الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج29
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات

بسم الله الرحمن الرحيم
الفصل الحادي عشر:
الكيد السفياني في حديث المباهلة
إهمال ذكر علي ×:
إن إشراك علي، والحسنين، وفاطمة "عليهم السلام" في المبالهلة مما تواترت به الأخبار، واجتمعت عليه كلمة المسلمين، فقد قال الطبرسي: "أجمع المفسرون على أن المراد بأبنائنا: الحسن والحسين"([1]).
وقال الطوسي: "أجمع أهل النقل والتفسير على ذلك"([2]).
وقال الرازي وغيره: "هذا الحديث كالمتفق عليه بين أهـل التفسير والحديث"([3]).
وقال الجصاص: "نقل رواة السيرة، ونقلة الأثر، ولم يختلفوا في أن النبي "صلى الله عليه وآله" أخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضي الله عنهم، ثم دعا النصارى الذين حاجوه في المباهلة"([4]).
وقال الحاكم: "تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخذ يوم المباهلة بيد علي والحسن والحسين، وجعلوا فاطمة وراءهم الخ.."([5]).
غير أننا نجد في مقابل ذلك: أن ابن كثير تبعاً للشعبي لم يذكر علياً "عليه السلام" في حديث المباهلة([6]).
قال الطبري في تفسيره: "حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، قال: فقلت للمغيرة: إن الناس يروون في حديث أهل نجران أن علياً كان معهم، فقال: أما الشعبي فلم يذكره، فلا أدري، لسوء رأي بني أمية في علي، أو لم يكن في الحديث"؟([7]).
ونقول:
والصحيح هو الأول؛ لأن ذكره في الحديث متواتر ولا شك. ولكنهم حين لم يجدوا مبرراً لإقحام أي من محبيهم في هذا الحدث الهام جداً، ولم يمكنهم إنكار أو دلالة هذا الحدث على عظيم فضل أمير المؤمنين، إلى حد أنه يجعله أفضل من سائر الأنبياء باستثناء نبينا الأعظم "صلى الله عليه وآله"، لجأوا إلى ما ربما يثير شبهة، أو على الأقل يبعد علياً "عليه السلام" عن الذاكرة، إلى أن يجدوا مخرجاً من هذه الورطة، وكان الشعبي هو الرائد في تنفيذ هذه الرغبة.. فله موقف بين يدي الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وسيجد فيه أن تجاهله هذا لعلي "عليه السلام" سيجر عليه من البلاء ما لا قبل له به ولا قدرة له على تحمله.
أبو بكر وعمر وحفصة وعائشة في المباهلة:
وقد ذكر بعضهم: أن عمر قال للنبي "صلى الله عليه وآله": "لو لاعنتهم بيد من تأخذ؟!
قال: آخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين، وعائشة، وحفصة. وهذا (أي زيادة عائشة وحفصة) يدل علىه قوله تعالى: {وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ}([8])"([9]).
وعن الصادق "عليه السلام" عن أبيه، في هذه الآية: {تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ}([10]) قال: "فجاء بأبي بكر وولده، وبعمر وولده، وبعثمان وولده، وبعلي وولده" والظاهر: أن الكلام في جماعة من المؤمنين([11]).
ونقول:
1 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخذ بيد علي وفاطمة والحسنين "عليهم السلام"، فعلاً، ولم يأخذ بيد عائشة ولا حفصة..
2 ـ إن كلمة: "ونساءنا ونساءكم" لا تقتضي إضافة عائشة وحفصة، وسيأتي توضيح ذلك، لأن المقصود هو إشراك جنس المرأة الكاملة التي هي المثل الأعلى للتربية الإلهية، وليس ذلك غير الزهراء "عليها السلام"، وليس المراد مطلق امرأة حتى لو قادت حروباً بين المسلمين، وضد إمام زمانها بالذات..
وسيأتي: أن لذلك نظائر في الآيات القرآنية، التي تتحدث عن جماعة ويكون المقصود بها أفراد بأشخاصهم، كآية التطهير، وآيات أخرى..
3 ـ إن حديث مجيئه "صلى الله عليه وآله" بأبي بكر، وعمر وعثمان، وعلي وولدهم بالإضافة إلى أنه مما تكذِّبه الروايات المتواترة، قد جاء موافقاً لترتيب الخلافة.
واللافت: أن أحداً من أتباع الخلفاء ومحبيهم لم يذكر هذه الرواية ولا أشار إليها في سياق تشكيكاتهم بصحة أو بدلالة حديث المباهلة.. فكيف فاتهم ذلك، حتى انفرد به الإمام الصادق "عليه السلام" حسبما نسبه إليه ابن عساكر؟!
4 ـ قد المحت بعض النصوص المتقدمة إلى أنه "صلى الله عليه وآله" قد أخرج فاطمة "عليها السلام" دون سائر نسائه، حيث قالت: "وفاطمة تمشي خلف ظهره للملاعنة وله يومئذٍ عدة نسوة". أي أنه أخرجها دون نسائه رغم تعددهن، وذلك يدل على عدم صحة إضافة كلمتي: "وعائشة وحفصة" إلى الجماعة التي أخرجها "صلى الله عليه وآله" إلى المباهلة.
البعض يفتئت ويناقش:
وقد حاول البعض التشكيك في حديث المباهلة، بأنحاء أخرى، فنقل عن أستاذه الشيخ محمد عبده: "أن الروايات متفقة على أن النبي "صلى الله عليه وآله" اختار للمباهلة علياً وفاطمة وولديهما. ويحملون كلمة "نساءنا" على فاطمة، وكلمة "أنفسنا" على علي فقط".
ومصادر هذه الروايات الشيعة، ومقصدهم منها معروف، وقد اجتهدوا في ترويجها ما استطاعوا، حتى راجت على كثير من أهل السنة.
ولكن واضعيها لم يحسنوا تطبيقها على الآية، فإن كلمة "نساءنا" لا يقولها العربي ويريد بها بنته، لا سيما إذا كان له أزواج، ولا يفهم هذا من لغتهم.
وأبعد من ذلك أن يراد بأنفسنا علي عليه الرضوان.
ثم إن وفد نجران الذين قالوا: إن الآية نزلت فيهم، لم يكن معهم نساؤهم وأولادهم.
وكل ما يفهم من الآية أمر النبي "صلى الله عليه وآله" أن يدعو المحاجين والمجادلين في عيسى من أهل الكتاب إلى الإجتماع رجالاً ونساءً، وأطفالاً، ويبتهلون إلى الله بأن يلعن هو الكاذب فيما يقول عن عيسى.
وهذا الطلب يدل على قوة يقين صاحبه، وثقته بما يقول. كما يدل امتناع من دعوا إلى ذلك من أهل الكتاب، سواء كانوا نصارى نجران أو غيرهم، على امترائهم في حجاجهم، ومماراتهم فيما يقولون، وزلزالهم فيما يعتقدون، وكونهم على غير بينة ولا يقين. وأنى لمن يؤمن بالله أن يرضى بأن يجتمع مثل هذا الجمع من الناس المحقين والمبطلين في صعيد واحد، متوجهين إلى الله تعالى في طلب لعنه، وإبعاده من رحمته؟! وأي جراءة على الله، واستهزاء بقدرته وعظمته أقوى من هذا؟!
قال: أما كون النبي "صلى الله عليه وآله" والمؤمنين كانوا على يقين مما يعتقدون في عيسى "عليه السلام" فحسبنا في بيانه قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ}([12]) فالعلم في هذه المسائل الإعتقادية لا يراد به إلا اليقين.
وفي قوله: {نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ..}([13]) وجهان:
أحدهما: أن كل فريق يدعو الآخر، فأنتم تدعون أبناءنا، ونحن ندعو أبناءكم، وهكذا الباقي.
وثانيهما: أن كل فريق يدعو أهله، فنحن المسلمين ندعو أبناءنا ونساءنا وأنفسنا، وأنتم كذلك.
ولا إشكال في وجه من وجهي التوزيع في دعوة الأنفس، وإنما الإشكال فيه على قول الشيعة ومن شايعهم من القول بالتخصيص([14]).
ونقول:
إن هذه المناقشات ظاهرة الوهن بينة السقوط، فلاحظ ما يلي:
أولاً: إن ما زعمه من أن مصادر هذا الحديث هم الشيعة غير صحيح، فإن هذا الحديث قد روي في صحاح أهل السنة ومجاميعهم الحديثية والتفسيرية. ومن غير المعقول أن يكون الشيعة قد دسوا هذه الروايات في تلك المجاميع.. إذ إن ذلك يؤدي إلى سقوطها، ومنها صحيح مسلم والترمذي وتفسير الطبري، والدر المنثور، وسائر صحاح ومصادر أهل السنة عن الإعتبار..
كما أن ذلك لو صح، لأفسح المجال للقول: بأن الدس في كتب أهل السنة ميسور لكل أحد، وأن حصره في الشيعة لا وجه له، وتكون النتيجة هي: أن تصبح روايات أهل السنة كلها مسرحاً لتلاعب جميع الفئات، فتصبح موضع شك وريب، وتسقط بذلك عن الإعتبار..
وإن كان المقصود بالشيعة هو خصوص الصحابة والتابعين الذين رووا هذا الحديث فالأمر يصبح أشد خطورة، إذ هو يؤدي إلى نسبة جماعة من أئمة أهل السنة، ورواة حديثهم، وفقهائهم، إلى التشيع والشيعة، مع أنه لا يرتاب أحد في تسننهم، بل فيهم من هو من الأركان في التسنن..
ثانياً: بالنسبة لقوله عن الشيعة: "ويحملون كلمة نساءنا على فاطمة، وكلمة أنفسنا على علي فقط" نقول:
إن المقصود من التعبير بالنساء والأبناء هو: إيراد الكلام وفق ما يقتضيه طبعه العام، وإن كان مصداقه ينحصر في فرد واحد تماماً كما هو الحال في قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([15]). إذ لا مصداق للمفهوم العام سوى علي بن أبي طالب "عليه السلام" في قضية تصدقه بالخاتم التي يعرفها كل أحد.
وكذلك الحال في قوله: {أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ}([16])، التي لا يقصد بها سوى الأئمة الإثني عشر..
ومنه: آية التطهير التي قصد بها خصوص الخمسة أصحاب الكساء، مع أن كلمة أهل البيت يمكن أن تشمل العباس وأولاده أيضاً. ولكن الله أخرجهم منها. وبيّن أن المراد بالآية أشخاص بأعيانهم.
وكذلك الحال في قوله: {قُلْ لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَ المَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}([17])، مع أن المقصود بها خصوص أصحاب الكساء والأئمة الأثني عشر كما دلت عليه الروايات.
ومنه: قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ}([18]) في حين أن إثبات بنات للنبي "صلى الله عليه وآله" غير الزهراء "عليها السلام" صعب المنال، فراجع كتابنا "بنات النبي أم ربائبه"، وكتاب: "القول الصائب في إثبات الربائب"..
ثالثاً: بالنسبة لقوله: "إن العربي لا يطلق كلمة نساءنا على بنت الرجل، لا سيما إذا كان له أزواج، ولا يفهم هذا من لغتهم" نقول:
ألف: إن الذين أوردوا هذه الروايات التي طبقت الآية على علي وفاطمة "عليهما السلام"، كانوا من العرب الأقحاح الذين عاشوا في عصر النبوة وبعده، وقد سجلها أئمة اللغة، وعلماء البلاغة في كتبهم ومجاميعهم، ولو كان الأمر كما ذكره هذا الرجل لسجلوا تحفظهم على هذه الروايات أيضاً..
ب: إن إشكال هذا الرجل لو صح، فهو وارد على قوله هو على جميع الأحوال، فإنه يزعم: أن وفد نجران لم يكن معه نساءٌ ولا أولادٌ، فما معنى أن تقول الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ}؟!. فكيف يمكنه تطبيق الآية؟!.
ج: إن المقصود هو أن يُبْلِغَهم أنه يباهلهم بجميع الأصناف البشرية التي لها خصوصية اشتراك في العلم والأهلية، وهم النساء والأطفال والرجال، حتى لو لم يكن الجامعون للشرائط سوى فرد واحد من كل صنف، فهو كقول القائل: شرفونا وسنخدمكم نساءً ورجالاً وأطفالاً. أي أن جميع الأصناف سوف تشارك في خدمتهم، حتى لو شارك واحد أو اثنان من كل صنف.
رابعاً: زعم هذا القائل: أن ظاهر الآية هو أن المطلوب هو دعوة المحاجين والمجادلين في عيسى من أهل الكتاب جميع نسائهم ورجالهم وأبنائهم، ويجمع النبي جميع أبناء ونساء ورجال المؤمنين، ثم يبتهلون. وهذا من طلب المحال. ويحق للنصارى أن يرفضوا هذا الطلب، وبذلك يثبت أن ثمة تعنتاً، وطلباً لما لا يكون. وهو يستبطن الإعتراف بصحة ما عليه النصارى..
وإن كان المقصود هو: نساء وأبناء الوفد، ونساء وأبناء النبي فيرد إشكال: إنه لم يكن مع الوفد نساء..
والجواب:
إن ما زعمه: من أنه لم يكن لدى الوفد أبناء ولا نساء، غير ظاهر المأخذ، فإن الناس كثيراً ما كانوا يسافرون ومعهم نساؤهم وأبناؤهم. وكان النبي "صلى الله عليه وآله" يصطحب معه في حروبه إحدى زوجاته، وكان المشركون يأتون بنسائهم في حروبهم، كما كان الحال في بدر، وأحد.
أما في موضوع الوفود فلا يوجد فيها احتمال مواجهة أخطار، وتعرض لأذى وأسر وسبي، فالداعي إلى استصحاب النساء والأطفال، لا يواجهه أي مانع أو رادع..
خامساً: لقد زعم هذا القائل: أن النبي "صلى الله عليه وآله" والمؤمنين كانوا على يقين مما يعتقدون في عيسى "عليه السلام". ونقول:
إن الآية تدل على يقين النبي "صلى الله عليه وآله"، وقد دل فعل النبي "صلى الله عليه وآله" في المباهلة على أن الذين أخرجهم معه كانوا على يقين من ذلك أيضاً.
ودل على ذلك أيضاً قوله تعالى: {فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ}([19]). حيث إنهم جميعاً كانوا شركاء في الدعوى، وعلى يقين من صحتها.
وأما بالنسبة لسائر المؤمنين فلا شيء يثبت أنهم كانوا على يقين من ذلك، فلعل بعضهم كان خالي الذهن عن كثير من التفاصيل.
بل لقد صرح القرآن بأن الشكوك كانت تراود أكثرهم، فقال: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَهِ إِلاَ وَهُمْ مُشْرِكُونَ}([20]).
سادساً: لا معنى لقوله: إن الآية قد تعني أن يفوض إلى النصارى دعوة الأبناء والنساء من المؤمنين، ويدعو المؤمنون أبناء ونساء النصارى في المباهلة، إذ كيف يسلط النبي "صلى الله عليه وآله" النصارى على أبناء ونساء المؤمنين، ثم يطلب من النصارى أن يسلطوه على دعوة نسائهم وأبنائهم.. في حين أن المباهلة لا تحتاج إلى ذلك، بل يمكن أن يأتي كل فريق بمن أحب لكي يباهل الجماعة التي تأتي من قبل الفريق الآخر؟!.
سابعاً: بالنسبة لدعوة النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه نقول:
إن الشيعة لا يقولون بأن الآية تفرض ذلك، بل هم يقولون: إن المراد بقوله: وأنفسنا هو الرجال من أهل بيت الرسول "صلى الله عليه وآله"، الذين يكون حضورهم بمثابة حضور نفس النبي "صلى الله عليه وآله"، وهم إنما يحضرون بدعوة بعضهم بعضاً([21]).
المباهلة بأعز الناس:
زعم بعضهم: أن آية المباهلة قد دلت على لزوم إحضار كل فريق أعز شيء عنده، وأحب الخلق إليه في المباهلة، والأعز والأحب هو الأبناء، والنساء، والأنفس (الأهل والخاصة).
ثم تقدم بعض آخر خطوة أخرى فزعم: أن إشراك أهل البيت في المباهلة أسلوب اتبعه النبي "صلى الله عليه وآله" للتأثير النفسي على الطرف الآخر ليوحي لهم بثقته بما يدَّعيه.
ونقول:
1 ـ إن هذا يؤدي إلى إبعاد قضية المباهلة عن أن تكون بمستوى الجدية الحقيقية، لتصبح أسلوب مناورة، يهدف للتأثير النفسي على الطرف الآخر، لينسحب من ساحة المواجهة.
2 ـ إن اللافت هنا: أن هذا البعض قد نسب هذه المبادرة إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، مع أن الآية قد صرحت: بأن الأمر للنبي "صلى الله عليه وآله" قد جاء من الله تبارك وتعالى، فهي تدبير إلهي، وقرار رباني.
3 ـ إن كون هذا الأمر تدبيراً إلهياً يعطي: أن لهؤلاء الصفوة الذين أخرجهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" قيمة كبرى ومقاماً خاصاً عنده تبارك وتعالى، وليست القضية هي حب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لولده أو سبطه، أو لصهره الذي يوحي بأن سبب محبته ومعزته لهم هو الرابطة النسبية، وكونهم أبناءه ونساءه، وأهله "صلى الله عليه وآله"..
4 ـ إننا لا نريد أن ننفي أن يكون في خروج هؤلاء إلى المباهلة دلالة على قيمتهم عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودلالة على معنى أن إشراك الحسنين والزهراء وعلي "عليهم السلام" في قضية لها مساس بحقيقة دين الإسلام، من حيث إن ما يراد إثباته، هو بشرية عيسى "عليه السلام"، ونفي الألوهية عنه يدل دلالة قاطعة على أن من يباهل النبي "صلى الله عليه وآله" بهم قد بلغوا في الفضل والكرامة والسؤدد حداً يصبح معه جعل الله ورسوله "صلى الله عليه وآله" لهم في معرض الخطر، من أعظم الوثائق الدالة على صدق الرسول "صلى الله عليه وآله" فيما يدَّعيه من حيث إن التفريط بهم وهم أكرم الخلق عليه، والنموذج الأمثل للإنسان الإلهي في أسمى تجلياته يكون تفريطاً بكل شيء، حيث لا قيمة لشيء في هذا الوجود بدونهم، وهو ما أشير إليه في الحديث الشريف([22]).
وأنفسنا:
وزعم بعضهم: أن المراد بـ "أنفسنا" الرجال([23])، أي بقول مطلق، فتطبيق ذلك على علي "عليه السلام" لا لخصوصية فيه، بل لكونه رجلاً، وحسب.
وجوابه واضح:
فأولاً: روي عن علي "عليه السلام"، قوله يوم الشورى: أنشدكم بالله، هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الرحم مني، ومن جعله نفسه، وأبناءه أبناءه، ونساءه نساءه غيري؟!
قالوا: اللهم لا([24]).
وعن الشعبي: أنه قال: أبناؤنا الحسن والحسين ونساؤنا فاطمة، وأنفسنا علي بن أبي طالب([25]).
فإن ذلك كله يدل على أن المراد: هو خصوص شخص بعينه، لا مطلق الرجال..
مساواة علي × للنبي ':
وقال العلامة الحلي "رحمه الله": إن الله تعالى جعل علياً "عليه السلام" نفس محمد "صلى الله عليه وآله"، فساواه بالنبي "صلى الله عليه وآله"، فأجاب الفضل بن روزبهان بأن دعوى المساواة خروج من الدين.
فرد عليه الشيخ محمد حسن المظفر: بأن المقصود هو: المساواة في الخصائص والكمال الذاتي عدا خاصة أوجبت نبوته، وميزَّته عنه، وهو مفاد ما روي: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لعلي "عليه السلام": ما سألت الله شيئاً إلا سألت لك مثله، ولا سألت الله شيئاً إلا أعطانيه، غير أنه قيل لي: إنه لا نبي بعدك([26]).
ويدل عليه: ما روي مستفيضاً عن النبي "صلى الله عليه وآله": إن علياً مني وأنا منه([27]).
فتدل الآية الشريفة على إمامة أمير المؤمنين "عليه السلام" لأن مساواته للنبي "صلى الله عليه وآله" في خصائصه عدا مزية النبوة تستوجب أن يكون مثله أولى بالمؤمنين من أ نفسهم، وأفضل من غيره بكل الجهات، وأن يمتنع صيرورته رعية ومأموراً لغيره كالنبي "صلى الله عليه وآله"([28]).
ونقل الرازي عن الشيخ محمود بن حسن الحمصي: أنه استدل بجعل علي "عليه السلام" نفس النبي "صلى الله عليه وآله" على كونه أفضل من جميع الأنبياء سوى محمد "صلى الله عليه وآله"، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" أفضل منهم، وعلي "عليه السلام" نفسه.
ثم رد الرازي على ذلك بقيام الإجماع على أن الأنبياء "عليهم السلام" أفضل من غيرهم.
وأجاب المظفر "رحمه الله": بأن المجمع عليه هو تفضيل صنف من الأنبياء على صنف آخر منهم، وتفضيل كل نبي على جميع أمته، لا تفضيل كل شخص من الأنبياء على جميع من عداهم، حتى لو كان من أمم غيرهم.
فذلك نظير تفضيل صنف الرجال على صنف النساء، فإنه لا ينافي تفضيل امرأة بعينها على كثير من الرجال.
والقول بما قاله الحمصي قال به الشيعة قبل الحمصي..
سبب إثارة الشبهات:
وأخيراً.. فإننا لانجد مبرراً لكل تلك التمحلات البالية، والتوهمات والخيالات الخاوية سوى التخلص من شبح إثبات كرامة وفضيلة لأهل البيت "عليهم السلام"، وذلك بعد أن وجدوا: أن علماءهم مرغمون على الإقرار بهذا الأمر، والبخوع له، حتى لقد قال الزمخشري وغيره: "وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء"([29]).
تناقضات الشعبي:
ويلاحظ هنا: أن الشعبي يقع في المتناقضات، فقد روى تارة: أن علياً "عليه السلام" هو المقصود بقوله تعالى: {وَأَنْفُسَنَا} كما تقدم([30]).
ولكنه في مورد آخر يروي قضية المباهلة ولا يذكر علياً "عليه السلام"، فتحيّر الراوي في ذلك، وعزاه إما إلى سقط في رواية الشعبي، أو لسوء رأي بني أمية في علي([31]). ولا ريب في أن الثاني هو الأصوب، حسبما عرفناه وألفناه من أفاعيلهم.
ونحن لا نستطيع في هذه العجالة أن نتعرض لجميع الجوانب التي لا بد من بحثها في حديث المباهلة، فإن ذلك يحتاج إلى تأليف مستقل، ولكننا نكتفي هنا بالإشارة إلى الأمور التالية:
الأمر الأول: النموذج الحي:
إن إخراج الحسنين "عليهما السلام" في قضية المباهلة لم يكن بالأمر العادي، أو الإتفاقي.. وإنما كان مرتبطاً بمعاني ومداليل هامة، ترتبط بنفس شخصية الحسنين "عليهما السلام"، فقد كانا صلوات الله وسلامه عليهما ذلك المصداق الحقيقي، والمثل الأعلى، والثمرة الفضلى التي يعنى الإسلام بالحفاظ عليها، وتقديمها على أنها النموذج الفذ لصناعته الخلاقة، والبالغة أعلى درجات النضج والكمال.. حتى إنه ليصبح مستعداً لتقديمها على أنها أعز وأغلى ما يمكن أن يقدمه في مقام التدليل على حقانيته وصدقه، بعد أن فشلت سائر الأدلة والبراهين ـ رغم وضوحها، وسطوع نورها، وقاطعيتها لكل عذر ـ في التخفيف من عنت أولئك الحاقدين، وصلفهم، وصدودهم عن الحق الأبلج..
فالنبي "صلى الله عليه وآله" حينما يكون على استعداد للتضحية بنفسه، وبهؤلاء، الذين هم القمة في النضج الرسالي، بالإضافة إلى أنهم أقرب الناس إلى الله، وهم النموذج الأعلى للتربية الإلهية، فإنه لا يمكن أن يكون كاذباً ـ والعياذ بالله ـ في دعواه.
كما لاحظه نفس رؤساء أولئك الذين جاؤوا ليباهلوه، وذلك لأن محبة النفس، ثم محبة الأقارب، وإن كانت قد تجعل الإنسان على استعداد للتفريط بكل شيء، قبل أن يفكر في التفريط بنفسه وبهم، إلا أن الأنبياء لا يفكرون بهذه الطريقة، وإنما يفكرون بما من شأنه حفظ الدين والرسالة، وهم لا يبخلون عليها بمال ولا بنفس ولا بولد حتى لو كان هذا الولد يملك من المزايا والفضائل والكمالات، ما لا يملكه أحد على وجه الأرض([32]).
فإذا كان على استعداد للتضحية بنفسه، وبنوعيات كهذه ـ من أهل بيته ـ فإن ذلك يكون أدل دليل على صدقه، وعلى فنائه المطلق في هذا الدين، وعلى ثقته بما يدعو إليه ـ وليس هدفه هو الدنيا الفانية، وحطامها الزائل، لأنه يعلم أن أي ضرر يلحق به وبهؤلاء سوف يسقط محل هذه الدعوة التي جاء بها، لأنهم هم المحور والأساس لها..
وهذا بالذات هو ما حصل في قضية المباهلة، التي كان النزاع يدور فيها حول بشرية عيسى عليه الصلاة والسلام، وإبطال ما يقوله النصارى فيه، تمهيداً للتأكيد على صحة الإسلام، وأحقية ما جاء به النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله".
بل إن بعض الإخوة قد ذكر أن من المحتمل أن لا يريد النصراني في: "إذا باهلكم بأهل بيته فهو صادق" الإشارة إلى قاعدة عامة، وأن لكل نبي ـ أو كل من باهل ـ بأهل بيته فهو صادق، لأنهم أغلى ما عنده، ولا يمكنه التفريط بهم، بل يكون ذلك للإشارة إلى بعض المأثور عندهم في كتبهم من أن نبي آخر الزمان يباهلهم بأهل بيته الذين هم خير الناس وأفضلهم.
الأمر الثاني: التخطيط.. في خدمة الرسالة:
ولربما يتصور البعض: أن اعتبارنا هذا الوليد اليافع، وأخاه عليهما الصلاة والسلام ذلك المثل الأعلى، والنموذج الفذ لصناعة الإسلام وخلاقيته.. نابع عن متابعة غير مسؤولة للعواطف والأحاسيس المتأثرة بتعصب مذهبي، أثارته لجاجة الخصوم..
لكن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً، فإن ما ذكرناه نابع عن وعي عقائدي سليم، فرضته الأدلة والبراهين، التي تؤكد ـ بشكل قاطع ـ على أن الأئمة الأطهار "عليهم السلام" كانوا حتى في حال طفولتهم في المستوى الرفيع الذي يؤهلهم لتحمل الأمانة الإلهية، وقيادة الأمة قيادة حكيمة وواعية، كما كان الحال بالنسبة لإمامنا الجواد والإمام الهادي عليهما الصلاة والسلام، وكذلك الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف، حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يتحملوا مسؤوليات الإمامة في السنين المبكرة من حياتهم. تماماً كما كان الحال بالنسبة لنبي الله عيسى "عليه السلام"، الذي قال الله تعالى عنه: {فأشارَتْ إِلَيهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي المَهدِ صَبِيّاً قَالَ إنّي عَبْدُ الله آتَانِيَ الكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً..} الآيات"([33]).
وكما كان الحال بالنسبة لنبي الله يحيى عليه الصلاة والسلام، الذي قال الله سبحانه عنه: {يَا يَحيىَ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وآتَينَاهُ الحُكمَ صَبِياً}([34]).
نعم.. لقد كان الحسنان "عليهما السلام" حتى في أيام طفولتهما الأولى في المستوى الرفيع من الكمال الإنساني، ويملكان كافة المؤهلات التي تجعلهما محلاً للعناية الإلهية، وأهلاً للأوسمة الكثيرة التي منحهما إياها الإسلام على لسان نبيه الأعظم "صلى الله عليه وآله"، وتجعلهما قادرين على تحمل المسؤوليات الجسام، حتى يصح إشراكهما في الدعوى، وفي المباهلة لإثباتها.. حسبما أشار إليه العلامة الطباطبائي والمظفر رحمهما الله تعالى، على اعتبار أن قوله تعالى: {فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ عَلَى الكَاذِبين}([35]) يراد منه: الكاذبون الذين هم في أحد طرفي المباهلة، وإذا كانت الدعوى، والمباهلة عليها هي بين شخص النبي "صلى الله عليه وآله"، وبين السيد والعاقب والأهتم، فكان يجب أن يأتي بلفظ صالح للإنطباق على المفرد والجمع معاً، كأن يقول: (فنجعل لعنة الله على الكاذب)، أو (على من كان كاذباً) مثلاً..
ولكن الآية أوردت صيغة الجمع، لتشير إلى وجود جماعة كاذبة، ولا بد من طلب إهلاكها.
وهذا يعطي: أن الحاضرين للمباهلة شركاء في الدعوى، فإن الكذب لا يكون إلا فيها.. وعليه.. فعليٌّ، وفاطمة، والحسنان "عليهم السلام" شركاء في الدعوى، وفي الدعوة إلى المباهلة لإثباتها. وهذا من أفضل المناقب التي خص الله بها أهل بيت نبيه([36]).
وتقدم قول الزمخشري: "وفيه دليل لا شيء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء".
وقال الطبرسي وغيره: "قال ابن أبي علان ـ وهو أحد أئمة المعتزلة ـ: هذا يدل على أن الحسن والحسين كانا مكلفين في تلك الحال، لأن المباهلة لا تجوز إلا مع البالغين.
وقال أصحابنا: إن صغر السن ونقصانها عن حد البلوغ لا ينافي كمال العقل، وإنما جعل بلوغ الحلم حداً لتعلق الأحكام الشرعية"([37]).
وقد كان سنهما في تلك الحال سناً لا يمتنع معها أن يكونا كاملي العقل.
على أن عندنا يجوز أن يخرق الله العادات للأئمة، ويخصهم بما لا يشاركهم فيه غيرهم، فلو صح أن كمال العقل غير معتاد في تلك السن، لجاز ذلك فيهم: إبانة لهم عمن سواهم، ودلالة على مكانهم من الله تعالى، واختصاصهم.
ومما يؤيده من الأخبار قول النبي "صلى الله عليه وآله": "ابناي هذان إمامان، قاما، أو قعدا"([38]).
أضف إلى ما تقدم: أن مما يدل على ما ذكره الطباطبائي والمظفر وغيرهما: نزول سورة هل أتى، في أهل الكساء، ومنهم الحسنان "عليهما السلام"، وقد وعدهم الله تعالى جميعاً بالجنة.
ويؤيد ذلك أيضاً: إشراكهما "عليهما السلام" في بيعة الرضوان، ثم استشهاد الزهراء "عليها السلام" بهما في قضية نزاعها مع أبي بكر حول فدك([39])، إلى غير ذلك من أقوال ومواقف للنبي "صلى الله عليه وآله" منهما في المناسبات المختلفة..
كما أن ذلك كله ـ كان يتجه نحو إعداد الناس نفسياً ووجدانياً لقبول إمامة الأئمة "عليهم السلام"، حتى وهم صغار السن، كما كان الحال بالنسبة للأئمة: الجواد والهادي والمهدي "عليهم السلام".
الأمر الثالث: سياسات لا بد من مواجهتها:
هذا وقد كان ثمة سياسات ومفاهيم منحرفة، لا بد من مواجهتها، والوقوف في وجهها.. ونشير هنا إلى أمرين:
عنصر المرأة:
إن إخراج عنصر المرأة ممثلة بفاطمة الزهراء صلوات الله وسلامه عليها، والتي تعتبر النموذج الفذ للمرأة المسلمة ـ في أمر ديني ومصيري كهذا. من شأنه أن يضرب ذلك المفهوم الجاهلي البغيض، الذي كان لا يرى للمرأة أية قيمة أو شأن يذكر، بل كانوا يرون فيها مصدر شقاء وبلاء، ومجلبة للعار، ومظنة للخيانة، وقد قدمنا بعض الكلام حول هذا الموضوع في بعض فصول هذا الكتاب؛ فلم يكن يتصور أحد أن يرى المرأة تشارك في مسألة حساسة وفاصلة، بل ومقدسة كهذه المسألة، فضلاً عن أن تعتبر شريكة في الدعوى، وفي الدعوة لإثباتها ولو بمواجهة أعظم الأخطار.
ويرى البعض: أن إخراج الزهراء "عليها السلام" للمباهلة، دون سائر نسائه "صلى الله عليه وآله"، رغم أن الآية قد جاءت عامة، حيث عبرت بـ "نساءنا" ومع أن زوجاته "صلى الله عليه وآله" من أجلى مصاديق هذا التعبير ـ إن ذلك ـ له مغزى يشبه إلى حد كبير المغزى من إرسال أبي بكر بآيات سورة براءة، ثم عزله، استناداً إلى قول جبرئيل: لا يُبَلِّغُ عنك إلا أنت أو رجل منك!!.
وهكذا يقال بالنسبة للعموم في قوله: "وأنفسنا"، ولم يخرج سوى أمير المؤمنين "عليه السلام"، وفي قوله: "وأبناءنا" ولم يخرج سوى الحسنين "عليهما السلام". انتهى.
ونقول:
إننا نلاحظ على ما ذكره هذا الأخ الكريم ما يلي:
أولاً: إن إطلاق كلامه حول النساء غير مقبول، فإن بعض نساء النبي "صلى الله عليه وآله" ـ كأم سلمة ـ لم يكنَّ ممن يستحقنّ التعريض بهن.. لأنها كانت من خيرة النساء، ومن فضلياتهنَّ.
إلا أن يقال: إن المقصود هو: أنه ليس أحد منهن أهلاً لأن يباهل النبي "صلى الله عليه وآله" به سوى فاطمة "عليها السلام"، لأنها وحدها المرأة التي بلغت أعلى درجات الكمال حتى استحقت أن تشارك الأنبياء والأوصياء في مثل هذه المهمات الكبرى..
وثانياً: إن هذا المحقق يريد: أن قوله: "نساءنا" لا يقصد به الزوجات، وإن كان قد أطلق في القرآن عليهن في بعض الموارد.
بل المقصود هو: المرأة المنسوبة إليه، وبنت الرجل تنسب إليه، ويطلق عليها: أنها من نسائه.
وعلى هذا نقول:
إن ما ذكره هنا يناقض ما ذكره هو نفسه في موضع آخر حيث قال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخرج فاطمة "عليها السلام" للمباهلة بعنوان: "المرأة المسلمة من ذوات الأزواج، من أهل هذه الدعوة، لا باعتبار أنها من نساء النبي "صلى الله عليه وآله".
وإن كان كلامه هذا الأخير ليس في محله، كما ستأتي الإشارة إليه.
الحسنان أبناء النبي ':
إن إخراج الحسنين "عليهما السلام" إلى المباهلة بعنوان أنهما أبناء الرسول الأكرم، محمد "صلى الله عليه وآله"، مع أنهما ابنا ابنته الصديقة الطاهرة صلوات الله وسلامه عليها له دلالة هامة، ومغزى عميق كما سنرى..
لكننا قبل أن نشير إلى ذلك، وإلى مغزاه، لا بد من الإجابة على مناقشة طرحها بعض المحققين([40])، مفادها:
أن الآية لا تدل على أكثر من أن المطلوب هو إخراج أبناء أصحاب هذه الدعوة الجديدة، حيث قال: "أبناءنا"، ولم يقل "أبنائي". وليس في الآية ما يدل على لزوم إخراج ابني صاحب الدعوة نفسه، فكون الحسنين "عليهما السلام" ابنين لبعض أصحاب الدعوة كاف في الصدق.. انتهى.
ونقول:
1 ـ إن الإمام علياً "عليه السلام" قد استدل بهذه الآية يوم الشورى على أن الله سبحانه قد جعله نفس النبي "صلى الله عليه وآله"، وجعل ابنيه إبنيه، ونساءه نساءه..
واحتج بها أيضاً الإمام الكاظم "عليه السلام" على الرشيد.
واحتج بها أيضاً يحيى بن يعمر.
وكذلك سعيد بن جبير على الحجاج ـ كما سيأتي ـ فلم يكن استدلالهم بأمر تعبدي بحت، وإنما بظهور الآية، الذي لم يجد الخصم سبيلاً إلا التسليم به، والخضوع له..
2 ـ لو كان المراد مطلق أبناء أصحاب الدعوة، لكان المقصود بأنفسنا مطلق الرجال الذين قبلوا بهذا الدين، وليس شخص النبي "صلى الله عليه وآله" فقط.. وعليه فقد كان الأنسب أن يقول: "ورجالنا ورجالكم" بدل قوله: "وأنفسنا".
أضف إلى ذلك: أن من غير المناسب أن يقصد من الأنفس شخص النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم يقصد من الأبناء والنساء أبناء ونساء رجال آخرين، إذ الظاهر: أن الأبناء والنساء هم لنفس من أرادهم بقوله: "وأنفسنا"، ولو كان المقصود بأنفسنا شخص النبي "صلى الله عليه وآله"، وبأبنائنا أبناء الآخرين، لكان من قبيل قولنا: "إن لم يكن ما أدعيه صحيحاً فليمتني الله، وليمت ابن فلان" مثلاً!!..
3 ـ إن كلمات: "أنفسنا"، و "أبناءنا"، و "نساءنا" كلها جاءت بصيغة الجمع.. فلماذا اقتصر من الأنفس على اثنين، وكذلك من الأبناء، ومن النساء، على واحدة؟! فإن ذلك إنما يدل على مزيد من الخصوصية لهؤلاء الذين أخرجهم بالذات..
ولو كان المقصود مجرد النموذج، فلماذا لم يكتف بواحد واحدٍ من الأنواع الثلاثة؟.
ولو كان المقصود تخصيص جماعة بشرف معين، للتعبير عن أنهم وحدهم هم الذين بلغوا الذروة في فنائهم بهذه الدعوة، التي يراد المباهلة من أجلها.
فيصح قولهم: إن هذه الآية تدل على فضيلة لا أعظم منها لأصحاب الكساء. ولا سيما بملاحظة ما تقدم عن العلامتين ـ الطباطبائي والمظفر ـ: من أن هؤلاء شركاء في الدعوى، وفي الدعوة للمباهلة لإثباتها.
وهكذا يتضح: أن دعوى أن الآية لا تدل على أكثر من الأمر بإخراج نموذج من أبناء من اعتنق هذه الدعوة لا يمكن القبول بها، ولا الاعتماد عليها بوجه.
عود على بدء:
كانت تلك هي المناقشة التي أحببنا الإشارة إليها، وكان ذلك هو بعض ما يمكن أن يقال في الإجابة عنها..
وبعد ذلك.. فإننا نشير إلى أن إخراج الحسنين "عليهما السلام" في المباهلة، يدل دلالة واضحة على أنهما ابنان للنبي "صلى الله عليه وآله"، مع أنهما ابنا ابنته، فلا مجال لإنكار ذلك، أو للتشكيك فيه، حتى إنهم ليعترفون صراحة بأن: في الآية دلالة على أن الحسن والحسين، وهما ابنا البنت يصح أن يقال: إنهما ابنا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأنه وعد أن يدعو أبناءه، ثم جاء بهما"([41]).
وظاهر الآية: أن كلمة الأبناء قد أريد بها المعنى الحقيقي، سواء بالنسبة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين، أو بالنسبة إلى النصارى والكافرين.
وذلك له دلالات هامة، أشرنا إلى بعضها آنفاً، ونضيف هنا ما يلي:
أولاً: إن ذلك يسقط المفهوم الجاهلي البغيض، القائل: بأن أبناء الأبناء هم الأبناء في الحقيقة، دون بني البنات، الأمر الذي ينشأ عنه أن يتعرض جماعات من الناس لكثير من المشاكل النفسية، والمصاعب الإجتماعية، والإقتصادية، وغيرها. تلك المشاكل التي لا مبرر لها، ولا منطق يساعدها، إلا منطق الجاهلية الجهلاء، والعصبية العمياء..
ولكن مما يؤسف له هو: أن المروجين لهذه المفاهيم العمياء قد أصروا بعده "صلى الله عليه وآله" على الأخذ بها إلى حد أنها انعكست حتى على آرائهم الفقهية أيضاً، ومن ذلك جعلهم قوله تعالى: {يُوصِيكمُ اللهُ فِي أوْلادِكُمْ لِلذّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ}([42]) مختصاً بعقب الأبناء، دون من عقبته البنات.
