فتح الباري
ابن حجر ج 8
[ 1 ]
فتح الباري شرح صحيح البخاري للامام الحافظ شهاب اللدين ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى الجزء الثامن دار المعرفة للطباعة والنشر بيروت - لبنان
[ 2 ]
بسم الله الرحمن الرحيم قوله باب غزوة الفتح في رمضان أي كانت في رمضان سنة ثمان من الهجرة وقد تقدم بيان ذلك في كتاب الصيام في الكلام على حديث بن عباس المذكور في هذا الباب وقد تقدم هناك أنهم خرجوا من المدينة لعشر مضين من رمضان وزاد بن إسحاق عن الزهري بهذا الاسناد أنه صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة أبا رهم الغفاري (4026) قوله قال وسمعت بن المسيب يقول مثل ذلك قائل ذلك هو الزهري وهو موصول بالاسناد المذكور قوله وعن عبيد الله بن عبد الله هو موصول بالاسناد المذكور وقد تقدم بيان ذلك أيضا في الصيام وبين البيهقي من طريق عاصم بن على عن الليث ما حذفه البخاري منه فأنه ساقه إلى قوله وسمعت سعيد بن المسيب يقول مثل ذلك وزاد لا أدري أخرج في شعبان فاستقبله رمضان أو خرج في رمضان بعد ما دخل غير أن عبيد الله بن عبد الله أخبرني فذكر ما ذكره البخاري فحذف البخاري منه التردد المذكور ثم أخرج البيهقي من طريق بن أبي حفصة عن الزهري بهذا الاسناد قال صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة لثلاث عشرة خلت من رمضان ثم ساقه من طريق معمر عن الزهري وبين أن هذا القدر من قول الزهري وأن بن أبي حفصة أدرجه وكذا أخرجه يونس عن الزهري وروى أحمد بإسناد صحيح من طريق قزعة بن يحيى عن أبي سعيد قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح لليلتين خلتا من شهر رمضان وهذا يدفع التردد الماضي ويعين يوم الخروج وقول الزهري يعين يوم الدخول ويعطى أنه أقام في الطريق أثنى عشر يوما وأما ما قال الواقدي إنه خرج لعشر خلون من رمضان فليس بقوي لمخالفته ما هو أصح منه وفي تعيين هذا
[ 3 ]
التاريخ أقوال أخرى منها عند مسلم لست عشرة ولاحمد لثماني عشرة وفي أخرى لثنتي عشرة والجمع بين هاتين بحمل إحداهما على ما مضى والاخرى على ما بقي والذي في المغازي دخل لتسع عشرة مضت وهو محمول على الاختلاف في أول الشهر ووقع في أخرى بالشك في تسع عشرة أو سبع عشرة وروى يعقوب بن سفيان من رواية بن إسحاق عن جماعة من مشايخه أن الفتح كان في عشر بقين من رمضان فإن ثبت حمل على أن مراده أنه وقع في العشر الاوسط قبل أن يدخل العشر الاخير قوله في الطريق الثانية (4027) ومعه عشرة آلاف أي من سائر القبائل وفي مرسل عروة عند بن إسحاق وابن عائذ ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثنى عشر ألفا من المهاجرين والانصار وأسلم وغفار ومزينة وجهينة وسليم وكذا وقع في الاكليل وشرف المصطفى ويجمع بينهما بأن العشرة آلاف خرج بها من المدينة ثم تلاحق بها الالفان وسيأتي تفصيل ذلك في مرسل عروة الذي بعد هذا قوله وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمة المدينة هكذا وقع في رواية معمر وهو وهم والصواب على رأس سبع سنين ونصف وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان ومن أثناء ربيع الاول إلى اثناء رمضان نصف سنة سواء فالتحرير أنها سبع سنين ونصف ويمكن توجيه رواية معمر بأنه بناء على التاريخ بأول السنة من المحرم فإذا دخل من السنة الثانية شهران أو ثلاثة أطلق عليها سنة مجازا من تسمية البعض باسم الكل ويقع ذلك في آخر ربيع الاول ومن ثم إلى رمضان نصف سنة أو يقال كان آخر شعبان تلك السنة آخر سبع سنين ونصف من أول ربيع الاول فلما دخل رمضان دخل سنة أخرى وأول السنة يصدق عليه أنه رأسها فيصح أنه رأس ثمان سنين ونصف أو أن رأس الثمان كان أول ربيع الاول وما بعده نصف سنة قوله يصوم ويصومون تقدم شرحه في كتاب الصيام قوله في رواية خالد هو الحذاء عن عكرمة عن بن عباس خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان إلى حنين استشكله الاسماعيلي بأن حنينا كانت بعد الفتح فيحتاج إلى تأمل فأنه ذكر قبل ذلك أنه خرج من المدينة إلى مكة وكذا حكى بن التين عن الداودي أنه قال الصواب أنه خرج إلى مكة أو كانت خيبر فتصحفت قلت وحمله على خيبر مردود فإن الخروج إليها لم يكن في رمضان وتأيله ظاهر فإن المراد بقوله إلى حنين أي التي وقعت عقب الفتح لانها لما وقعت أثرها أطلق الخروج إليها وقد وقع نظير ذلك في حديث أبي هريرة الآتي قريبا وبهذا جمع المحب الطبري وقال غيره يجوز أن يكون خرج إلى حنين في بقية رمضان قاله بن التين ويعكر عليه أنه خرج من المدينة في عاشر رمضان فقدم مكة وسطه وأقام بها تسعة عشر كما سيأتي قلت وهذا الذي جزم به معترض فإن ابتداء خروجه مختلف فيه كما مضى في آخر الغزوة من حديث بن عباس فيكون الخروج إلى حنين في شوال قوله في هذه الرواية دعا بإناء من لبن أو ماء في رواية طاوس عن بن عباس آخر الباب دعا بإناء من ماء فشرب نهارا الحديث قال الداودي يحتمل أن يكون دعا بهذا مرة وبهذا مرة قلت لا دليل على التعدد فإن الحديث واحد والقصة واحدة وإنما وقع الشك من الراوي فقدم عليه رواية من جزم وأبعد بن التين فقال كانت قصتان إحداهما في الفتح والاخرى في حنين قوله فقال المفطرون للصوم أفطروا كذا لابي ذر ولغيره للصوام بألف وكلاهما جمع صائم وفي رواية الطبري
[ 4 ]
في تهذيبه فقال المفطرون للصوم أفطروا يا عصاة قوله وقال عبد الرزاق أخبرنا معمر وصله أحمد بن حنبل عنه وبقيته خرج النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى مر بغدير في الطريق الحديث قوله وقال حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن بن عباس كذا وقع في بعض نسخ أبي ذر وللاكثر ليس فيه بن عباس وبه جزم الدارقطني وأبو نعيم في المستخرج وكذلك وصله البيهقي من طريق سليمان بن حرب وهو أحد مشايخ البخاري عن حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة فذكر الحديث بطوله في فتح مكة قال البيهقي في آخر الكلام عليه لم يجاوز به أيوب عكرمة قلت وقد أشرت إليه قبله وأن بن أبي شيبة أخرجه هكذا مرسلا عن سليمان بن حرب به بطوله وسأذكر ما فيه من فائدة في اثناء الكلام على شرح هذه الغزوة وطريق طاوس عن بن عباس قد تقدم الكلام عليها في كتاب الصيام أيضا (0) قوله باب أين ركز النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح أي بيان المكان الذي ركزت فيه راية النبي صلى الله عليه وسلم بأمره (4030 قوله عن هشام هو بن عروة عن أبيه قال لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح هكذا أورده مرسلا ولم أره في شئ من الطرق عن عروة موصولا ومقصود البخاري منه ما ترجم به وهو آخر الحديث فأنه موصول عن عروة عن نافع بن جبير بن مطعم عن العباس بن عبد المطلب والزبير بن العوام قوله فبلغ ذلك قريشا ظاهره أنهم بلغهم مسيره قبل خروج أبي سفيان وحكيم بن حزام والذي عند بن إسحاق وعند بن عائذ من مغازي عروة ثم خرجوا وقادوا الخيول حتى نزلوا بمر الظهران ولم تعلم بهم قريش وكذا في رواية أبي سلمة عند بن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالطرق فحبست ثم خرج فغم على أهل مكة الامر فقال أبو سفيان لحكيم بن حزام هل لك أن تركب إلى أمر لعلنا أن نلقى خبرا فقال له بديل بن ورقاء وأنا معكم قالا وأنت إن شئت فركبوا وفي رواية بن عائذ من حديث بن عمر رضي الله عنهما قال لم يغز رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا حتى بعث إليهم ضمرة يخيرهم بين إحدى ثلاث أن يودوا قتيل خزاعة وبين أن يبرأوا من حلف بكر أو ينبذ إليهم على سواء فأتاهم ضمرة فخيرهم فقال قرظة بن عمرو لا نودي ولا نبرأ ولكنا ننبذ إليه على سواء فانصرف ضمرة بذلك فأرسلت قريش أبا سفيان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجديد العهد وكذلك أخرجه مسدد من مرسل محمد بن عباد بن جعفر فأنكره الواقدي وزعم أن أبا سفيان إنما توجه مبادرا قبل أن يبلغ المسلمين الخبر والله أعلم وفي مرسل عكرمة عند بن أبي شيبة ونحوه في مغازي عروة عند بن إسحاق وابن عائذ فخافت قريش فانطلق أبو سفيان إلى المدينة فقال لابي بكر جدد لنا الحلف قال ليس الامر إلى ثم أتى عمر فأغلظ له عمر ثم أتى فاطمة فقالت له ليس الامر إلى فأتى عليا فقال ليس الامر إلي فقال ما رأيت كاليوم رجل أضل أي من أبي سفيان أنت كبير الناس فجدد الحلف قال فضرب إحدى يديه على الاخرى وقال قد أجرت بين الناس ورجع إلى مكة فقالوا له ما جئتنا بحرب فنحذر ولا يصلح فنأمن لفظ عكرمة وفي رواية عروة فقا له لعب بك على وأن إخفار جوارك لهين عليهم فيحتمل أن يكون قوله بلغ قريشا أي غلب على ظنهم ذلك لا أن مبلغا بلغهم ذلك حقيقة قوله خرجوا يلتمسون الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية بن عائذ فبعثوا أبا سفيان وحكيم بن حزام فلقيا بديل بن ورقاء
[ 5 ]
فاستصحباه فخرج معهما قوله حتى أتوا مر الظهران بفتح الميم وتشديد الراء مكان معروف والعامة تقوله بسكون الراء وزيادة واو والظهران بفتح المعجمة وسكون الهاء بلفظ تثنية ظهر وفي مرسل أبي سلمة حتى إذا دنوا من ثنية مرالظهران اظلموا أي دخلوا في الليل فأشرفوا على الثنية فإذا النيران قد أخذت الوادي كله وعند بن إسحاق أن المسلمين أوقدوا تلك الليلة عشرة آلاف نار قوله فقال أبو سفيان ما هذه أي النيران لكأنها جواب قسم محذوف وقوله نيران عرفة إشارة إلى ما جرت به عادتهم من ايفاد النيران الكثيرة ليلة عرفة وعند بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه في تلك الليلة فأوقدوا عشرة آلاف نار قوله فقال بديل بن ورقاء هذه نيران بني عمرو يعني خزاعة وعمرو يعني بن لحي الذي تقدم ذكره مع نسب خزاعة في أول المناقب فقال أبو سفيان عمرو أقل من ذلك ومثل هذا في مرسل أبي سلمة وفي مغازي عروة عند بن عائذ عكس ذلك وأنهم لما رأوا الفساطيط وسمعوا صهيل الخيل فراعهم ذلك فقالوا هؤلاء بنو كعب يعني خزاعة وكعب أكبر بطون خزاعة جاشت بهم الحرب فقال بديل هؤلاء أكثر من بني كعب ما بلغ تألييها هذا قالوا فانتجعت هوازن أرضنا والله ما نعرف هذا أنه هذا المثل صاح الناس قوله فرآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوهم فأخذوهم في رواية بن عائذ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بين يديه خيلا تقبض العيون وخزاعة على الطريق لا يتركون أحدا يمضي فلما دخل أبو سفيان وأصحابه عسكر المسلمين أخذتهم الخيل تحت الليل وفي مرسل أبي سلمة وكان حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم نفرا من الانصار وكان عمر بن الخطاب عليهم تلك الليلة فجاءوا بهم إليه فقالوا جئناك بنفر أخذناهم من أهل مكة فقال عمر والله لو جئتموني بأبي سفيان ما زدتم قالوا قد أتيناك بأبي سفيان وعند بن إسحاق أن العباس خرج ليلا فلقى أبا سفيان وبديلا فحمل أبا سفيان معه على البغلة ورجع صاحباه ويمكن الجمع بأن الحرس لما أخذوهم استنقذ العباس أبا سفيان وفي رواية بن إسحاق فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظهران قال العباس والله لان دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش قال فجلست على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جئت الاراك فقلت لعلي أجد بعض الحطابة أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء قال فعرفت صوته فقلت يا أبا حنظلة فعرف صوتي فقال أبا الفضل قلت نعم قال ما الحيلة قلت فاركب في عجز هذا البغلة حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك قال فركب خلفي ورجع صاحباه وهذا مخالف للرواية السابقة أنهم أخذوهم ولكن عند بن عائذ فدخل بديل وحكيم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما فيحمل قوله ورجع صاحباه أي بعد أن أسلما واستمر أبو سفيان عند العباس لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم له أن يحبسه حتى يرى العساكر ويحتمل أن يكونا رجعا لما التقي العباس بأبي سفيان فأخذهما العسكر أيضا وفي مغازي موسى بن عقبة ما يؤيد ذلك وفيه فلقيهم العباس فأجارهم وأدخلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم بديل وحكيم وتأخر أبو سفيان بإسلامه حتى أصبح ويجمع بين ما عند بن إسحاق ومرسل أبي سلمة بأن الحرس أخذوهم فلما رأوا أبا سفيان مع العباس تركوه معه وفي رواية عكرمة فذهب به العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 6 ]
ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له فقال يا أبا سفيان أسلم تسلم قال كيف أصنع باللات والعز قال فسمعه عمر فقال لو كنت خارجا من القبة ما قلتها أبدا فأسلم أبو سفيان فذهب به العباس إلى منزله فلما أصبح ورأى مبادرة الناس إلى الصلاة أسلم قوله احبس أبا سفيان في رواية موسى بن عقبة أن العباس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم لا آمن أن يرجع أبو سفيان فيكفر فاحبسه حتى تريه جنود الله ففعل فقال أبو سفيان أغدرا يا بني هاشم قال العباس لا ولكن لي إليك حاجة فتصبح فتنظر جنود الله للمشركين وما أعد الله للمشركين فحبسه بالمضيق دون الاراك حتى أصبحوا قوله عند خطم الجبل في رواية النسفي والقابسي بفتح الخاء المعجمة وسكون المهملة وبالجيم والموحدة أي أنف الجبل وهي رواية بن إسحاق وغيره من أهل المغازي وفي رواية الاكثر بفتح المهملة من اللفظة الاولى وبالخاء المعجمة وسكون التحتانية أي ازدحامها وإنما حبسه هناك لكونه مضيقا ليرى الجميع ولا يفوته رؤية أحد منهم قوله فجعلت القبائل تمر في رواية موسى بن عقبة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه ينادي لتظهر كل قبيلة ما معها من الاداة والعدة وقدم النبي صلى الله عليه وسلم الكتائب فمرت كتيبة فقال أبو سفيان يا عباس في هذه محمد قال لا قال فمن هؤلاء قال قضاعة ثم مرت القبائل فرأى أمرا عظيما أرعبه قوله كتيبة كتيبة بمثناة وزن عظيمة وهي القطعة من الجيش فعيلة من الكتب بفتح ثم سكون وهو الجمع قوله مالي ولغفار ثم مرت جهينة قال مثل ذلك وفي مرسل أبي سلمة مرت جهينة فقال أي عباس من هؤلاء قال هذه جهينة قال ما لي ولجهينة والله ما كان بيني وبينهم حرب قط والمذكور في مرسل عروة هذا من القبائل غفار وجهينة وسعد بن هذيم وسليم وفي مرسل أبي سلمة من الزيادة أسلم ومزينة ولم يذكر سعد بن هذيم وهم من قضاعة وقد ذكر قضاعة عند موسى بن عقبة وسعد بن هذيم المعروف فيها سعد هذيم بالاضافة ويصح الآخر على المجاز وهو سعد بن زيد بن ليث بن سود بضم المهملة بن أسلم بضم اللام بن الحاف بمهملة وفاء بن قضاعة وفي سعد هذيم طوائف من العرب منهم بنو ضنه بكسر المعجمة ثم نون وبنو عذرة وهي قبيلة كبيرة مشهورة وهذيم الذي نسب إليه سعد عبد كان رباه فنسب إليه وذكر الواقدي في القبائل أيضا أشجع وأسلم وتميما وفزارة قوله معه الراية أي راية الانصار وكانت راية المهاجرين مع الزبير كما سيأتي قوله فقال سعد بن عبادة يا أبا سفيان اليوم يوم الملحمة بالحاء المهملة أي يوم حرب لا يوجد منه مخلص أي يوم قتل يقال لحم فلان فلانا إذا قتله قوله اليوم تستحل الكعبة فقال أبو سفيان يا عباس حبذا يوم الذمار وكذا وقع في هذا الموضع مختصرا ومراد سعد بقوله يوم الملحمة يوم المقتلة العظمى ومراد أبي سفيان بقوله يوم الذمار وهو بكسر المعجمة وتخفيف الميم أي الهلاك قال الخطابي تمنى أبو سفيان أن يكون له يوم فيحمى قومه ويدفع عنهم وقيل المراد هذا يوم الغضب للحريم والاهل والانتصار لهم لمن قدر عليه وقيل المراد هذا يوم يلزمك فيه حفظي وحمايتي من أن ينالني مكروه قال بن إسحاق زعم بعض أهل العلم أن سعدا قال اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فسمعها رجل من المهاجرين فقال يا رسول الله ما آمن أن يكون لسعد في قريش صولة فقال لعلي أدركه فخذ الراية منه فكن أنت تدخل بها قال بن هشام الرجل المذكور هو عمر قلت وفيه بعد لان عمر كان معروفا بشدة البأس عليهم وقد روى الاموي في المغازي أن أبا سفيان قال للنبي صلى الله عليه وسلم لما حاذاه
[ 7 ]
أمرت بقتل قومك قال لا فذكر له ما قاله سعد بن عبادة ثم ناشده الله والرحم فقال يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم يعز الله قريشا وأرسل إلى سعد فأخذ الراية منه فدفعها إلى ابنه قيس وعند بن عساكر من طريق أبي الزبير عن جابر قال لما قال سعد بن عبادة ذلك عارضت امرأة من قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الهدى إليك لجا حي قريش ولات حين لجاء حين ضاقت عليهم سعة الارض وعاداهم إله السماء إن سعدا يريد قاصمة الظهر بأهل الحجون والبطحاء فلما سمع هذا الشعر دخلته رأفة لهم ورحمة فأمر بالراية فأخذت من سعد ودفعت إلى ابنه قيس وعند أبي يعلى من حديث الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم دفعها إليه فدخل مكة بلواءين وإسناده ضعيف جدا لكن جزم موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري أنه دفعها إلى الزبير بن العوام فهذه ثلاثة أقوال فيمن دفعت إليه الراية التي نزعت من سعدو الذي يظهر في الجمع أن عليا أرسل بنزعها وأن يدخل بها ثم خشي تغير خاطر سعد فأمر بدفعها لابنه قيس ثم أن سعدا خشي أن يقع من ابنه شئ ينكره النبي صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها منه فحينئذ أخذها الزبير وهذه القصة الاخيرة قد ذكرها البزار من حديث أنس بإسناد على شرط البخاري ولفظه كان قيس في مقدمة النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة فكلم سعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يصرفه عن الموضع الذي فيه مخافة أن يقدم على شئ فصرفه عن ذلك والشعر الذي انشدته المرأة ذكر الواقدي أنه لضرار بن الخطاب الفهري وكأنه أرسل به المرأة ليكون أبلغ في المعاطفة عليهم وسيأتي في حديث الباب أن أبا سفيان شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما قال سعد فقال كذب سعد أي أخطأ وذكر الاموى في المغازي أن سعد بن عبادة لما قال اليوم تستحل الحرمة اليوم أذل الله قريشا فحاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان لما مر به فناداه يا رسول الله أمرت بقتل قومك وذكر له قول سعد بن عبادة ثم قال له أنشدك الله في قومك فأنت أبر الناس وأوصلهم فقال يا أبا سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم يعز الله فيه قريشا فأرسل إلى سعد فأخذ اللواء من يده فجعله في يد ابنه قيس قوله ثم جاءت كتيبة وهي أقل الكتائب أي أقلها عددا قال عياض وقع للجميع بالقاف ووقع في الجمع للحميدي أجل بالجيم وهي أظهر ولا يبعد صحة الاولى لان عدد المهاجرين كان أقل من عدد غيرهم من القبائل قوله وراية النبي صلى الله عليه وسلم مع الزبير بن العوام فلما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي سفيان قال ألم تعلم ما قال سعد بن عبادة لم يكتف أبو سفيان بما دار بينه وبين العباس حتى شكا للنبي صلى الله عليه وسلم قوله فقال كذب سعد فيه إطلاق الكذب على الاخبار بغير ما سيقع ولو كان قائله بناه على غلبة ظنه وقوة القرينه قوله يوم يعظم فيه الكعبة يشير إلى ما وقع من إظهار الاسلام وأذان بلال على ظهرها وغير ذلك مما ازيل عنها مما كان فيها من الاصنام ومحو ما فيها من الصور وغير ذلك قوله ويوم تكسى فيه الكعبة قيل إن قريشا كانوا يكسون الكعبة في رمضان فصادف ذلك اليوم أو المراد باليوم الزمان كما قال يوم الفتح فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه هو الذي يكسوها في ذلك العام ووقع ذلك قوله وأمر رسول الله صلى الله
[ 8 ]
عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون بفتح المهملة وضم الجيم الخفيفة هو مكان معروف بالقرب من مقبرة مكة قال عروة فأخبرني نافع بن جبير بن مطعم قال سمعت العباس يقول للزبير بن العوام يا أبا عبد الله ههنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية وهذا السياق يوهم أن نافعا حضر المقالة المذكورة يوم فتح مكة وليس كذلك فأنه لا صحبة له ولكنه محمول عندي على أنه سمع العباس يقول للزبير ذلك بعد ذلك في حجة اجتمعوا فيها إما في خلافة عمر أو في خلافة عثمان ويحتمل أن يكون التقدير سمعت العباس يقول قلت للزبير الخ فحذفت قلت قوله قال وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل ذلك هو عروة وهو من بقية الخبر وهو ظاهر الارسال في الجميع في القدر الذي صرح عروة بسماعه له من نافع بن جبير وأما باقيه فيحتمل أن يكون عروة تلقاه عن أبيه أو عن العباس فأنه أدركه وهو صغير أو جمعه من نقل جماعة له بأسانيد مختلفة وهو الراجح قوله وأمر النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء أي بالمد ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من كدا أي بالقصر وهذا مخالف للاحاديث الصحيحة الآتية أن خالدا دخل من أسفل مكة والنبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها وكذا جزم بن إسحاق أن خالدا دخل من أسفل ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من أعلاها وضربت له هناك قبة وقد ساق ذلك موسى بن عقبة سياقا واضحا فقال وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير بن العوام على المهاجرين وخيلهم وأمره أن يدخل من كداء من أعلى مكة وأمره أن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه وبعث خالد بن الوليد في قبائل قضاعة وسليم وغيرهم وأمره أن يدخل من أسفل مكة وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت وبعث سعد بن عبادة في كتيبة الانصار في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرهم أن يكفوا أيديهم ولا يقاتلوا الا من قاتلهم وعند البيهقي بإسناد حسن من حديث بن عمر قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح رأى النساء يلطمن وجوه الخيل بالخمر فتبسم إلى أبي بكر فقال يا أبا بكر كيف قال حسان فأنشده قوله عدمت بنيتي أن لم تروها تثير النقع موعدها كداء ينازعن الاسنة مسرجات يلطمهن بالخمر النساء فقال أدخلوها من حيث قال حسان قوله فقتل من خيل خالد بن الوليد رضي الله عنه يومئر جلان حبيش بمهملة ثم موحدة ثم معجمة وعند بن إسحاق بمعجمة ونون ثم مهملة مصغبن الاشعر وهو لقب واسمه خالد بن سعد بن منقذ بن ربيعة بن أخزم الخزاعي وهو أخو أم معبد التي مر بها النبي صلى الله عليه وسلم مهاجرا وروى البغوي والطبراني وآخرون قصتها من طريق حزام بن هشام بن حبيش عن أبيه عن جده وعن أحمد حدثنا موسى بن داود حدثنا حزام بن هشام بن حبيش قال شهد جدي الفتح مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله وكرز بضم الكاف وسكون الراء بعدها زاى هو بن جابر بن حسل بمهملتين بكسر ثم سكون بن الاحب بمهملة مفتوحة وموحدة مشددة بن حبيب الفهري وكان من رؤساء المشركين وهو الذي أغار على سرح النبي صلى الله عليه وسلم في غزو بدر الاولى ثم أسلم قديما وبعثه النبي صلى الله عليه وسلم في طلب العرنيين وذكر بن إسحاق أن هذين الرجلين سلكا طريقا فشذا عن عسكر خالد فقتلهما المشركون يومئذ وذكر بن إسحاق أن أصحاب خالد لقوا ناسا من قريش منهم سهيل بن عمرو وصفوان بن أمية كانوا
[ 9 ]
تجمعوا بالخندمة بالخاء المعجمة والنون مكان أسفل مكة ليقاتلوا المسلمين فناوشوهم شيئا من القتال فقتل من خيل خالد مسلمة بن الميلاء الجهني وقتل ممن المشركين أثنا عشر رجلا أو ثلاثة عشر وانهزموا وفي ذلك يقول حماس بن قيس بن خالد البكري قال بن هشام ويقال هي للمرعاش الهذلى يخاطب امرأته حين لامته على الفرار من المسلمين إنك لو شهدت يوم الخندمة * إذ فر صفوان وفر عكرمة واستقبلتنا بالسيوف المسلمة * يقطعن كل ساعد وجمجمة ضربا فلا يسمع الا غمغمة * لم تنطقي في اللوم أدنى كلمه وعند موسى بن عقبة واندفع خالد بن الوليد حتى دخل من أسفل مكة وقد تجمع بها بنو بكر وبنو الحارث بن عبد مناة وناس من هذيل ومن الاحابيش الذين استنصرت بهم قريش فقاتلوا خالدا فقاتلهم فانهزموا وقتل من بني بكر نحو عشرين رجلا ومن هذيل ثلاثة أو أربعة حتى انتهى بهم القتل إلى الجزورة إلى باب المسجد حتى دخلوا في الدور وارتفعت طائفة منهم على الجبال وصاح أبو سفيان من أغلق بابه وكف يده فهو آمن قال ونظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البارقة فقال ما هذا وقد نهيت عن القتال فقالوا نظن أن خالدا قوتل وبدئ بالقتال فلم يكن له بد من أن يقاتل ثم قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن اطمأن لخالد بن الوليد لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال فقال هم بدونا بالقتال ووضعوا فينا السلاح وقد كففت يدي ما استطعت فقال قضاء الله خير وذكر بن سعد أن عدة من أصيب من الكفار أربعة وعشرون رجلا ومن هذيل خاصة أربعة وقيل مجموع من قتل منهم ثلاثة عشر رجلا وروى الطبراني من حديث بن عباس قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله حرم مكة الحديث فقيل له هذا خالد بن الوليد يقتل فقال قم يا فلان فقل له فليرفع القتل فأتاه الرجل فقال له إن نبي الله يقول لك اقتل من قدرت عليه فقتل سبعين ثم اعتذر الرجل إليه فسكت قال وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر امراءه أن لا يقتلوا إلا من قاتلهم غير أنه أهدر دم نفر سماهم وقد جمعت أسماءهم من مفرقات الاخبار وهم عبد العزى بن خطل وعبد الله بن سعد بن أبي سرح وعكرمة بن أبي جهل والحويرث بن نقيد بنون وقاف مصغر ومقيس بن صبابة بمهملة مضمومة وموحدتين الاولى خفيفة وهبار بن الاسود وقينتان كانتا لابن خطل كانتا تغنيا بهجو النبي صلى الله عليه وسلم وسارة مولاة بني المطلب وهي التي وجد معها كتاب حاطب فاما بن أبي سرح فكان أسلم ثم ارتد ثم شفع فيه عثمان يوم الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فحقن دمه وقبل إسلامه وأما عكرمة ففر إلى اليمن فتبعته امرأته ام حكيم بنت الحارث بن هشام فرجع معها بأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما الحويرث فكان شديد الاذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقتله علي يوم الفتح وأما مقيس بن صبابة فكان أسلم ثم عدا على رجل من الانصار فقتله وكان الانصار قتل أخاه هشاما خطأ فجاء مقيس فأخذ الدية ثم قتل الانصاري ثم ارتد فقتله نميلة بن عبد الله يوم الفتح وأما هبار فكان شديد الاذى للمسلمين وعرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجرت فنخس بعيرها فاسقطت ولم يزل ذلك المرض بها حتى ماتت فلما كان يوم الفتح بعد أن أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه أعلن بالاسلام فقبل منه فعفا عنه وأما القينتان فاسمهما
[ 10 ]
فرتنى وقرينة فاستؤمن لاحداهما فأسلمت وقتلت الاخرى واما سارة فأسلمت وعاشت إلى خلافة عمروقال الحميدي بل قتلت وذكر أبو معشر فيمن أهدر دمه الحارث بن طلاطل الخزاعي قتله علي وذكر غير ابن إسحاق ان فرتنى هي التي أسلمت وأن قرينة قتلت وذكر الحاكم أيضا ممن أهدر دمه كعب بن زهير وقصته مشهورة وقد جاء بعد ذلك وأسلم ومدح ووحشي بن حرب وقد تقدم شأنه في غزوة أحد وهند بنت عتبة امرأة أبي سفيان وقد أسلمت وأرنب مولاة بن خطل أيضا قتلت وأم سعد قتلت فيما ذكر بن إسحاق فكملت العدة ثمانية رجال وست نسوة ويحتمل أن تكون أرنب وأم سعد هما القينتان اختلف في أسمهما أو باعتبار الكنية واللقب قلت وسيأتي في حديث أنس في هذا الباب ذكر بن خلطل وروى أحمد ومسلم والنسائي من طريق عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد بعث على إحدى الجنبتين خالد بن الوليد وبعث الزبير على الاخرى وبعث أبا عبيدة على الحسر بضم المهملة وتشديد السين المهملة أي الذين بغير سلاح فقال لي يا أبا هريرة اهتف لي بالانصار فهتف بهم فجاءوا فأطافوا به فقال لهم أترون إلى أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بإحدى يديه على الاخرى احصدوهم حصدا حتى توافوني بالصفا قال أبو هريرة فانطلقنا فما نشاء أن نقتل أحدا منهم الا قتلناه فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أغلق بابه فهو آمن وقد تمسك بهذه القصة من قال إن مكة فتحت عنوة وهو قول الاكثر وعن الشافعي ورواية عن أحمد أنها فتحت صلحا لما وقع هذا التأمين ولاضافة الدور إلى أهلها ولانها لم تقسم ولان الغانمين لم يملكوا دورها وإلا لجاز إخراج أهل الدور منها وحجة الاولين ما وقع من التصريح من الامر بالقتال ووقوعه من خالد بن الوليد وبتصريحه صلى الله عليه وسلم بأنها أحلت ساعة من نهار ونهيه عن التأسي به في ذلك وأجابوا عن ترك القسمة بأنها لا تستلزم عدم العنوة فقد تفتح البلد عنوة ويمن على أهلها ويترك لهم دورهم وغنامهم لان قسمة الارض المغنومة ليست متفقا عليها بل الخلاف ثابت عن الصحابة فمن بعدهم وقد فتحت أكثر البلاد عنوة فلم تقسم وذلك في زمن عمر وعثمان مع وجود أكثر الصحابة وقد زادت مكة عن ذلك بأمر يمكن أن يدعي اختصاصها به دون بقية البلاد وهي أنها دار النسك ومتعبد الخلق وقد جعلها الله تعالى حرم سواء العاكف فيه والباد وأما قول النووي احتج الشافعي بالاحاديث المشهورة بأن النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم بمر الظهران قبل دخول مكة ففيه نظر لان الذي أشار إليه إن كان مراده ما وقع له من قوله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن كما تقدم وكذا من دخل المسجد كما عند بن إسحاق فإن ذلك لا يسمى صلحا إلا إذا التزم من أشير إليه بذلك الكف عن القتال والذي ورد في الاحاديث الصحيحة ظاهر في أن قريشا لم يلتزموا ذلك لانهم استعدوا للحرب كما ثبت في حديث أبي هريرة عند مسلم ان قريشا وبشت اوباشا لها واتباعا فقالوا نقدم هؤلاء فإن كان لهم شئ كنا معهم وإن أصيبوا اعطيناه الذين سألنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم أترون أوباش قريش ثم قال بإحدى يديه على الاخرى أي احصدوهم حصدا حتى توافوني على الصفا قال فانطلقنا فما نشاء أن نقتل أحدا الا قتلنا وان كان مراده بالصلح وقوع عقد به فهذا لم ينقل ولا أظنه عنى الا الاحتمال
[ 11 ]
الاول وما ذكرته وتمسك أيضا من قال إنه معهم بما وقع عند بن إسحاق في سياق قصة الفتح فقال العباس لعلي أجد بعض الحطابة أو صاحب لبن أو ذا حاجة يأتي مكة فيخبرهم بمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجوا إليه فيستأمنوه قبل أن يدخلها عنوة ثقال في القصة بعد قصة أبي سفيان من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق عليه بابه فهو آمن فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد وعند موسى بن عقبة في المغازي وهو أصح ما صنف في ذلك عند الجماعة ما نصه أن أبا سفيان وحكيم بن حزام قالا يا رسوالله كنت حقيقا أن تجعل عدتك وكيدك بهوازن فانهم أبعد رحما وأشد عداوة فقال إني لارجو أن يجمعهما الله لي فتح مكة وإعزاز الاسلام بها وهزيمة هوازن وغنيمة أموالهم فقال أبو سفيان وحكيم فادع الناس بالامان أرأيت إن اعتزلت قريش فكفت أيديها آمنون هم قال من كف يده وأغلق داره فهو آمن قالوا فابعثنا نؤذن بذلك فيهم قال انطلقوا فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل دار حكيم فهو آمن ودار أبي سفيان بأعلى مكة ودار حكيم بأسفلها فلما توجها قال العباس يا رسول الله إني لا آمن أبا سفيان أن يرتد فرده حتى تريه جنود الله قال أفعل فذكر القصة وفي ذلك تصريح بعموم التأمين فكان هذا أمانا منه لكل من لم يقاتل من أهل مكة فمن ثم قال الشافعي كانت مكة مأمونة ولم يكن فتحها عنوة والامان كالصلح وأما الذين تعرضوا للقتال أو الذين استثنوا من الامان وأمر أن يقتلوا ولو تعلقوا بأستار الكعبة فلا يستلزم ذلك أنها فتحت عنوة ويمكن الجمع بين حديث أبي هريرة في أمره صلى الله عليه وسلم بالقتال وبين حديث الباب في تأمينه صلى الله عليه وسلم لهم بأن يكو التأمين علق بشرط وهو ترك قريش المجاهرة بالقتال فلما تفرقوا إلى دورهم ورضوا بالتأمين المذكور لم يستلزم أن أوباشهم الذين لم يقبلوا ذلك وقاتلوا خالد بن الوليد ومن معه فقاتلهم حتى قتلهم وهزمهم أن تكون البلد فتحت عنوة لان العبرة بالاصول لا بالاتباع وبالاكثر لا بالاقل ولا خلاف مع ذلك أنه لم يجر فيها قسم غنيمة ولا سبي من أهلها ممن باشر القتال أحد وهو مما يؤيد قول من قال لم يكن فتحها عنوة وعند أبي داود بإسناد حسن عن جابر أنه سئل هل غنمتم يوم الفتح شيئا قال لا وجنحت طائفة منهم الماوردي إلى أن بعضها فتح عنوة لما وقع من قصة خالد بن الوليد المذكورة وقرر ذلك الحاكم في الاكليل والحق أن صورة فتحها كان عنوة ومعاملة أهلها معاملة من دخلت بأمان ومنع جمع منهم السهيلي ترتب عدم قسمتها وجواز بيع دورها واجارتها على أنها فتحت صلحا أما أولا فلان الامام مخير في قسمة الارض بين الغانمين إذا انتزعت من الكفار وبين ابقائها ونفا على المسلمين ولا يلزم من ذلك منع بيع الدور وإجارتها وأما ثانيا فقال بعضهم لا تدخل الارض في حكم الاموال لان ممضى كانوا إذا غلبوا على الكفار لم يغنموا الاموال فتنزل النار فتأكلها وتصير الارض عموما لهم كما قال الله تعالى ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم الآية وقال وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها الآية والمسألة مشهورة فلا نطيل بها هنا وقد تقدم كثير من مباحث دور مكة في باب توريث دور مكة من كتاب الحج (4031) ثم ذكر المصنف في الباب بعد هذا ستة أحاديث الحديث الاول قوله حدثنا أبو الوليد كذا في الاصول وزعم خلف أنه وقع بدله سليمان بن حرب قوله عن معاوية بن قرة في رواية حجاج بن منهال عن شعبة أخبر أبو إياس أخرجه في فضائل القرآن
[ 12 ]
وأبو إياس هو معاوية بن قرة قوله وهو يقرأ سورة الفتح زاد في رواية آدم عن شعبة في فضائل القرآن قراءة لينة قوله يرجع بتشديد الجيم والترجيع ترديد القارئ الحرف في الحلق قوله وقال لولا أن تجتمع الناس القائل هو معاوية بن قرة راوي الحديث بين ذلك مسلم بن إبراهيم في روايته لهذا الحديث عن شعبة وهو في تفسير سورة الفتح وفي أواخر التوحيد من رواية شبابة عن شعبة في هذا الحديث نحوه وأتم منه ولفظه ثم قرأ معاوية يحكي قراءة بن مغفل وقال لولا أن تجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع بن مغفل يحكي النبي صلى الله عليه وسلم فقلت لمعاويه كيف ترجيعه قال أثلاث مرات وللحاكم في الاكليل من رواية وهب بن جرير عن شعبة لقرأت بذلك اللحن الذي قرأ به النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الثاني (4032) قوله حدثنا سليمان بن عبد الرحمن هو المعروف بابن بنت شرحبيل وسعدان بن يحيى هو سعيد بن يحيى بن صالح اللخمي أبويحيى الكوفي نزيل دمشق وسعدان لقبه وهو صدوق وأشار الدارقطني إلى لينه وما له في البخاري سوى هذا الموضع وشيخه محمد بن أبي حفصة واسم أبي حفصة ميسرة بصري يكنى أبا سلمة صدوق ضعفه النسائي وما له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الحج قرنه فيه بغيره قوله أنه قال زمن الفتح يا رسول الله أين تنزل غدا تقدم شرحه مستوفى في باب توريث دور مكة من كتاب الحج قوله قيل للزهري من ورث أبا طالب السائل عن ذلك لم أقف على اسمه قوله ورثه عقيل وطالب تقدم في الحج من رواية يونس عن الزهر بلفظ وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب ولم يرث جعفر ولا على شيئا لانهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين انتهى وهذا يدل على تقدم هذا الحكم في أوائل الاسلام لان أبا طالب مات قبل الهجرة ويحتمل أن تكون الهجرة لما وقعت استولى عقيل وطالب على ما خلفه أبو طالب وكان أبو طالب قد وضع يده على ما خلفه عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم لانه كان شقيقه وكان النبي صلى الله عليه وسلم عند أبي طالب بعد موت جده عبد المطلب فلما مات أبو طالب ثم وقعت الهجرة ولم يسلم طالب وتأخر إسلام عقيل استوليا على ما خلف أبو طالب ومات طالب قبل بدر وتأخر عقيل فلما تقرر حكم الاسلام بترك توريث المسلم من الكافر استمر ذلك بيد عقيل فأشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك وكان عقيل قد باع تلك الدور كلها واختلف في تقرير النبي صلى الله عليه وسلم عقيلا على ما يخصه هو فقيل ترك له ذلك تفضلا عليه وقيل استمالة له وتأليفا وقيل تصحيحا لتصرفات الجاهلية كما تصحح أنكحتهم وفي قوله وهل ترك لنا عقيل من دار إشارة إلى أنه لو تركها بغير بيع لنزل فيها وفيه تعقب على الخطابي حيث قال إنما لم ينزل النبي صلى الله عليه وسلم فيها لانها دور هجروها في الله تعالى بالهجرة فلم ير أن يرجع في شئ تركه لله تعالى وفي كلامه نظر لا يخفى والاظهر ما قدمته وأن الذي يختص بالترك إنما هو إقامة المهاجر في البلد التي هاجر منها كما تقدم تقريره في أبواب الهجرة لا مجر نزوله في دار يملكها إذ أقام المدة المأذون له فيها وهي أيام النسك وثلاثة أيام بعده والله أعلم قوله وقال معمر عن الزهري أي بالاسناد المذكور أين ننزل غدا في حجته طريق معمر تقدمت موصولة في الجهاد قوله ولم يقل يونس أي بن يزيد حجته ولازمن الفتح أي سكت عن ذلك وبقي الاختلاف بين بن أبي حفصة ومعمر ومعمر أوثق وأتقن من محمد بن أبي حفصة الحديث الثالث (4033) قوله عن عبد الرحمن هو الاعرج
[ 13 ]
قوله منزلنا إن شاء الله هو للتبرك قوله إذا افتتح الله الخيف هو بالرفع وهو مبتدأ خبره منزلنا وليس هو مفعول افتتح والخيف ما انحدر عن غلظ الجهل وارتفع عن مسيل الماء قوله حيث تقاسموا يعني قريشا على الكفر أي لما تحالف قريش أن لا يبايعوا بني هاشم ولا يناكحوهم ولا يؤوهم وحصروهم في الشعب وتقدم بيان ذلك في المبعث وتقدم أيضا شرحه في باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم بمكة من كتاب الحج قوله في الطريق الثانية (4034) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد حنينا أي في غزوة الفتح لان غزوة حنين عقب غزوة الفتح وقد تقدم في الباب المذكور في الحج من رواية شعيب عن الزهري بلفظ حين أراد قدوم مكة ولا مغايرة بين الروايتين بطريق الجمع المذكور لكن ذكره هناك أيضا من رواية الاوزاعي عن الزهري بلفظ قال وهو بمنى نحن نازلون غدا بخيف بني كنانة وهذا يدل على أنه قال ذلك في حجته لا في غزوة الفتح فهو شبيه بالحديث الذي قبله في الاختلاف في ذلك ويحتمل التعدد والله أعلم قيل إنما أختار النبي صلى الله عليه وسلم النزول في ذلك الموضع ليتذكر ما كانوا فيه فيشكر الله تعالى على ما أنعم به عليه من الفتح العظيم وتمكنهم من دخول مكة ظاهرا على رغم أنف من سعى في إخراجه منها ومبالغة في الصفح عن الذين اساءوا ومقابلتهم بالمن والاحسان ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء (4035) الحديث الرابع قوله يحيى بن قزعة بفتح القاف والزاي بعدها مهملة قوله عن بن شهاب في رواية يحيى بن عبد الحميد عن مالك حدثني بن شهاب أخرجه الدار قطني وفي رواية أحمد عن أبي أحمد الزبيري عن مالك عن بن شهاب أن أنس بن مالك أخبره قوله المغفر في رواية أبي عبيد القاسم بن سلام عن يحيى بن بكير عن مالك مغفر من حديد قال الدارقطني تفرد به أبو عبيد وهو في الموطأ ليحيى بن بكير مثل الجماعة ورواه عن مالك جماعة من أصحابه خارج الموطأ بلفظ مغفر من حديد ثم ساقه من رواية عشرة عن مالك كذلك وكذلك هو عند بن عدي من رواية أبي أويس عن بن شهاب وعند الدارقطني من رواية شبابة بن سوار عن مالك وفي هذا الحديث من رأى منكم بن خطل فليقتله ومن رواية زبد بن الحباب عن مالك بهذا الاسناد وكان بن خطل يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر قوله فقال اقتله زاد الوليد بن مسلم عن مالك في آخره فقتل أخرجه بن عائذ وصححه بن حبان واختلف في قاتله وقد جزم بن إسحاق بأن سعيد بن حريث وأبا برزة الاسلمي اشتركا في قتله وحكى الواقد فيه اقوالا منها أن قاتله شريك بن عبدة العجلاني ورجح أنه أبوبرزة وقد بينت ما فيه من الاختلاف في كتاب الحج مع بقية شرح هذا الحديث في باب دخول مكة بغير إحرام من أبواب العمرة بما يغنى عن إعادته واستدل بقتل بن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة على أن الكعبة لا تعيذ من وجب عليه القتل وأنه يجوز قتل من وجب عليه القتل في الحرم وفي الاستدلال بذلك نظر لان المخالفين تمسكوا بأن ذلك إنما وقع في الساعة التي أحل للنبي صلى الله عليه وسلم فيها القتال بمكة وقد صرح بأن حرمتها عادت كما كانت والساعة المذكورة وقع عند أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنها استمرت من صبيحة يوم الفتح إلى العصر وأخرج عمر بن شبة في كتاب مكة من حديث السائب بن يزيد قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستخرج من تحت أستار الكعبة عبد الله بن خطل فضربت عنقه صبرا بين زمزم ومقام إبراهيم وقالا يقتلن قرشي بعد هذا صبرا ورجاله ثقات إلا أن في
[ 14 ]
أبي معشر مقالا والله أعلم الحديث الخامس (4036) قوله عن بن أبي نجيح في رواية الحميدي في التفسير عن ابن عيينة حدثنا بن أبي نجيح وهو عبد الله واسم أبي نجيح يسار وتقدم في الملازمة عن علي بن عبد الله عن سفيان حدثنا بن أبي نجيح ولابن عيينة في هذا الحديث إسناد آخر أخرجه الطبراني من طريق عبد الغفار بن داود عن بن عيينة عن جامع بن أبي راشد عن أبي وائل عن بن مسعود قوله عن أبي معمر هو عبد الله بن سخبرة قوله عن عبد الله هو ابن مسعود قوله ستون وثلاثمائة نصب بضم النون والمهملة وقد تسكن بعدها موحدة هي واحدة الانصاب وهو ما ينصب للعبادة من دون الله تعالى ووقع في رواية بن أبي شيبة عن بن عيينة صنما بدل نصبا ويطلق النصب ويراد به الحجارة التي كانوا يذبحون عليها للاصنام وليست مرادة هنا وتطلق الانصاب على أعلام الطريق وليست مرادة هنا ولا في الآية قوله فجعل بطعنها بضم العين وبفتحها والاول أشهر قوله بعود في يده ويقول جاء الحق في حديث أبي هريرة عند مسلم يطعن في عينيه بسية القوس وفي حديث بن عمر عند الفاكهي وصححه بن حبان فيسقط الصنم ولا يمسه وللفاكهي والطبراني من حديث بن عباس فلم يبق وثن استقبله إلا سقط على قفاه مع أنها كانت ثابتة بالارض وقد شد لهم إبليس أقدامها بالرصاص وفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لاذلال الاصنام وعابديها ولاظهار أنها لا تنفع ولا تضر ولا تدفع عن نفسها شيئا قوله الازلام هي السهام التي كانوا يستقسمون بها الخير والشر وعند بن أبي شيبة من حديث جابر نحو حديث بن مسعود وفيه فأمر بها فكبت لوجوهها وفيه نحو حديث بن عباس وزاد قاتلهم الله ما كان إبراهيم يستقسم بالازلام ثم دعا بزعفران فلطخ تلك التماثيل وفي الحديث كراهية الصلاة في المكان الذي فيه صور لكونها مظنة الشرك وكان غالب كفر الامم من جهة الصور الحديث السادس (4037) قوله حدثني إسحاق هو ابن منصور وعبد الصمد هو بن عبد الوارث بن سعيد قوله حدثني أبي سقط من رواية الاصيلي ولا بد منه قوله أبي أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت وقع في حديث جابر عند بن سعد وأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها فلم يدخلها حتى محيت الصور وكان عمر هو الذي أخرجها والذي يظهر أنه محا ما كان من الصور مدهونا مثلا وأخرج ما كان مخروطا وأما حديث أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة فرأى صورة إبراهيم فدعا بماء فجعل يمحوها وقد تقدم في الحج فهو محمول على أنه بقيت بقية خفي على من محاها أولا وقد حكى بن عائذ في المغازي عن الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز أن صورة عيسى وأمه بقيتا حتى رآهما بعض من أسلم من نصارى غسان فقال إنكما لبلاد غربة فلما هدم بن الزبير البيت ذهبا فلم يبق لهما أثر وقد أطنب عمر بن شبة في كتاب مكة في تخريج طريق هذا الحديث فذكر ما تقدم وقال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج سأل سليمان بن موسى عطاء أدركت في الكعبة تماثيل قال نعم أدركت تماثيل مريم في حجرها ابنها عيسى مزوقا وكان ذلك في العمود الاوسط الذي يلي الباب قال فمتى ذهب ذلك قال في الحريق وفيه عن بن جريج أخبرني عمرو بن دينار أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بطمس الصور التي كانت في البيت وهذا سند صحيح ومن طريق عبد الرحمن بن مهران عن عمير مولى بن عباس عن أسامه أن النبي صلى الله
[ 15 ]
عليه وسلم دخل الكعبة فأمرني فأتيته بماء في دلو فجعل يبل الثوب ويضرب به على الصور ويقول قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون وقوله وخرج ولم يصل تقدم شرحه في باب من كبر في نواحي الكعبة من كتاب الحج وفيه الكلام على من أثبت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة ومن نفاها قوله تابعه معمر عن أيوب وصله أحمد عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قوله وقال وهيب حدثنا أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني أنه أرسله ووقع في نسخة الصغاني بإثبات بن عباس في التعليق عن وهيب وهو خطأ ورجحت الرواية الموصولة عند البخاري لاتفاق عبد الوارث ومعمر على ذلك عن أيوب (0) قوله باب دخول النبي صلى الله عليه وسلم من أعلى مكة أي حين فتحها وقد روى الحاكم في الاكليل من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وذقنه على رحله متخشعا (4038) قوله وقال الليث حدثني يونس هو بن يزيد وهذه الطريق وصلها المؤلف في الجهاد وتقدم شرح الحديث في الصلاة وفي الحج في باب إغلاق البيت مع فوائد كثيرة قوله فأمره أن يأتي بمفتاح البيت روى عبد الرزاق والطبراني من جهته من مرسل الزهري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعثمان يوم الفتح ائتني بمفتاح الكعبة فأبطأ عليه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره حتى إنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ويقول ما يحبسه فسعى إليه رجل وجعلت المرأة التي عندها المفتاح وهى أم عثمان واسمها سلافة بنت سعيد تقول إن أخذه منكم لا يعطيكموه أبدأ فلم يزل بها حتى أعطت المفتاح فجاء به ففتح ثم دخل البيت ثم خرج فجلس عند السقاية فقال على إنا اعطينا النبوة والسقاية والحجابة ما قوم بأعظم نصيبا منا فكره النبي صلى الله عليه وسلم مقالته ثم دعا عثمان بن طلحة فدفع المفتاح إليه وروى بن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة ويحيى بن عبد الرحمن بن حاطب ملاسلا نحوه وعند بن إسحاق بإسناد حسن عن صفية بنت شيبة قالت لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم واطمأن الناس خرج حتى جاء البيت فطاف به فلما قضى طوافه دعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة ففتح له فد خلها ثم وقف على باب الكعبة فخطب قال بن إسحاق وحدثني بعض أهل العلم أنه صلى الله عليه وسلم قام على باب الكعبة فذكر الحديث وفيه ثم قال يا معشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فانتم الحجابة والسقاية فنزلت إن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى أهلها فدعا عثمان فقال خذوها يا بني شيبة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم ومن طريق علي بن أبي طلحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا بني شيبة كلموا مما يصل إليكم من هذا البيت بالمعروف وروى الفاكهي من طريق محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ناول عثمان المفتاح قال له غيبة قال الزهري فلذلك يغيب المفتاح ومن حديث بن عمر أن بني أبي طلحة كانوا يقولون لا يفتح الكعبة
[ 16 ]
إلا هم فتناول النبي صلى الله عليه وسلم المفتاح ففتحها بيده (4039) قوله حدثنا الهيثم بن خارجة بخاء معجمة وجيم خراساني نزل بغداد كان من الاثبات قال عبد الله بن أحمد كان أبي إذا رضي عن إنسان وكان عنده ثقة حدث عنه وهو حي فحدثنا عن الهيثم بن خارجة وهو حي وليس له عند البخاري موصول سوى هذا الموضع قوله تابعه أسامة ووهيب في كداء أي روياه عن هشام بن عروة بهذا الاسناد وقالا في روايتهما دخل من كداء أي بالفتح والمد وطريق أبي أسامة وصلها المصنف في الحج عن محمود بن غيلان عنه موصولا وأوردها هنا عن عبيد بن إسماعيل عنه فلم يذكر فيه عائشة وأما طريق وهيب وهو بن خالد فوصلها المصنف أيضا في الحج وقد تقدم الكلام عليه مستوفى هناك (0) قوله باب منزل النبي صلى الله عليه وسل يوم الفتح أي المكان الذي نزل فيه وقد تقدم قريبا في الكلام على الحديث الثالث أنه نزل بالمحصب وهنا أنه في بيت أم هانئ وكذا في الاكليل من طريق معمر عن بن شهاب عن عبد الله بن الحار ث عن أم هانئ وكان النبي صلى الله عليه وسلم نازلا عليها يوم الفتح ولا مغايرة بينهما لآنه لم يقم في بيت أم هانئ وإنما نزل به حتى اغتسل وصلى ثم رجع إلى حيث ضربت خيمته عند شعب أبي طالب وهو المكان الذي حصرت فيه قريش المسلمين وقد تقدم شرح حديث الباب في كتاب الصلاة وروى الواقدي من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال منزلنا إذا فتح الله علينا مكة في الخيف حيث تقاسموا على الكفر وجاه شعب أبي طالب حيث حصرونا ومن حديث أبي رافع نحو حديث أسامة السابق وقال فيه ولم يزل مضطربا بالابطح لم يدخل بيوت مكة (0) قوله باب كذا في الاصول بغير ترجمة وكأنه بيض له فلم يتفق له وقوع ما يناسبه وقد ذكر فيه أربعة أحاديث الاول حديث عائشة (4042) كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي هكذا أورده مختصرا وقد تقدم شرحه في أبواب صفة الصلاة ووجه دخوله هنا ما سيأتي في التفسير بلفظ ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح الا يقول فيها فذكر الحديث الثاني حديث بن عباس (4043) كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر الحديث سيأتي شرحه مستوفى في تفسير سورة النصر إن شاء الله تعالى وقوله ممن قد علمتم أي فضله وقوله ليريهم منى أي بعض فضيلتي وقوله فقال له بن عباس هو بالنصب على حذف آلة النداء وفي رواية الكشميهني بابن عباس الحديث الثالث (4044) قوله حدثنا سعيد بن شرحبيل هو الكندي الكوفي من قدماء شيوخ البخاري وليس له عنه في الصحيح سوى هذا الموضع وآخر في علامات النبوة وكل منهما عنده له متابع عن الليث بن سعد
[ 17 ]
والمقبري هو سعيد بن أبي سعيد قوله العدوى كنت جوزت في الكلام على حديث الباب في الحج أنه من حلفاء بني عدي بن كعب وذلك لانني رأيته في طريق أخرى الكعبي نسبة إلى بني كعب بن ربيعة بن عمرو بن لحي ثم ظهر لي أنه نسب إلى بني عدي بن عمرو بن لحي وهم إخوة كعب ويقع هذا في الانساب كثيرا ينسبون إلى أخي القبيلة وقد تقدم شرح هذا الحديث مستوفى في أبواب محرمات الاحرام من كتا ب الحج وبعضه في كتاب العلم ويأتي بعض شرحه في الديات في الكلام على حديث أبي هريرة ووقع في آخره هنا قال أبو عبد الله وهو المصنف الخربة البلية الحديث الرابع حديث جابر (4045) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح أن الله ورسوله حرم بيع الخمر كذا ذكره مختصرا وقد تقدم في أواخر البيوع مطولا مع شرحه (0) قوله باب مقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة زمن الفتح ذكر فيه حديث أنس أقمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عشرا نقصر الصلاة وحديث بن عباس أقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة تسعة عشر يوما يصلي ركعتين وفي الرواية الثانية عنه أقمنا في سفر ولم يذكر المكان فظاهر هذين الحديثين التعار ض والذي اعتقده أن حديث أنس إنما هو في حجة الوداع فأنها هي السفرة التي أقام فيها بمكة عشرا لانه دخل يوم الرابع وخرج يوم الرابع عشر وأما حديث بن عباس فهوفي الفتح وقد قدمت ذلك بأدلته في باب قصر الصلاة وأوردت هنالا التصريح بأن حديث أنس إنما هو في حجة الوداع ولعل البخاري أدخله في هذا الباب إشارة إلى ما ذكرت ولم يفصح بذلك تشحيذا للاذهان ووقع في رواية الاسماعيلي من طريق وكيع عن سفيان فأقام بها عشرا يقصر الصلاة حتى رجع إلى المدينة وكذا هو في باب قصر الصلا من وجه آخر عن يحيى بن أبي إسحاق عند المصنف وهو يؤيد ما ذكرته فإن مدة إقامتهم في سفرة الفتح حتى رجعوا إلى المدينة أكثر من ثمانين يوما تنبيه سفيان في حديث أنس هو الثوري في الروايتين وعبد الله في حديث بن عباس هو بن المبارك وعاصم هو بن سليمان الاحول وقوله وقال بن عباس هو موصول بالاسناد المذكور كما تقدم بيانه في باب قصر الصلاة أيضا (0) قوله باب كذا في الاصول بغير ترجمة وسقط من رواية النسفي فصارت أحاديثه من جملة الباب الذي قبله ومناسبتها له غير ظاهرة ولعله كان قد بيض له ليكتب له ترجمة فلم يتفق والمناسب لترجمته من شهد الفتح ثم ذكر فيه أحد عشر حديثا الحديث الاول قوله وقال الليث الخ وصله المصنف في التاريخ الصغير قال حدثنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث فذكره وقال في آخره عام الفتح بمكة وقد وصله من وجه آخر عن الزهري فقال عن عبد الله بن ثعلبة أنه رأى سعد بن أبي وقاص أوتر بركعة أخرجه في كتاب الادب كما سيأتي (4049) قوله أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صعير
[ 18 ]
بمهملة مصغرا وهو عذرى بضم المهملة وسكون المعجمة ويقال له أيضا بن أبي صعير وهو بن عمرو بن زيد بن سنان حليف بني زهرة ولابيه ثعلبة صحبة وقد حذف المصنف المخبر به اختصارا وقد ظهر بما ذكر في الادب الحديث الثاني (4050) قوله عن الزهري عن سنين أبي جميلة قال أخبرنا ونحن مع بن المسيب والجملة الحالية أراد الزهري بها تقوية روايته عنه بأنها كانت بحضرة سعيد قوله عن سنين بمهملة ونون مصغر وقبل بتشديد التحتانية وبالنون الاولى فقتقدم ذكره في الشهادات بما يغنى عن إعادته قوله وخرج معه عام الفتح ذكر أبو عمر أنه حج معه حجة الوداع تقدم ذكره في الشهادات (0) الحديث الثالث (4051) قوله عن عمرو بن سلمة مختلف في صحبته ففي هذا الحديث أن أباه وفد وفيه إشعار بأنه لم يفد معه وأخرج بن منده من طريق حماد بن سلمة عن أيوب بهذا الاسناد ما يدل على أنه وفد أيضا وكذلك أخرجه الطبراني وأبو سلمة بكسر اللام هو بن قيس ويقال نفيع الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء صحابي ماله في البخاري سوى هذا الحديث وكذا ابنه لكن وقع ذكر عمرو بن سلمة في حديث مالك بن الحويرث كما تقدم في صفة الصلاة قوله قال أبو قلابة هو مقول أيوب قوله كنا بما ممر الناس يجوز في ممر الحركات الثلاث وعند أبي داود من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن عمرو بن سلمة كنا نحاصر يمر بنا الناس إذا أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قوله ما للناس ما للناس كذا فيه مكرر مرتين قوله ما هذا الرجل أي يسألون عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن حال العرب معه قوله أوحى إليه أوحى الله بكذا يريد حكاية ما كانوا يخبرونهم به مما سمعوه من القرآن وفي رواية يوسف القاضي عن سليمان بن حرب عند أبي نعيم في المستخرج فيقولون نبي يزعم أن الله أرسله وأن الله أوحى إليه كذا وكذا فجعلت أحفظ ذلك الكلام وفي رواية أبي داود وكنت غلاما حافظا فحفظت من ذلك قرآنا كثيرا قوله فكأنما يقر كذا للكشميهني بضم أوله وفتح القا ف وتسديد الراء من القرار وفي رواية عنه بزيادة ألف مقصورة من التقرية أي يجمع وللاكثر بهمز من القراءة وللاسماعيلي يغرى بغين معجمة وراء ثقيلة أي يلصق بالغراء ورجحها عياض قوله تلوم بفتح أوله واللام وتشديد الواو أي تنتظر وإحدى التاءين محذوفة قوله وبدر أي سبق قوله فلما قدم استقبلناه هذا يشعر بأنه ما وفد مع أبيه لكن لا يمنع أن يكون وفد بعد ذلك قوله وليؤمكم أكثركم قرآنا في رواية أبي داود من وجه آخر عن عمرو بن سلمة عن أبيه إنهم قالوا يا رسول الله من يؤمنا قال أكثركم جمعا للقرآن قوله فنظروا في رواية الاسماعيلي فنظروا إلى أهل حوائنا بكسر المهملة وتخفيف الواو والمد والحواء مكان الحي النزول قوله تقلصت أي انجمعت وارتفعت وفي رواية أبي داود تكشفت عنى وله من طريق عاصم بن سليمان عن عمرو بن سلمة فكنت أؤمهم في بردة موصولة فيها فتق فكنت إذا سجدت خرجت استى قوله ألا تغطون كذا في الاصول وزعم بن التين أنه وقع عنده بحذف النون ولابي داود فقالت امرأة من النساء واروا عنا عورة قارئكم قوله فاشتروا أي ثوبا وفي رواية أبي داود فاشتروا لي قميصا عمانيا وهو بضم المهملة
[ 19 ]
وتخفيف الميم نسبة إلى عمان وهي من البحرين وزاد أبو داود في رواية له قال عمرو بن سلمة فما شهدت مجمعا من جرم إلا كنت إمامهم وفي الحديث حجة للشافعية في إمامة الصبي المميز في الفريضة وهي خلافية مشهورة ولم ينصف من قال إنهم فعلوا ذلك باجتهادهم ولم يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك لانها شهادة نفى ولان زمن الوحي لا يقع التقرير فيه على مالا يجوز كما استدل أبو سعيد وجابر لجواز العزل بكونهم فعلوه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان منهيا عنه لنهى عنه في القرآن وكذا من استدل به بأن ستر العورة في الصلاة ليس شرطا لصحتها بل هو سنة ويجزى بدون ذلك لانها واقعة حال فيحتمل أن يكون ذلك بعد علمهم بالحكم (0) الحديث الرابع والخامس حديث عائشة في قصة بن وليدة زمعة وسيأتي شرحه في كتاب الفرائض إن شاء الله تعالى وفي آخره حديث أبي هريرة في معنى قوله الولد للفراش والغرض منه هنا الاشارة إلى أن هذه القصة وقعت في فتح مكة قوله (4052) وقال الليث حدثني يونس وصله الذهلي في الزهريات وساقه المصنف هنا على لفظ يونس وأورده مقرونا بطريق مالك وفيه مخالفة شديدة له وسأبين ذلك عند شرحه وقد عابه الاسماعيلي وقال قرن بين روايتي مالك ويونس مع شدة اختلافهما ولم يبين ذلك قوله قال بن شهاب قالت عائشة كذا هنا وهذا القدر موصول في رواية مالك بذكر عروة فيه وفي قوله هو أخوك يا عبد بن زمعة رد لم زعم أن قوله هو لك يا عبد بن زمعة أن اللام فيه للملك فقال أي هو لك عبد قوله وقال بن شهاب وكان أبو هريرة يصيح بذلك أي يعلن بهذا الحديث وهذا موصول إلى بن شهاب ومنقطع بين بن شهاب وأبي هريرة وهو حديث مستقل أغفل المزي التنبيه عليه في الاطراف وقد أخرج مسلم والترمذي والنسائي من طريق سفيان بن عيينة ومسلم أيضا من طريق معمر كلاهما عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب زاد معمر وأبي سلمة بن عبد الرحمن كلاهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الولد للفراش وللعاهر الحجر وفي رواية لمسلم عن بن عيينة عن سعيد وأبي سلمة معا وفي أخرى عن سعيد أو أبي سلمة قال الدارقطني في العلل هو محفوظ لابن شهاب عنهما قلت وسيأتي في الفرائض من وجه آخر عن أبي هريرة باختصار لكن من غير طريق بن شهاب فلعل هذا الاختلاف هو السبب في ترك إخراج البخاري لحديث أبي هريرة من طريق بن شهاب (0) الحديث السادس (4053) قوله أخبرني عروة بن الزبير أن امرأة سرقت كذا فيه بصورة الارسال لكن في أخره ما يقتضى أنه عن عائشة لقوله في آخره قالت عائشة فكانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها وعند الاسماعيلي من طريق الزهري عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت فتابت فحسنت توبتها وكانت تأتيني فأرفع حاجتها
[ 20 ]
إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي شرح هذا الحديث في كتاب الحدود والغرض منه هنا الاشارة إلى أن هذه القصة وقعت يوم الفتح (0) الحديث السابع (4054) قوله حدثنا زهير هو بن معاوية وعاصم هو بن سليمان وأبو عثمان هو النهدي ومجاشع هو بن مسعود السلمي وقوله بأخي هو مجالد بوزن أخيه وكنيته أبو معبد كما في الرواية الثانية والذي هنا فلقيت معبدا كذا للاكثر وللكشميهني فلقيت أبا معبد وهو وهم من جهة هذه الرواية وأن كان صوابا في نفس الامر (4055) قوله وقال خالد هو الحذاء وصل هذه الطريق الاسماعيلي من جهة خالد بن عبد الله عنه بلفظ عن مجاشع بن مسعود أنه جاء بأخيه مجالد بن مسعود فقال هذا مجالد يا رسول الله فبايعه على الهجرة الحديث وقد تقدم بيان أحوال الهجرة مستوفى في أبواب الهجرة وفي أوائل الجهاد الحديث الثامن حديث بن عمر تقدم سندا ومتنا في أوائل الهجرة (4056) قوله وقال النضر بن شميل وصله الاسماعيلي من طريق أحمد بن منصور عنه وزاد في آخره ولكن جهاد فانطلق فأعرض نفسك فإن أصبت شيئا وإلا فارجع الحديث التاسع حديث عائشة تقدم في أوائل الهجرة أيضا سندا ومتنا وإسحاق بن يزيد هو بن إبراهيم بن يزيد الفراديسي نسبة إلى جده (0) الحديث العاشر (4059) قوله حدثنا إسحاق هو بن منصور وبه جزم أبو على الجياني وقال الحاكم هو بن نصر قوله حدثنا أبو عاصم هو النبيل وهو من شيوخ البخاري وربما حدث عنه بواسطة كما هنا قوله عن مجاهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا مرسل وقد وصله في الحج والجهاد وغيرهما من رواية منصور عن مجاهد عن طاوس عن بن عباس وأورده بن أبي شيبة من طريق يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن بن عباس والذي قبله أولى قوله وعن بن جريج هو موصول بالاسناد الذي قبله وعبد الكريم هو بن مالك الجزري ووقع عند الاسماعيلي وجه آخر عن أبي عاصم عن بن جريج سمعت عبد الكريم سمعت عكرمة وقد تقدم شرح هذا الحديث في كتاب الحج الحديث الحادي عشر قوله رواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أي الخطبة المذكورة وقد وصلها في كتاب العلم من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة وأول الحديث عنده أن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين الحديث وقد تقدم شرحه هناك ولله الحمد (0) قوله غفور رحيم قوله باب قول الله
[ 21 ]
تعالى ويوم حنين إذ اعجبتكم كثرتكم إلى غفور رحيم كذا لابي ذر وساق غيره إلى قوله ثم أنزل الله سكينته ثم قال إلى غفور رحيم ووقع في رواية النسفي باب غزوة حنين وقول الله عزوجل ويوم حنين إذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت إلى غفور رحيم وحنين بمهملة ونون مصغرواد إلى جنب ذي المجاز قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلا من جهة عرفات قال أبو عبيد البكري سمي باسم حنين بن قابثة بن مهلائيل قال أهل المغازى خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لست خلت من شوال وقيل لليلتين بقيتا من رمضان وجمع بعضهم بأنه بدأ بالخروج في أواخر رمضان وسار سادس شوال وكان وصوله إليها في عاشره وكان السبب في ذلك أن مالك بن عوف النضري جمع القبائل من هوازن ووافقه على ذلك الثقفيون وقصدوا محاربة المسلمين فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم قال عمر بن شبة في كتاب مكة حدثنا الحزامي يعني إبراهيم بن المنذر حدثنا بن وهب عن بن أبي الزناد عن أبيه عن عروة أنه كتب إلى الوليد أما بعد فإنك كتبت إلى تسألني عن قصة الفتح فذكر له وقتها فأقام عامئذ بمكة نصف شهر ولم يزد على ذلك حتى أتاه أن هوازن وثقيفا قد نزلوا حنينا يريدون قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا قد جمعوا إليه ورئيسهم عوف بن مالك ولابي داود بإسناد حسن من حديث سهل بن الحنظلية أنهم ساروا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين فأطنبوا السير فجاء رجل فقال إني انطلقت من بين أيديكم حتى طلعت جبل كذا وكذا فإذا أنا بهوازن عن بكرة أبيهم بظعنهم ونعمهم وشائهم قد اجتمعوا إلى حنين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تلك غنيمة المسلمين غدا إن شاء الله تعالى وعند بن إسحاق من حديث جابر ما يدل على أن هذا الرجل هو عبد الله بن أبي حدرد الاسلمي قوله ويوم حنين إذا اعجبتكم كثرتكم روى يونس بن بكير في زيادات المغازي عن الربيع بن أنس قال قال رجل يوم حنين لن نغلب اليوم من قلة فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم فكانت الهزيمة وقوله ثم وليتم مدبرين إلى آخر الآيات يأتي بيان ذلك في شرح أحاديث الباب ثم ذكر المصنف فيه خمسة أحاديث (0) الحديث الاول (4060) قوله عن إسماعيل هو بن أبي خالد وكذا هو منسوب في رواية أحمد عن يزيد بن هارون قوله ضربة زاد أحمد فقلت ما هذه وفي رواية الاسماعيلي ضربة على ساعده وفي رواية له أثر ضربة قوله شهدت حنينا قال قبل ذلك في رواية أحمد قال نعم وقبل ذلك ومراده بما قبل ذلك ما قبل حنين من المشاهد وأول مشاهده الحديبيه فيما ذكره من صنف في الرجال ووقفت في بعض حديثه على ما يدل أنه شهد الخندق وهو صحابي بن صحابي الحديث الثاني حديث البراء (4061) قوله عن أبي إسحاق هو السبيعي ومدار هذا الحديث عليه وقد تقدم في الجهاد من وجه آخر عن سفيان وهو الثوري قال حدثني أبو إسحاق قوله وجاءه رجل لم أقف على اسمه وقد ذكر في الرواية الثالثة أنه من قيس قوله يا أبا عمارة هي كنية البراء قوله أتوليت يوم حنين الهمزة للاستفهام وتوليت أن انهزمت وفي الرواية الثانية أوليتم مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين وفي الثالثة أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلها بمعنى قوله أما أنا فاشهد على النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يول تضمن جواب البراء إثبات الفرار لهم لكن لا على طريق التعميم وأراد أن إطلاق السائل يشمل الجميع
[ 22 ]
حتى النبي صلى الله عليه وسلم لظاهر الرواية الثانية ويمكن الجمع بين الثانية والثالثة يحمل المعية على ما قبل الهزيمة فبادر إلى استثنائه ثم أوضح ذلك وختم حديثه بأنه لم يكن أحد يومئذ أشد منه صلى الله عليه وسلم قال النووي هذا الجواب من بديع الادب لان تقدير الكلام فررتم كلكم فيدخل فيهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال البراء لا والله ما فر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن جرى كيت وكيت فاوضح أن فرار من فر لم يكن على نية الاستمرار في الفرار وإنما انكشفوا من وقع السهام وكأنه لم يستحضر الرواية الثانية وقد ظهر من الاحاديث الواردة في هذه القصة أن الجميع لم يفروا كما سيأتي بيانه ويحتمل أن البراء تراجع من السائل أنه اشتبه عليه حديث سلمة بن الاكوع الذي أخرجه مسلم بلفظ ومررت برسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما فلذلك حلف أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يول ودل ذلك على أن من هزما حال من سلمة ولهذا وقع في طريق أخرى ومررت برسول الله صلى الله عليه وسلم منهزما وهو على بغلته فقال لقد رأى بن الاكوع فزعا ويحتمل أن يكون السائل أخذ التعميم من قوله تعالى ثم وليتم مدبرين فبين له أنه من العموم الذي أريد به الخصوص قوله ولكن عجل سرعان القوم فرشقتهم هوازن فأما سرعان فيفتح المهملة والراء ويجوز سكون الراء وقد تقدم ضبطه في سجود الهو في الكلام على حديث ذي اليدين والرشق بالشين المعجمة والقاف رمى السهام وأما هوازن فهي قبيله كبيرة من العرب فيها عدة بطون ينسبون إلى هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بمعجمة ثم مهملة ثم فاء مفتوحات بن قيس بن عيلان بن إلياس بن مضر والعذر لمن انهزم من غير المؤلفة أن العدو كانوا ضعفهم في العدد وأكثر من ذلك وقد بين شعبة في الرواية الثالثة السبب في الاسراع المذكور قال كانت هوازن رماة قال وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا وللمصنف في الجهاد انهزموا قال فاكببنا وفي روايته في الجهاد في باب من قاد دابة غيره في الحربف أقبل الناس على الغنائم فاستقبلونا بالسهام وللمصنف في الجهاد أيضا من رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق تكملة السبب المذكور قال خرج شبان أصحابه وإخفاؤهم حسرا بضم المهملة وتشديد السين المهملة ليس عليهم سلاح فاستقبلهم جمع هوازن وبني نضر ما يكادون يسقط لهم سهم فرشقوهم رشقا ما يكادون يخطئون الحديث وفيه فنزل واستنصر ثم قال أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب ثم صف أصحابه وفي رواية مسلم من طريق زكريا عن أبي إسحاق فرموهم برشق من نبل كأنها رجل جراد فانكشفوا وذكر بن إسحاق من حديث جابر وغيره في سبب انكشافهم أمرا آخر وهو أن مالك بن عوف سبق بهم إلى حنين فأعدوا وتهيؤا في مضايق الوادي وأقبل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى أنحط بهم الوادي في عماية الصبح فثارت في وجوههم الخيل فشدت عليهم وانكفأ الناس منهزمين وفي حديث أنس عند مسلم وغيره من رواية سليمان التيمي عن السميط عن أنس قال افتتحنا مكة ثم إنا غزونا حنينا قال فجاء المشركون بأحسن صفوف رأيت صف الخيل ثم المقاتلة ثم النساء من وراء ذلك ثم الغنم ثم النعم قال ونحن بشر كثير وعلى ميمنة خيلنا خالد بن الوليد فجعلت خيلنا تلوذ خلف ظهورنا فلم نلبث أن انكشفت خيلنا وفرت الاعراب ومن تعلم من الناس وسيأتي للمصنف قريبا من رواية هشام بن زيد عن أنس قال أقبلت هوازن وغطفان بذراريهم ونعمهم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف ومعه الطلقاء قال فأدبروا عنه
[ 23 ]
حتى بقي وحده الحديث ويجمع بين قوله حتى بقي وحده وبين الاخبار الدالة على أنه بقي معه جماعة بأن المراد بقي وحده متقدما مقبلا على العدو والذين ثبتوا معه كانوا وراءه أو الوحدة بالنسبة لمباشرة القتال وأبو سفيان بن الحارث وغيره كانوا يخدمونه في إمساك البغلة ونحو ذلك ووقع في رواية أبي نعيم في الدلائل تفصيل المائة بضعة وثلاثون من المهاجرين والبقية من الانصار ومن النساء أم سليم وأم حارثة قوله وأبو سفيان بن الحارث أي بن عبد المطلب بن هاشم وهو بن عم النبي صلى الله عليه وسلم وكان إسلامه قبل فتح مكة لانه خرج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه في الطريق وهو سائر إلى فتح مكة فأسلم وحسن إسلامه وخرج إلى غزوة حنين فكان فيمن ثبت وعند بن أبي شيبة من مرسل الحكم بن عتيبة قال لما فر الناس يوم حنين جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب فلم يبق معه إلا أربعة نفر ثلاثة من بني هاشم ورجل من غيرهم على والعباس بين يديه وأبو سفيان بن الحارث آخذ بالعنان وابن مسعود من الجانب الايسر قال وليس يقبل نحوه أحد إلا قتل وروى الترمذي من حديث بن عمر بإسناد حسن قال لقد رأيتنا يوم حنين وإن الناس لمولين وما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة رجل وهذا أكثر ما وقفت عليه من عدد من ثبت يوم حنين وروى أحمد والحاكم من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين فولى عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلا من المهاجرين والانصار فكنا على أقدامنا ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة وهذا لا يخالف حديث بن عمر فأنه نفى أن يكونوا مائة وابن مسعود أثبت أنهم كانوا ثمانين وأما ما ذكره النووي في شرح مسلم أنه ثبت معه اثنا عشر رجلا فكأنه أخذه مما ذكره بن إسحاق في حديثه أنه ثبت معه العباس وابنه الفضل وعلي وأبو سفيان بن الحارث وأخوه ربيعة وأسامة بن زيد وأخوه من أمه أيمن بن أم أيمن ومن المهاجرين أبو بكر وعمر فهؤلاء تسعة وقد تقد ذكر بن مسعود في مرسل الحاكم فهؤلاء عشرة ووقع في شعر العباس بن عبد المطلب أن الذين ثبتوا كانوا عشرة فقط وذلك قوله نصرنا رسول الله في الحرب تسعة وقد فر من قد فر عنه فأقشعوا وعاشرنا وافى الحمام بنفسه لما مسه في الله لا يتوجع ولعل هذا هو الثبت ومن زاد على ذلك يكون عجل في الرجوع فعد فيمن لم ينهزم وممن ذكر الزبير بن بكار وغيره أنه ثبت يوم حنين أيضا جعفر بن أبي سفيان بن الحارث وقثم بن العباس وعتبة ومعتب ابنا أبي لهب وعبد الله بن الزبير بن عبد المطلب ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب وشيبة بن عثمان الحجي فقد ثبت عنه أنه لما رأى الناس قد انهزموا استدبر النبي صلى الله عليه وسلم ليقتله فأقبل عليه فضربه في صدره وقال له قاتل الكفار فقاتلهم حتى انهزموا قال الطبري الانهزام المنهي عنه هو ما وقع على غير نية العود وأما الاستطراد للكثرة فهو كالتحيز إلى فئة قوله أخذ برأس بغلته في رواية زهير فأقبلوا أي المشركون هنالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته البيضاء وابن عمه أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب يقود به فنزل واستنصر قال العلماء في ركوبه صلى الله عليه وسلم البغلة يومئذ دلالة على النهاية في الشجاعة والثبات وقوله فنزل أي عن البغلة فاستنصر وسلم أي قال اللهم أنزل نصرك وقع مصرحا به في رواية
[ 24 ]
مسلم من طريق زكريا عن أبي إسحاق وفي حديث العباس عند مسلم شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين فلزمته أنا وأبو سفيان بن الحارث فلم نفارقه الحديث وفيه ولي المسلمون مدبرين فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قبل الكفار قال العباس وأنا آخذ بلجام رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها إرادة أن لا تسرع وأبو سفيان آخذ بركابه ويمكن الجمع بأن أبا سفيان كان آخذا أولا بزمامها فلما ركضها النبي صلى الله عليه وسلم إلى جهة المشركين خشي العباس فأخذ بلجام البغلة يكفها وأخذ أبو سفيان بالركاب وترك اللجام للعباس إجلالا له لانه كان عمه قوله بغلته هذه البغلة هي البيضاء وعند مسلم من حديث العباس وكان على بغلة له بيضاء أهداها له فروة بن نفاثة الجذامي وله من حديث سلمة وكان على بغلته الشهباء ووقع عند بن سعد وتبعه جماعة ممن صنف السيرة أنه صلى الله عليه وسلم كان على بغلته دلدل وفيه نظر لان دلدل أهداها له المقوقس وقد ذكر القطب الحلبي أنه استشكل عند الدمياطي ما ذكره بن سعد فقال له كنت تبعته فذكرت ذلك في السيرة وكنت حينئذ سيريا محضا وكان ينبغي لنا أن نذكر الخلاف قال القطب الحلبي يحتمل أن يكون يومئذ ركب كلا من البغلتين إن ثبت أنها كانت صحبته وإلا فما في الصحيح أصح ودل قول الدمياطي أنه كان يعتقد الرجوع عن كثير مما وافق فيه أهل السير وخالف الاحاديث الصحيحة وأن ذلك كان منه قبل أن يتضلع من الاحاديث الصحيحة ولخروج نسخ من كتابه وانتشاره لم يتمكن من تغييره وقد أغرب النووي فقال وقع عند مسلم على بغلته البيضاء وفي أخرى الشهباء وهي واحدة ولا نعرف له بغلة غيرها وتعقب بدلدل فقد ذكرها غير واحد لكن قيل إن الاسمين لواحدة قوله أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب قال بن التين كان بعض أهل العلم يقوله بفتح الباء من قوله لا كذب ليخرجه عن الوزن وقد أجيب عن مقالته صلى الله عليه وسلم هذا الرجز بأجوبة أحدها أنه نظم غيره وأنه كان فيه أنت النبي لا كذب أنت بن عبد المطلب فذكره بلفظ أنا في الموضعين ثانيها أن هذا رجز وليس من أقسام الشعر وهذا مردود ثالثها أنه لا يكون شعرا حتى يتم قطعة وهذه كلمات يسيرة ولا تسمى شعرا رابعها أنه خرج موزونا ولم يقصد به الشعر وهذا أعدل الاجوبة وقد تقدم هذا المعنى في غير هذا المكان ويأتي تاما في كتاب الادب وأما نسبته إلى عبد المطلب دون أبيه عبد الله فكأنها لشهرة عبد المطلب بين الناس لما رزق من نباهة الذكر وطول العمر بخلاف عبد الله فأنه مات شابا ولهذا كان كثير من العرب يدعونه بن عبد المطلب كما قال ضمام بن ثعلبة لما قدم أيكم بن عبد المطلب وقيل لانه كان اشتهر بين الناس أنه يخرج من ذرية عبد المطلب رجل يدعو الله ويهدى إلى الله الخلق على يديه ويكون خاتم الانبياء فانتسب إليه ليتذكر ذلك من كان يعرفه وقد اشتهر ذلك بينهم وذكره سيف بن ذي يزن قديما لعبد المطلب قبل أن يتزوج عبد الله آمنة وأراد النبي صلى الله عليه وسلم تنبيه أصحابه بأنه لا بد من ظهوره وأن العاقبة له لتقوى قلوبهم إذا عرفوا أنه ثابت غير منهزم وأما قوله لا كذب ففيه إشارة إلى صفة النبوة يستحيل معها الكذب فكأنه قال أنا النبي والنبي لا يكذب فلست بكاذب فيما أقول حتى انهزم وأنا متيقن بأن الذي وعدني الله
[ 25 ]
به من النصر حق فلا يجوز على الفرار وقيل معنى قوله لا كذب أن أنا النبي حقا لا كذب في ذلك تنبيهان أحدهما ساق البخاري الحديث عاليا عن أبي الوليد عن شعبة لكنه مختصر جدا ثم ساقه من رواية غندر عن شعبة مطولا بنزول درجة وقد أخرجه الاسماعيلي عن أبي خليفة الفضل بن الحباب عن أبي الوليد مطولا فكأنه لما حدث به البخاري حدثه به مختصرا الثاني اتفقت الطرق التي أخرجها البخاري لهذا الحديث من سياق هذا الحديث إلى قوله أنا النبي لا كذب أنا بن عبد المطلب الا رواية زهير بن معاوية فزاد في آخرها ثم صف أصحابه وزاد مسلم في حديث البراء من رواية زكريا عن أبي إسحاق قال البراء كنا والله إذا أحمر البأس نتقي به وأن الشجاع منا الذي يحاذيه يعنى النبي صلى الله عليه وسلم ولمسلم من حديث العباس ان النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ صار يركض بغلته إلى جهة الكفار وزاد فقال أي عباس ناد أصحاب الشجرة وكان العباس صيتا قال فناديت بأعلى صوتي أين أصحاب الشجرة قال فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفة البقر على أولادها فقالوا يا لبيك قال فاقتتلوا والكفار فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول إلى قتالهم فقال هذا حين حمى الوطيس ثم أخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب الكعبة قال فما زلت أرى حدهم كليلا وأمرهم مدبرا ولابن إسحاق نحوه وزاد فجعل الرجل يعطف بغيره فلا يقدر فيقذف درعه ثم يأخذ بسيفه ودرقته ثم يؤم الصوت قوله في آخر الرواية الثالثة (4063) قال إسرائيل وزهير نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بغلته أي إن إسرائيل بن يونس بن أبي إسحاق وزهير بن معاوية الجعفي رويا هذا الحديث عن أبي إسحاق عن البراء فقالا في آخره نزل النبي صلى الله عليه وسلم عن بغلته فأما رواية إسرائيل فوصلها المصنف في باب من قال خذها وأنا بن فلان من كتاب الجهاد ولفظه كان أبو سفيان بن الحارث آخذا بعنان بغلته فلما غشيه المشركون نزل وقد تقدم شرح ذلك وأما رواية زهير فوصلها أيضا في باب من صف أصحابه عند الهزيمة وقد ذكرت لفظه قريبا ولمسلم من حديث سلمة بن الاكوع لما غشوا النبي صلى الله عليه وسلم نزل عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب ثم استقبل به وجوههم فقال شاهت الوجوه فما خلق الله منهم إنسانا الا ملا عينيه ترابا بتلك القبضة فولوا منهزمين ولاحمد وأبي داود والترمذي من حديث أبي عبد الرحمن الفهرى في قصة حنين قال فولى المسلمون مدبرين كما قال الله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيا عباد الله أنا عبد الله ورسوله ثم اقتحم عن فرسه فأخذ كفا من تراب قال فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم وقال شاهت الوجوه فهزمهم قال يعلى بن عطاء راوية عن أبي همام عن أبي عبد الرحمن الفهري قال فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق منا أحد الا امتلات عيناه وفمه ترابا ولاحمد والحاكم من حديث بن مسعود ورسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته قدما فحادت به بغلته فمال عن السرج فقلت ارتفع رفعك الله فقال ناولنى كفا من تراب فضرب به وجوههم فامتلات أعينهم ترابا وجاء المهاجرون والانصار سيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب فولى المشركون الادبار وللبزار من حديث بن عباس أن عليا ناول النبي صلى الله عليه وسلم التراب فرمى به في وجوه المشركين يوم حنين ويجمع بين هذه الاحاديث أنه صلى الله عليه وسلم
[ 26 ]
أولا قال لصاحبه فناولني ناوله فرماهم ثم نزل عن البغلة فأخذ بيده فرماهم أيضا فيحتمل أن الحصي في إحدى المرتين وفي الاخرى التراب والله أعلم وفي الحديث من الفوائد حسن الادب في الخطاب والارشاد إلى حسن السؤال بحسن الجواب وذم الاعجاب وفيه جواز الانتساب إلى الآباء ولو ماتوا في الجاهلية والنهي عن ذلك محمول على ما هو خارج الحرب ومثله الرخصة في الخيلاء في الحرب دون غيرها وجواز التعرض إلى الهلاك في سبيل الله ولا يقال كان النبي صلى الله عليه وسلم متيقنا للنصر لوعد الله تعالى له بذلك وهو حق لآن أبا سفيان بن الحارث قد ثبت معه آخذا بلجام بغلته وليس هو في اليقين مثل النبي صلى الله عليه وسلم وقد استشهد في تلك الحالة أيمن بن أم أيمن كما تقدمت الاشارة إليه في شعر العباس وفيه ركوب البغلة إشارة إلى مزيد الثبات لان ركوب الفحولة مظنة الاستعداد للفرار والتولى وإذا كان رأس الجيش قد وطن نفسه على عدم الفرار وأخذ بأسباب ذلك كان ذلك ادعى لاتباعه على الثبات وفيه شهرة الرئيس نفسه في الحرب مبالغة في الشجاعة وعدم للمبالاة بالعدو (0) الحديث الثالث حديث المسور ومروان تقدم ذكره من وجهين عن الزهري وقد تقدم في أول الشروط في قصة صلح الحديبية أن الزهري رواه عن عروة عن المسور ومرو ان عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنه في بقية المواضع حيث لا يذكر عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يرسله فإن المسور يصغر عن إدراك القصة ومروان أصغر منه نعم كان المسور في قصة حنين مميزا فقد ضبط في ذلك الاوان قصة خطبة على لابنة أبي جهل والله أعلم (4064) قوله حدثنا بن أخي بن شها ب قال محمد بن مسلم بن شهاب هو الزهري وسقط بن مسلم من بعض النسخ قوله وزعم عروة بن الزبير هو معطوف على قصة صلح الحديبية وقد أخرجه موسى بن عقبة عن الزهري بلفظ حدثني عروة بن الزبير الخ وسيأتي في الاحكام قوله قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين ساق الزهري هذه القصة من هذا الوجه مختصرة وقد ساقها موسى بن عقبة في المغازي مطولة ولفظه ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف في شوال إلى الجعرانة وبها السبي يعني سبي هوازن وقدمت عليه وفد هوازن مسلمين فيهم تسعة نفر من أشرافهم فأسلموا وبايعوا ثم كلموه فقالوا يا رسول الله إن فيمن ن أصبتم الامهات والاخوات والعمات والخالات وهن مخازي الاقوام فقال سأطلب لكم وقد وقعت المقاسم فأي الامرين أحب إليكم آلسبى أم المال قالوا خيرتنا يا رسول الله بين الحسب والمال فالحسب أحب إلينا ولا نتكلم في شاة ولا بعير فقال أما الذي لبني هاشم فهو لكم وسوف أكلم لكم المسلمين فكلموهم وأظهروا إسلامكم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الهاجرة قاموا فتكلم خطباؤهم فأبلغوا ورغبوا إلى المسلمين في رد سبيهم ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغوا فشفع لهم وحض المسلمين عليه وقال قد رددت الذي لبني هاشم عليهم فاستفيد من هذه القصة عدد الوفد وغير ذلك مما لا يخفى وقد أغفل محمد بن سعد لما ذكر الوفود وفد هوازن هؤلاء مع أنه لم يجمع أحد في الوفود أكثر مما جمع وممن سمي من وفد هوازن زهير بن صرد كما سيأتي وأبو مروان ويقال أبوثرون أوله مثلثة بدل الميم ويقال بموحدة وقاف وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة ذكره بن سعد وفي رواية بن إسحاق حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن
[ 27 ]
جده تعيين الذي خطب له في ذلك ولفظه وأدركه وفد هوازن بالجعرانة وقد أسلموا فقالوا يا رسول الله إنا أهل وعشيرة قد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك فامنن علينا من الله عليك وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال يا رسول الله إن اللواتي في الحظائر من السبايا خالاتك وعماتك وحواضنك اللاتي كن يكفلنك وأنت خير مكفول ثم أنشده الابيات المشهورة أولها يقول فيها امنن علينا رسول الله في كرم فإنك المرء نرجوه وندخر امنن على نسوة قد كنت ترضعها إذ فوك تملؤه من محضها الدرر ثم ساق القصة نحو سياق موسى بن عقبة وأورد الطبراني شعر زهير بن صرد من حديثه فزاد على ما أورده بن إسحاق خمسة أبيات وقد وقع لنا عاليا جدا في المعجم الصغير عشارى الاسناد ومن بين الطبراني فيه وزهير لا يعرف لكن يقوي حديثه بالمتابعة المذكورة فهو حسن وقد بسطت القول فيه في الاربعين المتباينة وفي الامالى وفي الصحابة وفي العشرة العشارية وبينت وهم من زعم أن الاسناد منقطع والله الموفق قوله وقد كنت استأنيت بكم في رواية الكشميهني لكم ومعنى استأنيت استطرت أي أخرت قسم السبي لتحضروا فأبطأتم وكان ترك السبي بغير قسمة وتوجه إلى الطائف فحاصرها كما سيأتي ثم رجع عنها إلى الجعرانة ثم قسم الغنائم هناك فجاءه وفد هوازن بعد ذلك فبين لهم أنه آخر القسم ليحضروا فابطؤا وقوله بضع عشرة ليلة فيه بيان مدة التأخير وقوله قفل بفتح القاف والفاء أي رجع وذكر الواقدي أن وفد هوازن كانوا أربعة وعشرين بيتا فيهم أبو برقان السعدي فقال يا رسول الله إن في هذه الحظائر إلا امهاتك وخالاتك وحواضنك ومرضعاتك فامتن علينا من لله عليك فقال قد استأنيت بكم حتى ظننت أنكم لا تقدمون وقد قسمت السبي قوله فمن أحب أن يطيب ذلك بفتح الطاء المهملة وتشديد الياء التحتانية أي يعطيه عن طيب نفس منه من غير عوض قوله على حظه أي بأن يرد السبي بشرط أن يعطي عوضه ووقع في رواية موسى بن عقبة فمن أحب منكم أن يعطى غير مكره فليفعل ومن كره أن يعطي فعلى فداؤهم قوله فقال الناس قد طيبنا ذلك في رواية موسى بن عقبة فأعطى الناس ما بأيديهم الا قليلا من الناس سألوا الفداء وفي رواية عمرو بن شعيب المذكورة فقال المهاجرون ما كان لنا فهو لرسول الله وقالت الانصار كذلك وقال الاقرع بن حابس أما أنا وبنو تميم فلا وقال عيينة أما أنا وبنو فزارة فلا وقال العباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا فقالت بنو سليم بل ما كان لنا فهو لرسول الله قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ست فرائض من أول فئ نصيبه فردوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم قوله فقال إنا لا ندري من أذن منكم الخ يأتي الكلام عليه في باب العرفاء من كتاب الاحكام إن شاء الله تعالى قوله هذا الذي بلغني عن سبي هوازن بين المصنف في الهبة أن الذي قال هذا الخ هو الزهري قال وذلك بعد أن خرج هذا الحديث عن يحيى بن بكير عن الليث بسنده (0) الحديث الرابع (4065) قوله عن نافع أن عمر قال يا رسول الله هكذا ذكره مرسلا مختصرا ثم عقبة برواية
[ 28 ]
معمر عن أيوب عن نافع عن بن عمر موصولا تاما وقد عاب عليه الاسماعيلي جمعهما لان قوله لما قفلنا من حنين لم يقع في رواية حماد بن زيد أي الرواية الاولى المرسلة والجواب أن البخاري إنما نظر إلى أصل الحديث لا إلى النقص والزيادة في ألفاظ الرواة وإنما أورد طريق حماد بن زيد المرسلة للاشارة إلى أن روايته مرجوحة لان جماعة من أصحاب شيخه أيوب خالفوه فيه فوصلوه بل بعض أصحاب حماد بن زيد رواه عنه موصولا كما أشار إليه البخاري أيضا هنا على أن رواية حماد بن زيد وأن لم يقع فيها ذكر القفول من حنين صريحا لكنه فيها ضمنا كما سأبينه وقد وقع في رواية بعضهم ما ليس عند معمر أيضا مما هو أدخل في مقصود الباب كما سأبينه فأما بقية لفظ الرواية الاولى فقد ساقها هو في فرض الخمس بلفظ أن عمر قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنه كان على اعتكاف ليلة في الجاهلية فأمره أن يفي به قال وأصاب عمر جاريتين من سبي حنين فوضعهما في بعض بيوت مكة الحديث وكذا أورده الاسماعيلي من طريق سليمان بن حرب وأبي الربيع الزهراني وخلف بن هشام كلهم عن حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن عمر كان عليه اعتكاف ليلة في الجاهلية فلما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة سأله عنه فأمره أن يعتكف لفظ أبي الربيع قلت وكان نزول النبي صلى الله عليه وسلم بالجعرانة بعد رجوعه من الطائف بالاتفاق وكذا سبي حنين إنما قسم بعد الرجوع منها فاتحدت رواية حماد بن زيد ومعمر معنى وظهر رد ما اعترض به الاسماعيلي وأما رواية من رواه عن حماد بن زيد موصولا فأشار إليه البخاري بقوله وقال بعضهم عن حماد الخ فالمراد بحماد بن زيد فإنه ذكر عقبة رواية حماد بن سلمة وهي مخالفة لسياقه والمراد بالبعض المبهم أحمد بن عبدة الضبي كذلك أخرجه الاسماعيلي من طريقه فقال أخبرني القاسم هو بن زكريا حدثنا أحمد بن عبدة حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن بن عمر قال كان عمر نذر اعتكاف ليلة في الجاهلية فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يفى به وكذا أخرجه مسلم وابن خزيمة عن أحمد بن عبدة وذكرا في إنكار بن عمر عمرة الجعرانة ولم يسق مسلم لفظه وقد أوضحته في باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة من كتاب فر ض الخمس وأما رواية من رواه عن أيوب موصولا فأشار إليه البخاري بقوله ورواه جرير بن حازم وحماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن بن عمر فرواية جرير بن حازم وصلها مسلم وغيره من رواية بن وهب عن جرير بن حازم أن أيوب حدثه أن نافعا حدثه أن عبد الله بن عمر حدثه أن عمر بن الخطاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة بعد أن رجع من الطائف فقال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يوما في المسجد الحرام فكيف ترى قال أذهب فاعتكف يوما وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه جارية من الخمس فلما أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا الناس قال عمر يا عبد الله أذهب إلى تلك الجارية فخل سبيلها فاشتمل هذا السياق على فوائد زوائد وعرف وجه دخول هذا الحديث في باب غزوة حنين ورواية حماد بن سلمة وصلها مسلم من طريق حجاج بن منهال حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب مقرونة برواية محمد بن إسحاق كلاهما عن نافع عن بن عمر قال في قصة النذر يعني دون غيره من ذكر الجارية والسبي وقد ذكرت في فرض الخمس كلام الدار قطني على هذا الحديث وأنه قال رواه بن عيينة عن أيوب فاختلف الرواة عنه فمنهم من أرسله ومنهم من وصله وممن رواه
[ 29 ]
موصولا محمد بن أبي خلف وهو من شيوخ مسلم أخرجه الاسماعيلي من طريقه وفيه ذكر النذر والسبي والجارية كما في رواية جرير بن حازم وفي المغازي لابن إسحاق في قصة الجارية فائدة أخرى قال حدثني أبو وجرة يزيد بن عبيد السعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى من سبي هوازن على بن أبي طالب جارية يقال لها ريطة بنت حبان بن عمير وأعطى عثمان جارية يقال لها زينب بنت خناس وأعطى عمر قلابة فوهبها لابنه قال بن إسحاق فحدثني نافع عن بن عمر قال بعثت جاريتي إلى أخوالي في بني جمح ليصلحوا لي منها حتى أطوف بالبيت ثم أتيتهم فخرجت من المسجد فإذا الناس يشتدون قلت ما شأنكم قالوا رد علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءنا وأبناءنا فقلت دونكم صاحبتكم فهي في بني جمح فانطلقوا فأخذوها وهذا لا ينافي قوله في رواية حماد بن زيد أنه وهب عمر جاريتين فيجمع بينهما بأن عمر أعطى إحدى جاريتيه لولده عبد الله والله أعلم وذكر الواقدي أنه أعطى لعبد الرحمن بن عوف وآخرين معه من الجواري وأن جارية سعد بن أبي وقاص اختارته فاقامت عنده وولدت له والله أعلم وقد تقدم ما يتعلق بالاعتكاف في بابه ويأتي ما يتعلق بالنذر في بابه إن شاء الله تعالى (0) الحديث الخامس حديث أبي قتادة (4066) قوله عن يحيى بن سعيد هو الانصاري وعمر بن كثير بن أفلح مدني مولى أبي أيوب الانصاري وثقه النسائي وغيره وهو تابعي صغير ولكن بن حبان ذكره في أتباع التابعين وليس له في البخاري سوى هذا الحديث بهذا الاسناد لكن ذكره في مواضع فتقدم في البيوع مختصرا وفي فرض الخمس تاما وسيأتي في الاحكام وقد ذكرت في البيوع أن يحيى بن يحيى الاندلسي حرفه في روايته فقال عن عمرو بن كثير والصواب عمر قوله عن أبي محمد هو نافع بن عباس معروف باسمه وكنيته قوله فلما التقينا كانت للمسلمين جولة بفتح الجيم وسكون الواو أي حركة فيها اختلاف وقد أطلق في رواية الليث الآتية بعدها أنهم انهزموا لكن بعد القصة التي ذكرها أبو قتادة وقد تقدم في حديث البراء أن الجميع لم ينهزموا قوله فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين لم أقف على اسمهما وقوله علا أي ظهر وفي رواية الليث التي بعدها نظرت إلى رجل من المسلمين يقاتل رجلا من المشركين وآخر من المشركين يختله بفتح أوله وسكون الخاء المعجمة وكسر المثناة أي يريد أن يأخذه على غرة وتبين من هذه الرواية أن الضمير في قوله في الاولى فضربته من ورائه لهذا الثاني الذي كان يريد أن يختل المسلم قوله على حبل عاتقة حبل العاتق عصبه والعاتق موضع الرداء من المنكب وعرف منه أن قوله في الرواية الثانية فأضرب يده فقطعتها أن المراد باليد الذراع والعضد إلى الكتف وقوله فقطعت الدرع أي التي كان لابسها وخلصت الضربة إلى يده فقطعتها قوله وجدت منها ريح الموت أي من شدتها وأشعر ذلك بأن هذا المشرك كان شديد القوة جدا قوله ثم أدركه الموت فأرسلني أي أطلقني قوله فلحقت عمر في السياق حذف ببنته الرواية الثانية حيث قال فتحلل ودفعته ثم قتلته وانهزم المسلمون وانهزمت معهم فإذا بعمر بن الخطاب قوله أمر الله أي حكم الله وما قضى به قوله ثم رجعوا في الرواية الثانية ثم تراجعوا وقد تقدم في الحديث الاول كيفية رجوعهم وهزيمة المشركين بما يغنى عن إعادته قوله من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه تقدم شرح ذلك مستوفى في فرض الخمس قوله فقلت من يشهد لي زاد في الرواية التي تلي هذه فلم أر أحدا يشهد لي
[ 30 ]
وذكر الواقدي أن عبد الله بن أنيس شهد له فإن كان ضبطه احتمل أن يكون وجده في المرة الثانية فإن في الرواية الثانية فجلست ثم بدا لي فذكرت أمره قوله فقال رجل في الرواية الثانية من جلسائه وذكر الواقدي أن اسمه أسود بن خزاعي وفيه نظر لان في الرواية الصحيحة أن الذي أخذ السلب قرشي قوله صدق وسلبه عند فأرضه منه في رواية الكشميهني فأرضه مني قوله فقال أبو بكر الصديق لا ها الله إذلا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه هكذا ضبطناه في الاصول المعتمدة من الصحيحين وغيرهما بهذه الاحرف لاها الله إذا فأما لاها الله فقال الجوهري ها للتنبيه وقد يقسم بها يقال لاها الله ما فعلت كذا قال بن مالك فيه شاهد على جواز الاستغناء عن واو القسم بحرف التنبيه قال ولا يكون ذلك الا مع الله أي لم يسمع لاها الرحمن كما سمع لا والرحمن قال وفي النطق بها أربعة أوجه أحدها ها الله باللام بعد الهاء بغير إظهار شئ من الالفين ثانيها مثله لكن بإظهار ألف واحدة بغير همز كقولهم التقت حلقتا البطان ثالثها ثبوت الالفين بهمزة قطع رابعها بحذف الالف وثبوت همزة القطع انتهى كلامه والمشهور في الراوية من هذه الاوجه الثالث ثم الاول وقال أبو حاتم السجستاني العرب تقول لاها الله ذا بالهمز والقياس ترك الهمز وحكى بن التين عن الداودي أنه روى برفع الله قال والمعنى يأبى الله وقال غيره إن ثبتت الرواية بالرفع فتكون ها للتنبيه والله مبتدأ ولا يعمد خبره انتهى ولا يخفى تكلفه وقد نقل الائمة الاتفاق على الجر فلا يلتفت إلى غيره وأما إذا فثبتت في جميع الروايات المعتمدة والاصول المحققة من الصحيحين وغيرهما بكسر الالف ثم ذال معجمة منونة وقال الخطابي هكذا يروونه وإنما هو في كلامهم أي العرب لاها الله ذا والهاء فيه بمنزلة الواو والمعنى لا والله يكون ذا ونقل عياض في المشارق عن إسماعيل القاضي أن المازني قال قول الرواة لاها الله إذا خطأ والصواب لاها الله ذا أي ذا يميني وقسمي وقال أبو زيد ليس في كلامهم لاها الله إذا وإنما هو لاها الله ذا وذا صلة في الكلام والمعنى لا والله هذا ما أقسم به ومنه أخذ الجوهري فقال قولهم لاها الله ذا معناه لا والله هذا لمفرقوا بين حرف التنبيه والصلة والتقدير لا والله ما فعلت ذا وتوارد كثير ممن تكلم على هذا الحديث أن الذي وقع في الخبر بلفظ إذا خطأ وإنما هو ذا تبعا لاهل العربية ومن زعم أنه ورد في شئ من الروايات بخلاف ذلك فلم يصب بل يكون ذلك من إصلاح بعض من قلد أهل العربية في ذلك وقد اختلف في كتابة إذا هذه هل تكتب بألف أو بنون وهذا الخلاف مبنى على أنها اسم أو حرف فمن قال هي اسم قال الاصل فيمن قيل له سأجئ إليك فأجاب إذا أكرمك أي إذا جئتني أكرمك ثم حذف جئتني وعوض عنها التنوين واضمرت أن فعلى هذا يكتب بالنون ومن قال هي حرف وهم الجمهور اختلفوا فمنهم من قال هي بسيطة وهو الراجح ومنهم من قال مركبة من إذا وإن فعلى الاول تكتب بألف وهو الراجح وبه وقع رسم المصاحف وعلى الثاني تكتب بنون واختلف في معناها فقال سيبويه معناها الجواب والجزاء وتبعه جماعة فقالوا هي حرف جواب يقتضى التعليل وأفاد أبو على الفارسي أنها قد تتمحض للجواب وأكثر ما تجئ جوابا لو وأن ظاهرا أو مقدرا فعلى هذا لو ثبتت الرواية بلفظ إذا لاختل نظم الكلام لانه يصير هكذا لا والله إذا لا يعمد إلى أسد الخ وكان حق السياق أن يقول إذا يعمد أي لو أجابك إلى ما طلبت لعمد إلى أسد الخ وقد ثبتت الرواية بلفظ
[ 31 ]
لا يعمد الخ فمن ثم ادعى من ادعى أنها تغيير ولكن قال بن مالك وقع في الرواية إذا بألف وتنوين وليس ببعيد وقال أبو البقاء هو بعيد ولكن يمكن أن يوجه بأن التقدير لا والله لا يعطى إذا يعني ويكون لا يعمد الخ تأكيدا للنفي المذكور وموضحا للسبب فيه وقال الطيبي ثبت في الرواية لاها الله إذا فحمله بعض النحويين على أنه من تغيير بعض الرواة لان العرب لا تستعمل لاها الله بدون ذا وأن سلم استعماله بدون ذا فليس هذا موضع إذا لانها حرف جزاء والكلام هنا على نقيضه فإن مقتضى الجزاء أن لا يذكر لا في قوله لا يعمد بل كان يقول إذا يعمد إلى أسد الى الخ ليصح جوابا لطلب السلب قال والحديث صحيح والمعنى صحيح وهو كقولك لمن قال لك أفعل كذا فقلت له والله إذا لا أفعل فالتقدير إذا والله لا يعمد إلى أسد الخ قال ويحتمل أن تكون إذا زائدة كما قال أبو البقاء إنها زائدة في قول الحماسي إذا لقام بنصري معشر خشن في جواب قوله لو كنت من مازن لم تستبح أبلى قال والعجب ممن يعتني بشرح الحديث ويقدم نقل بعض الادباء على أئمة الحديث وجهابذته وينسبون إليهم ا لخطأ والتصحيف ولا أقول إن جهابذة المحدثين أعدل وأتقن في النقل إذ يقتضى المشاركة بينهم بل أقول لا يجوز العدول عنهم في النقل إلى غيرهم قلت وقد سبقه إلى تقرير ما وقع في الرواية ورد ما خالفها الامام أبو العباس القرطبي في المفهم فنقل ما تقدم عن أئمة العربية ثم قال وقع في رواية العذري والهوزني في مسلم لاها الله ذا بغير ألف ولا تنوين وهو الذي جزم به من ذكرناه قال والذي يظهر لي أن الرواية المشهورة صواب وليست بخطأ وذلك أن هذا الكلام وقع على جواب إحدى الكلمتين للاخرى والهاء هي التي عوض بها عن واو القسم وذلك أن العرب تقول في القسم الله لافعلن بمد الهمزة وبقصرها فكأنهم عوضوا عن الهمزة ها فقالوا ها الله لتقارب مخرجيهما وكذلك قالوا بالمد والقصر وتحقيقه أن الذي مد مع الهاء كأنه نطق بهمزتين أبدل من إحداهما ألفا استثقالا لاجتماعهما كما تقول آلله والذي قصر كأنه نطق بهمزة واحدة كما تقول الله وأما إذا فهي بلا شك حرف جواب وتعليل وهي مثل التي وقعت في قوله صلى الله عليه وسلم وقد سئل عن بيع الرطب بالتمر فقال أينقص الرطب إذا جف قالوا نعم قال فلا إذا فلو قال فلا والله إذا لكان مساويا لما وقع هنا وهو قوله لاها الله إذا من كل وجه لكنه لم يحتج هناك إلى القسم فتركه قال فقد وضح تقرير الكلام ومناسبته واستقامته معنى ووضعا من غير حاجة إلى تكلف بعيد يخرج عن البلاغة ولا سيما من أرتكب أبعد وأفسد فجعل الهاء للتنبيه وذا للاشارة وفصل بينهما بالمقسم به قال وليس هذا قياسا فيطرد ولا فصيحا فيحمل عليه الكلام النبوي ولا مرويا برواية ثابتة قال وما وجد العذري وغيره فأصلاح من اغتر بما حكى عن أهل العربية والحق أحق أن يتبع وقال بعض من أدركناه وهو أبو جعفر الغرناطي نزيل حلب في حاشية نسخته من البخاري استرسل جماعة من القدماء في هذا الاشكال إلى أن جعلوا المخلص منه أن اتهموا الاثبات بالتصحيف فقالوا والصواب لاها الله ذا باسم الاشارة قال ويا عجبا من قوم يقبلون التشكيك على الروايات الثابتة ويطلبون لها تأويلا جوابهم أن ها الله لا يستلزم اسم الاشارة كما قال بن مالك وأما جعل لا يعمد جواب فأرضه فهو سبب الغلط وليس بصحيح ممن زعمه وإنما هو جواب شرط مقدر يدل عليه صدق فأرضه فكأن أبا بكر قال إذا صدق في أنه صاحب السلب إذا لا يعمد إلى السلب فيعطيك حقه فالجزاء
[ 32 ]
على هذا صحيح لان صدقه سبب أن لا يفعل ذلك قال وهذا واضح لا تكلف فيه انتهى وهو توجيه حسن والذي قبله أقعد ويؤيد ما رجحه من الاعتماد على ما ثبتت به الرواية كثرة وقوع هذه الجملة في كثير من الاحاديث منها ما وقع في حديث عائشة في قصة بريرة لما ذكرت أن أهلها يشترطون الولاء قالت فانتهرتها فقلت لاهاالله إذا ومنها ما وقع في قصة جليبيب بالجيم والموحدتين مصغرا أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب عليه امرأة من الانصار إلى أبيها فقال حتى أستأمر أمها قال فنعم إذا قال فذهب إلى امرأته فذكر لها فقالت لاها الله إذا وقد منعناها فلانا الحديث صححه بن حبان من حديث أنس ومنها ما أخرجه أحمد في الزهد قال قال مالك بن دينار للحسن يا أبا سعيد لو لبست مثل عباءتي هذه قال لاها الله إذا ألبس مثل عباءتك هذه وفي تهذيب الكمال في ترجمة بن أبي عتيق أنه دخل عائشة في مرضها فقال كيف أصبحت جعلني الله فداك قالت أصبحت ذاهبة قال فلا إذا وكان فيه دعابة ووقع في كثير من الاحاديث في سياق الاثبات بقسم وبغير قسم فمن ذلك في قصة جليبيب ومنها حديث عائشة في قصة صفية لما قال صلى الله عليه وسلم أحابستنا هي وقال إنها طافت بعد ما أفاضت فقال فلتنفر إذا وفي رواية فلا إذا ومنها حديث عمرو بن العاص وغيره في سؤاله عن أحب الناس فقال عائشة فقال لم أعن النساء قال فأبوها إذا ومنها حديث بن عباس في قصة الاعرابي الذي أصابته الحمى فقال بل حمى تفور عل شيخ كبير تزيره القبور قال فنعم إذا ومنها ما أخرجه الفاكهي من طريق سفيان قال لقيت ليطة بن الفرزدق فقلت أسمعت هذا الحديث من أبيك قال أي ها الله إذا سمعت أبي يقوله فذكر القصة ومنها ما أخرجه عبد الرزاق عن بن جريج قال قلت لعطاء أرأيت لو أني فرغت من صلاتي فلم أرض كما لها أفلا أعود لها قال بلى ها الله إذا والذي يظهر من تقدير الكلام بعد أن تقرر أن إذا حرف جواب وجزاء أنكأنه قال إذا والله أقول لك نعم وكذا في النفي كأنه أجابه بقوله إذا والله لا نعطيك إذا والله لا أشترط إذا والله لا ألبس وأخر حرف الجواب في الامثلة كلها وقد قال بن جريج في قوله تعالى أم له نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرافلا يؤتون الناس إذا وجعل ذلك جوابا عن عدم النصيب بها مع أن الفعل مستقبل وذكر أبو موسى المديني في المغيث له في قوله تعالى وإذا لا يلبثون خلفك الا قليلا إذا قيل هو اسم بمعنى الحروف الناصبة وقيل أصله إذا هو من ظروف الزمان وإنما نون للفرق ومعناه حينئذ أي أن أخرجوك من مكة فحينئذ لا يلبثون خلفك إلا قليلا وإذا تقرر ذلك أمكن حمل ما ورد من هذه الاحاديث عليه فيكون التقدير لا والله حينئذ ثم أراد بيان السبب في ذلك فقال لا يعمد الخ والله أعلم وإنما أطلت في هذا الموضع لانني منذ طلبت الحديث ووقفت على كلام الخطابي وقعت عندي منه نفرة للاقدام على تخطئة الروايات الثابتة خصوصا ما في الصحيحين فما زلت أتطلب المخلص من ذلك إلى أن ظفرت بما ذكرته فرأيت إثباته كله هنا والله الموفق قوله لا يعمد الخ أي لا يقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل كأنه أسد في الشجاعة يقاتل عن دين الله ورسوله فيأخذ حقه ويعطيكه بغير طيبة من نفسه هكذا ضبط للاكثر بالتحتانية فيه وفي يعطيك وضبطه النووي بالنون فيهما قوله فيعطيك سلبه أي سلب قتيله فأضافه إليه باعتبار أنه ملكه تنبيه وقع في حديث أنس أن الذي خاطب النبي
[ 33 ]
صلى الله عليه وسلم بذلك عمر أخرجه أحمد من طريق حماد بن سلمة عن إسحاق بن أبي طلحة عنه ولفظه إن هوازن جاءت يوم حنين فذكر القصة قال فهزم الله المشركين فلم يضرب بسيف ولم يطعن يرمح وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ من قتل كافرا فله سلبه فقتل أبو طلحة يومئذ عشرين راجلا وأخذ أسلابهم وقال أبو قتادة إني ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع فأعجلت عنه فقام رجل فقال أخذتها فأرضه منها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئا إلا أعطاه أو سكت فسكت فقال عمر والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق عمر وهذا الاسناد قد أخرج به مسلم بعض هذا الحديث وكذلك أبو داود لكن الراجح أن الذي قال ذلك أبو بكر كما رواه أبو قتادة وهو صاحب القصة فهو أتقن لما وقع فيها من غيره ويحتمل الجمع بأن يكون عمر أيضا قال ذلك تقوية لقول أبي بكر والله أعلم قوله صدق أي القائل فأعطه بصيغة الامر الذي اعترف بأن السلب عنده قوله فابتعت به ذكر الواقدي أن الذي اشتراه منه حاطب بن أبي بلتعة وأن الثمن كان سبع اوافي قوله مخرفا بفتح الميم والراء ويجوز كسر الراء أي بستانا سمي بذلك لانه يخترف منه التمر أي يجتنى وأما بكسر الميم فهو اسم الآلة التي يخترف بها وفي الرواية التي بعدها خرافا وهو بكسر أوله وهو التمر الذي يخترف أي يجتنى وأطلقه على البستان مجازا فكأنه قال بستان خراف وذكر الواقدي أن البستان المذكور كان يقال له الوديين قوله في بني سلمة بكسر اللام هم بطن من الانصار وهم قوم أبي قتادة قوله تأثلته بمثناة ثم مثلثة أي أصلته وأثلة كل شئ أصله وفي رواية بن إسحاق أول مال اعتقدته أي جعلته عقدة والاصل فيه من العقد لان من ملك شيئا عقد عليه (4067) قوله وقال الليث حدثني يحيى بن سعيد هو الانصاري شيخ مالك فيه وروايته هذه وصلها المصنف في الاحكام عن قتيبة عنه لكن باختصار وقال فيه عن يحيى لم يقل حدثني وذكر في آخره كلمة قال فيها قال لي عبد الله حدثنا الليث يعني بالاسناد المذكور وعبد الله هو بن صالح كاتب الليث وأكثر ما يعلقه البخاري عن الليث ما أخذه عن عبد الله بن صالح المذكور وقد أشبعت القول في ذلك في المقدمة وقد وصل الاسماعيلي هذا الحديث من طريق حجاج بن محمد عن الليث قال حدثني يحيى بن سعيد وذكره بتمامه قوله حتى تخوفت حذف المفعول والتقدير الهلال قوله ثم برك كذا للاكثر بالموحدة ولبعضهم بالمثناة أي تركني وفي رواية الاسماعيلي ثم نزف بضم النون وكسر الزاي بعدها فاء ويؤيده قوله بعدها فتحلل قوله سلاح هذا القتيل الذي يذكر في رواية الكشميهني الذي ذكره وتبين بهذه الرواية أن سلبه كان سلاحا قوله أصيبغ بمهملة ثم معجمة عند القابسي وبمعجمة ثم مهملة عند أبي ذر وقال بن التين وصفه بالضعف وا لمهانة والاصيبغ نوع من الطير أو شبهه بنبات ضعيف يقال له الصبغاء إذا طلع من الارض يكون أول ما يلي الشمس منه أصفر ذكر ذلك الخطابي وعلى هذا رواية القابسي وعلى الثاني تصغير الضبع على غير قياس كأنه لما عظم أبا قتادة بأنه أسد صغر خصمه وشبهه بالضبع لضعف افتراسه وما يوصف به من العجز وقال بن مالك أضيبع بمعجمة وعين مهملة تصغير أضبع ويكنى به عن الضعيف قوله ويدع
[ 34 ]
أي يترك وهو بالرفع ويجوز للنصب والجر (0) قوله باب غزوة أوطاس قال عياض هو واد في دار هوازن وهو موضع حرب حنين انتهى وهذا الذي قاله ذهب إليه بعض أهل السير والراجح أن وادي أوطاس غير وادي حنين ويوضح ذلك ما ذكر أبي إسحاق أن الوقعة كانت في وادي حنين وأن هوازن لما انهزموا صارت طائفة منهم إلى الطائف وطائفة إلى بجيلة وطائفة إلى أوطاس فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عسكرا مقدمهم أبو عامر الاشعري إلى من مضى إلى أوطاس كما يدل عليه حديث الباب ثم توجه هو وعساكره إلى الطائف وقال أبو عبيدة البكري أوطاس واد في ديار هوازن وهناك عسكروا هم وثقيف ثم التقوا بحنين (4068) قوله بعث أبا عامر هو عبيد بن سليم بن حضار الاشعري وهو عم أبي موسى وقال بن إسحاق هو بن عمه والاول أشهر قوله فلقى دريد بن الصمه فقتل دريد أما الصمة فهو بكسر المهملة وتشديد الميم أي بن بكر بن علقمة ويقال بن الحارث بن بكر بن علقمة الجشمي بضم الجيم وفتح المعجمة من بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوازن فالصفة لقب لابيه واسمه الحارث وقوله فقتل رويناه على البناء للمجهول واختلف في قاتله فجزم محمد بن إسحاق بأنه ربيعة بن رفيع بقاء مصغر بن وهبان بن ثعلبة بن ربيعة السلمي وكان يقال له بن ا لذعنة بمعجمة ثم مهملة ويقال بمهملة ثم معجمة وهي أمه وقال بن هشام يقال اسمه عبد الله بن قبيع بن أهبان وساق بقية نسبه ويقال له أيضا بن الدغنة وليس هو بن الدغنه المذكور في قصة أبي بكر في الهجرة وروى البزار في مسند أنس بإسناد حسن ما يشعر بأن قاتل دريد بن الصمة هو الزبير بن العوام ولفظه لما انهزم المشركون انحاز دريد بن الصمة في ستمائة نفس على أكمة فرأوا كتيبة فقال خلوهم لي فخلوهم فقال هذه قضاعة ولا بأس عليكم ثم رأوا كتيبة مثل ذلك فقال هذه سليم ثم رأوا فارسا وحده فقال خلوه لي فقال معتجر بعمامة سوداء فقال هذا الزبير بن العوام وهو قاتلكم ومخرجكم من مكانكم هذا قال فالتفت الزبير فرآهم فقال علام هؤلاء ههنا فمضى إليهم وتبعه جماعة فقتلوا منهم ثلاثمائة فخر رأس دريد بن الصمة فجعله بين يديه ويحتمل أن يكون بن الدغنة كان في جماعة الزبير فباشر قتله فنسب إلى الزبير مجازا وكان دريد من الشعراء الفرسان المشهورين في الجاهلية ويقال إنه كان لما قتل بن عشرين ويقال بن ستين ومائة سنة قوله قال أبو موسى وبعثنى أي النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي عامر أي إلى من التجأ إلى أوطاس وقال بن إسحاق بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا عامر الاشعري في آثار من توجه إلى أوطاس فأدرك بعض من انهزم فناوشوه القتال قوله فرمى أبو عامر في ركبته رماه جشمى بضم الجيم وفتح المعجمة أي رجل من بني جشم واختلف في اسم هذا الجشمي فقال بن إسحاق زعموا أن سلمة بن دريد بن الصمة هو الذي رمى أبا عامر بسهم فأصاب ركبته فقتله وأخذ الراية أبو موسى الاشعري فقاتلهم ففتح الله عليه وقال بن هشام حدثني من أثق به أن الذي رمى أبا عامر أخوان من بني جشم وهما أوفي والعلاء ابنا الحارث وفي نسخة وافى بدل أوفى فأصاب أحدهما ركبته وقتلهما أبو موسى الاشعري وعند بن عائذ والطبراني في الاوسط من وجه آخر عن أبي موسى الاشعري بإسناد حسن لما هزم الله المشركين يوم حنين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل الطلب أبا عامر الاشعري وأنا معه فقتل بن دريد أبا عامر
[ 35 ]
فعدلت إليه فقتلته وأخذت اللواء الحديث فهذا يؤيد ما ذكره بن إسحاق وذكر بن إسحاق في المغازي أيضا أن أبا عامر لقي يوم أوطاس عشرة من المشركين إخوة فقتلهم واحدا بعد واحد حتى كان العاشر فحمل عليه وهو يدعوه الى الاسلام وهو يقول اللهم أشهد عليه فقال الرجل اللهم لا تشهد على فكف عنه أبو عامر ظنا منه أنه أسلم فقتله العاشر ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فكان النبي صلى الله عليه وسلم يسميه شهيد أبي عامر وهذا يخالف الحديث الصحيح في أن أبا موسى قتل قاتل أبي عامر وما في الصحيح أولى بالقبول ولعل الذي ذكره بن إسحاق شارك في قتله قوله فنزا منه الماء أي انصب من موضع السهم قوله قال بابن أخى هذا يرد قول بن إسحاق إنه بن عمه ويحتمل أن كان ضبطه أن يكون قال له ذلك لكونه كان أسن منه قوله فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في رواية بن عائذ فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم معي اللواء قال يا أبا موسى قتل أبو عامر قوله على سرير مرمل براء مهملة ثم ميم ثقيلة أي معمول بالرمال وهي حبال الحصر التي تضفر بها الاسرة قوله وعليه فراش قال بن التين أنكره الشيخ أبو الحسن وقال الصواب ما عليه فراش فسقطت ما انتهى وهو إنكار عجيب فلا يلزم من كونه رقد على غير فراش كما في قصة عمر أن لا يكون على سريره دائما فراش قوله فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه يستفاد منه استحباب التطهير لارادة الدعاء ورفع اليدين في الدعاء خلافا لمن خص ذلك بالاستسقاء وسيأتي بيان ما ورد من ذلك في كتاب الدعوات قوله فوق كثير من خلقك أي في المرتبة وفي رواية بن عائذ في الاكثرين يوم القيامة قوله قال أبو بردة هو موصول بالاسناد المذكور (0) قوله موسى بن عقبه (0) الله تبارك وتعالى قوله باب غزوة الطائف هو بلد كبير مشهور كثير الاعناب والنخيل على ثلاث مراحل أو اثنتين من مكة من جهة المشرق قيل أصلها أن جبريل عليه السلام اقتلع الجنة التي كانت لاصحاب الصريم فسار بها إلى مكة فطاف بها حول البيت ثم أنزلها حيث الطائف فسمى الموضع بها وكانت أولا بنواحي صنعاء واسم الارض وج بتشديد الجيم سميت برجل وهو بن عبد الجن من العمالقة وهو أول من نزل بها وسار النبي صلى الله عليه وسلم إليها بعد منصرفة من حنين وحبس الغنائم بالجعرانة وكان مالك بن عوف النضري قائد هوازن لما انهزم دخل الطائف وكان له حصن بلية وهي بكسر اللام وتخفيف التحتانية على أميال من الطائف فمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو سائر إلى الطائف فأمر بهدمه قوله في شوال سنة ثمان قاله موسى بن عقبة قلت كذا ذكره في مغازبه وهو قول جمهور أهل المغازي وقيل بل وصل إليها في أول ذي القعدة ثم ذكر المصنف في الباب أحاديث الاول حديث أم سلمة وهشام هو بن عروة وفي الاسناد لطيفة رجل عن أبيه وهما تابعيان وامرأة عن أمها وهما صحابيتان (4069) قوله أرأيت إن فتح الله عليكم الطائف الحديث يأتي شرحه في كتاب النكاح والغرض منه هنا ذكر حصار الطائف ولذلك أورد الطريق الاخرى بعده حيث قال فيها وهو محاصر الطائف يومئذ وعبد الله بن أبي أمية هو أخو أم سلمة راوية الحديث وكان إسلامه مع أبي سفيان بن الحارث المقدم ذكره في غزوة الفتح واستشهد عبد الله بالطائف أصابه سهم فقتله وقوله في الاول قال بن عيينة وقال بن جريج هو موصول بالاسناد الاول وقوله ا لمخنث هيت أي اسمه وهو بكسر الهاء وسكون التحتانية بعدها مثناة وضبطه بعضهم بفتح أوله وأما بن درستويه فضبطه بنون ثم
[ 36 ]
موحدة وزعم أن الاول تصحيف قال والهنب الاحمق وسيأتي ما قيل في اسمه من الاختلاف هل هو واحد أو جماعة في كتاب النكاح وكذا ما قيل في اسم المرأة والاشهر أنها بادية إن شاء الله تعالى (0) الحديث الثاني قوله سفيان هو بن عيينة قوله عن عمرو هو بن دينار وأبو العباس الشاعر الاعمى تقدم ذكره وتسميته في قيام الليل قوله عن عبد الله بن عمر في رواية الكشميهنى عبد الله بن عمرو بفتح العين وسكون الميم وكذا وقع في رواية النسفي والاصيلي وقرئ على بن زيد المروزي كذلك فرده بضم العين وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه وقال الصواب عبد الله بن عمر بن الخطاب والاول هو الصواب في رو اية على بن المديني وكذلك الحميدي وغيرهما من حفاظ أصحاب بن عيينة وكذا أخرجه الطبراني من رواية إبراهيم بن يسار وهو ممن لازم بن عيينة جدا والذي قال عن بن عيينة في هذا الحديث عبد الله بن عمر وهم الذين سمعوا منه متأخرا كما نبه عليه الحاكم وقد بالغ الحميدي في إيضاح ذلك فقال في مسنده في روايته لهذا الحديث عن سفيان عبد الله بن عمر بن الخطاب وأخرجه البيهقي في الدلائل من طريق عثمان الدارمي عن على بن المديني قال حدثنا به سفيان غير مرة يقول عبد الله بن عمر بن الخطاب لم يقل عبد الله بن عمرو بن العاص وأخرجه بن أبي شيبة عن بن عيينة فقال عبد الله بن عمر وكذا رواه عنه مسلم وأخرجه الاسماعيلي من وجه آخر عنه فزاد قال أبو بكر سمعت بن عيينة مرة أخرى يحدث به عن بن عمر وقال المفضل العلائي عن يحيى بن معين أبو العباس عن عبد الله بن عمرو وعبد الله بن عمر في الطائف الصحيح بن عمر قوله (4070) لما حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف فلم ينل منهم شيئا في مرسل بن الزبير عند بن أبي شيبة قال لما حاصر النبي صلى الله عليه وسلم الطائف قال أصحابه يا رسول الله أحرقتنا نبال ثقيف فادع الله عليهم فقال اللهم اهد ثقيفا وذكر أهل المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما استعصى عليه الحصن وكانوا قد أعدوا فيه ما يكفيهم لحصار سنة ورموا على المسلمين سكك الحديد المحماة ورموهم بالنبل فأصابوا قوما فاستشار نوفل بن معاوية الديلي فقال هم ثعلب في جحر إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك فرحل عنهم وذكر أنس في حديثه عند مسلم أن مدة حصارهم كانت أربعين يوما وعند أهل السير اختلاف قبل عشرين يوما وقيل بضع عشرة وقيل ثمانية عشر وقيل خمسة عشر قوله إنا قافلون أي راجعون إلى المدينة قوله فثقل عليهم بين سبب ذلك بقولهم نذهب ولا نفتحه وحاصل الخبر أنهم لما أخبرهم بالرجوع بغير فتح لم يعجبهم فلما رأى ذلك أمرهم بالقتال فلم يفتح لهم فأصيبوا بالجراح لانهم رموا عليهم من أعلى السور فكانوا ينالون منهم بسهامهم ولا تصل السهام إلى من على السور فلما رأوا ذلك تبين لهم تصويب الرجوع فلما أعاد عليهم القول بالرجوع اعجبهم حينئذ ولهذا قال فضحك وقوله وقال سفيان مرة فتبسم هو ترديد من الراوي قوله قال الحميدي حدثنا سفيان الخبر كله بالنصب أي أن الحميدي رواه بغير عنعنة بل ذكر الخبر في جميع الاسناد وو قع في رواية الكشميهني بالخبر كله وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج وفي الدلائل من طريق بشر بن موسى عن الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو سمعت أبا العباس الاعمى يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول فذكره (0) الحديث الثالث (4071) قوله عن عاصم هو بن سليمان وأبو عثمان هو النهدي وشرح المتن يأتي في الفرائض ت والغرض منه ذكر أبي بكرة واسمه نفيع بن الحارث وكان مولى الحارث بن
[ 37 ]
كلدة الثقفي فتدلى من حصن الطائف ببكرة فكنى أبا بكرة لذلك أخرج ذلك الطبراني بسند لا بأس به من حديث أبي بكرة وكان ممن نزل من حصن الطائف من عبيدهم فأسلم فيما ذكر أهل المغازي منهم مع أبي بكرة المنبعث وكان عبدا لعثمان بن عامر بن معتب وكذا مرزوق والازرق زوج سمية والدة زياد بن عبيد الذي صار يقال له زياد بن أبيه والازرق أبو عقبة وكان لكلدة الثقفي ثم حالف بني أمية لان النبي صلى الله عليه وسلم دفعه لخالد بن سعيد بن العاص ليعلمه الاسلام ووردان وكان لعبد الله بن ربيعة ويحنس النبال وكان لابن مالك الثقفي وإبراهيم بن جابر وكان لخرشة الثقفي وبشار وكان لعثمان بن عبد الله ونافع مولى الحارث بن كلدة ونافع ولى غيلان بن سلمة الثقفي ويقال كان معهم زياد بن سمية والصحيح أنه لم يخرج حينئذ لصغره ولم أعرف أسماء الباقين قوله تسور أي صعد إلى أعلاه وهذا لا يخالف قوله تدلى لانه تسور من أسفله إلى أعلاه ثم تدلى منه (4072) قوله وقال هشام هو بن يوسف الصغاني ولم يقع لي موصولا إليه وقد أخرجه عبد الرزاق عن معمر لكن عن أبي عثمان وحده عن أبي بكرة وحده بغير شك وغرض المصنف منه ما فيه من بيان عدد من أبهم في الرواية الاولى فإن فيها تسور من حصن الطائف في أناس وفي هذا فنزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثالث ثلاثة وعشرين من الطائف وفيه رد على من زعم أن أبا بكرة لم ينزل من سور الطائف غيره وهو شئ قاله موسى بن عقبة في مغازيه وتبعه الحاكم وجمع بعضهم بين القولين بأن أبا بكرة نزل وحده أولا ثم نزل الباقون بعده وهو جمع حسن وروى بن أبي شيبة وأحمد من حديث بن عباس قال أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف كل من خرج إليه من رقيق المشركين أخرجه بن سعد مرسلا من وجه آخر (0) الحديث الرابع وهو أول الاحاديث في قسمة غنائم حنين بالجعرانة قوله (4073) وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة اما الجعرانة فهي بكسر الجيم والعين المهملة وتشديد الراء وقد تسكن العين وهي بين الطائف ومكة وإلى مكة أقرب قاله عياض وقال الفاكهي بينها وبين مكة بريد وقال الباجي ثمانية عشر ميلا وقد أنكر الداودي الشارح قوله إن الجعرانة بين مكة والمدينة وقال إنما هي بين مكة والطائف وكذا جزم النووي بان الجعرانة بين الطائف ومكة وهو مقتضى ما تقدم نقله عن الفاكهي وغيره قوله أعرابي لم أقف على اسمه قوله ألا تنجز لي ما وعدتني يحتمل أن الوعد كان خاصا به ويحتمل أن يكون عاما وكان طلبه أن يعجل له نصيبه من الغنيمة فإنه صلى الله عليه وسلم كان أمر أن تجمع غنائم حنين بالجعرانة وتوجه هو بالعساكر إلى الطائف فلما رجع منها قسم الغنائم حينئذ بالجعرانة فلهذا وقع في كثير ممن كان حديث عهد بالاسلام استبطاء الغنيمة واستنجاز قسمتها قوله أبشر بهمزة قطع أي بقرب القسمة أو بالثواب الجزيل على الصبر قوله فنادت أم سلمة (0) الحديث الخامس (4075) قوله حدثنا إسماعيل هو بن إبراهيم المعروف
[ 38 ]
بابن علية ويعلى هو بن أمية التميمي وقد تقدم شرح حديثه مستوفى في أبواب العمرة (0) الحديث السادس قوله حدثنا وهيب هو بن خالد قوله عن عمرو بن يحيى في رواية أحمد عن عفان عن وهيب حدثنا عمرو بن يحيى وهو المازني الانصاري المدني وفي رواية إسماعيل بن جعفر عند مسلم عن عمرو بن يحيى بن عمارة قوله لما أفاء الله على رسوله يوم حنين أي أعطاه غنائم الذين قاتلهم يوم حنين وأصل الفئ الرد والرجوع ومنه سمى الظل بعد الزوال فيئا لانه رجع من جانب إلى جانب فكأن أموال الكفار سميت فيئا لانها كانت في الاصل للمؤمنين إذ الايمان هو الاصل والكفر طارئ عليه فإذا غلب الكفار على شئ من المال فهو بطريق التعدي فإذا غنمه المسلمون منهم فكأنه رجع إليهم ما كان لهم وقد قدمنا قر يبا أنه صلى الله عليه وسلم أمر بحبس الغنائم بالجعرانة فلما رجع من الطائف وصل إلى الجعرانة في خامس ذي القعدة وكان السبب في تأخير القسمة ما تقدم في حديث المسور رجاء أن يسلموا وكانوا ستة آلاف نفس من النساء والاطفال وكانت الابل أربعة وعشرين ألفا والغنم أربعين ألف شاة قوله قسم في الناس حذف المفعول والمراد به الغنائم ووقع في رواية الزهري عن أنس في الباب يعطي رجالا المائة من الابل وقوله في المؤلفة قلوبهم بدل بعض من كل والمراد بالمؤلفة ناس من قريش أسلموا يوم الفتح إسلاما ضعيفا وقيل كان فيهم من لم يسلم بعد كصفوان بن أمية وقد اختلف في المراد بالمؤلفة قلوبهم الذين هم أحد المستحقين للزكاة فقيل كفار يعطون ترغيبا في الاسلام وقيل مسلمون لهم أتباع كفار ليتألفوهم وقيل مسلمون أول ما دخلوا في الاسلام ليتمكن الاسلام من قلوبهم وأما المراد بالمؤلفة هنا فهذا الاخير لقوله في رواية الزهري في الباب فانى أعطى رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم ووقع في حديث أنس الآتي في باب قسم الغنائم في قريش والمراد بهم من فتحت مكة وهم فيها وفي رواية له فأعطى الطلقاء والمهاجرين والمراد بالطلقاء جمع طليق من حصل من النبي صلى الله عليه وسلم المن عليه يوم فتح مكة من قريش وأتباعهم والمراد بالمهاجرين من أسلم قبل فتح مكة وهاجر إلى المدينة وقد سرد أبو الفضل بن طاهر في المبهات له أسماء المؤلفة وهم س أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزي س وحكيم بن حزام وابو السنابل بن بعكك وصفوان بن أمية وعبد الرحمن بن يربوع وهؤلاء من قريش وعيينة بن حصن الفزاري والاقرع بن حابس التميمي وعمرو بن الايهم التميمي س والعباس بن مرداس السلمي س ومالك بن عوف النضرى والعلاء بن حارثة الثقفي وفي ذكر الاخيرين نظر فقيل إنهما جاءا طائعين من الطائف إلى الجعرانة وذكر الواقدي في المؤلفة س معاوية ويزيد ابني أبي سفيان وأسيد بن حارثة ومخرمة بن نوفل س وسعيد بن يربوع س وقيس بن عدي س وعمرو بن وهب س وهشام بن عمرو وذكر بن إسحاق من ذكرت عليه علامة سين وزاد النضر بن الحارث والحارث بن هشام وجبير بن مطعم وممن ذكره فيهم أبو عمر سفيان بن عبد الاسد والسائب بن أبي السائب ومطيع بن الاسود وأبو جهم بن حذيفة وذكر بن الجوزي فيهم زيد الخيل وعلقمة بن علاثة وحكيم بن طلق بن سفيان بن أمية وخالد بن قيس السهمي وعمير بن مرداس وذكر غيرهم فيهم قيس بن مخرمة وأحيحة بن أمية بن خلف وابن أبي شريق وحرملة بن هوذة وخالد بن هوذة وعكرمة بن عامر العبدري وشيبة
[ 39 ]
بن عمارة وعمرو بن ورقة ولبيد بن ربيعة والمغيرة بن الحارث وهشام بن الوليد المخزومي فهؤلاء زيادة على أربعين نفسا قوله ولم يمط الانصار شيئا ظاهر في أن العطية المذكورة كانت من جميع الغنيمة وقال القرطبي في المفهم الاجراء على أصول الشريعة أن العطاء المذكور كان من الخمس ومنه كان أكثر عطاياه وقد قال في هذه الغزوة للاعرابي ما لي مما أفاء الله عليكم م إلا الخمس والخمس مردود فيكم أخرجه أبو داود والنسائي من حديث عبد الله بن عمرو وعلى الاول فيكون ذلك مخصوصا بهذه الواقعة وقد ذكر السبب في ذلك في رواية قتادة عن أنس في الباب حيث قال أن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة وإني أردت أن اجبرهم وأتألفهم قلت الاول هو المعتمد وسيأتي ما يؤكده والذي رجحه القرطبي جزم به الواقدي ولكنه ليس بحجة إذا انفرد فكيف إذا خالف وقيل إنما كان تصرف في الغنيمة لان الانصار كانوا انهزموا فلم يرجعوا حتى وقعت الهزيمة على الكفار فرد الله أمر الغنيمة لنبيه وهذا معنى القول السابق بأنه خاص بهذه الواقعة واختار أبو عبيد أنه كان من الخمس وقال بن القيم اقتضت حكمة الله أن فتح مكة كان سببا لدخول كثير من قبائل العرب في الاسلام وكانوا يقولون دعوه وقومه فإن غلبهم دخلنا في دينه وأن غلبوه كفونا أمره فلما فتح الله عليه استمر بعضهم على ضلاله فجمعوا له وتأهبوا لحربه وكان من الحكمة في ذلك أن يظهر أن الله نصر رسوله لا بكثرة من دخل في دينه من القبائل ولا بانكفاف قومه عن قتاله ثم لما قدر الله عليه من غلبته إياهم قدر وقوع هزيمة المسلمين مع كثرة عددهم وقوة عددهم ليتبين لهم أن النصر الحق إنما هو من عنده لا بقوتهم ولو قدر أن لا يغلبوا الكفار ابتداء لرجع من رجع منهم شامخ الرأس متعاظما فقدر هزيمتهم ثم اعقبهم النصر ليدخلوا مكة كما دخلها النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح متواضعا متخشعا واقتضت حكمته أيضا أن غنائم الكفار لما حصلت ثم قسمت على من لم يتمكن الايمان من قلبه لما بقي فيه من الطبع البشرى في محبة المال فقسمه فيهم لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته لانها جبلت على حب من أحسن إليها ومنع أهل الجهاد من أكابر المهاجرين ورؤساء الانصار مع ظهور استحقاقهم لجميعها لانه لو قسم ذلك فيهم لكان مقصورا عليهم بخلاف قسمته على المؤلفة لان فيه استجلاب قلوب أتباعهم الذين كانوا يرضون إذا رضي رئيسهم فلما كان ذلك العطاء سببا لدخولهم في الاسلام ولتقوية قلب من دخل فيه قبل تبعهم من دونهم في الدخول فكان في ذلك عظيم المصلحة ولذلك لم يقسم فيهم من أموال أهل مكة عند فتحها قليلا ولا كثيرا مع احتياج الجيوش إلى المال الذي يعينهم على ما هم فيه فحرك الله قلوب المشركين لغزوهم فرأى كثيرهم أن يخرجوا معهم بأموالهم ونسائهم وأبنائهم فكانوا غنيمة للمسلمين ولو لم يقذف الله في قلب رئيسهم أن سوقة معه هو الصواب لكان الرأي ما أشار إليه دريد فخالفه فكان ذلك سببا لتصييرهم غنيمة للمسلمين ثم اقتضت تلك الحكمة أن تقسم تلك الغنائم في المؤلفة ويوكل من قلبه ممتلئ بالايمان إلى إيمانه ثم كان من تمام التأليف رد من سبى منهم إليهم فانشرحت صدورهم للاسلام فدخلوا طائعين راغبين وجبر ذلك قلوب أهل مكة بما نالهم من النصرو الغنيمة عما حصل لهم من الكسر والرعب فصرف عنهم شر من كان يجاورهم من أشد العرب من هوازن وثقيف بما وقع بهم من الكسرة وبما قيض لهم من الدخول في الاسلام ولولا ذلك ما كان أهل مكة
[ 40 ]
يطيقون مقاومة تلك القبائل مع شدتها وكثرتها وأما قصة الانصار وقول من قال منهم فقد اعتذر رؤساؤهم بأن ذلك كان من بعض أتباعهم ولما شرح لهم صلى الله عليه وسلم ما خفي عليهم من الحكمة فيما صنع رجعوا مذعنين ورأوا أن الغنيمة العظمى ما حصل لهم من عود رسول الله إلى بلادهم فسلوا عن الشاة والبعير والسبايا من الانثى والصغير بما حازوه من الفوز العظيم ومجاورة النبي الكريم لهم حيا وميتا وهذا دأب الحكيم يعطي كل أحد ما يناسبه انتهى ملخصا قوله فكأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس كذا للاكثر مرة واحدة وفي رواية أبي ذر ف كأنهم وجد إذ لم يصبهم ما أصاب الناس أو كأنهم وجدوا إذ لم يصبهم ما أصاب الناس أورده على الشك هل قال وجد بضمتين جمع وأجد أو وجدوا على أنه فعل ماض ووقع له عن الكشميهني وحده وجدوا في الموضعين فصار تكرارا بغير فائدة وكذا رأيته في أصل النسفي ووقع في رواية مسلم كذلك قال عياض وقع في نسخة في الثاني أن لم يصبهم يعنى بفتح الهمز ة وبالنون قال وعلى هذا تظهر فائدة التكرار وجوز الكرماني أن يكون الاول من الغضب ب والثاني من الحزن والمعنى أنهم غضبوا والموجدة الغضب يقال وجد في نفسه إذا غضب ويقال أيضا وجد إذا حزن ووجد ضد فقد ووجد إذا استفاد مالا ويظهر الفرق بينهما بمصادرهما ففي الغضب موجدة وفي الخزن وجدا بالفتح وفي ضد الفقد وجدانا وفي المال وجدا بالضم وقد يقع الاشتراك في بعض هذه المصادر وموضع بسط ذلك غير هذا الموضع وفي مغازي سليمان التيمي أن سبب حزنهم أنهم خافوا أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الاقامة بمكة والاصح ما في الصحيح حيث قال إذ لم يصبهم ما أصاب الناس على أنه لا يمتنع الجمع وهذا أولى ووقع في رواية الزهري عن أنس في الباب فقالوا يغفر الله لرسوله يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم وفي رواية هشام بن زيد عن أنس آخر الباب إذا كانت شديدة فنحن ندعى ويعطى الغنيمة غيرنا وهذا ظاهر في أن العطاء كان من صلب الغنيمة بخلاف ما رجحه القرطبى قوله فخطبهم زاد مسلم من طريق إسماعيل بن جعفر عن عمرو بن يحيى فحمد الله وأثنى عليه وسيأتي في الباب في رواية الزهري فحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم فأرسل إلى الانصار فجمعهم في قبة من أدم فلم يدع معهم غيرهم فلما اجتمعوا قام فقال ما حديث بلغني عنكم فقال فقهاء الانصار أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثه أسنانهم فقالوا وفي رواية هشام بن زيد فجمعهم في قبة من أدم فقال يا معشر الانصار ما حديث بلغني فسكتوا ويحمل على أن بعضهم سكت وبعضهم أجاب وفي رواية أبي التياح عن أنس عند الاسماعيلي فجمعهم فقال ما الذي بلغني عنكم قالوا هو الذي بلغك وكانوا لا يكذبون ولاحمد من طريق ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى أبا سفيان وعيينة والاقرع وسهيل بن عمرو في آخرين يوم حنين فقالت الانصار سيوفنا تقطر من دمائهم وهم يذهبون بالمغنم فذكر الحديث وفيه ثم قال أقلتم كذا وكذا قالوا نعم وإسناده على شرط مسلم وكذا ذكر بن إسحاق عن أبي سعيد الخدري أن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمقالتهم سعد بن عبادة ولفظه لما أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلما أعطى من تلك العطايا في قريش وفي قبائل العرب ولم يكن في الانصار منها شئوجد هذا الحي من الانصار في أنفسهم حتى كثرت منهم القالة فدخل عليه سعد بن عبادة فذكر له ذلك فقال له فأين أنت من ذلك يا سعد قال ما أنا الا من قومي
[ 41 ]
قال فاجمع لي قومك فخرج فجمعهم الحديث وأخرجه أحمد من هذا الوجه وهذا يعكر على الرواية التي فيها أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا لان سعد بن عبادة من رؤساء الانصار بلا ريب إلا أن يحمل على الاغلب الاكثر وأن الذي خاطبه بذلك سعد بن عبادة ولم يرد إدخال نفسه في النفي أو أنه لم يقل لفظا وأن كان رضي بالقول المذكور فقال ما أنا الا من قومي وهذا أوجه والله أعلم قوله ألم اجدكم ضلالا بالضم والتشديد جمع ضال والمراد هنا ضلالة الشرك وبالهداية الايمان وقد رتب صلى الله عليه وسلم ما من الله عليهم على يده من النعم ترتيبا بالغا فبدأ بنعمة الايمان التي لا يوازيها شئ من أمر الدنيا وثنى بنعمة الآلفة وهي أعظم من نعمة المال لان الاموال تبذل في تحصيلها وقد لا تحصل وقد كانت الانصار قبل الهجرة في غاية التنافر والتقاطع لما وقع بينهم من حرب بعاث وغيرها كما تقدم في أول الهجرة فزال ذلك كله بالاسلام كما قال الله تعالى لو أنفقت ما في الارض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم قوله عالة بالمهملة أي فقراء لا مال لهم والعيلة الفقر قوله كلما قال شيئا قالوا الله ورسوله آمن بفتح الهمزة والميم والتشديد أفعل تفضيل من المن وفي حديث أبي سعيد فقالوا ماذا نجيبك يا رسول الله والله ولرسوله المن والفضل قوله قال لو شئتم قلتم جئتنا كذا وكذا في رواية إسماعيل بن جعفر لو شئتم أن تقولوا جئتنا كذا وكذا وكان من الامر كذا وكذ لاشياء زعم عمرو بن أبي يحيى المازني راوي الحديث أنه لا يحفظها وفي هذا رد على من قال إن الراوي كنى عن ذلك عمدا على طريق التأد ب وقد جوز بعضهم أن يكون المراد جئتنا ونحن على ضلالة فهدينا بك وما أشبه ذلك وفيه بعد فقد فسر ذلك في حديث أبي سعيد ولفظه فقال أما والله لو شئتم لقلتم فصدقتم وصدقتم أتيتنا مكذبا فصدقناك ومخذولا فنصرناك وطريدا فآويناك وعائلا فواسيناك ونحوه في مغازى أبي الاسود عن عروة مرسلا وابن عائذ من حديث بن عباس موصولا وفي مغازي سليمان التيمي أنهم قالوا في جواب ذلك رضينا عن الله ورسوله وكذا ذكر موسى بن عقبة في مغازيه بغير إسناد وأخرجه أحمد عن بن أبي عدي عن حميد عن أنس بلفظ أفلا تقولون جئتنا خائفا فآمناك وطريدا فآويناك ومخذولا فنصرناك فقالوا بل المن علينا لله ولرسوله وإسناده صحيح وروى أحمد من وجه آخر عن أبي سعيد قال قال رجل من الانصار لاصحابه لقد كنت أحدثكم أن لو استقامت الامور لقد آثر عليكم قال فردوا عليه ردا عنيفا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم الحديث ث وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك تواضعا منه وانصافا وإلا ففي الحقيقة الحجة البالغة والمنة الظاهرة في جميع ذلك له عليهم فإنه لولا هجرته إليهم وسكناه عندهم لما كان بينهم وبين غيرهم فرق وقد نبه على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ألا ترضون الخ فمبهم على ما غفلوا عنه من عظيم ما اختصوا به منه بالنسبة إلى ما حصل عليه غيرهم من عرض الدنيا الفانية قوله بالشاة والبعير اسم جنس فيهما والشاة تقع على الذكر والانثى وكذا البعير وفي رواية الزهري أن يذهب الناس بالاموال وفي رواية أبي التياح بعدها وكذا قتادة بالدنيا قوله إلى رحالكم بالحناء المهملة أي بيوتكم وهي رواية قتادة زاد في رواية الزهري عن أنس فوالله لمتنقبلون به خير مما ينقلبون به وزاد فيه أيضا قالوا يا رسول الله قد رضينا وفي رواية قتادة قالوا بلى وذكر الواقدي أنه حينئذ دعاهم ليكتب لهم بالبحرين تكون لهم خاصة
[ 42 ]
بعده دون الناس وهي يومئذ أفضل ما فتح عليه من الارض فأبوا وقالوا لا حاجة لنا بالدنيا قوله لولا الهجرة لكنت أمراءا من الانصار قال الخطابي أراد بهذا الكلام تألف الانصار واستطابة نفوسهم والثناء عليهم في دينهم حتى رضي أن يكون واحدا منهم لولا ما يمنعه من الهجرة التي لا يجوز تبديلها ونسبه الانسان تقع على وجوه منها الولادة والبلادية والاعتقادية والصناعية ولا شك أنه لم يرد الانتقال عن نسب آبائه لانه ممتنع قطعا وأما الاعتقادى فلا معنى للانتقال فيه فلم يبق الا القسمان الاخيران وكانت المدينة دار الانصار والهجرة إليها امرآ واجبا أي لولا أن النسبة الهجرية لا يسعني تركها لانتسبت إلى داركم قال ويحتمل أنه لما كانوا أخواله لكون أم عبد المطلب منهم أراد أن ينتسب إليهم بهذه الولادة لولا مانع الهجرة وقال بن الجوزي لم يرد صلى الله عليه وسلم تغير نسبه ولا محو هجرته وإنما أراد أنه لولا ما سبق من كونه هاجر لانتسب إلى المدينة وإلى نصرة الدين فالتقدير لولا أن الهجرة نسبة دينية لا يسع تركها لانتسبت إلى داركم وقال القرطبي معناه لتسميت باسمكم وانتسبت إليكم كما كانوا ينتسبون بالحلف لكن خصوصية الهجرة وتربيتها سبقت فمنعت من ذلك وهي أعلى وأشرف فلا تتبدل بغيرها وقيل معناه لكنت من الانصار في الاحكام والعداد وقيل التقدير لولا أن ثواب الهجرة أعظم لاخترت أن يكون ثوابي ثواب الانصار ولم يرد ظاهر النسب أصلا وقيل لولا التزامي بشروط الهجرة ومنها ترك الاقامة بمكة فوق ثلاث لاخترت أن أكون من الانصار فيباح لي ذلك قوله وادى الانصار هو المكان المنخفض وقيل الذي فيه ماء والمراد هنا بلدهم وقوله شعب الانصار بكسر الشين المعجمة وهو اسم لما انفرج بين جبلين وقيل الطريق في الجبل وأراد صلى الله عليه وسلم بهذا وبما بعده التنبيه على جزيل ما حصل لهم من ثواب النصرة والقناعة بالله ورسوله عن الدنيا ومن هذا وصفه فحقه أن يسلك طريقه ويتبع حاله قال الخطابي لما كانت العادة أن المرء يكون في نزوله وارتحاله مع قومه وأرض الحجاز كثيرة الاودية والشعاب فإذا تفرقت في السفر الطرق سلك كل قوم منهم واديا وشعبا فأراد أنه مع الانصار قال ويحتمل أن يريد بالوادي المذهب كما يقال فلان في واد وأنا في واد قوله الانصار شعار والناس دثار الشعار بكسر المعجمة بعدها مهملة خفيفة الثوب الذي يلي الجلد من الجسد والدثار بكسر المهملة ومثلثة خفيفة الذي فوقه وهي استعارة لطيفة لفرط قربهم منه وأراد أيضا أنهم بطانته وخاصته وأنهم ألصق به وأقرب إليه من غيرهم زاد في حديث أبي سعيد اللهم ارحم الانصار وأبناء الانصار وأبناء أبناء الانصار قال فبكى القوم حتى اخضلوا لحاهم وقالوا رضينا برسول الله قسما وحظا قوله انكم ستلقون بعدي أثرة بضم الهمزة وسكون المثلثة وبفتحين ويجوز كسر أوله مع الاسكان أي الانفراد بالشئ المشترك دون من يشركه فيه وفي رواية الزهري أثرة شديدة والمعنى أنه يستأثر عليهم بما لهم فيه اشتراك في الاستحقاق وقال أبو عبيد معناه يفضل نفسه عليكم في الفئ وقيل المراد بالاثرة الشدة ويرده سياق الحديث وسبه قوله فاصبروا حتى تلقوني على الحوض أي يوم القيامة وفي رواية الزهري حتى تلقوا الله ورسوله فإني على الحوض أي اصبروا حتى تموتوا فإنكم ستجدونني عند
[ 43 ]
الحوض فيحصل لكم الانتصاف ممن ظلمكم والثواب الجزيل على الصبر وفي الحديث من الفوائد عير ما تقدم إقامة الحجة على الخصم وإفحامه بالحق عند الحاجة إليه وحسن أدب الانصار في تركهم المماراة والمبالغة في الحياء وبيان أن الذي نقل عنهم إنما كان عن شبانهم لا عن شيوخهم وكهولهم وفيه مناقب عظيمة لهم لما اشتمل من ثناء الرسول البالغ عليهم وأن الكبير ينبه الصغير على ما يغفل عنه ويوضح له وجه الشبهة ليرجع إلى الحق وفيه المعاتبة واستعطاف المعاتب وإعتابه عن عتبة بإقامة حجة من عتب عليه والاعتذار والاعتراف وفيه علم من أعلام النبوة لقوله ستلقون بعدي أثرة فكان كما قال وقد قال الزهري في روايته عن أنس في آخر الحديث قال أنس فلم يصبروا وفيه أن للامام تفضيل بعض الناس على بعض في مصارف الفئ وأن له أن يعطى الغني منه للمصلحة وأن من طلب حقه من الدنيا لا عتب عليه في ذلك ومشروعية الخطبة عند الامر الذي يحدث سواء كان خاصا أما عاما وفيه جواز تخصيص بعض المخاطبين في الخطبة وفيه تسلية من فاته شئ من الدنيا مما حصل له من ثواب الآخرة والحض على طلب الهداية والالفة والغنى وأن المنة لله ورسوله على الاطلاق وتقديم جانب الآخرة على الدنيا والصبر عما فات منها ليدخر ذلك لصاحبه في الآخرة والآخرة خير وأبقى (0) الحديث السابع حديث أنس أورده من رواية الزهري وأبي التياح وهشام بزيد وقتادة كلهم عن أنس وفي رواية بعضهم ما ليس في رواية الآخر وقد ذكرت ما في رواياتهم من فائدة في الذي قبله وهشام في رواية الزهري هو بن يوسف الصنعاني وأبو التياح اسمه يزيد بن حميد وإسناده كله بصريون وكذا طريق قتادة وهشام بن زيد هو بن أنس بن مالك وقد أورد حديثه من طريقين فالاولى عن أزهر وهو بن سعد السمان والثانية عن معاذ بن معاذ وهو العنبري كلاهما عن بن عون وهو عبد الله وجميعهم بصريون (4077) قوله في رواية أبي التياح لما كان يوم فتح مكة قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم في قريش كذا لابي ذر عن شيخه وله في رواية الكشميهني بين قريش وهي رواية الاصيلي ووقع في عند القابسي غنائم قريش ولبعضهم غنائم من قريش وهو خطأ لانه يوهم أن مكة لما فتحت قسمت غنائم قريش وليس كذلك بل المراد بقوله يوم فتح مكة زمان فتح مكة وهو يشمل السنة كلها ولما كانت غزوة حنين ناشئة عن غزوة مكة أضيفت إليها كما تقدم عكسه وقد قرر ذلك الاسماعيلي فقال قوله يعني في رواية لما افتتحت مكة قسمت الغنائم يريد غنائم هوازن فإنه لم يكن عند فتح مكة غنيمة تقسم ولكن النبي صلى الله عليه وسلم غزا حنينا بعد فتح مكة في تلك الايام القريبة وكان السبب في هوازن فتح مكة لان الخلوص إلى محاربتهم كان بفتح مكة وقد خطأ القابسي الرواية وقال الصواب في قريش وأخرج أبو نعيم هذا الحديث من طريق أبي مسلم الكجي عن سليمان بن حرب شيخ البخاري فيه بلفظ لما كان يوم حنين قالت الانصار والله أن هذا لهو العجب إن سيوفنا تقطر من دماء قرى 4 ش الحديث فهذا لا إشكال فيه (4078) قوله أنبأنا هشام بن زيد في رواية معاذ عن هشام (4079) قوله في رواية قتادة أن قريشا حديث عهد كذا وقع بالافراد في الصحيحين والمعروف حديثو عهد وكتبها الدمياطي بخطه حديثو عهد
[ 44 ]
وفيه نظر وقد وقع عند الاسماعيلي أن قريشا كانوا قريب عهد قوله أن أجبرهم كذا للاكثر بفتح أوله وسكون الجيم بعدها موحدة ثم راء مهملة والسرخسي والمستملي بضم أوله وكسر الجيم بعدها تحتانية ساكنة ثم زاى من الجائزة قوله في رواية معاذ عشرة آلاف من الطلقاء في رواية الكشميهني عشرة آلاف والطلقاء وهو أولى فإن الطلقاء لم يبلغوا هذ القدر ولا عشر عشره وقيل إن الواو مقدرة عند من جوز تقدير حرف العطف قوله في آخره وقال هشام قلت يا أبا حمزة هو موصول بالاسناد المذكور وأبو حمزة هو أنس بن مالك وقوله شاهد ذلك في رواية الكشميهني شاهد ذاك قال وأين أغيب عنه هو استفهام إنكار يقرر أنه ما كان ينبغي له أن يظن أن أنسا يغيب عن ذلك وقوله وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم تحوزونه إلى بيوتكم كذا للجميع بالحاء المهملة والزاي من الحوز ووقع عند الكرماني تجيرونه بالتحتانية بدل الواو وضبطه بالجيم والراء المهملة وفسره بقوله أي تنقدونه وكل ذلك خطأ نقلا وتفسيرا وقد أخرجه مسلم والاسماعيلي من هذا الوجه بلفظ فتذهبون بمحمد تحوزونه كما في الرواية المعتمدة (4081) الحديث الثامن حديث بن مسعود ذكره من وجهين قوله عن عبد الله هو بن مسعود قوله آثر ناسا أعطى الاقرع أي بن حابس بن عثمان بن محمد بن سفيان بن مجاشع التميمي المجاشعي قيل كان اسمه فراس والاقرع لقبه قوله وأعطى عيينة أي بن حسن بن حذيفة بن بدر الفزاري قوله واعطى ناسا تقدم ذكرهم ف ي الكلام على المؤلفة قريبا وفي هذه العطية يقول العباس بن مرداس السلمي كما أخرجه أحمد ومسلم والبيهقي في الدلائل من طريق عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى المؤلفة قلوبهم من سبى حنين مائة مائة من الابل فأعطى أبا سفيان بن حرب مائة وأعطى صفوان بن أمية مائة وأعطى عبينة بن حصن مائة وأعطى مالك بن عوف مائة وأعطى الاقرع بن حابس مائة وأعطى علقمة بن علاثة مائة وأعطى العباس بن مردواس دون المائة فأنشا يقول أتجعل نهبي ونهب العبيبين عيينة والاقرع وما كان حصن ولا حابس يفوقان مرداس في المجمع وما كنت دوامرئ منهما ومن تضع اليوم لا يرفع قال فأكمل له المائة وساق بن إسحاق وموسى بن عقبة هذه الابيات أكثر من هذا قوله في رواية منصور فقال رجل في رواية الاعمش فقال رجل من الانصار وفي رواية الواقدي أنه معتب بن قشير من بني عمرو بن عوف وكان من المنافقين وفيه تعقب على مغلطاي حيث قال لم أر أحدا قال إنه من الانصار الا ما وقع هنا وجزم بأنه حرقوص بن زهير السعدي وتبعه بن الملقن وأخطأ في ذلك فإن قصة حرقوص غير هذه كما سيأتي قريبا من حديث أبي سعيد الخدري قوله ما أراد بها في رواية منصور ما أريد بها على البناء للمجهول قوله فقلت لاخبرن النبي صلى الله عليه وسلم في رواية الاعمش فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته قوله فتغير وجهه في رواية الواقدي حتى ندمت على ما بلغته قوله رحمة الله على موسى تقدمت الاشارة إلى شئ من شرحه في أحاديث الانبياء وفي الحديث جواز المفاضلة في القسمة والاعراض عن الجاهل والصفح عن الاذى
[ 45 ]
والتأسى بمن مضى من النظراء تنبيه وقع حديث بن مسعود مقدما على طريق معاذ عن بن عون عن هشام عن أنس في رواية أبي ذو الصواب تأخيره لتتوالى طرق حديث أنس وأظنه من تغيير الرواة عن الفريري فإن طريق أنس الاخيرة سقطت من رواية النسفي فلعل البخاري ألحقها فكتبت مؤخرة عن مكانها (0) قوله باب السرية التي قبل نجد قبل بكسر القاف وفتح الموحدة أي في جهة نجد هكذا ذكرها بعد غزوة الطائف والذي ذكره أهل المغازي أنها كانت قبل التوجه لفتح مكة قال بن سعد كانت في شعبان سنة ثمان وذكر غيره أنها كانت قبل موته وموتة كانت في جمادى كما تقدم من السنة وقيل كانت في رمضان قالوا وكان أبو قتادة أميرها وكانوا خمسة وعشرين وغنموا من غطفان بأرض محارب مائتي بعير والفي شاة والسرية بفتح المهملة وكسر الراء وتشديد التحتانية هي التي تخرج بالليل والسارية التي تخرج بالنهار وقيل سميت بذلك لانها تخفى ذهابها وهذا يقتضى أنها أخذت من السر ولا يصح لاختلاف المادة وهي قطعة من الجيش تخرج منه وتعود إليه وهي من مائة إلى خمسمائة فما زاد على خمسمائة يقال له منسر بالنون والمهملة فإن زاد على الثمانمائة سمي جيشا وما بينهما يسمى هبطة فإن زاد على أربعة آلاف يسمى جحفلا فإن زاد فجيش جرار والخميس الجيش العظيم وما افترق من السرية يسمى بعثا فالعشرة فما بعدها تسمى حفيرة والاربعون عصبة والى ثلاثمائة مقنب بقاف ونون ثم موحدة فإن زاد سمى جمرة بالجيم والكتيبة ما اجتمع ولم ينتشر وحديث بن عمر المذكور في الباب قد تقدم شرحه في فرض الخمس وفي ذكره عقيبحديث أبي قتادة إشارة إلى اتحادهما (0) قوله باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بفتح الجيم وكسر المعجمة ثم تحتانية ساكنة أي بن عامر بن عبد مناة بن كنانة ووهم الكرماني فظن أنه من بني جذيمة بن عوف بن بكر بن عوف قبيلة من عبد قيس وهذا البعث كان عقب فتح مكة في شوال قبل الخروج إلى حنين عند جميع أهل المغازي وكانوا بأسفل مكة من ناحية يلملم قال بن سعد بعث ث النبي صلى الله عليه وسلم إليهم خالد بن الوليد في ثلاثمائة وخمسين من المهاجرين والانصار داعيا إلى الاسلام لا مقاتلا قوله حدثنا محمود هو بن غيلان وقوله (4084) وحدثني نعيم هو بن حماد وعبد الله هو بن المبارك وعند الاسماعيلي ما يدل على أن السياق الذي هنا لفظ بن المبارك قوله بعث النبي صلى الله عليه وسلم قال بن إسحاق حدثني حكيم بن عباد عن أبي جعفر يعني الباقر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد حين افتتح مكة إلى بني جذيمة داعيا ولم يبعثه مقاتلا قوله فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا هذا من بن عمر راوي الحديث يدل على أنه فهم أنهم أرادوا الاسلام حقيقة ويؤيده فهمه أن قريشا كانوا يقولون لكل من أسلم صبأ حتى اشتهرت هذه اللفظة وصاروا يطلقونها في مقام الذومن ثم لما أسلم ثمامة بن أثال وقدم مكة معتمرا
[ 46 ]
قالوا له صبأت قال لا بل أسلمت فلما اشتهرت هذه اللفظة بينهم في موضع أسلمت استعملها هؤلاء وأما خالد فحمل هذه اللفظة على ظاهرها لان قولهم صبأنا أي خرجنا من دين إلى دين ولم يكتف خالد بذلك ك حتى يصرحوا بالاسلام وقال الخطابي يحتمل أن يكون خالد نقم عليهم العدول عن لفظ الاسلام لانه فهم عنهم أن ذلك وقع منهم على سبيل الانفة ولم ينقادوا إلى الدين فقتلهم متأولا قولهم قوله فجعل خالد يقتل منهم ويأسر في كلام بن سعد أنه أمرهم ان يستأسروا فاستأسروا فكتف بعضهم بعضا وفرقهم في أصحابه فيجمع بأنهم أعطوا بأيديهم بعد المحاربة قوله ودفع إلى كل رجل منا أسيره أي من اصحابه الذين كانوا معه في السرية وفي رواية الباقر فقال لهم خالد ضعوا السلاح فان الناس قد أسلموا فوضعوا السلاح فأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف قوله حتى إذا كان يوم كذا بالتنوين أي من الايام وكان تامة وعند أبي سعد فلما كان السحر نادى خالد من كان معه أسير فليضرب عنقه قوله أن يقتل كل رجل منا أسيره في رواية الكشميهني كل إنسان قوله فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره وعند بن سعد فأما بنو سليم فقتلوا من كان في أيديهم وأما المهاجرون والانصار فأرسلوا أسراهم وفيه جواز الحلف على نفي فعل الغير إذا وثق بطواعيته قوله اللهم إني أبرأ إليك ك مما صنع خالد قال الخطابي أنكر عليه العجلة وترك التثبت في أمرهم قبل أن يعلم المراد من قولهم صبأنا قوله مرتين زاد بن عسكر عن عبد الرزاق أو ثلاثة أخرجه الاسماعيلي وفي رواية الباقين ثلاث مرات وزاد الباقر في روايته ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فقال أخرج إلى هؤلاء القوم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك فخرج حتى جاءهم ومعه مال فلم يبق لهم أحد الا وداه وذكر بن هشام في زياداته أنه انفلت منهم رجل فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بالخبر فقال هل أنكر عليه أحد فوصف له صفة بن عمر وسالم مولى أبي حذيفة وذكر بن إسحاق من حديث بن أبي حدرد الاسلمي قال كنت في خيل خالد فقال لي فتى من بني جذيمة قد جمعت يداه في عنقه برمة يا فتى هل أنت آخذ بهذه الرمة فقائدي إلى هؤلاء النسوة فقلت نعفقدته بها فقال اسلمي حبيش قبل نفاد العيش أريتك إن طالبتكم فوجدتكم بحلية أأدركتكم بالخوانق الابيات قال فقالت له امرأة منهن وأنت نجيت عشرا وتسعو وترا وثمانيا تترى قال ثم ضربت عنق الفتى فأكبت عليه فما زالت تقبله حتى ماتت وقد روى النسائي والبيهقي في الدلائل بإسناد صحيح من حديث بن عباس نحو هذه القصة وقال فيها فقال إني لست منهم أني عشقت امرأة منهم فدعوني أنظر إليها نظرة قال فيه فضربوا عنقه فجاءت المرأة فوقعت عليه فشهقت شهقة أو شهقتين ثم ماتت فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أما كان فيكم رجل رحيم وأخرجه البيهقي من طريق بن عاصم عن أبيه نحو هذه القصة وقال في آخرها فانحدرت إليه من هودجها فحنت عليه حتى ماتت (0) قوله باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزز المدلجي ويقال إنها سرية الانصاري قلت كذا ترجم وأشار بأصل الترجمة إلى ما رواه أحمد وابن ماجة وصححه بن خزيمة وابن حبان والحاكم من طريق عمر بن الحكم عن أبي سعيد الخدري ال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز على بعث أنا فيهم حتى انتهينان إلى رأس
[ 47 ]
غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة السمي وكان من أصحاب بدوكانت فيه دعابة الحديث وذكر بن سعد هذه القصة بنحو هذا السياق وذكر أن سببها أنه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة ترا آهم أهل جدة فبعث إليهم علقمة بن مجزز في ربيع الآخر في سنة تسع في ثلاثمائة فانتهى إلى جزيرة في البحر فلما خاض البحر إليهم هربوا فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهلهم فأمر عبد الله بن حذافة على من تعجل وذكر بن إسحاق أن سبب هذه القصة أن وقاص بن مجززكان قتل يوم ذي قرد فأراد علقمة بن مجزز أن يأخذ بثأره فأرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه السرية قلت وهذا يخالف ما ذكره بن سعد إلا أن يجمع بأن يكون أمر بالامرين وأرخها بن سعد في ربيع الآخر سنة تسع فالله أعلم وأما قوله ويقال أنها سرية الانصاري فأشار بذلك إلى احتمال تعدد القصة وهو الذي يظهر لي لاختلاف سياقهما واسم اميرهما والسبب في أمره بدخولهم النار ويحتمل الجمع بينهما بضرب من التأويل وببعده وصف عبد الله بن حذافة السهمي القرشي المهاجري بكونه أنصاريا فقد تقدم بيان نسب عبد الله بن حذافة في كتاب العلم ويحتمل الحمل على المعنى الاعم أي أنه نصر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجملة وإلى التعدد جنح بن القيم وأما بن الجوزي فقال قوله من الانصار وهم من بعض الرواة وإنما هو سهمقلت ويؤيده حديث بن عباس عند أحمد في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أطيعو الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم الآية نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية وسيأتي في تفسير سورة النساء إن شاء الله تعالى وقد رواه شعبة عن زبيد اليامي عن سعد بن عبيدة فقال رجلا ولم يقل من الانصار ولم يسمه أخرجه المصنف في كتاب خبر الواحد وأما علقمة بن مجزز فهو بضم أوله وجيم مفتوحة ومعجمتين الاولى مكسورة ثقيلة وحكى فتحها والاول أصوب وقال عياض وقع لاكثر الرواة بسكون المهملة وكسر الراء المهملة وعن القابسى بجيم ومعجمتين وهو الصواب قلت وأغرب الكرماني فحكى أنه بالحاء المهملة وتشديد الراء فتحا وكسرا وهو خطأ ظاهر وهو ولد القائف الذي يأتي ذكره في النكاح في حديث ث عائشة في قوله في زيد بن حارثة وابنه أسامة أن بعض هذه الاقدام لمن بعض فعلقمة صحابي بن أصحابي (4085) قوله حدثنا عبد الواحد هو بن زياد قوله حدثني سعد بن عبيدة بالتصغير قوله عن أبي عبد الرحمن هو السلمي قوله فغضب في رواية حفص بن غياث عن الاعمش في الاحكام فغضب عليهم وفي رواية مسلم فأغضبوه في شئ قوله فقال أوقدوا نارا في رواية حفص فقال عزمت عليكم لما جمعتم حطبا وأوقدتم نارا ثم دخلتم فيها وهذا يخالف حديث أبي سعيد فإن فيه فأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم أو يصطلون فقال لهم أليس عليكم السمع والطاعة قالوا بلى قال أعزم عليكم بحقي وطاعتي لما تواثبتم في هذه النار قوله فهموا وجعل بعضهم يمسك بعضا في رواية حفص فلم هموا بالدخول فيها فقاموا ينظر بعضهم إلى بعض وفي رواية بن جرير من طريق أبي معاوية عن الاعمش فقال لهم شاب منهم لا تعجلوا بدخولها وفي رواية زبيد عن سعد بن عبيدة في خبر الواحد فأرادوا أن يدخلوها وقال آخرون إنما فررنا منها قوله فما زالوا حتى خمدت النار في رواية حفص فبينما هم
[ 48 ]
كذلك إذ خمدت النار وخمدت هو بفتح الميم أي طفئ لهبها وحكى المطرزى كسر الميم من خمدت قوله فسكن غضبه هذا أيضا يخالف حديث أبي سعيد فإن فيه أنه كانت به دعابة وفيه أنهم تحجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها فقال احبسوا أنفسكم فإنما كنت أضحك معكم قوله فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم في رواية حفص فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قوله ما خرجوا منها إلى يوم القيامة في رواية حفص ما خرجوا منها أبدا وفي رواية زبيد فلم يزالوا فيها إلى يوم القيامة يعني أن الدخول فيها معصية والعاصي يستحق النار ويحتمل أن يكون المراد لو دخلوها مستحلين لما خرجوا منها أبدا وعلى هذا ففي العبارة نوع من أنواع البديع وهو الاستخدام لان الضمير في قوله لو دخلوها للنار التي اوقدوها والضمير في قوله ما خرجوا منها أبدا لنار الآخرة لانهم ارتكبوا ما نهوا عنه من قتل أنفسهم ويحتمل وهو الظاهر أن الضمير للنار التي أوقدت لهم أي ظنوا أنهم إذا دخلوا بسبب طاعة أميرهم لا تضرهم فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهم لو دخلوا فيها لا حترقوا فماتوا فلم يخرجوا قوله الطاعة في المعروف في رواية حفص انما الطاعة في المعروف وفي رواية زبيد وقال للآخرين لا طاعة في معصية وفي رواية مسلم من هذا الوجه وقال للآخرين أي الذين امتنعوا قولا حسنا وفي حديث أبي سعيد من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه وفي الحديث من الفوائد أن الحكم في حال الغضب ينفذ منه ما لا يخالف الشرع وأن الغضب يغطى على ذوى العقول وفيه أن الايمان بالله ينجى من النار لقولهم إنما فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم والفرار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرار إلى الله والفرار إلى الله يطلق على الايمان قال الله تعالى ففروا إلى الله إني لكم منه ندير مبين وفيه أن الامر المطلق لا يعم الاحوال لانه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطيعوا الامير فحملوا ذلك على عموم الاحوال حتى في حال الغضب وفي حال الامر بالمعصية فبين لهم صلى الله عليه وسلم أن الامر بطاعته مقصور على ما كان منه في غير معصية وسيأتي مزيد لهذه المسألة في كتاب الاحكام إن شاء الله تعالى واستنبط منه الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة أن الجمع من هذه الامة لا يجتمعون على خطأ لانقسام السرية قسمين منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة ومنهم من فهم حقيقة الامر وأنه مقصور على ما ليس بمعصية فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع قال وفيه أن من كان صادق النية لا يقع الا في خير ولو قصد الشر فإن الله يصرفه عنه ولهذا قال بعض أهل المعرفة من صدق مع الله وقاه الله ومن توكل على الله كفاه الله (0) قوله باب بعث أبي موسى ومعاذ إلى اليمن قبل حجة الوداع كأنه أشار بالتقييد بما قبل حجة الوداع إلى ما وقع في بعض أحاديث الباب أنه رجع من اليمن فلقى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة الوداع لكن القبلية نسبية وقد قدمت في الزكاة في الكلام على حديث معاذ متى كان بعثه إلى اليمن وروى أحمد من طريق عاصم بن حميد عن معاذ لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج يوصيه ومعاذ راكب الحديث ومن طريق يزيد بن قطيب عن معالما بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قال قد بعثتك إلى قوم رقيقة قلوبهم فقاتل بمن أطاعك من عصاك وعند أهل المغازي أنها كانت في ربيع الآخر سنة تسع من الهجرة (4086) قوله حدثنا عبد الملك هو بن عمير
[ 49 ]
قوله عن أبي بردة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى هذا صورته مرسل وقد عقبة المصنف بطريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن أبي موسى وهو ظاهر الاتصال وإن كان فيما يتعلق بالسؤال عن الاشربة لكن الغرض منه إثبات قصة بعث أبي موسى إلى اليمن وهو مقصود الباب ثم قواه بطريق طارق بن شهاب قال حدثني أبو موسى قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض قومي الحديث وهو وإن كان إنما يتعلق بمسألة الاهلال لكنه يثبت أصل قصة البعث المقصودة هنا أيضا ثم قوي قصة معاذ بحديث بن عباس في وصية النبي صلى الله عليه وسلم له حين أرسله إلى اليمن وبرواية عمرو بن ميمون عن معاذ والمراد بها أيضا إثبات أصل قصة بعث معاذ إلى اليمن وأن كان سياق الحديث في معنى آخر وقد اشتمل الباب على عدة أحاديث الحديث الاول أصل البعث إلى اليمن وسيأتي في استتابة المرتدين من طريق حميد بن هلال عن أبي بردة عن أبي موسى سبب بعثه إلى اليمن ولفظه قال أقبلت ومعي رجلان من الاشعريين وكلاهما سأل يعني أن يستعمله فقال لن نستعمل على عملنا من أرادة ولكن أذهب أنت يا أبا موسى إلى اليمن ثم أتبعه معاذ بن جبل قوله وبعث كل واحد منهما على مخلاف قال واليمن مخلافان المخلاف بكسر الميم وسكون المعجمة وآخره فاء هو بلغة أهل اليمن وهو الكورة والاقليم والرستاق بضم الراء وسكون المهملة بعدها مثناة وآخرها قاف وكانت جهة معاذ العليا إلى صوب عدن وكان من عمله الجند بفتح الجيم والنون وله بها مسجد مشهور إلى اليوم وكانت جهة أبي موسى السفلى والله أعلم قوله يسرا ولا تعسرا وبشرا ولا تنفرا قال الطيبي هو معنى الثاني من با ب المقابلة المعنوية لان الحقيقية أن يقال بشرا ولا تنذرا وآنسا ولا تنفرا فجمع بينهما ليعم البشارة والنذارة والتأنيس والتنفير قلت ويظهر لي أن النكتة في الاتيان بلفظ البشارة وهو الاصل وبلفظ التنفير وهو اللازم وأتى بالذي بعده على العكس للاشارة إلى أن الانذار لا ينفى مطلقا بخلاف التنفير فاكتفى بما يلزم عنه الانذار وهو التنفير فكأنه قيل أن انذرتم فيكن بغير تنفير كقوله تعالى فقولا له قولا لينا قوله إذا سار في أرضه وكان قريبا من صاحبه أحدث به عهدا كذا فيه وللاكثر إذا سار في أرضه كان قريبا أحدث أي جدد به العهد لزيارته ووقع في رواية سعيد بن أبي بردة الآتية في الباب فجعلا يتزاوران فزار معاذ أبا موسى زاد في رواية حميد بن هلال فلما قدم عليه ألقى له وسادة قال انزل قوله وإذا رجل عنده لم اقف على اسمه لكن في رواية سعيد بن أبي بردة أنه يهودي وسيأتي كذلك في رواية حميد بن هلال في استتابة المرتدين مع شرح هذه القصة وبيان الاختلاف في مدة استتابة المرتدين وقوله أيم بفتح الميم وترك إشباعها لغة وأخطأ من ضمها وأصله أي الاستفهامية دخلت عليها ما وقد سمع أيم هذا بالتخفيف مثل إيش هذا فخذفت الالفمن أيم والهمز من أيش قوله ثم نزل فقال يا عبد الله هو اسم أبي موسى كيف تقرالقرآن قال أتفوقه تفوقا بالفاء ثم القاف أي ألازم قراءته ليلا ونهارا شيئا بعد شئ وحينا بعد حين مأخود من فواق الناقة وهو أن تحلب ثم تترك ساعة حتى تدر ثم تحلب هكذا دائما قوله وقد قضيت جزئي قال الدمياطي لعله أربى وهو الوجه وهو كما قال لو جاءت به الرواية ولكن الذي جاء في الرواية صحيح والمراد به أنه جزأ الليل أجزاء جزءا للنوم وجزءا للقراءة والقيام فلا يلتفت إلى تخطئة الرواية الصحيحة الموجهة بمجرد التخيل قوله فاحتسبت تومتى
[ 50 ]
كما احتسبت قومتى كذا لهم بصيغة الفعل الماضي وللكشميهني فأحتسب بغير المثناة في آخره بصيغة الفعل المضارع ومعناه أنه يطلب الثواب في الراحة كما يطلبه في التعب لان الراحة إذا قصد بها الاعانة على العبادة حصلت الثواب تنبيه كان بعث أبي موسى إلى اليمن بعد الرجوع من غزوة تبوك لانه شهد غزوة تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي بيان ذلك في الكلام عليها فيما بعد إن شاء الله تعالى واستدل به على أن أبا موسى كان عالما فطنا حاذقا ولولا ذلك لم يوله النبي صلى الله عليه وسلم الامارة ولو كان فوض الحكم لغيره لم يحتج إلى توصيته بما وصاه به ولذلك اعتمد عليه عمر ثم عثمان ثم علي وأما الخوارج والروافض فطعنوا فيه ونسبوه إلى الغفلة وعدم الفطنة لما صدر منه في التحكيم بصفين قال بن العربي وغيره والحق أنه لم يصدر منه ما يقتضى وصفه بذلك وغاية ما وقع منه أن اجتهاده أداه إلى أن يجعل الامر شورى بين من بقي من أكابر الصحابة من أهل بدر ونحوهم لما شاهد من الاختلاف الشديد بين الطائفتين بصفين وآل الامر إلى ما آل إليه (0) الحديث الثاني قوله حدثنا إسحاق هو بن منصور وخالد هو بن عبد الله الطحان والشيباني اسمه سليمان بن فيروز قوله البتع بكسر الموحدة وسكون المثناة بعدها عين مهملة وقد ذكر تفسيره عن أبي بردة راوية وأنه نبيذ العسل ويأتي شرح المتن في كتاب الاشربة إن شاء الله تعالى قوله (4087) رواه جرير وعبد الواحد عن الشيباني عن أبي بردة يعني أنهما رويا عن الشيباني عن أبي بردة بدون ذكر سعيد بن أبي بردة وهو كما قال وأما رواية جرير وهو بن عبد الحميد فوصلها الاسماعيلي من طريق عثمان بن أبي شيبة ومن طريق يوسف بن موسى كلاهما عن جرير عن الشيباني عن أبي بردة عن أبي موسى به وأما رواية عبد الواحد وهو بن زياد فوصلها ثم ساق المصنف الحديث عن مسلم وهو بن إبراهيم عن شعبة قال حدثنا سعيد بن أبي بردة عن أبيه فذكره مرسلا مطولا فيه قصة بعثهما وذكر الاشربة وقصة اليهودي وسؤال معاذ عن القراءة كما أشرنا إليه أولا وقال بعده تابعه العقدي ووهب بن جرير عن شعبة وقال وكيع والنضر وأبو داود عن شعبة عن سعيد يعني أن مسلم بن إبراهيم والعقدي ووهب بن جرير أرسوله عن شعبة وأن وكيعا والنضر وهو بن شميل وأبا داود وهو الطيالسي رووه عن شعبة موصولا فأما رواية العقدي وهو أبو عامر عبد الملك بن عمرو فوصلها المؤلف في الاحكام وأما رواية وهب بن جرير فوصلها إسحاق بن راهويه في مسنده عنه وأما رواية وكيع فوصلها المؤلف في الجهاد مختصرا وأوردها بن أبي عاصم في كتاب الاشربة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع مطولا وهي في مسند أبي بكر بن أبي شيبة كذلك وأما رواية النضر بن شميل فوصلها المؤلف في الادب وأما رواية أبي داود الطيالسي فوصلها كذلك في مسنده المروزي من طريق يونس بن حبيب عنه ولكنه فرقه حديثين ولذلك وصلها النسائي من طريق أبي داود (0) الحديث الثالث (4089) قوله حدثنا عباس بن الوليد بموحدة ثم مهملة هو النرسي بفتح النون وبالسين المهملة قال أبو علي الجياني رواه بن السكن والاكثر هكذا وفي رواية أبي أحمد يعني الجرجاني حدثنا عباس ولم ينسبه وفي رواية أبي زيد المروزي مثله إلا أنه قرأ عليهم بالتحتانية والشين المعجمة وليس بشئ إنما هو بالموحدة والمهملة وهو النرسي وما له في البخاري سوى هذا
[ 51 ]
الحديث وآخر في علامات النبوة وجزم بمثل ذلك صاحب المشارق والمطالع وأما الدمياطي فضبطه بالمعجمة وعين أنه الرقام وتوزع في ذلك والصواب النرسي قوله عبد الواحد هو بن زياد وأيوب بن عائذ بتحتانية بعدها ذال معجمة وهو مدلجي بصري وثقة يحيى بن معين وغيره ورمى بالارجاء وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وقد أورده في الحج من طريق شعبة وسفيان عن قيس بن مسلم شيخ أيوب بن عائذ فيه وتقدم الكلام عليه هناك مستوفى (0) الحديث الرابع (4090) قوله حدثني حبان بكسر أوله ثم موحدة ثم نون بن موسى وعبد الله هو بن المبارك قوله حين بعثه إلى اليمن تقدم بيان الوقت الذي بعثه فيه وما فيه من اختلاف في أواخر كتاب الزكاة مع بقية شرح الحديث مستوفى ولله الحمد قوله قال أبو عبد الله طوعت طاعت وأطاعت وقع هذا وما بعده لغير أبي ذر والنسفي وأراد بذلك تفسير قوله تعالى فطوعت له نفسه قتل أخيه على عادته في تفسير اللفظة الغريبة من القرآن إذا وافقت لفظة من الحديث والذي وقع في حديث معاذ فأن هم أطاعوا فإن عند بعض رواته كما ذكره بن التين فان هم طاعوا بغير ألف وقد قرأ الحسن البصري وطائفة معه فطاوعت له نفسه قال بن التين إذ امتثل أمره فقد أطاعه وإذا وافقه فقد طاوعه قال الازهري الطوع نقيض الكره وطاع له انقاد فإذا مضى لامره فقد أطاعه وقال يعقوب بن السكيت طاع وأطاع بمعنى وقال الازهري أيضا منهم من يقول طاع له يطوع طوعا فهو طائع بمعنى أطاع والحاصل أن طاع وأطاع استعمل كل منهما لازما ومتعديا إما بمعنى واحد مثل بدأ الله الخلق وأبدأه أو دخلت الهمزة للتعدية وفي اللازم للصيرورة أو ضمن المتعدى بالهمزة معنى فعل آخر لازم لان كثيرا من أهل العلم باللغة فسروا أطاع بمعنى لان وانقاد وهو اللائق في حديث معاذ هنا وأن كان الغالب في الرباعي التعدي وفي الثلاثي اللزوم وهذا أولى من دعوى فعل وأفعل بمعنى واحد لكونه قليلا وأولى من دعوى أن اللام في قوله فإن هم أطاعوا لك زائدة وقد تقدم شئ من هذا في شرح الحديث في الزكاة وقوله بعد ذلك طعت طعت وأطعت الاولى بالضم والثانية بالكسر والثالثة بالفتح بزيادة ألف في أوله (0) الحديث الخامس (4091) قوله عن عمرو بن ميمون هو الاودي وهو من المخضرمين قوله أن معاذا لما قدم اليمن هو موصول لان عمرو بن ميمون كان باليمن لما قدمها معاذ قوله فقال رجل من القوم قرت عين أم إبراهيم أي حصل لها السرور وكنى عنه بقرت عيها أي بردت دمعتها لان دمعة السرور باردة بخلاف دمعة الحزن فأنها حارة ولهذا يقال فيمن يدعى عليه أسخن الله عينه وقد استشكل تقرير معاذ لهذا القائل في الصلاة وترك أمره بالاعادة وأجيب عن ذلك إما بأن الجاهل بالحكم يعذر وإما أن يكون أمره بالاعادة ولم ينقل أو كان القائل خلفهم ولكن لم يدخل معهم في الصلاة قوله زاد معاذ عن شعبة فذكره المراد بالزيادة قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وليس بين الروايتين منافاة لان معاذا إنما قدم اليمن لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم خاصة فالقصة واحدة ودل الحديث على أنه كان أميرا على الصلاة وحديث بن عباس يدل على أنه كان أميرا على المال أيضا وقد تقدم
[ 52 ]
فالزكاة ما يوضح ذلك (0) قوله باب بعث علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد إلى اليمن قبل حجة الوداع قد ذكر في آخر الباب حديث جابر أن عليا قدم من اليمن فلاقى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في حجة الوداع وقد تقدم الكلام عليه في كتا ب الحج وقد أخرج أحمد وأبو داود والترمذي من طريق أخرى عن علي قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت يا رسول الله تبعثني إلى قوم أسن مني وأنا حديث ث السن لا أبصر القضاء قال فوضع يده على صدري وقال اللهم ثبت لسانه وأهد قلبه وقايا علي إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر فذكر الحديث ث الحديث الاول حديث البراء (4092) قوله شريح هو بالشين المعجمة وآخره حاء مهملة قوله بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع خالد بن الوليد إلى اليمن كان ذلك بعد رجوعهم من الطائف وقسمة الغنائم بالجعرانة قوله ان يعقب معك أي يرجع إلى اليمن والتعقيب أن يعود بعض العسكر بعد الرجوع ليصيبوا غزوة من الغد كذا قال الخطابي وقال بن فارس غزاة بعد غزاة والذي يظهر أنه أعم من ذلك وأصله أن الخليفة يرسل العسكر إلى جهة مدة فإذا أنهضت رجعوا وأرسل غيرهم فمن شاء أن يرجع من العسكر الاول مع العسكر الثاني سمي رجوعه تعقيبا قوله فغنمت أواقى بتشديد التحتانية ويجوز تخفيفها وقوله ذوات عدد لم أقف على تحريرها تنبيه أورد البخاري هذا الحديث مختصرا وقد أورده الاسماعيلي من طريق أبي عبيدة بن أبي السفر سمعت إبراهيم بن يوسف وهو الذي أخرجه البخاري من طريقه فزاد فيه قال البراء فكنت ممن عقب معه فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا فصلى بنا على وصفنا صفا واحدا ثم تقدم بين أيدينا فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت همدان جميعا فكتب علي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلامهم فلما قرأ الكتاب خر ساجدا ثم رفع رأسه وقال السلام على همدان وعند الترمذي من طريق الاحوص بن خوات عن أبي إسحاق في حديث البراء قصة الجارية وسأذكر بيان ذلك في الحديث الذي بعده إن شاء الله تعالى (0) الحديث الثاني حديث بريدة (4093) قوله حدثنا علي بن سويد بن منجوف بفتح الميم وسكون النون وضم الجيم وسكون الواو ووقع في رواية القابسي عن علي بن سويد عن منجوف وهو تصحيف وعلى بن سويد بن منجوف سدوسي بصري ثقة ليس له في البخاري سوى هذا الموضع قوله عن عبد الله بن بريدة في رواية الاسماعيلي حدثني عبد الله قوله بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى خالد أي بن الوليد ليقبض الخمس أي خمس الغنيمة وفي روية الاسماعيلي التي سأذكرها ليقسم الخمس قوله وكنت أبغض عليا وقد اغتسل فقلت لخالد ألا ترى هكذا وقع عنده مختصرا وقد أورده الاسماعيلي من طريق إلى روح بن عبادة الذي أخرجه البخاري من طريقه فقال في سياقه بعث عليا إلى خالد ليقسم الخمس وفي رواية له ليقسم الفئ فاصطفى على منه لنفسه سبيئة بفتح المهملة وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم همزة أي جارية من السبي وفي رواية له فأخذ منه جارية ثم أصبح يقطر رأسه فقال خالد لبريدة ألا ترى ما صنع هذا قال بريدة وكنت أبغض عليا ولاحمد من طريق عبد الجليل عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أبغضت عليا بغضا لم أبغضه أحدا وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا قال فأصبنا سبيا فكتب أي الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبعث إلينا من يخمسه قال فبعث إلينا عليا وفي السبي وصيفة هي أفضل السبي
[ 53 ]
قال فخمس وقسم فخرج ورأسه يقطر فقلت يا أبا الحسن ما هذا فقال ألم تر إلى الوصيفة فإنها صارت في الخمس ثم صارت في آل محمد ثم صارت في آل على فوقعت بها قوله فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الجليل فكتب الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالقصة فقلت ابعثني فبعثني فجعل يقرأ الكتاب ويقول صدق قوله فقال يا بريدة أتبغض عليا فقلت نعم قال لا تبغضه زاد في رواية عبد الجليل وأن كنت تحبه فازدد له حبا قوله فان له في الخمس أكثر من ذلك في رواية عبد الجليل فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة وزاد قال فما كان أحد من الناس أحب إلى من على وأخرج أحمد هذا الحديث من طريق جلح الكندي عن عبد الله بن بريدة بطوله وزاد في آخره لا تقع في على فإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي وأخرجه أحمد أيضا والنسائي من طريق سعيد بن عبيدة عن عبد الله بن بريدة مختصرا وفي آخره فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قد أحمر وجهه يقول من كنت وليه فعلى وليه وأخرجه لحاكم من هذا الوجه مطولاوفيه قصة الجارية نحو رواية عبد الجليل وهذه طرق يقوي بعضها بعضا قال أبو ذر الهروي إنما أبغض الصحابي عليا لانه رآه أخذ من المغنم فظن أنه غل فلما أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أنه أخذ أقل من حقه أحبه أه وهو تأويل حسن لكن يبعده صدر الحديث الذي أخرجه أحمد فلعل سبب البغض كان لمعنى آخر وزال بنهي النبي صلى الله عليه وسلم لهم عن بغضه وقد استشكل وقوع على على الجارية بغير استبراء وكذلك قسمته لنفسه فأما الاول فمحمول على أنها كانت بكرا غير بالغ ورأى أن مثلها لا يستبرأ كما صار إليه غيره من الصحابة ويجوز أن تكون حاضت عقب صيرورتها له ثم طهرت بعد يوم وليلة ثم وقع عليها وليس ما يدفعه وأما القسمة فجائزة في مثل ذلك ممن هو شريك فيما يقسمه كالامام إذا قسم بين الرعية وهو منهم فكذلك من نصبه الامام قام مقامه وقد أجاب الخطابي بالثاني وأجاب عن الاول لاحتمال أن تكون عذراء أو دون البلوغ أو أداه اجتهاده أن لا استبراء فيها ويؤخذ من الحديث جواالتسرى على بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بخلاف التزويج عليها لما وقع في حديث المسور في كتاب النكاح (0) الحديث الثالث حديث أبي سعيد (4094) قوله عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة قوله حدثنا عبد الرحمن هو بن زياد ونعم بضم النون وسكون المهملة قوله بذهيبة تصغير ذهبة وكأنه أنثها على معنى الطائفة أو الجملة وقال الخطابي على معنى القطعة وفيه نظر لانها كانت تبرا وقد يؤنث الذهب في بعض اللغات وفي معظم النسخ من مسلبذهبة بفتحتين بغير تصغير قوله في أديم مقروظ بظاء معجمة مشالة أي مدبوع بالقر قوله لم تحصل من ترابها أي لم تخلص من تراب المعدن فكأنها كانت تبرا وتخليصها بالسبك قوله بين عيينة بن بدر كذا نسب لجده الاعلى وهو عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري قوله وأقرع بن حابس قال بن مالك فيه شاهد على أن ذا الالف واللام من الاعلام الغالبة قد ينزعان عنه في غير نداء ولا إضافة ولا ضرورة وقد حكى سيبويه عن العرب هذا يوم اثنين مبارك وقال مسكين الدارمي ونابغة الجعدي في الجعدية وقد تقدم ذكر عيينة والاقرع في غزوة حنين وقد مضى في أحاديث الانبياء ويأتي في التوحيد من طريق سعيد بن مسروق عن بن أبي نعم بلفظ والاقرع بن حابس الحنظلي ثم المجاشعي
[ 54 ]
قوله وزيد الخيل أي بن مهلهل الطائي وفي رواية سعيد بن مسروق وبين زيد الخيل الطائي ثم أحد بن نبهان وقيل له زيد الخيل لكرائم الخيل التي كانت له وسماه النبي صلى الله عليه وسلم زيد الخير بالراء بدل اللام وأثنى عليه فأسلم فحسن إسلامه ومات في حياة النبي صلى الله عليه وسلم قوله والرابع إما علقمة أي بن علاثة بضم المهملة والمثلثة العامري واما عامر بن الطفيل وهو العامري وجزم في رواية سعيد بن مسروق بأنه علقمة بن علاثة العامري ثم أحد بني كلاب وهو من أكابر بني عامر وكان يتنازع الرياسة هو وعامر بن الطفيل وأسلم علقمة فحسن إسلامه واستعمله عمر على حوران فمات بها في خلافته وذكر عامر بن الطفيل غلط من عبد الواحد فإنه كان مات قبل ذلك قوله فقال رجل من أصحابه لم أقف على اسمه وفي رواية سعيد بن مسروق فغضبت قريش والانصار وقالوا يعطي صناديد أهل نجد ويدعنا فقال إنما أتألفهم والصناديد بالمهملة والنون جمع صنديد وهو الرئيس قوله فقال ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء يأتيني خبر السماء صباحا ومساء في رواية سعيد بن مسروق أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال ذلك عقب قول الخارجي الذي يذكر بعد هذا وهو المحفوظ تنبيه هذه القصة غير القصة المتقدمة في غزوة حنين وهم من خلطها بها واختلف في هذه الذهيبة فقيل كانت خمس الخمس وفيه نظر وقيل من الخمس وكان ذلك من خصائصه أنه يضعه في صنف من الاصناف للمصلحة وقيل من أصل الغنيمة وهو بعيد وسيأتي الكلام على قوله من في السماء في كتاب التوحيد قوله فقام رجل غائر العينين بالغين المعجمة والتحتانية وزن فاعل من الغور والمراد أن عينيه داخلتان في محاجزهما لاصقتين بقعر الحدقة وهو ضد الجحوظ قوله مشرف بشين معجمة وفاء أي بارزهما والوجنتان العظمان المشرفان على الخدين قوله ناشز بنون وشين معجمة وزاى أي مرتفعها في رواية سعيد بن مسروق ناتئ الجبين بنون ومثناة على وزن فاعل من النتوء أي أنه يرتفع على ما حوله قوله محلوق سيأتي في أواخر التوحيد من وجه آخر أن الخوارج سيماهم التحليق وكان السلف يوفرون شعورهم لا يحلقونها وكانت ت طريقة الخوارج حلق جميع رؤوسهم قوله أو لست أحق أهل الارض أن يتقى الله وفي رواية سعيد بن مسروق فقال ومن يطع الله إذا عصيته وهذا الرجل هو ذو الخويصرة التميمي كما تقدم صريحا في علامات النبوة من وجه آخر عن أبي سعيد الخدري وعند أبي داود اسمه نافع ورجحه السهيلي وقيل اسمه حرقوص بن زهير السعدي وسيأتي تحرير ذلك في كتاب استتابة المرتدين قوله فقال خالد بن الوليد في رواية أبي سلمة عن أبي سعيد في علامات النبوة فقال عمر ولا تنافيه هذه الرواية لاحتمال أن يكون كل منهما سأل في ذلك قوله ألا أضرب عنقه قال لا لعله أن يكون يصلى فيه استعمال لعل استعمال عسى نبه عليه بن مالك وقوله يصلي قيل فيه دلالة من طريق المفهوم على أن تارك الصلاة يقتل وفيه نظر قوله أن أنقب بنون وقاف ثقيلة بعدها موحدة أي إنما أمرت أن آخذ بظواهر أمورهم قال القرطبي إنما منع قتله وأن كان قد استوجب القتل لئلا يتحدث الناس أنه يقتل أصحابه ولا سيما من صلى كما تقدم نظيره في قصة عبد الله بن أبي وقال المازري يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يفهم من الرجل الطعن في النبوة وإنما نسبه إلى ترك العدل في القسمة وليس ذلك كبيرة والانبياء معصومون من الكبائر بالاجماع واختلف في جواز وقوع الصغائر أو لعله لم يعاقب هذا الرجل
[ 55 ]
لانه لم يثبت ذلك عنه بل نقله عنه واحد وخبر الواحد لا يراق به الدم انتهى وأبطله عياض بقوله في الحديث أعدل يا محمد فخاطبه في الملا بذلك حتى استأذنوه في قتله فالصواب ما تقدم قوله يخرج من ضئضئ كذا للاكثر بضادين معجمتين مكسورتين بينهما تحتانية مهموزة ساكنة وفي آخره تحتانية مهموزة أيضا وفي رواية الكشميهني بصادين مهملتين فأما بالضاد المعجمة فالمراد به النسل والعقب ب وزعم بن الاثير أن الذي بالمهملة بمعناه وحكى بن الاثير أنه روى بالمد بوزن قنديل وفي رواية سعيد بن مسروق في أحاديث الانبياء أنه من ضئضئي هذا أو من عقب هذا قوله يتلون كتاب الله رطبا في رواية سعيد بن مسروق يقرءون القرآن قوله لا يجاوز حناجرهم وتقدم شرحه في علامات النبوة قوله يمرقون من الدين في رواية سعيد بن مسروق من الاسلام وفيه رد على من أول الدين هنا بالطاعة وقال أن المراد أنهم يخرجون من طاعة الامام كما يخرج السهم من الرمية وهذه صفة الخوارج الذين كانوا لا يطيعون الخلفاء والذي يظهر أن المراد بالدين الاسلام كما فسرته الرواية الاخرى وخرج الكلام مخرج الزجر وأنهم بفعلهم ذلك يخرجون من الاسلام الكامل وزاد سعيد بن مسروق في روايته يقتلون أهل الاسلام ويدعون أهل الاوثان وهو مما أخبر به صلى الله عليه وسلم من المغيبات فوقع كما قال قوله وأظنه قال لئن ادركتهم لاقتلنهم قتل ثمود في رواية سعيد بن مسروق لئن أدركتهم لاقتلتهم قتل عاد ولم يتردد فيه وهو الراجح وقد استشكل قوله لئن أدركتهم لاقتلتهم مع أنه نهى خالدا عن قتل أصلهم وأجيب بأنه أراد إدراك خروجهم واعتراضهم المسلمين بالسيف ولم يكن ظهر ذلك في زمانه وأول ما ظهر في زمان على كما هو مشهور وقد سبقت الاشارة إلى ذلك في علامات النبوة واستدل به على تكفير الخوارج وهي مسألة شهيرة في الاصول وسيأتي الالمام بشئ منها في استتابة المرتدين (0) الحديث الرابع حديث جابر في مجئ علي من اليمن إلى الحج في حجة الوداع وقد تقدم بالسندين المذكورين في كتاب الحج وتقدم شرحه هنا ك وقوله هنا وقدم على بسعايته بكسر السين المهملة يعني ولايته على اليمن لا بسعاية الصدقة قال النووي تبعا لغيره لانه كان يحرم عليه ذلك كما ثبت في صحيح مسلم في قصة طلب الفضل بن العباس أن يكون عاملا على الصدقة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنها أوساخ الناس والله أعلم (0) قوله غزوة ذي الخلصة بفتح الخاء المعجمة واللام بعدها مهملة وحكى بن دريد فتح أوله وإسكان ثانيه وحكى بن هشام ضمها وقيل بفتح أوله وضم ثانيه والاول أشهر والخلصة نبات له حب أحمر كخرز العقيق وذو الخلصة اسم للمبيت الذي كان فيه الصنم وقيل اسم البيت الخلصة واسم الصنم ذو الخلصة وحكى المبرد أن موضع ذي الخلصة صار مسجدا جامعا لبلدة يقال لها العبلات من أرض خثعم ووهم من قال إنه كان في بلاد فارس (4097) قوله حدثنا خالد هو بن عبد الله الطحان وبيان بموحدة ثم تحتانية خفيفة وهو بن بشر وقيس هو بن أبي حازم قوله كان بيت في الجاهلية يقال له ذو الخلصة في الرواية التي بعدها أنه كان في خثعم بمعجمة ومثلثة وزن جعفر قبيلة شهيرة ينتسبون إلى خثعم بن أنمار بفتح أوله وسكون النون أي بن إراش بكسر أوله وتخفيف الراء وفي آخره معجمة بن عنز بفتح المهملة وسكون النون بعدها زاى أي بن وائل ينتهي نسبهم إلى ربيعة بن نزار إخوة مضر بن نزار جد قريش وقد وقع ذكر ذي الخلصة في حديث أبي هريرة عند الشيخين في كتاب الفتن مرفوعا
[ 56 ]
لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكان صنما تعبده دوس في الجاهلية والذي يظهر لي أنه غير المراد في حديث الباب وأن كان السهيلي يشير إلى اتحادهما لان دوسا قبيلة أبي هريرة وهم ينتسبون إلى دوس بن عدثان بضم المهملة وبعد الدال الساكنة مثلثة بن عبد الله بن زهران ينتهي نسبهم إلى الازد فبينهم وبين خثعم تباين في النسب والبلد وذكر بن دحية أن ذا الخلصة المراد في حديث أبي هريرة كان عمرو بن لحي قد نصبه أسفل مكة وكانوا يلبسونه القلائد ويجعلون عليه بيض النعام ويذبحون عنده وأما الذي لخثعم فكانوا قد بنوا بيتا يضاهون به الكعبة فظهر الافتراق وقوى التعدد والله أعلم قوله والكعبة اليمانية والكعبة الشامية كذا فيه قيل وهو غلط والصواب اليمانية فقطسموها بذلك مضاهاة للكعبة والكعبة البيت الحرام بالنسبة لمن يكون جهة اليمن شامية فسموا التي بمكة شامية والتي عندهم يمانية تفريقا بينهما والذي يظهر لي أن الذي في الرواية صواب وأنها كان يقال لها اليمانية باعتبار كونها باليمن والشامية باعتبار أنهم جعلوا بابها مقابل الشام وقد حكى عياص أن في بعض الروايات والكعبة اليمانية الكعبة الشامية بغير واو قال وفيه إيهام قال والمعنى كان يقال لها تارة هكذا وتارة هكذا وهذا يقوى ما قلته فإن إرادة ذلك مع ثبوت الواو أولى وقال غيره قوله والكعبة الشامية مبتدأ محذوف الخبر تقديره هي التي بمكة وقيل الكعبة مبتدأ والشامية خبره والجملة حال والمعنى والكعبة هي الشامية لاغير وحكى السهيلي عن بعض النحويين أن له زائدة وأن الصواب كان يقال الكعبة الشامية أي لهذا البيت الجديد والكعبة اليمانية أي للبيت العتيق أو بالعكس قال السهيلي وليست فيه زيادة وإنما اللام بمعنى من أجل أي كان يقال من أجله الكعبة الشامية والكعبة اليمانية أي إحدى الصفتين للعتيق والاخرى للجديد قوله الا تريحني هو بتخفيف اللام طلب يتضمن الامر وخص جريرا بذلك لانها كانت في بلاد قومه وكان هو من اشرافهم والمراد بالراحة راحة القلب وما كان شئ أتعب لقلب النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء ما يشرك به من دون الله تعالى وروى الحاكم في الاكليل من حديث البراء بن عازب قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مائة رجمن بني بجيلة وبني قشير جرير بن عبد الله فسأله عن بني خثعم فأخبره أنهم أبوا أن يجيبوا إلى الاسلام فاستعمله على عامة من كان معه وندب معه ثلاثمائة من الانصار وأمره أن يسير إلى خثعم فيدعوهم ثلاثة أيام فإن أجابوا إلى الاسلام قبل منهم وهدم صنمهم ذا الخلصة وإلا وضع فيهم السيف قوله فنفرت أي خرجت مسرعا قوله في مائة وخمسين راكبا زاد في الرواية التي بعدها وكانوا أصحاب خيل أي يثبتون عليها لقوله بعده وكنت لا أثبت على الخيل ووقع في رواية ضعيفة في الطبراني أنهم كانوا سبعمائة فلعلها إن كانت محفوظة يكون الزائد رجاله وأتباعا ثم وجدت في كتاب الصحابة لابن السكن أنهم كانوا أكثر من ذلك فذكر عن قيس بن غربة الاحمسي أنه وفد في خمسمائة قال وقدم جرير في قومه وقدم الحجاج بن ذي الاعين في مائتين قال وضم إلينا ثلاثمائة من الانصار وغيرهم فغزونا بني خثعم فكأن المائة والخمسين هم قوم جرير وتكملة المائتين أتباعهم وكان الرواية التي فيها سبعمائة من كان من رهط جرير وقيس بن غربة لان الخمسين كانوا من قبيلة واحدة وغربة بفتح المعجمة والراء المهملة بعدها موحدة ضبطه الاكثر قوله فكسرناه أي البيت وسيأتي البحث
[ 57 ]
فيه بعد قوله فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته كذا فيه وفي الرواية الاخيرة أن الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك رسول جرير فكأنه نسب إلى جرير مجازا قوله فدعا لنا ولاحمس بمهملة وزن أحمر وهم إخوة بجيله بفتح الموحدة وكسر الجيم رهط جرير ينتسبون إلى أحمس بن الغوث بن أنمار وبجيلة امرأة نسبت إليها القبيلة المشهورة ومدار نسبهم أيضا على أنمار وفي العرب قبيلة أخرى يقال لها أحمس ليست مرادة هنا ينتسبون إلى أحمس بن ضبيعة بن ربيعة بن نزار ووقع في الرواية التي بعد هذه فبارك في خيل أحمس ورجالها خمس مرات أي دعا لهم بالبركه ووقع عند الاسماعيلي من رواية بن شهاب عن إسماعيل بن أبي خالد فدعا لاحمس بالبركة (4098) قوله وكنت لا أثبت على الخيل فضرب على صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري في حديث البراء عند الحاكم فشكا جرير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القلع فقال ادن مني فدنا منه فوضع يده على رأسه ثم أرسلها على وجهه وصدره حتى بلغ عانته ثم وضع يده على رأسه وأرسلها على ظهره حتى انتهت إلى أليته وهو يقول مثل قوله الاول فكان ذلك للتبرك بيده المباركة فائدة القلع بالقاف ثم اللام المفتوحتين ضبطه أبو عبيد الهروي الذي لا يثبت على السرج وقيل بكسر أوله قال الجوهري رجل قلع القدم بالكسر إذا كانت قدمه لا تثبت عند الحرب وفلان قلعة إذا كان يتقلع عن سرجه وسئل عن الحكمة في قوله خمس مرات فقيل مبالغة واقتصارا على الوتر لانه مطلوب ثم ظهر لي احتمال أن يكون دعا للخيل والرجال أو لهما معا ثم أراد التأكيد في تكرير الدعاء ثلاثا فدعا للرجال مرتين أخريين وللخيل مرتين أخريين ليكمل لكل من الصنفين ثلاثا فكان مجموع ذلك خمس مرات قوله اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا قيل فيه تقديم وتأخير لانه لا يكون هاديا حتى يكون مهديا وقيل معناه كاملا مكملا ووقع في حديث البراء أنه قال ذلك في حال إمرار يده عليه في المرتين وزاد وبارك فيه وفي ذريته تنبيه كلام المزي في الاطراف يقتضى أن قوله واجعله هاديا مهديا من افراد مسلم وليس كذلك لانه ثبت هنا من طريقين قوله فكسرها وحرقها أي هدم بناءها ورمى النار فيما فيها من الخشب (4099) قوله في الرواية الثالثة ولما قدم جرير اليمن الخ يشعر باتحاد قصته في غزوة ذي الخلصة بقصة ذهابه إلى اليمن وكأنه لما فرغ من أمر ذي الخلصة وأرسل رسوله مبشرا استمر ذاهبا إلى اليمن للسبب الذي سيذكر بعد باب وقوله يستقسم أي يستخرج غيب ما يريد فعله من خير أو شر وقد حرم الله ذلك بقوله تعالى وأن تستقسموا بالازلام وحكى أبو الفرج الاصبهاني أنهم كانوا يستقسمون عند ذي الخلصة وأن امرأ القيس لما خريطلب بثار أبيه استقسم عنده فخرج له ما يكره فسب الصنم ورماه بالحجارة وأنشد لو كنت يا ذا الخلص الموتورا لم تنه عن قتل العداة زورا قال فلم يستقسم عنده أحد بعد حتى جاء الاسلام قلت وحديث الباب يدل على أنهم استمروا
[ 58 ]
يستقسمون عنده حتى نهاهم الاسلام وكأن الذي استقسم عنده بعد ذلك لم يبلغه التحريم أو لم يكن أسلم حتى زجره جرير قوله ثم بعث جرير رجلا من أحمس يكنى أبا أرطاة بفتح الهمز وسكون الراء بعدها مهملة وبعد الالف هاء تأنيث واسم أبي أرطاة هذا حصين بن ربيعة وقع مسمى في صحيح مسلم ولبعض رواته حسين بسين مهملة بدل الصاد وهو تصحيف ف ومنهم من سماه حصن بكسر أول وسكون ثانيه وقلبه بعض الرواة فقال ربيعة بن حصين ومنهم من سماه أرطاة والصواب أبو أرطاة حصين بن ربيعة وهو بن عامر بن الازور وهو صحابي يجلى لم أر له ذكرا إلا في هذا الحديث قوله كأنها جمل أجرب بالجيم والموحدة هو كناية عن نزع زينتها وإذهاب بهجتها وقال الخطابي المراد أنها صار ت مثل الجمل المطلى بالقطران من جربه إشارة إلى أنها صارت سوداء لما وقع فيها من التحريق ووقع لبعض الرواة وقيل إنها رواية مسدد أجوف بواو بدل الراء وفاء بدل الموحدة والمعنى أنها صارت صورة بغير معنى والاجوف الخالي الجوف مع كبره في الظاهر ووقع لابن بطال معنى قوله أجرب أي أسود ومعنى قوله أجوف أي أبيض وحكاه عن ثابت السرقسطي وأنكره عياص وقال هو تصحيف وإفساد للمعنى كذا قال فإن أراد إنكار تفسير أجوف بأبيض فمقبول لانه يضاد معنى الاسود وقد ثبت أنه حرقها والذي يحرق يصير أثره أسود لا محالة فيه فكيف يوصف بكونه أبيض وإن أراد إنكار لفظ أجوف فلا إفساد فيه فإن المراد أنه صار خاليا لا شئ فيه كا قررته وفي الحديث مشروعية إزالة ما يفتتن به الناس من بناء وغيره سواء كان إنسانا أو حيوانا أو جمادا وفيه استمالة نفوس القوم بتأمير من هو منهم والاستمالة بالدعاء والثناء والبشارة في الفتوح وفضل ركوب الخيل في الحرب وقبول خبر الواحد والمبالغة في نكاية العدو ومناقب لجرير ولقومه وبركة يد النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه وأنه كان يدعو وترا وقد يجاوز الثلاث وفيه تخصيص لعموم قول أنس كان إذا دعا دعا ثلاثا فيحمل على الغالب وكأن الزيادة لمعنى اقتضى ذلك وهو ظاهر في أحمس لما اعتمدوه من دحض الكفر ونصر الاسلام ولا سيما مع القوم الذين هم منهم (0) قوله باب غزوة ذات السلاسل تقدم ضبطها وبيان الاختلاف فيها في أواخر مناقب أبي بكر قيل سميت ذات السلاسل لان المشركين ارتبط بعضهم إلى بعض مخافة أن يفروا وقيل لان بها ماء يقال له السلسل وذكر بن سعد أنها وراء وادي القرى وبينها وبين المدينة عشرة أيام قال وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان من الهجرة وقيل كانت سنة سبع وبه جزم بن أبي خالد في كتاب صحيح التاريخ ونقل بن عساكر الاتفاق على أنها كانت بعد غزوة مؤتة إلا بن إسحاق فقال قبلها قلت وهو قضية ما ذكر عن بن سعد وابن أبي خالد قوله وهي غزوة لخم وجذام قاله إسماعيل بن أبي خالد وعند بن إسحاق أنه ماء لبني جذام ولخم أما لخم فيفتح اللام وسكون المعجمة قبيلة كبيرة شهيرة ينسبون إلى لخم واسمه مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد وأما جذام فبضم الجيم بعدها معجمة خفيفة قبيلة كبيرة شهيرة أيضا ينسبون إلى عمرو بن عدي وهم إخوة لخم على المشهور وقيل هم من ولد أسد بن خزيمة قوله وقال بن إسحاق عن يزيد عن عروة هي بلاد بلى وعذرة وبني القين أما يزيد فهو بن رومان مدني مشهور وأما عروة فهو بن الزبير بن العوام وأما القبائل التي ذكرها فالثلاثة بطون من قضاعة أما بلى فيفتح الموحدة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء النسب قبيلة كبيرة ينسبون إلى بلى بن عمرو
[ 59 ]
بن الحاف بن قضاعة وأما عذرة فبضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة قبيلة كبيرة ينسبون إلى عذرة بن سعد هذيم بن زيد بن ليث بن سويد بن أسلم بضم اللام بن الحاف بن قضاعة وأما بنو القين فقبيلة كبيرة أيضا ينسبون إلى القين بن جسر ويقال كان له عبد يسمى القين حضنه فنسب إليه وكان اسمه النعمان بن جسر بن شيع الله بكسر المعجمة وسكون التحتانية بعدها عين مهملة بن أسد بن ويرة بن ثعلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة ووهم بن التين فقال بنوالقين قبيلة من بني تميم وذكر بن سعد أن جمعا من قضاعة تجمعوا وأرادوا أن يدنوا من أطراف المدينة فدعا النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص فعقد له لواء أبيض وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والانصار ثم أمده بأبي عبيدة بن الجراح في مائتين وأمره أن يلحق بعمرو وأن لا يختلفا فأراد أبو عبيدة أن يؤم بهم فمنعه عمرو وقال إنما قدمت على مددا وأنا الامير فأطاع له أبو عبيدة فصلى بهم عمرو وتقدم في التيمم أنه احتلم في ليلة باردة فلم يغتسل وتيمم وصلى بهم الحديث ث وسار عمرو حتى وطئ بلاد بلى وعذرة وكذا ذكر موسى بن عقبة نحو هذه القصة وذكر بن إسحاق أن أم عمرو بن العاص كانت من بلى فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عمرا يستنفر الناس إلى الاسلام ويستألفهم بذلك وروى إسحاق بن راهويه والحاكم من حديث ث بريدة أن عمرو بن العاص أمرهم في تلك الغزوة أن لا يوقدوا نارا فأنكر ذلك عمر فقال له أبو بكر دعه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب فسكت عنه فهذا السبب أصبح إسنادا من الذي ذكره بن إسحاق لكن لا يمنع الجمع وروى بن حبان من طريق قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في ذات السلاسل فسأله أصحابه أن يوقدوا نارا فمنعهم فكلموا أبا بكر فكلمه في ذلك فقال لا يوقد أحد منهم نارا الا قذفته فيها قال فلقوا العدو فهزمهم فأرادوا أن يتبعوهم فمنعهم فلما انصرفوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا نارا فيرى عدوهم قلتهم وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فحمد أمره فقال يا رسول الله من أحب الناس إليك الحديث فاشتمل هذا السياق على فوائد زوائد ويجمع بينه وبين حديث بريدة بأن أبا بكر سأله فلم يجبه فسلم له أمره وألحوا على أبي بكر حتى يسأله فسأله فلم يجبه (4100) قوله حدثنا إسحاق هو بن شاهين وخالد هو بن عبد الله الطحان وشيخه خالد هو بن مهران الحذاء وأبو عثمان هو النهدي قوله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن العاص على جيش ذات السلاسل هذه صورته مرسل بل جزم الاسماعيلي بأنه مرسل لكن الحديث موصول لقوله بعد ذلك قال فأتيته فإن المراد قال عمرو بن العاص وأبو عثمان سمع من عمرو بن العاص وقد أخرجه مسلم عن يحيى بن يحيى والاسماعيلي من رواية وهب بن بقية ومعلى بن منصور كلهم عن خالد بن عبد الله بالاسناد الذي أخرجه البخاري فقال في روايته عن أبي عثمان عن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فذكر الحديث وتقدم في مناقب أبي بكر من طريق أخرى عن خالد الحذاء عن أبي عثمان قال حدثنا عمرو بن العاص فذكره قوله فأتيته في رواية معلى بن منصور المذكورة قدمت من جيش ذات السلاسل فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وعند البيهقي من طريق علي بن عاصم عن خالد الحذاء في هذه القصة قال عمرو فحدثت نفسي أنه لم يبعثني على قوم
[ 60 ]
فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلة لي عنده فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت يا رسول الله من أحب الناس إليك الحديث قوله فعد رجالا في رواية علي بن عاصم قال قلت في نفسي لا أعود لمثلها أسأل عن هذا وفي الحديث جواز تأمير المفضول على الفاضل إذا امتاز المفضول بصفة تتعلق بتلك الولاية ومزية أبي بكر على الرجال وبنته عائشة على النساء وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في المناقب ومنقبه لعمرو بن العاص لتأمير على جيش فيهم أبو بكر وعمر وإن كان ذلك لا يقتضى أفضليته عليهم لكن يقتضى أن له فضلا في الجملة وقد روينا في فوائد أبي بكر بن أبي الهيثم من حديث رافع الطائي قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم جيشا واستعمل عليهم عمرو بن العاص وفيهم أبو بكر قال وهي الغزوة التي يفتخر بها أهل الشام وروى أحمد والبخاري في الادب وصححه أبو عوانة وابن حبان والحاكم من طريق علي بن رباح عن عمرو بن العاص قال بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يأمرني أن آخذ ثيابي وسلاحي فقال يا عمرو إني أريد أن أبعثك على جيش فيغنمك الله ويسلمك قلت أني لم أسلم رغبة في المال قال نعم المال الصالح للمرء الصالح وهذا فيه إشعار بأن بعثه عقب إسلامه وكان إسلامه في أثناء سنة سبع من الهجرة قوله في آخر الحديث فسكت بتشديد المثناة المضمومة هو مقول عمرو (0) قوله باب ذهاب جرير أي بن عبد الله البجلي إلى اليمن ذكر الطبراني من طريق إبراهيم بن جرير عن أبيه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم أن يقولوا لا إله إلا الله فالذي يظهر أن هذا البعث غير بعثه إلى هدم ذي الخلصة ويحتمل أن يكون بعثه إلى الجهتين على الترتيب ويؤيده ما وقع عند بن حبان في حديث جرير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا جرير إنه لم يبق من طواغيت الجاهلية إلا بيت ذي الخلصة فإنه يشعر بتأخير هذه القصة جدا وسيأتي في حجة الوداع أن جريرا شهدها فكأن إرساله كان بعدها فهدمها ثم توجه إلى اليمن ولهذا لما رجع بلغته وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (4101) قوله حدثني عبد الله بن أبي شيبة هو أبو بكر واسم أبيه محمد بن أبي شيبة واسمه إبراهيم بن عثمان العبسي بالموحدة الحافظ وابن إدريس هو عبد الله وقيس هو بن أبي حازم والاسناد كله كوفيون قوله كنت باليمن في رواية أبي إسحاق عن جرير عند بن عساكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى ذي عمرو وذي الكلاع يدعوهما إلى الاسلام فاسلما قال وقال لي ذو الكلاع ادخل على أم شرحبيل يعني زوجته وعند الواقدي في الردة بأسانيد متعددة نحو هذا قوله فلقيت رجلين من أهل اليمن في رواية الاسماعيلي كنت باليمن فأقبلت ومعي ذو الكلاع وذو عمرو وهذه الرواية أبين وذلك أن جريرا قضى حاجته من اليمن وأقبل راجعا يريد المدينة فصحبه من ملوك اليمن ذو الكلاع وذو عمرو فأما ذو الكلاع فهو بفتح الكاف وتخفيف اللام واسمه اسميفع بسكون المهملة وفتح الميم وسكون التحتانية وفتح الفاء وبعدها مهملة ويقال أيفع بن باكوراء ويقال بن حوشب بن عمرو وأما ذو عمرو فكان أحد ملوك اليمن وهو من حمير أيضا ولم أقف على اسم غيره ولا رأيت من أخباره اكثر مما ذكر في حديث الباب وكانا عزما على التوجه إلى المدينة فلما بلغهما وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعا إلى اليمن ثم هاجرا في زمن عمر قوله لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك أي حقا في رواية الاسماعيلي لئن كان كما تذكر وقوله لقد مر على أجله جواب لشرط مقدر أي أن أخبرتني بهذا أخبرك بهذا وهذا قاله ذو عمرو
[ 61 ]
عن اطلاع من الكتب القديمة لان اليمن كان أقام بها جماعة من اليهود فدخل كثير من أهل اليمن في دينهم وتعلموا منهم وذلك بين قوله صلى الله عليه وسلم لمعاذ لما بعثه إلى اليمن إنك ستأتي قوما أهل كتاب وقال الكرماني يحتمل أن يكون سمع من بعض القادمين من المدينة سرا أو أنه كان في الجاهلية كامنا أو أنه صار بعد إسلامه محدثا أي بفتح الدال وقد تقدم تفسيره بأنه الملهم قلت وسياق الحديث يدل على ما قررته لانه علق ما ظهر له من وفاته على ما أخبره به جرير من أحواله ولو كان ذلك ك مستفادا من غير ما ذكرته لما أحتاج إلى بناء ذلك على ذلك لان الاولين خبر محض ض والثالث وقوع شئ في النفس عن غير قصد وقد روى الطبراني من طريق زياد بن علاقة عن جرير في هذه القصة قال قال لي حبر باليمن وهذا يؤيد ما قلته فلله الحمد قوله فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال أفلا جئت بهم كأنه جمع باعتبار من كان معهما من الاتباع قوله فلما كان بعد الخ لعل ذلك كان لما هاجر ذو عمرو في خلافة عمر وذكر يعقوب بن شبة بإسناد له أن ذا الكلاع كان معه اثنا عشر ألف بيت من مواليه فسأله عمر بيعهم ليستعين بهم على حرب المشركين فقال ذو الكلاع هم أحرار فأعتقهم في ساعة واحدة وروى سيف في الفتوح أن أبا بكر بعث أنس بن مالك يستنفر أهل اليمن إلى الجهاد فرحل ذو الكلاع ومن اطاعه وذكر بن الكلبي في النسب أن ذا الكلاع كان جميلا فكان إذا دخل مكة يتعمم وشهد صفين مع معاوية وقتل بها قوله تآمرتم بمد الهمزة وتخفيف الميم أي تشاورتم أو بالقصر وتشديد الميم أي اقمتم أميرا منكم عن رضا منكم أو عهد من الاول وقوله فإذا كانت أي الامارة بالسيف أي بالقهر والغلبة كانوا ملوكا أي الخلفاء وهذا دليل على ما قررته أن ذا عمرو كان له اطلاع على الاخبار من الكتب القديمة واشارته بهذا الكلام تطابق الحديث الذي أخرجه أحمد وأصحاب السنن وصححه بن حبان وغيره من حديث سفينة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم تصير ملكا عضوضا قال بن التين ما قاله ذو عمرو وذو الكلاع لا يكون إلا عن كتاب أو كهانة وما قاله ذو عمرو لا يكون إلا عن كتاب قلت ولا أدري لم فرق بين المقالتين والاحتمال فيهما واحد بل المقالة الاخيرة يحتمل أن تكومن جهة التجربة (0) قوله باب غزوة سيف البحر هو بكسر المهملة وسكون التحتانية وآخره فاء أي ساحل البحر قوله وهم يتلقون عير القريش هو صريح ما في الرواية الثانية في الباب حيث قال فيها ترصد عير قريش وقد ذكر بن سعد وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثهم إلى حي من جهينة بالقبلية بفتح القاف والموحدة مما يلي ساحل البحر بينهم وبين المدينة خمس ليال وأنهم انصرفوا ولم يلقوا اكيدا وأن ذلك كان في رجب سنة ثمان وهذا لا يغاير ظاهره ما في الصحيح لانه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيرا لقريش ويقصدون حيا من جهينة ويقوى هذا الجمع ما عند مسلم من طريق عبيد الله بن مقسم عن جابر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثا إلى أرض جهينة فذكر هذه القصة لكن تلقى عير قريش ما يتصور أن يكون في الوقت الذي ذكره بن سعد في رجب سنة ثمان لانهم كانوا حينئذ في الهدنة بل مقتضى ما في الصحيح أن تكون هذه السرية في سنة ست أو قبلها قبل هدنة الحديبية نعم يحتمل أن يكون تلقيهم للعير ليس لمحاربتهم بل لحفظهم من جهينة ولهذا لم يقع في شئ من طرق الخبر أنهم قاتلوا أحدا بل فيه أنهم قاموا نصف شهر أو أكثر في مكان واحد فالله أعلم
[ 62 ]
(4102) قوله عن وهب بن كيسان عن جابر قوله قبل الساحل بكسر القاف وفتح الموحدة أي جهته ووقع في رواية عبادة بن الوليد بن عبادة سيف البحر وسأذكر من أخرجها قوله وأمر عليهم أبا عبيدة في رواية أبي حمزة الخولاني عن جابر بن أبي عاصم في الاطعمة تأمر علينا قيس بن سعد بن عبادة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمحفوظ ما اتفقت عليه روايات الصحيحين أنه أبو عبيدة وكأن أحد رواته ظن من صنيع قيس بن سعد في تلك الغزوة ما صنع من نحر الابل التي اشتراها أنه كان أمير السرية وليس كذلك قوله فخرجنا فكنا ببعض الطريق ففي الزاد فأمر أبو عبيدة بازواد الجيش فجمع فكان مزود تمر المزود بكسر الميم وسكون الزاى ما يجعل فيه الزاد قوله فكان يقوتنا بفتح أوله والتخفيف من الثلاثي وبضمه والتشديد من التقويت قوله كل يوم قليلا قليلا حتى فني فلم يكن يصيبنا إلا تمرة تمرة ظاهر هذا السياق أنهم كان لهم زاد بطريق العموم وأزواد بطريق الخصوص فلما فني الذي بطريق العموم اقتضى رأى أبي عبيدة أن يجمع الذي بطريق الخصوص لقصد المساواة بينهم في ذلك ففعل فكان جميعه مزودا واحدا ووقع عند مسلم من حديث أبي الزبير عن جابر بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة فتلقينا لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره وكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة وظاهره مخالف لرواية الباب ويمكن الجمع بأن الزاد العام كان قدر جراب فلما نفد وجمع أبو عبيدة الزاد الخاص أتفق أنه أيضا كان قدر جراب ويكون كل من الراويين ذكر ما لم يذكره الآخر وأما تفرقة ذلك تمرة تمرة فكان في ثاني الحال وقد تقدم في الجهاد من طريق هشام بن عروة عن وهب بن كيسان في هذا الحديث خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا ففني زادنا حتى كان الرجل منا يأكل كل يوم تمرة وأما قول عياض يحتمل أنه لم يكن في ازوادهم تمر غير الجراب المذكور فمردود لآن حديث الباب صريح في أن الذي اجتمع من أزوادهم كامزود تمر ورواية أبي الزبير صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم زودهم جرابامن تمر فصح أن التمر كان معهم من غير الجراب وأما قول غيره يحتمل أن يكون تفرقته عليهم تمرة تمرة كان من الجراب النبوي قصدا لبركته وكان يفرق عليهم من الازواد التي جمعت أكثر من ذلك فبعيد من ظاهر السياق بل في رواية هشام بن عروة عند بن عبد البر فقلت ازوادنا حتى ما كان يصيب الرجل منا إلا تمرة قوله فقلت ما تغنى عنكم تمرة هو صريح في أن السائل عن ذلك وهب بن كيسان فيفسر به المبهم في رواية هشام بن عروة التي مضت في الجهاد فإن فيها فقال رجل يا أبا عبد الله وهي كنية جابر أين كانت تقع التمرة من الرجل وعند مسلم من رواية أبي الزبير أنه أيضا سئل عن ذلك فقال لقد وجدنا فقدها حين فنيت أي مؤثرا وفي رواية أبي الزبير فقلت كيف كنتم تصنعون بها قال نمصها كما يمص الصبي الثدي ثم نشرب عليها الماء فتكفينا يومنا إلى الليل قوله في الرواية الثانية فأصابنا جوع شديد حتى اكلنا الخيط بفتح المعجمة والموحدة بعدها مهملة هو ورق السلم في رواية أبي الزبير وكنا نضرب بعصينا الخيط ثم نبله بالماء فنأكله وهذا يدل على أنه كان يابسا بخلاف ما جزم به الداودي أنه كان أخضر رطبا ووقع في رواية الخولاني وأصابتنا مخمصة قوله ثم انتهينا إلى البحر أي إلى ساحل البحر وهو صريح الرواية الثانية وفي رواية أبي الزبير
[ 63 ]
فانطلقنا على ساحل البحر قوله فإذا حوت مثل الظرب أما الحوت فهو اسم جنس لجميع السمك وقيل هو مخصوص بما عظم منها والظرب بفتح المعجمة المشالة ووقع في بعض النسخ بالمعجمة الساقطة حكاها بن التين والاول أصوب وبكسر الراء بعدها موحدة الجبل الصغير وقال الفزاز هو بسكون الراء إذا كان منبسطا ليس بالعالى وفي رواية أبي الزبير فوقع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم فأتيناه فإذا هو دابة تدعي العنبر وفي الرواية الثانية فألقى لنا البحر دابة يقال لها العنبر وفي رواية الخولاني فهبطنا بساحل البحر فإذا نحن بأعظم حوت قال أهل اللغة العنبر سمكة بحرية كبيرة يتخذ من جلدها الترسة ويقال إن العنبر المشموم وجميع هذه الدابة وقال بن سيناء بل المشموم يخرج من البحر وإنما يؤخذ من أجواف السمك الذي يبتلعه ونقل الماوردي عن الشافعي قال سمعت من يقول رأيت العنبر نابتا في البحر ملتويا مثل عنق الشاة وفي البحر دابة تأكله وهو سم لها فيقتلها فيقذفها فيخرج العنبر من بطنها وقال الازهري العنبر سمكة تكون بالبحر الاعظم يبلغ طولها خمسين ذراعا يقال لها بالة وليست بعربية قال الفرزدق فبتنا كأن العنبر الورد بيننا وبألة بحر فاؤها قد تخرما أي قد تشقق ووقع في رواية بن جريج عن عمرو بن دينار في أواخر الباب فألقى لنا البحر حوتا ميتة واستدل به على جواز أكل ميتة السمك وسيأتي البحث فيه في كتاب الاطعمة إن شاء الله تعالى قوله فأكل منه القوم ثمان عشرة ليلة في رواية عمرو بن دينار فأكلنا منه نصف شهر وفي رواية أبي الزبير فأقمنا عليها شهرا ويجمع بين هذا الاختلاف بأن الذي قال ثمان عشرة ضبط ما لم يضبطه غيره وأن من قال نصف شهر ألغى الكسر الزائد وهو ثلاثة أيام ومن قال شهرا جبر الكسر أو ضم بقية المدة التي كانت قبل وجدانهم الحوت إليها ورجح النووي رواية أبي الزبير لما فيها من الزيادة وقال بن التين احدى الروايتين وهم انتهى ووقع في رواية الحاكم اثنى عشر يوما وهي شاذة وأشد منها شذوذا رواية الخولاني فأقمنا قبلها ثلاثة ولعل الجمع الذي ذكرته أولى والله أعلم قوله في الرواية الثانية حتى ثابت بمثلثة أي رجعت وفيه إشارة إلى أنهم أصابهم هزال من الجوع السابق قوله وادهنا من ودكه بفتح الواو والمهملة أي شحمه وفي رواية أبي الزبير فلقد رايتنا نغترف من وقب عينه بالقلال الدهن ونقطع منه الفدر كالثور والوقب بفتح الواو وسكون القاف بعدها موحدة هي النقرة التي تكون فيها الحدقة والفدر بكسر الفاء وفتح الدال جمع فدرة بفتح ثم سكون وهي القطعة من اللحم ومن غيره وفي رواية الخولاني فحملنا ما شئنا من قديد وودك في الاسقية والغرائر قوله ثم أمر أبو عبيدة بضلعين من اضلاعه فنصبا كذا فيه واستشكل لان الضلع مؤنثة ويجاب بأن تأنيثه غير حقيقي فيجوز فيه التذكير قوله ثم أمر براحلة فرحلت ت ثم مرت تحتهما فلم تصبهما وفي الرواية الثانية فعمد إلى أطول رجل معه فمر تحته وفي حديث عبادة بن الصامت عند بن إسحاق ثم أمر بأجسم بعير معنا فحمل عليه أجسم رجل منا فخرج من تحتهما وما مست رأسه وهذا الرجل لم أقف على اسمه وأظنه قيسبن سعد بن عبادة فإن له ذكرا في هذه الغزوة كما ستراه بعد وكان مشهورا بالطول وقصته في ذلك معاوية لما أرسل إليه ملك الروم بالسراويل معروفة فذكرها المعافى الحريري في الجليس وأبو الفرج الاصبهاني وغيرهما ومحصلها أن أطول رجل من الروم نزع له قيس بن سعد سراويله فكان
[ 64 ]
