من التصحيف والتحريف وأن الشاهد له سماعا ورؤية يبلغه الغائب إفادة ورواية لينتشر العلم ويكثر العمل وكان التبليغ في زمن
[ 445 ]
النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرض عين على من سمعه والآن فرض كفاية لظهوره وعمومه . - (د ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : رجاله موثوقون ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 7542 - (ليبيتن) اللام في جواب القسم أي والله ليبيتن (أقوام من أمتي) لا مانع هنا من إرادة أمة الدعوة (على أكل ولهو ولعب ثم ليصبحن قردة وخنازير) وفيه وقوع المسخ في هذه الأمة قال الحافظ الزين العراقي : ورواه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند بلفظ ليبيتن ناس من أمتي على أشر وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير . - (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال الهيثمي : فيه فرقد السنجي وهو ضعيف . 7543 - (ليت شعري) أي ليت شعوري (كيف أمتي بعدي) أي كيف حالهم بعد وفاتي (حين يتبختر رجالهم وتمرح نساؤهم) أي تفرح فرحا شديدا (وليت شعري) كيف يكون حالهم (حين يصيرون صنفين صنفا ناصبي نحورهم في سبيل الله وصنفا عمالا لغير الله) أي للرياء والسمعة أو بقصد حصول الغنيمة . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن رجل) من الصحابة . 7544 - (ليتخذ أحدكم قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة مؤمنة تعينه على أمر الآخرة) قاله لما نزل في الذهب والفضة ما نزل فقالوا : فأي مال نتخذ فذكره قال حجة الإسلام : فأمر باقتناء القلب الشاكر وما معه بدلا من المال . - (حم ت) وحسنه كلهم (عن ثوبان) رمز المصنف لحسنه . قال الحافظ العراقي : هذا حديث منقطع . 7545 - (ليتصدق الرجل من صاع بره وليتصدق من صاع تمره) أي ليتصدق ندبا مؤكدا بما عنده وإن قل كصاع بر وصاع تمر وخص البر والتمر لأنه غالب طعامهم وغالب المقتاتات في غالب الأرض وقرنه بلام الأمر إيذانا بمزيد التأكيد . - (طس عن أبي جحيفة) بالتصغير قال : دهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناس من قيس متقلدي السيوف فساءه ما رأى من حالهم فصلى ثم دخل بيته ثم خرج فصلى ثم جلس
[ 446 ]
في مجلسه فأمر بالصدقة وحض عليها فقال ليتصدق إلخ فجاء رجل من الأنصار بصرة من ذهب فوضعها في يده ثم تتابع الناس حتى رأى كومين من ثياب وطعام فرأيت وجهه يتهلهل كأنه مذهبة اه‍ . ورواه عنه أيضا البزار رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : وفيه أبو إسرائيل وفيه كلام وقد وثق . 7546 - (ليتق أحدكم وجهه) أي ذاته ونفسه والعرب تكني عن النفس بالوجه (من النار) نار جهنم (ولو بشق تمرة) أي شئ قليل جدا فإنه يفيد سد الرمق سيما للطفل فلا يحتقر المتصدق ذلك والاتقاء من النار كناية عن محو الذنوب وقد مر غير مرة . - (حم عن ابن مسعود) رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الحافظ الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 7547 - (ليتكلف أحدكم من العمل ما يطيق) أي ما يطيق الدوام عليه بلا ضرورة ولا تحملوا أنفسكم أوزارا كثيرة لا تقدرون على إدامتها (فإن الله تعالى لا يمل حتى تملوا وقاربوا وسددوا) أي اقصدوا بأعمالكم السداد ولا تتعمقوا فإنه لن يشاد أحدكم هذا الدين إلا غلبه . - (حل عن عائشة) رمز المصنف لحسنه . 7548 - (ليتمنين أقوام ولوا) بضم الواو وشد اللام (هذا الأمر) يعني الخلافة أو الإمارة (أنهم خروا) سقطوا على [ ص 351 ] وجوههم (من الثريا) النجم المعروف مبالغة (وأنهم لم يلوا شيئا) لما يحل بهم من الخزي والندامة يوم القيامة إذ الإمارة أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة . - (حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه . 7549 - (ليتمنين أقوام لو أكثروا من السيئات) أي من فعلها قيل : من هم يا رسول الله قال : (الذين بدل الله سيئاتهم حسنات) فيه وما قبله جواز تمني المحال إذا كان في فعل خير ويحتمل أن التمني ليس على بابه بل المراد منه التنبيه على سعة رحمة الله . - (ك عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيرة باللفظ المذكور .
[ 447 ]
7550 - (ليجيئن أقوام يوم القيامة ليست في وجهوهم مزعة) بضم فسكون قطعة (من لحم قد أخلقوها) يعني يعذبون في وجوههم حتى يسقط لحومها لمشاكلة العقوبة في موضع الجناية من الأعضاء لكونه أذل وجهه بالسؤال أي والحال أنهم أغنياء وأنهم يبعثون ووجوههم كلها عظم لا لحم عليها أو ليس فيهم من الحسن شئ لأن حسن الوجه بلحمه أو تدنو الشمس منهم فتذيب لحم وجوههم . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه . 7551 - (ليحجن) بضم الياء التحتية وفتح الحاء والجيم مبنيا للمفعول مؤكدا ثقيلة (هذا البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج) اسمان أعجميان ولا يلزم من حج الناس بعد خروجهم امتناع الحج في وقت ما عند قرب الساعة فلا تدافع بينه وبين خبر لا تقوم الساعة حتى لا يححج البيت ويظهر أن المراد بقوله ليحجن البيت مكان البيت لخبر إن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد كذا ذكره بعضهم لكن قال ابن بطال في شرح البخاري : إن تخريب الحبشة يحصل ثم يعود جزء منها ويعود الحج إليها . - (حم عن أبي سعيد) الخدري . 7552 - (ليخرجن قوم من أمتي من النار بشفاعتي يسمون) عند أهل الجنة (الجهنميين) فيه إشارة إلى طول تعذيبهم في جهنم حتى أطلق عليهم هذا الاسم وأيس من خروجهم فيخرجون بشفاعته . (ت ه عن عمران بن حصين) رمز لحسنه 7553 - (ليخشين أحدكم أن يؤخذ عند أدنى ذنوبه في نفسه) فإن محقرات الذنوب قد تكون مهلكة وصاحبها لا يشعر قال الغزالي : صغائر المعاصي تجر بعضها إلى بعض حتى تفوت أصل السعادة بهدم أصل الإيمان عند الخاتمة اه‍ . - (حل عن محمد بن النضر الحارثي) . 7554 - (ليدخلن من أمتي الجنة سبعون ألفا أو سبعمائة ألف) شك الراوي في أحدهما (متماسكين) بالنصب على الحال وروي رفعه على الصفة قال النووي : وبالواو وهو ما في معظم الأصول
[ 448 ]
اه‍ . وهو الياء في خط المؤلف (آخذ بعضهم ببعض) في رواية مسلم بعضهم بعضا (لا يدخل أولهم حتى يدخل آخرهم) غاية للتماسك المذكور والمراد أنهم يدخلون معترضين صفا واحدا بعضهم بجنب بعض فيدخل الكل دفعة ووصفهم بالأولية والآخرية باعتبار الصفة التي جازوا فيها الصراط (وجوههم على صورة القمر) أي على صفته في الإشراق والضياء (ليلة البدر) ليلة أربعة عشر وعلم منه أن أنوار أهل الجنة وصفاتهم في الجمال تتفاوت بتفاوت الدرجات ، ثم إن هذا ليس فيه نفي دخول أحد من هذه الأمة [ ص 352 ] على الصفة المذكورة من التشبه بالقمر غير هؤلاء والجملة حالية بدون الواو . - (ق عن سهل بن سعد) الساعدي . 7555 - (ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا) أراد بالمعية مجرد دخولهم الجنة بغير حساب وأن دخلوها في الزمرة الثانية أو ما بعدها وفي حديث جابر عند الحاكم مرفوعا من زادت حسناته على سيئاته فذلك الذي يدخل الجنة بغير حساب ومن استوت حسناته فذاك الذي يحاسب حسابا يسيرا ومن أوبق نفسه فهو الذي يشفع فيه بعد أن يعذب وفي التقييد بأمته إخراج غيرها من الأمم من العدد المذكور ثم إن هذا لا يعارضه خبر لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه وعن جسده فيما أبلاه وعن علمه ما عمل فيه وماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه لأنه وإن كان عاما لكونه نكرة في سياق النفي لكنه مخصوص بمن يدخل الجنة بغير حساب وبمن يدخل النار من أول وهلة تنبيه : هذا الحديث خص به خبر لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع - الحديث . (حم) وكذا الطبراني من حديث سريع بن عبد الله (عن ثوبان) . 7556 - (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتي) أمة الإجابة (أكثر من تميم) أي القبيلة المشهورة قيل : هو أويس القرني وقيل : عثمان ، وتمام الحديث قالوا : سواك يا رسول الله قال : سواي . - (حم ه حب ك) في الإيمان (عن عبد الله ابن أبي الجدعاء) بضم الجيم وسكون المعجمة الكناني صحابي له حديثان كذا في التقريب كأصله وقيل : ابن أبي الحمساء تميمي وقيل : كناني وقيل : هو ميسرة الفجر قال الحاكم : صحيح رواه بشر بن الفضل عن خالد .
[ 449 ]
7557 - (ليدخلن الجنة بشفاعة رجل) قيل : إنه أويس القرني (ليس بنبي مثل الحيين ربيعة) أبو قبيلة مشهورة وهو ابن نزار بن معد بن عدنان (ومضر) كزفر بن نزار قبيلة وهو مضر الحمراء فقال رجل : يا رسول الله وما ربيعة من مضر ، أي ما نسبة ربيعة إلى مضر وبينهما في الشر ف بون بعيد فقال : (إنما أقول ما أقول) بضم الهمزة وفتح القاف وواو مشددة أي لقنته وعلمته أو ألقي على لساني من الإلهام أو هو وحي حقيقة . - (حم طب عن أبي أمامة) رمز المصنف لحسنه قال المنذري : رواه أحمد بإسناد جيد قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني بأسانيد ورجال أحمد رجال الصحيح وأحد أسانيد الطبراني رجالهم رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن ميسرة وهو ثقة . 7558 - (ليدخلن بشفاعة عثمان) بن عفان (سبعون ألفا كلهم قد استوجبوا النار) أي دخولها (الجنة بغير حساب) ولا عقاب وفيه فخر عظيم لعثمان . - (ابن عساكر) في ترجمة عثمان (عن ابن عباس) قضية تصرف المصنف أن ابن [ ص 353 ] عساكر خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل قال : روي بإسناد غريب عن ابن عباس رفعه وهو منكر اه‍ . وأقره عليه الذهبي في اختصار لتاريخه . 7559 - (ليدركن الدجال قوما مثلكم أو خيرا منكم ولن يخزي الله أمة أنا أولها وعيسى ابن مريم آخرها) وفي رواية ابن أبي شيبة ليدركن أقواما إنهم لمثلكم أو خيرا منكم ثلاثا ولن يخزي الله أمة أنا أولها والمسيح آخرها وقد احتج بهذا الخبر ابن عبد البر على ما ذهب إليه من أن الأفضلية المذكورة في خبر خير الناس قرني بالنسبة للمجموع لا للأفراد واحتج أيضا بحديث عمر رفعه أفضل الخلق إيمانا قوم في أصلاب الرجال يؤمنون بي ولم يروني . الحديث . خرجه الطيالسي وغيره . قال ابن حجر : وإسناده ضعيف فلا حجة فيه ولخبر أحمد والطبراني . قال أبو عبيدة : يا رسول الله هل أحد خير منا أسلمنا وجاهدنا معك قال : قوم يكونون بعدكم يؤمنون بي ولم يروني . قال ابن حجر : إسناده حسن وصححه الحاكم وبحديث أبي داود والترمذي يأتي أيام للعامل فيهن أجر خمسين قيل : منهم أو منا يا رسول الله قال : بل منكم واحتج أيضا بأن السبب في كون القرن الأول أفضل بأنهم كانوا غرباء في إيمانهم لكثرة الكفار وصبرهم على أذاهم وتمسكهم بدينهم فكذا أواخرهم إذ أقاموا الدين وتمسكوا به وصبروا على الطاعة . - (الحكيم) في نوادره (ك) كلاهما (عن جبير بن نفير) بنون وفاء مصغرا وهو الحضرمي الحمصي ثقة جليل قال في التقريب : من الثانية مخضرم ولأبيه صحبه فكأنه هو ما وفد إلا في
[ 450 ]
عهد عمر اه‍ . فالحديث مرسل ورواه ابن أبي شيبة من حديث عبد الرحمن بن جبير بن نفير أحد التابعين قال ابن حجر : وإسناده حسن . 7560 - (ليذكرن الله عز وجل قوم في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الدرجات العلى) لما نالوه بسبب مداومتهم للذكر وموتهم وألسنتهم رطبة به وفيه إشارة إلى تفضيلهم على المجاهدين ومن ذلك حديث في آخر حرف الهمزة . - (ع حب عن أي سعيد) الخدري قال الهيثمي : إسناده حسن . 7561 - (ليردن) بتشديد النون (علي ناس) وفي رواية أقوام (من أصحابي) وفي رواية أصيحابي مصغرا (الحوض) حوض الكوثر للشرب منه في الموقف (حتى إذا رأيتهم وعرفتهم اختلجوا) بالبناء للمفعول أي نزعوا أو جذبوا قهرا عليهم (دوني) أي بالقرب مني (فأقول يا رب أصيحابي) أي هؤلاء أصيحابي فهو خبر مبدأ محذوف (أصيحابي) بالتصغير والتكبير تأكيد وفي رواية بدونه (فيقال لي) من قبل الله تعالى (إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك) أي بعد وفاتك قيل وهو أهل الردة بدليل رواية فأقول سحقا سحقا وقيل أهل الكبائر والبدع والظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق وقيل المنافقون قال القاضي : هم صنفان المرتدون عن الاستقامة والعمل الصالح والمرتدون عن الدين وبما أشكل هذا الحديث بحديث عرض الأعمال عليه كل أسبوع أو أكثر أو أقل . - (حم ق عن أنس) بن مالك (وعن حذيفة) بن اليماني وفي الباب سمرة وأبو بكر وأبو داود . 7562 - (ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها) لأنه المتكفل لكل متوكل بما يحتاجه ويرومه جل أو قل (حتى يسأله شسع نعله [ ص 354 ] إذا انقطع) لأن طلب أحقر الأشياء من أعظم العظماء أبلغ من طلب الشئ العظيم منه ومن ثم عبر بقوله ليسأل وكرره ليدل على أنه لا مانع ثم ولا راد لسائل ولأن في السؤال من تمام ملكه وإظهار رحمته وإحسانه وجوده وكرمه وإعطائه المسؤول ما هو من لوازم أسمائه وصفاته واقتضائها لآثارها ومتعلقاتها فلا يجوز تعطيلها عن آثارها وأحكامها فالحق سبحانه وتعالى جواد له الجود كله يحب أن يسأل ويطلب أن يرغب إليه فخلق من يسأله وألهمه سؤاله وخلق ما يسأله فهو خالق السائل وسؤاله ومسؤوله . - (ت هب عن أنس) بن مالك وفيه قطن بن بشير قال في الميزان : كان أبو حاتم يحمل عليه وقال ابن عدي : يسرق الحديث .
[ 451 ]
7563 - (ليسأل أحدكم ربه حاجته) فإن خزائن الجود بيده وأزمتها إليه ولا معطي ولا متفضل إلا هو (حتى يسأله الملح) ونحوه من الأشياء القليلة فإنه تعالى يحب السؤال من عباده ورغبتهم إليه وطلبهم منه ولو لم يسألوا لغضب عليهم فإنه ييسر الكثير والقليل وأفاد النهي عن سؤال غيره ألبتة (وحتى يسأله شسع) أي شسعه نعله عند انقطاعها فدفع به وبما قبله ما عساه يختلج في بعض الأذهان القاصرة من أن الدقائق لا يجوز أن تنسب إليه ولا تطلب منه لحقارتها فإن هذا وهم فاسد ومن ثم أعقب الرحمن بالرحيم إيثارا لمسلك التعميم كما سبق وقد أثنى الله سبحانه على من دعاه بالذلة والخضوع والافتقار والخشوع بقوله * (ويدعوننا رغبا ورهبا) * أوحى الله إلى موسى يا موسى سلني في دعائك وخافي صلاتك حتى عن الملح أجبيك . - (ت عن) أبي محمد (ثابت) بمثلثة أوله ابن أسلم (البناني) بضم الموحدة وخفة النون الأولى مولاهم البصري أحد الأعلام وبنانة بضم الموحدة ونونين بينهما ألف بطن من قريش (مرسلا) قضية كلام المصنف أنه لم يقف عليه مسندا وإلا لما عدل لرواية إرساله واقتصر عليها وهو عجب من هذا المطلع السائر فقد رواه البزار عن أنس مرفوعا بلفظ ليسأل أحدكم ربه حاجته أو حوائجه كلها حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع وحتى يسأله الملح قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة اه‍ . 7564 - (ليستتر أحدكم في الصلاة بالخط بين يديه وبالحجر وبما وجد من شئ) أي مما هو قدر مؤخرة الرحل كما بينه في حديث آخر فيه أن الخط يكفي سترة للمصلي وبه قال أحمد وعلق الشافعي القول به على صحة الحديث قال النووي : وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط ولم ير مالك الخط مطلقا (مع أن المؤمن لا يقطع صلاته شئ) من امرأة أو حمار أو كلب مر بين يديه . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) وفيه حيون بن المبارك قال في الميزان : نكرة حدث بمصر عن الأنصاري عن أبيه عن جده عن أنس بهذا الحديث وساقه ثم قال : رواته ثقات غير حيون والخبر منكر اه‍ . قال في اللسان : ذكره السهمي في تاريخ جرجان من رواية أحمد الغطريفي عن إسحاق الاسترأباذي . 7565 - (ليستحي أحدكم من ملكيه) بفتح اللام أي الحافظين (اللذين معه كما يستحي من رجلين صالحين من جيرانه وهما معه بالليل والنهار) لا يفارقانه طرفة عين فمن استحيا منهما لا يفعل شيئا من المعاصي ولا يؤذيهما بارتكاب المحرمات والقبائح وإذا كان العبد إذا كذب تباعد عنه الملك
[ 452 ]
مسيرة ميل من نتن ريح فمه فما بالك بما هو فوق ذلك . - (هب عن أبي هريرة) ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي سكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه إسناده [ ص 355 ] ضعيف وله شاهد ضعيف اه‍ بلفظه وذلك لأن فيه ضعفاء منهم معارك بن عباد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه الدارقطني وغيره . 7566 - (ليسترجع أحدكم في كل شئ حتى في) انقطاع (شسع نعله فإنها) الحادثة التي هي انقطاعه (من المصائب) التي جعلها الله سببا لغفران الذنوب ولما نزل * (من يعمل سوءا يجز به) * (النساء : 123) قال الصديق : هذه قاصمة الظهر وأينا لم يعمل سوءا ؟ فقال له المصطفى صلى الله عليه وسلم : ألست تحزن ألست ألست ؟ وهذا الحديث قد بوب عليه النووي في الأذكار : " باب ما يقول إذا أصابته نكبة قليلة أو كثيرة " . - (ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي هريرة) وفيه يحيى بن عبد الله وهو التيمي قال الذهبي في الضعفاء : قال أحمد : ليس بثقة . 7567 - (ليستغن أحدكم) عن الناس (بغنى الله غداء يومه وعشاء ليلته) فمن أصبح مالكهما فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها وطلب فوق ذلك وبال وتركه كمال ومن ثم قال داود : لا يراك الله حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك وارض من الدنيا باليسير مع سلامة دينك كما رضى أقوام بالكثير مع سلامة دنياهم . - (ابن المبارك عن واصل مرسلا) واصل في التابعين أسدي ورقاشي وبصري ومهلبي وغيرهم فتمييزه كان أولى . 7568 - (ليسلم الراكب على الراجل وليسلم الراجل على القاعد وليسلم الأقل على الأكثر ، فمن أجاب السلام فهو له ومن لم يجب فلا شئ له) من الأجر بل عليه الوزر إن تركه بلا عذر . - (حم خد عن عبد الرحمن بن سهل) الأنصاري الأوسي . 7569 - (ليس الأعمى من يعمى بصره إنما الأعمى من تعمى بصيرته) * (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) * فمن أشرق نور اليقين على قلبه أبصرت نفسه
[ 453 ]
حسن العواقب وماتت شهواته بما أبصر قلبه بنور اليقين من جلال الله وعظمته فهو البصير وإن كان أعمى البصر ومن تزاحمت على قلبه ظلمات الغفلة وأحاطت به من كل جانب بحيث انطمست عين نفسه فهو الأعمى وإن كان بصيرا قال في الكشاف : العمى على الحقيقة أن تصاب الحدقة بما يطمس نورها واستعماله في القلب استعارة وتمثيل وفيه في محل آخر البصيرة نور القلب الذي يستبصر به كما أن البصر نور العين الذي يبصر به وقال العسكري : والبصيرة الاستبصار في الدين ولما قال معاوية لعقيل بن أبي طالب : ما لكم يا بني هاشم تصابون في أبصاركم فقال : كما تصابون يا بني أمية ببصائركم . - (الحكيم هب عن عبد الله بن جراد) وفيه يعلى بن الأشدق أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال البخاري : لا يكتب حديثه ورواه عنه أيضا العسكري والديلمي . 7570 - (ليس الإيمان بالتمني) أي التشهي (ولا بالتحلي) أي التزين بالقول ولا بالصفة (ولكن هو ما وقر في القلب [ ص 356 ] وصدقه العمل) أي ليس هو بالقول الذي تظهره بلسانك فقط ولكن يجب أن تتبعه معرفة القلب ذكره الزمخشري وبالمعرفة لا بالعمل تتفاوت الرتب فإنما تفاضلت الأنبياء بالعلم بالله لا بالأعمال وإلا لكان المعروف من الأنبياء وأممهم أفضل من نبينا وأمته وإنما تقدمهم بفضل معرفته بالله وعلمه به وقوة اليقين . قال ابن عطاء : على قدر قرب الأولين والآخرين من التقوى أدركوا من اليقين وقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم في هذا المقام أعلى العالمين قال الغزالي : وفيه إيماء إلى أن أشرف العلوم معرفة الله تعالى وأنه ليس المراد بها الاعتقاد الذي يتلقنه العامي رواية وتلقنا ولا تحرير الكلام ومراوغة الأخصام التي هو غاية المتكلم بل نوع يقين هو ثمر نور يقذفه الله في قلب من طهر بالمجاهدة باطنه ، والعجب ممن يسمع مثل هذا الحديث من صاحب الشرع ثم يزدري ما يسمعه على وفقه ويزعم أنه من ترهات الصوفية وأنه غير معقول ، والناس أعداء ما جهلوا * (وإذا لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم) * . (الاحقاف : 11) (ابن النجار فر عن أنس) قال العلائي : حديث منكر تفرد به عبد السلام بن صالح العابد قال النسائي : متروك وابن عدي : مجمع على ضعفه وقد روى معناه بسند جيد عن الحسن من قوله و هو الصحيح إلى هنا كلامه وبه يعرف أن سكوت المصنف عليه لا يرتضى . 7571 - (ليس البر) بالكسر : الخير والبركة (في حسن اللباس والزي) الهيئة (ولكن البر السكينة) بالتخفيف المهابة والرزانة (والوقار) الحلم والتأني وهو مصدر وقر بالضم مثل جمل جمالا ويقال أيضا وقر يقر من باب وعد يعد فهو وقور مثل رسول . - (فر عن أبي سعيد) .
[ 454 ]
7572 - (ليس البيان) أي الوضوح والانكشاف وظهور المراد (كثرة الكلام ولكن فصل فيما يحب الله ورسوله) أي قول قاطع يفصل بين الحق والباطل (وليس العي عي اللسان) أي ليس التعب والعجز عجز اللسان وتعب وعدم اهتدائه لوجه الكلام (ولكن قلة المعرفة بالله) فإنها هي العي على التحقيق : وما ينفع الإعراب إن لم يكن تقى * وما ضر ذا تقوى لسان معجم (فر عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا أبو نعيم وعنه وعن طريقه أورده الديلمي مصرحا فكان عزوه إليه أولى ثم إن فيه رشدين بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وقد مر غير مرة أنهما ضعيفان . 7573 - (ليس الجهاد أن يضرب الرجل بسيفه في سبيل الله) أي ليس ذلك هو الجهاد الأكبر (إنما الجهاد) الأكبر الذي يستحق أن يسمى (من عال والديه وعال ولده) أي عال أصوله وفروعه المحتاجين الذين يلزمه نفقتهم (فهو في جهاد) لأن جهادهم أي الكفار وهم في ديارهم فرض كفاية إذا قام به غيره سقط عنه وأما القيام بنفقة من تلزمه نفقته فهو فرض عين (ومن عال نفسه فكفها عن الناس فهو في جهاد) أفضل من جهاد الكفار . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) قضية تصرف المصنف أن هذا لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور عن أنس المذكور فكان ينبغي عزوه إليهما معا . 7574 - (ليس الخبر كالمعاينة) أي المشاهدة إذ هي تحصيل العلم القطعي وقد جعل الله لعباده آذانا واعية وأبصارا ناظرة ولم يجعل الخبر في القوة كالنظر بالعيان وكما جعل في الرأس سمعا وبصرا جعل في القلب ذلك فما رآه الإنسان ببصره قوي علمه به وما أدركه ببصر قلبه كان أقوى عنده وقال الكلاباذي : الخبر خبران صادق لا يجوز عليه الخطأ وهو خبر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ومحتمل وهو ما عداه فإن حمل الخبر على الأول فمعناه ليس المعاينة كالخبر في القوة أي الخبر أقوى وأكد وأبعد عن الشكوك إذا كان خبرا لصادق والمعاينة قد تخطئ فقد يرى الإنسان الشئ على خلاف ما هو عليه كما في قصة موسى والسحرة وإن حمل على الثاني فمعناه ليس المعاينة كالخبر بل هي أقوى وأكد لأن المخبر لا يطمئن قلبه وتزول عنه الشكوك في خبر من يجوز السهو عليه والغلط والحاصل أن الخبر إن كان خبرا لصادق فهو أقوى من المعاينة أو غيره فعكسه إلا أن ما ذكر في الخبر الآتي عقبه على الأثر يشير إلى أن المراد هنا
[ 455 ]
الثاني (طس عن أنس) بن مالك (خط عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي : رجاله ثقات ، ورواه أيضا ابن منيع والعسكري وعد من جوامع الكلم والحكم . وقال الزركشي : ظن أكثر الشراح أنه ليس بحديث وهو حديث حسن خرجه أحمد وابن حبان والحاكم من طرق ورواه الطبراني وهو عنده بلفظ الكتاب وبلفظ ليس المعاينة كالخبر وقال في موضع آخر : رواه أحمد والحاكم وابن حبان وإسناده صحيح فإن قيل : هو معلول بقول الكامل إن هشيما لم يسمعه من أبي بشر قلت : قال ابن حبان في صحيحه : لم يتفرد به هشيم وله طرق ذكرتها في المعتبر في تخريج أحاديث المنهاج والمختصر . 7575 - (ليس الخبر كالمعاينة) وشاهد ذلك (أن الله تعالى أخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح فلما عاين ما صنعوا) من عبادته (ألقى الألواح فانكسرت) فأفاد هذا أنه لس حال الإنسان عند معاينة الشئ كحاله عند الخبر عنه في السكون والحركة لأن الإنسان لعله يسكن إلى ما يرى أكثر من الخبر عنه وإن كان صادقا عنده وكان خبر الله عند موسى ثابتا وخبره كلامه وكلامه صفته فعرف فتنة قومه بصفة الله تعالى وصفة البشرية ما تظهر عند صفة الله تعالى فلما لم تظهر لعجز البشرية وضعف الإنسانية تمسك موسى بما بيده ولم يلقه فلما عاين قومه عاكفين على العجل عابدين له عاتبهم بصفة نفسه التي هي نظره ببصره ورؤيته بعينه وصفته عجز البشرية وضعف الإنسانية وتقص الخلقة فلم يطق بصفته أن يمسك ما في يده مع اضطرابها وتلفها فلما وقف على عبادتهم العجل لم يتمالك أن طرح الألواح وأخذ برأس أخيه ، ألا تراه لما سكن رجع إلى الله مستغفرا له ولأخيه والمصطفى صلى الله عليه وسلم ثبت ليلة الإسراء عند قاب قوسين أو أدنى وأخبر بتجلي أوصاف الحق سبحانه له بقوله وضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها ولم يثبت موسى عند تجلي ربه للجبل حتى خر صعقا لأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان قائما بأوصاف الحق وأوصافه التي هي عجز البشرية فانية منه خافية ساقطة عنه ليس لها أثر في وقته وموسى كان ناظرا بصفة الإنسانية إلى الجبل ، ألا تراه قيل له : * (انظر إلى الجبل) * (الاعراف : 143) فنظر بصفته لكونه مكلفا والمصطفى صلى الله عليه وسلم كان مفعولا به بدليل * (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا) * . (فائدة) قال ابن دريد عن أبي حاتم : إن أبا مليك أحد فرسان بني يربوع لما قتل بنو بكر بنيه وأخبر بذلك فلم يشك ولم يظهر عليه جزع بالكلية فلما رآهما بعينه ألقى نفسه عليهما وقد أيقن قبل ذلك أنهما قتلا فلم يشك عند الخبر بل غلبه الجزع عند المعاينة . (حم طس ك عن ابن عباس) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح وصححه ابن حبان . 7576 - (ليس الخلف أن يعد الرجل ومن نيته أن يفي) بما وعد به (ولكن الخلف أن يعد الرجل
[ 456 ]
ومن نيته أن لا يفي) بما وعد به قال في الإحياء : الخلف من أمارات النفاق أي حيث كان بلا عذر قال : ومن منعه العذر عن الوفاء جرى على صورة النفاق فينبغي أن يتحرز عن صورته أيضا ولا ينبغي أن يجعل نفسه معذورا من غير ضرورة اه‍ . وفي شرح مسلم للنووي أوجب الوفاء به وإنجازه الحسن وبعض المالكية ثم إن عاد عند الوعد عازما على عدم الوفاء به أي لغير عذر فهذا هو النفاق اه‍ . (ع عن زيد بن أرقم) ورواه عنه أيضا ابن لال والديلمي ورمز المصنف لحسنه . 7577 - (ليس الشديد) أي القوي (بالصرعة) أي كثير الصرع بمهملات يعني ليس القوي من يقدر على صرع خصمه أي إلقائه إلى الأرض بقوة . قال المنذري : الصرعة بضم ففتح من يصرع الناس كثيرا بقوته وأما بسكون الراء فالضعيف الذي يصرعه الناس حتى لا يكاد يثبت مع أحد للمبالغة أي ليس القوي من يقدر على صرع الأبطال من الرجال ويلقيهم إلى الأرض بقوة (إنما الشديد) على الحقيقة (الذي يملك نفسه عند الغضب) أي إنما القوي من كظم غيظه عند ثوران الغضب وقاوم نفسه وغلب عليها فحول المعنى فيه من القوة الظاهرة إلى القوة الباطنة ومن ملك نفسه عنده فقد قهر أقوى أعدائه وشر خصومه لخبر أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك وهذا من قبيل المجاز وفصيح الكلام لأن الغضبان لما كان بحال شديدة من الغيظ وقد ثارت عليه سورة الغضب وقهرها بحلمه وصرعها بثباته كان كمن يصرع الرجال ولا يصرعونه (تنبيه) أخذ الصوفية من هذا أنه ينبغي للعارف تحمل من آذاه من جار وغيره . - (حم ق) كلاهما في الأدب (عن أبي هريرة) وفي الباب غيره . 7578 - (ليس الصيام) في الحقيقة (من الأكل والشرب) وجميع المفطرات (إنما الصيام) المعتبر الكامل الفاضل (من اللغو) قول الباطل واختلاط الكلام (والرفث) الفحش في المنطق والتصريح بما يكنى عنه من ذكر النكاح حول المعنى فيه من الظاهر إلى الباطن على وزان ما سبق (فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل) بلسانك أو بقلبك وبهما أولى على ما مر (إني صائم إني صائم) أي يكرر ذلك كذلك . (ك هق عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الديلمي وغيره . 7579 - (ليس الغنى) بكسر أوله مقصورا أي الحقيقي النافع المعتبر (عن كثرة العرض) بفتح الراء كما في المشارق وبسكونها على ما في المقاييس لابن فارس متاع الدنيا قيل وكأنه أراد بالعرض مقابل الجوهر وهو عند أهل السنة لا يبقى زمانين شبه متاع الدنيا في سرعة زواله وعدم بقائه زمانين يعني ليس الغنى المحمود ما حصل عن كثرة العرض والمتاع لأن كثيرا ممن وسع الله عليه لا ينتفع بما
[ 457 ]
أوتي بل هو متجرد في الإزدياد ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه فالحريص فقير دائما (ولكن الغنى) المحمود المعتبر عند أهل الكمال (غنى) القلب وفي رواية (النفس) أي استغناؤها بما قسم لها وقناعتها ورضاها به بغير إلحاح في طلب ولا إلحاف في سؤال ومن كفت نفسه عن المطامع قرت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من كان فقير النفس فإنه يورطه في رذائل الأمور وخسائس الأفعال لدناءة همته فيصغر في العيون ويحتقر في النفوس ويصير أذل من كل ذليل والحاصل أن من رضي [ ص 359 ] بالمقسوم فكأنه واجد أبدا ومن اتصف بفقر النفس فكأنه فاقد أبدا يأسف على ما فات ويهتم بما هو آت فمن أراد غنى النفس فليحقق في نفسه أنه تعالى المعطي المانع فيرضى بقضائه ويشكر على نعمائه ويفزع إليه في كشف ضرائه وأنشد بعضهم من قصيدة : وعند مليكك فابغ العل‍ * - ووبالوحدة اليوم فاستأنس فإن الغنى في قلوب الرجا * ل وإن التعزز في الأنفس وكم قد ترى من أخي عسرة * غني وذي ثروة مفلس ومن قائم شخصه ميت * على أنه بعد لم يرمس وقيل : أراد بغنى النفس حصول الكمالات العلمية والعملية وهو بعيد . - (حم ق ت ه عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 7580 - (ليس الفجر بالأبيض المستطيل في الأفق) أي الذي يصعد إلى السماء وتسميه العرب ذنب السرحان وبطلوعه لا يدخل وقت الصبح (ولكن) الفجر الحقيقي الذي يدخل به وقته وتدور عليه الأحكام هو (الأحمر المعترض) أي المنتشر في أطراف السماء . - (حم عن) أبي علي (طلق بن علي) بن مدرك الحنفي السحيمي بمهملتين مصغرا الثماني صحابي له وفادة رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الحافظ العراقي : إسناده حسن . 7581 - (ليس الكذاب) أي ليس يأثم في كذبه من قبيل ذكر الملزوم وإرادة اللازم (بالذي) وفي رواية الذي (يصلح) بضم الياء (بين الناس) أي من يكذب لإصلاح المتشاجرين أو المتباغضين فإن قيل : هذا الحديث يعارضه خبر إنه عليه السلام رأى الكذاب يعذب بالكلوب من حديد قلنا : العذاب على الكذب عام فيه كله وما جاء في غيره فهو تخصيص للعام وهذا هو الذي تناوله الحديث وكذا كل كذب يؤدي إلى خير كما أشار إليه بقوله (فينمي) بفتح أوله وكسر الميم مخففا أي يبلغ (خيرا) على وجه الإصلاح (ويقول خيرا) أي يخبر بما عمله المخبر عنه من الخير ويسكت عما عمله من الشر فإن ذلك
[ 458 ]
جائز بل محمود بل قد يندب بل قد يجب لكن في اشتراط قصد التورية خلف وليس المراد نفي ذات الكذب بل نفي إنمه فالكذب كذب وإن قيل لإصلاح أو غيره كذا قرره جمع وقال البيضاوي : قوله ينمي خيرا أي يبلغ خير ما يسمعه وبدع شره يقال نميته الحديث مخففا في الإصلاح ونميته مثقلا في الإفساد والأول من النماء لأنه رفع لما يبلغه والثاني من النميمة وإنما نفى عن المصلح كونه كذابا باعتبار قصده وهذه أمور قد يضطر الإنسان فيها إلى زيادة القول ومجاوزة الصدق طلبا للسلامة ودفعا للضرر ورخص في اليسير من الفساد لما يؤمل فيه من الصلاح والكذب في الإصلاح بين اثنين أن ينمي من أحدهما إلى صاحبه خيرا ويبلغه جميلا وإن لم يكن سمعه منه بقصد الإصلاح والكذب في الحرب أن يظهر في نفسه قوة ويتحدث بما يقوى به أصحابه ويكيد عدوه ، والكذب للزوجة أن يعدها ويمنيها ويظهر لها أكثر مما في نفسه ليستديم صحبتها ويصلح به خلقها قال النووي : وقد ضبط العلماء ما يباح من الكذب وأحسن ما رأيته في ضبطه قول الغزالي : الكلام وسيلة إلى المقاصد فكل مقصود محمود يمكن التوصل إليه بالصدق والكذب جميعا فالكذاب فيه حرام لعدم الحاجة وإن أمكن التوصل إليه بالكذب ولم يمكن بالصدق فالكذب فيه مباح لمباح وواجب لواجب وفي الحديث دليل الصوفية على ما يفعلونه من المكر بنفوسهم فيعدونها بشهوتها كي تبلغهم ما يريدون من الطاعة فإذا فعلت وعدوها بمواعد آخر ثم هكذا فالوعد للنفس بمرغوبها كالوعد للزوجة بذلك . [ ص 360 ] - (حم ق د ت عن أم كلثوم بنت عقبة) بن أبي معيط (طب عن شداد بن أوس) الخزرجي . 7582 - (ليس المؤمن) الكامل الإيمان (الذي لا يأمن جاره بوائقه) أي دواهيه جمع بائقة وهي الداهية أو الأمر المهلك وفي حديث الطبراني أن رجلا شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم من جاره فقال له : أخرج متاعك في الطريق ففعل فصار كل من يمر عليه يقول : ما لك فيقول : جاري يؤذيني فيلعنه فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ماذا لقيت من فلان أخرج متاعه فجعل الناس يلعنوني ويسبوني فقال : إن الله لعنك قبل أن يلعنك الناس . - (طب) وكذا في الأوسط (عن طلق بن علي) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه أيوب بن عتبة ضعفه الجمهور وهو صدوق كثير الخطأ . 7583 - (ليس المؤمن) التعريف للجنس أي ليس المؤمن الذي عرفته أنه مؤمن كامل الإيمان (بالذي يشبع) لفظ رواية الحاكم بالذي يبيت شبعانا (وجاره) أي والحال أن جاره (جائع إلى جنبه) لإخلاله بما توجه عليه في الشريعة من حق الجوار وتهاونه في فضيلة الإطعام التي هي من شرائع الإسلام سيما عند حاجته وخصاصته وألصق الجوار جوار الزوجة والخادم والقريب وقد كان للمصطفى صلى الله عليه وسلم كما في مسلم جار فارسي طيب المرق فصنع طعاما ودعاه فقال : أنا وهذه يعني عائشة فلم يأذن لها فامتنع المصطفى صلى الله عليه وسلم من إجابته لما كان بها من الجوع فلم يستأثر عليها بالأكل وهذا قضية مكارم الأخلاق سيما مع أهل بيت الرجل ولذلك قيل : وشبع الفتى لؤم إذا جاع جاره . (خد طب ك) في
[ 459 ]
البيع وغيره (هق) كلهم (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح فتعقبه الذهبي في التلخيص بأنه من حديث عبد العزيز بن يحيى وليس ثقة وفي المهذب بأن فيه ابن المجاور مجهول وقال الهيثمي : رجال الطبراني ثقات وقال المنذري : رواه الطبراني وأبي يعلى ثقات . 7584 - (ليس المؤمن بالطعان) أي الوقاع في أعراض الناس بنحو ذم أو غيبة قال في الأساس : ومن المجاز طعن فيه وعليه وهو طعان في أعراض الناس قال ابن العربي : وإنما سماه طعنا لأن سهام الكلام كسهام النصال حسا وجرح اللسان كجرح اليد (ولا اللعان) أي الذي يكثر لعن الناس بما يبعدهم من رحمة ربهم إما صريحا كأن يقول لعنة الله على فلان أو كناية كغضبه عليه أو أدخله النار ذكره الطيبي (ولا الفاحش) أي ذي الفحش في كلامه وفعاله قال ابن العربي : والفحش الكلام بما يكره سماعه مما يتعلق بالدين (ولا البذي) أي الفاحش في منطقه وإن كان الكلام صدقا . - (حم خد ت) في البر (حب ك) كلهم (عن ابن مسعود) قال الترمذي : حسن غريب ولم يبين المانع من صحته قال ابن القطان : ولا ينبغي أن يصح لأن فيه محمد بن سابق البغدادي وهو ضعيف وإن كان مشهورا وربما وثقه بعضهم وقال الدارقطني : روي مرفوعا وموقوفا والوقف أصح . 7585 - (ليس المسكين) بكسر الميم وقد تفتح أي الكامل في المسكنة قال في الكشاف : والمسكين الدائم السكون إلى الناس لأنه لا شئ له كالسكير الدائم السكر (الذي يطوف على الناس) يسألهم التصدق عليه (فترده اللقمة واللقمتان) وفي رواية الأكلة والأكلتان [ ص 361 ] بالضم (والتمرة والتمرتان) بمثناة فوقية فيهما لأن المتردد على الأبواب قادر على تحصيل قوته وربما يقع له زيادة عليه فليس المراد نفي المسكنة عن الطواف بل نفي كمالها لإجماعهم على أن السائل الطواف المحتاج مسكين (ولكن المسكين) الكامل بتخفيف نون لكن فالمسكين مرفوع وبشدها فهو منصوب (الذي لا يجد غنى) بكسر الغين مقصورا أي يسارا (يغنيه) صفة له وهو قدر زائد على اليسار إذ لا يلزم من حصول اليسار الغنية به بحيث لا يحتاج لغيره (ولا يفطن له) بضم الياء وفتح الطاء أي لا يعلم بحاله (فيتصدق عليه) بضم الياء مبنيا للمجهول (ولا يقوم فيسأل الناس) برفع المضارع الواقع بعد الفاء في الموضعين عطفا على المنفي المرفوع فينسحب النفي عليه أي لا يفطن له فلا يتصدق عليه ولا يقوم فلا يسأل الناس وبالنصب فيهما بأن مضمرة ثم إن النفي في قوله لا يجد إلخ محتمل لأن يراد نفي أصل اليسار أو نفي اليسار المقيد بأن يغنيه مع وجود أصل اليسار وعلى الثاني ففيه أن المسكين من يقدر على مال أو كسب يقع موقعا من حاجته ولا يكفيه فهو أحسن حالا من الفقير وبه أخذ الجمهور وعكس قوم
[ 460 ]
وسوى آخرون . (مالك) في الموطأ (حم ق د ن عن أبي هريرة) ظاهر عزوه إلى من ذكر أن بقية الستة لم يخرجوه لكن حكى بعضهم الاتفاق عليه من حديث عائشة . 7586 - (ليس الواصل) اللام لتعريف الجنس أي ليس حقيقة الواصل ومن يعتد بوصله (بالمكافئ) أي المجازي غيره بمثل فعله إن صلة فصلة وإن قطعا فقطع (ولكن) الرواية بالتشديد ويجوز التخفيف (الواصل) الذي يعتد بوصله هو (الذي إذا قطعت) قال في الرياض : بفتح القاف والطاء وقوله (رحمه) مرفوع (وصلها) يعني وصل قريبه الذي قاطعه نبه به على أن من كافأ من أحسن إليه لا يعد واصلا للرحم وإنما الواصل الذي يقطعه قريبه فيواصل هو وهذا إشارة إلى الرتبة العليا في ذلك وإلا فلو لم يقطعه أحد من قرابته واستمر هو على مواصلاتهم عد واصلا لكن رتبته دون من وصل من قطعه وللعراقي هنا تقرير تعقبه تلميذه ابن حجر بالرد . - (حم خ د) في الزكاة (ت) في البر (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه أيضا ابن حبان وغيره . 7587 - (ليس) وفي رواية ما (أحد أحب إليه المدح) أي الثناء بالجميل (من الله) أي أنه يحب المدح من عباده ليثيبهم على مدحهم الذي هو بمعنى الشكر والاعتراف بالعبودية للواحد الخالق المنعم القهار فإذا كان الأشخاص المعلولون المربوبون المذنبون المقصرون يحبون المدح فالذي يستحقه أولى وأحق ، تبارك الممدوح في أوصافه المحمود على أفعاله المنعم على عباده البر الرؤوف الرحيم قال في التنقيح : فهم النووي منه أن يقال مدحت الله وليس صريحا لاحتمال كون المراد أنه تعالى يجب أن يمدح غيره لا أن المراد يحب أن يمدحه غيره (ولا أحد أكثر معاذير من الله) جمع بين محبة المدح والعذر الموجبين لكمال الإحسان وبين أنه لا يؤاخذ عبيده بما ارتكبوه حتى يعذر إليهم المرة بعد الأخرى ولأجل ذلك أرسل رسله وأنزل كتبه إعذارا وإنذارا وهذا غاية المجد والإحسان ونهاية الكمال والامتنان فهو لا يسرع بإيقاع العقوبة من غير إعذار منه ومن غير قبول للعذر ، ممن اعتذر إليه ، وفيه دلالة على كرم الله وقبوله عذر عباده فقد بسط عذرهم ودلهم على موضع التملق له وعرفهم أنه يقيل عثراتهم ويعفو عن زلاتهم ويتجاوز عن سقطاتهم . - (طب عن الأسود بن سريع) ظاهر اقتصاره على عزوه للطبراني أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة فإن أراد باللفظ فمسلم وإلا فممنوع فقد رواه البخاري في التوحيد ومسلم في اللعان بلفظ لا أحد أحب إليه المدحة من الله عز وجل ومن أجل ذلك وعد الله الجنة ولا أحد أحب إليه العذر من الله ومن أجل ذلك بعث المنذرين والمبشرين اه‍ . وفي مسلم في التوبة من حديث ابن [ ص 362 ] مسعود ليس أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه وليس أحد أغير من الله من أجل ذلك حرم الفواحش وليس أحد أحب إليه العذر من الله من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل اه‍ بنصه .
[ 461 ]
7588 - (ليس أحد أفضل عند الله من مؤمن يعمر في الإسلام لتكبيره وتحميده وتسبيحه وتهليله) أي لأجل صدور ذلك منه ومن شأنه هذا فهو خير الناس لقوله في الخبر المار خيركم من طال عمره وحسن عمله لفظ رواية أحمد تسبيحه وتكبيره وتهليله قال في الكشاف : وأحد في الأصل بمعنى واحد وهو الواحد ثم وضع في النفي العام مستويا فيه المذكر والمؤنث والواحد وما وراءه . - (حم عن طلحة) بن عبيد الله رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ورواه من الستة النسائي أيضا فما أوهمه اقتصار المصنف على أحمد من أنه لم يخرج في أحدها غير جيد وسببه كما رواه أحمد وغيره أن ثلاثة من بني عذرة أسلموا فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يكفيهم قال أبو طلحة : أنا فبعث النبي صلى الله عليه وسلم فخرج أحدهم فيه فقتل ثم آخر فقتل ثم مات الثالث فرآهم أبو طلحة في الجنة والميت على فراشه أمامهم وأولهم فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فذكره . 7589 - (ليس أحد أحق بالحدة من حامل القرآن) لعزة القرآن (في جوفه) يعني بحيث لا يؤدي إلى ارتكاب محذور أو أراد بالحدة الصلابة في الدين . - (أبو نصر السجزي في) كتاب (الإبانة) عن أصول الديانة (فر) من حديث بشر بن الحسين عن الزبير بن عدي (عن أنس) قال في الميزان : بشر هذا قال الدارقطني : متروك وقال ابن عدي : عامة حديثه غير محفوظ وقال أبو حاتم : يكذب على الزبير ثم ساق له مما أنكروه عليه أخبارا هذا منها وقال : لا يصح شئ منها وفي اللسان عن ابن حبان : لا ينظر في شئ رواه عن الزبير إلا على جهة التعجب وكذبه الطيالسي . 7590 - (ليس أحد من أمتي) أي أمة الإجابة (يعول ثلاث بنات) أي يقوم بما يحتجنه من نحو قوت وكسوة (أو ثلاث أخوات) له (فيحسن إليهن) أي يعولهن ومع ذلك يحسن إليهن في الإقامة عليهن بأن لا يمن عليهن ولا يظهر لهن الضجر والملل ولا يحملهن ما لا يطقنه (إلا كن له سترا من النار) أي وقاية من دخول نار جهنم لأنه كما سترهن في الدنيا عن ذل السؤال وهتك الأعراض باحتياجهن إلى الغير الذي ربما جر إلى الخنا والزنا جوزي بالستر من النار جزاء وفاقا . (هب عن عائشة) رمز لحسنه .
[ 462 ]
7591 - (ليس أحد منكم بأكسب من أحد قد كتب الله المصيبة والأجل وقسم المعيشة والعمل فالناس يجرون فيها إلى منتهى) أي يستديمون السعي المتواصل في ذلك إلى نهاية أعمارهم فاعتمد أيها العاقل على التقدير السابق واشهد مجرى الأحكام في العقل اللاحق وانظر بعين البصيرة ترى حكم العالم بأسره في يد الواحد من غير زائد قسم الآجال والأرزاق [ ص 363 ] بحكمته وقدرها بمشيئته ، سمع بعضهم هاتفا يقول : نحن قسمنا الأرزاق بين * الورى فأدب النفس ولا تعترض وسلم الأمر لأحكامنا * فكل عبد رزقه قد فرض فانشق عبير نسمات اللفظ أنسا ، وطب به سبحانه حياة ويقينا ونفسا واعلم بأن الرزق لا يأتي بحيلة وتدبير ، وإنما يأتي بقسمة الواحد القدير : ولو كانت الأرزاق تأتي بحيلة * هلكن إذا من جهلهن البهائم (حل عن ابن مسعود) . 7592 - (ليس) وفي رواية ما (أحد أصبر) من الصبر وأصله حبس النفس على ما تكرهه وهو في صفة الباري تأخير العذاب عن مستحقه فالمراد من أفعل نفي ذات المفضل عليه وإذا انتفت ذاته انتفت المساواة والنقص بالأولى (على أذى) مصدر أذى يؤذي يعني المؤذي أي كلام مؤذ (يسمعه من الله) أي ليس أحد أشد صبرا من الله بإرسال العذاب إلى مستحقه وهم الكفار على القول القبيح الآتي وفيه إيماء إلى أن الصبر على تحمل الأذى محمود وترك الانتقام ممدوح ولهذا كان جزاء الصبر غير محصور إذ الصبر والحلم في الأمور هو التخلق بأخلاق مالك أزمة الأمور وبالصبر يفتح كل باب مغلوق ويسهل كل صعب مرتج وهنا سر بديع وهو أن من تعلق بصفة من صفاته تعالى أدخلته تلك الصفة عليه وأوصلته إليه فهو الصبور ، أوحى الله إلى داود تخلق بأخلاقي ومن أخلاقي أنى أنا الصبور ثم بين الأذى المسموع بقوله (إنهم ليدعون له ولدا ويجعلون له أندادا) ولو نسب ذلك إلى ملك من أحقر ملوك الدنيا لاستنكف وامتلأ غضبا وأهلك قائله فسبحانه ما أحلمه وما أرحمه * (وربك الغفور ذو الرحمة لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب) * (وهو مع ذلك) يحبس عقوبته عنهم ولا يعاجلهم بل (يعافيهم) أي يدفع عنهم المكاره والمعافاة دفع المكروه (ويرزقهم) فهو أصبر على الأذى من الخلق فإنهم يؤذون بما هو فيهم وهو يؤذى بما ليس فيه وهم إن صبروا صبروا تكلفا وضعفا وصبره حلم ولطف وفيه إبانة عن كرم الله وصفحه وفضله في تأخير معاجلة العذاب وإدرار الرزق على مؤذيه فهذا كرمه في معاملة أعدائه فما ظنك بمعاملة أصفيائه وفيه حث على تحمل الأذى فيما يؤلم
[ 463 ]
العبد ليجازى غدا جزاء الصابرين * (إن رحمة الله قريب من المحسنين) * . - (ق عن أبي موسى) الأشعري عبد الله بن قيس رواه عنه النسائي في التفسير . 7593 - (ليس بحكيم من لم يعاشر بالمعروف من لا بد من معاشرته) من نحو زوجة وأمة وأهل وفرع وخادم وصديق ورفيق وجار وأجير ومعامل وخليط وشريك وصهر وقريب ونحو ذلك (حتى) أي إلى أن (يجعل الله له من ذلك مخرجا) يشير إلى أن التباين في الناس غالب واختلافهم في الشيم ظاهر ومن رام عيالا أو إخوانا تتفق أحوالهم جميعهم فقد رام أمرا متعذرا بل لو اتفقوا لربما وقع بينهم خلل في نظامه إذ ليس واحد من هؤلاء يمكن الاستعانة به في كل الأحوال ولا المجبولون على الخلق الواحد يمكن أن يتصرفوا في جميع الأعمال وإنما بالاختلاف يكون الائتلاف والإخوان ثلاث طبقات طبقة كالغذاء لا يستغنى عنه وطبقة كالدواء يحتاج إليه أحيانا وطبقة كالداء لا يحتاج إليه أبدا وفي الحديث أعظم حث على المداراة وحسن الصحبة وقد تطابقت على ذلك الملل والنحل وتواصوا به حتى من أنكروا [ ص 364 ] المعاد وحشر الأجساد قال الأصمعي : لما حضرت جدي الوفاة جمع بنيه فقال : عاشروا معاشرة إن عشتم حنوا إليكم وإن متم بكوا عليكم ، أوحى الله إلى داود ما لي أراك خاليا قال : هجرت الناس فيك يا رب قال : ألا أدلك على ما تستثني به وجوه الناس إليك وتبلغ به رضاي ؟ خالق الناس بأخلاقهم واحتجر الإيمان بيني وبينك ، وفي العوارف لا يستدل على قوة العقل والحلم بمثل حسن المداراة . - (هب) وكذا الحاكم وعنه ومن طريقه خرجه البيهقي مصرحا فلو عزاه للأصل كان أحق (عن أبي فاطمة الإيادي) بكسر الهمزة وفتح المثناة تحت ودال مهملة نسبة إلى إياد نزار بن معد بن عدنان ثم قال الحاكم : لم نكتبه عنه إلا بهذا الإسناد وإنما نعرفه عن محمد بن الحنفية من قول الحاتم اه‍ . وقال ابن حجر : المعروف موقوف وقال العلائي : هذا إنما هو من كلام ابن الحنفية . 7594 - (ليس بخيركم من ترك دنياه لآخرته ولا آخرته لدنياه حتى يصيب منهما جميعا فإن الدنيا بلاغ إلى الآخرة ولا تكونوا كلا) أي عيالا وثقلا (على الناس) لأنه سبحانه أنزل المال ليستعان به على إقامة حقوقه الموصلة إلى الدار الآخرة لا للتلذذ والتمتع فهو وسيلة إلى الخير والشر فأربح الناس من جعله وسيلة إلى الدار الآخرة وأخسرهم من توسل به إلى هواه ونيل مناه والدنيا على الحقيقة لا تذم وإنما يتوجه الذم إلى فعل العبد فيها وهي قنطرة ومعبرة إلى الجنة أو النار ولكن لما غلبت عليها الحظوظ والغفلة والإعراض عن الله والذم للآخرة وصار ذلك هو الغالب على أهلها ذمت عند الإطلاق وإلا فهي مزرعة الآخرة ومنها زاد الجنة ولهذا قال بعض السلف : المال سلاح المؤمن وقال سفيان : وكانت له
[ 464 ]
بضاعة يقلبها لولاها لتمندل بي بنو العباس وقيل له : إنها تدنيك من الدنيا قال : لئن أدنتني منها لقد صانتني عنها وكانوا يقولون : أنجروا فإنكم في زمان إذا احتاج أحدكم كان أول ما يأكل بدينه . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك ورواه عنه أيضا الديلمي باللفظ المزبور فلو ضمه إليه في العزو كان أولى . 7595 - (ليس بمؤمن من لا يأمن جاره غوائله) أي ليس المؤمن الكامل الإيمان من يفعل ذلك وقد ورد الحث على إكرام الجار في الكتب السماوية ، قال في التوراة : إذا سكن بينكم الذي يقبل إلي فلا تظلموه بل أنزلوه منزلة أحدكم وصيروه منكم الذين يقبلون إلي ويسكنون معكم أحبوهم كما تحبون أنفسكم . - (ك عن أنس) . 7596 - (ليس بمؤمن مستكمل الإيمان من لم يعد البلاء نعمة والرخاء مصيبة) قالوا : كيف يا رسول الله قال : إن البلاء لا يتبعه إلا الرخاء وكذلك الرخاء لا يتبعه إلا البلاء والمصيبة ، هذا بقية الحديث ، فما أوهمه صنيع المصنف من أن ما ذكره هو الحديث بتمامه غير جيد . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه عبد العزيز بن يحيى المدني قال البخاري : كان يضع الحديث اه‍ . فكان ينبغي للمصنف حذفه من كتابه . 7597 - (ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإذا تركها فقد أشرك) أي فعل فعل أهل الشرك ولا يكفر حقيقة إلا إن جحد وجوبها . - (ه عن أنس) بن مالك رمز المصنف لصحته ورواه مسلم بدون فإذا إلخ . 7598 - (ليس بي رغبة عن أخي موسى) بن عمران (عريش كعريش موسى) أي ليس أريد مسكنا في الدنيا غير عريش كعريش موسى ، خشيبات وعويدات رئاث ، فلا أتبوأ القصور ولا أزخرف الدور ، قال في الكشاف : كل مرتفع أظلك من سقف بيت أو خيمة أو كرم أو ظلة فهو عريش . - (طب عن عبادة بن الصامت) قال الهيثمي : فيه عيسى بن سنان ضعفه أحمد وغيره ووثقه العجلي وابن حبان .
[ 465 ]
7599 - (ليس شئ أثقل في الميزان من الخلق) بالضم (الحسن) لأن صاحبه في درجة الصائم القائم بل فوق درجتهما لأن الحسن الخلق لا يحمل غيره أثقاله ويتحمل أثقال غيره وخلقهم كما سبق فهو في الميزان أثقل لما تقرر من أن جهاد النفس على تحمل ثقلها وثقل غيرها أمر مهول لا يثبت له إلا الفحول . - (حم) وكذا أبو نعيم في الحلية (عن أبي الدرداء) رمز المصنف لصحته وقال أبو نعيم : غريب من حديث الثوري عن إبراهيم بن نافع . 7600 - (ليس شئ أحب إلى الله تعالى من قطرتين وأثرين : قطرة دموع) أي قطراتها فلما أضيفت إلى الجمع أفردت ثقة بذهن السامع نحو كلوا في بطنكم (من خشية الله) أي من شدة خوف عقابه أو عتابه (وقطرة دم تهراق في سبيل الله) أفرد الدم وجمع الدمع تنبيها على تفضيل إهراق الدم في سبيل الله على تقاطر الدموع (وأما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله) قال ابن العربي : الأثر ما يبقى بعده من عمل يجري عليه أجره من بعده ومنه قوله * (ونكتب ما قدموا وآثارهم) * وقال غيره : الأثر ما يبقى من رسوم الشئ وحقيقته ما يدل على وجود الشئ والمراد خطوة الماشي وخطوة الساعي في فريضة من فرائض الله أو ما بقي على المجاهد من أثر الجراحات وعلى الساعي المتعب نفسه في أداء الفرائض والقيام بها والكد فيها كاحتراق الجبهة من حر الرمضاء التي يسجد عليها وانفطار الأقدام من برد ماء الوضوء ونحو ذلك . - (ت) في الجهاد (والضياء) المقدسي في المختارة (عن أبي أمامة) الباهلي وفي سند الترمذي الوليد بن جميل قال في الكاشف : لينه أبو زرعة . 7601 - (ليس شئ أطيع الله تعالى فيه أعجل ثوابا من صلة الرحم) أي الإحسان إلى الأقارب بقول أو فعل (وليس شئ أعجل عقابا من البغي) أي التعدي على الناس (وقطيعة الرحم) بنحو إساءة أو هجر (واليمين الفاجرة) أي الكاذبة (تدع) أي تترك (الديار بلاقع) بفتح الباء واللام وكسر القاف جمع بلقع وهي الأرض القفراء التي لا شئ فيها يريد أن الحالف يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق ، وقيل : هو أن يفرق الله شمله وبغير عليه ما أولاه من نعمه . (هق عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه .
[ 466 ]
7602 - (ليس شئ‌أكرم) قال الطيبي : بالنصب خبر ليس (على الله تعالى من الدعاء) لدلالته على قدرة الله وعجز [ ص 366 ] الداعي قال الطيبي : ولا منافاة بين هذا الحديث وآية * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * (الحجرات : 13) لأن كل شئ يشرق في بابه فإنه يوصف بالكرم قال تعالى * (وأنبتنا فيها من كل زوج كريم) * وإنما كان أكرم الناس أتقاهم لأن الكرم من الأفعال المحمودة وأكرمها ما يقصد به أشرف الوجوه وأشرفها ما يقصد به وجه الله فمن قصد ذلك بمحاسن أفعاله فهو التقي فإذن أكرمهم أتقاهم وعلى هذا حكم الدعاء فإنه مخ العبادة . - (حم خد ت) وكذا ابن ماجه وكأنه أغفله ذهولا (ك) وقال : صحيح وأقره الذهبي (عن أبي هريرة) قال الترمذي : حسن غريب ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه عمران القطان قال في الميزان وغيره : ضعفه النسائي وأبو داود ومشاه أحمد وقال ابن القطان : رواته كلهم ثقات وما موضع في إسناده ينظر فيه إلا عمران وفيه خلاف وقال ابن حبان : حديث صحيح . 7603 - (ليس شئ أكرم على الله تعالى من المؤمن) هذا تعظيم للمؤمن ورفع لشأنه وتأهيل لكرامة سنية وإظهار لفضيلة سابقة ومزية كيف وقد فضله الله على سائر المخلوقات وما يرى فيه من النقائص كالشهوة والحرص والبخل فهي مواد الكمال ومبادئه فإن العفة نتيجة الشهوة والسخاء نتيجة البخل لأنهما طرفا الإفراط والتفريط والتبذير والإمساك والحرص نتيجة الترقي إلى منتهى بغيته ، وروى النجم الكبرى في فواتح الجمال عن الجزقاني قال : صعدت إلى العرش فطفته ألف طوفة فرأيت الملائكة يطوفون مطمئنين فعجبوا من سرعة طوافي فقلت : ما هذه البرودة في الطواف قالوا : نحن أنوار لا نقدر أن نجاوزه فما هذه السرعة فيك قلت : أنا آدمي وفي نور ونار وهذه السرعة من نتائج نار الأشواق . (تنبيه) قال التونسي : اللطيفة الإنسانية في غابة الشرف والعظم ألا ترى إلى قوله سبحانه * (ولقد كرمنا بني آدم) * فأكد التكرمة بالقسم ، وفي بعض الكتب المنزلة يقول الله تعالى : " ابن آدم خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي الأكوان لك عبيد سخرت وأنت عبد الحضرة " . وقال بعض العارفين : نهاية الأكوان الإنسان ولهذا لم يرض سبحانه لأهل الجنة بمنازل الجنان حتى زادهم فيها النظر إلى وجهه في حضرة الإحسان فالإنسان بيت القصيد من المقصود وإليه كل معنى بالحقيقة يعود لأنه النسخة الكاملة والصحيفة التي هي لكل الحقائق شاملة كما قيل . وتحسب أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر فهو العين المقصودة في العالم لكونه مجمعا لما تفرق فيه فهو كلي صغير وفيه كل ما في العالم . - (طس عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي : فيه عبيد الله بن تمام وهو ضعيف جدا اه‍ . لكن يشهد له ما في أوسط الطبراني عن ابن عمرو أيضا أن المصطفى صلى الله عليه وسلم نظر للكعبة فقال : لقد شرفك الله وكرمك
[ 467 ]
وعظمك والمؤمن أعظم حرمة منك وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وما فيه أيضا عن جابر لما افتتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة استقبلها بوجهه وقال : أنت حرام ما أعظم حرمتك وأطيب ريحك وأعظم حرمة عند الله منك المؤمن ، وفيه محمد بن محيصن كذاب لكن تعدد الطرق دل على أن للحديث أصلا . 7604 - (ليس شئ خيرا من ألف مثله إلا الإنسان) يشير إلى أنه قد يبلغ بقوة إيمانه وإيقانه وتكامل أخلاق إسلامه إلى ثبوت في الدين وقيام بمصالح الإسلام والمسلمين بعلم يكسبه وينشره أو مال يبذله أو شجاعة يسد بها مسد ألف وقد نظمها بعضهم فقال : والناس ألف منهم كواحدا * وواحد كألف إن امرء عدا وقال العارف التونسي : الأسرار الإلهية والأنوار الرحمنية المفاضة من حضرة الذات بتجلي تعرفات الصفات لا يتم فيها الظهور ويرتفع عنها برقع الستور إلا في المجلى الإنساني إذ هو العرش الرحماني والمستوى العرفاني والرفرف المتداني وذلك ما خص به من النشأة الكاملة والخلافة الشاملة بخلاف ما سواه من المظاهر الملكية العلوية والملوك الروحانية [ ص 367 ] الأرضية والنفوس الشيطانية والأفلاك الحسية والأجسام الحيوانية والخصائص النباتية والطبائع المعدنية لأن كل مظهر من هذه المظاهر العلوية والسفلية جعل جزءا من الدائرة المحيطة الإنسانية فهو علوي سفلي جزئي كلي سمائي أرضي ملكي شيطاني إنساني حيواني وهو المقصود من الوجود إن كان حضرة المعارف الالهية وشمس المعاني الربانية وتاج ملكة الوجود وواسطة عقد الجود وإنسان عين العالم وروح جسد العوالم . (طب والضياء) المقدسي (عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي : مداره على أسامة بن زيد بن أسلم وهو ضعيف جدا كذا في موضع وأعاده في آخر وقال : رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن يوسف وهو ثقة اه‍ . وقال شيخه العراقي : الحديث حسن . 7605 - (ليس شئ من الجسد) أي جسد المكلف (إلا وهو يشكو ذرب اللسان) أي فحشه وبقية الحديث عند مخرجه على حدثه فكأنه سقط من قلم المصنف ، أخرج ابن عساكر في تاريخه قال رجل للأحنف : أوصني قال : عليك بالخلق الفسيح والكف عن القبيح واعلم أن الداء الذي أعيا الأطباء اللسان البذي والفعل الردي . - (ع هب) من حديث أسلم (عن أبي بكر) الصديق قال أسلم : اطلع عمر على أبي بكر وهو يمد لسانه قال : ما تصنع قال : إن هذا أوردني الموارد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير موسى بن محمد بن حبان وقد وثقه ابن حبان اه‍ وأقول : ليس توثيقه بمتفق عليه فقد أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه أبو زرعة .
[ 468 ]
7606 - (ليس شئ إلا وهو أطوع لله تعالى من ابن آدم) حتى الجماد كالأرض التي خلق منها فإنها مجبورة ونفس الآدمي مفتونة بالشهوات فليست طاعة الأرض ولا طاعة السماء ولا طاعة سائر الخلق تشبه طاعة الآدمي لأن طاعته يخرجها من بين الشهوات والوسواس وعجائب القلب فأما أولئك فلم يسلط عليهم ذلك فهم أسهل انقيادا . - (البزار) في مسنده (عن بريدة) رمز المصنف لحسنه ورواه عنه أيضا الطبراني في الصغير باسنادين قال الهيثمي : وفيه أبو عبيد الأشجعي ولم أر من سماه ولا ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح . 7607 - (ليس عدوك أعظم أجرا من ماء) أي من سقي الماء للظمآن وقد مر غير مرة . - (هب عن أبي هريرة) رمز لحسنه وفيه داود بن عطاء أورده الذهبي في الضعفاء والمتروكين وقال : قال البخاري : متروك ، ويزيد بن عبد الملك النوفلي ضعفوه ، وسعيد بن أبي سعيد قال ابن عدي : مجهول . 7608 - (ليس عدوك الذي إن قتلته كان) أي قتله (لك نورا) يسعى بين يديك في القيامة (وإن قتلك دخلت الجنة) لكونك شهيدا (ولكن أعدى عدو لك ولدك الذي خرج من صلبك) فمن الأولاد أولاد يعادون آباءهم ويعقونهم يجرعونهم الغصص ومنهم من يحمل أباه على اكتساب المال من غير حله ليبلغ به شهوته ولذته (ثم) بعد ولدك في العداوة (أعدى عدو لك مالك الذي ملكت يمينك) فإن النفس والشيطان قد يحملانك على صرفه في العصيان ، قال في الكشاف : العدو الصديق يجيئان في معنى الواحد والجماعة قال : وقوم علي ذي شدة * أراهم عدوا وكانوا صديقا [ ص 368 ] ومنه قوله تعالى * (وهم لكم عدو) * شبها بالمصادر للموازنة كالقبول والولوغ ، قال الراغب : جعل هؤلاء أعداءا للإنسان لما كانوا سببا لهلاكه الأخروي لما يرتكبه من المعاصي لأجلهم فيؤدي به إلى هلاك الأبد الذي هو شر من إهلاك المعادي المناصب أباه . - (طب عن أبي مالك الأشعري) وضعفه المنذري قال الهيثمي : فيه محمد بن إسماعيل بن عياش وهو ضعيف . 7609 - (ليس على الرجل جناح) أي إثم (أن يتزوج بقليل أو كثير من ماله إذا تراضوا) يعني الزوج والزوجة والولي (وأشهدوا) على عقد النكاح ، فيه أن النكاح ينعقد بأدنى متمول ولو درهما
[ 469 ]
واحدا وهو مذهب الشافعي ، وقال أبو حنيفة : أقله عشرة دراهم وفيه أنه يشترط في النكاح الإشهاد وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة ولم يشترطه مالك . - (هق) من حديث حسن بن صالح وشريك (عن أبي سعيد) شك شريك في رفعه قال في المهذب : وفيه أبو هارون وهو واه جدا . 7610 - (ليس على الماء جنابة) احتج به من ذهب إلى طهورية المستعمل قالوا : لأنه غسل به محل طاهر فلم تزل طهوريته كما لو غسل به الثوب ولأنه لاقى محلا طاهرا فلا يخرج عن حكمه بتأدية الغرض به كالثوب يصلى فيه مرارا اه‍ . قال ابن الجوزي : وفي استدلالهم بالحديث نظر . - (طب عن ميمونة) قالت : أجنبت فاغتسلت من جفنة ففضلت منها فضلة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل فقلت : إني قد اغتسلت منه فذكره ورواه عنها أحمد ولعل المؤلف أغفله سهوا رمز المصنف لحسنه . 7611 - (ليس على الماء جنابة ولا على الأرض جنابة ولا على الثوب جنابة) قال ابن الأثير : أراد أنه لا يصير شئ منها جنبا يحتاج إلى الغسل لملامسة الجنب إياها اه‍ . أخذ بظاهره بعض المجتهدين كالحسن فذهب إلى أن النجاسة الحكمية إذا جف محلها من نحو أرض فالصلاة عليه أو فيه مجزئة . - (قط) من حديث حفص بن عمر المازني عن سليم بن حبان عن سعيد بن مينا (عن جابر) بن عبد الله قال الغرياني في حاشية مختصر الدارقطني : فيه أبو عمر حفص بن عمر المازني لم أجده روى عن سليمان بن حبان وقال في لسان الميزان : وحفص لا يعرف وذكر له هذا الخبر ورواه ابن جرير في التهذيب والدارقطني عن ابن عباس بلفظ أربع لا يجنبن الإنسان والماء والأرض والثوب . 7612 - (ليس على المختلس) وهو من يأخذ معاينة ويهرب (قطع) لأن من شرط القطع الإخراج من الحرز . - (ه عن عبد الرحمن بن عوف) جزم الحافظ ابن حجر بصحته فقال : رواه ابن ماجه عن ابن عوف بإسناد صحيح وأعاده مرة أخرى فقال : رجاله ثقات ، فاقتصار المصنف على رمزه لحسنه غير حسن . 7613 - (ليس على المرأة إحرام إلا في وجهها) وفي رواية إحرام المرأة في وجهها وإحرام الرجل في رأسه اه‍ . فللمرأة ولو أمة ستر جميع بدنها بقميص أو غيره إلا الوجه فيحرم ستره اتفاقا إلا ما لا يمكن ستر رأسها إلا به ولها سدل ثوب متجاف عنه . - (طب عن ابن عمر) قال الهيثمي : وفيه أيوب بن محمد اليمامي وهو ضعيف [ ص 369 ] (هق عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الذهبي في المهذب : وفيه أيوب بن محمد أبو الجمل ضعفه ابن معين وغيره وعن الدارقطني : تفرد برفعه أيوب هذا والصواب
[ 470 ]
وقفه وفي اللسان عن العقيلي : لا يتابع على رفعه وإنما يروى موقوفا ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عمر المذكور ، وتعقبه الغرياني في مختصره بأن فيه أيوب بن محمد أبو الجمل قاضي اليمامة ، قال أبو حاتم : لا بأس به ورواه البخاري في تاريخه ولم يضعفه وأما أبو زرعة فقال : منكر الحديث وقال ابن معين : لا شئ . 7614 - (ليس على المسلم في) عين (عبده ولا في) عين (فرسه صدقة) أي زكاة ، والمراد بالفرس والعبد الجنس ، واحترز بالعين عن وجوبها في قيمتهما إذا كانا للتجارة ، وخص المسلم وإن كان الأصح تكليف الكافر بالفروع لأنه ما دام كافرا لا يخاطب بالإخراج في الدنيا وأوجبها الحنفية في الفرس السائمة وحملوا الخبر على فرس الغزو . - (حم ق 4) في الزكاة (عن أبي هريرة) زاد مسلم في رواتيه إلا صدقة الفطر أو العيد . 7615 - (ليس على المسلم زكاة في كرمه ولا في زرعه) ولا في غيرهما من كل ما تجب فيه الزكاة من الثمار والحبوب فنبه بالكرم على بقية أنواع الثمار (إذا كان أقل من خمسة أوسق) فشرط وجوب الزكاة النصاب وهو خمسة أوسق ستون صاعا كيلا ووزنا . - (ك هق) في الزكاة (عن جابر) وقال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي . 7616 - (ليس على المعتكف صيام) أي واجب (إلا أن يجعله على نفسه) بالالتزام بنحو نذر وهذا حجة للشافعي وأحمد في ذهابهما إلى صحة الاعتكاف بدون صوم وبالليل وحده ورد على أبي حنيفة ومالك حيث منعاه . - (ك) في الصوم (هق) كلاهما (عن ابن عباس) قال الحاكم : على شرط مسلم وعارضه بما لم يصح اه‍ . وأقره الذهبي ورواه الدارقطني هكذا من هذا الوجه ثم قال : رفعه هذا الشيخ يعني محمد بن إسحاق السوسي وغيره لا يرفعه . وقال ابن حجر : رواه الحاكم مرفوعا والصواب موقوفا . 7617 - (ليس على المنتهب) الذي يعتمد القوة والغلبة ويأخذ عيانا (ولا على المختلس ولا على الخائن) في نحو وديعة (قطع) لأنهم غير سراق والله سبحانه أناط القطع بالسرقة قال ابن العربي : أما المنتهب فلأنه قد جاهر والسرقة معناها الخفاء والتستر عن الأبصار والأسماع وأما المختلس فإنه وإن
[ 471 ]
كان سارقا لغة فليس بسارق عرفا فإنه مجاهر لا يقصد الخلوا ت ولا يترصد الغفلات إلا عن صاحب المال فقط وإنما يراعى فعل السرقة على العموم وأما الخائن فلأنه ائتمن على المال ومكن منه فلم يكن محترزا عنه كالمودع والمأذون في دخول الدار وقال القرطبي : فيه أنه لا قطع على جاحد متاع لأنه خائن ولا قطع على خائن قال : خلافا لأحمد وابن راهويه . - (حم 4 حب) كلهم في السرقة (عن جابر) قال الترمذي : حسن صحيح وقال ابن حجر : رواته ثقات إلا أنه معلول بين ذلك أبو حاتم والنسائي . 7618 - (ليس على النساء) في النسك (حلق) وعليه الإجماع (إنما على النساء التقصير) فيكره لهن الحلق فإن حلقن أجزأ قال جمع شافعيون : والخنثى مثلها . - (د) في الحج (عن ابن عباس) سكت عليه أبو داود رمز المصنف لحسنه وهو كما ذكر [ ص 370 ] فقد قال ابن حجر : سنده حسن وذكره أبو حاتم في العلل والبخاري في التاريخ اه‍ . لكن قال ابن القطان : حديث ضعيف منقطع أما ضعفه فلأن أم عثمان بنت أبي سفيان لا يعرف حالها وأما انقطاعه فبين لقول ابن جريج فيه بلغني عن صفية . 7619 - (ليس على أبيك) بكسر الكاف خطابا لمؤنث (كرب بعد اليوم) قاله لفاطمة حين قالت في مرضه واكرب أبتاه والكرب ما يجده من شدة الموت لتضاعف أجوره ، وزعم أن كربه شفقة على أمته من حلول الفتن قال الخطابي : خطأ . - (خ عن أنس) بن مالك قال : لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه جعل يتغشاه الكرب فقالت فاطمة : واكرب أبتاه قال : ليس على أبيك إلخ وفي رواية " لا كرب على أبيك إلخ فلما مات قالت : واأبتاه أجاب ربا دعاه واأبتاه جنة الفردوس مأواه واأبتاه إلى جبريل ننعاه فلما دفن قالت فاطمة : أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب . رواه كله البخاري . 7620 - (ليس على أهل لا إله إلا الله) يعني على من نطق بها عن صدق وإخلاص فأهلها من انفتح لهم عيون أفئدتهم بالتوبة إلى الله والإصلاح لما خربوا والاعتصام بالله والإخلاص لله فمن قدم على ربه مع الإصرار على الذنوب فليس من أهل لا إله إلا الله بل من أهل قول لا إله إلا الله في الاختيار ولذلك قال تعالى * (فوربك لنسألنهم أجمعين عما كانوا يعملون) * أي عن صدق لا إله إلا الله ولم يقل عما كانوا يقولون ومن أهل قول لا إله إلا الله الذين يدلون على الله بأعمالهم في الشريعة ويعجبون بأنفسهم يتكبرون بها ويتغالون ويتعالون على الخلق ويعاملون الله في السر بخلاف العلن ويراؤون بأعمالهم في طلب الدنيا وجاهها وفخرها ساخطين لأقدار الله في الخلق وفي أنفسهم حاسدين لعباده في نعمهم مضادين لأقضيته فهؤلاء أهل الأثقال الذين تحت المشيئة وهم أهل قول
[ 472 ]
لا إله إلا الله لا أهلها الذين الكلام هنا فيهم (وحشة في الموت) أي في حال نزول الموت بهم (ولا في القبور ولا في النشور) أي يوم النشور (كأني أنظر إليهم عند الصيحة) أي نفخة إسرافيل النفخة الثانية للقيام من القبور للحشر (ينفضون رؤوسهم من التراب يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) أي الهم من خوف العاقبة أو همهم من أجل المعاش وآفاته أو من وسوسة الشيطان أو حزن الموت أو حزن زوال النعم أو هو عام في جميع الأحزان الدنيوية والأخروية ، قال الحكيم : وإنما ذهبت عنهم الوحشة في القبور والنشور لأنهم بشروا بالنجاة من العذاب والحساب والفوز يوم القيامة ولقوا روحا وريحانا عند الموت وفي الآخرة نضرة وسرورا . - (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : رواه الطبراني من طريقين في إحداهما - أي وهي المذكورة هنا - يحيى الحماني وفي الأخرى مشاجع بن عمرو وكلاهما ضعيف اه‍ وأورده ابن الجوزي في الواهيات وأعله قال الحافظ العراقي : ورواه عنه أيضا أبو يعلى والبيهقي بسند ضعيف . 7621 - (ليس على رجل) في رواية ليس على ابن آدم (نذر فيما لا يملك) يعني لو نذر عتق من لا يملكه أو التضحي بشاة غيره أو نحو ذلك لم يلزمه الوفاء به وإن دخل في ملكه (ولعن المؤمن كقتله) في التحريم أو العقاب أو الإبعاد ، إذ اللعنة [ ص 371 ] تبعيد من الرحمة والقتل يبعد من الحياة الحسية والضمير للمصدر الذي دخل عليه الفعل أي فلعنه كقتله (ومن قتل) في رواية لمسلم من ذبح (نفسه بشئ) زاد مسلم في الدنيا (عذب به يوم القيامة) زاد مسلم في رواية له في نار جهنم وهذا من قبيل مجانسة العقوبات الأخروية للجنايات الدنيوية وفيه أن جنايته على نفسه كجنايته على غيره في الإثم (ومن حلف بملة سوى الإسلام كاذبا) بأن قال إن كنت فعلت كذا فهو يهودي أو برئ من الإسلام وكان فعله (فهو كما قال) ظاهره أنه يختل إسلامه بذلك ويكون كما قال ولعل القصد به التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم بصيره كافرا فكأنه قال هو مستحق لمثل عذاب ما قال ، ذكره القاضي والطيبي . قال القاضي : وهل يسمى هذا في عرف الشرع يمينا وهل تتعلق الكفارة بالحنث فيه ؟ فيه خلاف قال مالك والشافعي : لا يمين ولا كفارة لكن القائل آثم صدق أم كذب وقال أصحاب الرأي وأحمد : فيه كفارة (ومن قذف مؤمنا بكفر) كأن قال يا كافر (فهو كقتله) أي الفذف كقتله في الحرمة أو في التألم ووجه الشبه أن النسبة إلى الكفر الموجب للقتل كالقتل فإن المنتسب إلى الشئ كفاعله والقذف أصالة الرمي ثم شاع واستعماله عرفا في الرمي بالزنا ثم استعير لكل ما يعاب به . - (ق 4 عن ثابت بن الضحاك) الأشهلي قيل : ممن بايع تحت الشجرة مات في فتنة ابن الزبير أو غير ذلك . 7622 - (ليس على الرجل طلاق فيما لا يملك ولا عتاق فيما لا يملك ولا بيع فيما لا يملك)
[ 473 ]
فيه حجة لمذهب الشافعي أنه لو علق طلاق أجنبية بنكاحها لم يؤثر لو تزوجها ، ووافقه أبو حنيفة ، وقال مالك : إن عمم ككل امرأة أتزوجها طالق لم يقع وإلا وقع ، وعن أحمد روايتان . - (حم ن عن ابن عمرو) بن العاص وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال البيهقي في الخلافيات : قال البخاري : وهذا أصح شئ في هذا الباب وأشهر . 7623 - (ليس على مسلم جزية) يعني إذا أسلم ذمي أثناء الحول لم يطالب بحصة الماضي منه وقيل : أراد إذا أسلم وكان بيده أرض صولح عليها بخراج الوضع تسقط عن رقبته الجزية ، هذا أقرب ما قيل في توجيهه ووراء ذلك أقوال ركيكة . - (حم د عن ابن عباس) رمز المصنف لصحته وليس بصاف عن النزاع ففيه من طريق أبي داود قابوس ، قال ابن القطان : ضعفوه وبما ترك حذيفة ولا يدفع عن صدق وإنما كان افترى على رجل فحد فكسد لذلك . 7624 - (ليس على مقهور) أي مغلوب (يمين) فالمكره عل الحلف لا تنعقد يمينه ولا يلزمه كفارة ولا يقع طلاقه . - (قط) عن أبي أمامة ، قال القرياني في اختصار الدارقطني : فيه الحسين بن إدريس عن خالد بن الهياج عن أبيه قال ابن أبي حاتم : له أحاديث باطلة فلا أدري البلاء منه أو من شيخه ؟ وقال البيلماني : خالد ليس بشئ وقال الذهني : متماسك وأما هياج بن سلام قال أبو داود : تركوا حديثه اه‍ . فرمز المصنف لحسنه يكاد يكون غير صحيح بل خطأ فاحش ، قال في المنار : فيه جماعة ضعفاء منهم عنبسة يضع الحديث وأبو بكر النقاش كذاب اه‍ وقال الذهبي في التنقيح : أظنه موضوعا ، وقال ابن حجر في تخريج الرافعي : فيه هياج بن بسطام متروك وشيخه عنبسة مكذب والنقاش المقرئ المفسر ضعيف وقد كذب أيضا اه‍ . واختصر ذلك في تخريج الهداية فقال : الحديث واه جدا اه‍ . 7625 - (ليس على من استفاد مالا زكاة حتى يحول عليه الحول) قال الحرالي : هو من تمام القوة في الشئ الذي ينتهي [ ص 372 ] لدورة الشمس وهو العام الذي يجمع كمال النبات التي تثمر فيه قواه انتهى . وقال بعضهم : كأنه مأخوذ مما له قوة التحويل . (طب عن أم سعد) بنت سعد بن الربيع الأنصاري صحابية صغيرة أوصى بها أبوها إلى الصديق فكانت في حجره ويقال اسمها جميلة وفيه عنبسة بن عبد الرحمن وهو ضعيف اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه اللهم إلا أن يكون اعتضد . 7626 - (ليس على من نام ساجدا) أي أو راكعا أو قائما في الصلاة أو غيرها (وضوء) أي
[ 474 ]
واجب (حتى يضطجع فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله) وذلك لأن مناط النقض الحدث لا عين النوم فلما خفى بالنوم أدير الحكم على ما ينتقض مظنة له فلم ينقض في الثلاثة ونقض في المضطجع لأن المظنة منه ما يتحقق معه الاسترخاء على الكمال وهو في المضطجع لا فيما ذكر هذا مذهب الحنفية ومذهب الشافعي النقض بالنوم كيف كان إلا في قاعد ممكن مقعدته . - (حم عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الحافظ ابن حجر : قال الدارقطني : تفرد به أبو خالد الدالاني ولا يصح وقال الذهبي : فيه يزيد بن عبد الرحمن ضعفوه . وقال ابن حبان في الدالاني كثير الخطأ لا يجوز الاحتجاج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد . 7627 - (ليس على ولد الزنا من وزر أبويه شئ) ظاهره أن هذا الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته كما في المستدرك " لا تزر وازرة وزر أخرى " وأما خبر ولد الزنا شر الثلاثة فمحمول على ما إذا عمل بعمل أبويه جمعا بين الأدلة . (ك) في الأحكام (عن عائشة) وقال : صحيح قال الذهبي في التلخيص : وصح ضده وكذا قال في التنقيح : وقال البيهقي : رفعه لا يصح وأقره عليه في المهذب . 7628 - (ليس عليكم في غسل ميتكم غسل) تمامه إذا غسلتموه وإن ميتكم ليس بنجس فحسبكم أن تغسلوا أيديكم اه‍ . قال الحاكم : فيه رد لحديث من غسل ميتا فليغتسل ورده الذهبي فقال : بل يعمل بها فيندب الغسل ويدل له خبر الدارقطني عن ابن عمر بإسناد صحيح كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل اه‍ . - (ك) في الجنائز وكذا الدارقطني (عن ابن عباس) قال الحاكم : على شرط البخاري وأقره الذهبي في التلخيص لكن البيهقي رواه من طريق الحاكم ثم قال : هذا ضعيف والحمل فيه على أبي شيبة ورده في المهذب فقال : قلت بل هو ثقة لكن هذا من مناكير خالد فإنه يأتي بأشياء منكرة مع أنه شيخ محتج به في الصحيح وفيه ابن عقدة الحافظ مجروح . 7629 - (ليس عند الله يوم ولا) عند الله (ليلة تعدل الليلة الغراء) بالمد البيضاء المستنيرة (واليوم الأزهر) أي الصافي المشرق بالأنوار ليلة الجمعة ويومها وقضيته أنهما من ليلة النحر ويومه وقد مر ما فيه . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن أبي بكر الصديق) . 7630 - (ليس في الابل العوامل صدقة) أي زكاة وهو جمع عاملة وهي يسقى عليها ويحرث وتستعمل في الأثقال لأنها لا تفتني للنماء بل للاستعمال كثياب البدن ومتاع الدار ومثل الابل غيرها من المواشي التي تجب زكاتها . - (عد هق عن ابن عمرو) بن العاص وخرجه عنه الدارقطني من هذا الوجه
[ 475 ]
بهذا اللفظ اه‍ . قال ابن حجر : وسنده ضعيف قال البيهقي : [ ص 373 ] وأشهر منه خبر على ليس في البقر العوامل شئ اه‍ . وصححه ابن القطان . 7631 - (ليس في الأوقاص شئ) جمع وقص بفتح القاف وسكونها قال في الروضة : والفصيح فتحها وهو المشهور في كتب اللغة والمشهور في الفقه إسكانها وهو ما بين النصابين أي ليس فيه شئ من الزكاة بل هو عفو . (طب عن معاذ) بن جبل وفيه عثمان بن عمر قال في ذيل الميزان : سأل ابن أبي حاتم عنه أباه فقال : لا أعرفه وفيه ابن أبي ليلى رجل مجهول . 7632 - (ليس في البقر العوامل) في نحو حرث ولو محرما (صدقة ولكن في كل ثلاثين تبيع) وهو ما له سنة كاملة سمي تبيعا لأنه يتبع أمه في المرعى ولأن قرنه يتبع أذنه ويجزئ عنه تبيعة بالأولى للأنوثة (وفي كل أربعين مسن أو مسنة) وتسمى ثنية وهي ما لها سنتان كاملتان ثم في كل ستين بقرة تبيعان وهكذا في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة وما ذكر من إجزاء التبيع حتى عن الإناث لا كلام فيه وأما إجزاء المسن الذكر عن أربعين من الأناث فلم يقل به الشافعي لدليل آخر . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه وقال الذهبي : فيه سوار متروك عن ليث لين فقال الهيثمي : فيه ليث بن سليم ثقة لكنه مدلس وقال ابن حجر : فيه سوار بن مصعب ثم ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه وكأنه ذهول فقد عزاه في مسند الفردوس إلى ابن ماجه من حديث ابن مسعود . 7633 - (ليس في الجنة شئ مما في الدنيا إلا الأسماء) وأما المسميات فبينها من التفاوت ما لا يعلمه البشر فمطاعم الجنة ومناكحها وسائر أحوالها إنما يشارك نظائرها الدنيوية في بعض الصفات والاعتبارات وتسمى بأسمائها على منهج الاستعارة والتمثيل ولا يشاركها في تمام حقيقتها لا يقال هذا يناقضه قوله تعالى : * (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها) * (البقرة : 25) لأن التماثل هو التشابه في الصفة لأنا نقول التشابه بينهما حاصل في الصورة التي هي مناط الاسم دون القدر والطعم وهو كاف في إطلاق التشابه والمراد التشابه في الشرف والمزية وعلو الطبقة (الضياء) المقدسي (عن ابن عباس) قال المنذري : ورواه عنه البيهقي موقوفا بإسناد جيد . 7634 - (ليس في الحلي زكاة) أي الحلي المباح المتخذ للاستعمال فلا تجب الزكاة فيه عند
[ 476 ]
الشافعي كأحمد وأوجبها الآخران . (قط عن جابر) قال مخرجه الدارقطني : أبو حمزة ميمون أحد رجاله ضعيف الحديث اه‍ . وقال ابن الجوزي : ما عرفت أحدا طعن فيه ، ورده الذهبي في التنقيح فقال : هذا كلام غير صحيح والمعروف موقوف وقال ابن حجر : فيه أبو حمزة وهو ضعيف ثم قال : وقال البيهقي في المعرفة : ما يروى عن جابر مرفوعا ليس في الحلي زكاة باطل لا أصل له وإنما يروى من قوله . 7635 - (ليس في الخضراوات زكاة) قال الزمخشري : هي الفواكه كتفاح وكمثري وقيل : البقول وإنما جاز جمع فعلى هذه بالألف والتاء ولا يقال نساء حمراوات لاختلاطها بالأسماء اه‍ قال الرضي : أجاز ابن كيسان جمع فعلى أفعل وأفعل فعلان بالألف والتاء ومنعه الجمهور فإن غلبت الاسمية على أحدهما جاز اتفاقا كقوله ليس في الخضراوات صدقة اه‍ . [ ص 374 ] وفيه أن الزكاة إنما هي فيما يكال مما يدخر للإقتيات حال الاختبار وهو قول الشافعي ومالك ، وقال أبو حنيفة : تجب في جميع ما يقصد بزراعته نماء في الأرض إلا القصب والحطب . - (قط عن أنس) بن مالك (وعن طلحة) بن معاذ ولفظ الدارقطني عن موسى بن طلحة عن أبيه قال الغرياني في مختصر الدارقطني : وفيه الحارث بن نبهان ضعفوه (ت عن معاذ) بن جبل أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الخضراوات وهي البقول فذكره وظاهر صنيع المصنف أن الترمذي خرجه هكذا وسكت عليه وهو إيهام فاحش بل تعقبه بقوله : إسناده غير صحيح ولا يصح في هذا الباب شئ والصحيح عن موسى بن طلحة مرسل وقال الذهبي في المهذب : هو منقطع وقال ابن حجر : وطريق موسى خرجها الحاكم والطبراني والدارقطني لكن قالوا : عن موسى بن طلحة عن معاذ مرسل وقال الذهبي في المهذب : هو منقطع ، وأخرجه الدارقطني والبزار عن موسى بن طلحة عن معاذ ومن طريق موسى بن طلحة عن أنس بإسناد ضعيف قال : وفي الباب علي وعائشة وابن جحش ورواها الدارقطني وأسانيده كلها ضعيفة اه‍ . وسبقه الذهبي فقال : طرقه واهية بمرة . 7636 - (ليس في الخيل) اسم يقع على جماعة الأفراس لا واحد له من لفظه يتناول الذكر والأنثى ويجمع على خيول وقد يقع الخيل على الخيالة (والرقيق) اسم جامع للعبيد والإماء ويقع على الواحد فعيل من الرق الملك والعبودية (زكاة) أي زكاة عين قالوا : ولم يخالف فيه غير أبي حنيفة وشيخه حماد وخبر في الخيل السائمة في كل فرس دينار ضعفه الدارقطني وغيره (إلا زكاة الفطر في الرقيق) فإنها تجب على سيده وخرج بالعين التجارة فتجب فيما أمسكه بنيتها كسائر أموال التجارة قال الحافظ العراقي : وهذا الحديث وما بعده يبطل قول داود بوجوب زكاة الفطر على العبد نفسه لاقتضائهما أنها ليست على نفس العبد بل على سيده . - (د عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته وهو غير صحيح فقد قال الذهبي في المهذب : فيه انقطاع .