قال ابن كثير: "قالوا: إذا أعطى الرجل بنيه، أو وقف عليهم، فإنه يختص بذلك بنوه لصلبه وبنو بنيه، "أي دون بني بنته"، واحتجوا بقول الشاعر:
بـنـونـا بـنـو أبـنـائنـا، وبنـاتنـا بنـوهـن أبنـاء الـرجـال الأباعد([43])
"وقال العيني: هذا البيت استشهد به النحاة على جواز تقديم الخبر، والفرضيون على دخول أبناء الأبناء في الميراث، وأن الإنتساب إلى الآباء، والفقهاء كذلك في الوصية، وأهل المعاني والبيان في التشبيه"([44]).
ونقل القرطبي: أن الإمام مالك بن أنس هو الذي لا يدخل ولد البنات في الوقف الذي يكون على الولد، وولد الولد([45]).
ومالك هذا هو الذي كان خلفاء بني العباس يعظمونه، وقد بلغ من اهتمامهم بأمره: أن أرادوا حمل الناس على العمل بالموطأ بالقوة([46]).
وحينما أخذ المنصور أموال عبد الله بن الحسن، وباعها، وجعلها في بيت مال المدينة "أخذ مالك بن أنس الفقيه رزقه من ذلك المال بعينه اختياراً"([47]).
كما أن المنصور كان إذا أراد أن يولي أحداً على المدينة يستشيره أولاً([48]).
كما أن محمد بن الحسن الشيباني يقول: إن من أوصى لولد فلان، وله ابن، وولد بنت "إن الوصية لولد الابن، دون ولد البنت"([49]).
نعم.. لقد ألغى الله سبحانه ذلك المفهوم الجاهلي البغيض بنص المباهلة، ولكن هؤلاء قد احتفظوا به، حتى حكَّموه في آرائهم الفقهية، وذلك انصياعاً للجو السياسي، وتنفيذاً لمآرب الحكام، الذين كانوا ـ سواء منهم الأمويون أو العباسيون ـ يحاولون تركيز هذا المفهوم وتثبيته، كما سنرى..
وثانياً: لقد كان لا بد من تفويت الفرصة على أولئك الحاقدين والمنحرفين، الذين سوف يستفيدون من ذلك المفهوم الجاهلي لمقاصد سياسية، فيما يتعلق بموضوع الإمامة والخلافة والزعامة بعد رسول "صلى الله عليه وآله"، وبالذات فيما يختص بشخص هؤلاء الذين أخرجهم عليه وآله الصلاة والسلام للمباهلة، وكرمهم في حديث الكساء، وآية التطهير، وغير ذلك مما لا مجال له هنا..
وذلك لأن الذين استأثروا بالأمر بعد النبي محمد "صلى الله عليه وآله" قد احتجوا في السقيفة بأنهم: أولياء النبي "صلى الله عليه وآله"، وعشيرته، وبأنهم عترة النبي، وبأنهم أمسُّ برسول الله "صلى الله عليه وآله" رحماً([50]).
وجاء الأمويون أيضاً، واتّبعوا نفس الخط، وساروا على نفس الطريق، وكانت الخطط الجهنمية لهؤلاء وأولئك تتجه نحو تضعيف شأن أهل البيت "عليهم السلام"، وعزلهم عن الساحة، بل والقضاء عليهم وتصفيتهم بشكل نهائي: إعلامياً وسياسياً، وإجتماعياً، ونفسياً، بل وحتى جسدياً، أيضاً..
وكان رأس الحربة يتجه أولاً وبالذات إلى أولئك الذين طهرهم الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه، وأخرجهم نبيه الأكرم محمد "صلى الله عليه وآله" ليباهل بهم أهل الكفر، واللجاج والعناد.. حيث إن تصفية هؤلاء على النحو الذي قدمناه هي الأصعب، والأهم، وذلك بسبب ما سمعته الأمة من النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، وبسبب ما عرفته من آيات قرآنية نزلت في حقهم وبيان فضلهم.. فضلاً عن كثير من المواقف التي لا يمكن تجاهلها أو على الأقل لا يمكن تشويهها، أو التعتيم عليها بيسرٍ وسهولة..
نعم.. لقد كان الأمويون يحاولون إظهار أنفسهم على أنهم هم دون غيرهم أهل بيت النبي محمد "صلى الله عليه وآله"، وذوو قرباه.. وقد أثرت جهودهم في تضليل كثير من الناس حتى ليحلف للسفاح عشرة من قواد أهل الشام، وأصحاب الرياسة فيها: أنهم ما كانوا يعرفون إلى أن قُتِل مروان أقرباء للنبي "صلى الله عليه وآله"، ولا أهل بيت يرثونه غير بني أمية([51]).
كما أن أروى بنت عبد المطلب تُذكِّر معاوية بهذا الأمر، وتقول له: "ونبينا (صلى الله عليه وآله) هو المنصور، فوليتم علينا من بعده، تحتجون بقرابتكم من رسول الله الخ.."([52]).
ويقول الكميت:
وقـالـوا: ورثنـاهـا، أبانـا وأمنــا ولا ورثــتـــهـــم ذاك أم ولا أب
وقال إبراهيم بن المهاجر، الذي كان يسير في الإتجاه العباسي:
أيها النــاس اسمـعوا أخـبــركـم عـجـبـاً زاد عـلـى كـل عـجــب
عجبـاً مـن عبـد شمــس إنهـــم فتحـوا لـلـنـاس أبـواب الكـذب
ورثــوا أحمــد فيـمــا زعـمــوا دون عبــاس بـن عبـد المـطـلـب
كــذبـــوا والله مــا نــعــلــمـه يحـــرز المـيــراث إلا مـن قرب([53])
هذا كله.. رغم أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخرج بني عبد شمس من قرباه، حينما قسَّم خمس بني النضير، أو خيبر، فاعترض عليه عثمان، وجبير بن مطعم، بأن: قرابة بني أمية وبني هاشم واحدة، فلم يقبل النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك منه. والقصة معروفة ومتواترة([54]).
وبعد هذا.. فإن العباسيين قد اتّبعوا نفس هذا الأسلوب أيضاً، فأظهروا أنفسهم على أنهم هم ذوو قربى النبي محمد "صلى الله عليه وآله"، بهدف إضفاء صفة الشرعية على حكمهم وسلطانهم، حتى لنجد الرشيد يأتي إلى قبر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فيقول: السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا ابن عم، فيتقدم الإمام الكاظم "عليه السلام" إلى القبر الشريف ويقول: السلام عليك يا أبه، فتغير وجه الرشيد، وتبين الغيظ فيه([55]).
هذا.. وقد ربط العباسيون دعوتهم وحبل وصايتهم في البداية بأمير المؤمنين "عليه السلام"، ونجحوا في الإستفادة من عواطف الناس تجاه ما تعرض له العلويون وأهل البيت "عليهم السلام" من ظلم، واضطهاد، وآلام، على يد أسلافهم الأمويين..
ولكنهم بعد ذلك رأوا: أنهم في مجال التمكين لأنفسهم لا يسعهم الإستمرار بربط دعوتهم بأمير المؤمنين علي عليه الصلاة والسلام، لوجود من هم أمسّ بعلي "عليه السلام" رحماً منهم، فاتجهوا نحو التلاعب ببعض الركائز والمنطلقات الفكرية والعقائدية للناس، فأسس المهدي ـ والظاهر أن هذه هي فكرة أبيه المنصور من قبل ـ فرقة تَدَّعي: أن الإمام بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو العباس بن عبد المطلب، ثم ولده عبد الله، ثم ولده.. وهكذا.. إلى أن ينتهي الأمر إلى العباسيين.
ولكنهم أجازوا بيعة علي "عليه السلام"، لأن العباس نفسه كان قد أجازها.. وادَّعوا: أن الإرث للعم دون البنت، ولذلك فإن حق الخلافة لا يصل إلى الحسن والحسين "عليهما السلام"، عن طريق فاطمة صلوات الله وسلامه عليها.
واهتموا في إظهار هذا الأمر وتثبيته كثيراً، حتى قال شاعرهم:
أنــى يـكـون وليـس ذاك بكـائن لـبـنـي البنــات وراثـة الأعمــام
فنال على هذا البيت مالاً عظيماً.
وهذا موضوع واسع ومتشعب، وقد تحدثنا عنه وأوردنا له بعض الشواهد في كتابنا: "الحياة السياسية للإمام الرضا "عليه السلام"" ص78 ـ 81 فليراجعه من أراد.
الخطة.. ومواجهتها:
ولكن هذا الخط السياسي، وإن حظي بكثير من الدعم والإصرار من قبل الحكام، وكل أعوانهم.. وقد جندوا كل طاقاتهم المعنوية والمادية من أجل تأكيده وتثبيته.. إلا أنه قد كان ثمة عقبة كؤود تواجههم، وتعترض سبيل نجاحهم في تشويه الحقيقة، وتزوير التاريخ، وهي وجود أهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، الذين يملكون أقوى الحجج، وأعظم الدلائل والشواهد من القرآن، ومن الحديث المتواتر، ومن المواقف النبوية المتضافرة، التي يعرفها ورآها وسمعها عدد هائل من صحابة الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله"، وسمعها منهم التابعون، ثم من بعدهم..
وكان من جملة تلك الحجج الدامغة "آية المباهلة" بالذات.. وكم رأينا من مواقف للأمويين وللعباسيين على حد سواء يصرون فيها على نفي بنوة الحسنين "عليهما السلام" له "صلى الله عليه وآله".. فكانت تواجه من قبل أهل البيت "عليهم السلام" وشيعتهم، والمنصفين من غيرهم بالإحتجاجات القوية والفاصلة.. الأمر الذي جعل "السحر ينقلب على الساحر"..
وسرعان ما أدركوا: أن أسلوب الحجاج والمنطق، من شأنه أن يظهر الحق الذي يجهدون في إخفائه، وتشويهه.. فكانوا يعملون على عزل الأئمة وشيعتهم عن الساحة، وإبعادهم عن الأنظار، عن طريق الإرهاب والإضطهاد والتنكيل، حتى إذا وجدوا أن ذلك لا يجدي، تصدوا لتصفيتهم جسدياً.. بالسم تارة، وبالسيف أخرى..
أمثلة تاريخية هامة:
ونستطيع أن نذكر هنا بعض ما يتضمن محاولتهم نفي بنوة الحسنين "عليهما السلام" له "صلى الله عليه وآله"، واحتجاجات الأئمة وغيرهم عليهم في ذلك.. وبعضه يتضمن الإستدلال بآية المباهلة.. وذلك في ضمن النقاط التالية:
1 ـ عن ذكوان، مولى معاوية، قال: "قال معاوية: لا أعلمنَّ أحداً سمى هذين الغلامين([56]) ابني رسول الله "صلى الله عليه وآله". ولكن قولوا: ابني علي "عليه السلام".
قال ذكوان: فلما كان بعد ذلك، أمرني أن أكتب بنيه في الشرف.
قال: فكتبت بنيه وبني بنيه، وتركت بني بناته.. ثم أتيته بالكتاب، فنظر فيه، فقال: ويحك، لقد أغفلت كُبر بنيّ!
فقلت: من؟
فقال: أما بنو فلانة ـ لابنته ـ بَنيَّ؟. أما بنو فلانة ـ لابنته ـ بنيّ؟.
قال: قلت: الله!! أيكون بنو بناتك بنيك، ولا يكون بنو فاطمة بني رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!
قال: ما لك؟ قاتلك الله! لا يسمعنَّ هذا أحد منك؟!.."([57]).
2 ـ جاء عن الإمام الحسن "عليهما السلام" محتجاً على معاوية قوله: "فأخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الأنفس معه أبي، ومن البنين أنا وأخي، ومن النساء فاطمة أمي، من الناس جميعاً، فنحن أهله، ولحمه ودمه، ونفسه، ونحن منه وهو منا"([58]).
3 ـ قال الرازي في تفسير قوله تعالى: {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ..} إلى قوله: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى}([59]) ـ بعد أن ذكر دلالة الآية على بنوة الحسنين "عليه السلام" للنبي "صلى الله عليه وآله" ـ قال ـ: "ويقال: إن أبا جعفر الباقر استدل بهذه الآية عند الحجاج بن يوسف"([60]).
4 ـ إحتج أمير المؤمنين علي "عليه السلام" يوم الشورى على المجتمعين، بأن الله، تعالى جعله نفس النبي "صلى الله عليه وآله"، وجعل ابنيه ابنيه، ونساءه نساءه([61]).
5 ـ عن الشعبي، قال: كنت عند الحجاج، فأتِيَ بيحيى بن يعمر، فقيه خراسان، من بلخ، مكبلاً بالحديد فقال له الحجاج: أنت زعمت: أن الحسن والحسين من ذرية رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
فقال: بلى.
فقال الحجاج: لتأتيني بها واضحة بيّنة من كتاب الله (!!)، أو لأقطعنَّك عضواً عضواً.
فقال: آتيك بها بيّنة واضحة من كتاب الله يا حجاج.
قال: فتعجبت من جرأته بقوله: يا حجاج.
فقال له: ولا تأتني بهذه الآية: {نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ}.
فقال: آتيك بها بيّنة واضحة من كتاب الله، وهو قوله: {وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ..} إلى قوله: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى}([62]). فمن كان أبو عيسى، وقد ألحق بذرية نوح؟!.
قال: فأطرق الحجاج ملياً، ثم رفع رأسه فقال: كأني لم أقرأ هذه الآية من كتاب الله حلُّوا وثاقه الخ.."([63]).
وفي نور القبس: أنَّ الحجاج طلب منه أن لا يعود لذكر ذلك، ونشره.
6 ـ لسعيد بن جبير قصة مع الحجاج شبيهة بقصة يحيى بن يعمر، فلا نطيل بذكرها([64]).
7 ـ سأل هارون الرشيد الإمام الكاظم "عليه السلام"، فقال له: كيف قلتم: إنَّا ذرية النبي، والنبي لم يعقب، وإنما العقب للذكر لا للأنثى، وأنتم ولد البنت، ولا يكون له عقب؟
فسأله "عليه السلام" أن يعفيه، فلم يقبل، فاحتج "عليه السلام" بأن القرآن قد اعتبر عيسى من ذرية إبراهيم في آية سورة الأنعام، مع أنه ينتسب إليه عن طريق الأم. ثم احتج عليه بآية المباهلة، حيث قال الله تعالى فيها: {أَبْنَاءنَا}([65]).
8 ـ إن عمرو بن العاص أرسل إلى أمير المؤمنين "عليه السلام" يعيبه بأشياء، منها: أنه يسمي حسناً وحسيناً ولَدَيْ رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال لرسوله: "قُلْ للشانيء ابن الشانيء: لو لم يكونا ولديه لكان أبتر، كما زعم أبوك"([66]).
9 ـ قال الحسين صلوات الله وسلامه عليه في كربلاء: "اللهم إنَّا أهل بيت نبيك، وذريته وقرابته، فاقصم من ظلمنا، وغصبنا حقنا، إنك سميع قريب".
فقال محمد بن الأشعث: أي قرابة بينك وبين محمد؟!.
فقال الحسين "عليه السلام": "اللهم إن محمد بن الأشعث يقول: ليس بيني وبين محمد قرابة، اللهم أرني فيه في هذا اليوم ذلاً عاجلاً، فاستجاب الله دعاءه الخ.."([67]).
10 ـ وقد أوضح الباقر "عليه السلام" لنا: أنه قد كانت سياسات الآخرين تقضي بنفي بنوة الحسنين "عليهما السلام" للنبي "صلى الله عليه وآله"، فراجع ما قاله "عليه السلام" في ذلك([68]).
هذا ولهم "عليهم السلام" احتجاجات أخرى بآية المباهلة على خلافة أمير المؤمنين، وعلى أفضليته "عليه السلام"، وغير ذلك، لا مجال لذكرها هنا([69]).
مفارقة:
وبعد أن اتضح: أن السياسة الأموية كانت تقضي بأن يستبعد اسم علي "عليه السلام" من جملة من باهل بهم النبي "صلى الله عليه وآله" ثم الإصرار على نفي بنوة الحسنين "عليهما السلام" لرسول الله "صلى الله عليه وآله".
فإننا نجدهم يصرون على خؤولة معاوية للمؤمنين، ويجعلون ذلك ذريعة للإنكار على من ذكر معاوية بسوء، ولكنهم إذا ذكر محمد بن أبي بكر بسوء رضوا أو أمسكوا، ومالوا مع ذاكره، وخؤولته ـ حسب منطقهم ـ ظاهرة بائنة.
وقد نفرت قلوبهم من علي بن أبي طالب "عليه السلام"، لأنه حارب معاوية وقاتله، وسكنت قلوبهم عند قتل عمار ومحمد بن أبي بكر، وله حرمة الخؤولة، وهو أفضل من معاوية، وأبوه خير من أبي معاوية، وما ذلك إلا خديعة أو جهالة، وإلا فلماذا لا يستنكرون قتل محمد بن أبي بكر ولا يذكرون خؤولته للمؤمنين؟!([70]).
من مواقف الإمام الحسن ×:
نعم.. ولم يقتصر الأئمة في تصديهم للمغرضين والحاقدين، والوقوف في وجه سياساتهم تلك بحزم وصلابة ـ على مواقف الحِجَاج هذه، بل تعدَّوا ذلك إلى المناسبات الأخرى، واستمروا يعلنون بهذا الأمر على الملأ، ويؤكدون عليه في كثير من المناسبات والمواقف الحساسة، وكشفوا زيف تلك الدعاوى بشكل لا يدع مجالاً لأي شك أو ريب..
وقد صدع الإمام الحسن "عليه السلام" بهذا الأمر أيضاً في أكثر من مناسبة، وأكثر من موقف..
ولم يكن يكتفي بإظهار وإثبات بنوَّته لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وحسب.. وإنما كان يهتم بالتأكيد على أن حق الإمامة والخلافة له وحده، ولا تصل النوبة إلى معاوية وأضرابه، لأن معاوية ليس فقط يفقد المواصفات الضرورية لهذا الأمر، وإنما هو يتصف بالصفات التي تنافيها وتنقضها بصورة أساسية.. وكمثالٍ على كل ذلك نذكر:
1 ـ أنه "عليه السلام" يخطب فور وفاة أبيه أمير المؤمنين "عليه السلام"، فيقول: "أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني، فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي"([71]).
لاحظ كلمة: "الوصي" في هذه العبارة الأخيرة.
وفي نصٍ آخر أنه قال: "فأنا الحسن بن محمد (صلى الله عليه وآله)"([72]).
وقال حينئذٍ أيضاً: "أنا ابن البشير النذير، أنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، أنا ابن السراج المنير، أنا ابن من أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، أنا من أهل بيت افترض الله طاعتهم في كتابه الخ..".
ثم قام ابن عباس، فقال: "هذا ابن بنت نبيكم، ووصي إمامكم فبايعوه"([73]).
وفي نص آخر: أنه "عليه السلام" قال حينئذٍ أيضاً: "وعنده نحتسب عزاءنا في خير الآباء رسول الله الخ.."([74]).
2 ـ وفي مناسبة أخرى في الشام، طلب منه معاوية ـ بمشورة عمرو بن العاص ـ أن يصعد المنبر، ويخطب ـ رجاء أن يحصر ـ فصعد المنبر، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم أورد خطبة هامة، تضمنت ما تقدم، وسواه الشيء الكثير، قال الراوي: "ولم يزل به حتى أظلمت الدنيا على معاوية، وعرف الحسن من لم يكن عرفه من أهل الشام وغيرهم، ثم نزل.
فقال له معاوية: أما إنك يا حسن قد كنت ترجو أن تكون خليفة، ولست هناك!
فقال الحسن "عليه السلام": أما الخليفة فمن سار بسيرة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعمل بطاعة الله عز وجل. وليس الخليفة من سار بالجور، وعطل السنن، واتخذ الدنيا أماً وأباً، وعباد الله خولاً، وماله دولاً، ولكن ذلك أمر ملك أصاب ملكاً، فتمتع منه قليلاً، كَأَنْ قد انقطع عنه.." إلى آخر كلامه عليه السلام ([75]).
ونفس هذه القضية تذكر له مع معاوية، حينما جرى الصلح بينهما في الكوفة ([76]).
وهذا يؤيد ما ذكره البعض: من أن معاوية قد دس السم الى الإمام الحسن "عليه السلام"، لأنه كان يقدم عليه إلى الشام ([77]).
3 ـ وفي نص آخر: أن معاوية طلب من الإمام الحسن "عليه السلام": أن يصعد على المنبر، ويخطب.. فصعد المنبر وخطب، وصار يقول: أنا ابن، أنا ابن.. إلى أن قال: "لو طلبتم ابناً لنبيكم ما بين لابتيها لم تجدوا غيري وغير أخي"([78]). ومن أراد الرواية بطولها فليراجع المصادر.
4 ـ وفي نص آخر: أن معاوية طلب منه: أن يصعد المنبر وينتسب، فصعد، وصار يقول: بلدتي مكة ومنى، وأنا ابن المروة والصفا، وانا ابن النبي المصطفى..
إلى أن قال: فأذن المؤذن، فقال: أشهد أن محمداً رسول الله، فالتفت إلى معاوية، فقال: أمحمد أبي؟ أم أبوك؟! فإن قلت: ليس بأبي، كفرت، وإن قلت: نعم، فقد أقررت..
ثم قال: أصبحت العجم تعرف حق العرب بأنَّ محمداً منها، يطلبون حقنا، ولا يردون إلينا حقنا"([79]).
5 ـ وفي مناسبة أخرى، طلب منه معاوية أن يخطب ويعظهم، فخطب وصار يقول: أنا ابن رسول الله، أنا ابن صاحب الفضايل، أنا ابن صاحب المعجزات والدلايل، أنا ابن أمير المؤمنين، أنا المدفوع عن حقي.. إلى أن قال: أنا إمام خلق الله، وابن محمد رسول الله، فخشي معاوية أن يتكلم بما يفتن به الناس، فقال: إنزل، فقد كفى ما جرى، فنزل"([80]).
6 ـ بل لقد رأينا معاوية يعترف له بهذا الأمر، فيقول له مرة في كلام له: "ولا سيما أنت يا أبا محمد، فإنك ابن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وسيد شباب أهل الجنة"([81]).
ويدخل في هذا المجال أيضاً: قول الإمام الحسن "عليه السلام" لأبي بكر، وقول الإمام الحسين "عليه السلام" لعمر: انزل عن منبر أبي، حسبما سيأتي، إن كان المقصود بأبي: هو النبي "صلى الله عليه وآله"، كما يظهر من اعترافهما لهما. وإن كان المقصود به أباهما أمير المؤمنين ـ كما احتمله بعض المحققين([82])ـ فيدخل في مجال احتجاجاتهما "عليهما السلام" على أحقيتهم بالأمر، دون كل أحد سواهم.. ويكونان قد انتزعا منهما اعترافاً صريحاً وهاماً في هذا المجال.
والإمام الحسين × أيضاً:
وبعد ذلك، فإنا نجد الإمام الحسين "عليه السلام" يخطب الناس، ويقول: "أقررتم بالطاعة، وآمنتم بالرسول محمد "صلى الله عليه وآله"، ثم إنكم زحفتم إلى ذريته وعترته، تريدون قتلهم..
إلى أن قال: ألست أنا ابن بنت نبيكم، وابن وصيه، وابن عمه"([83]).
ويقول في موضع آخر، حينما اشتد به الحال: "ونحن عترة نبيك، وولد نبيك، محمد "صلى الله عليه وآله"، الذي اصطفيته بالرسالة الخ.."([84]).
ويقول في وصف جيش يزيد، في يوم عاشوراء: "فإنما أنتم طواغيت الأمة.
إلى أن قال: وقتلة أولاد الأنبياء، ومبيري عترة الأوصياء"([85]).
وقد اعترفوا له بذلك حينما ناشدهم، فقال: أنشدكم الله، هل تعرفوني؟
قالوا: نعم، أنت ابن رسول الله وسبطه"([86]).
الإمام السجاد ابن رسول الله ':
وللإمام السجاد "عليه السلام" موقف هام في الشام، حينما ألقى خطبته الرائعة، فقال: "أيها الناس، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الردا..
إلى أن قال: أنا ابن من حُمِلَ على البراق، وبلغ به جبرئيل سدرة المنتهى..".
إلى آخر الخطبة التي كان من نتيجتها: أن "ضجَّ الناس بالبكاء، وخشي يزيد الفتنة، فأمر المؤذن أن يؤذن للصلاة".. ولكنه "عليه السلام" تابع خطبته، واحتجاجاته الدامغة على يزيد، وتفرق الناس، ولم ينتظم لهم صلاة في ذلك اليوم([87]).
خطبة زينب وسواها:
وبعد ذلك.. فإننا نجد العقيلة زينب تقف في وجه يزيد لتقول له: "أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإمائك، وسوقك بنات رسول الله سبايا؟..".
وفيها: "واستأصلت الشأفة، بإراقتك دماء ذرية رسول الله "صلى الله عليه وآله"..".
إلى أن قالت: "ولتردنَّ على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما تحملت من سفك دماء ذريته، وانتهكت من حرمته ولحمته"([88]).
وفي خطبة لها لأهل الكوفة: "الحمد لله، والصلاة على أبي محمد وآله الطيبين الأخيار".
وفي نص آخر: "والصلاة عن أبي رسول الله"([89]).
وتقول فاطمة بنت الحسين في خطبة لها في الكوفة أيضاً: "..وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأنَّ أولاده ذبحوا بشط الفرات"([90]).
وتتبع كلمات الأئمة وأبناءهم في هذا السياق يحتاج إلى جهد مستقل ووقت طويل، وفيما ذكرناه كفاية لمن أراد الرشد والهداية.
على خطى النبي الأكرم ':
وبعد.. فإنَّ ذلك كله لم يكن منهم "عليهم السلام" إلا تأسياً بالنبي محمد "صلى الله عليه وآله"، الذي كان ينظر إلى الغيب من ستر رقيق، وقد ورد عنه الكثير مما يدل على إصراره "صلى الله عليه وآله" على تركيز قضية بنوة الحسنين "عليهما السلام" له "صلى الله عليه وآله" في ضمير الأمة ووجدانها، بشكل لا يبقى معه أي مجال للشبهة، أو الشك والترديد..
وكنموذج على ذلك نشير إلى ما يلي:
1 ـ قال "صلى الله عليه وآله": "هذان ابناي، من أحبهما فقد أحبني"([91]).
وفي نص آخر: "هذان ابناي، وابنا ابنتي، اللهم إني أحبهما، وأحب من يحبهما([92]).
وفي رواية أخرى عن عائشة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يأخذ حسناً، فيضمه إليه، ثم يقول: "اللهم إن هذا ابني، وأنا أحبه، فأحببه، وأحب من يحبه"([93]).
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" بمجرد ولادة أحدهما: الحسن والحسين "عليهما السلام"، يقول لأسماء: هلمي ابني، كما تقدم.
3 ـ ويقول: إن ابني هذا سيد([94]).
4 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" يجلس في المسجد، ويقول: ادعوا لي ابني، قال: فأتى الحسن يشتد..
إلى أن قال: وجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يفتح فمه في فمه، ويقول: "اللهم إني أحبه، فأحبَّه، وأحبَّ من يحبه، ثلاث مرات"([95]).
5 ـ وعنه "صلى الله عليه وآله" إنه قال: كل ابن آدم ينتسبون إلى عصبة أبيهم، إلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم، وأنا عصبتهم"([96]).
ومن أراد المزيد من النصوص الدالة على بنوة الحسنين "عليهما السلام" لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فليراجع المصادر المذكورة في الهامش([97]).
الباب التاسع:
تبوك.. وإلى حجة الوداع
غزوة تبوك في القرآن الكريم:
قال تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}([98]).
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ لَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالمُتَّقِينَ إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ وَلَوْ أَرَادُوا الخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالاً وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الْأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوا إِنَّا مَعَكُمْ مُتَرَبِّصُونَ قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَوَلَّوْا إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ}([99]).
وقال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحَادِدِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذَلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ يَحْذَرُ المُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلِ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}([100]).
وقال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}([101]).
وقال تعالى: {فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ وَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلَادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى المَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لَا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ سَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُوا عَنْهُمْ فَأَعْرِضُوا عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنْ تَرْضَوْا عَنْهُمْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}([102]).
وقال تعالى: {وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآَخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}([103]).
وقال تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([104]).
{مَا كَانَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ وَلَا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً وَلَا يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}([105]).
الفصل الأول:
الإعداد والإستعداد
تبوك علم لا ينصرف:
تبوك اسم موضع، ولفظه لا ينصرف للعَلَمية ووزن الفعل، وقيل للعلمية والتأنيث، فإن أريد صرفها، فيراد منها "الموضع" ـ كقول كعب بن مالك كما في بعض الروايات ـ:"فلم يذكرني حتى بلغ تبوكاً"([106]).
تبوك هي أقصى موضع بلغه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزواته.. وهي في طرف الشام من جهة القبلة، وبينها وبين المدينة المشرَّفة اثنتا عشرة مرحلة([107]). وقيل: أربع عشرة([108]).
قال في النور: وقد سرناها مع الحجيج في اثنتي عشرة مرحلة، وبينها وبين دمشق إحدى عشرة مرحلة([109]).
وهذا الإختلاف لا يضر ولا نرى كثير فائدة في تحقيقه، فإن هذا الموضع معروف اليوم.
سبب تسمية الغزوة بتبوك:
قال في الروض تبعاً لابن قتيبة: سميت الغزوة بعين تبوك، وهي العين التي أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" ألا يمسوا من مائها شيئاً، فسبق إليها رجلان، وهي تبض بشيء من ماء، فجعلا يدخلان فيها سهمين ليكثر ماؤها، فسبهما رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال لهما: ما زلتما تبوكانها منذ اليوم، فلذلك سميت العين تبوك.
والبوك: كالنقش والحفر في الشيء، ويقال: منه باك الحمار الأتان يبوكها إذا نزا عليها([110]).
ونقول:إن لنا مع هذا النص وقفات:
الأولى: فسبهما رسول الله ':
زعم هذا النص: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سب ذينك الرجلين اللذين حاولا إثارة ماء العين بسهميهما..
وهذا كلام باطل لما يلي:
أولاً: إن هذين الرجلين لم يقصدا الخلاف على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وإنما وجداها تبض بماء قليل، فأرادا إثارتها، ليزداد ماؤها لينتفع به المسلمون.. وهذا معناه: أن نيتهما كانت صالحة، فلم يفعلا ما يستحقان به السبّ بحسب ظاهر الأمر..
ومع غض النظر عن ذلك، فقد كان اللازم هو الرفق بهما، والإستعلام عن نيتهما، ثم تكون العقوبة، أو يكون العفو، وهو الأمثل والأجمل برسول الله "صلى الله عليه وآله"، المأمور بالعفو عن الناس..
ثانياً: لو سلمنا أنهما قصدا الخلاف عليه، فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يزل ينهى عن سب الناس، والتفوه بالألفاظ الفاحشة، فقد روي أن عائشة قالت له معترضة عليه: قلت لفلان: بئس أخو العشيرة، فلما دخل ألنت له القول؟
فقال: "يا عائشة، إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش"([111]).
وقال لها: "..إن الفحش لو كان مثالاً لكان مثال سوء"([112]).
وقال "صلى الله عليه وآله": "لو كان الفحش خَلْقاً لكان شر خَلق الله"([113]).
وقال: "إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام"([114]).
وروي عنه "صلى الله عليه وآله" قوله: "ألا أخبركم بأبعدكم مني شبهاً"؟
قالوا: بلى يا رسول الله.
قال: "الفاحش المتفحش البذيء"([115]).
وقال: "يا عائشة، لا تكوني فاحشة"([116]).
وأما بالنسبة لسباب المسلم، فقد روي عنه "صلى الله عليه وآله" أنه قال: "سباب المسلم فسق"([117]).
وقال "صلى الله عليه وآله": "سباب المسلم فسق وقتاله كفر"([118]).
فما معنى أن ينسب إليه أنه قد بادر إلى سب ذينك الرجلين؟!
ثالثاً: لعل المقصود بنهيه عن مساس ذلك الماء بشيء هو عدم الأخذ منه، تماماً كما جرى في قضية، قول طالوت لعسكره: {إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ}([119]).
ولا أقل من أن ذلك قد يكون مما احتمله أو ظنه الرجلان المشار إليهما، فما معنى سبهما قبل التأكد من الأمر؟!
رابعاً: إن كلمة: "فسبهما" من الراوي كما لا يخفى، في حال أنّا لا نرى في قول النبي "صلى الله عليه وآله": "ما زلتما تبوكانها منذ اليوم" أي سباب، بعدما تقدم من أن البوك هو النقش والحفر!!
إلا إذا كان المراد: أنه "صلى الله عليه وآله" قد سبهما بكلام آخر غير هذه الكلمة..
الثانية: تسمية العين تبوك:
ولا مجال أيضاً لقبول ما زعمته تلك الرواية: من أن تسميتها بتبوك بسبب قول النبي "صلى الله عليه وآله" لذينك الرجلين: ما زلتما تبوكانها.. لأن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه قد أطلق اسم تبوك على تلك البقعة قبل أن يصل إلى تبوك بيوم، حيث رووا: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لأصحابه: "إنكم ستأتون غداً ـ إن شاء الله ـ عين تبوك"([120]).
فهذا الاسم كان ثابتاً للموضع، ومتداولاً قبل وصول النبي "صلى الله عليه وآله" والمسلمين، ومنهم ذانك الرجلان إليه، فما معنى قولهم: أن تسميتها بتبوك متفرع على اعتراضع "صلى الله عليه وآله" على الرجلين.
تاريخ غزوة تبوك وهي آخر مغازيه:
وقد صرحوا: بأن تبوك آخر مغازيه "صلى الله عليه وآله"([121])، وهي المعروفة بغزوة العسرة، وتعرف بالفاضحة لافتضاح المنافقين فيها كما سيأتي إن شاء الله تعالى..
وقد وقع في الصحيح ـ يعني صحيح البخاري ـ ذكرها بعد حجة الوداع.
قال الحافظ: وهو خطأ، ولا خلاف أنها قبلها، ولا أظن ذلك إلا من النساخ، فإن غزوة تبوك كانت في رجب سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف.
وعند ابن عائذ من حديث ابن عباس: أنها كانت بعد الطائف بستة أشهر.
وليس هذا مخالفاً لقول من قال إنها في رجب إذا حذفنا الكسور، لأنه "صلى الله عليه وآله" قد دخل المدينة بعد رجوعه إلى الطائف في ذي الحجة([122]).
إما تبوك، وإما الهلاك:
في حديث عمران بن حُصين: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يجلس كل يوم على المنبر فيقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تُعبد في الأرض. فلم يكن للناس قوة"([123]).
ونحن نعلم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال هذه الكلمة في بدر، وهو ساجد.. وقد ذكرنا أن حرب بدر كانت مصيرية بالنسبة إلى الإسلام، والمسلمين، فقوله "صلى الله عليه وآله" هذه الكلمة في تبوك يفيد:
أولاً: أن ثمة خطراً حقيقياً يتهدد عصابة أهل الإيمان كلها. وكان ذلك في بدر ظاهراً للعيان، فإن قريشاً إذا انتصرت، فسوف لا تبقي على أحد تتوهم فيه أنه سيكون ميّالاً إلى القيام بأي نشاط في الدعوة إلى عبادة الله سبحانه.. وسوف تدخل المدينة لتلتقي مع المشركين واليهود، وسيكونون فرحين جداً بها، وسيتعاونون معها لاستئصال البقية الباقية من المسلمين في المدينة أيضاً، وذلك سيكون أغلى أمانيهم، وأعظم إنجازاتهم بنظرهم..
ثانياً: إنه لا ريب في أن هلاك تلك العصابة سينتج أن لا يعبد الله تعالى على الأرض.. وهذا يساوق محو معالم الدين، وإزالة كل أثر له من العقول، والنفوس..
ثالثاً: إنما كان "صلى الله عليه وآله" يقول ذلك على المنبر، لأنه يريد أن يعرف الناس خطورة تلكئهم عن ذلك المسير حيث يثير ذلك شهية العدو الخارجي لانتهاز فرصة العمر بزعمه، وليبطل كيد المنافقين الذين كانوا يتآمرون على تضييع جهد النبي "صلى الله عليه وآله" في حشد الناس للجهاد والدفاع..
ولعل هناك من يتوهم أن الكثرة سوف تغني عنهم من الله شيئاً، فأهملوا، وتقاعسوا، واتكلوا عليها، ولم يلتفتوا إلى أن كثرة المنافقين والساعين في عرقلة الأمور، والمدبرين للمكائد والمصايد والساعين للإخلال بالأمن الداخلي بعد مسير الجيش باتجاه تبوك، فإن ذلك كله سوف يطمع جيش الروم، ويدفعه لاغتنام الفرصة لإنزال أقسى ضرباته بجيش الإسلام..
رابعاً: إن هذا الذي ذكرناه يبين أن كلمة: فلم يكن للناس قوة، قد جاءت في غير محلها، وأنها مجرد أسلوب تضليلي عن حقيقة معاناة رسول الله "صلى الله عليه وآله" مع قومه..
لماذا كانت غزوة تبوك؟!:
وقد اختلفت المزاعم والإجتهادات في بيان أسباب غزوة تبوك، ونذكر هنا بعض ترهاتهم وأباطيلهم في هذا المجال، مع الإشارة إلى بعض وجوه الخلل فيه، وذلك على النحو التالي:
1 ـ النبي ' ليس ألعوبة بيد اليهود:
ورووا عن عبد الرحمن بن غنم: أن اليهود أتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوماً، فقالوا: يا أبا القاسم، إن كنت صادقاً أنك نبي فالحق بالشام، فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء.
فصدَّق ما قالوا، فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام، فلما بلغ تبوك أنزل الله تعالى آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلاً سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً}([124])، فأمره الله تعالى بالرجوع إلى المدينة وقال: فيها محياك ومماتك ومنها تبعث.
فرجع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمره جبريل فقال: اسأل ربك عز وجل، فإن لكل نبي مسألة، وكان جبريل له ناصحاً، وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" له مطيعاً.
قال: "فما تأمرني أن أسال"؟!.
قال: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً}([125])، فهذه الآيات أنزلت عليه مرجعه من تبوك([126]).
ونقول:
إننا لا نرتاب في عدم صحة هذه الرواية أيضاً لما يلي:
أولاً: إنه بغض النظر عما نراه، فإن نفس هؤلاء يزعمون أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: إن بيت المقدس هي أرض المحشر والمنشر، فإن كان "صلى الله عليه وآله" لم يأت بقوله هذا عن الله تعالى، فما معنى قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}؟!([127])، وإن كان ينطق عن الله، فما معنى تصديقه اليهود في أمر قد أوحى الله إليه خلافه؟!
واحتمال أن يراد بالشام ما يشمل فلسطين بما فيها بيت المقدس لا مجال لقبوله، فإن رواية ابن غُنْم المتقدمة قد أكدت أن غزو النبي "صلى الله عليه وآله" لتبوك قد كان لأجل الوصول إلى الشام، وإنما يقصد بها البلد المعروف.. لا ما يعم بيت المقدس.. فيقع التعارض بينها وبين ما دل على أن بيت المقدس هي أرض المحشر والمنشر..
ثانياً: لماذا لم يعترض الناس على اليهود في زعمهم، ولماذا لم يسألوا النبي "صلى الله عليه وآله" عن سبب تصديقه اليهود في خبر يخالف ما جاءه عن الله تبارك وتعالى بل أطاع الناس كلهم، ونفروا معه وتكبدوا المشاق والمتاعب، وكانوا يبحثون عن سبب ـ ولو كان مثل الطحلب ـ ليتشبثوا به للإمتناع عن ذلك المسير؟!
إلا إذا فرض: أن أحداً ممن سمع من النبي "صلى الله عليه وآله" ما أخبر به عن بيت المقدس لم يكن حاضراً حين جاء اليهود إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، وطلبوا منه ذلك..
ويجاب عن هذا أيضاً بأن من الواضح: أن طلب اليهود هذا لا بد أن ينتشر وأن يتداوله الناس، وسوف يحاولون تحليله وتأويله كل بحسب ما لديه.
ثالثاً: حتى لو كانت الشام هي أرض المحشر والمنشر فلماذا يجب عليه "صلى الله عليه وآله" أن يلحق بها؟! وهل أرض المحشر والمنشر أفضل من مكة والمدينة؟ وما سواهما مما أخبر الله تعالى بفضله؟!..
رابعاً: هل صحيح أن أنبياء الله تعالى كانوا بالشام، أم أنهم كانوا منتشرين في لبنان والشام وفي فلسطين وفي الحجاز وغيره؟!