طول قامة الرومي بحيث كان طرفها على أنفه وطرفها بالارض وعوتب قيس في نزع سراويله في المجلس فأنشد أردت لكيما يعلم الناس أنها سراويل قيس والوفود شهود وأن لا يقولوا غاب قيس وهذه سراويل عادي نمته ثمود وزاد مسلم في رواية أبي الزبير فأخذ أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا فأقعدهم في وقب عينه والوقب تقدم ضبطه وهو حفرة العين في عظم الوجه وأصله نقرة في الصخرة يجتمع فيها الماء والجمع وقاب بكسر أوله ووقع في آخر صحيح مسلم من طريق عبادة بن الوليد أن عبادة بن الصامت قال خرجت أنا وأبي نطلب العلم فذكر حديثا طويلا وفي آخره وشكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الجوع فقال عسى الله أن يطعمكم فأتينا سيف البحر فزخر البحر زخرة فألقى دابة فأورينا على شقها النار فاطبخنا واشتوينا وأكلنا وشبعنا قال جابر فدخلت أنا وفلان وفلان حتى عد خمسة في حجاج عينها وما يرانا أحد حتى خرجا وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه ثم دعونا بأعظم رجل في الركب وأعظم جمل في الركب وأعظم كفل في الركب فدخل تحته ما يطأطأ رأسه وظاهر سياقه أن ذلك وقع لهم في غزوة مع النبي صلى الله عليه وسلم لكن يمكن حمل قوله فأتينا سيف البحر على أنه معطوف على شئ محذوف تقديره فبعثنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأتينا الخ فيتحد مع القصة التي في حديث الباب قوله في الرواية الثانية (4103) فأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه كذا للاكثر وللمستملى من أعضائه والاول أصوب لان في السياق قال سفيان مرة ضلعا من أعضائه فدل على أن الرواية الاولى من اضلاعه قوله في الرواية الثانية وكان رجل من القوم نحر ثلاث جزائر أي عندما جاعوا ووقع في رواية الخولاني سبع جزائر قوله وكان عمرو هو بن دينار وأبو صالح هو ذكوان السمان قوله ان قيس بن سعد قال لابيه كنت في الجيش فجاعوا قال انحر وهذا صورته مرسل لان عمرو بن دينار لم يدرك زمان تحديث قيس لابيه لكنه في مسند الحميدي موصول أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه ولفظه عن أبي صالح عن قيس بن سعد بن عبادة قال قلت لابي وكنت في ذلك الجيش جيش الخبط فأصاب الناس جوع قال لي انحر قلت نحرت فذكره وفي آخره قلت نهيت وذكر الواقدي بإسناد له أن قيس بن سعد لما رأى ما بالناس قال من يشتري مني تمرا بالمدينة بجزور هنا فقال له رجل من جهينة من أنت فانتسب له فقال عرفت نسبك فابتاع منه خمس جزائر بخمسة أوسق وأشهد له نفرا من الصحابة فامتنع عمر لكون قيس لا مال له فقال الاعرابي ما كان سعد ليجنى بابنه في أوسق تمرفبلغ ذلك سعدا فغضب ووهب لقيس أربع حوائط أقلها يجذ خمسين وسقا وزاد بن خزيمة من طريق عمرو بن الحارث عن عمرو بن دينار وقال في حديثه لما قدموا ذكروا شأن قيس فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الجود من شيمة أهل ذلك البيت وفي حديث الواقدي أن أهل المدينة بلغهم الجهد الذي قد أصاب القوم فقال سعد بن عبادة إن يك قيس كما أعرف فسينحر للقوم قوله في الرواية الثالثة (4104) وأمر أبو عبيدة كذا لهم بضم الهمزة وتشديد الميم على البناء للمجهول وفي رواية بن عيينة عند مسلم واميرنا أبو عبيدة قوله وأخبرني أبو الزبير القائل هو بن جريج وهو موصول بالاسناد المذكور قوله أطعمونا إن كان معكم منه فآتاه بعضهم بالمد أي فأعطاه فأكله
[ 65 ]
ووقع في رواية بن السكن فأتاه بعضهم بعضو منه فأكله قال عياض وهو الوجه قلت في رواية أحمد من طريق بن جريج التي أخرجها منه البخاري وكان معنامنه شئ فأرسل به إليه بعض القوم فأكل منه ووقع في رواية أبي حمزة عن جابر عنبن أبي عاصم في كتاب الاطعمة فلما قدموا ذكروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو نعلم أنا ندركه لم يروح لاحببنا لو كان عندنا منه وهذا لا يخالف رواية أبي الزبير لانه يحمل على أنه قال ذلك ازديادا منه بعد أن احضروا له منه ما ذكر أو قال ذلك قبل أن يحضروا له منه وكان الذي أحضروه معهم لم يروح فأكل منه والله أعلم وفي الحديث من الفوائد أيضا مشروعية المواساة بين الجيش عند وقوع المجاعة وأن الاجتماع على الطعام يستدعى البركة فيه وقد اختلفوا في سبب نهى أبي عبيدة قيسا أن يستمر على إطعام الجيش فقيل لخشية أن تغنى حمولتهم وفيه نظر لان القصة أنه اشترى من غير العسكر وقيل لانه كان يستدين على ذمته وليس له مال فاريد الرفق به وهذا أظهر والله أعلم (0) قوله (4105) حج أبي بكر بالناس في سنة تسع كذا جزم به ونقل المحب الطبري عن صحيح بن حبان أن فيه عن أبي هريرة لما قفل النبي صلى الله عليه وسلم من حنين اعتمر من الجعرانة وأمر أبا بكر في تلك الحجة قال المحب إنما حج أبو بكر سنة تسع والجعرانة كانت سنة ثمان قال وإنما حج فيها عتاب بن أسيد كذا قال وكأنه تبع الماوردي فأنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر عتابا أن يحج بالناس عام الفتح والذي جزم به الازرقي في أخبار مكة خلافه فقال لم يبلغنا أنه استعمل في تلك السنة على الحج أحدا وإنما ولى عتابا إمرة مكة فحج المسلمون والمشركون جميعا وكان المسلمون مع عتاب لكونه الامير قلت والحق أنه لم يختلف في ذلك وإنما وقع الاختلاف في أي شهر حج أبو بكر فذكر بن سعد وغيره بإسناد صحيح عن مجاهد أن حجة أبي بكر وقعت في ذي القعدة ووافقه عكرمة بخالد فيما أخرجه الحاكم في الاكليل ومن عدا هذين إما مصرح بأن حجة أبي بكر كانت ت في ذي الحجة كالداودي وبه جزم من المفسرين الرماني والثعلبي والماوردي وتبعهم جماعة وإما ساكت والمعتمد ما قاله مجاهد وبه جزم الازرقي ويؤيده أن بن إسحاق صرح بأن النبي صلى الله عليه وسلم أقام بعد أن رجع من تبوك رمضان وشوالا وذا القعد ثم بعث أبا بكر أميرا على الحج فهو ظاهر في أن بعث أبي بكر كان بعد انسلاخ ذي القعدة فيكون حجة في ذي الحجة على هذا والله أعلم واستدل بهذا الحديث على أن فرض الحج كان قبل حجة الوداع والاحاديث في ذلك كثيرة شهيرة وذهب جماعة إلى أن حج أبي بكر هذا لم يسقط عنه الفرض بل كان تطوعا قبل فرض الحج ولا يخفى ضعفه ولبسط تقرير ذلك موضع غير هذا وقال بن القيم في الهدى ويستفاد أيضا من قول أبي هريرة في حديث الباب قبل حجة الوداع أنها كانت سنة تسع لان حجة الوداع سنة عشر اتفاقا وذكر بن إسحاق أن خروج أبي بكر كان في ذي القعدة وذكر الواقدي أنه خرج في تلك الحجة مع أبي بكر ثلاثمائة من الصحابة وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين بدنة ثم ذكر المصنف في الباب حديثين أحدهما حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في رهط يؤذن في الناس أن لا يحج بعد العام مشرك هكذا أورده مختصرا وسيأتي في تفسير سورة براءة تام السياق ويأتي تمام شرحه هنا ك ثانيهما حديث البراء آخر سورة نزلت كاملة براءة الحديث وسيأتي شرحه في التفسير أيضا وبيان ما وقع فيه من الاشكال من قوله
[ 66 ]
كاملة والغرض منه الاشارة إلى أن نزول قوله تعالى إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا الآية كان في هذه القصة أشار إلى ذلك الاسماعيلي ودقق في ذلك على خلاف عادته من الاعتراض على مثل ذلك وقد ذكر بن إسحاق بإسناد مرسل قال نزلت براءة وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا على الحج فقيل لو بعثت بها إلى أبي بكر فقال لا يؤدي عني إلا رجل من أهل بيتي ثم دعا عليا فقال أخرج بصدر براءة وأذن في الناس يوم النحر بمنى إذا اجتمعوا فذكر الحديث وروى أحمد من طريق محرز بن أبي هريرة عن أبيه قال كنت مع علي بن أبي طالب فكنت أنادى حتى صحل صوتي الحديث ومن طريق زيد بن يشيع قال سألت عليا بأي شئ بعثت في الحجة قال بأربع لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ولا يحج بعد العام مشرك ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته وأخرجه الترمذي من هذا الوجوصححه تنبيه وقع هنا ذكر حجة أبي بكر قبل الوفود والواقع أن ابتداء الوفود كابعد رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من الجعرانة في أواخر سنة ثمان وما بعدها بل ذكر بن إسحاق أن الوفود كانوا بعد غزوة تبوك نعم اتفقوا على أن ذلك كله كان في سنة تسع قال بن هشام حدثني أبو عبيدة قال كانت سنة تسع تسمى سنة الوفود وقد تقدفي غزوة الفتح في حديث عمرو بن سلمة كانت العرب تلوم باسلامها الفتح الحديث ث فلما كان الفتح بادر كل قوم بإسلامهم ولعل ذلك من تصرف الرواة كما قدمته غير مرة وسيأتي نظير هذا في تقديم حجة الوداع على غزوة تبوك وقد سرد محمد بن سعد في الطبقات الوفود وتبعه الدمياطي في السيرة التي جمعها وتبعه بن سيد الناس ومغلطاى وشيخنا في نظم السيرة ومجموع ما ذكروه يزيد على الستين (0) قوله) *) *) * (4107) وفد بني تميم أي بن مر بضم الميم وتشديد الراء بن أد بضم الهمزة وتشديد الدال المهملة بن طابخة بموحدة مكسورة ثم معجمة بن إلياس بن مضر بن نزاروذكر بن إسحاق أن أشراف بني تميم قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم منهم عطارد بن حاجب الدارمي والاقرع بن حابس الدارمي والزبرقان بن بدر السعدي وعمرو بن الاهتم المنقري والحباب بن يزيد المجاشعي ونعيم بن يزيد بن قيس بن الحارث وقيس بن عاصم المنقري قال بن إسحاق ومعهم عيينة بن حصن وكان الاقرع وعيينة شهدا الفتح ثم كانا مع بني تميم فلما دخلوا المسجد نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته فذكر القصة وسيأتي بيان ذلك في تفسير سورة الحجرات إن شاء الله تعالى ثم ذكر المصنف في الباب حديث عمران بن حصين في قوله صلى الله عليه وسلم أقبلوا البشرى يا بني تميم الحديث وقد تقدم شرحه في أول بدء الخلق ؟ 4108) قوله وكانت منهم في رواية الكشميهني منهم قوله سبية بفتح المهملة وكسر الموحدة وتشديد التحتانية وتخفيفها ثم همزة أي جارية مسبية فعيلة بمعنى مفعولة وقد تقدم الكلام على اسمها وتسمية بعض من أسر معها
[ 67 ]
وشرح هذه القصة من هذا الحديث في كتاب العتق قوله وجاءت صدقاتهم فقال هذه صدقات قوم أو قومي كذا وقع بالشك وقوم بالكسر بغير تنوين وفي رواية أبي يعلى عن زهير بن حرب شيخ البخاري فيه صدقات قومي بغير تردد قوله في حديث عبد الله بن الزبير الآخر قدم ركب من بني تميم فقال أبو بكر أمر القعقاع سيأتي شرح هذا الحديث مستوفى في أول تفسير سورة الحجرات إن شاء الله تعالى (0) قوله باب وفد عبد القيس هي قبيلة كبيرة يسكنون البحرين ينسبون إلى عبد القيس بن أقصى بسكون الفاء بعدها مهملة بوزن أعمى بن دعمى بضم ثم سكون المهملة وكسر الميم بعدها تحتانية ثقيلة بن جديلة بالجيم وزن كبيرة بن أسد بن ربيعة بن نزار والذي تبين لنا أنه كان لعبد القيس وفادتان إحداهما قبل الفتح ولهذا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم بيننا وبينك كفار مضر وكان ذلك قديما إما في سنة خمس أو قبلها وكانت قريتهم بالبحرين أول قرية أقيمت فها الجمعة بعد المدينة كما ثبت في آخر حديث في الباب وكان عدد الوفد الاول ثلاثة عشر رجلا وفيها سألوا عن الايمان وعن الاشربة وكان فيهم الاشج وقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والآناة كما أخرج ذلك مسلم من حديث أبي سعيد وروى أبو داود من طريق أم أبان بنت الوازع بن الزارع عن جدها زارع وكان في وفد عبد القيس قال فجعلنا نتبادر من رواحلنا يعني لما قدموا المدينة فنقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم وانتظر الاشج واسمه المنذر حتى لبس ثوبيه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له إن فيك لخصلتين الحديث وفي حديث هود بن عبد الله بن سعد العصري أنه سمع جده مزبدة العصري قال بينما النبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه إذ قال لهم سيطلع عليكم من ههنا ركب هم خير أهل المشرق فقام عمر فتوجه نحوهم فلقى ثلاثة عشر راكبا فبشرهم بقول النبي صلى الله عليه وسلم ثم مشى معهم حتى أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فرموا بأنفسهم عن ركائبهم فأخذوا يده فقبلوها وتأخر الاشج في الركاب حتى أناخها وجمع متاعهم ثم جاء يمشي فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن فيك خصلتين الحديث أخرجه البيهقي وأخرجه البخاري في الادب المفرد مطولا من وجه آخر عن رجل من وفد عبد القيس لم يسمه ثانيتهما كانت في سنة الوفود وكان عددهم حينئذ أربعين رجلا كما في حديث أبي حيوة الصناحي الذي أخرجه بن منده وكان فيهم الجارود العبدي وقد ذكر بن إسحاق قصته وأنه كان نصرانيا فأسلم وحسن إسلامه ويؤيد التعدد ما أخرجه بن حبان من وجه آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم مالي أرى ألوانكم تغيرت ففيه إشعار بأنه كان رآهم قبل التغير ثم ذكر البخاري في الباب أحاديث أحدها حديث بن عباس (4110) رضي الله تعالى عنهما قوله قلت لابن عباس إن لي جرة تنتبذ لي نبيذا أسند الفعل إلى الجرة مجازا وقوله في جر يتعلق
[ 68 ]
بجرة وتقديره أن لي جرة كائنة في جملة جرار وقوله خشيت أن افتضح أي لاني أصير في مثل حال السكارى وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الاشربة إن شاء الله تعالى في الكلام على باب ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم في الاوعية وقدم حديث الباب في أواخر كتاب الايمان (0) الحديث الثاني حديث أم سلمة (4112) قوله أخبرني عمرو هو بن الحارث قوله وقال بكر بن مضر الخ وصله الطحاوي من طريق عبد الله بن صالح عن بكر بن مضر بإسناده وساقه هنا على لفظ بكر بن مضر وتقدم في سجود السهو في الصلاة من الوجهين وساقه على لفظ عبد الله بن وهب وتقدم شرحه هناك والغرض منه ما فيه من ذكر وفد عبد القيس الحديث الثالث (4113) قوله حدثنا أبو عامر عبد الملك هو بن عمرو العقدى قوله بجواثي بضم الجيم وتخفيف المثلثة وقد تقدم ذلك مع شرح الحديث في كتاب الجمعة (0) قوله باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن آثال أما حنيفة فهوبن لجيم بجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل وهي قبيلة كبيرة شهيرة ينزلون اليمامة بين مكة واليمن وكان وفد بني حنيفة كما ذكره بن إسحاق وغيره في سنة تسع وذكر الواقدي أنهم كانوا سبعة عشر رجلا فيهم مسيلمة وأما ثمامة بن آثال فأبوه بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة بن النعمان بن مسلمة الحنفي وهو من فضلاء الصحابة وكانت ت قصته قبل وفد بني حنيفة بزمان فإن قصته صريحة في أنها كانت قبل فتح مكة كما سنبينه وكأن البخاري ذكرها هنا استطرادا ثم ذكر المصنف فيه أربعة أحاديث الحديث الاول حديث أبي هريرة في قصة ثمامة وقد صرح فيه بسماع سعيد المقبري له من أبي هريرة وأخرجه بن إسحاق عن سعيد فقال عن أبيه عن أبي هريرة وهو من المزيد في متصل الاسانيد فإن الليث موصوف بأنه أتقن الناس لحديث سعيد المقبري ويحتمل أن يكون سعيد سمعه من أبي هريرة وكان أبوه قد حدثه به قبل أو ثبته في شئ منه فحدث به على الوجهين (4114) قوله بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد أي بعث فرسان خيل إلى جهة نجد وزعم سيف في كتاب الزهد له أن الذي أخذ ثمامة وأسره هو العباس بن عبد المطلب وفيه نظر أيضا لان العباس إنما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في زمان فتح مكة وقصة ثمامة تقتضي أنها كانت قبل ذلك بحيث اعتمر ثمامة ثم رجع إلى بلاده ثم منعهم أن يميروا أهل مكة ثم شكا أهل مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثم بعث يشفع فيهم عند ثمامة قوله ماذا عند ك أي أي شئ عندك ويحتمل أن تكون ما استفهامية وذا موصولة وعندك صلته أي ما الذي استقر في ظنك أن أفعله بك فأجاب بأنه ظن خيرا فقال عندي يا محمد خير أي لانك لست ممن يظلم بل ممن يعفو ويحسن قوله إن تقتلني تقتل ذا دم كذا للاكثر بمهملة مخففة الميم
[ 69 ]
وللكشميهني ذم بمعجمة مثقل الميم قال النووي معنى رواية الاكثر إن تقتل تقتل ذا دم أي صاحب دم لدمه موقع يشتفى قاتله بقتله ويدرك ثأره لرياسته وعظمته ويحتمل أن يكون المعنى أنه عليه دم وهو مطلوب به فلا لوم عليك في قتله وأما الرواية بالمعجمة فمعناها ذا ذمة وثبت كذلك في رواية أبي داود وضعفها عياض بأنه يقلب المعنى لانه إذا كان ذا ذمة يمتنع قتله قال النووي يمكن تصحيحها بأن يحمل على الوجه الاول والمراد بالذمة الحرمة في قومه وأوجه الجميع الوجه الثاني لانه مشاكل لقوله بعد ذلك وأن تنعم تنعم على شاكر وجميع ذلك تفصيل لقوله عندي خير وفعل الشرط إذا كرر في الجزاء دل على فخامة الامر قوله قال عندي ما قلت ت لك أي إن تنعم تنعم على شاكر هكذا اقتصر في اليوم الثاني على أحد الشقين وحذ ف الامرين في اليوم الثالث وفيه دليل على حذفه وذلك أنه قدم أول يوم أشق الامرين عليه واشفى الامرين لصدر خصومه وهو القتل فلما لم يقع اقتصر على ذكر الاستعطاف وطلب الانعام في اليوم الثاني فكأنه في اليوم الاول رأى إمارات الغضب فقدم ذكر القتل فلما لم يقتله طمع في العفو فاقتصر عليه فلما لم يعمل شيئا مما قال اقتصر في اليوم الثالث على الاجمال تفويضا إلى جميل خلقه صلى الله عليه وسلم وقد وافق ثمامة في هذه المخاطبة قول عيس عليه السلام ان تعذبهم فإنهم عبادك وأن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم لان المقام يليق بذلك قوله فقال اطلقوا ثمامة في رواية بن إسحاق قال قد عفوت عنك يا ثمامة وأعتقتك وزاد بن إسحاق في روايته أنه لما كان في الاسر جمعوا ما كان في أهل النبي صلى الله عليه وسلم من طعام ولبن فلم يقع ذلك من ثمامة موقعا فلما أسلم جاءوه بالطعام فلم يصب منه إلا قليلا فتعجبوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وأن المؤمن يأكل في معي واحد قوله فبشره أي بخيري الدنيا والآخرة أو بشره بالجنة أو بمحو ذنوبه وتبعاته السابقة قوله فلما قدم مكة زاد بن هشام قال بلغني أنه خرج معتمرا حتى إذا كان ببطن مكة لبى فكان أول من دخل مكة يلبى فأخذته قريش فقالوا لقد اجترأت علينا وأرادوا قتله فقال قائل منهم دعوه فإنكم يحتاجون إلى الطعام من اليمامة فتركوه قوله قال لا ولكن أسلمت مع محمد كأنه قال لا ما خرجت من الدين لان عبادة الاوثان ليست دينا فإذا تركتها لا أكون خرجت من دين بل استحدثت دين الاسلام وقوله مع محمد أي وافقته على دينه فصرنا متصاحبين في الاسلام أنا بالابتداء وهو بالاستدامة ووقع في رواية بن هشام ولكن تبعت خير الدين دين محمد قوله ولا والله فيه حذف تقديره والله لا أرجع إلى دينكم ولا أرفق بكم فاترك الميرة تأتيكم من اليمامة قوله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم زاد بن هشام ثم خرج إلى اليمامة فمنعهم إلى يحملوا إلى مكة شيئا فكتبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم إنك تأمر بصلة الرحم فكتب إلى ثمامة أن يخلى بينهم وبين الحمل إليهم وفي قصة ثمامة من الفوائد ربط الكافر في المسجد والمن على الآسير الكافر وتعظيم أمر العفو عن المسئ لان ثمامة أقسم أن بغضه انقلب حبا في ساعة واحدة لما اسداه النبي صلى الله عليه وسلم إليه من العفو والمن بغير مقابل وفيه الاغتسال عند الاسلام وأن الاحسان يزيل البغض ويثبت الحب وأن الكافر إذا أراد عمل خير ثم أسلم شرع له أن يستمر في عمل ذلك الخير وفيه الملاطفة يمن يرجى إسلامه من الاسارى إذا كان في ذلك مصلحة للاسلام ولا سيما من يتبعه على
[ 70 ]
إسلامه العدد الكثير من قومه وفيه بعث السرايا إلى بلاد الكفار وأسر من وجد منهم والتخيير بعد ذلك في قتله أو الابقاء عليه (0) الحديث الثاني (4115) قوله عن عبد الله بن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين بن الحارث النوفلي تابعي صغير مشهور نسبناهنا لجده قوله قدم مسيلمة الكذاب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أي المدينة ومسيلمة مصغر بكسر اللام بن ثمامة بن كبير بموحدة بن حبيب بن الحارث من بني حنيفة قال بن إسحاق ادعى النبوة سنة عشر وزعم وثيمة في كتاب الردة أن مسيلمة لقب واسمه ثمامة وفيه نظر لان كنيته أبو ثمامة فإن كان محفوظا فيكون ممن توافقت كنيته واسمه وسياق هذه القصة يخالف ما ذكره بن إسحاق أنه قدم مع وفد قومه وأنهم تركوه في رحالهم يحفظها لهم وذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخدوا منجائزته وأنه قال لهم إنه ليس بشكرهم وأن مسيلمة لما ادعى أنه أشرك في النبوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم احتج بهذه المقالة وهذا مع شذوذه ضعيف السند لانقطاعه وأمر مسيلمة كان عند قومه أكثر من ذلك فقد كان يقال له رحمان اليمامة لعظم قدره فيهم وكيف يلتئم هذا الخبر الضعيف مع قوله في هذا الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم اجتمع به وخاطبه وصرح له بحضرة قومه أنه لو سأله القطعة الجريدة ما أعطاه ويحتمل أن يكون مسيلمة قدم مرتين الاولى كان تابعا وكان رئيس بني حنيفة غيره ولهذا أقام في حفظ رحالهم ومرة متبوعا وفيها خاطبه النبي صلى الله عليه وسلم أو القصة واحدة وكانت إقامته في رحالهم باختياره أنفة منه واستكبارا أن يحضر مجلس النبي صلى الله عليه وسلم وعامله النبي صلى الله عليه وسلم معاملة الكرم على عادته في الاستئلاف فقال لقومه إنه ليس بشركم أي بمكان لكونه كان يحفظ رحالهم وأراد استئلافه بالاحسان بالقول والفعل فلما لم يفد في مسيلمة توجه بنفسه إليهم ليقيم عليهم الحجة ويعذر إليه بالانذار والعلم عند الله تعلى ويستفاد من هذه القصة أن الامام يأتي بنفسه إلى من قدم يريد لقاءه من الكفار إذا تعين ذلك طريقا لمصلحة المسلمين قوله ان جعل لي محمد الامر من بعده أي الخلافة وسقط لفظ الامر هنا عند الاكثر وهو مقدر وقد ثبتت في رواية بن السكن وثبتت أيضا في الرواية المتقدمة في علامات النبوة قوله وقدمها في بشر كثير ذكر الواقدي كما تقدم أن عدد من كان مع مسيلمة من قومه سبعة عشر نفسا فيحتمل تعدد القدوم كما تقدم قوله ولن تعدو أمر الله كذا للاكثر ولبعضهم لن تعد بالجزم وهو لغة أي الجزم بلن والمراد بأمر الله حكمة وقوله ولئن أدبرت أي خالفت الحق وقوله ليعقرنك بالقاف أي يهلكك قوله وهذا ثابت بن قيس يجيبك عني أي لانه كان خطيب الانصار وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أعطى جوامع الكلم فاكتفى بما قاله لمسيلمة وأعلمه أنه إن كان يريد الاسهاب في الخطاب فهذا الخطيب يقوم نفي ذلك ويؤخد منه استعانة الامام بأهل البلاغة في جواب أهل العناد ونحو ذلك قوله أريت بضم أوله وكسر الراء من رؤيا المنام وقد فسره بن عباس عن أبي هريرة وهو الحديث الثالث وسيأتي شرحه في تعبير الرؤيا إن شاء الله تعالى قوله من ذهب من لبيان الجنس لقوله تعالى وحلوا أساور من فضه ووهم من قال الاساور لا تكون إلا من ذهب فإن كانت من فضة فهي القلب قوله فأهمني شأنهما في رواية همام التي بعدها فكبرا على قوله أحدهما العنسي
[ 71 ]
بالمهملة ثم نون ساكنة ثم سين مهملة وهو الاسود وهو صاحب صنعاء كما في الرواية الثانية وسأذكر شأنه في الباب الذي بعد إن شاء الله تعالى ويؤخذ من هذه القصة منقبة للصديق رضي الله عنه لان النبي صلى الله عليه وسلم تولى نفخ السوارين بنفسه حتى طارا فأما الاسود فقتل في زمنه وأم مسيلمة فكان القائم عليه حتى قتله أبو بكر الصديق فقام مقام النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ويؤخذ منه أن السوار وسائر آلات أنواع الحلي اللائقة بالنساء تعبر للرجال بما يسوؤهم ولا يسرهم وسيأتي مزيدا لذلك في كتاب التعبير إن شاء الله تعالى (0) الحديث الرابع (4117) قوله حدثنا الصلت بن محمد أي بن عبد الرحمن الخاركي بالخاء المعجمة يكنى أبا همام بصري ثقة أكثر عنه البخاري وهو بفتح المهملة وسكون اللام بعدها مثناة قوله هو أخير منه في رواية الكشميهني أحسن بدل أخير وأخير لغة في خير والمراد بالخيرية الحسية من كونه أشد بياضا أو نعومة أو نحو ذلك من صفات الحجارة المستحسنة قوله جثوه من تراب بضم الجيم وسكون المثلثة هو القطعة من التراب تجمع فتصير كوما وجمعها الجثا قوله ثم جئنا بالشاة نحلبها عليه أي لتصير نظير الحجر وأبعد من قال المراد بجلبهم الشاة على التراب مجاز ذلك وهو أنهم يتقربون إليه بالتصدق عليه بذلك اللبن قوله منصل بسكون النون وكسر الصاد وللكشميهني بفتح النون وتشديد الصاد وقد فسره بنزع الحديد من السلاح لاجل شهر رجب إشارة إلى تركهم القتال لانهم كانوا ينزعون الحديد من السلاح في الاشهر الحرم ويقال نصلت الرمح إذا جعلت له نصلا وأنصلته إذا نزعت منه النصل قوله وألقيناه شهر رجب بالفتح أي في شهر رجب ولبعضهم لشهر رجب أي لاجل شهر رجب وأخرج عمر بن شبة في أخبار البصرة في ذكر وقعة الجمل هذا الخبر من طريق عبد الله بن عون عن أبي رجاء أنه ذكر الدماء فعظمها وقال كان أهل الجاهلية إذا دخل الشهر الحرام نزع أحدهم سنانه من رمحه وجعلها في علوم النساء ويقولون جاء منصل الاسنة ثم والله لقد رأيت هودج عائشة يوم الجمل كأنه قنفذ فقيل له قاتلت يومئذ قال لقد رميت بأسهم فقال له كيف ذلك وأنت تقول ما تقول فقال ما كان إلا أن رأينا أم المؤمنين فما تمالكنا قوله وسمعت أبا رجاء يقول هو حديث آخر متصل بالاسناد المذكور قوله كنت يوم بعث النبي صلى الله عليه وسلم غلاما أرعى الابل على أهلي فلما سمعنا بخروجه فررنا إلى النار إلى مسيلمة الكذاب الذي يظهر أن مراده بقوله بعث أي اشتهر أمره عندهم ومراده بخروجه أي ظهوره على قومه من قريش ش بفتح مكة وليس المراد مبدأ ظهوره بالنبوة ولا خروجه من مكة إلى المدينة لطول المدة بين ذلك وبين خروج مسيلمة ودلت القصة على أن أبا رجاء كان من جملة من بايع مسيلمة من قومه بني عطارد بن عوف بن كعب بطن من بني تميم وكان السبب في ذلك أن سجاحا بفتح المهملة وتخفيف الجيم وآخره حاء مهملة وهو امرأة من بني تميم ادعت النبوة أيضا فتابعها جماعة من قومها ثم بلغها أمر مسيلمة فخادعها إلى أن تزوجها واجتمع قومها وقومه على طاعة مسيلمة (0) قوله) *) *) * (4118 قصة الاسود العنسي بسكون النون وحكى بن التين جواز فتحها ولم أر له في ذلك سلفا قوله حدثنا سعيد بن محمد الجرمي بفتح الجيم وسكون الراء كوفي ثقة مكثر ويعقوب بن إبراهيم هو بن سعد الزهري وصالح هو بن كيسان قوله عن بن عبيدة بن نشيط بفتح النون وكسر الشين المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة قوله وكان في موضع آخر اسمه عبد الله أراد بهذا أن ينبه على أن المبهم هو عبد الله بن عبيدة
[ 72 ]
لا أخوه موسى وموسى ضعيف جدا وأخوه عبد الله ثقة وكان عبد الله أكبر من موسى بثمانين سنة وفي هذا الاسناد ثلاثة من التابعين في نسق صالح بن كيسان وعبد الله بن عبيدة وعبيد الله بن عبد الله وهو بن عتبة بن مسعود وساق البخاري عنه الحديث مرسلا وقد ذكره في الباب الذي قبله موصولا لكن من رواية نافع بن جبير عن بن عباس قوله في دار بنت الحرث وكان تحته ابنة الحرث بن كريز وهي أم عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس والذي وقع هنا أنها أم عبد الله بن عامر قيل الصواب أم أولاد عبد الله بن عامر لانها زوجته لا أمه فإن أم بن عامر ليلى بنت أبي حثمة العدوية وهو اعتراض متجه ولعله كان فيه أم عبد الله بن عبد الله بن عامر فإن لعبدالله بن عامر ولدا اسمه عبد الله كاسم أبيه وهو من بنت الحارث واسمها كيسة بتشديد التحتانية بعدها مهملة وهي بنت عبد الله بن عامر بن كريز ولها منه أيضا عبد الرحمن وعبد الملك وكانت كيسة قبل عبد الله بن عامر بن كريز تحت مسيلمة الكذاب وإذا ثبت ذلك ظهر السر في نزول مسيلمة وقومه عليها لكونها كانت امرأته وأما ما وقع عند بن إسحاق أنهم نزلوا بدار بنت الحارث وذكر غيره أن اسمها رملة بنت الحارث بن ثعلبة بن الحارث بن زيد وهي من الانصار ثم من بني النجار وله صحبة وتكنى أم ثابت وكانت زوج معاذ بن عفراء الصحابي المشهور فكلام بن سعد يدل على أن دارها كانت معدة لنزول الوفود فإنه ذكر في وفد بني محارب وبني كلاب وبني تغلب وغيرهم أنهم نزلوا في دار بنت الحارث وكذا ذكر بن إسحاق أن بني قريظة حبسوا في دار بنت الحارث وتعقب السهيلي ما وقع عند بن إسحاق في قصة مسيلمة بأن الصواب بنت الحارث وهو تعقب صحيح إلا أنه يمكن الجمع بأن يكون وفد بني حنيفة نزلوا بدار بنت الحارث كسائر الوفود ومسيلمة وحده نزل بدار زوجته بنت الحارث ثم ظهر لي أن الصواب ما وقع عند بن إسحاق وأن مسيلمة والوفد نزلوا في دار بنت الحارث وكانت دارها معدة للوفود وكان يقال لها أيضا بنت الحارث كذا صرح به محمد بن سعد في طبقات النساء فقال رملة بنت الحارث ويقال لها ابنة الحارث بن ثعلبة الانصارية وساق نسبها وأما زوجة مسيلمة وهي كيسة بنت الحارث فلم تكن إذ ذاك بالمدينة وإنما كانت عند مسيلمة باليمامة فلما قتل تزوجها بن عمها عبد الله بن عامر بعد ذلك والله أعلم قوله ثم جعلته لنا بعدك هذا مغاير لما ذكر بن إسحاق أنه ادعى الشركة إلا أن يحمل على أنه ادعى ذلك بعد أن رجع قوله فقال بن عباس ذكر لي كذا فيه بضم الذال من ذكر على البناء للمجهول وقد وضح من حديث الباب قبله أن الذي ذكر له ذلك هو أبو هريرة قوله إسواران بكسر الهمزة وسكون المهملة تثنية إسوار وهي لغة في السوار والسوار بالكسر ويجوز الضم والاسوار أيضا صفة للكبير من الفرس وهو بالضم والكسر معا بخلاف الاسوار من الحلي فإنه بالكسر فقط قوله ففظعتهما وكرهتهما بفاء وظاء مشالة مكسورة بعدها عين مهملة يقال فظع الامر فهو فظيع إذا جاوز المقدار قال بن الاثير الفظيع الامر الشديد وجاء هنا متعديا والمعروف فظعت به وفظعت منه فيحتمل التعديه على المعنى أي خفتهما أو معنى فظعتهما أشتد على امرهما قلت يؤيد الثاني قوله في الرواية الماضية قريبا وكبرا علي قوله فقال عبيد الله أحدهما العنسى الذي قتله فيروز باليمن والآخر مسيلمة الكذاب أما مسيلمة فقد ذكرت خبره وأما العنسي وفيروز فكان من قصته أن العنسي وهو الاسود واسمه عجلة بن كعب وكان يقال له أيضا
[ 73 ]
ذوالخمار بالخاء المعجمة لانه كان يخمر وجهه وقيل هو اسم شيطانه وكان الاسود قد خرج بصنعاء وادعى النبوة وغلب على عامل صنعاء المهاجر بن أبي أمية ويقال أنه مر به فلما حاذاه عثر الحمار فادعى أنه سجد له ولم يقم الحمار حتى قال له شيئا فقام وروى يعقوب بن سفيان والبيهقي في الدلائل من طريقه من حديث النعمان بن بزرج بضم الموحدة وسكون الزاي ثم راء مضمومة ثم جيم قال خرج الاسود الكذاب وهو من بني عنس يعني بسكون النون وكان معه شيطانان يقال لاحدهما سحيق بمهملتين وقاف مصغر والآخر شقيق بمعجمة وقافين مصغر وكانا يخبرانه بكل شئ يحدث من أمور الناس وكان باذان عامل النبي صلى الله عليه وسلم بصنعاء فمات فجاء شيطان الاسود فأخبره فخرج في قومه حتى ملك صنعاء وتزوج المرزبانة زوجة باذان فذكر القصة في مواعدتها دادويه وفيروز وغيرهما حتى دخلوا على الاسود ليلا وقد سقته المرزبانة الخمر صرفا حتى سكر وكان على بابه ألف حارس فنقب فيروز ومن معه الجدار حتى دخلوا فقتله فيروز واحتز رأسه وأخرجوا المرأة وما أحبوا من متاع البيت وأرسلوا الخبر إلى المدينة فوافى بذلك عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو الأسود عن عروة أصيب الاسود قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم وليلة فأتاه الوحي فأخبر به أصحابه ثم جاء الخبر إلى أبي بكر رضي الله عنه وقيل وصل الخبر بذلك صبيحة دفن النبي صلى الله عليه وسلم (4119) رضي الله تعالى عنهما قوله قصة أهل نجران بفتح النون وسكون الجيم بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى جهة اليمن يشتمل على ثلاثة وسبعين قرية مسيرة يوم الراكب السريع كذا في زيادات يونس بن بكير بإسناد له في المغازي وذكر بن إسحاق أنهم وفدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهم حينئذ عشرون رجلا لكن أعاد ذكرهم في الوفود بالمدينة فكأنهم قدموا مرتين وقال بسعد كان النبي صلى الله عليه وسلم كتب إليهم فخرج إليه وفدهم في أربعة عشر رجلا من اشرافهم وعند بن إسحاق أيضا من حديث كرز بن علقمة أنهم كانوا أربعة وع رجلا وسرد أسماءهم وقوله حدثني عباس بن الحسين هو بغدادي ثقة ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في التهجد مقرونا قوله حدثنا يحيى بن آدم في رواية الحاكم في المستدرك عن الاصم عن الحسن بن علي بن عفان عن يحيى بن آدم بهذا الاسناد عن بن مسعود بدل حذيفة وكذلك أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة من طرق أخرى عن إسرائيل ورجح الدارقطني في العلل هذه وفيه نظر فإن شعبة قد روى أصل الحديث عن أبي إسحاق فقال عن حذيفة كما في الباب أيضا وكأن البخاري فهم ذلك فاستظهر برواية شعبة والذي يظهر أن الطريقين صحيحان فقد رواه بن أبي شيبة أيضا والاسماعيلي من رواية زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عن صلة عن حذيفة قوله جاء السيد والعاقب صاحبا نجران أما السيد فكان اسمه الايهم بتحتانية ساكنه ويقال شرحبيل وكان صاحب رحالهم ومجتمعهم ورئيسهم في ذلك وأما العاقب فاسمه عبد المسيح وكان صاحب مشورتهم وكان معهم أيضا أبو الحارث بن علقمة وكان أسقفهم وحبرهم وصاحب مدراسهم قال ابن سعد دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام وتلا عليهم القرآن فامتنعوا فقال أن أنكرتم ما أقول فهلم أباهلكم فانصرفوا على ذلك قوله يريدان أن يلاعناه أي يباهلاه وذكر ابن إسحاق بإسناد مرسل أن ثمانين آية من أول سورة آل عمران نزلت في ذلك يشير إلى قوله تعالى فقل
[ 74 ]
تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم الآية قوله فقال أحدهما لصاحبه ذكر أبو نعيم في الصحابة بإسناد له أن القائل ذلك هو السيد وقال غيره بل الذي قال ذلك هو العاقب لانه كان صاحب رأيهم وفي زيادات يونس بن بكير في المغازي بإسناد له أن الذي قال ذلك شرحبيل أبو مريم قوله فوالله لئن كان نبيا فلا عنا في رواية الكشميهني فلاعننا بإظهار النون قوله لانفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا زاد في رواية بن مسعود أبدا وفي مرسل الشعبي عند بن أبي شيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران لو تموا على الملاعنة ولما غدا عليهم أخذ بيد حسن وحسين وفاطمة تمشي خلفه للملاعنة قوله انا نعطيك ما سألتنا وفي رواية يونس بن بكير أنه صالحهم على ألفى حلة ألف في رجب وألف في صفر ومع كل حلة أوقية وساق الكتاب الذي كتبه بينهم مطولا وذكر ابن سعد أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك فأسلما زاد في رواية بن مسعود فأتياه فقالا لا نلاعنك ولكن نعطيك ما سألت وفي قصة أهل نجران من الفوائد أن إقرار الكافر بالنبوة لا يدخله في الاسلام حتى يلتزم أحكام الاسلام وفيها جواز مجادلة أهل الكتاب وقد تجب إذا تعينت مصلحته وفيها مشروعية مباهلة المخالف إذا أصر بعد ظهور الحجة وقد دعا بن عباس إلى ذلك ثم الاوزاعي ووقع ذلك لجماعة من العلماء ومما عرف بالتجربة أن من بأهل وكان مبطلا لا تمضى عليه سنة من يوم المباهلة ووقع لي ذلك مع شخص كان يتعصب لبعض الملاحدة فلم يقم بعدها غير شهرين وفيها مصالحة أهل الذمة على ما يراه الامام من أصناف المال ويجري ذلك مجرى ضرب الجزية عليهم فإن كلا منا مال يؤخذ من الكفار على وجه الصغار في كل عام وفيها بعث الامام الرجل العالم الامين إلى أهل الهدنة في مصلحة الاسلام وفيها منقبة ظاهرة لابي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وقد ذكر بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عليا إلى أهل نجران ليأتيه بصدقاتهم وجزيتهم وهذه القصة غير قصة أبي عبيدة لان أبا عبيدة توجه معهم فقبض مال الصلح ورجع وعلى أرسله النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يقبض منهم ما استحق عليهم من الجزية ويأخذ ممن أسلم منهم ما وجب عليه من الصدقة والله أعلم ثم أورد المصنف حديث أنس أن أمين هذه الامة أبو عبيدة إشارة إلى أن سببه الحديث الذي قبله وقد تقدم في مناقب أبي عبيدة (0) قوله قصة عمان والبحرين أما البحرين فبلد عبد القيس وقد تقدم بيانها في كتاب الجمعة أما عمان فبضم المهملة وتخفيف الميم قال عياض هي فرضة بلاد اليمن لم يزد في تعريفها على ذلك وقال الرشاطي عمان في اليمن سميت بعمان بن سبأ ينسب إليها الجلندي رئيس أهل عمان ذكر وثيمة أن عمرو بن العاص قدم عليه من عند النبي صلى الله عليه وسلم فصدقه وذكر غيره أن الذي آمن على يد عمرو بن العاص ولدا الجلندي عياذ وجيفر وكان ذلك بعد خيبر ذكره أبو عمرو انتهى وروى الطبراني من حديث المسور بن مخرمة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رسله إلى الملوك فذكر الحديث وفيه وبعث عمرو بن العاص إلى جيفر وعياذ ابني الجلندى ملك عمان وفيه فرجعوا جميعا قبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عمرا فإنه توفي وعمرو بالبحرين وفي هذا إشعار بقرب عمان من البحرين وبقرب البعث إلى الملوك من وفاته صلى الله عليه وسلم فلعلها كانت بعد حنين فتصحفت ولعل المصنف أشار بالترجمة إلى هذا الحديث
[ 75 ]
لقوله في حديث الباب فلم يقدم مال البحرين حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى أحمد من طريق أبي لبيد قاخرج رجل منا يقال له بيرح بن أسد فرآه عمر فقال ممن أنت قال من أهل عمان فأدخل على أبي بكر فقال هذا من أهل الارض التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لاعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر وعند مسلم من حديث أبي برزة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى قوم فسبوه وضربوه فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو أهل عمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك تنبيهان بعمل الشام بلدة يقال لها عمان لكنها بفتح العين وتشديد الميم وهي التي أرادها الشاعر بقوله في وجهه خالان لولاهما مابت مفتتونا بعمان وليست مرادة هنا قطعا وإنما وقع اختلاف الرواة فيما وقع في صفة الحوض النبوي كما سيأتي في مكانه حيث جاء في بعض طرقه ذكر عمان وجيفر مثل جعفر إلا أن بدل العين تحتانية وعياذ بفتح المهملة وتشديد التحتانية وآخره معجمة والجلندى بضم الجيم وفتح اللام وسكون النون والقصر ويبرح بموحدة ثم تحتانية ثم مهملة بوزن ديلم ثم ذكر المصنف حديث جابر (4122) قوله حدثنا سفيان هو بن عيينة قوله سمع بن المنكدر جابر بن عبد الله بنصب جابر على أنه مفعول سمع وفي رواية الحميدي في مسنده حدثنا سفيان قال سمعت بن المنكدر قال سمعت جابرا وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في الكفالة وفي الشهادات وفي فرض الخمس قوله وعن عمرو هو معطوف على الاسناد الاول وعمرو هو بن دينار ومحمد بن علي هو المعروف بالباقر وأبوه هو زين العابدين بن الحسين بن علي ووهم من زعم أن محمد بن علي هو ابن الحنفية ووقع في رواية الحميدي حدثنا سفيان حدثنا عمرو بن دينار أخبرني محمد بن علي فذكره (0) قوله باب قدوم لاشعريين وأهل اليمن هو من عطف العام على الخاص لان الاشعريين من أهل اليمن ومع ذلك ظهر لي أن في المراد بأهل اليمن خصوصا آخر وهو ما سأذكره من قصة نافع بن زيد الحميري أنه قدم وافدا في نفر من حمير وبالله التوفيق قوله وقال أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم هم مني وأنا منهم هو طرف من حديث أوله أن الاشعريين إذا أرملوا في الغزو جمعوا ثم اقتسموا بينهم فهم منى وأنا منهم الحديث وقد وصله المؤلف في الشركة وشرح هناك والمراد بقوله هم مني المبالغة في اتصال طريقهما واتفاقهما على الطاعة ثم ذكر المصنف في الباب سبعة أحاديث الحديث الاول (4123) قوله حدثنا بن أبي زائدة هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة والاسناد كله كوفيون سوى شيخي البخاري قوله عن الاسود في المناقب من طريق يوسف بن أبي إسحاق حدثني الاسود سمعت أبا موسى قوله قدمت أنا وأخي من اليمن تقدم بيان اسم أخيه في غزوة خيبر قوله ما نرى بضم النون قوله بامسعود وأمه أسم أمه أم عبد بنت عبد ود بن سواء وله صحبة وقوله من أهل البيت أبيت النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم في المناقب بلفظ من هل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم الحديث في مناقب بن مسعود تنبيه سقط شيخا
[ 76 ]
البخاري من أول هذا الاسناد من رواية أبي زيد المروزي وابتداء الاسناد حدثنا يحيى بن آدم وثبتا عند غيره وهو الصواب ولم يدرك البخاري يحيى بن آدم لانه مات في ربيع الاول سنة ثلاث ومائتين بالكوفة والبخاري يومئذ ببخارى ولم يرحل منها وعمره يومئذ تسع سنين وإنما رحل بعد ذلك بمدة كما بينته في ترجمته في المقدمة تنبيه آخر كان قدوم أبي موسى على النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح خيبر لما قدم جعفر بن أبي طالب وقيل إنه قدم عليه بمكة قبل الهجرة ثم كان ممن هاجر إلى الحبشة الهجرة الاولى ثم قد الثانية صحبة جعفر والصحيح أنه خرج طالبا المدينة في سفينة فألقتهم الريح إلى الحبشة فاجتمعوا هناك بجعفر ثم قدموا صحبته وعلى هذا فإنما ذكره البخاري هنا ليجمع ما وقع على شرطه من البعوث والسرايا والوفود ولو تباينت تواريخهم ومن ثم ذكر غزوة سيف البحر مع أبي عبيدة بن الجراح وكانت قبل فتح مكة بمدة وكنت أظن أن قوله وأهل اليمن بعد الاشعريين من عطف العام على الخاص ثم ظهر لي أن لهذا العام خصوصا أيضا وأن المراد بهم بعض أهل اليمن وهم وفد حمير فوجدت في كتاب الصحابة لابن شاهين من طريق إياس بن عمير الحميري أنه قدم وافدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من حمير فقالوا آتيناك لنتفقه في الدين الحديث وقد ذكرت فوائده في أول بدء الخلق وحاصله أن الترجمة مشتلمة على طائفتين وليس المراد اجتماعهما في الوفاة فإن قدوم الاشعريين كان مع أبي موسى في سنة سبع عند فتح خيبر وقدوم وفد حمير في سنة تسع وهي سنة الوفود ولاجل هذا اجتمعوا مع بني تميم وقد عقد محمد بن سعد في الترجمة النبوية من الطبقات للوفود بابا وذكر فيه القبائل من مضر ثم من ربيعة ثم من اليمن وكاد يستوعب ذلك بتلخيص حسن وكلامه أجمع ما يوجد في ذلك ومع أنه ذكر وفد حمير لم يقع له قصة نافع بن زيد التي ذكرتها (0) الحديث الثاني (4124) قوله حدثنا عبد السلام هو بن حرب قوله عن زهدم بزاى وزن جعفر وهو بن مضرب بالضاد المعجمة وكسر الراء قوله لما قدم أبو موسى أي إلى الكوفة أميرا عليها في زمن عثمان ووهم من قال أراد قدم اليمن لان زهد ما لم يكن من أهل اليمن قوله أكرم هذا الحي من جرم بفتح الجيم وسكون الراء قبيلة شهيرة ينسبون إلى جرم بن ربان براء ثم موحدة ثقيلة بن ثعلبة بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة قوله فقذرته بفتح القاف وكسر الذال المعجمة وسيأتي الكلام على ذلك في كتاب الاطعمة وعلى باقي الحديث في كتاب الايمان والنذور أن شاء تعالى وكان الوقت الذي طلب فيه الاشعريون الحملان من النبي صلى الله عليه وسلم عند إرادة غزوة تبوك (0) الله تعالى الحديث الثالث حديث عمران أورده مختصرا وقد تقدم بتمامه في بدء الخلق والغرض منه (4125) قوله فجاء ناس من أهل اليمن فقال أقبلوا البشرى واستشكل بأن قدوم وفد بني تميم كان سنة تسع وقدوم الاشعريين كان قبل ذلك عقب فتح خيبر سنة سبع وأجيب باحتمال أن يكون طائفة من الاشعريين قدموا بعد ذلك (0) الحديث الرابع حديث أبي مسعود (4126) الايمان ههنا وأشار بيده إلى اليمن أي إلى جهة
[ 77 ]
اليمن وهذا يدل على أنه أراد أهل البلد لامن ينسب إلى اليمن ولو كان من غير أهلها الحديث الخامس حديث أبي هريرة (4127) قوله عن سليمان هو الاعمش وذكوان هو بن صالح قوله وقال غندر عن شعبة الخ أورده لوقوع التصريح بقول الاعمش سمعت ذكوان وقد وصله أحمد عن محمد بن جعفر غندر بهذا الاسناد (4128) قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس وأخوه هو أبو بكر عبد الحميد وسليمان هو بن بلال وثور بن زيد هو المدني وأما ثورين يزيد الشامي فأبوه بزيادة تحتانية مفتوحة في أوله وأبو الغيث اسمه سالم قوله الايمان يمان في رواية الاعرج التي بعدها الفقه يمان وفيها وفي رواية ذكوان والحكمة يمانية وفي أولها وأول رواية ذكوان أتاكم أهل اليمن وهو خطاب للصحابة الذين بالمدينة وفي حديث أبي مسعود والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين الخ وفي رواية ذكوان عن أبي هريرة والفخر والخيلاء في أصحاب الابل وزاد فيها والسكينة والوقار في أهل الغنم وزاد في رواية أبي الغيث والفتنة ههنا حيث يطلع قرن الشيطان وهذا هو الحديث السادس وسيأتي شرحه في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى وتقدم شرح سائر ذلك في أول المناقب وفي بدء الخلق وأشرت هناك إلى أن الرواية التي فيها أتاكم أهل اليمن ترد قول من قال إن المراد بقوله الايمان الايمان الانصار وغير ذلك وقد ذكر بن الصلاح قول أبي عبيد وغيره إن معنى قوله الايمان يمان أن مبدأ الايمان من مكة لان مكة من تهامة وتهامة من اليمن وقيل المراد مكة والمدينة لان هذا الكلام صدر وهو صلى الله عليه وسلم بتبوك فتكون المدينة حينئذ بالنسبة إلى المحل الذي هو فيه يمانية والثالث واختاره أبو عبيد أن المراد بذلك الانصار لانهم يمانيون في الاصل فنسب الايمان إليهم لكونهم أنصاره وقال بن الصلاح ولو تأملوا ألفاظ الحديث لما احتاجوا إلى هذا التأويل لان (4129) قوله أتاكم أهل اليمن خطاب للناس ومنهم الانصار فيتعين أن الذين جاءوا غيرهم قال ومعنى الحديث وصف الذين جاءوا بقوة الايمان وكماله ولا مفهوم له قال ثم المراد الموجودون حينئذ منهم لا كل أهل اليمن في كل زمان انتهى ولا مانع أن يكون المراد بقوله الايمان يمان ما هو أعم مما ذكره أبو عبيد وما ذكره بن الصلاح وحاصله أن قوله يمان يشمل من ينسب إلى اليمن بالسكنى وبالقبيلة لكن كون المراد به من ينسب بالسكنى أظهر بل هو المشاهد في كل عصر من أحوال سكان جهة اليمن وجهة الشمال فغالب من يوجد من جهة اليمن رقاق القلوب والابدان وغالب من يوجد من جهة الشمال غلاظ القلوب والابدان وقد قسم في حديث أبي مسعود أهل الجهات الثلاثة اليمن والشام والمشرق ولم يتعرض للمغرب في هذا الحديث وقد ذكره في حديث آخر فلعله كان فيه ولم يذكره الراوي إما لنسيان أو غيره والله أعلم وأورد البخاري هذه الاحاديث في الاشعريين من أهل اليمن قطعا وكأنه أشار إلى حديث بن عباس بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إذ قال الله أكبر إذا جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن نقية قلوبهم حسنة طاعتهم الايمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية أخرجه البزار وعن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب هم خير أهل الارض الحديث أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني وفي الطبراني من حديث عمرو بن عنبسة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعيينة بن حصن أي الرجال خير قال رجال أهل نجد قال كذبت بل هم أهل اليمن الايمان يمان الحديث
[ 78 ]
وأخرجه أيضا من حديث معاذ بن جبل قال الخطابي قوله هم أرق أفئدة وألين قلوبا أي لان الفؤاد غشاء القلب فإذا رق نفذ القول وخلص إلى ما وراءه وإذا غلظ بعد وصوله إلى داخل وإذا كان القلب لينا علق كل ما يصادفه (0) الحديث السابع (4130) قوله فجاء خباب بالمعجمة والموحدتين الاولى ثقيلة وهو بن الارت الصحابي المشهور قوله يا أبا عبد الرحمن هو كنية بن مسعود قوله أمرت بعضهم فيقرأ عليك في رواية الكشميهني فقرأ بصيغة الفعل الماضي قوله فقال زيد بن حدير بمهملة مصغر أخو زياد بن حدير وزياد من كبار التابعين أدرك عمر وله رواية في سنن أبي داود ونزل الكوفة وولي إمرتها مرة وهو أسدى من بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر وأما أخوه زيد فلا أعرف له رواية قوله أما بتخفيف الميم إن شئت أخبرتك بما قال النبي صلى الله عليه وسلم في قومك وفي قومه كأنه يشير إلى ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على النخع لان علقمة نخعي وإلى ذم بني أسد وزياد بن حدير أسدى فأما ثناؤه على النخع ففيما أخرجه أحمد والبزار بإسناد حسن عن بن مسعود قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع أو يثني عليهم حتى تمنيت أني رجمنهم وأما ذمة لبني أسد فتقدم في المناقب حديث أبي هريرة وغيره أن جهينة وغيرها خير من بني أسد وغطفان وأما النخعي فمنسوب إلى النخع قبيلة مشهورة من اليمن واسم النخع حبيب بن عمرو بن علة بضم المهملة وتخفيف اللام بن جلد بن مالك بن أدد بن زيد وقيل له النخع لانه نخع عن قومه أي بعد وفي رواية شعبة عن الاعمش عند أبي نعيم في المستخرج لتسكتن أو لاحدثنك بما قيل في قومك وقومه قوله فقرأت خمسين آية من سورة مريم في رواية شعبة فقال عبد الله رتل فداك أبي وأمي قوله وقال عبد الله كيف ترى هو موصول بالاسناد المذكور وخاطب عبد الله بذلك خبابا لانه هو الذي سأله أولا وهو الذي قال قد أحسن وكذا ثبت في رواية أحمد عن يعلى عن الاعمش ففيه قال خباب أحسنت قوله قال عبد الله هو موصول أيضا قوله ما أقرأ شيئا إلا وهو يقرؤه يعني علقمة وهي منقبة عظيمة لعلقمة حيث شهد له ابن مسعود أنه مثله في القراءة قوله ثم ألتفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى بضم أوله وفتح القاف أي يرمي به قوله رواه غندر عن شعبة أي عن الاعمش بالاسناد المذكور وقد وصلها أبو نعيم في المستخرج من طريق أحمد بن حنبل حدثنا محمد بن جعفر وهو غندر بإسناده هذا وكأنه في الزهد لاحمد وإلا فلم أره في مسند أحمد إلا من طريق يعلى بن عبيد عن الاعمش ووهم بعض من لقيناه فزعم أن هذا لتعليق معاد في بعض النسخ وأن محله عقب حديث أبي هريرة وقد ظهر لي أن لا إعادة وأنه في جميع النسخ وأن الذي وقع في الموضعين من رواية غندر عن شعبة صواب وأن المراد في الموضع الثاني أن شعبة رواه عن الاعمش بالاسناد الذي وصله به من طريق أبي حمزة عن الاعمش وقد أثبت الاسماعيلي في مستخرجه رواية غندر عن شعبة فقال بعد أن أخرجه من طريق بن شهاب عن الاعمش بالاسناد الذي وصله به رواه جماعة عن الاعمش ورواه غندر عن شعبة وفي الحديث منقبة لابن مسعود وحسن تأنيه في الموعظة والتعليم وأن بعض الصحابة كان يخفى عليه بعض الاحكام فإذا نبه عليها رجع ولعل خبابا كان يعتقد أن النهي عن لبس الرجال خاتم الذهب للتنزيه فنبهه بن مسعود على تحريمه فرجع إليه مسرعا (0) قوله قصة دوس والطفيل بن عمرو الدوسي
[ 79 ]
بفتح المهملة وسكون الواو بعدها مهملة تقدم نسبهم في غزوة ذي الخلصة والطفيل بن عمرو أي بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس كان يقال لذو النور آخره راء لانه لما أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم بعثه إلى قومه فقال اجعل لي آية فقال اللهم نور له فسطع نور بين عينيه فقال يا رب أخاف أن يقو لوا إنه مثله فتحول إلى طرف سوطه وكان يضئ في الليلة المظلمة ذكره هشام بن الكلبي في قصة طويلة وفيها أنه دعا قومه إلى الاسلام فأسلم أبوه ولم تسلم أمه وأجابه أبو هريرة وحده قلت وهذا يدل على تقدم إسلامه وقد جزم بن أبي حاتم بأنه قدم مع أبي هريرة بخيبر وكأنها قدمته الثانية (4131) قوله عن بن ذكون هو عبد الله أبو الزناد قوله اللهم اهد دوسا وائت بهم وقع مصداق ذلك فذكر ابن الكلبي أن حبيب بن عمرو بن حثمة الدوسي كان حاكما على دوس وكذا كان أبوه من قبله وعمر ثلاثمائة سنة وكان حبيب يقول إني لاعلم أن للخلق خالقا لكني لا أدرى من هو فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم خرج إليه ومعه خمسة وسبعون رجلا من قومه فأسلم وأسلموا وذكر بن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل الطفيل بن عمرو ليحرق صنم عمرو بن حثمة الذي كان يقال له دو الكفين بفتح الكاف وكسر الفاء فأحرقه وذكر موسى بن عقبة عن بن شهاب أن الطفيل بن عمرو استشهد بأجنادين في خلافة أبي بكر وكذا قال أبو الأسود عن عروة وجزم بن سعد بأنه استشهد باليمامة وقيل باليرموك (4132) قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي خالد عن قيس هو بن أبي حازم قوله لما قدمت أي أردت القدوم قوله قلت في الطريق تقدم شرحه مستوفى في كتاب العتق وقوله في هذه الرواية وأبق غلام لي لا يغاير قوله في الرواية الماضية في العتق فأضل أحدهما صاحبه لان رواية أبق فسرت وجه إلا ضلال وأن الذي أضل هو أبو هريرة بخلاف غلامه فإنه أبق أبو هريرة مكانه لهربه فلذلك أطلق أنه أضله فلا يلتفت إلى إنكار ابن التين أنه أبقى وأما كونه عاد فحضر عند النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينافيه أيضا لانه يحمل على أنه رجع عن الاباق وعاد إلى سيده ببركة الاسلام ويحتمل أن يكون أطلق أبق بمعنى أنه أضل الطريق فلا تتنافى الروايتان (0) قوله وفد طئ وحديث عدي بن حاتم أي بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بمهملة ثم معجمة ثم راء ثم جيم بوزن جعفر بن أمرئ القيس بن عدي الطائي منسوب إلى طئ بفتح المهملة وتشديد التحتانية المكسورة بعدها همزة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ يقال كان اسمه جلهمة فسمى طيئا لانه أول من طوى بئرا ويقال أول من طوى المناهل وأخرج مسلم من وجه آخر عن عدي بن حاتم قال أتيت عمر فقال أن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة طئ جئت بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزاد أحمد في أوله أتيت عمر في أناس من قومي فجعل يعرض عني فاستقبلته فقلت أتعرفني فذكر نحو ما أورده البخاري ونحو ما أورده مسلم ميعا (4133) قوله حدثنا عبد الملك هو بن عمير وعمرو بن حريث بالمهملة وبالمثلثة مصغر هو المخزومى صحابي صغير وفي الاسناد ثلاثة من الصحابة في نسق قوله أتيت عمر أي في خلافته قوله فجعل يدعو رجلا رجلا يسميهم أي قبل أن يدعوهم قوله بلى أسلمت إذ كفروا الخ يشير بذلك إلى وفاء عدي بالاسلام والصدقة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وأنه منع من أطاعه من الردة وذلك مشهور عند أهل العلم بالفتوح قوله فقال عدي فلا أبالي إذا أي إذا كنت تعرف قدري فلا
[ 80 ]
أبالي إذا قدمت على غيري وفي الادب المفرد للبخاري ان عمر قال لعدى حياك الله من معرفة وروى أحمد في سبب إسلام عدي أنه قال لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كرهته فانطلقت إلى أقصى الارض مما يلي الروم ثم كرهت مكاني فقلت لو أتيته فإن كان كاذبا لم يخف على فأتيته فقال أسلم تسلم فقلت إن لي دينا وكان نصرانيا فذكر إسلامه وذكر ذلك ابن إسحاق مطولا وفيه أن خيل النبي صلى الله عليه وسلم أصابت أخت عدي وأن النبي صلى الله عليه وسلم من عليها فأطلقها بعد أن استعطفته بإشارة على عليها فقالت له هلك الوالد وغاب الوافد فامنن على من الله عليك فقال ومن وافدك قالت عدي بن حاتم قال الفار من الله وروسله فلما قدمت بنت حاتم على عدى أشارت عليه بالقدوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم وأسلم وروى الترمذي من وجه آخر عن عدى بن حاتم قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فقال هذا عدي بن حاتم وكان النبي صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يقول إني لارجو الله أن يجعل يده في يدي (0) قوله باب حجة الوداع بكسر الحاء المهملة وبفتحها وبكسر الواو وبفتحها ذكر جابر في حديثه الطويل في صفتها كما أخرجه مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين أي منذ قدم المدينة لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن النبي صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث ووقع في حديث أبي سعيد الخدري ما يوهم أنه صلى الله عليه وسلم حج قبل أن يهاجر غير حجة الوداع ولفظه وعند الترمذي من حديث جابر حج قبل ان يهاجر ثلاث حجج وعن ابن عباس مثله أخرجه ابن ماجة والحاكم قلت وهو مبنى على عدد وفود الانصار إلى العقبة بمنى بعد الحج فإنهم قد موا أولا فتواعدوا ثم قدموا ثانيا فبايعوا البيعة الاولى ثم قدموا ثالثا فبايعوا البيعة الثانية كما تقدم بيانه أول الهجرة وهذا لا يقتضى نفى الحج قبل ذلك وقد أخرج الحاكم بسند صحيح إلى الثوري أن النبي صلى الله عليه وسلم حج قبل أن يهاجر حججا وقال بن الجوزي حج حججا لا يعرف عددها وقال بن الاثير في النهاية كان يحج كل سنة قبل أن يهاجر وفي حديث بن عباس أن خروجه من المدينة كان لخمس بقين من ذي القعدة أخرجه المصنف في الحج وأخرجه هو ومسلم من حديث عائشة مثله وجزم بن حزم بأن خروجه كان يوم الخميس وفيه نظر لان أول ذي الحجة كان يوم الخميس قطعا لما ثبت وتواتر أن وقوفه بعرفة كان يوم الجمعة فتعين أن أول الشهر يوم الخميس فلا يصح أن يكون خروجه يوم الخميس بل ظاهر الخبر أن يكون يوم الجمعة لكن ثبت في الصحيحين عن أنس صلينا الظهر مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة أربعا والعصر بذي الحليفة ركعتين فدل على أن خروجهم لم يكن يوم الجمعة فما بقي إلا أن يكون خروجهم يوم السبت ويحمل قول من قال لخمس بقين أي إن كان الشهر ثلاثين فاتفق أن جاء تسعا وعشرين فيكون يوم الخميس أول ذي الحجة بعد مضى أربع ليال لا خمس وبهذا تتفق الاخبار هكذا جمع الحافظ عماد الدين بن كثير بين الروايات وقوى هذا الجمع بقول جابر أنه خرج لخمس بقين من ذي القعدة أو أربع وكان دخوله صلى الله عليه وسلم مكة صبح رابعة كما ثبت في حديث عائشة وذلك يوم الاحد وهذا يؤيد أن خروجه من المدينة كان يوم السبت كما تقدم فيكون مكثه في الطريق ثمان ليال وهي المسافة الوسطى ثم ذكر المصنف في الباب سبعة عشر حديثا تقدم غالبها في كتاب الحج مشروحة وسأبين
[ 81 ]
ذلك مع مزيد فائدة الحديث الاول حديث عائشة وقد تقدم شرحه مستوفى في باب التمتع والقرآن من كتاب الحج (0) الحديث الثا ني (4135) بسم الله الرحمن الرحيم قوله عن بن عباس إذا طاف بالبيت فقد حل فقلت من أين قال هذا بن عباس القائل هو بن جريج والمقول له عطاء وذلك صريح في رواية مسلم والمراد بالمعرف وهو بتشديد الراء الوقوف بعرفة وهو ظاهر في أن المراد بذلك من اعتمر مطلقا سواء كان قارنا أو متمتعا وهو مذهب مشهور لابن عباس وقد تقدم البحث فيه في أبواب الطواف في باب من طاف بالبيت إذا قدم من كتاب الحج (0) ؟ ؟ ؟ الحديث الخامس حديث بن عباس أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الحديث في أمرها بالحج عن أبيها وقد تقدم شرحه في كتاب الحج وفيه الكلام على اسمها واسم أبيها وأورده هنا لتصريح الراوي بأن ذلك كان في حجة الوداع وقوله في أول الاسناد (4138) وقال محمد بن يوسف هو الفرياب وهو من شيوخ البخاري وكأنه لم يسمع هذا الحديث منه وقد وصله أبو نعيم في المستخرج من طريقه وساق المصنف الحديث هنا على لفظه وأما لفظ شعيب فسيأتي في كتاب الاستئذان وهو أتم سياقا من رواية الاوزاعي (4139) الحديث السادس حديث بن عمر في دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة تقدم شرحه مستوفى في باب إغلاق البيت من أبواب الطواف في كتاب الحج وقوله في أول الاسناد حدثني محمد هو بن رافع كما تقدم في الحج وتقدم هناك بيان الاختلاف فيه وقوله سطرين بالمهملة ووقع في رواية الاصيلي بالمعجمة وخطأه عياض وقوله عند المكان الذي صلى فيه مرمرة بسكون الراء والمهملتين والميمين المفتوحتين واحدة المرمر وهو جنس من الرخام نفيس معروف وكان
[ 82 ]
ذلك في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ثم غير بناء الكعبة بعده في زمن بن الزبير كما تقدم بسطه في كتاب الحج وقد أشكل دخول هذا الحديث في باب حجة الوداع لان فيه التصريح بأن القصة كانت عام الفتح وعام الفتح كان سنة ثمان وحجة الوداع كانت سنة عشر وفي أحاديث هذا الباب جميعها التصريح بحجة الوداع وبحجة النبي صلى الله عليه وسلم وهي حجة الوداع (0) الحديث الثامن ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ 4141) قوله حدثني عمر بن محمد أي بن زيد بن عبد الله بن عمر قوله كنا نتحدث بحجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا في رواية أبي عاصم عن عمر بن محمد عند الاسماعيلي كنا نسمع بحجة الوداع قوله ولا ندري ما حجة الوداع كأنه شئ ذكره النبي صلى الله عليه وسلم فتحدثوا به وما فهموا أن المراد بالوداع وداع النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقعت وفاته صلى الله عليه وسلم بعدها بقليل فعرفوا المراد وعرفوا أنه ودع الناس بالوصية التي أوصاهم بها أن لا يرجعوا بعده كفارا وأكد التوديع باشهاد الله عليهم بأنهم شهدوا أنه قد بلغ ما أرسل إليهم به فعرفوا حينئد المراد بقولهم حجة الوداع وقد وقع في الحج في باب الخطبة بمنى من رواية عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن بن عمر في هذا الحديث فودع الناس وقدمت هناك ما وقع عند البيهقي أن سورة إذا جاء نصر الله والفتح نزلت في وسط أيام التشريق فعرف النبي صلى الله عليه وسلم أنه الوداع فركب واجتمع الناس فذكر الخطبة قوله فحمد الله وأنثى عليه في رواية أبي نعيم في المستخرج فحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الله وحده وأثنى عليه الحديث وذكر فيه قصة الدجال وفيه إن الله حرم عليكم دماءكم وهذا يدل على أن هذه الخطبة كلها كانت في حجة الوداع وقد ذكر الخطبة في حجة الوداع جماعة من الصحابة لم يذكر أحد منهم قصة الدجال فيها إلا بن عمر بل اقتصر الجميع على حديث أن أموالكم عليكم حرام الحديث وقد أورد المصنف منها حديث جرير وأبي بكرة هنا وحديث بن عباس في الحج وقد تقدم في الحج من رواية عاصم بن محمد بن زيد وهو أخو عمر بن محمد بن زيد عن أبيه عن بن عمر بدونها وزيادة عمر بن محمد صحيحة لانه ثقة وكأنه حفظ ما لم يحفظه غيره وسيأتي شرح ما تضمنته هذه الزيادة في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى (0) الحديث التاسع حديث زيد بن أرقم تقدم شرحه في أول الهجرة وقوله (4142) وأنه حج بعد ما هاجر حجة واحدة لم يحج بعدها حجة الوداع يعني ولا حج قبلها إلا أن يريد نفى الحج الاصغر وهو العمرة فلا فإنه اعتمر قبلها قطعا قوله قال أبو إسحاق وبمكة أخرى هو موصول بالاسناد المذكور وغرض أبي إسحاق أن لقوله بعد ما هاجر مفهوما وأنه قبل أن يهاجر كان قد حج لكن اقتصاره على قوله أخرى قد يوهم أنه لم يحج قبل الهجرة إلا واحدة وليس كذلك بل حج قبل أن يهاجر مرارا بل الذي لا ارتاب فيه أنه لم يترك الحج وهو بمكة قط لان قريشا في الجاهلية لم يكونوا يتركون الحج وإنما يتأخر منهم عنه من لم يكن بمكة أو عاقه ضعف وإذا كانوا وهم على غير دين يحرصون على إقامة الحج ويرونه من مفاخرهم التي امتازوا بها على غيرهم من العرب فكيف يظن بالنبي صلى الله عليه وسلم أنه يتركه وقد ثبت من حديث جبير بن مطعم أنه رآه في الجاهلية واقفا بعرفة وأن ذلك من توفيق الله له وثبت دعاؤه قبائل العرب إلى الاسلام بمنى ثلاث سنين متوالية كما بينته في الهجرة إلى المدينة (0) الحديث العاشر حديث جرير (4143) قوله عن علي بن مدرك بضم الميم وسكون الدال وكسر الراء وهو نخعي كوفى ثقة
[ 83 ]
ذكره بن حبان في ثقات التابعين وما له في البخاري سوى هذا الحديث لكنه أورده في مواضع والله أعلم قوله استنصت الناس فيه دليل على وهم من زعم أن إسلام جرير كان قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين يوما لان حجة الوداع كانت قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بأكثر من ثمانين يوما وقد ذكر جرير أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع (0) الحديث الحادي عشر حديث أبي بكرة (4144) قوله عبد الوهاب هو بن عبد المجيد الثقفي ومحمد هو بن سيرين وابن أبي بكرة هو عبد الرحمن وقد تقدم شرح الحديث في العلم وفي الحج وقوله في الآية منها أربعة حرم قيل الحكمة في جعل المحرم أول السنة أن يحصل الابتدا بشهر حرام ويختم بشهر حرام وتتوسط السنة بشهر حرام وهو رجب وإنما توالى شهران في الآخر لارادة تفضيل الختام والاعمال بالخواتيم (0) الحديث الثاني عشر (4145) قوله إن أناسا من اليهود تقدم في كتاب الايمان
[ 84 ]
بلفظ إن رجلا من اليهود وبينت أن المراد به كعب الاحبار وفيه إشكال من جهة أنه كان أسلم ويجوز أن يكون السؤال صدر قبل إسلامه لكن قد قيل إنه أسلم وهو باليمن في حياة النبي صلى الله عليه وسلم على يد علي فإن ثبت احتمل أن يكون الذين سألوا جماعة من اليهود (4146) ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ثم أورد المصنف حديث عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من أهل بعمرة الحديث أورده من طرق عن مالك بسنده في طريقين منها حجة الوداع وهو مقصود الترجمة وقد تقدم من وجه آخر في أول الباب عن شيخ آخر لمالك بأتم من السياق المذكور هنا (0) الحديث الثالث عشر (4147) حديث سعد وهو بن أبي وقاص في الوصية بالثلث وقد تقدم شرحه في الوصايا وتقرير كون ذلك وقع في حجة الوداع وبيان توجيه من قال إن ذلك في فتح مكة ووجه الجمع بين الروايتين بما يغنى عن إعادته الحديث الرابع عشر حديث بن عمر في الحلق في حجة الوداع أورده من طريقين وقد تقدم شرحه في الحج الحديث الخامس عشر حديث بن عباس في الصلاة بمنى وقد تقدم شرحه في أبواب السترة في الصلاة الحديث السادس عشر حديث أسامة بن زيد كان يسير في حجته العنق بفتح المهملة والنون والقاف وقد تقدم شرحه في الحج أيضا الحديث السابع عشر حديث أبي أيوب في الجمع بين المغرب والعشاء في حجة الوداع وقد تقدم شرحه في الحج أيضا (0) قوله باب غزوة تبوك هكذا أورد المصنف هذه الترجمة بعد حجة الوداع وهو خطأ وما أظن ذلك إلا من النساخ فإن غزوة تبوك كانت في شهر رجب من سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف وعند بن عائذ من حديث بن عباس أنها كانت بعد الطائف بستة أشهر وليس مخالفا لقول من قال في رجب إذا حذفنا الكسور لانه صلى الله عليه وسلم قد دخل المدينة من رجوعه من الطائف في ذي الحجة وتبوك مكان معروف هو نصف طريق المدينة إلى دمشق ويقال بين المدينة وبينه أربع عشرة مرحلة وذكرها في المحكم في الثلاثي الصحيح وكلام بن قتيبة يقتضى أنها من المعتل فإنه قال جاءها النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبكون مكان مائها بقدح فقال ما زلتم تبوكونها فسميت حينئذ تبوك قوله وهي غزوة العسرة وفي أول أحاديث الباب (4153) قول أبي موسى في جيش العسرة بمهملتين الاولى مضمومة وبعدها سكون مأخوذ من قوله تعالى الذين اتبعوه في ساعة العسرة وهي غزوة تبوك وفي حديث بن عباس قيل لعمر حدثنا عن شأن ساعة العسرة قال خرجنا إلى تبوك في قيظ شديد فأصابنا عطش الحديث أخرجه بن خزيمة وفي تفسير عبد الرزاق عن معمر عن بن عقيل قال خرجوا في قلة من الظهر وفي حر شديد حتى كانوا ينحرون البعير فيشربون ما في كرشه من الماء فكان ذلك عسرة من الماء وفي الظهر وفي النفقة فسميت غزوة العسرة وتبوك المشهور فيها عدم الصرف للتأنيث والعلية ومن صرفها أراد الموضع ووقعت تسميتها بذلك في الاحاديث الصحيحة منها حديث مسلم إنكم ستأتون غدا عين تبوك وكذا أخرجه أحمد والبزار من حديث حذيفة وقيل سميت بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم للرجلين الذين سبقاه إلى العين مازلتما تبوكانها منذ اليوم قال بن قتيبة فبذلك سميت عين تبوك والبوك كالحفر انتهى والحديث المذكور عند مالك ومسلم بغير هذا اللفظ أخرجاه من حديث
[ 85 ]
معاذ بن جبل إنهم خرجوا في عام تبوك مع النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنكم ستأتون غدا إن شاء الله تعالى عين تبوك فمن جاءها فلا يمس من مائها شيئا فجئناها وقد سبق إليها رجلان والعين مثل الشراك تبض بشئ من ماء فذكر الحديث في غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ويديه بشئ من مائها ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس وبينها وبين المدينة من جهة الشام أربع عشرة مرحلة وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة وكان السبب فيها ما ذكره بن سعد وشيخه وغيره قالوا بلغ المسلمين من الانباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة أن الروم جمعت جموعا وأجلبت معهم لخم وجذام وغيرهم من متنصرة العرب وجاءت مقدمتهم إلى البلقاء فندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الخروج وأعلمهم بجهة غزوهم كما سيأتي في الكلام على حديث كعب بن مالك وروى الطبراني من حديث عمران بن حصين قال كانت نصارى العرب كتبت إلى هرقل أن هذا الرجل الذي خرج يدعي النبوة هلك وأصابتهم سنون فهلكت أموالهم فبعث رجلا من عظمائهم يقال له قباذ وجهز معه أربعين ألفا فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولم يكن للناص قوة وكان عثمان قد جهز عيرا إلى الشام فقال يا رسول الله هذه مائتا بعير بأقتابها وأحلاسها ومائتا أوقية قال فسمعته يقول لا يضر عثمان ما عمل بعدها وأخرجه الترمذي والحاكم من حديث عبد الرحمن بن حبان نحوه وذكر أبو سعيد في شرف المصطفى والبيهقي في الدلائل من طريق شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن اليهود قالوا يا أبا القاسم إن كنت صادقا فالحق بالشام فأنها أرض المحشر وأرض الانبياء فغزا تبوك لا يريد إلا الشام فلما بلغ تبوك أنزل الله تعالى الآيات من سورة بني إسرائيل وإن كادوا ليستفزونك من الارض ليخرجوك منها الآية انتهى وإسناده حسن مع كونه مرسلا قوله أسأله الحملان لهم بضم الحاء المهملة أي الشئ الذي يركبون عليه ويحملهم قوله لا أجد ما أحملكم عليه في رواية موسى بن عقبة عن بن شهاب وجاء نفر كلهم معسر يستحملونه لا يحبون التخلف عنه فقال لا أجد قال ومن هؤلاء نفر من الانصار ومن بني مزينة وفي مغازي بن إسحاق أن البكائين سبعة نفر سالم بن عمير وأبو ليلى بن كعب وعمرو بن الحمام وعبد الله بن مغفل وقيل بن غنمه وعلية بن زيد وهرمى بن عبد الله وعرباض بن سارية وسلمة بن صخر قال فبلغني أن أبا ياسر اليهودي وقيل بن يامين جهز أبا ليلى وابن مغفل وقيل كان في البكائين بنو مقرن السبعة معقل وإخوته قوله خذ هذين القرينين أي الجملين المشدودين أحدهما إلى الآخر وقيل النظيرين المتسايين وفي رواية أبي ذر عن المستملى هاتين القرينتين أي الناقتين وتقدم في قدوم الاشعريين أنه صلى الله عليه وسلم أمر لهم بخمس ذود وقال هذا بستة أبعرة فأما تعددت القصة أو زادهم على الخمس واحدا وأما قوله هاتين القرينتين وهاتين القرينتين فيحتمل أن يكون اختصارا من الراوي أو كانت الاولى اثنتين والثانية أربعة لان القرين يصدق على الواحد وعلى الاكثر وأما الرواية التي فيها هذين القرينين فذكر ثم أنث فالاولى على إرادة البعير والثانية على إرادة الاختصاص لا على الوصفية قوله ابتاعهن في رواية الكشميهني ابتاعهم وكذا انطلق بهن في روايته بهم وهو تحريف والصواب ما عند الجماعة لانه جمع ما يعقل قوله حينئذ من سعد لم يتعين لي من هو سعد إلى الآن إلا أنه يهجس في خاطري أنه سعد بن عبادة وفي الحديث
[ 86 ]
استحباب حنث الحالف في يمينه إذا رأى غيرها خيرا منها كما سيأتي البحث في الايمان والنذور وانعقاد اليمين في الغضب وسنذكر هناك بقية فوائد حديث أبي موسى إن شاء الله تعالى (4154) قوله ؟ ؟ ؟ ؟ غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العسرة كذا للاكثر وفي رواية السرخسي العسيرة بالتصغير قال (4155) كان يعلى يقول تلك الغزوة أوثق أعمالي عندي تقدم في الاجارة بلفظ اجمالي وبالعين المهملة أصح قوله قال عطاء هو موصول بالاسناد المذكور قوله كان لي أجير فقاتل إنسانا فعض أحدهما يد الآخر قال عطاء فلقد أخبرني صفوان أيهما عض الآخر فنسيته سيأتي البحث في ذلك وتتمة شرح هذا الحديث في كتاب الديات إن شاء الله تعالى (0) قوله) *) *) * (4156) حديث كعب بن مالك وقول الله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا سيأتي الكلام على قوله خلفوا في آخر الحديث قوله عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب كذا عند الاكثر ووقع عن الزهري في بعض هذا الحديث رواية عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك وهو عم عبد الرحمن بن عبد الله الذي حدث به عنه هنا وفي رواية عن عبد الله بن كعب نفسه قال أحمد بن صالح فيما أخرجه بن مردويه كان الزهري سمع هذا القدر من عبد الله بن كعب نفسه وسمع هذا الحديث بطوله من ولده عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب وعنه أيضا رواية عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن عمه عبيد الله بالتصغير ووقع عند بن جرير من طريق يونس عن الزهري في أول الحديث بغير إسناد قال الزهري غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك وهو يريد نصارى العرب والروم بالشام حتى إذا بلغ تبوك أقام بضع عشرة ليلة ولقيه بها وفد أذرح ووفد أيلة فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية ثم قفل من تبوك ولم يجاوزها وأنزل الله تعالى لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة الآية والثلاثة الذين خلفوا رهط من الانصار في بضعة وثمانين رجلا فلما رجع صدقه أولئك واعترفوا بذنوبهم وكذب سائرهم فحلفوا ما حبسهم إلا العذر فقبل ذلك منهم ونهى عن كلام الذين خلفوا قال الزهري وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب فساق الحديث بطوله قوله وكان قائد كعب من بنيه بفتح الموحدة وكسر النون بعدها تحتانية ساكنة وقع في رواية القابسي هنا وكذا لابن السكن في الجهاد من بيته بفتح الموحدة وسكون التحتانية بعدها مثناة والاول هو الصواب وفي رواية معقل عن بن شهاب عند مسلم وكان قائد كعب حين أصيب بصره وكان أعلم قومه وأوعاهم لاحاديث أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله حين تخلف أي زمان تخلفه وقوله عن قصة متعلق
[ 87 ]
بقوله يحدث قوله الا في غزوة تبوك زاد أحمد من رواية معمر وهي آخر غزوة غزاها وهذه الزيادة رواها موسى بن عقبة عن بن شهاب بغير إسناد ومثله في زيادات المغازي ليونس بن بكير من مرسل الحسن وقوله ولم يعاتب أحدا تقدم في غزوة بدر بهذا السند ولم يعاتب الله أحدا قوله تواثقنا بمثلثة وقاف أي أخذ بعضنا على بعض الميثاق لما تبايعنا على الاسلام والجهاد قوله وما أحب أن لي بها مشهد بدر أي أن لي بدلها قوله وأن كانت بدر أذكر في الناس أي أعظم ذكرا وفي رواية يونس عن بن شهاب عند مسلم وأن كانت بدر أكثر ذكرا في الناس منها ولاحمد من طريق معمر عن بن شهاب ولعمري إن أشرف مشاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبدر قوله أقوى ولا أيسر زاد مسلم مني قوله ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها أي أوهم غيرها والتورية أن يذكر لفظا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيوهم إرادة القريب وهو يريد البعيد وزاد أبو داود من طريق محمد بن ثور عن معمر عن الزهري وكان يقول الحرب خدعة تنبيه هذه القطعة من الحديث أفردت منه وقد تقدمت في الجهاد بهذا الاسناد وزاد فيه من طريق يونس عن الزهري وقلما كان يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس وللنسائي من طريق بن وهب عن يونس في سفر جهاد ولا غيره وله من وجه آخر وخرج في غزوة تبوك يوم الخميس قوله وعدوا كثيرا في رواية وغزو عدو كبير قوله فجلى بالجيم وتشديد اللام ويجوز تخفيفها أي أو صح قوله أهبة غزوهم في رواية الكشميهني أهبة عدوهم والاهبة بضم الهمزة وسكون الهاء ما يحتاج إليه في السفر والحرب قوله ولا يجمعهم كتاب حافظ بالتنوين فيهما وفي رواية مسلم بالاضافة وزاد في رواية معقل يزيدون على عشرة آلا ف ولا يجمع ديوان حافظ وللحاكم في الاكليل من حديث معاذ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفا وبهذه العدة جزم بن أسحق وأورده الواقدي بسند آخر موصول وزاد أنه كان معه عشرة آلاف فرس فتحمل رواية معقل على إرادة عدد الفرسان ولابن مردويه ولا يجمعهم ديوان حافظ يعني كعب بذلك الديوان يقول لا يجمعهم ديوان مكتوب وهو يقوي رواية التنوين وقد نقل عن أبي زرعة الرازي أنهم كانوا في غزوة تبوك أربعين ألفا ولا تخالف الراوية التي في الاكليل أكثر من ثلاثين ألفا لاحتمال أن يكون من قال أربعين ألفا جبر الكسر وقوله يريد الديوان هو كلام الزهري وأراد بذلك الاحتراز عما وقع في حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اكتبوا لي من تلفظ بالاسلام وقد ثبت أن أول من دون الديوان عمر رضي الله عنه قوله قال كعب هو موصول بالاسناد المذكور قوله فما رجل في رواية مسلم فقل رجل قوله الا ظن أنه سيخفى في رواية الكشميهني أن سيخفى بتخفيف النون بلا هاء وفي رواية مسلم أن ذلك سيخفى له قوله حين طابت الثمار والظلال في رواية موسى بن عقبة عن بن شهاب في قيظ شديد في ليالي الخريف والناس خارفون في تخيلهم وفي رواية أحمد من طريق معمر وأنا أقدر شئ في نفسي على الجهاز وخفة الحاذ وأنا في ذلك أصغوا إلى الظلال والثمار وقوله الحاذ بحاء مهملة وتخفيف الذال المعجمة هو الحال وزنا ومعنى وقوله أصغو بصاد مهملة وضم المعجمة أي أميل ويروي أصعر بضم العين المهملة بعدها راء وفي رواية بن مردويه فالناس إليها صعر قوله حتى
[ 88 ]
أشتد الناس الجد بكسر الجيم وهو الجد في الشئ والمبالغة فيه وضبطوا الناس بالرفع على أنه الفاعل والجد بالنصب على نزع الخافض أو هو نعت لمصدر محذوف أي أشتد الناس الاشتداد الجد وعند بن السكن أشتد بالناس الجد برفع الجد وزيادة الموحدة وهو الذي في رواية أحمد ومسلم وغيرهما وفي رواية الكشميهني بالناس الجدوالجد على هذا فاعل وهو مرفوع وهي رواية مسلم وعند بن مردويه حتى شمر الناس الجد وهو يؤيد التوجيه الاول قوله فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ولم أقض من جهازي بفتح الجيم وبكسرها وعند بن أبي شيبة وابن جرير من وجه آخر عن كعب فأخذت في جهازي فأمسيت ولم أقرع فقلت أتجهز في غد قوله حتى أسرعوا وفي رواية الكشميهني حتى شرعوا بالشين المعجمة وهو تصحيف قوله وليتني فعلت زاد في رواية بن مردويه ولم أفعل قوله وتفارط بالفاء والطاء والمهملة أي فات وسبق والفرط السبق وفي رواية بن أبي شيبة حتى أمعن القوم وأسرعوا فطفقت أغدو للتجهيز وتشغلني الرجال فأجمعت القعود حين سبقني القوم وفي رواية أحمد من طريق عمر بن كثير عن كعب فقلت أيهات سار الناس ثلاثا فأقمت قوله مغموصا بالغين المعجمة والصاد المهملة أي مطعونا عليه في دينه متهما بالنفاق وقيل معناه مستحقرا تقول غمصت فلانا إذا استحقرته قوله حتى بلغ تبوك بغير صرف للاكثر وفي رواية تبوكا على إرادة المكان قوله فقال رجل من بني سلمة بكسر اللام وفي رواية معمر من قومي وعند الواقدي أنه عبد الله بن أنيس وهذا غير الجهني الصحابي المشهور وقد ذكر الواقدي فيمن استشهد باليمامة عبد الله بن أنيس السلمي بفتحتين فهو هذا والذي رد عليه هو معاذ بن جبل اتفاقا إلا ما حكى الواقدي وفي رواية أنه أبو قتادة قال والاول أثبت قوله حبسه برداه والنظر في عطفه بكسر العين المهملة وكنى بذلك عن حسنة وبهجته والعرب تصف الرداء بصفة الحسن وتسميه عطفا لوقوعه على عطفى الرجل قوله فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فينما هو كذلك رأى رجلا منتصبا يزول به السراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فإذا هو أبو خيثمة الانصاري قلت واسم أبي خيثمة هذا سعد بن خيثمة كذا أخرجه الطبراني من حديثه ولفظه تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت حائطا فرأيت عريشا قد رش بالماء ورأيت زوجتي فقلت ما هذا بانصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في السموم والحرور وأنا في الظل والنعيم فقمت إلى ناضح لي وتمرات فخرجت فلما طلعت على العسكر فرآني الناس قال النبي كن أبا خيثمة فجئت فدعا لي وذكره بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم مرسلا وذكر الواقدي أن اسمه عبد الله بن خيثمة وقال بن شهاب اسمه مالك بن قيس قوله فلما بلغني أنه توجه قافلا في رواية مسلم فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر بن سعد أن قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة كان في رمضان قوله حضرني همي في رواية الكشميهني همنى وفي رواية مسلم بثي بالموحدة ثم المثلثة وفي رواية بن أبي شيبة فطفقت أعد العذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء وأهئ الكلام قوله وأجمعت صدقه أي جزمت بذلك وعقدت عليه
[ 89 ]
قصدي وفي رواية بن أبي شيبة وعرفت أنه لا ينجيني منه إلا الصدق قوله وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فيركع فيه ركعتين ثم جلس للناس هذه القطعة من هذا الحديث أفردت في الجهاد وقد أخرجه أحمد من طريق بن جريج عن بن شهاب بلفظ لا يقدم من سفر إلا في الضحى فيبدأ بالمسجد فيصلى فيه ركعتين ويقعد وفرواية بن أبي شيبة ثم يدخل على أهله وفي حديث أبي ثعلبة عند الطبراني كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم يثني بفاطمة ثم يأتي أزواجه وفي لفثم بدأ ببيت فاطمة ثم أتى بيوت نسائه قوله جاءه المخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا ذكر الواقدي أن هذا العدد كان من منافقي الانصار وأن المعذرين من الاعراب كانوا أيضا اثنين وثمانين رجلا من بني غفار وغيرهم وأن عبد الله بن أبي ومن أطاعه من قومه كانوا من غير هؤلاء وكانوا عددا كثيرا قوله فما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب وعند بن عائذ في المغازى فأعرض عنه فقال يا نبي الله لم تعرض عني فوالله ما نافقت ولا ارتبت ولا بدلت قال فما خلفك قوله والله لقد أعطيت جدلا أي فصاحة وقوة كلام بحيث أخرج عن عهدة ما ينسب إلى بما يقبل ولا يرد قوله تجد على بكسر الجيم أي تغضب قوله حتى يقضي الله فيك فقمت زاد النسائي من طريق يونس عن الزهري فمضيت قوله وثار رجال أي وثبوا قوله كافيك ذنبك بالنصب على نزع الخافض أو على المفعولية أيضا واستغفار بالرفع على أنه الفاعل وعند بن عائذ فقال كعب ما كنت لاجمع أمرين أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكذبه فقالوا إنك شاعر جرئ فقال أما على الكذب فلا زاد في رواية بن أبي شيبة كما صنع ذلك بغيرك فقبل منهم عذرهم واستغفر لهم قوله وقيل لهم مثل ما قيل لك في رواية بن مردويه وقال لهما مثل ما قيل لك قوله يؤنبوني بنون ثقيلة ثم موحدة من التأنيب وهو اللوم العنيف قوله مرارة بضم الميم وراءين الاولى خفيفة وقوله العمرى بفتح المهملة وسكون الميم نسبة إلى بني عمرو بن عوف بن مالك بن الاوس ووقع لبعضهم العامري وهو خطأ وقوله بن الربيع هو المشهور ووقع في رواية لمسلم بن ربيعة وفي حديث مجمع بن جارية عند بن مردويه مرارة بن ربعى وهو خطأ وكذا ما وقع عند بن أبي حاتم من مرسل الحسن من تسميته ربيع بن مرارة وهو مقلوب وذكر في هذا المرسل أن سبب تخلفه أنه كان له حائط حين زهى فقال في نفسه قد غزوت قبلها فلو أقمت عامي هذا فلما تذكر ذنبه قال اللهم إني أشهدك أتى قد تصدقت به في سبيلك وفيه أن الآخر يعني هلالا كان له أهل تفرقوا ثم اجتمعوا فقال لو أقمت هذا العام عندهم فلما تذكر قال اللهم لك على أن لا أرجع إلى أهل ولا مال قوله وهلال بن أمية الواقفي بقاف ثم فاء نسبة إلى بني واقف بن أمرئ القيس بن مالك بن الاوس قوله فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا هكذا وقع هنا وظاهره أنه من كلام كعب بن مالك وهو مقتضى صنيع البخاري وقد قررت ذلك واضحا في غزوة بدر وممن جزم بأنهما شهدا بدرا أبو بكر الاثرم وتعقبه بن الجوزي ونسبه إلى الغلط فلم
[ 90 ]
يصب واستدل بعض المتأخرين لكونهما لم يشهدا بدرا بما وقع في قصة حاطب وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يهجره ولا عاقبه مع كونه جس عليه بل قال لعمر لماهم بقتله وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم قال وأين ذنب التخلف من ذنب الجس قلت وليس ما استدل به بواضح لانه يقتضى أن البدري عنده إذا جنى جناية ولو كبرت لا يعاقب عليها وليس كذلك فهذا عمر مع كونه المخاطب بقصة حاطب فقد جلد قدامة بن مظعون الحد لما شرب الخمر وهو يدري كما تقدم وإنما لم يعاقب النبي صلى الله عليه وسلم حاطبا ولا هجره لانه قبل عذره في أنه إنما كاتب قريشا خشية على أهله وولده وأراد أن يتخذ له عندهم يدا فعذره بذلك بخلاف تخلف كعب وصاحبيه فإنهم لم يكن لهم عذر أصلا والله أعلم قوله لي فيهما أسوة بكسر الهمزة ويجوز ضمها قال بن التين التأسي بالنظير ينفع في الدنيا بخلاف الآخرة فقد قال تعالى ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم الآية قوله فمضيت حين ذكر وهما لي في رواية معمر فقلت والله لا أرجع إليه في هذا أبدا قوله ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة بالرفع وهو في موضع نصب على الاختصاص أي متخصصين بذلك دون بقية الناس قوله حتى تنكرت في نفسي الارض فما هي بالتي أعرف وفي رواية معمر وتنكرت لنا الحيطان حتى ما هي بالحيطان التي نعرف وتنكر لنا الناس حتى ما هم الذين نعرف وهذا يجده الحزين والمهموم في كل شئ حتى قد يجده في نفسه وزاد المصنف في التفسير من طريق إسحاق بن راشد عن الزهري وما من شئ أهم إلى من أن أموت فلا يصلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يموت فأكون من الناس بتلك المنزلة فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلى على وعند بن عائذ حتى وجلوا أشد الوجل وصاروا مثل الرهبان قوله هل حرك شفتيه برد السلام على لم يجزم كعب بتحريك شفتيه عليه السلام ولعل ذلك بسبب أنه لم يكن يديم النظر إليه من الخجل قوله فأسارقه بالسين المهملة وللقاف أي أنظر إليه في خفية قوله من جفوة الناس بفتح الجيم وسكون الفاء أي إعراضهم وفي رواية بن أبي شيبة وطفقنا نمشي في الناس لا يكلمنا أحد ولا يرد علينا سلاما قوله حتى تسورت أي علوت سور الدار قوله جدار حائط أبي قتادة وهو بن عمي وأحب الناس إلى ذكر أنه بن عمه لكونهما معا من بني سلمة وليس هو بن عمه أخي أبيه الاقرب وقوله أنشدك بضم المعجمة وفتح أوله أي أسألك وقوله الله ورسوله أعلم ليس هو تكليما لكعب لانه لم ينو به ذلك كما سيأتي تقريره قوله وتوليت حتى تسورت الحائط وفي رواية معمر فلم أملك نفسي أن بكيت ثم اقتحمت الحائط خارجا قوله إذا نبطى بفتح النون والموحدة قوله من أنباط أهل الشام نسبة إلى استنباط الماء واستخراجه وهؤلاء كانوا في ذلك الوقت أهل الفلاحة وهذا النبطي الشامي كان نصرانيا كما وقع في رواية معمر إذا نصراني جاء بطعام له يبيعه ولم أقف على اسم هذا النصراني ويقال أن النبط ينسبون إلى نبط بن هانب بن أميم بن لاوذ بن سام بن نوح قوله من ملك غسان بفتح المعجمة وسين مهملة
[ 91 ]
ثقيلة هو جبلة بن الايهم جزم بذلك بن عائذ وعند الواقدي الحارث بن أبي شمر ويقال جيلة بن الايهم وفي رواية ابن مردويه فكتب إلى كتابا في سرقة من حرير قوله ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة بسكون المعجمة ويجوز كسرها أي حيث يضيع حقك وعند بن عائذ فإن لك متحولا بالمهملة وفتح الواو أي مكانا تتحول إليه قوله فالحق بنا نواسك بضم النون وكسر المهملة من المواساة وزاد في رواية بن أبي شيبة في أموالنا فقلت إنا لله قد طمع في أهل الكفر ونحوه لابن مردويه قوله فتيممت أي قصدت والتنور ما يخبز فيه وقوله فسجرته بسين مهملة وجيم أي أوقدته وأنت الكتاب على معنى الصحيفة وفي رواية بن مردويه فعمدت بها إلى تنور به فسجرته بها ودل صنيع كعب هذا على قوة إيمانه ومحبته لله ولرسوله وإلا فمن صار في مثل حاله من الهجر والاعراض قد يضعف عن احتمال ذلك وتحمله الرغبة في الجاه والمال على هجران من هجره ولا سيما مع أمنه من الملك الذي استدعاه إليه أنه لا يكرهه على فراق دينه لكن لما احتمل عنده أنه لا يأمن من الافتتان حسم المادة وأحرق الكتاب ومنع الجواب هذا مع كونه من الشعراء الذين طبعت نفوسهم على الرغبة ولا سيما بعد الاستدعاء والحث على الوصول إلى المقصود من الجاه والمال ولا سيما والذي استدعاه قريبه ونسيبه ومع ذلك فغلب عليه دينه وقوى عنده يقينه ورجح ما هو فيه من النكد والتعذيب على ما دعي إليه من الراحة والنعيم حبا في الله ورسوله كما قال صلى الله عليه وسلم وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وعند بن عائذ أنه شكا حاله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما زال إعراضك عنى حتى رغب في أهل الشرك قوله إذاإ رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أقف على اسمه ثم وجدت في رواية الواقدي أنه خزيمة بن ثابت قال وهو الرسول إلى هلال ومرارة بذلك قوله أن تعتزل امرأتك هي عميرة بنت جبير بن صخر بن أمية الانصارية أم أولاده الثلاثة عبد الله وعبيد الله ومعبد ويقال اسم امرأته التي كانت يومئد عنده خيرة بالمعجمة المفتوحة ثم التحتانية قوله الحقى بأهلك فتكوني عندهم حتى يقضى الله زاد النسائي من طريق معقل بن عبيدالله عن الزهري فلحقت بهم قوله فجاءت امرأة هلال هي خولة بنت عاصم قوله فقالي بعض أهلي لم أقف على اسمه ويشكل مع نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلام الثلاثة ويجاب بأنه لعله بعض ولده أو من النساء ولم يقع النهى عن كلام الثلاثة للنساء اللاتي في بيوتهم أو الذي كلمه بذلك كان منافقا أو كان ممن يخدمه ولم يدخل في النهى قوله فأوفى بالفاء مقصور أي أشرف واطلع قوله على جبل سلع بفتح المهملة وسكون اللام وفي رواية معمر من ذروة سلع أي أعلاه وزاد بن مردويه وكنت ابتنيت خيمة في ظهر سلع فكنت أكون فيها ونحوه لابن عائذ وزاد أكون فيها نهارا قوله يا كعب بن مالك أبشر في رواية عمر بن كثير عن كعب عند أحمد إذ سمعت رجلا على الثنية يقول كعبا كعبا حتى دنا مني فقال بشروا كعبا قوله فخررت ساجدا وقد عرفت أنه جاء فرج وعند بن عائذ فخر ساجدا يبكي فرحا بالتوبة قوله وآذن بالمد وفتح المعجمة أي أعلم وللكشميهني بغير مد وبالكسر ووقع في رواية إسحاق بن راشد وفي رواية معمر فانزل الله توبتنا على نبيه حين بقي الثلث الاخير من الليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم عند أم سلمة وكانت أم سلمة محسنة في شأني معتنية بأمرى فقال يا أم سلمة تيب على
[ 92 ]
كعب قالت أفلا أرسل إليه فأبشره قال إذا يحطمكم 8222 الناس فيمنعوكم النوم سائر الليلة حتى إذا صلى الفجر آذن بتوبة الله علينا قوله وركض إلى رجل فرسا لم أقف على اسمه ويحتمل أن يكون هو حمزة بن عمرو الاسلمي قوله وسعى ساع من اسلم هو حمزة بن عمرو ورواه الواقدي وعند بن عائذ أن الذي سعيا أبو بكر وعمر لكنه صدره بقوله زعموا وعند الواقدي وكان الذي أوفى على سلع أبا بكر الصديق فصاح قد تاب الله على كعب والذي خرج على فرسه الزبير بن العوام قال وكان الذي بشرني فنزعت له ثوبي حمزة بن عمرو الاسلمي قال وكان الذي بشر هلال بن أمية بتوبته سعيد بن زيد قال وخرجت إلى بني واقف فبشرته فسجد قال سعيد فما ظننته يرفع رأسه حتى تخرج نفسه يعني لما كان فيه من الجهد فقد قيل إنه أمتنع من الطعام حتى كان يواصل الايام صائما ولا يفتر من البكاء وكان الذي بشر مرارة بتوبته سلكان بن سلامة أو سلمة بن سلامة بن وقش قوله والله ما أملك غيرهما يومئذ يريد من جنس الثياب وإلا فقد تقدم أنه كان عنده راحلتان وسيأتي أنه استأذن أن يخرج من ماله صدقة ثم وجدت في رواية بن أبي شيبة التصريح بذلك ففيها ووالله ما أملك يومئذ ثوبين غيرهما وزاد بن عائذ من وجه آخر عن الزهري فلبسهما قوله واستمرت ثوبين في رواية الواقدي من أبي قتادة قوله وانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية مسلم فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله فوجا فوجا أي جماعة جماعة قوله ليهنك بكسر النون وزعم بن التين أنه يفتحها بقال السفاقسى إنه أصوب لانه من الهناء وفيه نظر قوله ولا أنساه الطلحة قالوا سبب ب ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخى بينه وبين طلحة لما آخى بين المهاجرين والانصار والذي ذكره أهل المغازي أنه كان أخا الزبير لكن كان الزبير أخا طلحة في إخوة المهاجرين فهو أخو أخيه قوله أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك استشكل هذا الاطلاق بيوم إسلامه فإنه مر عليه بعد أن ولدته أمه وهو خير أيامه فقيل هو مستثنى تقديرا وإن لم ينطق به لعدم خفائه والاحسن في الجواب أن يوم توبته مكمل ليوم إسلامه فيوم إسلامه بداية سعادته ويوم توبته مكمل لها فهو خير جميع أيامه وإن كان يوم إسلامه خيرها فيوم توبته المضاف إلى إسلامه خير من يوم إسلامه المجرد عنها والله أعلم قوله قال لا بل من عند الله زاد في روياة بن أبي شيبة انكم صدقتم الله فصدقكم قوله حتى كأنه قطعة قمر في رواية إسحاق بن راشد في التفسير حتى كأنه قطعة من القمر ويسأل عن السر في التقييد بالقطعة مع كثرة ما ورد في كلام البلغاء من تشبيه الوجه بالقمر بغير تقييد وقد تقدم في صفة النبي صلى الله عليه وسلم تشبيههم له بالشمس طالعة وغير ذلك وكان كعب بن مالك قائل هذا من شعراء الصحابة وحال في ذلك مشهورة فلا بد في التقييد بذلك من حكمة وما قيل في ذلك من الاحتراز من السواد الذي في القمر ليس بقوي لان المراد تشبيهه بما في القمر من الضياء والاستنارة وهو في تمامه لا يكون فبها أقل مما في القطعة المجردة وقد ذكرت في صفة النبي صلى الله عليه وسلم بذلك توجيهات ومنها أنه للاشارة إلى موضع الاستنارة وهو الجبين وفيه يظهر السرور كما قالت عائشة مسرورا تبرق أساريوجهه فكأن التشبيه وقع على بعض الوجه فناسب أن يشبه ببعض القمر قوله وكنا نعرف ذلك منه في رواية الكشميهني فيه وفيه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم عليه من كمال الشفقة على أمته والرأفة بهم والفرح بما يسرهم وعند بن
[ 93 ]
مردويه موجه آخر عن كعب بن مالك لما نزلت توبتي أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقبلت يده وركبته قوله ان من توبتي أن أنخلع من مالي أي أخرج من جميع مالي قوله صدقة هو مصدر في موضع الحال أي متصدقا أو ضمن أنخلع معنى اتصدق وهو مصدر أيضا وقوله أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك في رواية أبي داود عن كعب أنه قال أن من توبتي أن أخرج من مالي كله إلى الله ورسوله صدقة قال لا قلت نصفه قال لا قلت فثلثه قال نعم ولابن مردويه من طريق بن عيينة عن الزهري فقال النبي صلى الله عليه وسلم يجزي عنك من ذلك الثلث ونحوه لاحمد في قصة أبي لبابة حين قال أن من توبتي أن انخلع من مالي كله صدقة لله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم يجزي عنك الثلث قوله فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله أي أنعم عليه وقوله في صدق الحديث قد ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني وكذلك قوله بعد ذلك فوالله ما أنعم الله على من نعمة قط بعد أن هداني إلى الاسلام أعظم من صدقي لرسول الله صلى الله عليه وسلم ففي قوله أحسن وأعظم شاهد على أهذا السياق يورد ويراد به نفي الافضلية لا المساواة لان كعبا شاركه في ذلك رفيقان وقنفى أن يكون أحد حصل له أحسن مما حصل له وهو كذلك لكنه لم ينف المساواة قوله أن لا أكون كذبته لا زائدة كما نبه عليه عياض قوله وكنا تخلفنا بضم أوله وكسر اللام وفي رواية مسلم وغيره خلفنا بضم المعجمة من غير شئ قبلها قوله وأرجأ مهموزا أي أخر وزنا ومعنى وحاصله أن كعبا فسر قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا أي أخروا حتى تاب الله عليهم لا أن المراد أنهم خلفوا عن الغزو وفي تفسير عبد الرزاق عن معمر عمن سمع عكرمة في قوله تعالى وعلى الثلاثة الذين خلفوا قال خلفوا عن التوبة ولابن جرير من طريق قتادة نحوه قال بن جرير فمعنى الكلام لقد تاب الله على الذين أخرت توبتهم وفي قصة كعب من الفوائد غير ما تقدم جواز طلب أموال الكفار من ذوي الحرب وجواز الغزو في الشهر الحرام والتصريح بجهة الغزو إذا لم تقتض المصلحة ستره وأن الامام إذا استنفر الجيش عموما لزمهم النفير ولحق اللوم بكل فرد فرد أن لو تخلف وقال السهيلي إنما اشتد الغضب على من تخلف وأن كان الجهاد فرض كفاية لكنه في حق الانصار خاصة فرض عين لانهم بايعوا عل ذلك ومصداق ذلك قوله وهم يحفرون الخندق نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا فكان تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرة لانها كالنكث لبيعتهم كدا قال بن بطال قال السهيل ولا أعرف له وجها غير الذي قال قلت وقد ذكرت وجها غير الذي ذكره ولعله أقعد ويؤيده قوله تعالى ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله الآية وعند الشافعية وجه أن الجهاد كان فرض عين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فعلى هذا فيتوجه العتاب على من تخلف مطلقا وفيها أن العاجز عن الخروج بنفسه أو بماله لالوم عليه واستخلاف من يقوم مقام الامام على أهله والضعفة وفيها ترك قتل المنافقين ويستنبط منه ترك
[ 94 ]
قتل الزنديق إذا أظهر التوبة وأجاب من أجازه بأن الترك كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لمصلحة التأليف على الاسلام وفيها عظم أمر المعصية وقد نبه الحسن البصري على ذلك فيما أخرجه بن أبي حاتم عنه قال يا سبحان الله ما أكل هؤلاء الثلاثة مالا حراما ولا سفكوا دما حراما ولا افسدوا في الارض أصابهم ما سمعتم وضاقت عليهم الارض بما رحبت فيكف بمن يواقع الفواحش والكبائر وفيها أن القوي في الدين يؤاخذ بأشد مما يؤاخذ الضعيف في الدين وجواز إخبار المرء عن تقصيره وتفريطه وعن سبب ذلك وما آل إليه أمره تحذيرا ونصيحة لغيره وجواز مدح المرء بما فيه من الخير إذا أمن الفتنة وتسلية نفسه بما لم يحصل له بما وقع لنظيره وفضل أهل بدر والعقبة والحلف للتأكيد من غير استحلاف والتورية عن المقصد ورد الغيبة وجواز ترك وطئ الزوجة مدة وفيه أن المرء إذا لاحت له فرصة في الطاعة فحقه أن يبادر إليها ولا يسوف بها لئلا يحرمها كما قال تعالى استجيبوا لله وللرسول إذ دعاكم لما يحييكم واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ومثله قوله تعالى ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونسأل الله تعالى أن يلهمنا المبادرة إلى طاعته وأن لا يسلبنا ما خولنا من نعمته وفيها جواز تمنى ما فات من الخير وأن الامام لا يهمل من تخلف عنه في بعض الامور بل يذكره ليراجع التوبة وجواز الطعن في الرجل بما يغلب على اجتهاد الطاعن عن حمية لله ورسوله وفيها جواز الرد على الطاعن إذا غلب على ظن الراد وهم الطاعن أو غلطه وفيها أن المستحب للقادم أن يكون على وضوء وأن يبدأ بالمسجد قبل بيته فيصلى ثم يجلس لمن يسلم عليه ومشروعية السلام على القادم وتلقيه والحكم بالظاهر وقبول المعاذير واستحباب بكاء العاصى أسفا على ما فاته من الخير وفيها إجراء الاحكام على الظاهر ووكول السرائر إلى الله تعالى وفيها ترك السلام على من أذنب وجواز هجره أكثر من ثلاث وأما النهي عن الهجر فوق الثلاث فمحمول على من لم يكن هجرانه شرعيا وأن التبسم قد يكون عن غضب كما يكون عن تعجب ولا يختص بالسرور ومعاتبة الكبير أصحابه ومن يعز عليه دون غيره وفيها فائدة الصدق وشؤم عاقبة الكذب وفيها العمل بمفهوم اللقب إذا حفته قرينة لقوله صلى الله عليه وسلم لما حدثه كعب أما هذا فقد صدق فأنه يشعر بأن من سواه كذب لكن ليس على عمومه في حق كل أحد سواه لان مرارة وهلالا أيضا قد صدقا فيختص الكذب بمن حلف واعتذر لا بمن اعترف ولهذا عاقب من صدق بالتأديب الذي ظهرت فائدته عن قرب وأخر من كذب للعقاب الطويل وفي الحديث الصحيح إذا أراد الله بعبد خيرا عجل له عقوبته في الدنيا وإذا أراد به شرا أمسك عنه عقوبته فيرد القيامة بذنوبه قيل وإنما غلظ في حق هؤلاء الثلاثة لانهم تركوا الواجب عليهم من غير عذر ويدل عليه قوله تعالى ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب أن يتخلفوا عن رسول الله وقول الانصار نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا وفيها تبريد حر المصيبة بالتأسي بالنظير وفيها عظم مقدار الصدق في القول والفعل وتعليق سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شرهما به وأن من عوقب بالهجر يعذر في التخلف عن صلاة الجماعة لان مرارة وهلالا لم يخرجا من بيوتهما تلك المدة وفيها سقوط رد السلام على المهجور عمن سلم عليه إذ لو كان واجبا لم يقل كعب هل حرك شفتيه برد السلام وفيها جواز دخول المرء دار جاره
[ 95 ]
وصديقه بغير إذنه ومن غير الباب إذا علم رضاه وفيها أن قول المرء الله ورسوله أعلم ليس بخطاب ولا كلام ولا يحنث به من حلف أن لا يكلم الآخر إذا لم ينوبه مكالمته وإنما قال أبو قتادة ذلك لما ألح عليه كعب وإلا فقد تقدم أن رسول ملك غسان لما سأل عن كعب جعل الناس يشيرون له إلى كعب ولا يتكلمون بقولهم مثلا هذا كعب مبالغة في هجره والاعراض عنه وفيها أن مسارقة النظر في الصلاة لا تقدح في صحتها وإيثار طاعة الرسول على مودة القريب وخدمة المرأة زوجها والاحتياط لمجانبة ما يخشى الوقوع فيه وجواز تحريق ما فيه اسم الله للمصلحة وفيها مشروعية سجود الشكر والاستباق إلى البشارة بالخير وإعطاء البشير أنفس ما يحضر الذي يأتيه بالبشارة وتهنئة من تجددت له نعمة والقيام إليه إذا أقبل واجتماع الناس عند الامام في الامور المهمة وسروره بما يسر أتباعه ومشروعية العارية ومصافحة القادم والقيام له والتزام المداومة على الخير الذي ينتفع به واستحباب الصدقة عند التوبة وأن من نذر الصدقة بكل ماله لم يلزمه إخراج جميعه وسيأتي البحث فيه في كتاب النذر إن شاء الله تعالى وقال بن التين فيه أن كعب بن مالك من المهاجرين الاولين الذين صلوا إلى القبلتين كذا قال وليس كعب من المهاجرين إنما هو من السابقين من الانصار (0) قوله باب نزول النبي صلى الله عليه وسلم الحجر بكسر المهملة وسكون الجيم وهي منازل ثمود زعم بعضهم أنه مر به ولم ينزل ويرده التصريح في حديث بن عمر بأنه لما نزل الحجر أمرهم أن لا يشربوا وقد تقدم حديث بن عمر في بئر ثمود وقد تقدمت مباحثه في أحاديث الانبياء وقوله (4157) أن يصيبكم بفتح الهمزة مفعول له أي كراهة الاصابة وقوله أجاز الوادي أي قطعه وقوله في الرواية الثانية قال النبي صلى الله عليه وسلم لاصحاب الحجر لا تدخلوا قال الكرماني أي قال لاصحابه الذين معه في ذلك الموضع وأضيف إلى الحجر لعبورهم عليه وقد تكلم في ذلك وتعسف وليس كما قال بل اللام في (4158) قوله لاصحاب الحجر بمعنى عن وحذف المقول لهم ليعم كل سامع والتقدير قال لامته عن أصحاب الحجر وهم ثمود لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين أي ثمود وهذا واضح لاخفاء به (0) الله تبارك وتعالى قوله باب كذا فيه بغير ترجمة وهو كالفصل مما تقدم لان أحاديثه تتعلق ببقية قصة تبوك (4159) قوله عن الليث عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن سعد بن إبراهيم تقدم في الطهارة عن الليث عن يحيى بن سعيد عن سعد بن إبراهيم فكأن له فيه شيخين قوله ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض حاجته ققمت أسكب عليه لا أعلمه إلا في غزوة تبوك كذا فيه وقد قدمت في المسح على الخفين بيان من رواه بغير تردد وذكرت هناك بقية شرحه ووقع عند مسلم من رواية عباد بن زياد عن عروة بن المغيرة أن المغيرة أخبره أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فذكر حديث المسح كا تقدم وزاد المغيرة فأقبلت معه حتى نجد الناس قد قدموا عبد الرحمن بن عوف يصلي بهم فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم الركعة الاخيرة فلما سلم عبد الرحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتم صلاته فأفزع ذلك الناس وفي رواية له قال المغيرة فأردت تأخير عبد الرحمن فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعه (4160) قوله سليمان هو بن هلال وعمرو بن يحيى هو المازني وقد قتدمت مباحث حديث أبي حميد هذا في أواخر
[ 96 ]
الزكاة وفي الجهاد في باب من غزا بصبي للخدمة (4161) قوله عبد الله هو بن المبارك وقد تقدمت مباحث الحديث سندا ومتنا في الجهاد في باب من حبسه العذر عن الغزو (0) قوله باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر أما كسرى فهو بن برويز بن هرمز بن أنوشروان وهو كسرى الكبير المشهور وقيل إن الذي بعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو أنوشروان وفيه نظر لما سيأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن زربان ابنه يقتله والذي قتله ابنه هو كسرى بن برويز بن هرمز وكسرى بفتح الكاف وبكسرها لقب كل من تملك الفرس ومعناه بالعربية المظفرى وقد تقدم الكلام في ضبط كافة في علامات النبوة وأما قيصر فهو هرقل وقد تقدم شأنه في أول الكتاب (4162) قوله حدثنا إسحاق هو بن راهويه ويعقوب بن إبراهيم أي بن سعد وصالح هو بن كيسان وقد تقدم للمصنف في العلم عاليا عن إبراهيم بن سعد قوله مع عبد الله بن حذافة هذا هو المعتمد ووقع في رواية عمر عمر بن شبة أنه خنيس بن حذافة وهو غلط فإنه مات بأحد فتأيمت منه حفصة وبعث الرسل كان بعد الهدنة سنة سبع ووقع فترجمة عبد الله بن عيسى أخي كامل بن عدي من طريقه عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس في قصة اتخاذ الخاتم وفيه وبعث كتابا إلى كسرى بن هرمز بعث به مع عمبن الخطاب كذا قال وعبد الله ضعيف فإن ثبت فلعله كتب إلى ملك فارس مرتين وذلك في أوائل سنة سبع قوله إلى عظيم البحرين هو المنذر بن ساوى العبدى قوله فدفعه الفاء عاطفة على محذوف تقديره فتوجه إليه فأعطاه الكتاب فأعطاه لقاصده عنده فتوجه به فدفعه إلى كسرى ويحتمل أن يكون المنذر توجه بنفسه فلا يحتاج إلى القاصد ويحتمل أن يكون القاصد لم يباشر إعطاء كسرى بنفسه كما هو الاغلب من حال الملوك فيزداد التقدير قوله فلما قرأ كذا للاكثر بحذف المفعول وللكشميهني فلما قرأه وفيه مجاز فإنه لم يقرأه بنفسه وإنما قرئ عليه كما سيأتي قوله مزقه أي قطعه قوله فحسبت أن بن المسيب القائل هو الزهري وهو موصول بالاسناد المذكور ووقع في جميع الطرق مرسلا ويحتمل أن يكون بن المسيب سمعه من عبد الله بن حذافة صاحب القصة فإن بن سعد ذكر من حديثه أنه قال فقرأ عليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فمزقه قوله فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي على كسرى وجنوده قوله أن يمزقوا كل ممزق بفتح الزاي أي يتفرقوا ويتقطعوا وفي حديث عبد الله بن حذافة فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم مزق ملكه وكتب إلى باذان عامله على اليمن ابعث من عندك رجلين إلى هذا الرجل الذي بالحجاز فكتب باذان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبلغا صاحبكما أن ربي قتل ربه في هذه الليلة قال وكان ذلك ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الاولى سنة سبع وإن الله سلط عليه ابنه شيرويه فقتله وعن الزهري قال بلغني أن كسرى كتب إلى باذان بلغني أن رجلا من قريش يزعم أنه نبي فسر إليه فإن تاب وإلا بعث برأسه فذكر القصة قال فلما بلغ باذان أسلم هو ومن معه من الفرس تنبيه جزم بن سعد بأن بعث عبد الله بن حذافة إلى كسرى كان في سنة سبع في زمن الهدنة وهو عند الواقدي من حديث الشفاء بنت عبد الله بلفظ منصرفه من الحديبيه وصنيع البخاري يقتضى أنه كان في سنة تسع فأنه ذكره بعد غزوة تبوك وذكر في آخر الباب حديث السائب أنه تلقى النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من تبوك إشارة إلى ما ذكرت وقد ذكر أهل
[ 97 ]
المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لما كان بتبوك كتب إلى قيصر وغيره وهي غير المرة التي كتب إليه مع دحية فأنها كانت في زمن الهدنة كما صرح به في الخبر وذلك سنة سبع ووقع عند مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى كسرى وقيصر الحديث وفيه وإلى كل جبار عنيد وروى الطبراني من حديث المسور بن مخرمقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال ان الله بعثني للناس كافة فأدوا عني ولا تختلفوا علي فبعث عبد الله بن حذافة إلى كسرى وسليط بن عمرو إلى هوذة بن علي باليمامة والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي بهجر وعمرو بن العاص إلى جيفر وعباد بن الجلندى بعمان ودحية إلى قيصر وشجاع بن وهب إلى بن أبي شمر الغساني وعمرو بن أمية إلى النجاشي فرجعوا جميعا قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم غير عمرو بن العاص وزاد أصحاب السير أنه بعث المهاجر بن أبي أمية بن الحارث بن عبد كلال وجريرا إلى ذي الكلاع والسائب إلى مسيلمة وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس وفي حديث أنس الذي أشرت إليه عند مسلم أن النجاشي الذي بعث إليه مع هؤلاء غير النجاشي الذي أسلم (4163) قوله حدثنا عوف هو الاعرابي والحسن هو البصري والاسناد كله بصريون وسماع الحسن من أبي بكرة تقدم بيانه في الصلح قوله نفعني الله بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام الجمل فيه تقديم وتأخير والتقدير نفعني الله أيام الجمل بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قبل ذلك فايام يتعلق بنفعي لا بسمعتها فأنه سمعها قبل ذلك قطعا والمراد بأصحاب الجمل العسكر الذين كانوا مع عائشة قوله بعد ما كدت ألحق بأصحاب الجمل يعني عائشة رضي الله عنها ومن معها وسيأتي بيان هذه القصة في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى ومحصلها أن عثمان لما قتل وبويع على بالخلافة خرج طلحة والزبير إلى مكة فوجدا عائشة وكانت قد حجت فاجتمع رأيهم على التوجه إلى البصرة يستنفرون الناس للطلب بدم عثمان فبلغ ذلك عليا فخرج إليهم فكانت وقعة الجمل ونسبت إلى الجمل الذي كانت عائشة قد ركبته وهي في هودجها تدعو الناس إلى الاصلاح والقائل لما بلغ هو أبو بكرة وهو تفسير لقوله بكلمة وفيه إطلاق الكلمة على الكلام الكثير قوله ملكوا عليهم بنت كسرى هي بوران بنت شيرويه بن كسرى بن برويز وذلك أن شيرويه لما قتل أباه كما تقدم كان أبوه لما عرف أن ابنه قد عمل على قتله احتال على قتل ابنه بعد موته فعمل في بعض خزائنه المختصة به حقا مسموما وكتب عليه حق الجماع من تناول منه كذا جامع كذا فقرأه سيرويه فتناول منه فكان فيه هلاكه فلم يعش بعد أبيه سوى ستة أشهر فلما مات لم يخلف أخا لانه كان قتل إخوته حرصا على الملك ولم يخلف ذكرا وكرهوا خروج الملك عن ذلك البيت فملكوا المرأة واسمها بوران بضم الموحدة ذكر ذلك قتيبة في المغازي وذكر الطبري أيضا أن أختها أرزميدخت ملكت أيضا قال الخطابي في الحديث أن المرأة لا تلي الامارة ولا القضاء وفيه أنها لا تزوج نفسها ولا تلي العقد على غيرها كذا قال وهو متعقب والمنع من أن تلي الاجارة والقضاء قول الجمهور وأجازه الطبري وهي رواية عن مالك وعن أبي حنيفة تلك الحكم فيما تجوز فيه شهادة النساء ومناسبة هذا الحديث للترجمة من جهة أنه تتمة قصة كسرى الذي مزق كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فسلط الله عليه ابنه فقتله ثم قتل إخوته حتى أفضى الامر بهم إلى تأمير المرأة فجر ذلك إلى ذهاب ملكهم ومزقوا كما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم (4164) قوله وقال سفيان مرة مع الصبيان هو موصول
[ 98 ]
ولكن بين الراوي عنه أنه قال مرة الغلمان ومرة الصبيان وهو بالمعنى ثم ساقه عن شيخ آخر عن سفيان وزاد في آخره مقدمه من تبوك فأنكر الداودي هذا وتبعه بن القيم وقال ثنية الوداع من جهة مكة لا من جهة تبوك بل هي مقابلها كالمشرق والمغرب قال إلا أن يكون هناك ثنية أخرى في تلك الجهة والثنية ما ارتفع في الارض وقيل الطريق في الجبل قلت لايمنع كونها من جهة الحجاز أن يكون خروج المسافر إلى الشام من جهتها وهذا واضح كما في دخول مكة من ثنية والخروج منها من أخرى وينتهى كلاهما إلى طريق واحدة وقد روينا بسند منقطع في الحلبيات قول النسوة لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة طلع البدر علينا من ثنيات الوداع فقيل كان ذلك عند قدومه في الهجرة وقيل عند قدومه من غزوة تبوك تنبيه في إيراد هذا الحديث آخر هذا الباب إشارة إلى أن إرسال الكتب إلى الملوك كان في سنة غزوة تبوك ولكن لا يدفع ذلك قول من قال إنه كاتب الملوك في سنة الهدنة كقيصر والجمع بين القولين أنه كاتب قيصر مرتين وهذه الثانية قد وقع التصريح بها في مسند أحمد وكاتب النجاشي الذي أسلم وصلى عليه لما مات ثم كاتب النجاشي الذي ولي بعده وكان كافرا وقد روى مسلم من حديث أنس قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى كل جبار يدعوهم إلى الله وسمي منهم كسرى وقيصر والنجاشي قال وليس بالنجاشي الذي أسلم (0) قوله باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته وقول الله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون سيأتي في الكلام على الحديث السادس عشر من هذا الباب وجه مناسبة هذه الآية لهذا الباب وقد ذكر في الباب أيضا ما يدل على جنس مرضه كما سيأتي وأما ابتداؤه فكان في بيت ميمونة كما سيأتي ووقع في السيرة لابي معشر في بيت زينب بنت جحش وفي السيرة لسليمان التيمى في بيت ريحانة والاول المعتمد وذكر الخطابي أنه ابتدأ به يوم الاثنين وقيل يوم السبت وقال الحاكم أبو أحمد يوم الاربعاء واختلف في مدة مرضه فالاكثر على أنها ثلاثة عشر يوما وقيل بزيادة يوم وقيل بنقصه والقولان في الروضة وصدر بالثاني وقيل عشرة أيام وبه جزم سليمان التيمي في مغازيه وأخرجه البيهقي بإسناد صحيح وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف من ربيع الاول وكاد يكون إجماعا لكن في حديث بن مسعود عند البزار في حادى عشر رمضان ثم عند بن إسحاق والجمهور أنها في الثاني عشر منه وعند موسى بن عقبة والليث والخوارزمي وابن زبير مات لهلال ربيع الاول وعند أبي مخنف والكلبي في ثانيه ورجحه السهيلي وعلى القولين يتنزل ما نقله الرافعي أنه عاش بعد حجته ثمانين يوما وقيل أحدا وثمانين وأما على ما جزم به في الروضة فيكون عاش بعد حجته تسعين يوما أو أحدا وتسعين وقد استشكل ذلك السهيلي ومن تبعه أعنى كونه مات يوم الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الاول وذلك أنهم اتفقوا على أن ذا الحجة كان أوله يوم الخميس فمهما فرضت الشهور الثلاثة توام أو نواقص أو بعضها لم يصح وهو ظاهر لمن تأمله وأجاب البارزي ثم بن كثير باحتمال وقوع الاشهر الثلاثة كوامل وكان أهل مكة والمدينة اختلفوا في رؤية هلال ذي الحجة فرآه أهل مكة ليلة الخميس ولم يره أهل المدينة إلا ليلة الجمعة فحصلت الوقفة برؤية أهل مكة ثم رجعوا إلى المدينة فأرخوا برؤية أهلها فكان أول ذي الحجة الجمعة وآخره السبت وأول المحرم الاحد وآخره الاثنين وأول صفر الثلاثاء وآخره الاربعاء وأول ربيع الاول الخميس فيكون ثاني عشره الاثنين وهذا الجواب بعيد من حيث أنه يلزم توالى
[ 99 ]
أربعة أشهر كوامل وقد جزم سليمان التيمي أحد الثقاة بأن ابتداء مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوم السبت الثاني والعشرين من صفر ومات يوم الاثنين لليلتين خلتا من ربيع الاول فعلى هذا كان صفر ناقصا ولا يمكن أن يكون أول صفر السبت إلا أن كان ذو الحجة والمحرم ناقصين فيلزم منه نقص ثلاثة أشهر متوالية وأما على قول من قال مات أول يوم من ربيع الاول فيكون اثنان ناقصين وواحد كاملا ولهذا رجحه السهيلي وفي المغازي لابي معشر عن محمد بن قيس قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاربعاء لاحدى عشرة مضت من صفر وهذا موافق لقول سليمان التيمي المقتضى لان أول صفر كان السبت وأما ما رواه بن سعد من طريق عمر بن علي بن أبي طالب قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاربعاء لليلة بقيت من صفر فاشتكى ثلاث عشرة ليلة ومات يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الاول فيرد على هذا الاشكال المتقدم وكيف يصح أيكون أول صفر الاحد فيكون تاسع عشرينه الاربعاء والغرض أن ذا الحجة أوله الخميس فلو فرض هو والمحرم كاملين لكان أول صفر الاثنين فكيف يتأخر إلى يوم الاربعاء فالمعتمد ما قال أبو مخنف وكأن سبب غلط غيره أنهم قالوا مات في ثاني شهر ربيع الاول فتغيرت فصارت ثاني عشر واستمر الوهم بذلك يتبع بعضهم بعضا من غير تأمل والله أعلم وقد أجاب القاضي بدر الدين بن جماعة بجواب آخر فقال يحمل قول الجمهور لاثنتي عشرة ليلة خلت أي بأيامها فيكون موته في اليوم الثالث عشر ويفرضه الشهور كوامل فيصح قول الجمهور ويعكر عليه ما يعكر على الذي قبله مع زيادة مخالفة اصطلاح أهل اللسان في قولهم لاثنتي عشرة فإنهم لا يفهمون منها الا مضى الليالي ويكون ما أرخ بذلك واقعا في اليوم الثاني عشر ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة وعشرين حديثا (0) الحديث الاول قوله عن أم الفضل هي والدة بن عباس وقد تقدم شرح حديثها في القراءة في الصلاة (0) الحديث الثاني قوله عن بن عباس قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يدني بن عباس هو من إقامة الظاهر مقام المضمر وقد أخرجه الترمذي من طريق شعبة المذكورة بلفظ كان عمر يسألني مع أصحاب رسوالله صلى الله عليه وسلم وتقدم شرح حديث الباب في غزوة الفتح من طريق آخر عن أبي بشر أتم سياقا وأكثر فوائد وأطلنا بشرحه على تفسير سورة النصر وتقدم في حجة الوداع حديث بن عمر نزلت سورة إذا جاء نصر الله في أيام التشريق في حجة الوداع وعند الطبراني عن بن عباس من وجه آخر أنها لما نزلت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد ما كان اجتهادا في أمر الآخرة وللطبراني من حديث جابر لما نزلت هذه السورة قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل نعيت إلى نفسي فقال له جبريل والآخرة خير لك من الاولى (0) الحديث الثالث وقال يونس هو بن يزيد الايلي وهذا قد وصله البزار والحاكم والاسماعيلي من طريق عنبسة بن خالد عن يونس بهذا الاسناد وقال البزار تفرد به عنبسة عن يونس أي بوصله وإلا فقد رواه موسى بن عقبة في المغازي عن الزهري لكنه أرسله وله شاهدان مرسلان أيضا أخرجهما إبراهيم الحربي في غرائب الحديث له أحدهما من طريق يزيد بن رومان والآخر من رواية أبي جعفر الباقر وللحاكم موصول من حديث أم مبشر قالت قلت يا رسول الله ما تتهم بنفسك فأني لا أتهم بابني إلا الطعام الذي أكل بخيبر وكان ابنها بشر بن البراء بن معرور مات فقال وأنا لا أتهم غيرها وهذا أوان انقطاع أبهرى وروى بن سعد عن شيخه
[ 100 ]
الواقدي بأسانيد متعددة في قصة الشاة التي سمت له بخيبر فقال في آخر ذلك وعاش بعد ذلك ثلاث سنين حتى كان وجعه الذي قبض فيه وجعل يقول ما زلت أجد ألم الاكلة التي أكلتها بخيبر عدادا حتى كان هذا أوان انقطاع أبهرى عرق في الظهر وتوفي شهيدا انتهى وقوله عرق في الظهر من كلام الراوي وكذا قوله وتوفي شهيدا وقوله ما أزال أجد ألم الطعام أي أحس الالم في جوفي بسبب الطعام وقال الداودي المراد أنه نقص من لذة ذوقه وتعقبه بن التين وقوله أوان بالفتح على الظرفية قال أهل اللغة الابهر عرق مستبطن بالظهر متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه وقال الخطابي يقال إن القلب متصل به وقد تقدم شرح حال الشاة التي سمت بخيبر في غزوة خيبر مفصلا 0) الحديث الرابع حديث عائشة (4175) قوله اشتكى أي مرض ونفث أي تفل بغير ريق أو مع ريق خفيف قوله بالمعوذات أي يقرؤها ماسحا لجسده عند قراءتها ووقع في رواية مالك عن بن شهاب في فضائل القرآن بلفظ فقرأ على نفسه المعوذات وسيأتي في الطب قول معمر بعد هذا الحديث قلت للزهري كيف ينفث قال ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه وسيأتي في الدعوات من طريق عقيل عن الزهري أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك إذا أخذ مضجعه هذه رواية الليث عن عقيل وفي رواية المفضل بن فضالة عن عقيل في فضائل القرآن كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما ثيقرأ قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس والمراد بالمعوذات سورة قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس وجمع إما باعتبار أن أقل الجمع اثنان أو باعتبار أن المراد الكلمات التي يقع التعوذ بها من السورتين ويحتمل أن المراد بالمعوذات هاتان السورتان مع سورة الاخلاص وأطلق ذلك تغليبا وهذا هو المعتمد قوله ومسح عنه بيده في رواية معمر وأمسح بيد نفسه لبركتها وفي رواية مالك وأمسح بيده رجاء بركتها ولمسلم من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة فلما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت أنفث عليه وأمسح بيد نفسه لانها كانت أعظم بركة من يدي وسيأتي في آخر هذا الباب من طريق بن أبي مليكة عن عائشة فذهبت أعوذه فرفع رأسه إلى السماء وقال في الرفيق الاعلى وللطبراني من حديث أبي موسى فأفاق وهي تمسح صدره وتدعو بالشفاء فقال لا ولكن أسأل الله الرفيق الاعلى وسأذكر الكلام على الرفيق الاعلى في الحديث السابع (0) الحديث الخامس (4168) قوله يوم الخميس هو خبر لمبتدأ محذوف أو عكسه وقوله وما يوم الخميس يستعمل عند إرادة تفخيم الامر في الشدة والتعجب منه زاد في أواخر الجهاد من هذا الوجه ثم بكى حتى خضب دمعه الحصي ولمسلم من طريق طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيتها على خديه كأنها نظام اللؤلؤة وبكاء بن عباس يحتمل لكونه تذكر وفاة رسول الله فتجدد له الحزن عليه ويحتمل أن يكون أنضاف إلى ذلك ما فات في معتقده من الخير الذي كان يحصل لو كتب ذلك الكتاب ولهذا أطلق في الرواية الثانية أن ذلك رزية ثم بالغ فيها فقال كل الرزية وقد تقدم في كتاب العلم الجواب عمن أمتنع من ذلك كعمر رضي الله عنه قوله اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه زاد في الجهاد يوم الخميس وهذا يؤيد أن ابتداء مرضه كان قبل ذلك ووقع في الرواية الثانية لما حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضم الحاء المهملة وكسر الضاد المعجمة أي حضره الموت وفي إطلاق ذلك تجوز فإنه عاش بعد ذلك إلى يوم الاثنين قوله
[ 101 ]
كتابا قيل هو تعيين الخليفة بعده وسيأتي شئ من ذلك في كتاب الاحكام في باب الاستخلاف منه قوله لن تضلوا في رواية الكشميهني لا تضلون وتقدم في العلم وكذا في الرواية الثانية وتقدم توجيهه قوله ولا ينبغي عند نبي تنازع هو من جملة الحديث المرفوع ويحتمل أن يكون مدرجا من قول بن عباس والصواب الاول وقد تقدم في العلم بلفظ لا ينبعي عندي التنازع قوله فقالوا ما شأنه أهجر بهمزة لجميع رواة البخاري وفي الرواية التي في الجهاد بلفظ فقالوا هجر بغير همزة ووقع للكشميهني هناك فقالوا هجر هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أعاده هجر مرتين قال عياض معنى أهجرأ فحش يقال هجر الرجل إذا هذى وأهجر إذا أفحش وتعقب بأنه يستلزم أن يكون بسكون الهاء والروايات كلها إنما هي بفتحها وقد تكلم عياض وغيره على هذا الموضع فأطالوا ولخصه القرطبي تلخيصا حسنا ثم لخصته من كلامه وحاصله أن قوله هجر الراجح فيه إثبات همزة الاستفهام وبفتحات على أنه فعل ماض قال ولبعضهم أهجر بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين على أنه مفعول بفعل مضمر أي قال أهجرا والهجر بالضم ثم السكون الهذيان والمراد به هنا ما يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم ولا يعتد به لعدم فائدته ووقوع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم مستحيل لانه معصوم في صحته ومرضه لقوله تعالى وما ينطق عن الهوى ولقوله صلى الله عليه وسلم إني لا أقول في الغضب والرضا إلا حقا وإذا عرف ذلك فإنما قاله من قاله منكرا على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة فكأنه قال كيف تتوقف أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه امتثل أمره وأحضره ما طلب فإنه لا يقول إلا الحق قال هذا أحسن الاجوبة قال ويحتمل أن بعضهم قال ذلك عن شك عرض له ولكن يبعده أن لا ينكره الباقون عليه مع كونهم من كبار الصحابة ولو أنكروه عليه لنقل ويحتمل أن يكون الذي قال ذلك صدر عن دهش وحيرة كما أصاب كثيرا منهم عند موته وقال غيره ويحتمل أن يكون قائل ذلك أراد أنه أشتد وجعه فأطلق اللازم وأراد الملزوم لان الهذيان الذي يقع للمريض ينشأ عن شدة وجعه وقيل قال ذلك لارادة سكوت الذين لغطوا ورفعوا أصواتهم عنده فكأنه قال إن ذلك يؤذيه ويفضى في العادة إلى ما ذكر ويحتمل أن يكون قوله أهجر فعلا ماضيا من الهجر بفتح الهاء وسكون الجيم والمفعول محذوف أي الحياة وذكره بلفظ الماضي مبالغة لما رأى من علامات الموت قلت ويظهر لي ترجيح ثالث الاحتمالات التي ذكرها القرطبي ويكون قائل ذلك بعض من قرب دخوله في الاسلام وكان يعهد أن من أشتد عليه الوجع قد يشتغل به عن تحرير ما يريد أن يقوله لجواز وقوع ذلك ولهذا وقع في الرواية الثانية فقال بعضهم إنه قد غلبه الوجع ووقع عند الاسماعيلي من طريق محمد بن خلاد عن سفيان في هذا الحديث فقالوا ما شأنه يهجر استفهموه وعن بن سعد من طريق أخرى عن سعيد بن جبير أن نبي الله ليهجر ويؤيده أنه بعد أن قال ذلك استفهموه بصيغة الامر بالاستفهام أي اختبروا أمره بأن يستفهموه عن هذا الذي أراده وابحثوا معه في كونه أولا أولى وفي قوله في الرواية الثانية فاختصموا فمنهم من يقول قربوا يكتب لكم ما يشعر بأن بعضهم كان مصمما على الامتثال والرد على من أمتنع منهم ولما وقع منهم الاختلاف ارتفعت البركة كما جرت العادة بذلك عند وقوع التنازع والتشاجر وقد مضى في الصيام أنه صلى الله عليه وسلم خرج يخبرهم بليلة القدر
[ 102 ]
فرأى رجلين يختصمان فرفعت قال المازري إنما جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع صريح أمره لهم بذلك لان الاوامر قد يقارنها ما ينقلها من الوجوب فكأنه ظهرت منه قرينة دلت على أن الامر ليس على التحتم بل على الاختيار فاختلف اجتهادهم وصمم عمر على الامتناع لما قام عنده من القرائن بأنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عن غير قصد جازم وعزمه صلى الله عليه وسلم كان إما بالوحي وإما بالاجتهاد وكذلك تركه إن كان بالوحي فبالوحي وإلا فبالاجتهاد أيضا وفيه حجة لمن قال بالرجوع إلى الاجتهاد في الشرعيات وقال النووي اتفق قول العلماء على أن قول عمر حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره لانه خشي أن يكتب أمورا ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء وفي تركه صلى الله عليه وسلم الانكار على عمر إشارة إلى تصويبه رأيه وأشار بقوله حسبنا كتاب الله إلى قوله تعالى ما فرطنا في الكتاب من شئ ويحتمل أن يكون قصد التخفيف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه إذ لو كان من هذا القبيل لم يتركه صلى الله عليه وسلم لاجل اختلافهم ولا يعارض ذلك قول بن عباس إن الرزية الخ لان عمر كان أفقه منه قطعا وقال الخطابي لم يتوهم عمر الغلط فيما كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد كتابته بل امتناعه محمول على أنه لما رأى ما هو فيه من الكرب وحضور الموت خشي أن يجد المنافقون سبيلا إلى الطعن فيما يكتبه وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق فكان ذلك سبب توقف عمر لا أنه تعمد مخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا جواز وقوع الغلط عليه حاشا وكلا وقد تقدم شرح حديث بن عباس في أواخر كتاب العلم وقوله وقد ذهبوا يردون عنه يحتمل أن يكون المراد يردون عليه أي يعيدون عليه مقالته ويستثبئونه فيها ويحتمل أن يكون المراد يردون عنه القول المذكور على من قاله قوله فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونني إليه قال بن الجوزي وغيره يحتمل أن يكون المعنى دعوني فالذي أعاينه من كرامة الله التي أعدها لي بعد فراق الدنيا خير مما أنا فيه في الحياة أو أن الذي أنا فيه من المراقبة والتأهب للقاء الله والتفكر في ذلك ونحوه أفضل من الذي تسألونني فيه من المباحثة عن المصلحة في الكتابة أو عدمها ويحتمل أن يكون المعنى فإن امتناعي من أن أكتب لكم خير مما تدعونني إليه من الكتابة قلت ويحتمل عكسه أن الذي أشرت عليكم به من الكتابة خير مما تدعونني إليه من عدمها بل هذا هو الظاهر وعلى الذي قبله كان ذلك الامر اختبارا وامتحانا فهدى الله عمر لمراده وخفي ذلك على غيره وأما قول بن بطال عمر أفقه من بن عباس حيث اكتفى بالقرآن ولم يكتف بن عباس به وتعقب بأن إطلاق ذلك مع ما تقدم ليس بجيد فإن قول عمر حسبنا كتاب الله لم يرد أنه يكتفى به عن بيان السنة بل لما قام عنده من القرينة وخشى من الذي يترتب على كتابة الكتاب مما تقدمت الاشارة إليه فرأى أن الاعتماد على القرآن لا يترتب عليه شئ مما خشيه وأما بن عباس فلا يقال في حقه لم يكتف بالقرآن مع كونه حبر القرآن وأعلم الناس بتفسيره وتأويله ولكنه أسف على ما فاته من البيان بالتنصيص عليه لكونه أولى من الاستنباط والله أعلم وسيأتي في كفارة المرض في هذا الحديث زيادة لابن عباس وشرحها إن شاء الله تعلى قوله وأوصاهم بثلاث
[ 103 ]
أي في تلك الحالة وهذا يدل على أن الذي أراد أن يكتبه لم يكن أمرا متحتما لانه لو كان مما أمر بتبليغه لم يكن يتركه لوقوع اختلافهم ولعاقب الله من حال بينه وبين تبليغه ولبلغه لهم لفظا كما أوصاهم بإخراج المشركين وغير ذلك وقد عاش بعد هذه المقالة أياما وحفظوا عنه أشيا لفظا فيحتمل أن يكون مجموعها ما أراد أن يكتبه والله أعلم وجزيرة العرب تقدم بيانها في كتاب الجهاد وقوله أجيزوا الوفد أي اعطوهم والجائزة العطية وقيل أصله أن ناسا وفدوا على بعض الملوك وهو قائم على قنطرة فقال اجيزوهم فصاروا يعطو الرجل ويطلقونه فيجوز على القنطرة متوجها فسميت عطية من يقدم على الكبير جائزة وتستعمل أيضا في إعطاء الشاعر على مدحه ونحو ذلك وقوله بنحو ما كنت أجيزهم أي بقريب منه وكانت جائزة الواحد على عهده صلى الله عليه وسلم وقيه من فضة وهي أربعون درهما قوله وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها يحتمل أن يكون القائل ذلك هو سعيد بن جبير ثم وجدت عند الاسماعيلي التصريح بأن قائل ذلك هو بن عيينة وفي مسند الحميدي ومن طريقه أبو نعيم في المستخرج قال سفيان قال سليمان أي بن أبي مسلم لا أدرى أذكر سعيد بن جبير الثالثة فنسيتها أو سكت عنها وهذا هو الارجح قال الداودي الثالثة الوصية بالقرآن وبه جزم بن التين وقال المهلب بل هو تجهيز جيش أسامة وقواه بن بطال بأن الصحابة لما اختلفوا على أبي بكر في تنفيذ جيش أسامة قال لهم أبو بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد بذلك عند موته وقال عياض يحتمل أن تكون هي قوله ولا تتخذوا قبري وثنا فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالامر بإخراج اليهود ويحتمل أن يكون ما وقع في حديث أنس أنها قوله الصلاة وما ملكت أيمانكم قوله في الرواية الثانية (4169) فاختلف أهل البيت أي من كان في البيت من الصحابة ولم يرد أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم قوله فيها فقال قوموا زاد ابن سعد من وجه آخر فقال قوموا عني (0) الحديث السادس (4170) قوله حدثنا يسرة بفتح التحتانية والمهملة ووالد إبراهيم بن سعد هو إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قوله دعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة في شكواه الذي قبض فيه فسارها بشئ وفي أول هذا الحديث من رواية مسروق عن عائشة كما مضت في علامات النبوة أقبلت فاطمة تمشي كأن مشيتها مشية النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مرحبا ببنتي ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم سارها ولابي داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم من طريق عائشة بنت طلحة عن عاشه قالت ما رأيت أحدا أشبه سمتا وهديا ودلا برسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها وقعودها من فاطمة وكانت إذا دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قام إليها وقبلها وأجلسها في مجلسه وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك فلما مرض دخلت عليه فأكبت عليه تقبله واتفقت الروايتان على أن الذي سارهابه أولا فبكت هو إعلامه إياها بأنه ميت من مرضه ذلك واختلفا قيما سارها به ثانيا فضحكت ففي رواية عروة أنه إخبار إياها بأنها أول أهله لحوقا به وفي رواية مسروق أنه إخباره إياها بأنها سيدة نساء أهل الجنة وجعل كونها أول أهله لحوقا به مضموما إلى الاول وهو الراجح فإن حديث مسروق يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة وهو من الثقات الضابطين فما زاده مسروق قول عائشة فقلت ما رأيت كاليوم فرحا أقرب من حزن فسألتها عن ذلك فقالت ما كنت لافشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى
[ 104 ]
توفى النبي صلى الله عليه وسلم فسألتها فقالت أسر إلى أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة وأنه عارضني العام مرتين ولا أراه إلا حضر أجلى وأنك أول أهل بيتي لحوقا بي وقولها كأن مشيتها هو بكسر الميم لان المراد الهيئة وقولها ما رأيت كاليوم فرحا تقدم توجيهه في الكسوف وأن التقدير ما رأيت كفرح اليوم فرحا أو ما رأيت فرحا كفرح رأيته اليوم وقولها حتى توفي متعلق بمحذوف تقديره فلم تقل لي شيئا حتى توفي وقد طوى عروة هذا كله فقال في روايته بعد قوله فضحكت فسألناها عن ذلك فقالت سارني أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه الحديث وفي رواية عائشة بنت طلحة من الزيادة أن عائشة لما رأت بكاءها وضحكها قالت إن كنت لاظن أن هذه المرأة أعقل النساء فإذا هي من النساء ويحتمل تعدد القصة ويؤيده الجزم في رواية عروة بأنه ميت من وجعه ذلك بخلاف رواية مسروق ففيها أنه ظن ذلك بطريق الاستنباط مما ذكره من معارضة القرآن وقد يقال لا منافاة بين الخبرين إلا بالزيادة ولا يمتنع أن يكون إخباره بأنها أول أهله لحوقا به سببا لبكائها أو ضحكها معا باعتبارين فذكر كل من الراويين ما لم يذكره الآخر وقد روى النسائي من طريق أبي سلمة عن عائشة في سبب البكاء أنه ميت وفي سبب الضحك الامرين الآخرين ولابن سعد من رواية أبي سلمة عنها أن سبب البكاء موته وسبب الضحك أنها سيدة النساء وفرواية عائشة بنت طلحة عنها أن سبب البكاء موته وسبب الضحك لحاقها به وعند الطبري من وجه آخر عن عائشة أنه قال لفاطمة إن جبريل أخبرني أنه ليس امرأة من نساء المسلمين أعظم ذرية منك فلا تكوني أدنى امرأة منهن صبرا وفي الحديث إخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما قال فأنهم اتفقوا على أن فاطمة عليها السلام كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه (0) الحديث السابع حديث عائشة ذكره من طريق شعبة عن سعد وهو بن إبراهيم المذكور قبله أورده عاليا مختصرا ونازلا تاما ثم أورده أتم منه من طريق الزهري عن عروة فاما الرواية النازلة فإنه ساقها من طريق غندر عن شعبة وأما الرواية العالية فأخرجها عن مسلم وهو بن إبراهيم ولفظه مغاير للرواية الاخرى قالت عائشة لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم المرض الذي مات فيه جعل يقول الرفيق الاعلى وهذا القدر ليس في رواية غندر منه شئ وقد وقع لي من طريق أحمد بن حرب عن مسلم بن إبراهيم شيخ البخاري فيه بزيادة بعد قوله الذي قبض فيه أصابته بحة فجعلته أسمعه يقول في الرفيق الاعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين الاآية قالت فعلت أنه يخير فكأن البخاري اقتصر من رواية مسلم بن إبراهيم على موضع الزيادة وهي قوله في الرفيق الاعلى فأنها ليست من رواية غندر وقد اقتصر الاسماعيلي على تخريج رواية غندر دون رواية مسلم بن إبراهيم وأخرجه من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة ولفظه مثل غندر قولها (4171) قوله كنت أسمع أنه لا يموت نبي حتى يخير بضم أوله وفتح الخاء المعجمة ولم تصرح عائشة بذكر من سمعت ذلك منه في هذه الرواية وصرحت بذلك في الرواية التي تليها من طريق الزهري عن عروة عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يحيى أو يخير وهو شك من الراوي هل قال يحيى بضم أوله وفتح المهملة وتشديد التحتانية بعدها أخرى أو يخير كما في رواية سعد بن إبراهيم وعند أحمد من طريق المطلب بن عبد الله عن
[ 105 ]
عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ما من نبي يقبض الا يرى الثواب ثم يخير ولاحمد أيضا من حديث أبي مويهبة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أوتيت مفاتيح خزائن الارض والخلد ثم الجنة فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي والجنة فاخترت لقاء ربي والجنة وعند عبد الرزاق من مرسل طاوس رفعه خيرت بين أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي وبين التعجيل فاخترت التعجيل تنبيه فهم عائشة من قوله صلى الله عليه وسلم وفي الرفيق الاعلى أنه خير نظير لهم أبيها رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم أن عبدا خيره الله بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ما عنده أن العبد المراد هو النبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى كما تقدم في مناقبه قوله وأخدته بحة بضم الموحدة وتشديد المهملة شئ يعرض في الحلق فيتغير له الصوت فيغلظ تقول بححت بالكسر بحا ورجل أبح إذا كان فيه خلقة قوله مع الذين أنعم الله عليهم في رواية المطلب عن عائشة عند أحمد فقال مع الرفيق الاعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء إلى قوله رفيقا وفي رواية أبي بردة عن أبي موسى عن أبيه عند النسائي وصححه بن حبان فقال أسأل الله الرفيق الاعلى الاسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل وظاهره أن الرفيق المكان الذي تحصل المرافقة فيه مع المذكورين وفي رواية الزهري في الرفيق الاعلى وفي رواية عباد عن عائشة بعد هذا قال اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق وفي رواية ذكوان عن عائشة فجعل يقول في الرفيق الاعلى حتى قبض وفي رواية بن أبي مليكة عن عائشة وقال في الرفيق الاعلى في الرفيق الاعلى وهذه الاحاديث ترد على من زعم أن الرفيق تغيير من الراوي وأن الصواب الرقيع بالقاف والعين المهملة وهو من أسماء السام وقال الجوهري الرفيق الاعلى الجنة ويؤيده ما وقع عند أبي إسحاق الرفيق الاعلى الجنة وقيل بل الرفيق هنا اسم جنس يشمل الواحد وما فوقه والمراد الانبياء ومن ذكر في الآية وقد ختمت بقوله وحسن أولئك رفيقا ونكتة الاتيان بهذه الكلمه بالافراد الاشارة إلى أن أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد نبه عليه السهيلي وزعم بعض المغاربة أنه يحتمل أن يراد بالرفيق الاعلى الله عزوجل لانه من أسمائه كما أخرج أبو داود من حديث عبد الله بن مغفل رفعه إن الله رفيق يحب الرفق كذا اقتصر عليه والحديث عند مسلم عن عائشة فعزوه إليه أولى قال والرفيق يحتمل أن يكون صفة ذات كالحكيم أو صفة فعل قال ويحتمل أن يراد به حضرة القدس ويحتمل أي يراد به الجماعة المذكورون في آية النساء ومعنى كونهم رفيقا تعاونهم على طاعة الله وارتفاق بعضهم ببعض وهذا الثالث هو المعتمد وعليه اقتصر أكثر الشراح وقد غلط الازهري القول الاول ولا وجه لتغليطه من الجهة التي غلطه بها وهو قوله مع الرفيق أو في الرفيق لان تأويله على ما يليق بالله سائغ قال السهيلي الحكمة في اختتام كلام المصطفى بهذه الكلمة كونها تتضمن التوحيد والذكر بالقلب حتى يستفاد منه الرخصة لغيره أنه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان لان بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع فلا يضره إذا كان قلبه عامرا بالذكر انتهى ملخصا قوله فظننت أنه خير في رواية الزهري فقلت إذا لا يختارنا فعرفت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح وعند أبي الاسود في المغازي عن عروة أن جبريل نزل إليه في تلك الحالة فخيره تنبيه قال السهيلي
[ 106 ]
وجدت في بعض كتب الواقدي أن أول كلمة تكلم بها صلى الله عليه وسلم وهو مسترضع عند حليمة الله أكبر وآخر كلمة تكلم بها كما في حديث عائشة في الرفيق الاعلى روى الحاكم من حديث أنس أن آخر ما تكلم به جلال ربي الرفيع (0) الحديث الثامن حديث عائشة في السواك (4174) قوله حدثني محمد جزم الحاكم بأنه محمد بن يحيى الذهلي وسقط عند بن السكن فصار من رواية البخاري عن عفان بلا واسطة وعفان من شيوخ البخاري قد أخرج عنه بلا واسطة قليلا من ذلك في كتاب الجنائز قوله ومع عبد الرحمن سواك رطب في رواية بن أبي مليكة عن عائشة ومر عبد الرحمن وفي يده جريدة رطبة فنظر إليه فظننت أن له بها حاجة فأخذتها فمضغت رأسها ونفضتها فدفعتها إليه قوله يستن به أي يستاك قال الخطابي أصله من السن أي بالفتح ومنه المسن الذي يسن عليه الحديد قوله فأبده بتشديد الدال أي مد نظره إليه يقال أبددت فلانا النظر إذا طولته إليه وفي رواية الكشميهني فأمده بالميم قوله فقضمته بفتح القاف وكسر الضاد المعجمة أي مضغته والقضم الاخذ بطرف الاسنان يقال قضمت الدابة بكسر الضاد شعيرها تقضم بالفتح إذا مضغته وحكى عياض أن الاكثر رووه بالصاد المهملة أي كسرته أو قطعته وحكى بن التين رواية بالفاء والمهملة قال المحب الطبري أن كان بالضاد المعجمة فيكون قولها فطيبته تكرارا وأن كان بالمهملة فلا لانه يصير المعنى كسرته لطوله أو لازالة المكان الذي تسوك به عبد الرحمن قوله ثم لينته ثم طيبته أي بالماء ويحتمل أن يكون طيبته تأكيدا للينته وسيأتي من رواية ذكوان عن عائشة فقلت آخذه لك فأومأ برأسه أنعم فتناولته فأدخلته في فيه فاشتد فتناولته فقلت ألينه لك فأومأ برأسه أن نعم ويؤخذ منه العمل بالاشارة عند الحاجة إليها وقوة فظنه عائشة قوله ونفضته بالفاء والضاد المعجمة وقوله فما عدا أن فرغ أي من السواك قوله وكانت تقول مات ورأسه بين حاقنتي وذاقنتي وفي رواية ذكوان عن عائشة توفي في بيتي وفي يومي وبين سحري ونحري وإن الله جمع ريقي وريقه عند موته في آخر يوم من الدنيا والحاقنة بالمهملة والقاف ما سفل من الذقن والذاقنة ما علا منه أو الحاقنة نقرة الترقوة هما حاقنتان ويقال إن الحاقنة المطمئن من الترقوة والحلق وقيل ما دون الترقوة من الصدر وقيل هي تحت السرة وقال ثابت الذاقنة طرف الحلقوم والسحر بفتح المهملة وسكون الحاء المهملة هو الصدر وهو في الاصل الرئة والنحر بفتح النون وسكون المهملة والمراد به موضع النحر وأغرب الداودي فقال هو ما بين الثديين والحاصل أن ما بين الحاقنة والذاقنة هو ما بين السحر والنحر والمراد أنه مات ورأسه بين حنكها وصدرها صلى الله عليه وسلم ورضى عنها وهذا لا يغاير حديثها الذي قبل هذا أن رأسه كان على فخذها لانه محمول على أنها رفعته من فخذها إلى صدرها وهذا الحديث يعارض ما أخرجه الحاكم وابن سعد من طرق أن النبي صلى الله عليه وسلم مات ورأسه في حجر علي وكل طريقي منها لا يخلو من شيعي فلا يلتفت إليهم وقد رأيت بيان حال الاحاديث التي أشرت إليها دفعا لتوهم التعصب قال بن سعد ذكر من قال توفي في حجر علي وساق من حديث جابر سأل كعب الاحبار عليا ما كان آخر ما تكلم به صلى الله عليه وسلم فقال أسندته إلى صدري فوضع رأسه على منكبي فقال الصلاة الصلاة فقال كعب كذلك آخر عهد الانبياء وفي سنده الواقدي
[ 107 ]
وحرم بن عثمان وهما متروكان وعن الواقدي عن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه أدعو إلى أخي فدعا له على فقال ادن مني قال فلم يزل مستندا إلى وأنه ليكلمني حتى نزل به وثقل في حجري فصحت يا عباس أدركني فإني هالك فجاء العباس فكان جهدهما جميعا أن أضجعاه فيه انقطاع مع الواقدي وعبد الله فيه لين وبه عن أبيه عن علي بن الحسين قبض ورأسه في حجر علي فيه انقطاع وعن الواقدي عن أبي الحويرث عن أبيه عن الشعبي مات ورأسه في حجر علي فيه الواقدي والانقطاع وأبو الحويرث اسمه عبد الرحمن بن معاوية بن الحارث المدني قال مالك ليس بثقة وأبوه لا يعرف حاله وعن الواقدي عن سليمان بن داود بن الحصين عن أبيه عن أبي غطفان سألت بن عباس قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو إلى صدر علي قال فقلت فإن عروة حدثني عن عائشة قالت توفي النبي صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحرى فقال بن عباس لقد توفي وأنه لمستند إلى صدر علي وهو الذي غسله وأخي الفضل وأبي أبى أن يحضر فيه الواقدي وسليمان لا يعرف حاله وأبو غطفان بفتح المعجمة ثم المهملة اسمه سعد وهو مشهور بكنيته وثقه النسائي وأخرج الحاكم في الاكليل من طريق حبة العدني عن على اسندته إلى صدري فسالت نفسه وحبة ضعيف ومن حديث أم سلمة قالت على آخرهم عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث عن عائشة أثبت من هذا ولعلها أرادت آخر الرجال به عهدا ويمكن الجمع بأن يكون على آخرهم عهدا به وأنه لم يفارقه حتى مال فلما مال ظن أنه مات ثم أفاق بعد أن توجه فأسندته عائشة بعده إلى صدرها فقبض ووقع عند أحمد من طريق يزيد بن باينوس بموحدتين بينهما ألف غير مهموز وبعد الثانية المفتوحة نون مضمومة ثم واو ساكنة ثم سين مهملة في أثناء حديث فبينما رأسه ذات يوم على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي فظننت أنه يريد من رأسي حاجة فخرجت من فيه نقطة باردة فوقعت على ثغر نحري فاقشعر لها جلدي وظننت أنه غشي عليه فسجيته ثوبا (0) الحديث التاسع في النهي عن اتخاذ القبور مساجد تقدم شرحه في المساجد من كتاب الصلاة وفي كتاب الجنائز (0) الحديث العاشر قولها فلا أكره شدة الموت لاحد أبدا بعد النبي صلى الله عليه وسلم سيأتي بيان الشدة المذكورة في الحديث الآتي أو اخر الباب من رواية ذكوان عن عائشة ولفظه بين يديه ركوة أو علبة بها ماء فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح بها وجهه يقول لا إله إلا الله إن للموت لكرات وعند أحمد والترمذي وغيرهما من طريق القاسم عن عائشة قالت رأيته وعنده قدح فيه ماء وهو يموت فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعنى على سكرات الموت وفي رواية شقيق عن مسروق عن عائشة قالت ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي في الطب وبين في حديث بن مسعود في الطب أن له بسبب ذلك أجرين ولابي يعلى من حديث أبي سعيد إنا معاشر الانبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الاجر (0) الحديث الحادي عشر (4178) قوله لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي في وجعه وفي رواية معمر عن الزهري أن ذلك كان في بيت ميمونة قوله استأذن أزواجه أن يمرض بضم أوله وفتح الميم وتشديد الراء وذكر ابن سعد بإسناد صحيح عن الزهري أن فاطمة هي التي خاطبت أمهات المؤمنين بذلك فقالت لهن أنه يشق عليه الاختلاف وفي رواية بن أبي مليكة عن عائشة أن دخوله بيتها كان يوم
[ 108 ]
الاثنين ومات يوم الاثنين الذي يليه وقد مضى شرح هذا الحديث في أبواب الامامة وفي كتاب الطهارة وذكرت في أبواب الامامة طرفا من الاختلاف في اسم الذي كان يتكئ عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع العباس وقد وقع في رواية لمسلم عن عائشة فخرج بين الفضل بن العباس ورجل آخر وفي أخرى رجلين أحدهما أسامة وعند الدارقطني أسامة والفضل وعند بن حبان في آخره بريرة ونوبة بضم النون وسكون الواو ثم موحدة ضبطه بن ماكولا وأشار إلى هذه الرواية واختلف هل هو اسم عبد أو أمة فجزم سيف في الفتوح بأنه عبد وعند بن سعد من وجه آخر الفضل وثوبان وجمعوا بين هذه الروايات على تقدير ثبوتها بأن خروجه تعدد فيتعدد من أتكأ عليه وهو أولى من قول من قال تناوبوا في صلاة واحدة قوله في بيتي وفي رواية يزيد بن بابنوس عن عائشة عند أحمد انه صلى الله عليه وسلم قال لنسائه إني لا أستطيع أن أدور بيوتكن فإذا شئتن أذنتن لي وسيأتي بعد قليل من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنه كان يقول أين أنا غدا يريد يوم عائشة وكان أول ما بدأ مرضه في بيت ميمونة قوله من سبع قرب قيل الحكمة في هذا العدد أن له خاصية في دفع ضرر السم والسحر وقد ذكر في أوائل الباب هذا أوان انقطاع أبهري من ذلك السم وتمسك ببعض من أنكر نجاسة سؤر الكلب وزعم أن الامر بالغسل منه سبعا إنما هو لدفع السمية التي في ريقه وقد ثبت حديث من تصبح بسبع تمرات من عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر وللنسائي في قراءة الفاتحة على المصاب سبع مرات وسنده صحيح وفي صحيح مسلم القول لمن به وجع أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات وفي النسائي من قال عند مريض لم يحضر أجله أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك سبع مرات وفي مرسل أبي جعفر عند بن أبي شيبة أنه صلى الله عليه وسلم قال أين أكون فاكررها فعرفت أزواجه أنه إنما يريد عائشة فقلن يا رسول الله قد وهبنا أيامنا لاختنا عائشة وفي رواية هشام بن عروة عن أبيه عند الاسماعيلي كان يقول أين أنا حرصا على بيت عائشة فلما كان يومي سكن وأذن له نساؤه أن يمرض في بيتي وقوله وكانت عائشة تحدث هو موصول بالاسناد المذكور وكذا قوله أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة هو مقول الزهري وهو موصول وقد مضى القول فيه قريبا قوله ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطبهم تقدم في فضل أبي بكر من حديث بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في مرضه فذكر الحديث وقال فيه لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر الحديث وفيه أنه آخر مجلس جلسة ولمسلم من حديث جندب أن ذلك قبل موته بخمس فعلى هذا يكون يوم الخميس ولعله كان بعد أن وقع عنده اختلافهم ولغطهم كما تقدم قريبا وقال لهم قوموا فلعله وجد بعد ذلك خفة فخرج وقوله (4179) وأخبرني عبيد الله أن عائشة قالت الخ هو مقول الزهري أيضا وموصول أيضا وإنما فصل ذلك ليبين ما هو عند شيخه عن بن عباس وعائشة معا وعن عائشة فقط (4180) قوله رواه بن عمر وأبو موسى وابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يشير إلى ما يتعلق بصلاة أبي بكر لا إلى جميع الحديث فأما حديث ابن عمر
[ 109 ]
فوصله المؤلف في أبواب الامامة وكذا حديث أبي موسى وصله أيضا في أحاديث الانبياء في ترجمة يوسف الصديق وأما حديث بن عباس فوصله المؤلف في الامامة أيضا من حديث عائشة (4182) قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وبه جزم أبو نعيم في المستخرج قوله أخبرني عبد الله بن كعب هذا يؤيد ما تقدم في غزوة تبوك أن الزهري سمع من عبد الله وهو من أخويه عبد الرحمن وعبيد الله ومن عبد الرحمن بن عبد الله ولا معنى لتوقف الدمياطي فيه فإن الاسناد صحيح وسماع الزهري من عبد الله بن كعب ثابت ولم ينفرد به شعيب وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق صالح عن بن شهاب فصرح أيضا به وقد رواه معمر عن الزهري عن بن كعب بن مالك ولم يسمه أخرجه عبد الرزاق وفي الاسناد لطيفة وهي رواية تابعي عن تابعي وصحابي عن صحابي قوله بارثا اسم فاعل من برأ بمعنى أفاق من المرض قوله أنت والله بعد ثلاث عبد العصا هو كناية عمن يصير تابعا لغيره والمعنى أنه يموت بعد ثلاث وتصير أنت مأمورا عليك وهذا من قوة فراسة العباس رضي الله عنه قوله لارى بفتح الهمزة من الاعتقاد وبضمها بمعنى الظن وهذا قاله العباس مستندا إلى النجرة لقوله بعد ذلك أني لاعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت وذكر بن إسحاق عن الزهري أن ذلك كان يوم قبض النبي صلى الله عليه وسلم قوله هذا الامر أي الخلافة وفي مرسل الشعبي ؟ ؟ وإلا أوصى بنا فحفظا من بعده وله من طريق أخرى فقال على وهل يطمع في هذا الآمر غير نقال أظن والله سيكون قوله لا يعطيناها إلياس بعده أي يحتجون عليهم بمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم وصرح بذلك في رواية لابن سعد قوله لا أسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لا اطلبها منه وزاد بن سعد في مرسل الشعبي في آخره فلما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قال العباس لعلي أبسط يدك أبايعك تبايعك الناس فلم يفعل وزاد عبد الرزاق عن بن عيينة قال قال الشعبي لو أن عليا سأله عنها كان خيرا له من ماله وولده ورويناه في فوائد أبي الطاهر الذهلي بسند جيد عن ابن أبي ليلى قال سمعت عليا يقول لقيني العباس فذكر نحو القصة التي في هذا الحديث باختصار وفي آخرها قال سمعت عليا يقول بعد ذلك يا ليتني أطعت عباسا يا ليتني أطعت عباسا وقال عبد الرزاق كان معمر يقول لنا أيهما كان أصوب رايا فنقول العباس فيأبى ويقول لو كان أعطاها عليا فمنعه الناس لكفروا (0) الحديث الثالث عشر حديث أنس (4183) ان المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الاثنين فيه أنه لم يصل بهم ذلك اليوم وأما ما أخرجه البيهقي من طريق محمد بن جعفر عن حميد عن أنس آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم الحديث وفسرها بأنها صلاة الصبح فلا يصح لحديث الباب ويشبه أن يكون الصواب صلاة الظهر قوله ثم دخل الحجرة وأرخى الستر زاد أبو اليمان عن شعيب وتوفي من يومه ذلك أخرجه المصنف في الصلاة وللاسماعيلي من هذا الوجه
[ 110 ]
فلما توفي بكى الناس فقام عمر في المسجد فقال ألا لا أسمعن أحدا يقول مات محمد الحديث بهذه القصة وهي على شرط الصحيح قوله وتوفى من آخر ذلك اليوم يخدش في جزم بن إسحاق بأنه مات حين أشتد الضحى ويجمع بينهما بأن إطلاق الآخر بمعنى ابتداء الدخول في أول النصف الثاني من النهار وذلك عند الزوال واشتداد الضحى يقع قبل الزوال ويستمر حتى يتحقق زوال الشمس وقد جزم موسى بن عقبة عن بن شهاب بأنه صلى الله عليه وسلم مات حين زاغت الشمس وكذا لابي الاسود عن عروة فهذا يؤيد الجمع الذي أشرت إليه (0) الحديث الرابع عشر (4184) قوله بن أبي مليكة أن ذكوان أخبره أن عائشة سيأتي بعد حديث من رواية بن أبي مليكة عن عائشة بلا واسطة لكن في كل من الطريقين ما ليس في الآخر فالظاهر أن الطريقين محفوظان قوله فلينته أي لينت السواك قوله فأمره بفاء وفتح الميم وتشديد الراء أي أمره على أسنانه فاستاك به وللكشميهني والاصيلي والقابسي بأمره بموحدة وميم ساكنة وراء مكسورة قال عياض والاول أولى وقد تقدم شرح ما تضمنه هذا الحديث في هذا الباب الحديث الخامس عشر تقدم شرح ما تضمنه أيضا كذلك وقوله (4185) فقبضه الله وإن رأسه لبين نحري وسحري في رواية همام عن هشام بهذا الاسناد عند أحمد نحره وزاد فلما خرجت نفسه لم أجد ريحا قط أطيب منها الحديث السادس عشر تقدم كذلك (0) الحديث السابع عشر (4187) قوله من مسكنه بالسنح بضم المهملة وسكون النون وبضمها أيضا وآخره حاء مهملة وتقدم ضبطه في الجنائز وأنه مسكن زوجة أبي بكر الصديق قوله لا يجمع الله عليك موتتين تقدم الكلام عليه في أول الجنائز وأغرب من قال المراد بالموتة الاخرى مونة الشريعة أي لا يجمع الله عليك موتك وموت شريعتك قال هذا القائل ويؤيده قول أبي بكر بعد ذلك في خطبته من كان يعيد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت وقال الكرماني فإن قلت ليس في القرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم
[ 111 ]
قد مات ثم أجاب بأن أبا بكر تلاها لاجل أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات قلت ورواية بن السكن قد أوضحت المراد فإنه زاد لفظ عملت قوله قال وحدثني أبو سلمة القائل هو الزهري قوله وعمر يكلم الناس أي يقول لهم ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وعند أحمد من طريق يزيد بن بابنوس عن عائشة متصلا بما ذكرته في آخر الكلام على الحديث الثامن شئ دار بين المغيرة وعمر ففيه بعد قولها فسجيته ثوبا فجاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما وجذبت الحجاب فنظر عمر إليه فقال واغشيتاه ثم قاما فلما دنوا من الباب قال المغيرة يا عمر مات قال كذبت بل أنت رجل تحوشك فتنة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفنى الله المنافقين ثم جاء أبو بكر فرفعت الحجاب فنظر إليه فقال إنا لله وإنا إليه راجعون مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى بن إسحاق وعبد الرزاق والطبراني من طريق عكرمة أن العباس قال لعمر هل عند أحد منكم عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك قال لا قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات ولم يمت حتى حارب وما لم ونكح وطلق وترككم على محجة واضحة وهذه من موافقات العباس للصديق في حديث بن عمر عند بن أبي شيبة أن أبا بكر مر بعمر وهو يقول ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وكانوا اظهروا الاستبشار ورفعوا رؤوسهم فقال أيها الرجل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمات ألم تسمع الله تعالى يقول انك ميت وإنهم ميتون وقال تعالى وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد ثم أتى المنبر فصعد فحمد الله وأثنى عليه فذكر خطبته قوله وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل زاد يزيد بن بابنوس عن عائشة أن أبا بكر حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله يقول انك ميت وأنهم ميتون حتى فرغ من الآية ثم تلا وما محمد إلا رسول قد خلت الآية وقال فيه قال عمر أو أنها في كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله وفي حديث بن عمر نحوه وزاد ثم نزل فاستيشر المسلمون وأخذ المنافقين الكآبة قال بن عمر وكأنما على وجوهنا أغطية فكشفت قوله فأخبرني سعيد بن المسيب هو مقول الزهري وأغرب الخطابي فقال ما أدرى القائل فأخبرني سعيد بن المسيب الزهري أو شيخه أبو سلمة فقلت صرح عبد الرزاق عن معمر بأنه الزهري وأثر بن المسيب عن عمر هذا أهمله المزي في الاطراف مع أنه على شرطه قوله فعقرت بضم العين وكسر القاف أي هلكت وفي رواية بفتح العين أي دهشت وتحيرت ويقال سقطت ورواه يعقوب بن السكيت بالفاء من العفر وهو التراب ووقع في رواية الكشميهني فقعرت بتقديم القاف على العين وهو خطأ والصواب الاول قوله ما تقلني بضم أوله وكسر القاف وتشديد اللام أي ما تحملني قوله وحتى أهويت في رواية الكشميهني هويت بفتح أوله وثانيه قوله إلى الارض حين سمعته تلاها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات كذا للاكثر وقوله أن النبي صلى الله عليه وسلم على البدل من الهاء في قوله تلاها أي تلا الآية التي معناها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات وهو قوله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون وفي رواية بن السكن فعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات وهي واضحة وكذا عند عبد الرزاق عن معمر عن الزهري فعقرت وأنا قائم حتى خررت إلى الارض فأيقنت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات وفي الحديث قوة جأش أبي بكر وكثرة علمه وقد وافقه على ذلك العباس كما ذكرنا والمغيرة
[ 112 ]
كما رواه بن سعد وابن أم مكتوم كما في المغازي لابي الاسود عن عروة قال إنه كان يتلو قوله تعالى إنك ميت وإنهم ميتون والناس لا يلتفتون إليه وكان أكثر الصحابة على خلاف ذلك فيؤخذ منه أن الافل عددا في الاجتهاد قد يصيب ويخطئ الاكثر فلا يتعين الترجيح بالاكثر ولا سيما إن ظهر أن بعضهم قلد بعضا (4188) الحديث الثامن عشر حديث بن عباس وعائشة أن أبا بكر قبل النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما مات تقدم في الحديث الذي قبله أنه كشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وفي رواية يزيد بن باينوس عنها أتاه من قبل رأسه فحر فاه فقبل جبهته ثم قال وأنبياه ثم رفع رأسه فحدر فاه وقبل جبهته ثم قال واصفياه ثم رفع رأسه وحذر فاه وقبل جبهته ثم قال واخليلاه ولابن أبي شيبة عن بن عمر فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقبله ويبكي ويقول بأبي وأمي طبت حيا وميتا وللطبراني من حديث جابر أن أبا بكر قبل جبهته وله من حديث سالم بن عتيك أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فمسه فقالوا يا صاحب رسول الله مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم (0) الحديث التاسع عشر (4189) قوله حدثنا على حدثنا يحيى وزاد قالت عائشة لددناه في مرضه أما على فهو بن عبد الله بن المديني وأما يحيى فهو بن سعيد القطان ومراده أن عليا وافق عبد الله بن أبي شيبة في روايته عن يحيى بن سعيد الحديث الذي قبله وزاد عليه قصة اللدود قوله لددناه أي جعلنا في جانب فمه دواه بغير اختياره وهذا هو اللدود فأما ما يصب في الحلق فيقال له الوجور وقد وقع عند الطبراني من حديث العباس أنهم أذابوا قسطا أي بزيت فلدوه به قوله فجعل يشير إلينا أن لا تلدوني فقلنا كراهية المريض للدواء قال عياض ضبطناه بالرفع أي هذا منه كراهية وقال أبو البقاء هو خبر مبتدأ محذوف أي هذا الامتناع كراهية ويحتمل أن النصب على أنه مفعول له أي نهانا للكراهية للدواء ويحتمل أن يكون مصدرا إي كرهه كراهية الدواء قال عياض الرفع أوجه من النصب عل المصدر قوله لا يبقى أحد في البيت إلا لد وأنا انظر إلا العباس فأنه لم يشهدكم قيل فيه مشروعية القصاص في جميع ما يصاب به الانسان عمدا وفيه نظر لان الجميع لم يتعاطوا ذلك وإنما فعل بهم ذلك عقوبة لهم لتركهم امتثال نهيه عن ذلك أما من باشره فظاهر وأما من لم يباشره فلكونهم تركوا نهيهم عما نهاهم هو عنه ويستفاد منه أن التأويل البعيد لا يعذر به صاحبه وفيه نظر أيضا لان الذي وقع في معارضة النهي قال بن العربي أراد أن لا يأتوا يوم القيامة وعليهم حقه فيقعوا في خطب عظيم وتعقب بأنه كان يمكن العفو لانه كان لا ينتقم لنفسه والذي يظهر أنه أراد بذلك تأديبهم لئلا يعودوا فكان ذلك تأديبا لا قصاصا ولا انتقاما قيل وإنما كره اللد مع أنه كان يتداوى لانه تحقق أنه يموت في مرضه ومن حقق ذلك كره له التداوى قلت وفيه نظر والذي يظهر أن ذلك كان قبل التخيير والتحقق وإنما أنكر التداوى لانه كان غير ملائم لدائه لانهم ظنوا أن به ذات الجنب فداووه بما يلائمها ولم يكن به ذلك كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى والله أعلم قوله رواه بن أبي الزناد عن هشام عن أبيه عن عائشة وصله محمد بن سعد عن محمد بن الصباح عن عبد الرحمن بن أبي الزناد بهذا السند ولفظه كانت تأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخاصرة فاشتدت به فأغمي عليه فلددناه فلما أفاق قال هذا من فعل نساء جئن من هنا وأشار إلى الحبشة وأن كنتم ترون أن الله يسلط على ذات الجنب ما كان الله ليجعل لها على سلطانا والله لا يبقى
[ 113 ]
أحد في البيت إلا لدفما بقي أحد في البيت إلا لد ولددنا ميمونة وهي صائمة ومن طريق أبي بكر بن عبد الرحمن أن أم سلمة وأسماء بنت عميس أشارتا بأن يلدوه ورواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن أسماء بنت عميس قالت أن أول ما اشتكى كان في بيت ميمونة فاشتد مرضه حتى أغمى عليه فتشاورن في لده فلدون فلما أفاق قال هذا فعل نساء جئن من هنا وأشار إلى الحبشة وكانت أسماء منهن فقالوا كنا نتهم بك ذات الجنب فقال ما كان الله ليعذبني به لا يبقى أحد في البيت إلا لد قال فلقد التدت ميمونة وهي صائمة وفي رواية بن أبي الزناد هذه بيان ضعف ما رواه أبو يعلى بسند فيه بن لهيعة من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مات من ذات الجنب ثم ظهر لي أنه يمكن الجمع بينهما بأن ذات الجنب تطلق بإزاء مرضين كما سيأتي بيانه في كتاب الطب أحدهما ورم حار يعرض في الغشاء المستبطن والآخر ريح محتقن بين الاضلاع فالاول هو المنفى هنا وقد وقع في رواية الحاكم في المستدرك ذات الجنب من الشيطان والثاني هو الذي أثبت هنا وليس فيه محذور كالاولى (0) الحديث العشرون حديث عائشة (4190) قوله أخبرني أزهر هو بن سعد السمان بصري وشيخه عبد الله بن عون بصري أيضا وأما إبراهيم وهو بن يزيد النخعي والاسود فكوفيان قوله ذكر بضم أوله وتقدم في الوصايا من وجه آخر بلفظ ذكروا وفي رواية الاسماعيلي من هذا الوجه قيل لعائشة إنهم يزعمون أنه أوصى إلى على فقالت ومتى أوصى إليه وقد رأيته دعا بالطست ليتفل فيها وقد تقدم شرح ما يتعلق به هناك وما يتعلق ببقية الحديث في أثناء هذا الباب الحديث الحادي والعشرون حديث عبد الله بن أبي أوفى تقدم شرحه مستوفى في أوائل الوصايا (0) الحديث الثاني والعشرون (4192) حديث عمرو بن الحارث وهو المصطلقى أخو ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين وقد تقدم شرحه مستوفى في أوائل الوصايا أيضا الحديث الثالث والعشرون حديث أنس عن فاطمة (4193) قوله واكرب أباه في رواية مبارك بن فضالة عن ثابت عند النسائي واكرباه والاول أصوب لقوله في نفس الخبر ليس على أبيك كرب بعد اليوم وهذا يدل أنها لم ترفع صوتها بذلك وإلا لكان ينهاها قوله يا ابتاه كأنها قالت يا أبي والمثناة بدل من التحتانية والالف للندبة ولمد الصوت والهاء للسكت قوله من جنة الفردوس مأواه بفتح الميم في أوله على أنها موصولة وحكى الطيبي عن نسخة من المصابيح بكسرها على أنها حرف جر قال والاولى والاول قوله إلى جبريل ننعاه قيل الصواب إلى جبريل نعاه جزم بذلك سبط بن الجوزي في المرآة والاول موجه فلا معنى لتغليط الرواة بالظن وزاد الطبراني من طريق عارم والاسماعيلي من طريق سعيد بن سليمان كلاهما عن حماد في هذا الحديث يا أبتاه من ربه ما أدناه ومثله للطبراني من طريق معمر ولابي داود من طريق حماد بن سلمة كلاهما عن ثابت به قال الخطابي زعم بعض من لا يعد في أهل العلم أن المراد بقوله عليه الصلاة والسلام لا كرب على أبيك بعد اليوم أن كربه كان شفقة على أمته لما علم من وقوع الفتن والاختلاف وهذا ليس بشئ لانه كان يلزم أن تنقطع شفقته على أمته بموته والواقع أنها باقية إلى يوم القيامة لانه مبعوث إلى من جاء بعده وأعمالهم تعرض عليه وإنما الكلام على ظاهره وأن المراد بالكرب ما كان يجده من شدة الموت وكان فيما يصيب جسده من الآلآم كالبشر ليتضاعف له الاجر كما تقدم قوله فلما دفن قالت فاطمة يا أنس الخ وهذا من رواية أنس عن فاطمة وأشارت عليها السلام بذلك إلى عتابهم على إقدامهم على ذلك لانه يدل على خلاف
[ 114 ]
ما عرفته منهم من رقة قلوبهم عليه لشدة محبتهم له وسكت أنس عن جوابها رعاية لها ولسان حاله يقول لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرناها على فعله امتثالا لامره وقد قال أبو سعيد فيما أخرجه البزار بسند جيد وما نفضنا أيدينا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا ومثله في حديث ثابت عن أنس عند الترمذي وغيره يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الالفة والصفاء والرقة لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأديب ويستفاد من الحديث جواز التوجع للميت عند احتضاره بمثل قول فاطمة عليها السلام واكرب أباه وأنه ليس من النياحة لانه صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك وأما قولها بعد أن قبض وا أبتاه الخ فيؤخذ منه أن تلك الالفاظ إذا كان الميت متصفا بها لا يمنع ذكره لها بعد موته بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرا وهو في الباطن بخلافه أو لا يتحقق اتصافه بها فيدخل في المنع ونبه هنا على أن المزي ذكر كلام فاطمة هذا في مسند أنس وهو متعقب فإنه وإن كان أوله في مسنده لان الظاهر أنه حضره لكن الاخير إنما هو من كلام فاطمة فحقه أن يذكر في رواية أنس عنها (0) قو له باب آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه حديث عائشة وقد شرح في الحديث السابع من الباب الذي قبله وقول الزهري (4194) أخبرني سعيد بن المسيب في رجال أهل العلم قد تقدم منهم عروة بن الزبير وكأن عائشة أشارت إلما أشاعته الرافضة أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى إلى علي بالخلافة وأن يوفي ديونه وقد أخرج العقيلي وغيره في الضعفاء في ترجمة حكيم بن جبير من طريق عبد العزيز بن مروان عن أبي هريرة عن سلمان أنه قال قلت يا رسول الله إن الله لم يبعث نبيا إلا بين له من يلي بعده فهل بين لك قال نعم على بن أبي طالب ومن طريق جرير بن عبد الحميد عن أشياخ من قومه عن سلمان قلت يا رسول الله من وصيك قال وصيي وموضع سري وخليفتي على أهلي وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب ومن طريق أبي ربيعة الايادي عن بن بريدة عن أبيه رفعه لكل نبي وصي وإن عليا وصي وولدى ومن طريق عبد الله بن السائب عن أبي ذر رفعه أنا خاتم النبيين وعلى خاتم الاوصياء أوردها وغيرها بن الجوزي في الموضوعات (0) قوله باب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أي في أي السنين وقعت (4195) قوله عن يحيى هو بن أبي كثير قوله لبث بمكة عشر سنين ينزل عليه القرآن وبالمدينة عشرا هذا يخالف المروي عن عائشة عقبة أنه عاش ثلاثا وستين إلا أن يحمل على الغاء الكسر كما قيل مثله في حديث أنس المتقدم في باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب المناقب وأكثر ما قيل في عمره أنه خمس وستون سنة أخرجه مسلم من طريق عمار بن أبي عمار عن بن عباس ومثله لاحمد عن يوسف بن مهران عن بن عباس وهو مغاير لحديث الباب لان مقتضاه أن يكون عاش ستين إلا أن يحمل على إلغاء الكسر أو على قول من قال إنه بعث بن ثلاث وأربعين وهو مقتضى رواية عمرو بن دينار عن بن عباس أنه مكث بمكة ثلاث عشرة ومات بن ثلاث وستين وفي رواية هشام بن حسان عن عكرمة عن بن عباس لبث بمكة ثلاث عشرة وبعث لاربعين ومات وهو بن ثلاث وستين وهذا موافق لقول الجمهور وقد مضى في باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والحاصل إن كل من روى عنه من الصحابة ما يخالف المشهور وهو ثلاث وستون جاء عنه المشهور وهم بن عباس وعائشة وأنس ولم يخلف على معاوية أنه عاش ثلاثا وستين وبه جزم سعيد بن المسيب والشعبي
[ 115 ]
ومجاهد وقال أحمد هو الثبت عندنا وقد جمع السهيلي بين القولين المحكيين بوجه آخر وهو أن من قال مكث ثلاث عشرة عد من أول ما جاءه الملك بالنبوة ومن قال مكث عشرا أخذ ما بعد فترة الوحي ومجئ الملك يا أيها المدثر وهو مبنى على صحة خبر الشعبي الذي نقلته من تاريخ الامام أحمد في بدء الوحي ولكن وقع في حديثبن عباس عند بن سعد ما يخالفه كما أوضحته في الكلام على حديث عائشة في بدء الوحى المخرج في عن رواية معمر عن الزهري فيما يتعلق بالزيادة التي ارسلها الزهري ومن الشذوذ ما رواه عمر بن شبة أنه عاش وحدي أو اثنتين وستين ولم يبلغ ثلاثا وستين وكذا رواه بن عساكر من وجه آخر أنه عاش اثنتين وستين ونصفا وهذا يصح على قول من قال ولد في رمضان وقد بينا في الباب المذكور أنه شاذ من القول وقد جمع بعضهم بين الروايات المشهورة بأن من قال خمس وستون جبر الكسر وفيه نظر لانه يخرج منه أربع وستون فقط وقل من تنبه لذلك (4196) قوله قال بن شهاب وأخبرني سعيد بن المسيب مثله هو موصول بالاسناد المذكور وقوله مثله يحتمل أن يريد أنه حدثه بذلك عن عائشة أو أرسله والقصد بالمثل فقط وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عائشة رضي الله عنها وقد جوزت أن يكون موصولا لما شرحت هذا الحديث في أوائل صفة النبي صلى الله عليه وسلم حتى ظفرت به الآن كما حررت ولله الحمد (0) قوله باب كذا للجميع بغير ترجمة قوله ودرعه مرهونة عند يهودي بثلاثين كذا للاكثر بحذف المميز وللمستملي وحده ثلاثين صاعا ووجه إيراده هنا الاشارة إلى أن ذلك من آخر أحواله وهو يناسب حديث عمرو بن الحارث في الباب الاول أنه لم يترك دينارا ولا درهما (0) قوله باب بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد في مرضه الذي توفي فيه إنما أخر المصنف هذه الترجمة لما جاء أنه كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بيومين وكان ابتداء ذلك قبل مرض النبي صلى الله عليه وسلم فندب الناس لغزو الروم في آخر صفر ودعا أسامة فقال سر الى موضع مقتل أبيك فأوطئهم الخيل فقد ولينك هذا الجيش وأغر صباحا على ابني وحرق عليهم وأسرع المسير تسبق الخبر فإن ظفرك الله بهم فأقل الليث فيهم فبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه في اليوم الثالث فعقد لاسامة لواء بيده فأخذه أسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرف وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والانصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم فتكلم في ذلك قوم منهم عياش بن أبي ربيعة المخزومي فرد عليه عمر وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فخطب بما ذكر في هذا الحديث ثم أشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال انفذو بعث أسامة فجهزه أبو بكر بعد أن استخلف فسار عشرين ليلة إلى الجهة التي أمر بها وقتل قاتل أبيه ورجع بالجيش سالما وقد غنموا وقد قص أصحاب المغازي قصة مطول فلخصتها وكانت آخر سرية جهزها النبي صلى الله عليه وسلم وأول شئ جهزه أبو بكر رضي الله عنه وقد أنكر بن تيمية في كتاب الرد على بن المطهر أن يكون أبو بكر وعمر كانا في بعث أسامة ومستند ما ذكره ما أخرجه الواقدي بأسانيده في المغازي وذكره بن سعد أواخر الترجمة النبوية بغير إسناد وذكره بن إسحاق في السيرة المشهورة ولفظه بدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه يوم الاربعاء فأصبح يوم الخميس فعقد
[ 116 ]
لاسامة فقال أغز في سبيل الله وسر إلى موضع مقتل أبيك فقد وليتك هذا الجيش بن فذكر القصة وفيها لم يبق أحد من المهاجرين الاولين إلا انتدب في تلك الغزوة منهم أبو بكر وعمر ولما جهزه أبو بكر بعد أن استخلف سأله أبو بكر أن يأذن لعمر بالاقامة فأذن ذكر ذلك كله بن الجوزي في المنتظم جازما به وذكر الواقدي وأخرجه بن عساكر من طريقه مع أبي بكر وعمر أبا عبيدة وسعدا وسعيدا وسلمة بن أسلم وقتادة بن النعمان والذي باشر القول ممن نسب إليهم الطعن في إمارته عياش بن أبي ربيعة وعند الواقدي أيضا أن عدة ذلك الجيش كانت ثلاثة آلاف فيهم سبعمائة من قريش وفيه عن أبي هريرة كانت عدة الجيش سبعمائة (0) قوله باب كذا للجميع بغير ترجمة (4200) قوله عن بن أبي حبيب هو يزيد وأبو الخير هو مرثد بن عبد الله والصنابحي اسمه عبد الرحمن بن عسيلة وليس له في صحيح البخاري سوى هذا الحديث وعند أبي داود من وجه آخر عن الصنابحي أنه صلى الله عليه وسلم خلف أببكر الصديق قوله فأقبل راكب لم أقف على اسمه قوله قلت هل سمعت القائل هو أبو الخير والمقول له الصنابحي وقد تقدم الكلام على ليلة القدر في كتاب الصيام بما لا مزيد في التتبع عليه (0) قوله باب كم غزا النبي صلى الله عليه وسلم ختم البخاري كتاب المغازي بنحو ما ابتدأه به وقد تقدم الكلام في أول المغازي على حديث زيد بن أرقم وزاد هنا عن أبي إسحاق حديث البراء قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة غزوة وكأن أبا إسحاق كان حريصا على معرفة عدد غزوات النبي صلى الله عليه وسلم فسأل زيد بن أرقم والبراء وغيرهما قوله (4203) حدثنا أحمد بن الحسن هو بن جنيدب بالجيم والنون وموحدة مصغرا الترمذي الحافظ ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وهو من أقران البخاري قوله عن كهمس بمهملة وزن جعفر وفي رواية الاسماعيلي من وجه آخر عن معتمر سمعت كهمس بن الحسن وابن بريدة هو عبد الله ولم يخرج البخاري لسليمان بن بريدة شيئا قوله قال غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة كذا وقع في مسند أحمد وكذا أخرجه مسلم عن أحمد نفسه وهو أحد الاحاديث الاربعة التي أخرجها مسلم عن شيوخ أخرج البخاري تلك الاحاديث بعينها عن أولئك الشيوخ بواسطة ووقع من هذا النمط للبخاري أكثر من مائتي حديث وقد جردتها في جزء مفرد وأخرج مسلم أيضا من وجه آخر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة قاتل منها في ثمان وقد تقدم في أول المغازي توجيه ذلك وتحرير عدد الغزوات وأما السراى في تقرب من سبعين وقد استوعبها محمد بن سعد في الطبقات وقرأت بخط مغلط اي مجموع الغزوات والسرايا مائة وهو كما قال والله أعلم خاتمة اشتمل كتاب المغازي من الاحاديث المرفوعة وما في حكمها على خمسمائة وثلاثة وستين حديثا المعلق منها ستة وسبعون حديثا والباقي موصول المكرر منها فيه وفيما مضى أربعمائة حديث وعشرة أحاديث والخالص مائة وثلاثة وخمسون حديثا وافقه مسلم على تخريجها سوى ثلاثة وستين حديثا وهي حديث بن مسعود شهدت من المقداد بن الاسود مشهدا وحديث بن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر وحديث على أنا أول من يجثو للخصومة وحديث البراء شهد على بدرا وبارز وظاهر وحديث بن عمر في توجيهه إلى سعيد بن زيد وكان بدريا وحديث
[ 117 ]
محمد بن إياس بن البكير وكان أبوه شهد بدرا وحديث رفاعة بن رافع في فضل أهل بدر وحديث بن عباس هذا جبريل آخذ برأس فرسه وعليه أدا الحرب يوم بدر وحديث أنس في أبي زيد البدري وحديث قتادة بن النعمان في الاضاحي وحديث الزبير في قتله العاصي بن سعيد ببدر وحديث الربيع بنت معوذ في الضرب بالدف وحديث علي في تكبيره على سهل بن حنيف وحديث عمر تأيمت حفصة وحديث عمر مع قدامة بن مظعون وحديث البراء في قتل أبي رافع اليهودي حديث عبد الرحمن بن عوف أنه أتى بطعام فقال قتل مصعب بن عمير وحديث زيد بن ثابت حين نسخ المصاحف وحديث وحشي في قتل حمزة وحديث بن عمر في قتل مسيلمة وحديث أبي هريرة في قصة خبيب بن عدي وحديث بنت الحارث فيه وحديث بن عمر مع حفصة وفيه مراجعته مع حبيب بن سلمة وحديث سليمان بن صرد الآن نغزوهم وحديث بن عباس صلى الخوف بذي قرد وحديث أبي موسى فيه معلق وحديث جابر فيه معلق وحديث القاسم في أنمار معلق مرسل وحديث عائشة في الولق وحديث البراء في بئر الحديبية وحديث مرداس يذهب الصالحون وحديث بنت خفاف وحديث عمر معها في شهود أبيها وحديث البراء لا ندري ما أحدثنا وحديث زاهر في لحوم الحمر وحديث أهبان بن أوس في السجود وحديث عائذ بن عمرو في نقض الوتر وحديث قتادة في المثلثة بلاغا وحديث سلمة في الضرب يوم خبير وحديث أنس في الطيالسه وحديث عائشة في تمر خيبر وحديث بن عمر فيه وحديث بن عمر في موته وحديث خالد بن الوليد فيه وحديث عمرة بنت رواحة في البكاء وحديث عروة في قصة الفتح مرسل وحديث عبد الله بن ثعلبة في مسح وجهه وحديث عمرو بن سلمة في الصلاة وفيه حديثه عن أبيه وحديث بن أبي أوفى في ضربة حنين وحديث بن عمر في قصة بني جذيمة وحديث أبي بردة في قصة اليهودي المرتد مرسل وحديث البراء في قصة على مع الجارية وحديث بريدة فيه وحديث جرير في بعثه إلى اليمن وفيه روايته عن ذي عمرو وحديث عبد الله بن الزبير في وفد بني تميم وحديث أبي رجاء العطاردي في رجب وحديثه فررنا إلى مسيلمة وحديث بن مسعود مع خباب وفيه قراءة علقمة وحديث عدي مع عمر أسلمت إذ كفروا وحديث أبي بكرة لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة وحديث على مع العباس في الوفاة النبوية وحديث أنس مع فاطمة فيه وحديث بلال في ليلة القدر وفيه من الآثار عن الصحابة والتابعين اثنان وأربعون أثرا غير ما ذكرناه في المسند مما له حكم الرفع والله سبحانه وتعالى أعلم بسم الله الرحمن الرحيم (0) قوله بسم الله الرحمن الرحيم كتاب التفسير في رواية أبي ذر كتاب تفسير القرآن وأخر غيره البسملة والتفسير تفعيل من الفسر وهو البيان تقول فسرت الشئ بالتخفيف أفسره فسرا وفسرته بالتشديد أفسره تفسيرا إذا بينته وأصل الفسر نظر الطبيب إلى الماء ليعرف العلة وقيل هو من فسرت الفرس إذا ركضتها محصورة لينطلق حصرها وقيل هو مقلوب من سفر كجذب وجبذ تقول سفر إذا كشف
[ 118 ]
وجهه ومنه أسفر الصبح إذا أضاء واختلفوا في التفسير والتأويل قال أبو عبيدة وطائفة هما بمعنى وقيل التفسير هو بيان المراد باللفظ والتأويل هو بيان المراد بالمعنى وقيل في الفرق بينهما غير ذلك وقد بسطته في أواخر كتاب التوحيد قوله الرحمن الرحيم اسمان من الرحمة أي مشتقان اما الرحمة والرحمة لغة الرقة والانعطاف وعلى هذا فوصفه به تعالى مجاز عن إنعامه على عباده وهي صفة فعل لا صفة ذات وقيل ليس الرحمن مشتقا لقولهم وما الرحمن وأجيب بأنهم جهلوا الصفة والموصوف ولهذا لم يقولوا ومن الرحمن وقيل هو علم بالغلبة لانه جاء غير تابع لموصوف في قوله الرحمن على العرش استوى وإذا قيل لهم اسجدوا الرحمن قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وغير ذلك وتعقب بأنه لا يلزم من مجيئه غير تابع أن لا يكون صفة لان الموصوف إذا علم جاز حذفه وأبقاء صفته قوله الرحيم والراحم بمعنى واحد كالعليم والعالم هذا بالنظر إلى أصل المعنى وإلا فصيغة فعيل من صيغ المبالغة فمعناها زائد على معنى الفاعل وقد ترد صيغة فعيل بمعنى الصفة المشبهة وفيها أيضا زيادة لدلالتها على الثبوت بخلاف مجرد الفاعل فإنه يدل على الحدوث ويحتمل أن يكون المراد أن فعيلا بمعنى فاعل لا بمعنى مفعول لنه قد يرد بمعنى مفعول فاحترز عنه واختلف هل الرحمن والرحيم بمعنى واحد كالندمان والنديم فجمع بينهما تأكيدا أو بينهما مغايرة بحسب المتعلق فهو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة لان رحمته في الدنيا تعم المؤمن والكافر وفي الآخرة تخص المؤمن والتغاير بجهة أخرى فالرحمن أبلغ لانه يتناول جلائل النعم وأصولها تقول فلان غضبان إذا امتلا غضبا وأردف بالرحيم ليكون كالتتمة ليتناول مادق وقيل الرحيم أبلغ لما يقتضيه صيغة فعيل والتحقيق أن جهة المبالغة فيهما مختلفة وروى بن جرير من طريق عطاء الخراساني أن غير الله لما تسمى بالرحمن كمسيلمة جئ بلفظ الرحيم لقطع التوهم فأنه لم يوصف بهما أحد إلا الله وعن بن المبارك الرحمن إذا سئل أعطى والرحيم إذا لم يسأل يغضب ومن الشاذ ما روى عن المبرد وثعلب أن الرحمن عبراني والرحيم عربي وقد ضعفه بن الانباري والزجاج وغيرهما وقد وجد في اللسان العبراني لكن بالخاء المعجمة والله أعلم (0) قوله باب ما جاء في فاتحة الكتاب أي من الفضل أو من التفسير أو أعم من ذلك مع التقييد بشرطه في كل وجه قوله وسميت أم الكتاب أنه بفتح الهمزة يبدأ بكتابتها في المصاحف ويبدأ بقراءتها في الصلاة هو كلام أبي عبيدة في أول مجاز القرآن لكن لفظه ولسور القرآن أسماء منها أن الحمد لله تسمى أم الكتاب لانه يبدأ بها في أول القرآن وتعاد قراءتها فيقرأ بها في كل ركعة قبل السورة ويقال لها فاتحة الكتاب لانه يفتتح بها في المصاحف فتكتب قبل الجميع انتهى وبهذا تبين المراد مما اختصره المصنف وقال غيره سميت أم الكتاب لان أم الشئ ابتداؤه وأصله ومنه سمت مكة أم القرى لان الارض دحيت من تحتها وقال بعض الشراح التعليل بأنها يبدأ بها يناسب تسميتها فاتحة الكتاب لا أم الكتاب والجواب أنه يتجه ما قال بالنظر إلى أن الام مبدأ الولد وقيل سميت أم القرآن لاشتمالها على المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى والتعبد بالامر والنهي والوعد والوعيد وعلى ما فيها من ذكر الذات والصفات والفضل واشتمالها على ذكر المبدأ والمعاد والمعاش ونقل السهيلي عن الحسن وابن سيرين ووافقهما بقي بن مخلد كراهية تسمية الفاتحة أم الكتاب وتعقبه السهيلي قلت وسيأتي في حديث
[ 119 ]
الباب تسميتها بذلك ويأتي في تفسير الحجر حديث أبي هريرة مرفوعا أم القرآن هي السبع المثاني ولا فرق بين تسميتها بأم القرآن وأم الكتاب ولعل الذي كره ذلك وقف عند لفظ الام وإذا ثبت النص طاح ما دونه وللفاتحة أسماء أخرى جمعت من آثار أخرى الكنز والوافية والشافية والكافية وسورة الحمد والحمد لله وسورة الصلاة وسورة الشفاء والاساس وسورة الشكر وسورة الدعاء قوله الدين الجزاء في الخير والشر كما تدين تدان هو كلام أبي عبيدة أيضا قال الدين الحساب والجزاء يقال في المثل كما تدين تدان انتهى وقد ورد هذا في حديث مرفوع أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا وهو مرسل رجاله ثقات ورواه عبد الرزاق بهذا الاسناد أيضا عن أبقلابة عن أبي الدرداء موقوفا وأبو قلابة لم يدرك أبا الدرداء وله شاهد موصول من حديث بن عمر أخرجه بن عدي وضعفه قوله وقال مجاهد بالدين بالحساب مدينين محاسبين وصله عبد بن حميد في التفسير من طريق منصور عن مجاهد في قوله تعالى كلا بل تكذبون بالدين قال بالحساب ومن طريق ورقاء بن عمر عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى فلولا أن كنتم غير مدينين غير محاسبين والاثر الاول جاء موقوفا عن ناس من الصحابة أخرجه الحاكم من طريق السدي عن مرة الهمداني عن بن مسعود وناس من الصحابة في قوله تعالى مالك يوم الدين قال هو يوم الحساب ويوم الجزاء وللدين معان أخرى منها العادة والعمل والحكم والحال والخلق والطاعة والقهر والملة والشريعة والورع والسياسة وشواهد ذلك يطول ذكرها (4204) قوله حدثني خبيب بالمعجمة مصغر بن عبد الرحمن أي بن خبيب بن يساف الانصاري وحفص بن عاصم أي بن عمر بن الخطاب قوله عن أبي سعيد بن المعلى بين في رواية أخرى تأتي في تفسير الانفال سماع خبيب له من حفص وحفص له من أبي سعيد وليس لابي سعيد هذا في البخاري سوى هذا الحديث واختلف في اسمه فقيل رافع وقيل الحارث وقواه بن عبد البر ووهي الذي قبله وقيل أوس وقيل بل أوس اسم أبيه والمعلى جده ومات أبو سعيد سنة ثلاث أو أربع وسبعين من الهجرة وأرخ بن عبد البر وفاته سنة أربع وسبعين وفيه نظر بينته في كتابي في الصحابة تنبيهان يتعلقان بإسناد هذا الحديث أحدهما نسب الغزالي والفخر الرازي وتبعه البيضاوي هذه القصة لابي سعيد الخدري وهو وهم وإنما هو أبو سعيد بن المعلى ثانيهما روى الوافدي هذا الحديث عن محمد بن معاذ عن خبيب بن عبد الرحمن بهذا الاسناد فزاد في إسناده عن أبي سعيد بن المعلى عن أبي بن كعب والذي في الصحيح أصح والواقدي شديد الضعف إذا انفرد فكيف إذا خالف وشيخه مجهول وأظن الواقدي دخل عليه حديث في حديث فإن مالكا أخرج نحو الحديث المذكور من وجه آخر فيه ذكر أبي بن كعب فقال عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي سعيد مولى عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب ومن الرواة عإن مالك من قال عن أبي سعيد عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم ناداه وكذلك أخرجه الحاكم ووهم بن الاثير حيث ظن أن أبا سعيد شيخ العلاء هو أبو سعيد بن المعلى فإن بن المعلى صحابي أنصاري من أنفسهم مدني وذلك تابعي مكي من موالي قريش وقد اختلف فيه على العلاء أخرجه الترمذي من طريق الدراوردي والنسائي من طريق روح بن القاسم وأحمد من طريق عبد الرحمن بن إبراهيم وابن خزيمة من طريق حفص ص بن ميسرة كلهم عن العلاء عن أبيه عن أبي
[ 120 ]
هريرة رضي الله عنه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب فذكر الحديث وأخرجه الترمذي وابن خزيمة من طريق عبد الحميد بن جعفر والحاكم من طريق شعبة كلاهما عن العلاء مثله لكن قال عن أبي هريرة رضي الله عنه ورجح الترمذي كونه من مسند أبي هريرة وقد أخرجه الحاكم أيضمن طريق الاعرج عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نادى أبي بن كعب وهو مما يقوي ما رجحه الترمذي وجمع البيهقي بأن القصة وقعت لابي كعب ولابي سعيد بن المعلى ويتعين المصير إلى ذلك لاختلاف مخرج الحديثين واختلاف سياقهما كما سأبين قوله كنت أصلى في المسجد فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم اجبه زاد في تفسير الانفال من وجه آخر عن شعبة فلم آته حتى صليت ثم أتيته وفي رواية أبي هريرة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب وهو يصلي فقال أي أبي فالتفت فلم يجبه ثم صلى فخفف ثم انصرف فقال سلام عليك يا رسول الله قال ويحك ما منعك إذ دعوتك أن لا تجيبني الحديث قوله ألم يقل الله تعالى استجيبوا في حديث أبي هريرة أو ليس تجد فيما أوحى الله إلى أن استجيبوا لله وللرسول الآية فقلت بلى يا رسول الله لا أعود إن شاء الله تنبيه نقل بن التين عن الداودي أن في حديث الباب تقديما وتأخيرا وهو قوله ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول قبل قول أبي سعيد كنت في الصلاة قال فكأنه تأول أن من هو في الصلاة خارج عن هذا الخطاب قال والذي تأول القاضيان عبد الوهاب وأبو الوليد أن إجابة النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة فرض يعصي المرء بتركه وأنه حكم يختص بالنبي صلى الله عليه وسلم قلت وما ادعاه الداودي لا دليل عليه وما جنح إليه القاضيان من المالكية هو قول الشافعية على اختلاف عندهم بعد قولهم بوجوب الاجابة هل تبطل الصلاة أم لا قوله لاعلمنك سورة هي أعظم السور في رواية روح في تفسير الانفال لاعلمنك أعظم سورة في القرآن وفي حديث أبي هريرة أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها قال بن التين معناه أن ثوابها أعظم من غيرها واستدل به على جواز تفضيل بعض القرآن على بعض وقد منع ذلك الاشعري وجماعة لان المفضول ناقص عن درجة الافضل وأسماء الله وصفاته وكلامه لا نقص فيها وأجابوا عن ذلك بأن معنى التفاضل أن ثواب بعضه أعظم من ثواب بعض فالتفضيل إنما هو من حيث المعاني لا من حيث الصفة ويؤيد التفضيل قوله تعالى نأت بخير منها أو مثلها وقد روى بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله نأت بخير منها أي في المنفعة والرفق والرفعة وفي هذا تعقب على من قال فيه تقديم وتأخير والتقدير نأت منها بخير وهو كما قيل في قوله تعالى من جاء بالحسنة فله خير منها لكن قوله في آية الباب أو مثلها يرجح الاحتمال الاول فهو المعتمد والله أعلم قوله ثم أخذ بيدى زاد في حديث أبي هريرة يحدثني وأنا أتباطأ مخافة أن يبلغ الباب قبل أن ينقضي الحديث قوله ألم تقل لاعلمنك سورة في حديث أبي هريرة قلت يا رسول الله ما السورة التي قد وعدتني قال كيف تقرأ في الصلاة فقرأت عليه أم الكتاب قوله قال الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم في رواية معاذ تفسير الانفال فقال هي الحمد لله رب العالمين السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته وفي حديث أبي هريرة فقال إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته وفي هذا تصريح بأن المراد بقوله تعالى
[ 121 ]
ولقد آتيناك سبعا من المثاني هي الفاتحة وقد روى النسائي بإسناد صحيح عن بن عباس أن السبع المثاني هي السبع الطوال أي السور من أول البقرة إلى آخر الاعراف ثم براءة وقيل يونس وعلى الاول فالمراد بالسبع الآى لان الفاتحة سبع آيات وهو قول سعيد بن جبير واختلف في تسميتها مثانى فقيل لانها تثني في كل ركعة أي تعاد وقيل لانها يثني بها على الله تعالى وقيل لانها استثنيت لهذه الامة لم تنزل على من قبلها قال بن التين فيه دليل على أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست آية من القرآن كذا قال وعكس غيره لانه أراد السورة ويؤيده أنه لو أراد الحمد لله رب العالمين الآية لم يقل هي السبع المثاني لان الآية الواحدة لا يقال لها سبع فدل على أنه أراد بها السورة والحمد لله رب العالمين من اسمائها وفيه قوة لتأويل الشافعي في حديث أنس قال كانوا يفتتحون الصلاة بالحمد لله رب العالمين قال الشافعي أراد السورة وتعقب بأن هذه السورة تسمى سورة الحمد لله ولا تسمى الحمد لله رب العالمين وهذا الحديث يرد هذا التعقب وفيه أن الامر يقتضى الفور لانه عاتب الصحابي على تأخير إجابته وفيه استعمال صيغة العموم في الاحوال كلها قال الخطابي فيه أن حكم لفظ العموم أن يجري على جميع مقتضاه وأن الخاص والعام إذا تقابلا كان العام منزلا على الخاص لان الشارع حرم الكلام في الصلاة على العموم ثم استثنى منه إجابة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة وفيه أن إجابة المصلي دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لا تفسد الصلاة هكذا صرح به جماعة من الشافعية وغيرهم وفيه بحث لاحتمال أن تكون إجابته واجبة مطلقا سواء كان المخاطب مصليا أو غير مصل أما كونه يخرج بالاجابة من الصلاة أو لا يخرج فليس من الحديث ما يستلزمه فيحتمل أن تجب الاجابة ولو خرج المجيب من الصلاة وإلى ذلك جنح بعض الشافعية وهل يختص هذا الحكم بالنداء أو يشمل ما هو أعم حتى تجب إجابته إذا سأل فيه بحث وقد جزم بن حبان بأن إجابة الصحابة في قصة ذي اليدين كان كذلك قوله والقرآن العظيم الذي أوتيته قال الخطابي في قوله هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته دلالة على أن الفاتحة هي القرآن العظيم وان الواو ليست بالعاطفة التي تفصل بين الشيئين وإنما هي التي تجئ بمعنى التفصيل كقوله فاكهة ونخل ورمان وقوله وملائكته ورسله وجبريل وميكال انتهى وفيه بحث لاحتمال أن يكون قوله والقرآن العظيم محذوف الخبر والتقدير ما بعد الفاتحة مثلا فيكون وصف الفاتحة انتهى بقوله هي السبع المثاني ثم عطف قوله والقرآن العظيم أي ما زاد على الفاتحة وذكر ذلك رعاية لنظم الآية ويكون التقدير والقرآن العظيم هو الذ أوتيته زيادة على الفاتحة تنبيه يستنبط من تفسير السبع المثاني بالفاتحة أن الفاتحة مكية وهو قول الجمهور خلافا لمجاهد ووجه الدلالة أنه سبحانه أمتن على رسوله بها وسورة الحجر مكية اتفاقا فيدل على تقديم نزول الفاتحة عليها قال الحسين بن الفضل هذه هفوة من مجاهد لان العلماء على خلاف قوله وأغرب بعض المتأخرين فنسب القول بذلك لابي هريرة والزهري وعطاء بن يسار وحكى القرطبي أن بعضهم زعم أنها نزلت مرتين وفيه دليل على أن الفاتحة سبع آيات ونقلوا فيه الاجماع لكن جاء عن حسين بن علي الجعفي أنها ست آيات لانه لم يعد البسملة وعن عمرو بن عبيد أنها ثمان آيات لانه عدها وعد أنعمت عليهم وقيل لم يعدها وعد إياك نعبد وهذا أغرب الاقوال (0) قوله باب غير المغضوب عليهم ولا الضالين
[ 122 ]
(4205) قال أهل العربية لا زائدة لتأكيد معنى النفى المفهوم من غير لئلا يتوهم عطف الضالين على الذين أنعمت وقيل لا بمعنى غير ويؤيده قراءة عمر غير المغضوب عليهم وغير الضالين ذكرها أبو عبيد وسعيد بن منصور بإسناد صحيح وهي للتأكيد أيضا وروى أحمد وابن حبان من حديث عدي بن حاتم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال المغضوب عليهم اليهود ولا الضالين النصارى هكذا أورده مختصرا وهو عند الترمذي في حديث طويل وأخرجه بن مردويه بإسناد حسن عن أبي ذر وأخرجه أحمد من طريق عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وقال بن أبي حاتم لا أعلم بين المفسرين في ذلك اختلافا قال السهيلي وشاهد ذلك قوله تعالى في اليهود فباءوا بغضب على غضب وفي النصارى قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا ثم أورد المصنف حديث أبي هريرة في موافقة الامام في التأمين وقد تقدم شرحه في صفة الصلاة وروى أحمد وأبو داود والترمذي من حديث وائل بن حجر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال آمين ومد بها صوته وروى أبو داود وابن ماجة نحوه من حديث أبي هريرة (0) قوله بسم الله الرحمن الرحيم سورة البقرة كذا لابي ذر وسقطت البسملة لغيره واتفقوا على أنها مدنية وأنها أول سورة أنزلت بها وسيأتي قول عائشة ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده صلى الله عليه وسلم ولم يدخل عليها إلا بالمدينة قوله باب قول الله تعالى وعلم آدم الاسماء كذا لابي ذر وسقطت لغيره باب قول الله (4206) قوله حدثنا مسلم هو بن إبراهيم وهشام هو الدستوائي وساق المصنف حديث الشفاعة لقول أهل الموقف لآدم وعلمك أسماء كل شئ واختلف في المراد بالاسماء فقيل أسماء ذريته وقيل أسماء الملائكة وقيل أسماء الملائكة وقيل أسماء الاجناس دون أنواعها وقيل أسماء كل ما في الارض وقيل أسماء كل شئ حتى القصعة وقد غفل المزي في الاطراف فنسب هذه الطريق إلى كتاب الايمان وليس لها فيه ذكر وإنما هي في التفسير وسيأتي شرح هذا الحديث مستوفى في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى قوله قال أبو عبد الله هو المصنف (0) قوله باب كذا لهم بغير ترجمة قوله قال مجاهد إلى آخر ما أورده عنه من التفاسير سقط جميع ذلك السرخسي قوله إلى شياطينهم أصحابهم من المنافقين والمشركين وصله عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وإذا خلوا إلى شياطينهم قال إلى أصحابهم فذكره ومن طريق شيبان عن قتادة قال إلى إخوانهم من المشركين ورؤوسهم وقادتهم في الشر وروى الطبراني نحوه عن بن مسعود ومن طريق بن عباس قال كان رجال من اليهود إذا لقوا الصحابة قالوا إنا على دينكم وإذا خلوا إلى شياطينهم وهم أصحابهم قالوا إنا معكم والنكتة في تعدية خلوا بالى مع أن أكثر ما يتعدى بالباء أن الذين يتعدى بالباء يحتمل الانفراد والسخرية تقول خلوت به إذا سخرت منه والذي يتعدى بالى نص في الانفراد أفاد ذلك الطبري ويحتمل أن يكون ضمن خلا معنى ذهب وعلى طريقة الكوفيين بأن حروف الجر تتناوب فإلى
[ 123 ]
بمعنى الباء أو بمعنى مع قوله محيط بالكافرين الله جامعهم وصله عبد بن حميد بالاسناد المذكور عن مجاهد ووصله الطبري من وجه آخر عنه وزاد في جهنم ومن طريق بن عباس في قوله محيط بالكافرين قال منزل بهم النقمة تنبيه قوله والله محيط بالكافرين جملة مبتدأ وخبر اعترضت بين جملة يجعلون اصابعهم وجملة يكاد البرق يخطف أبصارهم قوله صبغة دين وصله عبد بن حميد من طريق منصور عن مجاهد قال قوله صبغة الله أي دين الله ومن طريق بن أبي نجيح عنه قال صبغة الله أي قطرة الله ومن طريق قتادة قال أن اليهود تصبغ أبناءها تهودا وكذلك النصارى وأن صبغة الله الاسلام وهو دين الله الذي بعث به نوحا ومن كان بعده انتهى وقراءة الجمهور صبغة بالنصب وهو مصدر انتصب عن قوله ونحن له مسلمون على الارجح وقيل منصوب على الاغراء أي الزموا وكأن لفظ صبغة ورد بطريق المشا كله لان النصارى كانوا يغمسون من ولد منهم في ماء المعمودية ويزعمون أنهم يطهرونهم بذلك فقيل للمسلمين الزموا صبغة الله فإنها أطهر وقوله على الخاشعين على المؤمنين حقا وصله عبد بن حميد عن شبابة بالسند المذكور عن مجاهد وروى بن أبي حاتم من طريق أبي العالية قال في قوله إلا على الخاشعين قال يعني الخائفين ومن طريق مقاتل بن حبان قال يعني به المتواضعين قوله بقوة يعمل بما فيه وصله عبد بالسند المذكور وروى بن أبي حاتم والطبري من طريق أبي العالية قال القوة الطاعة ومن طريق قتادة والسدي قال القوة الجد والاجتهاد قوله وقال أبو العالية مرض شك وصله بن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن أبي العالية في قوله تعالى في قلوبهم مرض أي شك ومن طريق علي بن طلحة عن بن عباس مثله ومن طريق عكرمة قال الرياء ومن طريق قتادة في قوله فزادهم الله مرضا أي نفاقا وروى الطبري من طريق قتادة في قوله في قلوبهم مرض قال ريبة وشك في أمر الله تعالى قوله وما خلفها عبرة لمن بقي وصله بن أبي حاتم من طريق أبي جعفر الرازي عن أبي العالية في قوله فجعلناها نكالا لما بين يديها أي عقوبة لما خلا من ذنوبهم وما خلفها أي عبرة لمن بقي بعدهم من الناس قوله لاشية فيها لابياض فيها تقدم في ترجمة موسى من أحاديث الانبياء قوله وقال غيره يسومونكم يولونكم هو بضم أوله وسكون الواو والغير المذكور هو أبو عبيد القاسم بن سلام ذكره كذلك في الغريب المصنف وكذا قال أبو عبيدة معمر بن المثنى في المجاز ومنه قول عمرو بن كلثوم إذا ما الملك سام الناس خسفا أبينا أن نقر الخسف فينا ويحتمل أن يكون السوم بمعنى الدوام أي يديمون تعذيبكم ومنه سائمة الغنم لمداومتها الرعى وقال الطبري معنى يسومونكم يوردونكم أو يذيقونكم أو يولونكم قوله الولاية مفتوحة أي مفتوحة الواو مصدر الولاء وهي الربوبية وإذا كسرت الواو فهي الامارة هو معنى كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى هنالك الولاية لله الحق الولاية بالفتح مصدر الولي وبالكسر ووليت العمل والامر تليه وذكر البخاري هذه الكلمة وأن كانت في الكهف لا في البقرة ليقوى تفسير يسومونكم يولونكم قوله وقال بعضهم الحبوب التي تؤكل كلها فوم هذا حكاه الفراء في معاني القرآن عن عطاء وقتادة قال الفوم كل حب يختبز وأخرج بن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن بن عباس ومجاهد وغيرهما أن الفوم الحنطة وحكى بن جرير أن في قراءة بن مسعود الثوم
[ 124 ]
بالمثلثة وبه فسره سعيد بن جبير وغيره فإن كان محفوظا فالفاء تبدل من الثاء في عدة أسماء فيكون هذا منها والله أعلم قوله وقال قتادة فباءوا فانقلبوا وصله عبد بن حميد من طريقه قوله وقال غيره يستفتحون يستنصرون هو تفسير أبي عبيدة وروى مثله الطبري من طريق العوفي عن بن عباس ومن طريق الضحاك عن بن عباس قال أي يستظهرون وروى بن إسحاق في السيرة النبوية عن عاصم بن عمر بن قتادة عن أشياخ لهم قالوا فينا وفي اليهود نزلت وذلك أنا كنا قد علوناهم في الجاهلية فكانوا يقولون أن نبيا سيبعث قد أظل زمانه فنقتلكم معه فلما بعث الله نبيه واتبعناه كفروا به فنزلت وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن بن عباس مطولا قوله شروا باعوا هو قول أبي عبيدة أيضا قال في قوله ولبئس ما شروا به أنفسهم أي باعوا وكذا أخرجه بن أبي حاتم من طريق السدي قوله راعنا من الرعونة إذا أرادوا أن يحمقوا إنسانا قالوا راعنا قلت هذا على قراءة من نون وهي قراءة الحسن البصري وأبي حيوة ووجهه أنها صفة لمصدر محذوف أي لا تقولوا قولا راعنا أي قولا ذا رعونة وروى بن أبي حاتم من طريق عباد بن منصور عن الحسن قال الراعن السخرى من القول نهاهم الله أن يسخروا من محمد ويحتمل أن يضمن القول التسمية أي لا تسموا نبيكم راعنا الراعن الاحمق والارعن مبالغة فيه وفي قراءة أبي بن كعب لا تقولوا راعونا وهي بلفظ الجمع وكذا في مصحف بن مسعود وفيه أيضا أرعونا وقرأ الجمهور راعنا بغير تنوين على أنه فعل أمر من المراعاة وإنما نهوا عن ذلك لانها كلمة تقتضي المساواة وقد فسرها مجاهد لا تقولوا أسمع منا ونسمع منك وعن عطاء كانت لغة تقولها الانصار فنهوا عنها وعن السدي قال كان رجل يهودي يقال له رفاعة بن زيد يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له ارعنى سمعك وأسمع غير مسمع فكان المسلمون يحسبون أن في ذلك تفخيما للنبي صلى الله عليه وسلم فكانوا يقولون ذلك فنهوا عنه وروى أبو نعيم في الدلائل بسند ضعيف جدا عن بن عباس قال راعنا بلسان اليهود السب القبيح فسمع سعد بن معاذ ناسا من اليهود خاطبوا بها النبي صلى الله عليه وسلم فقال لئن سمعتها من أحد منكم لاضربن عنقه قوله لاتجزى لا تغنى هو قول أبي عبيدة في قوله تعالى لا تجزى نفس عن نفس شيئا أي لا تغني وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال يغنى لا تغني نفس مؤمنة عن نفس كافرة من المنفعة شيئا قوله خطوات من الخطر والمعنى آثاره قال أبو عبيدة في قوله تعالى لا تتبعوا خطوات الشيطان هي الخطا واحدتها خطوة ومعناها آثار الشيطان وروى بن أبي حاتم من طريق عكرمة قال خطوات الشيطان نزعات الشيطان ومن طريق مجاهد خطوات الشيطان خطاه ومن طريق القاسم بن الوليد قلت لقتادة فقال كل معصية الله فهي من خطوات الشيطان وروى سعيد بن منصور عن أبي مجلز قال خطوات الشيطان النذور في المعاصي كذا قال واللفظ أعم من ذلك فمن في كلامه مقدرة قوله ابتلى اختير هو تفسير أبي عبيدة والاكثر وقال الفراء أمره وثبت هذا في نسخة الصغائي (0) قوله تعالى فلا تجعلوا لله اندادا وأنتم تعلمون الانداد جمع ند بكسر النون وهو النظير وروى بن أبي حاتم من طريق أبي العالية قال الند العدل ومن طريق الضحاك عن بن عباس قال الانداد الاشياء وسقط لفظ باب لابي ذر ثم ذكر المصنف حديث بن مسعود أي الذنب أعظم وسيأتي شرحه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى
[ 125 ]
(0) قوله باب وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى إلى يظلمون كذا لابي ذر وسقط له لفظ باب وساق الباقون الآية قوله وقال مجاهد المن صمغة أي بفتح الصاد المهملة وسكون الميم ثم غين معجمة والسلوى الطير وصله الفريابي عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد مثله وكذا قال عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء وروى بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال كان المن ينزل على الشجر فيأكلون منه ما شاءوا ومن طريق عكرمة قال كان مثل الرب الغليظ أي بضم الراء بعدها موحدة ومن طريق السدي قال كان مثل الترنجبيل ومن طريق سعيد بن بشير عن قتادة قال كان المن يسقط عليهم سقوط الثلج أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وهذه الاقوال كلها لا تنافي فيها ومن طريق وهب بن منبه قال المن خبز الرقاق وهذا مغاير لجميع ما تقدم والله أعلم وروى بن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال السلوى طائر يشبه السمائي ومن طريق وهب بن منبه قال هو السمانى وعنه قال هو طير سمين مثل الحمام ومن طريق عكرمة قال طير أكبر من العصفور ثم ذكر المصنف حديث سعيد بن زيد في الكمأة من المن وسيأتي شرحه في كتاب الطب ووقع في رواية بن عيينة عن عبد الملك بن عمير في حديث الباب من المن الذي أنزل على بنى إسرائيل وبه تظهر مناسبة ذكره في التفسير والرد على الخطابي حيث قال لا وجه لادخال هذا الحديث هنا قال لانه ليس المراد في الحديث أنها نوع من المن المنزل على بن إسرائيل فإن ذاك شئ كان يسقط عليهم كالترنجبيل والمراد أنها شجرة تنبت بنفسها من غير استنبات ولا مؤنة انتهى وقد عرف وجه إدخاله هنا ولو كان المراد ما ذكره الخطابي والله أعلم (0) قوله باب وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى قوله المحسنين قوله رغدا واسعا كثيرا هو من تفسير أبي عبيدة قال الرغد الكثير الذي لا يتعب يقال قد أرغد فلان إذا أصاب عيشا واسعا كثيرا وعن الضحاك عن بن عباس في قوله وكلا منها رغدا حيث شئتما قال الرغد سعة المعيشة أخرجه الطبري وأخرج من طريق السدي عن رجاله قال الرغد الهنئ ومن طريق مجاهد قال الرغد الذي لا حساب فيه ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة في قوله تعالى وقولوا حطة وقد تقدم ذكره في قصة موسى من أحاديث الانبياء وأحلت بشرحه على تفسير سورة الاعراف وسأذكره هناك إن شاء الله تعالى وقوله في أول هذا الاسناد 4209) حدثنا محمد لم يقع منسوبا إلا في رواية أبي علي بن السكن عن الفريري فقال محمد بن سلام ويحتمل عندي أن يكون محمد بن يحيى الذهلي فإنه يروي عن عبد الرحمن بن مهدي أيضا وأما أبو على الجياني فقال الاشبه أنه محمد بن بشار (0) قوله باب من كان دوا لجبريل كذا لابي ذر ولغيره قوله من كان عدوا لجبريل قيل سبب عداوة اليهود لجبريل أنه أمر باستمرار النبوة فيهم فنقلها لغيرهم وقيل لكونه يطلع على أسرارهم قلت وأصح منهما ما سيأتي بعد قليل لكونه الذي ينزل عليهم بالعذاب قوله قال عكرمة جبر وميك وسراف عبد إيل الله
[ 126 ]
وصله الطبري من طريق عاصم عنه قال جبريل عبد الله وميكائيل عبد الله إيل الله ومن وجه آخر عن عكرمة جبر عبد وميك عبد وإيل الله ومن طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس نحو الاول وزاد وكل اسفيه إيل فهو الله ومن طريق عبد الله بن الحارث البصري أحد التابعين قال أيل الله بالعبرانية ومن طريق علي بن الحسين قال اسم جبريل عبد الله وميكائيل عبيد الله يعني بالتصغير وإسرافيل عبد الرحمن وكل اسم فيه إيل فهو معبد الله وذكر عكس هذا وهو أن إيل معناه عبد وما قبله معناه اسم لله كما تقول عبد الله وعبد الرحمن وعبد الرحيم فلفظ عبد لا يتغير وما بعده يتغير لفظه وان كان المعنى واحدا ويؤيده أن الاسم المصاف في لغة غير العرب غالبا يتقدم فيه المضاف إليه على المضاف وقال الطبري وغيره في جبريل لغات فأهل الحجاز يقولون بكسر الجيم بغير همز وعلى ذلك عامة القراء وبنو أسد مثله لكن آخره نون وبعض أهل نجد وتميم وقيس يقولون جبرائيل بفتح الجيم والراء بعدها همزة وهي قراءة حمزة والكسائي وأبي بكر وخلف واختيار أبي عبيد وقراءة يحيى بن وثاب وعلقمة مثله لكن بزيادة ألف وقراءة يحيى بن آدم مثله لكن بغير ياء وذكر عن الحسن وابن كثير أنهما قرأ كالاول لكن بفتح الجيم وهذا الوزن ليس في كلام العرب فزعم بعضهم أنه اسم اعجمي وعن يحيى بن يعمر جبرائيل بفتح الجيم والراء بعدها همزة مكسورة وتشديد اللام ثم ذكر حديث أنس في قصة عبد الله بن سلام وقد تقدمت قبيل كتاب المغازي وتقدم معظم شرحها هناك وقوله (4210) ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية من كان عدوا لجبريل فإننزله على قلبك ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي قرأ الآية رد لقول اليهود ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ وهذا هو المعتمد فقد روى أحمد والترمذ والنسائي في سبب نزول الآية قصة غير قصة عبد الله بن سلام فاخرجوا من طريق بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن بن عباس أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم إنا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بها عرفنا أنك نبي واتبعناك فذكر الحديث وفيه أنهم سألوه عما حرم إسرائيل على نفسه وعن علامة النبوة وعن الرعد وصوته وكيف تذكر المرأة وتؤنث وعمن يأتيه بالخبر من السمافأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على بنية وفي رواية لاحمد والطبري من طريق شهر بن حوشب عن بن عباس عليكم عهد الله لئن أنا أنبأتكم لتبايعني فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق فذكر الحديث لكن ليس فيه السؤال عن الرعد وفي رواية شهر بن حوشب لما سألوه عمن يأتيه من الملائكة قال جبريل قال ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه فقالوا فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لبايعناك وصدقناك قال فما منعكم أن تصدقوه قالوا إنه عدونا فنزلت وفي رواية بكير بن شهاب قالوا جبريل ينزل بالحرب والقتل والعذاب لو كان ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر فنزلت وروى الطبري من طريق الشعبي إن عمر كان يأتي اليهود فيسمع من التوراة فيتعجب كيف تصدق ما في القرآن قال فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم فقلت نشدتكم بالله أتعلمون أنه رسول الله فقال له عالمهم نعم تعلم أنه رسول الله قال فلم لا تتبعونه قالوا أن لنا عدوا من الملائكة وسلما وأنه قرن بنبوته من الملائكة عدونا فذكر الحديث وأنه لحق النبي صلى الله عليه وسلم فتلا عليه الآية وأورده من