[ 477 ]
7637 - (ليس في الصوم رياء) لأنه سر بين الله والعبد لا يطلع عليه إلا هو ولهذا كان هو الذي يتولى جزاءه بنفسه كما مر . - (هناد) في الزهد (هب) كلاهما (عن ابن شهاب) الزهري (مرسلا ، ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك يرفعه . 7638 - (ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر) استدل به وبما قبله الظاهرية على عدم وجوب زكاة التجارة ورد بأن متعلقها القيمة والكلام في العين فلا حجة فيه لهم . (م) في الزكاة (عن أبي موسى) الأشعري وخرجه البخاري ولم يقل إلا صدقة الفطر قال عبد الحق : هذا من رواية مخرمة بن بكير عن أبيه عن عراك بن مالك عن أبي هريرة ومخرمة لم يسمع من أبيه لكن الحديث إسناده حسن متصل ، ذكره ابن أصبغ . 7639 - (ليس في القطرة ولافي القطرتين من الدم) الخارج من أي محل كان من البدن (وضوء) واجب (حتى يكو) في رواية إلا أن يكون (دما سائلا) فإذا كان سائلا بأن كان يعلو وينحدر كما في المحيط وجب منه الوضوء وبهذا أخذ الحنفية والحنابلة قالوا : ولفظ القطرة كناية عن القلة ولفظ سائلا كناية عن الكثرة فإن لفظ القطرة في العرف يراد به القلة وضده ما سال اه‍ . ومذهب الشافعي أنه لا وضوء إلا بالخارج من السبيلين أو ما يقوم مقامهما وحمل الخبر بفرض صحته على غسل الدم لا وضوء الصلاة . (قط) عن أبي هريرة من حديث سعيد بن المسيب قال مخرجه الدارقطني : [ ص 375 ] فيه محمد بن الفضل بن عطية ضعيف وخالفه حجاج بن نصير وعنه سفيان بن زياد وهما ضعيفان اه‍ . وقال غيره : هو شديد الضعف قال الحافظ ابن حجر في تخريج الهداية : ضعيف جدا فيه محمد بن الفضل بن عطية وهو متروك ، هذه عبارته ، وقال في تخريج المختصر : إسناده واه جدا ، وقال الكمال ابن الهمام الحنفي : رواه الدارقطني من طريقين في أحدهما محمد بن الفضل وفي الآخر حجاج بن نصير وقد ضعفا . 7640 - (ليس في المال زكاة حتى يحول عليه الحول) . - (قط عن أنس) بن مالك رمز المؤلف لحسنه وليس ذا منه بحسن فقد أعله مخرجه الدارقطني بأن حسان بن سنان أحد رواته ضعيف ورواه أعني الدارقطني أيضا عن ابن عباس وتعقبه الغرياني بأن فيه حارثة بن محمد بن أبي الرحال مجمع على ضعفه ، وقال الذهبي : فيه إسماعيل بن عياش واه في غير الشاميين وقال ابن حجر : هو من رواية إسماعيل بن عياش عن غير الشاميين واختلف في رفعه ووقفه قال الدارقطني : والصحيح وقفه ، وهو كذلك في الموطأ ووصله الدارقطني في الغرائب مرفوعا وضعفه اه‍ . وبه يعرف رمز المصنف لحسن المرفوع غير حسن .
[ 478 ]
7641 - (ليس في المال حق سوى الزكاة) يعني ليس فيه حق سواها بطريق الأصالة وقد يعرض ما يوجب فيه حقا كوجود مضطر فلا تناقض بينه وبيد الخبر المار إن في المال حقا سوى الزكاة لما تقرر أن ذلك ناظر إلى الأصل وذا ناظر إلى العوارض وقد مر غير مرة أن جواب المصطفى صلى الله عليه وسلم قد يختلف ظاهرا باختلاف السؤال والأحوال فزعم التناقض قصور وكون علة الخبرين واحدة وسندهما واحد غير قادح عند التأمل وأما حديث أبي داود والنسائي في كل أربعين من الإبل سائمة بنت لبون من أعطاها فله أجره ومن منعها فأنا آخذها وشطر ماله فأجيب عنه بأنه منسوخ . - (ه عن فاطمة بنت قيس) بنت خالد الفهرية أخت الضحاك صحابية مشهورة قال النووي : ضعيف جدا وقال ابن القطان : فيه أبو حمزة ميمون الأعور ضعيف اه‍ وقال الحافظ ابن حجر : هذا حديث مضطرب المتن والاضطراب موجب للضعف وذلك لأن فاطمة روته عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بلفظ إن في المال حقا سوى الزكاة فرواه عنها الترمذي هكذا وروته بلغظ ليس في المال حق سوى الزكاة فرواه عنها ابن ماجه كذلك وتعقبه الشيخ زكريا بأن شرط الاضطراب عدم إمكان الجمع وهو ممكن بحمل الأول على المستحب والثاني على الواجب اه‍ . ومن العجب قول البيهقي : هذا خرجه أصحابنا في تعاليقهم ولا أحفظ له إسنادا . 7642 - (ليس في المأمومة) وهي الشجة التي تبلغ أم الرأس وهي خريطة الدماغ المحيطة به (قود) لعدم ضبطها واستيفاء مثلها إذ لا يمكن المساواة لأنه ليس له حد ينتهي إليه السكين . - (هق عن طلحة) بن عبيد الله ورواه أبو يعلى بأبسط من هذا ولفظه ليس في الجائفة ولا في المنقلة ولا في المأمومة قود . 7643 - (ليس في النوم تفريط) أي تقصير ولا إثم لانعدام الاختيار من النائم (إنما التفريط في اليقظة أن تؤخر صلاة حتى يدخل وقت صلاة أخرى) أي على من ترك الصلاة عامدا فلا تفريط في نسيانها بلا تقصير وهذا في غير الصبح أما فيها فوقتها إلى طلوع الشمس لمفهوم خبر من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح . (تنبيه) قال بعض الصوفية : إذا نمت عن وردك بالليل فبادر إلى التوبة والاستغفار لتفريطك باستجلاب النوم وغيبتك [ ص 376 ] عن حضور تلك المواهب الإلهية وحرمانك مما فرق فيها من الغنائم التي لا نظير لها في نعيم الدنيا بأسرها فما أمرت بالإستغفار من الندم إلا لكونك نمت غلبة وعلى ذلك يحمل ظاهر الخبر . - (حم حب عن قتادة) قضية تصرف المصنف أن هذا لم يخرجه أحد من الستة وإلا لما عدل عنه وليس كذلك فقد خرجه أبو داود باللفظ المزبور قال ابن حجر : وإسناده على شرط مسلم ورواه الترمذي ولفظه مثله إلى قوله في اليقظة ثم قال بعده : إذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فيلصلها إذا ذكرها بل رواه مسلم بلفظ ليس في النوم تفريط إنما التفريط فيمن لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الأخرى .
[ 479 ]
7644 - (ليس في صلاة الخوف سهو) . (طب عن ابن مسعود) قال الهيثمي : فيه الوليد بن الفضل ضعفه ابن حبان والدارقطني (خيثمة في جزئه عن ابن عمر) بن الخطاب وأورده في الميزان في ترجمة عبد الحميد بن السري من حديثه وقال : هو من المجاهيل والخبر منكر وقال أبو حاتم : عبد الحميد مجهول روى عن ابن عمر حديثا موضوعا يشير إلى هذا ورواه الدارقطني عن عمر أيضا باللفظ المذكور وقال : تفرد به عبد المجيد بن سري الغنوي شيخ بقية وهو ضعيف . 7645 - (ليس فيما دون) بزيادة ما أي ليس في دون (خمسة أوسق) بفتح الهمزة وضم السين جمع وسق بفتح الواو وتكسر ستون صاعا والصاع أربعة أمداد والمد رطل وثلث بغدادي فالأوسق الخمس ألف وستمائة رطل بغدادي (من التمر) ونحوه كالحب (صدقة) أي زكاة ومعنى دون أقل وخطأوا من زعم أنها بمعنى غير لاستلزامه أنه لا يجب فيما زاد عن خمسة أوسق ولا قائل به (وليس فيما دون خمس) بالإضافة ، وروي منونا فيكون (ذود) بدلا . قال البرماوي وغيره : والمشهور الإضافة وهو بفتح المعجمة وسكون الواو وآخره مهملة (من الابل) من ثلاثة إلى عشرة وقيل : ما بين ثنتين إلى تسع قال الزركشي : والصحيح في الرواية إسقاط الهاء من خمس لأن الذود مؤنث لا واحد له من لفظه فالمراد خمس من الذود لا خمس أذواد كما قد يتوهم (صدقة) أي زكاة (وليس فيما دون خمس أواق) وفي رواية أواقي بإثبات الياء ، قال القاضي : جمع أوقية بالضم فأضاح جمع أضحية ويقال أواق بالتنوين كقاض رفعا بالاتفاق وجرا عند الأكثر وقال الزركشي وغيره : الأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء والجمع يشدد ويخفف واشتقاقها من الوقاية لأن المال مضمون مخزون أو لأنه يقي الشخص من الضرر والمراد بها في غير الحديث نصف سدس رطل وأما في الحديث فقال في الصحاح : أربعون درهما كذا كان وأما الآن فيما يتعارف ويقدر عليه الأطباء وزن عشرة دراهم وخمسة أسباع درهم كذا حكاه الكرماني وغيره ، وقال البيضاوي : كانت حينئذ بالحجاء أربعين درهما وما نقل عن الخليل أنها سبع مثاقيل فعرف جديد والمراد هنا الأوقية الحجازية الشرعية وهي أربعون (من الورق) بكسر الراء وسكونها الفضة (صدقة) أي زكاة والجملة مائتا درهم ولم يذكر الذهب لأن غالب تصرفهم كان بالفضة وقد ذكره في خبر آخر ومن الحديث أخذ أبو حنيفة أنه لا زكاة فيما زاد على المائتين لا يؤخذ بحسابه إلا إن بلغ نصابا آخر تمسكا بهذا الحديث وقياسا على وقص الماشية ورد الشافعية الأول بأن الخبر غير صحيح أو منسوخ بقوله في خبر آخر وما زاد فبحاسبه لتأخر التشديدات وعدم الوقص في الذهب يستلزمه والوقص دارئ - لعله أي رافع - وعدمه موجب والموجب أرجح والقياس بأن تبعيضها ضرر بخلاف النقد وعورض بالمعشر وهو أولى ثم دليلنا خبر قد عفوت عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة في كل أربعين درهما درهم .
[ 480 ]
تنبيه : لو تطوع بالإخراج لما دونها جاز ففي رواية للبخاري من لم يكن معه إلا أربعة من الإبل فليس فيها صدقة إلى أن يشاء ربها وفي الرقة ربع العشر فإن لم يكن معه إلا تسعين ومائة فليس فيها شئ إلا أن يشاء ربها . - (مالك) في موطئه (والشافعي) في مسنده (حم ق 4) كلهم في الزكاة [ ص 377 ] (عن أبي سعيد) الخدري . 7646 - (ليس في مال المكاتب زكاة) على سيده ولا عليه (حتى يعتق) لأنه ليس ملكا للسيد والمكاتب ليس بحر وملكه ضعيف . - (قط عن جابر) قال أعني مخرجه الدارقطني : عبد الله بن بزيغ أحد رواته تقدم تليينه وقال عبد الحق : إسناده ضعيف وذلك لأن فيه عبد الله بن يزيغ الأنصاري قاضي تستر قال في الميزان : عامة أحاديثه غير محفوظة وليس ممن يحتج به ثم أورد من مناكيره هذا الخبر وقال ابن حجر : في سنده ضعيف ومدلس . 7647 - (ليس في مال المستفيد) أي طالب الفائدة أي المتجر (زكاة) تجب (حتى يحول عليه الحول) أي يتم عام كامل فإذا تم وكان نصابا آخر الحول ففيه ربع عشر القيمة ، فالحول شرط لوجوب زكاة التجار ونحوها وإنما حمل المستفيد على المتجر لأن واجب المعدن والركاز يلزمه إخراج زكاتها حالا وإن كان مستفيدا . - (هق) من حديث عبد الله بن شبيب عن يحيى بن محمد الحارثي عن عبد الرحمن بن زيد عن أبيه (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وهو زلل فقد تعقبه الذهبي في المهذب على البيهقي بأن عبد الله بن شبيب واه وعبد الرحمن ضعيف اه‍ . وقال غيره : فيه يحيى الحارثي . قال البخاري : متروك ورواه الدارقطني أيضا عن ابن عمر من هذا الوجه وتعقبه بأن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أحد رجاله ضعيف وقال البيهقي في المعرفة : إن رفعه غير محفوظ . 7648 - (ليس للحامل المتوفى عنها زوجها نفقة) وبه قال الشافعي . - (قط عن جابر) بن عبد الله . 7649 - (ليس للدين) بفتح الدال (دواء إلا القضاء) أي أداؤه لصاحبه (والوفاء) أي من غير نقص لشئ ولو تافها (والحمد) أي الثناء على رب الدين ويحتمل أنه أراد الثناء على الله تعالى حيث أقدره على الوفاء ووفقه له فإنها نعمة يجب عليه شكرها والحمد رأس الشكر كما مر في حديث . - (خط عن ابن عمر) بن الخطاب وقضية تصرف المصنف أن مخرجه الخطيب خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل أخرجه وأعله فإنه أورده في ترجمة جعفر بن عامر البغدادي من روايته عنه وقال : إنه شيخ مجهول فإن الحسن بن عرفة ذكر أن أحاديثه منكرة اه‍ . ومن ثم قال ابن الجوزي : حديث لا يصح والمتهم به جعفر المذكور
[ 481 ]
وقال في الميزان : هذا حديث منكر وقال مرة أخرى في ترجمة جعفر : هذا حدث بحديث باطل ثم ساق هذا الخبر . 7650 - (ليس للفاسق غيبة) قال البيهقي : إن صح أراد به فاسقا معلنا بفجوره أو هو فيمن يشهد في أمور الناس أو يتعلق به شئ من الديانات فيحتاج لبيان لئلا يعتمد عليه . (طب عن معاوية بن حيدة) قال الهيثمي : فيه العلاء بن بشر ضعفه الأزدي اه‍ . وقال الحاكم : هذا حديث غير صحيح ولا يعتمد عليه وقال ابن عدي عن أحمد بن حنبل : حديث منكر وفي الميزان : ضعفه الأزدي . 7651 - (ليس للقاتل من الميراث شئ) لأنا لو ورثناه لم نأمن ذا غرة يتعجل الإرث أن يقتل مورثه فاقتضت المصلحة حرمانه وقد جعل أهل الأصول الحديث من التواتر المعنوي لاشتهاره بين الصحب حتى خصوا به عموم * (يوصيكم الله [ ص 378 ] في أولادكم) * وهذا سواء كان القتل مضمونا بالقصاص أو الدية أو الكفارة المجردة ولا فرق بين كونه عمدا أو خطا خلافا للحناطي ولا في الخطأ بين المباشرة أو الشرط أو السبب خلافا لأبي حنيفة في الأخير ولا بين أن يقصد بالسبب مصلحة كضرب الأب والمعلم والزوج للتأديب إذا أفضى إلى الموت أو لا وسواء صدر القتل من مكلف أو غيره خلافا للحنفية أو غير مضمون مطلقا . - (هق عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ابن عبد البر : في الإشراف على ما في الفرائض من الاختلاف إسناده صحيح بالاتفاق وله شواهد كثيرة اه‍ . وقال ابن حجر في تخريج الرافعي : وكذا خرجه النسائي من وجه آخر عن ابن عمرو وقال : إنه خطأ وقال في تخريج المختصر : رواه الدارقطني بلفظ ليس للقاتل من الميراث شئ وهو معلول ورواه الدارمي موقوفا على ابن عباس بلفظ لا يرث القاتل بإسناد حسن . 7652 - (ليس للقاتل شئ وإن لم يكن له وارث فوارثه أقرب الناس إليه ولا يرث القاتل) من المقتول ولو بحق (شيئا) لما تقرر بخلاف المقتول فإنه يرث القاتل مطلقا كأن جرحه ومات الجارح قبل المجروح ثم مات المجروح من تلك الجراحة وهذا لا خلاف فيه للشافعية . - (د عن ابن عمرو) بن العاص وهو أيضا من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده . 7653 - (ليس للمرأة أن تنتهك) أي تضيع يقال انتهك الرجل الحرمة تناولها بما لا يحل (شيئا من مالها إلا بإذن زوجها) الذي وقفت عليه في الطبراني بعد ما ذكر إذا ملك رضي الله عنه عصمتها
[ 482 ]
وبهذا قال مالك حيث ذهب إلى أن المرأة ليس لها التصرف في مالها إلا بإذن زوجها وخالفه الشافعي ولا حجلمالك في الحديث عند التأمل . (1) (طب عن واثلة) بن الأسقع قال الهيثمي : وفيه جماعة لم أعرفهم . 7654 - (ليس للمرأة أن تنطلق للحج إلا بإذن زوجها) وإن كانت حجة الفرض عند الشافعي (ولا يحل للمرأة أن تسافر ثلاث ليال إلا ومعها ذو رحم تحرم عليه) أي يحرم عليه نكاحها ويقوم مقام المحرم نسوة ثقات . (هق عن ابن عمر) ابن الخطاب وإسناده حسن . 7655 - (ليس للنساء في اتباع الجنائز أجر) بل ربما كان عليهن وزر . (هق) وكذا الطبراني (عن ابن عمر) بن الخطاب قال الذهبي في المهذب : فيه عفير بن معدان وقد مر بيان حاله . 7656 - (ليس للنساء في الجنازة نصيب) أي في شهودها واتباعها أو في الصلاة عليها مع وجود ذكر فهذا كله من وظائف الرجال . - (طب) وكذا البزار (عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه الصباح أبو عبد الله ولم أجد من ذكره . 7657 - (ليس للنساء نصيب في الخروج) من بيوتهن (إلا مضطرة) أي للخروج كشراء قوت إن لم يكن لها خادم وخوف [ ص 379 ] انهدام الدار ونحو ذلك فيحرم إن خيف عليها أو منها فتنة وإلا كره (إلا في العيدين الأضحى والفطر وليس لهن نصيب في الطرق إلا الحواشي) أي جوانب الطريق دون وسطه فيكره لهن المشي في الوسط لما فيه من الاختلاط بالرجال . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه سوار بن مصعب وهو متروك الحديث . 7658 - (ليس للنساء وسط الطريق) بل يمشين في الجنبات ويجتنبن الزحمات والطريق فعيل من الطرق لأن نحو الأرجل تطرق وتسعى فيه - (هب عن أبي عمرو بن حماس) بكسر المهملة والتخفيف الليثي قال في التقريب كأصله : مقبول من الطبقة السادسة مات سنة تسع وثلاثين ومائة انتهى ومقتضاه أنه تابعي وبه صرح الذهبي حيث قال : روي عن حمزة بن أسد ومالك بن أوس وعنه ابنه شداد
[ 483 ]
ومحمد بن عمرو وعائذ بمشالة كذا في الكاشف ثم إن فيه هاشم بن القاسم أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : قال أبو عروبة : كبر وتغير (وعن أبي هريرة) وفيه مسلم بن خالد الزنجي أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : قال البخاري : وأبو زرعة منكر الحديث . 7659 - (ليس للنساء سلام ولا عليهن سلام) تعقبه مخرجه أبو نعيم بقوله قال الزبيدي : أخذ على النساء ما أخذ على الجبات أن يحتجبن في بيوتهن وحاصل المذهب أنه يسن للنساء إلا مع الرجال الأجانب فيحرم من الشابة ابتداءا وردا ويكرهان عليها لا على جمع نسوة أو عجوز . (حل) من حديث هشام بن إسماعيل العطار عن سهل بن هاشم هو ابن أدهم عن الزبيدي (عن عطاء) بن مسلم (الخراساني) صدوق بهم كثيرا ويرسل ويدلس (مرسلا) لفظ عبارة مخرجه أبي نعيم بدل مرسلا يرفع الحديث . 7660 - (ليس للولي مع الثيب أمر واليتيمة) يعني البكر كما يفسره خبر الأيم أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر إلخ (تستأمر وصمتها إقرارها) . (د ن) من حديث معمر عن صالح بن كيسان عن نافع (عن ابن عباس) وصححه ابن حبان وقال ابن حجر : عن ابن دقيق العيد رجاله ثقات وقال الذهبي في المهذب وغيره : أخطأ فيه معمر واستدل على خطئه بما رد عليه انتهى . 7661 - (ليس لابن آدم حق فيما سوى هذه الخصال) قال القاضي : والمراد بالخصال هنا ما يحصل للرجل ويسعى في تحصيله من المال ، شبهه بما يخاطر عليه في السبق والرمي ونحوهما (بيت سكنه) من السكنى لأنها استقرار ولبث (وثوب يواري عورته) أي يسترها من العيون (وجلف الخبز والماء) بكسر الجيم وسكون اللام ظرفهما من جراب وركوة فذكر الظرف وأراد المظروف أي كسره خبز وشربة ماء وقيل : الجلف الخبز بلا أدم وقبل : الخشن اليابس وروي بفتح اللام جمع جلفة وهي كسرة الخبز وذلك لأن كل متزيد تمولا من الدنيا زائدا على كفاف منه من مسكن وملبس ومركب فهو محجر على من سواه من عباد الله ذلك الفضل الذي هم أحق به منه ذكره الحرالي . قال القاضي : وأراد بالحق ما وجب له من الله من غير تبعة في الآخرة ولا سؤال عنه لأن هذه الخصال من الحقوق التي لا بد للنفس منها وما سواها فمن الحظوظ المسؤول عنها وقيل : أراد ما يستحقه الإنسان لافتقاره إليه وتوقف معيشته عليه وما هو [ ص 380 ] المقصود الحقيقي من المال وقال الزمخشري : الكن والكسوة والشبع والري هي الأقطاب التي يدور عليها
[ 484 ]
كفاف الإنسان فمن توفرت له فهو مكفي لا يحتاج إلى كفاية كاف . (ت) في الزهد (ك) في الرقائق (عن عثمان) بن عفان . قال الترمذي : حسن صحيح ، وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 7662 - (ليس لأحد على أحد فضل إلا بالدين) ومن ذلك ظهر من الصديق التسوية بين الصحابة والأعراب والاتباع في العطاء بنظره إليهم بعين السواء في أمر الدنيا وبلغتها (أو عمل صالح) * (إنا خلقناكم من ذكر وأنثى) * ، * (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) * ، * (فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى) * ، فينبغي للإنسان أن لا يحتقر أحدا فربما كان المحتقر أطهر قلبا وأزكى عملا وأخلص نية فإن احتقار عباد الله يورث الخسران ويورث الذل والهوان (حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيا بخيلا جبانا) أي يكفيه من الشر والحرمان من الخير والبعد من منازل الأخيار ومقامات الأرار كونه متصفا بذلك أو ببعضه . (هب عن عقبة بن عامر) رمز المصنف لصحته وليس كما قال فقد أعل بأن فيه ابن لهيعة ومن لا يعرف . 7663 - (ليس لقاتل ميراث) وفي رواية للدارقطني ليس لقاتل شئ والمعنى فيه أنا لو ورثناه ربما استعجل الإرث فقتل مورثه فاقتضت المصلحة حرمانه والمراد القاتل بأي وجه كان وإن كان القتل بحق كونه حاكما أو شاهدا أو مزكيا أو جلادا ، أو خطأ كأن نام فانقلب عليه فقتله عند الشافعية . (ه عن رجل) من الصحابة رمز لحسنه ورواه النسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بلفظ ليس للقاتل من الميراث شئ . قال الزركشي : قال ابن عبد البر في كتاب الفرائض : وإسناده صحيح بالاتفاق وله شواهد كثيرة انتهى . وقال الحافظ ابن حجر : رواه الدارقطني والبيهقي من حديث علي وسنده ضعيف جدا قاله عبد الحق وابن الجوزي وقول إمام الحرمين : ليس هذا الحديث في الرتبة العالية من الصحة عجب فإنه ليس له في أصل الصحة مدخل انتهى . 7664 - (ليس لقاتل وصية) بأن أوصى لمن يقتله فلا يصح لأنها معصية أما لو أوصى لإنسان فقتله أو لجارحه ثم مات بالجرح فيصح لأنها تمليك بصيغة كالبيع والهبة بخلاف الإرث ، هذا ما عليه الشافعية . (هق عن علي) أمير المؤمنين قال في المهذب : فيه مبشر بن عبيد منسوب إلى الوضع وقال أحمد : أحاديثه منكرة وقال البخاري : منكر الحديث انتهى . 7665 - (ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء) فإن صوم رمضان
[ 485 ]
فرض عين فهو الأفضل على الإطلاق ويوم عاشوراء متأكد الندب فله فضل على غيره من النوافل إلا ما خص بدليل آخر (طب هب عن ابن عباس) قال الهيثمي : رجاله ثقات انتهى . 7666 - (ليس لي أن أدخل) لفظ رواية الحاكم ليس لنبي أن يدخل (بيتا مزوقا) أي مزينا منقوشا قال الزمخشري : التزويق التزيين والنقش لأن النقش لا يكون إلا بالزواق وهو الزئبق عند أهل المدينة وعد البعض من خصائص الأنبياء منع الدخول إلى بيت مزوق وأصل هذا كما هو مبين عند أبي داود وغيره أن رجلا ضاف عليا فصنع له طعاما فقالت فاطمة : لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا فجاء فرفع يده على عضادتي الباب فرأى القرام قد [ ص 381 ] ضرب في ناحية البيت فرجع فقال : ليس لي أو ليس لنبي أن يدخل بيتا مزوقا . - (حم طب عن سفينة) مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم اسمه مهران أو غيره فلقب به لأنه حمل شيئا كثيرا في السفر مشهور له أحاديث ورواه عنه أيضا أبو داود وابن ماجه في الأطعمة فما أوهمه صنيع المصنف من الاقتصار على ذينك أنه لم يخرج في أحد دواوين الإسلام غير جيد ورمز المصنف لحسنه قال الصدر المناوي : وفيه سعيد بن جهمان قال أبو حاتم : لا يحتج به اه‍ لكن رجحه الحاكم وصححه وأقره الذهبي . 7667 - (ليس من البر) بالكسر أي ليس من الطاعة والعبادة (الصيام) في رواية الصوم (في السفر) أي الصيام الذي يؤدي إلى جهاد النفس وإضرارها بقرينة الحال ودلالة السياق فإنه رأى رجلا قد ظلل عليه فقال : ما به قالوا : صائم ، فذكره . فلا حجة لمانع انعقاد الصوم في السفر كالظاهرية وقولهم العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب منع بأن بين السياق والسبب فرقا فإن السياق والقرائن تدل على مراد المتكلم بخلاف السبب وما هنا من الأول قال المنذري : وقوله من البر كقوله * (ليس البر) * ومن زائدة كقولهم ما جاء من أحد توكيد للاستغراق وعموم النفي وقال القرطبي : من زائدة لتأكيد النفي وقيل : للتبعيض وليس بشئ وقال عياض : روي ليس من البر وكلاهما بمعنى واحد كما تقول ما جاءني من أحد وما جاءني أحد ومن عند بعضهم زائدة وأباه سيبويه . (حم ق د ت) كلهم في الصوم (عن جابر) بن عبد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر فرأى زحاما ورجل قد ظلل عليه فقال : ما هذا قالوا : صائم ، فذكره . (ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال المصنف : وهو متواتر . 7668 - (ليس من الجنة في الأرض شئ إلا ثلاثة أشياء غرس العجوة) أي النخل وهل مراده عجوة المدينة أو مطلقا ؟ فيه احتمال (والحجر) أي الأسود (وأواق) جمع أوقية) (تنزل في الفرات) أي
[ 486 ]
بحر الفرات وهو نهر عظيم مشهور يخرج من آخر حدود الروم ثم يمر بأطراف الشام ثم بالكوفة ثم بالحلة ثم يلتقي مع دجلة في البطائح ويصيران نهرا واحدا ثم يصبان عند عبادان في بحر فارس وفي الحديث دلالة على أنه أفضل الأنهار الأربعة التي ورد أنها من الجنة ورد على من قال : إن أفضلها النيل (كل يوم بركة من الجنة) . - (خط عن أبي هريرة) . 7669 - (ليس من الصلوات صلاة أفضل من صلاة الفجر يوم الجمعة في الجماعة وما أحسب من شهدها منكم إلا مغفورا له) أما يوم الجمعة فهو يومه الذي اصطفاه واستأثر به على الأيام فختم به آخر الخلق وهو آدم وأما صلاة الغداة فإن من شهد الصبح في جماعة فهو في ذمة الله لأنه وقع في شهوده وقربه فإذا وقف عبدا لشهوده في يومه كان في ستره وذمته والستر المغفرة والذمة الجوار فرغب المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الصلاة بما كشف له من الغطاء وأجمل الكشف فاحتيج للشرح . (الحكيم) في نوادره (طب عن أبي عبيدة) بن الجراح رمز لحسنه . 7670 - (ليس من المروءة الربح على الإخوان) المروءة صفة تحمل على التعاون والتعاضد مما يورث تألفا وتحببا لكنها قد تنفع وقد تضر لعدم العلم بسلامة العاقبة وقيل : المروءة حفظ الدين وصيانة النفس والجود بالموجود ورعاية الحقوق . (ابن عساكر) [ ص 382 ] في تاريخه في ترجمة ميمون الدمشقي (عن ابن عمرو) بن العاص قال الذهبي في مختصر التاريخ : وهو منكر . 7671 - (ليس من أخلاق المؤمن) لفظ رواية البيهقي خلق بالإفراد (التملق) أي الزيادة في التودد والتضرع فوق ما ينبغي ليستخرج من الإنسان مراده وفي بعض الروايات الملق بلا تاء (ولا الحسد إلا في طلب العلم) فإن المتعلم ينبغي له التملق لمعلمه وإظهار الشرف لخدمته وأن يلقى إليه زمام أمره ويذعن لنصحه إذعان المريض الجاهل للطبيب المشفق الحاذق . صلى زيد بن ثابت على جنازة فقربت له بغلته ليركب فأخذ ابن عباس بركابه فقال زيد : خل عنه يا ابن عم رسول الله فقال : هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا فقبل زيد يده وقال : هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا قال الحليمي : الملق لغير المعلم من أفعال أهل الذلة والضعة وما يزري بفاعله ويدل على سقاطته وقلة مقدار نفسه وليس لأحد أن يهين نفسه كما ليس لغيره أن يهينه . - (هب) من حديث الحسن بن دينار عن خصيب بن جحدر عن النعمان عن عبد الرحمن بن غنم (عن معاذ) بن جبل وقضية صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه ببيان علته فقال : هذا الحديث إنما يروى بإسناد ضعيف والحسن بن دينار ضعيف بمرة وكذا خصيب هذا لفظه بحروفه فحذف المصنف له من كلامه غير صواب ومن ثم حكم
[ 487 ]
ابن الجوزي بوضعه وقال : مداره على الحصيب وقد كذبه شعبة والقطان وابن معين وقال ابن حبان : يروي الموضوعات عن الثقات اه‍ وتعقبه المؤلف فقعقع عليه وأبرق كعاداته ولم يأت بطائل . 7672 - (ليس من رجل) بزيادة من (ادعى) بالتشديد أي انتسب لغير أبيه واتخذه أبا (وهو) أي والحال أنه (يعلمه) غير أبيه (إلا كفر) زاد في رواية للبخاري بالله أي إن استحل ولا يحسن حمله على كفر النعمة لأن رواية بالله تأباه أو خرج مخرج الزجر والتنفير وقيد بالعلم لأن الإثم إنما هو على العالم بالشئ المعتمد له فلا بد منه في الإثبات والنفي (ومن ادعى ما ليس له فليس منا) أي ليس على هدينا وجميل طريقتنا (وليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ منزلا من النار دعاء أو خبر بمعنى الأمر معناه هذا جزاؤه إن جوزي وقد يعفى عنه وقد يتوب فيسقط عنه (ومن دعا رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه) بحاء وراء مهملتين أي رجع ذلك القول على القاتل قال بعض الشارحين : وهذا النص في أن نسبة الرجل غيره إلى عداوة الله تكفير له وكذا نسبة نفسه إلى ذلك ويوافقه قوله تعالى * (من كان عدوا لله) * الآية . والاستثناء قيل معنوي أي لا يدعوه أحد بذلك إلا حار عليه أي رجع لأن القصد الإثبات ولو لم يقدر النفي لم يثبت ذلك قيل : ويحتمل عطفه على ليس من رجل فيكون جاريا على اللفظ وقال في الإحياء : معنى الحديث أن يكفره وهو يعلم أنه مسلم أي فيكفر بدليل قوله بعده وإن ظن أنه كافر ببدعة أو غيرها كان مخطئا لا كافرا وفي الروضة كأصلها عن التتمة أن من قال لمسلم يا كافر بلا تأويل كفر لأنه يسمى الإسلام كفرا فإن أراد كفر النعمة والإحسان لا يكفر (ولا يرمي رجل رجلا بالفسق) أي الخروج عن الطاعة (ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه) أي رجعت عليه (إن لم يكن صاحبه كذلك) على ما مر تقديره واعترض التقي ما مر عن الروضة فقال : لا تسلم أنه سمى الإسلام كفرا وإنما معنى كلامه أنك لست على دين الإسلام الذي هو حق وإنما أنت كافر دينك غير الإسلام وأنا على دين الإسلام فلا يكفر بذلك بل يعزر قال : ويلزم على ما قال أن من قال لعابد يا فاسق كفر لأنه [ ص 383 ] سمى العبادة فسقا ولا أحسب أحدا يقوله وإنما يريد أنك تفسق وتفعل مع عبادتك ما هو فسق وكيف الحكم عليه بالكفر بإطلاق كلام محتمل اه‍ ولهذا ذهب البعض إلى حمل الحديث على الزجر والتنفير ، وفيه تحريم الانتفاء من النسب . - (حم ق عن أبي ذر) . 7673 - (ليس من عبد يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله يوم القيامة ووجهه) أي والحال
[ 488 ]
أن وجهه في النور والإضاءة (كالقمر ليلة البدر) وهي ليلة أربعة عشر (ولم يرفع) يومئذ لأحد (عمل) من الأعمال الصالحة (أفضل عمله إلا من قال مثل قوله أو زاد) عليه وفوائد لا إله إلا الله لا تحصى منها حصول الهيبة للمداوم عليها ، قال الإمام الرازي : القلب إذا تجلى فيه نور هذه الكلمة كان ذلك التجلي نور الربوبية ونور الربوبية إذا تجلى في القلب استعقب حصول قوة الهيبة بالله ولهذا صار العارفون المستغرقون في أنوار جلال الله يحتقرون الأحوال الدنيوية ويحتقرون عظماء الملوك ولا يبالون بالقتل ولا يقيمون لشئ من طيبات الدنيا وزنا وكل ذلك يدل على استعلاء قوة هذه الكلمة على جميع الأشياء فإن سلطان كل شئ يضمحل في سلطان جلالها ، كان إبراهيم الخواص بالبادية فظهر عليه شئ من هذه الأحوال فاضطجع فجاء السباع فأحاطوا به فلم يبال به فخاف صاحبه فصعد شجرة وبقي هناك خائفا وفي الليلة الثانية زال ذلك الوجد فوقعت بعوضة على يده فتألم فقال صاحبه : ما جزعت في البارحة من السباع وجزعت الليلة من بعوضة ، قال : البارحة نزل في القلب سلطان الجلال فبقوته لم أبال بجميع الملوك والآن غاب فظهر العجز كما ترى . - (طب عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك . 7674 - (ليس من عمل يوم) وكذا ليس من عمل ليلة من الأعمال الصالحة (إلا وهو يختم عليه) أي يطبع عليه بطابع معنوي ويستوثق به (فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة يا ربنا عبدك فلان قد حبسته) أي منعته من قدرة مباشرة الطاعة بالمرض (فيقول الرب اختموا له على مثل عمله حتى يبرأ) من مرضه (أو يموت) وهذا في مرض ليس سببه معصية كأن مرض لكثرة شربه الخمر . - (حم طب ك) في الرقائق (عن عقبة بن عامر) قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي بأن فيه رشدين واه وتعقب الهيثمي سند أحمد والطبراني بأن فيه ابن لهيعة . 7675 - (ليس من غريم يرجع من عند غريمه راضيا) عنه (إلا صلت دواب الأرض) أي دعت له بالمغفرة (ونون البحار) أي حيتانها (ولا غريم يلوى غريمه وهو يقدر) أي والحال أنه يقدر على إيفائه حقه (إلا كتب الله عليه) أي قدر أو أمر الملائكة أن تكتب (في كل يوم وليلة إثما) ويتعدد ذلك بتعدد الأيام والليالي حتى يوفي له حقه [ ص 384 ] وفيه أن المطل كبيرة . - (هب عن خولة) بنت قيس بن فهد النجارية ويقال خويلة (امرأة حمزة) بن عبد المطلب .
[ 489 ]
7676 - (ليس من ليلة إلا والبحر) أي الملح (يشرف فيها) أي يطلع (ثلاث مرات يستأذن الله تعالى أن ينتضح عليكم) أيها الآدميون (فيكفه الله) عنكم فاشكروا هذه النعمة قال ابن القيم : هذا مقتضى الطبيعة لأن كرة الماء تعلو كرة التراب بالطبع لكنه سبحانه يمسكه بقدرته وحلمه وصبره وكذا خرور الجبال وتقطير السماوات فإن ما يفعله الفجار في مقابلة العظمة والجلال يقتضي ذلك فجعل سبحانه في مقابلة هذه الأسباب أسبابا يرضا تقابل تلك الأسباب التي هي سبب زوال العالم فدافعت تلك الأسباب وقاومتها فكان ذا من آثار مدافعة رحمته لغضبه وغلبتها له وسبقها إياه . - (حم عن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي : فيه العوام عن شيخ كان مرابطا بالساحل والعوام ضعيف والشيخ مجهول . 7677 - (ليس منا) أي من أهل سنتنا أو طريقتنا الإسلامية (من انتهب) أي أخذ مال الغير قهرا جهرا (أو سلب أو أشار بالسلب) والمراد الزجر لا الإخراج من الدين . قال الثوري : ولا ينبغي إيراد هذا التأويل للعامة بل يمسك عنه فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أورده بقصد التنفير ومزيد الزجر وبالتصريح بتأويله يفوت المعنى المقصود قال المصنف : ويقاس به قول المفتي في كثير من الأمور التي لا تخرج عن الإسلام وهذا كفر لقصد التنفير ولا ينبغي إنكاره عليهم . - (طب ك) في الجهاد من حديث قابوس بن بلسان عن أبيه (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح وتعقبه الذهبي فقال : قابوس لين وقال الهيثمي : فيه عند الطبراني قابوس وهو ضعيف ، وقال في موضع آخر : فيه أبو الصباح عبد الغفور متروك اه‍ . وكأنهما روايتان . 7678 - (ليس منا من تشبه بالرجال من النساء) في اللباس والزي والكلام ونحوها (ولا من تشبه بالنساء من الرجال) أي ليس يفعل ذلك من هو من أشياعنا العاملين باتباعنا المقتفين لشرعنا فتشبه أحد النوعين بالآخر فيما ذكر حرام وفي كونه من الكبائر احتمال . - (حم) من حديث رجل من هذيل (عن ابن عمرو) بن العاص قال : رأيت ابن عمر ومنزله في الحل ومسجده في الحرم فبينما أنا عنده رأى أم سعيد بنت أبي جهل متقلدة قوسا وهي تمشي مشية الرجل فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره قال الهيثمي : الهذلي لا أعرفه وبقية رجاله ثقات ، ورواه الطبراني وأسقط الهذلي المبهم فعلى هذا رجال الطبراني كلهم ثقات .
[ 490 ]
7679 - (ليس منا) أي من العاملين بهدينا والجارين على منهاج سنتنا (من تشبه بغيرنا) من أهل الكتاب في نحو ملبس وهيئة ومأكل ومشرب وكلام وسلام أو ترهب وتبتل ونحو ذلك فلا منافاة بينه وبين خبر لتتبعن سنن من كان قبلكم وخبر ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إذ المراد هنا أن جنس مخالفتهم وتجنب مشابهتهم أمر مشروع وأن الإنسان كلما بعد عن مشابهتهم فيما لم يشرع لنا كان أبعد عن الوقوع في نفس المشابهة المنهي عنها (لا تشبهوا) بحذف [ ص 385 ] إحدى التاءين للتخفيف (باليهود) الذين هم المغضوب عليهم (ولا بالنصارى) الذين هم الضالون (فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف) أي بالإشارة بها فيكره تنزيها الإشارة بالسلام كما صرح به النووي لهذا الخبر وبوب عليه باب ما جاء في كراهة الإشارة بالسلام باليد ونحوها بلا لفظ قال : وأما خبر الترمذي أيضا عن أسماء مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد وعصبة من النساء قعود فأومأ بيده بالتسليم فمحمول على أنه جمع بين اللفظ والإشارة قال السمهودي : ربما دل هذا الخبر على أن السلام يشرع لهذه الأمة دون غيرهم واستدل به على كراهة لبس الطيلسان لأنه من ملابس النصارى واليهود وفي مسلم أن الدجال تتبعه اليهود وعليهم الطيالسة وعورض بما خرجه ابن سعد أنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الطيلسان فقال : هذا ثوب لا يؤدى شكره وبأن الطيالسة الآن ليست من شعارهم وقد ذكره ابن عبد السلام في البدع المباحة قال ابن حجر : وقد تصير من شعار قوم فيصير تكه مخلا بالمروءة . - (ت) في الاستئذان (عن ابن عمرو) بن العاص وهو من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال الترمذي : إسناده ضعيف وأقره النووي على ضعفه وجزم المنذري أيضا بضعفه . 7680 - (ليس منا من تطير ولا من تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له) لأن ذلك فعل الجاهلية زاد البزار ومن أتى كاهنا وصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد . - (طب) وكذا البزار (عن عمران بن حصين) قال المنذري : إسناد الطبراني حسن وإسناد البزار جيد وقال الهيثمي : فيه إسحاق بن الربيع العطار وثقة أبو حاتم وضعفه غيره وبقية رجاله ثقات ورواه في الأوسط عن ابن عباس ورمز المصنف لحسنه . 7681 - (ليس منا من حلف بالأمانة) أي ليس هو من ذوي أسوتنا بل من المتشبهين بغيرنا فإنه من ديدن أهل الكتاب ، قال القاضي : ولعله أراد به الوعيد عليه فإنه حلف بغير الله ولا تتعلق به كفارة (ومن خبب) بمعجمة وموحدتين قال المصنف : ورأيته في النسخة التي هي عندي بمثلثة آخره أي خادع
[ 491 ]
وأفسد (على امرئ زوجته أو مملوكه فليس منا) قال ابن القيم : وهذا من أكبر الكبائر فإنه إذا كان الشارع نهى أن يخطب على خطبة أخيه فكيف بمن يفسد امرأته أو أمته أو عبده ويسعى في التفريق بينه وبينها حتى يتصل بها وفي ذلك من الإثم ما لعله لا يقصر عن إثم الفاحشة إن لم يزد عليها ولا يسقط حق الغير بالتوبة من الفاحشة فإن التوبة وإن أسقطت حق الله فحق العبد باق فإن ظلم الزوج بإفساد حليلته والجناية على فراشه أعظم من ظلم أخذ ماله بل لا يعدل عنده إلا سفك دمه . - (حم حب ك) في الإيمان عن بريدة قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح خلا الوليد بن ثعلبة وهو ثقة وقال المنذري : إسناد أحمد صحيح . 7682 - (ليس منا من خبب امرأة على زوجها) أي خدعها وأفسدها عليه (أو عبدا على سيده) لما تقرر فإن إنضاف إلى ذلك أن يكون الزوج جارا أو ذا رحم تعدد الظلم وفحش بقطيعة الرحم وأذى الجار ولا يدخل الجنة قاطع رحم ولا من لا يأمن جاره بوائقه ، قال النووي في الأذكار : فيحرم أن يحدث قن رجل أو روجته أو ابنه أو غلامه أو نحوهم بما يفسدهم به عليه إذا لم يكن أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر * (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) * . - (د) في الطلاق والأدب (ك) في الطلاق وقال : على شرط البخاري (عن أبي هريرة) ورواه عنه [ ص 386 ] أيضا باللفظ المزبور النسائي في عشرة النساء . 7683 - (ليس منا من خصى) أي سل خصية غيره (أو اختصى) سل خصية نفسه أي ليس من فعل ذلك ممن يهتدون بهدينا فالخصي حرام شديد التحريم لما فيه من المفاسد الكثيرة كتعذيب النفس والتسوية مع إدخال الضرر الذي ربما أفضى إلى الهلاك وإبطال معنى الرجولية وتغيير خلق الله وكفر النعمة فإن خلق الإنسان رجلا من النعم الجسيمة فإذا أزال ذلك فقد تشبه بالمرأة واختار النقص على الكمال وهذا قاله لعثمان بن مظعون حين قال له : يا رسول الله إني رجل تشق علي العزوبة فأذن لي في الاختصاء فذكره ثم أرشده إلى ما يحصل المقصود من كسر الشهوة بقوله (ولكن) إذا أردت تسكين شهوة الجماع (صم) أي أكثر الصوم (ووفر شعر جسدك) فإن ذلك يضعف الميل إلى النساء قال الطيبي : ولا بد من تقدير من أي ليس منا من خصى ولا من اختصى لئلا يتوهم أن التهديد وارد على من جمع بينهما لا من تفرد بأحدهما . - (طب عن ابن عباس) ورواه البغوي في شرح السنة بسند فيه مقال ورمز المصنف لحسنه .
[ 492 ]
7684 - (ليس منا من دعا إلى عصبية) أي من يدعو الناس إلى الاجتماع على عصبية وهي معاونة الظالم (وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية) قال ابن الأثير : العصبي الذي يغضب لعصبيته ويحامي عليهم والتعصيب المدافعة والمحاماة وقال ابن تيمية : بين بهذا الحديث أن تعصب الرجل لطائفة مطلقا فعل أهل الجاهلية محذور مذموم بخلاف منع الظالم وإعانة المظلوم من غير عدوان فإنه حسن بل واجب فلا منافاة بين هذا وبين خبر انصر أخاك إلخ . - (د) في الأدب من حديث عبد الله بن أبي سليمان (عن جبير بن مطعم) قال المنذري : ولم يسمع عبد الله من جبير قال المناوي : مراده أن الحديث منقطع وفيه محمد بن عبد الرحمن المكي أو البكي قطرب أبو حاتم مجهول وعجب من المصنف كيف اقتصر على رواية أبي داود هذه مع قول المنذري وغيره : هو في صحيح مسلم بأتم منه وأفيد وكذا في سنن النسائي . 7685 - (ليس منا) أي من أهل سنتنا أي ليس على ديننا يريد أنه خرج من فرع من فروع الدين وإن كان أصله معه (من سلق) بقاف أي رفع صوته في المصيبة بالبكاء (و) لا (من حلق) أي شعره حقيقة أو قطعه (و) لا (من خرق) ثوبه جزعا على الميت قال : قال أبو حاتم : سلقت المرأة وصلقت أي صاحت وأصله رفع الصوت قال ابن العربي : كان مما تفعله الجاهلية وقوف النساء متقابلات وضربهن خدودهن وخمشهن وجوههن ورمي التراب على رؤوسهن وصياحهن وحلق شعورهن كل ذلك للحزن على الميت فلما جاء الله بالحق على يد محمد قال : ليس منا إلخ ولذلك سمي نوحا لأجل التقابل الذي فيه على المعصية وكل متنا وحين متقابلين لكنهما خصا وعرفا بذلك . - (د ن عن أبي موسى) الأشعري ورواه البزار وأبو يعلى قال الهيثمي : ورجاله ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته وقضية كلامه أن هذا مما لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه ولعله ذهول فقد عزاه في مسند الفردوس وغيره لمسلم من حديث أبي موسى بلفظ ليس منا من حلق ولا من خرق وسلق . 7686 - (ليس منا من عمل بسنة غيرنا) المنسوخة بشرعنا كمن عدل عن السنة المحمدية إلى ترهب الديور والصوامع ومن قفى أثرهم وترك الطيب والنساء واللحم ونحوها من الحلو أو العسل الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه [ ص 387 ] وبطل وتعطل وترفه وتصنع في المأكل والمشرب وتزين في الملبس والمركب وبطر وأشر ، فلا الإمعان في الطيبات والتكالب عليه بمحمود ولا هجرها رأسا بمشكور اللهم اهدنا الصراط المستقيم ، قال ابن العربي : لا تعلق في هذا الخبر ونحوه للوعيدية الذي يخرجون في الذنوب من الإيمان وإنما هو على قالب نحو المسلم من سلم الناس أو المسلمون من لسانه ويده ويريد
[ 493 ]
بذلك نفي كمال خصاله واستيفاء شرائطه وخلوص نيته . - (فر عن ابن عباس) ورواه عنه أبو الشيخ [ ابن حبان ] ومن طريقه وعنه أورده الديلمي مصرحا فهو بالعزو إليه أحق ثم إن فيه يحيى الحماني وسبق تضعيفه عن جمع ويوسف بن ميمون أورده الذهبي في الضعفاء ونقل تضعيفه عن أحمد وغيره . 7687 - (ليس منا من غش) وفي رواية من غشنا أي لم ينصح من استنصحه وزين له غير المصلحة فمن ترك النصح للأمة ولم يشفق عليهم ولم يعنهم بنفسه وما بيده فكأنه ليس منهم إلى تسمية وصورة وأخرج البيهقي عن أبي هريرة مرفوعا أن رجلا كان يبيع الخمر في سفينة ومعه قرد فكان يشرب الخمر بالماء فأخذ القرد الكيس فصعد الذروة فجعل يأخذ دينارا فيلقيه في السفينة ودينارا في البحر حتى جعله نصفين . - (حم د ه ك عن أبي هريرة) ظاهر صنيعه أن الشيخين لم يخرجاه ولا أحدهما وقد اغتر في ذلك بالحاكم مع أن مسلما خرجه . قال ابن حجر : رواه مسلم وأبو داود وفيه قصة وخرجه العسكري بزيادة فقال : من غشنا ليس منا قيل : يا رسول الله ما معنى قولك ليس منا ؟ فقال : ليس مثلنا اه‍ . وإنكار أبي عبيد هذه الرواية : وقوله ليس مثل رسول الله أحد غش أو لم يغش رد بأن معناه من غش فليس أخلاقه مثل أخلاقنا فلا يلزم ما ذكر . 7688 - (ليس منا من غش مسلما أو ضره أو ماكره) أي خادعه أي من فعل به ذلك لكونه مسلما فليس بمسلم قال ابن العربي : وهذه الخصال حرام بإجماع الأمة والنصيحة عامة في كل شئ ومتعبد بها الأنبياء وكذا الملائكة قال تعالى في جبريل * (وما هو على الغيب بضنين) * أي بمتهم بالغش والتدليس في التبليغ . - (الرافعي) إمام الدين عبد الكريم القزويني (عن علي) أمير المؤمنين . 7689 - (ليس منا) أي من أهل سنتنا والنهي للتغليظ أو مختص بمعتقد حل ما يجئ (من لطم الخدود) عند المصيبة كبقية البدن وإنما خصها لأنها التي تلطم غالبا وجمعها كالجيوب وإن لم يكن للإنسان إلا خدان وجيب واحد باعتبار إرادة الجمع للتغليظ فيكون مقابلة الجمع بالجمع أو على حد قوله : * (وأطراف النهار) * (وشق الجيوب) جمع جيب من جابه قطعه قال سبحانه : * (الذين جابوا الصخر بالواد) * وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس للبسه والمراد بشقه إكمال فتحه وهو علامة على التسخط (ودعى بدعوى الجاهلية) وهي زمن الفترة قبل الإسلام أي نادى بمثل ندائهم الغير الجائز شرعا كأن يقول واكهفاه واجبلاه ، وتفسيره بأن عادتهم أن الرجل إذا غلب في الخصام نادى بأعلى صوته يا آل فلان لقومه فيبادرون لنصره ظالما أو مظلوما لا يليق بالسياق والنفي الذي حاصله التبري يقع بكل واحد من الثلاثة ولا يشترط وقوعها كلها معا وأصل البراءة الانفصال من الشئ ، فكأنه توعده بأنه لا يدخله في شفاعته مثلا وهو يدل على عدم الرضى وسببه ما تضمنه من عدم الرضى بالقضاء . - (حم ق ت ن ه عن ابن مسعود) وفي رواية لمسلم أو دعى أو شق ثوبه .
[ 494 ]
7690 - (ليس منا) أي من العاملين بسنتنا الجارين على طريقتنا (من لم يتغن بالقرآن) يعني لم يحسن صوته به لأن التطريب [ ص 388 ] به أوقع في النفوس وأدعى للاستماع والإصغاء وهي كالحلاوة التي تجعل في الدواء لتنفيذه إلى أمكنة الداء وكالأفاوية التي يطيب بها الطعام ليكون الطبع أدعى قبولا له لكن شرطه أن لا يغير اللفظ ولا يخل بالنظم ولا يخفي حرفا ولا يزيد حرفا وإلا حرم إجماعا كما مر ، قال ابن أبي مليكة : فإن لم يكن حسن الصوت حسنه ما استطاع ، والقول بأن المراد يستغني رده الشافعي بأنه لو أراد الاستغناء لقال من لم يستغن ، نعم اعترض التوربشتي الأول بعد ما رجح جانب معنى الاستغناء فقال : المعنى ليس من أهل سنتنا أو ممن تبعنا في أمرنا وهو وعيد ولا خلاف بين الأمة أن قارئ القرآن مثاب في غير تحسين صوته فكيف يجعل مستحقا للوعيد وهو مأجور . قال الطيبي : ويمكن حمله على معنى التغني أي ليس منا معشر الأنبياء من يحسن صوته بالقرآن ويستمع الله منه بل يكون من جملة من هو نازل عن مرتبتهم فيثاب على قراءته كسائر المسلمين لا على تحسين صوته كالأنبياء ومن تبعهم فيه . (خ) في التوحيد (عن أبي هريرة حم د حب ك) في الفضائل (عن سعد) بن أبي وقاص (وعن أبي لبابة) بضم اللام وموحدتين خفيفتين الأنصاري المدني واسمه بشير وقيل رفاعة (ابن عبد المنذر) صحابي بدري جليل مشهور . قال في التقريب : ووهم من سماه مروان (ك عن ابن عباس عن عائشة) . 7691 - (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا) الواو بمعنى أو فالتحذير من كل منهما وحده فيتعين أن يعامل كلا منهما بما يليق به فيعطى الصغير حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه ويعطى الكبير حقه من الشرف والتوقير ، قال الحافظ العراقي : فيه التوسعة للقادم على أهل المجلس إذا أمكن توسعهم له سيما إن كان ممن أمر بإكرامه من الشيوخ شيبا أو علما أو كونه كبير قوم كما في حديث جرير المار إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه . - (ت) من رواية محمد بن مرزوق عن عبيد بن واقد عن زربي (عن أنس) بن مالك قال : جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطأ القوم عنه أن يوسعوا له فذكره ثم قال الترمذي : هذا حديث غريب وزربي له مناكير عن أنس . 7692 - (ليس منا) يعني من أهل الكمال منا (من لم يرحم صغيرنا) يعني الصغير من المسلمين بالشفقة عليه والإحسان إليه (ويعرف شرف كبيرنا) بما يستحقه من التعظيم والتبجيل وعليك برحمة الخلق أجمعين ومراعاتهم كيفما كانوا فإنهم عبيد الله وإن عصوا وخلق الله وإن فضل بعضهم على بعض فإنك إذا فعلت نجح سعيك وسما جدك قال الحافظ العراقي : ويؤخذ من قوله شرف كبيرنا أنه إنما يستحق الكبير الإكرام إذا كان له شرف بعلم أو صلاح ونسب زكي كالشرف ويحتمل أن التعمير في
[ 495 ]
الإسلام شرف لقوله في الحديث المار خير الناس من طال عمره وحسن عمله نعم إن كان شيخا سئ العمل فلا يستحق الإكرام لقوله في بقية الحديث وشر الناس من طال عمره وساء عمله لكن يجئ في حديث ما من شاب أكرم شيخا لسنه إلا قيض الله له من يكرمه عند سنه فظاهر الإكرام أنه للسن بغير قيد . (حم ت ك عن ابن عمرو) بن العاص ورواه عنه أيضا أبو داود قال في الرياض : حديث صحيح وقال الحاكم : على شرط مالك وأقره الذهبي وقال العراقي : سنده حسن وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأعلى ممن ذكر وليس كذلك فقد خرجه سلطان الفن في الأدب فكان ينبغي ذكره معهم . 7693 - (ليس منا) أي ليس مثلنا (من لم يرحم صغيرنا) لعجزه وبراءته عن قبائح الأعمال وقد يكون صغيرا في المعنى مع تقدم سنه لجهله وغباوته وخرقه وغفلته فيرحم بالتعليم والإرشاد والشفقة (ويوقر كبيرنا) لما خص به من السبق في الوجود وتجربة الأمور (ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر) بحسب وسعه بيده أو بلسانه أو بقلبه بشروطه المعروفة قال تعالى * (أنجينا الذين ينهون عن السوء) * (الاعراف : 165) فجعل النجاة للناهين والهلكة للتاركين . - (حم ت) في البر وقال الترمذي : حسن غريب عن ابن عباس رمز لحسنه قال ابن القطان : ضعيف فيه ليث بن أبي سليم ضعفوه وقال الهيثمي : فيه ليث وهو مدلس . 7694 - (ليس منا) وفي رواية ليس من أمتي (من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه) بأن لم يحترمه ولم يطع أمره في غير معصية ، قال الحكيم : إجلال الكبير هو حق سنه لكونه تقلب في العبودية لله في أمد طويل ورحمة الصغير موافقة لله فإنه رحم ورفع عنه العبودية ومعرفة حق العالم هو حق العلم بأن يعرف قدره بما رفع الله من قدره فإنه قال : * (يرفع الله الذين آمنوا منكم) * (المجادلة : 11) ثم قال : * (والذين أوتوا العلم درجات) * فيعر ف له درجته التي رفع الله له بما آتاه من العلم . - (حم ك) وكذا الطبراني كلهم (عن عبادة بن الصامت) قال الهيثمي : وسنده حسن . 7695 - (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا وليس منا من غشنا ولا يكون المؤمن مؤمنا حتى يحب للمؤمن ما يحب لنفسه) أي لا يكون مؤمنا كامل الإيمان حتى يحب لهم ما يحب لنفسه
[ 496 ]
من الخير . (طب عن ضميرة) بالتصغير بخطه رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه حسين بن عبد الله بن ضمرة كذاب اه‍ . فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب . 7696 - (ليس منا من وسع الله عليه ثم قتر) أي ضيق (على عياله) أي ليس من خيارنا ولا من متوكلينا والمتخلقين بأخلاقنا لقنوطه من خلف الله واعتماده على ما بيده وشحه على من جعلهم الله في قبضته وتحت أمره فالتقتير عليهم مذموم وإن رضوا به لأن هذا الدين لا يصلح إلا للسخاء كما في خبر فالعاقل من تفكر واعتبر بغيره وقدم لنفسه . (تنبيه) قال الراغب : البخل ثلاثة بخل الإنسان بماله وبخله بمال غيره على غيره وبخله على نفسه بمال غيره وهو أقبح الثلاثة والباخل بما بيده باخل بمال الله على نفسه وعياله إذ المال عارية بيد الإنسان مستردة ولا أحد أجهل ممن لا ينتقذ نفسه وعياله من العذاب الأليم بمال غيره سيما إذا لم يخف من صاحبه تبعة ولا ملامة والكفالة الإلهية متكفلة بتعويض المنفق ، ففي خبر اللهم اجعل لمنفق خلفا ولممسك تلفا ومن وسع وسع الله عليه . - (فر عن جبير بن مطعم) وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير مجمع على ضعفه كما مر غير مرة . 7697 - (ليس منا من وطئ حبلى) أي من السبايا بدليل قوله في سبايا أوطاس ألا لا توطأ حامل حتى تضع ولا ذات حيض حتى تحيض فليس المراد هنا النهي عن وطء حليلته الحبلى كما قد يتوهم لما مر أنه هم أن ينهى عنه ثم رجع . - (طب عن ابن عباس) ورواه عنه أحمد أيضا في حديث طويل قال الهيثمي : وفيه الحجاج بن أرطاة مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 7698 - (ليس منكم) الخطاب للصحابة لكن المراد عموم أمة الإجابة (رجل إلا أنا ممسك بحجزته) بضم الحاء المهملة أي بمعقد إزاره وكل ما يشد به الوسط فهو حجاز (أن يقع في النار) وهو غالبي لقيام الدليل القاطع على أن بعض أمته يدخل النار للتطهير . - (طب عن سمرة) بن جندب رمز المصنف لحسنه . 7699 - (ليس مني) أي ليس بمتصل بي (إلا عالم) العلم الشرعي النافع (أو متعلم) لذلك وما سواهما فغير متصل بي . (تنبيه) قال الغزالي : آداب العلم تسعة عشر الاحتمال ولزوم الحلم والجلوس بوقار وإطراق رأس وترك التكبر إلا على الظلمة زجرا لهم وإيثار التواضع في المحافل وترك الهزل والدعاية والرفق بالمتعلم والتأني بالمتعجرف وإصلاح البليد بحسن الإرشاد وترك الأنفة من قول لا
[ 497 ]
أدري وصرف الهمة للسائل وقبول الحجة والانقياد للحق عند الهفوة ومنع المتعلم من كل علم يضره وزجره عن أن يريد بالعلم غير وجه الله وصده عن الاشتغال بفرض الكفاية قبل العين وآداب المتعلم مع العالم أن يبدأ بالتحية ويقل بين يديه الكلام ولا يقول في معارضة قوله قال فلان خلافه ولا يشير عليه بخلاف رأيه ولا يسأل جليسه بمجلسه ولا يلتفت بل يقعد مطرقا ساكتا متأدبا كأنه في الصلاة لا يكثر عليه عند ملله وإذا قام قام له ولا يسأله في الطريق ولا يسئ الظن به في أفعال ظاهرها منكر عنده . - (ابن النجار) في تاريخه (فر) كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه مخارق بن ميسرة قال الذهبي في الضعفاء : لا يعرف . 7700 - (ليس مني ذو حسد ولا نميمة ولا كهانة ولا أنا منه) تمامه عند مخرجه ثم تلى رسول اله صلى الله عليه وسلم هذه الآية * (والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا) * والحسد معروف والنميمة السعي بين الناس بالحديث لإيقاع فتنة أو وحشة والكهانة القضاء بالغيب كما في القاموس . - (طب عن عبد الله ابن بسر) وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك وبه يعرف أن المؤلف لم يصب في رمزه لحسنه . 7701 - (ليس يتحسر أهل الجنة على شئ) مما فاتهم في الدنيا (إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها) أي احتسابا وتقربا إليه وذلك لأنهم لما عرضت عليهم أيام الدنيا وماذا خرج لهم من ذكر الله تعالى ثم نظروا إلى الساعة الأخرى التي حرموا فيه الذكر مما تركوه من ذكره فأخذتهم الحسرات لكن هذه الحسرات إنما هي في الموقف لا في الجنة كما بينه الحكيم وغيره والغرض من السياق أن تعلم أن كل حركة ظهرت منك بغير ذكر الله فهي عليك لا لك وإن أدوم الناس على الذكر أوفرهم حظا وأرفعهم درجة وأشرفهم منزلة والجوارح الكواسب للخير والشر سبعة في العبد السمع والبصر واللسان واليد والرجل والبطن والفرج فمن حرك هذه الجوارح بالذكر ترقى إلى منازل المفردين الذين قال فيهم المصطفى صلى الله عليه وسلم الحديث المار سبق المفردون ومن حرك جوارحه بما دعاه الهوى في الشهوة فقد حاد عن الله عز وجل وجار على جوارحه وظلم نفسه حيث أرداها فأوجب له التحسر والإبعاد فهذه حركات تظهر منك فإن كان قلبك غافلا عن الله عز وجل فقد ضيعت ذلك الوقت وعرضت نفسك لسخط الله لأنه في ذكرك وأنت عنه في غفلة لأن الغطاء قد انكشف بمعاينة قصور الجنة وأنهارها ونعيمها وثواب الذكر من فرح الله [ ص 391 ] بالعبد وحبه له فإذا غفل عن ذكر الله ولو طرفة عين حرم ذلك الفضل فيتحسر عليه والملائكة يطالعون بعيون أجسادهم ما تحت العرش وقلوب الآدميين تطالع من وراء الحجاب من عظائم الأمور التي لا تدور الألسن بذكرها فيعطى في تلك المشاهدة من الفضل والكرم ما يعدل به فرائد خدمتهم ليقدموا به يوم العرض عليه بأعمال وأنوار تتعجب الملائكة منها
[ 498 ]
والقلب مطلوب برعاية هذه الجوارح بدوام الذكر بها فإذا أهمل القلب ذلك وكشف له الغطاء في وقفته يوم القيامة بين يدي الله تعالى يتقطع قلبه حسرات قطعا قطعا ويتفلذ كبده فلذا فلذا ويضطرب كل عرق منه خوفا أي حياء من الله وتصرخ كل شعرة ومفصل منه عويلا وندامة وحرقة فأعظم بها من حسرة . - (طب هب عن معاذ) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الهيثمي : رجاله ثقات وفي شيخ الطبراني محمد بن إبراهيم الصوري خلاف . 7702 - (ليست السنة) أي الجدب ومنه * (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين) * ، (بأن لا تمطروا) بالبناء للمجهول (ولكن السنة أن تمطروا وتمطروا) كرره للتأكيد (ولا تنبت الأرض شيئا) يعني ليس عام القحط الذي لا تمطر السماء فيه مع وجود البركة بل أن تمطروا ولا تنبت وذلك لأن اليأس بعد وقوع الرجاء بظهور مخايله أفظع مما كان حاصلا من أول الأمر والنفس مترقبة حدوثها قال : أظلت علينا من نداك غمامة * أضاءت لنا برق وأبطأ رشاشها فلا غيمها يجلو فييأس طامع * ولا غيثها يهمى فيروى عطاشها (الشافعي) في مسنده (حم م عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الطيالسي وغيره . 7703 - (ليسوقن رجل من قحطان الناس بعصا) يعني أن ذلك من أشراط الساعة ، وقحطان عامر بن شالخ أيوحى . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه ابن إسحاق وهو مدلس والحسين بن عيسى بن ميسرة لم أعرفه فرمز المصنف لصحته مردود . 7704 - (ليشترك النفر في الهدي) . (ك عن جابر) . 7705 - (ليشربن أناس) في رواية ناس (من أمتي الخمر) قال الطيبي : إخبار فيه شائبة إنكار (يسمونها بغير اسمها) يتسترون في شربها بأسماء الأنبذة المباحة أي يشربون النبيذ المطبوخ بالسكر ويسمونه طلا تحرجا أن يسموه خمرا وذلك لا يغني عنهم من الحق شيئا وقيل : أراد يغيرون صفتها ويبدلون اسمها ويبقى معناها ، قال ابن العربي في العارضة : والذين أنذر عليه السلام بهم هم الحنفية فإنها طبخت لتزبل عنه بزعمها اسم الخمرية وتشربه باسم آخر . (حم د) في الأشربة (عن أبي مالك الأشعري)
[ 499 ]
ورواه عنه أيضا ابن ماجه قال الصدر المناوي : وفيه حاتم بن حريث الطائي الحمصي قال ابن معين : لا أعرفه وقال ابن حجر : صححه ابن حبان وله شواهد كثيرة . 7706 - (ليشرين أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ويضرب على رؤوسهم بالمعازف) أي الدفوف ونحوها (والقينات) أي الإماء المغنيات (يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير) وفيه وعيد شديد على من يتحيل في تحليل ما يحرم بتغيير اسمه وأن الحكم يدور مع العلة في تحريم الخمر وهي الإسكار فمهما وجد الإسكار وجد التحريم ولو [ ص 392 ] لم يستمر الاسم قال ابن العربي : هو أصل في أن الأحكام إنما تتعلق بمعاني الأسماء لا بإلقائها ردا على من جمد على اللفظ قال ابن القيم : فيه تحريم آلة اللهو فإنه قد توعد مستحل المعازف بأنه يخسف به الأرض ويمسخهم قردة وخنازير وإن كان الوعيد على جميع الأفعال ولكل واحد قسط من الذم والوعيد . - (ه حب طب هب عنه) أي عن أبي مالك الأشعري قال ابن القيم : إسناده صحيح . 7707 - (ليصل الرجل في المسجد الذي يليه) أي بقرب مسكنه (ولا يتتبع المساجد) أي لا يصلي في هذه مرة وفي هذه مرة على وجه التنقل فيها فإنه خلاف الأولى - (طب عن ابن عمر) قال الهيثمي : رجاله موثوقون إلا شيخ الطبراني محمد بن أحمد بن النضر الترمذي ولم أجد من ترجمه وذكر ابن حبان محمد بن أحمد بن النضر بن معاوية عن عمرو ولا أدري هو أم لا . 7708 - (ليصل) بكسر اللام (أحدكم نشاطه) أي مدة نشاطه أو وقت نشاطه والصلاة التي نشط لها والمراد ليصل الرجل عن كمال الإرادة والذوق فإنه في مناجاة ربه ولا يناجيه عند الملالة (فإذا كسل أو فتر) في أثناء القيام (فليقعد) ويتم صلاته قاعدا أو إذا فتر بعد فراغ بعض تسليماته فليأت بما بقي من نفله قاعدا وإذا فتر بعد دخوله فيها فليقطعها يعني النافلة حتى يحدث له نشاط . - (حم ق د ن ه) كلهم في الصلاة (عن أنس) بن مالك قال : دخل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم المسجد وحبل ممدود بين ساريتين فقال : ما هذا قالوا : لزينب تصلي فإذا كسلت أو فترت أمسكت به فقال : حلوه ، ثم ذكره .
[ 500 ]
7709 - (ليضع أحدكم) إذا أراد أن يصلي (بين يديه مثل مؤخرة الرحل) هي بضم الميم وسكون الهمزة وكسر الخاء أو بفتح الهمزة وخاء مشددة العود الذي يستند إليه راكب الرحل (ولا يضره) في صلاته (ما مر بين يديه) أي أمامه بينه وبين سترته فلا تقطع الصلاة بشئ مما مر بين يدي المصلي مطلقا من امرأة أو حمار أو كلب أو شاة أو غير ذلك وبذلك أخذ الجمهور من الصحابة فمن بعدهم ومنهم الشافعي وأبو حنيفة ومالك ، وقال أحمد : يقطع الصلاة الكلب الأسود لما ورد في حديث أنه شيطان وفيه أن أقل ما يكون سترة للمصلي بقدر مؤخرة الرحل وهي قدر ثلثي ذراع . - (الطيالسي) أبو داود (حب) كلاهما (عن طلحة) بن عبيد الله . 7710 - (ليعز المسلمين في مصائبهم المصيبة بي) فإنها أعظم المصائب . اصبر لكل مصيبة وتجلد * واعلم بأن المرء غير مخلد فإذا ذكرت مصيبة تسلو بها * فاذكر مصابك بالنبي محمد (ابن المبارك) في الزهد (عن القاسم) بن محمد (مرسلا) هو أحد الفقهاء السبعة وعزاه في الفردوس لمالك قال في مسنده : رواه [ ص 393 ] مالك عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه هكذا مقطوعا اه‍ . 7711 - (ليغسل موتاكم المأمونون) فيه أنه يسن كون الغاسل أمينا إن رأى خيرا ذكره أو غيره ستره إلا لمصلحة . - (ه عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه بقية وقد مر غير مرة ومبشر بن عبيد الحمصي قال في الكاشف : تركوه . 7712 - (ليغشين أمتي من بعدي) أي بعد وفاتي (فتن كقطع الليل المظلم يصبح الرجل) وصف طردي والمراد الإنسان ولو أنثى (مؤمنا ويمسي كافرا يبيع أقوام دينهم بعرض من الدنيا قليل) أولئك لا خلاق لهم وذلك من الأشراط ، والغشيان بالكسر الإتيان ، والفتنة بالكسر الحيرة والضلال والإثم والكفر والفضيحة والعذاب ويظهر أن ذلك هو زمن الدجال ويحتمل خلافه . - (ك) في الفتن (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال : صحيح وأقره الذهبي . 7713 - (ليفرن الناس من الدجال) عند خروجه في آخر الزمان (في الجبال) تمامه قالت أم شريك
[ 501 ]
يا رسول الله فأين العرب يومئذ قال : هم قليل . - (حم م ت عن أم شريك) العامرية ويقال الأنصارية والدوسية قال الزين العراقي : هذحديث صحيح . 7714 - (ليقتلن) عيسى (ابن مريم الدجال بباب لد) أي أنه ينزل في آخر الزمان مجددا لأمر الإسلام فيوافق خروج الدجال فيجده بباب لد فيقتله لا أنه ينزل لقتله . - (حم عن مجمع) بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الميم المكسورة (بن حارثة) بن عامر الأنصاري المدني أحد من جمع القرآن قال الشعبي : كان بقي عليه سورتان حين قبض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم . 7715 - (ليقرأن القرآن ناس من أمتي يمرقون من الإسلام) أي يحوزونه ويخرقونه ويتعدونه (كما يمرق السهم من الرمية) بفتح الراء وكسر الميم وشد الياء فعلية من الرمي والمراد الصيد الوحشي كالغزالة المرمية مثلا يعني يخرجون من الدين بفتنة كخروج السهم إذا رماه رام قوي الساعد فأصاب ما رماه فنفذ منه بسرعة بحيث لا يعلق بالسهم ولا بشئ منه من الرمي شئ فإذا التمس الرامي سهمه وجده ولم يجد الذي رماه وهؤلاء الفرقة هم الحرورية الذين خرجوا على علي فقاتلهم حتى قتل أكثرهم . (حم ه عن ابن عباس) ورواه عنه أبو يعلى أيضا قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لصحته . 7716 - (ليقل أحدكم) ندبا مؤكدا (حين يريد أن ينام) بالليل ويحتمل أن المراد النهار أيضا وإنما خص الليل في بعض [ ص 394 ] الروايات لأن غالب النوم فيه ويظهر أن محل قوله ذلك بعد اضطجاعه في الفراش (آمنت بالله وكفرت بالطاغوت وعد الله حق وصدق المرسلون ، اللهم إني أعوذ بك من طوارق هذا الليل إلا طارقا يطرق بخير) . - (طب عن أبي مالك الأشعري) قال الهيثمي : فيه إسماعيل بن عياش وهو ضعيف . 7717 - (ليقم الأعراب) في الصلاة (خلف المهاجرين والأنصار ليقتدوا بهم في الصلاة) لأن المهاجرين والأنصار أوثق وأعرف وأضبط بما يشاهدونه من أقواله وأفعاله والأعراب لا يدركون ذلك
[ 502 ]
ولا يتفطنون له . (طب عن سمرة) بن جندب قال الهيثمي : فيه سعد بن بشير وقد اختلف في الاحتجاج به اه‍ . والمصنف رمز لحسنه . 7718 - (ليكف الرجل منكم) من الدنيا (كزاد الراكب) يعني ليكفك من الدنيا ما يبلغك إلى الآخرة فالمؤمن يتزود منها والفاجر يستمتع فيها والأصل أن من امتلأ قلبه بالإيمان استغنى عن كثير من مؤن دنياه واحتمل المشاق في تكثير مؤن أخراه ، وفيه تنبيه على أن الإنسان مسافر لا قرار له فيحمل ما يبلغه المنزلة بين يديه مرحلة مرحلة ويقتصر عليه وفي بعض الكتب المنزلة ابن آدم خذ من الددنيا ما شئت وخذ من الهم أضعافه . (تنبيه) كان بعض العارفين إذا انقضى فصل الشتاء أو الصيف يتصرف في الثياب الذي يلبسها في ذلك الفصل ولا يدخرها إلى الفصل الآخر وهو مقام عيسوي فإن المسيح عليه السلام لم تكن له ثياب تطوى زيادة على ما عليه من جبة صوف أو قطن وكانت مخدته ذراعيه وقصعته بطنه ووضع لبنة على لبنة من طين تحت رأسه فقال له ابليس قد رغبت يا عيسى في الدنيا بعد ذلك الزهد فرمى بهما واستغفر وتاب ، وكان أبو حذيفة يقول : أحب الأيام إلي يوم يأتيني الخادم فيقول : ما في بيتنا اليوم شئ نأكله ، هذا تأكيد شديد في الترغيب في الزهد ، قال العلائي : والباعث عليه قصر الأمل ولهذا أشار إليه بقوله كزاد الراكب تشبيها للإنسان في الدنيا بحال المسافر . - (ه حب عن سلمان) الفارسي ورواه عنه الحاكم بنحوه وذكر بيان السبب وهو أن سعدا قدم على سلمان يعوده فبكى فقال سعد : ما يبكيك توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض وترد عليه الحوض وتلقى أصحابك فقال : ما أبكي جزعا من الموت ولا حرصا على الدنيا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا لتكن بلغة أحدكم من الدنيا كزاد الراكب وحولي هذه الأساود أي الشخوص . قال : وإنما حوله إجانة وجفنة ومطهرة فقال سعد : أعهد إلينا فقال : يا سعد اذكر الله عند همك إذا هممت وعند يدك إذا قسمت وعند حكمك إذا حكمت رواه الحاكم بطوله وقال : صحيح قال المنذري : كذا قال . 7719 - (ليكف أحدكم من الدنيا خادم ومركب) لأن التوسع في نعيمها يوجب الركون إليها والانهماك في لذاتها وحق على كل مسافر أن لا يحمل إلا بقدر زاده في السفر ، نعم إن سمحت نفسه بإطعام الطعام وتوسيع الزاد على الرفقاء فلا بأس بالاستكثار فقوله كزاد الراكب معناه لأنفسكم خاصة وإلا فقد كان ممن يروي هذا الحديث ويأخذ به يأخذ مائة ألف في موضع واحد فلا يقوم حتى يفرقها ولا يمسك منها حبة (فائدة) قال شيخنا العارف الشعراني : من أخلاقهم شدة توجههم إلى الله في تحويل نعم الدنيا عنهم وعن إخوانهم من مال وولد وزوجة إلا ما لا بد منه قال : وقد قال لي سيدي علي الخواص : ينبغي للفقير أن لا يغفل عن سؤال تحويل الدنيا عنه وعن أصحابه ما عدا اللقمة وساتر العورة وما لا بد منه كما أشار إليه هذا الخبر وقال المرصفي : من علامة محبة الشيخ لأصحابه أن يحول
[ 503 ]
بينهم وبين وظائف الدنيا ولذاتها فإذا ماتت أولادهم أو عزلوا من وظائفهم أو ذهب ما لهم وجد له لذة في قلبه شفقة عليهم . (حم ن والضياء) المقدسي (عن بريدة) بن الحصيب . 7720 - (ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف) فيه إثبات الخسف والمسخ في هذه الأمة ومن زعم عدم وقوعه فيها قال : المراد خسف المنزلة ومسخ القلوب وفيه أن آلة اللهو حرام ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها ، ذكره ابن القيم . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر (في) كتاب (ذم الملاهي عن أنس) بن مالك وفي الباب ابن عباس وأبو أمامة وغيرهما عند أحمد والطبراني وغيرهما . 7721 - (ليكونن من ولد العباس ملوك يلون أمر أمتي) يعني الخلافة (يعز الله تعالى بهم الدين) أي دين الإسلام ، وهذا علم من أعلام نبوته ومعجزاته التي ينبو عنها نطاق الحصر فإنه إخبار عن غيب وقع . (قط في الأفراد عن جابر) وفيه عمر بن راشد المدني قال في الميزان عن أبي حاتم : وجدت حديثه كذبا وزورا وقال العقيلي : منكر الحديث وابن عدي : كل أحاديثه لا يتابع عليها ومن أحاديثه هذا الخبر . 7722 - (ليلة الجمعة ويوم الجمعة أربع وعشرون ساعة لله في كل ساعة منها ستمائة ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار) أي نار التطهير ويحتمل إجراؤه على إطلاقه بأن يوفق من شاء من الكفار لأن يسلم . - (الخليل) في مشيخته (عن أنس) بن مالك . 7723 - (ليلة القدر ليلة سبع وعشرين) وبه قال الأكثر من الصحب وتابعيهم وكان أبي بن كعب يحلف عليه قال القاضي : سميت ليلة القدر لأنها ليلة تقدير الأمور فإنه تعالى بين فيها لملائكته ما يحدث إلى مثلها من العام القابل فإما لخطرها وشرفها على جميع الليالي وإما لغير ذلك . - (د عن معاوية) رمز المصنف لصحته وظاهر صنيعه أن ذا لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه والأمر بخلافه فقد عزاه الديلمي إلى مسلم باللفظ المزبور عن أبي بن كعب .