خامساً: لماذا تأخر إعلام الله تعالى لرسوله بالحقيقة حتى بلغ تبوك، فأمره حينئذٍ بالرجوع إلى المدينة، مع أن الطبيعي هو: أن يعلمه تعالى بالأمر فور إعلام اليهود إياه بما يخالف الحقيقة؟! ولماذا أفسح المجال لشماتتهم، بالرسول وبالمسلمين، وأتعب قلب النبي "صلى الله عليه وآله" وكلف المسلمين هذه النفقات الباهظة في أيام يزعمون أن المسلمين فيها يعانون من العسرة والحاجة والجهد، ولا يجدون ما ينفقون؟!..
سادساً: إن قول الله تعالى لنبيه "صلى الله عليه وآله": إنه يحيا ويموت ويبعث في المدينة([128])، يدل أيضاً على عدم صحة ما زعموه من أن بيت المقدس هي أرض المحشر والمنشر.
سابعاً: إن قوله تعالى: {وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذاً لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلاً سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً}([129]) رغم أنه في سورة مكية، لا ينطبق على قصة اليهود المزعومة، لأن الآية قد صرحت بما يلي:
1 ـ إنهم كادوا أن يستفزوه من أرضه. أي كادوا أن يصلوا إلى هذا الأمر، ولكنهم لم يصلوا إليه فعلاً، مع أن الرواية المتقدمة تدَّعي: أنهم قد استفزوه بالفعل، ونفر مع جيش قوامه ثلاثون ألفاً، وسار حتى بلغ تبوك.
إلا إن كان المراد بالإستفزاز: الإخراج من الأرض إلى أرض أخرى، والبقاء فيها..
2 ـ إن الآية تقول: إن عقوبة أو عاقبة هذا الإستفزاز هي: أن لا يلبث اليهود خلافك إلا قليلاً. مع أن أمر اليهود كان قد حسم قبل ذلك بزمان، من الناحية العسكرية أو السياسية في المنطقة، وإن كان المقصود هو هلاكهم واستئصالهم، فإننا لم نجد أن شيئاً من ذلك قد حصل لليهود بعد استفزازهم إياه من الأرض، رغم أنه قد بلغ تبوك. وهذا يدل على أن الآية لا تعنيهم، بل تعني مشركي مكة كما سنرى.
إلا إن كان المراد الإستفزاز إلى أرض أخرى والبقاء فيها، فهذا لم يتحقق، فلم يصبهم عذاب الإستئصال، الذي علق على هذا الإستفزاز..
ثامناً: عن قتادة، وابن عباس، وسعيد بن جبير: أن مشركي مكة هم الذين حاولوا أن يستفزوا النبي "صلى الله عليه وآله" ليلتحق بالشام([130])، ربما ليواجه الروم، الذين يظنون أنهم سيكونون أقدر على حسم أمره منهم، ولا سيما مع سعة سلطانهم، وكثرة عساكرهم، مع عدم وجود أية إحراجات قبائلية تمنع من الإمعان في مواجهته، واتخاذ أي إجراء يروق لهم ضده.
تاسعاً: زعمت تلك الرواية: أن قوله تعالى: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}([131]). قد نزلت عليه مرجعه من تبوك.
ونقول:
إنه رغم أن هذه الآية كآية الإستفزاز من الأرض مكية وليست مدنية، فإن الروايات تقول ما يلي:
1 ـ عن ابن عباس قال: "كان النبي "صلى الله عليه وآله" بمكة، ثم أمر بالهجرة، فأنزل الله تعالى: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}"([132]).
2 ـ عن قتادة في معنى الآية، قال: أخرجه الله من مكة مخرج صدق، وأدخله المدينة مدخل صدق. قال: وعلم نبي الله "صلى الله عليه وآله" أنه لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان، فسأل سلطاناً نصيراً لكتاب الله تعالى، وحدوده، وفرائضه، وإقامة كتاب الله تعالى، فإن السلطان عزة من الله تعالى، جعلها بين عباده، ولولا ذلك لغار بعضهم على بعض، وأكل شديدهم ضعيفهم([133]).
ونقول:
إن قتادة هنا قد خلط وخبط، وجاء بخطابات طنانة، وشعارات رنانة ليفسر السلطان النصير الذي طلبه النبي "صلى الله عليه وآله" من ربه، فجاءت النتيجة بعد الإبراق والإرعاد، منسجمة مع القاعدة المعروفة والمألوفة: "تمخض الجبل فولد فأرة".. وقد تابعه زيد بن أسلم أيضاً على ذلك، كما سيأتي في الرواية التالية، فجانب الحق، وتجاهل الحقيقة فيما ادَّعاه من أن المقصود بالسلطان النصير هو الأنصار.
والحقيقة هي: أن السلطان هي القوة التي ترهب العدو، وتسقط مقاومته عسكرياً ومادياً وعلمياً أيضاً، وغير ذلك مما يفيد في التأييد والتسديد.
وقد كان علي "عليه السلام" هو ذلك السلطان الناصر له "صلى الله عليه وآله" في كل مجال، والذاب والمؤيد له في كل مقام ومقال كما أوضحته الرواية الآتية عن ابن عباس.
3 ـ عن زيد بن أسلم في الآية، قال: جعل الله مدخل صدق المدينة، ومخرج صدق مكة، وسلطاناً نصيراً، الأنصار([134]).
وهذا وإن كان غير سليم عن النقاش، ولكنه هو الآخر يخالف ما زعمته الرواية السابقة من أن المقصود هو الدخول والخروج من المدينة وإليها في قضية تبوك.
4 ـ عن ابن عباس: {وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}، يعني مكة، {وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَاناً نَصِيراً}. قال: لقد استجاب الله لنبيه "صلى الله عليه وآله" دعاءه، فأعطاه علي بن أبي طالب "عليه السلام" سلطاناً ينصره على أعدائه([135]).
5 ـ وقال القمي في هذه الآية: نزلت يوم فتح مكة لما أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" دخولها: وقال: قل يا محمد {رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ}. قال: قوله: {سُلْطَاناً نَصِيراً}، أي معيناً([136]).
أهداف هذه الفرية:
إنه قد يفهم من تلك الرواية المزعومة أنها تهدف إلى الإنتقاص من مقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حين تظهره على أنه أُلعوبة بيد اليهود، حتى إنه ليجرد الجيش الجرار ـ ثلاثين ألفاً ـ في وقت عسر وجهد كما يدَّعون، دون أن يراجع ربه ويسأله عن تكليفه أمام هذه الترهات التي يسمعها من أناس لم يعرف منهم الصدق ولا الأمانة، بل هو ما عرف منهم إلا الكذب والكيد والخيانة، واشتراءهم بآيات الله ثمناً قليلاً..
وقد حدَّثه الله عنهم، ووصفهم له في كتابه الكريم بما لا يدع مجالاً لأي شك أو شبهة في أمرهم، ولا أقل من أن كل هذه البيانات الواضحة والفاضحة تحتم على أي إنسان مهما كان عادياً التثبت فيما يعرضه عليه هؤلاء الناس.
يضاف إلى ذلك: أن هذه الرواية تريد أن تطعن وتستخف بقيمة هذه الغزوة التي ظهرت خيراتها وبركاتها ولو بفضحها لواقع النفاق المستشري، وبإيجابها التأكيد على أمر الإمامة التي يكون بها حماية هذا الدين وبقاؤه، وقد تجلى هذا الإستخفاف حين اعتبرت أن خروج النبي "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك لم يكن بأمر من الله تبارك وتعالى، ولا كان خروج صحة وصدق، فلا عبرة بعد هذا بأي شيء مما قاله "صلى الله عليه وآله" مما يرتبط بأمر الإمامة، وبذلك يتم التعتيم والتمويه، والتستر على الفعلة الشنعاء التي ظهرت من أهل النفاق، فإن لله وإنا إليه راجعون..
2 ـ الأخبار الكاذبة هي السبب:
وقد اختلف في سبب غزوة العسرة والفاضحة، فقيل: إن جماعة من الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام إلى المدينة ذكروا للمسلمين: أن الروم جمعوا جموعاً كثيرة بالشام، وأن هرقل قد رزق أصحابه لسنة، وأجلبت معهم لخم وجذام، وعاملة وغسان، وغيرهم من متنصرة العرب، وجاءت مقدمتهم إلى البلقاء.
ولم يكن لذلك حقيقة، ولما بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذلك ندب الناس إلى الخروج([137]).
ونقول:
إن هذا الزعم غير معقول ولا مقبول.
إذ المعروف الذي لا شك فيه من أحد هو أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يرصد تحركات أعدائه بدقة متناهية، لكي لا يؤخذ على حين غرة. ولذلك كان يستبق حملاتهم بالمبادرة إلى تسديد ضربات حاسمة تحبط كيدهم، وتسقط مقاومتهم، بأيسر طريق، وأقلها تكلفة وخسائر..
وكان "صلى الله عليه وآله" يعلم بعداوة الروم له، وكان قد كاتب ملكهم، قبل سنوات، وخاض معهم حرباً قوية قبل مدة وجيزة، لا تزيد على سنة وشهرين.. وقد قتل في تلك الحرب قادته الثلاثة، جعفر بن أبي طالب، وزيد بن حارثة، وعبد الله بن رواحة..
فهل يعقل أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أهمل رصد تحركات هذا الجبار والعدو الخطر جداً، الذي كان يعيش لتوِّه نشوة الإنتصار على مملكة فارس. فاعتمد "صلى الله عليه وآله" على إخبار أنباط وافدين، لا يدينون بدينه، في حين أن القرآن يقول له: {وَلاَ تُؤْمِنُواْ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ}([138]).
ولنفترض: أنه أهمل الرصد، لسبب أو لآخر، وجاءه هذا الخبر من هؤلاء، فلماذا لا يبحث عن صحة هذا الخبر، مع اتخاذ جانب الإحتياط والحذر، بل يترك ذلك جانباً، ويبادر إلى جمع جيش يعد بعشرات الألوف، ويخض المنطقة بأسرها، ويعطي ذلك العدو الخطِر المبرر للقيام بأي عمل لصد ما يعتبره عدواناً عليه، ويزين لأتباعه بأن عليهم مواجهة أعدائهم بحرب هم أوقدوا نارها، وأثاروا إعصارها.
3 ـ تعويض قريش عن متاجرها:
وقيل: إن سبب غزوة تبوك هو أن الله سبحانه وتعالى لما منع المشركين من أن يقربوا المسجد الحرام في الحج وغيره قالت قريش: لتقطعن عنا المتاجر والأسواق، وليذهبن ما كنا نصيب منها، فعوضهم الله تعالى عن ذلك بالأمر بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}([139]).
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}([140])".
وعزم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قتال الروم، لأنهم أقرب الناس إليه، وأولى الناس بالدعوة إلى الحق لقربهم إلى الإسلام([141]).
ونقول:
1 ـ إن ذلك لا يمكن قبوله أيضاً، فإن الله لم يكن ليشرع الجهاد، وأخذ الجزية وما يترتب على ذلك من قهر للناس، وقتل، وأسر، وسبي، واغتنام لأموالهم، لمجرد تعويض قريش أو غيرها عن بعض المتاجر التي فاتتها، مع صرف النظر عن أنها أمضت أكثر من عقدين من الزمن، وهي تحارب الإسلام وأهله، بغياً منها عليه، وجحوداً لآياته، من أجل الدنيا وزينتها..
2 ـ لو صح هذا الزعم، فينبغي أن تكون الجزية أو الغنيمة خاصة لقريش، ولا يشاركها فيها احد. لا الأنصار، ولا غيرهم من أهل الإسلام المنتشرين في المنطقة العربية وغيرها..
وإن شاركها أحد في الغنائم، فينبغي أن يكون بعد حصول التعويض لقريش، بحيث يصل إلى الآخرين ما يزيد عن هذا المقدار، بعد اكتفاء قريش بهم..
3 ـ إن أخذ الجزية من أهل الكتاب قد سبق غزوة تبوك، التي كانت في شهر رجب سنة تسع.. وأخذ من العديد من الجماعات، فلاحظ الموارد التالية:
ألف: كتب "صلى الله عليه وآله" سنة ثمان مع العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوى، وإلى سيبخت مرزبان هجر، أو مرزبان البحرين يدعوها إلى الإسلام أو الجزية، (وفي نص آخر: أرسله ليدعو أهل البحرين إلى الإسلام أو الجزية)، فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم الخ..([142]).
ب: بل قيل: إنه وجَّه العلاء إلى البحرين في سنة ست([143]).
قال ابن الأثير في حوادث سنة ست: "وأما المنذر بن ساوى، والي البحرين، فلما أتاه العلاء بن الحضرمي يدعوه ومن معه بالبحرين إلى الإسلام أو الجزية، وكانت ولاية البحرين للفرس، فأسلم المنذر بن ساوى، وأسلم جميع العرب بالبحرين.
فأما أهل البلاد من اليهود والنصارى والمجوس، فإنهم صالحوا العلاء والمنذر على الجزية، من كل حالم دينار"([144]).
ج: هناك كتابه "صلى الله عليه وآله" لأهل خيبر المتضمن لإسقاط الجزية والكلف والسخرة عنهم([145]).
وقد ناقشوا في الكتاب، بأن فيه شهادة سعد بن معاذ الذي كان قد استشهد قبل خيبر بسنتين، وشهادة معاوية، وإنما أسلم بعد خيبر بسنة.
وبأن الجزية لم تكن وقت فتح خيبر، لأن آيتها قد نزلت سنة تسع.
ولم يكن على أهل خيبر كلف ولا سخرة في زمن النبي "صلى الله عليه وآله" لتوضع عنهم.
ويمكن أن يجاب عن ذلك بما يلي:
إنه ليس بالضرورة أن يكون هذا الكتاب قد كتب لأصحاب الحصون في خيبر، فلعله كتب لبعض الجماعات الأخرى في خيبر، قبل استشهاد سعد بن معاذ.
ويمكن إلحاق شهادة معاوية بالكتاب بعد إسلامه بطلب من تلك الجماعة، وبموافقة النبي "صلى الله عليه وآله"..
وعن تأخير تشريع الجزية نقول:
إن هذا هو أول الكلام..
يضاف إلى ذلك: أن من الممكن ان تكون قد شرعت على لسان النبي "صلى الله عليه وآله" قبل نزول الآية.
وعن الكلف والسخرة نقول:
لعلهم لم يريدوا بذلك رفع السخرة عنهم، بل اشترطوا ذلك احتياطاً لأنفسهم تحسباً من أن توضع عليهم في المستقبل.
د: وقد كتب إلى بكر بن وائل بالجزية، وذلك بعد سنة ثمان فراجع([146]).
هـ: إنه "صلى الله عليه وآله" أرسل أبا زيد الأنصاري إلى عبد وجيفر ابني الجلندى الأزديين في سنة ست، وقال "صلى الله عليه وآله" لأبي زيد: "خذ الصدقة من المسلمين، والجزية من المجوس"([147]).
و: سئل الإمام الصادق "عليه السلام" عن المجوس: أكان لهم نبي؟
فقال: نعم، أما بلغك كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أهل مكة: أن أسلموا وإلا نابذتكم بحرب.
فكتبوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن خذ منا الجزية، ودعنا على عبادة الأوثان.
فكتب إليهم النبي "صلى الله عليه وآله": "إني لست آخذ الجزية إلا من أهل الكتاب".
فكتبوا إليه يريدون بذلك تكذيبه: زعمت أنك لا تأخذ الجزية إلا من أهل الكتاب، ثم أخذت الجزية من مجوس هجر.
فكتب إليهم النبي "صلى الله عليه وآله": "إن المجوس كان لهم نبي فقتلوه، وكتاب أحرقوه"([148]).
وهناك نصوص ذكر فيها وضع الجزية أيضاً على بعض الفئات، مع احتمال أن يكون وضعها عليهم قبل غزوة تبوك، ونحن نذكر من ذلك ما يلي:
ألف: جاء في كتابه "صلى الله عليه وآله" للأسبذيين: "ومن أبى فعليه الجزية على رأسه معافاً، على الذكر والأنثى"([149]).
ب: وقد كتب ليهود تيماء: "أن لهم الذمة وعليهم الجزية"([150]). وذلك حين بلغهم وطء النبي "صلى الله عليه وآله" لوادي القرى في سنة تسع. فلعل ذلك كان قبل شهر رجب الذي كانت فيه غزوة تبوك
ج: وكتب "صلى الله عليه وآله" إلى يُحَنَّة بن رؤبة وفيه: "فأسلم أو أعط الجزية"([151]).
قال العلامة الأحمدي: "ولكن لم يعلم أنه كتبه إليه من تبوك أو قبل ذلك، ولم يتعرض له الناقلون، والذي يستفاد هو: أنه كتبه "صلى الله عليه وآله" إليه بعد نزول الجزية، إما سنة تسع، أو قبل فتح مكة"([152]).
4 ـ وأخيراً، فقد ذكرنا آنفاً: أنه لا مانع من ان يشرع الله تعالى بعض الأحكام على لسان نبيه "صلى الله عليه وآله"، ثم تنزل الآية القرآنية بعد ذلك بمدة لحكمة تقتضي ذلك.. فلا مجال للإصرار على تأخر تشريع الجزية استناداً إلى تأخر نزول الآية.
4 ـ هلكت أموالهم:
عن عمران بن حصين قال: كانت نصارى العرب كتبت إلى هرقل: إن هذا الرجل الذي قد خرج يدَّعي النبوة هلك، وأصابتهم سنون فهلكت أموالهم. فإن كنت تريد أن تلحق دينك فالآن، فبعث رجلاً من عظمائهم، وجهز معه أربعين ألفاً، فبلغ ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمر بالجهاد([153]).
ونقول:
إنه لا مجال لقبول هذا النص على ظاهره:
فأولاً: هو يقول عن النبي "صلى الله عليه وآله": إنه قد هلك، وهذا غير صحيح، ولا يمكن أن يقدم على هذه الكذبة أحد، ولا سيما مع قيصر، الذي لا بد أن يواجه الكاذبين بالعقوبات القاسية حين يظهر له كذبهم، وأنهم قد سعوا للمكر به..
إلا إذا فرض: أنهم يقصدون بذلك أنه هلك من الناحية الإقتصادية مثلاً.. أو السياسية، أو يعاني من الضعف العسكري أو نحو ذلك..
ولكن هذا أيضاً لا يحل الإشكال، فإن قوته "صلى الله عليه وآله" قد تضاعفت، وقد سقطت أمام جيوشه كل حصون الكفر والشرك في المنطقة بأسرها.. فإذا ظهر لقيصر أنهم قد كذبوا عليه في هذا الأمر الواضح، فسوف يلحق بهم الأذى والهوان.
ثانياً: قد ادَّعوا: أن سنين من القحط والعدم قد اصابت المسلمين، حتى هلكت أموالهم، مع أن السنين إنما أصابت أهل مكة، وقد مدّ هو "صلى الله عليه وآله" لهم يد العون، تفضلاً منه وكرماً..
ثالثاً: إنه لم يمض على مواجهة جيش الروم للمسلمين في مؤتة سوى سنة وشهرين، وقد وجد فيهم من البسالة والإقدام ما يحير العقول، حتى لقد واجه ثلاثة آلاف منهم مئات الألوف من جيوش قيصر، ولم تستطع تلك الحشود الهائلة أن تقتل من جيش المسلمين سوى بضعة أفراد، وربما لم يمكنهم ذلك إلا بعد أن طحن المسلمون جيوشه الجرارة طحناً..
ولولا حدوث الخيانة من خالد بن الوليد، فلربما لم يخرج من الجيوش التي حشدها إلا أقل القليل..
فأين هي تلك السنون التي مرت على المسلمين حتى هلكت أموالهم وتَمَهَّدَ السبيل للإنقضاض والقضاء عليهم؟!
رابعاً: إذا كانت مئات الألوف القيصرية مع جيش منتصر على إمْبَراطورية فارس قد عجزت عن فعل أي شيء مع ثلاثة آلاف في بلاد بعيدة عن بلادها، فإذا أراد قيصر أن يقضي على المسلمين، ويستأصل شأفتهم، فسيحتاج إلى أضعاف ما حشده في مؤتة، ولا سيما بعد أن تعرض جيشه فيها لضربة روحية بالغة القسوة والأثر..
فما معنى أن يكتفي الآن بأربعين ألفاً، يرسلهم مع أحد قواده؟!!
الفصل الثاني:
تجهيز جيش العسرة
المنفقون في جيش العسرة:
لما عزم رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قتال الروم عام تبوك، وكان ذلك في زمان عسرة من الناس، وشدة من الحر، وجدب من البلاد، وحين طابت الثمار، والناس يحبون المقام في ثمارهم وظلالهم ويكرهون الشخوص على تلك الحال من الزمان الذي هم عليه([154]).
قرر رسول الله "صلى الله عليه وآله" المسير إلى تبوك وحضّ على الصدقات، فجاؤوا بصدقات كثيرة، فكان أول من جاء أبو بكر، جاء بماله كله أربعة آلاف درهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل أبقيت لأهلك شيئاً"؟.
فقال: أبقيت لهم الله ورسوله([155]).
وجاء عمر بن الخطاب بنصف ماله، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "هل أبقيت لأهلك شيئاً"؟
قال: نعم، مثل ما جئت به.
وحمل العباس، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن عبادة، وحمل عبد الرحمن بن عوف مائتي أوقية إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتصدق عاصم بن عدي بسبعين وسقاً من تمر([156]).
وعند الدياربكري: أن عمر جاء بنصف ماله. وأن طلحة جاء بمال، وجاء عبد الرحمن بماءتي أوقية من الفضة. وجاء سعد بن عبادة بمال، وجاء محمد بن مسلمة بمال، وجاء عاصم بن عدي بتسعين وسقاً من تمر([157])..
وجعل الرجل من ذوي اليسار يحمل الرهط من فقراء قومه، ويكفيهم مؤونتهم، وبعثت النساء بكل ما قدرن عليه من مسك، ومعاضد، وخلاخل، وقرطة، وخواتيم([158]).
كما أن العباس بن عبد المطلب قد حمل مالاً يقال: إنه تسعون ألفاً.
وفي نص آخر: جاء بمال كثير([159]).
وفي نص آخر: وحمل رجال، وقوى ناس دون هؤلاء من هم أضعف منهم، حتى إن الرجل ليأتي بالبعير إلى الرجل والرجلين فيقول: هذا البعير بيننا نعتقبه، ويأتي الرجل بالنفقة، فيعطيها بعض من يخرج، حتى إن النساء كنَّ يبعثن بما يقدرن عليه.
وحمل كعب بن عجرة واثلة بن الأسقع([160]).
فعن واثلة بن الأسقع قال: نادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك، فخرجت إلى أهلي ـ وقد خرج أول أصحابه ـ فطفت في المدينة أنادي: ألا من يحمل رجلاً وله سهمه؟ فإذا شيخ من الأنصار ـ سماه محمد بن عمر: كعب بن عجرة ـ فقال: سهمه على أن تحمله عقبة، وطعامه معنا؟
فقلت: نعم.
فقال: سر على بركة الله تعالى.
فخرجت مع خير صاحب حتى أفاء الله علينا([161]).
قال الواقدي: بعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" مع خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة.
قال: فأصابني قلائص ـ قال الواقدي: ستة ـ فسقتهن حتى أتيته بهن.
فخرج، فقعد على حقيبة من حقائب إبله، ثم قال: سقهن مقبلات، فسقتهن.
ثم قال: سقهن مدبرات، فقال: ما أرى قلائصك إلا كراماً.
فقلت: إنما هي غنيمتك التي شرطت لك.
قال: خذ قلائصك يا ابن أخي، فغير سهمك أردنا([162]).
عثمان يجهز جيش العسرة:
وقال الواقدي أيضاً: وجهز عثمان بن عفان ثلث ذلك الجيش، حتى أنه كان يقال: ما بقيت لهم حاجة حتى كفاهم شنق أسقيتهم([163]).
قال الصالحي الشامي:
قلت: كان ذلك الجيش زيادة على ثلاثين ألفاً، فيكون جهز عشرة آلاف([164]).
وذكروا: أن عثمان حمل على تسعمائة بعير ومائة فرس بجهازها.
وقال ابن إسحاق: أنفق عثمان في ذلك الجيش نفقة عظيمة، لم ينفق أحد مثلها([165]).
وفي نص آخر: أن عثمان أنفق في جيش العسرة ألف دينار. قلت: غير الإبل والزاد، وما يتعلق بذلك.
قال: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "اللهم ارض عن عثمان، فإني عنه راض"([166]).
وعن عبد الرحمن بن سمرة قال: جاء عثمان إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بألف دينار في كمه حين جهز رسول الله "صلى الله عليه وآله" جيش العسرة، فصبها في حجر النبي "صلى الله عليه وآله"، فجعل النبي "صلى الله عليه وآله" يقلبها بيده ويقول: "ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم"([167]). يرددها مراراً.
وعن عبد الرحمن بن خُباب قال: خطب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فحثّ على جيش العسرة، فقال عثمان: عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها.
ثم نزل مرقاة أخرى من المنبر فحث، فقال عثمان: عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها.
ثم نزل مرقاة أخرى فحث، فقال عثمان: علي مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها.
فرأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول بيده ـ هكذا ـ يحركها كالمتعجب: "ما على عثمان ما عمل بعد هذا اليوم".
أو قال: بعدها([168]).
وعن الأحنف بن قيس قال: سمعت عثمان يقول لسعد بن أبي وقاص، وعلي، والزبير، وطلحة: أنشدكم الله، هل تعلمون أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "من جهز جيش العسرة غفر الله له"، فجهزتهم حتى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً؟
قالوا: اللهم نعم([169]).
مناقشة النصوص:
ولا بد لنا من وقفة أو وقفات مع النصوص المتقدمة، لكي ندل على زيف الزائف، ونأخذ بما هو متيقن أو أرجح، فنقول:
أبو بكر ينفق ماله كله:
ويستوقفنا هنا حديث نفقة أبي بكر في تبوك، من عدة جهات، نذكر منها ما يلي:
1 ـ قولهم إن أبا بكر جاء بماله كله، أربعة آلاف درهم يجعلنا نتساءل:
لماذا لم ينفق من هذه الأربعة آلاف ولو درهماً واحداً ليناجي رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين أمر الله تعالى المسلمين بذلك؟! حيث لم يعمل بآية النجوى سوى علي "عليه السلام"([170]).
2 ـ كيف قبل النبي "صلى الله عليه وآله" منه أن لا يبقي لأهله شيئاً؟ فأين رحمة النبي "صلى الله عليه وآله" ورأفته بالمؤمنين؟!..
ولا سيما إذا كان أبوب بكر يملك بعض الأموال، إذ إن ذلك يجعله مسؤولاً عن نفقة عائلته، ولا يصح منه تركهم بلا مال، كما لا يصح أن يكفلهم النبي "صلى الله عليه وآله" بالطرق الغيبيّة على سبيل الكرامة لأبي بكر..
3 ـ على أن لنا أن نسأل: هل أبقى النبي "صلى الله عليه وآله" لأهله شيئاً أيضاً؟
فإن كان الجواب بالإيجاب، فإن أبا بكر يكون أفضل وأسخى واكثر رغبة بثواب الله من رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟.. ولماذا لم يقتد "صلى الله عليه وآله" بأبي بكر في هذه الحالة؟!!
وإن كان الجواب بالنفي، فنقول: ألَم يكن لأهل أبي بكر حقوق عليه؟! أم أن ذلك لا يعد تفريطاً بحقوق الأهل، وتخلياً عن أمر واجب عليه؟!
أم أن الذي سوَّغ له ذلك هو تزاحم الواجبات، فقدّم الأهم على المهم؟! فإن كان الأمر كذلك، فقد كان يجب على عمر أيضاً، وعلى غيره من الصحابة أن يأتوا بجميع أموالهم.
أم أن القصة مختلقة من أساسها؟!!
4 ـ لماذا لم ينزل في هذا الذي أنفق ماله كله شيء من القرآن، ولو بمقدار نصف آية، كما نزل في علي "عليه السلام" حين نزلت فيه الآيات والسور، لتثني على تصدقه بخاتم في صلاته، فنزلت فيه آية الولاية، وبأقراص شعير فنزلت سورة هل أتى، وبدرهم ليلاً، ودرهم نهاراً، وبدرهم سراً، ودرهم علانية، فنزلت الآية المشيدة بذلك([171]).
فهل اقتضت عدالة الله الثناء على هذا، وحرمان ذاك ولو من نصف آية رغم بذله لماله كله في سبيل الله؟!..
واللافت هنا: أن هذه الأربعة آلاف تبقى هي المحور بالنسبة إلى أبي بكر، كما سنشير إليه فيما يأتي إن شاء الله تعالى، فسبحان من يغيّر، ولا يتغير.
كعب بن عجرة كان عثمانياً:
وعن حديث واثلة بن الأسقع مع كعب بن عجرة، وأن كعباً حمله إلى تبوك، ولم يرد إلا ثواب الله نقول:
قد تكون هذه القصة موضوعة إكراماً لعيني كعب بن عجرة، كما أنها قد تكون صحيحة، ولكن ذلك لا يعني أن تكون عاقبة كعب بن عجرة إلى خير ، فقد ذكر الطبري: أن كعباً هذا كان عثمانياً، وقد امتنع عن بيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"([172]).
حديثهم يكذب بعضه بعضاً:
وبعد، فإننا إذا أخذنا بحديث مناشدة عثمان لعلي "عليه السلام" وسعد، وطلحة، والزبير في أنه جهز جيش العسرة حتى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً([173])، فإنه يدل على ارتفاع حاجة جيش العسرة إلى مال أبي بكر، وعمر، وطلحة، وسعد، والعباس، وابن عوف، وابن مسلمة، وسواهم من المقربين والمؤيدين للسلطة، أو من أركانها المنحرفين عن أمير المؤمنين علي وأهل بيته "عليهم السلام"..
وسنشير إلى طائفة من تناقضات رواياتهم هذه فيما يأتي من مناقشة لتجهيز عثمان لجيش العسرة..
لم يكن في تبوك عسرة مالية:
وجميع دعاواهم هذه ترتكز على دعوى أن غزوة تبوك كانت في شدة من الزمان، حتى سموا ذلك الجيش بجيش العسرة([174])، اقتباساً من الآية القرآنية التي أطلقت هذا الوصف في هذه المناسبة، فقد قال تعالى في إلماحة منه إلى حالتهم هذه: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالُمهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}([175]).
ثم رتبوا مقولات لا أساس لها عن نفقات هذا الصحابي أو ذاك، وجعلوا ذلك ذريعة لنسبة الفضائل والكرامات لمن أعوزتهم الفضائل في شتى مجالاتها ومظاهرها.
والحقيقة هي: أنه لم تكن في تبوك عسرة مالية، ولا احتاج "صلى الله عليه وآله" إلى أخذ الأموال من أحد، وهذا هو ما قررته الآيات القرآنية الكثيرة، التي نزلت لتعالج أمر هذه الغزوة..
ويدلنا على ذلك أمور:
1 ـ قد ذكرت الآيات والروايات: أن المشكلة الأساسية في حرب تبوك هي الخوف والرعب من بني الأصفر، ففي بعض النصوص: أن الجد بن قيس مثلاً قد اعتذر عن تخلفه بقوله: "ما لي وللخروج في الريح والحر الشديد، والعسرة إلى بني الأصفر، فوالله ما آمن خوفاً من بني الأصفر، وأنا في منزلي، أفأذهب إليهم أغزوهم، إني والله يا بني عالم بالدوائر"([176]).
2 ـ إنهم لا يتوقّعون من تلك الغزوة غنائم ولا سبايا، ولا فتح بلاد، وهذا هو ما يسعى إليه الكثيرون منهم، حيث رضوا بالحياة الدنيا، ولولا ذلك لسارعوا إلى الخروج، لأنهم كانوا يعرفون أن الحرب ستكون مع جبار، لا يسهل الحصول على شيء من ذلك معه.
وقد رووا: أنه "صلى الله عليه وآله" قال للجد بن قيس يحرضه على الخروج: "تجهز فإنك موسر، لعلك تحقب من بنات بني الأصفر"([177]).
وقال تعالى مشيراً إلى ذلك، وإلى كذبهم في تعللاتهم التي يسوقونها للتخلص والتملص من المسير: {لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}([178]).
3 ـ إنهم كرهوا أن ينفروا في الحر ـ بحسب زعمهم ـ قال تعالى: {..وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ}([179]).
4 ـ إنهم قد رضوا بالحياة الدنيا من الآخرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ}([180]).
5 ـ إنه لا صحة لما يدَّعى من وجود شحة في الأموال، وحاجة إلى النفقات، ولذلك لم تزل الآيات الكثيرة تنعى عليهم امتناعهم عن الإنفاق في سبيل الله تعالى، رغم كثرة الأموال لديهم.. ومن ذلك قوله تعالى: {فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا} ([181]).
وقال جل وعلا: {كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاَقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ}([182]).
وقال سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ، فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ، فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ}([183]).
وقال سبحانه: {فَرِحَ المُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ}([184]).
وقال تبارك وتعالى: {وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
{وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ}([185]).
6 ـ قد صرحت الآيات القرآنية في نفس مناسبة غزوة تبوك: بأن الله تعالى لم يطلب من الذين لا يجدون ما ينفقون أن ينفروا للغزو، فلا معنى للتعلل بفقدان ما يحتاجون إليه من أموال، قال تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى المَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ}([186]).
ويقول بعض الإخوة هنا: إن نفس هذه الآيات دليل على أن الأكثيرين كانوا يجدون ما ينفقون، إذ لا يصح في الحكمة ترخيص غير الواجد إذا كانوا الأكثر، أو فقل: إذا كانوا بحيث لو رخِّصوا لم يبق من يخرج إلا القليل، ثم هي تدل على أن الآخرين كانوا واجدين من عند أنفسهم، لا بتبرع فلان وفلان، وإلا فلماذا الترجيح بجعل هذا واجداً، وهو لم يجد إلا من التبرعات، وجعل ذلك فاقداً ثم ترخيصه في العقود؟!
7 ـ إنه ليس بالضرورة أن يكون المقصود بالآيات التي مدحت اتباع النبي "صلى الله عليه وآله" في ساعة العسرة خصوص العسرة المالية، فإن كون الإسلام والمسلمين في خطر شديد وأكيد من قبل جبار بني الأصفر، مع ظهور الفشل في أصحابه، وإصرار المنافقين على المكر به "صلى الله عليه وآله" وبالمسلمين ـ إن ذلك ـ من أعظم موجبات العسر والحرج على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فكيف إذا كان سبب تخلف الكثيرين هو هذه الأمور التافهة، مثل بُعد الشقة، وكون الجو حاراً، وترك مواسم القطاف للثمار التي أينعت، وما إلى ذلك؟!
وذلك كله يدل على أن المقصود بقوله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالأنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ}([187])، ليس هو العسرة المالية، بل هو الخطر الشديد والأكيد على الإسلام وأهله، إذ لو كان المراد العسر المالي، فالمفروض أنه لم يكلفهم بالمسير معه، كما أنهم معذورون في التخلف عنه، ولا مورد لشن هذا الهجوم على المتخلفين، ولا يحسن تأنيبهم بهذه الحدة والشدة..
8 ـ على أنهم يدَّعون: أن عثمان وبعضاً آخر قد أزاحوا علة الجيش كله من الناحية المالية، ولم تبق عسرة، رغم أن الآية المشار إليها آنفاً تقول: إن العسرة باقية، وقد كاد يزيغ قلوب فريق من المهاجرين والأنصار، لولا أن الله تعالى قد تداركهم بالتوبة..
9 ـ إن الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع هم أفراد قليلون جداً، لا يزيدون على سبعة أشخاص معروفة أسماؤهم وقبائلهم([188]).
فإذا كان عثمان وطلحة وعمر وبعض آخر، قد جهزوا جيش العسرة الذي كان يعد بعشرات الألوف، فهل عجزوا عن تجهيز سبعة أشخاص، وتركوهم حتى تولوا وأعينهم تفيض من الدمع؟! ولم يرق لهم قلب، ولا ارتعش لهم جفن. رغم أن ما سألوه لم يكن هو الدواب والمراكب، بل مجرد أن يزودوهم بنعال([189])، أو بالماء والزاد، كما في بعض الروايات([190]).
إن ذلك كله يدلنا على أن القضية لم تكن هي أن الجيش كله أو جله كان في عسرة من أمره، بل القضية هي شحة هؤلاء الناس بأموالهم وأنفسهم وسعيهم للتملص من هذا المسير، الذي كان لازماً وضرورياً جداً.. وعليه يتوقف حفظ الدين وحياة المسلمين، في حين أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يذكرهم في كل يوم من على منبره ويقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لن تعبد في الأرض".
تجهيز عثمان لجيش العسرة خرافة:
وأما بالنسبة لحديث تجهيز عثمان لجيش العسرة، فلا يمكن قبوله، من الناحية العلمية، بل الأدلة متضافرة على لزوم رده، والحكم عليه بأنه موضوع ومصنوع.. وقد تعرَّض العلامة الأميني "رحمه الله" في كتابه القيم "الغدير" لهذا الحديث، وبيَّن طرفاً من تناقضاته، وأكد عدم صحة أسانيده([191]).
ونحن نذكر هنا بعض تناقضات هذا الحديث، ثم نعقِّب ذلك ببعض ما يفيد ويزيد في جلاء الحق، و سطوع شمس الحقيقة، فنقول:
تناقض الروايات:
قال ابن هشام: أنفق عثمان بن عفان في ذلك نفقة عظيمة، لم ينفق أحد مثلها، حدثني من أثق به: أن عثمان بن عفان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار.
زاد الصالحي الشامي قوله: غير الإبل والزاد([192])..
وأنه "صلى الله عليه وآله" قال: ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم..
وعند الكلبي: جهزهم بألف بعير بأقتابها وأحلاسها، زاد قتادة عليها سبعين فرساً أيضاً([193])..
وعند البلاذري: جهزهم بسبعين ألفاً([194])..
وعند الطبراني: جهزهم بماءتي بعير بأحلاسها وأقتابها، ومائتي أوقية من الذهب([195]).
وعند أبي يعلى: سبع مائة أوقية من الذهب([196]).
وعند ابن عدي: بعشرة آلاف دينار([197]).
وعند ابن حنبل: بثلاث مائة بعير بأحلاسها وأقتابها، وقال صلى الله عليه وآله: ما على عثمان ما عمل بعد هذا([198]).
وعند ابن عساكر: جهز ثلث الجيش([199]).
وعند ابن الأثير: جهز نصف جيش العسرة([200]).
وفي الكامل في التاريخ: قيل كانت ثلاث مئة بعير وألف دينار([201]).
وعند عماد الدين العامري: أنفق ألف دينار، وحمل على تسعمائة بعير، ومائة فرس. والزاد، وما يتعلق بذلك، حتى ما تربط به الأسقية([202]).
وفي الحلبية أيضاً: عند بعض أعطى ثلاث مئة بعير بأحلاسها وأقتابها وخمسين فرساً([203]).
وعن أبي عمرو في الدرر: أن عثمان حمل على تسعماية بعير ومئة فرس بجهازها([204]).
أبو بكر أعطى ماله كله:
تقدم: أنهم يقولون: إن أبا بكر قد أعطى في هذه الغزوة ماله كله([205]).
وقالوا: إنه ـ يعني مال أبي بكر ـ كان أربعة آلاف درهم([206]).
ونحن وإن كنا قد أثبتنا قبل صفحات يسيرة عدم صحة ذلك، ولكننا نقول:
إنه على فرض صحة ذلك، وإلزاماً لهؤلاء القائلين بما ألزموا به أنفسهم نسأل: ألم يكن من حمل ماله كله أولى من عثمان بالإعلان بشأنه، والدعاء له، والثناء عليه؟! وإذا كانت النفقات العظيمة لا تختص بعثمان، فلماذا يفوز عثمان وحده بالأوسمة، والألقاب، دون غيره. ممن أنفق وساهم من الرجال والنساء؟!.
فإن الثناء على الرجل بملاحظة مستوى تضحيته أولى من الثناء عليه بملاحظة مقدار ما يبذله من مال!. لا سيما وأن الثناء إنما جاء من رسول الله "صلى الله عليه وآله" الذي لا ينطق عن الهوى..
حديث المناشدة باطل:
ثم إنهم يقولون: إن جيش العسرة ـ كما يقولون ـ كان ثلاثين ألفاً وكان معهم من الإبل اثنا عشر ألف بعير، وعشرة آلاف فرس، وعند أبي زرعة كانوا سبعين ألفاً، وفي رواية أربعين ألفاً([207]).
وقد تقدم: أن عثمان حينما حوصر، ناشد طلحة والزبير، وسعداً، وأضافت بعض الروايات الإمام علياً "عليه السلام" أيضاً، فكان مما قررهم به، فأقروا: أنه صاحب جيش العسرة، وأنه اشترى بئر رومة([208]).
وعند البلاذري أنه قال: أنشدكما الله هل تعلمان أني جهزت جيش العسرة من مالي؟!([209]).