[ 127 ]
طريق قتادة عن عمر نحوه وأورد بن أبي حاتم والطبري أيضا من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى أن يهوديا لقي عمر فقال أن جبريل الذي يذكره صاحبكم عدو لنا فقال عمر من كان عدو الله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين فنزلت على وفق ما قال وهذه طرق يقوي بعضها بعضا ويدل على أن سبب نزول الآية قول اليهودي المذكور لا قصة عبد الله بن سلام وكان النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له عبد الله بن سلام أن جبريل عدو اليهود تلا عليه الآية مذكرا له سبب نزولها والله أعلم وحكى الثعلبي من بن عباس أن سبب عداوة اليهود لجبريل أن نبيهم أخبرهم أن يختنصر سيخرب بيت المقدس فبعثوا رجلا ليقتله فوجده شابا ضعيفا فمنعه جبريل من قتله وقال له أن كان الله أراد هلاككم على يده فلن تسلط عليه وأن كاغيره فعلى أي حق تقتله فتركه فكبر يختنصر وغزا بيت المقدس فقتلهم وخربه فصار ويكرهون جبريل لذلك وذكر أن الذي خاطب النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك هو عبد الله بن صوريا وقوله أما أول أشراط الساعة فنار يأتي شرح ذلك في أواخر كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى (0) قوله ما ننسخ من آية أو ننسأها (0) قوله باب قوله تعالى ما ننسخ من آية أن ننسها نأت بخير منها أو مثلها كذا لابي ذر ننسها بضم أوله وكسر السين بغير همز ولغيره ننسأها والاول قراءة الاكثر واختارها أبو عبيدة وعليه أكثر المفسرين والثانية قراءة بن كثير وأبي عمرو وطائفة وسأذكر توجيههما وفيها قراءات أخرى في الشواذ (4211) قوله حدثنا يحيى هو القطان وسفيان هو الثوري قوله عن حبيب هو بن أبي ثابت وورد منسوبا في رواية صدقة بن الفضل عن يحيى القطان في فضائل القرآن وفي رواية الاسماعيلي من طريق بن خلاد عن يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا حبيب قوله قال عمر أقرؤنا أبي وأقضانا على كذا أخرجه موقوفا وقد أخرجه الترمذي وغيره من طريق أبي قلابة عن أنس مرفوعا في ذكر جماعة وأوله أرحم أمتى بأمتي أبو بكر وفيه وأقرؤهم لكتاب الله أبي بن كعب الحديث وصححه لكن قال غيره إن الصواب إرساله وأما قوله وأقضانا على فورد في حديث مرفوع أيضا عن أنس رفعه أقضى أمتي علي بن أبي طالب أخرجه البغوي وعن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا أرحم أمتي بأمتى أببكر واقضاهم على الحديث ورويناه موصولا في فوائد أبي بكر محمد بن العباس بن نجيح من حديث أبي سعيد الخدري مثله وروى البزار من حديث بن مسعود قال كنا نتحدث أن أقضى أهل المدينة علي بن أبي طالب رضي الله عنه قوله وإنا لندع من قول أبى في رواية صدقة من لحن أبي واللحن اللغة وفي رواية بن خلاد وأنا لنترك كثيرا من قراءة أبي قوله سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية صدقة أخذته من في رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أتركه لشئ لانه بسماعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يحصل له العلم القطعي به فإذا أخبره غيره عنه بخلافه لم ينتهض معارضا له حتى يتصل إلى درجة العلم القطعي وقد لا يحصل ذلك غالبا تنبيه هذا الاسناد فيه ثلاثة من الصحابة في نسق بن عباس عن عمر عن أبي بن كعب قوله وقد قال الله تعالى الخ هو مقول عمر محتجا به على أبي بن كعب ومشيرا إلى أنه ربما قرأ ما نسخت تلاوته لكونه لم يبلغه النسخ واحتج عمر لجواز وقوع ذلك بهذه الآية وقد أخرج بن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال خطبنا عمر فقال أن الله يقول ما ننسخ من آية أو ننسأها أي نؤخرها وهذا يرجح رواية من قرأ بفتح أوله وبالهمز وأما قراءة
[ 128 ]
من قرأ بضم أوله فمن النسيان وكذلك كان سعيد بن المسيب يقرؤها فأنكر عليه سعد بن أبي وقاص أخرجه النسائي وصححه الحاكم وكانت قراءة سعد أو تنساها بفتح المثناة خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم واستدل بقوله تعالى سنقرئك فلا تنسى وروى بن أبي حاتم من طريق عكرمة عن بن عباس قال ربما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل ونسيه بالنهار فنزلت واستدل بالآية المذكورة على وقوع النسخ خلافا لمن شذ فمنعه وتعقب بأنها قضية شرطية لا تستلزم الوقوع وأجيب بأن السياق وسبب النزول كان في ذلك لانها نزلت جوابا لمن أنكر ذلك (0) قوله باب وقالوا أتخذ الله ولدا سبحانه كذا للجميع وهي قراءة الجمهور وقرأ بن عامر قالوا بحذف الواو واتفقوا على أن الآية نزلت فيمن زعم أن لله ولدا من يهود خيبر ونصارى نجران ومن قال من مشركي العرب الملائكة بنات اللفرد الله تعالى عليهم (4212) قوله قال الله تعالى هذا من الاحاديث القدسية قوله وأما شتمه إياي فقوله لي ولد إنما سماه شتما لما فيه من التنقيص لان الولد إنما يكون عن والدة تحمله ثم تضعه ويستلزم ذلك سبق النكاح والناكح يستدعى باعثا له على ذلك والله سبحانه منزه عن جميع ذلك ويأتي شرحه في تفسير سورة الاخلاص (0) قوله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ؟ ؟ ؟ مثابة يتوبون يرجعون (4213) وقال ؟ ؟ ؟ بن أبي مريم أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني حميد سمعت أنسا عن عمر قوله باب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى كذا لهم والجمهور على كسر الخاء من قوله واتخذوا بصيغة الامر وقرأ نافع وابن عامر بفتح الخاء بصيغة الخبر والمراد من أتبع إبراهيم وهو معطوف على قوله جعلنا فالكلام جملة واحدة وقيل على وإذ جعلنا فيحتاج إلى تقدير إذ ويكون الكلام جملتين وقيل على محذوف تقديره فثابوا أي رجعوا واتخذوا وتوجيه قراءة الجمهور أنه معطوف على ما تضمنه قوله مثابة كأنه قال ثوبوا واتخذوا أو معمول لمحذوف أي وقلنا اتخذوا ويحتمل أن يكون الواو للاستئناف قوله مثابة يثوبون يرجعون قال أبو عبيدة قوله تعالى مثابة مصدر يثوبون أي يصيرون إليه ومراده بالمصدر اسم المصدر وقال غيره هو اسم مكان وروى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس في قوله مثابة قال يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه لا يقضون منه وطرا قال الفراء المثابة والمثاب بمعنى واحد كالمقام والمقامة وقال البصريون الهاء للمبالغة لما كثر من يثوب إليه كما قالوا سيارة لمن يكثر السير والاصل في مثابة مثوبة فأعل بالنقل والقلب ثم ذكر المصنف حديث أنس عن عمر قال وافقت ربي في ثلاث وقد تقدم في أوائل الصلاة وتأتي قصة الحجاب في تفسير الاحزاب والتخيير في تفسير التحريم وقوله في الحديث فانتهيت إلى إحداهن يأتي الكلام عليه في باب غيرة النساء من أواخر كتاب النكاح قوله وقال بن أبي مريم الخ تقدم أيضا في الصلاة وروى أبو نعيم في الدلائل من حديث بن عمر أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيد عمر فمر به على المقام فقال له هذا مقام إبراهيم قال يا نبي الله إلا تتخذه مصلى فنزلت تكملة قال بن الجوزي إنما طلب عمر الاستنان بإبراهيم عليه السلام مع النهي عن النظر في كتاب التوراة لانه سمع قول الله تعالى في حق إبراهيم أني جاعلك للناس إماما وقوله تعالى أن أتبع ملة إبراهيم فعلم أن الائتمام بإبراهيم من هذه الشريعة ولكون البيت مضافا إليه وأن أثر قدميه في المقام كرقم البائي في البناء ليذكر به بعد موته فرأى الصلاة عند المقام كقراءة الطائف بالبيت اسم من بناه انتهى وهي مناسبة لطيفة ثم قال ولم تزل آثار قدمي إبراهيم حاضرة في المقام معروفة عند أهل
[ 129 ]
الحرم حتى قال أبو طالب في قصيدته المشهورة وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة على قدميه حافيا غير ناعل وفي موطأ بن وهب عن يونس عن بن شهاب عن أنس قال رأيت المقام فيه أصابع إبراهيم وأخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم وأخرج الطبري في تفسيره من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في هذه الآية إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه قال ولقد ذكر لنا من رأى أثر عقبة وأصابعه فيها فما زالوا يمسحونه حتى اخلولق وانمحى وكان المقام من عهد إبراهيم لزق البيت إلى أن آخره عمر رضي الله عنه إلى المكان الذي هو فيه الآن أخرجه عبد الرزاق في مصنفة بسند صحيح عن عطاء وغيره وعن مجاهد أيضا وأخرج البيهقي عن عائشة مثله بسند قوي ولفظه أن المقام كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وفي زمن أبي بكر ملتصقا بالبيت ثم آخره عمر وأخرج بن مردويه بسند ضعيف عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي حوله والاول أصح وقد أخرج بن أبي حاتم بسند صحيح عن بن عيينة قال كان المقام في سقع البيت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فحوله عمر فجاء سيل فذهب به فرده عمر إليه قال سفيان لا أدرى أكان لاصقا بالبيت أم لا انتهى ولم تنكر الصحابة فعل عمر ولا من جاء بعدهم فصار إجماعا وكان عمر رأى أن إبقاءه يلزم منه التضييق على الطائفين أو على المصلين فوضعه في مكان يرتفع به الحرج وتهيأ له ذلك لانه الذي كان أشار باتخاذ مصلى وأول من عمل عليه المقصورة الموجودة الآن (0) ؟ ؟ / قوله تعالى وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ؟ ؟ ؟ وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم القواعد أساسه واحدتها قاعدة ؟ ؟ ؟ ؟ والقواعد من النساء وأحدها قاعد ؟ ؟ (0) قوله باب ؟ ؟ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت ؟ ؟ ؟ ساق إلى العليم قوله القواعد أساسه واحدتها قاعدة قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت قال قواعده أساسه وقال الفراء يقال القواعد أساس البيت قال الطبري اختلفوا في القواعد التي رفعها إبراهيم وإسماعيل أهما أحدثاها أم كانت قبلهما ثم روى بسند صحيح عن بن عباس قال كانت قواعد البيت قبل ذلك ومن طريق عطاء قال قال آدم أي رب لا أسمع أصوات الملائكة قال بن لي بيتا ثم احفف به كما رأيت الملائكة تحف بيتي الذي في السماء فيزعم الناس أنه بناه من خمسة أجبل حتى بناه إبراهيم بعد وقد تقدم بزيادة فيه في قصة إبراهيم عليه السلام من أحاديث الانبياء عليهم الصلا والسلام قوله والقواعد من النساء واحدتها قاعد أراد الاشارة إلى أن لفظ الجمع مشترك وتظهر التفرقة بالواحد فجمع النساء اللواتي قعدن عن الحيض والاستمتاع قاعد بلا هاء ولولا لا تخصيصهن بذلك لثبت الهاء نحو قاعدة من القعود المعروف ثم ذكر المصنف حديث عائشة في بناء قريش البيت وقد سبق بسطه في كتاب الحج (0) قوله باب قولوا آمنا بالله سقط لفظ باب لغير أبي ذر (4215) قوله كان أهل الكتاب أي اليهود قوله لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملا لئلا يكون في نفس الامر صدقا فتكذبوه أو كذبا فتصدقوه فتقعوا في الحرج ولم يرد النهي عن تكذيبهم فيما ورد شرعنا بخلافه ولا عن تصديقهم فيما ورد شرعنا بوفافه نبه على ذلك الشافعي رحمه الله ويؤخذ من هذا الحديث التوقف عن الخوض في المشكلات والجزم فيها بما يقع في الظن وعلى هذا يحمل ما جاء عن السلف من ذلك قوله وقولوا آمنا بالله وما انزل إلينا الآية زاد في الاعتصام وما انزل اليكم وزاد الاسماعيلي عن الحسن بن سفيان عن محمد بن المثنى عن عثمان بن عمر بهذا
[ 130 ]
الاسناد وما انزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون (0) قوله باب قوله تعالى سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم الآية كذا لا ذر وساق غيره إلى قوله مستقيم والسفهاء جمع سفيه وهو خفيف العقل وأصله من قولهم ثوب سفيه أي خفيف النسج واختلف في المراد بالسفهاء فقال البراء كما في حديث الباب وابن عباس ومجاهد هم اليهود وأخرج ذلك الطبري عنهم بأسانيد صحيحة وروى من طريق السدي قال هم المنافقون والمراد بالسفهاء الكفار وأهل النفاق واليهود أما الكفار فقالوا لما حولت القبلة رجع محمد إلى قبلتنا وسيرجع إلى دينا فإنه علم أنا على الحق وأما أهل النفاق فقالوا أن كان أولا على الحق فالذي انتقل إليه باطل وكذلك بالعكس وأما اليهود فقالوا خالف قبلة الانبياء ولو كان نبيا لما خالف فلما كثرت أقاويل هؤلاء السفهاء أنزلت هذه الآيات من قوله تعالى ما ننسخ من آية إلى قوله تعالى فلا تخشوهم واخشوني الآية قوله (4216) ستة عشر شهرا أسبعة عشر شهرا تقدم الكلام عليه وعلى شرح الحديث في كتاب الايمان (0) قوله باب قوله تعالى وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى مستقيم وسيأتي الكلام على الآية في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى قوله حدثنا قتيبة حدثنا جرير وأبو أسامة واللفظ لجرير أي لفظ المتن (4217) قوله وقال أبو أسامة حدثنا أبو صالح يعني قال أبو أسامة عن الاعمش حدثنا أبو صالح فأفاد تصريح الاعمش بالتحديث وقد أخرجه في الاعتصام من وجه آخر عن أبي أسامة وصرح في روايته أيضا بالتحديث وسيأتي في رواية أبي أسامة مفردة في الاعتصام قوله يدعى نوح يوم القيامة فيقول لبيك وسعديك يا رب فيقول هل بلغت فيقول نعم زاد في الاعتصام نعم يا رب قوله فيقول من يشهد لك في الاعتصام فيقول من شهودك قوله فيشهدون في الاعتصام فيجاء بكم فتشهدون وقد روى هذا الحديث أبو معاوية عن الاعمش بهذا الاسناد أتم من سياق غيره وأشمل ولفظه يجئ النبي يوم القيامة ومعه الرجل ويجئ النبي ومعه الرجلان ويجئ النبي ومعه أكثر من ذلك قال فيقال لهم أبلغكم هذا فيقولون لا فيقال للنبي ابلغتهم فيقول نعم فيقال له من يشهد لك الحديث أخرجه أحمد عنه والنسائي وابن ماجة والاسماعيلي من طريق أبي معاوية أيضا قوله فيشهدون أنه قد بلغ زاد أبو معاوية فيقال وما علمكم فيقولون أخبرنا نبينا أن الرسل قد بلغوا فصدقناه ويؤخد من حديث أبي بن كعب تعميم ذلك فأخرج بن أبي حاتم بسند جيد عن أبي العالية عن أبي بن كعب في هذه الآية قال لتكونوا شهداء وكانوا شهداء على الناس يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وغيرهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم قال أبو العالية وهي قراءة أبي لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة ومن حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ما من رجل من الامم الا ود أنه منا أيتها الامة ما من نبي كذبه قومه إلا ونحن شهداؤه يوم القيامة أن قد بلغ رسالة الله
[ 131 ]
ونصح لهم قوله فذلك قوله عزوجل وكذلك جعلناكم أمة وسطا في الاعتصام ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله والوسط العدل هو مرفوع من نفس الخبر وليس بمدرج من قول بعض الرواة كما وهم فيه بعضهم وسيأتي في الاعتصام بلفظ وكذلك جعلناكم أمة وسطا عد وأخرج الاسماعيلي من طريق حفص بن غياث عن الاعمش بهذا السند في قوله وسطا قا عدلا كذا أورده مختصرا مرفوعا وأخرجه الطبري من هذا الوجه مختصرا مرفوعا ومن طريق وكيع عن الاعمش بلفظ والوسط العدل مختصرا مرفوعا ومن طريق أبي معاوية عن الاعمش مثله وكذا أخرجه الترمذي والنسائي من هذا الوجه وأخرجه الطبري من طريق جعفر بن عون عن الاعمش مثله وأخرجه عن جماعة من التابعين كمجاهد وعطاء وقتادة ومن طريق العوفي عن بن عباس مثله قال الطبري الوسط في كلام العرب الخيار يقولون فلان وسط في قومه وواسط إذا أرادوا الرفع في حسبه قال والذي أرى أن معنى الوسط في الآية الجزء الذي بين الطرفين والمعنى أنهم وسط لتوسطهم في الدين فلم كغلوا كفاو النصارى ولم يقصروا كتقصير اليهود ولكنهم أهل وسط واعتدال قلت لا يلزم من كون الوسط في الآية صالحا لمعنى التوسط أن لا يكون أريد به معناه الآخر كما نص عليه الحديث فلا مغايرة بين الحديث وبين ما دل عليه معنى الآية والله أعلم (0) قوله باب قول الله تعالى وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى قوله رءوف رحيم ثم أورد حديث بن عمر في تحويل القبلة أورده مختصرا وقد تقدم شرحه في أوائل الصلاة مستوفى (0) عز وجل قوله باب قوله تعالى قد نرى تقلب وجهك في السماء الآية وفي رواية كريمة إلى عما تعلمون (4219) قوله عن أنس صرح في رواية الاسماعيلي وأبي نعيم بسماع سليمان له من أنس قوله لم يبق ممن صلى القبلتين غيري يعني الصلاة إلى بيت المقدس وإلى الكعبة وفي هذا إشارة إلى أن أنسا آخر من مات ممن صلى إلى القبلتين والظاهر أن أنسا قال ذلك وبعض الصحابة ممن تأخر إسلامه موجود ثم تأخر أنس إلى أن كان آخر من مات بالبصرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله علي بن المديني والبزار وغيرهما بل قال بن عبد البر هو آخر الصحابة موتا مطلقا لم يبق بعده غير أبي الطفيل كذا قال وفيه نظر فقد ثبت لجماعة ممن سكن البوادي من الصحابة تأخرهم عن أنس وكانت وفاة أنس سنة تسعين أو إحدى أو ثلاث وهو أصح ما قيل فيها وله مائة وثلاث سنين على الاصح أيضا وقيل أكثر من ذلك وقيل أقل وقوله تعالى فلنولينك قبلة ترضاها هي الكعبة وروى الحاكم من حديث بن عمر في قوله فلنولينك قبلة ترضاها قال نحو ميزاب الكعبة وإنما قال ذلك لان تلك الجهة قبلة أهل المدينة (0) قوله باب ولئن آتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك الآية كذا لابي ذر ولغيره إلى لمن الظالمين ذكر فيه حديث بن عمر المشار إليه قبل باب من وجه آخر (0) قوله باب الذين أتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم كذا لابي ذر ولغيره إلى آخر الآية وساق فيه حديث بن عمر المذكور من وجه آخر
[ 132 ]
(0) قوله باب ولكل وجهة وجهة موليها الآية كذا لابي ذرولغيره إلى كل شئ قدير (4222) قوله صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم نحبيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا ثم صرفه نحو القبلة في رواية الكشميهني ثم صرفوا وهذا طرف من حديث البراء المشار إليه قريبا (0) قوله ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية كذا لابي ذر ولغيره إلى عما تعلمون قوله شطره تلقاؤه قال الفراء في قوله تعالى فولوا وجوهكم شطره يريد نحوه قال وفي بعض القراءات تلقاءه وروى الطبري من طريق أبي العالية قال شطر المسجد الحرام تلقاء ومن طريق قتادة نحوه ثم ذكر حديث بن عمر من طريق أخرى (0) قوله باب قوله تعالى ان الصفا والمروة من شعائر الله شعائر علامات واحدتها شعيرة وهو قول أبي عبيدة قوله وقال بن عباس الصفوان الحجر وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه قوله ويقال الحجارة الملس التي لا تنبت شيئا والواحدة صفوانة بمعنى الصفا والصفا للجميع هو كلام أبي عبيدة أيضا قال الصفوان إجماع ويقال الواحدة صفوانة في معنى الصفا والصفا للجميع وهي الحجارة الملس التي لا تنبت شيئا أبدا من الارضين والرءوس وواحد الصفا صفاة وقيل الصفا اسم جنس يفرق بينه وبين مفرده بالتا وقيل مفرد يجمع على فعول وأفعال كقفا وأقفاء فيقال فيه صفا وأصفاء ويجوز كسر صادصفا أيضا ثم ساق حديث عائشة في سبب نزول أن الصفا والمروة من شعائر الله وقد تقدم شرحه في كتاب الحج وكذا حديث أنس وقوله (4226) هنا كنا نرى من أمر الجاهلية فيه حذف سقط ووقع في رواية بن السكن كنا نرى أنهما وبه يستقيم الكلام (0) رضي الله تعالى عنه قوله باب قوله تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله يعني أضدادا وأحدها ند قد تقدم تفسير الانداد في أوائل هذه السورة وتفسير الانداد بالاضداد لابي عبيدة وهو تفسير باللازم وذكر هنا أيضا حديث بن مسعود من مات وهو يجعل لله ندا وقد مضى شرحه في أوائل
[ 133 ]
كتاب الجنائز ويأتي الالمام بشئ منه في الايمان والنذور (0) قوله باب يا أيها ا لذين آمنوا كتب عليكم القصاص الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى أليم قوله عمرو هو بن دينار (4228) قوله كان في بني إسرائيل القصاص سيأتي شرحه في كتاب الديات (4229) قوله حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري حدثنا حميد أن أنسا حدثهم عن الني صلى الله عليه وسلم قال كتاب الله القصاص هكذا أورده مختصرا وساقه في الصلح بهذا الاسناد مطولا وسيأتي في الديات أيضا باختصار ثم أورده من وجه آخر عن حميد وسيأتي شرحه في تفسير سورة المائدة إن شاء الله تعالى وقوله كتاب الله القصاص بالرفع فيهما على أنه مبتدأ وخبر وبالنصب فيهما على أن الاول إغراء والثاني بدل ويجوز في الثاني الرفع على أنه مبتدأ محذوف الخبر أي اتبعوا كتاب الله ففيه القصاص قال الخطابي في قوله فمن عفى له من أخيه شئ فاتباع الخ ويحتاج إلى تفسير لان العفو يقتضى إسقاط الطلب فما هو الاتباع وأجاب بأن العفو في الآية محمول على العفو على الدية فيتجه حينئذ المطالبة بها ويدخل فيه بعض مستحقي القصاص فأنه يسقط وينتقل حتى من لم يعف إلى الدية فيطالب بحصته (0) قوله باب يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أما قوله كتب فمعناه فرض والمراد بالمكتوب فيه اللوح المحفوظ وأما قوله كما فاختلف في التشبيه الذي دلت عليه الكاف هل هو على الحقيقة فيكون صيام رمضان قد كتب على الذين من قبلنا أو المراد مطلق الصيام دون وقته وقدره فيه قولان (4231) وورد في أول حديث مرفوع عن بن عمر أورده بن أبي حاتم بإسناد فيه مجهول ولفظه صيام رمضان كتبه الله على الامم قبلكم وبهذا قال الحسن البصري والسدي وله شاهد آخر أخرجه الترمذي من طريق معقل النسابة وهو من المخضرمين ولم تثبت له صحبة ونحوه عن الشعبي وقتادة والقول الثاني أن التشبيه واقع على نفس الصوم وهو قول الجمهور وأسنده بن أبي حاتم والطبري عن معاذ وابن مسعود وغيرهما من الصحابة والتابعين وزاد الضحاك ولم يزل الصوم مشروعا من زمن نوح وفي قوله لعلكم تتقون إشارة إلى أن من قبلنا كان فرض الصوم عليهم من قبيل الآصار والاثقال التي كلفوا بها وأما هذه الامة فتكليفها بالصوم ليكون سببا لاتقاء المعاصي وحائلا بينهم وبينها فعلى هذا المفعول المحذوف يقدر بالمعاصي أو بالمنهيات ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدها حديث بن عمر وقد تقدم في كتاب الصيام من وجه آخر مشرحه ثانيها (4232) حديث عائشة أورده من وجهين عن عروة عنها وقد تقدم شرحه كذلك ثالثها حديث بن مسعود (4233) قوله حدثني محمود هو بن غيلان وثبت كذلك في رواية كذا قال أبو علي الجياني وقد وقع في نسخة الاصيلي عن أبي أحمد الجرجاني حدثنا محمد بدل
[ 134 ]
محمود وقد ذكر الكلاباذي أن البخاري روى عن محمود بن غيلان وعن محمد وهو بن يحيى الذهلي عن عبيد الله بن موسى قال أبو على الجياني لكن هنا الاعتماد على ما قال الجماعة عن محمود بن غيلان المروزي قوله عن عبد الله هو بن مسعود قوله قال دخل عليه الاشعث وهو يطعم أي يأكل وفي رواية مسلم من وجه آخر عن إسرائيل بسنده المذكور إلى علقمة قال دخل الاشعث بن قيس على بن مسعود وهو يأكل وهو ظاهر في أن علقمة حضر القصة ويحتمل أن يكون لم يحضرها وحملها عن بن مسعود كما دل عليه سياق رواية الباب ولمسلم أيضا من طريق عبد الرحمن بن يزيد قال دخل الاشعث بن قيس على عبد الله وهو يتغدى قوله فقال اليوم عاشوراء كذا وقع مختصرا وتمامة في رواية مسلم بلفظ فقال أي الاشعث يا أبا عبد الرحمن وهي كنية بن مسعود وأوضح من ذلك رواية عبد الرحمن بن يزيد المذكورة فقال أي بن مسعود يا أبا محمد وهي كنية الاشعث ادن إلى الغداء فقال أو ليس اليوم يوم عاشوراء قوله كان يصام قبل أن ينزل رمضان في رواية عبد الرحمن بن يزيد إنما هو يوم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه قبل أن ينزل شهر رمضان قوله فلما نزل رمضان ترك زاد مسلم في روايته فإن كنت مفطرا فأطعم وللنسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله كنا نصوم عاشوراء فلما نزل رمضان لم نؤمر به ولم ننه عنه وكنا نفعله ولمسلم من حديث جابر بن سمرة نحو هذه الرواية واستدل بهذا الحديث على أن صيام عاشوراء كان مفترضا قبل أن ينزل فرض رمضان ثم نسخ وقد تقدم القول فيه مبسوطا في أواخر كتاب الصيام وإيراد هذا الحديث في هذه الترجمة يشعر بأن المصنف كان يميل إلى ترجيح القول الثاني ووجهه أن رمضان لو كان مشروعا قبلنا لصامه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصم عاشوراء أولا والظاهر أن صيامه عاشوراء ما كان إلا عن توقيف ولا يضرنا في هذه المسألة اختلافهم هل كان صومه فرضا أو نفلا (0) قوله باب قوله تعالى أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر إلى قوله أن كنتم تعلمون ساق الآية كلها وانتصب أياما بفعل مقدر يدل عليه سياق الكلام كصوموا أو صاموا وللزمخشرى في إعرابه كلام متعقب ليس هذا موضعه قوله وقال عطاء يفطر من المرض كله كما قال الله تعالى وصله عبد الرزاق عن بن جريج قال قلت لعطاء من أي وجع أفطر في رمضان قال من المرض كله قلت يصوم فإذا غلب عليه أفطر قال نعم وللبخاري في هذا الاثر قصة مع شيخه إسحاق بن راهويه ذكرتها في ترجمة البخاري من تعليق التعليق وقد اختلف السلف في الحد الذي إذا وجده المكلف جاز له الفطر والذي عليه الجمهور أنه المرض الذي يبيح له التيمم مع وجود الماء وهو ما إذا خاف على نفسه لو تمادى على الصوم أو على عضو من أعضائه أو زيادة في المرض الذي بدأ به أو تماديه وعن بن سيرين متى حصل للانسان حال يستحق بها اسم المرض فله الفطر وهو نحو قول عطاء وعن الحسن والنخعي إذ لم يقدر على الصلاة قائما يفطر قوله وقال الحسن وإبراهيم في المرضع والحامل إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما تفطران ثم تقضيان كذا وقع لابي ذر وللاصيلي بلفظ أو الحامل ولغيرهما والحامل بالواو وهو أظهر وأما أثر الحسن فوصله عبد بن حميد من طريق يونس بن حميد عن الحسن هو البصري قال المرضع إذ خافت على ولدها أفطرت وأطعمت والحامل إذا خافت على نفسها أفطرت وقضت وهي بمنزلة المريض ومن طريق قتادة
[ 135 ]
عن الحسن تفطران وتقضيان وأما قول إبراهيم وهو النخعي فوصله عبد بن حميد أيضا من طريق أبي معشر عن النخعي قال الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وقضتا صوما قوله وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام فقد أطعم أنس بن مالك بعد ما كبر عاما أو عامين كل يوم مسكينا خبزا ولحما وأفطر وروى عبد بن حميد من طريق النضر بن أنس عن أنس أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر فأطعم مسكينا كل يوم ورويناه في فوائد محمد بن هشام بن ملاس عن مروان عن معاوية عن حميد قال ضعف أنس عن الصوم عام توفي فسألت ابنه عمر بن أنس أطاق الصوم قال لا فلما عرف أنه أنه لا يطيق القضاء أمر بجفان من خبز ولحم فأطعم العدة أو أكثر تنبيه قوله فقد أطعم الفاء جواب للدليل الدال على جواز الفطر وتقدير الكلام وأما الشيخ الكبير إذا لم يطق الصيام فأنه يجوز له أن يفطر ويطعم فقد أطعم الخ وقوله كبر بفتح الكاف وكسر الموحدة أي أسن وكان أنس حينئذ في عشر المائة كما تقدم التنبيه عليه قريبا قوله قراءة العامة يطيقونه وهو أكثر يعني من أطاق يطيق وسأذكر ما خالف ذلك في الذي بعده قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وروح بفتح الراء هو بن عبادة قوله (4235) سمع بن عباس يقول في رواية الكشميهني يقرأ قوله يطوفونه بفتح الطاء وتشديد الواو مبنيا للمفعول مخفف الطاء من طوق بضم أوله بوزن قطع وهذه قراءة بن مسعود أيضا وقد وقع عند النسائي من طريق بن أبي نجيح عن عمرو بن دينار يطوقونه يكلفونه وهو تفسير حسن أي يكلفون إطاقته وقوله طعام مسكين زاد في رواية النسائي واحد وقوله فمن تطوع خيرا زاد في رواية النسائي فزاد مسكين آخر قوله قال بن عباس ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة هذا مذهب بن عباس وخالفه الاكثر وفي هذا الحديث الذي بعده ما يدل على أنها منسوخة وهذه القراءة تضعف تأويل من زعم أن لا محذوفة من القراءة المشهورة وأن المعنى وعلى الذين لا يطيقونه فدية وأنه كقول الشاعر فقلت يمين الله أبرح قاعدا أي لا أبرح قاعدا ورد بدلالة القسم على النفي بخلاف الآية ويثبت هذا التأويل أن الاكثر على أن الضمير في قوله يطيقونه للصيام فيصير تقدير الكلام وعلى الذين يطيقون الصيام فدية والفدية لا تجب على المطيق وإنما تجب على غيره والجواب عن ذلك أن في الكلام حذفا تقديره وعلى الذين يطيقون الصيام إذا أفطروا فدية وكان هذا في أول الامر عند الاكثر ثم نسخ وصارت الفدية للعاجز إذا أفطر وقد تقدم في الصيام حديث بن أبي ليلى قال حدثنا أصحاب محمد لما نزل رمضان شق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها وأن تصوموا خير لكم وأما على قراءة بن عباس فلا نسخ لانه يجعل الفدية على من تكلف الصوم وهو لا يقدر عليه فيفطر ويكفر وهذا الحكم باق وفي الحديث حجة لقول الشافعي ومن وافقه أن الشيخ الكبير ومن ذكر معه إذا شق عليهم الصوم فأفطروا فعليهم الفدية خلافا لمالك ومن وافقه واختلف في الحامل والمرضع ومن أفطر لكبر ثم قوي على القضاء بعد فقال الشافعي وأحمد يقضون ويطعمون وقال الاوزاعي والكوفيون لا أطعام (0) قوله باب فمن شهد منكم الشهر فليصمه ذكر فيه حديث بن عمر أنه قرأ فدية طعام بالاضافة ومساكين بلفظ الجمع وهي قراءة نافع وابن ذكوان والباقون بتنوين فدية وتوحيد مسكين وطعام بالرفع على البدلية وأما الاضافة فهي من إضافة الشئ إلى
[ 136 ]
نفسه والمقصود به البيان مثل خاتم حديد وثوب حرير لان الفدية تكون طعاما وغيره ومن جمع مساكين فلمقابلة الجمع بالجمع ومن أفرد فمعناه فعلى كل واحد ممن يطيق الصوم ويستفاد من الافراد أن الحكم لكل يوم يفطر فيه إطعام مسكين ولا يفهم ذلك من الجمع والمراد بالطعام الاطعام (4236) قوله قال هي منسوخة هو صريفي دعوى النسخ ورجحه بن المنذر من جهة قوله وأن تصوموا خير لكم قال لانها لو كانت في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصيام لم يناسب أن يقال له وأن تصوموا خير لكم مع أنه لا يطيق الصيام (4237) قوله في حديث بن الاكوع لما نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية الخ هذا أيضا صريح في دعوى النسخ وأصرح منه ما تقدم من حديث ابن أبي ليلى ويمكن إن كانت القراءة بتشديد الواو ثابتة أن يكون الوجهان ثابتين بحسب مدلول القرائن والله أعلم قوله قال أبو عبد الله هو المصنف وثبت هذا الكلام في رواية المستملى وحده قوله مات بكير قبل يزيد أي مات بكير بن عبد الله بن الاشج الراوي عن يزيد وهو بن أبي عبيد قبل شيخه يزيد وكانت وفاته سنة عشرين ومائة وقيل قبلها أو بعدها ومات يزيد سنة ست أو سبع وأربعين ومائة (0) قوله باب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله وابتغوا ما كتب الله لكم كذا لابي ذر وساق في رواية كريمة الآية كلها (4238) قوله لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء قد تقدم في كتاب الصيام من حديث البراء أيضا أنهم كانوالا يأكلون ولا يشربون إذا ناموا وأن الآية نزلت في ذلك وبينت هناك أن الآية نزلت في الامرين معا وظاهر سياق حديث الباب أن الجماع كان ممنوعا في جميع الليل والنهار بخلاف الاكل والشرب فكان مأذونا فيه ليلا ما لم يحصل النوم لكن بقية الاحاديث الواردة في هذا المعنى تدل على عدم الفرق كما سأذكرها بعد فيحمل قوله كانوا لا يقربون النساء على الغالب جمعا بين الاخبار قوله وكان رجال يخونون أنفسهم سمي من هؤلاء عمر وكعب بن مالك رضي الله عنهما فروى أحمد وأبو داود والحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال أحل الصيام ثلاثة أحوال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصام عاشوراء ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل عليه يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام فذكر الحديث إلى أن قال وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا ثم أن رجلا من الانصار صلى العشاء ثم نام فأصبح مجهودا وكان عمر أصاب من النساء بعد ما نام فأنزل الله عزوجل أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل وهذا الحديث مشهور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى لكنه لم يسمع من معاذ وقد جاء عنه فيه حدثنا أصحاب محمد كما تقدم التنبيه عليه قريبا فكأنه سمعه من غير معاذ أيضا وله شواهد منها ما أخرجه بن مردويه من طريق كريب عن بن عباس قال بلغنا ومن طريق عطاء عن أبي هريرة نحوه وأخرج بن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر من عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد سمر عنده فأراد امرأته فقالت إني قد نمت قال ما نمت ووقع عليها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فنزلت وروى بن جرير من طريق بن عباس نحوه ومن طريق أصحب مجاهد وعطاء وعكرمة وغير واحد من غيرهم
[ 137 ]
كالسدى وقتادة وثابت نحو هذا لحديث لكن لم يزد واحد منهم في القصة على تسمية عمر إلا في حديث كعب بن مالك والله أعلم (0) الله تبارك وتعالى قوله باب وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود من الفجر الآية العاكف المقيم ثبت هذا التفسير في رواية المستملى وحده وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى سواء العاكف فيه والباد أي المقيم والذي لا يقيم ثم ذكر حديث عدي بن حاتم من وجهين في تفسير الخيط الابيض والاسود وحديث سهل بن سعد في ذلك وقد تقدما في الصيام مع شرحهما (0) قوله باب وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى الآية كذا لابي ذر وساق في رواية كريمة إلى آخرها ثم ذكر حديث البراء في سبب نزولها وقد تقدم شرحه في كتاب الحج (0) قوله باب قوله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ساق إلى آخر الآية (4243) قوله أتاه رجلان تقدم في مناقب عثمان أن اسم أحدهما العلاء بن عرار وهو بمهملات واسم الآخر حبان السلمي صاحب الدثنية أخرج سعيد بن منصور من طريقه ما يدل على ذلك وسيأتي في تفسير سورة الانفال أن رجلا اسمه حكيم سأل بن عمر عن شئ من ذلك ويأتي شرح الحديث هناك إن شاء الله تعالى وقوله في فتنة بن الزبير في رواية سعيد بن منصور أن ذلك عام نزول الحجاج بابن الزبير فيكون المراد بفتنة بن الزبير ما وقع في آخر أمرة وكان نزول الحجاج وهو بن يوسف الثقفي من قبل عبد الملك بن مروان جهزه لقتال عبد الله بن الزبير وهو بمكة في أواخر سنة ثلاث وسبعين وقتل عبد الله بن الزبير في آخر تلك السنة ومات عبد الله بن عمر في أول سنة أربع وسبعين كما تقدمت الاشارة إليه في باب العيدين قوله أن الناس قد ضيعوا بضم المعجمة وتشديد التحتانية المكسورة للاكثر في رواية الكشميهني صنعوا بفتح المهملة والنون ويحتاج إلى تقدير شئ محذوف أي صنعوا ما ترى من الاختلاف وقوله في الرواية الاخرى وزاد عثمان بن صالح هو السهمي وهو من شيوخ البخاري وقد أخرج عنه في الاحكام حديثا غير هذا وقوله أخبرني فلان وحيوة بن شريح لم أقف على تعيين اسم فلان وقيل إنه عبد الله بن لهيعة وسيأتي سياق لفظ حيوة وحده في تفسير سورة الانفال وهذا الاسناد من ابتدائه إلى بكير بن عبد الله وهو بن الاشج بصريون ومنه إلى منتهاه مدنيون
[ 138 ]
قوله ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في سبيل الله أطلق على قتال من يخرج عن طاعة الامام جهادا وسوى بينه وبين جهاد الكفار بحسب اعتقاده وأن كان الصواب عند غيره خلافه وأن الذي ورد في الترغيب في الجهاد خاص بقتال الكفار بخلاف قتال البغاة فإنه وإن كان مشروعا لكنه لا يصل الثواب فيه إلى ثواب من قاتل الكفار ولا سيما إن كان الحامل إيثار الدنيا قوله إم قتلوه وإما يعذبونه كذا فيه الاول بصيغة الماضي لكونه إذا قتل ذهب والثاني بصيغة المضارع لانه يبقى أو يتجدد له التعذيب قوله فكرهتم أن يعفو بالتحتانية أوله وبالافراد إخبار عن الله وهو الاوجه وبالمثناة من فوق والجمع وهو الكثر قوله وختنه بفتح المعجمة والمثناة من فوق ثم نون قال الاصمعي الاختان من قبل المرأة والاحماء من قبل الزوج والصهر جمعهما وقيل اشتق الختن مما اشتق منه الختان وهو التقاء الختانين (0) قوله باب قوله وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وساق إلى آخر الآية قوله التهلكة والهلاك واحد هو تفسير أبي عبيدة وزاد والهلاك والهلك يعني بفتح الهاء وبضمها واللام ساكنة فيهما وكل هذه مصادر هلك بلفظ الفعل الماضي وقيل التهلكة ما أمكن التحرز منه والهلاك بخلافه وقيل التهلكة نفس الشئ المهلك وقيل ما تضر عاقبته والمشهور الاول ثم ذكر المصنف حديث حذيفة في هذه الآية قال نزلت في النفقة أي في ترك النفقة في سبيل الله عزوجل وهذا الذي قاله حذيفة جاء مفسرا في حديث أبي أيوب الذي أخرجه مسلم والنسائي وأبو داود والترمذي وابن حبان والحاكم من طريق أسلم بن عمران قال كنا بالقسطنطينية فخرج صف عظيم من الروم فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ثم رجع مقبلا فصاح الناس سبحان الله ألقى بيده إلى التهلكة فقال أبو أيوب أيها الناس إنكم تؤولون هذه الآية على هذا التأويل وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الانصار إنا لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قلنا بيننا سرا إن أموالنا قد ضاعت فلو أنا أقمنا فيها وأصلحنا ما ضاع منها فأنزل الله هذه الآية فكانت التهلكة الاقامة التي أردناها وصح عن بن عباس وجماعة من التابعين نحو ذلك في تأويل الآية وروى بن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم أنها كانت نزلت في ناس كانوا يغزون بغير نفقه فيلزم على قوله اختلاف المأمورين فالذين قيل لهم أنفقوا وأحسنوا أصحاب الاموال والذين قيل لهم ولا تلقوا الغزاة بغر نفقة ولا يخفى ما فيه ومن طريق الضحاك بن أبي جبيرة كان الانصار يتصدقون فأصابتهم سنة فامسكوا فنزلت وروى بن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح عن مدرك بن عوف قال إني لعند عمر فقلت إن لي جارا رمى بنفسه في الحرب فقتل فقال ناس ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر كذبوا لكنه اشترى الآخرة بالدنيا وجاء عن البراء بن عازب في الآية تأويل آخر أخرجه بن جرير وابن المنذر وغيرهما عنه بإسناد صحيح عن أبي إسحاق قال قلت للبراء أرأيت قول الله عزوجل ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو الرجل يحمل على الكتيبة فيها ألف قال لا ولكنه الرجل يذنب فيلقى بيده فيقول لا توبة لي وعن النعمان بن بشير نحوه والاول أظهر لتصدير الآية بذكر النفقة فهو المعتمد في نزولها وأما قصرها عليه ففيه نظر لان العبرة بعموم اللفظ على أن أحمد أخرج الحديث المذكور من طريق أبي بكر وهو بن عياش عن أبي إسحاق بلفظ آخر قال
[ 139 ]
قلت للبراء الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة قال لا لان الله تعالى قد بعث محمدا فقال فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك فإنما ذلك في النفقة فإن كان محفوظا فلعل للبراء فيه جوابين والاول من رواية الثوري وإسرائيل وأبي الاحوص ونحوهم وكل منهم أتقن من أبي بكر فكيف مع اجتماعهم وانفراده أه وأما مسألة حمل الواحد على العدد الكثير من العدو فصرح الجمهور بأنه إن كان لفرط شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن ومتى كان مجرد تهور فممنوع ولا سيما إن ترتب على ذلك وهن في المسلمين والله أعلم (0) قوله باب قوله تعالى فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ذكر فيه حديث كعب بن عجرة في سبب نزول هذه الآية وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج (0) قوله باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج ذكر فيه حديث عمران بن حصين أنزلت آية المتعة في كتاب الله يعني متعة الحج وقد تقدم شرحه وأن المراد بالرجل في (4246) قوله هنا قال رجل برأيه ما شاء هو عمر (0) قوله باب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ذكر فيه حديث بن عباس وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج (0) قوله باب ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس ذكر فيه حديث عائشة كانت قريش ومن دان دينها يقفون بالمزدلفة الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الحج أيضا ثم ذكر فيه حديث بن عباس (4249) قوله يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالا أي المقيم بمكة والذي دخل بعمرة وتحلل منها قوله فعليه ثلاثة أيام في الحج وذلك قبل يوم عرفة هو تقييد من بن عباس لما أطلق في الآية قوله ثم لينطلق وقع بحذف اللام في رواية المستملى وقوله من صلا العصر إلى أن يكون الظلام أي يحصل الظلام بغروب الشمس وقوله من صلاة العصر يحتمل أن يريد من أول وقتها وذلك عند مصير الظل مثله وكان ذلك الوقت بعد ذهاب القائلة وتمام الراحة ليقف بنشاط ويحتمل أن يريد من بعد صلاتها وهي تصلي عقب صلاة الظهر جمع تقديم ويقع الوقوف عقب ذلك ففيه إشارة إلى أول مشروعية الوقوف وأما قوله ويختلط الظلام ففيه إشارة إلى الاخذ بالافضل والا فوقت الوقوف يمتد إلى الفجر قوله حتى يبلغوا جمعا بفتح الجيم وسكون الميم وهو المزدلفة وقوله يتبرر فيه براءين مهملتين أي يطلب في البر وقوله ثم ليذكروا الله كثيرا
[ 140 ]
أو أكثروا التكبير والتهليل هو شك من الراوي قوله ثم أفيضوا فإن الناس كانوا يفيضون قد تقدم بيانه وتفصيله في حديث عائشة الذي قبله وقوله حتى ترموا الجمرة هو غاية لقوله ثم أفيضوا ويحتمل أن يكون غاية لقوله أكثروا التكبير والتهليل (0) قوله باب ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة الآية ذكر فيه حديث أنس في (4250) الله تعالى قوله ذلك وسيأتي بأتم من هذا في كتاب الدعوات وعبد العزيز الراوي عنه هو بن صهيب (0) قوله باب وهو ألد الخصام ألد أفعل تفضيل من اللدد وهو شدة الخصومة والخصام جمع خصم وزن كلب وكلاب والمعنى وهو أشد المخاصمين مخاصمة ويحتمل أن يكون مصدرا تقول خاصم خصاما كقاتل قتالا والتقدير وخاصمه أشد الخصام أو هو أشد ذوي الخصام مخاصمة وقيل أفعل هنا ليست للتفضيل بل بمعنى الفاعل أي وهو لديد الخصام أي شديد المخاصمة فيكون من إضافة الصفة المشبهة قوله وقال عطاء النسل الحيوان وصله الطبري من طريق بن جرير قلت لعطاء في قوله تعالى ويهلك الحرث والنسل قال الحرث الزرع والنسل من الناس والانعام وزعم مغلطاي أن بن أبي حاتم أخرجه من طريق العوفي عن عطاء ووهم في ذلك وإنما هو عند بن أبي حاتم وغيره رواه عن العوفي عن بن عباس (4251) قوله عن عائشة ترفعه أي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قوله الالد الخصم بفتح الخاء المعجمة وكسر الصاد أي الشديد اللدد الكثير الخصومة وسيأتي شرح الحديث في كتاب الاحكام قوله وقال عبد الله هو بن الوليد العدني وسفيان هو الثوري وأورده لتصريحه برفع الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو موصول بالاسناد في جامع سفيان الثوري من رواية عبد الله بن الوليد هذا ويحتمل أن يكون عبد الله هو الجعفي شيخ البخاري وسفيان هو بن عيينة فقد أخرج الحديث المذكور الترمذي وغيره من رواية بن علية لكن بالاول جزم خلف والمزى وقد تقدم هذا الحديث في كتاب المظالم (0) قوله أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم الآية ذكر فيه حديث بن أبي مليكة عن بن عباس وحديثه عن عروة عن عائشة في قوله حتى إذا استيأس الرسل وسيأتي شرحه في تفسير سورة يوسف إن شاء الله تعالى (0) قوله باب نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم اختلف في معنى أنى فقيل كيف وقيل حيث وقيل متى وبحسب هذا الاختلاف جاء الاختلاف في تأويل الآية قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه (4253) قوله فأخذت عليه يوما أي أمسكت المصحف وهو يقرأ عن ظهر قلب وجاء ذلك صريحا في رواية عبيد الله بن عمر عن نافع قال قال لي بن عمر أمسك على المصحف يا نافع فقرأ أخرجه الدارقطني في غرائب مالك قوله حتى انتهى إلى مكان قال تدري فيما أنزلت قلت لا قال أنزلت في كذا وكذا ثم مضى هكذا أورد مبهما لمكان الآية والتفسير وسأذكر ما فيه بعد قوله وعن عبد الصمد هو معطوف على قوله أخبرنا
[ 141 ]
النضر بن شميل وهو عند المصنف أيضا عن إسحاق بن راهويه عن عبد الصمد وهو بن عبد الوارث بن سعيد وقد أخرج أبو نعيم في المستخرج هذا الحديث من طريق إسحاق بن راهويه عن النضر بن شميل بسنده وعن عبد الصمد بسند قوله يأتيها في هكذا وقع في جميع النسخ لم يذكر ما بعد الظرف وهو المجرور ووقع في الجمع بين الصحيحين للحميدي يأتيها في الفرج وهو من عنده بحسب ما فهمه ثم وقفت على سلفه فيه وهو البرقاني فرأيت في نسخة الصغاني زاد البرقاني يعني الفرج وليس مطابقا لما في نفس الرواية عن بن عمر لما سأذكره وقد قال أبو بكر بن العربي في سراج المريدين أورد البخاري هذا الحديث في التفسير فقال يأتيها في وترك بياضا والمسألة مشهورة صنف فيها محمد بن سحنون جزءا وصنف فيها محمد بشعبان كتابا وبين أن حديث بن عمر في إتيان المرأة في دبرها قوله رواه محمد بن يحيى بن سعيد أي القطان عن أبيه عن عبيد الله عن نافع عن بن عمر هكذا أعاد الضمير على الذي قبله والذي قبله قد اختصره كما ترى فأما الرواية الاولى وهي رواية بن عون فقد أخرجها إسحاق بن راهويه في مسنده وفي تفسيره بالاسناد المذكور وقال بدل قوله حتى انتهى إلى مكان حتى انتهى إلى قوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أني شئتم فقال أتدرون فيما أنزلت هذه الآية قلت لا قال نزلت في إتيان النساء في أدبارهن وهكذا أورده بن جرير من طريق إسماعيل بن علية عن بن عون مثله ومن طريق إسماعيل بن إبراهيم الكرابيسي عن بن عون نحوه وأخرجه أبو عبيدة في فضائل القرآن عن معاذ بن عون فأبهمه فقال في كذا وكذا وأما رواية عبد الصمد فأخرجها بن جرير في التفسير عن أبي قلابة الرقاشي عن عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي فذكره بلفظ يأتيها في الدبر وهو يؤيد قول بن العربي ويرد قول الحميدي وهذا الذي استعمله البخاري نوع من أنواع البديع يسمى الاكتفاء ولا بد له من نكتة يحسن بسببها استعماله وأما رواية محمد بن يحيى بين سعيد القطان فوصلها الطبراني في الاوسط من طريق أبي بكر الاعين عن محمد بن يحيى المذكور بالسند المذكور إلى بن عمر قال إنما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤكم حرث لكم رخصة في إتيان الدبر قال الطبراني لم يروه عن عبد الله بن عمر إلا يحيى بن سعيد تفرد به ابنه محمد كذا قال ولم يتفرد به يحيى بن سعيد فقد رواه عبد العزيز الدراوردي عن عبيد الله بن عمر أيضا كما سأذكره بعد وقد روى هذا الحديث عن نافع أيضا جماعة غير من ذكرنا ورواياتهم بذلك ثابتة عند بن مردويه في تفسيره وفي فوائد الاصبهانيين لابي الشيخ وتاريخ نيسابور للحاكم وغرائب مالك الدارقطني وغيرها وقد عاب الاسماعيلي صنيع البخاري فقال جميع ما أخرج عن بن عمر مبهم لا فائدة فيه وقد رويناه عن عبد العزيز يعني الدراوردي عن مالك وعبيد الله بن عمر وابن أبي ذئب ثلاثتهم عن نافع بالتفسير وعن مالك من عدة أوجه أه كلامه ورواية الدراوردي المذكورة قد أخرجها الدارقطني في غرائب مالك من طريقة عن الثلاثة عن نافع نحو رواية بن عون عنه ولفظه نزلت في رجل من الانصار أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فنزلت قال فقلت له من دبرها في قبلها فقال لا إلا في دبرها وتابع نافعا على ذلك زيد بن أسلم عن بن عمر وروايته عند النسائي بإسناد صحيح وتكلم الازدي في بعض رواته ورد عليه بن عبد البر فأصاب قال ورواية بن عمر لهذا المعنى صحيحة مشهورة من رواية نافع عنه بغير نكير أن يرويها عنه زيد بن أسلم قلت وقد
[ 142 ]
رواه عن عبد الله بن عمر أيضا ابنه عبد الله أخرجه النسائي أيضا وسعيد بن يسار وسالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع وروايتهما عنه عند النسائي وابن جرير ولفظه عن عبد الرحمن بن القاسم قلت لمالك إن ناسا يروون عن سالم كذب العبد على أبي فقال مالك أشهد على زيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه مثل ما قال نافع فقلت له أن الحارث بن يعقوب يروي عن سعيد بن يسار عن بن عمر أنه قال أف أو يقول ذلك مسلم فقال مالك أشهد على ربيعة لاخبرني عن سعيد بن يسار عن بن عمر مثل ما قال نافع وأخرجه الدارقطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن مالك وقال هذا محفوظ عن مالك صحيح أه روى الخطيب في الرواة عن مالك من طريق إسرائيل بن روح قال سألت مالكا عن ذلك فقال ما أنتم قوم عرب هل يكون الحرث الا موضع الزرع وعلى هذه القصة اعتمد المتأخرون من المالكية فلعل مالكا رجع عن قوله الاول أو كان يرى أن العمل على خلاف حديث بن عمر فلم يعمل به وأن كانت الرواية فيه صحيحة على قاعدته ولم ينفرد بن عمر بسبب هذا النزول فقد أخرج أبو يعلى وابن مردويه وابن جرير والطحاوي من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدرى ان رجلا أصاب امرأته في دبرها فأنكر الناس ذلك عليه وقالوا نعيرها فأنزل الله عزوجل هذه الآية وعلقه النسائي عن هشام بن سعيد عن زيد وهذا السبب في نزول هذه الآية مشهور وكأن حديث أبي سعيد لم يبلغ بن عباس وبلغه حديث بن عمر فوهمه فيه فروى أبو داود من طريق مجاهد عن عباس قال أن بن عمر وهم والله يغفر له إثما كان هذا الحي من الانصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من يهود وهم أهل كتاب فكانوا يأخذون بكثير من فعلهم وكان أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة فأخذ ذلك الانصار عنهم وكان هذا الحي من قريش يتلذذون بنسائهم مقبلات ومدبرات ومستلقيات فتزوج رجل من المهاجرين امرأة من الانصار فذهب يفعل فيها ذلك فامتنعت فسرى أمرهما حتى بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أتى شئتم مقبلات ومدبرات ومستلقيات في الفرج أخرجه أحمد والترمذي من وجه آخر صحيح عن بن عباس قال جاء عمر فقال يا رسول الله هلكت حولت رحلي البارحة فأنزلت هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم أقبل وأدبر واتقى الدبر والحيضة وهذا الذي حمل عليه الآية موافق لحديث جابر المذكور في الباب في سبب نزول الآية كما سأذكره عند الكلام عليه وروى الربيع في الام عن الشافعي قال احتملت الآية معنيين أحدهما أن تؤتى المرأة حيث شاء زوجها لان أتى بمعنى أين شئتم واحتملت أن يراد بالحرث موضع النبات والموضع الذي يراد به الولد هو الفرج دون ما سواه قال فاختلف أصحابنا في ذلك وأحسب أن كلا من الفريقين تأول ما وصفت من احتمال الآية قال فطلبنا الدلالة ؟ ؟ ؟ قال فاختلف أصحابنا في ذلك وأحسب أن كلا من الفريقين تأول ما وصفت من احتمال الآية قال فطلبنا الدلالة فوجدنا حديثين أحدهما ثابت وهو حديث خزيمة بن ثابت في التحريم فقوي عنده التحريم وروى الحاكم في مناقب الشافعي من طريق بن عبد الحكم أنه حكى عن الشافعي مناظرة جرت بينه وبين محمد الحسن في ذلك وأن بن الحسن احتج عليه بان الحرث إنما يكون في الفرج فقال له فيكون ما سوى الفرج محرما فالتزمه فقال أرأيت لو وطئها بين سافيها أو في أعكانها أفي ذلك حرث قال لا قال أفيحرم
[ 143 ]
قال لا قال فكيف تحتج بما لا تقول به قال الحاكم لعل الشافعي كان يقول ذلك في القديم وأما في الجديد فصرح بالتحريم أه ويحتمل أن يكون ألزم محمدا بطريق المناظرة وأن كان لا يقول بذلك وإنما انتصر لاصحابه المدنيين والحجة عنده في التحريم غير المسلك الذي سلكه محمد كما يشير إليه كلامه في الام وقال المازري اختلف الناس في هذه المسألة وتعلق من قال بالحل بهذه الآية بن وانفصل عنها من قال يحرم بأنها نزلت بالسبب الوارد في حديث جابر في الرد على اليهود يعني كما ؟ / ؟ بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وهذا يقتضى أن تكون الآية حجة في الجواز لكن وردت أحاديث كثيرة بالمنع فتكون مخصصة لعموم الآية وفي تخصيص عموم القرآن ببعض حبر الآحاد خلاف اه وذهب جماعة من أئمة الحديث كالبخاري والذهلي والبزار والنسائي وأبي على النيسابوري إلى أنه لا يثبت فيه شئ قلت لكن طرقها كثيرة فمجموعها صالح للاحتجاج به ويؤيد القول بالتحريم أنا لو قدمنا أحاديث الاباحة للزم أنه أبيح بعد أن حرم والاصل عدمه فمن الاحاديث الصالحة الاسناد حديث خزيمة بن ثابت أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة وصححه بن حبان وحديث أبي هريرة أخرجه أحمد والترمذي وصححه بن حبان أيضا وحديث بن عباس وقد تقدمت الاشارة إليه وأخرجه الترمذي من وجه آخر بلفظ لا ينظر الله إلى رجل آتي رجلا أو امرأة في الدبر وصححه بن حبان أيضا وإذا كان ذلك صلح أن يخصص عموم الآية ويحمل على الاتيان في غير هذا المحل بناء على أن معنى أني حيث وهو المتبادر إلى السياق ويغنى ذلك عن حملها على معنى آخر غير المتبادر والله أعلم (4254) قوله حدثنا سفيان هو الثوري قوله كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول فنزلت هذا السياق قد يوهم أنه مطابق لحديث بن عمر وليس كذلك فقد أخرجه الاسماعيلي من طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثوري بلفظ باركة مدبرة في فرجها من ورائها وكذا أخرجه مسلم من طريق سفيان بن عيينة عن بن المنكدر بلفظ إذا أتيت امرأة من دبرها في قبلها ومن طريق أبي حازم عن بن المنكدر بلفظ إذا أتيت المرأة من دبرها فحملت وقوله فحملت يدل على أن مراده أن الاتيان في الفرج لا في الدبر وهذا كله يؤيد تأويل بن عباس الذي رد به على بن عمر وقد أكذب الله اليهود في زعمهم وأباح للرجال أن يتمتعوا بنسائهم كيف شاءوا وإذا تعارض المجمل والمفسر قدم المفسر وحديث جابر مفسر فهو أولى أن يعمل به من حديث بن عمر والله أعلم وأخرج مسلم أيضا من حديث جابر زيادة في طريق الزهري عبن المنكدر بلفظ ان شاء محبية وأن شاء غير محبية غير أن ذلك في صمام واحد وهذه الزيادة يشبه أن تكون من تفسير الزهري لخلوها من رواية غيره من أصحاب بن المنكدر مع كثرتهم وقوله محبية بميم ثم موحدة أي باركة وقوله صمام بكسر المهملة والتخفيف هو المنفذ (0) قوله باب وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن اتفق أهل التفسير على أن المخاطب بذلك الاولياء ذكره بن جرير وغيره وروى بن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس هي في الرجل يطلق امرأته فتقضى عدتها فيبدو له أن يراجعها وتريد المرأة ذلك فيمنعه وليها ثم ذكر المصنف حديث معقل بن يسار في سبب نزول الآية لكنه ساقه مختصرا وقد أورده في النكاح بتمامة وسيأتي شرحه وكذا ما جاء في
[ 144 ]
تسمية أخت معقل واسم زوجها هناك إن شاء الله تعالى وقوله (4255) وقال إبراهيم عن يونس عن الحسن حدثني معقل أراد بهذا التعليق بيان تصريح الحسن بالتحديث عن معقل ورواية إبراهيم هذا وهو بن طهمان وصلها المؤلف في النكاح كما سيأتي وقد صرح الحسن بتحديث معقل له أيضا فرواية عباد بن راشد كما سيأتي أيضا (0) قوله باب والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا ساق الآية إلى قوله والله بما تعملون خبير قوله يعفون يهبن ثبت هذا هنا في نسخة الصغائي وهو تفسير أبي عبيدة قال يعفون يتركن يهبن وهو على رأى الحميدي خلافا لمحمد بن كعب فإنه قال المراد عفو الرجال وهذه اللفظة ونظائرها مشتركة بين جمع المذكر والمؤنث لكن في الرجال النون علامة الرفع وفي النساء النون ضمير لهو وزن جمع المذكر يفعون وجمع المؤنث يفعلن (4256) قوله عن حبيب هو بن الشهيد كما سيأتي بعد بابين قوله عن بن أبي مليكة في رواية الاسماعيلي من طريق علي بن المديني عن يزيد بن زريع حدثنا حبيب بن الشهيد حدثني عبد الله بن أبي مليكة قوله قال بن الزبير في رواية بن المديني المذكورة عن عبد الله بن الزبير وله من وجه آخر عن يزيد بن زريع بسنده أن عبد الله بن الزبير قال قلت لعثمان قوله فلم تكتبها أو تدعها كذا في الاصول بصيغة الاستفهام الانكارى كأنه قال لم تكتبها وقد عرفت أنها منسوخة أو قال لم تدعها أي تتركها مكتوبة وهو شك من الراوي أي اللفظين قال ووقع في الرواية الآتية بعد بابين فلم تكتبها قال تدعها يا بن أخي وفي رواية الاسماعيلي لم تكتبها وقد نسختها الآية الاخرى وهو يؤيد التقدير الذي ذكرته وله من رواية أخرى قلت لعثمان هذه الآية والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لازواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج قال نسختها الآية الاخرى قلت نكتبها أو تدعها قال يا بن أخي لا أغير منها شيئا عن مكانه وهذا لسياق أولى من الذي قبله واو للتخيير لا للشك وفي جواب عثمان هذا دليل على أن ترتيب الآي توقيفي وكأن عبد الله بن الزبير ظن أن الذي ينسخ حكمة لا يكتب فأجابه عثمان بأن ذلك ليس بلازم والمتبع فيه التوقف وله فوائد منها ثواب التلاوة والامتثال على أن من السلف من ذهب إلى أنها ليست منسوخة وإنما خص من الحول بعضه وبقي البعض وصية لها إن شاءت أقامت كما في الباب عن مجاهد لكن الجمهور على خلافه وهذا الموضع مما وقع فيه الناسخ مقدما في ترتيب التلاوة على المنسوخ وقد قيل إنه لم يقع نظير ذلك إلا هنا وفي الاحزاب على قول من قال أن إحلال جميع النساء هو الناسخ وسيأتي البحث فيه هناك إن شاء الله تعالى وقد ظفرت بمواضع أخرى منها في البقرة أيضا قوله فأينما تولوا فتم وجه الله فإنها محكمة في التطوع مخصصة لعموم قوله وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره كونها مقدمة في التلاوة ومنها في البقرة أيضا قوله تعالى ما ننسخ من آية على قول من قال إن سبب نزولها أن اليهود طعنوا في تحويل القبلة فإنه يقتضى أن تكون مقدمة في التلاوة متأخرة في النزول وقد تتبعت من ذلك شيئا كثيرا ذكرته في غير هذا الموضع ويكفى هنا الاشارة إلى هذا القدر قوله وقول عثمان لعبد الله يا بن أخي يريد في الايمان أو بالنسبة إلى السوزاد الكرماني أو على عادة مخاطبة العرب ويمكن أن يتحد مع الذي قبله قال أو لانهما يجتمعان في قصي قال إلا أن عثمان وعبد الله في العدد إلى قصي سواء بين كل
[ 145 ]
منهما وبينه أربعة أباء فلو أراد ذلك لقال يا أخي (4257) قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وروح هو بن عبادة وشبل هو بن عباد وابن أبي نجيح هو عبد الله قوله زعم ذلك عن مجاهد قائل ذلك هو شبل وفاعل زعم هو بن أبي نجيح وبهذا جزم الحميدي فجمعه وقوله وقال عطاء هو عطف على قوله مجاهد وهو من رواية بن أبي نجيح عن عطاءووهم من زعم أنه معلق وقد أبدى المصنف ما نبهت عليه برواية ورقاء التي ذكرها بعد هذه وقوله عن محمد بن يوسف هو معطوف على قوله أنبأنا روح وقد أورد أبو نعيم في المستخرج هذا الحديث طريق محمد بن عبد الملك بن زنجويه عن محمد بن يوسف هو الفريابي عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد وعن عطاء بتمامه وقال ذكره البخاري عن الفريابي هذا يدل على أنه فهم أن البخاري علقه عن شيخه والله أعلم ثم ذكر المصنف حديث بن مسعود أنزلت سورة النساء القصري بعد الطولى وسيأتي شرحه في تفسير سورة الطلاق وقوله وقال أيوب وصله هناك بتمامه (0) قوله باب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى هي تأنيث الاوسط والاوسط الاعدل ممن كل شئ وليس المراد به التوسط بين الشيئين لان فعلى معناها التفضيل ولا ينبني للتفضيل إلا ما يقبل الزيادة والنقص والوسط بمعنى الخيار والعدل يقبلهما بخلاف المتوسط فلا يقبلهما فلا يبني منه أفعل تفضيل (4259) قوله حدثني عبد الله بن محمد هو الجعفي ويزيد هو بن هارون وهشام هو بن حسان ومحمد هو بن سيرين وعبيدة بفتح العين هو بن عمرو وعبد الرحمن في الطريق الثانية هو بن بشر بن الحكم ويحيى بن سعيد هو القطان قوله حبسونا عن صلاة الوسطى أي منعونا عن صلاة الوسطى أي عن إيقاعها زاد مسلم من طريق شتير بن شكل عن علي شغلونا عن الصلاة الوسطي صلاة العصر وزاد في آخره ثم صلاها بين المغرب والعشاء ولمسلم عن بن مسعود نحو حديث علي وللترمذي والنسائي من طريق زر بن حبيش عن علي مثله ولمسلم أيضا من طريق أبي حسان الاعرج عن عبيدة السلماني عن على فذكر الحديث بلفظ كما حبسونا عن الصلاة الوسطى حتى غربت الشمس يعني العصر وروى أحمد والترمذي من حديث سمرة رفعه قال صلاة الوسطى صلاة العصر وروى بن جرير من حديث أبي هريرة رفعه الصلاة الوسطي صلاة العصر ومن طريق كهيل بن حرملة سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى فقال اختلفنا فيها ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفينا أبو هاشم بن عتبة فقال أنا أعلم لكم فقام فاستأذن على
[ 146 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم خرج إلينا فقال أخبرنا أنها صلاة العصر ومن طريق عبد العزيز بن مروان أنه أرسل إلى رجل فقال أي شئ سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة الوسطى فقال أرسلني أبو بكر وعمر أسأله وأنا غلام صغير فقال هي العصر ومن حديث أبي مالك الاشعري رفعه الصلاة الوسطى صلاة العصر وروى الترمذي وابن حبان من حديث بن مسعود مثله وروى بن جرير من طريق هشام بن عروة عن أبيه قال كان في مصحف عائشة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر وروى بن المنذر من طريق مقسم عن بن عباس قال شغل الاحزاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن صلاة العصر حتى غربت الشمس فقال شغلونا عن الصلاة الوسطى وأخرج أحمد من حديث أم سلمة وأبي أيوب وأبي سعيد وزيد بن ثابت وأبي هريرة وابن عباس من قولهم أنها صلاة العصر وقد اختلف السلف في المراد بالصلاة الوسطى وجمع الدمياطي في ذلك جزءا مشهورا سماه كشف الغطا عن الصلاة الوسطى فبلغ تسعة عشر قولا أحدها الصبح أو الظهر أو العصر أو المغرب أو جميع الصلوات فالاول قول أبي إمامة وأنس وجابر وأبي العالية وعبيد بن عمير وعطاء وعكرمة ومجاهد وغيرهم نقله بن أبي حاتم عنهم وهو أحد قولي بن عمر وابن عباس ونقله مالك والترمذي عنهما ونقله مالك بلاغا عن على والمعروف عنه خلافه وروى بن جرير من طريق عوف الاعرابي عن أبي رجاء العطاردي قال صليت خلف بن عباس الصبح فقنت فيها ورفع يديه ثم قال هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم فيها قانتين وأخرجه أيضا من وجه آخر عنه وعن بن عمرو من طريق أبي العالية صليت خلف عبد الله بن قيس بالبصرة في زمن عمر صلاة الغداة فقلت لهم ما الصلاة الوسطى قالوا هي هذه الصلاة وهو قول مالك والشافعي فيما نص عليه في الام واحتجوا له بأن فيها القنوت وقد قال الله تعالى وقوموا لله قانتين وبأنها لا تقصر في السفر وبانها بين صلاتي جهر وصلاتي سر والثاني قول زيد بن ثابت أخرجه أبو داود من حديثه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ولم تكن صلاة أشد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها فنزلت حافظوا على الصلوات الآية وجاء عن أبي سعيد وعائشة القول بأنها الظهر أخرجه بن المنذر وغيره وروى مالك في الموطأ عن زيد بن ثابت الجزم بأنها الظهر وبه قال أبو حنيفة في رواية وروى الطيالسي من طريق زهرة بن معبد قال كنا عند زيد بن ثابت فأرسلوا إلى أسامة فسألوه عن الصلاة الوسطى فقال هي الظهر ورواه أحمد من وجه آخر وزاد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجير فلا يكون وراءه الا الصف أو الصفان والناس في قائلتهم وفي تجارتهم فنزلت والثالث قول علي بن أبي طالب فقد روى الترمذي والنسائي من طريق زر بن حبيش قال قلنا لعبيدة سل عليا عن الصلاة الوسطى فسأله فقال كنا نرى أنها الصبح حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الاحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر انتهى وهذه الرواية تدفع دعوى من زعم أن قوله صلاة العصر مدرج من تفسير بعض الرواة وهي نص في أن كونها العصر من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأن شبهة من قال أنها الصبح قوية لكن كونها العصر هو المعتمد وبه قال بن مسعود وأبو هريرة وهو الصحيح من مذهب أبي حنيفة وقول أحمد والذي صار إليه معظم الشافعية لصحة الحديث فيه قال الترمذي
[ 147 ]
هو قول أكثر علماء الصحابة وقال الماوردي هو قول جمهور التابعين وقال بن عبد البر هو قول أكثر أهل الاثر وبه قال من المالكية بن حبيب وابن العربي وابن عطية ويؤيده أيضا ما روى مسلم عن البراء بن عازب نزل حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأناها ما شاء الله ثم نسخت فنزلت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فقال رجل فهي إذن صلاة العصر فقال أخبرتك كيف نزلت والرابع نقله بن أبي حاتم بإسناد حسن عن بن عباس قال صلاة الوسطى هي المغرب وبه قال قبيصة بن ذؤيب أخرجه بن جرير وحجتهم أنها معتدلة في عدد الركعات وأنها لا تقصر في الاسفار وأن العمل مضى على المبادرة إليها والتعجيل لها في أول ما تغرب الشمس وأن قبلها صلاتا سر وبعدها صلاتا جهر والخامس وهو آخر ما صححه بن أبي حاتم أخرجه أيضا بإسناد حسن عن نافع قال سئل بن عمر فقال هي كلهن فحافظوا عليهن وبه قال معاذ بن جبل واحتج له بأن قوله حافظوا على الصلوات يتناول الفرائض والنوافل فعطف عليه الوسطى وأريد بها كل الفرائض تأكيدا لها واختار هذا القول بن عبد البر وأما بقية الاقوال فالسادس أنها الجمعة ذكره بن حبيب من المالكية واحتج بما اختصت به من الاجتماع والخطبة وصححه القاضي حسين في صلاة الخوف من تعليقه ورجحه أبو شامة السابع الظهر في الايام والجمعة ويوم الجمعة الثامن العشاء نقله بن التين والقرطبي واحتج له بأنها بين صلاتين لا تقصران ولانها تقع عند النوم فلذلك أمر بالمحافظة عليها واختاره الواحدى التاسع الصبح والعشاء للحديث الصحيح في أنهما أثقل الصلاة على المنافقين وبه قال الابهري من المالكية العاشر الصبح والعصر لقوة الادلة في أن كلا منهما قيل إنه الوسطى فظاهر القرآن الصبح ونص السنة العصر الحادي عشر صلاة الجماعة الثاني عشر الوتر وصنف فيه علم الدين السنخاوى جزءا ورجحه القاضي تقى الدين الاخنائي واحتج له في جزء رأيته بخطه الثالث عشر صلاة الخوف الرابع عشر صلاة عبيد الاضحى الخامس عشر صلاة عيد الفطر السادس عشر صلاة الضحى السابع عشر واحدة من الخمس غير معينة قاله الربيع بن خثيم وسعيد بن جبير وشريح القاضي وهو اختيار إمام الحرمين من الشافعية ذكره في النهاية قال كما أخفيت ليلة القدر الثامن عشر أنها الصبح أو العصر على الترديد وهو غير القول المتقدم الجازم بأن كلا منهما يقال له الصلاة الوسطى التاسع عشر التوقف فقد روى بن جرير بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيب قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا وشبك بين أصابعه العشرون صلاة الليل وجدته عندي وذهلت الآن عن معرفة قائله وأقوى شبهة لمن زعم أنها غير العصر مع صحة الحديث حديث البراء الذي ذكرته عند مسلم فإنه يشعر بأنها أبهمت بعدما عينت ؟ ؟ الترجيح وفي دعوى أنها أبهمت ثم عينت من حديث البراء نظر بل فيه أنها عينت ثم وصفت ولهذا قال الرجل فهي إذن العصر ولم ينكر عليه البراء نعم جواب البراء يشعر بالتوقف لما نظر فيه من الاحتمال وهذا لا يدفع التصريح بها في حديث علي ومن حجتهم أيضا ما روى مسلم وأحمد من طريق أبي يونس عن عائشة أنها أمرته أن يكتب لها مصحفا فلما بلغت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
[ 148 ]
قال فأملت على وصلاة العصر قالت سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى مالك عن عمرو بن رافع قال كنت أكتب مصحفا لحفصة فقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني فأملت على حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وأخرجه بن جرير من وجه آخر حسن عن عمرو بن رافع وروى بن المنذر من طريق عبيد الله بن رافع أمرتني أم سلمة أن اكتب لها مصحفا فذكر مثل حديث عمرو بن رافع سواء ومن طريق سالم بن عبد الله بن عمر أن حفصة أمرت إنسانا أن يكتب لها مصحفا نحوه ومن طريق نافع أن حفصة أمرت مولى لها أن يكتب لها مصحفا فذكر مثله وزادكما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها قال نافع فقرأت ذلك المصحف فوجدت فيه الواو فتمسك قوم بأن العطف يقتضى المغايرة فتكون صلاة العصر غير الوسطى وأجيب بأن حديث على ومن وافقه أصح إسنادا وأصرح وبأن حديث عائشة قد عورض برواية عروة أنه كان في مصحفها وهي العصر فيحتمل أن تكون الواو زائدة ويؤيده ما رواه أبو عبيد بإسناد صحيح عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر بغير واو أو هي عاطفة لكن عطف صفة لا عطف ذات وبأن قوله والصلاة الوسطى والعصر لم يقرأ بها أحد ولعل أصل ذلك ما في حديث البراء أنها نزلت أولا والعصر ثم نزلت ثانيا بدلها والصلاة الوسطى فجمع الراوي بينهما ومع وجود الاحتمال لا ينهض الاستدلال فكيف يكون مقدما على النص الصريح بأنها صلاة العصر قال شيخ شيوخنا الحافظ صلاح الدين العلائي حاصل أدلة من قال أنها غير العصر يرجع إلى ثلاثة أنواع أحدها تنصيص بعض الصحابة وهو معارض بمثله ممن قال منهم أنها العصر ويترجح قول العصر بالنص الصريح المرفوع وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم حجة على غيره فتبقى حجة المرفوع قائمة ثانيها معارضة المرفوع بورود التأكيد على فعل غيرها كالحث على المواظبة على الصبح والعشاء وقد تقدم في كتاب الصلاة وهو معارض بما هو أقوى منه وهو الوعيد الشديد الوارد في ترك صلاة العصر وقد تقدم أيضا ثالثها ما جاء عن عائشة وحفصة من قراءة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر فإن العطف يقتضى المغايرة وهذا يرد عليه إثبات القرآن بخبر الآحاد وهو ممتنع وكونه ينزل منزلة خبر الواحد مختلف فيه سلمنا لكن لا يصلح معارضا للمنصوص صريحا وأيضا فليس العطف صريحا في اقتضاء المغايرة لوروده في نسق الصفات كقوله تعالى الاول والآخر والظاهر والباطن انتهى ملخصا وقد تقدم شرح أحوال يوم الخندق في المغازي وما يتعلق بقضاء الفائتة في المواقيت من كتاب الصلاة قوله ملا الله قبورهم وبيوتهم أو أجوافهم نارا شك يحيى هو القطان راوي الحديث وأشعر هذا بأنه ساق المتن على لفظه وأما لفظ يزيد بن هارون فأخرجه أحمد عنه بلفظ ملا الله بيوتهم وقبورهم نارا ولم يشك وهو لفظ روح بن عبادة كما مضى في المغازي وعيسى بن يونس كما مضى في الجهاد ولمسلم مثله عن أبي أسامة عن هشام وكذا له من رواية أبي حسان الاعرج عن عبيدة بن عمرو ومن طريق شتير بن شكل عن علي مثله وله من رواية يحيى بن الجزار عن على قبورهم وبيوتهم أو قال قبورهم وبطونهم ومن حديث بن مسعود ملا الله أجوافهم أو قبورهم نارا أو حشى الله اجوافهم وقبورهم نارا ولابن حبان من حديث حذيفة ملا الله بيوتهم وقبورهم نارا أو قلوبهم وهذ
[ 149 ]
الروايات التي وقع فيها الشك مرجوحة بالنسبة إلى التي لا شك فيها وفي هذا الحديث جواز الدعاء على المشركين بمثل ذلك قال بن دقيق العيد تردد الراوي في قوله ملا الله أو حشى يشعر بأن شرط الرواية بالمعنى أن يتفق المعنى في اللفظين وملا ليس مرادفا لحشى فإن حشي يقتضى التراكم وكثرة أجزاء المحشو بخلاف ملا فلا يكون في ذلك متمسك لمن منع الرواية بالمعنى وقد استشكل هذا الحديث بأنه تضمن دعاء صدر من النبي صلى الله عليه وسلم على من يستحقه وهو من مات منهم مشركا ولم يقع أحد الشقين وهو البيوت أما القبور قوقع في حق من مات منهم مشركا لا محالة ويجاب بأن يحمل على سكانها وبه يتبين رجحان الرواية بلفظ قلوبهم أو اجوافهم (0) قوله باب وقوموا لله قانتين أي مطيعين هو تفسير بن مسعود أخرجه بن أبي حاتم بإسناد صحيح ونقله أيضا عن بن عباس وجماعة من التابعين وذكر من وجه آخر عن بن عباس قال قانتين أي مصلين وعن مجاهد قال من القنوت الركوع والخشوع وطول القيام وغض البصر وخفض الجناح والرهبة لله وأصح ما دل عليه حديث الباب وهو حديث زيد بن أرقم في أن المراد بالقنوت في الآية السكوت وقد تقدم شرحه في أبواب العمل في الصلاة من أواخر كتاب الصلاة والمراد به السكوت عن كلام الناس لا مطلق الصمت لان الصلاة لا صمت فيها بل جميعها قرآن وذكر والله أعلم (0) قوله باب قوله تعالى فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا امنتم الآية ذكر فيه حديث بن عمر في صلاة الخوف وقد تقدم البحث فيه في أبواب صلاة الخوف مبسوطا قوله وقال بن جبير كرسيه علمه وصله سفيان الثوري في تفسيره في رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح أخرجه عبد بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير فزاد فيه عن بن عباس وأخرجه العقيلي من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو عند الطبراني في كتاب السنة من هذا الوجه مرفوعا وكذا رويناه في فوائد أبي الحسن علي بن عمر الحربي مرفوعا والموقوف أشبه وقال العقيلي إن رفعه خطأ ثم هذا التفسير غريب وقد روى بن أبي حاتم من وجه آخر عن بن عباس أن الكرسي موضع القدمين وروى بن المنذر بإسناد صحيح عن أبي موسى مثله وأخرجا عن السدي أن الكرسي بين يدي العرش وليس ذلك مغايرا لما قبله والله أعلم قوله يقال بسطة زيادة وفضلا هكذا ثبت لغير أبي ذر وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله بسطة في العلم والجسم أي زيادة وفضلا وكثرة وجاء عن بن عباس نحوه وذكره بن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك عن بن عباس قال في قوله وزادكم في الخلق بسطة يقول فضيلة قوله أفرغ أنزل ثبت هذا أيضا لغير أبي ذر وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى ربنا أفرغ علينا صبرا أي أنزل علينا قوله ولا يتوده لا يثقله هو تفسير بن عباس أخرجه بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس وذكر مثله عن جماعة من التابعين ولسقوط ما قبله من رواية أبي ذر صار كأنه من كلام سعيد بن جبير لعطفه على تفسير الكرسي ولم أره منقولا عنه قوله آدنى أثقلني والآد والايد القوهو كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى ولا يتوده أي لا يثقله تقول آدنى هذا الامر أثقلني وتقول ما آدك فهو لي آيد أي ما اثقلك فهو لي مثقل وقال في قوله تعالى واذكر عبدنا داود ذا الايد أي ذا القوة قوله السنة النعاس أخرجه بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قوله لم يتسنه لم يتغير أخرجه بن أبي حاتم
[ 150 ]
من وجهين عن بن عباس وعن السدي مثله قال لم يحمض التين والعنب ولم يختمر العصير بل هما حلو أن كما هما وعلى هذا فالهاء فيه أصلية وقيل هي هاء السكت وقيل أصله يتسنن مأخوذ من الحمأ المسنون أي المستن وفي قراءة يعقوب لم يتسن بتشديد النون بلا هاء أي لم تمض عليه السنون الماضية كأنه بن ليلة قوله فبهت ذهبت حجته هو كلام أبي عبيدة قاله في قوله فبهت الذي كفر قال انقطع وذهبت حجته قوله خاوية لا أنيس فيها ذكره بن أبي حاتم بنحوه من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في قوله وهي خاوية قال ليس فيها أحد قوله عروشها أبنيتها ثبت هذا والذي بعده لغير أبي ذر وقد ذكره بن أبي حاتم من طريق الضحاك والسدي بمعناه قوله ننشرها نخرجها أخرجه بن أبي حاتم من طريق السدي بمعناه في قوله كيف ننشرها يقول نخرجها قال فبعث الله ريحا فحملت عظامه من كل مكان ذهب به الطير والسباع فاجتمعت فركب بعضها في بعض وهو ينظر فصار عظما كله لا لحم له ولا دم تنبيه أخرج بن أبي حاتم من حديث على أن هذه القصة وقعت لعزيز وهو قول عكرمة وقتادة والسدي والضحاك وغيرهم وذكر بعضهم قصة في ذلك وأن القرية بيت المقدس وأن ذلك لما خربه يختنصر ؟ ؟ وقال وهب بن منبه ومن تبعه هي أرمياء وساق بن إسحاق قصة في المبتدأ تكملة استدل بهذه الآية بعض أئمة الاصول على مشروعية القياس بأنها تضمنت قياس إحياء هذه القرية وأهلها وعمارتها لما فيها من الرزق بعد خرابها على إحياء هذا المار وإحياء حماره بعد موتهما بما كان مع المار من الرزق قوله إعصار ريح عاصف تهب من الارض إلى السماء كعمود نار ثبت هذا لابي ذر عن الحموي وحده وهو كلام أبي عبيدة قال في قوله اعصار فيه نار فاحترقت قال الاعصار ريح عاصف الخ وروى بن أبي حاتم عن بن عباس قال الاعصار ريح فيها سموم شديدة قوله وقال بن عباس صلدا ليس عليه شئ سقط من هنا إلى آخر الباب من رواية أبي ذر وتفسير قوله صلدا وصله بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه وروى بن أبي حاتم من وجه آخر عن بن عباس قال فتركه يابسا لا ينبت شيئا قوله قال عكرمة وابل مطر شديد الطل الندى وهذا مثل عمل المؤمن وصله عبد بن حميد عن روح بن عبادة عن عثمان بن غياث سمعت عكرمة بهذا وسيأتي شرح حديث بن عباس مع عمر في ذلك قريبا قوله يتسنه يتغير تقدم تفسيره عن بن عباس وأما عن عكرمة فذكره بن أبي حاتم من روايته (0) قوله باب والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا ذكر فيه حديث بن الزبير مع عثمان وقد تقدم قبل بابين وسقطت الترجمة لغير أبي ذر فصار من الباب الذي قبله عندهم (0) قوله باب وإذقال إبراهيم رب أرني كيف تحيى الموتى فصرهن قطعهن ثبت هذا لابي ذر وحده وقد أخرجه بن أبي حاتم من وجهين عن بن عباس ومن طرق عن جماعة
[ 151 ]
من التابعين ومن وجه آخر عن بن عباس قال صرهن أي أوثقهن ثم اذبحهن وقد اختلف نقلة القراءات في ضبط هذه اللفظة عن بن عباس فقيل بكسر أوله كقراءة حمزة وقيل بضمه كقراءة الجمهور وقيل بتشديد الراء مع ضم أوله وكسره من صرة يصره إذا جمعه ونقل أبو البقاء تثليث الراء في هذه القراءة وهي شاذة قال عياض تفسير صرهن بقطعهن غريب والمعروف أن معناها أملهن يقال صاره يصيره ويصوره إذا أماله قال بن التين صرهن بضم الصاد معناها ضمهن وبكسرها قطعهن قلت ونقل أبو علي الفارسي أنهما بمعنى واحد وعن الفراء الضم مشترك والكسر القطع فقط وعنه أيضا هي مقلوبة من قوله صراه عن كذا أي قطعه يقال صرت الشئ فانصار أن انقطع وهذا يدفع قول من قال يتعين حمل تفسير بن عباس بالقطع على قراءة كسر الصاد وذكر صاحب المغرب أن هذه اللفظة بالسريانية وقيل بالنبطية لكن المنقول أولا يدل على أنها بالعربية والعلم عند الله تعالى ثم ذكر حديث أبي هريرة نحن أحق بالشك من إبراهيم وقد تقدم شرحه مستوفى في أحاديث الانبياء (0) قوله أيود أحدكم أن تكون له جنة إلى قوله تتفكرون (0) قوله باب قوله أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب إلى قوله لعلكم تتفكرون كذا لجميعهم (4264) قوله حدثنا إبراهيم هو بن موسى وهشام هو بن يوسف قوله وسمعت أخاه هو مقول بن جريج وأبو بكر بن أبي مليكة لا يعرف اسمه وعبيد بن عمير ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وسماعه من عمر صحيح وقد بين الاسماعيلي والطبري من طريق بن المبارك عن بن جريج أن سياق الحديث له فإنساقه على لفظه ثم عقبة برواية بن جريج عن بن أبي مليكة عن بن عباس به قوله فيبكسر الفاء وسكون التحتانية أي في أي شئ وترون بضم أوله قوله حتى أغرق أعماله بالغين المعجمة أي أعماله الصالحة وأخرج بن المنذر هذا الحديث من وجه آخر عن بن أبي ملكية وعنده بعد قوله أي عمل قال بن عباس شئ ألقى في روعي فقال صدقت يا بن أخي ولابن جرير من وجه آخر عن بن أبي مليكة عنى بها العمل بن آدم أفقر ما يكون إلى جنته إذا كبر سنة وكثر عياله وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم يبعث صدقت يا بن أخي ولابن جرير من وجه آخر عن بن أبي مليكة عن عمر قال هذا مثل ضرب للانسان يعمل صالحا حتى إذا كان عند آخر عمره أحوج ما يكون إلى العمل الصالح عمل عمل السوء ومن طريق عطاء عن بن عباس معناه أيود أحدكم أن يعمل عمره بعمل الخير حتى إذا كان حين فني عمره ختم ذلك بعمل أهل الشقاء فأفسد ذلك وفي الحديث قوة فهم بن عباس وقرب منزلته من عمر وتقديمه له من صغره وتحريض العالم تلميذه على القول بحضرة من هو أسن منه إذا عرف فيه الاهلية لما فيه من تنشيطه وبسط نفسه وترغيبه في العلم (0) قوله باب لا يسألون الناس إلحافا يقال ألحف على وألح وأحفانى بالمسألة زاد في نسخة الصغائي فيحفكم يجهدكم هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى ولا يسألكم أموالكم إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا يقال أحفاني بالمسألة والحف على وألح على بمعنى واحد واشتقاق ألحف من اللحاف لانه يشتمل على وجوه الطلب في المسألة كاشتمال اللحاف في التغطيه وقال أبو عبيدة في قوله لا يسألون الناس إلحافا قال إلحافا انتهى وانتصب الحافا على أنه مصدر في موضع الحال أي لا يسألون في حال الالحاف أو مفعول لاجله أي لا يسألون لاجل الالحاف وهل المراد نفي المسألة
[ 152 ]
فلا يسألون أصلا أو نفى السؤال بالالحاف خاصة فلا ينتفى السؤال بغير الحاف فيه احتمال والثاني أكثر في الاستعمال ويحتمل أن يكون المراد لو سألوا لم يسألوا إلحافا فلا يستلزم الوقوع ثم ذكر المصنف حديث أبي هريرة ليس المسكين الذي ترده التمرة الحديث وقد تقدم شرحه في كتاب الزكاة وقوله افرءوا أن شئتم يعني قوله لا يسألون الناس إلحافا ووقع عند الاسماعيلي بيان قائل يعني فأنه أخرجه عن الحسن بن سفيان عن حميد بن زنجويه عن سعيد بن أبي مريم بسنده وقال في آخره قلت لسعيد بن أبي مريم ما تقرأ قال للفقراء الذن أحصروا في سبيل الله الآية فيستفاد منه أن قائل يعني هو سعيد بن أبي مريم شيخ البخاري فيه وقد أخرج مسلم والاسماعيلي هذا الحديث من طريق إسماعيل بن جعفر عن شريك بن أبي نمر بلفظ أقرءوا إن شئتم لا يسألون الناس إلحافا فدل على صحة ما فسرها به سعيد بن أبي مريم وكذا أخرجه الطبري من طريق صالح بن سويد عن أبي هريرة لكنه لم يرفعه وروى أحمد وأبو داود والنسائي وصححه بن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه مرفوعا من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف وفي رواية بن خزيمة فهو ملحف والاوقية أربعون درهما ولاحمد من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد رفعه من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا ولاحمد والنسائي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه من سأل وله أربعون درهما فهو ملحف (0) قوله باب وأحل الله البيع وحرم الربا إلى آخر الآية وقوله المس الجنون هو تفسير الفراء قال في قوله تعالى لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس أي لا يقوم في الآخرة قال والمس الجنون والعرب تقول ممسوس أي مجنون انتهى وقال أبو عبيدة المس اللمم من الجن وروى بن أبي حاتم عن بن عباس قال آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا ومن طريق بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أنه كان يقرأ الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس يوم القيامة وقوله تعالى وأحل الله البيع وحرم الربا يحتمل أن يكون من تمام اعتراض الكفار حيث قالوا إنما البيع مثل الربا أي فلم أحل هذا وحرم هذا ويحتمل أن يكون ردا عليهم ويكون اعتراضهم بحكم العقل والرد عليهم بحكم الشرع الذي لا معقب لحكمه وعلى الثاني أكثر المفسرين واستبعد بعض الجذاق الاول وليس ببعيد إلا من جهة أن جوابهم بقوله فمن جاءه موعظة إلى آخره يحتاج إلى تقدير والاصل عدمه قوله فقرأها أي الآيات وفي رواية شعبة التي بعد هذه في المسجد وقد مضى ما يتعلق به في المساجد من كتاب الصلاة واقتضى صنيع المصنف في هذه التراجم أن المراد بالآيات آيات الربا كلها إلى آية الدين (4266) قوله ثم حرم التجارة في الخمر تقدم توجيهه في البيوع وأن تحريم التجارة في الربا وقع بعد تحريم الخمر بمدة فيحصل به جواب من استشكل الحديث بأن آيات الربا من آخر ما نزل من القرآن وتحريم الخمر تقدم قبل ذلك بمدة (0) قوله باب يمحق الله الربا يذهبه هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى يمحق الله الربا أي يذهبه وأخرج أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم من حديث بن مسعود رفعه أن الربا وإن كثر فإن عاقبته إلى قلة ثم ذكر المصنف حديث عائشة المذكور قبله من وجه آخر عن الاعمش ومراده الاشارة إلى أن هذه الآية من جملة الآيات التي ذكرتها عائشة (0) قوله باب فأذنوا بحرب من الله ورسوله فاعلموا هو تفسير فأذنوا على القراءة المشهورة
[ 153 ]
بإسكان الهمزة وفتح الذال قال أبو عبيدة معنى قوله فأذنوا أيقنوا وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم فآذنوا بالمد وكسر الذال قال أبو عبيدة معنى قوله فأذنوا أيقنوا وقرأ حمزة وأبو بكر عن عاصم فآذنوا بالمد وكسر الذال أي آذنوا غيركم وأعلموهم والاول أوضح في مراد السياق ثم ذكر المصنف حديث عائشة عن شيخ له آخر (0) قوله وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة الآية كذا لابي ذر وساق غيره بقية الآية وهي خبر بمعنى الامرأي إن كان الذي عليه دين الربا معسرا فأنظروه إلى ميسرته (4269) قوله وقال محمد بن يوسف كذا لابي ذر ولغيره وقال لنا محمد بن يوسف وهو الفريابي وسفيان هو الثوري وقد رويناه موصولا في تفسير الفريابي بهذا الاسناد (0) قوله باب واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله قرأ الجمهور بضم التاء من ترجعون مبنيا للمجهول وقرأ أبو عمرو وحده بفتحها مبنيا للفاعل (4270) قوله سفيان هو الثوري وعاصم هو بن سليمان الاحول قوله عن بن عباس كذا قال عاصم عن الشعبي وخالفه داود بن أبي هند عن الشعبي فقال عن عمر أخرجه الطبري بلفظ كان من آخر ما نزل من القرآن آيات الربا وهو منقطع فإن الشعبي لم يلق عمر قوله آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية الربا كذا ترجم المصنف بقوله واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وأخرج هذا الحديث بهذا اللفظ ولعله أراد أن يجمع بين قولي بن عباس فإنه جاء عنه ذلك من هذا الوجه وجاء عنه من وجه آخر آخر آية نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله أخرجه الطبري من طرق عنه وكذا أخرجه من طرق جماعة من التابعين وزاد عن بن جريج قال يقولون إنه مكث بعدها تسع ليال ونحوه لابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وروى عن غيره أقل من ذلك وأكثر فقيل إحدى وعشرين وقيل سبعا وطريق الجمع بين هذين القولين أن هذه الآية هي ختام الآيات المنزلة في الربا اذ هى معطوفة عليهن وأما ما سيأتي في آخر سورة النساء من حديث البراء آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة فيجمع بينه وبين قول بن عباس بأن الآيتين نزلتا جميعا فيصدق أن كلا منهما آخر بالنسبة لما عداهما ويحتمل أن تكون الآخرية في آية النساء مقيدة بما يتعلق بالمواريث مثلا بخلاف آية البقرة ويحتمل عكسه والاول أرجح لما في آية البقرة من الاشارة إلى معنى الوفاة المستلزمة لخاتمة النزول وحكى بن عبد السلام أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزول الآية المذكورة أحدا وعشرين يوما وقيل سبعا وأما ما ورد في إذا جاء نصر الله والفتح أنها آخر سورة نزلت ؟ ؟ ؟ الآيات المتعلقة به من سورة البقرة وأما حكم تحريم الربا فنزوله سابق لذلك بمدة طويلة على ما يدل عليه قوله تعالى في آل عمران في أثناء قصة أحد يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة الآية (0) قوله باب قوله تعالى وأن تبدوا ما في أنفسكم أتخفوه الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى قدير (4271) قوله حدثنا محمد كذ للآكثر وبه صرح الاسماعيلي وأبو نعيم وغيرهما ووقع لابي علي بن السكن عن الفريري عن البخاري حدثنا النفيلي فاسقط ذكر محمد المهمل والصواب إثباته ولعل بن السكن ظن أن محمدا هو البخاري فحذفه وليس كذلك لما ذكرته وذكر أبو علي الجياني أنه وقع محذوفا في رواية أبي محمد الاصيلي عن أبي أحمد الجرجاني وأشار إلى أن الصواب إثباته انتهى وكلام أبي نعيم في المستخرج يقتضى أنه في روايته عن الجرجاني
[ 154 ]
ثابت وقد ثبت في رواية النسفي عن البخاري أيضا واختلف فيه فقال الكلاباذي هو يحيى الذهلي فيما أراه قال وقال لي الحاكم هو محمد بن إبراهيم البوشنجي قال وهذ الحديث مما أملاه البوشنجي بنيسابور انتهى وذكر الحاكم هذا الكلام في تاريخه عن شيخه أبي عبد الله بن الاخرم وكلام أبي نعيم يقتضى أنه محمد بن إدريس أبو حاتم الرازي فأنه أخرجه من طريقه ثم قال أخرجه البخاري عن محمد عن النفيلي والنفيلي بنون وفاء مصغر اسمه عبد الله بن محمد بن علي بن نفيل يكنى أبا جعفر ليس له في البخاري ولا لشيخه مسكين بن بكير الحراني إلا هذا الحديث الواحد قوله حدثنا شعبة قال أبو علي الجياني وقع في رواية أبي محمد الاصيلي عن أبي أحمد حدثنا مسكين وشعبة وكتب بين الاسطر أراه حدثنا شعبة قال أبو علي وهذا هو الصواب لا شك فيه ومسكين هذا إنما يروي عن شعبة قوله عن مروان الاصفر تقدم ذكره في الحج وأنه ليس له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد وآخر في الحج قوله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو بن عمر لم يتضح لي من هو الجازم بأنه بن عمر فإن الرواية الآتية بعد هذه وقعت بلفظ أحسبه بن عمر وعندي في ثبوت كونه بن عمر توقف لانه ثبت أن بن عمر لم يكن اطلع على كون هذه الآية منسوخة فروى أحمد من طريق مجاهد قال دخلت على بن عباس فقلت كنت عند بن عمر فقرأ وأن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فبكى فقال بن عباس أن هذه الآية لما أنزلت غمت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غما شديدا وقالوا يا رسول الله هلكنا فإن قلوبنا ليست بأيدينا فقال قولوا سمعنا وأطعنا فقالوا فنسختها هذه الآية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وأصله عند مسلم من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس دون قصة بن عمر وأخرج الطبري بإسناد صحيح عن الزهري أنه سمع سعيد بن مرجانة يقول كنت عند بن عمر فتلا هذه الآية وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فقال والله لئن واخذنا الله بهذا لنهلكن ثم بكى حتى سمع نشيجه فقمت حتى أتيت بن عباس فذكرت له ما قال بن عمر وما فعل حين تلاها فقال يغفر الله لابي عبد الرحمن لعمري لقد وجد المسلمون حين نزلت مثل ما وجد فأنزل الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها وروى مسلم من حديث أبي هريرة قال لما نزلت لله ما في السماوات وما في الارض الآية أشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر القصة مطولا وفيها فلما فعلوا نسخها الله فانزل الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها إلى آخر السورة ولم يذكر قصة بن عمر ويمكن أن بن عمر كان أولا لا يعرف القصة ثم لما تحقق ذلك جزم به فيكون مرسل صحابي والله أعلم (0) قوله باب آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه أي إلى آخر السورة قوله وقال بن عباس أصرا عهدا وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ولا تحمل علينا اصرا أي عهدا وأصل الاصر الشئ الثقيل ويطلق على الشديد وتفسيره بالعهد تفسير باللازم لان الوفاء بالعهد شديد وروى الطبري من طريق بن جريج في قوله إصرا قال عهدا لا نطيق القيام به قوله ويقال غفرانك مغفرتك فاغفر لنا هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله غفرانك أي مغفرتك أي اغفر لنا وقال الفراء غفرانك مصدر وقع في موضع أمر فنصب وقال سيبويه التقدير اغفر غفرانك وقيل يحتمل أن يقدر جملة خبرية أي نستغفرك غفرانك والله أعلم (4272) قوله نسختها الآية التي بعدها قد عرف بيانه من حديثي بن عباس وأبي هريرة والمراد بقوله
[ 155 ]
نسختها أي أزالت ما تضمنته من الشدة وبينت أنه وأن وقعت المحاسبة به لكنها لا تقع المؤاخذة به أشا إلى ذلك الطبري فرارا من اثبات دخول النسخ في الاخبار وأجيب بأنه وأن كان خبرا لكنه يتضمن حكما ومهما كان من الاخبار يتضمن الاحكام أمكن دخول النسخ فيه كسائر الاحكام وإنما الذي لا يدخله النسخ من الاخبار ما كان خبرا محضا لا يتضمن حكما كالاخبار عما مضى من أحاديث الامم ونحو ذلك ويحتمل أن يكون المراد بالنسخ في الحديث التخصيص فإن المتقدمين يطلقون لفظ النسخ عليه كثيرا والمراد بالمحاسبة يخفى الانسان ما يصمم عليه ويشرع فيه دون ما يخطر له ولا يستمر عليه والله أعلم قوله سورة آل عمران بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر ولم أر البسملة لغيره قوله صر برد هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى كمثل ريح فيها صر الصر شدالبرد قوله شفا حفرة مثل شفا الركبة بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد التحتانية وهو حرفها كذا للاكثر بفتح المهملة وسكون الراء وللنسفي بضم الجيم والراء والاول أصوب والجرف الذي أضيف إليه شفا في الآية الاخرى غير شفا هنا وقد قال أبو عبيدة في قوله تعالى شفا حفرة شفا جرف وهو يقتضى التسوية بينهما في الاضافة وإلا فمدلول جرف غير مدلول حفرة فإن لفظ شفا يضاف إلى أعلى الشئ ومنه قوله شفا جرف وإلى أسفل الشئ ومنه شفا حفرة ويطلق شفا أيضا على القليل تقول ما بقي منه شئ غير شفا أي غير قليل ويستعمل في القرب ومنه أشفى على كذا أي قرب منه قوله تبوئ تتخذ معسكرا هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال أي تتخذ لهم مصاف ومعسكرا وقال غيره تبوئ تنزل بوأه أنزله وأصله من المباءة وهي المرجع والمقاعد جمع مقعد وهو مكان القعود وقد تقدم شئ من ذلك في غزوة أحد قوله ربيون الجموع وأحدها ربي هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير قال الربيون الجماعة الكثيرة وأحدها ربي وهو بكسر الرافي الواحد والجمع قراءة الجمهور وعن على وجماعة بضم الراء وهو من تغيير النسب في القراءتين إن كانت النسبة إلى الرب وعليها قراءة بن عباس ربيون بفتح الراء وقيل بل هو منسوب إلى الربة أي الجماعة وهو بضم الراء وبكسرها فإن كان كذلك فلاتغيير والله أعلم قوله تحسونهم تستأصلونهم قتلا وقع هذا بعد قوله واحدها ربي وهو تفسير أبي عبيدة أيضا بلفظه وزاد يقال حسناهم من عند آخرهم أي استأصلناهم وقد تقدم بيان ذلك في غزوة أحد قوله غزا وأحدها غاز هو تفسير أبي عبيدة أيضا قال في قوله أو كانوا غزا لا يدخلها رفع ولاجر لان وأحدها غاز فخرجت مخرج قائل وقول انتهى وقرأ الجمهور غزا بالتشديد جمع غاز وقياسه غزاة لكن حملوا المعتل على الصحيح كما قال أبو عبيدة وقرأ الحسن وغيره غزا بالتخفيف فقيل خفف الزاي كراهية التثقيل وقيل أصله غزاة وحذف الهاء قوله سنكتب ما قالوا سنحفظ هو تفسير أبي عبيدة أيضا لكنه ذكره بضم الياء التحتانية على البناء للمجهول وهي قراءة حمزة وكذلك قرأ وقتلهم بالرفع عطفا على الموصول لانه منصوب المحل وقراءة الجمهور
[ 156 ]
بالنون للمتكلم العظيم وقتلهم بالنصب على الموصول لانه منصوب المحل وتفسير الكتابة بالحفظ تفسير باللازم وقد كثر ذلك في كلامهم كما مضى ويأتي قوله نزلا ثوابا ويجوز ومنزل من عند الله كقولك أنزلته هو قول أبي عبيدة أيضا بفصه والنزل ما يهيأ للنزيل وهو الضيف ثم اتسع فيه حتى سمي به الغداء وأن لم يكن للضيف وفي نزل قولان أحدهما مصدر والآخر أنه جمع نازل كقول الاعشى أو تنزلون فأنا معشر نزل أي نزول وفي نصب نزلا في الآية أقوال منها أنه منصوب على المصدر المؤكد لان معنى لهم جنات ننزلهم جنات نزلا وعلى هذا يتخرج التأويل الاول لان تقديره ينزلهم جناز رزقا وعطاء من عند الله ومنها أنه حال من الضمير في فيها أي منزلة على أن نزلا مصدر بمعنى المفعول وعليه يتخرج التأويل الثاني قوله والخيل المسومة المسوم الذي لسيماء بعلامة أو بصوفة أو بما كان وقال مجاهد الخيل المسمومة المطهمة الحسان وقال سعيد بن جبير وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبزى المسومة الراعية أما التفسير الاول فقال أبو عبيدة الخيل المسومة المعلمة بالسيماء وقال أيضا في قوله من الملائكة مسومين أي معلمين والمسوم الذي له سيماء بعلامة أو بصوفة أو بما كان وأما قول مجاهد فرويناه في تفسير الثوري رواية أبي حذيفة عنه بإسناد صحيح وكذا أخرجه عبد الرزاق عن الثوري وأما قول بن جبير فوصله أبو حذيفة أيضا بإسناد صحيح إليه وأما قول بن أبزى فوصله الطبري من طريقه وأورد مثله عن بن عباس من طريق للعوفي عنه وقال أبو عبيدة أيضا يجوز أن يكون معنى مسومة مرعاة من أسمتها فصارت سائمة قوله وقال سعيد جبير وحصورا لا يأتي النساء وقع هذا بعد ذكر المسومة وصله الثوري في تفسيره عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير به ؟ ؟ وهو الممدوح والمراد في وصف السيد يحيى عليه السلام قوله وقال عكرمة من فورهم غضبهم يوم بدر وصله الطبري من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة في قوله ويأتوكم من فورهم هذا قال فورهم ذلك كايوم أحد غضبوا ليوم بدر بما لقوا وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن عكرمة في قولهم من فورهم هذا قال من وجوههم هذا وأصل الفور العجلة والسرعة ومنه فارت القدر يعبر به عن الغضب لان الغضبان يسارع إلى البطش قوله وقال مجاهد يخرج الحي من الميت النطفة تخرج ميتة ويخرج منها الحي وصله عبد بن حميد من طريق أين أبنجيح عن مجاهد في قوله تعالى يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي قال الناس الاحياء من النطف الميتة والنطف الميتة من الناس الاحياء قوله الابكار أول الفجر والعشي ميل الشمس إلى أن تغرب وقع هذا أيضا عند غير أبي ذر وقد تقدم شرحه في بدء الخلق (0) قوله منه آيات محكمات قال مجاهد الحلال والحرام وأخر متشابهات يصدق بعضها بعضا كقوله وما يضل به الا الفاسقين وكقوله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون وكقوله والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم هكذا وقع فيه وفيه تغيير وبتحريره يستقيم الكلام وقد أخرجه عبد بن حميد بالاسناد الذي ذكرته قريبا إلى مجاهد قال في قوله تعالى منه آيات محكمات قال ما فيه من الحلال والحرام وما سوى ذلك منه متشابه يصدق
[ 157 ]
بعضه بعضا هو مثل قوله وما يضل به الا الفاسقين إلى آخر ما ذكره قوله زيغ شك فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة المشتبهات هو تفسير مجاهدا أيضا وصله عبد بن حميد بهذا الاسناذ كذلك ولفظه وأما الذين في قلوبهم زيغ قال شك فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة المشتبهات الباب بن الذي ضلوا منه وبه هلكوا قوله والراسخون في العلم يعلمون ويقلون آمنا به وصله عبد بن حميد من الطريق المذكور عن مجاهد في قول والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا به ومن طريق قتادة قال الراسخون كما يسمعون آمنا به كل من عند ربنا التشابه والمحكم فآمنوا بمتشابهه وعملوا بمحكمه فأصابوا وهذا الذي ذهب إليه مجاهد من تفسير الآية يقتضي أن تكون الواو في والراسخون عاطفة على معمول الاستثناء وقد روى عبد الرزاق بإسناد صحيح عن بن عباس أنه كان يقرأ وما يعلم تأويله إلا الله ويقول الراسخون في العلم آمنا به فهذا يدل على أن الواو للاستئناف لان هذه الرواية وأن لم تثبت بها القراءة لكن أقل درجاتها أن تكون خبرا بإسناد صحيح إلى ترجمان القرآن فيقدم كلامه في ذلك على من دونه ويؤيد ذلك أن الآية دلت على ذم متبعي المتشابه لوصفهم بالزيغ وابتغاء الفتنة وصرح بوفق ذلك حديث الباب ودلت الآية على مدح الذين فوضوا العلم إلي الله وسلموا إليه كما مدح الله المؤمنين بالغيب وحكى الفراء أن في قراءة أبي بن كعب مثل ذلك أعنى ويقول الراسخون في العلم آمنا به تنبيه سقط جميع هذه الآثار من أول السورة إلى هنا لابي ذر عن السرخسي وثبت عند أبي ذر عن شيخه قبل قوله منه آيات محكمات باب بغير ترجمة ووقع عند أبي ذر آثار أخرى ففي أول السورة قول تقاه وتقيه واحد هو تفسير أبي عبيدة أي إنهما مصدران بمعنى واحد وقد قرأ عاصم في رواية عنه إلا أن تتقوا منهم تقيه (4273) قوله التستري بضم المثناة وسكون المهملة وفتح المثناة قوله عن بن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قد سمع بن أبي مليكة من عائشة كثيرا وكثيرا أيضا ما يدخل بينها وبينه واسطة وقد اختلف عليه في هذا الحديث فأخرجه الترمذي من طريق أبي عامر الجزار عن بن أبي مليكة عن عائشة ومن طريق زيد بن إبراهيم كما في الباب بزيادة القاسم ثم قال روى غير واحد هذا الحديث عن بن أبي مليكة عن عائشة ولم يذكروا القاسم وإنما ذكره يزيد بن إبراهيم انتهى وقد أخرجه بن أبي حاتم من طريق أبي الوليد الطيالسي عن يزيد بن إبراهيم وحماد بن سلمة جميعا عن بن أبي مليكة عن القاسم فلم ينفرد يزيد بزيادة القاسم وممن رواه عن بن أبي مليكة بغير ذكر القاسم أيوب أخرجه بن ماجة من طريقه ونافع بن عمر وابن جريج وغيرهما قوله تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي قرأ هذه الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات من أم الكتاب وآخر متشابهات قال أبو البقاء أصل المتشابه أن يكون بين اثنين فإذا اجتمعت الاشياء المتشابهة كان كل منها مشابها للآخر فصح وصفها بأنها متشابهة وليس المراد أن الآية وحدها متشابه في نفسها وحاصلة أنه ليس من شرط صحة الوصف في الجمع صحة انبساط مفردات الاوصاف على مفردات الموصوفات وأن كان الاصل ذلك قوله فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه قال الطبري قيل إن هذه الآية نزلت في الذين جادلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر عيسى وقيل في أمر مدة هذه الامة والثاني أولى لان أمر
[ 158 ]
عيسى قد بينه الله لنبيه فهو معلوم لامته بخلاف أمر هذه الامة فإن علمه خفي عن العباد وقال غيره المحكم من القرآن ما وضح معناه والمتشابة نقيضه وسمي المحكم بذلك لوضوح مفردات كلامه وإتقان تركيبه بخلاف المتشابه وقيل المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل والمتشابه ما استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور وقيل في تفسير المحكم والمتشابه أقوال آخر غير هذه نحو العشرة ليس هذا موضع بسطها وما ذكرته أشهرها وأقربها إلى الصواب وذكر الاستاذ أبو منصور البغدادي أن الاخير هو الصحيح عندنا وابن السمعاني أنه أحسن الاقوال والمختار على طريقه أهل السنة وعلى القول الاول جرى المتأخرون والله أعلم وقال الطيبي المراد بالمحكم ما اتضح معناه والمتشابه بخلافه لان اللفظ الذي يقبل معنى إما أن يقبل غيره أو لا الثاني النص والاول إما أن تكون دلالته على ذلك المعنى راجحة أو لا والاول هو الظاهر والثاني إما أن يكون مساويه أو لا والاول هو المجمل والثاني المؤول فالمشترك هو النص والظاهر هو المحكم والمشترك بين المجمل والمؤول هو المتشابه ويؤيد هذا التقسيم أنه سبحانه وتعالى أوقع المحكم مقابلا للتشابه فالواجب أن يفسر المحكم بما يقابله ويؤيد ذلك أسلوب الآية وهو الجمع مع التقسيم لانه تعالى فرق ما جمع في معنى الكتاب بأن قال منه آيات محكمات وآخر متشابهات أراد أن يضيف إلى كل منهما ما شاء منهما من الحكم فقال أولا فأما الذين في قلوبهم زيغ إلى ان قال والراسخون في العلم يقولون آمنا به وكان يمكن أن يقال وأما الذين في قلوبهم استقامة فيتبعون المحكم لكنه وضع موضع ذلك الراسخون في العلم الاتيان لفظ الرسوخ لانه لا يحصل إلا بعد التتبع التام والاجتهاد البليغ فإذا استقام القلب على طريق الرشاد ورسخ القدم في العلم أفصح صاحبه النطق بالقول الحق وكفى بدعاء الراسخين في العلم ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا الخ شاهدا على أن والراسخون في العلم مقابل لقوله وأما الذين في قلوبهم زيغ وفيه إشارة على أن الوقف على قوله إلا الله قام وإلى أن علم بعض المتشابه مختص بالله تعالى وأن من حاول معرفته هو الذي أشار إليه في الحديث بقوله فاحذروهم وقال بعضهم العقل مبتلى باعتقاد حقيقة المتشابه كابتلاء البدن بأداء العبادة كالحكيم إذا صنف كتابا أجمل فيه أحيانا ليكون موضع خضوع المتعلم لاستاذه وكالملك يتخذ علامة يمتاز بها من يطلعه على سر وقيل لو لم يقبل العقل الذي هو أشرف البدن لاستمر العالم في أبهة العلم على التمرد فبذلك يستأنس إلى التذلل بعز العبودية والمتشابه هو موضع خضوع العقول لباريها استسلاما واعترافا بقصورها وفي ختم الآية بقوله تعالى وما يذكر الا أولو الالباب تعريض بالزائغين ومدح للراسخين يعني من لم يتذكر ويتعظ ويخالف هواه فليس من أولى العقول ومن ثم قال الراسخون ربنا لا تزغ قلوبنا إلى آخر الآية فخضعوا لباريهم لاشتراك العلم اللدني بعد أن استعاذوا به من الزيغ النفساني وبالله التوفيق وقال غيره دلت الآية على أن بعض القرآن محكم وبعضه متشابه ولا يعارض ذلك قوله احكمت آياته ولا قوله كتابا متشابها مثانى حتى زعم بعضهم أن كله محكم وعكس آخرون لان المراد بالاحكام في قوله أحكمت الاتقان في النظم وأن كلها حق من عند الله والمراد بالمتشابه كونه يشبه بعضه بعضا في حسن السياق والنظم أيضا وليس المراد اشتباه معناه على سامعه وحاصل الجواب أن المحكم ورد بإزاء معنيين والمتشابه ورد
[ 159 ]
بإزاء معنيين والله أعلم قوله فهم الذين سمي الله فاحذروهم في رواية الكشميهني فاحذرهم بالافراد والاولى أولى والمراد التحذير من الاصغاء إلى الذين يتبعون المتشابه من القرآن وأول ما ظهر ذلك من اليهود كما ذكره بن إسحاق في تأويلهم الحروف المقطعة وأن عددها بالجمل مقدار مدة هذه الامة ثم أول ما ظهر في الاسلام من الخوارج حتى جاء عن بن عباس أنه فسر بهم الآية وقصة عمر فيا نكاره على ضبيع لما بلغه أنه يتبع المتشابه فضربه على رأسه حتى أدماه أخرجها الدارمي وغيره وقال الخطابي المتشابه على ضربين أحدهما ما إذا رد إلى المحكم واعتبر به عرف معناه والآخر ما لا سبيل إلى الوقوف على حقيقته وهو الذي يتبعه أهل الزيغ فيطلبون تأويله ولا يبلغون كنهه فيرتابون فيه فيفتنون والله أعلم (0) قوله باب وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم أورد فيه حديث أبي هريرة ما من مولود ولد إلا والشيطان يمسه الحديث وقد تقدم الكلام على شرحه واختلاف ألفاظه في أحاديث الانبياء وقد طعن صاحب الكشاف في معنى هذا الحديث وتوقف في صحته فقال إن صح هذا الحديث فمعناه أن كل مولود يطمع الشيطان في إغوائه إلا مريم وابنها فإنهما كانا معصومين وكذلك من كان في صفتهما لقوله تعالى إلا عبادك منهم المخلصين قال واستهلال الصبي صارخا من مس الشيطان تخيل لطمعه فيه كأنه يمسه ويضرب بيده عليه ويقول هذا ممن أغربه وأما صفة النخس كما يتوهمه أهل الحشو فلا ولو ملك إبليس على الناس نخسهم لامتلات الدنيا صراخا انتهى وكلامه متعقب من وجوه والذي يقتضيه لفظ الحديث لا إشكال في معناه ولا مخالفة لما ثبت من عصمة الانبياء بل ظاهر الخبر أن إبليس ممكن من مس كل مولود عند ولادته لكن من كان من عباد الله المخلصين لم يضره ذلك المس أصلا واستثنى من المخلصين مريم وابنها فإنه ذهب يمس على عادته فحيل بينه وبين ذلك فهذا وجه الاختصاص ولا يلزم منه تسلطه على غيرهما من المخلصين وأما قوله لو ملك إبليس الخ فلا يلزم من كونه جعل له ذلك عند ابتداء الوضع أن يستمر ذلك في حق كل أحد وقد أورد الفخر الرازي هذا الاشكال وبالغ في تقريره على عادته وأجمل الجواب فما زاد على تقريره أن الحديث خبر واحد ورد على خلاف الدليل لان الشيطان إنما يغوى من يعرف الخير والشر والمولود بخلاف ذلك وأنه لو مكن من هذا القدر لفعل أكثر من ذلك من أهلاك وإفساد وأنه لا اختصاص لمريم وعيسى بذلك دوغيرهما إلى آخر كلام الكشاف ثم أجاب بان هذه الوجوه محتملة ومع الاحتمال لا يجوز دفع الخبر انتهى وقد فتح الله تعالى بالجواب كما تقدم والجواب عن إشكال الاغواء يعرف مما تقدم أيضا وحاصله أن ذلك جعل علامة في الابتداء على من يتمكن من إغوائه والله أعلم (0) قوله باب إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم لا خير قال أبو عبيدة في قوله من خلاق أي نصيب من خير قوله أليم مؤلم موجع من الالم وهو في موضع مفعل هو كلام أبي عبيدة أيضا واستشهد بقول ذي الرمة
[ 160 ]
يصيبك وجهها وهج أليم ثم ذكر حديث بن مسعود من حلف يمين صبر وفيه قول الاشعث أن قوله تعالى أن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا نزلت فيه وفي خصمه حين تحاكما في البئر وحديث عبد الله بن أبي أوفى أنها نزلت في رجل أقام سلعة في السوق فحلف لقد أعطى بها ما لم يعطه وقد تقدما جميعا في الشهادات وأنه لا منافاة بينهما ويحمل على أن النزول كان بالسببين جميعا ولفظ الآية أعم من ذلك ولهذا وقع في صدر حديث بن مسعود ما يقتضى ذلك وذكر الطبري من طريق عكرمة أن الآية نزلت في حي بن أخطب وكعب بن الاشرف وغيرهما من اليهود الذين كتموا ما أنزل الله في التوراة من شأن النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا وحلفوا أنه من عند الله وقص الكلبي في تفسيره في ذلك قصة طويلة وهي محتملة أيضا لكن المعتمد في ذلك ما ثبت في الصحيح وسنذكر ما يتعلق بحكم اليمن في كتاب الايمان والنذور إن شاء الله تعالى قوله (4277) حدثنا نصر بن علي هو الجهضمي بجيم ومعجمة وعبد الله بن داود وهو الخربي بمعجمة وموحدة مصغر قوله ان امرأتين سيأتي تسميتهما في كتاب الايمان والنذور مع شرح الحديث وإنما أورده هنا لقول بن عباس أقرءوا عليها أن الذين يشترون بعهد الله الآية فإن فيه الاشارة إلى العمل بما دل عليه عموم الآية لا خصوص سبب نزولها وفيه أن الذي تتوجه عليه اليمين يوعظ بهذه الآية ونحوها قوله في بيت وفي الحجرة كذا للاكثر بواو العطف وللاصيلى وحده في بيت أو في الحجرة بأو والاول هو الصواب وسبب الخطأ في رواية الاصيلي أن في السياق حذفا بينه بن السكن في روايته حيث جاء فيها في بيت وفي الحجرة حداث فالواو عاطفة أو الجملة حالية لكن المبتدأ محذوف وحداث بضم المهملة والتشديد وآخره مثلثة أي ناس يتحدثون وحاصله أن المرأتين كانتا في البيت وكان في الحجرة المجاورة للبيت ناس يتحدثون فسقط المبتدأ من الرواية فصار مشكلا فعدل الراوي عن الواو إلى أو التي للترديد فرارا من استحالة كون المرأتين في البيت وفي الحجرة معا على أن دعوى الاستحالة مردودة لان له وجها ويكون من عطف الخاص على العام لان الحجرة أخص من البيت لكن رواية بن السكن أفصحت عن المراد فأغنت عن التقدير وكذا ثبت مثله في رواية الاسماعيلي والله أعلم (0) قوله باب قوله تعالى قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لانعبد إلا الله كذا للاكثر ولابي ذر وبينكم الآية قوله سواء قصدا كذا لابي ذر بالنصب ولغيره بالجر فيهما وهو أظهر على الحكاية لانه يفسر قوله إلى كلمة سواء وقد قرئ في الشواذ بالنصب وهي قراء الحسن البصري قال الحوفي انتصب على المصدر أي استوت استواء والقصد بفتح القاف وسكون المهملة الوسط المعتدل قال أبو عبيدة في قوله إلى كلمة سواء أي عدل وكذا أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس وأخرج الطبري عن قتادة مثله ونسبها الفراء إلى قراءة بن مسعود وأخرج عن أبي العالية أن المراد بالكلمة لا إله إلا الله وعلى ذلك يدل سياق الآية الذي تضمنه قوله أن لانعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن جميع ذلك داخل تحت كلمة الحق وهي لا إله إلا الله والكلمة على هذا بمعنى الكلام وذلك سائغ في اللغة فتطلق الكلمة على الكلمات لان بعضها ارتبط ببعض فصارت في قوة الكلمة الواحدة بخلاف اصطلاح النحاة في تفريقهم بين الكلمة والكلام ثم ذكر
[ 161 ]
المصنف حديث أبي سفيان في قصة هرقل بطوله وقد شرحته في بدء الوحي وأحلت بقية شرحه على الجهاد فلم يقدر إيراده هناك فأوردته هنا وهشام في أول الاسناد هو بن يوسف الصغاني (4278) قوله حدثني أبو سفيان من فيه إلى في إنما لم يقل إلى إذني يشير إلى أنه كان متمكنا من الاصغاء إليه بحديث يجيبه إذا أحتاج إلى الجواب فلذلك جعل التحديث متعلقا بفمه وهو في الحقيقة إنما يتعلق بإذنه وأتفق أكثر الروايات على أن الحديث كله من رواية بن عباس عن أبي سفيان إلا ما وقع من رواية صالح بن كيسان عن الزهري في الجهاد فأنه ذكر أول الحديث عن بن عباس إلى قوله فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه التمسوا لي ههنا أحدا من قومه لاسألهم عنه قال بن عباس فأخبرني أبو سفيان أنه كان بالشام الحديث كذا وقع عند أبي يعلى من رواية الوليد بن محمد عن الزهري وهذه الرواية المفصلة تشعر بأن فاعل قال الذي وقع هنا من قوله قال وكان دحية الخ هو بن عباس لا أبو سفيان وفاعل قال وقال هرقل هل هنا أحد هو أبو سفيان قوله هرقل بكسر الهاء وفتح الراء وسكون القاف على المشهور في الروايات وحكى الجوهري وغير واحد من أهل اللغة سكون الراوكسر القاف وهو اسم غير عربي فلا ينصرف للعلمية والعجمة قوله فدعيت في نفر من قريش فدخلنا على هرقل فيه حذف تقديره فجاءنا رسوله فتوجهنا معه فاستأذن لنا فأذن فدخلنا وهذه الفاء تسمى الفصيحة وهي الدالة على محذوف قبلها هو سبب لما بعدها سميت فصيحة لافصاحها عما قبلها وقيل لانها تدل على فصاحة المتكلم بها فوصفت بالفصاحة على الاسناد المجازى ولهذا لا تقع إلا في كلام بليغ ثم إن ظاهر السياق أن هرقل أرسل إليه بعينه وليس كذلك وإنما كان المطلوب من يوجد من قريش ووقع في الجهاد قال أبو سفيان فوجدنا رسول قيصر ببعض الشام فانطلق بن وبأصحابي حتى قدمنا إلى إيلياء وتقدم في بدء الوحي أن المراد بالبعض غزة وقيصر هو هرقل وهرقل اسمه وقيصر لقبه قوله فدخلنا على هرقل تقدم في بدء الوحي بلفظ فأتوه وهو بإيلياء وفي رواية هناك وهم بإيلياء واستشكلت ووجهت أن المراد الروم مع ملكهم والاول أصوب ز قوله فأجلسنا بين يديه فقال أيكم أقرب نسبا من هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي فقال أبو سفيان فقلت أنا فأجلسوني بين يديه وأجلسوا أصحابي خلفي ثم دعا بترجمانه وهذا يقتضى أن هرقل خاطبهم أولا بغير ترجمان ثم دعا بالترجمان لكن وقع في الجهاد بلفظ فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب نسبا الخ فيجمع بين هذا الاختلاف بأن قوله ثم د عا بترجمانه أن فأجلسه إلى جنب أبي سفيان لا أن المراد أنه كان غائبا فأرسل في طلبه فحضر وكأن الترجمان كان واقفا في المجلس كما جرت به عادة ملوك الاعاجم فخاطبهم هرقل بالسؤال الاول فلما تحرر له حال الذي أراد أن يخاطبه من بين الجماعة أمر الترجمان بالجلوس إليه ليعبر عنه بما أراد والترجمان من يفسر لغة بلغة فعلى هذا لا يقال ذلك لمن فسر كلمة غريبة بكلمة واضحة فإن اقتضى معنى الترجمان ذلك فليعرف أنه الذي يفسر لفظا بلفظ وقد اختلف هل هو عربي أو معرب والثاني أشهر وعلى الاول قنونة زائدة اتفاقا ثم قيل هو من ترجيم الظن وقيل من الرجم فعلى الثاني تكون التاء أيضا زائدة ويوجب كونه من الرجم أن الذي يلقى الكلام كأنه يرجم الذي يلقيه إليه قوله أقرب نسبا من هذا الرجل من كأنها ابتدائية والتقدير أيكم أقرب نسبا مبدؤه من هذا الرجل أو هي بمعنى الباء ويؤيده أن في الرواية
[ 162 ]
التي في بدء الوحي بهذا الرجل وفي رواية الجهاد إلى هذا الرجل ولا أشكل فيها فإن أقرب يتعدى بالى قال الله تعالى ونحن أقرب إليه من حبل الوريد والمفضل عليه محذوف تقديره من غيره ويحتمل أن يكون في رواية الباب بمعنى الغاية فقد ثبت ورودها للغاية مع قلة قوله واجلسوا أصحابي خلفي في رواية الجهاد عند كتفي وهي أخص وعند الواقدي فقال لترجمانه قل لاصحابه إنما جعلتكم عند كتفيه لتردوا عليه كذبا إن قاله قوله عن هذا الرجل أشار إليه إشارة القرب لقرب العهد يذكره أو لانه معهود في أذهانهم لاشتراك الجميع في معاداته ووقع عند بن إسحاق من الزيادة في هذه القصة وقال أبو سفيان فجعلت أزهده في شأنه واصغر أمره وأقول إن شأنه دون ما بلغك فجعل لا يلتفت إلى ذلك قوله فان كذبني بالتخفيف فكذبوه بالتشديد أي قال لترجمانه يقول لكم ذلك ولما جرت العادة أن مجالس الاكابر لا يواجه أحد فيها بالتكذيب احتراما لهم أذن لهم هرقل في ذلك للمصلحة التي أرادها قال محمد بن إسماعيل التيمي كذب بالتخفيف يتعدى إلى مفعولين مثل صدق تقول كذبني الحديث وصدقني الحديث قال الله تعالى لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق وكذب بالتشديد يتعدى إلى مفعول واحد وهما من غرائب الالفاظ لمخالفتهما الغائب لان الزيادة تناسب الزيادة وبالعكس والامر هنا بالعكس قوله وأيم الله بالهمز وبغير الهمز وفيها لغات أخرى تقدمت قوله يؤثر بفتح المثلثة أي ينقل قوله كيف حسبه كذا هنا وفي غيرها كيف نسبه والنسب الوجه الذي يحصل به الادلاء من جهة الآباء والحسب ما يعده المرء من مفاخر آبائه وقوله هو فينا ذو حسب في غيرها ذو نسب واستشكل الجواب لانه لم يزد على ما في السؤال لان السؤال تضمن أن له نسبا أو حسبا والجواب كذلك وأجيب بان التنوين يدل على التعظيم كأنه قال هو فينا ذو نسب كبير أو حسب رفيع ووقع في رواية بن إسحاق كيف نسبه فيكم قال في الذروة وهي بكسر المعجمة وسكون الراء أعلى ما في البعير من السنام فكأنه قال هو من أعلانا نسبا وفي حديث دحية عن البزار حدثني عن هذا الذي خرج بأرضكم ما هو قال شاب قال كيف حسبه فيكم قال هو في حسب ما لا يفضل عليه أحد قال هذه آية قوله هل كان في آبائه ملك في رواية الكشميهني من آبائه وملك هنا بالتنوين وهي تؤيد أن الرواية السابقة في بدء الوحي بلفظ من ملك ليست بلفظ الفعل الماضي قوله قال يزيدون أم ينقصون كذا فيه بإسقاط همزة الاستفهام وقد جزم بن مالك بجوازه مطلقا خلافا لمن خصه بالشعر قوله قال هي يرتد الخ إنما لم يستغن هرقل بقوله بل يزيدون عن هذا السؤال لانه لا ملازمة بين الارتداد والنقص فقد يرتد بعضهم ولا يظهر فيهم النقص باعتبار كثرة من يدخل وقلة من يرتد مثلا قوله سخطه له يريد أن من دخل في الشئ على بصيرة يبعد رجوعه عنه بخلاف من لم يكن ذلك من صميم قلبه فأنه يتزلزل بسرعة وعلى هذا يحمل حال من ارتد من قريش ولهذا لم يعرج أبو سفيان على ذكرهم وفيهم صهره زوج ابنته أم حبيبة وهو عبيد الله بن جحش فأنه كان أسلم وهاجر إلى الحبشة بزوجته ثم تنصر بالحبشة ومات على نصرانيته وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم أم حبيبة بعده وكأنه ممن لم يكن دخل في الاسلام على بصيرة وكان أبو سفيان وغيره من قريش يعرفوا ذلك منه ولذلك لم يعرج عليه خشية أن يكذبوه ويحتمل أن يكونوا عرفوه بما وقع له من التنصر وفيه بعد أو المراد بالارتداد الرجوع إلى الدين الاول ولم يقع ذلك
[ 163 ]
لعبيد الله بن جحش ولم يطلع أبو سفيان على من وقع له ذلك زاد في حديث دحية أرأيت من خرج من أصحابه إليكم هل يرجعون إليه قال نعم قوله فهل قاتلتموه نسب ابتداء القتال إليهم ولم يقل قاتلكم فينسب ابتداء القتال إليه محافظة على احترامه أو لاطلاعه على أن النبي لا يبدأ قومه بالقتال حتى يقاتلوه أو لما عرفة من العادة من حمية من يدعي إلى الرجوع عن دينه وفي حديث دحية هل ينكب إذا قاتلكم قال قد قاتله قوم فهزمهم وهزموه قال هذه آية قوله يصيب منا ونصيب منه وقعت المقاتلة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش قبل هذه القصة في ثلاثة مواطن بدر واحد والخندق فأصاب المسلمون من المشركين في بدر وعكسه في أحد وأصيب من الطائفتين ناس قليل في الخندق فصح قول أبي سفيان يصيب منا ونصيب منه ولم يصب من تعقب كلامه وأن فيه دسيسة لم ينبه عليها كما نبه على قوله ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها والحق أنه لم يدس في هذه القصة شيئا وقد ثبت مثل كلامه هذا من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم كما أشرت إليه في بدء الوحي قوله انى سألتك عن حسبه فيكم ذكر الاسئلة والاجوبة على ترتيب ما وقعت وأجاب عن كل جواب بما يقتضيه الحال وحاصل الجميع ثبوت علامات النبوة في الجميع فالبعض مما تلقفمن الكتب والبعض مما استقرأه بالعادة ووقع في بدء الوحي إعادة الاجوبة مشوشة الترتيب وهو من الراوي بدليل أنه حذف منها واحدة وهي قوله هل قاتلتموه الخ ووقع في رواية الجهاد شئ خالفت فيه ما في الموضعين فإنه أضاف قول بم يأمركم إلى بقية الاسئلة فكملت بها عشرة وأما هنا فإنه آخر قوله بم يأمركم إلى ما بعد إعادة الاسئلة والاجوبة وما رتب عليها وقوله قال لترجمانه قل له أي قل لابي سفيان إني سألتك أي قل له حاكيا عن هرقل أني سألتك أو المراد أني سألتك على لسان هرقل لان الترجمان يعيد كلام هرقل ويعيد لهرقل كلام أبي سفيان ولا يبعد أن يكون هرقل كان يفقه بالعربية ويأنف من التكلم بغير لسان قومه كما جرت به عادة الملوك من الاعاجم قوله قلت لو كان من آبائه أي قلت في نفسي بن وأطلق على حديث النفس قولا قوله ملك أبيه أفرده ليكون أعذر في طلب الملك بخلاف ما لو قال ملك آبائه أو المراد بالاب ما هو أعم من حقيقته ومجازه قوله وكذلك الايمان إذا خالط يرجح أن الرواية التي في بدء الوحي بلفظ حتى يخالط وهم والصواب حين كما للاكثر قوله قلت يأمرنا بالصلاة الخ في بدء الوحي فقلت يقول اعبدوا الله الخ واستدل به على إطلاق الامر على صيغة أفعل وعلى عكسه وفيه نظر لان الظاهر أنه من تصرف الرواة ويستفاد منه أن المأموارت كلها كانت معروفة عند هرقل ولهذا لم يستفسره عن حقائقها قوله أن يك ما تقول فيه حقا فإنه نبي وقع في رواية الجهاد وهذه صفة نبي وفي مرسل سعيد بن المسيب عند بن أبي شيبة فقال هو نبي ووقع في أمالى المحاملي رواية الاصبهانيين من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن
[ 164 ]
أبي سفيان أن صاحب بصري أخذه وناسا معه وهم في تجارة فذكر القصة مختصرة دون الكتاب وما فيه وزاد في آخرها قال فأخبرني هل تعرف صورته إذا رأيتها قلت نعم فأدخلت كنيسة لهم فيها الصور فلم أره ثم أدخلت أخرى فإذا أنا بصورة محمد وصورة أبي بكر إلا أنه دونه وفي دلائل النبوة لابي نعيم بإسناد ضعيف أن هرقل أخرج لهم سقطا من ذهب عليه قفل من ذهب فأخرج منه حريرة مطوية فيها صور فعرضها عليهم إلى أن كان آخرها صورة محمد فقلنا باجمعنا هذه صورة محمد فذكر لهم أنها صور الانبياء وأنه خاتمهم صلى الله عليه وسلم قوله وقد كنت أعلم أنه خارج ولم أك أظنه منكم أي أعلم أن نبيا سيبعث في هذا الزمان لكن لم أعلم تعيين جنسه وزعم بعض الشراح أنه كان يظن أنه من بني إسرائيل لكثرة الانبياء فيهم وفيه نظر لان اعتماد هرقل في ذلك كان على ما اطلع عليه من الاسرائيليات وهي طافحة بان النبي الذي يخرج في آخر الزمان من ولد إسماعيل فيحمل قوله لم أكن أظن أنه منكم أي من قريش قوله لاحببت لقاءه في بدء الوحي لتجشمت بجيم ومعجمة أي تكلفت ورجحها عياض لكن نسبها لرواية مسلم خاصة وهي عند البخاري أيضا وقال النووي قوله لتجشمت لقاءه أي تكلفت الوصول إليه وارتكبت المشقة في ذلك ولكني أخاف أن اقتطع دونه قال ولا عذر له في هذا لانه عرف صفة النبي لكنه شح بملكه ورغب في بقاء رياسته فأثرها وقد جاء ذلك مصرحا به في صحيح البخاري قال شيخنا شيخ الاسلام كذا قال ولم أر في شئ من طرق الحديث في البخاري ما يدل على ذلك قلت والذي يظهر لي أن النووي عني ما وقع في آخر الحديث عند البخاري دون مسلم من القصة التي حكاها بن الناطور وأن في آخرها في بدء الوحي أن هرقل قال إني قلت مقالتي آنفا اختبر بها شدتكم على دينكم فقد رأيت وزاد في آخر حديث الباب فقد رأيت الذي أحببت فكأن النووي أشار إلى هذا والله أعلم وقد وقع التعبير بقوله شح بملكه في الحديث الذي أخرجه قوله ثم دعابكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه ظاهره أن هرقل هو الذي قرأ الكتاب ويحتمل أن يكون الترجمان قرأه ونسبت قراءته إلى هرقل مجازا لكونه الامر به وقد تقدم في رواية الجهاد بلفظ ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ وفي مرسل محمد بن كعب القرظي عند الواقدي في هذه القصة فدعا الترجمان الذي يقرأ بالعربية فقرأه ووقع في رواية الجهاد ما ظاهره أن قراءة الكتاب وقعت مرتين فإن في أوله فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين قرأه التمسوا لي ههنا أحدا من قومه لاسالهم عنه قال بن عباس فأخبرني أبو سفيان أنه كان بالشام في رجال من قريش فذكر القصة إلى أن قال ثم دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرئ والذي يظهر لي أن هرقل قرأه بنفسه أولا ثم لما جمع قومه وأحضر أبا سفيان ومن معه وسأله وأجابه أمر بقراءة الكتاب على الجميع ويحتمل أن يكون المراد بقوله أولا فقال حين قرأه أي قرأ عنوان الكتاب لان كتاب النبي صلى الله عليه وسلم كان مختوما بختمه وختمه محمد رسول الله ولهذا قال إنه يسأل عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي ويؤيد هذا الاحتمال أن من جملة الاسئلة قول هرقل بم يأمركم فقال أبو سفيان يقول اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وهذا بعينه في الكتاب فلو كان هرقل قرأه أولا ما أحتاج إلى السؤال عنه ثانيا نعم يحتمل أن يكون سأل عنه ثانيا مبالغة في تقريره قال النووي في هذه القصة فوائد منه جواز مكاتبة الكفار ودعاؤهم إلى
[ 165 ]
الاسلام قبل القتال وفيه تفصيل فمن بلغته الدعوة وجب إنذارهم قبل قتالهم وإلا استحب ومنها وجوب العمل بخير الواحد وإلا لم يكن في بعث الكتاب مع دحية وحده فائدة ومنها وجوب العمل بالخط إذا قامت القرائن بصدقه قوله فإذا فيبسم الله الرحمن الرحيم قال النووي فيه استحباب تصدير الكتب ببسم الله الرحمن الرحيم وإن كان المبعوث إليه كافرا ويحمل قوله في حديث أبي هريرة كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع أي بذكر الله كما جاء في رواية أخرى فإنه روى على أوجه يذكر الله ببسم الله بحمد الله قال وهذا الكتاب كان ذا بال من المهمات العظام ولم يبدأ فيه بلفظ الحمد بل بالبسملة انتهى والحديث الذي أشار إليه أخرجه أبو عوانة في صحيحه وصححه بن حبان أيضا وفي إسناده مقال وعلى تفسير صحته فالرواية المشهورة فيه بلفظ حمد الله وما عدا ذلك من الالفاظ التي ذكرها النووي وردت في بعض طرق الحديث بأسانيد واهية ثم اللفظ وأن كان عاما لكن أريد به الخصوص وهي الامور التي تحتاج إلى تقدم الخطبة وأما المراسلات فلم تجر العادة الشرعية ولا العرفية بابتدائها بذلك وهو نظير الحديث الذي أخرجه أبو داود محديث أبي هريرة أيضا بلفظ كل خطبة ليس فيها شهادة فهي كاليد الجذباء فالابتداء بالحمد واشتراط التشهد خاص بالخطبة بخلاف بقية الامور المهمة فبعضها يبدأ فيه بالبسملة تامة كالمراسلات وبعضها ببسم الله فقط كما في أول الجماع والذبيحة وبعضها بلفظ من الذكر مخصوص كالتكبير وقد جمعت كتب النبي صلى الله عليه وسلم إلى الملوك وغيرهم فلم يقع في واحد منها البداءة بالحمد بل بالبسملة وهو يؤيد ما قررته والله أعلم وقد تقدم في الحيض استدلال المصنف بهذا الكتاب على جواز قراءة الجنب القرآن وما يرد عليه وكذا في الجهاد الاستدلال به على جواز السفر بالقرآن إلى أرض العدو وما يرد عليه بما أغنى عن الاعادة ووقع في مرسل سعيد بن المسيب عند بن أبي شيبة أن هرقل لما قرأ الكتاب قال هذا كتاب لم أسمعه بعد سليمان عليه السلام كأنه يريد الابتداء ببسم الله الرحمن الرحيم وهذا يؤيد ما قدمناه أنه كان عالما بأخبار أهل الكتاب قوله من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع في بدء الوحي وفي الجهاد من محمد بن عبد الله ورسوله قوفيه إشارة إلى أن رسل الله وإن كانوا أكرم الخلق على الله فهم مع ذلك مقرون بأنهم عبيد الله وكأن فيه إشارة إلى بطلان ما تدعيه النصارى في عيسى عليه السلام وذكر المدائني أن القارئ لما قرأ من محمد رسول الله إلى عظيم الروم غضب آخو هرقل واجتذب الكتاب فقال له هرقل مالك فقال بدأ بنفسه وسماك صاحب الروم فقال هرقل انك لضعيف الرأي أتريد أن أرمى بكتاب قبل أن أعلم ما فيه لئن كان رسول الله إنه لاحق أن يبدأ بنفسه ولقد صدق أنا صاحب الروم والله مالكى ومالكهم وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده من طريق عبد الله بن شداد عن دحية بعثني النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب إلى هرقل فقدمت عليه فأعطيته الكتاب وعنده بن أخ له أحمر أزرق سبط الرأس بن فلما قرأ الكتاب نخر بن أخيه نخرة فقال لا تقرأ فقال قيصر لم قال لانه بدأ بنفسه وقال صاحب الروم ولم يقل ملك الروم قال اقرأ فقرأ الكتاب قوله إلى هرقل عظيم الروم عظيم بالجر على البدل ويجوز الرفع على القطع والنصب على الاختصاص والمراد من تعظمة الروم وتقدمه للرياسة عليها قوله أما بعد تقدم في كتاب الجمعة في باب من قال في الخطبة بعد الثاء أما بعد الاشارة إلى عدد من روى من الصحابة هذه الكلمة وتوجيهها
[ 166 ]
ونقلت هناك أن سيبويه قال أن معنى أما بعد مهما يكن من شئ وأقول هنا سيبويه لا يخص ذلك بقولنا أما بعد بل كل كلام أوله أما وفيه معنى الجزاء قاله في مثل أما عبد الله فمنطلق والفاء لازمة في أكثر الكلام وقد تحذف وهو نادر قال الكرماني فإن قلت أما للتفصيل فأين القسيم ثم أجاب بأن التقدير أما الابتداء فهو بسم الله وأما المكتوب فهو من محمد الخ وأما المكتوب به فهو ما ذكر في الحديث وهو توجيه مقبول لكنه لا يطرد في كل موضع ومعناها الله الفصل بين الكلامين واختلف في أول من قالها فقيل داود عليه السلام وقيل يعرب بن قحطان وقيل كعب بن لؤي وقيل قس بن ساعده وقيل سحبان وفي غرائب مالك الدارقطني أن يعقوب عليه السلام قالها فإن ثبت وقلنا أن قحطان من ذرية إسماعيل فيعقوب أول من قالها مطلقا وإن قلنا أن قحطان قبل إبراهيم عليه السلام فيعرب أول من قالها والله أعلم قوله أسلم تسلم فيه بشارة لمن دخل في الاسلام أنه يسلم من الآفات اعتبارا بأن ذلك لا يختص بهرقل كما أنه لا يختص بالحكم الآخر وهو قوله أسلم يؤتك الله أجرك مرتين لان ذلك عام في حق من كان مؤمنا بنبيه ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم قوله وأسلم يؤتك فيه تقوية لاحد الاحتمالين المتقدمين في بدء الوحي وأنه أعاد أسلم تأكيدا ويحتمل أن يكون قوله أسلم أولا أي لا تعتقد في المسيح ما تعتقده النصارى وأسلم ثانيا أي ادخل في دين الاسلام فلذلك قال بعد ذلك يؤتك الله أجرك مرتين تنبيه لم يصرح في الكتاب بدعائه إلى الشهادة للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة لكن ذلك منطو في قوله والسلام على من أتبع الهدى وفي قوله أدعوك بدعاية الاسلام وفي قوله أسلم فإن جميع ذلك يتضمن الاقرار بالشهادتين قوله إثم الاريسيين تقدم ضبطه وشرحه في بدء الوحي ووجدته هناك في أصل معتمد بتشديد الراء وحكى هذه الرواية أيضا صاحب المشارق وغيره وفي أخرى الاريسين بتحتانية واحدة قال بن الاعرابي ارس يأرس بالتخفيف فهو أريس وأرس بالتشديد يؤرس فهو أريس وقال الازهري بالتخفيف وبالتشديد الاكار لغة شامية وكان أهل السواد أهل فلاحة وكانوا مجوسا وأهل الروم أهل صناعة فأعلموا بأنهم وإن كانوا أهل كتاب فإن عليهم إن لم يؤمنوا من الاثم إثم المجوس انتهى وهذا توجيه آخر لم يتقدم ذكره وحكى غيره أن الاريسيين ينسبون إلى عبد الله بن أريس رجل كان تعظمه النصارى ابتدع في دينهم أشياء مخالفة لدين عيسى وقيل أنه من قوم بعث إليهم نبي فقتلوه فالتقدير على هذا فإن عليك مثل إثم الاريسيين وذكر بن حزم أن أتباع عبد الله بن أريس كانوا أهل مملكة هرقل ورده بعضهم بأن الاريسيين كانوا قليلا وما كانوا يظهرون رأيهم فإنهم كانوا ينكرون التثليث وما أظن قول بن حزم إلا عن أصل فأنه لا يجازف في النقل ووقع في رواية الاصيلي اليريسيين بتحتانية في أوله وكأنه بتسهيل الهمزة وقال بن سيده في المحكم الاريس الاكار عند ثعلب والامين عند كراع فكأنه من الاضداد أي يقال للتابع والمتبوع والمعنى في الحديث صالح على الرأيين فإن كان المراد التابع فالمعنى إن عليك مثل إثم التابع لك على ترك الدخول في الاسلام وأن كان المراد المتبوع فكأنه قال فإن عليك إثم المتبوعين وإثم المتبوعين يضاعف باعتبار ما وقع لهم من عدم الاذعان إلى الحق من اضلال أتباعهم وقال النووي نبه بذكر الفلاحين على بقية الرعية لانهم الاغلب ولانهم أسرع انقيادا وتعقب بأن من الرعايا غير الفلاحين من له صرامة وقوة وعشيرة
[ 167 ]
فلا يلزم من دخول الفلاحين في الاسلام دخول بقية الرعايا حتى يصح أنه نبه بذكرهم على الباقين كذا تعقبه شيخنا شيخ الاسلام والذي يظهر أن مراد النووي أنه نبه بذكر طائفة من الطوائف على بقية الطوائف كأنه يقول إذا امتنعت كان عليك إثم كل من أمتنع بامتناعك وكان يطيع لو أطعمت كالفلاحين فلا وجه للتعقب عليه نعم قول أبي عبيد في كتاب الاموال ليس المراد بالفلاحين الزراعين فقط بل المراد به جميع أهل المملكة إن أراد به على التقرير الذي قررت به كلام النووي فلا اعتراض عليه وإلا فهو معترض وحكى أبو عبيد أيضا أن الاريسيين هم الخول والخدم وهذا أخص من الذي قبله إلا أن يريد بالخول ما هو أعم بالنسبة إلى من يحكم الملك عليه وحكى الازهري أيضا أن الاريسيين قوم من المجوس كانوا يعبدون النار ويحرمون الزنا وصناعتهم الحراثة ويخرجون العشر مما يزعون لكنهم يأكلون الموقوذة وهذا أثبت فمعنى الحديث فإن عليك مثل إثم الاريسيين كما تقدم قوله فلما فرغ أي القارئ ويحتمل أن يريد هرقل ونسب إليه ذلك مجازا لكونه الآمر به ويؤيده قوله بعده عنده فإن الضمير فيه وفيما بعده لهرقل جزما قوله ارتفعت الاصوات عنده وكثر اللغط ووقع في الجهاد فلما أن قضى مقالته علمت أصوات الذين حوله من عظماء الروم وكثر لفظهم فلا أدرى ما قالوا لكن يعرف من قرائن الحال أن اللغط كان لما فهموه من هرقل من ميله إلى التصديق قوله لقد أمر أمر بن أبي كبشة تقدم ضبطه في بدء الوحي وأن أمر الاول بفتح الهمزة وكسر الميم والثاني بفتح الهمزة وسكون الميم وحكى بن التين أنه روى بكسر الميم أيضا وقد قال كراع في المجرد ورع أمر بفتح ثم كسر أي كثير فحينئذ يصير المعنى لقد كثر كثيرا بن بن كبشة وفيه قلق وفي كلام الزمخشري ما يشعر بان الثاني بفتح الميم فإنه قال أمرة على وزن بركة الزيادة ومنه قول أبي سفيان لقد أمر أمر محمد انتهى هكذا أشار إليه شيخنا شيخ الاسلام سراج الدين في شرحه ورده والذي يظهر لي أن الزمخشري إنما أراد تفسير اللفظة الاولى وهي أمر بفتح ثم كسر وأن مصدرها أمر بفتحتين والامر بفتحتين الكثرة والعظم والزيادة ولم يرد ضبط اللفظة الثانية والله أعلم قوله قال الزهري فدعا هرقل عظماء الروم فجمعهم الخ هذه قطعة من الرواية التي وقعت في بدء الوحي عقب القصة التي حكاها بن الناطور وقد بين هناك أن هرقل دعاهم في دسكرة له بحمص وذلك بعد أن رجع من بيت المقدس وكاتب صاحبه الذي برومية فجاءه جوابه يوافقه على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا فالفاء في قوله فدعا فصيحة والتقدير قال الزهري فسار هرقل إلى حمص فكتب إلى صاحبه برومية فجاءه جوابه فدعا الروم تنبيه وقع في سيرة بن إسحاق من روايته عن الزهري بإسناد حديث الباب إلى أبي سفيان بعض القصة التي حكاها الزهري عن بن الناطور والذي يظهر لي أنه دخل عليه حديث في حديث ويؤيده أنه حكى قص الكتاب عن الزهري قال حدثني اسقف من النصارى قد أدرك ذلك الزمان قلت وهذا هو بن الناطور وقصة الكتاب إنما ذكرها الزهري من طريق أبي سفيان وقد فصل شعيب بن أبي حمزة عن الزهري الحديث تفصيلا واضحا وهو أوثق من بن إسحاق وأتقن فروايته هي المحفوظة ورواية بن إسحاق شاذة ومحل هذا التنبيه أن يذكر في الكلام على الحديث في بدء الوحي لكن فات ذكره هناك فاستدركته هنا قوله فجمعهم في دار له فقال تقدم في بدء الوحي انه جمعهم في مكان
[ 168 ]
ينكروا مقالته فيبادروا لى قتله وقوله آخر الابد أي يدوم ملككم إلى آخر الزمان لانه عرف من الكتب أن لا أمة بعد هذه الامة ولا دين بعد دينها وأن من دخل فيه آمن على نفسه فقال لهم ذلك قوله فقال على بهم فدعا بهم فقال فيه حذف تقديره فردوهم فقال قوله فقد رأيت منكم الذي أحببت يفسر ما وقع مختصرا في بدء الوحي مقتصرا على قوله فقد رأيت واكتفى بذلك عما بعده قوله فسجدوا له ورضوا عنه يشعر بأنه كان من عادتهم السجود لملوكهم ويحتمل أن يكون ذلك إشارة إلى تقبيلهم الارض حقيقة فإن الذي يفعل ذلك ربما صار غالبا كهيئة الساجد وأطلق أنهم رضوا عنه بناء على رجوعهم عما كانوا هموا به عند تفرقهم عنه من الخروج والله أعلم وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم البداءة باسم الكاتب قبل المكتوب إليه وقد أخرج أحمد وأبو داود عن العلاء بن الحضرمي أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكان عامله على البحرين فبدأ بنفسه من العلاء إلى محمد رسول الله وقال ميمون كانت عادة ملوك العجم إذا كتبوا إلى ملوكهم بدءوا باسم ملوكهم فتبعتهم بنو أمية قلت وسيأتي في الاحكام أن بن عمر كتب إلى معاوية فبدأ باسم معاوية وإلى عبد الملك كذلك وكذا جاء عن زيد بن ثابت إلى معاوية وعند البزار بسند ضعيف عن حنظلة الكاتب أن النبي صلى الله عليه وسلم وجه عليا وخالد بن الوليد فكتب إليه خالد فبدأ بنفسه وكتب إليه على فبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب على واحد منهما وقد تقدم الكلام على أما بعد في كتاب الجمعة (0) قوله باب لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون الآية كذا لابي ذر ولغيره إلى به عليم ثم ذكر المصنف حديث أنس في قصة بيرحاء وقد تقدم ضبطها في الزكاة وشرح الحديث في الوقف (4279) قوله وقال عبد الله بن يوسف وروح بن عبادة عن مالك قال رابح يعني أن المذكورين رويا الحديث عن مالك بإسناده فوافقا فيه إلا في هذه اللفظة فأما رواية عبد الله بن يوسف فوصلها المؤلف في الوقف عنه ووقع عند المزي أنه أوردها في التفسير موصولة عن عبد الله بن يوسف أيضا وأما رواية روح بن عبادة فتقدم في الوكالة أن أحمد وصلها عنه وذكرت هناك ما وقع للرواة عن مالك في ضبط هذه اللفظة وهل هي رابح بالموحدة أو التحتانية مع الشرح قوله حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك رايح كذا اختصره وكان قد ساقه بتمامه من هذا الوجه في كتاب الوكالة تنبيه وقع هنا لغير أبي ذر حدثنا محمد بن عبد الله الانصاري حدثني أبي عن ثمامة عن أنس قال فجعلها لحسان وأبي بن كعب وأنا أقرب إليه منهما ولم يجعل لمنها شيئا وهذا طرف من الحديث وقد تقدم بتمامه في الوقف مع شرحه وأغفل المزي التنبيه على هذا الطريق هنا وممن عمل بالآية بن عمر فروى البزار من طريقه أنقرأها قال فلم أجد شيئا أحب إلى من مرجانة جارية لي رومية فقلت هي حرة لوجه الله فلولا أني لا أعود في شئ جعلته لله لتزوجتها (0) قوله باب قل فأتوا بالتوراة فأتلوها إن كنتم صادقين ذكر فيه حديث بن عمر في قصة اليهوديين اللذين زنيا وسيأتي شرحه في
[ 169 ]
الحدود وقوله في هذه الرواية كيف تفعلون في رواية الكشميهني كيف تعملون وقوله نحممهما بمهملة ثم ميم مثقلة أي نسكب عليهما الماء الحميم وقيل نجعل في وجوهما الحمة بمهملة وميم خفيفة أي السواد وسيأتي ما في ذلك عند شرح الحديث وقوله فوضع مدراسها بكسر أوله كذا للكشميهني ولغيره مدارسها بضم أوله وتقديم الالف بوزن المفاعلة من الدراسة والاول أوجه (4280) قوله فلما رأوا ذلك قالوا في رواية الكشميهني بالافراد فيهما قوله يجنأ بجيم ساكنة ثم نون مفتوحة ثم همزة وللكشميهني يحيى بالمهملة وكسر النون بغير همز (0) قوله باب كنتم خير أمة أخرجت للناس ذكر فيه حديث أبي هريرة في تفسيرها غير مرفوع وقد تقدم في أواخر الجهاد من وجه آخر مرفوعا وهو يرد قول من تعقب البخار فقال هذا موقوف لا معنى لادخاله في المسند (4281) قوله سفيان هو الثوري قوله عن ميسرة هو بن عمار الاشجعي كوفي ثقة ما له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في بدء الخلق ويأتي في النكاح وشيخه أبو حازم بمهملة ثم زاى هو سليمان الاشجعي وقوله خير الناس للناس أي خير بعض الناس لبعضهم أي أنفعهم لهم وإنما كان ذلك لكونهم كانوا سببا في إسلامهم وبهذا التقرير يندفع تعقب من زعم بأن التفسير المذكور ليس بصحيح وروى بن أبي حاتم والطبري من طريق السدي قال قال عمر لو شاء الله لقال أنتم خير امة فكنا كلنا ولكن قال كنتم فنهى خاصة لاصحاب محمد ومن صنع مثل صنيعهم وهذا منقطع وروى عبد الرزاق وأحمد والنسائي والحاكم من حديث بن عباس بإسناد جيد قال هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهذا أخص من الذي قبله وللطبراني من طريق بن جريج عن عكرمة قال نزلت في بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وهذا موقوف فيه انقطاع وهو أخص مما قبله وروى الطبري من طريق مجاهد قال معناه على الشرط المذكور تأمرون بالمعروف الخ وهذا أعم وهو نحو الاول وجاء في سبب هذا الحديث ما أخرجه الطبري وابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال كان من قبلكم لا يأمن هذا في بلاد هذا ولا هذا في بلاد هذا فلما كنتم أنتم أمن فيكم الاحمر والاسود ومن وجه آخر عنه قال لم تكن أمة دخل فيها من أصناف الناس مثل هذه الامة وعن أبي بن كعب قال لم تكن أمة أكثر استجابة في الاسلام من هذه الامة أخرجه الطبري بإسناد حسن عنه وهذا كله يقتضى حملها على عموم الامة وبه جزم الفراء واستشهد بقوله واذكروا إذ أنتم قليل وقوله واذكروا إذ كنتم قليلا قال وحذف كان في مثل هذا وإظهارها سواء وقال غيره المراد بقوله كنتم في اللوح المحفوظ أو في علم الله تعالى ورجح الطبري أيضا حمل الآية على عموم الامة وأيد ذلك بحديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذه الآية كنتم خير أمة أخرجت للناس قال أنتم متمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله وهو حديث حسن صحيح أخرجه الترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم وصححه وله شاهد مرسل عن قتادة عند الطبري رجاله ثقات وفي حديث على عند أحمد بإسناد حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وجعلت أمتي خير الامم (0) قوله باب إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا ذكر فيه حديث جابر وقد تقدم مشروحا في غزوة أحد وقوله والله وليهما ذكر الفراء أن في قراءة بن مسعود والله وليهم قال وهو كقوله وإن طائفتان
[ 170 ]
من المؤمنين اقتتلوا (0) قوله باب ليس لك من الامر شئ سقط باب لغير أبي ذر قوله (4283) أخبرنا عبد الله هو بن المبارك قوله فلانا وفلانا وفلانا تقدمت تسميتهم في غزوة أحد من رواية مرسلة أوردها المصنف عقب هذا الحديث بعينه عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على صفوان بن أمية وسهيل بن عمير والحارث بن هشام فنزلت وأخرج أحمد والترمذي هذا الحديث موصولا من رواية عمرو بن حمزة عن سالم عن أبيه فسماهم وزاد في آخر الحديث فتيب عليهم كلهم وأشار بذلك إلى قوله في بقية الآية أو يتوب عليهم ولاحمد أيضا من طريق محمد بن عجلان عن نافع عن بن عمر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو على أربعة فنزلت قال وهداهم الله للاسلام وكان الرابع عمرو بن العاصي فقد عزاه السهيلي لرواية الترمذي لكن لم أره فيه والله أعلم (4284) قوله رواه إسحاق بن راشد عن الزهري أي بالاسناد المذكور وهو موصول عند الطبراني في المعجم الكبير من طريقه قوله كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لاحد أي في صلاته قوله قنت بعد الركوع تمسك بمفهومه من زعم أن القنوت قبل الركوع قال وإنما يكون بعد الركوع عند إرادة الدعاء على قوم أو لقوم وتعقب أحتمال أن مفهومه أن القنوت لم يقع إلا في هذه الحالة ويؤيده ما أخرجه بن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم وقد تقدم بيان الاختلاف في القنوت وفي محله في آخر باب الوتر قوله الوليد بن الوليد أي بن المغيرة وهو أخو خالد بن الوليد وكان ممن شهد بدرا مع المشركين وأسر وفدى نفسه ثم أسلم فحبس بمكة ثم تواعد هو وسلمة وعياش المذكورين معه وهربوا من المشركين فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمخرجهم فدعا لهم أخرجه عبد الرزاق بسند مرسل ومات الوليد المذكور لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم روينا ذلك في فوائد الزيادات من حديث الحافظ أبي بكر بن زياد النيسابوري بسند عن جابر قال رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الاخيرة من صلاة الصبح صبيحة خمس عشرة من رمضان فقال اللهم أنج الوليد بن الوليد الحديث وفيه فدعا بذلك خمسة عشر يوما حتى إذا كان صبيحة يوم الفطر ترك الدعاء فسأله عمر فقال أو ما علمت أنهم قدموا قال بينما هو يذكرهم انفتح عليهم الطريق يسوق بهم الوليد بن الوليد قد نكت إصبعه بالحرة وساق بهم ثلاثا على قدميه فنهج بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى قضى فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهيد أنا على هذا شهيد ورثته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بأبيات مشهورة قوله وسلمة بن هشام أي بن المغيرة وهو بن عم الذي قبله وهو أخو أبي جهل وكان من السابقين إلى الاسلام واستشهد في خلافه أبي بكر بالشام سنة أربع عشرة قوله وعياش هو بالتحتانية ثم المعجمة وأبوه أبو ربيعة اسمه عمرو بن المغيرة فهو عم الذي قبله أيضا وكان من السابقين الى الاسلام أيضا وهاجر الهجرتين ثم خدعة أبو جهل فرجع إلى مكة فحبسه ثم فر مع رفيقيه المذكورين وعاش إلى خلافة عمر فمات كان سنة خمس عشرة وقيل قبل ذلك والله أعلم قوله وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر كأنه يشير إلى أنه لا يداوم على ذلك قوله اللهم العن فلانا وفلانا لاحياء من العرب وقع تسميتهم في رواية يونس عن الزهري عند مسلم بلفظ اللهم
[ 171 ]
العن رعلاوذكوان وعصية قوله حتى أنزل الله ليس لك من الامر شئ تقدم استشكاله في غزوة أحد وأن قصة وعل وذكوان كانت بعد أحد ونزول ليس لك من الامر شئ كان في قصة أحد فكيف يتأخر السبب عن النزول ثم ظهر لي علة الخبر وأن فيه إدراجا وأن قوله حتى أنزل الله منقطع من رواية الزهري عمن بلغه بين ذلك مسلم في رواية يونس المذكورة فقال هنا قال يعني الزهري ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزلت وهذا البلاغ لا يصح لما ذكرته وقد ورد في سبب نزول الآية شئ آخر لكنه لا ينافي ما تقدم بخلاف قصة رعل ذكوان فعند أحمد ومسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه حتى سأل الدم على وجهه فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ الآية وطريق الجمع بينه وبين حديث بن عمر أنه صلى الله عليه وسلم دعا على المذكورين بعد ذلك في صلاته فنزلت الآية في الامرين معا فيما وقع له من الامر المذكور وفيما نشأ عنه من الدعاء عليهم وذلك كله في أحد بخلاف قصة رعل وذكوان فأنها أجنبية ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلا ثم نزلت في جميع ذلك والله أعلم (0) قوله باب قوله تعالى والرسول يدعوكم في أخراكم وهو تأنيث آخركم كذا وقع فيه وهو تابع لابي عبيدة فإنه قال أخراكم آخركم وفيه نظر لان أخرى تأنيث آخر بفتح الخاء لاكسرها وقد حكى الفراء أن من العرب من يقول في اخراتكم بزيادة المثناة قوله وقال بن عباس إحدى الحسنيين فتحا أو شهادة كذا وقع هذا التعليق بهذه الصورة ومحله في سورة براءة ولعله أورده هنا للاشارة إلى أن إحدى الحسنيين وقعت في أحد وهي الشهادة وقد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله ثم ذكر المصنف طرفا من حديث البراء في قصة الرما يوم أحد وقد تقدم بتمامه مع شرحه في المغازي (0) قوله باب قوله آمنة نعاسا (4286) رضي الله تعالى عنه قوله حدثني إسحاق بن إبراهيم بن عبد الرحمن أبو يعقوب هو بغدادي لقبه لؤلؤ ويقال يؤيؤ بتحتانيتين وهو بن عم أحمد بن منيع وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في كتاب الرقاق وهو ثقة بانفاق وعاش بعد البخاري ثلاث سنين مات سنة تسع وخمسين ثم ذكر حديث أبي طلحة في النعاس يوم أحد وقد تقدم في المغازي من وجه آخر عن قتادة مع شرحه (0) قوله باب قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح ساق الآية إلى عظيم قوله القرح الجراح هو تفسير أبي عبيدة وكذا أخراجه بن جرير من طريق سعيد بن جبير مثله وروى سعيد بن منصور بإسناد جيد عن بن مسعود أنه قرأ القرح بالضم قلت وهي قراءة أهل الكوفة وذكر أبو عبيد عن عائشة أنها قالت اقرأها بالفتح لا بالضم قال الاخفش الفرح بالضم وبالفتح المصدر فالضم لغة أهل الحجاز والفتح لغة غيرهم كالضعف والضعف وحكى الفراء أنه بالضم الجرح وبالفتح ألمه وقال الراغب القرح بالفتح أثر الجراحة وبالضم أثرها من داخل قوله استجابوا أجابوا ويستجيب يجيب هو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى فاستجاب لهم أي أجابهم تقول العرب استجيتك أي أجبتك قال كعب الغنوي وداع دعا يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب وقال في قوله تعالى ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات أي يجيب الذين آمنوا وهذه
[ 172 ]
في سورة الشورى وإنما أوردها المصنف استشهادا للآية الاخرى تنبيه لم يسق البخاري في هذا الباب حديثا وكأنه بيض له واللائق به حديث عائشة أنها قالت لعروة في هذه الآية يا بن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر وقد تقدم في المغازي مع شرحه وروى بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن بن عباس قال لما رجع المشركون عن أحد قالوا لا محمدا قتلتم ولا الكواعب ردفتم بئسما صنعتم فرجعوا فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتدبوا حتى بلغ حمراء الاسد فبلغ المشركين فقالوا نرجع من قابل فأنزل الله تعالى الذين استجابوا لله والرسول الآية أخرجه النسائي وابن مردويه ورجاله رجال الصحيح إلا أن المحفوظ إرساله عن عكرمة ليس فيه بن عباس ومن الطريق المرسلة أخرجه أبن أبي حاتم وغيره (0) قوله باب قوله الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم في رواية أبي ذر باب إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم وزاد غيره الآية (4287) رحمه اللهقوله حدثنا أحمد بن يونس أراه قال حدثنا أبو بكر كذا وقع القائل أراه هو البخاري وهو بضم الهمزة بمعنى أظنه وكأنه عرض له شك في اسم شيخ شيخه وقد أخرجه الحاكم من طريق أحمد بن إسحاق عن أحمد بن يونس حدثنا أبو بكر بن عياش بإسناده المذكور بغير شك لكن وهم الحاكم في استدراكه قوله عن أبي حصين بفتح المهملة واسمه عثمان بن عاصم ولابي بكر بن عياش في هذا الحديث إسناد آخر أخرجه بن مردويه من وجه آخر عنه عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قيل له إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فنزلت هذه الآية قوله عن أبي الضحى اسمه مسلم بن صبيح بالتصغير قوله قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقى في النار في الرواية التي بعدها أن ذلك آخر ما قال وكذا وقع في رواية الحاكم المذكورة ووقع عند النسائي من طريق يحيى بن أبي بكير عن أبي بكر كذلك وعند أبي نعيم في المستخرج من طريق عبيد الله بن موسى عن إسرائيل بهذا الاسناد أنها أول ما قال فيمكن أن يكون أول شئ قال وآخر شئ قال والله أعلم قوله حين قالوا إن الناس قد جمعوا لكم فيه إشارة إلى ما أخرجه بن إسحاق مطولا في هذه القصة وأن أبا سفيان رجع بقريش بعد أن توجه من أحد فلقيه معبد الخزاعي فأخبره أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في جمع كثير وقد اجتمع معه من كان تخلف عن أحد وندموا فثنى ذلك أبا سفيان وأصحابه فرجعوا وأرسل أبو سفيان ناسا فأخبروا النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا سفيان وأصحابه يقصدونهم فقال حسبنا الله ونعم الوكيل ورواه الطبري من طريق السدي نحوه ولم يسم معبدا قال أعرابيا ومن طريق بن عباس موصولا لكن بإسناد لين قال استقبل أبو سفيان عيرا وأردة المدينة ومن طريق مجاهد أن ذلك كان من أبي سفيان في العام المقبل بعد أحد وهي غزوة بدر الموعد ورجح الطبري الاول ويقال إن الرسول بذلك كان نعيم بن مسعود الاشجعي ثم أسلم نعيم فحسن إسلامه قيل إطلاق الناس على الواحد لكونه من جنسهم كما يقال فلان يركب الخيل وليس له إذ ذاك إلا فرس واحد قلت وفي صحة هذا المثال نظر (0) قوله باب ولا يحسبن الذي يبخلون بما آتاهم الله من فضله الآيساق غير أبي ذر إلى قوله خبير قال الواحدى أجمع المفسرون على انها نزلت في مانعي الزكاة وفي صحة هذا النقل نظر فقد قيل إنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة محمد قاله بن جريج واختاره الزجاج وقيل فيمن يبخل بالنفقة في الجهاد وقيل على العيال وذي الرحم
[ 173 ]
المحتاج نعم الاول هو الراجح واليه أشار البخاري قوله سيطوقون كقولك طوقته يطوق قال أبو عبيدة في قوله تعالى سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة أي يلزمون كقولك طوقته بالطوق وروى عبد الرزاق وسعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي بإسناد جيد في هذه الآية سيطوقون قال بطوق من النار ثم ذكر حديث أبي هريرة فيمن لم يؤد الزكاة وقد تقدم مع شرحه في أوائل كتاب الزكاة وكذا الاختلاف في التطويق المذكور هل يكون حسيا أو معنويا وروى أحمد والترمذي والنسائي وصححه بن خزيمة من طريق أبي وائل عن عبد الله مرفوعا لا يمنع عبد زكاة ماله إلا جعل الله له شجاعا أقرع يطوق في عنقه ثم قرأ مصداقة في كتاب الله سيطوفون ما بخلوبه يوم القيامة وقد قيل إن الآية نزلت في اليهود الذين سئلوا أن يخبروا بصفة محمد صلى الله عليه وسلم عندهم فبخلوا بذلك وكتموه ومعنى قوله سيطوقون ما بخلواأي بائمه (0) قوله باب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين اشركوا أذى كثيرا ذكر عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنها نزلت في كعب بن الاشرف فيما كان يهجو به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الشعر وقد تقدم في المغازي خبره وفيه شرح حديث من لكعب بن الاشرف فأنه آذى الله ورسوله وروى بن أبي حاتم وابن المنذر بإسناد حسن عن بن عباس أنها نزلت فيما كان بين أبي بكر وبين فنحاص اليهودي في قوله تعالى أن الله فقير ونحن اغنياء تعالى الله عن قوله فغضب أبو بكر فنزلت (4290) قوله على قطيفة فدكية أي كساء غليظ منسوب إلى فدك بفتح الفاء والدال وهي بلد مشهور على مرحلتين من المدينة قوله يعود سعد بن عبادة فيه عيادة الكبير بعض أتباعه في داره وقوله في بني الحارث بن الخزرج أي في منازل بني الحارث وهم قوم سعد بن عبادة قوله قبل وقعة بدر في رواية الكشميهني وقيعة قوله وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أبي أي قبل أن يظهر الاسلام قوله فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الاوثان واليهود المسلمين كذا فيه تكرار لفظ المسلمين آخرا بعد البداءة به والاولى حذف أحدهما وسقطت الثانية من رواية مسلم وغيره وأما قوله عبدة الاوثان فعلى البدل من المشركين وقوله اليهود يجوز أن يكون معطوفا على البدل أو على المبدل منه وهو أظهر لان الهيود مقرون بالتوحيد نعم من لازم قول من قال منهم عزيز بن الله تعالى الله عن قولهم الاشراك وعطفهم على أحد التقديرين تنويهابهم في الشر ثم ظهر لي رجحان أن يكون عطفا على المبدل منه كأنه فسر المشركين بعبدة الاوثان وباليهود ومنه يظهر توجيه إعادة لفظ المسلمين كأنه فسر الخلاط بشيئين المسلمين والمشركين ثم لما فسر المشركين بشيئين رأى إعادة ذكر المسلمين تأكيدا ولو كان قال أولاهن المسلمين والمشركين واليهود ما احتاج إلى إعادة وإطلاق المشركين على اليهود لكونهم يضاهون قولهم ويرجحونهم على المسلمين ويوافقونهم في تكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام ومعاداته وقتاله بعد ما تبين لهم الحق ويؤيد ذلك أنه قال في آخر الحديث قال عبد الله بن أبي بن سلول ومن معه من المشكرين وعبدة الاوثان فعطف عبدة الاوثان على المشركين وبالله التوفق قوله عجاجة بفتح المهملة وجيمين الاولى خفيفة أي غبارها وقوله خمر أي غطى وقوله أنفه في رواية الكشميهني وجهه قوله فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم يؤخذ منه جواز السلام على
[ 174 ]
المسلمين إذا كان معهم كفار وينوى حينئذ بالسلام المسلمين ويحتمل أن يكون الذي سلم به عليهم صيغة عموم فيها تخصيص كقوله السلام على من أتبع الهدى قوله ثم وقف فنزل عبر عن انتهاء مسيرة بالوقوف قوله أنه لا أحسن مما تقول بنصب أحسن وفتح أوله على أنه أفعل تفصيل ويجوز في أحسن الرفع على أنه خبر لا والاسم محذوف أي لا شئ أحسن من هذا ووقع في رواية الكشميهني بضم أوله وكسر السين وضم النون ووقع في رواية أخرى لاحسن بحذف لكن بفتح السين وضم النون على أنها لام القسم كأنه قال أحسن من هذا أن تقعد في بيتك حكاه عياض عن أبي على واستحسنه وحكى بن الجوزي تشديد السين المهملة بغير نون من الحس أي لا أعلم منه شيئا قوله يتثاورون بمثلثة أي يتواثبون أي قاربوا أن يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا يقال ثار إذا قام بسرعة وانزعاج قوله حتى سكنوا بالنون كذا للاكثر وعند الكشميهني بالمثناة ووقع في حديث أنس أنه نزل في ذلك وأن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية وقد قدمت ما فيه من الاشكال وجوابه عند شرح حديث أنس في كتاب الصلح قوله أبا سعد في رواية مسلم أي سعد قوله أبو حباب بضم المهملة وبموحدتين الاولى خفيفة وهي كنية عبد الله بن أبي وكناه النبي صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة لكونه كان مشهورا بها أو لمصلحة التألف قوله ولقد اصطلح بثبوت الواو للاكثر وبحذفها لبعضهم قوله أهل هذه البحرة في رواية الحموي البحيرة بالتصغير وهذا اللفظ يطلق على القرية وعلى البلد والمراد به هنا المدينة النبويه ونقل ياقوت أن البحرة من أسماء المدينة النبوية قوله على أن يتوجوه فيعصبوه بالعصابة يعني يرئسوه عليهم ويسودوه وسمي الرئيس معصيا لما يعصب برأسه من الامور أو لانهم يعصبون رؤوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم يمتازون بها ووقع في غير البخاري فيعصبونه والتقدير فهم يعصبونه أو فإذا هم يعصبونه وعند بن إسحاق لقد جاءنا الله بك وإنا لننظم له الخرز لنتوجه فهذا تفسير المراد وهو أولى مما تقدم قوله شرق بذلك بفتح المعجمة وكسر الراء أي غص به وهو كناية عن الحسد يقال غص بالطعام وشجى بالعظم وشرق بالماء إذا اعترض شئ من ذلك في الحلق فمنعه الاساغة قوله وكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب هذا حديث آخر أفرده بن أبي حاتم في التفسير عن الذي قبله وأن كان الاسناد متحدا وقد أخرج مسلم الحديث الذي قبله مقتصرا عليه ولم يخرج شيئا من هذا الحديث الآخر قوله وقال الله ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم إلى آخر الآية ساق في رواية أبي نعيم في المستخرج من وجه آخر عن أبي اليمان بالاسناد المذكور الآية وبما بعد ما ساقه المصنف منها تتبين المناسبة وهو قوله تعالى فاعفوا واصفحوا قوله حتى أذن الله فيهم أي في قتالهم أي فترك العفو عنهم وليس المراد أنه تركه أصلا بل بالنسبة إلى ترك القتال أولا ووقوعه آخرا وإلا فعفوه صلى الله عليه وسلم عن كثير من المشركين واليهود
[ 175 ]
بالمن والفداء وصفحه عن المنافقين مشهور في الاحاديث والسير قوله صناديد بالمهملة ثم نون خفيفة جمع صنديد بكسر ثم سكون وهو الكبير في قومه قوله هذا أمر قد توجه أي ظهر وجهه قوله فبايعوا بلفظ الماضي ويحتمل أن يكون بلفظ الامر والله أعلم ؟ ؟ ؟ (0) رضي الله تعالى عنهما قوله باب لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا سقط لفظ باب لغير أبي ذر (4291) قوله حدثنا محمد بن جعفر أي بن أبي كثير المدني والاسناد كله مدنيون إلى شيخ البخاري قوله إن رجالا من المنافقين هكذا ذكره أبو سعيد الخدري في سبب نزول الآية وأن المراد من كان يعتذر عن التخلف من المنافقين وفي حديث بن عباس الذي بعده أن المراد من أجاب من اليهود بغير ما سئل عنه وكتموا ما عندهم من ذلك ويمكن الجمع بأن تكون الآية نزلت في الفريقين معا وبهذا أجاب القرطبي وغيره وحكى الفرا أنها نزلت في قول اليهود نحن أهل الكتاب الاول والصلاة والطاعة ومع ذلك لا يقرون بمحمد فنزلت ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وروى بن أبي حاتم من طرق أخرى عن جماعة من التابعين نحو ذلك ورجحه الطبري ولا مانع أن تكون نزلت في كل ذلك أو نزلت في أشياء خاصة وعمومها يتناول كل من أتى بحسنة ففرح بها فرح إعجاب وأحب أن يحمده الناس ويثنوا عليه بما ليس فيه والله أعلم (4292) قوله أخبرنا هشام هو بن يوسف الصنعاني قوله عن بن أبي مليكة في رواية عبد الرزاق عن بن جريج أخبرني بن أبي مليكة وسيأتي وكذا أخرجه بن أبي حاتم من طريق محمد بن ثور عن بن جريج قوله أن علقمة بن وقاص هو الليثي من كبار التابعين وقد قيل إن له صحبة وهو راوي حديث الاعمال عن عمر قوله أن مروان هو بن الحكم بن أبي العاص الذي ولي الخلافة وكان يومئذ أمير المدينة من قبل معاوية قوله قال لبوابة أذهب يا رافع إلى بن عباس فقل رافع هذا لم أر له ذكرا في كتاب الرواة إلا بما جاء في هذا الحديث والذي يظهر من سياق الحديث أنه توجه إلى بن عباس فبلغه الرسالة ورجع إلى مروان بالجواب فلولا أنه معتمد عند مروان ما قنع برسالته لكن قد ألزم الاسماعيلي البخاري أن يصحح حديث يسرة بن صفوان في نقض الوضوء من مس الذكر فإن عروة ومروان اختلفا في ذلك فبعث مروان حرسيه إلى يسرة فعاد إليه بالجواب عنها فصار الحديث من رواية عروة عن رسول مروان عن يسرة ورسول مروان مجهول الحال فتوقف عن القول بصحة الحديث جماعة من الائمة لذلك فقال الاسماعيلي أن القصة التي في حديث الباب شبيهة بحديث يسرة فإن كان رسول مروان معتمدا في هذه فليعتمد في الاخرى فإنه لا فرق بينهما إلا أنه في هذه القصة سمي رافعا ولم يسم الحرسي قال ومع هذا فاختلف على بن جريج في شيخ شيخه فقال عبد الرزاق وهشام عنه عن بن أبي مليكة عن علقمة وقال حجاج بن محمد عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن حميد بن عبد الرحمن ثم ساقه من رواية محمد بن عبد الملك بن جريج عن أبيه عن بن أبي مليكة عن حميد بن عبد الرحمن فصار لهشام متابع وهو عبد الرزاق ولحجاج بن محمد متابع وهو محمد وأخرجه بن أبي حاتم من طريق محمد بن ثور عن بن جريج كما قال عبد الرزاق والذي يتحصل لي من الجواب عن هذا الاحتمال أن يكون علقمة بن وقاص كان حاضرا عند بن عباس لما أجاب فالحديث من رواية علقمة عن بن عباس وإنما قص علقمة سبب تحديث بن عباس بذلك فقط وكذا أقول في حميد بن عبد الرحمن فكأن بن أبي مليكة حمله عن كل منهما وحدث به بن جريج
[ 176 ]
عن كل منهما فحدث به بن جريج تارعن هذا وتارة عن هذا وقد روى بن مردويه في حديث أبي سعيد ما يدل على سبب إرساله لابن عباس فأخرج من طريق الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال كان أبو سعيد وزيد بن ثابت ورافع بن خديج عند مروان فقال يا أبا سعيد أرأيت قول الله فذكر الآية فقال إن هذا ليس من ذاك إنما ذاك أن ناسا من المنافقين فذكر نحو حديث الباب وفيه فإن كان لهم نصر وفتح حلفوا لهم على سرورهم بذلك ليحمدوهم على فرحهم وسرورهم فكأن مروان توقف في ذلك فقال أبو سعيد هذا يعلم بهذا فقال أكذلك يا زيد قال نعم صدق ومن طريق مالك عن زيد بن أسلم عن رافع بن خديج أن مروان سأله عن ذلك فأجابه بنحو ما قال أبو سعيد فكأن مروان أراد زيادة الاستظهار فأرسل بوابه رافعا إلى بن عباس يسأله عن ذلك والله أعلم وأما قول البخاري عقب الحديث تابعه عبد الرزاق عن بن جريج فيريد أنه تابع هشام بن يوسف على روايته إياه عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن علقمة ورواية عبد الرزاق وصلها في التفسير وأخرجها الاسماعيلي والطبري وأبو نعيم وغيرهم من طريقه وقد ساق البخاري إسناد حجاج عقب هذا ولم يسق المتن بل قال عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه أخبره أن مروان بهذا وساقه مسلم والاسماعيلي من هذا الوجه بلفظ أن مروان قال لبوابة أذهب يا رافع إلى بن عباس فقل له فذكر نحو حديث هشام قوله لنعذبن أجمعون في رواية حجاج بن محمد لنعذبن أجمعين قوله إنما دعا النبي صلى الله عليه وسلم يهودا فسألهم عن شئ في رواية حجاج بن محمد إنما نزلت هذه الآية في أهل الكتاب قوله فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه عنه فيما سألهم في رواية حجاج بن محمد فخرجوا قد أروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه وهذا أوضح قوله بما أتوا كذا للآكثر بالقصر بمعنى جاءوا أي بالذي فعلوه وللحموي بما أوتوا بضم الهمزة بعدها واو أي أعطوا أي من العلم الذي كتموه كما قال تعالى فرحوا بما عندهم والاول أولى لموافقته التلاوة المشهورة على أن الاخرى قراءة السلمي وسعيد بن جبير وموافقة المشهور أولى مع موافقته لتفسير بن عباس قوله ثم قرأ بن عباس وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب فيه إشارة إلى أن الذين أخبر الله عنهم في الآية المسئول عنها هم المذكورون في الآية التي قبلها وأن الله ذمهم بكتمان العلم الذي أمرهم أن لا يكتموه وتوعدهم بالعذاب على ذلك ووقع في رواية محمد بن ثور المذكورة فقال بن عباس قال الله جل ثناؤه في التوراة إن الاسلام دين الله الذي افترضه على عبادة وإن محمدا رسول الله تنبيه الشئ الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه اليهود لم أره مفسرا وقد قيل إنه سألهم عن صفته عندهم بأمر واضح فأخبروه عنه بأمر مجمل وروى عبد الرزاق من طريق سعيد بن جبير في قوله ليبيننه للناس ولا يكتمونه قال محمد وفي قوله يفرحون بما أتوا قال بكتمانهم محمدا وفي قوله أن يحمدوا بما لم يفعلوا قال قولهم نحن على دين إبراهيم (0) قوله باب قوله أن في خلق السماوات والارض ساق إلى الالباب وذكر حديث بن عباس في بيت ميمونة أورده مختصرا وقد تقدم شرحه مستوفى في أبواب الوتر وورد في سبب نزول هذه الآية ما أخرجه بن أبي حاتم والطبراني من طريق جعفر بن أبي المغيرة عسعيد بن جبير عن بن عباس أنت قريش اليهود فقالوا أيما جاء به موسى قالوا العصا ويده الحديث إلى أن قال فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم اجعل
[ 177 ]
لنا الصفا ذهبا فنزلت هذه الآية ورجاله ثقات الا الحماني فإنه تكلم فيه وقد خالفه الحسن بن موسى فرواه عن يعقوب عن جعفر عن سعيد مرسلا وهو أشبه وعلى تقدير كونه محفوظا وصله ففيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة قلت ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة (0) صلى الله عليه وسلم قوله باب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم الآية أورد فيه حديث بن عباس من وجه آخر عن كريب عنه مطولا وقد تقدمت فوائده أيضا ووقع في هذه الرواية فقرأ الآيات العشر الاواخر من آل عمران حتى ختم فلهذا ترجم ببعض الآية المذكورة واستفيد من الرواية التي في الباب قبله أن أول المقروء قوله تعالى أن في خلق السماوات والارض (0) قوله باب ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته ذكر فيه حديث بن عباس المذكور وليس فيه الا تغيير شيخ شيخه فقط وسياق الرواية في هذا الباب أتم من تلك ووقع في رواية الاصيلي هنا وأخذ بيدي اليمني وهو وهم والصواب بأذني كما في سائر الروايات (0) قوله باب ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان الآية ذكر فيه الحديث المذكور عن شيخ له آخر عن مالك وساقه أيضا بتمامه (0) قوله سورة النساء بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله قال بن عباس يستنكف يستكبر وقع هذا في رواية المستملى والكشميهني حسب وقد وصله بن أبي حاتم بإسناد صحيح من طريق بن جريج عن عطاء عن
[ 178 ]
بن عباس في قوله تعالى ومن يستنكف عن عبادته قال يستكبر وهو عجيب فإن في الآية عطف الاستكبار على الاستنكاف فالظاهر أنه غيره ويمكن أن يحمل على التوكيد وقال الطبري معنى يستنكف يأنف وأسند عن قتادة قايحتشم وقال الزجاج هو استفعال من النكف وهو الآنفة والمراد دفع ذلك عنه ومنه نكفت الدمع بالاصبع إذا منعته من الجري على الخد قوله قواما قوامكم من معايشكم هكذا وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس ووصله الطبري من هذا الوجه بلفظ لا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما يعني قوامكم من معايشكم يقول لا تعمد إلى مالك الذي جعله الله لك معيشة فتعطيه امرأتك ونحوها وقوله قياما القراءة المشهورة بالتحتانية بدل الوال لكنهما بمعنى قال أبو عبيدة يقال قيام أمركم وقوام أمركم والاصل بالواو فأبدلوها ياء لكسرة القاف قال بعض الشراح فأورده المصنف على الاصل قلت ولا حاجة لذلك لانه ناقل لها عن بن عباس وقد ورد عنه كلا الامرين وقيل أنها أيضا قراءة بن عمر أعنى بالواو وقد قرئ في المشهور عن أهل المدينة أيضا قيما بلا ألف وفي الشواذ قراءات أخرى وقال أبو ذر الهروي قوله قوامكم إنما قاله تفسيرا لقوله قياما على القراءة الاخرى قلت ومن كلام أبي عبيدة يحصل جوابه قوله مثنى وثلاث ورباع يعني اثنتين وثلاثا وأربعا ولا تجاوز العرب رباع كذا وقع لابي ذر فأوهم أنه عن بن عباس أيضا كالذي قبله ووقع لغيره وقال غيره مثنى الخ وهو الصواب فإن ذلك لم يرو عن بن عباس وإنما هو تفسير أبي عبيدة قال لا تنوين في مثنى لانه مصروف عن حده والحد أن يقولوا اثنين وكذلك ثلاث ورباع لانه ثلاث وأربع ثم أنشد شواهد لذلك ثم قال ولا تجاوز العرب رباع غير أن الكميت قال فلم يستريثوك حتى رميت فوق الرجال خصالا عشارا انتهى وقيل بل يجوز إلى سداس وقيل إلى عشار قال الحريري في درة الغواص غلط المتنبي في قوله احاد أم سداس في أحاد لم يسمع في الفصيح إلا مثنى وثلاث ورباع والخلاف في خماس إلى عشار ويحكى عن خلف الحمر أنه أنشد أبياتا من خماس إلى عشار وقال غيره في هذه الالفاظ المعدولة هل يقتصر فيها على السماع أو يقاس عليها قولان أشهرهما الاقتصار قال بن الحاجب هذا هو الاصح ونص عليه البخاري في صحيحه كذا قال قلت وعلى الثاني يجعل بيت الكميت وكذا قول الآخر ضربت خماس ضربة عبشمي أراد سداس أن لا تستقيما وهذه المعدولات لا تقع إلا أحوالا كهذه الآية أو أوصافا كقولتعالى أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع أو اخبارا كقوله عليه السلام صلاة الليل مثنولا يقال فيها مثناة وثلاثة بل تجري مجرى واحدا وهل يقال موحد كما يقال مثنى الفصيح لا وقيل يجوز وكذا مثلث الخ وقول أبي عبيدة أن معنى مثنى اثنتين في اختصار وإنما معناه اثنتين اثنتين وثلاث ثلاث وكأنه ترك ذلك لشهرته أو كان لا يرى التكرار فيه وسيأتي ما يتعلق بعدد ما ينكح من النساء في أوائل النكاح إن شاء الله تعالى قوله لهن سبيلا يعني الرجم للثيب والجلد للبكر ثبت هذا أيضا في رواية المستملى والكشميهني حسب وهو من تفسير بن عباس أيضا وصله عبد بن حميد عنه بإسناد صحيح وروى مسلم وأصحاب السنن من حديث عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال خذوا
[ 179 ]
عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم والمراد الاشارة إلى قوله تعالى حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا وقد روى الطبراني من حديث بن عباس قال فلما نزلت سورة النساء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حبس بعد سورة النساء وسيأتي البحث في الجمع بين الجلد والرجم للثيب في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى (0) قوله باب وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر ومعنى خفتم ظننتم ومعنى تقسطوا تعدلوا وهو من اقسط يقال قسط إذا جار وأقسط إذا عدل وقيل الهمزة فيه للسلب أي أزال القسط ورجحه بن التين بقوله تعالى ذلكم أقسط عند الله لان أفعل في أبنية المبالغة لا تكون في المشهور إلا من الثلاثي نعم حكى السيرافي جواز التعجب بالرباعي وحكى غيره أن أقسط من الاضداد والله أعلم (4297) قوله أخبرنا هشام هو بن يوسف وهذه الترجمة من لطائف أنواع الاسناد وهي بن جريج عن هشام وهشام ألاعلى هو بن عروة والادنى بن يوسف قوله أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها هكذا قال هشام عن بن جريج فأوهم أنها نزلت في شخص معين والمعروف عن هشام بن عروة التعميم وكذلك أخرجه الاسماعيلي من طريق حجاج بن محمد عن بن جريج ولفظه أنزلت في الرجل يكون عنده اليتيمة الخ وكذا هو عند المصنف في الرواية التي تلي هذه من طريق بن شهاب عن عروة وفيه شئ آخر نبه عليه الاسماعيلي وهو قوله فكان لها عذق فكأن يمسكها عليه فإن هذا نزل في التي يرغب عن نكاحها وأما التي يرغب في نكاحها فهي التي يعجبه مالها وجمالها فلا يزوجها لغيره ويريد أن يتزوجها بدون صداق مثلها وقد وقع في رواية بن شهاب التي بعد هذه التنصيص على القصتين ورواية حجاج بن محمد سالمة من هذا الاعتراض فإنه قال فيها أنزلت في الرجل يكون عنده اليتيمة وهي ذات مال الخ وكذا أخرجه المصنف في أواخر هذه السورة من طريق أبي أسامة وفي النكاح من طريق وكيع كلاهما عن هشام قوله عذق بفتح العين المهملة وسكون المعجمة النخلة وبالكسر الكباسة والقنو وهو من النخلة كالعنقود من الكرمة والمراد هنا الاول وأغرب الدوادي ففسر العذق في حديث عائشة هذا بالحائط قوله وكان يمسكها عليه أي لاجله وفي رواية الكشميهني فيمسك بسببه قوله أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق هو شك من هشام بن يوسف ووقع مبينا مجزوما به في رواية أبي أسامة ولفظه هو الرجل يكون عنده اليتيمة هو وليها وشريكته في ماله حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله فيعضلها فنهوا عن ذلك ورواية بن شهاب شاملة للقصتين وقد تقدمت في الوصايا من رواية شعيب عنه (4298) قوله اليتيمة أي التي مات أبوها قوله في حجر وليها أي الذي يلي مالها قوله بغير أن يقسط في صداقها في النكاح من رواية عقيل عن بن شهاب ويريد أن ينتقص من صداقها قوله فيعطيها مثل ما يعطيها غيره هو معطوف على معمول بغير أي يريد أن يتزوجها بغير أن يعطيها مثل ما يعطيها غيره أممن يرغب في نكاحها سواء ويدل على هذا قوله بعد ذلك فنهوا عن ذلك إلا أن يبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وقد تقدم في الشركة من رواية يونس عن بن شهاب بلفظ بغير أن يقسط في صداقها فيعطيها مثل ما يعطيها غيره قوله فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن أي بأي مهر توافقوا عليه وتأويل عائشة هذا جاء عن بن عباس مثله أخرجه
[ 180 ]
الطبري وعن مجاهد في مناسبة ترتب قوله فانكحوا ما طاب لكم من النساء على قوله وأن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى شئ آخر قال في معنى قوله تعالى وأن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى أي إذا كنتم تخافون أن لا تعدلوا في ما اليتامى فتحرجتم أن لا تلوها فتحرجوا من الزنا وانكحوا ما طاب لكم من النساء وعلى تأويل عائشة يكون المعنى وإن خفتم أن لا تقسطوا في نكاح اليتامى قوله قال عروة قالت عائشة هو معطوف على الاسناد المذكور وأن كان بغير أداة عطف وفي رواية عقيل وشعيب المذكورين قالت عائشة فاستفتى الناس الخ قوله بعد هذه الآية أي بعد نزول هذه الآية بهذه القصة وفي رواية عقيل بعد ذلك قوله فأنزل الله ويستفتونك في النساء قالت عائشة وقول الله تعالى في آية أخرى وترغبون أن تنكحوهن كذا وقع في رواية صالح وليس ذلك في آية أخرى وإنما هو في نفس الآية وهي قوله ويستفتونك في النساء ووقع في رواية شعيب وعقيل فأنزل الله تعالى ويستفتونك في النساء إلى قوله وترغبون أن تنكحوهن ثم ظهر لي أنه سقط من رواية البخاري شئ اقتضى هذا الخطأ ففي صحيح مسلم والاسماعيلي والنسائي واللفظ له من طريق يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه بهذا الاسناد في هذا الموضع فانزل الله يستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن فذكر الله أن يتلى عليكم في الكتاب الآية الاولى وهي قوله وأن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء قالت عائشة وقول الله في الآية الاخرى وترغبون أن تنكحوهن رغبة أحدكم الخ كذا أخرجه مسلم من طريق يونس عن بن شهاب وتقدم للمصنف أيضا في الشركة من طريق يونس عن بن شهاب مقرونا بطريق صالح بن كيسان المذكورة هنا فوضح بهذا في رواية صالح أن في الباب اختصارا وقد تكلف له بعض الشراح فقال معنى قوله في آية أخرى أي بعد قوله وأن خفتم وما أوردناه أوضح والله أعلم تنبيه أغفل المزي في الاطراف عزو هذه الطريق أي طريق صالح عن بن شهاب إلى كتاب التفسير واقتصر على عزوها إلى كتاب الشركة قوله وترغبون أن تنكحوهن رغبة أحدكم عن يتيمته فيه تعيين أحد الاحتمالين في قوله وترغبون لان رغب يتغير معناه بمتعلقه يقال رغب فيه إذا أراده ورغب عنه إذا لم يرده لانه يحتمل أن تحذف في وأن تحذف عن وقد تأوله سعيد بن جبير على المعنيين فقال نزلت في الغنية والمعدمة والمروى هنا عن عائشة أوضح في أن الآية الاولى نزلت في الغنية وهذه الآية نزلت في المعدمة قوله فنهوا أي نهوا عن نكاح المرغوب فيها لجمالها ومالها لاجل زهدهم فيها إذا كانت قليلة المال والجمال فينبغي أن يكون نكاح اليتيمتين على السواء في العدل وفي الحديث اعتبار مهر المثل في المحجورات وأن غيرهن يجوز نكاحها بدون ذلك وفيه أن للولي أن يتزوج من هي تحت حجرة لكن يكون العاقد غيره وسيأتي البحث فيه في النكاح وفيه جواز تزويج اليتامى قبل البلوغ لانهن بعد البلوغ لا يقال لهن يتيمات إلا أن يكون أطلق استصحابا لحالهن وسيأتي البحث فيه أيضا في كتاب النكاح (0) قوله باب ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف ساق إلى قوله حسيبا قوله وبدارا مبادرة هو تفسير أول الآية المترجم بها وقال أبو عبيدة في قوله تعالى ولا تأكلوها إسرافا وبدارا الاسراف الافراط وبدارا مبادرة وكأنه فسر المصدر بأشهر منه يقال بادرت بدارا ومبادرة
[ 181 ]
وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال يعني يأكل مال اليتيم ويبادر إلى أن يبلغ فيحول بينه وبين ماله قوله اعتدنا أعددنا أفعلنا من العتاد كذا للآكثر وهو تفسير أبي عبيدة ولابي ذر عن الكشميهني اعتددنا افتعلنا والاول هو الصواب والمراد أن أعتدنا واعددنا بمعنى واحد لان العتيد هو الشئ المعد تنبيه وقعت هذه الكلمة في هذا الموضع سهوا من بعض نساخ الكتاب ومحلها بعد هذا قبل باب لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وأما أبو نعيم في المستخرج فأخرجه من طريق بن راهويه ثم قال أخرجه البخاري عن إسحاق بن منصور قوله في مال اليتيم في رواية الكشميهني في وإلى اليتيم والمراد بوالي اليتيم المتصرف في ماله بالوصية ونحوها والضمير في كان على الرواية الاولى ينصرف إلى مصرف المال بقرينة المقام ووقع في البيوع من طريق عثمان بن فرقد عن هشام بن عروة بلفظ أنزلت في وإلى اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله إن كان فقيرا أكل منه بالمعروف وفي الباب حديث مرفوع أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن الجارود وابن أبي حاتم من طريق حسين المكتب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن عندي يتيما له مال وليس عندي شئ أفآكل من ماله قال بالمعروف وأسناده قوي (4299) قوله إذا كان فقيرا مصير منه إلى أن الذي يباح له الآجرة من مال اليتيم من أتصف بالفقر وقد قدمت البحث في ذلك في كتاب الوصايا وذكر الطبري من طريق السدي أخبرني من سمع بن عباس يقول في قوله ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال بأطراف أصابعه ومن طريق عكرمة يأكل ولا يكتسى ومن طريق إبراهيم النخعي يأكل ما سد الجوعة ووارى العورة وقد مضى بقية نقل الخلاف فيه في الوصايا وقال الحسن بن حي يأكل وصي الاب بالمعروف وأما قيم الحاكم فله أجرة فلا يأكل شيئا وأغرب ربيعة فقال المراد خطاب الولي بما يصنع باليتيم إن كان غنيا وسع عليه وإن كان فقيرا أنفق عليه بقدره وهذا أبعد الاقوال كلها تنبيه وقع لبعض الشراح ما نصه قوله فمن كان غنيا فليستعفف التلاوة ومن كان بالواو انتهى وأنا ما رأيته في النسخ التي وقفت عليها إلا بالواو (0) قوله باب وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين الآية سقط باب لغير أبي ذر (4300) قوله حدثنا أحمد بن حميد هو القرشي الكوفي صهر عبيد الله بن موسى يقال له دار أم سلمة لقب بذلك لجمعة حديث أم سلمة وتتبعه لذلك وقال بن عدي كان له اتصال بأم سلمة يعني زوج السفاح الخليفة فلقب بذلك ووهم الحاكم فقال يلقب جار أم سلمة وثقة مطين وقال كان يعد في حفاظ أهل الكوفة ومات سنة عشرين ومائتين ووهم من قال خلاف ذلك وما له في البخاري سوى هذا الحديث الواحد وشيخه عبيد الله الاشجعي هو بن عبيد الرحمن الكوفي وأبوه فرد في الاسماء مشهور في أصحاب سفيان الثوري والشيباني هو أبو إسحاق والاسناد إلى عكرمة كوفيون قوله هي محكمة وليست بمنسوخة زاد اسماعيلي من وجه آخر عن الاشجعي وكان بن عباس إذا ولي رضخ وإذا كان في المال قلة اعتذار إليهم فذلك القول بالمعروف وعند الحاكم من طريق عمرو بن أبي قيس عن الشيباني بالاسناد المذكور في هذه الآية قال ترضخ لهم وأن كان في المال تقصيرا اعتذر إليهم قوله تابعه سعيد بن جبير عن بن عباس وصله في الوصايا بلفظ أن ناسا يزعمون أن هذه الآية
[ 182 ]
نسخت ولا والله ما نسخت ولكنها مما تهاون الناس بها هما واليان وآل يرث وذلك الذي يرزق ووال لا يرث وذلك الذي يقال له بالمعروف يقول لا أملك لك أن أعطيك وهذان الاسنادان الصحيحان عن بن عباس هما المعتمدان وجاءت عنه روايات من أوجه ضعيفة عند بن أبي حاتم وابن مردويه أنها منسوخة نسختها آية الميراث وصح ذلك عن سعيد بن المسيب وهو قول القاسم بن محمد وعكرمة وغير واحد وبه قال الائمة الاربعة وأصحابهم وجاء عن بن عباس قول آخر أخرجه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن القاسم بن محمد أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبى عبد الرحمن في حياة عائشة فلم يدع في الدار ذا قرابة ولا مسكينا إلا أعطاه من ميراث أبيه وتلا الآية قال القاسم فذكرته لابن عباس فقال ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك إلى الوصي وإنما ذلك في العصبة أي ندب للميت أن يوصى لهم قلت وهذا لا ينافي حديث الباب وهو أن الآية محكمة وليست بمنسوخة وقيل معنى الآية وإذا حضر قسمة الميراث قرابة الميت ممن لا يرث واليتامى والمساكين فإن نفوسهم تتشوف إلى أخذ شئ منه ولا سيما أن كان جزيلا فأمر الله سبحانه أن يرضخ لهم بشئ على سبيل البر والاحسان واختلف من قال بذلك هل الامر فيه على الندب أو الوجوب فقال مجاهد وطائفة هي على الوجوب وهو قول بن حزم أن على الوارث أن يعطي هذه الاصناف ما طابت به نفسه ونقل بن الجوزي عن أكثر أهل العلم أن المراد بأولى الغرابة من لا يرث وأن معنى فارزقوهم اعطوهم من المال وقال آخرون أطمعوهم وأن ذلك على سبيل الاستحباب وهو المعتمد لانه لو كان على الوجوب لاقتضى استحقاقا في التركة ومشاركة في الميراث بجهة مجهولة فيقضى إلى التنازع والتقاطع وعلى القول بالندب فقد قيل يفعل ذلك ولي المحجور وقيل لا بل يقول ليس المال لي وإنما هو لليتيم وأن هذا هو المراد بقوله وقولوا لهم قولا معروفا وعلى هذا فتكون الواو في قوله وقولوا للتقسيم وعن بن سيرين وطائفة المراد بقوله فازقوهم منه اصنعوا لهم طعاما يأكلونه وأنها على العموم في مال المحجور وغيره والله أعلم (0) قوله باب يوصيكم الله في أولادكم سقط لغير أبي ذر باب وفي أولادكم والمراد بالوصية هنا بيان قسمة الميراث (4301) قوله أخبرنا هشام هو بن يوسف وابن المنكدر هو محمد قوله عن جابر في رواية شعبة عن بن المنكدر سمعت جابرا وتقدمت في الطهارة قوله عادني النبي صلى الله عليه وسلم سيأتي ما يتعلق بذلك في كتاب المرضى قبيل كتاب الطب قوله في بني سلمة بفتح المهملة وكسر اللام هم قوم جابر وهم بطن من الخزرج قوله لا أعقل زاد الكشميهني شيئا قوله ثم رش على بينت في الطهارة الرد على من زعم أنه رش عليه من الذي فضل وسيأتي في الاعتصام التصريح بأنه صب عليه نفس الماء الذي توضأ به قوله فقلت ما تأمرني أن أصنع في مالي في رواية شعبة المذكورة فقلت يا رسول الله لمن الميراث إنما يرثني كلالة وسيأتي بيان ذلك في الفرائض قوله فنزلت يوصيكم الله في أولادكم هكذا وقع في رواية بن جريج وقيل إنه وهم في ذلك وأن الصواب أن الآية التي نزلت في قصة جابر هذه الآية الاخيرة من النساء وهي يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة لان جابرا يومئذ لم يكن له ولد ووالد والكلالة من لا ولد له ولا والد وقد أخرجه مسلم عن عمرو الناقد والنسائي عن محمد بن منصور كلاهما عن بن عيينة عن بن المنكدر فقال في هذا الحديث حتى نزلت عليه آية الميراث
[ 183 ]
يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ولمسلم أيضا من طريق شعبة عن بن المنكدر قال في آخر هذا الحديث فنزلت آية الميراث فقلت لمحمد بن المنكدر يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة قال هكذا أنزلت وقد تفطن البخاري بذلك فترجم في أول الفرائض قوله يوصيكم الله في أولادكم إلى قوله والله عليم حليم ثم ساق حديث جابر المذكور عن قتيبة عن بن عيينة وفي آخره حتى نزلت آية الميراث ولم يذكر ما زاده الناقد فأشعر بأن الزيادة عنده مدرجة من كلام بن عيينة وقد أخرجه أحمد عن بن عيينة مثل رواية الناقد وزاد في آخره كان ليس له ولد وله أخوات وهذا من كلام بن عيينة أيضا وقد اضطرب فيه فأخرجه بن خزيمة عن عبد الجبار بن العلاء عنه بلفظ حتى نزلت آية الميراث إن امرؤ هلك ليس له ولد وقال مرة حتى نزلت آية الكلالة وأخرجه عبد بن حميد والترمذي عنه عن يحيى بن آدم عن بن عيينة بلفظ حتى نزلت يوصيكم الله في أولادكم الذكر مثل حظ الانثيين وأخرجه الاسماعيلي من طريق إسحاق بن أبي إسرائيل عنه فقال في آخره حتى نزلت آية الميراث يوصيكم الله في أولادكم فمراد البخاري بقوله في الترجمة إلى قوله والله عليم حليم الآشارة إلى أن مراد جابر من آية الميراث قوله وأن كان رجل يورث كلالة وأما الآية الاخرى وهي قوله يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة فسيأتي في آخر تفسير هذه السورة أنها من آخر ما نزل فكأن الكلالة لما كانت مجملة في آية المواريث استفتوا عنها فنزلت الآية الاخيرة ولم ينفرد بن جريج بتعيين الآية المذكورة فقد ذكرها بن عيينة أيضا على الاختلاف عنه وكذا أخرجه الترمذي والحاكم من طريق عمرو بن أبي قيس عن بن المنكدر وفيه نزلت يوصيكم الله في أولادكم وقد أخرجه البخاري أيضا عن بن المديني وعن الجعفي مثل رواية قتيبة بدون الزيادة وهو المحفوظ وكذا أخرجه مسلم من طريق سفيان الثوري عن بن المنكدر بلفظ حتى نزلت آية الميراث فالحاصل أن المحفوظ عن بن المنكدر أنه قال آية الميراث أو آية الفرائض والظاهر أنها يوصيكم الله كما صرح به في رواية بن جريج ومن تابعه وأما من قال إنها يستفتونك فعمدته أن جابرا لم يكن له حينئذ ولد وإنما كان يورث كلالة فكان المناسب لقصته نزول الآية الاخيرة لكن ليس ذلك بلازم لان الكلالة مختلف في تفسيرها فقيل هي اسم المال الموروث وقيل اسم الميت وقيل اسم الارث وقيل ما تقدم فلما لم يعين تفسيرها بمن لا ولد له ولا والد لم يصح الاستدلال لما قدمته أنها نزلت في آخر الامر وآية المواريث نزلت قبل ذلك بمدة كما أخرج أحمد وأصحاب السنن وصححه الحاكم من طريق عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال جاءت امرأة سعد بن الربيع فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد وأن عمهما أخذ مالهما قال يقضي الله في ذلك فنزلت آية الميراث فأرسل إلى عمها فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن فما بقي فهو لك وهذا ظاهر في تقدم نزولها نعم وبه احتج من قال إنها لم تنزل في قصة جابر إنما نزلت في قصة ابنتي سعد بن الربيع وليس ذلك بلازم إذ لا مانع أن تنزل في الامرين معا ويحتمل أن يكون نزول أولها في قصة البنتين وآخرها وهي قوله وأن كل رجل يورث كلالة في قصة جابر ويكون مراد جابر فنزلت يوصيكم الله في أولادكم أي ذكر الكلالة المتصل بهذه الآية والله أعلم وإذا تقرر جميع ذلك ظهر أن بن جريج لم يهم كما جزم به الدمياطي ومن تبعه وأن من وهمه هو الواهم والله أعلم وسيأتي بقية ما يتعلق بشرح هذا الحديث في الفرائض إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله ولكم
[ 184 ]
نصف ما ترك ازواجكم سقط قوله باب لغير أبي ذر وثبت قوله قوله للمستملى فقط (4302) الله عز وجلقوله كان المال للولد يشير إلى ما كانوا عليه قبل وقد روى الطبري من وجه آخر عن بن عباس أنها لما نزلت قالوا يا رسول الله أنعطى الجارية الصغيرة نصف الميراث وهي لا تركب الفرس ولا تدافع العدو قال وكانوا في الجاهلية لا يعطون الميراث إلا لمن قاتل القوم قوله فنسخ الله من ذلك ما أحب هذا يدل على أن الامر الاول استمر إلى نزول الآية وفيه رد على من أنكر النسخ ولم ينقل ذلك عن أحد من المسلمين إلا عن أبي مسلم الاصبهاني صاحب التفسير فأنه أنكر النسخ مطلقا ورد علي بالاجماع على أن شريعة الاسلام ناسخة لجميع الشرائع أجيب عنه بأنه يرى أن الشرائع الماضية مستقرة الحكم إلى ظهور هذه الشريعة قال فسمى ذلك تخصيصا لا نسخا ولهذا قال بن السمعاني أن كان أبو مسلم لا يعترف بوقوع الاشياء التي نسخت في هذه الشريعة فهو مكابر وأن قال لا أسميه نسخا كان الخلاف لفظيا والله أعلم قوله وجعل للابوين لكل واحد منهما السدس والثلث قال الدمياطي قوله والثلث زيادة هنا وقد أخرج المصنف هذا الحديث بهذا الاسناد في كتاب الفرائض فلم يذكرها قلت اختصرها هناك ولكنها ثابتة في تفسير محمد بن يوسف الفريابي شيخه فيه والمعنى أن لكل واحد منهما السدس في حال وللام الثلث في حال ووزان ذلك ما ذكره في بقية الحديث وللزوج النصف والربع أي كل منهما في حال (0) قوله باب قوله لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن الآية سقط باب وما بعد كرها لغير أبي ذر وقوله كرها مصدر في موضع الحال قرأها حمزة والكسائي بالضم والباقون بالفتح قوله ويذكر عن بن عباس لا تعضلوهن ولا تقهر وهن في رواية الكشميهني تنتهروهن بنون بعدها مثناة من الانتهار وهي رواية القابسي أيضا وهذه الرواية وهم والصواب ما عند الجماعة وهذا الاثر وصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله لا تعضلوهن لا تقهر وهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن يعني الرجل تكون له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضرها لتفتدى وأسند عن السدي والضحاك نحوه وعن مجاهد أن المخاطب بذلك أولياء المرأة كالعضل المذكور في سورة البقرة ثم ضعف ذلك ورجح الاول قوله حوبا إثما وصله بن أبي حاتم بإسناد صحيح عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن بن عباس في قوله تعالى أنه كان حوبا قال إثما عظيما ووصله الطبري من طريق مجاهد والسدي والحسن وقتادة مثله والجمهور على ضم الحاء وعن الحسن بفتحها قوله تعولوا تميلوا وصله سعيد بن منصور بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله ذلك أدنى أن لا تعولوا قال أن لا تميلوا ورويناه في فوائد أبي بكر الآجري بإسناد آخر صحيح إلى الشعبي عن بن عباس ووصله الطبري من طريق الحسن ومجاهد وعكرمة والنخعي والسدي وقتادة وغيرهم مثله وأنشد في رواية عكرمة لابي طالب من أبيات بميزان صدق وزنه غير عائل وجاء مثله مرفوعا صححه بن حبان من حديث عائشة وروى بن المنذر عن الشافعي أن لا تعولوا أن لا يكثر عيالكم وأنكره المبرد وابن داود والثعلبي وغيرهم لكن قد جاء عن زيد بن أسلم نحو ما قال الشافعي أسنده الدارقطني وإن كان الاول أشهر واحتج من رده أيضا من حيث المعنى بأنه أحل من ملك اليمين ما شاء الرجل بلا عدد ومن لازم ذلك كثرة العيال وإنما ذكر النساء وما يحل
[ 185 ]
منهن فالجور والعدل يتعلق بهن وأيضا فإنه لو كان المراد كثرة العيال لكان أعال يعيمن الرباعي وأما تعولوا فمن الثلاثي لكن نقل الثعلبي عن أبي عمرو الدوري قال وكان من اثمة اللغة قال هي لغة حمير ونقل عن طلحة بن مصرف أنه قرأ أن لا تعيلوا قوله نحلة فالنحلة المهر كذا لابي ذر ولغيره بغير فاء قال الاسماعيلي إن كان ذلك من تفسير البخاري ففيه نظر فقد قيل فيه غير ذلك وأقرب الوجوه أن النحلة ما يعطونه من غير عوض وقيل المراد نحلة ينتحلونها أي يتدينون بها ويعتقدون ذلك قلت والتفسير الذي ذكره البخاري قد وصله بن أبي حاتم والطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى وآتوا النساء صدقاتهن نحلة قال النحلة المهرورو الطبري عن قتادة قال نحلة أي فريضة ومن طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال النحلة في كلام العرب الواجب قال ليس ينبغي لاحد أن ينكح إلا بصداق كذا قال والنحلة في كلام العرب العطية لا كما قال بن زيد ثم قال الطبري وقيل إن المخاطب بذلك أولياء النساء كان الرجل إذا زوج امرأة أخذ صداقها دونها فنهوا عن ذلك ثم اسنده إلى سيار عن أبي صالح بذلك واختار الطبري القول الاول واستدل له تنبيه محل هذه التفاسير من قوله حوبا إلى آخرها في أول السورة وكأنه من بعض انساخ الكتابكما قدمناه غير مرة وليس هذا خاصا بهذا الموضع ففي التفسير في غالب السور أشياء هذا (4303) قوله حدثنا أسباط بن محمد هو بفتح الهمزة وسكون المهملة بعدها موحدة كوفى ثقة ليس له في البخاري سوى هذا الحديث وأورده في كتاب الاكراه عن حسين بن منصور عنه أيضا وقد قال الدروي عن بن معين كان يخطئ عن سفيان فذكره لاجل ذلك بن الجوزي في الضعفاء لكن قال كان ثبتا فيما يروي عن الشيباني ومطرف وذكره العقيلي وقال ربما وهم في الشئ وقد أدركه البخاري بالسن لانه مات في أول سنة مائتين قوله قال الشيباني سماه في كتاب الاكراه سليمان بن فيروز قوله وذكره أبو الحسن السواني ولا أظنه ذكره إلا عن بن عباس حاصله أن للشيباني فيه طريقين إحداهما موصولة وهي عكرمة عن بن عباس والاخرى مشكوك في وصلها وهي أبو الحسن السواكي عن بن عباس والشيباني هو أبو إسحاق والسواكي بضم المهملة وتخفيف الواو ثم ألف ثم همزة واسمه عطاء ولم أقف له على ذكر إلا في هذا الحديث قوله كانوا إذا مات الرجل في رواية السدي تقييد ذلك بالجاهلية وفي رواية الضحاك تخصيص ذلك بأهل المدينة وكذلك أورده الطبري من طريق العوفي عن بن عباس لكن لا يلزم من كونه في الجاهلية أن لا يكون استمر في أول الاسلام إلى أن نزلت الآية فقد جزم الواحدي أن ذلك كان في الجاهلية وفي أول الاسلام وساق القصة مطولة وكأنه نقله من تفسير الشعبي ونقل عن تفسير مقاتل نحوه إلا أنه خالف في اسم بن أبي قيس فالاول قال قيس ومقاتل قال حصين روى الطبري من طريق بن جريج عن عكرمة أنها نزلت في قصة خاصة قال نزلت في كبشة بنت معن بن عاصم من الاوس وكانت تحت أبي قيس بن الاسلت فتوفي عنها فجنح عليها ابنه فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله لا أنا ورثت زوجي ولا تركت فانكح فنزلت هذه الآية وباسناد حسن عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه قال لما توفي أبو قيس بن الاسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته وكان ذلك لهم في الجاهلية فانزل الله هذه الآية قوله كان أولياؤه أحق بامرأته في رواية أبي معاوية عن الشيباني عن عكرمة وحده عن بن عباس في هذا
[ 186 ]
الحديث تخصيص ذلك بمن مات زوجها قبل أن يدخل بها قوله إن شاء بعضهم تزوجها وإن شاءوا زوجوها وإن شاءوا لم يزوجوها وهم أحق بها من أهلها في رواية أبي معاوية المذكور حبسها عصبته أن تنكح أحدا حتى تموت فيرثوها قال الاسماعيلي هذا مخالف لرواية أسباط قلت ويمكن ردها إليها بأن يكون المراد أن تنكح إلا منهم أو بأذنهم نعم هي مخالفة لها في التخصيص السابق وقد روى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس كان الرجل إذا مات وترك امرأة ألقى عليها حميمة ثوبا فمنعها من الناس فإن كانت جميلة تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت ويرثها وروى الطبري أيضا من طريق الحسن والسدي وغيرهما كان الرجل يرث امرأة ذي قرابته فيعضلها أو ترد إليه الصداق وزاد السدي أن سبق الوارث فألقى عليها ثوبه كان أحق بها وأن سبقت هي إلى أهلها فهي أحق بنفسها (0) قوله باب ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدن والاقربون ساق إلى قوله شهيدا وسقط ذلك لغير أبي ذر قوله وقال معمر أولياء موالي أولياء ورثة عاقدت أيمانكم هو مولى اليمين وهو الحليف والمولى أيضا بن العم والمولى المنعم المعتق أي بكسر المثناة والمولى المعتق أي بفتحها والمولى المليك والمولى مولى في الدين انتهى ومعمر هذا بسكون المهملة وكنت أظنه معمر بن راشد إلى أن رأيت الكلام المذكور في المجاز لابي عبيدة واسمه معمر بن المثنى ولم أره عن معمر بن راشد وإنما أخرج عبد الرزاق عنه في قوله ولكل جعلنا موالي قال الموالي الاولياء الاب والاخ والابن وغيرهم من العصبة وكذا أخرجه إسماعيلي القاضي في الاحكام من طريق محمد بن ثور عن معمر وقال أبو عبيدة ولكل جعلنا موالي أولياء ورثة والذين عاقدت أيمانكم فالمولى بن العم وساق ما ذكره البخاري وأنشد في المولى بن العم مهلا بني عمنا مهلا موالينا ومما لم يذكره وذكره غيره من أهل اللغة المولى المحب والمولى الجار والمولى الناصر والمولى الصهر والمولى التابع والمولى القرار والمولى الولي والمولى الموازى وذكروا أيضا العم والعبد وابن الاخ والشريك والنديم ويلتحق بهم معلم القرآن جاء فيه حديث مرفوع من علم عبدا آية من كتاب الله فهو مولاه الحديث أخرجه الطبراني من حديث أبي أمامة ونحوه قول شعبة من كتبت عنه حديثا فأنا له عبد وقال أبو إسحاق الزجاج كل من يليك أو اولاك فهو مولى (4304) قوله حدثنا الصلت بن محمد تقدم هذا الحديث سندا ومتنا في الكفالة وأحيل بشرحه على هذا الموضع قوله عن إدريس هو بن يزيد الاودي بفتح الالف وسكون الواو والد عبد الله بن إدريس الفقيه الكوفي وإدريس ثقة عندهم وما له في البخاري سوى هذا الحديث ووقع في رواية الطبري عن أبي كريب عن أبي أسامة حدثنا إدريس بن يزيد قوله عن طلحة بن مصرف وقع في الفرائض عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي أسامة عن إدريس حدثنا طلحة قوله ولكل جعلنا موالي قال ورثة هذا متفق عليه بين أهل التفسير من السلف اسنده الطبري عن مجاهد وقتادة والسدي وغيرهم ثم قال وتأويل الكلام ولكلكم أيها الناس جعلنا عصبة يرثونه مما ترك والده وأقربوه من ميراثهم له وذكر غيره للآية تقديرا غير ذلك فقيل التقدير جعلنا لكل ميت ورثة ترث مما ترك الوالدان والاقربون وقيل التقدير ولكل مال مما ترك الوالدان والاقربون جعلنا ورثة يحوزونه فعلى هذا كل متعلقة يجعل ومما ترك صفة لكل
[ 187 ]
والوالدان فاعل ترك ويلزم عليه الفصل بين الموصوف وصفته وقد سمع كثيرا وفي القرآن قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات فإن فاطر صفة الله اتفاقا وقيل التقدير ولكل قوم جعلناهم مولى أي ورثة نصيب مما ترك والداهم وأقربوهم وهذا يقتضى أن لكل خبر مقدم ونصيب مبتدأ مؤخر وجعلناهم صفة لقوم ومما ترك صفة للمبتدأ الذي حذف ونصيب صفته وكذا حذف ما أضيفت إليه كل وبقيت صفته وكذا حذف العائد على الموصوف هذا حاصل ما ذكره المعربون وذكروا غير ذلك مما ظاهره التكلف وأوضح من ذلك أن الذي يضاف إليه كل هو ما تقدم في الآية التي قبلها وهو قوله للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ثم قال ولكل أي من الرجال والنساء جعلنا أي قدرنا نصيبا أي ميراثا مما ترك الوالدان والاقربون والذين عاقدت أيمانكم أي بالحلف أو الموالاة والمؤاخاة فأتوهم نصيبهم خطاب لمن يتولى ذلك أي من ولي على ميراث أحد فليعط لكل من يرثه نصيبه وعلى هذا المعنى المتضح ينبغي أن يقع الاعراب ويترك ما عداه من التعسف قوله والذين عاقدت أيمانكم كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الانصاري دون ذوى رحمه للاخوة هكذا حملها بن عباس على من آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم وحملها غيره على أعم من ذلك فأسند الطبري عنه قال كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ ذلك ومن طريق سعيد بن جبير قال كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه وعاقدا أبو بكر مولى فورثه قوله فلما نزلت ولكل جعلنا موالي نسخت هكذا وقع في هذه الرواية أن ناسخ ميراث الحليف هذه الآية وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال كان الرجل يعاقد الرجل فإذا مات ورثه الآخر فأنزل الله عزوجل وأولو الارحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا يقول إلا أن توصوا لاوليائكم الذين عاقدتم ومن طريق قتادة كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول دمى دمك وترثني وأرثك فلما جاء الاسلام أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس ثم نسخ بالميراث فقال وأولو الارحام بعضهم أولى لبعض ومن طرق شتى عن جماعة من العلماء كذلك وهذا هو المعتمد ويحتمل أن يكون النسخ وقع مرتين الاولى حيث كان المعاقد يرث وحده دون العصبة فنزلت ولكل وهي آية الباب فصاروا جميعا يرثون وعلى هذا يتنزل حديث بن عباس ثم نسخ ذلك آية الاحزاب وخص الميراث بالعصبة وبقي للمعاقد النصر والارقاد ونحوهما وعلى هذا يتنزل بقية الآثار وقد تعرض له بن عباس في حديثه أيضا لكن لم يذكر الناسخ الثاني ولا بد منه والله أعلم قوله ثم قال والذين عاقدت أيمانكم من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب الميراث ويوصى له كذا وقع فيه وسقط منه شئ بينه الطبري في روايته عن أبي كريب عن أبي أسامة بهذا الاسناد ولفظه ثم قال والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصر الخ فقوله من النصر يتعلق بآتوهم لا بعاقدت ولا بأيمانكم وهو وجه الكلام والرقادة بكسر الراء بعدها فاء خفيفة الآعانة بالعطية قوله سمع أبو أسامة إدريس وسمع إدريس طلحة وقع هذا في رواية المستملى وحده وقد قدمت التنبيه على من وقع عنده التصريح بالتحديث لابي أسامة من إدريس ولادريس من طلحة في هذا الحديث بعينه وإلى ذلك أشار المصنف والله أعلم (0) قوله باب قوله ان الله لا يظلم
[ 188 ]
مثقال ذرة يعني زنة ذرة هو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى مثقال ذرة أي زنة ذرة ويقال هذا مثقال هذا أي وزنه وهو مفعال من الثقل والذرة النملة الصغيرة ويقال واحدة الهباء والذرة يقال زنتها ربع ورقة نخالة وورقة النخالة وزن ربع خردلة وزنة الخردلة ربع سمسمة ويقال الذرة لا وزن لها وأن شخصا ترك رغيفا حتى علا الذر فوزنه فلم يزد شيئا حكاه الثعلبي ثم ذكر المصنف حديث أبي سعيد في الشفاعة وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى مع حديث أبي هريرة المذكور هناك وهو بطوله في معناه وقد وقع ذكرهما بتمامهما متواليين في كتاب التوحيد وشيخه محمد بن عبد العزيز هو الرملي يعرف بابن الواسطي وثقة العجلي ولينه أبو زرعة وأبو حاتم وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الاعتصام (0) قوله باب فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا وقع في الباب تفاسير لا تتعلق بالآية وقد قدمت الاعتذار عن ذلك قوله المختال والختال واحد كذا للاكثر بمثناة فوقانية ثقيلة وفي رواية الاصيلي المختال والخال واحد وصوبه بن مالك وكذلك هو في كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى مختالا فخورا المختال ذو الخيلاء والخال واحد قال ويجئ مصدرا قال العجاج والخال ثوب من ثياب الجهال قلت والخال يطلق لمعان كثيرة نظمها بعضهم في قصيدة فبلغ نحوا من العشرين ويقال إنه وجدت قصيدة تزيد على ذلك عشرين أخرى وكلام عياض يقتضى أن الذي في رواية الاكثر بالمثناة التحتانية لا الفوقانية ولهذا قال كله صحيح لكنه أورده في الخاء والتاء الفوقانية والختال بمثناة فوقانية لا معنى له هنا كما قال بن مالك وإنما هو فعال من الختل وهو الغدر ولان عينه ياء تحتانية لا فوقانية والاسم الخلاء والمعنى أنه يختل في صورة من هو أعظم منه على سبيل التكبير والتعاظم قوله نطمس وجوها نسويها حتى تعود كأقفائهم طمس الكتاب محاه هو مختصر من كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى من قبل أن نطمس وجوها أي نسويها حتى تعود كأفقائهم يقال الريح طمست الآثار أي محتها وطمس الكتاب أي محاه وأسند الطبري عن قتادة المراد أن تعود الاوجه في الاقفية وقيل هو تمثيل وليس المراد حقيقته حسا قوله بجهنم سعيرا وقودا هو قول أبي عبيدة أيضا قال في قوله تعالى وكفى بجهنم سعيرا أي وقودا وأخرج بن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك مثله تنبيه هذه التفاسير ليست لهذه الآية وكأنه من النساخ كما نبهت عليه غير مرة (4306) قوله حدثنا صدقة هو بن الفضل ويحيى هو القطان وسفيان هو الثوري وسليمان هو الاعمش وإبراهيم هو النخعي وعبيدة بفتح أوله هو بن عمرو وعبد الله هوبن مسعود والاسناد كله
[ 189 ]
سوى شيخ البخاري وشيخه كوفيون فيه ثلاثة من التابعين في نسق اولهم الاعمش قوله قال يحيي هو القطان وهو موصول بالاسناد ؟ ؟ ؟ ذلك واضحا في فضائل القرآن حيث أخرجه المصنف عن مسدد عن يحيى القطان بالاسناد المذكور وقال بعد قال الاعمش وبعض الحديث حدثني عمرو بن مرة عن إبراهيم يعني بإسناده ويأتي شر الحديث هناك إن شاء الله تعالى وقال الكرماني إسناد عمرو مقطوع وبعض الحديث مجهول قلت عبر عن المنقطع بالمقطوع لقلة إكتراثه بمراعاة الاصطلاح وأما قوله مجهول فيريد ما حدثه به عمرو بن مرة فكأنه ظن أنه أراد أن البعض عن هذا والبعض عن هذا وليس كذلك وإنما هو عنده كله في الرواية الآتية وبعضه في أثنائه أيضا 0) قوله باب قوله وأن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط هذا القدر مشترك في آيتي النساء والمائدة وايراد المصنف له في تفسير سورة النساء يشعر بأن آية النساء نزلت في قصة عائشة وقد سبق ما فيه في كتاب التيمم قوله صعيدا وجه الارض قال أبو عبيدة في قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا تيمموا أي تعمدوا قال والصعيد وجه الارض قال الزجاج لا أعلم خلافا بين أهل اللغة أن الصعيد وجه الارض سواء كان عليها تراب أم لا ومنه قوله تعالى صعيد جرزا وصعيدا زلفا وإنما سمي صعيدا لانه نهاية ما يصعد من الارض وقال الطبري بعد أن روى من طريق قتادة قال الصعيد الارض التي ليس فيها شجر ولا نبات ومن طريق عمرو بن قيس قال الصعيد التراب ومن طريق بن زيد قال الصعيد الارض المستوية الصواب أن الصعيد وجه الارض المستوية الخالية من الغرس والنبات والبناء وأما الطيب فهو الذي تمسك به من اشترط في التيمم التراب لان الطيب هو التراب المنبت قال الله تعالى والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه وروى عبد الرزاق من طريق بن عباس الصعيد الطيب الحرث قوله وقال جابر كانت الطواغيت التي يتحاكمون إليها في جهينة واحد وفي أسلم واحد وفي كل حي واحد كهان ينزل عليهم الشيطان وصله بن أبي حاتم من طريق وهب بن منبه قال سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت فذكر مثله وزاد وفي هلال واحد وقد تقدم نسب جهينة وأسلم في غزوة الفتح وأما هلال فقبيلة ينتسبون إلى هلال بن عامر بن صعصعة منهم ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين وجماعة من الصحابة وغيرهم قوله الجبت السحر والطاغوت الشيطان وصله عبد بن حميد في تفسيره ومسدد في مسنده وعبد الرحمن بن رستة في كتاب الايمان كلهم من طريق أبي إسحاق عن حسان بن فائد عن عمر مثله وإسناده قوي وقد وقع التصريح بسماع أبي إسحاق له من حسان وسماع حسان من عمر في رواية رستة وحسان بن فائد بالفاء عبسى بالموحدة قال أبو حاتم شيخ وذكره بن حبان في الثقات وروى الطبري عن مجاهد مثل قول عمر وزاد والطاغوت الشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه ومن طريق سعيد بن جبير وأبي العالية قال الجبت الساحر والطاغوت الكاهن وهذا يمكن رده بالتأويل إلى الذي قبله قوله وقال عكرمة الجبت بلسان الحبشة شيطان والطاغوت الكاهن وصله عبد بن حميد بإسناد صحيح عنه وروى الطبري من طريق قتادة مثله بغير ذكر الحبشة قال كنا نتحدث أن الحبت الشيطان والطاغوت الكاهن ومن طريق العوفي عن بن عباس قال الجبت الاصنام
[ 190 ]