[ 504 ]
7724 - (ليلة القدر ليلة أربع وعشرين) أخذ به راويه بلال وحكى عن ابن عباس والحسن وقتادة . - (عن بلال) المؤذن (الطيالسي) أبو داود (عن أبي سعيد) قال الهيثمي : سند أحمد حسن اه‍ . والمصنف رمز لصحته فليحرر . 7725 - (ليلة القدر في العشر الأواخر) أي الذي تلي آخر الشهر (في الخامسة أو الثالثة) . - (حم عن معاذ) بن جبل رمز المصنف لصحته . 7726 - (ليلة القدر ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين) وعليه جمع (إن الملائكة تلك الليلة) أي ليلة القدر (في الأرض أكثر من عدد الحصى) وفي رواية الطبراني في الأوسط أكثر من عدد النجوم وهي أفضل ليالي العام مطلقا [ ص 396 ] وذهب بعضهم إلى تفضيل ليلة الإسراء عليها واعترض وتوسط البعض فقال : ليلة الإسراء أفضل في حق المصطفى صلى الله عليه وسلم وليلة القدر أفضل لأمته ، وصوب ابن تيمية تفضيل ليلة القدر مطلقا لأن ليلة الإسراء وإن حصل للمصطفى صلى الله عليه وسلم فيها ما لم يحصل له في غيرها لكن لا يلزم إذا أعطى الله نبيه فضيلة في زمان أو مكان أن يكون أفضل من غيره ، هذا إن فرض أن إنعامه عليه ليلة الإسراء أعظم من إنعامه عليه بإنزال القرآن ليلة القدر وللتوقف فيه مجال . - (حم عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح اه‍ . ومن ثم رمز المصنف لصحته . 7727 - (ليلة القدر ليلة بلجة) أي مشرقة (لا حارة ولا باردة) بل معتدلة (ولا سحاب فيها ولا مطر ولا ريح) أي شديدة (ولا يرمى فيها بنجم ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها) وكان أبي بن كعب يحلف على ذلك قال النووي : والشعاع ما يرى من ضوء الشمس عند بدوها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك إذا نظرت إليها وقيل : معنى لا شعاع لها أن الملائكة لكثرة اختلافها في ليلتها ونزولها إلى الأرض وصعودها تستر بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس . - (طب عن وائلة) بن الأسقع رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه بشر بن عوف عن بكار بن تميم كلاهما ضعيف .
[ 505 ]
7728 - (ليلة القدر ليلة سمحة طلقة) أي سهلة طيبة (لا حارة ولا باردة) أي معتدلة يقال يوم طلق وليلة طلق وطلقة إذا لم يكن فيها حر ولا بريؤذيان ، ذكره ابن الأثير (تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة) أي ضعيفة الضوء (حمرا) أي شديدة الحمرة ومن علاماتها أيضا أن يرى كل شئ ساجدا وأن ترى الأنوار في كمكان ساطعة حتى في المواضع المظلمة وأن يسمع كلام الملائكة وأن يستجاب فيها الدعاء قالوا : ولا يلزم من تخلف العلامة عدمها ورب قائم فيها لم يحصل منها إلا على العبادة ولم ير شيئا من علاماتها وهو أفضل عند الله ممن رآها وأكرم . - (الطيالسي) أبو داود (هب) كلاهما (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وفيه زمعة بن صالح المكي قال الذهبي : ضعفه أبو أحمد وأبو حاتم وغيرهما وفيه سلمة بن زهرام ضعفه أبو داود قال أحمد : له مناكير وسرد له ابن عدي عدة أحاديث هذا منها ثم قال : أرجو أنه لا بأس به . 7729 - (ليلة أسري بي) من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى (ما مررت على ملأ من الملائكة إلا أمروني بالحجامة) . - (طب عن ابن عباس) . 7730 - (ليلني) بكسر اللامين وخفة النون من غير ياء قبل النون وبإثباتها مع شدة النون على التأكيد وقال النووي : بكسر اللام وتخفيف النون من غير ياء قبلها ويجوز إثبات الياء مع تشديد النون على التأكيد وقال الطيبي : حق هذا [ ص 397 ] اللفظ أن يحذف منه الياء لأنه على صيغة الأمر وقد وجد بإثبات الياء وسكونها في سائر كتب الحديث والظاهر أنه غلط (منكم) أي ليدنو مني منكم (أولو الأحلام والنهى) بضم النون جمع نهية وهي العقل الناهي عن القبائح والأحلام جمع حلم بالضم وهو ما يراه النائم تقول منه حلم بالفتح واحتلم غلب استعماله فيما يراه النائم من دلالة البلوغ لدلالته على البلوغ التزامية فلا يلزم كون المراد هنا ليلني البالغون ليكون مجازا لاستعماله في لازم معناه لجواز إرادة حقيقته ويعلم منه المقصود لأنه إذا أمر أن يليه من اتصف بملزوم البلوغ علم أن المراد أن يليه البالغون ولو قيل : إن البلوغ نفس الاحتلام أو بلوغ سن مخصوص كان إرادتهم باللفظين حقيقيا لا مجازيا وفي تفسير الأحلام بالعقول لزوم التكرار في الحديث بلا ضرورة فليجتنب ، ذكره العلامة ابن الهمام (ثم الذي يلونهم) أي يقربون منهم في هذا الوصف كالمراهقين (ثم الذين يلونهم) كالصبيان المميزين ثم الذين يلونهم كالنساء لأن نوع الذكر أشرف (ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) بالنصب (وإياكم وهيشات) بفتح الهاء وسكون التحتية وإعجام الشين (الأسواق) أي مختلطاتها وجماعاتها والمنازعات واللغط فيها فاحذروها
[ 506 ]
جمع هيشة وهي الفتنة والاضطراب والمعنى لا تكونوا مختلطين اختلاط أهل الأسواق فلا يتميز الذكور عن الإناث ولا الصبيان عن البالغين . (م 4) في الصلاة (عن ابن مسعود) ولم يخرجه البخاري لكن قال الترمذي في العلل : أنه سأل عنه البخاري فقال : أرجو أن يكون محفوظا قال الحاكم : وهو على شرطه . 7731 - (ليلني منكم الذين يأخذون عني) يعني الصلاة لشرفهم ومزيد فضلهم ، وليضبطوا أفعالي وأقوالي فيبلغونها عني الأمة . - (ك) في الصلاة (عن ابن مسعود) وقال : على شرطهما وأقره عليه الذهبي . 7732 - (ليمسخن قوم وهم على أريكتهم قردة وخنازير بشربهم الخمر وضربهم بالبرابط) هي ملهاة تشبه العودة فارسي معرب وأصله بربت لأن الضارب به يضعه على صدره واسم الصدر بر (والقيان) قال ابن القيم : إنما مسخوا قردة وخنازير لمشابهتهم لهم في الباطن والظاهر مرتبط به أتم ارتباط وعقوبات الرب جارية على وفق حكمته وعدله وقال ابن تيمية : المسخ واقع في هذه الأمة ولا بد وهو واقع في طائفتين علماء السوء الكاذبين على الله ورسوله الذين قلبوا دينه وشرعه فقلب الله صدورهم كما قلبوا دينه والمجاهرين المنهمكين في شرب الخمر والمحارم ومن لم يمسخ منهم في الدنيا مسخ في قبره أو يوم القيامة اه‍ . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الملاهي عن الغاز بن ربيعة مرسلا) . 7733 - (لينتهين) بفتح أوله وفتح المثناة وضم الهاء لتدل على واو الضمير المحذوفة لأن أصله ينتهونن (أقوام عن ودعهم) أي تركهم قال الزمخشري : مصدر يدع (الجمعات) أي التخلف عنها قال الطيبي : هذا يرد قول النحاة أنهم أماتوا ماضيه ومصدره استغناء بترك فليحمل كلامهم على قلة استعماله مع صحته قياسا (أو ليختمن الله على قلوبهم) أي يطبع عليها ويغطيه بالرين كناية عن إعدام اللطف وأسباب الخير فإن اعتياد ترك الجمعة يغلب الرين على القلب ويزهد النفوس في الطاعات وذلك يؤديهم إلى الغفلة كما قال (ثم ليكونن) بضم النون الأولى (من الغافلين) قال القاضي : معنى هذا الترديد أن أحد الأمرين كائن لا محالة إما الانتهاء عن تركها وإما الختم فإن اعتياد تركها يزهد في الطاعة ويجر إلى الغفلة ، قال الطيبي : وثم للتراخي في الرتبة فإن كونهم من جملة الغافلين والمشهود فيه بالغفلة أدعى لشقاوتهم وأنطق لخسرانهم من [ ص 398 ] مطلق كونهم مختوما عليهم وفيه أن الجمعة فرض عين . (حم م ن ه عن ابن عباس وابن عمر) بن الخطاب وكذا أبو هريرة ولم يخرجه البخاري .
[ 507 ]
7734 - (لينتهين) اللام جواب قسم محذوف (أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا ترجع إليهم أبصارهم) وكلمة أو للتخيير تهديدا وهو خبر بمعنى الأمر أي ليكونن منكم الانتهاء عن رفع البصر أو تخطف الأبصار عند الرفع على حد قوله سبحانه * (تقاتلونهم أو يسلمون) * أي يكون أحد الأمرين وذلك لما فيه من فوت كمال الخشوع وقد مر في خبر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يرفع بصره إلى السماء في الصلاة حتى نزلت * (والذين هم في صلاتهم خاشعون) * (المؤمنون : 2) فتركه قال الحرالي : وذلك لأن غيب القلوب اختص بوجهة المصلي والسماء خصت بوجه الداعي فالمصلي يرجع إلى غيب قلبه ولا يرفع طرفه إلى السماء والداعي يتوجه إلى السماء ويمد يديه حتى يرى بياض إبطيه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل وقال ابن حجر : اختلف في المراد بذلك فقيل هو وعيد وعليه فالفعل المذكور حرام وأفرط ابن حزم فأبطل الصلاة به وقيل معناه أنه يخشى على الأبصار من الأنوار التي تنزل بها الملائكة على المصلي . - (حم م د ه عن جابر بن سمرة) . 7735 - (لينتهين أقوام عن رفع أبصارهم عند الدعاء في الصلاة إلى السماء أو لتخطفن) بفتح الفاء بلفظ المجهول أي لا يخلو الحال عن أحد أمرين إما الإنتهاء عنه أو العمى وقال البيضاوي : أو لتخطفن عطف على لينتهين ردد بين الانتهاء عن الرفع وما هو كاللازم لنقيضه والمعنى والله لتنتهين عن الرفع أو لتسلبن (أبصارهم) لأن ذلك يوهم نسبة العلو المكاني إلى الله سبحانه وتعالى ثم يحتمل كونها خطفه حسية وكونها معنوية ولا مانع من إرادتهما معا ثم يحتمل كونه إشارة إلى ذهاب فائدتها بالعمى أو إلى قلعها من أصلها ، قال في المطامح : والخطف بالمعنى الثاني أولى وفي الحديث وما قبله النهي الأكيد والوعيد الشديد وحملوه على الكراهة دون الحرمة للإجماع على عدمها وأما الرفع إلى السماء في غير الصلاة في نحو الدعاء فجوزه الأكثر لأن السماء قبلة الدعاء للداعين والكعبة قبلة المصلين . - (م ن عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 7736 - (لينتهين رجال عن ترك) الصلاة في (الجماعة أو لأحرقن) بضم الهمزة وفتح الحاء وشد الراء المكسورة ونون التوكيد (بيوتهم) بالنار عقوبة لهم أي أحد الأمرين كائن إما الانتهاء أو التحريق وقيد الرجال ليخرج الصبيان والنساء ومفهومه أن العقوبة غير قاصرة على المال بل المراد تحريق المتخلفين وبيوتهم وأحرقن بتشديد الراء ونون التوكيد مشعر بالتكثير والمبالغة في التحريق وبه أخذ بعضهم فقال : الجماعة فرض عين إذ لو كانت سنة لما هدد تاركها بالتحريق أو فرض كفاية كان قيامه ومن معه بها كافيا وقال أبو حنيفة ومالك : سنة والأصح عند الشافعية فرض كفاية وأجابوا عن الحديث بأنه هم ولم يفعل أو أنه ورد فيمن تخلف لنفاق . (ه) عن أسامة بن زيد رمز المصنف لحسنه .
[ 508 ]
7737 - (لينصرن الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإن له نصرة وإن كان مظلوما فلينصره) قال العلائي : هذا [ ص 399 ] من بليغ الكلام الذي لم ينسج على منواله وأو للتنويع والتقسيم وسمي رد المظالم نصرا لأن النصر هو العون ومنع الظالم عون له على مصلحته والظالم مقهور مع نفسه الأمارة وهي في تلك الحالة عاتية عليه فرده عون له على قهرها ونصرة له عليها . - (حم ق عن جابر) بن عبد الله . 7738 - (لينظرن أحدكم ما الذي يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته) . - (ت عن أبي سلمة) أبو سلمة في الصحب كثير فكان ينبغي تمييزه رمز المصنف لصحته . 7739 - (لينتقضن الإسلام عروة عروة) ظاهره أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه أحمد عن فيروز الآتي كما ينقض الحبل قوي قوي اه‍ بحروفه ، ورواه أحمد أيضا عن أبي أمامة بلفظ لينتقضن الإسلام عروة عروة كلما انتقضت عروة تشبث الناس بالتي تليها فأولها نقضا الحكم وآخرها الصلاة . - (حم عن فيروز الديلمي) اليماني قاتل الأسود الكذاب قال الذهبي : له وفادة وصحبة . 7740 - (ليودن أهل العافية يوم القيامة أن جلودهم قرضت بالمقاريض) أي يتمنى أهل العافية في الدنيا يوم القيامة قائلين ليت جلودنا كانت قرضت بالمقاريض فلنا الثواب المعطى على البلاء فاختير في الحديث الغيبة على التكلم لأنه أقل إحواجا إلى التقدير فعلى هذا مفعول يود محذوف وذلك (مما يرون من ثواب أهل البلاء) لأن الله سبحانه طهرهم في الدنيا من موادهم الخبيثة بأنواع البلايا والرزايا فلقوه وقد خلصت سبيكة إيمانهم من الخبث في دار الخبث فصلحوا حينئذ لجواره ومساكنته في دار كرامته فيصب عليهم فيها الإنعام صبا وأما من لم يتطهر من مواده الخبيثة في دار الخبث فتطهره النار ، إذ حكمته تعالى تأبى أن يجاوره أحد في دار كرامته وهو متلطخ بخبائثه ومن تحقق بعلم ذلك انفتح له باب الرضى والتسليم ومن ثم قال بعض العارفين : لو كشف للمبتلى عن سر سريان الحكمة في البلاء لم يرض إلا به . - (ت) في الزهد (والضياء) في المختارة (عن جابر) قال الترمذي : غريب اه‍ وفيه عبد الرحمن بن معزاء قال في الكاشف : وثقه أبو زرعة ولينه ابن عدي وقال المناوي : إسناده حسن .
[ 509 ]
7741 - (ليودن رجل) يوم القيامة (أنه خر من عند الثريا) النجم العالي المعروف (وأنه لم يل من أمر الناس شيئا) يعني الخلاف أو الإمارة . - (الحارث) بن أبي أسامة في مسنده (ك عن أبي هريرة) ورواه عنه الديلمي أيضا . 7742 - (ليهبطن) وفي رواية ليوشكن أن ينزل فيكم (عيسى ابن مريم حكما) أي حاكما (وإماما مقسطا) أي عادلا يحكم بهذه الشريعة المحمدية ولا يحكم بشرعه الذي أنزل عليه في أوان رسالته لأنه نسخ وحكمة نزوله دون غيره من الأنبياء الرد على اليهود حيث زعموا أنهم قتلوه فيكذبهم الله (وليسلكن فجا فجا حاجا أو معتمرا وليأتين قبري [ ص 400 ] حتى يسلم علي ولأردن عليه) السلام ويتزوجن ويولد له كما قاله القرطبي تحقيقا للبيعة ثم يموت بعد ذلك ويدفن في الروضة الشريفة وقد حكى في المطامح إجماع الأمة على نزوله وأنكر على ابن حزم ما حكاه في مراتب الإجماع من الخلاف في نزوله قبل يوم القيامة وقال : هذا نقل مضطرب ولم يخالف أحد من أهل الشريعة في ذلك وإنما أنكره الفلاسفة والملاحدة وأما وقت نزوله فمجهول لكنه ينزل عند خروج الدجال فيقتله كما في عدة أخبار وما في الخبر المغربي للباجي من تعيين ذلك فشديد الضعف كما بينه القرطبي . - (ك) في أخبار الأنبياء (عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح سمعه يعلى بن عبيد منه وقال الذهبي : إسناده صالح وهو غريب . 7743 - (لي الواجد) أي مطلق الغنى واللي بالفتح المطل وأصله لوي فأدغمت الواو في الياء والواجد الغنى من الوجد بالضم بمعنى السعة والقدرة ويقال وجد في المال وجدا أي استغنى (يحل) بضم الياء من الإحلال (عرضه) بأن يقول له المدين أنت ظالم أنت مماطل ونحوه مما ليس بقذف ولا فحش (وعقوبته) بأن يعزره القاضي على الأداء بنحو ضرب أو حبس حتى يؤدي قال الزمخشري : يقال لويت دينه ليا وليانا وهو من اللي لأنه يمنعه حقه ويثنيه عنه قال : تلوينني ديني النهار وأقتضي * ديني إذا رقد النعاس الرقد والواجد من الوجد والجدة العقوبة قال ابن حجر (فائدة) في مشروعية الحبس ، خبر أبي داود أن المصطفى صلى الله عليه وسلم حبس رجلا في تهمة ساعة من نهار ثم خلى سبيله . - (حم د ن) في البيع (ه) في الأحكام (ك عن) عمرو بن الشريد عن أبيه (الشريد) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ولم يضعفه أبو داود وعلقه البخاري .
[ 510 ]
7744 - (لية لا ليتين) بفتح اللام والتشديد أي مرة من اللي لا مرتين منه والخطاب لأم سلمة ، أمرها أن يكون الخمار على رأسها وتحت حنكها عطفة واحدة لا عطفتين حذرا من الإسراف والتشبه بالمتعممين ونصبه بفعل مقدر أي اختمري ، قال الراغب : اللي فتل الحبل لويته ألويه ليا ولوى رأسه وبرأسه أماله . - (حم د ك) كلهم في اللباس (عن أم سلمة) دخل النبي صلى الله عليه وسلم وهي تختمر فذكره قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 7745 - (اللباس) أي لبس الثياب الحسنة (يظهر الغنى) بين الناس (والدهن) أي دهن شعر الرأس واللحية (يذهب البؤس) بالضم وسكون الهمزة الضر (والإحسان إلى المملوك) بالقول أو الفعل سواء مملوكه أو مملوك غيره لأنه تحت قهر السيد فهو بالإحسان إليه أجدر (يكبت الله به العدو) أي يهينه ويذله ويحزنه . - (طس عن عائشة) . 7746 - (اللبن في المنام فطرة) لأن العالم القدسي يصاغ فيه الصور من العالم الحسي لتدرك منه المعاني فلما كان اللبن في العالم الحسي من أول ما يحصل به التربية ويرسخ به المولود صيغ منه مثالا للفطرة التي بها تتم القوة الروحانية وتنشأ عنها الخاصة الإنسانية ، ذكره بعض الأعاظم ، وقال العارف ابن عربي : أراد بالفطرة هنا علم التوحيد لاغير ، فهو الفطرة التي فطر الحق عليها عباده حتى أشهدهم حين قبضهم من ظهورهم * (ألست بربكم قالوا بلى) * فشهدوا الربوبية قبل كل شئ ولولا حقيقة مناسبة [ ص 401 ] جامعة بين العلم واللبن لما ظهر بصورته في عالم الخيال عرف ذلك من عرفه وجهله من جهله فالعارف من يأخذ عن الله لا عن نفسه وشتان بين مؤلف يقول حدثني فلان رحمه الله عن فلان رحمه الله تعالى وبين من يقول حدثني قلبي عن ربي وإن كان هذا رفيع القدر فشتان بينه وبين من يقول حدثني ربي عن ربي أي حدثني ربي عن نفسه وهذا هو العلم الحاصل للقلب عن المشاهدة الذاتية التي منها يفيض عن السر والروح والنفس فمن كان هذا مشربه كيف يعرف مذهبه . - (البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه محمد بن مروان ثقة وفيه لين وبقية رجاله ثقات . 7747 - (اللحد) بفتح اللام وضمها جانب القبر وهو ما يحفر فيه مائلا عن استوائه وأصله الميل
[ 511 ]
لأحد الجانبين (لنا) أي هو الذي نؤثره ونختاره أيها المسلمون (والشق لغيرنا) أي هو اختيار من كان قبلنا من الأمم السابقة واللحد من خصوصيات هذه الأمة ، وفيه دليل على أفضلية اللحد وليس فيه نهي عن الشق وهو بفتح الشين أن يحفر وسط أرض القبر وبيني حافتاه بلبن أو غيره ويوضع الميت بينهما ويسقف عليه ، وأما قول بعضهم أراد بلنا قريش وبغيرنا غيرهم فترده الزيادة الآتية في الحديث بعده . - (4) في الجنائز (عن ابن عباس) فيه عبد الأعلى بن عامر الثعلبي قال ابن حجر : ضعيف قال جمع : لا يحتج بحديثه وقال أحمد : منكر الحديث وابن معين : ليس بالقوي وابن عدي : حدث بأشياء لا يتابع عليها قال ابن القطان : فأرى هذا الحديث لا يصح من أجله وقال ابن حجر في موضع آخر : الحديث ضعيف من وجهين . 7748 - (اللحد لنا) وهو أن يحفر في أسفل جانب القبر القبلي قدر ما يسع الميت ويوضع فيه وينصب عليه اللبن (والشق لغيرنا من أهل الكتاب) قال القاضي : معناه أن اللحد أثر لنا والشق لهم وهذا يدل على اختيار اللحد وأنه أولى من الشق لا المنع منه اه‍ . لكن محل أفضلية اللحد في الأرض الصلبة وإلا فالشق أفضل . (تنبيه) قال ابن تيمية : فيه تنبيه على مخالفتنا لأهل الكتاب في كل ما هو شعارهم حتى وضع الميت في أسفل القبر . - (حم عن جرير) وفيه أبو اليقظان الأعمى عثمان بن عمير البجلي قال الصدر المناوي كغيره : ضعيف . 7749 - (اللحم) أي المطبوخ (بالبر) بالضم : الحنطة (مرقة الأنبياء) أي أنهم كانوا يكثرون عمل ذلك وأكله ، وفيه أن أكل اللحم ومرقه من سنن الأنبياء والمرسلين ، وفيه رد على البراهمة المانعين لأكله قالوا : لأنه ظلم للحيوان وبعض الصوفية المانعين له لكونه يورث ضراوة وقسوة ويبعد الروحانيات . - (ابن النجار) في تاريخه (عن الحسين) بن علي وهو مما بيض له الديلمي بعدم وقوفه على سنده . 7750 - (الذي تفوته صلاة العصر) بأن تعمد إخراجها عن وقت جوازها وقيل اختيارها (كأنما) في رواية فكأنما (وتر) بالبناء للمفعول ، وفيه ضمير يعود للرجل (أهله وماله) بنصبها قال النووي : وهو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور على أنه مفعول ثان أي نفعهما وسلبهما فصار أهل ولا مال وبرفعهما على أنهما نائبا الفاعل أي انتزع منه الأهل والمال ، شبه خسران من فاتته بخسران من ضاع أهله وماله للتفهيم وإلا ففائت الثواب في المال أعظم من فوات الأهل والمال ، والقصد الحث عليها والتحذير من فوتها كحذره من ذهابهما ، وخص العصر لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيها أو لأن العصر لا عذر لأحد في تفويتها لكونه وقت يقظة وقول ابن عبد البر يلحق بالعصر
[ 512 ]
جميع الصلوات رده النووي بأن الشرع نص على العصر ولم تتحقق العلة فامتنع الإلحاق قال ابن المنية : والحق أنه تعالى يخص ما شاء بما شاء من الفضيلة . - (ق 4 عن ابن عمر) ابن الخطاب . 7751 - (الذي لا ينام حتى يوتر حازم) قال ابن القيم : الحازم من جمع عليه همه وإرادته وعقله ووزن الأمور بعضها ببعض وأعد لكل منها عدة ، ولفظ الحزم يدل على القوة والاجتماع ومنه حزمة الحطب فحازم الرأي هو الذي اجتمعت له شؤون رأيه وعرف منها خير الخيرين وشر الشرين فأحجم في موضع الإحجام وأقدم في محل الإقدام . - (حم عن سعد) ابن أبي وقاص قال الهيثمي : رواه أحمد من رواية محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين عنه ولم أجد من ترجمه . 7752 - (الذي يمر بين يدي الرجل) يعني الإنسان (وهو يصلي عمدا يتمنى يوم القيامة أنه) يكون (شجرة يابسة) لما يراه من شدة العقاب والعتاب والمراد الذي يصلي إلى سترة معتبرة . - (طب عن ابن عمرو) بن العاص ورواه في الأوسط أيضا قال الهيثمي : وفيه من لم أجد ترجمته . 7753 - (اللهو) المطلوب المحبوب إنما هو (في ثلاثة) من الخصال أحدها (تأديبك فرسك) الذي اقتنيت للجهاد ليتدرب ويتهذب فيصلح لقتال أعداء الله عليه (و) الثانية (رميك بقوسك) فإنه لا شئ أنفع من الرمي ولا أنكى في العدو ولا أسرع ظفرا منه ولو لم يكن إلا كفايته لمباشرته العدو وقتله ودفعه من بعد لكفى (و) الثالثة (ملاعبتك أهلك) أي حليلتك إذا قصدت بذلك عفتها وعفتك وطلب ولد صالح يدعو له أو يقاتل أعداء الله أو يتعلم علما نافعا ويعلمه وكلما يلهو بها الرجل مما عدا هذه الثلاث فهو باطل كما جاء هكذا في خبر آخر ، قال ابن العربي : ولا يريد به أنه حرام بل أنه عار من الثواب وأنه للدنيا محضا لا تعلق له بالآخرة . - (القراب في) كتاب (فضل الرمي عن أبي الدرداء) . 7754 - (الليل خلق من خلق الله عظيم) فيه إشعار بأن الليل أفضل من النهار وعليه جرى بعضهم لكن في فتاوي جدي الشرف المناوي رحمه الله تعالى هل اليل أفضل من النهار أو النهار أفضل ؟ أجاب بما نصه : النهار أفضل من الليل لأن غالب الفرائض كالصوم والجهاد والصبح والظهر والعصر والابتغاء من فضل الله تعالى إنما يفعل في النهار وإن وقع جهاد في الليل لنحو غارة فنادر بالنسبة إلى ما يقع من الجهاد في النهار والترجيح بالفرائض أولى من الترجيح بفضيلة نافلة الليل من الصلاة على
[ 513 ]
نافلة النهار لأنه قد يكون لأمر آخر والله أعلم . - (د في مراسيله عق) كلاهما (عن أبي رزين) العقيلي (مرسلا) وروي أيضا عن علي أمير المؤمنين . 7755 - (اليل والنهار مطيتان فاركبوهما بلاغا) البلاغ ما يتبلغ به ويتوصل به إلى المطلوب (إلى الآخرة) أي اركبوهما توصلا إلى مطلوبكم الذي يبلغكم إياها . - (عد وابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) قضية كلام المصنف أن ابن عدي خرجه وأقره والأمر بخلافه أورده في ترجمة عبد الله بن محمد بن المغيرة وقال : عامة ما يرويه لا يتابع عليه وفي الميزان : قال أبو حاتم : غير قوي وقال ابن يونس منكر الحديث ثم ساق له هذا الخبر والله أعلم .
[ 514 ]
حرف الميم 7756 - (ماء البحر طهور) . - (ك) في الطهارة (عن ابن عباس) قال : على شرط مسلم وله شواهد سبق عدة منها . 7757 - (ماء الرجل) أي منيه (غليظ أبيض) غالبا (وماء المرأة رقيق أصفر) غالبا (فأيهما سبق أشبهه الولد) بحكم السبق قال في المطامح : فإن استويا في السبق كان الولد خنثى وقد يرق ويصفر ماء الرجل لعلة وبغلظ ويبيض ماؤها لفضل قوة وقد يخرج ماء الرجل بلون الدم لكثرة جماع ويتلذذ بخروجه وقد أفاد هذا الخبر أن للمرأة منيا كما أن للرجل منيا والولد مخلوق منهما إذ لو لم يكن لها ماء وكان الولد من مائه المجرد لم يكن شبهها لأن الشبه يسبب ما بينهما من المشاركة في المزاج الأصلي المعين المعد لقبول التشكلات والكيفيات المعينة من مبدعه تبارك وتعالى فإن غلب ماء الذكر ماء الأنثى وسبق نزع الولد إلى جانبه وإن كان بالعكس فبالعكس قاله القاضي ، ووقع في مسلم من حديث عائشة إذا علا ماء الرجل ماء المرأة أشبه أعمامه وإذا علا ماء المرأة ماء الرجل أشبه أخواله قال ابن حجر : هو مشكل من جهة أنه يلزم منه اقتران الشبه للأعمام إذا علا ماء الرجل ويكون ذكرا لا أنثى وعكسه والمشاهدة خلاف ذلك لأنه قد يكون ذكرا ويشبه أخواله لا أعمامه وعكسه وكأن المراد بالعلو الذي يكون سبب التشبه بسبب الكثرة بحيث يصير الآخر مغمورا فيه فبذلك يحصل الشبه وينقسم ذلك ستة أقسام : الأول أن يسبق ماء الرجل ويكون أكثر فيحصل له الذكورة والشبه . الثاني عكسه . الثالث أن يسبق ماء الرجل ويكون ماء المرأة أكثر فيحصل الذكورة والشبه للمرأة . الرابع عكسه . الخامس أن يسبق ماء الرجل فيستويان فيذكر ولا يختص بشبه . السادس عكسه . - (حم م ن ه عن أنس) قال : سألت أم سليم النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم عن المرأة ترى في منامها فقال : إذا رأت ذلك فأنزلت فعليها الغسل فقالت : أيكون هذا قال : نعم ماء الرجل إلخ . 7758 - (ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر) غالبا (فإذا اجتمعا) في الرحم (فعلا) في رواية
[ 515 ]
فغلب (مني الرجل مني المرأة) أي قوي لنحو كثرة شهوة وصحة مزاج ذكره بعضهم قال ابن حجر : المراد بالعلو هنا السبق لأن كل من سبق فقد علا شأنه فهو علو معنوي كما ذكره القرطبي قال أعني ابن حجر : فالعلو على ظاهره بخلافه في حديث عائشة المتقدم فإنه مؤول بما مر (أذكرا بإذن الله) أي ولدته ذكرا بحكم الغلبة يقال أذكرت المرأة فهي مذكرة إذا ولدت ذكرا فإن صار ذلك عادتها قيل مذكار (وإذا علا مني المرأة مني الرجل) كذلك (أنثا) بفتح الهمزة (بإذن الله) أي انعقد الولد منهما أنثى بحكم الغلبة فإن استويا في الغلبة كان الولد خنثى كما مر عن المطامح ثم هذا تنبيه من النبي صلى الله عليه وسلم على التعريف الإلهي الحكمي المدبر بالحكمة البالغة والقدرة النافذة وأشار بقوله بإذن الله إلى أن الطبيعة ليس لها فيما ذكر دخل وإنما ذلك فعله تقدس يفعل ما يشاء * (هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء) * وقد تمسك بهذا الخبر بعض الطبائعيين فزعم أنه إشارة إلى تأثير الطبائع وذلك جهل بالإشارات النبوية والمقاصد البرهانية . فائدة : قال بقراط : أحدثك كيف رأيت المني ينشأ : كان لبعض أهلي جارية نفيسة تحذر أن تحمل فقيل لها إن المرأة إذا علقت [ ص 404 ] لم يخرج مني الرجل منها ، فأحست باحتباسه في وقت ، فأمرتها أن تظفر إلى خلفها سبع ظفرات فسقط منها المني يشبه بيضة مطبوخة وقد قشر عنها القشر الخارج وبقيت رطوبتها بجوف الغشاء . - (م ن عن ثوبان) مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنت عنده فجاء حبر من اليهود فقال : جئت أسألك عن الولد ولا يعلمه إلا نبي أو رجل أو رجلان فذكره والقصة مطولة . 7759 - (ماء زمزم) الذي هو سيد المياه وأشرفها وأجلها قدرا وأحبها إلى النفوس وهمزة جبرائيل وسقيا إسماعيل (لما شرب له) لأنه سقيا الله وغياثه لولد خليله فبقي غياثا لمن بعده فمن شربه بإخلاص وجد ذلك الغوث وقد شربه جمع من العلماء لمطالب فنالوها قال الحكيم : هذا جار للعباد على مقاصدهم وصدقهم في تلك المقاصد والنيات لأن الموحد إذا رابه أمر فشأنه الفزع إلى ربه فإذا فزع إليه استغاث به وجد غياثا وإنما يناله العبد على قدر نيته قال سفيان الثوري : إنما كانت الرقى والدعاء بالنية لأن النية تبلغ بالعبد عناصر الأشياء والنيات على قدر طهارة القلوب وسعيها إلى ربها وعلى قدر العقل والمعرفة يقدر القلب على الطيران إلى الله فالشارب لزمزم على ذلك . - (ش حم ه هق عن جابر) بن عبد الله (هب عن ابن عمرو) بن العاص هذا الحديث فيه خلاف طويل وتأليفات مفردة ، قال ابن القيم : والحق أنه حسن وجزم البعض بصحته والبعض بوضعه مجازفة اه‍ . وقال ابن حجر : غريب حسن بشواهده وقال الزركشي : أخرجه ابن ماجه بإسناد جيد وقال الدمياطي : إنه على رسم الصحيح . 7760 - (ماء زمزم) قال المسعودي : سميت به لأن الفرس كانت تحج إليها في الزمن الأول
[ 516 ]
فزمزت عليها والزمزمة صوت تخرجه الفرس من خياشيمها عند شرب الماء وحكى في اسمها زمازم وزمزم بضم الزا حكاه المطرزي ونقل البرقي عن ابن عباس أنها سميت زمزم لأنها زمت بالتراب لئلا يأخذ الماء يمينا وشمالا ولو تركت ساح على الأرض حتى ملأ كل شئ والزمزمة الكثرة والاجتماع (لما شرب له فإن شربته تستشفي به شفاك الله وإن شربته مستعيذا أعاذك الله وإن شربته لتقطع ظمأك قطعه الله وإن شربته لشبعك أشبعك الله) لأن أصله من الرحمة بدأ غياثا فدام غياثا (وهي) أي بئر زمزم (هزمة جبريل) بفتح الهاء وسكون الزاي أي غمزته بعقب رجله قال الزمخشري : من هزم في الأرض هزمة إذا شق شقة والهزم بلغة اليمن بطنان الأرض اه‍ . قال السهيلي : وحكمة فجرها له بعقبه دون يده أو غيرها الإشارة إلى أنها لعقبه ووارثه وهو محمد وأمته كما قال تعالى * (وجعلها كلمة باقية في عقبه) * (الزخرف : 28) أي في أمة محمد (وسقيا إسماعيل) حين تركه إبراهيم مع أمه وهو طفل صغير والقصة مشهورة قال في المطامح : ووهم يعقوب وابن السكيت فقالا : إن أبا طالب أحياها وهو خطأ وإنما هو عبد المطلب . - (قط ك) كلاهما من حديث عمر بن الحسين الأشناني عن محمد بن هشام عن الجارودي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد (عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح إن سلم من الجارودي قال ابن القطان : سلم منه وأطال في البيان وقال في الفتح : رجاله موثقون لكن اختلف في إرساله ووصله وإرساله أصح فقال في التخريج : الجارودي صدوق إلا أن روايته شاذة وقال : وعمر هذا قال في الميزان : ضعفه الدارقطني ويروى عنه أنه كذاب وصاحب بلايا منها هذا الخبر قال أعني الذهبي : آفته عمر فلقد أثم الدارقطني بسكوته عليه فإنه بهذا الإسناد باطل ما رواه ابن عيينة ورده في اللسان بأنه هو الذي أثم بتأثيم الدارقطني وأطال في بيانه . 7761 - (ماء زمزم لما شرب له : من شربه لمرض شفاه الله أو لجوع أشبعه الله أو لحاجة قضاها الله) قال المصنف في الساجعة : صح أنها للجائع طعام وللمريض شفاء من السقام وقد فضل ماؤها على ماء الكوثر حيث غسل منها القلب الشريف الأطهر . - (المستغفري) بضم الميم وسكون السين وفتح المثناة فوق وسطون المعجمة وكسر الفاء والراء نسبة إلى المستغفرة وهو جد المنتسب إليه وهو أبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز بن محمد بن المستغفر النسفي خطيب نسف فقيه فاضل ومحدث مكثر صدوق حافظ له تصانيف حسان (في) كتاب (الطب) النبوي (عن جابر) بن عبد الله . 7762 - (ماء زمزم شفاء من كل داء) أي شربه بنية صادقة وعزيمة صالحة وتصديق لما جاء به الشارع . (غريبة) في تاريخ المدينة للشريف السمهودي أن بالمدينة بئرا تعرف بزمزم لم يزل أهلها يتبركون
[ 517 ]
بها قديما وحديثا وينقل ماؤها للآفاق كزمزم . - (فر عن صفية) قال ابن حجر : هي غير منسوبة وسنده ضعيف جدا اه‍ . 7763 - (ما الدنيا في الآخرة) قال التفتازاني : أي في جنبها وبالإضافة إليها وهو حال عاملها بمعنى النفي وقد يقدر مضاف أي يسير الدنيا واعتبارها فهو العامل (إلا كما يمشي أحدكم إلى اليم) أي البحر (فأدخل أصبعه فيه فما خرج منه فهو الدنيا) فإذن لا يجدي وجوده لواجديه ولا يضر فقدانه لفاقديه وذلك أن المرء إذا نظر لحالاته وجدها ثلاثا : الأولى قبل أن يوجد ، الثانية حاله من موته إلى خلوده الدائم في الجنة أو النار - الثالثة ما بين هاتين الحالتين ، فإذا أمعن النظر في قدر مدة حياته ونسبه إلى تلك الحالتين علم أنه أقل من طرفة عين في قدر عمر الدنيا وفي الحديث نص على تفضيل الآخرة على الدنيا وما فيها مطلقا ورد على من قال إن ما فيها من العبادة أفضل مما في الآخرة من النعيم لأنه حظ العبد بما لا نسبة في الدنيا إليه لانكشاف الغطاء هناك ومصير معرفة الله التي هي أصل كل علم عيانا ، واعلم أن المثل إنما يضرب عن غائب بحاضر يشبه من بعض وجوهه أو معظمها وما لا مشابه له منع فيه من ضرب المثل ومثل الدنيا بالذي يعلق بالأصبع من البحر تقريبا للعوام في احتقار الدنيا وإلا فالدنيا كلها في جنب الجنة ودوامها أقل لأن البحر يفنى بالقطراث والجنة لا تتبيد ولا يفنى نعيمها بل يزيد للواحد من العبيد فكيف بجميع أهل التوحيد . - (ك) في الرقاق (عن المستورد) قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا الدنيا والآخرة فقال بعضهم : إنما الدنيا بلاغ الآخرة فيها العمل وقالت طائفة : الآخرة فيها الجنة وقالوا ما شاء الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الدنيا إلخ قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 7764 - (ما الذي يعطى من سعة بأعظم أجرا من الذي يقبل إذا كان محتاجا) أي بأجزل أجرا من الذي يقبل من حاجة بأن كان عاجزا غير مكتسب وخاف هلاكه أو ضياع من يعوله فإنه حينئذ مأجور على القبول بل والسؤال ولا يربو أجر المعطي على أجره بل قد يكون السؤال واجبا لشدة الضرورة فيزيد أجره على أجر المعطي والسؤال ينقسم إلى الأحكام الخمسة قاله الزين العراقي - (طس حل عن أنس) بن مالك قال الهيثمي بعد عزوه للطبراني : وفيه عائذ بن شريح صاحب أنس وهو ضعيف اه‍ . وقال في الفتح [ ص 406 ] بعد عزوه للطبراني : في إسناده مقال أورده ابن حبان في الضعفاء وقال في الميزان : قال أبو حاتم : في حديثه ضعف وقال ابن طاهر : ليس بشئ وفيه أيضا يوسف بن أسباط تركوه اه‍ . وهذان في مسند أبي نعيم أيضا وبه يعرف أن رمز المصنف لصحته غير صحيح .
[ 518 ]
7765 - (ما المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا) لأن المتصدق أعطى الحق والأخذ قبله لفقره وأوصله إلى مستحقه عليه وهو نفسه وعياله وقال حجة الإسلام : لعل المراد به الذي يقصد من دفع حاجته التفرغ للدين فيكون مساويا للمعطي الذي يقصد بإعطائه عمارة دينه وفيه كالذي قبله فضيلة الفقر والصبر عليه وعدم تفضيل الغني عليه . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب جزم الحافظ العراقي بضعفه وبينه تلميذه الهيثمي فقال : فيه مصعب بن سعيد وهو ضعيف . 7766 - (ما الموت فيما بعده إلا كنطحة عنز) يعني هو مع شدته شئ هين بالنسبة لما بعده من مقاساة ظلمة القبر وديدانه ثم لمنكر ونكير ثم لعذاب القبر إن كان ثم النفخ في الصور والبعث يوم النشور والوله والمضايق والعرض على الجبار والسؤال عن القليل والكثير ونصب الميزان لمعرفة المقادير ثم جواز الصراط مع دقته وحدته ثم انتظار النداء عند فصل القضاء إما بالإسعاد أو بالإشقاء فهذه أهوال تزيد على سكرة الموت بأضعاف ولهذا قال بعضهم : الموت أمر حقير بالنسبة لما بعده من الأهوال فإن الميت ينكشف له عقب الموت من العجائب ما لم يخطر قط بباله ولا اختلج به ضميره فلو لم يكن للعاقل هم ولا غم إلا الفكر في خطر تلك الحال وأن الحجاب عماذا يرفع ؟ وما الذي ينكشف عنه الغطاء من شقاوة لازمة وسعادة دائمة ، لكان كافيا استغراق جميع العمر ، والعجب من غفلتنا وهذه العجائب بين أيدينا ، وأعجب من ذلك فرحنا بأموالنا وأهلينا . - (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي : فيه جماعة لم أعرفهم . 7767 - (ما آتى الله عالما علما إلا أخذ عليه الميثاق أن لا يكتمه) فعلى العلماء أن لا يبخلوا بتعليم ما يحسنون وأن لا يمتنعوا من إفادة ما يعلمون فإن البخل لؤم وظلم والمنع حسد وإثم وكيف يسوغ لهم المنع بما منحوه جوادا من غير بخل وأوتوه عفوا من غير بذل أم كيف يجوز لهم الشح بما إن بذلوه زادوا نماءا وإن كتموه تناقص ووهي ، ولو استن بذلك من تقدم لما وصل العلم إليهم وانقرض بانقراضهم وصاروا على مر الأيام جهالا وتقلب الأحوال وتناقصها أرذالا * (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه) * وما أحسن ما قال بعضهم : أفد العلم ولا تبخل به * وإلى علمك علما فاستزد من يفده يجزه الله به * وسيغني الله عمن لم يفد تنبيه حسن : قال الراغب : إفادة العلم من وجه صناعة ومن وجه عبادة ومن وجه خلافة الله فإن
[ 519 ]
الله تعالى مع استخلافه قد فتح على قلبه العلم الذي هو أخص صفاته تعالى فهو خازن لأجل خزائنه وقد أذن الله له في الإنفاق على كل أحد ممن لا يفوته الإنفاق عليه وكلما كان إنفاقه على ما يحب وكما يحب أكثر كان جاهه عند مستخلفه أوفر . - (ابن نظيف في جزئه وابن الجوزي في) كتاب (العلل) المتناهية في الأحاديث الواهية (عن أبي هريرة) قضية تصرف المصنف أن ابن الجوزي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل بين فيه أن موسى البلقاوي قال أبو زرعة : كان يكذب وابن حبان : كان يضع الأحاديث على الثقات ، هكذا قال ، ثم ظاهر عدول المصنف لذينك أنه لم يره مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وهو عجب فقد خرجه أبو نعيم والديلمي باللفظ المزبور عن أبي هريرة المذكور ثم قال الديلمي : [ ص 407 ] وفي الباب ابن عباس أيضا وخرج نحوه في الخلفيات . 7768 - (ما آتاك الله من هذا المال) أشار إلى جنس المال أو إلى مال الصدقة ، قال الطيبي : والظاهر أنه أجرة عمل عمله في سعي الصدقة كما ينبئ عنه سياق حديث ابن الساعدي (من غير مسألة ولا إشراف) أي تطلع إليه وتعرض له ولا طمع فيه (فخذه) أي اقبله (فتموله) اتخذه مالا يعني اقبله وأدخله في ملكك ومالك (أو تصدق به وما لا) أي وما لا يأتيك بلا طلب منك (فلا تتبعه) أي لا تجعل (نفسك) تابعة له أي لا توصل المشقة إلى نفسك في طلبه بل اتركه ولا تعلق أملك به وهذا قاله لعمر لما أعطاه عطاء فقال له : أعطه لمن هو أحوج مني فأمره أن لا يعترض على الحال فيريد خلاف ما يراد به ويختار على ما يختار له وإن كان ذلك في طلب الخير فالواجب على المتأدب بآداب الله أن يأتمر بأمر الله ولا يتخير على الله ورسوله ما لم يؤمر به قال ابن جرير : وعمم ما آتاه الله من المال من جميع وجوهه فشمل عطاء السلطان وغيره ما لم يتحقق كونه حراما وفيه منقبة عظيمة لعمر وبيان زهده وأن للإمام إعطاء غير الأحوج وأن أخذ المال بلا سؤال خير من تركه وأن رد عطاء الصالحين ليس من آداب الدين . - (ن عن ابن عمر) . 7769 - (ما أتاك الله من أموال السلطان من غير مسألة ولا إشراف) أي تطلع وتطلب يقال أشرفت الشئ علوته وأشرفت عليه اطلعت عليه من فوق (فكله وتموله) * (وفي أموالهم حق للسائل والمحروم) * قال ابن الأثير : أراد ما جاءك منه وأنت غير مطلع إليه ولا طامع فيه فاقبله قال النووي : اختلف في عطية السلطان فحرمها قوم وأباحها آخرون والصحيح أنه إن غلب الحرام فيما بيده حرمت وإلا حلت إن لم يكن في القابض مانع من استحقاق الأخذ . - (حم عن أبي الدرداء) قال : سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أموال السلطان فذكره قال الهيثمي : وفيه رجل لم يسم اه‍ . فرمز المصنف لصحته غير صحيح .
[ 520 ]
7770 - (ما آمن بالقرآن من استحل محارمه) قال الطيبي : من استحل ما حرمه الله فقد كفر مطلقا فخص القرآن لعظمته وجلالته . - (ت عن صهيب) وقال : ليس إسناده قوي وقال البغوي : حديث ضعيف . 7771 - (ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به) المراد نفي الإيمان الكامل وذلك لأنه يدل على قسوة قلبه وكثرة شحه وسقوط مروءته وعظيم لؤمه وخبث طوبته قال : وكلكم قد نال شبعا لبطنه * وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه قال الزمخشري : الشبع ما أشبعك من طعام . - (البزار) في مسنده (طب) كلاهما عن أنس بن مالك قال المنذري بعد عزوه لهما : إسناده حسن وقال الهيثمي : إسناد البزار حسن . 7772 - (ما أبالي ما رددت به عني الجوع) من كثير أو قليل أو جليل أو حقير ، حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه . - (ابن المبارك) في الزهد (عن الأوزاعي معضلا) ورواه عنه أيضا كذلك أبو الحسن بن الضحاك بن المقري في كتاب الشمائل له . 7773 - (ما أبالي ما أتيت) ما الأولى نافية والثانية موصولة والراجع محذوف والموصول مع الصلة مفعول أبالي وقوله (إن أنا شربت ترياقا) شرط حذف جوابه لدلالة الحال عليه أي إن فعلت هذا فما أبالي كل شئ أتيت به لكني أبالي من إتيان بعض الأشياء والترياق بالكسر دواء السموم يعني حرام عليه شرب الترياق لنجاسته فإن اضطر إليه ولم يقم غيره مقامه جاز قال بعض المحدثين : النفع به محسوس والبرء به موجود وذلك مما يبعد صحة الحديث والكلام في الترياق المعمول بلحم الحيات لا غيره كترياق الأربع والسوطير المسماة عندهم بالمخلص الأكبر ونحوه فإن هذا استعماله جائز مطلقا وقول البعض الحديث مطلق فيجتنب جمود (أو تعلقت تميمة) أي لا أبالي من تعليق التميمة المعروفة لكني أبالي على ما تقرر فيما قبله (أو قلت شعرا من قبل) أي جهة (نفسي) بخلاف قوله على الحكاية وهذا وإن أضافه إلى نفسه فمراده إعلام غيره بالحكم وتحذيره من ذلك الفعل وأما ما مر من أن الأمر بالتداوي والاسترقاء فمحله فيما لا محذور فيه من نجاسة أو غيرها . - (حم د) من حديث سعيد بن أبي أيوب عن شرحبيل عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي (عن ابن عمرو) بن العاص رمز المصنف لحسنه
[ 521 ]
وكأنه ذهل عن قول الذهبي في المهذب : هذا حديث منكر تكلم في ابن رافع لأجله ولعله من خصائصه عليه الصلاة والسلام فإنه رخص في الشعر لغيره اه‍ . 7774 - (ما أتقاه ما أتقاه ما أتقاه) أي ما أكثر تقوى عبد مؤمن وكرره لمزيد التأكيد والحث على الاقتداء بهديه واتباع سيرته (راعي غنم على رأس جبل يقيم فيها الصلاة) يشير به إلى فضل العزلة والوحدة ، وقد درج على ذلك جمع من السلف ، قيل لرجل : ما بقي مما يتلذذ به قال : سرداب أخلو فيه ولا أرى أحدا وقال قاسم الجرعي : السلامة كلها في العزلة والفرح كله بالله في الخلوة وقال ابن العربي : العزلة قسمان عزلة المريدين وهي بالأجساد عن مخالطة الأغيار وعزلة المحققين وهي بالقلوب عن الأكوان فليست قلوبهم محالا لشئ سوى العلم بالله الذي هو شاهد الحق فيها وللمعتزلين نيات ثلاثة نية اتقاء شر الناس ونية اتقاء شره المتعدي إلى الغير وهو أرفع من الأول فإن في الأول سوء الظن بالناس وفي الثاني سوء الظن بنفسه ونية إيثار صحبة المولى من جانب الملأ الأعلى وأعلى الناس من اعتزل عن نفسه إيثارا لصحبة ربه على غيره فمن آثر العزلة على المخالطة فقد آثر ربه على غيره ومن آثر ربه لم يعرف أحد ما يعطيه الله من المواهب ولا تقع العزلة في القلب إلا من وحشة تطرأ عليه من المعتزل عنه وأنس بالمعتزل إليه وهو الذي يسوقه إلى العزلة وأرفع أحوال العزلة الخلوة فإن الخلوة عزلة في العزلة . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه عفير بن معدان وهو مجمع على ضعفه اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه . 7775 - (ما اجتمع الرجاء والخوف في قلب مؤمن إلا أعطاه الله عز وجل الرجاء وآمنه الخوف) قال الغزالي : فالعمل على الرجاء أعلى منه على الخوف لأنه أقرب إلى الله وأحبهم إليه والحب يغلب بالرجاء واعتبر ذلك بملكين يخدم أحدهما خوفا من عتابه والآخر رجاء لثوابه . قال الغزالي : الرجاء ارتياح القلب لانتظار محبوب متوقع ولا بد أن يكون له سبب . - (هب عن سعيد بن المسيب مرسلا) . 7776 - (ما اجتمع قوم) هم الرجال فقط أو مع النساء على الخلاف والمراد هنا العموم فيحصل لهن الجزاء الآتي باجتماعهن على ما قيل لكن الأقرب خلافه ونكره ليفيد حصول الثواب لكل من اجتمع لذلك بغير وصف خاص فيهم كزهد أو علم (في بيت من بيوت الله تعالى) أي مسجد وألحق به
[ 522 ]
نحو مدرسة ورباط فالتقييد بالمسجد غالبي فلا يعمل بمفهومه (يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم) أي يشتركون في قراءة بعضهم على بعض وكثرة درسه ويتعهدونه خوف النسيان وأصل الدراسة التعهد وتدارس تفاعل للمشاركة (إلا نزلت عليهم السكينة) فعيلة من السكون للمبالغة والمراد هنا الوقار أو الرحمة (وغشيتهم الرحمة) أي الطمأنينة * (ألا بذكر الله تطمئن القح لوب) * أي تسكن وترجع لجميع أقضية الحق أو المراد صفاء القلب بنوره وذهاب الظلمة النفسانية وحصول الذوق والشوق ، وأقول الأحسن إرادة الكل معا والحمل على الأعم أتم (وحفتهم الملائكة) أي أحاطت بهم ملائكة الرحمة والبركة إلى سماء الدنيا ورفرفت عليهم الملائكة بأجنحتهم يستمعون الذكر قيل : ويكونون بعدد القراء (وذكرهم الله) أثنى عليهم أو أثابهم (فيمن عنده) من الأنبياء وكرام الملائكة والعندية عندية شرف ومكانة لا عندية مكان لاستحالتها قال النووي : وفيه فضل الاجتماع على تلاوة القرآن حتى بالمسجد . - (ه عن أبي هريرة) صنيعه مؤذن بأن هذا مما لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه وهو ذهول فقد رواه مسلم باللفظ المزبور عن أبي هريرة . 7777 - (ما اجتمع قوم على ذكر الله) تعالى وهو يشمل كل ذكر ففيه رد على من زعم انصرافه هنا للحمد والثناء (فتفرقوا عنه إلا قيل لهم قوموا) حال كونكم (مغفورا لكم) من أجل الذكر وفيه رد على مالك حيث كره الاجتماع لنحو قراءة أو ذكر وحمل الخبر على أن كلا منهم كان مع الاجتماع يقرأ لنفسه منفردا وفيه استنباط معنى من النص يعود عليه بالإبطال إذ لا اجتماع حينئذ . - (الحسن بن سفيان) في جزئه (عن سهل بن الحنظلية) الأوسي المتوحد المتعبد شهد أحدا رمز لحسنه . 7778 - (ما اجتمع قوم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا قاموا عن أنتن من جيفة) هذا على طريق استقذار مجلسهم العاري عن الذكر والصلاة عليه استقذارا يبلغ إلى هذه الحالة وما بلغ هذا المبلغ في كراهة الرائحة وجب التفرق عنه والهرب منه . - (الطيالسي) أبو داود (هب والضياء) المقدسي (عن جابر) ورواه عنه النسائي في يوم وليلة وتمام في فوائده قال القسطلاني : رجاله رجال الصحيح على شرط مسلم انتهى . ورمز المصنف لصحته . 7779 - (ما اجتمع قوم فتفرقوا عن غير ذكر الله إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار) لأن ما يجري في ذلك المجلس من السقطات [ ص 410 ] والهفوات إذا لم يجبر بذكر الله يكون كجيفة تعافها النفس وتخصيص الحمار بالذكر يشعر ببلادة أهل ذلك المجلس (وكان ذلك المجلس عليهم حسرة) يوم القيامة زاد البيهقي وإن
[ 523 ]
دخلوا الجنة لما يرون من الثواب الفائت أي بترك الذكر والصلاة عليه فيؤديهم ذلك إلى الندامة وقو القسطلاني عقبه لو فرض أن يدخلوا الجنة فضلا عن حرمانها بترك الصلاة عليه إن قدر ذلك غير جيد إذ قصارى تارك الصلاة عليه أنه ترك واجبا وارتكب حراما فهو تحت المشيئة ثم معنى قوله وإن دخلوا الجنة أي وإن كان مآلهم إلى دخولها فالحسرة قبل الدخول فلا وجه للاستشعاب بأن الجنة لا حسرة فيها ولا تنغيص عيش . - (حم عن أبي هريرة) . 7780 - (ما اجتمع قوم في مجلس فتفرقوا منه ولم يذكروا الله) عقب تفرقهم (و) لم (يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان مجلسهم ترة عليهم يوم القيامة) أي حسرة وندامة لأنهم قد ضيعوا رأس مالهم وفرقوا ربحهم وفي هذا الخبر وما قبله أن ذكر الله والصلاة على نبيه سبب لطيب المجلس وأن لا يعود على أهله حسرة يوم القيامة . - (حم حب عن أبي هريرة) رمز المصنف لصحته . 7781 - (ما أحببت من عيش الدنيا إلا الطيب والنساء) ومحبته لهما لا تنافي الزهد فإن الزهد ليس بتحريم الحلال كما سلف ومحبته للطيب لكونه للملائكة بمنزلة القرى والنساء لنقل ما بطن من الشريعة مما لم يطلع عليه الرجال (تنبيه) قال ابن عربي : ما ورد قط عن نبي من الأنبياء أنه حبب إليه النساء إلا محمد وإن كانوا رزقوا منهن كثيرا كسليمان وغيره لكن كلامنا في كونه حبب إليه النساء وذلك أنه كان منقطعا إلى ربه لا ينظر معه إلى كون يشغله عنه به فإن النبي صلى الله عليه وسلم مشغول بالتلقي من الله ورعاية الأدب فلا يتفرغ إلى شئ دونه فحبب إليه النساء عناية من الله بهن فكان يحبهن لكون الله حببهن إليه والله جميل يحب الجمال . - (ابن سعد) في الطبقات (عن ميمونة) بنت الوليد بن الحارث الأنصارية أم عبد الله بن أبي مليكة ثقة من الطبقة الثالثة (مرسلا) . 7782 - (ما أحب عبد عبدا لله إلا أكرمه ربه) عز وجل وفي رواية إلا أكرمه الله وزاد البيهقي في روايته لهذا الحديث بعد ما ذكروا أن من إكرام الله إكرام ذي الشيبة المسلم والإمام المقسط وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي ولا المستكثر . - (حم عن أبي أمامة) الباهلي رمز المصنف لحسنه ، وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي وغيره : رجاله وثقوا . 7783 - (ما أحب أن أسلم على رجل وهو يصلي ولو سلم علي لرددت عليه) . - (الطحاوي عن جابر) رمز المصنف لحسنه .
[ 524 ]
7784 - (ما أحب أن أحدا) بضم الهمزة الجبل المعروف (تحول) بمثناة فوقية مفتوحة كتفعل وفي رواية بتحتية مضمومة مبنيا للمفعول من باب التفعيل بمعنى صير قال ابن مالك : وهو استعمال صحيح خفي على أكثر النحاة (لي ذهبا يمكث عندي منه) أي من الذهب (دينار) بالرفع فاعل يمكث والجملة في محل نصب صفة لذهبا (فوق ثلاث من الليالي إلا دينارا) نصب على الاستثناء من سابقه وفي رواية إلا دينار بالرفع على البدل من دينار السابق (أرصده) بضم الهمزة وكسر [ ص 411 ] الصاد من أرصدته رقبته (لدين) قال الكرماني وغيره : وهذا محمول على الأولوية لأن جمع المال وإن كان مباحا لكن الجامع مسؤول عنه وفي المحاسبة خطر فالترك أسلم وما ورد في الترغيب في تحصيله وإنفاقه في حقه حمل على من وثق من نفسه بأنه يجمعه من حلال صرف يأمن معه من خطر المحاسبة . - (خ عن أبي ذر) جندب بن جنادة وقضية صنيع المؤلف أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه البخاري ثم قال أي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال بالمال هكذا وهكذا . 7785 - (ما أحب أن لي الدنيا وما فيها بهذه الآية) أي بدلها وهو قوله تعالى (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم - إلى آخر الآية) تمامه فقال رجل : ومن أشرك فسكت ساعة ثم قال : ومن أشرك ثلاث مرات . قال ابن حجر : واستدل بالآية على غفران جميع الذنوب ولو كبائر ، هبه تعلق بحق الحق أو آدمي ، والمشهور عند أهل السنة أن الذنوب كلها تغفر بالتوبة وبدونها لمن شاء الله لكن حق الآدمي لا بد رده لصاحبه أو محاللته ، وهي أرجى آية في القرآن على الأصح من أقاويل كثيرة وذلك لأنه عرض على قاتل حمزة آيات كثيرة فما اطمأن ولا آمن إلا بها فائدة : رئي الشلبي في النوم فقيل له : ما فعل الله بك قال : حاسبونا فدققوا * ثم منوا فأعتقوا (حم عن ثوبان) مولى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه ابن لهيعة وفيه ضعف وقال في موضع آخر : الحديث حسن . 7786 - (ما أحب أني حكيت إنسانا) أي فعلت مثل فعله أو قلت مثل قوله منقصا له يقال حكاه وحاكاه قال الطيبي : وأكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح (وأن لي كذا وكذا) أي لو أعطيت كذا وكذا من الدنيا أي شيئا كثيرا منها بسبب ذلك فهي جملة حالية واردة على التعميم والمبالغة ، قال النووي : من الغيبة المحرمة المحاكاة بأن يمشي متعارجا أو مطاطيا رأسه أو غير ذلك من الهيئات . - (د ت عن عائشة) قال الذهبي : فيه من لا يعرف اه‍ وبه يتوقف في رمز المصنف لحسنه وسببه أن عائشة قالت
[ 525 ]
حسبك من صفية إنها كذاوكذا تعني قصيرة فقال : لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته أي خالطته مخالطة يتغير بها طعمه وريحه لشدة نتنها وقبحها كذا قرره النووي ، وقال غيره : معناه هذه غيبة منتنة لو كانت مما يمزج بالبحر مع عظمه لغيرته فكيف بغيره قال النووي : هذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها وما أعلم شيئا من الأحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ * (وما ينطق عن الهوى) * . 7787 - (ما أحد أعظم عندي يدا من أبي بكر) أي ما أحد أكثر عطاء وإنعاما علينا منه قال الزمخشري : سميت النعمة يدا لأنها تعطى باليد (واساني بنفسه) أي جعل نفسه وقاية لي فقد سد المنفذ في الغار بقدمه خوفا على النبي صلى الله عليه وسلم من لدغ الحيات فجعلت الحيات تلدغه في قدمه ودموعه تسيل على خده فلا يرفعها خوفا عليه وفارق أهله لأجله والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق وأصلها الهمز فقلبت واوا تخفيفا كذا في النهاية (وماله وأنكحني ابنته) عائشة فقد بذل المال والنفس والأهل والولد ولم يتفق ذلك لغيره قال ابن حجر : وجاء عن عائشة مقدار المال الذي أنفقه [ ص 412 ] أبو بكر : فروى ابن حبان أنه أربعين ألف درهم وروى الزبير بن بكار أنه لما مات ما ترك دينارا ولا درهما . - (طب عن ابن عباس) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه أرطأة أبو حاتم وهو ضعيف اه‍ . وأورده في الميزان ولسانه في ترجمة أرطأة هذا وقال عن ابن عدي : إنه خطأ أو غلط . 7788 - (ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قلة) * (يمحق الله الربا) * أي ينقص مال المرابي ويذهب ببركته وإن كثر * (ويربى الصدقات) * يبارك فيها . - (ه عن ابن مسعود) رواه الحاكم عنه أيضا وقال : صحيح وأقره الذهبي فكان ينبغي للمصنف عزوه إليهما فإن اقتصر فعلى الحاكم لأن ابن ماجه وإن كان مقدما لكونه أحد الستة لكن سنده حسن وهذا صحيح . 7789 - (ما أحدث رجل) في رواية بدله عبد (إخاء) بالمد (في الله إلا أحدث الله له درجة في الجنة) أي أعد له منزلة عالية فيها بسبب إحداثه ذلك الإخاء فيه وهذا تأكيد لندب المؤاخاة في الله والتكثير من الإخوان معدود من الأخلاق الحسان قال علي كرم الله وجهه : عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة وفي العوارف أن عون العارف كان له ثلثمائة وستون صديقا فكان يكون عند كل واحد يوما وكان لآخر ثلاثون صديقا فكان يكون عند كل واحد يوما . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في كتاب الإخوان عن أنس) بن مالك قال الحافظ العراقي : إسناده ضعيف ويعضده خبر ابن أبي الدنيا
[ 526 ]
أيضا من آخى أخا في الله عز وجل رفعه الله درجة في الجنة لا ينالها بشئ من عمله ، ثم إن ظاهر كلام المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من ابن أبي الدنيا مع أن الديلمي خرجه في مسنده للفردوس باللفظ المزبور عن أنس . 7790 - (ما أحدث قوم بدعة إلا رفع الله مثلها من السنة) لأنهما متناوبان في الأديان تناوب المتقابلات في الأجسام ذكره الحرالي ولأنهم لما تركوا السنة في تهذيب أنفسهم بالإقتداء في الاهتداء بهدي نبيهم تولاهم الشيطان ، وسلك بهم سبل البهتان ، وذلك أنهم إذا أنسوا ببدعتهم واطمأنوا إليها جرهم ذلك إلى الاستهانة بالنسبة وإضاعتها وما كذب أحد بحق إلا عوقب بتصديقه بباطل وما ترك سنة إلا أحب بدعة ، قال الحرالي : وقد جرت سنة الله بأنه ما أمات أحد سنة إلا زاد في خذلانه بأن تحيا على يده بدعة وقال الطيبي : قوله مثلها جعل أحد الضدين مثل الآخر لشبهة التناسب بين الضدين وإخطار كل منهما بالبال مع ذكر الآخر وحدوثه عند ارتفاع الآخر وعليه قوله تعالى * (جاء الحق وزهق الباطل) * (الاسراء : 81) فكما أن إحداث السنة يقتضي رفع البدعة فكذا عكسه ولذلك قال عقبه فتمسك بسنتي إلى آخر ما يأتي كما إذا أحيا آداب الخلاء مثلا على ما ورد في السنة فهو خير من بناء رباط ومدرسة وسره أن من راعى هذا الأدب يوفقه الله ويلطف به حتى يترقى منه إلى ما هو أعلى فلا يزال في ترق وصعود إلى أن يبلغ إلى مقام القرب ومخدع الوصل كما قال " ما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه " الحديث ، ومن تركه يؤديه إلى ترك الأفضل فالأفضل حتى يستقل إلى مقام الرين والطبع . (حم) وكذا البزار (عن غضيف) بغين وضاد معجمتين مصغرا (ابن الحارث) الثمالي أو الكندي أو السكوني أو الحمصي مختلف في صحبته قال المنذري : سنده ضعيف وبين ذلك الهيثمي فقال : فيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو منكر الحديث اه‍ . وبه يعرف ما في رمز المصنف لحسنه وللحديث قصة وذلك أن عبد الملك بن مروان بعث إلى غضيف فقال : يا أبا سليمان إنا قد جمعنا الناس على أمرين رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة والقصص بعد الصبح والعصر فقال : أما إنهما أمثل بدعتكم عندي ولست بمجيبكم إلى شئ منها لأن المصطفى صلى الله [ ص 413 ] عليه وعلى آله وسلم قال : " ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة " فتمسك بسنة خير من إحداث بدعة هكذا هو عند مخرجه أحمد فإسقاط المؤلف منه قوله فتمسك إلخ غير جيد . 7791 - (ما أحرز الولد أو الوالد فهو لعصبته من كان) قال الدميري : فيه أن عصبة المعتق يرثون . (حم د ه عن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وسببه أن وثابا تزوج بنتا ليعمر فولدت له فماتت فورثها بنوها فماتوا فورثهم عمرو بن العاص وكان عصبتهم فخاسمه بنو يعمر في ولاء أختهم إلى عمر فقال : أقضي بينكم بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ثم قضى به وهو من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .
[ 527 ]
7792 - (ما أحسن القصد) أي التوسط بين التفريط والإفراط (في الغنى ما أحسن القصد في الفقر ما أحسن القصد في العبادة) والقصد في الأصل الاستقامة في الطريق ثم استعير للتوسط في الأمور . (البزار) في مسنده (عن حذيفة) ابن اليمان قال الهيثمي : رواه البزار من رواية سعيد بن حكيم عن مسلم بن حبيب ومسلم لم أجد من ذكره إلا ابن حبان في ترجمة سعيد الراوي عنه وبقية رجاله ثقات . 7793 - (ما أحسن عبد الصدقة إلا أحسن الله الخلافة على تركته) فإن إحسان الصدقة وصف لكمالها * (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له) * فالإضعاف لحسن الصدقة وتحسينها بأن يخرجها بانشراح صدر ومن أحل ماله وأصفاه وأطيبه ويخرجها في أول وجوبها خوف الحوادث وشح النفس وألا يعذب قلوب الفقراء بالانتظار وينظر في ذلك إلى نعمة الله عليه بتوفيقه لئلا يتكبر ويعجب فيورثه المن والأذى فيحبط أجره وأن يرى فضل المستحق عليه لأنه سبب طهرته ورفع درجته في الآخرة وأن تكون صدقته سرا اكتفاء بنظر الله وعلمه وصيانة الفقير عن اشتهار أمره وأن يكون عند الإخراج مستصغرا لما يعطي متواضعا لمن يعطي إلى غير ذلك ، ومعنى إحسان الخلافة في تركته تزكية أولاده والمعنى أنه تعالى يخلفه في أولاده وعياله بحسن الخلافة من الحفظ لهم وحراسة ما لهم وعليهم وإن أريد بالتركة المال فإحسان الخلافة دوام ثواب ما أوجده له من وجوه البر وانصراف ذلك المال في طاعة لا معصية أو يبارك فيه لورثته . - (ابن المبارك) في الزهد (عن ابن شهاب) وهو الزهري (مرسلا) قال الحافظ العراقي : بإسناد صحيح وأسنده الخطيب في أسماء من روى عن مالك من حديث ابن عمر وضعفه اه‍ . وأقول : أسنده أيضا الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس وذكر أن في الباب ابن عمر أيضا . 7794 - (ما أحل الله شيئا أبغض) بالنصب (إليه من الطلاق) لما فيه من قطع حبل الصلة المأمور بالمحافظة على توثيقه ولهذا قال المفسرون في قوله * (وللمطلقات متاع) * فيه إشارة إلى أن الطلاق كالموت لانقطاع حبل الوصلة الذي هو كالحياة وأن المتاع كالإرث وقد سبق تقرير الخبر في صدر الجامع بما فيه بلاغ . - (د عن محارب) بضم الميم وكسر الراء (ابن دثار) بكسر المهملة وخفة المثلثة (مرسلا) هو السدوسي الكوفي القاضي ثقة من كبار العلماء الزهاد (ك) في الطلاق (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال : صحيح قال الذهبي : على شرط مسلم وقضية صنيع المصنف أن أبا داود لم يخرجه إلا مرسلا وليس
[ 528 ]
كذلك بل خرجه مرسلا ومسندا لكنه قدم المرسل فذهل المصنف عن بقية كلامه فاعقله نعم المرسل [ ص 414 ] أصح فقد قال الدارقطني : المرسل أشبه وقال البيهقي : المتصل غير محفوظ . 7795 - (ما أخاف على أمتي) أمة الإجابة (إلا ضعف اليقين) لأن سبب ضعفه ميل القلب إلى المخلوق وبقدر ميله له يبعد عن مولاه وبقدر بعده عنه يضعف يقينه واليقين استقرار العلم الذي لا يتغير في القلب والسكون إلى الله ثقة به ورضى بقضائه وذلك صعب عسير على من شاء الله . قال القشيري : حرام على قلب شم رائحة اليقين وفيه سكون لغير الله . واليقين استقرار الفؤاد وقد وصف الله المؤمنين بالإيمان بالغيب والإيمان التصديق ولا يصدق الإنسان بالخبر حتى يتقرر عنده فيصير كالمشاهدة والمشاهدة بالقلب هو اليقين فإذا ضعف البصر لم يعاين الشئ كما هو ولم يبصر الغيب الذي يجب الإيمان به من توحيد الله وإجلاله وهيبته فلا تكون عبادته لربه كأنه يراه ولم يبصر الدار الآخرة التي هي المنقلب ولم يبصر الثواب والعقاب الباعثين على الطاعة والمعصية فمن لم يبصر هذا بقلبه لم يتيقنه وإن أقر بلسانه وصدق من جهة الخبر فهو في حيرة وعمى فاستبان أنه إذا ضعف اليقين ضعف الإيمان . - (طس هب عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله ثقات . 7796 - (ما أخاف على أمتي فتنة أخوف عليها من النساء والخمر) لأنهما أعظم مصايد الشيطان لنوع الإنسان والنساء أعظم فتنة وخوفا لأن الحق تعالى حببهن إلينا بحكم الطبع والجبلة ثم أمرنا بمجاهدة النفس حتى تخرج عن محبتها الطبيعية إلى المحبة الشرعية وذلك صعب عسير وذلك لأن المحبة الطبيعية تورث العطب لأنها شهوة نفس والحق تعالى غيور لا يحب أن يرى في قلب عبده محبة لغيره إلا من أجله فإذا أخرج العبد فضاء المحبة الشرعية من ضيق المحبة النفسية أمن الفتنة وما دام في محبة الطبع فهو في حجاب عن الله ومشغول عن كمال طاعته ومن ثم قال بعضهم : إياك والمرأة الحسناء فإن ضررها أعظم من ضرر الشوهاء فإنه لا يدخل حبها قلبك والحسناء تسكن محبتها بالقلب فلا تدخل محبة الحق فيبيض فيه الشيطان ويفرخ وقال بعضهم : سأل آدم حواء لم سميت حواء قالت : لأني أحتوي على قلبك وأنسيك ذكر ربك فقال : غيري هذا الاسم فسمت نفسها امرأة فقال لها : ما معناه قالت : أذيقك طعم المرارة فقال لها : غيريه فأبت والنساء فخ منصوب من فخوخ إبليس لا يقع فيه إلا من اغتر به وقال لقمان لابنه : إياك والنساء فإنهن كشجر الدفلي لها ورق وزهر وإذا أكل منها الغر قتلته أو أسقمته . (يوسف الخفاف) بفتح المعجمة وشد الفاء نسبة إلى عمل الخفاف التي تلبس (في مشيخته عن علي) .
[ 529 ]
7797 - (ما اختلج عرق ولا عين إلا بذنب وما يدفع الله عنه) أي عن ذلك العرق أو عن تلك العين ويحتمل على بعد لذلك الإنسان المذنب على حد * (حتى توارت بالحجاب) * (أكثر) * (وما أصابكم من مصيبة) * كأنه تعالى يقول قاصصتك بشئ من ذنوبك لتنتبه من رقدتك وأعفوا عن الكثير الباقي فوعد العفو عن ذلك الجم الكثير * (إن الله لا يخلف الميعاد) * (الرعد : 31) وقال الحرالي : فيه إشعار بأنه لا يصل إلى حالة الاضطرار إلى ما حرم الله عليه أحد إلا عن ذنب أصابه فلولا المغفرة لتممت عليه عقوبته لأن المؤمن لا يلحقه ضرورة لأن الله لا يعجزه شئ وعبد الله لا يعجزه ما لا يعجز ربه * (وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين) * فالبأس الذي يخرج إلى ضرورة إنما يقع لمن هو دون رتبة المتقدمين إلى هنا كلامه . - (طس والضياء) المقدسي (عن البراء) بن عازب قال الهيثمي : في سند الطبراني الصلت بن بهرام ثقة لكنه كان مرجئا . 7798 - (ما اختلط حبي بقلب عبد إلا حرم الله جسده على النار) أي منعه عن النار كما في قوله * (وحرام على قرية) * وأصله [ ص 415 ] حرم الله النار على جسده والاستثناء من أعم عام الصفات أي ما عبد اختلط حبي بقلبه كائنا بصفة إلا بصفة التحريم ثم التحريم مقيد بمن أتى بالشهادتين ثم مات عليهما ولم يعص بعد إتيانه بهما أو المراد تحريم نار الخلود لا أصل الدخول . - (حل عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه محمد بن حميد قال ابن الجوزي : ضعيف وأحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ قال الذهبي : ضعفوه وإسماعيل بن يحيى فإن كان التيمي أو الشيباني فكذاب كما بينه الذهبي أو ابن كعيل فمتروك كما قاله الدارقطني . 7799 - (ما اختلفت أمة) من الأمم (بعد نبيها) أي بعد مفارقته لهم (إلا ظهر أهل باطلها على أهل حقها) أي غلبوا عليهم وظفروا بهم لكن ريح الباطل تخفق ثم تسكن ودولته تظهر ثم تضمحل وفيه شمول لهذه الأمة فإن صح الخبر فهو صحيح في رد ما ذهب إليه المصنف كغيره من عده من خصائص هذه الأمة أن لا يظهر أهل الباطل على أهل الحق منهم . - (طس عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : وفيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف . 7800 - (ما أخذت الدنيا من الآخرة إلا كما أخذ المخيط غرس في البحر من مائة) هذا من
[ 530 ]
أحسن الأمثال فإن الدنيا منقطعة فانية ولو كانت مدتها أكثر مما هي والآخرة أبدية لا انقطاع لها ولا نسبة للمحصور إلى غير المحصور بل لو فرض أن السماوات والأرض مملوءات خردلا وبعد كل ألف سنة طائر ينقل خردلة فني الخردل والآخرة لا تفنى فنسبة الدنيا والآخرة في التمثيل كنسبة خردلة واحدة إلى ذلك الخردل ولهذا لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر والأشجار أقلام تكتب كلام الله لنفدت الأبحر ولم تنفد الكلمات . - (طب عن المستورد) رمز المصنف لحسنه . 7801 - (ما أخشى عليكم الفقر) الذي بخوفه تقاطع أهل الدنيا وتدابروا وحرصوا وادخروا (ولكن أخشى عليكم التكاثر) يعني ليس خوفي عليكم من الفقر ولكن خوفي من الغنى الذي هو مطلوبكم قال بعضهم : سبب خشيته علمه أن الدنيا ستفتح عليهم ويحصل لهم الغنى بالمال وذلك من أعلام نبوته لأنه إخبار عن غيب وقع وقال الطيبي : اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان في الشفقة على أصحابه كالأب لكن حاله في أمر المال يخالف حال الوالد وأنه لا يخشى عليهم الفقر كما يخافه الوالد بل يخشى عليهم الغنى الذي هو مطلوب الوالد لولده وقال بعضهم : أشار بهذا إلى أن مضرة الفقر دون مضرة الغنى لأن ضرر الفقر دنيوي وضرر الغنى ديني غالبا والتعريف في الفقر إما للعهد وهو الفقر الذي كان الصحب عليه من الإعدام والقلة قبل الفتوحات وإما للجنس وهو الفقر الذي يعرفه كل أحد (وما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم التعمد) فيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى قالوا : قال ذلك لأصحابه وهو آية الشاكرين فما بالك بغيرهم من المساكين . - (ك) في التفسير (هب) كلاهما (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرط مسلم وأقره الذهبي وظاهر كلامه أنه لا يوجد مخرجا لأعلى ممن ذكر ولا أحق بالعزو إليه وليس كذلك فقد خرجه الإمام أحمد باللفظ المذكور عن أبي هريرة المزبور قال المنذري والهيثمي : ورجاله رجال الصحيح ورواه أحمد أيضا عن المسور بن مخرمة وزاد بيان سببه . 7802 - (ما أذن الله) بكسر الذال مصدره أذن بفتح أوليه بمعنى استمع ولا يجوز حمله هنا على الإصغاء لأنه محال عليه [ ص 416 ] تعالى ولأن سماعه تعالى لا يختلف فيجب تأويله على أنه مجاز عن تقريب القارئ وإجزال ثوابه أو قبول قراءته (لشئ ما أذن) بكسر المعجمة المخففة (لنبي حسن الصوت) يعني ما رضى الله من المسموعات شيئا هو أرضى عنده ولا أحب إليه من قول نبي (يتغنى بالقرآن) أي (يجهر) ويحسن صوته بالقراءة بخضوع وخشوع وتحسين وترقيق قال الدماميني : قال ابن نباتة في مطلع الفوائد ومجمع الفرائد : وجدت في كتاب الزاهر يقال تغنى الرجل إذا تجهور صوته فقط قال : وهذا نقل غريب لم أجده في كتب اللغة اه‍ وليس المراد تكثير الألحان كما يفعله أبناء الزمان ذو القلوب اللاهية والأفئدة الساهية يتزين به للناس ولا يطرد به الخناس بل يزيد في الوسوسة ، وقول سفيان معناه
[ 531 ]
يستغني بالقرآن عن الناس زيفوه ، وبما تقرر عرف أن الاستماع كناية عن الرضى والقبول قال القاضي البيضاوي : وأراد بالقرآن ما يقرأ من الكتب المنزلة من كلامه . - (حم ق د ن ه عن أبي هريرة) . 7803 - (ما أذن الله لعبد في شئ) قال الطيبي : هو من أذنت للشئ أذنا إذا أصغيت إليه ، وأنشد : إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * مني وما سمعوا من صالح دفنوا وههنا الإذن عبارة عن الإقبال من الله بالرأفة على العبد (أفضل من ركعتين) أي من صلاة ركعتين (أو أكثر من ركعتين) قال أبو البقاء : أفضل لا ينصرف وهو في موضع جر صفة لشئ وفتحته نائبة عن الكسر (وإن البر ليذر) بضم المثناة تحت أوله وفتح الذال المعجمة وشد الراء أي ينشر ويفرق من قولهم ذريت الحب والملح والدواء أذره ذرا أي فرقته وقيل بدال مهملة قال التوربشتي : وهو مشاكل للصواب من حيث المعنى لكن الرواية لم تساعده والحديث يؤخذ من أفواه الرجال وليس لأحد مخالفتهم (فوق رأس العبد ما كان في الصلاة) أي مدة دوام كونه مصليا وذلك لأن العبد إذا كان في الصلاة وقد فرغ من الشواغل متوجها إلى مولاه مناجيا له بقلبه ولسانه فإنه تعالى مقبل عليه بلطفه وإحسانه إقبالا لا يقبله في غيره من العبادات فكنى عنه بالإذن ثم إذا أرضى الله عن العبد وأقبل عليه هل يبقى من البر والإحسان شئ لا ينثره على رأسه ؟ كلا ، قال الطيبي : وليذر بذال معجمة هو الرواية وهو أنسب من الدر بمهملة لأنه أشمل منه لاختصاص الدر أي الصب بالمائع وعموم الذر ولأن المقام أدعى له ، ألا ترى أن الملك إذا أراد الإحسان إلى عبد أحسن الخدمة ورضي عنه ينثر على رأسه نثارا من الجواهر ؟ وكأن اختصاص الرأس بالذكر إشارة إلى هذا السر (وما تقرب عبد إلى الله عز وجل بأفضل مما خرج منه) يعني بأفضل من القرآن قال ابن فورك : الخروج يقال على وجهين خروج الجسم من الجسم وذلك بمفارقة مكانه واستبدال غيره وذلك محال على الله وظهور الشئ من الشئ نحو خرج لنا من كلامك نفع وخير أي ظهر لنا وهذا هو المراد فالمعنى ما أنزل الله على رسوله وأفهم عباده وقيل : الضمير في منه عائد إلى العبد وخروجه منه وجوده على لسانه محفوظا في صدره مكتوبا بيده وقال الأشرفي : أي ظهر الحق من شرائعه بكلامه أو خرج من كتابه المبين وهو اللوح ومعنى خبر إن كلام الله منه بدأ وإليه يعود أنه تعالى به أمر ونهى وإليه يعود يعني هو الذي يسألك عما أمرك ونهاك وقال الطيبي : معنى قوله منه بدأ أنه أنزل على الخلق ليكون حجة لهم وعليهم ومعنى إليه يعود أن مآل أمره وعاقبته من حقيقته في ظهور صدق ما نطق به من الوعد والوعيد إليه تعالى وإذا تقرر هذا فليس شئ من العبادات يتقرب العبد به إلى الله ويجعله وسيلة له أفضل من القرآن . - (حم ت) في فضائل القرآن (عن أبي أمامة) وقال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفيه [ ص 417 ] بكر بن خنيس تكلم فيه ابن المبارك وتركه آخر اه‍ . وقال الذهبي : واه .
[ 532 ]
7804 - (ما أذن الله لعبد في الدعاء) أي النافع المقبول الصادر عن حاجته لا عن أغراضه وشهواته (حتى أذن له في الإجابة) لأن الدعاء هو غدو القلب إليه حتى يجول بين يديه والنفس حجاب للقلب فهو لا يقدر على الغدو إليه حتى يزال الحجاب وترتفع الموانع والأسباب وإذا زالت الحجب والموانع وانحسر القلب ولج فيه نور اليقين فطار القلب فرحا إلى رب العالمين فتمثل بحضرة عزته وعرض قصة مسألته فعاد بالإجابة من الفائزين وإن ذلك ليسير على أكرم الأكرمين وفيه تعظيم قدر الدعاء والتنبيه لعظيم المنة وشرف المنزلة لأن من أذن له في الدعاء فقد جذبه الحق إليه فصرفه عن غيره وشغله به عما سواه فلو أعطى الملك كله كان ما أعطى من الدعاء أكثر ، قال بعضهم : والإجابة قد تكون بالمراد وقد لا ، والاستجابة ليست إلا إجابة عن المراد فقد قال البيانيون إن هذه السيرة تقوم مقام القسم وكفى بك شرفا أن تدعوه فيجيبك ويختار لك الأولى والأصلح في العاجل والآجل تتمة : قال الحرالي : الإجابة اللقاء بالقول ابتداء شروع لتمام اللقاء بالمراجعة . - (حل عن أنس) بن مالك وفيه عبد الرحمن بن خالد بن نجيح أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن يونس : منكر الحديث ومحمد بن عمران قال البخاري : منكر الحديث . 7805 - (ما أرى الأمر) يعني الموت (إلا أعجل من ذلك) أي من أن يبني الإنسان لنفسه بناء ويشيده فوق ما لا بد منه فقد اتخذ نوح بيتا من قصب فقيل له : لو بنيت فقال : هذا كثير لمن يموت وقيل لسليمان : ما لك لا تبني قال : ما للعبد وللبناء فإذا أعتق فله والله قصور لا تبلى أبدا . - (ت ه) وكذا أبو داود ولعله ذهل عنه (عن ابن عمرو) بن العاص قال : مر بنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نعالج خصا قال : ما هذا قلنا : قد وهي فنحن نصلحه فذكره قال النووي في رياضه : رواه أبو داود والترمذي بإسناد البخاري ومسلم . 7806 - (ما أرسل على) قوم (عاد) هم قوم هود الذين عصوا ربهم (من الريح إلا قدر خاتمي هذا) يعني هو شئ قليل جدا فهلكوا بها حتى أنها كانت تحمل الفسطاط والظعينة فترفعها في الجو حتى ترى كأنها جرادة وهذا يوضحه ما أخرجه ابن أبي الدنيا عن كعب لما أراد الله أن يهلك قوم عاد أوحى إلى خزنتها أن افتحوا منها بابا قالوا يا ربنا مثل منخر الثور قال إذن تكفأ الأرض بمن عليها ففتحوا مثل حلقة الخاتم اه‍ وفيه دلالة على أن الريح وتصريف أعنتها مما يشهد لعظمة قدرة خالقها وأنها من أعاجيب خلقه وأكابر جنوده . - (حل) من حديث أحمد بن عثمان الأزدي عن محمود بن ميمون البنا عن سفيان الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد (عن ابن عباس) ثم قال : غريب من حديث الثوري تفرد به محمود .