وفي نص آخر: ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من حفر بئر رومة فله الجنة، فحفرتها؟ ألستم تعلمون أنه قال: من جهز جيش العسرة فله الجنة، فجهزته؟ قال: فصدقوه لما قال([210]).
وقد صرح بأنهما اعترفا له بأن النبي حكم له بأنه شهيد، وبأنه من أهل الجنة، مقابل ما بذله في بئر رومة، ومقابل ما بذله في شراء ما أضيف إلى المسجد.
ونقول:
ألف: كيف أقر طلحة والزبير لعثمان بما ذكر، ثم واصلا حربه ضدهم، ولم يرتدعا عن محاصرته التي انتهت بقتله؟!.. وكيف وبماذا بررا ذلك للناس، الذين سمعوا عثمان يقررهما، وسمعوهما يقران له بذلك؟!
ب: كيف عرف سائر الصحابة: أن الله قد غفر لعثمان ذنوبه ثم يعاملونه هذه المعاملة ويحرضون على قتله، بل ويشاركون فيه بحجة أنه قد خالف أحكام الله، وتعدى حدوده؟!
وكيف يقتلون رجلاً وعده الله ورسوله بالجنة، وحكم بغفران كل ذنوبه، التي سوف يرتكبها.. أو صرح بعدم إضرار أي من ذنوبه به عند الله؟!..
ج: هل صحيح: أن من يبذل هذا المقدار من المال الذي بذله عثمان يمكنه أن يفعل ما يشاء من الذنوب، كبيرها، وصغيرها، حتى ما توعد الله عليه بالخلود بالنار كقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وما إلى ذلك؟
د: إذا صحت هذه الرواية فينبغي أن لا يتخلف أحد عن المسير إلى تبوك لارتفاع العسرة عن الجميع بما أعطاه عثمان، فلماذا يرجع الناس إلى منازلهم يبكون، لأنهم لم يجدوا عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما يحملهم عليه كما نصت عليه الآيات الآتية؟!
هـ: إذا كان ذلك صحيحاً، فلماذا احتاج إلى مال أبي بكر، ونصف مال عمر، وما أعطاه العباس، وطلحة، وسعد، والزبير، وابن مسلمة، و.. و.. الخ..
و: إذا صح ذلك لم يكن معنى للتخفيف عن الذين لا يجدون، وتصبح الآية الكريمة التي تتحدث عن هؤلاء بلا موضوع ويبطل قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَ يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ، إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ}([211]).
ز: إذا صح ذلك فلماذا تنزل الآية المقرعة واللائمة، والمتوعدة بالعذاب والعقاب لأولئك الذين لم ينفقوا في سبيل الله، إذ لا مورد ولا محل لنفقاتهم بعد ما أعطاه عثمان.
إلا إذا كان قد ظهر منهم قبل إنفاق عثمان ما يدل على امتناعهم عن البذل في سبيل الله، مع قدرتهم على ذلك.
بئر رومة:
إن شراء عثمان لبئر رومة بماله، ووقفه لها على المسلمين، حديث باطل لأسباب كثيرة، كما أن حديث مناشدته لطلحة والزبير، أو لهما بالإضافة إلى أمير المؤمنين "عليه السلام"، المتضمن لذكر هذا الأمر، ولأمور باطلة أخرى، ولتناقضات لا دواء لها، لا يمكن أن يصح أيضاً، فراجع([212]).
لا توجد أموال بهذا الحجم:
إنه لم يكن لدى الصحابة تلكم المبالغ الهائلة، التي يدَّعى أن عثمان قدّم أرقاماً منها في جيش العسرة، لا في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، ولا في عهد أبي بكر.
فقد روي أن أنس بن مالك، جاء بمال إلى عمر، بعد موت أبي بكر، فبايع عمر، ثم أخبره بأنه قد جاء بأربعة آلاف، فأعطاه إياها. قال أنس: فكنت أكثر أهل المدينة مالاً([213]).
عثمان والعدل الإلهي:
إذا كان لعثمان هذا السخاء، وهذا الاندفاع للعطاء في سبيل الله، فلماذا لم يتصدق ولو بدرهم، في مناسبة آية النجوى، التي لم يعمل بها سوى علي "عليه السلام"؟!([214]).
فمن يبخل بدرهم كيف يعطي هذه الألوف المؤلفة، ثم يجهز جيشاً بأكمله؟! إننا نتوقع أن تنزل في الثناء عليه سورة مثل سورة البقرة، فضلاً عن آية أو آيات..
كما أن الإمام علياً "عليه السلام" حين تصدق بأربعة دراهم سراً وجهراً وليلاً ونهاراً، نزلت فيه آية قرآنية([215]).
وحين يُطعم ثلاثة أقراص شعير لمسكين ويتيم وأسير، تنزل فيه سورة كاملة، هي سورة "هل أتى"([216])..
ويتصدق بخاتم في الصلاة فتنزل فيه آية الولاية: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}([217])"([218]).
فلماذا أهمل الله نفقات عثمان، وهي هائلة، واهتم بذكر نفقات أمير المؤمنين "عليه السلام"، وهي بضعة دراهم، أو بضعة أقراص من شعير؟!
هل كان عثمان من الأجواد؟!:
ولماذا لا يعدون عثمان من أجواد قريش، بل من أجواد العرب، إن لم نقل: إنه من أجواد الدنيا؟!
إلا أن يقال: إن عثمان كان سخياً في سبيل الله، بخيلاً على الناس، والجواد إنما يقال له: جواد، إذا كان يجود بماله على الناس!!
من أين لك هذا؟!:
من أين وكيف حصل عثمان على هذه الأموال الطائلة والهائلة، وهو قد جاء إلى المدينة صفر اليدين؟!
فإن كان ذلك من مال التجارة.. فنحن لم نسمع ولم نقرأ شيئاً عن هذه التجارة التي تدرُّ عليه هذه الأرباح العظيمة..
ولماذا لم يشتغل غير عثمان بهذه التجارات، ويحصل على تلك الأرباح؟!
أم يعقل أن يكونوا قد اشتغلوا، وعلى المال حصلوا، ثم هم به قد بخلوا؟!.. ولماذا لم ينقل لنا أسماء بعض هؤلاء المشتغلين الأغنياء والبخلاء؟!
وإن كان قد حصل عليها من الغنائم.. فإن غيره لا بد أن يكون قد نال منها مثل ما نال.. فلماذا تكون العسرة يا ترى؟! بل لماذا ينال هذه الأموال الهائلة من الغنائم، ونحن لم نجد له أي مقام محمود أو مشهود في حروب الإسلام؟!..
وأين هي الغنائم التي حصل عليها أمير المؤمنين "عليه السلام"، فارس الإسلام الأعظم، ونصيره الأكبر، أوَهل يعقل أن يكون علي "عليه السلام" قد بخل بماله.. وجاد به عثمان؟!.
وإن كان عثمان قد حصل على ذلك من سهم المؤلفة قلوبهم فلماذا لا يصرحون لنا بذلك؟!
وهل من يُحصِّل المال عن هذه الطريق، ثم يسخو به في سبيل الله، يستحق غفران ذنوبه، ثم يدخله الله الجنة؟!
ولو أنه كان كذلك، فلماذا يدخل الجنة بمال حصله من سهم المؤلفة، ويبقى الناس خالصو الإيمان يكافحون من أجل الجنة، ويتوسلون بشفاعة الشفعاء، لغفران ذنوبهم وستر عيوبهم؟!
الإستفاقة المتأخرة:
إذا كانت عند عثمان هذه الأموال الهائلة، فلماذا استفاق على الإنفاق في سبيل الله في هذا الوقت المتأخر، ألم يكن الأجدر به أن يظهر هذه الأموال قبل مناسبة تبوك، وينفقها على المسلمين أنفسهم، إذا كانوا في عسرة حقيقية؟! ولماذا يتركهم يواجهون تلك الشدائد؟!.. ولا يرق له قلب، ولا يرفُّ له جفن؟!
بل لماذا لم يساعد أقاربه من أهل مكة عندما أصابهم القحط؟!
هل هذا تعريض بأبي بكر؟!:
لقد زعموا: أن قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنّاً وَلاَ أَذًى}([219]). قد نزل في عثمان لإنفاقه في جيش العسرة([220]).
ونقول:
ألف: إن هذه الآية في سورة البقرة، وهي أول سورة نزلت في المدينة في أول الهجرة([221]).
وجيش العسرة قد كان في سنة تسع من الهجرة في شهر رجب..
ب: إذا صح أن أبا بكر قد قدم ماله كله في جيش العسرة، فإن المناسب هو أن تنزل هذه الآية في حقه، لا أن تنزل في حق عثمان..
ج: إن هذه الآية قد صرحت بالقول: بأن المنفقين لا يتبعون ما أنفقوا مناً ولا أذى. فهل هي بصدد التعريض بأبي بكر الذي يقول عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما من أحد أمنّ عليَّ في صحبته وذات يده من أبي بكر([222]).
الإغراء بالمعاصي:
إن حديث: ما يبالي عثمان ما فعل بعد اليوم، أو نحو ذلك، فيه إغراء للناس بالمعاصي، ما دام أنه قد تأكد لدى من قيلت في حقه: أنه غير معاقب على شيء..
ولا ندري لو أن عثمان زنى بعد هذا العطاء، أو سرق، أو قتل، فهل كان يقام عليه الحد، أو يقتص منه، أو لا يفعل به شيء من ذلك؟!..
إننا لا نعرف السبب في هذه العسرة التي ألمَّت بالمسلمين فجأة في سنة تسع، مع أن التاريخ لم يحدثنا عنها إلا في مناسبة نفقات عثمان، وإعطاء الأوسمة له!!
العسرة لم ترتفع بما فعل عثمان:
إن ظاهر كلمات عمر بن الخطاب أن العسرة قد بقيت ولم ترتفع بما بذله عثمان، وغيره، فقد قال الدياربكري:
وكان العشرة يتعقبون على بعير واحد، وربما يمص التمرة الواحدة جماعة، يتناوبونها، وكانوا يعصرون الفرث ويشربونه من شدة العطش.
وعن عمر بن الخطاب قال: نزلنا منزلاً أصابنا فيه عطش، حتى إن الرجل لينحر بعيراً، فيعصر فرثه، ويشربه، ويجعل ما بقي على كبده. كذا في معالم التنزيل..
وفي تفسير عبد الرزاق، عن معمر، عن ابن عقيل، قال: فخرجوا في قلة من الظَهر في حر شديد، حتى إنهم كانوا ينحرون البعير، ويشربون ما في كرشه من الماء. فكان ذلك الوقت عسرة في الماء والظهر، والنفقة، فسميت غزوة العسرة([223])..
عثمان يعطي من بيت المال:
وآخر كلمة نقولها هنا: إن التاريخ قد سجل لنا أرقاماً هائلة جداً عن عطايا عثمان من بيت مال المسلمين في أيام خلافته، وكان ذلك من أهم أسباب ثورة الصحابة والمسلمين عليه حتى قتلوه..
فلعل الذين وضعوا هذه الأفيكة قد أرادوا الإيحاء بأن هذه العطايا إنما كانت من أمواله الشخصية، لا من بيت المال..
وعن حجم عطايا عثمان غير المعقولة، ولا المقبولة، نقول: لقد ذكر العلامة الأميني قائمة ببعض عطاياه من الدراهم والدنانير ولبضعة أشخاص فقط، مع أنها لا تكاد تذكر إلى جانب اقطاعاته، وعطاياه من الأمور العينية، وكيف لو أضيفت إلى ذلك عطاياه الأخرى طيلة سنوات حكمه؟!..
والقائمة هي التالية:
لقد أعطى عثمان لسبعة أشخاص فقط هو أحدهم:
مبلغ: أربعة ملايين وثلاث مئة، وعشرة آلاف دينار.
وأعطى مئة وستة وعشرين مليوناً وسبع مئة وسبعين ألف درهم، لأحد عشر شخصاً فقط وكان هو في جملة من أخذ؛ فكيف بعطاياه طيلة سنوات حكمه؟!
وفي الغدير ج8 نصوص تصرح بامتلاكه وامتلاك أتباعه أرقاماً هائلة تكاد لا تصدق.. فيمكن الرجوع إلى ذلك الكتاب للاطلاع عليها..
وفي الختام نقول:
هذا ما أفصحت عنه كتبٌ حرص مؤلفوها على حفظ ماء وجه عثمان، بعد أن افتضح أمره بإصرار الصحابة والمسلمين على قتله، وبعد أن كان لا بد لهم من مراعاة الحال في مجتمع يرى الزهد فضيلة، ويعيش أبناؤه حالات قاسية من الحاجة والفقر..
فكيف لو أرادوا أن يطلقوا لأقلامهم العنان في بيان الحقائق، فإن الخطب جلل، والمصاب أليم، وإلى الله المشتكى، وعليه المعول في الشدة والرخاء.
الفصل الثالث:
النفير العام
إعلان المسير، لماذا؟!:
وبين "صلى الله عليه وآله" للناس مقصده، وإنه يريد بلاد الروم، وكان "صلى الله عليه وآله" قلَّ أن يخرج في غزوة إلا كنَّى عنها وورَّى بغيرها إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بيَّنها للناس، لبعد الشقة، وشدة الزمان، وكثرة العدو الذي يصمد له، ليتأهب الناس لذلك أهبته، فأمر الناس بالجهاز، ودعا من حولـه من أحياء العرب للخروج معه، فأوعب معه بشر كثير، وبعث إلى مكة، وإلى سائر القبائل التي فشا فيها الإسلام.
وتخلف عنه آخرون، فعاتب الله ـ تعالى ـ من تخلف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين، ووبخهم وبين أمرهم، فقال سبحانه وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِالحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآَخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}([224]).
ثم قال: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}([225]) إلى آخر الآيات([226]).
وعن كعب بن مالك قال: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قلّما يريد غزوة يغزوها إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله "صلى الله عليه وآله" في قيظ شديد، واستقبل سفراً بعيداً، وغُزَّى وعدداً كثيراً، فجلَّى للمسلمين أمرهم، ليتأهبوا أهبة غزوهم، وأخبرهم بوجهه الذي يريده([227]).
ونقول:
إن الإعلان بمقصده "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك لم يكن لمجرد بعد الشقة، وشدة الزمان، وكثرة العدو، ليتأهب الناس، فإنه قد أرسل قبل سنة وشهرين سرية إلى مؤتة، وهي أبعد من تبوك بكثير، لأنها تقع في تخوم البلقاء من أرض الشام، وكانت حشود الأعداء عظيمة، وهائلة، والشقة أبعد، وعدد جيش المسلمين لا يصل إلى عشر عدد الجيش الذي جهزه هو، حيث لم يكن عدد المسلمين يزيد على ثلاثة آلاف مقاتل بينما الجيش الذي يجهزه الآن إلى تبوك عشرة أضعاف هذا العدد، وكانت جموع الأعداء التي واجهت تلك السرية الصغيرة تعد بمئات الألوف حسبما تقدم.. بينما هم يدَّعون أن قيصر قد جهز للمواجهة في هذه المرة أربعين ألفاً فقط.
من أجل ذلك وسواه نقول:
لعل الأصح هو: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أراد فيما أراد:
1 ـ أن يفضح حقيقة نوايا تلك الطغمة التي تتربص بالإسلام وبالمسلمين شراً، وهذا ما اشار إليه الشيخ المفيد "رحمه الله" حيث قال عن تبوك:
"فأوحى الله تبارك وتعالى اسمه إلى نبيه "صلى الله عليه وآله": أن يسير إليها بنفسه، ويستنفر الناس للخروج معه، وأعلمه أنه لا يحتاج فيها إلى حرب، ولا يمنى بقتال عدو، وأن الأمور تنقاد له بغير سيف، وتعبَّده بامتحان أصحابه بالخروج معه واختبارهم، ليتميزوا بذلك، وتظهر به سرائرهم.
فاستنفرهم النبي "صلى الله عليه وآله" إلى بلاد الروم، وقد أينعت ثمارهم، واشتد القيظ عليهم، فأبطأ أكثرهم عن طاعته، رغبة في العاجل، وحرصاً على المعيشة وإصلاحها، وخوفاً من شدة القيظ، وبعد المسافة، ولقاء العدو، ثم نهض بعضهم على استثقال للنهوض، وتخلف آخرون الخ.."([228]).
ونلاحظ هنا أمرين:
أحدهما: قد يقال: إن هذا النص ينافي ما تقدم من أنه "صلى الله عليه وآله" كان يقول على المنبر وهو يحث الناس على المسير: "اللهم إن تهلك هذه العصبة لا تعبد في الأرض".. فإن هذا يشير إلى أن ثمة خطراً حقيقياً كان يتهدد المسلمين آنئذٍ، فإذا كان الله قد أخبر نبيه، بأن الأمور تستقيم له من غير حاجة إلى حرب لم يصح هذا القول منه "صلى الله عليه وآله".
الثاني: إذا كانت الأمور تستقيم للنبي "صلى الله عليه وآله" بغير حرب، فلماذا يكبد الناس مشقة هذا السفر البعيد، ويكلفهم مكابدة الأخطار والتفريط بالثمار في أيام القيظ، وفي الزمان الشديد؟!
ونجيب:
أولاً: إن هذا الكلام على المنبر في كل يوم لا يتناقض مع إخبار الله تعالى بأن الأمور سوف تنتهي بلا حرب، بل هو كلام صادق في نفسه على كل حال.
ثانياً: إنه "صلى الله عليه وآله" مكلف بأن يتعامل مع الناس وفق ما تقتضيه ظواهر الأمور. أما ما يعرِّفه الله إياه بالوحي، وبالطرق غير العادية، فليس له أن يجري في تعامله مع أصحابه على أساسه، إلا إذا أذن الله تعالى بذلك في بعض الموارد إذا توفرت مبررات الخروج عن هذه القاعدة.
ثالثاً: إنه قد يكون نفس مبادرة الناس إلى الإنخراط في هذا الجيش، وإظهار القوة، والرغبة في دفع العدو من الكبير والصغير هو المؤثر في دفع العدو، حين يلقي الله في قلوب الذين كفروا الرعب، بحيث يكون أي تخاذل في هذا الإتجاه يظهر حب أصحابه للدنيا، وتعلقهم بها من موجبات طمع العدو بهم، وجرأته على مهاجمتهم، وإنزال ضرباته القوية بهم..
رابعاً: إن من أسباب حفظ الإسلام، وتحصينه من شر الأشرار هو فضح نوايا المنافقين، وإكذاب أحدوثتهم، وكبت عدو أهل الإيمان في الداخل والخارج.
2 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يقدم نموذجاً عملياً لأمر الإمامة من بعده، وذلك بأن يجعل الناس يتحسسون الحاجة إلى الحافظ القوي، والإمام الوصي، حتى لا يعبث أصحاب الأطماع، وطلاب اللبانات بمصير الناس، ولا يفرضوا عليهم مساراً يؤدي بهم إلى البوار والهلاك والتمزق والتشتت والتلاشي والتفتت..
3 ـ إنه لا بد من أن يسقط هالة القداسة عمن لم يكن أهلاً للقداسة، وإنما هو يضفيها على نفسه لتكون شركاً يوقع به البسطاء والسذج من الناس، ويتخذ منهم أداة لفرض واقع معين، لا يرضاه الله تعالى، ويؤدي إلى العبث بجهود الإنبياء، وتضييع منجزاتهم..
4 ـ ثم إنه قد اعلن عن غزوته تلك ليكون ذلك أبعد للسمع، حيث تتناهى أخبارها إلى بني الأصفر، فتنخلع لها قلوبهم، وتطيش لها ألبابهم، ويتلاشى تدبيرهم في ظلمات الحيرة والضياع، ويوهن الله بذلك كيدهم، وتذهب ريحهم.
5 ـ إن ذلك لا بد من أن يثير الزهو والشعور بالعزة في مجتمع المسلمين أينما كانوا، وحيثما وجدوا، وسيشد أنظار كل الناس إليهم، وسيشتاقون إلى اللحاق بركب أهل الإيمان، الذي يسير من نصر إلى نصر، ويضيف مجداً إلى مجد.. قبل فوات الأوان. حيث لم يكن أحد أعظم في أعينهم وأهيب في قلوبهم، من قيصر، هذا الرجل المنتصر لتوه على كسرى حسبما ألمحنا إليه..
فإن تبوك لم تبق مجالاً لأن يتوهم أحد أن عدم مبادرة قيصر إلى غزوهم، قد كانت بسبب غفلته عنهم، ولعدم اكتراثه بهم، أو ما إلى ذلك..
تكاليف الحرب على المحاربين؟!:
لقد يفهم من آيات سورة التوبة، ومن آية التهلكة: أن نفقات الحرب تقع على عاتق المقاتلين.. وربما يؤَيَّد ذلك بأن الفارس يعطى سهمين من الغنيمة، أحدهما له، والآخر لفرسه.. والمقصود ـ بحسب الظاهر ـ: هو الفرس التي يملكها المقاتل نفسه.
ولكن الحقيقة هي: أن ذلك لا يحتم هذه النتيجة، ولا يقضي بحصر وجوب الإنفاق لحفظ بيضة الإسلام، والدفع عن حريم المسلمين بالمقاتلين، بل هو واجب على جميع الناس، على سبيل الكفاية، فإذا قام به البعض سقط عن سائرهم.. وحين تملك الدولة أسباب القوة، فباستطاعتها أن تستفيد من سهم "سبيل الله" أيضاً..
كما أن ملكية الفارس للفرس وعدم ملكيتها لا تؤثر على لزوم إعطاء الفارس سهمين، والراجل سهماً واحداً، فيجب أن يعطى سهمين مطلقاً، أي سواء كانت الفرس له أو لم تكن.
على أن التقريع الوارد في سورة التوبة للأغنياء المتخلفين، إنما هو على ما يمارسونه من نفاق، وعلى كذبهم فيما يدعونه، وما يظهرونه من أعذار واهية، وعلى رضاهم بسقوط هذا الدين، وحلول النكبات بإخوانهم لمجرد حبهم للمال والراحة والدنيا وزخارفها.. وعلى عدم امتثالهم أوامر رسول الله "صلى الله عليه وآله" المباشرة لهم.. وعلى ما يتسببون به من إخلال في تصميم الناس، وفي طاعتهم وانقيادهم، وما يشيعونه من ضعف وتخاذل.
الإستنفار العام:
قال ابن واضح: "ووجَّه إلى رؤساء القبائل والعشائر يستنفرها"([229]).
وقال الطبرسي: "تهيأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" في رجب سنة تسع لغزو الروم. وكتب إلى قبائل العرب، ممن قد دخل الإسلام، وبعث إليهم الرسل، يرغبهم في الجهاد والغزو. وكتب إلى تميم، وغطفان، وطيء، وبعث إلى عتاب بن أسيد عامله على مكة يستنفرهم لغزو الروم".
وقالوا أيضاً: وضرب "صلى الله عليه وآله" عسكره فوق ثنية الوداع بمن تبعه من المهاجرين، وقبائل العرب، وبني كنانة، وأهل تهامة، ومزينة، وجهينة، وطيء، وتميم.
واستعمل الزبير على راية المهاجرين، وطلحة بن عبيد الله على الميمنة، وعبد الرحمن بن عوف على الميسرة.
وسار رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى نزل الجرف. فرجع عبد الله بن أُبي بغير إذن، فقال "صلى الله عليه وآله": "حسبي الله، هو الذي أيدني بنصره وبالمؤمنين، وألف بين قلوبهم"([230]).
أضاف اليعقوبي قوله: "وخرجت النساء والصبيان يودعونه عند الثنية، فسماها ثنية الوداع"([231]).
العدد، والعدة، والألوية، والرايات:
وقالوا أيضاً: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" في رجب سنة تسع، فعسكر في ثنية الوداع.
وعن زيد بن ثابت و معاذ بن جبل قال: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفاً([232]).
ونقل الحاكم في الإكليل عن أبي زرعة قال: كانوا بتبوك سبعين ألفاً([233]).
وجُمِعَ بين الكلامين: بأن من قال ثلاثين ألفاً: لم يعد التابع.
ومن قال سبعين ألفاً: عد التابع والمتبوع.
وكانت الخيل عشرة آلاف فرس، وقيل: بزيادة ألفين([234]).
وفي نص آخر: كانوا أربعين ألفاً([235]).
قال عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب: خرج المسلمون في غزوة تبوك، الرجلان والثلاثة على بعير واحد([236]).
وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" كل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء وراية.
وأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" جيشه بالاستكثار من النعال، وقال: "إن الرجل لا يزال راكباً ما دام منتعلاً"([237]).
توزيع الرايات، واللواء الأعظم مع أبي بكر:
ثم قالوا أيضاً: لما رحل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ثنية الوداع عقد الأولوية والرايات، فدفع لواءه الأعظم إلى أبي بكر الصديق، ورايته العظمى إلى الزبير بن العوام، ودفع راية الأوس إلى أسيد بن الحضير، وراية الخزرج إلى أبي دجانة، ويقال: إلى الحباب بن المنذر، وأمر كل بطن من الأنصار أن يتخذ لواءاً([238]).
وحمل زيد بن ثابت لواء بني النجار([239]).
وكان دليله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك علقمة بن الفغواء الخزاعي([240]).
خمسة وعشرون رجلاً مؤمناً فقط:
ولا بد أن يستغرب الكثيرون ما جاء في بعض النصوص من أن عدد الجيش الذي سار إلى تبوك كان خمسة وعشرين ألفاً، وكان عدد المؤمنين فيه لا يزيد على خمسة وعشرين رجلاً، يقول النص:
"كان مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتبوك رجل يقال له: "المضرب" من كثرة ضرباته التي أصابته ببدر وأُحد، فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": عُدَّ لي أهل العسكر، فعددهم.
فقال: هم خمسة وعشرون ألف رجل سوى العبيد والأتباع.
فقال: عُدَّ المؤمنين.
فعددهم، فقال: هم خمسة وعشرون رجلاً، وقد كان تخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قوم من المنافقين، وقوم من المؤمنين مستبصرين لم يعثر عليهم في نفاق الخ.."([241]).
نعم، وهذا هو الذي يفسر نزول ما يقرب من تسعين آية من سورة التوبة لتبين ما جرى في تبوك، ولتظهر حجم التحدي والخطر الذي واجهه رسول الله "صلى الله عليه وآله" من هؤلاء المنافقين، الذين كان قسم منهم يسعى لزعزعة الإستقرار الداخلي حتى احتاج "صلى الله عليه وآله" إلى أن يخلف أمير المؤمنين علياً "عليه السلام" مكانه، ليكون منه بمنزلة هارون من موسى.
كما أننا لا نستطيع أن نشكك في صحة النص المذكور آنفاً، فإن عامة من ساروا إلى تبوك إنما أسلموا خلال الأشهر اليسيرة بين فتح مكة في شهر رمضان، السنة الثامنة، وشهر رجب السنة التاسعة.. والذين أسلموا قبل ذلك لم يكن قد مضى على إسلام معظمهم الذي بدأ من صلح الحديبية سوى وقت قليل أيضاً.. والباقون الذين قد لا يزيد عددهم على ألف وخمس مائة، كان قسم كبير منهم يظهر الإسلام، ويبطن النفاق، وقد ظهر ذلك في كثير من المواطن، ومنها غزوة أُحد كما هو معلوم..
لا تقتل معي فتدخل النار:
ورأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" برأس الثنية عبداً متسلحاً، فقال العبد: أقاتل معك يا رسول الله.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إرجع إلى سيدك لا تُقْتَل معي فتدخل النار"([242]).
ونقول:
إن لنا مع النصوص المتقدمة وقفات عديدة نبدؤها بالنص الأخير على النحو التالي:
مشاركة العبد بدون إذن سيده:
إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يرض بمشاركة العبد بدون إذن سيده، وهذا الموقف منه "صلى الله عليه وآله" يوضح: انه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يريد أن يجمع الناس حوله كيفما اتفق، بل هو يريد أن يتم ذلك وفق الضوابط الشرعية، والمنطق السليم..
كما أنه لا يريد أن يغرر بالناس، وبهدف تكثير السواد معه، بل يريد أن يعطيهم الضابطة الشرعية، ويلزمهم بها، ويعطيهم تلك التي تقول: لا يطاع الله من حيث يعصى..
وهو يريد لهم أن يسعدوا بجهادهم ويكون من أسباب تكاملهم، وسمو مقامهم عند الله، ولا يكون ذلك إلا بالإلتزام بأحكامه، والسير على منهاجه، وتطبيق شرائعه. ومراعاة حقوق الناس.
إنه لا يريد أن يتخذ الناس منه غطاء لتمرير مخالفاتهم، ولا ذريعة لتضييع حقوق الآخرين، حتى لو كان ذلك بالحضور في ساحات الجهاد وتعريض أنفسهم للقتل في سبيل الله، لأن القتل في سبيله لا بد أن يحمي حقوق الناس، لا أن يضيعها.
ثنية الوداع:
وقد زعمت رواية اليعقوبي: أن ثنية الوداع قد سميت بهذا الاسم بسبب وداع الناس لنسائهم وصبيانهم في غزوة تبوك..
وهو كلام غير دقيق..
فأولاً: إنهم تارة يزعمون: أن هذا الاسم قد أطلق على هذه الثنية حين عودتهم من خيبر، حين تمتع الناس ببعض النساء وفارقوهن عند تلك الثنية..
ويزعمون تارة أخرى: أن هذا الاسم قد ورد في النشيد الذي استقبل به أهل المدينة النبيَّ "صلى الله عليه وآله" حين هجرته، حيث قالوا:
طـــلـــع الـبـــدر عـلـيــنـــا مــن ثـــنـــيــــــات الــــوداع
وجــب الــشــكر عـلـيـــنــا مــــــــــــا دعـــــــــا لله داع
أيــهــــا المـبــعــوث فــيـنـا جــئــت بـالأمـــر المــطــاع([243])..
فأي ذلك هو الصحيح؟!..
ثالثاً: إن الأقرب هو: أن هذا الاسم: "ثنيات الوداع" اسم قديم جاهلي، يسمى هذا الموضع به لتوديع المسافرين فيه وقد ذكروا في التفاصيل: أنه كان لا يدخل أحد المدينة إلا من ثنية الوداع، فإن لم يُعشِّر بها مات قبل أن يخرج.
فإذا وقف على الثنية، قيل: قد ودع، فسميت ثنيات الوداع حتى قدم عروة بن الورد فلم يُعشر، ثم دخل، فسأل اليهود عن سبب التعشير.
فقالوا: لا يدخلها أحد من غير أهلها فلم يعشر بها إلا مات، ولا يدخلها أحد من غير ثنية الوداع إلا قتله الهزال.
فلما ترك عروة التعشير تركه الناس، ودخلوا من كل ناحية([244]).
والتعشير هو: أن ينهق كالحمار عشرة أصوات في طلق واحد، قال عمرو بن الورد العبسي:
لعمري لئن عشرت من خشية الردى نهـــاق الحـــمار إنــنـي لجـزوع([245])
أبو بكر يصلي بالناس:
وقالوا: إنه "صلى الله عليه وآله" أمر أبا بكر أن يصلي بمن تقدمه "صلى الله عليه وآله"([246]).
ونقول:
إنه بعد فتح مكة بدأ الفريق المتخصص بمنح الفضائل يشعر بأن الوقت حان لمنح الأوسمة والفضائل لمناوئي أمير المؤمنين "عليه السلام"، فكان أن ظهرت لهم فضائل لم نر لها أثراً قبل غزوة تبوك، فإنه إذا كان "صلى الله عليه وآله" قد خلف أمير المؤمنين "عليه السلام" على المدينة، وأعلن أنه منه بمنزلة هارون من موسى، فلا بد أن يكون لأبي بكر ما يضاهي ذلك أو يزيد عليه، فكان طبيعياً أن يدَّعوا أنه "صلى الله عليه وآله" استخلف أبا بكر على الصلاة، ليكون لأبي بكر نصيب من الخلافة والإستخلاف. فإن إعطاء هذا الوسام لعلي "عليه السلام" قد جعل الأمر بالغ الحساسية، وفي منتهى الخطورة.. ودعوى استخلاف أبي بكر على الصلاة، ليست ذات قيمة، ولا تستحق الذكر.
فإن ذلك لا يدل على شيء من الفضائل لدى المستخْلَف، أي أنه لا يدل على علم أبي بكر، ولا على حسن أخلاقه، ولا على زهده وتقواه، ولا على أية صفة أخرى سوى صفة العدالة عند الشيعة، أما أهل السنة، فإنهم ينكرونها أيضاً، ويفتون ويروون عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه قال: صلوا خلف كل بر وفاجر([247]).
فإذا كانت الإمامة في الصلاة عندهم لا تُثْبِت حتى صفة العدالة، فهل تُثْبِت الإمامة العظمى، التي تحتاج إلى كل تلك الصفات، وسواها مما لا مجال لذكره في أعلى مستوياتها وأفضل حالاتها؟!
كما أن الإمامة تتضمن منصب القضاء وقيادة الجيوش و.. و.. الخ.. فالإمام هو الحاكم والمدبر والمعلم وغير ذلك. وكل واحدة من هذه الأمور تحتاج إلى ما يناسبها. من صفات ومزايا..
فقيادة الجيوش مثلاً تحتاج إلى صفات تناسب هذه المهمة، مثل الشجاعة، والخبرة بشؤون الحرب.
فإذا كانت الإمامة في الصلاة لا تُثْبِت شيئاً من الصفات المطلوبة، فهل تثبت تمييزاً فيها على جميع البشر؟!.
وقد تحدثنا ببعض التفصيل عن هذا الأمر حين الكلام عما زعموه من صلاة النبي "صلى الله عليه وآله" خلف عبد الرحمن بن عوف، وهم في الطريق إلى تبوك. فليلاحظ ما ذكرناه هناك.
الألوية.. والرايات:
وقد لاحظنا هنا عدة أمور في غزوة تبوك، التي لم يكن فيها قتال، بل تقدم أن الله سبحانه وتعالى قد أخبر نبيه "صلى الله عليه وآله" بعدم حصول قتال فيها([248]).
الأمر الأول: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر كل بطن من الأنصار، والقبائل من العرب أن يتخذوا لواء وراية. مع أن المعروف هو أنه "صلى الله عليه وآله" كان هو الذي يعطي الرايات للفرسان وللزعماء من كل قبيلة، أو جماعة، فراجع ما جرى في فتح مكة، وخيبر، وسواهما.
الثاني: أنه "صلى الله عليه وآله" جعل ـ حسب زعمهم ـ الرايات والألوية حسب أقسام الجيش، فجعل هذا على الميمنة، وذاك على الميسرة، أو على المقدمة، كما يفهم من النصوص المتقدمة، مع أن ذلك إنما يتم حين المواجهة بين الجيشين المتحاربين، فيجعل قسماً من الجيش ميمنة، وقسماً منه ميسرة، وطائفة منه قلباً، وسواها يكون الجناحين، ويكون هناك خيالة، ورجالة، ومقدمة، وما إلى ذلك..
وأما في حال المسير، مع العلم بأن هنا ثمة مئات الأميال التي تحتاج إلى أيام وليالي كثيرة لقطعها عن جيش الأعداء، فإن ذلك لا يكون ضرورياً. بل قد يكون معيقاً لحركة الجيش..
الثالث: قد لفت نظرنا قولهم: إن أبا بكر حمل اللواء الأعظم، ثم قولهم: إن الزبير قد حمل الراية العظمى.. حيث لم يتأكد لدينا أن ثمة فرقاً بين اللواء والراية، حيث ينقلون عن بعض أهل اللغة أنه لا فرق بينهما([249]).
الرابع: إن النصوص المتقدمة تارة تقول: إن الراية العظمى كانت مع الزبير، وأخرى تقول: إنه "صلى الله عليه وآله" جعل إليه راية المهاجرين..
إن ذلك كله يحتاج لمزيد من التأمل والتدبر.
خبير الفرار من الزحف:
1 ـ إن من الطبيعي أن يعطي المتخصصون بمنح الفضائل والكرامات لواء الجيش الأعظم لأبي بكر، ما دام أن علياً "عليه السلام" قد غاب عن ذلك المسير بأمر من الله ورسوله "صلى الله عليه وآله"، لأن المدينة لا تصلح إلا به أو بأخيه رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فإن أبا بكر كان يحتاج إلى هذا اللواء لكي يثبت أهليته لمقام القيادة، ولا خوف عليه، فإن هذا المسير ليس فيه حرب، ولا طعن ولا ضرب، لكي يخشى عليه من الفرار، وأن يولي عدوه الأدبار..
ولكن الحقيقة هي: أن أبا بكر لن ينتفع كثيراً من هذه الفضيلة المنحولة، فإنه قد أبان عن شجاعته، واقتداره، حين فر في أحد، وفي قريظة، وخيبر، وحنين، وذات السلاسل، و.. و..
وحين لم يجرؤ على مباشرة القتال في بدر، بل بقي معتصماً بأمنع حوزة، حيث آثر أن يكون مع النبي "صلى الله عليه وآله" الذي يفديه المسلمون بأرواحهم، ويدافعون عنه بكل وجودهم.. كما أنه آثر السكوت في الخندق، ولم نشهد له أي موقف شجاع في كل تاريخ الإسلام..
وماذا يفيد أن يحمل اللواء أبو بكر أو غيره في مشهد استعراضي، حيث لا عدوّ، ولا قتال.
وحتى لو واجه الأعداء، فهناك ثلاثون ألفاً من الرجال، لا بد أن يدفع بهم إلى ساحة المواجهة،حتى إذا أحس بأي خطر يتعرض له، فقد أعد للفرار عدته، وقد اكتسب طيلة تلك السنين، وفي المواجهات المختلفة خبرة عميقة في أساليب الهرب من خلال التجربة المتكررة لها في المواطن العديدة كلما أحس أحس بحاجة إلى ذلك.
2 ـ إن جميع الدلائل تشير إلى أن ثمة تزويراً في أمر الألوية والرايات، ومن شأن ذلك أن يزيل الثقة بما يقولونه في هذا المجال..
إذ ما معنى قولهم: دفع اللواء الأعظم إلى أبي بكر، والراية العظمى للزبير، فقد تقدم: أن ثمة صعوبة في إثبات وجود فرق بين اللواء والراية..
بركات غزوة تبوك:
لقد كان لغزوة تبوك بركات وآثار هامة، فقد عرف الناس أنه "صلى الله عليه وآله" يقصد بحركته هذه إرهاب أعظم ملك في ذلك الزمن، وقد كتب إليه يدعوه إلى الإسلام أو الجزية، ثم أرسل إليه رسالة دعوة أخرى من بلاد يراها ذلك الطاغية جزءاً من مملكته وبلاده بعد أن وطأتها جيوش الإسلام، وبسط "صلى الله عليه وآله" نفوذه عليها، ونشر دعوته ودينه فيها..
وأصبحت مناطق منها تدين بالولاء لهذا النبي الكريم والعظيم، وتؤدي له الجزية..
وفي تبوك فتح الله له دومة الجندل، وأخذ ملكها. وفيها جاءه أسقف أيلة وهو يُحَنَّة بن رؤبة، ووفد عليه أهل أذرح، وسألوه الصلح على الجزية، ووفد إليه أهل مقنا وغيرهم([250]).
وكل ذلك من شأنه أن يؤلم قيصر، ويهيج أشجانه، ويهين كبرياءه، الشيطاني، ويثير حميته، وهو الرجل المغرور بنفسه وبملكه العريض، ولا يرى له نظيراً على وجه الأرض، وقد عاد لتوه من نصر عظيم على أعظم مملكة في زمانة، وهي مملكة الفرس التي كانت تجاريه، وتباريه، وتتقاسم معه الملك والنفوذ على الأرض كلها..
ثم إن مما يزيد الطين بلة والخرق اتساعاً بالنسبة لقيصر: أن يقف هذا الذي يصفونه بالعربي والمسلم بجيوشه على تخوم مملكته، ويطأ بجيوشه أطرافاً منها عزيزة عليه، ليطلب منه الإسلام أو الجزية!! فهل هناك من ذل وخزي لقيصر أعظم من هذا؟!
وأية عزة هذه التي منحها الله لرسوله وللمؤمنين!!
ابن أُبي في أُحد كما في تبوك:
عن كعب بن مالك قال: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك يوم الخميس، وكانت آخر غزوة غزاها، وكان يستحب أن يخرج يوم الخميس([251]).
وعسكر عبد الله بن أُبي معه على حدة، وكان عسكره أسفل منه نحو ذباب.
وكان فيما يزعمون ليس بأقل العسكرين([252]).
فأقام ابن أُبي ما أقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلما سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" نحو تبوك تخلف ابن أُبي راجعاً إلى المدينة، فيمن تخلف من المنافقين، وقال: يغزو محمد بني الأصفر، مع جهد الحال، والحر، والبلد البعيد إلى ما لا طاقة له به، يحسب محمد أن قتال بني الأصفر معه اللعب، والله لكأني أنظر إلى أصحابه مقرنين في الحبال، إرجافاً برسول الله "صلى الله عليه وآله" وبأصحابه([253]).