والطواغيت الذين كانوا يعبرون عن الاصنام بالكذب قال وزعم رجال أن الجبت الكاهن والطاغوت رجل من اليهود يدعى كعب بن الاشرف ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال الجبت حي بن أخطب والطاغوت كعب بن الاشرف واختار الطبري أن المراد بالجبت والطاغوت جنس من كان يعبد من دون الله سواء كان صنما أو شيطانا جنيا أو آدميا فيدخل فيه الساحر والكاهن والله أعلم وأما قول عكرمة إن الجبت بلسان الحبشة الشيطان فقد وافقه سعيد بن جبير على ذلك لكن عبر عنه بالساحر أخرجه الطبري بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير قال الجبت الساحر بلسان الحبشة والطاغوت الكاهن وهذا مصير منهما إلى وقوع المعرب في القرآن وهي مسألة اختلف فيها فبالغ الشافعي وأبو عبيدة اللغوي وغيرهما في إنكار ذلك فحملوا ما ورد من ذلك على توارد اللغتين وأجاز ذلك جماعة واختاره بن الحاجب واحتج له بوقوع أسماء الاعلام فيه كإبراهيم فلا مانع من وقوع أسماء الاجناس وقد وقع في صحيح البخاري جملة من هذا وتتبع القاضي تاج الدين السبكي ما وقع في القرآن من ذلك ونظمه في أبيات ذكرها في شرحه على المختصر وعبر بقوله يجمعها هذه الابيات فذكرها وقد تتبعت بعده زيادة كثيرة على ذلك تقرب من عدة ما أورد ونظمتها أيض اوليس جميع ما أورده هو متفقا على أنه من ذلك لكن اكتفى بإيراد ما نقل في الجملة فتبعته في ذلك وقد رأيت إيراد الجميع للفائدة فأول بيت منها من نظمي والخمسة التي تليه له وباقيها لي أيضا فقلت من المعرب عد التاج كز وقد ألحقت كد وضمتها الاساطير السلسبيل وطه كورت بيع روم وطوبى وسجيل وكافور والزنجبيل ومشكاة سرادق مع إستبرق صلوات سندس طور كذا قراطيس ربانيهم وغساق ثم دينار القسطاس مشهور كذاك فسورة واليم ناشئة ويؤت كفلين مذكور ومسطور له مقاليد فردوس يعد كذا فيما حكى بن دريد منه تنور وزدت حرم ومهل والسجل كذا السري والاب ثم الجبت مذكور وقطنا وأناه ثم متكأ دارست يصهر منه فهو مصهور وهيت والسكر الاواه مع حصب وأوبى معه والطاغوت منظور صرهن اصرى وغيض الماء مع وزر ثم الرقيم مناص والسنا النور والمراد بقولى كنز أن عدة ما ذكره التاج سبعة وعشرون وبقولي كد أن عدة ما ذكرته أربعة وعشرون وأن معترف أنني لم أستوعب ما يستدرك عليه فقد ظفرت بعد نظمي هذا بأشياء تقدم منها في هذا الشرح الرحمن وراعنا وقد عزمت أني إذا أتيت على آخر شرح هذا التفسير إن شاء الله تعالى ألحق ما وقفت عليه من زيادة في ذلك منظوما إن شاء الله تعالى ثم أورد المصنف طرفا من حديث عائشة في سقوط عقدها ونزول آية التيمم وقد مضى شرحه مستوفى في كتاب التيمم (0) قوله باب أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الامر منكم ذوي الامر كذا لابي ذر ولغيره وأولى الامر منكم ذوي الامر وهو تفسير أبي عبيدة قال ذلك في هذه الآية وزاد والدليل على ذلك أن وأحدها ذو أي واحد أولي لانها لا واحد لها من لفظها (4308) قوله حدثنا صدقة
[ 191 ]
بن الفضل كذا للاكثر وفي رواية بن السكن وحده عن الفريري عن البخاري حدثنا سنيد وهو بن داود المصيصي واسمه الحسين وسنيد لقب وهمن حفاظ الحديث وله تفسير مشهور لكن ضعفه أبو حاتم والنسائي وليس له في البخار ذكر إلا في هذا الموضع إن كان بن السكن حفظه ويحتمل أن يكون البخاري أخرج الحديث عنهما جميعا واقتصر الاكثر على صدقة لاتقانه واقتصر بن السكن على سنيد بقرينة التفسير وقد ذكر أحمد أن سنيدا ألزم حجاجا يعني حجاج بن محمد شيخه في هذا الحديث إلا أنه كان يحمله على تدليس التسوية وعابه بذلك وكأن هذا هو السبب في تضعيف من ضعفه والله أعلم قوله عن يعلى بن مسلم في رواية الاسماعيلي من طريق حجاج عن بن جريج أخبرني يعلى بن مسلم قوله نزلت في عبد الله بن حذافة كذا ذكره مختصرا والمعنى نزلت في قصة عبد الله بن حذافة أي المقصود منها في قصته قوله فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله الآية وقد غفل الداودي عن هذا المراد فقال هذا وهم على بن عباس فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فاوقدوا نارا وقال اقتحموها فامتنع بعض وهم بعض أن يفعل قال فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره وإن كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم إنما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم لم تطيعوه انتهى وبالحمل الذي قدمته يظهر المراد وينتفى الاشكال الذي أبداه لانهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به وسببه أ الذين هموا أن يطيعوه وقفوا عند امتثال الامر بالطاعة والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار فناسب أن ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله أي إن تنازعتم في جواز الشئ وعدم جوازه فارجعوا إلى الكتاب والسنة والله أعلم وقد روى الطبري أن هذه الآية نزلت في قصة جرت لعمار بن ياسر مع خالد بن الوليد وكان خالد أميرا فأجاز عمار رجلا بغير أمره فتخاصما فنزلت فالله أعلم وقد تقدم شرح حال هذه السرية والاختلاف في اسم أميرها في المغازي بعد غزوة حنين بقليل واختلف في المراد بأولى الامر في الآية فعن أبي هريرة قال هم الامراء أخرجه الطبري بإسناد صحيح وأخرج عن ميمون بن مهران وغيره نحوه وعن جابر بن عبد الله قال هم أهل العلم والخير وعن مجاهد وعطاء والحسن وأبي العالية هم العلماء ومن وجه آخر أصح منه عن مجاهد قال هم الصحابة وهذا أخص وعن عكرمة قال أبو بكر وعمر وهذا أخص من الذي قبله ورجح الشافعي الاول واحتج له بأن قريشا كانوا لا يعرفون الامارة ولا ينقادون إلى أمير فأمروا بالطاعة لمن ولي الامر ولذلك قال صلى الله عليه وسلم من أطاع أميري فقد أطاعني متفق عليه واختار الطبري حملها على العموم وأن نزلت في سبب خاص والله أعلم (0) قوله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم سقط باب لغير أبي ذر وذكر فيه قصة الزبير مع الانصاري الذي خاصمه في شراج الحرة وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الشرب وبينت هناك الاختلاف على عروة في وصله وإرساله بحمد الله تعالى وقوله هنا أن كان (4309) بن عمتك بفتح أن للجميع أي من أجل ووقع عند أبي ذر وأن بزيادة واو وفي روايته عن الكشميهني آن بزيادة همزة ممدودة وهي للاستفهام (0) قوله باب فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ذكر فيه حديث عائشة وقد تقدم شرحه في الوفاة النبوية ولله الحمد وقوله في شكواه الذي قبض فيه في رواية الكشميهني التي قبض فيها
[ 192 ]
(0) قوله باب وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله إلى الظالم أهلها ولابي ذر والمستضعفين من الرجال والنساء الآية والاظهر أن المستضعفين مجرور بالعطف عل اسم الله أي وفي سبيل المستضعفين أو على سبيل الله أي وفي خلاص المستضعفين وجوز الزمخشري أن يكون منصوبا على الاختصاص (4311) قوله عن عبيد الله هو بن أبي يزيد وفي مسند أحمد عن سفيان حدثني عبيد الله بن أبي يزيد قوله كنت أنا وأمي من المستضعفين كذا للاكثر زاد أبو ذر من المستضعفين من الرجال والنساء والولدان وأراد حكاية الآية وإلا فهو من الولدان وأمه من المستضعفين ولم يذكر في هذا الحديث من الرجال أحدا وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق إسحاق بن موسى عن بن عيينة بلفظ كنت أنا وأمي من المستضعفين أنا من الولدان وأمي من النساء قوله في الطريق الاخرى أن بن عباس تلا في رواية المستملى عن بن عباس أنه تلا قوله كنت أنا وأمي ممن عذر الله أي في الآية المذكورة وفي رواية لابي نعيم في المستخرج من طريق محمد بن عبيد عن حماد بن زيد كنت أنا وأمي من المستضعفين قلت واسم أمه لبابة بنت الحارث الهلالية أم الفضل أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال الداودي فيه دليل لمن قال إن الولد يتبع المسلم من أبويه قوله ويذكر عن بن عباس حصرت ضاقت وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى حصرت صدورهم قال ضاقت وعن الحسن أنه قرأ حصرت صدورهم بالرفع حكاه الفراء وهو على هذا خبر بعد خبر وقال المبرد هو على الدعاء أي أحصر الله صدورهم كذا قال والاول أولى وقد روى بن أبي حاتم من طريق مجاهد أنها نزلت في هلال بن عويمر الاسلمي وكان بينه وبين المسلمين عهد وقصده ناس من قومه فكره أن يقاتل المسلمين وكره أن يقاتل قومه قوله تلووا ألسنتكم بالشهادة وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى وأن تلووا أو تعرضوا قال تلووا ألسنتكم بشهادة أو تعرضوا عنها وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال أن تدخل في شهادتك ما يبطلها أو تعرض عنها فلا تشهدها وقرأ حمزة وابن عامر وأن تلوا بواو واحدة ساكنة وصوب أبو عبيد قراءة الباقين واحتج بتفسير بن عباس المذكور وقال ليس للولاية هنا معنى وأجاب الفراء بأنها بمعنى اللي كقراءة الجماعة إلا أن الواو المضمومة قبلت همزة ثم سهلت وأجاب الفارسي بأنها على بابها من الولاية والمراد أن توليتم إقامة الشهادة قوله وقال غيره المراغم المهاجر راغمت هاجرت قومي قال أبو عبيدة في قوله تعالى ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الارض مراغما كثيرا وسعة والمراغم والمهاجر واحد تقول هاجرت قومي وراغمت قومي قال الجعدي عزيز المراغم والمهرب وروى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن في قوله مراغما قال متحولا وكذا أخرجه بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قوله موقوتا موقتا وقته عليهم لم يقع هذا في رواية أبي ذر وهو قول أبي عبيدة أيضا قال في قوله تعالى أن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا أي موقتا وقته الله عليهم وروى بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله موقوتا قال مفروضا (0) قوله باب فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا قال بن عباس بددهم وصله الطبري من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله والله اركسهم بما كسبوا قال بددهم ومن طريق علي
[ 193 ]
بن أبي طلحة عن بن عباس قال أوقعهم ومن طريق قتادة قال أهلكهم وهو تفسير باللازم لان الركس الرجوع فكأنه ردهم إلى حكمهم الاول قوله فئة جماعة روى الطبري من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة قال الاخرى كفار قريش وقال أبو عبيدة في قوله تعالى كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة قال الفئة الجماعة قوله (4313) حدثنا غندر هو محمد بن جعفر قوله وعبد الرحمن هو بن مهدي قوله عن عدى هو بن ثابت قوله عن عبد الله بن يزيد هو الخطمي بفتح المعجمة ثم سكون المهملة وهو صحابي صغير قوله رجع ناس من أحد هم عبد الله بن أبي بن سلول ومن تبعه وقد تقدم بيان ذلك في غزوة أحد من كتاب المغازي مستوفى وقوله في آخره خبث الفضة في رواية الحموي خبث الحديد وقد تقدم بيان الاختلاف في قوله تنفى الخبث في فضل المدينة قوله باب وإذا جاءهم أمر من الامن أو الخوف اذاعوا به أي أفشوه وصله بن المنذر عن بن عباس في قوله اذاعوا به أي افشوه قوله يستنبطونه يستخرجونه قال أبو عبيدة في قوله تعالى لعلمه الذين يستنبطونه منهم أي يستخرجونه يقال الركية إذا أستخرج ماؤها هي نبط إذا أمامها قوله حسيبا كافيا وقع هنا لغير أبي ذر وقد تقدم في الوصايا قوله إلا إناثا يعني الموات حجرا أو مدرا أو ما أشبهه قال أبو عبيدة في قوله تعالى ان يدعون من دونه إلا إناثا الا الموات حجرا أو مدرا أو ما أشبه ذلك والمراد بالموات ضد الحيوان وقال غيره قيل لها إناث لانهم سموها مناة واللات والعزى وإساف ونائلة ونحو ذلك وعن الحسن البصري لم يكن حي من أحياء العرب الا ولهم صنم يعبدونه يسمى أنثى بني فلان وسيأتي في الصافات حكاية عنهم أنهم كانوا يقولون الملائكة بنات الله تعالى الله عن ذلك وفي رواية عبد الله بن أحمد في مسند أبيه عن أبي بن كعب في هذه الآية قال مع كل صنم جنية ورواته ثقات ومن هذا الوجه أخرجه بن أبي حاتم قوله مريدا متمردا وقع هذا للمستملي وحده وهو تفسير أبي عبيدة بلفظه وقد تقدم في بدء الخلق ومعناه الخروج عن الطاعة وروى بن أبي حاتم من طريق قتادة في قوله مريدا قال متمردا على معصية الله قوله فليبتكن بتكه قطعه قال أبو عبيدة في قوله تعالى فليبتكن آذان الآنعام يقال بتكه قطعه وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم قوله قيلا وقولا واحد قال أبو عبيدة في قوله تعالى ومن أصدق من الله قيلا وقيلا وقولا واحد قوله طبع ختم قال أبو عبيدة في قوله طبع الله على قلوبهم أي ختم تنبيه ذكر هذا الباب آثارا ولم يذكر فيه حديثا وقد وقع عند مسلم من حديث عمر في سبب نزولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هجر نساءه وشاع أنه طلقهن وأن عمر جاءه فقال أطلقت نساءك قال لا قال فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي لم يطلق نساءه فنزلت هذه الآية فكنت أنا استنبطت ذلك الامر وأصل هذه القصة عند البخاري أيضا لكن بدون هذه الزيادة فليست على شرطه فكأنه أشار إليها بهذه الترجمة (0) الله عز وجلقوله باب ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم يقال نزلت في مقيس بن ضبابة وكان أسلم هو وأخوه هشام فقتل هشاما رجل من الانصار غيلة فلم يعرف فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يأمرهم أن يدفعوا إلى مقيس دية أخيه ففعلوا فأخذ الدية وقتل الرسول ولحق بمكة مرتدا فنزلت فيه وهو ممن أهدر النبي صلى الله
[ 194 ]
عليه وسلم دمه يوم الفتح أخرجه بن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير (4314) قوله شعبة حدثنا مغيرة بن النعمان لشعبة فيه شيخ آخر وهو منصور كما سيأتي في سورة الفرقان قوله آية اختلف فيها أهل الكوفة فرحلت فيها إلى بن عباس فسألته عنها سقط لفظ آية لغير أبي ذر وسيأتي مزيد فيه في الفرقان وقع في تفسير الفرقان من طريق غندر عن شعبة بلفظ اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فدخلت فيه إلى بن عباس وفي رواية الكشميهني فرحلت بالراء والمهملة وهي أصوب وسيأتي شرح الحديث مستوفى هناك إن شاء الله تعالى وقوله هي آخر ما نزل أي في شأن قتل المؤمن عمدا بالنسبة لآية الفرقان (0) قوله باب ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا السلم والسلام والسلم واحد يعني أن الاول بفتحتين والثالث بكسر ثم سكون فالاول قراءة نافع وابن عامر وحمزة والثاني قراءة الباقين والثالث قراءة رويت عن عاصم بن أبي النجود وروى عن عاصم الجحدري بفتح ثم سكون فأما الثاني فمن التحية وأما ما عداه فمن الانقياد (4315) قوله عن عمرو هو بن دينار وفي رواية بن أبي عمر عن سفيان حدثنا عمرو بن دينار كذا أخرجها أبو نعيم في مستخرجه من طريقه قوله كان رجل في غنيمة بالتصغير وفي رواية سماك عن عكرمة عن بن عباس عند أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه مر رجل من بني سليم بنفر من الصحابة وهو يسوق غنما له فسلم عليهم قوله فقتلوه زاد في رواية سماك وقالوا ما سلم علينا إلا ليتعوذ منا قوله وأخذوا غنيمته في رواية سماك وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت وروى البزار من طريق حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن بن عباس في سبب نزول هذه الآية قصة أخرى قال بعث رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم سرية فيها المقداد فلما أتوا القوم وجدوهم قد تفرقوا وبقي رجل له مال كثير فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف لك بلا إله إلا الله غدا وأنزل الله هذه الآية وهذه القصة يمكن الجمع بينها وبين التي قبلها ويستفاد منها تسمية القاتل وأما المقتول فروى الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس وأخرجه عبد بن حميد من طريق قتادة نحوه واللفظ للكلبي أن اسم المقتول مرداس بن نهيك من أهل فدك وأن اسم القاتل أسامة بن زيد وأن اسم أمير السرية غالب بن فضالة الليثي وأن قوم مرداس لما انهزموا بقي هو وحده وكان ألجأ غنمه بجبل فلما لحقوه قال لا إله إلا الله محمد رسول الله السلام عليكم فقتله أسامة بن زيد فلما رجعوا نزلت الآية وكذا أخرج الطبري من طريق السدي نحوه وفي آخر رواية قتادة لان تحية المسلمين السلام بها يتعارفون وأخرج بن أبي حاتم من طريق بن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال أنزلت هذه الآية ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام في مرداس وهذا شاهد حسن وورد في سبب نزولها عن غير بن عباس شئ آخر فروى بن إسحاق في المغازي وأخرجه أحمد من طريقه عن عبد الله بن أبي حدرد الاسلمي قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة ومحلم بجثامة فمر بنا عامر بن الاضبط الاشجعي فسلم علينا فحمل عليه محلم فقتله فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل القرآن فذكر هذه الآية وأخرجها بن إسحاق من طريق بن عمر أتم سياقا من هذا وزاد أنه كان بين عامر ومحلم عداوة في الجاهلية وهذه عندي قصة أخرى ولا مانع أن تنزل الآية في الامرين معا قوله في آخر الحديث قال قرأ بن عباس السلام هو مقول
[ 195 ]
عطاء وهو موصول بالاسناد المذكور وقد قدمت أنها قراءة الاكثر وفي الآية دليل على أن من أظهر شيئا من علامات الاسلام ليحل دمه حتى يختبر أمره لان السلام تحية المسلمين وكانت تحيتهم في الجاهلية بخلاف ذلك فكانت هذه علامة وأما على قراءة السلم على اختلاف ضبطه فالمراد به الانقياد وهو علامة الاسلام لان معنى الاسلام في اللغة الانقياد ولا يلزم من الذي ذكرته الحكم بإسلام من اقتصر على ذلك واجراء أحكام المسلمين عليه بل لا بد من التلفظ بالشهادتين على تفاصيل في ذلك بين أهل الكتاب وغيرهم والله أعلم (0) قوله باب لا يستوي القاعدون من المؤمنين الآية كذا لابي ذر ولغيره والمجاهدون في سبيل الله واختلفت القراءة في غير أولى الضرر فقرأ بن كثير وأبو عمرو وعاصم بالرفع على البدل من القاعدون وقرأ الاعمش بالجر على الصفة للمؤمنين وقرأ الباقون بالنصب على الاستثناء (4316) قوله عن صالح هو بن كيسان قوله حدثني سهل بن سعد كذا قال صالح وتابعه عبد الرحمن بن إسحاق عن بن شهاب عند الطبري وخالفهما معمر فقال عن بن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب عن زيد بن ثابت أخرجه أحمد قوله أنه رأى مروان بن الحكم أي بن أبي العاص أمير المدينة الذي صار بعد ذلك خليفة قوله فأقبلت حتى جلست إلى جنبه فأخبرنا قال الترمذي في هذا الحديث رواية رجل من الصحابة وهو سهل بن سعد عن رجل من التابعين وهو مروان بن الحكم ولم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو من التابعين قلت لا يلزم من عدم السماع عدم الصحبة والاولى ما قال فيه البخاري لم ير النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذكره بن عبد البر في الصحابة لانه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قبل لعام أحد وقيل عام الخندق وثبت عن مروان أنه قال لما طلب الخلافة فذكروا له بن عمر فقال ليس بن عمر بأفقه مني ولكنه أسن مني وكانت له صحبة فهذا اعتراف منه بعدم صحبته وإنما لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان سماعه منه ممكنا لان النبي صلى الله عليه وسلم نفى أباه إلى الطائف فلم يرده إلا عثمان لما استخلف وقد تقدمت روايته عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الشروط مقرونة بالمسور بن مخرمة ونبهت هناك أيضا على أنها مرسلة والله الموفق قوله أن النبي صلى الله عليه وسلم أملى عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله في رواية قبيصة المذكورة عن زيد بن ثابت كنت اكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه إني لقاعد إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم إذ أوحى إليه وغشيته السكينة فوضع فخذه على فخذي قال زيد فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل منها وفي حديث البراء بن عازب الذي في الباب بعد هذا لما نزلت قال النبي صلى الله عليه وسلم أدع لي فلانا فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف وفي الرواية الاخرى عنه في الباب أيضا دعا زيدا فكتبها فيجمع بينهما بأن المراد بقوله لما نزلت كادت أن تنزل لتصريح رواية خارجة بأن نزولها كان بحضرة زيد قوله فجاءه بن أم مكتوم في رواية قبيصة المذكورة فجاء عبد الله بن أم مكتوم وعند الترمذي من طريق الثوري وسليمان التيمي كلاهما عن أبي إسحاق عن البراء جاء عمرو بن أم مكتوم وقد نبه الترمذي على أنه يقال له عبد الله وعمرو وأن اسم أبيه زائدة وأن أم مكتوم أمه قلت واسمها عاتكة وقد تقدم شئ من خبره في كتاب الاذان قوله وهو يملها بضم أول وكسر الميم وتشديد اللام هو مثل يمليها يملي ويملل بمعنى ولعل الياء منقلبة
[ 196 ]
من إحدى اللامين قوله والله لو أستطيع الجهاد معك لجاهدت أي لو استطعت وعبر بالمضارع إشارة إلى الاستمرار واستحضارا لصورة الحال قال وكان أعمى هذا يفسر ما في حديث البراء فشكا ضرارته وفي الرواية الاخرى عنه فقال أنا ضرير وفي رواية خارجة فقام حين سمعها بن أم مكتوم وكان أعمى فقال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى وأشباه ذلك وفي رواية قبيصة فقال إني أحب الجهاد في سبيل الله ولكن بي من الزمانة ما ترى ذهب بصري قوله أن ترض فخذ أي تدقها قوله ثم سرى بضم المهملة وتشديد الراء أي كشف قوله فأنزل الله غير أولى الضرر في رواية قبيصة ثم قال اكتب لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر وزاد في رواية خارجة بن زيد قال زيد بن ثابت فوالله لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف قوله في الحديث الثاني عن أبي إسحاق هو السبيعي قوله عن البراء في رواية محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي إسحاق أنه سمع البراء أخرجه أحمد عنه ووقع في رواية الطبراني من طريق أبي سنان الشيباني عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم وأبو سنان اسمه ضرار بن مرة وهو ثقة إلا أن المحفوظ عن أبي إسحاق عن البراء كذا أنفق الشيخان عليه من طريق شعبة ومن طريق إسرائيل وأخرجه الترمذي وأحمد من رواية سفيان الثوري والترمذي أيضا والنسائي وابن حبان من رواية سليمان التيمي وأحمد أيضا من رواية زهير والنسائي أيضا من رواية أبي بكر بن عياش وأبو عوانة من طريق زكريا بن أبي زائدة ومسعر ثمانيتهم عن أبي إسحاق (4318) قوله ادعوا فلانا كذا أبهمه إسرائيل في روايته وسماه غيره كما تقدم قوله وخلف النبي صلى الله عليه وسلم بن أم مكتوم كذا في رواية إسرائيل وفي رواية شعبة التي قبلها دعا زيدا فكتبها فجاء بن أم مكتوم فيجمع بأن معنى قوله جاء أنه قام من مقامه خلف النبي صلى الله عليه وسلم حتى جاء مواجهة فخاطبه قوله فنزلت مكانها قال بن التين يقال إن جبريل هبط ورجع قبل أن يجف القلم قوله لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله قال بن المنير لم يقتصر الراوي في الحال الثاني على ذكر الكلمة الزائدة وهي غير أولى الضرر فإن كان الوحي نزل بزيادة قوله غير أولي الضرر فقط فكأنه رأى إعادة الآية من أولها حتى يتصل الاستثناء بالمستثنى منه وإن كان الوحي نزل بإعادة الآية بالزيادة بعد أن نزل بدونها فقد حكى الراوي صورة الحال قلت الاول أظهر فإن في رواية سهل بن سعد فأنزل الله غير أولى الضرر وأوضح من ذلك رواية خارجة بن زيد عن أبيه ففيها ثم سري عنه فقال أقرأ فقرأت عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين فقال النبي صلى الله عليه وسلم غير أولى الضرر وفي حديث الفلتان بفتح الفاء واللام وبمثناة فوقانية بن عاصم في هذه القصة قال فقال الاعمى ما ذنبنا فأنزل الله فقلنا له إنه يوحى إليه فخاف أن ينزل في أمره شئ فجعل يقول أتوب إلى الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب أكثب غير أولى الضرر أخرجه البزار والطبراني وصححه بن حبان ووقع في غير هذا الحديث ما يؤيد الثاني وهو في حديث البراء بن عازب فأنزلت هذه الآية حافظوا على الصلوات وصلاة العصر فقرأناها ما شاء الله ثم نزلت حافظوا عل الصلوات والصلاة الوسطى الحديث الثالث (4319) قوله وحدثني إسحاق جزم أبو نعيم في المستخرج وأبو مسعود في الاطراف بأنه إسحاق بن منصور وكنت أظن أنه بن راهويه لقوله أخبرنا عبد الرزاق ثم رأيت
[ 197 ]
في أصل النسفي حدثني إسحاق حدثنا عبد الرزاق فعرفت أنه بن منصور لان بن راهويه لا يقول في شئ من حديثه حدثنا قوله أخبرني عبد الكريم تقدم في غزوة بدر أنه الجزري قوله أن مقسما مولى عبد الله بن الحارث أخبره أما مقسم فتقدم ذكره في غزوة بدر وأما عبد الله بن الحارث فهو بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب لابيه ولجده وصحبه وله هو رؤية وكان يلقب بية بموحدتين مفتوحتين الثانية ثقيلة قوله لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجون إلى بدر كذا أورده مختصرا وظن بن التين أنه مغاير لحديثي سهل والبراء فقال القرآن ينزل في الشئ ويشتمل على ما في معناه وقد أخرجه الترمذي من طريق حجاج بن محمد عن بن جريج بهذا مثله وزاد لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم الاعميان يا رسول الله هل لنا رخصة فنزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة فهؤلاء القاعدون غير أولى الضرر وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير أولى الضرر هكذا أورده سياقا واحدا ومن قوله درجة الخ مدرج في الخير من كلام بن جريج بين الطبري فأخرج من طريق حجاج نحو ما أخرجه الترمذي إلى قوله درجة ووقع عنده فقال عبد الله بن أم مكتوم وأبو أحمد بن جحش وهو الصواب في بن جحش فإن عبد الله أخوه وأما هو فاسمه عبد بغير إضافة وهو مشهور بكنيته ثم أخرجه بالسند المذكور عن بن جريج قال وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه قال على القاعدين من المؤمنين غير أولى الضرر وحاصل تفسير بن جريج أن المفضل عليه غير أولى الضرر وأما أولو الضرر فملحقون في الفضل بأهل الجهاد إذا صدقت نياتهم كما تقدم في المغازي من حديث أنس أن بالمدينة لاقواما ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم حبسهم العذر ويحتمل أن يكون المراد بقوله فضل الله المجاهدين على القاعدين درجة أي من أولى الضرر وغيرهم وقوله وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه أي على القاعدين من غير أولى الضرر ولا ينافي ذلك الحديث المذكور عن أنس ولا ما دلت عليه الآية من استواء أولى الضرر مع المجاهدين لانها استثنت أولى الضرر من عدم الاستواء فأفهمت إدخالهم في الاستواء إذ لا واسطة بين الاستواء وعدمه لان المراد منه استواؤهم في أصل الثواب لا في المضاعفة لانها تتعلق بالفعل ويحتمل أن يلتحق بالجهاد في ذلك سائر الاعمال الصالحة وفي أحاديث الباب من الفوائد أيضا أتخاذ الكاتب وتقريبه وتقييد العلم بالكتابة (0) قوله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى فتهاجروا فيها وليس عند الجميع لفظ باب (4320) قوله حدثنا حيوة بفتح المهملة وسكون التحتانية وفتح الواو وهو بن شريح المصري يكنى أبا زرعة قوله وغيره هو بن لهيعة أخرجه الطبراني وقد أخرجه إسحاق بن راهويه عن المقرئ عن حيوة وحده وكذا أخرجه النسائي عن زكريا بن يحيى عن إسحاق والاسماعيلي من طريق يوسف بن موسى عن المقرئ كذلك قوله قالا حدثنا محمد بن عبد الرحمن هو أبو الاسود الاسدي يتيم عروة بن الزبير قوله قطع بضم أوله قوله بعث أي جيش والمعنى أنهم ألزموا بإخراج جيش لقتال أهل الشام وكان ذلك في خلافة عبد الله بن الزبير على مكة
[ 198 ]
قوله فاكتتبت بضم المثناة الاولى وكسر الثانية بعدها موحدة ساكنة على البناء للمجهول قوله أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين سمي منهم في رواية أشعث بن سوار عن عكرمة عن بن عباس قيس بن الوليد بن المغيرة وأبو قيس بن الفاكه بن المغيرة والوليد بن عتبة بن ربيعة وعمرو بن أمية بن سفيان وعلى بن أمية بن خلف وذكر في شأنهم أنهم خرجوا إلى بدر فلما رأوا قلة المسلمين دخلهم شك وقالوا غر هؤلاء دينهم فقتلوا ببدر أخرجه بن مردويه ولابن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عكرمة نحوه وذكر فيهم الحار ث بن زمعة بن الاسود والعاص بن منبه بن الحجاج وكذا ذكرهما بن إسحاق قوله يرمى به بضم أوله على البناء للمجهول قوله فأنزل الله هكذا جاء في سبب نزولها وفي رواية عمرو بن دينار عن عكرمة عن بن عباس عند بن المنذر والطبري وكان قوم من أهل مكة قد أسلموا وكانوا يخفون الاسلام فأخرجهم المشركون معهم يوم بدر فأصيب بعضهم فقال المسلمون هؤلاء كانوا مسلمين فأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت فكتبوا بها إلى من بقي بمكة منهم وأنهم لا عذر لهم فخرجوا فلحقهم المشركون ففتنوهم فرجعوا فنزلت ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذى في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله فكتب إليهم المسلمون بذلك فحزنوا فنزلت ثم أن ربك الذين هاجروا من بعد ما فتنوا الآية فكتبوا إليهم بذلك فخرجوا فلحقوهم فنجا من نجا وقتل من قتل قوله رواه الليث عن أبي الاسود وصله الاسماعيلي والطبراني في الاوسط من طريق أبي صالح كاتب الليث عن الليث عن أبي الاسود عن عكرمة فذكره بدون قصة أبي الاسود قال الطبراني لم يروه عن أبي الاسود إلا الليث وابن لهيعة قلت ورواية البخاري من طريق حيوة ترد عليه ورواية بن لهيعة أخرجها بن أبي حاتم أيضا وفي هذه القصة دلالة على براءة عكرمة مما ينسب إليه من رأى الخوارج لانه بالغ في النهى عن قتال المسلمين وتكثير سواد من يقاتلهم وغرض عكرمة أن الله ذم من كثر سواد المشركين مع أنهم كانوا لا يريدون بقلوبهم موافقتهم قال فكذلك أنت لا تكثر سواد هذا الجيش وأن كنت لا تريد موافقتهم لانهم لا يقاتلون في سبيل الله وقوله فيم كنتم سؤال توبيخ واستنبط سعيد بن جبير من هذه الآية وجوب الهجرة من الارض التي يعمل فيها بالمعصية (0) قوله الا المستضعفين من الرجال والنساء الآية فيه معذرة من اتصف بالاستضعاف من المذكورين وقد ذكروا في الآية الاخرى في سياق الحث على القتال عنهم وتقدم حديث بن عباس المذكور والكلام عليه قبل ستة أبواب (0) قوله باب قوله فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم الآية كذا لابي ذر ولغيره فعسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا كذا وقع عند أبي نعيم في المستخرج وهو خطأ من النساخ بدليل وقوعه على الصواب في رواية أبي ذر فاولئك عسى الله وهي التلاوة ووقع في تنقيح الزركشي هنا وكان الله غفورا رحيما قال وهو خطأ أيضا قلت لكن لم أقف عليه في رواية ثم ذكر فيه حديث أبي هريرة في الدعاء للمستضعفين وقد تقدم الكلام عليه في أول الاستسقاء (0) قوله باب ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر الآية كذا لابي ذر وله عن المستملى باب قوله ولا جناح الخ وسقط لغيره باب وزادوا كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم
[ 199 ]
(4323) الرب عز وجلقوله حجاج هو بن محمد ويعلى هو بن مسلم قوله أن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى قال عبد الرحمن بن عوف وكان جريحا في رواية كابغير واو كذا وقع عنده مختصرا ومقول بن عباس ما ذكر عن عبد الرحمن وقوله كان جريحا أي فنزلت الآية فيه وقال الكرماني يحتمل هذا ويحتمل أن التقدير قال بن عباس وعبد الرحمن بن عوف يقول من كان جريحا فحكمه كذلك فكان عطف الجريح على المريض إلحاقا به على سبيل القياس أو لان الجرح نوع من المرض فيكون كله مقول عبد الرحمن وهو مروي عن بن عباس قلت وسياق ما أورده غير البخاري يدفع هذا الاحتمال فقد وقع عند أبي نعيم في المستخرج من طريق إبراهيم بن سعيد الجوهري عن حجاج بن محمد قال كان عبد الرحمن بن عوف جريحا وهو ظاهر في أن فاعل قال هو بن عباس وأنه لا رواية لابن عباس في هذا عن عبد الرحمن قوله في الآية الكريمة أن تضعوا أسلحتكم رخص لهم في وضع السلاح لثقلها عليهم بسبب ما ذكر من المطر أو المرض ثم أمرهم بأخذ الحذر خشية أن يغفلوا فيهجم العدو عليهم (0) قوله باب ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء كذا لابي ذر وله عن غير المستملى باب يستفتونك وسقط لغيره باب وقوله يستفتونك أي يطلبون الفتيا أو الفتوى وهما بمعنى واحد أي جواب السؤال عن الحادثة التي تشكل على السائل وهي مشتقة من الفتى ومنه الفتى وهو الشاب القوي ثم ذكر حديث عائشة في قصة الرجل يكون عنده اليتيمة فتشركه في ماله وقد تقدم الكلام عليه في أوائل هذه السورة مستوفى وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال كان لجابر بنت عم دميمة ولها مال ورثته عن أبيها وكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها خشية أن يذهب الزوج بمالها فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فنزلت (0) قوله وأن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا كذا للجميع بغير باب قوله وقال بن عباس شقاق تفاسد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس وقال غيره الشقاق العداوة لان كلا عن المتعاديين في شق خلاف شق صاحبة قوله وأحضرت الانفس الشح قال هواه في الشئ يحرص عليه وضله بن أبي حاتم أيضا بهذا الاسناد عن بن عباس قوله كالمعلقة لا هي أيم ولا ذات زوج وصله بن أبي حاتم بإسناد صحيح من طريق يزيد النحرى عن عكرمة عن بن عباس في قوله تعالى فتذروها كالمعلقة قال لا هي أيم ولا ذات زوج انتهى والايم بفتح الهمزة وتشديد التحتانية هي التي لا زوج لها قوله نشوزا بغضا وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في (4225) قوله وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا قال يعني البغض وقال الفراء النشوز يكون من قبل المرأة والرجل وهو هنا من قبل الرجل قولة عبد الله هو بن المبارك قوله قالت الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها أي في المحبة والمعاشرة والملازمة قوله فتقول أجعلك من شأني في حل أي وتتركني من غير طلاق قولة فنزلت في ذلك زاد أبو ذر عن غير المستملى وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو اعراضا الآية وعن على نزلت في المرأة تكون عند الرجل تكره مفارقته فيصطلحان على أن يجيئها كل ثلاثة أيام أو أربعة وروى الحاكم من طريق بن المسيب عن رافع بن خديج أنه كانت تحته امرأة فتزوج عليها شابة فآثر البكر عليها فنازعته فطلقها ثم قال لها أن شئت راجعتك وصبرت فقالت راجعني
[ 200 ]
فراجعها ثم لم تصبر فطلقها قال فذلك الصلح الذي بلغنا أن الله أنزل فيه هذه الآية وروى الترمذي من طريق سماك عن عكرمة عن بن عباس قال خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله لا تطلقني واجعل يومى لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية وقال حسن غريب قلت وله شاهد في الصحيحين من حديث عائشة بدون ذكر نزول الآية (0) قوله باب أن المنافقين في الدرك الاسفل من النار كذا لابي ذر وسقط لغيره باب قوله قال بن عباس أسفل النار وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال الدرك الاسفل أسفل النار قال العلماء عذاب المنافق أشد من عذاب الكافر لاستهزائه بالدين قوله نفقا سربا وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس به وهذه الكلمة ليست من سورة النساء وإنما هي من سورة الانعام ولعل مناسبة ذكرها هنا للاشارة إلى اشتقاق النفاق لان النفاق إظهار غير ما يبطن كذا وجهه الكرماني وليس ببعيد مما قالوه في اشتقاق النفاق أنه من النافقاء وهو جحر اليربوع وقيل هو من النفق وهو السرب حكاه في النهاية (4326) قوله إبراهيم هو النخعي والاسود خاله وهو بن يزيد النخعي قوله كنا في حلقة عبد الله يعني بن مسعودح قوله فجاء حذيفة هو بن اليمان قوله لقد أنزل النفاق على قوم خير منكم أي ابتلوا به لانهم كانوا من طبقة الصحابة فهم خير من طبقة التابعين لكن الله ابتلاهم فارتدوا نافقوا فذهبت الخيرية منهم ومنهم من تاب فعادت له الخيرية فكأن حذيفة حذر الذين خاطبهم وأشار لهم أن لا يغتروا فإن القلوب تتقلب فحذرهم من الخروج من الايمان لان الاعمال بالخاتمة وبين لهم أنهم وأن كانوا في غاية الوثوق بايمانهم فلا ينبغي لهم أن يأمنوا مكر الله فإن الطبقة الذين قبلهم وهم الصحابة كانوا خيرا منهم ومع ذلك وجد بينهم من ارتد ونافق فالطبقة التي هي من بعدهم أمكن من الوقوع في مثل ذلك وقوله فتبسم عبد الله كأنه تبسم تعجبا من صدق مقالته قوله فرماني أي حذيفة رمى الاسود يستدعيه إليه قوله عجبت من ضحكه أي من اقتصاره على ذلك وقد عرف ما قلت أي فهم مرادي وعرف أنه الحق قوله ثم تابوا فتاب الله عليهم أي رجعوا عن النفاق ويستفاد من حديث حذيفة أن الكفر والايمان والاخلاص والنفاق كل بخلق الله تعالى وتقديره وإرادته ويستفاد من قوله تعالى إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين صحة توبة الزنديق وقبولها على ما عليه الجمهور فإنها مستثناة من المنافقين من قوله ان المنافقين في الدرك الاسفل من النار وقد استدل بذلك جماعة منهم أبو بكر الرازي في أحكام ا لقرآن والله أعلم (0) قوله باب قوله إنا أوحينا إليك كما اوحينا إلى نوح إلى قوله ويونس وهارون وسليمان كذا لابي ذر وزاد في رواية أبي الوقت والنبيين من بعده والباقي سواء لكن سقط لغير أبي ذر باب (4327) قوله ما ينبغي لاحد وفي رواية المستملى والحموي لعبد قوله أن يقول أنا خير من يونس يحتمل أن يكون المراد أن العبد القائل هو الذي لا ينبغي له أن يقول ذلك ويحتمل أن يكون المراد بقوله أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاله تواضعا ودل حديث أبي هريرة ثاني حديثي الباب على أن الاحتمال الاول أولى (4328) قوله فقد كذب أي إذا قال ذلك بغير توقيف وقد تقدم شرح هذا الحديث في أحاديث الانبياء
[ 201 ]
بما أغنى عن إعادته هنا والله المستعان (0) قوله باب يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ساقوا الآية إلى قوله أن لم يكن لها ولد وسقط باب لغير أبي ذر والمراد بقوله يستفتونك أي عن مواريث الكلالة وحذف لدلالة السياق عليه في قوله قل الله يفتيكم في الكلالة قوله والكلالة من لم يرثه أب ولا بن هو قول أبي بكر الصديق أخرجه بن أبي شيبة عنه وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وروى عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق عن عمرو بن شرحبيل قال ما رأيتهم إلا تواطئوا على ذلك وهذا إسناد صحيح وعمرو بن شرحبيل هو أبو ميسرة وهو من كبار التابعين مشهور بكنيته أكثر من اسمه قوله وهو مصدر من تكللة النسب أي تعطف النسب عليه وزاد غيره كأنه أخذ طرفيه من جهة الولد والوالد وليس له منهما أحد وهو قول البصريين قالوا هو مأخوذ من الاكليل كأن الورثة أحاطوا به وليس له أب ولا بن وقيل هو من كل يكل يقال كلت الرحم إذا تباعدت وطال انتسابها وقيل الكلالة من سوى الولد وزاد الداودي وولد الولد وقيل من سوى الوالد وقيل هم الاخوة وقيل من الام وقال الازهري سمي الميت الذي لا والد له ولا ولد كلالة وسمي الوارث كلالة وسمي الارث كلالة وعن عطاء الكلالة هي المال وقيل الفريضة وقيل الورثة والمال وقيل بنو العم ونحوهم وقيل العصبات وأن بعدوا وقيل غير ذلك ولكثرة الاختلاف فيه صح عن عمر أنه قال لم أقل في الكلالة شيئا (4329) قوله آخر سورة نزلت براءة وآخر آية نزلت يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة تقدم الكلام على الاخيرة في تفسير البقرة وللترمذي من طريق أبي السفر عن البراء قال آخر آية نزلت وآخر شئ نزل فذكرها وفي النسائي من طريق أبي الزبير عن جابر قال اشتكيت فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أوصى لاخواتي بالثلث قال أحسن قلت بالشطر قال أحسن ثم خرج ثم دخل على فقال لا أراك تموت من وجعك هذا إن الله أنزل وبين ما لاخواتك وهو الثلثان فكان جابر يقول نزلت هذه الآية في يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة قلت وهذه قصة أخرى لجابر غير التي تقدمت في أول تفسير سورة النساء فيما يظهر لي وقد قدمت المستند في ذلك واضحا في أوائل هذه السورة والله أعلم قال الداودي في الآية دليل على أن الاخت ترث مع البنت خلافا لابن عباس حيث قال لا ترث الاخت إلا إذا لم تكن بنت لقوله تعالى أن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت قال والحجة عليه في بقية الآية وهو يرثها إن لم يكن لها ولد كذا قال وسأذكر البحث في ذلك واضحا في الفرائض (0) قوله بسم الله الرحمن الرحيم سورة المائدة سقطت البسملة لابي ذر والمائدة فاعلة بمعنى مفعولة أي ميد بها صاحبها وقيل على بابها وسيأتي ذكر ذلك مبينا بعد قوله وأنتم حرم وحدها حرام هو قول أبي عبيدة وزاد حرام بمعنى محرم وقرأ الجمهور بضم الراء ويحيى بن وثاب بإسكانها وهي لغة كرسل ورسل قوله فبمانقضهم ميثاقهم بنقضهم هو تفسير قتادة أخرجه الطبري من طريقه وكذا قال أبو عبيدة فيما نقضهم
[ 202 ]
أي فبنقضهم قال والعرب تستعمل ما في كلامهم توكيدا فإن كان الذي قبلها يجر أو يرفع أو ينصب عمل فيما بعدها قوله التي كتب الله أي جعل الله قال أبو عبيدة في قوله تعالى يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم أي جعل الله لكم وقضى وعن بن إسحاق كتب لكم أي وهب لكم أخرجه الطبري وأخرج من طريق السدي أن معناه أمر قال الطبري والمراد أنه قدرها لسكني بني إسرائيل في الجملة فلا يرد كون المخاطبين بذلك لم يسكنوها لان المراد جنسهم بل قد سكنها بعض أولئك كيوشع وهو ممن خوطب بذلك قطعا قوله تبوء تحمل قال أبو عبيدة في قوله تعالى إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك أي تحمل إثمي وإثمك قال وله تفسير آخر تبوء أي تقر وليس مرادا هنا وروى الطبري من طريق مجاهد قال إني أريد أن تبوء أن تكون عليك خطيئتك ودمى قال والجمهور على أن المراد بقوله إثمي أي إثم قتلى ويحتمل أن يكون على بابه من جهة أن الفتل يمحو خطايا المقتول وتحمل على القاتل إذا لم تكن له حسنات يوفى منها المقتول قوله وقال غيره الاغراء التسليط هكذا وقع في النسخ التي وقفت عليها ؟ ؟ ؟ ولم تكن له حسنات يوفى منها المقتول قوله وقال غيره الاغراء التسليط هكذا وقع في النسخ التي وقفت عليها ولم أعرف الغير ولا من عاد عليه الضمير لانه لم يفصح بنقل ما تقدم عن أحد نعم سقط وقال غيره من رواية النسفي وكأنه أصوب ويحتمل أن يكون المعنى وقال غيره الاغراء التسليط وهذا أوجه وتفسير المخمصة وقع في النسخ الاخرى بعد هذا وقد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس وكذا فسره أبو عبيدة والحاصل أن التقديم والتأخير في وضع هذه التفاسير وقع ممن نسخ كتاب البخاري كما قدمناه غير مرة ولا يضر ذلك غالبا وتفسير الاغراء بالتسليط يلازم معنى الاغراء لان حقيقة الاغراء كما قال أبو عبيدة التهييج للافساد وقد روى بن أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله وأغرينا قال ألقينا وهذا تفسير بما وقع في الآية الاخرى قوله اجورهن مهورهن هو تفسير أبي عبيدة قوله المهيمن القرآن أمين على كل كتاب قبله أورد بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى ومهيمنا عليه قال القرآن أمين على كل كتاب كان قبله وروى عبد بن حميد من طريق أربدة التميمي عن بن عباس في قوله تعالى ومهيمنا عليه قال مؤتمنا عليه وقال بن قتيبة وتبعه جماعة مهيمنا مفيعل من أيمن قلبت همزته هاء وقد أنكر ذلك ثعلب فبالغ حتى نسب قائله إلى الكفر لان المهيمن من الاسماء الحسني وأسماء الله تعالى لا تصغر والحق أنه أصل بنفسه ليس مبدلا من شئ وأصل الهيمنة الحفظ والارتقاب تقول هيمن فلان على فلان إذا صار رقيبا عليه فهو مهيمن قال أبو عبيدة لم يجئ في كلام العرب على هذا البناء إلا أربعة ألفاظ مبيطر ومسيطر ومهيمن ومبيقر قوله وقال سفيان ما في القرآن آية أشد على من لستم على شئ حتى تقيموا التوراة والانجيل وما أنزل إليكم يعني أن من لم يعمل بما أنزل الله في كتابه فليس على شئ ومقتضاه أن من أخل ببعض الفرائض فقد أخل بالجميع ولاجل ذلك أطلق كونها أشد من غيرها ويحتمل أن يكون هذا مما كان على أهل الكتاب من الاصر وقد روى بن أبي حاتم أن الآية نزلت في سبب خاص فأخرج بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس قال جاء مالك بن الصيف وجماعة من الاحبار فقالوا يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم وتؤمن بما في التوراة وتشهد أنها حتى
[ 203 ]
قال بلى ولكنكم كتمتم منها ما أمرتم ببيانه فأنا أبرأ مما أحدثتموه قالوا فأنا تمسك بما في أيدينا من الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا بما جئت به فأنزل الله هذه الآية وهذا يدل على أن المراد مراد بما أنزل إليكم من ربكم أي القرآن ويؤيد هذا التفسير قوله تعالى في الآية التي قبلها ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا إلى قوله لاكلوا من فوقهم الآية تنبيه سفيان المذكور وقع في بعض النسخ أنه الثوري ولم يقع لي إلى الآن موصولا قوله من أحياها يعني من حرم قتلها إلا بحتى حي الناس منه جميعا وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قوله شرعة ومنهاجا سبيلا وسنة وقد تقدم في الايمان وقال أبو عبيدة لكل جعلنا منكم شرعة أي سنة ومنهاجا أي سبيلا بينا واضحا قوله عثر ظهر الاوليان وأحدهما أولى أي أحق به طعامهم وذبائحهم كذا ثبت في بعض النسخ هنا وقد تقدم في الوصايا إلا الاخير فسيأتي في الذبائح إ (0) قوله باب قوله اليوم أكملت لكم دينكم سقط باب لغير أبي ذر قوله وقال بن عباس مخمصة مجاعة كذا ثبت لغير أبي ذر هنا وتقدم قريبا (4330) الرب عز وجلقوله حدثنا عبد الرحمن هو بن مهدي قوله عن قيس هو بن مسلم قوله قالت اليهود في رواية أبي العميس عن قيس في كتاب الايمان أن رجلا من اليهود وقد تقدمت تسميته هناك وأنه كعب الاحبار واحتمل أن يكون الراوي حيث أفرد السائل أراد تعيينه وحيث جمع أراد باعتبار من كان معه على رأيه وأطلق على كعب هذه الصفة إشارة إلى أن سؤاله عن ذلك وقع قبل إسلامه لان إسلامه كان في خلافة عمر على المشهور وأطلق عليه ذلك باعتبار ما مضى قوله إني لاعلم وقع في هذه الرواية اختصار وقد تقدم في الايمان من وجه آخر عن قيس بن مسلم فقال عمر أي آية الخ قوله حيث أنزلت وأين أنزلت في رواية أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي حيث أنزلت وأي يوم أنزلت وبها يظهر أن لا تكرار في قوله حيث وأين بل أراد باحداهما المكان وبالاخرى الزمان قوله وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث أنزلت يوم عرفة كذا لابي ذر ولغيره حين بدل حيث وفي رواية أحمد وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت أنزلت يوم عرفة بتكرار أنزلت وهي أوضح وكذا لمسلم عن محمد بن المثنى عن عبد الرحمن في الموضعين قوله وأنا والله بعرفة كذا للجميع وعند أحمد ورسول الله صلى الله عليه وسلم واقف بعرفة وكذا لمسلم وكذا أخرجه الاسماعيلي من طريق محمد بن بشار وبندار شيخ البخاري فيه قوله قال سفيان وأشك كان يوم الجمعة أم لا قد تقدم في الايمان من وجه آخر عن قيس بن مسلم الجزم بأن ذلك كان يوم الجمعة وسيأتي الجزم بذلك من رواية مسعر عن قيس في كتاب الاعتصام وقد تقدم في كتاب الايمان بيان مطابقة جواب عمر للسؤال لانه سأله عن اتخاذه عيدا فأجاب بنزولها بعرفة يوم الجمعة ومحصله أن في بعض الروايات وكلاهما بحمد الله لنا عيد قال الكرماني أجاب بأن النزول كان يوم عرفة ومن المشهور أن اليوم الذي بعد عرفة هو عيد المسلمين فكأنه قال جعلناه عيدا بعد إدراكنا استحقاق ذلك اليوم للتعبد فيه قال وإنما لم يجعله يوم النزول لانه ثبت أن النزول كان بعد العصر ولا يتحقق العيد الا من أول النهار ولهذا قال الفقهاء أن رؤية الهلال نهارا تكون لليلة المستقيلة انتهى والتنصيص على أن تسمية يوم عرفة يوم عيد يغنى عن هذا التكلف فإن العيد مشتق من العود وقيل له ذلك لنه يعود في كل عام وقد نقل الكرماني عن الزمخشري أن العيد
[ 204 ]
هو السرور العائد وأقر ذلك فالمعنى أن كل يوم شرع تعظيمه يسمى عيدا انتهى ويمكن أن يقال هو عيد لبعض الناس دون بعض وهو للحجاج خاصة ولهذا يكره لهم صومه بخلاف غيرهم فيستحب ويوم العيد لا يصام وقد تقدم في شرح هذا الحديث في كتاب الايمان بيان من روى في حديث الباب أن الآية نزلت يوم عيد وأنه عند الترمذي من حديث بن عباس وأما تعليله لترك جعله عيدا بأن نزول الآية كان بعد العصر فلا يمنع أن يتخذ عيدا ويعظم ذلك اليوم من أوله لوقوع موجب التعظيم في أثنائه والتنظير الذي نظر به ليس بمستقيم لان مرجع ذلك من جهة سير الهلال وإني لا تعجب من خفاء ذلك عليه وفي الحديث بيان ضعف ما أخرجه الطبري بسند فيه بن لهيعة عن بن عباس أن هذه الآية نزلت يوم الاثنين وضعف ما أخرجه من طريق العوفي عن بن عباس أن اليوم المذكور ليس بمعلوم وعلى ما أخرجه البيهقي بسند منقطع أنها نزلت يوم التروية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بفناء الكعبة فأمر الناس أن يروحوا إلى من وصلى الظهر بها قال البيهقي حديث عمر أولى وهو كما قال واستدل بهذا الحديث على مزية الوقوف بعرفة يوم الجمعة على غيره من الايام لان الله تعالى إنما يختار لرسوله الافضل وأن الاعمال تشرف بشرف الازمنة كالامكنه ويوم الجمعة أفضل أيام الاسبوع وقد ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة مرفوعا خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة الحديث ولان في يوم الجمعة الساعة المستجاب فيها الدعاء ولا سيما على قول من قال إنها بعد العصر وأما ما ذكره رزين في جامعة مرفوعا خير يوم طلعت فيه الشمس يوم عرفة وافق يوم الجمعة وهو أفضل من سبعين حجة في غيرها فهو حديث لا أعرف حاله لانه لم يذكر صحابيه ولا من أخرجه بل أدرجه في حديث الموطأ الذي ذكره مرسلا عن طلحة بن عبد الله بن كريز وليست الزيادة المذكورة في شئ من الموطآت فإن كان له أصل احتمل أن يراد بالسبعين التحديد أو المبالغة وعلى كل منهما فثبتت المزية بفلك والله أعلم (0) الله عز وجلقوله باب قوله فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا كذا في الاصول وزعم بن التين وتبعه بعض الشراح المتأخرين أنه وقع هنا فإن لم تجدوا ماء ورد عليه بأن التلاوة فلم تجدوا ماء وهذا الذي أشار إليه إنما وقع في كتاب الطهارة وهو في بعض الروايات دون بعض كما تقدم التنبيه عليه قوله تيمموا تعمدوا آمين عامدين أممت وتيممت واحد قال أبو عبيدة في قوله تعالى فتيمموا صعيدا أي فتعمدوا وقال في قوله تعالى ولا آمين البيت الحرام أي ولا عامدين ويقال أممة وبعضهم يقول تيممت قال الشاعر إني كذاك إذا ما ساءني بلد يممت صدر بعيري غيره بلدا تنبيه قرأ الجمهور ولا آمين البيت بإثبات النون وقرأ الاعمش بحذف النون مضافا كقوله محلى الصيد قوله وقال بن عباس لمستم وتمسوهن واللاتي دخلتم بهن والافضاء النكاح أما قوله لمستم فروى إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق مجاهد عن بن عباس في قوله تعالى أو لامستم النساء قال هو الجماع وأخرجه بن أبحاتم من طريق سعيد بن جبير بإسناد صحيح وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن ابن عباس قال هو الجماع ولكن الله يعفو ويكنى وأما قوله تمسوهن فروى بن أبي حاتم من طريق عكرمة عن بن عباس في قوله تعالى ما لم تمسوهن أي تنكحوهن وأما قوله دخلتم بهن فروى بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن
[ 205 ]
بن عباس في قوله تعالى اللاتي دخلتم بهن قال الدخول النكاح وأما قوله والافضاء فروى بن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزني عن بن عباس في قوله تعالى وقد أفضى بعضكم إلى بعض قال الافضاء الجماع وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة عن بن عباس قال الملامسة والمباشرة والافضاء والرفث والغشيان والجماع كله النكاح ولكن الله يكنى وروى عبد الرزاق من طريق بكر المزني عن بن عباس إن الله حي كريم يكنى عما شاء فذكر مثله لكن قال التغشي بدل الغشيان وإسناده صحيح قال الاسماعيلي أراد بالتغشى قوله تعالى فلما تغشاها وسيأتي شئ من هذا في النكاح والذي يتعلق بالباب قوله لمستم وهي قراءة الكوفيين حمزة والكسائي والاعمش ويحيى بن وثاب وخالفهم عاصم من الكوفيين فوافق أهل الحجاز فقرؤوا أو لامستم بالالف ووافقهم أبو عمرو بن العلاء من البصريين ثم ذكر المصنف حديث عائشة في سبب نزول الآية المذكورة من وجهين وقد تقدم الكلام عليها مستوفى في كتاب التيمم واستدل به على أن قيام الليل لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم وتعقب باحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم صلى أول ما نزل ثم نام وفيه نظر لان التهجد القيام إلى الصلاة بعد هجعة ثم يحتمل أنه هجع فلم ينتفض وضوؤه لان قلبه لا ينام ثم قام فصلى ثم نام والله أعلم (0) قوله باب قوله فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون كذا للمستملي ولغيره باب فاذهب الخ وأغرب الداودى فقال مرادهم بقولهم وربك أخوه هارون لانه كان أكبر منه سنا وتعقبه بن التين بأنه خلاف قول أهل التفسير كلهم (4333) قوله وحدثني حمدان بن عمر هو أبو جعفر البغدادي واسمه أحمد وحمدان لقبه وليس له في البخاري إلا هذا الموضع وهو من صغار شيوخه وعاش بعد البخاري سنتين وقد تقدم الكلام على الحديث في غزوة بدر قوله ورواه وكيع عن سفيان الخ يريد بذلك أن صورة سياقه أنه مرسل بخلاف سياق الاشجعي لكن استظهر المصنف لرواية الاشجعي الموصولة برواية إسرائيل التي ذكرها قبل وطريق وكيع هذه وصله أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه وكذا أخرجها بن أبي خيثمة من طريقه تنبيه وقع قوله ورواه وكيع الخ مقدما في الباب على بقية ما فيه عند أبي ذر مؤخرا عند الباقين وهو أشبه بالصواب (0) قوله
[ 206 ]
باب إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا الآية كذا لابي ذر وساقها غيره قوله المحاربة لله الكفر به هو قول سعيد بن جبير والحسن وصله بن أبي حاتم عنهما وفسره الجمهور هنا بالذي يقطع الطريق على الناس مسلما أو كافرا وقيل نزلت في النفر العرنيين وقد تقدم في مكانه (4334) قوله حدثنا على بن عبد الله هو بن المديني ومحمد بن عبد الله الانصاري هو من كبار شيوخ البخاري وربما حدث عنه بواسطة كهذا قوله حدثني سلمان كذا للاكثر بالسكون وفي رواية الكشميهني بالتصغير وكذا ذكر أبو علي الجياني أنه وقع في رواية القاسي عن أبي زيد المروزي قال والاول هو الصواب وقوله هذه نعم لنا مغاير لقوله في الطريق المتقدمة اخرجوا إلى إبل الصدقة ويجمع بان في قوله لنا تجوزا سوغه أنه كان يحكم عليها أو كانت له نعم ترعى مع إبل الصدقة وفي سياق بعض طرقه ما يؤيد هذا الاخير حيث قال فيه هذه نعم لنا تخرج فاخرجوا فيها وكأن نعمة في ذلك الوقت كان يريد إرسالها إلى الموضع الذي ترعى فيه إبل الصدقة فخرجوا صحبة النعم قوله فذكروا وذكروا أي القسامة وسيأتي ذلك واضحا في كتاب الديات مع بقية شرح الحديث وقوله واستصحوا بفتح الصاد المهملة وتشديد الحاء أي حصلت لهم الصحة وقوله واطردوا بتشديد الطاء أي أخرجوها طردا أي سوقا وقوله فما يستبطأ بضم أوله استفعال من البطء وفي الرواية الاخرى بالقاف بدل الطاء وقوله حدثنا أنس بكذا وكذا أي بحديث العرنيين وقوله وقال يا أهل كذا في الرواية الآتية عن بن عون المنبه عليها في الديات يا أهل الشام قوله ما أبقى مثل هذا فيكم كذا للاكثر بضم الهمزة من أبقى وفي رواية الكشميهني ما أبقى الله مثل هذا فأبرز الفاعل (0) قوله باب قوله والجروح قصاص كذا للمستملي ولغيره باب والجروح قصاص وأورد فيه حديث أنس أن الربيع أي بالتشديد عمته كسرت ثنية جارية الحديث وسيأتي شرحه مستوفى في الديات (4335) تنبيه الفزاري المذكور في هذا الاسناد هو مروان بن معاوية ووهم من زعم أنه أبو إسحاق (0) قوله باب يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ذكر فيه طرفا من حديث عائشة من
[ 207 ]
حدثك أن محمد كتم شيئا مما انزل الله عليه فقكذب وسيأتي بتمامه مع كمال شرحه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم سقط باب قوله لغير أبي ذر وفسرت عائشة لغو اليمين بما يجري على لسان المكلف من غير قصد وقيل هو الحلف على غلبة الظن وقيل في الغضب وقيل في المعصية وفيه خلاف أخر سيأتي بيانه في الايمان والنذور إن شاء الله تعالى وقولها لا والله وبلى والله أي كل واحد منهما إذا قالها لغو فلو أن رجلا قال الكلمتين معا فالاولى لغو والثانية منعقدة لانها استدراك مقصودة قاله الماوردي قوله حدثنا علي بن عبد الله كذا لابي ذر عن الكشميهني والحموي وله عن المستملى حدثنا علي بن سلمة وهي رواية الباقين إلا النسفي فقال حدثنا على فلم ينسبه وعلى بن سلمة هذا يقال له اللبقي بفتح اللام والموحدة الخفيفة بعدها قاف خفيفة وهو ثقة من صغار شيوخ البخاري ولم يقع له عنده ذكر إلا في هذا الموضع وقد نبهت على موضع آخر في الشفعة ويأتي آخر في الدعوات (4337) قوله حدثنا مالك بن سعير بمهملتين مصغر ضعفه أبو داود وقال أبو حاتم وأبو زرعة والدارقطني صدوق وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في الدعوات وأبوه هو بن الخمس بكسر الخاء المعجمة وسكون الميم وآخره مهملة قوله في قول الرجل لا والله وبلى والله وسيأتي البحث فيه في الايمان والنذور وكذلك الحديث الذي بعده وقوله كان أبو بكر الخ أخرجه بن حبان من طريق محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف على يمين لم يحنث الخ والمحفوظ ما وقع في الصحيحين أن ذلك فعل أبي بكر وقوله والله أعلم وحكى بن التين عن الداودي أن الحديث الثاني يفسر الاول وتعقبه والحق أن الاول في تفسير لغو اليمين والثاني في تفسير عقد اليمين (4338) قوله قال أبو بكر لا أرى يمينا أرى غيرها خيرا منها بفتح الهمزة في الموضعين من الرؤية بمعنى الاعتقاد وفي الثاني بالضم بمعنى الظن وقد أخرجه في أول الايمان والنذور من رواية عبد الله بن المبارك عن هشام بلفظ لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرا منها قوله إلا قبلت رخصة الله أي في كفار اليمين وفي رواية بن المبارك إلا أتيت الذي هو خير منه (0) قوله باب قوله تعالى يا أيها الذين أمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم سقط باب قوله لغير أبي ذر قوله خالد هو بن عبد الله الطحان وإسماعيل هو بن أبي خالد وقيس هو بن أبي حازم وعبد الله هو بن مسعود وسيأتي شرح الحديث في كتاب النكاح وفي الترمذي محسنا من حديث بن عباس أن رجلا أني النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إذا اكلت من هذا اللحم انتشرت وإني حرمت على اللحم فنزلت وروى بن أبي حاتم من وجه آخر عن بن عباس أنها نزلت في ناس قالوا نترك شهوات الدنيا ونسيح في الارض الحديث وسيأتي ما يتعلق به أيضا في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله إنما الخمر والميسر ساق إلى من عمل الشيطان وسقط باب قوله لغير أبي ذر ووقع بينهم في سياق ما قبل الحديث المرفوع تقديم وتأخير قوله وقال بن عباس الازلام القداح يقتسمون بها في الامور وصله بن أبي حاتم من طريق عطاء عن بن عباس مثله وقد تقدم في حديث الهجرة قول سراقة بن مالك لما تتبع النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر قال استقسمت بالازلام هل أضرهم أم لا فخرج الذي أكره وقال بن جرير
[ 208 ]
كانوا في الجاهلية يعمدون إلى ثلاثة سهام على أحدها مكتوب أفعل وعلى الثاني لا تفعل والثالث غفل وقال الغراء كان على الواحد أمرني ربي وعلى الثاني نهاني ربي وعلى الثالث غفل فإذا أراد أحدهم الامر أخرج واحدا فإن طلع الامر فعل أو الناهي ترك أو الغفل أعاد وذكر بن إسحاق أن أعظم اصنام قريش كان هبل وكان في جوف الكعبة وكانت الازلام عنده يتحاكمون عنده فيما أشكل عليهم فما خرج منها رجعوا إليه قلت وهذا لا يدفع أن يكون آحادهم يستعملونها منفردين كما في قصة سرافة وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير قال الازلام حصى بيض ومن طريق مجاهد قال حجارة مكتوب عليها وعنه كانوا يضربون بها لكل سفر وغزو وتجارة وهذا محمول على غير التي كانت في الكعبة والذي تحصل من كلام أهل النقل أن الازلام وكانت عندهم على ثلاثة انحاء أحدها لكل أحد وهي ثلاثة كما تقدم وثانيها للاحكام وهي التي عند الكعبة وكان عند كل كاهن وحاكم للعرب مثل ذلك كانت سبعة مكتوب عليها فواحد عليه منكم وآخر ملصق وآخر فيه العقول والديات إلى غير ذلك من الامور التي يكثر وقوعها وثالثها قداح الميسر وهي عشرة سبعة مخططة وثلاثة غفل وكانوا يضربون بها مقامرة وفي معناها كل ما يتقامر به كالنرد والكعاب وغيرها قوله والنصب أنصاب يذبحون عليها وصله بن أبي حاتم أيضا من طريق عطاء عن بن عباس وقال أبو عبيدة النصب واحد الانصاب وقال بن قتيبة هي حجارة كانوا ينصبونها ويذبحون عندها فينصب عليها دماء الذبائح والانصاب أيضا جمع نصب بفتح أوله ثم سكون وهي الاصنام قوله وقال غيره الزلم القدح لا ريش له وهو واحد الازلام قال أبو عبيدة واحد الازلام زلم بفتحتين وزلم بضم أوله وفتح ثانيه لغتان وهو القدح أي بكسر القاف وسكون الدال قوله والاستقسام أن يجيل القداح فإن نهته انتهى وأن أمرته فعل ما تأمره قال أبو عبيدة الاستقسام من قسمت أمري بأن أجيل القداح لتقسم لي أمري السافر أم أقيم وإغزو أم لا أغزو أو نحو ذلك فتكون هي التي تأمرني وتنهاني ولكل ذلك قدح معروف قال الشاعر ولم أقسم فتحسبني القسوم والحاصل أن الاستقسام استفعال من القسم بكسر القاف أي استدعاء ظهور القسم كما أن الاستسقاء طلب وقوع السقي قال الفراء الازلام سهام كانت في الكعبة يقسمون بها في أمورهم قوله يجيل يدير ثبت هذا لابي ذر وحده وهو شرح لقوله يجيل القدح قوله وقد أعلموا القدح أعلاما بضروب يستقسمون بها بين ذلك بن إسحاق كما تقدم قريبا قوله وفعلت منه قسمت والقسوم المصدر قال أبو عبيدة في قوله تعالى وأن تستقسموا بالازلام هو استفعلت من قسمت أمرى (4340) قوله حدثنا إسحاق بن إبراهيم هو بن راهويه قوله نزل تحريم الخمر وأن في المدينة يومئذ لخمسة أشربة ما فيها شراب العنب يريد بذلك أن الخمر لا يختص بماء العنب ثم أيد ذلك بقول أنس ما كان لنا خمر غير فضيخكم ثم ذكر حديث جابر في الذين صبحوا الخمر ثم قتلوا بأحد وذلك قبل تحريمها ويستفاد منه أنها كانت مباحة قبل التحريم ثم ذكر حديث عمر أنه نزل تحريم الخمر وهي من خمسة وذكر منها العنب وظاهره يعارض حديث بن عمر المذكور أول الباب وسنذكر
[ 209 ]
وجه الجمع بينهما في كتاب الاشربة مع شرح أحاديث الباب إن شاء الله تعالى وقوله في هذه الرواية اهريقت أنكره بن التين وقال الصواب هريقت بالهاء بدل الهمزة ولا يجمع بينهما وأثبت غيره من أئمة اللغة ما أنكره وقد أخرج أحمد ومسلم في سبب نزول هذه الآية عن سعد بن أبي وقاص قال صنع رجل من الانصار طعاما فدعانا فشربنا الخمر قبل أن تحرم حتى سكرنا فتفاخرنا إلى أن قال فنزلت إنما الخمر والميسر إلى قوله فهل أنتم منتهون (0) قوله باب ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا الآية كذا لابي ذر ولغيره إلى قوله والله يحب المحسنين وذكر فيه حديث أنس أن الخمر التي هريقت الفضيح وسيأتي شرحه في الاشربة وقوله (4344) وزادني محمد البيكندي عن أبي النعمان كذا ثبت لابي ذر وسقط لغيره البيكندي ومراده أن البيكندي سمعه من شيخهما أبي النعمان بالاسناد المذكور فزاده فيه زيادة والحاصل أن البخاري سمع الحديث من أبي النعمان مختصرا ومن محمد بن سلام البيكندي عن أبي النعمان مطولا وتصرف الزركشي فيه غافلا عن زيادة أبي ذر فقال القائل وزادني هو الفربري ومحمد هو البخاري وليس كما ظن رحمه الله وإنما هو كما قدمته وقوله فنزلت تحريم الخمر فأمر مناديا الامر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم والمنادى لم أر التصريح باسمه والوقت الذي وقع ذلك فيه زعم الواحدى أنه عقب قول حمزة إنما أنتم عبيد لابي وحديث جابر يرد عليه والذي يظهر أن تصريحهما كان عام الفتح سنة ثمان لما روى أحمد من طريق عبد الرحمن بن وعلة قال سألت بن عباس عن بيع الخمر فقال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم صديق من ثقيف أو دوس فلقيه يوم الفتح براوية خمر يهديها إليه فقال يا فلان أما علمت أالله حرمها فأقبل الرجل على غلامه فقال بعها فقال أن الذي حرم شربها حرم بيعها وأخرجه مسلم من وجه آخر عن أبي وعلة نحوه لكن ليس في ثعيين الوقت وروى أحمد من طريق نافع بن كيسان الثقفي عن أبيه أنه كان يتجر في الخمر وأنه أقبل من الشام فقال يا رسول الله أني جئتك بشراب جيد فقال يا كيسان أنها حرمت بعدك قال فأبيعها قال أنها حرمت وحرم ثمنها وروى أحمد وأبو يعلى من حديث تميم الداري أنه كان يهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم كل عام راوية خمر فلما كان عام حرمت جاء براوية فقال أشعرت أنها قد حرمت بعدك قال أفلا أبيعها وانتفع بثمنعا فنهاه يستفاد من حديث كيسان تسمية المبهم في حديث بن عباس ومن حديث تميم تأييد الوقت المذكور فإن إسلام تميم كان بعد الفتح وقوله فقال بعض القوم قتل قوم وهي في بطونهم فأنزل الله تعالى الخ لم أقف على اسم القائل فائدة في رواية الاسماعيلي عن بن ناجية عن أحمد بن عبيدة ومحمد بن موسى عن حماد في آخر هذا الحديث قال حماد فلا أدرى هذا في الحديث أي عن أنس أو قاله ثابت أي مرسلا يعني قوله فقال بعض القوم إلى آخر الحديث وكذا عند مسلم عن أبي الربيع الزهراني عن حماد نحو هذا وتقدم للمصنف في المظالم عن أنس بطوله من طريق عفان عن حماد كما وقع عنده في هذا الباب فالله أعلم وأخرجه بن مردويه من طريق قتادة عن أنس بطوله وفيه الزيادة المذكورة وروى النسائي والبيهقي من طريق بن عباس قال نزل تحريم الخمر في ناس شربوا فلما ثملوا عبثوا فلما صحوا جعل بعضهم يرى الاثر بوجه الآخر فنزلت فقال ناس من المتكلفين هي رجس وهي في بطن فلان وقد قتل بأحد فنزلت ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح إلى
[ 210 ]
آخرها وروى البزار من حديث جابر أن الذين قالوا ذلك كانوا من اليهود وروى أصحاب السنن من طريق أبي ميسرة عن عمر أنه قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في البقرة قل فيهما إثم كبير فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت التي في النساء لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت التي في المائدة فاجتنبوه إلى قوله منتهون فقال عمر انتهينا انتهينا وصححه علي بن المديني والترمذي وأخرج أحمد من حديث أبي هريرة نحوه دون قصة عمر لكن قال عند نزول آية البقرة فقال الناس ما حرم علينا فكانوا يشربون حتى أم رجل أصحابه في المغرب فخلط في قراءته فنزلت الآية التي في النساء فكانوا يشربون ولا يقرب الرجل الصلاة حتى يفيق ثم نزلت آية المائدة فقالوا يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله وماتوا على فرشهم وكانوا يشربونها فانزل الله تعالى ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو حرم عليهم لتركوه كما تركتموه وفي مسند الطيالسي من حديث بن عمر نحوه وقال في الآية الاولى قيل حرمت الخمر فقالوا دعنا يا رسول الله ننتفع بها وفي الثانية فقيل حرمت الخمر فقالوا لا إنا لا نشربها قرب الصلاة وقال في الثالثة فقالوا يا رسول الله حرمت الخمر قال بن النين وغيره في حديث أنس وجوب قبول خبر الواحد والعمل به في النسخ وغيره وفيه عدم مشروعية تخليل الخمر لانه لو جاز لما أراقوها وسيأتي مزيد لذلك في الاشربة إن شاء الله تعالى تنبيه في رواية عبد العزيز بن صهيب أن رجلا أخبرهم أن الخمر حرمت فقالوا أرق يا أنس وفي رواية ثابت عن أنس إنهم سمعوا المنادي فقال أبو طلحة أخرج يا أنس فأنظر ما هذا الصوت وظاهرهما التعارض لان الاول يشعر بأن المنادى بذلك شافههم والثاني يشعر بأن الذي نقل لهم ذلك غير أنس فنقل بن التين عن الداودي أنه قال لا اختلاف بين الروايتين لان الآتي أخبر أنا وأنسا أخبر القوم وتعقبه بن التين بأن نص الرواية الاولى أن الآتي أخبر القوم مشافهة بذلك قلت فيمكن الجمع بوجه آخر وهو أن المنادى غير الذي أخبرهم أو أن أنسا لما أخبرهم عن المنادى جاء المنادى أيضا في أثره فشافههم (0) قوله باب قوله لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم سقط باب قوله لغير أبي ذر وقد تعلق بهذا النهي من كره السؤال عما لم يقع وقد أسنده الدارمي في مقدمة كتابه عن جماعة من الصحابة والتابعين وقال بن العربي اعتقد قوم من الغافلين منع أسئلة النوازل حتى تقع تعلقا بهذه الآية وليس كذلك لانها مصرحة بأن المنهي عنه ما تقع المساءة في جوابه ومسائل النوازل ليست كذلك وهو كما قال إلا أنه أساء في قوله الغافلين على عادته كما نبه عليه القرطبي وقد روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص رفعه أعظم المسلمين بالمسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسئلته وهذا يبين المراد من الآية وليس مما أشار إليه بن العربي في شئ (4345) قوله حدثنا منذر بن الوليد بن عبد الرحمن أي بن حبيب بن علياء بن حبيب بن الجارود العبدي البصري الجارودي نسبة إلى جده الاعلى وهو ثقة وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وآخر في كفارات الايمان وأبوه ماله في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ولا رأيت عنه راويا إلا ولده وحديثه هذا في المنابعات فإن المصنف أورده في الاعتصام من رواية غيره كما سأبينه تنبيه
[ 211 ]
وقع في كلام أبي على الغساني فيما حكاه الكرماني أن البخاري روى هذا الحديث عن محمد غير منسوب عن منذر هذا وأن محمد المذكور هو بن يحيى الذهلي ولم أر ذلك في شئ من الروايات التي عندنا من البخاري وأظنه وقع في بعض النسخ حدثنا محمد غير منسوب والمراد به البخاري المصنف والقائل ذلك الراوي عنه وظنوه شيخا للبخاري وليس كذلك والله أعلم قوله عن أنس في رواية روح بن عبادة عن شعبة في الاعتصام أخبرني موسى قال سمعت أنس بن مالك يقول قوله خطب النبي صلى الله عليه وسلم خطبة ما سمعت مثلها قط قال لو تعلمون ما أعلم وقع عند مسلم من طريق النضر بن شميل عن شعبة في أوله زيادة يظهر منها سبب الخطبة ولفظه بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شئ فخطب فقال عرضت على الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر ولو تعلمون ما أعلم قوله لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا قال فغطى في رواية النضر بن شميل قال فما آتي على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان أشد من ذلك غطوا رؤوسهم قوله لهم حنين بالحاء المهملة للآكثر وللكشميهني بالخاء المعجمة والاول الصوت الذي يرتفع بالبكاء من الصدر والثاني من الانف وقال الخطابي الحنين بكاء دون الانتحاب وقد يجعلون الحنين والخنين واحدا إلا أن الحنين من الصدر أي بالمهملة والخنين من الانف بالمعجمة وقال عياض قوله فقال رجل من أبي قال أبوك فلان تقدم في العلم أنه عبد الله بن حذافة وفي رواية للعسكري نزلت في قيس بن حذافة وفي رواية للاسماعيلي يأتي التنبيه عليها في كتاب الفتن خارجة بن حذافة والاول أشهر وكلهم له صحبة وتقدم فيه أيضا زيادة من حديث أبي موسى وأحلت بشرحه على كتاب الاعتصام وسيأتي إن شاء الله تعالى فاقتصر هنا على بيان الاختلاف في سبب نزول الآية قوله فنزلت هذه الآية هكذا أطلق ولم يقع ذلك في سياق الزهري عن أنس مع أنه أشبع سياقا من رواية موسى بن أنس كما تقدم في أوائل المواقيت لذا لم يذكر ذلك هلال بن علي عن أنس كما سيأتي في كتاب الرقاق ووقع في الفتن من طريق قتادة عن أنس في آخر هذا الحديث بعد أن ساقه مطولا قال فكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء وروى بن أبي حاتم من وجه آخر عن قتادة عن أنس قال سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه بالمسألة فصعد المنبر فقال لا تسألوني عن شئ إلا أنبأتكم به فجعلت ألتفت عن يمين وشمال فإذا كل رجل لاف ثوبه برأسه يبكي الحديث وفيه قصة عبد الله بن حذافة وقول عمر روى الطبري من طريق أبي صالح عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان محمار وجهه حتى جلس على المنبر فقام إليه رجل فقال أين أنا قال في النار فقام آخر فقال من أبي فقال حذافة فقام عمر فذكر كلامه وزاد فيه وبالقرآن إماما قال فسكن غضبه ونزلت هذه الآية وهذا شاهد جيد لحديث موسى بن أنس المذكور وأما ما روى الترمذي من حديث على قال لما نزلت ولله على الناس حج البيت قالوا يا رسول الله في كل عام فسكت ثم قالوا يا رسول الله في كل عام فقال لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا فهذا لا ينافي حديث أبي هريرة لاحتمال أن تكون نزلت في الامرين ولعل مراجعتهم له في ذلك هي سبب غضبه وقد روى أحمد من حديث أبي هريرة والطبري من حديث أبي أمامة نحو حديث على هذا وكذا أخرجه من وجه ضعيف ومن آخر
[ 212 ]
منقطع عن بن عباس وجاء في سبب نزولها قول ثالث وهو ما يدل عليه حديث بن عباس في الباب عقب هذا وهو أصح إسنادا لكن لا مانع أن يكون الجميع سبب نزولها والله أعلم وجاء في سبب نزولها قولان آخران فأخرج الطبري وسعيد بن منصور من طريق خصيف عن مجاهد عن بن عباس أن المراد بالاشياء البحيرة والوصيلة والسائبة والحام قال فكان عكرمة يقول إنهم كانوا يسألون عن الآيات فنهوا عن ذلك قال والمراد بالآيات نحو سؤال قريش أن يجعل الصفا لهم ذهبا وسؤال اليهود أن ينزل عليهم كتابا من السماء ونحو ذلك وأخرج بن أبي حاتم من طريق عبد الكريم عن عكرمة قال نزلت في الذي سأل عن أبيه وعن سعيد بن جبير في الذين سألوا عن البحيرة وغيرها وعن مقسم فيما سأل الامم أنبياءها عن الآيات قلت وهذا الذي قاله محتمل وكذا ما أخرج بن أبي حاتم من طريق عطية قال نهوا أن يسألوا مثل ما سأل النصارى من المائدة فأصبحوا بها كافرين وقد رجحه الماوردي وكأنه من حيث المعنى لوقوع قصة المائدة في السورة بعد ذلك واستبعد نزولها في قصة من سأل عن أبيه أو عن الحج كل عام وهو إغفال منه لما في الصحيح ورجح بن المنير نزولها في النهي عن كثرة المسائل عما كان وعما لم يكن واستند إلى كثير مما أورده المصنف في باب ما يكره من كثرة السؤال في كتاب الاعتصام وهو متجه لكن لا مانع أن تتعدد الاسباب وما في الصحيح أصح وفي الحديث إيثار الستر على المسلمين وكراهة التشديد عليهم وكراهية التنقيب عما لم يقع وتكلف الاجوبة لمن يقصد بذلك التمرن على التفقه فالله أعلم وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الاعتصام إن شاء الله تعالى قوله رواه النضر هو بن شميل وروح بن عبادة عن شعبة أي بإسناده ورواية النضر وصلها مسلم رواية روح بن عبادة وصلها المؤلف في كتاب الاعتصام (4346) قوله حدثني الفضل بن سهل هو البغدادي وليس له في البخاري سوى هذا الموضع وشئ تقدم في الصلاة وأبو النضر هاشم بن القاسم وأبو خيثمة هو زهير بن معاوية وأبو الجويرية بالجيم مصغر اسمه حطان بكسر المهملة وتشديد الطاء بن خفاف بضم المعجمة وفاءين الاولى خفيفة ثقة ماله في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في الزكاة ويأتي في الاشربة له ثالث قوله عن بن عباس في رواية بن أبي حاتم من طريق أبي النضر عن أبي خيثمة حدثنا أبو الجويرية سمعت أعرابيا من بني سليم سأله يعني بن عباس قوله كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء قد تقدم طريق الجمع بينه وبين الذي قبله والحاصل أنها نزلت بسبب كثرة المسائل إما على سبيل الاستهزاء أو الامتحان وإما على سبيل التعنت عن الشئ الذي لو لم يسأل عنه لكان على الاباحة وفي أول رواية الطبري من طريق حفص بن نفيل عن أبي خيثمة عن أبي الجويرية قال بن عباس قال أعرابي من بني سليم هل تدر فيم أنزلت هذه الآية فذكره ووقع عند أبي نعيم في المستخرج من وجه آخر عن أبي خيثمة عن أبي الجويرية عن بن عباس أنه سئل عن الضالة فقال بن عباس من أكل الضالة فهو ضال (0) قوله باب ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام أي ما حرم ولم يرد حقيقة الجعل لان الكل خلقه وتقديره ولكن المراد بيان ابتداعهم ما صنعوه من ذلك قوله وإذ قال الله يقول قال الله وإذ ههنا صلة كذا ثبت هذا وما بعده هنا وليس بخاص به وهو على ما قدمنا من ترتيب بعض الرواة وهذا الكلام ذكره أبو عبيدة في قوله تعالى وإذ قال الله يا عيسى بن مريم قال مجازه يقول
[ 213 ]
الله وإذ من حروف الزوائد وكذلك قوله وإذ علمتك أي وعلمتك قوله المائدة أصلها مفعولة كعيشة راضية وتطليقه بائنة والمعنى ميد بها صاحبها من خير يقال ما دنى يميدني قال بن التين هو قول أبي عبيدة وقال غيره هي من ماد يميد إذا تحرك وقيل من ماد يميد إذا أطعم قال بن التين وقوله تطليقة بائنة غير واضح إلا أن يريد أالزوج أبان المرأة بها وإلا فالظاهر أنها فرقت بين الزوجين فهي فاعل على بابها قوله وقال بن عباس متوفيك مميتك هكذا ثبت هذا هنا وهذه اللفظة إنما هي في سورة آل عمران فكأن بعض الرواة ظنها من سورة المائدة فكتبها فيها أو ذكرها المصنف هنا لمناسبة قوله في هذه السورة فلما توفيتني كنت أنت الرقيب ثم ذكر المصنف حديث بن شهاب عن سعيد بن المسيب في تفسير البحيرة والسائبة والاختلاف في وقفه ورفعه (4347) قوله البحيرة التي يمنع درها الطواغيت وهي الاصنام فلا يحلبها أحد من الناس والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة وهي التي بحرت أذنها أي خرمت قال أبو عبيدة جعلها قوم من الشاة خاصة إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذنها أي شقوها وتركت فلا يمسها أحد وقال آخرون بل البحيرة الناقة كذلك وخلوا عنها فلم تركب ولم يضربها فحل وأما قوله فلا يحلبها أحد من الناس فهكذا أطلق نفي الحلب وكلام أبي عبيدة يدل على أن المنفى إنما هو الشرب الخاص قال أبو عبيدة كانوا يحرمون وبرها ولحمها وظهرها ولبنها على النساء يحلون ذلك للرجال وما ولدت فهو بمنزلتها وإن ماتت اشترك الرجال والنساء في أكل لحمها وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال البحيرة من الابل كانت الناقة إذا نتجت خمس بطون فإن كان الخامس ذكرا كان للرجال دون النساء وأن كانت أنثى بتكت أذنها ثم أرسلت فلم يجزوا لهوبرا ولم يشربوا لها لبنا ولم يركبوا لها ظهرا وأن تكن ميتة فهم فيه شركاء الرجال والنساء ونقل أهل اللغة في تفسير البحيرة هيآت أخرى تزيد بما ذكرت على العشر وهي فعيلة بمعنى مفعولة والبحر شق الاذن كان ذلك علامة لها قوله والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شئ قال أبو عبيدة كانت السائبة من جميع الانعام وتكون من النذور للاصنام فتسيب فلا تحبس عن مرعى ولا عن ماء ولا يركبها أحد قال وقيل السائبة لا تكون إلا من الابل كان الرجل ينذر إن برئ من مرضه أو قدم من سفره ليسيبن بعيرا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال السائبة كانوا يسيبون بعض إبلهم فلا تمنع حوضا أن تشرب فيه قوله قال وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر الخزاعي الخ هكذا وقع في هذه الرواية إيراد القدر المرفوع من الحديث في أثناء الموقوف وسأبين ما فيه بعد قوله والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الابل بأنثى ثم تثني بعد بأنثى هكذا أورده متصلا بالحديث المرفوع وهو يوهم أنه من جملة المرفوع وليس كذلك بل هو بقية تفسير سعيد بن المسيب والمرفوع من الحديث إنما هو ذكر عمرو بن عامر فقط وتفسير البحيرة وسائر الاربعة المذكورة في الآية عن سعيد بن المسيب ووقع في رواية الاسماعيلي من طريق يعقوب بن إبراهيم أبن سعد عن أبيه بهذا الاسناد مثل رواية الباب إلا أنه بعد إيراد المرفوع قال وقال بن المسيب والوصيلة الناقة الخ فأوضح أن التفسير جميعه موقوف وهذا هو المعتمد وهكذا أخرجه بن مردويه من طريق يحيى بن سعيد وعبيد الله بن زياد عن بن شهاب مفصلا قوله أن وصلت أي من أجل وقال أبو عبيدة كانت السائبة
[ 214 ]
مهما ولدته فهو بمنزلة أمها إلى ستة أولاد فإن ولدت السابع أنثيين تركتا فلم تذبحا وإن ولدت ذكرا ذبح وأكله الرجال دون النسا وكذا إذا ولدت ذكرين وأن أتت بتوأم ذكر وأنثى سموا الذكر وصيلة فلا يذبح لاجل أخته وهذا كله إن لم تلد ميتا فإن ولدت بعد البطن السابع ميتا أكله النساء دون الرجال وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال الوصيلة الشاة كانت إذا ولدت سبعة فإن كان السابع ذكر ذبح وأكل وإن كان أنثى تركت وأن كان ذكرا وانثى قالوا وصلت أخاها فترك ولم يذبح قوله والحام فحل الابل يضرب الضراب المعدود الخ وكلام أبي عبيدة يدل على أن الحام إنما يكون من ولد السائبة وقال أيضا كانوا إذا ضرب فحل من ولد البحيرة فهو عندهم حام وقال أيضا الحام من فحول الابل خاصة إذا نتجوا منه عشرة أبطن قالوا قد حمى ظهره فأحموا ظهره ووبره وكل شئ منه فلم يركب ولم يطرق وعرف بهذا بيان العدد المبهم في رواية سعيد وقيل الحام فحل الابل إذا ركب ولد ولده قال الشاعر حماها أبو قابوس في غير ملكه كما قد حمى أولاد أولاده الفحلا وقال الفراء اختلف في السائبة فقيل كان الرجل يسيب من ماله ما شاء يذهب به إلى السدنة وهم الذين يقومون على الاصنام وقيل السائبة الناقة إذا ولدت عشرة أبطن كلهن إناث سيبت فلم تركب ولم يجز لها وبر ولم يشرب لها لبن وإذا ولدت بنتها بحرت أي شقت أذنها فالبحيرة ابنة السائبة وهي بمنزلة أمها والوصيلة من الشاة إذا ولدت سبعة أبطن إذا ولدت في آخرها ذكرا وانثى قيل وصلت أخاه فلا تشرب النساء لبن الام وتشربه الرجال وجرت مجرى السائبة الا في هذا وأما الحام فهو فحل الابل كان إذا لقح ولد ولده قيل حمى ظهره فلا يركب ولا يجز له وبر ولا يمنع من مرعى قوله وقال لي أبو اليمان عند غير أبي ذر وقال أبو اليمان بغير مجاورة قوله سمعت سعيدا يخبره بهذا قال وقال أبو هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نحوه هكذا للاكثر يخبر بصيغة الفعل المضارع من الخبر متصل بهاء الضمير ووقع لابي ذر عن الحموي والمستملي بحيرة بفتح الموحدة وكسر المهملة وكأنه أشار إلى تفسير البحيرة وغيرها كما في رواية إبراهيم بن سعد وأن المرفوع منه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عمرو بن عامر حسب وهذا هو المعتمد فإن المصنف أخرجه في مناقب قريش قال حدثنا أبو اليمان أنبأنا شعيب عن الزهري سمعت سعيد بن المسيب ب قال البحيرة التي يمنع درها الخ لكنه أورده باختصار قال وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر الخ قوله ورواه بن الهاد عن بن شهاب عن سعيد عن أبي هريرة سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أما طريق بن الهاد فأخرجها بن مردويه من طريق خالد بن حميد المهري عن بن الهاد وهو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي بهذا الاسناد ولفظ المتن رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبة في النار وكان أول من سيب السوائب والسائبة التي كانت تسيب فلا يحمل عليها شئ إلى آخر التفسير المذكور وقد أخرجه أبو عوانة وابن أبي عاصم في الاوائل والبيهقي والطبراني من طرق عن الليث عن بن الهاد بالمرفوع فقط وظهر أن في رواية خالد بن حميد إدراجا وأن التفسير من كلام سعيد بن المسيب والله أعلم وقوله في المرفوع وهو أول من سيب السوائب زاد في رواية أبي صالح عن أبي هريرة عند مسلم وبحر البحيرة وغير دين إسماعيل وروى عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم مرسلا أول من سيب
[ 215 ]
السوائب عمرو بن لحي وأول من بحر البحائر رجل من بن مدلج جدع أذن ناقته وحرم شرب آلبانها والاول أصح والله أعلم ثم ذكر المصنف حديث عائشة رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا ورأيت عمرا يجر قصبه في النار وهو أول من سيب السوائب هكذا وقع هنا مختصرا وتقدم في أبواب العمل في الصلاة من وجه آخر عن يونس عن زيد مطولا وأوله خسفت الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ سورة طويلة الحديث وفيه لقد رأيت في مقامي هذا كل شئ وفيه القدر المذكور هنا وأورده في أبواب الكسوف من وجه آخر عن يونس بدون الزيادة وكذا من طريق عقيل عن الزهري وقد تقدم بيان نسب عمرو الخزاعي في مناقب قريش وكذا بيان كيفية تغييره لملة إبراهيم عليه السلام ونصبه الاصنام وغير ذلك (0) قوله باب وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ذكر فيه حديث بن عباس إنكم محشورون إلى الله حفاة الحديث وسيأتي شرحه في الرقاق والغرض منه فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم وقوله (4349) أصيحابي كذا للاكثر بالتصغير وللكشميهني بغير تصغير قال الخطاب فيه إشارة إلى قلة عدد من وقع لهم ذلك وإنما وقع لبعض جفاة العرب ولم يقع من أحد الصحابة المشهورين (0) قوله باب قوله أن تعذبهم فإنهم عبادك الآية ذكر فيه حديث بن عباس المذكور قبل أورده مختصرا (0) (قوله سورة الانعام بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله قال بن عباس ثم لم تكن فتنتهم معذرتهم وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عنه وقال معمر عن قتادة فتنتهم مقالتهم قال وسمعت من يقول معذرتهم أخرجه عبد الرزاق وأخرج عبد بن حميد عن يونس عن شيبان عن قتادة في قوله ثم لم تكن فتنتهم قال معذرتهم قوله معروشات ما يعرش من الكرم وغير ذلك كذا ثبت لغير أبي ذر وقد وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله وهو الذي أنشأ جنات معروشات قال ما يعرش من الكروم وغير معروشات مالا يعرش وقيل المعروش ما يقوم على ساق وغير المعروش ما يبسط على وجه الارض قوله حمولة ما يحمل عليها وصله بن أبي حاتم أيضا من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله حمولة وفرشا فأما الحمولة فالابل والخيل والبغال والحمير وكل شئ يحمل عليه وقال أبو عبيدة الفرش صغار الابل التي لم تدر ولم يحمل عليها وقال معمر عن قتادة عن الحسن الحمولة ما حمل عليه منها والفرش حواشيها يعني صغارها قال قتادة وكان غير الحسن يقول الحمولة الابل والبقر والفرش الغنم أحسبه ذكره عن عكرمة أخرجه عبد الرزاق وعن بن مسعود الحمولة ما حمل من الابل والفرش الصغار أخرجه الطبري وصححه الحاكم قوله وللبسنا لشبهنا وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وللبسنا عليهم ما يلبسون يقول لشبهنا عليهم قوله لانذركم به أهل مكة
[ 216 ]
هكذا رأيته في مستخرج أبي نعيم في هذا الموضع وكذا ثبت عند النسفي وقد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى وأوحى إلى هذا القرآن لانذركم به يعني أهل مكة وقوله ومن بلغ قال ومن بلغه هذا القرآن من الناس فهو له نذير قوله وينأون يتباعدون وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله وهم ينهون عنه وينأون عنه قال يتباعدون وكذا قال أبو عبيد ينأون عنه أي يتباعدون عنه وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وأخرجه من وجه آخر عن بن عباس نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين عن أذى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به وصححه الحاكم من هذا الوجه قوله تبسل تفضح وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وذكر به أن تبسل نفس يعني أن تفضح وروى عبد بن حميد من طريق مجاهد ان تبسل أي تسلم ومن طريق قتادة تحبس قوله أبسلوا أفضحوا كذا فيه من الرباعي وهي لغة يقال فضح وأفضح وروى بن أبي حاتم أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا يعني فضحوا وقد مضى كما ترى لهذه الكلمة تفسير آخر عن غير بن عباس وأنكر الاسماعيلي هذا التفسير الاول فكأنه لم يعرف أنه عن بن عباس قوله باسطوا أيديهم البسط الضرب وصله بن أبي حاتم أيضا من هذا الوجه عن بن عباس في قوله والملائكة باسطو أيديهم قال هذا عند الموت والبسط الضرب صلى الله عليه وسلم استكثرتم أضللتم كثيرا وصله بن أبي حاتم أيضا كذلك قوله مما ذرأ من الحرث جعلوا لله من ثمراتهم ومالهم نصيبا وللشيطان والاوثان نصيبا وصله بن أبي حاتم أيضا عن بن عباس في قوله وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا الآية قال جعلوا لله فذكر مثله وزاد فإن سقط من ثمرة ما جعلوا لله في نصيب الشيطان تركوه وإن سقط مما جعلوا للشيطان في نصيب الله لقطوه وروى عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال كانوا يسمون لله جزءا من الحرث ولشركائهم جزءا فما ذهبت به الريح مما سموا لله إلى جزء أوثانهم تركوه وقالوا الله غنى عن هذا وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى جزء الله أخذوه والانعام التي سمي الله هي البحيرة والسائبة كما تقدم تفسيرها في المائدة وقد تقدم في أخبار الجاهلية قول بن عباس أن سرك أن تعلم جهل العرب فأشار إلى هذه الآية قوله أكنة وأحدها كنان ثبت هذا لابي ذر عن المستملى وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى اكنة أن يفقهوه وأحدها كنان أي أغطية ومثله أعنة وعنان وأسنه وسنان قوله سرمدا دائما كذا وقع هنا وليس هذا في الانعام وإنما هو في سورة القصص قال أبو عبيدة في قوله تعالى قل أرأيتم أن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة سرمدا أي دائما قال وكل شئ لا ينقطع فهو سرمد وقال الكرماني كأنه ذكرها هنا لمناسبة قوله تعالى في هذه السورة وجاعل الليل سكنا قوله وقرأ صمم قال أبو عبيدة في قوله تعالى وفي آذانهم وقرا أي الثقل والصمم وأن كانوا يسمعون لكنهم صم عن الحق والهدى وقال معمر عن قتادة في قوله على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا قال يسمعون بآذانهم ولا يعون منها شيئا كمثل البهيمة تسمع القول ولا تدري ما يقال لها وقرأ الجمهور بفتح الواو وقرأ طلحة بن مصرف بكسرها وقوله وأما الوقر أي بكسر الواو فأنه الحمل هو قول أبي عبيدة قاله متصلا بكلامه الذي قبله فقال الوقر
[ 217 ]
الحمل إذا كسرته وأفاد الراغب الوقر حمل الحمار والوسق حمل الجمل والمعنى على قراءة الكسر أن في آذانهم شيئا يسدها عن استماع القول ثقيلا كوقر البعير قوله أساطير وأحدها أسطورة وأسطارة وهي الترهات هو كلام أبي عبيدة أيضا قال في قوله إلا أساطير الاولين واحدها أسطورة وأسطارة ومجازها الترهات انتهى والترهات بضم أوله وتشديد الراء أصلها بنيات الطريق وقيل إن ناءها منقلبة من واو وأصلها الوره وهو الحمق قوله البأساء من البأس ويكون من البؤس هو مضى كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى فاخذناهم بالبأساء هي البأس من الخير والشر والبؤس انتهى والبأس الشدة والبؤس الفقر وقيل البأس القتل والبؤس الضر قوله جهرة معاينة قال أبو عبيدة في قوله قل ارأيتكم أن أتاكم عذاب الله بفتة أي فجأة وهم لا يشعرون أو جهرة أي علانية وهم ينظرون قوله الصور جماعة صورة كقولك سورة وسور بالصاد أولا وبالسين ثانيا كذا للجميع إلا في رواية أبي أحمد الجرجاني ففيها كقوله صورة وصور بالصاد في الموضعين والاختلاف في سكون الواو وفتحها قال أبو عبيدة في قوله تعالى ويوم ينفخ في الصور يقال أنها جمع صورة ينفخ فيها روحها فتحيا بمنزلة قولهم سور المدينة وأحدها سورة قال النابغة ألم تر أن الله أعطاك سورة يرى كل ملك دونها يتذبذب انتهى والثابت في الحديث أن الصور قرن ينفخ فيه وهو واحد لا اسم جمع وحكى الفراء الوجهين وقال في الاول فعلى هذا فالمراد النفخ في الموتى وذكر الجوهري في الصحاح أن الحسن قرأها بفتح الواو وسبق النحاس فقال ليست بقراءة وأثبتها أبو البقاء العكبري قراءة في كتابه اعراب الشواذ وسيأتي البحث في ذلك في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى قوله يقال على الله حسبانه أي حسابه تقدم هذا في بدء الخلق وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى والشمس والقمر حسبانا قال يدوران في حساب وعن الاخفش قال حسبان جمع حساب مثل شهبان جمع شهاب قوله تعالى علا وقع في مستخرج أبي نعيم تعالى الله علا الله وهو في رواية النسفي أيضا قوله حسبانا مرامي ورجوما للشياطين تقدم الكلام عليه في بدء الخلق قوله جن أظلم قال أبو عبيدة في قوله تعالى فلما جن عليه الليل أي غطى على وأظلم وما جنك من شئ فهو جنان لك أي غطاء قوله مستقر في لا الصلب ومستودع في الرحم هكذا وقع هنا وقد قال معمر عن قتادة في قوله فمستقر ومستودع قال مستقر في الرحم ومستودع في الصلب أخرجه عبد الرزاق وأخرج سعيد بن منصور من حديث بن عباس مثله بإسناد صحيح وصححه الحاكم وقال أبو عبيدة مستقر في صلب الاب ومستودع في رحم الام وكذا أخرج عبد بن حميد من حديث محمد بن الحنفية وهذا موافق لما عند المصنف مخالف لما تقدم وأخرج عبد الرزاق عن بن مسعود قال مستقرها في الدنيا ومستودعها في الآخرة وللطبراني من حديثه المستقر الرحم والمستودع الارض تنبيه قرأ أبو عمرو وابن كثير فمستقر بكسر القاف والباقون بفتحها وقرأ الجميع مستودع بفتح الدال إلا رواية عن أبي عمرو فبكسرها قوله القنو العذق والاثنان قنوان والجماعة أيضا قنوان مثل صنوان وصنوان كذا وقع لابي ذر تكرير صنوان الاولى مجرورة النون والثانية مرفوعة وسقطت الثانية لغير أبي ذر ويوضح المراد كلام
[ 218 ]
أبي عبيدة الذي هو منقول منه قال أبو عبيدة في قوله تعالى ومن النخل من طلعها قنوان قال القنو هو العذق بكسر العين يعني العنقود والاثنان قنوان والجمع قنوان كلفظ الاثنين إلا أن الاثنين مجرورة ونون الجمع يدخله الرفع والنصب والجر ولم تجد مثله غير صنو وصنوان والجمع صنوان وحاصله أن من وقف على قنوان وصنوان وقع الاشتراك اللفظي في إرادة التثنية والجمع فإذا وصل ظهر الفرق فيقع الاعراب على النون في الجمع دون التثنية فإنها مكسورة النون خاصة ويقع الفرق أيضا بانقلاب الالف في التثنية حال الجر والنصب بخلافها في الجمع وكذا بحذف نون التثنية في الاضافة بخلاف الجمع تنبيه قرأ الجمهور قنوان بكسر القاف وقرأ الاعمش والاعرج وهي رواية عن أبي عمرو بضمها وهي لغة قيس وعن أبي عمرو رواية أيضا بفتح القاف وخرجها بن جنى على أنها اسم جمع لقنو لا جمع وفي الشواذ قراءة أخرى قوله ملكوت وملك رهبوت رحموت وتقول ترهب خير من أن ترحم كذا لابي ذر وفيه تشويش ولغيره ملكوت ملك مثل رهبوت خيرمن رحموت وتقول ترهب خير من أن ترحم وهذا هو الصواب فسر معنى ملكوت بملك وأشار إلى أن وزنه رهبوت ورحموت ويوضحه كلام أبي عبيدة فأنه قال في قوله تعالى وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والارض أي ملك السماوات خرج مخرج قولهم في المثل رهبوت خير من رحموت أي رهبة خير من رحمة انتهى وقرأ الجمهور ملكوت بفتح اللام وقرأ أبو السماك بسكونها وروى عبد بن حميد والطبري عن عكرمة قال ملكوت السماوات والارض ملك السماوات والارض وهي بالنبطية ملكوثا أي بسكون اللام والمثلثة وزيادة ألف وعلى هذا فيحتمل أن تكون الكلمة معربة والاولى ما تقدم وأنها مشتقة من ملك كما ورد مثله في رهبوت وجبروت قوله وأن تعدل تقسط لا يقبل منها في ذلك اليوم وقع هذا في رواية أبي ذر وحده وقد حكاه الطبري واستنكره وفسر أبو عبيدة العدل بالتوبة قال لان التوبة إنما تنفع في حال الحياة والمشهور ما روى معمر عن قتادة في قوله تعالى وأن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها أي لو جاءت بملء الارض ذهبا لم يقبل فجعله من العدل بمعنى المثل وهو ظاهر أخرجه عبد الرزاق وغيره قوله أما اشتملت عليه أرحام الانثيين يعني هل تشتمل إلا على ذكر أو أنثى فلم تحرمون بعضا وتحلون بعضا كذا وقع لابي ذر هنا ولغيره في أوائل التفاسير وهو أصوب وهو إردافه على تفاسير بن عباس فقد وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس مثله ووقع عند كثر من الرواة فلم تحرموا ولم تحللوا بغير نون فيهما وحذف النون بغير ناصب ولا جازم لغة وقال الفراء قوله قل الذكرين حرم أم الانثيين أما اشتملت عليه أرحام الانثيين يقول أجاءكم التحريم فيما حرمتم من السائب والبحيرة والوصيلة والحام من قبل الذكرين أم من الانثيين فإن قالوا من قبل الذكر لزم تحريم كل ذكر أو من قبل الانثى فكذلك وأن قالوا من قبل ما اشتمل عليه الرحم لزم تحريم الجميع لان الرحم لا يشتمل إلا على ذكر أو أنثى وقد تقدم في أخبار الجاهلية قول بن عباس أن سرك أن تعلم جهل العرب فأقرأ الثلاثين ومائة من سورة الانعام يعني الآيات المذكورة قوله مسفوحا مهراقا وقع هذا للكشميهني وهو تفسير أبي عبيدة في قوله تعالى أو دما مسفوحا أي مهراقا مصبوبا ومنه قولهم سفح الدمع أي سأل قوله صدف أعرض قال أبو عبيدة في قوله تعالى ثم هم يصدفون أي يعرضون يقال صدف عني بوجهه أي أعرض وروى عبد الرزاق عن
[ 219 ]
معمر عن قتادة في قوله يصدفون أي يعرضون عنها قوله ابلسوا أويسوا كذا للكشميهني ولغيره أيسوا بغير واو قال أبو عبيدة في قوله تعالى فإذا هم مبلسون المبلس الحزين النادم قال رؤية بن العجاج وفي الوجوه صفرة وإبلاس أي اكتئاب وحزن وقال الفراء قوله فإذا هم مبلسون المبلس البائس المنقطع رجاؤه وكذلك يقال للذي يسكت عند انقطاع حجته فلا يجيب قد أبلس قال العجاج يا صاح هل تعرف رسما دارسا قال نعم أعرفه وأبلسا وتفسير المبلس بالحزين وبالبائس متقارب قوله ابسلوا أسلموا قال أبو عبيدة في قوله تعالى أولئك الذين أبسلوا بما كسبوا أي أسلموا وقوله في الآية الاخرى أن تبسل نفس أي ترتهن وتسلم قال عوف بن الاحوص وابسالي بني بغير جرم وروى معمر عن قتادة في قوله أن تبسل نفس قال تحبس قال قتادة وقال الحسن أي تسلم أي إلى الهلاك أخرجه عبد الرزاق وقد تقدم لهذه الكلمة تفسير آخر والمعنى متقارب قوله استهوته أضلته هو تفسير قتادة أخرجه عبد الرزاق وقال أبو عبيدة في قوله تعالى كالذي استهوته الشياطين هو الذي تشبه له الشياطين فيتبعها حتى يهوى في الارض فيضل قوله تمترون تشكون قال أبو عبيدة في قوله تعالى ثم أنتم تمترون أي تشكون وكذا أخرجه الطبري من طريق أسباط عن السدي قوله يقال على الله حسبانه أي حسابه كذا لابي ذر أعاده هنا وقد تقدم قبل (0) قوله باب وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو المفاتح جمع مفتح بكسر الميم الآلة التي يفتح بها مثل منجل ومناجل وهي لغة قليلة في الآلة والمشهور مفتاح بإثبات الالف وجمعه مفاتيح بإثبات الياء وقد قرئ بها في الشواذ قرأ بن السميفع وعنده مفاتيح الغيب وقيل بل هو جمع مفتح بفتح الميم وهو المكان ويؤيده تفسير السدي فيما رواه الطبري قال مفاتح الغيب خزائن الغيب وجوز الواحدى أنه جمع مفتح بفتح الميم على أنه مصدر بمعنى الفتح أي وعنده فتوح الغيب أي يفتح الغيب على من يشاء من عباده ولا يخفى بعد هذا التأويل للحديث المذكور في الباب وأن مفاتح الغيب لا يعلمها أحد إلا الله سبحانه وتعالى وروى الطبري من طريق بن مسعود قال أعطى نبيكم صلى الله عليه وسلم علم كل شئ إلا مفاتح الغيب ويطلق المفتاح على ما كان محسوسا مما يحل غلقا كالقفل وعلى ما كان معنويا كما جاء في الحديث أن من الناس مفاتيح للخير الحديث صححه بن حبان من حديث أنس ثم ذكر المصنف في الباب حديث بن عمر مفاتح الغيب خمس أورده مختصرا وساقه في تفسير سورة لقمان مطولا وسيأتي شرحه هناك مستوفى إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم الآية يلبسكم يخلطكم من الالتباس يلبسوا يخلطوا هو من كلام أبي عبيدة في الموضعين وعند بن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي مثله (4352) قوله شيعا فرقا هو كلام أبي عبيدة أيضا وزاد واحدتها شيعة وللطبرى من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله شيعا قال الاهواء المختلفة قوله عن جابر وقع في الاعتصام من وجه آخر عن بن عيينة عن عمرو بن دينار سمعت جابرا وكذا للنسائي من طريق معمر عن عمرو بن دينا قوله عذابا من فوقكم قال أعوذ بوجهك زاد الاسماعيلي من طريق حماد بن زيد عن عمر والكريم في الموضعين قوله هذا أهون
[ 220 ]
أو هذا أيسر هو شك من الراوي والضمير يعود على الكلام الاخير ووقع في الاعتصام هاتان أهون أو أيسر أي خصلة الالتباس وخصلة إذاقة بعضهم بأس بعض وقد روى بن مردويه من حديث بن عباس ما يفسر به حديث جابر ولفظه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربع فرفع عنهم ثنتين وأبي أن يرفع عنهم اثنتين دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء والخسف من الارض وأن لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فرفع الله عنهم الخسف والرجم وأبي أن يرفع عنهم الاخريين فيستفاد من هذه الرواية المراد بقوله من فوقكم أو من تحت أرجلكم ويستأنس له أيضا بقوله تعالى أفأمنتم أن يخسف بكم جانب البر أو يرسل عليكم حاصبا ووقع أصرح من ذلك عند بن مردويه من حديث أبي بن كعب قال في قوله تعالى عذابا من فوقكم قال الرجم أو من تحت أرجلكم قال الخسف وروى بن أبي حاتم من طريق السدي عن شيوخه أيضا أن المراد بالعذاب من فوق الرجم ومن تحت الخسف وأخرج من طريق بن عباس أن المراد بالفوق أئمة السوء وبالنحت خدم السوء وقيل المراد بالفوق حبس المطر وبالقحت منع التمرات والاول هو المعتمد وفي الحديث دليل على أن الخسف والرجم لا يقعان في هذه الامة وفيه نظر فقد روى أحمد والطبري من حديث أبي بن كعب في هذه الآية قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم الآية قال هن أربع وكلهن واقع لا محالة فمضت اثنتان بعد وفاة نبيهم بخمس وعشرين سنة ألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض وبقيت اثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم وقد أعل هذا الحديث بأن أبي بن كعب لم يدرك سنة خمس وعشرين من الوفاة النبويه فكأن حديثه انتهى عند قوله لا محالة والباقي من كلام بعض الرواة وأعل أيضا بأنه مخالف لحديث جابر وغيره وأجيب بأن طريق الجمع أن الاعادة المذكورة في حديث جابر وغيره مقيدة بزمان مخصوص وهو وجود الصحابة والقرون الفاضلة وأما بعد ذلك فيجوز وقوع ذلك فيهم وقد روى أحمد والترمذي من حديث سعد بن أبي وقاص قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية قل هو القادر إلى آخرها فقال أما أنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد وهذا يحتمل أن لا يخالف حديث جابر بأن المراد بتأويلها ما يتعلق بالفتن ونحوها وعند أحمد بإسناد صحيح من حديث صحار بالمهملتين أوله مضموم مع التخفيف العبدي رفعه قال لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل الحديث وسيأتي في كتاب الاشربة في الكلام على حديث أبي مالك الاشعري ذكر الخسف والمسخ أيضا وللترمذي من حديث عائشة مرفوعا يكون في آخر هذه الامة خسف ومسخ وقذف ولابن أبي خيثمة من طريق هشام بن الغازي بن ربيعة الجرشي عن أبيه عن جده رفعه يكون في أمتي الخسف والمسخ والقذف الحديث وورد فيه أيضا عنه عن على وعن أبي هريرة عند وعن عثمان عند وعن بن مسعود وابن عمر وابن عمرو وسهل بن سعد عند بن ماجة وعن أبي أمامة عند أحمد وعن عبادة عند ولده وعن أنس عند البزار وعن عبد الله بن بسر وسعيد بن أبي راشد عند الطبراني في الكبير وعن بن عباس وأبي سعيد عنده في الصغير وفي أسانيدها مقال غالبا لكن بدل مجموعها على أن لذلك أصلا ويحتمل في طريق الجمع أيضا أن يكون المراد أن ذلك لا يقع لجميعهم وأن وقع لافراد منهم غير مقيد بزمان كما في خصلة العدو الكافر والسنة العامة فإنه ثبت
[ 221 ]
في صحيح مسلم من حديث ثوبان رفعه في حديث بأوله أن الله زوى لي مشارق الارض ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها الحديث وفيه وإني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة وأن لا يسلط عليهم عدوا من غير أنفسهم وأن لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فقال يا محمد إن إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد وإني أعطيتك لامتك أن لا أهلكهم بسنة عامة وأن لا اسلط عليهم عدوا من غيرهم يستبيح بيضتهم حتى يكون بعضهم يهلك بعضا وأخرج الطبري من حديث شداد نحوه بإسناد صحيح فلما كان تسليط العدو الكافر قد يقع على بعض المؤمنين لكنه لا يقع عموما فكذلك الخسف والقذف ويؤيد هذا الجمع ما روى الطبراني من مرسل الحسن قال لما نزلت قل هو القادر الآية سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه فهبط جبريل فقال يا محمد إنك سألت ربك أربعا فأعطاك اثنتين ومنعك اثنتين أن يأتيهم عذاب من فوقهم أو من تحت أرجلهم فيستأصلهم كما أستأصل الامم الذين كذبوا انبياءهم ولكنه يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض وهذان عذابان لاهل الاقرار بالكتاب والتصديق بالانبياء انتهى وكأن من قوله وهذان الخ من كلام الحسن وقد وردت الاستعاذة من خصال أخرى منها عن بن عباس عند بن مردويه مرفوعا سألت ربي لامتي أربعا فأعطاني اثنتين ومنعني اثنتين سألته أن يرفع عنهم الرجم من السماء والغرق من الارض فرفعهما الحديث ومنها حديث سعد بن أبي وقاص عند مسلم مرفوعا سألت ربي أن لا يهلك أمتي بالفرق فأعطانيها وسألته أن لا يهلكهم بالسنة فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها وعند الطبري من حديث جابر بن سمرة نحوه لكن بلفظ أن لا يهلكوا جوعا وهذا مما يقوي أيضا الجمع المذكور فإن الغرق والجوع قد يقع لبعض دون بعض لكن الذي حصل منه الامان أن يقع عاما وعند الترمذي وابن مردويه من حديث خباب نحوه وفيه وأن لا يهلكنا بما أهلك به الامم قبلنا وكذا في حديث نافع بن خالد الخزاعي عن أبيه عند الطبراني وعند أحمد من حديث أبي بصرة بالياء والصاد المهملة نحوه لكن قال بدل خصلة الاهلاك أن لا يجمعهم على ضلالة وكذا للطبري من مرسل الحسن ولابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة رفعه سألت ربي لامتي أربعا فأعطاني ثلاثا ومنعني واحدة سألته أن لا يكفر أمتي جملة فأعطانيها وسألته أن لا يظهر عليهم عدوا من غيرهم فأعطانيها وسألته أن لا يعذبهم بما عذب به الامم قبلهم فأعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها وللطبراني من طريق السدي مرسلا نحوه ودخل في قوله بما عذب به الامم قبلهم الغرق كقوم نوح وفرعون والهلاك بالريح كعاد والخسف كقوم لوط وقارون والصيحة كثمود وأصحاب مدين والرجم كأصحاب الفيل وغير ذلك مما عذبت به الامم عموما وإذا جمعت الخصال المستعاذ منها من هذه الاحاديث التي سقتها بلغت نحو العشرة وفي حديث الباب أيضا أنه صلى الله عليه وسلم سأل رفع الخصلتين الاخيرتين فأخبر بأن ذلك قد قدر من قضاء الله وأنه لا يرد وأما ما زاده الطبراني من طريق أبي الزبير عن جابر في حديث الباب بعد قوله قال ليس هذا قال ولو استعاده لاعاذه فهو محمول على أن جابرا لم يسمع بقية الحديث وحفظه سعد بن أبي وقاص وغيره ويحتمل أن يكون قائل ولو استعاذه الخ بعض رواته دون جابر والله أعلم (0) قوله باب ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ذكر فيه حديث سليمان وهو الاعمش عن إبراهيم وهو النخعي عن علقمة وهو بن يزيد عن عبد الله وهو بن مسعود قال لما
[ 222 ]
نزلت ولم يلبسوا إيمانهم بظلم قال أصحابه أي أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الايمان بما أغنى عن إعادته (0) قوله باب قوله ويونس ولوطا ذكر فيه حديثي بن عباس وأبي هريرة ما ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى وقد تقدم شرحه في أحاديث الانبياء (0) قوله باب قوله أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ذكر فيه حديث بن عباس في السجود في ص وسيأتي شرحه في تفسير ص (4356) قوله زاد يزيد بن هارون ومحمد بن عبيد وسهل بن يوسف عن العوام هو بن حوشب عن مجاهد قلت لابن عباس فقال نبيكم صلى الله عليه وسلم ممن أمر أن يقتدى بهم حاصله أن الزيادة لفظية وإلا فالكلام المذكور داخل في قوله في الرواية الاولى هو منهم أي داود ممن أمر نبيكم أن يقتدى به في قوله تعالى فبهداهم اقتده وطريق يزيد بن هارون المذكورة وصلها الاسماعيلي وطريق محمد بن عبيد وصلها المصنف في تفسير ص وطريق سهل بن يوسف وصلها المصنف في أحاديث الانبياء وقد اختلف هل كان عليه الصلاة والسلام متعبدا بشرع من قبله حتى نزل عليه ناسخة فقيل نعم وحجتهم هذه الآية ونحوها وقيل لا وأجابوا عن الآية بأن المراد أتباعهم فيما أنزل عليه وفاقه ولو على طريق الاجمال فيتبعهم في التفصيل وهذا هو الاصح عند كثير من الشافعية واختاره إما الحرمين ومن تبعه واختار الاول بن الحاجب والله أعلم (0) قوله باب وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر زاد أبودر في روايته إلى قوله وإنا لصادقون قوله كل ذي ظفر البعير والنعامة وصله بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله وروى من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد مثله وروى بن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس قال كل ذي ظفر هو الذي ليس بمنفرج الاصابع يعني ليس بمشقوق الاصابع منها الابل والنعام وإسناده حسن وأخرجه بن جرير من طريق سعيد بن جبير مثله مفرقا وليس فيه بن عباس ومن طريق قتادة قال البعير والنعامة وأشباهه من الطير والحيوانات والحيتان قوله الحوايا المبعر في رواية أبي الوقت المباعر وصله بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال الحوايا هو المبعر وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله وقال سعيد بن جبير الحوايا المباعر أخرجه بن جرير وقال الحوايا جمع حوية وهي ما تحوى واجتمع واستدار من البطن وهي نبات اللبن وهي المباعر وفيها الامعاء قال ومعنى الكلام إلا ما حملت ظهورهما وإلا ما حملت الحوايا أي فهو حلال لهم تنبيه المبعر بفتح الميم ويجوز كسرها ثم ذكر المصنف حديث جابر قاتل الله اليهود حرمت عليهم شحومها الحديث وقد تقدم شرحه في أواخر كتاب البيوع وقد تقدم أيضا بيان من وصل رواية أبي عاصم المذكور هنا ونبه بن التين على أنه وقع في الرواية هنا لحومها قال والصواب شحومها قوله هادوا تابوا هدنا تبنا هائد تائب هو كلام أبي عبيدة وقد تقدم في أوائل الهجرة (0) قوله باب قوله تعالى ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ذكر فيه حديث بن مسعود لا أحد أغير من الله
[ 223 ]
وسيأتي شرحه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (0) قوله) *) *) * (4358) وكيل حفيظ محيط به قال أبو عبيدة في قوله والله على كل شئ وكيل أي حفيظ محيط قوله قبلا جمع قبيل والمعنى أنه ضروب للعذاب كل ضرب منها قبيل انتهى هو من كلام أبي عبيدة أيضا لكن بمعناه قال في قوله تعالى وحشرنا عليهم كل شئ قبلا قال فمعنى حشرنا جمعنا وقبلا جمع قبيل أي صنف وروى بن جرير عن مجاهد قال قبلا أي أفواجا قال بن جرير أي حشرنا عليهم كل شئ قبيلة قبيلة صنفا صنفا وجماعة جماعة فيكون القبل جمع قبيل الذي هو جمع قبيلة فيكون القبل جمع الجمع قال أبو عبيدة ومن قرأها قبلا أي بكسر القاف فأنه يقول معناها عيانا انتهى ويجوز أن يكون بمعنى ناحية يقول لي قبل فلان كذا أي من جهته فهو نصب على الظرفية وقال آخرون قبلا أي مقابلا انتهى وقد روى ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله كل شئ قبلا أي معاينة فكأنه قرأها بكسر القاف وهي قراءة أهل المدينة وابن عامر مع أنه يجوز أن يكون بالضم ومعناه المعاينة يقول رأيته قبلا لآدبرا إذا أتيته من قبل وجهه وتستوي على هذا القراءتان قال بن جرير ويحتمل أن يكون القبل جمع قبيل وهو الضمين والكفيل أي وحشرنا عليهم كل شئ كفيلا يكفلون لهم أن الذي نعدهم حق وهو بمعنى قوله في الآية الاخرى أو تأتي بالله والملائكة قبيلا انتهى ولم أر من فسره باصناف العذاب فليحرر هذا تنبيه ثبت هذا والذي بعده لابي ذر عن المستملى والكشميهني حسب قوله زخرف القول كل شئ حسنته وزينته وهو باطل فهو زخرف هو كلام أبي عبيدة وزاد يقال زخرف فلان كلامه وشهادته وقيل أصل الزخرف في اللغة التزيين والتحسين ولذلك سموا الذهب زخرفا قوله وحرث حجر حرام الخ تقدم الكلام عليه في قصة ثمود من أحاديث الانبياء مستوفى وسقط هنا من رواية أبي ذر والنسفي وهو أولى (0) قوله باب قوله قل هلم شهداءكم لغة أهل الحجاز هلم للواحد والاثنين والجمع هو كلام أبي عبيدة بزيادة والذكر والانثى سواء وأهل نجد يقولون الواحد هلم وللمرأة هلمي وللانثين هلما وللقوم هلموا وللنساء هلمن يجعلونها من هلممت وعلى الاول فهو اسم فعل معناه طلب الاحضار وشهداءكم مفعول به والميم في هلم مبنية على الفتح في اللغة الاولى واختلف هل هي بسيطة أو مركبة ولبسط ذلك موضع غير هذا (0) قوله باب لا ينفع نفسا إيمانها ذكر فيه حديث أبي هريرة في طلوع الشمس من المغرب وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب الرفاق إن شاء الله تعالى وإسحاق في الطريق الاخرى جزم خلف بأنه بن نصر وأبو مسعود بأنه بن منصور وقول خلف أقوى والله أعلم سورة الاعراف اختلف في المراد بالاعراف في قوله تعالى وعلى الاعراف رجال فقال وعن أبي مجلز هم ملائكة وكلوا بالصور ليميزوا المؤمن من الكافر واستشكل بأن الملائكة ليسوا ذكورا ولا إناثا فلا يقال لهم رجال وأجيب بأنه مثل قوله في حق الجن كانوا يعودون برجال من الجن كذا
[ 224 ]
ذكره القرطبي في التذكرة وليس بواضح لان الجن يتوالدون فلا يمتنع أن يقال فيهم الذكور والاناث بخلاف الملائكة قوله بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله قال بن عباس وريشا المال وصله بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ورياشا قال مالا ومن طريق مجاهد والسدي فرقهما قال في قوله وريشا قال المال ومن وجه آخر عن بن عباس قال الرياش اللباس والعيش والنعيم ومن طريق معبد الجهني قال الرياش المعاش وقال أبو عبيدة الرياش ما ظهر من اللباس والستارة والرياش أيضا الخصب في المعاش وقد تقدم شئ من هذا في أول أحاديث الانبياء تنبيه قرأ ورياشا عاصم وأبو عمرو والباقون وريشا قوله أنه لا يحب المعتدين في الدعاء زاد أبو ذر عن الحموي والكشميهني وفي غيره وعند النسفي ولا في غيره وكذا أخرج بن جرير من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس وقد جاء نحو هذا مرفوعا أخرجه أحمد وأبو داود من حديث سعد بن أبي وقاص أنه سمع ابنا له يدعو فقال أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء وقرأ هذه الآية وأخرج أيضا بن ماجة من حديث عبد الله بن مغفل أنه سمع ابنا له يقول اللهم إني أسألك القصر الابيض عن يمين الجنة فذكر نحوه لكن لم يقل وقرأ الآية والاعتداء في الدعاء يقع بزيادة الرفع فوق الحاجة أو بطلب ما يستحيل حصوله شرعا أو بطلب معصية أو يدعو بما لم يؤثر خصوصا ما وردت كراهته كالسجع المتكلف وترك المأمور وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى قوله نتقنا الجبل رفعنا انبجست انفجرت تقدم شرحهما في أحاديث الانبياء قوله ما منعك أن لا تسجد يقول ما منعك أن تسجد كذالابي ذر فأوهم أنه وما بعده من تفسير بن عباس كالذي قبله وليس كذلك ولغير أبي ذر وقال غيره ما منعك الخ وهو الصواب فإن هذا كلام أبي عبيدة وقد تقدم في أول أحاديث الانبياء ونقل بن جرير عن بعض الكوفيين أن المنع هنا بمعنى القول والتقدير من قال لك أن لا تسجد قال وأدخلت أن قبل لا كما دخلت في قولهم ناديت أن لا تقم وحلفت أن لا تجلس ثم أختار بن جرير أن في هذا الكلام حذفا تقديره ما منعك من السجود وحملك على أن لا تسجد قال وإنما حذف لدلالة السياق عليه قوله يخصفان أخذا الخصاف من ورق الجنة يؤلفان الورق يخصفان الورق بعضه إلى بعض كذا لابي عبيدة لكن باختصار وروى بن جرير بإسناد حسن عن بن عباس في قوله وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة قال جعلا يأخذان من ورق الجنة فيجعلان على سوآتهما ومن طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يخصفان قال يرفعان كهيئة الثوب ومن طريق سعيد بن جبير عن بن عباس قال أخذا من ورق التين وأخرجه الحاكم من هذا الوجه ومن طريق قتادة قال كان لباس آدم في الجنة ظفرا كله فلما أكل من الشجرة كشط عنه وبدت سوأته ومن طريق بن عيينة عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه قال كان لباس آدم وحواء النور فكان أحدهما لا يرى عورة الآخر وقد تقدم شئ من هذا في أحاديث الانبياء أيضا قوله سوآتهما كناية عن فرجيهما هو كلام أبي عبيدة ولم يقع في رواية أبي ذر قوله اداركوا اجتمعوا هو كلام أبي عبيدة وزاد ويقال تدارك لي عليه شئ أي اجتمع والتاء مدغمة في الدال انتهى وهي قراءة الجمهور والاصل تداركوا وقد قرأ بها الاعمش ورويت عن أبي عمرو بن العلاء أيضا
[ 225 ]
قوله الفتاح القاضي افتح بيننا اقض كذا وقع هنا والفتاح لم يقع في هذه السورة وإنما هو في سورة سبأ وكأنه ذكره هنا توطئة لتفسير قوله في هذه السورة ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق ولعله وقع فيه تقديم وتأخير من النساخ فقد قال أبو عبيدة في قوله افتح بيننا وبين قومنا أي احكم بيننا وبين قومنا قال الشاعر ألا أبلغ بني عصم رسولا فإني عن فتاحتكم غنى الفتاح القاضي انتهى كلامه ومنه ينقل البخاري كثيرا وروى بن جرير من طرق عن قتادة عن بن عباس قال ما كنت أدرى ما معنى قوله افتح بيننا حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها انطلق أفاتحك ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس افتح بيننا أي اقض بيننا ومن طريق قتادة والسدي وغيرهما مثله قوله ومتاع إلى حين الخ تقدم في بدء الخلق قوله الرياش والريش واحد الخ تقدم أيضا في أول أحاديث الانبياء ورواه بن المنذر من طريق الكسائي أي قال الريش والرياش اللباس قوله قبيله جيله الذي هو منهم هو كلام أبي عبيدة وروى بن جرير من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله قبيله قال الجن والشياطين وهو بمعناه وقد تقدم في بدء الخلق قوله ومشاق الانسان والدابة كلها تسمى سموما وأحدها سم وهي عيناه ومنخراه وفمه وأذناه ودبره وإحليله قال أبو عبيدة في قوله تعالى في سم الخياط أي ثقب الابرة وكل ثقب من عين أو أنف أو أذن أو غير ذلك فهو سم والجمع سموم ووقع في بعض النسخ مسام الانسان بدل مشاق وهي بمعناه قوله غواش ما غشوا به قال أبو عبيدة في قوله ومن فوقهم غواش واحدتها غاشية وهي ما غشاهم فغطاهم من فوقهم وروى بن جرير من طريق السدي قال المهاد لهم كهيئة الفراش والغواش يتغشاهم من فوقهم ومن طريق محمد بن كعب قال المهاد الفرش ومن فوقهم غواش قال اللحف قوله نكدا قليلا قال أبو عبيدة في قوله تعالى والذي خبث لا يخرج الا نكدا أي قليلا عسر في شدة قال الشاعر لا تنجز الوعد أن وعدت وأن أعطيت تافها نكدا وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال النكد الشئ القليل الذي لا ينفع قوله طائرهم حظهم قال أبو عبيدة في قوله تعالى إلا إنما طائرهم عند الله قال حظهم ونصيبهم قوله طوفان من السيل ويقال للموت الكثير الطوفان قال أبو عبيدة الطوفان من السيل ومن الموت البالغ الذريع كأنه مأخوذ من أطاف به إذا عمه بالهلاك وعن الاخفش الطوفان واحدته طوفانه وقيل هو مصدر كالرجحان والنقصان فلا واحد له وروى بن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال أرسل عليهم المطر حتى خافوا الهلاك فأتوا موسى فدعا الله فرفع ثم عادوا وعند بن مردويه بإسنادين ضعيفين عن عائشة مرفوعا الطوفان الموت قوله القمل الحمنان بضم المهملة وسكون الميم شبة صغار الحلم بفتح المهملة واللام قال أبو عبيدة القمل عند العرب هو الحمنان والحمنان ضرب من القردان واحدتها حمنانة وقد تقدم مع الذي قبله في بدء الخلق واختلف في تفسير القمل اختلافا كثيرا قيل السوس وقيل الدبا بفتح المهملة والموحدة مخفف وهو صغار الجراد وقال الراغب وقيل دواب سود صغار وقيل صغار الذر وقيل هو القمل المعروف وقيل دابة أصغر من الطير لها جناح أحمر ومن شأنه أن يمص الحب من السنبلة فتكبر السنبلة ولا حب فيها وقيل فيه غير ذلك قوله عرو وعريش بناء وقال أبو عبيدة في قوله تعالى
[ 226 ]
ما كانوا يعرشون أي يبنون وعرش مكة خيامها وقد تقدم في سورة الانعام تفسير معروشات قوله سقط كل من ندم فقد سقط في يده قال أبو عبيدة في قوله تعالى ولما سقط في أيديهم يقال لكل من ندم وعجز عن شئ سقط في يد فلان وقد تقدم في أحاديث الانبياء قوله متبر خسران تقدم في أحاديث الآنبياء أيضا قوله آسى أحزن تأس تحزن تقدم في أحاديث تفسير اللفظتين جميعا والاولى في الاعراف والثانية في المائدة ذكرها استطرادا قوله عفوا كثروا زاد غير أبي ذر وكثرت أموالهم قال أبو عبيدة في قوله تعالى حتى عفوا أي كثروا وكذلك كل نبات وقوم وغيره إذا كثروا فقد عفوا قال الشاعر ولكنا نعض السيف منها بأسوق عافيات الشحم كوم وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة حتى عفوا أي حتى سروا بذلك قوله نشرا متفرقه تقدم في بدء الخلق قوله يغنوا يعيشوا قال أبو عبيدة في قوله تعالى كأن لم يغنوا فيها أي ينزلوها ولم يعيشوا فيها ومنه قولهم مغاني الديار واحدتها مغنى قال الشاعر أتعرف مغنى دمنة ورسوم وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة كأن لم يغنوا فيها أي كأن لم يعيشوا أو كأن لم يتنعموا قوله حقيق حق تقدم في أحاديث الانبياء قوله لسترهبوهم من الرهبة قال أبو عبيدة في قوله تعالى واسترهبوهم هو من الرهبة أي خوفوهم قوله تلقف تلقم تقدم في أحاديث الانبياء قوله الاسباط قبائل بني إسرائيل هو قول أبي عبيدة وزاوأحدها سبط تقول من أي سبط أنت أي من أي قبيلة وجنس انتهى والاسباط في ولد يعقوب كالقبائل في ولد إسماعيل واشتقاقه من اسبط وهو التتابع وقيل من السبط بالتحريك وهو الشجر الملتف وقيل للحسن والحسين سبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم لانتشار ذريتهما ثم قيل لكل بن بنت سبط قوله يعدون في السبت يتعدون ثم يتجاوزون تقدم في أحاديث الانبياء وهو قول أبي عبيدة ووقع هنا في رواية أبي ذر بدل قوله ثم يتجاوزون تجاوزا بعد تجاوز وهو بالمعنى قوله شرعا شوارع قال أبو عبيدة في قوله إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا أي شوارع انتهى وشرع وشوارع جمع شارع وهو الظاهر على وجه الماء وروى عبد الرزاق عن بن جريج عن رجل عن عكرمة عن بن عباس في قوله إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا أي بيضا سمانا فتنبطح بأفنيتهم ظهورها لبطونها قوله بئيس شديد قال أبو عبيدة في قوله بعذاب بئيس أي شديد وبئيس بفتح أوله وكسر الهمزة وهي القراءة المشهورة وفيها قراءات كثيرة في المشهور والشاذة لا نطيل بها قوله أخلذ إلى الارض قعد وتقاعس قال أبو عبيدة ولكنه اخلد إلى الارض أي لزمها وتقاعس وأبطأ يقال فلان مخلد أي بطئ الشباب وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أخلد إلى الارض مال إلى الدنيا انتهى وأصل الاخلاد اللزوم فالمعنى لزم الميل إلى الارض قوله سنستدرجهم نأتيهم من مأمنهم كقوله تعالى فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا قال أبو عبيدة في قوله تعالى سنستدرجهم الاستدراج أن يأتيه من حيث لا يعلم ومن حيث يتلطف به حتى يغيره انتهى وأصل الاستدراج التقريب منزلة منزلة من الدرج لان الصاعد يرقى درجة درجة قوله من جنة من جنون قال أبو عبيدة في قوله تعالى ما بصاحبهم من جنة أي جنون وقيل المراد بالجنة الجن كقوله من الجنة والناس وعلى هذا فيقدر محذوف أي مس جنة قوله أيان
[ 227 ]
مرساها متى خروجها هو قول أبي عبيدة أيضا وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله مرساها أي منتهاها ومن طريق قتادة قال قيامها قوله فمرت به استمر بها الحمل فائمته تقدم في أحاديث الانبياء ولم يقع هنا في رواية أبي ذر قوله ينزعنك يستخفنك هو قول أبي عبيدة وزاد منه قوله نزع الشيطان بينهم أي أفسد قوله طيف ملم به لمم ويقال طائف وهو واحد قال أبو عبيدة في قوله إذا مسهم طائف أي لمم انتهى واللمم يطلق على ضرب من الجنون وعلى صغار الذنوب واختلف الفراء فمنهم من قرأ طائف ومنهم من قرأ طيف واختار بن جرير الاولى واحتج بأن أهل التأويل فسروه بمعنى الغضب أو الزلة وأما الطيف فهو الخيال ثم حكى بعض أهل العربية أن الطيف والطائف بمعنى واحد وأسند عن بن عباس قال الطائف اللمة من الشيطان قوله يمدونهم يزينون قال أبو عبيدة في قوله وإخوانهم يمدونهم في الغي أي يزينون لهم الغي والكفر قوله وخفية خوفا وخيفة من الاخفاء قال أبو عبيدة في قوله واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة أي خوفا وذهبت الواو لكسرة الحاء وقال بن جريج في قوله ادعوا ربكم تضرعا وخفية أي سرا أخرجه بن المنذر وقوله من الاخفاء فيه تجوز والمعروف في عرف أهل الصرف من الخفاء لان المزيد مشتق من الثلاثي ويوجه الذي هنا بأنه أراد انتظام الصفتين من معنى واحد قوله والآصال وأحدها أصيل وهو ما بين العصر إلى المغرب كقولك بكرة وأصيلا هو قول أبي عبيدة أيضا بلفظه قال بن التين ضبط في نسخة أصل بضمتين وفي بعضها أصيل بوزن عظيم وليس ببين إلا أن يريد أن الآصال جمع أصيل فيصح قلت وهو واضح في كلام المصنف وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة الآصال العشي وقال بن فارس الاصيل واحد الاصل وجمع الاصل آصال فهو جمع الجمع والاصائل جمع أصيلة ومنه قوله بكرة وأصيلا (0) قوله باب قول الله عزوجل قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن ذكر فيه حديث بن مسعود لا أحد أغير من الله فلذلك حرم الفواحش وسيأتي شرحه في كتاب التوحيد وقد حكى بن جرير أن أهل التأويل اختلفوا في المراد بالفواحش فمنهم من حملها على العموم وساق ذلك عن قتادة قال المراد سر الفواحش وعلانيتها ومنهم من حملها على نوع خاص وساق عن بن عباس قال كانوا في الجاهلية لا يرون بالزنا بأسا في السر ويستقبحونه في العلانية فحرم الله الزنا في السر والعلانية ومن طريق سعيد بن جبير ومجاهد ما ظهر نكاح الامهات وما بطن الزنا ثم أختار بن جرير القول الاول قال وليس ما روى عن بن عباس وغيره بمدفوع ولكن الاولى الحمل على العموم والله أعلم (0) قوله باب ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمة ربه قال رب أرني أنظر إليك الآية قال بن عباس أرني أعطني وصله بن جرير من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله رب أرني أنظر إليك قال أعطني وأخرج من طريق السدي قال لما كلم الله موسى أحب أن ينظر إليه قال رب أرني أنظر إليك تكملة تعلق بقوله تعالى لن تراني نفاة رؤية الله تعالى مطلقا من المعتزلة فقالوا لن لتأكيد النفي الذي يدل عليه لا فيكون النفي على التأييد وأجاب أهل السنة بأن التعميم في الوقت مختلف فيه سلمنا لكن خض بحالة الدنيا التي وقع فيها الخطاب وجاز في الآخرة لان أبصار المؤمنين فيها باقية فلا استحالة أن يرى الباقي بالباقي بخلاف حالة الدنيا فإن أبصارهم فيها فانية فلا يرى الباقي بالفاني
[ 228 ]
وتواترت الاخبار النبويه بوقوع هذه الرؤية للمؤمنين في الآخرة وباكرامهم بها في الجنة ولا استحالة فيها فوجب الايمان بها وبالله التوفيق وسيأتي مزيد لهذا في كتاب التوحيد حيث ترجم المصنف وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة (4362) قوله جاء رجل من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد لطم وجهه الحديث تقدم شرحه مستوفى في أحاديث الانبياء وقوله فيه أم جزى كذا للاكثر ولابي ذر عن الحموي والمستملي جوزي وهو المشهور في غير هذا الموضع (0) قوله المن والسلوى ذكر فيه حديث سعيد بن زيد في الكمأة وسيأتي شرحه في الطب وقوله (4363) شفاء من العين أي وجع العين وفي رواية الكشميهني شفاء للعين وتقدم شرح المن والسلوى في تفسير البقرة وهو المشهور في غير هذه وقوله في أول الاسناد حدثنا مسلم ووقع لابي ذر غير منسوب وعند غيره مسلم بن إبراهيم (0) قوله باب قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ذكر فيه حديث أبي الدرداء فيما كان بين أبي بكر وعمر وقد تقدم شرحه مستوفى في مناقب أبي بكر وقوله في أول الاسناد حدثني عبد الله كذا وقع غير منسوب عند الاكثر ووقع عند بن السكن عن الفربري عن البخاري حدثني عبد الله بن حماد وبذلك جزم الكلاباذي وطائفة وعبد الله بن حماد هذا هو الآملي بالمد وضم الميم الخفيفة يكنى أبا عبد الرحمن قال الاصيلي هو من تلامذة البخاري وكان يورق بين يديه قلت وقد شاركه في كثير من شيوخه وكان من الحفاظ مات قبل السبعين أو بعدها فقال غنجار في تاريخ بخاري مات سنة تسع وستين وقيل سنة ثلاث وسبعين وسليمان بن عبد الرحمن هو الدمشقي من شيوخ البخاري وأما موسى بن هارون فهو النبي بضم الموحدة وتشديد النون والبردى وهو بضم الموحدة وسكون الراء كوفي قدم مصر ثم سكن الفيوم ومات بها سنة أربع وعشرين ومائتين وما له في البخاري سوى هذا الموضع قوله قال أبو عبد الله غامر سبق بالخير تقدم شرحه أيضا في مناقب أبي بكر (0) قوله باب قوله حطة (4365) حدثني إسحاق هو بن إبراهيم الحنظلي بن راهويه قوله قيل لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وقولوا حطة قال الحسن أي اخطط عنا خطايانا وهذا يليق بقراءة من قرأ حطة بالنصب وهي قراءة إبراهيم بن أبي عبلة وقرأ الجمهور بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي مسألتنا حطة وقيل أمروا أن يقولوا على هذه الكيفية فالرفع على الحكاية وهي في محل نصب بالقول وإنما منع النصب حركة الحكاية وقيل رفعت لتعطى
[ 229 ]
معنى الثبات كقوله سلام واختلف في معنى هذه الكلمة فقيل هي اسم للهيئة من الحط كالجلسة وقيل هي التوبكما قال الشاعر فاز بالحطة التي صير الله بها ذنب عبدة مغفورا وقيل لا يدري معناها وإنما تعبدوا بها وروى بن أبي حاتم عن بن عباس وغيره قال قيل لهم قولوا مغفرة قوله فبدلوا أي غيروا وقوله سبحانه وتعالى فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم التقدير فبدل الذين ظلموا بالذي قيل لهم قولا غير الذي قيل لهم ويحتمل أن يكون ضمن بدل معنى قال قوله فدخلوا يزحفون على أستاههم وقالوا حبة في شعرة كذا للاكثر وكذا في رواية الحسن المذكورة بفتحتين وللكشميهني في شعيرة بكسر المهملة وزيادة تحتانية بعدها والحاصل أنهم خالفوا ما أمروا به من الفعل والقول فإنهم أمروا بالسجود عند انتهائهم شكرا لله تعالى وبقولهم حطة فبدلوا السجود بالزحف وقالوا حنظة بدل حطة أو قالوا حطة وزادوا فيها حبة في شعيرة وروى الحاكم من طريق السدي عن مرة عن بن مسعود قال قالوا هطى سمقا وهي بالعربية حنطة حمراء قوية فيها شعيرة سوداء ويستنبط منه أن الاقوال المنصوصة إذا تعبد بلفظها لا يجوز تغييرها ولو وافق المعنى وليست هذه مسألة الرواية بالمعنى بل هي متفرعة منها وينبغى أن يكون ذلك قيدا في الجواز أعنى يزاد في الشرط أن لا يقع التعبد بلفظه ولا بد منه ومن أطلق فكلامه محمول عليه (0) قوله باب خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين العرف المعروف وصله عبد الرزاق من طريق هشام بن عروة عن أبيه بهذا وكذا أخرجه الطبري من طريق السدي وقتادة قوله في حديث عمر أو شبانا بضم أوله وتشديد الموحدة وبعد الالف نون للكثر وفي رواية الكشميهني بفتح أوله وبموحدتين الاولى خفيفة وسيأتي شرح هذا الحديث في كتاب الاعتصام (4367) قوله حدثني يحيى نسبه بن السكن فقال يحيى بن موسى ونسبه المستملى فقال يحيى بن جعفر ولا يخرج عن واحد منهما والاشبه ما قال المستملى قوله عن هشام هو بن عروة وابن الزبير هو عبد الله قوله ما أنزل الله أي هذه الآية إلا في أخلاق الناس كذا أخرجه بن جرير عن بن وكيع عن أبيه بلفظ ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس وكذا أخرجه بن أبي شيبة عن وكيع وأخرج بن جرير أيضا من طريق وهب بن كيسان عن عبد الله بن الزبير نحوه قوله وقال عبد الله بن براد بموحدة وتثقيل الراء ويراد اسم جده وهو عبد الله بن عامر بن براد بن يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الاشعري ما له في البخاري سوى هذا الموضع قوله أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس أو كما قال وقد اختلف عن هشام في هذا الحديث فوصله من ذكرنا عنه وتابعهم عبدة بن سليمان عن هشام عند بن جرير والطفاوى عن هشام عند الاسماعيلي وخالفهم معمر وابن أبي الزناد وحماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه من قوله موقوفا وقال أبو معاوية عن هشام عن وهب بن كيسان عن بن الزبير أخرجه سعيد بن منصور عنه وقال عبيد الله بن عمر عن هشام عن أبيه عن بن عمر أخرجه البزار والطبراني وهي شاذة وكذا رواية حماد بن سلمة عن هشام عن أبيه عن عائشة عند بن مردويه وأما رواية أبي معاوية فشاذة أيضا مع احتمال أن يكون لهشام
[ 230 ]
فيه شيخان وأما رواية معمر ومن تابعه فمرجوحة بأن زيادة من خالفهما مقبولة لكونهم حفاظا وإلى ما ذهب إليه بن الزبير من تفسير الآية ذهب مجاهد وخالف في ذلك بن عباس فروى بن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال خذ العفو يعني خذ ما عفا لك من أموالهم أي ما فضل وكان ذلك قبل فرض الزكاة وبذلك قال السدي وزاد نسختها آية الزكاة وبنحوه قال الضحاك وعطاه وأبو عبيدة ورجح بن جرير الاول واحتج له وروى عن جعفر الصادق وقال ليس فالقرآن آية أجمع لمكارم الاخلاق منها ووجهوه بأن الاخلاق ثلاثة بحسب القوي الانسانية عقلية وشهويه وغضبية فالعقلية الحكمة ومنها الامر بالمعروف والشهوية العفة ومنها أخذ العفو والغضبية الشجاعة ومنها الاعراض عن الجاهلين وروى الطبري مرسلا وابمردويه موصولا من حديث جابر وغيره لما نزلت خذ العفو وأمر بالعرف سأل جبريل فقال لا أعلم حتى أسأله ثم رجع فقال إن ربك يأمرك أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمن ظلمك (0) قوله سورة الانفال بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله قال بن عباس الانفال المغانم وصله بن أبي حاتم من طرى علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال الانفال المغانم كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة ليس لاحد فيها شئ وروى أبو داود والنسائي وابن حبان من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن بن عباس قال لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنع كذا فله كذا الحديث فنزلت يسألونك عن الانفال قوله نافلة عطية قال في رواية النسفي يقال فذكره وقد قال أبو عبيدة في (4368) قوله ومن الليل فتهجبه نافلة لك أي غنيمة قوله وأن جنحوا طلبوا قال أبو عبيدة في قوله وإن جنحوا للسلم أي رجعوا إلى المسالمة وطلبوا الصلح قوله السلم والسلم والسلام واحد ثبت هذا لابي ذر وحده وقد تقدم في تفسير سورة النساء قوله يثخن أي يغلب قال أبو عبيدة في قوله ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الارض يثخن أي يبالغ ويغلب قوله وقال مجاهد مكاء ادخالهم أصابعهم في أفواهم وصله عبد بن حميد والفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قوله وتصدية الصفير وصله عبد بن حميد أيضا كذلك تنبيه وقع هذا في رواية أبي ذر متراخيا عن الذي قبله وعند غيره بعقبه وهو أولى وقد قال الفريابي حدثنا ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء قال إدخالهم أصابعهم في أفواههم وتصدية الصفير يخلطون على محمد صلاته وقال أبو عبيدة المكاء الصفير والتصدية صفق الاكف ووصله بن مردويه من حديث بن عمر مثله من قوله قوله وقال قتادة ويحكم الحرب تقدم في الجهاد قوله الشوكة الحد ثبت لغير أبي ذر قال أبو عبيدة في قوله وتودون أن غير دات الشوكة تكون لكم مجاز الشوكة الحد يقال ما أشد شوكة بني فلان أي حدهم قوله مردفين فوجا بعد فوج يقال ردفني وأردفني جاء بعدي وقال أبو عبيدة في قوله مردفين بكسر الدال فاعلين من أردفوا أي جاءوا بعد قوم قبلهم وبعضهم يقول ردفني جاء بعدي وهما لغتنان ومن قرأ بفتح الدال فهو من أردفهم الله من بعد من قبلهم انتهى
[ 231 ]
وقراءة الجمهور بكسر الدال ونافع بفتحها وقال الاخفش بنو فلان يردفوننا أي يجيئون بعدنا قوله فيركمه يجمعه قال أبو عبيدة في قوله فيركمه جميعا أي فيجمعه بعضه فوق بعض قوله شرد فرق هو قول أبي عبيدة أيضا قوله ليثبتوك يحبسوك وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عنه روى أحمد والطبراني من حديث بن عباس قال تشاورت قريش فقال بعضهم إذا أصبح محمد فأثبتوه بالوثاق الحديث قوله دوقوا باشروا وجربوا وليس هذا من ذوق الفم هو قول أبي عبيدة أيضا بن ونظيره قوله تعالى لا يذوقون فيها الموت قوله حدثني محمد بن عبد الرحيم كذا ثبت هذا الحديث في آخر هذه التفاسير عند أبي ذر وثبت عند غيره في اثنائها والخطب فيه سهل والحديث المذكور سيأتي بأثم من هذا في تفسير سورة الحشر ويأتي شرحه هناك وقد تقدم طرف منه أيضا في المغازي (0) قوله) *) *) * (4369) إن شر الدواب ذكر فيه حديث مجاهد عن بن عباس قال هم نفر من بني عبد الدار وفي رواية الاسماعيلي نزلت ت في نفر زاد بن جرير من طريق شبل بن عباد عن بن أبي نجيح لا يتبعون الحق ثم أوردمن طريق ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا يعقلون لا يتبعون الحق قال مجاهد قال بن عباس هم نفر من بني عبد الدار (0) قوله يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول استجيبوا أجيبوا لما يحييكم لما يصلحكم قال أبو عبيدة في قوله تعالى استجيبوا لله أي أجيبوا لله يقال استجيب له واستجبته بمعنى وقوله لما يحييكم أي لما يهديكم ويصلحكم انتهى وقد تقدم في آل عمران شئ من هذا في قوله تعالى الذين استجابوا لله والرسول (4370) قوله حدثني إسحاق هو بن راهويه وقتقدم شرح الحديث في تفسير الفاتحة قوله وقال معاذ هو بن معاذ العنبري البصري وقد وصله الحسن بن سفيان في مسنده عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه وفائدة إيراده ما وقع فيه من تصريح حفص بسماعه من أبي سعيد بن المعلى (0) قوله باب قوله وإذ قالوا اللهم أن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية قوله قال بن عيينة الخ كذا في تفسير بن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه قال ويقول ناس ما سمي الله المطر في القرآن الا عذابا ولكن تسمية العرب الغيث يريد قوله تعالى وهو الذي ينزل الغيث كذا وقع في تفسير حم عسق وقد تعقب كلام بن عيينة بورود المطر بمعنى الغيث في القرآن في قوله تعالى أن كان بكم أذى من مطر فالمراد به هنا الغيث قطعا ومعنى التأذى به البلل الحاصل منه للثوب والرجل وغير ذلك وقال أبو عبيدة أن كان من العذاب فهو امطرت وأن كان من الرحمة فهو مطرت وفيه نظر أيضا (4371) قوله حدثني أحمد كذا في جميع الروايات غير منسوب وجزم الحاكمان أبو أحمد وأبو عبد الله أنه بن النضر بن عبد الوهاب النيسابوري وقد روى البخاري الحديث المذكور بعينه عقب هذا عن محمد بن النضر أخي أحمد هذا قال الحاكم بلغني أن البخاري كان ينزل عليهما ويكثر الكمون عندهما إذا قدم نيسابور قلت وهما من طبقة مسلم وغيره من تلامذة البخاري وأن شاركوه في بعض شيوخه وقد أخرج مسلم هذا الحديث بعينه عن شيخهما عبيد الله بن معاذ نفسه وعبيد الله بن معاذ المذكور من الطبقة الوسطى من شيوخ البخاري فنزل في هذا الاسناد
[ 232 ]
درجتين لان عنده الكثير عن أصحاب شعبة بواسطة واحدة بينه وبين شعبة قال الحاكم أحمد بن النضر يكنى أبا الفضل وكان من أركان الحديث انتهى وليس له في البخاري ولا لاخيه سوى هذا الموضع وقد روى البخاري عن أحمد في التاريخ الصغير ونسبه (4372) قوله عن عبد الحميد صاحب الزيادي هو عبد الحميد بن دينار تابعي صغير ويقال له بن كرديد بضم الكاف وسكون الراء وكسر الدال المهملة ثم تحتانية ساكنة ثم دال أخرى ووقع كذلك في بعض النسخ والزبادى الذي نسب إليه من ولد زياد الذي يقال له بن أبي سفيان قوله قال أبو جهل اللهم أن كان هذا الخ ظاهر في أنه القائل ذلك وأن كان هذا القول نسب إلى جماعة فلعله بدأ به ورضى الباقون فنسب إليهم وقد روى الطبراني من طريق بن عباس أن القائل ذلك هو النضر بن الحارث قال فأنزل الله تعالى سأل سائل بعذاب واقع وكذا قال مجاهد وعطاء والسدي ولا ينافي ذلك ما في الصحيح لاحتمال أن يكونا قالاه ولكن نسبته إلى أبي جهل أولى وعن قتادة قال قال ذلك سفهة هذه الامة وجهلتها وروى بن جرير من طريق يزيد بن رومان أنهم قالوا ذلك ثم لما أمسوا ندموا فقالوا غفرانك اللهم فأنزل الله وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون وروى بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس أن معنى قوله وهم يستغفرون أي من سبق له من الله أنه سيؤمن وقيل المراد من كان بين أظهرهم حينئذ من المؤمنين قال الضحاك وأبو مالك ويؤيده ما أخرجه الطبرمن طريق بن ابزى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فأنزل الله تعالى وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ثم خرج إلى المدينة فانزل الله وما كان معذبهم وهم يستغفرون وكان من بقي من المسلمين بمكة يستغفرون فلما خرجوا أنزل الله وما لهم أن لا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام الآية فأذن الله في فتح مكة فهو العذاب الذي وعدهم الله تعالى وروى الترمذي من حديث أبي موسى رفعه قال أنزل الله على أمتي أمانين فذكر هذه الآية قال فإذا مضيت تركت فيهم الاستغفار وهو يقوي القول الاول والحمل عليه أولى وأن العذاب حل بهم لما تركوا الندم على ما وقع منهم وبالغوا في معاندة المسلمين ومحاربتهم وصدهم عن المسجد الحرام والله أعلم (0) الله عز وجلقوله باب قوله وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم تقدم شرحه في الذي قبله (0) قوله باب وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله سقط باب لغير أبي ذر (4373) قوله حدثنا عبد الله بن يحيى هو البراسى يكنى أبا يحيى صدوق أدركه البخاري ولكن روى عنه بواسطة هنا وفي تفسير سورة الفتح فقط وقد تقدمت الاشارة إلى حال بقية الاسناد في تفسير سورة البقرة قوله عن بن عمر أن رجلا جاءه تقدم في تفسير سورة البقرة ما أخرج سعيد بن منصور من أن السائل هو حيان صاحب الدثنية وروى أبو بكر النجاد في فوائده أنه الهيثم بن حنش وقيل نافع بن الازرق وسأذكر في الطريق التي بعد هذه قولا آخر ولعل السائلين عن ذلك جماعة أو تعددت القصة قوله فما يمنعك أن لا تقاتل لا زائدة وقد تقدم تقريره في تفسير سورة الاعراف عند قوله ما منعك ألا تسجد قوله أعير
[ 233 ]
بمهملة وتحتانية ثقيلة للكشميهني في الموضعين ولغيره بفتح الهمزة وسكون الغين المعجمة وتخفيف المثناة الفوقانية وتشديد الراء فيهما والحاصل أن السائل كان يرى قتال من خالف الامام الذي يعتقد طاعته وكان بن عمر يرى ترك القتال فيما يتعلق بالملك وسيأتي مزيد لذلك في كتاب الفتن قوله فكان الرجل يفتن في دينه إما يقتلوه وإما يوثقوه كذا للاكثر فزعم بعض الشراح بأنه غلط وأن الصواب بإثبات النون فيهما لان إما التي تجزم هي الشرطية وليست هنا شرطية قلت وهي رواية أبي ذر ووجهت رواية الاكثر بأن النون قد تحذف بغير ناصب ولا جازم في لغة شهيرة وتقدم في تفسير البقرة بلفظ إما تعذبوه وإما تقتلوه وقد مضى القول فيه هناك وأما قوله فما قولك في على وعثمان فيؤيد أن السائل كان من الخوارج فإنهم كانوا يتولون الشيخين ويحطون عثمان وعليا فرد عليه بن عمر بذكر مناقبهما ومنزلتهما من النبي صلى الله عليه وسلم والاعتذار عما عابوا به عثمان من الفرار يوم أحد فإنه تعالى صرح في القرآن بأنه عفا عنهم وقد تقدم في مناقب عثمان سؤال السائل لابن عمر عن عثمان وأنه فر يوم أحد وغاب عن بدر وعن بيعة الرضوان وبيان بن عمر له عذر عثمان في ذلك فيحتمل أن يكون هو السائل هنا ويحتمل أن يكون غيره وهو الارجح لانه لم يتعرض هناك لذكر على وكأنه كان رافضيا وأما عدم ذكره للقتال فلا يقتضى التعدد لان الطريق التي بعدها قد ذكر فيها القتال ولم يذكر قصة عثمان والاولى الحمل على التعدد لاختلاف الناقلين في تسمية السائلين وأن اتحد المسئول والله أعلم قوله فكرهتم أن تعفوا عنه بالمثناة الفوقانية وبصيغة الجمع ومضى في تفسير البقرة بلفظ أن يعفو بالتحتانية أوله والافراد أي الله وقوله وهذه ابنته أو بنته كذا للاكثر بالشك ووافقهم الكشميهني لكن قال أو أبيته بصيغة جمع القلة في البيت وهو شاذ وقد تقدم في مناقب على من وجه آخر بلفظ فقال هو ذاك بينه أوسط بيوت النبي صلى الله عليه وسلم وفي رواية النسائي ولكن انظر إلى منزلته من نبي الله صلى الله عليه وسلم ليس في المسجد غير بيته وهذا يدل على أنه تصحف على بعض الرواة بيته ببنته فقرأها بنته بموحدة ثم نون ثم طرأ له الشك فقال بنته أو بيته والمعتمد أنه البيت فقط لما ذكرنا من الروايات المصرحة بذلك وتقدم أيضا في مناقب أبي بكر أشياء تتعلق ببيت على واختصاصه بكونه بين بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (4374) قوله حدثنا أحمد بن يونس هو أحمد بن عبد الله بن يونس نسب لجده وشيخه زهير هو بن معاوية الجعفي وشيخه بيان هو بن بشر وشيخه وبرة بفتح الواو والموحدة هو بن عبد الرحمن قوله فقال رجل كيف ترى في قتال الفتنة وقع في رواية البيهقي من وجه آخر عن أحمد بن يونس شيخ البخاري فيه فقال له حكيم وكذا في مستخرج أبي نعيم من وجه آخر عزهير بن معاوية والحديث المذكور مختصر من الذي قبله أو هما واقعتان كما تقدمت ت الاشارة إليه (0) قوله باب يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال الآية ساق غير أبي ذر الآية إلى يفقهون وسقط عندهم باب (4375) قوله عن عمرو هو بن دينار قوله فكتب عليهم أن لا يفر أي فرض عليهم والسياق وأن كان بلفظ الخبر لكن المراد منه الامر لامرين أحدهما أنه لو كان خبرا محضا للزم وقوع خلاف المخبر به وهو محال فدل على أنه أمر والثاني لقرينه التخفيف فأنه لا يقع إلا بعد تكليف والمراد بالتخفيف هنا التكليف بالاخف لا رفع الحكم أصلا قوله أن لا يفر واحد من عشرة فقال سفيان غير
[ 234 ]
مرة أن لا يفر عشرون من مائتين أي أن سفيان كان يرويه بالمعنى فتارة يقول باللفظ الذي وقع في القرآن محافظة على التلاوة وهو الاكثر وتارة يرويه بالمعنى وهو أن لا يفر واحد من العشرة ويحتمل أن يكون سمعه باللفظين ويكون التأويل من غيره ويؤيده الطريق التي بعد هذه فإن ذلك ظاهر في أنه من تصرف بن عباس وقد روى الطبري من طريق بن جريج عن عمرو بن دينار عن بن عباس قال جعل على الرجل عشرة من الكفار ثم خفف عنهم فجعل على الرجل رجلان وروى أيضا الطبري من طريق على بن أبي طلحة ومن طريق العوفي وغيرهما عن بن عباس نحوه مطولا ومختصرا قوله وزاد سفيان كأنه حدث مرة بالزيادة ومرة بدونها وقد روى بن مردويه من طريق محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن بن عباس قال كان الرجل لا ينبغي له أن يفر من عشرة ثم أنزل الله الآن خفف الله عنكم الآية فجعل الرجل منهم لا ينبغي له أن يفر من اثنين وهذا يؤيد ما قلناه أنه من تصرف بن عباس لا بن عيينة فكأنه سمعه من عمرو بن دينار باللفظين وسأذكر ما فيه في الباب الذي يليه إن شاء الله تعالى قوله قال سفيان وقال بن شبرمة هو عبد الله قاضي الكوفة وهو موصول ووهم من زعم أنه معلق فإن في رواية بن أبي عمر عن سفيان عند أبي نعيم في المستخرج قال سفيان فذكرته لابن شبرمة فذكر مثله قوله وأرى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر مثل هذا أي أنه عنده في حكم الجهاد لجامع ما بينهما من إعلاء كلمة الحق وإخماد كلمة الباطل (0) قوله باب الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا الآية زاد غير أبي ذر إلى قوله والله مع الصابرين (4376) قوله أخبرني الزبير بن الخربت بكسر المعجمة وتشديد الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة فوقانية بصري ثقة من صغار التابعين قد تقدم ذكره في كتاب المظالم ولجرير بن حازم راوي هذا الحديث عن الزبير بن الخريت شيخ آخر أخرجه بن مردويه من طريق إسحاق بن إبراهيم بن راهويه في تفسيره عن وهب بن جرير بن حازم عن أبيه عن محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن عطاء عن بن عباس وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق زياد بن أيوب عن وهب بن جرير عن أبيه عن الزبير وهو مما يؤيد أن لجرير فيه طريقين ولفظ رواية عطاء افترض الله عليهم أن يقاتل الواحد عشرة فشق عليهم فوضع الله عنهم إلى أن يقاتل الواحد الرجلين ثم ذكر الآية وزاد بعدها ثم قال لولا كتاب من الله سبق فذكر تفسيرها ثم قال يا أيها النبي قل لمن في أيديكم من الاسرى فذكر قول العباس في العشرين وفي قوله فأعطاني عشرين عبدا كلهم قد تاجر بمالي مع ما أرجوه من مغفرة الله تعالى قلت وفي سند طريق عطاء محمد بن إسحاق وليست هذه القصة عنده مسندة بل معضلة وصنيع بن إسحاق وتبعه الطبراني وابن مردويه يقتضى أنها موصولة والعلم عند الله تعالى قوله شق ذلك على المسلمين زاد الاسماعيلي من طريق سفيان بن أبي شيبة عن جرير جهد الناس ذلك وشق عليهم قوله فجاء التخفيف في رواية الاسماعيلي فنزلت الآية الاخرى وزاد ففرض عليهم أن لا يفر رجل من رجلين ولا قوم من مثلهم واستدل بهذا الحديث على وجوب ثبات الواحد المسلم إذا قاوم رجلين من الكفار وتحريم الفرار عليه منهما سواء طلباه أو طلبهما سواء وقع ذلك وهو واقف في الصف مع العسكر أو لم يكن هناك عسكر وهذا هو ظاهر تفسير بن عباس ورجحه بن الصباغ من الشافعية وهو المعتمد لوجود نص الشافعي عليه في الرسالة الجديده
[ 235 ]
رواية الربيع ولفظه ومن نسخة عليها خط الربيع نقلت قال بعد أن ذكر للآية آيات في كتابه أنه وضع عنهم أن يقوم الواحد بقتال العشرة وأثبت عليهم أن يقوم الواحد بقتال الاثنين ثم ذكر حديث بن عباس المذكور في الباب وساق الكلام عليه لكن المنفرد لو طلباه وهو على غير أهبة جاز له التولى عنهما جزما وأن طلبهما فهل يحرم وجهان أصحهما عند المتأخرين لا لكن ظاهر هذه الآثار المتضافرة عن بن عباس بأباه وهو ترجمان القرآن وأعرف الناس بالمراد لكن يحتمل أن يكون ما أطلقه إنما هو في صورة ما إذا قاوم الواحد المسلم من جملة الصف في عسكر المسلمين اثنين من الكفار أما المنفرد وحده بغير العسكر فلا لان الجهاد إنما عهد بالجماعة دون الشخص المنفرد وهذا فيه نظر فقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه سرية وحده وقد استوعب الطبري وابن مردويه طرق هذا الحديث عن بن عباس وفي غالبهما التصريح بمنع تولى الواحد عن الاثنين واستدل بن عباس في بعضها بقوله تعالى ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله وبقوله تعالى فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك قوله فلما خفف الله عنهم من العدة نقص من الصبر كذا في رواية بالمبارك وفي رواية بن جرير عن أبيه عند الاسماعيلي نقص من النصر وهذا قاله بن عباس توقيفا على ما يظهر ويحتمل أن يكون قاله بطريق الاستقراء (0) قوله سورة براءة هي سورة التوبة وهي أشهر أسمائها ولها أسماء أخرى تزيد على العشرة واختلف في ترك البسملة أولها افقيل لانها نزلت بالسيف والبسملة أمان وقيل لانهم لما جمعوا القرآن شكوا هل هي والانفال واحدة أو ثنتان ففصلوا بينهما بسطر لا كتابة فيه ولم يكتبوا فيه البسملة روى ذلك بن عباس عن عثمان وهو المعتمد وأخرجه أحمد والحاكم وبعض أصحاب السنن قوله مرصد طريق كذا في بعض النسخ وسقط للاكثر وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى واقعدوا لهم كل مرصد أي كل طريق والمراصد الطرق قوله الا الال القرابة والذمة والعهد تقدم في الجزية قوله وليجة كل شئ أدخلته في شئ تقدم في بدء الخلق وسقط هو والذي قبله لابي ذر قوله الشقة السفر هو كلام أبي عبيدة وزاد البعيد وقيل الشقة الارض التي يشق سلوكها قوله الخيال الفساد قال أبو عبيدة في قوله تعالى ما زادوكم إلا خبالا الخبال الفساد قوله والخبال الموت كذا لهم والصواب الموتة بضم الميم وزيادة هاء في آخره وهو ضرب من الجنون قوله ولا تفتني لا توبخني كذا للاكثر بالموحدة والخاء المعجمة من التوبيخ وللمستملى والجرجاني توهني بالهاء وتشديد النون من الوهن وهو الضعف ولابن السكن تؤثمني بمثلثة ثقيلة وميم ساكنة من الاثم قال عياض وهو الصواب وهي الثابتة في كلام أبي عبيدة الذي يكثر المصنف النقل عنه وأخرجه الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله ولا تفتني قال لا تؤتمنى ألا في الفتنة سقطوا ألا في الاثم سقطوا قوله كرها وكرها واحد أي بالضم والفتح وهو كلام أبي عبيدة أيضا وسقط لابي ذر وبالضم قرأ الكوفيون حمزة والاعمش ويحيى بن وثاب والكسائي والباقون بالفتح قوله مدخلا يدخلون فيه قال أبو عبيدة في قوله ملجأ يلجئون
[ 236 ]
إليه أو مغارات أو مدخلا يدخلون فيه ويتغيبون انتهى وأصل مدخلا فأدغم وقر الاعمش وعيسى بن عمر بتشديد الخاء أيضا وعن بن كثير في رواية مدخلا بفتحتين بينهما سكون يجمحون يسرعون هو قول أبي عبيدة وزاد لا يرد وجوههم شئ ومنه فرس جموح قوله والمؤتفكات ائتفكت انقلبت بها الارض قال أبو عبيدة في قوله تعالى والمؤتفكات أتتهم رسلهم هم قوم لوط ائتفكت بهم الارض أي انقلبت بهم قوله أهوى ألقاه في هوة هذه اللفظة لم تقع في سورة براءة وإنما هي في سورة النجم ذكرها المصنف هذا استطرادا من قوله والمؤتفكة أهوى قوله عدن خلد الخ واقتصر أبو ذر على ما هنا قال أبو عبيدة في قوله تعالى جنات عدن أي خلد يقال عدن فلان بأرض كذا أي أقام ومنه المعدن عدنت بأرض أقمت ويقال في معدن صدق في منبت صدق قوله الخوالف الخالف الذي خلفني فقعد بعدي ومنه يخلفه في الغابرين قال أبو عبيدة في قوله مع الخالفين الخالف الذي خلف بعد شاخص فقعد في رحله وهو من تخلف عن القوم ومنه اللهم اخلفني في ولدي وأشار بقوله ومنه يخلفه في الغابرين إلى حديث عوف بن مالك في الصلاة على الجنازة قوله ويجوز أن يكون النساء من الخالفة وأن كان جمع الذكور فإنه لم يوجد على تقدير جمعه إلا حر فان فارس وفوارس وهالك وهوالك قال أبو عبيدة في قوله رضوا بأن يكونوا مع الخوالف يجوز أن يكون الخوالف ههنا النساء ولا يكادون يجمعون الرجال على فواعل غير أنهم قد قالوا فارس وفوارس وهالك وهوالك انتهى وقد استدرك عليه بن مالك شاهق وشواهق وناكس ونواكس وداجن ودواجن وهذه الثلاثة مع الاثنين جمع فاعل وهو شاذ والمشهور في فواعل جمع فاعلة فإن كان من صفة النساء فواضح وقد تحذف الهاء في صفة المفرد من النساء وأن كان من صفة الرجال قالها للمبالغة يقال رجل خالفه لا خير فيه والاصل في جمعه بالنون واستدرك بعض الشراح على الخمسة المتقدمة كامل وكوامل وجانح وجوانح وغارب وغوارب وغاش وغواش ولا يرد شئ منها لان الاولين ليسامن صفات الآدميين والآخران جمع غارب وغاشية والهاء للمبالغة إن وصف بها المذكر وقد قال المبرد في الكامل في قول الفرزدق وإذا الرجال رأوا يزيد رأيتهم خضع الرقاب نواكس الاذقان أحتاج الفرزدق لضرورة الشعر فأجرى نواكس على أصله ولايكون مثل هذا أبدا إلا في ضرورة ولا تجمع النحاة ما كان من فاعل نعتا على فواعل لئلا يلتبس بالمؤنث ولم يأت ذا إلا في حرفين فارس وفوارس وهلك وهوالك أما الاول فإنه لا يستعمل في الفرد فأمن فيه اللبس وأما الثاني فلانه جرى مجرى المثل يقولون هالك في الهوالك فأجروه على أصله لكثرة الاستعمال قلت فظهر أن الضابط في هذا أن يؤمن اللبس أو يكثر الاستعمال أو تكون الهاء للمبالغة أو يكون في ضرورة الشعر والله أعلم وقال بن قتيبة الخوالف النساء ويقال خساس النساء ورذالتهم ويقال فلان خالفه أهله إذا كان دينا فيهم والمراد بالخوالف في الآية النساء والرجال العاجزون والصبيان فجمع جمع المؤنث تغليبا لكونهن أكثر في ذلك من غيرهن وأما قوله مع الخالفين فجمع جمع الذكور تغليبا لانه الاصل قوله الخيرات وأحدها خيرة وهي الفواضل قال أبو عبيدة في قوله تعالى واولئك لهم الخيرات مع خيرة ومعناها الفاضلة من كل شئ قوله مرجون مؤخرون
[ 237 ]
سقط هذا لابي ذر قوله الشفا الشمير وهو حده في رواية الكشميهني وهو حرفه قوله والجرف ما تجرف من السيول والاودية قال أبو عبيدة في قوله تعالى على شفا جرف الشفا الشفير والجرف ماليبن من الركايا قال والآية على التمثيل لان الذي يبني على الكفر فهو على شفا جرف وهو ما تجرف من السيول والاودية ولا يثبت البناء عليه قوله هار هاثر تهورت البئر إذا انهدمت وانهار مثله قال أبو عبيدة في قوله تعالى قار أي هاثر والعرب تنزع الياء التي في الفاعل وقيل لاقلب فيه وإنما هو بمعنى ساقط وقد تقدم شئ من هذا في في آل عمران قوله لاواه شفقا وفرقا قال الشاعر إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين قال أبو عبيدة في قوله تعالى أن إبراهيم لاواه هو فعال من التأوه ومعناه متضرع شفقا وفرقا لطاعة ربه قال الشاعر فذكره وقوله أرحلها هو بفتح الهمزة والحاء المهملة وقوله آهة بالمد للاكثر وفي رواية الاصيلي بتشديد الهاء بلا مد تنبيه هذا الشعر للثقب العبدي واسمه جحاش بن عائذ وقيل بن نهار وهو من جملة قصيدة أولها أناظم قبل بينك متعيني ومنعك ما سألت كأن تبينى ولاتعدى مواعد كاذبات تمر بها رياح الصيف دوني فإني لو تخالفني شمالي لما أتبعتها أبدا يميني ويقول فيها فأما أن تكون أخى بحق فأعرف منك غنى من سمينى وإلا فاطرحني واتخذني عدوا أتقيك وتتقيني وهي كثيرة الحكم والامثال وكان أبو محمد بن العلاء يقول لو كان الشعر مثلها وجب على الناس أن يتعلموه (0) قوله باب قوله براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين أذان إعلام قال أبو عبيدة في قوله تعالى وأذان من الله ورسوله قال علم من الله وهو مصدر من قولك أذنتهم أي أعلمتهم قوله وقال بن عباس إذن يصدق وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ويقولون هو أذن يعني أنه يسمع من كل أحد قال الله قل أذن خير لكم يؤمن بالله يعني يصدق بالله وظهر أن يصدق تفسير يؤمن لا تفسير إذن كما يفهمه صنيع المصنف حيث اختصره قوله تطهرهم وتزكيهم بها ونحوها كثير وفي بعض النسخ ومثل هذا كثير أي في القرآن ويقال التزكية والزكاة الطاعة والاخلاص وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تطهرهم وتزكيهم بها قال الزكاة طاعة الله والاخلاص قوله لا يؤتون الزكاة لا يشهدون أن لا إله إلا الله وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة قال هم الذين لا يشهدون أن لا إله إلا الله وهذه الآية من تفسير فصلت ذكرها هنا استطرادا وفي تفسير بن عباس الزكاة بالطاعة والتوحيد دفع لاحتجاج من احتج بالآية على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة قوله يضاهون يشبهو وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى يضاهون قول الذين كفروا أي يشبهون وقال أبو عبيدة المناهاة التشبيه ثم ذكر حديث البراء في آخر آية نزلت وآخر سورة نزلت فأما الآية فتقدم حديث بن عباس في
[ 238 ]
سورة البقرة وأن آخر آية نزلت آية الربا ويجمع بأنهما لم ينقلاه وإنما ذكراه عن استقراء بحسب ما اطلع عليه وأولى من ذلك أن كلا منهما أراد آخرية مخصوصة وأما السورة فالمراد بعضها أو معظمها وإلا ففيها آيات كثيرة نزلت قبل سنة الوفاة النبوية وأوضح من ذلك أن أول براءة نزل عقب فتح مكة في سنة تسع عام حج أبي بكر وقد نزل اليوم أكملت لكم دينك وهي في المائدة في حجة الوداع سنة عشر فالظاهر أن المراد معظمها ولا شك أن غالبها نزل في غزوة تبوك وهي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي في تفسير إذا جاء نصر الله أنها آخر سورة نزلت وأذكر الجمع هناك إن شاء الله تعالى وقد قيل في آخرية نزول براءة أن المراد بعضها فقيل قوله فإن تابوا وأقاموا الصلاة الآية وقيل لقد جاءكم رسول من أنفسكم وأصح الاقوال في آخرية الآية قوله تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله كما تقدم في البقرة ونقل بن عبد السلام آخر آية نزلت آية الكلالة فعاش بعدها خمسين يوما ثم نزلت آية البقرة والله أعلم (0) قوله باب فسيحوا في الارض أربعة أشهر ساق إلى الكافرين فسيحوا سيروا هو كلام أبي عبيدة بزيادة قال في قوله تعالى فسيحوا في الارض قال سيرو وأقبلوا وأدبروا (4378) قوله حدثني الليث عن عقيل في الرواية التي بعدها حدثني الليث حدثني عقيل ولليث فيه شيخ آخر تقدم في كتاب الحج عن يحيى بن بكير عن الليث عن يونس قوله عن بن شهاب وأخبرني حميد قال الكرماني بواو العطف إشعارا بأنه أخبره أيضا بغير ذلك قيل فهو عطف على مقدر قلت لم أر في طرق حديث أبي هريرة عن أبي بكر الصديق زيادة الا ما وقع في رواية شعيب عن الزهري فإن فيه كان المشركون يوافون بالتجارة فينتفع بها المسلمون فلما حرم الله على المشركين أن يقربوا المسجد الحرام وجد المسلمون في أنفسهم مما قطع عنهم من التجارة فنزلت وأن خفتم عيلة الآية ثم أحل في الآية الاخرى الجزية الحديث أخرجه الطبراني وابن مردويه مطولا من طريق شعيب وهو عند المصنف في كتاب الجزية من هذا الوجه قوله أن أبا هريرة رضي الله عنه قال بعثني في رواية صالح بن كيسان عن بن شهاب في الباب الذي يليه أن أبا هريرة أخبره (0) قوله باب وأذان من اللورسوله إلى قوله المشركين أورد فيه حديث أبي هريرة المذكور في الباب قبله من وجهين (4379) قوله بعثني أبو بكر في تلك الحجة في رواية صالح بن كيسان التي بعد هذه الحجة التي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها قبل حجة الوداع وروى الطبري من طريق بن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج وأمره أن يقيم للناس حجهم فخرج أبو بكر قوله يؤذنون بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك في رواية بن أخي الزهري عن عمه في أوائل الصلاة في مؤذنين أي في جماعة مؤذنين والمراد بالتأذين الاعلام وهو اقتباس من قوله تعالى واذان من الله ورسوله أي إعلام وقد وقفت ممن سمي ممن كان مع أبي بكر في تلك الحجة على أسماء جماعة منهم سعد بن أبي وقاص فيما أخرجه الطبري من طريق الحكم عن مصعب بن سعد عن أبيه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر فلما انتهينا إلى ضجنان أتبعه عليا ومنهم جابر روى الطبري من طريق عبد الله بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه قوله أن لا يحج بفتح الهمزة وادغام النون في اللام قال الطحاوي في مشكل الآثار هذا مشكل لان الاخبار في هذه القصة تدل على أن
[ 239 ]
النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكربذلك ثم أتبعه عليا فأمره أن يؤذن فكيف يبعث أبو بكر أبا هريرة ومن معه بالتأذين مع صرف الامر عنه في ذلك إلى على ثم أجاب بما حاصله أن أبا بكر كان الامير على الناس في تلك الحجة بلا خلاف وكان على هو المأمور بالتأذين بذلك وكأن عليا لم يطق التأذين بذلك وحده واحتاج إلى من يعينه على ذلك فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوه على ذلك ثم ساق من طريق المحرر بن أبي هريرة عن أبيه قال كنت مع على حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ببراءة إلى أهل مكة فكنت أنادى معه بذلك حتى يصحل صوتي وكان هو ينادي قبلي حتى يعي وأخرجه أحمد أيضا وغيره من طريق محرر بن أبي هريرة فالحاصل أن مباشرة أبي هريرة لذلك كانت بأمر أبي بكر وكان ينادي بما يلقيه إليه على مما أمر بتبليغه قوله بعد العام أي بعد الزمان الذي وقع فيه الاعلام بذلك قوله ولا يطوف بفتح الفاء عطفا على الحج قوله قال حميد هو بن عبد الرحمن بن عوف ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلي وأمره أن يؤذن ببراءة هذا القدر من الحديث مرسل لان حميد لم يدرك ذلك ولا صرح بسماعه له من أبي هريرة لكن قد ثبت إرسال على من عدة طرق فروى الطبري من طريق أبي صالح عن علي قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر ببراءة إلى أهل مكة وبعثه على الموسم ثم بعثني في أثره فأدركته فأخذتها منه فقال أبو بكر ملي قال خير أنت صاحبي في الغار وصاحبي على الحوض غير أنه لا يبلغ عنى غيري أو رجل مني ومن طريق عمرو بن عطية عن أبيه عن أبي سعيد مثله ومن طريق العمري عن نافع عن بن عمر كذلك وروى الترمذي من حديث مقسم عن بن عباس مثله مطولا وعند الطبراني من حديث أبي رافع نحوه لكن قال فأتاه جبريل فقال أنه لن يؤديها عنك إلا أنت أو رجل منك وروى الترمذي وحسنه وأحمد من حديث أنس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم براءة مع أبي بكر ثم دعا عليا فأعطاها إياه وقال لا ينبغي لاحد أن يبلغ هذا إلا رجل من أهلي وهذا يوضح قوله في الحديث الآخر لا يبلغ عني ويعرف منه أن المراد خصوص القصة المذكورة لا مطلق التبليغ وروى سعيد بن منصور والترمذي والنسائي والطبري من طريق أبي إسحاق عن زيد بن يثبع قال سألت عليا بأي شئ بعثت قال بأنه لا يدخل الجنة الا نفس مؤمنة ولا يطوف بالبيت عريان ولا يجتمع مسلم مع مشرك في الحج بعد عامهم هذا ومن كان له عهد فعهده إلى مدته ومن لم يكن له عهد فأربعة أشهر واستدل بهذا الكلام الاخير على أن قوله تعالى فسيحوا في الارض أربعة أشهر يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت أو لم يكن له عهد أصلا وأما من له عهد مؤقت فهو إلى مدته فروى الطبري من طريق بن إسحاق قال هم صنفان صنف كان له عهد دون أربعة أشهر فأمهل إلى تمام أربعة أشهر وصنف كانت له مدة عهده بغير أجل فقصرت على أربعة أشهر وروى أيضا من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس أن الاربعة الاشهر أجل من كان له عهد مؤقت بقدرها أو يزيد عليها وأما من ليس له عهد فانقضاؤه إلى سلخ المحرم لقوله تعالى فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين ومن طريق عبيدة بن سلمان سمعت الضحاك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاهد ناسا من المشركين من أهل مكة وغيرهم فنزلت براءة فنبذ إلى كل أحد عهده وأجلهم أربعة أشهر ومن لا عهد له فأجله انقضاء الاشهر الحرم ومن طريق السدي نحوه ومن طريق معمر عن الزهري قال كان أول الاربعة أشهر عند نزول براءة في شوال فكان
[ 240 ]
آخرها آخر المحرم فبذلك يجمع بين ذكر الاربعة أشهر وبين قوله فإذا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين واستبعد الطبري ذلك من حيث أن بلوغهم الخبر إنما كان عندما وقع النداء به في ذي الحجة فكيف يقال لهم سيحوا أربعة أشهر ولم يبق منها إلا دون الشهرين ثم أسند عن السدي وغير واحد التصريح بأن تمام الاربعة الاشهر في ربيع الاخر قوله أن يؤذن ببراءة يجوز فيه التنوين بالرفع على الحكاية وبالجر ويجوز أن يكون علامة الجر فتحة وهو الثابت في الروايات قوله قال أبو هريرة فأذن معنا على كذا للآكثر وفي رواية الكشميهني وحد قال أبو بكر فأذن معنا وهو غلط فاحش مخالف لرواية الجميع وإنما هو كلام أبي هريرة قطعا فهو الذي كان يؤذن بذلك وذكر عياض أن أكثر رواة الفريري وافقوا الكشميهني قال وهو غلط قوله قال أبو هريرة فأذن معنا على هو موصول بالاسناد المذكور وكأن حميد بن عبد الرحمن حمل قصة توجه على من المدينة إلى أن لحق أبا بكر عن غير أبي هريرة وحمل بقية القصة كلها عن أبي هريرة وقوله فأذن معنا على في أهل مني يوم النحر الخ قال الكرماني فيه إشكال لان عليا كان مأمورا بأن يؤذن ببراءة فكيف يؤذن بأن لا يحج بعد العام مشرك ثم أجاب بأنه أذن ببراءة ومن جملة ما اشتملت عليه أن لا يحج بعد العام مشرك من قوله تعالى فيها إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ويحتمل أن يكون أمر أن يؤذن ببراءة وبما أمر أبو بكر أن يؤذن به أيضا قلت وفي قوله يؤذن ببراءة تجوز لانه أمر أن يؤذن ببضع وثلاثين آية منتهاها عند قوله تعالى ولو كره المشركون فروى الطبري من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب وغيره قال وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج سنة تسع وبعث عليا بثلاثين أو أربعين آية من براءة وروى الطبري من طريق أبي الصهباء قال سألت عليا عن يوم الحج الاكبر فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر يقيم للناس الحج وبعثني بعده بأربعين آية من براءة حتى آتي عرفة فخطب ثم ألتفت إلى فقال يا علي قم فأد رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت فقرأت أربعين آية من أول براءة ثم صدرنا حتى رميت الجمرة فطفقت أتتبع بها الفساطيط أقرؤها عليهم لان الجميع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة قوله وأن لا يحج بعد العام مشرك هو منتزع من قوله تعالى فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا والآية صريحة في منعهم دخول المسجد الحرام ولو لم يقصدوا الحج ولكن لما كان الحج هو المقصود الاعظم صرح لها بالمنع منه فيكون ما وراءه أولى بالمنع والمراد بالمسجد الحرام هنا الحرم كله وأما ما وقع في حديث جابر فيما أخرجه الطبري وإسحاق في مسنده والنسائي والدارمي كلاهما عنه وصححه بن خزيمة وابن حبان من طريق بن جريج حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من عمرة الجعرانة بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح فسمع رغوة ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا على عليها فقال له أمير أر رسول فقال بلى أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببراءة أقرؤها على الناس فقدمنا مكة فلما كان قبل يوم التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس بمناسكهم حتى إذا فرغ قام على فقرأ على الناس براءة حتى ختمها ثم كان يوم النحر كذلك ثم يوم النفر كذلك فيجمع بأن عليا قرأها كلها في المواطن الثلاثة وأما في سائر الاوقات فكان
[ 241 ]
يؤذن بالامور المذكورة أن لا يحج بعد العام مشرك الخ وكان يستعين بأبي هريرة وغيره في الاذان بذلك وقد وقع في حديث مقسم عن بن عباس عند الترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر الحديث وفيه فقام على أيام التشريق فنادى ذمة الله وذمة رسوله بريئة من كل مشرك فسيحوا في الارض أربعة أشهر ولا يحجن بعد العام مشرك ولا يطوفن بالبيت عريان ولا يدخل الجنة إلا مؤمن فكان على ينادي بها فإذا قام أبو هريرة فنادى بها وأخرج أحمد بسند حسن عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ببراءة مع أبي بكر فلما بلغ ذا الحليفة قال لا يبلغها إلا أنا أو رجل من أهل بيتي فبعث بها مع على قال الترمذي حسن غريب ووقع في حديث يعلى عند أحمد لما نزلت عشر آيات من براءة بعث بها النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر ليقرأها على أهل مكة ثم دعاني فقال أدرك أبا بكر فحيثما لقيته فخذ منه الكتاب فرجع أبو بكر فقال يا رسول الله نزل في شئ فقال لا إلا أنه لن يؤدي أو لكن جبريل قال لا يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك قال العماد بن كثير ليس المراد أن أبا بكر رجع من فوره بل المراد رجع من حجته قلت ولا مانع من حمله على ظاهره لقرب المسافة وأما قوله عشر آيات فالمراد أولها إنما المشركون نجس (0) قوله) *) *) * (4380) حدثني إسحاق هو بن منصور كما جزم به المزي ويعقوب بن إبراهيم أي بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وصالح هو بن كيسان وقد تقدم في أوائل الصلاة من رواية يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن بن أخي بن شهاب عن عمه فله فيه طريقان وسياقه عن بن أخي بن شهاب موافق لسياق عقيل وأما رواية صالح فوقع في آخرها فكان حميد يقول يوم النحر يوم الحج الاكبر من أجل حديث أبي هريرة وهذه الزيادة قد أدرجها شعيب عن الزهري كما تقدم في الجزية ولفظه عن أبي هريرة بعثني أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بني لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ويوم الحج الاكبر يوم النحر وإنما قيل الاكبر من أجل قول الناس الحج الاصفر فنبذ أبو بكر إلى الناس في ذلك العام فلم يحج عام حجة الوداع التي حج فيها النبي صلى الله عليه وسلم مشرك انتهى وقوله يوم الحج الاكبر يوم النحر هو قول حميد بن عبد الرحمن استنبطه من قوله تعالى وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الاكبر ومن مناداة أبي هريرة بذلك بأمر أبي بكر يوم النحر فدل على أن المراد بيوم الحج الاكبر يوم النحر وسياق رواية شعيب يوهم أن ذلك مما نادى به أبو بكر وليس كذلك فقد تضافرت الروايات عن أبي هريرة بأن الذي كان ينادي به هو ومن معه من قبل أبي بكر شيآن منع حج المشركين ومنع طواف العريان وأن عليا أيضا كان ينادي بهما وكان يزيد من كان له عهد فعهده إلى مدته وأن لا يدخل الجنة إلا مسلم وكأن هذه الاخيرة كالتوطئة لان لا يحج البيت مشرك وأما التي قبلها فهي التي احتض على بتبليغها ولهذا فإن العلماء أن الحكمة في إرسال على بعد أبي بكر أن عادة العرب جرت بأن لا ينفض العهد إلا من عقده أو من هو منه بسبيل من أهل بيته فأجراهم ذلك على عادتهم ولهذا قال لا يبلغ عنى إلا أنا أو رجل من أهلي بيتي وروى أحمد والنسائي من طريق محرر بن أبي هريرة عن أبيه قال كنت مع على حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكة ببراءة فكنا ننادى أن لا يدخل الجنة إلانفس مسلمة ولا يطوف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فأجله أربعة أشهر فإذا مضت فإن الله برئ من المشركين ورسوله
[ 242 ]
ولا يحج بعد العام مشرك فكنت أنادى حتى صحل صوتي وقوله وإنما قبل الاكبر الخ في حديث بن عمر عند أبي داود وأصله في هذا الصحيح رفعه أي يوم هذا قالوا هذا يوم النحر قال هذا يوم الحج الاكبر واختلف في المراد بالحج الاصغر فالجمهور على أنه العمرة وصل ذلك عبد الرزاق من طريق عبد الله بن شداد أحد كبار التابعين ووصله الطبري عن جماعة منهم عطاء والشعبي وعن مجاهد الحج الاكبر القرآن والاصغر الافراد وقيل يوم الحج الاصغر يوم عرفة ويوم الحج الاكبر يوم النحر لان فيه تتكمل بقية المناسك وعن الثوري أيام الحج تسمى يوم الحج الاكبر كما يقال يوم الفتح وأيده السهيلي بأن عليا أمر بذلك في الايام كلها وقيل لان أهل الجاهلية كانوا يقفون بعرفة وكانت قريش تقف بالمزدلفة فإذا كان صبيحة النحر وقف الجميع بالمزدلفة فقيل له الاكبر لاجتماع الكل فيه وعن الحسن سمي بذلك لاتفاق حج جميع الملل فيه وروى الطبري من طريق أبي جحيفة وغيره أن يوم الحج الاكبر يوم عرفة ومن طريق سعيد بن جبير أنه النحر واحتج بأن يوم التاسع وهو يوم عرفة إذا انسلخ قبل الوقوف لم يفت الحج بخلاف العاشر فإن الليل إذا انسلخ قبل الوقوف فات وفي رواية الترمذي من حديث على مرفوعا وموقوفا يوم الحج الاكبر يوم النحر ورجح الموقوف وقوله فنبذ أبو بكر الخ هو أيضا مرسل من قول حميد بن عبد الرحمن والمراد أن أبا بكر أفصح لهم بذلك وقيل إنما لم يقتصر النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ أبي بكر عنه ببراءة لانها تضمنت مدح أبي بكر فأراد أن يسمعوها من غير أبي بكر وهذه غفلة من قائله حمله عليها ظنة أن المراد تبليغ براءة كلها وليس الامر كذلك لما قدمناه وإنما أمر بتبليغه منها أوائلها فقط وقد قدمت حديث جابر وفيه أن عليا قرأها حتى ختمها وطريق الجمع فيه واستدل به على أن حجة أبي بكر كانت في ذي الحجة على خلاف المنقول عن مجاهد وعكرمة بن خالد وقد قدمت النقل عنهما بذلك في المغازي ووجه الدلالة أن أبا هريرة قال بعثني أبو بكر في تلك الحجة يوم النحر وهذا لا حجة فيه لان قول مجاهد إن ثبت فالمراد بيوم النحر الذي هو صبيحة يوم الوقوف سواء كان الوقوف وقع في ذي القعدة أو في ذي الحجة نعم روى بن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال كانوا يجعلون عاما شهرا وعاما شهرين يعني يحجون في شهر واحد مرتين في سنتين ثم يحجون في الثالث في شهر آخر غيره قال فلا يقع الحج في أيام الحج إلا في كل خمس وعشرين سنة فلما كان حج أبي بكر وافق ذلك العام شهر الحج فسماه الله الحج الاكبر تنبيه اتفقت الروايات على أن حجة أبي بكر كانت سنة تسع ووقع في حديث لعبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة في قول براءة من الله ورسوله قال لما كان زمن خيبر اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ثم أمر أبا بكر الصديق على تلك الحجة قال الزهري وكان أبو هريرة يحدث أن أبا بكر أمره أن يؤذن ببراءة ثم أتبع النبي صلى الله عليه وسلم عليا الحديث قال الشيخ عماد الدين بن كثير هذا فيه غرابة من جهة أن الامير في سنة عمرة الجعرانة كان عتاب بن أسيد وأما حجة أبي بكر فكانت سنة تسع قلت يمكن رفع الاشكال بان المراد بقوله ثم أمر أبا بكر يعني بعد أن رجع إلى المدينة وطوى ذكر من ولي الحج سنة ثمان فإن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من العمرة إلى الجعرانة فأصبح بها توجه هو ومن معه إلى المدينة إلى أن جاء أوان الحج فأمر أبا بكر وذلك سنة تسع وليس المراد أنه أمر أبا بكر
[ 243 ]
أن يحج في السنة التي كانت فيها عمرة الجعرانة وقوله على تلك الحجة يريد الآتية بعد رجوعهم إلى المدينة (0) قوله باب قوله تعالى فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم قرأ الجمهور بفتح الهمزة من أيمان أي لا عهود لهم وعن الحسن البصري بكسر الهمزة وهي قراءة شاذة وقد روى الطبري من طريق عمار بن ياسر وغيره في قوله إنهم لا أيمان لهم أي لا عهد لهم وهذا يؤيد قراءة الجمهور (4381) قوله حدثنا يحيي هو بن سعيد وإسماعيل هو بن أبي خالد قوله ما بقي من أصحاب هذه الآية إلا ثلاثة هكذا وقع مبهما ووقع عند الاسماعيلي من رواية بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد بلفظ وما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية إلا أربعة نفر إن أحدهم لشيخ كبير قال الاسماعيلي إن كانت الآية ما ذكر في خبر بن عيينة فحق هذا الحديث أن يخرج في سورة الممتحنة انتهى وقد وافق البخاري على إخراجها عند آية براءة النسائي وابن مردويه فأخرجاه من طرق عن إسماعيل وليس عند أحد منهم تعيين الآية وانفرد بن عيينة بتعيينها إلا أن عند الاسماعيلي من رواية خالد الطحان عن إسماعيل في آخر الحديث قال إسماعيل يعني الذين كاتبوا المشركين وهذا يقوي رواية بن عيينة وكأن مستند من أخرجها في آية براءة ما رواه الطبري من طريق حبيب بن حسان عن زيد بن وهب قال كنا عند حذيفة فقرأ هذه الآية فقاتلوا أئمة الكفر قال ما قوتل أهل هذه الآية بعد ومن طريق الاعمش عن زيد بن وهب نحوه والمراد بكونهم لم يقاتلوا أن قتالهم لم يقع لعدم وقوع الشرط لان لفظ الآية وأن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا فلما لم يقع منهم نكث ولا طعن لم يقاتلوا وروى الطبري من طريق السدي قال المراد بأئمة الكفر كفار قريش ومن طريق الضحاك قال أئمة الكفر رؤوس المشركين من أهل مكة قوله الا ثلاثة سمي منهم في رواية أبي بشر عن مجاهد أبو سفيان بن حرب وفي رواية معمر عن قتادة أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وأبو سفيان وسهيل بن عمرو وتعقب بأن أبا جهل وعتبة قتلا ببدر وإنما ينطبق التفسير على من نزلت الآية المذكورة وهو حي فيصح في أبي سفيان وسهيل بن عمرو وقد أسلما جميعا قوله ولا من المنافقين إلا أربعة لم أقف على تسميتهم قوله فقال أعرابي لم أقف على اسمه قوله إنكم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بنصب أصحاب على الماء مع حذف الاداة أو هو بدل من الضمير في إنكم قوله تخبروننا فلا ندري كذا وقع في رواية الاسماعيلي وتخبروننا عن أشياء قوله يبقرون بموحدة ثم قاف أي ينقبون قال الخطابي وأكثر ما يكون النقر في الخشب والصخور يعني بالنون قوله أعلاقنا بالعين المهملة والقاف أي نفائس أموالنا وقال بن التين وجدته في بعض الروايات مضبوطا بالغين المعجمة ولا وجه له انتهى ووجفي نسخة الدمياطي بخطة بالغين المعجمة أيضا ذكره شيخنا بن الملقن ويمكن توجيهه بأن الاغلاق جمع علق بفتحتين وهو الباب الذي يغلق على البيت ويفتح بالمفتاح ويطلق الغلق على الحديدة التي تجعل في الباب ويعمل فيها القفل فيكون قوله ويسرقوا أغلاقنا إما على الحقيقة فإنه إذا تمكن من سرقة الغلق توصل إلى فتح الباهلي أو فيه مجاز الحذف أي يسرقون ما في أغلاقنا قوله أولئك الفساق أي الذين يبقرون ويسرقون لا الكفار ولا المنافقون قوله أحدهم شيخ كبير لم أقف على تسميته قوله لو شرب الماء البارد لما وجد برده أي لذهاب شهوته وفساد معدته فلا يفرق بين الالوان ولا الطموم (0) قوله باب قوله والذين يكنزون الذهب والفضة الآية (4382) قوله يكون كنز أحدكم يوم القيامة
[ 244 ]
شجاعا أفرع كذا أورده مختصرا وهو عند أبي نعيم في المستخرج من وجه آخر عن أبي اليمان وزاد يفر منه صاحبه ويطلبه أنا كنزك فلا يزال به حتى يلقمه إصبعه وكذا أخرجه النسائي من طريق علي بن عياش عن شعيب وقد تقدم من وجه آخر عن أبي هريرة في كتاب الزكاة مع شرح الحديث ثم ذكر حديث أبي ذر في قصته مع معاوية في تأويل قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله وقد تقدم في الزكاة أيضا مع شرحه قوله باب قوله عزوجل يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها الآية (4384) الله تعالى قوله وقال أحمد بن شبيب كذا أورده مختصرا وتقدم بأتم منه في كتاب الزكاة مع شرحه (0) قوله باب قوله أن عدة المشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض أي أن الله سبحانه وتعالى لما ابتدأ خلق السماوات والارض جعل السنة أثنى عشرا شهرا قوله منها أربعة حرم قد ذكر تفسيرها في حديث الباب قوله ذلك الدين القيم قال أبو عبيدة في قوله ذلك الدين القيم مجازه القائم أي المستقيم فخرج مخرج سيد من ساد يسود كقام يقوم قوله فلا تظلموا فيهن أنفسكم أي في الاربعة باستحلال القتال وقيل بارتكاب المعاصي (4385) قوله ان الزمان قد استدار كهيئته تقدم الكلام عليه في أوائل بدء الخلق وأن المراد بالزمان السنة وقوله كهيئته أي استدار استدارة مثل حالته ولفظ الزمان يطلق على قليل الوقت وكثيره والمراد باستدارته وقوع تاسع ذي الحجة في الوقت الذي حلمت فيه الشمس برج الحمل حيث يستوي الليل والنهار ووقع في حديث بن عمر عند بن مردويه أن الزمان قد استدار فهو اليوم كهيئته يوم خلق الله السماوات والارض قوله السنة اثنا عشر شهرا أي السنة العربية الهلالية وذكر الطبري في سبب ذلك من طريق حصين بن عبد الرحمن عن أبي مالك كانوا يجعلون السنة ثلاثة عشر شهرا ومن وجه آخر كانوا يجعلون السنة اثني عشر شهرا وخمسة وعشرين يوما فتدور الايام والشهور كذلك قوله ثلاث متواليات هو تفسير الاربعة الحرم قال بن التين الصواب ثلاثة متوالية يعني لان المميز الشهر قال ولعله أعاده على المعنى أي ثلاث مدد متواليات انتهى أو باعتبار العدة مع أن الذي لا يذكر التمييز معه يجوز فيه التذكير والتأنيث وذكرها من سنتين لمصلحة التوالى بين الثلاثة وإلا فلو بدأ بالمحرم لفات مقصود التوالى وفيه إشارة إلى إبطال ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من تأخير بعض الاشهر الحرم فقيل كانوا يجعلون المحرم صفرا ويجعلون صفرا المحرم لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر لا يتعاطون فيها القتال فذلك قال متواليات وكانوا في الجاهلية على أنحاء منهم من يسعى المحرم صفرا فيحل فيه القتال ويحرم القتال في صفر ويسميه المحرم ومنهم من كان يجعل ذلك سنة هكذا وسنة هكذا ومنه من يجعله سنتين هكذا وسنتين هكذا ومنهم من يؤخر صفرا إلى ربيع الاول وربيعا إلى ما يليه وهكذا إلى أن يصير شوال ذاالقعدة وذو القعدة ذا الحجة ثم يعود فيعيد العدد على الاصل قوله ورجب مضر إضافة إليهم لانهم كانوا متمسكين بتعظيمه بخلاف غيرهم فيقال إن ربيعة كانوا يجعلون بدله رمضان وكان من العرب من يحمل في رجب وشعبان ما ذكر في المحرم وصفر فيحلون رجبا ويحرمون شعبان ووصفه بكونه بين جمادى وشعبان تأكيدا وكان أهل الجاهلية قد نسئوا بعض الاشهر الحرم أي اخروها فيحلون شهر حراما ويحرمون مكانه آخر بدله حتى رفض تخصيص الاربعة
[ 245 ]
بالتحريم أحيانا ووقع تحريم أربعة مطلقة من السنة فمعنى الحديث أن الاشهر رجعت إلى ما كانت عليه وبطل النسئ وقال الخطابي كانوا يخالفون بين أشهر السنة بالتحليل والتحريم والتقديم والتأخير لاسباب تعرض لهم منها استعجال الحرب فيستحلون الشهر الحرام ثم يحرمون بدله شهرا غيره فتتحول في ذلك شهور السنة وتتبدل فإذا أتى على ذلك عدة من السنين استدار الزمان وعاد الامر إلى أصله فاتفق وقوع حجة النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك تنبيه أبدى بعضهم لما استقر عليه الحال من ترتيب هذه الاشهر الحرم مناسبة لطيفة حاصلها أن الاشهر الحرم مزية على ما عداها فناسب أن يبدأ بها العام وأن تتوسطه وأن تختم به وإنما كان الختم بشهرين لوقوع الحج ختام الاركان الاربع لانها تشتمل على عمل مال محض وهو الزكاة وعمل بدن محض وذلك تارة يكون بالجوارح وهو الصلاة وتارة بالقلب وهو الصوم لانه كف عن المفطرات وتارة عمل مركب من مال وبدن وهو الحج فلما جمعهما ناسب أن يكون له ضعف ما لواحد منهما فكان له من الاربعة الحرم شهران والله أعلم (0) قوله باب قوله ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا أي ناصرنا قال أبو عبيدة في قوله تعالى أن الله معنا أي ناصرنا وحافظنا قوله السكينة فعيلة من السكون هو قول أبي عبيدة أيضا (4387) قوله حدثنا عبد الله بن محمد هو الجعفي وهو المذكور في جميع أحاديث الباب إلا الطريق الاخير وفي شيوخه عبد الله بن محمد جماعة منهم أبو بكر بن أبي شيبة ولكن حيث يطلق ذلك فالمراد به الجعفي لاختصاصه به وإكثاره عنه وحبان بفتح أوله ثم الموحدة الثقيلة هو بن هلال وقد تقدم الحديث مع شرحه في مناقب أبي بكر قوله حين وقع بينه وبين بن الزبير أي بسبب البيعة وذلك أن بن الزبير حين مات معاوية أمتنع من البيعة ليزيد بن معاوية وأصر على ذلك حتى أغرى يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بالمدينة فكانت وقعة الحرة ثم توجه الجيش إلى مكة فمات أميرهم مسلم بن عقبة وقام بأمر الجيش الشامي حصين بن نمير فحصر بن الزبير بمكة ورموا الكعبة بالمنجنيق حتى احترقت ففجأهم الخبر بموت يزيد بن معاوية فرجعوا إلى الشام وقام بن الزبير في بناء الكعبة ثم دعا إلى نفسه فبويع بالخلافة وأطاعه أهل الحجاز ومصر والعراق وخراسان وكثير من أهل الشام ثم غلب مروان على الشام وقتل الضحاك بن قيس الامير من قبل بن الزبير بمرج راهط ومضى مروان إلى مصر وغلب عليها وذلك كله في سنة أربع وستين وكمل بناء الكعبة في سنة خمس ثم مات مروان في سنة خمس وستين وقام عبد الملك بن مقامه وغلب المختار بن أبي عبيد على الكوفة ففر منه من كان من قبل بن الزبير وكان محمد بن على بن أبي طالب المعروف بابن الحنفية وعبد الله بن عباس مقيمين بمكة منذ قتل الحسين فدعاهما بن الزبير إلى البيعة له فامتنعا وقالا لانبايع حتى يجتمع الناس على خليفة وتبعهما جماعة على ذلك فشدد عليهم بن الزبير وحصرهم فبلغ المختار فجهز إليهم جيشا فأخرجوهما واستأذنوهما في قتال بن الزبير الحنف ية بعده إلى جهة رضوى جبل بينبع فأقام هناك ثم أراد دخول الشام فتوجه إلى نحو أيلة فمات في آخر سنة ثلاث أو أول سنة أربع وسبعين وذلك عقب قتل بن الزبير على الصحيح وقيل عاش إلى سنة ثمانين أو بعد ذلك وعند الوافدي أنه مات بالمدينة سنة إحدى وثمانين وزعمت الكيسانية
[ 246 ]
أنه حي لم يمت وأنه المهدي أنه لا يموت حتى يملك الارض في خرافات لهم كثيرة ليس هذا موضعها وإنما لخصت من ذكرته من طبقات بن سعد وتاريخ الطبري وغيره لبيان المراد بقول بن أبي مليكة حين وقع بينه وبين بن الزبير ولقوله في الطريق الاخرى فغدوت على بن عباس فقلت أتريد أن تقاتل بن الزبير وقول بن عباس قال الناس بايع لابن الزبير فقلت وأين بهذا الامر عنه أي أنه مستحق لذلك لما له من المناقب المذكورة ولكن أمتنع بن عباس من المبايعة له لما ذكرناه وروى الفاكهي من طريق سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال كان بن عباس وابن الحنفية بالمدينة ثم سكنا مكة وطلب منهما بن الزبير البيعة فأبيا حتى يجتمع الناس على رجل فضيق عليهما فبعث رسولا إلى العراق فخرج إليهما جيش في أربعة آلاف فوجدوهما محصورين وقد أحضر الحطب فجعل على الباب يخوفهما بذلك فأخرجوهما إلى الطائف وذكر بن سعد أن هذه القصة وقعت بين بن الزبير وابن عباس في سنة ست وستين قوله وأمه أسماء أي بنت أبي بكر الصديق وقوله وجدته صفية أي بنت عبد المطلب وقوله في الرواية الثانية وأما عمته فزوج النبي صلى الله عليه وسلم يريد خديجة أطلق عليها عمته تجوزا وإنما هي عمة أبيه لالها خديجة بنت خويلد أي بن أسد والزبير هو بن العوام بن خويلد بن أسد وكذا تجوز في الرواية الثالثة حيث قال بن أبي بكر وإنما هو بن بنته وحيث قال بن أخي خديجة وإنما هو بن بن أخيها العوام قوله فقلت لسفيان إسناده بالنصب أي أذكر إسناده أو بالرفع أي ما إسناده فقال حدثنا فشغله إنسان ولم يقل بن جريج ظاهر هذا أنه صرح له بالتحديث لكن لما لم يقل بن جريج احتمل أن يكون أراد أن يدخل بينهما واسطة واحتمل عدم الواسطة ولذلك استظهر البخاري بإخراج الحديث من وجه آخر عن بن جريج ثم من وجه آخر عن شيخه قوله في الطريق الثانية حجاج هو بن محمد المصيصي قوله قال بن أبي مليكة وكان بينهما شئ كذا أعاد الضمير بالتثنية على غير مذكور اختصارا ومراده بن عباس وابن الزبير وهو صريح في الرواية الاولى حيث قال قال بن عباس حين وقع بينه وبين بن الزبير قوله فتحل ما حرم الله أي من القتال في الحرم قوله كتب أي قدر قوله محلين أي أنهم كانوا يبيحون القتال في الحرم وإنما نسب بن الزبير إلى ذلك وأن كان بنو أمية هم الذين ابتدؤه بالقتال وحصروه وإنما بدأ منه أولا دفعهم عن نفسه لانه بعد أن ردهم الله عنه حصر بني هاشم ليبايعوه فشرع فيما يؤذن بإباحته القتال في الحرم وكان بعض الناس يسمى بن الزبير المحل لذلك قال الشاعر يتغزل في أخته رملة ألا من لقلب معنى غزل يحب المحلة أخت المحل وقوله لا أحله أبدا أي لا أبيح القتال فيه وهذا مذهب بن عباس أنه لا يقاتل في الحرم ولو قوتل فيه قوله قال قال الناس القائل هو بن عباس ونافل ذلك عنه بن أبي مليكة فهو متصل والمراد بالناس من كان من جهة بن الزبير وقوله بايع بصيغة الامر وقوله وأين بهذا الامر أي الخلافة أي ليست بعيدة عنه لما له من الشرف بأسلافه الذين ذكرهم ثم صفته التي أشار إليها بقوله عفيف في الاسلام قارئ للقرآن وفي رواية بن قتيبة من طريق محمد بن الحكم عن عوانة ومن طريق يحيى بن سعد عن الاعمش قال قال بن عباس لما قيل له بايع لابن الزبير أين المذهب
[ 247 ]
عن بن الزبير وسيأتي الكلام على قوله في الرواية الثانية بن أبي بكر في تفسير الحجرات قوله والله إن وصلوني وصلوني من قريب أي بسبب القرابة قوله وأن ربوني بفتح الراء وضم الموحدة الثقيلة من التربية قوله ربوني في رواية الكشميهني ربني بالافراد وقوله أكفاء أي أمثال وأحدها كفء وقوله كرام أي في أحسابهم وظاهر هذا أن مراد بن عباس بالمذكورين بنو أسد رهط بن الزبير وكلام أبي مخنف الاخباري يدل على أنه أراد بني أمية فأنه ذكر من طريق أخرى أن بن عباس لما حضرته الوفاة بالطائف جمع بنيه فقال يا بني إن بن الزبير لما خرج بمكة شددت أزره ودعوت الناس إلى بيعته وتركت بني عمنا من بني أمية الذين إن قبلونا قبلونا أكفاء وأن ربونا ربونا كراما فلما أصاب ما أصاب جفائي ويؤيد هذا ما في آخر الرواية الثالثة حيث قال وأن كان لا بد لان يربنى بنو عمي أحب إلى من أن يربني غيرهم فإن بني عمه هم بنو أمية بن عبد شمس بن عبد مناف لانهم من بني عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف فعبد المطلب جد عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن عم أمية جد مروان بن الحكم بن أبي العاص وكان هاشم وعبد شمس شقيقين قال الشاعر عبد شمس كان يتلو هاشما وهما بعد لام ولاب وأصرح من ذلك ما في خبر أبي مخنف فإن في آخر أن بن عباس قال لبنيه فإذا دفنتموني فالحقوا ببني عمكم بني أمية ثم رأيت بيان ذلك واضحا فيما أخرجه بن أبي خيثمة في تاريخه في الحديث المذكور فإنه قال بعد قوله ثم عفيف في الاسلام قارئ للقرآن وتركت بني عمي إن وصلوني وصلوني عن قريب أي اذعنت له وتركت بني عمي فآثر على غيري وبهذا يستقيم الكلام وأصرح من ذلك في رواية بن قتيبة المذكورة أن بن عباس قال لابنه على الحق بابن عمك فإن أنفك منك وأن كان أجدع فلحق على بعبد الملك فكان آثر الناس عنده قوله فآثر على بصيغة الفعل الماضي من الاثرة ووقع في رواية الكشميهني فأين بتحتانية ساكنة ثم نون وهو تصحيف وفي رواية بن قتيبة المذكورة فشددت على عضدة فآثر على فلم أرض بالهوان قوله التويتات والاسامات والحميدات يريد أبطنا من بني أسد أما التويتات فنسبة إلى بني تويت بن أسد ويقال تويت بن الحارث بن عبد العزي بن قصي وأما الاسامات فنسبة إلى بني أسامة بن أسد بن عبد العزى وأما الحميدات فنسبة إلى بني حميد بن زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزي قال الفاكهي حدثنا الزبير بن كبار عن محمد بن الضحاك في آخرين أن زهير بن الحارث دفن في الحجر قال وحدثنا الزبير قال كان حميد بن زهير أول من بني بمكة بيتا مربعا وكانت قريش تكره ذلك لمضاهاة الكعبة فلما بني حميد بيته قال قاتلهم اليوم يبني لحميد بيته إما حياته وأما موته فلما لم يصبه شئ تابعوه على ذلك وتجتمع هذه الا بطن مع خويلد بن أسد جد بن الزبير قال الازرقي كان بن الزبير إذا دعا الناس في الاذن بدأ ببني أسد على بني هاشم وبني عبد شمس وغيرهم فهذا معنى قول بن عباس فآثر على التويتات الخ قال فلما ولي عبد الملك بن مروان قدم بني عبد شمس ثم بني هاشم وبني المطلب وبني نوفل ثم أعطى بني الحارث بن فهر قبل بني أسد وقال لاقدمن
[ 248 ]
علهيم أبعد بطن من قريش فكان يصنع ذلك مبالغة منه في مخالفة بن الزبير وجمع بن عباس البطون المذكورة جمع القلة تحقيرا لهم قوله يريد ابطنا من بني أسد بتويت كذا وقع وصوابه يريد أبطنا من بني تويت بن أسد الخ نبه على ذلك عياض قلت وكذا وقع في مستخرج أبي نعيم على الصواب وفي رواية أبي مخنف المذكورة أفخاذا صغارا من بني أسد بن عبد العزي وهذا صواب قوله أن بن أبي العاص يعني عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص قوله برز أي ظهر قوله يمشى القدمية بضم القاف وفتح الدال وقد تضم أيضا وقد تسكن وكسر الميم وتشديد التحتانية قال الخطابي وغيره معناها التبختر وهو مثل يريد أنه برز يطلب معالى الامور قال بن الاثير الذي في البخاري القدمية وهي التقدمة في الشرف والفضل والذي في كتب الغريب القديمة بزيادة تحتانية في أوله ومعناها التقدمة في الشرف وقيل التقدم بالهمة والفعل قلت وفي رواية أبي مخنف مثل ما وقع في الصحيح قوله وأنه لوسى ذنبه يعني بن الزبير لوي بتشديد الواو وبتخفيفها أي ثناه وكنى بذلك عن تأخره وتخلفه عن معالي الامور وقيل كنى به عن الجبن وإيثار الدعة كما تفعل السباع إذا أرادت النوم والاول أولى وفي مثله قال الشاعر مشى بن الزبير القهقرى وتقدمت أمية حتى أحرزوا القصبات وقال الداودي المعنى أنه وقف فلم يتقدم ولم يتأخر ولا وضع الاشياء مواضعها فأدنى الناصح وأقصى الكاشح وقال بن التين معنى لوي ذنبه لم يتم له ما أراده وفي رواية أبي مخنف المذكورة وأن بن الزبير يمشي القهقرى وهو المناسب لقوله في عبد الملك يمشى القدمية وكان الامر كما قال بن عباس فإن عبد الملك لم يزل في تقدم من أمره إلى أن استنقذ العراق من بن الزبير وقتل أخاه مصعبا ثم جهز العساكر إلى بن الزبير بمكة فكان من الامر ما كان ولم يزل أمر بن الزبير في تأخر إلى أن قتل رحمه الله تعالى قوله في الرواية الثالثة (4389) الرب عز وجلعن عمر بن سعيد أي بن أبي حسين المكي وقوله لاحاسبن نفسي أي لاناقشنها في معونته ونصحه قاله الخطابي وقال الداودي معناه لذكرن من مناقبه ما لم أذكر من منافيهما وإنما صنع بن عباس ذلك لاشتراك الناس في معرفة مناقب أبي بكر وعمر بخلاف بن الزبير فما كانت مناقبه في الشهرة كمناقبهما فأظهر ذلك بن عباس وبينه للناس انصافا منه له فلما لم ينصفه هو رجع عنه قوله فإذا هو يتعلى عنى أي يترفع على متنحيا عنى قوله ولا يريد ذلك أي لا يريد أن أكون من خاصته وقوله ماكنت أظن أني أعرض هذا من نفسي أي أبدؤه بالخضوع له ولا يرضى منى بذلك وقوله وما أراه يريد خيرا أي لا يريد أن يصنع بن خيرا وفي رواية الكشميهني وإنما أراه يريد خيرا وهو تصحيف ويوضحه ما تقدم وقوله لان يربني أي يكون على ربا أي أميرا أو ربه بمعنى رباه وقام بأمره وملك تدبيره قال التيمي معناه لان أكون في طاعة بني أمية أحب إلى من أن أكون في طاعة بني أسد لان بني أمية أقرب إلى بني هاشم من بني أسد كما تقدم والله أعلم (0) قوله باب قوله والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب قال مجاهد يتألفهم بالعطية وصله الفريابي عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد وسقط قوله وفي الرقاب من غير رواية أبي در وهو أوجه إذ لم يذكر ما يتعلق بالرقاب ثم ذكر حديث أبي سعيد إلى بعث النبي صلى الله عليه وسلم بشئ فقسمه بين أربعة وقال أتألفهم فقال رجل ما عدلت أورده مختصرا جدا وأيهم الباعث والمبعوث وتسمية الاربعة والرجل القائل وقد تقدم
[ 249 ]
بيان جميع ذلك في غزوة حنين من المغازي (0) قوله باب قوله الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات يلمزون يعيبون سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في الزكاة قوله جهدهم وجهدهم طافتهم قال أبو عبيدة في قوله والذين لا يجدون الا جهدهم مضموم ومفتوح سواء ومعناه طاقتهم يقال جهد المقل وقال الفراء الجهد بالضم لغة أهل الحجاز ولغة غيرهم الفتح وهذا هو المعتمد عند أهل العلم باللسان قاله الطبري وحكى عن بعضهم أن معناهما مختلف قيل بالفتح المشقة وبالضم الطاقة وقيل غير ذلك (4391) قوله عن سليمان هو الاعمش وأبو مسعود هو عقبة بن عمرو البدري قوله لما أمرنا بالصدقة تقدم في الزكاة بلفظ لما نزلت آية الصدقة وقد تقدم بيانه هناك قوله كنا نتحامل أي يحمل بعضنا لبعض بالاجرة وقد تقدم في الزكاة من وجه آخر عن شعبة بلفظ تحامل أي نؤاجر أنفسنا في الحمل وتقدم بيان الاختلاف في ضبطه وقال صاحب المحكم تحامل في الامر أي تكلفة على مشقة ومنه تحامل على فلان أي كلفه ما لا يطيق قوله فجاء أبو عقيل بنصف صاع اسم أبي عقيل هذا وهو بفتح أوله حجاب بمهملتين بينهما موحدة ساكنة وآخره مثلها ذكره عبدبن حميد والطبري وابن منده من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال في قوله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات قال جاء رجل من الانصار يقال له الحجاب أبو عقيل فقال يا نبي الله بت أجر الجرير على صاعين من تمر فأما صاع فأمسكته لاهلي وأما صاع فها هو ذا فقال المنافقون أن كان الله ورسوله لغنيين عن صاع أبي عقيل فنزلت وهذا مرسل ووصله الطبراني والبارودي والطبري من طريق موسى بن عبيدة عن خالد بن يسار عن بن أبي عقيل عن أبيه بهذا ولكن لم يسموه وذكر السهيلي أنه رآه بخط بعض الحفاظ مضبوطا بجيمين وروى الطبراني في الاوسط وابن منده من طريق سعيد بن عثمان البلوي عن جدته بنت عدي أن أمها عميرة بنت سهل بن رافع صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون خرج بزكاته صاع تمر وبابنته عميرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لهما بالبركة وكذا ذكر بن الكلبي أن سهل بن رافع هو صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون وروى عبد بن حميد من طريق عكرمة قال في قوله تعالى والذين لا يجدون إلا جهدهم هو رفاعة بن سهل ووقع عند بن أبي حاتم رفاعة بسعد فيحتمل أن يكون تصحيفا ويحتمل أن يكون اسم أبي عقيل سهل ولقبه حبحاب أو هما اثنان وفي الصحابة أبو عقيل بن عبد الله بن ثعلبة البلوي بدري لم يسمه موسى بن عقبة ولا بن إسحاق وسماه الواقدي عبد الرحمن قال واستشهد باليمامة وكلام الطبري يدل على أنه هو صاحب الصاع عنده وتبعه بعض المتأخرين والاول أولى وقيل هو عبد الرحمن بن سمحان وقد ثبت في حديث كعب بن مالك في قصة توبته قال وجاء رجل يزول به السراب فقال النبي صلى الله عليه وسلم كن أبا خيثمة فإذا هو أبو خيثمة وهو صاحب الصاع الذي لمزه المنافقون واسم أبي خيثمة هذا عبد الله بن خيثمة من بني سالم من الانصار فهذا يدل على تعدد من جاء بالصاع ويؤيد ذلك أن أكثر الروايات فيها أنه جاء بصاع وكذا وقع في الزكاة فجاء رجل فتصدق بصاع وفي حديث الباب فجاء أبو عقيل بنصف صاع وجزم الواقدي بأن الذي جاء بصدقة ماله هو زيد بن أسلم العجلاني والذي جاء بالصاع هو علية بن زيد المحاربي وسمي من الذين قالوا إن هذا مراء وأن الله غنى عن صدقة هذا معتب بن قشير وعبد الله بن نبتل وأورده الخطيب في المبهمات من طريق
[ 250 ]
الواقدي وفيه عبد الرحمن بن نبتل وهو بنون ثم موحدة ثم مثناة ثم لام بوزن جعفر وسيأتي أيضا ما يدل على تعدد من جاء بأكثر من ذلك قوله وجاء انسان بأكثر منه تقدم في الزكاة بلفظ وجاء رجل بشئ كثير وروى البزار من طريق عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا قال فجاء عبد الرحمن بن عوف فقال يا رسول الله عند أربعة آلاف ألفين أقرضهما ربي وألفين أمسكهما لعيالي فقال بارك الله لك فيما أعطيت وفيما أمسكت قال وبات رجل من الانصار فأصاب صاعين من تمر الحديث قا البزار لم يسنده إلا طالوت بن عباد عن أبي عوانة عن عمر قال وحدثناه أبو كامل عن أبي عوانة فلم يذكر أبا هريرة فيه وكذلك أخرجه عبد بن حميد عن يونس بن محمد عن أبي عوانه وأخرجه بن أبي حاتم والطبري وابن مردويه من طرق أخرى عن أبي عوانة مرسلا وذكره بن إسحاق في المغازي بغير إسناد وأخرجه الطبري من طريق يحيى بن أبي كثير ومن طريق سعيد عن قتادة وابن أبي حاتم من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة والمعنى واحد قال وحث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة يعني في غزوة تبوك فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف فقال يا رسول الله مالي ثمانية آلاف جئتك بنصفها وأمسكت نصفها فقال بارك الله لك فيما أمسكت وفيما أعطيت وتصدق يومئذ عاصم بن عدي بمائة وسق من تمر وجاء أبو عقيل بصاع من تمر الحديث وكذا أخرجه الطبري من طريق العوفي عن بن عباس نحوه ومن طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس قال جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب بمعناه وعند عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس قال جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعمائة أوقية من ذهب فقال أن لي ثمانمائة أوقية من ذهب الحديث وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة فقال ثمانية آلاف دينار ومثله لابن أبي حاتم من طريق مجاهد وحكى عياض في الشفاء أنه جاء يومئذ بتسعمائة بعير وهذا اختلاف شديد في القدر الذي أحضره عبد الرحمن بن عوف وأصح الطرق فيه ثمانية آلاف درهم وكذلك أخرجه بن أبي حاتم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أو غيره والله أعلم ووقع في معاني الفراء أن النبي صلى الله عليه وسلم حث الناس على الصدقة فجاء عمر بصدقة وعثمان بصدقة عظيمة وبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني عبد الرحمن بن عوف ثم جاء أبو عقيل بصاع من تمر فقال المنافقون ما أخرج هؤلاء صدقاتهم إلا رياء وأما أبو عقيل فإنما جاء بصاعه ليذكر بنفسه فنزلت ولابن مردويه من طريق أبي سعيد فجاء عبد الرحمن بن عوف بصدقته وجاء المطوعون من المؤمنين الحديث قوله فنزلت الذين يلمزون المطوعين قراءة الجمهور بتشديد الطاء والواو وأصله المتطوعين فأدغمت التاء في الطاء وهم الذين يغزون بغير استعانة برزق من سلطان أي غيره وقوله والذين لا يجدون إلا جهدهم معطوف على المطوعين وأخطأ من قال إنه معطوف على الذين يلمزون لاستلزامه فساد المعنى وكذا من قال معطوف على المؤمنين لانه يفهم منه أن الذين لا يجدون إلا جهدهم ليسوا بمؤمنين لان الاصل في العطف المغايرة فكأنه قيل الذين يلمزون المطوعين من هذين الصنفين المؤمنين والذين لا يجدون إلا جهدهم فكأن الاولين مطوعون مؤمنون والثاني مطوعون غير مؤمنين وليس بصحيح فالحق أنه معطوف على المطوعين ويكون من عطف
[ 251 ]
الخاص على العام والنكتة فيه التنويه بالخاص لان السخرية من المقل أشد من المكثر غالبا والله أعلم قوله في الحديث الثاني فيحتال أحدنا حتى يجئ بالمدينة يعني فيتصدق به في رواية الزكاة فينطلق أحدنا إلى السوق فيحامل فأفاد بيان المراد بقوله في هذه الرواية فيحتال قوله وأن لاحدهم اليوم مائة ألف في رواية الزكاة وأن لبعضهم اليوم لمائة ألف ومائة بالنصب على أنها اسم أن والخبر لاحدهم أو لبعضهم واليوم ظرف ولم يذكر مميز المائة ألف فيحتمل أن يريد الدراهم أو الدنانير أو الامداد قوله كأنه يعرض بنفسه هو كلام شقيق الراوي عن أبي مسعود بينه إسحاق بن راهويه في مسنده وهو الذي أخرجه البخاري عنه وأخرجه بن مردويه من وجه آخر عن إسحاق فقال في آخره وأن لاحدهم اليوم لمائة ألف قال شقيق كأنه يعرض بنفسه وكذا أخرجه الاسماعيلي من وجه آخوزاد في آخر الحديث قال الاعمش وكان أبو مسعود قد كثر ماله قال بن بطال يريد أنهم كانوا في زمن الرسول يتصدقون ؟ ؟ ؟ مع قلة الشئ ويتكلفون ذلك ثم وسع الله عليهم فصاروا يتصدقون من يسر ومع عدم خشية عسر قلت ويحتمل أن يكون مراده أن الحرص على الصدقة الآن لسهولة مأخذها بالتوسع الذي وسع عليهم أولي من الحرص عليها مع تكلفهم أو أراد الاشارة إلى ضيق العيش في زمن الرسول وذلك لقلة ما وقع من الفتوح والغنائم في زمانه وإلى سعة عيشهم بعده لكثرة الفتوح والغنائم (0) قوله باب قوله استغفر لهم أو لا تستغفر لهم أن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم كذا لابي ذر ورواية غيره مختصرة (4393) قوله عن عبيد الله هو بن عمر قوله لما توفي عبد الله بن أبي ذكرة الواقدي ثم الحاكم في الاكليل أنه مات بعد منصرفهم من تبوك وذلك في ذي القعدة سنة تسع وكانت مدة مرضه عشرين يوما ابتداؤها من ليال بقيت من شوال قالوا وكان قد تخلف هو ومن تبعه عن غزوة تبوك وفيهم نزلت لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا وهذا يدفع قول بن التين إن هذه القصة كانت في أول الاسلام قبل تقرير الاحكام قوله جاء ابنه عبد الله بن عبد الله وقع في رواية الطبري من طريق الشعبي لما احتضر عبد الله جاء ابنه عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إن أبي قد احتضر فأحب أن تشهده وتصلى عليه قال ما اسمك قال الحباب يعني بضم المهملة وموحدتين مخففا قال بل أنت عبد الله الحباب اسم الشيطان وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي هذا من فضلاء الصحابة وشهد بدرا ومبعدها واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق ومن مناقبه أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتله قال بل أحسن صحبته أخرجه بن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن وفي الطبراني من طريق عروة بن الزبير عن عبد الله بن عبد الله بن أبي أنه استأذن نحوه وهذا منقطع لان عروة لم يدركه وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الاسلام فلذلك التمس من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضر عنده ويصلي عليه ولا سيما وقد ورد ما يدل على أنه فعل ذلك بعهد من أبيه ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الرزاق عن معمر والطبري من طريق سعيد كلاهما عن قتادة قال أرسل عبد الله بن أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل عليه قال أهلكك حب يهود فقال يا رسول الله إنما أرسلت إليك لتستغفر لي ولم أرسل إليك لتوبخني ثم سأله أن يعطيه قميصه يكفن فيه فأجابه وهذا
[ 252 ]
مرسل مع ثقة رجاله ويعضده ما أخرجه الطبراني من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس قال لما مرض عبد الله بن أبي جاءه النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه فقال قد فهمت ما تقول فامتن على فكفني في قميصك وصل على ففعل وكأن عبد الله بن أبي أراد بذلك دفع العار عن ولده وعشيرته بعد موته فأظهر الرغبة في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه ووقعت اجابته إلى سؤاله بحسب ما ظهر من حاله إلى أن كشف الله الغطاء عن ذلك كما سيأتي وهذا من أحسن الاجوبة فيما يتعلق بهذه القصة قوله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث بن عباس عن عمر ثاني حديث الباب فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي حديث الترمذي من هذا الوجه فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة عليه وثبت إليه فقلت يا رسول الله أتصلي على بن أبي وقد قال يوم كذا كذا وكذا أعدد عليه قوله يشير بذلك إلى مثل قوله لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وإلى مثل قوله ليخرجن الاعز منها الاذل وسيأتي بيانه في تفسير المنافقين قوله فقال يا رسول الله أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي عليه كذا في هذه الرواية إطلاق النهى عن الصلاة وقد استشكل جدا حتى أقدم بعضهم فقال هذا وهم من بعض رواته وعاكسه غيره فزعم أن عمر اطلع على نهى خاص في ذلك وقال القرطبي لعل ذلك وقع في خاطر عمر فيكون من قبيل الالهام ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله مكان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين قلت الثاني يعني ما قاله القرطبي أقرب من الاول لانه لم يتقدم النهى عن الصلاة على المنافقين بدليل أنه قال في آخر هذا الحديث قال فأنزل الله ولا تصل على أحد منهم والذي يظهر أن في رواية الباب تجوزا بينته الرواية التي في الباب بعده من وجه آخر عن عبد الله بن عمر بلفظ فقال تصلي عليه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم وروى عبد بن حميد والطبري من طريق الشعبي عن بن عمر عن عمر قال أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي فأخذت بثوبه فقلت والله ما أمرك الله بهذا لقد قال أن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ووقع عند بن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس فقال عمر أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه قال أين قال قال استغفر لهم الآية وهذا مثل رواية الباب فكأن عمر قد فهم من الآية المذكورة ما هو الاكثر الاغلب من لسان العرب من أن أو ليست لتخيير بل للتسوية في عدم الوصف المذكور أي أن الاستغفار لهم وعدم الاستغفار سواء وهو كقوله تعالى سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لكن الثانية أصرح ولهذا ورد أنها نزلت بعد هذه القصة كما سأذكره وفهم عمر أيضا من قوله سبعين مرة أنها للمبالغة وأن العدد المعين لا مفهوم له بل المراد نفى المغفرة لهم ولو كثر الاستغفار فيحصل من ذلك النهى عن الاستغفار فأطلقه وفهم أيضا أن المقصود الاعظم من الصلاة على الميت طلب المغفرة للميت والشفاعة له فلذلك استلزم عنده النهى عن الاستغفار ترك الصلاة لذلك جاء عنه في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة ولهذه الامور استنكر إرادة الصلاة على عبد الله بن أبي هذا تقرير ما صدر عن عمر مع ما عرف من شدة صلابته في الدين وكثرة بغضه للكفار والمنافقين وهو القائل في حق حاطب بن أبي بلتعة مع ما كان له من الفضل كشهوده بدرا وغير ذلك لكونه كاتب قريشا قبل الفتح دعني يا رسول الله أضرب عنقه فقد