[ 533 ]
7807 - (ما ازداد رجل من السلطان قربا إلا ازداد عن الله بعدا) فإن القرب إلى السلطان الظالم من غير ضرورة وإرهاق معصية فإنه تواضع وإكرام له وقد أمر الله بالإعراض عنهم وهو تكثير سوادهم وإعانة لهم على ظلمهم . وإن كان ذلك بسبب طلب مالهم فهو سعى إلى طلب حرام ذكره حجة الإسلام (ولا كثرت أتباعه إلا كثرت شياطينه [ ص 418 ] ولا كثر ماله إلا اشتد حسابه) ولذلك يدخل الفقراء الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام . - (هناد) في الزهد (عن عبيد بن عمير) بتصغيرهما (مرسلا) هو الليثي قاضي مكة . 7808 - (ما أزين الحلم) الذي هو كف النفس عن هيجان الغضب لإرادة الانتقام والحليم من اتسع صدره لمساوئ الخلق ومداني أخلاقهم قال الحسن : ما نحل الله عباده شيئا أجل من الحلم ومن ثم أثنى الله تعالى على خليله وابنه به لما انشرحت صدورهم لما ابتلاهم الله به من الذبح فقال : * (إن إبراهيم لحليم أواه منيب) * ، * (وبشرناه بغلام حليم) * قال الشعبي : زين العلم حلم أهله وقال طاوس : ما حمل العلم في مثل جراب حلم (تتمة) أخرج ابن الأخضر في معالم العترة الطاهرة أن علي بن الحسين خرج من المسجد فلقيه رجل فسبه فثارت عليه العبيد والموالي فقال علي : مهلا على الرجل ثم أقبل عليه فقال : ما ستر عليك من أمرنا أكثر ألك حاجة نعينك عليها ؟ فاستحى الرجل ورجع إلى نفسه قال : فألقى عليه خميصة كانت عليه وأمر له بألف درهم فقال الرجل : أشهد أنك من أولاد الرسل ، ونقل ابن سعد أن هشام المخزومي لما ولي المدينة آذى عليا بن الحسين وكان يشتم عليا كرم الله وجهه على المنبر فلما ولي الوليد عزله وأمر بأن يوقف للناس فقال هشام : ما أخاف إلا من علي فأوصى خاصته ومواليه أن لا يتعرضوا له البتة ثم مر به فقال : يا ابن عمي عافاك الله لقد ساءنا ما صنع بك فادعنا لما أحببت . - (حل) عن محمد بن الحسن اليقطيني عن الحسن بن أحمد الأنطاكي عن صالح بن زياد السوسي عن أحمد بن يعقوب عن خالد بن إسماعيل الأنصاري عن مالك عن حميد (عن أنس) بن مالك قال : شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أملاك رجل وامرأة من الأنصار فقال : أين شاهدكم قالوا : ما شاهدنا ؟ قال : الدف فأتوا به فقال : اضربوا على رأس صاحبكم ثم جاؤوا بأطباق فنثروها فتأبى القوم أن يتناولوا فقال : ما أزين الحلم ما لكم لا تتناولون قالوا : ألم تنه عن النهبة ؟ قال : نهيتكم عنها في العساكر أما هنا فلا أنهى ، قال ابن الجوزي : موضوع خالد يضع اه‍ وقال الذهبي في الميزان بعد إيراد هذا الحديث : هكذا فليكن الكذب (ابن عساكر) في تاريخه وكذا ابن منده في المعرفة من طريق عصمة بن سليمان عن حازم بن مروان مولى بني هاشم عن لمادة عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان (عن معاذ) بن جبل قال : شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بنحو ما تقدم وحازم ولمادة مجهولان .
[ 534 ]
7809 - (ما استرذل الله عبدا إلا حرم) بضم الحاء بضبطه (العلم) أي النافع وفي إفهامه أنه ما أجل الله عبدا إلا منحه العلم فالعلم سعادة وإقبال وإن قل معه المال وضاقت فيه الحال والرذالة بالجهل حرمان وإدبار وإن كثر معه المال واتسع فيه الحال فالسعادة بالعلم لا بكثرة المال وكم من مكثر شقي ومقل سعيد ، وكيف يكون الجاهل الغني سعيدا ورذالة الجهل تضعه ، وكيف يكون العالم الفقير شقيا والعلم يرفعه . - (عبدان في الصحابة وأبو موسى في الذيل عن بشير بن النهاس) العبدي قال الذهبي : يروى عنه حديث منكر اه‍ ورواه الديلمي باللفظ المزبور موقوفا على ابن عباس . 7810 - (ما استرذل الله عبدا) يقال استرذله أي علم أن عنده رذالة طبع وخسة نفس (إلا حظر) بالتشديد (عليه) أي منعه وحرمه حكمة منه وعدلا (العلم والأدب) أي منعهما عنه لكونه لم يره لذلك أهلا ولا يكون لخسة همته للنعمة شاكرا وهذه سنته سبحانه وتعالى في حكمته يجعل النعم الدينية لأهلها وهم الشاكرون المعظمون لها * (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها) * والعلم الذي يمنعه الأراذل علم الإيمان والمعرفة صيانة له عنهم وأما الأدب فهو أدب الإسلام [ ص 419 ] والتخلق بأخلاق الإيمان فأدب العبودية مع الحق وأدب الصحبة مع الخلق ، وهذا وما قبله تنبيه على أنه ينبغي لمن زهد في العلم أن يكون فيه راغبا ولمن رغب فيه أن يكون له طالبا ولمن طلبه أن يكون منه مستكثرا ولمن استكثر منه أن يكون به عاملا ولا يطلب لتركه احتجاجا ولا لتقصيره فيه عذرا ولا يسوف نفسه بالمواعيد الكاذبة ويمنيها بانقطاع الأشغال المتصلة فإن لكل وقت شغلا وفي كل زمن عذرا . - (ابن النجار) في تاريخه وكذا القضاعي في الشهاب (عن أبي هريرة) وذكر في الميزان أنه خبر باطل وأعاده في ترجمة أحمد بن محمد الدمشقي وقال : له مناكير وبواطيل ثم ساق منها هذا وقال بعض شراح الشهاب : غريب جدا . 7811 - (ما استفاد المؤمن) أي ما ربح (بعد تقوى الله عز وجل خيرا من زوجة صالحة) قال الطيبي : جعل التقوى نصفين نصفا تزوجا ونصفا غيره وذلك لأن في التزويج التحصين عن الشيطان وكسر التوقان ودفع غوائل الشهوة وغض البصر وحفظ الفرج وقوله (إن أمرها أطاعته وإن نظر إليها سرته وإن أقسم عليها أبرته وإن غاب عنها نصحته في نفسها) لصونها من الزنا ومقدماته بيان لصلاحها على سبيل التقسيم لأنه لا يخلو من أن يكون الزوج حاضرا فافتقاره إليها إما أن يكون في الخدمة بمهنة
[ 535 ]
البيت والمداعبة والمباشرة فتكون مطيعة فيما أمرها وذات جمال ودلال فيداعبها وتنقاد إذا أراد مباشرتها . أو غائبا فتحفظ ميملك الزوج من نفسها بأن لا تخونه في نفسها وماله وإذا كان حالها في الغيبة على هذا ففي الحضور أولى وهذه ثمرة صلاحها وإن كانت ضعيفة الدين قصرت في صيانة نفسها وفرجها وأزرت بزوجها وسودت وجهه بين الناس وشوشت قلبه ونغص بذلك عيشه فإن سلك سبيل الحمية والغيرة لم يزل في بلاء ومحنة أو سبيل التساهل كان متهاونا في دينه وعرضه وإن كانت مع الفساد جميلة كان البلاء أشد لمشقة مفارقتها عليه (وماله) قال ابن حجر : هذا الحديث ونحوه من الأحاديث المرغبة في التزوج وإن كان في كثير منها ضعف فمجموعها يدل على أن لما يحصل به المقصود من الترغيب في التزوج أصلا لكن في حق من يتأتى منه النسل كما تقدم . - (ه عن أبي أمامة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد ضعفه المنذري بعلي بن يزيد وقال ابن حجر في فتاويه : سنده ضعيف لكن له شاهد يدل على أن له أصلا اه‍ ووجه ضعفه أن فيه ابن هشام بن عمار وفينه كلام وعثمان بن أبي عاتكة قال في الكاشف : ضعفه النسائي ووثق وعلي بن زيد ضعفه أحمد وغيره . 7812 - (ما استكبر من أكل مع خادمه وركب الحمار بالأسواق واعتقل الشاة فحلبها) . - (خد هب عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وفيه عبد العزيز بن عبد الله الأوسي أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال أبو داود : ضعيف عن عبد العزيز بن محمد قال ابن حبان : بطل الاحتجاج به . 7813 - (ما أسر عبد سريرة إلا ألبسه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر) يعني أن ما أضمره يظهر على صفحات وجهه وفلتات لسانه وقد أخبر الله في التنزيل بأن ذلك قد يظهر في الوجه فقال * (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم ولتعرفنهم في لحن القول) * وظهور ما في الباطن على اللسان أعظم من ظهوره في الوجه لكنه يبدو في الوجه بدوا خفيا فإذا صار [ ص 420 ] خلقا ظهر لأهل الفراسة والنهى . (تنبيه) قال التوربشتي : من صحب أحدا من أكابر الصوفية وفي قلبه حب شئ من الدنيا ظهر على وجهه وثقل على قلبه ، قال الشاذلي : خدمني رجل فثقل علي فباسطته يوما فانبسط فقلت : لم صحبتني قال : لتعلمني الكيمياء قال : والله أعلمكها إن كنت قابلا ولا أراك قابلا قال : بل أقبل قلت : أسقط الخلق من قلبك واقطع الطمع من ربك أن يعطيك غير ما قسم لك قال : ما أضيق هذا قال : ألم أقل لك أنك لا تقبل ؟ فانصرف . (تنبيه آخر) قال أبو حيان في شرح التسهيل : قولهم الناس مجزيون بأعمالهم إن خيرا فخير وإن شرا فشر والمرء مقتول بما قتل به إن سيفا فسيف ، وانتصاب خيرا وشرا وسيفا على تقدير إن كان العمل خيرا أو شرا وإن كان المقتول به سيفا أو خنجرا ويجوز رفعهما على أنهما اسم كان أي إن كان في
[ 536 ]
أعمالهم خير وإن كان في أعمالهم شر وإن كان معه سيف أو كان معه خنجر ويجوز الرفع على أنه فاعل لكان التامة . - (طب) وكذا في الأوسط (عن جندب) بن سفيان (البجلي) العلقمي نزيل البصرة والكوفة جليل مشهور رمز المصنف لحسنه وليس ذا منه بصواب فقد قال الهيثمي وغيره : فيه حامد بن آدم وهو كذاب . 7814 - (ما أسفل) بالنصب خبر كان المقدرة وما موصولة ويصح رفعه أي ما هو أسفل (من الكعبين) العظمين الناتئين عند مفصل الساق والقدم (من الإزار) أي محل الإزار (ففي النار) حيث أسبله تكبرا كما أفهمه خبر لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه خيلاء فكنى بالثوب عن بدن لابسه ومعناه أن الذي دون الكعبين من القدم يعذب عقوبة له فهو من تسمية الشئ باسم ما جاوره أو حل فيه ومن بيانية ويحتمل أنها سببية والمراد الشخص نفسه أو المعنى ما أسفل من الكعبين من الذي سامت الإزار في النار أو تقديره لابس ما أسفل الكعبين إلخ أو معناه أن فعله ذلك في النار فذكر الفعل وأراد فاعله فعليه ما مصدرية ومن الإزار بيان لمحذوف يعني إسباله من الكعبين شيئا من الإزار في النار أو فيه تقديم وتأخير وأصله ما أسفل من الإزار من الكعبين في النار ، واعلم أن لفظ رواية البخاري في النار ولفظ رواية النسائي ففي النار بزيادة الفاء قال ابن حجر : فكأنها دخلت لتضمين ما معنى الشرط أي ما دون الكعبين من قدم صاحب الإزار المسبل فهو في النار عقوبة له . (خ ن) في اللباس (عن أبي هريرة) ولم يخرجه مسلم . 7815 - (ما أسكر كثيره فقليله حرام) فيه شمول للمسكر من غير العنب وعليه الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة : ما أسكر كثيره من غير العنب يحل ما لا يسكر منه قال ابن عطية : وهو قول أبي بكر وعمر والصحابة على خلافه وقال ابن العربي : اختلف في الخمر هل حرمت لذاتها أم لعلة هي سكرها ؟ ومعنى قولهم لذاتها أي لغير علة فمالت الحنفية ومن دان بدينها إلى أنها محرمة لعينها وقال جميع العلماء : محرمة لعلة سكرها وهو الصحيح فإنها علة نبه الله عليها في كتابه وصرح بذكرها في قرآنه فقال : * (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) * الآية ، وقد جرى لسعد فيها ما جرى وفعل حمزة بعلي وبالمصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم ما فعل وقابل المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم بالمكروه فقال : هل أنتم إلا عبيد أبي أو آبائي . - (حم د ت) في الأشربة (حب) كلهم (عن جابر) وقال الترمذي : حسن غريب وصححه ابن حبان قال الحافظ ابن حجر : ورواته ثقات (حم ن ه عن ابن عمرو) بن العاص قال ابن حجر : سنده ضعيف قال الذهبي في المهذب : والحديث في جزء ابن عرفة بإسناد صالح .
[ 537 ]
7816 - (ما أسكر منه الفرق) بفتح الراء مكيلة تسع ستة عشر رطلا (فملء الكف منه حرام) أي شربه أي إذا كان فيه صلاحية الإسكار حرم تناوله ولو لم يسكر المتناول بالقدر الذي تناوله منه لقلته جدا ، وفيه تحريم كل مسكر سواء [ ص 421 ] اتخذ من عصير العنب أم من غيره قال المازري : أجمعوا على أن عصير العنب قبل أن يشتد حلال وعلى أنه إذا اشتد وقذف بالزبد حرم قليله وكثيره ثم لو تخلل بنفسه حل إجماعا فوقع النظر في تبدل هذه الأحكام عند هذه المتجددات فأشعر ذلك بارتباط بعضها ببعض ودل على أن علة التحريم الإسكار فاقتضى أن كل شراب وجد فيه الإسكار حرم تناول قليله وكثيره . (حم عن عائشة) ظاهره أنه لم يخرجه أحد من الستة وليس كذلك بل رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه قال ابن حجر : وأعله الدارقطني بالوقف . 7817 - (ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة) يكفر الله بها عنه خطاياه التي كان زلفها فجميع المصائب الواقعة في الدنيا على أيدي الخلق إنما هو جزاء من الله وكذا ما يصيب المؤمن من عذاب النفس بنحو هم وغم وقلق وحرص وغير ذلك . - (طب عن أبي أمامة) قال : انقطع قبال نعل النبي صلى الله عليه وسلم فاسترجع فقالوا : أمصيبة يا رسول الله ؟ فذكره قال الهيثمي : سنده ضعيف . 7818 - (ما أصاب الحجام) بالرفع أي ما اكتسبه بالحجامة (فاعلفوه) وفي رواية فاعلفه (الناضح) الجمل الذي يستقي به الماء وهذا أمر إرشاد للترفع عن دنئ الأكساب والحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور فليس كسب الحجام بحرام وإلا لما فرق فيه من بين حر وعبد إذ يحرم على السيد إطعام قنه ما لا يحل . - (حم) وكذا الطبراني (عن رافع بن خديج) قال : مات أبي وترك ناضحا وعبدا حجاما فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رمز لحسنه وفي سنده اضطراب بينه في الإصابة وغيرها . 7819 - (ما أصابني شئ منها) أي من الشاة المسمومة التي أكل منها بخيبر (إلا وهو مكتوب علي وآدم في طينته) مثل للتقدير السابق لا تعيين فإن كون آدم في طينته مقدر أيضا قبله ونحوه قوله تعالى * (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) * قال الكشاف : هو قول لأبعد غاية يضربها الناس في كلامهم ولما نظر إلى التقدير السابق في الأزل عفا عن اليهودية بعد إقرارها لكن لما مات بشر الذي أكل منها قتلها به . - (ه عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه وفيه بقية بن الوليد .
[ 538 ]
7820 - (ما أصبحت غداة قط إلا استغفرت الله) أي طلبت منه المغفرة (فيها مائة مرة) لاشتغاله بدعوة أمته ومحاربة عدوه وتألف المؤلفة مع معاشرة الأزواج والأكل والشرب والنوم بما يحجزه عن عظيم مقامه ويراه ذنبا بالنسبة لعلي أمره أو كان ذلك تعليما لأمته . (تنبيه) قال بعضهم : ليس للمظلوم دواء أنفع له من الاستغفار لأن غالب عقوبات غير الأنبياء وكل ورثتهم إنما هي من أثر غضب الحق وإن لم يشعر بسببه وليس لمن أغضب ربه دواء كالاستغفار فإذا أكثر منه إلى الحد الذي يطغى الغضب الإلهي العارض له ذهبت العقوبة لوقتها قال بعض الأكابر : وقد علمت هذا لكثير من أهل الحبوس وقلت اجعلوا وردكم الاستغفار ليلا ونهارا فأسرع خروجهم وعدم رؤية العبد لذنبه بنحو قوله حبست ظلما تطيل حبسه ولا يخفى أن عقوبة أهل الله أشد من عقوبة غيرهم بل ربما كان غير أهل الله لا يعدون ما يقع به أهل الله ذنبا بالكلية ، والقاعدة أن كل من عظمت مرتبته عظمت صغيرته فربما يتناول أحدهم شهوة مباحة مرة واحدة فتقطع يده وربما يسرق غيره نصابا أو أكثر فلا تقطع يده وحسنات الأبرار سيئات المقربين . - (طب عن أبي موسى) الأشعري رمز لحسنه وفيه أبو داود مغيرة الكندي قال في الميزان : قال البخاري : يخالف في حديثه أورد له هذا الخبر . 7821 - (ما أصبنا من دنياكم إلا نساءكم) أي والطيب كما يفيده قول عائشة كان يعجبه ثلاث الطيب والنساء والطعام فأصاب اثنين ولم يصب واحد : أصاب النساء والطيب ولم يصب الطعام رواه الدمياطي في سيرته وأضاف النساء إليهم إشارة لحقارتها وعدم مبالاته بها والتفاته إليه وأنه كمجبور على حبها لما يترتب على النكاح من الفوائد ، فعلم أن ترك النكاح ليس من الزهد لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم سيد الزاهدين ولم يتركه وقال الغزالي : قال ابن عيينة : كان علي كرم الله وجهه أزهد الصحابة وكان له أربع نسوة وبضع عشرة سرية واللذة اللاحقة للإنسان فيما هو من ضرورة الوجود لا تضر في الزهد إذا لم تكن في المطلب والمقصد . (طب) وكذا الأوسط (عن ابن عمر) بن الخطاب رمز لحسنه قال الهيثمي : رواه من حديث زكريا بن إبراهيم عن أبيه عن ابن عمر ولم أعرفهما وبقية رجاله ثقات . 7822 - (ما أصر) أي ما أقام على الذنب (من استغفر) أي تاب توبة صحيحة لأن التوبة شروطها ترفع الذنوب كلها حتى الشرك وإن عاد في اليوم سبعين مرة فإن رحمته لا نهاية لها ولا غاية فذنوب العالم كلها متلاشية عند حلمه وعفوه إذ لو بلغت ذنوب العبد ما عسى أن تبلغ ثم استقال منها بالاستغفار غفرت له لأنه طلب الإقالة من كريم والكريم محل لإفالة العثرات وغفر الزلات لكن الاستغفار التام المتسبب عنه المغفرة هو ما قارنه عدم الإصرار لأنه حينئذ توبة نصوح وأما مع الإصرار
[ 539 ]
فهو مجرد دعاء قال الغزالي : فإن قلت كيف يكون الاستغفار نافعا من غير حل عقدة الإصرار وفي خبر المستغفر من ذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ وكان بعضهم يقول استغفر الله من قولي أستغفر الله وقيل الاستغفار باللسان توبة الكذابين قلنا الذي هو توبة الكذابين هو الاستغفار بمجرد اللسان بدون شركة للقلب فيه كما يقول بحكم العادة وعند رأس الغفلة استغفر الله من غير تأثير لقلبه فإنه يرجع بمجرد حركة اللسان ولا جدوى له فإن انضاف له تضرع القلب وابتهاله في سؤاله المغفرة عن خلوص رغبته فهذه حسنة في نفسها تصلح لدفع السيئة بها وعليه يحمل قوله في هذا الخبر ما أصر إلخ فهذا عبارة عن الاستغفار بالقلب . وللتوبة والاستغفار درجات وأوائلها لا يخلو عن فائدة وإن لم ينته إلى آخرها ولذلك قال سهل : لا بد للعبد في كل حال من مولاه فأحسن الرجوع إليه في كل شئ فإن قال يا رب استر علي فإذا فرغ من المعصية قال يا رب تب علي فإذا تاب قال يا رب اعصمني فإذا عمل قال تقبل مني وسئل عن الاستغفار الذي يكفر الذنب فقال : أول الاستغفار الإجابة ثم الإنابة ثم التوبة ، فالاستجابة إعمال الجوارح والإنابة إعمال القلب والتوبة إقباله على مولاه بأن يترك الخلق ويستغفر من تقصيره ومن الجهل بالنعمة وترك الشكر فعند ذلك يغفر له ثم انتقل إلى الانفراد ثم الثبات ثم البيان ثم القرب ثم المعرفة ثم المناجاة ثم المصافاة ثم الموالاة ثم المحادثة وهو الخلة ولا يستقيم هذا في قلب عبد حتى يكون العلم غذاءه والذكر قوامه والرضا زاده والتوكل صاحبه ثم ينظر الله إليه فيرفعه إلى العرش فيكون مقامه مقام حملة العرش ، والحاصل أن للتكفير درجات فبعضها محو للذنب بالكلية وبعضها مخفف ويتفاوت ذلك بتفاوت درجات التوبة فالاستغفار بالقلب والتدارك بالحسنات وإن خلا عن حل عقدة الإصرار من أوائل الدرجات ولا يخلو عن فائدة فلا ينبغي أن يظن أن وجودها كعدمها قال : بل أقول الاستغفار باللسان فقط حسنة أيضا إذ حركة اللسان به عن غفلة خير من حركته في تلك الساعة بغيبة أو فضول بل خير من السكوت فيظهر فضله بالإضافة إلى السكوت عنه وإنما يكون نقصا بالإضافة إلى عمل القلب ولهذا قال بعضهم لأبي عثمان المغربي : لساني يجري بالذكر والقرآن وقلبي غافل فقال اشكر الله الذي استعمل جارحة من جوارحك في خير وعوده الذكر لا الفضول . تنبيه : قال الراغب : قد يستحسن في بعض الأحوال التغابي عن المصر ، سمع رجل حكيما يقول ذنب الإصرار أولى بالاغتفار فقال صدقت ليس فضل من عفا عن السهو القليل كمن عفا عن العمد الجليل . - (د ت عن أبي بكر) الصديق قال الترمذي : غريب [ ص 423 ] وليس إسناده بقوي قال الزيلعي : إنما لم يكن قويا لجهالة مولى أبي بكر الراوي عنه لكن جهالته لا تضر إذ يكفيه نسبته إلى الصديق اه‍ . وأقول : فيه أيضا عثمان بن واقد ضعفه أبو داود نفسه . 7823 - (ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره) لأن الأعمى كما قيل ميت يمشي على وجه الأرض (وما ذهب بصر عبد فصبر إلا دخل الجنة) أي مع السابقين أو من غير حساب أو من غير سبق عذاب كما لا يخفى . - (خط عن بريدة) بن الحصيب وفيه محمد بن إبراهيم الطرسوسي ، قال الحاكم : كثير الوهم اه‍ . ورواه الديلمي أيضا وفيه إبراهيم المذكور .
[ 540 ]
7824 - (ما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك فهو لك صدقة وما أطعمت نفسك فهو لك صدقة) إن نواه في الكل كما دل عليه تقييده في الخبر الصحيح بقوله وهو يحتسبها فيحمل المطلق على المقيد قال القرطبي : أفاد منطوقه أن الأجر في الإنفاق إنما يحصل بقصد القربة سواء كانت واجبة أو مباحة وأفاد مفهومه أن من لم يقصد القربة لا يؤجر لكن تبرأ ذمته من النفقة الواجبة لأنها معقولة المعنى وأطلق الصدقة على النفقة مجازا والمراد بها الأجر والقرينة الصارفة عن الحقيقة الإجماع على جواز النفقة على الزوجة الهاشمية التي حرمت عليها الصدقة . - (حم طب عن المقدام بن معد يكرب) قال الهيثمي : رجاله ثقات وقال المنذري بعد ما عزاه لأحمد : إسناده جيد وبه يعرف أن رمز المؤلف لحسنه تقصير وأنه كان الأولى الرمز لصحته . 7825 - (ما أظلت الخضراء) أي السماء ، قال الزمخشري : وتسمى الجرباء والرقيع والبلقع (ولا أقلت الغبراء) أي حملت الأرض (من ذي لهجة) بفتح الهاء أفصح من سكونها ذكره الزمخشري (أصدق من أبي ذر) مفعول أقلت ، يريد به التأكيد والمبالغة في صدقه يعني هو متناه في الصدق لا أنه أصدق من غيره مطلقا إذ لا يصح أن يقال إنه أصدق من الصديق قال الطيبي : من في من ذي لهجة زائدة وذي لهجة معمول أقلت وقد تنازع فيه العاملان فأعمل الثاني وهو مذهب البصريين وهذا دليل ظاهر لهم اه‍ . واسم أبي ذر جندب بن جنادة غفاري يجتمع مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في كنانة ، قيل : قال : أنا رابع الإسلام ، أسلم قديما ، قال علي : وعاء ملئ علما ثم أوكئ عليه ، مات بالربذة سنة إحدى أو ثنتين وثلاثين وفيه جواز الكناية بإضافة الرجل لولده قال ابن أبي جمرة : وأما الكناية التي لا تجوز هي ما أحدث اليوم من التسمية بالدين فذلك لا يسوغ لأنه قد يكون كذبا والكاذب متعمدا عليه من الوعيد ما قد علم من قواعد الشرع وما جاء فيه بالنص وإن كان ما قيل حقا فأقل ما يكون مكروها لمخالفة السنة في ذلك لخبر مسلم أن المصطفى صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية فوجد اسمها برة فكرهه وقال : لا تزكوا أنفسكم ثم س ماها جويرية . - (حم ت ه ك في المناقب عن ابن عمرو) بن العاص قال الذهبي : سنده جيد وقال الهيثمي : رجال أحمد وثقوا وفي بعضهم خلاف اه‍ . ورواه ابن عساكر عن علي قال : قالوا لعلي : حدثنا عن أبي ذر قال : ذاك أمر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر طلب شيئا من الزهد عجز عنه الناس اه‍ .
[ 541 ]
7826 - (ما أعطي) بضم الهمزة مبني للمفعول ونائب الفاعل (أهل بيت الرفق إلا نفعهم) بقيته عند أبي نعيم ولا منعوه إلا ضرهم اه‍ بحروفه . - (طب عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري : إسناده جيد وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة . 7827 - (ما أعطى الرجل امرأته فهو صدقة) أي إن قصد التقرب إلى الله تعالى كما تقرر فيما قبله . - (حم عن عمرو بن أمية) بن خويلد (الضمري) بفتح المعجمة وسكون الميم وبالراء الكناني شهد أحدا مع المشركين ثم أسلم وأول مشاهده بئر معونة رمز لحسنه قال الحافظ الهيثمي : فيه محمد بن أبي حميد وهو ضعيف . 7828 - (ما أعطيت أمة من اليقين) أي ما ملأ الله قلوب أمة نورا شرح به صدورها لمعرفته تعالى ومجاهدة أنفسهم على سبيل الاستقامة عليها بحيث تصير الآخرة لهم كالمعاينة (أفضل مما أعطيت أمتي) ولا مساويا لها فإن الأولين لم ينالوا ذلك إلا الواحد بعد الواحد وقد حبا الله سبحانه هذه الأمة بمزيد التأد ب وقرب منازلهم غاية التقرب وسماهم في التوراة صفوة الرحمن وفي الإنجيل حلماء علماء أبرارا أتقياء كأنهم من الفقه أنبياء ، فالفضل الذي أعطيته هذه الأمة النور الذي به انكشف الغطاء عن قلوبهم حتى صارت الأمور لهم معاينة * (قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم) * (آل عمران 73) قالوا : واليقين يتفاوت على ثلاث مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فعلم اليقين ما كان من طريق النظر والاستدلال وعين اليقين ما كان من طريق الكشف والنوال وحق اليقين أن يشاهد الغيوب كما يشاهد المرئيات مشاهدة عيان قال السري السقطي : واليقين سكونك عند جولان الموارد في صدرك لتيقنك أن حزنك منها لا ينفعك ولا يرد عنك مقضيا . فائدة : قال بعضهم : كان شجاع الكرماني يذهب إلى الغيطة فينام بين السباع الليل كله ليمتحن نفسه في اليقين فكانت تطوف حوله فلا تضره . - (الحكيم) الترمذي (عن سعيد بن منصور الكندي) . 7829 - (ما أقفر من أدم) بسكون القاف وفتح الفاء أي ما صار ذا قفار وهو الخبز بلا أدم ذكره الزمخشري (بيت فيه خل) ومنه أرض قفراء أي خالية من المارة أو لا ماء بها قال ابن الأثير : أي ما خلا من الإدام ولا عدم أهله الأدم والخل من الأدم العامة المنافع وهو كثير المنافع دينا ودنيا فإنه بارد يقمع
[ 542 ]
حرارة الشهوة ويطفئها ، وأخرج الحكيم أن عامة أدم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بعده الخل يقطع عنهن ذكر الرجال . - (طب ح عن أم هانئ) قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أعندك شئ قلت : لا إلا خبز يابس وخل فذكره وكان حق الجواب أن تقول بلى عندي خبز فعدلت عنه استعظاما لشأنه ، رأت أن مثل ذلك لا يقدم إلى مثله فلم تعدها بشئ ومن ثم حسنت المطابقة بقوله ما أقفر إلخ ثم قال أبو نعيم غريب من حديث أبي بكر بن عياش عن أبي جمرة الثمالي واسمه ثابت بن أبي ضعنة (الحكيم) الترمذي عن (عائشة) رمز لحسنه وظاهر صنيع المصنف أن ذا مما لم يخرجه أحد من الستة والأمر بخلافه فقد خرجه الترمذي في الأطعمة عن أم هانئ أيضا . 7830 - (ما اكتسب مكتسب مثل فضل علم يهدي صاحبه إلى هدى) كتقوى وصبر وشكر ورجاء وخوف وزهد وقناعة [ ص 425 ] وسخاء وحسن خلق وصدق إخلاص وغير ذلك (ويرده عن ردى) كغل وحقد وحسد وغش وخيانة وكبر وبخل ومداهنة وطول أمل وقسوة قلب وقلة حياء ورحمة إلى غير ذلك (ولا استقام دينه حتى يستقيم عقله) هذا لفظ رواية الكبير ولفظ رواية الصغير الذي عزى إليها المؤلف علمه بدل عقله كما قال المنذري انتهى . وذلك بأن يعقل عن الله أمره ونهيه لأن العقل منبع العلم وأسه والعلم يجري منه مجرى الثمر من الشجر والنور من الشمس والرؤية من العين وكيف لا يشرف ما هو وسيلة للسعادة في الدارين ؟ ولهذا ورد في خبر إن لكل شئ دعامة ودعامة المؤمن عقله فبقدر عقله تكون عبادته ، أما سمعت قول الفجار * (لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) * قال الماوردي : إن لكل فضيلة أسا ولكل أدب ينبوعا وأس الفضائل وينبوع الأدب هو العقل جعله الله للدين أصلا وللدنيا عمادا فأوجب التكليف بكماله وجعل الدنيا مدبرة بأحكامه وألف بين خلقه مع اختلاف زمانهم وتباين أغراضهم وجعل ما تعبدهم قسمين قسم وجب بالعقل فأكد بالشرع وقسم جاز في العقل فأوجبه الشرع فكان العقل عليهما معيارا . - (طص عن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه قال الهيثمي والعلائي : فيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف اه‍ . وقال المنذري : رواه في الصغير والكبير وإسنادهما متقارب وخرجه البيهقي من هذا الوجه وقال : هو إسناد ضعيف . 7831 - (ما أكرم شاب شيخا لسنه) أي لأجل سنه لا لأجل أمر آخر (إلا قيض الله له) أي سبب وقدر ، يقال هذا قيض لهذا وقياض له أي سياق له (من يكرمه عند سنه) مجازاة له على فعله بأن يقدر له عمرا يبلغ به إلى الشيخوخة ويقدر له من يكرمه ذكره الطيبي وأصله قول ابن العربي : قال العلماء : فيه دليل على طول العمر لمن أكرم المشيخة وقد دخل السرقسطي العربي مجلسا وقد أكل منه
[ 543 ]
الكبر وشرب وله هرولة في مشيه فتغامز عليه الأحداث فأنشأ يقول : يا عائبا للشيوخ من أشر * داخله الصبا ومن بذخ اذكر إذا شئت أن تغشيهم * جدك واذكر أباك يا ابن أخ واعلم بأن الشباب منسلخ * عنك وما وزره بمنسلخ من لا يعز الشيوخ لا بلغت * يوما به سنه إلى الشيخ (ت) في البر (عن أنس) بن مالك وقال : حسن فتبعه المصنف فرمز لحسنه ولا يوافق عليه فقد قال ابن عدي : هذا حديث منكر وقال الصدر المناوي : وفيه يزيد بن بنان العقيلي عن أبي الرجال خالد بن محمد الأنصاري ويزيد ضعفه الدارقطني وغيره وأبو الرحال واه ، قال البخاري : عنده عجائب وعلق له وقال الحافظ العراقي : حديث ضعيف فيه أبو الرحال ضعيف وقال السخاوي : ضعيف لضعف يزيد وشيخه . 7832 - (ما أكفر رجل رجلا قط إلا باء بها) أي رجع بإثم تلك المقالة (أحدهما) إما القائل إن اعتقد بكفر مسلم باطلا أو الآخر إن صدق القائل . - (حب عن أبي سعيد) . 7833 - (ما أكل أحد) زاد الإسماعيلي من بني آدم (طعاما قط خيرا) بالنصب صفة لمصدر محذوف أي أكلا خيرا كذا في المصابيح وفي رواية خير بالرفع أي هو خير (من أن يأكل من عمل يده) فيكون أكله من طعام ليس من كسب يده منفي التفضيل على أكله من كسب يده ويحتمل كونه صفة لطعاما فيحتاج لتأويل أيضا إذ الطعام في هذا التركيب مفضل على نفس أكل الإنسان من عمل يده بحسب الظاهر وليس مرادا فيقال في تأويله الحرف المصدري وصلته [ ص 426 ] بمعنى مصدر من أراد المفعول أي من مأكوله من عمل يده وقوله يده بالإفراد وفي رواية بالتثنية ووجه الخير ما فيه من إيصال النفع إلى الكاسب وغيره والسلامة عن البطالة المؤدية إلى الفضول وكسر النفس به والتعفف عن ذل السؤال وفيه تحريض على الكسب الحلال وهو متضمن لفوائد كثيرة منها إيصال النفع لآخذ الأجرة إن كان العمل لغيره وإيصال النفع إلى الناس بتهيئة أسبابهم من نحو زرع وغرس وخياطة وغير ذلك ومنها أن يشتغل الكاسب به فيسلم عن البطالة واللهو ومنها كسر النفس به فيقل طغيانها ومرحها ومنها التعفف عن ذل السؤال والاحتياج إلى الغير وشرط المكتسب أن لا يعتقد الرزق من الكسب بل من الرزاق ذي القوة ثم أكد ذلك وحرض عليه وزاده تقريرا بقوله (وإن نبي الله داود كان يأكل من عمل يده) في الدروع من الحديد ويبيعه لقوته وخص داود لكون اقتصاره في أكله على عمل يده لم يكن لحاجة لأنه كان خليفة في الأرض بل أراد الأفضل وفيه أن الكسب لا ينافي التوكل وأن ذكر الشئ بدليله أوقع في النفس وجواز
[ 544 ]
الإجارة إذ عمل اليد أعم من كونه لغيره أو نفسه . - (حم خ) في البيع (عن المقدام) بن معد يكرب ولم يخرجه مسلم . 7834 - (ما التفت عبد قط في صلاته إلا قال له ربه أين تلتفت يا ابن آدم أنا خير لك مما تلتفت إليه) فالالتفات في الصلاة بالوجه مكروه وبالصدر حرام مبطل لها . قال ابن عطاء الله : إقبالك على غير الله إفراد له بالعبادة وكيف يرضى أن تعبد غيره ولكن ثم آذان عن استماع الحق مسدودة وأذهان عن تدبره مصدودة . - (هب عن أبي هريرة) وكذا الحاكم في التاريخ وعنه أورده البيهقي فلو عزاه المصنف له كان أولى . 7835 - (ما أمرت بتشييد المساجد) أي ما أمرت برفع بنائها ليجعل ذريعة إلى الزخرفة والتزيين الذي هو من فعل أهل الكتاب وفيه نوع توبيخ وتأنيب قال البغوي : التشييد رفع البناء وتطويله وإنما زخرفت اليهود والنصارى معابدها حين حرفوا كتبهم وبدلوها قال ابن بطال وغيره : فيه دلالة على أن السنة في بنيان المساجد القصد وترك الغلو في تحسينه وقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك وسكت كثير من السلف عنه خوف الفتنة لكن رخص فيه أبو حنيفة إذا قصد فيه تعظيم المسجد إذا وقع الصرف فيه من غير بيت المال . - (د عن ابن عباس) وسكت عليه هو والمنذري . 7836 - (ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ) أي أستنجي بالماء وفي لفظ في بعض طرق الحديث إني لم أومر أن أتوضأ كلما بلت (ولو فعلت) ذلك (لكان سنة) أي طريقة واجبة لازمة لأمتي فيمتنع عليهم الترخص باستعمال الحجر ويلزم الحرج * (وما جعل عليكم في الدين من حرج) * وهذا قاله لما بال فقام عمر خلفه بكوز من ماء فقال : ما هذا قال : ماء تتوضأ به وما ذكر من حمل الوضوء فيه على المعنى اللغوي هو ما فهمه أبو داود وغيره فبوبوا عليه وهو مخالف للظاهر بلا ضرورة والظاهر كما قاله الولي العراقي حمله على الشرعي المعهود فأراد عمر أن يتوضأ عقب الحدث فتركه المصطفى صلى الله عليه وسلم تخفيفا وبيانا للجواز ، لا يقال قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لو فعلت إلخ يقتضي كونه غير سنة لكونه لم يفعله مع أنه سنة بدليل قول المصطفى صلى الله عليه وسلم لبلال لما قال ما أحدثت قط إلى توضأت بهذا بلغت الحديث لأنا نقول المراد بالسنة هنا الشرع المتلقى عن المصطفى صلى الله عليه وسلم مما ليس في القرآن أعم من كونه واجبا أو مندوبا فنحمله على الوضوء لأن الندب حاصل فمعناه لو واظبت على الوضوء عقب الحدث لزم الأمة اتباعي أو معناه لو فعلت ذلك [ ص 427 ] لواظبت عليه وربما تعذرت المواظبة وفيه جواز القرب من قاضي الحاجة لنحو
[ 545 ]
ذلك وخدمة الأكمل بإحضار ماء للطهر ونحوه وإن كان الخادم كاملا وأنه لا يعد خللا في منصبه بل شرفا وأنه لا يجب الوضوء بنفس الحدث فورا بل بإرادة القيام إلى نحو الصلاة ووجوب الاقتداء بأفعاله كأقواله وأن حكم الفعل في حقنا كهو في حقه إن واجبا فواجب وإن مندوبا فمندوب وإن مباحا فمباح ووجوب اتباع فعله حتى يدل دليل الوجوب وأن له الاجتهاد فيما لم ينزل عليه وحي فإنه قال ما أمرت كلما بلت أن أتوضأ ولو فعلت كانت سنة أي مع كوني ما أمرت بذلك ولو فعلته صار شرعا وأن الأمر للوجوب فإنه علل عدم استعمال الماء بكونه لم يؤمر به فدل على أنه لو أمر به لفعله وأصل حل طهارة الآنية وحل استعمالها والعمل بالعادة الغالبة لأن عمر نظر إلى أن عادة المصطفى صلى الله عليه وسلم إدامة الطهارة فقام على رأسه بالماء قيل : وتعين الماء للطهارة وهو في حيز المنع قيل : وأنه لا بأس بالاستعانة في إحضار الماء للطهارة وهو زلل إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يطلب من عمر إحضار الماء بل رده . - (حم د ه) من حديث أبي يعقوب التوءم عن ابن أبي مليكة عن أبيه (عن عائشة) قالت : بال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعه عمر بكوز ماء فذكره وذكره النووي في الخلاصة في فصل الضعيف وقال في شرح أبي داود : ضعيف لضعف عبد الله بن يحيى التوءم لكن قال الولي العراقي في المختار : إنه حديث حسن . 7837 - (ما أمعر حاج قط) أي ما افتقر ، من معر الرأس قل شعره وأرض معرة مجدبة ذكره الزمخشري . - (هب) من حديث محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر (عن جابر) وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه وليس كذلك بل عقبه ببيان حاله فقال : ومحمد بن أبي حميد ضعيف هذا لفظه وكما أن المصنف لم يصب في إسقاط ذلك من كلامه لم يصب حيث اقتصر على عزوه للبيهقي مع أن الطبراني في الأوسط والبزار خرجاه بسند رجاله رجال الصحيح كما بينه الهيثمي . 7838 - (ما أنت محدث قوما حديثا لا تبلغه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنة) لأن العقول لا تحتمل إلا على قدر طاقتها فإن أزيد على العقل فوق ما يحتمله استحال الحال من الصلاح إلى الفساد ومن ثم ورد في خبر عند الحكيم إن لله سرا لو أفشاه لفسد التدبير وللملوك سرا لو أفشوه لفسد ملكهم وللأنبياء سرا لو أفشوه لفسدت نبوتهم وللعلماء سرا لو أفشوه فسد علمهم فواجب على الحكيم والعالم النحرير الاقتداء بالمصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله أنزلوا الناس منازلهم وقد قال عيسى : لا تضعوا الحكمة في غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم وكن كالطبيب الحاذق يضع دواءه حيث يعلم أنه ينفع ومن ثم قيل : تصفح طلاب حكمك كما تتصفح خطاب حرمك وبهذا ألم أبو تمام حيث قال : وما أنا بالغيران ممن دون جارتي * إذا أنا لم أصبح غيورا على العلم وقيل لحكيم : ما بالك لا تطلع كل أحد على حكمة يطلبها منك فقال : اقتداء بالباري تعالى حيث قال : * (ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون) * فتبين أنه
[ 546 ]
منعهم لما لم يكن فيهم خيروبين أن في إسماعهم ذلك مفسدة لهم قال حجة الإسلام : ومن ذلك ما أحدثه بعض المتصوفة ممن تركوا فلاحتهم وأتوا بكلمات غير مفهومة يسمونها الشطح فيها عبارات هائلة وليس وراءها طائلة أو تكون مفهومة لكن لا يقدر على تفهيمها وإيرادها بعبارة تدل على ضميره لقلة ممارسته للعلم وجهله بطرق التعبير عن المعاني بالألفاظ الرشيقة فلا فائدة لذلك إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول ويحير الأذهان . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عباس) . 7839 - (ما أنزل الله) يعني ما أحدث (داء إلا أنزل له شفاء) أي ما أصاب أحدا بداء إلا قدر له دواء وقد مر معنى هذا الخبر غير مرة غير أنه ينبغي التنبيه لشئ وهو أنه اختلف في معنى الإنزال فقيل : إنزاله إعلامه عباده ومنع بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبر بعموم الإنزال لكل داء ودوائه وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك كما يصرح به خبر علمه من علمه وجهله من جهله ومثل إنزالهما إنزال أسبابهما من كل مأكل ومشرب وقيل : إنزالهما خلقهما ووضعهما بالأرض كما يشير إليه خبر إن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء وتعقب بأن لفظ الإنزال أخص من لفظ الخلق والوضع وإسقاط خصوصية الألفاظ بلا موجب غير لائق وقيل : إنزالهما بواسطة الملائكة الموكلين بتدبير النوع الإنساني فإنزال الداء والدواء مع الملائكة وقيل : عامة الأدواء والأدوية هي بواسطة إنزال الغيث الذي تتولد به الأغذية والأدوية وغيرهما وهذا من تمام لطف الرب بخلقه فلما ابتلى عباده بالأدواء أعانهم عليها بالأدوية وكما ابتلاهم بالذنوب أعانهم عليها بالتوبة والحسنات الماحية . تنبيه : قال بعضهم : الداء علة تحصل بغلبة بعض الأخلاط والشفاء رجوعها إلى الاعتدال وذلك بالتداوي وقد يحصل بمحض لطف الله بلا سبب ثم الموت إن كان داء فالخبر غير عام إذ لا دواء له وزعم أن المراد دواؤه الطاعة غير سديد لأنها دواء للأمراض المعنوية كالعجب والكبر لا الموت . - (ه عن أبي هريرة) رمز لحسنه وصنيع المصنف كالناطق بأن ذا لم يتعرض الشيخان ولا أحدهما لتخريجه وهو ذهول عجيب فقد خرجه البخاري في الطب باللفظ المزبور لكن زاد لفظة من قبل داء ورواه مسلم بلفظ ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله . 7840 - (ما أنعم الله على عبد نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما أخذ) لأن قول الحمد لله نعمة من الله والمحمود عليه نعمته أيضا وبعض النعم أجل من بعض فنعمة الشكر أجل من نعمة مال أو جاه أو ولد ولا يستلزم ذلك كون فعل العبد أفضل من فعل الله وإن دل على أن فعل العبد للشكر قد يكون أفضل من بعض مفعول الله وفعل العبد هو مفعول الله ولا ريب أن بعض مفعولاته أفضل من بعض كما بينه البيهقي وغيره كابن القيم فما نقل عن الإمام الورع ابن عيينة أنه عزى المتن إلى الحسن ثم قال هو خطأ لأن فعل العبد ليس بأفضل من فعل الرب كما أنه ذهل عن كونه حديثا مرفوعا فقد غفل عن معناه المقرر فتدبر . - (ه عن أنس) .
[ 547 ]
7841 - (ما أنعم الله على عبد نعمة فحمد الله عليها إلا كان ذلك الحمد أفضل من تلك النعمة وإن عظمت) أخذ منه بعضهم أن الحمد أفضل من النعم وخطأ آخرون منهم ابن عيينة محتجين بأن فعل العبد لا يفضل فعل الرب وأجيب بأن المراد بالنعم الدنيوية كعافية ورزق والحمد من النعم الدينية وكلاهما نعمة من الله على عبده بهدايته لشكر نعمته بالحمد عليها أفضل من نعمه الدنيوية على عبده فإن هذه إن لم يقترن بها شكر كانت بلية (فائدة) فقد جعفر الصادق بغلة له فقال : إن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها فما لبث أن جئ بها بسرجها ولجامها فركبها فلما استوى عليها رفع رأسه إلى السماء فقال : الحمد لله ولم يزد فقيل له ذلك فقال : هل تركت أو أبقيت شيئا ، جعلت الحمد كله لله . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه سويد بن عبد العزيز وهو متروك . 7842 - (ما أنعم الله على عبد نعمة من أهل ومال وولد فيقول " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " فيرى فيه آفة دون الموت) وقد قال الله تعالى * (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) * (الكهف : 39) وهذا الحديث قد بوب عليه النووي في الأذكار باب ما يقول لدفع الآفات ، ثم أورده بمفرده . - (ع هب) وكذا ابن السني (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : فيه عبد الملك ابن زرارة وهو ضعيف وفيه أيضا عيسى بن عون مجهول . 7843 - (ما أنعم الله على عبد من نعمة فقال الحمد لله إلا أدى شكرها فإن قالها الثانية جدد الله له ثوابها فإن قالها الثالثة غفر الله له ذنوبه) قال الحكيم : إنما كان كذلك لأنه إذا حمد الله عليها كان في كلمة الحمد قول لا إله إلا الله متضمنة مشتملا عليها الحمد لكن هذا فيمن حمد مع التأدب وطيب العمل في كل شئ خالصا من قلبه غير ملتفت إلى رشوة من ربه مطيعا لله طالبا حسن العمل ، أما من حمد مع ترك الأدب واستيلاء الغفلة فأجنبي من هذا المقام فإن حمده حمد السكارى . - (ك) في الدعاء (هب) عن عبد الرحمن بن قيس الرازي عن محمد بن أبي حميد عن ابن المنكدر (عن جابر) بن عبد الله قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي فقال : ليس بصحيح قال أبو زرعة : عبد الرحمن بن قيس كذاب اه‍ . وفي الميزان عبد الرحمن بن قيس كذبه ابن مهدي وأبو زرعة وقال البخاري : ذهب حديثه وقال أحمد : لم يكن بشئ وخرج له في المستدرك حديثا منكرا وصححه ثم ساق هذا .
[ 548 ]
7844 - (ما أنفق الرجل في بيته وأهله وولده وخدمه فهو له صدقة) قال الحرالي : والمنفق أعلى حالا من المزكي لأن المزكي يخرج ما وجب عليه فرضا والمنفق يجود بما في يده فضلا . - (طب عن أبي أمامة) وعزاه المنذري للطبراني في الأوسط عن أبي أمامة بلفظ ما أنفق المرء على نفسه وولده وأهله وذوي رحمه وقرابته فهو له صدقة ، وضعفه قال : لكن له شواهد كثيرة ولعل رمز المؤلف لحسنه لكثرة شواهده . 7845 - (ما أنفقت) بالبناء للمجهول (الورق) بكسر الراء الفضة (في شئ أحب إلى الله من نحير) كذا بخط المصنف (ينحر في يوم عيد) أي يضحى به فيه وهذا فضل عظيم للأضحية . - (طب هق) وكذا ابن عدي وعنه من طريقه رواه البيهقي فلو عزاه إلى الأصل كان أولى (عن ابن عباس) وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير قال الذهبي في الضعفاء : متفق على ضعفه وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح فيه إبراهيم بن يزيد الجوري قال أحمد والنسائي : متروك ورواه الدارقطني باللفظ المزبور عن ابن عباس وفيه إبراهيم بن يزيد ضعيف وقال الهيثمي : فيه إبراهيم بن يزيد الجوري ضعيف . 7846 - (ما أنكر قلبك فدعه) أي اتركه قال حجة الإسلام : هذا في قلب طهر عن أوضار الدنيا أولا ثم صقل بالرياضة البالغة ثانيا ثم نور بالذكر الصافي ثالثا ثم غذي بالفكر الصائب رابعا ثم رق بملازمة حدود الشرع خامسا حتى [ ص 430 ] فاض عليه النور من مشكاة النبوة وصار كأنه مرآة مجاوة فهذا وأمثاله هم الذين يرجعون إلى قلوبهم وهم الذين يميزون بين ظلمة الكفر وضياء الإيمان بخلاف من بضاعته في العلم مسألة إزالة النجاسة وماء الزعفران والفعل والفاعل والمبتدأ والخبر وأمثالهم هيهات هيهات هذا المطلب أنفس وأعز من أن يدرك بالمنى أو ينال بالهوينا فاشتغل أنت بشأنك ولا تضيع فيهم بقية زمانك * (فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا ذلك مبلغهم من العلم) * (النجم : 29 - 30) . (ابن عساكر) في تاريخه (عن) أبي معاوية (عبد الرحمن بن معاوية بن خديج) بمهملة وجيم مصغرا البصري قاضي مصر قال الذهبي : لا تصح له صحبة فهو مرسل اه‍ . وفي التقريب كأصله إنه من الطبقة الثالثة فعلى المصنف ملام في إيهامه إسناده .
[ 549 ]
7847 - (ما أهدى المرء المسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة حكمة يزيده الله بها هدى أو يرده بها عن ردى) وفي معناه قال بعضهم : كلمة لك من أخيك خير لك من مال يعطيك لأن الحكمة تنجيك والمال يطغيك . (هب) وأبو نعيم والديلمي (عن ابن عمرو) بن العاص ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسكت عليه والأمر بخلافه بل تعقبه بقوله في إسناد إرساله بين عبيد الله وعبد الله اه‍ . وفيه مع ذلك إسماعيل بن عياش قالوا : ليس بالقوي وعمارة بن غزية ضعفه ابن حزم لكن خولف وعبيد الله بن أبي جعفر قال أحمد : ليس بالقوي . 7848 - (ما أهل مهل قط) بحج أو عمرة (إلا آبت) أي رجعت (الشمس بذنوبه) ومر أن الحج يكفر الصغائر والكبائر ، بل قيل : حتى التبعات . (هب عن أبي هريرة) فيه جماعة لم أعرفهم . 7849 - (ما أهل مهل قط) أي ما رفع ملب صوته بالتلبية في حج أو عمرة (ولا كبر مكبر قط إلا بشر بالجنة) أي بشرته الملائكة أو الكاتبان بها . - (طس عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رواه بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح . 7850 - (ما أوتي عبد في هذه الدنيا خيرا له من أن يؤذن له في ركعتين يصليهما) لأن المصلي مناج لربه مسارر له مأذون منه في الدخول عليه والمثول بين يديه ولولا أن الله أعطى أولياءه في الجنة أفضل مما أعطاهم في الصلاة في الدنيا إلا كانت صلاة ركعتين في الدنيا أفضل من نعيم الجنة لأن نعيمها حظ النفوس والصلاة قرة العين غير أن الذي في الصلاة على التقريب مما في العقبى وليس بعينه وهو رؤية الله فإن المصلي كأنه يراه والزائر له في الآخرة يراه حقيقة نظر عيان ، رزقنا الله النظر لوجهه الكريم . - (طب عن أبي أمامة) . 7851 - (ما أوتيكم من شئ وما أمنعكموه) من الفئ والغنيمة (إن) أي ما (أنا إلا خازن أضع) العطاء (حيث أمرت) أي حيث أمرني الله سبحانه فلا أعطى رجما بالغيب كما يفعله الملوك وعظماء الدنيا . - (حم عن أبي هريرة) رمز لحسنه .
[ 550 ]
7852 - (ما أوذي أحد ما أوذيت) فقد آذاه قومه أذى لا يحتمل ولا يطاق حتى رموه بالحجارة إلى أن أدموا رجليه [ ص 431 ] فسال منهما الدم على نعليه ونسبوه إلى السحر والكهانة والجنون إلى غير ذلك مما هو مشهور مسطور وكفى بما وقع له في قصة الطائف من الإيذاء ، وأخذ الصوفية من هذا أنه يتعين تحمل الأذى من جار أو غيره قالوا : وأما أرباب الأحوال فمعدودون من الضعفاء ملامون على تأثيرهم بالحال في الجار وغيره إذا أذاهم فالأقوياء الكاملون لا يفعلون ذلك ولا يلتفتون لقول العامة ليس عندنا شيخ إلا من يؤثر في الناس بحاله ويصعد من سرق متاعه أو ستر ضريحه بعد موته وغاب عنهم أن القوي بشهادة حال الشارع وقاله هو من يتحمل الأذى ولا يقابل عليه وإن فحش فالكامل عند القوم هو الذي يحمل الأذى ويضربونه ويحتقرونه ولا يتأثر ، قال شيخنا الشعراوي : ووقع لصاحبنا أحمد الكعكي أن جيرانه آذوه فتوجه فيهم فصار بيتهم كله دودا وما فيه من ماء وطعام يغلي دودا فرحلوا فقلت له : الفقراء تحتمل فقال : ذلك خاص بالأبدال منكم وأما نحن فمذهبنا عدم الاحتمال لئلا يتمادى الناس في إيذاء بعضهم بعضا . - (عبد بن حميد وابن عساكر) في تاريخه (عن جابر) بن عبد الله قال ابن حجر : هذا الحديث رواه ابن عدي في ترجمة يوسف بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر ويوسف ضعيف فالحديث ضعيف . 7853 - (ما أوذي أحد ما أوذيت في الله) أي في مرضاته أو من جهته وبسببه حيث دعوت الناس إلى إفراده بالعبادة ونهيت عن إثباتهم الشريك وذلك من أعظم اللطف به وكمال العناية الربانية به ليتضاعف له الترقي في نهايات المقامات . قال ابن عطاء الله : إنما جرى الأذى على أصفيائه لئلا يكون لأحد منهم ركونا إلى الخلق غيرة منه عليهم وليزعجهم عن كل شئ حتى لا يشغلهم عنه شئ وقال ابن حجر : هذا الحديث قد استشكل بما جاء من صفات ما أوذي به الصحابة من التعذيب الشديد وهو محمول لو ثبت على معنى حديث أنس المار لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد وقيل معناه أنه أوحى إليه ما أوذي به من قبله فتأذى بذلك زيادة على ما آذاه قومه به وروى ابن إسحاق عن ابن عباس والله إن كانوا يضربون أحدهم ويجيعونه ويعطشونه حتى ما يقدر أن يستوي جالسا من شدة الضر حتى يقولوا له اللات والعزى إلهك من دون الله فيقول أحد أحد وروى ابن ماجه وابن حبان عن ابن مسعود أول من أظهر إسلامه سبعة : رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعمار وأمه وصهيب وبلال والمقداد ، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه وأما أبو بكر بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وأوثقوهم في الشمس اه‍ ، وأجيب بأن جميع ما أوذي به أصحابه كان يتأذى هو به لكونه بسببه واستشكل أيضا بما أوذي به الأنبياء من القتل كما في قصة زكريا وولده يحيى ، وأجيب بأن المراد هنا غير إزهاق الروح ، وقال بعضهم : البلاء تابع لكثرة الأتباع وهو أكثر الأنبياء اتباعا وغيره من الأنبياء وإن ابتلي بأنواع من البلاء لكن ما أوذي به أكثر لأنه كما أكمل له الدين أكمل له الابتلاء لإرساله إلى الكافة لكن لما كان مقامه في العلو يسمو على مقام غيره لم يظهر على ذاته كبير أمر ، فمعنى قوله
[ 551 ]
ما أوذي إلخ أن دعوته عامة فاجتمع عليه الاهتمام ببلاء جميع أمته فكمل له مقام الابتلاء كما كمل له الدين فبكل بلاء تفرق في الأمم اجتمع له وابتلبه ، وقال الخواص : كان المصطفى صلى الله عليه وسلم كلما سمع ما جرى لنبي من الأنبياء من الأذى والبلاء يتصف به ويجده في نفسه كلما وجده ذلك النبي صلى الله عليه وسلم غيرة على الدين . (حل عن أنس) بن مالك قال السخاوي : وأصله في البخاري . 7854 - (ما بر أباه من شد إليه الطرف بالغضب) وما بعد البر إلا العقوق فهو إشارة إلى أن العقوق كما يكون بالقول والفعل يكون بمجرد اللحظ المشعر بالغضب ، وقد ذم الله العقوق في كتابه وجاء من السنة فيه ما لا يكاد يحصى وأقبح بخصلة هي علامة على سوء الخاتمة إن لم يتدارك الله العبد بلطفه وعفوه ، ومن ثم كان من أعظم الكبائر وإذا كانت [ ص 432 ] نظرة الغضب عقوقا للأب فللأم أولى لأنها مقدمة عليه في البر والملاطفة . - (طس وابن مردويه) في تفسيره (عن عائشة) قال الهيثمي : فيه صالح بن موسى وهو متروك . 7855 - (ما بعث الله نبيا إلا عاش نصف ما عاش النبي) صلى الله عليه وسلم (الذي كان قبله) زاد الطبراني في روايته وأخبرني جبريل أن عيسى ابن مريم عاش عشرين ومائة سنة ولا أراني إلا ذاهبا على رأس الستين قال الذهبي كابن عساكر في تاريخه : والصحيح أن عيسى لم يبلغ هذا العمر وإنما أراد مدة مقامه في أمته فإن سفيان بن عيينة روى عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة في مرضه فسارها فقال : إن الله لم يبعث نبيا إلا وقد عمر نصف عمر الذي قبله وعيسى لبث في بني إسرائيل أربعين سنة وهذه توفي لي عشرين اه‍ وقال ابن حجر في المطالب : ما رواه ابن سعد من أن عيسى عمر أربعين أراد به مدة النبوة . - (حل عن زيد بن أرقم) وفيه عبيد بن إسحاق قال الذهبي : ضعفوه ورضيه أبو حاتم وفيه كامل فإن كان الجحدري فقد قال أبو داود : رميت بحديثه أو السعدي فخرجه ابن حبان . 7856 - (ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكى فليس بكنز) أي وما بلغ أن تؤدى زكاته فلم يزك فهو كنز فيدخل صاحبه في ذلك الوعيد العظيم * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) * . - (د عن أم سلمة) قالت : كنت ألبس أوضاحا وهي نوع من الحلي من ذهب فقلت : يا رسول الله أكنز هو ؟ فذكره رمز لحسنه قال ابن عبد البر : في سنده مقال ، قال الزين العراقي في شرح الترمذي : إسناده جيد رجاله رجال البخاري اه‍ . وفيه ثابت بن عجلان خرج له البخاري وقال عبد الحق : لا يحتج به واعترضه ابن القطان بما رده عليه الذهبي وقال ابن عدي والعقيلي
[ 552 ]
لا يتابع في حديثه فمما أنكر عليه هذا الحديث وساقه بتمامه . وقد أحسن المصنف حيث اقتصر على تحسينه قال ابن القطان : وللحديث إسناد إلى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده صحيح . 7857 - (ما بين السرة والركبة عورة) فيشترط لصحة الصلاة ستره ولو في خلوة ، وفيه أن حد عورة الرجل ولو قنا من السرة إلى الركبة وكذا الأمة والمبعضة أما عورة الحرة فما سوى الوجه والكفين لخبر أبي داود وغيره الآتي لا يقبل الله صلاة حائض أي من بلغت سن الحيض إلا بخمار ، هذا مذهب الشافعي والجمهور وقال داود : العورة القبل والدبر فقط . (ك عن عبد الله بن جعفر) ورواه عنه أيضا الطبراني قال الهيثمي : وفيه أصرم بن حوشب وهو ضعيف . 7858 - (ما بين المشرق والمغرب قبلة) أي ما بين مشرق الشمس في الشتاء وهو مطلع قلب العقرب ومغرب الشمس في الصيف وهو مغرب السماك الرامح قبله ذكره القاضي ، وقال المظهر : أراد قبلة المدينة فإنها واقعة بين المشرق والمغرب وهي إلى الطرف الغربي أميل فيجعلون المغرب عن يمينهم والمشرق عن يسارهم ولأهل اليمن من السعة في قبلتهم كما لأهل المدينة لكنهم يجعلون المشرق عن يمينهم والمغرب عن يسارهم وقيل أراد من اشتبه عليه القبلة فإلى أي جهة صلى أجزأ وقيل أراد التنقل على الدابة في السفر . - (ت ه ك) في الصلاة (عن أبي هريرة) ثم قال الترمذي : حسن صحيح وقال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال النسائي : منكر وأقره عليه الحافظ العراقي ثم إن ما تقرر من أن سياق الحديث هكذا هو ما ذكره المصنف هو ما في نسخ الكتاب والذي وقفت عليه في الفردوس معزوا للترمذي بزيادة لأهل المشرق فليحرر . 7859 - (ما بين النفختين) نفخة الصور ونفخة الصعق (أربعون) لم يبين راويه أهي أربعون يوما أو شهرا أو سنة ؟ وقال حين [ ص 433 ] سئل : لا أعلمه ، ووقع لولي الله النووي في مسلم أربعين سنة قال ابن حجر : وليس كذلك (ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل) من الأرض (وليس من الإنسان) غير النبي والشهيد (شئ إلا يبلى) بفتح أوله أي يفنى بمعنى تعدم أجزاؤه بالكلية أو المراد يستحيل فتزول صورته المعهودة ويصير بصفة التراب ثم يعاد إذا ركب إلى ما عهد (إلا عظم واحد وهو عجب) بفتح فسكون ويقال عجم بالميم (الذنب) بالتحريك عظم لطيف كحبة خردل عند رأس العصعص مكان رأس الذنب من ذوات الأربع وزعم المزني أنه يبلى يرده قوله (ومنه يركب الخلق يوم القيامة) قال ابن عقيل : فيه سر لا يعلمه إلا هو إذ من يظهر الوجود من العدم لا يحتاج لشئ يبني عليه ويحتمل أنه جعل علامة للملائكة على إحياء كل إنسان بجوهره (ق عن أبي هريرة) ورواه عنه النسائي أيضا .
[ 553 ]
7860 - (ما بين بيتي) يعني قبري لأن قبره في بيته (ومنبري روضة) أي كروضة (من رياض الجنة) في تنزل الرحمة أو إيصال التعبد فيها إليها أو منقول منها كالحجر الأسود أو ينقل إليها كالجذع الذي حن إليه فهو تشبيه بليغ أو مجازا أو حقيقة وأصل الروضة أرض ذات مياه وأشجار وأزهار وقيل بستان في غاية النضارة وما بين منبره وبيته الذي هو قبره الآن ثلاثة وخمسون ذراعا وتمسك به من فضل المدينة على مكة لكون بلك البقعة من الجنة وفي الخبر لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وتعقب بأن الفضل لتلك البقعة خاصة وادعاء أن ما يقربها أفضل يلزمه أن الجحفة أفضل من مكة والملازم باطل وللحديث تتمة لم يذكرها المصنف وهي قوله ومنبري على حوضي كذا هو ثابت في رواية مسلم وغيره ، وقال المؤلف : الأصح أن المراد منبره الذي كان في الدنيا بعينه وقيل له هناك منبر وقيل معناه أن قصد منبره والحضور عنده لعمل صالح يورد صاحبه الحوض ويقتضي شربه منه وقال الطيبي : لما شبه المسافة التي بين البيت والمنبر بروضة الجنة لكونها محل الطاعة والذكر ومواضع السجود والفكر أتى بقوله ومنبري على حوضي إيذانا بأن استمداده من البحر الزاخر النبوي ومكانه المنبر الموضوع على الكوثر يفيض منه العلم الإلهي فجعل فيضان العلم اللدني من المنبر إلى الروضة . (حم ق ن عن عبد الله بن زيد المازني) قال الذهبي : له صحبة (ت عن علي) أمير المؤمنين (وأبي هريرة) قال المصنف : هذا حديث متواتر . 7861 - (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة) أي لا يوجد في هذه المدة المديدة (أمر أكبر) أي مخلوق أعظم شوكة (من الدجال) لأن تلبيسه عظيم وتمويهه وفتنته كقطع الليل البهيم تدع اللبيب حيرانا والصاحي الفطن سكرانا لكن ما يظهر من فتنته ليس له حقيقة بل تخييل منه وشعبذة كما يفعله السحرة والمتشعبذون . (تنبيه) قال ابن عربي : الدجال يظهر في دعواه الألوهية وما يخيله من الأمور الخارقة للعادة من إحياء الموتى وغيره جعل ذلك آيات له على صدق دعواه وذلك في غاية الإشكال لأنه يقدح فيما قرره أهل الكلام في العلم بالنبوات فبطل بهذه الفتنة كل دليل قرروه وأي فتنة أعظم من فتنة تقدح ظاهرا في الدليل الذي أوجب السعادة للعباد ؟ فالله يجعلنا من أهل الكشف والوجود ويجمع لنا بين طرفي المعقول والمشهود اه‍ . (حم م) في الفتن من حديث أبي قتادة (عن هشام بن عامر) بن أمية الأنصاري البخاري نزل البصرة واستشهد أبوه بأحد ولم يخرجه البخاري قال أبو قتادة : كنا نمر على هشام بن عامر نأتي عمران بن حصين [ ص 434 ] فقال ذات يوم : إنكم لتجاوزوني إلى رجال ما كانوا بأحضر لرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا أعلم بحديثه مني سمعته يقول فذكره .
[ 554 ]
7862 - (مابين لابتي المدينة) النبوية (حرام) أي لا ينفر صيدها ولا يقطع شجرها أي الذي لا يستنبته الآدمي واللوبة واللابة الحرة وهي أرض ذات أحجار سود كأنها محرقة بنار وجمعها لاب ولوب والإبل إذا اجتمعت فكانت سوداء سميت لابة من اللوبان وهي شدة الحر كما أن الحرة من الحر ، ذكره الزمخشري ، وأراد بهما هنا حرتان يكتنفان عضاهها . (ق ت عن أبي هريرة) قال الديلمي : وفي الباب أنس . 7863 - (ما بين مصراعين من مصاريع الجنة) أي شطر باب من أبوابها ففي المصباح المصراع من الباب الشطر (مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم وإنه لكظيظ) أي امتلاء وزحام وفي النهاية الكظيظ الزحام ثم إن ما تقرر في هذا الخبر يعارضه خبر أبي هريرة المتفق عليه أن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر وفي لفظ كما بين مكة وبصري وبين الخبر كما ترى بون عظيم إلا أن البعض حاول التوفيق بأن المذكور في هذا الخبر أوسع الأبواب وهو الباب الأعظم وما عداه هو المراد في خبر أبي هريرة وبأن الجنان درجات بعضها فوق بعض فأبوابها كذلك فباب الجنة العالية فوق باب الجنة التي تحتها وكلما علت الجنة اتسعت فعاليها أوسع مما دونه وسعة الباب بحسب وسع الجنة فاختلاف الأخبار لاختلاف الأبواب . - (حم) من حديث حكيم بن معاوية (عن) أبيه (معاوية بن حيدة) رمز المصنف لحسنه وفيه ما فيه فقد حكم جمع من الحفاظ بضعفه قال ابن القيم وغيره : اضطربت رواته فحماد بن سلمة ذكر عن الجريري التقدير بأربعين يوما وخالد ذكر عنه التقدير بسبع سنين وخبر أبي سعيد المرفوع في التقدير بأربعين عاما على طريقة دراج عن أبي الهيثم وقد سبق ضعفه فالصحيح المرفوع السالم عن الاضطراب والعلة حديث أبي هريرة المتفق عليه على أن حديث معاوية ليس التقدير فيه بظاهر الرفع ويحتمل أنه مدرج في الحديث أو موقوف ، إلى هنا كلامه . وبه يعرف أنه لا تعارض بينه وبين خبر أبي هريرة لما ذكروه من أن التعارض إنما يكون بين خبرين اتفقا صحة وغيرها . 7864 - (ما بين منكبي الكافر) بكسر الكاف تثنية منكب وهو مجتمع العضد والكتف (في النار) نار جهنم (مسيرة ثلاثة أيام) في رواية خمسة (للراكب المسرع) في السير ، عظم خلقه فيها ليعظم عذابه ويضاعف ألمه فتمتلئ النار منهم وفي رواية لأحمد يعظم أهل النار في النار حتى أن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام وللبيهقي مسيرة سبعين خريفا ولابن المبارك ضرس الكافر يوم القيامة أعظم من أحد ولمسلم غلظ جلده مسيرة ثلاثة أيام وللبزار كثافة جلده اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار قال البيهقي : أراد التهويل أي بلفظ الجبار ويحتمل إرادة جبار من الجبابرة . - (ق) في صفة النار (عن أبي هريرة) .
[ 555 ]
7865 - (ما تجالس قوم مجلسا فلم ينصت بعضهم لبعض إلا نزع الله من ذلك المجلس البركة) قال الغزالي : فيندب للجليس أن يصمت عند كلام صاحبه حتى يفرغ من خطابه ويترك المداخلة في كلامه ، وفيه ذم ما يفعله غوغاء الطلبة في الدروس [ ص 435 ] الآن . (ابن عساكر) في تاريخه (عن) أبي حمزة (محمد بن كعب) بن سليم (القرظي) المدني (مرسلا) هو تابعي كبير قال قتيبة : بلغني أنه ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم . 7866 - (ما تجرع عبد جرعة) التجرع شرب في عجلة (أفضل عند الله من جرعة غيظ كظمها ابتغاء وجه الله) في الأساس : كظم القربة ملأها وسد رأسها والباب سده ، ومن المجاز كظم الغيظ وعلى الغيظ قال الطيبي : يريد أنه استعارة من كظم القربة وقوله من جرعة غيظ استعارة أخرى كالترشيح لها . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب رمز المصنف لحسنه وفيه عاصم بن علي شيخ البخاري أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال يحيى : لا شئ عن أبيه علي بن عاصم ، قال النسائي : متروك وضعفه جمع ويونس بن عبيد مجهول . 7867 - (ما تحاب اثنان) لفظ رواية الحاكم رجلان (في الله تعالى إلا كان أفضلهما) أي أعظمهما قدرا وأرفعهما منزلة عند الله تعالى (أشدهما حبا لصاحبه) أي في الله تعالى لا لغرض دنيوي وتأكد المحبة من الحقوق التي يوجبها عقد الصحبة والضابط فيه أن يعامله بما يحب أن يعامل به فمن لا يحب لأخيه ما يحب لنفسه فأخوته نفاق وهو عليه في الدنيا والآخرة وبال ، ذكره الغزالي . (خد حب ك) في البر والصلة (عن أنس) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه أيضا البيهقي والطبراني وأبو يعلى والبزار قال الهيثمي كالمنذري : ورجال الأخيرين رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة ووثقه جمع على ضعف فيه . 7868 - (ما تحاب رجلان في الله تعالى إلا وضع الله لهما كرسيا) يوم القيامة في الموقف (فأجلسا عليه حتى يفرغ الله من الحساب) مكافأة لهما على تحاببهما في الله . (طب عن أبي عبيدة) بن الجراح (ومعاذ) بن جبل قال الهيثمي : فيه داود الأعمى وهو كذاب اه‍ فكان ينبغي للمصنف حذفه من الكتاب .
[ 556 ]
7869 - (ما ترفع إبل الحاج رجلا ولا تضع يدا) حال سيرها بالناس إلى الحج (إلا كتب الله تعالى) أي أمر أو قدر (له بها حسنة ومحا عنه سيئة أو رفعه بها درجة) أي إن لم يكن عليه سيئة . (هب عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه من لم أعرفه . 7870 - (ما ترك عبد الله أمرا) أي امتثالا لأمره وابتغاء لرضاه (لا يتركه إلا لله) أي لمحض الامتثال بغير مشاركة غرض من الأغراض معه (إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه - ابن عساكر) في تاريخه من حديث الزهري عن سالم (عن) أبيه عبد الله (ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا باللفظ المذكور أبو نعيم في الحلية وقال : غريب [ ص 436 ] لم نكتبه إلا من هذا الوجه قال السخاوي : لكن له شواهد لكن ذكر المصنف في الدرر أن ابن عساكر إنما خرجه عنه موقوفا عليه فإطلاقه العزو إليه المصرح بأنه مرفوع غير جيد . 7871 - (ما تركت) في رواية ما أدع (بعدي فتنة أضر) وفي رواية لمسلم هي أضر (على الرجال من النساء) لأن المرأة لا تأمر زوجها إلا بشر ولا تحثه إلا على شر وأقل فسادها أن ترغبه في الدنيا ليتهالك فيها وأي فساد أضر من هذا مع ما هنالك من مظنة الميل بالعشق وغير ذلك من فتن وبلايا ومحن يضيق عنها نطاق الحصر ، قال الحبر رضي الله عنه : لم يكفر من كفر ممن مضى إلا من قبل النساء وكفر من بقي من قبل النساء ، وأرسل بعض الخلفاء إلى الفقهاء بجوائز فقبلوها وردها الفضيل فقالت له امرأته : ترد عشرة آلاف وما عندنا قوت يومنا ؟ فقال : مثلي ومثلكم كقوم لهم بقرة يحرثون عليها فلما هرمت ذبحوها وكذا أنتم أردتم ذبحي على كبر سني موتوا جوعا قبل أن تذبحوا فضيلا ، وكان سعيد بن المسيب يقول وقد أتت عليه ثمانون سنة منها خمسون يصلي فيها الصبح بوضوء العشاء وهو قائم على قدميه يصلي : ما شئ أخوف عندي علي من النساء ، وقيل : إن إبليس لما خلقت المرأة قال : أنت نصف جندي وأنت موضع سري وأنت سهمي الذي أرمي بك فلا أخطئ أبدا ، وقال في الحديث بعدي لأن كونهن فتنة صار بعده أظهر وأشهر وأضر ، قال في المطامح : فيه أنه يحدث بعده فتن كثيرة فهو من معجزاته لأنه إخبار عن غيب وقد وقع . (حم ق ت ن ه عن أسامة) .