ونقول:
1 ـ قولهم: إن عسكر ابن أبي لم يكن أقل العسكرين، قال ابن حزم: وهذا باطل، لم يتخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا ما بين السبعين إلى الثمانين فقط([254]).
2 ـ إذا صح قولهم: أن ابن أُبي تخلف عن تبوك، وصح أنه عسكر مع جماعة من أصحابه بصورة منفصلة عن باقي العسكر، فيمكن أن يكون الراوي قد ضخَّم الأمر، حتى ادَّعى أن جماعة ابن أُبي يضاهون بكثرتهم عسكر النبي "صلى الله عليه وآله"، لكي يبرئ ساحة جماعات أخرى قد يظهر أنهم تخلفوا وتسببوا بمشكلة كبيرة نزلت فيها الآيات التي تلوم وتقرّع..
أو لعل الراوي كان قد رأى جمعهم في بداية تكوين عسكر النبي "صلى الله عليه وآله"، حين كان لا يزال عددهم قليلاً جداً، وقبل قدوم العساكر من سائر الجهات، فأخبر عما رآه في تلك الساعة، ثم تناقله الرواة فيما بعد من دون ملاحظة ذلك.
والذي نراه هو: أن الأمر كان كما ذكره هذا الراوي، وأن المنافقين كانوا بهذه الكثرة العظيمة، لأن أكثرهم قد اظهر الإسلام بعد فتح مكة، أي قبل مدة يسيرة من غزوة تبوك، فاقتضى ذلك نزول الآيات الكثيرة التي تؤنبهم على نفاقهم، وعلى ممارستهم الخبيثة التي تكاد تلحق أذى عظيماً في الإسلام، فنزلت أكثر آيات سورة التوبة لمعالجة هذا الواقع، فنجحت المحاولات، واستعاد النبي "صلى الله عليه وآله" قسماً كبيراً ممن تخلف، وبقيت طائفة منهم وهي أيضاً طائفة كبيرة وخطيرة أيضاً، وكانت تضمر للإسلام شراً، ولم يكن يمكن السيطرة عليها، ومعالجة أمرها إلا بأمير المؤمنين "عليه السلام" أو النبي "صلى الله عليه وآله"، فخلَّف "صلى الله عليه وآله" أمير المؤمنين علياً "عليه السلام"، وسار هو بالجيش الذي هيأه كما هو معلوم.
3 ـ لقد تعلل ابن أُبي لرجوعه مع غيره من المنافقين بخوفه من بني الأصفر، وهم الروم.. وببعد الشقة، وثقل وخطورة المهمة، وبأنه يرى أن المسلمين سيتحولون إلى أسرى في يد أعدائهم.. مع أنه قد رأى من المعجزات على يد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما لا يبقي عذراً لأحد في أي تخاذل عن نصرته.. لأن تلك المعجزات تضطره إلى الإيمان بأن النبي "صلى الله عليه وآله" متصل بالله تبارك وتعالى.. فلا بد من إطاعته، ما دام أنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى.
إنه قد رأى كيف انتصرت قلة قليلة من المسلمين على ما يفوقهم عدداً بأضعاف كثيرة، ولم تكن غزوة مؤتة إلا حجة دامغة على كل منافق لا يؤمن بيوم الحساب.. فضلاً عما جرى في بدر وخيبر، وحنين، والخندق، وقريظة، وغيرها..
نتائج تبوك معلومة سلفاً:
وهنا سؤال يقول:
قد صرح الشيخ المفيد: بأن رسو ل الله "صلى الله عليه وآله" كان يعلم عن طريق الوحي بأن غزوة تبوك ستنتهي من دون حرب، فما معنى إصرار النبي "صلى الله عليه وآله" على المسلمين بالمشاركة في هذا المسير؟!
ولماذا جاءت الآيات الكريمة في سورة التوبة بهذه الحدة والشدة؟!
ولماذا الإصرار على إدانة وتقبيح عمل من تخلف عن تلك الغزوة؟!
وما معنى أن يقول النبي "صلى الله عليه وآله" على المنبر: إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبداً؟!
والجواب:
أولاً: قد ذكرنا أكثر من مرة: أن ما يطلع الله تعالى عليه نبيه "صلى الله عليه وآله" من الغيوب بوسائط غير عادية، فليس له أن يرتب الأثر عليه، ولا أن يأخذ الناس به..
ثانياً: إن السبب في عدم حصول القتال في تلك الغزوة هو نفس مبادرة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى جمع الجموع للتصدي لتدبير كانوا يخفونه، ويعتقدون أنه يخفى على رسول الله "صلى الله عليه وآله".. حيث إن هذا الحشد الكبير سوف يرعبهم، وسيجعلهم يفكرون مرات ومرات قبل أن يقدموا على أي عمل عدواني.. ولا سيما بعد ما رأوه في مؤتة، حسبما وصفناه أكثر من مرة.
ثالثاً: إذا كانت المصلحة تكمن في تحصين أهل الإسلام من الخارج، بإلقاء الرعب في قلوب أعداء دينهم، وتحصين أهل الإيمان من الداخل بفضح أهل النفاق، وإبطال كيدهم، فذلك يحتم إخفاء نتائج المسير إلى تبوك عن كل أحد، إذ إن إظهارها سيفقد ذلك المسير معنى الجدية، ويحوله إلى حركة إستعراضية فاشلة، وغير ذات أثر.. هذا إن لم تصل أخبار ذلك إلى مسامع الروم وملكهم..
رابعاً: إن معلومية نتائج تبوك لا يضر بسلامة التصرف النبوي على المنبر، إذ لا شك في أنه إن تهلك تلك العصابة التي معه فإن الله لن يعبد في الأرض.. بل إن عدم مشاركة المسلمين في ذلك المسير، ربما يؤدي إلى هلاك هذه العصابة، حيث يطمع فيهم عدوهم، ويندفع لإيراد الضربة القاسمة والحاسمة بالإسلام وأهله، كما أنه قد يقوي من عزيمة أهل النفاق في الداخل، ويزيد من التمزق، والتناحر، ويفتح أمامهم نوافذ التوسع في التآمر وإشراك العدو الخارجي في ممارسة الضغوط الخانقة على أهل الإيمان.
لا يدخل الجنة عاص:
قالوا: "ونادى منادي رسول الله "صلى الله عليه وآله": لا يخرج معنا إلا مقو، فخرج رجل على بكر صعب، فصرعه بالسويداء.
فقال الناس: الشهيد الشهيد!!
فبعث النبي "صلى الله عليه وآله" منادياً ينادي: لا يدخل الجنة عاص"([255]).
وأقول:
ولست أدري مدى صحة هذا الحديث.
فأولاً: إن ركوب ذلك الرجل بكراً صعباً لا يعني أنه خالف أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بأن يختار دابة قوية، فإن البكر الصعب ليس ضعيفاً.
ثانياً: سوف يأتي: أن أبا ذر قد لحق بالنبي "صلى الله عليه وآله" على بعير ضالع، فلم يسر معه إلا شيئاً يسيراً حتى اضطر إلى تركه، وحمل متاعه على ظهره، ولحق بالنبي "صلى الله عليه وآله" ماشياً. فهل كان أبو ذر عاصياً أيضاً، ولا يدخل الجنة؟!.
إلا أن يقال: إن كلام النبي "صلى الله عليه وآله" حول لزوم تهيئة مركوب مناسب لم يصل إلى مسامع أبي ذر.. وكان "صلى الله عليه وآله" عالماً بتعمد صاحب البكر الصعب مخالفة أوامره.. وهذا القول يحتاج إلى دليل، وإلا كان رجماً بالغيب!!
الفصل الرابع:
المتخلفون والمعذرون
والبكاؤون واللاحقون
أبو ذر يلحق بالنبي ':
عن ابن مسعود قال: لما سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك جعل يتخلف عنه الرجل، فيقولون: يا رسول الله، تخلف فلان.
فيقول: "دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه".
حتى قيل: يا رسول الله، تخلف أبو ذر وأبطأ به بعيره.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "فإن يك فيه خير فسيلحقه الله بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه"([256]).
وتلوَّم أبو ذر على بعيره، فلما أبطأ عليه أخذ متاعه فحمله على ظهره، ثم خرج يتبع رسول الله "صلى الله عليه وآله" ماشياً.
قال محمد بن عمر: قالوا: وكان أبو ذر الغفاري يقول: أبطأت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك من أجل بعيري. وكان نضوا أعجف، فقلت: أعلفه أياماً ثم ألحق برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فعلفته أياماً، ثم خرجت، فلما كنت بذي المروة أَذَمَّ بي، فتلومت عليه يوماً فلم أر به حركة، فأخذت متاعي فحملته.
قال ابن مسعود: وأدرك رسول الله "صلى الله عليه وآله" في بعض منازله، قال محمد بن عمر: قال أبو ذر: فطلعت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" نصف النهار وقد أخذ مني العطش، فنظر ناظر من المسلمين فقال: يا رسول الله، إن هذا الرجل يمشي على الطريق وحده.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كن أبا ذر".
فلما تأمله القوم قالوا: يا رسول الله، هو ـ والله ـ أبو ذر.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "رحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده"، فكان كذلك.
فلما قدم أبو ذر على رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخبره خبره، فقال: "قد غفر الله لك يا أبا ذر بكل خطوة ذنباً إلى أن بلغتني".
ووضع متاعه عن ظهره، ثم استقى، فأتي بإناء من ماء فشربه([257]).
ونقول:
لا فرق بين أبي ذر وغيره:
ومبدأ الإسلام في التعامل صريح وصحيح، وهو لا يستثني قريباً حبيباً ولا نائياً غريباً.. ولذلك اطلق النبي "صلى الله عليه وآله" نفس المعيار، وطبقه على أبي ذر، ولم يظهر أي ليونة تجاهه.. وهو قوله: "دعوه، فإن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم، وإن يك غير ذلك فقد أراحكم الله تعالى منه".
لأن المفروض: أن ما حصل عليه أبو ذر من مقام في الإسلام، ومن أوسمة على لسان الرسول "صلى الله عليه وآله" لم يحصل عليه باقتراح ومحاباة منه "صلى الله عليه وآله"، بل حصل عليه بجهد وجهاد، رسم حدوده، وبين معالمه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأبي ذر وللناس كلهم، فاستفاد أبو ذر منه فربح، وتقاعس عنه آخرون وفرطوا فيه، فخسروا.
ومن جهة أخرى، فإنه لا بد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يراعي جانب العدل والإنصاف في كل مفردات تعامله، فإذا كان من الجائز على كل أحد سوى الأنبياء وأوصيائهم أن يحدث لهم تراجع أو اختلال في سلوكهم، نتيجة لسوء اختيارهم أو تقصيرهم، أو لغير ذلك من أمور، فإنه لا بد أن يلتزم بذلك أيضاً بالنسبة لأبي ذر، لأنه هو الآخر من الناس الذين يملكون اختياراً، ويتعرضون للخطأ، والتقصير لوسوسات الشيطان.
وهذا بالذات هو ما التزم به النبي "صلى الله عليه وآله" حين أطلق نفس القول بحق أبي ذر الإنسان.. كما كان أطلقه في حق كل من يحمل صفة الإنسانية..
فسيلحقه الله:
وقول النبي "صلى الله عليه وآله": إن يك فيه خير فسيلحقه الله تعالى بكم.. لا يريد أن يؤكد به مبدأ الجبر، والتصرف التكويني في البشر إلى حد سلب اختيارهم.. بل هو يريد أن الله تعالى سيمنحه توفيقاته، وسيفتح له أبواب الهداية، ليختار هو لنفسه ما ينجيها، ويعينه عليها لتذليل جماحها، والرضا بما فيه صلاحها، ونجاحها، وفلاحها.
مقايسة بين نوعين من الناس:
ولا أدري كيف تمكن المقارنة بين أولئك الباحثين عن المسارب، والمهارب للتملص من هذا المسير الجهادي، وهم أهل الأموال الكثيرة، التي تمكنهم من تذليل صعاب ذلك السفر، وتهوين مشاقه، ويطمعون بدلاً عن ذلك ـ بالتنعم بنسمة عليلة، أو ثمرة يانعة.. وبين هذا الذي يجهد ليمنح بعيره شيئاً من القوة ليستفيد منه في طريق الجهاد، ولكنه حين يعجز عن ذلك، فإنه يتركه في أوائل ذلك الطريق الطويل جداً، ويحمل ثقله على ظهره، ويسير في تلك الصحراء القاحلة في أيام القيظ والحر، يواجه بوجهه لفحات الهجير، ويعرض نفسه لمخاطر الموت جوعاً أو عطشاً، أو لأخطار الإفتراس، من حيواناتها الكاسرة، أو لأخطار نهشات أفاعيها وحيَّاتها، التي عادة ما تكون في أيام القيظ هائجة.
فبأي شيء كان يطمع أولئك إلا بحطام الدنيا وزخرفها الزائل؟! وبأي شيء كان يطمع أبو ذر إلا بالثواب والأجر، وبالشهادة في سبيل الله تعالى؟!
كن أبا ذر:
وقد ظهر من قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن ذلك الذي جاء وحده إلى تبوك: "كن أبا ذر": أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد فصل بين موقفه في تعامله المباشر مع الحالة العامة للناس، ووضع الأسس الصحيحة لهذا التعامل، وبين تعامل آخر، صحيح وسليم أيضاً، وهو حقه في أن يعبر عما يحتفظ به من قناعات عن الأشخاص فيما يرتبط بملكاتهم وخصائصهم، وطبيعة تكوينهم الروحي، وسلوكهم الشخصي. فتوقع!! أن يكون ذلك القادم وحده من قلب الصحراء أبا ذر الذي عرف أخلاقه، وما يحمله من مبادئ، وطبيعة سلوكه ومواقفه..
يموت وحده، ويبعث وحده:
وكما كان إبراهيم أمة عابداً وخاضعاً وقانتاً لله، فإن أبا ذر كان أمة قانتاً لله وخاشعاً له، ويعيش الإستقلالية والغنى عن الإرتباط بأي شيء آخر سوى الله تعالى، فهو يعيش وحده، ويموت وحده، ويبعث يوم القيامة وحده، لم يجعل أي شيء في وجوده مرتهناً ولا مقيداً بأي شيء آخر.
ولا يعبد شيئاً غير الله، ولا يقيم وزناً لأي شيء سواه.
وهذه مرتبة جليلة لا يصل إليها إلا الصفوة من أهل التقوى، الذين حرروا أنفسهم من أي ارتباط بما في هذه الحياة الدنيا..
وما يؤكد ذلك ويوضحه: أن الروايات قد جاءت لتؤكد على غربة الدين وأهله عن هذه الدنيا وعن أهلها، ليكون أبو ذر "رضوان الله عليه" مصداقاً لقول النبي "صلى الله عليه وآله": "إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء"([258]).
وزاد في نص آخر: فقيل: ومن هم يا رسول الله؟
قال: الذين يصلحون إذا فسد الناس، إنه لا وحشة ولا غربة على مؤمن، وما من مؤمن يموت في غربته إلا بكت عليه الملائكة رحمة له، حيث قلت بواكيه، وفسح له في قبره بنور يتلألأ من حيث دفن إلى مسقط رأسه([259]).
وعن الإمام الباقر "عليه السلام": "المؤمن غريب، وطوبى للغرباء"([260]).
وروي أيضاً عن أمير المؤمنين "عليه السلام": "العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم"([261]).
أبو خيثمة وعمير بن وهب أيضاً:
قالوا: لما سار رسول الله "صلى الله عليه وآله" أياماً دخل أبو خيثمة على أهله في يوم حار، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه، وقد رشت كل منهما عريشها وبردت له فيه ماء، وهيأت له فيه طعاماً، فلما دخل قام على باب العريش فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له فقال: سبحان الله! رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر في الضح والريح والحر، يحمل سلاحه على عنقه، وأبو خيثمة في ظل بارد وطعام مهيأ، وامرأة حسنة، في ماله مقيم؟!! ما هذا بالنصف!
ثم قال: والله، لا أدخل عريش واحدة منكما حتى ألحق برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهيئا لي زاداً.
ففعلتا، ثم قدَّم ناضحه فارتحله، ثم خرج في طلب رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى أدركه حين نزل تبوك، وقد كان أدرك أبا خيثمة عمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فترافقا حتى إذا دنوا من تبوك قال أبو خيثمة لعمير بن وهب: إن لي ذنباً، فلا عليك أن تَخَلَّفَ عنى حتى آتي رسول الله "صلى الله عليه وآله". ففعل.
حتى إذا دنا من رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال الناس: هذا راكب على الطريق مقبل، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كن أبا خيثمة".
فقال رجل: هو والله، يا رسول الله أبو خيثمة.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أولى لك يا أبا خيثمة".
ثم أخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخبر.
فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله": خيراً، ودعا له بخير.
قال ابن هشام: وقال أبو خيثمة في ذلك:
ولما رأيـت الناس في الـدين نافقوا أتـيـت التي كانـت أعـف وأكرم
وبايـعـت بالـيـمـنى يدي لمحمد فـلـم أكتـسب إثماً ولم أغْشَ محرم
تركت خضيباً في العريش وصرمة صـفـايـا كـرامـاً بسرهـا قد تحمم
وكـنـت إذا شك المنافق أسمحت إلى الدين نفسي شطره حيث يمما([262])
ونقول:
إننا لا ندري مدى صحة هذا الحديث، الذي يبدو لنا أنه ينتهي إلى ابن إسحاق، غير أن من الواضح: أن أبا خيثمة ـ كما أظهره النص المنقول عن ابن إسحاق ـ قد تعمد في بادئ الأمر التخلف عن المسير مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى تبوك، رغم قدرته المالية على ذلك، فلا معنى لجعله في مصاف أبي ذر الذي حاول جهده أن يهيئ بعيره لحمله. فلم يفلح فبادر إلى السير على قدميه حاملاً ثقله على ظهره في ذلك الجو القائظ، وذلك السفر الطويل، الذي هو أطول أسفار رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزواته.
فإن لم يكن الهدف هو إيجاد شركاء لأبي ذر في هذا الفضل العظيم الذي حازه كما ربما يوحي به التشابه بين ما نسب لرسول الله "صلى الله عليه وآله" من أنه قال: "كن أبا خيثمة". كقوله: "كن أبا ذر". فإننا لا نمنع من ان يكون شخص أو شخصان كأبي خيثمة وعمير بن وهب قد راجعا حساباتهما، فوجدا أن من الخير أن لا يحسبا في معسكر النفاق، وفي موقع المعلن بالعصيان لأوامر رسول الله "صلى الله عليه وآله".. لا سيما وهما يريان أن الإسلام يزداد انتشاراً، وقوة وشوكة، وعظمة ونفوذاً..
غير أن الغريب في الأمر هو: أن حديث أبي خيثمة قد تضمن إشارة تتناقض مع ما يسعى إليه الراوي من تلميع لصورة أبي خيثمة، وذلك انه "صلى الله عليه وآله" قال: "أولى لك يا أبا خيثمة".
وهذه الكلمة ـ كما ذكره العلماء ـ لعلها أكثر ظهوراً في التعبير عن عدم الرضا.
وقد ذكروا: أنها تستعمل في مقام التهديد كما قاله الأصمعي.
وقيل: أولى لك، اسم فعل مبني، ومعناه: وليك شر، أو المراد: الهلاك أولى لك، أو أولى لك ما تكرهه. وقد كثر استعماله في مثل هذه المعاني، حتى صار بمنزلة: الويل لك([263]).
البكاؤون الذين لا يجد ما يحملهم عليه:
قال الصالحي الشامي:
وروى ابن جرير، وابن مردويه، عن ابن عباس وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي، وابن إسحاق، وابن المنذر، وأبو الشيخ عن الزهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن محمد بن عمر بن قتادة وغيرهم: أن عصابة من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" جاؤوه يستحملونه، وكلهم معسر ذو حاجة لا يحب التخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ}([264])، وهم سبعة.
واختلفوا في أسمائهم، فالذي اتفقوا عليه: سالم بن عمير، من بني عمرو بن عوف الأوسي، وعلبة بن زيد، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب. وهرمي بن عبد الله.
والذي اتفق عليه القرظي، وابن إسحاق، وتبعهم ابن سعد، وابن حزم، وأبو عمرو، والسهيلي ولم يذكر الأخير، والواقدي: عرباض بن سارية، وجزم بذلك ابن حزم، وأبو عمرو، ورواه أبو نعيم عن ابن عباس.
والذي اتفق عليه القرظي، وابن عقبة، وابن إسحاق: عبد الله بن مغفل المزني، وفي حديث ابن عباس: عبد الله بن مغفل فيهم.
وروى ابن سعد، ويعقوب بن سفيان، وابن أبي حاتم، عن ابن مغفل قال: إني لأجد الرهط الذين ذكر الله تعالى: {وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ} الآية.
والذين اتفق عليهم القرظي وابن عمر: سلمة بن صخر، ولفظ القرظي: سلمان.
والذي اتفق عليه القرظي وابن عقبة: عمرو بن عَنمة بن عدي، وعبد الله بن عمرو المزني. حكاه ابن إسحاق قولاً بدلاً عن ابن مغفل، وانفرد القرظي بذكر: عبد الرحمن بن زيد أبي عبلة من بني حارثة، وبذكر: هرمي بن عمرو من بني مازن.
قال محمد بن عمر: ويقال: إن عمرو بن عوف منهم.
قال ابن سعد: وفي بعض الروايات من يقول فيهم: معقل بن يسار، وذكر فيهم الحاكم حرمي بن مبارك بن النجار، كذا في المورد.
ولم أر له ذكراً في كتب الصحابة التي وقفت عليها.
وذكر ابن عائذ فيهم: مهدي بن عبد الرحمن، كذا في العيون، ولم أر له ذكراً فيما وقفت عليه من كتب الصحابة.
وذكر فيهم محمد بن كعب: سالم بن عمرو الواقفي.
قال ابن سعد: وبعضهم يقول: البكاؤون بنو مقرن السبعة، وهم من مزينة انتهى، وهم: النعمان، وسويد، ومعقل، وعقيل، وسنان، وعبد الرحمن والسابع لم يسم، قيل: اسمه عبد الله، وقيل: النعمان، وقيل: ضرار، وقيل: [...] وحكى ابن فتحون ـ قولاً ـ أن بني مقرن عشرة، فيتعين ذكر السبعة منهم.
وذكر ابن إسحاق في رواية يونس وابن عمر: أن عبلة بن زيد لما فقد ما يحمله، ولم يجد عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما يحمله، خرج من الليل فصلى من ليلته ما شاء الله تعالى، ثم بكى وقال: اللهم إنك أمرتنا بالجهاد ورغبت فيه، وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني بها في مال أو جسد أو عرض.
ثم أصبح مع الناس، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أين المتصدق هذه الليلة"؟ فلم يقم أحد.
ثم قال: "أين المتصدق فليقم"؟! فقام إليه فأخبره.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أبشر، فوالذي نفسي بيده لقد كتبت في الزكاة المتقبلة".
قال ابن إسحاق، ومحمد بن عمر: لما خرج البكاؤون من عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقد أعلمهم أنه لا يجد ما يحملهم عليه لقي يامين بن عمرو النضري أبا ليلى وعبد الله بن مغفل وهما يبكيان. فقال: ما يبكيكما؟
قالا: جئنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليحملنا، فلم نجد عنده ما يحملنا عليه، وليس عندنا ما نتقوى به على الخروج، ونحن نكره أن تفوتنا غزوة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فأعطاهما ناضحاً له، وزود كل واحد منهما صاعين من تمر.
زاد محمد بن عمر: وحمل العباس بن عبد المطلب منهم رجلين، وحمل عثمان بن عفان منهم ثلاثة نفر بعد الذي جهز من الجيش([265]). انتهى.
ونقول:
قد سقنا كلام هذا الرجل لنبين مدى الإختلاف في أسماء هؤلاء وقد اقتصرنا على هذا المقدار، والمراجعة إلى سائر المصادر، ومقارنة نصوصها، سوف تزيد من حدة وسعة هذه الإختلافات. وليس المقصود هو التحقيق حول هذا الأمر، بل المقصود هو لفت نظر القارئ إلى حرص الرواة على تخصيص هذه الفضيلة أو تلك بمن لهم فيه هوى، أو مصلحة..
وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أنهم يتعاملون مع روايات السيرة بمنطق المنتفع والمستفيد، لا بمنطق الأمانة على الحق والحقيقة.. فإنا لله وأنا إليه راجعون..
النبي ' لا يجد ما يحمل عليه أبا موسى، ثم يجد:
عن أبي موسى الأشعري قال: أتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في نفر من الأشعريين ليحملنا، وفي رواية: أرسلني أصحابي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أساله لهم الحملان، فقلت: يا رسول الله إن أصحابي أرسلوني لتحملهم.
فقال: "والله لا أحملكم على شيء، وما عندي ما أحملكم عليه".
ووافقته وهو غضبان ولا أشعر.
فرجعت حزينا من منع رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومن مخافة أن يكون رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وجد في نفسه، فرجعت إلى أصحابي فأخبرتهم بالذي قال رسول الله "صلى الله عليه وآله".
ثم جيء رسول الله "صلى الله عليه وآله" بنهب إبل فلم ألبث إلا سويعة إذ سمعت بلالاً ينادي: أين عبد الله بن قيس؟
فأجبته، فقال: أجب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يدعوك.
فلما أتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "خذ هذين القرينين، وهذين القرينين، وهذين القرينين"، لستة أبعرة ابتاعهن حينئذٍ من سعد.
وفي رواية: فأمر لنا بخمس ذود غر الذرى، فقال: "انطلق بهن إلى أصحابك، فقل: إن الله ـ أو قال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ يحملكم على هؤلاء، فاركبوا".
قال أبو موسى: فانطلقت إلى أصحابي فقلت: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحملكم على هؤلاء، ولكن والله لا أدعكم حتى ينطلق معي بعضكم إلى من سمع مقالة رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين سألته لكم، ومنعه في أول مرة، ثم إعطائه إياي بعد ذلك، لا تظنوا إني حدثتكم شيئاً لم يقله.
فقالوا لي: والله إنك عندنا لمصدق، ولنفعلن ما أحببت، فانطلق أبو موسى بنفر منهم حتى أتوا الذين سمعوا مقالة رسول الله "صلى الله عليه وآله" من منعه إياهم، ثم إعطائه بعد ذلك، فحدثوهم بمثل ما حدثهم به أبو موسى.
قال أبو موسى، ثم قلنا: تغفلنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يمينه، والله لا يبارك لنا، فرجعنا فقلنا له.
فقال: "ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم".
قال: "إني والله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيراً منها إلا أتيت التي هي خير وتحللتها".
فقال: "كفَّرت عن يميني"([266]).
ونقول:
إننا لا نريد أن نقول هنا: في كل واد أثر من ثعلبة، إذ قد ينسبنا البعض إلى التعسف في إطلاق التهمة، واللجوء إلى التجني، والإمعان في ذلك بلا مبرر أو داع إلى ذلك.
غير أننا نسجل من تحفظاتنا الكثيرة على النص المتقدم ما يلي:
لا حافظة لكذوب:
وقد اختلفت الروايـات هنا بصورة لافتـة، ونحن نكتفي بـما قاله المتحذلقون لدفع غائلة هذه الإختلافات، وسيرى القارئ الكريم كم هي تعسفية وممجوجة، لا تليق بمن ينسب نفسه إلى العلم، أو يدَّعي لنفسه اليسير من الإنصاف.
قال الصالحي الشامي:
قول أبي موسى: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "خذ هذين القرينين، وهذين القرينين، أي الجملين المشدودين أحدهما إلى الآخر" لستة أبعرة، لعله قال: هذين القرينين ثلاثاً، فذكر الرواة مرتين اختصاراً.
ولأبي ذر، عن الحموي، والمستملي: وهاتين القرينتين وهاتين القريتنين، أي الناقتين.
وفي رواية في باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن في الصحيح: فأمر لنا بخمس ذود.
وفي باب الإستثناء في الأيمان: بثلاثة ذود.
والرواية الأولى تجمع بين الروايات، فلعل رواية الثلاثة باعتبار ثلاثة أزواج، ورواية الخمس باعتبار أن أحد الأزواج كان قرينه تبعاً، فاعتد به تارة ولم يعتد به أخرى.
ويمكن أن يجمع بينهما: بأنه أمر لهم بثلاثة ذود أولاً، ثم زادهم اثنين، فإن لفظ زهدم أحد رواة الحديث: ثم أتي بنهب، ذود، غر الذرى، فأعطانا خمس ذود، فوقعت في رواية زهدم جملة ما أعطاهم، ورواية غيلان: مبدأ ما أمر لهم به، ولم يذكر الزيادة.
وأما رواية: خذ هذين القرينين، ثلاث مرار، وفي رواية: ستة أبعرة، فعلى ما تقدم أن تكون السادسة كانت تبعاً، فلم تكن ذودتها موصوفة بذلك.
قال الحافظ في رواية: ستة أبعرة، إما أن يحمله على تعدد القصة، أو زادهم على الخمس واحدا.
وقال: في رواية أبي موسى قال: أتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بنهب إبل، فأمر لنا بخمس ذود.
وفي رواية بعد قوله: "خذ هذين القرينين" ابتاعهن من سعد.
ولم ينبه الحافظ على الجمع بين الروايتين فيحتمل ـ والله أعلم ـ أن يكون ما جاء من النهب أعطاه لسعد، ثم اشتراه منه لأجل الأشعريين، ويحتمل على التعدد([267]). انتهى.
والله لا أحملكم على شيء:
ثم إننا لا نرى أن ثمة تناقضاً في قوله: "والله لا احملكم على شيء، ولا عندي ما أحملكم عليه"، حيث أراد بقوله هذا "لا أحملكم على شيء" أنه يرفض معونته بشيء حتى لو كان عنده ما يحملهم عليه، فكيف إذا لم يكن عنده شيء يعينهم به ويحملهم عليه، كما هو حاله في تلك الساعة؟!
المتخلفون والْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ:
قال محمد بن عمر وابن سعد عن المعذرين من الأعراب والمتخلفين: "وهما اثنان وثمانون رجلاً من بني غفار، وأنزل الله: {وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آَمِنُوا بِاللهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ لَكِنِ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَهُ جَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُولَئِكَ لَهُمُ الخَيْرَاتُ وَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَجَاءَ المُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}([268])"([269]).
قال ابن عقبة: وتخلَّف المنافقون، وحدَّثوا أنفسهم أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يرجع إليهم أبداً، فاعتذروا. وتخلف رجال من المسلمين بأمر كان لهم فيه عذر، منهم السقيم والمعسر([270]).
قال محمد بن عمر: وجاء ناس من المنافقين إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليستأذنوه في القعود من غير علة، فأذن لهم، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً([271]).
وعن جابر بن عبد الله: استدار برسول الله "صلى الله عليه وآله" رجال من المنافقين حين أذن للجد بن قيس يستأذنون يقولون: يا رسول الله، ائذن لنا فإنَّا لا نستطيع أن نغزو في الحر، فأذن لهم، وأعرض عنهم([272]).
وجاء المُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ، فاعتذروا إليه، فلم يعذرهم الله.
قال ابن إسحاق: وهم نفر من بني غفار.
قال محمد بن عمر: كانوا اثنين وثمانين رجلاً، منهم، خفاف بن أيماء([273]).
بنو غفار هم المنافقون الْمُعَذِّرُونَ:
بالنسبة للْمُعَذِّرينَ من بني غفار نقول:
1 ـ إذا كان المنافقون من أهل المدينة لم يكونوا من قبيلة بعينها، بل كانوا منتشرين في جميع القبائل، وإذا كان النفاق منتشراً أيضاً في الأعراب حول المدينة في قبائل مختلفة مثل: غفار، وأسلم، وجهينة، ومزينة.. فلا نرى ما يبرر كون الْمُعَذِّرينَ مِنَ الْأَعْرَابِ وهم اثنان وثمانون رجلاً من خصوص قبيلة غفار.
2 ـ إن الآيات الكريمة قد صرحت: بأن المُعَذِّرينَ مِنَ الْأَعْرَابِ كانوا من الأغنياء، فما هذا الغنى الواسع الذي كان في بني غفار؟!
وأين كان سائر الأغنياء من المنافقين في سائر القبائل؟!
3 ـ وهل تخلف هؤلاء الثمانين كان سيؤثر على جيش يبلغ عدده ثلاثين ألفاً، حتى ينزل القرآن في حقهم بهذه الحدة والشدة؟! وأية خطورة يشكلها هذا العدد القليل على المسلمين، وهم بهذه الكثرة والقوة؟!
إننا نظن أن ثمة تعمداً لإلقاء التهمة على فريق بعينه، لعله كان هو الأضعف سياسياً، ولم يكن فيهم أحد يؤسف عليه من صناع السياسة، وبذلك يمكنهم حفظ فرقاء آخرين من أن تحوم حولهم الشبهات، لو تركت الأمور على طبيعتها..
التزوير في حديث المخذِّلين:
قالوا: كان رهط من المنافقين يسيرون مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يخرجوا إلا رجاء الغنيمة، منهم:
وديعة بن ثابت، أخو بني عمرو بن عوف.
والجلاس بن سويد بن الصامت.
ومُخَشَّن بالنون ـ قال أبو عمرو وابن هشام مَخْشِي بالتحتية ـ ابن حمير من أشجع، حليف لبني سلمة.
زاد محمد بن عمر: ثعلبة بن حاطب([274]).
فقال بعضهم لبعض، عند محمد بن عمر: فقال ثعلبة بن حاطب: أتحسبون جلاد بني الأصفر كجلاد العرب بعضهم بعضاً، لكأني بكم غداً مقرنين في الحبال، إرجافاً برسول الله "صلى الله عليه وآله" وإرهاباً للمؤمنين.
وقال الجُلَاس بن عمرو ـ وكان زوج أم عمير، وكان ابنها عمير يتيماً في حجره ـ: والله لئن كان محمد صادقاً لنحن شر من الحمير.
فقال عمير: فأنت شر من الحمير، ورسول الله "صلى الله عليه وآله" صادق وأنت الكاذب.
فقال مخشن بن حمير: والله لوددت أن أقاضي على أن يُضرب كل رجل منا مائة جلدة، وأننا ننفلت أن ينزل فينا قرآن لمقالتكم هذه!!.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعمار بن ياسر: "أدرك القوم فإنهم قد اخترقوا، فاسألهم عما قالوا، فإن أنكروا فقل: بلى، قلتم كذا وكذا"([275]).
"فانطلق عمار إليهم فقال لهم ذلك، فأتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" يعتذرون إليه، فقال وديعة بن ثابت ورسول الله "صلى الله عليه وآله" على ناقته، وقد أخذ وديعة بن ثابت بحقبها، ورجلاه تسفيان الحجارة وهو يقول: يا رسول الله إنما كنا نخوض ونلعب، فأنزل الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}([276]).
وحلف الجلاس ما قال من ذلك شيئاً، فأنزل الله سبحانه وتعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْراً لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}([277])"([278]).
وقال مُخَشَّن: يا رسول الله، قعد بي اسمي واسم أبي، فسماه رسول الله "صلى الله عليه وآله" عبد الرحمن أو عبد الله، وكان الذي عُفِيَ عنه في هذه الآية، وسأل الله تعالى أن يُقتل شهيداً ولا يعلم بمكانه، فقتل يوم اليمامة، ولم يعرف له أثر([279]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم العديد من الوقفات:
تضخيم القضية لماذا؟!:
قد ذكرت النصوص المتقدمة: أن من الذين خرجوا رجاء الغنيمة أربعة نفر،ٍ تكلموا فيما بينهم بكلام بعينه، فأخبر الله تعالى نبيه بمقالتهم، وبما سيعتذرون به عنها.
غير أننا نقول:
ألف: إن ذلك غير مقبول ولا معقول، إذ إن أحداً لا يتوقع، أو فقل: لا يستطيع أن يرى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتابع كلمة صدرت أو حواراً دار بين أربعة أشخاص فقط، من بين ثلاثين ألفاً، ثم تنزل في ذلك الآيات بالتوبيخ والتقريع، فإن المتابع للأمور يرى في هذا الأمر اهتماماً غير مبرر بالأمور الصغيرة، وإنه لا معنى لإشغال النفس بها وهي غير ذات قيمة، وهذا معناه: أن الأمر كان أعظم خطراً، وأشد ضرراً، إن لم نقل: إن ذلك الخطر كان شاملاً وهائلاً حتى أوجب هذا المستوى من التصدي والتحدي من الله ورسوله.
وأما لو كان الأمر محصوراً بأربعة أشخاص، أو حتى بعشرات، فلا مبرر لشيء من ذلك إلا أن يكون هؤلاء الأشخاص من ذوي التأثير القوي في النـاس، وقد جـاء كلامهم المثير في سياق التآمـر، والكيد الخطير على الإسلام وأهله.
ب: إن الآيات نفسها قد تضمنت ما يدحض مزاعم هذه الروايات، لأنها تقول: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً}([280]). الظاهر في وجود جماعات وطوائف شاركت في هذا الأمر.
مع أن الرواية تقول: إن رجلاً واحداً فقط هو الذي لم يشارك في مقالة رفاقه الثلاثة.. والشخص الواحد لا يقال له طائفة..
وقول الفقهاء والمفسرين عند تفسير قوله تعالى: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ}([281]) بأن أقله واحد([282]).
ويشهد له: ما روي عن غياث بن إبراهيم في ذلك([283]). لا يصلح نفضاً لما نقول، لأننا لو عملنا بهذا الخبر فإنه يقتصر منه على مورد النص، فيكون تعبداً شرعياً لاستقرار الفهم العرفي لكلمة طائفة في المورد على خلافه.
وقد اختلفت رواياتهم فيه، هل هو مخشي بن عمرو([284]). أم هو يزيد بن وديعة([285]).
وحين أحرجتهم كلمة: "طائفة" الدالة على أن ثمة جماعة تجرأت، وجماعة أخرى تحرجت، وتراجعت حتى استحقت العفو، بادروا إلى التصرف في لغة العرب..
فنسبوا إلى الكلبي أنه قال: إنه تعالى "سمى طائفة وهو واحد"([286]).
ونسبوا إلى ابن عباس قوله: "الطائفة الرجل والنفر"([287]).
وإلى مجاهد قوله: "الطائفة الواحد إلى الألف"([288]).
وإلى ابن عباس قوله: "الطائفة رجل فصاعداً"([289]).
ج: إن الروايات قد صرحت: بأن الذين يحلفون ما قالوا، هم نفس هؤلاء الثلاثة. والآيات قد صرحت أيضاً بأن الذين يحلفون هم الذين هموا بما لم ينالوا.
وقد ذكرت الروايات: أن المراد بهم هم الاثنا عشر الذين نفَّروا الناقة بالنبي "صلى الله عليه وآله" ليلة العقبة. وقد وردت أسماؤهم في بعض تلك الروايات.
فما معنى حصر القضية برمتها في هؤلاء الثلاثة، بل في واحد منهم، مع العلم بأنهم أشخاص لا يعرف عنهم إلا النزر اليسير، بل لعل بعضهم شخصية وهمية.
حقيقة القضية:
ولأجل ذلك نقول:
إن هذه القضية قد تعرضت لتزوير هائل وعجيب، وقد ذكرت الآية نفسها دقائق وتفاصيل حاسمة، تمنع من تصديق هؤلاء المزورين ومن الإصغاء لهذه الترهات، وتدل الناس على حقيقة هؤلاء الناس، وتشي بأن ثمة مؤامرة عظيمة وهائلة قد فشلت، وأن الإعتذار بالخوض وباللعب كان يقصد به التملص من تبعات فشل هذه المؤامرة، وأن طائفة منهم قد ارتكبوا جريمة تستحق العذاب.
فقد عبرت الآيات بالخوض، الذي يعبر به عن الكلام في الأمور الباطلة، وباللعب، الذي هو تعبير عن حركة عملية، لا تهدف إلى تحقيق أمر عقلائي، بل هدفها مجرد اللعب، وهذا معناه: أن الأمر لم يقتصر على الكلام الباطل، بل تعداه إلى فعلٍ باطلٍ زعموا أنهم قصدوا به اللعب، ليبعدوا الشبهة عن حقيقة نواياهم ومقاصدهم به..
ثم بينت الآية الأخرى، وهي آية يحلفون بالله ما قالوا: أن هؤلاء قد هموا بما لم ينالوا. فما هو هذا الشيء الذي هموا به ولم ينالوه.. ثم إنه ولا شك شيء خطير وكبير، لأن الله تعالى يتوعدهم عليه بعذاب دنيوي وأخروي..