[ 253 ]
نافق فلذلك أقدم على كلامه للنبي صلى الله عليه وسلم بما قال ولم يلتفت إلى احتمال إجراء الكلام على ظاهره لما غلب عليه من الصلابة المذكورة قا الزين بن المنير وإنما قال ذلك عمر حرصا على النبي صلى الله عليه وسلم ومشورة إلزاما وله عوائد بذلك ولا يبعد أن يكون النبي كان أذن له في مثل ذلك فلا يستلزم ما وقع من عمر أنه اجتهد مع وجود النص كما تمسك به قوم في جواز ذلك وإنما أشار بالذي ظهر له فقط ولهذا احتمل منه النبي صلى الله عليه وسلم أخذه بثوبه ومخاطبته له في مثل ذلك المقام حتى ألتفت إليه متبسما كما في حديث بن عباس بذلك في هذا الباب قوله إنما خيرني الله فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة وسأزيده على السبعين في حديث بن عباس عن عمر من الزيادة فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أخر عني يا عمر فلما أكثرت عليه قال أني خيرت فاخترت أي خيرت بين الاستغفار وعدمه وقد بين ذلك حديث بن عمر حيث ذكر الآية المذكورة وقوله (4394) في حديث بن عباس عن عمر لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها وحديث بن عمر جازم بقصة الزيادة وآكد منه ما روى عبد بن حميد من طريق قتادة قال لما نزلت استغفر لهم أو لا تستغفر لهم قال النبي صلى الله عليه وسلم قد خيرني ربي فوالله لازيدن على السبعين وأخرجه الطبرمن طريق مجاهد مثله والطبري أيضا وابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه مثل وهذه طرق وأن كانت مراسيل فإن بعضها يعضد بعضا وقد خفيت هذه اللفظة على من خرج أحاديث المختصر والبيضاوي واقتصروا على ما وقع في حديثي الباب وذل ذلك على أنه صلى الله عليه وسلم أطال في حال الصلاة عليه من الاستغفار له وقد ورد من يدل على ذلك فذكر الواقدي أن مجمع بن جارية قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أطال على جنازة قط ما أطال على جنازة عبد الله بن أبي من الوقوف وروى الطبري من طريق مغيرة عن الشعبي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله أن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم فأنا استغفر لهم سبعين وسبعين وسبعين وقد تمسك بهذه القصة من جعل مفهوم العدد حجة وكذا مفهوم الصفة من باب الاولى ووجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم فهم أن ما زاد على السبعين بخلاف السبعين فقال سازيد على السبعين وأجاب من أنكر القول بالمفهوم بما قع في بقية القصة وليس ذلك بدافع للحجة لانه لو لم يقم الدليل على أن المقصود بالسبعين المبالغة لكان الاستدلال بالمفهوم باقيا قوله قال إنه منافق فصلى عليه إما جزم عمر بأنه منافق فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وصلى عليه إجراء له على ظاهر حكم الاسلام كما تقدم تقريره واستصحابا لظاهر الحكم ولما فيه من إكرام ولده الذي تحققت صلاحيته ومصلحة الاستئلاف لقومه ودفع المفسدة وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الامر يصبر على أذى المشركين ويعفو ويصفح ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر الاسلام ولو كان باطنه على خلاف ذلك لمصلحة الاستئلاف وعدم التنفير عنه ولذلك قال لا يتحدث الناس أن محمد يقتل أصحابه فلما حصل الفتح ودخل المشركون في الاسلام وقل أهل الكفر وذلوا أمر بمجاهرة المنافقين وحملهم على حكم مر الحق ولا سيما وقد كان ذلك قبل نزول النهي الصريح عن الصلاة على المنافقين وغير ذلك مما أمر فيه بمجاهرتهم وبهذا التقرير يندفع الاشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى قال الخطابي إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم
[ 254 ]
مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين ولتطييب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعارا على قومه فاستعمل أحسن الامرين في السياسة إلى أن نهى فانتهى وتبعه بن بطال وعبر بقوله ورجا أن يكون معتقدا لبعض ما كان يظهره من الاسلام وتعقبه بن المنير بأن الايمان لا يتبعض وهو كما قال لكن مراد بن بطال أن إيمانه كان ضعيفا قلت وقد مال بعض أهل الحديث إلى تصحيح إسلام عبد الله بن أبي لكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه وذهل عن الوارد من الآيات والاحاديث المصرحة في حقه بما ينافي ذلك ولم يقف على جواب شاف في ذلك فأقدم على الدعوى المذكورة وهو محجوج بإجماع من قبله على نقيض ما قال وإطباقهم على ترك ذكره في كتب الصحابة مع شهرته وذكر من هو دونه في الشرف والشهرة بأضعاف مضاعفة وقد أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في هذه القصة قال فأنزل الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره قال فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال وما يغنى عنه قميصي من الله وإني لارجو أن يسلم بذلك ألف من قومه قوله فانزل الله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره زاد عن مسدد في حديثه عن يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر في آخره فترك الصلاة عليهم أخرجه بن أبي حاتم عن أبيه عن مسدد وحماد بن زاذان عن يحيى وقد أخرجه البخاري في الجنائز عن مسدد بدون هذه الزيادة وفي حديث بن عباس فصلى عليه ثم انصرف فلم يمكث إلا يسيرا حتى نزلت زاد بن إسحاق في المغازي قال حدثني الزهري بسنده في ثاني حديثي الباب قال فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعده حتى قبضه الله ومن هذا الوجه أخرجه بن أبي حاتم وأخرجه الطبري من وجه آخر عن بن إسحاق فزاد فيه ولا قام على قبره وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لما نزلت استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم قال النبي صلى الله عليه وسلم لازيدن على السبعين فأنزل الله تعالى سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم ورجاله ثقات مع إرساله ويحتمل أن تكون الآيتان معا نزلتا في ذلك الحديث الثاني قوله حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل وقال غيره حدثني الليث حدثني عقيل كذا وقع هنا والغير المذكور هو أبو صالح كاتب الليث واسمه عبد الله بن صالح أخرجه الطبري من المثنى بن معاذ عنه عن الليث قال حدثني عقيل قوله لما مات عبد الله بن أبي بن سلول بفتح المهملة وضم اللام وسكون الواو بعدها لام هو اسم امرأة وهي والدة عبد الله المذكور وهي خزاعية وأما هو فمن الخزرج أحد قبيلتي الانصار وابن سلول يقرأ بالرفع لآنه صفة عبد الله لا صفة أبيه قوله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال آخر عنى أي كلامك واستشكل الداودي تبسمه صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة مع ما ثبت أن ضحكه صلى الله عليه وسلم كان تبسما ولم يكن عند شهود الجنائز يستعمل ذلك وجوابه أنه عبر عن طلافة وجهه بذلك تأنيسا لعمر وتطييبا لقلبه كالمعتذر عن ترك قبول كلامه ومشورته قوله ان زدت على السبعين يغفر له كذا للاكثر يغفر بسكون الراء جوابا للشرط وفي رواية الكشميهني فغفر له بقاء وبلفظ الفعل الماضي وضم أوله والراء مفتوحة والاول أوجه قوله فعجبت بعد
[ 255 ]
بضم الدال من جرأتي بضم الجيم وسكون الراء بعدها همزة أي إقدامى عليه وقد بينا توجيه ذلك قوله والله ورسوله أعلم ظاهره أنه قول عمر ويحتمل أن يكون قول بن عباس وقد روى الطبري من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس في نحو هذه القصة قال بن عباس الله أعلم أي صلاة كانت وما خادع محمد أحدا قط وقال بعض الشراح يحتمل أن يكون عمر ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم حين تقدم للصلاة على عبد الله بن أبي كان ناسيا لما صدر من عبد الله بن أبي وتعقب بما في السايق من تكرير المراجحة فهي دافعة لاحتمال النسيان وقد صرح في حديث الباب بقوله فلما أكثرت عليه قال فذل على أنه كان ذاكرا (0) قوله باب ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ظاهر الآية أنها نزلت في جميع المنافقين لكن ورد ما يدل على أنها نزلت في عدد معين منهم قال الواقدي أنبأنا معمر عن الزهري قال قال حذيفة قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إني مسر إليك سرا فلا تذكره لاحد أني نهيت أن أصل على فلان وفلان رهط ذوي عدد من المنافقين قال فلذلك كان عمر إذا أراد أن يصلي على أحد استتبع حذيفة فإن مشى معه وإلا لم يصل عليه ومن طريق أخرى عن جبير بن مطعم أنهم أثنا عشر رجلا وقد تقدم حديث حذيفة قريبا أنه لم يبق منهم غير رجل واحد ولعل الحكمة في اختصاص المذكورين بذلك أن الله علم أنهم يموتون على الكفر بخلاف وقوله (4395) فيه إنما خيرني الله أو أخبرني الله كذا وقع بالشك والاول بمعجمة مفتوحة وتحتانية ثقيلة من التخيير والثاني بموحدة من الاخبار وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق إسماعيل بن أبي أويس عن أبي ضمرة الذي أخرجه البخاري من طريقه بلفظ إنما خبرني الله بغير شك وكذا في أكثر الروايات بلفظ التخيير أي بين الاستغفار وعدمه كما تقدم واستشكل فهم التخيير من الآية حتى أقدم جماعة من الاكابر على الطعن في صحة هذا الحديث مع كثرة طرقه وانفاق الشيخين وسائر الذين خرجوا الصحيح على تصحيحه وذلك ينادي على منكري صحته بعدم معرفة الحديث وقلة الاطلاع على طرقه قال بن المنير مفهوم الآية زلت فيه الاقدام حتى أنكر القاضي أبو بكر صحة الحديث وقال لا يجوز أن يقبل هذا ولا يصح أن الرسول قاله انتهى ولفظ القاضي أبي بكر البافلاني في التقريب هذا الحديث من أخبار الآحاد التي لا يعلم ثبوتها وقال إمام الحرمين في مختصره هذا الحديث غير مخرج في الصحيح وقال في البرهان لا يصححه أهل الحديث وقال الغزالي في المستصفى الاظهر أن هذا الخبر غير صحيح وقال الداودي الشارح هذا الحديث غير محفوظ والسبب في إنكارهم صحته ما تقرر عندهم مما قدمناه وهو الذي فهمه عمر رضي الله عنه من حمل أو على التسوية لما يقتضيه سياق القصة وحمل السبعين على المبالغة قال بن المنير ليس عند أهل البيان تردد أن التخصيص بالعدد في هذا السياق غير مراد انتهى وأيضا فشرط القول بمفهوم الصفة وكذا العدد عندهم مماثلة المنطوق للمسكوت وعدم فائدة أخرى وهنا للمبالغة فائدة واضحة فأشكل قوله سأزيده على السبعين مع أن حكم ما زاد عليها حكمها وقد أجاب بعض المتأخرين عن ذلك بأنه إنما قال سأزيد على السبعين استمالة لقلوب عشيرته لا أنه أراد أن زاد على السبعين يغفر له ويؤيده تردده في ثاني حديثي الباب حيث قال لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت
[ 256 ]
لكن قدمنا أن الرواية ثبتت بقوله سأزيد ووعده صادق ولا سيما وقد ثبت قوله لازيدن بصيغة المبالغة في التأكيد وأجاب بعضهم باحتمال أن يكون فعل ذلك استصحابا للحال لان جواز المغفرة بالزيادة كان ثابتا قبل مجئ الآية فجاز أن يكون باقيا على أصله في الجواز وهذا جواب حسن وحاصله أن العمل بالبقاء على حكم الاصل مع فهم المبالغة لا يتنافيان فكأنه جوز أن المغفرة تحصل بالزيادة على السبعين لا أنه جازم بذلك ولا يخفى ما فيه وقيل إن الاستغفار يتنزل منزلة الدعاء والعبد إذا سأل ربحاجة فسؤاله إياه يتنزل منزلة الذكر لكنه من حيث طلب تعجيل حصول المطلوب ليس عبادة فإذا كان كذلك والمغفرة في نفسها ممكنة وتعلق العلم بعدم نفعها لا بغير ذلك فيكون طلبها لا لغرض حصولها بل لتعظيم المدعو فإذا تعذرت المغفرة عوض الداعي عنها ما يليق به من الثواب أو دفع السوء كما ثبت في الخبر وقد يحصل بذلك عن المدعو لهم تخفيف كما في قصة أبي طالب هذا معنى ما قاله بن المنير وفيه نظر لانه يستلزم مشروعية طلب المغفرة لمن تستحيل المغفرة له شرعا وقد ورد إنكار ذلك في قوله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ووقع في أصل هذه القصة إشكال آخر وذلك أنه صلى الله عليه وسلم أطلق أنه خير بين الاستغفار لهم وعدمه بقوله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم وأخذ بمفهوم العدد من السبعين فقال سازيد عليها مع أنه قد سبق قيل ذلك بمدة طويلة نزول قوله تعالى ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى فإن هذا لاية كما سيأتي في تفسير هذه هذه السورة قريبا نزلت في قصة أبي طالب حين قال صلى الله عليه وسلم لاستغفرن لك ما لم أنه عنك فنزلت وكانت وفاة أبي طالب بمكة قبل الهجرة اتفاقا وقصة عبد الله بن أبي هذه في السنة التاسعة من الهجرة كمتقدم فكيف يجوز مع ذلك الاستغفار للمنافقين مع الجزم بكفرهم في نفس الآية وقد وقفت على جواب لبعضهم عن هذا حاصله أن المنهي عنه استغفار ترجى اجابته حتى يكون مقصودة تحصيل المغفرة لهم كما في قصة أبي طالب بخلاف الاستغفار لمثل عبد الله بن أبي فإنه استغفار لقصد تطييب قلوب من بقي منهم وهذا الجواب ليس بمرضي عندي ونحوه قول الزمخشري فأنه قال فإن قلت كيف خفي على أفصح الخلق وأخبرهم بأساليب الكلام وتمثيلاته أن المراد بهذا العدد أن الاستغفار ولو كثر لا يجدى ولا سيما وقد تلاه قوله ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله الآية فبين الصارف عن المغفرة لهم قلت لم يخف عليه ذلك ولكنه فعل ما فعل وقال ما قال إظهارا لغاية رحمته ورأفته على من بعث إليه وهو كقول إبراهيم عليه السلام ومن عصاني فإنك غفور رحيم وفي إظهار النبي صلى الله عليه وسلم الرأفة المذكورة لطف بأمته وباعث على رحمة بعضهم بعضا انتهى وقد تعقبه بن المنير وغيره وقالوا لا يجوز نسبة ما قاله إلى الرسول لان الله أخبر أنه لا يغفر للكفار وإذا كان لا يغفر لهم فطلب المغفرة لهم مستحيل وطلب المستحيل لا يقع من النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم من قال أن النهى عن الاستغفار لمن مات مشركا لا يستلزم النهى عن الاستغفار لمن مات مظهرا للاسلام لاحتمال أن يكون معتقدة صحيحا وهذا جواب جيد وقد قدمت البحث في هذه الآية في كتاب الجنائز والترجيح أن نزولها كان متراخيا عن قصة أبي طالب جدا وأن الذي نزل في قصته انك لا تهدى من أحببت وحررت دليل ذلك هناك إلا أن في بقية هذه الآية من التصريح بأنهم كفروا بالله ورسوله ما يدل على أن نزول ذلك وقع
[ 257 ]
متراخيا عن القصة ولعل الذي نزل أولا وتمسك النبي صلى الله عليه وسلم به قوله تعالى استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم إلى هنا خاصة ولذلك اقتصر في جواب عمر على التخيير وعلى ذكر السبعين فلما وقعت القصة المذكورة كشف الله عنهم الغطاء وفضحهم على رءوس الملا ونادى عليهم بأنهم كفورا بالله ورسوله ولعل هذا هو السر في اقتصار البخاري في الترجمة من هذه الآية على هذا القدر إلى قوله فلن يغفر الله لهم ولم يقع في شئ من نسخ كتابه تكميل الآية كما جرت به العادة من اختلاف الرواة عنه في ذلك وإذا تأمل المتأمل المنصف وجد الحامل على من رد الحديث أو تعسف في التأويل ظنه بأن قوله ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله نزل مع قوله استغفر لهم أي نزلت الآية كاملة لانه لو فرض نزولها كاملة لاقترن بالنهي العلة وهي صريحة في أن قليل الاستغفار وكثيرة لا يجدى وإلا فإذا فرض ما حررته أن هذا القدر نزل متراخيا عن صدر الآية ارتفع الاشكال وإذا كان الامر كذلك فحجة المتمسك من القصة بمفهوم العدد صحيح وكون ذلك وقع من النبي صلى الله عليه وسلم متمسكا بالظاهر على ما هو المشروع في الاحكام إلى أن يقوم الدليل الصارف عن ذلك إشكال فيه فلله الحمد على ما ألهم وعلم وقد وقفت لابي نعيم الحافظ صاحب حلية الاولياء على جزء جمع فيه طرق هذا الحديث وتكلم على معانيه فلخصته فمن ذلك أنه قال وقع في رواية أبي أسامة وغيره عن عبيدالله العمري في قول عمر أتصلي عليه وقد نهاك الله عن الصلاة على المنافقين وليبين محل النهى فوقع بيانه في رواية أبي ضمرة عن العمري وهو أن مرداه بالصلاة عليهم الاستغفار لهم ولفظه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم قال وفي قول بن عمر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلينا معه أن عمر ترك رأى نفسه وتابع النبي صلى الله عليه وسلم ونبه على أن بن عمر حمل هذه القصة عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة بخلاف بن عباس فإنه إنما حملها عن عمر إذ لم يشهدها قال وفيه جواز الشهادة على المرء بما كان عليه حيا وميتا لقول عمر أن عبد الله منافق ولم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم قوله ويؤخذ أن المنهي عنه من سب الاموات ما قصد به الشتم لا التعريف وأن المنافق تجري عليه أحكام الاسلام الظاهرة وأن الاعلام بوفاة الميت مجردا لا يدخل في النعي المنهي عنه وفيه جواز سؤال الموسر من المال من ترجى بركته شئ من ماله لضرورة دينية وفيه رعاية الحمى المطيع بالاحسان إلى الميت العاصي وفيه التكفين بالمخيط وجواز تأخير البيان عن وقت النزول إلى وقت الحاجة والعمل بالظاهر إذا كان النص محتملا وفيه جواز تنبيه المفضول للفاضل على ما يظن أنه سها عنه وتنبيه الفاضل المفضول على ما يشكل عليه وجواز استفسار السائل المسئول وعكسه عما يحتمل ما دار بينهما وفيه جواز التبسم في حضور الجنازة عند وجود ما يقتضيه وقد استحب أهل العلم عدم التبسم من أجل تمام الخشوع فيستثني منه ما تدعو إليه الحاجة وبالله التوفيق (0) قوله باب قوله سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم الآية سقط لكم من رواية الاصيلي والصواب إثباتها ثذكر فيه طرفا من حديث كعب بن مالك الطويل في قصة توبته يتعلق بالترجمة وقوله فيه ما أنعم الله على من نعمة كذا للاكثر والمستملي وحده على عبد نعمة والاول هو الصواب وقد سبق شرح الحديث بطوله في كتاب المغازي (0) قوله باب قوله يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم
[ 258 ]
إلى قوله الفاسقين كذا ثبت لابي ذر وحده الترجمة بغير حديث وسقطت لللباقين وقد أخرج بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد أنها نزلت في المنافقين (0) قوله باب قوله وآخرون اعترفوا بذنوبها الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى رحيم وذكر فيه طرفا من حديث سمرة بن جندب في المنام الطويل وسيأتي بتمامه مع شرحه في التعبير (4397) قوله حدثنا مؤمل زاد في رواية الاصيلي وغيره هو بن هشام وإسماعيل بن إبراهيم هو المعروف بابن علية وقوله فيه كانوا شطر منهم حسن قيل الصواب حسنا لانه خبر كان وخرجوه على أن كان تامة وشطر وحسن مبتدأ وخبره (0) قوله باب قوله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ذكر فيه حديث سعيد بن المسيب عن أبيه في قصة وفاة أبي طالب وقد سبق شرحه في كتاب الجنائز ويأتي الالمام بشئ منه في تفسير القصص إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والانصار الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى رحيم ذكر فيه طرفا من حديث كعب الطويل في قصة توبته وقد سبق شرحه مستوفى في كتاب المغازي والقدر الذي اقتصر عليه هنا أيضا في الوصايا (4399) وقوله هنا حدثنا أحمد بن صالح حدثني بن وهب أخبرني يونس قال أحمد وحدثنا عنبسة حدثنا يونس مراده أن أحمد بن صالح روى هذا الحديث عن شيخين عن يونس لكن فرقهما لاختلاف الصيغة ثم إن ظاهره أن السند عنهما متحد وليس كذلك لان في رواية بن وهب أن شيخ بن شهاب هنا هو عبد الرحمن بن كعب كما في رواية عنبسة وليس كذلك بل هو في رواية بن وهب عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب كذلك أخرجه النسائي عن سليمان بن داود المهري عن بن وهب ولعل البخاري بناه على أن عبد الرحمن نسب لجده فتتحد الروايتان نبه على ذلك الحافظ أبو على الصدفي فيما قرأته بخطه بهامش نسخته قلت قد أفرد البخاري رواية بن وهب بهذا الاسناد في النذر فوقع في رواية أبي ذر عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب وإنما أخرج النسائي بعض الحديث وقد وجدت بعض الحديث أيضا في سنن أبي داود عن سليمان بن داود شيخ البخاري فيه كما في النسائي وعن أبي الطاهر بن السرح عن بن وهب كذلك (0) قوله وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى الرحيم (4400) قوله حدثني محمد حدثنا أحمد بن أبي شعيب كذا للاكثر وسقط
[ 259 ]
محمد من رواية بن السكن فسار للبخاري عن أحمد بن أبي شعيب بلا واسطة وعلى قول الاكثر فاختلف في محمد فقال الحاكم هو محمد بن النضر النيسابوري يعني الذي تقدم ذكره في تفسير الانفال وقامرة هو محمد بن إبراهيم البوشنجي لان هذا الحديث وقع له من طريقه وقال أبو على الغساني هو الذهلي وأيد ذلك أن الحديث في علل حديث الزهري للذهلى عن أحمد بن أبي شعيب والبخاري يستمد منه كثيرا وهو يهمل نسبه غالبا وأما أحمد بن أبي شعيب فهو الحراني نسبة المؤلف إلى جده واسم أبيه عبد الله بن مسلم وأبو شعيب كنية مسلم لا كنية عبد الله وكنية أحمد أبو الحسن وهو ثقة باتفاق وليس له في البخاري سوى هذا الموضع ثم ذكر المصنف قطعا من قصة توبة كعب بن مالك وقد تقدم شرحه مستوفى في المغازي وقوله فلا يكلمني أحد منهم ولا يصلي على في رواية الكشميهني ولا يسلم وحكى عياض أنه وقع لبعض الرواة فلا يكلمني أحد منهم ولا يسلمني واستبعده لان المعروف أن السلام إنما يتعدى بحر جر وقد يوجه بأن يكون أتباعا أو يرجع إلى قول من فسر السلام بأن معناه أنت مسلم مني وقوله وكانت أم سلمة معنية في آمري كذا للاكثر بفتح الميم وسكون المهملة وكسر النون بعدها تحتانية ثقيلة من الاعتناء وفي رواية الكشميهني معينة بضم الميم وكسر العين وسكون التحتانية بعدها نون من العون والاول أنسب وقوله يحطمكم في رواية أبي ذر عن الكشميهني والمستملي يخطفكم (0) قوله باب يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ذكر فيه طرفا مختصرا من قصة توبة كعب أيضا (0) قوله باب قوله لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى رءوف رحيم قوله من الرأفة ثبت هذا لغير أبي ذر وهو كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى ان الله بالناس لرؤوف رحيم هو فعول من الرأفة وهي أشد الرحمة (4402) قوله أخبرني بن السباق بمهملة وتشديد الموحدة اسمه عبيد وسيأتي شرح الحديث مستوفى
[ 260 ]
في فضائل القرآن وتقدم في أوائل الجهاد التنبيه على اختلاف عبيد بن السباق وخارجه بن زيد في تعيين الآية قوله تابعه عثمان بن عمر والليث بن سعد عن يونس عن بن شهاب أما متابعة عثمان بن عمر فوصلها أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه وأما متابعة الليث عن يونس فوصلها المؤلف في فضائل القرآن وفي التوحيد قوله وقال الليث حدثني عبد الرحمن بن خالد عن بن شهاب وقال مع أبي خزيمة يريد أن لليث فيه شيخا آخر عن بن شهاب وأنه رواه عنه بإسناده المذكور لكن خالف في قوله مع خزيمة الانصاري فقال مع أبي خزيمة ورواية الليث هذه وصلها أبو القاسم البغوي في معجم الصحابة من طريق أبي صالح كاتب الليث عنه به قوله وقال موسى عن إبراهيم حدثنا بن شهاب وقال مع أبي خزيمة وتابعه يعقوب بن إبراهيم عن أبيه أما موسى فهو بن إسماعيل وأما إبراهيم فهو بن سعد ويعقوب هو ولده ومتابعة موسى وصلها المؤلف في فضائل القرآن وقال في آية التوبة مع أبي خزيمة وفي آية الاحزاب مع خزيمة بن ثابت الانصاري ومما ننبه عليه أن آية التوبة وجدها زيد بن ثابت لما جمع القرآن في عهد أبي بكر وآية الاحزاب وجدها لما نسخ المصاحف في عهد عثمان وسيأتي بيان ذلك واضحا في فضائل القرآن وأما رواية يعقوب بن إبراهيم فوصلها أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف من طريقه وكذا أخرجها أبو يعلى من هذا الوجه لكن باختصار ورواها الذهلي في الزهريات عنه لكن قال مع خزيمة وكذا أخرجه الجوز في من طريقه قوله وقال أبو ثابت حدثنا إبراهيم وقال مع خزيمة أو أبي خزيمة فأما أبو ثابت فهو محمد بن عبيد الله المدني وأما إبراهيم فهو بن سعد ومراده أن أصحاب إبراهيم بن سعد اختلفوا فقال بعضهم مع أبي خزيمة وقال بعضهم مع خزيمة وشك بعضهم والتحقيق ما قدمناه عن موسى بن إسماعيل أن آية التوبة مع أبي خزيمة وآية الاحزاب مع خزيمة وستكون لنا عودة إلى تحقيق هذا في تفسير سورة الاحزاب إن شاء الله تعالى ورواية أبي ثابت المذكورة وصلها المؤلف في الاحكام بالشك كما قال (0) قوله بسم الله الرحمن الرحيم سورة يونس أخر أو ذر البسملة قوله وقال بن عباس فاختلط فنبت بالماء من كل لون وصله بن جرير من طريق آخر عن بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الارض قال اختلط فنبت بالماء كل لون مما يأكل الناس كالحنطة والشعير وسائر حبوب الارض قوله وقالوا اتخد الله ولدا سبحانه هو الغني كذا ثبت هذا لغير أبي ذر ترجمة خاليه من الحديث ولم أر في هذه الآية حديثا مسندا ولعله أراد أن يخرج فيها طريقا للحديث الذي في التوحيد بما يتعلق بذم من زعم ذلك فبيض له قوله وقال زيد بن أسلم أن لهم قدم صدق عند ربهم محمد صلى الله عليه وسلم وقال مجاهد خير أما قول زيد بن أسلم فوصله بن جرير من طريق بن عيينة عنه بهذا الحديث وهو في تفسير بن عيينة أخبرت عن زيد بن أسلم وأخرج الطبري من طريق الحسن وقتادة قال محمد صلى الله عليه وسلم شفيع لهم وهذا وصله بن مردويه من حديث على ومن حديث أبي سعيد بإسنادين ضعيفين وأما قول مجاهد فوصله
[ 261 ]
الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق قال خير وروى بن جرير من وجه آخر عن مجاهد في قوله قدم صدق قال صلاتهم وصومهم وصدقتهم وتسبيحهم ولا تنافى بين القولين ومن طريق الربيع بن أنس قدم صدق أي ثواب صدق ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى أن لهم قدم صدق قال سبقت لهم السعادة في الذكر الاول ورجح بن جرير قول مجاهد ومن تبعه لقول العرب لفلان قدم صدق في كذا أي قدم فيه خير أو قدم سوء في كذا أي قدم فيه شر وجزم أبو عبيدة بأن المراد بالقدم السابقة وروى الحاكم من طريق أنس عن أبي بن كعب في قوله قدم صدق قال سلف صدق وإسناده حسن تنبيه ذكر عياض أنه وقع في رواية أبي ذر وقال مجاهد بن جبير قال وهو خطأ قلت لم أره في النسخة التي وقعت لنا من رواية أبي ذر إلا على الصواب كما قدمته نعم ذكر بن التين أنها وقعت كذلك في رواية الشيخ أبي الحسن يعني القابسي ومجاهد هو بن جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة لكن المراد هنا أنه فسر القدم بالخير ولو كان وقع بزيادة بن مع التصحيف لكان عاريا عن ذكر القول المنسوب لمجاهد في تفسير القدم قوله يقال تلك آيات يعني هذه أعلام القرآن ومثله حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم المعنى بكم هذا وقع لغير أبي ذر وسيأتي للجميع في التوحيد وقائل ذلك هو أبو عبيدة بن المثنى وفي تفسير السدي آيات الكتاب الاعلام والجامع بينهما أن في كل منهما صرف الخطاب عن الغيبة إلى الحضور وعكسه قوله دعواهم دعاؤهم هو قول أبي عبيدة قاله في معنى قوله دعواهم فيها سبحانك اللهم وروى الطبري من طريق الثوري قال في قوله دعواهم فيها قال إذا أرادوا الشئ قالوا اللهم فيأتيهم ما دعوا به ومن طريق بن جريج قال أخبرت فذكر نحوه وسياقه أتم وكل هذا يؤيد أن معنى دعواهم دعاؤهم لان اللهم معناها يا الله أو معنى الدعوى العبادة أي كلامهم في الجنة هذا اللفظ بعينه قوله أحيط بهم دنوا من الهلكة أحاطت به خطيئته قال أبو عبيدة في قوله وظنوا أنهم أحيط بهم أي دنوا للهلكة يقال قد أحيط به أي أنه لهالك انتهى وكأنه من إحاطة العدو بالقوم فإن ذلك يكون سببا للهلاك غالبا فجعل كناية عنه ولهذا أردفه المصنف بقوله أحاطت به خطيئته إشارة إلى ذلك قوله وقال مجاهد ولو يعجل الله للناس الشر استعجالهم بالخير قول الانسان لولده وما له إذا غضب اللهم لا تبارك فيه والعنه وقوله لقضى إليهم أجلهم أي لاهلك من دعي عليه ولامانة هكذا وصله الفريابي وعبد بن حميد وغيرهما من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في تفسير هذه الآية وروا الطبري بلفظ مختصر قال فلو يعجل الله لهم الاستجابة في ذلك كما يستجاب في الخير لاهلكهم ومن طريق قتادة قال هو دعاء الانسان على نفسه وما له بما يكره أن يستجاب له انتهى وقد ورد في النهى عن ذلك حديث مرفوع أخرجه مسلم في أثناء حديث طويل وأفرده أبو داود من طريق عبادة بن الوليد عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تدعوا على أنفسكم ولا تدعوا على أولادكم ولا تدعوا على أموالكم لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء فيستجيب لكم قوله للذين أحسنوا الحسني مثلها حسنى وزيادة مغفرة ورضوان هو قول مجاهد وصله الفريابي وعبد وغيرهما من طريق بن أبي نجيح عنه قوله وقال غيره النظر إلى وجهه ثبت هذا لابي ذر وأبي الوقت خاصة والمراد بالغير هنا فيما أظن قتادة فقد أخرج الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عنه قال الحسني
[ 262 ]
هو الجنة والزيادة النظر إلى وجه الرحمن وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة الحسني الجنة والزيادة فيما بلغنا النظر إلى وجه الله ولسعيد بن منصور من طريق عبد الرحمن بن سابط مثله موقوفا أيضا ولعبد بن حميد عن الحسن مثله وله عن عكرمة قال للذين أحسنوا قالوا لا إله إلا الله الحسني الجنة وزيادة النظر إلى وجه الله الكريم وقد ورد ذلك في حديث مرفوع أخرجه مسلم والترمذي وغيرهما من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا إن لكم عند الله وعدا فيقولون ألم يبيض وجوهنا ويزحزحنا عن النار ويدخلنا الجنة قال فيكشف الحجاب فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم شيئا هو أحب إليهم منه ثم قرأ للذين أحسنوا الحسني وزيادة قال الترمذي إنما اسنده حماد بن سلمة ورواه سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قلت وكذا قال معمر أخرجه عبد الرزاق عنه وحماد بن زيد عن ثابت أخرجه الطبري وأخرجه أيضا من طريق أبي موسى الاشعري نحوه موقوفا عليه ومن طريق كعب بن عجرة مرفوعا قال الزيادة النظر إلى وجه الرب ولكن في إسناده ضعف ومن حديث حذيفة موقوفا مثله ومن طريق أبي إسحاق عن عامر بن سعد عن أبي بكر الصديق مثله وصله قيس بن الربيع وإسرائيل عنه ووقفه سفيان وشعبة وشريك على عامر بن سعد وجاء في تفسير الزيادة أقوال أخر منها قول علقمة والحسن إن الزيادة التضعيف ومنها قول على أن الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب أخرج جميع ذلك الطبري وأخرج عبد بن حميد رواية حذيفة ورواية أبي بكر من طريق إسرائيل أيضا وأشار الطبري إلى أنه لا تعارض بين هذه الاقوال لان الزيادة تحتمل كلا منها والله أعلم قوله الكبرياء الملك هو قول مجاهد وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عنه وقال الفراء قوله وتكون لكما الكبرياء في الارض لان النبي إذا صدق صارت مقاليد أمته وملكهم إليه قوله فاتبعهم وأتبعهم واحد يعني بهمزة القطع والتشديد وبالثاني قرأ الحسن وقال أبو عبيدة فأتبعهم مثل تبعهم بمعنى واحد وهو كردفته وأردفته بمعنى وعن الاصمعي المهموز بمعنى أدرك وغير المهموز بمعنى مضى وراءه أدركه أو لم يدركه وقيل اتبعه بالتشديد في الامر اقتدى به واتبعه بالهمز تلاه قوله عدوا من العدوان هو قول أبي عبيدة أيضا وهو وما قبله نعتان منصوبان على أنهما مصدران أو على الحال أي باغين متعدين ويجوز أن يكونا مفعولين أي لاجل البغي والعدوان وقرأ الحسن بتشديد الواو وضم أوله (0) قوله باب وجاوزنا ببني إسرائيل البحر سقط للاكثر باب وساقوا الآية إلى من المسلمين قوله ننجيك نلقيك على نجوة من الارض وهو النشز المكان المرتفع قال أبو عبيدة في قوله تعالى فاليوم ننجيك ببدنك أي نلقيك على نجوة أي ارتفاع اه والعجوة هي الربوة المرتفعة وجمعها نجا بكسر النون والقصر وليس قوله ننجيك من النجاة بمعنى السلامة وقد قيل هو بمعناها والمراد مما وقع فيه قومك من قعر البحر وقيل هو وقد قرأ بن مسعود وابن السميفع وغيرهما ننجيك بالتشديد والحاء المهملة أي نلقيك بناحية وورد سبب ذلك فيما أخرجه عبد الرزاق عن بن التيمي عن أبيه عن أبي السليل عن قيس بن عباد أو غيره قال قال بنو إسرائيل لم يمت فرعون فأخرجه الله إليهم ينظرون إليه كالثور الاحمر
[ 263 ]
وهذا موقوف رجاله ثقات وعن معمر عن قتادة قال لما أغرق الله فرعون لم يصدق طائفة من الناس بذلك فأخرجه الله ليكون لهم عظة وآية وروى بن أبي حاتم من طريق الضحاك عن بن عباس قال فلما خرج موسى وأصحابه قال من تخلف من قوم فرعون ما غرق فرعون وقومه ولكنهم في جزائر البحر يتصيدون فأوحى الله إلى البحر أن لفظ فرعون عريانا فلفظه عريانا أصلع أخنس قصيرا فهو قوله فاليوم ننجيك ببدنك ومن طريق بن أبي نجيح عن مجاهد ببدنك قال بجسدك ومن طريق أبي صخر المدني قال البدن الدرع الذي كان عليه ثم ذكر المصنف حديث بن عباس في صيام عاشوراء وقد تقدم شرحه في الصيام ومناسبته للترجمة قوله في بعض طرقه ذاك يوم نجى الله فيه موسى وأغرق فرعون (0) قوله سورة هود بسم الله الرحمن الرحيم ثبتت البسملة لابي ذر قوله قال بن عباس عصيب شديد وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال في قوله وقال هذا يوم عصيب قال شديد وأخرجه الطبري من طرق عن مجاهد وقتادة وغيرهما مثله وقال ومنه قول الراجز يوم عصيب يعصب الابطالا ويقولون عصب يومنا يعصب عصبا أي اشتد قوله لا جرم بلى وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله لا جرم أن الله قال أي بلى أالله يعلم وقال الطبري معنى جرم أي كسب الذنب ثم كثر استعماله في موضع لا بكقولهم لا جرم انك ذاهب وفي موضع حقا كقولك لا جرم لتقومن قوله وقال غيره وحانزل يحيق ينزل قال أبو عبيدة في قوله تعالى وحاق بهم أي نزل بهم واصابهم قوله يئوس فعول من يئست هو قول أبي عبيدة أيضا قال في قوله تعالى ليئوس كفور هو فعول من يئست قوله وقال مجاهد تبتئس تحزن وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد أيضا قال في قوله فلا تبتئس قال لا تحزن ومن طريق قتادة وغير واحد نحوه قوله يثنون صدورهم شك وامتراء في الحق ليستخفوا منه من الله أن استطاعوا وهو قول مجاهد أيضا قال في قوله ألا أنهم يثنون صدورهم قال شك وامتراء في الحق ليستخفوا من الله إن استطاعوا وصله الطبري من طرق عن بن أبي نجيح عن مجاهد عنه ومن طريق معمر عن قتادة قال أخفى ما يكون الانسان إذا أسر في نفسه شيئا وتغطى بثوبه والله مع ذلك يعلم ما يسرون وما يعلنون ومن طريق عكرمة عن بن عباس في قوله يثنون صدورهم الشك في الله وعمل السيئات يستغثى بثيابه ويستكن من الله والله يراه ويعلم ما يسر وما يعلن والثنى يعبر به عن الشك في الحق والاعراض عنه ومن طريق عبد الله بن شداد أنها نزلت في المنافقين كان أحدهم إذا مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثنى صدره وطأطأ رأسه وتغشى بثوبه لئلا يراه اسنده الطبري من طرق عنه وهو بعيد فإن الآية مكية وسيأتي عن بن عباس ما يخالف القول الاول لكن الجمع بينهما ممكن تنبيه قدمت هذه التفاسير من أول السورة إلى هنا في رواية أبي ذر وهي عند الباقين مؤخرة عما سيأتي إلى قوله اقلعي أمسكى قوله وقال أبو ميسرة الاواه الرحيم بالحبشية تقدم في ترجمة إبراهيم من أحاديث الانبياء وسقط هنا من رواية
[ 264 ]
أبي ذر قوله وقال بن عباس بادى الرأي ما ظهر لنا وقال مجاهد الجودي جبل بالجزيرة وقال الحسن إنك لانت الحليم الرشيد يستهزئون به وقال بن عباس اقلعي أمسكى وفار التنور نبع الماء وقال عكرمة وجه الارض تقدم جميع ذلك في أحاديث الانبياء وسقط هنا لابي ذر (0) قوله باب إلا إنهم يثنون صدورهم سقط باب للاكثر (4404) قوله أخبرني محمد بن عباد بن جعفر هكذا رواه هشام بن يوسف عن بن جريج وتابعه حجاج عند أحمد وقال أبو أسامة عن بن جريج عن بن أبي مليكة عن بن عباس أخرجه الطبري قوله أنه سمع بن عباس يقرأ الا أنهم يثنون يعني بفتح أوله بتحتانية وفي رواية بفوقانية وسكون المثلثة وفتح النون وسكون الواو وكسر النون بعدها ياء على وزن تفعوعل وهو بناء مبالغة كاعشوشب لكن جعل الفعل للصدور وأنشد الفراء لعنترة وقولك للشئ الذي لا تناله إذا ما هو احلولى ألا ليت ذا ليا وحكى أهل القراءات عن بن عباس في هذه الكلمة قراءات أخرى وهي يثنون بفتح أوله وسكون المثلثة وفتح النون وكسر الواو وتشديد النون من الثني بالمثلثة والنون وهو ما هش وضعف من النبات وقراءة ثالثة عنه أيضا بوزن يرعوى وقال أبو حاتم السجستاني في هذه القراءة غلط إذ لا يقال ثنوته فانثوى كرعوته فارعوى قلت وفي الشواذ قراءات أخرى ليس هذا موضع بسطها قوله أناس كانوا يستخفون أن يتخلوا أي أن يقضوا الحاجة في الخلاء وهم عراة وحكى بن التين أنه روى يتحلوا بالمهملة وقال الشيخ أبو الحسن يعني القابسي أنه أحسن أي يرقد على حلاوة قفاه قلت والاول أولى وفي رواية أبي أسامة كانوا لا يأتون النساء ولا الغائط إلا وقد تغشوا بثيابهم كراهة أن يفضوا بفروجهم إلى السماء (4406) قوله في رواية عمرو هو بن دينار قال قرأ بن عباس إلا إنهم يثنون صدورهم ضبط أوله بالياء التحتانية وبنون آخره وصدورهم بالنصب على المفعولية وهي قراءة الجمهور كذا للاكثر ولابي ذر كالذي قبله ولسعيد بن منصور عن بن عيينة يثنوني أوله تحتانية وآخره تحتانية أيضا وزاد وعن حميد الاعرج عن مجاهد أنه كان يقرؤها كذلك قوله وقال غيره أي عن بن عباس يستغشون يغطون رؤوسهم الضمير في غيره على عمرو بن دينار وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس وتفسير التغشي بالتغطية متفق عليه وتخصيص ذلك بالرأس يحتاج إلى توقيف وهذا مقبول من مثل بن عباس يقال منه استغشى بثوبه وتغشاه وقال الشاعر وتارة اتغشى فضل اطماري قوله سئ بهم ساء ظنه بقومه وضاق بهم بأضيافه هو تفسير بن عباس وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه في هذه الآية ولما جاءت رسلنا لوطا ساء ظنا بقومه وضاق ذرعا باضيافه ويلزم منه اختلاف الضميرين وأكثر المفسرين على اتحادهما وصله بن أبي حاتم من طريق الضحاك قال ساءه مكانهم لما رأى بهم من الجمال قوله بقطع من الليل بسواد وصله بن أبي حاتم من طريق عليى بن أبي طلحة عن بن عباس وقال أبو عبيدة معناه ببعض من الليل وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بطائفة من الليل قوله وقال مجاهد إليه أنيب ارجع كذا للاكثر وسقط لابي ذر نسبته إلى مجاهد
[ 265 ]
فأوهم أنه عن بن عباس كما قبله وقد وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا ووقع للاكثر قبيل قوله باب وكان عرشه على الماء (4407) قوله سجيل الشديد الكبير سجيل وسجين واحد بن واللام والنون أختان وقال تميم بن مقبل ورجلة يضربون البيض ضاحية ضربا تواصى به الابطال سجينا هو كلام أبي عبيدة بمعناه قال في قوله تعالى حجارة من سجيل هو الشديد من الحجارة الصلب ومن الضرب أيضا قال بن مقبل فذكره قال وقوله سجيلا أي شديدا وبعضهم يحول اللام نوناوقال في موضع آخر السجيل الشديد الكثير وقد تعقبه بن قتيبة بأنه لو كان معنى السجيل الشديد لما دخلت عليه من وكان يقول حجارة سجيلا لانه لا يقال حجارة من شديد ويمكن أن يكون الموصوف حذف وأنشد غير أبي عبيدة البيت المذكور فأبدل قوله ضاحية بقوله عن عرض وهو بضمتين وضاد معجمة وسيأتي قول بن عباس ومن تبعه إن الكلمة فارسية في تفسير سورة الفيل وقد قال الازهري أن ثبت أنها فارسية فقد تكلمت بها العرب فصارت وقيل هو اسم لسماء الدنيا وقيل بحر معلق بين السماء والارض نزلت منه الحجارة وقيل هي جبال في السماء تنبيه تميم بن مقبل هو بن خبيب بن عوف بن قتيبة بن العجلان بن كعب بن عامر بن صعصعة العامري ثم العجلاني شاعر مخضرم أدرك في الجاهلية والاسلام وكان أعرابيا جافيا وله قصة مع عمر ذكره المرزباني ورجله بفتح الراء ويجوز كسرها على تقدير ذوي رجلة والجيم ساكنة وحكى بن التين في هذه الحاء المهملة والبيض بفتح الموحدة جمع بيضة وهي الخوذة أو بكسرها جمع أبيض وهو السيف فعلى الاول المراد مواضع البيض وهي الرؤوس وعلى الثاني المراد يضربون بالبيص على نزع الخافض والاول أوجه وضاحية أي ظاهرة أو المراد في وقت الضحوة وتواصى أصله تتواصى فحذفت إحدى التاءين وروى تواصت بمثناة بدل التحتانية في آخره وقوله سجينا بكسر المهملة وتشديد الجيم قال الحسن بن المظفر هو فعيل من السجن كأنه يثبت من وقع فيه فلا يبرح مكانه وعن بن الاعرابي أنه رواه بالخاء المعجمة بدل الجيم أي ضربا حارا قوله استعمركم جعلكم عمار أعمرته الدار فهي عمري سقط هذا لغير أبي ذر وقد تقدم شرحه في كتاب الهبة قوله نكرهم وأنكرهم واستنكرهم واحد هو قول أبي عبيدة وأنشد وأنكرتني وما كان الذي نكرت قوله حميد مجيد كأنه فعيل من ماجد محمود من حمد كذا وقع هنا والذي في كلام أبي عبيدة حميد مجيد أي محمود وهذا هو الصواب والحميد فعيل من حمد فهو حامد أي يحمد من يطيعه أو هو حميد بمعنى محمود والمجيد فعيل من مجد بضم الجيم يمجد كشرف يشرف وأصله الرفعة قوله اجرامي مصدر أجرمت وبعضهم يقول جرمت هو كلام أبي عبيد وأنشد طريد عشيرة ورهين ذنب بما جرمت يدي وجنى لساني وجرمت بمعنى كسبت وقتقدم قريبا قوله الفلك والفلك واحد وهي السفينة والسفن كذا وقع لبعضهم بضم الفاء فيهما وسكون اللام في الاولى وفتحها في الثانية ولآخرين بفتحتين في الاولى وبضم ثم سكون في الثانية ورجحه بن التين وقال الاول واحد والثاني جمع مثل أسد وأسد قال عياض ولبعضهم بضم ثم سكون فيهما جميعا وهو الصواب والمراد أن الجمع والواحد بلفظ
[ 266 ]
واحد وقد ورد ذلك في القرآن فقد قال في الواحد في الفلك المشحون وقال في الجمع حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم والذي في كلام أبي عبيدة الفلك واحد وجمع وهي السفينة والسفن وهذا أوضح في المراد قوله مجراها مدفعها وهو مصدر أجريت وأرسيت حبست ويقرأ مجراها من جرت هي ومرسيها من رست ومجريها ومرسيها من فعل به قال أبو عبيدة في قوله تعالى بسم الله مجراها أي مسيرها وهي من جرت بهم ومن قرأها بالضم فهو من أجريتها أنا ومرساها أي وقفها وهو مصدر أي ارسيتها أنا انتهى ووقع في بعض الشروح مجراها موقفها بواو وقاف وفاء وهو تصحيف لم أره في شئ من النسخ ثم وجدت بن التين حكاها عن رواية الشيخ أبي الحسن يعني القابس قال وليس بصحيح لانه فاسد المعنى والصواب ما في الاصل بدال ثم فاء ثم عين تنبيه الذي قرأ بضم الميم في مجراها الجمهور وقرأ الكوفيون حمزة والكسائي وحفص عن عاصم بالفتح وأبو بكر عن عاصم كالجمهور وقرءوا كلهم في المشهور بالضم في مرساها وعن بن مسعود فتحها أيضا رواه سعيد بن منصور بإسناد حسن وفي قراءة يحيى بن وثاب مجريها ومرسيها بضم أولهما وكسر الراء والسين أي الله فاعل ذلك قوله راسيات ثابتات قال أبو عبيدة في قوله تعالى وقدور راسيات أي ثقال ثابتات عظام وكأن المصنف ذكرها استطرادا لما ذكر مرساها قوله عند وعنود وعاند واحد هو تأكيد التجبر هو قول أبي عبيدة بمعناه لكن قال وهو العادل عن الحق وقال بن قتيبة المعارض المخالف قوله ويقول الاشهاد واحدة شاهد مثل صاحب وأصحاب هو كلام أبي عبيدة أيضا واختلف في المراد بهم هنا فقيل الانبياء وقيل الملائكة أخرجه عبد بن حميد عن مجاهد وعن زيد بن أسلم الانبياء والملائكة والمؤمنون وهذا أعم وعن قتادة فيما أخرجه عبد الرزاق الخلائق وهذا أعم من الجميع (0) قوله باب قوله وكان عرشه على الماء ذكر فيه حديث أبي هريرة وفيه قوله وكان عرشه على الماء وبيده الميزان يخفض ويرفع وسيأتي شرحه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى وقوله لا يغيضها بالغين المعجمة والضاد المعجمة الساقطة أي لا ينقصها وسحاء بمهملتين مثقلا ممدود أي دائمة ويروي سحا بالتنوين فكأنها لشدة امتلائها تغيض أبدا والليل والنهار بالنصب على الظرفية والميزان كناية عن العدل (0) قوله باب قوله تعالى ويقول الاشهاد هؤلاء الذين كذبوا الآية ذكر فيه حديث بن عمر في النجوى يوم القيامة وسيأتي شرحه في كتاب الادب وقوله (4408) حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع لمسدد فيه إسناد آخر يأتي في الادب وفي التوحيد وهو أعلى من هذا رواه عنه مسدد عن أبي عوانة عن قتادة وقوله في الاسناد حدثنا سعيد وهشام أما سعيد فهو بن أبي عروبة وأما هشام فهو بن عبد الله الدستوائي وصفوان بن محرز بالحاء المهملة والراء ثم الزاي قوله وقال شيبان عن قتادة حدثنا صفوان وصله بن مردويه من طريق شيبان وسيأتي بيان ذلك في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى قوله اعترك افتعلك من عروبة أي أصبته ومنه يعروه واعتراني هو كلام أبي عبيدة وقد تقدم شرحه في فرض الخمس وثبت هنا للكشميهني وحده ووقع في بعض النسخ اعتراك افتعلت بمثناة في آخره وهو كذلك عند أبي عبيدة واعترى افتعل من عراه يعروه إذا أصابه وقوله أن نقول إلا اعتراك ما بعد إلا مفعول بالقول قبله ولا يحتاج إلى تقدير محذوف كما قدره بعضهم أي ما نقول إلا هذا اللفظ فالجملة محكية نحو ما قلت إلا زيد قائم
[ 267 ]
قوله آخذ بناصيتها في ملكه وسلطانه هو كلام أبي عبيدة أيضا وقد تقدم في بدء الخلق وثبت هنا للكشميهني وحده قوله وإلى مدين أي لاهل مدين لان مدين بلد ومثله واسأل القرية والعير أي أهل القرية وأصحاب العير قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإلى مدين أخاهم شعيبا مدين لا ينصرف لانه اسم بلد مؤنث ومجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير أي إلى أهل مدين ومثله واسأل القرية ؟ ؟ والعير أي من في العير قوله وراءكم ظهريا يقول لم يلتفتوا إليه ويقال إذا لم يقض الرجل حاجته ظهرت لحاجتي الخ ثبت هذا الكشميهني وحده وقد تقدم شرحه في ترجمة شعيب عليه السلام من أحاديث الانبياء قوله أراذلنا سقاطنا بضم المهملة وتشديد القاف والاراذل جمع أرذال إما على بابه كما جاء أحاسنكم أخلافا أو جرى مجرى الاسماء كالابطح وقيل أراذل جمع أرذل بضم الذال وهو جمع رذل مثل كلب وأكالب (0) قوله باب قوله وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد الكاف في ذلك لتشبيه الاخذ المستقبل بالاخذ الماضي وأتى باللفظ الماضي موضع المضارعة على قراءة طلحة بن مصرف وأخذ بفتحتين في الاول كالثاني مبالغة في تحققه قوله الرفد المرفود العون المعين رفدته أعنته كذا وقع فيه وقال أبو عبيدة الرفد المرفود العون المعين يقال رفدته عند الامير أي أعنته قال الكرماني وقع في النسخة التي عندنا العون المعين والذي يدل عليه التفسير المعان فأما أن يكون الفاعل بمعنى المفعول أو المعنى ذو إعانة قوله تركنوا تميلوا قال أبو عبيدة في قوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا لا تعدلوا إليهم ولا تميلوا يقال ركنت إلى قولك أي أردته وقبلته وروى عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس لا تركنوا إلى الذين ظلموا لا ترضوا أعمالهم قوله فلولا كان فهلا كان سقط هذا والذي قبله من رواية أبي ذر وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية مجازه فهلا كان من القرون وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله فلولا قال في حرف بن مسعود فهلا قوله أترفوا أهلكوا هو تفسير باللازم أي كان الترف سببا لاهلاكهم وقال أبو عبيدة في قوله تعالى واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه أي ما تجبروا وتكبروا عن أمر الله وصدوا عنه قوله زفير وشهيق الخ تقدم في بدء الخلق (4409) قوله أنبأنا بريد بن أبي بردة عن أبيه كذا وقع لابي ذر ووقع لغيره عن أبي بردة بدل عن أبيه وهو أصوب لان بريد هو بن عبد الله بن أبي بردة فأبو بردة جده لا أبوه لكن يجوز إطلاق الاب عليه مجازا قوله ان الله ليملى للظالم أي بمهله ووقع في رواية الترمذي عن أبي كريب عن أبي معاوية أن الله يملي وربما قال يمهل ورواه عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن أبي أسامة عن يزيد قال يملي ولم يشك قلت قد رواه مسلم وابن ماجة والنسائي من طرق عن أبي معاوية يملي ولم يشك قوله حتى إذا أخذه لم يفلته بضم أوله من الرباعي أي لم يخلصه أي إذا أهلكه لم يرفع عنه الهلاك وهذا على تفسير الظلم بالشرك على إطلاقة وإن فسر بما هو أعم فيحمل كل على ما يليق به وقيل معنى لم يفلته لم يؤخره وفيه نظر لانه يتبادر منه أن الظالم إذا صرف عن منصبه وأهين لا يعود إلى عزه والمشاهد في بعضهم بخلاف ذلك فالاولى حمله على ما قدمته والله أعلم (0) قوله باب وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيآت الآية كذا لابي ذر وأكمل غيره الآية واختلف في المراد بطرفي النهار فقيل الصبح
[ 268 ]
والمغرب وقيل الصبح والعصر وعن مالك وابن حبيب الصبح طرف والظهر والعصر طرف قوله وزلفا ساعات بعد ساعات ومنه سميت المزدلفة الزلف منزلة بعد منزلة وأما زلفى فمصدر من القربى ازدلفوا اجتمعوا أزلفنا جمعنا انتهى قال أبو عبيدة في قوله زلفا من الليل ساعات واحدتها زلفة أي ساعة ومنزلة وقربة ومنها سميت المزدلفة قال العجاج ناج طواه الاين مما وجفا طي الليالي زلفا فزلفا وقال في قوله تعالى وأزلفت الجنة للمتقين أي قربت وأدنيت وله عندي زلفى أي قربى وفي قوله وأزلفنا ثم الآخرين أي جمعنا ومنه ليلة المزدلفة واختلف في المراد بالزلف فعن مالك المغرب والعشاء واستنبط منه بعض الحنفية وجوب الوتر لان زلفا جمع أقله ثلاثة فيضاف إلى المغرب والعشاء الوتر ولا يخفى ما فيه وفي رواية معمر المقدم ذكرها قال قتادة طرفي النهار الصبح والعصر وزلفا من الليل المغرب والعشاء (4410) قوله حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع عن سليمان التيمي كذا وقع فيه وأخرجه الطبراني عن معاذ بن المثنى عن مسدد عن سلام بن أبي مطيع عن سليمان التيمي وكان لمسدد فيه شيخان قوله عن أبي عثمان هو النهدمى في رواية للاسماعيلي وأبي نعيم حدثنا أبو عثمان قوله أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له في رواية معتمر بن سليمان التيمي عن أبيه عند مسلم والاسماعيلي فذكر أنه أصاب من امرأة قبلة أو مسا بيد أو شيئا كأنه يسأل عن كفارة ذلك وعند عبد الرزاق عن معمر عن سليمان التيمي بإسناده ضرب رجل على كفل امرأة الحديث وفي رواية مسلم وأصحاب السنن من طريق سماك بن حرب عن إبراهيم النخعي عن علقمة والاسود عن بن مسعود جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني وجدت امرأة في بستان ففعلت بها كل شئ غير أني لم أجامعها قبلتها ولزمتها فافعل بن ما شئت الحديث وللطبرى من طريق الاعمش عن إبراهيم النخعي قال جاء فلان بمعتب الانصاري فقال يا رسول الله دخلت على امرأة ففعلت منها ما ينال الرجل من أهله إلا أني لم أجامعها الحديث وأخرجه بن أبي خيثمة لكن قال أن رجلا من الانصار يقال له معتب وقد جاء أن اسمه كعب بن عمرو وهو أبو اليسر بفتح التحتانية والمهملة الانصاري أخرجه الترمذي والنسائي والبزار من طريق موسى بن طلحة عن أبي اليسر بن عمرو أنه أتته امرأة وزوجها قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقالت له بعني تمرا بدرهم قال فقلت لها وأعجبتني إن في البيت تمر أطيب من هذا فانطلق بها معه فغمزها وقبلها ثم فرغ فخرج فلقى أبا بكر فأخبره فقال تب ولا تعد ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وفي روايته أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر فنزلت وفي رواية بن مردويه من طريق أبي بريدة عن أبيه جاءت امرأة من الانصار إلى رجل يبيع التمر بالمدينة وكانت حسناء جميلة فلما نظر إليها أعجبته فذكر نحوه ولم يسم الرجل ولا المرأة ولا زوجها وذكر بعض الشراح في اسم هذا الرجل نبهان التمار وقيل عمرو بن غزية وقيل أبو عمرو زيد بن عمرو بن غزية وقيل عامر بن قيس وقيل عباد قلت وقصة نبهان التمار ذكرها عبد الغني بن سعيد الثقفي أحد الضعفاء في تفسيره عن بن عباس وأخرجه الثعلبي وغيره من طريق مقاتل عن الضحاك عن بن عباس أن نبهانا التمار أتته امرأة حسناء جميلة تبتاع منه تمرافضرب على عجيزتها ثم ندم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إياك
[ 269 ]
أن تكون امرأة غاز في سبيل الله فذهب يبكي ويصوم ويقوم فانزل الله تعالى والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله الآية فأخبره فحمد الله وقال يا رسول الله هذه توبتي قبلت فكيف لي بأن يتقبل شكرى فنزلت وأقم الصلاة طرفي النهار الآية قلت وهذا أن ثبت حمل على واقعة أخرى لما بين السياقين من المغايرة وأما قصة بن غزية فأخرجها بن منده من طريق الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس في قوله أقسم الصلاة طرفي النهار قال نزلت في عمرو بن غزية وكان يبيع التمر فاتته امرأة تبتاع تمرا فأعجبته الحديث والكلبي ضعيف فإن ثبت حمل أيضا على التعدد وظن الزمخشري أن عمرو بن غزية اسم أبي اليسر فجزم به فوهم وأما ما أخرجه أحمد وعبد بن حميد وغيرهما من حديث أبي أمامة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أصبت حدا فأقمه على فسكت عنه ثلاثا فأقيمت الصلاة فدعا الرجل فقال أرأيت حين خرجت من بيتك ألست قد توضأت فأحسنت الوضوء قال بلى قال ثم شهدت الصلاة معنا قال نعم قال فإن الله قد غفر لك وتلا هذه الآية فهي قصة أخرى ظاهر سياقها أنها متأخرة عن نزول الآية ولعل الرجل ظن أن كل خطيئة فيها حد فأطلق على ما فعل حدا والله أعلم وسيأتي مزيد لهذا في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى وأما قصة عامر بن قيس فذكرها مقاتل بن سليمان في تفسيره وأما قصة عباد فحكاها القرطبي ولم يعزها وعباد اسم جد أبي اليسر فلعله نسب ثم سقط شئ وأقوى الجميع أنه أبو اليسر والله أعلم قوله فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية عبد الرزاق أنه أتى أبا بكر وعمر أيضا وقال فيها فكل من سأله عن كفارة ذلك قال أمعزبة هي قال نعم قال لا أدرى حتى أنزل فذكر بقية الحديث وهذه الزيادة وقعت في حديث يوسف بن مهران عن بن عباس عند أحمد بمعناه دون قوله لا أدرى قوله قال الرجل إلى هذه أي الآية يعني خاصة بن بأن صلاتي مذهبة لمعصيتي وظاهر هذا أن صاحب القصة هو السائل عن ذلك ولاحمد والطبراني من حديث بن عباس قال يا رسول الله إلى خاصة أم للناس عامة فضرب عمر صدره وقال لا ولا نعمة عين بل الناس عامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق عمر وفي حديث أبي اليسر فقال إنسان يا رسول الله له خاصة وفي رواية إبراهيم النخعي عند مسلم فقال معاذ يا رسول الله أنه وحده أم للناس كافة وللدارقطني مثله من حديث معاذ نفسه ويحمل على تعدد السائلين عن ذلك وقوله إلى بفتح الهمزة استفهاما وقوله هذا مبتدأ تقدم خبره عليه وفائدته التخصيص قوله قال لمن عمل بها من أمتى تقدم في الصلاة من هذا الوجه بلفظ قال لجميع أمتي كلهم وتمسك بظاهر قوله تعالى أن الحسنات يذهبن السيآت المرجئة وقالوا أن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة وحمل الجمهور هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فقال طائفة إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب وأن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا وقال آخرون إن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا منها وتحط الصغائر وقيل المراد أن الحسنات تكون سببا في ترك السيآت كقوله تعالى أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر لا أنها تكفر شيئا حقيقة وهذا قول بعض المعتزلة وقال بن عبد البر ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب واستدل بهذه الآية وغيرها من الآيات والاحاديث الظاهرة في ذلك قال ويرد الحث على التوبة في أي كبيرة فلو كانت
[ 270 ]
الحسنات تكفر جميع السيئات لما أحتاج إلى التوبة واستدل بهذا الحديث على عدم وجوب الحد في القبلة واللمس ونحوهما وعلى سقوط التعزيز عمن أتى شيئا منها وجاء تائبا نادما واستنبط منه بن المنذر أنه لا حد على من وجد مع امرأة أجنبية في ثوب واحد (0) > قوله سورة يوسف بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال فضيل عن حصين عن مجاهد متكأ الاترج بالحبشية متكا كذا لابي ذر ولغيره متكا الاترج قال فضيل الاترج بالحبشة متكا وهذا وصله بن أبي حاتم من طريق يحيى بن يمان عن فضيل بن عياض وأما روايته عن حصين فرويناه في مسند مسدد رواية معاذ بن المثنى عنه عن فضيل عن حصين عن مجاهد في قوله تعالى واعتدت لهن متكأ قال أترج ورويناه في تفسير بن مردويه من هذا الوجه فزاد فيه عن مجاهد عن بن عباس ومن طريقه أخرجه الحافظ الضياء في المختارة وقد روى عن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وأعتدت لهن متكا قال طعاما قوله وقال بن عيينة عن رجل عن مجاهد متكا كل شئ قطع بالسكين هكذا رويناه في تفسيير بن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن المخزومي عنه بهذا وأخرج بن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد المتكأ بالتثقيل الطعام وبالتخفيف الاترج والرواية الاولى عنه أعم قوله يقال بلغ أشده قبل أن يأخذ في النقصان ويقال بلغوا أشدهم وقال بعضهم وأحدها شد والمتكا ما انكأت عليه لشراب أو لحديث أو لطعام وأبطل الذي قال الاترج وليس في كلام العرب الاترج فلما احتج عليهم بأن المتكا من نمارق فروا إلى شر منه وقالوا إنما هو المتك ساكنة التاء وإنما المتك طرف البظر ومن ذلك قيل لها متكاء وابن المتكاء فإن كان ثم أترج فأنه بعد المتكأ قلت وقع هذا متراخيا عما قبله عند الاكثر والصواب إيراده تلوه فأما الكلام على الاشد فقال أبو عبيدة هو جمع لا واحد له من لفظه وحكى الطبري أنه واحد لا نظير له في الآحاد وقال سيبويه واحدة شدة وكذا قال الكسائي لكن بلا هاء واختلف النقلة في قدر الاشد الذي بلغه يوسف فالاكثر أنه الحلم وعن سعيد بن جبير ثمان عشرة وقيل سبع عشرة وقيل عشرون وقيل خمسة وعشرون وقيل ما بين ثمان وعشرة إلى ثلاثين وفي غيره قيل الاكثر أربعون وقيل ثلاثون وقيل ثلاثة وثلاثون وقيل خمسة وثلاثون وقيل ثمانة وأربعون وقيل ستون وقال بن التين الاظهر أنه أربعون لقوله تعالى فلما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكان النبي لا ينبا حتى يبلغ أربعين وتعقب بأن عيسى عليه السلام نبئ لدون أربعين ويحيى كذلك لقوله تعالى وآتيناه الحكم صبيا وسليمان لقوله تعالى ففهمناها سليمان إلى غير ذلك والحق أن المراد بالاشد بلوغ سن الحلم ففي حتى يوسف عليه السلام ظاهر ولهذا جاء بعده وراودته التي هو في بيتها وفي حق موسى عليه السلام لعله بعد ذلك كبلوغ الاربعين ولهذا جاء بعده واستوى ووقع في قوله آتيناه حكما وعلما في الموضعين فدل على أن الاربعين ليست حدا لذلك وأما المتكأ فقال أبو عبيدة أعتدت أفعلت من العتاد ومعناه أعتدت لهن متكأ أي نمرقا يتكأ عليه وزعم قوم أنه الترنج وهذا أبطل باطل في الارض ولكن عسى أن يكون مع
[ 271 ]
المتكأ ترنج يأكلونه ويقال ألقى له متكأ يجلس عليه انتهى وقوله ليس في كلام العرب الاترج يريد أنه ليس في كلام العرب تفسير المتكأ بالاترج قال صاحب المطالع وفي الاترج ثلاث لغات ثانيها بالنون وثالثها مثلها بحذف الهمزة وفي المفرد كذلك وعند بعض المفسرين أعتدت لهن البطيخ والموز وقيل كان مع الاترج عسل وقيل كان للطعام المذكور بزماورد لكن ما نفاه المؤلف رحمه الله تبعا لابي عبيدة قد أثبته غيره وقد روى عبد بن حميد من طريق عوف الاعرابي حديث بن عباس أنه كان يقرأها متكا مخففة ويقال هو الاترج وقد حكاه الفراء وتبعه الاخفش وأبو حنيفة الدينوري والقالي وابن فارس وغيرهم كصاحب المحكم والجامع والصحاح وفي الجامع أيضا أهل عمان يسمون السوسن المتكأ وقيل بضم أوله الاترج وبفتحه السوسن وقال الجوهري المتكأ ما تبقيه الخاتنة بعد الختان من المرأة والمتكاه التي لم تختن وعن الاخفش المتكأ الاترج تنبيه متكا بضم أوله وسكون ثانيه وبالتنوين على المفعوليه هو الذي فسره مجاهد وغيره بالاترج أو غيره وهي قراءة وأما القراءة المشهورة فهو ما يتكأ عليه من وسادة وغيرها كما جرت به عادة الاكابر عند الضيافة وبهذا التقرير لا يكون بين النقلين تعارض وقد روى عبد بن حميد عن طريق منصور عن مجاهد قال من قرأها مثقلة قال الطعام ومن قرأها مخففة قال الاترج ثم لا مانع أن يكون المتكأ مشتركا بين الاترج وطرف البظر والبظر بفتح الموحدة وسكون الظاء المشالة موضع الختان من المرأة وقيل البظراء التي لا تحبس بولها قال الكرماني أراد البخاري أن المتكأ في قوله واعتدت لهن متكأ اسم مفعول من الاتكاء وليس هو متكأ بمعنى الاترج ولا بمعنى طرف البظر فجاء فيها بعبارات معجرفة كذا قال فوقع في أشد مما أنكره فإنها إساءة على مثل هذا الامام الذي لا يليق لمن يتصدى لشرح كلامه وقد ذكر جماعة من أهل اللغة أن البظر في الاصل يطلق على ماله طرف من الجسد كالثدي قوله وقال قتادة لذو علم لما علمناه عامل بما علم وصله بن أبي حاتم من طريق بن عيينة عن سعيد بن أبي عروبة عنه بهذا قوله وقال سعيد بن جبير صواع الملك مكوك الفارسي الذي يلتقى طرفاه كانت تشرب الاعاجم به وصله بن أبي حاتم من طريق أبي عوانة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مثله ورواه بن منده في غرائب شعبة وابن مردويه من طريق عمرو بن مرزوق عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله صواع الملك قال كان كهيئة المكوك من فضة يشربون فيه وقد كان للعباس مثله في الجاهلية وكذا أخرجه أحمد وابن أبي شيبة عن محمد بن جعفر عن شعبة وإسناده صحيح والمكوك بفتح الميم وكافين الاولى مضمومة ثقيلة بينهما واو ساكنة هو مكيال معروف لاهل العراق تنبيه قراءة الجمهور صواع وعن أبي هريرة أنه قرأ صاع الملك عن أبي رجاء وصوع الملك بسكون الواو وعن يحيى بن يعمر مثله لكن بغين معجمة حكاها الطبري قوله وقال بن عباس تفندون تجهلون وروى بن أبي حاتم من طريق أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن بن عباس فقوله لولا أن تفندون أي تسفهون كذا قال أبو عبيدة وكذا أخرجه عبد الرزاق وأخرج أيضا عن معمر عن قتادة مثله وأخرجه بن مردويه من طريق بن أبي الهذيل أيضا أتم منه قال في قوله ولما فصلت العير قال لما خرجت العير هاجت ريح فأتت يعقوب بريح يوسف فقال إني لاجد ريح يوسف لولا أن تفندون قال لولا أن تسفهون قال
[ 272 ]
فوجد ريحه من مسيرة ثلاثة أيام وقوله تفندون مأخوذ من العتد محركا وهو الهرم قوله غيابة الجب كل شئ غيب عنك فهو غيابة والجب الركية التي لم تطو كذا وقع لابي ذر فأوهم أنه من كلام بن عباس لعطفه عليه وليس كذلك وإنما هو كلام أبي عبيدة كما سأذكره ووقع في رواية غير أبي ذر وقال غيره غيابة الخ وهذا هو الصواب قوله بمؤمن لنا مصدق قال أبو عبيدة في قوله تعالى وما أنت بمؤمن لنا أي بمصدق قوله شغفها حبا يقال بلغ شافها وهو غلاف قلبها وأما شعفها يعني بالعين المهملة فمن الشعوف قال أبو عبيدة في قوله تعالى قد شغفها حبا أي وصل الحب إلى شغاف قلبها وهو غلافه قال ويقرأه قوم شعفها أي بالعين المهملة وهو من الشعوف انتهى والذي قرأها بالمهملة أبو رجاء والاعرج وعوف رواه الطبري ورويت عن على والجمهور بالمعجمة يقال فلان مشغوف بفلان إذا بلغ الحب أقصى المذاهب وشعاف الجبال أعلاها والشغاف بالمعجمة حبة القلب وقيل علقة سوداء في صميمة وروى عبد بن حميد من طريق قرة عن الحسن قال الشغف يعني بالمعجمة أن يكون قذف في بطنها حبه والشعف يعني بالمهملة أن يكون مشعوفا بها وحكى الطبري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن الشعف بالعين المهملة البغض وبالمعجمة الحب وغلطه الطبري وقال إن الشعف بالعين المهملة بمعنى عموم الحب أشهر من أن يجهله ذو على بكلامهم قوله أصب إليهن أميل إليهن حبا قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن أي اهواهن وأميل إليهن قال الشاعر إلى هند صبا قلبي وهند مثلها يصبى أي يمال قوله أضغاث احلام ما لا تأويل له الضغث ملء اليد من حشيش وما أشبهه ومنه وخذ بيدك ضغثا لا من قوله أضغاث أحلام وأحدها ضغث كذا وقع لابي ذر وتوجيهه أنه أراد أن ضغثا في قوله تعالى وخذ بيدك ضغثا بمعنى ملء الكف من الحشيش لا بمعنى ما لا تأويل له ووقع عند أبي عبيدة في قوله تعالى قالوا أضغاث أحلام وأحدها ضغث بالكسر وهي ما لا تأويل له من الرؤيا وأراه جماعات تجمع من الرؤيا كما يجمع الحشيش فيقول ضغث أي ملء كف منه وفي آية أخرى وخذ بيدك ضغثا فاضرب به وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله اضغاث أحلام قال أخلاط أحلام ولابي يعلى من حديث بن عباس في قوله اضغاث أحلام قال هي الاحلام الكاذبة قوله نمير من الميرة ونزدا كيل بعير ما يحمل بغير قال أبو عبيدة في قوله تعالى ونمير أهلنا من مرت نمير ميرا وهي الميرة أي نأتيهم ونشترى لهم الطعام وقوله كيل بعير أي حمل بعير يكال له ما حمل بعيره وروى الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قوله كيل بعير أي كيل حمار وقال بن خالويه في كتاب ليس هذا حرف نادر ذكر مقاتل عن الزبور البعير كل ما يحمل بالعبرانية ويؤيذ ذلك أن إخوة يوسف كانوا من أرض كنعان وليس بها إبل كذا قال قوله آوى إليه ضم قال أبو عبيدة في قوله آوى إليه أخاه أي ضمه آواه فهو يؤوى إليه إيواء قوله السقاية مكيال هي الاناء الذي كان يشرب به قيل جملة يوسف عليه السلام مكيالا لئلا يكتالوا بغيره فيظلموا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله جعل السقاية قال إناء الملك الذي يشرب به قوله تفتأ لا تزال قال أبو عبيدة في قوله تعالى تالله تفتأ تذكر يوسف أي لا تزال تذكرة وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد تفتأ أي لا تفتر عن حبه
[ 273 ]
وقيل معنى تفتأ تزال فحذف حرف النفي قوله تحسسوا تخبروا قال أبو عبيدة في قوله تعالى اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه يقول تخبروا والتمسوا في المظان قوله مزجاة قليلة قال أبو عبيدة في قوله تعالى وجئنا ببضاعة مزجاة أي يسيرة قليلة قيل فاسدة وروى عبد الرزاق عن قتادة في قوله مزجاة قال يسيرة ولسعيد بن منصور عن عكرمة في قوله مزجاة قال قليلة واختلف في بضاعتهم فقيل كانت من صوف ونحوه وقيل دراهم رديئة وروى عبد الرزاق بإسناد حسن عن بن عباس وسئل عن قوله ببضاعة مزجاة قال رثة الحبل والغرارة والشن قوله غاشية من عذاب الله عامة مجللة بالجيم وهو تأكيد لقوله عامة وقال أبو عبيدة غاشية من عذاب الله مجلة وهي بالجيم وتشديد اللام أي تعمهم وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله غاشية من عذاب الله أي وقيعة تغشاهم قوله حرضا محرضا يذيبك الهم قال أبو عبيدة في قوله تعالى حتى تكون حرضا الحوض الذي اذابة الحزن أو الحب وهو موضع محرض قال الشاعر إني امرؤ لج بي حزن فأحرضني أي إذا بنى قوله استيأسوا يئسوا ولا تيأسوا من روح الله معناه الرجاء ثبت هذا لابي ذر عن المستملى والكشميهني وسقط لغيرهما وقد تقدم في ترجمة يوسف من أحاديث الانبياء قوله خلصوانجيا أي اعتزلوا نجيا والجمع أنجية يتناجون الواحد نجى والاثنان والجمع نجى وانجية ثبت هذا لابن ذر عن المستملى والكشميهني ووقع في رواية المستملى اعترفوا بدل اعتزلوا والصواب الاول قال أبو عبيدة في قوله تعالى خلصوا نجيا أي اعتزلوا نجيا يتناجون والنجى يقع لفظه على الواحد والجمع أيضا وقد يجمع فيقال أنجيه (0) قوله باب قوله ويتم نعمته عليك وعلى آل يعقوب الآية ذكر فيه حديث بن عمر الكريم بن الكريم الحديث وأخرج الحاكم مثله من حديث أبي هريرة وهو دال على فضيلة خاصة وقعت ليوسف عليه السلام لم يشركه فيها أحد ومعنى قوله أكرم الناس أن من جهة النسب ولا يلزم من ذلك أن يكون أفضل من غيره مطلقا وقوله في أول الاسناد حدثنا عبد الله بن محمد هو الجعفي شيخه المشهور ووقع في أطراف خلف هنا وقال عبد الله بن محمد والاول أولى (0) قوله باب قوله لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين ذكر بن جرير وغيره أسماء إخوة يوسف وهم روبيل وشمعون ولآوي ويهوذا وريالون ويشجر ودان ونيال وجاد واشر وبنيامين وأكبرهم أولهم ثم ذكر المصنف فيه حديث أبي هريرة سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أكرم الحديث وقد تقدم شرحه مستوفى في أحاديث الانبياء ومحمد في أول الاسناد هو بن سلام كما تقدم مصرحا به في أحاديث الانبياء وعبدة هو بن سليمان وعبيد الله هو العمر وفي الجمع بين قول يعقوب وكذلك يجتبيك ربك وبين قوله وأخاف أن يأكله الذئب غموض لانه جزم بالاجتباء وظاهره فيما يستقبل فكيف يخاف عليه أن يهلك قبل ذلك وأجيب بأجوبة أحدها لا يلزم من جواز أكل الذئب له أكل جميعه بحيث يموت ثانيها أراد بذلك دفع إخوته عن التوجه به فخاطبهم بما جرت عادتهم لا على ما هو في معتقده ثالثها أن قوله بجتبيك لفظه لفظ خبر ومعناه الدعاء كما يقال فلان يرحمه الله فلا ينافي وقوع هلاكه قبل ذلك رابعها أن الاجتباء الذي ذكر يعقوب أنه سيحصل له كان حصل قبل أن يسأل إخوته أباهم أن يوجهه معهم بدليل قوله بعد أن ألقوه في الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا وهم لا يشعرون ولا بعد في أن يؤتى
[ 274 ]
النبوة في ذلك السن فقد قال في قصة يحيى وآتيناه الحكم صبيا ولا اختصاص لذلك بيحيي فقد قال عيسى وهو في المهد أني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا وإذا حصل الاجتباء الموعود به لم يمتنع عليه الهلاك خامسها أن يعقوب أخبر بالاجتباء مستندا إلى ما أوحى إليه به والخبر يجوز أن يدخله النسخ عند قوم فيكون هذا من أمثلته وإنما قال وأخاف أن يأكله الذئب تجويزا لا وقوعا وقريب منه أنه صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأشياء من علامات الساعة كالدجال ونزول عيسى وطلوع الشمس من المغرب ومع ذلك فأنه خرج لما كسفت الشمس يجر رداءه فزعا يخشى أن تكون الساعة وقوله تابعه أبو أسامة عن عبيد الله وصله المؤلف في أحاديث الانبياء (0) قوله باب قوله قال بل سولت لكم أنفسكم أمر فصبر جميل سولت زينت قال أبو عبيدة في قوله بل سولت لكم أنفسكم أي زينت وحسنت ثم ذكر المصنف طرفا من حديث الافك وسيأتي شرحه بتمامه في تفسير سورة النور وذكر أيضا من طريق مسورق حدثتني أم رومان وهي أم عائشة فذكر أيضا من حديث الافك طرفا وقد تقدم بأتم سياقا من هذا في ترجمة يوسف من أحاديث الانبياء وتقدم شرح ما قيل في الاسناد المذكور من الانقطاع والجواب عنه مستوفى ويأتي التنبيه على ما فيه من فائدة في تفسير سورة النور إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله وراودته التي هو في بيتها عن نفسه اسم هذه المرأة في المشهور زليخا وقيل راعيل واسم سيدها العزيز قطفير بكسر أوله وقيل بهمزة بدل القاف قوله وغلقت الابواب قالت هيت لك وقال عكرمة هيت بالحورانية هلم وقال بن جبير تعاله أما قوله عكرمة فوصله عبد بن حميد من طريقه وأخرج من وجه آخر عن عكرمة قال هيئت لك يعني بضم الهاء وتشديد التحتانية بعدها أخرى مهموزة وأخرج بن مردويه من طريق مسروق عن عبد الله قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم هيت لك يعني هلم لك وعند عبد الرزاق من وجه آخر عن عكرمة قال معناها تهيأت لك وعن قتادة قال يقول بعضهم هلم لك وأما قول سعيد بن جبير فوصله الطبري وأبو الشيخ من طريقه وقال أبو عبيدة في قوله وقالت هيت لك أي هلم وأنشدني أبو عمرو بن العلاء ان العراق وأهله عنق إليك فهيت هيتا قال ولفظ هيت ت للواحد والاثنين والجمع من الذكر والانثى سواء إلا أن العدد فيما بعد نقول هيت لكوهيت لكما قال وشهدت أبا عمرو بن العلاء وسأله رجل عمن قرأ هئت لك أي بكسر الهاء وضم المثناة مهموزا فقال باطل لا يعرف هذا أحد من العرب انتهى وقد أثبت ذلك الفراء وساقه من طريق الشعبي عن بن مسعود وسيأتي تحرير النقل عن بن مسعود في ذلك قريبا قول (4415) عن سليمان هو الاعمش قوله عن عبد الله بن مسعود قالت هيت لك وقال إنما نقرؤها كما علمناها هكذا أورده مختصرا وأخرجه عبدالرزا عن الثوري عن الاعمش بلفظ أني سمعت الفراء فسمعتهم متقاربين فاقرءوا كما علمتم وإياكم والتنطع والاختلاف فإنما هو كقول الرجل هلم وتعال ثم قرا وقالت هيت لك فقلت إن ناسا يقرءونها هيت لك قال لا لان أقرأها كما علمت أحب إلى وكذا أخرجه بن مردويه من طريق شيبان وزائدة عن الاعمش نحوه ومن طريق طلحة بن مصرف
[ 275 ]
عن أبي وائل أن بن مسعود قرأها هيت لك بالفتح ومن طريق سليمان التيمي عن الاعمش بإسناده لكن قال بالضم وروى عبد بن حميد من طريق أبي وائل قال قرأها عبد الله بالفتح فقلت له إن الناس يقرءونها بالضم فذكره وهذا أقوى قلت وقراءة بن مسعود بكسر الهاء وبالضم وبالفتح بغير همز وروى عبد بن حميد عن أبي وائل أنه كان يقرؤها كذلك لكن بالهمز وقد تقدم إنكار أبي عمرو ذلك لكن ثبت ما أنكره في قراءة هشام في السبعة وجاء عنه الضم والفتح أيضا وقرأ بن كثير بفتح الهاء وبالضم وقرأ نافع وابن ذكوان بكسر أوله وفتح آخره وقرأ الجمهور بفتحهما وقرأ بن محيصن بفتح أوله وكسر آخره وهي عن بن عباس أيضا والحسن وقرأ بن أبي إسحاق أحد مشايخ النحو بالبصرة بكسر أوله وضم آخره وحكى النحاس أنه قرأ بكسرهما وأما ما نقل عن عكرمة أنها بالحورانية فقد وافقه عليه الكسائي والفراء وغيرهما كما تقدم وعن السدي أنها لغة قبطية معناها هلم لك وعن الحسن أنها بالسريانية كذلك وقال أبو زيد الانصاري هي بالعبرانية وأصلها هيت لج أي تعاله فعربت وقال الجمهور هي عربية بمعناها الحث على الاقبال والله أعلم قوله مثواه مقامه ثبت هذا لابي ذر وكذا الذي بعده قال أبو عبيدة في قوله تعالى اكرمي مثواه أي مقامه الذي ثواه ويقال لمن نزل عليه الشخص ضيفا أبو مثواه قوله وألفيا وجدا ألفوا آباءهم وألفى قال أبو عبيدة في قوله تعالى وألفيا سيدها لدى الباب أي وجداه وفي قوله إنهم ألفوا آباءهم أي وجدوا وفي قوله ألفي أي وجد قوله وعن بن مسعود بل عجبت ويسخرون هكذا وقع في هذا الموضع معطوفا على الاسناد الذي قبله وقد وصله الحاكم في المستدرك من طريق جرير عن الاعمش بهذا وقد أشكلت مناسبة إيراد هذه الآية في هذا الموضع فأنها من سورة والصافات وليس في هذه السورة من معناها شئ لكن أورد البخاري في الباب حديث عبد الله وهو بن مسعود أن قريشا لما أبطئوا على النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم أكفنيهم بسبع كسبع يوسف الحديث ولا تظهر مناسبته أيضا للترجمة المذكورة وهي قوله باب قوله وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وقد تكلف لها أبو الاصبع عيسى بن سهل في شرحه فيما نقلته من رحلة أبي عبد الله بن رشيد عنه ما ملخصه ترجم البخاري باب قوله وراودته التي هو في بيتها عن نفسه وأدخل حديث بن مسعود أن قريشا لما أبطئوا الحديث وأورد قبل ذلك في الترجمة عن بمسعود بل عجبت ويسخرون قال فانتهى الى موضع الفائدة ولم يذكرها وهو قوله وإذ ذكروا لا يذكرون وإذا رأوا آية يستسخرون قال ويؤخذ من ذلك مناسبة التبويب المذكورة ووجهه أنه شبة ما عرض ليوسف عليه السلام مع إخوته ومع امرأة العزيز بما عرض لمحمد صلى الله عليه وسلم مع قومه حين أخرجوه من وطنه كما أخرج يوسف إخوته وباعوه لمن استعبده فلم يعنف النبي صلى الله عليه وسلم قومه لما فتح مكة كما لم يعنف يوسف إخوته حين قالوا له تالله لقد آثرك الله علينا ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بالمطر لما سأله أبو سفيان أن يستسقى لهم كما دعا يوسف لاخوته لما جاءوه نادمين فقال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم قال فمعنى الآية بل عجبتم حلمي عنهم مع سخريتهم بك وتماديهم على غيهم وعلى قراءة بن مسعود بالضم بل عجبت من حلمك عن قومك إذ أتوك متوسلين بك فدعوت فكشف عنهم وذلك كحلم يوسف عن إخوته إذ أتوه محتاجين وكحلمه عن
[ 276 ]
امرأة العزيز حيث أغرت به سيدها وكذبت عليه ثم سجنته ثم عفا عنها بعد ذلك ولم يؤاخذها قال فظهر تناسب هاتين الآيتين في المعنى مع بعد الظاهر بينهما قال ومثل هذا كثير في كتابه مما عابه به من لم يفتح الله عليه والله المستعان ومن تمام ذلك أن يقال تظهر المناسبة أيضا بين القصتين من قوله في الصافات وإذا رأوا آية يستسخرون فإن فيه إشارة إلى تماديهم على كفرهم وغيهم ومن قوله في قصة يوسف ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين وقول البخاري وعن بن مسعود هو موصول بالاسناد الذي قبله وقد روى الطبري وابن أبي حاتم من طريق الاعمش عن أبي وائل عن شريح أنه أنكر قراءة عجبت بالضم ويقول إن الله لا يعجب وإنما يعجب من لا يعلم قال فذكرته لابراهيم النخعي فقال أن شريحا كان معجبا برأيه وأن بن مسعود كان يقرؤها بالضم وهو أعلم منه قال الكرماني أورد البخاري هذه الكلمة وإن كانت في الصافات هنا إشارة إلى أن بن مسعود كان يقرؤها بالضم كما يقرأ هيت بالضم انتهى وهي مناسبة لا بأس بها إلا أن الذي تقدم عن بن سهل أدق والله أعلم وقرأ بالضم أيضا سعيد بن جبير وحمزة والكسائي والباقون بالفتح وهو ظاهر وهو ضمير الرسول وبه صرح قتادة ويحتمل أن يراد به كل من يصح منه وأما الضم فحكاية شريح تدل على أنه حمله على الله وليس لانكاره معنى لانه إذا ثبت حمل على ما يليق به سبحانه وتعالى ويحتمل أن يكون مصروفا للسامع أي قل بل عجبت ويسخرون والاول هو المعتمد وقد أقره إبراهيم النخعي وجزم بذلك سعيد بن جبير فيما رواه بن أبي حاتم قال في قوله بل عجبت الله عجب ومن طريق أخرى عن الاعمش عن أبي وائل عن بن مسعود أنه قرأ بل عجبت بالرفع ويقول نظيرها وأن تعجب فعجب قولهم ومن طريق الضحاك عن بن عباس قال سبحان الله عجب ونقل بن أبي حاتم في كتاب الرد على الجهمية عن محمد بن عبد الرحمن المقري ولقبه مت قال وكان يفضل على الكسائي في القراءة أنه قال يعجبني أن أقرأ بل عجبت بالضم خلافا للجهمية (4416) قوله حدثنا الحميدي حدثنا سفيان عن الاعمش عن مسلم وهو بن صبيح بالتصغير وهو أبو الضحى وهو بكنيته أشهر ووقع في مسند الحميدي عن سفيان أخبرني الاعمش أو أخبرت عنه عن مسلم كذا عنده بالشك وكذا أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه وأخرجه الاسماعيلي من طريق بن أبي عمر عن سفيان قال سمعت من الاعمش أو أخبرته عنه عن مسلم بن صبيح وهذا الشك لا يقدح في صحة الحديث فإنه قد تقدم في الاستسقاء من طريق أخرى عن الاعمش من غير رواية بن عيينة فتكون هذه معدودة في المتابعات والله أعلم (0) قوله باب قوله فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك إلى قول قلن حاش لله كذا لابي ذر وكأن الترجمة انقضت عند قوله ربك ثم فسر قوله حاش لله وساق غيره من أول الآية إلى قوله عن نفسه فلن حاش لله قوله حاش وحاشا تنزيه واستثناء قال أبو عبيدة في قوله حاش لله الشين مفتوحة بغير ياء وبعضهم يدخلها في آخره كقول الشاعر حاشى أبي ثوبان أن به ومعناه التنزيه والاستثناء عن الشر تقول حاشيته أي استثنيته وقد قر الجمهور بحذف الالف بعد الشين وأبو عمرو بأثباتها في الوصل وفي حذف الالف بعد الحاء لغة وقرأ بها الاعمش واختلف في أنها حرف أو اسم أو فعل وشرح ذلك يطول والذي يظهر أن من حذفها رجح فعليتها بخلاف من نفاها ويؤيد فعليتها قول النابغة ولا أحاشى من الاقوام من أحد
[ 277 ]
فإن تصرف الكلمة من الماضي إلى المستقبل دليل فعليتها واقتضى كلامه أن إثبات الالف وحذفها سواء لغة وقيل إن حذف الالف الاخيرة لغة أهل الحجاز دون غيرهم تنبيه قول تنزيه في رواية الاكثر بفتح أوله وسكون النون بعدها زاى مكسورة ثم تحتانية ساكنة ثم هاء وفي رواية حكاها عياض موحدة ساكنة بعد أوله وكسر الراء بعدها تحتانية مفتوحة مهموزة ثم تاء تأنيث قوله حصحص وضح قال أبو عبيدة في قوله الآن حصحص الحق أي الساعة وضح الحق وتبين وقال الخليل معناه تبين وظهر بعد خفاء ثم قيل هو مأخوذ من الحصة أي ظهرت حصة الحق من حصة الباطل وقيل من حصه إذا قطعه ومنه أحص الشعر وحص وحصحص مثل كف وكفكف (4417) قوله حدثنا سعيد بن تليد بفتح المثناة وكسر اللام بعدها تحتانية ساكنة ثم مهملة هو سعيد بن عيسى بن تليد مصري يكنى أبا عثمان تقدم ذكره في بدء الخلق نسبه البخاري إلى جده قوله حدثنا عبد الرحمن بن القاسم هو العتقي بضم المهملة وفتح المثناة بعدها قاف المصري الفقيه المشهور صاحب مالك وراوي المدونة من علم مالك وليس له في البخاري سوى هذا الموضع والاسناد مسلسل بالمصريين إلى يونس بن يزيد والباقون مدنيون وفيه رواية الاقران لان عمرو بن الحارث المصري الفقيه المشهور من أقران يونس بن يزيد وقد تقدم شرح حديث الباب في ترجمتي إبراهيم ولوط من أحاديث الانبياء (0) قوله باب قوله حتى إذا استيأس الرسل استيأس استفعل من اليأس ضد الرجاء قال أبو عبيدة في قوله فلما استيأسوا منه استفعلوا من يئست ومثله في هذه الآية وليس مراده باستفعل إلا الوزن خاصة وإلا فالسين والتاء زائدتان واستيأس بمعنى يئس كاستعجب وعجب وفرق بينهما الزمخشري بأن الزيادة تقع في مثل هذا التنبيه على المبالغة في ذلك الفعل واختلف فيما تعلقت به الغاية من قوله حتى فاتفقوا على أنه محذوف فقيل التقدير وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم فتراخى النصر عنهم حتى إذا وقيل التقدير فلم تعاقب أممهم حتى إذا وقيل فدعوا قومهم فكذبوهم فطال ذلك حتى إذا (4419) قوله عن صالح هو بن كيسان قوله عن عائشة قالت له وهو يسألها عن قول الله عزوجل في رواية عقيل عن بشهاب في أحاديث الانبياء أخبرني عروة أنه سأل عائشة عن قوله تعالى فذكره قولقلت أكذبوا أم كذبوا أي مثقلة أو مخففة ووقع ذلك صريحا في رواية الاسماعيلي مطريق صالح بن كيسان هذه قوله قالت عائشة كذبوا أي بالتثقيل في رواية الاسماعيلي مثقلة قوله فما هو بالظن قالت أجل زاد الاسماعيلي قلت فهي مخففة قالت معاذ الله وهذا ظاهر في أنها أنكرت القراءة بالتخفيف بناء على أن الضمير للرسل وليس الضمير الرسل على ما بينته ولا لانكار القراءة بذلك معنى بعد ثبوتها ولعلهالم يبلغها ممن يرجع إليه في ذلك وقد قرأها بالتخفيف أئمة الكوفة من القراعاصم ويحيى بن وثاب والاعمش وحمزة والكسائي ووافقهم من الحجازيين أبو جعفر بالقعقاع وهي قراءة بن مسعود وابن عباس وأبي عبد الرحمن السلمي والحسن البصري ومحمد بن كعب القرظي في آخرين وقال الكرماني لم تنكر عائشة القراءة وإنما أنكرت تأويل بن عباس كذا قال وهو خلاف الظاهر وظاهر السياق أن عروة كان يوافق بن عباس في ذلك قبل أن يسأل عائشة ثم لا يدري رجع إليها أم لا وروى بن أبي حاتم من طريق يحيى بن سعيد الانصاري قال جاء رجل إلى القاسم بن محمد فقال له إن محمد بن
[ 278 ]
كعب القرظي يقرأ كذبوا بالتخفيف فقال أخبره عني أني سمعت عائشة تقول كذبوا مثقلة أي كذبتهم أتباعهم وقد تقدم في تفسير البقرة من طريق بن أبي مليكة قال قال بن عباس حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا خفيفة قال ذهب بها هنالك وفي رواية الاصيلي بما هنالك لك بميم بدل الهاء وهو تصحيف وقد أخرجه النسائي والاسماعيلي من هذا الوجه بلفظ ذهب ههنا وأشار إلى السماء وتلا حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله إلا إن نصر الله قريب وزاد الاسماعيلي في روايته ثم قال بن عباس كانوا بشرا ضعفوا وأيسوا وظنوا أنهم قد كذبوا وهذا ظاهره أن بن عباس كان يذهب إلى أن قوله متى نصر الله مقول الرسول واليه ذهب طائفة ثم اختلفوا فقيل الجميع مقول الجميع وقيل الجملة الاولى مقول الجميع والاخيرة من كلام الله وقال آخرون الجملة الاولى وهي متى نصر الله مقول الذين آمنوا معه والجملة الاخيرة وهي الا أن نصر الله قريب مقول الرسول وقدم الرسول في الذكر لشرفه وهذا أولى وعلى الاول فليس قول الرسول متى نصر الله شكا بل استبطاء للنصر وطلبا له وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم يوم بدر اللهم أنجز لي ما وعدتني قال الخطابي لا شك أعباس لا يجيز عل الرسل أنها تكذب بالوحي ولا يشك في صدق المخبر فيحمل كلامه على أنه أراد أنهم لطول البلاء عليهم وابطاء النصر وشدة استنجاز من وعدوه به توهموا أن الذي جاءهم من الوحي كان حسبانا من أنفسهم وظنوا عليها الغلط في تلقى ما ورد عليهم من ذلك فيكون الذي بني له الفعل أنفسهم لا الآتي بالوحي والمراد بالكذب الغلط لا حقيقة الكذب كما يقول القائل كذبتك نفسك قلت ويؤيده قراءة مجاهد وظنوا أنهم قد كذبوا بفتح أوله مع التخفيف أي غلطوا ويكون فاعل وظنوا الرسل ويحتمل أن يكون أتباعهم ويؤيده ما رواه الطبري بأسانيد متنوعه من طريق عمران بن الحارث وسعيد بن جبير وأبي الضحى وعلى بن أبي طلحة والعوفى كلهم عن بن عباس في هذه الآية قال ايس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم أن الرسل كذبوا وقال الزمخشري إن صح هذا عن بن عباس فقد أراد بالظن ما يخطر بالبال ويهجس في النفس من الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية وأما الظن وهو ترجيح أحد الطرفين فلا يظن بالمسلم فضلا عن الرسول وقال أبو نصر القشيري ولا يبعد أن المراد خطر بقلب الرسل فصرفوه عن أنفسهم أو المعنى قربوا من الظن كما يقال بلغت المنزل إذا قربت منه وقال الترمذي الحكيم وجهه أن الرسل كانت تخاف بعد أن وعدهم الله النصر أن يتخلف النصر لا من تهمة بوعد الله بل لتهمة النفوس أن تكون قد أحدثت حدثا ينقض ذلك الشرط فكان الامر إذا طال واشتد البلاء عليهم دخلهم الظن من هذه الجهة قلت ولا يظن بابن عباس أنه يجوز على الرسول أن نفسه تحدثه بأن الله يخلف وعده بل الذي يظن بابن عباس أنه أراد بقوله كانوا بشر إلى آخر كلامه من آمن من أتباع الرسل لا نفس الرسل وقول الراوي عنه ذهب بها هناك أي إلى السماء معناه أن أتباع الرسل ظنوا أن ما وعدهم به الرسل على لسان الملك تخلف ولا مانع أن يقع ذلك في خواطر بعض الاتباع وعجب لابن الانباري في جزمه بأنه لا يصح ثم الزمخشري في توقفه عن صحة ذلك عن بن عباس فإنه صح عنه لكن لم يأت عنه التصريح بأن الرسل هم الذين ظنوا ذلك ولا يلزم ذلك من قراءة التخفيف بل الضمير في وظنوا عائد على المرسل إليهم وفي وكذبوا عائد على الرسل أي وظن المرسل إليهم أن الرسل
[ 279 ]
كذبوا أالضمائر للرسل والمعنى يئس الرسل من النصر وتوهموا أن أنفسهم كذبتهم حين حدثتهم بقرب النصر أو كذبهم رجاؤهم أو الضمائر كلها للرسل إليهم أي يئس الرسل من إيمان من أرسلوا إليه وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوهم في جميع ما ادعوه من النبوة والوعد بالنصر لمن أطاعهم والوعيد بالعذاب لمن لم يجبهم وإذا كان ذلك محتملا وجب تنزيه بن عباس عن تجويزه ذلك على الرسل ويحمل إنكار عائشة على ظاهر مساقهم من إطلاق المنقول عنه وقد روى الطبري أن سعيد بن جبير سئل عن هذه الآية فقال يئس الرسل من قومهم أن يصدقوهم وظن المرسل إليهم أن الرسل كذبوا فقال الضحاك بن مزاحم لما سمعه لو رحلت إلى اليمن في هذه الكلمة لكان قليلا فهذا سعيد بن جبير وهو من أكابر أصحاب بن عباس العارفين بكلامه حمل الآية على الاحتمال الاخير الذي ذكرته وعن مسلم بن يسار أنه سأل سعيد بن جبير فقال له آية بلغت مني كل مبلغ فقرأ هذه الآية بالتخفيف قال في هذا ألوت أن تظن الرسل ذلك فأجابه بنحو ذلك فقال فرجت عنى فرج الله عنك وقام إليه فاعتنقه وجاء ذلك من رواية سعيد بن جبير عن بن عباس نفسه فعند النسائي من طريق أخرى عن سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله قد كذبوا قال استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم وإسناده حسن فليكن هو المعتمد في تأويل ما جاء عن بن عباس في ذلك وهو أعلم بمراد نفسه من غيره ولا يرد على ذلك ما روى الطبري من طريق بن جريج في قوله قد كذبوا خفيفة أي اخلفوا إلا أنا إذا قررنا أن الضمير للمرسل إليهم لم يضر تفسير كذبوا بأخلفوا أي ظن المرسل إليهم أن الرسل أخلفوا ما وعدوا به والله أعلم وروى الطبري من طريق تميم بن حذلم سمعت بن مسعود يقول في هذه الآية استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن قومهم حين أبطأ الامر أن الرسل كذبوهم ومن طريق عبد الله بن الحارث استيأس الرسل من إيمان قومهم وظن القوم أنهم قد كذبوا فيما جاءوهم به وقد جاء عن بن مسعود شئ موهم كما جاء عن بن عباس فروى الطبري من طريق صحيح عن مسروق عن بن مسعود أنه قرأ حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبو مخففة قال أبو عبد الله هو الذي يكره وليس في هذا أيضا ما يقطع به على أن بن مسعود أراد أن الضمير للرسل بل يحتمل أن يكون الضمير عنده لمن آمن من أتباع الرسل فإن صدور ذلك ممن آمن مما يكره سماعه فلم يتعين أنه أراد الرسل قال الطبري لو جاز أن يرتاب الرسل بوعد الله ويشكوا في حقيقة خبره لكان المرسل إليهم أولى بجواز ذلك عليهم وقد أختار الطبري قراءة التخفيف ووجهها بما تقدم ثم قال وإنما اخترت هذا لان الآية وقعت عقب قوله فينظروا كيف كان عافية الذين من قبلهم فكان في ذلك إشارة إلى أن يأس الرسل كان من إيمان قومهم الذين كذبوهم فهلكوا أو أن المضمر في قوله وظنوا إنهم قد كذبوا إنما هو للذين من قبلهم من الامم الهالكة ويزيد ذلك وضوحا أن في بقية الآية الخبر عن الرسل ومن آمن بهم بقوله تعالى فننجى من نشاء أي الذين هلكوا هم الذين ظنوا أن الرسل قد كذبوا فكذبوهم والرسل ومن اتبعهم هم الذين نجوا انتهى كلام ولا يخلو من نظر قوله قالت أجل أي نعم ووقع في رواية عقيل في أحاديث الانبياء في هذا الموضع فقالت يا عرية وهو بالتصغير وأصله عريوة فاجتمع حرفا علة فأبدلت الواو ياء ثم ادغمت في الاخرى قوله لعمري لقد استيقنوا بذلك فيه إشعار يحمل عروة الظن
[ 280 ]
على حقيقته وهو رجحان أحد الطرفين ووافقته عائشة لكن روى الطبري من طريق سعيد عن قتادة أن المراد بالظن هنا اليقين ونقله نقطوية هنا عن أكثر أهل اللغة وقال هو كقوله في آية أخرى وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه وأنكر ذلك الطبري وقال أن الظن لا تستعمله العرب في موضع العلم الا فيما كان طريقه غير المعاينة فأما ما كان طريقه المشاهدة فلا فإنها لا تقول أظنني إنسانا ولا أظنني حيا بمعنى أعلمني إنسانا أو حيا قوله في الطريق الثانية عن الزهري أخبرني عروة فقلت لعلها كذبوا مخففة قالت معاذ الله نحوه هكذا أورده مختصرا وقد ساقه أبو نعيم في المستخرج بتمامه ولفظه عن عروة أنه سأل عائشة فذكر نحو حديث صالح بن كيسان فائدة قوله تعالى في بقية الآية فننجى من نشاء قرأ الجمهور بنونين الثانية ساكنة والجيم خفيفة وسكون آخر مضارع أنجى وقرأ عاصم وابن عامر بنون واحدة وجيم مشددة وفتح آخره على أنه فعل ماض مبنى للمفعول ومن قائمة مقام الفاعل وفيها قراءات أخرى قال الطبري كل من قرأ بذلك فهو منفرد بقراءته والحجة في قراءة غيره والله أعلم (0) قوله سورة الرعد بسم الله الرحمن الرحيم ثبتت البسملة لابي ذر وحده قوله قال بن عباس كباسط كفيه مثل المشرك الذي عبد مع الله إلها آخر غيره كمثل العطشان الذي ينظر إلى ظل خياله في الماء من بعيد وهو يريد أن يتناوله ولا يقدر وصله بن أبي حاتم وابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه الآية فذكر مثله وقال في آخره ولا يقدر عليه تنبيه وقع في رواية الاكثر فلا يقدر بالراء وهو الصواب وحكى عياض أن في رواية غير القابسي يقدم بالميم وهو تصحيف وأن كان له وجه من جهة المعنى وروى الطبري أيضا من طريق العوفي عن بن عباس في هذه الآية قال مثل الاوثان التي تعبد من دون الله كمثل رجل قد بلغه العطش حتى كربه الموت وكفاه في الماء قد وضعهما لا يبلغان فاه يقول الله لا يستجيب له الاوثان ولا تنفعه حتى تبلغ كفا هذا فاه وما هما ببالغتين فاه أبدا ومن طريق أبي أيوب عن على قال كالرجل العطشان يده يه إلى البئر ليرتفع الماء إليه وما هو بمرتفع ومن طريق سعيد عن قتادة الذي يدعو من دون الله إلها لا يستجيب له بشئ أبدا من نفع أو ضر حتى يأتيه الموت مثله كمثل الذي بسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه ولا يصل ذلك إليه فيموت عطشا ومن طريق معمر عن قتادة نحوه ولكن قال وليس الماء ببالغ فاه ما دام باسطا كفيه لا يقبضهما وسيأتي قول مجاهد في ذلك فيما بعد قوله وقال غيره متجاورات متدانيات وقال غيره المثلاث وأحدها مثله وهي الامثال والاشياء وقال إلا مثل أيام الذين خلوا هكذا وقع في رواية أبي ذر ولغير وقال غيره سخر ذلل متجاورات متدانيات المثلات وأحدها مثلة إلى آخره فجعل الكل لقائل واحد وقوله وسخر هو بفتح المهملة وتشديد الخاء المعجمة وذلل بالذال المعجمة وتشديد اللام تفسير سخر وكل هذا كلام أبي عبيدة قال في قوله وسخر الشمس والقمر أي ذللهما فانطاعا قال والتنوين في كل بدل من الضمير للشمس والقمر وهو مرفوع على الاستئناف فلم يعمل فيه وسخر وقال في قوله وفي الارض قطع متجاورات أي
[ 281 ]
متدانيات متقاربات وقال في قوله وقد خلت من قبلهم الثلات قال الامثال والاشياه والنظير وروى للطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله المثلات قال الامثال ومن طريق معمر عن قتادة قال المثلاث العقوبات ومن طريق زيد بن أسلم المثلاث ما مثل الله به من الامم من العذاب وهو جمع مثلة كقطع الاذن والانف تنبيه المثلاث والمثلة كلاهما بفتح الميم وضم المثلثة مثل سمرة وسمرات وسكن يحيى بن وثاب المثلثة في قراءته وضم الميم وكذا طلحة بن مصرف لكن فتح أوله وقرأ الاعمش بفتحهما وفي رواية أبي بكر بن عياش بضمهما وبهما قرأ عيسى بن عمر قوله بمقدا بقدر هو كلام أبي عبيدة أيضا وزاد مفعال من القدر وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة أي جعل لهم أجلا معلوما قوله يقال معقبات ملائكة حفظة تعقب الاولى منها الاخرى ومنه قيل العقيب أي عقبت في أثره سقط لفظ يقال من رواية غير أبي ذر وهو أولى فإنه كلام أبي عبيدة أيضا قال في قوله تعالى له معقبات من بين يديه أي ملائكة تعقب بعد ملائكة حفظة بالليل تعقب بعد حفظة النهار وحفظة النهار تعقب بعد حفظة الليل ومنه قولهم فلان عقبنى وقولهم عقبت في أثره وروى الطبري بإسناد حسن عن بن عباس في قوله تعالى له معقبات بين يديه ومن خلفه قال ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه فإذا جاء قدره خلوا عنه ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله من أمر الله يقول بإذن الله فالمعقبات هن من أمر الله وهي الملائكة ومن طريق سعيد بن جبير قال حفظهم إياه بأمر الله ومن طريق إبراهيم النخعي قال يحفظونه من الجن ومن طريق كعب الاحبار قال لولا أن الله وكل بكم ملائكة يذبون عنكم في مطعمكم ومشربكم وعوراتكم لتخطفتم وأخرج الطبري من طريق كنانة العدوي أن عثمان سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن عدد الملائكة الموكلة بالآدمى فقال لكل آدمي عشرة بالليل وعشرة بالنهار واحد عن يمينه وآخر عن شماله واثنان من بين يديه ومن خلفه واثنان على جنبيه وآخر قابض على ناصيته فإن تواضع رفعه وأن تكبر وضعه واثنان على شفتيه ليس يحفظان عليه الا الصلاة على محمد والعاشر يحرسه من الحية أن تدخل فاه يعني إذا نام وجاء في تأويل ذلك قول آخر رجحه بن جرير فأخرج بإسناد صحيح عن بن عباس في قوله له معقبات قال ذلك ملك من ملوك الدنيا له حرس ومن دونه حرس ومن طريق عكرمة في قوله معقبات قال المراكب تنبيه عقبت يجوز فيه تخفيف القاف وتشديدها وحكى بن التين عن رواية بعضهم كسر القاف مع التخفيف فيكشف عن ذلك لاحتمال أن يكون لغة قوله المحال العقوبة هو قول أبي عبيدة أيضا وروى بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله شديد المحال قال شديد القوة ومثله عن قتادة ونحوه عن السدي وفي رواية عن مجاهد شديد الانتقام وأصل المحال بكسر الميم القوة وقيل أصله المحل وهو المكر وقيل الحيلة والميم مزيدة وغلطوا قائله ويؤيد التأويل الاول قوله في الآية ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وروى النسائي في سبب نزولها من طريق علي بن أبي سارة عن ثابت عن أنس قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى رجل من فراعنة العرب يدعوه الحديث وفيه فأرسل الله صاعقة فذهبت بقحف رأسه فأنزل الله هذه الآية وأخرجه البزار من طريق أخرى عن ثابت والطبراني من حديث بن عباس مطولا قوله كباسط كفيه إلى الماء
[ 282 ]
ليقبض على الماء هو كلام أبي عبيدة أيضا قال في قوله إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه أي أن الذي يبسط كفيه ليقبض على الماء حتى يؤديه إلى فمه لا يتم له ذلك ولا تجمعه أنامله قال صابئ بن الحارث وإني وإياكم وشوقا إليكم كقابض ماء لم تسقه أنامله تسقه بكسر المهملة وسكون القاف أي لم تجمعه قوله رابيا من ربا يربو قال أبو عبيدة في قوله فاحتمل السيل زبدا رابيا من ربا يربو أي ينتفخ وسيأتي تفسير قتادة قريبا قوله أو متاع زيد مثله المتاع ما تمتعت به هو قول أبي عبيدة أيضا وسيأتي تفسير مجاهد لذلك قريبا قوله جفاء يقال أجفات القدر إذا غلت فعلاها الزبد ثم تسكن فيذهب الزبد بلا منفعة فكذلك يمين الحق من الباطل قال أبو عبيدة في قوله فأما الزبد فيذهب جفاء قال أبو عمرو بن العلاء يقال أجفأت القدر وذلك إذا غلت وانتصب زبدها فإذا سكنت لم يبق منه شئ ونقل الطبري عن بعض أهل اللغة من البصريين أن معنى قوله فيذهب جفاء تنشفه الارض يقال جفا الوادي وأجفى في معنى نشف وقرأ رؤبة بن العجاج فيذهب جفالا باللام بدل الهمزة وهي من أجفلت الريح الغيم إذا قطعته قوله المهاد الفراش ثبت هذا لغير أبي ذر وهو قول أبي عبيدة أيضا قوله يدرءون يدفعون درأته عني دفعته هو قول أبي عبيدة أيضا قوله الاغلال وأحدها غل ولا تكون إلا في الاعناق هو قول أبي عبيد أيضا قوله سلام عليكم أي يقولون سلام عليكم قال أبو عبيدة في قوله والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام قال مجازه مجاز المختصر الذي فيه ضمير تقديره يقولون سلام عليكم وقال الطبري حذفت يقولون لدلالة الكلام كما حذفت في قوله ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا والاولى أن المحذوف حال من فاعل يدخلون أي يدخلون قائلين وقوله بما صبرتم يتعلق بما يتعلق به عليكم وما مصدرية أي بسبب صبركم قوله والمتاب إليه توبتي قال أبو عبيدة المتاب مصدر تبت إليه وتوبتي وروى بن أبي حاتم من طريق أبي نجيح في قوله واليه متاب قال توبتي قوله أفلم ييأس أفلم يتبين قال أبو عبيدة في قوله تعالى أفلم ييأس الذين آمنوا أي أفلم يعلم ويتبين قال سحيم اليربوعي ألم تيأسوا أني بن فارس زهدم أي لم تبينوا وقال آخر ألم ييأس الاقوام أنى أنا ابنه وإن كنت عن أرض العشيرة نائيا ونقل الطبري عن القاسم بن معن أنه كان يقول إنها لغة هوازن تقول يئست كذا أي علمته قال وأنكره بعض الكوفيين يعني الفراء لكنه سلم أنه هنا بمعنى علمت وأن لم يكن مسموعا ورد عليه بأن من حفظ حجة على من لم يحفظ ووجهوه بأن اليأس إنما استعمل بمعنى العلم لان الآيس عن الشئ عالم بأنه لا يكون وروى الطبري من طرق عن مجاهد وقتادة وغيرهما أفلم ييأس أي أفلم يعلم وروى الطبري وعبد بن حميد بإسناد صحيح كلهم من رجال البخاري عن بن عباس أنه كان يقرؤها أفلم يتبين ويقول كتبها الكاتب وهو ناعس ومن طريق بن جريج قال زعم بن كثير وغيره أنها القراءة الاولى وهذه القراءة جاءت عن علي وابن عباس وعكرمة وابن أبي مليكة وعلي بن بديمة وشهربن حوشب وعلي بن الحسين وابنه زيد حفيده جعفر بن محمد في آخر من قرؤوا كلهم أفلم يتبين وأما ما أسنده الطبري عن بن عباس فقد أشتد إنكار جماعة ممن لا علم له بالرجال
[ 283 ]
صحته وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته إلى أن قال وهي والله فريه ما فيها مرية وتبعه جماعة بعده والله المستعان وقد جاء عن بن عباس نحو ذلك في قوله تعالى وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه قال ووصى التزقت الواو في الصاد أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيد عنه وهذه الاشياء وإن كان غيرها المعتمد لكن تكذيب المنقول بعد صحته ليس من دأب أهل التحصيل فلينظر في تأويله بما يليق به قوله قارعة داهية قال أبو عبيدة في قوله تصيبهم بما صنعوا قارعة أي داهية مهلكة تقول قرعت عظمه أي صدعته وفسره غيره بأخص من ذلك فأخرج الطبري بإسناد حسن عن بن عباس في قوله تعالى ولا يزال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة قال سرية أو تحل قريبا من دارهم قال أنت يا محمد حتى يأتي وعد الله فتح مكة ومن طريق مجاهد وغيره نحوه قوله فأمليت أطلت من الملى والملاءة ومنه مليا ويقال للواسع الطويل من الارض ملء كذا فيه والذي قال أبو عبيدة في قوله تعالى فأمليت الذين كفروا أي أطلت لهو منه الملى والملاوة من الدهر ويقال لليل والنهار الملوان لطولهما ويقال للخرق الواسع من الارض ملي قال الشاعر ملي لا تخطاه العيون رغيب انتهى والملى بفتح ثم كسر ثم تشديد بغير همزة قوله أشق أشد من المشقة هو قول أبي عبيدة أيضا ومراده أنه أفعل تفضيل قوله معقب مغير قال أبو عبيدة في قوله لا معقب لحكمه أي لا راد لحكمه ولا مغير له عن الحق وروى بن أبي حاتم من طريق زيد بن أسلم في قوله لا معقب لحكمه أي لا يتعقب أحد حكمة فيرده قوله وقال مجاهد متجاورات طيبها وخبيثها السباخ كذا للجميع وسقط خبر طيبها وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وفي الارض قطع متجاورات قال طيبها عذبها وخبيثها السباخ وعند الطبري من وجه آخر عن مجاهد القطع المتجاورات العذبة والسبخة والمالح والطيب ومن طريق أبي سنان عن بن عباس مثله ومن وجه آخر منقطع عن بن عباس مثله وزاد تنبت هذه وهذه إلى جنبها لا تنبت ومن طريق أخرى متصلة عن بن عباس قال تكون هذه حلوة وهذه حامضة وتسقى بماء واحد وهن متجاورات قوله صنوان النخلتان أو أكثر في أصل واحد وغير صنوان وحدها تسقى بماء واحد كصالح بني آدم وخبيثهم أبوهم واحوصله الفرباني أيضا عن مجاهد مثله لكن قال تسقى بماء واحد قال بماء السماء والباقي سواء وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير في قوله صنوان وغير صنوان مجتمع وغير مجتمع وعن سعيد بن منصور عن البراء بن عازب قال الصنوان أن يكون أصلها واحد ورؤوسها متفرقة وغير الصنوان أن تكون النخلة منفردة ليس عندها شئ انتهى وأصل الصنو المثل والمراد به هنا فرع يجمعه وفرعا آخر أو أكثر أصل واحد ومنه عم الرجل صنو أبيه لانهما يجمعهما أصل واحد قوله السحاب الثقال الذي فيه الماء وصله الفريابي أيضا عن مجاهد مثله قوله كباسط كفيه إلى الماء يدعو الماء بلسانه ويشير إليه بيده فلا يأتيه أبدا وصله الفريابي والطبري من طرق عن مجاهد أيضا وقد تقدم قول غيره في أول السورة قوله فسالت أودية بقدرها تملا بطن كل واد زبدا رابيا الزبد السيل زبد مثله خبث الحديد والحلبة وصله الفريابي أيضا عن مجاهد في قوله زبدا رابيا قال الزبد السيل وفي قوله زبد مثله قال خبث الحلية والحديد وأخرجه الطبري من وجهين عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فسالت أودية بقدرها قال بملئها فاحتمل السيل زيدا رابيا
[ 284 ]
قال الزبد السيل ومما توقدون عليه في النار ابتغاء خلية أو متاع زبد مثله قال خبث الحديد والحلية فأما الزبد فيذهب جفاء قال جمودا في الارض وأما ما ينفع الناس فيمكث في الارض قال الماء وهما مثلان للحق والباطل وأخرجه من طريقين عن بن عباس نحوه ووجه المماثلة في قوله زبد مثله أن كلا من الزبدين ناشئ عن الاكدار ومن طريق سعيد عن قتادة في قوله بقدرها قال الصغير بصفرة والكبير بكبره وفي قوله رابيا أي عاليا وفي قوله ابتغاء حلية الذهب والفضة وفي قوله أو متاع الحديد والصفر الذي ينتفع به والجفاء ما يتعلق بالشجر وهي ثلاثة أمثال ضربها انه في مثل واحد يقول كما اضمحل هذا الزبد فصار لا ينتفع به ؟ ؟ والجفاء ما يتعلق بالشجر وهي ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد يقول كما اضمحل هذا الزبد فصار لا ينتفع به كذلك يضمحل الباطل عن أهله وكما مكث هذا الماء في الارض فأمرعت وأخرجت نباتها كذلك يبقي الحق لاهله ونظيره بقاء خالص الذهب والفضة إذا دخل النار وهذب خبثه وبقي صفوه كذلك يبقى الحق لاهله ويذهب الباطل تنبيه وقع اللاكثر يملا بطن واد وفي رواية الاصيلي يملا كل واحد وهو أشبه ويروي ماء بطن واد (0) قوله باب قوله الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الرحام غيض نقص قال أبو عبيدة في قوله وغيض الماء أي ذهب وقيل وهذا تفسير سورة هود وانما ذكره هنا لتفسير قوله تغيض الارحام فانها من هذه المادة وروى عبد بن حميد من طريق أبي بشر عن مجاهد في قوله الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الارحام وما تزداد قال إذا حاضت المرأة وهي حامل كان نقصانا من الولد فان زادت على تسعة أشهر كان تمام لما نقص من ولدها ثم روى من طريق منصور عن الحسن قال الغيض ما دون تسعة أشهر والزيادة ما زادت عليها يعني في الوضع ثم ذكر المصنف حديث بن عمر في مفاتح الغيب وقد تقدم في سورة الانعام ويأتي في تفسير سورة لقمان ويشرح هناك إن شاء الله تعالى (4420) قوله حدثني إبراهيم بن المنذر حدثنا معن عن مالك قال أبو مسعود تفرد به إبراهيم بن المنذر وهو غريب عن مالك قلت أخرجه الدارقطني من رواية عبد الله بن جعفر البرمكي عن معن ورواه أيضا من طريق القعنبي عن مالك لكنه اختصره قلت وكذا أخرجه الاسماعيلي من طريق بن القاسم عن مالك قال الدارقطني ورواه أحمد بن أبي طيبة عن مالك عن نافع عن بن عمر فوهم فيه إسنادا ومتنا (0) قوله سورة إبراهيم عليه الصلاة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال بن عباس هاد داع كذا في جميع النسخ وهذه الكلمة إنما وقعت في السورة التي قبلها في قوله تعالى إنما أنت منذر ولكل قوم هاد واختلف أهل التأويل في تفسيرها بعد اتفاقهم على أن المراد بالمنذر محمد صلى الله عليه وسلم فروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ولكل قوم هاد أي داع ومن طريق قتادة مثله ومن طريق العوفي عن بن عباس قال الهادي الله وهذا بمعنى الذي قبله كأنه لحظ قوله تعالى والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء ومن طريق أبي العالية قال الهادي القائد ومن طريق مجاهد وقتاد أيضا الهادي نبي وهذا أخص من الذي قبله ويحمل القوم في الآية في هذه الاقوال على العموم ومن طريق عكرمة وأبي الضحى ومجاهد أيضا قال الهادي محمد وهذا
[ 285 ]
أخص من الجميع والمراد بالقوم على هذا الخصوص أي هذه الامة والمستغرب ما أخرجه الطبري بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما نرلت هذه الآية وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال أنا المنذر وأومأ إلى على وقال أنت الهادي بك يهتدي المهتدون بعدي فإن ثبت هذا فالمراد بالقوم أخص من الذي قبله أي بني هاشم مثلا وأخرج بن أبي حاتم وعبد الله بن أحمد في زيادات المسند وابن مردويه من طريق السدي عن عبد خير عن علي قال الهادي رجل من بني هاشم قال بعض رواته هو علي وكأنه أخذه من الحديث الذي قبله وفي إسناد كل منهما بعض الشيعة ولو كان ذلك ثابتا ما تخالفت رواته قوله وقال مجاهد صديد قيح ودم سقط هذا لابي ذر وصله الفريابي بسنده إليه في قوله ويسقى من ماء صديد قال قيح ودم قوله وقال بن عيينة اذكروا نعمة الله عليكم أيادي الله عندكم وأيامه وصله الطبري من طريق الحميدي عنه وكذا رويناه في تفسير بن عيينة رواية سعيد بن عبد الرحمن عنه وأخرج عبد الله بن أحمد في زيادات المسند والنسائي وكذا ذكره بن أبي حاتم من طريق بن عباس عن أبي بن كعب قال أن الله أوحى إلى موسى وذكرهم بأيام الله قال نعم الله وأخرجه عبد الرزاق من حديث بن عباس بإسناد صحيح فلم يقل عن أبي بن كعب قوله وقال مجاهد من كل ما سألتموه رغبتم إليه فيه وصله الفريابي في قوله وآتاكم من كل ما سألنموه قال رغبتم إليه فيه قوله تبغونها عوجا تلتمسون لها عوجا كذا وقع هنا للاكثر ولابي ذر قبل الباب الذي يليه وصنيعهم أولى لان هذا من قول مجاهد فذكره من غيره من تفاسيره أولى وقد وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وتبغونها عوجا قال تلتمسون لها الزيغ وذكر يعقوب بن السكيت أن العوج بكسر العين في الارض والدين وبفتحها في العود ونحوه مما كان منتصبا قوله ولا خلال مصدر خاللته خلالا ويجوز أيضا جمع خلة وخلال كذا وقع فيه فأوهم أنه من تفسير مجاهد وإنما هو من كلام أبي عبيدة قال في قوله تعالى لا بيع فيه ولا خلال أي لا مخاللة خليل قال وله معنى آخر جمع خلة مثل حلة والجمع خلال وقلة والجمع قلال وروى الطبري من طريق قتادة قال علم الله أن في الدنيا بيوعا وخلالا يتخالون بها في الدنيا فمن كان يخالل الله فليدم عليه وإلا فسينقطع ذلك عنه وهذا يوافق من جعل الخلال في الآية جمع خلة قوله وإذ تأذن ربكم أعلمكم آذنكم كذا للاكثر ولابي ذر أعلمكم ربكم قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإذ تأذن ربكم إذ زائدة وتأذن تفعل من آذن أي أعلم وهو قول أكثر أهل اللغة أن تأذن من الايذان وهو الاعلام ومعنى تفعل عزم عزما جازما ولهذا أجيب بما يجاب به القسم ونقل أبو علي الفارسي أن بعض العرب يجعل أذن وتأذن بمعنى واحد قلت ومثله قولهم تعلم موضع أعلم وأوعد وتوعد وقيل إن إذ زائدة فإن المعنى اذكروا حين تأذن ربكم وفيه نظر قوله أيديهم في أفواههم هذا مثل كفوا عما أمروا به قال أبو عبيدة في قوله فردوا أيديهم في أفواههم مجازه مجاز المثل ومعناه كقوله عما أمروا بقبوله من الحق ولم يؤمنوا به يقال رد يده في فمه إذا أمسك ولم يجب وقد تعقبوا كلام أبي عبيدة فقيل لم يسمع من العرب رد يده في فيه إذا ترك الشئ الذي كان يريد أن يفعله وقد روى عبد بن حميد من طريق أبي الاحوص عن عبد الله قال عضوا على أصابعهم وصححه الحاكم وإسناده صحيح ويؤيده الآية الاخرى وإذا خلوا عضوا عليكم الانامل من الغيظ وقال الشاعر
[ 286 ]
يردون في فيه غيظ الحسود أي يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه وقيل المعنى رد الكفار أيدي الرسل في أفواههم بمعنى أنهم امتنعوا من قبول كلامهم أو المراد بالايدي النعم أي ردو نعمة الرسل وهي نصائحهم عليهم لانهم إذا كذبوها كأنهم ردوها من حيث جاءت قوله مقامي حيث يقيمه الله بين يديه قال أبو عبيدة في قوله ذلك إن خاف مقامي قال حيث أقيمه بين يدي للحساب قلت وفيه قول آخر قال الفراء أيضا إنه مصدر لكن قال إنه مضاف للفاعل أي قيامي عليه بالحفظ قوله من ورائه قدامة جهنم قال أبو عبيدة قوله من ورائه جهنم مجازه قدامة وأمامه يقال الموت من ورائك أي قدامك وهو اسم لكل ما توارى عن الشخص نقله ثعلب ومنه قول الشاعر أليس ورائي إن تراخت منيتي لزوم العصا تحنى عليها الاصابع وقول النابغة وليس وراء الله للمرء مذهب أي بعد الله ونقل قطرب وغيره أنه من الاضداد وأنكره إبراهيم بن عرفة نفطويه وقال لا يقع وراء بمعنى إمام إلا في زمان أو مكان قوله لكم تبعا وأحدها تابع مثل غيب وغائب هو قول أبي عبيدة أيضا وغيب بفتح الغين المعجمة والتحتانية بعدها موحدة قوله بمصرخكم استصرخني استغاثني يستصرخه من الصراخ سقط هذا لابي ذر قال أبو عبيدة ما أنا بمصرخكم أي ما أنا بمغيثكم ويقال استصرخني فأصرخته أي استغاثني فأغثته قوله اجتثت استؤصلت هو قول أبي عبيدة أيضا أي قطعت جثثها بكمالها وأخرجه الطبري من طريق سعيد عن قتاد مثله ومن طريق العوفي عن بن عباس ضرب الله مثل الشجرة الخبيثة بمثل الكافر يقول الكافر لا يقبل عمله ولا يصعد فليس له أصل ثابت في الارض ولا فرع في السماء ومن طريق الضحاك قال في قوله مالها من قرار أي مالها أصل ولا فرع ولا ثمرة ولا منفعة كذلك الكافر ليس يعمل خيرا ولا يقول خيرا ولم يجعل الله فيه بركة ولا منفعة (0) قوله باب قوله كشجرة طيبة أصلها ثابت الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى حين وسقط عندهم باب قوله ثم ذكر حديث بن عمر (4421) قوله تشبه أو كالرجل المسلم شك من أحد رواته وأخرجه الاسماعيلي من الطريق التي أخرجها منها البخاري بلفظ تشبه الرجل المسلم ولم يشك وقد تقدم شرح الحديث مستوفى في كتاب العلم وقد تقدم هناك البيان الواضح بأن المراد بالشجرة في هذه الآية النخلة وفيه رد على من زعم أن المراد بها شجرة الجوز الهندي وقد أخرجه بن مردويه من حديث بن عباس بإسناد ضعيف في قوله تؤتى أكلها كل حين قال هي شجرة جوز الهند لا تتعطل من ثمرة تحمل كل شهر ومعنى قوله طيبة أي لذيذة الثمر أو حسنة الشكل أو نافعة فتكون طيبة بما ينول إليه نفسها وقوله أصلها ثابت أي لا ينقطع وقوله وفرعها في السماء أي هي نهاية في الكمال لانها إذا كانت مرتفعه بعدت عن عفونات الارض وللحاكم من حديث أنس الشجرة الطيبة النخلة والشجرة الخبيثة الحنظلة (0) قوله باب يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت ذكر فيه حديث البراء مختصرا وقد تقدم في الجنائز أتم سياقا واستوفيت شرحه في ذلك الباب (0) قوله باب ألم تر إلى الذين
[ 287 ]
بدلوا نعمة الله كفرا ألم تر ألم تعلم كقوله ألم تر إلى الذين خرجوا زاد غير أبي ذر ألم تر كيف وهذا قول أبي عبيدة بلفظه قوله البوار الهلاك بار يبور بورا قوما بورا هالكين هو كلام أبي عبيدة ثم ذكر حديث بن عباس فيمن نزلت في الآية مختصرا وقد تقدم مستوفى مع شرحه في غزوة بدر وروى الطبري من طريق أخرى عن بن عباس أنه سأل عمر عن هذه الآية فقال من هم قال هم الافجران من بني مخزوم وبني أمية أخوالي وأعمامك فأما اخوالي فاستأصلهم الله يوم بدر وأما أعمامك فأملى الله لهم إلى حين ومن طريق على قال هم الافجران بنو أمية وبنو المغيرة فأما بنو المغيرة فقطع الله دابرهم يوم بدر وأما بنوا أمية فمتعوا إلى حين وهو عند عبد الرزاق أيضا والنسائي وصححه الحاكم قلت والمراد بعضهم لا جميع بني أمية وبني مخزوم فإن بني مخزوم لم يستأصلوا يوم بدر بل المراد بعضهم كأبي جهل من بني مخزوم وأبي سفيان من بني أمية (0) قوله تفسير سورة الحجر بسم الله الرحمن الرحيم كذالابي ذر عن المستملى وله عن غيره بدون لفظ تفسير وسقطت البسملة للباقين قوله وقال مجاهد صراط على مستقيم الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه وصله الطبري من طرق عنه مثله وزاد لا يعرض على شئ ومن طريق قتادة ومحمد بن سيرين وغيرهما أنهم قرؤواعلى بالتنوين على أنه صفة للصراط أي رفيع قلت وهي قراءة يعقوب قوله لبامام مبين على الطريق وروى الطبري من طرق عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأنهمل بامام مبين قال بطريق معلم ومن رواية سعيد عن قتادة قال طريق واضح وسيأتي لتفسير آخر تنبيه سقط هذا والذي قبله لابي ذر إلا عن المستملي قوله وقال بن عباس لعمرك لعيشك وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قوله قوم منكرون أنكرهم لوط وصله بن أبي حاتم أيضا من الوجه المذكور تنبيه سقط هذا والذي قبله لابي ذر قوله كتاب معلوم أجل كذا لابي ذر فأوهم أنه من تفسير مجاهد ولغيره وقال غيره كتاب معلوم أجل وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله إلا ولها كتاب معلوم أي أجل ومدة معلوم أي مؤقت قوله لوما هلا تأتينا قال أبو عبيدة في قوله لوما تأتينا مجازها هلا تأتينا قوله شيع أمم والاولياء أيضا شيع قال أبو عبيدة في قوله شيع الاولين أي أمم الاولين واحدتها شيعة والاولياء أيضا شيع أي يقال لهم شيع ورو الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ولقد أرسلنا من قبلك في شيع الاولين يقول أمم الاولين قال الطبري ويقال لاولياء الرجل أيضا شيعة قوله وقال بن عباس يهرعون مسرعين كذا أوردها هنا وليست من هذه السورة وإنما هي في سورة هود وقد وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قوله للمتوسمين للناظرين تقدم شرحه في قصة لوط من أحاديث الانبياء تنبيه سقط هذا والذي قبله لابي ذر أيضا قوله سكرت غشيت كذا لابي ذر فأوهم أنه من تفسير مجاهد وغيره يوهم أنه من تفسير بن عباس لكنه قول أبي عبيدة وهو بمهملة ثم معجمة (0) وذكر الطبري عن أبي عمرو بن العلاء أنه كان يقول هو مأخوذ من سكر الشراب قال ومعناه غشي أبصارنا مثل السكر ومن طريق مجاهد والضحاك قوله سكرت أبصارنا
[ 288 ]
قال سدت ومن طريق قتادة قال سحرت ومن وجه آخر عن قتادة قال سكرت بالتشديد سددت وبالتخفيف سحرت انتهى وهما قراءاتان مشهورتان فقرأها بالتشديد الجمهور وابن كثير بالتخفيف وعن الزهري بالتخفيف لكن بناها للفاعل قوله لعمرك لعيشك كذا ثبت هنا لبعضهم وسيأتي لهم في الايمان والنذور مع شرحه قوله وإنا له لحافظون قال مجاهد عندنا وصله بن المنذر ومن طريق بن أبي نجيح عنه وهو في بعض نسخ الصحيح قوله بروجا منازل الشمس والقمر لواقع ملافح حمأ جماعة حمأة وهو الطين المتغير والمسنون المصبوب كذا ثبت لغير أبي ذر وسقط له وقد تقدم مع شرحه في بدء الخلق قوله لا ترجل لا تخف دابر آخر تقدم شرح الاول في قصة إبراهيم وشرح الثاني في قصة لوط من أحاديث الانبياء وسقط لابي ذر هنا قوله لبامام مبين الامام كل ما ائتممت به واهتديت هو تفسير أبي عبيدة قوله الصيحة الهلكة هو تفسير أبي عبيدة وقد تقدمت الاشارة إليه في قصة لوط من أحاديث الانبياء (0) قوله باب قوله الا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين ذكر فيه حديث أبي هريرة في قصة مسترقي السمع أورده أولا معنا ثم ساقه بالاسناد بعينه مصرحا فيه بالتحديث وبالسماع في جميعه وذكر فيه اختلاف القراءة في فزع عن قلوبهم وسيأتي شرحه في تفسير سورة سبأ ويأتي الالمام به في أواخر الطب وفي كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين ذكر فيه حديث بن عمر في النهي عن الدخول على المعذبين وقوله (4425) الا أن تكونوا باكين ذكر بن التين أنه عند الشيخ أبي الحسن بائين بهمزة بدل الكاف قال ولا وجه له (0) قوله باب قوله ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم ذكر فيه حديث أبي سعيد بن المعلى في ذكر فاتحة الكتاب وقد سبق في أول التفسير مشروحا ثم ذكر حديث أبي هريرة مختصرا بلفظ أم القرآن هي السبع المثاني في رواية الترمذي من هذا الوجه الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب
[ 289 ]
والسبع المثاني وقد تقدم في تفسير الفاتحة من وجه آخر عن أبي هريرة ورفعه أتم من هذا وللطبري من وجه آخر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رفعه الركعة التي لا يقرأ فيها كالخداج قال فقلت لابي هريرة فإن لم يكن معي إلا أم القرآن قال هي حسبك هي أم الكتاب وهي أم القرآن وهي السبع المثاني قال الخطابي وفي الحديث رد على بن سيرين حيث قال إن الفاتحة لا يقال لها أم القرآن وإنما يقال لها فاتحة الكتاب ويقول أم الكتاب هو اللوح المحفوظ قال وأم الشئ أصله وسميت الفاتحة أم القرآن لانها أصل القرآن وقيل لانها متقدمة كأنها تؤمه (4426) قوله هي السبع المثاني والقرآن العظيم هو معطوف على قوله أم القرآن وهو مبتدأ وخبره محذوف أو خبر مبتدأ محذوف تقديره والقرآن العظيم ما عداها وليس هو معطوفا على قوله السبع المثاني لان الفاتحة ليست هي القرآن العظيم وإنما جاز إطلاق القرآن عليها لانها من القرآن لكنها ليست هي القرآن كله ثم وجدت في تفسير بن أبي حاتم من طريق أخرى عن أبي هريرة مثله لكن بلفظ والقرآن العظيم الذي اعطيتموه أي هو الذي أعطيتموه فيكون هذا هو الخبر وقد روى الطبري بإسنادين جيدين عن عمر ثم عن على قال السبع المثاني فاتحة الكتاب زاد عن عمر تثني في كل ركعة وباسناد منقطع عن بن مسعود مثله وباسناد حسن عن بن عباس أنه قرأ الفاتحة ثم قال ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال هي فاتحة الكتاب وبسم الله الرحمن الرحيم الآية السابعة ومن طريق جماعة من التابعين السبع المثاني هي فاتحة الكتاب ومن طريق أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال السبع المثاني فاتحة الكتاب قلت للربيع أنهم يقولون إنها السبع الطوال قال لقد أنزلت هذه الآية وما نزل من الطوال شئ وهذا الذي أشار إليه هو قول آخر مشهور في السبع الطوال وقد أسنده النسائي والطبري والحاكم عن بن عباس أيضا بإسناد قوي وفي لفظ للطبري البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والانعام والاعراف قال الراوي وذكر السابعة فنسيها وفي رواية صحيحة عن بن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير أنها يونس وعند الحاكم أنها الكهف وزاد قيل له ما المثاني قال تثني فيهن القصص ومثله عن سعيد بن جبير عن سعيد بن منصور وروى الطبري أيضا من طريق خضيف عن زياد بن أبي مريم قال في قوله ولقد آتيناك سبعا من المثاني قال مر وأنه وبشر وأنذر وأضرب الامثال واعدد النعم والانباء ورجح الطبري القول الاول لصحة الخبر فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ساقه من حديث أبي هريرة في قصة أبي بن كعب كما تقدم في تفسير الفاتحة (0) قوله باب الذين جعلوا القرآن عضين قيل إن عضين جمع عضو فروى الطبري من طريق الضحاك قال في قوله جعلوا القرآن عضين أي جعلوه أعضاء كأعضاء الجزور وقيل هي جمع عضة وأصلها عضمة فحذفت الهاء كما حذفت من الشفة وأصلها شفهة وجمعت بعد الحذف على عضين مثل برة وبرين وكرة كرين وروى الطبري من طريق قتادة قال عضين عضهوه وبهتوه ومن طريق عكرمة قال العضة السحر بلسان قريش تقول للساحرة العاضهة أخرجه بن أبي حاتم وروى بن أبي حاتم أيضا من طريق عطاء مثل قول الضحاك ولفظه عضوا القرآن أعضاء فقال بعضهم ساحر وقال آخر مجنون وقال آخر كاهن فذلك العضين ومن طريق مجاهد مثله وزاد وقالوا أساطير الاولين ومن طريق السدي قال قسموا القرآن واستهزءوا به فقالوا ذكر محمد البعوض والذباب والنمل والعنكبوت فقال بعضهم أنا
[ 290 ]
صاحب البعوض وقال آخر أنا صاحب النمل وقال آخر أنا صاحب العنكبوت وكان المستهزئون خمسة الاسود بن عبد يغوث والاسود بن المطلب والعاصي بن وائل والحارث بن قيس والوليد بن المغيرة ومن طريق عكرمة وغيره في عد المستهزئين مثله ومن طريق الربيع بن أنس مثله وزاد بيان كيفية هلاكهم في ليلة واحدة قوله المقتسمين الذين حلفوا ومنه لا أقسم أي أقسم وتقرأ لاقسم وقاسمها حلف لهما ولم يحلفا له وقال مجاهد تقاسموا تحالفوا قلت هكذا جعل المقتسمين من القسم بمعنى الحلف والمعروف أنه من القسمة وبه جزم الطبري وغيره وسياق الكلام يدل عليه وقوله (4428) الذين جعلوا هو صفة للمقتسمين وقد ذكرنا أن المراد أنهم قسموه وفرقوه وقال أبو عبيدة وقاسمهما حلف لهما وقال أيضا أبو عبيدة الذي يكثر المصنف نقل كلامه من المقتسمين الذين اقتسموا وفرقوا قال وقوله عضين أي فرقوه عضوه أعضاء قال رؤبة وليس دين الله بالمعضى أي بالمفرق وأما قوله ومنه لا أقسم الخ فليس كذلك أي فليس هو من الاقتسام بل هو من القسم وانما قال ذلك بناء على ما اختاره من أن المقتسمين من القسم وقال أبو عبيدة في قوله لا أقسم بيوم القيامة مجازها أقسم بيوم القيامة واختلف المعربون في لا فقيل زائدة وإلى هذا يشير كلام أبي عبيدة وتعقب بأنها لا تزاد إلا في أثناء الكلام وأجيب بأن القرآن كله كالكلام الواحد وقيل هو جواب شئ محذوف وقيل نفى على بابها وجوابها محذوف والمعنى لا أقسم بكذا بل بكذا وأما قراءة لاقسم بغير ألف فهي رواية عن بن كثير واختلف في اللام فقيل هي لام القسم وقيل لام التأكيد واتفقوا على إثبات الالف في التي بعدها ولا أقسم بالنفس وعلى إثباتها في لا أقسم بهذا البلد أتباعا لرسم المصحف في ذلك وأما قول مجاهد تقاسموا تحالفوا فهو كما قال وقد أخرجه الفريابي من طريق بن أبي نجيح عنه في قوله قالوا تقاسموا بالله قال تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى هلكوا جميعا وهذا أيضا لا يدخل في المقتسمين إلا على رأي زيد بن أسلم فإن الطبري روى عنه أن المراد بقوله المقتسمين قوم صالح الذين تقاسموا على هلاكه فلعل المصنف اعتمد على ذلك قوله عن بن عباس الذين جعلوا القرآن عضين يعني في تفسير هذه الكلمة وقد ذكرت ما قيل في أصل اشتقاقها أول الباب قوله هم أهل الكتاب فسره في الرواية الثانية فقال اليهود والنصارى وقوله جزءوه أجزاء فسره في الرواية الثانية فقال آمنوا ببعض وكفروا ببعض قوله في الرواية الثانية عن أبي ظبيان بمعجمة ثم موحدة هو حصين بن جندب وليس له في البخاري عن بن عباس سوى هذا الحديث (0) قوله باب قوله واعبد ربك حتى يأتيك اليقين قال سالم اليقين الموت وصله الفربابي وعبد بن حميد وغيرهما من طريق طارق بن عبد الرحمن عن سالم بن أبي الجعد بهذا وأخرجه الطبري من طرق عن مجاهد وقتادة وغيرهما مثله واستشهد الطبري لذلك بحديث أم العلاء في قصة عثمان بن مظعون أما هو فقد جاء اليقين وإني لارجو له الخير وقد تقدم في الجنائز مشروحا وقد اعترض بعض الشراح على البخاري لكونه لم يخرج هنا هذا الحديث وقال كان ذكره أليق من هذا قال ولان اليقين ليس من أسماء الموت قلت لا يلزم البخاري ذلك وقد أخرج النسائي حديث بعجة عن أبي هريرة رفعه خير ما عاش الناس به رجل ممسك بعنان فرسه الحديث وفي آخره حتى يأتيه اليقين ليس همن الناس إلا في خير فهذا شاهد جيد لقول سالم ومنه قوله تعالى وكنا نكذب بيوم الدين حتى أتانا اليقين وإطلاق
[ 291 ]
اليقين على الموت مجاز لان الموت لا يشك فيه (0) قوله بسم الله الرحمن الرحيم سورة النحل سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله روح القدس جبريل نزل به الروح الامين أما قوله روح القدس جبريل فأخرجه بن أبي حاتم بإسناد رجاله ثقات عن عبد الله بن مسعود وروى الطبري من طريق محمد بن كعب القرظي قال روح القدس جبريل وكذا جزم به أبو عبيدة وغير واحد وأما قوله نزل به الروح الامين فذكره استشهادا لصحة هذا التأويل فإن المراد به جبريل اتفاقا وكأنه أشار إلى رد ما رواه الضحاك عن بن عباس قال روح القدس الاسم الذي كان عيسى يحيى به الموتى أخرجه بن أبي حاتم وإسناده ضعيف قوله وقال بن عباس في تقلبهم في اختلافهم وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عنه مثله ومن طريق سعيد عن قتادة في تقلبهم يقول في أسفارهم قوله وقال مجاهد تميد تكفأ هو بالكاف وتشديد الفاء مهموز وقيل بضم أوله وسكون الكاف وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وألقى في الارض رواسي أن تميد بكم قال تكفأ بكم ومعنى تكفأ تقلب وروى الطبري من حديث على بإسناد حسن موقوفا قال لما خلق الله الارض قمصت قال فأرسى الله فيها الجبال وهو عند أحمد والترمذي من حديث أنس مرفوع قوله مفرطون منسيون وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون قال منسيون ومن طريق سعيد بن جبير قال مفرطون أي متروكون في النار منسيون فيها ومن طريق سعيد عن قتادة قال معجلون قال الطبري ذهب قتادة إلى أنه من قولهم أفرطنا فلانا إذا قدموه فهو مفرط ومنه أنا فرطكم على الحوض قلت وهذا كله على قراءة الجمهور بتخفيف الراء وفتحها وقرأها نافع بكسرها وهو من الافراط وقراها أبو جعفر بن القعقاع بفتح الفاء وتشديد الراء مكسورة أي مقصرون في أداء الواجب مبالغون في الاساءة قوله في ضيق يقال أمر ضيق وأمر ضيق مثل هين وهين ولين وميت وميت قال أبو عبيدة في قوله تعالى ولانك في ضيق بفتح أوله وتخفيف ضيق كميت وهين ولين فإذا خففتها قلت ميت وهين ولين فإذا كسرت أوله فهو مصدر ضيق انتهى وقرأ بن كثير هنا وفي النمل بالكسر والباقون بالفتح فقيل على لغتين وقيل المفتوح مخفف من ضيق أي في أمر ضيق واعترضه الفارسي بأن الصفة غير خاصة بالموصوف فلا يدعي الحذف قوله قال بن عباس تتفيأ ظلاله تتهيأ كذا فيه والصواب تتميل وقد تقدم بيانه في كتاب الصلاة قوله سبل ربك ذللا لا يتوعر عليها مكان سلكته رواه الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد مثله ويتوعر بالعين المهملة وذللا حال من السبل أي ذللها الله لها وهو جمع ذلول قال تعالى جعل لكم الارض ذلولا ومن طريق قتادة في قوله تعالى ذللا أي مطيعة وعلى هذا فقوله ذللا حال من فاعل أسلكي وانتصاب سبل على الظرفية أو على أنه مفعول به قوله القانت المطيع سيأتي في آخر السورة قوله وقال غيره فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم هذا مقدم ومؤخر وذلك أن الاستعاذة قبل القراءة
[ 292 ]
المراد بالغير أبو عبيدة فإن هذا كلامه بعينه وقرره غيره فقال إذا وصلة بين الكلامين والتقدير فإذا أخذت في القراءة فاستعذ وقيل هو على أصله لكن فيه إضمار أي إذا أردت القراءة لان الفعل يوجد عند القصد من غير فاصل وقد أخذ بظاهر الآية بن سيرين ونقل عن أبي هريرة وعن مالك وهو مذهب حمزة الزيات فكانوا يستعيذون بعد القراءة وبه قال داود الظاهري قوله ومعناها أي معنى الاستعاذة الاعتصام بالله هو قول أبي عبيدة أيضا قوله وقال بن عباس تسيمون ترعون روى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس في قوله تعالى ومنه شجر فيه تسيمون قال ترعون فيه أنعامكم ومن طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس تسيمون أي ترعون ومن طريق عكرمة مولى بن عباس مثله وقال أبو عبيدة أسمت الابل رعيتها وسامت هي رعت قوله شاكلته ناحيته كذا وقع هنا وإنما هو في السورة التي تليها وقد أعاده فيها ووقع في رواية أبي ذر عن الحموي نيته بدل ناحيته وسيأتي الكلام عليها هناك قوله قصد السبيل البيان وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وعلى الله قصد السبيل قال البيان ومن طريق العوفي عن بن عباس مثله وزاد البيان بيان الضلالة والهدى قوله الدفء ما استدفأت به قال أبو عبيدة الدفء ما استدفأت به من أوبارها ومنافع ما سوى ذلك وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله لكم فيها دفء قال الثياب ومن طريق مجاهد قال لباس ينسج ومن طريق قتادة مثله قوله تخوف تنقص وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو يأخذهم على تخوف قال على تنقص وروى بإسناد فيه مجهول عن عمر أنه سأل عن ذلك فلم يجب فقال عمر ما أرى إلا أنه على ما ينتقصون من معاصي الله قال فخرج رجل فلقى أعرابيا فقال ما فعل فلان قال تخوفته أي تنقصته فرجع فأخبر عمر فأعجبه وفي شعر أبي كثير الهذلي ما يشهد له وروى بن أبي حاتم من طريق الضحاك عن بن عباس على تخوف قال على تنقص من أعمالهم وقيل التخوف تفعل من الخوف قوله تريحون بالعشي وتسرحون بالغداة قال أبو عبيدة في قوله ولكم فيها جمال حين تريحون أي بالعشي وحين تسرحون أي بالغداة قوله الانعام لعبرة وهي تؤنث وتذكر وكذلك النعم الانعام جماعة النعم قال أبو عبيدة في قوله وإن لكم في الانعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه فذكر وأنث فقيل الانعام تذكر وتؤنث وقيل المعنى على النعم فهي تذكر وتؤنث والعرب تظهر الشئ ثم تخبر عنه بما هو منه بسبب وأن لم يظهروه كقول الشاعر قبائلنا سبع وأنتم ثلاثة وللسبع أولى من ثلاث وأطيب أي ثلاثة أحياء ثم قال من ثلاث أي قبائل انتهى وأنكر الفراء تأنيث النعم وقال إنما يقال هذا نعم ويجمع على نعمان بضم أوله مثل حمل وحملان قوله أكنانا وأحدها كن مثل حمل وأحمال هو تفسير أبي عبيدة وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله أكنانا قال غير انا من الجبال يسكن فيها قوله بشق يعني المشقة قال أبو عبيدة في قوله لم تكونوا بالغيه إلا بشق أي بمشقة الانفس وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله إلا بشق الانفس قال المشقة عليكم ومن طريق سعيد عن قتادة إلا بشق الانفس إلا بجهد الانفس تنبيه قرأ الجمهور بكسر الشين من شق وقرأها أبو جعفر بن القعقاع بفتحها قال أبو عبيدة هما
[ 293 ]
بمعنى وأنشد وذوإبل تسعى ويحبسها له أخو نصب من شقها وذءوب قال الاثرم صاحب أبي عبيدة سمعته بالكسر والفتح وقال الفراء معناهما مختلف فالبكسر معناه ذابت حتى صارت على نصف ما كانت وبالفتح المشقة انتهى وكلام أهل التفسير يساعد الاول قوله سرابيل قمص تقيكم الحر وأما سرابيل تقيكم بأسكم فإنها الدروع قال أبو عبيدة في قوله تعالى سرابيل تقيكم الحر أي قمصا وسرابيل تقيكم بأسكم أي دروعا وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله تعالى سرابيل تقيكم الحر قال القطن والكتان وسرابيل تقيكم بأسكم قال دروع من حديد قوله دخلا بينكم كل شئ لم يصح فهو دخل هو قول أبي عبيدة أيضا وروى بن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال دخلا خيانة وقيل الدخل الداخل في الشئ ليس منه قوله وقال بن عباس حفدة من ولد الرجل وصله الطبري من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس في قوله بنين وحفدة قال الولد وولد الولد وإسناده صحيح وفيه عن بن عباس قول آخر أخرجه من طريق العوفي عنه قال هم بنو امرأة الرجل وفيه عنه قول ثالث أخرجه من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال الحفدة الاصهار ومن طريق عكرمة عن بن عباس قال الاختان وأخرج هذا الاخير عن بن مسعود بإسناد صحيح ومن طريق أبي الضحى وإبراهيم وسعيد بن جبير وغيرهم مثله وصحح الحاكم حديث بن مسعود وفيه قول رابع عن بن عباس أخرجه الطبري من طريق أبي حمزة عنه قال من أعانك فقد حفدك ومن طريق عكرمة قال الحفدة الخدام ومن طريق الحسن قال الحفدة البنون وبنو البنين ومن أعانك من أهل أو خادم فقد حفدك وهذا أجمع الاقوال وبه تجتمع وأشار إلى ذلك الطبري وأصل الحفد مداركة الخطو والاسراع في المشي فأطلق على من يسعى في خدمة الشخص ذلك قوله السكر ما حرم من ثمرتها والرزق الحسن ما أحل وصله الطبري بأسانيد من طريق عمرو بن سفيان عن بن عباس مثله وإسناده صحيح وهو عند أبي داود في الناسخ وصححه الحاكم ومن طريق سعيد بن جبير عنه قال الرزق الحسن الحلال والسكر الحرام ومن طريق سعيد بن جبير ومجاهد مثله وزاد أن ذلك كان قبل تحريم الخمر وهو كذلك لان سورة النحل مكية ومن طريق قتادة السكر خمر الاعاجم ومن طريق الشعبي وقيل له في قوله تتخذون منه سكرا أهو هذا الذي تصنع النبط قال لا هذا خمر وإنما السكر نقيع الزبيب والرزق الحسن التمر والعنب واختار الطبري هذا القول وانتصر له قوله وقال بن عيينة عن صدقة أنكاثا هي خرقاء كانت إذا أبرمت غزلها نقضته وصله بن أبي حاتم عن أبيه عن أبي عمر العدني والطبري من طريق الحميدي كلاهما عن بن عيينة عن صدقة عن السدي قال كانت بمكة امرأة تسمى خرقاء فذكر مثله وفي تفسير مقاتل أن اسمها ريطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم وعند البلاذري أنها والدة أسد بن عبد العزي بن قصي وأنها بنت سعد بن تميم بن مرة وفي غرر التبيان أنها كانت تغزل هي وجواريها من الغداة إلى نصف النهار ثم تأمرهن بنقض ذلك هذا دأبها لا تكف عن الغزل ولا تبقى ما غزلت وروى الطبري من طريق بن جريج عن عبد الله بن كثير مثل رواية صدقة المذكور ومن طريق سعيد عن قتادة قال هو مثل ضربه الله تعالى لمن نكث عهده وروى
[ 294 ]
بن مردويه بإسناد ضعيف عن بن عباس أنها نزلت في أم زفر الآتي ذكرها في كتاب الطب والله أعلم وصدقة هذا لم أر من ذكره في رجال البخاري وقد أقدم الكرماني فقال صدقة هذا هو بن الفضل المروزي شيخ البخاري وهو يروي عن سفيان بن عيينة وهنا روى عنه سفيان ولا سلف له فيما ادعاه من ذلك ويكفي في الرد عليه ما أخرجناه من تفسير بن جرير وابن أبي حاتم من رواية صدقة هذا عن السدي فإن صدقه بن الفضل المروزي ما أدرك السدي ولا أصحاب السدي وكنت أظن أن صدقة هذا هو بن أبي عمران قاضي الاهواز لان لابن عيينة عنه رواية إلى أن رأيت في تاريخ البخاري صدقة أبو الهذيل روى عن السدي قوله روى عنه بن عيينة وكذا ذكره بن حبان في الثقات من غير زيادة وكذا بن أبي حاتم عن أبيه لكن قال صدقة بن عبد الله بن كثير القارئ صاحب مجاهد فظهر أنه غير بن أبي عمران ووضح أنه من رجال البخاري تعليقا فيستدرك على من صنف في رجاله فإن الجميع أغفلوه والله أعلم قوله وقال بن مسعود الامة معلم الخير والقانت المطيع وصله الفريابي وعبد الرزاق وأبو عبيد الله في المواعظ والحاكم كلهم من طريق الشعبي عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال قرئت عنه هذه الآية إن إبراهيم كان أمة قانتا لله فقال بن مسعود إن معاذا كان أمة قانتا لله فسئل عن ذلك فقال هل تدرون ما الامة الامة الذي يعلم الناس الخير والقانت الذي يطيع الله ورسوله (0) قوله باب قوله تعالى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر ذكر فيه حديث أنس في الدعاء بالاستعاذة من ذلك وغيره وسيأتي شرحه في الدعوات (4430) وشعيب الراوي عن أنس هو بن الحبحاب بمهملتين وموحدتين وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال أرذل العمر هو الخرف وروى بن مردويه من حديث أنس أنه مائة سنة (0) قوله سورة بني إسرائيل بسم الله الرحمن الرحيم ثبتت البسملة لابي ذر (4431) قوله سمعت بن مسعود قال في بني إسرائيل والكهف ومريم إنهن من العتاق بكسر المهملة وتخفيف المثناة جمع عتيق وهو القديم أو هو كل ما بلغ الغاية في الجودة وبالثاني جزم جماعة في هذا الحديث وبالاول جزم أبو الحسين بن فارس وقوله الاول بتخفيف الواو وقوله هن من تلادي بكسر المثناة وتخفيف اللام أي مما حفظ قديما والتلاد قديم الملك وهو بخلاف الطارف ومراد بن مسعود أنهن من أول ما تعلم من القرآن وأن لهن فضلا لما فيهن من القصص وأخبار الانبياء والامم وسيأتي الحديث في فضائل القرآن بأتم من هذا السياق إن شاء الله تعالى قوله فسينغضون إليك رؤوسهم قال بن عباس يهزون وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس ومن طريق العوفي عن بن عباس قال يحركونها استهزاء ومن طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس نحوه ومن طريق سعيد عن قتادة مثله قوله وقال غيره نغضت سنك أي تحركت قال أبو عبيدة في قوله فسينغضون إليك رؤوسهم أي يحركونها استهزاء يقال نغضت سنة أي تحركت وارتفعت من أصلها وقال بن قتيبة المراد أنهم يحركون رؤوسهم استبعادا وروى سعيد بن منصور من طريق محمد بن كعب في قوله فسينغضون
[ 295 ]
قال يحركون (0) عز وجلقوله وقضينا إلى بني إسرائيل أخبرناهم إنهم سيفسدون والقضاء على وجوه قضى ربك أمر ومنه الحكم ان ربك يقضي بينهم ومنه الخلق فقضاهن سبع سماوات خلقهن قال أبو عبيدة في قوله وقضينا إلى بني إسرائيل أي أخبرناهم وفي قوله وقضى ربك أي أمر وفي قوله إن ربك يقضي بينهم أي يحكم وفي قوله فقضاهن سبع سماوات أي خلقهن وقد بين أبو عبيدة بعض الوجوه التي يرد به لفظ القضاء وأغفل كثيرا منها واستوعبها إسماعيل بن أحمد النيسابوري في كتاب الوجوه والنظائر فقال لفظه قضى في الكتاب العزيز جاءت على خمسة عشر وجها الفراغ فإذا قضيتم مناسككم والامر إذا قضى أمرا والاجل فمنهم من قضى نحبه والفصل لقضى الامر بيني وبينكم والمضي ليقضي الله أمرا كان مفعولا والهلاك لقضى إليهم أجلهم والوجوب لما قضى الامر والابرام في نفس يعقوب قضاها والاعلام وقضينا إلى بني إسرائيل والوصية وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه والموت فوكزه موسى فقضى عليه والنزول فلما قضينا عليه الموت والخلق فقضاهن سبع سماوات والفعل (4625) كلا لما يقض ما أمره يعني حقا لم يفعل والعهد إذ قضينا إلى موسى الامر وذكر غيره القدر المكتوب في اللوح المحفوظ كقوله وكان أمرا مقضيا والفعل فاقض ما أنت قاض والوجوب إذ قضى الامر أي وجب لهم العذاب والوفاء كفائت العبادة ؟ ؟ ؟ ضي الله تعالى عنه و الكفاية وإن يقضي عن أحد من بعدك انتهى وبعض هذه الاوجه متداخل وأغفل أنه يرد بمعنى الانتهاء فلما قضى زيد منها وطرأ وبمعنى الاتمام ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده وبمعنى كتب إذا قضى أمرا وبمعنى الاداء وهو ما ذكر بمعنى الفراغ ومنه قضى دينه وتفسير قضى ربك أن لا تعبدوا بمعنى وصي منقول من مصحف أبي بن كعب أخرجه الطبري وأخرجه أيضا من طريق قتادة قال هي في مصحف بن مسعود ووصومن طريق مجاهد في قوله وقضى قال وأوصى ومن طريق الضحاك أنه قرأ ووصى وقال ألصقت الواو بالصاد فصارت قافا فقرئت وقضى كذا قال واستنكروه منه وأما تفسيره بالامر كما قال أبو عبيدة فوصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس ومن طريق الحسن وقتادة مثله وروى بن أبي حاتم من طريق ضمرة عن الثوري قال معناه أمر ولو قضى لمضى يعني لو حكم وقال الازهري القضاء مرجعه إلى انقطاع الشئ وتمامه ويمكن رد ما ورد من ذلك كله إليه وقال الازهري أيضا كل ما أحكم عمله أو ختم أو أكمل أو وجب أو ألهم أو أنفذ أو مضى فقد قضى وقال في قوله تعالى وقضينا إلى بني إسرائيل أي أعلمناهم علما قاطعا انتهى والقضاء يتعدى بنفسه وإنما تعدى بالحرف في قوله تعالى وقضينا إلى بني إسرائيل لتضمنه معنى أوحينا قوله نفيرا من ينفر معه قال أبو عبيدة في قوله أكثر نفيرا قال الذين ينفرون معه وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله وجعلناكم أكثر نفيرا أي عددا ومن طريق أسباط عن السدي مثله قوله ميسورا لينا قال أبو عبيدة في قوله فقل لهم قولا ميسورا أي لينا وروى الطبري من طريق إبراهيم النخعي في قوله فقل لهم قولا ميسورا أي لصام تعدهم (0) ومن طريق عكرمة قال عدهم عدة حسنة وروى بن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي موسى عن بن عباس في قوله تعالى فقل لهم قولا ميسورا قال العدة ومن طريق السدي قال تقول نعم وكرامة وليس عندنا اليوم ومن طريق الحسن نقول سيكون إن شاء الله تعالى قوله خطأ إثما وهو اسم من خطئت والخطأ مفتوح مصدره من الاثم خطئت بمعنى
[ 296 ]
أخطات قال أبو عبيدة في قوله كان خطئا كبيرا أي إمما وهو اسم من خطئت فإذا فتحته فهو مصدر قال الشاعر دعيني إنما خطئي وصوبي على وإنما اهلكت مالي ثم قال وخطئت وأخطات لغتان وتقول العرب خطئت إذا أذنبت عمدا وأخطأت إذا أذنبت على غير عمد واختار الطبري القراءة التي بكسر ثم سكون وهي المشهورة ثم أسند عن مجاهد في قوله خطئا قال خطيئة قال وهذا أولى لانهم كانوا يقتلون أولادهم على عمد لا خطأ فنهوا عن ذلك وأما القراءة بالفتح فهي قراءة بن ذكوان وقد أجابوا عن الاستبعاد الذي أشار إليه الطبري بأن معناها إن قتلهم كان غير صواب تقول أخطأ يخطئ خطأ إذا لم يصب وأما قول أبي عبيدة الذي تبعه فيه البخاري حيث قال خطئت بمعنى أخطأت ففيه نظر فإن المعروف عند أهل اللغة أن خطئ بمعنى أثم وأخطأ إذا لم يتعمد أو إذا لم يصب قوله حصيرا محبسا محصرا أما محبسا فهو تفسير بن عباس وصله بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عنه في قوله وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا قال محبسا وقال أبو عبيدة في قوله حصيرا قال محصرا قوله تخرق تقطع قال أبو عبيدة في قوله تعالى لن تخرق الارض قال لن تقطع قوله وإذ هم نجوى مصدر من ناجيت فوصفهم بها والمعنى يتناجون كذا فيه وقال أبو عبيدة في قوله إذ يستمعون إليك وإذهم نجوى هو مصدر ناجيت أو اسم منها فوصف بها القوم كقولهم هم عذاب فجاءت نجوى في موضع متناجين انتهى ويحتمل أن يكون على حذف مضاف أي وهو ذوو نجوى أو هو جمع نجى كقتيل وقتلى قوله رفانا حطاما قال أبو عبيدة في قوله رفاتا أي حطاما أي عظاما محطمة وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أئذا كنا عظاما ورفاتا قال ترابا قوله واستفزز استخف بخيلك الفرسان والرجل والرجال والرجالة وأحدها راجل مثل صاحب وصحب وتاجر وتجر هو كلام أبي عبيدة بنصه وتقدم شرحه في بدء الخلق وروى بن أبي حاتم من طريق مجاهد في قوله واستفزز قال استنزل قوله حاصبا الرياح العاصف والحاصب أيضا ما ترمي به الريح ومنه حصب جهنم يرمي به في جهنم وهم حصبها ويقال حصب في الارض ذهب والحاصب مشتق من الحصباء الحجارة تقدم في صفة النار من بدء الخلق قال أبو عبيدة في قوله ويرسل عليكم حاصبا أي ريحا عاصفا تحصب ويكون الحاصب من الجليد أيضا قال الفرزدق بحاصب كنديف القطن منثور وفي قوله حصب جهنم كل شئ ألقيته في النار فقد حصبتها به وروى بن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال أو يرسل عليكم حاصبا قال حجارة من السماء ومن طريق السدي قال راميا يرميكم بحجارة قوله تارة أي مرة والجمع تير وتارات هو كلام أبي عبيدة أيضا وقوله والجمع تير بكسر المثناة الفوقانية وفتح المثناة التحتانيه وروى بن أبي حاتم من طريق شعبة عن قتادة في تارة أخرى قال مرة أخرى قوله لاحتنكن لاستأصلنهم يقال احتنك فلان ما عند فلان من علم استقصاه تقدم شرحه في بدء الخلق وروى سعيد بن منصور من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لاحتنكن قال لاحتوين قال يعني شبة الزناق قوله وقال بن عباس كل سلطان في القرآن فهو حجة وصله بن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة عن بن عباس وهذا على شرط الصحيح ورواه الفريابي بإسناد آخر
[ 297 ]
عن بن عباس وزاد وكل تسبيح في القرآن فهو صلاة قوله ولى من الذل لم يحالف أحدا وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولم يكن له ولي من الذل قال لم يحالف أحدا (0) قوله باب قوله أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام لم يختلف القراءة في أسرى بخلاف قوله في قصة لوط فأسر فقرئت بالوجهين وفيه تعقب على من قال من أهل اللغة أن أسرى وسرى بمعنى واحد قال السهيلي السري من سريت إذا سرت ليلا يعني فهو لازم والاسراء يتعدى في المعنى لكن حذف مفعوله حتى ظن من ظن أنهما بمعنى واحد وإنما معنى أسرى بعبده جعل البراق يسرى به كما تقول أمضيت كذا بمعنى جعلته يمضي لكن حسن حذف المفعول لقوة الدلالة عليه أو الاستغناء عن ذكره لان المقصود بالذكر المصطفى لا الدابة التي سارت به وأما قصة لوط فالمعنى سر بهم على ما يتحملون عليه من دابة ونحوها هذا معنى القراءة بالقطع ومعنى الوصل سر بهم ليلا ولم يأت مثل ذلك في الاسراء لانه لا يجوز أن يقال سربعبده بوجه من الوجوه انتهى والنفي الذي جزم به إنما هو من هذه الحيثية التي قصفيها الاشارة إلى أنه سار ليلا على البراق وإلا فلو قال قائل سرت بزيد بمعنى صاحبته لكان المعنى صحيحا ذكر فيه حديث أبي هريرة أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به بإيلياء بقدحين وقد تقدم شرحه في السيرة النبويه ويأتي في الاشربة وذكر فيه أيضا حديث جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما كذبتني قريش كذا للاكثر وللكشميهني كذبني بغير مثناة (4433) قوله فجلى الله لي بيت المقدس تقدم شرحه أيضا في السيرة النبوية والذي اقترح على النبي صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم بيت المقدس هو المطعم بن عدي أخرجه أبو يعلى من حديث أم هانئ وأخرج النسائي من طريق زرارة بن أبي أوفى عن بن عباس هذه القصة مطولة وقد ذكرت طرفا منها في أول شرح حديث الاسراء معزوا إلى أحمد والبزار ولفظ النسائي لما كان ليلة أسرى بي ثم أصبحت بمكة قطعت بأمري وعرفت أن الناس مكذبي فقعدت معتزلا حزينا فمر بن عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس إليه فقال له كالمستهزئ هل كان من شئ قال نعم قال ما هو قال إني أسرى بي الليله قال إلى أين قال إلى بيت المقدس قال ثم أصبحت بين أظهرنا قال نعم قال فلم ير أن يكذبه مخافة أن يجحد ما قال إن دعا قومه قال إن دعوت قومك لك تحدثهم قال نعم قال أبو جهل يا معشر بني كعب بن لؤي هلم قال فانقضت إليه المجالس فجاءوا حتى جلسوا إليهما قال حدث قومك بما حدثتني فحدثهم قال فمن مصفق ومن واضع يده على رأسمتعجبا وفي القوم من سافر إلى ذلك البلد ورأى المسجد قال فهل تستطيع أن تنعت لنا المسجد قال النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت أنعت لهم قال فما زلت أنعت حتى التبس على بعض النعت فجئ بالمسجد حتى وضع فنعته وأنا انظر إليه قال فقال القوم أما النعت فقد أصاب قوله زاد يعقوب بن إبراهيم حدثنا بن أخي بن شهاب عن عمه لما كذبتني قريش حين أسرى إلى بيت المقدس وصله الذهلي في الزهريات عن يعقوب بهذا الاسناد وأخرجه قاسم بن ثابت في الدلائل من طريقه ولفظه جاء ناس من قريش إلى أبي بكر فقالوا هل لك في صاحبك يزعم أنه أتى بيت المقدس ثم رجع إلى مكة في ليلة واحدة قال أبو بكر أو قال ذلك قالوا نعم قال لقد صدق وروى الذهلي أيضا وأحمد في مسنده جميعا عن يعقوب بن إبراهيم المذكور عن أبيه عن صالح بن كيسان عن بن شهاب بسنده لما كذبتني قريش الحديث فلعله دخل إسناد في إسناد أو لما كان
[ 298 ]
الحديثان في قصة واحدة أدخل ذلك (0) قوله باب قوله تعالى ولقد كرمنا بني آدم كرمنا وأكرمنا واحد أي في الاصل وإلا فالتشديد أبلغ قال أبو عبيدة كرمنا أي أكرمنا إلا أنها أشد مبالغة في الكرامة انتهى وهي من كرم بضم الراء مثل شرف وليس من الكرم الذي هو في المال قوله ضعف الحياة وضعف الممات عذاب الحياة وعذاب الممات قال أبو عبيدة في قوله ضعف الحياة مختصر والتقدير ضعف عذاب الحياة وضعف عذاب الممات وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ضعف الحياة قال عذابها وضعف الممات قال عذاب الآخرة ومن طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال ضعف عذاب الدنيا والآخرة ومن طريق سعيد عن قتادة مثله وتوجيه ذلك أن عذاب النار يوصف بالضعف قال لقوله تعالى عذابا ضعفا من النار أي عذابا مضاعفا فكأن الاصل لاذقناك عذابا ضعفا في الحياة ثم حذف الموصوف وأقام الصفة مقامه ثم أضيفت إضافة الموصوف فهو كما لو قيل أليم الحياة مثلا قوله خلافك وخلفك سواء قال أبو عبيدة في قوله وإذا لا يلبثون خلفك إلا قليلا أي بعدك قال وخلفك سواء وهما لغتين بمعنى وقرئ بهما قلت والقراءتان مشهورتان فقرأ خلفك الجمهور وقرأ خلافك بن عامر والاخوان وهي رواية حفص عن عاصم قوله ونأي تباعد هو قول أبي عبيدة قال في قوله ونأي بجانبه أي تباعد قوله شاكلته ناحيته وهي من شكلته وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله على شاكلته قال على ناحيته ومن طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال على طبيعته وعلى حدته ومن طريق سعيد عن قتادة قال يقول على ناحيته وعلى ما ينوي وقال أبو عبيدة قل كل يعمل على شاكلته أي على ناحيته وخلقته ومنها قولهم هذا من شكل هذا قوله صرفنوجهنا قال أبو عبيدة في قوله ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن أي وجهنا وبينا قوله حصيرا محبسا (0) هو قول أبي عبيدة أيضا وهو بفتح الميم وكسر الموحدة وروى بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال حصيرا أي سجنا قوله قبيمعاينة ومقابلة وقيل القابلة لانها مقابلتها وتقبل ولدها قال أبو عبيدة والملائكة قبيلا مجاز مقابلة أي معاينة قال الاعشى كصرخة حبلى بشرتها قبيلها أي قابلتها وقال بن التين ضبط بعضهم تقبل ولدها بضم الموحدة وليس بشئ وروى بن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قبيلا أي جندا تعاينهم معاينة قوله خشية الانفاق يقال أنفق الرجل املق ونفق الشئ ذهب كذا ذكره هنا والذي قاله أبو عبيدة في قوله ولا تقتلوا أولادكم من إملاق أي من ذهاب مال يقال أملق فلان ذهب ماله وفي قوله ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق أي فقر وقوله نفق الشئ ذهب هو بفتح الفاء ويجوز كسرها هو قول أبي عبيدة وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال خشية الانفاق أي خشية أن ينفقوا فيفتقروا قوله قتورا مقترا هو قول أبي عبيدة أيضا قوله للاذقان مجتمع اللحيين الواحد ذقن هو قول أبي عبيدة أيضا وسيأتي له تفسير آخر قريبا واللحيين بفتح اللام ويجوز كسرها تثنية لحية قوله وقال مجاهد موفورا وافرا وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عنه سواء قوله تبيعا ثائرا وقال بن عباس نصيرا أما قول مجاهد فوصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عنه في قوله ثم لاتجد لك علينا به تبيعا أي ثائرا وهو اسم فاعل من الثأر يقال لكل طالب بثأر وغيره تبيع وتابع ومن
[ 299 ]
طريق سعيد عن قتادة أي لا تخاف أن تتبع بشئ من ذلك وأما قول بن عباس فوصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عنه في قوله تبيعا قال نصيرا قوله لا تبذر لا تنفق في الباطل وصله الطبري من طريق عطاء الخراساني عن بن عباس في قوله ولا تبذر لا تنفق في الباطل والتبذير السرف في غير حق ومن طريق عكرمة قال المبذر المنفق في غير حق ومن طرق متعددة عن أبي العبيدين وهو بلفظ التصغير والتثنية عن بن مسعود مثله وزاد في بعضها كنا أصحاب محمد نتحدث أن التبذير النفقة في غير حق قوله ابتغاء رحمة رزق وصله الطبري من طريق عطاء عن بن عباس في قوله تعالى واما تعرفن عنهم ابتغاء رحمة من ربك قال ابتغاء رزق ومن طريق عكرمة مثله ولابن أبي حاتم من طريق إبراهيم النخعي في قوله ابتغاء رحمة من ربك ترجوها قال فضلا قوله مثبورا ملعونا وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس ومن وجه آخر عن سعيد بن جبير عنه ومن طريق العوفي عنه قال مغلوبا ومن طريق الضحاك مثله ومن طريق مجاهد قال هالكا ومن طريق قتادة قال مهلكا ومن طريق عطية قال مغيرا مبدلا ومن طريق بن زيد بن أسلم قال مخبولا لا عقل له قوله فجاسوا تيمموا أخرجه بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله فجاسوا خلال الديار أي فمشوا وقال أبو عبيدة جاس يجوس أي نقب وقيل نزل وقيل قتل وقيل تردد وقيل هو طلب الشئ باستقصاء وهو بمعنى نقب قوله يزجى الفلك يجري الفلك وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عنه به ومن طريق سعيد عن قتادة يزجى الفلك أي يسيرها في البحر قوله يخرون للاذقان للوجوه وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عنه وكذا أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله وعن معمر عن الحسن للحي وهذا يوافق قول أبي عبيدة الماضي والاول على المجاز (0) قوله باب وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها الآية ذكر فيه حديث عبد الله وهو بن مسعود كنا نقول للحي إذا كثروا في الجاهلية أم بنو فلان ثم ذكره عن شيخ آخر عن سفيان يعني بسنده قال أمر فالاولى بكسر الميم والثانية بفتحها وكلاهما لغتان وأنكر بن التين فتح الميم في أمر بمعنى كثر وغفل في ذلك ومن حفظه حجة عليه كما سأوضحه وضبط الكرماني أحدهما بضم الهمزة وهو غلط منه وقراءة الجمهور بفتح الميم وحكى أبو جعفر عن بن عباس أنه قرأها بكسر الميم وأثبتها أبو زيد لغة وأنكرها الفراء وقرأ أبو رجاء في آخرين بالمد وفتح الميم ورويت عن أبي عمرو وابن كثير وغيرهما واختارها يعقوب ووجهها الفراء بما ورد من تفسير بن مسعود وزعم أنه لا يقال أمرنا بمعنى كثرنا إلا بالمد وأعتذر عن حديث أفضل المال مهرة مأمورة فإنها ذكرت للمزاوجة لقوله فيه أو سكة مأبورة وقرأ أبو عثمان النهدي كالاول لكن بتشديد الميم بمعنى الامارة واستشهد الطبري بما أسنده من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله أمرنا مترفيها قال سلطنا شرارها ثم ساق عن أبي عثمان وأبي العالية ومجاهد أنهم قرؤوا بالتشديد وقيل التضعيف للتعدية والاصل أمرنا بالتخفيف أي كثرنا كما وقع في هذا الحديث الصحيح ومنه حديث خير المال مهرة مأمورة أي كثيرة النتاج أخرجه أحمد ويقال أمر بنو فلان أي كثروا وأمرهم الله كثرهم وأمروا أي كثروا وقد تقدم قول أبي سفيان في أول هذا الشرح في قصة هرقل حيث قال لقد أمر أمر بن أبي كبشة أي عظم واختار الطبري قراءة الجمهور واختار في تأويلها حملها على الظاهر وقال المعنى أمرنا مترفيها
[ 300 ]
بالطاعة فعصوا ثم أسنده عن بن عباس ثم سعيد بن جبير وقذ أنكر الزمخشري هذا التأويل وبالغ كعادته وعمدة إنكاره أن حذف ما لا دليل عليه غير جائز وتعقب بأن السياق يدل عليه وهو كقولك أمرته فعصاني أي أمرته بطاعتي فعصاني وكذا أمرته فامتثل (0) قوله باب ذرية من حملنا مع نوح إنه كان عبدا شكورا ذكر فيه حديث أبي هريرة في الشفاعة من طريق أبي زرعة بن عمرو عنه وسيأتي في شرحه في الرقاق وأورده هنا لقوله فيه يقولون يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الارض وقد سماك الله عبدا شكورا وقد مضى البحث في كونه أول الرسل في كتاب التيمم وقوله فيه في ذكر إبراهيم وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات فذكرهن أبو حيان في الحديث يشير إلى أن من دون أبي حيان اختصر ذلك وأبو حيان هو الراوي عن أبي زرعة وقد مضى ذلك في أحاديث الانبياء وفي الحديث رد على من زعم أن الضمير في قوله أنه كان عبدا شكورا لموسى عليه السلام وقد صحح بن حبان من حديث سلمان الفارسي كان نوح إذا طعم أو لبس حمد الله فسمي عبدا شكورا وله شاهد عند بن مردويه من حديث معاذ بن أنس وآخر من حديث أبي فاطمة وقوله ينفذهم البصر بفتح أوله وضم الفاء من الثلاثي أي يخرقهم وبضم أوله وكسر الفاء من الرباعي أي يحيط بهم والذال معجمة في الرواية وقال أبو حاتم السجستاني أصحاب الحديث يقولونه بالمعجمة وإنما هو بالمهملة ومعناه يبلغ أولهم واخرهم وأجيب بأن المعنى يحيط بهم الرائي لا يخفى عليه منهم شئ لاستواء الارض فلا يكون فيها ما يستتر به أحد من الرائي وهذا أولى من قول أبي عبيدة يأتي عليهم بصر الرحمن إذ رؤية الله تعالى محيطة بجميعهم في كل حال سواء الصعيد المستوى وغيره ويقال نفذه البصر إذا بلغه وجاوزه والنفاذ الجواز والخلوص من
[ 301 ]
الشئ ومنه نفذ السهم إذا خرق الرمية وخرج منها (0) قوله باب قوله وآتينا داود زبورا ذكر فيه حديث أبي هريرة خفف على داود القرآن ووقع في رواية لابي ذر القراءة والمراد بالقرآن مصدر القراءة لا القرآن المعهود لهذه الامة وقد تقدم إشباع القول فيه في ترجمة داود عليه السلام من أحاديث الانبياء (0) قوله باب قل ادعوا الذين زعمتم من دونه الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى تحويلا قوله يحيى هو القطان وسفيان هو الثوري وسليمان هو الاعمش وإبراهيم هو النخعي وأبو معمر هو عبد الله الازدي وعبد الله هو بن مسعود قوله عن عبد الله إلى ربهم الوسيلة قال كان ناس في رواية النسائي من هذا الوجه عن عبد الله في قوله أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة قال كان ناس الخ والمراد بالوسيلة القربة أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وأخرجه الطبري من طريق أخرى عن قتادة ومن طريق بن عباس أيضا قوله فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم أي استمر الانس الذين كانوا يعبدون الجن على عبادة الجن والجن لا يرضون بذلك لكونهم أسلموا وهم الذين صاروا يبتغون إلى ربهم الوسيلة وروى الطبري من وجه آخر عن بن مسعود فزاد فيه والانس الذين كانوا يعبدونهم لا يشعرون بإسلامهم وهذا هو المعتمد في تفسير هذه الآية وأماما أخرجه الطبري من وجه آخر عن بن مسعود قال كان قبائل العرب يعبدون صنفا من الملائكة يقال لهم الجن ويقولون هم بنات الله فنزلت هذه الآية فإن ثبت فهو محمول على أنها نزلت في الفريقين وإلا فالسياق يدل على أنهم قبل الاسلام كانوا راضين بعبادتهم وليست هذه من صفات الملائكة وفي رواية سعيد بن منصور عن بن مسعود في حديث الباب فعيرهم الله بذلك وكذا ما أخرجه من طريق أخرى ضعيفة عن بن عباس أن المراد من كان يعبد الملائكة والمسيح وعزيزا تنبيه استشكل بن التين قوله ناسا من الجن من حيث أن الناس ضد الجن وأجيب بأنه على قول من قال أنه من ناس إذا تحرك أو ذكر للتقابل حيث قال ناس من الانس وناسا من الجن ويا ليت شعري على من يعترض قوله زاد الاشجعي هو عبيد الله بن عبيد الرحمن بالتصغير فيها قوله عن سفيان عن الاعمش قل ادعوا الذين زعمتم أي روى الحديث بإسناده وزاد في أوله من أول الآية التي قبلها وروى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس في قوله قل ادعوا الذين زعمتم إلى آخر الآية قال كان أهل الشرك يقولون نعبد الملائكة وهو الذين يدعون (0) قوله باب قوله أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة الآية ذكر فيه الحديث قبله من وجه آخر عن الاعمش مختصرا ومفعول يدعون محذوف تقديره أولئك الذين يدعونهم آلهة يبتغون إلى ربهم الوسيلة وقرأ بن مسعود تدعون بالمثناة الفوقانية على أن الخطاب للكفار وهو واضح وقوله أيهم أقرب معناه يبتغون من هو أقرب منهم إلى ربهم وقال أبو البقاء مبتدأ والخبر أقرب وهو استفهام في موضع نصب يبدعون ويجوز أن يكون بمعنى الذين وهو بدل من الضمير في يدعون كذا قال وكأنه ذهب إلى أن فاعل يدعون ويبتغون واحد والله اعلم (0) قوله باب وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس سقط باب لغير أبي ذر (4439) قوله عن عمرو هو بن دينار قوله هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به لم يصرح بالمرئي وعنه سعيد بن منصور من طريق أبي مالك قال هو ما أرى في طريقه إلى بيت المقدس قلت وقد بينت ذلك واضحا في الكلام على حديث الاسراء في السيرة
[ 302 ]
النبوية من هذا الكتاب قوله أريها ليلة أسرى به زاد سعيد بن منصور عن سفيان في آخر الحديث وليست رؤيا منام وقوله ليلة أسري به جاء فيه قوآخر فروى بن مردويه من طريق العوفي عن بن عباس قال أرى أنه دخل مكة هو وأصحابه فلما رده المشركون كان لبعض الناس بذلك فتنة وجاء فيه قول آخر فروى بن مردويه من حديث الحسين بن على رفعه إني أريت كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا فقيل هي دنيا تنالهم ونزلت هذه الآية وأخرجه بن أبي حاتم من حديث عمرو بن العاص ومن حديث يعلى بن مرة ومن مرسل بن المسيب نحوه وأسانيد الكل ضعيفة واستدل به على إطلاق لفظ الرؤيا على ما يرى بالعين في اليقظة وقد أنكره الحريري تبعا لغيره وقالوا إنما يقال رؤيا في المنام وأما التي في اليقظة فيقال رؤية وممن استعمل الرؤيا في اليقظة المتنبي في قوله ورؤياك أحلى في العيون من الغمض وهذا التفسير يرد على من خطأه قوله والشجرة الملعونة في القرآن قال شجرة الزقوم هذا هو الصحيح وذكره بن أبي حاتم عن بضعة عشر نفسا من التابعين ثم روى من حديث عبد الله بن عمرو أن الشجرة الملعونة الحكم بن أبي العاص وولده وإسناده ضعيف وأما الزقوم فقال أبو حنيفة الدينوري في كتاب النبات الزقوم شجرة غبراء تنبت في السهل صغيرة الورق مدورته لا شوك لها زفرة مرة ولها نور أبيض ضعيف تجرسه النحل ورؤوسها قباح جدا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال قال المشركون يخبرنا محمد أن في النار شجرة والنار تأكل للشجر فكان ذلك فتنة لهم وقال السهيلي الزقوم فعول من الزقم وهو اللقم الشديد وفي لغة تميمية كل طعام يتقيأ منه يقال له زقوم وقيل هو كل طعام ثقيل (0) قوله باب قوله ان قرآن الفجر كان مشهودا قال مجاهد صلاة الفجر وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عنه وزاد يجتمع فيها ملائكة الليل وملائكة النهار ومن طريق طريق العوفي عن بن عباس نحوه ثم ذكر فيه حديث أبي هريرة وقد تقدم شرحه في صفة الصلاة (0) قوله باب قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا روى النسائي بإسناد صحيح من حديث حذيفة قال يجتمع الناس في صعيد واحد فأول مدعو محمد فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك المهدي من هديت عبدك وابن عبديك وبك وإليك ولا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك تباركت وتعاليت فهذا قوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا وصححه الحاكم ولا منافاة بينه وبين حديث بن عمر في الباب لان هذا الكلام كأنه مقدمة الشفاعة وروى بن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي هلال أنه بلغه أن المقام المحمود الذي ذكره الله أن النبي صلى الله عليه وسلم يكون يوم القيامة بين الجبار وبين جبريل فيغبطه لمقامه ذلك أهل الجمع ورجاله ثقات لكنه مرسل ومن طريق علي بن الحسين بن علي أخبرني رجل من أهل العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تمد الارض مد الاديم الحديث وفيه ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول أي رب عبادك عبدوك في أطراف الارض قال فذلك المقام المحمود ورجاله ثقات وهو صحيح إن كان الرجل صحابيا وقد تقدم في كتاب الزكاة أن المراد بالمقام المحمود أخذه بحلقة باب الجنة وقيل إعطاؤه لواء الحمد وقيل جلوسه على العرش أخرجه عبد بن حميد وغيره عن مجاهد وقيل شفاعته رابع أربعة وسيأتي بيانه في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى 444) رضي الله تعالى عنهما قوله حدثنا أبو الأحوص بمهملتين هو سلام بن سليم قوله عن آدم بن علي هو العجلي بصري ثقة وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وقد تقدم في الزكاة من
[ 303 ]
وجه آخر عن بن عمر وفيه تسمية بعض من أبهم هنا بقوله حدثنا فلان وقوله جثا بضم أوله والتنوين جمع جثوة كخطوة وخطا وحكى بن الاثير أنه روى جثى بكسر المثلثة وتشديد التحتانية جمع جاث وهو الذي يجلس على ركبته وقال بن الجوزي عن بن الخشاب إنما هو جثى بفتح المثلثة وتشديدها جمع جاث مثل غاز وغزى قوله حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم زاد في الرواية المعلقة في الزكاة فيشفع ليقضي بين الخلق ويأتي شرح حديث الشفاعة مستوفي في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى (4442) قوله رواة حمزة بن عبد الله أي بن عمر عن أبيه تقدم ذكر من وصله في كتاب الزكاة ثم ذكر المصنف حديث جابر في الدعاء بعد الاذان وقد تقدم شرحه في أبواب الاذان (0) قوله باب وقل جاء الحق وزهق الباطل الآية يزهق يهلك قال أبو عبيدة في قوله تزهق أنفسهم وهم كارهون أي تخرج وتموت وتهلك ويقال زهق ما عندك أي ذهب كله وروى بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس إن الباطل كان زهوقا أي ذاهبا ومن طريق سعيد عن قتادة زهق الباطل أي هلك قوله عن بن أبي نجيح كذا لهم وفي بعض النسخ حدثنا بن أبي نجيح قوله دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة عند مسلم والنسائي أن ذلك كان في فتح مكة وأوله في قصة فتح مكة إلى أن قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طاف بالبيت فجعل يمر بتلك الاصنام فجعل يطعنها بسية القوس ويقول جاء الحق وزهق الباطل الحديث بطوله وقد تقدم شرح ذلك مستوفى في غزوة الفتح بحمد الله تعالى وقوله وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب كذا للاكثر هنا بغير ألف وكذا وقع في رواية سعيد بن منصور لكن بلفظ صنم والاوجه نصبه على التمييز إذ لو كان مرفوعا لكان صفة والواحد لا يقع صفة للجمع ويحتمل أن يكون خبرا لمبتدأ محذوف والجملة صفة أو هو منصوب لكنه كتب بغير ألف على بعض اللغات (0) قوله باب ويسألونك عن الروح ذكر فيه حديث إبراهيم وهو النخعي عن علقمة عن عبد الله وهو بن مسعود (4444) قوله في حرث بفتح المهملة وسكون الراء بعدها مثلثة ووقع في كتاب العلم من وجه آخر بخاء معجمة وموحدة وضبطوه بفتح أوله وكسر ثانيه وبالعكس والاول أصوب فقد أخرجه مسلم من طريق مسروق عن بن مسعود بلفظ كان في نخل وزاد في رواية العلم بالمدينة ولابن مردويه من وجه آخر عن الاعمش في حرث للانصار وهذا يد على أن نزول الآية وقع بالمدينة لكن روى الترمذي من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة عن بن عباس قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فأنزل الله تعالى ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي ورجاله رجال مسلم وهو عند بن إسحاق من وجه آخر عن بن عباس نحوه ويمكن الجمع بأن يتعدد النزول بحمل سكوته في المرة الثانية على توقع مزيد بيان في ذلك وإن ساغ هذا وإلا فما في الصحيح أصح قوله يتوكأ أي يعتمد قوله على عسيب بمهملتين وآخره موحدة بوزن عظيم وهي الجريدة التي لا خوص فيها ووقع في رواية بن حبان ومعه جريدة قال بن فارس العسبان من النخل كالقضبان من غيرها قوله إذ مر اليهود كذا فيه اليهود بالرفع على الفاعلية وفي بقية الروايات في العلم والاعتصام والتوحيد وكذا عند مسلم إذ مر بنفر من اليهود وعند الطبري من وجه آخر عن الاعمش إذ مررنا على يهود ويحمل هذا الاختلاف على أن الفريقين تلاقوا فيصدق أن كلا مر بالآخر وقوله يهود هذا اللفظ معرفة
[ 304 ]
تدخله اللام تارة وتارة ينجرد وحذفوا منه ياء النسبة ففرقوا بين مفرده وجمعه كما قالوا زنج وزنجي ولم أقف في شئ من الطرق على تسمية أحد من هؤلاء اليهود قوله ما رأيكم إليه كذا للاكثر بصيغة الفعل الماضي من الريب ويقال فيه رأبه كذا وأرابه كذا بمعنى وقال أبو زيد رابه إذا علم منه الريب وأرأبه إذا ظن ذلك به ولابي ذر عن الحموي وحده بهمزة وضم الموحدة من الرأب وهو الاصلاح يقال فيرأب بين القوم إذا أصلح بينهم وفي توجيهه هنا بعد وقال الخطابي الصواب ما أربكم بتقديم الهمزة وفتحتين من الارب وهو الحاجة وهذا واضح المعنى لو ساعدته الرواية نعم رأيته في رواية المسعودي عن الاعمش عند الطبري كذلك وذكر بن التين أن رواية القابسي كرواية الحموي لكن بتحتانية بدل الموحدة من الرأي والله أعلم قوله وقال بعضهم لا يستقبلكم بشئ تكرهونه في رواية العلم لا يجئ فيه بشئ تكرهونه وفي الاعتصام لا يسمعكم ما تكرهون وهي بمعنى وكلها بالرفع على الاستئناف ويجوز السكون وكذا النصب أيضا قوله فقالوا سلوه في رواية التوحيد فقال بعضهم لنسألنه واللام جواب قسم محذوف قوله فسألوه عن الروح في رواية التوحيد فقام رجل منهم فقال يا أبا القاسم ما الروح وفي رواية العوفي عن بن عباس عند الطبري فقالوا أخبرنا عن الروح قال بن التين اختلف الناس في المراد بالروح المسئول عنه في هذا الخبر على أقوال الاول روح الانسان الثاني روح الحيوان الثالث جبريل الرابع عيسى الخامس القرآن السادس الوحي السابع ملك يقوم وحده صفا يوم القيامة الثامن ملك له أحد عشر ألف جناح ووجه وقيل ملك له سبعون ألف لسان وقيل له سبعون ألف وجه في كل وجه سبعون ألف لسان لكل لسان ألف لغة يسبح الله تعالى يخلق الله بكل تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة وقيل ملك رجلاه في الارض السفلى ورأسه عند قائمة العرش التاسع خلق كخلق بني آدم يقال لهم الروح يأكلون ويشربون لا ينزل ملك من السماء إلا نزل معه وقيل بل هم صنف من الملائكة يأكلون ويشربون انتهى كلامه ملخصا بزيادات من كلام غيره وهذا إنما اجتمع من كلام أهل التفسير في معنى لفظ الروح الوارد في القرآن لا خصوص هذه الآية فمن الذي في القرآن نزل به الروح الامين وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا يلقى الروح من ؟ ؟ أم فالاول جبريل والثاني القرآن والثالث الوحي والرابع القوة والخامس والسادس محتمل لجبريل ولغيره ووقع إطلاق روح الله على عيسى وقد روى بن إسحاق في تفسيره بإسناد صحيح عن بن عباس قال الروح من الله وخلق من خلق الله وصور كبني آدم لا ينزل ملك إلا ومعه واحد من الروح وثبت عن بن عباس أنه كان لا يفسر الروح أي لا يعين المراد به فالآية وقال الخطابي حكوا في المراد بالروح في الآية أقوالا قيل سألوه عن جبريل وقيل عن ملك له ألسنة وقال الاكثر سألوه عن الروح التي تكون بها الحياة في الجسد وقال أهل النظر سألوه عن كيفية مسلك الروح في البدن وامتزاجه به وهذا هو الذي استأثر الله بعلمه وقال القرطبي الراجح أنهم سألوه عن روح الانسان لان اليهود لا تعترف بأن عيسى روح الله ولا تجهل أن جبريل ملك وأن الملائكة أرواح وقال الامام فخر الدين الرازي المختار أنهم سألوه عن الروح الذي هو سبب الحياة وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه وبيانه أن السؤال عن الروح يحتمل عن ماهيته وهل هي متحيزة أم لا وهل هي حالة في متحيز أم لا وهل هي
[ 305 ]
قديمة أو حادثة وهل تبقى بعد انفصالها من الجسد أو تفنى وما حقيقة تعذيبها وتنعيمها وغير ذلك من متعلقاتها قال وليس في السؤال ما يخصص أحد هذه المعاني إلا أن الاظهر أنهم سألوه عن الماهية وهل الروح قديمة أو حادثة والجواب يدل على أنها شئ موجود مغاير للطبائع والاخلاط وتركيبها فهو جوهر بسيط مجرد لا يحدث إلا بمحدث وهو قوله تعالى كن فكأنه قال هي موجودة محدثة بأمر الله وتكوينه ولها تأثير في إفادة الحياة للجسد ولا يلزم من عدم العلم بكيفيتها المخصوصة نفيه قال ويحتمل أن يكون المراد بالامر في قوله من أمر ربي الفعل كقوله وما أمر فرعون برشيد أي فعله فيكون الجواب الروح من فعل ربي وإن كان السؤال هل هي قديمة أو حادثة فيكون الجواب إنها حادثة إلى أن قال وقد سكت السلف عن البحث في هذه الاشياء والتعمق فيها أه وقد تنطع قوم فتباينت أقوالها فقيل هي النفس الداخل والخارج وقيل الحياة وقيل جسم لطيف يحل في جميع البدن وقيل هي الدم وقيل هي عرض حتى قيل إن الاقوال فيها بلغت مائة ونقل بن منده عن بعض المتكلمين أن لكل نبي خمسة أرواح وأن لكل مؤمن ثلاثة ولكل حي واحدة وقال بن العربي اختلفوا في الروح والنفس فقيل متغايران وهو الحق وقيل هما شئ واحد قال وقد يعبر بالروح عن النفس وبالعكس كما يعبر عن الروح وعن النفس بالقلب وبالعكس وقد يعبر عن الروح بالحياة حتى يتعدى ذلك إلى غير العقلاء بل إلى الجماد مجازا وقال السهيلي يدل على مغايرة الروح والنفس قوله تعالى فإذا سويته ونفخت فيه من روحي وقوله تعالى تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك فأنه لا يصح جعل أحدهما موضع الآخر ولولا التغاير لساغ ذلك قوله فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم في رواية الكشمهيني عليه بالافراد وفي رواية العلم فقام متوكئا على العسيب وأنا خلفه قوله فعلمت أنه يوحى إليه في رواية التوحيد فظننت أنه يوحى إليه وفي الاعتصام فقلت إنه يوحى إليه وهي متقاربة وإطلاق العلم على الظن مشهور وكذا إطلاق القول على ما يقع في النفس ووقع عند بن مردويه من طريق بن إدريس عن الاعمش فقام وحنى من رأسه فظننت أنه يوحى إليه قوله فقمت مقامي في رواية الاعتصام فتأخرت عنه أي أدبا معه لئلا يتشوش بقربي منه قوله فلما نزل الوحي قال في رواية الاعتصام حتى صعد الوحي فقال وفي رواية العلم فقمت فلما انجلى قوله من أمر ربي قال الاسماعيلي يحتمل أن يكون جوابا وأن الروح من جملة أمر الله وأن يكون المراد أن الله اختص بعلمه ولا سؤال لاحد عنه وقال بن القيم ليس المراد هنا بالامر الطلب اتفاقا وإنما المراد به المأمور والامر يطلق على المأمو كالخلق على المخلوق ومنه لما جاء أمر ربك وقال بن بطال معرفة حقيقة الروح مما استأثر الله بعلمه بدليل هذا الخبر قال والحكمة في إبهامه اختبار الخلق ليعرفهم عجزهم عن علم ما لا يدركونه حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه وقال القرطبي الحكمة في ذلك إظهار عجز المرء لانه إذا لم يعلم حقيقة نفسه مع القطع بوجوده كان عجزه عن إدراك حقيقة الحق من باب الاولى وجنح بن القيم في كتاب الروح إلى ترجيح أن المراد بالروح المسئول عنها في الآية ما وقع في قوله تعالى يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال وأما أرواح بني آدم فلم يقع تسميتها في القرآن الا نفسا كذا قال ولا دلالة في ذلك لما رجحه بل الراجح الاول فقد أخرج الطبري من طريق العوفي عن بن عباس في هذه القصة أنهم قالوا عن الروح وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإنما الروح من الله فنزلت
[ 306 ]
الآية وقال بعضهم ليس في الآية دلالة على أن الله لم يطلع نبيه على حقيقة الروح بل يحتمل أن يكون أطلعه ولم يأمره أنه يطلعهم وقد قالوا في علم الساعة نحو هذا والله أعلم وممن رأى الامساك عن الكلام في الروح إسناد الطائفة أبو القاسم فقال فيما نقله في عوارف المعارف عنه بعد أن نقل كلام الناس في الروح وكان الاولى الامساك عن ذلك والتأدب بأدب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نقل عن الجنيد أنه قال الروح استأثر الله تعالى بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه فلا تجوز العبادة عنه بأكثر من موجوده وعلى ذلك جرى بن عطية وجمع من أهل التفسير وأجاب من خاض في ذلك بأن اليهود سألوا عنها سؤال تعجيز وتغليط لكونه يطلق على أشياء فأضمروا أنه بأي شئ أجاب قالوا ليس هذا المراد فرد الله كيدهم وأجابهم جوابا مجملا مطابقا لسؤالهم المجمل وقال السهروردي في العوارف يجوز أن يكون من خاض فيها سلك سبيل التأويل لا التفسير إذ لا يسوغ التفسير إلا نقلا وأما التأويل فتمتد العقول إليه بالباع الطويل وهو ذكر ما لا يحتمل إلا به من غير قطع بأنه المراد فمن ثم يكون القول فيه قال وظاهر الآية المنع من القول فيها لختم الآية بقوله وما أوتيتم من العلم إلا قليلا أخبرني اجعلوا حكم الروح من الكثير الذي لم تؤتوه فلا تسألوا عنه فإنه من الاسرار وقيل المراد بقوله أمر ربي كون الروح من عالم الامر الذي هو عالم الملكوت لا عالم الخلق الذي هو عالم الغيب والشهادة وقد خالف الجنيد ومن تبعه من الائمة جماعة من متأخري الصوفية فأكثروا من القول في الروح وصرح بعضهم بمعرفة حقيقتها وعاب من أمسك عنها ونقل بن منده في كتاب الروح له عن محمد بن نصر المروزي الامام المطلع على اختلاف الاحكام من عهد الصحابة إلى عهد فقهاء الامصار أنه نقل الاجماع على أن الروح مخلوقة وإنما ينقل القول بقدمها عن بعض غلاة الرافضة والمتصوفة واختلف هل تفنى عند فناء العالم قبل البعث أو تستمر باقية على قولين والله أعلم ووقع بعض التفاسير أن الحكمة في سؤال اليهود عن الروح أن عندهم في التوراة أن روح بني آدم لا يعلمها إلا الله فقالوا نسأله فإن فسرها فهو نبي وهو معنى قولهم لا يجئ بشئ تكرهونه وروى الطبري من طريق مغيرة عن إبراهيم في هذه القصة فنزلت الآية فقالوا هكذا نجده عندنا ورجاله ثقات إلا أنه سقط من الاسناد علقمة قوله وما أوتيتم من العلم كذا للكشميهني هنا وكذا لهم في الاعتصام ولغير الكشميهني هنا وما أوتوا وكذا لهم في العلم وزاد قال الاعمش هكذا قراءتنا وبين مسلم اختلاف الرواة عن الاعمش فيها وهي مشهورة عن الاعمش أعنى بلفظ وما أوتوا ولا مانع أن يذكرها بقراءة غيره وقراءة الجمهور وما أوتيتم والاكثر على أن المخاطب بذلك اليهود فتتحد القراءتان نعم وهي تتناول جميع علم الخلق بالنسبة إلى علم الله ووقع في حديث بن عباس الذي أشرت إليه أول الباب أن اليهود لما سمعوها قالوا أوتينا علما كثيرا التوراة ومن أوتى التوراة فقد أوتى خيرا كثيرا فنزلت قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي الآية قال الترمذي حسن صحيح قوله الا قليلا هو استثناء من العلم أي إلا قليلا أوما لاعطاء أي الاعطاء قليلا أو من ضمير المخاطب أو الغائب على القراءتين أي إلا قليلا منهم أو منكم وفي الحديث من الفوائد غير ما سبق جواز سؤال العالم في حال قيامه ومشيه إذا كان لا يثقل ذلك عليه وأدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم والعمل بما يغلب على الظن والتوقف عن الجواب بالاجتهاد لمن يتوقع النص وأن بعض المعلومات قد استأثر الله
[ 307 ]
بعلمه حقيقة وأن الامر يرد لغير الطلب والله أعلم (0) قوله باب ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها سقط باب لغير أبي ذر (4445) قوله حدثنا يعقوب بن إبراهيم هو الدورقي قوله أخبرنا أبو بشر في رواية غير أبي ذر حدثنا أبو بشر وهو جعفر بن أبي وحشية وذكر الكرماني أنه وقع في نسخته يونس بدل قوله أبو بشر وهو تصحيف قال الفربري أنبأنا محمد بن عياش قال لم يخرج محمد بن إسماعيل البخاري في هذا الكتاب من حديث هشيم إلا ما صرح فيه بالاخبار قلت يريد في الاصول وسبب ذلك أن هشيما مذكور بتدليس الاسناد قوله عن بن عباس كذا وصله هشيم وأرسله شعبة أخرجه الترمذي من طريق الطيالسي عن شعبة وهشيم مفصلا قوله نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم مختف بمكة يعني في أول الاسلام قوله رفع صوته بالقرآن في رواية الطبري من وجه آخر عن بن عباس فكان إذا صلى بأصحابه وأسمع المشركين فآذوه وفسرت رواية الباب الاذى بقوله سبوا القرآن وللطبري من وجه آخر عن سعيد بن جبير فقالوا له لا تجهر فتؤذي آلهتنا فنهجو إلهك ومن طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن بن عباس كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرق عنه أصحابه وإذا خفض صوته لم يسمعه من يريد أن يسمع قراءته فنزلت قوله ولا تجهر بصلاتك أي بقراءتك وفي رواية الطبري لا تجهر بصلاتك أي لا تعلن بقراءة القرآن إعلانا شديدا فيسمعك المشركون فيؤذونك ولا تخافت بها أي لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك وابتغ بين ذلك سبيلا أي طريقا وسطا (4446) رضي الله تعالى عنها قوله حدثنا طلق بفتح المهملة وسكون اللام بن غنام بالمعجمة والنون وهو النخعي من كبار شيوخ البخاري وروايته عنه في هذا الكتاب قليلة وشيخه زائدة هو بن قدامة قوله عن عائشة تابعه الثوري عن هشام وأرسله سعيد بن منصور عن يعقوب بن عبد الرحيم الاسكندراني عن هشام وكذلك أرسله مالك قوله أنزل ذلك في الدعاء هكذا أطلقت عائشة وهو أعم من أن يكون ذلك داخل الصلاة أو خارجها وقد أخرجه الطبري وابن خزيمة والعمري والحاكم من طريق حفص بن غياث عن هشام فزاد في الحديث في التشهد ومن طريق عبد الله بن شداد قال كان أعرابي من بني تميم إذا سئل النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم ارزقنا ما لا وولدا ورجح الطبري حديث بن عباس قال لانه أصح مخرجا ثم أسند عن عطاء قال يقول قوم إنها في الصلاة وقوم إنها في الدعاء وقد جاء عن بن عباس نحو تأويل عائشة أخرجه الطبري من طريق أشعث بن سوار عن عكرمة عن بن عباس قال نزلت في الدعاء ومن وجه آخر عن بن عباس مثله ومن طريق عطاء ومجاهد وسعيد ومكحول مثله ورجح النووي وغيره قول بن عباس كما رجحه الطبري لكن يحتمل الجمع بينهما بأنها نزلت في الدعاء داخل الصلاة وقد روى بن مردويه من حديث أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت ورفع صوته بالدعاء فنزلت وجاء عن أهل التفسير في ذلك أقوال أخر منها مروى سعيد بن منصور من طريق صحابي لم يسم رفعه في هذه الآية لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتعير بها ومنها ما روى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس لا تجهر بصلاتك أي لا تصل مراآة للناس ولا تخافت بها أي لا تتركها مخافة منهم ومن طرق عن الحسن البصري نحوه وقال الطبري لولا أننا لا نستجيز مخالفة أهل التفسير فيما جاء عنهم لاحتمل أن يكون المراد لا تجهر بصلاتك أي بقرءاتك نهارا ولا تخافت بها أي ليلا وكان ذلك
[ 308 ]
وجها لا يبعد من الصحة انتهى وقد أثبته بعض المتأخرين قولا وقيل الآية في الدعاء وهي منسوخة بقوله ادعوا ربكم تضرعا وخفية (0) سورة الكهف بسم الله الرحمن الرحيم ثبتت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد تقرضهم تتركهم وصله الفريابي عنه وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة نحوه وسقط هنا لابي ذر قوله وقال مجاهد وكان له ثمر ذهب وفضة وصله الفريابي بلفظه وأخرج الفراء من وجه آخر عن مجاهد قال ما كان في القرآن ثمر بالضم فهو المال وما كان بالفتح فهو النبات قوله وقال غيره جماعة الثمر كأنه عنى به قتادة فقد أخر الطبري من طريق أبي سفيان المعمري عن معمر عن قتادة قال الثمر المال كله وكل مال إذا اجتمع فهو ثمر إذا كان من لون الثمرة وغيرها من المال كله وروى بن المنذر من وجه آخر عن قتادة قال قرأ بن عباس ثمر يعني بفتحتين وقال يريد أنواع المال انتهى والذي قرأ هنا بفتحتين عاصم وبضم ثم سكون أبو عمرو والباقون بضمتين قال بن التين معنى قوله جماعة الثمر أن ثمرة يجمع على ثمار وثمار على ثمر قوله باخع مهلك هو قول أبي عبيدة وأنشد لذي الرمة ألا أيهذا الباخع الوجد نفسه وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة باخع نفسك أي قاتل نفسك قوله أسفا ندما هو قول أبي عبيدة وقال قتادة حزنا قوله الكهف الفتح في الجبل والرقيم الكتاب مرقوم من كتوب من الرقم تقدم جميع ذلك في أحاديث الانبياء مشروحا قوله أمدا غاية طال عليهم الامد سقط هذا لابي ذر وهو قول أبي عبيدة وروى عبد بن حميد من طريق مجاهد في قوله أمدا قال عددا قوله وقال سعيد يعني بن جبير عن بن عباس الرقيم لوح من رصاص كتب عاملهم أسماءهم ثم طرحه في خزانته فضرب الله على آذانهم وصله عبد بن حميد من طريق يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير مطولا وقد لخصته في أحاديث الانبياء وإسناده صحيح على شرط البخاري وقد روى بن مردويه من طريق عكرمة عن بن عباس أنه قال ما كنت أعرف الرقيم ثم سألت عنه فقيل لي هي القرية التي خرجوا منها وإسناده ضعيف قوله وقال غيره ربطنا على قلوبهم ألهمناهم صبرا تقدم شرحه في أحاديث الانبياء قوله لولا أن ربطنا على قلبها أي ومن هذه المادة هذا الموضع ذكره استطرادا وإنما هو في سورة القصص وهو قول أبي عبيدة أيضا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لولا أن ربطنا على قلبها بالايمان قوله مرفقا كل شئ ارتفقت به هو قول أبي عبيدة وزاد ويقرؤه قوم بفتح الميم وكسر الفاء انتهى وهي قراءة نافع وابن عامر واختلف هل هما بمعنى أم لا فقيل هو بكسر الميم للجارحة وبفتحها للاموقد يستعمل أحدهما موضع الآخر وقيل لغتان فيما يرتفق به وأما الجارحة فبالكسر فقط وقيل لغتان في الجارحة أيضا وقال أبو حاتم هو بفتح الميم الموضع كالمسجد وبكسرها الجارحة قوله تزاور من الزور والازور الاميل هو قول أبي عبيدة قوله فجوة متسع والجمع فجوات وفجى كقولك زكوات وزكاة هو قول أبي عبيدة أيضا قوله شططا إفراطا الوصيد الفناء الخ تقدم كله في أحاديث الانبياء قوله بعثناهم أحييناهم هو قول أبي عبيدة وروى عبد الرزاق من طريق عكرمة قال كان أصحاب الكهف أولاد ملوك اعتزلوا قومهم
[ 309 ]
في الكهف فاختلفوا في بعث الروح والجسد فقال قائل يبعثان وقال قائل تبعث الروح فقط وأما الجسد فتأكله الارض فأماتهم ثم أحياهم فذكر القصة قوله أزكى أكثر ويقال أحل ويقال أكثر ريعا تقدم أيضا وروى سعيد بن منصور من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس أحل ذبيحة وكانوا يذبحون للط واغيت تنبيه سقط من قوله الكهف الفتح إلى هنا من رواية أبي ذر هنا وكأنه استغنى بتقديم جل ذلك هناك قوله وقال غيره لم يظلم لم ينقص كذا لابي ذر ولغيره وقال بن عباس فذكره وقد وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس وكذا الطبري من طريق سعيد عن قتادة قوله وقال مجاهد موئلا محرزا وصله الفريابي وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله موئلا قال ملجأ ورجحه بن قتيبة وقال هو من وأل إذا لجأ إليه وهو هنا مصدر وأصل الموئل المرجح قوله وألت تئل تنجو قال أبو عبيدة في قوله موئلا ملجأ ومنجأ قال الشاعر فلا وألت نفس عليها تحاذر أي لا نجت قوله لا يستطيعون سمعا أي لا يعقلون وصله الفريابي من طريق مجاهد مثله (0) قوله باب وكان الانسان أكثر شئ جدلا ذكر فيه حديث على مختصرا ولم يذكر مقصود الباب على عادته في التعمية وقد تقدم شرحه مستوفي في صلاة الليل وفيه ذكر الآية المذكورة وقوله في آخره ألا تصليان زاد في نسخة الصغائي وذكر الحديث والآية إلى قوله أكثر شئ جدلا (4447) قوله رجما بالغيب لم يستبن سقط هذا لابي ذر هنا وقد تقدم في أحاديث الانبياء ولقتادة عند عبد الرزاق رجما بالغيب قال قذفا بالظن قوله فرطا ندما وصله الطبري من طريق داود بن أبي هند في قوله فرطا قال ندامة وقال أبو عبيدة في قوله وكان أمره فرطا أي تضييعا وإسرافا وللطبري عن مجاهد قال ضياعا وعن السدي قال إهلاكا وعن بن جريج نزلت في عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر الفزاري قبل أن يسلم قوله سرادقها مثل السرادق والحجرة التي تطيف بالفساطيط هو قول أبي عبيدة لكنه تصرف فيه قال أبو عبيدة في قوله أحاط بهم سرادقها كسرادق الفسطاط وهي الحجرة التي تطوف بالفسطاط قال الشاعر سرادق المجد عليك ممدود وروى الطبري من طريق بن عباس بإسناد منقطع قال سرادقها حائط من نار قوله يحاوزه من المحاورة قال أبو عبيدة يحاوره أي يكلمه من المحاورة أي المراجعة قوله لكنا هو الله ربي أي لكن أنا هو الله ربي ثم حذف الالف وأدغم إحدى النونين في الاخرى هو قول أبي عبيدة وقال الفراء ترك الالف من أنا كثير في الكلام ثم أدغمت نون أنا في نون لكن وأنشد وترمقني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي أي لكن أنا إياك لا أقلي قال ومن العرب من يشبع ألف أنا فجاءت القراءة على تلك اللغة قوله وفجرنا خلالهما نهرا تقول بينهما ثبت لابي ذر وهو قول أبي عبيدة وقراءة الجمهور بالتشديد ويعقوب وعيسى بن عمر بالتخفيف قوله هنالك الولاية مصدر ولي الولي ولاء كذا لابي ذر وللباقين مصدر الولي وهو أصوب وهو قول أبي عبيدة قاله في تفسير سورة البقرة وقرأ الجمهور بفتح الواو والاخوان بكسرها وأنكره أبو عمرو والاصمعي لان الذي بالكسر الامارة ولا معنى له هنا وقال غيرهما الكسر لغة بمعنى الفتح كالدلالة بفتح دالها وكسرها بمعنى تنبيه يأتي قوله خير عقبا في الدعوات قوله قبلا وقبلا وقبلا استئنافا قال أبو عبيدة في قوله أو يأتيهم العذاب قبلا أي أولا
[ 310 ]
فإن فتحوا أولها فالمعنى استئنافا وغفل بن التين فقال لا أعرف للاستئناف هنا معنى وإنما هو استقبالا وهو يعود على قبلا بفتح القاف انتهى والمؤتنف قريب من المقبل فلا معنى لادعاء تفسيره قوله ليدحضوا ليزيلوا الدحض الزلق قال أبو عبيدة في قوله ليدحضوا به الحق أي ليزيلوا يقال مكان دحض أي مزل مزلق لا يثبت فيه خف ولا حافر (0) قوله باب قوله وإذ قال موسى لفتاه لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين اختلف في مكان مجمع البحرين فروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال بحر فارس والروم وعن الربيع بن أنس مثله أخرجه عبد بن حميد وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال هما الكر والرس حيث يصبان في البحر قال بن عطية مجمع البحرين ذراع في أرض فارس من جهة أذربيجان يخرج من البحر المحيط من شماليه إلى جنوبيه وطرفيه مما يلي بر الشام وقيل هما بحر الاردن والقلزم وقال محمد بن كعب القرظي مجمع البحرين بطنجة وعن بن المبارك قال قال بعضهم بحر أرمينية وعن أبي بن كعب قال بإفريقية أخرجهما بن أبي حاتم لكن السند إلى أبي بن كعب ضعيف وهذا اختلاف شديد وأغرب من ذلك ما نقله القرطبي عن بن عباس قال المراد بمجمع البحرين اجتماع موسى والخضر لانهما بحرا علم وهذا غير ثابت ولا يقتضيه اللفظ وإنما يحسن أن يذكر في مناسبة اجتماعهما بهذا المكان المخصوص كما قال السهيلي اجتمع البحران بمجمع البحرين قوله أو أمضى حقبا زمانا وجمعه أحقاب
[ 311 ]
هو قول أبي عبيدة قال ويقال فيه أيضا حقبة أي بكسر أوله والجمع حقب وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة الحقب الزمان وعن بن عباس الحقب الدهر وعن سعيد بن جبير الحقب الحين أخرجهما بن المنذر وجاء تقديره عن غيرهم فروى بن المنذر عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه ثمانون سنة وروى عبد بن حميد عن مجاهد أنه سبعون ثم ذكر المصنف قصة موسى والخضر وسأذكر شرح ذلك في الباب الذي يليه (0 قوله باب قوله فلما بلغا مجمع بينهما نسيا حوتهما ووقع في رواية الاصيلي فلما بلغ مجمع بينهما والاول هو الموافق للتلاوة قوله فاتخذ سبيله في البحر سربا مذهبا يسرب يسلك ومنه سارب بالنهار قال أبو عبيدة في قوله تعالى فاتخذ سبيله في البحر سربا أي مسلكا ومذهبا يسرب فيه وفي آية أخرى وسارب بالنهار وقال أيضا في قوله وسارب بالنهار سالك في سربه أي مذهبه ومنه أصبح فلان آمنا في سربه ومنه انسرب فلان إذا مضى (4449) عزوجل / قوله يزيد أحدهما على صاحبه يستفاد بيان زيادة أحدهما على الآخر من الاسناد الذي قبله فإن الاول من رواية سفيان عن عمرو بن دينار فقط وهو أحمد شيخي بن جريج فيه قوله وغيرهما قد سمعته يحدثه أي يحدث الحديث المذكور وعداه بغير الباء ووقع في رواية الكشميهني يحدث بحذف المفعول وقد عين بن جريج بعض من أبهمه كعثمان بن أبي سليمان وروى شيئا من هذه القصة عن سعيد بن جبير من مشايخ بن جريج عبد الله بن عثمان بن خثيم وعبد الله بن هرمز وعبد الله بن عبيد بن عمير وممن روى هذا الحديث عن سعيد بن جبير أبو إسحاق السبيعي وروايته عند مسلم وأبي داود وغيرهما والحكم بن عتيبة وروايته في السيرة الكبرى لابن إسحاق وسأذكر بيان في رواياتهم من فائدة قوله إذ قال سلوني فيه جواز قول العالم ذلك ومحله إذا أمن العجب أو دعت الضرورة إليه كخشية نسيان العلم قوله أي أبا عباس هي كنية عبد الله بن عباس وقوله جعلني الله فداءك فيه حجة لمن أجاز ذلك خلافا لمن منعه وسيأتي البحث فيه في كتاب الادب قوله إن بالكوفة رجلا قاصا في رواية الكشميهني بالكوفة رجل قاص يحذف إن من أوله والقاص بتشديد المهملة الذي يقص على الناس الاخبار من المواعظ وغيرها قوله يقال له نوف بفتح النون وسكون الواو بعدها فاء وفي رواية سفيان أن نوفا البكالي وهو بكسر الموحدة مخففا وبعد الالف لام ووقع عند بعض رواة مسلم بفتح أوله والتشديد والاول هو الصواب واسم أبيه فضالة بفتح الفاء وتخفيف المعجمة وهو منسوب إلى بني بكال بن دعمى بن سعد بن عوف بطن من حمير ويقال أنه بن امرأة كعب الاحبار وقيل بن أخيه وهو تابعي صدوق وفي التابعين جبر بفتح الجيم وسكون الموحدة بن نوف البكيلي بفتح الموحدة وكسر الكاف مخففا بعدها تحتانية بعدها لام منسوب إلى بكيل بطن من همدان ويكنى أبا الوداك بتشديد الدال وهو مشهور بكنيته ومن زعم أنه ولد نوف البكالي فقد وهم قوله يزعم أنه ليس بموسى بني إسرائيل في رواية سفيان يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل ووقع في رواية بن إسحاق عن سعيد بن جبير عند النسائي قال كنت عند بن عباس وعنده قوم من أهل الكتاب فقال بعضهم يا أبا عباس إن نوفا يزعم عن كعب الاحبار أن موسى الذي طلب العلم إنما هو موسى بميشا أي بن أفرائيم بن يوسف عليه السلام فقال بن عباس أسمعت ذلك منه يا سعيد قلت نعم قال كذب نوف وليس بين الروايتين تعارض لانه يحمل على أن سعيدا أبهم نفسه في هذه الرواية ويكون قوله فقال
[ 312 ]
بعضهم أي بعض الحاضرين لا أهل الكتاب ووقع عند مسلم من هذا الوجه قيل لابن عباس يدل قوله فقال بعضهم وعند أحمد في رواية أبي إسحاق وكان بن عباس متكئا فاستوى جالسا وقال أكذاك يا سعيد قلت نعم أنا سمعته وقال بن إسحاق في المبتدأ كان موسى بن ميشا قبل موسى بن عمران نبيا في بني إسرائيل ويزعم أهل الكتاب أنه الذي صحب الخضر قوله أما عمرو بن دينار قال لي كذب عدو الله أراد بن جريج أن هذه الكلمة وقعت في رواية عمرو بن دينار دون رواية يعلى بن مسلم وهو كما قال فإن سفيان رواها أيضا عن عمرو بن دينار كما مضى وسقط ذلك من رواية يعلى بن مسلم وقوله كذب وقوله عدو الله محمولان على إرادة المبالغة في الزجر والتنفير عن تصديق تلك المقالة وقد كانت هذه المسألة دارت أولا بين بن عباس والحر بن قيس الفزاري وسألا عن ذلك أبي بن كعب لكن لم يفصح في تلك الرواية ببيان ما تنازعا فيه وقد تقدم بيان ذلك في كتاب العلم قوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية سفيان أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله قال ذكر هو بتشديد الكاف أي وعظهم وفي رواية بن إسحاق عند النسائي فذكرهم بأيام الله وأيام الله نعماؤه ولمسلم من هذا الوجه يذكرهم بأيام الله وآلاء الله نعماؤه وبلاؤه وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في تفسير سورة إبراهيم وفي رواية سفيان قام خطيبا في بني إسرائيل قوله حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب يظهر لي أن هذا القدر من زيادة يعلى بن مسلم على عمرو بن دينار لان ذلك لم يقع في رواية سفيان عن عمرو وهو أثبت الناس فيه وفيه أن الواعظ إذا أثر وعظه في السامعين فخشعوا وبكوا ينبغي أن يخفف لئلا يملوا قوله فأدركه رجل لم أقف على اسمه وهو يقتضي أن السؤال عن ذلك وقع بعد أن فرغ من الخطبة وتوجه ورواية سفيان توهم أن ذلك وقع في الخطبة لكن يمكن حملها على هذه الرواية فإن لفظه قام خطيبا في بني إسرائيل فسئل فتحمل على أن فيه حذفا تقديره قام خطيبا فخطب ففرغ فتوجه فسئل والذي يظهر أن السؤال وقع وموسى بعد لم يفارق المجلس ويؤيده أن في منازعة بن عباس والحر بن قيس بينما موسى في ملا بني إسرائيل جاءه رجل فقال هل تعلم أحدا أعلم منك الحديث قوله هل في الارض أحد أعلم منك قال لا في رواية سفيان فسئل أي الناس أعلم فقال أنا وبين الروايتين فرق لان رواية سفيان تقتضي الجزم بالاعلمية له ورواية الباب تنفي الاعلمية من غيره عليه فيبقى احتمال المساواة ويؤيد رواية الباب أن في قصة الحر بن قيس فقال هل تعلم أحدا أعلم منك قال لا وفي رواية أبي إسحاق عند مسلم فقال ما أعلم في الارض رجلا خيرا وأعلم مني فأوحى الله إليه إني أعلم بالخير عند من هو وإن في الارض رجلا هو أعلم منك وقد تقدم في كتاب العلم البحث عما يتعلق بقوله فعتب الله عليه وهذا اللفظ في العلم ووقع هنا فعتب بحذف الفاعل وقوله في رواية الباب قيل بلى وقع في رواية سفيان فأوحى الله إليه إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك وفي قصة الحر بن قيس فأوحى الله إلى موسى بلى عبدنا خضر وفي رواية أبي إسحاق عند مسلم أن في الارض رجلا هو أعلم منك وعند عبد بن حميد من طريق هارون بن عنترة عن أبيه عن بن عباس أن موسى قال أي رب أي عبادك أعلم قال الذي يبتغي علم الناس إلى علمه قال من هو وأين هو قال الخضر تلقاه عند الصخرة وذكر له حليته وفي هذه القصة وكان موسى حدث نفسه بشئ من فضل علمه أو ذكره على منبره وتقدم في كتاب العلم شرح هذه اللفظة
[ 313 ]
وبيان ما فيها من إشكال والجواب عنه مستوفى ووقع في رواية أبي إسحاق عند النسائي أن من عبادي من آتيته من العلم ما لم آوتك وهو يبين المراد أيضا وعند عبد بن حميد من طريق أبي العالية ما يدل على أن الجواب وقع في نفس موسى قبل أن يسأل ولفظه لما أوتى موسى التوراة وكلمه الله وجد في نفسه أن قال من أعلم مني ونحوه عند النسائي من وجه آخر عن بن عباس وأن ذلك وقع في حال الخطبة ولفظه قام موسى خطيبا في بني إسرائيل فأبلغ في الخطبة فعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتى قوله قال أي رب فأين في رواية سفيان قال يا رب فكيف لي به وفي رواية النسائي المذكورة قال فادللني على هذا الرجل حتى أتعلم منه قوله اجعل لي علما بفتح العين واللام أي علامة وفي قصة الحر بن قيس فجعل الله له الحوت آية وفي رواية سفيان فكيف لي به وفي قصة الحر بن قيس فسأل موسى السبيل إلى لقبه قوله أعلم ذلك به أي المكان الذي أطلب فيه قوله فقال لي عمرو هو بن دينار والقائل هو بن جريج قوله قال حيث يفارقك الحوت يعني فهو ثم وقع ذلك من فسرافي رواية سفيان عن عمرو قال تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيث ما فقدت الحوت فهو ثم ونحوه في قصة الحر بن قيس ولفظه وقيل له إذا فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه قوله وقال لي يعلى هو بن مسلم والقائل أيضا هو بن جريج قوله قال خذ حوتا في رواية الكشميهني نونا وفي رواية أبي أسحق عند مسلم فقبل له تزود حوتا مالحا فإنه حيث تفقد الحوت ويستفاد من هذه الرواية أن الحوت كان ميتا لانه لا يملح وهو حي ومنه تعلم الحكمة في تخصيص الحوت دون غيره من الحيوانات لان غيره يؤكل ميتا ولا يرد الجراد لانه قد يفقد وجوده لا سيما بمصر قوله حيث ينفخ فيه الروح هو بيان لقوله في الروايات الاخرى حيث تفقده قوله فأخذ حوتا فجعله في مكتل في رواية الربيع بن أنس عند بن أبي حاتم أنهما اصطاداه يعني موسى وفتاه قوله فقال لفتاه في رواية سفيان ثم انطلق وانطلق معه بفتاه قوله ما كلفت كثيرا للاكثر بالمثلثة وللكشميهني بالموحدة قوله فذلك قوله وإذ قال موسى لفتاه يوشع بن نون ليست عن سعيد القائل ليست عن سعيد هو بن جريج ومراده أن تسمية الفتى ليست عنده في رواية سعيد بن جبير ويحتمل أن يكون الذي نفاه صورة السياق لا التسمية فإنها وقعت في رواية سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير ولفظه ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون وقد تقدم بيان نسب يوشع في أحاديث الانبياء وأنه الذي قام في بني إسرائيل بعد موت موسى ونقل بن العربي أنه كان بن أخت موسى وعلى القول الذي نقله نوف بن فضالة من أن موسى صاحب هذه القصة ليس هو بن عمران فلا يكون فتاه يوشع بن نون وقد روى الطبري من طريق عكرمة قال قيل لابن عباس لم نسمع لفتى موسى بذكر من حين لقي الخضر فقال بن عباس أن الفتى شرب من الماء الذي شرب منه الحوت فخلد فأخذه العالم فطابق به بين لوحين ثم أرسله في البحر فإنها لتموج به إلى يوم القيامة وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه قال أبو نصرين القشيري إن ثبت هذا فليس هو يوشع قلت لم يثبت فإن إسناده ضعيف وزعم بن العربي أن ظاهر القرآن يقتضي أن الفتى ليس هو يوشع وكأنه أخذه من لفظ الفتى أو أنه خاص بالرقيق وليس بجيد لان الفتى مأخوذ من الفتي وهو الشباب وأطلق ذلك على من يخدم المرء سواء كان شابا أو شيخا لان الاغلب أن الخدم تكون شبانا قوله فبينما هو في ظل صخرة في رواية سفيان حتى إذا
[ 314 ]
أتيا الصخرة وضعا رؤوسهما فناما قوله في مكان ثريان بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة ثم تحتانية أي مبلول قوله إذ تضرب الحوت بضاد معجمة وتشديد وهو تفعل من الضرب في الارض وهو السير وفي رواية سفيان واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر وفي رواية أبي إسحاق حاق عند مسلم فاضطرب الحوت في الماء ولا مغايرة بينهما لانه اضطرب أولا في المكتل فلما سقط في الماء اضطرب أيضا فاضطرابه الاول فيما في مبدأ ماحي والثاني في سيره في البحر حيث أتخذ فيه مسلكا وفي رواية قتيبة عن سفيان في الباب الذي يليه من الزيادة قال سفيان وفي غير حديث عمرو وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شئ إلا حي فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر وحكى بن الجوزي أن في روايته في البخاري الحيا بغير هاء قال وهو ما يحيى به الناس وهذه الزيادة التي ذكر سفيان أنها في حديث غير عمرو قد أخرجها بن مردويه من رواية إبراهيم بن يسار عن سفيان مدرجة في حديث عمرو ولفظه حتى انتهيا إلى الصخرة فقال موسى عندها أي نام قال وكان عند الصخرة عين ماء يقال لها عين الحياة لا يصيب من ذلك الماء ميت إلا عاش فقطرت من ذلك الماء على الحوت قطرة فعاش وخرج من المكتل فسقط في البحر وأظن أن بن عيينة أخذ ذلك عن قتادة فقد أخرج بن أبي حاتم من طريقه قال فأني على عين في البحر يقال لها عين الحياة فلما أصاب تلك العين رد الله روح الحوت إليه وقد أنكر الداودي فيما حكاه بن التين هذه الزيادة فقال لا أرى هذا يثبت فإن كان محفوظا فهو من خلق الله وقدرته قال لكن في دخول الحوت العين دلالة على أنه كان حي قبل دخوله فلو كان كما في هذا الخبر لم يحتج إلى العين قال والله قادر على أن يحييه بغير العين انتهى قال ولا يخفى ضعف كلامه دعوى واستدلالا وكأنه ظن أن الماء الذي دخل فيه الحوت هو ماء العين وليس كذلك بل الاخبار صريحة في أن العين عند الصخرة وهي غير البحر وكأن الذي أصاب الحوت من الماء كان شيئا من رشاش ولعل هذا العين إن ثبت النقل فيها مستند من زعم أن الخضر شرب من عين الحياة فخلد وذلك مذكور عن وهب بن منبه وغيره ممن كان ينقل من الاسرائيليات وقد صنف أبو جعفر بن المنادي في ذلك كتابا وقرر أنه لا يوثق بالنقل فيما يوجد من الاسرائيليات قوله وموسى نائم فقال قتاه لا أوقظه حتى إذا استيقظ فنسي أن يخبره في الكلام حذف تقديره حتى إذا استيقظ سار فنسي وأما قوله تعالى نسيا حوتهما فقيل نسب النسيان إليهما تغليبا والناس هو الفتى نسي أن يخبر موسى كما في هذا الحديث وقيل بل المراد أن الفتى نسي أن يخبر موسى بقصة الحوت ونسي موسى أن يستخبره عن شأن الحوت بعد أن استيقظ لانه حينئذ لم يكن معه وكان بصدد أن يسأله أين هو فنسي ذلك وقيل بل المراد بقوله نسيا أخرا مأخوذ من النسي بكسر النون وهو التأخير والمعنى أنهما اخرا افتقاد لعدم الاحتياج إليه فلما احتاجا إليه ذكراه وهو بعيد بل صريح الآية يدل على صحة صريح الخبر وأن الفتى اطلع على ما جرى للحوت ونسي أن يخبر موسى بذلك ووقع عند مسلم في رواية أبي إسحاق أن موسى تقدم فتاه لما استيقظ فسار فقال فتاه ألا ألحق نبي الله فأخبره قال فنسي أن يخبره وذكر بن عطية أنه رأى سمكة أحد جانبيها شوك وعظم وجلد رقيق على أحشائها ونصفها الثاني صحيح ويذكر أهل ذلك المكان أنها من نسل حوت موسى إشارة إلى أنه لما حيي بعد أن أكل منه
[ 315 ]
استمرت فيه تلك الصفة ثم في نسله والله أعلم قوله فأمسك الله عنه جربة البحر حتى كان أثره في حجر كذا فيه بفتح الحاء المهملة والجيم وفي رواية جحر بضم الجيم وسكون المهملة وهو وضح قوله قال لي عمرو القائل هو بن جريج كأن أثره في حجر وحلق بين إبهاميه والتي في رواية الكشمهيني واللتين تليانهما يعني السبابتين وفي رواية سفيان عن عمرو فصار عليه مثل الطاق وهو يفسر ما أشار إليه من الصفة وفي رواية أبي إسحاق عند مسلم فاضطرب الحوت في الماء فجعل لا يلتئم عليه صار مثل الكوة قوله لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا كذا وقع هنا مختصرا وفي رواية سفيان فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال الداودي هذه الرواية وهم وكأنه فهم أن الفتى لم يخبر موسى إلا بعد يوم وليلة وليس ذلك المراد بل المراد أن ابتداءها من يوم خرجا لطلبه ويوضح ذلك ما في رواية أبي إسحاق عند مسلم فلما تجاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال ولم يصبه نصب حتى تجاوزا وفي رواية سفيان المذكورة ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمر الله به قوله قال قد قطع الله عنك النصب ليست هذه عن سعيد هو قول بن جريج ومراده أن هذه اللفظة ليست في الاسناد الذي ساقه قوله أخره كذا عند أبي ذر بهمزة ومعجمة وراء وهاء ثم في نسخة منه بمد الهمزة وكسر الخاء وفتح الراء بعدها هاء ضمير أي إلى آخر الكلام وأحال ذلك على سياق الآية وفي أخرى بفتحات وتاء تأنيث منونه منصوبه وفي رواية غير أبي ذر أخبره بفتح الهمزة وسكون الخاء ثم موحدة من الاخبار أي أخبر الفتى موسى بالقصة ووقع في رواية سفيان فقال له فتاه أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فساق الآية إلى عجبا قال فكان للحوت سربا ولموسى عجبا ولابن أبي حاتم من طريق قتادة قال عجب موسى أن تسرب حوت مملح في مكتل قوله فرجعا فوجدا خضرا في رواية سفيان فقال موسى ذلك ما كنا نبغ أي نطلب وفي رواية للنسائي هذه حاجتنا وذكر موسى ما كان الله عهد إليه يعني في أمر الحوت قوله فارتدا على آثارهما قصصا قال رجعا يقصان آثارهما (0) أي آثار سيرهما حتى انتهيا إلى الصخرة (0) ئ زاد النسائي في رواية له التي فعل فيها الحوت ما فعل وهذا يدل على أن الفتى لم يخبر موسى حتى سارا زمانا إذ لو أخبره أول ما استيقظ ما احتاجا إلى اقتصاص آثارهما قوله فوجدا خضرا تقدم ذكر نسبه وشرح حاله في أحاديث الانبياء وفي رواية سفيان حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل وزعم الداودي أن هذه الرواية وهم وانهما وجداه في جزيرة البحر قلت ولا مغايرة بين الروايتين فإن المراد أنهما لما انتهيا إلى الصخرة تتبعاه إلى أن وجداه في الجزيرة ووقع في رواية أبي إسحاق عند مسلم فأراه مكان الحوت فقال ههنا وصف لي فذهب يلتمس فإذا هو بالخضر وروى بن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس قال انجاب الماء عن مسالك الحوت فصار كوة فدخلها موسى على أثر الحوت فإذا هو بالخضر وروى بن أبي حاتم من طريق العوفي عن بن عباس قال فرجع موسى حتى أتى الصخرة فوجد الحوت فجعل موسى يقدم عصاه يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يصير صخرة فجعل موسى يعجب من ذلك حتى انتهى إلى جزيرة في البحر فلقى الخضر ولابن أبي حاتم من طريق السدي قال بلغنا عن بن عباس أن موسى دعا ربه ومعه ماء في سقاء يصب منه في البحر فيصير حجرا فيأخذ فيه حتى انتهى إلى صخر فصعدها وهو
[ 316 ]