[ 557 ]
7872 - (ما ترون مما تكرهون فذلك ما تجزون يؤخر الخير لأهله في الآخرة) لأن من حوسب بعمله عاجلا في الدنيا خف جزاؤه عليه حتى يكفر عنه بالشوكة يشاكها حتى بالقلم يسقط من يد الكاتب فيكفر عن المؤمن بكل ما يلحقه في دنياه حتى يموت على طهارة من ذنوبه وفراغ من حسابه . (ك عن أبي أسماء الرحبي) بفتح الراء وسكون المهملة وآخره موحدة تحتية نسبة إلى الرحبة بليدة على الفرات يقال لها رحبة مالك بن طوق (مرسلا) واسمه عمرو بن مرثد الدمشقي وقيل : عبد الله ، ثقة من الطبقة الثالثة . 7873 - (ما تستقل الشمس) أي ترتفع وتتعالى يقال أقل الشئ يقل واستقله يستقله إذا رفعه وحمله (فيبقى شئ من خلق الله إلا سبح الله بحمده) أي يقول سبحان الله وبحمده (إلا ما كان من الشياطين وأغبياء بني آدم) أي قليلي الفطنة منهم جمع غبي وأغبياء ، والغبي القليل الفطنة . (ابن السني حل عن عمرو بن عبسة) وبقية بن الوليد وقد سبق وصفوان ابن عمران قال أبو حاتم : ليس بقوي . 7874 - (ما تشهد الملائكة) أي تحضر ملائكة الرحمة والبركة (من لهوكم) أي لعبكم (إلا الرهان والنضال) والرهان بالكسر كسهام تراهن القوم بأن يخرج كل واحد شيئا ويجعله رهنا ليفوز بالكل إذا غلب وذلك في المسابقة ، والنضال كسهام أيضا الرمي ، وتناضل القوم تراموا بالسهام . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب . 7875 - (ما تصدق الناس بصدقة أفضل من علم ينشر) وفي رواية بدل أفضل : مثل علم . (طب عن سمرة) بن جندب قال المنذري : ضعيف وقال الهيثمي : فيه عون بن عمارة وهو ضعيف وأقول : فيه إبراهيم بن مسلم قال الذهبي : قال ابن عدي : منكر الحديث . 7876 - (ما تغبرت) بغين فموحدة مشددة (الأقدام في شئ) أي ما علاها الغبار (أحب إلى الله من رقع) بفتح الراء المهملة وسكون القاف (صف) أي ما اغبرت القدم في سعي أحب إلى الله من
[ 558 ]
اغبرارها في السعي إلى سد الفرج الواقعة في الصف فكأنه رقعه كما يرقع الثوب المقطوع . (ص عن ابن سابط) واسمه عبد الرحمن (مرسلا) . 7877 - (ما تقرب العبد) وفي رواية العباد (إلى الله بشئ أفضل من سجود خفي) أي من صلاة نفل في بيته حيث لا يراه الناس وفي الطبراني عن جابر كان شاب يخدم الصطفى صلى الله عليه وسلم ويخف في حوائجه فقال : سلني حاجتك فقال : ادع لي بالجنة فرفع رأسه فتنفس فقال : نعم ولكن أعني على نفسك بكثرة السجود ، قال العراقي : وليس المراد هنا السجود المنفصل عن الصلاة كالتلاوة والشكر فإنه إنما يشرع لعارض وإنما المراد سجود الصلاة ، وهذا يفيد أن عمل السر أفضل من عمل العلانية ومن ثم فضل قوم طريق الملامتية على غيرها من طرق التصوف وهو تعمير الباطن فيما بين العبد وبين الله قال في العوارف : الملامتية قوم صالحون يعمرون الباطن ولا يظهرون في الظاهر خيرا ولا شرا ، ويقال لهم النخشبندية ومن أصلح سريرته أصلح الله علانيته قال الفاكهي : ومن تعمير الباطن اشتغاله بالذكر سرا سيما في المجامع وبه يرقى إلى مقام الجمع وفي لزوم كلمة الشهادة تأثير في نفي الأغيار وتزكية الأسرار وفي كلمة الجلالة عروج إلى مراتب الجلالة ومن لازم ذلك صار من أهل الغيب والشهادة وآل أمره إلى أن تصير كل جارحة منه تذكر الله يقظة ومناما ، قال العارف المرسي : من أراد الظهور فهو عبد الظهور ومن أراد الخفاء فهو عبد الخفاء وعبد الله سواء عليه أظهره أم أخفاه وقيل : لا يكون العبد مخلصا حتى يحذر من اطلاع الخلق على طاعته كما يخاف أن يطلعوا على معصيته إلى أن يتحقق بحقيقة الإخلاص لمولاه ويقهر نفسه بمجاهدة هواه . - (ابن المبارك) في الزهد من رواية أبي بكر بن أبي مريم (عن ضمرة بن حبيب) بن صهيب (مرسلا) قال الحافظ الزين العراقي : وأبو بكر بن أبي مريم ضعيف وقد وهم الديلمي في مسند الفردوس في جعل هذا من حديث صهيب وإنما هو ضمرة بن حبيب بن صهيب وهو وهم فاحش قال : وقد رواه ابن المبارك في الزهد والرقائق عن ابن أبي مريم عن ضمرة مرسلا وهو الصواب اه‍ وقال في موضع آخر : هذا حديث لا يصح . 7878 - (ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة) زاد الطبراني في الدعاء من حديث عبادة فحوزوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وادفعوا طوارق البلايا بالدعاء فإن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل ، ما نزل يكشفه وما لم ينزل يحبسه . - (طس عن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه عمرو بن هارون وهو ضعيف . 7879 - (ما تواد) بالتشديد (اثنان في الله فيفرق بينهما إلا بذنب يحدث أحدهما) فيكون التفريق عقوبة لذلك الذنب ولهذا [ ص 438 ] قال موسى الكاظم : إذا تغير صاحبك عليك فاعلم أن ذلك من ذنب أحدثته
[ 559 ]
فتب إلى الله من كل ذنب يستقيم لك وده وقال المزني : إذا وجدت من إخوانك جفاء فتب إلى الله فإنك أحدثت ذنبا وإذا وجدت منهم زيادة ود فذلك لطاعة أحدثتها فاشكر الله تعالى . - (خد عن أنس) رمز لحسنه ورواه أحمد أيضا باللفظ المذكور قال الهيثمي : وسنده جيد ورواه من طريق آخر بزيادة فقال : ما تواد رجلان في الله تبارك وتعالى فيفرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما والمحدث شر قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير علي بن يزيد وقد وثق وفيه ضعف . 7880 - (ما توطن) بمثناة فوقية أوله قال مغلطاي : وفي رواية ابن أبي شيبة ما يوطي بمثناة تحتية أوله وبآخره (رجل مسلم المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله له) أي فرح به وأقبل عليه بمعنى أنه يتلقاه ببره وإكرامه وإنعامه (من حين يخرج من بيته) يعني من محله كمبيت أو خلوة أو نحوهما (كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم) قال الزمخشري : التتبشبش بالإنسان المسرة به والإقبال عليه وهو من معنى البشاشة لا من لفظها عند صحبنا البصريين وهذا مثل لارتضاء الله فعله ووقوعه الموقع الجميل عنده ويخرج في محل جر بإضافة حين إليه والأوقات تضاف للجمل ومن لابتداء الغاية والمعنى أن التبشبش يبتدئ من وقت خروجه من بيته إلى أن يدخل المسجد فترك ذكر الانتهاء لأنه مفهوم ونظيره شمت البرق من خلل السحاب ولا يجوز فتح حين كما في قوله : على حين عاتبت المشيب على الصبا لأنه مضاف لمعرب وذاك إلى مبني اه‍ . (ه ك عن أبي هريرة) قال الحاكم : صحيح على شرطهما وصححه الأشبيلي وغيره أيضا . 7881 - (ما ثقل ميزان عبد كدابة تنفق له في سبيل الله) أي تموت (أو يحمل عليها في سبيل الله) قال الحليمي : هذا على إلحاق الشئ المفضل بالأعمال الفاضلة وعلى أنه أفضل من ذا لا من كل شئ ومعلوم أن الصلاة أعلى منه . - (طب عن معاذ) ابن جبل وفيه سعيد بن سليمان وفيه ضعف وعبد الحميد بن بهرام قال الذهبي : وثقه ابن معين وقال أبو حاتم : لا يحتج به وشهر بن حوشب قال ابن عدي : لا يحتج به . 7882 - (ما جاءني جبريل إلا أمرني بهاتين الدعوتين) أي أن أدعو الله بهما وهما (اللهم ارزقني طيبا واستعملني صالحا) لأن ذلك عيش أهل الجنان رزقهم طيب وأعمالهم صالحة لا فساد فيها
[ 560 ]
فالرزق الطيب هو الحلال مع القبول منه فإذا استعمله فقد فاز فإن العباد منهم من وضع العمل بين يديه فقيل له اعمل هذا ودع هذا ومنهم من جاوز هذه الخطة فطهر قلبه وأركانه فاستعمله ربه في الشريعة مصلحا لها قائما عليها لما علم أن صلاحه في ذلك ، والأول بين له الشريعة ثم قال له : سر فيها مستقيما وخذ الحق وتجنب الباطل فكثيرا ما يقع في التخليط بخلاف الثاني . - (الحكيم) الترمذي (عن حنظلة) حنظلة في الصحب والتابعين كثير فكان ينبغي تمييزه . 7883 - (ما جاءني جبريل قط إلا أمرني بالسواك) أمر ندب (حتى لقد خشيت أن أحفى مقدم فمي) هذا خرج مخرج الزجر عن تركه والتهاون به ، قال ابن القيم : ينبغي القصد في استعماله فإن المبالغة ربما تذهب طلاوة الأسنان وصفاءها وتركه [ ص 439 ] يعدها لقبول الأبخرة المتصاعدة من المعدة والأوساخ . - (حم طب عن أبي أمامة) رمز المصنف لصحته . 7884 - (ما جلس قوم يذكرون الله تعالى إلا ناداهم مناد من السماء قوموا مغفورا لكم) أي إذا انتهى المجلس وقمتم قمتم والحال أنكم مغفورا لكم أي الصغائر وليس المراد الأمر بترك الذكر والقيام . (حم والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك . 7885 - (ما جلس قوم يذكرون الله تعلى فيقومون حتى يقال لهم قوموا قد غفر الله لكم ذنوبكم وبدلت سيئاتكم حسنات) أي إذا كان مع ذلك توبة صحيحة . - (طب والضياء) المقدسي (عن سهل بن حنظلة) قال الهيثمي : فيه المتوكل بن عبد الرحمن والد محمد السري ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 7886 - (ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا) فيه (على نبيهم إلا كان عليهم ترة) بمثناة فوقية وراء مهملة مفتوحتين أي تبعة كذا ضبطه بعضهم ، وقال في الرياض : بكسر المثناة فوق وهي النقص وقيل التبعة (فإن شاء عذبهم) بذنوبهم (وإن شاء غفر لهم) فيتأكد ذكر الله والصلاة على رسوله عند إرادة القيام من المجلس وتحصل السنة في الذكر والصلاة بأي لفظ كان لكن الأكمل في الذكر سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وفي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
[ 561 ]
ما في آخر التشهد . (ت عن أبي هريرة وأبي سعيد) الخدري قال الترمذي : حسن اه‍ . وفيه صالح مولى التوءمة وسبق الكلام فيه . 7887 - (ما جمشئ إلى شئ أفضل) في رواية أحسن (من علم إلى حلم) قالوا : وذا من جوامع الكلم . - (طس عن علي) أمير المؤمنين قال الهيثمي : هو من رواية حفص بن بشر عن حسن بن الحسين بن يزيد العلوي عن أبيه ولم أر أحدا ذكر أحدا منهم ورواه العسكري في الأمثال وزاد وأفضل الإيمان التحبب إلى الناس . 7888 - (ما حاك) أي ما تردد من حاك يحيك إذا تردد (في صدرك) يعني قلبك الذي في صدرك (فدعه) أي اتركه لأن نفس المؤمن يعني الكامل ترتاب من الإثم والكذب فتردده في شئ أمارة كونه حراما قال جمع : وذا من جوامع الكلم . - (طب عن أبي أمامة) قال : قال رجل : ما الإثم ؟ فذكره ، رمز المصنف لحسنه وهو قصور أو تقصير فقد قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 7889 - (ما حبست الشمس على بشر قط إلا على يوشع) يقال بالشين وبالسين (ابن نون) مجرور بالإضافة منصرف على [ ص 440 ] الأفصح وإن كان أعجميا لسكون وسطه كنوح ولوط (ليالي سار إلى بيت المقدس) قيل : في هذا الحبس إنها رجعت على أبراجها وقيل : وقفت فلم ترد وقيل : هو بطوء حركتها قال بعض شراح مسلم : والشمس أحد الكواكب السيارة وحركتها مترتبة على حركة الفلك بها فحبسها المذكور على التفاسير المذكورة إنما هو لحبس الفلك لا لحبسها في نفسها ، ثم إن هذا لا يعارضه خبر رد الشمس على علي لأن هذا في خبر صحيح وخبر علي قال ابن الجوزي : موضوع لاضطراب رواته لكن انتصر المصنف لتصحيحه وعمدته نقله عن عياض في الشفاء وقد أقاموا عليه القيامة وذكر عظماء شراحه أنه غير صحيح نقلا ومعنى وتعجبوا منه مع جلالة قدره في سكوته عليه وابن تيمية له تآليف في الرد على الرافضة ذكر فيه الخبر بطرقه ورجاله وحكم بوضعه وعلى التنزل وفرض صحة الخبرين فلا معارضة لأن خبر يوشع في حبسها قبل الغروب وخبر علي في ردها بعده أو أن إخباره بأنها لم تحبس إلا ليوشع قبل ردها على علي ، ثم رأيت الحافظ قد أوضح تقرير هذه القصة فقال : أخرج الخطيب في كتاب ذم النجوم عن علي كرم الله وجه قال : سأل قوم يوشع أن يطلعهم على بدء الخلق وآجالهم فأراهم ذلك في ماء من غمامة أمطرها الله عليهم فكان أحدهم يعلم متى يموت فبقوا على ذلك إلى أن قاتلهم داود على الكفر فأخرجوا إلى داود من لم يحضر أجله فكان يقتل من أصحاب داود ولا يقتل منهم فشكى إلى الله ودعاه فحبست عليهم الشمس فزيد في النهار فاختلطت الزيادة بالليل والنهار فاختلط عليهم حسابهم اه‍ . قال ابن حجر : إسناده ضعيف جدا وحديث أحمد الآتي رجاله محتج بهم في الصحيح فالمعتمد أنها لم
[ 562 ]
تحبس إلا ليوشع وقد اشتهر حبس الشمس ليوشع حتى قال أبو تمام : فوالله لا أدري أأحلام نائم * ألمت بنا أم كان في الركب يوشع ولا يعارضه ما في السير أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما أخبر قريشا بالإسراء أنه رأى عيرهم تقدم مع شروق الشمس فدعا الله فحبست حتى قدمت وهذا منقطع لكن في الأوسط للطبراني عن جابر أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أمر الشمس فتأخرت ساعة من نهار وسنده حسن ويجمع بأن الحصر على الماضي للأنبياء قبل نبينا وليس فيه أنها لا تحبس بعده ، وفي الكبير للطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل عن أسماء بنت عميس أن المصطفى صلى الله عليه وسلم دعى لما نام على ركبة علي ففاتته العصر فردت حتى صلى علي ثم غربت وهذا أبلغ في المعجزة ، وأخطأ ابن الجوزي في إيراده في الموضوع وجاء أيضا أنها حبست لموسى لما حبس تابوت يوسف ففي المبتدأ عن عروة أنه تعالى أمر موسى أن يأمر بني إسرائيل أن تحمل تابوت يوسف فلم يدل عليه حتى كاد الفجر يطلع وكان وعدهم بالسير عند طلوع الفجر فدعا ربه أن يؤخر الفجر حتى يفرغ ففعل ، وتأخير طلوع الفجر يستلزم تأخير طلوع الشمس لأنه ناشئ عنها ، فلا يقال الحصر إنما وقع في حق يوشع بطلوع الشمس فلا يمنع حبس الفجر لغيره ، وجاء أيضا في خبر أنها حبست لسليمان بن داود لكنه غير ثابت اه‍ . ملخصا . - (خط عن أبي هريرة) وظاهر اقتصار المؤلف على عزوه للخطيب أنه لا يعرف لأشهر منه ولا أحق بالعزو أنه ليس ثم ما هو أمثل سندا منه وإلا لما عدل إليه واقتصر عليه وهو عجب فقد قال الحافظ ابن حجر : ورد من طرق صحيحة خرجها أحمد من طريق هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الشمس لا تحبس لبشر إلا ليوشع بن نون ليالي سار إلى بيت المقدس اه‍ . 7890 - (ما حسدتكم اليهود على شئ ما حسدتكم على السلام) الذي هو تحية أهل الجنة (والتأمين) قالوا لم تكن آمين قبلنا إلا لموسى وهارون ذكره الحكيم في نوادره . تنبيه : دل هذا الخبر على أن السلام من خصوصيات هذه الأمة لكن تقدم في خلق آدم أن الله جعله تحية لآدم ولذريته ذكره الحافظ ابن حجر . - (خد ه عن عائشة) اقتصر المصنف على رمزه لحسنه وهو تقصير بل هو صحيح فقد صححه جمع منهم مغلطاي فقال في شرح ابن ماجه : إسناده صحيح على رسم مسلم ولما عزاه ابن حجر إلى الأدب المفرد قال ابن خزيمة : صححه وأقره فعلم أنه صحيح من طريقه . 7891 - (ما حسدتكم اليهود على شئ ما حسدتكم على آمين) أي قولكم في الصلاة وعقب الدعاء آمين (فأكثروا من قول آمين) . - (ه عن ابن عباس) قال مغلطاي في شرحه : إسناده ضعيف لضعف رواية طلحة بن عمر الحضرمي المكي قال البخاري : ليس بشئ وقال أبو داود : ضعيف والنسائي : ليس بثقة متروك الحديث وابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه والجوزجاني : غير مرضي وأحمد وابن معين : لا
[ 563 ]
شئ وابن حبان : لا يحل كتب حديثه ولا الرواية عنه إلا للتعجب اه‍ . وقال الحافظ العراقي في أماليه : حديث ضعيف جدالكن صح ذلك بزيادة من حديث عائشة بلفظ أنهم لا يحسدوننا على شئ كما حسدونا على الجمعة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلو عنها وعلى قولنا خلف الإمام آمين ، قال أعني العراقي : هذا حديث صحيح قال : وأخرجه ابن ماجه مختصرا عن عائشة بلفظ ما حسدتكم اليهود على شئ ما حسدتكم على السلام والتأمين قال العراقي : ورجاله رجال الصحيح اه‍ . وبه يعرف أن المصنف لم يصب في إيثاره الطرق الواهية وضربه صفحا عن الصحيحة مع اتحاد المخرج . 7892 - (ما حسن الله خلق رجل) بفتح الخاء وسكون اللام وفي رواية ما حسن الله خلق عبد (ولا خلقه) بضمهما (فتطعمه) وفي رواية فأطعم لحمه (النار) قال الطيبي : استعار الطعم للإحراق مبالغة كأن الإنسان طعامها تتغذى به وتتقوى به نحو قوله تعالى * (وقودها الناس والحجارة) * (البقرة : 24 ، التحريم 6) أي الناس كالوقود والحطب الذي سيشتعل به النار (أبدا) ظرف وضعه للمستقبل ويستعمل للماضي مجازا وفيه مبالغة وهذا الحديث ورد من عدة طرق ففي بعضها ما حسن الله خلق عبد وخلقه وأطعم لحمه النار رواه ابن عدي عن ابن عمر وفي بعضها ما حسن الله وجه امرء مسلم فيريد عذابه رواه الشيرازي في الألقاب عن عائشة وفي بعضها ما حسن الله خلق عبد وخلقه إلا استحيا أن تطعم النار لحمه ورواه الخطيب عن الحسن بن علي وطرقه كلها مضعفة لكن تقوى بتعددها وتكثرها . (طس) وكذا ابن عدي والطبراني في مكارم الأخلاق (هب) كلهم من طريق هشام بن عمار عن عبد الله بن يزيد البكري عن أبي غسان محمد بن مطرف المسمعي عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه يزيد البكري وهو ضعيف وداود بن فراهيج نقل الذهبي في الميزان عن قوم تضعيفه وقال ابن عدي : لا أرى بمقدار ما يرويه بأسا وله حديث فيه نكرة ثم ساق له هذا الخبر وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وتعقبه المؤلف بأن له طريقا آخر قال السلفي : قرأت على أبي الفتح الفزنوي وهو متكئ قال : قرأت على علي بن محمد وهو متكئ قرأت على حمزة بن يوسف وهو متكئ قرأت على أبي الحسن ابن الحجاج الطبراني وهو متكئ قرأت على أبي العلاء الكوفي وهو متكئ قرأت على عاصم بن علي وهو متكئ قرأت على الليث بن سعد وهو متكئ قرأت على بكر بن الفرات وهو متكئ قرأت على أنس بن مالك وهو متكئ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما حسن الله خلق رجل ولا خلقه فتطعمه النار ، حديث غريب التسلسل ورجاله ثقات . 7893 - (ما) أي ليس (حق امرء) رجل (مسلم) أي ليس الحزم والاحتياط لشخص أو ما المعروف في الأخلاق الحسنة إلا ما يأتي ، والمسلم غالبي فلذمي كذلك (له شئ) أي من مال أو دين أو
[ 564 ]
حق أو أمانة وعند البيهقي له مال بدل شئ حال كونه (يريد أن يوصى فيه يبيت) أي أن يبيت على حد * (ومن آياته يريكم البرق) * وما نافية بمعنى ليس [ ص 442 ] وحق اسمها ويوصي فيه صفة لشئ والجملة صفة ثانية لامرئ ويبت ليلتين صفة ثالثة والمستثنى خبر ومفعول ببيت محذوف تقديره يبيت ذاكرا أو نحوه (ليلتين) يعني لا ينبغي أن يمضي عليه زمن وإن قل ، قال الطيبي : فذكر الليلتين تسامح ، الأصل يمضي عليه ليلة يعني سامحناه في هذا القدر فلا يتجاوزه للأكثر ، وهل الليلة من لدن وجب الحق أو من إرادة الوصية ؟ احتمالان (إلا ووصيته) الواو للحال (مكتوبة عنده) مشهود بها إذ الغالب في كتابتها الشهود ولأن أكثر الناس لا يحسن الكتابة فلا دلالة فيه على اعتماد الخط وعلتها على الإرادة إشارة إلى أن الأمر للندب ، نعم تجب على من عليه حق لله أو لآدمي بلا شهود إذ قد يفجأه الموت وهو على غير وصية . (تنبيه) ما تقرر من أن يبيت على حذف أن كقوله * (ومن آياته يريكم البرق) * (الروم : 24) هو ما جرى عليه في المصابيح وتبعه في الفتح حيث قال : أن يبيت ارتفع بعد حذف أن كقوله * (ومن آياته يريكم البرق) * لكن تعقبه العيني بأنه قياس فاسد يغير المعنى لأنه إنما قدر في أن * (يريكم البرق) * لأنه في محل الإبتداء لأن قوله من آياته في موضع الخبر والفعل لا يقع مبتدأ فتقدر أن فيه ليكون معنى المصدر . (مالك حم ق 4) في الوصية (عن ابن عمر) بن الخطاب . 7894 - (ما حلف بالطلاق مؤمن) أي كامل الإيمان (ولا استحلف به إلا منافق) أي مظهر خلاف ما يكتم . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك قال ابن عدي : منكر جدا وأقره عليه في الأصل ، وأما خبر الطلاق يمين الفساق فوقع في كتب بعض المالكية وغيرهم ، قال السخاوي : ولم أجده . 7895 - (ما خاب من استخار) الله تعالى ، والاستخارة طلب الخيرة في الأمور منه تعالى وحقيقتها تفويض الاختيار إليه سبحانه فإنه الأعلم بخيرها للعبد والقادر على ما هو خير لمستخيره إذا دعاه أن يخير له فلا يخيب أمله والخائب من لم يظفر بمطلوبه ، وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يقول خر لي واختر لي " . قال ابن أبي جمرة : وهذا الحديث عام أريد به الخصوص فإن الواجب والمستحب لا يستخار في فعلهما والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما فانحصر الأمر في المباح أو في المستحب إذا تعارض فيه أمران أيهما يبدأ به أو يقتصر عليه اه‍ . قال ابن حجر : وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير وفيما كان منه موسعا وشمل العموم العظيم والحقير فرب حقير يترتب عليه أمر عظيم (ولا ندم من استشار) أي أدار الكلام مع من له تبصرة ونصيحة ، قال الحرالي : والمشورة أن يستخلص من حلاوة الرأي وخالصه من خبايا الصدور كما يشور العسل جانيه وفي بعض الآثار نقحوا عقولكم بالمذاكرة واستعينوا على أموركم بالمشاورة وقال الحكماء : من كمال عقلك استظهارك على عقلك وقالوا : إذا أشكلت عليك الأمور وتغير لك الجمهور فارجع إلى رأي العقلاء وافزع إلى استشارة
[ 565 ]
الفضلاء ولا تأنف من الاسترشاد ولا تستنكف من الاستمداد وقال بعض العارفين : الاستشارة بمنزلة تنبيه النائم أو الغافل فإنه يكون جازما بشئ يعتقد أنه صواب وهو بخلافه ، وقال بعضهم : إذا عز أمر فاستشر فيه صاحبا * وإن كنت ذا رأي تشير على الصحب فإني رأيت العين تجهل نفسها * وتدرك ما قد حل في موضع الشهب وقال الأرجاني : شاور سواك إذا نابتك نائبة * يوما وإن كنت من أهل المشورات فالعين تلقى كفاحا من نأى ودنى * ولا ترى نفسها إلا بمرآة تنبيه : قال بعضهم : لا يستشار المحب لغلبة هوى محبوبه عليه ولا المرأة ولا المتجرد عن الدنيا في شئ من أمورها لعدم [ ص 443 ] معرفته بذلك ولا المنهمك على حب الدنيا لأن استيلائها عليه يظلم قلبه فيفسد رأيه ولا البخيل ولا المعجب برأيه . فائدة : أخرج الشافعي عن أبي هريرة ما رأيت أحدا أكثر مشاورة لأصحابه من المصطفى صلى الله عليه وسلم وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس وابن عباس لما نزل * (وشاورهم في الأمر) * قال المصطفى صلى الله عليه وسلم : أما أن الله ورسوله يغنيان عنها لكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ومن تركها لم يعدم غيا ، قال ابن حجر : غريب (ولا عال من اقتصد) أي استعمل القصد في النفقة على عياله ، وذا معدود من جوامع الكلم . - (طس) من حديث الحسن (عن أنس) بن مالك قال الطبراني : لم يروه عن الحسن إلا عبد القدوس بن حبيب تفرد به ولده قال ابن حجر في التخريج : وعبد القدوس ضعيف جدا اه‍ . وقال في الفتح : أخرجه الطبراني في الصغير بسند واه جدا ، هذه عبارته ، وقال الهيثمي : رواه في الأوسط والصغير من طريق عبد السلام بن عبد القدوس وكلاهما ضعيف جدا . 7896 - (ما خالط قلب امرئ رهج) أي غبار قتال (في سبيل إلا حرم الله عليه النار) أي نار الخلود في جهنم وفي خبر آخر من دخل جوفه الرهج لم يدخل النار . (حم عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال أو أعلى فقد قال الهيثمي : رجاله ثقات . 7897 - (ما خالطت الصدقة) أي الزكاة (مالا إلا أهلكته) أي محقته واستأصلته لأن الزكاة حصن له أو أخرجته عن كونه منتفعا به لأن الحرام غير منتفع به شرعا ، وإليه أشار بقوله في خبر فيهلك الحرام الحلال ذكره الطيبي . ثم رأيت ابن الأثير قال : قال الشافعي : يريد أن خيانة الصدقة تتلف المال المخلوط بها وقيل : هو تحذير للعمال عن الخيانة في شئ منها وقيل : هو حث على تعجيل أداء الزكاة قبل أن تختلط بماله اه‍ . (عد هق) من حديث محمد بن عثمان بن صفوان عن هشام عن أبيه (عن
[ 566 ]
عائشة) قال البيهقي : تفرد به محمد قال الذهبي في المهذب : ضعيف وفي الميزان : عن أبي حاتم منكر الحديث ثم عد من مناكيره هذا الخبر . 7898 - (ما خرج رجل من بيته يطلب علما إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة) أي يفتح عليه عملا صالحا يوصله إليها والمراد العلم الشرعي النافع . - (طس عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد ضعفه الهيثمي بأن فيه هشام بن عيسى وهو مجهول وحديثه منكر . 7899 - (ما خففت عن خادمك من عمله فهو أجر لك في موازينك يوم القيامة) ولهذا كان عمر بن الخطاب يذهب إلى العوالي كل سبت فإذا وجد عبدا في عمل لا يطيقه وضع عنه منه . - (ع حب هب عن عمرو بن حويرث) قال الهيثمي : وعمرو هذا قال ابن معين : لم ير النبي صلى الله عليه وسلم فإن كان كذلك فالحديث مرسل ورجاله رجال الصحيح إلا عمرو . 7900 - (ما خلف عبد) أي إنسان (على أهله) أي عياله وأولاده عند سفره لغزو أو حج أو غيرهما (أفضل من ركعتين يركعهما عندهم حين يريد سفرا) أي حين يتأهب للخروج فيسن له عند إرادته الخروج للسفر أن يصلي ركعتين قال [ ص 444 ] في الأذكار : قال بعض أصحابنا : ويستحب أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة الكافرون وفي الثانية الإخلاص وقال بعضهم : يقرأ في الأولى الفلق وفي الثانية الناس ثم إذا سلم قرأ سورة الكرسي ولإيلاف قريش . (ش عن المطعم) بضم الميم وسكون الطاء وكسر العين المهملتين (ابن المقداد) الكلاعي الصغاني تابعي كبير قال ابن معين : ثقة وفيه محمد بن عثمان بن أبي شيبة أورده الذهبي في الضعفاء . 7901 - (ما خلق الله في الأرض شيئا أقل من العقل وإن العقل في الأرض أقل) وفي رواية أعز (من الكبريت الأحمر) والعقل أشرف صفات الإنسان ، إذ به قبل أمانة الله وبه يصل إلى جواره ، قال القاضي : والعقل في الأصل الحبس سمي به الإدراك الإنساني لأنه يحبسه عما يقبح ويعقله على ما يحسن ثم القوة التي بها النفس تدرك هذا الإدراك ، وقال بعض العارفين : العقل عقال عقل الله به الخلق لتقام
[ 567 ]
أوامره على نحو ما أراد فلو حلهم منه لانخرم نظام العالم وتعطلت الأسباب . (الروياني وابن عساكر عن معاذ) بن جبل . 7902 - (ما خلق الله من شئ إلا وقد خلق له ما يغلبه وخلق رحمته تغلب غضبه) أي غلبت آثار رحمته على آثار غضبه والمراد من الغضب لازمه وهو إرادة إيصال العذاب إلى من يقع عليه الغضب . (البزار) في مسنده (ك) في التوبة وكذا ابن عساكر (عن أبي سعيد) الخدري قال الحاكم : صحيح فشنع عليه الذهبي وقال : بل هو منكر وقال الهيثمي في سند البزار : فيه من لا أعرفه وعزاه الحافظ العراقي لأبي الشيخ في الثواب ثم قال : وفيه عبد الرحيم بن كردم جهله أبو حاتم وقال في الميزان : ليس بواه ولا مجهول . 7903 - (ما خلا يهودي قط بمسلم إلا حدث نفسه بقتله) يحتمل إرادة يهود زمنه ويحتمل العموم قال الحرالي : فيه إعلام بتمادي تسلطهم على أهل الخير من الملوك والرؤساء فكان في طيه الأخذ لما استعملوا فيه من علم الطب ومخالطتهم رؤساء الناس بالطب الذي توسل كثير منهم إلى قتله به عمدا أو خطأ ليجري ذلك على أيديهم خفية في هذه الأمة نظير ما جرى على أيدي أسلافهم في قتل الأنبياء جهرة * (ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس) * . (خط) في ترجمة خالد بن يزيد الأزدي (عن أبي هريرة) ثم قال أعني الخطيب : هذا غريب جدا فحذف المصنف له من كلامه غير صواب وعدل المصنف عن عزوه لابن حبان مع كونه رواه ، لأنه من طريق الخطيب أجود ، إذ فيه عند ابن حبان يحيى بن عبيد الله بن موهب التيمي قال ابن حبان : يروي عن أبيه ما لا أصل له فسقط الاحتجاج به . 7904 - (ما خيب الله عبدا قام في جوف الليل فافتتح سورة البقرة وآل عمران) أي قرأهما من أولهما إلى آخرهما في تهجده أو خارجه (ونعم كنز المرء البقرة وآل عمران) . - (طس) عن ابن مسعود قال الهيثمي : فيه ليث بن أبي سليم وفيه كلام كثير وهو ثقة مدلس (حل عن ابن مسعود) ثم قال : غريب من حديث الفضيل وليث بن أبي سليم تفرد به بشر بن يحيى المروزي . 7905 - (ما خير عمار) بن ياسر أحد السابقين الأولين (بين أمرين إلا اختار أرشدهما) وفي رواية أسدهما لأنه من القوم الذي يستمعون الحديث فيتبعون أحسنه والمراد أنه كان نقادا في الدين يميز
[ 568 ]
بين الحسن والأحسن والفاضل والأفضل فإذا عرض عليه مباح ومندوب اختار المندوب فهو حريص على ما هو الأقرب عند الله وأكثر ثوابا ، ويؤخذ منه أن على الإنسان تحري أعدل المذاهب واختيار أثبتها على السبك وأقواها عند السبر وأبينها دليلا وأمارة وأن لا يكون في مذهبه كما قيل : ولا تكن مثل عير قيد فانقادا ، يريد المقلد ، ذكره الزمخشري . (تنبيه) قال ابن حجر : كونه يختار أسد الأمرين دائما يقتضي أنه قد أجير من الشيطان الذي من شأنه الأمر بالبغي وبذلك ورد حديث البخاري . - (ت ك عن عائشة) ورواه عنها أيضا ابن منيع والديلمي ورواه أحمد عن ابن مسعود وكان ينبغي للمؤلف عزوه إليه أيضا . 7906 - (ماذا في الأمرين) بالتشديد بضبط المصنف (الصبر) هو الدواء المعروف (والثغاء) قال الزمخشري : هو الحرف سمي به لما يتبع مذاقه من لذع اللسان لحدته من قولهم ثغاه يثغوه ويثغيه إذا اتبعه وتسميته حرفا لحرافته ومنه بصل حريف وهمزة الثغاء منقلبة عن واو أو ياء على مقتضى اللغتين ، إلى هنا كلامه ، قال أبو حنيفة : الحرف تسميه العامة حب الرشاد وفي النهاية الثغاء الخردل وإنما قال الأمرين والمراد أحدهما لأنه جعل الحرافة والحدة التي في الخردل بمنزلة المرارة وقد يغلبون أحد القرينتين على الأخرى فيذكرونهما بلفظ واحد . - (د في مراسيله هق عن قيس بن رافع الأشجعي) قال الذهبي في الصحابة : له حديث لكنه مرسل وفي التقريب : مجهول من الثالثة ، ووهم من ذكره في الصحابة . 7907 - (ما ذكر لي رجل من العرب إلا رأيته دون ما ذكر لي إلا ما كان من زيد فإنه لم يبلغ) بضم التحتية أوله بضبط المصنف (كل ما فيه) هو زيد بن مهلهل الطائي ثم البنهاني المعروف بزيد الخيل وفد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فسماه زيد الخير وكان من فرسان العرب . أخرج ابن عساكر أنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد طئ فأسلم ثم تكلم فقال له عمر : ما أظن أن في طئ أفضل منك قال : بلى والله إن فينا لحاتم القاري الأضياف الطويل العفاف ، قال : فما تركت لمن بقي خيرا قال : إن منا لمقروم بن حومة الشجاع صبرا النافذ فينا أمرا ، وذكر الحديث . (ابن سعد) في طبقاته (عن عمير الطائي) لم أره في الصحابة . 7908 - (ما) بمعنى ليس (ذئبان) اسمها (جائعان) صفة له وفي رواية عاديان والعادي الظالم
[ 569 ]
المتجاوز للحد (أرسلا في غنم) الجملة في محل رفع صفة (بأفسد) خبر ما والباء زائدة أي أشد فسادا والضمير في (لها) للغنم واعتبر فيه الجنسية فلذا أنث وقوله (من حرص المرء) هو المفضل عليه لا اسم التفضيل (على المال) متعلق بحرص (الشرف) عطف على المال والمراد به الجاه والمنصب (لدينه) اللام فيه للبيان ، نحوها في قوله * (لمن أراد أن يتم الرضاعة) * فكأنه قيل هنا بأفسد لأي شئ ؟ قيل لدينه ، ذكره الطيبي ، فمقصود الحديث أن الحرص على المال والشرف أكثر إفسادا [ ص 446 ] للدين من إفساد الذئبين للغنم لأن ذلك الأشر والبطر يستفز صاحبه ويأخذ به إلى ما يضره وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الأرض والفساد المذمومين شرعا ، قال الحكيم : وضع الله الحرص في هذه الأمة ثم زمه في المؤمنين بزمام التوحيد واليقين وقطع علائق الحرص بنور السبحات فمن كان حظه من نور اليقين ونور السبحات أوفر كان وثاق حرصه أوثق والحرص يحتاجه الآدمي لكن بقدر معلوم وإذا لم يكن لحرصه وثاق وهبت رياحه استفزت النفس فتعدى القدر المحتاج إليه فأفسد وعرف بعضهم الحرص بأنه مدد القوة الموضوعة في الآدمي ومثيرها وعمادها . - (حم ت) في الزهد وكذا أبو يعلى (عن كعب بن مالك) قال الترمذي : صحيح قال المنذري : إسناده جيد وقال الهيثمي : رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن زنجويه وعبد الله بن محمد بن عقيل وقد وثقا ورواه الطبراني والضياء في المختارة من حديث عاصمم بن عدي عن أبيه عن جده قال : اشتريت أنا وأخي مائة سهم من خبير فبلغ ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : ما ذئبان عاديان أصابا غنما أضاعها ربها بأفسد لها من حب المرء المال والشرف لدينه ، وفي الباب أبو سعيد الخدري وفيه كذاب فليحرر . 7909 - (ما رأيت مثل النار) قال الطيبي : مثل هنا كما في قولك مثلك لا يبخل (نام هاربها) حال إن لم يكن رأيت من أفعال القلوب وإلا فنام هاربها مفعول ثان له (ولا مثل الجنة نام طالبها) يعني النار شديدة والخائفون منها نائمون غافلون وليس هذا طريق الهارب بل طريقه أن يهرول من المعاصي إلى الطاعات ، وفيه معنى التعجب أي ما أعجب حال النار الموصوفة بشدة الأهوال وحال الهارب منها مع نومه وشدة غفلته والاسترسال في سكرته ، وما أعجب حال الجنة الموصوفة بهذه الصفات وحال طالبها الغافل عنها . - (ت) في صفة جهنم (عن أبي هريرة) وضعفه المنذري وذلك لأن فيه يحيى بن عبيد الله عن أبيه يحيى بن موهب قال في المنار : والأب مجهول منكر الحديث تركوه لأجل ذلك ، وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح ويحيى قال ابن معين : لا يكتب حديثه وقال أحمد : أحاديثه منكرة (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : إسناد الطبراني هذا حسن . 7910 - (ما رأيت منظرا) أي منظورا (قط) بشد الطاء وتخفيفا ظرف للماضي المنفي ويقال فيه
[ 570 ]
قط بضمتين وأما قط بمعنى حسب فبفتح فسكون (إلا والقبر أفظع) أي أقبح وأشنع (منه) بالنصب صفة لمنظر وقال الطيبي : الواو للحال والاستثناء مفرغ أي ما رأيت منظرا وهو ذو هول وفظاعة إلا والقبر أفظع منه وعبر بالمنظر عن الموضع مبالغة فإنه إذا نفى الشئ مع لازمه ينتفي الشئ بالطريق البرهاني وإنما كان فظيعا لأنه بيت الدود والوحدة والغربة ولهذا كان يزيد الرقاشي إذا مر بقبر صرخ صراخ الثور ، وعن ابن السماك أن الميت إذا عذب في قبره نادته الموتى أيها المتخلف بعد إخوانه وجيرانه أما كان لك فينا معتبر أما كان لك في تقدمنا إياك فكرة أما رأيت انقطاع أعمالنا وأنت في مهلة أما أما ؟ وفي العاقبة لعبد الحق عن أبي الحجاج مرفوعا يقول القبر للميت إذا وضع : ويحك ابن آدم ما غرك بي ألم تعلم أني بيت الفتنة وبيت الدود ؟ ثم فظاعته إنما هي بالنسبة للعصاة والمخلطين لا للسعداء كما يشير إليه خبر البيهقي وابن أبي الدنيا عن ابن عمر مرفوعا القبر حفرة من حفر جهنم أو روضة من رياض الجنة ، وأخرج أحمد في الزهد وابن المبارك في كتاب القبور عن وهب كان عيسى عليه السلام واقفا على قبر ومعه الحواريون ، فذكروا القبر ووحشته وظلمته وضيقه فقال عيسى : كنتم في أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع ، وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن المعيطي قال : حضرت جنازة الأحنف فكنت فيمن نزل قبره فلما سويته رأيته فسح له مد بصري فأخبرت به أصحابي فلم يروا ما رأيت . - (ت ه) في الزهد (ك) في الجنائز من حديث عبد الله بن بجير عن هانئ مولى عثمان عثمان) بن عفان وصححه وتعقبه الذهبي بأن بجيرا ليس بعمدة لكن منهم من يقويه وهانئ روى عنه جمع ولا ذكر له في الكتب الستة . 7911 - (ما رزق عبد خيرا له ولا أوسع من الصبر) لأنه إكليل للإيمان وأوفر المؤمنين حظا من الصبر أوفرهم حظا من القرب من الرب ، والصبر رزق من الله لا يستبد العبد بكسبه وما يضاف إلى كسب العبد هو التصبر فإذا حمل على نفسه التصبر أمده الله بكمال الصبر وفي الخبر من يتصبر يصبره الله فإذا رزقه الصبر كان أوسع من كل نعمة واسعة لأنه يسهل بالصبر جميع الخيرات وترك المنكرات وتحمل المكروهات المقدرات والرزق المشار إليه رزق الدين والإيمان . (ك) في التفسير (عن أبي هريرة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي . 7912 - (ما رفع قوم أكفهم إلى الله تعالى يسألونه شيئا إلا كان حقا على الله أن يضع في أيديهم الذي سألوا) لأنه تعالى كريم متفضل فإذا رفع عبده إليه يده سائلا مفتقرا متعرضا لفضله الذي لا يرجى إلا منه يستحي أن يرده وإن كان يأتي من العصيان بما يستحق به النيران ومن فعل الخسران ما يستوجب الحرمان وعبر عن إعطاء المسؤول بلفظ الحق إشارة إلى أن إعطاءهم مسألتهم كالواجب عليه نظرا إلى صدقه في وعده فليس الحق هنا بمعنى الواجب إذ لا يجب على شئ عند أهل الحق خلافا للمعتزلة . (تتمة) قال ابن عطاء الله : التضرع إلى الله فيه نزول الزوائد ودفع الشدائد والانطواء في أودية
[ 571 ]
المنن والسلامة من المحن فجزاء ذلك أن يتولى مولاك الدفع عن نفسك في المضار والجلب لك في المسار وهو الباب الأعظم والسبيل الأقوم يؤثر حتى مع الكفران فكيف لا يؤثر مع الإيمان . (طب عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح اه‍ . وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رمزه لحسنه تقصير أو قصور . 7913 - (ما زال جبريل يوصيني بالجار) قال العلائي : الظاهر أن المراد جار الدار لا جار الجوار لأن التوارث كان في صدر الإسلام بجوار العهد ثم نسخ (حتى) أنه لما أكثر على في المحافظة على رعاية حقه (ظننت أنه سيورثه) أي سيحكم بتوريث الجار من جاره بأن يأمرني عن الله به ، قيل : بأن يجعل له مشاركة في المال بفرض سهم يعطاه مع الأقارب أو بأن ينزل منزلة من يرث بالبر والصلة ، قال ابن حجر : والأول أولى لأن الثاني استمر ، والخبر مشعر بأن التوريث لم يقع فمن التزم شرائع الإسلام تأكد عليه إكرام جاره لعظيم حقه ، وفيه إشارة إلى ما بالغ به بعض الأئمة من إثبات الشفعة له ، واسم الجوار يعم المسلم والعدل والقريب والبلدي والنافع وأضدادهم وله مراتب بعضها أعلا من بعض فأعلاها من جمع صفات الكمال ثم أكثرها وهلم جرا وعكسه من جمع ضدها كذلك فيعطى كلا حقه بحسب حاله ويرجح عند تعارض الصفات ، والميراث قسمان حسي ومعنوي فالحسي هو المراد هنا والمعنوي ميراث العلم وقد يلحظ هنا أيضا فإن حق الجار على جاره تعليمه ما يحتاجه . (حم ق) في الأدب (د ت) في البر من حديث مجاهد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال : كنا عند ابن عمر عند العتمة وغلامه يسلخ شاة فقال : ابدأ بجارنا اليهودي ثم قالها مرة فمرة فقيل له : كم تذكر اليهودي قال : سمعت رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يقول فذكره (حم ق 4 عن عائشة) وفي الباب أنس وجابر وغيرهما . 7914 - (ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه يورثه) وفي رواية لمسلم ليورثه باللام وفي أخرى له سيورثه ، قال في العارضة : نبه بذلك على أن الحقوق إذا تأكدت بالأسباب فأعظمها حرمة الجوار وهو قرب الدار فقد أنزل بذلك منزلة الرحم وكاد يوجب له حقا في المال ، وللجوار مراتب منها الملاصقة ومنها المخالطة بأن يجمعهما مسجد أو مدرسة أو سوق أو غير ذلك ويتأكد الحق مع المسلم ويبقى أصله مع الكافر (وما زال يوصيني بالمملوك حتى ظننت أنه يضرب له أجلا أو وقتا إذا بلغه عتق) أخذ من تعميم الجار في هذا الخبر وما قبله حيث لم يخص جارا دون جار أنه يجب ود أهل المدينة ومحبتهم عوامهم وخواصهم ، قال المجد النووي : وكل ما احتج به من رمى عوامهم بالابتداع وترك الاتباع لا يصلح حجة فإن ذلك إذا ثبت في شخص معين لا يخرج عن حكم الجار ولو جار ولا يزول عنه شرف
[ 572 ]
مساكنة الدار كيف دار . (هق) من حديث الليث عن يحيى بن سعيد (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وهو فوق ما قال فقد قال البيهقي في الشعب : إنه صحيح على شرط مسلم والبخاري . 7915 - (ما زالت أكلة خيبر) أي اللقمة التي أكلها من الشاة التي سمتها اليهودية وقدمتها إليه في غزوة خيبر فأكل منها لقمة وقال إن هذه الشاة تخبرني أنها مسمومة وأكل معه منها بشر فمات (تعادني) أي تراجعني قال الزمخشري : المعادة معاودة الرجع لوقت معلوم (في كل عام) أي يراجعني الألم فأجده في جوفي كل عام بسبب أكلي من الطعام المسموم الذي قدم إلي بخيبر (حتى كان هذا أوان) بالضم قال الزمخشري : ويجوز بناؤه على الفتح (قطع أبهري) بفتح الهاء ولفظ رواية البخاري فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري وهو عرق في الصلب أو في الذراع أو بباطن القلب تتشعب منه سائر الشرايين إذا انقطع مات صاحبه يعني أنه نقض عليه سم الشاة المذكورة ليجمع إلى منصب النبوة مقام الشهادة ولا يفوته مكرمة ولهذا كان ابن مسعود وغيره يقول مات شهيدا من ذلك السم وكان في حال حياته يثور عليه أحيانا ويكمن أحيانا (تنبيه) ما ذكر من أن أبهري بلفظ الإفراد هو ما وقفت عليه في أصول صحيحة لكن رأيت في تذكرة المقريزي مضبوطا بخطه أبهراي بالتثنية ثم قال : والأبهران عرقان يخرجان من القلب تتشعب منهما الشرايين . - (ابن السني وأبو نعيم) كلاهما (في) كتاب (الطب) النبوي (عن أبي هريرة) رمز لحسنه وفيه سعيد بن محمد الوراق قال في الميزان : قال النسائي : غير ثقة والدارقطني : متروك وابن سعد : ضعيف وابن عدي : يتبين الضعف على رواياته ومنها هذا الخبر ، ثم إن ظاهر صنيع المصنف أن ذا لم يتعرض أحد الشيخين لتخريجه والأمر بخلافه بل هو في البخاري بلفظ ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم اه‍ . وليس في رواية ابن السني وأبي نعيم إلا زيادة في كل عام ، قال المقريزي : وهذا قاله في مرض موته . 7916 - (ما زان الله العبد بزينة أفضل من زهادة في الدنيا وعفاف في بطنه) وهو الكف عن الحرام وسؤال الناس (وفرجه) لأنه بذلك يصير ملكا في الدنيا والآخرة ومعنى الزهد أن يملك العبد شهوته وغضبه فينقادان لباعث الدين وإشارة الإيمان وهذا ملك باستحقاق إذ به يصير صاحبه حرا وباستيلاء الطمع والشهوات عليه يصير عبدا لبطنه وفرجه وسائر أغراضه فيصير مسخرا كالبهيمة مملوكا يجره زمام الشهوة إلى حيث يريد ، وفي تذكرة المقريزي عن بعض الأولياء أنه سأل العارف [ ص 449 ] ابن حمويه عن أنفع قضية يوصي بها الفقير مما ينفعه استحضاره والعلم به مدة حياته وبعد الموت يكون سببا لكمال ترقيه فقال : يوصي بالحرية والعفة في الحرية فسألته عن معنى ذلك فقال : الحرية عدم التعبد في الباطن لشئ سوى الحق مطلقا والعفة في الحرية أن لا يصدر من الإنسان في حقه ولا في حق غيره فعل
[ 573 ]
لأجل نفسه أو لغيره بل لله تعالى . (حل) من حديث أحمد بن إبراهيم الكراييسي عن أحمد بن حفص بن مروان عن ابن المبارك عن الحجاج بن أرطأ عن مجاهد (عن ابن عمر) بن الخطاب وقال : غريب لم نكتبه إلا من هذا الوجه ورواه عنه الديلمي أيضا في مسند الفردوس وسنده ضعيف . 7917 - (ما زويت الدنيا عن أحد إلا كانت خيرة له) في المصباح زويته زيا جمعته وزويت المال قبضته لأن الغنى مأشرة مبطرة وكفى بقارون عبرة والغنى قد يكون سببا لهلاك الإنسان وقد يقصد بسبب ماله فيقتل وما من نعمة من النعم الدنيوية إلا ويجوز أن تصير بلاء * (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) * . (فر) من حديث أحمد بن عمار عن مالك بن نافع (عن ابن عمر) بن الخطاب وأحمد بن عمار هذا أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : لا يعرف وله عن مالك خبر موضوع ، إلى هنا كلامه ، فعلم أن هذا الخبر موضوع . 7918 - (ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم) أي نقشوها وموهوها بالذهب ، فإن ذلك إنما ينشأ عن غلبة الرياء والكبرياء والاشتغال عن المشروع بما يفسد حال صاحبه ففاعل ذلك بمنزلة من يحلي المصحف ولا يقرأ فيه إلا قليلا ولا يتبعه بمنزلة من يتخذ المصابيح والسجادات المزخرفة تيها وفخرا لكن مما ينبغي التنبيه له أنا إذا رأينا من الأمراء مثلا من زخرف المساجد لا ننهاه عنه كما قاله بعض أئمة الحنابلة فإن النفوس لا تترك شيئا إلا لشئ ولا ينبغي ترك خير إلا لمثله أو خير منه والدين هو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولا قوام لأحدهما إلا بصاحبه فلا ينهى عن منكر إلا ويؤمر بمعروف فزخرفة المساجد إنما نهى عنها بقصد العمل الصالح وقد يفعلها بعض الناس ويكون له فيها أجر عظيم لحسن قصده وتعظيمه لبيوت الله فلا ننهاه عنها إلا إن علمنا أنه يتركها إلى خير منها وقد يحسن من بعض الناس ما يقبح من المؤمن المسدد ، ولهذا قيل للإمام أحمد : إن بعض الأمراء أنفق على مصحف نحو ألف دينار فقال : دعهم فهذا أفضل ما أنفقوا فيه الذهب مع أن مذهبه أن تحلية المصحف مكروهة فهؤلاء إن لم يفعلوا ذلك وإلا اعتاضوا بفساد لا صلاح فيه . - (ه عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر في المختصر : رجاله ثقات إلا جبارة بن المفلس ففيه مقال وقال غيره : فيه جبارة بن المفلس قال في الكاشف : ضعيف ، وفي الضعفاء قال ابن نمير : كان يوضع له الحديث . 7919 - (ما ستر الله على عبد ذنبا في الدنيا فيعيره به يوم القيامة) يحتمل أن المراد عبد مؤمن متقى متحفظ وقع في الذنب لعدم العصمة ولم يصر بعد فعله وخاف من ربه ورأى فضيحته حيث نظره مولاه وملائكته وخواص المؤمنين وندم فطلب المغفرة وهي الستر فستره بين خلقه عطفا منه عليه فإذا عرضت أعماله يوم القيامة حقق له ما أمله من ستره ولم يعيره أي هو أكرم من أن يفعل ذلك فإنه ستار
[ 574 ]
يحب من عباده الساترين . (البزار) في مسنده (طب) كلاهما (عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي : فيه عمر بن سعيد الأشج وهو ضعيف . 7920 - (ما سلط الله القحط) أي الجدب (على قوم إلا بتمردهم على الله) أي بعتوهم واستكبارهم والمارد العاتي الشديد . (خط في رواية مالك) بن أنس (عن جابر) وفيه عبد الملك بن بديل قال الدارقطني : تفرد به وكان ضعيفا وفي اللسان عن ابن عدي : روى عن مالك غير حديث منكر وقال الأزدي : متروك . 7921 - (ما شئت أن أرى) أي رؤية عين يقظة ويحتمل أنها رؤيا منام والأول أقرب وأنسب بمقامه الشريف بل خواص أمته منهم من يرى الملائكة عيانا كما مر عن الغزالي ، ثم رأيت ابن عساكر صرح بأن ذلك يقظة وهو الذي ينبغي الجزم به (جبريل متعلقا بأستار الكعبة وهو يقول يا واحد يا ماجد لا تزل عني نعمة أنعمت بها علي إلا رأيته) لما يرى من شدة عقاب الله لمن غضب عليه * (إنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) * قال الغزالي : روي أن إبليس عبد الله ثمانين ألف سنة فلم يترك موضع قدم إلا وسجد فيه سجدة لله تعالى ثم ترك له أمرا واحدا فطرده عن بابه ولعنه إلى يوم الدين ، ثم آدم صفيه ونبيه الذي خلقه بيده وأسجد له ملائكته أكل أكلة واحدة لم يؤذن له فيها فنودي لا يجاورني من عصاني وأهبطه إلى الأرض ولحقه من الهوان والبلاء ما لحقه وبقيت ذريته في تبعات ذلك إلى الأبد ، ثم نوح شيخ المرسلين احتمل في أمر دينه ما احتمل ولم يقل إلا كلمة واحدة على غير وجهها فنودي * (فلا تسألني ما ليس لك به علم) * نعوذ به من غضبه وأليم عقابه * (فاعتبروا يا أولي الأبصار) * بنداء خواص الله الدين توجوا بتاج هدايته وذاقوا حلاوة معرفته فخافوا على أنفسهم حرقة الطرد والإهانة ووحشة البعد والضلال ومرارة العزل والإزالة فتضرعوا بالباب مستغيثين ومدوا إليه الأكف مبتهلين ونادوا في الخلوات مستصرخين * (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب) * اللهم ربنا كما وهبت لنا مزية الإنعام في الإبتداء فهب لنا رحمة الإتمام في الإنتهاء . (ابن عساكر) في تاريخه (عن علي) أمير المؤمنين . 7922 - (ما شبهت خروج المؤمن من الدنيا إلا مثل خروج الصبي من بطن أمه من ذلك الغم
[ 575 ]
والظلمة إلى روح الدنيا) بفتح الراء سعتها ، قال الحكيم : المراد المؤمن الكامل البالغ في الإيمان فإن الدنيا سجنه وهي مظلمة عليه ضيقة حتى يخرج منها إلى روح الآخرة وسعة الملكوت وهذا غير موجود في العامة ، وقال بعضهم : إن كان في قلة الحاجة الدنيوية غنى ففي انقطاع الحاجة عنها الغنى الأكبر والانقطاع لها إلا بمفارقة الدنيا والدنيا سبب فإقتناء العبودية لغير الله شرك وقبيح بالعاقل صحبة الناقة والتخصيص بعبودية غير رب العزة ، والموت سبب كمال الإنسان ومن رغب عن كماله فهو من الذين خسروا أنفسهم . - (الحكيم) في نوادره (عن أنس) بن مالك وفيه محمد بن مخلد الرعيني قال في اللسان : قال ابن عدي : حدث بالأباطيل عن كل من روى عنه وقال الدارقطني : متروك الحديث . 7923 - (ما شد سليمان) بن داود عليهما السلام (طرفه إلى السماء تخشعا حيث أعطاه الله ما أعطاه) من الحكم والعلم والنبوة والملك وجعله الوارث لأبيه دون سائر بينه وكانوا تسعة عشر قال الكشاف : كان داود أكثر تعبدا وسليمان أقضى وأشكر للنعمة . (ابن عساكر) في ترجمة سليمان عليه السلام (عن ابن عمرو) بن العاص وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم قال الذهبي في الضعفاء : ضعفه ابن معين والنسائي وغيرهما . 7924 - (ما صبر أهل بيت على جهد) شدة جوع (ثلاثا) من الأيام (إلا أتاهم الله برزق) من حيث لا يحتسبون لأن ذلك ابتلاء من الله فإذا انقضت الثلاثة أيام المحنة أناهم ما وعدوا وإنما كانت أيام المحنة ثلاثا لأن العبد على أجزاء ثلاثة جزء للإيمان وجزء للروح وجزء للنفس فالطمأنينة للإيمان والطاعة للروح والشهوة للنفس فالقلب للإيمان والأركان للروح والجنة للنفس لأن الشهوات في النفس والشهوات تغذو الجثة فإذا منع أول يوم فجاع فصبر فذلك صبر الإيمان لأنه أقوى الثلاثة فإذا جاع الثاني فصبر فذلك صبر الروح يطيع ربه ولا يتناول ما لا يحل فإذا صبر الثالثة فهو صبر النفس فقد تمت المحنة فرزق وأكرم وإنما تقع المحنة في كل وقت على أهل التهمة فالإيمان غير متهم وكذلك الروح وإنما التهمة للنفس فامتحانها بيوم لا يظهر صبرها لأن الإيمان والروح يعينانها وفي الثاني يعينها الروح فإذا صبرت الثلاث فقد أبرزت صبرها وانقادت مستسلمة فرزقت . - (الحكيم) الترمذي (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه أبو رجاء الجريري قال في الميزان عن ابن حبان : روى عن قراب وأهل الجزيرة مناكير كثيرة لا يتابع عليها منها هذا الخبر وقراب بن السائب أبو سليمان قال الذهبي في الضعفاء : قال البخاري : منكر الحديث تركوه وفي اللسان كأصله : متهم ذاهب الحديث ، وقضية صنيع المصنف أنه لم يره مخرجا لأشهر من الحكيم ممن وضع لهم الرموز مع أن أبا يعلى والبيهقي خرجاه باللفظ المذكور عن ابن عمر قال الهيثمي : ورجاله وثقوا فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه مع وجوده لذينك وصحة سندهما من ضيق العطن .
[ 576 ]
7925 - (ما صدقة أفضل من ذكر الله) أي مع رعاية تطهير القلوب عن مرعى الشيطان وقوته وهو الشهوات فمتى طمعت في نيل الدرجات العلى وأملت اندفاع الشيطان عنك بمجرد الذكر كنت كمن طمع أن يشرب دواء قبل الاحتماء والمعدة مشحونة بغليظ الأطعمة ويطمع أن ينفعه كما يطمع الذي شربه بعد الاحتماء وتخلية المعدة ، فالذكر دواء والتقوى احتماء بتخلي القلب من الشهوات فإذا نزل الذكر قلبا فارغا عن غير الذكر اندفع الشيطان كما تندفع العلة بنزول الدواء في معدة خالية عن الأطعمة * (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب) * ومن ساعد الشيطان بعلمه فقد تولاه وإن ذكر الله بلسانه وقد قال تعالى * (كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) * (الحج : 4) . (طب عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال بل أعلى فقد قال الهيثمي : رجاله موثقون . 7926 - (ما صف صفوف ثلاثة من المسلمين) الثلاثة مثال لكن جعلهم ثلاثة أفضل (على ميت) أي في الصلاة عليه (إلا أوجب) أي غفر له كما صرحت به رواية الحاكم . - (ه ك عن) أبي سعيد (مالك بن هبيرة) بن خالد السكوني صحابي نزل مصر . 7927 - (ما صلت امرأة صلاة أحب إلى الله من صلاتها في أشد بيتها ظلمة) لتكامل سترها من نظر غير المحارم مع حصول الإخلاص فاعلم أن ما يفوتهن من سعى الرجال إلى المساجد وعمارتها بالعبادة يدركنه بلزوم بيوتهن وهذا للصلاة فما ظنك بالخروج لغيرها ؟ وفي رواية للبيهقي نفسه عن ابن مسعود أيضا والله الذي لا إله غيره ما صلت امرأة صلاة خيرا لها من صلاة تصليها في بيتها إلا أن يكون المسجد الحرام أو مسجد الرسول - إلا عجوز . (هق عن ابن مسعود) مرفوعا وموقوفا ورواه عنه أيضا الطبراني قال الهيثمي : رجاله موثقون . 7928 - (ما صيد صيدولا قطعت شجرة إلا بتضييع من التسبيح) زاد الديلمي في رواية وكل شئ يسبح حتى يتغير عن الخلقة التي خلقها الله عز وجل وإن كنتم تسمعون نقض جدركم وسقفكم فإنما هو تسبيح اه‍ قال الكشاف : ولا يبعد أن يلهم الله الطير دعاءه وتسبيحه كما ألهمنا سائر العلوم الدقيقة التي لا تكاد العقلاء يهتدون إليها وهل تسبيح الحيوان أو الجماد بلسان الحال أو القال ؟ خلاف وكلام الغزالي مصرح في عدة مواضع بأن تسبيحها بلسان القال قال : في بعضها أرباب القلوب
[ 577 ]
والمشاهدة أنطق الله في حقهم كل ذرة في الأرض والسماوات بقدرته التي أنطق بها كل شئ حتى سمعوا تقديسها وتسبيحها لله وشهادتها على أنفسها بالعجز بلسان ذلق تتكلم بلا حرف ولا صوت لا يسمعه الذين هم عن السمع لمعزولون ولست أعني به السمع الظاهر الذي لا يتجاوز الأصوات فإن الحمار شريك فيه ولا قدر لما يشارك فيه البهائم وإنما أريد به سمعا يدرك به كلاما ليس بحرف ولا صوت ولا هو عربي ولا عجمي . - (حل عن أبي هريرة) وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري أورده الذهبي في الضعفاء وقال : لا يعرف ثم قال : بل هو كذاب مشهور اه‍ . وبه يعرف أن رمز المصنف لحسنه غير صواب . 7929 - (ما ضاق مجلس بمتحابين) ومن ثم قيل سم الخياط مع المحبوب ميدان قال الأصمعي : دخلت على الخليل وهو قاعد على حصير صغير فأومأ لي بالقعود فقلت : أضيق عليك قال : مه إن الدنيا بأسرها لا تسع متاغضين وإن شبرا في شبر يسع متحابين اه‍ . ولكن من آداب الجلوس ما قال سفيان الثوري : ينبغي أن يكون بين الرجلين في الصف قدر ثلثي ذراع أي في غير الصلاة . - (خط عن أنس) بن مالك ورواه عنه الديلمي بلا سند . 7930 - (ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار) مخافة أن يغضب الله عليه فيعذبه بالنار وهذا إنما قاله النبي صلى الله عليه وسلم حكاية عن جبريل كما بينه في رواية ابن أبي الدنيا في كتاب الخائفين من حديث ثابت عن أنس بإسناد كما قال الزين العراقي جيد أنه صلى الله عليه وسلم قال لجبريل : ما لي لا أرى ميكائيل يضحك فقال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار ثم إن هذا الخبر يعارضه خبر الدارقطني أنه صلى الله عليه وسلم تبسم في الصلاة فلما انصرف سئل عنه فقال : رأيت ميكائيل راجعا من طلب القوم وعلى جناحه الغبار يضحك إلي فتبسمت إليه ، وأجاب السهيلي بأن المراد لم يضحك منذ خلقت النار إلا تلك المرة فالحديث عام أريد به الخصوص أو أنه حدث بالحديث الأول ثم حدث بعده بما حدث من ضحكه إليه . (تنبيه) أخذ الإمام الرازي من قوله تعالى * (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال) * أنهما أشرف من جميع الملائكة لقولهم إنه إنما أفردهما بالذكر لفضلهما لأنها لكمال فضلهما صارا جنسا واحدا سوى جنس الملائكة قال : فهذا يقتضي كونهما أشرف من جميعهم وإلا لم يصح هذا التأويل قالوا : وإذا ثبت هذا فنقول يجب أن يكون جبريل أفضل من ميكائيل لأنه تعالى قدم جبريل في الذكر وتقديم المفضول على الفاضل في الذكر مستقبح لفظا فواجب أن يكون مستقبح وضعا كقوله ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن ولأن جبريل ينزل بالوحي والعلم وهو مادة بقاء الأرواح وميكائيل بالخصب والمطر وهو مادة بقاء الأبدان والعلم أشرف من الأغذية فيجب أن يكون جبريل أفضل ولأنه قال تعالى في صفة جبريل * (مطاع ثم أمين) * فذكره بوصف المطاع على الإطلاق وهو يقتضي كونه مطاعا بالنسبة إلى ميكائيل فوجب كونه أفضل منه . - (حم عن أنس) بن مالك قال المنذري : رواه أحمد من حديث إسماعيل بن عياض وبقية رواته ثقات قال الهيثمي : رواه أحمد من رواية إسماعيل بن عياش عن
[ 578 ]
المدنيين [ ص 453 ] وهي ضعيفة وبقية رجاله ثقات اه‍ . وبه يعرف ما في رمزه لحسنه قال الحافظ العراقي : ورواه أيضا ابن شاهين في السنة مرسلا وورد ذلك في حق إسرافيل أيضا ورواه البيهقي في الشعب . 7931 - (ما ضحى) بفتح فكسر بضبط المصنف (مؤمن ملبيا حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فيعود كما ولدته أمه) قال البيهقي : قال أبو القاسم يعني المحرم يكشف للشمس ولا يستظل . (طب هب عن عامر بن ربيعة) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف وأورده الذهبي في الضعفاء فقال : ضعفه مالك وابن معين . 7932 - (ما ضر أحدكم لو كان في بيته محمد ومحمدان وثلاثة) فيه ندب التسمي به قال مالك : ما كان في أهل بيت اسم محمد إلا كثرت بركته وروى الحافظ ابن طاهر السلفي من حديث حميد الطويل عن أنس مرفوعا يوقف عبدان بين يدي الله عز وجل فيقول الله لهما ادخلا الجنة فإني آليت على نفسي أن لا يدخل النار من اسمه محمد ولا أحمد . - (ابن سعد) في الطبقات (عن عثمان العمري مرسلا) هو عثمان بن واقد بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر العمري المدني نزيل البصرة قال في التقريب : صدوق ربما وهم . 7933 - (ما ضرب من) في رواية على (مؤمن عرق إلا حط الله به عنه خطيئة وكتب له به حسنة ورفع له درجة) قال ابن القيم : لا يناقض ما سبق أن المصائب مكفرات لا غير لأن حصول الحسنة إنما هو بصبره الاختياري عليها وهو عمل منه وقال ابن حجر : فيه تعقب على ابن عبد السلام في قوله ظن بعض الجهلة أن المصاب مأجور وهو خطأ صريح فإن الثواب والعقاب إنما هو على الكسب وليس منه المصائب بل الأجر على الصبر والرضى ووجه الرد أن الأحاديث الصحيحة صريحة في ثبوت الأجر بمجرد حلول المصيبة والصبر والرضى قدر زائد يثاب عليهما زيادة على المصيبة وقال القرافي : المصائب كفارات جزما وإن لم يقترن بها الرضى لكن في المقارنة يعظم التكفير ، كذا قاله : قال ابن حجر : والتحقيق أن المصيبة كفارة لذنب يوازنها وبالرضى يؤجر على ذلك فإن لم يكن للمصاب ذنب عوض من الثواب بما يوازنه . - (ك) في الجنائز من حديث عمران بن زيد عن عبد الرحمن بن القاسم عن سالم (عن عائشة) قال الحاكم : صحيح وعمران كوفي وأقره الذهبي ورواه أيضا الطبراني عنها قال المنذري : بإسناد حسن وقال الهيثمي : سنده حسن وقال ابن حجر : سنده جيد .
[ 579 ]
7934 - (ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل) أي ما ضل قوم مهديون كائنين على حال من الأحوال إلا أوتوا الجدل يعني من ترك سبيل الهدى وركب سنن الضلالة والمراد لم يمش حاله إلا بالجدل أي الخصومة بالباطل وقال القاضي : المراد التعصب لترويج المذاهب الكاسدة والعقائد الزائفة لا المناظرة لإظهار الحق واستكشاف الحال واستعلام ما ليس معلوما عنده أو تعليم غيره ما عنده لأنه فرض كفاية خارج عما نطق به الحديث اه‍ . وقال الغزالي : الإشارة إلى الخلافيات التي أحدثت في هذه الأعصار وأبدع فيها من التحريرات والتصنيفات والمجادلات فإياك أن تحوم حولها واجتنبها اجتناب السم القاتل والداء العضال وهو الذي رد كل الفقهاء إلى طلب المنافسة والمباهاة [ ص 454 ] ولا تسمع لقولهم الناس أعداء ما جهلوا فعلى الخبير سقطت فاقبل النصح ممن ضيع العمر في ذلك زمانا وزاد فيه على الأولين تصنيفا وتحقيقا وجدلا وثباتا ثم ألهمه الله رشده وأطلعه على غيبه فهجره اه‍ . - (حم ت ه ك) في التفسير (عن أبي أمامة) وتمامه ثم تلى هذه الآية * (بل هم قوم خصمون) * قال الترمذي : حسن صحيح وقال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص . 7935 - (ما طلب الدواء) أي التداوي (بشئ أفضل من شربة عسل) وفيه شفاء للناس وهذا وقع جوابا لسائل اقتضى حاله ذلك . - (أبو نعيم في) كتاب (الطب) النبوي (عن عائشة) . 7936 - (ما طلع النجم) يعني الثريا فإنه اسمها بالغلبة لعدم خفائها لكثرتها (صباحا قط) أي عند الصبح (وبقوم) في رواية وبالناس (عاهة) في أنفسهم من نحو مرض ووباء أو ما في مالهم من نحو إبل وثمر (إلا ورفعت عنهم) بالكلية (أو خفت) أي أخذت في النقص والانحطاط ومدة مغيبها نيف وخمسون ليلة لأنها تخفى لقربها من الشمس قبلها وبعدها فإذا بعدت عنها ظهرت في الشرق وقت الصبح ، قيل : أراد بهذا الخبر أرض الحجاز لأن الحصاد يقع بها في أيار وتدرك الثمار وتأمن من العاهة فالمراد عاهة الثمار خاصة . - (حم عن أبي هريرة) . 7937 - (ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر) بن الخطاب يعني أن ذلك سيكون له في بعض الأزمنة المستقبلة وهو من إفضاء الخلافة إليه إلى موته فإنه حينئذ خير أهل الأرض . - (ت) في المناقب (ك) في فضائل الصحابة (عن أبي بكر) الصديق قال الترمذي : غريب وليس إسناده بذلك اه‍ .
[ 580 ]
وقال الذهبي : فيه عبد الله بن داود الواسطي ضعفوه وعبد الرحمن بن أبي المنكدر لا يكاد يعرف وفيه كلام والحديث شبه الموضوع اه‍ . وقال في الميزان في ترجمة عبد الله بن داود : في حديثه مناكير وساق هذا منها ثم قال : هذا كذاب اه‍ . وأقره في اللسان عليه . 7938 - (ما طهر الله كفا) لفظ رواية الطبراني يدا (فيها خاتم من حديد) أي ما نزهها فالمراد من الطهارة المعنوية . - (تخ طب) وكذا البزار (عن مسلم بن عبد الرحمن) قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء عام الفتح على الصفا فجاءته امرأة يدها كيد الرجل فلم يبايعها حتى تذهب فتغير يديها بصفرة أو بحمرة وجاءه رجل عليه خاتم حديد فقال له : ما طهر الله إلخ . قال الهيثمي : فيه شميسة بنت نبهان لم أعرفها وبقية رجاله ثقات . وقال الذهبي : مسلم هذا له صحبة ، روت عنه مولاته شميسة ثم إن فيه عياد بن كثير الرملي قال الذهبي : ضعفوه ومنهم تركه . 7939 - (ما عال من اقتصد) في المعيشة أي ما افتقر من أنفق فيها قصدا ولم يتجاوز إلى الإسراف أو ما جار ولا جاوز الحد والمعنى إذا لم يبذر بالصرف في معصية الله ولم يقتر فيضيق على عياله ويمنع حقا وجب عليه شحا وقنوطا من خلف الله الذي كفاه المؤمن ، قال في الإحياء : نعني بالاقتصاد الرفق بالإنفاق وترك الخرق فمن اقتصد فيها أمكنه الإجمال في الطلب ومن ثم قيل : صديق الرجل قصده وعدوه سرفه وقيل : لا خير في السرف ولا سرف في الخير وقيل : لا كثير مع إسراف قال في البحر : ويجوز أن يكون معنى الحديث من قصد الله بالتقى والتوكل عليه لم يحوجه لغيره بل يكفله ويكفيه ويرزقه من حيث لا يحستب * (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) * فمعناه من يتق الله في الإقبال عليه والإعراض عما سواه يجعل له متسعا [ ص 455 ] ومن قصد الله سبحانه لم تصبه عيلة وهي اختلال الحال أو الحاجة إلى الناس اه‍ . - (حم عن ابن مسعود) رمز المصنف لحسنه قال عبد الحق : فيه إبراهيم بن مسلم الهجري ضعيف وتبعه الهيثمي فجزم بضعفه . 7940 - (ما عبد الله) بضم العين (بشئ أفضل من فقه في دين) لأن أداء العبادة يتوقف على معرفة الفقه إذ الجاهل لا يعرف كيف يتقي لا في جانب الأمر ولا في جانب النهي وبذلك يظهر فضل الفقه وتميزه على سائر العلوم بكونه أهمها وإن كان غيره أشرف والمراد بالفقه المتوقف عليه ذلك ما لا رخصة للمكلف في تركه دون ما يقع إلا نادرا أو نحو ذلك قال الماوردي : ربما مال بعض المتهاونين بالدين إلى العلوم العقلية ورأى أنها أحق بالفضيلة وأولى بالتقدمة اشتغالا لما تضمنه الدين من التكليف واسترذالا لما جاء به الشرع من التعبد ولن يرى ذلك فيمن سلمت فطرته وصحت رويته لأن العقل يمنع أن يكون الناس هملا أو سدى يعتمدون على آرائهم المختلفة وينقادون لأهوائهم المتشعبة لما يؤول
[ 581 ]
إليه أمرهم من الاختلاف والتنازع وتفضي إليه أحوالهم من التباين والتقاطع ولو تصور هذا المختل التصور أن الدين ضرورة في العقل لقصر عن التقصير وأذعن للحق ولكن أهمل نفسه فضل وأضل . تنبيه : هذا التقرير كله بناء على أن المراد بالفقه في الحديث العلم بالأحكام الشرعية الاجتهادية وذهب بعض الصوفية إلى أن المراد به هنا معناه اللغوي فقال : الفقه انكشاف الأمور والفهم هو العارض الذي يعترض في القلب من النور فإذا عرض انفتح بصر القلب فرأى صورة الشئ في صدره حسنا كان أو قبيحا فالانفتاح هو الفقه والعارض هو الفهم وقد أعلم الله أن الفقه من فعل القلب بقوله * (لهم قلوب لا يفقهون بها) * وقال المصطفى صلى الله عليه وسلم للأعرابي حيث قرأ عليه * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * الآية فقال : حسبي فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم : فقه الرجل ، أي فهم الأمور وقد كلف الله عباده أن يعرفوه ثم بعد المعرفة أن يخضعوا ويدينوا له فشرع لهم الحلال والحرام ليدينوا له بمباشرته فذلك الدين هو الخضوع والدون مشتق من ذلك وكل شئ اتضع فهو دون فأمر المكلف بأمور ليضع نفسه لمن اعترف به ربا فسمى ذلك دينا فمن فقه أسباب هذه الأمور التي أمر بها لماذا أمر تعاظم ذلك عنده وكبر في صدره شأنه فكان أشد شارعا فيما أمر وهربا مما نهى فالفقه في الدين جند عظيم يؤيد الله به أهل اليقين الذين عاينوا محاسن الأمور ومشائنها وأقدار الأشياء وحسن تدبير الله في ذلك لهم بنور يقيهم ليعبدوه على بصيرة ويسر ومن حرم ذلك عبده على مكابدة وعسر لأن القلب وإن طاع وانقاد لأمر الله فانلفس إنما تخاف وتنقاد إذا رأت نفع شئ أو ضره والنفس جندها الشهوات ويحتاج صاحبها إلى أضدادها من الجنود لقهرها وهي الفقه لأنه تعالى أحل النكاح وحرم الزنا وإنما هو إتيان واحد لامرأة واحدة لكن ذا بنكاح فشأنه العفة وتحصين الفرج فإذا أتت بولد ثبت نسبه وجاء العطف من الوالد بالنفقة والتربية وإذا كان من زنا فإن كلا من الواطئين محيله على الآخر وحرم الله الدماء وأمر بالقصاص ليتحاجزوا ويحيوا وحرز المال وأمر بقطع السارق ليتمانعوا إلى غير ذلك من أسرار الشريعة التي إذا فهمها المكلف هانت عليه الكلف وعبد الله بانشراح ونشاط وانبساط وذلك فضل العبادة بلا ريب . - (هب عن ابن عمر) بن الخطاب ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه بل عقبه بالقدح في سنده فقال : تفرد به عيسى بن زياد وروي من وجه آخر ضعيف والمحفوظ هذا اللفظ من قول الزهري اه‍ بحروفه فاقتطاع المصنف ذلك من كلامه وحذفه من سوء التصرف ولهذا جزم جمع بضعف الحديث منهم الحافظ العراقي وكان ينبغي للمصنف استيعاب مخرجيه إشارة إلى تقويه فمنهم الطبراني في الأوسط والآجري في فضل العلم وأبو نعيم في رياض المتعلمين من حديث أبي هريرة ورواه الدارقطني عن أبي هريرة وفيه يزيد بن عياض قال النسائي : متروك وقال ابن معين : لا يكتب حديثه وقال الشيخان : منكر الحديث وقال مالك : هو أكذب من ابن سمعان . 7941 - (ما عدل وال اتجر في رعيته) لأنه يضيق عليهم قال بعض الحكماء : كيمياء الملوك الإغارة والعمارة ولا تحسن بهم التجارة . - (الحاكم في) كتاب (الكنى) والألقاب (عن رجل) من الصحابة ورواه أيضا ابن منيع والديلمي .
[ 582 ]
7942 - (ما عظمت نعمة الله على عبد إلا اشتدت عليه مؤنة الناس) أي ثقلهم فمن أنعم عليه بنعمة تهافتت عليه عوام الناس لأهويتهم وكذا نعمة الدين من العلوم الدينية والربانية والحكم الإلهية ومن ثم قال الفضيل : أما علمتم أن حاجة الناس إليكم نعمة من الله عليكم فاحذروا أن تملوا وتضجروا من حوائج الناس فتصير النعم نقما ، وأخرج البيهقي عن ابن الحنفية أنه كان يقول : أيها الناس اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم الله عليكم فلا تملوها فتتحول نقما واعلموا أن أفضل المال ما أفاد ذخرا وأورث ذكرا وأوجب أجرا ولو رأيتم المعروف رجلا لرأيتموه حسنا جميلا يسر الناظرين وبفوق العالمين (فمن لم يحتمل تلك المؤنة للناس فقد عرض تلك النعمة للزوال) لأن النعمة إذا لم تشكر زالت * (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) * وقال حكيم : النعم وحشية فقيدوها بالشكر ، وأخرج البيهقي عن بشير قال : ما بال أحدكم إذا وقع أخوه في أمر لا يقوم قبل أن يقول : قم ؟ من لم يكن معك فهو عليك . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب فضل (قضاء الحوائج) للناس وكذا الطبراني (عن عائشة) وضعفه المنذري (هب عن معاذ) بن جبل ثم قال البيهقي : هذا حديث لا أعلم أنا كتبناه إلا بإسناده وهو كلام مشهور عن الفضيل اه‍ وفيه عمرو بن الحصين عن أبي علاثة قال الذهبي في الضعفاء : تركوه ومحمد بن عبد الله بن علاثة قال ابن حبان : يروي الموضوعات وثور بن يزيد ثقة مشهور بالقدر وقال ابن عدي : يروى من وجوه كلها غير محفوظة ومن ثم قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقال الدارقطني : ضعيف غير ثابت وأورده ابن حبان في الضعفاء . 7943 - (ما على أحدكم) يقال لمن أهمل شيئا أو غفل عنه أو قصر فيه ما عليه لو فعل كذا أو لو كان كذا أي أي شئ يلحقه من الضرر أو العيب أو العار أو نحو ذلك لو فعل ذلك فكأنه استفهام يتضمن تنبيها وتوبيخا (إذا أراد أن يتصدق لله صدقة تطوعا أن يجعلها عن والديه) أي أصليه وإن عليا (إذا كانا مسلمين) خرج الكافران (فيكون لوالديه أجرها وله مثل أجورهما بعد أن لا ينقص من أجورهما شيئا) . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن عمرو) بن العاص ورواه أيضا الطبراني بدون قوله إذا كانا مسلمين قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 7944 - (ما على أحدكم إن وجد سعة أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة) وفي رواية بدل ليوم الجمعة
[ 583 ]
لجمعته (سوى ثوبي مهنته) أي ليس على أحدكم في اتخاذ ثوبين غير ثوبي مهنته أي بذلته وخدمته أي اللذين يكونان عليه في سائر الأيام قال الطيبي : ما بمعنى ليس واسمه محذوف وأن يتخذ متعلق به وعلى أحدكم خبره وإن وجد معترضة ويجوز أن يتعلق على بالمحذوف والخبر أن يتخذ كقوله تعالى * (ليس على الأعمى حرج) * إلى قوله * (أن تأكلوا من بيوتكم) * والمعنى ليس على أحد حرج في أن يتخذ ثوبين ، وقوله مهنته يروى بكسر الميم وفتحها قال الزمخشري : والكسر عند الأثبات خطأ ، قال ابن القيم : وفيه [ ص 457 ] أنه يسن أن يلبس فيه أحسن ثيابه التي يقدر عليها ، قال الطيبي : وإن ذلك ليس من شيمة المتقين لولا تعظيم الجمعة ورعاية شعار الدين ، وقال ابن بطال : كان معهودا عندهم أن يلبس المرء أحسن ثيابه للجمعة ، وأخذ منه الشافعية أنه يسن للإمام يوم الجمعة تحسين الهيئة واللباس . - (د) في الصلاة من حديث محمد بن يحيى ين حبان عن موسى بن سعد (عن) أبي يعقوب (يوسف بن عبد الله بن سلام) بالتخفيف الإسرائيلي المدني صغير أجلسه المصطفى صلى الله عليه وسلم في حجره وسماه ، وذكره العجلي في ثقات التابعين وأخذ عنه خلق وبقي إلى سنة مائة (ه) في الصلاة أيضا (عن عائشة) قالت : خطب النبي صلى الله عليه وسلم الناس في الجمعة فرأى عليهم ثياب النمار أي نمرة كساء فيه خطوط بيض وسود فذكره وذكر البخاري أن ليوسف صحبة وقال غيره : له رؤية وقد رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد جزم الحافظ ابن حجر في التخريج بأن فيه انقطاعا وفي الفتح بأن فيه نظرا ، نعم رواه ابن السكن من طريق مهدي عن هشام عن أبيه عن عائشة بلفظ ما على أحدكم أن يكون له ثوبان سوى ثوب مهنته لجمعته أو عيده ؟ وأخرجه ابن عبد البر في التمهيد من طريقه . 7945 - (ما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفر منه) وفي رواية ما عمل عبد ذنبا فساءه إلا غفر له وإن لم يستغفر منه . - (ك) من حديث هشام بن زياد عن أبي الزناد عن القاسم (عن عائشة) قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي فقال : بل هشام متروك والمنذري فقال : هشام بن زياد ساقط . 7946 - (ما عليكم أن لا تعزلوا) أي لا حرج عليكم أن تعزلوا فإنه جائز في الأمة مطلقا وفي الحرة مع الكراهة ، فلا مزيدة ، وتعسف من زعم منع العزل مطلقا حيث قال : ما جواب للسؤال عن العزل وعليكم أن تفعلوا جملة مستأنفة مؤكدة له وكأنه غفل عن قوله في الخبر المار اعزل إن شئت ثم علل عدم فائدة العزل بقوله (فإن الله قدر ما هو خالق إلى يوم القيامة) فإن النطفة معرضة للقدر فإذا أراد خلق شئ أوصل من الماء المعزول إلى الرحم ما يخلق منه الولد وإذا لم يرده لم ينفعه إرسال الماء قال الرافعي : وفيه أن الأمة تصير فراشا بالوطء وإذا أتت بولد لم يلحق سيدها ما لم يعترف به وأن العزل لا
[ 584 ]
أثر له وأن دعواه لا تمنع لحوق النسب فقد يسبق الماء وإن عزل . - (ن عن أبي سعيد) الخدري (وأبي هريرة) ورواه الشافعي عن أبي سعيد ورمز المصنف لصحته . 7647 - (ما عمل آدمي) وفي رواية ما عمل ابن آدم (عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله) كان حظ أهل الغفلة يوم القيامة من أعمارهم الأوقات والساعات حين عمروها بذكره وسائر ما عداه هدر ، كيف ونهارهم شهوة ونهمة ونومهم استغراق وغفلة فيقدمون على ربهم فلا يجدون عنده ما ينجيهم إلا ذكر الله تعالى . - (حم عن معاذ) بن جبل قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح إلا أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش لم يدرك معاذا قال : وقد رواه الطبراني عن جابر يرفعه بسند رجاله رجال الصحيح اه‍ . وبه يعرف أن المصنف لو عزاه له لكان أولى . 7948 - (ما عمل ابن آدم شيئا أفضل من الصلاة وصلاح ذات البين وخلق حسن) فعلى العاقل بذل الجهد في تحسين الخلق وبه يحصل للنفس العدالة والإحسان ويظفر بجماع المكارم . - (تخ هب عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه . 7949 - (ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله) صفة عمل (من إهراق الدم) لأن قربة كل وقت أخص به من غيرها وأولى ومن ثم أضيف إليه ثم هو محمول على غير الفرض العيني (إنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها) فتوضع في ميزانه كما صرح به خبر علي (وإن الدم) وفي رواية وإنه أي وإن المهراق دمه (ليقع من الله بمكان) أي بموضع قبول عال يعني يقبله الله عند قصد القربة بالذبح (قبل أن يقع على الأرض) أي قبل أن يشاهده الحاضرون ، قال المظهر : ومقصود الحديث أن أفضل عبادات يوم العيد إراقة دم القربان وإنه يأتي يوم القيامة كما كان في الدنيا من غير أن ينقص منه شئ ويعطى الرجل بكل عضو منه ثوابا وكل زمن يختص بعبادة ويوم النحر مختص بعبادة فعلها إبراهيم من القربان والتكبير ولو كان شئ أفضل من دبح النعم في فداء الإنسان لم يجعل الله الذبح المذكور في قوله * (وفديناه بذبح عظيم) * فداء لإسماعيل وقال الطيبي : قد تقرر أن الأعمال الصالحة كالفرائض والسنن والآداب مع بعد مرتبتها في الفضل قد يقع التفاضل بينها فكم من مفضول يفضل على الأفضل بالخاصية ووقوعه في زمن أو مكان مخصوص والتضحية إذا نظر
[ 585 ]
إليها في أنها نسك وأنها من شعائر الله كما قال * (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) * 32) أي فإن تعظيمها من أفعال ذوي تقوى القلوب سيما في أيام النحر كان لهذا المعنى لا في جنسها من أفضل ما يقدر من الآدمي عند الله من جميع العبادا ت حينئذ (فطيبوا بها نفسا) أي بالأضحية قال الحافظ العراقي : الظاهر أن ذا مدرج من كلام عائشة وفي رواية أبي الشيخ ما يدل على ذلك . - (ت ه ك) في الأضاحي (عن عائشة) وحسنه واستغربه وضعفه ابن حبان وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح فإن يحيى بن عبد الله بن نافع أحد رواته ليس بشئ قال النسائي : متروك والبخاري : منكر الحديث . 7950 - (ما فتح رجل باب عطية بصدقة أو صلة إلا زاده الله تعالى بها كثرة) في ماله بأن يبارك له فيه (وما فتح رجل باب مسألة) أي طلب من الناس (يريد بها كثرة) في معاشه (إلا زاده الله تعالى بها قلة) بأن يمحق البركة منه ويحوجه حقيقة يعني من وسع صدره عند سؤال الخلق عند حاجته وأنزل فقره وحاجته بهم ولم ينزلهما بالله زاده الله فقرا في قلبه إلى غيره وهو الفقر الذي قال فيه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كاد الفقر أن يكون كفرا أخرج ابن عساكر في تاريخه أن هشام بن عبد الملك دخل الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله بن عمر فقال له : سلني حاجتك قال : إني أستحي من الله أن أسأل في بيته غيره فلما خرج خرج في أثره فقال : الآن خرجت قال : ما سألت الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها . - (هب عن أبي هريرة) وفيه يوسف بن يعقوب فإن كان النيسابوري فقد قال أبو يعلى الحافظ ما رأيت بنيسابور من يكذب غيره وإن كان هو القاضي باليمن كما ذكره الذهبي ورواه أحمد والطبراني باللفظ المذكور قال الهيثمي : ورجال أحمد رجال الصحيح اه‍ . فإهمال المصنف له واقتصاره على الطريق المعلول غير مقبول . 7951 - (ما فوق الركبتين من العورة وما أسفل السرة من العورة) وفي رواية وما دون السرة من العورة فعورة الرجل ما بين سرته وركبته . - (قط هق عن أبي أيوب) الأنصاري قال ابن حجر في تخريج الهداية : بسند ضعيف وبين ذلك قبله [ ص 459 ] الذهبي فقال : فيه ابن راشد متروك عن عباد بن كثير واه . 7952 - (ما فوق الإزار وظل الحائط وجر الماء) أي وجلف الخبز كما في رواية أخرى (فضل) أي زيادة على الضروريات والحاجات (يحاسب به العبد يوم القيامة) وأما المذكورات فلا يحاسب عليها إذا كانت من حلال . (البزار) في مسنده (عن ابن عباس) .
[ 586 ]
7953 - (ما في الجنة شجرة إلا وساقها من ذهب) وجذعها من زمردكما في خبر ابن المبارك عن الحبر وسعفها كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم فهم وحللهم وثمرتها أمثال الغلال والدلاء أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد وليس فيه عجم كذا في الخبر المذكور . (ت) في صفة الجنة (عن أبي هريرة) وقال : حسن غريب قال ابن القطان : ولم يبين لم لا يصح وذلك لأن فيه زياد بن الحسن بن فرات الفزار قال أبو حاتم : منكر الحديث . 7954 - (ما في السماء ملك إلا وهو يوقر عمر) بن الخطاب (ولا في الأرض شيطان إلا وهو يفر من عمر) لأنه بصفة من يخافه المخلوقات لغلبة خوف الله عليه وكل من اشتغل بالله ولم يلتفت للمخلوق أمن من المخوف وقد وقع لابنه عبد الله أنه خرج مسافرا فإذا بجمع على الطريق فقال : مه قالوا : أسد قطع الطريق فمشى حتى أخذ بإذنه فنحاه ثم قال : لو أن ابن آدم لم يخف غير الله لم يكله لغيره ، ولا يشكل ذا بوسوسة الشيطان لآدم الأعظم من عمر لأن آدم لم يلتفت له ولا أكل الشجرة بوسوسة بل متأولا أنه نهى عن عين تلك الشجرة لا جنسها فأخطأ في تأويله لكن لما وافق أكله تزيين إبليس نسب الإخراج إليه ولم يبلغ إبليس مقصده ولا نال مراده بل ازداد غيظا بمصير آدم خليفة لله في أرضه . (عد عن ابن عباس) وفيه موسى بن عبد الرحمن الصنعاني قال في الميزان : قال ابن حبان : دجال وضاع وقال ابن عدي : منكر الحديث وساق له مناكير ختمها بهذا الخبر ثم قال : هذه الأحاديث بواطيل فما أوهمه صنيع المصنف من أن ابن عدي خرجه وأقره غير صواب . 7955 - (ما قال عبد لا إله إلا الله قط مخلصا) من قلبه (إلا انفتحت له أبواب السماء) أي فتحت لقوله ذلك فلا تزال كلمة الشهادة صاعدة (حتى تفضي إلى العرش) أي تنتهي إليه (ما اجتنبت الكبائر) أي وذلك مدة تجنب قائلها الكبائر من الذنوب وهذا صريح في رد ما ذهب إليه جمع من أن الذنوب كلها كبائر وليس فيها صغائر . (ت) في الدعوات وكذا النسائي في اليوم والليلة والحاكم في مستدركه كلهم (عن أبي هريرة) حسنه الترمذي واستصغر البغوي ولم يبين الترمذي لم لا يصح قال ابن القطان : وذلك لأن فيه الوليد بن القاسم الهمداني ضعفه ابن معين مع كونه لم تثبت عدالته فحديثه لأجل ذلك لا يصح . 7956 - (ما قبض الله نبيا إلا في الموضع الذي يحب) الله والنبي صلى الله عليه وسلم (أن يدفن فيه) بصيغة
[ 587 ]
المجهول [ ص 460 ] إكراما له حيث لم يفعل به إلا ما يحبه ، ولا ينافيه نقل موسى ليوسف من مصر إلى آبائه بفلسطين لاحتمال أن محبة يوسف لدفنه بمصر مؤقتة بفقد من ينقله ويميل إليه ولا ينافي هذا ما ذهب إليه جمع من كراهة الدفن في الدور لأن من خصائص الأنبياء أنهم يدفنون حيث يموتون كما ذكره الكرماني أخذا من هذا الخبر قال ابن حجر في هذا الحديث : رواه أيضا ابن ماجه من حديث ابن عباس عن أبي بكر مرفوعا بلفظ ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض وفيه حسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف وله طريق أخرى مرسلة ذكرها البيهقي في الدلائل وروى الترمذي في الشمائل والنسائي في الكبرى أنه قيل لأبي بكر : فأين ندفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : في المكان الذي قبض الله فيه روحه فإنه لم تقبض روحه إلا في مكان طيب ، قال ابن حجر : وإسناده صحيح لكنه موقوف والذي قبله أصرح في المقصود وإذا حمل دفنه في بيته على الاختصاص لم يبعد نهي غيره عن ذلك بل هو متجه لأن استمرار الدفن في البيوت ربما صيرها مقابر فتصير الصلاة فيها مكروهة . - (ت عن أبي بكر) وفيه عبد الرحمن بن أبي بكر بن عبيد بن أبي مليكة قال في الكاشف : ضعيف . 7957 - (ما قبض الله تعالى عالما) عاملا بعلمه (من هذه الأمة) أمة الإجابة (إلا كان ثغرة في الإسلام لا تسد ثلمته إلى يوم القيامة) وهذا فضل عظيم للعلم وإنافة لمحله ولهذا قال الحبر كما رواه الحاكم في قوله تعالى * (أولم يروا أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها) * قال : موت علمائها وفقهائها ، وخرج البيهقي عن أبي جعفر موت عالم أحب إلى إبليس من موت سبعين عابدا . (السجزي في) كتاب (الإبانة) عن أصول الديانة (والموهبي) بفتح الميم وسكون الواو وكسر الهاء وموحة تحتية نسبة إلى موهب بطن من المعافر (في) كتاب فضل (العلم) النافع كلاهما (عن ابن عمر) بن الخطاب ورواه عنه أيضا أبو نعيم والديلمي وسنده ضعيف لكن له شواهد . 7958 - (ما قدر في الرحم سيكون) أي ما قدر الله أن يوجد في بطون الأمهات سيوجد لا يمنعه العزل . - (حم طب) وكذا أبو نعيم وغيره (عن أبي سعيد الزوقي) بفتح الزاي وسكون الواو بضبط الحافظ الذهبي بخطه لكن في التقريب الزرقي فليحرر وهو صحابي اسمه سعد بن عمارة أو عمارة بن سعد قال : سأل رجل من أشجع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فذكره ، رمز لحسنه مع أن فيه عبد الله بن أبي مرة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : مجهول . 7959 - (ما قدر الله لنفس أن يخلقها إلا هي كائنة) ولا بد ، قاله لم سئل عن العزل أيضا . (حم
[ 588 ]
ه حب عن جابر) بن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن لي جارية وأنا أعزل عنها فقال : سيأتيها ما قدر لها ثم أتاه فقال : يا رسول الله قد حملت فقال ذلك . 7960 - (ما قدمت أبا بكر) الصديق (وعمر) الفاروق شيخي الإسلام أي أشرت بتقديمهما للخلافة أو ما أخبركم بأنهما أفضل من غيرهما أو ما قدمتهما على غيرهما في المشورة أو في صدور المحافل أو نحو ذلك (ولكن الله) هو الذي (قدمهما) قال في المطامح : سره أن الله سبحانه أخرج من كنز مخبوء تحت العرش ثمانية مثاقيل من نور اليقين فأعطى المصطفى صلى الله عليه وسلم أربعة فلذلك وزن إيمانه بإيمان الخلق فرجح وأعطى الصديق خامسا وعمر سادسا وبقي مثقالان أحدهما لكل الخلق كذا نقله عن بعض مشايخه ثم استغربه وهو جدير بالتوقف فضلا عن الاستغراب لتوقفه على توقيف . وقال بعضهم : إن الله قدمهما فاستعمل أبا بكر بالرفق والتدبير وعمر بالصلابة والصرامة في إعلاء الدين ومحاسبة [ ص 461 ] الخلق على الذرة والخردلة وفاء بما قلد ، وقيل لأبي بكر الصديق لكمال تصديقه بالإيمان وقيل لعمر فاروق لفرقانه بين الحق والباطل بإحكام وإتقان ، وظاهر صنيع المصنف أن ذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته كما في اللسان ومن بهما على فأطيعوهما واقتدوا بهما ومن أرادهما بسوء فإنما يريدني والإسلام اه‍ بنصه . - (ابن النجار) في تاريخه (عن أنس) وساقه الحافظ ابن حجر بإسناده ثم قال : وهذا حديث باطل ورجاله مذكورون بالثقة ما خلا الحسن بن إبراهيم القصبي فإني لا أعرفه ورجال إسناده سوى شيخنا وشيخه واسطيون اه‍ . 7961 - (ما قطع من البهيمة) بنفسه أو بفعل فاعل (وهي حية فهو ميتة) فإن كان طاهرا فطاهر أو نجسا فنجس ، فيد الآدمي طاهرة وألية الخروف نجسة ، ما خرج عن ذلك إلا نحو شعر المأكول وصوفه وريشه ووبره ومسكه وفارته فإنه طاهر لعموم الاحتياج له . - (حم د ت ك عن أبي واقد) الليثي صحابي مات سنة 138 (ه ك عن ابن عمر) بن الخطاب (ك عن أبي سعيد) الخدري (طب عن تميم) الداري قال : كانوا في الجاهلية يحبون أسنة الإبل وأليات الغنم فيأكلونها فذكره ، قال الحاكم : صحيح فاستدرك عليه الذهبي فقال : قلت ولا تشد يدك . 7962 - (ما قل وكفى) من الدنيا (خير مما كثر وألهى) هذا من طريق الاقتصاد المحمود الممدوح فينبغي للمرء أن يقلل أسباب الدنيا ما أمكن فإن قليلها يلهي عن كثير من الآخرة ، فالكثير يلهي القلب عن الرب والآخرة بما يحدث له من الكبر والطغيان على الحق * (إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى) * (العلق : 6) قال بعضهم : خذ من الدنيا ما شئت وخذ من الهم أضعافه ، وسمى الدنيا لهوا لأنها تلهي القلب عن كل خير وتلهو بكل شر . وهذا الحديث قد عده العسكري وغيره من الحكم والأمثال . (ع
[ 589 ]
والضياء) المقدسي في المختارة (عن أبي سعيد) الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الأعواد يقول ذلك فقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير صدقة بن الربيع وهو ثقة . 7963 - (ما كان الفحش في شئ قط إلا شانه) أي عابه ، والشين العيب (ولا كان الحياء في شئ قط إلا زانه) قال الطيبي : فيه مبالغة أي لو قدر أن يكون الفحش أو الحياء في جماد لشانه أو زانه فكيف بالإنسان ؟ وأشار بهذين إلى أن الأخلاق الرذلة مفتاح كل شر بل هي الشر كله والأخلاق الحسنة السنية مفتاح كل خير بل هي الخير كله ، قال ابن جماعة : وقد بلي بعض أصحاب النفوس الخبيثة من فقهاء الزمان بالفحش والحسد والعجب والرياء وعدم الحياء اه‍ . وأقول : ليت ابن جماعة عاش إلى الآن حتى رأى علماء هذا الزمان . - (حم خد ت) في البر (ه) كلهم (عن أنس) بن مالك قال الترمذي : حسن غريب رمز المصنف لحسنه . 7964 - (ما كان الرفق في شئ إلا زانه وما نزع من شئ إلا شانه) لأن به تسهل الأمور وبه يتصل بعضها ببعض وبه يجتمع ما تشتت ويأتلف ما تنافر وتبدد ويرجع إلى المأوى ما شذ وهو مؤلف للجماعات جامع للطاعات ، ومنه أخذ أنه ينبغي للعالم إذا رأى من يخل بواجب أو يفعل محرما أن يترفق في إرشاده ويتلطف به ، روي عن أبي أمامة أن شابا أتى المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال له : إئذن لي في الزنا فصاح الناس به فقال : ادن مني فدن فقال : أتحبه لأمك ؟ قال : لا [ ص 462 ] قال : فالناس لا يحبونه لأمهاتهم ، أتحبه لابنتك ؟ قال : لا قال : فالناس لا يحبونه لبناتهم ، حتى ذكر الزوجة والعمة والخالة ثم دعى له ، فلم يكن بعد شئ أبغض إليه من الزنا ولأبي الفتح البستي : من جعل الرفق في مقاصده * وفي مراقيه سلما سلما والصبر عون الفتى وناصره * وقل من عنده ندما ندما كم صدمة للزمان منكرة * لما رأى الصبر صدما صدما (عبيد الله بن حميد والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك وهو في مسلم بلفظ وما كان الخرق في شئ قط إلا شانه وبقية المتن بحاله ورواه البزار عن أنس أيضا بلفظ ما كان الرفق في شئ قط إلا زانه وما كان الخرق في شئ قط إلا شانه وإن الله رفيق يحب الرفق قال المنذري : إسناده لين . 7965 - (ما كان بين عثمان ورقية وبين لوط من مهاجر) يعني أنها أول من هاجر إلى أرض الحبشة وهما أول من هاجر بعد لوط فلم يتخلل بين هجرة لوط وهجرتها هجرة . - (طب عن زيد بن ثابت) رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : فيه خالد العثماني وهو متروك .