وهذا التوعد بالعذاب يدل على: أن هذا الذي هموا به قد صاحبته حركة وفعل استحقوا العقوبة عليه.
ولا شك في أن دعواهم اللهو واللعب لو كانت للتستر على الأقوال فقط لكانت تكفي لدفع الشبهة، ودرء العقوبة الدنيوية، فإن الحدود تدرأ بالشبهات.
فالإصرار على ثبوت العقوبة، وعدم الإلتفات لهذه التعليلات يدل على أن ما ادَّعوه لا يكفي لدفع الشبهة عن الفعل الذي قاموا به..
فمن خلال ذلك كله نصل إلى نتيجة مفادها: أن هذه الآيات لم تنزل في قصة الجلاس، ووديعة، ومخشن، وثعلبة.. بل نزلت في قضية محاولتهم قتل رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين نفَّروا ناقته به ليلة العقبة لكي تلقي به في الوادي، ويقتل رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ولكنهم لم ينالوا ما أملوه..
وقد أظهرت طائفة من النصوص: أن الذين فعلوا ذلك هم من الأعيان المعروفين، والمؤثرين الذين تعلق عليهم قريش آمالها في كل ما اهمها.. وقد كانوا عند حسن ظنها، وسعوا في تلبية رغباتها، وحفظ مصالحها في الحالات الصعبة، التي مرت بقريش في مواجهاتها مع النبي "صلى الله عليه وآله"..
وقد ذكرت الروايات أسماء هؤلاء بالتفصيل، وكان حذيفة بن اليمان يعرفهم بأسمائهم، ولطالما سأله بعض أعيان الصحابة عن نفسه، إن كان يعرف أنه كان منهم، كما سنشير إليه إن شاء الله..
كما أن الروايات قد صرحت بما ذكرناه، وبينت أن هذا هو المقصود بالآيات المتقدمة، وليس المقصود الأشخاص الأربعة الذين زعموا أن الآيات تقصدهم، وكمثال على ذلك نذكر:
1 ـ عن جابر، عن أبي جعفر "عليه السلام": نزلت هذه الآية: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}([290]). نزلت في بني أمية والعشرة معها: أنهم اجتمعوا اثنا عشر، فكمنوا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في العقبة، وائتمروا بينهم ليقتلوه، فقال بعضهم لبعض: إن فطن نقول: إنما كنا نخوض ونلعب، وإن لم يفطن لنقتلنه، فأنزل الله هذه الآية..([291]).
2 ـ قال الطبرسي في قوله تعالى: {إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ} "نزلت في اثني عشر رجلاً، وقفوا على العقبة، ليفتكوا برسول الله "صلى الله عليه وآله" عند رجوعه من تبوك، فأخبر جبريل رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك، وأمره أن يرسل إليهم، ويضرب وجوه رواحلهم، وعمَّار كان يقود دابة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وحذيفة يسوقها، فقال لحذيفة: اضرب وجوه رواحلهم، فضربها حتى نحاهم.
فلما نزل قال لحذيفة: من عرفت من القوم؟
قال: لم أعرف منهم أحداً.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنهم فلان وفلان، حتى عدهم كلهم.
فقال حذيفة: ألا تبعث إليهم فتقتلهم؟
فقال: أكره أن تقول العرب لما ظفر بأصحابه أقبل يقتلهم"([292]).
3 ـ ورويت القصة عن الإمام الحسن العسكري "عليه السلام" بنحو أبسط، وفيها: أنهم دحرجوا دباباً من فوق الجبل لينفروا به "صلى الله عليه وآله" ناقته، فارتفعت الدباب عن الناقة، ووقعت في الجانب الآخر فراجع([293]).
4 ـ وقد ذكر حذيفة أسماء الذين نفَّروا برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهم أربعة عشر: أبو الشرور، وأبو الدواهي، وأبو المعازف، وأبوه، وطلحة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة، وأبو الأعور، والمغيرة، وسالم مولى أبي حذيفة، وخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، وعبد الرحمن بن عوف. وهم الذين أنزل الله عز وجل فيهم: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا}"([294]).
ويلاحظ: أن عبد الله بن أُبي الذي يزعمون أنه كان رأس المنافقين لم يكن من بين هؤلاء. وذلك لأنه كان في المدينة، ولم يشارك في المسير إلى تبوك.
5 ـ وروى حديث ليلة العقبة: ابن جريج وقال: إنهم اثنا عشر رجلاً([295]).
وذكر الزمخشري: أنهم كانوا خمسة عشر رجلاً([296]).
6 ـ وراجع ما روي عن الإمام الصادق "عليه السلام"، وفيه: {وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا} من قتل محمد يوم العقبة، وإخراج ضعفاء الشيعة من المدينة، بغضاً لعلي([297]).
وأما روايات غير أهل البيت وشيعتهم، فقد اختلفت في المراد من الآيات المشار إليها:
1 ـ فذكرت طائفة منها أن المراد هم الأربعة الذين تقدمت أسماؤهم.
2 ـ ولكن رواية جابر تدل على أنها نزلت في وداعة بن ثابت، حيث تخلف في المدينة، فقيل له: ما خلفك عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
فقال: الخوض واللعب.
فأنزل الله فيه وفي أصحابه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِنْ نَعْفُ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طَائِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُوا مُجْرِمِينَ}([298])"([299]).
3 ـ هناك روايات أخرى عن شريح بن عبد الله، وعن عبد الله بن عمر تقول: إن رجلاً تكلم في حق القراء، فجاء به عمر إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فقال ذلك الرجل: إنما كنا نخوض ونلعب.
فأوحى الله تعالى إلى نبيه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ}([300])"([301]).
وقد صرحت رواية ابن عمر: أن قائل ذلك هو ابن أُبي فراجع([302]).
4 ـ عن مجاهد في قوله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ..} قال: قال رجل من المنافقين: يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا وكذا، في يوم كذا وكذا، وما يدريه بالغيب([303]). فنزلت الآية.
وهذا يدل على: أن الآية قد نزلت بعد قصة ضياع الناقة، وهو إنما يناسب قضية العقبة.
الجد بن قيس يرفض المشاركة في تبوك:
عن ابن عباس: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: اغزوا تغنموا بنات بني الأصفر، فقال ناس من المنافقين: إنه ليفتنكم بالنساء، فأنزل الله: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي}([304])"([305]).
وفي نص آخر أنه قال: نغزو الروم إن شاء الله، ونصيب من بنات بني الأصفر، كان يذكر من حسنهن ليرغب المسلمون في الجهاد، فقام رجل من المنافقين، فقال: يا رسول الله، قد علمت حبي للنساء، فائذن لي ولا تخرجني، فنزلت الآية([306]).
وعن ابن عباس، وجابر بن عبد الله، وآخرين: أن الجد بن قيس أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في المسجد معه نفر، فقال: يا رسول الله ائذن لي في القعود، فإني ذو ضيعة وعلة فيها عذر لي.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "تجهز تجهز فإنك موسر، لعلك تحقب من بنات بني الأصفر"!
قال الجد: أوتأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي ما أحد أشد عجباً بالنساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر ألَّا أصبر عنهن.
فأعرض عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: "قد أذنا لك".
زاد محمد بن عمر فجاءه ابنه عبد الله بن الجد ـ وكان بدرياً ـ وهو أخو معاذ بن جبل لأمه، فقال لأبيه: لم ترد على رسول الله "صلى الله عليه وآله" مقالته؟! فوالله ما في بني سلمة أحد أكثر مالاً منك، فلا تخرج ولا تحمل؟!
فقال: يا بني، ما لي وللخروج في الريح، والحر الشديد، والعسرة إلى بني الأصفر، فوالله ما آمن ـ خوفاً ـ من بني الأصفر وأنا في منزلي، أفأذهب إليهم أغزوهم؟! إني والله يا بني عالم بالدوائر.
فأغلظ له ابنه وقال: لا والله ولكنه النفاق، والله لينزلن على رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيك قرآن يقرأ به.
فرفع نعله فضرب به وجه ولده، فانصرف ابنه ولم يكلمه.
وأنزل الله تعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}([307]).
أي إن كان إنما خشي الفتنة من نساء بني الأصفر، وليس ذلك به، فما سقط فيه من الفتنة أكبر بتخلفه عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" والرغبة بنفسه عن نفسه، يقول: وإن جهنم لمن ورائه([308]).
وجعل الجد وغيره من المنافقين يثبطون المسلمين عن الخروج، قال الجد لجبار بن صخر ومن معه من بني سلمة: "لا تنفروا في الحر، زهادة في الجهاد، وشكا في الحق، وإرجافاً برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأنزل الله سبحانه وتعالى فيهم: {وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}([309])"([310]).
ونقول:
في النص المتقدم عدة موارد تحتاج إلى توضيح، أو تقتضي التصحيح، فمن ذلك:
لعلك تحقب من بني الأصفر:
زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد حاول أن يشجع الجد بن قيس على المسير إلى تبوك بقوله: "لعلك تحقب من بني الأصفر"..
ونقول:
أولاً: إننا لا نستسيغ هذا التصرف فيما عرفناه من أخلاق رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي يهتم بتوجيه الناس إلى الإخلاص في الجهاد، والتماس ثواب الله فيه. لا أن يكون جهادهم من أجل الدنيا، فإن ذلك مما لا يدعو إليه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وهو يناقض ما جاؤوا به فلاحظ:
ألف: قال أمير المؤمنين "عليه السلام" في بعض خطبه: "يقول الرجل جاهدت ولم يجاهد، إنما الجهاد اجتناب المحارم، ومجاهدة العدو، وقد تقاتل أقوام فيحبون القتال لا يريدون إلا الذكر والأجر، وإن الرجل ليقاتل بطبعه من الشجاعة، فيحمي من يعرف ومن لا يعرف، ويجبن بطبيعته من الجبن، فيسلم أباه وأمه إلى العدو، وإنما المثال حتف من الحتوف، وكل امرئ على ما قاتل عليه، وإن الكلب ليقاتل دون أهله([311]).
ب: وعن كعب بن عجرة قال: مر عليَّ النبي "صلى الله عليه وآله" فرأى أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" فيَّ جلدة ونشاطة، فقالوا: يا رسول الله، لو كان هذا في سبيل الله!!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله، وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل الشيطان([312]).
ثانياً: إنه إذا كان الجدّ بن قيس لا يصبر عن بنات بني الأصفر، فإن ذلك لا يمنع من خروجه، إذ إنهن إذا وقعن في السبي، يصبح الوصول إليهن سهل المؤونة، حيث إن النبي "صلى الله عليه وآله" سوف يقسم ذلك السبي على مستحقيه، ويزيل العلة، وتنحل بذلك عقدة الجد بن قيس وغيره ممن هم على شاكلته، ولا يتضمن ذلك أية فتنة له ولا لغيره.. فما معنى أن يتعلل بأنه إن رآهن لا يصبر عنهن؟! فإنهن إذا كن في حماية جيش العدو، فلا سبيل إليهن، وإن أصبحن في حوزة المسلمين، فإن العقدة تنحل، وتزول الموانع بأسهل طريق.
ثالثاً: إننا لا نرى مبرراً لقسوة الابن على أبيه إلى حد مواجهته بتهمة النفاق، كما جرى بين عبد الله بن الجد بن قيس مع ابيه، فإن ذلك مما لا يرضى به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، إن كان ذلك قد حصل بمرأى منه ومسمع، كما أنه مما لا تسمح به آداب الإسلام.
النبذ الإجتماعي للمتخلفين:
لما دنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" من المدينة تلقاه عامة الذين تخلفوا عنه، وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": لأصحابه "لا تكلموا رجلاً منهم، ولا تجالسوهم، حتى آذن لكم"([313]).
فأعرض عنهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمؤمنون حتى إن الرجل ليعرض عن أبيه وأخيه، وحتى إن المرأة لتعرض عن زوجها، فمكثوا كذلك أياماً حتى ركب الذين تخلفوا، وجعلوا يعتذرون إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالجهد والأسقام، ويحلفون له، فرحمهم، وبايعهم، واستغفر لهم([314]).
ونقول:
إن أسلوب المقاطعة الذي أريد به تعريف الناس بحقيقة ما يجري، وإيقافهم على مدى خطورة ما صدر عن هؤلاء، ودلالتهم على مناشئ الخطر، والمتسببين به، قد سبق ومورس مع من ارتكبوا خطأً فادحاً، تسبب في إضعاف روح المسلمين، وأدخل عليهم شيئاً من المهانة والذل والإنهزام في غزوة مؤتة..
وها هو رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأمر أصحابه بمقاطعة هؤلاء الذين أرادوا أن يسقطوا الهيكل كله على رأس الجميع، فخيب الله مسعاهم، وباؤوا بغضب من الله، بالفضيحة والخزي والمهانة في الحياة الدنيا.
وقد أظهر هذا الأسلوب لهم ولكل أحد أن الدين والإيمان هو الأقوى، وأن لا شيء يستطيع أن يقف في وجهه، وأن يحد من مده، وأن يفل من حده. وقد لقنهم درساً لن ينسوه، وعرفهم بحجمهم الحقيقي، ودل الناس عليهم، وبين لمن كان له فيهم رغبة وهوى أن ثمن ذلك سيكون باهظاً قد لا يقدر على تحمله، فالارتداع عنهم أصوب، والحياة مع غيرهم أطيب، ونمير سواهم أعذب.
النبي ' يحرق بيت سويلم على المنافقين:
عن عبد الله بن حارثة قال: بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن ناساً من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، يثبطون الناس عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك، فبعث إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم اليهودي.
ففعل طلحة، واقتحم الضحاك بن خليفة من ظهر البيت، فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه فأفلتوا([315]).
ونقول:
أسئلة هامة وأجوبتها:
وأول سؤال يطرح نفسه هنا هو:
لماذا أمر النبي "صلى الله عليه وآله" بإحراق البيت على أولئك المجتمعين؟! ألم يكن يكفي أن يأمره بأن يأتيه بهم ليعاقبهم على رؤوس الأشهاد؟!
وألا يتنافى ذلك مع ما أعلنه "صلى الله عليه وآله" أكثر من مرة بقوله: لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه؟!
وألا يعتبر إحراق البيت عليهم إتلافاً لمال يمكن أن يتحقق الغرض بدون إتلافه؟!
ولماذا لم يتثبت الأمر من المتهمين أنفسهم، ولم يفسح المجال لهم للدفاع عن أنفسهم؟!
وللإجابة على هذه الأسئلة نقول:
أولاً: البيت ليهودي قد نقض عهده، فلم يبق له ولا لبيته حرمة..
ثانياً: إن إبقاء البيت، والإكتفاء بالإستيلاء عليه سوف يبقي أطماع المنافقين تحوم حوله، وسيكون ذريعةً لإثارة الشعور، ولو بصورة الوسوسة الخفية للناس، بأنه قد أُخِذَ ظلماً، أو أن الأمر لم يكن يستوجب مصادرة البيت.
وفي ذلك تشكيك بصوابية فعل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويتضمن خدشاً في هيبته، وفي عدله وقداسته..
ثالثاً: سيأتي أن النبي "صلى الله عليه وآله" هدم مسجد ضرار، ولم يكتف بالإعلان عن إدانة النفاق وأهله، أو نحو ذلك، كما أن الله سبحانه قد خسف بقارون وبداره، وأتى على قرية لوط فجعل عاليها سافلها.
ولعل سبب اختيار النبي "صلى الله عليه وآله" أسلوب الإحراق هنا هو: أن ذلك كان أرهب للعدو، وأبعد للسمع، وأثبت في الذاكرة، وأوقع في النفوس.
ولعله لم يكن "صلى الله عليه وآله" يريد أن يلحق بالمجتمعين في ذلك البيت أذى جسدياً مباشراً، نظير ما جرى في قصة مأبور، حيث أمر "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" بقتله، فقال أمير المؤمنين "عليه السلام": يا رسول الله إنك تبعثني في الأمر أكون فيها كالسكة المحماة، أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟
قال: بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب([316]).
فلحقه بالسيف حتى كشف أمره، وأظهر كذب المفترين.
أي أنه "صلى الله عليه وآله" إنما كان يريد أن يفسح لهم المجال للفرار والتفرق، دون أن يفضحهم بين الناس، ويكونون هم الذين يفضحون أنفسهم إن شاؤوا، أو يتلكؤون في الفرار، فيفتضح أمرهم. ويكون احتراق البيت هو الأقل مؤونة، وهو الأقرب إلى تحقيق الهدف ودفع السوء بأقل تكلفة ممكنة.
ولعل مما يشهد على أن هذا هو غرض الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" أنه بالرغم من أن أحداً من المنافقين لم يصب بأذى، وأن أحدهم، وهو الضحاك بن خليفة قد كسرت فخذه، فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يطلب إحضار أحد منهم، ولم نسمع أنه "صلى الله عليه وآله" سأل أو طالب أو عاتب الضحاك بشيء، أو على شيء، فضلاً عن ان يكون قد عاقبه.
أهل مسجد الضرار:
وجاء أهل مسجد الضرار إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يتجهز إلى تبوك، فقالوا: يا رسول الله، قد بنينا مسجداً لذي العلة والحاجة، والليلة المطيرة، ونحب أن تأتينا فتصلي فيه.
فقال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنَّا في شغل السفر، وإذا انصرفت سيكون"([317]).
ونقول:
إن من الواضح: أن هذه محاولة من هؤلاء المنافقين لتعمية أمرهم على الناس، واكتساب مشروعية لنشاطهم بصلاة النبي "صلى الله عليه وآله" في مسجدهم. مع أن أمرهم لم يكن ليخفى على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فإنه كان قد عود الناس أن يكون هو البادئ بوضع الحجر الأساس لمساجدهم، وهو الذي يختط لهم الدور والأسواق، وسائر المرافق الحيوية في المدينة كلها.. فما معنى أن يستقل هؤلاء الناس باستحداث مسجد، دون أن يعلموه به، ودون أن يطلبوا منه أن يختطه لهم؟!
على أنهم قد صرحوا في كلامهم بأنهم قد قصدوا بمسجدهم أن يصلي فيه من لا يريد الحضور في مسجد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، من ذوي العلل والحاجات حسب زعمهم، وهذا يزيد الشبهة في مقاصدهم، ونواياهم الحقيقية.
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يظهر لهم أي شيء غير عادي، بل ذكر لهم أن شغل السفر يمنعه من تلبية طلبهم.. وهذا التأجيل يمنحه الفرصة لاستخراج دخائلهم، ولكي تكشف تقلبات الأحوال باطنهم للناس، وقد حدث ذلك فعلاً كما سنرى.
وهذ معناه: أن ثمة ما يبرر هذا الموقف السلبي النبوي منهم، إذ لا يمكن أن يواجههم "صلى الله عليه وآله" بمثل هذا الكلام من دون مبرر ولا سبب، فإنه نبي معصوم، بل إن قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([318])، يعطي: أن الله سبحانه هو الذي يريد من نبيه أن يواجههم بهذه الحدة والشدة، التي تحمل معها المهانة لهم، والخزي في الدنيا، ولا بد أن يكون العذاب الأليم هو الذي ينتظرهم في الآخرة.
وقد كان يمكن أن نتحمل أن ثمة خطأً من الرواة، أو من أبي موسى في حفظه لكلام رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ولكنه حين شفع ذلك بقوله: "وافقته وهو غضبان ولا أشعر"، وبقوله: "مخافة أن يكون رسول الله "صلى الله عليه وآله" وجد في نفسه"، قد دلنا على أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك، وقصد معناه فعلاً.
طعن أبي موسى برسول الله ':
وقد حاول أبو موسى أن يطعن برسول الله "صلى الله عليه وآله" ليبرئ نفسه، ويبرئ أصحابه من إساءتهم للرسول "صلى الله عليه وآله" التي استوجبت هذا الموقف النبوي الصارم منهم، الذي ألحق بهم المهانة والخزي، فاتهم النبي بأنه "صلى الله عليه وآله" قد قال ما قال وهو في حالة الغضب، فلا قيمة لكلامه، لأن الإنسان قد يصدر عنه في هذه الحال ما لا يرضى بصدوره منه في الحالات العادية، فلا ضير إذن في أن يندم النبي "صلى الله عليه وآله" ويلوم نفسه، وربما يعتذر أو يتوب، إذا كان قد بلغ حد الخطيئة.. وقد اخترعوا على لسان الرسول "صلى الله عليه وآله" أحاديث تشير إلى أنه مبتلى بهذا الأمر، وأنه قد أعلن أنه يطلب من الله تعالى أن يجعل سبه ولعنه وجلده لأي رجل من المسلمين في حال الغضب زكاة ورحمة لذلك الرجل([319]).
فأبو موسى إذن يؤثر أن ينسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" الخطأ، وأن ينفي العصمة عنه، وأن يكذِّب الله تبارك وتعالى في قوله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([320]).
على أن يلحقه هو وأصحابه أدنى مهانة بسبب أعمالهم الشريرة، ونفوسهم المريضة!!
إذا كان قد ابتاعهن من سعد:
ولعلك تقول: إذ اكان "صلى الله عليه وآله" قد ابتاع ستة أبعرة من سعد، فذلك يعني: أنه كان لديه مال يبتاع به ستة أبعرة، فلماذا قال قبل ساعة لأبي موسى: ما عندي ما أحملكم عليه؟!
والجواب: لعله كان يقصد أنه لا يملك إبلاً تحملهم، أو أنه قد اشترى تلك الإبل بثمن مؤجل..
كاد المريب أن يقول خذوني:
إن الرواية المتقدمة: قد أوضحت أن أبا موسى كان مهتماً بإثبات صدقه أمام أصحابه حتى لقد أقسم أن لا يدعهم حتى ينطلق بعضهم معه ليسمعه ممن حضر ما جرى بينه وبين النبي "صلى الله عليه وآله" في المرة الأولى حين لم يعطه لهم شيئاً.
فإن هذا الإصرار منه يدل على أنه كان يرى نفسه في موضع الإتهام بنظرهم، وذلك يدل على أن ما يزعمونه له من مكانة وعزة بين الصحابة موضع شك وريب، حتى من أقرب الناس إليه، فإنهم لا يثقون به، وهو يعرف ذلك منهم، فكيف بمن سواهم؟!
هل منعهم النبي '؟!:
إن تعبير أبي موسى بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد منعهم أول مرة يشير إلى أنه "صلى الله عليه وآله" كان لديه ما طلبوه، ولكنه منعهم منه..
وهذا هو مفاد قوله لأبي موسى: "والله لا أحملكم على شيء". فلماذا منعهم؟! ولماذا احتاج أبو موسى إلى أن يثبت ذلك لأصحابه..
النبي ' يحنث في يمينه:
ولا يبالي أبو موسى أن ينسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" الحنث في يمينه، إذا كان ذلك يثبت فضيلة له ولأصحابه..
وهذا ما حدث هنا فعلاً، فقد نسب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" أنه يخطئ في تشخيص ما هو مصلحة، وأنه إذا حلف اليمين قد يظهر له أن غيرها خيراً منها، فلا يعمل بمقتضاها، ويفعل ما يخالفها، ثم يكفِّر عنها..
فما هذا النبي الذي يخالف اليمين، ويحتاج إلى التكفير عنها؟!
وما معنى أن يتقلب هذا النبي "صلى الله عليه وآله" في آرائه؟!
وكيف يمكن الوثوق بصحة ما يصدر عنه، وهو يعلن للناس أنه قد يخطئ فيما يختاره، فقد يختار غير الأصلح، فإذا عرف الأصلح تراجع عما اختاره أولاً، وانتقل إليه؟!
الفصل الخامس:
الثلاثة الذين خلفوا .. وحديث كعب بن مالك
أبو لبابة وأصحابه:
عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب في قوله تعالى: {وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآَخَرَ سَيِّئاً}([321])، قال ابن عباس: كانوا عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك، منهم: أبو لبابة، وسمى قتادة منهم: جد بن قيس وجذام بن أوس([322]).
فلما قفل رسول الله "صلى الله عليه وآله" أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد، وكان ممر رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا رجع من المسجد عليهم، فلما رآهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "من هؤلاء الموثقون أنفسهم"؟!
قالوا: هذا أبو لبابة، وأصحاب له، تخلَّفوا عنك يا رسول الله، فعاهدوا الله ألَّا يطلقوا أنفسهم حتى تكون أنت الذي تطلقهم، فترضى عنهم وتعذرهم، وقدا اعترفوا بذنوبهم.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم، رغبوا عني، وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين"!!
فلما بلغهم ذلك قالوا: ونحن لا نطلق أنفسنا حتى يكون الله تبارك وتعالى هو الذي يطلقنا، فأنزل الله تبارك وتعالى: {وَآَخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآَخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ}([323])، وعسى من الله واجب، {..إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([324]).
فلما نزلت أرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم فأطلقهم وعذرهم.
قال ابن المسيب: فأرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى أبي لبابة ليطلقه، فأبى أن يطلقه أحد إلا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فجاءه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فأطلقه بيده، فجاؤوا بأموالهم فقالوا: يا رسول الله، هذه أموالنا فتصدق بها عنا واستغفر لنا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ما أمرت أن آخذ أموالكم"، فأنزل الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ..}، يقول: استغفر لهم {..إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ}([325]) يقول: رحمة لهم، فأخذ منهم الصدقة، واستغفر لهم.
وكان ثلاثة نفر منهم لم يوثقوا أنفسهم بالسواري، فأُرجئوا سنة لا يدرون: يعذبون، أو يتاب عليهم. فأنزل الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ..}([326]) إلى آخر الآية. وقوله: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا}. إلى قوله: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([327]). يعني استقاموا فأنزل الله تبارك ـ وتعالى ـ في شأن هذه الغزوة كثيراً من سورة براءة.
وزعموا: أن ارتباط أبي لبابة كان في وقعة بني قريظة، وقد روينا عن ابن عباس وسعيد بن المسيب ما دلَّ على أن ارتباطه كان بتخلفه في غزوة تبوك([328]).
الثلاثة الذين خلِّفوا:
وقد روى الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك: أن أباه كعب بن مالك حدّث بما جرى له فقال: لم أتخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة غزاها إلا في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلفت عن غزوة بدر، ولم يعاتب الله أحداً تخلف عنها، إنما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد.
ولقد شهدت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام، وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أَذْكَر.
كان من خبري: أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنه في تلك الغزوة، والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، وكان يقول: "الحرب خدعة"، حتى كانت تلك الغزوة، غزاها رسول الله "صلى الله عليه وآله" في حر شديد، واستقبل سفراً بعيداً، ومفازاً، وعدداً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم ـ وفي لفظ: أهبة عدوهم ـ فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" كثيرون([329]).
وعند مسلم: يزيدون على عشرة آلاف([330]).
وروى الحاكم في الإكليل عن معاذ قال: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى غزوة تبوك زيادة على ثلاثين ألفاً.
وقال أبو زرعة الرازي: لا يجمعهم كتاب حافظ.
قال الزهري: يريد الديوان.
قال كعب: فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن سيخفى له ما لم ينزل فيه وحي الله تعالى([331]).
وغزا رسول الله "صلى الله عليه وآله" تلك الغزوة حين طابت الثمار والغلال، في قيظ شديد، في حال الخريف، والناس خارفون في نخيلهم.
وتجهز رسول الله "صلى الله عليه وآله" وتجهز المسلمون معه، فخرج في يوم الخميس. وكان يحب إذا خرج في سفر جهاد أو غيره أن يخرج يوم الخميس. فطفقت أغدوا لكي أتجهز معهم، فارجع ولم أقض شيئاً، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه.
وفي رواية: وأنا أقدر شيئاً في نفسي على الجهاد، وخفة الجهاد، وأنا في ذلك أصبوا إلى الظلال والثمار، ولم يزل يتمادى بي الحال حتى اشتد بالناس الجد، فأصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" غادياً والمسلمون معه يوم الخميس، ولم أقض من جهازي شيئاً، فقلت: أتجهز بعده بيوم أو يومين، ثم ألحقهم، فغدوت ـ بعد أن فصلوا ـ لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئاً.
فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أمعن القوم وأسرعوا، وتفارط الغزو، وهممت أن أرتحل فأدركهم ـ وليتني فعلت!! ـ فلم يقدر لي ذلك.
فكنت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه بالنفاق، أو رجلاً ممن عذر الله تعالى من الضعفاء.
وعند عبد الرزاق: وكان جميع من تخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بضعة وثمانين رجلاً ـ ولم يذكرني رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى بلغ تبوك.
فقال وهو جالس في القوم بتبوك: "ما فعل كعب ابن مالك"؟
فقال رجل من بني سلمة، وفي رواية من قومي ـ قال محمد بن عمر: هو عبد الله بن أنيس السلمي ـ بفتح اللام ـ لا الجهني: يا رسول الله حبسه برداه، ونظره في عطفيه.
فقال معاذ بن جبل ـ قال محمد بن عمر: وهو أثبت، ويقال: أبو قتادة: بئس ما قلت! والله يا رسول الله، ما علمت عليه إلا خيراً.
فسكت رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال كعب بن مالك: فلما بلغني أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" توجه قافلاً حضرني همي، وطفقت أعد عذراً لرسول الله "صلى الله عليه وآله" وأهيء الكلام، وأقول: بماذا أخرج من سخطه "صلى الله عليه وآله" غداً، واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي.
فلما قيل إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أطل قادماً زاح عني الباطل، وعرفت أني لم أخرج منه أبداً بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقه، وعرفت أنه لا ينجيني منه إلا الصدق.
وأصبح رسول الله "صلى الله عليه وآله" قادماً، قال ابن سعد: في رمضان، قال كعب: وكان إذا قدم من سفر لا يقدم إلا في الضحى، فيبدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم يدخل على فاطمة، ثم على أزواجه، فبدأ بالمسجد فركعهما، ثم جلس للناس.
فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، وكانوا بضعة وثمانين رجلاً، فقبل منهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى. فجئته، فلما سلمت عليه، تبسم تبسم المغضب، فقال: "تعال". فجئت أمشي حتى جلست بين يديه.
وعند ابن عائذ: فاعرض عنه رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا نبي الله، لم تعرض عني؟ فوالله ما نافقت، ولا ارتبت، ولا بدلت.
قال كعب: فقال لي: "ما خلَّفك؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك"؟
فقلت: بلى إني والله يا رسول الله لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أُعطيت جدلاً، ولكني ـ والله ـ لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني ليوشكن الله تعالى أن يسخطك عليَّ، ولئن حدثتك اليوم حديث صدق تجد عليَّ فيه، إني لأرجو فيه عفو الله عني، لا والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله تعالى فيك ما يشاء".
فقمت، فمضيت وثار رجال من بني سلمة فاتبعوني، فقالوا: ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا، ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بما اعتذر به إليه المخلفون، قد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله "صلى الله عليه وآله" لك.
فوالله ما زالوا يؤنبوني، حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، فقلت: ما كنت لأجمع أمرين: أتخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأكذبه.
ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحد؟
قالوا: نعم، رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك.
فقلت: من هما؟
قالوا: مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي.
وعند ابن أبي حاتم من مرسل الحسن: أن سبب تخلف الأول أنه كان له حائط حين زها، فقال في نفسه: قد غزوت قبلها فلو أقمت عامي هذا؟!
فلما تذكر ذنبه قال: اللهم أشهدك أني قد تصدقت به في سبيلك.
وأن الثاني كان له أهل تفرقوا ثم اجتمعوا فقال: لو أقمت هذا العام عندهم. فلما تذكر قال: اللهم لك عليَّ أن لا أرجع إلى أهلي ولا مالي.
قال كعب: فذكروا رجلين صالحين قد شهدا بدرا فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي.
ونهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه.
فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا.
وعند ابن أبي شيبة: فطفقنا نغدو في الناس لا يكلمنا أحد، ولا يسلم علينا أحد، ولا يرد علينا سلاماً.
وعند عبد الرزاق: وتنكَّر لنا الناس حتى ما هم بالذي نعرف، وتنكرت لنا الحيطان حتى ما هي بالتي نعرف. انتهى.
ما من شيء أهم إلي من أن أموت فلا يصلي عليَّ رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أو يموت فأكون من الناس بتلك المنزلة، فلا يكلمني أحد، ولا يصلي علي حتى تنكرت في نفسي الأرض حتى ما هي التي أعرف.
فلبثنا على ذلك خمسين ليلة.
فأما صاحباي فاستكانا، وقعدا في بيتهما يبكيان.
وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف الأسواق، فلا يكلمني أحد، ولا يرد علي سلاماً وآتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم عليه، وأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام علي أم لا؟ ثم أصلي قريباً منه فأسارقه النظر، فإذا أقبلت على صلاتي أقبل علي، فإذا التفت نحوه أعرض عني.
حتى إذا طال علي ذلك من جفوة الناس مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي. أي أنه من بني سلمة، وليس هو ابن عمه أخو أبيه الأقرب، قال كعب: وهو أحب الناس إلي، فسلمت عليه، فوالله، ما رد علي، فقلت له: يا أبا قتادة، أنشدك بالله، هل تعلمني أحب الله ورسوله؟
فسكت، فعدت له فنشدته، فسكت [فعدت له فنشدته] فلم يكلمني، حتى إذا كان في الثالثة أو الرابعة قال: الله ورسوله أعلم .
ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت، قال: فبينما أنا أمشي في سوق المدينة إذا بنبطي من أنباط الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟
فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني دفع إليَّ كتاباً من ملك غسان، وعند ابن أبي شيبة: من بعض من بالشام، كتب إلي كتاباً في سرقة حرير فإذا فيه:
أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، فأقصاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فإن تك متحولاً فالحق بنا نواسيك.
فقلت لما قرأتها: وهذا أيضاً من البلاء، قد طمع فيَّ أهل الكفر، فتيممت بها التنور فسجرته بها.
وعند ابن عائذ: أنه شكا قدره إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: ما زال إعراضك عني حتى رغب فيَّ أهل الشرك.
قال كعب: حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا رسول رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأتيني .
قال محمد بن عمر: وهو خزيمة بن ثابت، وهو الرسول إلى مرارة وهلال بذلك.
قال كعب: فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يأمرك أن تعتزل امرأتك. أي عمرة بنت حمير بن صخر بن أمية الأنصارية أو خَيَرة ـ بفتح الخاء المعجمة فالتحتانية.
فقلت: أُطلقها، أو ماذا أفعل؟
قال: لا، بل اعتزلها ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبيَّ مثل ذلك.
فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك، فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر.
قال كعب: وجاءت امرأة هلال بن أمية، أي خولة بنت عاصم لرسول الله "صلى الله عليه وآله" فقالت: يا رسول الله، إن هلال بن أمية شيخ ضائع ليس له خادم ـ وعند ابن أبي شيبة: إنه شيخ قد ضعف بصره ـ انتهى. فهل تكره أن أخدمه؟
قال: "لا، ولكن لا يقربك".
قالت: إنه والله ما به حركة إلى شيء!! والله ما زال يبكي منذ كان من أمره ما كان إلى يومه هذا.
قال كعب: فقال لي بعض أهلي: لو استأذنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في امرأتك كما أذن لهلال بن أمية أن تخدمه.
فقلت: والله لا أستأذن فيها رسول الله "صلى الله عليه وآله" وما يدريني ما يقول رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا استأذنته فيها، وأنا رجل شاب.
فلبثت بعد ذلك عشر ليال، حتى كملت لنا خمسون ليلة، من حين نهى رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن كلامنا.
وعند عبد الرزاق: وكانت توبتنا نزلت على النبي "صلى الله عليه وآله" ثلث الليل.
فقالت أم سلمة: يا نبي الله ألا نبشر كعب بن مالك؟
قال: إذاً يحطمكم الناس ويمنعونكم النوم سائر الليلة.
قال: وكانت أم سلمة تجيئه في ثاني عشرة بأمري، فلما صليت الفجر صبح خمسين ليلة، وأنا على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال الذي ذكره الله تعالى قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوتاً صارخاً أوفى على جبل سلع، يقول بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، أبشر.
وعند محمد بن عمر: أن الذي أوفى على سلع أبو بكر الصديق فصاح: قد تاب الله ـ تعالى ـ على كعب، يا كعب: أبشر.
وعند ابن عقبة: أن رجلين سعيا يريدان كعباً يبشرانه، فسبق أحدهما، فارتقى المسبوق على سلع فصاح: يا كعب، أبشر بتوبة الله تعالى وقد أنزل الله ـ تعالى ـ عز وجل فيكم القرآن، وزعموا أن اللذين سعيا هما: أبو بكر وعمر.
قال كعب: فخررت ساجداً أبكي فرحاً بالتوبة، وعرفت أن قد جاء فرج، وآذن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بتوبة الله تعالى علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا، وذهب قِبَل صاحبيَّ مبشرون، وركض إليَّ رجل على فرس ـ وعند محمد بن عمر: هو الزبير بن العوام.
قال كعب: وسعى ساع من أسلم حتى أوفى على الجبل، وعند محمد بن عمر: أنه حمزة بن عمرو الأسلمي.
قال كعب: وكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته، وهو حمزة الأسلمي يبشرني، نزعت له ثَوْبَيَّ فكسوته إياهما ببشراه، والله ما أملك غيرهما يومئذٍ. واستعرت ثوبين من أبي قتادة ـ كما عند محمد بن عمر ـ فلبستهما.
قال: وكان الذي بشر هلال بن أمية بتوبته سعيد بن زيد، فما ظننت أنه يرفع رأسه حتى تخرج نفسه، أي من الجهد، فقد كان امتنع عن الطعام حتى كان يواصل الأيام صياماً لا يفتر عن البكاء، وكان الذي بشر مرارة بن الربيع بتوبته سلكان بن سلامة أو سلامة بن وقش.
قال كعب: وانطلقت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فتلقاني بالتوبة، يقولون: لتُهنِك توبة الله تعالى عليك.
قال كعب: حتى دخلت المسجد، فإذا برسول الله "صلى الله عليه وآله" جالس حوله الناس، فقام إليَّ طلحة بن عبيد الله يهرول حتى صافحني وهنأني. والله ما قام إلي رجل من المهاجرين غيره، ولا أنساها لطلحة.
قال كعب: فلما سلمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو يبرق وجهه من السرور: [أبشر بخير يوم مرّ عليك منذ ولدتك أمك].
فقلت: يا رسول الله، أمن عندك أم من عند الله؟
قال: "لا بل من عند الله، إنكم صدقتم الله فصدقكم الله".
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا سُر استنار وجهه كأنه قطعة قمر، وكنا نعرف ذلك منه.
فلما جلست بين يديه قلت: يا رسول الله، إن من توبتي أن أنخلع من مالي كله صدقة إلى الله تعالى وإلى رسوله "صلى الله عليه وآله".
قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك".
قلت: نصفه؟
قال: "لا".
قلت: ثلثه؟
قال: "نعم".
قلت: فإني أمسك سهمي الذي بخيبر.
وقلت: يا رسول الله، إنما نجاني الله تعالى بالصدق، وإن من توبتي ألَّا أحدث إلا صدقاً ما بقيت، فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أحسن مما أبلاني، ما تعمدت منذ ذكرت ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى يومي هذا كذباً، وإني لأرجوا أن يحفظني الله تعالى فيما بقيت.
فأنزل الله تبارك وتعالى على رسوله "صلى الله عليه وآله": {لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} إلى قوله: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}([332])، فوالله ما أنعم الله علي من نعمة ـ بعد أن هداني للإسلام ـ أعظم في نفسي من صدقي لرسول الله "صلى الله عليه وآله" أن لا أكون كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوا، فإن الله تعالى قال في الذين كذبوا حين أنزل الوحي شر ما قال لأحد، فقال تبارك وتعالى: {سَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ إِذَا انْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ} إلى قوله: {فَإِنَّ اللَهَ لَا يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ}([333]).
قال كعب: وكنا قد تخلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين حلفوا له، فبايعهم واستغفر لهم، وأرجأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمرنا حتى قضى الله سبحانه وتعالى فيه بذلك، قال الله تعالى: {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([334]) وليس الذي ذكر الله مما خلفنا عن الغزو، وإنما تحليفه إيانا، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه، فقبل منه([335]).
وعن كعب بن مالك قال: لما نزلت توبتي قبلت يد رسول الله "صلى الله عليه وآله"([336]).
وفي نص آخر: قبلت يده وركبتيه([337]).