يتشوف هل ير الرجل ثم رآه قوله قال لي عثمان بن أبي سليمان على طنفسة خضراء القائل هو بن جريج وعثمان هو بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم وهو ممن أخذ هذا الحديث عن سعيد بن جبير وروى عبد بن حميد من طريق بن المبارك عن بن جريج عن عثمان بن أبي سليمان قال رأى موسى الخضر على طنفسة خضراء على وجه الماء انتهى والطنفسة فرش صغير وهي بكسر الطاء والفاء بينهما نون ساكنة وبضم الطاء والفاء وبكسر الطاء وبفتح الفالغات قوله قال سعيد بن جبير مسجى بثوبه هو موصول بالاسناد المذكور وفي رواية سفيان فإذا رجل مسجى بثوب وفي رواية مسلم مسجى ثوبا مستلقيا على القفا ولعبد بن حميد من طريق أبي العالية فوجده نائما في جزيرة من جزائر البحر ملتفا بكساء ولا بابي حاتم من وجه آخر عن السدي فرأى الخضر وعليه جبة من صوف وكساء من صوف ومعه عصا قد ألقى عليها طعامه قال وإنما سمي الخضر لانه كان إذا أقام في مكان نبت العشب حوله انتهى وقد تقدم في أحاديث النبياء حديث أبي هريرة رفعه إنما سمي الخضر لانه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز تحته خضراء والمراد بالفروة وجه الارض قوله فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه في رواية أبي إسحاق عند مسلم فقال السلام عليكم فكشف الثوب عن وجهه وقال وعليكم السلام قوله وقال هل بأرضي من سلام في رواية الكشمهيني بأرض بالتنوين وفي رواية سفيان قال وأنى بأرضك السلام وهي بمعنى أين أو كيف وهو استفهام استبعاد يدل على أن أهل تلك الارض لم يكونوا إذ ذاك مسلمين ويجمع بين الروايتين بأنه استفهمه بعد أن رد عليه السلام قوله من أنت قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل قال نعم وسقط من رواية سفيان قوله من أنت وفي رواية أبي إسحاق قال من أنت قال موسى قال من موسى قال موسى بني إسرائيل ويجمع بينهما بان الخضر أعاد ذلك تأكيدا وأما ما أخرجه عبد بن حميد من طريق الربيع بن أنس في هذه القصة فقال موسى السلام عليك يا خضر فقال وعليك السلام يا موسى قال وما يدريك أني موسى قال أدراني بك الذي أدراك بي وهذا إن ثبت فهو من الحجج على أن الخضر نبي لكن يبعد ثبوته قوله في الرواية التي في الصحيح من أنت قال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل الحديث قوله قال فما شأنك في رواية أبي إسحاق قال ما جاء بك قوله جئت لتعلمني مما علمت رشدا قرأ أبو عمرو بفتحتين والباقون كلهم بضم أوله وسكون ثانيه والجمهور على أنهما بمعنى كالبخل والبخل وقيل بفتحتين الدين وبضم ثم سكون صلاح النظر وهو منصوب على أنه مفعول ثان لتعلمني وأبعد من قال إنه لقوله علمت قوله أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك سقطت هذه الزيادة من رواية سفيان فالذي يظهر أنها من رواية يعلى بن مسلم قوله يا موسى إن لي علما لا ينبغي لك أن تعلمه أي جميعه وإن لك علما لا ينبغي لي أن أعلمه أي جميعه وتقدير ذلك متعين لان الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى بالمكلف عنه وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي ووقع في رواية سفيان يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لاتعلمه أنت وهو بمعنى الذي قبله وقد تقدمت الاشارة إلى ذلك في كتاب العلم قوله في رواية سفيان قال إنك لن تستطيع معي صبرا كذا أطلق بالصيغة الدالة على استمرار النفي لما أطلعه الله عليه من أن موسى لا يصبر على ترك الانكار إذا رأى ما يخالف الشرع لان ذلك شأن عصمته
[ 317 ]
ولذلك لم يسأله موسى عن شئ من أمور الديانة بل مشى معه ليشاهد منه ما أطلع به على منزلته في العلم الذي اختص به وقوله وكيف تصبر استفهام عن سؤال تقديره لم قلت إني لا أصبر وأنا سأصبر قال كيف تصبر وقوله ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصى لك قيل استثنى في الصبر فصبر ولم يستثن فيي العصيان فعصاه وفيه نظر وكان المراد بالصبر أنه صبر عن أتباعه والمشي معه وغير ذلك لا الانكار عليه فيما يخالف ظاهر الشرع وقوله فلا تسألني عن شئ حتى أحدث لك منه ذكرا في رواية العوفي عن بن عباس حتى أبين لك شانه قوله فأخذ طائر بمنقاره تقدم شرحه في كتاب العلم وظاهر هذه الرواية أن الطائر نقر في البحر عقب قول الخضر لموسى ما يتعلق بعلمهما ورواية سفيان تقتضي أن ذلك وقع بعد ما خرق السفينة ولفظه كانت الاولى من موسى نسيانا قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر الخ فيجمع بأن قوله فأخذ طائر بمنقاره معقب بمحذوف وهو ركوبهما السفينة لتصريح سفيان بذكر السفينة وروى النسائي من وجه آخر عن بن عباس أن الخضر قال لموسى أتدري ما يقول هذا الطائر قال لا قال يقول ما علمكما االذي تعلمان في علم الله إلا مثل ما أنقص بمنقاري من جميع هذا البحر وفي رواية هارون بن عنترة عند عبد بن حميد في هذه القصة قال أرسل ربك الخطاف فجعل يأخذ بمنقاره من الماء ولابن أبي حاتم من طريق السدي قال الخطاف ولعبد بن حميد من طريق أبي العالية قال رأى هذا الطائر الذي يقال له النمر ونقل بعض من تكلم على البخاري أنه الصرد قوله وجدا معابر هو تفسير لقوله ركبا في السفينة لا أن قوله وجدا جواب إذا لان وجودهما المعابر قبل ركوبهما السفينة ووقع في رواية سفيان فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرا في سفينة فكلموهم أن يحملوهم والمعابر بمهملة وموحدة جمع معبر وهي السفن الصغار ولابن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس قال مرت بهم سفينة ذاهب فناداهم خضر قوله عرفوه فقالوا عبد الله الصالح قال قلنا لسعيد بن جبير خضر قال نعم القائل فيما أظن يعلى بن مسلم وفي رواية سفيان عن عمرو بن دينار فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوا قوله بأجر أي أجرة وفي رواية سفيان فحملوا بغير نول بفتح النون وسكون الواو وهو الاجره ولابن أبي حاتم من رواية الربيع بن أنس فناداهم خضر وبين لهم أن يعطي عن كل واحد ضعف ما حملوا به غيرهم فقالوا لصاحبهم أنا نرى رجالا في مكان مخوف نخشى أن يكونوا لصوصا فقال لاحملنهم فإني أرى على وجوههم النور فحملهم بغير أجرة وذكر النقاش في تفسيره أن أصحاب السفينة كانوا سبعة بكل واحد زمانه ليست في الآخر قوله فخرقها ووتد فيها بفتح الواو وتشديد المثناة أي جعل فيها وتدا وفرواية سفيان فلما ركبوا في السفينة لم يفجأ إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم والجمع بين الروايتين أنه قلع اللوح وجعل مكانه وتدا وعند عبد بن حميد من رواية بن المبارك عن بن جريج عن يعلى بن مسلم جاء بود حين خرقها والود بفتح الواو وتشديد الدال لغة في الوتد وفي رواية أبي العالية فخرق السفينة فلم يره أحد إلا موسى ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين ذلك قوله لقد جئت شيئا أمرا قال مجاهد منكرا هو من رواية بن جريج عن مجاهد وقيل لم يسمع منه وقد أخرجه عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد مثله وروى بن أبي حاتم من طريق خالد بن قيس عن قتادة في قوله إمرا قال عجبا ومن طريق أبي صخر في قوله إمرا قال
[ 318 ]
عظيما وفي رواية الربيع بن أنس عند بن أبي حاتم إن موسى لما رأى ذلك امتلا غضبا وشد ثيابه وقال أردت أهلاكهم ستعلم إنك أول هالك فقال له يوشع ألا تذكر العهد فأقبل عليه الخضر فقال ألم أقل لك فأدرك موسى الحلم فقال لا تؤاخذني وأن الخضر لما خلصوا قال لصاحب السفينة إنما أردت الخير فحمدوا رأيه وأصلحها الله على يده قوله كانت الاولى نسيانا والوسطى شرطا والثالثة عمدا في رواية سفيان قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الاولى من موسى نسيانا ولم يذكر الباقي وروى بن مردويه من طريق عكرمة عن بن عباس مرفوعا قال الاولى نسيان والثانية عذر والثالثة فراق وعند بن أبي حاتم من طريق الربيع بن أنس قال قال الخضر لموسى إن عجلت علي في ثلاث فذلك حين أفارقك وروى الفراء من وجه آخر عن أبي بن كعب قال لم ينس موسى ولكنه من معاريض الكلام وإسناده ضعيف والاول هو معتمد ولو كان هذا ثابتا لاعتذر موسى عن الثانية وعن الثالثة بنحو ذلك قوله لقيا غلاما في رواية سفيان فبينما هما يمشيان على الساحلي إذ أبصر الخضر غلاما قوله فقتله الفاء عاطفة على لقيا وجزاء الشرط قال أقتلت والقتل من جملة الشرط إشارة إلى أن قتل الغلام يعقب لقاءه من غير مهلة وهو بخلاف قوله حتى إذا ركبا في السفينة خرقها فإن الخرق وقع جواب الشرط لانه تراخى عن الركوب قوله قال يعلى هو بن مسلم وهو بالاسناد المذكور قال سعيد هو بن جبير وجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا ظريفا في رواية أخرى عن بن جريج عند عبد بن حميد غلاما وضئ الوجه فأضجعه ثم ذبحه بالسكين وفي رواية سفيان فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله وفي روايته في الباب الذي يليه فقطعه ويجمع بينهما بأنه ذبحه ثم اقتلع رأسه وفي رواية أخرى عند الطبري فأخذ صخره فثلغ رأسه وهي بمثلثة ثم معجمة والاول أصح ويمكن أن يكون ضرب رأسه بالصخرة ثم ذبحه وقطع رأسه قوله قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لم تعمل الخبث بكسر المهملة وسكون النون وآخره مثلثة ولابي ذر بفتح المعجمة والموحدة وقوله لم تعمل تفسير لقوله زكية والتقدير أقتلت نفسا زكية لم تعمل الخبث بغير نفس قوله وابن عباس قرأها كذا لابي ذر ولغيره وكان بن عباس يقرؤها زكية وهي قراءة الاكثر وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو زاكية والاولى أبلغ لان فعيلة من صيغ المبالغة قوله زاكية مسلمة كقولك غلاما زاكيا هو تفسير من الراوي ويشير إلى القراءتين أي أن قراءة بن عباس بصيغة المبالغة والقراءة الاخرى باسم الفاعل بمعنى مسلمة وإنما أطلق ذلك موسى على حسب ظاهر حال الغلام لكن اختلف في ضبط مسلمة فالاكثر بسكون السين وكسر اللام ولبعضهم بفتح السين وتشديد اللام المفتوحة وزاد سفيان في روايته هنا ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال وهذه أشد من الاولى زاد مسلم من رواية أبي إسحاق عن سعيد بن جبير في هذه القصة فقال النبي صلى الله عليه وسلم رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل لرأي العجب ولكنه أخذت ذمامة من صاحبه فقال إن سألتك عن شئ بعدها فلا تصاحبني ولابن مردويه من طريق عبد الله بن عبيد بن عمير عن سعيد بن جبير فاستحيا عند ذلك موسى وقال إن سألتك عن شئ بعدها وهذه الزيادة وقع مثلها في رواية عمرو بن دينار من رواية سفيان في آخر الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رددنا أن موسى صبر حتى يقص الله علينا من أمرهما زاد الاسماعيلي من طريق عثمان بن
[ 319 ]
أبي شيبة عن سفيان أكثر مما قص قوله فانطلقا فوجدا جدارا في رواية سفيان فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية وفي رواية أبي إسحاق عند مسلم أهل قرية لئاما فطافا في المجالس فاستطعما أهلها قيل هي الابلة وقيل إنطاكية وقيل أذربيجان وقيل برقة وقيل ناصرة وقيل جزيرة الاندلس وهذا الاختلاف قريب من الاختلاف في المراد بمجمع البحرين وشدة المباينة في ذلك تقتضي أن لا يوثق بشئ من ذلك قوله قال سعيد بيده هكذا ورفع يده فاستقام هو من رواية بن جريج عن عمرو بن دينار عن سعيد ولهذا قال بعده قال يعلى هو بن مسلم حسبت أن سعيدا قال فمسحه بيده فاستقام وفي رواية سفيان فوجدا جدارا يريد أن ينقض قال مائل فقال الخضر بيده فأقامه وذكر الثعلبي أن عرض ذلك الجدار كان خمسين ذراعا في مائة ذراع بذراعهم قوله قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال سعيد أجرا نأكله زاد سفيان في روايته فقال موسى قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا وفي رواية أبي إسحاق قال هذا فراق بيني وبينك فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال حدثني وذكر الثعلبي أن الخضر قال لموسى أتلومني على خرق السفينة وقتل الغلام وإقامة الجدار ونسيت نفسك حين ألقيت في البحر وحين قتلت القبطي وحين سقيت أغنام ابنتي شعيب احتسابا قوله وكان وراءهم ملك وكان أمامهم قرأها بن عباس أمامهم ملك وفي رواية سفيان وكان بن عباس يقرأ وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وقد تقدم الكلام في وراء في تفسير إبراهيم قوله يزعمون عن غير سعيد أنه هدد بن بدد القائل ذلك هو بن جريج ومراده أن تسمية الملك الذي كان يأخذ السفن لم تقع في رواية سعيد قلت وقد عزاه بن خالويه في كتاب ليس لمجاهد قال وزعم بن دريد أن هدد اسم ملك من ملوك حمير زوجه سليمان بن داود بلقيس قلت إن ثبت هذا حمل على التعدد والاشتراك في الاسم لبعد ما بين مدة موسى وسليمان وهدد في الروايات بضم الهاء وحكى بن الاثير فتحها والدال مفتوحة اتفاقا ووقع عند بن مردويه بالميم بدل الهاء وأبوه بدد بفتح الموحدة وجاء في تفسير مقاتل أن اسمه منولة بن الجلندي بن سعيد الازدي وقيل هو الجلندي وكان بجزيرة الاندلس قوله الغلام المقتول اسمه يزعمون حي سور القائل ذلك هو بن جريج وحيسور في رواية أبي ذر عن الكشمهيني بفتح المهملة أوله ثم تحتانية ساكنة ثم مهملة مضمومة وكذا في رواية بن السكن وفي روايته عن غيره بجيم أوله وعند القابسي بنون بدل التحتانية وعند عبدوس بنون بدل الراء وذكر السهيلي أنه رآه في نسخة بفتح المهملة والموحدة ونونين الاولى مضمومة بينهما الواو ساكنة وعند الطبري من طريق شعيب الجبائي كالقابسي وفي تفسير الضحاك بن مزاحم اسمه حشرد ووقع في تفسير الكلى اسم الغلام شمعون قوله ملك يأخذ كل سفينة غصبا في رواية النسائي وكان أبي يقرأ يأخذ كل سفينة صالحة غصبا وفي رواية إبراهيم بن يسار عن سفيان وكان بن مسعود يقرأ كل سفينة صحيحة غصبا قوله فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها في رواية النسائي فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها قوله فإذا جاوزوا أصلوحها فانتفعوا بها في رواية النسائي فإذا جاوزوه رقعوها فانتفعوا بها وبقيت لهم قوله ومنهم من يقول سدوها بقارورة ومنهم من يقول بالقار أما القار فهو بالقاف وهو الزفت وأما قارورة فضبطت في الروايات بالقاف لكن في رواية بن مردويه ما يدل على أنها بالفاء لانه وقع في روايته
[ 320 ]
ثارورة بالمثلثة والمثلثة تقع في موضع الفاء في كثير من الاسماء ولا تقع بدل القاف قال الجوهري يقال فار فورة مثل ثار ثورة فإن كان محفوظا فلعله فاعولة من ثوران القدر الذي يغلى فيها القار أو غيره وقد وجهت رواية القارورة بالقاف بأنها فاعولة من القار وأما التي من الزجاج فلا يمكن السد بها وجوز الكرماني احتمال أن يسحق الزجاج ويلت بشئ ويلصق به ولا يخفى بعده ووقع في رواية مسلم وأصلحوها بخشبة ولا إشكال فيها قوله كان أبواه مؤمنين وكان كافرا يعني الغلام المقتول في رواية سفيان وأما الغلام فطبع يوم طبع كافرا وكان أبواه قد عطفا عليه وفي المبتدأ لوهب بن منبه كان اسم أبيه ملاس واسم أمه رحما وقيل اسم أبيه كاردي واسم أمه سهوى قوله فخشينا أن يرهقهما طغيانه وكفرا أن يحملها حبه على أن يتابعاه على دينه هذا من تفسير بن جريج عن يعلى بن مسلم عن سعيد بن جبير وأخرج بن المنذر من طريق سالم الافطس عن سعيد بن جبير مثله وقال أبو عبيدة في قوله يرهقهما أي يغشاهما قوله خيرا منه زكاة وأقرب رحما لقوله أقتلت نفسا زكية يعني أن قوله زكاة ذكر المناسبة المذكورة وروى بن المنذر مطريق حجاج بن محمد عن بن جريج في قوله خيرا منه زكاة قال اسلاما ومن طريق عطية العوفي قال دينا قوله وأقرب رحما هما به أرحم منهما بالاول الذي قتل خضر وروى بن المنذر من طريق إدريس الاودي عن عطية نحوه وعن الاصمعي قال الرحم بكسر لحاء القرابة وبسكونها فرج الانثى وبضم الراء ثم السكون الرحمة وعن أبي عبيد القاسم بن سلام الرحم والرحم يعني بالضم والفتح مع السكون فيهما بمعنى وهو مثل العمر والعمر وسيأتي قوله رحما في الباب الذي بعده أيضا قوله وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية هو قول بن جريج وروى بن مردويه من وجه آخر عن بن جريج قال وقال يعلى بن مسلم أيضا عن سعيد بن جبير إنها جارية وفي رواية الاسماعيلي من هذا الوجه قال ويقال أيضا عن سعيد بن جبير إنها جارية وللنسائي من طريق أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن بن عباس فأبدلهما ربهما خيرا منه زكاة قال أبدلهما جارية فولدت نبيا من الانبياء وللطبري من طريق عمرو بن قيس نحوه ولابن المنذر من طريق بسطام بن حميل قال أبدلهما مكان الغلام جارية ولدت نبيين ولعبد بن حميد من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة ولدت جارية ولابن أبي حاتم من طريق السدي قال ولدت جارية فولدت نبيا وهو الذي كان بعد موسى فقالوا له ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله واسم هذا النبي شمعون واسم أمه حنة وعند بن مردويه من حديث أبي بن كعب أنها ولدت غلاما لكن إسناده ضعيف وأخرجه بن المنذر بإسناد حسن عن عكرمة عن بن عباس نحوه وفي تفسير بن الكلبي ولدت جارية ولدت عدة أنبياء فهدى الله بهم أمما وقيل عدة من جاء من ولدها من الانبياء سبعون نبيا قوله وأما داود بن أبي عاصم فقال عن غير واحد إنها جارية هو قول بن جريج أيضا وروى الطبري من طريق حجاج بن محمد عن بن جريج أخبرني إسماعيل بن أمية عن يعقوب بن عاصم أنهما أبدلا جارية قال وأخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير إنها جارية قال بن جريج وبلغني أن أمه يوم قتل كانت حبلى بغلام ويعقوب بن عاصم هو أخو داود وهما ابنا عاصم بن عروة بن مسعود الثقفي وكل منهما ثقة من صغار التابعين وفي الحديث من الفوائد غير ما تقدم استحباب الحرص على الازدياد من العلم والرحلة فيه ولقاء المشايخ
[ 321 ]
وتجشم المشاق في ذلك والاستعانة في ذلك بالاتباع وإطلاق الفتى على التابع واستخدام الحر وطواعية الخادم لمخدومه وعذر الناسي وقبول الهبة من غير المسلم واستدل به على أن الخضر بني لعدة معان قد نبهت عليها فيما تقدم كقوله وما فعلته عن أمرى وكاتباع موسى رسول الله له ليتعلم منه وكأطلاق أنه أعلم منه وكإقدامه على قتل النفس لما شرحه بعد وغير ذلك وأما من استدل به على جواز دفع أغلظ الضررين بأخفهما والاغضاء على بعض المنكرات مخافة أن يتولد منه ما هو أشد وإفساد بعض المال لاصلاح معظمه كخصاء البهيمة للسمن وقطع أذنها لتتميز ومن هذا مصالحة ولي اليتيم السلطان على بعض مال اليتيم خشية ذهابه بجميعه فصحيح لكن فيما لا يعارض منصوص الشرع فلا يسوغ الاقدام على قتل النفس ممن يتوقع منه أن يقتل أنفسا كثيرة قبل أن يتعاطى شيئا من ذلك وإنما فعل الخضر ذلك لاطلاع الله تعالى عليه وقال بن بطال قول الخضر وأما الغلام فكان كافرا هو باعتبار ما يئول إليه أمره أن لو عاش حتى يبلغ واستحباب مثل هذا القتل لا يعلمه إلا الله ولله أن يحكم في خلقه بما يشاء قبل البلوغ وبعده انتهى ويحتمل أن يكون جواز تكليف المميز قبل أن يبلغ كان في تلك الشريعة فيرتفع الاشكال وفيه جواز الاخبار بالتعب ويلحق به الالم من مرض ونحوه ومحل ذلك إذا كان على غير سخط من المقدور وفيه أن المتوجه إلى ربه يعان فلا يسرع إليه النصب والجوع بخلاف المتوجه إلى غيره كما في قصة موسى في توجهه إلى ميقات ربه وذلك في طاعة ربه فلم ينقل عنه أنه تعب ولا طلب غداء ولا رافق أحدا وأما فتوجهه إلى مدين فكان في حاجة نفسه فأصابه الجوع وفي توجهه إلى الخضر لحاجة نفسه أيضا فتعب وجاع وفيه جواز طلب القوت وطلب الضيافة وفيه قيام العذر بالمرة الواحدة وقيام الحجة بالثانية قال بن عطية يشبه أن يكون هذا أصل مالك في ضرب الآجال في الاحكام إلى ثلاثة أيام وفي التلوم ونحو ذلك وفيه حسن الادب مع الله وأن لا يضاف إليه ما يستهجن لفظه وإن كان الكل بتقديره وخلقه لقول الخصر عن السفينة فأردت أن أعيبها وعن الجدار فأراد بك ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم والخير بيدك والشر ليس إليك (0) باب قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة (0) قوله باب فلما جاوزا قال لفتاه أتنا غداءنا إلى قوله قصصا ساق فيه قصة موسى عن قتيبة عن سفيان وقد نبهت على ما فيه فائدة زائدة في الذي قبله وقوله (4450) عن عمرو بن دينار تقدم قبل بباب من رواية الحميدي عن سفيان حدثنا عمرو بن دينار وروى الترمذي من طريق على بن المديني قال حججت حجة وليس لي همة إلا أن أسمع من سفيان الخبر في هذا الحديث حتى سمعته يقول حدثنا عمرو وكان قبل ذلك يقول بالعنعنة قوله ينقض ينقاض كما ينقاض السن كذا لابي ذر ولغيره الشئ بمعجمة وتحتانية وهو قول أبي عبيدة قال في قوله يريد أن ينقض أي يقع يقال انقضت الدار إذا انهدمت قال وقرأه قوم ينقاض أي ينقلع من أصله كقولك انقاضت السن إذا انقلعت من أصلها وهذا يؤيد رواية أبي ذر وقراءة ينقاض مرويه عن الزهري واختلف تلف في ضادها فقيل بالتشديد بوزن يحمار وهو أبلغ من ينقض وينقض بوزن يفعل من انقضاض الطائر إذا سقط إلى الارض وقيل بالتخفيف وعليه ينطبق المعنى الذي ذكره أبو عبيدة وعن على أنه قرأ ينقاص بالمهملة وقال بن خالويه يقولون انقاصت السن إذا انشقت طولا وقيل إذا تصدعت كيف كان وقال بن فارس قيل معناه كالذي
[ 322 ]
بالمعجمة وقيل الشق طولا وقال بن دريد انقاض بالمعجمة انكسر وبالمهملة الصدع وقرأ الاعمش تبعا لابن مسعود يريد لينقض بكسر اللام وضم التحتانية وفتح القاف وتخفيف الضاد من النقض قوله نكرا داهية كذا فيه والذي عند أبي عبيدة في قوله لقد جثت شيئا إمرا داهية ونكرا أي عظيما واختلف في أيهما أبلغ فقيل أمرا أبلغ من نكرا لانه قالها بسبب الخرق الذي يفضي إلى هلاك عدة أنفس وتلك بسبب نفس واحدة وقيل نكرا أبلغ لكون الضرر فيها ناجزا بخلاف أمرا لكون الضرر فيها متوقعا ويؤيد ذلك أنه قال في نكرا ألم أقل لك ولم يقلها في أمرا قوله لتخذت واتخذت واحدا هو قول أبي عبيدة ووقع في رواية مسلم عن عمرو بن محمد عن سفيان في هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم قرأها لتخذت وهي قراءة أبي عمرو ورواية غيره لاتخذت قوله رحما من الرحم وهي أشد مبالغة من الرحمة ويظن أنه من الرحيم وتدعى مكة أم رحم أي الرحمة تنزل بها هو من كلام أبي عبيدة ووقع عنده مفرقا وقد تقدم في الحديث الذي قبله وحاصل كلامه أن رحما من الرحم التي هي القرابة وهي أبلغ من الرحمة التي هي رقة القلب لانها تستلزمها غالبا من غير عكس وقوله ويظن مبنى للمجهول وقوله مشتق من الرحمة أي التي أشتق منها الرحيم وقوله أم رحم بضم الراء والسكون وذلك لتنزل الرحمة بها ففيه تقوية لما اختاره من أن الرحم من القرابة لا من الرقة قوله باب قوله تعالى قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة الخ ثبتت هذه الترجمة لابي ذر وذكر فيه قصة موسى والخضر عن قتيبة عن سفيان بن عيينة وقد تقدمت عن عبد الله بن محمد عن سفيان بن عيينة في كتاب العلم وقوله في آخرها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددنا أن موسى صبر حتى يقص الله علينا أمرهما تقدم في العلم بلفظ يرحم الله موسى لوددنا لو صبر وتقدم في أحاديث الانبياء عن علي بن
[ 323 ]
عبد الله بن المديني عن سفيان كرواية قتيبة لكن قال بعدها قال سفيان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله موسى الخ فهذا يحتمل أن تكون هذا لزيادة وهو يرحم الله موسى لم تكن عند بن عيينة بهذا الاسناد ولكنه أرسلها ويحتمل أن يكون على سمعه منه مرتين مرة بإثباتها ومرة بحذفها وهو أولى فقد أخرجه مسلم عن إسحاق بن راهويه وعمرو بن محمد الناقد وابن أبي عمر وعبيد الله بن سعيد والترمذي عن بن أبي عمر والنسائي عن بن أبي عمر كلهم عن سفيان بلفظ يرحم الله موسى الخ متصلا بالخبر وأخرجه مسلم من طريق رقبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير بزيادة ولفظه ولو صبر لرأي العجب وكان إذا ذكر أحدا من الانبياء بدأ بنفسه رحمة الله علينا وعلى أخي كذا وأخرجه الترمذي والنسائي من طريق حمزة الزيات عن أبي إسحاق مختصرا وأبو داود من هذا الوجه مطولا ولفظه وكان إذا دعا بدأ بنفسه وقال رحمة الله علينا وعلى موسى وقد ترجم المصنف في الدعوات من خص أخاه بالدعاء دون نفسه وذكر فيه عدة أحاديث وكأنه أشار إلى أن هذه الزيادة وهي كان إذا ذكر أحدا من الانبياء بدأ بنفسه لم تثبت عنده وقد سئل أبو حاتم الرازي عن زيادة وقعت في قصة موسى والخضر من رواية بن إسحاق هذه عن سعيد بن جبير وهي قوله في وصف أهل القرية أتيا أهل القرية لئاما فطافا في المجالس فأنكرها وقال هي مدرجة في الخبر فقد يقال وهذه الزيادة مدرجة فيه أيضا والمحفوظ رواية بن عيينة المذكورة والله أعلم (0) الرب عز وجلقوله باب قل هل ننبئكم بالاخسرين أعمالا ذكر فيه حديث مصعب بن سعد سألت أبي يعني سعد بن أبي وقاص عن هذه الآية وهذا الحديث رواه جماعة من أهل الكوفة عن مصعب بن سعد بألفاظ مختلفة ننبه على ما تيسر منها ووقع في رواية يزيد بن هارون عن شعبة بهذا الاسناد عند النسائي سأل رجل أبي فكأن الراوي نسي اسم السائل فأبهمه وقد تبين من رواية غيره أنه مصعب راوي الحديث قوله هم الحرورية بفتح المهملة وضم الراء نسبة إلى حروراء وهي القرية التي كان ابتداء خروج الخوارج على على منها ولابن مردويه من طريق حصين بن مصعب لما خرجت الحرورية قلت لابي أهؤلاء الذين أنزل الله فيهم وله من طريق القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل عن على في هذه الآية قال أظن أن بعضهم الحرورية وللحاكم من وجه آخر عن أبي الطفيل قال قال على منهم أصحاب النهروان وذلك قبل أن يخرجوا وأصله عند عبد الرزاق بلفظ قام بن الكواء إلى على فقال ما الاخسرين أعمالا قال ويلك منهم أهل حروراء ولعل هذا السبب في سؤال مصعب أباه عن ذلك وليس الذي قاله على ببعيد لان اللفظ يتناوله وإن كان السبب مخصوصا قوله قال لا هم اليهود والنصارى وللحاكم قال لا أولئك أصحاب الصوامع ولابن أبي حاتم من طريق هلال بن يساف عن مصعب هم أصحاب الصوامع وله من طريق أبي خميصة بفتح المعجمة وبالصاد المهملة واسمه عبيد الله بن قيس قال هم الرهبان الذين حبسوا أنفسهم في السواري قوله وأما النصارى كفروا بالجنة وقالوا ليس فيها طعام ولا شراب في رواية بن أبي حاتم من طريق عمرو بن مرة عن مصعب قال هم عباد النصارى قالوا ليس في الجنة طعام ولا شراب قوله والحرورية الذين ينقضون الخ في رواية النسائي والحرورية الذين قال الله ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل إلى الفاسقين قال يزيد هكذا حفظت قلت وهو غلط منه أو ممن حفظه عنه وكذا وقع عند بن مردويه أولئك هم الفاسقون
[ 324 ]
والصواب الخاسرون ووقع على الصواب كذلك في رواية الحاكم قوله وكان سعد يسميهم الفاسقين لعل هذا السبب في الغلط المذكور وفي رواية الحاكم الخوارج قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم وهذه الآية هي التي آخرها الفاسقين فلعل الاختصار اقتضى ذلك الغلط وكأن سعدا ذكر الآيتين معا التي في البقرة والتي في الصف وقد روى بن مردويه من طريق أبي عون عن مصعب قال نظر رجل من الخوارج إلى سعد فقال هذا من أئمة الكفر فقال له سعد كذبت أنا قاتلت أئمة الكفر فقال له آخر هذا من الاخسرين أعمالا فقال له سعد كذبت أولئك الذين كفروا بآيات ربهم الآية قال بن الجوزي وجه خسرانهم أنهم تعبدوا على غير أصل فابتدعوا فخسروا الاعمار والاعمال (0) قوله باب أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه الآية تقدم من حديث سعد بن أبي وقاص في الذي قبله بيان أنها نزلت في الاخسرين اعمالا (4452) قوله حدثنا محمد بن عبد الله هو الذهلي نسبة إلى جد أبيه وقوله حدثنا سعيد بن أبي مريم هو شيخ البخاري أكثر عنه في هذا الكتاب وربما حدث عنه بواسطة كما هنا قوله الرجل العظيم السمين في رواية بن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة الطويل العظيم الاكول الشروب قوله وقال أقرءوا فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا القائل يحتمل أن يكون الصحابي أو هو مرفوع من بقية الحديث قوله وعن يحيى بن بكير هو معطوف على سعيد بن أبي مريم والتقدير حدثنا محمد بن عبد الله عن سعيد بن أبي مريم وعن يحيى بن بكير وبهذا جزم أبو مسعود ويحيى بن بكير هو بن عبد الله بن بكير نسب لجده وهو من شيوخ البخاري أيضا وربما أدخل بينهما واسطة كهذا وجوز غير أبي مسعود أن تكون طريق يحيى هذه معلقة وقد وصلها مسلم عن محمد بن إسحاق الصغائي عنه (0) قوله بسم الله الرحمن الرحيم سورة كهيعص سقطت البسملة لغير أبي ذر وهي له بعد الترجمة وروى الحاكم من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال الكاف من كريم والهاء من هادي والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق ومن وجه آخر عن سعيد نحوه لكن قال يمين بدل حكيم وعزيز بدل عليم وللطبري من وجه آخر عن سعيد نحوه لكن قال الكاف من كبير وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال كهيعص قسم أقسم الله به وهو من أسمائه ومن طريق فاطمة بنت على قالت كان على يقول يا كهيعص اغفر لي وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة هي اسم من أسماء القرآن قوله وقال بن عباس أسمع بهم وأبصر الله يقوله وهم اليوم لا يسمعون ولا يبصرون في ضلال مبين يعني قوله أسمع بهم وأبصر الكفار يومئذ أسمع شئ وأبصره وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس وعند عبد الرزاق عن قتادة أسمع بهم وأبصر يعني يوم القيامة زاد الطبري من وجه آخر عن قتادة سمعوا حين لا ينفعهم السمع وأبصروا حين لا ينفعهم آل البصر قوله لارحمنك لاشتمنك وصله بن أبي حاتم بإسناد الذي قبله ومن وجه آخر عن بن عباس قال الرجم الكلام قوله ورئيا منظرا وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس به ولابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن بن عباس قال الاثاث
[ 325 ]
المتاع والرئى المنظر ومن طريق أبي رزين قال الثياب ومن طريق الحسن البصري قال الصور وسيأتي مثله عن قتادة قوله وقال أبو وائل الخ تقدم في أحاديث الانبياء قوله وقال بن عيينة تؤزهم أزا تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا كذا هو في تفسير بن عيينة ومثله عند عبد الرزاق وذكره عبد بن حميد عن عمرو بن سعد وهو أبو داود الحفري عن سفيان وهو الثوري قال تغريهم إغراء ومثله عند بن أبي حاتم عن على بن أبي طلحة عن بن عباس ومن طريق السدي تطغيهم طغيانا قوله وقال مجاهد إذا عوجا سقط هذا من رواية أبي ذر وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد مثله قوله وقال بن عباس وردا عطاشا تقدم في بدء الخلق قوله أثاثا ما لا وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عنه وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أحسن أثاثا ورئيا قال أكثر أموالا وأحسن صورا قوله أدا قولا عظيما وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قوله غيا خسرانا ثبت لغيره أبي ذر وقد وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس وقال بن مسعود ألغى واد في جهنم بعيد القعر أخرجه الحاكم والطبري ومن طريق عبد الله بن عمرو بن العاص مثله ومن طريق أبي أمامة مرفوعا مثله وأتم منه قوله ركزا صوتا وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس وعند عبد الرزاق عن قتادة مثله وقال الطبري الركز في كلام العرب الصوت الخفي قوله وقال غيره بكيا جماعة باك هو قول أبي عبيدة وتعقب بأن قياس جمع باك بكاة مثل قاض وقضاة وأجاب الطبري بأن أصله بكرا بالواو الثقيلة مثل قاعد وقعود فقلبت الواو ياء لمجيئها بعد كسرة وقيل هو مصدر على وزن فعول مثل جلس جلوسا ثم قال يجوز أن يكون المراد بالبكى نفس البكاء ثم أسند عن عمر أنه قرأ هذه الآية فسجد ثم قال ويحك هذا السجود فأين البكاء كذا قال وكلام عمر يحتمل أن يريد الجماعة أيضا أي أين القوم البكى قوله صليا صلى يصلي هو قول أبي عبيدة وزاد والصلى فعول ولكن انقلبت الواو ياء ثم أدغمت قوله نديا والنادي واحد مجلسا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وأحسن نديا قال مجلسا وقال أبو عبيدة في قوله وأحسن نديا أي مجلسا والندي والنادي واحد والجمع أندية وقيل أخذ من الندى وهو الكرم لان الكرماء يجتمعون فيه ثم أطلق على كل مجلس وقال بن إسحاق في السيرة في قوله تعالى فليدع نادية النادي المجلس ويطلق على الجلساء قوله وقال مجاهد فليمدد فيدعه هو بفتح الدال وسكون العين وصله الفريابي بلفظ فليدعه الله في طغيانه أي يمهله إلى مدة وهو بلفظ الامر والمراد به الاخبار وروى بن أبي حاتم من طريق حبيب بن أبي ثابت قال في حرف أبي بن كعب قل من كان في الضلالة فإن الله يزيده ضلالة (0) قوله باب قوله عزوجل وأنذرهم يوم الحسرة ذكر في حديث أبي سعيد في ذبح الموت وسيأتي في الرقاق مشروحا وقوله فيه فيشرئبون بمعجمة وراء مفتوحة ثم همزة مكسورة ثم موحدة ثقيلة مضمومة أي يمدون أعناقهم ينظرون وقوله أملح قال القرطبي الحكمة في ذلك أن يجمع بين صفتي أهل الجنة والنار السواد والبياض قوله ثم قرأ وأنذرهم في رواية سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن الاعمش في آخر الحديث ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيستفاد منه انتفاء الادراج وللترمذي من وجه آخر عن الاعمش في أول الحديث قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنذرهم يوم الحسرة فقال يؤتى بالموت
[ 326 ]
الخ (0) قوله باب (4454) قوله وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ما بين أيدينا الآخرة وما خلفنا الدنيا وما بين ذلك ما بين النفختين قوله قال النبي صلى الله وعليه السلام لجبريل ما يمنعك أن تزورنا وروى الطبري من طريق العوفي وابن مردويه من طريق سماك بن حرب عن سعيد بن جبير كلاهما عن بن عباس قال احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال أبطأ جبريل في النزول أربعين يوما فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا جبريل ما نزلت حتى اشتقت إليك قال أنا كنت أشوق إليك ولكني مأمور وأوحى الله إلى جبريل قل له وما نتنزل إلا بأمر ربك وروى بن مردويه في سبب ذلك من طريق زياد النميري عن أنس قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي البقاع أحب إلى الله وأيها أبغض إلى الله قال ما أدري حتى أسأل فنزل جبريل وكان قد أبطأ عليه الحديث وعند بن إسحاق من وجه آخر عن بن عباس ان قريشا لما سألوا عن أصحاب الكهف فمكث النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله له في ذلك وحيا فلما نزل جبريل قال لابطأت فذكره وحكى بن التين للداودي في هذا الموضع كلاما في استشكال نزول الوحي في القضايا الحادثة مع أن القرآن قديم وجوابه واضح فلم أتشاغل به هنا لكن ألمت به في كتاب التوحيد تنبيه الامر في هذه الآية معناه الاذن بدليل سبب النزول المذكور ويحتمل الحكم أي تتنزل مصاحبين لامر الله عباده بما أوجب عليهم أو حرم ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ذلك عند من يجيز حمل اللفظ على جميع معانيه (0) قوله باب قوله أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال الاوتين مالا وولدا قراءة الاكثر بفتحتين والكوفيين سوى عاصم بضم ثم سكون قال الطبري لعلهم أرادوا التفرقة بين الواحد والجمع لكن قراءة الفتح أشمل وهي أعجب إلى (4455) قوله عن الاعمش عن أبي الضحى كذا رواه بشر بن موسى وغير واحد عن الحميدي وأخرجه بن مردويه من وجه آخر عن الحميدي بهذا الاسناد فقال عن أبي وائل بدل أبي الضحى والاول أصوب وشذ حماد بن شعيب فقال أيضا عن الاعمش عن أبي وائل وأخرجه بن مردويه أيضا قوله جئت العاص بن وائل السهمي هو والد عمرو بن العاص الصحابي المشهور وكان له قدر في الجاهلية ولم يوفق للاسلام قال بن الكلبي كان من حكام قريش وقد تقدم في ترجمة عمربن الخطاب أنه أجاز عمر بن الخطاب حين أسلم وقد أخرج الزبير بن بكار هذه القصة مطولة وفيها أن العاص بن وائل قال رجل أختار لنفسه أمرا فما لكم وله فرد المشركين عنه وكان موته بمكة قبل الهجرة وهو أحد المستهزئين قال عبد الله بن عمرو سمعت أبي يقول عاش أبي خمسا وثمانين وأنه ليركب حمارا إلى الطائب فيمشي عنه أكثر مما يركب ويقال أن حماره رماه على شوكة أصابت رجله فانتفخت فمات فمنها قوله أتقاضاه حقا لي عنده بين في الرواية التي بعد هذه أنه أجره سيفا عمله له وقال فيها كنت فينا وهو بفتح القاف وسكون التحتانية بعدها نون وهو الحداد ولاحمد من وجه آخر عن الاعمش فاجتمعت لي عند العاص بن وائل دراهم قوله فقلت لا أي لا أكفر قوله حتى تموت ثم تبعث مفهومه أنه يكفر حينئذ لكنه لم يرد ذلك لان الكفر حينئذ لا يتصور فكأنه قال لا أكفر أبدا والنكتة في تعبيره بالبعث تعبير العاص بأنه لا يؤمن به وبهذا التقرير يندفع إيراد من استشكل قوله هذا
[ 327 ]
فقال علق الكفر ومن علق الكفر كفر وأجاب بأنه خاطب العاص بما يعتقده فعلق على مستحيل بزعمه والتقرير الاول يغنى عن هذا الجواب قوله فأقضيك فنزلت زاد بن مردويه من وجه آخر عن الاعمش فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت قوله رواه الترمذي وشعبة وحفص وأبو معاوية ووكيع عن الاعمش أما رواية الثوري فوصلها بعد هذا وكذا رواية شعبة ووكيع وأما رواية حفص وهو بن غياث فوصلها في الاجازة وأما رواية أبي معاوية فوصلها أحمد قال حدثنا أبو معاوية حدثنا الاعمش به وفيه قال فإني إذا مت بعثت جثتي ولي ثم مال وولد فأعطيك فأنزل الله أفرأيت الذي كفر بآياتنا إلى قوله ويأتينا فردا وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي من رواية أبي معاوية (0) قوله باب أطلع الغيب أم أتخذ عند الرحمن عهدا قال موثقا سقط قوله موثقا من رواية أبي ذر وساق المؤلف الحديث من رواية الثوري وقال في آخره أم أتخذ عند الرحمن عهدا قال موثقا وكذا أخرجه بن أبي حاتم عن أبيه عن محمد بن كثير شيخ البخاري فيه (4456) قوله لم يقل الاشجعي عن سفيان سيفا ولا موثقا هو كذلك في تفسير الثوري رواية الاشجعي عنه (0) قوله باب كلا سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ساق فيه الحديث المذكور من رواية شعبة عن الاعمش (0) قوله باب وترثه ما يقول ويأتينا فردا ساق فيه الحديث المذكور من رواية وكيع وسياقه أتم كسياق أبي معاوية ويحيى شيخه هو بن موسى ويؤخذ من هذا السياق الجواب عن إيراد المصنف الآيات المذكورة في هذه الابواب مع أن القصة واحدة فكأنه أشار إلى أنها كلها نزلت في هذه القصة بدليل هذه الرواية وما وافقها قوله في الترجمة وقال بن عباس هذا هدما وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عنه (0) قوله سورة طه بسم الله الرحمن الرحيم قال عكرمة والضحاك بالنبطية أي طه يا رجل كذا لابي ذر والنسفي ولغيرهما قال بن جبير أي سعيد فأما قول عكرمة في ذلك فوصلبن أبي حاتم من رواية حصين بن عبد الرحمن عن عكرمة في قوله طه أي طه يا رجل وأخرجه الحاكم من وجه آخر عن عكرمة عن بن عباس في قوله طه قال هو كقولك يا محمد بالحبشية وأما قول الضحاك فوصله الطبري من طريق قرة بن خالد عن الضحاك بن مزاحم في قوله طه قال يا رجل بالنبطية وأخرجه عبد بن حميد من وجه آخر قال قال رجل من بني مازن ما يخفى علي من القرآن شئ فقال له الضحاك ما طه قال اسم من أسماء الله تعالى قال إنما هو بالنبطية يا رجل وسيأتي الكلام على النبط في سورة الرحمن وأما قول سعيد بن جبير
[ 328 ]
فرويناه في الجعديات للبغوي وفي مصنف بن أبي شيبة من طريق سالم الافطس عنه مثل قول الضحاك وزاد الحارث في مسنده من هذا الوجه فيه بن عباس وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وعن قتادة قالا في قوله طه قال يارجل وعند عبد بن حميد عن الحسن وعطاء مثله ومن طريق الربيع بن أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام على رجل ورفع أخرى فأنزل الله تعالى طه أي طأ الارض ولابن مردويه من حديث على نحوه بزيادة أن ذلك لطول قيام الليل وقرأت بخط الصدفي في هامش نسخته بلغنا أن موسى عليه السلام حين كلمه الله قام على أطراف أصابعه خوفا فقال الله عزوجل طه أي اطمئن وقال الخليل بن أحمد من قرأطه بفتح ثم سكون فمعناه يا رجل وقد قيل إنها لغة عك ومن قرأ بلفظ الحرفين فمعناه اطمئن أوطأ الارض قلت جاء عن بن الكلبي أنه لو قيل لعلكي يا رجل لم يجب ب حتى يقال له طه وقرأ بفتح ثم سكون الحسن وعكرمة وهي اختيار ورش وقد وجهوها أيضا على أنها فعل أمر من الوطئ إما بقلب الهمزة ألفا أو بإبدالها هاء فيوافق ما جاء عن الربيع بن أنس فأنه على قوله يكون قد أبدل الهمزة ألفا ولم يحذفها في الامر نظرا إلى أصلها لكن في قراءة ورش حذف المفعول البتة وعلى ما نقل الربيع بن أنس يكون المفعول هو الضمير وهو للارض وإن لم يتقدم لها ذكر لما دل عليه الفعل وعلى ما تقدم يكون اسما وقد قيل إن طه من أسماء السورة كما قيل في غيرها من الحروف المقطعة قوله وقال مجاهد ألقى صنع أزرى ظهري فيستحكم يهلككم تقدم ذلك كله في قصة موسى من أحاديث الانبياء قوله المثلى تأنيث الامثل الخ هو قول أبي عبيدة وقد تقدم شرحه في قصة موسى أيضا وكذلك قوله فأوجس في نفسه خيفة وقوله في جذوع النخل وخطبك ومساس ولننسفنه في اليم نسفا وكله كلام أبي عبيدة قوله قاعا يعلوه الماء والصفصف المستوى من الارض قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة القاع الصفصف الارض المستوية وقال الفراء القاع ما انبسط من الارض ويكون فيه السراب نصف النهار والصفصف الاملس الذي لانبات فيه قوله وقال مجاهد أو زارا أثقالا ثبت هذا لابي ذر وهو عند الفريابي من طريقه قوله من زينة القوم الحلي الذي استعاروا من آل فرعون وهو الاثقال وصله الفريابي أيضا وقد تقدم في قصة موسى وروى الحاكم من حديث على قال عمد السامري إلى ما قدر عليه من الحلي فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفة فإذا هو عجل له خوار الحديث وفيه فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد على شفير الماء فما شرب من ذلك أحد ممن كان عبد العجل إلا اصفر وجهه وروى النسائي في الحديث الطويل الذي يقال له حديث الفتون عن بن عباس قال لما توجه موسى لميقات ربه خطب هارون بني إسرائيل فقال إنكم خرجتم من مصر ولقوم فرعون عندكم ودائع وعواري وأنا أرى أن نحفر حفيرة ونلقى فيها ما كان عندكم ممتاعهم فنحرقه وكان السامري من قوم يعبدون البقر وكان من جيران بني إسرائيل فاحتمل معهم فرأى أثرا فأخذ منه قبضة فمر بهارون فقال له ألا تلقي ما في يدك فقال لا ألقيها حتى تدعو الله أن يكون ما أريد فدعا له فألقاها فقال أريد أن يكون عجلا له جوف يخور قال بن عباس ليس له روح كانت الريح تدخل من ديره وتخرج من فيه فكان الصوت من ذلك فتفرق بنو إسرائيل عند ذلك فرقا الحديث بطوله قوله فقذفتها ألقيتها ألقى صنع فنسي موسى هم يقولونه أخطأ الرب لا يرجع إليهم قولا العجل تقدم كله في قصة
[ 329 ]
موسى قوله همسا حس الاقدام وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد وعن قتادة قال صوت الاقدام أخرجه عبد الرزاق وعن عكرمة قال وطء الاقدام أخرجه عبد بن حميد وقال أبو عبيدة في قوله همسا قال صوتا خفيا قوله حشرتنا أعمى عن حجتي وقد كنت بصيرا في الدنيا وصله الفريابي من طريق مجاهد قوله وقال بن عباس بقبس ضلوا الطريق وكانوا شاتين الخ وصله بن عيينة من طريق عكرمة عنه وفي آخره آنكم بنار توقدون ووقع في رواية أبي ذر تدفئون قوله وقال بن عيينة أمثلهم طريقة أعدلهم كذا هو في تفسير بن عيينة وفي رواية للطبري عن سعيد بن جبير أوفاهم عقلا وفي أخرى عنه أعلمهم في أنفسهم قوله وقال بن عباس هضما لا يظلم فيهضم من حسناته وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله فلا يخاف ظلما ولا هضما قال لا يخاف بن آدم يوم القيامة أن يظلم فيزاد في سيئاته ولا يهضم فينقص من حسناته وعن قتادة عند عبد بن حميد مثله قوله عوجا واديا ولا أمتا رابية وصله بن أبي حاتم أيضا عن بن عباس وقال أبو عبيدة العوج بكسر أوله ما أعوج من المسايل والاودية والامت الانثناء يقال مد حبله حتى ما ترك فيه أمتا قوله ضنكا الشقاء وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس وللطبري عن عكرمة مثله ومن طريق قيس بن أبي حازم في قوله معيشة ضنكا قال رزقا في معصية وصحح بن حبان من حديث أبي هريرة مرفوعا في قوله معيشة ضنكا قال عذاب القبر أورده من وجهين مطولا ومختصرا وأخرجه سعيد بن منصور الحاكم من حديث أبي سعيد الخدري موقوفا ومرفوعا والطبراني من حديث بن مسعود ورجح الطبري هذا مستندا إلى قوله في آخر الآيات ولعذاب الآخرة أشد وأبقى وفي تفسير الضنك أقوال أخرى قيل الضيق وهذا أشهرها ويقال أنها كلمة فارسية معناها الضيق وأصلها التنك بمثناة فوقانية بدل الضاد فعربت وقيل الحرام وقيل الكسب الخبيث قوله هوى شقى وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة أيضا قوله سيرتها حالتها الاولى وقوله النهي التقي بالوادي المقدس المبارك طوى اسم الوادي تقدم كله في أحاديث الانبياء قوله بملكنا بامرنا سوى منصف بينهم يبسا يابسا على قدر على موعد سقط هذا كله لابي ذر وقد تقدم في قصة موسى أيضا قوله يفرط عقوبة قال أبو عبيدة في قوله أن يفرط علينا قال يقدم علينا بعقوبة وكل متقدم أو متعجل فارط قوله ولا تنيا لا تضعفا وصله عبد بن حميد من طريق قتادة مثله ومن طريق مجاهد كذلك ومن طريق أخرى ضعيفة عن مجاهد عن بن عباس وروى بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله لا تنيا لا تبطئا (0) قوله باب واصطنعتك لنفسي وقع في رواية أبي أحمد الجرجاني واصطفيتك وهو تصحيف ولعلها ذكرت على سبيل التفسير وذكر في الباب حديث أبي هريرة في محاجة موسى وآدم عليهما السلام وسيأتي شرحه في كتاب القدر (0) قوله باب ولقد أوحينا إلى موسى الخ وقع عند غير أبي ذر وأوحينا إلى موسى وهو خلاف التلاوة قوله اليم البحر وصله بن أبي حاتم من طريق أسباط بن نصر عن السدي وذكر حديث بن عباس في
[ 330 ]
صيام عاشوراء وقد سبق شرحه في كتاب الصيام مستوفى (0) قوله باب قوله فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ذكر فيه حديث أبي هريرة في محاجة موسى وآدم عليهما السلام وسيأتي في القدر إن شاء الله تعالى (0) قوله سورة الانبياء بسم الله الرحمن الرحيم ذكر فيه حديث بن مسعود قال بني إسرائيل كذا فيه وزعم بعض الشراح أنه وهم وليس كذلك بل وجه وهو أن الاصل سورة بني إسرائيل فحذف المضاف وبقي المضاف إليه على هيئته ثم وجدت في رواية الاسماعيلي سمعت بن مسعود يقول في بني إسرائيل الخ وقد تقدم شرحه مستوفى في تفسير سبحان وزاد في هذه الرواية ما لم يذكره في تلك وحاصله أنه ذكر خمس سور متوالية ومقتضى ذلك أنهن نزلن بمكة لكن اختلف في بعض آيات منهن أما في سبحان فقوله ومن قتل مظلوما الآية وقوله وان كادوا ليستفزونك إلى تحويلا وقوله ولقد آتينا موسى تسع آيات الآية وقوله وقل رب أدخلني مدخل صدق الآية وفي الكهف قوله واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم الآية وقيل من أولها إلى أحسن عملا وفي مريم وإن منكم إلا واردها الآية وفي طه وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها الآية وفي الانبياء أفلا يرون أنا نأتي الارض ننقصها الآية قيل في جميع ذلك أنه مدني ولا يثبت شئ من ذلك والجمهور على أن الجميع مكيات وشذ من قال خلاف ذلك قوله وقال قتادة جذاذا قطعهن وصله الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله فجعلهم جذاذا أي قطعا تنبيه قرأ الجمهور جذاذا بضم أوله وهواسم للشئ المكسر كالحطام في المحطم وقيل جمع جذاذة كزجاج وزجاجة وقرأ الكسائي وابن محيصن بكسر أوله فقيل هو جمع جذيذ ككرام وكريم وفيها قراءات أخرى في الشواذ قوله وقال الحسن في فلك مثل فلكة المغزل وصله بن عيينة عن عمرو عن الحسن في قوله وكل في فلك يسبحون مثل فلكة المغزل قوله يسبحون ويدورون وصله بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله كل في فلك يسبحون قال يدورون حوله ومن طريق مجاهد في فلك كهيئة جديدة الرحى يسبحون يجرون وقال الفراء قال يسبحون لان السباحة من أفعال الآدميين فذكرت بالنون مثل والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين قوله وقال بن عباس نفشت رعت ليلا سقط ليلا لغير أبي ذر وقد وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس بهذا وهو قول أهل اللغة نفشت إذا رعت ليلا بلا راع وإذا رعت نهارا بلا راع قيل هملت قوله يصبحون يمنعون وصله بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ولا هم منا يصبحون قال يمنعون ومن وجه آخر منقطع عن بن عباس يمنعون قال ينصرون وهو قول مجاهد رواه الطبري قوله أمتكم أمة واحدة دينكم دين واحد قال قتادة في هذه الآية ان هذه أمتكم قال دينكم أخرجه الطبري وابن المنذر من طريقه قوله وقال عكرمة حصب جهنم حطب بالحبشة سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق وروى الفراء بإسنادين عن على وعائشة أنهما قرأ حطب بالطاء وعن بن عباس أنه قرأها بالضاد الساقطة المنقوطة قال وهو ما هيجت به النار
[ 331 ]
قوله وقال غيره أحسوا توقعوا من أحسست كذا لهم وللنسفي وقال معمر أحسوا الخ ومعمر هذا هو بالسكون وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى اللغوي وقد أكثر البخاري نقل كلامه فتارة يصرح بعزوه وتارة يبهمه وقال أبو عبيدة في قوله فلما أحسوا بأسنا لقوه يقال هل أحسست فلانا أي هل وجدته وهل احسست من نفسك ضعفا أو شرا قوله خامدين هامدين قال أبو عبيدة في قوله حصيدا خامدين مجاز خامد أي هامد كما يقال للنار إذا اطفئت خمدت قال والحصيد المستأصل وهو يوصف بلفظ الواحد والاثنين والجمع من الذكر والانثى سواء كأنه أجرى مجرى المصدر قال ومثله كانتا رتقا ومثله فجعلهم جذاذا قوله والحصيد مستأصل يقع على الواحد والاثنين والجميع كذا لابي ذر ولغيره حصيدا مستأصلا وهو قول أبي عبيدة كما ذكرنه قبل تنبيه هذه القصة نزلت في أهل حضور بفتح المهملة وضم المعجمة قرية بصنعاء من اليمن وبه جزم بن الكلبي وقيل بناحية الحجاز من جهة الشام بعث إليهم نبي من حمير يقال له شعيب وليس صاحب مدين بين زمن سليمان وعيسى فكذبوه فقصمهم الله تعالى ذكره الكلبي وقد روى قصته بن مردويه من حديث بن عباس ولم يسمه قوله ولا يستحسرن لا يعيبون ومنه حسير وحسرت بعيري هو قول أبي عبيدة أيضا وكذا روى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله ولا يستحسرون قال لا يعيبون تنبيه وقع في رواية أبي ذر يعيبون بفتح أوله ووهاه بن التين وقال هو من أعى أي الصواب بضم أوله قوله عميق بعيد كذا ذكره هنا وإنما وقع ذلك في السورة التي بعدها وهو قول أبي عبيدة وكأنه لما وقع في هذه السورة فجاجا وجاء في التي بعدها من كل فج عميق كأنه استطرد من هذه لهذه أو كان في طرة فنقلها الناسخ إلى غير موضعها قوله نكسوا ردوا قال أبو عبيدة في قوله ثم نكسوا على رؤوسهم أي قلبوا وتقول نكسته على رأسه إذا قهرته وقال الفراء نكسوا رجعوا وتعقبه الطبري بأنه لم يتقدم شئ يصح أن يرجعوا إليه ثم أختار ما رواه بن إسحاق وحاصله أنهم قلبوا في الحجة فاحتجوا على إبراهيم بما هو حجة لابراهيم عليه السلام وهذا كله على قراءة الجمهور وقرأ بن أبي عبلة نكسوا بالفتح وفيه حذف تقديره نكسوا أنفسهم على رؤوسهم قوله صنعه لبوس الدروع قال أبو عبيدة اللبوس السلاح كله من درع إلى رمح وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة اللبوس الدروع كانت صفائح وأول من سردها وحلقها داود وقال الفراء من قرأ لتحصنكم بالمثناة فلتأنيث الدروع ومن قرأ بالتحتانية فلتذكير اللبوس قوله تقطعوا أمرهم اختلفوا هو قول أبي عبيدة وزاد وتفرقوا وروى الطبري من طريق زيد بن أسلم مثله وزاد في الدين قوله الحسيس والحس والجرس والهمس واحد وهو من الصوت الخفي سقط لابي ذر والهمس وقال أبو عبيدة في قوله لا يسمعون حسيسها أي صوتها والحسيس والحس واحد وقد تقدم في أواخر سورة مريم قوله آذناك أعلمناك آذنتكم إذا أعلمته فأنت وهو على سواء لم تغدر قال أبو عبيدة في قوله آذنتكم على سواء إذا أنذرت عدوك وأعلمته ذلك ونبذت إليه الحرب حتى تكون أنت وهو على سواء فقد آذنته وقد تقدم في تفسير سورة إبراهيم عليه السلام وقوله آذناك هو في سورة حم فصلت ذكره هنا استطرادا قوله وقال مجاهد لعلكم تسألون تفهمون وصله الفريابي من طريق ولابن المنذر من وجه آخر عنه تفقهون قوله ارتضى رضى وصله الفريابي من طريق بلفظ رضي عنه وسقط لابي ذر قوله
[ 332 ]
التماثيل الاصنام وصله الفريابي من طريقه أيضا قوله السجل الصحيفة وصله الفريابي من طريقه وجزم به الفراء وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله كطي السجل يقول كطي الصحيفة على الكتاب قال الطبري معناه كطي السجل على ما فيه من الكتاب وقيل على بمعنى من أي من أجل الكتاب لان الصحيفة تطوى حسناته لما فيها فيها من الكتابة وجاء عن بن عباس أن السجل اسم كاتب كان للنبي صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود والنسائي والطبري من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن بن عباس بهذا وله شاهد من حديث بن عمر عند بن مردويه وفي حديث بن عباس المذكور عند بن مردويه والسجل الرجل بلسان الحبش وعند بن المنذر من طريق السدي قال السجل الملك وعند الطبري من وجه آخر عن بن عباس مثله وعند عبد بن حميد من طريق عطية مثله وباسناد ضعيف عن على مثله وذكر السهيلي عن النقاش أنه ملك في السماء الثانية ترفع الحفظة إليه الاعمال كل خميس واثنين وعند الطبري من حديث بن عمر بعض معناه وقد أنكر الثعلبي والسهيلي أن السجل اسم الكاتب بأنه لا يعرف في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا في أصحابه من اسمه السجل قال السهيلي ولا وجد إلا في هذا الخبر وهو حصر مردود فقد ذكره في الصحابة بن منده وأبو نعيم وأوردا من طريق بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم كاتب يقال له سجل وأخرجه بن مردويه من هذا لوجه (0) ثم ذكر المصنف حديث بن عباس إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة الحديث وسيأتي شرحه في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى (0) الله تعالى قوله سورة الحج بسم الله الرحمن الرحيم قوله قال بن عيينة المخبتين المطمئنين هو كذلك في تفسير بن عيينة لكن اسنده عن بن أبي نجيح عن مجاهد وكذا هو عند بن المنذر من هذا الوجه ومن وجه آخر عن مجاهد قال المصلين ومن طريق الضحاك قال المتواضعين والمحنث من الاخبات وأصله الخبت بفتح أوله وهو المطمئن من الارض قوله وقال بن عباس إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته إذا حدث ألقى الشيطان في حديثه فيبطل الله ما يلقي الشيطان ويحكم آياته وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس مقطعا قوله ويقال أمنيته قراءته إلا أماني يقرؤون ولا يكتبون هو قول الفراء قال التمني التلاوة قال وقوله لا يعلمون الكتاب إلا أماني قال الاماني أن يفتعل الاحاديث وكانت أحاديث يسمعونها من كبرائهم وليست من كتاب الله قال ومن شواهد ذلك قول الشاعر تمنى كتاب الله أول ليلة تمنى داود الزبور على رسل قال الفراء والتمني أيضا حديث النفس انتهى قال أبو جعفر النحاس في كتاب معاني القرآن له بعد أن ساق رواية على بن أبي طلحة عن بن عباس في تأويل الآية هذا من أحسن ما قيل في تأويل الآية وأعلاه وأجله ثم أسند عن أحمد بن حنبل قال بمصر صحيفة في التفسير رواها على بن أبي طلحة لو رحل رجل فيها إلى مصر قاصدا ما كان كثيرا انتهى وهذه النسخة كانت عند أبي صالح كاتب الليث رواها عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن بن عباس وهي عند
[ 333 ]
البخاري عن أبي صالح وقد اعتمد عليها في صحيحه هذا كثيرا على ما بيناه في أماكنه وهي عند الطبري وابن أبي حاتم وابن المنذر بوسائط بينهم وبين أبي صالح انتهى وعلى تأويل بن عباس هذا يحمل ما جاء عن سعيد بن جبير وقد أخرجه بن أبي حاتم والطبري وابن المنذر من طرق عن شعبة عن أبي بشر عنه قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة والنجم فلما بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى ألقى الشيطان على لسنه تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجي فقال المشركون ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا فنزلت هذه الآية وأخرجه البزار وابن مردويه من طريق أمية بن خالد عن شعبة فقال في إسناده عن سعيد بن جبير عن بن عباس فيما احسب ثم ساق الحديث وقال البزار لا يروي متصلا إلا بهذا الاسناد تفرد بوصله أمية بن خالد وهو ثقة مشهور قال وإنما يروي هذا من طريق الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس انتهى والكلبي متروك ولا يعتمد عليه وكذا أخرجه النحاس بسند آخر فيه الواقدي وذكره بن إسحاق في السيرة مطولا وأسندها عن محمد بن كعب وكذلك موسى بن عقبة في المغازي عن بن شهاب الزهري وكذا ذكره أبو معشر في السيرة له عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس وأورده من طريقه الطبري وأورده بن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي ورواه بن مردويه من طريق عباد بن صهيب عن يحيى بن كثير عن الكلبي عن أبي صالح وعن أبي بكر الهذلي وأيوب عن عكرمة وسليمان التيمي عمن حدثه ثلاثتهم عن بن عباس وأوردها الطبري أيضا من طريق العوفي عن بن عباس ومعناهم كلهم في ذلك واحد وكلها سوى طريق سعيد بن جبير إما ضعيف وإلا منقطع لكن كثرة الطرق تدل على أن للقصة أصلا مع أن لها طريقين آخرين مرسلين رجالهما على شرط الصحيحين أحدهما ما أخرجه الطبري من طريق يونس بن يزيد عن بن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فذكرا نحوه والثاني ما أخرجه أيضا من طريق المعتمر بن سليمان وحماد بن سلمة فرقهما عن داود بن أبي هند عن أبي العالية وقد تجرأ أبو بكر بن العربي كعادته فقال ذكر الطبري في ذلك روايات كثيرة باطلة لا أصل لها وهو إطلاق مردود عليه وكذا قول عياض هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه ثقة بسند سليم متصل مع ضعف نقلته واضطراب رواياته وانقطاع إسناده وكذا قوله ومن حملت عنه هذه القصة من التابعين والمفسرين لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب وأكثر الطرق عنهم في ذلك ضعيفة واهية قال وقد بين البزار أنه لا يعرف من طريق يجوز ذكره إلا طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير مع الشك الذي وقع في وصله وأما الكلبي فلا تجوز الرواية عنه لقوة ضعفه ثم رده من طريق النظر بأن ذلك لو وقع لارتد كثير ممن أسلم قال ولم ينقل ذلك انتهى وجميع ذلك لا يتمشى على القواعد فإن الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصلا وقد ذكرت أن ثلاثة أسانيد منها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بمثلها من يحتج بالمرسل وكذا من لا يحتج به لاعتضاد بعضها ببعض وإذا تقرر ذلك تعين تأويل ما وقع فيها مما يستنكر وهو قوله ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وأن شفاعتهن لترتجي فإن ذلك لا يجوز حمله على ظاهره لانه يستحيل عليه صلى الله عليه وسلم أن يزيد في القرآن عمدا ما ليس منه وكذا سهوا إذا كان مغايرا لما جاء به من التوحيد لمكان عصمته وقد سلك العلماء في ذلك مسالك فقيل جرى ذلك على
[ 334 ]
لسانه حين أصابته سنة وهو لا يشعر فلما علم بذلك أحكم الله آياته وهذا أخرجه الطبري عن قتادة ورده عياض بأنه لا يصح لكونه لا يجوز على النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ولا ولاية للشيطان عليه في النوم وقيل إن الشيطان ألجأه إلى أن قال ذلك بغير اختياره ورده بن العربي بقوله تعالى حكاية عن الشيطان وما كان لي عليكم من سلطان الآية قال فلو كان للشيطان قوة على ذلك لما بقي لاحد قوة في طاعة وقيل إن المشركين كانوا إذا ذكروا آلهتهم وصفوهم بذلك فعلق ذلك بحفظه صلى الله عليه وسلم فجرى على لسانه لما ذكرهم سهوا وقد رد ذلك عياض فأجاد وقيل لعله قالها توبيخا للكفار قال عياض وهذا جائز إذا كانت هناك قرينة تدل على المراد ولا سيما وقد كان الكلام في ذلك الوقت في الصلاة جائز وإلى هذا نحا الباقلاني وقيل إنه لما وصل إلى قوله ومناة الثالثة الاخرى خشي المشركون أن يأتي بعدها بشئ يذم آلهتهم به فبادروا إلى ذلك الكلام فخلطوه في تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم على عادتهم في قولهم لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ونسب ذلك للشيطان لكونه الحامل لهم على ذلك أو المراد بالشيطان شيطان الانس وقيل المراد بالغرانيق العلى الملائكة وكان الكفار يقولون الملائكة بنات الله ويعبدونها فسيق ذكر الكل ليرد عليهم بقوله تعالى ألكم الذكر وله الانثى فلما سمعه المشركون حملوه على الجميع وقالوا وقد عظم آلهتنا ورضوا بذلك فنسخ الله تلك الكلمتين وأحكم آياته وقيل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرتل القرآن فارتصده الشيطان في سكتة من السكتات ونطق بتلك الكلمات محاكيا نغمته بحيث سمعه من دنا إليه فظنها من قوله وأشاعها قال وهذا أحسن الوجوه ويؤيده ما تقدم في صدر الكلام عن بن عباس من تفسير تمنى بتلا وكذا استحسن بن العربي هذا التأويل وقال قبله أن هذه الآية نص في مذهبنا في براءة النبي صلى الله عليه وسلم مما نسب إليه قال ومعنى قوله في أمنيته أي في تلاوته فأخبر تعالى في هذه الآية أن سنته في رسله إذا قالوا قولا زاد الشيطان فيه من قبل نفسه فهذا نص في أن الشيطان مؤاده في قول النبي صلى الله عليه وسلم لا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله قال وقسبق إلى ذلك الطبري لجلالة قدره وسعة علمه وشدة ساعده في النظر فصوب على هذا المعنى وحوم عليه تنبيه هذه القصة وقعت بمكة قبل الهجرة اتفاقا فتمسك بذلك من قال إن سورة الحج مكية لكن تعقب بأن فيها أيضا ما يدل على أنها مدنية كما في حديث على وأبي ذر في هذان خصمان فإنها نزلت في أهل بدر وكذا قوله أذن الذين يقاتلون الآية وبعدها الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق فإنها نزلت في الذين هاجروا من مكة إلى المدينة فالذي يظهر أن أصلها مكي ونزل منها آيات بالمدينة ولها نظائر والله اعلم قوله وقال مجاهد مشية بالقصة جص وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقصر مسيد قال بالقصة يعني الجص والقصة بفتح القاف وتشديد الصاد هي الجص بكسر الجيم وتشديد المهملة ومن طريق عكرمة قال المشيد المجصص قال والجص في المدينة يسمى الشيد وأنشد الطبري قول امرئ القيس وتيماء لم يترك بها جذع نخلة ولا أجما إلا مشيدا بجندل ومن طريق قتادة قال كان أهله شيدوه وحصنوه وقصة القصر المشيد ذكر أهل الاخبار أنه من بناء شداد بن عاد فصار معطلا بعد العمران لا يستطيع أحد أن يدنو منه على أميال مما يسمع فيه من أصوات الجن المنكرة قوله وقال غيره يسطون يفرطون من السطوة ويقال يسطون
[ 335 ]
يبطشون قال أبو عبيدة في قوله يكادون يسطون أي يفرطون عليه من السطوة وقال الفراء كان مشركي قريش إذا سمعوا المسلم يتلو القرآن كادوا يبطشون به وتقدم في تفسير طه وقال عبدبن حميد أخبرني شبابة عن ورقاء عن بن نجيح عن مجاهد في قوله يكادون أي كفار قريش يسطون أي يبطشون بالذين يتلون القرآن وروى بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله يسطون فقال يبطشون قوله وهدوا إلى صراط الحميد الاسلام هكذا لهم وسيأتي تحريره من رواية النسفي قريبا قوله وقال بن عباس بسبب بحبل إلى سقف البيت وصله عبد بن حميد من طريق أبي إسحاق عن التميمي عن بن عباس بلفظ من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب بحبل إلى سماء بيته فليختنق به قوله ثاني عطفه مستكبر ثبت هذا للنسفي وسقط للباقين وقد وصله بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ثاني عطفه قال مستكبر في نفسه قوله وهدوا إلى الطيب من القول ألهموا إلى القرآن سقط قوله إلى القرآن لغير أبي ذر ووقع في رواية النسفي وهدوا إلى الطيب ألهموا وقال بن أبي خالد إلى القرآن وهدوا إلى صراط الحميد الاسلام وهذا هو التحرير وقد أخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وهدوا إلى الطيب من القول قال ألهموا وروى بن المنذر من طريق سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد في قوله إلى الطيب من القول قال القرآن وفي قوله وهدوا إلى صراط الحميد الاسلام قوله تذهل تشغل روى بن المنذر من طريق الضحاك قال في قوله تذهل كل مرضعة أي تسلو من شدة خوف ذلك اليوم وقال أبو عبيدة في قوله تذهل كل مرضعة أي تسلو قال الشاعر صحا قلبه ياعز أو كاد يذهل وقيل الذهول الاشتغال عن الشئ مع دهش (0) قوله باب قوله وتر الناس سكارى سقط الباب والترجمة لغير أبي ذر وقدم عندهم الطريق الموصول على التعاليق وعكس ذلك في رواية أبي ذر وسيأتي شرح الحديث الموصول في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى (4464) قوله وقال أبو أسامة عن الاعمش سكارى وما هم بسكارى يعني أنه وافق حفص بن غياث في رواية هذا الحديث عن الاعمش بإسناده ومتنه وقد أخرجه أحمد عن وكيع عن الاعمش كذلك قوله قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين أي أنه جزم بذلك بخلاف حفص فأنه وقع في روايته من كل ألف أراه قال فذكره ورواية أبي أسامة هذه وصلها المؤلف في قصة يأجوج ومأجوج من أحاديث الانبياء قوله وقال جرير وعيسى بن يونس وأبو معاوية سكر وما هم بسكرى يعني أنهم رووه عن الاعمش بإسناده هذا ومتنه لكنهم خالفوا في هذه اللفظة فأما رواية جرير فوصلها المؤلف في الرقاق كما قال وأما رواية عيسى بن يونس فوصلها إسحاق بن راهويه عنه كذلك وأما رواية أبي معاوية فاختلف عليه فيها فرواها بلفظ سكر أبو بكر بن أبي شيبة عنه وقد أخرجها سعيد بن منصور عن أبي معاوية والنسائي عن أبي كريب عن أبي معاوية فقالا في روايتهما سكارى وما هم بسكارى وكذا عند الاسماعيلي من طريق أخرى عن أبي معاوية وأخرجها مسلم عن أبي كريب عنه مقرونة برواية وكيع وأحال بهما على رواية جرير وروى بن مردويه من طريق محاضر والطبري من طريق المسعودي كلاهما عن الاعمش بلفظ سكر وقال الفراء أجمع القراء على سكارى وما هم بسكارى ثم روى بإسناده عن بن مسعود سكر وما هم بسكر قال وهو جيد في العربية انتهى
[ 336 ]
ونقله الاجماع عجب مع أن أصحابه الكوفيين يحيى بن وثاب وحمزة والاعمش والكسائي قرؤوا بمثل ما نقل عن بن مسعود ونقلها أبو عبيد أيضا عن حذيفة وأبي زرعبن عمرو واختارها أبو عبيد وقد اختلف أهل العربية في سكر هل هي صيغة جمع على فعلى مثل مرضى أو صيغة مفرد فاستغنى بها عن وصف الجماعة (0) قوله ذلك هو الضلال البعيد أترفناهم وسعناهم (0) قوله باب ومن الناس من يعبد الله على حرف شك سقط لفظ شك لغير أبي ذر وأراد بذلك تفسير قوله حرف وهو تفسير مجاهد أخرجه بن أبي حاتم من طريقه وقال أبو عبيدة كل شاك في شئ فهو على حرف لا يثبت ولا يدوم وزاد غير أبي ذر بعد حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة إلى قوله ذلك هو الضلال البعيد قوله أترفناهم وسعناهم كذا وقع هنا عندهم وهذه الكلمة من السورة التي تليها وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى وأترفناهم في الحياة الدنيا مجازه وسعنا عليهم وأترفوا بغوا وكفروا (4465) قوله يحيى بن أبي بكير هو الكرماني وهو غير يحيى بن بكير المصري يلتبسان لكنهما يفترقان من أربعة أوجه أحدهما النسبة الثاني أبو هذا فيه أداة الكنية بخلاف المصري الثالث ولا يظهر غالبا أن بكيرا جد المصري وأبا بكير والد الكرماني الرابع المصري شيخ المصنف والكرماني شيخ شيخه قوله حدثنا إسرائيل كذا رواه يحيى عنه بهذا الاسناد موصولا ورواه أبو أحمد الزبيري عن إسرائيل بهذا الاسناد فلم يجاوز سعيد بن جبير أخرجه بن أبي شيبة عنه وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق محمد بن إسماعيل بن سالم الصائغ عن يحيى بن أبي بكير كما أخرجه البخاري وقال في آخره قال محمد بن إسماعيل بن سالم هذا حديث حسن غريب وقد أخرجه بن أبي حاتم من وجه آخر عن جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد بن جبير فذكر فيه بن عباس قوله كان الرجل يقدم المدينة فيسلم في رواية جعفر كان ناس من الاعراب يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون قوله فان ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله هو بضم نون نتجت فهي منتوجة مثل نفست فهي منفوسة زاد العوفي عن بن عباس وصح جسمه أخرجه بن أبي حاتم ولابن المنذر من طريق الحسن البصري كان الرجل يقدم المدينة مهاجرا فإن صح جسمه الحديث وفي رواية جعفر فإن وجدوا عام خصب وغيث وولاد وقوله قال هذا دين صالح في رواية العوفي رضي واطمأن وقال ما أصبت فديني إلا خيرا وفي رواية الحسن قال لنعم الدين هذا وفي رواية جعفر قالوا أن ديننا هذا لصالح فتمسكوا به قوله وان لم تلد الخ في رواية جعفر وأن وجدوا عام جدب وقحط وولاد سوء قالوا ما في ديننا هذا خير وفي رواية العوفي وأن أصابه وجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه الصدقة أتاه الشيطان فقال والله ما أصبت على دينك هذا إلا شرا وذلك الفتنة وفي رواية الحسن فإن سقم جسمه وحبست عنه الصدقة وأصابته الحاجة قال والله ليس الدين هذا ما زلت أتعرف النقصان في جسمي وحالي وذكر الفراء أنها نزلت في أعاريب من بني أسد انتقلوا إلى المدينة بذراريهم وامتنوا بذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ذكر نحو ما تقدم وروى بن مردويه من حديث أبي سعيد بإسناد ضعيف أنها نزلت في رجل من اليهود أسلم فذهب بصره وماله وولده فتشاءم بالاسلام فقال لم أصب في ديني خيرا (0) قوله باب هذا خصمان اختصموا في ربهم الخصمان تثنية خصم وهو يطلق على الواحد وغيره وهو من تقمنه المخاصمة قوله يقسم قسما كذا للاكثر ولابي ذر عن الكشميهني
[ 337 ]
يقسم فيها وهو تصحيف (4466) قوله نزلت في حمزة أي بن عبد المطلب وقد تقدم مشروحا في غزوة بدر مستوفى ونقتصر هنا على بيان الاختلاف في إسناده قوله رواه سفيان أي الثوري عن أبي هاشم أي شيخ هشيم فيه وهو الرماني بضم الراء وتشديد الميم أي بإسناده ومتنه وقد تقدمت روايته موصولة في غزوة بدر ولسفيان فيه شيخ آخر أخرجه الطبري من طريق محمد بن مجيب عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف قال نزلت هذه الآية في الذين تبارزوا يوم بدر قوله وقال عثمان أي بن أبي شيبة عن جرير أي بن عبد الحميد عن منصور أي بن المعتمر عن أبي هاشم عن أبي مجلز قوله أي موقوفا عليه قوله عن قيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة (4467) قوله عن على قال أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة قال قيس هو بن عباد الراوي المذكور وفيهم نزلت وهذا ليس باختلاف على قيس بن عبادة في الصحابي بل رواية سليمان التيمي عن أبي مجلز تقتضي أن عند قيس عن على هذا القدر المذكور هنا فقط ورواية أبي هاشم عن أبي مجلز تقتضي أن عند قيس عن أبي ذر ما سبق لكن يعكر على هذا النسائي أخرج من طريق يوسف بن يعقوب عن سليمان التيمي بهذا الاسناد إلى على قال فينا نزلت هذه الآية وفي مبارزتنا يوم بدر هذان خصمان ورواه أبو نعيم في المستخرج من هذا الوجه وزاد في أوله ما في رواية معتمر بن سليمان وكذا أخرجه الحاكم من طريق أبي جعفر الرازي وكذا ذكر الدارقطني في العلل أن كهمس بن الحسن رواه كلاهما عن سليمان التيمي وأشار الدارقطني إلى أن روايتهم مدرجة وأن الصواب رواية معتمر قلت وقد رواه عبد بن حميد عن يزيد بن هارون وعن حماد بن مسعدة كلاهما عن سليمان التيمي كرواية معتمر فإن كان محفوظا فيكون الحديث عن قيس عن أبي ذر وعن على معا بدليل اختلاف سياقهما ثم ينظر بعد ذلك في الاختلاف الواقع عن أبي مجلز في إرساله حديث أبي ذر ووصله فوصله عنه أبو هاشم في رواية الثوري وهشيم عنه وأما سليمان التيمي فوقفه على قيس وأما منصور فوقفه على أبي مجلز ولا يخفى أن الحكم للواصل إذا كان حافظا وسليمان وأبو هاشم متقاربان في الحفظ فتقدم رواية من معه زيادة والثوري أحفظ من منصور فتقدم روايته وقد وافقه شعبة عن أبي هاشم أخرجه الطبراني على أن الطبري أخرجه من وجه آخر عن جرير عن منصور موصولا فبهذا التقرير يرتفع اعتراض من ادعى أنه مضطرب كما أشرت إلى ذلك في المقدمة وإنما أعيد مثل هذا لبعد العهد به والله المستعان وقد روى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس أنها نزلت في أهل الكتاب والمسلمين ومن طريق الحسن قال هم الكفار والمؤمنون ومن طريق مجاهد هو اختصام المؤمن والكافر في البعث واختار الطبري هذه الاقوال في تعميم الآية قال ولا يخالف المروي عن على وأبي ذر لان الذين تبارزوا ببدر كانوا فريقين مؤمنين وكفار إلا أن الآية إذا نزلت في سبب من الاسباب لا يمتنع أن تكون عامة في نظير ذلك السبب (0) قوله سورة المؤمنون بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال بن عيينة سبع طرائق سبع سماوات هو في تفسير بن
[ 338 ]
عيينة من رواية سعد بن عبد الرحمن المخزومي عنه وأخرجه الطبري من طريق بن زيد بن أسلم مثله قوله سابقون سبقت لهم السعادة ثبتت لغير أبي ذر وصله ابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قوله قلوبهم وجلة خائفين وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وقلوبهم وجلة قال يعملون خائفين وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وقلوبهم وجلة قال خائفة وللطبري من طريق يزيد النحوي عن عكرمة مثله وفي الباب عن عائشة قالت يا رسول الله في قوله تعالى وقلوبهم وجلة أهو الرجل يزني ويسرق وهو مع ذلك يخاف الله قال لا بل هو الرجل يصوم ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجة وصححه الحاكم قوله وقال بن عباس هيهات هيهات بعيد بعيد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله وروى عبد بن حميد عن سعيد عن قتادة قال تباعد ذلك في أنفسهم وقال الفراء إنما دخلت اللام في لما توعدون لان هيهات أداة ليست بمأخوذة من فعل بمنزلة قريب وبعيد كما تقول هلم لك فإذا قلت أقبل لم تقل لك قوله فاسأل العادين الملائكة كذا لابي ذر فأوهم أنه من تفسير بن عباس ولابي ذر والنسفي وقال مجاهد فاسأل الخ وهو أولى فقد أخرجه الفريابي من طريقه وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله العادين قال الحساب أي بضم أوله والتشديد قوله تنكصون تستأخرون ثبت عند النسفي وحده ووصله الطبري من طريق مجاهد قوله لناكبون لعادلون في رواية أبي ذر وقال بن عباس لناكبون الخ ووصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عنه وفي كلام أبي عبيدة مثله زاد ويقال نكب عن الطريق أي عدل عنه قوله كالحون عابسون وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس مثله ومن طريق أبي الاحوص عن بن مسعود قال مثل كلوح الرأس النضيخ وكشر عن ثغره وأخرجه الحاكم وصححه من حديث أبي سعيد الخدري مرفوعا تشويه النار فتقلص شفته العليا وتسترخي السفلى قوله وقال غيره من سلالة الولد والنطفة السلالة سقط وقال غيره لغير أبي ذر فأوهم أنه من تفسير بن عباس أيضا وليس كذلك وإنما هو قول أبي عبيدة قال في قوله ولقد خلقنا الانسان من سلالة السلالة الولد والنطفة السلالة قال الشاعر وهل هند إلا مهرة عربية سلالة أفراس تحللها بغل انتهى وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله من سلالة استل آدم من طين وخلقت ذريته من ماء مهين وقد استشكل الكرماني ما وقع في البخاري فقال لا يصح تفسير السلالة بالولد لان الانسان ليس من الولد بل الامر بالعكس ثم قال لم يفسر السلالة بالولد بل الولد مبتد وخبره السلالة والمعنى السلالة وما يستل من الشئ كالولد والنطفة انتهى وهو جواب ممكن في إيراد البخاري وكلام أبي عبيدة يأباه ولم يرد أبو عبيدة تفسير السلالة بالولد أنه المراد في الآية وإنما أشار إلى أن لفظ السلالة مشترك بين الولد والنطفة والشئ الذي يستل من الشئ وهذا الاخير هو الذي في الآية ولم يذكره استغناء بما ورد فيها وتنبيها على أن هذه اللفظة تطلق أيضا على ما ذكر قوله والجنة والجنون واحد هو قول أبي عبيدة أيضا قوله والغثاء الزبد وما ارتفع عن الماء وما لا ينتفع به قال أبو عبيدة في قوله تعالى فجعلناهم غثاء الغثاء الزبد وما ارتفع على الماء من الجيف مما لا ينتفع به وفي رواية عنه وما أشبه ذلك مما لا ينتفع به في شئ وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله غثاء قال هو الشئ البالي قوله يجأرون يرفعون أصواتهم كما تجأر البقرة
[ 339 ]
ثبت هذا هنا للنسفي وتقدم في أواخر الزكاة وسيأتي في كتاب الاحكام لغيره مثله قوله على أعقابكم رجع على عقبيه هو قول أبي عبيدة قوله سامرا من السمر والجمع السمار والسامر ههنا في موضع الجمع ثبت هنا للنسفي وقد تقدم في أواخر المواقيت قوله تسحرون تعمون من السحر (0) قوله سورة النور بسم الله الرحمن الرحيم من خلاله من بين أضعاف السحاب هو قول أبي عبيدة ولفظه أضعاف أو بين مزيدة فإن المعنى ظاهر بأحدهما وروى الطبري من طريق بن عباس أنه قرأ يخرج من خلله قال هارون أحد رواته فذكرته لابي عمرو فقال أنها لحسنة ولكن خلاله أعم قوله سنابرقة وهو الضياء قال أبو عبيدة في قوله يكاد سنابرقه مقصور أي ضياء والسناء ممدود في الحسب وروى الطبري من طريق بن عباس في قوله يكاد سنابرقه يقول ضوء برقه ومن طريق قتادة قال لمعان البرق قوله مذعنين يقال للمستخذي مذعن قال أبو عبيدة في قوله يأتوا إليه مذعنين أي مستخذين وهو بالخاء والذال المعجمتين وروى الطبري من طريق مجاهد في قوله مذعنين قال سراعا وقال الزجاج الاذعان الاسراع في الطاعة قوله أشتاتا وشتى وشتات وشت واحد هو قول أبي عبيدة بلفظه وقال غيره أشتات جمع وشت مفرد قوله وقال مجاهد لواذا خلافا وصله الطبري من طريقه واللواذ مصدر لاوذت قوله وقال سعد بن عياض الثمالي بضم المثلثة وتخفيف الميم نسبة إلى ثمالة قبيلة من الازد وهو كوفي تابعي ذكر مسلم أن أبا إسحاق تفرد بالرواية عنه وزعم بعضهم أن له صحبة ولم يثبت وما له في البخاري إلا هذا الموضع وله حديث عن بن مسعود عند أبي داود والنسائي قال بن سعد كان قليل الحديث وقال البخاري مات غازيا بأرض الروم قوله المشكاة الكوة بلسان الحبش وصله بن شاهين من طريقه ووقع لنا بعلو في فوائد جعفر السراج وقد روى الطبري من طريق كعب الاحبار قال المشكاة الكوة والكوة بضم الكاف وبفتحها وتشديد الواو وهي الطاقة للضوء وأما قوله بلسان الحبشة فمضى الكلام فيه في تفسير سورة النساء وقال غيره المشكاة موضع الفتيلة رواه الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس وأخرج الحاكم من وجه آخر عن بن عباس في قوله كمشكاة قال يعني الكوة قوله وقا بن عباس سورة أنزلناها بيناها قال عياض كذا في النسخ والصواب أنزلناها وفرضناها بيناها فبيناها تفسير فرضناها ويدل عليه قوله بعد هذا ويقال في فرضناها أنزلنا فيها فرائض مختلفة فإنه يدل على أنه تقدم له تفسير آخر انتهى وقد روى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وفرضناها يقول بيناها وهو يؤيد قول عياض قوله وقال غيره سمي القرآن لجماعة السور وسميت السورة لانها مقطوعة من الاخرى فلما قرن بعضها إلى بعض سمي قرآنا وهو قول أبي عبيدة قاله في أول المجاز وفي رواية أبي جعفر المصادري عنه سمي القرآن لجماعة السور فذكر مثله سواء وجوز الكرماني في قراءة هذه اللفظه وهي لجماعة وجهين إما بفتح الجيم وآخرها تاء تأنيث بمعنى الجميع وإما بكسر الجيم وآخرها ضمير يعود على القرآن قوله وقوله أن علينا جمعه وقرآنه تأليف بعضه إلى بعض الخ يأتي
[ 340 ]
الكلام عليه في تفسير سورة القيامة إن شاء الله تعالى قوله ويقال ليس لشعره قرآن أي تأليف هو قوأبي عبيدة قوله ويقال للمرأة ما قرأت بسلا قط أي لم تجمع ولدا في بطنها هو قول أبي عبيدة أيضا قاله في المجاز رواية أبي جعفر المصادري عنه وأنشد قول الشاعر هجان اللون لم يقرأ جنينا والسلا بفتح المهملة وتخفيف اللام وحاصله أن القرآن عنده من قرأ بمعنى جمع لا من قرأ بمعنى تلا قوله وقال فرضناها أنزلنا فيها فرائض مختلفة ومن قرأ فرضناها يقول فرضنا عليكم وعلى من بعدكم فيها كذا وقال الفراء من قرأ فرضناها يقول فرضنا فيها فرائض مختلفة وأن شئت فرضناها عليكم وعلى من بعدكم إلى يوم القيامة قال فالتشديد بهذين الوجهين حسن وقال أبو عبيدة في قوله فرضناها حددنا فيها الحلال والحرام وفرضنا من الفريضة وفي رواية له ومن خففها جعلها من الفريضة قوله وقال الشعبي أولى الاربة من ليس له أرب ثبت هذا للنسفي وسيأتي بعضه في النكاح وقد وصله الطبري من طريق شعبة عن مغيرة عن الشعبي مثله ومن وجه آخر عنه قال الذي لم يبلغ أربه أن يطلع على عورة النساء قوله وقال طاوس هو الاحمق الذي لا حاجة له في النساء وصله عبد الرزاق عن معمر عن بن طاوس عن أبيه مثله قوله وقال مجاهد لا يهمه إلا بطنه ولا يخاف على النساء أو الطفل الذين لم يظهروا لم يدروا لما بهم من الصغر وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أو التابعين غير أولى الاربة قال الذي يريد الطعام ولا يريد النساء ومن وجه آخر عنه قال الذين لا يهمهم إلا بطونهم ولا يخافون على النساء وفي قوله أو الطف الذين لم يظهروا على عورات النساء قال لم يدروا ما هي من الصغر قبل الحلم (0) قوله باب قوله عزوجل والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء الآية ذكر فيه حديث سهل بن سعد مطولا وفي الباب الذي بعده مختصرا وسيأتي شرحه في كتاب اللعان وقوله في أول الباب (4468) حدثنا إسحاق حدثنا محمد بن يوسف هو الفريابي وهو شيخ البخاري لكن ربما ادخل بينهما واسطة وإسحاق المذكور وقع غير منسوب ولم ينسبه الكلاباذي أيضا وعندي أنه إسحاق بن منصور وقد بينت
[ 341 ]
ذلك في المقدمة (0) قوله باب ويدرأ عنها العذاب الآية ذكر فيه حديث بن عباس في قصة المتلاعنين من رواية عكرمة عنه وقد ذكره في اللعان من رواية القاسم بن محمد عنه وبينهما في سياقه اختلاف سأبينه هناك وأقتصر هنا على بيان الراجح من الاختلاف في سبب نزول آيات اللعان دون أحكامه فأذكرها في بابها إن شاء الله تعالى وقوله (4470) عن هشام بن حسان حدثنا عكرمة هكذا قال بن عدي عنه وقال عبد الاعلى ومخلد بن حسين عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أنس فمنهم من أعلى حديث بن عباس بهذا ومنهم من حمله على أن لهشام فيه شيخين وهذا هو المعتمد فإن البخاري أخرج طريق عكرمة ومسلما أخرج طريق بن سيرين ويرجع هذا الحمل اختلاف السياقين كما سنبينه إن شاالله تعالى قوله البينة أو حد في ظهرك قال بن مالك ضبطوا البينة بالنصب على تقدير عامل أي أحضر البينة وقال غيره روى بالرفع والتقدير أما البينة وأما حد وقوله في الرواية المشهورة أوحد في ظهرك قال بن مالك حذف منه فاء الجواب وفعل الشرط بعد إلا والتقدير وإلا تحضرها فجزاؤك حد في ظهرك قال وحذف مثل هذا لم يذكر النحاة أنه يجوز إلا في الشعر لكن يرد عليهم وروده في هذا الحديث الصحيح قوله فقال هلال والذي بعثك بالحق أني لصادق ولينزلن الله ما يبرئ ظهري من الحد فنزل جبريل وأنزل عليه والذين يرمون أزواجهم كذا في هذه الرواية أن آيات اللعان نزلت في قصة هلال بن أمية وفي حديث سعد الماضي أنها نزلت في هو يمر ولفظه فجاء عويمر فقال يا رسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يصنع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فأمرهما بالملاعنة وقد اختلف الائمة في هذا الموضع فمنهم من رجح أنها نزلت في شأن عويمر ومنهم من رجح أنها نزلت في شأن هلال ومنهم من جمع بينهما بأن أول من وقع له ذلك هلال وصادف مجئ عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا في وقت واحد وقد جنح النووي إلى هذا وسبقه الخطيب فقال لعلهما اتفق كونهما جاآ في وقت واحد ويؤيد التعدد أن القائل في قصة هلال سعد بن عبادة كما أخرجه أبو داود والطبري من طريق عباد بن منصور عن عكرمة عن بن عباس مثل رواية هشام بن حسان بزيادة في أوله لما نزلت والذين يرمون أزواجهم الآية قال سعد بن عبادة لو رأيت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء ما كنت لآتي بهم حتى يفرغ من حاجته قال فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية الحديث وعند الطبري من طريق أيوب عن عكرمة مرسلا فيه نحوه وزاد فلم يلبثوا أن جاء بن عم له فرمى امرأته الحديث والقائل في قصة عويمر عاصم بن عدي كما في حديث سهل بن سعد في الباب الذي قبله وأخرج الطبري من طريق الشعبي مرسلا قال لما نزلت والذين يرمون أزواجهم الآية قال عاصم بن عدي إن أنا رأيت فتكلمت جلدت وإن سكت سكت على غيظ الحديث ولا مانع أن تتعدد القصص ويتحد النزول وروى البزار من طريق زيد بن تبيع عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بكر لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به قال كنت فاعلا به شرا قال فأنت يا عمر قال كنت أقول لعن الله الابعد قال فنزلت ويحتمل أن النزول سبق بسبب هلال فلما جاء عويمر ولم يكن علم بما وقع لهلال أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم بالحكم ولهذا قال في قصة هلال فنزل جبريل وفي قصة عويمر قد أنزل الله فيك فيؤول قوله قد أنزل الله
[ 342 ]
فيك أي وفيمن كان مثلك وبهذا أجاب بن الصباغ في الشامل قال نزلت الآية في هلال وأما قوله لعويمر قد نزل فيك وفي صاحبتك فمعناه ما نزل في قصة هلال ويؤيده أن في حديث أنس عند أبي يعلى قال أول لعان كان في الاسلام أن شريك بن سحماء قذفه هلال بن أمية بامرأته الحديث وجنح القرطبي إلى تجويز نزول الآية مرتين قال وهذه الاحتمالات وإن بعدت أولى من تغليط الرواة الحفاظ وقد أنكر جماعة ذكر هلال فيمن لاعن قال القرطبي أنكره أبو عبد الله بن أبي صفرة أخو المهلب وقال هو خطأ والصحيح أنه عويمر وسبقه إلى نحو ذلك الطبري وقال بن العربي قال الناس هو وهم من هشام بن حسان وعليه دار حديث بن عباس وأنس بذلك وقال عياض في المشارق كذا جاء من رواية هشام بن حسان ولم يقله غيره وإنما القصة لعويمر العجلاني قال ولكن وقع في المدونة في حديث العجلاني ذكر شريك وقال النووي في مبهماته اختلفوا في الملاعن على ثلاثة أقوال عويمر العجلاني وهلال بن أمية وعاصم بن عدي ثم نقل عن الواحدي أن أظهر هذه الاقوال أنه عويمر وكلام الجميع متعقب أما قول بن أبي صفرة فدعوى مجردة وكيف يجزم بخطأ حديث ثابت في الصحيحين مع إمكان الجمع وما نسبه إلى الطبري لم أره في كلامه وأما قول بن العربي إن ذكر هلال دار على هشام بن حسان وكذا جزم عياض بأنه لم يقله غيره فمردود لان هشام بن حسان لم ينفرد به فقد وافقه عباد بن منصور كما قدمته وكذا جرير بن حازم عن أيوب أخرجه الطبري وابن مردويه موصولا قال لما قذف هلال بن أمية امرأته وأما قول النووي تبعا للواحدي وجنوحه إلى الترجيح فمرجوح لان الجمع مع إمكانه أولى من الترجيح ثم قوله وقيل عاصم بن عدي فيه نظر لانه ليس لعاصم فيه قصة أنه الذي لاعن امرأته وإنما الذي وقع من عاصم نظير الذي وقع من سعد بن عبادة ولما روى بن عبد البر في التمهيد طريق جرير بن حازم تعقبه بأن قال قد رواه القاسم بن محمد عن بن عباس كما رواه الناس وهو يوهم أن القاسم سمي الملاعن عويمرا والذي في الصحيح فأتاه رجل من قومه أي من قوم عاصم والنسائي من هذا الوجه لاعن بين العجلاني وامرأته والعجلاني هو عويمر (0) قوله باب قوله والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين (4471) حدثنا مقدم هو بوزن محمد وهو بن محمد بن يحيى بن عطاء بن مقدم الهلالي المقدمي الواسطي وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر في التوحيد وكلاهما في المتابعات قوله حدثني عمي القاسم بن يحيى هو ثقة وهو بن عم أبي بكر بن على المقدمي والد محمد شيخ البخاري أيضا وليس للمقاسم عند البخاري سوى الحديثين المذكورين قوله عن عبيد الله وقد سمع منه هو كلام البخاري وأشار بذلك إلى حديث غير هذا صرح فيه القاسم بن يحيى بسماعه من عبد الله بن عمرو أما هذا الحديث فقد رواه الطبراني عن أبي بكر بن صدقة عن يقدم بن محمد بهذا الاسناد معنعنا قوله ان رجلا رمى امرأته فانتفى من ولدها سيأتي البحث فيه مفصلا في كتاب اللعان إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى قوله عذاب عظيم وهو أولى لانه اقتصر في الباب على تفسير الذي تولى كبره فقط قوله أفاك كذاب هو تفسير أبي عبيدة وغيره (4472) قوله حدثنا أبو نعيم حدثنا سفيان هو الثوري وقد صرح به بن مردويه من وجه
[ 343 ]
أخر عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه ورواه عبد الرزاق عن معمر مطولا في جملة حديث الافك وقد تقدم في غزوة المريسيع من المغازي من رواية معمر أيضا وغيره عن الزهري وفي القصة التي دارت بينه وبين الوليد بن عبد الملك في ذلك قوله عن عائشة والذي تولى كبره أي قالت عائشة في تفسير ذلك قوله قالت عبد الله بن أبي بن سلول أي هو عبد الله وتقدمت ترجمته قريبا في سورة براءة وهذا هو المعروف في أن المراد بقوله تعالى والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم وهو عبد الله بن أبي وبه تظاهرت الروايات عن عائشة من قصة الافك المطولة كما في الباب الذي بعد هذا وسيأتي بعخمسة أبواب بيان من قال خلاف ذلك إن شاء الله تعالى (0) قوله باب لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا إلى قوله الكاذبون كذا لابي ذر وقد وقع عند غيره سياق آيتين غير متواليتين الاولى قوله ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا إلى قوله عظيم والاخرى قوله لولا جاءوا عليه بأربعة شهداء عالي قوله الكاذبون واقتصر النسفي على الآية الاخيرة ثم ساق المصنف حديث الافك بطوله من طريق الليث عن يونس بن يزيد عن الزهري عن مشايخه الاربعة وقد ساقه بطوله أيضا في الشهادات من طريق فليح بن سليمان وفي المغازي من طريق صالح بن كيس كلاهما عن الزهري وأورده في مواضع أخرى باختصار فأول ما أخرجه في الجهاد ثم في الشهادات ثم في التفسير ثم في الايمان والنذر ثم في التوحيد من طريق عبد الله النميري عن يونس باختصار في هذه المواضع وأخرجه في التوحيد وعلقه في الشهادات باختصار أيضا من رواية الليث أيضا وأخرجه في التفسير والايمان والنذور والاعتصام من طريق صالح بن كيسان باختصار في هذه المواضع أيضا وأخرج طرفا منه معلقا في المغازي من طريق النعمان بن راشد عن الزهري ومن طريق معمر عن الزهري طرفا آخر وأخرجه مسلم من رواية عبد الله بن المبارك عن يونس ومن رواية عبد الرزاق عن معمر كلاهما عن الزهري ساقه على لفظ معمر ثم ساقه من طريق فليح وصالح باسنادهما قال مثله غير أنه بين الاختلاف في احتملته الحمية أو اجتهلته وفي موغرين كما سيأتي وذكر في رواية صالح زيادة كما سأنبه عليها وأخرجه النسائي في عشرة النساء من طريق صالح وأخرجه في التفسير من طريق محمد بن ثور عن معمر لكنه اقتصر على نحو نصف أوله ثم قال وساق الحديث وأخرج من طريق بن وهب عن يونس وذكر آخر كلاهما عن الزهري بسنده ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وأسامة يستشيرهما إلى قوله فتأتي الداجن فتأكله أخرجه في القضاء وأخرج أبو داود من طريق بن وهب عن يونس طرفا منه في السنة وهو قول عائشة ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بوحي يتلى وذكره الترمذي عن يونس ومعمر وغيرهما عن الزهري معلقا عقب رواية هشام بن عروة عن أبيه فهذه جميع طرقه في هذه الكتب وقد جاء عن الزهري من غير رواية هؤلاء فأخرجه أبو عوانة في صحيحه والطبراني من رواية يحيى بن سعيد الانصاري وعبيد الله بن عمر العمري وإسحاق بن راشد وعطاء الخراساني وعقيل وابن جريج وأخرجه أبو عوانة أيضا من رواية محمد بن إسحاق وبكر بن وائل ومعاوية بن يحيى وحميد الاعرج وعند أبي داود طرف من رواية حميد هذا والطبراني أيضا من رواية زياد بن سعد وابن أبي عتيق وصالح بن أبي الاخضر وأفلح بن عبد الله بن المغيرة وإسماعيل بن رافع ويعقوب بن
[ 344 ]
عطاء وأخرجه بن مردويه من رواية بن عيينة وعبد الرحمن بن إسحاق كلهم وعدتهم ثمانية عشر نفسا عن الزهري منهم من طوله ومنهم من اختصره وأكثرهم يقدم عروة على سعيد وبعد سعيد علقمة ويختم بعبيد الله وقدم معمر ويونس من رواية بن وهب عنه وعقيل وابن إسحاق في رواية معاوية وزياد وأفلح وإسماعيل ويعقوب سعيد بن المسيب على عروة وقدم بن وهب علقمة على عبيد الله وقدم بن إسحاق في رواية علقمة وثنى بسعيد وثلث بعروة وآخر عبيد الله وقدم عطاء الخراساني عبيد الله على عروة في رواية وحذف من أخرى سعيدا وكذا قدم صالح بن أبي الاخضر عبيد الله لكن ثنى بأبي سلمة بن عبد الرحمن بدل سعيد وثلث بعلقمة وختم بعروة واقتصر بكر على سعيد قوله وكل حدثني طائفة من الحديث أي بعضه هو مقول الزهري كما في رواية فليح قال الزهري الخ وفي رواية بن إسحاق قال الزهري كل حدثني بعض هذا الحديث وقد جمعت لك كل الذي حدثوني ولما ضم بن إسحاق إلى رواية الزهري عن الاربعة روايته هو عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة وعن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه كلاهما عن عائشة قال دخل حديث هؤلاء جميعا يحدث بعضهم ما لم يحدث صاحبه وكل كان ثقة فكل حدث عنها ما سمع قال فذكره قال عياض انتقدوا على الزهري ما صنعه من روايته لهذا الحديث ملفقا عن هؤلاء الاربعة وقالوا كان ينبغي له أن يفرد حديث كل واحد منهم عن الآخر انتهى وقد تتبعت طرقه فوجدته من رواية عروة على انفرداه ومن رواية علقمة بن وقاص على انفرداه وفي سياق كل منهما مخالفات ونقص وبعض زيادة لما في سياق الزهري عن الاربعة فأما رواية عروة فأخرجها المصنف في الشهادات من رواية فليح بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عقب رواية فليح عن الزهري قال مثله ولم يسق لفظه وبينهما تفاوت كبير فكأن فليحا تجوز في قوله مثله وقد علقها المصنف كما سيأتي قريبا لابي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه بتمامه ووصلها مسلم لابي أسامة إلا أنه لم يسقه بتمامه ووصله أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة عن أبي أسامة بتمامه وكذا أخرجه الترمذي والطبري والاسماعيلي من رواية أبي أسامة وأخرجه أبو عوانة والطبراني من رواية حماد بن سلمة وأبي أويس وأبي عوانة وابن مردويه من رواية يونس بن بكير والدارقطني في الغرائب من رواية مالك وأبو عوانة من رواية على بن مسهر وسعيد بن أبي هلال ووصلها المصنف باختصار في الاعتصام من رواية يحيى بن أبي زكريا كلهم عن هشام بن عروة مطولا ومختصرا وأما رواية علقمة بن وقاص فوصلها الطبري والطبراني من طريق يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عنه وأما رواية سعيد بن المسيب وعبيد الله فلم أجدهما إلا من رواية الزهري عنهما وقد رواه عن عائشة غير هؤلاء الاربعة فأخرجه المصنف في الشهادات من رواية عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة ولم يسق لفظها وقد ساقه أبو عوانة في صحيحه والطبراني من طريق أبي أويس وأبو عوانة والطبري أيضا من طريق محمد بن إسحاق كلاهما عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عنها وأخرجه أبو عوانة أيضا من رواية أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة والمصنف من رواية القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة إلا أنه لم يسق لفظه أخرجه في الشهادات وكذا رواية عمرة عقب رواية فليح عن الزهري وأخرجه أبو عوانة والطبراني من طريق الاسود بن يزيد وعباد بن عبد الله بن الزبير ومقسم مولى بن عباس ثلاثتهم عن عائشة وقد روى هذا
[ 345 ]
الحديث من الصحابة غير عائشة جماعة منهم عبد الله بن الزبير وحديثه أيضا عقب ب رواية فليح عند المصنف في الشهادات ولم يسق لفظه وأم رومان قد تقدم حديثها في قصة يوسف وفي المغازي ويأتي باختصار قريبا وابن عباس وابن عمر وحديثهما عند الطبراني وابن مردويه وأبو هريرة وحديثه عند البزار وأبو اليسر وحديثه باختصار عند بن مردويه فجميع من رواه من الصحابة غير عائشة ستة ومن التابعين عن عائشة عشرة وأورده بن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير مرسلا بإسناد واه وأورده الحاكم في الاكليل من رواية مقاتل بن حيان وهو بالمهملة والتحتانية مرسلا أيضا وسأذكر في أثناء شرح هذا الحديث ما في رواية هؤلاء من فائدة زائدة إن شاء الله تعالى قوله وبعض حديثهم يصدق بعضا كأنه مقلوب والمقام يقتضى أن يقول وحديث بعضهم يصدق بعضا ويحتمل أن يكون على ظاهره والمراد أن بعض حديث كل منهم يدل على صدق الراوي في بقية حديثه لحسن سياقه وجودة حفظه قوله وان كان بعضهم أوعى له من بعض هو إشارة إلى أن بعض هؤلاء الاربعة أميز في سياق الحديث من بعض من جهة حفظ أكثره لا أن بعضهم أضبط من بعض مطلقا ولهذا قال أوعى له أي للحديث المذكور خاصة زاد في رواية فليح وأثبت اقتصاصا أي سياقا وقد وعيت عن كل واحد منهم الحديث الذي حدثني عن عائشة أي القدر الذي حدثني به ليطابق قوله وكل حدثني طائفة من الحديث وحاصله أن جميع الحديث عن مجموعهم لا أن مجموعه عن كل واحد منهم ووقع في رواية أفلح وبعض القوم أحسن سياقا وأما قوله في رواية الباب الذي حدثني عروة عن عائشة فهكذا في رواية الليث عن يونس وأما رواية بن المبارك وابن وهب وعبد الله النميري فلم يقل واحد منهم عن يونس الذي حدثني عروة وإنما قالوا عن عائشة فاقتضت رواية الليث أن سياق الحديث عن عروة ويحتمل أن يكون المراد أول شئ منه ويؤيده أنه تقدم في الهبة وفي الشهادات من طريق يونس عن الزهري عن عروة وحده عن عائشة أول هذا الحديث وهو القرعة عند إرادة السفر وكذلك أفردها أبو داود والنسائي من طريق يونس وكذا يحيى بن يمان عن معمر عن الزهري عن عروة عند بن ماجة والاحتمال الاول أولى لما ثبت أن الرواة اختلفوا في تقديم بعض شيوخ الزهري على بعض فلو كان الاحتمال الثاني متعينا لامتنع تقديم غير عروة على عروة ولاشعر أيضا أن الباقين لم يرووا عن عائشة قصة القرعة وليس كذلك فقد أخرج النسائي قصة القرعة خاصة من طريق محمد بن على بن شافع عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله وحده عن عائشة وستأتي القصة من رواية هشام بن عروة وحده وفي سياقه مخالفة كثيرة للسياق الذي هنا للزهري عن عروة وهو مما يتأيد به الاحتمال الاول والله اعلم قوله عروة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ليس المراد أن عائشة تروي عن نفسها بل معنى قوله عن عائشة أي عن حديث عائشة في قصة الافك ثم شرع يحدث عن عائشة فقال أن عائشة قالت ووقع في رواية فليح زعموا أن عائشة قالت والزعم قد يقع موضع القول وأن لم يكن فيه تردد لكن لعل السر فيه أن جميع مشايخ الزهري لم يصرحوا له بذلك كذا أشار إليه الكرماني (4473) قوله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج زاد معمر سفرا أي إلى سفر فهو منصوب بنزع الخافض أو ضمن يخرج معنى ينشئ فيكون سفرا نصبا على المفعولية وفي رواية فليح
[ 346 ]
وصالح بن كيسان كان إذا أراد سفرا قوله أقرع بين أزواجه فيه مشروعية القرعة والرد على من منع منها وقد تقدم التعريف بها وحكمها في أواخر كتاب الشهادات في باب القرعة في المشكلات قوله فأيتهن وقع في رواية الاصيلي من طريق فليح فأيهن بغير مثناة والاولى أولى قوله في غزوة غزاها هي غزوة بني المصطلق وصرح بذلك محمد بن إسحاق في روايته وكذا أفلح بن عبد الله عند الطبراني وعنده في رواية أبي أويس فخرج سهم عائشة في غزوة بني المصطلق من خزاعة وعند البزار من حديث أبي هريرة فأصابت عائشة القرعة في غزوة بني المصطلق وفي رواية بكر بن وائل عند أبي عوانة ما يشعر بأن تسمية الغزوة في حديث عائشة مدرج في الخبر قوله فخرج سهمي هذا يشعر بأنها كانت في تلك الغزوة وحدها لكن عند الواقدي من طريق عباد بن عبد الله عنها أنها خرجت معه في تلك الغزوة أيضا أم سلمة وكذا في حديث بن عمر وهو ضعيف ولم يقع لام سلمة في تلك الغزوة ذكر ورواية بن إسحاق من رواية عباد ظاهره في تفرد عائشة بذلك ولفظه فخرج سهمي عليهن فخرج بي معه قوله بعد ما نزل الحجاب أي بعد ما نزل الامر بالحجاب والمراد حجاب النساء عن رؤية الرجال لهن وكن قبل ذلك لا يمنعن وهذا قالته كالتوطئة للسبب في كونها كانت مستترة في الهودج حتى أفضى ذلك إلى تحميله وهي ليست فيه وهم يظنون أنها فيه بخلاف ما كان قبل الحجاب فلعل النساء حينئذ كن يركبن ظهور الرواحل بغير هوادج أو يركبن الهوادج غير مستترات فما كان يقع لها الذي يقع بل كا يعرف الذي كان يخدم بعيرها إن كانت ركبت أم لا قوله فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه في رواية بن إسحاق فكنت إذا رحلوا بعيري جلست في هودجي ثم يأخذون بأسفل الهودج فيضعونه على ظهر البعير والهودج بفتح الهاء والدال بينهما واو ساكنة وآخره جيم محمل له قبة تستر بالثياب ونحوه يوضع عن ظهر البعير يركب عليه النساء ليكون أستر لهن ووقع في رواية أبي أويس بلفظ المحفة قوله فسرنا حتى إذا فرغ كذا اقتصرت القصة لان مراد سياق قصة الافك خاصة وإنما ذكرت ما ذكرت ذلك كالتوطئة لما أرادت اقتصاصه ويحتمل أن تكون ذكرت جميع ذلك فاختصره الراوي للغرض المذكور ويؤيده أنه قد جاء عنها في قصة غزوة بني المصطلق أحاديث غير هذا ويؤيد الاول أن في رواية الواقدي عن عباد قلت لعائشة يا أمتاه حدثينا عن قصة الافك قال نعم وعنده فخرجنا فغنمه الله أموالهم وأنفسهم ورجعنا قوله وقفل بقاف وفاء أي رجع من غزوته قوله ودنونا من المدينة قافلين أي راجعين أي أن قصتها وقعت حال رجوعهم من الغزوة قرب دخولهم المدينة قوله آذن بالمد والتخفيف وبغير مد والتشديد كلاهما بمعنى أعلم بالرحيل وفي رواية بن إسحاق فنزل منزلا فبات ببعض الليل ثم آذن بالرحيل قوله بالرحيل في رواية بعضهم الرحيل بغير موحدة وبالنصب وكأنه حكاية قولهم الرحيل بالنصب على الاغراء قوله فمشيت جتى جاوزت الجيش أي لتقضي حاجتها منفردة قوله فلما قضيت شأني الذي توجهت بسببه ووقع في حديث بن عمر خلاف ما في الصحيح وأن سبب توجهها لقضاء حاجتها أن رحل أم سلمة مال فأناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها قالت عائشة فقلت إلى أن يصلحوا رحلها قضيت حاجتي فتوجهت ولم يعلموا بن فقضيت حاجتي فانقطعت قلادتي فأقمت في جمعها ونظامها وبعث القوم إبلهم ومضوا ولم يعلموا بنزولي وهذا
[ 347 ]
شاذ منكر قوله عقد بكسر العين قلادة تعلق في العنق للتزين بها قوله من جزع بفتح الجيم وسكون الزاي بعدها مهملة خرز معروف في سوادة بياض كالعروق قال بن القطاع هو واحد لا جمع له وقال بن سيده هو جمع واحدة جزعة وهو بالفتح فأما الجزع بالكسر فهو جانب الوادي ونقل كراع أن جانب الوادي بالكسر فقط وأن الآخر يقال بالفتح وبالكسر وأغرب بن التين فحكى فيه الضم قال التيفاشي يوجد في معادن العقيق ومنه ما يؤتى به من الصين قال وليس في الحجارة أصلب جسما منه ويزداد حسنة إذا طبخ بالزيت لكنهم لا يتيمنون بلبسه ويقولون من تقلده كثرت همومه ورأى منامات رديئة وإذا علق على طفل سأل لعابه ومن منافعه إذا أمر على شعر المطلقة سهلت ولادتها قوله جزع أظفار كذا في هذه الرواية أظفار بزيادة ألف وكذا في رواية فليح لكن في رواية الكشميهني من طريقه ظفار وكذا في رواية معمر وصالح وقال بن بطال الرواية أظفار بألف وأهل اللغة لا يعرفونه بألف ويقولون ظفار قال بن قتيبة جزع ظفاري وقال القرطبي وقع في بعض روايات مسلم أظفار وهي خطأ قلت لكنها في أكثر روايات أصحاب الزهري حتى إن في رواية صالح بن أبي الاخضر عند الطبراني جزع الاظافير فأما ظفإر بفتح الظاء المعجمة ثم فاء بعدها راء مبنية على الكسر فهي مدينة باليمن وقيل جبل وقيل سميت به المدينة وهي في أقصى اليمن إلى جهة الهند وفي المثل من دخل ظفار حمر أي تكلم بالحميرية لان أهلها كانوا من حمير وأن ثبتت الرواية أن جزع أظفار فلعل عقدها كان من الظفر أحد أنواع القسط وهو طيب الرائحة يتبخر به فلعله عمل مثل الخرز فأطلقت عليه جزعا تشبيها به ونظمته قلادة إما لحسن لونه أو لطيب ريحه وقد حكى بن التين أن قيمته كانت أثنى عشر درهما وهذا يؤيد أنه ليس جزعا ظفاريا إذ لو كان كذلك لكانت قيمته أكثر من ذلك ووفع في رواية الواقدي فكان في عنقي عقد من جزع ظفار كانت أمي أدخلتني به على رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله فلما قضيت شأني أي فرغت من قضاء حاجتي أقبلت إلى رحلى أي رجعت إلى المكان الذي كانت نازلة فيه قوله فإذا عقد لي في رواية فليح فلمست صدري فإذا عقدي قوله قد انقطع في رواية بن إسحاق قد انسل من عنقي وأنا لا أدري قوله فالتمست عقدي في رواية فليح فرجعت فالتمست وحبسني ابتغاؤه أي طلبه وفي رواية بن إسحاق فرجعت عودي على بدئي إلى المكان الذي ذهبت إليه وفي رواية الواقدي وكنت أظن أن القوم لو لبثوا شهرا لم يبعثوا بعيري حتى أكون في هودجي قوله وأقبل الرهط هو عدد مثلاثة إلى عشرة وقيل غير ذلك كما تقدم في أول الكتاب في حديث أبي سفيان الطويل ولم أعرف منهم هنا أحدا إلا أن في رواية الواقدي أن أحدهم أبو موهوبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أبو مويهبة الذي روى عنه عبد الله بن عمرو بن العاص حديثا في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ووفاته أخرجه أحمد وغيره قال البلاذري شهد أبو مويهبة غزوة المريسيع وكان يخدم بعير عائشة وكان من مولدي بني مزبنة وكأنه في الاصل أبو موهوبة ويصغر فيقال أبو مويهبة قوله يرحلون بفتح أوله والتخفيف رحلت البعير إذا شددت عليه الرحل ووقع في رواية أبي ذر هنا بالتشديد في هذا وفي فرحلوه قوله إلى في رواية معمر بن وحكى النووي عن أكثر نسخ صحيح مسلم يرحلون لي قال وهو أجود وقال غيره بالباء أجود لان المراد وضعها وهي في الهودج فشبهت الهودج الذي
[ 348 ]
هي فيه بالرحل الذي يوضع على البعير قوله فرحلوه في وضعوه وفيه تجوز وإنما الرحل هو الذي يوضع على ظهر البعير ثم يوضع الهودج فوقه قوله وكان النساء إذ ذاك خفافا قالت هذا كالتفسير لقولها وهم يحسبون إني فيه قوله لم يثقلهن اللحم في رواية فليح لم يثقلهن ولم يغشهن اللحم قال بن أبي جمرة ليس هذا تكرارا لان كل سمين ثقيل من غير عكس لان الهزيل قد يمتلئ بطنه طعاما فيقل بدنه فأشارت إلى أن المعنيين لم يكونا في نساء ذلك الزمان وقال الخطابي معنى قولها لم يغشهن أي لم يكثر عليهن فيركب بعضه بعضا وفي رواية معمر لم يهبلهن وضبطه بن الخشاب فيما حكاه بن الجوزي بفتح أوله وسكون الهاء وكسر الموحدة ومثله القرطبي لكن قال وضم الموحدة قال لان ماضيه بفتحتين مخففا وقال النووي المشهور في ضبطه بضم أوله وفتح الهاء وتشديد الموحدة وبفتح أوله وثالثه أيضا وبضم أوله وكثالثه من الرباعي يقال هبله اللحم وأهبله إذا أثقله وأصبح فلان مهبلا أي كثير اللحم أو رام الوجه قلت وفي رواية بن جريج لم يهبلهن اللحم وحكى القرطبي أنها في رواية لابن الحذاء في مسلم أيضا وأشار إليها بن الجوزي وقال المهبل الكثير اللحم الثقيل الحركة من السمن وفلان مهبل أي مهيج كأن به ورما قوله إنما يأكلن كذا للاكثر وفي رواية الكشميهني هنا إنما نأكل بالنون أوله وباللام فقط قوله العلقة بضم العين المهملة وسكون اللام ثم قاف أي القليل قال القرطبي كأن المراد الشئ القليل الذي يسكن الرمق كذا قال وقد قال الخليل العلقة ما فيه بلغة من الطعام إلى وقت الغداء حكاه بن بطال قال وأصلها شجر يبقى في الشتاء تتبلغ به الابل حتى يدخل زمن الربيع قوله فلم يستنكر القوم خفة الهودج وقع في رواية فليح ومعمر ثقل الهودج والاول أوضح لان مرادها إقامة عذرهم في تحميل هودجها وهي ليست فيه فكأنها تقول كأنها لخفة جسمها بحيث أن الذين يحملون هودجها لا فرق عندهم بين وجودها فيه وعدمها ولهذا أردفت ذلك بقولها وكنت جارية حديثه السن أي أنها منحافتها صغيرة السن فذلك أبلغ في خفتها وقد وجهت الرواية الاخرى بأن المراد لم يستنكروا الثقل الذي اعتادوه لان ثقله في الاصل إنما هو ركب الهودج منه من خشب وحبال وستور وغير ذلك وأما هي فلشدة نحافتها كان لا يظهر بوجودها فيه زيادة ثقل والحاصل أن الثقل والخفة من الامور الاضافية فيتفاوتان بالنسبة ويستفاد من ذلك أيضا أن الذين كانوا يرحلون بعيرها كانوا في غاية الادب معها والمبالغة في ترك التنقيب عما في الهودج بحيث أنها لم تكن فيه وهم يظنون أنها فيه وكأنهم جوزوا أنها نائمة قوله وكنت جارية حديثه السن هو كما قالت لانها أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الهجرة في شوال ولها تسع سنين وأكثر ما قبل في المريسيع كما سيأتي أنها عند بن إسحاق كانت في شعبان سنة ست فتكون لم تكمل خمس عشرة فإن كانت المريسيع قبل ذلك فتكون أصغر من ذلك وقد أشرت إلى فائدة ذكرها ذلك قبل ويحتمل أن تكون أشارت بذلك إلى بيان عذرها فيما فعلته من الحرص على العقد الذي انقطع ومن استقلالها بالتفتيش عليه في تلك الحال وترك إعلام أهلها بذلك وذلك لصغر سنها وعدم تجاربها للامور بخلاف ما لو كانت ليست صغيرة لكانت تتفطن لعاقبة ذلك وقد وقع لها بعد ذلك في ضياع العقد أيضا أنها أعلمت النبي صلى الله عليه وسلم بأمره فأقام بالناس على غير ماء حتى وجدته ونزلت آية التيمم بسبب ذلك فظهر تفاوت
[ 349 ]
حال من جرب الشئ ومن لم يجربه وقد تقدم إيضاحه في كتاب التيمم قوله فبعثوا الجمل أي أثاروه قوله بعد ما استمر الجيش أي ذهب ماضيا وهو استفعل من مر قوله فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب في رواية فليح وليس فيها أحد فإن قيل لم لم تستصحب عائشة معها غيرها فكان ادعى لامنها مما يقع للمنفرد ولكانت لما تأخرت للبحث عن العقد ترسل من رافقها لينتظروها إن أرادوا الرحيل والجواب أن هذا من جملة ما يستفاد من قوله حديثه السن لانها لم يقع لها تجربة مثل ذلك وقد صارت بعد ذلك إذا خرجت لحاجتها تستصحب كما سيأتي في قصتها مع أم مسطح وقوله فأممت منزلي بالتخفيف أي قصدت وفي رواية أبي ذر هنا بتشديد الميم الاولى قال الداودي ومنه قوله تعالى ولا آمين البيت الحرام قال بن التين هذا على أنه بالتخفيف انتهى وفي رواية صالح بن كيسان فتيممت قوله وظننت أنهم سيعقدونني في رواية فليح سيفقدوني بنون واحدة فأما أن تكون حذفت تخفيفا أهي مثقلة قوله فيرجعون إلى وقع في رواية معمر فيرجعوا بغير نون وكأنه على لغة من يحذفها مطلقا قال عياض الظن هنا بمعنى العلم وتعقب باحتمال أن يكون على بابه فإنهم أقاموا إلى وقت الظهر ولم يرجح أحد منهم إلى المنزل الذي كانت به ولا نقل أن أحدا لاقاها في الطريق لكن يحتمل أن يكونوا استمروا في السير إلى قرب الظهر فلما نزلوا إلى أن يشتغلوا بحط رحالهم وربط رواحلهم واستصحبوا حالهم في ظنهم أنها في هودجها لم يفتقدوها إلى أن وصلت على قرب ولو فقدوها لرجعوا كما ظنته وقد وقع في رواية بن إسحاق وعرفت أن لو افتقدوني لرجعوا إلى وهذا ظاهر في أنها لم تتبعهم ووقع في حديث بن عمر خلاف ذلك فإن فيه فجئت فاتبعتهم حتى أعييت فقمت على بعض الطريق فمر بن صفوان وهذا السياق ليس بصحيح لمخالفته لما في الصحيح وأنها أقامت في منزلها إلى أن أصبحت وكأنه تعارض عندها أن تتبعهم فلا تأمن أن يختلف عليها الطرق فتهلك قبل أن تدركهم ولا سيما وقد كانت في الليل أو تقيم في منزلها لعلهم إذا فقدوها عادوا إلى مكانها الذي فارقوها فيه وهكذا ينبغي لمن فقد شيئا أن يرجع بفكره القهقرى إلى الحد الذي يتحقق وجوده ثم يأخذ من هناك في التنقيب عليه وأرادت بمن يفقدها من هو منها بسبب كزوجها أو أبيها والغالب الاول لانه كان من شأنه صلى الله عليه وسلم أن يساير بعيرها ويتحدث معها فكأن ذلك لم يتفق في تلك الليلة ولما لم يتفق ما توقعته من رجوعهم إليها ساق الله إليها من حملها بغير حول منها ولا قوة قوله فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني عيني فنمت يحتمل أن يكون سبب النوم شدة الغم الذي حصل لها في تلك الحالة ومن شأالغم وهو وقوع ما يكره غلبة النوم بخلاف الهم وهو توقع ما يكره فأنه يقتضي السهو أو لما وقع من برد السحر لها مع رطوبة بدنها وصغر سنها وعند بن إسحاق فتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني أو أن الله سبحانه وتعالى لطف بها فألقى عليها النوم لتستريح من وحشة الانفراد في البرية بالليل قوله وكان صفوان بن المعطل بفتح الطاء المهملة المشددة السلمي بضم المهملة ثم الذكوائي منسوب إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بضم الموحدة وسكون الهاء بعدها مثلثة بن سليم وذكوان بطن من بنسليم وكان صحابيا فاضلا أول مشاهده عند الواقدي الخندق وعند بن الكلبي المريسيع وسيأتي في أثناء شرح هذا الحديث ما يدل على تقدم إسلامه ويأتي أيضا بعد خمسة أبواب قول عائشة أنه قتل شهيدا في سبيل الله ومرادها أنه قتل بعد ذلك
[ 350 ]
لأنه في تلك الايام وقد ذكر بن إسحاق أنه استشهد في غزاة ارمينية في خلافة عمر سنة تسع عشرة وقيل بل عاش إلى سنة أربع وخمسين فاستشهد بأرض الروم في خلافة معاوية قوله من وراء الجيش في رواية معمر قد عرس من وراء الجيش وعرس بمهملات مشددا أي نزل قال أبو زيد التعريس النزول في السفر في أي وقت كان وقال غيره أصله النزول من آخر الليل في السفر للراحة ووقع في حديث بن عمر بيان سبب تأخر صفوان ولفظه سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعله على الساقة فكان إذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم فمن سقط له شئ أتاه به وفي حديث أبي هريرة وكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والاداوة وفي مرسل مقاتل بن حيان فيحمله فيقدم بفيعرفه في أصحابه وكذا في مرسل سعيد بن جبير نحوه قوله فأدلج فأصبح عند منزلي أدلج بسكون الدال في روايتنا وهو كادلج بتشديدها وقيل بالسكون سار من أوله وبالتشديد سار من آخره وعلى هذا فيكون الذي هنا بالتشديد لانه كان في آخر الليل وكأنه تأخر في مكانه حتى قرب الصبح فركب ليظهر له ما يسقط من الجيش مما يخفيه الليل ويحتمل أن يكون سبب تأخيره ما جرت به عادته من غلبة النوم عليه ففي سنن أبي داود والبزار وابن سعد وصحيح بن حبان والحاكم من طريق الاعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد إن امرأة صفوان بن المعطل جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن زوجي يضربني إذا صليت ويفطرني إذا صمت ولا يصلي صلاة الفجر حتى تطلع الشمس قال وصفوان عنده فسأله فقال أما قولها يضربني إذا صليت فإنها تقرأ سورتي وقد نهيتها عنها وأما قولها يفطرني إذا صمت فأنا رجل شاب لا أصبر وأما قولها إني لا أصلي حتى تطلع الشمس الحديث قال البزار هذا الحديث كلامه منكر ولعل الاعمش أخذه من غير ثقة فدلسه فصار ظاهر سنده الصحة وليس للحديث عندي أصل انتهى وما أعله به ليس بقادح لان بن سعد صرح في روايته بالتحديث بين الاعمش وأبي صالح وأما رجاله فرجال الصحيح ولما أخرجه أبو داود قال بعده رواه حماد بن سلمة عن حميد عن ثابت عن أبي المتوكل عن النبي صلى الله عليه وسلم وهذه متابعة جيدة تؤذن بأن للحديث أصلا وغفل من جعل هذه الطريقة الثانية علة للطريق الاولى وأما استنكار البزار ما وقع في متنه فمراده أنه مخالف للحديث الآتي قريبا من رواية أبي أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة الافك قالت فبلغ الامر ذلك الرجل فقال سبحان الله والله ما كشفت كنف أنثى قط أي ما جامعتها والكنف بفتحتين الثوب الساتر ومنه قولهم أنت في كنف الله أي في ستروالجمع بينه وبين حديث أبي سعيد على ما ذكر القرطبي أن مراده بقوله ما كشفت كنف أنثى قط أي بزنا قلت وفيه نظر لان في رواية سعيد بن أبي هلال عن هشام بن عروة في قصة الافك أن الرجل الذي قيل فيه ما قيل لما بلغه الحديث قال والله ما أصبت امرأة قط حلالا ولا حراما وفي حديث بن عباس عند الطبراني وكان لا يقرب النساء فالذي يظهر أن مراده بالنفي المذكور ما قبل هذه القصة ولا مانع أن يتزوج بعد ذلك فهذا الجمع لا اعتراض عليه إلا بما جاء عن بن إسحاق أنه كان حصورا لكنه لم يثبت فلا يعارض الحديث الصحيح ونقل القرطبي أنه هو الذي جاءت امرأته تشكوه ومعها ابنان لها منه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهما أشبه به من الغراب بالغراب ولم أقف على مستند القرطبي في ذلك وسيأتي هذا
[ 351 ]
الحديث في كتاب النكاح وأبين هناك أن المقول فيه ذلك غير صفوان وهو المعتمد إن شاء الله تعالي قوله فرأى سواد إنسان نائم السواد بلفظ ضد البياض يطلق على الشخص أي شخص كان فكأنها قالت رأى شخص آدمي لكن لا يظهر أهو رجل أو امرأة قوله فعرفني حين رآني هذا يشعر بأن وجهها انكشف لما نامت لانه تقدم أنها تلففت بجلبابها ونامت فلما انتبهت باسترجاع صفوان بادرت إلى تغطية وجهها قوله وكان يراني قبل الحجاب أي قبل نزول آية الحجاب وهذا يدل على قدم إسلام صفوان فإن الحجاب كان في قول أبي عبيدة وطائفة في ذي القعدة سنة ثلاث وعند آخرين فيها سنة أربع وصححه الدمياطي وقيل بل كان فيها سنة خمس وهذا مما تناقض فيه الواقدي فإنه ذكر أن المريسيع كان في شعبان سنة خمس وأن الخندق كانت في شوال منها وأن الحجاب كان في ذي القعدة منها مع روايته حديث عائشة هذا وتصريحها فيه بأن قصة الافك التي وقعت في المريسيع كانت بعد الحجاب وسلم من هذا بن إسحاق قال المريسيع عنده في شعبان لكن سنة ست وسلم الواقدي من التناقض في قصة سعد بن معاذ الآتي ذكرها نعم وسلم منها بن إسحاق فإنه لم يذكر سعد بن معاذ في القصة أصلا كما سأبينه ومما يؤيد صحة ما وقع في هذا الحديث أن الحجاب كان قبل قصة الافك قول عائشة أيضا في هذا الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش عنها وفيه وهي التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وفيه وطفقت أختها حمنة تحارب لها فكل ذلك دال على أن زينب كانت حينئذ زوجته ولا خلاف أن آية الحجاب نزلت حين دخوله صلى الله عليه وسلم بها فثبت أن الحجاب كان قبل قصة الافك وقد كنت أمليت في أوائل كتاب الوضوء أن قصة الافك وقعت قبل نزول الحجاب وهو سهو والصواب بعد نزول الحجاب فليصلح هناك قوله فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني أي بقوله إنا لله وإنا إليه راجعون وصرح بها بن إسحاق في روايته وكأنه شق عليه ما جرى لعائشة أو خشي أن يقع ما وقع أو أنه اكتفى بالاسترجاع رافعا به صوته عن مخاطبتها بكلام آخر صيانة لها عن المخاطبة في الجملة وقد كان عمر يستعمل التكبير عند إرادة الايقاظ وفيه دلالة على فطنة صفوان وحسن أدبه قوله فخمرت أي غطيت وجهي بجلبابي أي الثوب الذي كان عليها وقد تقدم شرحه في الطهارة قوله والله ما كلمني كلمة عبرت بهذه الصيغة إشارة إلى أنه استمر منه ترك المخاطبة لئلا يفهم لو عبرت بصيغة الماضي اختصاص النفي بحال الاستيقاظ فعبرت بصيغة المضارعة قوله ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أناخ راحلته في رواية الكشميهني حين أناخ راحلته ووقع في رواية فليح حتى للاصيلي وحين للباقين وكذا عند مسلم عن معمر وعلى التقديرين فليس فيه نفى أنه كلمها بغير الاسترجاع لان النفي على رواية حين مقيد بحال إناخة الراحلة فلا يمنع ما قبل الاناخة ولا ما بعدها وعلى رواية حتى معناها بجميع حالاته إلى أن أناخ ولا يمنع ما بعد الاناخة وقد فهم كثير من الشراح أنها أرادت بهذه العبارة نفي المكالمة البتة فقالوا استعمل معها الصمت اكتفاء بقرائن الحال مبالغة منه في الادب وإعظاما لها وإجلالا انتهى وقد وقع في رواية بن سحق أنه قال لها ما خلفك وأنه قال لها اركبي واستأخر وفي رواية أبي أويس فاسترجع وأعظم مكاني أي حين رآني وحدي وقد كان يعرفني قبل أن يضرب علينا الحجاب فسألني عن أمري فسترت وجهي عنه بجلبابي وأخبرته بأمري
[ 352 ]
فقرب بعيره فوطئ على ذراعه فولاني قفاه فركبت وفي حديث بن عمر فلما رآني ظن أني رجل فقال يانومان قم فقد سار الناس وفي مرسل سعيد بن جبير فاسترجع ونزل عن بعيره وقال ما شأنك يا أم المؤمنين فحدثته بأمر القلادة قوله فوطئ على يدها أي ليكون أسهل لركوبها ولا يحتاج إلى مسها عند ركوبها وفي حديث أبي هريرة فغطى وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها قوله فانطلق يقود بن الراحلة حتى أتينا الجيش هكذا وقع في جميع الروايات إلا في مرسل مقاتل بن حيان فإن فيه أنه ركب معها مردفا لها والذي فالصحيح هو الصحيح قوله بعد ما نزلوا موغرين بضم الميم وكسر الغين المعجمة والراء المهملة أي نازلين في وقت الوغرة بفتح الواو وسكون الغين وهي شدة الحر لما تكون الشمس في كبد السماء ومنه أخذ وغر الصدر وهو توقده من الغيظ بالحقد وأوغر فلا إذا دخل في ذلك الوقت كأصبح وأمسى وقد وقع عند مسلم عن عبد بن حميد قال قلت لعبد الرزاق ما قوله موغرين قال الوغرة شدة الحر ووقع في مسلم من طريق يعقوب إبراهيم عن أبيه عن صالح بن كيسان موعزين بعين مهملة وزاي قال القرطبي كأنه من وعزت إلى فلان بكذا أي تقدمت والاول أولى قال وصحفه بعضهم بمهلتين وهو غلط قلت وروى مغورين بتقديم الغين المعجمة وتشديد الواو والتغوير النزول وقت القائلة ووقع في رواية فليح معرسين بفتح العين المهملة وتشديد الراء ثم سين مهملة والتعريس نزول المسافر في آخر الليل وقد استعمل في النزول مطلقا كما تقدم وهو المراد هنا قوله في نحر الظهيرة تأكيد لقوله موغرين فإن نحر الظهيرة أولها وهو وقت شدة الحر ونحر كل شئ أوله كأن الشمس لما بلغت غايتها في الارتفاع كأنها وصلت إلى النحر الذي هو أعلى الصدر ووقع في رواية بن إسحاق فوالله ما أدركنا الناس وإلا افتقدت حتى نزلوا واطمأنوا طلع الرجل يقودني قوله فهلك من هلك زاد صالح في روايته في شأني وفي رواية أبي أويس فهنالك قال في وفيه أهل الافك ما قالوا فأبهمت القائل وما قال وأشارت بذلك إلى الذين تكلموا بالافك وخاضوا في ذلك وأما أسماؤهم فالمشهور في الروايات الصحيحة عبد الله بن أبي ومسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش وقد وقع في المغازي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري قال قال عروة لم يسم من أهل الافك أيضا غير عبد الله بن أبي إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله تعالى انتهى والعصبة من ثلاثة إلى عشرة وقد تطلق على الجماعة من غير حصر في عدد وزاد أبو الربيع بن سالم فيهم تبعا لابي الخطاب بن دحية عبد الله وأبا أحمد ابنا جحش وزاد فيهم الزمخشري زيد بن رفاعة ولم أره لغيره وعند بن مردويه من طريق بن سيرين حلف أبو بكر أن لا ينفق على يتيمين كانا عنده خاضا في أمر عائشة أحدهما مسطح انتهى ولم أقف على تسمية رفيق مسطح وأما القول فوقع في حديث بن عمر فقال عبد الله بن أبي فجربها ورب الكعبة وأعانه على ذلك جماعة وشاع ذلك في العسكر وفي مرسل سعيد بن جبير وقذفها عبد الله بن أبي فقال ما برئت عائشة من صفوان ولا برئ منها وخاض بعضهم وبعضهم أعجبه قوله وكان الذي تولى كبره أي تصدى لذلك وتقلده وكبره أي كبر الافك وكبر الشئ معظمه وهو قراءة الجمهور بكسر الكاف وقرأ حميد الاعرج بضمها قال الفراء وهي قراءة جيدة في العربية وقيل المعنى الذي تولى أئمة قوله عبد الله بن أبي تقدمت ترجمته في تفسير سورة براءة وقد بينت قوله في ذلك
[ 353 ]
من قبل وقد اقتصر بعضهم من قصة الافك على هذه القصة كمتقدم في الباب الذي قبل هذا وسيأتي بعد أربعة أبواب نقل الخلاف في المراد بالذي تولى كبره في الآية ووقع في المغازي من طريق صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة قال أخبرت أنه كان يشاع ويتحدث به عنده فيقره بضم أوله وكسر القاف ويستمعه ويستوشيه بمهملة ثم معجمة أي يستخرجه بالبحث عنه والتفتيش ومنهم من ضبطه يقره بفتح أوله وضم القاف وفي رواية بن إسحاق وكان الذي تولى كبر ذلك عبد الله بن أبي في رجال من الخزرج قوله فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الافك ولا أشعر بشئ من ذلك وفي رواية بن إسحاق وقد انتهى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أبوي ولا يذكرون لي شيئا من ذلك وفيها أنها مرضت بضعا وعشرين ليلة وهذا فيه رد على ما وقع في مرسل مقاتل بن حيان أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بلغه قول أهل الافك وكان شديد الغيرة قال لا تدخل عائشة رحلي فخرجت تبكي حتى أتت أباها فقال أنا أحق أن أخرجك فانطلقت تجول لا يؤويها أحد حتى أنزل الله عذرها وإنما ذكرته مع ظهور نكارته لا يراد الحاكم له في الاكليل وتبعه بعض من تأخر غير متأمل لما فيه من النكارة والمخالفة للحديث الصحيح من عدة أوجه فهو باطل ووقع في حديث بن عمر فشاع ذلك في العسكر فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدموا المدينة أشاع عبد الله بن أبي ذلك في الناس فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله والناس يفيضون بضم أوله أي يخوضون من أفاض في قول إذا أكثر منه قوله وهو يريني في وجعي بفتح أوله من الريب ويجوز الضم من الرباعي يقال رأبه وأرابه وقد تقدم تقريبا قوله اللطف بضم أوله وسكون ثانيه وبفتحهما لغتان والمراد الرفق ووقع في رواية بن إسحاق أنكرت بعض لطفه قوله الذي كنت أرى منه حين أشتكى أي حين أمرض قوله إنما يدخل فيسلم ثم يقول كيف تيكم وفي رواية بن إسحاق فكان إذا دخل قال لامي وهي تمرضني كيف تيكم بالمثناة المكسورة وهي للمؤنث مثل ذاكم للمذكر واستدلت عائشة بهذه الحال على أنها استشعرت منه بعض جفاء ولكنها لما لم تكن تدري السبب لم تبالغ في التنقيب عن ذلك حتى عرفته ووقع في رواية أبي أويس إلا أنه يقول وهو مار كيف تيكم ولا يدخل عندي ولا يعودني ويسأل عني أهل البيت وفي حديث بن عمر وكنت أرى منه جفوة ولا أدري من أي شئ قوله نقهت بفتح القاف وقد تكسر والاول أشهر والناقه بكسر القاف الذي أفاق من مرضه ولم تتكامل صحته وقيل إن الذي بكسر القاف بمعنى فهمت لكنه هنا لا يتوجه لانها ما فهمت ذلك إلا فيما بعد وقد أطلق الجوهري وغيره أنه بفتح القاف وكسرها لغتان في برأ من المرض وهو قريب العهد لم يرجع إليه كمال صحته قوله فخرجت مع أم مسطح في رواية أبي أويس فقلت يا أم مسطح خذي الاداوة فاملئيها ماء فاذهبي بنا إلى المناصع قوله قبل المناصع أي جهتها تقدم شرحه في أوائل كتاب الوضوء وأن المناصع صعيد أفيح خارج المدينة قوله متبرزنا بفتح الراء قبل الزاي موضع التبرز وهو الخروج إلى البراز وهو الفضاء وكله كناية عن الخروج إلى قضاء الحاجة والكنف بضمتين جمع كنيف وهو الساتر والمراد به هنا المكان المتخذ لقضاء الحاجة وفي رواية بن إسحاق الكنف التي يتخذها الاعاجم قوله وأمرنا أمر العرب الاول بضم الهمزة وتخفيف الراء صفة العرب وبفتح الهمزة
[ 354 ]
وتشديد الراء صفة الامر قال النووي كلاهما صحيح تريد أنهم لم يتخلقوا بأخلاق العجم قلت ضبطه بن الحاجب بالوجه الثاني وصرح بمنع وصف الجمع باللفظ الاول ثم قال إن ثبتت الرواية خرجت على أن العرب اسم جمع تحته جموع فتصير مفردة بهذا التقدير قوله في التبرز قبل الغائط في رواية فليح في البرية بفتح الموحدة وتشديد الراء ثم التحتانية أو في التنزه بمثناة ثم نون ثم زاي ثقيلة هكذا على الشك والتنزه طلب النزاهة والمراد البعد عن البيوت قوله فانطلقت أنا وأم مسطح بكسر الميم وسكون السين وفتح الطاء بعدها حاء مهملات قيل اسمها سلمى وفيه نظر لان سلمى اسم أم أبي بكر ثم ظهر لي أن لا وهم فيه فإن أم أبي بكر خالتها فسميت باسمها قوله وهي بنت أبي رهم بضم الراء وسكون الهاء قوله بن عبد مناف كذا هنا ولم ينسبه فليح وفي رواية صالح بنت أبي رهم بن المطلب بن عبد مناف وهو الصواب واسم أبي رهم أنيس قوله وأمها بنت صخر بن عامر أي بن كعب بن سعد بن تيم من رهط أبي بكر قوله خالة أبي بكر الصديق اسمها رائطة حكاه أبو نعيم قوله وابنها مسطح بن أثاثة بضم الهمزة ومثلثتين الاولى خفيفة بينهما ألف بن عباد بن المطلب فهو المطلبي من أبيه وأمه والمسطح عود من أعواد الخباء وهو لقب واسمه عوف وقيل عامر والاول هو المعتمد وقد أخرج الحاكم من حديث بن عباس قال قال أبو بكر يعاتب مسطحا في قصة عائشة يا عوف ويحك هل لا قلت عارفة من الكلام ولم تبتغ به طعما وكان هو وأمه من المهاجرين الاولين وكان أبوه مات وهو صغير فكفله أبو بكر لقرابة أم مسطح منوكانت وفاة مسطح سنة أربع وثلاثين وقيل سنة سبع وثلاثين بعد أن شهد صفين مع على قوله فأقبلت أنا وأم مسطح قبل بيتي وقد فرغنا من شأننا فعثرت بالمهملة والمثلثة أم مسطح في مرطها بكسر الميم وفي رواية مقسم عن عائشة أنها وطئت على عظم أو شوكة وهذا ظاهره أنها عثرت بعد أن قضت عائشة حاجتها ثم أخبرتها الخبر بعد ذلك لكني في رواية هشام بن عروة الآتية قريبا أنها عثرت قبل أن تقضي عائشة حاجتها وأنها لما أخبرتها الخبر رجعت كأن الذي خرجت له لا تجد منه لا قليلا وكثيرا وكذا وقع في رواية بن إسحاق قالت فوالله ما قدرت أن أقضي حاجتي وفي رواية بن أويس فذهب عني ما كنت أجد من الغائط ورجعت عودي على بدئي وفي حديث بن عمر فأخذتني الحمى وتقلص ما كان مني ويجمع بينهما بأن معنى قولها وقد فرغنا من شأننا أي من شأن المسير لاقضاء الحاجه قوله فقالت تعس مسطح بفتح المثناة وكسر العين المهملة وبفتحها أيضا بعدها سين مهملة أي كب لوجهه أو هلك ولزمه الشر أو بعد أقوال وقد تقدم شرحها أيضا في الجهاد قوله فقلت لها بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا في رواية هشام بن عروة أنها عثرت ثلاث مرات كل ذلك تقول تعس مسطح وأن عائشة تقول لها أي أم أتسبين ابنك وأنها انتهرتها في الثالثة فقالت والله ما أسبه إلا فيك وعند الطبراني فقلت أتسبين ابنك وهو من المهاجرين الاولين وفي رواية بن حاطب عن علقمة بن وقاص فقلت أتقولين هذا لابنك وهو صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت مرتين فأعدت عليها فحدثتنا بالخبر فذهب عني الذي خرجت له حتى ما أجد منه شيئا قال أبو محمد بن أبي جمرة يحتمل أن يكون قول أم مسطح هذا عمدا لتتوصل إلى إخبار عائشة بما قيل فيها وهي غافلة ويحتمل
[ 355 ]
أن يكون اتفاقا أجراه الله على لسانها لتستيقظ عائشة من غفلتها عما قيل فيها قوله قالت أي هنتاه أي حرف نداء للبعيد وقد يستعمل للقريب حيث ينزل منه منزل البعيد والنكتة فيه هنا أن أم مسطح نسبت عائشة إلى الغفلة عما قيل فيها لانكارها سب مسطح فخاطبتها خطاب البعيد وهنتاه بفتح الهاء وسكون النون وقد تفتح بعدها مثناة وآخره هاء ساكنة وقد تضم أي هذه وقيل امرأة وقيل بلهى كأنها نسبتها إلى قلة المعرفة بمكائد الناس وهذه اللفظة تختص بالنداء وهي عبارة عن كل نكرة وإذا خوطب المذكر قيل ياهنة وقد تشبع النون فيقال يا هناه وحكى بعضهم تشديد النون فيه وأنكره الازهري قوله قالت قلت وما قال في رواية أبي أويس فقالت لها إنك لغافلة عما يقول الناس وفيها أن مسطحا وفلانا وفلانا يجتمعون في بيت عبد الله بن أبي يتحدثون عنك وعن صفوان يرمونك به وفي رواية مقسم عن عائشة أشهد إنك من الغافلات المؤمنات وفي رواية هشام بن عروة الآتية فنقرت لي الحديث وهي بنون وقاف ثقيلة أي شرحته ولبعضهم بموحدة وقاف خفيفة أي أعلمتنيه قوله فازددت مرضا على مرضي عند سعيد بن منصور من مرسل أبي صالح فقالت وما تدرين ما قال قالت لا والله فأخبرتها بما خاض فيه الناس فأخذتها الحمى وعند الطبراني بإسناد صحيح عن أيوب عن بن أبي مليكة عن عائشة قالت لما بلغني ما تكلموا به هممت أن آتي قليبا فأطرح نفسي فيه وأخرجه أبو عوانة أيضا قوله فلما رجعت إلى بيتي ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية معمر فدخل قيل الفاء زائدة والاولى أن في الكلام حذفا تقديره فلما دخلت بيتي استقريت فيه فدخل قوله فقلت أتأذن لي أن آتي أبوي في رواية هشام بن عروة المعلقة فقلت أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام وسيأتي نحوه موصولا في الاعتصام ولم أقف على اسم هذا الغلام قوله فقلت لامي يا أمتاه ما يتحدث الناس قالت يا بنية هوني عليك في رواية هشام بن عروة فقالت يا بنية خففي عليك الشأن قوله وضيئة بوزن عظيمة من الوضاءة أي حسنة جميلة وعند مسلم من رواية بن ماهان حظية بمهملة ثم معجمة من الحظوة أي رفيعة المنزلة وفي رواية هشام ما كانت امرأة حسناء قوله ضرائر جمع ضرة وقيل للزوجات ضرائر لان كل واحدة يحصل لها الضرر من الاخرى بالغيرة قوله أكثرن عليها في رواية الكشميهني كثرن بالتشديد أي القول في عيبها وفي رواية بن حاطب لقلما أحب رجل امرأته إلا قالوا لها نحو ذلك وفي رواية هشام إلا حسدنها وقيل فيها وفي هذا الكلام من فطنة أمها وحسن تأتيها في تربيتها ما لا مزيد عليه فإنها علمت أن ذلك يعظم عليها فهونت عليها الامر بإعلامها بأنها لم تنفرد بذلك لان المرء يتأسى بغيره فيما يقع له وأدمجت في ذلك ما تطيب به خاطرها من أنها فائقة في الجمال والحظوة وذلك مما يعجب المرأة أن توصف به مع ما فيه من الاشارة إلى ما وقع من حمنة بنت جحش وأن الحامل لها على ذلك كون عائشة ضرة أختها زينب بنت جحش وعرف من هذا أن الاستثناء في قولها إلا أكثرن عليها متصل لانها لم تقصد قصتها بعينها بل ذكرت شأن الضرائر وأما ضرائرها هي فإنهن وإن كن لم يصدر منهن في حقها شئ مما يصدر من الضرائر لكن لم يعدم ذلك ممن هو منهن بسبيل كما وقع من حمنة لان ورع أختها منعها من القول في عائشة كما منع بقية أمهات المؤمنات وإنما اختصت زينب بالذكر لانها التي كانت تضاهي عائشة في المنزلة قوله فقلت سبحان الله أو لقد تحدث الناس بهذا
[ 356 ]
زاد الطبري من طريق معمر عن الزهري وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم وفي رواية هشام فقلت وقد علم به أبي قالت نعم قلت ورسول الله قلت نعم ورسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية بن إسحاق فقلت لامي غفر الله لك يتحدث الناس بهذا ولا تذكرين لي وفي رواية بن حاطب عن علقمة ورجعت إلى أبوي فقلت أما اتقيتما الله في وما وصلتما رحمي يتحدث الناس بهذا ولم تعلماني وفي رواية هشام بن عروة فاستعبرت فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فقال لامي ما شأنها فقالت بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال أقسمت عليك يا بنية إلا رجعت إلى بيتك فرجعت وفي رواية معمر عند الطبراني فقالت أمي لم تكن علمت ما قيل لها فأكبت تبكي ساعة ثم قال اسكتي يا بنية قوله فقلت سبحان الله استغاثت بالله متعجبة من وقوع مثل ذلك في حقها مع براءتها المحققة عندها قوله لا يرقأ لي دمع بالقاف بعدها همزة أي لا ينقطع قوله ولا أكتحل بنوم استعارة للسهر ووقع في رواية مسروق عن أم رومان كما مضى في المغازي فخرت مغشيا عليها فما استفاقت إلا وعليها حمى بنافض فطرحت عليها ثيابها فغطيتها وفي رواية الاسود عن عائشة فألقت على أمي كل ثوب في البيت تنبيه طرق حديث الافك مجتمعة على أن عائشة بلغها الخبر من أم مسطح لكن وقع في حديث أم رومان ما يخالف ذلك ولفظه بينا أنا قاعدة أنا وعائشة إذ ولجت علينا امرأة من الانصار فقالت فعل الله بفلان وفعل فقلت وما ذاك قالت ابني ومن حدث الحديث قالت وما ذلك قالت كذا وكذا هذا لفظ المصنف في المغازي ولفظه في قصة يوسف قالت إنه ثمى الحديث فقالت عائشة أي حديث فأخبرتها قالت فسمعه أبو بكر قالت نعم قالت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قالت نعم فخرت مغشيا عليها وطريق الجمع بينهما أنها سمعت ذلك أولا من أم مسطح ثم ذهبت لبيت أمها لتستيقن الخبر منها فأخبرتها أمها بالامر مجملا كما مضى من قولها هوني عليك وما أشبه ذلك ثم دخلت عليها الانصارية فأخبرتها بمثل ذلك ؤ بحضرة أمها فقوي عندها القطع بوقوع ذلك فسألت هل سمعه أبوها وزوجها ترجيا منها أن لا يكونا سمعا ذلك ليكون أسهل عليها فلما قالت لها إنهما سمعاه غشي عليها ولم أقف على اسم هذه المرأة الانصارية ولا على اسم ولدها قوله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا ظاهره أن السؤال وقع بعد ما علمت بالقصة لانها عقبت بكاءها تلك الليلة بهذا ثم عقبت هذا بالخطبة ورواية هشام بن عروة تشعر بأن السؤال والخطبة وقعا قبل أن تعلم عائشة بالامر فإن في أول رواية هشام عن أبيه عن عائشة لما ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فذكر قصة الخطبة الآتية ويمكن الجمع بأن الفاء في قوله فدعا عاطفة على شئ محذوف تقديره وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك قد سمع ما قيل فدعا على قوله على بن أبي طالب وأسامة بن زيد في حديث بن عمر وكان إذا أراد أن يستشير أحدا في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة لكن وقع في رواية الحسن العربي عن بن عباس عند الطبراني أنه صلى الله عليه وسلم استشار زيد بن ثابت فقال دعها فلعل الله يحدث لك فيها أمرا وأظن في قوله بن ثابت تغيير وأنه كان في الاصل بن حارثة وفي رواية الواقدي أنه سأل أم أيمن فبرأتها وأم أيمن هي والدة أسامة بن زيد وسيأتي أنه سأل زينب بنت جحش أيضا قوله حين استلبث الوحي بالرفع أي طال لبث نزوله وبالنصب أي أستبطأ النبي صلى الله عليه وسلم نزوله قوله في فراق أهله
[ 357 ]
عدلت عن قولها في فراقي إلى قولها فراق أهله لكراهتها التصريح بإضافة الفراق إليها قوله أهلك بالرفع فإن في رواية معمر هم أهلك ولو لم تقع هذه الرواية لجاز النصب أي أمسك ومعناه هم أهلك أي العفيفة اللائقة بك ويحتمل أيكون قال ذلك متبرئا من المشورة ووكل الامر إلى رأى النبي صلى الله عليه وسلم ثم لم يكتف بذلك حتى أخبر بما عنده فقال ولا نعلم إلا خيرا وإطلاق الاهل على الزوجة شائع قال بن التين أطلق عليها أهلا وذكرها بصيغة الجمع حيث قال هم أهلك إشارة إلى تعميم الازواج بالوصف المذكور انتهى ويحتمل أن يكون جمع لارادة تعظيمها قوله وأما على بن أبي طالب فقال يا رسول الله لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير كذا للجميع بصيغة التذكير كأنه أراد الجنس مع أن لفظ فعيل يشترك فيه المذكر والمؤنث افرادا وجمعا وفي رواية الواقدي قد أحل لك وأطاب طلقها وأنكح غيرها وهذا الكلام الذي قاله علي حمله عليه ترجيح جانبا النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى عنده من القلق بسبب القول الذي قيل وكان صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة فرأى علي أنه إذا فارقها سكن ما عنده من القلق بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيمكن رجعتها ويستفاد منه ارتكاب أخف الضررين لذهاب أشدهما وقال الثوري رأى ذلك هو المصلحة في حق النبي صلى الله عليه وسلم واعتقد ذلك لما رأى من انزعاجه فبذل جهده في النصيحة لارادة راحة خاطره صلى الله عليه سلم وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة لم يجزم علي بالاشارة بفراقها لانه عقب ذلك بقوله وسل الجارية تصدقك ففوض الامر في ذلك إلى نظر النبي صلى الله عليه وسلم فكأنه قال إن أردت تعجيل الراحة ففارقها وأن أردت خلاف ذلك فابحث عن حقيقة الامر إلى أن تطلع على براءتها لانه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره إلا بما علمته وهي لم تعلم من عائشة إلا البراءة المحضة والعلة في اختصاص على أسامة بالمشاورة أن عليا كان عنده كالولد لانه رباه من حال صغره ثم لم يفارقه بل وازداد اتصاله بتزويج فاطمة فلذلك كان مخصوصا بالمشاورة فيما يتعلق بأهله لمزيد اطلاعه على أحواله أكثر من غيره وكان أهل مشورته فيما يتعلق بالامور العامة أكابر الصحابة كأبي بكر وعمر وأما أسامة فهو كعلي في طول الملازمة ومزيد الاختصاص والمحبة ولذلك كانوا يطلقون عليه أنه حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخصه دون أبيه وأمه لكونه كان شابا كعلي وأن كان على أسن منه وذلك أن للشاب من صفاء الذهن ما ليس لغيره ولانه أكثر جرأة على الجواب بما يظهر له من المسن لان المسن غالبا يحسب العاقبة فربما أخفى ما يظهر له رعاية للقائل تارة والمسؤول عنه أخرى مع ما ورد في بعض الاخبار أنه استشار غيرهما تنبيه وقع بسبب هذا الكلام من على نسبه عائشة إياه إلى الاساءة في شأنها كما تقدم من رواية الزهري عن أبي بكر بن عبد الرحمن وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة في المغازي وما راجع به الوليد بن عبد الملك من ذلك فأغنى عن اعادته وقد وضح عذر على في ذلك قوله وسل الجارية تصدقك في رواية مقسم عن عائشة أرسل إلى بريرة خادمها فسلها فعسى أن تكون قد اطلعت على شئ من أمرها قوله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة بفتح الموحدة وكسر الراء تقدم ضبطها في العتق وفي رواية مقسم فأرسل إلى بريرة فقال لها أتشهدين أني رسول الله قالت نعم قال فإني سائلك عن شئ فلا تكتمينه قالت نعم قال هل رأيت من عائشة ما تكرهينه قالت لا وقد قيل إن تسميتها هنا وهم لان قصتها كانت بعد فتح مكة كما سيأتي
[ 358 ]
أنها لما خيرت فاختارت نفسها كان زوجها يبكي فقال النبي صلى الله عليه وسلم للعباس يا عباس ألا تعجب من حب مغيث بريرة الحديث وسيأتي ويمكن الجواب بأن تكون بريرة كانت تخدم عائشة وهي في رق مواليها وأما قصتها معا في مكاتبتها وغير ذلك فكان بعد ذلك بمدة أو أن اسم هذه الجارية المذكورة في قصة الافك وافق اسم بريرة التي وقع لها التخيير وجزم البدر الزركشي فيما استدركته عائشة على الصحابة أن تسمية هذه الجارية ببريرة مدرجة من بعض الرواة وأنها جارية أخرى وأخذه من بن القيم الحنبلي فإنه قال تسميتها ببريرة وهم من بعض الرواة فإن عائشة إنما اشترت بريرة بعد الفتح ولما كاتبتها عقب شرائها وعتقت خيرت فاختارت نفسها فظن الراوي أن قول علي وسل الجارية تصدقك أنها بريرة فغلط قال وهذا نوع غامض لا ينتبه له الا الحذاق قلت وقد أجاب غيره بأنها كانت تخدم عائشة بالاجرة وهي في رق مواليها قبل وقوع قصتها في المكاتبة وهذا أولى من دعوى الادراج وتغليط الحفاظ قوله أي بريرة هل رأيت من شئ يريبك في رواية هشام بن عروة فانتهرها بعض أصحابه فقال اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أبي أويس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعلي شأنك بالجارية فسألها على وتوعدها فلم تخبره إلا بخير ثم ضربها وسألها فقالت والله ما علمت على عائشة سواء وفي رواية بن إسحاق فقام إليها علي فضربها ضربا شديدا يقول اصدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقع في رواية هشام حتى أسقطوا لها به يقال أسقط الرجل في القول إذا أتى بكلام ساقط والضمير في قوله به للحديث أو الرجل الذي اتهموها به وحكى عياض أن في رواية بن ماهان في مسلم حتى أسقطوا لهاتها بمثناة مفتوحة وزيادة ألف بعد الهاء قال وهو تصحيف لانهم لو أسقطوا لهاتها لم تستطع الكلام والواقع أنها تكلمت فقالت سبحان الله الخ وفي رواية حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عند الطبرائي فقال لست عن هذا أسألك قالت نعمة فلما فطنت قالت سبحان الله وهذا يدل على أن المراد بقوله في الرواية حتى أسقطوا لها به حتى صرحوا لها بالامر فلهذا تعجبت وقال بن الجوزي أسقطوا لها به أي صرحوا بها بالامر وقيل جاءوا في خطابها بسقط من القول ووقع في رواية الطبري من طريق أبي أسامة قال عروة فعيب ذلك على من قاله وقال بن بطال يحتمل أن يكون من قولهم سقط إلى الخبر إذا علمته قال الشاعر إذا هن ساقطن الحديث وقلن لي قال فمعناه ذكروا لها الحديث وشرحوه قوله إن رأيت عليها أمرا أي ما رأيت فيها مما تسألون عنه شيئا أصلا وأما من غيره ففيها ما ذكرت من غلبة النوم لصغر سنها ورطوبة بدنها قوله أغمصه بغين معجمة وصاد مهملة أي أعيبه قوله سوى أنها جارية حديثه السن تنام عن عجين أهلها في رواية بن إسحاق ما كنت أعيب عليها إلا أني كنت أعجن عجيني وآمرها أن تحفظه فتنام عنه وفي رواية مقسم ما رأيت منها مذ كنت عندها إلا أني عجنت عجينا لي فقلت احفظي هذه العجينة حتى أقتبس نار إلا خبزها فغفلت فجاءت الشاة فأكلتها وهو يفسر المراد بقوله في رواية الباب حتى تأتي الداجن وهي بدال مهملة ثم جيم الشاة التي تألف البيت ولا تخرج إلى المرعى وقيل هي كل ما يألف البيوت مطلقا شاة أو طيرا قال بن المنير في الحاشية هذا من الاستثناء البديع الذي يراد به المبالغة في نفي العيب فغفلتها عن عجينها أبعد لها من مثل الذي رميت به وأقرب إلى أن تكون من الغافلات المؤمنات وكذا في قولها في رواية هشام بن عروة ما علمت إلا ما يعلم الصائغ على الذهب الاحمر
[ 359 ]
أي كما لا يعلم الصائغ من الذهب الاحمر إلا الخلوص من العيب فكذلك أنا لا أعلم منها إلا الخلوص من العيب وفي رواية بن حاطب عن علقمة فقالت الجارية الحبشيه والله لعائشة أطيب من الذهب ولئن كانت صنعت ما قال الناس ليخبرنك الله قالت فعجب الناس من فقهها قوله فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أبي أويس ثم خرج حين سمع من بريرة ما قالت وفي رواية هشام بن عروة قام فينا خطيبا فتشهد وحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد وزاد عطاء الخراساني عن الزهري هنا قبل قوله فقم وكانت أم أيوب ا لانصارية قالت لابي أيوب أما سمعت ما يتحدث الناس فحدثته بقول أهل الافك فقال ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم قلت وسيأتي في الاعتصام من طريق يحيى بن أبي زكريا عن هشام بن عروة في قصة الافك مختصرة وفيه بعد قوله وأرسل معها الغلام وقال رجل من الانصار ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك فيستفاد معرفته من رواية عطاء هذه وروى الطبري منه حديث بن عمر قال قال أسامة ما يحل لنا أن نتكلم بهذا سبحانك الآية لكن أسامة مهاجري فإن ثبت حمل على التوارد وفي مرسل سعيد بن جبيرأن سعد بن معاذ ممن قال ذلك وروى الطبري أيضا من طريق بن إسحاق حدثني أبي عن بعض رجال بني النجار أن أبا أيوب قالت له أم أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة قال بلى وذلك الكذب أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب قالت لا والله قال فعائشة والله خير منك قالت فنزل القرآن لولا إذ سمعتموه الآية وللحاكم من طريق أفلح مولى أبي أيوب عن أبي أيوب نحوه وله من طريق أخرى قال قالت أم طفيل لابي بن كعب فذكر نحوه قوله فاستعذر من عبد الله بن أبي أي طلب من يعذره منه أي ينصفه قال الخطابي يحتمل أن يكون معناه من يقوم بعذره فيما رمى أهلي به من المكروه ومن يقوم بعذري إذا عاقبته على سوء ما صدر منه ورجح النووي هذا الثاني وقيل معنى من يعذرني من ينصرني والعزيز الناصر وقيل المراد من ينتقم لي منه وهو كالذي قبله ويؤيده قول سعد أنا أعذرك منه قوله بلغني أذاه في أهل بيتي في رواية هشام بن عروة أشيروا علي في أناس أبنوا أهلي وهو بفتح الموحدة الخفيفة والنون المضمومة وحكى عياض أن في رواية الاصيلي بتشديد الموحدة وهي لغة ومعناه عابوا أهلي أو اتهموا أهلي وهو المعتمد لان الابن بفتحتين التهمة وقال بن الجوزي المراد رموا أهلي بالقبيح ومنه الحديث الذي في الشمائل في ذكر مجلسه صلى الله عليه وسلم لا تؤين فيه الحرم وحكى عياض أن في رواية عبدوس بتقديم النون الثقيلة على الموحدة قال وهو تصحيف لان التأنيب هو اللوم الشديد ولا معنى له هنا انتهى قال النووي وقد يوجه بأن المراد لاموهم أشد اللوم فيما زعموا أنهم صنعوه وهم لم يصنعوا شيئا من ذلك لكنه بعيد من صورة الحال والاول هو المعتمد قال النووي التخفيف أشهر وفي رواية بن إسحاق ما بال أناس يؤذوني في أهلي وفي رواية بن حاطب من يعذرني فيمن يؤذيني في أهلي ويجمع في بيته من يؤذيني ووقع في رواية الغساني المذكورة في قوم يسبون أهلي وزاد فيه ما علمت عليهم من سوء قط قوله ولقد ذكروا رجلا زاد الطبري في روايته صالحا وزاد أبو أويس في روايته وكان صفوان بن المعطل قعد لحسان فضربه ضربة بالسيف وهو يقول تلق ذباب السيف مني فإنني غلام إذا هو جئت لست بشاعر فصاح حسان ففر صفوان فاستوهب النبي صلى الله عليه وسلم من حسان ضربة صفوان فوهبها
[ 360 ]
له قوله فقام سعد بن معاذ الانصاري كذا هنا وفي رواية معمر وأكثر أصحاب الزهري ووقع في رواية صالح بن كيسان فقام سعد أخو بني عبد الاشهل وفي رواية فليح فقام سعد ولم ينسبه وقد تعين أنه سعد بن معاذ لما وقفي رواية الباب وغيره وأما قوله شيخ شيوخنا القطب الحلبي وقع في نسخة سماعنا فقام سعد بن معاذ وفي موضع آخر فقام سعد أخو بني عبد الاشهل فيحتمل أن يكون آخر غير سعد بن معاذ فإن في بني عبد الاشهل جماعة من الصحابة يسمى كل منهم سعدا منهم سعد بن زيد الاشهلي شهد بدرا وكان على سبايا قريظة الذين بيعوا بنجد وله ذكر في عدة أخبار منها في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في مرض وفاته قال فيحتمل أن يكون هو المتكلم في قصة الافك قلت وحمله على ذلك ما حكاه عياض وغيره من الاشكال في ذكر سعد بن معاذ في هذه القصة والذي جوزه مردود بالتصريح بسعد بن معاذ في هذه الرواية الثالثة فأذكر كلام عياض وما تيسر من الجواب عنه قال عياض فذكر سعد بن معاذ في هذا الحديث إشكال لم يتكلم الناس عليه ونبهنا عليه بعض شيوخنا وذلك أن الافك كان في المريسيع وكانت سنة ست فيما ذكر بن إسحاق وسعد بن معاذ مات من الرمية التي رميها بالخندق فدعا الله فأبقاه حتى حكم في بني قريظة ثم انفجر جرحه فمات منها وكان ذلك سنة أربع عند الجميع إلا ما زعم الواقدي أن ذلك كان سنة خمس قال وعلى كل تقدير فلا يصح ذكر سعد بن معاذ في هذه القصة والاشبه أنه غيره ولهذا لم يذكره بن إسحاق في روايته وجعل المراجعة أولا وثانيا بين أسيد بن حضير وبين سعد بن عبادة قال وقال لي بعض شيوخنا يصح أن يكون سعد موجودا في المريسيع بناء على الاختلاف في تاريخ غزوة المريسيع وقد حكى البخاري عن موسى بن عقبة أنها كانت سنة أربع وكذلك الخندق كانت سنة أربع فيصح أن تكون المريسيع قبلها لان بن إسحاق جزم بأن المريسيع كانت في شعبان وأن الخندق كانت في شوال فإن كانا من سنة واحدة استقام أن تكون المريسيع قبل الخندق فلا يمتنع أن يشهدها سعد بن معاذ انتهى وقد قدمنا في المغازي أن الصحيح في النقل عن موسى بن عقبة أن المريسيع كانت سنة خمس وأن الذي نقله عنه البخاري من أنها سنة أربع سبق قلم نعم والراجح أن الخندق أيضا كانت في سنة خمس خلافا لابن إسحاق فيصح الجواب المذكور وممن جزم بأن المريسيع سنة خمس الطبري لكن يعكر على هذا شئ لم يتعرضوا له أصلا وذلك أن بن عمر ذكر أنه كان معهم في غزوة بني المصطلق وهو المريسيع كما تقدم من حديثه في المغازي وثبت في الصحيحين أيضا أنه عرض في يوم أحد فلم يجزه النبي صلى الله عليه وسلم وعرض في الخندق فأجازه فإذا كان أول مشاهده الخندق وقد ثبت أنه شهد المريسيع لزم أن تكون المريسيع بعد الخندق فيعود الاشكال ويمكن الجواب بأنه لا يلزم من كون بن عمر كان معهم في غزوة بني المصطلق أن يكون أجيز في القتال فقد يكون صحب أباه ولم يباشر القتال كما ثبت عن جابر أنه كان يمنح الماء لاصحابه يوم بدر وهو لم يشهد بدرا باتفاق وقد سلك البيهقي في أصل الاشكال جوابا آخر بناء على أن الخندق قبل المريسيع فقال يجوز أن يكون جرح سعد بن معاذ لم ينفجر عقب الفراغ من بني قريظة بل تأخر زمانا ثم انفجر بعد ذلك وتكون مراجعته في قصة الافك في أثناء ذلك ولعله لم يشهد غزوة المريسيع لمرضه وليس ذلك مانعا له أن يجيب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة الافك مما أجابه وأما دعوى عياض أن الذين تقدموا لم يتكلموا على الاشكال المذكور فما أدرى من الذين
[ 361 ]
عناهم فقد تعرض له من القدماء إسماعيل القاضي فقال الاولى أن تكون المر يسيع قبل الخندق للحديث الصحيح عن عائشة واستشكله بن حزم لاعتقاده أن الخندق قبل المريسيع وتعرض له بن عبد البر فقال رواية من روى أن سعد بن معاذ راجح في قصة الافك سعد بن عبادة وهم خطأ وإنما راجع سعد بن عبادة أسيد بن حضير كما ذكره بن إسحاق وهو الصحيح فإن سعد بن معاذ مات في منصرفهم من غزوة بني قريظة لا يختلفون في ذلك فلم يدرك المريسيع ولا حضرها وبالغ بن العربي على عادته فقال اتفق الرواة على أن ذكر بن معاذ في قصة الافك وهم وتبعه على هذا الاطلاق القرطبي قوله أعذرك منه في رواية فليح فقال أنا والله أعذرك منه ووقع في رواية معمر أعذرك منه بحذف المبتدأ قوله إن كان من الاوس يعني قبيلة سعد بن معاذ قوله ضربنا عنقه في رواية صالح بن كيسان ضربت بضم المثناة وإنما قال ذلك لانه كان سيدهم فجزم بأن حكمة فيهم نافذ قوله وإن كان من إخواننا من الخزرج من الاولى تبعضية والاخرى بيانية ولهذا سقطت من رواية فليح قوله أمرتنا ففعلنا أمرك في رواية بن جريج أتيناك به ففعلنا فيه أمرك قوله فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج في رواية صالح بن كيسان فقام رجل من الخزرج وكانت أم حسان بن ثابت بنت عمه من فخذه وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج انتهى وأم حسان اسمها الفريعة بنت خالد بن خنيس بن لوذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة وقوله من فخذه بعد قوله بنت عمه إشارة إلى أنها ليست بنت عمه لحا لان سعد بن عبادة يجتمع معها في ثعلبة وقد تقدم سياق نسبه في المناقب قوله وكان قبل ذلك رجلا صالحا أي كامل الصلاح في رواية الواقدي وكان صالحا لكن الغضب بلغ منه ومع ذلك لم يغمص عليه في دينه قوله ولكن احتملته الحمية كذا للاكثر احتملته بمهملة ثم مثناة ثم ميم أي أغضبته وفي رواية معمر عند مسلم وكذا يحيى بن سعيد عند الطبراني اجتهلته بجيم ثم مثناة ثم هاء وصوبها الوقشي أي حملته على الجهل قوله فقال لسعد أي بن معاذ كذبت لعمر الله لا تقتله العمر بفتح العين المهملة هو البقاء وهو العمر بضمها لكن لا يستعمل في القسم إلا بالفتح قوله ولا تقدر على قتله ولو كان من رهطك ما أحببت أن يقتل فسر قوله لا تقتله بقوله ولا تقدر على قتله إشارة إلى أن قومه يمنعونه من قتله وأما قوله ولو كان من رهطك فهو من تفسير قوله كذبت أي في قولك إن كان من الاوس ضربت عنقه فنسبه إلى الكذب في هذه الدعوى وأنه جزم أن يقتله إن كان من رهطه مطلقا وأنه إن كان من غير رهطه إن أمر بقتله قتله وإلا فلا فكأنه قال له بل الذي نعتقده على العكس بما نطقت به وأنه لو إن كان من رهطك ما أحببت أن يقتل ولكنه من غير رهطك فأنت تحب أن يقتل وهذا بحسب ما ظهر له في تلك الحالة ونقل بن التين عن الداودي أن معنى قوله كذبت لا تقتله أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يجعل حكمة إليك فذلك لا تقدر على قتله وهو حمل جيد وقد بينت الروايات الاخرى السبب الحامل لسعد بن عبادة على ما قال ففي رواية بن إسحاق فقال سعد بن عبادة ما قلت هذه المقالة إلا إنك علمت أنه من الخزرج وفي رواية بن حاطب فقال سعد بن عبادة يا بن معاذ والله ما بك نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنها قد كانت بيننا ضغائن في الجاهلية وإحن لم تحلل لنا من صدوركم فقال بن معاذ الله أعلم بما أردت وفي حديث بن عمر إنما طلبت به دخول الجاهلية قال بن التين قول بن معاذ إن كان من الاوس ضربت عنقه إنما قال
[ 362 ]
ذلك لان الاوس قومه وهم بنو النجار ولم يقل في الخزرج لما كان بين الاوس والخزرج من التشاحن قبل الاسلام ثم زال بالاسلام وبقي بعضه بحكم الانفة قال فتكلم سعد بن عبادة بحكم الانفة ونفى أن يحكم فيهم سعد بن معاذ وهو من الاوس قال ولم يرد سعد بن عبادة الرضا بما نقل عن عبد الله بن أبي وإنما بمعنى قول عائشة وكان قبل ذلك رجلا صالحا أي لم يتقدم منه ما يتعلق بالوقوف مع أنفة الحمية ولم ترد أنه ناضل عن المنافقين وهو كما قال إلا أن دعواه أن بني النجار قوم سعد بن معاذ خطأ وإنما هم من رهط سعد بن عبادة ولم يجر لهم في هذه القصة ذكر وقد تأول بعضهم ما دار بين السعدين بتأويل بعيد فارتكب شططا فزعم أن قول سعد بن عبادة لا تقتله ولا تقدر على قتله أي إن كان من الاوس واستدل على ذلك بأن بن معاذ لم يقل في الخزرجي ضربنا عنقه وإنما قال ذلك في الاوسي فدل على أن بن عبادة لم يقل ذلك حمية لقومه إذ لو كان حمية لم يوجهها رهط غيره قال وسبب قوله ذلك أن الذي خاض في الافك كان يظهر الاسلام ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقتل من يظهر الاسلام وأراد أن بقية قومه يمنعونه منه إذا أراد قتله إذا لم يصدر من النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله فكأنه قال لا تقل ما لا تفعل ولا تعد بما لا تقدر على الوفاء به ثم أجاب عن قول عائشة احتملته الحمية بأنها كانت حينئذ منزعجة الخاطر لما دهمها من الامر فقد يقع في فهمها ما يكون أرجح منه وعن قول أسيد بن حضير الآتي بأنه حمل قول بن عبادة على ظاهر لفظه وخفي عليه أن له محملا سائغا انتهى ولا يخفى ما فيه من التعسف من غير حاجة إلى ذلك وقوله إن عائشة قالت ذلك وهي منزعجة الخاطر مردود لان ذلك إنما يتم لو كانت حدثت بذلك عند وقوع الفتنة والواقع أنها إنما حدثت بها بعد دهر طويل حتى سمع ذلك منها عروة وغيره من التابعين كما قدمت الاشارة إليه وحينئذ كان ذلك الانزعاج وزال وانقضى والحق أنها فهمت ذلك عند وقوعه بقرائن الحال وأما قوله لا تقدر على قتله مع أن سعد بن معاذ لم يقل بقتله كما قال في حق من يكون من الاوس فإن سعد بن عبادة فهم أن قول بن معاذ أمرتنا بأمرك أي إن أمرتنا بأمرك أي أمرتنا بقتله قتلناه وإن أمرت قومه بقتله قتلوه فنفى سعد بن عبادة قدرة سعد بن معاذ على قتله إن كان من الخزرج لعلمه أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يأمر غير قومه بقتله فكأنه أيأسه من مباشرة قتله وذلك بحكم الحمية التي أشارت إليها عائشة ولا يلزم من ذلك ما فهمه المذكور أنه يرد أمر النبي صلى الله عليه بقتله ولا يمتثله حاشا لسعد من ذلك وقد اعتذر المازري عن قول أسيد بن حضير لسعد بن عبادة إنك منافق أن ذلك وقع منه على جهة الغيظ والحنق والمبالغة في زجر سعد بن عبادة عن المجادلة عن بن أبي وغيره ولم يرد النفاق الذي هو إظهار الايمان وإبطان الكفر قال ولعله صلى الله عليه وسلم إنما ترك الانكار عليه لذلك وسأذكر ما في فوائد هذا الحديث في آخر شرحه زيادة في هذا قوله فقام أسيد بن حضير بالتصغير فيه وفي أبيه وأبوه بمهملة ثم معجمة تقدم نسبه في المناقب قوله وهو بن عم سعد بن معاذ أي من رهطه ولم يكن بن عمه لحا لانه سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الاشهل وأسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن امرئ القيس إنما يجتمعان في امرئ القيس وهما في التعدد إليه سواء قوله فقال لسعد بن عبادة كذبت لعمر الله لنقتلنه أي ولو كان من الخزرج إذا أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وليست لكم قدرة على منعنا من ذلك قوله فإنك منافق تجادل عن المنافقين أطلق أسيد
[ 363 ]
ذلك مبالغة في زجره عن القول الذي قاله وأراد بقوله فإنك منافق أي تصنع صنيع المنافقين وفسره بقوله تجادل عن المنافقين وقابل قوله لسعد بن معاذ كذبت لا تقتله بقوله هو كذبت لنقتلنه وقال المازري إطلاق أسيد لم يرد به نفاق الكفر وإنما أراد أنه كان يظهر المودة للاوس ثم ظهر منه في هذه القصة ضد ذلك فأشبه حال المنافق لان حقيقته إظهار شئ واخفاء غيره ولعل هذا هو السبب فترك إنكار النبي صلى الله عليه وسلم عليه قوله فتثاور بمثناة ثم مثلثة تفاعل من الثورة والحيان بمهملة ثم تحتانية تثنية حي والحي كالقبيلة أي نهض بعضهم إلى بعض من الغضب ووقع في حديث بن عمر وقام سعد بن معاذ فسل سيفه قوله حتى هموا أن يقتتلوا زاد بن جريج في روايته في قصة الافك هنا قال قال بن عباس فقال بعضهم لبعض موعدكم الحرة أي خارج المدينة لتتقاتلوا هناك قوله فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وفي رواية بن حاطب فلم يزل يومئ بيده إلى الناس ههنا حتى هدأ الصوت وفي رواية فليح فنزل فخفضهم حتى سكتوا ويحمل على أنه سكتهم وهو على المنبر ثم نزل إليهم أيضا ليكمل تسكيتهم ووقع في رواية عطاء الخراساني عن الزهري فحجز بينهم قوله فمكثت يومي ذلك في رواية الكشميهني فبكيت وهي في رواية فليح وصالح وغيرهما قوله فأصبح أبواي عندي أي أنهما جاآ إلى المكان الذي هي به من بينهما لا أنها رجعت من عندهما إلى بيتها ووقع في رواية محمد بن ثور عن معمر عند الطبري وأنا في بيت أبوي قوله وقد بكيت ليلتين ويوما أي الليلة التي أخبرتها فيها أم مسطح الخبر واليوم الذي خطب فيه النبي صلى الله عليه وسلم الناس والليلة التي تليه ووقع في رواية فليح وقد بكيت ليلتي ويوم وكأن الياء مشددة ونسبتهما إلى نفسها لما وقع لها فيهما قوله فبيناهما وفي رواية الكشميهني فبينما هما قوله يظنان أن البكاء فالق كبدي في رواية فليح حتى أظن ويجمع بأن الجميع كانوا يظنون ذلك قوله فاستأذنت كذا فيه وفي الكلام حذف تقديره جاءت امرأة فاستأذنت وفي رواية فليح إذ استأذنت قوله امرأة من الانصار لم أقف على اسمها قوله فبينا نحن على ذلك في رواية الكشميهني فبينا نحن كذلك وهي رواية فليح والاول رواية صالح قوله دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي في رواية هشام بن عروة بلفظ فأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل على رسوالله صلى الله عليه وسلم وقد صلى العصر وقد اكتنفني أبواي عن يميني وعن شمالي وفي رواية بن حاطب وقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على سرير وجاهي وفي حديث أم رومان إن عائشة في تلك الحالة كانت بها الحمى النافض وأن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل فوجدها كذلك قال ما شأن هذه قالت أخذتها الحمى بناقض قال فلعله في حديث تحدث قالت نعم فقعدت عائشة قوله ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني حكى التسهيلي أن بعض المفسرين ذكر أن المدة كانت سبعة وثلاثين يوما فألغى الكسر في هذه الرواية وعند بن حزم أن المدة كانت خمسين يوما أو أزيد ويجمع بأنها المدة التي كانت بين قدومهم المدينة ونزول القرآن في قصة الافك وأما التقييد بالشهر فهو المدة التي أولها إتيان عائشة إلى بيت أبويها حين بلغها الخبر قوله فتشهد في رواية هشام بن عروة فحمد الله وأثنى عليه قوله أما بعد يا عائشة فأنه بلغني عنك كذا وكذا هو كناية عما رميت به من الافك ولم أر في شئ من الطرق التصريح فلعل الكناية من لفظ النبي صلى
[ 364 ]
الله عليه وسلم ووقع في رواية بن إسحاق فقال يا عائشة إنه قد كان ما بلغك من قول الناس فاتق الله وأن كنت قارفت سوءا فتوبى قوله فإن كنت بريئة فسيبرئك الله أي بوحى ينزله بذلك قرآنا أو غيره قوله وإن كنت ألممت بذنب أي وقع منك على خلاف العادة وهذا حقيقة الادام ومنه ألمت بنا والليل مرخ ستوره قوله فاستغفري الله وتوبي إليه في رواية معمر ثم توبي إليه وفي رواية أبي أويس إنما أنت من بنات آدم إن كنت أخطأت فتوبى قوله فان العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب إلى الله تاب الله عليه قال الداودي أمرها بالاعتراف ولم يندبها إلى الكتمان المفرق بين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن فيجب على أزواجه الاعتراف بما يقع منهن ولا يكتمنه إياه لانه لا يحل لنبي إمساك ميقع منها ذلك بخلاف نساء الناس فأنهن تدين إلى الستر وتعقبه عياض بأنه ليس في الحديث ما يدل على ذلك ولا فيه أنه أمرها بالاعتراف وإنما أمرها أن تستغفر الله وتتوب إليه أي فيما بينها وبين ربها فليس صريحا في الامر لها بان تعترف عند الناس بذلك وسياق جواب عائشة يشعر بما قاله الداودي لكن المعترف عنده ليس إطلاقه فليتأمل ويؤيد ما قاله عياض أن في رواية حاطب قالت فقال أبي إن كنت صنعت شيئا فاستغفري الله وإلا فأخبري رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذرك قوله قلص دمعي بفتح القاف واللام ثم مهملة أي استمسك نزوله فانقطع ومنه قلص الظل إذا شمر قال القرطبي سببه أن الحزن والغضب إذا أخذ أحدهما فقد الدمع لفرط حرارة المصيبة قوله حتى ما أحس بضم الهمزة وكسر المهملة أي أجد قوله فقلت لابي أجب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال قال والله ما أدري ما أقول قيل إنما قالت عائشة لابيها ذلك مع أن السؤال إنما وقع عما في باطن الامر وهو لا اطلاع له على ذلك لكن قالته إشارة إلى أنها لم يقع منها شئ في الباطن يخالف الظاهر الذي هو يطلع عليه فكأنها قالت له برئني بما شئت وأنت على ثقة من الصدق فيما تقول وإنما أجابها أبو بكر بقوله لا أدري لانه كان كثير الاتباع لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأجاب بما يطابق السؤال في المعنى ولانه وإن كان يتحقق براءتها لكنه كره أن يزكى ولده وكذا الجواب عن قول أمها لا أدري ووقع في رواية هشام بن عروة الآتية فقال ماذا أقول وفي رواية أبي أويس فقلت لابي أجب فقال لا أفعل هو رسول الله والوحي يأتيه قوله قالت قلت وأنا جارية حديثه السن لا أقرأ كثيرا من القرآن قالت هذا توطئة لعذرها لكونها لم تستحضر اسم يعقوب عليه السلام كما سيأتي ووقع في رواية هشام بن عروة الآتية فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه بما هو أهله ثم قلت أما بعد وفي رواية بن إسحاق فلما استعجما على استعبرت فبكيت ثم قلت والله لا أتوب مما ذكروا أبدا قوله حتى استقر في أنفسكم في رواية فليح وقر بالتخفيف أي ثبت وزنا ومعنى قوله وصدقتم به في رواية هشام بن عرو لقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم قالت هذا وإن لم يكن على حقيقته على سبيل المقابلة لما وقع من المبالغة في التنقيب عن ذلك وهي كانت لما تحققته من براءة نفسها ومنزلتها تعتقد أنه كان ينبغي لكل من سمع عنها ذلك أن يقطع بكذبه لكن العذر لهم عن ذلك أنهم أرادوا إقامة الحجة على من تكلم في ذلك ولا يكفي فيها مجرد نفي ما قالوا والسكوت عليه بل تعين التنقيب عليه لقطع شبههم أو مرادها بمن صدق به أصحاب الافك لكن ضمت إليه من لم يكذبهم تغليبا قوله لا تصدقونني بذلك أي لا تقطعون بصدقي وفي رواية
[ 365 ]
هشام بن عروة ما ذاك بنافعي عندكم وقالت في الشق الآخر لنصدقني وهو بتشديد النون والاصل تصدقونني فأدغمت إحدى النونين في الاخرى وإنما قالت ذلك لان المرء مؤاخذ بإقراره ووقع في حديث أم رومان لئن حلفت لا تصدقونني ولئن قلت لا تعذرونني قوله والله ما أجد لكم مثلا في رواية صالح وفليح ومعمر ما أجد لكم ولي مثلا قوله إلا قول أبي يوسف زاد بن جريج في روايته واختلس مني اسمه وفي رواية هشام بن عروة والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه وفي رواية أبي أويس نسيت اسم يعقوب لما بي من البكاء واحتراق الجوف ووقع في حديث أم رومان مثلي ومثلكم كيعقوب وبنيه وهي بالمعنى للتصريح في حديث هشام وغيره بأنها لم تستحضر اسمه قوله ثم تحولت فاضطجعت على فراشي زاد بن جريج ووليت وجهي نحو الجدر قوله وأنا حينئذ أعلم أني بريئة وأن الله مبرئي ببرأتي زعم بن التين أنه وقع عنده وإن الله مبرئني بنون قبل الياء وبعد الهمزة قال وليس ببين لان نون الوقاية تدخل في الافعال لتسلم من الكسر والاسماء تكسر فلا تحتاج إليها انتهى والذي وقفنا عليه في جميع الروايات مبرئي بغير نون وعلى تقدير وجود ما ذكر فقد سمع مثل ذلك في بعض اللغات قوله ولكن والله ما كنت أظن أن الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر زاد يونس في روايته يتلى وفي رواية فليح من أن يتكلم بالقرآن في أمري وفي رواية بن إسحاق يقرأ به في المساجد ويصلي به قوله فوالله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم أي فارق ومصدره الريم بالتحتانية بخلاف رام بمعنى طلب فمصدره الروم ويفترقان في المضارع يقال رام يروم روما ورام يريم ريما وحذف في هذه الرواية الفاعل ووقع في رواية صالح وفليح ومعمر وغيرهم مجلسه أي ما فارق مجلسه قوله ولا خرج أحد من أهل البيت أي الذين كانوا حينئذ حضورا ووقع في رواية أبي أسامة وأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من ساعته قوله فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ثم مد هي شدة الحمى وقيل شدة الكرب وقيل شدة الحر ومنه برح بي الهم إذا بلغ مني غايته ووقع في رواية إسحاق بن راشد وهو العرق وبه جزم الداودي وهو تفسير باللازم غالبا لان البرحاء شدة الكرب ويكون عنده العرق غالبا وفي رواية بن حاطب وشخص بصره إلى السقف وفي رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن عائشة عند الحاكم فأتاه الوحي وكان إذا أتاه الوحي أخذه السبل وفي رواية بن إسحاق فسجى بثوب ووضعت تحت رأسه وسادة من أدم قوله حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الشاتي من ثقل القول الذي ينزل عليه الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم اللؤلؤ وقيل حب يعمل من الفضة كاللؤلؤ وقال الداودي خرز أبيض والاول أولى فشبهت قطرات عرقه صلى الله عليه وسلم بالجمان لمشابهتها في الصفاء والحسن وزاد بن جريج في روايته قال أبو بكر فجعلت أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخشى أن ينزل من السماء ما لا مرد له وأنظر إلى وجه عائشة فإذا هو منبق فيطمعني ذلك فيها وفي رواية بن إسحاق فأما أنا فوالله ما فزعت قد عرفت أني بريئة وأن الله غير ظالمي وأما أبواي فما سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننت لتخرجن أنفسها فرقا من أن يأتي من الله تحقيق ما يقول الناس ونحوه في رواية الواقدي قوله فلما سرى بضم المهملة وتشديد الراء المكسورة أي كشف قوله وهو يضحك في رواية هشام بن عروة فرفع عنه وإني لاتبين السرور في وجهه يمسح جبينه وفي رواية بن حاطب
[ 366 ]
فوالذي أكرمه وأنزل عليه الكتاب ما زال يضحك حتى إني لانظر إلى نواجذه سرورا ثم مسح وجهه قوله فكان أول كلمة تكلم بها يا عائشة أما الله عزوجل فقد برأك في رواية صالح بن كيسان قال يا عائشة وفي رواية فليح أن قال لي يا عائشة احمدي الله فقد برأك زاد في رواية معمر أبشري وكذا في رواية هشام بن عروة وعند الترمذي من هذا الوجه البشرى يا عائشة فقد أنزل الله براءتك وفي رواية عمر بن أبي سلمة فقال أبشري يا عائشة قوله أما الله فقد برأك أي بما أنزل من القرآن قوله فقالت أمي قومي إليه قال فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله في رواية صالح فقالت لي أمي قومي إليه فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمده ولا أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي وفي رواية الطبري من هذا الوجه احمد الله لا إياكما وفي رواية بن جريج فقلت بحمد الله وذمكما وفي رواية أبي أويس نحمد الله ولا نحمدكم وفي رواية أم رومان وكذا فحديث أبي هريرة فقالت نحمد الله لا نحمدك ومثله في رواية عمر بن أبي سلمة وكذا عند الواقدي وفي رواية بن حاطب والله لا نحمدك ولا نحمد أصحابك وفي رواية مقسم والاسود وكذا في حديث بن عباس ولا نحمدك ولا نحمد أصحابك وزاد في رواية الاسود عن عائشة وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فانتزعت يدي منه فنهرني أبو بكر وعذرها في إطلاق ذلك ما ذكرته من الذي خامرها من الغضب من كونهم لم يبادروا بتكذيب من قال فيها ما قال مع تحققهم حسن طريقتها قال بن الجوزي إنما قالت ذلك إدلالا كما يدل الحبيب على حبيبه وقيل أشارت إلى أفراد الله تعالى بقولها فهو الذي أنزل براءتي فناسب إفراده بالحمد في الحال ولا يلزم منه ترك الحمد بعد ذلك ويحتمل أن تكون مع ذلك تمسكت بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم لها احمدي الله ففهمت منه أمرها بإفراد الله تعالى بالحمد فقالت ذلك وما أضافته إليه من الالفاظ المذكورة كان من باعث الغضب وروى الطبري وأبو عوانة من طريق أبي حصين عن مجاهد قال قالت عائشة لما نزل عذرها فقبل أبو بكر رأسها فقلت ألا عذرتني فقال أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت ما لا أعلم قوله فأنزل الله تعالى إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم العشر الآيات كلها قلت آخر العشرة قوله تعالى والله يعلم وأنتم لا تعلمون لكن وقع في رواية عطاء الخراساني عن الزهري فانزل الله تعالى إن الذين جاءوا إلى قوله إن يغفر الله لكم والله غفور رحيم وعدد الآي إلى هذا الموضع ثلاث عشر آية فلعل في قولها العشر الآيات مجازا بطريق إلغاء الكسر وفي رواية الحكم بن عتيبة مرسلا عن الطبري لما خاض الناس في أمر عائشة فذكر الحديث مختصرا وفي آخره فانزل الله تعالى خمس عشرة آية من سورة النور حتى بلغ الخبيثات للخبيثين وهذا فيه تجوز وعدة الاي إلى هذا الموضع ست عشرة وفي مرسل سعيد بن جبير عند بن أبي حاتم والحاكم في الاكليل فنزلت ثماني عشرة آية متواليه كذبت من قذف عائشة إن الذين جاءوا إلى قوله رزق كريم وفيه ما فيه أيضا وتحرير العدة سبع عشرة قال الزمخشري لم يقع في القرآن من التغليظ في معصية ما وقع في قصة الافك بأوجز عبارة وأشبعها لاشتماله على الوعيد الشديد والعتاب البليغ والزجر العنيف واستعظام القول في ذلك واستشناعه بطرق مختلفة وأساليب متقنة كل واحد منها كاف في بابه بل ما وقع منها من وعيد عبدة الاوثان إلا بما هو دون ذلك وما ذلك إلا لاظهار علو منزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتطهير من هو منه بسبيل وعند أبي داود من
[ 367 ]
طريق حميد الاعرج عن الزهري عن عروة عن عائشة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف الثوب عن وجهه ثم قال أعوبالله السميع العليم من الشيطان الرجيم إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم وفي رواية بن إسحاق ثم خرج إلى الناس فخطبهم وتلا عليهم ويجمع بأنه قرأ ذلك عند عائشة ثم خرج فقرأها على الناس قوله فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر يؤخذ منه مشروعية ترك المؤاخذة بالذنب ما دام احتمال عدمه موجودا لان أبا بكر لم يقطع نفقة مسطح إلا بعد تحقيق ذنبه فيما وقع منه قوله لقرابته منه تقدم بيان ذلك قبل قوله وفقره علة أخرى للانفاق عليه قوله بعد الذي قال لعائشة أي عن عائشة وفي رواية هشام بن عروة فخلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا قوله ولا يأتل سيأتي شرحه في باب مفرد قريبا قوله وليعفوا وليصفحوا قال مسلم حدثنا حبان بن موسى أنبأنا عبد الله بن المبارك قال هذه أرجى آية في كتاب الله انتهى وإلى ذلك إشار القائل فإن قدر الذنب من مسطح يحط قدر النجم من أفقه وقد جرى منه الذي قد جرى وعوتب الصديق في حقه قوله قال أبو بكر بلى والله إني لاحب أن يغفر الله لي في رواية هشام بن عروة بلى والله يا ربنا إنا لنحب أن تغفر لنا قوله فرجع إلى مسطح النفقة أي ردها إليه وفي رواية فليح فرجع إلى مسطح الذي كان يجري عليه وفي رواية هشام بن عروة وعاد له بما كان يصنع ووقع عند الطبراني أنه صار يعطيه ضعف ما كان يعطيه قبل ذلك قوله يسأل زينب بنت جحش أي أم المؤمنين أحمى سمعي وبصري أي من الحماية فلا أنسب إليهما ما لم أسمع وأبصر قوله وهي التي كانت تساميني أي تعاليني من السمو وهو العلو والارتفاع أي تطلب من العلو والرفعة والحظوة عند النبي صلى الله عليه وسلم ما أطلب أو تعتقد أن الذي لها عنده مثل الذي لي عنده وذهل بعض الشراح فقال إنه من سوم الخسف وهو حمل الانسان على ما يكرهه والمعنى تغايظني وهذا لا يصح فإنه لا يقال في مثله سام ولكن ساوم قوله فعصمها الله أي حفظها ومنعها قوله بالورع أي بالمحافظة على دينها وبجانبه ما تخشي سوء عاقبته قوله وطفقت بكسر الفاء وحكى فتحها أي جعلت أو شرعت وحمنة بفتح المهملة وسكون الميم وكانت تحت طلحة بن عبيد الله قوله تحارب لها أي تجادل لها وتنعصب وتحكي ما قال أهل الافك لتنخفض منزلة عائشة وتعلو مرتبة أختها زينب قوله فهلكت فيمن هلك من أصحاب الافك أي حدثت فيمن حدث أو أئمت مع من أثم زاد صالح بن كيسان وفليح ومعمر وغيرهم قال بن شهاب فهذا الذي بلغنا من حديث هؤلاء الرهط زاد صالح بن كيسان عن بن شهاب عن عروة قالت عائشة والله إن الرجل الذي قيل له ما قيل ليقول سبحان الله والذي نفسي بيده ما كشفت كنف أنثى قط وقد تقدم شرحه قبل قالت عائشة ثم قتل بعد ذلك في سبيل الله وتقدم الخلاف في سنة قتله وفي الغزاة التي استشهد فيها في أوائل الكلام على هذا الحديث ووقع في آخر رواية هشام بن عروة وكان الذي تكلم به مسطح وحسان بن ثابت والمناف عبد الله بن أبي وهو الذي يستوشيه وهو الذي تولى كبره هو وحمنه وعند الطبراني من هذا الوجه وكان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي ومسطح وحمنة وحسان وكان كبر ذلك من قبل عبد الله بن أبي وعند أصحاب السنن من طريق محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن
[ 368 ]
عمرة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام حد القذف على الذين تكلموا بالافك لكن لم يذكر فيهم عبد الله بن أبي وكذا في حديث أبي هريرة عند البزار وبنى على ذلك صاحب الهدى فأبدى الحكمة في ترك الحد على عبد الله بن أبي وفاته أنه ورد أنه ذكر أيضا فيمن أقيم عليه الحد ووقع ذلك في رواية أبي أويس وعن حسن بن زيد عن عبد الله بن أبي بكر أخرجه الحاكم في الاكليل وفيه رد على الماوردي حيث صحح أنه لم يحدهم مستندا إلى أن الحد لا يثبت إلا ببينة أو إقرار ثم قال وقيل إنه حدهم وما ضعفه هو الصحيح المعتمد وسيأتي مزيد بيان لذلك في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى (0) الرب عزوجل وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز الحديث عن جماعة ملفقا مجملا وقد تقدم البحث فيه وفيه مشروعية القرعة حتى بين النساء وفي المسافرة بهن والسفر بالنساء حتى في الغزو وجواز حكاية ما وقع للمرء من الفضل ولو كان فيه مدح ناس وذم ناس إذا تضمن ذلك إزلة توهم النقص عن الحاكي إذا كان بريئا عند قصد نصح من يبلغه ذلك لئلا يقع فيما وقع فيه من سبق وإن الاعتناء بالسلامة من وقوع الغير في الاثم أولى من تركه يقع في الاثم وتحصيل الاجر للموقوع فيه وفيه استعمال التوطئة فيما يحتاج إليه من الكلام وأن الهودج يقوم مقام البيت في حجب المرأة وجواز ركوب المرأة الهودج على ظهر البعير ولو كان ذلك مما يشق عليه حيث يكون مطيقا لذلك وفيه خدمة الاجانب للمرأة من وراء الحجاب وجواز تستر المرأة بالشئ المنفصل عن البدن وتوجه المرأة لقضاء حاجتها وحدها وبغير إذن خاص من زوجها بل اعتمادا على الاذن العام المستند إلى العرف العام وجواز تحلى المرأة في السفر بالقلادة ونحوها وصيانة المال ولو قل للنهي عن إضاعة المال فإن عقد عائشة لم يكن من ذهب ولا جوهر وفيه شؤم الحرص على المال لانها لو لم تطل في التفتيش لرجعت بسرعة فلما زاد على قدر الحاجة أثر ما جرى وقريب منه قصة المتخاصمين حيث رفع علم ليلة القدر بسببهما فإنهما لم يقتصرا على ما لا بد منه بل زاد في الخصام حتى ارتفعت أصواتهما فأثر ذلك بالرفع المذكور وتوقف رحيل العسكر على إذن الامير واستعمال بعض الجيش ساقه يكون أمينا ليحمل الضعيف ويحفظ ما يسقط وغير ذلك من المصالح والاسترجاع عند المصيبة وتغطية المرأة وجهها عن نظر الاجنبي وإطلاق الظن على العلم كذا قيل وفيه نظر قدمته وإغاثة الملهوف وعون المنقطع وإنقاذ الضائع وإكرام ذوي القدر وإيثارهم بالركوب وتجشم المشقة لاجل ذلك وحسن الادب مع الاجانب خصوصا النساء لا سيما في الخلوة والمشي أمام المرأة ليستقر خاطرها وتأمن مما يتوهم من نظره لما عساه ينكشف منها في حركة المشي وفيه ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها والتقصير من ذلك عند إشاعة ما يقتضي النقص وإن لم يتحقق وفائدة ذلك أن تتفطن لتغيير الحال فتعتذر أو تعترف وأنه لا ينبغي لاهل المريض أن يعلموه بما يؤذي باطنه لئلا يزيد ذلك في مرضه وفيه السؤال عن المريض وإشارة إلى مراتب الهجران بالكلام والملاطفة فإذا كان السبب محققا فيترك أصلا وإن كان مظنونا فيخفف وإن كان مشكوكا فيه أو محتملا فيحسن التقليل منه لا للعمل بما قيل بل لئلا يظن بصاحبه عدم المبالاة بما قيل في حقه لان ذلك من خوارم المروءة وفيه أن المرأة إذا خرجت لحاجة تستصحب من يؤنسها أو يخدمها ممن يؤمن عليها وفيه ذب المسلم عن المسلم خصوصا من كان من أهل الفضل وردع من يؤذيهم ولو كان منهم بسبيل وبيان مزيد فضيلة أهل بدر وإطلاق
[ 369 ]
السب على لفظ الدعاء بالسوء على الشخص وفيه البحث عن الامر القبيح إذا أشيع وتعرف صحته وفساده بالتنقيب على من قيل فيه هل وقع منه قبل ذلك ما يشبهه أو يقرب منه واستصحاب حال من أتهم بسوء إذا كان قبل ذلك معروفا بالخير إذا لم يظهر عنه بالبحث ما يخالف ذلك وفيه فضيلة قوية لام مسطح لانها لم تحاب ولدها في وقوعه في حق عائشة بل تعمدت سبه على ذلك وفيه تقوية لاحد الاحتمالين في قوله صلى الله عليه وسلم عن أهل بدر إن الله قال لهم اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وأن الراجح أن المراد بذلك أن الذنوب تقع منهم لكنها مقرونة بالمغفرة تفضيلا لهم على غيرهم بسبب ذلك المشهد العظيم ومرجوحية القول الآخر أن المراد أن الله تعالى عصمهم فلا يقع منهم ذنب نبه على ذلك الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة نفع الله به وفيه مشروعية التسبيح عند سماع ما يعتقد السامع أنه كذب وتوجيهه هنا أنه سبحانه وتعالى ينزه أن يحصل لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تدنيس فيشرع شكره بالتنزيه في مثل هذا نبه عليه أبو بكر بن العربي وفيه توقف خروج المرأة من بيتها على إذن زوجها ولو كانت إلى بيت أبويها وفيه البحث عن الامر المقول ممن يدل عليه المقول فيه والتوقف في خير الواحد ولو كان صادقا وطلب الارتقاء من مرتبة الظن إلى مرتبة اليقين وأن خبر الواحد إذا جاء شيئا بعد شئ أفاد القطع لقول عائشة لاستيقن الخبر من قبلهما وأن ذلك لا يتوقف على عدد معين وفيه استشارة المرء أهل بطانته ممن يلوذ به بقرابة وغيرها وتخصيص من جربت صحة رأيه منهم بذلك ولو كان غيره أقرب والبحث عن حال من اتهم بشئ وحكاية ذلك للكشف عن أمره ولا يعد ذلك غيبة وفيه استعمال لا نعلم إلا خيرا في التزكية وأن ذلك كاف في حق من سبقت عدالته ممن يطلع على خفي أمره وفيه التثبت في الشهادة وفطنة الامام عند الحادث المهم والاستنصار بالاخصاء على الاجانب وتوطئة العذر لمن يراد إيقاع العقاب به أو العتاب له واستشارة الاعلى لمن هو دونه واستخدام من ليس في الرق وأن من استفسر عن حال شخص فأراد بيان ما فيه من عيب فليقدم ذكر عذره في ذلك إن كان يعلمه كما قالت بريرة في عائشة حيث عاتبها بالنوم عن العجين فقدمت قبل ذلك أنها جارية حديثه السن وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يحكم لنفسه إلا بعد نزول الوحي لانه صلى الله عليه وسلم لم يجزم في القصة بشئ قبل نزول الوحي نبه عليه الشيخ أبو محمد بن أبي جمر نفع الله به وأن الحمية لله ورسوله لا تذم وفيه فضائل جمة لعائشة ولابويها ولصفوان ولعلى بن أبي طالب وأسامة وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير وفيه أن التعصب لا هو الباطل يخرج عن اسم الصلاح وجواز سب من يتعرض للباطل ونسبته إلى ما يسوءه وإن لم يكن ذلك في الحقيقة فيه لكن إذا وقع منه ما يشبه ذلك جاز إطلاق ذلك عليه تغليظا له وإطلاق الكذب على الخطأ والقسم بلفظ لعمر الله وفيه الندب إلى قطع الخصومة وتسكين ثائرة الفتنة وسد ذريعة ذلك واحتمال أخف الضررين بزوال أغلظهما وفضل احتمال الاذى وفيه مباعدة من خالف الرسول ولو كان قريبا حميما وفيه أن من آذى النبي صلى الله عليه وسلم بقول أو فعل يقتل لان سعد بن معاذ أطلق ذلك ولم ينكره النبي عليه وسلم وفيه مساعدة من نزلت فيه بلية بالتوجع والبكاء والحزن وفيه تثبت أبي بكر الصديق في الامور لانه لم ينقل عنه في هذه القصة مع تمادي الحال فيها شهرا كلمة فما فوقها إلا ما ورد عنه في بعض طرق الحديث أنه قال والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية فكيف بعد أن أعزانا الله بالاسلام وقع ذلك في
[ 370 ]
حديث بن عمر عند الطبراني وفيه ابتداء الكلام في الامر المهم بالتشهد والحمد والثناء وقول أما بعد وتوقيف من نقل عنه ذنب على ما قيل فيه بعد البحث عنه وأن قول كذا وكذا يكنى بها عن الاحوال كما يكنى بها عن الاعداد ولا تختص بالاعداد وفيه مشروعية التوبة وأنها تقبل من المعترف المقلع المخلص وأن مجرد الاعتراف لا يجزئ فيها وأن الاعتراف بما لم يقع لا يجوز ولو عرف أنه يصدق في ذلك ولا يؤاخذ على ما يترتب على اعترافه بل عليه أن يقول الحق أو يسكت وأن الصبر يحمد عاقبته ويغبط صاحبه وفيه تقديم الكبير في الكلام وتوقف من اشتبه عليه الامر في الكلا وفيه تبشير من تجددت له نعمة أو اندفعت عنه نقمة وفيه الضحك والفرح والاستبشار عند ذلك ومعذرة من انزعج عند وقوع الشدة لصغر سن ونحوه وإدلال المرأة على زوجها وأبويها وتدريج من وقع في مصيبة فزالت عنه لئلا يهجم على قلبه الفرح من أول وهله فيهلكه يؤخذ ذلك من ابتداء النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الوحي ببراءة عائشة بالضحك ثم تبشيرها ثم إعلامها ببراءتها مجملة ثم تلاوته الآيات على وجهها وقد نص الحكماء على أن من أشتد عليه العطش لا يمكن من المبالغة في الري في الماء لئلا يفضي به ذلك إلى الهلكة بل يجرع قليلا قليلا وفيه أن الشدة إذا اشتدت أعقبها الفرج وفضل من يفوض الامر لربه وأن من قوي على ذلك خف عنه الهم والغم كما وقع في حالتي عائشة قبل استفسارها عن حالها وبعد جوابها بقولها والله المستعان وفيه الحث على الانفاق في سبيل الخير خصوصا في صلة الرحم ووقوع المغفرة لمن أحسن إلى من أساء إليه أو صفح عنه وأن من حلف أن لا يفعل شيئا من الخير استحب له الخنث وجواز الاستشهاد بآي القرآن في النوازل والتأسي بما وقع للاكابر من الانبياء وغيرهم وفيه التسبيح عند التعجب واستعظام الامر وذم الغيبة وذم سماعها وزجر من يتعاطاها لا سيما إن تضمنت تهمة المؤمن بما لم يقع منه وذم إشاعة الفاحشة وتحريم الشك في براءة عائشة وفيه تأخير الحد عمن يخشى من إيقاعه به الفتنة نبه على ذلك بن بطال مستندا إلى أن عبد الله بن أبي كان ممن قذف عائشة ولم يقع في الحديث أنه ممن حد وتعقبه عياض بأنه لم يثبت أنه قذف بل الذي ثبت أنه كان يستخرجه ويستوشيه قلت وقد ورد أنه قذف صريحا ووقع ذلك في مرسل سعيد بن جبير عند بن أبي حاتم وغيره وفي مرسل مقاتل بن حيان عند الحاكم في الاكليل بلفظ فرماها عبد الله بن أبي وفي حديث بن عمر عند الطبراني بلفظ أشنع من ذلك وورد أيضا أنه ممن جلد الحد وقع ذلك في رواية أبي أويس عن الحسن بن زيد وعبد الله بن أبي بكر بن حزم وغيرهما مرسلا أخرجه الحاكم في الاكليل فإن ثبتا سقط السؤال وإن لم يثبتا فالقول ما قال عياض فإنه لم يثبت خبر بأنه قذف صريحا ثم لم يحد وقد حكى الماوردي إنكار وقوع الحد بالذين قذفوا عائشة أصلا كما تقدم واعتل قائله بأن حد القذف لا يجب إلا بقيام بينة أو إقرار وزاد غيره أو بطلب المقذوف قال ولم ينقل ذلك كذا قال وفيه نظر يأتي إيضاحه في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى واستدل به أبو على الكرابيسي صاحب الشافعي في كتاب القضاء على منع الحكم حالة الغضب لما بدا من سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وسعد بن عبادة من قول بعضهم لبعض حالة الغضب حتى كادوا يقتتلون قال فإن الغضب يخرج الحليم المتقي إلى ما لا يليق به فقد أخرج الغضب قوما من خيار هذه الامة بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مالا يشك أحد من الصحابة أنها منهم زلة إلى آخر كلامه
[ 371 ]
في ذلك وهذه مسألة نقل بعض المتأخرين فيها رواية عن أحمد ولم تثبت وسيأتي القول فيها في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى ويؤخذ من سياق عائشة رضي الله عنها جميع قصتها المشتملة على براءتها بيان ما أجمل في الكتاب والسنة لسياق أسباب ذلك وتسمية من يعرف من أصحاب القصص لما في ضمن ذلك من الفوائد الاحكامية والآدابية وغير ذلك وبذلك يعرف قصور من قال براءة عائشة ثابتة بصريح القرآن في فائدة لسياق قصتها (0) قوله باب قوله ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم في رواية أبي ذر بعد قوله أفضتم فيه الآية قوله أفضتم قلتم ثبت هذا لابي نعيم في رواية المستخرج وقال أبو عبيدة في قوله أفضتم أي خضتم فيه قوله تفيضون فيه تقولون هو قول أبي عبيدة قوله وقال مجاهد تلقونه يرويه بعضكم عن بعض وصله الفريابي من طريقه وقال معناه من النلقي للشئ وهو أخذه وقبوله وهو على القراءة المشهورة وبذلك جزم أبو عبيدة وغيره وتلقونه بحذف إحدى التاءين وقرأ بن مسعود بإثباتها وقراءة عائشة ويحيى بن يعمر تلقونه بكسر اللام وتخفيف القاف من الولق بسكون اللام وهو الكذب وقال الفراء الولق الاستمرار في السير وفي الكذب ويقال الذي أدمن الكذب الالق بسكون اللام وبفتحها أيضا وقال الخليل أصل الولق الاسراع ومنه جاءت الابل تلق وقد تقدم في غزوة المريسيع التصريح بأن عائشة قرأته كذلك وأن بن أبي مليكة قال هي أعلم من غيرها بذلك لكونه نزل فيها وقد تقدم فيه أيضا الكلام على إسناد حديث أم رومان المذكور في هذا الباب والمذكور هنا طرف من حديثها وقد تقدم بتمامه هناك وتقدم شرحه مستوفى في الباب الذي قبله في أثناء حديث عائشة وقال الاسماعيلي هذا الذي ذكره من حديث أروما لا يتعلق بالترجمة وهو كما قال إلا أن الجامع بينهما قصة الافك في الجملة وقوله في هذه الرواية حدثنا محمد بن كثير حدثنا سليمان عن حصين كذا للاكثر وسليمان هو بن كثير أخو محمد الراوي عنه وللاصيلي عن الجرجاني سفيان بدل سليمان قال أبو على الجياني هو خطأ والصواب سليمان وهو كما قال (0) قوله باب إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى عظيم وقد ذكرت ما فيه في الذي قبله قوله باب ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى عظيم قوله لجى اللجة معظم البحر ثبت هذا لابي نعيم في المستخرج وهو قول أبي عبيدة قال في قوله في بحر لجى يضاف إلى اللجة وهي معظم البحر تنبيه ينبغي أن يكون هذا في أثناء التفاسير المذكورة في أول السورة وأما خصوص هذا الباب فلا تعلق له بها (4476) قوله حدثنا يحيى هو بن سعيد القطان قوله وهي مغلوبة أي من شدة كرب الموت قوله قالت أخشى أن يثني عله فقيل بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن القائل فهم عنا أنها تمنعه من الدخول للمعنى الذي ذكرته فذكرها بمنزلته والذي راجع عائشة في ذلك هو بن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن والذي أستأذن لابن عباس على عائشة حينئذ هو ذكوان مولاها وقد بين ذلك كله أحمد وابن سعد من طريق عبد الله بن عثمان هو بن خثيم عن بن أبي مليكة عن ذكوان مولى عائشة أنه استأذن لابن عباس على عائشة وهي تموت فذكر الحديث وفيه فقال لها عبد الله يا أمتاه إن بن عباس من صالح بيتك يسلم عليك ويودعك قالت ائذن له إن شئت وادعى بعض الشراح أن هذا يدل على أن
[ 372 ]
رواية البخاري مرسلة قال لان بن أبي مليكة لم يشهد ذلك ولا سمعه من بن عباس حال قوله لعائشة لعدم حضوره انتهى وما أدرى من أين له الجزم بعدم حضوره وسماعه وما المانع من ذلك ولعله حضر جميع ذلك وطال عهده به فذكره به ذكوان أو أن ذكوان ضبط منه ما لم يضبطه هو ولهذا وقع في رواية ذكوان ما لم يقع في رواية بن أبي مليكة قوله كيف تجدينك في رواية بن ذكوان فلما جلس قال أبشري قالت وأيضا قال ما بينك وبين أن تلقى محمدا والاحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد قوله بخير إن اتقيت أي إن كنت من أهل التقوى ووقع في رواية الكشميهني أبقيت قوله فأنت بخير إن شاء الله تعالى زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكح بكرا غيرك في رواية ذكوان كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن يحب إلا طيبا قوله ونزل عذرك من السماء يشير إلى قصة الافك ووقع في رواية ذكوان وأنزل الله براءتك مفوق سبع سماوات جاء به الروح الامين فليس في الارض مسجد إلا وهو يتلى فيه أناء الليل وأطراف النهار وزاد في آخره وسقطت قلادتك ليلة الابواء فنزل التيمم فوالله إنك لمباركة ولاحمد من طريق أخرى فيها رجل لم يسم عن بن عباس أنه قال لها أنها سميت أم المؤمنين لتسعدي وإنه لاسمك قبل أن تولدي وأخرجه بن سعد من طريق عبد الرحمن بن سابط عن بن عباس مثله قوله ودخل بن الزبير خلافه أي على عائشة بعد أن خرج بن عباس فتخالفا في الدخول والخروج ذهابا وإيابا وافق رجوع بن عباس مجئ بن الزبير قوله وددت الخ هو على عادة أهل الورع في شدة الخوف على أنفسهم ووقع في رواية ذكوان أنها قالت لابن عباس هذا الكلام قبل أن يقوم ولفظه فقالت دعني منك يا بن عباس فوالذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا تنبيه لم يذكر هنا خصوص ما يتعلق بالآية التي ذكرها في الترجمة صريحا وأن كان داخلا في عموم قول بن عباس نزل عذرك من السماء فإن هذه الآية من أعظم ما يتعلق بإقامة عذرها وبراءتها رضي الله عنها وسيأتي في الاعتصام من طريق هشام بن عروة وقال رجل من الانصار سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك الآية وسأذكر تسميته هناك إن شاء الله تعالى قوله حدثنا بن عون هو عبد الله عن القاسم هو بن محمد بن أبي بكر قوله ان بن عباس رضي الله عنه استأذن على عائشة نحوه في رواية الاسماعيلي عن الهيثم بن خلف وغيره عن محمد بن المثنى شيخ البخاري فيه فذكر معناه قال المزي في الاطراف يعني قوله أنت زوجة رسول الله ونزل عذرك قلت وقد أخرجه الاسماعيلي وأبو نعيم في المستخرج من طريق حماد بن زيد عن عبد الله بن عون ولفظه عن القاسم بن محمد عن عائشة أنها اشتكت فاستأذن بن عباس عليها واتاها يعودها فقالت الآن يدخل علي فيزكيني فأذنت له فقال أبشري يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق وتقدمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر قالت أعوذ بالله أن تزكيني وقد تقدم في مناقب عائشة عن محمد بن بشار عن عبد الوهاب بإسناد الباب بلفظ أن عائشة اشتكت فجاء بن عباس فقال يا أم المؤمنين تقدمين على فرط صدق على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فالذي يظهر أن رواية عبد الوهاب مختصرة وكأن المراد بقوله نحوه ومعناه بعض الحديث لا جميع تفاصيله ثم راجعت مستخرج الاسماعيلي فظهر لي أن محمد بن المثنى هو الذي اختصره لا البخاري لانه صرح بأنه لا يحفظ حديث بن عون وأنه كان سمعه ثم نسيه فكان إذا حدث به
[ 373 ]
يختصره وكان يتحقق قولها نسيا منسيا لم يقع في رواية بن عون وإنما وقعت في رواية بن أبي مليكة وأخرج ذلك الاسماعيلي عن جماعة من مشايخه عن محمد بن المثنى وأخرجه من طريق حماد بن زيد عن عبد الله بن عون فساقه بتمامه كما بينته فهذا الذي أشار إليه بن المثنى والله أعلم وفي هذه القصة دلالة على سعة علم بن عباس وعظيم منزلته بين ا لصحابة والتابعين وتواضع عائشة وفضلها وتشديدها في أمر دينها وأن الصحابة كانوا لا يدخلون على أمهات المؤمنين إلا بإذن ومشورة الصغير على الكبير إذا رآه عدل إلى ما الاولي خلافه والتنبيه على رعاية جانب الاكابر من أهل العلم والدين وأن لا يترك ما يستحقونه من ذلك لمعارض دون ذلك في المصلحة (0) قوله باب يعظكم الله أتعودوا لمثله أبدا الآية سقط لغير أبي ذر لفظ الآية (4477) قوله عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء حسان بن ثابت يستأذن عليها فيه التفات من المخاطبة إلى الغيبة وفي رواية مؤمل عن سفيان عند الاسماعيلي كنت عند عائشة فدخل حسان فأمرت فألقيت له وسادة فلما خرج قلت أتأذنين لهذا قوله قلت أتأذنين لهذا في رواية مؤمل ما تصنعين بهذا وفي رواية شعبة في الباب الذي يليه تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد نزل الله والذي تولى كبره منهم وهذا مشكل لان ظاهره أن المراد بقوله والذي تولى كبره منهم هو حسان بن ثابت وقد تقدم قبل هذا أنه عبد الله بن أبي وهو المعتمد وقد وقع في رواية أبي حذيفة عن سفيان الثوري عند أبي نعيم في المستخرج وهو ممن تولى كبره فهذه الرواية أخف إشكالا قوله قالت أو ليس قد أصابه عذاب عظيم في رواية شعبة قالت وأي عذاب أشد من العمى قوله قال سفيان تعني ذهاب بصره زاد أبو حذيفة وإقامة الحدود ووقع بعد هذا الباب في رواية شعبة تصريح عائشة بصفة العذاب دون رواية سفيان ولهذا أحتاج أن يقول تعني وسفيان المذكور هو الثوري والراوي عنه الفريابي وقد روى البخاري عن محمد بن يوسف عن الاعمش شيئا غير هذا ومحمد بن يوسف فيه هو البيكندي وسفيان هو بن عيينة بخلاف الذي هنا ووقع عند الاسماعيلي التصريح بأن سفيان هنا هو الثوري ومحمد بن يوسف هو الفريابي (4478) قوله فشبب بمعجمة وموحدتين الاولى ثقيلة أي تغزل يقال شبب الشاعر بفلانة أي عرض بحبها وذكر حسنها والمراد ترقيق الشعر بذكر النساء وقد يطلق على إنشاد الشعر وإنشائه ولم يكن فيه غزل كما وقع في حديث أم معبد فلما سمع حسان شعر الهاتف شبب يجاريه أخذ في نظم جوابه قوله حصان بفتح المهملة قال السهيلي هذا الوزن يكثر في أوصاف المؤنث وفي الاعلام منها كأنهم قصدوا بتوالي الفتحات مشاكلة خفة اللفظ لخفة المعنى حصان من الحصين والتحصين يراد به الامتناع على الرجال ومن نظرهم إليها وقوله رزان من الرزانة يراد قلة الحركة وتزن بضم أوله ثم زاي ثم نون ثقيلة أي ترمي وقوله غرثى بفتح المعجمة وسكون الراء ثم مثلثة أي خميصة البطن أي لا تغتاب أحدا وهي استعارة فيها تلميح بقوله تعالى في المغتاب أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا والغوافل جمع غافلة وهي العفيفة الغافلة عن الشر والمراد تبرئتها من اغتياب الناس بأكل لحومهم من الغيبة ومناسبة تسمية الغيبة بأكل اللحم أن اللحم ستر على العظم فكأن المغتاب يكشف ما على من اغتابه من ستر وزاد بن هشام في السيرة في هذا الشعر على أبي زيد الانصاري عقيلة حي من لؤي بن غالب كرام المساعي مجدهم غير زائل
[ 374 ]
مهذبة قد طيب الله خيمها وطهرها من كل سوء وباطل وفيه عن بن إسحاق فان كنت قد قلت الذي زعموا لكم فلا رفعت سوطي إلي أناملي فكيف وودي ما حييت ونصرتي لآل رسول الله زين المحافل وزاد فيه الحاكم في رواية له من غير رواية بن إسحاق حليلة خير الخلق دينا ومنصبا نبي الهدى والمكرمات الفواضل رأيتك وليغفر لك الله حرة من المحصنات غير ذات الغوائل والخيم بكسر المعجمة وسكون التحتانية الاصل الثابت وأصله من الخيمة يقال خام يخيم إذا أقام بالمكان قوله فقالت عائشة لست كذاك ذكر بن هشام عن أبي عبيدة أن امرأة مدحت بنت حسان بن ثابت عند عائشة فقالت حصان رزان البيت فقالت عائشة لكن أبوها وهو بتخفيف النون فإن كان محفوظا أمكن تعدد القصة ويكون قوله في بعض طرق رواية مسروق يشبب ببنت له بالنون لا بالتحتانية ويكون نظم حسان في بنته لا في عائشة وإنما تمثل به لكن بقية الابيات ظاهرة في أنها في عائشة وهذا البيت في قصيدة لحسان يقول فيها فإن كنت قد قلت الذي زعموا لكم فلا رفعت سوطي إلي أناملي وإن الذي قد قيل ليس بلائق بك الدهر بل قيل امرئ متماحل قوله قالت لكن أنت في رواية شعيب قالت لست كذاك وزاد في آخره وقالت قد كان يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم في المغازي من وجه آخر عن شعبة بلفظ أنه كان ينافح أو يهاجي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودل قول عائشة لكن أنت لست كذلك على أن حسان كان ممن تكلم في ذلك وهذه الزيادة الاخيرة تقدمت هناك من طريق عروة عن عائشة أتم من هذا وتقدم هناك أيضا في أثناء حديث الافك من طريق صالح بن كيسان عن الزهري قال عروة كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول إنه الذي قال فإن أبي ووالدتي وعرضي لعرض محمد منكم وقاء قوله باب ويبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم ذكر فيه بعض حديث مسروق عن عائشة وقد بينت ما فيه في الباب الذي قبله وقوله في أول السند حدثنا محمد بن كثير أنبأنا سليمان (0) كذا للاكثر غير منسوب وهو سليمان بن كثير أخو محمد الراوي عنه صرح به ووقع في رواية الاصيلي عن أبي زيد كالجماعة وعن الجرجاني سفيان بدل سليمان قال أبو على الجياني وسليمان هو الصواب (0) قوله باب قوله إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا الآية إلى قوله رءوف رحيم كذا لابي ذر وساق غيره إلى رءوف رحيم قوله تشيع تظهر ثبت هذا لابي ذر وحده وقد وصله بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تشيع الفاحشة تظهر يتحدث به ومن طريق سعيد بن جبير في قوله أن تشيع الفاحشة يعني أن تفشو وتظهر الفاحشة الزنا قوله ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولى القربى والمساكين إلى قوله والله غفور رحيم سقط لغير أبي ذر فصارت الآيات موصولا بعضها ببعض فأما قوله ولا يأتل فقال أبو عبيدة معناه لا يفتعل من آليت أي أقسمت وله معنى آخر من ألوت أي فصرت ومنه لا يألونكم خبالا
[ 375 ]
وقال الفراء الائتلاء الحلف وقرأ أهل المدينة ولا يتأل بتأخير الهمزة وتشديد اللام وهي خلاف رسم المصحف وما نسبه إلى أهل المدينة غير معروف وإنما نسبت هذه القراءة للحسن البصري وقد روى بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ولا يأتل بقول لا يقسم وهو يؤيد القراءة المذكورة (4479) قوله وقال أبو أسامة عن هشام بن عروة الخ وصله أحمد عنه بتمامه وقد ذكرت ما فيه من فائدة أثناء حديث الافك الطويل قريبا ووقع في رواية المستملي عن الفربر حدثنا حميد بن الربيع حدثنا أبو أسامة فظن الكرماني أن البخاري وصله عن حميد
[ 376 ]
بن الربيع وليس كذلك بل هو خطأ فاحش فلا يغتر به (0) قوله باب وليضربن بخمرهن على جيوبهن كأن يضربن ضمن معنى يلقين فلذلك عدي بعلي (4480) قوله وقال أحمد بن شبيب بمعجمة وموحدتين وزن عظيم وهو من شيوخ البخاري إلا أنه أورد هذا عنه بهذه الصيغة وقد وصله بن المنذر عن محمد بن إسماعيل الصائغ عن أحمد بن شبيب وكذا أخرجه بن مردويه من طريق موسى بن سعيد الدنداني عن أحمد بن شبيب بن سعيد وهكذا أخرجه أبو داود والطبراني من طريق قرة بن عبد الرحمن عن الزهري مثله قوله يرحم الله نساء المهاجرات أي النساء المهاجرات فهو كقولهم شجر الاراك ولابي داود من وجه آخر عن الزهري يرحم الله النساء المهاجرات قوله الاول بضم الهمزة وفتح الواو جمع أولى أي السابقات من المهاجرات وهذا يقتضي أن الذي صنع ذلك نساء المهاجرات لكن في رواية صفية بنت شيبة عن عائشة أن ذلك في نساء الانصار كما سأنبه عليه قوله مروطهن جمع مرط وهو الازار وفي الرواية الثانية أزرهن وزاد شققنها من قبل الحواشي قوله فاختمرن أي غطين وجوههن وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها وترميه من الجانب الايمن على العاتق الايسر وهو التمتع قال الفراء كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما قدامها فأمرن بالاستتار والخمار للمرأة كالعمامة للرجل قوله في الرواية الثانية (4481) عن الحسن هو بن مسلم قوله لما نزلت هذه الآية وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذن أزرهن هكذا وقع عند البخاري الفاعل ضميرا وأخرجه النسائي من رواية بن المبارك عن إبراهيم بن نافع بلفظ أخذ النساء وأخرجه الحاكم من طريق زيد بن الحباب عن إبراهيم بن نافع بلفظ أخذ نساء الانصار ولابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن صفية ما يوضح ذلك ولفظه ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت إن نساء قريش لفضلاء ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الانصار أشد تصديقا بكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل لقد أنزلت سورة النور وليضربن بخمرهن على جيوبهن فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رؤسهن الغربان ويمكن الجمع بين الروايتين بأن نساء الانصار بادرن إلى ذلك (0) قوله سورة الفرقان بسم الله الرحمن الرحيم وقال بن عباس هباء منثورا ما يسفى به الريح وصله بن جرير من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس مثله وزاد في آخره ويبثه ولابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال (0) وقال أبو عبيدة في قوله هباء منثورا هو الذي يدخل البيت من الكوة يدخل مثل الغبار مع الشمس وليس له مس ولا يرى في الظل وروى بن أبي حاتم من طريق الحسن البصري نحوه وزاد لو ذهب أحدكم يقبض عليه لم يستطع ومن طريق الحارث عن على في قوله هباء منثورا قال ما ينثر من الكوة قوله دعاؤكم إيمانكم وصله بن أبي حاتم مطريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله وقد تقدم الكلام عليه في أوائل كتاب الايمان وثبت هذا هنا للنسفي وحده قوله مد الظل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وصله بن أبي حاتم من
[ 377 ]
طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله وعند عبد الرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة مثله وقال بن عطية تظاهرت أقوال المفسرين بهذا وفيه نظر لانه لا خصوصية لهذا الوقت بذلك بل من بعد غروب الشمس مدة يسيرة يبقى فيها ظل ممدود مع أنه في نهار وأما سائر النهار ففيه ظلال متقطعة ثم أشار إلى اعتراض آخر وهو أن الظل إنما يقال لما يقع بالنهار قال والظل الموجود في هذين الوقتين من بقايا الليل انتهى والجواب عن الاول أنه ذكر تفسير الخصوص من سياق الآية فإن في بقيتها ثم جعلنا الشمس عليه دليلا والشمس تعقب الذي يوجد قبل طلوعها فيزيله فلهذا جعلت عليه دليلا فظهر اختصاص الوقت إلي قبل الطلوع بتفسير الآية دون الذي بعد الغروب وأما الاعتراض الثاني فساقط لان الذي نقل أنه يطلق على ذلك ظل ثقة مثبت فهو مقدم على النافي حتى ولو كان قول النافي محققا لما أمتنع إطلاق ذلك عليه مجازا قوله ساكنا دائما وصله بن أبي حاتم من الوجه المذكور قوله عليه دليلا طلوع الشمس وصله بن أبي حاتم كذلك قوله خلفة من فاته من الليل عمل أدركه بالنهار أو وفاته بالنهار أدركه بالليل وصله بن أبي حاتم أيضا كذلك وكذا أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الحسن نحوه قوله قال الحسن هو البصري قوله هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين في طاعة الله وصله سعيد بن منصور حدثنا جرير بن حازم سمعت الحسن وسأله رجل عن قوله هب لنا من أزواجنا ما القرة أفي الدنيا أم في الآخرة قال بل في الدنيا هي والله أن يرى العبد من ولده طاعة الله الخ وأخرجه عبد الله بن المبارك في كتاب البر والصلة عن حزم القطعي عن الحسن وسمي الرجل السائل كثير بن زياد قوله وما شئ أقر لعين المؤمن من أن يرى حبيبه في طاعة الله في رواية سعيد بن منصور أن يرى حميمه قوله وقال بن عباس ثبورا وبلا وصله بن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس وثبت هذا لابي ذر والنسفي فقط وقال أبو عبيدة في قوله دعوا هنالك ثبورا أي هلكة وقال مجاهد عتواطغوا وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وعتوا عتوا كبير قال طغوا قوله وقال غيره السعير مذكر قال أبو عبيدة في قوله وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا ثم قال بعده إذا رأتهم والسعير مذكر وهو ما يسعر به النار ثم أعاد الضمير للنار والعرب تفعل ذلك تظهر مذكرا من سبب مؤنث ثم يؤنثون ما بعد المذكر قوله والتسعير والاضطرام التوقد الشديد هو قول أبي عبيدة أيضا قوله أساطير تقدم في تفسير سورة الانعام قوله تملى عليه تقرأ عليه من أمليت وأمللت قال أبو عبيدة في قوله فهي تملي عليه أي تقرأ عليه وهو من أمليت عليه وهي في موضع آخر أمللت عليه يشير إلى قوله تعالى في سورة البقرة وليملل الذي عليه الحق قوله الرس المعدن جمعه رساس قال أبو عبيدة في قوله وأصحاب الرس أي المعدن وقال الخليل الرس كل بئر تكون غير مطوية ووراء ذلك أقوال أحدها أورده بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال الرس البئر ومن طريق سفيان عن رجل عن عكرمة قال أصحاب الرس رسوا نبيهم في بئر ومن طريق سعيد عن قتادة قال حدثنا أن أصحاب الرس كانوا باليمامة ومن طريق شبيب عن عكرمة عن بن عباس في قوله وأصحاب الرس قال بئر بأذربيجان قوله ما يعبأ يقال ما عبأت به شيئا لا يعتد به قال أبو عبيدة في قوله قل ما يعبأ بكم ربي هو من قولهم ما عبأت بك شيئا أي ما عددتك شيئا تنبيه وقع في بعض الروايات تقديم وتأخير لهذه التفاسير والخطب فيها سهل قوله
[ 378 ]
غراما هلاكا قال أبو عبيدة في قوله إن عذابها كان غراما أي هلاكا وإلزاما لهم ومنه رجل مغرم بالحب قوله وقال بن عيينة عاتية عتت على الخزان كذا في تفسيره وهذا في سورة الحاقة وإنما ذكره هنا استرداد لما ذكر قوله عتوا وقد تقدم ذكر هذا في قصة هود من أحاديث الانبياء (0) قوله باب قوله الذين يحشرو على وجوههم إلى جهنم الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى قوله وأضل سبيلا قوله شيبان هو بن عبد الرحمن قوله إن رجلا قال يا نبي الله يحشر الكافر لم أقف على اسم السائل وسيأتي شرح الحديث مستوفى في كتاب الرقاق إن شاء الله تعالى قوله يحشر الكافر في رواية الحاكم من وجه آخر عن أنس سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر أهل النار على وجوههم وفي حديث أبي هريرة عند البزار يحشر الناس على ثلاثة أصناف صنف على الدواب وصنف على أقدامهم وصنف على وجوههم فقيل فكيف يمشو على وجوههم الحديث ويؤخذ من مجموع الاحاديث أن المقربين يحشرون ركبانا ومن دونهم من المسلمين على أقدامهم وأما الكفار فيحشرون على وجوههم قوله قال قتادة بل وعزة ربنا هذه الزيادة موصولة بالاسناد المذكور قالها قتادة تصديقا لقوله أليس (0) قوله باب قوله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس الآية كذا لابي ذر وساق غيره إلى قوله أثاما قوله يلق أثاما العقوبة قال أبو عبيدة في قوله ومن يفعل ذلك يلق أثاما أي عقوبة وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يلق أثاما قال نكالا قال ويقال إنه واد في النار وهذا الاخير أخرجه بن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو وعكرمة وغيرهما (4483) قوله حدثني منصور هو بن المعتمر وسليمان هو الاعمش عن أبي وائل عن أبي ميسرة بفتح الميم وسكون التحتانية بعدها مهملة اسمه عمرو بن شرحبيل قوله قال وحدثني واصل هو بن حبان الاسدي الكوفي ثقة من طبقة الاعمش والقائل هو سفيان الثوري وحاصله أن الحديث عنده عن ثلاثة أنفس أما اثنان منهما فأدخلا فيه بين أبي وائل وابن مسعود أبا ميسرة وأما الثالث وهو واصل فأسقطه وقد رواه عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الثلاثة عن أبي وائل عن أبي ميسرة عن بن مسعود فعدوهما والصواب إسقاط أبي ميسرة من رواية واصل كما فصله يحيى بن سعيد وقد أخرجه بن مردويه من طريق مالك بن مغول عن واصل بإسقاط أبي ميسرة أيضا وكذلك رواه شعبة ومهدي بن ميمون عن واصل وقال الدارقطني رواه أبو معاوية وأبو شهاب وشيبان عن الاعمش عن أبي وائل عن عبد الله بإسقاط أبي ميسرة والصواب إثباته في رواية الاعمش وذكر رواية بن مهدي وأن محمد بن كثير وافقه عليها قال ويشبه أن يكون الثوري لما حدث به بن المهدي فجمع بين الثلاثة حمل رواية واصل عن رواية الاعمش ومنصور قوله سألت أو سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية قلت يا رسول الله ولاحمد من وجه آخر عن مسروق عن بن مسعود جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نشز من الارض وقعدت أسفل منه فاغتنمت خلوته فقلت بأبي وأمي أنت يا رسول الله أي الذنوب أكبر الحديث قوله أي الذنب عند الله أكبر في رواية مسلم أعظم قوله قلت ثم أي تقدم الكلام في ضبطها في الكلام على حديث بن مسعود أيضا في سؤاله عن أفضل الاعمال قوله ندا بكسر النون أي نظيرا قوله أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك أي من جهة إيثار نفسه عليه عند عدم ما يكفي أو من جهة