[ 590 ]
7966 - (ما كان من حلف) بكسر فسكون أي معاقدة ومعاهدة على تعاضد وتناصر وتساعد وإنفاق ونصرة مظلوم ونحو ذلك قال الطيبي : ومن زائدة لأن الكلام غير موجب (في الجاهلية) قبل الإسلام (فتمسكوا به) أي بأحكامه (ولا حلف في الإسلام) فإن الإسلام نسخ حكمه . - (حم عن قيس بن عاصم) التميمي المنقري وفد سنة تسع وكان شريفا عاقلا حليما جوادا سيد أهل الوبر رمز المصنف لحسنه وظاهر صنيع المصنف أنه لا يوجد مخرجا لأحد من الستة وهو كذلك بالنسبة للفظ لكن هو بمعناه في أبي داود في مواضع ولفظه لا حلف في الإسلام وما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لا يزبده إلا شدة اه‍ . 7967 - (ما كان ولا يكون إلى يوم القيامة مؤمن إلا وله جار يؤذيه) سنة الله في خلقه لا تتحول ولا تتزلزل وجرب أن من أوذي فصبر فله الظفر ، وفي خبر من آذى جاره أورثه الله داره ، قال الزمخشري : عاينت هذا في مدة قريبة كان لي خال يظلمه عظيم القرية التي أنا منها ويؤذيني فيه فمات وملكني الله ضيعته فنظرت يوما إلى أبناء خالي يترددون في داره ويدخلون ويخرجون ويأمرون وينهون فذكرت هذا الحديث وحدثتهم به ولقد أحسن من قال من أجار جاره أعاذه الله وأجاره . - (فر عن علي) أمير المؤمنين وفيه علي بن موسى الرضي قال ابن طاهر : يأتي عن آبائه بعجائب وقال الذهبي : الشأن في صحة الإسناد إليه . 7968 - (ما كانت نبوة قط إلا كان بعدها قتل وصلب) معنى الكينونة الإنتفاء ، أراد أن تكنى النبوة بدون تعقيبها بذلك محال . - (طب والضياء) المقدسي في المختارة (عن طلحة) بن عبيد الله قال الهيثمي : وفيه من لم نعرفه اه‍ . 7969 - (ما كانت نبوة قط إلا تبعتها خلافة ولا كانت خلافة قط إلا تبعها ملك ولا كانت صدقة قط إلا كان مكسا) [ ص 463 ] وإلى ذلك وقعت الإشارة في فواتح سورة آل عمران قال الحرالي : انتظم فيها أمر النبوة في التنزيل والإنزال وأمر الخلافة في ذكر الراسخين في العلم الذين يقولون * (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا) * وانتظم برؤوس تلك المعاني ذكره الملك الذي آتى الله هذه الأمة
[ 591 ]
وخص به من لاق به الملك كما خص بالخلافة من صلحت له الخلافة كما تعين للنبوة الخاتمة من لا يحملها سواه ، وكمخص بالخلافة آل محمد ورؤوس فقراء المهاجرين خصص بالملك الطلقاء الذين كانوا عتقاء الله ورسوله لينال كل من رحمة الله وفضله التي ولي جميعها نبيه كل طائفة حتى اختص بالتقدم قريش ثم العرب ما كانت إلى ما صار له الأمر بعد الملك من سلطنة وتجبر . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن عبد الرحمن بن سهل) بن زيد بن كعب الأنصاري ، شهد أحدا والخندق ، بل قال ابن عبد البر : بدري . وفي إبراهيم بن طهمان نقل الذهبي عن بعضهم تضعيفه . وأخرج ابن عساكر في ترجمة عبد الرحمن هذا ما يفيد أن سبب راويته هذا الحديث قال : غزا عبد الرحمن هذا في زمن عثمان ومعاوية أمير على الشام فمرت به روايا خمر فنقر كل رواية منها برمحه فناوشه غلمان حتى بلغ معاوية فقال : دعوه فإنه شيخ ذهب عقله فقال : كذبت والله ما ذهب عقلي لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخله بطوننا وأسقيتنا وأحلف بالله لئن أنا بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبقرن بطنه أولا مرتين اه‍ . 7970 - ثم ساق له هذا الحديث المشروح (ما كبيرة بكبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة بصغيرة مع الإصرار) - (ابن عساكر) في التاريخ (عن عائشة) بإسناد ضعيف لكن للحديث شواهد . 7971 - (ما كربني أمر إلا تمثل لي جبريل فقال يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا) أمره بأن يثق به ويسند أمره إليه في استكفاء ما ينوبه مع التمسك بقاعدة التوكل وعرفه أن الحي الذي لا يموت حقيق بأن يتوكل عليه وحده ولا يتكل على غيره من الأحياء الذين يموتون ، وعن بعض السلف أنه قال : لا يصح لذي عقل أن يثق بعدها بمخلوق . ذكره الزمخشري . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (الفرج) بعد الشدة (والبيهقي في) كتاب (الأسماء) والصفات (عن أبي) محمد (إسماعيل بن) مسلم (بن أبي فديك) بضم الفاء المهملة وسكون التحتية وبالكاف اسمه دينار (مرسلا) بفتح السين وكسرها قال في التقريب : صدوق من الثالثة (ابن صصري في أماليه) الحديثية (عن أبي هريرة) مرفوعا . 7972 - (ما كرهت أن تواجه به أخاك) في الإسلام (فهو غيبة) فيحرم لكن الغيبة تباح للضرورة
[ 592 ]
ونحوها وقد ذكر ابن العماد أنها تباح في ست وثلاثين موضعا ونظمها . (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك . 7973 - (ما كرهت أن يا الناس منك فلا تفعله بنفسك إذا خلوت) أي كنت في خلوة بحيث لا يراك إلا الله تعالى [ ص 464 ] والحفظة ، وهذا ضابط وميزان . - (حب عن أسامة) بن شريك الثعلبي بمثلثة ومهملة ، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة على الصحيح (ابن عساكر) في تاريخه (عن أنس) بن مالك . 7974 - (ما لقي الشيطان عمر منذ أسلم إلا خر لوجهه) لأنه لما قهر شهوته وأمات لذته خاف منه الشيطان ، وفي التوراة من غلب شهوات الدنيا فرق الشيطان من ظله ، ومثل عمر كإنسان ذي سلطان وهيبة استقبله مريب رفع عنه أمور شنيعة وعرفه بالعداوة فانظر ماذا يحل بقلب المريب إذا لقيه فإن ذهبت رجلاه أو خر لوجهه فغير مستنكر ، قال البيضاوي : وفيه تنبيه على صلابته في الدين واستمراره على الجد الصرف والحق المحض ، وقال النووي : هذا الحديث محمول على ظاهره وأن الشيطان يفر منه إذا رآه ، وقال عياض : يحتمل أن يكون على سبيل ضرب المثل وأن عمر فارق سبيل الشيطان وسلك طريق السداد فخالف كل ما يحبه الشيطان . قال القرطبي : وبقاؤه على ظاهره أظهر قال : والمراد بالشيطان الجنس . (ابن عساكر) في تاريخه (عن حفصة) بنت عمر قال الحافظ العراقي : وهو متفق عليه بلفظ يا ابن الخطاب ما لقيك الشيطان سالكا فجا - الحديث . 7975 - (ما لي أراكم عزين) بتخفيف الزاي مكسورة متحلقين حلقة حلقة جماعة جماعة جمع عزة وهي الجماعة المتفرقة والهاء عوض عن الياء أي ما لي أراكم أشتاتا متفرقين . قال الطيبي : هذا إنكار منه على رؤية أصحابه متفرقين أشتاتا ، والمقصود الإنكار عليهم كائنين على تلك الحالة يعني لا ينبغي أن تتفرقوا ولا تكونوا مجتمعين بعد توصبتي إياكم بذلك ، كيف وقد قال الله تعالى * (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) * ولو قال ما لكم متفرقون لم يفد المبالغة ونظيره قوله تعالى حكاية عن سليمان * (ما لي لا أرى الهدهد) * أنكر على نفسه عدم رؤيته إنكارا بليغا على معنى أنه لا يراه وهو حاضر ، وهذا قاله وقد خرج على أصحابه فرآهم حلقا فذكره ثم قال : ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها يتمون الصف الأول فالأول ويتراصون في الصفوف وهذا لا ينافيه أن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يجلس في المسجد وأصحابه محدقون كالمتحلقين لأنه إنما كره تحلقهم على ما لا فائدة فيه ولا منفعة بخلاف تحلقهم حوله فإنه لسماع العلم والتعلم منه . - (حم م د) كلهم في الصلاة (عن
[ 593 ]
جابر بن سمرة) قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فرأيناه حلقا فذكره ورواه عنه أيضا النسائي وابن ماجه خلافا لما يوهمه صنيع المصنف من تفرد ذينك به على الستة . 7976 - (ما لي وللدنيا) أي ليس لي ألفة ومحبة معها ولا أنها معي حتى أرغب فيها أو ألفة وصحبة لي مع الدنيا ؟ وهذا قاله لما قيل له ألا نبسط لك فراشا لينا ونعمل لك ثوبا حسنا ؟ قال الطيبي : واللام في الدنيا مقحمة للتأكيد إن كانت الواو بمعنى مع وإن كانت للعطف فتقديره ما لي وللدنيا معي (ما أنا في الدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها) أي ليس حالي معها إلا كحال راكب مستظل قال الطيبي : وهذا تشبيه تمثيلي ووجه الشبه سرعة الرحيل وقلة المكث ومن ثم خص الراكب . ومقصوده أن الدنيا زينت للعيون والنفوس فأخذت بهما استحسانا ومحبة ولو باشر القلب معرفة حقيقتها ومعتبرها لأبغضها ولما آثرها على الآجل الدائم قال عيسى عليه الصلاة والسلام : يا معشر الحواريين أيكم يستطيع أن يبني على موج البحر دارا ؟ قالوا : يا روح الله ومن يقدر ؟ قال : إياكم والدنيا فلا تتخذوها قرازا وقال الحكيم : جعل الله الدنيا ممرا والآخرة مقرا والروح عارية والرزق بلغة والمعاش حجة والسعي خيرا ودعا من دار [ ص 465 ] الآفات إلى دار السلام ومن السجن إلى البستان وذلك حال كل إنسان لكن للنفس أخلاق دنية ردية تعمى عن كونها دار ممر وتلهى عن تذكر كون الآخرة دار مقر ولا يبصر ذلك إلا من اطمأنت نفسه وماتت شهوته واستنار قلبه بنور اليقين فلذلك شهد المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه الحال في نفسه ولم يضفها لغيره وإن كان سكان الدنيا جميعا كذلك لعماهم عما هنالك وهذا لما مر بقوم يعالجون خصا قال : ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك . - (حم ت ه ك) في الرقائق (والضياء) المقدسي (عن ابن مسعود) قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم على حصير قد أثر في جنبه فبكيت فقال : ما يبكيك قلت : كسرى وقيصر على الخز والديباج وأنت نائم على هذا الحصير فذكره قال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح غير هلال بن حبان وهو ثقة وقال الحاكم : على شرط البخاري وأقره الذهبي . 7977 - (ما مات نبي إلا دفن حيث يقبض) ولهذا سأل موسى ربه عند قبض روحه أن يدنيه من الأرض المقدسة لأنه لا يمكن نقله إليها بعد موته بخلاف غير الأنبياء فإنهم ينقلون من بيوتهم التي ماتوا فيها إلى مدافنهم ومقابرهم فالأفضل في حق من عدا الأنبياء الدفن في المقبرة قال ابن العربي : وهذا الحديث يرد قول الاسرائيلية أن يوسف نقل إلا أن يكون ذلك مستثنى إن صح . - (د عن أبي بكير) الصديق وذلك أنهم اختلفوا لما مات النبي صلى الله عليه وسلم في المكان الذي يحفر فيه فقيل يدفن بمسجده وقيل مع أصحابه فقال أبو بكر سمعته يقول فذكره . 7978 - (ما محق الإسلام محق الشح شئ) لأن الإسلام هو تسليم النفس والمال لحقوق الله فإذا
[ 594 ]
جاء الشح فقد ذهب بذل المال ومن شح به فهو بالنفس أشح ومن جاد بالنفس كان بالمال أجود فالشح يمحق الإسلام ولا يعادله في ذلك شئ قال الكشاف : والشح بالضم والكسر اللؤم وأن تكون نفس الرجل كزة حريصة على المنع كما قال : يمارس نفسا بين جنبيه كزة * إذا هم بالمعروف قالت له مهلا وقد أضيف إلى النفس لأنه غريزة فيها وأما البخل فهو المنع نفسه اه‍ والمحق النقص والمحو الإبطال . - (ع عن أنس) بن مالك وضعفه المنذري وقال الهيثمي : فيه علي بن أبي سارة وهو ضعيف وقال في محل آخر : رواه أبو يعلى والطبراني وفيه عمر بن الحصين وهو مجمع على ضعفه . 7979 - (ما مررت ليلة أسري بي بملأ) أي جماعة (من الملائكة إلا قالوا يا محمد مر أمتك بالحجامة) لأنهم من بين الأمم كلهم أهل يقين فإذا اشتغل نور اليقين في القلب ومعه حرارة الدم أضر بالقلب وبالطبع وقال التوربشتي : وجه مبالغة الملائكة في الحجامة سوى ما عرف منها من المنفعة العائدة على الأبدان أن الدم مركب من القوى النفسانية الحائلة بين العبد وبين الترقي إلى الملكوت الأعلى والوصول إلى الكشوف الروحانية وغلبته تزيد جماح النفس وصلابتها فإذا نزف الدم أورثها ذلك خضوعا وجمودا ولينا ورقة وبذلك تنقطع الأدخنة المنبعثة عن النفس الأمارة وتنحسم مادتها فتزداد البصيرة نور إلى نورها . - (ه) في الطب (عن أنس) بن مالك (ت) فيه (عن ابن مسعود) قال الترمذي : حسن غريب وقال المناوي : حديث ابن ماجه منكر اه‍ . وفيه كثير بن سليم الضبي ضعفوه كما في الميزان وعدوا من مناكيره هذا وأقول : في سند الترمذي أحمد بن بديل الكوفي قال في الكاشف : لينه ابن عدي والدارقطني ورضيه النسائي وعبد الرحمن بن إسحاق قال في الكاشف : ضعفوه . 7980 - (ما مسخ الله من شئ فكان له عقب ولا نسل) فليس القردة والخنازير الموجودون الآن أعقاب من مسخ من [ ص 466 ] بني آدم كما زعمه بعض الناس رجما بالغيب كما مر . - (طب) وكذا أبو يعلى (عن أم سلمة) رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه ليث بن سليم مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح . 7981 - (ما من الأنبياء من نبي) الأولى زائدة والثانية بيانية (إلا وقد أعطي من الآيات) أي المعجزات (ما) موصوفة بمعنى شيئا أو موصولة (مثله) بمعنى صفته وهو مبتدأ وخبره (آمن عليه البشر) والجملة الاسمية صفة ما أو صلتها والجار والمجرور متعلق بآمن لتضمنه معنى الإطلاع أو بحال محذوف أي ليس نبي إلا أعطاه الله من المعجزات شيئا من صفته أنه إذا شوهد اضطر المشاهد إلى
[ 595 ]
الإيمان به فإذا مضى زمنه انقضت تلك المعجزة (وإنما كان الذي أوتيته) من المعجزات أي معظمه وإلا فمعجزاته لا تحصى وحيا) قرآنا (أوحاه الله إلي) مستمرا على مر الدهور ينتفع به حالا ومآلا وغيره من الكتب ليست معجزته من جهة النظم والبلاغة فانقضت بانقضاء أوقاتها فحصره المعجزة في القرآن ليس لنفيها عن غيره بل لتميزه عنها بما ذكر وبكونه المعجزة الكبرى الباقية المستمرة المحفوظة عن التغيير والتبديل الذي تقهر المعاند وتفحمه فكأن المعجزات كلها محصورة فيه ونظيره * (إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم) * أي إنما المؤمنون الكاملون في الإيمان * (إنما أنت منذر) * أي بالنسبة لمن لا يؤمن * (إنما أنا بشر مثلكم) * أي بالنسبة لعدم الإطلاع على بواطن الأمور * (إنما الحياة الدنيا لعب ولهو) * أي بالنسبة لمن آثرها (فأرجو) أي أؤمل (أن أكون أكثرهم تبعا يوم القيامة) أراد اضطرار الناس إلى الإيمان به إلى يوم القيامة وذكر ذلك على وجه الترجي لعدم العلم بما في الأقدار السابقة . - (حم ق عن أبي هريرة) . 7982 - (ما) نافية (من) زائدة (الذكر) مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه اسم ما إن جعلت حجازية وعلى الابتداء إن جعلت تميمية (أفضل) بنصبه بالفتحة أصالة خبر ما إن جعلت حجازية ونيابة عن الجر صفة لذكر (من) قول (لا إله إلا الله) أي لا معبود بحق في الوجود إلا الله تعالى (ولا من الدعاء أفضل من الاستغفار) أي قول أستغفر الله وتمامه عند الطبراني ثم تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم * (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) * . - (طب عن ابن عمرو) رمز لحسنه قال الهيثمي : فيه الإفريقي وغيره من الضعفاء . 7983 - (ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر بينما القمر يضئ إذ علته سحابة فأظلم إذ تجلت) سببه كما في الفردوس أن عمر سأل عليا فقال الرجل يحدث الحديث إذ نسيه إذ ذكره فقال علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . (تنبيه) في تذكرة أبي حيان سألني قاضي القضاة أبو الفتح القشيري يعني ابن دقيق العيد ما وجه الاستثناء الواقع في خبر ما منكم من أحد يقوم فيمضمض ويستنشق وينتثر إلا خرجت الخطايا من فيه وأنفه ، فأجبته أحد مبتدأ ومن زائدة ويقوم ويمضمض ويستنشق وينتثر صفات لأحد وإلا خرجت هو الخبر لأنه محط الفائدة . والمعنى ما أحد يفعل هذه الأشياء إلا كان كذا . وقس على ذلك . - (طس عن علي) أمير المؤمنين ورواه أبو نعيم والديلمي .
[ 596 ]
7984 - (ما من آدمي) من زائدة كما سبق وهي هنا تفيد عموم النفي وتحسين دخول ما على النكرة (إلا في رأسه حكمة) [ ص 467 ] وهي بالتحريك ما يجعل تحت حنك الدابة يمنعها المخالفة كاللجام والحنك متصل بالرأس (بيد ملك) موكل به (فإذا تواضع) للحق والخلق (قيل للملك) من قبل الله تعالى (ارفع حكمته) أي قدره ومنزلته يقال فلان عالي الحكمة ، فرفعها كناية عن الاعذار (فإذا تكبر قيل للملك ضع حكمته) كناية عن إذلاله فإن من صفة الذليل تنكيس رأسه فثمرة التكبر في الدنيا الذلة بين عباد الله وفي الآخرة نار الإيثار وهي عصارة أهل النار كما جاء في بعض الأخبار . - (طب عن ابن عباس ، البزار عن أبي هريرة) رمز لحسنه وهو كما قال فقد قال المنذري والهيثمي : إسنادهما حسن لكن قال ابن الجوزي : حديث لا يصح . 7985 - (ما من أحد يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل) قال الكرماني : هو استثناء من أعم الصفات أي ما أحد يدعو كائنا بصفة إلا بصفة الإيتاء إلخ (أو كف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم) فكل داع يستجاب له لكن تتنوع الإجابة فتارة تقع بعين ما دعا به وتارة بعوضه بحسب ما تقتضيه مصلحته وحاله فأشار به إلى أن من رحمة الله بعبده أن يدعو بأمر دنيوي فلا يستجاب له بل بعوضه خيرا منه من صرف سوء عنه أو ادخار ذلك له في الآخرة أو مغفرة ذنبه وفيه تنبيه على شرف الدعاء وعظم فائدته أعطى العبد المسؤول أو منع ، وكفى بالدعاء شرفا أنه تعالى جعل قلبه بالرغبة إليه ولسانه بالثناء عليه وجوارحه بالمسؤول بين يديه فلو أعطى الملك كله كان ما أعطى من الدعاء أكثر فدل على أن الداعي مجاب لا محالة كما تقرر . - (حم ت) في الدعوات وكذا الحاكم (عن جابر) بن عبد الله رمز لحسنه وفيه ابن لهيعة وقال الصدر المناوي : في سنده مقال . 7986 - (ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي) وفي رواية إلي قال القسطلاني : وهو ألطف وأنسب إذ بين التعديتين فرق لطيف فإن رد يتعدى كما قال الراغب بعلى في الإهانة وبإلى في الإكرام (روحي) يعني رد علي نطقي لأنه حي على الدوام وروحه لا تفارقه أبدا لما صح أن الأنبياء أحياء في قبورهم (حتى أرد) غاية لرد في معنى التعليل أي من أجل أن أرد (عليه السلام) هذا ظاهر في استمرار حياته لاستحالة أن يخلو الوجود كله من أحد يسلم عليه عادة ومن خص الرد بوقت الزيارة فعليه البيان فالمراد كما قال ابن الملقن وغيره بالروح النطق مجازا وعلاقة المجاز أن النطق من لازمه وجود الروح
[ 597 ]
كما أن الروح من لازمه وجود النطق بالفعل أو القوة وهو في البرزخ مشغول بأحوال الملكوت مستغرق في مشاهدته مأخوذ عن النطق بسبب ذلك ، ولهذا قال ابن حجر : الأحسن أن يؤول رد الروح بحضور الفكر كما قالوه في خبر يغان على قلبي وقال الطيبي : لعل معناه تكون روحه القدسية في شأن ما في الحضرة الالهية فإذا بلغه سلام أحد من الأمة رد الله روحه من تلك الحالة إلى رد سلام من سلم عليه وكذا شأنه وعادته في الدنيا يفيض على أمته من سبحات الوحي الالهي ما أفاضه الله عليه ولا يشغله هذا الشأن وهو شأن إفاضة الأنوار القدسية على أمته عن شغله بالحضرة كما كان في عالم الشهادة لا يشغله شأن عن شأن والمقام المحمود في الآخرة عبارة عن هذا المعنى فهو في الدنيا والبرزخ والعقبى في شأن أمته وههنا أجوبة كثيرة هذا أرجحها ورده المصنف وغيره بما لا طائل تحته . - (د عن أبي هريرة) قال في الأذكار والرياض : إسناده صحيح وقال ابن حجر : رواته ثقات ورواه عنه أيضا الإمام أحمد في المسند لكن لفظه إلي بدل علي ولم يخرجه من الستة غير أبي داود فقوله في الفجر المنير خرجه الترمذي وهم . 7987 - (ما من أحد يموت إلا ندم) قالوا : وما ندامته يا رسول الله قال : (إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد) أي خيرا أي من عمله (وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع) أي أقلع عن الذنوب ونزع نفسه عن ارتكاب المعاصي وتاب وصلح حاله ولهذا يتعين اغتنام العمر إذ هو لا قيمة له ولا عوض عنه . ومن ثم قال أحمد بن حنبل : الدنيا دار عمل والآخرة دار جزاء فمن لم يعمل هنا ندم هناك وقال ابن جبير : كل يوم عاشه المؤمن غنيمة فإياك والتهاون فيه فتقدم المعاد من غير زاد قال الزمخشري : الندم ضرب من النعم وهو أن تغتم على ما وقع منك وتتمنى أنه لم يقع وهو غم يصحب الإنسان صحبة لها دوام ولزام لأنه لما تذكر المتندم عليه راجعه ، من الندام وهو لزام الشئ ودوام صحبته . ومن مقلوباته أدمن الأمر إدامة ومدن بالمكان أقام ومنه المدينة . - (ت) في الزهد من حديث يحيى بن عبيد الله ابن عبد الله بن موهب عن أبيه (عن أبي هريرة) وضعفه المنذري وقال الذهبي : يحيى ضعفوه ووالده قال أحمد : له مناكير اه‍ . وقال الديلمي : منكر الحديث . 7988 - (ما من أحد يحدث في هذه الأمة حدثا لم يكن) أي لم يشهد له أصل من أصول الشريعة ولم يدخل تحت قوانينها (فيموت حتى يصيبه ذلك) أي وباله . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير مسلمة بن سيس وثقه ابن حبان . 7989 - (ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه ثنتين وسبعين زوجة) أي جعلهن زوجات له
[ 598 ]
وقيل قرنه بهن من غير عقد تزويج (ثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل النار) قال هشام أحد رواته : يعني رجالا دخلوا النار فورث أهل الجنة نساءهم كما ورثت امرأة فرعون . وأخذ منه أن الله أعد لكل واحد من الخلق زوجتين فمن حرم ذلك بدخوله النار من أهلها وزعت زوجاتهم على أهل الجنة كما توزع المنازل التي أعدت في الجنة لمن دخل النار من أهلها كما يوضحه خبر ما من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار فإذا مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزليه فذلك قوله * (أولئك هم الوارثون) * وظاهره استواء أهل الجنة في هذا العدد من الزوجات اثنتين منهن بطريق الأصالة وسبعين بطريق الوراثة عن أهل النار فيستنبط منه أن نسبة رجال أهل الجنة إلى رجال أهل النار كنسبة سدس سدسهم وهو نسبة الاثنين إلى جملة اثنين وسبعين لأن سدسها اثني عشر وظاهره أيضا أن هذه الزوجات كلهن من الحور لأن الثنتين اللتين لكل واحد بطريق الأصالة منهن فاللاتي بطريق الإرث كذلك فهن غير الزوجات من الإنس وقد جاء مصرحا به في خبر أحمد إن أدنى أهل الجنة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة إلى أن قال وله من الحور العين اثنتين وسبعين زوجة سوى أزواجه من الدنيا وقضية هذا الخبر استواء أهل الجنة في ذلك وأنه لا يزاد على هذا العدد ولو للبعض وعورض بخبر الترمذي إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة وأجيب بحمل ذلك على الآدميات وذا على الحور وقال ابن حجر : ما ذكر من العدد قد ورد في أخبار أخر أقل منه . وأكثر ما وقفت عليه ما أخرجه أبو الشيخ [ ابن حبان ] في العظمة والبيهقي في البعث من حديث ابن أبي أوفى رفعه إن الرجل من أهل الجنة ليزوج خمسمائة حوراء وإنه ليفضي إلى أربعة آلاف بكر وثمانية آلاف [ ص 469 ] ثيب وفيه راو لم يسم وفي الطبراني إن الرجل من أهل الجنة ليفضي إلى مائة عذراء قال ابن القيم : ليس في الأخبار الصحيحة زيادة على زوجتين سوى ما في حديث أبي موسى إن في الجنة لخيمة إلخ واستدل أبو هريرة بهذا الحديث ونحوه على أن النساء في الجنة أكثر من الرجال كما خرجه مسلم وغيره (ما منهن واحدة إلا ولها قبل شهي وله ذكر لا ينثني) وإن توالى جماعه وتكثر ، فإن قيل : فائدة المنكوح التوالد وحفظ النوع وهو مستغنى عنه في الجنة قلنا : مناكح الجنة وسائر أحوالها إنما تشارك نظائرها الدنيوية في بعض الصفات والاعتبارات لا في تمام حقيقتها حتى يستلزم جميع ما يلزمها ويفيد عين فائدتها . - (ه عن أبي أمامة) الباهلي قال الدميري : انفرد به ابن ماجه أي وفيه خالد بن يزيد وهاه ابن معين مرة وكذبه أخرى وساق الذهبي من مناكيره هذا الخبر وقال ابن حجر : هذا الحديث سنده ضعيف جدا . 7990 - (ما من أحد يؤمر على عشرة) أي يجعل أميرا عليها (فصاعدا) أي فما فوقها (إلا جاء يوم القيامة في الأصفاد والأغلال) حتى يفكه عدله أو يوبقه جوره هكذا جاء في رواية أخرى وكتب
[ 599 ]
عمر بن عبد العزيز إلى بعض عماله أما بعد فقد أمكنتك القدرة من ظلم العباد فإذا هممت بظلم أحد فاذكر قدرة الله عليك واعلم أنك لا تأتي الناس شيئا إلا كان زائلا عنهم باقيا عليك والله آخذ للمظلوم من الظالم والسلام . - (ك) في الأحكام (عن أبي هريرة) وقال : صحيح وأقره عليه الذهبي . 7991 - (ما من أحد يكون على شئ من أمور هذه الأمة فلا يعدل فيهم إلا كبه الله تعالى في النار) أي صرعه وألقاه فيها على وجهه ، وهذا وعيد شديد يفيد أن جور القاضي وغيره كبيرة قال الذهبي : وإذا اجتمع في القاضي قلة علم وسوء قصد وأخلاق زعرة فقد تمت خسارته ولزمه عزل نفسه ليخلص من النار . - (ك) في الأحكام (عن معقل بن سنان) الأشجعي شهد الفتح حاملا لواء قومه قتل يوم الحرة صبرا قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر : إسناده قوي . 7992 - (ما من أحد إلا وفي رأسه عروق من الجذام تنقر) أي تتحرك وتعلو وتهيج (فإذا هاج سلط الله عليه الزكام فلا تداووا له) أي للزكام وفيه خبر رواه ابن عدي والبيهقي وضعفاه عن أنس مرفوعا لا تكرهوا أربعة فإنها لأربعة لا تكرهوا الرمد فإنه يقطع عروق العمى ولا تكرهوا الزكام فإنه يقطع عروق الجذام ولا تكرهوا السعال فإنه يقطع عروق الفالج ولا تكرهوا الدماميل فإنها تقطع عروق البرص . - (ك) في الطب (عن عائشة) كذا أورده الحاكم في المستدرك وتعقبه الذهبي فقال : قلت كأنه موضوع وفيه عبد الرحمن الكديمي متهم بالوضع اه‍ وسبقه ابن الجوزي فحكم بوضعه وسلمه المؤلف في مختصر الموضوعات فإنه لم يتعقبه إلا بأن الحاكم خرجه وأن الذهبي تعقبه بأنه موضوع وسكت على ذلك . 7993 - (ما من أحد يلبس ثوبا ليباهي به) أي يفاخر به (فينظر الناس إليه إلا لم ينظر الله إليه حتى ينزعه متى ما نزعه) أي [ ص 470 ] وإن طال لبسه إياه طال إعراض الله عنه والمراد بالثوب ما يشمل العمامة والإزار وغيرهما . (طب عن أم سلمة) وضعفه المنذري قال الهيثمي : فيه عبد الخالق بن زيد بن واقد وهو ضعيف وبه عرف ما في رمز المؤلف لحسنه 7994 - (ما من أحد من أصحابي يموت بأرض إلا بعث قائدا) أي بعث ذلك الشخص من
[ 600 ]
أصحابي قائدا لأهل تلك الأرض إلى الجنة (ونورا لهم يوم القيامة) يسعى بين أيديهم فهم يمشون في ضوئه ، وإطلاقه شامل للذكر والأنثى ولمن عرف به بطول الصحبة له والملازمة وغيره وهذا قد عده بعضهم من خصائصه . - (ت) في المناقب (والضياء) في المختارة (عن بريدة) قال الترمذي : غريب وإرساله أصح . 7995 - (ما من أحد من أصحابي) وفي رواية ما منكم من أحد (إلا ولو شئت لأخذت عليه في بعض خلقه) بالضم (غير أبي عبيدة) عامر (بن الجراح) قد كشف بهذا الحديث عن سر كونه أمين هذه الأمة فبين أن أبا عبيدة إنما ظفر بهذه الخصلة حتى صار واحد هذه الأمة في الأمانة بما أخبر به هنا من طهارة خلقه ويخرج من ذلك أن الأمانة من حسن الخلق والخيانة من سوء الخلق . - (ك) في الفضائل (عن الحسن) البصري (مرسلا) ظاهره أنه لا علة فيه غير الإرسال وليس كذلك ففيه مبارك بن فضالة أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه أحمد والنسائي . 7996 - (ما من إمام أو وال) يلي من أمور الناس شيئا وفي رواية ما من إمام ولا وال (يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة) بفتح المعجمة (والمسكنة) أي يمنعهم من الولوج عليه وعرض أحوالهم عليه ويترفع عن استماع كلامهم (إلا أغلق الله أبواب السماء دون خلته وحاجته ومسكنته) يعنى منعه عما يبتغيه وحجب عنه دعاءه من الصعود إليه جزاء وفاقا ، قال ابن حجر : فيه وعيد شديد لمن كان حاكما بين الناس فاحتجب لغير عذر لما فيه من تأخير إيصال الحقوق أو تضييعها والفرق بين الحاجة والخلة والفقر أن الحاجة ما يهتم به الإنسان وإن لم يبلغ حد الضرورة بحيث لو لم يحصل لاختل أمره ، والخلة ما كان كذلك مأخوذ من الخلل لكن ربما يبلغ حد الاضطرار بحيث لو فقد لامتنع التعيش ، والفقر هو الاضطرار إلى ما لا يمكن التعيش دونه مأخوذ من الفقار كأنه كسر فقاره ولذلك فسر الفقير بأنه الذي لا شئ له ، ذكره القاضي - (حم ت) في الأحكام (عن عمرو بن مرة) بضم الميم ضد حلوة الجهني له صحبة مات زمن عبد الملك ورواه عنه أيضا الحاكم وقال : صحيح الإسناد وأقروه ومن ثم رمز المؤلف لحسنه . 7997 - (ما من أحد) إمام (يعفو عند الغضب إلا عفا الله عنه يوم القيامة) أي تجاوز عن ذنوبه مكافأة له على إحسانه لخلقه بكظم الغضب عند غلبته . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن مكحول مرسلا) .
[ 601 ]
7998 - (ما من أمة إلا وبعضها في النار وبعضها في الجنة إلا أمتي فإنها كلها في الجنة) قال المظهر : هذا مشكل إذ مفهومه [ ص 471 ] أن لا يعذب أحد من أمته حتى أهل الكبائر وقد ورد أنهم يعذبون إلا أنه يؤول بأنه أراد بأمته هنا من اقتدى به كما ينبغي واختصاصهم من بين الأمم بعناية الله ورحمته وأن المصائب في الدنيا مكفرة لهم . - (خط) في ترجمة عبد الله بن أبي مزاحم (عن ابن عمر) بن الخطاب وفيه أحمد بن محمد بن الحجاج البغدادي قال ابن الجوزي عن ابن عدي : كذبوه ورواه عنه أيضا الطبراني في الأوسط والصغير قال الهيثمي : أحمد بن محمد بن الحجاج ضعيف . 7999 - (ما من أمة) أي جماعة (ابتدعت بعد نبيها في دينها) أي أحدثت فيه ما ليس منه (بدعة إلا أضاعت مثلها من السنة) . - (طب عن غضيف) بغين وضاد معجمتين مصغرا قال المنذري : سنده ضعيف وقال غيره : فيه محمد بن عبد الرحيم ضعفه الدارقطني وشريح بن النعمان قال أبو حاتم : شبه المجهول . 8000 - (ما من امرئ يحيي أرضا فيشرب منها كبد حرى أو يصيب منها عافية) جمعها عوافي والعافي كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طير (إلا كتب الله له بها أجرا) . - (طب) وكذا في الأوسط (عن أم سلمة) زوجة النبي صلى الله عليه وسلم قال الهيثمي : فيه موسى بن يعقوب الزمعي وثقه ابن معين وابن حبان وضعفه ابن المديني وقد رمز لحسنه . 8001 - (ما من امرئ مسلم ينقي لفرسه شعيرا) أو نحوه مما يأكله الخيل (ثم يعلقه عليه إلا كتب الله له بكل حبة منه حسنة) . - (حم هب عن تميم) الداري وفيه إسماعيل بن عياش أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ليس بالقوي وفي الكاشف أن أبا حاتم لينه وشرحبيل بن مسلم ضعفه ابن معين . 8002 - (ما من امرئ يخذل) بذال معجمة مضمومة قال تعالى * (وإن يخذلكم) * (آل عمران : 160) (امرءا مسلما) أي لم يحل بينه وبين من يظلمه ولا ينصره (في موضع ينتقص فيه من عرضه)
[ 602 ]
بكسر العين (وينتهك فيه من حرمته) بأن يتكلم فيه بما لا يحل والحرمة هنا ما لا يحل انتهاكه قال الجوهري : انتهك عرضه بالغ في شتمه (إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته) أي في موضع يكون فيه أحوج لنصرته وهو يوم القيامة فخذلان المؤمن حرام شديد التحريم دنيويا كان مثل أن يقدر على دفع عدو يريد البطش به فلا يدفعه أو أخرويا كأن يقدر على نصحه من غيه بنحو وعظ فيترك (وما من أحد ينصر مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته) وهو يوم القيامة ومما ورد في الوعيد على ترك نصرة المظلوم ما في الطبراني عن ابن عمر مرفوعا أدخل رجل قبره فأتاه ملكان فقالا له إنا ضاربوك ضربة فقال : علام تضرباني فضربوه ضربة فامتلأ القبر نارا فتركاه حتى أفاق وذهب عنه الرعب فقال : [ ص 472 ] علام تضرباني فقالا : إنك صليت صلاة وأنت على غير طهور ومررت برجل مظلوم فلم تنصره . - (حم د) في الأدب (والضياء) المقدسي في المختارة (عن جابر) بن عبد الله (و) عن (أبي طلحة بن سهل) قال المنذري : اختلف في إسناده وقال الهيثمي : حديث جابر سنده حسن . 8003 - (ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة) أي يدخل وقتها وهو من أهل الوجوب قال القاضي : المكتوبة المفروضة من كتب كتابا إذ فرض وهو مجاز من الكتبة فإن الحاكم إذا كتب شيئا على أحد كان ذلك حكما وإلزاما (فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها) أي وسائر أركانها بأن أتى بكل من ذلك على أكمل هيئاته من فرض وسنة قال القاضي : إحسان الوضوء الإتيان بفرائضه وسننه وخشوع الصلاة الإخبات فيها بانكسار الجوارح وإخباتها أن تأتي بكل ركن على وجه أكثر تواضعا وخضوعا وتخصيص الركوع بالذكر تنبيه على إنافته على غيره وتحريض عليه فإنه من خصائص صلاة المسلمين (إلا كانت) تلك الصلاة (كفارة لما قبلها من الذنوب ما لم تؤت كبيرة) أي لم يعمل بها ولفظ رواية مسلم ما لم يؤت بكسر التاء من الإيتاء على بناء الفاعل والأكثر ما لم تؤت بالبناء للمفعول وكان الفاعل يعطى العمل أو يعطيه الداعي له والمحرض عليه أو الممكن منه ، ذكره القاضي ، والمراد بها تكون مكفرة لذنوبه الصغائر لا الكبائر فإنها لا تغفر بذلك وليس المراد أن الذنوب تغفر ما لم تكن كبيرة فإن كانت لا يغفر شئ (وذلك الدهر كله) قال القاضي : الإشارة إلى التكفير أي لو كان يأتي بالصغائر كل يوم ويؤدي الفرائض كما لا يكفر كل فرض ما قبله من الذنوب أو إلى ما قبلها أي المكتوبة تكفر ما قبلها ولو كانت ذنوب العمر كله والدهر منصوب على الظرف وكله تأكيد له فإن صدر منه مكفرات لجماعة وموافقة تأمين وصوم عاشوراء ونحو ذلك ولم يجد صغيرة يكفرها فالرجا أنه يخفف من الكبائر
[ 603 ]
فإن لم تكن كبيرة رفع بها درجة . - (م) في الطهارة (عن عثمان) بن عفان وتفرد بهذا اللفظ عن البخاري كما قاله الصدر المناوي . 8004 - (ما من امرئ تكون له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم إلا كتب الله تعالى له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة) مكافأة له على نيته ، قالوا : وهذا فيمن تعود ذلك الورد ووقع له عليه النوم أحيانا . - (د ن عن عائشة) قال الحافظ العراقي : فيه رجل لم يسم وسماه النسائي في روايته الأسود بن يزيد لكن في طريقه أبو جعفر الرازي قال النسائي : ليس بقوي ورواه النسائي وابن ماجه من حديث أبي الدرداء نحوه بسند صحيح اه‍ . وبه يعرف أن على المصنف ملامين أحدهما عدوله عن الطريق الصحيحة إلى طريق فيها مقال ، الثاني سكوته على الحديث وعدم إشارته إلى حاله بالرمز . 8005 - (ما من امرئ يقرأ القرآن) يحتمل بحفظه عن ظهر قلب ويحتمل يتعود قراءته نظرا في المصحف أو تلقينا ويدل للأول بل يعنيه قوله (ثم ينساه إلا لقى الله يوم القيامة) وهو (أجذم) بذال معجمة أي مقطوع اليد كذا قال أبو عبيد ، واعترض بأن تخصيص العقوبة باليد لا يناسب هذه الخطيئة وفسره غيره بالأجذم الذي تساقطت أطرافه بالجذام قال القاضي : والأول أظهر وأشهر استعمالا ولعل أنه ومعناه أجذم الحجة أي منقطعها لا يجد ما يتمسك به [ ص 473 ] في نسيانه ويتشبث به في يده فإن القرآن سبب أحد طرفيه بيد الله والأخرى بأيدي العباد فمن تركه انقطع عن يده فصارت مقطوعة وقد يكنى بعدم اليد عن عدم الحجة والمراد خال اليد من الخير صفرها من الثواب فكنى باليد عما تحويه وتشتمل عليه وذلك لأن من نسيه فقد قطع سببه . - (د) في الصلاة من حديث عيسى بن قائد (عن سعد بن عبادة) سيد الخزرج رمز لحسنه قال ابن القطان وغيره : فيه يزيد بن أبي زياد لا يحتج به وعيسى بن قائد مجهول الحال ولا يعرف روى عنه غير يزيد هذا وقال ابن أبي حاتم : لم يثبت سماعه عن سعد ولم يدركه قال المناوي : فهو على هذا منقطع أيضا . 8006 - (ما من أمير عشرة) أي فما فوقها كما تدل له الرواية المارة (إلا وهو يؤتى به يوم القيامة) للحساب (ويده مغلولة) أي والحال أن يده مشدودة إلى عنقه حتى يفكه العدل (أو يوتغه) أي يهلكه (الجور) عطف على يفك فيكون غاية قوله يؤتى به يوم القيامة إلخ أي لم يزل كذلك حتى يحله العدل أو يهلكه الظلم أي لا يفكه من الغل إلا الهلاك بمعنى أنه يرى بعد الفك ما الغل في جنبه السلامة كما قال تعالى * (وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين) * ذكره كله الطيبي ويوتغه بمثناة
[ 604 ]
فوقية فمعجمة قال الزمخشري : وتغ وتغا إذا هلك وأوتغه غيره . (هق عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وغير مسلم فقد قال الحافظ الذهبي في المهذب : فيه عبد الله بن محمد عن أبيه وهو واه اه‍ ورواه عنه أيضا باللفظ المزبور البزار والطبراني في الأوسط قال المنذري : ورجال البزار رجال الصحيح اه‍ فانعكس على المؤلف فآثر الرواية الضعيفة الواهية واقتصر عليها تاركا للإسناد الصحيح . 8007 - (ما من أمير عشرة) أي فصاعدا (إلا يؤتى به يوم القيامة ويده مغلولة إلى عنقه) زاد في رواية أحمد لا يفكه من ذلك الغل إلا العدل قال ابن بطال : هذا وعيد شديد على دلالة الجور فمن ضيع من استرعاه أو خانه أو ظلمه فقد توجه إليه الطلب بمظالم العباد يوم القيامة فكيف يقدر على التحلل من ظلم أمة عظيمة . - (هق عن أبي هريرة) رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال في المهذب : إسناده حسن وقال في موضع آخر : حديث جيد ولم يخرجوه . 8008 - (ما من أمير يؤمر على عشرة إلا سئل عنهم يوم القيامة) هل عدل فيهم أو جار ويجازى بما فعل إن خيرا فخير وإن شرا فشر إن لم يدركه العفو . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه رشدين بن كريب وهو ضعيف اه‍ . فرمز المؤلف لحسنه لا يحسن ورواه أحمد عن أبي هريرة بلفظ ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8009 - (ما من أهل بيت عندهم شاة إلا في بيتهم بركة) أي زيادة خير وهو الرزق . - (ابن سعد) في طبقاته (عن أبي الهيثم) بفتح الهاء وسكون التحتية وفتح المثلثة (ابن التيهان) الأنصاري الأوسي اسمه مالك وهو أحد النقباء . 8010 - (ما من أهل بيت تروح عليهم ثلة) بفتح المثلثة وشد اللام جماعة (من الغنم إلا باتت الملائكة تصلي عليهم حتى تصبح) [ ص 474 ] أي تستغفر لهم حتى تصبح أي يدخلوا في الصباح وهذا كل ليلة . (ابن سعد) في الطبقات (عن أبي ثفال) بكسر المثلثة بعدها فاء المري بضم الميم ثم راء مشهور بكنيته واسمه ثمامة (عن خالد) رضي الله عنه .
[ 605 ]
8011 - (ما من أهل بيت يغدو عليهم فدان) بالتشديد آلة الحرث وثورين يحرث عليهما في قران جمعه فدادين وقد يخفف (إلا ذلوا) فقل ما خلوا عن مطالبة الولاة بخراج أو عشر فمن أدخل نفسه في ذلك فقد عرضها للذل فلا فرق بين كونه عاملا بنفسه أو غيره وليس هذا ذما للزراعة فإنها محمودة مثاب عليها لكثرة أكل العوافي منها إذ لا تلازم بين ذل الدنيا وحرمان ثواب العقبى . (طب عن أبي أمامة) الباهلي قال : قال ذلك لما رأى شيئا من آلة الحرث ، قال الهيثمي : وفيه امرأتان لم أعرفهما وبقية رجاله ثقات . 8012 - (ما من أهل بيت واصلوا) الصوم بأن لم يتعاطوا مفطرا بين اليومين ليلا (إلا أجرى الله تعالى عليهم الرزق وكانوا في كنف الله تعالى) أخذ بظاهره من ذهب إلى حل الوصال وللمانعين كالشافعي أن يقولوا ليس المراد الوصال بالصوم بل يحتمل أن المراد عدم الأكل في يومين والليلة التي بينهما لعدم وجود القوت عندهم وعجزهم عنه وإذا تطرق الاحتمال سقط الاستدلال . - (طب عن ابن عباس) قال الهيثمي : فيه عبيد الله بن الوليد الوصافي وهو ضعيف . 8013 - (ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها) أي لأن يتعبد بتأويل المصدر فاعل أحب ، ذكره بعضهم ، وقال الطيبي : الأولى جعل أحب خبر ما وأن يتعبد متعلق بأحب بحذف الجار فيكون المعنى ما من الأيام أحب إلى الله لأن يتعبد له فيها (من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة) أي ليس فيها عشر ذي الحجة (وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر) ومن ثم كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوارء كما رواه أحمد وغيره ولفظ كان يفيد الدوام عند كثير من الأعلام وأما خبر مسلم عن عائشة لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط وخبرها ما رأيته صامه فلا يلزم منه عدم صيامه فإنه كان يقسم لتسع فلم يصمه عندها وصامه عند غيرها كذا ذكره جمع وأقول : ولا يخفى ما فيه إذ يبعد كل البعد أن يلازم في عدة سنين عدم صومه في نوبتها دون غيرها فالجواب الحاسم لعرق الشبهة أن يقال المثبت مقدم على النافي على القاعدة المقررة عندهم ، وزعم بعض أهل الكمال أن الرواية في خبر عائشة ير بمثناة تحتية وبنائه للمجهول ثم إن هذا الحديث عورض بخبر البخاري وغيره ما العمل في أيام أفضل منها في هذه يعني أيام التشريق وخبر ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه أي أيام التشريق وهذا يقتضي نفي أفضلية العمل في أيام التشريق على العمل في هذه الأيام وأجيب بأن الشئ يشرف بمجاورته للشئ الشريف وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر وقد ثبتت الفضيلة لأيام العشر بهذا
[ 606 ]
الحديث فثبتت به الفضيلة لأيام التشريق بالمجاورة وبأن عشر الحجة إنما شرف بوقوع أعمال الحج فيه وبقية أعمال الحج تقع في أيام التشريق كالرمي والطواف فاشترك الكل في أصل الفضل ولذلك اشتركا في التكبير وبأن بعض أيام التشريق هو بعض أيام العشر وهو يوم العيد فكما أنه خاتمة أيام العشر فهو مفتتح أيام التشريق فمهما ثبت لأيام العشر من الفضل شاركته فيه أيام التشريق لأن يوم العيد بعض كل منهما بل رأس كل منهما وشريفه وعظيمه ، وهو يوم الحج الأكبر . (ت ه) في الصوم (عن أبي هريرة) قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس وسألت عنه محمدا يعني البخاري فلم يعرفه اه‍ . قال المناوي وغيره : والنهاس ضعفوه [ ص 475 ] فالحديث معلول ، وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح تفرد به مسعود بن واصل عن النهاس ومسعود ضعفه أبو داود والنهاس قال القطان : متروك وابن عدي : لا يساوي شيئا وابن حبان : لا يحل الاحتجاج به وأورده في الميزان من مناكير مسعود عن النهاس وقال : مسعود ضعفه الطيالسي والنهاس فيه ضعف . 8014 - (ما من بعير إلا وفي ذروته شيطان فإذا ركبتموها) أي الإبل (فاذكروا نعمة الله تعالى عليكم كما أمركم الله) في القرآن (ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل الله عز وجل) فلا تنظروا إلى ظاهر هزالها وعجزها . - (حم ك عن أبي لاس الخزاعي) كذا في بعض الأصول وفي بعضها لاحق قال : حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة فقلنا : ما نرى أن تحملنا هذه فذكره . قال الهيثمي : رواه أحمد والطبراني بأسانيد رجال أحدهما صحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع في أحدهما . 8015 - (ما من بقعة) أي قطعة من الأرض (يذكر اسم الله فيها إلا استبشرت بذكر الله إلى منتهاها من سبع أرضين) فيه أن الأرضين سبع كالسماوات ورد على من أنكر ذلك (وإلا فخرت) من الفخار وهو المباهاة والتمدح بالخصال وفخر كمنع فضله عليه في الفخر وأفخره عليه (على ما حولها من بقاع الأرض وإن المؤمن إذا أراد الصلاة من الأرض تزخرفت له) أي تزينت له (الأرض) لكنه لا يبصره لانطماس بصيرته لغلبة الصدأ على قلبه ومتانة الحجاب * (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) * . - (أبو الشيخ [ ابن حبان ]) ابن حبان (في) كتاب (العظمة عن أنس) بن مالك ظاهره أنه لا يوجد لأحد المشاهير الذين وضع لهم الرموز ، والأمر بخلافه فقد رواه أبو يعلى والبيهقي في الشعب باللفظ المزبور . قال الهيثمي : وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ورواه الطبراني أيضا بسند ضعيف .
[ 607 ]
8016 - (ما من بني آدم مولود إلا يمسه) في رواية إلا ينخسه (الشيطان) أي يطعنه بأصبعه في جنبه . قال الطيبي : يحتمل أن تكون ما بمعنى ليس بطل عملها لتقديم الخبر على المبتدأ وإلا لغو لأن الاستثناء مفرغ والاستثناء حال من الضمير المستتر في الظرف (حين يولد فيستهل) أي يرفع المولود صوته (صارخا) أي باكيا . الصراخ الصوت ، والمراد هنا البكاء أي فسبب صراخه أول ما يولد (من) ألم (مس الشيطان) بأصبعه حالتئذ وهذا مطرد في كل مولود (غير مريم) بنت عمران الصديقة بنص القرآن (وابنها) روح الله عيسى فإنه ذهب ليطعن فطعن في الحجاب الذي في المشيمة وهذا الطعن ابتداء التسلط فحفظ منه مريم وابنها ببركة قول أمها * (أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) * عمران 36) كذا ذكره بعضهم ، واعترض بأن الاستعاذة كانت بعد وضعها والمس كان حال الولادة فقد يكون استعاذتها من الإغوا . قال ابن حجر : والحاصل أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته لكن من كان من المخلصين لم يضره ذلك ويستثنى منهم مريم وابنها فإنه ذهب يمس فخيل بينهما فهذا وجه الاختصاص واستشكل الفخر الرازي الطعن بما طعن به الزمخشري مما سبق وبالغ في تقريره على عادته وأجمل الجواب فمما زاده أن الحديث خبر واحد ورد على خلاف الدليل لأن الشيطان [ ص 476 ] إنما يغوي من يعرف الخير والشر والمولود بخلافه وأنه لو مكن من هذا القدر فعل أكثر منه من إهلاك وإفساد وأنه لا اختصاص لمريم وعيسى إلى آخر كلام الكشاف ثم أجاب بأن بعده وجوه محتملة ومع الاحتمال لا يجوز دفع الخبر . فائدة : أخرج عبد الرزاق في مصنفه عن وهب لما ولد عيسى أتت الشياطين إبليس فقالوا : أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها فقال : هذا حادث حدث مكانكم فطار حتى جاب خافقي الأرض فلم ير شيئا ثم جاب البحار فلم يقدر على شئ ثم طاف أيضا فوجد عيسى قد ولد عند مدود حمار وإذا الملائكة قد حفت حوله فرجع إليهم فقال : إن نبيا ولد البارحة ما ولدت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها إلا هذا فأيسوا أن يعبدوا الأصنام ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة . - (خ عن أبي هريرة) ظاهره أن ذا مما تفرد به البخاري عن صاحبه والأمر بخلافه بل البخاري رواه وحده في التفسير ورواه هو ومسلم في أحاديث الأنبياء . 8017 - (ما من ثلاثة في قرية ولا بلد ولا تقام فيهم الجماعة إلا استحوذ عليهم الشيطان) أي استولى عليهم وجرهم إليه (فعليكم بالجماعة) أي الزموها (فإنما يأكل الذئب) الشاة (القاصية) أي المنفردة عن القطيع فإن الشيطان مسلط على مفارق الجماعة . قال الطيبي : هذا من الخطاب العام الذي
[ 608 ]
لا يختص بسامع دون آخر تفخيما للأمر ، شبه من فارق الجماعة التي يد الله عليهم ثم هلاكه في أودية الضلال المؤدية إلى النار بسبب تسويل الشيطان بشاة منفردة عن القطيع بعيدة عن نظر الراعي ثم تسلط الذئب عليها وجعلها فريسة له . (حم ن ه حب ك عن أبي الدرداء) سكت عليها أبو داود والمنذري . 8018 - (ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله) في الأساس كظم القربة ملأها وسد رأسها وكظم الباب سده ومن المجاز كظم الغيظ وعلى الغيظ اه‍ . قال الطيبي : يريد أنه استعارة من كظم القربة وقوله من جرعة غيظ استعارة أخرى كالترشيح لها . (ن عن ابن عمر) بن الخطاب . قال الحافظ العراقي : إسناده جيد . 8019 - (ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ، ما كظمها عبد إلا ملأ الله جوفه إيمانا) شبه جرع غيظه ورده إلى باطنه بتجرع الماء وهي أحب جرعة يتجرعها العبد وأعظمها ثوابا وأرفعها درجة كحبس نفسه من التشفي ولا يحصل هذا الحب إلا بكونه قادرا على الانتقام ويكن غضبه لله بنية سلامة دينه ونيل ثوابه . - (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (في) كتاب (ذم الغضب عن ابن عباس) قال الحافظ العراقي : وفيه ضعف ورواه ابن ماجه عن ابن عمر بلفظ ما من جرعة أعظم أجرا عند الله من جرعة غيظ كظمها عبد ابتغاء وجه الله . قال المنذري : رواته محتج بهم في الصحيح . 8020 - (ما من حافظين رفعا إلى الله ما حفظا فيرى في أول الصحيفة خيرا وفي آخرها خيرا) لفظ رواية البزار استغفارا بدل خيرا في الموضعين (إلا قال لملائكته اشهدوا أني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة) من السيئات ، وأخذ منه [ ص 477 ] ابن رجب ندب وصل صوم الحجة بالمحرم لأنه قد يكون ختم السنة بالطاعة وافتتحها بالطاعة فيرجى أن تكتب له السنة كلها طاعة ويغفر له ما بين ذلك فإن من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين . - (ع) وكذا البزار والبيهقي (عن أنس) بن مالك قال ابن الجوزي في العلل : حديث لا يصح وقال الهيثمي : فيه تمام بن نجيح وثقه ابن معين وضعفه البخاري وبقية رجاله رجال الصحيح اه‍ . 8021 - (ما من حافظين يرفعان إلى الله تعالى بصلاة رجل) الباء زائدة وذكر الرجل وصف
[ 609 ]
طردي والمراد الإنسان ولو أنثى (مع صلاة إلا قال الله أشهدكما أني قد غفرت لعبدي من بينهما) أي من الصغائر لا الكبائر كما دلت عليه أخبار أخر . (هب عن أنس) بن مالك . 8022 - (ما من حاكم) نكرة في سياق النفي ومن مزيدة للاستغراق فيعم العادل والظالم (يحكم بين الناس إلا يحشر يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يوقفه على جهنم ثم يرفع رأسه إلى الله) وفي رواية إلى السماء . قال الطيبي : هذا يدل على كونه مقهورا في يده كمن رفع رأس الغل مقمحا * (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون) * (فإن قال الله تعالى ألقه) أي في جهنم (ألقاه) قال الطيبي : والفاء في فإن تفصيلية وإن الشرطية تدل على أن غيره لا يقال في حق ذلك بل عكسه فيقال أدخله الجنة فلا تناقض بين هذا الخبر والخبر المار " ما من أمير عشرة ما فوق ذلك إلا أتي به يوم القيامة مغلولا " إلخ (في مهوى أربعين خريفا) أي سنة وهو مجرور والمحل صفة مهواة أي مهواة عنهن فكنى عنه بأربعين مبالغة في تكثير العمق لا للتحديد قالوا سمي خريفا لاشتماله عليه إطلاقا للبعض وإرادة الكل مجازا ، وقد سئل أنس عن الخريف فقال : العام ، وكانت العرب تؤرخ أعوامهم بالخريف لأنه أوان قطافهم ودرك ثمارهم إلى أن أرخ عمر بالهجرة . - (حم هق) وكذا في الشعب (عن ابن مسعود) وفيه أحمد بن الخليل فإن كان هو البغدادي فقد قال الذهبي : ضعفه الدارقطني وإن كان القومسي فقد قال أبو حاتم : كذاب ، وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يتعرض أحد من الستة لتخريجه وهو غفلة فقد خرجه ابن ماجه باللفظ المزبور عن ابن مسعود المذكور قال المندري : وفيه عنده مجالد بن سعيد وقد مر ما فيه . 8023 - (ما من حالة يكون عليها العبد أحب إلى الله تعالى من أن يراه ساجدا يعفر) أي يمرغ (وجهه في التراب) لأن حالة السجود حالة خضوع وذل وانكسار أنف ممن أنف من أهل الجاهلية ممن لم يرد الله هدايته ، والسجود أول عبادة أمر الله بها بعد خلق آدم فكان المتقرب بها إلى الله أقرب منه إليه في غيره من الأحوال لا سيما في نصف الليل لأنه وقت خصه الله بالتنزيل فيه فيتفضل على عباده بإجابة دعائهم وإعطاء سؤالهم وغفران ذنوبهم وهو وقت غفلة وخلوة واستغراق في النوم واستلذاذ له ، وقد عورض هذا الحديث بحديث أفضل الصلاة طول القنوت قال ابن حجر : والذي يظهر أن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال وبه يزول التعارض والإشكال . - (طس) من [ ص 478 ] طريق عثمان بن القاسم
[ 610 ]
عن أبيه (عن حذيفة) وقال : تفرد به عثمان وقال الهيثمي : وعثمان ذكره ابن حبان في الثقات ولم يعرف من نسبه وأبوه لا أعرفه . 8024 - (ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم) أي الشرعي بقصد التقرب إلى الله تعالى (إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضا بما يصنع حتى يرجع) قال حجة الإسلام : هذا إذا خرج إلى طلب العلم النافع في الدين دون الفضول الذي أكب الناس عليه وسموه علما . والعلم النافع ما يزيد في خوفك من الله ويزيد في بصيرتك بعيوب نفسك وآفات عملك وزهدك في الدنيا فإن دعتك نفسك إلى الخروج في طلب العلم لغير ذلك فاعلم أن الشيطان قد دس في قلبك الداء الدفين وهو حب المال والجاه فإياك أن تغتر به فتكون ضحكة له فتهلك ثم يسخر بك . - (حم ه حب ك عن صفوان بن عسال) المرادي قال : أتيت المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : ما جاء بك قلت : أنيط العلم أي أطلبه وأستخرجه قال فذكره . قال المنذري : جيد الإسناد . 8025 - (ما من دابة طائر ولا غيره يقتل بغير حق إلا سيخاصمه) أي سيخاصم قاتله (يوم القيامة) أي ويقتص له منه . - (طب عن ابن عمرو) بن العاص . 8026 - (ما من دعاء أحب إلى الله تعالى من أن يقول العبد اللهم ارحم أمة محمد) المراد هنا أمة الإجابة (رحمة عامة) أي للدنيا والآخرة أو للمرحومين والمراد بأمته هنا من اقتدى به وكان له باقتفاء آثاره مزيد اختصاص فلا ينافي أن البعض يعذب قطعا . - (خط عن أبي هريرة) وفيه عبد الرحمن بن يحيى بن سعيد الأنصاري . قال الذهبي في الضعفاء : لا يعرف ، وفي الميزان : كأنه موضوع . 8027 - (ما من دعوة يدعو بها العبد أفضل من قول اللهم إني أسألك المعافاة في الدنيا والآخرة) . - (ه عن أبي هريرة) قال المنذري : إسناده جيد وقال غيره : رواته ثقات ورواه الطبراني عن معاذ بلفظ ما من دعوة أحب إلى الله أن يدعو بها عبد من أن يقول اللهم إني أسألك المعافاة والعافية في الدنيا والآخرة قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير المعلى بن زياد وهو لم يسمع من معاذ .
[ 611 ]
8028 - (ما من ذنب أجدر) بسكون الجيم أحق والذي رأيته في أصول صحيحة من الأدب المفرد بدل أجدر أحرى (أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم) لأن البغي من الكبر وقطيعة الرحم من الاقتطاع من الرحمة والرحم القرابة ولو غير محرم بنحو إيذاء أو صد أن هجر فإنه كبير كما يفيده هذا الوعيد الشديد أما قطيعتها بترك الإحسان فليس بكبير قال الحليمي : بين بهذا الخبر أن الدعاء بما فيه إثم غير جائز لأنه جرأة على الله ويدخل فيه ما لو دعا بشر على من لا يستحقه أو على نحو بهيمة وقال في الإنحاف : فيه تنبيه على أن البلاء بسبب القطيعة في الدنيا لا يدفع بلاء الآخرة ولو لم يكن إلا حرمان مرتبة الواصلين . - (حم خد د ت ه حب ك) في التفسير (عن أبي [ ص 479 ] بكرة) قال : صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه الطبراني أيضا وزاد حتى أن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا . 8029 - (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة) في كيل أو وزن أو غيرهما (والكذب) الذي لغير مصلحة (وإن أعجل الطاعة ثوابا صلة الرحم) وحقيقة الصلة العطف والرحمة (حتى أن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا) لأن أصل الرحمات شجنة معلقة بالعرش فأنزل الله تعالى منها رحمة واحدة قسمها بين خلقه يترأفون بها ويتعاطفون بها فمن قطعها فقد انقطع من رأفة الله فلذلك تعجلت عقوبته في الدنيا ومن ثم قيل أعجل البر صلة الرحم وأسرع الشر عقابا الكذب وقطيعة الرحم لأن الأمانة في الأقوال كالأفعال معلقة بالإيمان وقطيعة الرحم من الانقطاع من الرحمة المعلقة بالعرش . - (طب عن أبي بكرة) رمزه لحسنه قال الهيثمي : رواه عن شيخه عبد الله بن موسى بن أبي عثمان الأنطاكي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات . 8030 - (ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له) لأن فاعل ذلك قد اجترأ على الله يريد أن يفسد في الأنساب بخلط بعض المياه ببعض فيدخل على القوم من ليس منهم . (ابن أبي الدنيا) أبو بكر القرشي (عن) أبي محمد (الهيثم بن مالك الطائي) الشامي
[ 612 ]
الأعمى قال في التقريب : ثقة من الخامسة وهو صريح في كونه غير صحابي فكان على المصنف أن يقو مرسلا . 8031 - (ما من ذنب إلا وله عند الله توبة إلا سوء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا رجع إلى ما هو شر منه) فلا يثبت على توبة أبدا فهو كالمصر . - (أبو الفتح الصابوني في) كتاب (الأربعين) التي جمعها (عن عائشة) قال الزين العراقي : إسناده ضعيف ، وقضية تصرف المؤلف أن هذا مما لم يخرجه أحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز وإلا لما أبعد النجعة وهو ذهول فقد خرجه الطبراني عن عائشة بلفظ ما من شئ إلا وله توبة إلا صاحب سوء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه . 8032 - (ما من ذي غنى) أي صاحب مال (إلا سيود يوم القيامة) أي يحب حبا شديدا (لو كان إنما أوتي من الدنيا قوتا) وفي رواية كفافا أي شيئا يسد رمقه بغير زيادة على ذلك ، قيل : سمي قوتا لحصول القوة منه . وقد احتج بهذا من فضل الفقر على الغنى وقد اتفق الجميع على أن ما أحوج من الفقر مكروه وما أبطر من الغنى مذموم والكفاف حالة متوسطة بين الفقر والغنى وخير الأمور أواسطها ولذلك سأله المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله اللهم اجعل رزق آل محمد قوتا ، ومعلوم أنه لا يسأل إلا أفضل الأحوال والكفاف حالة سليمة من آفات الغنى المطغي وآفات الفقر المدقع الذي كان يتعوذ منهما فهي أفضل منهما قال القرطبي : فعلى هذا فأهل الكفاف هم صدر كتيبة الفقر الداخلين الجنة [ ص 480 ] قبل الأغنياء بخمسمائة عام لأنهم وسطهم والوسط العدل * (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) * أي عدلا خيارا وليسوا من الأغنياء ولا من الفقراء . وفيه حجة لمن ذهب إلى تفضيل الفقير الصابر على الغني الشاكر . قالوا : يكفي في فضله أن كل أحد يتمناه يوم القيامة . - (هناد) في الزهد وكذا البيهقي في الشعب (عن أنس) بن مالك . فظاهر صنيع المصنف أن هذا مما لم يتعرض أحد الستة لتخريجه وإلا لما عدل عنه وهو عجب فقد خرجه أبو داود عن أنس بلفظ ما من أحد غني ولا فقير إلا ود يوم القيامة أنه كان أوتى من الدنيا قوتا ، قال ابن حجر : وأخرجه ابن ماجه من طريق نفيع وهو ضعيف عن أنس رفعه ما من غني ولا فقير إلا يود يوم القيامة أنه أوتي من الدنيا قوتا . قال : وهذا حديث لو صح لكان نصا في المسألة أي في تفضيل الكفاف اه‍ وقال العراقي بعد عزوه لأبي داود : فيه نفيع بن الحارث ضعيف وعزاه المنذري لابن ماجه عن أنس وضعفه وأورده في الميزان في ترجمة نفيع وقال : قال النسائي والدارقطني وغيرهما : متروك الحديث وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح .
[ 613 ]
8033 - (ما من راكب يخلو في مسيره بالله وذكره إلا ردفه ملك) أي ركب معه خلفه (ولا يخلو بشعر ونحوه) كحكايات مضحكة وبحث في علوم غير شرعية وغيبة ونميمة (إلا كان ردفه شيطان) لأن القلب الخالي عن ذكر الله محل استقرار الشيطان . وجاء في بعض الأخبار أن قرآن الشيطان الشعر ومؤذنه المزمار والكلام في الشعر المذموم . - (طب عن عقبة بن عامر) الجهني قال المنذري والهيثمي : إسناده حسن . 8034 (ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون) وفي رواية مائة (رجل لا يشركون بالله شيئا) أي لا يجعلون مع الله إلها آخر وفي رواية ما من ميت يصلي عليه أمة من الأمم المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون فيه (إلا شفعهم الله فيه) أي قبل شفاعتهم في حقه وفي خبر آخر ثلاثة صفوف ولا تعارض إما لأنها أخبار جرت على وفق سؤال السائلين أو لأن أقل الأعداد متأخر ومن عادة الله الزيادة في فضله الموعود وأما قول النووي مفهوم العدد غير حجة فرد بأن ذكر العدد حينئذ يصير عبثا . (تنبيه) قال ابن عربي : اجهد إذا مات لك ميت أن يصلي عليه أربعون فأكثر فإنهم شفعاء له بنص هذا الخبر . مر بعض العرب بجنازة يصلي عليها أمة كثيرة فقال : إنه من أهل الجنة قيل : ولم ؟ قال : وأي كريم يأتيه جمع يشفعون عنده في إنسان واحد فيرد شفاعتهم ؟ لا والله لا يردها أبدا فكيف أكرم الكرماء وأرحم الرحماء ؟ فما دعاهم إلا ليشفعوا فيقبل . - (حم م د) في الجنائز (عن ابن عباس) ورواه عنه أيضا ابن ماجه . 8035 - (ما من رجل يغرس غرسا إلا كتب الله له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس) مقتضاه أن أجر ذلك يستمر ما دام الغرس مأكولا منه ولو مات غارسه أو انتقل ملكه لغيره قال ابن العربي : في سعة كرم الله أن يثيب على ما بعد الحياة كما قبل الحياة . ونقل الطيبي عن محي السنة أن رجلا مر بأبي الدرداء وهو يغرس جوزة فقال : أتغرس هذه وأنت شيخ كبير وهذه لا تطعم إلا في كذا وكذا عاما ؟ فقال : ما علي أن يكون لي أجرها ويأكل منها غيري ؟ والحديث يتناول حتى من غرسه لعياله أو لنفقته لأن الإنسان يثاب على ما غرس له وإن لم ينو ثوابه ولا يختص حصوله بمن [ ص 481 ] يباشر الغراس بل يشمل من استأجر لعمل ذلك ذكره بعض شراح البخاري . - (حم عن أبي أيوب) الأنصاري قال المنذري : رواته محتج بهم في الصحيح إلا الليثي قال الهيثمي : وفيه عبد الله بن عبد العزيز الليثي وثقه مالك وسعيد بن منصور وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح اه‍ والمصنف رمز لحسنه .
[ 614 ]
8036 - (ما من رجل مسلم يصاب في شئ في جسده فيتصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة) يعني إذا جنى إنسان على آخر فقلع سنه أو قطع يده مثلا فعفا المستحق عن الجاني لوجه لله نال هذا الثواب كما يشير إليه سبب الحديث وهو أن رجلا قلع سن رجل فاستعدى عليه فذكر له ذلك فعفا عنه . - (حم ت ه) كلهم في الديات من حديث أبي السفر (عن أبي الدرداء) قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا نعرف لأبي السفر سماعا من أبي الدرداء . 8037 - (ما من رجل يخرج في جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفر الله تعالى عنه) من ذنوبه (مثل ما تصدق) به * (إن الله لا يضيع أجر المحسنين) * فالمسلم يجازى على خطاياه في الدنيا بالآلام والأسقام والمصائب التي يقع فيها فتكون كفارة لها وقد أخرج ابن حبان عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية * (من يعمل سوء يجز به) * فقال : إنا إن كنا لنجزى بكل ما علمناه هلكنا إذا ، فبلغ ذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم فقال : نعم يجزى به في الدنيا من مصيبة في جسده مما يؤذيه . - (حم والضياء) المقدسي (عن عبادة) بن الصامت ، قال المنذري والهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8038 - (ما من رجل يعود مريضا ممسيا إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح) أي يدخل في الصباح (ومن أتاه مصبحا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي) زاد الحاكم في روايته وكان له خريف في الجنة ، وذكر السبعين ألف يحتمل أن المراد به التكثير جدا كما في نظائره ، والاستغفار طلب المغفرة من الله تعالى له . - (د ك) في الجنائز (عن علي) أمير المؤمنين قال الحاكم مرفوعا وأبو داود موقوفا وقد أسند هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم . 8039 - (ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولا يده إلى عنقه فكه بره أو أوثقه اثمه) قال الطيبي : يده يحتمل أن يكون مرفوعا بمغلولا ، وإلى عنقه حال وعليه يكون يوم القيامة
[ 615 ]
متعلقا بمغلولا ويحتمل أن يكون مبتدأ وإلى عنقه خبره والجملة إما مستأنفة أو حال بعد حال وحينئذ يوم القيامة إما ظرف لأتى وهو الأوجه أو لمغلولا (أولها) أي الإمارة (ملامة وأوسطها ندامة) إشارة إلى أن من يتصدى للولاية فالغالب كونه غرا غير مجرب للأمور فينظر إلى ملاذها فيجهد في طلبها ثم إذا باشرها ولحقته تبعاتها واستشعر بوخامة عاقبتها ندم (وآخرها خزي يوم القيامة) لما يؤتى به من الأصفاد والأغلال ويوقف على متن الصراط في أسوأ حال . هذا إن قلنا إن القيد يختص بالأخير من [ ص 482 ] الجملة المستأنفة ، فإن فلنا باشتراكه تكون الثلاثة يوم القيامة . والأول هنا أولى ، ذكره الطيبي . - (حم) وكذا الطبراني (عن أبي أمامة) الباهلي قال المنذري : رواته ثقات إلا يزيد بن أبي مالك . قال الهيثمي : وفيه يزيد بن أبي مالك وثقه ابن حبان وغيره وبقية رجاله ثقات اه‍ ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 8040 - (ما من رجل يأتي قوما ويوسعون له) في المجلس الذين هم جلوس فيه (حتى يرضى) أي لأجل رضاه وجبرا لخاطره (إلا كان حقا على الله رضاهم) قال الطيبي : الحق بمعنى الواجب إما بحسب الوعد أو الإخبار وهو خبر كان واسمه رضاهم والجملة خبر والاستثناء مفرغ . - (طب عن أبي موسى) الأشعري قال الهيثمي : فيه سليمان بن سلمة الخبائري وهو متروك . 8041 - (ما من رجل يتعاظم في نفسه ويختال في مشيته) بكسر الميم (إلا لقي الله تعالى) يوم القيامة (وهو عليه غضبان) لأنه لا يحب المستكبرين وقد أفاد هذا الوعيد أن التعاظم والمشي باختيال من الكبائر ولذلك عده الذهبي منها ، قال : وأشر الكبر من تكبر على العباد بعلمه وتعاظم في نفسه بفضيلته قال : وهذا علمه وبال عليه إذ من طلب العلم للآخرة خشع قلبه واستكانت نفسه وكان على نفسه بالمرصاد فلم يغتر عن محاسبتها كل وقت ومن طلب العلم للفخر والرياسة ونظر للناس شزرا وتحامق عليهم وازدراهم فهذا من أكبر الكبر ولا يدخل الجنة من في قلبه مثقال حبة من كبر ولا حول ولا قوة إلا بالله . واعلم أن حقيقة الكبر لا توجد في إنسان إلا أن يعتقد لنفسه مزية فوق مزيته فالكبر يستدعي مستكبرا به ومتكبرا عليه وبه ينفصل عن العجب وله أسباب وبواعث فمن أسبابه الحسب ومن بواعثه العجب والحقد والحسد ودواؤه أن يعرف نفسه ويستحضر عظمة ربه وكبرياءه ويلحظ نفسه وحقارتها وينظر إلى ما يشتمل عليه باطنه وظاهره فإن القدر يجري على جميع أجزائه فالعذرة في جميع أمعائه والبول في مثانته والمخاط في أنفه والبصاق في فيه والوسخ في أذنيه والدم في عروقه والصديد تحت سرته ويتردد في اليوم مرارا للخلاء ثم إنه في أول خلقته خلق من الأقذار من النطفة ودم الحيض وجرى في مجرى البول مرتين فواعجبا له كيف يتكبر ! ! . - (حم خد ك) في الإيمان من حديث عكرمة بن خالد المخزومي (عن ابن عمر) بن الخطاب قال عكرمة : حدثني أبي أنه لقي ابن عمر فقال له : إنا بنوا المغيرة قوم
[ 616 ]
فينا نخوة فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ذلك شيئا ؟ قال : سمعته يقول فذكره . قال الحاكم : علي شرط مسلم وأقره الذهبي . 8042 - (ما من رجل ينعس بلسانه حقا فعمل به من بعده إلا أجرى أجره إلى يوم القيامة ثم وفاه الله ثوابه يوم القيامة) قال الطيبي : المستثنى منه مقدر أي ما من رجل يتصف بهذه الصفة كائن على حال من الأحوال إلا على هذه الحالة وعلى هذا المعنى ينزل سائر الاستثناءات وإن لم يصرح بالنفي فيها لكونها في سياق النفي . - (حم عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس بمسلم فقد قال مخرجه أحمد نفسه : عبد الله بن عبد الله بن موهب لا يعرف قال الهيثمي : وفيه أيضا شيخ ابن موهب مالك بن خالد بن جارية الأنصاري لم أر من ترجمه وقال المنذري : في إسناده نظر لكن الأصول تعضده . 8043 - (ما من رجل ينظر إلى وجه والديه) أي أصليه وإن عليا (نظر رحمة إلا كتب الله بها حجة مقبولة مبرورة) أي ثوابا مثل ثوابها . وهذا ترغيب في بر الوالدين وتحذير شديد من عقوقهما . (الرافعي) إمام الدين عبد الكريم القزويني (عن ابن عباس) . 8044 - (ما من رجل) ميت (يصلي عليه مائة إلا غفر له) قال التوربشتي : لا تناقض بينه وبين خبر الأربعين لأن أمثال هذا يكون أقل العددين فيه متأخرا لأنه تعالى إذا وعد المغفرة في شئ واحد مرتين وأحدهما أكثر لا ينقص من الفضل الموعود بعد ذلك اه‍ وقال ابن جرير : فينبغي لأهل الميت أن ينتظروا بالصلاة عليه ما لم يخف تغيره اجتماع مائة فإن لم يتيسر فأربعين فإن لم يبلغوها جعلوا ثلاثة صفوف . - (طب حل عن ابن عمر) بن الخطاب قال المنذري بعد عزوه للطبراني : فيه مبشر بن أبي المليح لا يحضرني حاله وقال الهيثمي : فيه عند الطبراني مبشر بن أبي المليح لم أجد من ذكره ورواه ابن ماجه بمعناه ولفظه ما من رجل يصلي عليه أمة من الناس إلا غفر له والأمة المائة انتهى بنصه وقوله والأمة المائة الظاهر أنه من المرفوع ويحتمل خلافه . 8045 - (ما من ساعة تمر بابن آدم) من عمره (لم يذكر الله فيها إلا حسر عليها يوم القيامة) أي قبل دخول الجنة إذ هي لا حسرة فيها ولا ندامة . - (حل هب عن عائشة) قضية كلام المصنف أن مخرجه البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه بما نصه في هذا الإسناد ضعف غير أن له شاهدا من
[ 617 ]
حديث معاذ انتهى وذلك لأن فيه عمرو بن الحصين العقيلي قال الذهبي وغيره : تركوه وبه أعل الهيثمي هذا الخبر فقال : فيه عمرو بن الحصين وهو متروك . 8046 - (ما من شئ في الميزان أثقل من حسن الخلق) . - (حم د عن أبي الدرداء) وفيه محمد بن كثير قال في الكاشف : مختلف فيه ثقة اختلط بآخره وصححه الترمذي . 8047 - (ما من شئ يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به) أي بحسن خلقه (درجة صاحب الصوم والصلاة) قال الطيبي : المراد به نوافلها قال ابن حجر : الصحيح أن الأعمال هي التي توزن ففيه رد على الطيبي حيث قال : إنما توزن صحفها لأن الأعمال أعراض فلا توصف بثقل ولا خفة والحق عند أهل السنة أن الأعمال تجسد أو تجعل في أجسام فتصير أعمال الطائعين في صورة حسنة وأعمال المسيئين في صورة قبيحة ثم توزن . - (ت عن أبي الدرداء) وقال : غريب وقال في بعض طرقه : صحيح . 8048 - (ما من شئ يصيب المؤمن في جسده يؤذيه) فصبر واحتسب كما في رواية (إلا كفر الله به عنه من سيئاته) ولهذا قال بعضهم : العبد ملازم للجنايات في كل أوان وجناياته في طاعته أكثر من جناياته في معاصيه لأن جناية المعصية من وجه وجناية الطاعة من وجوه والله يطهر عبده من جناياته بأنواع من المصائب ليخفف عنه أثقاله يوم القيامة ولولا عفوه ومغفرته ورحمته لهلك في أول خطيئته . تنبيه : زعم القرافي أنه لا يجوز لأحد أن يقول للمصاب جعل الله هذه المصيبة كفارة لذنبك لأن الشارع قد جعلها كفارة فسؤال التكفير طلب لتحصيل الحاصل وهو إساءة أدب على الشرع ، ونوزع بما ورد من جواز الدعاء بما هو واقع كالصلاة على المصطفى صلى الله عليه وسلم وسؤال الوسيلة له ، وأجيب بأن الكلام فيما لم يرد فيه شئ أما الوارد فهو مشروع ليثاب من امتثل الأمر فيه على ذلك . - (حم ك) في الجنائز (عن معاوية) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي : رجال أحمد رجال الصحيح . 8049 - (ما من شئ إلا يعلم أني رسول الله إلا كفرة الجن والإنس) لفظ رواية الطبراني فيما وقفت عليه من النسخ إلا كفرة أو فسقة الجن والإنس . - (طب عن يعلى) بفتح الياء واللام (بن مرة) بن
[ 618 ]
وهب بن جابر الثقفي رمز المصنف لصحته وهو زلل كيف وفيه عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفي أورده الذهبي في الضعفاء وقال في الكاشف : ضعفوه وفيه علي بن عبد العزيز فإن كان البغوي فقد كان يطلب على التحديث أو ابن الحاجب فلم يكن في دينه بذلك أو الجناب فغير ثقة . 8050 - (ما من شئ أحب إلى الله تعالى من شاب تائب) أو شابة تائبة (وما من شئ أبغض إلى الله تعالى من شيخ مقيم على معاصيه) أو شيخة كذلك (وما في الحسنات حسنة أحب إلى الله من حسنة تعمل في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة وما من الذنوب ذنب أبغض إلى الله من ذنب يعمل في ليلة الجمعة أو يوم الجمعة) أي فيكون عقاب ذلك الذنب المفعول فيهما أشد منه لو فعل في غيرهما . - (أبو المظفر) منصور بن عبد الجبار العديم النظير في وقفه المتفق على إمامته وجلالته وجودة تصانيفه (السمعاني) بفتح السين وسكون الميم وخفة العين نسبة إلى سمعان بطن من تميم وهو بيت مشهور بمرو منهم أكابر الفقهاء وأعاظم المفسرين والمحدثين الأصوليين (في أماليه عن سلمان) الفارسي وروى صدره الديلمي في مسند الفردوس من حديث أنس . 8051 - (ما) نكرة وقعت في سياق النفي وضم إليها من الاستغراقية لإفادة الشمول ذكره الطيبي (من صباح يصبح العباد) صفة مؤكدة لمزيد الشمول والإحاطة كقوله تعالى * (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه) * (إلا مناد ينادي) أي من الملائكة (سبحان الملك القدوس) وفي رواية سبحوا الملك القدوس أي نزهوا عن النقائص من تنزه عنها أو قولوا سبحان الملك القدوس أي الطاهر المنزه عن العيوب والنقائص ، وفعول بالضم من أبنية المبالغة قال ابن الأثير : ولم يجئ منه إلا سبوح وقدوس ودروج . - (ت) في الدعوات (عن الزبير) بن العوام وقال : غريب اه‍ . وقال جمع منهم الصدر المناوي : وفيه سفيان بن وكيع وموسى بن عبيدة وهما ضعيفان وقال الهيثمي : فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف جدا . 8052 - (ما من صباح يصبح العباد فيه إلا صارخ يصرخ) في رواية ابن السني إلا صورخ
[ 619 ]
صارخ (أيها الخلائق سبحوا [ ص 485 ] الملك القدوس) أي قولوا سبحان الملك القدوس أو ما في معناه من قوله سبوح قدوس رب الملائكة والروح كأنه قيل نزهوا عن النقائص من هو منزه عنها ذكره المظهر . (ع وابن السني عن الزبير) بن العوام . 8053 - (ما من صباح يصبحه العباد إلا وصارخ) الصراخ الاستغاثة بصوت رفيع يصرخ (يا أيها الناس لدوا للموت واجمعوا للفناء وابنوا للخراب) اللام في الثلاثة لام العاقبة فهو تسمية للشئ بعاقبته ، ونبه بهذا على أنه لا ينبغي للمرء أن يجمع من المال إلا قدر الحاجة ولا يبني من المساكن إلا ما تندفع به الضرورة وهو ما يقي الحر والبرد ويدفع الأعين والأيدي وما عدا ذلك فهو مضاد للدين مفسد له وقد اتخذ نوح بيتا من قصب فقيل له : لو بنيت فقال : هذا كثير لمن يموت وقال الحسن : دخلنا على صفوان بن محرز وهو في بيت من قصب قد مال عليه فقلنا : لو أصلحته فقال : كم من رمل مات وهذا قائم على حاله وأنشد البيهقي بسنده إلى سابق البربري : وللموت تغذو الوالدات سخالها * كما لخراب الدار تبنى المساكن وأنشد ابن حجر : بني الدنيا أقلوا الهم فيها * فما فيها يؤول إلى الفوات بناء للخراب وجمع مال * ليفنى والتوالد للممات (هب) من رواية موسى بن عبيدة عن محمد بن ثابت عن أبي حكيم مولى الزبير (عن الزبير) بن العوام قال ابن حجر في تخريج المختصر : حديث غريب وموسى وشيخه ضعيفان وأبو حكيم مجهول . 8054 - (ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض ينادي بعضها بعضا يا جارة هل مر بك اليوم عبد صالح) قال الإمام : يجوز أن يراد بصالح المفرد والجمع وقيل أصله صالحون فحذفت النون والواو (صلى عليك أو ذكر الله ؟ فإن قالت نعم رأت أن لها بذلك فضلا) هذا ظاهر في أن الأرض تتكلم بلسان القال ولا مانع منه ولا ملجئ لجعله بلسان الحال كما زعمه البعض له ولا يلزم من كونه بلسان القال سماعنا ولا كونه ككلامنا بل قد يكون على نحو آخر من أنحاء الكلام . - (طس حل نن أنس) ثم قال مخرجه أبو نعيم : غريب من حديث صالح المري تفرد به عن إسماعيل بن عيسى القناديلي اه‍ . وقال الهيثمي : فيه صالح المري ضعيف .