ونقول:
خلفوا أم تخلفوا؟!:
إننا قبل أن ندخل في مناقشة النص أو النصوص المتقدمة نحب أن نشير إلى أن التعبير القرآني عن الذين لم يسيروا إلى تبوك قد جاء بصيغة "خلفوا" المبني للمجهول. أي الذين تُرِكُوا وخلفهم المسلمون وراء ظهورهم، وساروا للجهاد في سبيل الله. ربما يشير إلى أن مخالفتهم لأمر النبي "صلى الله عليه وآله" دعت المسلمين إلى تركهم، والإنفصال عنهم، ومواصلة سيرهم إلى الله تعالى بدونهم..
هذا وقد فسر الأئمة الطاهرون: زين العابدين، والباقر، والصادق، والكاظم "عليهم السلام" بأنهم الثلاثة الذين خالفوا، أو قرأوها قراءة تفسيرية كذلك([338]). فراجع.
وبعدما تقدم نقول:
كنا قد ذكرنا في حديثنا عن غزوة بني قريظة في فصل: "فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة".. حديث خيانة أبي لبابة، وارتباطه إلى سارية من سواري المسجد النبوي، حتى أطلق النبي "صلى الله عليه وآله" سراحه بعد نزول الآيات في حقه.. وأثبتنا أنه حديث غير دقيق، بل هو في أكثره مكذوب ومختلق..
وحيث إنهم قد ذكروا عنه هذا الأمر في غزوة تبوك، فلا محيص عن العودة للإشارة إلى بعض ما يفيد في جلاء الحقيقة، فنسجل مع مراعاة الإختصار الشديد ما يلي:
خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً:
إن قوله تعالى: {خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآَخَرَ سَيِّئاً}([339]) لا ينطبق على قصة أبي لبابة وأصحابه، لأن المفروض: أن ما صدر منهم هو التخلف عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثم الإعتراف بالذنب، والآية لم تصرح بتوبته.
وإذا كان قد تاب فعلاً فإن الآية تقول: إن التوبة إنما تعقبت العمل الصالح والسيء اللذين اختلطا. وبدون ذلك فلا يوجد إلا عمل سيء، واعتبار التوبة هي العمل الصالح غير ظاهر.
بل قد روي: أن هذه الآية نزلت في حق الذي تكلم في حق القراء بما لا يليق، فشكاه عمر بن الخطاب إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، ولعل ذلك قد جرى في غزوة تبوك أيضاً([340]).
وقيل: نزلت في عبد الله بن أُبي([341]).
وفي نص آخر: أنها نزلت في رجل من المنافقين قال: يحدثنا محمد أن ناقة فلان بوادي كذا في يوم كذا وكذا، وما يدريه بالغيب؟!([342]).
وفي نص آخر: أنها نزلت في بعض المنافقين في تبوك([343]).
خذ من أموالهم صدقة:
وعن آية خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم نقول:
روي عن الإمام الباقر "عليه السلام": أنها نزلت في شهر رمضان فأمر "صلى الله عليه وآله" مناديه فنادى في الناس: إن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة([344]).
وهذا معناه ـ إن كانت الآية تعني أبا لبابة ـ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يقبل من أبي لبابة ومن معه أموالهم كصدقات، وإنما أخذ منهم زكاة أموالهم..
مع ملاحظة أننا قد قلنا فيما سبق: إن الزكاة قد فرضت قبل ذلك في مكة، فتكون هذه الآية قد جاءت لتمنع من أخذ غير الزكاة المفروضة قبل ذلك، إما إرفاقاً بهم، وإما للإشارة إلى عدم خلوص نيتهم في هذا العطاء..
إختلاف الروايات:
وقد ذكرنا في حديثنا عن غزوة بني قريظة طائفة من تناقضات واختلاف الروايات فيما يرتبط بقصة أبي لبابة.
ونشير هنا أيضاً إلى: أن هذه التناقضات ظاهرة أيضاً بين الروايات التي تدَّعي أن ما جرى قد كان في غزوة تبوك، وكمثال على ذلك نذكر:
أن الرواية المتقدمة عن ابن عباس تقول: إن سبعة ارتبطوا في المسجد، معلنين توبتهم، وإن المتخلفين كانوا عشرة.
ولكن رواية أخرى عن ابن عباس تقول: إن المتخلفين كانوا ثلاثة، وهم الذين ارتبطوا أنفسهم في سواري المسجد وبقي ثلاثة([345]).
وفي نص آخرعن ابن زيد: أن الذين ربطوا أنفسهم كانوا ثمانية([346]).
وفي حديث قتادة: إن المجموع كان سبعة، والذين ارتبطوا بالسواري كانوا أربعة([347]).
وفي حديث عن جابر: إن المتخلفين كانوا ستة([348]).
اختلاف الروايات في الثلاثة الذين خلفوا:
وعن مقدار المدة التي أرجئ إليها الثلاثة الذين خلفوا تقول رواية تقدمت: إنها سنة.
لكن رواية أخرى تقول: إنهم أرجئوا أربعين يوماً([349]).
ورواية كعب بن مالك الطويلة تقول: إنهم بقوا خمسين ليلة([350]).
وعن أسمائهم نقول:
قيل: إن الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم إلى سوار المسجد، فنزلت فيهم الآية هم: كعب بن مالك، ومرارة بن الربيع، وهلال بن أمية([351]).
وفي نص آخر: هم عثمان وصاحباه([352]).
وعن صفوان، قال أبو عبد الله "عليه السلام": كان أبو لبابة أحدهم([353]).
هل كفر المتخلفون؟!:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل إلى المتخلفين، وهم: كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع يأمرهم باعتزال نسائهم.. فهل هذا لمجرد التضييق عليهم، أم أن ما فعلوه قد أظهر ردتهم عن الإسلام، ولا يصح نكاح المرتد، بل لا بد لزوجته من أن تعتد منه؟!
ألا نبشر كعب بن مالك؟!:
ويستوقفنا هنا أيضاً ما زعمته رواية كعب: من أن براءتهم قد نزلت في الثلث الأخير من الليل، فقالت أم سلمة: ألا نبشر كعب بن مالك؟
فقال "صلى الله عليه وآله": إذن يحطمكم الناس، ويمنعونكم النوم سائر الليلة..
وهذا غير مقبول أيضاً:
أولاً: لماذا اهتمت أم سلمة بخصوص كعب بن مالك، وأهملت رفيقيه، فإن كان قريباً لها فذلك لا يمنع من تبشير سواه، وقد تقدم: أنها هي التي يزعمون أنها بشرت أبا لبابة حين ربط نفسه في المسجد في قصة بني قريظة..
ثانياً: هل يصح إبقاء إنسان مسلم رهن العذاب ولو نفسياً لمجرد الخوف من اجتماع الناس ومنعهم المبشر من إكمال نومته تلك الليلة؟!
لم يعاتب الله أحداً تخلف عن بدر:
زعم كعب بن مالك: أن الله لم يعاتب أحداً تخلف عن بدر.
وإنما يريد بكلامه هذا: أن يعذر نفسه، ويحفظ ماء وجهه في تخلفه عن ذلك المشهد العظيم.. بل هو يحاول أن يفضل بيعة العقبة عليها..
ونقول:
1 ـ إن عدم لوم الله لهم لا يعني أن ما فعلوه كان مقبولاً، فإن نفس عدم استجابتهم لدعوة رسول الله "صلى الله عليه وآله" لهم للمسير معه خذلان عظيم. وعدم عتاب الله تعالى لهم إنما هو بفضل منه، ورحمة.
2 ـ إن الله تبارك وتعالى قد عاب على من تخلف عن بدر تخلفهم، فقال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ}([354]).
وفي هذا الكلام لوم وتقريع ظاهر، فلماذا يحاول كعب أن ينكره؟!
3 ـ أما تفضيل بيعة العقبة على غزوة بدر فهو غير مسموع، لأن الذين شهدوا العقبة، قد أعطوا العهد والميثاق، والتزموا بنصرة النبي "صلى الله عليه وآله"، وبايعوه على ذلك.. فمن وفى منهم فله أجره ومنزلته عند الله بوفائه، لا بنفس بيعته. ومن قعد عن نصرته، ونكث بعهده جوزي بفعله..
وأما قبل حضور وقت النصر، فإن للبيعة فضلها، من حيث تضمنها لدرجة من الطمأنينة والتأييد.
أما الذين شهدوا بدراً، فالذين جاهدوا منهم بأموالهم وأنفسهم واستشهدوا، قد وفوا بعهدهم، وعقدهم وبيعتهم، ومن لم يستشهد فلا بد من الإنتظار إلى الأخير لنرى ما تكون نهايته، وإلى ما يؤول إليه أمره..
ولا ينفع تبجح كعب بن مالك بنفس البيعة، فإن الأمور مرهونة بخواتيمها، فضلاً عن أن الوفاء بالبيعة لا يكفي فيه الحضور في المشاهد المتعاقبة، بل لا بد من صدق الجهاد فيها، وصحة النية، وعدم الفرار من الزحف في أُحد، وخيبر، وقريظة، وحنين، وغير ذلك.
وليس لأحد ان يفضل مقاماً على مقام، ومشهداً على مشهد من عند نفسه، ولغايات شخصية.. بل لا بد أن يقدم الشاهد على ذلك من القرآن والسنة الشريفة.
مبررات المتخلفين:
لقد ساق كعب الكثير من العبارات التي تشير إلى وجود مثبطات له ولغيره من المسلمين عن ذلك المسير، مثل: الحر الشديد، وأنه استقبل سفراً بعيداً، ومفازاً، وعدداً كثيراً، وأن المسلمين الذين كانوا يريدون السفر كثيرون. وأن الثمار طابت، والناس خارفون في نخيلهم، وأنه يصبو للظلال والثمار.
غير أننا نقول:
إن ذلك لو صح، ولم يكن السبب في تخلفه هو ضعف الإيمان، فقد كان يجب أن يؤثر على عزيمة الثلاثين ألفاً الباقين الذين نفروا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله". فلماذا لم يؤثر ذلك إلا على جماعة يبالغون في تصغير حجمها حتى ادَّعى بعضهم: أن مجموعها يصل إلى بضعة وثمانين شخصاً حسب زعمهم؟!
على أن ذلك لو صح أيضاً لكان يجب أن نجد ولو واحداً من هؤلاء الناس يذكر ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويطلب منه تأجيل مسيره، أو التفكير في حل لهذه المشكلة..
كما أنه "صلى الله عليه وآله" كان أرأف وأرحم بالمسلمين منهم بأنفسهم، فلماذا لم يلاحظ ذلك، ولا سيما مع شدة الحر، وبعد الشقة، وما إلى ذلك من اعتبارات؟!
وقد صرح القرآن بهذه الحقيقة، حين قال: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}([355])،
يضاف إلى ذلك: أن الله تعالى هو أرحم الراحمين، فلماذا لم يعفهم من ذلك المسير رحمة، وهو تعالى يعلم واقع حالهم. مع العلم بأن المنافع التي سيجنونها منه، لا قيمة لها في قبال الضرر الذي سينالهم بسببه؟!
إن ذلك كله يوضح: أن كلام كعب غير صحيح، وأن الحقيقة هي تلك التي أظهرها كعب بن مالك نفسه في بعض كلماته المتقدمة حيث قال: "فكنت إذا خرجت في الناس، بعد خروج رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه بالنفاق، أو رجلاً ممن عذر الله تعالى من الضعفاء".
حبسه برداه، ونظره في عطفيه:
وقد ظهر من سكوت النبي "صلى الله عليه وآله" عن ذلك الرجل الذي تناول كعب بن مالك بقوله: "حبسه برداه ونظره في عطفيه" أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرَ في كلام هذا الرجل ما يوجب الإعتراض، وأنه لم يعتبر ذلك من مفردات الغيبة المحرمة.. كما أنه "صلى الله عليه وآله" لم يؤيد معاذ بن جبل في دفاعه، فدل ذلك على جواز غيبة كعب، وإنما تجوز غيبة الفاسق فيما تجاهر به على الأقل..
على أن دفاع معاذ لا فائدة فيه، فإن معاذاً لم يبرئ كعباً مما قاله ذلك الرجل، لأن معاذاً لم يزد على ادِّعاء أنه لا يعرف عن كعب شيئاً..
الصدق والكذب في كلام كعب بن مالك:
إن النص المتقدم رواه لنا كعب بن مالك عن نفسه، ولا نستطيع أن نؤكد صحة جميع ما ورد فيه، لا لأجل قوة احتمال: أنه يريد أن يجر النار إلى قرصه، مع ظهور حرصه في مختلف الفقرات على التأكيد على براءته من النفاق، مع اعترافه بأنه يرى من المتخلفين إلا من كان منافقاً باستثناء الضعفاء..
بل لأننا وجدناه يصرح: بأنه كان مهتماً بتبرئة نفسه ولو بصنع كذبة حتى على رسول الله "صلى الله عليه وآله".. وإنه لم يتراجع عنها إلا خوفاً من أن يفضحها النبي "صلى الله عليه وآله" الذي كان يعلم بالغيب، لأنه لو كذب عليه ليرضى عنه ليوشكن الله تعالى أن يسخطه عليه، بإعلامه بكذبه عليه..
غير أن ثمة استثناءً كان الناس يعرفونه، وهو أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يصرح بنفاق أهل النفاق، إذ ليس للنبي "صلى الله عليه وآله" أن يفعل ذلك. بل يجب أن يعاملهم وفق ظاهر حالهم..
وقد صرح "صلى الله عليه وآله" بذلك، كما ذكره كعب نفسه في الحديث المتقدم ـ حيث نقل عنه أنه حين اعتذر له المخلفون "قبل منهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" علانيتهم، وبايعهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى..".
ولذلك يدَّعي كعب: أنه قال للنبي "صلى الله عليه وآله": "ما نافقت، ولا بدلت، ولا ارتبت".
مفارقة مرفوضة:
وقد اتهم كعب بن مالك النبي "صلى الله عليه وآله" بأمر خطير، وارتكاب مفارقة غير مقبولة في تعامله مع المخلفين، حيث ذكر: أن المخلفين جاؤوا إليه "صلى الله عليه وآله"، فاعتذروا، فقبل منهم علانيتهم. وبايعهم، ووكل سرائرهم إلى الله تعالى..
ولكنه حين جاءه كعب بن مالك. وقدم له عذره، فإنه بالرغم من أن النبي "صلى الله عليه وآله"، قد صدقه، فإنه لم يقبل منه علانيته، ولا بايعه، ولا استغفر له، بل قال له: ".. فقم حتى يقضي الله تعالى فيك ما يشاء".
فإن كان المخلفون قد كذبوا فيما اعتذروا به، وصدق كعب، فهل يكون جزاء الصدق والصادق التضييق والمعاناة، وجزاء الكذب والكاذب الرفق والمحاباة؟!
ولماذا يدفعه النبي "صلى الله عليه وآله" بتعامله معه إلى أن يندم على صدقه، وتحدثه نفسه باللجوء إلى الكذب؟!
ولماذا ينهى النبي "صلى الله عليه وآله" الناس عن كلام هؤلاء الثلاثة الذين صدقوا، دون سواهم ممن كذب ونافق؟!
إلا إذا كان كعب يريد بذلك أن يقول: إن المنافق كان يعامل بظاهره، وتوكل سريرته إلى خالقه ـ وأما هو فليس من المنافقين، ولذا لم يكتف منه بالظاهر حتى يكون الله تعالى هو الذي يحكم فيه.
وفي هذا من مدح النفس وتزكيتها ما لا يخفى..
الثلاثة لم يتوبوا:
ثم إن الآية الشريفة تقول: {..وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}([356]).
وقد زعموا: أن هذه الآية قد دلت على توبة الثلاثة، وعلى قبولها من الله تبارك وتعالى، وقد تقدم ذلك في رواية كعب بن مالك أيضاً..
غير أننا نقول:
إن الآية الشريفة لا تدل على توبتهم ولا على قبولها، بل هي وسابقتها قد دلتا على أن الله تعالى قد عاد على النبي "صلى الله عليه وآله" بالرحمة، كما عاد على المهاجرين والأنصار بها، فذكر النبي "صلى الله عليه وآله" في الآية الأولى تشريفاً للأمة وتكريماً للرسول ليفيد أنه "صلى الله عليه وآله" هو الواسطة في نزول الخير والبركات على أمته، ثم ذكر في الآية الثانية الثلاثة الذين خلفوا، وأنه قد تاب عليهم أي رجع عليهم برحمة الهداية إلى الخير، لكي يهتدوا بها إلى الإستغفار والتوبة، فإذا فعلوا ذلك قبل توبتهم وعاد عليهم بغفران ذنوبهم.
أي أن الآية تقول: إن الله تاب على الثلاثة. أي عاد إليهم برحمة الهداية للإستغفار، لكي يتوبوا، لكنه لم يبين لنا هل تابوا فعلاً أم لا.. بل اكتفى بقوله: {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}([357]) كما أنه لم بيَّن أنه قبل توبتهم أم لم يقبلها.
وقد ادَّعى كعب بن مالك: أنه فعل ذلك، وادَّعى أيضاً: أن الله قد قبل توبته.
ولكننا نشك في صحة قوله، إذ لو كان قد تاب فعلاً، وكان الله قد قبل توبته لجاءت الآية هكذا: ثم تاب عليهم ليتوبوا، فلما تابوا قبل توبتهم.. ولكن الله لم يقل ذلك.
بل قد وجدنا في كلمات كعب المتقدمة ما يدل على خلاف ذلك.
وقد روي عن الإمام أبي جعفر الصادق "عليه السلام" أيضاً قوله: أقالهم، فوالله ما تابوا([358]).
لا يثق بما يختاره له النبي ':
وقد رفض كعب من مالك أن يستأذن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في أمر امرأته، لأنه لا يدري ما يقول إذا استأذنه.. وهو رجل شاب.
أي أنه يخشى أن يأمره بما لا يتوافق مع ميوله وغرائزه، كشاب، وكأنه يرى أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد لا يراعي حاله، وحاجاته، ومصلحته، فآثر أن يبقى في دائرة الجهل بما يريده الرسول، ولا يعرض نفسه لاحتمالات لا يريد أن يعرض نفسه لها..
وهذا يشير إلى ضعف ثقته بما يختاره الله ورسوله له، وإبائه عن القبول به، ويشير أيضاً إلى أن نفسه أحب إليه من كل شيء حتى من رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وهذا يدعونا إلى عدم الوثوق بما زعمه من ندم على ما فرط منه لقوة احتمال أنه كان يريد أن تأتي الأمور كلها موافقة لأهوائه وما تشتهيه نفسه، ولعل ما يظهره من توبة إنما هو للتخلص من سلبيات نبذ الناس له، وحرمانه مما كان يطمح للحصول عليه، والوصول إليه في الظروف العادية..
فإن قلت: لعل مراده أن الأمر قد جاء باعتزال امرأته هو وصاحباه، فألحقها بأهلها، ثم إن امرأة هلال بن أمية استأذنت رسول الله "صلى الله عليه وآله" في البقاء لخدمته فأذن لها.
فقال لكعب بعض أهله: استأذن رسول الله في امرأتك. أي أن ترجع إليك لتكون عندك للخدمة كامرأة هلال بن أمية.
فقال: لا أستأذن فيها، ولا أدري إن كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يجيبني على ما أطلب أم لا؟! وكيف يجيبني إلى استخدام امرأتي وأنا رجل شاب أقدر على خدمة نفسي، بينما هلال بن أمية شيخ ضعيف البصر؟!
قلنا: إن هذا الوجه وإن كان محتملاً، فإنه لا يمنع من احتمال الوجه الذي ذكرناه آنفاً.. وذلك يمنع من الوثوق بنزاهة الرجل كما هو ظاهر..
لماذا كعب دون سواه؟!:
واللافت هنا: أن الصائح يوفي على سلع، ويصرخ بأعلى صوته بالبشارة لكعب، ولا يذكر الرجلين الآخرين، فما هذا الإهتمام بكعب دون سواه؟!
ولماذا لا تكون البشارة للثلاثة في نداء واحد؟!
وما هذه العظمة والأهمية لكعب، حتى جعلت أبا بكر يصرخ بالبشارة له، بل لعل عمر قد شارك أبا بكر في ذلك أيضاً؟!
يوم التوبة خير يوم:
قال الصالحي الشامي:
استشكل إطلاق قوله "صلى الله عليه وآله": "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك" بيوم إسلامه، فإنه مر عليه بعد أن ولدته أمه، وهو خير ما مر، فقيل: هو مستثنى تقديراً، وإن لم ينطق به لعدم خفائه.
قال الحافظ (يعني العسقلاني): "والأحسن في الجواب أن يوم توبته يكمل يوم إسلامه، فيوم إسلامه بداية سعادته، ويوم توبته مكمل لها، فهو خير من جميع أيامه.
وإن كان يوم إسلامه خيرها، فيوم توبته المضاف إلى إسلامه خير من يوم إسلامه المجرد عنها"([359]).
ونقول:
إن هذا الذنب العظيم الذي أوجب ردته عن الإسلام، فيوم توبته منه خير يوم، لأن توبته كانت السبب في نجاته من الخلود في النار مع الكافرين والمشركين الذين جحدوا بآيات الله، وعصوا رسوله..
ولا خير في يوم إسلام تعقبه الردة..
ولعل هذا هو المراد بكلام الحافظ المذكور أخيراً..
كعب لا يملك إلا ثوبيه:
وقد زعم كعب: أنه أعطى ثوبيه لمن بشره بتوبة الله عليه، وقال "والله ما أملك غيرهما يومئذٍ، واستعار ثوبين من أبي قتادة".
ونقول:
إن هذا قد لا ينسجم مع قوله حين مسيرهم إلى تبوك: "إني لم أكن قط أقوى، ولا أيسر مني حين تخلفت عنه تلك الغزوة. والله ما اجتمعت عندي قبله راحلتان قط حتى جمعتهما في تلك الغزوة".
وقال للنبي "صلى الله عليه وآله": "والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك".
فهل عاد فأنفق ذلك كله في تلك الأيام اليسيرة، حتى لم يبق معه سوى ثوبيه اللذين يلبسهما؟!
ومما يزيد ريبنا في مقولات كعب: أنه هو نفسه يعود فيدَّعي أنه عرض على رسول الله أن يتصدق بجميع ماله، ثم بنصفه، فلم يقبل منه، ثم قبل منه أن يتصدق بثلث ماله، فمن أين جاءه المال، إذا كان قد استعار ثوبين من أبي قتادة ليلبسهما، بعد أن أعطى ثوبيه للبشير.
أمن عندك؟! أم من عند الله؟!:
ولا نستطيع أن نغض الطرف عن قول كعب للنبي "صلى الله عليه وآله" حين بشره "صلى الله عليه وآله" بخير يوم مرَّ عليه: أمن عندك؟ أم من عند الله؟! فإنه يتضمن اتهاماً للنبي "صلى الله عليه وآله" بأنه يقول أشياء من عند نفسه، مع أن الله تعالى يقول: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ([360]). ولا يمكن أن يصدر هذا من مؤمن صحيح الإيمان..
النبي ' يأمر كعباً بإمساك ماله؟!
وقد ذكر لنا كعب: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرض منه بأن يتصدق بماله كله، ولا بنصفه، وقال له: أمسك بعض مالك فإنه خير لك.
مع أنهم يقولون: إنه "صلى الله عليه وآله" قد قبل من أبي بكر أن يأتي بماله كله لينفقه في سبيل الله حين كان يتجهز لتبوك، ورضي بأن لا يترك أبو بكر لأهله شيئاً..
كما أنه قد رضي من عمر بأن يأتي بنصف ماله، ورضي من عثمان بأن يجهز جيش العسرة كله..
فإما أن يكون ذلك كله مكذوباً، أو يكون كلام كعب غير صحيح!! مع احتمال الكذب في الجميع أيضاً.. ولعل هذا هو الأقرب والأصوب حسبما ظهر مما ذكرناه في هذا الكتاب.
على أننا قد سألنا كعباً من أين له هذا المال الذي يريد أن يتصدق به أو بنصفه أو بثلثه وهو يدَّعي قبل لحظات أنه أعطى ثوبيه للبشير، ولم يكن يملك شيئاً غيرهما، ثم استعار ثوبين من أبي قتادة ليلبسهما؟!
على أنه قد اعترف أيضاً بأن له سهماً بخيبر أيضاً، وقد صرح بأنه يمسكه، ويتخلى عما عداه.
الإنسجام بين طلحة وبين كعب:
وقال بعضهم: إن سبب قيام طلحة لكعب: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان آخى بينهما لما آخى بين المهاجرين والأنصار، والذي ذكره أهل المغازي: أن كعباً كان أخا الزبير لكن كان الزبير أخا طلحة في أخوة المهاجرين فهو أخو أخيه([361]).
ونقول:
لعل هناك عاملاً آخر يمكن إضافته إلى ما ذكره هذا البعض، وهو أن ثمة انسجاماً في الروحية، وفي الأفكار، والتصورات، وربما في السلوك، بين كعب وبين طلحة.
وقد أظهرت الأحداث مدى جرأة طلحة على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى لقد آذاه في عرضه وأزواجه حين قال: "ليموتن محمد ولنجلسن بين خلاخيل نسائه حتى نزل قوله تعالى: {..وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً}([362])"([363]). ومات النبي "صلى الله عليه وآله" وهو ساخط عليه([364]).
ثم حارب وصيه من بعده في حرب الجمل.. إلى غير ذلك من أفاعيله الكثيرة التي لا مجال هنا لتتبعها..
ثم أظهر حديث كعب السابق ـ موقف كعب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ وهو موقف يدين كعباً ويكشف حقيقته.. وستأتي الإشارة إلى موقفه من وصيه من بعده أيضاً.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يؤاخي بين كلٍّ ونظيره حسبما أشرنا إليه في حديث المؤاخاة.
كعب وكتاب ملك غسان:
قال بعضهم: دلّ صنع كعب بكتاب ملك غسان على قوة إيمانه، ومحبته لله تبارك وتعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله"، وإلا فمن صار في مثل حاله من الهجر والإعراض قد يضعف عن احتمال ذلك، وتحمله الرغبة في الجاه والمال على هجران من هجره، ولا سيما مع أنه من الملك الذي استدعاه إليه، لأنه لا يكرهه على فراق دينه، لكن لما احتمل عنده أنه لا يأمن من الإفتتنان، حسم المادة، وأحرق الكتاب، ومنع الجواب.
هذا مع كونه من البشر الذين طبعت نفوسهم على الرغبة ولا سيما مع الإستدعاء، والحث على الوصول إلى المقصود من الجاه والمال، ولا سيما والذي استدعاه قريبه، ومع ذلك فغلب عليه دينه، وقوي عنده يقينه، ورجح ما فيه من النكر والتعذيب، على ما دعي إليه من الراحة والتنعيم، حباً في الله تعالى ورسوله "صلى الله عليه وآله"، كما قال "صلى الله عليه وآله": "وأن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما"([365]).
ونقول:
1 ـ إن ما ذكره هذا البعض غير سليم، ولا قويم، بل هو موضع تساؤل وريب، فإن عدم الإستجابة لملك غسان كما يكون بسبب قوة إيمان كعب، فإنه قد يكون أيضاً لأجل ضعف كعب، وعدم قدرته على مواجهة سلبيات استجابته لطلب ملك غسان.. لا سيما إذا كانت هناك أمور أساسية وهامة، لا يستطيع أن يعرضها لخطر لا يعرف طبيعته ولا مداه إذا اتخذ قراراً بالإلتحاق بمعسكر الكفر..
بل إن ما رآه من قوة وشوكة الإسلام ونبي الإسلام كما ظهر في غزوة مؤتة، ثم تأكد ذلك في غزوة تبوك، التي لم يجترئ فيها طاغية الروم حتى على التفكر بالتصدي والتحدي ـ إن هذا الذي رآه ـ يجعله شديد التردد في الإستجابة، لأنه يرى فيها خطراً عظيماً على نفسه، وعلى كل مشروعه في هذه الحياة. لا سيما وأن الرسالة قد وصلته بصورة معلنة وظاهرة، وقد ذهبت أخبارها في كل اتجاه.
2 ـ إن ما ذكره النص الآنف الذكر من أن ملك غسان سوف لا يكرهه على فراق دينه غريب وعجيب.
فأولاً: من أين ظهر له أن ملك غسان سوف لا يكرهه على فراق دينه.. حتى لو وعده بذلك..
ثانياً: هل هذا الذي يلجأ إلى أعداء دينه، وأعداء رسوله يبقى على دين الإسلام، لا سيما إذا كان التجاؤه هذا مضادة لنبيه، وكيداً منه له.. لا سيما وأن القرآن قد حدد موقع من يتولى أعداء الله ورسوله، فقال: {وَمَنْ يَتَوَلهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}([366]).
أسئلة حاسمة حول الرسالة:
وتبقى هناك أسئلة أساسية وحاسمة، وهي: لماذا يتصل ملك غسان بكعب بن مالك دون رفيقه، اللذين نزلت الآية فيه، وفيهما؟!
بل لماذا لم يتصل بعبد الله بن أُبي الذي يزعمون: أن معسكره لم يكن بأقل المعسكرين ـ حين المسير إلى تبوك؟ أو لماذا لم يتصل بمحمد بن مسلمة، وهو لم يكن مريضاً، ولا ضعيفاً؟!
وسؤال آخر: لماذا لم يوصِ ملك غسان حامل رسالته إلى كعب بن مالك بمراعاة جانب السرية في الإتصال معه؟!
ألا يحتمل أن يكون أمر الرسالة قد اكتشف بواسطة الغيب، كما اكتشفت رسالة حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يوم الفتح؟؟.
من المكلف بمقاطعة المتخلفين؟!:
بالنسبة إلى قول أبي قتادة لما سأله كعب: الله ورسوله أعلم. قال القاضي: لعل أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه، لأنه منهي عن كلامه. وإنما قال ذلك لنفسه لما ناشده، فقال أبو قتادة ذلك مظهراً لاعتقاده، لا ليسمعه.
وبالنسبة لقول كعب: قال لي بعض أهلي.
قال في النور: الظن أن القائل له من بعض أهله امرأة، وذلك أن النساء لم يدخلن في النهي، لأن في الحديث: "ونهى المسلمين عن خطابنا".
وهذا الخطاب لا يدخل فيه النساء، وأيضاً فإن امرأته ليست داخلة في النهي، فدل على أن المراد الرجال.
وقال الحافظ: لعل القائل بعض ولده أو من النساء، ولم يقع النهي عن كلام الثلاثة للنساء اللائي في بيوتهن، أو أن الذي كلَّمه كان منافقاً، أو الذي يخدمه. ولم يدخل في النهي([367]).
ونقول:
1 ـ إن قولهم: نهى المسلمين عن خطابنا لا يدل على عدم شمول النهي للنساء، فإن المراد بالمسلمين هم الأشخاص المسلمون، سواء كانوا رجالاً أم نساءاً، وهذه هي طريقة الخطابات القرآنية، كما في قوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ}([368])، فإن المراد هم: الناس المؤمنون، وليس المراد خصوص الرجال المؤمنين، لأنه استعمل صيغة جمع المذكر السالم.. وهكذا سائر الآيات القرآنية والخطابات النبوية.
ولو أراد الذكور وحدهم لقال ـ مثلاً: نهى رجال المسلمين.
2 ـ إن كعب بن مالك ـ كما في الدر المنثور ـ قال: "نهى رسول الله الناس عن كلامنا" ولم يقل: نهى المسلمين، ولعل ذلك يفسر لنا التصريح بأن الناس هجروا المتخلفين حتى الصببيان([369]).
وفي تفسير القمي: "لم يكلمهم رسول الله ولا إخوانهم، ولا أهلوهم، فضاقت عليهم المدينة"([370]).
وقد ذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال لأصحابه: "لا تكلموا رجلاً تخلف عنا، ولا تجالسوه حتى آذن لكم"، وإنه قد قال ذلك لأصحابه قبل وصوله إلى المدينة حين جاء المنافقون يتلقونه، ثم إنه "صلى الله عليه وآله" رحمهم وبايعهم واستغفر لهم، ثم كانت قضية الثلاثة الذين خلفوا([371]).
كعب بن مالك ليس كأبي ذر:
وقد اتضح من جميع ما تقدم: أنه ليس من الصواب اعتبار حال كعب بن مالك كحال أبي ذر، إذ شتان ما بين الرجلين، فكعب قد خالف أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأصبح في جملة العصاة، وقد امر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بهجره، ولم تتحقق له توبة كما ظهر من النص الذي رواه كعب لنا، مع ما فيه من محاولة التضخيم والتفخيم.
أما أبو ذر فله شأن آخر سنوضحه فيما يأتي إن شاء الله تعالى، ولأجل ذلك فنحن لا نوافق على قولهم: وكان نفر من المسلمين أبطأت بهم النية عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى تخلفوا عنه من غير شك ولا ارتياب منهم: كعب بن مالك، وهلال بن أمية، وأبو خيثمة، وأبو ذر الغفاري.
وكانوا نفر صدق لا يتهمون في إسلامهم انتهى.
هذا وقد لحق أبو خيثمة، وأبو ذر برسول الله "صلى الله عليه وآله"([372]).
وقد صرحت النصوص: أن النساء قد شاركوا في مقاطعتهم أيضاً، فقد قالوا: "فأعرض عنهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" والمؤمنون، حتى إن الرجل ليعرض عن أبيه وأخيه، وحتى أن المرأة لتعرض عن زوجها"([373]).
الجهاد فرض عين أو فرض كفاية:
قال الحافظ: إنما غلظ الأمر على كعب وصاحبيه وهوجروا، لأنهم تركوا الواجب عليهم من غير عذر، لأَن الإمام إذا استنفر الجيش عموماً لزمهم النفير، ولحق اللوم بكل فرد، أي لو تخلف.
قال ابن بطال: إنما اشتد الغضب على من تخلف، وإن كان الجهاد فرض كفاية لكنه في حق الأنصار خاصة فرض عين لأنهم بايعوا على ذلك، ومصداق ذلك قولهم وهم يحفرون الخندق:
نـحـن الـذيـن بـايـعـوا محـمـداً عــلى الجــهــاد مـا بـقـيـنـا أبـدا
وكأن تخلفهم عن هذه الغزوة كبيرة، لأنها كالنكث لبيعتهم.
قال السهيلي: ولا أعرف له وجها غير الذي قاله ابن بطال.
قال الحافظ: قد ذكرت وجهاً غير الذي ذكره، ولعله أقعد.
ويؤيده قوله سبحانه وتعالى: {مَا كَانَ لِأَهْلِ المَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ}([374]).
وعند الشافعية: أن الجهاد كان فرض عين في زمنه "صلى الله عليه وآله"، فعلى هذا، فيتوجه العتاب على كل من تخلف مطلقاً([375]).
ونقول:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد ندب جميع الناس إلى الجهاد، ولم يأذن لأحد بالتخلف، فمن تخلف فقد عصى أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فيستحق العتاب والعقاب..
وبذلك يتضح: أن المعيار هنا ليس هو أن الجهاد فرض عين أو فرض كفاية، لكي يعود الأمر في تشخيص ذلك إلى المكلفين أنفسهم! بل المعيار هو أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فمعصية الرسول، والتمرد عليه محرم في نفسه، و طاعته فرض عين، حتى لو كان الجهاد فرض كفاية..
2 ـ كما أنه لا محل للحديث عن أن ذلك يختص بالأنصار وحسب، فإن بيعتهم إنما هي لتأكيد إلزامهم بالواجب، تماماً كما جرى في بيعة الغدير، فإن الإمامة لا تثبت بالبيعة، ولا تنتفي بعدمها، بل هي ثابتة في حق من بايع، ومن لم يبايع لأنها بالنص، والبيعة إنما هي لتأكيد وجوب الواجب في حقهم على ما هو عليه، ولكنها لا تغير من صفة الوجوب، فلا تجعل الواجب الكفائي واجباً عينياً ولا العكس..
3 ـ إن التخلف عن الغزو الذي يحتاج المسلمون إلى القيام به للذب عن دينهم، وعن أنفسهم، وقد ندبهم إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" كبيرة على كل حال، سواء أكان ذلك ممن بايع أو ممن لم يبايع.. فلا يصح اعتبار تخلف المهاجرين صغيرة، وتخلف الأنصار كبيرة.
كعب بن مالك يحتاج إلى أوسمة:
وقد كان لا بد من البحث عن أوسمة، أو اختراعها لكي تمنح لكعب بن مالك، فإنه كان عثمانياً لم يبايع علياً "عليه السلام"([376]).
وكان عثمان قد استعمله على صدقة مزينة، وترك ما أخذ منهم له([377]).
وقد رثى عثمان بأمور منكرة([378]).
وربما من أجل ذلك كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد آخى بينه وبين الزبير([379])، أو بينه وبين طلحة([380]).
وقد تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يؤاخي بين كل ونظيره..
وكان كعب بن مالك، وحسان بن ثابت، ونعمان بن بشير عثمانية، يقدمون بني أمية على بني هاشم، ويقولون: الشام خير من المدينة، واتصل بهم أن ذلك بلغ علياً "عليه السلام"، فدخلوا عليه، فقال له كعب: أخبرنا عن عثمان أقتل ظالماً فنقول بقولك؟ أو قتل مظلوماً فتقول بقولنا، ونكلك إلى الشبهة فيه؟ فالعجب من تيقننا وشكك.. وقد زعمت العرب أن عندك علم ما اختلفنا فيه، فهاته نعرفه.
فقال لهم أمير المؤمنين "عليه السلام": لكم عندي ثلاثة أشياء: استأثر عثمان فأساء الإثرة، وجزعتم فأسأتم الجزع، وعند الله ما تختلفون فيه إلى يوم القيامة.
فقالوا: لا ترضى بهذا العرب، ولا تعذرنا به.
فقال أمير المؤمنين "عليه السلام": أتردون علي بين ظهراني المسلمين بلا نية صادقة، ولا حجة واضحة؟! أخرجوا عني فلا تجاوروني في بلد أنا فيه أبداً.
فخرجوا من يومهم فساروا حتى أتوا معاوية فقال: لكم الكفاية أو الولاية، فأعطى حساناً ألف دينار وكعباً ألف دينار، وولى النعمان حمص([381]).
وكان كعب أحد من عاون المصريين، وشهر سلاحه، فلما ناشد عثمان الناس أن يغمدوا سيوفهم، انصرف، ولم ير أن الأمر ينتهي إلى قتله فلما قتل وقف على الأنصار وقال:
من مـبـلـغ الأنصار عنـك رسالة رسـل تـقـص عليهـم الـتـبـيانا([382])
إلخ..
وعن الزهري: أن كعب بن مالك قال يوم الدار: يا معشر الأنصار، انصروا الله.. مرتين([383]).
الفصل السادس:
هكذا يكيدون علياً ×
علي × خليفة النبي ' في أهله:
وزعمت بعض الروايات: أن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما خلف علياً "عليه السلام" في أهله، وأنه لم يستخلفه على المدينة كلها، فلاحظ قولهم:
وخلف رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب "عليه السلام" على أهله، وأمره بالإقامة فيهم، فأرجف به المنافقون وقالوا: ما خلفه إلا استثقالاً له، وتخففاً منه.
فلما قالوا ذلك أخذ علي "عليه السلام" سلاحه، وخرج حتى لحق برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو نازل بالجرف، فأخبره بما قالوا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كذبوا، ولكني خلفتك لما تركت ورائي، فارجع فاخلفني في أهلي وأهلك، أفلا ترضى يا علي أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ إلا أنه لا نبي بعدي"؟!
فرجع علي "عليه السلام" إلى المدينة.
وهذا الحديث رواه الشيخان، وله طرق([384]).
وإمعاناً منهم في حَبْك أكذوبتهم المتمثلة في نفي استخلاف علي "عليه السلام" على المدينة، زعموا: أنه "صلى الله عليه وآله" استخلف على المدينة محمد بن مسلمة([385])، وهذا هو الثابت عند الواقدي، وقال: لم يتخلف عنه في غزوة غيرها([386]).
وقيل: استخلف سباع بن عرفطة([387]).
وقيل: ابن أم مكتوم([388]).
وقيل: علي بن أبي طالب "عليه السلام". قال أبو عمر وتبعه ابن دحية: وهو الأثبت.
ورواه عبد الرزاق في المصنف بسند صحيح عن سعد بي أبي وقاص، ولفظه: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما خرج إلى تبوك استخلف على المدينة علي بن أبي طالب، وذكر الحديث([389]).
حديث المنزلة كما روي:
قد روي حديث: أنت مني بمنزلة هارون من موسى عن جماعة كثيرة، منهم: أمير المؤمنين "عليه السلام"، وزيد بن أرقم، وأم سلمة، وأسماء بنت عميس، وابن عباس، وجابر بن عبد الله، وأبو سعيد الخدري، وعمرو بن ميمون، وحذيفة، ومحدوج الذهلي، وأنس، وجشي بن جنادة، وعمر، وجابر بن سمرة، وسعد بن أبي وقاص، وأبو الطفيل، وقيس، وسعيد بن المسيب، وعلي بن زيد بن جدعان، وسعد بن مالك، وإبراهيم، والحارث بن مالك، وخالد بن عرفطة، وآخرون كثر، فراجع ما ذكره آية الله السيد عبد الحسين شرف الدين "رحمه الله" حول رواة هذا الحديث الشريف وأسمائهم.