[ 379 ]
البخل مع الوجدان قوله أن تزاني بحليلة بالمهملة بوزن عظيمة والمراد الزوجة وهي مأخوذة من الحل لانها تحل له فهي فعيلة بمعنى فاعلة وقيل من الحلول لانها تحل معه ويحل معها قوله ونزلت هذه الآية تصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم والذين لا يدعون مع الله إلها آخر إلى ولا يزنون هكذا قال بن مسعود والقتل والزنا في الآية مطلقان وفي الحديث مقيدان أما القتل فبالولد خشية الاكل معه وأما الزنا فبزوجة الجار والاستدلال لذلك بالآية سائغ لانها وإن وردت في مطلق الزنا والقتل لكن قتل هذا والزنا بهذه أكبر وأفحش وقد روى أحمد من حديث المقداد بن الاسود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون في الزنا قالوا حرام قال لان يزني الرجل بعشرة نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره (4484) قوله أخبرني القاسم بن أبي بزة بفتح الموحدة وتشديد الزاي واسم أبي بزة نافع بن يسار ويقال أبو بزه جد القاسم لا أبوه مكي تابعي صغير ثقة عندهم وهو والد جد البزي المقرئ وهو أحمد بن محمد بن عبد الله بن القاسم وليس للقاسم في البخاري إلا هذا الحديث الواحد قوله هل لمن قتل مؤمنا متعمدا من توبة في رواية منصور عن سعيد بن جبير في آخر الباب قال لا توبة له قوله فقال سعيد أي بن جبير قرأتها على بن عباس في الرواية التي بعدها من طريق المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن قوله فدخلت فيه إلى بن عباس في رواية الكشميهني فرحلت براء وحاء مهملتين وهي أوجه قوله هذه مكية يعني نسختها آية مدنية كذا في هذه الرواية وروى بن مردويه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال نزلت سورة النساء بعد سورة الفرقان بستة أشهر قوله في رواية غندر عن شعبة (4485) اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن كذا وقع مختصرا وأخصر منه رواية آدم في تفسير النساء وقد أخرجه مسلم وغيره من طرق عن شعبة منه عن غندر بلفظ اختلف أهل الكوفة في هذه الآية ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم قوله نزلت في آخر ما نزل ولم ينسخها شئ كذا في هذه الرواية ولا يظهر من سياقها تعيين الآية المذكورة وقد بينها فرواية منصور في الباب عن سعيد بن جبير سألت بن عباس عن قوله فجزاؤه جهنم فقال لا توبة له وعن قوله لا يدعون مع الله إلها آخر قال كانت هذه في الجاهلية ويأتفي الباب الذي يلي الذي يليه أوضح من ذلك (0) قوله باب يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا قرأ الجمهور بالجزم في يضاعف ويخلد بدلا من الجزاء في قوله يلق أثاما بدل اشتمال وقرأ بن عامر وأبو بكر عن عاصم بالرفع على الاستئناف (4487) قوله حدثنا سعد بن حفص هو الطلحي وشيبان هو بن عبد الرحمن ومنصور هو بن المعتمر قوله عن سعيد بن جبير قال قال بن أبزي بموحدة وزاي مقصورة واسمه عبد الرحمن وهو صحابي صغير قوله سئل بن عباس كذا في رواية أبي ذر بصيغة الفعل الماضي ومثله للنسفي وهو يقتضي أنه من رواية سعيد بن جبير عن بن أبزي عن بن عباس وفي رواية الاصيلي سل بصيغة الامر وهو المعتمد ويدل عليه قوله بعد سياق الآيتين فسألته فإنه واضح في جواب قوله سل وإن كان اللفظ الآخر يمكن توجيهه بتقدير سئل بن عباس عن كذا فأجاب فسألته عن شئ آخر مثلا ولا يخفى بمكانة ويؤيد الاول رواية شعبة في الباب الذي يليه عن منصور عن سعيد بن جبير قال أمرني عبد الرحمن بن أبزي أن أسأل بن عباس فسألته وكذا أخرجه إسحاق بن إبراهيم في تفسيره عن جرير عن منصور وأخرجه بن مردويه من طريق
[ 380 ]
أخرى عن جرير بلفظ قال أمرني عبد الرحمن بن أبزي أن سل بن عباس فذكره وذكر عياض ومن تبعه أنه وقع في رواية أبي عبيد القاسم بن سلام في هذا الحديث من طريق عن سعيد بن جبير أمرني سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي أن أسأل بن عباس فالحديث من رواية سعيد بن جبير عن بن عباس ولغيره أمرني بن عبد الرحمن قال وقال بعضهم لعله سقط بن قبل عبد الرحمن وتصحف من أمرني ويكون الاصل أمر بن عبد الرحمن ثم لا ينكر سؤال عبد الرحمن واستفادته من بن عباس فقد سأله من كان أقدم منه وأفقه قلت الثابت في الصحيحين وغيرهما من المستخرجات عن سعيد بن جبير أمرني عبد الرحمن بن أبزي أن أسأل بن عباس فالحديث من رواية سعيد بن جبير عن بن عباس والذي زاد فيه سعيد بن عبد الرحمن أو بن عبد الرحمن (0) قوله) *) *) * (4488) عن هاتين الآيتين ومن يقتل مؤمنا متعمدا فسألته فقال لم ينسخها شئ وعن والذين يدعون مع الله إلها آخر قال نزلت في أهل الشرك هكذا أورده مختصرا وسياق مسلم من هذا الوجه أتم وأتم منهما ما تقدم في المبعث من رواية جرير بلفظ هاتين الآيتين ما أمرهما التي في سورة الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلها آخر والتي في سورة النساء ومن يقتل مؤمنا متعمدا قال سألت بن عباس فقال لما أنزلت التي في سورة قال مشركو مكة قد قتلنا النفس ودعونا مع الله إلها آخر وأتينا الفواحش قال فنزلت إلا من تاب الآية قال فهذه لاولئك قال وأما التي في سورة النساء فهو الذي قد عرف الاسلام ثم قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم لا توبة له قال فذكرت ذلك لمجاهد فقال إلا من ندم وحاصل ما في هذه الروايات أن بن عباس كان تارة يجعل الآيتين في محل واحد فلذلك يجزم بنسخ إحداهما وتارة يجعل محلهما مختلفا ويمكن الجمع بين كلامية بأن عموم التي في الفرقان خص منها مباشرة المؤمن القتل متعمدا وكثير من السلف يطلقون النسخ على التخصيص وهذا أولى من حمل كلامه على التناقض وأولى من دعوى أنه قال بالنسخ ثم رجع عنه وقول بن عباس بأن المؤمن إذا قتل مؤمنا متعمدا لا توبة له مشهور عنه وقد جاء عنه في ذلك ما هو أصرح مما تقدم فروى أحمد والطبري من طريق يحيى الجابر والنسائي وابن ماجة من طريق عمار الذهبي كلاهما عن سالم بن أبي الجعد قال كنت عند بن عباس بعد ما كف بصره فأتاه رجل فقال ما ترى في رجل قتل مؤمنا متعمدا قال جزاؤه جهنم خالدا فيها وساق الآية إلى عظيما قال لقد نزلت في آخر ما نزل وما نسختها شئ حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل وحبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفرأيت إن تاب وآمن وعمل عملا صالحا ثم اهتدى قال وأني له التوبة والهدى لفظ يحيى الجابر والآخر نحوه وجاء على وفق ما ذهب إليه بن عباس في ذلك أحاديث كثيرة منها ما أخرجه أحمد والنسائي من طريق أبي إدريس الخولاني عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا والرجل يقتل مؤمنا متعمدا وقد حمل جمهور السلف وجميع أهل السنة ما ورد من ذلك على التغليظ وصححوا توبة القاتل كغير وقالوا معنى قوله فجزاؤه جهنم أي إن شاء الله أن يجازيه تمسكا بقوله تعالى في سورة النساء أيضا إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن الحجة في ذلك حديث الاسرائيلي الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم أتى بتمام المائة فقال له لا توبة فقتله فأكمل به مائة ثم جاء آخر فقال ومن يحول بينك وبين التوبة
[ 381 ]
الحديث وهو مشهور وسيأتي في الرقاق واضحا وإذا ثبت ذلك لمن قبل من غير هذه الامة فمثله لهم أولى لما خفف الله عنهم من الاثقال التي كانت على من قبلهم () قوله باب قوله فسوف يكون لزاما هلكة قال أبو عبيدة في قوله فسوف يكون لزاما أي جزاء يلزم كل عامل بما عمل وله معنى آخر يكون هلاكا (4489) قوله حدثنا مسلم هو أبو الضحى الكوفي (0) بسم الله الرحمن الرحيم ثبتت البسملة لابي ذر مؤخرة قوله وقال مجاهد تعيشون تبنون وصله الفريابي عن ورقاء عن بن أبي نجيح عنه في قوله أتبنون بكل ريع قال بكل فج آية تعيشون بنيانا وقيل كانوا يهتدون في الاسفار بالنجوم ثم اتخذوا أعلاما في أماكن مرتفعة ليهتدوا بها وكانوا في غنية عنها بالنجوم فاتخذوا البنيان عبثا قوله هضم يتفتت إذا مس وصله الفريابي بلفظ يتهشم هشيما وروى بن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد الطلعة إذا مسستها تناثرت ومن طريق عكرمة قال الهضيم الرطب اللين وقيل المذنب قوله مسحرين مسحورين وصله الفريابي في قوله إنما أنت من المسحرين أي من المسحورين وقال أبو عبيدة كل من أكل فهو مسحر وذلك أن له سحرا يفرى ما أكل فيه انتهى والسحر بمهملتين بفتح ثم سكون الرئة وقال الفراء المعنى إنك تأكل الطعام والشراب وتسحر به فأنت بشر مثلنا لا تفضلنا في شئ قوله في الساجدين المصلين وصله الفريابي كذلك والمراد أنه كان يرى من خلفه في الصلاة قوله الليكة والايكة جمع أيكة وهي جمع الشجر كذا لابي ذر ولغير جمع شجر وللبعض جماعة الشجر وقد تقدم في قصة شعيب من أحاديث الانبياء اللفظ الاول مع شرحه والكلام الاول من قول مجاهد ومن قوله جمع أيكة الخ هو من كلام أبي عبيدة ووقع فيه سهو فإن الليكة والايكة بمعنى واحد عند الاكثر والمسهل الهمزة وقيل ليكة اسم القرية والايكة الغيضة وهي الشجر الملتف وأما قوله جمع شجر يقا جمعها ليك وهو الشجر الملتف قوله يوم الظلة إظلال العذاب إياهم وصله الفريابي وقد تقدم أيضا في أحاديث الانبياء قوله موزون معلوم كذا لهم ووقع في رواية أبي ذر وقال بن عباس لعلكم تخلدون كأنكم ليكة الايكة وهي الغيضة موزون معلوم فأما قوله لعلكم فوصله بن أبي طلحة عنه به وحكى البغوي في تفسيره عن الواحدي قال كل ما في القرآن لعل فهو للتعليل إلا هذا الحرف فإنه للتشبيه كذا قال وفي الحصر نظر لانه قد قيل مثل ذلك في قوله لعلك باخع نفسك وقد قرأ أبي بن كعب كأنكم تخلدون وقرأ بن مسعود كي تخلدوا وكأن المراد أن ذلك بزعمهم لانهم كانوا يستوثقون من البناء ظنا منهم أنها تحصنهم من أمر الله فكأنهم صنعوا الحجر صنيع من يعتقد أنه يخلد وأما قوله ليكة فتقدم بيانه في أحاديث الانبياء ووصله بن أبي حاتم بهذا اللفظ أيضا وأما قوله موزون فمحله في سورة الحجر ووقع ذكره هنا غلطا وكأنه انتقل من بعض من نسخ الكتاب من محله وقد وصله بن أبي حاتم أيضا كذلك ووصله الفريابي بالاسناد المذكور عن مجاهد في قوله وانبتنا فيها من كل شئ موزون قال بقدر مقدور قوله كالطود كالجبل وقع هذا لابي ذر منسوبا إلى بن عباس ولغيره منسوبا إلى مجاهد والاول أظهر ووصله بن أبي حاتم من طريق
[ 382 ]
على بن أبي طلحة عن بن عباس وزاد على نشز من الارض ووصله الفريابي من طريق مجاهد قوله وقال غيره لشرذمة الشرذمة طائفة قليلة كذا لابي ذر ولغيره ذكر ذلك فيما نسب إلى مجاهد والاول أولى وهو تفسير أبي عبيدة قال في قوله تعالى إن هؤلاء لشرذمة قليلون أي طائفة قليلة وذهب إلى القول فقال فليلون والذي أورده الفريابي وغيره عن مجاهد في هذا أنه قال في قوله إن هؤلاء لشرذمة قليلون قال هم يومئذ ستمائة ألف ولا يحصى عدد أصحاب فرعون وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال ذكر لنا أن بني إسرائيل الذين قطع بهم موسى البحر كانوا ستمائة ألف مقاتل بني عشرين سنة فصاعدا وأخرج بن أبي حاتم من طريق بن إسحاق عن أبي عبيدة عن بن مسعود قال كانوا ستمائة ألف وسبعين ألفا ومن طريق بن إسحاق عن عمرو بن ميمون مثله قوله الريع الايفاع من الارض وجمعه ريعه وأرياع واحدة ريعه كذا فيه وريعه الاول بفتح التحتانية والثاني بسكونها وعند جماعة من المفسرين ريع واحد جمعه أرياع وريعه بالتحريك وريع أيضا واحدة ريعة بالسكون كعهن وعهنة وقال أبو عبيدة في قوله أتبنون بكل ريع الريع الارتفاع من الارض والجمع أرياع وريعة والريعة واحدة أرياع وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تعالى بكل ريع أي بكل طريق قوله مصانع كل بناء فهو مصنعة هو قول أبي عبيدة وزاد بفتح النون وبضمها وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة المصانع القصور والحصون وقال عبد الرزاق المصانع عندنا بلغة اليمن القصور العادية وقال سفيان ما يتخذ فيه الماء ولابن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال المصانع القصور المشيدة ومن وجه آخر قال المصانع بروج الحمام قوله فرهين مرحين كذا لهم ولابي ذر فرحين بحاء مهملة والاول أصح وصوبه بعضهم لقرب مخرج الحاء من الهاء وليس بشئ قال أبو عبيدة في قوله بيوتا فرهين أي مرحين وله تفسير آخر في الذي بعده وسيأتي تفسير الفرحين بالمرحين في سورة القصص قوله فارهين بمعناه ويقال فارهين حاذقين هو كلام أبي عبيدة أيضا وأنشده على المعنى الاول لا أستكين إذا ما أزمة أزمت ولن تراني بخير فاره الليت والليت بكسر اللام بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة العنق ورو عبد الرزاق عن معمر عن قتادة والكلبي في قوله فرهين قال معجبين بصنيعكم ولابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال آمنين ومن طريق مجاهد قال شرهين ومن طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي صالح عن عبد الله بن شداد قال أحدهما حاذقين وقال الآخر جبارين قوله تعثوا هو أشد الفساد وعاث يعيث عيثا مراده أن اللفظين بمعنى واحد ولم يرد أن تعثوا مشتق من العيث وقد قال أبو عبيدة في قوله ولا تعثوا في الارض مفسدين هو من عثيت تعثى وهو أشد مبالغة من عثت تعيث وروى بن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة ولا تعثوا أي لا تسيروا في الارض مفسدين قوله الجبلة الخلق جبل خلق ومنه جبلا وجبلا يعني الخلق قال بن عباس كذا لابي ذر وليس عند غيره قال بن عباس وهو أولى فإن هذا كله كلام أبي عبيدة قال في قوله والجبلة الاولين أي الخلق هو من جبل على كذا أي تخلق وفي القرآن ولقد أضل منكم جبلا مثقل وغير مثقل ومعناه الخلق انتهى وقوله مثقل وغير مثقل لم يبين كيفيتهما وفيهما قراءات ففي المشهور بكسرتين وتشديد اللام لنافع وعاصم وبضمة ثم سكون لابي عمرو وابن عامر وبكسرتين واللام خفيفة
[ 383 ]
للاعمش وبضمتين واللام خفيفة للباقين وفي الشواذ بضمتين ثم تشديد وبكسرة ثم سكون وبكسرة ثم فتحه مخففة وفيها قراءات أخرى وأخرج بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال في قوله والجبلة الاولين قال خلق الاولين ومن طريق مجاهد قال الجبلة الخلق ولابن أبي حاتم من طريق بن أبي عمر عن سفيان مثل قول بن عباس ثم قرأ ولقد أضل منكم جبلا كثيرا (0) قوله باب ولا تخزني يوم يبعثون سقط باب لغير أبي ذر (4490) قوله وقال إبراهيم بن طهمان الخ وصله النسائي عن أحمد بن حفص بن عبد الله عن أبيه عن إبراهيم بن طهمان وساق الحديث بتمامه (4491) قوله عن سعيد المقبري عن أبي هريرة كذا قال بن أبي أويس وأورد البخاري هذه الطريق معتمدا عليها وأشار إلى الطريق الاخرى التي زيد فيها بين سعيد وأبي هريرة رجل فذكرها معلقة وسعيد قد سمع من أبي هريرة وسمع من أبيه عن أبي هريرة فلعل هذا مما سمعه من أبيه عن أبي هريرة ثم سمعه من أبي هريرة أو سمعه من أبي هريرة مختصرا ومن أبيه عنه تاما أو سمعه من أبي هريرة ثم ثبته فيه أبوه وكل ذلك لا يقدح في صحة الحديث وقد وجد للحديث أصل عن أبي هريرة من وجه آخر أخرجه البزار والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن بن سيرين عن أبي هريرة وشاهده عندهما أيضا من حديث أبي سعيد قوله إن إبراهيم يرى أباه يوم القيامة وعليه الغيرة والقترة والغبرة هي القترة كذا أورده مختصرا ولفظ النسائي وعليه الغبرة والقترة فقال له قد نهيتك عن هذا فعصيتني قال لكني لا أعصيك اليوم الحديث فعرف من هذا أن قوله والغبرة هي القترة من كلام المصنف وأخذه من كلام أبي عبيدة وأنه قال في تفسير سورة يونس ولا يرهق وجوههم فتر ولا ذلة القتر الغبار وأنشد لذلك شاهدين قال بن التين وعلى هذا فقوله في سورة عبس غيرة ترهقها قترة تأكيد لفظي كأنه قال غبرة فوقها غبرة وقال غير هؤلاء القترة ما يغشى الوجه من الكرب والغبرة ما يعلوه من الغبار وأحدهما حسى والآخر معنوي وقيل القترة شدة الغبرة بحيث يسود الوجه وقيل القترة سواد الدخان فاستعير هنا قوله حدثنا إسماعيل هو بن أبي أويس وأخوه أبو بكر عبد الحميد قوله في الطريق الموصولة يلقى إبراهيم أباه فيقول يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين هكذا أورده هنا مختصرا وساقه في ترجمة إبراهيم من أحاديث الانبياء تاما قوله يلقى إبراهيم أباه آزر هذا موافق لظاهر القرآن في تسمية والد إبراهيم وفسبقت سبته في ترجمة إبراهيم من أحاديث الانبياء وحكى الطبري من طريق ضعيفة عن مجاهد أن آزر اسم الصنم وهو شاذ قوله وعلى وجه آزر قترة وغبرة هذا موافق لظاهر القرآن وجوه يومئذ عليها ترهقها قترة أي يغشاها قترة فالذي يظهر أن الغبرة الغبار من التراب والقترة السواد الكائن عن الكآبة قوله فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول أبوه فاليوم لا أعصيك في رواية إبراهيم بن طهمان فقال له قد نهيتك عن هذا فعصيتني قال لكني لا أعصيك واحدة قوله فيقول إبراهيم يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الابعد وصف نفسه بالابعد على طريق الفرض إذا لم تقبل شفاعته في أبيه وقيل الابعد صفة أبيه أي أنه شديد البعد من رحمة الله لان الفاسق بعيد منها فالكافر أبعد وقيل الابعد بمعنى البعيد والمراد الهالك ويؤيد الاول أن في رواية إبراهيم بن طهمان وأن أخزيت
[ 384 ]
أبي فقد أخزيت الابعد وفي رواية أيوب يلقى رجل أباه يوم القيامة فيقول له أي أبن كنت لك فيقول خير بن فيقول هل أنت مطيعي اليوم فيقول نعم فيقول خذ بازرتي فيأخذ بازرته تم ينطلق حتى يأتي ربه وهو يعرض الخلق فيقول الله يا عبدي ادخل من أي أبواب الجنة شئت فيقول أي رب أبي معي فإنك وعدتني أن لا تخزني قوله فيقول الله إني حرمت الجنة على الكافرين في حديث أبي سعيد فينادي إن الجنة لا يدخلها مشرك قوله ثم يقال يا إبراهيم ما تحت رجليك انظر فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار في رواية إبراهيم بن طهمان فيؤخذ منه فيقول يا إبراهيم أين أبوك قال أنت أخذته مني قال انظر أسفل فينظر فإذا ذيخ يتمرغ في نتنه وفي رواية أيوب فيمسخ الله أباه ضبعا فيأخذ بأنفه فيقول يا عبدي أبوك هو فيقول لا وعزتك وفي حديث أبي سعيد فيحول في صورة قبيحة وريح منتنة في صورة ضبعان زاد بن المنذر من هذا الوجه فإذا رآه كذا تبرأ منه قال لست أبي والذيخ بكسر الذال المعجمة بعدها تحتانية ساكنة ثم خاء معجمة ذكر الضباع وقيل لا يقال له ذيخ إلا إذا كان كثير الشعر والضبعان لغة في الضبع وقوله متلطخ قال بعض الشراح أي في رجيع أو دم أو طين وقد عينت الرواية الاخرى المراد وأنه الاحتمال ا لاول حيث قال فيتمرغ في نتنه قيل الحكمة في مسخة لتنفر نفس إبراهيم منه ولئلا يبقى في النار على صورته فيكون فيه غضاضة على إبراهيم وقيل والحكمة في مسخه ضبعا أن الضبع من أحمق الحيوان وآزر كان من أحمق البشر لانه بعد أن ظهر له من ولده من الآيات البينات أصر على الكفر حتى مات واقتصر في مسخه على هذا الحيوان لانه وسط في التشويه بالنسبة إلى ما دونه كالكلب والخنزير وإلى ما فوقه كالاسد مثلا ولان إبراهيم بالغ في الخضوع له وخفض الجناح فأبى واستكبر وأصر على الكفر فعومل بصفة الذل يوم القيامة ولان للضبع عوجا فأشير إلى أن آزر لم يستقم فيؤمن بل استمر على عوجه في الدين وقد استشكل الاسماعيلي هذا الحديث من أصله وطعن في صحته فقال بعد أن أخرجه هذا خبر في صحته نظر من جهة أن إبراهيم علم أن الله لا يخلف الميعاد فكيف يجعل ما صار لابيه خزيا مع علمه بذلك وقال غيره هذا الحديث مخالف لظاهر قوله تعالى وما كان استغفار إبراهيم لابيه إلا عن موعده وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه انتهى والجواب عن ذلك أن أهل التفسير اختلفوا في الوقت الذي تبرأ فيه إبراهيم من أبيه فقيل كان ذلك في الحياة الدنيا لما مات آزر مشركا وهذا أخرجه الطبري من طريق حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس وإسناده صحيح وفي رواية فلما مات لم يستغفر له ومن طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس نحوه قال استغفر له ما كان حيا فلما مات أمسك وأورده أيضا من طريق مجاهد وقتادة وعمرو بن دينار نحو ذلك وقيل إنما تبرأ منه يوم القيامة لما يئس منه حين مسخ على ما صرح به في رواية بن المنذر التي أشرت إليها وهذا الذي أخرجه الطبري أيضا من طريق عبد الملك بن أبي سليمان سمعت سعيد بن جبير يقول إن إبراهيم يقول يوم القيامة رب والدي رب والدي فإذا كان الثالثة أخذ بيده فيلتفت إليه وهو ضبعان فيتبرأ منه ومن طريق عبيد بن عمير قال يقول إبراهيم لابيه إني كنت آمرك في الدنيا وتعصيني ولست تاركك اليوم فخذ بحقوى فيأخذ بضبعيه فيمسخ ضبعا فإذا رآه إبراهيم مسخ تبرأ منه ويمكن الجمع بين القولين بأنه تبرأ منه لما مات مشركا فترك الاستغفار له لكن لما رآه يوم القيامة
[ 385 ]
أدركته الرأفة والرقة فسأل فيه فلما رآه مسخ يئس منه حينئذ فتبرأ منه تبرءا أبديا وقيل إن إبراهيم لم يتيقن موته على الكفر بجواز أن يكون آمن في نفسه ولم يطلع إبراهيم على ذلك وتكون تبرئته منه حينئذ بعد الحال التي وقعت في هذا الحديث قال الكرماني فإن قلت إذا أدخل الله أباه النار فقد أخزاه لقوله إنك من تدخل النار فقد اخزيته وخزى الوالد خزي الولد فيلزم الخلف في الوعد وهو محال ولو لم يدخل النار لزم الخلف في الوعيد وهو المراد بقوله إن الله حرم الجنة على الكافرين والجواب أنه إذا مسخ في صورة ضبع وألقى في النار لم تبق الصورة التي هي سبب الخزي فهو عمل بالوعد والوعيد وجواب آخر وهو أن الوعد كان مشروطا بالايمان وإنما استغفر له وفاء بما وعده فلما تبين له أن عدو لله تبرأ منه قلت وما قدمته يؤدي المعنى المراد مع السلامة مما في اللفظ من الشناعة والله أعلم (0) قوله باب وأنذر عشيرتك الاقربين واخفض جناحك ألن جانبك هو قول أبي عبيدة وزاد وكلامك (4492) قوله عن بن عباس قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين هذا من مراسيل الصحابة وبذلك جزم الاسماعيلي لان أبا هريرة إنما أسلم بالمدينة وهذه القصة وقعت بمكة وابن عباس كان حينئذ إما لم يولد وإما طفلا ويؤيد الثاني نداء فاطمة فإنه يشعر بأنها كانت حينئذ بحيث تخاطب بالاحكام وقد قدمت في باب من انتسب إلى آبائه في أوائل السيرة النبويه احتمال أن تكون هذه القصة وقعت مرتين لكن الاصل عدم تكرار النزول وقد صرح في هذه الرواية بأن ذلك وقع حين نزلت نعم وقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال لما نزلت وأنذر عشيرتك جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم ونساءه وأهله فقال يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم يا عائشة بنت أبي بكر يا حفصة بنت عمر يا أم سلمة فذكر حديثا طويلا فهذا إن ثبت دل على تعدد القصة لان القصة الاولى وقعت بمكة لتصريحه في حديث الباب أنه صعد الصفا ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده ومن أزواجه إلا بالمدينة فيجوز أن تكون متأخرة عن الاولى فيمكن أن يحضرها أبو هريرة وابن عباس أيضا ويحمل قوله لما نزلت جمع أي بعد ذلك لا أن الجمع وقع على الفور ولعله كان نزل أولا وانذر عشيرتك الاقربين فجمع قريشا فعم ثم خص كما سيأتي ثم نزل ثانيا ورهطك منهم المخلصين فخص بذلك بني هاشم ونساءه والله اعلم وفي هذه الزيادة تعقب على النووي حيث قال في شرح مسلم إن البخاري لم يخرجها أعني ورهطك منهم المخلصين اعتمادا على ما في هذه السورة وأغفل كونها موجودة عند البخاري في سورة تبت قوله لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين زاد في تفسير تبت من رواية أبي أسامة عن الاعمش بهذا السند ورهطك منهم المخلصين وهذه الزيادة وصلها الطبري من وجه آخر عن عمرو بن مرة أنه كان يقرؤها كذلك قال القرطبي لعل هذه الزيادة كانت قرآنا فنسخت تلاوتها ثم استشكل ذلك بأن المراد إنذار الكفار والمخلص صفة المؤمن والجواب عن ذلك أنه لا يمتنع عطف الخاص على العام فقوله وأنذر عشيرتك عام فيمن آمن منهم ومن لم يؤمن ثم عطف عليه الرهط المخلصين تنويها بهم وتأكيدا واستدل بعض المالكية بقوله في هذا الحديث يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا أن النيابة لا تدخل في أعمال البر إذ لو جاز ذلك لكان يتحمل عنها صلى الله عليه وسلم بما يخلصها فإذا كان عمله لا يقع نيابة عن ابنته فغيره أولى بالمنع وتعقب أن هذا كان قبل أن يعلمه الله تعالى بأنه
[ 386 ]
يشفع فيمن أراد وتقبل شفاعته حتى يدخل قوما الجنة بغير حساب ويرفع درجات قوم آخرين ويخرج من النار من دخلها بذنوبه أو كان المقام مقام التخويف والتحذير أو أنه أراد المبالغة في الحض على العمل ويكون في قوله لا أغني شيئا إضمار إلا إن أذن الله لي بالشفاعة قوله فجعل ينادي يا بني فهر يا بني عدي لبطون قريش في حديث أبي هريرة قال يا معشر قريش أو كلمة نحوها ووقع عند البلاذري من وجه آخر عن بن عباس أبين من هذا ولفظه فقال يا بني فهر فاجتمعوا ثم قال يا بني غالب فرجع بنو محارب والحارث ابنا فهر فقال يا بني لؤي فرجع بنو الادرم بن غالب فقال يا آل كعب فرجع بنو عدي وسهم وجمح فقال يا آل كلاب فرجع بنو مخزوم وتيم فقال يا آل قصي فرجع بنو زهرة فقال يا آل عبد مناف فرجع بنو عبد الدار وعبد العزي فقال له أبو لهب هؤلاء بنو عبد مناف عندك وعند الواقدي أنه قصر الدعوة على بني هاشم والمطلب وهم يومئذ خمسة وأربعون رجلا وفي حديث على عند بن إسحاق والطبري والبيهقي في الدلائل أنهم كانوا حينئذ أربعون يزيدون رجلا أو ينقصون وفيه عمومته أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب ولابن أبي حاتم من وجه آخر عنه إنهم يومئذ أربعون غير رجل أو أربعون ورجل وفي حديث على من الزيادة أنه صنع لهم شاة على ثريد وقعب لبن وأن الجميع أكلوا من ذلك وشربوا وفضلت فضلة وقد كان الواحد منهم يأتي عل جميع ذلك قوله أرأيتكم لو أخبرتكم الخ أراد بذلك تقريرهم بأنهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن الامر الغائب ووقع في حديث علي ما أعلم شابا من العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به إني قد جئتكم بخيب الدنيا والآخرة قوله كنتم مصدقي بتشديد التحتانية قوله قال فأني نذير لكم أي منذر ووقع في حديث قبيصة بن محارب وزهير بن عمرو عند مسلم وأحمد فجعل ينادي إنما أنا نذير وإنما مثلي ومثلكم كرجل رأى العدو فجعل يهتف يا صباحاه يعنى ينذر قومه وفي رواية موسى بن وردان عن أبي هريرة عند أحمد قال أنا النذير والساعة الموعد وعند الطبري من مرسل قسامة بن زهير قال بلغني أنه صلى الله عليه وسلم وضع أصابعه في أذنه ورفع صوته وقال يا صباحاه ووصله مرة أخرى عن قسامة عن أبي موسى الاشعري وأخرجه الترمذي موصولا أيضا قوله فنزلت تبت يدا أبي لهب وتب في رواية أبي أسامة تبت يدا أبي لهب وقد تب وزاد هكذا قرأها الاعمش يومئذ انتهى وليست هذه القراءة فيما نقل الفراء عن الاعمش فالذي يظهر أنه قرأها حاكيا لا قارئا ويؤيده قوله في هذا السياق يومئذ فإنه يشعر بأنه كان لا يستمر على قراءاتها كذلك والمحفوظ أنها قراءة بن مسعود وحده قوله في حديث أبي هريرة اشتروا أنفسكم من الله أي باعتبار تخليصها من النار كأنه قال أسلموا تسلموا من العذاب فكان ذلك كالشراء كأنهم جعلوا الطاعة ثمن النجاة وأما قوله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم فهناك المؤمن بائع باعتبار تحصيل الثواب والثمن الجنة وفيه إشارة إلى أن النفوس كلها ملك لله تعالى وأن من أطاعه حق طاعته في امتثال أوامره واجتناب نواهيه وفي ما عليه من الثمن وبالله التوفيق (4493) قوله يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله يا عباس الخ في رواية موسى بن طلحة عن أبي هريرة عند مسلم وأحمد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعم وخص فقال يمعشر قريش انقذوا أنفسكم من النار يا معشر بني كعب كذلك يا معشر بني هاشم كذلك يا معشر بني عبد المطلب كذلك الحديث قوله يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنصب
[ 387 ]
عمة ويجوز في صفية الرفع والنصب وكذا القول في قوله يا فاطمة بنت محمد قوله تابعه أصبغ عن بن وهب الخ سبق التنبيه عليه في الوصايا وفي الحديث أن الاقرب للرجل من كان يجمعه هو وجد أعلى وكل من اجتمع معه في جد دون ذلك كان أقرب إليه وقد تقدم البحث في المراد بالاقربين والاقارب في الوصايا والسر في الامر بإنذار الاقربين أولا أن الحجة إذا قامت عليهم تعدت إلى غيرهم وإلا فكانوا علة للابعدين في الامتناع وأن لا يأخذه ما يأخذ القريب للقريب من العطف والرأفة فيحابيهم في الدعوة والتخويف فلذلك نص له على إنذارهم وفيه جواز تكنية الكافر وفيه خلاف بين العلماء كذا قيل وفي إطلاقه نظر لان الذي منع من ذلك إنما منع منه حيث يكون السياق يشعر بتعظيمه بخلاف ما إذا كان ذلك لشهرته بها دون غيرها كما في هذا أو للاشارة إلى ما يئول أمره إليه من لهب وجهنم ويحتمل أن يكون ترك ذكره باسمه لقبح اسمه لان اسمه كان عبد العزي ويمكن جواب آخر وهو أن التكنية لا تدل بمجردها على التعظيم بل قد يكون الاسم أشرف من الكنية ولهذا ذكر الله الانبياء بأسمائهم دون كناهم (0) قوله سورة النمل بسم الله الرحمن الرحيم سقط سورة والبسملة لغير أبي ذر وثبت للنسفي لكن بتقديم البسملة قوله الخبء ما خبأت في رواية غير أبي ذر والخبء بزيادة واو في أوله وهذا قول بن عباس أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عنه قال يخرج الخبء يعلم كل خفية في السماوات والارض وقال الفراء في قوله يخرج الخبء أي الغيث من السماء والنبات من الارض قال وفي هنا بمعنى من وهو كقولهم ليستخرجن العلم فيكم أي الذي منكم وقرأ بن مسعود يخرج الخبء من بدل في وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال الخبء السر ولابن أبي حاتم من طريق عكرمة مثله ومن طريق مجاهد قال الغيث ومن طريق سعيد بن المسيب قال الماء قوله لا قبل لا طاقة هو قول أبي عبيدة وأخرج الطبري من طريق إسماعيل بن أبي خالد مثله قوله الصرح كل ملاط أتخذ من القواير كذا للاكثر بميم مكسورة وفي رواية الاصيلي بالموحدة المفتوحة ومثله لابن السكن وكتبه الدمياطي في نسخته بالموحدة وليست هي روايته والملاط بالميم المكسورة الطين الذي يوضع بين ساقتي البناء وقيل الصخر وقيل كل بناء عال منفرد وبالموحدة المفتوحة ما كسيت به الارض من حجارة أو رخام أو كلس وقد قال أبو عبيدة الصرح كل بلاط أتخذ من قوارير والصرح القصر وأخرج الطبري من طريق وهب بن منيه قال أمر سليمان الشياطين فعملت له الصرح من زجاج كأنه الماء بياضا ثم أرسل الماء تحته ووضع سريره فيه فجلس عليه وعكفت عليه الطير والجن والانس ليريها ملكا هو أعز من ملكها فلما رأت ذلك بلقيس حسبته لجة وكشفت عن ساقيها لتخوضه ومن طريق محمد بن كعب قال سجن سليمان فيه دواب البحر الحيتان والضفادع فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها فإذا هي أحسن الناس ساقا وقدما فأمرها سليمان فاستترت قوله والصرح القصر وجماعته صروح هو قول أبي عبيدة كما تقدم وسيأتي له تفسير آخر بعد هذا بقليل قوله وقال بن عباس ولها عرش سرير كريم حسن الصنعة وغلاء
[ 388 ]
الثمن وصله الطبري من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله ولها عرش عظيم قال سرير كريم حسن الصنعة قال وكان من ذهب وقوائمه من جوهر ولؤلؤ ولابن أبي حاتم من طريق زهير بن محمد قال حسن الصنعة غالي الثمن سرير من ذهب وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا في أربعين قوله يأتوني مسلمين طائعين وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله ومن طريق بن جريج أي مقرين بدين الاسلام ورجح الطبري الاول واستدل له قوله ردف اقترب وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله عسى أن يكون ردف لكم اقترب لكم وقال أبو عبيدة في قوله تعالى عسى أن يكون ردف لكم أي جاء بعدكم ودعوى المبرد أن اللام زائدة وأن الاصل ردفكم قاله على ظاهر اللفظ وإذا صح أن المراد به اقترب صح تعديته باللام كقوله اقترب للناس حسابهم قوله جامدة قائمة وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله قوله أوزعني اجعلني وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس مثله وقال أبو عبيدة في قوله أوزعني أي سددني إليه وقال في موضع آخر أي ألهمني وبالثاني جزم الفراء قوله وقال مجاهد نكروا غيروا وصله الطبري من طريقه ومن طريق قتادة وغيره نحوه وأخرج بن أبي حاتم من وجه آخر صحيح عن مجاهد قال أمر بالعرش فغير ما كان أحمر جعل أخضر وما كان أخضر جعل أصفر غير كل شئ عن حاله ومن طريق عكرمة قال زيدوا فيه وانقضوا قوله والقبس ما اقتبست منه النار ثبت هذا للنسفي وحده وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى أو آتيكم بشهاب قبس أي بشعلة نار ومعنى قبس ما أقتبس من النار ومن الجمر قوله وأوتينا العلم يقوله سليمان وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا ونقل الواحدي أنه من قول بلقيس قالته مقرة بصحة نبوة سليمان والاول هو المعتمد قوله الصرح بركة ماء ضرب عليها سليمان قوارير وألبسها إياه في رواية الاصيلي إياها وأخرج الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال الصرح بركة من ماء ضرب عليها سليمان قوارير ألبسها قال وكانت هلباء شقراء ومن وجه آخر عن مجاهد كشفت بلقيس عن ساقيها فإذا هما شعراوان فأمر سليمان بالنورة فصنعت ومن طريق عكرمة نحوه قال فكان أول من صنعت له النورة وصله بن أبي حاتم من وجه آخر عن عكرمة عن بن عباس (0) قوله سورة القصص بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر والنسفي قوله إلا وجهه إلا ملكه في رواية النسفي وقال معمر فذكره ومعمر هذا هو أبو عبيدة بن المثنى وهذا كلامه في كتابه مجاز القرآن لكن بلفظ إلا هو وكذا نقله الطبري عن بعض أهل العربية وكذا ذكره الفراء وقال بن التين قال أبو عبيدة إلا وجهه أي جلالة وقيل إلا إياه تقول أكرم الله وجهك أي أكرمك الله وقوله ويقال إلا ما أريد به وجهه نقله الطبري أيضا عن بعض أهل العربية ووصله بن أبي حاتم من طريق خصيف عن مجاهد مثله ومن طريق سفيان الثوري قال إلا ما ابتغى به وجه الله من الاعمال
[ 389 ]
الصالحة انتهى ويتخرج هذان القولان على الخلاف في جواز إطلاق شئ على الله فمن أجازه قال الاستشاء متصل والمراد بالوجه الذات والعرب تعبر بالاشرف عن الجملة ومن لم يجز إطلاق شئ على الله قال هو منقطع أي لكن هو تعالى لم يهلك أو متصل والمراد بالوجه ما عمل لاجله قوله وقال مجاهد فعميت عليهم الانباء الحجج وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عنه (0) قوله باب إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء لم تختلف النقلة في أنها نزلت في أبي طالب واختلفوا في المراد بمتعلق أحببت فقيل المراد أحببت هدايته وقيل أحببته هو لقرابته منك (4494) قوله عن أبيه هو المسيب بن حزن بفتح المهملة وسكون الزاي بعدها نون وقد تقدم بعض شرح الحديث في الجنائز قوله لما حضرت أبا طالب الوفاة قال الكرماني المراد حضرت علامات الوفاة وإلا فلو كان انتهى إلى المعاينة لم ينفعه الايمان لو آمن ويدل على الاول ما وقع من المراجعة بينه وبينهم انتهى ويحتمل أن يكون انتهى إلى تلك الحالة لكن رجاء النبي صلى الله عليه وسلم أنه إذا أقر بالتوحيد ولو في تلك الحالة أن ذلك ينفعه بخصوصه وتسوغ شفاعته صلى الله عليه وسلم لمكانه منه ولهذا قال أجادل لك بها وأشفع لك وسيأتي بيانه ويؤيد الخصوصية أنه بعد أن أمتنع من الاقرار بالتوحيد وقال هو على ملة عبد المطلب ومات على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الشفاعة له بل شفع له حتى خفف عنه العذاب بالنسبة لغيره وكان ذلك من الخصائص في حقه وقد تقدمت الرواية بذلك في السيرة النبوية قوله جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية يحتمل أن يكون المسيب حضر هذه القصة فإن المذكورين من بني مخزوم وهو من بني مخزوم أيضا وكان الثلاثة يومئذ كفارا فمات أبو جهل على كفره وأسلم الآخران وأما قول بعض الشراح هذا الحديث من مراسيل الصحابة فمردود لانه استدل بأن المسيب على قول مصعب من مسلمة الفتح وعلى قول العسكري ممن بايع تحت الشجرة قال فأيا ما كان فلم يشهد وفاة أبي طالب لانه توفي هو وخديجة في أيام متقاربة في عام واحد والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ نحو الخمسين انتهى ووجه الرد أنه لا يلزم من كون المسيب تأخر إسلامه أن لا يشهد وفاة أبي طالب كما شهدها عبد الله بن أبي أمية وهو يومئذ كافر ثم أسلم بعد ذلك وعجب من هذا القائل كيف يعزو كون المسيب كان ممن بايع تحت الشجرة إلى العسكري ويغفل عن كون ذلك ثابتا في هذا الصحيح الذي شرحه كما مر في المغازي واضحا قوله أي عم أما أي فهو بالتخفيف حرف نداء وأما عم فهو منادى مضاف ويجوز فيه إثبات الياء وحذفها قوله كلمة بالنصب على البدل من لاإله إلا الله أو الاختصاص ويجوز الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف قوله أحاج بتشديد الجيم من المحاجة وهي مفاعلة من الحجة والجيم مفتوحة على الجزم جواب الامر والتقدير إن نقل أحاج ويجوز الرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ووقع في رواية معمر عن الزهري بهذا الاسناد في الجنائز أشهد بدل أحاج وفي رواية مجاهد عند الطبري أجادل عنك بها زاد الطبري من طريق سفيان بن حسين عن الزهري قال أي عم إنك أعظم الناس على حقا وأحسنهم عندي يدا فقل كلمة تجب لي بها الشفاعة فيك يوم القيامة قوله فلم يزل يعرضها بفتح أوله وكسر الراء وفي رواية الشعبي عند الطبري فقال له ذلك مرارا قوله ويعيد أنه بتلك المقالة أي ويعيدانه إلى الكفر بتلك المقالة كأنه قال كان قارب
[ 390 ]
أن يقولها فيردانه ووقع في رواية معمر فيعودان له بتلك المقالة وهي أوضح وقع عند مسلم فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرضها عليه ويقول له تلك المقالة قال القرطبي في المفهم كذا في الاصول وعند أكثر الشيوخ والمعنى أنه عرض عليه الشهادة وكررها عليه ووقع في بعض النسخ ويعيدان له بتلك المقالة والمراد قول أبي جهل ورفيقه له ترغب عن ملة عبد المطلب قوله آخر ما كلمهم على ملة عبد المطلب خبر مبتدأ محذوف أي هو على ملة وفي رواية معمر هو على ملة عبد المطلب وأراد بذلك نفسه ويحتمل أن يكون قال أنا فغيرها الراوي أنفة أن يحكي كلام أبي طالب استقباحا للفظ المذكور وهي من التصرفات الحسنة ووقع في رواية مجاهد قال يا بن أخي ملة الاشياخ ووقع في حديث أبي حازم عن أبي هريرة عند مسلم والترمذي والطبري قال لولا أن تعيرني قريش يقولون ما حمله عليه إلا جزع الموت لاقررت بها عينك وفي رواية الشعبي عند الطبراني قال لولا أن يكون عليك عار لم أبال أن أفعل وضبط جزع بالجيم والزاي ولبعض رواة مسلم بالخاء المعجمة والراء قوله وأبى أن يقول لا إله إلا الله هو تأكيد من الراوي في نفي وقع ذلك من أبي طالب وكأنه استند في ذلك إلى عدم سماعه ذلك منه في تلك الحال وهذا القدر هو الذي يمكن اطلاعه عليه ويحتمل أن يكون أطلعه النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك قوله والله لاستغفرن لك ما لم أنه عنك قال الزين بن المنير ليس المراد طلب المغفرة العامة والمسامحة بذنب الشرك وإنما المراد تخفيف العذاب عنه كما جاء مبينا في حديث آخر قلت وهي غفلة شديده منه فإن الشفاعة لابي طالب في تخفيف العذاب لم ترد وطلبها لم ينه عنه وإنما وقع النهي عن طلب المغفرة العامة وإنما ساغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم اقتداء بإبراهيم في ذلك ثم ورد نسخ ذلك كما سيأتي بيانه واضحا قوله فأنزل الله ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين أي ما ينبغي لهم ذلك وهو خبر بمعنى النهي هكذا وقع في هذه الرواية وروى الطبري من طريق شبل عن عمرو بن دينار قال قال النبي صلى الله عليه وسلم استغفروا إبراهيم لابيه وهو مشرك فلا أزال أستغفر لابي طالب حتى ينهاني عنه ربي فقال أصحابه لنستغفرن لآبائنا كما استغفر نبينا لعمه فنزلت وهذا فيه إشكال لان وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقا وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية والاصل عدم تكرر النزول وقد أخرج الحاكم وابن أبي حاتم من طريق أيوب بن هانئ عن مسروق عن بن مسعود قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فاتبعناه فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فبكينا لبكائه فقال إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي و استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فانزل علي ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين وأخرج أحمد من حديث بن بريدة عن أبيه نحوه وفيه نزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب ولم يذكر نزول الآية وفي رواية الطبري من هذا الوجه لما قدم مكة أتى رسم قبر ومن طريق فضيل بن مرزوق عن عطية لما قدم مكة وقف على قبر أمه حتى سخنت عليه الشمس رجاء أن يؤذن له فيستغفر لها فنزلت وللطبرائي من طريق عبد الله بن كيسان عن عكرمة عن بن عباس نحو حديث بن مسعود وفيه لما هبط من ثنية عسفان وفيه نزول الآية في ذلك فهذه طرق يعضد بعضها بعضا وفيها دلالة على تأخير نزول الآية عن وفاة أبي طالب ويؤيده
[ 391 ]
أيضا أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد بعد أن شج وجهه رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون لكن يحتمل في هذا أن يكون الاستغفار خاصا بالاحياء وليس البحث فيه ويحتمل أن يكون نزول الآية تأخر وإن كان سببها تقدم ويكون لنزولها سببان متقدم وهو أمر أبي طالب ومتأخر وهو أمر آمنة ويؤيد تأخير النزول ما تقدم في تفسير براءة من استغفاره صلى الله عليه وسلم للمنافقين حتى نزل النهي عن ذلك فإن ذلك يقتضي تأخير النزول وإن تقدم السبب ويشير إلى ذلك أيضا قوله في حديث الباب وأنزل الله في أبي طالب إنك لا تهدي من أحببت لانه يشعر بأن الآية الاولى نزلت في أبي طالب وفي غيره والثانية نزلت فيه وحده ويؤيد تعدد السبب ما أخرج أحمد من طريق أبي إسحاق عن أبي الخليل عن علي قال سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله ما كان للنبي الآية وروى الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال وقال المؤمنون ألا نستغفر لآبائنا كما استغفر إبراهيم لابيه فنزلت ومن طريق قتادة قال ذكرنا له أن رجالا فذكر نحوه وفي الحديث أن من لم يعمل خيرا قط إذا ختم عمره بشهادة أن لا إله إلا الله حكم بإسلامه وأجريت عليه أحكام المسلمين فإن نطق لسانه عقد قلبه نفعه ذلك عند الله تعالى بشرط أن يكون وصل إلى حد انقطاع الامل من الحياة وعجز عن فهم الخطاب ورد الجواب وهو وقت المعاينة وإيه الاشارة بقوله تعالى وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن والله أعلم قوله العدوان والعداء والتعدي واحد أي بمعنى واحد وأراد تفسير قوله في قصة موسى وشعيب فلا عدوان على والعداء بفتح العين ممدود قال أبو عبيدة في قوله فلا عدوان على وهو والعداء والتعدي والعدوكله واحد والعدو من قوله عدا فلان على فلان قوله وقال بن عباس أولى القوة لا يرفعها العصبة من الرجال لتنوء لتثقل فارغا إلا من ذكر موسى الفرحين المرحين قصيه اتبعي أثره وقد يكون أن يقص الكلام نحن نقص علمك عن جنب عن بعد وعن جنابة واحدة وعن اجتناب أيضا نبطش ونبطش أي بكسر الطاء وضمها يأتمرون يتشاورون هذا جميعه سقط لابي ذر والاصيلي وثبت لغيرهما من أوله إلى قوله ذكر موسى تقدم في أحاديث الانبياء في قصة موسى وكذا قوله نبطش الخ وأما قوله الفرحين المرحين فهو عند بن أبي حاتم موصول من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس وقوله قصيه اتبعي أثره وصله بن أبي حاتم من طريق القاسم بن أبي بزة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال في قوله وقالت لاخته قصيه قضى أثره وقال أبو عبيدة في قوله قصية اتبعي أثره يقال قصصت آثار القوم وقال في قوله فبصرت به عن جنب أي عن بعد وتجنب ويقال ما تأتينا إلا عن جنابة وعن جنب قوله تأجرني تأجر فلانا تعطيه أجرا ومنه التعزية آجرك الله ثبت هذا للنسفي وقد قال أبو عبيدة في قوله على أن تأجرني ثماني حجج من الاجارة يقال فلان تأجر فلانا ومنه آجرك الله قوله الشاطئ والشط واحد وهما ضفتا وعدوتا الوادي ثبت هذا للنسفي أيضا وقد قال أبو عبيدة نودي من شاطئ الوادي الشاطئ والشط واحد وهما ضفتا الوادي وعدوتاه قوله كأنها جان في رواية أخرى حية تسعى والحيات أجناس الجان والافاعي والاسارد ثبت هذا للنسفي أيضا وقد تقدم في بدء الخلق قوله مقبوحين مهلكين هو قول أبي عبيدة أيضا قوله وصلنا بيناه
[ 392 ]
وأتمناه هو قول أبي عبيدة أيضا وأخرج بن أبي حاتم من طريق السدي في قوله ولقد وصلنا لهم القول قال بينا لهم القول وقيل المعنى أتبعنا بعضه بعضا فاتصل وهذا قول الفراء قوله يجبى يجلب هو بسكون الجيم وفتح اللام ثم موحدة وقال أبو عبيدة في قوله يجبي إليه ثمرات كل شئ أي يجمع كما يجمع الماء في الجابية فيجمع للوارد قوله بطرت أشرت قال أبو عبيدة في قوله وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها أي أشرت وطغت وبغت والمعنى بطرت في معيشتها فانتصب بنزع الخافض وقال الفراء المعنى أبطرتها معيشتها قوله في أمها رسولا أم القرى مكة وما حولها قال أبو عبيدة أم القرى مكة في قول العرب وفي رواية أخرى لتنذر أم القرى ومن حولها ولابن أبي حاتم من طريق قتادة نحوه ومن وجه آخر عن قتادة عن الحسن في قوله في أمها قال في أوائلها قوله تكن تخفي أكنت الشئ أخفيته وكننته أخفيته وأظهرته كذا للاكثر ولبعضهم أكننته أخفيته وكننته خفيته وقال بن فارس أخفيته سترته وخفيته أظهرته وقال أبو عبيدة في قوله وربك يعلم ما تكن صدورهم أي تخفي يقال أكننت ذلك في صدري بألف وكنت الشئ خفيته وهو بغير ألف وقال في موضع آخر أكننت وكننت واحد وقال أبو عبيدة أكننته فإذا أخفيته وأظهرته وهو من الاضداد قوله ويكأن الله مثل ألم تر أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر يوسع عليه ويضيق وقع هذا لغير أبي ذر وهو قول أبي عبيدة قال في قوله تعالى ويكأن الله أي ألم تر أن الله وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ويكأن الله أي أولا يعلم أن الله (0) قوله باب إن الذي فرض عليك القرآن سقطت الترجمة لغير أبي ذر (4495) قوله أخبرنا يعلى هو بن عبيد قوله حدثنا سفيان العصفري هو بن دينار التمار كما تقدم تحقيقه في آخر الجنائز وليس له في البخاري سوى هذين الموضعين قوله لرادك إلى معاد قال إلى مكة هكذا في هذه الرواية وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال كان بن عباس يكتم تفسير هذه الآية وروى الطبري من وجه آخر عن بن عباس قال لرادك إلى معا قال إلى الجنة وإسناده ضعيف ومن وجه آخر قال إلى الموت وأخرجه بن أبي حاتم وإسناده لا بأس به ومن طريق مجاهد قال يحييك يوم القيامة ومن وجه آخر عنه إلى مكة وقال عبد الرزاق قال معمر وأما الحسن والزهري فقالا هو يوم القيامة وروى أبو يعلى من طريق أبي جعفر محمد بن على قال سألت أبا سعيد عن هذه الآية فقال معاده آخرته وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف (0) قوله سورة العنكبوت بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد وكانوا مستبصرين ضللة وصله بن أبي حاتم من طريق شبل بن عباد عن بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال معجبين بضلالتهم وأخرج بن أبي حاتم من وجه آخر عن قتادة قال كانوا مستبصرين في صلالتهم معجبين بها قوله وقال غيره الحيوان والحي واحد ثبت هذا لابي ذر وحده وللاصيلي الحيوان والحياة واحد وهو قول أبي عبيدة قال الحيوان والحياة واحد وزاد ومنه قولهم نهر
[ 393 ]
الحيوان أي نهر الحياة وتقول حييت حيا والحيوان والحياة اسمان منه وللطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله لهي الحيوان قال لاموت فيها قوله فليعلمن الله علم الله ذلك إنما هي بمنزلة فليميز الله كقوله ليميز الله الخبيث من الطيب وقال أبو عبيدة في قوله تعالى فليعلمن الله الذين آمنوا أي فليميزن الله لان الله قد علم ذلك من قبل قوله أثقالا مع أثقالهم أوزارا مع أوزارهم هو قول أبي عبيدة أيضا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في هذه الآية قال من دعا قوما إلى ضلالة فعليه مثل أوزارهم ولابن أبي حاتم من وجه آخر عن قتادة قال وليحملن أثقالهم أي أوزارهم وأثقالا مع أثقالهم أوزار من أضلوا (0) صلى الله عليه وسلم قوله سورة الروم بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد يحبرون ينعمون وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون أي ينعمون ولابن أبي حاتم والطبري من طريق يحيى بن أبي كثير قال لذة السماع ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس يحبرون قال يكرمون قوله فلا يربو من أعطى يبتغي أفضل فلا أجر له فيها وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس قال يعطي ماله يبتغي أفضل منه وقال عبد الرزاق عن عبد العزيز بن أبي رواد عن الضحاك في هذه الآية قال هذا هو الربا الحلال يهدي الشئ ليثاب أفضل منه ذاك لا له ولا عليه وأخرجه بن أبي حاتم من وجه آخر عن عبد العزيز وزاد ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه خاصة ومن طريق إسماعيل بن أبي خالد عن إبراهيم قال هذا في الجاهلية كان يعطي الرجل قرابته المال يكثر به ماله ومن طريق محمد بن كعب القرظي قال هو الرجل يعطي الآخر الشئ ليكافئه به ويزاد عليه فلا يربو عند الله ومن طريق الشعبي قال هو الرجل يلصق بالرجل يخدمه ويسافر معه فيجعل له ربح بعض ما يتجر فيه وإنما أعطاه التماس عونه ولم يرد به وجه الله قوله يمهدون يسوون المضاجع وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فلانفسهم يمهدون قال يسوون المضاجع قوله الودق المطر وصله الفريابي أيضا بالاسناد المذكور قوله قال بن عباس هل لكم مما ملكت أيمانكم في الآلهة وفيه تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا وصله الطبري من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في هذه الآية قال هي في الآلهة وفيه يقول تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا والضمير في قوله فيه لله تعالى أي أن المثل لله وللاصنام فالله المالك والاصنام مملوكة والمملوك لا يساوي المالك ومن طريق أبي مجلز قال أن مملوكك لا تخاف أن يقاسمك مالك وليس له ذلك كذلك الله لا شريك له ولابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال هذا مثل ضربه الله لمن عدل به شيئا من خلقه يقول أكان أحد منكم مشاركا مملوكه في فراشه وزوجته وكذلك لا يرضى الله أن يعدل به أحد من خلقه قوله يصدعون يتفرقون فاصدع أما قوله يتفرقون فقال أبو عبيدة في قوله يومئذ يصدعون أي يتفرقون وأما قوله فاصدع فيشير إلى قوله تعالى فاصدع بما تؤمر وقد قال
[ 394 ]
أبو عبيدة أيضا في قوله فاصدع بما تؤمر أي أفرق وامضه واصل الصدع الشق في الشئ وخصه الراغب بالشئ الصلب كالحديد تقول صدعته فانصدع بالتخفيف وصدعته فتصدع بالتثقيل ومنه صداع الرأس لتوهم الاشتقاق فيه والمراد بقوله اصدع أي فرق بين الحق والباطل بدعائك إلى الله عزوجل وافصل بينهما قوله وقال غيره ضعف وضعف لغتان هو قول الاكثر وقرئ بهما فالجمهور بالضم وقرأ عاصم وحمزة بالفتح في الالفاظ الثلاثة وقال الخليل الضعف بالضم ما كان في الجسد وبالفتح ما كان في العقل قوله وقال مجاهد السوآي الاساءة جزاء المسيئين وصله الفريابي واختلف في ضبط الاساءة فقيل بكسر الهمزة والمد وجوز بن التين فتح أوله ممدودا ومقصورا وهو من آسى أي حزن وللطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوآي أن كذبوا أي الذين كفروا جزاؤهم العذاب ثم ذكر المصنف حديث بن مسعود في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على قريش بالسنين وسؤالهم له الدعاء برفع القحط وقد تقدم شرح ذلك في الاستسقاء ويأتي ما يتعلق بالذي وقع في صدر الحديث من الدخان في تفسير سورة الدخان إن شاء الله تعالى وقوله (4496) أن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم أي أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم وهذا مناسب لما اشتهر من أن لا أدري نصف العلم ولان القول فيما لا يعلم قسم من التكلف (0) قوله باب لا تبديل لخلق الله لدين الله خلق الاولين دين الاولين أخرج الطبري من طريق إبراهيم النخعي في قوله لا تبديل لخلق الله قال لدين الله ومن طرق عن مجاهد وعكرمة وقتادة وسعيد بن جبير والضحاك مثله وفيه قول آخر أخرجه الطبري من طرق عن بن عباس وعكرمة ومجاهد قال الاحصاء وروى بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله إن هذا إلا خلق الاولين يقول دين الاولين وهذا يؤيد الاول وفيه قول آخر أخرجه بن أبي حاتم من طريق الشعبي عن علقمة في قوله خلق الاولين قال اختلاق الاولين ومن طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال كذبهم ومن طريق قتادة قال سيرتهم قوله والفطرة الاسلام هو قول عكرمة وصله الطبري من طريقه وقد تقدم نقل الخلاف في ذلك في أواخر كتاب الجنائز ثم ذكر حديث أبي هريرة ما من مولود إلا يولد على الفطرة وقد تقدم بسند ومتنه في كتاب الجنائز مع شرحه في باب ما قيل في أولاد المشركين (0) قوله سورة لقمان بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر وسقطت البسملة فقط للنسفي قوله لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ذكر فيه حديث بن مسعود في تفسير قوله تعالى (4498) الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم
[ 395 ]
بظلم وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الايمان (0) قوله باب قوله إن الله عنده علم الساعة ذكر فيه حديث أبي هريرة في سؤال جبريل عن الايمان والاسلام وغير ذلك وفيه خمس لا يعلمهن إلا الله وقد تقد م شرح الحديث مستوفى في كتاب الايمان وسيأتي في التوحيد شئ يتعلق بذلك (4500) قوله حدثني عمر بن محمد بن زيد أن أباه حدثه أن عبد الله بن عمر قال هكذا قال بن وهب وخالفه أبو عاصم فقال عن عمر بن محمد بن زيد عن سالم عن بن عمر أخرجه الاسماعيلي فإن كان محفوظا احتمل أن يكون لعمر بن محمد فيه شيخان أبوه وعم أبيه قوله قال النبي صلى الله عليه وسلم مفاتيح الغيب خمس ثم قرأ إن الله عنده علم الساعة هكذا وقع مختصرا وفي رواية أبي عاصم المذكورة مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث يعني الآية كلها وقد تقدم في تفسير سورة الرعد وفي الاستسقاء من طريق عبد الله بن دينار عن بن عمر بلفظ مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله لا يعلم ما في الغد إلا الله الحديث هذا السياق في الخمس وفي تفسير الانعام من طريق الزهري عن سالم عن أبيه بلفظ مفاتح الغيب خمس إن الله عنده علم الساعة إلى آخر السورة وأخرجه الطيالسي في مسنده عن إبراهيم بن سعد عن الزهري بلفظ أوتى نبيكم مفاتح الغيب إلا الخمس ثم تلا الآية وأظنه دخل له متن في متن فإن هذا اللفظ أخرجه بن مردويه من طريق عبد الله بن سلمة عن بن مسعود نحوه وقال الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة عبر بالمفاتح لتقريب الامر على السامع لان كل شئ جعل بينك وبينه حجاب فقد غيب عنك والتوصل إلى معرفته في العادة من الباب فإذا أغلق الباب احتيج إلى المفتاح فإذا كان الشئ الذي لا يطلع على الغيب إلا بتوصيله لا يعرف موضعه فكيف يعرف المغيب انتهى ملخصا وروى أحمد والبزار وصححه بن حبان والحاكم من حديث بريدة رفعه قال خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة الآية وقد تقدم في كتاب الايمان بيان جهة الحصر في قوله لا يعلمهن إلا الله ويراد هنا أن ذلك يمكن أن يستفاد من الآية الاخرى وهي قوله تعالى قل لا يعلم من في السماوات والارض الغيب إلا الله فالمراد بالغيب المنفى فيها هو المذكور في هذه الآية التي في لقمان وأما قوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبة أحدا إلا من ارتضى من رسول الآية فيمكن أن يفسر بما في حديث الطيالسي وأما ما ثبت بنص القرآن أن عيسى عليه السلام قال أنه يخبرهم بما يأكلون وما يدخرون وأن يوسف قال إنه ينبئهم بتأويل الطعام قبل أن يأتي إلى غير ذلك مما ظهر من المعجزات والكرامات فكل ذلك يمكن أن يستفاد من الاستثناء في قوله إلا من ارتضى من رسول فإنه يقتضي اطلاع الرسول على بعض الغيب والولي التابع للرسول عن الرسول يأخذ وبه يكرم والفرق بينهما أن الرسول يطلع على ذلك بأنواع الوحي كلها والولي لا يطلع على ذلك إلا بمنام أو الهام والله اعلم ونقل بن التين عن الداودي أنه أنكر على الطبري دعواه أنه بقي من الدنيا من هجرة المصطفى نصف يوم وهو خمسمائة عام قال وتقوم الساعة ويعود الامر إلى ما كان عليه قبل أن يكون شئ غير الباري تعالى فلا يبقى غير وجهه فرد عليه بأن وقت الساعة لا يعلمها إلا الله فالذي قاله مخالف لصريح القرآن والحديث ثم تعقبه من جهة أخرى وذلك أنه توهم من كلامه أنه ينكر البعث
[ 396 ]
فأقدم على تفكيره وزعم أن كلامه لا يحتمل تأويلا وليس كما قال بل مراد الطبري أنه يصير الامر أي بعد فناء المخلوقات كلها على ماكان عليه أولا ثم يقع البعث والحساب هذا الذي يجب حمل كلامه عليه وأما إنكاره عليه استخراج وقت الساعة فهو معذور فيه ويكفي في الرد عليه أن الامر وقع بخلاف ما قال قد مضت خمسمائة ثم ثلاثمائة وزيادة لكن الطبري تمسك بحديث أبي ثعلبة رفعه لن يعجز هذه الامة أن يؤخرها الله نصف يوم الحديث أخرجه أبو داود وغيره لكنه ليس صريحا في أنها لا تؤخر أكثر من ذلك والله أعلم وسيأتي ما يتعلق بقدر ما بقي من الدنيا في كتاب الفتن إن شاء الله تعالى (0) قوله سورة السجدة بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر وسقطت البسملة للنسفي ولغيرهما تنزيل السجدة حسب قوله وقال مجاهد مهين ضعيف نطفة الرجل وصله بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله من ماء مهين ضعيف وللفريابي من هذا الوجه في قوله من سلالة من ماء مهين قال نطفة الرجل قوله ضللنا هلكنا وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وقالوا أئذا ضللنا في الارض قال هلكنا قوله وقال بن عباس الجرز التي لا تمطر إلا مطرا لا يغني عنها شيئا وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عرجل عن مجاهد عنه مثله وذكره الفريابي وإبراهيم الحربي في غريب الحديث من طريق بن أبي نجيح عن رجل عن بن عباس كذلك زاد إبراهيم وعن مجاهد قال هي أرض أبى وأنكر ذلك الحربي وقال أبين مدينة معروفة باليمن فلعل مجاهدا قال ذلك في وقتلم تكن أبين تنبت فيه شيئا وأخرج بن عيينة في تفسيره عن عمرو بن دينار عن بن عباس في قوله إلى الارض الجزر قال هي أرض باليمن وقال أبو عبيدة الارض الجرز اليابسة الغليظة التي لم يصبها مطر قوله يهد يبين أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله أو لم يهد لهم قال أو لم يبين لهم وقال أبو عبيدة في قوله أو لم يهد لهم أي يبين لهم وهو من الهدى (0) قوله باب قوله فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين قرأ الجمهور أخفى بالتحريك على البناء للمفعول وقرأ حمزة بالاسكان فعلا مضارعا مسندا للمتكلم ويؤيده قراءة بن مسعود تخفي بنون العظمة وقرأها محمد بن كعب أخفى بفتح أوله وفتح الفاء على البناء للفاعل وهو الله ونحوها قراءة الاعمش أخفيت وذكر المصنف في آخر الباب أن أبا هريرة قرأ قرأت أعين بصيغة الجمع وبها قرأ بن مسعود أيضا وأبو الدرداء قال أبو عبيدة ورأيتها في المصحف الذي يقال له الامام قرة بالهاء على الوحدة وهي قراءة أهل الامصار (4501) قوله يقول الله تعالى أعددت لعبادي ووقع في حديث آخر أن سبب الحديث أن موسى عليه السلام سأل ربه من أعظم أهل الجنة منزلة فقال غرست كرامتهم بيدي وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر أخرجه مسلم والترمذي من طريق الشعبي سمعت المغيرة بن شعبة على المنبر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن موسى سأل ربه فذكر الحديث بطوله وفيه هذا وفي آخره قال ومصداق ذلك في كتاب الله فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين قوله ولا خطر على قلب بشر زاد بن مسعود في حديثه ولا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل أخرجه بن أبي حاتم وهو يدفع قول من قال إنما قيل البشر لانه
[ 397 ]
يخطر بقلوب الملائكة والاولى حمل النفي فيه على عمومه فإنه أعظم في النفس قوله دخرا بضم الدال المهملة وسكون المعجمة منصوب متعلق بأعددت أي جعلت ذلك لهم مدخورا (4502) قوله من بله ما أطلعتم عليه قال الخطابي كأنه يقول دع ما أطلعتم عليه فإنه سهل في جنب ما ادخر لهم قلت وهذا لائق بشرح بله بغير تقدم من عليها وأما إذا تقدمت من عليها فقد قيل هي بمعنى كيف ويقال بمعنى أجل ويقال بمعنى غير أو سوى وقيل بمعنى فضل لكن قال الصغاني اتفقت نسخ الصحيح على من بله والصواب إسقاط كلمة من وتعقب بأنه لا يتعين إسقاطها إلا إذا فسرت بمعنى دع ؟ ؟ ؟ وأخرجه سعيد بن منصور ومن طريقه بن مردويه من رواية أبي معاوية عن الاعمش كذلك وقال بن مالك المعروف بله اسم فعل بمعنى أترك ناصبة لما يليها بمقتضى المفعولية واستعماله مصدرا بمعنى الترك مضافا إلى ما يليه والفتحه في الاولى بنائية وفي الثانية إعرابية وهو مصدر مهمل الفعل ممنوع الصرف وقال الاخفش بله هنا مصدر كما تقول ضرب زيد وندر دخول من عليها زائد ووقع في المغني لابن هشام أن بله استعملت معربة مجرورة بمن وإنها بمعنى غير ولم يذكر سواه وفيه نظر لان بن التين حكى رواية من بله بفتح الهاء مع وجود من فعلى هذا فهي مبنية وما مصدرية وهي وصلتها في موضع رفع على الابتداء والخبر هو الجار والمجرور المتقدم ويكون المراد ببله كيف التي يقصد بها الاستبعاد والمعنى من أين اطلاعكم على هذا القدر الذي تقصر عقول البشر عن الاحاطة به ودخول من على بله إذا كانت بهذا المعنى جائز كما أشار إليه الشريف في شرح الحاجبية قلت وأصح التوجيهات لخصوص سياق حديث الباب حيث وقع فيه ولا خطر على قلب بشر دخرا من بله ما أطلعتم إنها بمعنى غير وذلك بين لمن تأمله والله اعلم قوله وقال أبو معاوية عن الاعمش عن أبي صالح قرأ أبو هريرة قرأت أعين وصله أبو عبيدة القاسم بن سلام في كتاب فضائل القرآن له عن أبي معاوية بهذا الاسناد مثله سواء وأخرج مسلم الحديث كله عن أبي بكر بن أبي شيبة عن أبي معاوية به (0) قوله سورة الاحزاب بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر وسقطت البسملة فقط للنسفي قوله وقال مجاهد صياصيهم قصورهم وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عنه قوله معروفا في الكتاب ثبت هذا للنسفي وحده وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة إن بن جريج قال قلت لعطاء في هذه الآية إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا فقال هو إعطاء المسلم الكافر بينهما قرابة صلة له قوله النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ثبتت هذه الترجمة لابي ذر وذكر فيه حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مؤمن إلا وأنا أولى به الحديث وسيأتي الكلام في الفرائض إن شاء الله تعالى (0) قوله باب ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله أي أعدل وسيأتي تفسير القسط والفرق بين القاسط والمقسط في آخر الكتاب (4504) قوله ان زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله في رواية القاسم بن معن عن موسى بن عقبة في هذا الحديث ما كنا ندعو زيد بن حارثة الكلبي مولى
[ 398 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا زيد بن محمد أخرجه الاسماعيلي وفي حديث عائشة الآتي في النكاح في قصة سالم مولى أبي حذيفة وكان من تبنى رجلا في الجاهلية دعاه الناس إليه وورث ميراثه حتى نزلت هذه الآية وسيأتي مزيد الكلام على قصة زيد بن حارثة في ذلك بعد قليل إن شاء الله تعالى (0) (0) قوله باب فمنهم من قضى نحبه عهده قال أبو عبيدة في قوله فمنهم من قضى نحبه أي نذره والنحب النذر والنحب أيضا النفس والنحب أيضا الخطر العظيم وقال غيره النحب في الاصل المنذر ثم استعمل في آخر كل شئ وقال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الحسن في قوله فمنهم من قضى نحبه قال قضى أجل على الوفاء والتصديق وهذا مخالف لما قاله غيره بل ثبت عن عائشة إن طلحة دخل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنت يا طلحة ممن قضى نحبه أخرجه بن ماجة والحاكم ويمكن أن يجمع بحمل حديث عائشة على المجاز وقضى بمعنى يقضي وو قع في تفسير بن أبي حاتم منهم عمار بن ياسر وفي تفسير يحيى بن سلام منهم حمزة وأصحابه وقد تقدم في قصة أنس بن النضر قول أنس بن مالك منهم أنس بن النضر وعند الحاكم من حديث أبي هريرة منهم مصعب بن عمير ومن حديث أبي ذر أيضا قوله أقطارها جوانبها هو قول أبي عبيدة قوله الفتنة لآتوها لاعطوها هو قول أبي عبيدة أيضا وهو على قراءة آتوها بالمد وأما من قرأها بالقصر وهي قراءة أهل الحجاز فمعناه جاءوها ثم ذكر طرفا من حديث أنس في قصة أنس بن النضر وقد تقدم شرحه مستوفى في أوائل الجهاد (4506) قوله أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت قال لما نسخنا الصحف في المصاحف تقدم في آخر تفسير التوبة من وجه آخر عن الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت لكن في تلك الرواية أن الآية لقد جاءكم رسول وفي هذه أن الآية من المؤمنين رجال فالذي يظهر أنهما حديثان وسيأتي في فضائل القرآن من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري بالحديثين معا في سياق واحد قوله فقدت آية من سورة الاحزاب كنت كثيرا أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها هذا يدل على أن زيدا لم يكن يعتمد في جمع القرآن على علمه ولا يقتصر على حفظه لكن فيه إشكال لان ظاهره أنه اكتفى مع ذلك بخزيمة وحده والقرآن إنما يثبت بالتواتر والذي يظهر في الجواب أن الذي أشار إليه أن فقده فقد وجودها مكتوبة لا فقد وجودها محفوظة بل كانت محفوظة عنده وعند غيره ويدل على هذا قوله في حديث جمع القرآن فأخذت أتتبعه من الرقاع والعسب كما سيأتي مبسوطا في فضائل القرآن وقوله خزيمة الانصاري الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين يشير إلى قصة خزيمة المذكورة وهو خزيمة بن ثابت كما سأبينه في رواية إبراهيم بن سعد الآتية وأما قصته المذكورة في الشهادة فأخرجها أبو داود والنسائي ووقعت لنا في جزء محمد بن يحيى الذهلي من طريق الزهري أيضا عن عمارة بن خزيمة عن عمه وكامن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع من أعرابي فرسا فاستتبعه ليقضيه ثمن الفرس فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي يساومونه في الفرس حتى زادوه على ثمنه فذكر الحديث قال فطفق الاعرابي يقول هلم شهيدا يشهد أني قد بعتك فمن جاء من المسلمين يقول ويلك إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقول إلا الحق حتى جاء خزيمة بن ثابت فاستمع المراجعة فقال أنا أشهد إنك قد بايعته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم تشهد قال بتصديقك فجعل النبي صلى الله عليه وسلم
[ 399 ]
شهادة خزيمة بشهادة رجلين ووقع لنا من وجه آخر أن اسم هذا الاعرابي سواد بن الحارث فأخرج الطبراني وابن شاهين من طريق زيد بن الحباب عن محمد بن زرارة بن خزيمة حدثني عمارة بن خزيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى فرسا من سواد بن الحارث فجحده فشهد له خزيمة بن ثابت فقال له بم تشهد ولم تكن حاضرا قال بتصديقك وأنك لا تقول إلا حقا فقال النبي صلى الله عليه وسلم من شهد له خزيمة أو عليه فحسبه قال الخطابي هذا الحديث حمله كثير من الناس على غير محمله وتذرع به قوم من أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عرف عندهم بالصدق على كل شئ ادعاه وإنما وجه الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم حكم على الاعرابي بعلمه وجرت شهادة خزيمة مجرى التوكيد لقوله والاستظهار على خصمه فصار في التقدير كشهادة الاثنين في غيرها من القضايا انتهى وفيه فضيلة الفطنة في الامور وأتها ترفع منزلة صاحبها لان السبب الذي أبداه خزيمة حاصل في نفس الامر يعرفه غيره من الصحابة إنما هو لما اختص بتفطنة لما غفل عنه غيره مع وضوحه جوزي على ذلك بان خص بفضيلة من شهد له خزيمة أو عليه فحسبه تنبيه زعم بن التين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لخزيمة لما جعل شهادته شهادتين لا تعد أي تشهد على ما لم تشاهده انتهى وهذه الزيادة لم أقف عليها (0) قوله باب قل لازواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا في رواية أبي ذر أمتعكن الآية قوله وقال معمر كذا لابي ذر وسقط هذا العزو من رواية غيره قوله التبرج أن تخرج زينتها هو قول أبي عبيدة واسمه معمر بن المثنى ولفظه في كتاب المجاز في قوله تعالى ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى هو من التبرج وهو أن يبرزن محاسنهن وتوهم مغلطاي ومن قلده أن مراد البخاري معمر بن راشد فنسب هذا إلى تخريج عبد الرزاق في تفسيره عن معمر ولا وجود لذلك في تفسير عبد الرزاق وإنما أخرج عن معمر عن بن أبي نجيح عن مجاهد في هذه الآية قال كانت المرأة تخرج تتمشى بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية وعند بن أبي حاتم من طريق شيبان عن قتادة قال كانت لهن مشية وتكسر وتغنج إذا خرجن من البيوت فنهين عن ذلك ومن طريق عكرمة عن بن عباس قال قال عمر ما كانت إلا جاهلية واحدة فقال له بن عباس هل سمعت بأولى إلا ولها آخرة ومن وجه آخر عن بن عباس قال تكون جاهلية أخرى ومن وجه آخر عنه قال كانت الجاهلية الاولى ألف سنة فيما بين نوح وإدريس وإسناده قوي ومن حديث عائشة قالت الجاهلية الاولى بين نوح وإبراهيم وإسناده ضعيف ومن طريق عامر وهو الشعبي قال هي ما بين عيسى ومحمد وعن مقاتل بن حيان قال الاولى زمان إبراهيم والاخرى زمان محمد قبل أن يبعث قلت ولعل أراد الجمع بين ما نقل عن عائشة وعن الشعبي والله أعلم قوله سنة الله استنها جعلها هو قول أبي عبيدة أيضا وزاد جعلها سنة ونسبه مغلطاي ومن تبعه أيضا إلتخريج عبد الرزاق عن معمر وليس ذلك فيه قوله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمر الله أن يخبر أزواجه سيأتي الكلام عليه في الباب الذي بعده (0) قوله باب قوله وإن كنتن تردن الله ورسوله ساقوا كلهم الآية إلى عظيما قوله وقال قتادة واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة القرآن والسنة وصله بن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة بلفظ من آيات الله والحكمة القرآن والسنة أورد
[ 400 ]
بصورة اللف والنشر المرتب وكذا هو في تفسير عبد الرزاق (4508) قوله وقال الليث حدثني يونس وصله الذهلي عن أبي صالح عنه وأخرجه بن جرير والنسائي والاسماعيلي من رواية بن وهب عن يونس كذلك قوله لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتخيير أزواجه ورد في سبب هذا التخيير ما أخرجه مسلم من حديث جابر قال دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم هن حولي كما ترى يسألنني النفقة يعني نساءه وفيه أنه اعتزلهن شهرا ثم نزلت عليه هذه الآية يا أيها النبي قل لازواجك حتى بلغ أجرا عظيما قال فبدأ بعائشة فذكر نحو حديث الباب وقد تقدم في المظالم من طريق عقيل ويأتي في النكاح أيضا من طريق شعيب كلاهما عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن بن عباس عن عمر في قصة المرأتين اللتين تظاهرتا بطوله وفي آخره حين أفشته حفصة إلى عائشة وكان قد قال ما أنا بداخل عليهن شهرا من شدة موجدته عليهن حتى عاتبه الله فلما مضت تسع وعشرون دخل على عائشة فبدأ بها فقالت له إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهرا وقد أصبحنا لتسع وعشرين ليلة أعدها عدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر تسع وعشرون وكان ذلك الشهر تسعا وعشرين قالت عائشة فأنزلت آية التخيير فبدأ بي أول امرأة فقال إني ذاكرا لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي الحديث وهذا السياق ظاهره أن الحديث كله من رواية بن عباس عن عمر وأما المروي عن عائشة فمن رواية بن عباس عنها وقد وقع التصريح بذلك فيما أخرجه بن أبي حاتم وابن مردويه من طريق أبي صالح عن الليث بهذا الاسناد إلى بن عباس قال قالت عائشة أنزلت آية التخيير فبدأ بي الحديث لكن أخرج مسلم الحديث من رواية معمر عن الزهري ففصله تفصيلا حسنا وذلك أنه أخرجه بطوله إلى آخر قصة عمر في المتظاهرتين إلى قوله حتى عاتبه ثم عقبة بقوله قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة قالت لما مضى تسع وعشرون فذكر مراجعتها في ذلك ثم عقبة بقوله قال يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي حتى تستأمري أبويك الحديث فعرف من هذا أقوله فلما مضت تسع وعشرون الخ في رواية عقيل هو من رواية الزهري عن عائشة بحذف الواسطة ولعل ذلك وقع عن عمد من أجل الاختلاف على الزهري في الواسطة بينه وبين عائشة في هذه القصة بعينها كما بينه المصنف هنا وكأن من أدرجه في رواية بن عباس مشى على ظاهر السياق ولم يفطن للتفصيل الذي وقع في رواية معمر وقد أخرج مسلم أيضا من طريق سماك بن الوليد عن بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد الحديث بطوله وفي آخره قال وأنزل الله آية التخيير فاتفق الحديثان على أن آية التخيير نزلت عقب فراغ الشهر الذي اعتزلهن فيه ووقع ذلك صريحا في رواية عمرة عن عائشة قالت لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم إلى نسائه أمر أن يخبرهن الحديث أخرجه الطبري والطحاوي واختلف الحديثان في سبب الاعتزل ويمكن الجمع بأن يكون القضيتان جميعا سبب الاعتزال فإن قصة المتظاهرتين خاصة بهما وقصة سؤال النفقة عامة في جميع النسوة ومناسبة آية التخيير بقصة سؤال النفقة أليق منها بقصة المتظاهرتين وسيأتي في باب من خير نساءه من كتاب الطلاق بيان الحكم فيمن خيرها زوجها إن شاء الله تعالى وقال الماوردي اختلف هل كان التخيير بين الدنيا والآخرة أو بين الطلاق والاقامة عنده على
[ 401 ]
قولين للعلماء أشبههما بقول الشافعي الثاني ثم قال أنه الصحيح وكذا قال القرطبي اختلف في التخيير هل كان في البقاء والطلاق أو كان بين الدنيا والآخرة انتهى والذي يظهر الجمع بين القولين لان أحد الامرين ملزوم للآخر وكأنهن خيرن بين الدنيا فيطلقهن وبين الآخرة فيمسكهن وهو مقتضى سياق الآية ثم ظهر لي أن محل القولين هل فوض إليهن الطلاق أم لا ولهذا أخرج أحمد عن على قال لم يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه إلا بين الدنيا والآخرة قوله فلا عليك أن لا تعجلي أي فلا بأس عليك في التأني وعدم العجلة حتى تشاوري أبويك قوله حتى تستأمري أبويك أي تطلبي منها أن يبينا لك رأيهما في ذلك ووقع في حديث جابر حتى تستشيري أبويك زاد محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عائشة إني عارض عليك أمرا فلا تفتاتي فيه بشئ حتى تعرضيه على أبويك أبي بكر وأم رومان أخرجه أحمد والطبري ويستفاد منه أن أم رومان كانت يومئذ موجودة فيرد به على من زعم أنها ماتت سنة ست من الهجرة فإن التخيير كان في سنة تسع قوله قالت فقلت ففي أي هذا أستأمر أبوي في رواية محمد بن عمرو فقلت فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ولا أو أمر أبوي أبا بكر وأم رومان فضحك وفي رواية عمر بن أبي سلمة عن أبيه عند الطبري ففرح قوله ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما فعلت في رواية عقيل ثم خير نساءه فقلن مثل ما قالت عائشة زاد بن وهب عن يونس في روايته فلم يكن ذلك طلاقا حين قاله لهن فاخترته أخرجه الطبري وفي رواية محمد بن عمرو المذكورة ثم استقرى الحجر يعني حجر أزواجه فقال إن عائشة قالت كذا فقلن ونحن نقول مثل ما قالت وقوله استقري الحجر أي تتبع والحج بضم المهملة وفتح الجيم جمع حجرة بضم ثم سكون والمراد مساكن أزواجه صلى الله عليه وسلم وفي حديث جابر المذكور أن عائشة لما قالت بل أختار الله ورسوله والدار الآخرة قالت يا رسول الله وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت فقال لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها إن الله لم يبعثني متعنتا وإنما بعثني معلما ميسرا وفي رواية معمر عند مسلم قال معمر فأخبرني أيوب أن عائشة قالت لا تخبر نساءك أني اخترتك فقال إن الله أرسلني مبلغا ولم يرسلني متعنتا وهذا منقطع بين أيوب وعائشة ويشهد لصحته حديث جابر والله اعلم وفي الحديث ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم لازواجه وحلمه عنهن وصبره على ما كان يصدر منهن من إدلال وغيره مما يبعثه عليهن الغيرة وفيه فضل عائشة لبداءته بها كذا قرره النووي لكن روى بن مردويه من طريق الحسن عن عائشة أنها طلبت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبا فأمر الله نبيه أن يخير نساءه أم عند الله تردن أم الدنيا فإن ثبت هذا وكانت هي السبب في التخيير فلعل البداء بها لذلك لكن الحسن لم يسمع من عائشة فهو ضعيف وحديث جابر في أن النسوة كن يسألنه النفقة أصح طريقا منه وإذا تقرر أن السبب لم يتحد فيها وقدمت في التخيير دل على المراد لا سيما مع تقديمه لها أيضا في البداءة بها في الدخول عليها وفيه أن صغر السن مظنة لنقص الرأي قال العلماء إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة أن تستأمر أبويها خشية أن يحملها صغر السن على اختيار الشق الآخر لاحتمال أن لا يكون عندها من الملكة ما يدفع ذلك العارض فإذا استشارت أبويها أوضحا لها ما في ذلك من المفسدة وما في مقابله من المصلحة ولهذا لما فطنت عائشة لذلك قالت قد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه ووقع في رواية عمرة عن عائشة في هذه
[ 402 ]
القصة وخشى رسول الله صلى الله عليه وسلم حداثني وهذا شاهد للتأويل المذكور وفيه منقبة عظيمة لعائشة وبيان كمال عقلها وصحة رأيها مع صغر سنها وأن الغيرة تحمل المرأة الكاملة الرأي والعقل على ارتكاب ما لا يليق بحالها لسؤالها النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يخبر أحدا من أزواجه بفعلها ولكنه صلى الله عليه وسلم لما علم أن الحامل لها على ذلك ما طبع عليه النساء من الغيرة ومحبة الاستبداد دون ضرائرها لم يسعفها بما طلبت من ذلك تنبيه وقع في النهاية والوسيط التصريح بأن عائشة أرادت أن يختار نساؤه الفراق فإن كانا ذكراه فيما فهماه من السياق فذاك وإلا فلم أر في شئ من طرق الحديث التصريح بذلك وذكر بعض العلماء أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم تخيير أزواجه واستند إلى هذه القصة ولا دلالة فيها على الاختصاص نعم أدعى بعض من قال إن التخيير طلاق أنه في حق الامة واختص هو صلى الله عليه وسلم بأن ذلك في حقه ليس بطلاق وسيأتي مزبد بيان لذلك في كتاب الطلاق أن شاء تعالى واستدل به بعضهم على ضعف ما جاء أن من الازواج حينئذ من اختارت الدنيا فزوجها وهي فاطمة بنت الضحاك لعموم قوله ثم فعل الخ قوله تابعه موسى بن أعين عن معمر عن الزهري أخبرني أبو سلمة يعني عن عائشة وصله النسائي من طريق محمد بن موسى بن أعين حدثنا أبي فذكره قوله وقال عبد الرزاق وأبو سفيان المعمري عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة أما رواية عبد الرزاق فوصلها مسلم وابن ماجة من طريقه وأخرجها أحمد وإسحاق في مسنديهما عنه وقصر من قصر تخريجها على بن ماجة وأما رواية أبي سفيان المعمري فأخرجها الذهلي في الزهريات وتابع معمرا على عروة جعفر بن برقان ولعل الحديث كان عند الزهري عنهما فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا وإلى هذا مال الترمذي وقد رواه عقيل وشعيب عن الزهري عن عائشة بغير واسطة كما قدمته والله أعلم (0) قوله باب وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه لم تختلف الروايات أنها نزلت في قصة زيد بن حارثة وزينب بنت جحش (4509) قوله حدثنا معلى بن منصور هو الرازي وليس له عند البخاري سوى هذا الحديث وآخر في البيوع وقد قال في التاريخ الصغير دخلنا عليه سنة عشر فكأنه لم يكثر عنه ولهذا حدث عنه في هذين الموضعين بواسطة قوله حدثنا ثابت كذا قال معلى بن منصور عن حماد وتابعه محمد بن أبي بكر المقدمي وعارم وغيرهما وقال الصلت بن مسعود وروح بن عبد المؤمن وغيرهما عن حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس فلعل لحماد فيه إسنادين وقد أخرجه الاسماعيلي من طريق سليمان بن أيوب صاحب البصري عن حماد بن زيد بالاسنادين معا قوله ان هذه الآية وتخفى في نفسك ما الله مبديه نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة هكذا اقتصر على هذا القدر من هذه القصة وقد أخرجه في التوحيد من وجه آخر عن حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال جاء زيد بن حارثة يشكو فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول اتق الله وأمسك عليك زوجك قال أنس لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه الآية قال وكانت تفتخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الحديث وأخرجه أحمد عن مؤمل بن إسماعيل عن حماد بن زيد بهذا الاسناد بلفظ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزل زيد بن حارثة فجاءه زيد يشكوها إليه فقال له أمسك عليك زوجك واتق الله فنزلت إلى قوله زوجناكها قال يعني زينب بنت جحش
[ 403 ]
وقد أخرج بن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقا واضحا حسنا ولفظه بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة مولاه فكرهت ذلك ثم أنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه ثم أعلم الله عزوجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا تزوج امرأة ابنه وقد كان قد تبنى زيدا وعنده من طريق على بن زيد عن على بن الحسين بن علي قال أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن زينب ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها فلما أتاه زيد يشكوها إليه وقال له اتق الله وأمسك علك زوجك قال الله قد أخبرتك أني مزوجكها وتخفى في نفسك ما الله مبديه وقد أطنب الترمذي الحكيم في تحسين هذه الرواية وقال إنها من جواهر العلم المكنون وكأنه ليقف على تفسير السدي الذي أوردته وهو أوضح سياقا وأصح إسنادا إليه لضعف على بن زيد بن جدعان وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال جاء زيد بن حارثة فقال يا رسول الله إن زينب أشتد على لسانها وأنا أريد أن أطلقها فقال له اتق الله وأمسك عليك زوجك قال والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قاله الناس ووردت آثار أخرى أخرجها بن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها والذي أوردته منها هو المعتمد والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس تزوج امرأة ابنه وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الابطال منه وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابنا ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم وإنما وقع الخبط في تأويل متعلق الخشية والله أعلم وقد أخرج الترمذي من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن عائشة قالت لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية وإذ تقول الذي أنعم الله عليه يعني بالاسلام وأنعمت عليه بالعتق أمسك عليك زوجك إلى قوله قدرا مقدورا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها قالوا تزوج حليلة ابنه فأنزل الله تعالى ما كان محمد أبا أحد من رجالكم الآية وكان تبناه وهو صغير قلت حتى صار رجلا يقال له زيد بن محمد فأنزل الله تعالى ادعوهم لآبائهم إلى قوله ومواليكم قال الترمذي روى عن داود عن الشعبي عن مسروق عن عائشة إلى قوله لكتم هذه الآية ولم يذكر ما بعده قلت وهذا القدر أخرجه مسلم كما قال الترمذي وأظن الزائد بعده مدرجا في الخبر فإن الراوي له عن داود لم يكن بالحافظ وقال بن العربي إنما قال عليه الصلاة والسلام لزيد أمسك عليك زوجك اختبارا لما عنده من الرغبة فيها أو عنها فلما أطلعه زيد على ما عنده منها من النفرة التي نشأت من تعاظمها عليه وبذاءة لسانها أذن له في طلاقها وليس في مخالفة متعلق الامر لمتعلق العلم ما يمنع من الآمر به والله اعلم وروى أحمد ومسلم والنسائي من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد اذكرها على قال فانطلقت فقلت يا زينب أبشري أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك فقالت ما أنا بصانعه
[ 404 ]
شيئا حتى أؤامر ربي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها بغير إذن وهذا أيضا من أبلغ ما وقع في ذلك وهو أن يكون الذي كان زوجها هو الخاطب لئلا يظن أحد أن ذلك وقع قهرا بغير رضاه وفيه أيضا اختبار ما كان عنده منها هل بقي منه شئ أم لا وفيه استحباب فعل المرأة الاستخارة ودعائها عند الخطبة قبل الاجابة وأن من وكل أمره إلى الله عزوجل يسر الله له ما هو الاحظ له والانفع دنيا وأخرى (0) (0) قوله باب قوله ترجئ من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك كذا للجميع وسقط لفظ باب لغير أبي ذر وحكى الواحدي عن المفسرين أن هذه الآية نزلت عقب نزول آية التخيير وذلك أالتخيير لما وقع أشفق بعض الازواج أن يطلقهن ففوضن أمر القسم إليه فأنزلت ترجى من تشاء الآية قوله قال بن عباس ترجئ تؤخر وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس به قوله أرجه أخره هذا من تفسير الاعراف والشعراء ذكره هنا استطرادا وقد وصله بن أبي حاتم أيضا من طريق عطاء عن بن عباس قال في قوله أرجه وأخاه قال أخره وأخاه (4510) قوله حدثنا زكريا بن يحيى هو الطائي وقيل البلخي وقد تقدم بيان ذلك في العيدين قوله حدثنا أبو أسامة قال هشام حدثنا هو من تقديم المخبر على الصيغة وهو جائز قوله كنت أغار كذا وقع بالغين المعجمة من الغيرة ووقع عند الاسماعيلي من طريق محمد بن بشر عن هشام بن عروة بلفظ كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن بعين مهملة وتشديد قوله وهبهن أنفسهن هذا ظاهر في أن الواهية أكثر من واحدة ويأتي في النكاح حديث سهل بن سعد أن امرأة قالت يا رسول الله إني وهبت نفسي لك الحديث وفيه قصة الرجل الذي طلبها قال التمس ولو خاتما من حديد ومن حديث أنس أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت له إن لي ابنة فذكرت من جمالها فأثرتك بها فقال قد قبلتها فلم تزل تذكر حتى قالت لم تصدع قطفقال لا حاجة لي في ابنتك وأخرجه أحمد أيضا وهذه امرأة أخرى بلا شك وعند بن أبي حاتم من حديث عائشة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم هي خولة بنت حكيم وسيأتي الكلام عليه في كتاب النكاح فإن البخاري أشار إليه معلقا ومن طريق الشعبي قال من الواهبات أم شربك وأخرجه النسائي من طريق عروة وعند أبي عبيد معمر بن المثنى أن من الواهبات فاطمة بنت شريح وقيل إن ليلى بنت الحطيم مما وهبت نفسها له ومنهن زينب بنت خزيمة جاء عن الشعبي وليس بثابت وخولة بنت حكيم وهو في هذا الصحيح ومن طريق قتادة عن بن عباس قال التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم هي ميمونة بنت الحارث وهذا منقطع وأورده من وجه آخر مرسل وإسناده ضعيف ويعارضه حديث سماك عن عكرمة عن بن عباس لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة وهبت نفسها له أخرجه الطبري وإسناده حسن والمراد أنه لم يدخل بواحدة ممن وهبت نفسها له وأن كان مباحا له لانه راجع إلى إرادته لقوله تعالى إن أراد النبي أن يستنكحها وقد بينت عائشة في هذا الحديث سبب نزول قوله تعالى ترجى من تشاء منهن وأشارت إلى قوله تعالى وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي وقوله تعالى قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وروى بن مردويه من حديث بن عمر ومن حديث بن عباس أيضا قال فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين
[ 405 ]
قوله ما أرى ربك إلا يسارع في هواك أي ما أرى الله إلا موجدا لما تريد بلا تأخير منزلا لما تحب وتختار وقوله ترجى من تشاء منهن أي تؤخرهن بغير قسم وهذا قول الجمهور وأخرجه الطبري عن بن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وأبي رزين وغيرهم وأخرج الطبري أيضا عن الشعبي في قوله ترجى من تشاء منهن قال كن نساء وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فدخل ببعضهن وأرجا بعضهن لم ينكحهن وهذا شاذ والمحفوظ أنه لم يدخل بأحد من الواهبات كما تقدم وقيل المراد بقوله ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء أنه كان هم بطلاق بعضهن فقلن له لا تطلقنا واقسم لنا ما شئت فكان يقسم لبعضهن قسما مستويا وهن اللاتي آواهن ويقسم للباقي ما شاء وهن اللاتي أرجأهن فحاصل ما نقل في تأويل ترجى أقوال أحدها تطلق وتمسك ثانيها تعتزل من شئت منهن بغير طلاق وتقسم لغيرها ثالثها تقبل من شئت من الواهبات وترد من شئت وحديث الباب يؤيد هذا والذي قبله واللفظ يحتمل للاقوال الثلاثة وظاهر ما حكته عائشة من استئذانه أنه لم يرج أحدا منهن بمعنى أنه لم يعتزل وهو قول الزهري ما أعلم أنه أرجأ أحدا من نسائه أخرجه بن أبي حاتم وعن قتادة أطلق له أن يقسم كيف شاء فلم يقسم إلا بالسوية (4511) قوله يستأذن المرأة في اليوم أي الذي يكون فيه نوبتها إذا أراد أن يتوجه إلى الاخرى قوله تابعه عباد بن عباد سمع عاصما وصله بن مردويه في تفسيره من طريق يحيى بن معين عن عباد بن عباد ورويناه في الجزء الثالث من حديث يحيى بن معين رواية أبي بكر المروزي عنه من طريق المصريين إلى المروزي تكميل اختلف في المنفى في قوله تعالى في الآية التي تلي هذه الآية وهي قوله لا تحل لك النساء من بعد هل المراد بعد الاوصاف المذكورة فكان يحل له صنف دون صنف أو بعد النساء الموجودات عند التخيير على قولين وإلى الاول ذهب أبي بن كعب ومن وافقه أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند وإلى الثاني ذهب بن عباس ومن وافقه وأن ذلك وقع مجازاة لهن على اختيارهن إياه نعم الواقع أنه صلى الله عليه وسلم لم يتجدد له تزوج امرأة بعد القصة المذكورة لكن ذلك لا يرفع الخلاف وقد روى الترمذي والنسائي عن عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء وأخرج بن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها مثله (0) قوله باب قوله لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام إلى قوله إن ذلكم كان عند الله عظيما كذا لابي ذر والنسفي وساق غيرهما الآية كلها قوله يقال أناه إدراكه أني يأنى أناة فهو آن أني بفتح الالف والنون مقصور ويأتي بكسر النون وأناة بفتح الهمزة والنون مخففا وآخره هاء تأنيث بغير مد مصدر قال أبو عبيدة في قوله إلى طعام غير ناظرين أناه أي إدراكه وبلوغه ويقال أني يأنى أنيا أي بلغ وأدرك قال الشاعر تمحضت المنون له بنوم أني ولكل حاملة تمام وقوله أنيا بفتح الهمزة وسكون النون مصدر أيضا وقرأ الاعمش وحده آناه بمد أوله بصيغة الجمع مثل آناء الليل ولكن بغير همز في آخره قوله لعل الساعة تكون قريبا إذا وصفت صفة المؤنث قلت قريبة وإذا جعلته ظرفا وبدلا ولم ترد الصفة نزعت الهاء من المؤنث وكذلك لفظها في الواحد والاثنين والجمع المذكر والانثى هكذا وقع هذا الكلام هنا لابي ذر والنسفي وسقط لغيرهما وهو أوجه لانه وإن اتجه ذكره في هذه السورة لكن ليس هذا محله وقد قال أبو عبيدة في قوله تعالى وما يدريك
[ 406 ]
لعل الساعة تكون قريبا مجازه مجاز الظرف ههنا ولو كان صفا للساعة لكان قريبة وإذا كانت ظرف فإن لفظها في الواحد وفي الاثنين والجمع من المذكر والمؤنث واحد بغير هاء وبغير جمع وبغير تثنية وجوز غيره أن يكون المراد بالساعة اليوم فلذلك ذكره أو المراد شيئا قريبا أو زمانا قريبا أو التقدير قيام الساعة فحذف قيام وروعيت الساعة في تأنيث تكون وروعي المضاف المحذوف في تذكير قريبا وقيل قريبا كثر استعماله استعمال الظروف فهو ظرف في موضع الخبر ثم ذكر المصنف في الباب ثلاثة أحاديث أحدهما حديث أنس عن عمر قال قلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فأنزل الله آية الحجاب وهو طرف من حديث أوله وافقت ربي في ثلاث وقد تقدم بتمامه في أوائل الصلاة وفي تفسير البقرة ثانيها حديث أنس في قصة بناء النبي صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ونزول آية الحجاب أورده من أربعة طرق عن أنس بعضها أتم من بعض وقوله لما أهديث أي لما زينتها الماشطة وزفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزعم الصغائي أن الصواب هديت بغير ألف لكن توارد النسخ على إثباتها يرد عليه ولا مانع من استعمال الهدية في هذا استعارة (4513) قوله لما تزوج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش دعا القوم فطعموا في رواية الزهري عن أنس كما سيأتي في الاستئذان قال أنا أعلم الناس بشأن الحجاب وكان في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش أصبح بها عروسا فدعا القوم وفي رواية أبي قلابة عن أنس قال أنا أعلم الناس بهذه الآية آية الحجاب لما أهديت زينب بنت جحش إلى النبي صلى الله عليه وسلم صنع طعاما وفي رواية عبد العزيز بن صهيب عن أنس أنه كان الداعي إلى الطعام قال فيجئ قوم فيأكلون ويخرجون ثم يجئ قوم فيأكلون ويخرجون قال فدعوت حتى ما أجد أحدا وفي رواية حميد فأشبع المسلمين خبزا ولحما ووقع في رواية الجعد بن عثمان عن أنس عند مسلم وعلقه البخاري قال تزوج النبي صلى الله عليه وسلم فدخل بأهله فصنعت له أم سليم حيسا فذهبت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع لي فلانا وفلانا وذهبت فدعوتهم زهاء ثلاثمائة رجل فذكر الحديث في إشباعهم من ذلك وقد تقدمت الاشارة إليه في علامات النبوة ويجمع بينه وبين رواية حميد بأنه صلى الله عليه وسلم أو لم عليه باللحم والخبز وأرسلت إليه أم سليم الحيس وفي رواية سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم حتى امتد النهار الحديث أخرجه مسلم قوله قلت يارسول الله والله ما أجد أحدا قال فارفعوا طعامكم زاد الاسماعيلي من طريق جعفر بن مهران عن عبد الوارث فيه قال وزينب جالسة في جانب البيت قال وكانت امرأة قد أعطيت جمالا وبقي في البيت ثلاثة قوله ثم جلسوا يتحدثون في رواية أبي قلابة فجعل يخرج ثم يرجع وهم قعود يتحدثون قوله وإذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام فلما قام قام من قام وقعد ثلاثة نفر في رواية عبد العزيز وبقي ثلاثة رهط وفي رواية حميد فلما رجع إلى بيته رأى رجلين ووافقه بيان بن عمرو عن أنس عند الترمذي وأصله عند المصنف أيضا ويجمع بين الروايتين بأنهم أول ما قام وخرج من البيت كانوا ثلاثة وفي آخر ما رجع توجه واحد منهم في أثناء ذلك فصاروا اثنين وهذا أولى من جزم بن التين بأن إحدى الروايتين وهم وجوز الكرماني أن يكون التحديث وقع من اثنين منهم فقط والثالث كان ساكتا
[ 407 ]
فمن ذكر الثلاثة لحظ الاشخاص ومن ذكر الاثنين لحظ سبب العقود ولم أقف على تسمية أحد منهم قوله فانطلقت فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أنهم انطلقوا هكذا وقع الجزم في هذه الرواية بأنه الذي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم وكذا في رواية الجعد المذكورة واتفقت رواية عبد العزيز وحميد على أن أنسا كان يشك في ذلك ولفظ حميد فلا أدري أنا أخبرته بخروجهما أم أخبر وفي رواية عبد العزيز عن أنس فما أدري أخبرته أو أخبر وهو مبنى للمجهول أي أخبر بالوحي وهذا الشك قريب من شك أنس في تسمية الرجل الذي سأل الدعاء بالاستسقاء فإن بعض أصحاب أنس جزم عنه بأنه الرجل الاول وبعضهم ذكر أنه سأله عن ذلك فقال لا أدري كما تقدم في مكانه وهو محمول على أنه كان يذكره ثم عرض له الشك فكان يشك فيه ثم تذكر فجزم قوله فذهبت أدخل فألقى الحجاب بيني وبينه فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تدخلو بيوت النبي الآية زاد أبو قلابة في روايته إلا أن يؤذن لكم إلى قوله من وراء حجاب فضرب الحجاب وفي رواية عبد العزيز حتى إذا وضع رجله في أسكفة الباب داخلة والاخرى خارجة أرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب وعند الترمذي من رواية عمرو بن سعيد عن أنس فلما أرخى الستر دوني ذكرت ذلك لابي طلحة فقال إن كان كما تقول لينزلن فيه قرآن فنزلت آية الحجاب قوله في رواية عبد العزيز (4515) فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فانطلق إلى حجرة عائشة فقال السلام عليكم في رواية حميد ثم خرج إلى أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه فيسلم عليهن ويسلمن عليه ويدعو لهن ويدعون له وفي رواية عبد العزيز أنهن قلن له كيف وجدت أهلك بارك الله لك قوله فتقرى بفتح القاف وتشديد الراء بصيغة الفعل الماضي أي تتبع الحجرات واحدة واحدة يقال منه قريت الارض إذا تتبعتها أرضا بعد أرض وناسا بعد ناس قوله وكان النبي صلى الله عليه وسلم شديد الحياء فخرج منطلقا نحو حجرة عائشة في رواية حميد رأى رجلين جرى بهما الحديث فلما رآهما رجع عن بيته فلما رأى الرجلان نبي الله صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته وثبا مسرعين ومحصل القصة أن الذين حضروا الوليمة جلسوا يتحدثون واستحى النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم بالخروج فتهيأ للقيام ليفطنوا لمراده فيقوموا بقيامه فلما ألهاهم الحديث عذلك قام وخرج فخرجوا بخروجه إلا الثلاثة الذين لم يفطنوا لذلك لشدة شغل بالهم بما كانوا فيه من الحديث وفي غضون ذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقوموا من غير مواجهتهم بالامر بالخروج
[ 408 ]
لشدة حيائه فيطيل الغيبة عنهم بالتشاغل بالسلام على نسائه وهم في شغل بالهم وكأن أحدهم في أثناء ذلك أفاق من غفلته فخرج وبقي الاثنان فلما طال ذلك ووصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى منزله فرأهما فرجع فرأياه لما رجع فحينئذ فطنا فخرجا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وأنزلت الآية فأرخى الستر بينه وبين أنس خادمه أيضا ولم يكن له عهد بذلك تنبيه ظاهر الرواية الثانية أن الآية نزلت قبل قيام القوم وا لاولى وغيرها أنها نزلت بعد فيجمع بان المراد أنها نزلت حال قيامهم أي أنزلها الله وقد قاموا ووقع في رواية الجعد فرجع فدخل البيت وارخى الستر وإني لفي الحجرة وهو يقول يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلى قوله من الحق وفي الحديث م ن الفوائد مشروعية الحجاب لامهات المؤمنين قال عياض فرض الحجاب مما اختصصن به فهو فرض عليهن بلا خلاف في الوجه والكفين فلا يجوز لهن كشف ذلك في شهادة ولا غيرها ولا إظهار شخوصهن وأن كن مستترات إلا ما دعت إليه ضرورة من براز ثم استدل بما في الموطأ أن حفصة لما توفي عمر سترها النساء عن أن يرى شخصها وأن زينب بنت جحش جعلت لها القبة فوق نعشها ليستر شخصها انتهى وليس فيما ذكره دليل على ما ادعاه من فرض ذلك عليهن وقد كن بعد النبي صلى الله عليه وسلم يحججن ويطفن وكان الصحابة ومن بعدهم يسمعون منهن الحديث وهن مستترات الابدان لا الاشخاص وقد تقدم في الحج قول بن جريج لعطاء لما ذكر له طواف عائشة أقبل الحجاب أو بعده قال قد أدركت ذلك بعد الحجاب وسيأتي في آخر الحديث الذي يليه مزيد بيان لذلك (4516) قوله وقال بن أبي مريم أنبأنا يحيى حدثني حميد سمعت أنسا مراده بذلك أن عنعنة حميد في هذا الحديث غير مؤثرة لانه ورد عنه التصريح بالسماع لهذا الحديث منه ويحيى المذكور هو بن أبي أيوب الغافقي المصري وابن أبي مريم من شيوخ البخاري واسمه سعيد بن الحكم ووقع في بعض النسخ من رواية أبي ذر وقال إبراهيم بن أبي مريم وهو تغيير فاحش وإنما هو سعيد الحديث الثالث حديث عائشة خرجت سودة أي بنت زمعة أم المؤمنين بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وقد تقدم في كتاب الطهارة من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالف ظاهره رواية الزهري هذه عن عروة قال الكرماني فإن قلت وقع هنا أنه كان بعد ما ضرب الحجاب وتقدم في الوضوء أنه كان قبل الحجاب فالجواب لعله وقع مرتين قلت بل المراد بالحجاب الاول غير الحجاب الثاني والحاصل أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الاجانب على الحريم النبوي حتى صرح بقوله عليه الصلاة والسلام احجب نساءك وأكد ذلك إلى أن نزلت آية الحجاب ثم قصد بعد ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلا ولو كن مستترات فبالغ في ذلك فمنع منه وأذن لهن في الخروج لحاجتهن دفعا للمشقة ورفعا للحرج وقد اعترض بعض الشراح بأن إيراد الحديث المذكور في الباب ليس مطابقا بل إيراده في عدم الحجاب أولى وأجيب بأنه أحال على أصل الحديث كعادته وكأنه أشار إلى أن الجمع بين الحديثين ممكن والله اعلم وقد وقع في رواية مجاهد عن عائشة لنزول آية الحجاب سبب آخر أخرجه النسائي بلفظ كنت آكل مع النبي صلى الله عليه وسلم حيسا في قعب فمر عمر فدعاه فأكل فأصاب إصبعه إصبعي فقال حس أو أوه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين فنزل الحجاب ويمكن الجمع بأن ذلك وقع قبل قصة زينب فلقربه منها أطلقت نزول الحجاب بهذا السبب ولا مانع من تعدد الاسباب وقد أخرج بن مردويه من حديث بن
[ 409 ]
عباس قال دخل رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فأطال الجلوس فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات ليخرج فلم يفعل فدخل عمر فرأى الكراهية في وجهه فقال للرجل لعلك آذيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد قمت ثلاثا لكي يتبعني فلم يفعل فقال له عمريا رسول الله لو اتخذت حجابا فإن نساءك لسن كسائر النساء وذلك أطهر لقلوبهن فنزلت آية الحجاب () قوله باب قوله إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان إلى قوله شهيدا كذا لابي ذر وساق غيره الآيتين جميعا ثم ذكر حديث عائشة في قصة أفلح أخي أبي القعيس وسيأتي شرح الحديث مستوفى في الرضاع ومطابقته للترجمة من قوله لا جناح عليهن في آبائهن الخ فإن ذلك من جملة الآيتين وقوله (4518) في الحديث ائذني له فإنه عمك مع قوله في الحديث الآخر العم صنو الاب وبهذا يندفع اعتراض من زعم أنه ليس في الحديث مطابقة للترجمة أصلا وكأن البخاري رمز بإيراد هذا الحديث إلى رد على من كره للمرأة أن تضع خمارها عند عمها أو خالها كما أخرجه الطبري من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة والشعبي أنه قيل لهما لم لم يذكر للعم والخال في هذه الآية فقالا لانهما ينعتاها لابنائهما وكرها لذلك أن تضع خمارها عند عمها أو خالها وحديث عائشة في قصة أفلح يرد عليهما وهذا من دقائق ما في تراجم البخاري (0) قوله باب قوله إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية كذا لابي ذر وساقها غيره إلى تسليما قوله قال أبو العالية صلاة الله ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة الدعاء أخرجه بن أبي حاتم ومن طريق آدم بن أبي إياس حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع هو بن أنس بهذا وزاد في آخره له قوله وقال بن عباس يصلون يبركون وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله يصلون على النبي قال يبركون على النبي أي يدعون له بالبركة فيوافق قول أبي العالية لكنه أخص منه وقد سئلت عن إضافة الصلاة إلى الله دون السلام وأمر المؤمنين بها وبالسلام فقلت يحتمل أن يكون السلام له معنيان التحية والانقياد فأمر به المؤمنون لصحتهما منهم والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد فلم يضف إليهم دفعا للايهام والعلم عند الله قوله لنعزينك لنسلطنك كذا وقع هذا هنا ولا تعلق له بالآية وإن كان من جملة السورة فلعله من الناسخ وهو قول بن عباس ووصله الطبري أيضا من طريق علي بن أبي طلحة عنه بلفظ لنسلطنك عليهم وقال أبو عبيدة مثله وكذا قال السدى (4519) قوله سعيد بن يحيى هو الاموي قوله قيل يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه في حديث أبي سعيد الذي بعد هذا قلنا يا رسول الله والمراد بالسلام ما علمهم إياه في التشهد من قولهم السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته والسائل عن ذلك هو كعب بن عجرة نفسه أخرجه بن مردويه من طريق الاجلح عن الحكم بن أبي ليلى عنه وقد وقع السؤال عن ذللك أيضا لبشير بن سعد والد النعمان بن بشير كذا وقع في حديث أبي مسعود عند مسلم بلفظ أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن عبادة فقال له بشير بن سعد أمرنا الله تعالى أن نصلي عليه فكيف نصلي عليك وروى الترمذي من طريق يزيد بن أبي زيادة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة قال لما نزلت إن الله وملائكته الآية قلنا يا رسول الله قد علمنا السلام فكيف الصلاة قوله فكيف الصلاة عليك في حديث أبي سعيد فكيف نصلي عليك زاد أبو مسعود في روايته إذا نحن صلينا عليك في صلاتنا أخرجه الطبري أبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان بهذه الزيادة
[ 410 ]
قوله قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد في حديث أبي سعيد على محمد عبدك ورسولك قوله كما صليت على آل إبراهيم أي تقدت منك الصلاة على إبراهيم وعلى آل إبراهيم فنسأل منك الصلاة على محمد وعلى آل محمد بطريق الاولى لان الذي يثبت للفاضل يثبت للافضل بطريق الاولى وبهذا يحصل الانفصال عن الايراد المشهور من أن شرط التشبيه أن يكون المشبه به أقوى ومحصل الجواب أن التشبيه ليس من باب إلحاق الكامل بالاكمل بل من باب النهييج ونحوه أو من بيان حال ما لا يعرف بما يعرف لانه فيما يستقبل والذي يحصل لمحمد صلى الله عليه وسلم من ذلك أقوى وأكمل وأجابوا بجواب آخر على تقدير أنه من باب الالحاق وحاصل الجواب أن التشبيه وقع للمجموع بالمجموع لان مجموع آل إبراهيم أفضل من مجموع آل محمد لان في آل إبراهيم الانبياء بخلاف آل محمد ويعكر على هذا الجواب التفصيل الواقع في غالب طرق الحديث وقيل في الجواب أيضا إن ذلك كان قبل أن يعلم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أنه أفضل من إبراهيم وغيره من الانبياء وهو مثل ما وقع عند مسلم عن أنس إن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يا خير البرية قال ذاك إبراهيم قوله على آل إبراهيم كذا فيه في الموضعين وسأذكر تحرير ذلك في كتاب الدعوات إن شاء الله تعالى وفي آخر حديث أبي سعيد المذكور والسلام كما قد علمتم قوله في حديث أبي سعيد (4520) قال أبو صالح عن الليث يعني بالاسناد المذكور قبل قوله على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم يعني أن عبد الله بن يوسف لم يذكر آل إبراهيم عن الليث وذكرها أبو صالح عنه في الحديث المذكور وهكذا أخرجه أبو نعيم من طريق يحيى بن بكير عن الليث قوله حدثنا بن أبي حازم هو عبد العزيز بن سلمة بن دينار قوله والدرا وردي هو عبد العزيز بن محمد قوله عن يزيد هو بن عبد الله بن شداد بن الهاد شيخ الليث فيه ومراده أنهما روياه بإسناد الليث فذكر آل إبراهيم كما ذكره أبو صالح عن الليث واستدل بهذا الحديث على جواز الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم من أجل قوله فيه وعلى آل محمد وأجاب من منع بأن الجواز مقيد بما إذا وقع تبعا والمنع إذا وقع مستقلا والحجة فيه أنه صار شعارا للنبي صلى الله عليه وسلم فلا يشاركه غيره فيه فلا يقال قال أبو بكر صلى الله عليه وسلم وأن كان معناه صحيحا ويقال صلى الله على النبي وعلى صديقه أو خليفته ونحو ذلك وقريب من هذا أنه لا يقال قال محمد عزوجل وأن كان معناه صحيحا لان هذا الثناء صار شعارا لله سبحانه فلا يشاركه غيره فيه ولا حجة لمن أجاز ذلك منفردا فيما وقع من قوله تعالى وصل عليهم ولا في قوله اللهم صل على آل أبي أوفى ولا في قول امرأة جابر صل علي وعلى زوجي فقال اللهم صل عليهما فإن ذلك كله وقع من النبي صلى الله عليه وسلم ولصاحب الحق أن يتفضل من حقه بما شاء وليس لغيره أن يتصرف إلا بإذنه ولم يثبت عنه إذن في ذلك ويقوى المنع بأن الصلاة على غير النبي صلى الله عليه وسلم صار شعارا لاهل الاهواء يصلون على من يعظمونه من أهل البيت وغيرهم وهل المنع في ذلك حرام أو مكروه أو خلاف الاولى حكى الاوجه الثلاثة النووي في الاذكار وصحح الثاني وقد روى إسماعيل بن إسحاق في كتاب أحكام القرآن له بإسناد حسن عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب أما بعد فإن ناسا من الناس التمسوا عمل الدنيا بعمل الآخرة وإن ناسا من القصاص أحدثوا في الصلاة على خلفائهم وأمرائهم عدل الصلاة على النبي فإذا جاءك كتابي هذا فمرهم أن تكون صلاتهم على النبيين ودعاؤهم للمسلمين ويدعوا ما سوى ذلك ثم
[ 411 ]
أخرج عن بن عباس بإسناد صحيح قال لا تصلح الصلاة على أحد إلا على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن للمسلمين والمسلمات الاستغفار وذكر أبو ذر أن الامر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كان في السنة الثانية من الهجرة وقيل من ليلة الاسراء (0) قوله باب لا تكونوا كالذين آذوا موسى ذكر فيه طرفا من قصة موسى مع بني إسرائيل وقد تقدم بسنده مطولا في أحاديث الانبياء مع شرحه مستوفى وقد روى أحمد بن منيع في مسنده والطبري وابن أبي حاتم بإسناد قوي عن بن عباس عن علي قال صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون فقال بنو إسرائيل لموسى أنت قلته كان ألين لنا منك وأشد حبافآذوه بذلك فأمر الله الملائكة فحملته فمرت به على مجالس بني إسرائيل فعلموا بموته قال الطبري يحتمل أن يكون هذا المراد بالاذى في قوله لا تكونوا كالذين آذوا موسى قلت وما في الصحيح أصح من هذا لكن لا مانع أن يكون للشئ سببان فأكثر كما تقدم تقريره غير مرة (0) قوله سورة سبأ بسم الله الرحمن الرحيم سقط لفظ سورة والبسملة لغير أبي ذر وهذه السورة سميت بقوله فيها لقد كان لسبأ في مساكنهم الآية قال بن إسحاق وغيره هو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان ووقع عند الترمذي وحسنه من حديث فروة بن مسيك قال أنزل في سبأ ما أنزل فقال رجل يا رسول الله وما سبأ أرض أو امرأة قال ليس بأرض ولا امرأة ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن ستة وتشاءم أربعة الحديث قال وفي الباب عن بن عباس قلت حديث بن عباس وفروة صححهما الحاكم وأخرج بن أبي حاتم في حديث فروة زيادة أنه قال يا رسول الله إن سبأ قوم كان لهم عز في الجاهلية وإني أخشى أن يرتدوا فأقاتلهم قال ما أمرت فيهم بشئ فنزلت لقد كان لسبأ في مساكنهم الآيات فقال له رجل يا رسول الله وما سبأ فذكره وأخرج بن عبد البر في الانساب له شاهدا من حديث تميم الداري وأصله قصة سبأ وقد ذكرها بن إسحاق مطولة في أول السيرة النبوية وأخرج بعضها بن أبي حاتم من طريق حبيب بن الشهيد عن عكرمة وأخرجها أيضا من طريق السدي مطولا قوله معاجزين مسابقين بمعجزين بفائنين معاجزي مسابقي سبقوا فاتوا لا يعجزون لا يفوتون يسبقونا يعجزونا قوله بمعجزين بفائتين ومعنى معاجزين مغالبين يريد كل واحد منهما أن يظهر عجز صاحبه أما قوله معاجزين مسابقين فقال أبو عبيدة في قوله والذين سعوا في آياتنا معاجزين أي مسابقين يقال ما أنت بمعجزي أي سابقي وهذا اللفظ أي معاجزين على إحدى القراءتين وهي قراءة الاكثر في موضعين من هذه السورة وفي سورة الحج والقراءة الاخرى لابن كثير وأبي عمرو معجزين بالتشديد في المواضع الثلاثة وهي بمعناها وقيل معنى معاجزين معاندين ومغالبين ومعنى معجزين ناسبين غيرهم إلى العجز وأما قوله بمعجزين فلعله أشار إلى قوله في سورة العنكبوت وما أنتم بمعجزين في الارض ولا في السماء وقد أخرج بن أبي حاتم بإسناد صحيح عن عبد الله بن الزبير نحوه وأما قوله معاجزي مسابقي فسقط من رواية الاصيلي وكريمة وثبت عندهما معاجزين مغالبين وتكرر لهما بعد وقد ظهر أنه بقية كلام أبي عبيدة كما قدمته وأما قوله سيقوا الخ
[ 412 ]
فقال أبو عبيدة في سورة الانفال في قوله ولا تحسبن الذين كفروا سبقوا مجازه فاتوا أنهم لا يعجزون أي لا يفوتون وأما قوله يسبقونا فأخرج بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا أي يعجزونا وأما قوله بمعجزين بفائتين فكذا وقع مكررا في رواية أبي ذر وحده وسقط للباقين وأما قوله معاجزين مغالبين الخ فقال الفراء معناه معاندين وذكر بن أبي حاتم من طريق يزيد النحوي عن عكرمة عن بن عباس في قوله معاجزين قال مراغمين وكلها بمعنى قوله معشار عشر قال أبو عبيدة في قوله تعالى وما بلغوا معشار ما آتيناهم أي عشر ما أعطيناهم وقال الفراء المعنى وما بلغ أهل مكة معشار الذين أهلكناهم من قبلهم من القوة والجسم والولد والعدد والمعشار العشر قوله يقال الاكل الثمرة قال أبو عبيدة في قوله تعالى ذواتي أكل خمطوأثل قال الخمط هو كل شجر ذي شوك والاكل الجني أي بفتح الجيم مقصور وهو بمعنى الثمرة قوله باعد وبعد واحد قال أبو عبيدة في قوله تعالى قالوا ربنا باعد بين أسفارنا مجازه مجاز الدعاء وقرأه قوم بعد يعني بالتشديد قلت قراءة باعد للجمهور وقرأه بعد أبو عمرو وابن كثير وهشام قوله وقال مجاهد لا يعزب لا يغيب وصله الفريابي عن ورقاء عن بن أبي نجيح عنه بهذا قوله سيل العرم السد كذا للاكثر بضم المهملة وتشديد الدال ولابي ذر عن الحموي الشديد بمعجمة وزن عظيم قوله فشقة كذا للاكثر بمعجمة قبل القاف الثقيلة وذكر عياض أن في رواية أبي ذر فبثقة بموحدة ثم مثلثة قبل القاف الخفيفة قال وهو الوجه تقول بثقت النهر إذا كسرته لتصرفه عن مجراه قوله فارتفعتا عن الجنبتين كذا للاكثر بفتح الجيم والنون الخفيفة بعدها موحدة ثم مثناة فوقانية ثم تحتانية ثم نون ولابي ذر عن الحموي بتشديد النون بغير موحدة تثنية جنة واستشكل هذا الترتيب لان السياق يقتضي أن يقول ارتفع الماء على الجنتين وارتفعت الجنتان عن الماء وأجيب بان المراد من الارتفاع الزوال أي ارتفع اسم الجنة منهما فالتقدير فارتفعت الجنتان عن كونهما جنتين وتسمية ما بدلوا به جنتين على سبيل المشاكلة قوله ولم يكن الماء الاحمر من السد كذا للاكثر بضم المهملة وتشديد الدال وللمستملى من السيل وعند الاسماعيلي من السيول وهذا الاثر عن مجاهد وصله الفريابي أيضا وقال السد في الموضعين يقال فشقه بالمعجمة والقاف الثقيلة وقال على الجنتين تثنية جنة كما للاكثر في المواضع كلها قوله وقال عمرو بن شرحبيل العرم المسناة بلحن أهل اليمن وقال غيره العرم الوادي أما قول عمرو فوصله سعيد بن منصور عن شريك عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة وهو عمرو بن شرحبيل فذكره سواء واللحن اللغة والمسناة بضم الميم وفتح المهملة وتشديد النون وضبط في أصل الاصيلي بفتح الميم وسكون المهملة قال بن التين المراد بها ما يبني في عرض الوادي ليرتفع السيل ويفيض على الارض وكأنه أخذ من عرامة الماء وهي ذهابه كل مذهب وقال الفراء العرم المسناة وهي مسناة كانت تحبس الماء على ثلاثة أبواب منها فيسيبون من ذلك الماء من الباب الاول ثم الثاني ثم الآخر ولا ينفحتى يرجع الماء السنة المقبلة وكانوا أنعم قوم فلما أعرضوا عن تصديق الرسل وكفروا بثق الله عليهم تلك المسناة فغرقت أرضهم ودقت الرمل بيوتهم ومزقوا كل ممزق حتى صار تمزيقهم عند العرب مثلا يقولون تفرقوا أيدي سبأ وأما قول غيره فأخرجه بن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه قال العرم اسم الوادي وقيل العرم
[ 413 ]
اسم الجرذ الذي خرب السد وقيل هو صفة السيل مأخوذ من العرامة وقيل اسم المطر الكثير وقال أبو حاتم هو جمع لا واحد له من لفظة وقال أبو عبيدة سيل العرم واحدتها عرمة وهو بناء يحبس به الماء يبني فيشرف به على الماء في وسط الارض ويترك فيه سبيل للسفينة فتلك العرمات واحدتها عرمة قوله السابغات الدروع قال أبو عبيدة في قوله أن أعمل سابغات أي دروعا واسعة طويلة قوله وقال مجاهد يجازي يعاقب وصله بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح عنه ومن طريق طاوس قال هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذب وهو الكافر لا يغفر له تنبيه قيل إن هذه الآية أرجى آية في كتاب الله من جهة الحصر في الكفر فمفهومه أن غير الكفر بخلاف ذلك ومثله ان العذاب على من كذب وتولى وقيل ولسوف يعطيك ربك فترضى وقيل فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وقيل كل يعمل على شاكلته وقيل (4532) قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية وقيل آية الدين وقيل ولا يأثل أولو الفضل منكم والسعة وهذا الاخير نقله مسلم في صحيحه عن عبد الله بن المبارك عقب حديث الافك وفي كتاب الايمان من مستدرك الحاكم عن بن عباس قوله تعالى ولكن ليطمئن قلبي قوله أعظكم بواحدة بطاعة الله مثنى وفرادى واحد واثنين وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا قوله التناوش الرد من الآخرة إلى الدنيا وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ وأنى لهم التناوش قال رد من مكان بعيد من الآخرة إلى الدنيا وعند الحاكم من طريق التميمي عن بن عباس في قوله وأنى لهم التناوش من مكان بعيد قال يسألون الرد وليس بعين رد قوله وبين ما يشتهون من مال أو ولد أو زهرة وصله الفريابي من طريق مجاهد مثله ولم يقل أو زهرة قوله بأشياعهم بأمثالهم وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ كما فعل باشياعهم من قبل قال الكفار من قبلهم قوله وقال بن عباس كالجوابي كالجوبة من الارض تقدم هذا في أحاديث الانبياء قيل الجوابي في اللغة جمع جابية وهو الحوض الذي يجبي فيه الشئ أي يجمع وأما الجوبه من الارض فهي الموضع المطمئن فلا يستقيم تفسير الجوابي بها وأجيب باحتمال أن يكون فسر الجابية بالجوبة ولم يرد أن اشتقاقهما واحد قوله الخمط الاراك والاوائل الطرفاء العرم الشديد سقط الكلام الاخير للنسفي وقد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس بهذا كله مفرقا (0) قوله باب حتى إذا فزع من قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير (4522) قوله حدثنا عمرو هو بن دينار قوله إذا قضى الله الامر في السماء في حديث النواس بن سمعان عند الطبراني مرفوعا إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله فإذا سمع أهل السماء بذلك صعقوا وخروا سجدا فيكون أولهم يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد فينتهي به على الملائكة كلما مر بسماء سأل أهله ماذا قال ربنا قال الحق فينتهي به حيث أمر قوله ضربت الملائكة بأجنحته خضعانا بفتحتين من الخضوع وفي رواية بضم أوله وسكون ثانية وهو مصدر بمعنى خاضعين قوله كأنه أي القول المسموع سلسلة على صفوان هو مثل قوله في بدء الوحي صلصلة كصلصلة الجرس وهو صوت الملك بالوحي وقد روى بن مردويه من حديث بن مسعود رفعه إذا تكلم الله بالوحي يسمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان فيفزعون ويرون أنه من أمر الساعة
[ 414 ]
وقرأ حتى إذا فزع الآية وأصله عند أبي داود وغيره وعلقه المصنف موقوفا ويأتي في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى قال الخطابي الصلصلة صوت الحديد إذا تحرك وتداخل وكان الرواية وقعت له بالصاد وأراد أن التشبيه في الموضعين بمعنى واحد فالذي في بدء الوحي هذا والذي هنا جر السلسلة من الحديد على الصفوان الذي هو حجر الاملس يكون الصوت الناشئ عنهما سواء قوله على صفوان زاد في سورة الحجر عن علي بن عبد الله قال غيره يعني غير سفيان ينفذهم ذلك في حديث بن عباس عند بن مردويه من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عنه فلا ينزل على أهل سماء إلا صعقوا وعند مسلم والترمذي من طريق على بن الحسين بن علي عن بن عباس عن رجال من الانصار أنهم كانوا عند النبي صلى الله عليه وسلم فرمى بنجم فاستنار فقال ما كنتم تقولون لهذا إذا رمى به في الجاهلية قالوا كنا نقول مات عظيم أو يولد عظيم فقال إنها لا يرمي بها لموت أحد ولحياته ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح سماء الدنيا ثم يقولون لحملة العرش ماذا قال ربكم الحديث وليس عند الترمذي عن رجال من الانصار وسيأتي مزيد فيه في كتاب التوحيد قوله ومسترق السمع في رواية علي عند أبي ذر ومسترق بالافراد وهو فصيح قوله هكذا بعضه فوق بعض وصفه سفيان أي بن عيينة بكفه فحرفها وبدد بين أصابعه أي فرق وفي رواية على ووصف سفيان بيده ففرج بين أصابع يده اليمني نصبها بعضها فوق بعض وفي حديث بن عباس عند بن مردويه كان لكل قبيل من الجن مقعد من السماء يسمعون منه الوحي يعني يلقيها زاد على عن سفيان حتى ينتهي إلى الارض فيلقى قوله على لسان الساحر أو الكاهن في رواية الجرجاني على لسان الآخر بدل الساحر وهو تصحيف وفي رواية على الساحر والكاهن وكذا قال سعيد بن منصور عن سفيان قوله فربما أدرك الشهاب الخ يقتضي أن الامر في ذلك يقع على حد سواء والحديث الآخر يقتضي أن الذي يسلم منهم قليل بالنسبة إلى من يدركه الشهاب ووقع في رواية سعيد بن منصور عن سفيان في هذا الحديث فيرمى هذا إلى هذا وهذا إلى هذا حتى يلقى على فم ساحر أو كاهن قوله فيكذب معها مائة كذبة فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء زاد على بن عبد الله عن سفيان كما تقدم في تفسير الحجر فيقولون ألم يخبرنا يوم كذا وكذا يكو كذا وكذا فوجدناه حقا الكلمة التي سمعت من السماء وفي حديث بن عباس المذكور فيقول يكون العام كذا وكذا فيسمعه الجن فيخبرون به الكهنة فتخبر الكهنة الناس فيجدونه وسيأتي بقية شرح هذا القدر في أواخر كتاب الطب إن شاء الله تعالى تنبيه وقع في تفسير سورة الحجر في آخر هذا الحديث عن على بن عبد الله قلت لسفيان إن إنسانا روى عنك عن عمرو عن عكرمة عن أبي هريرة أنه قرا فرغ بضم الفاء وبالراء المهملة الثقيلة وبالغين المعجمة فقال سفيان هكذا قرأ عمرو يعني بن دينار فلا أدري سمعه هكذا أم لا وهذه القراءة رويت أيضا عن الحسن وقتادة ومجاهد والقراءة المشهورة بالزاي والعين المهملة وقرأها بن عامر مبنيا للفاعل ومعناه بالزاي والمهملة أدهش الفزع عنهم ومعنى التي بالراء والغين المعجمة ذهب عن قلوبهم ما حل فيها فقال سفيان هكذا قرأ عمرو فلا أدري سمعه أم لا قال سفيان وهي قراءتنا قال الكرماني فإن قيل كيف جازت القراءة إذا لم تكن مسموعة فالجواب لعل مذهبه جواز القراءة بدون السماع إذا كان المعنى صحيحا
[ 415 ]
قلت هذا وإن كان محتملا لكن إذا وجد احتمال غيره فهو أولى وذلك محمل قول سفيان لا أدري سمعه أم على أن مراده سمعه من عكرمة الذي حدثه بالحديث لا أنه شك في أنه هل سمعه مطلقا فالظن به أن لا يكتفي في نقل القرآن بالاخذ من الصحف بغير سماع وأما قول سفيان وهي قراءتنا فمعناه أنها وافقت ما كان يختار من القراءة به فيجوز أن ينسب إليه كما نسب لغيره (0) قوله باب قوله إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد ذكر فيه طرفا من حديث بن عباس في نزول قوله تعالى وأنذر عشيرتك الاقربين وقد تقدم شرحه مستوفى في سورة الشعراء (0) (0) (0) (0) قوله سورة الملائكة وياسين بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر وسقط لغيره لفظ سورة وياسين والبسملة والاولى سقوط لفظ يس لانه مكرر قوله الفطمير لفافة النواة كذا لابي ذر ولغيره وقاله مجاهد وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد مثله وروى سعيد بن منصور من طريق عكرمة عن بن عباس القطمير القشر الذي يكون على النواة وقال أبو عبيدة القطمير الفوقة التي فيها النواة قال الشاعر وأنت لن تغني عني فوقا قوله وقال بن عباس وغرابيب سود أشد سوادا الغربيب زاد غير أبي ذر الشديد السواد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس بلفظ قال الغربيب الاسود الشديد السواد قوله مثقلة مثقلة سقط هذا لابي ذر وهو قول مجاهد قال وأن تدع مثقلة أمثقلة بذنوبها قوله وقال بن عباس الحرور بالليل والسموم بالنهار سقط هذا لابي ذرهنا وتقدم في كتاب بدء الخلق قوله وقال غيره الحرور بالنهار مع الشمس ثبت هذهنا للنسفي وحده وهو قول رؤبة كما تقدم في بدء الخلق (0) قوله سورة يس سقط هذا لابي ذر هنا والصواب إثباته قوله وقال مجاهد فعززنا فشددنا سقط هذا لابي ذر وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد قوله يا حسرة على العباد وكان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل وصله الفريابي كذلك وقد أخرج سعيد بن منصور عن سفيان عن عمرو بن دينار عن بن عباس أنه قرأ يا حسرة العباد بالاضافة قوله أن تدرك القمر الخ وقوله ساق النهار الخ وقوله نسلخ تخرج الخ سقط كله لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق قوله من مثله من الانعام وصله الفريابي أيضا من طريق مجاهد وعن بن عباس قال المراد بالمثل هنا السفن ورجح لقوله بعد وإن نشأ نغرقهم إذ الغرق لا يكون في الانعام قوله فكهون معجبون في رواية غير أبي ذر فاكهون وهي القراءة المشهورة والاولى رويت عن يعقوب الحضرمي وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد فاكهون معجبون قال أبو عبيدة من قراها فاكهون جعله كثير الفاكهة قال الحطيئة ودعوتني وزعمت أنك لابن في الصيف تامر أي عندك لبن كثير وتمر كثير وأما فكهون فهي قراءة أبي جعفر وشيبة وهي بوزن فرحون ومعناه مأخوذ من الفاكهة وهي التلذذ والتنعم قوله جند محضرون عند الحساب سقط هذا لابي ذر
[ 416 ]
وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد كذلك قوله ويذكر عن عكرمة المشحون الموقر سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في أحاديث الانبياء وجاء مثله عن بن عباس وصله الطبري من طريق سعيد بن جبير عنه بإسناد حسن قوله سورة يس بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر هنا وسقط لغيره قوله وقال بن عباس طائركم عند الله مصائبكم وتقد م في أحاديث الانبياء وللطبري من وجه آخر عن بن عباس قال طائركم أعمالكم وقال أبو عبيدة طائركم أي حظكم من الخير والشر قوله ينسلون يخرجون وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس به قوله مرقدنا مخرجنا وقوله أحصيناه حفظناه وقوله مكانتهم ومكانهم واحد سقط هذا كله لابي ذر وسيأتي تفسير أحصيناه في كتاب التوحيد وروى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس في قوله ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم يقول لاهلكناهم في مساكنهم وقال أبو عبيدة في قوله لمسخناهم على مكانتهم المكان والمكانة واحد (0) قوله باب قوله والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ذكر فيه حديث أبي ذر كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس قال الله ورسوله أعلم قال فإنها تذهب تسجد تحت العرش فذلك (4524) قوله والشمس تجري لمستقر لها إلى آخر الآية هكذا أورده مختصرا وأخرجه النسائي عن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم شيخ البخاري فيه بفلظ تذهب حتى تنتهي تحت العرش عند ربها وزاد ثم تستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تستأذن فلا يؤذ لها وتستشفع وتطلب فإن كان ذلك قيل أطلعي من مكانك فذلك قوله والشمس تجري لمستقر لها وقد ذكر نحو هذه الزيادة من غير طريق أبي نعيم كما سأنبه عليه قوله في الرواية الثانية سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى والشمس تجري لمستقر لها قال مستقرها تحت العرش كذا رواه وكيع عن الاعمش مختصرا وهو بالمعنى فإن في الرواية الاولى أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي استفهمه أتدري أين تغرب الشمس فقال الله ورسوله أعلم قوله فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش في رواية أبي معاوية عن الاعمش كما سيأتي في التوحيد فإنها تذهب فتستأذن في السجود فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع من مغربها ثم قرأ وذلك مستقر لها قال وهي قراءة عبد الله وروى عبد الرزاق من طريق وهب عن جابر عن عبد الله بن عمرو في هذه الآية قال مستقرها أن تطلع فيردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت فلا يؤذن لها فتقول إن السير بعد وإني إن لا يؤذن لي لا أبلغ فتحبس ما شاء الله ثم يقال اطلعي من حيث غربت قال فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها وأما قوله تحت العرش فقيل هو حين محاذاتها ولا يخالف هذا قوله وجدها تغرب في عين حمنة فإن المراد بها نهاية مدرك البصر إليها حال الغروب وسجودها تحت العرش إنما هو بعد الغروب وفي الحديث رد على من زعم أن المراد بمستقرها غاية ما تنتهي إليه في الارتفاع وذلك أطول يوم في السنة وقيل إلى منتهى أمرها عند انتهاء الدنيا وقال الخطابي يحتمل أن يكون المراد باستقرارها تحت العرش أنها تستقر تحته استقرارا لا نحيط به نحن ويحتمل أن يكون المعنى أو علم ما سألت عنه من
[ 417 ]
مستقرها تحت العرش في كتاب كتب فيه ابتداء أمور العالم ونهايتها فيقطع دوران الشمس وتستقر عند ذلك ويبطل فعلا وليس في سجودها كل ليلة تحت العرش ما يعيق عن دورانها في سيرها قلت وظاهر الحديث أن المراد بالاستقرار وقوعه في كل يوم وليلة عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجري والله أعلم (0) قوله سورة الصافات بسم الله الرحمن الرحيم قوله وقال مجاهد ويقذفون بالغيب من مكان بعيد من كل مكان ويقذفون من كل جانب دحورا يرمون واصب دائم لازب لازم سقط هذا كله لابي ذر وقد تقدم بعضه في بدء الخلق وروى الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ويقذفون بالغيب من مكان يقولون هو ساحر هو كاهن هو شاعر وفي قوله إنا خلقناهم من طين لازب قال لازم وقال أبو عبيدة في قوله ولهم عذاب واصب أي دائم وفي قوله من طين لازب هي بمعنى اللازم قال النابغة ولا يحسبون الشر ضربة لازب أي لازم قوله تأتوننا عن اليمن يعني الحق الكفار تقوله للشياطين ووقع في رواية الكشميهني يعني الجن بجيم ثم نون ونسبه عياض للاكثر وقد وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين قال الكفار تقوله للشياطين ولم يذكر الزيادة فدل على أنه شرح من المصنف ولكل من الروايتين وجه فمن قال يعني الجن أراد بيان المقول له وهم الشياطين ومن قال الحق بالمهملة والقاف أراد تفسير لفظ اليمين أي كنتم تأتوننا من جهة الحق فنلبسوه علينا ويؤيده تفسير قتادة قال يقول الانس للجن كنتم تأتوننا عن اليمن أي من طريق الجنة تصدوننا عنها قوله غول وجع بطن ينزفون لا تذهب عقولهم قرين شيطان سقط هذا لابي ذر وقد وصله الفريابي عن مجاهد كذلك قوله يهرعون كهيئة الهرولة وصله الفريابي عن مجاهد كذلك قوله يزفون النسلان في المشي سقط هذا لابي ذر وقد وصله عبد بن حميد من طريق شبل عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله فأقبلوا إليه يزفون قال الوزيف النسلان انتهى والنسلان بفتحتين الاسراع مع تقارب الخطا وهو دون السعي قوله وبين الجنة نسبا الخ سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق قوله وقال بن عباس لنحن الصافون الملائكة وصله الطبري وقد تقدم في بدء الخلق قوله صراط الجحيم سواء الجحيم ووسط الجحيم لشوبا يخلط طعامهم ويساط بالحميم مدحورا مطرودا سقط هذا كله لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق قال بعض الشراح أراد أن يفسر دحورا التي في الصافات ففسر مدحورا التي في سورة الاسراء قوله بيض مكنون اللؤلؤ المكنون وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عنه وقال أبو عبيدة في قوله كأنهن بيض مكنون أي مصون وكل شئ صنته فهو مكنون وكل شئ أضمرته في نفسك فقد أكننته قوله وتركنا عليه في الآخرين يذكر بخير ثبت هذا للنسف وحده وقد تقدم في بدء الخلق قوله الاسباب السماء سقط هذا لغير أبي ذر وثبت للنسفي بلفظ ويقال وقد وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قوله ويقال يستسخرون يسخرون ثبت هذا أيضا للنسفي وأبي ذر فقط وقال أبو عبيدة يستسخرون ويسخرون سواء قوله بعلا ربا ثبت هذا للنسفي وحده وقد وصله بن أبي حاتم من طريق عطاء بن السائب عن عكرمة عن بن
[ 418 ]
عباس أنه أبصر رجلا يسوق بقرة فقال من بعل هذه قال فدعاه يقال من أنت فقال من أهل اليمن قال هي لغة أتدعون بعلا أي ربا وصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث من هذا الوجه مختصرا الخ ولمح المصنف بهذا القدر من قصة اليأس وقد ذكرت خبره في أحاديث الانبياء عند ذكر إدريس (0) قوله باب قوله وإن يونس لمن المرسلين ذكر فيه حديث بن مسعود لا ينبغي لاحد أن يكون خيرا من يونس بن متى وحديث أبي هريرة من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب وقد تقدم شرحه في أحاديث الانبياء ولله الحمد (0) قوله سورة ص بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة فقط للنسفي واقتصر الباقون على ص وحكمها حكم الحروف المقطعة أوائل السور وقد قرأها عيسى بن عمر بكسر الدال فقيل للدرج وقيل بل هي عنده فعل أمر من المصاداة وهي المعارضة كأنه قيل عارض القرآن بعملك والاول هو المشهور وسيأتي مزيد بيان في أسماء السورة في أول غافر (4528) قوله حدثنا شعبة عن العوام هو بن حوشب كذا قال أكثر أصحاب شعبة وقال أمية بن خالد عنه عن منصور وعمرو بن مرة وأبي حصين ثلاثتهم عن مجاهد فكأن لشعبة فيه مشايخ قوله عن مجاهد كذا قال أكثر أصحاب العوام بن حوشب وقال أبو سعيد الاشج عن أبي خالد الاحمر وحفص بن غياث عن العوام عن سعيد بن جبير بدل مجاهد أخرجه بن خزيمة فلعل للعوام فيه شيخين وقد تقدم في تفسير الانعام من طريق سليمان الاحول عن مجاهد أنه سأل بن عباس أفي ص سجدة قال نعم ثم تلا ووهبنا له إسحاق ويعقوب إلى قوله فبهداهم اقتده قال هو منهم فالحديث محفوظ لمجاهد فرواية أبي سعيد الاشج شاذة قوله في الرواية الثانية حدثنا محمد بن عبد الله قال الكلاباذي وابن طاهر هو الذهلي نسب إلى جده وقال غيرهما يحتمل أن يكون محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي فإنه من هذه الطبقة قوله فسجدها داود فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم سقط فسجدها داود من رواية غير أبي ذر وهذا أصرح في الرفع من رواية شعبة وقد تقدم الكلام على ما يتعلق بالسجود في ص في كتاب سجود التلاوة مستوفى واستدل بهذا على أن شرع من قبلنا شرع لنا وهي مسألة مشهورة في الاصول وقد تعرضنا لها في مكان آخر قوله عجاب عجيب هو قول أبي عبيدة قال والعرب تحول فعيلا إلى فعال بالضم وهو مثل طويل وطوال قال الشاعر تعدو به سهلبة سراعة أي سريعة وقرأ عيسى بن عمر ونقلت عن علي عجاب بالتشديد وهو مثل كبار في قوله ومكروا مكرا كبارا وهو أبلغ من كبار بالتخفيف وكبار المخفف أبلغ من كبير قوله القط الصحيفة هو ههنا صحيفة الحسنات في رواية الكشميهني الحساب وكذا في رواية النسفي وذكره بعض الشراح بالعكس قال أبو عبيدة القط الكتاب والجمع قطوط وقططة كقرد وقرود وقردة وأصله من قط الشئ أي قطعه والمعنى قطعة ما وعدتنا به ويطلق على الصحيفة قط لانها قطعة تقطوكذلك الصك ويقال للجائزة أيضا قط لانها قطعة من العطية وأكثر استعماله في الكتاب وسيأتي له تفسير آخر قريبا وعند عبد بن حميد من طريق عطاء أن قائل ذلك هو النضر بن الحارث قوله وقال مجاهد في عزة أي معازين وصله الفريابي
[ 419 ]
من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد به وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله في عزة قال في حمية ونقل عن الكسائي في رواية أنه قرأ في غرة بالمعجمة والراء وهي قراءة الجحدري وأبي جعفر قوله الملة الآخرة ملة قريش الاختلاق الكذب وصله الفريابي أيضا عن مجاهد في قوله ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة قال ملة قريش إن هذا إلا اختلاق كذب وأخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله الملة الآخرة قال النصرانية وعن السدي نحوه وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن الكلبي قال وقال قتادة دينهم الذي هم عليه قوله جند ما هنالك مهزوم يعني قريشا سقط لفظ قوله لغير أبي ذر وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله جند ما هنالك مهزوم قال قريش وقوله جند خبر مبتدأ محذوف أي هم وما مزيدة أو صفة لجند وهنا لك مشار به إلى مكان المراجعة ومهزوم صفة لجند أي سيهزمون بذلك المكان وهو من الاخبار بالغيب لانهم هزموا بعد ذلك بمكة لكن يعكر على هذا ما أخرجه الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين فجاء تأويلها ببدر فعلى هذا فهنا لك ظرف للمراجعة فقط ومكان الهزيمة لم يذكر قوله الاسباب طرق السماء في أبوابها وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ طرق السماء أبوابها وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة الاسباب هي أبواب السماء وقال أبو عبيدة العرب تقول للرجل إذا كان ذا دين ارتقى فلان في الاسباب قوله أولئك الاحزاب القرون الماضية وصله الفريابي عن مجاهد قوله فواق رجوع وصله الفريابي من طريق مجاهد مثله وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ليس لها مثنوية وهي بمعنى قول مجاهد وروى بن أبي حاتم من طريق السدي ما لها من فواق يقول ليس لهم إفاقة ولا رجوع إلى الدنيا وقال أبو عبيدة من فتحها أي الفاء قال مالها من راحة ومن ضمها جعلها مفواقي ناقة وهو ما بين الحلبتين والذي قرأ بضم الفاء حمزة والكسائي والباقون بفتحها وقال قوم المعنى بالفتح وبالضم واحد مثل قصاص الشعر يقال بضم القاف وبفتحها قوله قطنا عذابنا وصله الفريابي من طريق مجاهد أيضا ولا منافاة بينه وبين ما تقدم فإنه محمول على أن المراد بقولهم قطنا أي نصيبنا من العذاب وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله قطنا قال نصيبنا من العذاب وهو شبيه قولهم وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية وقول الآخرين ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين وقد أخرج الطبري من طريق إسماعيل بن أبي خالد قال قوله قطنا أي رزقنا ومن طريق سعيد بن جبير قال نصيبنا من الجنة ومن طريق السدي نحوه ثم قال وأولى الاقوال بالصواب أنهم سألوا تعجيل كتبهم بنصيبهم من الخير أو الشر الذي وعد الله عباده في الآخرة أن يعجل لهم ذلك في الدنيا استهزاء منهم وعنادا قوله الصافنات صفن الفرس الخ وقوله الجياد السراع وقوله جسدا شيطانا وقوله رخاء الرخاء الطيب وقوله حيث أصاب حيث شاء وقوله فامنن أعط وقوله بغير حساب بغير حرج ثبت هذا كله للنسفي هنا وسقط للباقين وقد تقدم جميعه في ترجمة سليمان بن داود عليهما السلام من أحاديث الانبياء قوله اتخذناهم سخريا أحطنا بهم قال الدمياطي في حواشيه لعله احطناهم وتلقاه عن عياض فإنه قال احطنا بهم كذا وقع ولعله اخطأناهم وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره وهو أم زاغت عنهم الابصار انتهى وقد أخرجه بن أبي حاتم من
[ 420 ]
طريق مجاهد بلفظ أخطأناهم أم هم في النار لا نعلم مكانهم وقال بن عطية المعنى ليسوا معنا أم هم معنا لكن أبصارنا تميل عنهم وقال أبو عبيدة من قرأها اتخذناهم أي بهمزة قطع جعلها استفهاما وجعل أم جوابا ومن لم يستفهم فتحها على القطع ومعنى أم معنى بل ومثله أم أنا خير من هذا الذي هومهين انتهى والذي قرأها بهمزة وصل أبو عمرو وحمزة والكسائي قوله أتراب أمثال وصله الفريابي كذلك قال أبو عبيدة الاتراب جمع ترب وهو بكسر أوله من يولد في زمن واحد وروى بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال أتراب مستويان قوله وقال بن عباس الآيد القوة في العبادة وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله داود ذا الايد قال القوة ومن طريق مجاهد قال القوة في الطاعة وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ذا الايد ذا القوة في العبادة قوله الابصار البصر في أمر الله وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله أولى الايدي والابصار قال أولى القوة في العبادة والفقه في الدين ومن طريق منصور عن مجاهد قال الابصار العقول تنبيه الابصار وزدت في هذه السورة عقب الايد لا عقب الايد لكن في قراءة بن مسعود أولى الايدي والابصار من غير ياء فلعل البخاري فسره على هذه القراءة قوله حب الخير عن ذكر ربي إلى آخره سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في ترجمة سليمان بن داود من أحاديث الانبياء قوله الاصفاد الوثاق سقط هذا أيضا لابي ذر وقد تقدم في ترجمة سليمان أيضا (0) قوله باب قوله هب لي ملكا لا ينبغي لاحد من بعدي إنك أنت الوهاب تقدم شرحه في ترجمة سليمان عليه السلام من أحاديث الانبياء (4530) قوله تفلت على البارحة أو كلمة نحوها يحتمل أن يكون الشك في لفظ التفلت أو في لفظ البارحة وقد تقدم ذلك في أوائل كتاب الصلاة قوله فذكرت قول أخي سليمان تقدم الكلام عليه في ترجمة سليمان من أحاديث الانبياء وأما ما أخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال في قوله لا ينبغي لاحد من بعدي لا أسلبه كما سلبته أول مرة وظاهر حديث الباب يرد عليه وكأن سبب تأويل قتادة هذا هكذا طعن بعض الملاحدة على سليمان ونسبته في هذا إلى الحرص على الاستبداد بنعمة الدنيا وخفي عليه أن ذلك كان بإذن له من الله وأن تلك كانت معجزته كما اختص كل نبي بمعجزة دون غيره والله أعلم قوله قال روح فرده خاسئا روح هو بن عبادة أحد رواته وكأن المراد أن هذه الزيادة وقعت في روايته دون رواية رفيقة وقد ذكرت ما في ذلك من البحث في أوائل كتاب الصلاة وذكرت ما يتعلق برؤية الجن في ترجمة سليمان عليه السلام من أحاديث الانبياء (0) قوله وما أنا من المتكلفين ذكر فيه حديث بن مسعود في قصة الدخان وقد تقدم قريبا في تفسير سورة الروم ويأتي في تفسير الدخان وتقدم ما يتعلق منه بالاستسقاء في بابه
[ 421 ]
(0) قوله سورة الزمر بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد يتقي بوجهه يجر على وجهه في النار وهو قوله أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ قال ويقول هي مثل قوله أفمن يلقى الخ ومراده بالمثلثة أن في كل منهما محذوفا وعند الاكثر يجر بالجيم وهو الذي في تفسير للفريابي وغيره وللاصيلي وحده يخر بالخاء المنقوطة من فوق وقال عبد الرزاق أنبأنا بن عيينة عن بشر بن تميم قال نزلت في أبي جهل وعمار بن ياسر أفمن يلقى في النار أبو جهل خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة عمار وذكر الطبري أنه روى عن بن عباس بإسناد ضعيف قال ينطلق به إلى النار مكتوفا ثم يرمي به فيها فأول ما يمس وجهه النار وذكر أهل العربية أن من في قوله أفمن موصولة في محل رفع على الابتداء والخبر محذوف تقديره أهو كمن أمن العذاب قوله ذي عوج لبس وصله الفريابي والطبري أي ليس فيه لبس وهو تفسير باللازم لان الذي فيه لبس يستلزم العوج في المعنى وأخرج بن مردويه من وجهين ضعيفين عن بن عباس في قوله غير ذي عوج قال ليس بمخلوق قوله خولنا أعطينا وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظ وإذا خولناه قال أعطيناه وقال أبو عبيدة كل مال أعطيته فقد خولته قال أبو النجم كؤم الدري من خول المخول وقال زهير هنالك إن يستخولوا المال يخولوا قوله والذي جاء بالصدق القرآن وصدق به المؤمن يجئ به يوم القيامة زاد النسفي يقول هذا الذي أعطيتني عملت بما فيه قال عبد الرزاق عن بن عيينة عن منصور قلت لمجاهد يا أبا الحجاج والذي جاء بالصدق وصدق به قال هم الذين يأتون بالقرآن فيقول هذا الذي أعطيتمونا قد عملنا بما فيه ووصله بن المبارك في الزهد عن مسعر عن منصور عن مجاهد في قوله عزوجل والذي جاء بالصدق وصدق به قال هم الذين يجيئون بالقرآن قد اتبعوه أو قال اتبعوا ما فيه وأما قتادة فقال الذي جاء بالصدق النبي والذي صدق به المؤمنون أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس الذي جاء بالصدق لا إله إلا الله وصدق به أي صدق بالرسول ومطريق السدي الذي جاء بالصدق جبريل والصدق القرآن والذي صدق به محمد صلى الله عليه وسلم ومن طريق أسيد بن صفوان عن علي الذي جاء بالصدق محمد والذي صدق به أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وهذا أخص من الذي قبله وعن أبي العالية الذي جاء بالصدق محمد وصدق به أبو بكر قوله ورجلا سلما لرجل صالحا في رواية الكشميهني خالصا وسقطت للنسفي هذه اللفظة زاد غير أبي ذر مثلا لآلهتهم الباطل والاله الحق وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد ولفظه في قوله رجلا سالما لرجل قال مثل آلهة الباطل ومثل إله الحق وسيأتي تفسير آخر قريبا قوله ويخوفونك بالذين من دونه بالاوثان سقط هذا لابي ذر وقد وصله الفريابي أيضا عن مجاهد وقال عبد الرزاق عن معمر قال لي رجل قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لتكفن عن شتم آلهتنا أو لنأمرنها فلتخبلنك فنزلت ويخوفونك قوله وقال غيره متشاكسون الرجل الشكس العسر لا يرضى بالانصاف ورجلا سلما ويقال سالما صالحا سقط وقال غيره لابي ذرفصار كأنه من بقايا كلام مجاهد وللنسفي وقال بغير ذكر الفاعل والصواب
[ 422 ]
ما عند الاكثر وهو كلام عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال الشكس العسر لا يرضى بالانصاف أخرجه الطبري وعن أبي عبيدة قال في قوله تعالى ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون هو من الرجل الشكس ورجلا سالما الرجل سالم وسلم واحد وهو من الصلح تنبيه قرأ بن كثير وأبو عمرو سالما والباقون سلما بفتح أوله وفي الشواذ بكسره وهما مصدران وصف بهما على سبيل المبالغة أو على أنه واقع موقع اسم الفاعل وهو أولى ليوافق الرواية الاخرى وعليه قوله أبي عبيدة المذكور أنهما واحد أي بمعنى وقوله الشكس بكسر الكاف ويجوز إسكانها هو السئ الخلق وقيل من كسر الكاف فتح أوله ومن سكنها كسر وهما بمعنى قوله اشمأزت نفرت قال أبو عبيدة في قوله تعالى وإذا ذكر اللوحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون تقول العرب اشمأز قلبي عن فلان أي نفر وروى الطبري من طريق السدي قال اشمأزت أي نفرت ومن طريق مجاهد قال انقبضت قوله بمفازتهم من الفوز قال أبو عبيدة في قوله وينجي الله الذين أتقوا بمفازتهم أي بنجاتهم وهو من الفوز وروى الطبري من طريق السدي قال وينجى الله الذين اتقوا بمفازتهم أي بفضائلهم قوله حافين أطافوا به مطيفين بحفافيه بكسر المهملة وفاءين الاولى خفيفة وفي رواية المستملي بجانبيه وفي رواية كريمة والاصيلي بجوانبه وللنسفي بحافته بجوانبه والصواب رواية الاكثر وهو كلام أبي عبيدة في قوله وترى الملائكة حافين من حول العرش طافوا به بحفافيه ورواية المستملي بالمعني قوله متشابها ليس من الاشتباه ولكن يشبه بعضه بعضا في التصديق قال أبو عبيدة في قوله متشابها قال يصدق بعضه بعضا وروى الطبري من طريق السدي في قوله كتابا متشابها قال يشبه بعضه بعضا ويدل بعضه على بعض ومن طريق سعيد بن جبير نحوه وقوله مثاني يجوز أن يكون بيانا لقوله متشابها لان القصص المتكررة تكون متشابهة والمثاني جمع مثنى بمعنى مكرر لما أعيد فيه من قصص وغيرها (0) قوله باب قوله يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الآية ذكر فيه حديث بن عباس إن ناسا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا (4532) قوله ان بن جريج أخبرهم قال يعلي أي قال قال يعلى وقال تسقط خطا وتثبت لفظا ويعلى هذا هو بن مسلم كما وقع عند مسلم من طريق حجاج بن محمد عن بن جريج في هذا الحديث بعينه بلفظ أخبرني مسلم بن يعلى (0) وأخرجه أبو داود والنسائي من رواية حجاج هذا لكن وقع عندهما عن يعلى غير منسوب كما وقع عند البخاري وزعم بعض الشراح أنه وقع عند أبي داود فيه يعلى بحكيم ولم أر ذلك في شئ من نسخه وليس في البخاري من رواية يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس سوى حديث واحد وهو من رواية غير بن جريج عن يعلى والله أعلم ويعلي بن مسلم بصري الاصل سكن مكة مشهور بالرواية عن سعيد بن جبير وبرواية بن جبير عنه وقد روى يعلى بن حكيم أيضا عن سعيد بن جبير وروى عنه بن جريج ولكن ليس هو المراد هنا قوله لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة في رواية الطبراني من وجه آخر عن بن عباس أن السائل عن ذلك هو وحشي بن حرب قاتل حمزة وأنه لما قال ذلك نزلت إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا الآية فقال هذا شرط شديد فنزلت قل يا عبادي الآية وروى بن إسحاق في السيرة قال حدثني نافع عن بن عمر عن عمر قال اتعدت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاص أن نهاجر إلى المدينة فذكر الحديث في قصتهم ورجوع رفيقه فنزلت قل يا عبادي
[ 423 ]
الذين أسرفوا على أنفسهم الآية قال فكتبت بها إلى هشام قوله ونزل قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم في رواية الطبراني فقال الناس يا رسول الله إنا أصبنا ما أصاب وحشي فقال هي للمسلمين عامة وروى أحمد والطبراني في الاوسط من حديث ثوبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب أن لي بهذه الآية الدنيا وما فيها يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية فقال رجل ومن أشرك فسكت ساعة ثم قال ومن أشرك ثلاث مرات واستدل بعموم هذه الآية على غفران جميع الذنوب كبيرها وصغيرها سواء تعلقت بحق الآدميين أم لا والمشهور عند أهل السنة أن الذنوب كلها تغفر بالتوبة وأنها تغفر لمن شاء الله ولو مات على غير توبة لكن حقوق الآدميين إذا تاب صاحبها من العود إلى شئ من ذلك تنفعة التوبة من العود وأما خصوص ما وقع منه فلابد له من رده لصاحبه أو محاللته منه نعم في سعة فضل الله ما يمكن أن يعرض صاحب الحق عن حقه ولا يعذب العاصي بذلك ويرشد إليه عموم قوله تعالى إن الله لا يغفرأن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء والله أعلم (0) الله تعالى قوله باب قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره ذكر فيه حديث عبد الله وهو بن مسعود (4533) قال جاء حبر بفتح المهملة وبكسرها أيضا ولم أقف على اسمه قوله إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع الحديث يأتي شرحه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى قال بن التين تكلف الخطابي في تأويل الاصبع وبالغ حتى جعل ضحكه صلى الله عليه وسلم تعجبا وانكارا لما قال الحبر ورد ما وقع في الرواية الاخرى فضحك صلى الله عليه وسلم تعجبا وتصديقا بأنه على قدر ما فهم الراوي قال النووي وظاهر السياق أنه ضحك تصديقا له بدليل قراءته الآية التي تدل على صدق ما قال الحبر والاولى في هذه الاشياء الكف عن التأويل مع اعتقاد التنزيه فإن كل ما يستلزم النقص من ظاهرها غير مراد وقال بن فورك يحتمل أن يكون المراد بالاصبع إصبع بعض المخلوقات وما ورد في بعض طرقه أصابع الرحمن يدل على القدرة والملك قوله حتى بدت نواجذه أي أنيابه وليس ذلك منافيا للحديث الآخر أن ضحكه كان تبسما كما سيأتي في تفسير الاحقاف (0) قوله باب قوله والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه لما وقع ذكر الارض مفردا حسن تأكيد بقوله جميعا إشارة إلى أن المراد جميع الاراضي ثم ذكر حديث أبي هريرة يقبض الله الارض ويطوي السماوات بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الارض وسيأتي شرحه أيضا مستوفى في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الارض إلا من شاء الله اختلف في تعيين من استثنى الله وقد لمحت بشئ من ذلك في ترجمة موسى من أحاديث الانبياء (4535) قوله حدثني الحسكذا في جميع الروايات غير منسوب فجزم أبو حاتم سهل بن السري الحافظ فيما نقله الكلاباذي بأنه الحسن بن شجاع البلخي الحافظ وهو أصغر من البخاري لكن مات قبله وهو معدود من الحفاظ ووقع في المصافحة للبرقائي أن أعلم وإسماعيل بن الخليل شيخه من أوساط شيوخ البخاري وقد نزل البخاري في هذا الاسناد درجتين لانه يروي عن واحد عن زكريا بن أبي زائدة وهنا بينهما ثلاثة أنفس قوله أخبرنا عبد الرحيم هو بن سليمان وعامر هو
[ 424 ]
الشعبي قوله اني من أول من يرفع رأسه تقدم شرحه مستوفى في ترجمة موسى من أحاديث الانبياء قوله أم بعد النفخة نقل بن التين عن الداودي أن هذه اللفظة وهم واستند إلى أن موسى ميت مقبور فيبعث بعد النفخة فكيف يكون مستثنى وقد تقدم بيان وجه الرد عليه في هذا يغنى عن إعادته ولله الحمد (4536) قوله مابين النفختين تقدم في أحاديث النبياء الرد على من زعم أنها أربع نفخات وحديث الباب يؤيد الصواب قوله أربعون قالوا يا أبا هريرة أربعون يوما لم أقف على اسم السائل قوله أبيت بموحدة أي امتنعت عن القول بتعيين ذلك لانه ليس عندي في ذلك توقيف ولابن مردويه من طريق أبي بكر بن عياش عن الاعمش في هذا الحديث فقال اعييت من الاعياء وهو التعب وكأنه أشار إلى كثرة من يسأله عن تبيين ذلك فلا يجيبه وزعم بعض الشراح أنه وقع عند مسلم أربعين سنة ولا وجود لذلك نعم أخرج بن مردويه من طريق سعيد بن الصلت عن الاعمش في هذا الاسناد أربعون سنة وهو شاذ ومن وجه ضعيف عن بن عباس قال ما بين النفخة والنفخة أربعون سنة ذكره في أواخر سورة ص وكأن أبا هريرة لم يسمعها إلا مجملة فلهذا قال لمن عينها له أبيت وقد أخرج بن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن أبي هريرة قال بين النفختين أربعون قالوا أربعون ماذا قالت هكذا سمعت وقال بن التين ويحتمل أيضا أن يكون علم ذلك لكن سكت ليخبرهم في وقت أو اشتغل عن الاعلام حينئذ ووقع في جامع بن وهب أربعين جمعة وسنده منقطع قوله ويبلى كل شئ من الانسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق في رواية مسلم ليس من الانسان شئ إلا يبلى إلا عظما واحدا الحديث وأفرد هذا القدر من طريق أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة بلفظ كل بن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق ومنه يركب وله من طريق همام عن أبي هريرة قال إن في الانسان عظما لا تأكله الارض أبدا فيه يركب يوم القيامة قالوا أي عظم هو قال عجب الذنب وفي حديث أبي سعيد عند الحاكم وأبي يعلى قيل يا رسول الله ما عجب الذنب قال مثل حبة خردل والعجب بفتح المهملة وسكون الجيم بعدها موحدة ويقال له عجم بالميم أيضا عوض الباء وهو عظم لطيف في أصل الصلب وهو رأس العصعص وهو مكان رأس الذنب من ذوات الاربع وفي حديث أبي سعيد الخدري عند بن أبي الدنيا وأبي داود والحاكم مرفوعا أنه مثل حبة الخردل قال بن الجوزي قال بن عقيل لله في هذا سر لا يعلمه إلا الله لان من يظهر الوجود من العدم لا يحتاج إلى شئ يبني عليه ويحتمل أن يكون ذلك جعل علامة للملائكة على إحياء كل إنسان بجوهره ولا يحصل العلم للملائكة بذلك إلا بإبقاء عظم كل شخص ليعلم أنه إنما أراد بذلك إعادة الارواح إلى تلك الاعيان التي هي جزء منها ولولا إبقاء شئ منها لجوزت الملائكة أن الاعادة إلى أمثال الاجساد لا إلى نفس الاجساد وقوله في الحديث ويبلى كل شئ من الانسان يحتمل أن يريد به يفنى أي تعدم أجزاؤه بالكلية ويحتمل أن يراد به يستحيل فتزول صورته المعهودة فيصير على صفة جسم التراب ثم يعاد إذا ركبت إلى ما عهد وزعم بعض الشراح أن المراد أنه لا يبلى أي يطول بقاؤه لا أنه لا يفنى أصلا والحكمة فيه أنه قاعدة بدء الانسان وأسه الذي ينبني عليه فهو أصلب من الجميع كقاعدة الجدار وإذا كان أصلب كان أدوم بقاء وهذا مردود لانه خلاف الظاهر بغير دليل وقال العلماء هذا عام يخص منه الانبياء لان الارض لا تأكل أجسادهم وألحق بن عبد البر
[ 425 ]
بهم الشهداء والقرطبي المؤذن المحتسب قال عياض فتأويل الخبر وهو كل بن آدم يأكله التراب أي كل بن آدم مما يأكله التراب وأن كان التراب لا يأكل أجسادا كثيرة كالانبياء قوله إلا عجب ذنبه أخذ بظاهره الجمهور فقالوا لا يبلى عجب الذنب ولا يأكله التراب وخالف المزني فقال إلا هنا بمعنى الواو أي وعجب الذنب أيضا يبلى وقد أثبت هذا المعنى الفراء والاخفش فقالوا ترد إلا بمعنى الواو ويرد ما انفرد به المزني التصريح بأن الارض لا تأكله أبدا كما ذكرته من رواية همام وقوله في رواية الاعرج منه خلق يقتضي أنه أول كل شئ يخلق من الآدمي ولا يعارضه حديث سلمان أن أول ما خلق من آدم رأسه لانه يجمع بينهما بان هذا في حق آدم وذاك في حق بنيه أو المراد بقول سلمان نفخ الروح في آدم لا خلق جسده (0) قوله سورة المؤمن بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد حم مجازها مجاز أوائل السور ويقال بل هو اسم لقول شريح بن أبي أوفى العبسي يذكرني حاميم والرمح شاجر فلا تلا حاميم قبل التقدم ووقع في رواية أبي ذر وقال البخاري ويقال الخ وهذا الكلام لابي عبيدة في مجاز القرآن ولفظه حم مجازها مجاز أوائل السور وقال بعضهم بل هو اسم وهو يطلق المجاز ويريد به التأويل أي تأويل حم تأويل أوائل السور أي إن الكل في الحكم واحد فمهما قيل مثلا في ألم يقال مثله في حم وقد اختلف في هذه الحروف المقطعة التي في أوائل السور على أكثر من ثلاثين قولا ليس هذا موضع بسطها وأخرج الطبري من طريق الثوري عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال ألم وحم وألمص وص فواتح افتتح بها وروى بن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد قال فواتح السور كلها ق وص وطسم وغيرها هجاء مقطوع والاسناد الاول أصح وأما قوله ويقال بل هو اسم فوصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال حم اسم من أسماء القرآن وقال بن التين لعله يريد على قراءة عيسى بن عمر بفتح الحاء والميم الثانية من ميم ويحتمل أن يكون عيسى فتح لالتقاء الساكنين قلت والشاهد الذي أنشده يوافق قراءة عيسى وقال الطبري الصواب من القراءة عندنا في جميع حروف فواتح السور السكون لانها حروف هجاء لا أسماء مسميات وروى بن مردويه من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال ص وأشباهها قسم أقسم الله بها وهو من أسماء الله وشريح بن أبي أوفى الذي نسب إليه البيت المذكور وقع في رواية القابسي شريح بن أبي أوفى وهو خطأ ولفظ أبي عبيدة وقال بعضهم بل هو اسم واحتجوا بقول شريح بن أبي أوفى العبسي فذكر البيت وروى هذه القصة عمر بن شبة في كتاب الجمل له من طريق داود بن أبي هند قال كان على محمد بن طلحة بن عبيد الله يوم الجمل عمامة سوداء فقال على لا تقتلوا صاحب العمامة السوداء فإنما أخرجه بره بأبيه فلقيه شريح بن أبي أوفى فأهوى له بالرمح فتلاحم فقتله وحكى أيضا عن بن إسحاق أن الشعر المذكور للاشتر النخعي وقال وهو الذي قتل محمد بن طلحة وذكر أبو مخنف أنه لمدلج بن كعب السعدي ويقال كعب بن مدلج وذكر الزبير بن بكار أن الاكثر على أن الذي قتله عصام بن مقشعر قال المرزباني هو الثبت وأنشد له البيت المذكور وأوله
[ 426 ]
وأشعث قوام بآيات ربه قليل الاذى فيما ترى العين مسلم هتكت له بالرمح جيب قميصه فخر صريعا لليدين وللفم على غير شئ غير أن ليس تابعا عليا ومن لا يتبع الحق يندم يذكرني حم البيت ويقال إن الشعر لشداد بن معاوية العبسي ويقال اسمه حديد من بني أسد بن خزيمة حكاه الزبير وقيل عبد الله بن معكبر وذكر الحسن بن المظفر النيسابوري في كتاب مأدبة الادباء قال كان شعار أصحاب على يوم الجمل حم وكان شريح بن أبي أوفى مع على فلما طعن شريح محمدا قال حم فانشد شريح الشعر قال وقيل بل قال محمد لما طعنه شريح أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله فهذا معنى قوله يذكرني حم أي بتلاوة الآية المذكورة لانها من حم تكملة حم جمع على حواميم قال أبو عبيدة على غير قياس وقال الفراء ليس هذا الجمع من كلام العرب ويقال كان مراد محمد بن طلحة بقوله أذكرك حم أي قوله تعالى في حم عسق قل لا أسألكم عليه أجرا الآية كأنه يذكره بقرابته ليكون ذلك دافعا له عن قتله قوله الطول التفضل هو قول أبي عبيدة وزاد تقول العرب للرجل إنه لذو طول على قومه أي ذو فضل عليهم وروى بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ذي الطول قال ذي السعة والغنى ومن طريق عكرمة قال ذي المنن ومن طريق قتادة قال ذي النعماء قوله داخرين خاضعين هو قول أبي عبيدة وروى الطبري من طريق السدي في قوله سيدخلون جهنم داخرين أي صاغرين قوله وقال مجاهد إلى النجاة إلى الايمان وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا قوله ليس له دعوة يعني الوثن وصله الفريابي أيضا عن مجاهد بلفظ الاوثان قوله يسجرون توقد بهم النار وصله الفريابي أيضا عن مجاهد بهذا قوله تمرحون تبطرون وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ يبطرون ويأشرون قوله وكان العلاء بن زياد يذكر النار هو بتشديد الكاف أي يذكر الناس النار أي يخوفهم بها قوله فقال رجل لم أقف على اسمه قوله لم بكسر اللام للاستفهام تقنط بتشديد النون وأراد بذكر هذه الآية الاشارة إلى الآية الاخرى قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا فنهاهم عن القنوط من رحمته مع قوله إن المسرفين هم أصحاب النار استدعاء منهم الرجوع عن الاسراف والمبادرة إلى التوبة قبل الموت وأبو العلاء هذا هو العلاء بن زياد البصري تابعي زاهد قليل الحديث وليس له في البخاري ذكر إلا في هذا الموضع ومات قديما سنة أربع وتسعين ثم ذكر حديث عروة بن الزبير قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشد ما صنعه المشركون وقد تقدم شرحه في أوائل السيرة النبوية (0) قوله سورة حم السجدة بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال طاوس عن بن عباس ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين أعطينا وصله الطبري وابن أبي حاتم بإسناد على شرط البخاري في الصحة ولفظ الطبري في قوله ائتيا قال أعطيا وفي قوله قالتا أتينا قالتا أعطينا وقال عياض ليس أتى هنا بمعنى أعطى وإنما هو من الاتيان وهو المجئ بمعنى الانفعال للوجود بدليل الآية نفسها وبهذا فسره المفسرون أن معناه جيئا بما خلقت فيكما وأظهراه قالتا أجبنا وروى ذلك عن بن عباس قال
[ 427 ]
وقد روى عن سعيد بن جبير نحو ما ذكره المصنف ولكنه يخرج على تقريب المعنى أنهما لما أمرتا بإخراج ما فيهما من شمس وقمر ونهر ونبات وغير ذلك وأجابتا إلى ذلك كان كالاعطاء فعبر بالاعطاء عن المجئ بما أودعتاه قلت فإذا كان موجها وثبتت به الرواية فأي معنى لانكاره عن بن عباس وكأنه لما رأى عن بن عباس أنه فسر بمعنى المجئ نفى أن يثبت عنه أنه فسره بالمعنى الآخر وهذا عجيب فما المانع أن يكون له في الشئ قولان بل أكثر وقد روى الطبري من طريق مجاهد عن بن عباس رضي الله عنهما قال قال الله عز وجل للسماوات أطلعي الشمس والقمر والنجوم وقال للارض شققي أنهارك وأخرجي ثمارك قالتا أتينا طائعين وقال بن التين لعل بن عباس قرأها آتينا بالمد ففسرها على ذلك قلت وقد صرح أهل العلم بالقراءات أنها قراءته وبها قرأ صاحباه مجاهد وسعيد بن جبير وقال السهيلي في أماليه قيل إن البخاري وقع له في آي من القرآن وهم فإن كان هذا منها وإلا فهي قراءة بلغته وجهه أعطيا الطاعة كما يقال فلان يعطي الطاعة لفلان قال وقد قرئ ثم سئلوا الفتنة لآتوها بالمد والقصر والفتنة ضد الطاعة وإذا جاز في إحداهما جاز في الاخرى انتهى وجوز بعض المفسرين أن آتينا بالمد بمعنى الموافقة وبه جزم الزمخشري فعلى هذا يكون المحذوف مفعولا واحدا والتقدير لتوافق كل منكما الاخرى قالتا توافقنا وعلى الاول يكون قد حذف مفعولان والتقدير أعطيا من أمركما الطاعة من أنفسكما قالتا أعطيناه الطاعة وهو أرجح لثبوته صريحا عن ترجمان القرآن قوله قالتا قال بن عطية أراد الفرقتين المذكورتين جعل السماوات سماء والارضين أرضا ثم ذكر لذلك شاهدا وهي غفلة منه فإنه لم يتقدم قبل ذلك إلا لفظ سماء مفرد ولفظ أرض مفرد نعم قوله طائعين عبد بالجمع بالنظر إلى تعدد كل منهما وعبر بلفظ جمع المذكر من العقلاء لكونهم عوملوا معاملة العقلاء في الاخبار عنهم وهو مثل رأيتهم لي ساجدين (4537 م) قوله وقال المنهال هو بن عمرو الاسدي مولاهم الكوفي وليس له في البخاري سوى هذا الحديث وآخر تقدم في قصة إبراهيم من أحاديث الانبياء وهو صدوق من طبقة الاعمش وثقه بن معين والنسائي والعجلي وغيرهم وتركه شعبة لامر لا يوجب فيه قدحا كما بينته في المقدمة وهذا التعليق قد وصله المصنف بعد فراغه من سياق الحديث كما سأذكره قوله عن سعيد هو بن جبير وصرح به الاصيلي في روايته وكذا النسفي قوله قال رجل لابن عباس كأن هذا الرجل هو نافع بن الازرق الذي صار بعد ذلك رأس الازارفة من الخوارج وكان يجالس بن عباس بمكة ويسأله ويعارضه ومن جملة ما وقع سؤاله عنه صريحا ما أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق داود بن أبي هند عن عكرمة قال سأل نافع بن الازرق بن عباس عن قوله تعالى هذا يوم لا ينطقون ولا تسمع إلا همسا وقوله وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون وهاؤم أقرءوا كتابيه الحديث بهذه القصة حسب وهي إحدى القصص المسئول عنها في حديث الباب وروى الطبراني من حديث الضحاك بن مزاحم قال قدم نافع بن الازرق ونجدة بن عويمر في نفر من رءوس الخوارج مكة فإذا هم بابن عباس قاعدا قريبا من زمزم والناس قياما يسألونه فقال له نافع بن الازرق أتيتك لاسألك فسأله عن أشياء كثيرة من التفسير ساقها في ورقتين وأخرج الطبري من هذا الوجه بعض القصة ولفظه أن نافع بن الازرق أتى بن عباس فقال قول الله ولا يكتمون الله حديثا وقوله والله ربنا ما كنا مشركين فقال أني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت لهم أين بن عباس فألقى
[ 428 ]
عليه متشابه القرآن فأخبرهم أن الله تعالى إذا جمع الناس يوم القيامة قال المشركون إن الله لا يقبل إلا من وحده فيسألهم فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين قال فيختم على أفواههم ويستنطق جوارحهم انتهى وهذه القصة إحدى ما ورد في حديث الباب فالظاهر أنه المبهم فيه قوله إني أجد في القرآن أشياء تختلف على أي تشكل وتضطرب لان بين ظواهرها تدافعا زاد عبد الرزاق في روايته عن معمر عن رجل عن المنهال بسنده فقال بن عباس ما هو أشك في القرآن قال ليس بشك ولكنه اختلاف فقال هات ما اختلف عليك من ذلك قال أسمع الله يقول وحاصل ما وقع السؤال في حديث الباب أربعة مواضع الاول نفى المسائلة يوم القيامة وإثباتها الثاني كتمان المشركين جالهم وافشاؤه الثالث خلق السماوات والارض أيهما تقدم الرابع الاتيان بحرف كان الدال على الماضي مع أن الصفة لازمة وحاصل جواب بن عباس عن الاول أن نفي المسائلة فيما قبل النفخة الثانية وإثباتها فيما بعد ذلك وعن الثاني أنهم يكتمون بألسنتهم فتنطق أيديهم وجوارحهم وعن الثالث أنه بدأ خلق الارض في يومين غير مدحوة ثم خلق السماء فسواها في يومين ثدحا الارض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي وغيرها في يومين فتلك أربعة أيام للارض فهذا الذي جمع به بن عباس بين قوله تعالى في هذه الآية وبين قوله والارض بعد ذلك دحاها هو المعتمد وإماما أخرجه عبد الرزاق من طريق أبي سعيد عن عكرمة عن بن عباس رفعه قال خلق الله الارض في يوم الاحد وفي يوم الاثنين وخلق الجبال وشقق الانهار وقدر في كل أرض قوتها يوم الثلاثاء ويوم الاربعاء ثم استوى إلى السماء وهي دخان وتلا الآية إلى قوله في كل سماء أمرها قال في يوم الخميس ويوم الجمعة الحديث فهو ضعيف لضعف أبي سعيد وهو البغال وعن الرابع بأن كان وأن كانت للماضي لكنها لا تستلزم الانقطاع بل المراد أنه لم يزل كذلك فأما الاول فقد جاء في تفسير آخر أن نفي المسألة عند تشاغلهم بالصعق والمحاسبة والجواز على الصراط وإثباتها فيما عدا ذلك وهذا منقول عن السدي أخرجه الطبري ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس أن نفي المسألة عند النفخة الاولى وإثباتها بعد النفخة الثانية وقد تأول بن مسعود نفي المسائلة على معنى آخر وهو طلب بعضهم من بعض العفو فأخرج الطبري من طريق زاذان قال أتيت بن مسعود فقال يؤخذ بيد العبد يوم القيامة فينادي ألا إن هذا فلان بن فلان فمن كان له حق قبله فليأت قال فتود المرأة يومئذ أن يثبت لها حق على أبيها أو ابنها أو أخيها أو زوجها فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ومن طريق أخرى قال لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا ولا يتساءلون به ولا يمتبرحم وأما الثاني فقد تقدم بسطه من وجه آخر عند الطبري والآية الاخرى التي ذكرهبن عباس وهي قوله والله ربنا ما كنا مشركين فقد ورد ما يؤيده من حديث أبي هريرة أخرجه مسلم في أثناء حديث وفيه ثم يلقى الثالث فيقول يا رب آمنت بك وبكتابك وبرسولك ويثني ما استطاع فيقول الآن نبعث شاهدا عليك فيفكر في نفسه من الذي يشهد على فيختم على فيه وتنطق جوارحه وأما الثالث فأجيب بأجوبة أيضا منها أن ثم بمعنى الواو فلا إيراد وقيل المراد ترتيب الخبر لا المخبر به كقوله ثم كان من الذين
[ 429 ]
آمنوا الآية وقيل على بابها لكن ثم لتفاوت ما بين الخلقتين لا للتراخي في الزمان وقيل خلق بمعنى قدر وأما الرابع وجواب بن عباس عنه فيحتمل كلامه أنه أراد أنه سمي نفسه غفورا رحيما وهذه التسمية مضت لان التعلق انقضى وأما الصفتان فلا يزالان كذلك لا ينقطعان لانه تعالى إذا أراد المغفرة أو الرحمة في الحال أو الاستقبال وقع مراده قال الكرماني قال ويحتمل أن يكون بن عباس أجاب بجوابين أحدهما أن التسمية هي التي كانت وانتهت والصفة لا نهاية لها والآخر أن معنى كان الدوام فإنه لا يزال كذلك ويحتمل أن يحمل السؤال على مسلكين والجواب على رفعهما كأن يقال هذا اللفظ مشعر بأنه في الزمان الماضي كان غفورا رحيما مع أنه لم يكن هناك من يغفر له أو يرحم وبأنه ليس في الحال كذلك لما يشعر به لفظ كان والجواب عن الاول بأنه كان في الماضي يسمى به وعن الثاني بأن كان تعطى معنى الدوام وقد قال النجاة كان لثبوت خبرها ماضيا دائما أو منقطعا قوله فلا يختلف بالجزم للنهي وقد وقع في رواية بن أبي حاتم من طريق مطرف عن المنهال بن عمرو وفي آخره قال فقال له بن عباس هل بقي في قلبك شئ إنه ليس من القرآن شئ إلا نزل فيه شئ ولكن لا تعلمون وجهه تنبيه وقع في السياق والسماء بناها والتلاوة أم السماء بناها كذا زعم بعض الشراح والذي في الاصل من رواية أبي ذر والسماء وما بناها وهو على وفق التلاوة لكن قوله بعد ذلك إلى قوله دحاها يدل على أن المراد الآية التي فيها أم السماء بناها قوله حدثنيه يوسف بن عدي أي بن أبي زريق التيمي الكوفي نزيل مصر وهو أخو زكريا بن عدي وليس له في البخاري إلا هذا الحديث وقد وقع في رواية القابسي حدثنيه عن يوسف بزيادة عن وهي غلط وسقط قوله وحدثنيه الخ من رواية النسفي وكذا من رواية أبي نعيم عن الجرجاني عن الفربري وثبت ذلك عند جمهور الرواة عن الفربري لكن ذكر البرقاني في المصافحة بعد أن أخرج الحديث من طريق محمد بن إبراهيم البوشنجي حدثنا أبو يعقوب يوسف بن عدي فساقه بتمامه قال وقال لي محمد بن إبراهيم الاردستاني قال شاهدت نسخة من كتاب البخاري في هامشها حدثنيه محمد بن إبراهيم حدثنا يوسف بن عدي قال البرقاني ويحتمل أن يكون هذا من صنيع من سمعه من البوشنجي فإن اسمه محمد بن إبراهيم قال ولم يخرج البخاري ليوسف ولا لعبيد الله بن عمرو ولا لزيد بن أبي أنيسة حديثا مسندا سواه وفي مغايرة البخاري سياق الاسناد عن ترتيبه المعهود إشارة إلى أنه ليس على شرطه وإن صارت صورته صورة الموصول وقد صرح بن خزيمة في صحيحه بهذا الاصطلاح وأن ما يورده بهذه الكيفية ليس على شرط صحيحه وخرج على من يغير هذه الصيغة المصطلح عليها إذا أخرج منه شيئا على هذه الكيفية فزعم بعض الشراح أن البخاري سمعه أولا مرسلا وآخرا مسندا فنقله كما سمعه وهذا بعيدا جدا وقد وجدت للحديث طريقا أخرى أخرجها الطبري من رواية مطرف من طريق عن المنهال بن عمرو بتمامه فشيخ معمر المبهم يحتمل أن يكون مطرفا أو زيد بن أبي أنيسة أو ثالثا قوله وقال مجاهد لهم أجر غير ممنون محسوب سقط هذا من رواية النسفي وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد به وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله غير ممنون قال غير منقوص وهو بمعنى قول مجاهد محسوب والمراد أنه يحسب فيحصى فلا ينقص منه شئ قوله أقواتها أرزاقها أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن الحسن بلفظ قال وقال قتادة جبالها
[ 430 ]
وأنهارها ودوابها وثمارها وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ وقدر فيها أقواتها قال من المطر وقال أبو عبيدة أقواتها واحدها قوت وهي الارزاق قوله في كل سماء أمرها مما أمر به وصله الفريابي بلفظ مما أمر به وأراده أي من خلق الرجوم والنيرات وغير ذلك قوله نحسات مشائيم وصله الفريابي من طريق مجاهد به وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ريحا صرصرا باردة نحسات مشومات وقال أبو عبيدة الصرصر هي الشديدة الصوت العاصفة نحسات ذوات نحوس أي مشائيم قوله وقيضنا لهم قرناء تنزل عليهم الملائكة عند الموت كذا في رواية أبي ذر والنسفي وطائفة وعند الاصيلي وقيضنا لهم قرناء قرناهم بهم تتنزل عليهم الملائكة عند الموت وهذا هو وجه الكلام وصوابه وليس تتنزل عليهم تفسيرا لقيضنا وقد أخرج الفريابي من طريق مجاهد بلفظ وقيضنا لهم قرناء قال شياطين وفي قوله تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا قال عند الموت وكذلك أخرجه الطبري مفرقا في موضعيه ومن طريق السدي قال تتنزل عليهم الملائكة عند الموت ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال تتنزل عليهم الملائكة وذلك في الآخرة قلت ويحتمل الجمع بين التأويلين فإن حالة الموت أول أحوال الآخرة في حق الميت والحاصل من التأويلين أنه ليس المراد تتنزل عليهم في حال تصرفهم في الدنيا قوله اهتزت بالنبات وربت ارتفعت من أكمامها حين تطلع كذا لابي ذر والنسفي وفي رواية غيرهما إلى قوله ارتفعت وهذا هو الصواب وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد إلى قوله ارتفعت وزاد قبل أن تنبت قوله ليقولن هذا لي أي بعلمي أنا محقوق بهذا وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا ولكن لفظه بعملي بتقديم الميم على اللام وهو الاشبه واللام في ليقولن جواب القسم وأما جواب الشرط فمحذوف وأبعد من قال اللام جواب الشرط والفاء محذوفة منه لان ذلك شاذ مختلف في جوازه في الشعر ويحتمل أن يكون قوله هذا لي أي لا يزول عني قوله وقال غيره سواء للسائلين قدرها سواء سقط وقال غيره لغير أبي ذر والنسفي وهو أشبه فإنه معنى قول أبي عبيدة وقال في قوله سواء للسائلين نصبها على المصدر وقال الطبري قرأ الجمهور سواء بالنصب وأبو جعفر بالرفع ويعقوب بالجر فالنصب على المصدر أو على نعت الاقوات ومن رفع فعلى القطع ومن خفض فعلى نعت الايام أو الاربعة قوله فهديناهم دللناهم على الخير والشر كقوله وهديناه النجدين وكقوله هديناه السبيل والهدى الذي هو الارشاد بمنزلة أسعدناه ومن ذلك قوله أولئك الذين هدى الله فبهداهم افتده كذا لابي ذر والاصيلي ولغيرهما أصعدناه بالصاد المهملة قال السهيلي هو بالصاد أقرب إلى تفسير أرشدناه من أسعدناه بالسين المهملة لانه إذا كان بالسين كان من السعد والسعادة وأرشدت الرجل إلى الطريق وهديته السبيل بعيد من هذا التفسير فإذا قلت أصعدناهم بالصاد خرج اللفظ إلى معنى الصعدات في قوله إياكم والقعود على الصعدات وهي الطرق وكذلك أصعد في الارض إذا سار فيها على قصد فإن كان البخاري قصد هذا وكتبها في نسخته بالصاد التفاتا إلى حديث الصعدات فليس بمنكر انتهى والذي عند البخاري إنما هو بالسين كما وقع عند أكثر الرواة عنه وهو منقول من معاني القرآن قال في قوله تعالى وأما ثمود فهديناهم يقال دللناهم على مذهب الخير ومذهب الشر كقوله وهديناه النجدين ثم ساق عن علي في قوله وهديناه النجدين قال الخير
[ 431 ]
والشر قال وكذلك قوله إنا هديناه السبيل قال والهدى على وجه آخر وهو الارشاد ومثله قولك أسعدناه من ذلك أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده في كثير من القرآن قوله يوزعون يكفون قال أبو عبيدة في قوله فهو يوزعون أي يدفعون وهو من وزعت وأخرج الطبري من طريق السدي في قوله فهم يوزعون قال عليهم وزعة ترد أولاهم على أخراهم قوله من أكمامها قشر الكفري الكم كذا لابي ذر ولغيره هي الكم زاد الاصيلي وأحدها هو قول الفراء بلفظه وقال أبو عبيدة في قوله من أكمامها أي أوعيتها وأحدها كمة وهو ما كانت فيه وكم وكمه واحد والجمع أكمام وأكمة تنبيه بكاف الكم مضمومة كم القميص وعليه يدل كلام أبي عبيدة وبه جزم الراغب ووقع في الكشاف بكسر الكاف فإن ثبت فلعلها لغة فيه دون كم القميص قوله وقال غيره ويقال للعنب إذا خرج أيضا كافور وكفري ثبت هذا في رواية المستملى وحده والكفرى بضم الكاف وفتح الفاء وبضمها أيضا والراء مثقلة مقصور وهو وعاء الطلع وقشره الاعلى قاله الاصمعي وغيره قالوا ووعاء كل شئ كافور وقال الخطابي قول الاكثرين الكفري الطلع بما فيه وعن الخليل أنه الطلع قوله ولي حميم القريب كذا للاكثر وعند النسفي وقال معمر فذكره ومعمر هم بن المثنى أبو عبيدة وهذا كلامه قال في قوله كأنه ولي حميم قال ولي قريب قوله من محيص حاص عنه حاد عنه قال أبو عبيدة في قوله مالنا من محيص يقال حاص عنه أي عدل وحاو قال في موضع آخر من محيص أي من معدل قوله مرية ومرية واحد أي بكسر الميم وضمها أي امتراء هو قول أبي عبيدة أيضا وقراءة الجمهور بالكسر وقرأ الحسن البصري بالضم قوله وقال مجاهد اعملوا ما شئتم الوعيد في رواية الاصيلي هو وعيد وقد وصله عبد بن حميد من طريق سفيان عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله اعملوا ما شئتم قال هذا وعيد وأخرجه عبد الرزاق من وجهين آخرين عن مجاهد وقال أبو عبيدة لم يأمرهم بعمل الكفر وإنما هو توعد قوله وقال بن عباس ادفع بالتي هي أحسن الصبر عند الغضب والعفو عند الاساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم سقط كأنه ولي حميم من رواية أبي ذر وحده وثبت للباقين وقد وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال أمر الله المؤمنين بالصبر عند الغضب والعفو عند الاساءة الخ ومن طريق عبد الكريم الجزري عن مجاهد ادفع بالتي هي أحسن السلام (0) قوله باب قوله وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم الآية قال الطبري اختلف في معنى قوله تستترون ثم أخرج من طريق السدي قال تستخفون ومن طريق مجاهد قال تتقون ومن طريق شعبة عن قتادة قال ما كنتم تظنون أن يشهد عليكم الخ (4538) قوله عن بن مسعود وما كنتم تستترون أي قال في تفسير قوله تعالى وما كنتم تستترون قوله كان رجلان من قريش وختن لهما من ثقيف أو رجلان من ثقيف وختن لهما من قريش هذا الفك من أبي معمر من رواية عن بن مسعود وهو عبد الله بن سخبرة وقد أخرجه عبد الرزاق من طريق وهب بن ربيعة عن بن مسعود بلفظ ثقفي وختناه قرشيان ولم يشك وأخرج مسلم من طريق وهب هذه ولم يسق لفظها أخرجه الترمذي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود قال ثلاثة نفر ولم ينسبهم وذكر بن بشكوال في المبهمات من طريق تفسير عبد الغني بن سعيد الثقفي أحد الضعفاء بإسناده عن بن
[ 432 ]
عباس قال القرشي الاسود بن عبد يغوث الزهري والثقفيان الاخنس بن شريق والآخر لم يسم وراجعت التفسير المذكور فوجدته قال في تفسير قوله تعالى أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم قال جلس رجلان عند الكعبة أحدهما من ثقيف وهو الاخنس بن شريق والآخر من قريش وهو الاسود بن عبد يغوث فذكر الحديث وفي تنزيل هذا على ما لا يخفى وذكر الثعلبي وتبعه البغوي أن الثقفي عبد يا ليل بن عمرو بن عمير والقرشيان صفوان وربيعة ابنا أمية بن خلف وذكر إسماعيل بن محمد التيمي في تفسيره أن القرشي صفوان بن أمية والثقفيان ربيعة وحبيب ابنا عمرو فالله أعلم (0) قوله باب وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرادكم فأصبحتم من الخاسرين الاشارة في قوله وذلكم لما تقدم من صنيع الاستتار ظنا منهم أنهم يخفى عملهم عند الله وهو مبتدأ والخبر أرادكم وظنكم بدل من ذلكم ثم ذكر فيه الحديث الذي قبله من طريق أخرى (4539) قوله اجتمع عند البيت أي عند الكعبة قوله كثيرة شحم بطونهم قليلة فقه قلوبهم كذا للاكثر بإضافة بطون لشحم وإضافة قلوب لفقه وتنوين كثيرة وقليلة وفي رواية سعيد بن منصور والترمذي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم وذكره بعض الشراح بلفظ إضافة شحم إلى كثيرة وبطونهم بالرفع على أنه المبتدأ أي بطونهم كثيرة الشحم والآخر مثله وهو محتمل وقد أخرجه بن مردويه من وجه آخر بلفظ عظيمة بطونهم قليل فقههم وفيه إشارة إلى أن الفطنة قلما تكون مع البطنة قال الشافعي ما رأيت سمينا عاقلا إلا محمد بن الحسن قوله لئن كان يسمع بعضه لقد سمع كله أي لان نسبة جميع المسموعات إليه واحدة فالتخصيص تحكم وهذا يشعر بأن قائل ذلك كان أفطن أصحابه وأخلق به أن يكون الاخنس بن شريق لانه أسلم بعد ذلك وكذا صفوان بن أمية قوله وكان سفيان يحدثنا بهذا فيقول حدثنا منصور أو بن أبي نجيح أو حميد أحدهم أو اثنان منهم ثم ثبت على منصور وترك ذلك مرارا غير واحدة هذا كلام الحميدي شيخ البخاري فيه وقد أخرجه عنه في كتاب التوحيد قال حدثنا سفيان حدثنا منصور عن مجاهد فذكره مختصرا ولم يذكر مع منصور أحدا وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي من طرق عن سفيان بن عيينة عن منصور وحده به (4540) قوله حدثنا يحيى هو بن سعيد القطان قوله حدثنا سفيان هو الثوري قوله عن منصور لسفيان فيه إسناد آخر أخرجه مسلم عن أبي بكر بن خلاد عن يحيى القطان عن سفيان الثوري عن سليمان وهو الاعمش عن عمارة بن عمير عن وهب بن ربيعة عن بن مسعود وكأن البخاري ترك طريق الاعمش للاختلاف عليه قيل عنه هكذا وقيل عنه عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود أخرجه الترمذي بالوجهين (0) قوله سورة حم عسق بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير بن ذر قوله ويذكر عن بن عباس عقيما التي لا تلد وصله بن أبي حاتم والطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس بلفظ ويجعل من يشاء عقيما قال لا يلقح وذكره باللفظ المعلق بلفظ جوبير عن الضحاك عن بن عباس وفيه ضعف وانقطاع فكأنه لم يجزم به لذلك قوله روحا من أمرنا القرآن وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن
[ 433 ]
بن عباس بهذا وروى الطبري من طريق السدي قال في قوله روحا من أمرنا قال وحيا ومن طريق قتادة عن الحسن في قوله روحا من أمرنا قال رحمة قوله وقال مجاهد يذرؤكم فيه نسل بعد نسل وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله يذرؤكم فيه قال نسلا بعد نسل من الناس والانعام وروى الطبري من طريق السدي في قوله يذرؤكم قال يخلقكم قوله لا حجة بيننا وبينكم لا خصومة بيننا وبينكم وصله الفريابي عن مجاهد بهذا وروى الطبري مطريق السدي في قوله حجتهم داحضة عند ربهم قال هم أهل الكتاب قالوا للمسلمين كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم قوله من طرف خفي ذليل وصله الفريابي عن مجاهد بهذا وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس مثله ومن طريق قتادة ومن طريق السدي في قوله ينظرون من طرف خفي قال يسارقون النظر وتفسير مجاهد هو بلازم هذا قوله شرعوا ابتدعوا هو قول أبي عبيدة قوله فيظللن رواكد على ظهره يتحركن ولا يجرين في البحر وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال سفن هذا البحر تجري بالريح فإذا أمسكت عنها الريح ركدت وقوله يتحركن أي يضربن بالامواج ولا يجرين في البحر بسكون الريح وبهذا التقرير يندفع اعتراض من زعم أن لا سقطت في قوله يتحركن قال لانهم فسروا رواكد بسواكن وتفسير رواكد بسواكن قول أبي عبيدة ولكن السكون والحركة في هذا أمر نسبي (0) بسم الله الرحمن الرحيم قوله باب قوله إلا المودة في القربى ذكر فيه حديث طاوس عن بن عباس سئل عن تفسيرها فقال سعيد بن جبير قربى آل محمد فقال بن عباس عجلت أي أسرعت في التفسير وهذا الذي جزم به سعيد بن جبير قد جاء عنه من روايته عن بن عباس مرفوعا فأخرج الطبري وابن أبي حاتم من طريق قيس بن الربيع عن الاعمش عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال لما نزلت قالوا يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم الحديث وإسناد ضعيف وهو ساقط لمخالفته هذا الحديث الصحيح والمعنى إلا أن تودوني لقرابتي فتحفظوني والخطاب لقريش خاصة والقربى قرابة العصوبة والرحم فكأنه قال احفظوني للقرابة إن لم تتبعوني للنبوة ثم ذكر ما تقدم عن عكرمة في سبب نزول (0) وقد جزم بهذا التفسير جماعة من المفسرين واستندوا إلى ما ذكرته عن بن عباس من الطبراني وابن أبي حاتم وإسناده واه فيه ضعيف ورافضي وذكر الزمخشري هنا أحاديث ظاهر وضعها ورده الزجاج بما صح عن بن عباس من رواية طاوس في حديث الباب وبمنقله الشعبي عنه وهو المعتمد وجزم بأن الاستثناء منقطع وفي سبب نزولها قول آخر ذكره الواحدي عن بن عباس قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانت تنوبه نوائب وليس بيده شئ فجمع له الانصار ما لا فقالوا يا رسول الله إنك بن أختنا وقد هدانا الله بك وتنوبك النوائب وحقوق وليس لك سعة فجمعنا لك من أموالنا ما تستعين به علينا فنزلت وهذه من رواية الكلبي ونحوه من الضعفاء وأخرج من طريق مقسم عن بن عباس أيضا قال بلغ النبي صلى الله عليه وسلم عن الانصار شئ فخطب فقال ألم تكونوا اضلالا فهداكم الله بن الحديث وفيه فجثوا على الركب وقالوا أنفسنا وأموالنا لك فنزلت وهذا أيضا ضعيف ويبطله أن الآية مكية والاقوى في سبب نزولها (0) عن قتادة قال قال المشركون لعل محمدا يطلب أجرا على ما يتعاطاه فنزلت وزعم بعضهم أن هذه الآية منسوخة ورده الثعلبي بأن الآية دالة على الامر بالتودد
[ 434 ]
إلى الله بطاعته أو باتباع نبيه أو صلة رحمه بترك أذيته أو صلة أقاربه من أجله وكل ذلك مستمر الحكم غير منسوخ والحاصل أن سعيد بن جبير ومواقفه كعلي بن الحسين والسدي وعمرو بن شعيب فيما أخرجه الطبري عنهم حملوا الآية على أمر المخاطبين بان يواددوا أقارب النبي صلى الله عليه وسلم وابن عباس حملها على أن يواددوا النبي صلى الله عليه وسلم من أجل القرابة التي بينهم وبينه فعلى الاول الخطاب عام لجميع المكلفين وعلى الثاني الخطاب خاص بقريش ويؤيد ذلك أن السورة مكية وقد قيل إن هذه الآية نسخت بقوله قل ما أسألكم عليه من أجر ويحتمل أن يكون هذا عاما خص بما دلت عليه آية الباب والمعنى أن قريشا كانت تصل أرحامها فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قطعوه فقال صلوني كما تصلون غيري من أقاربكم وقد روى سعيد بن منصور من طريق الشعبي قال أكثروا علينا في هذه الآية فكتبت إلى بن عباس أسأله عنها فكتب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان واسط النسب في قريش لم يكن حي من أحياء قريش إلا ولده فقال الله قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى تودوني بقرابتي منكم وتحفظوني في ذلك وفيه قول ثالث أخرجه أحمد من طريق مجاهد عن بن عباس أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قل لا أسألكم عليه أجرا على ما جئتكم به من البينات والهدى إلا أن تقربوا إلى الله بطاعته وفي إسناده ضعف وثبت عن الحسن البصري نحوه والاجر على هذا مجاز وقوله القربى هو مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة والمراد في أهل القربى وعبر بلفظ في دون اللام كأنه جعلهم مكانا للمودة ومقرا لها كما يقال لي في آل فلان هوى أي مكان هواي ويحتمل أن تكون في سببية وهذا على أن الاستثناء متصل فإن كان منقطعا فالمعنى لا أسألكم عليه أجرا قط ولكن أسألكم أن تودوني بسبب قرابتي فيكم (0) قوله سورة حم الزخرف بسم الله الرحمن الرحيم قوله على أمة على أمام كذا للاكثر وفي رواية أبي ذر وقال مجاهد فذكره والاول أولى وهو قول أبي عبيدة وروى عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله على أمة قال على ملة وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله على أمة أي على دين ومن طريق السدي مثله قوله وقيله يا رب تفسيره أيحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم ولا نسمع عليهم قال بن التين هذا التفسير أنكره بعضهم وإنما يصح لو كانت التلاوة وقيلهم وقال أبو عبيدة وقيله منصوب في قول أبي عمرو بن العلاء على نسمع سرهم ونجواهم وقيله قال وقال غيره هي في موضع الفعل أي ويقول وقال غيره هذا التفسير محمول على أنه أراد تفسير المعنى والتقدير ونسمع قيله فحذف العامل لكن يلزم منه الفصل بين المتعاطفين بجمل كثيرة وقال الفراء من قرأ وقيله فنصب تجوز من قوله نسمع سرهم ونجواهم ونسمع قيلهم وقد ارتضى ذلك الطبري وقال قرأ الجمهور وقيله بالنصب عطفا على قوله أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم والتقدير ونسمع قيله يا رب وبهذا يندفع اعتراض بن التين وإلزامه بل يصح والقراءة وقيله بالافراد قال الطبري وقراءة الكوفيين وقيله بالجر على معنى وعنده علم الساعة وعلم قيله قال وهما قراءتان صحيحتا المعنى وسيأتي في أواخر هذه السورة أن بن مسعود قرأ وقال
[ 435 ]
الرسول يا رب في موضع وقيله يا رب وقال بعض النحويين المعنى إلا من شهد بالحق وقال قيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون وفيه أيضا الفصل بين المتعاطفين بجمل كثيرة قوله وقال بن عباس ولولا أن يكون الناس أمة واحدة الخ وصله الطبري وابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس بلفظه مقطعا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أمة واحدة كفارا وروى الطبري من طريق عوف عن الحسن في قوله ولولا أن يكون الناس أمة واحدة قال كفارا يميلون إلى الدنيا قال وقد مالت الدنيا بأكثر أهلها وما فعل فكيف لو فعل قوله مقرنين مطيقين وصله الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله وما كنا له مقرنين قال مطيقين وهو بالقاف ومن طريق للسدى مثله وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وما كنا له مقرنين لا في الايدي ولا في القوة قوله أسفونا اسخطونا وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله فلما أسفونا قال اسخطونا وقال عبد الرزاق سمعت بن جريج يقول اسفونا أغضبونا وعن سماك بن الفضل عن وهب بن منبه مثله وأورده في قصة له مع عروة بن محمد السعدي عامل عمر بن عبد العزيز على اليمن قوله يعش يعمى وصله بن أبي حاتم من طريق شبيب عن بشر عن عكرمة عن بن عباس في قوله ومن يعش عن ذكر الرحمن قال يعمى وروى الطبري من طريق السدي قال ومن يعش أي يعرض ومن طريق سعيد عن قتادة مثله قال الطبري من فسر يعش بمعنى يعمى فقراءته بفتح الشين وقال بن قتيبة قال أبو عبيدة قوله ومن يعش بضم الشين أي تظلم عينه وقال الفراء يعرض عنه قال ومن قرأ يعش بفتح الشين أراد تعمى عينه قال ولا أرى القول إلا قول أبي عبيدة ولم أر أحدا يجيز عشوت عن الشئ أعرضت عنه إنما يقال تعايشت عن كذا تغافلت عنه ومثله تعاميت وقال غيره عشى إذا مشى ببصر ضعيف مثل عرج مشى مشية الاعرقوله وقال مجاهد أفتضرب عنكم الذكر صفحا أي تكذبون بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظه وروى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس قال أفحسبتم أن نصفح عنكم ولم تفعلوا ما أمرتم به قوله ومضى مثل الاولين سنة الاولين وصله الفريابي عن مجاهد في قوله ومضى مثل الاولين قال سننهم وسيأتي له تفسير آخر قريبا قوله مقرنين يعني الابل والخيل والبغال وصله الفريابي عن مجاهد بلفظه وزاد والحمير وهذا تفسير المراد بالضمير في قوله له وأما لفظ مقرنين فتقدم معناه قريبا قوله أو من ينشأ في الحلية الجواري يقول جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون وصله الفريابي عن مجاهد بلفظه والمعنى أنه تعالى أنكر على الكفرة الذين زعموا أن الملائكة بنات الله فقال أم أتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين وأنتم تمقتون البنات وتنفرون منهن حتى بالغتم في ذلك فوأد تموتهن فكيف تؤثرون أنفسكم بأعلى الجزأين وتدعون له الجزء الادنى مع أن صفة هذا الصنف الذي هو البنات أنها تنشأ في الحلية والزينة المفضية إلى نقص العقل وعدم القيام بالحجة وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله أو من ينشأ في الحلية قال البنات وهو في الخصام غير مبين قال فما تكلمت المرأة تريد أن تكلم بحجة لها إلا تكلمت بحجة عليها تنبيه قرأ ينشأ بفتح أوله مخففا الجمهور وحمزة والكسائي وحفص بضم أوله مثقلا والجحدري مثله مخففا قوله وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم يعنون الاوثان يقول الله تعالى ما لهم بذلك من علم الاوثان إنهم لا يعلمو
[ 436 ]
وصله الفريابي من طريق مجاهد في قوله وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم قال الاوثان قال الله ما لهم بذلك من علم إن هم إلا يخرصون ما تعلمون قدرة الله على ذلك والضمير في قوله مالهم بذلك من علم للكفار أي ليس لهم علم بما ذكروه من المشيئة ولا برهان معهم على ذلك إنما يقولونه ظنا وحسبانا أو الضمير للاوثان ونزلهم منزلة من يعقل ونفى عنهم علم ما يصنع المشركون من عبادتهم قوله في عقبة ولده وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بلفظه والمراد بالولد الجنس حتى يدخل فيه ولد الولد وأن سفل وقال عبد الرزاق في عقبة لا يزال في ذريته من يوحد الله عز وجل قوله مقترنين يمشون معا وصله الفريابي عن مجاهد في قوله أو جاء معه الملائكة مقترنين يمشون معا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يعني متتابعين قوله سلفا قوم فرعون سلفا لكفار أمة محمد وصله الفريابي من طريق مجاهد قال هم قوم فرعون كفارهم سلفا لكفار أمة محمد قوله ومثلا عبرة وصله الفريابي عن مجاهد بلفظه وزاد لمن بعدهم قوله يصدون يضجون وصله الفريابي والطبري عن مجاهد بلفظه وهو قول أبي عبيدة وزاد ومن ضمها فمعناه يعدلون وروى الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس ومن طريق آخر عن بن عباس ومن طريق سعيد عن قتادة في قوله يصدون قال يضجون وقال عبد الرزاق عن معمر عن عاصم أخبرني زر هو بن حبيش أن بن عباس كان يقرؤها يصدون يعني بكسر الصاد يقول يضجون قال عاصم وسمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقرؤها بضم الصاد فبالكسر معناه يضج وبالضم معناه يعرض وقال الكسائي هما لغتان بمعنى وأنكر بعضهم قراءة الضم واحتج بأنه لو كانت كذلك لكانت عنه لا منه وأجيب بأن المعنى منه أي من أجله فيصح الضم وروى الطبري من طريق أبي يحيى عن بن عباس أنه أنكر على عبيد بن عمير قرءاته يصدون بالضم قوله مبرمون مجمعون وصله الفريابي عن مجاهد بلفظه وزاد إن كادو شرا كدناهم مثله قوله أول العابدين أول المؤمنين وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ وأول المؤمنين بالله فقولوا ما شئتم وقال عبد الرزاق عن معمر عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال قوله فأنا أول العابدين يقول فأنا أول من عبد الله وحده وكفر بما تقولون وروى الطبري من طريق محمد بن ثور عن معمر بسنده قال قل أن كان الرحمن ولد في زعمكم فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم وسيأتي له بعد هذا تفسير آخر قوله وقال غيره إنني براء مما تعبدون العرب تقول نحن منك البراء والخلاء الواحد والاثنان والجميع من المذكر والمؤنث سواء يقال فيه براء لانه مصدر ولو قيل برئ لقيل في الاثنين بريئان وفي الجميع بريئون قال أبو عبيدة قوله إنني براء مجازها لغة عالية يجعلون الواحد والاثنين والثلاثة من المذكر والمؤنث على لفظ واحد وأهل نجد يقولون أنا برئ وهي بريئة ونحن براء قوله وقرأ عبد الله إنني برئ بالياء وصله الفضل بن شاذان في كتاب القراءات بإسناده عن طلحة بن مصرف عن يحيى بن وثاب عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قوله والزخرف الذهب قال عبد الله بن حميد حدثنا هاشم بن القاسم عن شعبة عن الحكم عن مجاهد قال كنا لا ندري ما الزخرف حتى رأيتها في قراءة عبد الله أي بن مسعود أو يكون لك بيت من ذهب وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وزخرفا قال الذهب وعن معمر عن الحسن مثله قوله ملائكة في الارض يخلفون يخلف بعضهم بعضا أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة وزاد في آخره مكان بن آدم (0) قوله
[ 437 ]
باب قوله ونادوا يا مالك ظاهرها أنهم بعد ما طال إبلاسهم تكلموا والمبلس الساكت بعد اليأس من الفرج فكان فائدة الكلام بعد ذلك حصول بعض فرج لطول العهد أو النداء يقع قبل الابلاس لان الواو لا تستلزم ترتيبا (4542) قوله عمرو هوبن دينار قوله عن صفوان بن يعلى عن أبيه هو يعلى بن أمية المعروف بابن منية قوله يقرأ على المنبر ونادوا يا مالك كذا للجميع بإثبات الكاف وهي قراءة الجمهور وقرأ الاعمش ونادوا يا مال بالترخيم ورويت عن على وتقدم في بدء الخلق أنها قراءة بن مسعود قال عبد الرزاق قال الثوري في حرف بن مسعود ونادوا يا مال يعني بالترخيم وبه جزم بن عيينة ويذكر عن بعض السلف أنه لما سمعها قال ما أشغل أهل النار عن الترخيم وأجيب باحتمال إنهم يقتطعون بعض الاسم لضعفهم وشدة ما هم فيه قوله وقال قتادة مثلا للآخر بن عظة لمن بعدهم قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله فلما أسفونا قال أغضبونا فجعلناهم سلفا قال إلى النار ومثلا للآخرين قال عظة للآخرين قوله وقال غيره مقرنين ضابطين يقال فلان مقرن لفلان ضابط له هو قول أبي عبيدة واستشهد بقول الكميت ولستم للصعاب مقرنينا قوله والاكواب الاباريق التي لا خراطيم لها هو قول أبي عبيدة بلفظه وروى الطبري من طريق السدي قال الاكواب الاباريق التي لا آذان لها قوله وقال قتادة في أم الكتاب جملة الكتاب أصل الكتاب قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله وإنه في أم الكتاب قال في أصل الكتاب وجملته قوله أول العابدين أي ما كان فأنا أول الآنفين وهما لغتان رجل عابد وعبد وأخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال يقول لم يكن للرحمن ولد ومن طريق سعيد عن قتادة قال هذه كلمة في كلام العرب إن كان للرحمن ولد أي إن ذلك لم يكن ومن طريق زيد بن أسلم قال هذا معروف من قول العرب إن كان هذا الامر قط أي ما كان ومن طريق السدي إن بمعنى لو أي لو كان للرحمن ولد كنت أول من عبدة بذلك لكن لا ولد له ورجحه الطبري وقال أبو عبيدة أن بمعنى ما في قول والفاء بمعنى الواو أي ما كان للرحمن ولد وأنا أول العابدين وقال آخرون معناه إن كان للرحمن في قولكم ولد فأنا أول العابدين أي الكافرين بذلك والجاحدين لما قلتم والعابدين من عبد بكسر الباء يعبد بفتحها قال الشاعر أولئك قومي إن هجوني هجوتهم وأعبد أن أهجو كليبا بدارم أي أمتنع وأخرج الطبري أيضا عن يونس بن عبد الاعلى عن بن وهب عبد معناه استنكف ثم ساق قصة عن عمر في ذلك وقال بن فارس عبد بفتحتين بمعنى عابد وقال الجوهري العبد بالتحريك الغضب قوله وقرأ عبد الله وقال الرسول يا رب تقدمت الاشارة إلى إسناد قراءة عبد الله وهو بن مسعود وأخرج الطبري من وجهين عن قتادة في قوله وقيله يا رب قال هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم قوله ويقال أول العابدين أول الجاحدين من عبد يعبد وقال بن التين كذا ضبطوه ولم أر في اللغة عبد بمعنى جحد انتهى وقد ذكرها الفربري تنبيه ضبطت عبد يعبد هنا بكسر الموحدة في الماضي وفتحها في المستقبل (0) قوله أفنضرب عنكم الذكر صفحا إن كنتم قوما مسرفين مشركين والله لو أن هذا القرآن رفع حيث رده أوائل هذه الامة لهلكوا وصله بن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عقتادة بلفظه وزاد ولكن الله عاد عليهم بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه قوله فأهلكنا أشد منهم بطشا ومضى مثل الاولين عقوبة الاولين
[ 438 ]
وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بهذا قوله جزءا عدلا وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بهذا وهو بكسر العين وكذا أخرجه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة مثله وأما أبو عبيدة فقال جزءا أي نصيبا وقيل جزءا إناثا تقول جزأت المرأة إذا أتت بأنثى (0) صلى الله عليه وسلم قوله سورة حم الدخان بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد رهوا طريقا يابسا ويقال رهوا ساكنا أما قول مجاهد فوصله الفريابي من طريقه بلفظه وزاد كهيئته يوم ضرب يقول لا تأمره أن يرجع بل اتركه حتى يدخل آخره أخرجه عبد بن حميد من وجه آخر عن مجاهد في قوله رهوا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عطف موسى ليضرب البحر ليلتئم وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له أترك البحر رهوايقول كما هو طريقا يابسا أنهم جند مغرقون وأما القول الآخر فهو قول أبي عبيدة قال في قوله واترك البحر رهوا أي ساكنا يقال جاءت الخيل رهوا أي ساكنة وأره على نفسك أي أرفق بها ويقال عيش رآه وسقط هذا القول هنا لغير أبي ذر وإثباته هو الصواب قوله على علم على العالمين على من بين ظهريه هو قول مجاهد أيضا وصله الفريابي عنه بلفظ فضلناهم على من هم بين ظهريه أي على أهل عصرهم قوله وزوجناهم بحور عين أنكحناهم حورا عينا يحار فيها الطرف وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ أنكحناهم الحور التي يحار فيها الطرف يبان مخ سوقهن من وراء ثيابهن ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرأة من رقة الجلد وصفاء اللون قوله اعتلوه ادفعوه وصله الفريابي من طريق مجاهد وقال في قوله خذوه فاعنلوه قال ادفعوه قوله ويقال أن ترجمون القتل سقط ويقال لغير أبي ذر فصار كأنه من كلام مجاهد وقد حكاه الطبري ولم يسم من قاوله وأورد من طريق العوفي عن بن عباس أنه بمعنى الشتم وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ترجمون قال بالحجارة واختار بن جرير حمل الرجم هنا على جميع معانيه قوله ورهوا ساكنا كذا لغير أبي ذر هنا وقد تقدم بيانه في أول السورة قوله وقال بن عباس كالمهل أسود كمهل الزيت وصله بن أبي حاتم من طريق مطرف عن عطية سئل بن عباس عن المهل قال شئ غليظ كدردي الزيت وقال الليث المهل ضرب من القطران إلا أنه رقيق شبيه بالزيت يضرب إلى الصفرة وعن الاصمعي المهل بفتح الميم هو الصديد وما يسيل من الميت وبالضم هو عكر الزيت وهو كل شئ يتحات عن الجمر من الرماد وحكى صاحب المحكم أنه خبث الجواهر الذهب وغيره وقيل في تفسير المهل أقوال أخرى فعند عبد بن حميد عن سعيد بن جبير هو الذي انتهى حره وقيل الرصاص المذاب أو الحديد أو الفضة وقيل السم وقيل خشار الزيت وعند أحمد من حديث أبي سعيد في قوله تعالى كالمهل قال كعكر الزيت إذا قربه إليه سقطت فروة وجهه فيه قوله وقال غيره تبع ملوك اليمن كل واحد منهم يسمى تبعا لانه يتبع صاحبه والظل يسمى تبعا لانه يتبع الشمس هو قول أبي عبيدة بلفظه وزاد وموضع تبع في الجاهلية موضع الخلفية في الاسلام وهم ملوك العرب الاعاظم وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال قالت عائشة كان تبع
[ 439 ]
رجلا صالحا قال معمر وأخبرني تميم بن عبد الرحمن أنه سمع سعيد بن جبير يقول إنه كسا البيت ونهى عن سبه وقال عبد الرزاق أنبأنا بكاربن عبد الرحمن سمعت وهب بن منبه يقول نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن سب أسعد وهو تبع قال وهب وكان على دين إبراهيم وروى أحمد من حديث سهل بن سعد رفعه لاتسبوا تبعا فإنه كان قد أسلم وأخرجه الطبراني من حديث بن عباس مثله وإ سناده أصلح من إسناد سهل وأما ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة مرفوعا لا أدري تبعا كان لعينا أم لا وأخرجه بن أبي حاتم والحاكم والدار قطني وقال تفرد به عبد الرزاق فالجمع بينه وبين ما قبله أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بحاله بعد أن كان لا يعلمها فلذلك نهى عن سبه خشية أن يبادر إلى سبه من سمع الكلام الاول (0) قوله باب فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين فارتقب فانتظر كذا لابي ذر وفي رواية غيره وقال قتادة فارتقب فانتظر وقد وصله عبد بن حميد من طريق شيبان عن قتادة به (4543) قوله عن الاعمش عن مسلم هو بن صبيح بالتصغير أبو الضحى كما صرح به في الابواب التي بعده وقد ترجم لهذا الحديث ثلاث تراجم بعد هذا وساق الحديث بعينه مطولا ومختصرا وقد تقدم أيضا في تفسير الفرقان مختصرا وفي تفسير الروم وتفسير ص مطولا ويحيى الراوي فيه عن أبي معاوية وفي الباب الذي يليه عن وكيع هو بن موسى البلخي وقوله في الطريق الاولى حتى أكلوا العظام زاد في الرواية التي بعدها والميتة وفي التي تليها حتى أكلوا الميتة وفي التي بعدها حتى أكلوا العظام والجلود وفي رواية فيها حتى أكلوا الجلود والميتة وقع في جمهور الروايات الميتة بفتح الميم وبالتحتانية ثم المثناة وضبطها بعضهم بنون مكسورة ثم تحتانية ساكنة وهمزة وهو الجلد أول ما يدبغ والاول أشهر (0) قوله بعد قوله يغشى الناس هذا عذاب أليم قال فأتى رسول الله كذا بضم الهمزة على البناء للمجهول والآتي المذكور هو أبو سفيان كما صرح به في الرواية الاخيرة (4544) قوله فقيل يا رسول الله استسق الله لمضر فإنها قد هلكت إنما قال لمضر لان غالبهم كان بالقرب من مياه الحجاز وكان الدعاء بالقحط على قريش وهم سكان مكة فسرى القحط إلى من حولهم فحسن أن يطلب الدعاء لهم ولعل السائل عدل عن التعبير بقريش لئلا يذكرهم فيذكر بجرمهم فقال لمضر ليندرجوا فيهم ويشير أيضا إلى أن غير المدعو عليهم قد هلكوا بجريرتهم وقد وقع في الرواية الاخيرة وأن قومك هلكوا ولا منافاة بينهما لان مضر أيضا قومه وقد تقدم في المناقب أنه صلى الله عليه وسلم كان من مضر قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمضر إنك لجرئ أي أتأمرني أن أستسقي لمضر مع ما هم عليه من المعصية والاشراك به ووقع في شرح الكرماني قوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمضر أي لابي سفيان فإنه كان كبيرهم في ذلك الوقت وهو كان الآتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المستدعي منه الاستسقاء تقول العرب قتلت قريش فلانا ويريدون شخصا منهم وكذا يضيفون الامر إلى القبيلة والامر في الواقع مضاف إلى واحد منهم انتهى وجعله اللام متعلقة بقال غريب وإنما هي متعلقه بالمحذوف كما قررته أولا قوله فلما أصابهم الرفاهية بتخفيف التحتانية بعد الهاء أي التوسع والراحة (0) قوله في الباب الثاني عن مسروق قال دخلت على عبد الله أي بن مسعود قوله ان من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم تقدم سبب قول بن مسعود هذا في سورة الروم من وجه آخر عن
[ 440 ]