[ 620 ]
8055 - (ما من صدقة أفضل من قول) بالتنوين أي من لفظ يدفع به عن محترم كربا أو يجلب له به نفعا كشفاعة وإنذار أعمى يقع في بئر أو غافل قصدته حية أو أسد . ومن كلامهم البديع " رب صدقة من بين فكيك خير من صدقة من بطن كفيك " * (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى) * . (البقرة : 263) - (هب عن جابر) بن عبد الله وفيه المغيرة بن سقلاب قال في الميزان : عن ابن عدي منكر الحديث وعن الأبار لا يساوي بعرة ثم أورد له هذا الخبر وقال العقيلي : لم يكن مؤتمنا على الحديث وقال ابن حبان : غلب عليه المناكير فاستحق الترك وفيه معقل بن عبيد الله ضعفه ابن معين واحتج به مسلم . 8056 - (ما من صدقة أحب إلى الله من قول الحق) من نحو أمر بمعروف ونهي عن منكر . - (هب عن أبي هريرة) وفيه المغيرة بن سقلاب أيضا . 8057 - (ما من صلاة مفروضة إلا وبين يديها ركعتان) استدل به على ندب ركعتين قبل المغرب وعليه التعويل عند الشافعية وأن للجعمة سنة قبلية قال أبو زرعة : لكن يضعف الاستدلال به من جهة أنه عموم قبل التخصيص فقد تقدم عليه ما هو الظاهر من حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه أنهم لم يكونوا يفعلون ذلك . - (حب طب عن أبي الزبير) قال الهيثمي : فيه سويد بن عبد العزيز وهو ضعيف . 8058 - (ما من عام إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم) يعني به ذهاب العلماء وانقراض الصلحاء ، وخرج ابن جميع عن ابن عباس : ما بكيت من دهر إلا بكيت عليه * رب يوم بكيت منه فلما * صرت في غيره بكيت عليه - (ت عن أنس) بن مالك وفي البخاري ما هو بمعناه وأما خبر كل عام ترذلون وقول عائشة لولا كلمة سبقت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت كل يوم ترذلون فقال ابن حجر : لا أصل له . 8059 - (ما من عام إلا ينقص الخير فيه ويزيد الشر) قيل للحسن فهذا ابن عبد العزيز بعد الحجاج فقال : لا بد للزمان من تنفيس . - (طب عن أبي الدرداء) رمز المصنف لحسنه وقال السخاوي : سنده جيد قال : وورد بسند صحيح أمس خير من اليوم واليوم خير من غد وكذلك حتى تقوم الساعة .
[ 621 ]
8060 - (ما من عبد يسجد لله سجدة) أي في الصلاة فخرج سجود التلاوة والشكر فإنه لا يؤمر بكثرته ولا يحث عليها لأنه إنما يشرع لعارض كما مر (إلا رفعه الله بها درجة وحط عنه بها خطيئة) زاد في حديث عبادة وأبي ذر وكتب الله له بها حسنة قال الزين العراقي : وإسناده صحيح وزيادة الثقة مقبولة ، فإن قيل ما الفرق بين رفع الدرجة وكتب الحسنة فقد يكون رفع الدرجة بسبب كتابة الحسنة قلنا رفع الدرجة وإن كان بسبب اكتساب الحسنة فالسبب غير المسبب فهما شيئان وأيضا رفع الدرجة قد لا يكون مرتبا على اكتسابه الحسنة فقد يمحى بكتابتها سيئة أخرى وهذا الحديث قد احتج به من فضل إطالة السجود على إطالة القيام ووجهه أيضا بأن أول سورة نزلت وهي * (اقرأ) * ختمها بقوله * (واسجد واقترب) * وبأن السجود يقع من المخلوقات كلها علويها وسفليها وبأن الساجد أذل ما يكون لربه وأخضع له وذلك أشرف حالات العبد وبأن السجود سر العبودية فإنها هي الذل والخضوع وأذل ما يكون العبد وأخضع إذا كان ساجدا . - (حم حب ت ن عن ثوبان) مولى النبي الله صلى الله عليه وسلم قال الترمذي : حسن صحيح ، واعتر ض تصحيحه بأنه من رواية الوليد بن مسلم بالعنعنة وهو مدلس وأجيب بأنه صرح بسماعة في رواية ورواه ابن ماجه عن عبادة بن الصامت بلفظ ما من مسلم يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة ومحا عنه سيئة ورفع بها درجة فأكثروا السجود اه‍ . قال الحافظ العراقي : وسنده صحيح . 8061 - (ما من عبد مسلم يدعو لأخيه في ظهر الغيب) أي في غيبة المدعو له (إلا قال الملك) في رواية المتوكل به (ولك بمثل) بكسر الميم وسكون المثلثة على الأشهر وروي بفتحهما وتنوينه عوض من المضاف إليه يعني بمثل ما دعوته وهذا بالحقيقة دعاء من الملك بمثل ما دعاه لأخيه وما قيل إن معناه ولك بمثل ما دعوته أي بثوابه فركيك . - (م د عن أبي الدرداء) . 7062 - (ما من عبد يمر بقبر رجل كان يعرفه في الدنيا) أي وهو غير شهيد كما قاله القرطبي حيث قال : عمومه محمول على غير الشهداء ، لأن أرواحهم في جوف طير خضر تأوي إلى قناديل معلقة بالعرش اه‍ . (فسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام) فرحا به ، وقال الحافظ العراقي : المعرفة ورد السلام فرع الحياة ورد الروح ولا مانع من خلق هذا الإدراك برد الروح في بعض جسده وإن لم يكن ذلك في جميعه وقال بعض الأعاظم : تعلق النفس بالبدن تعلق يشبه العشق الشديد والحب اللازم فإذا فارقت النفس البدن فذلك العشق لا يزول إلا بعد حين فتصير تلك النفس شديدة الميل لذلك البدن ولهذا
[ 622 ]
ينهى عن كسر عظمه ووطء قبره فإذا وقف إنسان على قبر إنسان قوي النفس كامل الجوهر شديد التأثير حصل بين النفسين ملاقاة روحانية وبهذا الطريق تصير تلك الزيارة سببا لحصول المنفعة الكبرى والبهجة العظمى لروح الزائر والمزور ويحصل لهما من السلام والرد غاية السرور وهذا هو السبب الأصلي في مشروعية الزيارة ، وفي العاقبة لعبد الحق عن الفخر التبريزي أنه كان يشكل عليه مسائل فيطيل الفكر فيها ويبذل الجهد في حلها فلا تنجلي حتى يذهب لقبر شيخه التاج التبريزي ويجلس بين يديه كما كان في حياته ويفكر فيها فتنجلي سريعا ، قال جربت ذلك مرارا ، وقال الإمام الرازي في المطالب : كان أصحاب أرسطو كلما أشكل عليهم بحث غامض ذهبوا إلى قبره وبحثوا فيه عنده فيفتح لهم وسره أن نفس الزائر والمزور شبيهان بمرآتين صقيلتين وضعتا بحيث ينعكس الشعاع من إحداهما إلى الأخرى فكلما حصل في نفس الزائر الحي من المعارف والعلوم والأخلاق الفاضلة من الخضوع لله والرضى بقضائه ينعكس معه نور ذلك الإنسان الميت وكلما حصل في نفس الميت من العلوم المشرقة ينعكس منها نور إلى روح هذا الزائر الحي . تنبيه : قال ابن القيم : هذا الحديث ونحوه من الآثار يدل على أن الزائر متى جاء علم به المزور وسمع سلامه وأنس به ورد عليه قال : وذا عام في حق الشهداء وغيرهم وأنه لا توقيت في ذلك قال : وذا أصح من أثر الضحاك الدال على التوقيت وقد شرع المصطفى صلى الله عليه وسلم لأمته أن يسلموا على أهل القبور سلام من يخاطبونه ممن يسمع ويعقل . - (خط وابن عساكر) في التاريخ (عن أبي هريرة) قال ابن الجوزي : حديث لا يصح وقد أجمعوا على تضعيف عبد الرحمن بن زيد أي أحد رواته وقال ابن حبان : يقلب الأخبار ولا يعلم حتى كثر ذلك في روايته واستحق الترك اه‍ وأفاد الحافظ العراقي أن ابن عبد البر خرجه في التمهيد والاستذكار بإسناد صحيح من حديث ابن عباس وممن صححه عبد الحق بلفظ ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه السلام . 8063 - (ما من عبد يصرع صرعة مرض إلا بعثه الله منها طاهرا) لأن المرض تمحيص للذنوب والمؤمن متلوث بالشهوات متوسخ بالخطيئات فإذا أسقمه الله طهره وصفاه كالفضة تلقى في كيرها فبنفخه يزول خبثها وصفو دنسها فتصلح للضرب . وظاهره الشمول لجميع الذنوب لكن خصه الجمهور بالصغائر لاشتراطه اجتناب الكبائر في الخبر المار فحملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا القيد قال ابن حجر : ويحتمل أن معنى الأحاديث المؤذنة بالتعميم أن ذلك صالح لتكفير الذنوب فيكفر به ما شاء من الذنوب مما يكون كثرة التكفير وقلته باعتبار شدة المرض وخفته ثم المراد [ ص 488 ] بتكفير الذنب ستره أو محو أثره المترتب عليه من استحقاق العقوبة . - (طب والضياء) المقدسي وكذا ابن أبي الدنيا (عن أبي أمامة) قال المنذري : رواته ثقات ، وقال الهيثمي : فيه سالم بن عبد الله البخاري الشامي لم أجد من ذكره وبقية رجاله ثقات .
[ 623 ]
8064 - (ما من عبد يسترعيه الله رعية) أي يفوض إليه رعاية رعية وهي بمعنى المرعية بأن ينصبه إلي القيام بمصالحهم ويعطيه زمام أمورهم والراعي الحافظ المؤتمن على ما يليه من الرعاية وهي الحفظ (يموت) خبر ما (يوم يموت) الظرف مقدم على عامله (وهو غاش) أي خائن (لرعيته) المراد يوم يموت وقت إزهاق روحه وما قبله من حالة لا تقبل فيها التوبة لأن النائب من خيانته تقصيره لا يستحق هذا الوعيد (إلا حرم الله عليه الجنة) أي إن استحل أو المراد يمنعه من دخوله مع السابقين الأولين وأفاد التحذير من غش الرعية لمن قلد شيئا من أمرهم فإذا لم ينصح فيما قلد أو أهمل فلم يقم بإقامة الحدود واستخلاص الحقوق وحماية البيضة ومجاهدة العدو وحفظ الشريعة ورد المبتدعة والخوارج فهو داخل في هذا الوعيد الشديد المفيد لكون ذلك من أكبر الكبائر المبعدة عن الجنة ، وأفاد بقوله يوم يموت أن التوبة قبل حالة الموت مفيدة . - (ق عن معقل بن يسار) وسببه أن ابن زياد عاد معقلا في مرضه فقال معقل إني محدثك حديثا لو علمت أن لي حياة ما حدثتكه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره . 8065 - (ما من عبد يخطب خطبة إلا الله سائله عنها) قال الراوي أظنه قال (ما أراد بها) تمامه في الشعب قال جعفر بن سليمان : كان مالك إذا حدثنا بهذا الحديث بكى حتى ينقطع ثم يقول تحسبون أن عيني تقر بكلامي عليكم وأنا أعلم أن الله سائلي عنه يوم القيامة ما أردت به . - (هب) وكذا ابن أبي الدنيا (عن الحسن) البصري (مرسلا) قال المنذري : إسناده جيد اه‍ . لكن فيه جعفر بن سليمان . قال الذهبي : ضعفه القطان ووثقه جمع . 8066 - (ما من عبد يخطو خطوة إلا سئل عنها يوم القيامة ما أراد بها) من خير أو شر ويعامل بقضية نيته . - (حل) من حديث محمد بن صبيح السماك عن الأعمش عن شقيق (عن ابن مسعود) وقال : غريب وشقيق إن كان الضبى فخارجي أو الأسدي أو حيان فمجهول ، ذكره الذهبي . 8067 - (ما من عبد مسلم إلا وله بابان في السماء : باب ينزل منه رزقه وباب يدخل فيه عمله وكلامه فإذا فقداه بكيا عليه) أي لفراقه لأنه انقطع خيره منهما بخلاف الكافر فإنهما يتأذيان بشره فلا
[ 624 ]
يبكيان عليه فذلك قوله تعالى : * (فما بكت عليهم السماء والأرض) * وهذا تعريض للمؤمنين ببكائهم عليه . قال في الكشاف : وذلك على سبيل التمثيل والتخييل مبالغة في وجوب الجزع عليه اه‍ . وأقول : لا مانع من الحمل على الحقيقة فقد أخرج ابن سعد في ترجمة شيث بن ربعي عن الأعمش قال : شهدت جنازة شيث فأقاموا العبيد على حدة والجواري على حدة والخيل على حدة والبخت على حدة والنوق على حدة - وذكر الأصناف - قال : ورأيتهم ينوحون عليه ويلتزمون قبره . - (ع حل عن أنس) بن مالك . قال الهيثمي : فيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف اه‍ . وقال أبو نعيم : لا أعرفه مرفوعا إلا من حديث يزيد الرقاشي [ ص 489 ] وعنه موسى بن عبيدة وظاهر صنيعه أن هذا هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته وتلى هذه الآية * (فما بكت عليهم السماء والأرض) * فذكر أنهم لم يكونوا يعملون على الأرض عملا صالحا يبكى عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا عملهم كلام طيب ولا عمل صالح فيفقدهم فيبكى عليهم اه‍ . 8068 - (ما من عبد من أمتي يصلي علي صلاة صادقا بها) من قلبه ، وفي رواية بدله مخلصا من قلبه ، وقوله صادقا حال وقوله من قلبه صفة لصادقا لأن الصدق قد لا يكون عن قلب أي اعتقاد كقول المنافق (من قبل نفسه إلا صلى الله تعالى عليه بها عشر صلوات وكتب له بها عشر حسنات ومحا عنه بها عشر سيئات) هذا صريح في حصول الأمور الثلاثة معا الصلاة عليه وكتابة الحسنات ورفع الدرجات . - (حل عن سعيد بن عمير الأنصاري) الصحابي وكان بدريا ثم قال أبو نعيم : لا أسلم رواه بهذا اللفظ إلا سعد بن أبي سعيد الثعلبي . 8069 - (ما من عبد يبيع) وفي رواية للعسكري باع (تالدا) أي مالا قديما والطارف ضده (إلا سلط الله عليه تالفا) قال العسكري : التالد ما ورثه عن آبائه والتالف ما يتلف ثمنه وفي رواية لأحمد من باع عقرة مال سلط الله عليه تالفا يتلفها . - (طب عن عمران) بن الحصين قال الهيثمي : فيه بشير بن شريح وهو ضعيف ورواه عنه أيضا الديلمي . 8070 - (ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من الله عون) على أدائه وفي رواية لأحمد إلا كان معه من الله عون وحافظ وفي رواية من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من الله حارس . رواه كله أحمد ، وفي رواية كان له من الله عون وسبب له رزقا . - (حم ك) في البيع (عن عائشة) قال ابن القاسم : كانت عائشة تدان فقيل لها ما لك والدين وليس عندك قضاء قالت : سمعت
[ 625 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكرته ثم قالت وأنا ألتمس ذلك العون قال الحاكم : صحيح ورده الذهبي بأن فيه محمد بن عبد بن المحبر وابن المحبر وهاه أبو زرعة وقال مسلم : متروك لكن وثقه أحمد وقال الهيثمي بعد ما عزاه لأحمد : رجال أحمد رجال الصحيح إلا أن محمد بن علي بن الحسين لم يسمع من عائشة . 8071 - (ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا فارتفع إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول) تمامه عند الطبراني ثم قرأ * (وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا) * . - (طب حل عن سلمان) الفارسي قال الهيثمي : فيه أبو الصباح عبد الغفور الأنصاري وهو متروك . 8072 - (ما من عبد ولا أمة يستغفر الله في كل يوم سبعين مرة إلا غفر الله له سبعمائة ذنب وقد خاب عبد أو أمة عمل في اليوم والليلة أكثر من سبعمائة ذنب) وذلك لأن كل مرة من الاستغفار حسنة والحسنة بعشرة أمثالها فيكون سبعمائة حسنة في مقابلة سبعين سيئة فتكفرها والظاهر أن السبعين مثال فالمائة بألف على هذا المنوال . تنبيه : قال [ ص 490 ] الغزالي : قد يتعلق بهذا الحديث ونحوه بعض البطلة ويقول إنه كريم رحيم وله خزائن السماوات والأرض وهو قادر على أن يفيض على قلبي من العلوم ما أفاضه على قلوب الأنبياء من غير جهد وتكرار وتعلم وهو كقول من يريد مالا فيترك التجارة والكسب ويتعطل وقال إنه تعالى له خزائن السماوات والأرض وهو قادر على أن يطلعني على كنز واستغنى . - (هب عن أنس) بن مالك قال : كنا مع النبي في مسيره فقال : استغفروا فاستغفرنا فقال : أتموها سبعين فأتممناها سبعين فذكره ، قال ابن الجوزي : حديث لا يصح والحسن بن جعفر أي أحد رواته قال السعدي : واه والنسائي : متروك . 8073 - (ما من عبد يسجد) في صلاته (فيقول) حال سجوده (رب اغفر لي) أي ذنوبي ويكرر ذلك (ثلاث مرات إلا غفر له قبل أن يرفع رأسه) من سجوده ، والظاهر أن المراد الصغائر دون الكبائر كنظائره . - (طب عن والد أبي مالك الأشجعي) قال الهيثمي : هذا من رواية محمد بن جابر عن أبي مالك هذا ولم أجد من ترجمهما .
[ 626 ]
8074 - (ما من عبد يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما دام يصلي علي فليقل العبد من ذلك أو ليكثر) التخيير بين الإعلام بما فيه الخيرة في المخير فيه تحذير من التفريط في تحصيله فهو قريب من معنى التهديد . - (حم ه والضياء) المقدسي في المختارة (عن عامر بن ربيعة) قال مغلطاي : سند ابن ماجه ضعيف لضعف عاصم بن عبيد الله بن عاصم قال يحيى : وابن سعيد لا يحتج به وقال البخاري : منكر الحديث وقال ابن حبان : كثير الوهم فاحش الخطايا اه‍ . ومن ثم جزم الحافظ العراقي بضعف الحديث . 8075 - (ما من عبد مؤمن) التنكير فيه للتعظيم أي كامل في إسلامه راض بقضاء ربه وبنبوة نبيه وبدين الإسلام (يخرج من عينيه من الدموع مثل رأس الذباب من خشية الله تعالى) أي من خوف جلاله وقهر سلطانه (فيصيب حر وجهه فتمسه النار أبدا) لأن خشيته من الله دلالة على علمه به ومحبته له ومن أحب الله أحبه الله ، قال الحافظ العراقي : وكل ما ورد من فضل البكاء من خشية الله فهو إظهار لفضيلة الخشية * (إنما يخشى الله من عباده العلماء) * وفي خبر أعلمكم بالله أشدكم له خشية وقال أهل الكشف : ما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحورا من النار ، وخرج ببكاء الخشية بكاء التفجيع فإنه يصدع الرأس ويضعف البصر وبكاء الجزع والهلع فإنه يورث الفترة والغفلة كما أن بكاء الخشية يزيل الفترة ويزيد الذلة . - (ه عن ابن مسعود) ورواه عنه الطبراني والبيهقي قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف . 8076 - (ما من عبد ابتلي ببلية في الدنيا إلا بذنبه) فكل عقاب يقع في الدنيا على أيدي الخلق فهو جزاء من الله إن كان أصحاب الغفلة ينسبونه إلى العوائد كما قالوا * (مس آباءنا الضراء والسرا) * (الاعراف 95) ويضيفونه للمعتدي عليهم بزعمهم وإنما هو كما قال تعالى * (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم) * (والله أكرم وأعظم عفوا من أن يسأله عن ذلك الذنب يوم القيامة) فالبلاء في الدنيا دليل إرادة الله الخير بعبده حيث عجل له عقوبته في الدنيا ولم يؤخره للآخرة التي عقوبتها دائمة فهذه [ ص 491 ] نعمة يجب على العبد شكرها وفيه أن الحدود كفارة لأهلها واستشكل بخبر الحاكم لا أدري الحدود كفارة لأهلها أم لا وأجيب بأن حديث الباب أصح إسنادا وأن الحاكم لا يخفى أمره لتساهله في التصحيح . - (طب عن أبي موسى) الأشعري . 8077 - (ما من عبد مؤمن إلا وله ذنب يعتاده الفينة بعد الفينة) أي الحين بعد الحين والساعة
[ 627 ]
بعد الساعة يقال لقيته فينة والفينة وهو ما يتعاقب عليه التعريفان العلمي والكلامي ذكره الزمخشري قال : وله ذنب صفة والواو مؤكدة ومحل الصفة مرفوع محمول على محل الجار والمجرور لأنك لا تقول ما من أحد في الدار إلا كريم كما لا تقول إلا عبد الله ولكنك ترفعهما على المحل (أو ذنب هو مقيم عليه لا يفارقه أبدا حتى يفارق الدنيا إن المؤمن خلق مفتنا) بالتشديد أي ممتحنا يمتحنه الله بالبلاء والذنوب مرة بعد أخرى والمفتن الممتحن الذي فتن كثيرا (توابا نسيا إذا ذكر ذكر) أي يتوب ثم ينسى فيعود ثم يتذكر فيتوب هكذا يقال فتنه يفتنه إذا امتحنه وقد كثر استعمالها فيما أخرجه الاختيار للمكروه ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر ثم ذكره الطيبي . - (طب) وكذا في الأوسط (عن ابن عباس) قال الهيثمي : أحد إسناد الكبير رجاله ثقات . 8078 - (ما من عبد يظلم رجلا مظلمة) بتثليث اللام والكسر أشهر وأنكر ابن القوطية الفتح (في الدنيا لا يقصه) بضم التحتية وكسر القاف وصاد مهملة مشددة أي لا يمكنه من أخذ القصاص (من نفسه) بأن يفعل به مثل فعله (إلا أقصه الله منه يوم القيامة) بأن يفعل به مثل ما فعله وقد يشمله الله بعفوه ويعوض المستحق . - (هب عن أبي سعيد) الخدري قال : شتم رجل أبا بكر ورسول اله صلى الله عليه وسلم يعجب ويتبسم فلما أكثر رد عليه أبو بكر بعض قوله فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر قال : فإنه كان معك من يرد عنك فلما رددت عليه قعد الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم ذكره قال الذهبي : إسناده حسن . 8079 - (ما من عبد إلا وله صيت في السماء) أي ذكر وشهوة بحسن أو قبيح قال ابن حجر : الصيت بكسر فسكون أصله الصوت كالريح من الروح والمراد به الذكر الجميل وربما قيل لضده لكن مقيدا (فإن كان صيته في السماء حسنا وضع في الأرض) ليستغفر له أهلها ويعاملوه بأنواع المهابة وصنوف الجلالة وينظروا إليه بعين الود (وإن كان صيته في السماء سيئا وضع في الأرض) كذلك وأصل ذلك ومنبعه محبة الله للعبد أو عدمها فمن أحبه الله أحبه أهل مملكته ومن أبغضه أبغضه أهل مملكته ويؤخذ من ذلك أن محبة القلوب للعباد علامة على محبة الله والعكس بالعكس . - (البزار) في مسنده (عن أبي هريرة) قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح .
[ 628 ]
8080 - (ما من عبد استحى من الحلال) أي من فعله أو إظهاره (إلا ابتلاه الله بالحرام) أي بفعله أو بإظهاره جزاء وفاقا . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن أنس) بن مالك . [ ص 492 ] 8081 - (ما من عثرة ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يغفر الله أكبر) * (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) * فأوخذ بالقليل حتى يطهر ويعفو عن الكثير حتى يصغر فمن علامة العفو نزول البلاء فيمحص بما نزل ويعفو عما بقي . (ابن عساكر) في تاريخه (عن البراء) بن عازب . 8082 - (ما من غازية) أي ما من جماعة غازية (تغزو) بالإفراد والتأنيث للفظ غازية والمراد الجيش الذي يخرج للجهاد في سبيل الله (أو سرية) هي قطعة من الجيش سميت به لأنها تسري في خفية من سرى يسري إذا سار ليلا أو لأنها تسرى أي تختار من الجيش وجمع بينهما لينبه على إثبات الحكم للقليل والكثير منهم فلا ملجئ لجعله شكا من بعض الرواة (في سبيل الله فيصيبون الغنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم) السلامة والغنيمة (من الأجر ويبقى لهم الثلث) ينالونه في الآخرة بمحاربتهم أعداء الله (فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم) والغزاة إذا سلموا وغنموا أجرهم أقل ممن لم يسلم ولم يغنم قال النووي : هذا هو الصواب السالم عن المعارض ولا يعارضه خبر الشيخين إن المجاهد يرجع بما نال من أجر وغنيمة لأنه لم يتعرض لكون الغنيمة تنقص الأجر أو لا ولا قال أجره كأجر من لم يغنم بل أطلق فحمل على هذا المقيد . (تنبيه) قال القونوي : سر هذا الحديث أن مسمى الإنسان بالتعريف العام عبارة عن مجموع جسمه الطبيعي ونفسه الحيوية وروحه المجرد المدبر لهيكله فكل فعل يصدر منه من حيث جملته المذكورة فلكل واحد من هذه الثلاثة في ذلك الفعل دخل ونصيب فالمجاهد متى غنم وسلم فقد حصل نصيب صورته الطبيعية وهو ما ينتفع به من الغنيمة من مأكول وغيره وقد قارب نفسه الحيوانية أيضا بما حصل لها من اللذة بالاستيلاء على العدو وقهره والتشفي والانتقام منه ونحو ذلك من حظوظ حيوانية فلم يبق له إلا ما محص روحه المفارق الممتاز عن بدنه في مقابلة إيمانه وصدق عزيمته وقصدته بما أقدم عليه من المشاق التي ارتكبها طلبا لرضى مولاه ورغبة في إعلاء كلمته وقهرا لأعدائه وامتثالا لأمره فمتى سلم وغنم لم يحصل له من جهاده ما يصلح كونه نصيب روحه المجرد إلا ما يستحضره من صدق وعد الحق المخبر عنه وذلك أمر مستصحب لكل مؤمن صديق فوضح بذلك أن أجر
[ 629 ]
المجاهدين ينقسم ثلاثثة أقسام وأن السالم الغانم تعجل ثلثي أجره أعني القسمين من الثلاثة وهما حظ طبيعته وحظ نفسه الحيوانية وبقي له حظ روحه المدخر له في الآخرة . فتنبه للأسرار المودعة في الإشارات النبوية تعرف أنه صلى الله عليه وسلم * (ما ينطق عن الهوى) * وأن إشاراته مشتملة على مزيد العلوم ومن لم يطلعه الله عليها فليس من ورثته وإنما هو حافظ وناقل صور الأحكام دون معرفة المراد منها وضعها وما يتضمنه من الحكم . - (حم م ن ه) كلهم في الجهاد (عن ابن عمرو) بن العاص ولم يخرجه البخاري . 8083 - (ما من قاض من قضاة المسلمين إلا ومعه ملكان يسددانه إلى الحق ما لم يرد غيره فإذا أراد غيره وجار متعمدا تبرأ منه الملكان ووكلاه) بتخفيف الكاف (إلى نفسه) . - (طب عن عمران) بن الحصين ، رمز المصنف لحسنه وهو زلل قال الهيثمي : فيه أبو داود الأعمى وهو كذاب . 8084 - (ما من قلب إلا وهو معلق بين أصبعين من أصابع الرحمن إن شاء أقامه وإن شاء أزاغه) قال الفخر الرازي : هذا عبارة عن كونه مقهورا محدودا مقصورا مغلوبا متناهيا وكلما كان كذلك امتنع أن يكون له إحاطة بما لا نهاية له (والميزان بيد الرحمن يرفع أقواما ويخفض آخرين إلى يوم القيامة) . (حم ه ك) في الدعاء (عن النواس) بفتح النون ابن سمعان قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وظاهر صنيع المصنف حيث أفرد ابن ماجه بالعزو أنه لم يخرجه من الستة سواه وليس كذلك فقد خرجه النسائي في الكبرى عن عائشة قال الحافظ العراقي : وسنده جيد . 8085 - (ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي) أي وهم ممن لم يعمل بها بل عمل بها غيرهم (هم أعز) أي أمنع (وأكثر ممن يعمله ثم لم يغيروه إلا عمهم الله منه بعقاب) لأن من لم يعمل إذا كانوا أكثر ممن يعمل كانوا قادرين على تغيير المنكر غالبا فتركهم له رضا بالمحرمات وعمومها وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح * (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) * (النور : 63) . - (حم د ه حب عن جرير) بن عبد الله ورواه البيهقي في الشعب عن الصديق . قال الصديق : قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عذب أهل قرية فيها ثمانية عشر ألفا أعمالهم
[ 630 ]
أعمال الأنبياء قيل : يارسول الله كيف قال : لم يكونوا يعصون الله يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر قال الغزالي : فكل من شاهد منكرا ولم ينكره فهو شريك فيه فالمستمع شريك المغتاب ويجري هذا في جميع المعاصي في مجالسة من يلبس الديباج ويتختم بذهب ويجلس على حرير وجلوس في دار أو حمام على حيطانها صور أو فيها أواني من ذهب أو فضة وجلوس بمسجد يسئ الصلاة فيه فلا يتمون الركوع والسجود أو بمجلس وعظ يجري به ذكر بدعة ومجلس مناظرة أو مجادلة يجري فيه الإيذاء والفحش (حم د ه حب عن جرير) بن عبد الله ورواه البيهقي في الشعب عن الصديق . 8086 - (ما من قوم يقومون من مجلس لا يذكرون الله تعالى فيه إلا قاموا عن مثل جيفة حمار) أي مثلها في النتن والقذارة والبشاعة لما صدر منهم من ردئ الكلام ومذمومه شرعا إذ المجلس الخالي من ذكر الله إنما يعمر بما ذكر ونحوه * (فماذا بعد الحق إلا الضلال) * فحيث لم يختموه بما يكفر لغطه قاموا عن ذلك (وكان ذلك المجلس) أي ما وقع فيه (عليهم حسرة يوم القيامة) أي ندامة لازمة لهم من سوء آثار كلامهم فيه ، ولم يبين في هذا الحديث الذي يسن أن يقال عقبه وقد بين ذلك بفعله روى أبو داود والحاكم عن عائشة وغيرها أنه كان بآخرة من عمره إذا أراد أن يقوم من مجلس قال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقال رجل : إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى قال : ذلك كفارة لما يكون في المجلس . (تنبيه) قال بعضهم : الذكر هو التخلص من الغفلة والنسيان بدوام حضور القلب مع الله وقيل ترديد اسم المذكور بالقلب واللسان سواء في ذلك ذكر الله أو صفة من صفاته أو حكم من أحكامه أو فعل من أفعاله أو استدلال على شئ من ذلك أو دعاء أو ذكر رسله أو أنبيائه وما يقرب من الله من فعل أو سبب بنحو قراءة أو ذكر اسمه أو نحو ذلك ، فالمتفقه ذاكر وكذا المفتي والمدرس والواعظ والمتفكر في عظمته تعالى والممتثل ما أمر الله به والمنتهي عما نهى عنه . - (د ك عن أبي هريرة) قال في الأذكار والرياض : إسناده صحيح . 8087 - (ما من قوم يذكرون الله) أي يجتمعون لذكره بنحو تسبيح وتحميد وتهليل وتلاوة وعلم شرعي (إلا حفت) أي أحاطت (بهم الملائكة) يعني دارت حولهم (وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة) أي الوقار والخشية والذكر سبب لذلك * (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) * وفي المشارق : السكينة شئ كالريح أو كالهواء أو خلق له وجه كوجه إنسان أو الرحمة أو الوقار (وذكرهم الله فيمن عنده) يعني في الملائكة المقربين فالمراد من العندية عندية المرتبة . قال المظهر : الباء للتعدية يعني يديرون أجنحتهم حول الذاكرين وقال الطيبي : للاستعانة ككتبت بالقلم لأن حفهم الذي ينتهي إلى السماء إنما يستقيم بواسطة الأجنحة . وفيه فضل مجالس الذكر والذاكرين والاجتماع عليه ومحبة الملائكة لبني آدم . (تنبيه) قال في الحكم : أكرمك ثلاث كرامات جعلك ذاكرا له ولولا فضله لم تكن أهلا
[ 631 ]
لجريان ذكره عليك وجعلك مذكورا به إذ حقق نسبته إليك وجعلك مذكورا عنده وتمم نعمته عليك . (ت) في الدعوات (ه) في ثواب التسبيح (عن أبي هريرة وأبي سعيد) الخدري ورواه أيضا مسلم عنه بلفظ ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله إلا حفت بهم الملائكة وغشيتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده اه‍ . 8088 - (ما من قوم يظهر فيهم الربا) أي يفشو بينهم ويصير متعارفا غير منكر (إلا أخذوا بالسنة) أي الجدب والقحط قال الحرالي : أكثر بلايا هذه الأمة حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع والانتقام بالسنين إنما هو من عمل الربا (وما من قوم يظهر فيهم الرشا) كذا بخط المصنف وفي نسخة الزنا ولا أصل لها في نسخته (إلا أخذوا بالرعب) قال ابن حجر : وفي هذا الحديث ما يقتضي أن الطاعون والوباء ينشأ عن ظهور الفواحش وهذا الحديث وإن كان ضعيفا لكن له شواهد منها عند الحاكم بسند قال ابن حجر : جيد ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت ولأحمد لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم أوشك أن يعمهم الله بعقاب . وسنده حسن . (حم عن عمرو بن العاص) قال المنذري : في إسناده نظر وقال الهيثمي : وفيه من لم أعرفه وقال ابن حجر في الفتح : سنده ضعيف اه‍ . وذلك لأن فيه موسى بن داود قال الذهبي : مجهول عن ابن لهيعة وقد مر حاله ومحمد بن راشد فإن كان المكحولي فقد قال النسائي : غير قوي أو الشامي فقال الأزدي : منكر . 8089 - (ما من قوم يكون فيهم رجل صالح فيموت فيخلف فيهم مولود فيسمونه باسمه إلا خلفهم الله تعالى بالحسنى) . - (ابن عساكر) في التاريخ (عن علي) أمير المؤمنين . 8090 - (ما من ليل ولا نهار) الذي وقفت عليه في مسند الشافعي ما من ساعة من ليل أو نهار (إلا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء) من أرضه يعني أن المطر لا يزال ينزله الله من السماء لكنه يرسله إلى أين أراد من الأرض قال الرافعي : وفيه أن السماء تمطر ليلا ونهارا والله يصرفه حيث يشاء من النواحي بحرا وبرا ثم يمكن أن يجري [ ص 495 ] هذا على إطلاقه ويمكن حمله على الأوقات التي يعهد فيها المطر اه‍ . وعن ابن عباس ما من عام أقل مطرا من عام ولكن الله قسم ذلك بين عباده على ما شاء قال الكشاف : وروى أن الملائكة يعرفون عدد المطر وقدره كل عام لأنه لا يختلف لكن تختلف فيه البلاد . (الشافعي) في مسنده قال : أخبرنا من لا أتهم أخبرنا عمرو بن أبي عمرو عن (المطلب) ابن عبد الله (بن
[ 632 ]
حنطب) بفتح المهملتين وسكون النون بينهما المخزومي تابعي صدوق كثير التدليس والإرسال روى عن أبي هريرة وعائشة فالحديث مرسل . 8091 - (ما من مؤمن إلا وله بابان) في السماء (باب يصعد منه عمله وباب ينزل منه رزقه فإذا مات بكيا عليه) تمامه فذلك قوله * (فما بكت عليهم السماء والأرض) * . - (ت) في تفسيره الدخان وكذا أبو يعلى (عن أنس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الترمذي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل ذكره مقرونا ببيان علته فإنه رواه من حديث موسى بن عبيدة عن يزيد الرقاشي عن أنس وقال : غريب لا يعرف مرفوعا إلا من هذا الوجه وموسى ويزيد ضعيفان ، إلى هنا كلامه . 8092 - (ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة) أي يصبره عليها بما يأتي في خبر من عزى مصابا (إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة) فيه أن التعزية سنة مؤكدة وأنها لا تختص بالموت فإنه أطلق المصيبة وهي لا تختص به إلا أن يقال إنها إذا أطلقت إنما تنصرف إليه لكونه أعظم المصائب ، والتعزية في الموت مندوبة قبل الدفن وبعده ، وقال الشافعية : ويدخل وقتها بالموت ويمتد ثلاثة أيام تقريبا بعد الدفن ويكره بعدها إلا إذا كان المعزي أو المعزى غائبا . - (ه) عن قيس بن أبي عمارة مولى الأنصار عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن جده (عن عمرو بن حزم) بفتح المهملة وسكون المعجمة الخزرجي أبي الضحاك واستعمل على نجران قال النووي في الأذكار : إسناده حسن . 8093 - (ما من مسلم يأخذ مضجعه) من الليل (يقرأ سورة من كتاب الله إلا وكل الله ملكا يحفظه فلا يقربه شئ يؤذيه حتى يهب) من نومه (متى هب) أي إلى أن يستيقظ متى يستيقظ . (حم ت) في الدعوات (عن شداد بن أوس) رمز المؤلف لحسنه وليس كما قال فقد قال النووي في الأذكار : إسناده ضعيف هكذا جزم به وقال الصدر المناوي : في سنده مجهول . 8094 - (ما من مسلم يموت له) خرج الكافر ، قال ابن حجر : فإن مات له أولاد ثم أسلم فظاهر الخبر لا يحصل له التلقي الآتي (ثلاثة) في رواية ثلاث وهو سابق لأن المميز محذوف وذكر هذا العدد لا يمنع حصول الثواب الآتي بأقل منها لأنا إن لم نقل بمفهوم العدد فظاهر وإن قلنا به فليس
[ 633 ]
نصا قاطعا بل دلالته ضعيفة يقدم عليها غيرها عند معاوضتها وقد وقع في بعض طرق الحديث التصريح بالوارد عند الطبراني وغيره (من الولد) أي أولاد الصلب (لم يبلغوا الحنث) [ ص 496 ] أي سن التكليف الذي يكتب فيه الإثم . وفسر الحنث في رواية بالذنب وهو مجاز من تسمية المحل بالحال ، وقضية الخبر أن من بلغ الحنث لا يحصل لمن فقده ما يأتي وبه صرح جمع فارقين بأن حب الصغير أشد والشفقة عليه أعظم وقال آخرون : البالغ أولى به لأنه إذا ثبت في الصغير مع أنه كل على أبويه فمن بلغ السعي أولى إذ التفجع عليه أشد وهو متجه لكن لا يلائمه قوله في رواية بفضل رحمته إياهم إذ الرحمة للصغير أكثر (إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية) زاد النسائي لا يأتي بابا من أبوابها إلا وجده عنده يسعى في فتحه (من أيها شاء دخل) ولموت الأولاد فوائد كونهن حجابا عن النار كما في عدة أخبار ويثقلون الميزان ويشفعون في دخول الجنة ويسقون أصولهم يوم العطش الأكبر من شراب الجنة ويخففون الموت عن الوالدين لتذكر أفراطهم الماضين الذين كانوا لهم قرة أعين وغير ذلك . تنبيه : قال أبو البقاء : من زائدة ومسلم مبتدأ ولم يبلغوا الحنث صفة للمبتدأ والخبر قوله إلا إلخ . (حم ه عن عتبة) بمثناة فوقية بعد المهملة (ابن عبد) بغير إضافة السلمي قال الذهبي : له صحبة قال المنذري : إسناده حسن ومن ثم رمز المصنف لحسنه . 8095 - (ما من مسلم ينظر إلى امرأة) أي أجنبية بدلالة السياق (أول رمقة) هذا لفظ رواية الطبراني ولفظ رواية أحمد ينظر إلى محاسن امرأة (ثم يغض بصره) عنها (إلا أحدث الله تعالى له عبادة يجد حلاوتها في قلبه) فإن الإنسان خلق مفتوح العين عمول اللحاظ ومن شأن عينه أن تطرف فإذا وقع بصره على شئ لم يؤاخذ لعدم العمل القلبي فإذا أعمل بصره بعد فإنه أعمله القلب فالأول مرفوع عنه والثاني مكلف به فلما وقع بصره على محاسنها وجب الغض فإذا امتثل الأمر فقد قمع نفسه عن شهوتها فجوزي بإعطائه نورا وجد به حلاوة العبادة وذلك داع إلى ازدياد منها وكلما ازداد منها في هذه الدار ازداد رفعة في دار القرار . - (حم طب عن أبي أمامة) وضعفه المنذري ولم يبين وبين الهيثمي فقال : فيه علي بن زيد الألهاني وهو متروك . 8096 - (ما من مسلم يزرع زرعا) أي مزروعا (أو يغرس غرسا) بالفتح يعني مغروسا شجرا أو للتنويع لأن الزرع غير الغرس وخرج الكافر فلا يثاب في الآخرة على شئ مما سيجئ . ونقل عياض فيه الإجماع وأما خبر ما من رجل وخبر ما من عبد فمحمول على ما هنا والمراد بالمسلم الجنس فيشمل المرأة (فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة) أي يجعل لزارعه وغارسه ثواب سواء تصدق بالمأكول أو لا . قال المظهر : والقصد أنه بأي سبب يؤكل مال الرجل يحصل له الثواب
[ 634 ]
وقال الطيبي : الرواية برفع صدقة على أن كان تامة ونكر مسلما وأوقعه في سياق النفي وزاد من الاستغراقية وخص الغرس بالشجر وعم الحيوان ليدل على سبيل الكناية الإيمائية على أن أي مسلم كان حرا أم عبدا مطيعا أو عاصيا يعمل أي عمل من المباح ينتفع بما عمله أي حيوان كان يرجع نفعه إليه ويثاب عليه . وفيه حث على اقتناء الضياع وفعله كثير من السلف خلافا لمانعه ولا يعارضه الخبر الآتي لأنه محمول على الإكثار منها وميل القلب إليها حتى تفضي بصاحبها إلى الركون إلى الدنيا وأما اتخاذ الكفاية منها فغير قادح . وفيه أن المتسبب في الخير له أجر العامل به ، هبه من أعمال البر أو من مصالح الدنيا وذلك يتناول من غرس لنفقته أو عياله وإن لم ينو ثوابه ولا يختص بمباشرة الغرس أو الزرع بل يشمل من استأجر لعمله . - (حم ق ت عن أنس) بن مالك ، زاد : وما سرق منه له صدقة . 8097 - (ما من مسلم يصيبه أذى شوكة) أي ألم جرح شوكة قال القاضي : والشوكة هنا المرة من شاكه ولو أراد واحدة النبات لقال يشاك بها والدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمعافى (فما فوقها إلا حط الله تعالى به سيئاته) أي أسقطها (كما تحط الشحرة ورقها) يعني أنه يحط عنه سيئاته بما يصيبه من ألم الشوكة فضلا عما هو أكبر منها قال ابن العربي : وذكر الأذى عبارة عما يظهر على البدن من آثار الآلام الباطنة من نحو تغيير لون أو يصيبه من الأعراض الخارجة من نحو جرح . وفيه أن الكافر لا يكون له ذلك وبشرى عظيمة لأن كل مسلم لا يخلو عن كونه متأذيا . - (ق عن ابن مسعود) قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت : إنك لتوعك وعكا شديدا فقال : أجل ثم ذكره ورواه عنه أيضا النسائي وغيره . 8098 - (ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا كتبت له بها درجة) أي منزلة عالية في الجنة (ومحيت عنه بها خطيئة) اقتصر فيما قبله على التكفير وذكر معه هنا رفع الدرجة والتنويع باعتبار المصائب فبعضها يترتب عليه مجرد الحط وبعضها يترتب عليه الرفع والبعض للكل وذا صريح في حصول الأجر على المصائب وعليه الجمهور ولكن خالف شرذمة منهم أبو عبيدة بن الجراح ووافقه ابن عبد السلام على حصول الأجر على الصبر لا على نفس المصيبة كما مر . - (م عن عائشة) قال أبو الأسود : دخل شاب من قريش على عائشة وهي بمنى وهم يضحكون فقال : ما يضحككم قالوا : فلان خر على طنب فسطاط فكادت عنقه أو عينه أن تذهب فذكرته . 8099 - (ما من مسلم يشيب شيبة في الإسلام إلا كتب الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة)
[ 635 ]
وفي رواية لأبي داود أيضا ما من مسلم يشيب شيبة إلا كان له نورا يوم القيامة فيكره نتف الشيب لذلك ولأنه وقار لما رواه مالك إن أول من رأالشيب إبراهيم فقال : يا رب ما هذا قال : وقار ، قال : زدني وقارا . - (عن ابن عمرو) بن العاص . 8100 - (ما من مسلم يبيت على ذكر) لله تعالى من نحو قراءة وتكبير وتسبيح وتهليل وتحميد (طاهرا) عن الحدثين والخبث طهارة كاملة ولو بالتيمم بشرطه (فيتعار) بعين مهملة وراء مشددة يقال تعار إذا انتبه من نومه مع صوت أو بمعنى تمطى قال جمع : والأول أنسب لأن الاستعمال فيه أخذ من عوار الظليم وهو صوته والمعنى فيهب من نومه (من الليل) أي وقت كان والثلث الأخير أرجى لذلك فمن خصه بالنصف الثاني فقد حجر واسعا (فيسأل الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه) قال الطيبي : عبر بقوله يتعار دون يهب أو يستيقظ ونحوهما لزيادة معنى أراد أن يخبر من هب من نومه ذاكرا لله مع الهبوب فيسأل الله خيرا أنه يعطيه فأوجز فقال : فيتعار ليجمع بين المعنيين وإنما يوجد ذلك عند من تعود الذكر فاستأنس به وغلب عليه حتى صار الذكر حديث نفسه في نومه ويقظته وصرح عليه الصلاة والسلام باللفظ وعرض بالمعنى وذلك من جوامع الكلم التي أوتيها وظاهر قوله يبيت أي أن ذا خاص بنوم الليل واشترط في ذلك المبيت على طهر لأن النوم عليه يقتضي عروج الروح وسجودها تحت [ ص 498 ] العرش الذي هو مصدر المواهب فمن لم يبت على طهر لا يصل لذلك المقام الذي منه الفيض والإنعام وفي خبر البيهقي إن الأرواح يعرج بها في منامها فتؤمر بالسجود عند العرش فمن بات طاهرا سجد عند العرش ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا عنه وفيه ندب الوضوء للنوم . - (حم د) في الأدب (ه) في الدعاء كلهم (عن معاذ) بن جبل رمز لحسنه ورواه عنه أيضا النسائي في اليوم والليلة . 8101 - (ما من مسلم كسا مسلما ثوبا إلا كان في حفظ من الله تعالى ما دام عليه منه خرقة) قال الطيبي : لم يقل في حفظ الله ليدل على نوع التفخيم ، وشيوع هذا في الدنيا وأما في الآخرة فلا حصر ولا عد لثوابه وكلاءته واحتج به من فضل الغنى على الفقر قالوا : لأن النفع والإحسان صفة الله وهو يحب من اتصف بشئ من صفاته فصفته الغني الجواد فيحب الغني الجواد . - (ت) في أبواب الحوض (عن ابن عباس) وقال : حسن غريب رمز لحسنه ورواه عنه الحاكم وصححه قال الحافظ العراقي : وفيه خالد بن طهمان ضعيف . 8102 - (ما من مسلم تدرك له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه) أي مدة صحبتهما له أي
[ 636 ]
كونهما في عياله ونفقته وفي الأصول الصحيحة عقب قوله ما صحبتاه زيادة وهي أو صحبهما ولعلها سقطت من قلم المؤلف (إلا أدخلتاه الجنة) أي أدخله قيامه بالإحسان إليهما والإنفاق عليهما إياها . (حم خد حب ك عن ابن عباس) قال الحاكم : صحيح وشنع عليه الذهبي بأن فيه شرحبيل ابن سعد وهو واه وقضية صنيع المؤلف أن هذا مما لم يخرج في شئ من الكتب الستة والأمر بخلافه بل خرجه ابن ماجه عن ابن عباس بهذا اللفظ وقال : إسناده صحيح وقد عرفت ما فيه . 8103 - (ما من مسلم يعمل ذنبا إلا وقفه الملك) أي الحافظ الموكل بكتابة السيئات عليه (ثلاث ساعات فإن استغفر) الله تعالى (من ذنبه) أي طلب منه مغفرته (لم يكتبه عليه ولم يعذب يوم القيامة) وفي حديث إن كاتب اليمين هو الذي يأمره بالتوقف وأنه ست ساعات وأفهم تقييده بالمسلم أن الكافر لا يوقف له لأنه لا فائدة لاستغفاره مع بقاء الكفر ولا بد من تعذيبه يوم القيامة . - (ك) في التوبة (عن أم عصمة) القوضية امرأة من قيس قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي ورواه الطبراني عنها قال الهيثمي : وفيه أبو مهدي سعيد بن سنان وهو متروك . 8104 - (ما من مسلم يصاب في جسده إلا أمر الله تعالى الحفظة اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة من الخير ما كان يعمل ما دام محبوسا في وثاقي) أي قيدي ولهذا قيل إن امرأة فتح الموصلي عثرت فانقلع ظفرها فعرجت فضحكت فقيل لها : ما تجدين الوجع قالت : لذة ثوابه أزالت عن قلبي مرارة ألمه . - (ك) في الجنائز (عن ابن عمرو) بن العاص قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي . 8105 - (ما من مسلم يظلم مظلمة فيقاتل) عليها من ظلمه (فيقتل) بسبب ذلك (إلا قتل شهيدا) فهو من شهداء الآخرة . - (حم [ ص 499 ] عن ابن عمرو) رمز لحسنه . 8106 - (ما من مسلم يعود مريضا) زاد في رواية مسلما (لم يحضر أجله فيقول) في دعائه (سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي) من مرضه ذلك . - (ت) في الطب (عن
[ 637 ]
ابن عباس) رمز لحسنه ورواه أيضا أبو داود في الجنائز والنسائي في اليوم والليلة خلافا لما يوهمه صنيع المصنف من تفرد الترمذي به عن الستة ثم إن المنذري أعله بيزيد بن عبد الرحمن الدالاني ضعفه ابن عدي وغيره لكن وثقه أو حاتم . 8107 - (ما من مسلم) لفظ رواية الحاكم ما من ملب (يلبي إلا لبي ما) وفي بعض النسخ من بدل ما ووجهه أنه لما أضاف التلبية إلى الأعيان الآتية جعل كأنها من جملة ذوي العقول فعبر بمن ذهابا بها من حيز الجمادات إلى جملة ذوي العقول ليكون أدل على المعنى الذي أراده ذكره التوربشتي (عن يمينه وشماله) أي الملبي (من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا) أي من منتهى الأرض من جانب الشرق إلى منتهى الأرض من جانب الغرب يعني يوافقه في التلبية كل رطب ويابس في جميع الأرض . قال ابن العربي : هذا حديث وإن لم يكن صحيح السند فإنه ممكن يشهد له الحديث الصحيح في المؤذن وفيه تفضيل لهذه الأمة لحرمة نبيها فإن الله أعطاه تسبيح الجماد والحيوان معها كما كانت تسبح مع داود عليه السلام وخص داود بالمنزلة العليا أنه كان يسمعها ويدعوها فتجيبه وتساعده . (ت ه ك) كلهم في الحج (عن سهل بن سعد) الساعدي قال الصدر المناوي : وفيه إسماعيل بن عياش وبقية رجاله موثوقون . 8108 - (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله تعالى فتنة القبر) لأن من مات يومها أو ليلتها فقد انكشف له الغطاء لأن يومها لا تسجر فيه جهنم وتغلق أبوابها ولا يعمل سلطان النار ما يعمل في سائر الأيام فإذا قبض فيه عبد كان دليلا لسعادته وحسن مآبه لأن يوم الجمعة هو اليوم الذي تقوم فيه الساعة فيميز الله بين أحبابه وأعدائه ويومهم الذي يدعوهم إلى زيارته في دار عدن وما قبض مؤمن في هذا اليوم الذي أفيض فيه من عظائم الرحمة ما لا يحصى إلا لكتبه له السعادة والسيادة فلذلك يقيه فتنة القبر . - (حم ت) من حديث ربيعة بن يوسف (عن ابن عمرو) بن العاص قال الترمذي : غريب وليس بمتصل ولا يعرف لربيعة سماعا من ابن عمرو اه‍ لكن وصله الطبراني فرواه من حديث ربيعة بن عياض عن عقبة بن ابن عمرو فذكره وهكذا أخرجه أبو يعلى والحكيم الترمذي متصلا وخرجه أبو نعيم متصلا من حديث جابر فلو عزاه المؤلف لهؤلاء كان أجود ومع ذلك ضعفه المنذري . 8109 - (ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان) ذكرين أو أنثيين (إلا غفر لهما قبل أن يفترقا)
[ 638 ]
فيسن ذلك مؤكدا وقد مر هذا غير مرة قال النووي : والمصافحة سنة مجمع عليها عند كل لقاء وما اعتيد بعد الصبح والعصر لا أصل له لكن لا بأس به ومحرم نظره حرم مسه اه‍ وأفهم اقتصاره على المصافحة أنه لا ينحني لصاحبه إذا لقيه ويلتزمه ولا يقبله كما يفعله الناس [ ص 500 ] وقد ورد النهي عن ذلك صريحا ففي حديث الترمذي عن أنس قال : قال رجل يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أو صديقه أينحني له ؟ قال : لا قال : أفيلتزمه ويقبله قال : لا قال : فيأخذ بيده ويصافحه ؟ قال : نعم ، قال الترمذي : حسن صحيح . - (حم د) في الأدب (ت) في الاستئذان (ه) في الأدب (والضياء) في المختارة كلهم (عن البراء) بن عازب قال الترمذي : حسن غريب قال الصدر المناوي : وفيه الأجلح يحيى بن عبد الله الكندي قال أحمد : له مناكير وأبو حاتم : كثير الخطأ لكن يكتب حديثه ولا يحتج به . 8110 - (ما من مسلمين يموت لها) في رواية بينهما (ثلاثة من الولد لم يبلغوا حنثا) أي حدا كتب عليهم فيه الحنث وهو الإثم (إلا أدخلهما الله الجنة) أي ولم تمسهما النار إلا تحلة القسم كما في خبر آخر (بفضل رحمته إياهم) أي بفضل رحمة الله للأولاد ولا جائز أن يعود الضمير للأبوين في هذا التركيب وإن قيل به في غيره لما لا يخفى ، وذكر العدد لا ينافي حصول ذلك بأقل منه فلا تناقض بين ذا وما في الصحيح من غير وجه قيل : يا رسول الله واثنان قال : واثنان وفي كثير من المسلمين من لم يقدم ولدا ولكنه سبحانه إذا فات عبدا فضل من جهة عوضه من أخرى خيرا له كما في خبر من لم يكن له فرط فأنا فرط أمتي لن يصابوا بمثلي . - (حم ن حب عن أبي ذر) قال الهيثمي : فيه عمرو بن عاصم الأنصاري لم أجد من وثقه ولا ضعفه وبقية رجاله رجال الصحيح وقضية كلام المصنف أن هذا مما لم يخرج في أحد الصحيحين وإلا لما عدل عنه مع أن في البخاري من حديث أنس بخلف قليل ونصه ما من الناس يتوفى له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم . 8111 - (ما من مصل إلا وملك عن يمينه وملك عن يساره فإن أتمها عرجا بها وإن لم يتمها) بأن أخل ببعض أركانها وشروطها (ضربا بها وجهه) كناية عن خيبته وحرمانه فالصلاة المرجو قبولها ما كانت متوفرة الشروط والأركان مع الخشوع والخضوع ويتفاوت في ذلك الرتب فمن أعلاها ما حكاه المرسي عن شيخه قال : صليت خلفه صلاة فشهدت ما أبهر عقلي شهدت بدن الشيخ والأنوار قد ملأته وانبثت الأنوار من وجوده حتى لم أستطع النظر إليه وذكر بعض العارفين أن صلاة الكاملين ستة صلاة الجسم وصلاة النفس وصلاة الصدر وصلاة القلب وصلاة الروح وصلاة السر فالأولى صورة الأركان المعروفة ، الثانية أن يضم إليها الهيئات والأبعاض المشهورة ، الثالثة أن يضم إليها الانشراح والانبساط والاستسلام لحقيقة الإسلام وتلقي وارداته وقبول وارداته فيتوجه إليها بنشاط ويرتل القراءة ويتدبر ما نطق به فيها من نحو تكبير وذكر وتحميد وتسبيح فلا يغفل في طريقه ، الرابعة أن ينضم لذلك لزوم
[ 639 ]
الأدب والتواضع والخشوع والخشية والتذلل ولزوم الخضوع وعدم الالتفات واحتقار النفس وقمع أوصاف الكبرياء والعجب والخيلاء وتفريغ القلب من السوى ، الخامسة أن يضم إلى ذلك التأهب للمناجات والتفكر بعد التدبر في أسرار الآيات والتعرض للنفحات والرحمنيات والخروج من حضرة التعلقات بنيل الجزاء وتلقي الإفاضات بلطائف العلوم الكشفيات والفهوم الغيبيات والتنعم في رياض الجنان . فيلبس حللا رضوانيات ويشهد جمال حضرة الربوبية وتتمحض صفة العبودية ، السادسة أن يضم لذلك دوام المراقبة والحضور للمشاهدة والمخاطبة فلا تلحقه غفلة ولا يتعلق بعلاقة روحانية ولا ملكوتية ولا جبروتية ولا جسمانية فعند ذلك تشرق الأنوار بسببه على المصلين معه فيكسون حلل أنوار جلال وهيبة وكمال . - (قط في الأفراد عن عمر) بن الخطاب [ ص 501 ] وظاهر صنيع المصنف أن مخرجه الدارقطني خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل تعقبه ببيان حاله فقال : تفرد به عبد الله بن عبد العزيز عن يحيى بن سعيد الأنصاري ولم يروه عنه غير الوليد بن عطاء قال ابن الجوزي : قال ابن الجنيد : أما عبد العزيز فلا يساوي فلسا حدث بأحاديث كذب اه‍ . 8112 - (ما من مصيبة) أي نازلة وأصلها الرمي بالسهم ثم استعيرت لما ذكر (تصيب المسلم) في رواية يصاب بها المسلم (إلا كفر الله بها عنه) ذنوبه أي محي خطيئاته بمقابلتها (حتى الشوكة) قال القاضي : حتى إما ابتدائية الجملة بعدها خبرها أو عاطفة (يشاكها) فيه ضمير المسلم أقيم مقام فاعله وها ضمير الشوكة أي حتى الشوكة يشاك المسلم بتلك الشوكة أي يجرح بشوكة والشوكة هنا المرة من شاكه ولو أراد واحدة النبات قال يشاك بها والدليل على أنها المرة من المصدر جعلها غاية للمصائب اه‍ . وقد استشكل ابن بطال هذا بقوله في الخبر الآخر ما أدري الحدود كفارة لها أو لا . وأجيب بأن الثاني كان قبل علمه بأن الحدود كفارة لها ثم علم . - (حم ق عن عائشة) قالت : طرق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجع فجعل يتقلب على فراشه ويشتكي فقلت : لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه قال : إن الصالحين يشدد عليهم ثم ذكره . 8113 - (ما من ميت) قال الطيبي : ما نافية ومن زائدة لاستغراق الجنس وميت مطلق محمول على الميت في قوله ما من رجل مسلم (يصلي عليه أمة) أي جماعة (من الناس) المسلمين (إلا شفعوا فيه) بالبناء للمجهول أي قبلت شفاعتهم فيه . - (ن عن ميمونة) بنت الحارث أم المؤمنين رمز المصنف لحسنه . 8114 - (ما من نبي يمرض إلا خير) أي خيره الله تعالى (بين الدنيا والآخرة) أي بين الإقامة في الدنيا والرحلة إلى الآخرة ليكون وفادته على الله وفادة محب مخلص مبادر ، ولتقاصر المؤمن عن يقين
[ 640 ]
النبي صلى الله عليه وسلم تولى الله الخيرة في لقائه لأنه وليه : ألا ترى إلى خبر " ما ترددت في شئ ترددي في قبض روح عبدي المؤمن " ففي ضمن ذلك اختيار الله للمؤمن لقاءه لأنه وليه يختار له فيما لا يصل إليه إدراكه ، ذكره كله الحرالي ، ولأجل ما ذكر من التخيير لطم موسى ملك الموت لما جاءه لكونه لم يخير قبل ذلك . (ه عن عائشة) رمز المصنف لحسنه . 8115 - (ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا) قال البيهقي : أي فيصيرون كسائر الأحياء يكونون حيث ينزلهم الله تعالى وفي رواية لا يتركون في قبورهم إلا بقدر أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور اه‍ . ثم ظاهر صنيع المصنف أن ما ذكره هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني " حتى ترد إليه روحه ، ومررت ليلة أسري بي بموسى وهو قائم يصلي في قبره " اه‍ بنصه ، ولك أن تقول ما وجه الجمع بين هذا وخبر أبي يعلى وغيره بسند صحيح كما قال الهيثمي مرفوعا إن موسى نقل يوسف من قبره بمصر . - (طب حل) وكذا ابن حبان عن الحسن بن سفيان عن هشام بن خالد الأزرق عن الحسن بن يحيى الخشني عن سعيد بن عبد العزيز عن يزيد بن أبي مالك (عن أنس) بن مالك ثم قال ابن حبان : باطل والخشني منكر الحديث جدا يروي عن الثقات ما لا أصل له اه‍ . وفي الميزان عن الدارقطني : الخشني متروك ومن ثم حكم ابن الجوزي بوضع الحديث ونازعه ابن حجر بأن البيهقي ألف جزءا في حياة الأنبياء في قبورهم أورد فيه عدة أخبار قوية والمؤلف بان له شواهد ترقيه إلى درجة الحسن . 8116 - (ما من يوم) ما بمعنى ليس ويوم اسمها ومن زائدة (إلا يقسم فيه) بالبناء للمفعول أي يقسم الملائكة بأمر ربهم (مثاقيل من بركات الجنة في الفرات) أي نهر الفرات المشهور يحتمل أن هذه المثاقيل على سبيل التمثيل والتخبيل ويحتمل أن تجسد البركة ويوزن منها * (والله على كل شئ قدير) * (البقرة : 284 و 29 و 189 ، المائدة : 40 ، التوبة : 39 ، الحشر : 6) وفيه فضل عظيم للفرات على غيره من الأنهار . - (ابن مردويه) في التفسير (عن ابن مسعود) وفيه الربيع بن بدر قال في الميزان : ضعفه أبو داود وغيره وقال ابن عدي : عامة رواياته لا يتابع عليها ثم ساق له هذا الخبر وقال ابن الجوزي : حديث لا يصح فيه الربيع يروي عن الثقات المقلوبات وعن الضعفاء الموضوعات . 8117 - (ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطنه) لما فاته من خيور كثيرة جعل البطن وعاء كالأوعية التي تتخذ ظروفا توهينا لشأنه ثم جعله شر الأوعية لأنها تستعمل في غير ما هي له والبطن خلق لأن
[ 641 ]
يتقوم به الصلب بالطعام وامتلاؤه يفضي إلى فساد الدين والدنيا فيكون شرا منها ، ووجه تحقق ثبوت الوصف في المفضل عليه أن ملء الأوعية لا يخلو عن طمع أو حرص في الدنيا وكلاهما شر على الفاعل والشبع يوقع في مداحض فيزيغ صاحبه عن الحق ويغلب عليه الكسل فيمنعه من التعبد ويكثر فيه مواد الفضول فيكثر غضبه وشهوته ويزيد حرصه فيوقعه في طلب ما زاد على الحاجة ، قال بعضهم : الشبع نهر في النفس يرده الشيطان والجوع نهر في الروح ترده الملائكة (بحسب ابن آدم) أي يكفيه (أكلات) بفتح الهمزة والكاف جمع أكلة بالضم وهي اللقمة أي يكفيه هذا القدر في سد الرمق وإمساك القوة ولهذا قال (يقمن صلبه) أي ظهره تسمية للكل باسم جزئه إذ كل شئ من الظهر فيه فقار فهو صلب كناية عن أنه لا يتجاوز ما يحفظه من السقوط ويتقوى به على الطاعة وفي رواية بدل أكلات لقيمات قال الغزالي : وهذه الصيغة في الجميع للقلة فهو لما دون العشرة (فإن كان لا محالة) من التجاوز عما ذكر فلتكن أثلاثا (فثلث) يجعله (لطعامه) أي مأكوله (وثلث) يجعله (لشرابه) أي مشروبه (وثلث) يدعه (لنفسه) بالتحريك يعني أن يبقى من ملئه قدر الثلث ليتمكن من التنفس ويحصل له نوع صفاء ورقة وهذا غاية ما اختير للأكل وهو أنفعها للبدن والقلب فإن البطن إذا امتلأ طعاما ضاق عن الشراب فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس وعرض للكرب والثقل ولما كان في الإنسان ثلاثة أجزاء أرضي ومائي وهوائي قسم طعامه وشرابه ونفسه إلى الأجزاء الثلاثة وترك الناري لقول جمع من الأطباء ليس في البدن جزء ناري ذكره ابن القيم وقال القرطبي : ولو سمع بقراط هذه القسمة لعجب من هذه الحكمة وقال الغزالي : ذكر هذا الحديث لبعض الفلاسفة فقال : ما سمعت كلاما في قلة الأكل أحكم منه وإنما خص الثلاثة بالذكر لأنها أسباب حياة الحيوان . (تنبيه) قال ابن عربي : الجوع قسمان جوع اختيار وهو جوع السالكين وجوع اضطرار وهو جوع المحققين فإن المحقق لا يجوع نفسه بل يقلل أكله إن كان في مقام الأنس وإن كان في مقام الهيبة كثر أكله فكثرة الأكل للمحققين دليل على صحة سطوات أنوار الحقيقة على قلوبهم بحال العظمة من مشهودهم وقلة الأكل دليل على صحة المحادثة بحال المؤانسة من مشهودهم وكثرة الأكل للسالكين دليل على بعدهم من الله وبعدهم عن بابه واستيلاء النفس الشهوانية البهيمية بسلطانها عليهم وقلة الأكل لهم دليل على نفحات الجود الإلهي على قلوبهم فيشغلهم ذلك عن تدبير جسومهم والجوع بكل حال سبب داخل للسالك والمحقق إلى نيل عظيم الأحوال للسالكين والأسرار للمحققين ما لم يفرط بضجر من الجائع فإن إفراطه يؤدي إلى الهوس وذهاب العقل وفساد المزاج فلا سبيل للسالك أن يجوع الجوع المطلوب لنيل الأحوال إلا عن أمر شيخ أما وحده فلا ، لكن يتعين عليه تقليل الطعام وإدامة الصيام ولزوم أكلة واحدة بين الليل والنهار وأن يغب بالإدام الدسم فلا يأتدم في الجمعة إلا مرتين حتى يجد شيخا فيسلم أمره إليه ليدبر حاله . - (حم ن) في الزهد (ه) في الأطعمة (ك) في الأطعمة (عن المقدام بن معد يكرب) سكت عليه أبو داود فقال [ ص 503 ] الحاكم : هو صحيح ورواه عنه أيضا النسائي وقال ابن حجر في الفتح : حديث حسن . 8118 - (ما نحل) وفي رواية للعسكري ما ورث (والد ولده) وفي رواية ولدا أي ما أعطاه عطية
[ 642 ]
(أفضل من أدب حسن) أي من تعليمه ذلك ومن تأديبه بنحو توبيخ وتهديد وضرب على فعل الحسن وتجنب القبيح أي لا يعطي ولده عطية أفضل من تعليمه الأدب الحسن وهذا مما يتوجه على الآباء من بر الأولاد قال تعالى : * (قوا أنفسكم وأهليكم نارا) * فأهم الآداب أدبه مع الله باطنا بآداب الإيمان كالتعظيم والحياء والتوكل وظاهرا لمحافظة الحدود والحقوق والتخلق بأخلاق الإسلام وآدابه مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في متابعة سننه في كل صغير وكبير وجليل وحقير ثم أدبه في صحبة القرآن بالانقياد له على غاية التعظيم ثم يتعلم علوم الدين ففيها ميع الآداب ثم أدبه مع الخلق بنحو مداراة ورفق ومواساة واحتمال وغير ذلك وثواب الأدب في تعليم الولد بقدر شأن ما علم . (تنبيه) ما ذكر من أن سياق الحديث هكذا هو ما جرى عليه المؤلف وقد سقط من قلمه بعضه فإن لفظ الحديث ما نحل والد ولده من نحلة أفضل من أدب حسن هكذا هو عند مخرجه الترمذي فسقك الجار والمجرور من قلم المؤلف سهوا . قال الطيبي : جعل الأدب الحسن من جنس المال والعطيات للمبالغة قال ابن الأثير : والنحلة بالكسر العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق . - (ت) في البر (ك) في الأدب من حديث أيوب بن موسى عن أبيه (عن) جده (عمرو بن سعيد بن العاص) بن سعيد بن أمية القرشي الأموي المعروف بالأشدق التابعي ولي إمرة المدينة لمعاوية قتله عبد الملك بن مروان ووهم من زعم أن له صحبة وإنما لأبيه رؤية وكان مسرفا على نفسه قال الترمذي : حسن غريب مرسل أي لأن عمرا لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم فهو تابعي كما تقرر ، وقال الحاكم : صحيح فرده الذهبي وقال : بل مرسل ضعيف ففيه عامر بن صالح الخزاز واه ، إلى هنا كلامه ، وقال الهيثمي : رواه الطبراني عن ابن عمر وفيه عمرو بن دينار قهرمان آل الزبير وهو متروك اه‍ . ورواه البيهقي في الشعب عازيا للبخاري في التاريخ . 8119 - (ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر) الصديق وتمامه فبكى أبو بكر وقال : هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله ؟ وفي رواية عن ابن المسيب مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقضي في مال أبي بكر كما يقضي في مال نفسه وهذا لا ينافيه خبر البخاري أنه لم يأخذ الراحلة إلى الهجرة إلا بالثمن لاحتمال أنه أبرأه منه ، وأخرج ابن عساكر أن أبا بكر أسلم وله أربعون ألف دينار فأنفقها على رسول الله صلى الله عليه وسلم . (حم ه) وكذا أبو يعلى (عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير إسحاق بن أبي إسرائيل وهو ثقة مأمون اه‍ . وبه يعرف أن اقتصار المصنف على رمزه لحسنه تقصير بل حقه الرمز لصحته . 8120 - (ما نقصت صدقة من مال) قال الطيبي : من هذه يحتمل أن تكون زائدة أي ما نقصت صدقة مالا ويحتمل أن تكون صلة لنقصت والمفعول الأول محذوف أي ما نقصت شيئا من مال في الدنيا بالبركة فيه ودفع المفسدات عنه والإخلاف عليه بما هو أجدى وأنفع وأكثر وأطيب * (وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه) * أو في الآخرة بإجزال الأجر وتضعيفه أو فيهما وذلك جابر لأصناف ذلك
[ 643 ]
النقص بل وقع لبعض الكمل أنه تصدق من ماله فلم يجد فيه نقصا قال الفاكهاني : أخبرني من أثق به أنه تصدق من عشرين درهما بدرهم فوزنها فلم تنقص . قال : وأنا وقع لي ذلك . وقول [ ص 504 ] الكلاباذي : قد يراد بالصدقة الفرض وبإخراجها لم تنقص ماله لكونها دينا فيه بعد لا يخفى (وما زاد الله عبدا بعفو) أي بسبب عفوه (إلا عزا) في الدنيا فإن من عرف بالعفو والصفح عظم في القلوب أو في الآخرة بأن يعظم ثوابه أو فيهما (وما تواضع أحد لله) من المؤمنين رقا وعبودية في ائتمار أمره والانتهاء عن نهية ومشاهدته لحقارة النفس ونفي التعجب عنها (إلا رفعه الله) في الدنيا بأن يثبت له في القلوب بتواضعه منزلة عند الناس ويجل مكانه ، وكذا في الآخرة على سرير خلد لا يفنى ومنبر ملك لا يبلى ومن تواضع لله في تحمل مؤن خلقه كفاه الله مؤنة ما يرفعه إلى هذه المقام ومن تواضع في قبول الحق ممن دونه قبل الله منه مدخول طاعاته ونفعه بقليل حسناته وزاد في رفعة درجاته وحفظه بمعقبات رحمته من بين يديه ومن خلفه ، واعلم أن من جبلة الإنسان الشح بالمال ومتابعة السبعية من آثار الغضب والانتقام والاسترسال في الكبر الذي هو نتائج الشيطنة فأراد الشارع أن يقلعها من نسخها فحث أولا على الصدقة ليتحلى بالسخاء والكرم وثانيا على العفو ليتعزز بعز الحلم والوقار وثالثا على التواضع ليرفع درجاته في الدارين . - (حم م) في الأدب (ت) في البر (عن أبي هريرة) ولم يخرجه البخاري . 8121 - (ما وضعت قبلة مسجدي هذا حتى فرج لي ما بيني وبين الكعبة) ولهذا امتنع الاجتهاد فيه ولو يمنة ويسرة بخلاف غيره من المساجد فإنه يجوز فيه يمنة ويسرة . - (الزبير بن بكار في) كتاب (أخبار المدينة عن ابن شهاب مرسلا) وهو الزهري . 8122 - (ما ولد في أهل بيت غلام إلا أصبح فيهم عز لم يكن) والأصل في الولد أنه نعمة وموهبة من الله وكرامة ومن ثم امتن علينا سبحانه بأن أخرج من أصلابنا أمثالنا * (وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) * . - (طس هب عن ابن عمر) بن الخطاب قال الهيثمي : فيه هاشم بن صالح ذكره ابن أبي حاتم ولم يخرجه ولم يوثقه وبقية رجاله وثقوا . 8123 - (ما يحل لمؤمن أن يشتد إلى أخيه) في الإسلام (بنظرة تؤذيه) فإن إيذاء المؤمن حرام ونبه بحرمة النظر على حرمة ما فوقه من نحو سب أو شتم أو ضرب بالأولى . - (ابن المبارك) في الزهد (عن حمزة بن عبيد مرسلا) هو ابن عبد الله ابن عمر قال الذهبي : ثقة إمام .
[ 644 ]
8124 - (ما يخرج رجل شيئا من صدقة حتى يفك عنها لحيي سبعين شيطانا) لأن الصدقة على وجهها إنما يقصد بها ابتغاء مرضاة الله والشياطين بصدد منع الإنسان من نيل هذه الدرجة العظمى فلا يزالون يأبون في صده عن ذلك والنفس لهم على الإنسان ظهيرة لأن المال شقيق الروح فإذا بذله في سبيل الله فإنما يكون برغمهم جميعا ولهذا كان ذلك أقوى دليلا على استقامته وصدق نيته ونصوح طويته والظاهر أن ذكر السبعين للتكثير لا للتحديد كنظائره . - (حم ك) في الزكاة (عن بريدة) قال الحاكم : على شرطهما وأقره الذهبي عليه في التلخيص وقال في المهذب : قلت لم يخرجوه . 8125 - (مانع الحديث أهله كمحدثه غير أهله) في كونهما سواء في الإثم ، إذ ليس الظلم في منع المستحق بأقل من الظلم في إعطاء غير المستحق . - (فر عن ابن مسعود) وفيه إبراهيم الهجري وقد سبق ضعفه ويحيى بن عثمان قال الذهبي : جرحه ابن حبان . 8126 - (مانع الزكاة يوم القيامة في النار) أي نار جهنم وهذا حث للمؤمنين على أداء الزكاة وتخويف شديد من منعها حيث جعل المنع من أوصاف أهل الكفر الذين هم أهل النار . (تنبيه) منع الزكاة أكبر درجات البخل وأداؤها أقل درجات الجود والسخاء الذي هو البسط في الأيدي والأعضاء فلم يجد في المال حركة ولا موضعا ينشط فيه بالمشي لأن الحركات والسكنات في الآخرة إنما هي معاني الديانات لا يجد العبد إلا ما قدم ولا يتصرف إلا فيما كان فيه والمال له علاقة بقلب مالكه فهو يملكه ويشده ويضمه إليه بتلك العلاقة والمال طائع له وتابع حيثما تصرف بالعلاقة التي تجذبه بها إلى ملكه فمن لا يؤدي الزكاة فقد أحب المال الحب الكلي ومال به المال إليه وباستغراق الحب فيه تعبده المال وصار ذليلا لمحبوبه تعس عبد الدنيا وخاب وخسر في العقبى . واعلم أن التزكية من صفات الأرواح لأنها وصف من صفات المزكي سبحان هو تنزيه المتصف بها عن رذيلة البخل ووصفه بصفة الجود ، لكن المقتصر على أداء الزكاة في أقل درجاتها وإنما التزكية فيمن بذل المال في وجوه البر . واعلم بأن الوجود كله متعبد لله بالزكاة . انظر إلى الأرض التي هي أقرب الأشياء إليك تجدها تعطي أقرب الخلق إليها وهم من على ظهرها جميع بركاتها لا تبخل عليهم بشئ مما عندها وكذا النبات يعطي ما عنده وكذا الحيوان والسماء والأفلاك الكل متعاون بعضه لبعض لا يدخر شيئا مما عنده في طاعة الله لأن الوجود كله فقير بعضه إلى بعض قد لزم الفقر وشملته الحاجة فعطف بعضه على بعض وإعطاؤه ما عنده هو زكاته فمانع الزكاة قد خالف أهل السماء والأرض وجميع الموجودات فلذلك وجب قتاله وقهره في الدنيا وأدخل النار في العقبى . - (طص عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : فيه سعد بن سنان وفيه كلام كثير وقد وثق ورواه عنه أيضا الرازي في مشيخته قال ابن حجر : إن كان هذا محفوظا فهو حسن وفيه رد على قول ابن الصلاح : لم نجد له أصلا .
[ 645 ]
8127 - (مثل الإيمان مثل القميص تقمصه مرة وتنزعه مرة) لأن للإيمان نورا يضئ على القلب فإذا ولجت الشهوات على القلب حالت بينه وبين ذلك النور فحجب القلب عن الرب فإذا تاب راجعه النور وذلك النور يسمى إيمانا فإذا اطمأن العبد إلى شهوته نفر ذلك النور وفر فإذا آب عاد ذلك النور فاستنار القلب وهكذا وعلى ذلك ما رواه الحكيم الترمذي عن أبي أيوب مرفوعا ليأتين على الرجل أحايين وما في جلده موضع إبرة من نفاق وليأتين عليه أحايين وما فيه موضع إبرة من إيمان لأنه في وقت فعله الزنا مثلا يصير عنه محجوبا عن النور وذلك أصله المآكل الردية والمكاسب الدنية والأخلاق البذية والحقد والغل والغش والحرص على الدنيا والتهافت عليها ونحو ذلك من الأمراض القلبية . تنبيه) قال القاضي : المثل الصفة العجيبة وهو في الأصل بمعنى المثل الذي هو النظير ثم استعير للقول السائر الممثل مضربه بمورده وذلك لا يكون إلا قولا فيه غرابة ثم استعير لكل ما فيه غرابة من قصة وحال وصفة . - (ابن قانع) في المعجم (عن والد معدان) وهو من حديث أحمد بن سهل الأهوازي عن علي بن بحر عن بقية عن خالد بن معدان عن أبيه عن جده قال في الميزان : وهذا خبر منكر وإسناده مركب ولا نعرف لخالد رواية عن أبيه ولا لأبيه ولا جده ذكر في شئ من كتب الرواة واختلف في اسم جده فقيل أبو كرب وقيل شمس وقيل ثور حكاها ابن قانع والأول هو المعروف اه‍ قال ع [ أبو يعلى في مسنده ] : والموجود في كتب التواريخ خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي قال الكمال بن أبي شريف : ولعل هذه كنيته وذاك اسمه وخالد أحد الأئمة المشهورين المتفق عليهم وأبوه وجده قال ع [ أبو يعلى في مسنده ] : لم أر لهما ذكرا إلا في ابن قانع . 8128 - (مثل البخيل والمتصدق) في رواية البخيل والمنفق (كمثل) بزيادة الكاف أو مثل (رجلين عليهما جبتان) بضم الجيم وشد الموحدة وروي بنون أي درعان ورجح بقوله (من حديد) وادعى بعضهم أنه تصحيف والجبة الحصن وبها سمي الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه والجبة بموحدة ثوب معروف (من ثديهما) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة ومثناة تحتية مشددة جمع ثدي كفلس (إلى تراقيهما) جمع ترقوة العظمين المشرفين في أعلى الصدر (فأما المنفق فلا ينفق) شيئا (إلا سبغت) بفتح المهملة وموحدة مخففة وغين معجمة امتدت وعظمت (على جلده حتى تخفى) بضم المثناة الفوقية ومعجمة ساكنة وفاء مكسورة وفي رواية بجيم ونون أي تستر (بنانه) بفتح الموحدة ونونين أصابعه أو أنامله وصحفها بعضهم ثيابه بمثلثة فمثناة تحت (وتعفوا أثره) محركا بالنصب عطفا على تخفي وكلاهما
[ 646 ]
مسند لضمير الجبة أي تمحو أثر مشيه لسبوغها يعني أن الصدقة تستر خطاياه كما يغطي الثوب جميع بدنه والمراد أن الجواد إذا هم بالصدقة انشرح لها صدره وطابت بها نفسه فوسع في الإنفاق (وأما البخيل فلا يريد أن ينفق شيئا إلا لزقت) بكسر الزاي التصقت (كل حلقة) بسكون اللام (مكانها) قال الطيبي : قيد المشبه به بالحديد إعلاما بأن القبض والشدة جبلي للإنسان وأوقع المتصدق موضع السخي لجعله في مقابلة البخيل إيذانا بأن السخاء ما أمر به الشارع وندب إليه لا ما يتعاناه المسرفون (فهو يوسعها فلا تتسع) ضرب المثل برجل أراد لبس درع يستجن به فحالت يداه بينها وبين أن تمر على جميع بدنه فاجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته والمراد أن البخيل إذا حدث نفسه بالصدقة شحت وضاق صدره وغلت يداه . - (حم ق ن عن أبي هريرة) وزعم بعضهم أن قوله وهو يوسعها إلخ مدرج من كلام أبي هريرة وهو وهم لورود التصريح برفعه في رواية . 8129 - (مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحي والميت) تشبيه البيت بالحي والميت من حيث وجود الذكر وعدمه شبه الذاكر بالحي الذي تزين ظاهره بنور الحياة وإشراقها فيه وبالتصرف التام فيما يريد وباطنه منور بالعلم والفهم فكذا الذاكر يزين ظاهره بنور العمل وباطنه بنور العلم والمعرفة فقلبه قار في حظيرة القدس وسره في مخدع الوصل وغير الذاكر ظاهره عاطل وباطنه باطل وقيل المضاف فيه مقدر أي مثل ساكن البيت واعترض بأن ساكن البيت حي فكيف يكون مثل الميت ؟ وأجيب بأن الحي المشبه به من ينتفع بحياته بذكر الله وطاعته فلا يكون نفس المشبه كما شبه المؤمن بالحي والكافر بالميت مع كونهما حيين في آية * (أو من كان ميتا فأحييناه) * . 122) على أن تشبيه غير الذاكر من جهة أن ظاهره عاطل وباطنه باطل أنسب من تشبيه بيته به . - (ق عن أبي موسى) . 8130 - (مثل الجليس) على وزن فعيل يقال جالسته فهو جليسي (الصالح و) مثل (الجليس السوء) الأول (كمثل صاحب) في رواية حامل (المسك) المعروف وفي رواية أخرى كحامل المسك وهو أعم من أي يكون صاحبه أو لا (و) الثاني كمثل بزيادة الكاف (كير الحداد) بكسر الكاف أصله البناء الذي عليه الرق سمي به الرق مجازا للمجاورة (لا يعدمك) بفتح أوله وثالثه من العدم أي لا يعدمك إحدى خصلتين أي لا يعدوك [ ص 507 ] (من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه) فاعل يعدم مستتر يدل عليه إما أي لا يعدو أحد الأمرين أو كلمة أما زائدة وتشتريه فاعله بتأويله بمصدر وإن لم يكن فيه حرف مصدري ذكره الكرماني وتعقبه البرماوي بأن الظاهر أن الفاعل موصوف تشتري أي إما شئ تشتريه أو
[ 647 ]
تجد ريحه (وكير الحداد يحرق بيتك أو) ثوبك في رواية ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ولم يذكر البيت وهي أوضح (أو تجد منه ريحا خبيثة) بين به النهي عن مجالسة من يتأذى به دينا أو دنيا والترغيب فيمن ينتفع بمجالسته فيهما وجواز بيع المسك وطهارته . - (خ) في البيع (عن أبي موسى) الأشعري ، قال الراغب : نبه بهذا الحديث على أن حق الإنسان أن يتحرى بغاية جهده مصاحبة الأخيار ومجالستهم فهي قد تجعل الشرير خيرا كما أن صحبة الأشرار قد تجعل الخير شريرا قال الحكماء : من صحب خيرا أصاب بركته فجليس أولياء الله لا يشقى وإن كان كلبا ككلب أهل الكهف ولهذا أوصت الحكماء الأحداث بالبعد عن مجالسة السفهاء ، قال علي كرم الله وجهه : لا تصحب الفاجر فإنه يزين لك فعله ويود لو أنك مثله ، وقالوا : إياك ومجالسة الأشرار فإن طبعك يسرق منهم وأنت لا تدري وليس إعداء الجليس جليسة بمقاله وفعاله فقط بل بالنظر إليه والنظر في الصور يورث في النفوس أخلاقا مناسبة لخلق المنظور إليه فإن من دامت رؤيته للمسرور سر أو للمحزون حزن وليس ذلك في الإنسان فقط بل في الحيوان والنبات فالحمل الصعب يصير ذلولا بمقاربة الجمل الذلول والذلول قد ينقلب صعبا بمقارنة الصعاب والريحانة الغضة تذبل بمجاورة الذابلة ولهذا يلتقط أهل الفلاحة الرمم عن الزرع لئلا تفسدها ومن المشاهد أن الماء والهواء يفسدان بمجاورة الجيفة فما الظن بالنفوس البشرية التي موضعها لقبول صور الأشياء خيرها وشرها ؟ فقد قيل سمي الإنس لأنه يأنس بما يراه خيرا أو شرا . 8131 - (مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يعطك من عطره أصابك من ريحه) قال بعض العارفين : في ضمنه إرشاد إلى الأمر بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم تستفيده أو عمل يكون فيه وأحسن خلق يكون فيه وأحسن خلق يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلا بد أن ينال منه بقدر ما يوفقه الله بذلك وإذا كان الجليس له هذا التعري فاتخذ الله جليسا بالذكر والقرآن . وفي الخبر القدسي أنا جليس من ذكرني . - (د ك) في الأدب (عن أنس) بن مالك قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي . 8132 - (مثل الرافلة في الزينة) أي المتبخترة فيها يقال رفل إزاره إذا أرخاه (في غير أهلها) أي فيمن يحرم نظره إليها (كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها) أي المرأة قال ابن العربي : معناه صحيح ظاهر فإن اللذة في المعصية عذاب والراحة نصب والشبع جوع والبركة محق والنور ظلمة والطيب نتن وعكسه الطاعات كخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ودم الشهيد اللون لون دم والريح ريح المسك قال في الفردوس : والرفل التمايل في المشي مع جر ذيل يريد أنها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متجسدة من ظلمة والمتبرجة بالزينة لغير زوجها يقال رفل ذيله أزاله وأسبله أرخاه . - (ت) عن (ميمونة بنت سعد) أو سعيد صحابية روى عنها أيوب بن خالد وغيره .