الاعمش ولفظه عن مسروق قال بينما رجل يحدث في كندة فقال يجئ دخان يوم القيامة فيأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمن كهيئة الزكام ففزعنا فأتيت بن مسعود وكان متكئا فغضب فجلس فقال من علم فليقل ومن لم يعلم فليقل الله أعلم وقد جرى البخاري على عادته في إيثار الخفي على الواضح فإن هذه السورة كانت أولى بإيراد هذا السياق من سورة الروم لما تضمنته من ذكر الدخان لكن هذه طريقته بذكر الحديث في موضع ثم يذكر في الموضع اللائق به عاريا عن الزيادة اكتفاء بذكرها في الموضع الاخر شحذا للاذهان وبعثا على مزيد الاستحضار وهذا الذي أنكره بن مسعود قد جاء عن علي فأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم من طريق الحارث عن على قال آية الدخان لم تمض بعد يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وينفخ الكافر حتى ينفذ ثم أخرج عبد الرزاق من طريق بن أبي مليكة قال دخلت على بن عباس يوما فقال لي لم أنم البارحة حتى أصبحت قالوا طلع الكوكب ذو الذنب فخشينا الدخان قد خرج وهذا أخشى أن يكون تصحيفا وإنما هو الدجال بالجيم الثقيلة واللام ويؤيد كون آية الدخان لم تمض ما أخرجه مسلم من حديث أبي شريحة رفعه لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة الحديث وروى الطبري من حديث ربعي عن حذيفة مرفوعا في خروج الآيات والدخان قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان فلا هذه الآية قال أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة وأما الكافر فيخرج من منخريه وأذنيه ودبره وإسناده ضعيف أيضا وروى بن أبي حاتم من حديث أبي سعيد نحوه وإسناده ضعيف أيضا وأخرجه مرفوعا بإسناد أصلح منه وللطبري من حديث أبي مالك الاشعري رفعه إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة الحديث ومن حديث بن عمر نحوه وإسنادهما ضعيف أيضا لكن تضافر هذه الاحاديث يدل على أن لذلك أصلا ولو ثبت طريق حديث حذيفة لاحتمل أن يكون هو القاص المراد في حديث بن مسعود (0) قوله الذكرى هو والذكر سواء (0) قوله في الرواية الاخيرة أخبرنا محمد هو بن جعفر غندر قوله عن سليمان هو الاعمش ومنصور هو بن المعتمر قوله حتى حصت بمهملتين أي جردت وأذهبت يقال سنة حصاء أي جرداء لا غيث فيها قوله فقال أحدهم كذا قاله في موضعين أي أحد الرواة ولم يتقم في سياق السدوسي موضع واحد فيه اثنان سليمان ومنصور فحق العبارة أن يقول قال أحدهما لكن تحمل على تلك اللغة قوله وجعل يخرج من الارض كهيئة الدخان وقع في الرواية التي قبلها فكان يرى بينه
[ 441 ]
وبين السماء مثل الدخان من الجوع ولا تدافع بينهما لانه يحمل على أنه كان مبدؤه من الارض ومنتهاه ما بين السماء والارض ولا معارضة أيضا بين قوله يخرج من الارض وبين قوله كهيئة الدخان لاحتمال وجود الامرين بأن يخرج من الارض بخار كهيئة الدخان من شدة حرارة الارض ووهجها من عدم الغيث وكانوا يرون بينهم وبين السماء مثل الدخان من فرط حرارة الجوع والذي كان يخرج من الارض بحسب تخيلهم ذلك من غشاوة أبصارهم من فرط الجوع أو لفظ من الجوع صفة الدخان أي يرون مثل الدخان الكائن من الجوع (0) (0) (0) قوله سورة حم الجاثية بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر ولغيره الجاثية حسب قوله جاثية مستوفزين على الركب كذا لهم وهو قول مجاهد وصله الطبري من طريقه وقال أبو عبيدة في قوله جاثية قال على الركب ويقال استوفز في قعدته إذا قعد منتصبا قعود غير مطمئن قوله نستنسخ نكتب كذا لابي ذر ولغيره وقال مجاهد فذكره وقد أخرج بن أبي حاتم معناه عن مجاهد قوله ننساكم نترككم هو قول أبي عبيدة وقد وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله فاليوم ننساكم كما نسيتم قال اليوم نترككم كما تركتم وأخرجه بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس أيضا وهو من إطلاق الملزوم وإرادة اللازم لان من نسي فقد ترك بغير عكس (4549) قوله يؤذيني بن آدم كذا أورده مختصرا وقد أخرجه الطبري عن أبي كريب عن بن عيينة بهذا الاسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان أهل الجاهلية يقولون إنما يهلكنا الليل والنهار هو الذي يميتنا ويحيينا فقال الله في كتابه وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا الآية قال فيسبون الدهر قال الله تبارك وتعالى يؤذيني بن آدم فذكره قال القرطبي معناه يخاطبني من القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي والله منزه عن أن يصل إليه الاذى وإنما هذا من التوسع في الكلام والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله قوله وإنا الدهر قال الخطابي معناه أنا صاحب الدهر ومدبر الامور التي ينسبونها إلى الدهر فمن سب الدهر من أجل أنه فاعل هذه الامور عاد سبه إلى ربه الذي هو فاعلها وإنما الدهر زمان جعل ظرفا لمواقع الامور وكانت عادتهم إذا أصابهم مكروه أضافوه إلى الدهر فقالوا بؤسا للدهر وتبا للدهر وقال النووي قوله أنا الدهر بالرفع في ضبط الاكثرين والمحققين ويقال بالنصب على الظرف أي أنا باق أبدا والموافق لقوله إن الله هو الدهر الرفع وهو مجاز وذلك أن العرب كانوا يسبون الدهر عند الحوادث فقال لا تسبوه فإن فاعلها هو الله فكأنه قال لا تسبوا الفاعل فإنكم إذا سببتموه سببتموني أو الدهر هنا بمعنى الداهر فقد حكى الراغب أن الدهر في قوله إن الله هو الدهر غير الدهر في قوله يسب الدهر قال والدهر الاول الزمان والثاني المدبر المصرف لما يحدث ثم استضعف هذا القول لعدم الدليل عليه ثم قال لو كان كذلك لعد الدهر من أسماء الله تعالى انتهى وكذا قال محمد بن داود محتجا لما ذهب إليه من أنه بفتح الراء فكان يقول لو كان بضمها لكان الدهر من أسماء الله تعالى وتعقب بأن ذلك ليس بلازم ولا سيمامع روايته فإن الله هو الدهر قال بن الجوزي يصوب ضم الراء من أوجه أحدها أن المضبوط عند المحدثين بالضم ثانيها
[ 442 ]
لو كان بالنصب يصير التقدير فأنا الدهر أقلبه فلا تكون علة النهي عن سبه مذكورة لانه تعالى يقلب الخير والشر فلا يستلزم ذلك منع الذم ثالثها الرواية التي فيها فإن الله هو الدهر انتهى وهذه الاخيرة لا تعين الرفع لان للمخالف أن يقول التقدير فإن الله هو الدهر يقلب فترجح للرواية الاخرى وكذا ذكر علة النهي لا يعين الرفع لانها تعرف من السياق أي لا ذنب له فلا تسبوه (0) قوله سورة حم الاحقاف بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال بعضهم أثره وأثرة وأثاره بقية من علم قال أبو عبيدة في قوله أو أثارة من علم أي بقية من علم ومن قال أثرة أي بفتحتين فهو مصدر أثره يأثره فذكره قال الطبري قرأ الجمهور أو أثارة بالالف وعن أبي عبد الرحمن السلمي أو أثرة بمعنى أو خاصة من علم أوتيتموه وأوثرتم به على غيركم قلت وبهذا فسره الحسن وقتادة قال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن في قوله أو أثرة من علم قال أثرة شئ يستخرجه فيثيرقال وقال قتادة أو خاصة من علم وأخرج الطبري من طريق أبي سلمة عن بن عباس فقوله أو أثارة من علم قال خط كانت تخطه العرب في الارض وأخرجه أحمد والحاكم وإسناده صحيح ويروي عن بن عباس جودة الخط وليس بثابت وحمل بعض المالكية الخط هنا على المكتوب وزعم أنه أراد الشهادة على الخط إذا عرفه والاول هو الذي عليه الجمهور وتمسك به بعضهم في تجويد الخط ولا حجة فيه لانه إنما جاء على ما كانوا يعتمدونه فالامر فيه ليس هو لاباحته قوله وقال بن عباس بدعا من الرسل ما كنت بأول الرسل وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس وللطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد مثله وقال أبو عبيدة مثله قال ويقال ما هذا مني ببدع أي ببديع وللطبري من طريق سعيد عن قتادة قال أن الرسل قد كانت قبلي قوله تفيضون تقولون كذا لابي ذر وذكره غيره في أول السورة عن مجاهد وقد وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قوله وقال غيره أرأيتم هذه الالف إنما هي توعد إن صح ما تدعون لا يستحق أن يعبد وليس قوله أرأيتم برؤية العين إنما هو أتعلمون أبلغكم أن ما تدعون من دون الله خلقوا شيئا هذا كله سقط لابي ذر (0) قوله باب والذي قال لوالديه أف لكما أتعدانني أن أخرج إلى قوله أساطير الاولين كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى آخرها وأف قرأها الجمهور بالكسر لكن نونها نافع وحفص عن عاصم وقر بن كثير وابن عامر وابن محيصن وهي رواية عن عاصم بفتح الفاء بغير تنوين (4550) قوله عن يوسف بن ماهك بفتح الهاء وبكسرها ومعناه القمير تصغير القمر ويجوز صرفه وعدمه كما سيأتي قوله كان مروان على الحجاز أي أميرا على المدينة من قبل معاوية وأخرج الاسماعيلي والنسائي من طريق محمد بن زياد هو الجمحي قال كان مروان عاملا على المدينة قوله استعمله معاوية فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له في رواية الاسماعيلي من الطريق المذكورة فأراد معاوية أن يستخلف يزيد يعنى ابنه فكتب إلى مروان بذلك فجمع مروان الناس فخطبهم فذكر يزيد ودعا إلى بيعت وقال إن الله أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر قوله فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئا
[ 443 ]
قيل قال له بيننا وبينكم ثلاث مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر ولم يعهدوا كذا قال بعض الشراح وقد اختصره فأفسده والذي في رواية الاسماعيلي فقال عبد الرحمن ما هي إلا هرقلية وله من طريق شعبة عن محمد بن زياد فقال مروان سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن سنة هرقل وقيصر ولابن المنذر من هذا الوجه اجئتم بها هرقلية تبايعون لابنائكم ولابي يعلى وابن أبي حاتم من طريق إسماعيل بن أبي خالد حدثني عبد الله المدني قال كنت في المسجد حين خطب مروان فقال أن الله قد رأى أمير المؤمنين رأيا حسنا في يزيد وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر فقال عبد الرحمن هرقلية إن أبا بكر والله ما جعلها في أحد من ولده ولا في أهل بيته وما جعلها معاوية إلا كرامة لولده قوله فقال خذوه فدخل بيت عائشة فلم يقدروا أي امتنعوا من الدخول خلفه إعظاما لعائشة وفي رواية أبي يعلي فنزل مروان عن المنبر حتى أتى باب عائشة فجعل يكلمها وتكلمة ثم انصرف قوله فقال مروان أن هذا الذي أنزل الله فيه في رواية أبي يعلى فقال مروان اسكت ألست الذي قال الله فيه فذكر الآية فقال عبد الرحمن ألست بن اللعين الذي لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله فقالت عائشة في رواية محمد بن زياد فقالت كذب مروان قوله ما أنزل الله فينا شيئا من القرآن إلا أن الله انزل عذري أي الآية التي في سورة النور في قصة أهل الافك وبراءتها مما رموها به وفي رواية الاسماعيلي فقالت عائشة كذب والله ما نزلت فيه وفي رواية له والله ما أنزلت إلا في فلان بن فلان الفلاني وفي رواية له لو شئت أن أسميه لسميته ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن أبا مروان ومروان في صلبه وأخرج عبد الرزاق من طريق ميناء أنه سمع عائشة تنكر أن تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر وقالت إنما نزلت في فلان بن فلان سمت رجلا وقد شغب بعض الرافضة فقال هذا يدل على أن قوله ثاني اثنين ليس هو أبا بكر وليس كما فهم هذا لرافضي بل المراد بقول عائشة فينا أي في بني أبي بكر ثم الاستثناء من عموم النفي وإلا فالمقام يخصص والآيات التي في عذرها في غاية المدح لها والمراد نفي إنزال ما يحصل به الذم كما في قصة قوله والذي قال لوالديه إلى آخره والعجب مما أورده الطبري من طريق العوفي عن بن عباس قال نزلت هذه الآية في عبد الرحمن بن أبي بكر وقد تعقبه الزجاج قال الصحيح أنها نزلت في الكافر العاق وإلا فعبد الرحمن قد أسلم فحسن إسلامه وصار من خيار المسلمين وقد قال الله في هذه الآية أولئك الذين حق عليهم القول إلى آخر الآية فلا يناسب ذلك عبد الرحمن وأجاب المهدوي عن ذلك بأن الاشارة بأولئك للقوم الذين أشار إليهم المذكور بقوله وقد خلت القرون من قبلي فلا يمتنع أن يقع ذلك من عبد الرحمن قبل إسلامه ثم يسلم بعد ذلك وقد أخرج بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن مجاهد قال نزلت في عبد الله بن أبي بكر الصديق قال بن جريج وقال آخرون في عبد الرحمن بن أبي بكر قلت والقول في عبد الله كالقول في عبد الرحمن فإنه أيضا أسلم وحسن إسلامه ومن طريق أسباط عن السدي قال نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر قال لابويه وهما أبو بكر وأم رومان وكانا قد أسلما وأبي هو أن يسلم فكانا يأمرانه بالاسلام فكان يرد عليهما ويكذبهما ويقول فأين فلان وأين فلان يعني مشايخ قريش ممن قد مات فأسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية ولكل درجات مما عملوا قلت لكن نفي عائشة أن تكون نزلت في عبد الرحمن وآل بيته أصح إسنادا وأولى بالقبول وجزم مقاتل في تفسيره
[ 444 ]
أنها نزلت في عبد الرحمن وأن قوله أولئك الذين حق عليهم القول نزلت في ثلاثة من كفار قريش والله أعلم (0) قوله باب فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم الآية ساقها غير أبي ذر قوله قال بن عباس عارض السحاب وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه وأخرج الطبري من طريق العوفي عن بن عباس قال الريح إذا أثارت سحابا قالوا هذا عارض (4551) قوله حدثنا أحمد كذا لهم وفي رواية أبي ذر حدثنا أحمد بن عيسى قوله أخبرنا عمرو هو بن الحارث وأبو النضر هو سالم المدني ونصف هذا الاسناد الاعلى مدنيون والادنى مصريون قوله حتى أرى منه لهواته بالتحريك جمع لهاة وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك ويجمع أيضا على لهى بفتح اللام مقصور قوله إنما كان يتبسم لا ينافي هذا ما جاء في الحديث الآخر أنه ضحك حتى بدت نواجذه لان ظهور النواجذ وهي الاسنان التي في مقدم الفم أو الانياب لا يستلزم ظهور اللهاة قوله عرفت الكراهية في وجهه عبرت عن الشئ الظاهر في الوجه بالكراهة لانه ثمرتها ووقع في رواية عطاء عن عائشة في أول هذا الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال اللهم أني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به وإذا تخيلت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه الحديث أخرجه مسلم بطوله وتقدم في بدء الخلق من قوله كان إذا رأى مخيلة أقبل وأدبر وقد تقدم لهذا الدعاء شواهد من حديث أنس وغير في أواخر الاستسقاء قوله عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ظاهر هذا أن الذين عذبوا بالريح غير الذين قالوا ذلك لما تقرر أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الاول لكن ظاهر آية الباب على أن الذين عذبوا بالريح هم الذين قالوا هذا عارض ففي هذه السورة واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالاحقاف الآيات وفيها فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم وقد أجاب الكرماني عن الاشكال بأن هذه القاعدة المذكورة إنما تطرد إذا لم يكن في السياق قرينة تدل على أنها عين الاول فإن كان هناك قرينة كما في قوله تعالى وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله فلا ثم قال ويحتمل أن عادا قومان قوم بالاحقاف وهم أصحاب العارض وقوم غيرهم قلت ولا يخفى بعده لكنه محتمل فقد قال تعالى في سورة النجم وأنه أهلك عادا الاولى فإنه يشعر بأن ثم عادا أخرى وقد أخرج قصة عاد الثانية أحمد بإسناد حسن عن الحارث بن حسان البكري قال خرجت أنا والعلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفيه فقلت أعوذ بالله وبرسوله أن أكون كوافد عاد قال وما وافد عاد وهو أعلم بالحديث ولكنه يستطعمه فقلت إن عادا قحطوا فبعثوا قيل بن عنز إلى معاوية بن بكر بمكة يستسقي لهم فمكث شهرا في ضيافته تغنيه الجرادتان فلما كان بعد شهر خرج لهم فاستسقى لهم فمرت بهم سحابات فاختار السوداء منها فنودي خذها رمادا رمدا لا تبق من عاد أحدا وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة بعضه والظاهر أنه في قصة عاد الاخيرة لذكر مكة فيه وإنما بنيت بعد إبراهيم حين أسكن هاجر وإسماعيل بواد غير ذي زرع فالذين ذكروا في سورة الاحقاف هم عاد الاخيرة ويلزم عليه أن المراد بقوله تعالى أخا عاد نبي آخر غير هود والله أعلم (0) قوله سورة محمد صلى الله عليه وسلم
[ 445 ]
بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر ولغيره الذين كفروا حسب قوله أوزارها آثامها حتى لا يبقى إلا مسلم قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله حتى تضع الحرب أوزارها قال حتى لا يكون شرك قال والحرب من كان يقاتله سماهم حربا قال بن التين لم يقل هذا أحد غير البخاري والمعروف أن المراد بأوزارها السلاح وقيل حتى ينزل عيسى بن مريم انتهى وما نفاه قد علمه غيره قال بن قرقول هذا التفسير يحتاج إلى تفسير وذلك لان الحرب لا أثام لها فلعله كما قال الفراء آثا أهلها ثم حذف وأبقى المضاف إليه أو كما قال النحاس حتى تضع أهل الآثام فلا يبقى مشرك انتهى ولفظ الفراء الهاء في أوزارها لاهل الحرب أي آثامهم ويحتمل أن يعود على الحرب والمراد بأوزارها سلاحها انتهى فجعل ما أدعى بن التين أنه المشهور احتمالا قوله عرفها بينها قال أبو عبيدة في قوله عرفها لهم بينها لهم وعرفهم منازلهم قوله وقال مجاهد مولى الذين آمنوا وليهم كذا لغير أبي ذر وسقط له وقد وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا قوله فإذا عزم الامر أي جدا لامر وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عنه قوله فلا تهنوا فلا تضعفوا وصله بن أبي حاتم من طريقه كذلك قوله وقال بن عباس أضغانهم حسدهم وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله أن لن يخرج الله أضغائهم قال أعمالهم خبثهم والحسد قوله آسن متغير كذا لغير أبي ذر هنا وسيأتي في أواخر السورة (0) صلى الله عليه وسلم قوله باب وتقطعوا أرحامكم قرأ الجمهور بالتشديد ويعقوب بالتخفيف (4552) قوله خلق الله الخلق فلما فرغ منه أي قضاه وأتمه قوله قامت الرحم يحتمل أن يكون على الحقيقة والاعراض يجوز أن تتجسد وتتكلم بإذن الله ويجوز أن يكون على حذف أي قام ملك فتكلم على لسانها ويحتمل أن يكون ذلك على طريق ضرب المثل والاستعارة والمراد تعظيم شأنها وفضل واصلها وإثم قاطعها قوله فأخذت كذا للاكثر بحذف مفعول أخذت وفي رواية بن السكن فأخذت بحقو الرحمن وفي رواية الطبري بحقوى الرحمن بالتثنية قال القابسي أبي أبو زيد المروزي أن يقرأ لنا هذا الحرف لاشكاله ومشى بعض الشراح على الحذف فقال أخذت بقائمة من قوائم العرش وقال عياض الجقو معقد الازار وهو الموضع الذي يستجار به ويحتزم به على عادة العرب لانه من أحق ما يحامي عنه ويدفع كما قالوا نمنعه مما نمنع منه أزرنا فاستعير ذلك مجازا للرحم في استعاذتها بالله من القطيعة انتهى وقد يطلق الحقو على الازار نفسه كما في حديث أم عطية فأعطاها حقوه فقال أشعرنها إياه يعني إزاره وهو المراد هنا وهو الذي جرت العادة بالتمسك به عند الالحاح في الاستجارة والطلب والمعنى على هذا صحيح مع اعتقاد تنزيه الله عن الجارحة قال الطيبي هذا القول مبنى على الاستعارة التمثيلية كأنه شبة حالة الرحم وما هي عليه من الافتقار إلى الصلة والذب عنها بحال مستجير يأخذ بحقو المستجار به ثم أسند على سبيل الاستعارة التخييلية ما هو لازم للمشبه به من القيام فيكون قرينة مانعة من إرادة الحقيقة ثم رشحت الاستعارة بالقول والاخذ وبلفظ الحقو فهو استعارة أخرى والتثنية فيه للتأكيد لان الاخذ باليدين آكد في الاستجارة من الاخذ بيد واحدة قوله فقال له مه هو اسم فعل معناه الزجر أي اكفف وقال بن مالك هي هنا ما الاستفهامية حذفت ألفها ووقف عليها بهاء السكت والشائع أن لا يفعل ذلك إلا وهي مجرورة
[ 446 ]
لكن قد سمع مثل ذلك فجاء عن أبي ذؤيب الهذلي قال قدمت المدينة ولاهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج فقلت مه فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله في الاسناد حدثنا سليمان هو بن بلال قوله هذا مقام العائذ بك من القطيعة هذه الاشارة إلى المقام أي قيامي في هذا مقام العائذ بك وسيأتي مزيد بيان لما يتعلق بقطيعة الرحم في أوائل كتاب الادب إن شاء الله تعالى ووقع في رواية الطبري هذا مقام عائذ من القطيعة والعائذ المستعيذ وهو المعتصم بالشئ المستجير به قوله قال أبو هريرة أقرءوا إن شئتم فهل عسيتم هذا ظاهره أن الاستشهاد موقوف وسيأتي بيان من رفعه وكذا في رواية الطبري من طريق سعيد بن أبي مريم عن سليمان بن بلال ومحمد بن جعفر بن أبي كثيب قوله حدثنا حاتم هو بن إسماعيل الكوفي نزيل المدينة ومعاوية هو بن أبي مزرد المذكور في الذي قبله وبعده قوله بهذا يعني الحديث الذي قبله وقد أخرجه الاسماعيلي من طريقين عن حاتم بن إسماعيل بلفظ فلما فرغ منه قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذ ولم يذكر الزيادة وزاد بعد قوله قالت بلى يا رب قال فذلك قوله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرءوا إن شئتم حاصله أن الذي وقعه سليمان بن بلال على أبي هريرة رفعه حاتم بن إسماعيل وكذا وقع في رواية الاسماعيلي المذكورة قوله أخبرنا عبد الله هو بن المبارك قوله بهذا أي بهذا الاسناد والمتن ووافق حاتما على رفع هذا الكلام الاخير وكذا أخرجه الاسماعيلي من طريق حبان بن موسى عن عبد الله بن المبارك تنبيه اختلف في تأويل قوله إن توليتم فالاكثر على أنهمن الولاية والمعنى إن وليتم الحكم وقيل بمعنى الاعراض والمعنى لعلكم إن أعرضتم عن قبول الحق أن يقع منكم ما ذكر والاول أشهر ويشهد له ما أخرج الطبري في تهذيبه من حديث عبد الله بن مغفل قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الارض قال هم هذا الحي من قريش أخذ الله عليهم أن ولوا الناس أن لا يفسدوا في الارض ولا يقطعوا أرحامهم قوله آسن متغير وصله بن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس وقال أبو عبيدة مثله وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة غير منتن وأخرج بن أبي حاتم من طريق مرسل من رواية أبي معاذ البصري أن عليا كان عند النبي صلى الله عليه وسلم فذكر حديثا طويلا مرفوعا فيه ذكر الجنة قال وأنهار من ماء غير آسن قال صاف لا كدر فيه والله أعلم (0) قوله سورة الفتح بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر قوله وقال مجاهد بورا هالكين وصله الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا وسقط لغير أبي ذر وقال أبو عبيدة ويقال بار الطعام أي هلك ومنه قول عبد الله بن الزبعري يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذ أنا بور أي هالك قوله سيماهم في وجوههم السحنة وفي رواية المستملي والكشميهني والقابسي السجدة والاول أولى فقد وصله بن أبي حاتم من طريق الحاكم عن مجاهد كذلك والسحنة بالسين
[ 447 ]
وسكون الحاء المهملتين وقيده بن السكن والاصيلي بفتحهما قال عياض وهو الصواب عند أهل اللغة وهو لين البشرة والنعمة وقيل الهيئة وقيل الحال انتهى وجزم بن قتيبة بفتح الحاء أيضا وأنكر السكون وقد أثبته الكسائي والفراء وقال العكبري السحنة بفتح أوله وسكون ثانيه لون الوجه ولرواية المستملي ومن وافقه توجيه لانه يريد بالسجدة أثرها في الوجه يقال لاثر السجود في الوجه سجدة وسجادة ووقع في رواية النسفي المسحة قوله وقال منصور عن مجاهد التواضع وصله على بن المديني عن جرير عن منصور ورويناه في الزهد لابن المبارك وفي تفسير عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سفيان وزائدة كلاهما عن منصور عن مجاهد قال هو الخشوع زاد في رواية زائدة قلت ما كنت أراه إلا هذا الاثر الذي في الوجه فقال ربما كان بين عيني من هو أقسى قلبا من فرعون قوله شطأه فراخه فاستغلظ غلظ سوقه الساق حاملة الشجرة قال أبو عبيدة في قوله كزرع أخرج شطأه أخرج فراخه يقال قد أشطأه الزرع فآزره ساواه صار مثل الام فاستغلظ غلظ فاستوى على سوقه الساق حاملة الشجر وأخرج عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله كزرع أخرج شطأه قال ما يخرج بجنب الحقلة فيتم وينمى وبه في قوله على سوقة قال على أصوله قوله شطأه شطء السنبل تنبت الحبة عشرا أو ثمانيا وسبعا فيقوى بعضه ببعض فذاك قوله تعالى فآزره قواه ولو كانت واحدة لم تقم على ساق وهو مثل ضربه الله للنبي صلى الله عليه وسلم إذ خرج وحده ثم قواه بأصحابه كما قوي الحبة بما ينبت منها (0) قوله دائرة السوء كقولك رجل السوء ودائرة السوء العذاب هو قول أبي عبيدة قال المعنى تدور عليهم تنبيه قرأ الجمهور السوء بفتح السين في الموضعين وضمها أبو عمرو وابن كثير قوله يعزروه ينصروه قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ويعزروه قال ينصروه وقد تقدم في الاعراف فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه وهذه ينبغي تفسيرها بالتوقير فرارا من التكرار والتعزيز يأتي بمعنى التعظيم والاعانة والمنع من الاعداء ومن هنا يجئ التعزير بمعنى التأديب لانه يمنع الجاني من الوقوع في الجناية وهذا التفسير على قراءة الجمهور وجاء في الشواذ عن بن عباس يعززوه بزاءين من العزة ثم ذكر في الباب خمسة أحاديث الحديث الاول (0) قوله) *) *) * (4553) عن زيد بن أسلم عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في سفر هذا السياق صورته الارسال لان أسلم لم يدرك زمان هذه القصة لكنه محمول على أنه سمعه من عمر بدليل قوله في أثنائه قال عمر فحركت بعيري الخ وإلى ذلك أشار القابسي وقد جاء من طريق أخرى سمعت عمر أخرجه البزار من طريق محمد بن خالد بن عثمة عن مالك ثم قال لا نعلم رواه عن مالك هكذا إلا بن عثمة وابن غزوان انتهى ورواية بن غزوان وهو عبد الرحمن أبو نوح المعروف بقراد قد أخرجها أحمد عنه واستدركها مغلطاي على البزار ظانا أنه غير بن غزوان وأورده الدارقطني في غرائب مالك من طريق هذين ومن طريق يزيد بن أبي حكيم ومحمد بن حرب وإسحاق الحنيني أيضا فهولاء خمسة رووه عن مالك بصريح الانصال وقد تقدم في المغازي أن الاسماعيلي أيضا أخرج طريق بن عثمة وكذا أخرجها الترمذي وجاء في رواية الطبراني من طريق عبد الرحمن بن أبي علقمة عن بن مسعود أن السفر المذكور هو عمرة الحديبية وكذا في رواية معتمر عن أبيه عن قتادة عن أنس قال لما رجعنا من الحديبية وقد حيل بيننا وبين نسكنا فنحن بين الحزن والكآبة فنزلت وسيأتي
[ 448 ]
حديث سهل بن حنيف في ذلك قريبا واختلف في المكان الذي نزلت فيه فوقع عند محمد بن سعد بضجنان وهي بفتح المعجمة وسكون الجيم ونون خفيفة وعند الحاكم في الاكليل بكراع الغميم وعن أبي معشر بالجحفة والاماكن الثلاثة متقاربة قوله فسأله عمر بن الخطاب عن شئ فلم يجب يستفاد منه أنه ليس لكل كلام جواب بل السكوت قد يكون جوابا لبعض الكلام وتكرير عمر السؤال إما لكونه خشي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمعه أو لان الامر الذي كان يسأل عنه كان مهما عنده ولعل النبي صلى الله عليه وسلم أجابه بعد ذلك وإنما ترك إجابته أولا لشغله بما كان فيه من نزول الوحي قوله ثكلت بكسر الكاف أم عمر في رواية الكشميهني نكلتك أم عمر والثكل فقدان المرأة ولدها دعا عمر على نفسه بسبب ما وقع منه من الالحاح ويحتمل أن يكون لم يرد الدعاء على نفسه حقيقة وإنما هي من الالفاظ التي تقال عند الغضب من غير قصد معناها قوله نزرت بزاي ثم راء بالتخفيف والتثقيل والتخفيف أشهر أي ألححت عليه قاله بن فارس والخطابي وقال الداودي معنى المثقل أقللت كلامه إذا سألته ما لا يجب أن يجيب عنه وأبعد من فسر نزرت براجعت قوله فما نشبت بكسر المعجمة بعدها موحدة ساكنة أي لم أتعلق بشئ غير ما ذكرت قوله أن سمعت صارخا يصرخ بي لم أقف على اسمه قوله لهي أحب إلى مما طلعت عليه الشمس أي لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح قال بن العربي أطلق المفاضلة بين المنزلة التي أعطيها وبين ما طلعت عليه الشمس ومن شرط المفاضلة استواء الشيئين في أصل المعنى ثم يزيد أحدهما على الآخر ولا استواء بين تلك المنزلة والدنيا بأسرها وأجاب بن بطال بأن معناه أنها أحب إليه من كل شئ لانه لا شئ إلا الدنيا والآخرة فأخرج الخبر عن ذكر الشئ بذكر الدنيا إذ لا شئ سواها إلا الآخرة وأجاب بن العربي بما حاصله أن أفعل قد لا يراد بها المفاضلة كقوله خير مستقرا وأحسن مقيلا ولا مفاضلة بين الجنة والنار أو الخطاب وقع على ما استقر في أنفس أكثر الناس فإنهم يعتقدون أن الدنيا لا شئ مثلها أو أنها المقصودة فأخبر بأنها عنده خير مما يظنون أن لا شئ أفضل منه انتهى ويحتمل أن يراد المفاضلة بين ما دلت عليه وبين ما دل عليه غيرها من الآيات المتعلقة به فرجحها وجميع الآيات وإن لم تكن من أمور الدنيا لكنها أنزلت لاهل الدنيا فدخلت كلها فيما طلعت عليه الشمس الحديث الثاني (4554) قوله سمعت قتادة عن أنس إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال الحديبية هكذا أورده مختصرا وقد أخرجه في المغازي بأتم من هذا وبين أن بعض الحديث عن أنس موصول وبعضه عن عكرمة مرسل وسمي ما وقع في الحديبية فتحا لانه كان مقدمة الفتح وأول أسبابه وقد تقدم شرح ذلك مبينا في كتاب المغازي الحديث الثالث (4555) قوله عن عبد الله بن مغفل بالمعجمة والفاء وزن محمد قوله فرجع فيها أي ردد صوته بالقراءة وقد أورده في التوحيد من طريق أخرى بلفظ كيف ترجيعه قال ثلاث مرات قال القرطبي هو محمول على إشباع المد في موضعه وقيل كان ذلك بسبب كونه راكبا فحصل الترجيع من تحريك الناقة وهذا فيه نظر لان في رواية على بن الجعد عن شعبة عند الاسماعيلي وهو يقرأ قراءة لينة فقال لولا أن يجتمع الناس علينا لقرأت ذلك اللحن وكذا أخرجه أبو عبيدة في فضائل القرآن عن أبي النضر عن شعبة وسأذكر تحرير هذه المسألة في شرح حديث ليس منا من لم يتغن بالقرآن (0) الحديث الرابع حديث المغيرة بن شعبقام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه
[ 449 ]
وقد تقدم شرحه في صلاة الليل من كتاب الصلاة (4557) الحديث الخامس حديث عائشة في ذلك قوله أنبأنا حيوة هوبن شريح المصري وأبو الاسود هو محمد بن عبد الرحمن النوفلي المعروف بيتيم عروة ونصف هذا الاسناد مصريون ونصفه مدنيون وقد تقدم شرحه في صلاة الليل قوله فلما كثر لحمه أنكره الداودي وقال المحفوظ فلما بدن أي كبر فكأن الراوي تأوله على كثرة اللحم انتهى وتعقبه أيضا بن الجوزي فقال لم يصفه بالسمن أصلا ولقد مات صلى الله عليه وسلم وما شبع من خبز الشعير في يوم مرتين وأحسب بعض الرواة لما رأى بدن ظنه كثر لحمه وليس كذلك وإنما هو بدن تبدينا أي أسن قاله أبو عبيدة قلت وهو خلاف الظاهر وفي استدلاله بأنه لم يشبع من خبز الشعير نظر فإنه يكون من جملة المعجزات كما في كثرة الجماع وطوافه في الليلة الواحدة على تسع وإحدى عشرة مع عدم الشبع وضيق العيش وأي فرق بين تكثير المني مع الجوع وبين وجود كثرة اللحم في البدن مع قلة الاكل وقد أخرج مسلم من طريق عبد الله بن عروة عن عائشة قالت لما بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا لكن يمكن تأويل قوله ثقل أي ثقل عليه حمل لحمه وأن كان قليلا لدخوله في السن قوله صلى جالسا فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع في رواية هشام بن عروة عن أبيه قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع أخرجاه وقد تقدم في آخر أبواب تقصير الصلاة وأخرجا من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة بلفظ فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم ركع ولمسلم من طريق عمرة عن عائشة فإذا أراد أن يركع قام فقرأ قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية وقد روى مسلم من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في صفة تطوعه صلى الله عليه وسلم وفيه وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم وإذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد وهذا محمول على حالته الاولى قبل أن يدخل في السن جمعا بين الحديثين وقد تقدم بيان ذلك والبحث فيه في صلاة الليل وكثير من فوائده أيضا في آخر أبواب تقصير الصلاة (0) قوله باب إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا (4558) قوله حدثنا عبد الله بن مسلمة أي القعنبي كذا في رواية أبي ذر وأبي على بن السكن ووقع عند غيرهما عبد الله غير منسوب فتردد فيه أبو مسعود بين أن يكون عبد الله بن رجاء وعبد الله بن صالح كاتب الليث وقال أبو على الجياني عندي أنه عبد الله بن صالح ورجح هذا المزي وحده بأن البخاري أخرج هذا الحديث بعينه في كتاب الادب المفرد عن عبد الله بن صالح عن عبد العزيز قلت لكن لا يلزم من ذلك الجزم به وما المانع أن يكون له في الحديث الواحد شيخان عن شيخ واحد وليس الذي وقع في الادب بأرجح مما وقع الجزم به في رواية أبي علي وأبي ذر وهما حافظان وقد أخرج البخاري في باب التكبير إذا علا شرفا من كتاب الحج حديثا قال فيه حدثنا عبد الله غير منسوب حدثنا عبد العزيز بن أبي سلمة كذا للاكثر غير منسوب وتردد فيه أبو مسعود بين الرجلين الذين تردد فيهما في حديث الباب لكن وقع في رواية أبي على بن السكن حدثنا عبد الله بن يوسف فتعين المصير إليه لانها زيادة من حافظ في الرواية فتقدم على من فسره بالظن قوله عن هلال بن أبي هلال تقدم القول فيه في أوائل البيوع قوله عن عبد الله بن عمرو بن العاص تقدم بيان الاختلاف فيه على عطاء بن يسار في البيوع أيضا وتقدم في تلك الرواية سبب تحديث عبد الله بن عمرو به وأنهم سألوه عن صفة النبي صلى الله عليه
[ 450 ]
وسلم فا التوراة فقال أجل أنه لموصوف ببعض صفته في القرآن وللدارمي من طريق أبي صالح ذكوان عن كعب قال في السطر الاول محمد رسول الله عبدي المختار قوله إن هذه الآية التي في القرآن يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا قال في التوراة يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا أي شاهدا على الامة ومبشرا للمطيعين بالجنة وللعصاة بالنار أو شاهدا المرسل قبله بالابلاغ قوله وحرزا بكسر المهملة وسكون الراء بعدها زاي أي حصنا والاميين هم العرب وقد تقدم شرح ذلك في البيوع قوله سميتك المتوكل أي على الله لقناعته باليسير والصبر على ما كان يكره قوله ليس كذا وقع بصيغة الغيبة على طريق الالتفات ولو جرى على النسق الاول لقال لست قوله بلفظ ولا غليظ هو موافق لقوله تعالى فيما رحمة الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك ولا يعارض من قوله تعالى واغلظ عليهم لان النفي محمول على طبعه الذي جبل عليه والامر محمول على المعالجة أو النفي بالنسبة للمؤمنين والامر بالنسبة للكفار والمنافقين كما هو مصرح به في نفس الآية قوله ولا سحاب كذا فيه بالسين المهملة وهي لغة أثبتها الفراء وغيره وبالصاد أشهر وقد تقدم ذلك أيضا قوله ولا يدفع السيئه بالسيئة هو مثل قوله تعالى ادفع بالتي هي أحسن زاد في رواية كعب مولده بمكة ومهاجره طيبة وملكه بالشام قوله وإن يقبضه أي يميته قوله حتيقيم به أي حتى ينفي الشرك ويثبت التوحيد والملة العوجاء ملة الكفر قوله فيفت بها أي بكلمة التوحيد أعينا عميا أي عن الحق وليس هو على حقيقته ووقع في رواية القابسي أعين عمي بالاضافة وكذا الكلام في الآذان والقلوب وفي مرسل جبير بن نفير بإسناد صحيح عند الدارمي ليس بوهن ولا كسل ليختن قلوبا غلفا ويفتح أعينا عميا ويسمع أذانا صما ويقيم ألسنة عوجاء حتى يقال لا إله إلا الله وحده تنبيه قيل أني بجمع القلة في قوله أعين للاشارة إلى أن المؤمنين أقل من الكافرين وقيل بل جمع القلة قد يأتي في موضع الكثرة وبالعكس كقوله ثلاثة قروء والاول أولى ويحتمل أن يكون هو نكتة العدول إلى جمع القلة أو للمؤاخاة في قوله آذانا وقد ترد القلوب على المعنى الاول وجوابه أنه لم يسمع للقلوب جمع قلة كما لم يسمع للآذان جمع كثرة (0) قوله باب هو الذي أنزل السكينة ذكر فيه حديث البراء في نزول السكينة وسيأتي بتمامه في فضائل القرآن مع شرحه إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله إذ يبايعونك تحت الشجرة ذكر فيه أربعة أحاديث أحدها حديث جابر (4560) كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في كتاب المغازي وثانيها قوله على بن عبد الله هو بن المديني كذا للاكثر ووقع في رواية المستملي على بن سلمة وهو اللبقي بفتح اللام والموحدة ثم قاف خفيفة وبه جزم الكلاباذي (4561) قوله عن عبد الله بن المغفل المزني ممن شهد الشجرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحذف بخاء معجمة أي الرمي بالحصى بين أصبعين وسيأتي الكلام عليه في الادب قوله وعن عقبة بن صهبان سمعت عبد الله بن مغفل المزني في البول في المغتسل كذا للاكثر وزاد في رواية الاصيلي وكذا لابي ذر عن السرخسي يأخذ منه الوسواس وهذان الحديثان المرفوع والموقوف الذي عقبة به لا تعلق لهما بتفسير هذه الآية بل ولا هذه السورة وإنما أورد الاول لقول الراوي فيه ممن شهد الشجرة فهذا القدر هو المتعلق بالترجمة ومثله ما ذكره بعده عن ثابت بن الضحاك وذكر المتن بطريق التبع
[ 451 ]
لا القصد وأما الحديث الثاني فأورده لبيان التصريح بسماع عقبة بن صهبان من عبد الله بن مغفل وهذا من صنيعه في غاية الدقوحسن التصرف فلله دره وهذا الحديث قد أخرجه أبو نعيم في المستخرج والحاكم من طريق يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن عقبة بن صهبان عن عبد الله بن مغفل قال نهى أو زجر أن يبال في المغتسل وهذا يدل على أن زيادة ذكر الوسواس التي عند الاصيلي ومن وافقه في هذه الطريق وهم نعم أخرج أصحاب السنن وصححه بن حبان والحاكم من طريق أشعت عن الحسن عن عبد الله بن مغفل رفعه لا يبولن أحدكم في مستحمه فإن عامة الوسواس منه قال الترمذي غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث أشعث وتعقب بأن الطبري أخرجه من طريق إسماعيل بن مسلم عن الحسن أيضا وهذا التعقب وارد على الاطلاق وإلا فاسماعيل ضعيف الحديث الثالث (4562) قوله عن خالد هو الحذاء قوله عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك وكان من أصحاب الشجرة هكذا ذكر القدر الذي يحتاج إليه من هذا الحديث ولم يسق المتن ويستفاد من ذلك أنه لم يجرؤ على نسق واحد في إيراد الاشياء التبعية بل تارة يقتصر على موضع الحاجة من الحديث وتارة يسوقه بتمامه فكأنه يقصد التفنن بذلك وقد تقدم لحديث ثابت المذكور طريق أخرى في غزوة الحديبية الحديث الرابع (4563) قوله حدثنا يعلى هو بن عبيد الطنافسي قوله حدثنا عبد العزيز بن سياه بمهملة مكسورة ثم تحتانية خفيفة وآخره هاء منونة تقدم في أواخر الجزية قوله أتيت أبا وائل أسأله لم يذكر المسئول عنه وبينه أحمد في روايته عن يعلى بن عبيد ولفظه أتيت أبا وائل في مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على يعني الخوارج قال كنا بصفين فقال رجل فذكره قوله فقال كنا بصفين هي مدينة قديمة على شاطئ الفرات بين الرقة ومنبج كانت بها الواقعة المشهورة بين على ومعاوية قوله فقال رجل ألم تر إلى الذين يدعون إلى كتاب الله ساق أحمد إلى آخر الآية هذا الرجل هو عبد الله بن الكواء ذكره الطبري وكان سبب ذلك أن أهل الشام لما كاد أهل العراق يغلبونهم أشار عليهم عمرو بن العاص يرفع المصاحف والدعاء إلى العمل بما فيها وأراد بذلك أن تقع المطاولة فيستريحوا من الشدة التي وقعوا فيها فكان كما ظن فلما رفعوها وقالوا بيننا وبينكم كتاب الله وسمع من بعسكر على وغالبهم ممن يتدين قال قائلهم ما ذكر فأذعن علي إلى التحكيم موافقة لهم واثقا بأن الحق بيده وقد أخرج النسائي هذا الحديث عن أحمد بن سليمان عن يعلى بن عبيد بالاسناد الذي أخرجه البخاري فذكر الزيادة نحو ما أخرجها أحمد وزاد بعد قوله كنا بصفين قال فلما استحر القتل بأهل الشام قال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل المصحف إلى علي فادعوا إلى كتاب الله فإنه لن يأبى عليك فأتى به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله فقال علي أنا أولى بذلك بيننا كتاب الله فجاءته الخوارج ونحن يومئذ نسميهم القراء وسيوفهم على عواتقهم فقالوا يا أمير المؤمنين ما ننتظر بهؤلاء القوم ألا نمشي إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم فقال سهل بن حنيف قوله فقال علي نعم زاد أحمد والنسائي أنا أولى بذلك أي بالاجابة إذا دعيت إلى العمل بكتاب الله لانني واثق بأن الحق بيدي قوله وقال سهل بن حنيف اتهموا أنفسكم أي في هذا الرأي لان كثيرا منهم أنكروا التحكيم وقالوا لا حكم إلا الله فقال علي كلمة حق أريد بها باطل وأشار عليهم كبار الصحابة بمطاوعة علي وأن لا يخالف ما يشير به لكونه أعلم بالمصلحة وذكر لهم سهل بن حنيف ما وقع
[ 452 ]
لهم بالحديبية وأنهم رأوا يومئذ أن يستمروا على القتال ويخالفوا ما دعوا إليه من الصلح ثم ظهر أن الاصلح هو الذي كاشرع النبي صلى الله عليه وسلم فيه وسيأتي ما يتعلق بهذه القصة في كتاب استتابة المرتدين إن شاء الله تعالى وسبق ما يتعلق بالحديبية مستوفى في كتاب الشروط (0) قوله سورة الحجرات بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر واقتصر غيره على الحجرات حسب والحجرات بضمتين جمع حجرة بسكون الجيم والمراد بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قوله وقال مجاهد لا تقدموا لا تفتاتوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضي الله على لسانه وصله عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد ورويناه في كتاب ذم الكلام من هذا الوجه تنبيه ضبط أبو الحجاج البناسي تقدموا بفتح القاف والدال وهي قراءة بن عباس وقراءة يعقوب الحضرمي وهي التي ينطبق عليها هذا التفسير وروى الطبري من طريق سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أن ناسا كانوا يقولون لو أنزل في كذا فأنزلها الله قال وقال الحسن هم ناس من المسلمين ذبحوا قبل الصلاة يوم النحر فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالاعادة قوله امتحن أخلص وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عنه بلفظه وكذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال أخلص الله قلوبهم فيما أحب قوله ولا تنابزوا يدعى بالكفر بعد الاسلام وصله الفريابي عن مجاهد بلفظ لا يدعو الرجل بالكفر وهو مسلم وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ولا تلمزوا أنفسكم قال لا يطعن بعضكم على بعض وتنابزوا بالالقاب قال لا تقل لاخيك المسلم يا فاسق يا منافق وعن الحسن قال كان اليهودي يسلم فيقال له يا يهودي فنهوا عن ذلك وللطبري من طريق عكرمة نحوه وروى أحمد وأبو داود من طريق الشعبي حدثني أبو جبيرة بن الضحاك قال فينا نزلت ولا تنابزوا بالالقاب قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس فينا رجل إلا وله لقبان أو ثلاثة فكان إذا دعا أحدا منهم باسم من تلك الاسماء قالوا أنه يغضب منه فنزلت قوله يلتكم ينقصكم ألتنا نقصنا وصله الفريابي عن مجاهد بلفظه وبه في قوله وما ألتناهم من عملهم من شئ قال ما نقصنا الآباء للابناء تنبيه هذا الثاني من سورة الطور ذكره هنا استطرادا وإنما يتناسب ألتنا مع الآية الاخرى على قراءة أبي عمرو هنا فإنه قرأ لا يألتكم بزيادة همزة والباقون بحذفها وهو من لات يليت قاله أبو عبيدة قال وقال رؤبة وليلة ذات ندا سريت ولم يلتنى عن سراها ليت وتقول العرب ألاتني حتى وألاتني عن حاجتي أي صرفني وأما قوله وما ألتناهم فهو من ألت يالت (0) قوله باب لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية كذا للجميع قوله تشعرون تعلمون ومنه الشاعر هو كلام أبي عبيدة (4564) قوله حدثنا يسرة بفتح الياء الاخيرة والمهملة وجده جميل بالجيم وزن عظيم ونافع بن عمر هو الجمحي المكي وليس هو نافع مولى بن عمر ونبه الكرماني هنا على شئ لا يتخيله من له أدنى إلمام بالحديث والرجال فقال ليس هذا الحديث ثلاثيا لان عبد الله بن أبي مليكة تابعي قوله كاد الخيران كذا للجميع بالمعجمة بعدها تحتانية ثقيلة وحكى بعض الشراح رواية بالمهملة وسكون الموحدة يهلكان كذا لابي
[ 453 ]
ذر وفي رواية يهلكا بحذف النون قال بن التين كذا وقع بغير نون وكأنه نصب بتقدير أن انتهى وقد أخرجه أحمد عوكيع عن نافع عن بن عمر بلفظ أن يهلكا وهو بكسر اللام ونسبها بن التين لرواية أبي ذر ثم هذا السياق صورته الارسال لكن ظهر في آخره أن بن أبي مليكة حمله عن عبد الله بن الزبير وسيأتي في الباب الذي بعده التصريح بذلك ولفظه عن بن أبي مليكة أن عبد الله بن الزبير أخبرهم فذكره بكماله قوله رفعا أصواتهما حين قدم عليه ركب بني تميم في رواية أحمد وفد بني تميم وكان قدومهم سنة تسع بعد أن أوقع عيينة بن حصن ببني العنبر وهم بطن من بني تميم ذكر ذلك أبو الحسن المدائني قوله فأشار أحدهما هو عمر بينه بن جريج في الرواية التي في الباب بعده ووقع عند الترمذي من رواية مؤمل بن إسماعيل عن نافع بن عمر بلفظ أن الاقرع بن حابس قدم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر يا رسول الله استعمله على قومه فقال عمر لا تستعمله يا رسول الله الحديث وهذا يخالف رواية بن جريج وروايته أثبت من مؤمل بن إسماعيل والله أعلم قوله بالاقرع بن حابس أخي بني مجاشع الاقرع لقب واسمه فيما نقل بن دريد فراس بن حابس بن عقال بكسر المهملة وتخفيف القاف بن محمد بن سفيان بن مجاشع بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي وكانت وفاة الاقرع بن حابس في خلافة عثمان قوله وأشار الآخر هو أبو بكر بينه بن جريج في روايته المذكورة برجل آخر فقال نافع لا أحفظ اسمه سيأتي في الباب الذي بعده من رواية بن جريج عن بن أبي مليكة أنه القعقاع بن معبد بن زرارة أي بن عدس بن زيد بن عبد الله بن دارم التميمي الدارمي قال الكلبي في الجامع كان يقال له تيار الفرات لجوده قلت وله ذكر في غزوة حنين أورده البغوي في الصحابة بإسناد صحيح قوله ما أردت إلا خلافي أي ليس مقصودك إلا مخالفة قولي وفي رواية أحمد إنما أردت خلافي وهذا هو المعتمد وحكى بن التين أنه وقع هنا ما أردت إلى خلافي بلفظ حرف الجر وما في هذا استفهامية وإلى بتخفيف اللام والمعنى أي شئ قصدت منتهيا إلى مخالفتي وقد وجدت الرواية التي ذكرها بن التين في بعض النسخ لابي ذر عن الكشميهني قوله فارتفعت أصواتهما في رواية بن جريج فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما قوله فانزل الله في رواية بن جريج فنزل في ذلك قوله يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم الآية زاد وكيع كما سيأتي في الاعتصام إلى قوله عظيم وفي رواية بن جريج فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله إلى قوله ولو أنهم صبروا وقد استشكل ذلك قال بن عطية الصحيح أن سبب نزول هذه الآية كلام جفاة الاعراب قلت لا يعار ض ذلك هذا الحديث فإن الذي يتعلق بقصة الشيخين في تخالفهما في التأمير هو أول السورة لا تقدموا ولكن لما اتصل بها قوله لا ترفعوا تمسك عمر منها بخفض صوته وجفاة الاعراب الذين نزلت فيهم هم من بني تميم والذي يختص بهم قوله إن الذين ينادونك من وراء الحجرات قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات فقال يا محمد إن مدحي زين وأن شتمي شين فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك الله عزوجل ونزلت قلت ولا مانع أن تنزل الآية لاسباب تتقدمها فلا يعدل للترجيح مع ظهور الجمع وصحة الطرق ولعل البخاري استشعر ذلك فأورد قصة ثابت بن قيس عقب هذا ليبين ما أشرت إليه من الجمع ثم عقب ذلك كله بترجمة باب قوله ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم إشارة إلى قصة
[ 454 ]
جفاة الاعراب من بني تميم لكنه لم يذكر في الترجمة حديثا كاسأبينه قريبا وكأنه ذكر حديث ثابت لانه هو الذي كان الخطيب لما وقع الكلام في المفاخرة بين بني تميم المذكورين كما أورده بن إسحاق في المغازي مطولا قوله فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه في روايوكيع في الاعتصام فكان عمر بعد ذلك إذا حدث النبي صلى الله عليه وسلم بحديث حدثه كأخي السرار لم يسمعه حتى يستفهمه قلت وقد أخرج بن المنذر من طريق محمد بن عمرو إن أبا بكر الصديق قال مثل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا مرسل وقد أخرجه الحاكم موصولا من حديث أبي هريرة نحوه وأخرجه بن مردويه من طريق طارق بن شهاب عن أبي بكر قال لما نزلت لا ترفعوا أصواتكم الآية قال أبو بكر قلت يا رسول الله آليت أن لا أكلمك إلا كأخي السرار قوله ولم يذكر ذلك عن أبيه يعني أبا بكر قال مغلطاي يحتمل أنه أراد بذلك أبا بكر عبد الله بن الزبير أو أبا بكر عبداللبن أبي مليكة فإن أبا مليكة له ذكر في الصحابة قلت وهذا بعيد عن الصواب بقرينة ذكر عمر ترشد إلى أن مراده أبو بكر الصديق وقد وقع في رواية الترمذي قال وما ذكر بن الزبير جده وقد وقع في رواية الطبري من طريق مؤمل بن إسماعيل عن نافع بن عمر فقال في آخره وما ذكر بن الزبير جده يعني أبا بكر وفيه تعقب على من عد في الخصائص النبوية أن أولاد بنته ينسبون إليه لقوله أن ابني هذا سيد وقد أنكره القفال على بن القاص وعده القضاعي فيما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم عن الانبياء وفيه نظر فقد احتج يحيى بن يعمر بأن عيسى نسب إلى إبراهيم وهو بن بنته وهو استدلال صحيح وإطلاق الاب على الجد مشهور وهو مذهب أبي بكر الصديق كما تقدم في المناقب (4565) قوله افتقد ثابت بن قيس تقدم شرحه مستوفى في أواخر علامات النبوة قوله فقال رجل يا رسول الله هو سعد بن معاذ بينه حماد بن سلمة في روايته لهذا الحديث عن أنس وقيل هو عاصم بن عدي وقيل أبو مسعود والاول المعتمد قوله أنا أعلم لك علمه أي أعلم لاجلك علما متعلقا به قوله فقال موسى هو بن أنس راوي الحديث عن أنس (0) قوله باب إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ذكر فيه حديث بن الزبير وقد تقدم شرحه في الذي قبله وروى الطبري من طريق مجاهد قال هم أعراب بني تميم ومن طريق أبي إسحاق عن البراء قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال ذاك الله تبارك وتعالى وروى من طريق معمر عن قتادة مثله مرسلا وزاد فأنزل الله أن الذين ينادونك من وراء الحجرات الآية ومن طريق الحسن نحوه (4566) قوله عن بن جريج أخبرني بن أبي مليكة كذا قال حجاج بن محمد تقدم في التفسير من طريق هشام بن يوسف عن بن جريج عن بن مليكة بالعنعنة وتابعه هشام بن يوسف وأخرجه بن المنذر من طريق محمد بن ثور عن بن جريج فزاد فيه رجلا قال أخبرني رجل أن بن أبي مليكة أخبره فيحمل على أن بن جريج حمله عن بن أبي مليكة بواسطة ثم لقيه فسمعه منه (0) قوله باب قوله ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم هكذا في جميع الروايات الترجمة بغير حديث وقد أخرج الطبري والبغوي وابن أبي عاصم في كتبهم في الصحابة من طريق موسى
[ 455 ]
بن عقبة عن أبي سلمة قال حدثني الاقرع بن حابس التميمي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد أخرج إلينا فنزلت إن الذين ينادونك من وراء الحجرات الحديث وسياقه لابن جرير قال بن منده الصحيح عن أبي سلمة أن الاقرع مرسل وكذ أخرجه أحمد على الوجهين وقد ساق محمد بن إسحاق قصة وفد بني تميم في ذلك مطولة بانقطاع وأخرجها بن منده في ترجمة ثابت بن قيس في المعرفة من طريق أخرى موصولة (0) قوله سورة ق بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ق اسم من أسماء القرآن وعن بن جريج عن مجاهد قال جبل محيط بالارض وقيل هي القاف من قوله قضى الامر دلت على بقية الكلمة كما قال الشاعر قلت لها قفي لنا قالت قاف قوله رجع بعيد رد هو قول أبي عبيدة بلفظه وأخرج بن المنذر من طريق بن جريج قال أنكروا البعث فقالوا من يستطيع أن يرجعنا ويحيينا قوله فروج فنوق وأحدها فرج أي بسكون الراء هو قول أبي عبيدة بلفظه وروى الطبري من طريق مجاهد قال الفرج الشق قوله من حبل الوريد وريداه في حلقة والحبل حبل العاتق سقط هذا لغير أبي ذر وهو قول أبي عبيدة بلفظه وزاد فإضافة إلى الوريد كما يضاف الحبل إلى العاتق وروى الطبري مطريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله تعالى من حبل الوريد قال من عرق العنق قوله وقال مجاهد ما تنقص الارض منهم من عظامهم وصله الفريابي عن ورقاء عن بن ابي نجيح بهذا وروى الطبري من طريق العوفي عن بن عباس قال ما تأكل الارض من لحومهم وعظامهم وأشعارهم وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يعني الموتى تأكلهم الارض إذا ماتوا وعن جعفر بن سليمان عن عوف عن الحسن أي من أبدائهم تنبيه زعم بن التين أنه وقع في البخاري بلفظ من أعظامهم ثم استشكله وقال الصواب من عظامهم وفعل بفتح الفاء وسكون العين لا يجمع على أفعال إلا نادرا قوله تبصرة بصيرة وصله الفريابي عن مجاهد هكذا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله تبصرة قال نعمة من الله عزوجل قوله حب الحصيد الحنطة وصله الفريابي أيضا عنه وقال عبد الرزاعن معمر عن قتادة هو البر والشعير قوله باسقات الطوال وصله الفريابي أيضا كذلك وروى الطبري من طريق عبد الله بن شداد قال بسوقها طولها في قامة وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة يعني طولها قوله أفعيينا أفأعي علينا سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق قوله رقيب عتيد رصد وصله الفريابي أيضا كذلك وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال يكتب كل ما تكلم به من خير وشر ومن طريق سعيد بن أبي عروبة قال قال الحسن وقتادة ما يلفظ من قول أي ما يتكلم به من شئ إلا كتب عليه وكان عكرمة يقول إنما ذلك في الخير والشر قوله سائق وشهيد الملكان كاتب وشهيد وصله الفريابي كذلك وقال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن قال سائق يسوقها وشهيد يشهد عليها بعملها وروى نحوه بإسناد موصول عن عثمان قوله وقال قرينه الشيطان الذي قيض له وصله الفريابي أيضا وقال عبد الرزاق عن معمر قتادة نحوه قوله فنقبوا ضربوا وصله الفريابي أيضا وروى الطبري من طريق
[ 456 ]
على بن أبي طلحة عن بن عباس في قول فنقبوا في البلاد قال أثروا وقال أبو عبيدة في قوله فنقبوا طافوا وتباعدوا قال امرؤ القيس وقد نقبت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالاياب قوله أو ألقى السمع لا يحدث نفسه بغيره وصله الفريابي أيضا وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في هذه الآية قال هو رجل من أهل الكتاب ألقى السمع أي استمع للقرآن وهو شهيد على ما في يديه من كتاب الله أنه يجد النبي محمد صلى الله عليه وسلم مكتوبا قال معمر وقال الحسن هو منافق استمع ولم ينتفع قوله حين أنشأكم وأنشأ خلقكم سقط هذا لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق وهو بقية تفسير قوله أفعيينا وحقه أن يكتب عندها قوله شهيد شاهد بالغيب في رواية الكشميهني بالقلب ووصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ الاكثر قوله وما مسنا من لغوب من نصب وصله الفريابي كذلك وتقدم في بدء الخلق أيضا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قالت اليهود إن الله الخلق في ستة أيام وفرغ من الخلق يوم الجمعة واستراح يوم السبت فأكذبهم الله فقال وما مسنا من لغوب قوله وقال غيره نضيد الكفرى ما دام في أكمامه ومعناه منضود بعضه على بعض فإذا خرج من أكمامه فليس بنضيد هو قول أبي عبيدة بمعناه قوله وأدبار النجوم وأدبار السجود كان عاصم بفتح التي في ق ويكسر التي في الطور ويكسران جميعا وينصبان هو كما قال ووافق عاصما أبو عمرو وابن عامر والكسائي على الفتح هنا وقرأ الباقون بالكسر هنا وقرأ الجمهور بالفتح في الطور وقرأها بالكسر عاصم على ما نقل المصنف ونقلها غيره في الشواذ فالفتح جمع دبر والكسر مصدر يدبر إدبارا ورجح الطبري الفتح فيهما قوله وقال بن عباس يوم الخروج يوم يخرجون إلى البعث من القبور وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس بلفظه وتقدم في الجنائز نحوه (0) قوله باب قوله وتقول هل من مزيد اختلف النقل عن قول جهنم هل من مزيد فظاهر أحاديث الباب أن هذا القول منها لطلب المزيد وجاء عن بعض السلف أنه استفهام إنكار كأنها تقول ما بقي في موضع للزيادة فروى الطبري من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة في قوله هل من مزيد أي هل من مدخل قد امتلات ومن طريق مجاهد نحوه وأخرجه بن أبي حاتم من وجه آخر عن عكرمة عن بن عباس وهو ضعيف ورجح الطبري أنه لطلب الزيادة على ما دلت عليه الاحاديث المرفوعة وقال الاسماعيلي الذي قاله مجاهد موجه فيحتمل على أنها قد تزاد وهي عند نفسها لا موضع فيها للمزيد قوله في حديث أنس (4567) يلق في النار وتقول هل من مزيد في رواية سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لا تزال جهنم يلقى فيها أخرجه أحمد ومسلم قوله حتى يضع قدمه فيها كذا في رواية شعبة وفي رواية سعيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه قوله فتقول قط قط في رواية سعيد فيزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وعزتك وفي رواية سليمان التيمي عن قتادة فتقول قد قد بالدال بدل الطاء وفي حديث أبي هريرة فيضع الرب عليها قدمه فتقول قط قط وفي الرواية التي تليها فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول قط قط فهناك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض وفي حديث أبي بن كعب عند أبي يعلى وجهنم تسأل المزيد حتى يضع فيها قدمه فيزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط وفي حديث أبي سعيد عند أحمد فيلقى في النار أهلها فتقول هل من مزيد ويلقي فيها وتقول هل من
[ 457 ]
مزيد حتى يأتيها عزوجل فيضع قدمه عليها فتتزوي فتقول قدني قدني وقوله قط قط أي حسبي حسبي وثبت بهذا التفسير عند عبد الرزاق من حديث أبي هريرة وقط بالتخفيف ساكنا ويجوز الكسر بغير إشباع ووقع في بعض النسخ عن أبي ذر قطى قطى بالاشباع وقطني بزيادة نون مشبعة ووقع في حديث أبي سعيد ورواية سليمان التيمي بالدال بدل الطاء وهي لغة أيضا وكلها بمعنى يكفي وقيل قط صوت جهنم والاول هو الصواب عند الجمهور ثم رأيت في تفسير بن مردويه من وجه آخر عن أنس ما يؤيد الذي قبله ولفظه فيضعها عليها فتقطقط كما يقطقط السقاء إذا امتلا انتهى فهذا لو ثبت لكان هو المعتمد لكن في سنده موسى بن مطير وهو متروك واختلف في المراد بالقدم فطريق السلف في هذا وغيره مشهورة وهو أن تمر كما جاءت ولا يتعرض لتأويله بل نعتقد استحالة ما يوهم النقص على الله (0) وخاض كثير من أهل العلم في تأويل ذلك فقال المراد إذلال جهنم فإنها إذا بالغت في الطغيان وطلب المزيد أذلها الله فوضعها تحت القدم وليس المراد حقيقة القدم والعرب تستعمل ألفاظ الاعضاء في ضرب الامثال ولا تريد أعيانها كقولهم رغم أنفه وسقط في يده وقيل المراد بالقدم الفرط السابق أي يضع الله فيها ما قدمه لها من أهل العذاب قال الاسماعيلي القدم قد يكون اسما لما قدم كما يسمى ما خبط من ورق خبطا فالمعنى ما قدموا من عمل وقيل المراد بالقدم قدم بعض المخلوقين فالضمير للمخلوق معلوم أو يكون هناك مخلوق اسمه قدم أو المراد بالقدم الاخير لان القدم آخر الاعضاء فيكون المعنى حتى يضع الله في النار آخر أهلها فيها ويكون الضمير للمزيد وقال بن حبان في صحيحه بعد إخراجه هذا من الاخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الامم والامكنة التي عصى الله فيها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب فيها موضعا من الامكنة المذكورة فتمتلئ لان العرب تطلق القدم على الموضع قال تعالى ان لهم قدم صدق يريد موضع صدق وقال الداودي المراد بالقدم قدم صدق وهو محمد والاشارة بذلك إلى شفاعته وهو المقام المحمود فيخرج من النار من كان فيه في قلبه شئ من الايمان وتعقب بأن هذا منابذ لنص الحديث لان فيه يضع قدمه بعد أن قالت هل من مزيد والذي قاله مقتضاه أنه ينقص منها وصريح الخبر أنها تنزوي بما يجعل فيها لا يخرج منها قلت ويحتمل أن يوجه بان من يخرج منها يبدل عوضهم من أهل الكفر كما حملوا عليه حديث أبي موسى في صحيح مسلم يعطي كل مسلم رجلا من اليهود والنصارى فيقال هذا فداءك من النار فإن بعض العلماء قال المراد بذلك أنه يقع عند إخراج الموحدين وأنه يجعل مكان كل واحد منهم واحدا من الكفار بأن يعظم حتى يسد مكانه ومكان الذي خرج وحينئذ فالقدم سبب للعظم المذكور فإذا وقع العظم حصل الملء الذي تطلبه ومن التأويل البعيد قول من قال المراد بالقدم قدم إبليس وأخذه من قوله حتى يضع الجبار فيها قدمه وإبليس أول من تكبر فاستحق أن يسمى متجبرا وجبارا وظهور بعد هذا يغنى عن تكلف الرد عليه وزعم بن الجوزي أن الرواية التي جاءت بلفظ الرجل تحريف من بعض الرواة لظنه أن المراد بالقدم الجارحة فرواها بالمعنى فأخطأ ثم قال ويحتمل أن يكون المراد بالرجل إن كانت محفوظة الجماعة كما تقول رجل من جراد فالتقدير يضع فيها جماعة وأضافهم إليه إضافة اختصاص وبالغ بن فورك فجزم بأن الرواية بلفظ الرجل غير ثابتة عند أهل النقل وهو مردود لثبوتها
[ 458 ]
في الصحيحين وقد أولها غيره بنحو ما تقدم في القدم فقيل رجل بعض المخلوقين وقيل إنها اسم مخلوق من المخلوقين وقيل إن الرجل تستعمل في الزجر كما تقول وضعته تحت رجلي وقيل إن الرجل تستعمل في طلب الشئ على سبيل الجد كما تقول قام في هذا الامر على رجل وقال أبو الوفاء بن عقيل تعالى الله عن أنه لا يعمل أمره في النار حتى يستعين عليها بشئ من ذاته أو صفاته وهو القائل النار كوني بردا وسلاما فمن يأمر نارا أججها غيره أن تنقلب عن طبعها وهو الاحراق فتنقلب كيف يحتاج في نار بؤججها هو إلى استعانة انتهى ويفهم جوابه من التفصيل الواقع ثالث أحاديث الباب حيث قال فيه ولكل واحدة منكما ملؤها فأما النار فذكر الحديث وقال فيه ولا يظلم الله من خلقه أحدا فإن فيه إشارة إلى أن الجنة يقع امتلاؤها بمن ينشؤهم الله لاجل ملئها وأما النار فلا ينشئ لها خلقا بل يفعل فيها شيئا عبر عنه بما ذكر يقتضي لها أن ينضم بعضها إلى بعض فتصير ملاى ولا تحتمل مزيدا وفيه دلالة على أن الثواب ليس موقوفا على العمل بل ينعم الله بالجنة على من لم يعمل خيرا قط كما في الاطفال قوله في أول الحديث الثاني (4568) حدثنا محمد بن موسى القطان هو الواسطي وأبو سفيان الحميري أدركه البخاري بالسن ولم يلقه قوله حدثنا عوف لابي سفيان فيه سند آخر أخرجه مسلم من رواية عبد الله بن عمر الجزائري عن معمر عن أيوب عن بن سيرين عن أبي هريرة مطولا وقوله رفعه وأكثر ما كان يوقفه أبو سفيان القائل ذلك محمد بن موسى الراوي عنه وقال يوقفه من الرباعي وهو لغة والفصيح يقفه من الثلاثي والمعنى أنه كان يرويه في أكثر الاحوال موقوفا ويرفعه أحيانا وقد رفعه غيره أيضا (4569) قوله في الطريق الثالثة أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة وقع في مصنف عبد الرزاق في آخره قال معمر وأخبرني أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وأخرجه مسلم بالوجهين قوله تحاجت أي تخاصمت قوله بالمتكبرين والمتجبرين قيل هما بمعنى وقيل المتكبر المتعاظم بما ليس فيه والمتجبر الممنوع الذي لا يوصل إليه وقيل الذي لا يكترث بأمر قوله ضعفاء الناس وسقطهم بفتحتين أي المحتقرون بينهم الساقطون من أعينهم هذا بالنسبة إلى ما عند الاكثر من الناس وبالنسبة إلى ما عند الله هم عظماء رفعاء الدرجات لكنهم بالنسبة إلى ما عند أنفسهم لعظمة الله عندهم وخضوعهم له في غاية التواضع لله والذلة في عباده فوصفهم بالضعف والسقط بهذا المعنى صحيح أو المراد بالحصر في قول الجنة الا ضعفاء الناس الاغلب قال النووي هذا الحديث على ظاهره وأن الله يخلق في الجنة والنار تمييزا يدركان به ويقدران على المراجعة والاحتجاج ويحتمل أن يكون بلسان الحال وسيأتي مزيد لهذا في باب قوله أن رحمة الله قريب من المحسنين من كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (0) قوله باب قوله فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها كذا لابي ذر في الترجمة وفي سياق الحديث ولغيره وسبح بالواو فيهما وهو الموافق للتلاوة فهو الصواب وعندهم أيضا وقبل الغروب وهو الموافق لآية السورة ثم أورد فيه حديث جرير إنكم سترون ربكم الحديث وفي آخره ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها وهذه الآية في طه قال الكرماني المناسب لهذه السورة وقبل الغروب لا غروبها قلت لا سبيل إلى التصرف في لفظ الحديث وإنما أورد الحديث هنا لاتحاد دلالة الآيتين وقد تقدم في الصلاة وكذا وقع هنا في نسخة من وجه آخر عن
[ 459 ]
إسماعيل بن أبي خالد بلفظ ثم قرأ وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب وسيأتي شرح حديث جرير في التوحيد إن شاء الله تعالى ومضى منه شئ في فضل وقت العصر من المواقيت (4571) قوله عن مجاهد قال قال بن عباس أمره أن يسبح يعني أمر الله نبيه وأخرجه الطبري من طريق بن علية عن بن أبي نجيح عن مجاهد قال قال بن عباس في قوله فسبحه وأدبار السجود قال هو التسبيح بعد الصلاة قوله في أدبار الصلوات كلها يعني قوله وأدبار السجود كذا لهم وروى الطبري من وجه آخر عن بن عباس قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يابن عباس ركعتان بعد المغرب أدبار السجود وإسناده ضعيف لكن روى بن المنذر من طريق أبي تميم الجيشاني قال قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى وأدبار السجود هما الركعتان بعد المغرب وأخرجه الطبري من طرق عن علي وعن أبي هريرة وغيرهما مثله وأخرج بن المنذر عن عمر مثله وأخرج الطبري من طريق كريب بن يزيد أنه كان إذا صلى الركعتين بعد الفجر والركعتين بعد المغرب قرأ أدبار النجوم وأدبار السجود أي بهما (0) قوله سورة والذاريات بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر والواو للقسم والفا آت بعدها عاطفات من عطف المتغايرات وهو الظاهر وجوز الزمخشري أنها من عطف الصفات وأن الحاملات وما بعدها من صفات الريح قوله قال على الرياح كذا لهم ولابي ذر وقال علي الذاريات الرياح وهو عند الفريابي عن الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن علي وأخرجه بن عيينة في تفسيره أتم من هذا عن بن أبي الحسين سمعت أبا الطفيل قال سمعت بن الكواء يسأل علي بن أبي طالب عن الذاريات ذروا قال الرياح وعن الحاملات وقرا قال السحاب وعن الجاريات يسرا قال السفن وعن المدبرات أمرا قال الملائكة وصححه الحاكم من وجه آخر عن أبي الطفيل وابن الكواء بفتح الكاف وتشديد الواو واسمه عبد الله وهذا التفسير مشهور عن علي وأخرج عن مجاهد وابن عباس مثله وقد أطنب الطبري في تخريج طرقه إلى على وأخرجه عبد الرزاق من وجه آخر عن أبي الطفيل قال شهدت عليا وهو يخطب وهو يقول سلوني فوالله لا تسألوني عن شيكون إلى يوم القيامة إلا حدثتكم به وسلوني عن كتاب الله فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أبليل أنزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل فقال بن الكواء وأنا بينه وبين على وهو خلفي فقال ما الذاريات ذروا فذكر مثله وقال فيه ويلك سل تفقها ولا تسأل تعنتا وفيه سؤاله عن أشياء غير هذا وله شاهد مرفوع أخرجه البزار وابن مردويه بسند لين عن عمر قوله وقال غيره تذروه تفرقة هو قول أبي عبيدة قال في سورة الكهف في قوله تذروه الرياح أي تفرقه ذروته وأذريته وقال في تفسير الذاريات الرياح وناس يقولون المذريات ذرت وأذرت قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون تأكل وتشرب في مدخل واحد ويخرج من موضعين أي القبل والدبر وهو قول الفراء قال في قوله تعالى وفي أنفسكم يعني أيضا آيات أن أحدكم يأكل ويشرب من مدخل واحد ويخرج من موضعين ثم عنفهم فقال أفلا تبصرون ولابن أبي حاتم من طريق السدي قال وفي أنفسكم قال فيما يدخل من طعامكم وما يخرج وأخرج الطبري من طريق محمد بن المريفع عن
[ 460 ]
عبد الله بن الزبير في هذه الآية قال سبيل الغائط والبول قوله قتل الخراصون أي لعنوا كذا في بعض النسخ وقد تقدم في كتاب البيوع وأخرج الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله قتل الخراصون قال لعن الكذابون وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله قتل الخراصون قال الكذابون قوله فراغ فرجع هو قول الفراء وزاد والروغ وأن جاء بهذا المعنى فإنه لا ينطق به حتى يكون صاحبه لذهابه ومجيئه وقال أبو عبيدة في قوله فراغ أي عدل قوله فصكت فجمعت أصابعها فضربت به جبهتها في رواية أبي ذر جمعت بغير فاء وهو قول الفراء بلفظه ولسعيد بن منصور من طريق الاعمش عن مجاهد في قوله فصكت وجهها قال ضربت بيدها على جبهتها وقالت يا ويلتاه وروى الطبري من طريق السدي قال ضربت وجهها عجبا ومن طريق الثوري وضعت يدها على جبهتها تعجبا قوله فتولى بركنه من معه لانهم من قومه هو قول قتادة أخرجه عبد الرزاق عن معمر عنه وقال الفراء وثبت هذا هنا للنسفي وحده قوله والرميم نبات الارض إذا يبس وديس هو قول الفراء وديس بكسر الدال وسكون التحتانية بعدها مهملة من الدوس وهو وطئ الشئ بالقدم حتى يفتت ومنه دياس الارض وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة الرميم الشجر وأخرج الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال الرميم الهالك قوله لموسعون أي لذو سعة وكذلك على الموسع قدره يعني في قوله تعالى ومتعوهن على الموسع قدره أي من يكون ذاسعة قال الفراء وإنا لموسعون أي لذو سعة لخلقنا وكذا قوله على الموسع قدره يعني القوي وروى بن أبي حاتم من طريق بن أبي نجيح قال وإنا لموسعون قال أن نخلق سماء مثلها قوله زوجين الذكر والانثى واختلاف الالوان حلو وحامض فهما زوجان هو قول الفراء أيضا ولفظه الزوجان من جميع الحيوان الذكر والانثى ومن سوى ذلك اختلاف ألوان النبات وطعوم الثمار بعض حلو وبعض حامض وأخرج بن أبي حاتم من طريق السدي معناه وأخرج الطبري من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله خلقنا زوجين قال الكفر والايمان والشقاوة والسعادة والهدى والضلالة والليل والنهار والسماء والارض والجن والانس قوله ففروا إلى الله من الله إليه أي من معصيته إلى طاعته أو من عذابه إلى رحمته هو قول الفراء أيضا قوله إلا ليعبدون في رواية أبي ذر وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون ما خلقت أهل السعادة من أهل الفريقين إلا ليوحدون هو قول الفراء ونصره بن قتيبة في مشكل القرآن له وسبب الحمل على التخصيص وجود من لا يعبده فلو حمل على ظاهره لوقع التنافي بين العلة والمعلول قوله وقال بعضهم خلقهم ليفعلوا ففعل بعض وترك بعض وليس فيه حجة لاهل القدر هو كلام الفراء أيضا وحاصل التأويلين أن الاول محمول على أن اللفظ العام مراد به الخصوص وأن المراد أهل السعادة من الجن والانس والثاني باق على عمومه لكن بمعنى الاستعداد أي خلقهم معدين لذلك لكن منهم من أطاع ومنهم من عصى وهو كقولهم الابل مخلوقة للحرث أي قابلة لذلك لانه قد يكون فيها ما لا يحرث وأما قوله وليس فيه حجة لاهل القدر فيريد المعتزلة لان محصل الجواب أن المراد بالخلق خلق التكليف لا خلق الجبلة فمن وفقه عمل لما خلق له ومن خذله خالف والمعتزلة احتجوا بالآية المذكورة على أن إرادة الله لا تتعلق به والجواب أنه لا يلزم من كون الشئ معللا بشئ أن يكون ذلك الشئ مرادا وأن لا يكون غيره
[ 461 ]
مرادا ويحتمل أن يكون مراده بقوله وليس فيه حجة لاهل القدر أنهم يحتجون بها على أن أفعال الله لا بد وأن تكون معلولة فقال لا يلزم من وقوع التعليل في موضع وجوب التعليل في كل موضع ونحن نقول بجواز التعليل لا بوجوبه أو لانهم احتجوا بها على أن أفعال العباد مخلوقة لهم لاسناد العبادة إليهم فقال لا حجة لهم في ذلك لان الاسناد من جهة الكسب وفي الآية تأويلات أخرى يطول ذكرها وروى بن أبي حاتم من طريق السدي قال خلقهم للعبادة فمن العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع قوله والذنوب الدلو العظيم هو قول الفراء لكن قال العظيمة وزاد ولكن العرب تذهب بها إلى الحظ والنصيب وقال أبو عبيدة الذنوب النصيب وأصله من الدلو والذنوب والسجل واحد والسجل أقل ملا من الدلو قوله وقال مجاهد ذنوبا سبيلا وقع هذا مؤخرا عن الذي بعده لغير أبي ذر والذي عنده أولى وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم قال سجلا من العذاب مثل عذاب أصحابهم وأخرج بن المنذر من طريق بن جريج عن مجاهد في قوله فان الذين ظلموا ذنوبا فقال سبيلا قال وقال بن عباس سجلا وهو بفتح المهملة وسكوالجيم ومن طريق بن جريج عن عطاء مثله وأنشد عليه شاهدا قوله صرة صيحة وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد وأخرجه بن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد عن بن عباس وقال أبو عبيدة في قوله صرة شدة صوت يقال أقبل فلان يصطر أي يصوت صوتا شديدا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال أقبلت ترن قوله العقيم التي لا تلد زاد أبو ذر ولا تلقح شيئا أخرج بن المنذر من طريق الضحاك قال العقيم التي لا تلد وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة العقيم التي لا تنبت وأخرج الطبري والحاكم من طريق خصيف عن عكرمة عن بن عباس قال الريح العقيم التي لا تلقح شيئا قوله وقال بن عباس والحبك استواؤها وحسنها تقدم في بدء الخلق وأخرجه الفريابي عن الثوري عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس ومن طريق سفيان أخرجه الطبري وإسناده صحيح لان سماع الثوري من عطاء بن السائب كان قبل الاختلاط وأخرجه الطبري من وجه آخر صحيح عن بن عباس وأخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله ذات الحبك قال ذات الخلق الحسن وللطبري من طريق عوف عن الحسن قال حبكت بالنجوم ومن طريق عمران بن جدير سئل عكرمة عن قوله ذات الحبك قال ذات الخلق الحسن ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب قال ما أحسن ما حبكه قوله في غمرة في ضلالتهم يتمادون كذا للاكثر ولابي ذر في غمرتهم والاول أولى لوقوعه في هذه السورة وأما الثاني فهو في سورة الحجر لكن قوله في ضلالتهم يؤيد الثاني وكأنه ذكره كذلك هنا للاشتراك في الكلمة وقد وصله بن أبي حاتم والطبري من طريق على بن بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله الذين هم في غمرة ساهون قال في ضلالتهم يتمادون ووقفي رواية النسفي في صلاتهم أو ضلالتهم بالشك والاول وتصحيف قوله وقال غيره تواصوا بتواطئوا سقط هذا لابي ذر وقد أخرجه بن المنذر من طريق أبي عبيدة في قوله أتواصوا به تواطئوا عليه وأخذه بعضهم عن بعض وإذا كانت شيمة غالبة على قوم قيل كأنما تواصوا به وروى الطبري من طرق عن قتادة قال هل أوصي الاول الآخر منهم بالتكذيب قوله وقال غيره مسومة معلمة من السيما هو قول أبي عبيدة ووصله بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله مسومة قال
[ 462 ]
معلمة وأخرج الطبري من طريق العوفي عن بن عباس في قوله مسومة قال مختومة بلون أبيض وفيه نقطة سوداء وبالعكس قوله قتل الانسان لعن سقط هذا لغير أبي ذر وقد تقدم تفسير قتل بلعن في أوائل السورة وأخرج بن المنذر من طريق بن جريج في قوله قتل الخراصون قال هي مثل التي في عبس قتل الانسان تنبيه لم يذكر البخاري في هذه السورة حديثا مرفوعا ويدخل فيها على شرطه حديث أخرجه أحمد والترمذي والنسائي من طريق أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أنا الرزاق ذو القوة المتين قال الترمذي حسن صحيح وصححه بن حبان (0) قوله سورة الطور بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر واقتصر الباقون على والطور والواو للقسم وما بعدها عاطفات أو للقسم أيضا قوله وقال قتادة مسطور مكتوب سقط هذا من رواية أبي ذر وثبت لهم في التوحيد وقد وصله المصنف في كتاب خلق أفعال العباد من طريق سعيد عن قتادة قوله وقال مجاهد الطور الجبل بالسريانية وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا قال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قوله والطور قال جبل يقال له الطور وعمن سمع عكرمة مثله وقال أبو عبيدة الطور الجبل في كلام العرب وفي المحكم الطور الجبل وقد غلب على طور سيناء جبل بالشام وهو بالسريانية طوري بفتح الراء والنسبة إليه طوري وطوراني قوله رق منشور صحيفة وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وكتاب مسطور في رق منشور قال صحف ورق وقوله منشور قال صحيفة قوله والسقف المرفوع سماء سقط هذا لابي ذر وتقدم في بدء الخلق قوله والمسجود الموقد في رواية الحموي والنسفي الموقر بالراء والاول هو الصواب وقد وصله إبراهيم الحربي في غريب الحديث والطبري من طريق بن أبنجيح عن مجاهد وقال الموقد بالدال وأخرج الطبري من طريق سعيد بن المسيب قال قاعلي لرجل من اليهود أين جهنم قال البحر قال ما أراه إلا صادقا ثم تلا والبحر المسجور وإذا البحار سجرت وعن زيد بن أسلم قال البحر المسجور الموقد وإذا البحار سجرت أوقدت ومن طريق شمر بن عطية قال البحر المسجور التنور المسجود قال وفيه قول آخر قال أبو عبيدة المسجور المملوء وأخرج الطبري من طريق سعيد عن قتاد مثله ورجحه الطبري قوله وقال الحسن تسجر حتى يذهب ماؤها فلا يبقى فيها قطرة وصله الطبري من طريق سعيد عن قتادة عن الحسن في قوله وإذا البحار سجرت فذكره فبين الحسن أن ذلك يقع يوم القيامة وأما اليوم فالمراد بالمسجور الممتلئ ويحتمل أن يطلق عليه ذلك باعتبار ما يئول إليه حاله قوله وقال مجاهد ألتناهم نفصناهم وقد تقدم في الحجرات وأخرج عبد الرزاق مثله عن بن عباس بإسناد صحيح وعن معمر عن قتادة قال ما ظلمناهم قوله وقال غيره تمور تدور وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال في قوله تعالى يوم تمور السماء مورا قال مورها تحركها وأخرج الطبري من طريق بن عيينة عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يوم تمور السماء مورا قال تدور دورا قوله أحلامهم العقول هو قول زيد بن أسلم ذكره الطبري عنه وقال الفراء الاحلام في هذا الموضع العقول والالباب قوله وقال بن عباس البر اللطيف
[ 463 ]
سقط هذا لابي ذر هنا وثبت لهم في التوحيد وقد وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس به وسيأتي الكلام عليه في التوحيد إن شاء الله تعالى قوله كسفا قطعا وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس ولابن أبي حاتم من طريق قتادة مثله ومن طريق السدي قال عذابا وقال أبو عبيدة كسفا الكسف جمع كسفة مثل السدر جمع سدرة وهذا يضعف قول من رواه بالتحريك فيهما وقد قيل إنها قراءة شاذة وأنكرها بعضهم وأثبتها أبو البقاء العكبري وغيره قوله المنون الموت وصله الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ريب المنون قال الموت وقال عبد الرزاق عن معمر عقتادة مثله وأخرج الطبري من طريق مجاهد قال المنون حوادث الدهر وذكر بن إسحاق في السيرة عن بن أبي نجيح عن مجاهد عن بن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار الندوة قال قائل منهم احبسوه في وثاق ثم تربصوا به ريب المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء فإنما هو واحد منهم فأنزل الله تعالى أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون وهذا كله يؤيد قول الاصمعي أن المنون واحد لا جمع له ويبعد قول الاخفش أنه جمع لا واحد له وأما قول الداودي أن المنون جمع منية فغير معروف مع بعده من الاشتقاق قوله وقال غيره يتنازعون يتعاطون هو قول أبي عبيدة وصله بن المنذر من طريقه وزاد أي يتداولون قال الشاعر نازعته الراح حتى وقفه الساري (0) قوله) *) *) * (4572) عن أم سلمة قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي أي أنها كانت ضعيفة لا تقدر على الطواف ماشية وقد تقدم شرحه مستوفى في كتاب الحج (4573) قوله حدثنا سفيان هو بن عيينة قال حدثوني عن الزهري اعترضه الاسماعيلي بما أخرجه من طريق عبد الجبار بن العلاء وابن أبي عمر كلاهما عن بن عيينة سمعت الزهري قال فصرحا عنه بالسماع وهما ثقتان قلت وهو اعتراض ساقط فإنهما ما أوردا من الحديث إلا القدر الذي ذكره الحميدي عن سفيان أنه سمعه من الزهري بخلاف الزيادة التي صرح الحميدي عنه بأنه لم يسمعها من الزهري وإنما بلغته عنه بواسطة قوله كاد قلبي يطير قال الخطابي كأنه انزعج عند سماع هذه الآية لفهمه معناها ومعرفته بما تضمنته ففهم الحجة فاستدركها بلطيف طبعه وذلك من قوله تعالى أم خلقوا من غير شئ قيل معناه ليسوا أشد خلقا من خلق السماوات والارض لانهما خلقتا من غير شئ أي هل خلقوا باطلا لا يؤمرون ولا ينهون وقيل المعنى أم خلقوا من غير خالق وذلك لا يجوز فلا بد لهم من خالق وإذا أنكروا الخالق فهم الخالقون لانفسهم وذلك في الفساد والبطلان أشد لان ما لا وجود له كيف يخلق وإذا بطل الوجهان قامت الحجة عليهم بأن لهم خالفا ثم قال أم خلقوا السماوات والارض أي إن جاز لهم أن يدعوا خلق أنفسهم فليدعوا خلق السماوات والارض وذلك لا يمكنهم فقامت الحجة ثم قال بل لا يوقنون فذكر العلة التي عاقتهم عن الايمان وهو عدم اليقين الذي هو موهبة من الله ولا يحصل إلا بتوفيقه فلهذا انزعج جبير حتى كاد قلبه يطير ومال إلى الاسلام انتهى ويستفاد من قوله فلما بلغ هذه الآية أنه استفتح من أول السورة وظاهر السياق أنه قرأ إلى آخرها وقد تقدم البحث في ذلك في صفة الصلاة (0) قوله سورة والنجم بسسم الله الرحمن الرحيم
[ 464 ]
كذا لابي ذر وللباقين والنجم حسب والمراد بالنجم الثريا في قول مجاهد أخرجه بن عيينة فتفسيره عن بن أبي نجيح عنه وقال أبو عبيدة النجم والنجوم ذهب إلى لفظ الواحد وهو بمعنى الجميع قال الشاعر وباتت تعد النجم في مستجره قال الطبري هذا القول له وجه ولكن ما أعلم أحدا من أهل التأويل قاله والمختار قول مجاهد ثم روى من وجه آخر عن مجاهد أن المراد به القرآن إذا نزل ولابن أبي حاتم بلفظ النجم نجوم القرآن قوله وقال مجاهد ذو مرة ذو قوة وصله الفريابي بلفظ شديد القوي ذو مرة قوة جبريل وقال أبو عبيدة ذو مرة أي شدة وأحكام وروى الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ذو مرة قال ذو خلق حسن قوله قاب قوسين حيث الوتر من القوس سقط هذا لابي ذر ووصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظه وقال أبو عبيدة قاب قوسين أي قدر قوسين أو أدنى أو أقرب قوله ضيزي عوجاء وصله الفريابي أيضا وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة ضيزي جائزة وأخرج الطبري من وجه ضعيف عن بن عباس مثله وقال أبو عبيدة ناقصة تقول ضأزته حقه نقصته قوله وأكدي قطع عطاءه وصله الفريابي بلفظ اقتطع عطاءه وروى الطبري من هذا الوجه عن مجاهد أن الذي نزلت فيه هو الوليد بن المغيرة ومن طريق أخرى منقطعة عن بن عباس أعطى قليلا أي أطاع قليلا ثم انقطع وأخرج بن مردويه من وجه لين عن بن عباس أنها نزلت في الوليد بن المغيرة وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أعطى قليلا ثم قطع ذلك وقال أبو عبيدة مأخوذ من الكدية بالضم وهو أن يحفر حتى ييأس من الماء قوله رب الشعرى هو مرزم الجوزاء وصله الفريابي بلفظه وأخرج الطبري من طريق خصيف عن مجاهد قال الشعري الكوكب الذي خلف الجوزاء كانوا يعبدونه وأخرج الفاكهي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن بن عباس قال نزلت في خزاعة وكانوا يعبدون الشعري وهو الكوكب الذي يتبع الجوزاء وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال كان ناس في الجاهلية يعبدون هذا النجم الذي يقال له الشعري وأخرجه الطبري من وجه آخر عن مجاهد قال النجم الذي يتبع الجوزاء وقال أبو حنيفة الدينوري في كتاب الانواء الغدرة والشعري العبور والجوزاء في نسق واحد وهن نجوم مشهورة قال وللشعري ثلاثة أزمان إذا رؤيت غدوة طالعة فذاك صميم الحر وإذا رؤيت عشاء طالعة فذاك صميم البرد ولها زمان ثالث وهو وقت نوئها وأحد كوكبي الذراع المقبوضة هي الشعري الغميصاء وهي تقابل الشعري العبور والمجرة بينهما ويقال لكوكبها الآخر الشمالي المرزم مرزم الذراع وهم مرزمان هذا وآخر في الجوزاء وكانت العرب تقول انحدر سهيل فصار يمانيا فتبعته الشعرى إليه المجرة وأقامت الغميصاء فبكت عليه حتى غمصت عينها والشعريان الغميصاء والعبور يطلعان معا وقال بن التين المرزم بكسر الميم وسكون الراء وفتح الزاي نجم يقابل الشعري من جهة القبلة لا يفارقها وهو الهنعة قوله الذي وفي وفي ما فرض عليه وصله الفريابي بلفظه وروى سعيد بن منصور عن عمرو بن أوس قال وفي أي بلغ وروى بن المنذر من وجه آخر عن عمرو بن أوس قال كان الرجل يؤخذ بذنب غيره حتى جاء إبراهيم فقال الله تعالى وإبراهيم الذي وفي أن لا تزر وازرة وزر أخرى ومن طريق هذيل بن شرحبيل نحوه وروى الطبري بإسناد ضعيف عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول
[ 465 ]
سمي الله إبراهيم خليله الذي وفي لانه كان يقول كلما أصبح وأمسى فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وروى عبد بن حميد بإسناد ضعيف عن أبي أمامة مرفوعا وفي عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار قوله أزفت الآفة اقتربت الساعة سقط هذا لابي ذر هنا ويأتي في الرقاق وقد وصله الفريابي من طريق مجاهد كذلك وقال أبو عبيدة دنت القيامة قوله سامدون البرطمة كذا لهم وفي رواية الحموي والاصيلي والقابسي البرطنة بالنون بدل الميم وقال عكرمة يتغنون بالحميرية وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله أفمن هذا الحديث تعجبون قال من هذا القرآن وأنتم سامدون قال البرطمة قال وقال عكرمة السامدون يتغنون بالحميرية ورواه الطبري من هذا الوجه عن مجاهد قال كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وسلم غضابا مبرطمين قال وقال عكرمة هو الغناء بالحميرية وروى بن عيينة في تفسيره عن بن أبي نجيح عن عكرمة في قوله وأنتم سامدون هو الغناء بالحميرية يقولون اسمد لنا أي غن لنا وأخرجه أبو عبيد في فضائل القرآن و عبد الرزاق من وجهين آخرين عن عكرمة عن بن عباس في قوله وأنتم سامدون قال الغناء قال عكرمة وهي بلغة أهل اليمن إذا أراد اليماني أن يقول تغن قال اسمد لفظ عبد الرزاق وأخرجه من وجه آخر عن عكرمة عن بن عباس قال لاهون وعن معمر عن قتادة قال غافلون ولابن مردويه من طريق محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال معرضون تنبيه البرطمة بفتح الموحدة وسكون الراء وفتح الطاء المهملة الاعراض وقال بن عيينة البرطمة هكذا ووضع ذقنه في صدره قوله وقال إبراهيم أفتمارونه أفتجادلونه وصله سعيد بن منصور عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم النخعي به وجاء عن إبراهيم بهذا الاسناد فيه القراءة التي بعد هذه قوله ومن قرأ أفتمرونه يعني أفتجحدونه كذا لهم وفي رواية الحموي أفتجحدون بغير ضمير وقد وصله الطبري أيضا عن يعقوب بن إبراهيم عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم أنه كان يقرأ أفتمارونه يقول أفتجحدونه فكأن إبراهيم قرأ بهما معا وفسرهما وقد صرح بذلك سعيد بن منصور في روايته المذكورة عن هشيم قال الطبري وهكذا قرأ بن مسعود وعامة قراء أهل الكوفة وقرأها الباقون وبعض الكوفيين أفتمارونه أي تجادلونه قلت قرأها من الكوفيين عاصم كالجمهور وقال الشعبي كان شريح يقرأ أفتمارونه ومسروق يقرأ أفتمرونه وجاء عن الشعبي أنه قرأها كذلك لكن بضم التاء قوله ما زاغ البصر بصر محمد صلى الله عليه وسلم في رواية أبي ذر وقال ما زاغ الخ ولم يعين القائل وهو قول الفراء وقال في قوله تعالى ما زاغ البصر بصر محمد يقلبه يمينا وشمالا وأخرج الطبري من طريق محمد بن كعب القرظي في قوله ما زغ البصر قال رأى محمد جبريل في صورة الملك ومسألة الرؤية مشهورة سيأتي ذكرها في شرح حديث عائشة في هذه السورة قوله وما طغى وما جاوز ما رأى في رواية الكشميهني ولا بدل وما هو بقية كلام الفراء أيضا ولفظه وما جاوز وروى الطبري من طريق مسلم البطين عن بن عباس في قوله ما زاغ البصر ما ذهب يمينا ولا شمالا وما طغى ما جاوز ما أمر به قوله فتماروا كذبوا كذا لهم ولم أر في هذه السورة فتماروا وإنما فيها أفتمارونه وقد تقدم ما فيها وفي آخرها تتمارى ولعله انتقال من بعض النساخ لان هذه اللفظة في السورة التي تلي هذه وهي قوله فتماروا بالنذر وحكى الكرماني عن بعض النسخ هنا تتمارى تكذب ولم اقف عليه وهو بمعنى ما تقدم ثم ظهر لي بعد ذلك أنه
[ 466 ]
اختصر كلام الفراء وذلك أنقال في قوله تعالى فبأى آلاء ربك تتمارى قال فبأي نعمة ربك تكذب أنها ليست منه وكذلك قوله فتماروا بالنذر كذبوا بالنذر قوله وقال الحسن إذا هوى غاب وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عنه قوله وقال بن عباس أغنى وأقنى أعطى فأرضي وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عنه وأخرج الفريابي من طريق عكرمة عن بن عباس قال أقنى قنع ومن طريق أبي رجاء عن الحسن قال أخدم وقال أبو عبيدة أقنى جعل له قنية أي أصول مال قال وقالوا أفتى أرضى يشير إلى تفسير بن عباس وتحقيقه أنحصل له قنية من الرضا (4574) قوله حدثنا يحيى هم بن موسى قوله عن عامر هو الشعبي قوله عن مسروق في رواية الترمذي زيادة قصة في سياقه فأخرج من طريق مجالد عن الشعبي قال لقي بن عباس كعبا بعرفة فسأله عن شئ فكبر كعب حتى جاوبته الجبال فقال بن عباس إنا بنو هاشم فقال له كعب إن الله قسم رؤيته وكلامه هكذا في سياق الترمذي وعند عبد الرزاق من هذا الوجه فقال بن عباس إنا بنو هاشم نقول إن محمدا رأى ربه مرتين فكبر كعب وقال إن الله قسم رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد فكلم موسى مرتين ورآه محمد مرتين قال مسروق فدخلت عائشة فقلت هل رأى محمد ربه الحديث ولابن مردويه من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن كعب مثله قال يعني الشعبي فأتى مسروق عائشة فذكر الحديث فظهر بذلك سبب سؤال مسروق لعائشة عن ذلك قوله يا أمتاه أصله يا أم والهاء للسكت فأضيف إليها ألف الاستغاثة فأبدلت تاء وزيدت هاء السكت بعد الالف ووقع في كلام الخطابي إذا نادوا قالوا يا أمة عند السكت وعند الوصل يا أمت بالمثناة فإذا فتحوا للندبة قالوا يا أمتاه والهاء السكت وتعقبه الكرماني بأن قول مسروق يا أمتاه ليس للندبة إذ ليس هو تفجعا عليها وهو كما قال قوله هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه قالت لقد قف شعري أي قام من الفزع لما حصل عندها من هيبة الله واعتقدته من تنزيهه واستحالة وقوع ذلك قال النضر بن شميل القف بفتح القاف وتشديد الفاء كالقشعريرة وأصله النقيض والاجتماع لان الجلد ينقبض عند الفزع فيقوم الشعر لذلك قوله أين أنت من ثلاث أي كيف يغيب فهمك عن هذه الثلاث وكان ينبغي لك أن تكون مستحضرها ومعتقدا كذب من يدعي وقوعها قوله من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب تقدم في بدء الخلق من رواية القاسم بن محمد عن عائشة من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم ولمسلم من حديث مسروق المذكور من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي فقد أعظم على الله الفرية قوله ثم قرأت لا تدركه الابصار قال النووي تبعا لغيره لم تنف عائشة وقوع الرؤية بحديث مرفوع ولو كان معها لذكرته وإنما اعتمدت الاستنباط على ما ذكرته من ظاهر الآية وقد خالفها غيرها من الصحابة والصحابي إذا قال قولا وخالفه غيره منهم لم يكن ذلك القول حجة اتفاقا والمراد بالادراك في الآية الاحاطة وذلك لا ينافي الرؤية انتهى وجزمه بان عائشة لم تنف الرؤية بحديث مرفوع تبع فيه بن خزيمة فإنه قال في كتاب التوحيد من صحيحه النفي لا يوجب علما ولم تحك عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرها أنه لم ير ربه وإنما تأولت الآية انتهى وهو عجيب فقد ثبت ذلك عنها في صحيح مسلم الذي شرحه الشيخ فعنده من طريق داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق في الطريق المذكورة قال مسروق وكنت متكئا فجلست فقلت ألم
[ 467 ]
يقل الله ولقد رآه نزلة أخرى فقالت أنا أول هذه الامة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال إنما هو جبريل وأخرجه بن مردويه من طريق أخرى عن داود بهذا الاسناد فقالت أنا أول من سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذا فقلت يا رسول الله هل رأيت ربك فقال لا إنما رأيت جبريل منهبطا نعم احتجاج عائشة بالآية المذكورة خالفها فيه بن عباس فأخرج الترمذي من طريق الحكم بن أبان عن عكرمة عن بن عباس قال رأى محمد ربه قلت أليس الله يقول لا تدركه الابصار قال ويحك ذاك إذا تجلى بنوره الذي هو نوره وقد رأى ربه مرتين وحاصله أن المراد بالآية نفي الاحاطة به عند رؤياه لا نفي أصل رؤياه واستدل القرطبي في المفهم لان الادراك لا ينافي الرؤيه بقوله تعالى حكاية عن أصحاب موسى فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال كلا وهو استدلال عجيب لان متعلق الادراك في آية الانعام البصر فلما نفى كان ظاهره نفي الرؤية بخلاف الادراك الذي في قصة موسى ولولا وجود الاخبار بثبوت الرؤية ما ساغ العدول عن الظاهر ثم قال القرطبي الابصار في الآية جمع محلى بالالف واللام فيقبل التخصيص وقد ثبت دليل ذلك سمعا في قوله تعالى كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فيكون المراد الكفار بدليل قوله تعالى في الآية الاخرى وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال وإذا جازت في الآخرة جازت في الدنيا لتساوي الوقتين بالنسبة إلى المرئي انتهى وهو استدلال جيد وقال عياض رؤية الله سبحانه وتعالى جائزة عقلا وثبتت الاخبار الصحيحة المشهورة بوقوعها للمؤمنين في الآخرة وأما في الدنيا فقال مالك إنما لم ير سبحانه في الدنيا لانه باق والباقي لا يرى بالفاني فإذا كان في الآخرة ورزقوا أبصارا باقية رأوا الباقي بالباقي قال عياض وليس في هذا الكلام استحالة الرؤية إلا من حيث القدرة فإذا قدر الله من شاء من عباده عليها لم يمتنع قلت ووقع في صحيح مسلم ما يؤيد هذه التفرقة في حديث مرفوع فيه واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا وأخرجه بن خزيمة أيضا من حديث أبي أمامة ومن حديث عبادة بن الصامت فإن جازت الرؤية في الدنيا عقلا فقد امتنعت سمعا لكن من أثبتها للنبي صلى الله عليه وسلم له أن يقول إن المتكلم لا يدخل في عموم كلامه وقد اختلف السلف في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه فذهبت عائشة وابن مسعود إلى إنكارها واختلف عن أبي ذر وذهب جماعة إلى إثباتها وحكى عبد الرزاق عن معمر عن الحسن أنه حلف أن محمدا رأى ربه وأخرج بن خزيمة عن عروة بن الزبير إثباتها وكان يشتد عليه إذا ذكر له إنكار عائشة وبه قال سائر أصحاب بن عباس وجزم به كعب الاحبار والزهري وصاحبه معمر وآخرون وهو قول الاشعري وغالب أتباعه ثم اختلفوا هل رآه بعينه أو بقلبه وعن أحمد كالقولين قلت جاءت عن بن عباس أخبار مطلقة وأخرى مقيدة فيجب حمل مطلقها على مقيدها فمن ذلك ما أخرجه النسائي بإسناد صحيح وصححه الحاكم أيضا من طريق عكرمة عن بن عباس قال أتعجبون أن تكون الخلة لابراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد وأخرجه بن خزيمة بلفظ إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة الحديث وأخرج بن إسحاق من طريق عبد الله بن أبي سلمة أن بن عمر أرسل إلى بن عباس هل رأى محمد ربه فأرسل إليه أن نعم ومنها ما أخرجه مسلم من طريق أبي العالية عن بن عباس في قوله تعالى ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآه نزلة أخرى قال رأى ربه بفؤاده مرتين وله من طريق عطاء عن بن عباس قال رآه بقلبه وأصرح من ذلك
[ 468 ]
ما أخرجه بن مردويه من طريق عطاء أيضا عن بن عباس قال لم يره رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينه إنما رآه بقلبه وعلى هذا فيمكن الجمع بين إثبات بن عباس ونفي عائشة بأن يحمل نفيها على رؤية البصر وإثباته على رؤية القلب ثم المراد برؤية الفؤاد رؤية القلب لا مجرد حصول العلم لانه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالله على الدوام بل مراد من أثبت له أنه رآه بقلبه أن الرؤية التي حصلت له خلقت في قلبه كما يخلق الرؤية بالعين لغيره والرؤيه لا يشترط لها شئ مخصوص عقلا ولو جرت العادة بخلقها في العين وروى بن خزيمة بإسناد قوي عن أنس قال رأى محمد ربه وعند مسلم من حديث أبي ذر أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال نور أني أراه ولاحمد عنه قال رأيت نورا ولابن خزيمة عنه قال رآه بقلبه ولم يره بعينه وبهذا يتبين مراد أبي ذر بذكره النور أي النور حال بين رؤيته له ببصره وقد رجح القرطبي في المفهم قول الوقف في هذه المسألة وعزاه لجماعة من المحققين وقواه بأنه ليس في الباب دليل قاطع وغاية ما استدل به للطائفتين ظواهر متعارضة قابلة للتأويل قال وليست المسألة من العمليات فيكتفي فيها بالادلة الظنية وإنما هي من المعتقدات فلا يكتفي فيها إلا بالدليل القطعي وجنح بن خزيمة في كتاب التوحيد إلى ترجيح الاثبات وأطنب في الاستدلال له بما يطول ذكره وحمل ما ورد عن بن عباس على أن الرؤيا وقعت مرتين مرة بعينه ومرة بقلبه وفيما أوردته من ذلك مقنع وممن أثبت الرؤية لنبينا صلى الله عليه وسلم الامام أحمد فروى الخلال في كتاب السنة عن المروزي قلت لاحمد إنهم يقولون إن عائشة قالت من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية فبأشئ يدفع قولها قال بقول النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ربي قول النبي صلى الله عليه وسلم أكبر من قولها وقد أنكر صاحب الهدى على من زعم أن أحمد قال رأى ربه بعيني رأسه قال وإنما قال مرة رأى محمد ربه وقال مرة بفؤاده وحكى عنه بعض المتأخرين رآه بعيني رأسه وهذا من تصرف الحاكي فإن نصوصه موجودة ثم قال ينبغي أن يعلم الفرق بين قولهم كان الاسراء مناما وبين قولهم كان بروحه دون جسده فإن بينهما فرقا فإن الذي يراه النائم قد يكون حقيقة بأن تصعد الروح مثلا إلى السماء وقد يكون من ضرب المثل أن يرى النائم ذلك وروحه لم تصعد أصلا فيحتمل من قال أسرى بروحه ولم يصعد جسده أراد أن روحه عرج بها حقيقة فصعدت ثم رجعت وجسده باق في مكانه خرقا للعادة كما أنه في تلك الليلة شق صدره والتأم وهو حي يقظان لا يجد بذلك ألما انتهى وظاهر الاخبار الواردة في الاسراء تأبى الحمل على ذلك بل أسرى بجسده وروحه وعرج بهما حقيقة في اليقظة لا مناما ولا استغراقا والله أعلم وأنكر صاحب الهدى أيضا على من زعم أن الاسراء تعدد واستند إلى استبعاد أن يتكرر قوله ففرض عليه خمسين صلاة وطلب التخفيف إلى آخر القصة فإن دعوى التعدد تستلزم أن قوله تعالى أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي أن فرضية الخمسين وقعت بعد أن وقع التخفيف ثم وقع سؤال التخفيف والاجابة إليه وأعيد أمضيت فريضتي إلى آخره انتهى وما أظن أحدا ممن قال بالتعدد يلتزم إعادة مثل ذلك يقظة بل يجوز وقوع مثل ذلك مناما ثم وجوده يقظة كما في قصة المبعث وقد تقدم تقريرها ويجوز تكرير إنشاء الرؤية ولا تبعد العادة تكرير وقوعه كاستفتاح السماء وقول كل نبي ما نسب إليه بل الذي يظن أنه تكرر مثل حديث أنس رفعه بينما أنا قاعد إذ جاء جبريل فوكز بين كتفي فقمت إلى شجرة
[ 469 ]
فيها مثل وكري الطائر فقعدت في أحدهما وقعد جبريل في الاخرى فسمت وارتفعت حتى سدت الخافقين وأنا أقلب طرفي ولو شئت أن أمس السماء لمسست فالتفت إلى جبريل كأنه جلس لاجلي وفتح بابا من أبواب السماء فرأيت النور الاعظم وإذا دونه الحجاب وفوقه الدر والياقوت فأوحى إلى عبده ما أوحى أخرجه البزار وقال تفرد به الحارث بن عمير وكان بصريا مشهورا قلت وهو من رجال البخاري قوله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب هو دليل ثان استدلت به عائشة على ما ذهبت إليه من نفي الرؤية وتقريره أنه سبحانه وتعالى حصر تكليمه لغيره في ثلاثة أوجه وهي الوحي بان يلقى في روعه ما يشاء أو يكلمه بواسطة من وراء حجاب أو يرسل إليه رسولا فيبلغه عنه فيستلزم ذلك انتفاء الرؤية عنه حالة التكلم والجواب أن ذلك لا يستلزم نفي الرؤية مطلقا قاله القرطبي قال وعامة ما يقتضي نفي تكليم الله على غير هذه الاحوال الثلاثة فيجوز أن التكليم لم يقع حالة الرؤية قوله ومن حدثك أنه يعلم ما في غد فقد كذب ثم قرأت وما تدري نفس ماذا تكسب غدا الخ تقدم شرح ذلك واضحا في تفسير سورة لقمان قوله ومن حدثك أنه كنتم فقد كذب ثم قرأت يا أيها الرسول بلغ الآية يأتي شرحه في كتاب التوحيد قوله ولكن رأى جبريل في صورته مرتين في رواية الكشميهني ولكنه وهذا جواب عن أصل السؤال الذي سأل عنه مسروق كما تقدم بيانه وهو قوله ما كذب الفؤاد ما رأى وقوله ولقد رآه نزلة أخرى ولمسلم من وجه آخر عن مسروق أنه أتاه في هذه المرة في صورته التي هي صورته فسد أفق السماء وله في رواية داود بن أبي هند رأيته منهبطا من السماء سادا عظم خلقه ما بين السماء والارض وللنسائي من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود أبصر جبريل ولم يبصر ربه (0) قوله باب فكان قاب قوسين أو أدنى حيث الوتر من القوس تقدم هذا التفسير قريبا عن مجاهد وثبتت هذه الترجمة لابي ذر وحده وهي عند الاسماعيلي أيضا والقاب ما بين القبضة والسية من القوس قال الواحدي هذا قول جمهور المفسرين أن المراد القوس التي يرمي بها قال وقيل المراد بها الذراع لانه يقاس بها الشئ قلت وينبغي أن يكون هذا القول هو الراجح فقد أخرج بن مردويه بإسناد صحيح عن بن عباس قال ألقاب القدر والقوسين الذراعان ويؤيده أنه لو كان المراد به القوس التي يرمي بها لم يمثل بذلك ليحتاج إلى التثنية فكان يقال مثلا قاب رمح أو نحو ذلك وقد قيل إنه على القلب والمراد فكأن قابي قوس لان ألقاب ما بين المقبض إلى السية فلكل قوس قابان بالنسبة إلى خالفته وقوله أو أدنى أي أقرب قال الزجاج خاطب الله العرب بما ألفوا والمعنى فيما تقدرون أنتم عليه والله تعالى عالم بالاشياء على ما هي عليه لا تردد عنده وقيل أو بمعنى بل والتقرير بل هو أقرب من القدر المذكور وسيأتي بيان الاختلاف في معنى قوله فتدلى في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى (4575) قوله حدثنا عبد الواحد هو بن زياد وسليمان هو الشيباني وزر هو بن حبيش قوله عن عبد الله فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى قال حدثنا بن مسعود أنه رأى جبريل هكذا أورده والمراد بقوله عن عبد الله وهو بن مسعود أنه قال في تفسير هاتين الآيتين ما سأذكره ثم استأنف فقال حدثنا بن مسعود وليس المراد أن بن مسعود حدث عبد الله كما هو ظاهر السياق بل عبد الله هو بن مسعود وقد أخرجه في الباب الذي يليه من وجه آخر عن الشيباني فقال سألت زرا عن قوله فذكره ولا إشكال في
[ 470 ]
سياقه وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريق سليمان بن داود الهاشمي عن عبد الواحد بن زياد عن الشيباني قال سألت زر بن حبيش عن قول الله فكان قاب قوسين أو أدنى فقال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره (0) قوله باب قوله تعالى فأوحى إلى عبده ما أوحى ثبتت هذه الترجمة لابي ذر وحده وهي عند الاسماعيلي أيضا وأورد فيه حديث بن مسعود المذكور في الذي قبله (4576) قوله أنه محمد الضمير للعبد المذكور في قوله تعالى إلى عبده ووقع عند أبي ذر أ محمدا رأى جبريل وهذا أوضح في المراد والحاصل أن بن مسعود كان يذهب في ذلك إلى أن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل كما ذهبت إلى ذلك عائشة والتقدير على رأيه فأوحى أي جبريل إلى عبدة أي عبد الله محمد لانه يرى أن الذي دنافتدلى هو جبريل وأنه هو الذي أوحى إلى محمد وكلام أكثر المفسرين من السلف يدل على أن الذي أوحى هو الله أوحى إلى عبدة محمد ومنهم من قال إلى جبريل قوله له ستمائة جناح زاد عاصم عن زر في هذا الحديث يتناثر من ريشه التهاويل من الدر والياقوت أخرجه النسائي وابن مردويه ولفظ النسائي يتناثر منها تهاويل الدر والياقوت (0) قوله باب لقد رأى من آيات ربه الكبرى ثبتت هذه الترجمة لابي ذر والاسماعيلي واختلف في الآيات المذكورة فقيل المراد بها جميع ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الاسراء وحديث الباب يدل على أن المراد صفة جبريل (4577) قوله عن عبد الله بن مسعود لقد رأى أي في تفسير هذه الآية قوله رأى رفرفا أخضر قد سد الافق هذا ظاهره يغاير التفسير السابق أنه رأى جبريل ولكن يوضح المراد ما أخرجه النسائي والحاكم من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود قال أبصر نبي الله صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على رفرف قد ملا ما بين السماء والارض فيجتمع من الحديثين أن الموصوف جبريل والصفة التي كان عليها وقد وقع في رواية محمد بن فضيل عند الاسماعيلي وفي رواية بن عيينة عند النسائي كلاهما عن الشيباني عن زر عن عبد الله أنه رأى جبريل له ستمائة جناح قد سد الافق والمراد أن الذي سد الافق الرفرف الذي فيه جبريل فنسب جبريل إلى سد الافق مجازا وفي رواية أحمد والترمذي وصححها من طريق عبد الرحمن بن يزيد عن بن مسعود رأى جبريل في حلة من رفرف قد مللا ما بين السماء والارض وبهذه الرواية يعرف المراد بالرفرف وأنه حلة ويؤيده قوله تعالى متكئين على رفرف وأصل الرفرف ما كان من الديباج رقيقا حسن الصنعة ثم اشتهر استعماله في الستر وكل ما فضل من شئ فعطف وثنى فهو رفرف ويقال رفرف الطائر بجناحيه إذا بسطهما وقال بعض الشراح يحتمل أن يكون جبريل بسط أجنحته فصارت تشبه الرفرف كذا قال والرواية التي أوردتها توضح المراد (0) قوله باب أفرأيتم اللات والعزى ذكر فيه حديثين أحدهما حديث بن عباس وأبو الاشهب المذكور في الاسناد هو جعفر بن حيان وأبو الجوزاء بالجيم الزاي هو أوس بن عبد الله والاسناد كله بصريون قوله في قوله اللات والعزى كان اللات رجلا يلت سويق الحاج سقط في قوله لغير أبي ذر وهذا موقوف على بن عباس قال الاسماعيلي هذا التفسير على قراءة من قرأ اللات بتشديد التاء قلت وليس ذلك بلازم بل يحتمل أن يكون هذا أصله وخفف لكثرة الاستعمال والجمهور على القراءة بالتخفيف وقد روى التشديد عن قراءة بن عباس وجماعة من أتباعه ورويت عن بن
[ 471 ]
كثير أيضا والمشهور عنه التخفيف كالجمهور وأخرج بن أبي حاتم من طريق عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن بن عباس ولفظه فيه زيادة كان يلت السويق على الحجر فيشرب منه أحد إلا سمن فعبدوه واختلف في اسم هذا الرجل فروى الفاكهي من طريق مجاهد قال كان رجل في الجاهلية على صخرة بالطائف وعليها له غنم فكان يسلو من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والاقط فيجعل منه حيسا ويطعم من يمر به من الناس فلما مات عبدوه وكان مجاهد يقرأ اللات مشددة ومن طريق بن جريج نحوه قال وزعم بعض الناس أنه عامر بن الظرب انتهى وهو بفتح الظاء المشالة وكسر الراء ثم موحدة وهو العدواني بضم المهملة وسكون الدال وكان حكم العرب في زمانه وفيه يقول شاعرهم ومنا حكم يقضي ولا ينقض ما يقضي وحكى السهيلي أنه عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس بن مضر قال ويقال هو عمرو بن لحي وهو ربيعة بن حارثة وهو والد خزاعة انتهى وحرف بعض الشراح كلام السهيلي وظن أن ربيعة بن حارثة قول آخر في اسم اللات وليس كذلك وإنما ربيعة بن حارثة اسم لحي فيما قيل والصحيح أن اللات غير عمرو بن لحي فقد أخرج الفاكهي من وجه آخر عن بن عباس أن اللات لما مات قال لهم عمرو بن لحي إنه لم يمت ولكنه دخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتا وقد تقدم في مناقب قريش أن عمرو بن لحي هو الذي حمل العرب على عبادة الاصنام وهو يؤيد هذه الرواية وحكى بن الكلبي أن اسمه صرمة بن غنم وكانت اللات بالطائف وقيل بنخلة وقيل بعكاظ والاول أصح وقد أخرجه الفاكهي أيضا من طريق مقسم عن بن عباس قال هشام بن الكلبي كانت مناة أقدم من اللات فهدمها علي عام الفتح بأمر النبي صلى الله عليه وسلم وكانت اللات أحدث من مناة فهدمها المغيرة بن شعبة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لما أسلمت ثقيف وكانت العزي أحدث من اللات وكان الذي اتخذه ظالم بن سعد بوادي نخلة فوق ذات عرق فهدمها خالد بن الوليد بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح الحديث الثاني (4579) قوله فقال في حلفه أي في يمينه وعند النسائي وابن ماجة وصححه بن حبان من حديث سعد بن أبي وقاص ما يشبه أن يكون سببا لحديث الباب فأخرجوا من طريق مصعب بن سعد عن أبيه فقال كنا حديث عهد بجاهلية فحلفت باللات والعزى فقال لي أصحابي بئس ما قلت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحديث قال الخطابي اليمين إنما تكون بالمعبود المعظم فإذا حلف باللات ونحوها فقد ضاهى الكفار فأمر أن يتدارك بكلمة التوحيد وقال بن العربي من حلف بها جادا فهو كافر ومن قالها جاهلا أو ذاهلا يقول لا إله إلا الله يكفر الله عنه ويرد قلبه عن السهو إلى الذكر ولسانه إلى الحق وينفي عنه ما جرى به من اللغو قوله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فيتصدق قال الخطابي أي بالمال الذي كان يريد أن يقامر به وقيل بصدقة ما لتكفر عنه القول الذي جرى على لسانه قال النووي وهذا هو الصواب وعليه يدل ما في رواية مسلم فليتصدق بشئ وزعم بعض الحنفية أنه يلزمه كفارة يمين وفيه ما فيه قال عياض في هذا الحديث حجة للجمهور أن العزم على المعصية إذا استقر في القلب كان ذنبا يكتب عليه بخلاف الخاطر الذي لا يستمر قلت ولا أدري من أين أخذ ذلك مع التصريح في الحديث بصدور القول حيث نطق بقوله تعال أقامرك فدعاه إلى المعصية والقمار حرام باتفاق فالدعاء إلى فعله حرام فليس هنا عزم مجرد وسيأتي بقية شرحه في كتاب الايمان
[ 472 ]
والنذور ووقع الالمام بمسألة العزم في أواخر الرقاق في شرح حديث من هم بحسنة (0) قوله ومناة الثالثة الاخرى سقط باب لغير أبي ذر وقتقدم شرح مناة في سورة البقرة وقرأ بن كثير وابن محيصن مناءة بالمد والهمز (4580) قوله قلت لعائشة رضي الله عنها فقالت كذا أورده مختصرا وتقدم في تفسير البقرة بيان ما قال وأنه سأل عن وجوب السعي بين الصفا والمروة مع قوله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية وجواب عائشة له وفيه قولها إلى آخره قوله من اهل المناة أي لاجل مناة وفي رواية غير أبي ذر بمناة بالموحدة بدل اللام أي أهل عندها أو أهل باسمها قوله قال سفيان مناة بالمشلل بفتح المعجمة واللام الثقيلة ثم لام ثانية وهو موضع من قديد من ناحية البحر وهو الجبل الذي يهبط منه إليها قوله من قديد بالقاف والمهملة مصغر هو مكان معروف بين مكة والمدينة قوله وقال عبد الرحمن بن خالد أي بن مسافر عن بن شهاب هو الزهري وصله الذهلي والطحاوي من طريق عبد الله بن صالح عن الليث عن عبد الرحمن بطوله قوله نزلت في الانصار كانوا هم وغسان قبل أن يسلموا يهلون لمناة مثله أي مثل حديث بن عيينة الذي قبله وأخرج الفاكهي من طريق بن إسحاق قال نصب عمرو بن لحي مناة على ساحل البحر مما يلي قديد يحجونها ويعظمونها إذا طافوا بالبيت وأفاضوا من عرفات وفرغوا من مني أتوا مناة فأهلوا لها فمن أهل لها لم يطف بين الصفا والمروة قوله وقال معمر الخ وصله الطبري عن الحسن بن يحيى عن عبد الرزاق مطولا وقد تقدم الحديث بطوله من وجه آخر عن الزهري في كتاب الحج قوله صنم بين مكة والمدينة قد تقدم بيان مكانه وهو بين مكة والمدينة كما قال قوله تعظيما لمناة نحوه بقيته عند الطبري فهل علينا من حرج أن نطوف بهما الحديث وفيه قال الزهري فذكرت ذلك لابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فذكر حديثه عن رجال من أهل العلم وفي آخره نزلت في الفريقين كليهما من طاف ومن لم يطف (0) صلى الله عليه وسلم قوله باب فاسجدوا لله واعبدوا في رواية الاصيلي واسجدوا وهو غلط (4581) قوله سجد النبي صلى الله عليه وسلم بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والانس تابعه بن طهمان عن أيوب في رواية أبي ذر إبراهيم بن طهمان قوله ولم يذكر بن علية بن عباس أما متابعة إبراهيم بن طهمان فوصلها الاسماعيلي من طريق حفص بن عبد الله النيسابوري عنه بلفظ أنه قال حين نزلت السورة التي يذكر فيها النجم سجد لها الانس والجن وقد تقدم ذكرها في سجود التلاوة وأما حديث بن علية فالمراد به أنه حدث به عن أيوب فأرسله وأخرجه بن أبي شيبة عنه وهو مرسل وليس ذلك بقادح لاتفاق ثقتين عن أيوب على وصله وهما عبد الوارث وإبراهيم بن طهمان قوله والجن والانس إنما أعاد الجن والانس مع دخولهم في المسلمين لنفي توهم اختصاص ذلك بالانس وسأذكر ما فيه في الكلام على الحديث الذي بعده قال الكرماني سجد المشركون مع المسلمين لانها أول سجدة نزلت فأرادوا معارضة المسلمين بالسجود لمعبودهم أو وقع ذلك منهم بلا قصد أو خافوا في ذلك المجلس من مخالفتهم قلت والاحتمالات الثلاثة فيها نظر والاول منها لعياض والثاني يخالفه سياق بن مسعود حيث زاد فيه أن الذي استثناه منهم أخذ كفا من حصى فوضع جبهته عليه فإن ذلك ظاهر في القصد والثالث أبعد إذ المسلمون حينئذ هم الذين كانوا خائفين من المشركين لا العكس قال وما قيل من أن ذلك بسبب إلقاء الشيطان في أثناء قراءة رسول الله
[ 473 ]
صلى الله عليه وسلم لا صحة له عقلا ولا نقلا انتهى ومن تأمل ما أوردته من ذلك في تفسير سورة الحج عرف وجه الصواب في هذه المسألة بحمد الله تعالى قوله عن عبد الله هو بن مسعود وأبو أحمد المذكور في إسناده هو محمد بن عبد الله بن الزبير الزبيري (4582) قوله أول سورة أنزلت فيها سجدة والنجم قال فسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لما فرغ من قراءتها وقد قدمت في تفسير الحج من حديث بن عباس بيان ذلك والسبب فيه ووقع في رواية زكريا عن أبي إسحاق في أول هذا الحديث إن أول سورة استعلن بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ على الناس النجم وله من رواية زهير بن معاوية أول سورة قرأها على الناس النجم قوله الا رجلا في رواية شعبة في سجود القرآن فما بقاأحد من القوم إلا سجد فأخذ رجل من القوم كفا من حصى وهذا ظاهره تعميم سجودهم لكن روى النسائي بإسناد صحيح عن المطلب بن أبي وداعة قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم بمكة والنجم فسجد وسجد من عنده وأبيت أن أسجد ولم يكن يومئذ أسلم قال المطلب فلا أدع السجود فيها أبدا فيحمل تعميم بن مسعود على أنه بالنسبة إلى من اطلع عليه قوله كفا من تراب في رواية شعبة كفا من حصى أو تراب قوله فسجد عليه في رواية شعبة فرفعه إلى وجهه فقال يكفينيي هذا قوله فرأيته بعد ذلك قتل كافرا في رواية شعبة قال عبد الله بن مسعود فلقد رأيته بعد قتل كافرا قوله وهو أمية بن خلف لم يقع ذلك في رواية شعبة وقد وافق إسرائيل على تسميته زكريا بن أبي زائدة عن أبي إسحاق عند الاسماعيلي وهذا هو المعتمد وعند بن سعد أن الذي لم يسجد هو الوليد بن المغيرة قال وقيل سعيد بن العاص بن أمية قال وقال بعضهم كلاهما جميعا وجزم بن بطال في باب سجود القرآن بأنه الوليد وهو عجيب منه مع التصريح بأن أمية بن خلف ولم يقتل ببدر كافرا من الذين سموا عنده غيره ووقع في تفسير بن حبان أنه أبو لهب وفي شرح الاحكام لابن بزيزة أنه منافق ورد بان القصة وقعت بمكة بلا خلاف ولم يكن النفاق ظهر بعد وقد جزم الواقدي بأنها كانت في رمضان سنة خمس وكانت المهاجرة الاولى إلى الحبشة خرجت في شهر رجب فلما بلغهم ذلك رجعوا فوجد وهم على حالهم من الكفر فهاجروا الثانية ويحتمل أن يكون الاربعة لم يسجدوا والتعميم في كلام بن مسعود بالنسبة إلى ما اطلع عليه كما قلته في المطلب لكن لا يفسر الذي في حديث بن مسعود إلا بأمية لما ذكرته والله أعلم (0) بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر ولغيره اقتربت الساعة حسب وتسمى أيضا سورة القمر قوله وقال مجاهد مستمر ذاهب وصله الفريابي من طريقه ولفظه في قوله اقتربت الساعة وانشق القمر قال رأوه منشقا فقالوا هذا سحر ذاهب وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس فذكر الحديث المرفوع وفي آخره تلا الآية إلى قوله سحر مستمر قال يقول ذاهب ومعنى ذاهب أي سيذهب ويبطل وقيل سائر قوله مزدجر متناهي وصله الفريابي بلفظه عن مجاهد في قوله ولقد جاءهم من الانباء ما فيه مزدجر قال هذا القرآن ومن طريق عمر بن عبد العزيز قال أحل فيه الحلال وحرم فيه الحرام وقوله متناهى بصيغة الفاعل أي غاية في الزجر لا مزيد عليه قوله وازدجر استطير جنونا وصله الفريابي بلفظه عن مجاهد فيكون من كلامهم معطوفا على قولهم مجنون وقيل هو من خبر
[ 474 ]
الله عن فعلهم أنهم زجروه قوله دسر أضلاع السفينة وصله الفريابي بلفظه من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد وروى بن المنذر وإبراهيم الحربي في الغريب من طريق حصين عن مجاهد عن بن عباس قال الالواح ألواح السفينة والدسر معاريضها التي تشبها السفينة ومن طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله ودسر قال المسامير وبهذا جزم أبو عبيدة وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة الالواح مقاذيف السفينة والدسر دسرت بمسامير قوله لمن كان كفر يقول كفر له جزاء من الله وصله الفريابي بلفظ لمن كان كفر بالله وهو يشعر بأنه قرأها كفر بفتحتين على البناء للفاعل وسيأتي توجيه الاول قوله محتضر يحضرون الماء وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظ يحضرون الماء إذا غابت الناقة قوله وقال بن جبير مهطعين النسلان الخبب السراع وصله بن أبي حاتم من طريق شريك عن سالم الافطس عن سعيد بن جبير في قوله مهطعين إلى الداع قال هو النسلان وقد تقدم ضبط النسلان في تفسير الصافات وقوله الخبب بفتح المعجمة والموحدة بعدها أخرى تفسير النسلان والسراع تأكيد له وروى بن المنذر من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله مهطعين قال ناظرين وقال أبو عبيدة المهطع المسرع قوله وقال غيره فعاطى بيده فعقرها في رواية غير أبي ذر فعاطها قال بن التين لا أعلم لقوله فعاطها وجها إلا أن يكون من المقلوب لان العطو التناول فكأنه قال تناولها بيده قلت ويؤيده ما روى بن المنذر من طريق مجاهد عن بن عباس فتعاطى فعقر تناول فعقر قوله المحتظر كحظار من الشجر محترق وصله بن المنذر من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس مثله ومن طريق سعيد بن جبير قال التراب يسقط من الحائط وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله كهشيم المحتظر قال كرماد محترق وروى الطبري من طريق زيد بن أسلم قال كانت العرب تجعل حظارا على الابل والمواشي من يبس الشوك فهو المراد من قوله كهشيم المحتظر وروى الطبري من طريق سعيد بن جبير قال هو التراب المتناثر من الحائط تنبيه حظار بكسر المهملة وبفتحها والظاء المشالة خفيفة قوله وازدجر افتعل من زجرت هو قول الفراء وزاد بعده صارت تاء الافتعال فيه دالا قوله كفر فعلنا به وبهم ما فعلنا جزاء لما صنع بنوح وأصحابه هو كلام الفراء بلفظه وزاد يقول أغرقوا لنوح أي لاجل نوح وكفر أي أجحد ومحصل الكلام أن الذي وقع بهم من الغرق كان جزاء لنوح وهو الذي كفر أي جحد وكذب فجوزي بذلك لصبره عليهم وقد قرأ حميد الاعرج جزاء لمن كان كفر بفتحتين فاللام في لمن على هذا لقوم نوح قوله مستقر عذاب حق هو قول الفراء وعند بن أبي حاتم بمعناه عن السدي وعند عبد بن حميد عن قتادة في قوله عذاب مستقر استقر بهم إلى نار جهنم ولابن أبي حاتم من طريق مجاهد قال وكل أمر مستقر قال يوم القيامة ومن طريق بن جريج قال مستقر بأهله قوله ويقال الاشر المرح والتجبر قال أبو عبيدة في قوله سيعلمون غدا من الكذاب الاشر قال الاشر المرح والتجبر وربما كان من النشاط وهذا على قراءة الجمهور وقرأ أبو جعفر بفتح المعجمة وتشديد الراء أفعل تفضيل من الشر وفي الشواذ قراءة أخرى والمراد بقوله غدا يوم القيامة (0) قوله باب وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر ثم ذكر حديث انشقاق القمر من وجهين عن بن مسعود وفيه فرقتين
[ 475 ]
ومن حديث بن عباس انشق القمر في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وبكر فيه هو بن مضر وجعفر هو بن ربيع ومن حديث أنس سأل أهل مكة أن يريهم آية وقد تقدم شرحه ومن وجه آخر عن أنس انشق القمر فرقتين وقد تقدم الكلام عليه مستوفى في أوائل السيرة النبوية (0) (0) قوله باب تجري بأعيننا جزاء لمن كان كفر زاد غير أبي ذر الآية التي بعدها وهي التي تناسب قول قتادة المذكور فيه قوله قال قتادة أبقى الله سفينة نوح حتى أدركها أوائل هذه الامة وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بلفظه وزاد على الجردي وأخرج بن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة قال أبقى الله السفينة في أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظر إليها أوائل هذه الامة نظرا وكم من سفينة بعدها فصارت رمادا قوله عن الاسود في الرواية التي بعده ما يدل على سماع أبي إسحاق له منه قوله أنه كان يقرأ فهل من مدكر أي بالدال المهملة وسبب ذكر ذلك أن بعض السلف قرأها بالمعجمة وهو منقول أيضا عن قتادة ثم ذكر المصنف لهذا الحديث خمس تراجم في كل ترجمة آية من هذه السورة ومدار الجميع على أبي إسحاق عن الاسود بن يزيد وساق في الجميع الحديث المذكور ليبين أن لفظ مدكر في الجميع واحد وقد تكرر في هذه السورة قوله فهل من مدكر بحسب تكرر القصص من أخبار الامم استدعاء لافهام السامعين ليعتبروا وقال في الاولى وقال مجاهد يسرنا هونا قراءته وقال في الثانية عن أبي إسحاق أنه سمع رجلا سأل الاسود فهل من مدكر أو مذكر أي بمعجمة أو مهملة فذكر الحديث وفي آخره دالا أي مهملة ولفظ الثالث والرابع كالاول ولفظ الخامس عن عبد الله قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم فهل من مذكر أي بالمعجمة فقال فهل من مدكر أي بالمهملة وأثر مجاهد وصله الفريابي وسيأتي في التوحيد وقوله مدكر أصله متذكر بمثناة بعد ذال معجمة فأبدلت التاء دالا مهملة ثم أهملت المعجمة لمقاربتها ثم أدغمت وقوله في الطريق الرابع حدثنا محمد حدثنا غندر كذا وقع محمد غير منسوب وهو بن المثنى أو بن بشار أو بن الوليد البسري وقد أخرجه الاسماعيل من رواية محمد بن بشار بندار وقوله في الخامسة حدثنا يحيى هو بن موسى (0) قوله سيهزم الجمع ويولون الدبر (0) قوله باب قوله سيهزم الجمع الآية ذكر فيه حديث بن عباس في قصة بدر وقد تقدم بيانه في المغازي وقوله (4594) حدثنا محمد بن حوشب هو محمد بن عبد الله نسب لجده وثبت كذلك لغير أبي ذر وقوله ح وحدثني محمد حدثنا عفان بن مسلم كذا للاكثر ومحمد هو الذهلي وسقط لابن السكن
[ 476 ]
فصار عن البخاري حدثنا عفان تنبيه هذا من مرسلات بن عباس لانه لم يحضر القصة وقد روى عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن عكرمة أن عمر قال لما نزلت سيهزم الجمع ويولون الدبر جعلت أقول أي جمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع الآية فكأن بن عباس حمل ذلك عن عمر وكأن عكرمة حمله عن بن عباس عن عمر وقد أخرج مسلم من طريق سماك بن الوليد عن بن عباس حدثني عمر ببعضه (0) قوله بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر يعني من المرارة (0) قوله باب قوله بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر يعني من المرارة هو قول الفراء قال في هذه الآية معناه أشد عليهم من عذاب يوم بدر وأمر من المرارة (4595) قوله يوسف بن ماهك تقدم ذكره قريبا في سورة الاحقاف قوله اني عند عائشة أم المؤمنين قالت لقد نزل على محمد كذا ذكره هنا مختصرا وفيه قصة حذفها وسيأتي مطولا في فضائل القرآن إن شاء الله تعالى ثم ذكر فيه حديث بن عباس المذكور في الباب الذي قبله وإسحاق شيخه فيه هو بن شاهين وخالد الاول هو الطحان والذي فوقه هو خالد الحذاء (0) قوله سورة الرحمن كذا لهم زاد أبو ذر البسملة والاكثر عدوا الرحمن آية وقالوا هو خبر مبتدأ محذوف أو مبتدأ محذوف الخبر وقيل تمام الآية علم القرآن وهو الخبر قوله وقال مجاهد بحسبان كحسبان الرحى ثبت هذا لابي ذر وحده وقد تقدم في بدء الخلق بأبسط منه قوله وقال غيره وأقيموا الوزن يربد لسان الميزان سقط وقال غيره لغير أبي ذر وهذا كلام الفراء بلفظه وقد أخرج بن أبي حاتم من طريق أبي المغيرة قال رأى بن عباس رجلا يزن قد أرجح فقال أقم اللسان كما قال الله تعالى وأقيموا الوزن بالقسط وأخرج بن المنذر من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد قال وأقيموا الوزن بالقسط قال اللسان قوله والعصف بقل الزرع إذا قطع منه شئ قبل أن يدرك فذلك العصف والريحان رزقه والحب الذي يؤكل منه والريحان في كلام العرب الرزق هو كلام الفراء أيضا لكن ملخصا ولفظه العصف فيما ذكروا بقل الزرع لان العرب تقول خرجنا نعصف الزرع إذا قطعوا منه شيئا قبل أن يدرك والباقي مثله لكن قال والريحان رزقه وهو الحب الخ وزاد في آخره قال ويقولون خرجنا نطلب ريحان الله وأخرج الطبري من طريق العوفي عن بن عباس قال العصف ورق الزرع الاخضر الذي قطعوا رؤوسه فهو يسمى العصف إذا يبس ولابن أبي حاتم من وجه آخر عن بن عباس العصف أول ما يخرج الزرع بقلا قوله وقال بعضهم العصف يريد المأكول من الحب والريحان النضيج الذي لم يؤكل هو بقية كلام الفراء بلفظه ولابن أبي حاتم من طريق الضحاك قال العصف البر والشعير ومن طريق سعيد بن جبير عن بن عباس قال الريحان حين يستوي الزرع على سوقه ولم يسنبل قوله وقال غيره العصف ورق الحنطة كذا لابي ذر وفي رواية غيره وقال مجاهد العصف ورق الحنطة والريحان الرزق وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عنه مفرقا قال العصف ورق الحنطة والريحان الرزق قوله وقال الضحاك العصف التبن وصله بن المنذر من طريق الضحاك بن مزاحم أخرجه بن أبي حاتم من
[ 477 ]
طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس مثله وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله قوله وقال أبو مالك العصف أول ما ينبت تسمية النبط هبورا وصله عبد بن حميد من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي مالك بهذا وأبو مالك هو الغفاري كوفي تابعي ثقة قال أبو زرعة لا يعرف اسمه وقال غيره اسمه غزوان بمعجمتين وليس له في البخاري إلا هذا الموضع والنبط بفتح النون والموحدة ثم طاء مهملة هم أهل الفلاحة من الاعاجم وكانت أماكنهم بسواد العراق والبطائح وأكثر ما يطلق على أهل الفلاحة ولهم فيها معارف اختصوا بها وقد جمع أحمد بن وحشية في كتاب الفلاحة من ذلك أشياء عجيبة وقوله هبورا بفتح الهاء وضم الموحدة الخفيفة وسكون الواو بعدها راء هو دقاق الزرع بالنبطية وقد قال بن عباس في قوله تعالى كعصف مأكول قال هو الهبور تنبيه قرأ الجمهور والريحان بالضم عطفا على الحب وقرأ حمزة والكسائي بالخفض عطفا على العصف وذكر الفراء أن هذه الآية فمصاحف أهل الشام والحب ذا العصف بعد الذال المعجمة ألف قال ولم أسمع أحدا قرأ بها وأثبت غيره أنها قراءة بن عامر بل المنقول عن بن عامر نصب الثلاثة الحب وذا العصف والريحان فقيل عطف على الارض لان معنى وضعها جعلها فالتقدير وجعل الحب الخ أو نصبه بخلق مضمرة قال الفراء ونظير ما وقع في هذا الموضع ما وقع في مصاحف أهل الكوفة والجار ذا القربى والجار الجنب قال ولم يقرأ بها أيضا أحد انتهى وكأنه نفي المشهور وإلا فقد قرئ بها أيضا في الشواذ قوله والمارج اللهب الاصفر والاخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت وصله الفريابي من طريق مجاهد بهذا الاسناد وسيأتي له تفسير آخر قوله وقال بعضهم عن مجاهد رب المشرقين الخ وصله الفريابي أيضا وأخرج بن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة وسعيد بن منصور من طريق أبي ظبيان كلاهما عن بن عباس قال للشمس مطلع في الشتاء ومغرب ومطلع في الصيف ومغرب وأخرج عبد الرزاق من طريق عكرمة مثله وزاد قوله ورب المشارق والمغارب لها في كل يوم مشرق ومغرب ولابن أبي حاتم من وجه آخر عن بن عباس قال المشرقين مشرق الفجر ومشرق الشفق والمغربين مغرب الشمس ومغرب الشفق قوله لا يبغيان لا يختلطان وصله الفريابي من طريق مجاهد وأخرج بن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن بن عباس قال بينهما من البعد ما لا ينبغي كل واحد منهما على صاحبه وتقدير قوله على هذا يلتقيان أي أن يلتقيا وحذف أن سائغ وهو كقوله ومن آياته يريكم البرق وهذا يقوي قول من قال أن المراد بالبحرين بحر فارس وبحر الروم لان مسافة ما بينهما ممتدة والحلو وهو بحر النيل أو الفرات مثلا يصب في الملح فكيف يسوغ نفي اختلاطهما أو يقال بينهما بعد لكن قوله تعالى وهو الذي مرج البحري هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج يرد على هذا فلعل المراد بالبحرين في الموضعين مختلف ويؤيده قول بن عباس هنا قوله تعالى في هذا الموضع يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان فإن اللؤلؤ يخرج من بحر فارس والمرجان يخرج من بحر الروم وأما النيل فلا يخرج منه لا هذا ولا هذا وأجاب من قال المراد من الآيتين متحد والبحران هنا العذب والملح بأن معنى قوله منهما أي من أحدهما كما في قوله تعالى على رجل من القريتين وحذف المضاف سائغ وقيل بل قوله منهما على حاله والمعنى أنهما يخرجان من الملح في الموضع الذي يصل إليه العذب وهو معلوم عند الغواصين فكأنهما لما التقيا وصارا كالشئ الواحد قيل يخرج
[ 478 ]
منهما وقد اختلف في المراد بالمرجان فقيل هو المعروف بين الناس الآن وقيل اللؤلؤ كبار الجوهر والمرجان صغاره وقيل بالعكس وعلى هذا يكون المراد بحر فارس فإنه هو الذي يخرج منه اللؤلؤ والصدف يأوي إلى المكان الذي ينصب فيه الماء العذب كما تقدم والله أعلم قوله المنشآت ما رفع قلعه من السفن فأما ما لم يرفع قلعه فليس بمنشآت وصله الفريابي من طريق مجاهد بلفظه لكن قال منشأة بالافراد والقلع بكسر القاف وسكون اللام ويجوز فتحه ومنشآت بفتح الشين المعجمة في قراءة الجمهور اسم مفعول وقرأ حمزة وعاصم في رواية لابي بكر عنه بكسرها أي المنشئة هي للسير ونسبه ذلك إليها مجازية قوله وقال مجاهد كالفخار كما يصنع الفخار وصله الفريابي من طريقه قوله الشواظ لهب من نار تقدم في صفة النار من بدء الخلق وكذا تفسير النحاس قوله خاف مقام ربه يهم بالمعصية فيذكر الله عزوجل فيتركها وصله الفريابي وعبد الرزاق جميعا من طريق منصور عن مجاهد بلفظ إذا هم بمعصية يذكر مقام الله عليه فيتركها قوله مدهامتان سوداوان من الري وصله الفريابي وقد تقدم في بدء الخلق قوله صلصال طين خلط برمل فصلصل الخ تقدم في أول بدء الخلق وسقط لابي ذر هنا قوله فيهما فاكهة ونخل ورمان قال بعضهم ليس الرمان والنخل بالفاكهة وأما العرب فإنها تعدهما فاكهة كقوله عزوجل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى الخ قال شيخنا بن الملقن البعض المذكور هو أبو حنيفة وقال الكرماني قيل أراد به أبا حنيفة قلت بل نقل البخاري هذا الكلام من كلام الفراء ملخصا ولفظه قوله تعالى فيهما فاكهة ونخل ورمان قال بعض المفسرين ليس الرمان ولا النخل من الفاكهة قال وقد ذهبوا في ذلك مذهبا قلت فنسبه الفراء لبعض المفسرين وأشار إلى توجيهه ثم قال ولكن العرب تجعل ذلك فاكهة وإنما ذكرا بعد الفاكهة كقوله تعالى حافظوا على الصلوات والصلاة الخ والحاصل أنه من عطف الخاص على العام كما في المثالين اللذين ذكرهما واعترض بان قوله هنا فاكهة نكرة في سياق الاثبات فلا عموم وأجيب بأنها سيقت في مقام الامتنان فتعم أو المراد بالعام هنا ما كان شاملا لما ذكر بعده وقد وهم بعض من تكلم على البخاري فنسب البخاري للوهم وما علم أنه تبع في ذلك كلام إمام من أئمة اللسان العربي وقد وقع لصاحب الكشاف نحو ما وقع للفراء وهو من أئمة الفن البلاغي فقال فإن قلت لم عطف النخل والرمان على الفاكهة وهما منها قلت اختصاصا وبيانا لفا ضلهما كأنهما لما كان لهما من المزية جنسان آخران كقوله وجبريل وميكال بعد الملائكة قوله وقال غيره أفنان أغصان وجنى الجنتين دان ما يجتني قريب سقط هذا لابي ذرهناوقد تقدم في صفة الجنة قوله وقال الحسن فبأي آلاء نعمه وصله الطبري من طريق سهل السراج عن الحسن قوله وقال قتادة ربكما تكذبان يعني الجن والانس وصله بن أبي حاتم من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قوله وقال أبو الدرداء كل يوم هو في شأن يغفر ذنبا ويكشف كربا ويرفع قوما ويضع آخرين وصله المصنف في التاريخ وابن حبان في الصحيح وابن ماجة وابن أبي عاصم والطبراني عن أبي الدرداء مرفوعا وأخرجه البيهقي في الشعب من طريق أم الدرداء عن أبي الدرداء موقوفا وللمرفوع شاهد آخر عن بن عمر أخرجه البزار وآخر عن عبد الله بن منيب أخرجه الحسن بن سفيان والبزار وابن جرير والطبراني قوله وقال بن عباس برزخ حاجز الانام
[ 479 ]
الخلق نضاختان فياضتان تقدم كله في بدء الخلق قوله ذو الجلال العظمة هو من كلام بن عباس وسيأتي في التوحيد وقرأ الجمهور ذو الجلال الاولى بالواو صفة للوجه وفي قراءة بن مسعود ذي الجلال بالياء صفة للرب وقرأ الجمهور الثانية كذلك إلا بن عامر فقرأها أيضا بالواو وهي في مصحف الشام كذلك قوله وقال غيره مارج خالص من النار يقال مرج الامير رعيته إذا خلاهم يعدو وبعضهم على بعض الخ سقط قوله مريج مختلط من رواية أبي ذر وقوله مرج اختلط في رواية غير أبي ذر مرج البحرين اختلط البحران وقد تقدم جميع ذلك في صفة النار من بدء الخلق قوله سنفرغ لكم سنحاسبكم لا يشغله شئ عن شئ هو كلام أبي عبيدة أخرجه بن المنذر من طريقه وأخرج من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال هو وعيد من الله لعباده وليس بالله شغل وهو معروف في كلام العرب يقال لاتفرغن لك وما به شغل كأنه يقول لآخذنك على غرة (0) قوله باب قوله ومن دونهما جنتان سقط باب قوله لغير أبي ذر قال الترمذي الحكيم المراد بالدون هنا القرب أي وقربهما جنتان أي هما أدنى إلى العرش وأقرب وزعم إنهما أفضل من اللتين قبلهما وقال غيره معنى دونهما بقربهما وليس فيه تفضيل وذهب الحليمي إلى أن الاوليين أفضل من اللتين بعدهما ويدل عليه تفاوت ما بين الفضة والذهب وقد روى بن مردويه من طريق حماد عن أبي عمران في هذا الحديث قال من ذهب للسابقين ومن فضة للتابعين وفي رواية ثابت عن أبي بكر من ذهب للمقربين ومن فضة لاصحاب اليمين قوله العمى بفتح المهملة وتشديد الميم وأبو عمران الجوني بفتح الجيم وسكون الواو بعدها نون هو عبد الملك بن حبيب (4597) قوله عن أبيه هو أبو موسى الاشعري قوله جنتان من فضة وفي رواية الحارث بن عبيد عن أبي عمران الجوني في أول هذا الحديث جنان الفردوس أربع ثنتان من ذهب الخ قوله وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم الخ يأتي البحث فيه في كتاب التوحيد إن شاء الله تعالى وقوله في جنة عدن متعلق بمحذوف وهو في موضع الحال من القوم فكأنه قال كائنين في جنة عدن (0) (0) (0) (0) قوله باب حور مقصورات في الخيام أي محبوسات ومن ثم سموا البيت الكبير قصرا لانه يحبس من فيه قوله وقال بن عباس حور سود الحدق في رواية بن المنذر من طريق عطاء عن بن عباس الحور سواد الحدقة قوله وقال مجاهد مقصورات محبوسات قصرن طرفهن وأنفسهن على أزواجهن قاصرات لا يبغين غير أزواجهن وصله الفريابي وتقدم في بدء الخلق (4598) قوله عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه هو أبو موسى الاشعري قوله ان في الجنة خيمة أي المراد بقوله في الآية في الخيام والخيام جمع خيمة والمذكور في الحديث صفتها قوله مجوفة أي واسعة الجوف قوله في كل زاوية منها أهل في رواية مسلم أهل للمؤمن قوله ستون ميلا تقدم الكلام عليه في صفة الجنة وأخرج عبد بن حميد عن بن عباس قال الخيمة ميل في ميل والميل ثلث الفرسخ قوله يطوف عليهم المؤمنون قال الدمياطي صوابه المؤمن بالافراد وأجيب بجواز أن يكون من مقابلة المجموع بالمجموع قوله وجنتان من فضة هذا معطوف على شئ محذوف تقديره هذا للمؤمن أو هو من صنيع
[ 480 ]
الراوي وقال أبو موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم جنتان الخ وقد تقدم شرح ذلك في الباب الذي قبله (0) الرب عز وجل قوله سورة الواقعة بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر والمراد بالواقعة القيامة قوله وقال مجاهد رجت زلزلت وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد بهذا وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مثله قوله بست فتت ولتت كما يلت السويق وصله الفريابي من طريق مجاهد بنحوه وعند أبي عبيدة بست كالسويق المبسوس بالماء وعند بن أبي حاتم من طريق منصور عن مجاهد قال لنت لنا ومن طريق الضحاك عن بن عباس قال فتت فتا قوله المخضود لا شوك له كذا لابي ذر ولغيره المخضود الموقر حملا ويقال أيضا الخ تقدم بيانه في صفة الجنة من بدء الخلق قوله منضود الموز سقذ هذا لابي ذر وقد تقدم في صفة الجنة أيضا قوله والعرب المحببات إلى أزواجهن تقدم في صفة أهل الجنة أيضا وقال بن عيينة في تفسيره حدثنا بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله عربا أترابا قال هي المحببة إلى زوجها قوله ثلة أمة وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد به وقال أبو عبيدة الثلة الجماعة والثلة البقية وعند بن أبي حاتم من طريق ميمون بن مهران في قوله ثلة قال كثير قوله يحموم دخان أسود وصله الفريابي أيضا كذلك وأخرجه سعيد بن منصور والحاكم من طريق يزيد بن الاصم عن بن عباس مثله وقال أبو عبيدة في قوله وظل من يحموم من شدة سواده يقال أسود يحموم فهو وزن يفعول من الحمم قوله يصرون يديمون وصله الفريابي أيضا لكن لفظه يدمنون بسكون الدال بعدها ميم ثم نون وعند بن أبي حاتم من طريق السدي قال يقيمون قوله الهيم الابل الظماء سقط هنا لابي ذر وقد تقدم في البيوع قوله لمغرمون لملزمون وصله بن أبي حاتم من طريق شعبة عن قتادة وعند الفريابي من طريق مجاهد ملقون للشر قوله مدينين محاسبين تقدم في تفسير الفاتحة قوله روح جنة ورخاء سقط هنا لابي ذر وقد تقدم في صفة الجنة قوله وريحان الرزق تقدم في تفسير الرحمن قريبا قوله وقال غيره تفكهون تعجبون هو قول الفراء قال في قوله تعالى فظلتم تفكهون أي تتعجبون مما نزل بكم في زرعكم قال ويقال معناه تندمون قلت وهو قول مجاهد أخرجه بن أبي حاتم وأخرجه بن المنذر من طريق الحسن مثله وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة هو شبه المتندم قلت تفكه بوزن تفعل وهو كتأثم أي ألقى الاثم فمعنى تفكه أي ألقى عنه الفاكهة وهو حال من دخل في الندم والحزن قوله عربا مثقلة واحدها عروب إلى قوله الشكلة سقط هنا لابي ذر وتقدم في صفة الجنة قوله وننشئكم فيما لا تعلمون أي في أي خلق تشاء تقدم في بدء الخلق وسقط فيما لا تعلمون هنا لابي ذر قوله وفرش مرفوعة بعضها فوق بعض هو قول مجاهد وتقدم أيضا في صفة الجنة قوله والكوب الخ وكذا قوله مسكوب جار سقط كله لابي ذر هنا وتقدم في صفة الجنة قوله موضوعة منسوجة ومنه وضين الناقة سقط هنا لابي ذر وقد تقدم في صفة الجنة أيضا قوله وقال في خافضة لقوم إلى النار ورافعة لقوم إلى الجنة قال الفراء في قوله تعالى خافضة رافعة قال خافضة لقوم إلى النار رافعة لقوم إلى الجنة وعن محمد بن كعب خفضت
[ 481 ]
أقواما كانوا في الدنيا مرتفعين ورفعت أقوالها كانوا في الدنيا منخفضين وأخرجه سعيد بن منصور وعن عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله خافضة رافعة قال شملت القريب والبعيد حتى خفضت أقواما في عذاب الله ورفعت أقواما في كرامة الله وروى بن أبي حاتم من طريق سماك عن عكرمة عن بن عباس نحوه ومن طريق عثمان بن سراقة عن خاله عمر بن الخطاب نحوه ومن طريق السدي قال خفضت المتكبرين ورفعت المتواضعين قوله مترفين متنعمين كذا للاكث بمثناة قبل النون وبعد العين ميم وللكشميهني متمتعين بميم قبل المثناة من التمتع كذا في رواية النسفي والاول هو الذي وقع في معاني القرآن للفراء ومن نقل المصنف ولابن أبي حاتم من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس منعمين قوله ما تمنون هي النطف يعني في أرحام النساء تقدم في بدء الخلق قال الفراء قوله أفرأيتم ما تمنون يعني النطف إذا قذفت في أرحام النساء أأنتم تخلقون تلك النطف أم نحن قوله للمقوين للمسافرين وألقى القفر سقط هنا لابي ذر وقد تقدم في بدء الخلق أيضا قوله بموانع النجوم بمحكم القرآن قال الفراء حدثنا فضيل بن عياض عن منصور عن المنهال بن عمرو قال قرأ عبد الله فلا أقسم بمواقع النجوم قال بمحكم القرآن وكان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما وعند عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله بمواقع النجوم قال بمنازل النجوم قال وقال الكلبي هو القرآن أنزل نجوما انتهى ويؤيده ما أخرج النسائي والحاكم من طريق حصين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال نزل القرآن جميعا ليلة القدر إلى السماء ثم فصل فنزل في السنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النجوم قوله ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن ومواقع وموقع واحد هو كلام الفراء أيضا بلفظه ومراده أن مفادهما واحد وأن كان أحدهما جمعا والآخر مفردا لكن المفرد المضاف كالجمع في إفادة التعدد وقرأها بلفظ الواحد حمزة والكسائي وخلف وقال أبو عبيدة مواقع النجوم مساقطها حيث تغيب قوله مدهنون مكذبون مثل لو تدهن فيدهنون قال الفراء في قوله أفهذا الحديث أنتم مدهنون أي مكذبون وكذلك فقوله ودوا لو تدهن فيدهنون أي لو تكفر فيكفرون كل قد سمعته قد أدهن أي كفر وقال أبو عبيدة مدهنون وأحدها مدهن وهو المداهن قوله فسلام لك أي مسلم لك إنك من أصحاب اليمين وألغيت إن وهو معناها كما تقول أنت مصدق ومسافر عن قليل إذا كا قد قال إني مسافر عن قليل هو كلام الفراء بلفظه لكن قال أنت مصدق مسافر بغير واو وهو للوجه والتقدير أنت مصدق إنك مسافر ويؤيد ما قال الفراء ما أخرج بن المنذر من طريق عطاء عن بن عباس قال تأتيه الملائكة من قبل الله سلام لك من أصحاب اليمين تخبره أنه من أصحاب اليمين قوله وقد يكون كالدعاء له كقولك فسقيا من الرجال إن رفعت السلام فهو من الدعاء هو كلام الفراء أيضا بلفظه لكنه قال وأن رفعت السلام فهو دعاء قوله تورون تستخرجون أوريت أوقدت سقط هنا لابي ذر وقد تقدم في صفة النار من بدء الخلق قوله لغوا باطلا تأثيما كذبا وصله بن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس في قوله لغوا باطلا وفي قوله ولا تأثيما قال كذبا (0) قوله باب قوله وظل ممدود ذكر فيه حديث أبي هريرة أن في الجنة شجرة وقد تقدم شرحه في صفة الجنة من بدء الخلق (0) قوله سورة الحديد والمجادلة
[ 482 ]
بسم الله الرحمن الرحيم كذا لابي ذر ولغيره الحديد حسب وهو أولى قوله وقال مجاهد جعلكم مستخلفين معمرين فيه سقط هذا لابي ذر وقد وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد وقال الفراء مستخلفين فيه يريد مملكين فيه وهو رزقه وعطيته قوله من الظلمات إلى النور من الضلالة إلى الهدى سقط هذا أيضا لابي ذر وقد وصله الفريابي أيضا قوله فيه بأس شديد ومنافع للناس جنة وسلاح وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عنه بهذا وجنة بضم الجيم وتشديد النون أي ستر قوله مولاكم أولى بكقال الفراء في قوله تعالى مأواكم النار هي مولاكم يعني أولى بكم وكذا قال أبو عبيدة وفي بعض نسخ البخاري هو أولي بكم وكذا هو في كلام أبي عبيدة وتعقب ويجاب عنه بأنه يصح على إرادة المكان قوله أنظرونا انتظرونا قال الفراء قرأ يحيى بن وثاب والاعمش وحمزة أنظرونا بقطع الالف من أنظرت والباقون على الوصل ومعنى انظرونا انتظرونا ومعنى أنظرونا يعني بالقطع أخرونا وقد تقول العرب أنظرني يعني بالقطع يريد انتظرني قليلا قال الشاعر أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا قوله لئلا يعلم أهل الكتاب ليعلم أهل الكتاب هو قول أبي عبيدة وقال الفراء العرب تجعل لا صلة في الكلام إذا دخل في أوله جحد أو في آخره جحد كهذه الآية وكقوله ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك انتهى وحكى عن قراءة بن عباس والجحدري ليعلم وهو يؤيد كونها مزيدة وأما قراءة مجاهد لكيلا فهي مثل لئلا قوله يقال الظاهر على كل شئ علما الخ يأتي في التوحيد وأنه كلام يحيى الفراء (0) قوله سورة المجادلة كذا للاسماعيلي وأبي نعيم وللنسفي المجادلة وسقط لغيرهم قوله يحادون يشاقون وصله الفريابي من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد وقال عبد الرزاق عن معمر عن قتادة في قوله يحادون الله قال يعادون الله ورسوله قوله كبتوا أخزيوا كذا لابي ذر وفي رواية النسفي أحزنوا وكأنها بالمهملة والنون ولابن أبي حاتم من طريق سعيد عن قتادة خزوا كما خزي الذين من قبلهم ومن طريق مقاتل بن حيان أخزوا وقال أبو عبيدة كبتوا أهلكوا قوله استحوذ غلب أي غلبهم الشيطان هو قول أبي عبيدة وحكى عن قراءة عمر رضي الله عنه استحاذ بوزن استقام تنبيه لم يذكر في تفسير الحديد حديثا مرفوعا ويدخل فيه حديث بن مسعود لم يكن بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه الآية ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله إلا أربع سنية أخرجه مسلم من طريق عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن أبيه عن عمه وكذا سورة المجادلة ولم يخرج فيها حديثا مرفوعا ويدخل فيها حديث التي ظاهر منها زوجها وقد أخرجه النسائي وأورد منه البخاري طرفا في كتاب التوحيد معلقا (0) (0) قوله سورة الحشر بسم الله الرحمن الرحيم
[ 483 ]
كذا لابي ذر قوله الجلاء الاخراج من أرض إلى أرض هو قول قتادة أخرجه بن أبي حاتم من طريق سعيد عنه وقال أبو عبيدة يقال الجلاء والاجلاء جلاه أخرجه وأجليته أخرجته والتحقيق أن الجلاء أخص من الاخراج لان الجلاء ما كان مع الاهل والمال والاخراج أعم منه (4600) قوله حدثنا محمد بن عبد الرحيم تقدم هذا الحديث مختصرا بإسناده ومتنه في تفسير سورة الانفال مقتصرا على ما يتعلق بها وتقدم في المغازي قوله سورة التوبة قال التوبة هو استفهام إنكار بدليل قوله هي الفاضحة ووقع في رواية الاسماعيلي من وجه آخر عن هشيم سورة التوبة قال بل سورة الفاضحة قوله ما زالت تزل ومنهم ومنهم أي كقوله ومنهم من عاهد الله ومنهم من يلمزك في الصدقات ومنهم الذين يؤذون النبي قوله لم تبق في رواية الكشميهني لن تبقى وهي أوجه لان الرواية الاولى تقتضي استيعابهم بما ذكر من الآيات بخلاف الثانية فهي أبلغ وفي رواية الاسماعيلي أنه لا يبقى (4601) قوله سورة الحشر قال قل سورة النضير كأنه كره تسميتها بالحشر لئلا يظن أن المراد يوم القيامة وإنما المراد به هنا إخراج بني النضير (0) بسم الله الرحمن الرحيم قوله باب قوله ما قطعتم من لينة نخلة ما لم تكن عجوة أو برية قال أبو عبيدة في قوله تعالى ما قطعتم من لينة أي من نخلة وهي من الالوان ما لم تكن عجوة أو برنية إلا أن الواو ذهبت بكسر اللام وعند الترمذي من حديث بن عباس اللينة النخلة في أثناء حديث وروى سعيد بن منصور من طريق عكرمة قال اللينة ما دون العجوة وقال سفيان هي شديدة الصفرة تنشق عن النوى (0) قوله ما أفاء الله على رسوله (0) قوله باب قوله ما أفاه الله على رسوله تقدم في تفسير الفئ والفرق بينه وبين الغنيمة في أواخر الجهاد (4603) قوله عن عمرو هو بن دينار قوله عن الزهري ووقع في رواية مسلم من رواية بن ماهان عن عمرو بن دينار عن مالك بن أوس بغير ذكر الزهري وهو خطأ من الناسخ وثبت لباقي الرواة بذكر الزهري وقد تقدم الكلام على حديث الباب مبسوطا في فرض الخمس (0) قوله باب وما آتاكم الرسول فخذوه أي وما أمركم به فافعلوه لانه قابله بقوله وما نهاكم عنه فانتهوا (4604) قوله عن عبد الله هو بن مسعود قال لمن الله الواشمات سيأتي شرحه في كتاب اللباس قوله فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب لا يعرف اسمها وقد أدركها عبد الرحمن بن عابس كما في الطريق التي بعده قوله أما فرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت بلى قال فإنه أي النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى بفتح الهاء وإنما ضبطت هذا خشية أن
[ 484 ]
يقرأ بضم النون وكسر الهاء على البناء للمجهول على أن الهاء في أنه ضمير الشأن لكن السياق يرشد إلى ما قررته وفي هذا الجواب نظر لانها استشكلت اللعن ولا يلزم من مجرد النهي لعن من لم يمتثل لكن يحمل على أن المراد في الآية وجوب امتثال قول الرسول وقد نهى عن هذا الفعل فمن فعله فهو ظالم وفي القرآن لعن الظالمين ويحتمل أن يكون بن مسعود سمع اللعن من النبي صلى الله عليه وسلم كما في بعض طرقه قوله أهلك يفعلونه هي زينب بنت عبد الله الثقفية قوله فلم تر من حاجتها شيئا أي من الذي ظنت أن زوج بن مسعود تفعله وقيل كانت المرأة رأت ذلك حقيقة وإنما بن مسعود أنكر عليها فأزالته فلهذا لما دخلت المرأة لم تر ما كانت رأت قبل ذلك قوله ما جامعتنا يحتمل أن يكون المراد بالجماع الوطئ أو الاجتماع وهو أبلغ ويؤيده قوله في رواية الكشميهني ما جامعتنا وللاسماعيلي ما جامعتنا واستدل بالحديث على جواز لعن من اتصف بصفة لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتصف بها لانه لا يطلق ذلك إلا على من يستحقه وأما الحديث الذي أخرجه مسلم فإنه قيد فيه بقوله ليس بأهل أي عندك لانه إنما لعنه لما ظهر له من استحقاقه وقد يكون عند الله بخلاف ذلك فعلى الاول يحمل قوله فاجعلها له زكاة ورحمة وعلى الثاني فيكون لعنه زيادة في شقوته وفيه أن المعين على المعصية يشارك فاعلها في الاثم (0) قوله باب والذين تبوءوا الدار والايمان أي استوطنوا المدينة وقيل نزلوا فعلى الاول يختص بالانصار وهو ظاهر قول عمر وعلى الثاني يشملهم ويشمل المهاجرين السابقين ذكر فيه طرفا من قصة عمر عن مقتله وقد تقدم في المناقب (0) (0) (0) (0) (0) (0) (0) قوله باب قوله ويؤثرون على أنفسهم الآية الخصاصة فاقة ولغير أبي ذر الفاقة وهو قول مقاتل بن حيان أخرجه بن أبي حاتم من طريقه قوله المفلحون الفائزون بالخلود والفلاح البقاء هو قول الفراء قال لبيد نحل بلادا أكلها حل قبلنا ونرجو فلاحا بعد عاد وحمير وهو أيضا بمعنى إدراك الطلب قال لبيد أيضا ولقد أفلح من كان عقل أي أدرك ما طلب قوله حي على الفلاح عجل هو تفسير حي أي معنى حي على الفلاح أي عجل إلى الفلاح قال بن التين لم يذكره أحد من أهل اللغة وإنما قالوا معناه هلم وأقبل قلت وهو كما قال لكن فيه إشعار بطلب الاعجال فالمعنى أقبل مسرعا قوله وقال الحسن حاجة حسدا وصله عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عنه بهذا ورويناه في الجزء الثامن من أمالي المحاملي بعلو من طريق أبي رجاء عن الحسن في قوله ولا يجدون في صدورهم حاجة قال الحسد (4607) قوله حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن كثير هو الدورقي قوله أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الرجل هو أبو هريرة وقع مفسرا في رواية الطبراني وقد نسبته في المناقب إلى تخريج أبي البختري الطائي في صفة النبي صلى الله عليه وسلم وأبو البختري لا يوثق به قوله ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله في رواية الكشميهني يضيف هذا رحمة بالتنوين قوله فقام رجل من الانصار تقدم شرح هذا الحديث في مناقب الانصار أنه أبو طلحة وتردد الخطيب هل هو زيد بن سهل المشهور أو صحابي آخر يكنى
[ 485 ]
أبا طلحة وتقدم أيضا قول من قال إنه ثابت بن قيس ولكن أردت التنبيه هنا على شئ وقع للقرطبي المفسر ولمحمد بن على بن عسكر في ذيله على تعريف السهيلي فإنهما نقلا عن النحاس والمهدوي أن هذه الآية نزلت في أبي المتوكل زاد بن عسكر الناجي وأن الضيف ثابت بن قيس وقيل إن فاعلها ثابت بن قيس حكاه يحيى بن سلام انتهى وهو غلط بين فإن أبا المتوكل الناجي تابعي مشهور وليس له في القصة ذكر إلا أنه رواها مرسلة أخرجها من طريق إسماعيل القاضي كما تقدم هناك وكذا بن أبي الدنيا في كتاب قرى الضيف وابن المنذر في تفسير هذه السورة كلهم من طريق إسماعيل بن مسلم عن أبي المتوكل أن رجلا من المسلمين مكث ثلاثة أيام لا يجد شيئا يفطر عليه حتى فطن له رجل من الانصار يقال له ثابت بن قيس الحديث وقد تبع بن عسكر جماعة من الشارحين ساكتين عن وهمه فلهذا نبهت عليه وتفطن شيخنا بن الملقن لقول بن عسكر إنه أبو المتوكل الناجي فقال هذا وهم لان أبا المتوكل الناجي تابعي إجماعا انتهى فكأنه جوز أنه صحابي يكنى أبا المتوكل وليس كذلك قوله ونطوي بطوننا الليلة في حديث أنس عند بن أبي الدنيا فجعل يتلمظ وتتلمظ هي حتى رأى الضيف أنهما يأكلان قوله ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس فصلى معه الصبح قوله لقد عجب الله عزوجل أو ضحك كذا هنا بالشك وذكره مسلم من طريق جرير عن فضيل بن غروان بلفظ عجب بغير شك وعند بن أبي الدنيا في حديث أنس ضحك بغير شك وقال الخطابي إطلاق العجب على الله محال ومعناه الرضا فكأنه قال أذلك الصنيع حل من الرضا عند الله حلول العجب عندكم قال وقد يكون المراد بالعجب هنا أن الله يعجب ملائكته من صنيعهما لندور ما وقع منهما في العادة قال وقال أبو عبد الله معنى الضحك هنا الرحمة قلت ولم أر ذلك في النسخ التي وقعت لنا من البخاري قال الخطابي وتأويل الضحك بالرضا أقرب من تأويله بالرحمة لان الضحك من الكرام يدل على الرضا فإنهم يوصفون بالبشر عند السؤال قلت الرضا من الله يستلزم الرحمة وهو لازمه والله أعلم وقد تقدم سائر شرح هذا الحديث في مناقب الابصار (0) قوله سورة الممتحنة سقطت البسملة لجميعهم والمشهور في هذه التسمية فتح الحاء وقد تكسر وبه جزم السهيلي فعلى الاول هي صفة المرأة التي نزلت السورة بسببها والمشهور فيها أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط وقيل سعيدة بنت الحارث وقيل أميمة بنت بشر والاول هو المعتمد كما سيأتي إيضاحه في كتاب النكاح ومن كسر جعلها صفة للسورة كما قيل لبراءة الفاضحة قوله وقال مجاهد لا تجعلنا فتنة للذين كفروا لا تعذبنا بأيديهم الخ وصله الفريابي عن ورقاء عن بن أبي نجيح عنه بلفظه وزاد ولا بعذاب من عندك وزاد في آخره ما أصابهم مثل هذا وكذا أخرجه عبد بن حميد عن شبابة عن ورقاء عن بن أبي نجيح عنه للطبري من طريق أخرى عن ورقاء عن عيسى عن بن أبي نجيح كذلك فاتفقوا كلهم على أنه موقوف عن مجاهد وأخرج الحاكم مثل هذا من طريق آدم بن إياس عن ورقاء فزاد فيه بن عباس وقال صحيح على شرط مسلم وما أظن زيادة بن عباس فيه إلا وهما لاتفاق أصحاب ورقاء على عدم ذكره وقد أخرج الطبري من طريق علي بن أبي طلحة عن بن عباس قال لا تجعلنا فتنة للذين كفروا إلا تسلطهم علينا فيفتنونا وهذا بخلاف تفسير مجاهد
[ 486 ]
وفيه تقوية لما قلته وأخرج الطبري من طريق سعيد عن قتادة في قوله ولا تجعلنا فتنة للذين كفروا قال لا تظهرهم علينا فيفتنونا يرون أنهم إنما ظهروا علينا بحقهم وهذا يشبه تأويل مجاهد قوله يعصم الكوافر أمر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بفراق نسائهم كن كوافر بمكة وصله الفريابي من طريق مجاهد وأخرجه الطبري من طريقه أيضا ولفظه أمر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بطلاق نسائهم كوافر بمكة قعدن مع الكفار ولسعيد بن منصور من طريق إبراهيم النخعي قال نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين فتكفر فلا يمسك زوجها بعصمتها قد برئ منها انتهى والكوافر جمع كافرة والعصم جمع عصمة وقال أبو على الفارسي قال لي الكرخي الكوافر في الآية يشمل الرجال والنساء قال فقلت له النحاة لا يجيزون هذا إلا في النساء جمع كافرة قال أليس يقال طائفة كافرة انتهى وتعقب بأنه لا يجوز كافرة وصفا للرجال إلا مع ذكر الموصوف فتعين الاول والله أعلم (0) قوله باب لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء سقطت هذه الترجمة لغير أبي ذر والعدو لما كان بزنة المصادر وقع على الواحد فما فوقه وقوله تلقون إليهم بالمودة تفسير للموالاة المذكورة ويحتمل أن يكون حالا أو صفة وفيه شئ لانهم نهوا عن اتخاذهم أولياء مطلقا والتقييد بالصفة أو الحال يوهم الجواز عند انتفائهما لكن علم بالقواعد المنع مطلقا فلا مفهوم لهما ويحتمل أن تكون الولاية تستلزم المودة فلا تتم الولاية بدون المودة فهي حال لازمة والله أعلم (4608) قوله الحسن بن محمد بن علي أي بن أبي طالب قوله حتى تأتوا روضة خاخ بمعجمتين ومن قالها بمهملة ثم جيم فقد صحف وقد تقدم بيان ذلك في باب الجاسوس من كتاب الجهاد وفي أول غزوة الفتح قوله لنلقين كذا فيه والوجه حذف التحتانية وقيل إنما اثبتت لمشاكلة لتخرجن قوله كنت امرأ من قريش أي بالحلف لقوله بعد ذلك ولم أكن من أنفسهم قوله كنت امرأ من قريش ولم أكن من أنفسهم ليس هذا تناقضا بل أراد أنه منهم بمعنى أنه حليفهم وقد ثبت حديث حليف القوم منهم وعبر بقوله ولم أكن من أنفسهم لاثبات المجاز قوله إنه قد صدقكم بتخفيف الدال أي قال الصدق قوله فقال عمر دعني يا رسول الله فأضرب عنقه إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من ينسب إلى النفاق وظن أن من خالف ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك فلذلك استأذن في قتله وأطلق عليه منافقا لكونه أبطن خلاف ما أظهر وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر فيه وعند الطبري من طريق الحارث عن علي في هذه القصة فقال أليس قد شهد بدرا قال بلى ولكنه نكث وظاهر أعداءك عليك قوله فقال إنه قد شهد بدرا وما يدريك أرشد إلى علة ترك قتله بأنه شهد بدرا فكأنه قيل وهل يسقط عنه شهوده بدراهذا الذنب العظيم فأجاب بقوله وما يدريك الخ قوله لعل الله عزوجل اطلع على أهل بدر هكذا في أكثر الروايات بصيغة الترجي وهو من الله واقع ووقع في حديث أبي هريرة عند بن أبي شيبة بصيغة الجزم وقد تقدم بيان ذلك واضحا في باب فضل مشهد بدرا من كتاب المغازي قوله اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم كذا في معظم الطرق وعند الطبري من طريق معمر عن الزهري عن عروة فإني غافر لكم وهذا يدل على أن المراد بقوله غفرت أي أغفر على طريق التعبير عن الآتي بالواقع مبالغة في تحققه وفي مغازي بن
[ 487 ]
عائذ من مرسل عروة اعملوا ما شئتم فسأغفر لكم والمراد غفران ذنوبهم في الآخرة وإلا فلو وجب على أحدهم حد مثلا لم يسقط في الدنيا وقال بن الجوزي ليس هذا على الاستقبال وإنما هو على الماضي تقديره اعملوا ما شئتم أي عمل كان لكم فقد غفر قال لانه لو كان للمستقبل كان جوابه فسأغفر لكم ولو كان كذلك لكان إطلاقا في الذنوب ولا يصح ويبطله أن القوم خافوا من العقوبة بعد حتى كان عمر يقول يا حذيفة بالله هل أنا منهم وتعقبه القرطبي بان اعملوا صيغة أمر وهي موضوعة للاستقبال ولم تضع العرب صيغة الامر للماضي لا بقرينة ولا بغيرها لانهما بمعنى الانشاء والابتداء وقوله اعملوا ما شئتم يحمل على طلب الفعل ولا يصح أن يكون بمعنى الماضي ولا يمكن أن يحمل على الايجاب فتعين للاباحة قال وقد ظهر لي أن هذا الخطاب خطاب إكرام وتشريف تضمن أن هؤلاء حصلت لهم حالة غفرت بها ذنوبهم السالفة وتأهلوا أن يغفر لهم ما يستأنف من الذنوب اللاحقة ولا يلزم من وجود الصلاحية للشئ وقوعه وقد أظهر الله صدق رسوله في كل من أخبر عنه بشئ من ذلك فإنهم لم يزالوا على أعمال أهل الجنة إلى أن فارقوا الدنيا ولو قدر صدور شئ من أحدهم لبادر إلى التوبة ولازم الطريق المثلى ويعلم ذلك من أحوالهم بالقطع من اطلع على سيرهم انتهى ويحتمل أن يكون المراد بقوله فقد غفرت لكم أي ذنوبكم تقع مغفورة لا أن المراد أنه لا يصدر منهم ذنب وقد شهد مسطح بدرا ووقع في حق عائشة كما تقدم في تفسير سورة النور فكأن الله لكرامتهم عليه بشرهم على لسان نبيه أنهم مغفور لهم ولو وقع منهم ما وقع وقد تقدم بعض مباحث هذه المسألة في أواخر كتاب الصيام في الكلام على ليلة القدر ونذكر بقية شرح هذا الحديث في كتاب الديات إن شاء الله تعالى قوله قال عمرو هو بن دينار وهو موصول بالاسناد المذكور قوله ونزلت فيه يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء سقط أولياء لغير أبي ذر قوله قال لا أدري الآية في الحديث أو قول عمرو هذا الشك من سفيان بن عيينة كما سأوضحه قوله حدثنا علي هو بن المديني قال قيل لسفيان في هذا فنزلت لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية قال سفيان هذا في حديث الناس يعني هذه الزيادة يريد الجزم برفع هذا القدر قوله حفظته من عمرو ما تركت منه حرفا وما أرى أحدا حفظه غيري وهذا يدل على أن هذه الزيادة لم يكن سفيان يجزم برفعها وقد أدرجها عنه بن أبي عمر أخرجه الاسماعيلي من طريقه فقال في آخر الحديث قال وفيه نزلت هذه الآية وكذا أخرجه مسلم عن بن أبي عمر وعمرو الناقد وكذا أخرجه الطبري عن عبيد بن إسماعيل والفضل بن الصباح والنسائي عن محمد بن منصور كلهم عن سفيان واستدل باستئذان عمر على قتل حاطب لمشروعية قتل الجاسوس ولو كان مسلما وهو قول مالك ومن وافقه ووجه الدلالة أنه صلى الله عليه وسلم أقر عمر على إرادة القتل لولا المانع وبين المانع هو كون حاطب شهد بدرا وهذا منتف في غير حاطب فلو كان الاسلام مانعا من قتله لما علل بأخص منه وقد بين سياق على أن هذه الزيادة مدرجة وأخرجه مسلم أيضا عن إسحاق بن راهويه عن سفيان وبين أن تلاوة الآية من قول سفيان ووقع عند الطبر من طريق أخرى عن على الجزم بذلك لكنه من أحد رواة الحديث حبيب بن أبي ثابت الكوفي أحد التابعين وبه جزم إسحاق في روايته عن محمد بن جعفر عن عروة في هذه القصة وكذا جزم به معمر عن الزهري عن عروة وأخرج بن مردويه من طريق سعيد بن بشير عن
[ 488 ]
قتادة عن أنس قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مشركي قريش كتب إليهم حاطب بن أبي بلتعة يحذرهم فذكر الحديث إلى أن قال فأنزل الله فيه القرآن يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية قال الاسماعيلي في آخر الحديث أيضا قال عمرو أي بن دينار وقد رأيت بن أبي رافع وكان كاتبا لعلي (0) قوله باب إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات اتفقوا على نزولها بعد الحديبية وأن سببها ما تقدم من الصلح بين قريش والمسلمين على أن من جاء من قريش إلى المسلمين يردونه إلى قريش ثم استثنى الله من ذلك النساء بشرط الامتحان (4609) قوله حدثني إسحاق أنبأنا يعقوب في رواية غير أبي ذر حدثنا يعقوب فأما إسحاق فهو بن منصور وكلام أبي نعيم يشعر بأنه بن إبراهيم وأما يعقوب بن إبراهيم فهو بن سعد وابن أخي بن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم قوله قاعروة قالت عائشة هو موصول بالاسناد المذكور وسيأتي الكلام على شرحه في أواخر النكاح إن شاء الله تعالى قوله قد بايعتك كلاما أي يقول ذلك كلاما فقط لا مصافحة باليد كما جرت العادة بمصافحة الرجال عند المبايعة قوله ولا والله فيه القسم لتأكيد الخبر وكأن عائشة أشارت بذلك إلى الرد على ما جاء عن أم عطية فعند بن خزيمة وابن حبان والبزار والطبري وابن مردويه من طريق إسماعيل بن عبد الرحمن عن جدته أم عطية في قصة المبايعة قال فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ثم قال اللهم أشهد وكذا الحديث الذي بعده حيث قالت فيه قبضت منا امرأة يدها فإنه يشعر بأنهن كن يبايعنه بأيديهن ويمكن الجواب عن الاول بأن من الايدي من رواء الحجاب إشارة إلى وقوع المبايعة وإن لم تقع مصافحة وعن الثاني بأن المراد بقبض اليد التأخر عن القبول أو كانت المبايعة تقع بحائل فقد روى أبو داود في المراسيل عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بايع النساء أتى ببرد قطري فوضعه على يده وقال لا أصافح النساء وعند عبد الرزاق من طريق إبراهيم النخعي مرسلا نحوه وعند سعيد بن منصور من طريق قيس بن أبي حازم كذلك وأخرج بن إسحاق في المغازي من رواية يونس بن بكير عنه عن أبان بن صالح أنه صلى الله عليه وسلم كان يغمس يده في إناء وتغمس المرأة يدها فيه ويحتمل التعدد وقد أخرج الطبراني أنه بايعهن بواسطة عمر وروى النسائي والطبري من طريق محمد بن المنكدر أن أميمة بنت رقيقة بقافين مصغر أخبرته أنها دخلت في نسوة تبايع فقلن يا رسول الله ابسط يدك نصافحك قال إني لا أصافح النساء ولكن سأخذ عليكن فأخذ علينا حتى بلغ ولا يعصينك في معروف فقال فيما طقتن واستطعتن فقلن الله رسوله أرحم بنا من أنفسنا وفي رواية الطبري ما قولي لمائة امرأة إلا كقولي لامرأة واحدة وقد جاء في أخبار أخرى أنهن كن يأخذن بيده عند المبايعة من فوق ثوب أخرجه يحيى بن سلام في تفسيره عن الشعبي وفي المغازي لابن إسحاق عن أبان بن صالح إنه كان يغمس يده في إناء فيغمسن أيديهن فيه قوله تابعه يونس ومعمر وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري أما متابعة يونس فيأتي الكلام عليها في كتاب الطلاق وأما متابعة معمر فوصلها المؤلف في الاحكام وأما متابعة عبد الرحمن بن إسحاق فوصلها بن مردويه من طريق خالد بن عبد الله الواسطي عنه قوله وقال إسحاق بن راشد عن الزهري عن عروة وعمرة يعني عن عائشة جمع بينهما وصله الذهلي في الزهريات عن عتاب بن بشير عن إسحاق بن راشد به وفي هذا الحديث أن المحنة المذكورة في قوله
[ 489 ]
فامتحنوهن هي أن يبايعهن بما تضمنته الآية المذكورة وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أنه صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من النساء بالله ما خرجت إلا رغبة في الاسلام وحبا لله ورسوله وأخرج عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن مجاهد نحوه وزاد ولا خرج بك عشق رجل منا ولا فرار من زوجك وعند بن مردويه وابن أبي حاتم والطبراني من حديث بن عباس نحوه وسنده ضعيف ويمكن الجمع بين التحليف والمبايعة والله أعلم وذكر الطبري وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن المرأة من المشركين كانت إذا غضبت على زوجها قالت والله لاهاجرن إلى محمد فنزلت فامتحنوهن (0) بسم الله الرحمن الرحيم قوله باب إذا جاءك المؤمنات يبايعنك سقط باب لغير أبي ذرو ذكر فيه أربعة أحاديث الاول (4610) قوله عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية كذا قال عبد الوارث عن أيوب وقال سفيان بن عيينة عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية أخرجه النسائي فكأن أيوب سمعه منهما جميعا وقد تقدم شرح هذا في الجنائز قوله بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ علينا ان لا يشركن بالله شيئا ونهانا عن النياحة في رواية مسلم من طريق عاصم عن حفصة عن أم عطية قالت لما نزلت هذه الآية يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يعصينك في معروف كان منه النياحة قوله فقبضت امرأة يدها في رواية عاصم فقلت يا رسول الله إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بد من أن أسعدهم لم أعرف آل فلان المشار إليهم وفي رواية النسائي قلت إن امرأة أسعدتني في الجاهلية ولم أقف على اسم المرأة وتبين أن أم عطية في رواية عبد الوارث أبهمت نفسها قوله أسعدتني فلانة فأريد أن أجزيها وللنسائي في رواية أيوب فأذهب فأسعدها ثم أجيئك فأبايعك والاسعاد قيام المرأة مع الاخرى في النياحة تراسلها وهو خاص بهذا المعنى ولا يستعمل إلا في البكاء والمساعدة عليه ويقال إن أصل المساعدة وضع الرجل يده على ساعد الرجل صاحبه عند التعاون على ذلك قوله فانطلقت ورجعت فبايعها في رواية عاصم فقال إلا آل فلان وفي رواية النسائي قال فاذهبي فأسعديها قالت فذهبت فساعدتها ثم جئت فبايعت قال النووي هذا محمول على أن الترخيص لام عطية في آل فلان خاصة ولا تحل النياحة لها ولا لغيرها في غير آل فلان كما هو ظاهر الحديث وللشارع أن يخص من العموم من شاء بما شاء فهذا صواب الحكم في هذا الحديث كذا قال وفيه نظر إلا أن ادعى أن الذين ساعدتهم لم يكونوا أسلموا وفيه بعد وإلا فليدع مشاركتهم لها في الخصوصية وسأبين ما يقدح في خصوصية أم عطية بذلك ثم قال واستشكل القاضي عياض وغيره هذا الحديث وقالوا فيه أقوالا عجيبة ومقصودي التحذير من الاغترار بها فإن بعض المالكية قال النياحة ليست بحرام لهذا الحديث وإنما المحرم ما كان معه شئ من أفعال الجاهلية من شق جيب وخمش خد ونحو ذلك قال والصواب ما ذكرناه أولا وأن النياحة حرام مطلقا وهو مذهب العلماء كافة انتهى وقد تقدم في الجنائز النقل عن غير هذا المالكي أيضا أن النياحة ليست بحرام وهو شاذ مردود وقد أبداه القرطبي احتمالا ورده بالاحاديث الواردة في الوعيد على النياحة وهو دال على شدة التحريم لكن لا يمتنع أن يكون النهي أولا ورد بكراهة التنزيه ثم لما تمت مبايعة النساء وقع التحريم فيكون الاذن لمن ذكر وقع في الحالة الاولى لبيان الجواز ثم وقع التحريم فورد حينئذ الوعيد الشديد وقد لخص القرطبي بقية
[ 490 ]
الاقاويل التي أشار إليها النووي منها دعوى أن ذلك كان قبل تحريم النياحة قال وهو فاسد لمساق حديث أم عطية هذا ولولا أن أم عطية فهمت التحريم لما استثنت قلت ويؤيده أيضا أن أم عطية صرحت بأنها من العصيان في المعروف وهذا وصف المحرم ومنها أن قوله إلا آل فلان ليس فيه نص على أنها تساعدهم بالنياحة فيمكن أنها تساعدهم باللقاء والبكاء الذي لا نياحة معه قال وهذا أشبه مما قبله قلت بل يرد عليه ورود التصريح بالنياحة كما سأذكره ويرد عليه أيضا أن اللقاء والبكاء المجرد لم يدخل في النهي كما تقدم في الجنائز وتقريره فلو وقع الاقتصار عليه لم يحتج إلى تأخير المبايعة حتى تفعله ومنها يحتمل أن يكون أعاد إلا آل فلان على سبيل الانكار كما قال لمن استأذن عليه فقال له من ذا فقال أنا فقال أنا أنا فأعاد عليه كلامه منكرا عليه قلت ويرد عليه ما ورد على الاول ومنها أن ذلك خاص بأم عطية قال وهو فاسد فإنها لا تختص بتحليل شئ من المحرمات انتهى ويقدح في دعوى تخصيصها أيضا ثبوت ذلك لغيرها ويعرف منه أيضا الخدش في الاجوبة الماضية فقد أخرج بن مردويه من حديث بن عباس قال لما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء فبايعهن أن لا يشركن بالله شيئا الآية قالت خولة بنت حكيم يا رسول الله كا أبي وأخي ماتا في الجاهلية وأن فلانة أسعدتني وقد مات أخوها الحديث وأخرج الترمذي من طريق شهر بن حوشب عن أم سلمة الانصارية وهي أسماء بنت يزيد قالت قلت يا رسول الله إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بد من قضائهن فأبى قالت فراجعته مرارا فأذن لي ثم لم أنح بعد وأخرج أحمد والطبري من طريق مصعب بن نوح قال أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فأخذ علينا ولا ينحن فقالت عجوز يا نبي الله إن ناسا كانوا أسعدونا على مصائب أصابتنا وإنهم قد أصابتهم مصيبة فأنا أريد أن أسعدهم قال فاذهبي فكافئيهم قالت فانطلقت فكافأتهم ثم أنها أتت فبايعته وظهر من هذا كله أن أقرب الاجوبة أنها كانت مباحة ثم كرهت كراهة تنزيه ثم تحريم والله أعلم الحديث الثاني (4611) قوله حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي هو جرير بن حازم قوله سمعت الزبير في رواية الاسماعيلي الزبير بن خريت وهو بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم مثناة قوله في قوله ولا يعصينك في معروف قال إنما هو شرط شرطه الله للنساء أي على النساء وقوله فبايعهن في السياق حذف تقديره فإن بايعن علذلك أو فإن اشترطن ذلك على أنفسهن فبايعهن واختلف في الشرط فالاكثر على أنه النياحة كما سبق وقد تقدم عند مسلم ما يدل لذلك وأخرج الطبري من طريق زهير بن محمد قال في قوله ولا يعصينك في معروف لا يخلو الرجل بامرأة وقد جمع بينهما قتادة فأخرج الطبري عنه قال أخذ عليهن أن لا ينحن ولا يحدثن الرجال فقال عبد الرحمن بن عوف إن لنا أضيافا وإنا نغيب عن نسائنا فقال ليس أولئك عنيت وللطبري من حديث بن عباس المقدم ذكره إنما أنبئكن بالمعروف الذي لا تعصينني فيه لا تخلون بالرجال وحدانا ولا تنحن نوح الجاهلية ومن طريق أسيد بن أبي أسيد البراد عن امرأة من المبايعات قالت كان فيما أخذ علينا أن لا نعصيه في شئ من المعروف ولا نخمش وجها ولا ننشر شعرا ولا نشق جيبا ولا ندعو ويلا (4612) الحديث الثالث قوله قال الزهري حدثناه هو من تقديم الاسم على الصيغة والضمير للحديث الذي يريد أن يذكره قوله وقرأ آية النساء أي آية بيعة النساء وهي
[ 491 ]
يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا الآية وقد قدمت في كتاب الايمان بيان وقت هذه المبايعة قوله وأكثر لفظ سفيان قرأ الآية وللكشميهني قرأ في الآية والاول أولى قوله ومن أصاب منها أي من الاشياء التي توجب الحد في رواية الكشميهني من ذلك شيئا قوله تابعه عبد الرزاق عن معمر زاد المستملي في الآية ووصله مسلم عن عبد بن حميد عن عبد الرزاق عقب رواية سفيان وقال في آخره وزاد في الحديث فتلا علينا آية النساء أن لا يشركن بالله شيئا وقد تقدم شرحه ومباحثه في كتاب الايمان مستوفي وقوله بهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن فيه عدة أقوال منها أن المراد بما بين الايدي ما يكتسب بها وكذا الارجل الثاني هما كناية عن الدنيا والآخرة وقيل عن الاعمال الظاهرة والباطنة وقيل الماضي والمستقبل وقيل ما بين الايدي كسب العبد بنفسه وبالارجل كسبه بغيره وقيل غير ذلك الحديث الرابع (4613) قوله حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله بن وهب قال وأخبرني بن جريج قلت نزل البخاري في هذا الاسناد درجتين بالنسبة لابن جريج فإنه يروي عن بن جريج بواسطة رجل واحد كأبي عاصم ومحمد بن عبد الله الانصاري ومكي بن إبراهيم وغيرهم ونزل فيه درجة بالنسبة لابن وهب فإنه يروي عن جمع من أصحابه كأحمد بن صالح وأحمد بن عيسى وغيرهما وكأن السبب فيه تصريح بن جريج في هذه الطريق النازلة بالاخبار وقد أخرج البخاري طرفا من هذا الحديث في كتاب العيدين عن أبي عاصم عن بن جريج بالعلو وهو من أوله إلى قوله قبل الخطبة وصرح فيه بن جريج بالخبر فلعله لم يكن بطوله عند بن أبي عاصم ولا عند من لقيه من أصحاب بن وهب وقد علاه أبو ذر في روايته فقال حدثنا على الحربي حدثنا بن أبي داود حدثنا محمد بن مسلمة حدثنا بن وهب ووقع للبخاري بعلو في العيدين لكنه من طريق عبد الرزاق عن بن جريج وتقدم شرحه هناك مستوفى وقول بن وهب وأخبرني بن جريج معطوف على شئ محذوف بسم الله الرحمن الرحيم وقال مجاهد من أنصاري إلى الله من يتبعني إلى الله (0) قوله سورة الصف بسم الله الرحمن الرحيم سقطت البسملة لغير أبي ذر ويقال لها أيضا سورة الحواريين وأخرج الطبري من طريق معمر عن قتادة أن الحواريين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم من قريش فسمى العشرة المشهورين إلا سعيد بن زيد وحده وحمزة وجعفر بن أبي طالب وعثمان بن مظعون وقد وقع لنا سماع هذه السورة مسلسلا في حديث ذكر في أوله سبب نزولها وإسناده صحيح قل أن وقع في المسلسلات مثله مع مزيد علوه قوله وقال مجاهد من أنصاري إلى الله من يتبعني إلى الله في رواية الكشميهني من تبعني إلى الله بصيغة الماضي وقد وصله الفريابي بلفظ من يتبعني وقال أبو عبيدة إلى بمعنى في أي من أنصاري في الله قوله وقال بن عباس مرصوص ملصق بعضه إلى بعض كذا لابي ذر ولغير ببعض وصله بن أبي حاتم من طريق بن جريج عن عطاء عن بن عباس في قوله كأنهم بنيان مرصوص مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض فعلى تفسير بن عباس هو من التراص أي التضام مثل تراص الاسنان أو من الملائم الاجزاء المستوى قوله وقال يحيى بالرصاص كذا لابي ذر والنسفي ولغيرهما وقال غيره وجزم أبو ذر بأنه يحيى بن زياد بن عبد الله
[ 492 ]
الفراء وهو كلامه في معاني القرآن ولفظه في قوله كأنهم بنيان مرصوص يريد بالرصاص حثهم على القتال ورجح الطبري الاول والرصاص بفتح الراء ويجوز كسرها قوله من بعدي اسمه أحمد في رواية أبي ذر باب يأتي من بعدي وذكر فيه حديث جبير بن مطعم وقد تقدم شرحه مستوفى في أوائل السيرة النبوية بسم الله الرحمن الرحيم قوله سورة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم سقطت سورة والبسملة لغير أبي ذر وتقدم ضبطه في كتاب الصلاة (0) قوله وآخرين منهم لما يلحقوا بهم وقرأ عمر فامضوا إلى ذكر الله (0) قوله باب قوله وآخرين منهم لما يلحقوا بهم أي لم يلحقوا بهم ويجوز في آخرين أن يكون منصوبا عطفا على الضمير المنصوب في يعلمهم وأن يكون مجرورا عطفا على الاميين قوله وقرأ عمر فامضوا إلى ذكر الله ثبت هذا هنا في رواية الكشميهني وحده وروى الطبري عن عبد الحميد بن بيان عن سفيان عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال ما سمعت عمر يقرؤها قط فامضوا ومن طريق مغيرة عن إبراهيم قال قيل لعمر إن أبي بن كعب يقرؤها فاسعوا قال أما أنه أعلمنا وأقرؤنا للمنسوخ وإنما هي فامضوا وأخرجه سعيد بن منصور فبين الواسطة بين إبراهيم وعمر وأنه خرشة بن الحر فصح الاسناد وأخرجا أيضا من طريق إبراهيم عن عبد الله بن مسعود أنه كان يقرؤها فامضوا ويقول لو كان فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي وأخرجه الطبراني ورجاله ثقات إلا أنه منقطع وللطبراني أيضا من طريق قتادة قال هي في حرف بن مسعود فامضوا قال وهي كقوله إن سعيكم لشتى وقال أبو عبيدة معنى فاسعوا أجيبوا وليس من العدو (4615) قوله حدثنا عبد العزيز كذا لهم غير منسوب قال الجياني وكلام الكلاباذي يقتضي أنه بن أبي حازم سلمة بن دينار قال والذي عندي أنه الدراوردي لان مسلما أخرجه عن قتيبة عن الدراوردي عن ثور قلت وأخرجه الترمذي والنسائي أيضا عن قتيبة وأورده الاسماعيلي وأبو نعيم في مستخرجيهما من طريق قتيبة وجزم أبو مسعود أن البخاري أخرجه عن عبد الله بن عبد الوهاب أنبأنا عبد العزيز الدراوردي كذا فيه وتبعه المزي وظاهره أن البخاري نسبه ولم أر ذلك في شئ من نسخ الصحيح ولم أقف على رواية عبد العزيز بن أبي حازم لهذا الحديث في شئ من المسانيد ولكن يؤيده أن البخاري لم يخرج للدراوردي إلا متابعة أو مقرونا وهو هنا كذلك فإنه صدره برواية سليمان بن بلال ثم تلاه برواية عبد العزيز قوله عن ثور هو بن يزيد المدني وأبو الغيث بالمعجمة والمثلثة اسمه سالم قوله فأنزلت عليه سورة الجمعة وآخرين منهم لما يلحقوا بهم كأنه يريد أنزلت عليه هذه الآية من سورة الجمعة وإلا فقد نزل منها قبل إسلام أبي هريرة الامر بالسعي ووقع في رواية الدراوردي عن ثور عند مسلم نزلت عليه سورة الجمعة فلما قرأ وآخرين منهم قوله قال قلت من هم يا رسول الله في رواية السرخسي قالوا من هم يا رسول الله وفي رواية الاسماعيلي فقال له رجل وفي رواية الدراوردي قيل من هم وفي رواية عبد الله بن جعفر عن ثور عند الترمذي فقال رجل يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا ولم أقف على اسم السائل قوله فلم يراجعوه كذا في نسختي من طريق أبي ذر وفي غيرها فلم يراجعه وهو الصواب أي لم يراجع النبي صلى الله عليه وسلم أي لم يعد عليه جوابه حتى سأله ثلاث مرات ووقع ذلك صريحا في رواية الدراوردي قال فلم يراجعه النبي
[ 493 ]
صلى الله عليه وسلم حتى سأل مرتين أو ثلاثا وفي رواية بن وهب عن سليمان بن بلال حتى سأله ثلاث مرات بالجزم وكذا في رواية عبد الله بن جعفر قوله وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان في رواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة يده على فخذ سلمان قوله لو كان الايمان عند الثريا هي نجم معروف تقدم ذكره في تفسير سورة النجم قوله لناله رجال أو رجل من هؤلاء هذا الشك من سليمان بن بلال بدليل الرواية التي أوردها بعده من غير شك مقتصرا على قوله رجال من هؤلاء وهي عند مسلم والنسائي كذلك وقد أخرجه الاسماعيلي من رواية بن وهب عن سليمان بلفظ لناله رجال من هؤلاء أيضا بغير شك وعبد العزيز المذكور هو الدراوردي كما جزم به أبو نعيم والجياني ثم المزي وقد أخرجه مسلم عن قتيبة عن الدراوردي وجزم الكلاباذي بأنه بن أبي حازم والاول أولى فإن الحديث مشهور عن الدراوردي ولم أر في شئ من المسانيد من حديث أبي حازم والدرا وردي قد أخرج له البخاري في المتابعات غير هذا قوله من أبناء فارس قيل إنهم من ولد هدرام بن أرفخشد بن سام بن نوح وأنه ولد بضعة عشر رجلا كلهم كان فارسا شجاعا فسموا الفرس للفروسية وقيل في نسبهم أقوال أخرى وقال صاعد في الطبقات كان أولهم على دين نوح ثم دخلوا في دين الصابئة في زمن طمهورث فداموا على ذلك أكثر من ألفي سنة ثم تمجسوا على يد زرادشت وقد أطنب أبو نعيم في أول تاريخ أصبهان في تخريج طرق هذا الحديث أعني حديث لو كان الدين عند الثريا ووقع في بعض طرقه عند أحمد بلفظ لو كان العلم عند الثريا وفي بعض طرقه عند أبي نعيم عن أبي هريرة أن ذلك كان عند نزول قوله تعالى وأن تتولوا يستبدل قوما غيركم ويحتمل أن يكون ذلك صدر عند نزول كل من الآيتين وقد أخرج مسلم الحديث مجردا عن السبب من رواية يزيد بن الاصم عن أبي هريرة رفعه لو كان الدين عند الثريا لذهب رجال من أبناء فارس حتى يتناولوه وأخرجه أبو نعيم من طريق سليمان التيمي حدثني شيخ من أهل الشام عن أبي هريرة نحوه وزاد في آخره برقة قلوبهم وأخرجه أيضا من وجه آخر عن التيمي عن أبي عثمان عن سلمان الفارسي بالزيادة ومن طريق أخرى من هذا الوجه فزاد فيه يتبعون سنتي ويكثرون الصلاة علي قال القرطبي وقع ما قاله صلى الله عليه وسلم عيانا فإنه وجد منهم من اشتهر ذكره من حفاظ الآثار والعناية بها ما لم يشاركهم فيه كثير من أحد غيرهم واختلف أهل النسب في أصل فارس فقيل إنهم ينتهي نسبهم إلى جيومرت وهو آدم وقيل أنه من ولد يافث بن نوح وقيل من ذرية لاوي بن سام بن نوح وقيل هو فارس بن ياسور بن سام وقيل هو من ولد هدرام بن أرفخشد بن سام وقيل إنهم من ولد يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم والاول أشهر الاقوال عندهم والذي يليه أرجحها عند غيرهم (0) قوله باب وإذا رأوا تجارة أو لهوا كذا لابي ذر ولغيره وإذا رأوا تجارة حسب قال بن عطية قال انفضوا إليها ولم يقل إليهما اهتماما بالاهم إذ كانت هي سبب اللهو من غير عكس كذا قيل وفيه نظر لان العطف بأولا يثني معه الضمير لكن يمكن أن يدعى أن أو هنا بمعنى الواو على تقدير أن تكون أو على بابها فحقه أن يقول جئ بضمير التجارة دون ضمير اللهو للمعنى الذي ذكره وقد تقدم بيان اختلاف النقلة في سبب انفضاضهم في كتاب الجمعة (4616) قوله حدثني حفص بن عمر هو الحوضي قوله حدثنا حصين بالتصغير هو بن عبد الرحمن قوله عن سالم بن أبي الجعد وعن أبي سفيان عن جابر يعني كلاهما عن جابر وقد
[ 494 ]
تقدم في الصلاة من طريق زائدة عن حصين عن سالم وحده قال حدثنا جابر والاعتماد على سالم وأما أبو سفيان واسمه طلحة بنافع فليس على شرطه وإنما أخرج له مقرونا وقد تقدم له حديث في مناقب سعد بن معاذ قرنه بسالم أيضا وأخرج له حديثين آخرين في الاشربة مقرونين بأبي صالح عن جابر وهذا جميع ماله عنده قوله أقبلت عير بكسر المهملة وسكون التحتانية تقدم الكلام عليها في كتاب الجمعة مع بقية شرح هذا الحديث ولله الحمد قوله فثار الناس الا اثنا عشر رجلا وقع عند الطبري من طريق قتادة الا أثنى عشر رجلا وامرأة وهو أصح مما روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال لم يبق معه إلا رجلان وامرأة ووقع في الكشاف أن الذين بقوا ثمانية أنفس وقيل أحد عشر وقيل اثنا عشر وقيل أربعون والقولان الاولان لا أصل لهما فيما وقفت عليه وقد مضى استيفاء القول في هذا أيضا في كتاب الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم (0) صلى الله عليه وسلم قوله إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله إلى لكاذبون (0) قوله سورة المنافقين بسم الله الرحمن الرحيم باب قوله إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله الآية وساق غير أبي ذر الآية إلى قوله لكاذبون (4617) قوله عن أبي إسحاق هو السبيعي ولاسرائيل فيه إسناد آخر أخرجه الترمذي والحاكم من طريقه عن السدي عن أبي سعد الازدي عن زيد بن أرقم قوله عن زيد بن أرقم سيأتي بعد بابين من رواية زهير بن معاوية عن أبي إسحاق تصريحه بسماعه له من زيد قوله كنت في غزاة زاد بعد باب من وجه آخر عن إسرائيل مع عمي وهذه الغزاة وقع في رواية محمد بن كعب عن زيد بن أرقم عند النسائي أنها غزوة تبوك ويؤيده قوله في رواية زهير المذكورة في سفر أصاب الناس فيه شدة وأخرج عبد بن حميد بإسناد صحيح عن سعيد بن جبير مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل منزلا لم يرتحل منه حتى يصلي فيه فلما كان غزوة تبوك نزل منزلا فقال عبد الله بن أبي فذكر القصة والذي عليه أهل المغازي أنها غزوة بني المصطلق وسيأتي قريبا في حديث جابر ما يؤيده وعند بن عائذ وأخرجه الحاكم في الاكليل من طريقه ثم من طريق أبي الاسود عن عروة أن القول الآتي ذكره صدر من عبد الله بن أبي بعد أن قفلوا قوله فسمعت عبد الله بن أبي هو بن سلول رأس النفاق وقد تقدم خبره في تفسير براءة قوله يقول لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله هو كلام عبد الله بن أبي ولم يقصد الراوي بسياقه التلاوة وغلط بعض الشراح فقال هذا وقع في قراءة بن مسعود وليس في المصاحف المتفق عليها فيكون على سبيل البيان من بن مسعود قلت ولا يلزم من كون عبد الله بن ابي قالها قبل أن ينزل القرآن بحكاية جميع كلامه قوله ولئن رجعنا كذا للاكثر وللكشميهني ولو رجعنا والاول أولى وبعد الواو محذوف تقديره سمعته يقول ووقع في الباب الذي بعده وقال لئن رجعنا وهو يؤيد ما قلته وفي رواية محمد بن كعب عن زيد بعد باب وقال أيضا لئن رجعنا وسيأتي في حديث جابر سبب قول عبد الله بن أبي ذلك قوله فذكرت ذلك لعمي أو لعمر كذا بالشك وفي سائر الروايات الآتية لعمبلا شك وكذا عند الترمذي من طريق أبي سعد الازدي عن زيد ووقع عند الطبراني وابن مردويه أن المراد بعمه سعد بن عبادة وليس عمه حقيقة وإنما هو سيد قومه الخزر وعم زيد بن أرقم الحقيقي ثابت بن قيس له صحبة وعمه زوج أمه عبد الله بن رواحة خزرجي
[ 495 ]
أيضا ووقع في مغازي أبي الاسود عن عروة أن مثل ذلك وقع لاوس بن أرقم فذكره لعمر بن الخطاب سبب الشك في ذكر عمر وجزم الحاكم في الاكليل أن هذه الرواية وهم الصواب زيد بن أرقم قلت ولا يمتنع تعدد المخبر بذلك عن عبد الله بن أبي إلا أن القصة مشهورة لزيد بن أرقم وسيأتي من حديث أنس قريبا ما يشهد لذلك قوله فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم أي ذكره عمي وكذا في الرواية التي بعده هذه ووقع في رواية بن أبي ليلى عن زيد فأخبرت به النبي صلى الله عليه وسلم وكذا في مرسل قتادة فكأنه أطلق الاخبار مجازا لكن في مرسل الحسن عن عبد الرزاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلك أخطأ سمعك لعلك شبه عليك فعلى هذا لعله راسل بذلك أولا على لسان عمه ثم حضر هو فأخبر قوله فخلفوا ما قالوا في رواية زهير فأجهد يمينه والمراد به عبد الله بن أبي وجمع باعتبار من معه ووقع في رواية أبي الاسود عن عروة فبعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عبد الله بن أبي فسأله فحلف بالله ما قال من ذلك شيئا قوله فكذبني بالتشديد في رواية زهير فقالوا كذب زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا بالتخفيف ورسول الله بالنصب على المفعولية وقد تقدم تحقيقه في الكلام على حديث أبي سفيان في قصة هرقل وفي رواية بن أبي ليلى عن زيد عند النسائي فجعل الناس يقولون أتى زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكذب قوله وصدقه وفي الرواية التي بعدها فصدقهم وقد مضى توجيهها قوله فأصابني هم في رواية زهير فوقع في نفسي شدة وفي رواية أبي سعد الازدي عن زيد فوقع علي من الهم ما لم يقع على أحد وفي رواية محمد بن كعب فرجعت إلى المنزل فنمت زاد الترمذي في روايته فنمت كئيبا حزينا وفي رواية بن أبي ليلى حتى جلست في البيت مخافة إذا رآني الناس أن يقولوا كذبت قوله فقال لي عمي ما أردت إلى أن كذبك كذا للاكثر وذكر أبو على الجياني أنه وقع في رواية الاصيلي عن الجرجاني فقال لي عم قال الجياني والصواب عمي كما عند الجماعة انتهى وقد ذكرت قبل ذلك ما يقتضي احتمال ذلك قوله ومقتك في رواية لمحمد بن كعب فلامني الانصار وعند النسائي من طريقه ولامني قومي قوله فأنزل الله في رواية محمد بن كعب فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بالوحي وفي رواية زهير حتى أنزل الله وفي رواية أبي الاسود عن عروة فبينما هم يسيرون أبصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوحى إليه فنزلت وفي رواية أبي سعد قال فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خفقت برأسي من الهم أتاني فعرك بإذني وضحك في وجهي فلحقني أبو بكر فسألني فقلت له فقال أبشر ثم لحقني عمر مثل ذلك فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين قوله إذا جاءك المنافقون زاد آدم إلى قوله هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله إلى قوله ليخرجن الاعز منها الاذل وهو يبين أن رواية محمد بن كعب مختصرة حيث اقتصر فيها على قوله ونزل هم الذين يقولون لا تنفقوا الآية لكن وقع عند النسائي من طريقه فنزلت هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا حتى بلغ لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل قوله ان الله قد صدقك يا زيد وفي مرسل الحسن فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذن الغلام فقال وفت أذنك يا غلام مرتين زاد زهير في روايته فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم وسيأتي شرحه بعد ثلاثة أبواب وفي الحديث من الفوائد ترك مؤاخذة كبراء القوم بالهفوات لئلا ينفر أتباعهم والاقتصار على
[ 496 ]
معاتباتهم وقبول أعذارهم وتصديق أيمانهم وأن كانت القرائن ترشد إلى خلاف ذلك لما في ذلك من التأنيس والتأليف وفيه جواز تبليغ ما لا يجوز للمقول فيه ولا يعنميمة مذمومة إلا إن قصد بذلك الافساد المطلق وأما إذا كانت فيه مصلحة ترجح على المفسدة فلا (0) قوله باب قوله اتخذوا أيمانهم جنة يجتنون بها قال عبد بن حميد حدثني شبابة عن ورقاء عن بن أبي نجيح عن مجاهد في قوله اتخذوا أيمانهم جنة قايجتنون أنفسهم وأخرجه الطبري من وجه آخر عن بن أبي نجيح باللفظ الذي ذكره المصنف ثم ساق حديث زيد بن أرقم وقد تقدم شرحه في الذي قبله مستوفي (0) قوله ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون (0) صلى الله عليه وسل مقوله باب قوله ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا ساق إلى قوله لا يفقهون (4619) قوله سمعت محمد بن كعب القرظي زاد الترمذي في روايته منذ أربعين سنة قوله أخبرت به النبي صلى الله عليه وسلم أي على لسان عمي جمعا بين الروايتين ويحتمل أن يكون هو أيضا أخبر حقيقة بعد أن أنكر عبد الله بن أبي ذلك كما تقدم قوله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضم همزة أتى أي بالوحي قوله وقال بن أبي زائدة هو يحيى بن زكريا بن أبي زائدة وطريقه هذه وصلها النسائي وقد بينت ما فيه من فائد قبل قوله فيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن زيد بن أرقم كذا رواه الاعمش عن عمرو بن مرة عنه وقد رواه شعبة عن عمرو بن مرة فقال عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم فكأن لعمرو بن مرة فيه شيخين (0) قوله باب وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى يؤفكون ذكر فيه حديث زيد بن أرقم من رواية زهير عن أبي إسحاق نحو رواية إسرائيل عنه كما تقدم بيان ذلك وقال في آخره حتى أنزل الله عزوجل تصديقي في إذا جاءك المنافقون فدعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم قوله وقوله خشب مسندة قال كانوا رجالا أجمل شئ هذا تفسير لقوله تعجبك أجسامهم وخشب مسندة تمثيل لاجسامهم ووقع هذا في نفس الحديث وليس مدرجا فقد أخرجه أبو نعيم من وجه آخر عن عمرو بن خالد شيخ البخاري فيه بهذه الزيادة وكذا أخرجه الاسماعيلي من وجه آخر عن زهير تنبيه قرأ الجمهور خشب بضمتين وأبو عمرو والاعمش والكسائي بإسكان الشين (0) قوله وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ؟ ؟ حركوا استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ويقرأ بالتخفيف من لويت (0) قوله باب قوله وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم إلى قوله مستكبرون كذا لابي ذر وساق غيره الآية كلها في مرسل سعيد بن جبى
[ 497 ]
ر وجاء عبد الله بن أبي فجعل يعتذر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم تب فجعل يلوي رأسه فنزلت قوله حركوا استهزءوا بالنبي صلى الله عليه وسلم ويقرأ بالتخفيف من لويت يعني لووا وهي قراءة نافع وقرأ الباقون بالتثقيل ثم ذكر حديث زيد بن أرقم من وجه آخركما مضى بيانه ووقع لاكثر الرواة مختصرا من أثنائه وساقه أبو ذر تاما إلا (4621 رضي الله تعالى عنها قوله وصدقهم وقد تعقبه الاسماعيلي بأنه ليس في السياق الذي أورده خصوص ما ترجم به والجواب أنه جرى على عادته في الاشارة إلى أصل الحديث ووقع في مرسل الحسن فقال قوم لعبد الله بن أبي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه فنزلت وكذا أخرج عبد بن حميد من طريق قتادة ومن طريق مجاهد ومن طريق عكرمة أنها نزلت في عبد الله بن أبي (0) قوله سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين (0) قوله باب قوله سواء عليهم أستغفرت لهم الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية وأخرج الطبري من طريق العوفي عن بن عباس قال أنزلت هذه الآية بعد التي في التوبة استغفر لهم أو لا تستغفر لهم أن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم (4622) قوله قال عمرو وقع في آخر الباب قال سفيان فحفظته من عمرو قال فذكره ووقع رواية الحميدي الآتية بعد باب حفظناه من عمرو قوله كنا في غزاة قال سفيان مرة في جيش وسمي بن إسحاق هذه الغزوة غزوة بني المصطلق وكذا وقع عن الاسماعيلي من طريق بن أبي عمر عن سفيان قال يرون أن هذه الغزاة غزاة بني المصطلق وكدا في مرسل عروة الذي سأذكره قوله فكسع رجل الكسع يأتي تفسيره بعد باب والمشهور فيه أنه ضرب الدبر باليد أو بالرجل ووقع عند الطبري من وجه آخر عن عمرو بن دينار عن جابر أن رجلا من المهاجرين كسع رجلا من الانصار برجله وذلك عند أهل اليمن شديد والرجل المهاجري هو جهجاه بن قيس ويقال بن سعيد الغفاري وكان مع عمر بن الخطاب يقود له فرسه والرجل الانصاري هو سنان بن وبرة الجهني حليف الانصار وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلا أن الانصاري كان حليفا لهم من جهينة وأن المهاجري كان من غفار وسماهما بن إسحاق في المغازي عن شيوخه وأخرج بن أبي حاتم من طريق عقيل عن الزهري عن عروة بن الزبير وعمرو بن ثابت أنهما أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة المربيع وهي التي هدم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مناة الطاغية التي كانت بين قفا المشلل وبين البحر فاقتتل رجلان فاستعلى المهاجري على الانصاري فقال حليف الانصار يا معشر الانصار فتداعوا إلى أن حجز بينهم فانكفأ كل منافق إلى عبد الله بن أبي فقالوا كنت ترجى وتدفع فصرت لا تضر ولا تنفع فقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل فذكر القصة بطولها وهو مرسل جيد واتفقت هذه الطرق على أن المهاجري واحد ووقع في حديث أبي الزبير عن جابر عند مسلم اقتتل غلامان من المهاجرين وغلام من الانصار فنادى المهاجري يا للمهاجرين ونادي الانصاري يا للانصار فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا أدعوى الجاهلية قالوا لا إن غلامين اقتتلا فكسع أحدهما الآخر فقال لا بأس ولينصرن الرجل أخاه ظالما أو مظلوما الحديث ويمكن تأويل هذه الرواية بان قوله من المهاجرين بيان لاحد الغلامين والتقدير اقتتل غلامان غلام من المهاجرين وغلام من الانصار فحذف لفظ غلام من الاول ويؤيده قوله في بقية الخبر فقال المهاجري فافرده فتتوافق الروايات ويستفاد من قوله لا بأس جواز القول المذكو
[ 498 ]
بالقصد المذكور والتفصيل المبين لا على ما كانوا عليه في الجاهلية من نصرة من يكون من القبيلة مطلقا وقد تقدم شرح قوله انصر أخاك ظالما أو مظلوما مستوفى في باب أعن أخاك من كتاب المظالم قوله يا للانصار بفتح اللام وهي للاستغاثة أي أغيثوني وكذا في قول الآخر يا للمهاجرين قوله دعوها فإنها منتنة أي دعوة الجاهلية وأبعد من قال المراد الكسعة ومنتنة بضم الميم وسكون النون وكسر المثناة من النتن أي أنها كلمة قبيحة خبيثة وكذا ثبتت في بعض الروايات قوله فعلوها هو استفهام بحذف الاداة أي أفعلوها أي الاثرة أي شركناهم فيما نحن فيه فأرادوا الاستبداد به علينا وفي مرسل قتادة فقال رجل منهم عظيم النفاق ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك وعند بن إسحاق فقال عبد الله بن أبي أقد فعلوها نافرونا وكاثرونا في بلادنا والله ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل سمن كلبك يأكلك قوله فقام عمر فقال يا رسول الله دعني أضرب عنقه في مرسل قتادة فقال عمر مر معاذا أن يضرب عنقه وإنما قال ذلك لان معاذا لم يكن من قومه قوله دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه أي أتباعه ويجوز في يتحدث الرفع على الاستئاف والكسر على جواب الامر وفي مرسل قتادة فقال لا والله لا يتحدث الناس زاد بن إسحاق فقال مر به معاذ بن بشر بن وقش فليقتله فقال لا ولكن أذن بالرحيل فراح في ساعة ما كان يرحل فيها فلقيه أسيد بن حضير فسأله عن ذلك فأخبره فقال فأنت يا رسول الله الاعز وهو الاذل قال وبلغ عبد الله بن عبد الله بن أبي ما كان من أمر أبيه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بلغي إنك تريد قتل أبي فيما بلغك عنه فإن كنت فاعلا فمرني به فأنا أحمل إليك رأسه فقال بل ترفق به وتحسن صحبته قال فكان بعد ذلك إذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين ينكرون عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر كيف ترى ووقع في مرسل عكرمة عند الطبري أن عبد الله بن عبد الله بن أبي قال للنبي صلى الله عليه وسلم إن ولدي يؤذي الله ورسوله فذرني حتى أقتله قال لا تقتل أباك قوله ثم إن المهاجرين كثروا بعد هذا مما يؤيد تقدم القصة ويوضح وهم من قال إنها كانت بتبوك لان المهاجرين حينئذ كانوا كثيرا جدا وقد انضافت إليهم مسلمة الفتح في غزوة تبوك فكانوا حينئذ أكثر من الانصار والله أعلم (0) قوله هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ؟ ؟ ولله خزائن السماوات والارض ولكن المنافقين لا يفقهون (0) قوله باب قوله هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا كذا لهم وزاد أبو ذر الآية قوله ينفضوا يتفرقوا سقط هذا لابي ذر قال أبو عبيدة في قوله حت ينفضوا حتى يتفرقوا ووقع في رواية زهير سبب قول عبد الله بن أبي ذلك وهو قوله خرجنا في سفر أصاب الناس فيه شدة فقال عبد الله بن أبي لا تنفقوا الآية فالذي يظهر أن قوله لا تنفقوا كان سببه الشدة التي أصابتهم وقوله ليخرجن الاعز منها الاذل سببه مخاصمة المهاجري والانصاري كما تقدم في حديث جابر قوله الكسع أن تضرب بيدك على شئ أو برجلك ويكون أيضا إذا رميته بسوء كذا لابي ذر عن الكشميهني وحده وحق هذا أن يذكر قبل الباب أو في الباب الذي يليه لن الكسع إنما وقع في حديث جابر قال بن التين الكسع أن تضرب بيدك على دبر شئ أو برجلك وقال القرطبي أن تضرب عجز إنسان بقدمك وقيل الضرب بالسيف على المؤخر وقال بن القطاع كسع القوم ضرب أدبارهم بالسيف وكسع الرجل ضرب دبره بظهر قدمه وكذا إذا تكلم فأثر بكلامه بما ساءه ونحوه في تهذيب الازهري (4623) قوله حدثنا إسماعيل بن
[ 499 ]
عبد الله هو بن أبي أويس قوله حدثني عبد الله بن الفضل أي بن العباس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي تابعي صغير مدني ثقة ما له في البخاري عن أنس إلا هذا الحديث وهو من أقران موسى بن عقبة الراوي عنه قوله حزنت على من أصيب بالحرة هو بكسر الزاي من الحزن زاد الاسماعيلي من طريق محمد بن فليح عن موسى بن عقبة من قومي وكانت وقعة الحرة في سنة ثلاث وستين وسببها أن أهل المدينة خلعوا بيعة يزيد بن معاوية لما بلغهم ما يتعمده من الفساد فأمر الانصار عليهم عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر وأمر المهاجرون عليهم عبد الله بن مطيع العدوي وأرسل إليهم يزيد من معاوية مسلم بن عقبة المري في جيش كثير فهزمهم واستباحوا المدينة وقتلوا بن حنظلة وقتل من الانصار شئ كثير جدا وكان أنس يومئذ بالبصرة فبلغه ذلك فحزن على من أصيب من الانصار فكتب إليه زيد بن أرقم وكان يومئذ بالكوفة يسلى ومحصل ذلك أن الذي يصير إلى مغفرة الله لا يشتد الحزن عليه فكان ذلك تعزية لانس فيهم قوله وشك بن الفضل في أبناء أبناء الانصار رواه النضر بن أنس عن زيد بن أرقم مرفوعا اللهم اغفر للانصار ولابناء الانصار وأبناء أبناء الانصار أخرجه مسلم من طريق قتادة عنه من غير شك وللترمذي من رواية على بن زيد عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم أنه كتب إلى أنس بن مالك يعزيه فيمن أصيب من أهله وبني عمه يوم الحرة فكتب إليه إني أبشرك ببشرى من الله أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر للانصار ولذراري الانصار ولذراري ذراريهم قوله فسأل أنسا بعض من كان عنده هذا السائل لم أعرف اسمه ويحتمل أن يكون النضر بن أنس فإنه روى حديث الباب عن زيد بن أرقم كما ترى وزعم بن التين أنه وقع عند القابسي فسأل أنس بعض بالنصب وأنس بالرفع على أنه الفاعل والاول هو الصواب قال القابسي الصواب أن المسئول أنس قوله أوفى الله له بأذنه أي بسمعه وهو بضم الهمزة والدال المعجمة ويجوز فتحهما أي أظهر صدقة فيما أعلم به والمعنى أوفى صدقة وقد تقدم في الكلام على حديث جابر أن في مرسل الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بإذنه فقال وفي الله بإذنك يا غلام كأنه جعل أذنه ضامنة بتصديق ما ذكرت أنها سمعت فلما نزل القرآن بتصديقه صارت كأنها واقية بضمانها تكميل وقع في رواية الاسماعيلي في آخر هذا الحديث من رواية محمد بن فليح عن موسى بن عقبة قال بن شهاب سمع زيد بن أرقم رجلا من المنافقين يقول والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب لئن كان هذا صادقا لنحن شر من الحمير فقال زيد قد والله صدق ولانت شر من الحمار ورفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجحده القائل فأنزل الله على رسوله يحلفون بالله ما قالوا الآية فكان مما انزل الله في هذه الآية تصديقا لزيد انتهى وهذا مرسل جيد وكأن البخاري حذفه لكونه على غير شرطه ولا مانع من نزول الآيتين في القصتين في تصديق زيد (0) قوله باب يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل الآية كذا لابي ذر وساق غيره الآية إلى يعلمون ذكر فيه حديث جابر الماضي وقد تقدم شرحه قبل بباب ولعله أشار بالترجمة إلى ما وقع في آخر الحديث المذكور فإن الترمذي لما أخرجه عن بن أبي سفيان
[ 500 ]
بإسناد حديث الباب قال في آخره وقال غير عمرو فقال له ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي والله لا ينقلب أبي إلى المدينة حتى تقول إنك أنت الذليل ورسول الله صلى الله عليه وسلم العزيز ففعل وهذه الزيادة أخرجها بن إسحاق في المغازي عن شيوخه وذكرها أيضا الطبري من طريق عكرمة (0) قوله سورة التغابن والطلاق كذا لابي ذر ولم يذكر غيره والطلاق بل اقتصروا على التغابن وأفردوا الطلاق بترجمة وهو الاليق لمناسبة ما تقدم قوله وقال علقمة عن عبد الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه الخ أي يهتدي إلى التسليم فيصبر ويشكر وهذا التعليق وصله عبد الرزاق عن بن عيينة عن الاعمش عن أبي ظبيان عن علقمة مثله لكن لم يذكر بن مسعود وكذا أخرجه الفريابي عن الثوري وعبد بن حميد عن عمر بن سعد عن الثوري عن الاعمش والطبري من طريق عن الاعمش نعم أخرجه البرقاني من وجه آخر فقال عن علقمة قال شهدنا عنده يعني عند عبد الله عرض المصاحف فأتى على هذه الآية ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال هي المصيبات تصيب الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم ويرضى وعند الطبري من طريق على بن أبي طلحة عن بن عباس قال المعنى يهدي قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه قوله وقال مجاهد التغابن غبن أهل الجنة أهل النار كذا لابي ذر عن الحموي وحده وقد وصله الفريابي وعبد بن حميد من طريق مجاهد وغبن بفتح المعجمة والموحدة وللطبري من طريق شعبة عن قتادة يوم التغابن يوم غبن أهل الجنة أهل النار أي لكون أهل الجنة بايعوا على الاسلام بالجنة فربحوا وأهل النار امتنعوا من الاسلام فخسروا فشبهوا بالمتبايعين يغبن أحدهما الآخر في بيعه ويؤيد ذلك ما سيأتي في الرقاق من طريق الاعرج عن أبي هريرة رفعه لا يدخل أحد الجنة إلا أرى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرا ولا يدخل أحد النار إلا أرى مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة (0) قوله سورة الطلاق كذا لهم وسقط لابي ذر قوله وقال مجاهد وبال أمرها جزاء أمرها كذا لهم وسقط لابي ذر أيضا وصله عبد بن حميد أيضا من طريقه قوله إن ارتبتم أن لم تعلموا أتحيض أم لا تحيض فاللائي قعدن عن المحيض واللائي لم يحضن بعد فعدتهن ثلاثة أشهر كذا لابي ذر عن الحموي وحده عقب قول مجاهد في التغابن وقد وصله الفريابي بلفظه من طريق مجاهد ولابن المنذر من طريق أخرى عن مجاهد التي كبرت والتي لم تبلغ (4625) قوله أنه طلق امرأته في رواية الكشميهني أنه طلق امرأة له وسيأتي شرحه مستوفى في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى (0) قوله وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرا كذا للجميع وأولات الاحمال وأحدها ذات حمل (0) ؟ ؟ قوله وأولات وأحدها ذات حمل هو قول أبي عبيدة (4626) قوله جاء رجل إلى بن عباس لم أقف على اسمه قوله آخر الاجلين أي يتربصن أربعة أشهر وعشرا ولو وضعت قبل ذلك فإن مضت ولم تضع تتربص إلى أن تضع وقد قال بقول بن عباس هذا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ونقل عن سحنون أيضا ووقع
[ 501 ]
عند الاسماعيلي قيل لابن عباس في امرأة وضعت بعد وفازوجها بعشرين ليلة أيصلح أن تتزوج قال لا إلى آخر الاجلين قال أبو سلمة فقلت قال الله وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن قال إنما ذاك في الطلاق وهذا السياق أوضح لمقصود الترجمة لكن البخاري على عادته في إيثار الاخفى على الاجلى وقد أخرج الطبري وابن أبي حاتم بطرق متعددة إلى أبي بن كعب أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن المطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها زوجها قال هي للمطلقة ثلاثا أو المتوفى عنها وهذا المرفوع وأن كان لا يخلو شئ من أسانيده عمن قال لكن كثرة طرقه تشعر بان له أصلا وبعضه قصة سبيعة المذكورة قوله قال أبو هريرة أنا مع بن أخي يعني أبا سلمة أي وافقه فيما قال قوله فأرسل كريبا هذا السياق ظاهره أن أبا سلمة تلقى ذلك عن كريب عن أم سلمة وهو المحفوظ وذكر الحميدي في الجمع أن أبا مسعود ذكره في الاطراف في ترجمة أبي سلمة عن عائشة قال الحميدي وفيه نظر لان الذي عندنا من البخاري فأرسل بن عباس غلامه كريبا فسألها لم يذكر لها اسما كذا قال والذي وقع لنا ووقفت عليه من جميع الروايات في البخاري في هذا الموضع فأرسل بن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمة وكذا عند الاسماعيلي من وجه آخر عن يحيى بن أبي كثير وقد ساقه مسلم من وجه آخر فأخرجه من طريق سليمان بن يسار أن أبا سلمة بن عبد الرحمن وابن عباس اجتمعا عند أبي هريرة وهما يذكران المرأة تنفس بعد وفاة زوجها بليالي فقال بن عباس عدتها آخر الاجلين فقال أبو سلمة قد حلت فجعلا يتنازعان فقال أبو هريرة أنا مع بن أخي فبثوا كريبا مولى بن عباس إلى أم سلمة يسألها عن ذلك فهذه القصة معروفة لام سلمة قوله فقالت قتل زوج سبيعة كذا هنا وفي غير هذه الرواية أنه مات وهو المشهور واستغنت أم سلمة بسياق قصة سبيعة عن الجواب بلا أو نعم لكنه اقتضى تصويب قول أبي سلمة وسيأتي الكلام على شرح قصة سبيعة في كتاب العدد إن شاء الله تعالى قوله وقال سليمان بن حرب وأبو النعمان وهو محمد بن الفضل المعروف بعارم كلاهما من شيوخ البخاري لكن ذكره الحميدي وغيره في التعليق وأغفله المزي في الاطراف مع ثبوته هنا في جميع النسخ وقد وصله الطبراني في المعجم الكبير عن علي بن عبد العزيز عن أبي النعمان بلفظه ووصله البيهقي من طريق يعقوب بن سفيان عن سليمان بن حرب قوله عن محمد هوبن سيرين قوله كنت في حلقة فيها عبد الرحمن بن أبي ليلى وكان أصحابه يعظمونه تقدم في تفسير البقرة من طريق عبد الله بن عون عن بن سيرين بلفظ جلست إلى مجلس من الانصار فيه عظم من الانصار قوله فذكروا له فذكر آخر الاجلين أي ذكروا له الحامل تضع بعد وفاة زوجها قوله فحدثت بحديث سبيعة بنت الحارث عن عبد الله بن عتبة أي بن مسعود وساق الاسماعيلي من وجه آخر عن حماد بن زيد بهذا الاسناد قصة سبيعة بتمامها وكذا صنع أبو نعيم قوله فضمز بضاد معجمة وميم ثقيلة وزاي قال بن التين كذا في أكثر النسخ ومعناه أشار إليه أن اسكت ضمز الرجل إذا عض على شفتيه ونقل عن أبي عبد الملك أنها بالراء المهملة أي انقبض وقال عياض وقع عند الكشميهني كذلك وعند غيره من شيوخ أبي ذر وكذا عند القابسي بنون بدل الزاي وليس له معنى معروف في كلام العرب قال ورواية الكشميهني أصوب يقال ضمرني أسكتني وبقية الكلام يدل عليه قال وفي رواية بن السكن فغمض لي أي أشار بتغميض عينيه أن أسكت قلت الذي يفهم من سياق
[ 502 ]
الكلام أنه أنكر عليه مقالته من غير أن يواجهه بذلك بدليل قوله ففطنت له وقوله فاستحيا فلعلها فغمز بغين معجمة بدل الضاد أو فغمص بصاد مهملة في آخره أي عابه ولعل الرواية المنسوبة لابن السكن كذلك قوله إني إذا لجرئ في رواية هشام عن بن سيرين عن عبد بن حميد إني