[ 648 ]
8133 - (مثل الصلوا ت الخمس) المكتوبة (كمثل نهر) بزيادة الكاف أو مثل وهو بفتح الهاء وسكونها (جار عذب) [ ص 508 ] أي طيب لا ملوحة فيه (على باب أحدكم) إشارة لسهولته وقرب تناوله (يغتسل فيه كل يوم خمس مرات فما) استفهامية في محل نصب لقوله (يبقى) بضم أوله وكسر ثالثه وقدم عليه لأن الاستفهام له الصدر (ذلك من الدنس) بالتحريك أي الوسخ زاد البخاري فذلك مثل الصلاة وهو جواب الشرط المحذوف أي إذا علمتم ذلك وفائدة التمثيل التأكيد وجعل المفعول كالمحسوس حيث شبه المذنب المحافظ على الخمس بحال مغتسل في نهر كل يوم خمسا بجامع أن كلا منهما يزيل الأقذار وخص النهر بالتمثيل لمناسبته لتمكين حق الصلاة ووجوبها لأن النهر لغة ما أخذ لمجراه محلا مكينا وفيه فضل الصلاة لأول وقتها لأن الاغتسال في أول اليوم أبلغ في النظافة . - (حم م عن جابر) . 8134 - (مثل العالم الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضئ للناس) في الدنيا (ويحرق نفسه) بنار الآخرة فصلاح غيره في هلاكه هذا إن لم يدع إلى طلب الدنيا وإلا فهو كالنار المحرقة التي تأكل نفسها وغيرها فالعلماء ثلاثة إما منقذ نفسه وغيره وهو الراغب إلى الله عن الدنيا ظاهرا وباطنا وإما مهلك نفسه وغيره وهو الداعي إلى الدنيا وإما مهلك نفسه منقذ غيره وهو من دعا إلى الآخرة ورفض الدنيا ظاهرا ولم يعمل بعلمه باطنا وهذا وعيد لمن كان له ذكر أو ألقى السمع وهو شهيد ، وكان علماء الصحب في غاية من الوجل والخوف ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها لفتى اختلف إليها يسألها وتحدثه فجاءها ذات يوم فقالت : أي شئ عملت بعد بما سمعت قال : مه قالت : فما تستكثر من حجج الله علينا وعليك وقال عيسى عليه الصلاة والسلام للحواريين تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها ولا تعملون للآخرة وأنتم لا ترزقون فيها إلا بعمل وقال : يا علماء السوء بلا عمل جعلتم الدنيا على رؤوسكم والآخرة تحت أقدامكم قولكم شفاء وعملكم داء كشجرة الدفلي تعجب من رآها وتقتل من أكلها . - (طب والضياء) المقدسي (عن جندب) قال الهيثمي : رواه الطبراني من طريقين في أحدهما ليث بن أبي سليم مدلس وفي أخرى علي بن سليمان الكلبي ولم أعرفه وبقية رجالهما ثقات اه‍ . وقضية صنيع المؤلف أن ما أورده هو الحديث بتمامه والأمر بخلافه بل بقيته عند مخرجه الطبراني ومن سمع الناس بعلمه سمع الله به واعلموا أن أول ما ينتن من أحدكم إذا مات بطنه فلا يدخل بطنه إلا طيبا ومن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء الكف من دم فليفعل . 8135 - (مثل القلب مثل الريشة) وفي رواية كريشة ، قال الطيبي : المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر والمعنى صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد من عالم الغيب وسرعة تقلبه كصفة
[ 649 ]
ريشة يعني أن القلب في سرعة تقلبه لحكمة الابتلاء بخواطر ينحرف مرة إلى حق ومرة إلى باطل وتارة إلى خير وتارة إلى شر وهو في مقره لا ينقلب في ذاته غالبا إلا بقاهر مزعج من خوف مفرط (تقلبها الرياح بفلاة) لفظ رواية أحمد بأرض فلاة أي بأرض خالية من العمران فإن الرياح أشد تأثيرا فيها منها في العمران وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهرا لبطن إذ لو استمر الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب كما يظهر من الرياح المختلفة . ولفظه بفلاة مقحمة فهو كقولك أخذت بيدي ونظرت بعيني تقريرا ودفعا للتجوز ، قال : وتقلبها صفة أخرى لريشة وقال المظهر : ظهرا بدل بعض من الضمير في تقلبها واللام في بعض بمعنى إلى ويجوز أن يكون ظهرا لبطن مفعولا مطلقا أي تقلبها تقليبا مختصا وأن يكون حالا أي تقلبها مختلفة أي وهي مختلفة ولهذا الاختلاف سمي القلب قلبا وقال الراغب : قلب الشئ صرفه عن وجه إلى وجه وسمي قلبا لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغيرها . وقال الغزالي : إنما كان كثير التقلب لأنه منزله الإلهام [ ص 509 ] والوسوسة وهما أبدا يقرعانه ويلقنانه وهو معترك المسكرين الهوى وجنوده والعقل وجنوده فهو دائما بين تناقضهما وتحاربهما والخواطر له كالسهام لا تزال تقع فيه كالمطر لا يزال يمطر عليه ليلا ونهارا وليس كالعين التي بين جفنين تغمض وتستريح أو تكون في ليل أو ظلمة أو اللسان الذي هو من وراء حجا بين الأسنان والشفتين وأنت تقدر على تسكينه بل القلب عرش الخواطر لا تنقطع عنه بحال والآفات إليه أسرع من جميع الأعضاء فهو إلى الانقلاب أقرب ولهذا خاف الخواص على قلوبهم وبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها ومقصود الحديث أن يثبت العبد عند تقلب قلبه وينظر إلى همومه بنور العلم فما كان خيرا أمسك القلب عليه وما كان شرا أمسكه عنه . - (ه) في باب الإيمان بالقدر (عن أبي موسى) الأشعري قال الصدر المناوي : سنده جيد ولهذا رمز المصنف لحسنه وظاهر صنيعه أنه لم يره لأعلى من ابن ماجه ولا أحق بالعزو منه مع أن الإمام أحمد رواه أيضا باللفظ المذكور عن أبي موسى ورواه البيهقي والطبراني أيضا عن أبي موسى الأشعري قال الحافظ العراقي : وسنده حسن . 8136 - (مثل الذي يعتق) زاد في رواية ويتصدق (عند الموت) أي عند احتضاره (كمثل الذي يهدى إذا شبع) لأن أفضل الصدقة إنما هي عند الطمع والدنيا والحرص على المال فيكون مؤثرا لآخرته على دنياه صادرا فعله عن قلب سليم ونية مخلصة فإذا أخر فعل ذلك حتى حضره الموت كان استئثارا دون الورثة وتقديما لنفسه في وقت لا ينتفع به في دنياه فينقص حظه وإن كان الله قد أعطاه له فشبه ترك تأخير الصدقة عن أوانه ثم تداركه في غير أوانه بمن تفرد بالأكل واستأثر لنفسه ثم إذا شبع يؤثر به غيره وإنما يحمد إذا كان عن إيثار * (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) * وما أحسن موقع يهدي في هذا المقام لدلالته على الاستهزاء والسخرية . - (حم ت) في الوصايا وحسنه (ن ك) في الوصايا (عن أبي الدرداء) قال الحاكم : صحيح وأقره الذهبي وقال ابن حجر : إسناده حسن وصححه ابن حبان ورواه البيهقي بزيادة الصدقة فقال : مثل الذي يتصدق عند موته أو يعتق كالذي يهدي إذا شبع .
[ 650 ]
8137 - (مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه) في كون كل منهما يكون وبالا على صاحبه يعذب عليه يوم القيامة فعلى العالم أي يفيض من العلم على مستحقه لوجه الله تعالى ولا يرى نفسه عليهم منة وإن لزمتهم بل يرى الفضل لهم إذ هذبوا قلوبهم لأن تتقرب إلى الله بزراعة العلوم فيها كمن يعير أرضا ليزرع فيها لنفسه وينفعه ولولا المتعلم ما نال ذلك المعلم قال الطيبي : هذا على التشبيه نحو قولهم النحو في الكلام كالملح في الطعام في إصلاحه باستعماله والفساد بإهماله لا في القلة والكثرة فتشبيه المعلم بالكنز وارد في مجرد عموم النفع لا في أمر آخر ، كيف لا والعلم يزيد بالإنفاق والكنز ينقص ، والعلم باق والكنز فان . فإن المال يفنى عن قريب * وإن العلم باق لا يزال (طس عن أبي هريرة) قال المنذري والهيثمي : فيه ابن لهيعة وهو ضعيف . 8138 - (مثل الذي يتعلم العلم في صغره كالنقش على الحجر ومثل الذي يتعلم العلم في كبره كالذي يكتب على الماء) لأنه في الصغر خال عن الشواغل وما صادف قلبا خاليا تمكن فيه . أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى * فصادف قلبا خاليا فتمكنا ونظمه نفطويه فقال : أراني أنسى ما تعلمت في الكبر * ولست بناس ما تعلمت في الصغر وما لعلم إلا بالتعلم في الصبا * وما الحلم إلا بالتحلم في الكبر ولو فلق القلب المعلم في الصبا * لألقي فيه العلم كالنقش في الحجر وما العلم بعد الشيب إلا تعسف * إذا كل قلب المرء السمع والبصر وهذا غالبي فقد تفقه القفال والقدوري بعد الشيب ففاقوا الشباب . - (طب عن أبي الدرداء) قال المصنف في الدرر : سنده ضعيف وقال الهيثمي : فيه مروان بن سالم الشامي ضعفه الشيخان وأبو حاتم ورواه العسكري أيضا بلفظ " مثل الذي يتعلم في صغره كالرسم على الصخرة والذي يتعلم في الكبر كالذي يكتب على الماء " . 8139 - (مثل الذي يجلس يسمع الحكمة) هي كل ما يمنع من الجهل وزجر عن القبيح (ولا
[ 651 ]
يحدث عن صاحبه إلا بشر ما يسمع كمثل رجل أتى راعيا فقال : يا راعي أجزرني شاة من غنمك) أي أعطني شاة تصلح للذبح يقال أجزرت القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها ولا يقال إلا في الغنم خاصة ذكره ابن الأثير (قال اذهب فخذ بأذن خيرها) أي الغنم شاة فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم . - (حم ه) وكذا أبو يعلى (عن أبي هريرة) رمز لحسنه قال الحافظ العراقي : سنده ضعيف وبينه تلميذه الهيثمي فقال : فيه علي بن يزيد مختلف في الاحتجاج به . 8140 - (مثل الذي يتكلم يوم الجمعة والإمام يخطب مثل الحمار يحمل أسفارا) أي كتبا كبارا من كتب العلم فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمر بجنبه وظهره من الكد والتعب وكل من علم ولم يعمل بعلمه فهذا مثله (والذي يقول له أنصت لا جمعة له) أي كاملة مع كونها صحيحة - (حم عن ابن عباس) رمز لحسنه وفيه محمد بن نمير أورده الذهبي في الضعفاء وقال : ضعفه الدارقطني ومجالد الهمداني قال أحمد : ليس بشئ وضعفه غيره . 8141 - (مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه) يعني يهملها ولا يحملها على العمل بما عملت به (مثل الفتيلة تضئ للناس وتحرق نفسها) وهذا مثل ضربه المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمن لم يعمل بعلمه وفيه وعيد شديد قال أبو الدرداء : وويل لمن لا يعلم مرة وويل لمن علم ولم يعمل ألف مرة وقال التستري : الناس كلهم سكارة إلا العلماء والعلماء كلهم حيارى إلا من عمل بعلمه وقال الدنيا جهل وباطل إلا العلم والعلم حجة عليه إلا المعمول به والعمل هباء إلا بإخلاص والإخلاص على خطر عظيم حتى يختم به وقال الجنيد : متى أردت أن تشرف بالعلم وتكون من أهله وتنتصب له قبل إعطائه حقه احتجب عنك نوره وكان عليك لا لك وأخذ جمع من هذا الحديث وما علي منواله أن العاصي ليس له الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لكن سيجئ في حديث التصريح بخلافه وعليه الأكثر . - (طب) وكذا البزار (عن أبي برزة) الأسلمي قال المنذري : ضعيف وقال الهيثمي : فيه محمد بن جابر الشحمي وهو ضعيف لسوء حفظه واختلاطه قال المنذري : ورواه الطبراني عن جندب بإسناد حسن . 8142 - (مثل الذي يعين قومه على غير الحق مثل بعير تردى وهو يجر بذنبه) لفظ رواية أبي داود
[ 652 ]
كمثل بعير تردى في بئر فهو ينزع منها بذنبه اه‍ قال بعضهم : معنى الحديث أنه قد وقع في الإثم وهلك كالبعير إذا تردى في بئر فصار ينزع بذنبه ولا يقدر على الخلاص . - (هق) من حديث عبد الرحمن بن عبيد الله بن مسعود عن أبيه (عن ابن مسعود) قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول فذكره ، وقضية تصرف المؤلف أن هذا لم يخرج في شئ من الكتب الستة وإلا لما عدل للعزو إلى البيهقي والأمر بخلافه فقد عزاه المنذري وغيره إلى أبي داود وكذا ابن حبان في صحيحه وفيه انقطاع فإن عبد الرحمن لم يسمع من أبيه . 8143 - (مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يتقوون به على عدوهم مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها) فالاستئجار للغزو صحيح وللغازي أجرته وثوابه . - (د في مراسيله هق عن جبير بن نفير مرسلا) هو الحضرمي أخذ عن خالد بن الوليد وعبادة . قال الحافظ العراقي : ورواه ابن عربي من حديث معاذ وقال : مستقيم الإسناد منكر المتن . 8144 - (مثل المؤمن كمثل العطار إن جالسته نفعك وإن ماشيته نفعك وإن شاركته نفعك) فيه إرشاد إلى الرغبة في صحبة العلماء والصلحاء ومجالستهم فإنها تنفع في الدنيا والآخرة وإلى تجنب مصاحبة الأشرار فإنها تورث الشر كالريح إذا هبت على الطيب عبقت طيبا ، وعلى النتن حملت نتنا . (طب عن ابن عمر) بن الخطاب . قال الهيثمي : هذا في الصحيح ورواه البزار أيضا ورجاله موثوقون . 8145 - (مثل المؤمن مثل النخلة ما أخذت منها من شئ نفعك) وفي رواية أنه ما أتاك منها نفعك قال ابن حجر : قد أفصح بالمقصود بأوجز عبارة فإن موقع التشبيه بينهما من جهة أن أصل دين المسلم ثابت وأن ما يصدر عنه من العلوم والخيور قوت للأرواح مستطاب وأنه لا يزال مستورا بدينه وأنه ينتفع بكل ما صدر عنه حيا وميتا ، وفي صحيح ابن حبان عن ابن عمر رفعه من يخبرني عن شجرة مثلها مثل المؤمن أصلها طيب وفرعها في السماء والمراد بكون فرعها في السماء رفع عمله . - (طب) والبزار من طريق سفيان بن حسين عن أبي بشر عن مجاهد (عن ابن عمر) بن الخطاب قال ابن حجر في المختصر : وإسناده صحيح .
[ 653 ]
8146 - (مثل المؤمن إذا لقى المؤمن فسلم عليه كمثل البنيان يشد بعضه بعضا) فعليك بالتود لعباد الله من المؤمنين بإفشاء السلام وإطعام الطعام وإظهار البشاشة بهم . - (خط عن أبي موسى) الأشعري . 8147 - (مثل المؤمن مثل النحلة) بحاء مهملة كما في الأمثال (لا تأكل إلا طيبا ولا تضع إلا طيبا) قال ابن الأثير : المشهور [ ص 512 ] في الرواية بخاء معجمة وهو واحدة النخيل وروي بحاء مهملة يريد نحلة العسل ووجه الشبه حذق النحل وفطنته وقلة أذاه وحقارته ومنفعته وقنوعه وسعيه في الليل وتنزهه عن الأقذار وطيب أكله وأنه لا يأكل من كسب غيره وطاعته لأميره وأن للنحل آفات تقطعه عن عمله منها الظلمة والغيم والريح والدخان والماء والنار ، وكذلك المؤمن له آفات تفقره عن عمله ظلمة الغفلة وغيم الشك وريح الفتنة ودخان الحرام ونار الهوى . - (طب حب عن أبي رزين) العقيلي وفيه حجاج بن نصير . قال الذهبي في الضعفاء : ضعفوه أو تركوه . 8148 - (مثل المؤمن مثل السنبلة تميل أحيانا وتقوم أحيانا) أي هو كثير الآلام في بدنه وماله فيمرض ويصاب غالبا ويخلو من ذلك أحيانا ليكفر عنه سيئاته بخلاف الكافر فإن الغالب عليه الصحة كما مر ليجئ بسيئاته كاملة يوم القيامة . - (ع والضياء) المقدسي في المختارة (عن أنس) بن مالك قال الهيثمي : فيه فهد بن حبان وهو ضعيف ، ورواه عنه البزار وفيه عبيد الله بن سلمة ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح . 8149 - (مثل المؤمن مثل السنبلة تستقيم مرة وتخر مرة ومثل الكافر مثل الأرزة) بفتح الهمزة وفتح الراء المهملة ثم زاي على ما ذكره أبو عمرو ، وقال أبو عبيدة : بكسر الراء بوزن فاعلة وهي النابتة في الأرض ، وقيل بسكون الراء شجر معروف بالشام وهو شجر الصنوبر والصنوبر ثمرتها (لا تزال مستقيمة حتى تخر ولا تشعر) قال في البحر : ظاهره أن المؤمن لا يخلو من بلاء يصيبه فهو يميله تارة كذا وتارة كذا لأنه لا يطيق البلاء ولا يفارقه فمن ثم يميل يمنة ويسرة والمنافق على حالة واحدة من دوام الصحة في نفسه وأهله ويفعل الله ذلك بالمؤمن ليصرفه إليه في كل حال فكلما سكنت نفسه إلى شئ
[ 654 ]
أمالها عنه ليدعوه بلسانه وجنانه لأنه يحب صوته فاختلاف الأحوال تميل بالمؤمن إلى الله والمنافق وإن اختلفت عليه الأحوال لا يرده ذلك إلى ربه لأنه أعماه وختم على قلبه فنفسه كالخشب المسندة لا تميل لشئ وقلبه كالحجر بل أشد ليس فيه رطوبة الإيمان كالأرز لا تهتز حتى تحصد بمنجل الموت ، ومقصود الحديث أن يحذر المؤمن دوام السلامة خشية الاستدراج فيشتغل بالشكر ويستبشر بالأمراض والرزايا . - (حم والضياء) في المختارة (عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه . قال الهيثمي : وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف ورواه عنه البزار باللفظ المزبور بسند رجاله ثقات اه‍ . وبه يعرف أن المصنف لو عزاه للبزار لصحة سنده كان أولى . 8150 - (مثل المؤمن مثل الخامة) وهي الطاقة الغضة اللينة من النبات التي لم تشتد بعد ، وقيل ما لها ساق واحد ، وألفها منقلبة عن واو (تحمر تارة وتصفر أخرى والكافر كالأرزة) بفتح الراء شجرة الأرز وبسكونها الصنوبر ذكره القاضي البيضاوي على ما مر تقريره وفيه وفيما قبله وبعده إشارة إلى أنه ينبغي للمؤمن أن يرى نفسه في الدنيا عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث والمصيبات مخلوقة للآخرة لأنها جنته ودار خلوده وثباته . - (حم عن أبي) بن كعب قال : دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل قال متى عهدك بأم ملدم - أي الحمى - قال : إن ذلك لوجع ما أصابني قط فذكره ، رمز لحسنه قال الهيثمي : وفيه من لم يسم . 8151 - (مثل) بفتح المثلثة بضبط المصنف (المؤمن كمثل) بفتح الثاء بضبطه (خامة الزرع) أي الطاقة الطرية اللينة أو [ ص 513 ] الغضة وهي بخاء معجمة وتخفيف الميم أول ما ينبت على ساق ، وتقل ابن التين عن القزاز أنها بمهملة وقاف وفسرها بالطاقة من الزرع وذكر ابن الأثير أنها خاقة بخاء معجمة وقاف ، قال الحافظ : ما لان وضعف من الزرع الغض ولحوق الهاء على تأويل السنبلة (من حيث أتتها الريح كفتها) بتسهيل الهمزة والمعنى أمالتها وفي رواية كفأتها وفي رواية تفيئها الرياح أي تحركها وتميلها يمنة ويسرة وأصل التفيئة إلقاء الفئ على الشئ وهو الظل فالريح إذا أمالتها إلى جانب ألقت ظلها عليه ذكره القاصي (فإذا سكت اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء ومثل الفاجر كالأرزة صماء معتدلة حتى يقصمها الله تعالى إذا شاء) أي في الوقت الذي سبقت إرادته أن يقصمه فيه ، والمعنى أن المؤمن كثير الآلام في بدنه وأهله وماله وذا مكفر لسيئاته رافع لدرجاته والكافر قليلها وإن حل به شئ لم يكفر بل يأتي بها تامة يوم القيامة . - (ق عن أبي هريرة) .
[ 655 ]
8152 - (مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة) بضم الهمزة والراء مشددة الجيم وقد تخفف وقد تزاد نونا ساكنة قبل الجيم ولا يعرف في كلام العرب ذكره بعضهم ، قال ابن حجر : وليس مراده النفي المطلق بل إنه لا يعرف في كلام فصحائهم (ريحها طيب وطعمها طيب) وجرمها كبير ومنظرها حسن إذ هي صفراء فاقع لونها تسر الناظرين وملمسها لين تشرف إليها النفس قبل أكلها ويفيد أكلها بعد الالتذاذ بمذاقها طيب نكهة ودباغ معدة وقوة هضم فاشتركت فيها الحواس الأربعة البصر والذوق والشم واللمس في الاحتظاء بها ، ثم هي في أجزائها تنقسم إلى طبائع فقشرها حار يابس يمنع السوس من الثياب ولحمها حار رطب وحماضها بارد يابس يسكن غلمة النساء ويجلو اللون والكلف وبزرها حار مجفف فهي أفضل ما وجد من الثمار في سائر البلدان ، وخص الإيمان بالطعم وصفة الحلاوة بالريح لأن الإيمان ألزم للمؤمن من القرآن لإمكان حصول الإيمان بدون القراءة والطعم ألزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريحه ويبقى طعمه وخص الأرتجة بالمثل لأنه يداوي بقشرها ويستخرج من جلدها دهن ومنافع وهي أفضل ثمار القرب (ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة) بالمثناة (لا ريح لها) من حيث أنه مؤمن غير تال في الحال الذي لا يكون فيه تاليا وإن كان ممن حفظ القرآن ذكره ابن عربي (وطعمها حلو) وفي رواية طيب أي من حيث إنه مؤمن ذو إيمان (ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب) لأن القرآن طيب وليس إلا أنفاس التالي والقارئ وقت قراءته (وطعمها مر) لأن النفاق كفر الباطن والحلاوة إنما هي للإيمان فشبهه بالريحانة لكونه لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجره فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب (ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة) وهي معروف تسمى في بعض البلاد بطيخ أبي جهل (ليس لها ريح وطعمها مر) لأنه غير قارئ في الحال قال ابن عربي : وعلى هذا المجرى كل كلام طيب فيه رضا الله صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن كلام الله لا يضاهيه شئ ، أشار بضرب المثل إلى أمور منها أنه ضربه بما يخرجه الشجر للمشابهة بينه وبين الأعمال فإنها من ثمرات النفوس ومنها أنه ضرب مثل المؤمن بما يخرجه الشجر ومثل الكافر مما تنبته الأرض تنبيها على علو شأن المؤمن وارتفاع عمله وانحطاط شأن المنافق وإحباط [ ص 514 ] عمله ومنها أن الشجر المثمر لا يخلو عمن يغرسه ويسقيه وكذا المؤمن يقيض له من يعلمه ويهديه ولا كذلك الحنظلة المهملة المتروكة . - (حم ق 4 عن أبي موسى) الأشعري . 8153 - (مثل المؤمن مثل النحلة) بحاء مهملة كما بينه العسكري (إن أكلت أكلت طيبا وإن وضعت وضعت طيبا وإن
[ 656 ]
وقعت على عود نخر لم تكسره) لضعفها (ومثل المؤمن مثل سبيكة الذهب إن نفخت عليها احمرت وإن وزنت لم تنقص) وقد مر أنه إذا أطلق المؤمن غالبا أنه يعني به المؤمن الذي تكاملت فيه خصال الخير باطنا وأخلاق الإسلام ظاهرا فشبه المؤمن بذبابة العسل لقلة مؤنتها وكثرة نفعها كما قيل إن قعدت على عش لم تكسره وإن وردت على ماء لم تكدره وقال علي : كونوا في الدنيا كالنحلة كل الطير يستضعفها وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء . ومعنى إن أكلت إلخ : أي أنها لا تأكل بمرادها وما يلذ لها بل تأكل بأمر مسخرها في قوله * (كلي من كل الثمرات) * حلوها ومرها لا تتعداه إلى غيره من غير تخليط فلذلك طاب وصفها لذة وحلاوة وشفاء فكذا المؤمن لا يأكل إلا طيبا وهو الذي حلى بإذن ربه لا بهوى نفسه فلذلك لا يصدر من باطنه وظاهره إلا طيب الأفعال وذكي الأخلاق وصالح الأعمال فلا يطمح في صلاح الأعمال إلا بعد طيب الغذاء وبقدر صفاء حله تنمو أعماله وتذكو . - (هب) وكذا أحمد كلاهما (عن ابن عمرو) بن العاص قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح غير أبي سبرة وقد وثق . 8154 - (مثل المؤمن كمثل البيت الخرب في الظاهر فإن دخلته وجدته مونفا) معجبا (ومثل الفاجر كمثل القبر المشرف المجصص يعجب من رأه وجوفه ممتلئ نتنا) من أحسن تأمل هذا الخبر قطع بأنه مصيب في تمثيله محق في قوله ، ومن دأبه الإنصاف والعمل على العدل والتسوية والنظر في الأمور بناظر العقل إذا سمع مثل هذا التمثيل علم أنه الحق الذي لا تمر الشبهة بساحته والصواب الذي لا يحوم الخطأ حوله . - (هب عن أبي هريرة) وفيه شريك بن أبي نمر أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال يحيى والنسائي غير قوي وقال ابن معين مرة لا بأس به وحديثه في الصحيحين . 8155 - (مثل المؤمنين) الكاملين في الإيمان (في توادهم) بشد الدال مصدر تواد أي تحاب وفي رواية بدون في فيكون بدلا من المؤمنين بدل اشتمال (وتراحمهم) أي تلاطفهم (وتعاطفهم) قال ابن أبي جمرة : الثلاثة وإن تفاوت معناها بينها فرق لطيف فالمراد بالتراحم أن يرحم بعضهم بعضا لحلاوة الإيمان لا لشئ آخر وبالتواد التواصل الجالب للمحبة كالتهادي وبالتعاطف إعانة بعضهم بعضا (مثل الجسد الواحد) بالنسبة لجميع أعضائه ، وجه الشبه فيه التوافق في التعب والراحة (إذا اشتكى) أي مرض (منه عضو تداعى) من الدعوة (له سائر الجسد) أي باقيه اسم فاعل من سائر وهو مما يغلط فيه
[ 657 ]
الخاصة فيستعملوه بمعنى الجميع ، يعني دعاء بعضهم بعضا إلى المشاركة في الألم ومنه تداعت الحيطان أي تساقطت أو كادت (بالسهر) بفتح الهاء ترك النوم لأن الألم يمنع النوم (والحمى) لأن فقد النوم يثيرها والحمى حرارة [ ص 515 ] غريبة تشتعل في القلب فتنبث به في جميع البدن ثم لفظ الحديث خبر ومعناه أمر أي كما أن الرجل إذا تألم بعض جسده سرى ذلك الألم إلى جميع جسده فكذا المؤمنون ليكونوا كنفس واحدة إذا أصاب أحدهم مصيبة يغتم جميعهم ويقصدوا إزالتها ، وفي هذا التشبيه تقريب للفهم وإظهار المعاني في الصور المرئية . - (حم م) في الأدب (عن النعمان بن بشير) ظاهر صنيع المصنف أن ذا مما تفرد به مسلم عن صاحبه والأمر بخلافه بل خرجه البخاري في الأدب لكنه أبدل مثل بتري والكل بحاله . 8156 - (مثل المجاهد في سبيل الله والله أعلم بمن يجاهد في سبيله) أشار به إلى اعتبار الإخلاص وهي جملة معترضة بين ما قبلها وبعدها (كمثل الصائم القائم الدائم) شبه حال الصائم النائم بحال المجاهد في نيل الثواب في كل حركة وسكون أو المراد به (الذي لا يفتر) ساعة (من صيام ولا صدقة) فأجره مستمر وكذا المجاهد لا تضيع له لحظة بلا ثواب (حتى يرجع ، وتوكل الله تعالى للمجاهد في سبيله) أي تكفل كما في رواية (إن توفاه أن يدخله الجنة) أي عند موته كما ورد في الشهداء أو عند دخول السابقين ومن لا حساب عليهم (أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة) أو بمعنى الواو قال عياض : هذا تفخيم عظيم للجهاد لأن الصيام وغيره مما ذكر من الفضائل قد عدلها كلها الجهاد حتى صارت جميع حالات المجاهد وتصرفاته المباحة تعدل أجر المواظبة على الصلاة وغيرها ، وقال غيره : وهذه فضيلة ظاهرة للمجاهد يقتضي أن لا يعدل الجهاد شئ من الأعمال لكن عموم هذا الحديث خص بما دل عليه حديث ابن عباس ما العمل في أيام أفضل في هذه يعني أيام ذي الحجة ، نعم استشكل هذا الحديث بحديث أحمد المار ألا أنبئكم بخير أعمالكم إلى أن قال ذكر الله فإن ظاهره أن مجرد الذكر أفضل من أبلغ ما يقع للمجاهد وأفضل من الإنفاق مع ما في الجهاد والنفقة من النفع المتعدي . - (ق ت ن) كلهم في الجهاد (عن أبي هريرة) . 8157 - (مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم) قيل يا رسول الله وما الغراب الأعصم قال هو (الذي إحدى رجليه بيضاء) قال ابن الأعرابي : الأعصم من الخيل الذي في يده بياض والعصمة بياض في ذراعي الظبي والوعل وقيل بياض في يديه أو إحداهما كالسوار قال الزمخشري : وتفسير الحديث يطابق هذا القول لكنه وضع الرجل مكان اليد قالوا : وهذا غير موجود في الغربان
[ 658 ]
فمعناه لا يدخل أحد من المختالات المتبرجات الجنة اه‍ . - (طب عن أبي أمامة) قال الهيثمي : فيه مطرح بن زيد وهو مجمع على ضعفه وفي رواية للطبراني أيضا كما في المغني مثل المرأة الصالحة في النساء كمثل الغراب الأعصم من مائة غراب قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف ولأحمد عن عمرو بن العاص كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمر الظهران فإذا بغربان كثيرة فيها غراب أعصم أحمر المنقار فقال : لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل هذا الغراب في هذه الغربان ، وإسناده صحيح وهو في السنن الكبرى للنسائي . 8158 - (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة) بعين مهملة المترددة المتحيرة قال التوربشتي : وأكثر استعماله في الناقة وهي التي [ ص 516 ] تخرج من إبل إلى أخرى ليضربها الفحل ثم اتسع في المواشي (بين الغنمين) أي القطيعين من الغنم قال في المفصل : قد يثنى الجمع على تأويل الجماعتين في الفرقتين قال : ومنه هذا الحديث وقال الأندلسي في شرحه : تثنية الجمع ليس بقياس وقد يعرض في بعض المعاني ما يحوج إلى تثنيته كما في الحديث كأنه لا يمكن التعبير بمجرد الجمع فتستحق عند ذلك تثنيته (تعير) في رواية أخرى تكر (إلى هذه مرة وإلى هذه مرة) أي تعطف على هذه وعلى هذه (لا تدري أيهما تتبع) لأنها غريبة ليست منهما ، فكذا المنافق لا يستقر بالمسلمين ولا بالكافرين بل يقول لكل منهم أنا منكم قال الطيبي : شبه تردده بين المؤمنين والكافرين تبعا لهواه وقصدا لأغراضه الفاسدة كتردد الشاة الطالبة للفحل فلا تستقر على حال ولذلك وصفوا في التنزيل * (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) * . - (حم م) في أواخر الصحيح (ن) كلهم (عن ابن عمر) بن الخطاب ولم يخرجه البخاري . 8159 - (مثل ابن آدم) بضم الميم وشد الثاء أي صور ابن آدم (إلى جنبه) في الكلام حذف تقديره مثل الذي إلى جنبه وفي رواية وإلى جنبه بالواو وهو حال (تسعة وتسعون منية) أي موتا يعني أن أصل خلقه الإنسان شأنه أن لا تفارقه البلايا والمصائب كما قيل البرايا أهداف المنايا ، كذا قرره بعضهم وقال القاضي : قوله مثل ابن آدم مبتدأ خبره الجملة التي بعده أو الظرف وتسعة وتسعون مرتفع به أي حال ابن آدم أن تسعة وتسعون منية متوجهة نحوه منتهية إلى جانبه قال : وقيل خبره محذوف وتقديره مثل الذي يكون إلى جنبه تسعة وتسعون منية ولعل الحذف من بعض الرواة اه‍ . (إن أخطأته) تلك (المنايا) على الندرة جمع منية وهي الموت لأنها مقدرة بوقت مخصوص من المنى وهو التقدير لأن الموت مقدر والمراد هنا ما يؤدي إليه من أسبابه وسمى كل بلية من البلايا منية لأنها طلائعها ومقدماتها (وقع في الهرم حتى يموت) يعني أدركه الداء الذي لا دواء له بل يستمر إلى الموت وذكر العدد المخصص على منهج الفرض والتمثيل فليس المراد التحديد بل التكثير . - (ت) في القدر وفي الزهد (والضياء) المقدسي (عن عبد الله بن الشخير) قال الترمذي : حسن لا يعرف إلا من هذا الوجه .
[ 659 ]
8160 - (مثل أصحابي) في أمتي (مثل الملح في الطعام) بجامع الإصلاح إذ بهم صلاح الدين الدنيا (كما لا يصلح الطعام إلا بالملح) بحسب الحاجة إلى القدر المصلح له أي ينبغي أن يحترموا ويعظموا ويرجع إليهم ولأن الملح يحفظ الطعام ويمنع من ورود الفساد عليه فكذا الصحابة حفظوا على الأمة أصل الشرع وفروعه ولأن الملح يطيب الطعام ومتى خلا منه لا يلتذ به فكذا أصحابه ينبغي للمؤمن أن لا يفارق سيرتهم ويمزج كل فعل بحسن متابعتهم ، قال في الفردوس : قال الحسن قد ذهب ملحنا فكيف نصنع . - (ع عن أنس) بن مالك رمز المصنف لحسنه وهو غير حسن قال الهيثمي : فيه إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف . 8161 - (مثل أمتي مثل المطر لا يدرى) أي بالرأي والاستنباط (أوله خير أم آخره) قال البيضاوي : نفي تعلق العلم بتفاوت طبقات الأمة في الخيرية وأراد به التفاوت لاختصاص كل منهم بخاصية توجب خيريتها كما أن كل نوبة من نوب المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها والحكم بعدم نفعها ، فإن الأولين آمنوا بما شاهدوا من المعجزات وتلقوا دعوة الرسول بالإجابة والإيمان ، والآخرين آمنوا بالغيب لما تواتر عندهم من الآيات واتبعوا [ ص 517 ] الذين قبلهم بالإحسان وكما اجتهد الأولون في التأسيس والتمهيد اجتهد المتأخرون في التجريد والتلخيص وصرفوا عمرهم في التقدير والتأكيد فكل مغفور وسعيه مشكور وأجره موفور ، إلى هنا كلام القاضي ، وقد تمسك ابن عبد البر بهذا الحديث فيما رجحه من أن الأفضلية المذكورة في حديث خير الناس قرني إنما هي بالنسبة إلى المجموع لا الأفراد وأجاب عنه النووي بأن المراد ممن يشتبه عليه الحال في زمن عيسى ويرون ما في زمنه من البركة وانتظام شمل الإسلام فيشتبه الحال على من شاهد ذلك أي الزمانين خير وهذا الاشتباه مندفع بخير خير الناس قرني اه‍ . - (حم ت عن أنس) بن مالك (حم عن عمار) بن ياسر قال الهيثمي : وفيه موسى بن عبيدة الزبدي ضعيف وقال الزركشي : ضعفه النووي في فتاويه (ع عن علي) أمير المؤمنين (طب عن ابن عمرو) بن العاص وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعبف ذكره أيضا الهيثمي وقال ابن حجر في الفتح : هو حديث حسن له طرق قد يرتقي بها إلى الصحة . وأغرب النووي فعزاه في فتاويه إلى مسند أبي يعلى من حديث أنس بإسناد ضعيف مع أنه عند الترمذي بإسناد أقوى منه من حديث أنس وصححه ابن حبان من حديث عمار .
[ 660 ]
8162 - (مثل أهل بيتي) زاد في رواية فيكم (مثل سفينة نوح) في رواية في قومه (من ركبها نجا) أي خلص من الأمور المستصعبة (ومن تخلف عنها غرق) وفي رواية هلك ومن ثم ذهب قوم إلى أن قطب الأولياء في كل زمن لا يكون إلا منهم ووجه تشبيههم بالسفينة أن من أحبهم وعظمهم شكرا لنعمة جدهم وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات ومن تخلف عن ذلك غرق في بحر كفر النعم وهلك في معادن الطغيان . - (البزار) في مسنده (عن ابن عباس وعن ابن الزبير) بن العوام (ك) في التفسير من حديث مفضل بن صالح (عن أبي ذر) وقال : على شرط مسلم فرده الذهبي بأن مفضل خرج له الترمذي فقط وضعفوه اه‍ ورواه أيضا الطبراني وأبو نعيم وغيرهما . 8163 - (مثل بلال) المؤذن (كمثل نحلة) بحاء مهملة (غدت تأكل الحلو والمر ثم يمسي حلوا كله) . - (الحكيم) الترمذي (عن أبي هريرة) ورواه عنه أيضا الطبراني باللفظ المزبور فلو عزاه إليه كان أولى قال الهيثمي : وإسناده حسن فعدول المصنف للحكيم واقتصاره عليه من ضيق العطن ، وقد ذكر المصنف عن ابن الصلاح والنووي أن الكتب المبوبة أولى بالعزو إليها والركون لما فيها من المسانيد وغيرها لأن المصنف على الأبواب إنما يورد أصح ما فيه فيصلح الاحتجاج به . 8164 - (مثل بلعم بن باعوراء في بني إسرائيل كمثل أمية بن أبي الصلت في هذه الأمة) في كونه آمن شعره وعلمه ، وكفر قلبه . - (ابن عساكر) في تاريخه (عن سعيد بن المسيب مرسلا) . 8165 - (مثل منى) بالصرف وعدمه ولهذا تكتب بالألف والياء قال النووي : والأجود صرفها وكتابتها بألف ، سميت به لما يمنى أن يراق بها من الدماء (كالرحم في ضيقه فإذا حملت وسعها الله - طس عن أبي الدرداء) قال الهيثمي : وفيه من لم أعرفه .
[ 661 ]
8166 - (مثل هذه الدنيا) زاد أبو نعيم في روايته من الآخرة (مثل ثوب شق من أوله إلى آخره فبقى متعلقا بخيط في [ ص 518 ] آخره فيوشك ذلك الخيط أن ينقطع) هذا مثل ضربه المصطفى صلى الله عليه وسلم للدلالة على نقص الدنيا وسرعة زوالها ، قال ابن القيم : ويوضح هذا المثل خبر أحمد عن أبي سعيد صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر نهارا ثم قام فخطبنا فلم يترك شيئا قبل قيام الساعة إلا أخبر به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه وجعل الناس يلتفتون إلى الشمس هل بقي منها شئ فقال : إلا أنه لم يبق من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه . - (هب عن أنس) بن مالك قال الحافظ العراقي : وسنده ضعيف وذلك لأن فيه يحيى بن سعيد العطار أورده الذهبي في الضعفاء وقال : قال ابن عدي : بين الضعف ورواه أبو نعيم من حديث أبان عن أنس أيضا وقال : غريب لم نكتبه إلا من حديث إبراهيم بن الأشعث وأبان بن أبي عياش لا تصح صحبته لأنس كان لهجا بالعبادة والحديث ليس من شأنه اه‍ . 8167 - (مثلي ومثل الساعة كفرسي رهان ، مثلي ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قوم طليعة فلما خشي أن يسبق ألاح بثويبه) مصغر ثوب بضبط المصنف (أتيتم أتيتم أنا ذاك أنا ذاك) قالوا : أصل ذلك أن الرجل إذا أراد إنذار قومه وإعلامهم بمخوف وكان بعيدا نزع ثوبه وأشار به إليهم فأخبرهم بما دهمهم وأكثر ما يفعل ذلك طليعة القوم ورقيبهم وفعلة ذلك أبين للناظر فهو أبلغ في الاستحثاث على التأهب للعدو . - (هب عن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لحسنه . 8168 - (مثلي ومثلكم كمثل رجل) أي صفتي وصفة ما بعثني الله به من إرشادكم لما ينجيكم العجيب الشأن كصفة رجل (أوقد) وفي رواية استوقد (نارا فجعل) وفي رواية كلما أضاءت ما حولها جعل (الفراش) جمع فراشة بفتح الفاء دويبة تطير في الضوء شغفا به وتوقع نفسها في النار (والجنادب) جمع جندب بضم الجيم وفتح الدال وضمها وحكي كسر الجيم وفتح الدال نوع على خلقة الجراد يصر في الليل صرا شديدا (يقعن فيها ويذبهن عنها) أي يدفع عن النار والوقوع فيها (وأنا آخذ) روى اسم فاعل بكسر الخاء وتنوين الذال وفعل مضارع بضم الذال بلا تنوين والأول أشهر (بحجزكم) جمع حجزة بضم الحاء وسكون الجيم معقد الإزار خصه لأن أخذ الوسط أقوى في المنع يعني أنا آخذكم
[ 662 ]
حتى أبعدكم (عن النار) نار جهنم (وأنتم تفلتون) بشد اللام أي تخلصون (من يدي) وتطلبون الوقوع في النار بترك ما أمرت وفعل ما نهيت شبه تساقط الجهلة والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع فيها مع منعه لهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وعدم درايته بحر الدنيا ولو علم لم يدخلها بل ظن أن ضوء النار يريحه من ظلام الليل فكذا العاصي يظن أن المعاصي تريحه فيتعجل لذة ساعة بذلة الأبد ، وفيه فرط شفقته على أمته وحفظهم عن العذاب لأن الأمم في حجر الأنبياء كالصبيان الأغبياء في أكناف الآباء وقال الغزالي : التمثيل وقع على صورة الإكباب على الشهوات من الإنسان بإكباب الفراش على التهافت في النار لكن جهل الآدمي أشد من جهل الفراش لأن باغترارها بظاهر الضوء أحرقت نفسها وفنيت حالا والآدمي يبقى في النار مدة طويلة أو أبدا . - (حم م عن جابر) بن عبد الله ورواه أيضا البخاري باختلاف يسير . 8169 - (مجالس الذكر تنزل عليهم السكينة وتحف بهم الملائكة) من جميع جهاتها (وتغشاهم الرحمة ويذكرهم الله على [ ص 519 ] عرشه) قال حجة الإسلام : المراد بمجالس الذكر تدبر القرآن والتفقه في الدين وتعداد نعم الله علينا ، فقد قال مالك : مجالس الذكر ليس مثل مجالسكم هذه يقص أحدكم وعظه على أصحابه ويسرد الحديث سردا إنما كنا نقعد فنذكر الإيمان والقرآن فائدة) في الفتوحات أن عمار بن الراهب رأى في نومه مسكينة الطفاوية بعد موتها فقال : مرحبا يا مسكينة قالت : هيهات يا عمار هيهات ذهبت المسكنة وجاء الغنى الأكبر هيه ما تسأل عمن أبيح له الجنة بحذافيرها يظل حيث يشاء ؟ قال : بم ذاك ؟ قالت : على مجالس الذكر والصبر على الحق . - (حل) وكذا الخطيب (عن أبي هريرة وأبي سعد) رمز المصنف لحسنه . 8170 - (مداراة) بغير همز وأصله الهمز (الناس صدقة) قال العامري : المداراة اللين والتعطف ومعناه أن من ابتلى بمخالطة الناس معاملة ومعاشرة فألان جانبه وتلطف ولم ينفرهم كتب له صدقة ، قال ابن حبان : المداراة التي تكون صدقة للمداري تخلقه بأخلاقه المستحسنة مع نحو عشيرته ما لم يشنها بمعصية والمداراة محثوث عليها مأمور بها ومن ثم قيل اتسعت دار من يداري وضاقت أسباب من يماري ، وفي شرح البخاري قالوا : المداراة الرفق بالجاهل في التعلم وبالفاسق بالنهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه ، والمداهنة معاشرة الفاسق وإظهار الرضى بما هو فيه ، والأولى مندوبة والثانية محرمة وقال حجة الإسلام : الناس ثلاثة أحدهم مثل الغذاء لا يستغنى عنه والآخر مثل الدواء يحتاج إليه في وقت دون وقت والثالث مثل الداء لا يحتاج إليه لكن العبد قد يبتلي به وهو الذي لا أنس فيه ولا نفع فتجب مداراته إلى الخلاص منه . - (حب طب هب عن جابر) بن عبد الله هذا حديث له طرق عديدة وهذا الطريق كما قاله العلائي وغيره أعدلها فمن ثم عدل لها المصنف واقتصر عليه ومع ذلك فيه يوسف بن
[ 663 ]
أسباط الراهب وأورده الذهبي في الضعفاء وقال أبو حاتم : صدوق يخطئ كثيرا وفي اللسان عن ابن عدي : حديث لا أعرفه إلا من حديث أصرم والعباس الراوي عنه في عداد الضعفاء وقال الهيثمي : فيه عند الطبراني يوسف بن محمد بن المنكدر متروك وقال الحافظ في الفتح بعد ما عزاه لابن عدي والطبراني في الأوسط : فيه يوسف بن محمد بن المنكدر ضعفوه وقال ابن عدي : لا بأس به قال الحافظ : وأخرجه ابن أبي عاصم في آداب الحكماء بسند أحسن منه . 8171 - (مررت ليلة أسري بي على موسى) أي جاوزت موسى بن عمران حال كونه (قائما يصلي في قبره) لفظ رواية مسلم مررت على موسى ليلة أسري بي عند الكثيب الأحمر وهو يصلي في قبره أي يدعو الله ويثني عليه ويذكره ، فالمراد الصلاة اللغوية وقيل المراد الشرعية وعليه القرطبي فقال : الحديث بظاهره يدل على أنه رآه رؤية حقيقية في اليقظة وأنه حي في قبره يصلي الصلاة التي يصليها في الحياة وذلك وذلك ممكن ولا مانع من ذلك لأنه إلى الآن في الدنيا وهي دار تعبد ، فإن قيل كيف يصلون بعد الموت وليس تلك حالة تكليف ؟ قلنا ذلك ليس بحكم التكليف بل بحكم الإكرام والتشريف لأنهم حبب إليهم في الدنيا الصلاة فلزموها ثم توفوا وهم على ذلك فتشرفوا بإبقاء ما كانوا يحيونه عليه فتكون عبادتهم إلهامية كعبادة الملائكة لا تكليفية ، ويدل عليه خبر يموت الرجل على ما عاش عليه ويحشر على ما مات عليه ، ولا تدافع بين هذا وبين رؤيته إياه تلك الليلة في السماء لأن للأنبياء مراتع ومسارح يتصرفون فيما شاؤوا ثم يرجعون أو لأن أرواح الأنبياء بعد مفارقة البدن في الرفيق الأعلى ولها إشراف على البدن وتعلق به يتمكنون من التصرف والتقرب بحيث يرد السلام على المسلم وبهذا التعلق رآه يصلي في قبره ورآه في السماء فلا يلزم كون موسى عرج به من قبره ثم رد إليه بل ذلك مقام روحه واستقرارها وقبره مقام بدنه واستقراره [ ص 520 ] إلى يوم معاد الأرواح لأبدانها فرآه يصلي في قبره ورآه في السماء أي كما أن نبينا بالرفيق الأعلى وبدنه في ضريحه يرد السلام على من سلم عليه ومن كثف إدراكه وغلظ طبعه عن إدراك هذا فلينظر إلى السماء في علوها وتعلقها وتأثيرها في الأرض وحياة النبات والحيوان وإلى النار كيف تؤثر في الجسم البعيد مع أن الارتباط الذي بين الروح والبدن أقوى وأتم وألطف ، وإذا تأملت هذه الكلمات علمت أن لا حاجة إلى ما أبدى في هذا المقام من التكلفات والتأويلات البعيدة التي منها أن هذا كان رؤية منام أو تمثيل أو إخبار عن وحي لا رؤية عين خاتمة : أخرج ابن عساكر عن كعب أن قبر موسى بدمشق وذكر ابن حبان في صحيحه أن قبره بين مدين وبين بيت المقدس واعترضه الضياء المقدسي ثم ذكر أنه اشتهر أن قبره قريب من أريحاء بقرب الأرض المقدسة ، وقد دلت منامات وحكايات على أنه قبره . قال الحافظ العراقي : وليس في قبور الأنبياء ما هو محقق إلا قبر نبينا صلى الله عليه وسلم وأما قبر موسى وإبراهيم فمظنون . - (حم م) في المناقب (ن) في الصلاة (عن أنس) بن مالك ولم يخرجه البخاري .
[ 664 ]
8172 - (مررت يوم أسري بي بالملأ الأعلى وجبريل كالحلس) بمهملتين أولاهما مكسورة كساء رقيق على ظهر البعير تحت قتبه (البالي من خشية الله تعالى) زاد الطبراني في بعض طرقه فعرفت فضل علمه بالله علي اه‍ . شبهه به لرؤيته لاصقا بما لطى به من هيبة الله تعالى وشدة فرقه منه وتلك الخشية التي تلبس بها هي التي ترقيه في مدارج التبجيل والتعظيم حتى دعي في التنزيل بالرسول الكريم ، وعلى قدر خوف العبد من الرب يكون قربه . وفيه كما قال الزمخشري دليل على أن الملائكة مكلفون مدارون على الأمر والنهي والوعد والوعيد كسائر المكلفين وأنهم بين الخوف والرجاء . قال الحكيم الترمذي : وأوفر الخلق حظا من معرفة الله أعلمهم به وأعظمهم عنده منزلة وأرفعهم درجة وأقربهم وسيلة والأنبياء إنما فضلوا على الخلق بالمعرفة لا بالأعمال ، ولو تفاضلوا بالأعمال لكان المعمرون من الأنبياء وقومهم أفضل من نبينا صلى الله عليه وسلم وأمته . - (طس عن جابر) بن عبد الله قال الهيثمي : ورجاله رجال الصحيح ، وقال شيخه العراقي : رواه محمد بن نصر في كتاب تعظيم قدر الصلاة ، والبيهقي في الدلائل من حديث أنس وفيه الحارث بن سعد الأيادي ضعفه الجمهور . 8173 - (مر رجل بغصن شجرة) لم يقل بغصن يشعر أنه لم يكن مقطوعا (على ظهر طريق) أي على ظاهره وفوقه (فقال والله لأنحين) لم يقل لأقطعن إيذانا بأن الشجرة كانت ملكا للغير أو كانت مثمرة (هذا عن المسلمين) بإبعاده الطريق (لا يؤذيهم) أي لئلا يضرهم (فأدخل الجنة) ببناء أدخل للمفعول أي فبسبب فعله ذلك أدخل الجنة مكافأة له على صنيعه ، قال الحكيم : لم يدخلها برفع الغصن بل بتلك الرحمة التي عم بها المسلمين كما يصرح به الحديث فشكر الله له عطفه ورأفته بهم فأدخله الجنة دار كرامته ومما يحقق ذلك ما روى أن عبدا لم يعمل خيرا قط ففرق فخرج هاربا ينادي في الأرض يا سماء اشفعي لي يا كذا يا كذا حتى وقع فأفاق فنودي قم فقد شفع لك من قبل فرقك من الله تعالى ، وقال الأشرفي : يمكن كون ذلك الرجل دخل بنيته الصالحة وإن لم ينحه ويمكن كونه نحاه قال الطيبي : والفاء على الأول سببية والسبب مذكور وعلى الثاني فصيحة تدل على محذوف هو سبب لما بعد الفاء أي أقسم بالله أن أبعد الغصن من الطريق ففعل ، وقوله لا يؤذيهم جملة مستأنفة لبيان علة التنحية . - (حم م) في البر (عن أبي هريرة) ظاهره أنه مما تفرد به مسلم عن صاحبه وليس كذلك فقد عزاه الصدر المناوي وغيره لهما معا : البخاري في الصلاة وغيرها ومسلم في البر [ ص 521 ] كلاهما عن أبي هريرة . 8174 - (مروا) وجوبا (أولادكم) وفي رواية أبناءكم قال الطيبي : مروا أصله أمروا حذفت همزته تخفيفا فلما حذفت فاء الفعل لم يحتج إلى همزة الوصل لتحريك الميم (بالصلاة) المكتوبة (وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين) يعني إذا بلغ أولادكم سبعا فأمروهم بأداء الصلاة
[ 665 ]
ليعتادوها ويأنسوا بها فإذا بلغوا عشرا فاضربوهم على تركها قال ابن عبد السلام : أمر للأولياء والصبي غير مخاطب إذ الأمر بالأمر بالشئ ليس أمرا بذلك الشئ (وفرقوا بينهم في المضاجع) أي فرقوا بين أولادكم في مضاجعهم التي ينامون فيها إذا بلغوا عشرا حذرا من غوائل الشهوة وإن كن أخواته قال الطيبي : جمع بين الأمر بالصلاة والتفرق بينهم في المضاجع في الطفولية تأديبا ومحافظة لأمر الله كله وتعليما لهم والمعاشرة بين الخلق وأن لا يقفوا مواقف التهم فيجتنبوا المحارم (وإذا زوج أحدكم خادمه عبده أو أجيره فلا ينظر إلى ما دون السرة وفوق الركبة) وفي رواية فلا يرين ما بين سرته أو ركبته فإن ما بين سرته وركبته من عورته وفي رواية للدارقطني فلا تنظر الأمة إلى شئ من عورته فإن ما تحت السرة إلى ركبته من العورة . - (حم د ك) من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه (عن) جده (ابن عمرو) بن العاص قال في الرياض بعد عزوه لأبي داود : إسناده حسن . 8175 - (مروا) بضمتين بوزن كلوا بغير همز تخفيفا وفي رواية للبخاري مري بوزن كلي خطابا لعائشة (أبا بكر) الصديق (فليصل) بسكون اللام الأولى وفي رواية فليصلي بكسرها وزيادة ياء مفتوحة آخره والفاء عاطفة أي فقولي له أو قولي فليصل ، وقد خرج بهذا الأمر عن أن يكون من قاعدة الأمر بالأمر بالفعل فإن الأصح أنه ليس أمرا وفي رواية للبخاري يصلي بإثبات الياء وإسقاط اللام وفي رواية له أن يصلي (بالناس) الظهر والعصر والعشاء وفي رواية للناس أي المسلمين قاله لما ثقل في مرض موته فصلى أبو بكر أياما ثم وجد خفة فخرج يهادى بين رجلين فذهب أبو بكر يتأخر فأومئ إليه أن مكانك وجلس على يساره فصلى قائما والنبي صلى الله عليه وسلم قاعدا مقتديا بأبي بكر ، وللحديث فوائد لا تكاد تحصى منها أن الأفقه يقدم على الأقرأ في الإمامة لأنه كان ثمة من هو أقرأ من أبي بكر لا أعلم ، كذا في فتح القدير تنبيه) قال أصحابنا في الأصول : يجوز أن يجمع عن قياس كإمامة أبي بكر هنا فإن الصحب أجمعوا على خلافته وهي الإمامة العظمى ومستندهم القياس على الإمامة الصغرى وهي الصلاة بالناس بتعيين المصطفى صلى الله عليه وسلم . - (ق ت ه) في الصلاة (عن عائشة ق عن أبي موسى) الأشعري (خ عن ابن عمر) بن الخطاب (ه عن ابن عباس وعن سالم بن عبيد) الأشجعي من أهل الصفة نزل الكوفة روى عنه جماعة . 8176 - (مروا بالمعروف) أي بكل ما عر ف من الطاعة من الدعاء إلى التوحيد والأمر بالعبادة والعدل بين الناس (وانهوا عن المنكر) أي المعاصي والفواحش وما خالف الشرع من جزيئات الأحكام . وعرفهما إشارة إلى تقررهما وثبوتهما وفي رواية عرف الأول ونكر الثاني ، ووجهه الإشارة إلى أن
[ 666 ]
المعروف معهود مألوف والمنكر مجهول كمعدوم قال القاضي : الأمر بالمعروف يكون واجبا ومندوبا على حسب ما يؤمر به والنهي عن المنكر واجب كله لأن جميع ما أنكره الشرع [ ص 522 ] حرام (قبل أن تدعوا فلا يستجاب لكم) زاد الطبراني وأبو نعيم في روايتهما عم ابن عمر يرفعه وقبل أن تستغفروا فلا يغفر لكم إن الأمر بالمعروف لا يقرب أجلا وإن الأحبار من اليهود والرهبان من النصارى لما تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لعنهم الله على لسان أنبيائهم ثم عمهم البلاء اه‍ بنصه ، وقال عمر : إن الزاهد من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نزعت منه الطاعة ولو أمر ولده أو عبده لاستخف به فكيف يستجاب دعاؤه من خالقه ؟ وأخذ الذهبي من هذا الوعيد أن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الكبائر قال ابن العربي : والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل في الدين وعمدة من عمد المسلمين وخلافة رب العالمين والمقصود الأكبر من فائدة بعث النبيين وهو فرض على جميع الناس مثنى وفرادى بشرط القدرة والأمن . - (ه عن عائشة) قال الهيثمي : في إسناده لين ، وأقول : فيه معاوية بن هشام قال ابن معين : صالح وليس بذاك وهشام بن سعد قال في الكاشف : قال أبو حاتم : لا يحتج به وقال أحمد : لم يكن بالحافظ . 8177 - (مروا بالمعروف وإن لم تفعلوه وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله) لأنه يجب ترك المنكر وإنكاره فلا يسقط بترك أحدهما وجوب الآخر ولهذا قيل للحسن فلان لا يعظ ويقول أخاف أن أقول ما لا أفعل قال وأينا يفعل ما يقول ؟ ود الشيطان لو ظفر بهذا فلم يأمر أحد بمعروف ولم ينه عن منكر ولو توقف الأمر والنهي على الاجتناب لرفع الأمر بالمعروف وتعطل النهي عن المنكر وانسد باب النصيحة التي حث الشارع عليها سيما في هذا الزمان الذي صار فيه التلبس بالمعاصي شعار الأنام ودثار الخاص والعام لكن للأمر والنهي شروط مقررة في الفروع منها أن يكون مجمعا على وجوبه أو تحريمه وأن يعلم من الفاعل اعتقاد ذلك حال ارتكابه وأن لا يتولد من الأمر ما هو أنكر فإن غلب على ظنه تولد ذلك حرم الإنكار قال ابن عربي : لو كشف لرجل أن فلانا لا بد أن يزني بفلانة أو يشرب الخمر لزمه النهي لأن نور الكشف لا يطفئ نور الشرع فمشاهدته من طريق الكشف لا يسقط الأمر بالمعروف لأنه تعالى تعبدنا بإزالة المنكر وإن شهدنا كشفا أنه متحتم الوقوع . - (طص) وكذا في الأوسط (عن أنس) بن مالك قال : قلنا يا رسول الله لا نأمر بالمعروف ولا ننه عن المنكر حتى نجتنبه كله فذكره قال الحافظ : فيه عبد القدوس بن حبيب أجمعوا على ضعفه وقال الهيثمي : رواه الطبراني في الصغير والأوسط من طريق عبد السلام بن عبد القدوس بن حبيب عن أبيه وهما ضعيفان . 8178 - (مسألة الغني) أي سؤاله للناس من أموالهم إظهارا للفاقة واستكثارا (شين) أي عيب وعار (في وجهه يوم القيامة) لأنه جحد نعمة الله الواجب شكرها بسؤاله مع ما فيها من الذل والمقت والهوان في الدنيا لأن من سألهم ما بأيديهم كرهوه وأبغضوه لأن المال يحبونه لنفوسهم ومن طلب
[ 667 ]
محبوبك فلا شئ أبغض إليك منه . - (حم عن عمران) بن حصين رمز المصنف لحسنه قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح . 8179 - (مشيك إلى المسجد وانصرافك إلى أهلك في الأجر سواء) أي يؤجر على رجوعه كما يؤجر على ذهابه لكن لا يلزم من ذلك تساوي مقداريهما . (ص عن يحيى بن يحيى الغساني) بفتح المعجمة وشد المهملة وبعد الألف نون نسبة إلى غسان قبيلة كبيرة من الأزد منها يحيى هذا قاضي دمشق ، روى عن ابن المسيب وعروة بن الزبير وعنه ابن عيينة وغيره مرسلا . 8180 - (مصوا الماء مصا ولا تعبوه عبا) زاد في رواية فإن الكباد من العب وقد مر غير مرة . - (هب عن أنس) بن مالك وفي سنده لين . 8181 - (مضمضوا من اللبن) أي إذا شربتم لبنا فأديروا في فمكم ماء وحركوه ندبا (فإن له دسما) قالوا : وذلك من لبن الإبل آكد لأنه أشد زهومة والدسم الودك من شحم ولحم قال الفاكهاني : أصل لفظ المضمضة مشعر بالتحريك والإدارة يقال مضمض النعاس في عينه . - (ه عن ابن عباس وعن سهل بن سعد) الساعدي رمز المصنف لصحته وهو كما قال قال مغلطاي : وهذا خرجه الأئمة الستة بغير لفظ الأمر وإطلاق المنذري وهم وقال الإمام ابن جرير : هذا صحيح عندنا وفي الفردوس : حديث صحيح . 8182 - (مطل الغني) أي تسويف القادر المتمكن من أداء الدين الحال (ظلم) منه لرب الدين فهو حرام فالتركيب من قبيل إضافة المصدر إلى الفاعل وقيل من إضافة المصدر للمفعول يعني يجب وفاء الدين وإن كان مستحقه غنيا فالفقير أولى ولفظ المطل يؤذن بتقديم الطلب فتأخير الأداء مع عدم الطلب ليس بظلم . وقضية كونه ظلما أنه كبيرة فيفسق به إن تكرر وكذا إن لم يتكرر على ما جرى عليه بعضهم لكن يشهد للأول قول التهذيب المطل المدافعة بالغريم (وإذا اتبع) بالبناء للمجهول أحيل (أحدكم على ملئ) كغني لفظا ومعنى وقيل بالهمز بمعنى فعيل . وضمن اتبع معنى أحيل فعداه بعلى (فليتبع) بالتخفيف أجود أي فليحتل والأمر للندب أو للإباحة عند الجمهور لا للوجوب خلافا للظاهرية وأكثر الحنابلة فإن بعض الأملياء عنده من اللدود والعسر ما يوجب كثرة الخصومة والمضارة
[ 668 ]
فمن علم من حاله ذلك لا يطلب الشارع اتباعه بل عدمه لما فيه من تكثير الخصومة والظلم وأما من علم منه حسن القضاء فلا شك في ندب اتباعه للتخفيف عن المديون والتيسير ومن لا يعلم حاله فمباح . لكن لا يمكن إضافة هذا التفصيل إلى النص لأنه جمع بين معنيين متحاذيين بلفظ الأمر في إطلاق واحد فإن جعل للأقرب أضمر معه القيد . ذكره الكمال ابن الهمام . والحوالة نقل الدين من ذمة إلى ذمة . زاد ابن الحاجب تبرأ بها الأولى ، واعترض بأن النقل حقيقة إنما هو في الأجسام وبأن قوله تبرأ إلخ حشو لا يفيد إدخال شئ في الحد ولا إخراجه وبأنه حكم الحوالة وتابع لها وحكم الحقيقة لا يؤخذ في تعريفها وبأن أخذ لفظ الحق بدل لفظ الدين أولى إذ لا يصدق الدين على المنافع إلا بتكلف . تنبيه) من أمثالهم الحسنة : الكريم ينشئ بارقة هطلة ولا يرسل صاعقا مطلة . - (ق 4 عن أبي هريرة) ورواه أحمد والترمذي عن ابن عمر . 8183 - (مع كل ختمة) أي مع كل ختمة يقرؤها الإنسان (دعوة مستجابة) بمعنى إذا عقبها بدعوة له أو لغيره استجيبت . - (هب عن أنس) بن مالك ظاهر صنيع المصنف أن البيهقي خرجه وسلمه والأمر بخلافه بل عقبه بما نصه في إسناده ضعف وروي من وجه آخر ضعيف عن أنس - إلى هنا كلامه . 8184 - (مع كل فرحة ترحة) أي مع كل سرور حزن يعني يعقبه حتى كأنه معه لئلا تسكن نفوس العقلاء إلى نعيمها ولا تعكف قلوب المؤمنين على فرحاتها فيمقته الله سبحانه عند هجوم ترحاتها * (إن الله لا يحب الفرحين) * والترح ضد الفرح [ ص 524 ] يقال ترح إذا حزن ويعدى بالهمز . (خط) في ترجمة أبي بكر الشيرازي (عن ابن مسعود) وفيه حفص بن غياث أورده الذهبي في الضعفاء وقال : مجهول . 8185 - (معاذ بن جبل) الأنصاري (أعلم الناس بحلال الله وحرامه) قالوا : وإذا كان أعلم فهو أقضى فما معنى خبر وأقضاكم علي ؟ وأجيب بأن القضاء يرجع إلى التفطن لوجوه حجاج الخصوم وقد يكون غير الأعلم أعظم فراسة وقريحة وفطنة ودربة وأحذق باستبانة وجه الصواب ، أسلم معاذ رضي الله عنه وعمره ثمانية عشر سنة وشهد بدرا وسائر المشاهد ، مات بالأردن في طاعون عمواس وسنه نحو خمس وثلاثين سنة . - (حل عن أبي سعيد) الخدري وفيه زيد العمي وقد مر ضعفه وسلام بن سليمان قال ابن عدي : عامة ما يرويه لا يتابع عليه .
[ 669 ]
8186 - (معاذ بن جبل أمام العلماء) بفتح الهمزة أي قدامهم (يوم القيامة برتوة) بفتح الراء وسكون المثناة الفوقية أي برمية سهم وقيل بميل وقيل بمد البصر وقيل بخطوة وقيل بدرجة ، وأخرج ابن سعد عن أنس مرفوعا أعلم أمتي بالحلال والحرام معاذ بن جبل . قال المؤلف : هذا وهو المقتضي لكونه يأتي أمام العلماء يوم القيامة وهم في أثره ، وعلم منه أن العلماء الذين يأتي أمامهم هم العلماء بالحلال والحرام وحملة الشريعة . - (طب حل عن محمد بن كعب) القرظي (مرسلا) قال الهيثمي : فيه عبد الله بن محمد بن أزهر الأنصاري لم أعرف حاله وبقية رجاله رجال الصحيح . 8187 - (معترك المنايا) جمع منية من منى الله عليك خيرا قدر أي منايا هذه الأمة التي هي آخر الأمم ومعتركها ملابسة شدائدها والمعترك موضع الاعتراك للحرب (ما بين الستين) من السنين (إلى السبعين) لفظ رواية الحكيم والسبعين بالواو لا بالياء وذلك لأن مقدمات الضعف ونقص القوى تبدو بعد الأربعين ويستحكم الضعف إلى الستين وتتراجع القوى وذلك مقدمات الموت إلى السبعين في غالب هذه الأمة التي هي أقصر الأمم أعمارا ولم يجاوز منهم ذلك إلا القليل فأخذوا من الدنيا رزقا قليلا ببدن ضعيف في أمد قصير رفقا من الله بهم وخيرة لهم لئلا يأشروا ويبطروا كما وقع ذلك لمن عظم جسمه وطال عمره من الأمم الماضية ثم ضوعفت حسناتهم وأيدوا باليقين وأعطوا ليلة القدر وغيرها جبرا لما فاتهم ، وهذا الحديث عده العسكري من الأمثال ، وقيل لعبد الملك بن مروان كم تعد فبكى وقال : أنا في معترك المنايا هذه ثلاث وستون ، فمات فيها . - (الحكيم) في نوادره (عن أبي هريرة) وفيه محمد بن ربيعة أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال : لا يعرف وكامل أبو العلاء أورده الذهبي في الضعفاء وقال : خرجه ابن حبان ولم يصب في اقتصاره على الحكيم لما فيه من إيهام أنه لا يوجد مخرجا لأحد من المشاهير الذين وضع لهم الرموز مع أن البيهقي خرجه في الشعب باللفظ المزبور عن أبي هريرة ، وكذا الخطيب في التاريخ وأبو يعلى والديلمي والقضاعي وغيرهم وضعفه في الفتح بإبراهيم بن الفضل . 8188 - (معقبات) أي كلمات يأتي بعضها عقب بعض ، سميت معقبات لأنها تفعل أعقاب الصلوات ، وقال القاضي : المعقبات الكلمات التي يعقب بعضها بعضا مأخوذة من العقب ومنه قيل لملائكة الليل والنهار معقبات لأن بعضهم يعقب بعضا ، وقال ابن الأثير : سميت معقبات لأنها عادت
[ 670 ]
مرة بعد أخرى أو لأنها تعاد عقب الصلاة ، والعقب من كل شئ ما جاء عقب ما قبله وقيل تسبيحات يعقبهن الثواب (لا يخيب قائلهن) زاد في رواية أو فاعلهن على الشك . قال القاضي : قد يقال [ ص 525 ] للقائل فاعلا لأن القول فعل من الأفعال واعترض بأن الفعل لا يستعمل مكان القول إلا إذا صار القول مستمرا ثابتا رسوخ الفعل ، وقال ابن الأثير : والخيبة الحرمان والخسران (ثلاث) أي هن ثلاث (وثلاثون تسبيحة وثلاث وثلاثون تحميدة وأربع وثلاثون تكبيرة في دبر) بضم الدال وتفتح (كل صلاة مكتوبة) قال الطيبي : وقوله معقبات يحتمل أن يكون صفة مبتدأ أقيمت مقام الموصوف أي كلمات معقبات ولا يخيب خبر ودبر كل صلاة ظرف يجوز أن يكون خبرا بعد خبر وأن يكون متعلقا بقائلهن لا يخيب ، ويحتمل أن يكون لا يخيب قائلهن صفة معقبات ودبر صفة أخرى أو خبرا آخر أو متعلقا بقائلهن وثلاث خبرا آخر ويجوز أن يكون خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاث وثلاثون والجملة بيان ، وفيه ندب هذه الأذكار عقب الصلوات ، وحكمته أن وقت الفرائض تفتح فيه الأبواب وترفع فيه الأعمال فالذكر حينئذ أرجى ثوابا وأعظم أجرا . وفيه جواز العد والإحصاء في الذكر والتسبيح ورد على من كرهه . - (حم م ت ن) في الصلاة (عن كعب بن عجرة) ولم يخرجه البخاري وقول الدارقطني الصواب وقفه على كعب لأن من رفعه لا يقاوم في الحفظ : رده النووي . 8189 - (معلم الخير) يعني العلم الشرعي (يستغفر له كل شئ حتى الحيتان في البحر) في رواية في البحار . قال الغزالي : هذا في معلم قصد بتعليمه وجه الله دون التطاول والتفاخر بخلاف من نفسه مائلة إلى ذلك فقد انتهضت مطيعة للشيطان ليدليه بحبل غروره ويستدرجه بمكيدته إلى غمرة الهلاك وقصده أن يروج عليه الشر في معرض الخير حتى يلحقه * (بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا) * أما من قصد بعلمه وجه الله سبحانه فإن علمه يتعدى نفعه حتى لدواب البحر بما منه الأمر بإحسان القتلة وغير ذلك فمن ثم كانت تستغفر له . ومن ثمرات العلم النافع خشية الله ومهابته . - (طس عن جابر) بن عبد الله (البزار) في مسنده (عن عائشة) رمز المصنف لحسنه وليس كما قال فقد قال الهيثمي : فيه من طريق الطبراني إسماعيل بن عبد الله بن زرارة قال الأزدي : منكر الحديث وإن وتقه ابن حبان ومن طريق البزار محمد بن عبد الملك وهو كذاب اه‍ . 8190 - (مفاتيح) في رواية مفتاح (الغيب) أي خزائنه أو ما يتوصل إلى المغيبات على جهة الاستعارة بأن يجعل الغيب مخزنا مغلقا وذكر ما هو من خواص المخزن وهو المفتاح والمفتاح يطلق على ما كان محسوسا مما يحل غلقا كالقفل وعلى ما هو معنويا وفي رواية مفاتح بغير ياء جمع مفتح كما قاله القاضي وهو الخزانة إلى خزائن الغيب (خمس) واقتصر عليها وإن كانت مفاتيح الغيب لا تتناهى * (وما يعلم جنود ربك إلا هو) * لأن العدد لا ينفي الزائد أو لكونها التي كان القوم يدعون
[ 671 ]
علمها أو لأنها الأمهات إذ الأمور إما أن تتعلق بالآخرة وهو علم الساعة أو بالدنيا وذلك إما متعلق بالجماد المأخوذ من الغيب أو بالحيوان في مبدئه وهو ما في الأرحام أو معاشه وهو الكسب أو معاده وهو الموت (لا يعلمها إلا الله) قال الزجاج : فمن ادعى شيئا منها كفر فهو تعالى المتوصل إلى المغيبات المحيط علمه بها لا يتوصل إليها غيره فيعلم أوقاتها وما في تعجيلها أو تأخيرها من الحكم فيظهرها على ما اقتضته حكمته وتعلقت به مشيئته ، وفيه دليل على أنه سبحانه يعلم الأشياء قبل وقوعها (لا يعلم أحد ما يكون في غد) من خير أو شر (إلا الله ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام) ذكر أم أنثى ؟ واحد أم متعدد ؟ ناقص أو تام ؟ شقي أم سعيد (إلا الله) وخص الرحم بالذكر لكون الأكثر [ ص 526 ] يعرفونها بالعادة ومع ذلك نفى أن يعرف أحد حقيقتها أي إلا بإقداره كالملك الموكل بالتخليق ونفخه الروح ونحو ذلك (ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله) * (إن الله عنده علم الساعة) * لا يعلم ذلك نبي مرسل ولا ملك مقرب (ولا) في رواية وما (تدري نفس) برة أو فاجرة (بأي أرض تموت) أي أين تموت كما لا تدري في أي وقت تموت (إلا الله) فربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرح منها فيرمي بها مرامي القدر حتى تموت بأرض لم تخطر بباله وفي الكشاف عن المنصور أنه أهمه معرفة مدة عمره فرأى في منامه كأن خيالا أخرج يده من البحر وأشار إليه بالأصابع الخمس فأوله العلماء بخمس سنين وخمسة أشهر وغير ذلك حتى قال أبو حنيفة تأويلها أن مفاتيح الغيب خمس ولا يعلمها إلا الله وأن ما طلبت معرفته لا سبيل إليه (ولا يدري أحد متى يجئ المطر) ليلا أو نهارا (إلا الله تعالى) نعم إذا أمر به علمته الملائكة الموكلون به ومن شاء الله من خلقه والمنجم الذي يخبر بشئ من ذلك يقوله بالقياس والنظر في المطالع والقرابات وما يدرك بالدليل لا يكون غيبا على أنه مجرد ظن وقال في موضعين نفس وفي ثالث أحد لأن النفس هي الكاسبة وهي المائية قال الله تعالى * (كل نفس بما كسبت رهينة) * (المدثر : 38) وقال تعالى * (الله يتوفى الأنفس) * فلو قال بدلها لفظ أحد فيهما احتمل أن يفهم منه لا يعلم أحد ماذا تكسب نفسه أو بأي أرض تموت نفسه فتفوت المبالغة المقصودة وهي أن النفس لا تعرف حال نفسها حالا ومآلا وإذا لم تعرف نفسها فمعرفتها لغيرها أبعد والفرق بين العلم والدراية أن الدراية أخص لأنها علم باختيار أي لا تعلم وإن علمت جبلتها ، وعدل عن لفظ القرآن وهو تدري إلى تعلم فبماذا تكسب غدا لزيادة المبالغة إذ نفي العام يستلزم نفي الخاص بدون عكس فكأنه قال لا تعلم أصلا وإن احتالت . وفيه زجر عن اتباع المنجمين في تعاطيهم علم الغيب ، هذا ما قرره علماء الظاهر في هذا الحديث ، وقال بعض الصوفية : مفاتيح الغيب لها خمس مراتب وهي حضرة الغيب المشتملة على علم المعاني المجردة عن الأعيان والحقائق وصور الأشياء في علم الحق ويقابلها حضرة الشهود وبينهما عالم المثال المطلق وله الوسط وحضرة الأرواح بين الوسط والغيب لأن نسبته إلى الغيب أقوى وعالم المثال المقيد الذي بين الوسط وعالم الشهادة أقوى وكل مرتبة سوى هذه فتبع وفرع من فروع هذه الخمسة ، وأما قوله * (لا يعلمها إلا هو) * فمفسر بأنه لا يعلمها أحد بذاته ومن ذاته إلا هو
[ 672 ]
لكن قد تعلم بإعلام الله فإن ثمة من يعلمها وقد وجدنا ذلك لغير واحد كما رأينا جماعة علموا متى يموتون وعلموا ما في الأرحا حال حمل المرأة بل وقبله والمفاتيح المشار إليها هي أسماء الذات وفيه رد على من زعم أن لنزول المطر وقتا معينا لا يتخلف عنه . - (حم خ) في كتاب الاستسقاء (عن ابن عمر) بن الخطاب وظاهر هذا أن البخاري خرجه بهذا اللفظ والذي رأيته معزوا له مفاتيح الغيب خمس * (إن الله عنده علم الساعة) * إلى آخر الآية فليحرر . 8191 - (مفاتيح) وفي رواية مفتاح (الجنة شهادة أن لا إله إلا الله) فيه استعارة لطيفة لأن الكفر لما منع من دخول الجنة شبه بالغلق المانع من دخول الدار ونحوها والإتيان بالشهادة لما رفع المانع وكان سبب دخولها شبهه بالمفتاح وفي البخاري عن وهب أنه قيل له : أليس مفتاح الجنة لا إله إلا الله ؟ قال : بلى ولكن ليس مفتاح إلا وله أسنان فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا فلا ، تنبه . قال الطيبي : مفاتيح الجنة مبتدأ وشهادة خبره وليس بينهما مطابقة من حيث الجمع والإفراد ولذا جعلت الشهادة المثمرة للأعمال الصالحة التي كأسنان المفاتيح جزءا منها بمنزلة واحدة . - (حم عن معاذ) بن جبل قال الهيثمي : رجاله وثقوا إلا أن شهرا لم يسمع من معاذ . 8192 - (مفتاح الجنة الصلاة) أي مبيح دخولها الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة فلا يفتحها إلا الطاعة والصلاة أعظمها [ ص 527 ] فيه استعارة وذلك أن الحدث لما منع من الصلاة شبه بالغلق المانع من الدخول والطهور لما رفع الحدث وكان سبب الإقدام على الصلاة شبه بالمفتاح (ومفتاح الصلاة) أي مجوز الدخول فيها (الطهور) بضم الطاء وجوز الرافعي فتحها لأن الفعل لا يمكن بدون آلته . وقال الولي العراقي : ضبطناه في أصلنا بالفتح وهو الماء على الأشهر واشتهر على الألسنة بالضم والمراد به الفعل . قال : والأول أظهر لأن الماء مفتاح واستعماله فتح قال الطيبي : جعلت الصلاة مقدمة لدخول الجنة كما جعل الوضوء مقدمة للصلاة فكما لا تمكن الصلاة بدون وضوء لا يتهيأ دخول الجنة بدون صلاة . قال بعضهم : فيه دليل لمن كفر تارك الصلاة اه‍ . وقال غيره : فيه اشتراط الطهارة بصحة الصلاة لدلالة حصر المبتدأ في الخبر على انحصار مفتاح الصلاة في الطهور فدل على أنها مغلقة ممنوع منها لا يفتح غلقها ويزيل المنع منها إلا الطهور وفيه استعمال المجاز في الكلام فإن مفتاح الصلاة مجاز عما يفتحها من غلقها فالحدث كالفعل موضوع على المحدث كالقفل حتى إذا توضأ انحل قال ابن العربي : وهذه استعارة بديعة . تنبيه : قد جعل الله لكل مطلوب مفتاحا يفتح به فجعل مفتاح الصلاة الطهور ومفتاح الحج الإحرام ومفتاح البر الصدقة ومفتاح الجنة التوحيد ومفتاح العلم حسن السؤال والإصغاء ومفتاح الظفر الصبر ومفتاح المزيد الشكر ومفتاح الولاية والمحبة الذكر ومفتاح الفلاح التقوى ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة ومفتاح الإجابة الدعاء ومفتاح الرغبة في الآخرة الزهد في الدنيا ومفتاح الإيمان التفكر في مصنوعات الله ومفتاح الدخول على الله استسلام القلب والإخلاص له في الحب والبغض ومفتاح
[ 673 ]
حياة القلوب تدبر القرآن والضراعة بالأسحار وتر ك الذنوب ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الحق والسعي في نفع الخلق ومفتاح الرزق السعي مع الاستغفار ومفتاح العز الطاعة ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل ومفتاح كل خير الرغبة في الآخرة ومفتاح كل شر حب الدنيا وطول الأمل . وهذا باب واسع من أنفع أبواب العلم وهو معرفة مفاتيح الخير والشر ولا يقف عليه إلا الموفقون . (حم هب عن جابر) بن عبد الله رمز المصنف لحسنه . 8193 - (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير) أي سبب كون الصلاة محرمة ما ليس منها التكبير وأصل التحرم المنع ، وفيه أن الصلاة لا تنعقد إلا بلفظ الله أكبر وهو مذهب الأئمة الثلاثة وقال أبو حنيفة : تنعقد بكل لفظ يقصد به التعظيم قالوا : والتكبير من خصوصيات هذه الأمة وتمسك به الحنفية على أن التكبير ليس من الصلاة إذ الشئ لا يضاف إلى نفسه قلنا قد يضاف الجزء إلى الجملة كدهليز الدار (وتحليلها التسليم) أي أنها صارت بهما كذلك فهما مصدران يضافان إلى الفاعل . وقال في فتح القدير : الإسناد فيه مجازي لأن التحريم ليس نفس التكبير بل يثبت أو يجعل مجازا لغويا في استعمال لفظ التحريم فيما به أي ما يثبت به تحريم الصلاة التكبير ومثله في تحليلها التسليم والمستفاد من هذه وجوب المذكورات في الصلاة اه‍ . وقال الخطابي : فيه أن التسليم ركن للصلاة كالتكبير وأن التحلل إنما يكون به دون الحدث والكلام لأنه عرف بأل وعينه كما عين الطهور وعرفه فانصرف إلى الطهارة المعروفة والتعريف بأل مع الإضافة يوجب التخصيص وفيه رد على الحنفية . وقال المظهر : سمي الدخول في الصلاة تحريما لأنه يحرم الكلام وغيره والتحليل جعل الشئ المحرم حلالا وسمي التسليم به لتحليله ما كان حراما على المصلي ، وقال الطيبي : شبه الشروع في الصلاة بالدخول في تحريم الملك المحمي عن الأغيار وجعل فتح باب الحرم بالتطهر عن الأدناس والأوضار وجعل الالتفات إلى الغير والشغل به تحليلا تنبيها على التكمل بعد الكمال . (حم د ت ه) كلهم في الطهارة (عن علي) أمير المؤمنين رمز المؤلف لحسنه تبعا للنووي بل قال أعني المؤلف : إنه حديث متواتر وزعم ابن العربي أن إسناد أبي داود أصلح من الترمذي قال اليعمري : ولا وجه له وفيه محمد بن عقيل ضعفه الأكثر لسوء حفظه لكن ينبغي أن يكون حديثه حسنا . 8194 - (مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة ستين سنة) وفي رواية أربعين وفي رواية أقل وفي أخرى أكثر قال البيهقي : القصد به تضعيف أجر الغزو على غيره وذلك يختلف باختلاف الناس في نياتهم وإخلاصهم ويختلف باختلاف الأوقات ويحتمل أن يعبر عن التضعيف والتكثير مرة أن يكون حديثه حسنا . 8194 - (مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل من عبادة ستين سنة) وفي رواية أربعين وفي رواية أقل وفي أخرى أكثر قال البيهقي : القصد به تضعيف أجر الغزو على غيره وذلك يختلف باختلاف الناس في نياتهم وإخلاصهم ويختلف باختلاف الأوقات ويحتمل أن يعبر عن التضعيف والتكثير مرة بأربعين ومرة بستين وأخرى بما دونها وأخرى بما فوقها اه‍ . وقال بعضهم : فمن وجب عليه الغزو وكان التخلي للعبادة المندوبة يفوته فالتخلي لها معصية بل هي حينئذ معصية لاستلزامها ترك الفرض
[ 674 ]
وأما التعليل بأن الاشتغال بالعبادة لا يوجب الغفران ودخول الجنان فغير صواب . تنبيه : ما ذكر من أن لفظ الحديث مقام الرجل في الصف هو ما في الكتاب كغيره عن عمران ابن حصين لكن وقع في المصابيح والمشكاة وغيرهما عنه مقام الرجل بالصمت وشرحه شارحوها عليه فقالوا : أي منزلته عند الله أفضل من عبادة ستين سنة لأن في العبادة آفات يسلم منها بالصمت كما قال في الحديث الآخر من صمت نجا . (طب ك) وكذا البيهقي كلهم في الجهاد (عن عمران) بن حصين قال الحاكم : على شرط البخاري وأقره الذهبي وقال الهيثمي بعد ما عزاه للطبراني : فيه عبد الله بن صالح كاتب الليث وثقه ابن معين وضعفه أحمد . 8195 - (مكارم الأخلاق من أعمال الجنة) أي من الأعمال المقربة إليها ، قال البعض : هذا من إضافة الصفة للموصوف كقولهم جرد قطيفة وأخلاق ثياب قال الراغب : كل شئ يشرف في بابه فإنه يوصف به قال تعالى * (وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج) * وإذا وصف الله تعالى بمكارم الأخلاق فهو اسم لإحسانه وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه ولا يقال هو كريم حتى يظهر ذلك منه . - (طس عن أنس) بن مالك قال الهيثمي كالمنذري : وإسناده جيد . (تم الجزء الخامس . ويليه الجزء السادس إن شاء الله وأوله حديث " مكارم الاخلاق عشرة . . . الخ " .