وسيأتي: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك لعلي "عليه السلام" في مواضع كثيرة، وقد أوردته طائفة من المصادر من دون تحديد، فراجع([390]).
ما جرى في غزوة تبوك:
ومن النصوص التي ذكرت هذا الحديث الشريف وحددت حصوله في غزوة تبوك نشير ـ على سبيل المثال ـ إلى ما يلي:
1 ـ خرج الناس في غزوة تبوك، فقال علي "عليه السلام" للنبي "صلى الله عليه وآله": أخرج معك؟
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": لا.
فبكى علي "عليه السلام"، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنك لست بنبي؟!.
إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي([391]).
2 ـ وقالوا: لما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك، استخلف علي بن أبي طالب "عليه السلام" على المدينة، فماج المنافقون في المدينة، وفي عسكر رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقالوا: كره قربه وساء فيه رأيه، فاشتد ذلك على علي "عليه السلام"، فقال: يا رسول الله "صلى الله عليه وآله" تخلفني مع النساء والصبيان؟! أنا عائذ بالله من سخط الله وسخط رسوله.
فقال: رضي الله برضائي عنك فإن الله عنك راض، إنما منزلك مني بمنزلة هارون من موسى، غير أنه لا نبي بعدي.
فقال علي "عليه السلام": رضيت، رضيت([392]).
3 ـ وفي رواية سعد بن أبي وقاص: خلفه في بعض مغازيه، فقال له علي "عليه السلام": أتخلفني مع النساء والصبيان؟!
فقال له "صلى الله عليه وآله": أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟([393]).
زاد في نص آخر قوله: قال: بلى يا رسول الله.
قال: فأدبر علي "عليه السلام" فكأني أنظر إلى غبار قدميه يسطع([394]).
4 ـ وفي نص آخر: عندما خلف علياً "عليه السلام" في المدينة، قال الناس: ملَّه وكره صحبته.
فتبع علي النبي "صلى الله عليه وآله"، حتى لحقه في بعض الطريق، فقال: يا رسول الله، خلفتني في المدينة مع النساء والذراري، حتى قال الناس ملَّه وكره صحبته؟!.
فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": يا علي إني خلَّفتك على أهلي، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟([395]).
5 ـ وفي نص آخر: أنه تبعه إلى ثنية الوداع وهو يبكي ويقول: يا رسول الله، تخلفني مع الخوالف؟!.
فقال: ألا ترضى أن تكون مني الخ.. ([396]).
6 ـ عن زيد بن أرقم قال: لما عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله" لجيش العسرة، قال لعلي "عليه السلام": إنه لا بد من أن تقيم أو أقيم.
قال: فخلَّف علياً وسار. فقال ناس: ما خلفه إلا لشيء يكرهه منه.
فبلغ ذلك علياً "عليه السلام"، فاتبع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حتى انتهى إليه، فقال: ما جاء بك يا علي؟!.
فقال: يا رسول الله، إني سمعت ناساً يزعمون أنك خلَّفتني لشيء كرهته مني.
قال: فتضاحك إليه وقال: ألا ترضى أن تكون مني كهارون من موسى، غير أنك لست بنبي؟!.
قال: بلى يا رسول الله.
قال: فإنه كذلك([397]).
7 ـ وعن أبي سعيد: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لعلي "عليه السلام" في غزوة تبوك: اخلفني في أهلي.
فقال علي "عليه السلام": يا رسول الله، إني أكره أن يقول العرب، خذل ابن عمه، وتخلف عنه.
فقال: أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟!.
قال: بلى.
قال: فاخلفني([398]).
ونقول:
إن لنا مع هذا الحديث وقفات عديدة، قد ذكرنا فيما سبق بعضاً منها، ونذكر هنا بعضاً آخر، ونصرف النظر عن باقيها توخياً للأختصار..
الإستثناء منقطع:
قال علماؤنا الأبرار رضوان الله تعالى عليهم: إن حديث المنزلة يدل على: أن لأمير المؤمنين "عليه السلام" جميع منازل هارون من موسى إلا منزلة النبوة، واستثناء النبوة دليل العموم لجميع المنازل..
ومع غض النظر عن إفادة الإستثناء لذلك، فإن نفس إطلاق قوله: أنت مني بمنزلة فلان، لا بد أن يراد به أظهر منازله، وأقربها إلى فهم الناس بملاحظة حالة ذينك الشخصين مع بعضهما البعض، فإن كان قائل هذه الكلمة والداً أو ابناً، أو أخاً، حملت هذه الكلمة على هذه المعاني، أي أنه بمنزلة ولده، وأبيه، وأخيه.
وإن كان ذلك الشخص معلماً، فكذلك، وإن كان وزيراً وحاملاً لمسؤوليات التدبير، والرعاية، كانت له منزلته من هذه الناحية..
ومن الواضح: أن أظهر خصوصية كانت بين هارون وموسى هي أخوته له، وشد أزره، ووجوب طاعته، ووزارته، وشراكته في أمره وكونه أولى الناس به حياً وميتاً، حسبما أشارت إليه الآية الكريمة: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}([399]).
فلا بد أن يراد بكونه بمنزلته هو هذه الخصوصيات، ولا سيما هاتان الخصوصيتان.
أما خصوصية النبوة، فهي غير مرادة قطعاً، لأنها خصوصية لا تعني موسى "عليه السلام" وإنما تعني الناس الآخرين، فاستثناؤها من المنازل من قبيل الإستثناء المنقطع، الذي جيء به إمعاناً في التوضيح، واستقصاء في دفع الشبهة.
وليس هذا من الإستثناء المتصل، فإن إشراك هارون في أمر موسى ليس من جهة جعل النبوة مناصفة بينهما، فإن ذلك مما لا يصح توهمه، إلا من جاهل. بل من جهة معونته له، ووجوب طاعته، وهو في موقع الأخ والوزير، حسبما أوضحته الآيات الكريمة..
هل حديث المنزلة خاص بأهل النبي '؟!:
وزعموا: أن حديث المنزلة خاص بأهل بيت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولا يعم الناس جميعاً، حيث إن بعض نصوصه تقول: فارجع، فاخلفني في أهلي وأهلك.. كما تقدم.
ونجيب:
أولاً: إن معظم نصوص غزوة تبوك لم تخص حديث المنزلة في استخلاف النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" على أهله "صلى الله عليه وآله"، بل أطلقت الخلافة.
فمن أين جاءت هذه الإضافة المشبوهة؟!.
ثانياً: إن حديث المنزلة بإطلاقه قد قاله رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مواقف كثيرة كانت تبوك واحدة منها. فقد قاله في:
1 ـ يوم المؤاخاة الأولى([400]).
2 ـ يوم المؤاخاة الثانية([401]).
3 ـ يوم تسمية الحسن والحسين "عليهما السلام"([402]).
4 ـ في حجة الوداع([403]).
5 ـ في منى([404]).
6 ـ يوم غدير خم([405]).
7 ـ يوم المباهلة([406]).
8 ـ غزوة تبوك.
9 ـ عند الرجوع بغنائم خيبر([407]).
10 ـ يوم كان يمشي مع النبي "صلى الله عليه وآله"([408]).
11 ـ في حديث لحمه لحمي، حين خاطب "صلى الله عليه وآله" أم سلمة بهذا القول([409]).
12 ـ يوم سد الأبواب([410]).
13 ـ يوم بدر([411]).
14 ـ يوم نام الصحابة في المسجد([412]).
15 ـ في قضية الإختصام في ابنة حمزة "عليه السلام"([413]).
16 ـ يوم كان أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة في حضرة النبي "صلى الله عليه وآله"، والنبي "صلى الله عليه وآله" متكئ على علي"عليه السلام"([414]).
وذلك كله يشير إلى أن علياً "عليه السلام" شبيه بهارون في جميع مزاياه، وأظهرها وأشهرها شراكته في الأمر، ووزارته، وشد أزره، وإمامته للناس في غياب أخيه موسى "عليه السلام".
ثالثاً: إنه لو كانت خلافة أمير المؤمنين "عليه السلام" لرسول الله "صلى الله عليه وآله" منحصرة في أهله "صلى الله عليه وآله" لوقعت المنافات بين صدر الرواية وذيلها، فإن صدرها يقول: إنه يستخلفه في أهله، وذيلها يجعله منه كهارون من موسى، مع أن هارون إنما خلف موسى في قومه، لا في أهله.
وصرحت الآية: بأن موسى قد طلب من الله أن يجعل له هارون أخاً، وشريكاً له في الأمر الذي هو إمامة الناس وقيادتهم..
لماذا خلَّف علياً × في المدينة؟!:
قال الشيخ المفيد رضوان الله تعالى عليه، ونعم ما قال:
"وقال: يا علي، إن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك.
وذلك أنه "صلى الله عليه وآله" علم خبث نيات الأعراب، وكثير من أهل مكة ومن حولها، ممن غزاهم، وسفك دماءهم، فأشفق أن يطلبوا المدينة عند نأيه عنها، وحصوله ببلاد الروم، فمتى لم يكن فيها من يقوم مقامه لم يؤمن من معرَّتهم، وإيقاع الفساد في دار هجرته، والتخطي إلى ما يشين أهله، ومخلفيه..
وعلم أنه لا يقوم مقامه في إرهاب العدو، وحراسة دار الهجرة، وحياطة من فيها إلا أمير المؤمنين "عليه السلام"، فاستخلفه استخلافاً ظاهراً، ونص عليه بالإمامة من بعده نصاً جلياً، وذلك فيما تظاهرت به الرواية أن أهل النفاق لما علموا باستخلاف رسول الله "صلى الله عليه وآله" على المدينة حسدوه لذلك، وعظم عليهم مقامه فيها بعد خروجه، وعلموا أنها تتحرس به، ولا يكون فيها للعدو مطمع، فساءهم ذلك..
وكانوا يؤثرون خروجه معه، لما يرجونه من وقوع الفساد والإختلاط عند نأي رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن المدينة، وخلوها من مرهوب مخوف يحرسها..
وغبطوه "عليه السلام" على الرفاهية والدعة بمقامه في أهله، وتكلف من خرج منهم المشاق بالسفر والخطر، فأرجفوا وقالوا: لم يستخلفه رسول الله "صلى الله عليه وآله" إكراماً له، وإجلالاً ومودة، وإنما خلفه استثقالاً له".
إلى أن قال: فلما بلغ أمير المؤمنين "عليه السلام" إرجاف المنافقين به أراد تكذيبهم، وإظهار فضيحتهم، فلحق بالنبي "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله، إن المنافقين يزعمون: أنك خلفتني استثقالاً ومقتاً؟!.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": إرجع يا أخي إلى مكانك، فإن المدينة لا تصلح إلا بي أو بك. فأنت خليفتي في أهل بيتي، ودار هجرتي وقومي، ألا ترضى أن تكون بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي؟! الخ..([415]).
هل الرواية خاصة بتبوك؟:
وزعم بعضهم أن حديث المنزلة خاص بغزوة تبوك، ولا ربط له بما بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله" وإليك نص كلامه:
"هارون لم يكن خليفة موسى، لأنه مات قبل موسى، بل المراد استخلافه بالمدينة حين ذهابه إلى تبوك، كما استخلف موسى هارون عند ذهابه إلى الطور، لقوله تعالى: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي}([416]).
ونجيب:
أولاً: إن ذلك يؤدي إلى أن يكون "صلى الله عليه وآله" قد أورد كلاماً متناقضاً، فإنه إذا كان المقصود هو الحديث عن خلافته في حال حياته لم يكن معنى لأن يقول: إلا أنه لا نبي بعدي، بل كان الأحرى أن يقول: إلا أنه لا نبي معي..
ثانياً: لو كان المراد الخلافة في خصوص تبوك، فلا حاجة إلى تنزيله منزلة هارون من موسى وإلا، فقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" استخلف الكثيرين على المدينة في غزواته المختلفة، كغزوة الفتح، وبدر، وقريظة، وخيبر.. و.. الخ.. فلماذا لم يجعل لهم منه منزلة هارون من موسى؟!
ثالثاً: إن العبرة إنما هي بعموم اللفظ، لا بخصوص المورد، فكيف إذا تضمن الكلام الإشارة إلى استمرار المنزلة المجعوله لأمير المؤمنين "عليه السلام" إلى ما بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله" حسبما ألمحنا إليه..
فاستخلاف موسى لهارون في قومه حين ذهب إلى الطور، لا يعني أن تكون منزلة أمير المؤمنين "عليه السلام" من النبي "صلى الله عليه وآله" خاصة بحياة النبي "صلى الله عليه وآله"..
ويشير إلى ذلك: أن إطلاق المنزلة المجعولة يستدعي أن يكون أمير المؤمنين "عليه السلام" بمنزلته هارون من موسى في شراكته معه في الأمر أيضاً، والشريك في الأمر هو الأولى بمتابعة أمور شريكه في حياته، وبعد وفاته، فلو أن موسى مات قبل هارون، فإن هارون سيكون أولى بأخيه من جميع بني إسرائيل، وسيقوم مقامه في كل شيء.. وذلك ظاهر..
ويشهد لذلك: أن أجداً لا يدَّعي أن آية: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ}([417]) خاصة بحياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد انقطع ذلك بعد وفاته..
قريش هي البلاء:
وقد صرحت بعض روايات غزوة تبوك: أن علياً "عليه السلام" قال للنبي "صلى الله عليه وآله": "زعمت قريش أنك خلفتني استثقالاً لي"([418]).
وقد ورد في الجزء الثالث والعشرين ما يؤيد هذا الزعم فراجع([419]).
ومن الواضح: أن قريشاً كانت تتقصد أمير المؤمنين "عليه السلام" بالأذى، حتى شكاها علي "عليه السلام" مرات ومرات، ودعا عليها أيضاً فقال: "اللهم عليك بقريش، فإنهم قطعوا رحمي، وأكفأوا إنائي، وصغروا عظيم منزلتي"([420])..
وقد كانت قريش كلها مع بني أمية على خلاف مع أمير المؤمنين "عليه السلام"([421]).
وقد أجمعت قريش على حربه بعد النبي "صلى الله عليه وآله"، كما أجمعت على حرب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما قاله "عليه السلام" في رسالته لأخيه عقيل.
وإن كانت بعض المصادر بدلت كلمة "قريش" بكلمة "العرب"([422]).
الفصل السابع:
أحداث جرت في الطريق إلى تبوك
دعوها فإنها مأمورة:
عن عبد الله بن سلام: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما مر بالخليجة في سفره إلى تبوك قال له أصحابه: المبرك يا رسول الله، الظل والماء([423]). وكان فيها دوم وماء.
فقال: "إنها أرض زرع نفر"، دعوها فإنها مأمورة ـ يعني ناقته.
فأقبلت حتى بركت تحت الدومة التي كانت في مسجد ذي المروة ([424]).
إنه "صلى الله عليه وآله" يريد أن يعلم الناس: أن عليهم أن يتحاشوا الإضرار بأملاك الناس، وأن لا يتخذوا من جهادهم وتضحياتهم سبباً لاستسهال ذلك، وأن لا يستفيدوا من تهيّب الناس من قوتهم أو من كثرتهم، أو حتى من موقعهم، ولو كان هو موقع النبوة سبيلاً لإلحاق الأذى بممتلكات الآخرين، حتى لو أظهر الآخرون الرضا بذلك..
هذا ويلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" قال لهم عن الناقة: "دعوها فإنها مأمورة"، مع أنه كان يكفي أن يخبرهم بضرورة حفظ الزرع ويأمرهم بالإبتعاد واختيار موضع آخر..
وذلك ليشير إلى: أن الله تعالى يسدده، ويحفظه، من أن يقع في خلاف الواقع، ولو في الحال التي يعذره الناس فيها، زاعمين أنه غافل، فإن الله تعالى يسدد نبيه ليصيب الواقع فيما يرتبط بحقوق الله تبارك وتعالى، وحقوق الناس.. فلا يخطئ ولا يسهو، ولا ينسى، ولا يغفل عن حق أحد، ولا يقصر في حق الله.
كما أنه في الجانب الآخر لا يأكل، ولا يلبس، ولا يشرب، ولا يمارس أي شيء إلا إذا كان حلالاً في الظاهر وفي الواقع على حد سواء.. ولهذا البحث مجال آخر.
النبي ' يأكل هريسة اليهود:
وقالوا: لما نزل رسول الله "صلى الله عليه وآله" وادي القرى أهدى له بنو عريض اليهودي هريسة، فأكلها، وأطعمهم أربعين وسقاً، فهي جارية عليهم إلى يوم القيامة.
وقال محمد بن عمر: فهي جارية عليهم إلى الساعة([425]).
وعن ابن عمر قال: أتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بجبنة في تبوك، فدعا بالسكين، فسمى وقطع، رواه أبو داود([426]).
ونقول:
1 ـ الهريسة هي طعام يعمل من الحب المدقوق بالمهراس واللحم([427])، ونحن نعلم أنه لا يجوز أكل غير المذكى من اللحم وفق الشرائط الشرعية، ومنها كون الذابح مسلماً.
2 ـ وإذا كان اليهود لا يتحاشون عن مباشرة النجاسات، المبينة في الشرع الإسلامي، لأنهم لا يدينون بالإسلام، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يأكل ما يلامسونه برطوبة مسرية، فكيف إذا قلنا بنجاسة الكتابي؟
على أن الأنفحة التي يصنع بها الجبن تؤخذ من حيوان محكوم بأنه ميتة، لأن الذابح يهودي، ولا شك في نجاسة الميتة، ونجاسة ما يلامسها، حتى وإن كان طاهراً في نفسه، كالأنفحة..
3 ـ لماذا يطعم رسول الله "صلى الله عليه وآله" اليهود هذه الأوسق من التمر؟ ومن الذي أجراها عليهم حتى الساعة، أو إلى يوم القيامة؟!. ولو أطعمه يهود المدينة هريسة أو جبناً، هل كان يجري عليهم مثل ما أجرى على يهود وادى القرى؟ وهل؟ وهل؟..
خرص رسول الله ':
قال أبو حميد الساعدي: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" عام تبوك حتى جئنا وادي القرى، فإذا امرأة في حديقة لها، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأصحابه: "اخرصوا".
فخرص القوم، وخرص رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشرة أوسق.
وقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" للمرأة: "احفظي ما يخرج منها حتى أرجع إليك إن شاء الله تعالى".
ولما أقبل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من غزوة تبوك إلى وادي القرى قال للمرأة: "كم جاءت حديقتك"؟
قالت: عشرة أوسق خرص رسول الله "صلى الله عليه وآله"([428]).
ويواجهنا هنا سؤالان، هما:
1 ـ ما الذي أراده رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعمله هذا؟!
2 ـ لماذا فعل ذلك في طريق تبوك، لا في المدينة؟!
تجربة بلا سوابق:
فأما بالنسبة إلى السؤال الثاني، فنقول:
لعل المراد هو إجراء التجربة في موقع بعيد عن السوابق الذهنية للناس، حيث إن الناس يتسامعون بمقادير محاصيلهم في كل عام، ويقايسون فيما بينها، ويعرفون ولو على نحو التقريب غلة أراضيهم، بما لها من نوع تربة، وبملاحظة سائر العوامل المؤثرة مثل طبيعة الجو والهواء في حرارته وبرودته، وسائر تقلباته، فإن ذلك قد يؤثر بنحو أو بآخر على مقادير المحاصيل، وفي جودتها ورداءتها، وما إلى ذلك.
فلعله "صلى الله عليه وآله" أراد لفت نظر أصحابه إلى هذا الأمر بصورة عملية ليؤكد قناعتهم به، ولكي يعطي القاعدة والضابطة للناس كلهم، ويدفعهم ذلك إلى أن يدققوا ولا يتعسفوا في تعاملهم مع الناس في أمثال هذه الأمور، فإن التزام وتيرة واحدة في التعامل لربما تنتهي بهم إلى الظلم والأذى.
إمتحان التخريج:
وهذا بالذات يمثل إجابة مقبولة على السؤال الأول..
يضاف إلى ذلك: أنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يشاركهم في الخرص بنفسه، لكي لا يحزنهم تعرضهم لهذا الإمتحان، الذي سيظهر إخفاقهم فيه، فإذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" معهم، فسوف لا يرون في هذا الإمتحان أي حرج، ولا يشعرون بالأذى أو بالمهانة أو ما إلى ذلك.
فالإمتحان شرف وكرامة، وهو سبب تكامل، وسبيل سمو ورفعة، وطريقة تعليم، والسقوط فيه ليس سقوط ذل، وإنما هو سقوط الطائر، ليلتقط الحبة التي يحتاج إليها، ثم يطير بها محلقاً إلى سماء الفضل والكمال لتكون تلك الحبة زاداً وعوناً له، وقوة، وسبب حياة.
جنِّي بصورة حية:
وفي الطريق إلى تبوك عارض الناس في مسيرهم حَيَّة ذُكِرَ مِن عظمها وخَلقِها، فانصاع الناس عنها، فأقبلت حتى واقفت رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو على راحلته طويلاً، والناس ينظرون إليها، ثم التوت حتى اعتزلت الطريق، فقامت قائمة، فأقبل الناس حتى لحقوا برسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال لهم: "هل تدرون من هذا"؟.
قالوا: الله ورسوله أعلم.
قال: هذا أحد الرهط الثمانية من الجن الذين وفدوا إلَيَّ يستمعون القرآن، فرأى عليه من الحق ـ حين ألمَّ به رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يسلم عليه، وها هو يقرؤكم السلام، فَسَّلِّموا عليه.
فقال الناس جميعاً: وعليه السلام ورحمة الله وبركاته([429])..
ونقول:
1 ـ قد يقال: إن الأحاديث الشريفة قد دلت على أنه لم يؤذن للجن بالظهور للبشر([430])، فما معنى أن يظهر هذا الجني للناس في هذه المناسبة..
فقد روي عن أمير المؤمنين "عليه السلام" أنه قال في حديث: "واجعل بين الجن وبين خلقي حجاباً، ولا يرى نسل خلقي الجن، ولا يؤانسونهم، ولا يخالطونهم".
وقال الطحاوي حول قتل الحيات: "لا بأس بقتل الكل، لأنه "عليه الصلاة السلام" عاهد الجن ألَّا يدخلوا بيوت أمته، ولا يظهروا أنفسهم، فإذا خالفوا فقد نقضوا العهد، فلا حرمة لهم"([431]).
فإن قيل: إن هذا الجني لم يظهر على صورته الأصلية.. وإنما ظهر بصورة حية، فهو لم يخالف ما أخذ عليه..
فالجواب: أن العبارة تقول: إنه لم يؤذن للجن بالظهور على أية صورة كانت، أي حتى لو كانت صورة حية..
غير أن ذلك لا يمنع من أن يعصوا ويحالفوا القرار التشريعي الإلهي، كما لا يمنع من أن يأذن الله تعالى لبعضهم بالظهور تأكيداً للحق، ونصرة لأهله، ولذلك لا يبقى مجال للإعتراض بأن لو قبلنا بهذه الإجابة، فسوف تواجهنا طائفة من الروايات تقول: إن بعض الجن قد ظهروا للنبي "صلى الله عليه وآله"، أوللإمام "عليه السلام" تأييداً له، وتقوية ليقين الناس بصحة ما جاء به..
2 ـ إن هذا الحديث يدل على أن الجن مكلفون بالعمل بالرسالة الإسلامية، والإيمان برسول الله "صلى الله عليه وآله". كما هو الحال بالنسبة للأنس، ولهذا شواهد كثيرة من الآيات والروايات..
لا تدخلوا مساكن ثمود:
وعن عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد الله، وأبي كبشة الأنماري، والزهري، وأبي حميد الساعدي: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما مر بالحِجْر تقنع بردائه وهو على الرحل، فاتضع راحلته حتى خلَّف أبيات ثمود، ولما نزل هناك سارع الناس إلى أهل الحِجْر يدخلون عليهم، واستقى الناس من الآبار التي كانت تشرب منها ثمود، فعجنوا ونصبوا القدور باللحم.
فبلغ ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فنودي في الناس: الصلاة جامعة، فلما اجتمعوا قال "صلى الله عليه وآله": "لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا أنفسهم، إلا أن تكونوا باكين أن يصيبكم ما أصابهم، ولا تشربوا من مائها، ولا تتوضأوا منه للصلاة، واعلفوا العجين الإبل".
ثم ارتحل بهم حتى نزل على العين كانت تشرب منها الناقة، وقال: "لا تسألوا الآيات. فقد سألها قوم صالح، سألوا نبيهم أن تبعث آية، فبعث الله تبارك وتعالى لهم الناقة، فكانت ترد هذا الفج، وتصدر من هذا الفج، فعتوا عن أمر ربهم فعقروها، وكانت تشرب مياههم يوماً، ويشربون لبنها يوماً، فعقروها، فأخذتهم صيحة أهمد الله تعالى مَنْ تحت أديم السماء منهم إلا رجلاً واحداً كان في حرم الله تعالى.
قيل: من هو يا رسول الله؟
قال: "أبو رغال". فلما خرج من الحرم أصابه ما أصاب قومه، ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم"؟!.
فناداه رجل منهم: تعجب منهم؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ألا أنبئكم بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم، فينبئكم بما كان قبلكم، وما هو كائن بعدكم، فاستقيموا وسددوا، فإن الله تعالى لا يعبأ بعذابكم شيئاً، وسيأتي الله بقوم لا يدفعون عن أنفسهم بشيء.
وإنها ستهب عليكم الليلة ريح شديدة، فلا يقومن أحد، ومن كان له بعير فليوثق عقاله، ولا يخرجن أحد منكم إلا ومعه صاحب له".
ففعل الناس ما أمرهم به رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلا رجلين من بني ساعدة، خرج أحدهما لحاجته، والآخر في طلب بعيره، فأما الذي خرج لحاجته، فإنه خنق على مذهبه ـ أي موضعه الذي ذهب إليه ـ وأما الذي خرج في طلب بعيره، فاحتملته الريح حتى طرحته بجبلي طيء، اللذين يقال لأحدهما: أجا، ويقال للآخر: سلمى.
فأخبر بذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: ألم أنهكم عن أن يخرج منكم أحد إلا ومعه صاحبه، ثم دعا للذي أصيب على مذهبه فشفي، وأما الآخر فإن طيئاً أهدته لرسول الله "صلى الله عليه وآله" حين رجع إلى المدينة([432]).
الإستسقاء.. ونزول المطر:
قالوا: ونزلوا الحِجْر، فأمرهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن لا يحملوا من مائها شيئاً، ثم ارتحل، ثم نزل منزلاً آخر وليس معهم ماء.
فشكوا ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقام فصلى ركعتين، ثم دعا فأرسل الله سبحانه وتعالى سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا منها.
فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق: ويحك، قد ترى ما دعا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمطر الله علينا السماء.
فقال: إنما أمطرنا بنوء كذا وكذا.
فأنزل الله تعالى: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ}([433]).
ذكر ابن إسحاق: أن هذه القصة كانت بالحجر.
وروي عن محمود بن لبيد، عن رجال من قومه قال: كان رجل من المنافقين معروف نفاقه يسير مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" حيثما سار، فلما كان من أمر الحِجْر ما كان، ودعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" حين دعا، فأرسل الله تعالى السحابة، فأمطرت حتى ارتوى الناس، قالوا أقبلنا عليه نقول: ويحك، هل بعد هذا شيء؟
قال: سحابة مارة([434]).
وعن عمر بن الخطاب قال: خرجنا إلى تبوك في يوم قيظ شديد، فنزلنا منزلاً، وأصابنا فيه عطش، حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع، حتى أن كان الرجل يذهب يلتمس الرجل فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستقطع، حتى أن كان الرجل لينحر بعيره، فيعصر فرثه فيشربه، ويجعل ما بقي على كبده، فقال أبو بكر: يا رسول الله، إن الله عز وجل قد عودك في الدعاء خيراً، فادع الله تعالى لنا.
قال: "أتحب ذلك"؟
قال: نعم.
فرفع يديه نحو السماء فلم يرجعهما حتى قالت السماء، فأظلت ثم سكبت، فملؤوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر([435]).
وعن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب قال: خرج المسلمون إلى تبوك في حر شديد، فأصابهم يوم عطش حتى جعلوا ينحرون إبلهم ليعصروا أكراشها، ويشربوا ماءها، فكان عسرة في الماء، وعسرة في النفقة، وعسرة في الظهر([436]).
ونقول:
السنةًّ الإلهية باقية:
إن مرور النبي "صلى الله عليه وآله" من أبيات ثمود، وإظهاره هذه الخشية والإشفاق من المرور بمساكن الظالمين التي حل العذاب بأهلها قبل مئات أو آلاف السنين يشير إلى أن السنة الإلهية في الطغاة والعصاة لم تبطل، بل هي لا تزال جارية وسارية، فعلى الناس أن يحاذروا من الوقوع فيما وقع فيه أسلافهم، وعليهم أن يراجعوا حساباتهم، ويدققوا في مواقفهم ومسيرهم ومسارهم، حتى لا ينتهي بهم الأمر إلى ما انتهى إليه أسلافهم.
تجسيد الحدث:
ثم إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يرو لهم ما جرى على قوم صالح بنحو يفيد في تكوين تصورات، وإحداث انفعالات يتوقع أن تتبخر وتتلاشى، تبعاً لتلاشي تلك الصور التي استحضرت بواسطة حديث يتلى، وخبر يروى..
بل هو "صلى الله عليه وآله" قد ربط لهم الصورة الذهنية بأمور عينية واقعية، لها مساس بأشخاصهم، حين تركهم ينقلون الماء من آبار ثمود، ويعجنوا بها عجينهم، وينصبوا القدور المملوءة باللحم والماء، ثم ينادي فيهم بالصلاة جامعة، وقد كان ذلك بعد منعهم من الإستفادة من الماء في ذلك المكان كله، ثم أمرهم بأن يعلفوا العجين الإبل..
أي أنه لم يكتف بمنعهم من الإستفادة من الماء الذي تعبوا بحمله، بل ألحق به ما اختلط به، مما تعبوا في الحصول عليه، وفي حمله، ونقله، ويرون أنفسهم بأمس الحاجة إليه، للغذاء والبقاء..
مع أنه "صلى الله عليه وآله" حين وصل إلى تلك المساكن كان يعلم أن الناس المتعبين الذين يسيرون في حر الهاجرة في تلك الصحراء القاحلة، سوف يتهافتون على الماء، وسيبادرون للإستفادة منه في إعداد أطعمتهم، وفي تبردهم، وغسلهم وشربهم، ولكنه لم يحذِّرهم منه، ولم يذكر لهم شيئاً في هذا السياق.. بل سكت حتى بلغ بهم التعامل مع ذلك حداً جعله محط أنظارهم، ومهوى أفئدتهم..
ولعله لو كان قدَّم لهم النهي عنه، لوجد فيهم من يستسيغ مخالفته، ويكون حالهم حينئذ حال طالوت مع جنوده، حيث قال لهم: {..إِنَّ اللَهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ..}([437]).
آثار السخط الإلهي:
إن هذه القضية قد أظهرت أن آثار سخط الله تبارك وتعالى قد تمتد عبر الأجيال والأحقاب إلى آلاف السنين، ولأجل ذلك نلاحظ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يصلي صلاة المختار في أرض خسف بها، بل هو يسرع السير ليتجاوزها، ثم يصلي أو يعيد ما كان قد صلاه في حالة الإضطرار..
وفي هذه المرة أيضاً نلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" حين مر بالحِجْر، تقنع بردائه، واتضع راحلته (أي خفض رأس بعيره) حتى خلَّف أبيات ثمود وراء ظهره..
كما أنه قد نهى أصحابه عن دخول مساكن ثمود، ومنعهم من شرب ماء تلك البقعة، ومن الوضوء به، ومن استعماله في سائر المجالات..
مساكن ثمود:
إن النهي عن دخول مساكن ثمود، وقول الرواية: حتى خلف أبيات ثمود، يدل على أن تلك المساكن كانت لا تزال ماثلة للعيان، رغم مرور السنين والأحقاب..
في حين أننا نجد كثيراً من الآثار التي لها هذا المقدار من القدم مطمورة بالتراب الذي تحمله الرياح من هنا وهناك.. وهذا يؤكد القناعة بأن ذلك من التدبير الإلهي، ومن أسباب الهداية، أو إقامة الحجة على من تأمل وتفكر، ولاحظ وتدبر..
عليٌّ × هو المقصود:
إن سياق الكلام المنقول عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو يعلن منعهم من دخول مساكنهم، يعطي: أنه لم يكن يأمن على قومه من أن يصيبهم ما أصاب قوم ثمود، ولذلك منعهم من دخول مساكنهم إلا أن يكونوا باكين أن يصيبهم ما أصابهم، ولا يصيبهم من ذلك إلا إذا فعلوا كفعلهم، ولذلك قال لهم: لا تسألوا الآيات، فقد سألها قوم صالح.. أي لا تفعلوا كما فعل أولئك..
ثم إنه بين لهم: أن أمرهم أعجب من أمر قوم صالح، فإن رجلاً سيكون من أنفسهم، سوف ينبؤهم بخبر ما كان قبلهم، وما هو كائن بعدهم.
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" اقتصر على ذكر هذه العلامة لذلك الرجل، ولم يبين ماذا سيصنعون به، وكيف سيكون حالهم معه، وإنما اكتفى "صلى الله عليه وآله" بأمرهم بالإستقامة والسداد..
ولعله لأجل أن لا يتوهموا الجبرية في هذا الأمر، ولكي يفسح المجال لهم للتوبة والعودة والإنابة، مبيناً لهم: أنهم إن لم يستقيموا على المحجة ولم يسددوا، فسينالهم العذاب كما نال قوم صالح حين عقروا الناقة.. ولا يعبأ الله بعذابهم شيئاً..
ثم أثبت لهم صحة كلامه هذا بأن أخبرهم بما سيجري في تلك الليلة مباشرة، مما لا يمكن أن ينال علمه إلا الله تبارك وتعالى.. وأمرهم بأمره..
وقد ظهر صدق كلامه "صلى الله عليه وآله" في تلك الليلة، وجرى عليهم نفس ما وصفه لهم.. فهل من معتبر؟!
علي × يخبر بما كان وبما يكون:
هذا وقد صرح التاريخ بأن الذي كان يخبر الناس بما كان وما يكون هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وقد بلغ من كثرة إخباره: أن صاروا يتهمونه بالكذب، فقد:
1 ـ سمع أعشى همدان (وهو غلام) حديثه "عليه السلام"، فاعتبره حديث خرافة([438]).
2 ـ وكان قوم تحت منبره "عليه السلام"، فذكر لهم الملاحم، فقالوا: قاتله الله، ما أفصحه كاذباً([439])..
وهناك قضية أخرى تشبه هذه القضية أيضاً، فراجعها([440])..
3 ـ وحين أخبر الناس بأنه لو كسرت له الوسادة لحكم بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الفرقان بفرقانهم، وما من آية إلا وهو يعلم أين ومتى، وفي من نزلت.
قال رجل من القعود تحت منبره: يا لله وللدعوى الكاذبة([441]).
وكان ميثم التمار يحدث ببعض العلوم والأسرار الخفية، فيشك قوم من أهل الكوفة، وينسبون أمير المؤمنين "عليه السلام" إلى المخرقة، والإيهام، والتدليس الخ([442])..
وقال "عليه السلام": "والله لو أمرتكم فجمعتم من خياركم مائة، ثم لو شئت لحدثتكم إلى أن تغيب الشمس، لا أخبركم إلا حقاً، ثم لتخرجن فتزعمن: أني أكذب الناس وأفجرهم.."([443]).
وقال مخاطباً أهل العراق: "ولقد بلغني أنكم تقولون: علي يكذب! قاتلكم الله"([444])..
وقد تحدث ابن أبي الحديد عن أن قوماً من عسكر أمير المؤمنين "عليه السلام" كانوا يتهمونه فيما يخبرهم به عن النبي "صلى الله عليه وآله" من أخبار الملاحم، والغائبات. وقد كان شك منهم جماعة في أقواله، ومنهم من واجهه بالشك والتهمة([445])..
أبو بكر هو الوسيط:
ولا نتفاجأ إذا كان أبو بكر هو الوسيط الذي طلب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يدعو الله أن يسقيهم، فهناك اعتبارات عديدة لا بد من النظر إليها، فلاحظ ما يلي:
1 ـ إن حديث النبي "صلى الله عليه وآله" عن شخص يحدثهم بما كان وبما هو كائن، إنما هو حديث عن إنسان يملك علماً خاصاً، ليس لأحد منهم كلهم أي سبيل إليه، فهو رجل متصل بالغيب، وقد اختصه الله بما لم يعطه أحداً من خلقه، إلا رسول الله "صلى الله عليه وآله" دون سواه..
2 ـ إن هذا العلم هو ما نسميه بعلم الإمامة، وهو أحد سبيلي معرفة شخص الإمام. والسبيل الآخر هو النص..
3 ـ إنه "صلى الله عليه وآله" تحدث عن رجل غائب، وحذر جميع من حضر من مغبة الخروج على جادة الإستقامة والسداد بمخالفته، وأن عاقبة ذلك ستكون هي عذابهم، ولا يعبأ الله تعالى بهم..
ولا تعذب الأمة بمخالفة أحد إلا إن كان نبياً، أو وصي نبي..
4 ـ ومن جهة أخرى فإننا نلاحظ: أن الذي غاب بإذن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذه الغزوة هم أمير المؤمنين "عليه السلام"، والضعفاء، والنساء والصبيان، والذين لا يجدون ما يحملهم عليه. والمنافقون..
وأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال لواحد من هؤلاء فقط، وهو ذلك المأذون له بالبقاء، والمنصوب من قبله على المدينة: إنه منه بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعده..
5 ـ ويلاحظ أيضاً: أن الذي جاء يطلب الماء من رسول الله "صلى الله عليه وآله" هو نفس ذلك الذي يتزعم المعارضة لأمير المؤمنين "عليه السلام"، ويخطط لانتزاع الأمر منه فور وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهو لمَّا يدفن.. والناقل لهذا الحديث أيضاً هو نصيره ونظيره، ووزيره، وخليفته من بعده..
وهو يطلب ذلك تحت وطأة عطش كان نتيجة لما جرى في الحِجر، حيث أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" عن أمر الإمام والإمامة حسبما أوضحناه..
6 ـ لقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" يرى حال أصحابه، وجهدهم وعطشهم ومعاناتهم، ولكنه لم يبادر إلى مد يد العون لهم، ولا اكترث بحالهم، بل تجاهل هذا الحال، حتى جاؤوه هم وطلبوا منه ذلك.
ولا شك في أن النبي "صلى الله عليه وآله" ليس قاسياً عليهم بل كان رحيماً بهم عطوفاً عليهم كما قال الله تعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}([446])، فلماذا غض النظر حتى كانوا هم المطالبين له بالتدخل، وكان الوسيط خصوص أبي بكر.
فإن ذلك يدلنا على أن ثمة سياسة إلهية حكيمة وفاضحة لنوايا مكتومة، كان لا بد من العمل على فضحها، والحر تكفيه الإشارة..
تلميح.. كأنه تصريح:
إن حديث الناقة، وعقرها، وصالح وقومه.. ثم تحذير النبي "صلى الله عليه وآله" لقومه من أن يصيبهم ما أصاب قوم صالح، ثم ذكره لرجل منهم، يخبرهم عن الماضي وعما يأتي. وأن سلوكهم معه إن لم يكن على طريق الإستقامة والسداد، فإن الله تعالى سيعذبهم، ولا يعبأ بعذابهم شيئاً..
إن هذا الحديث لم يكن مجرد تلويح، بل هو قد انتهى إلى التصريح، لمن راجع ذاكرته، وراقب أقوال الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" التي كان يقرن فيها قاتل علي "عليه السلام" بعاقر ناقة صالح([447])..
أبو رغال:
وأما بالنسبة لأبي رغال فقد قدمنا بعض الحديث عنه في الجزء الخامس والعشرين في فصل "قبر أبي رغال" ولا نرى ضرورة للإعادة..
المعجزة تلو المعجزة:
ولم يقتصر الأمر على هذا الذي جرى في الحِجْر، بل استمرت المعجزات والكرامات لرسول الله "صلى الله عليه وآله" تلح على ضمير الناس، وتقتحم عليهم خلواتهم التأملية، لترسخ لديهم اليقين، ولتؤكد الحجة بالحجة، ولتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة أهل المطامع والأهواء، هي السفلى، فجاء استسقاء رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليروي الناس من ظمأهم بعد أن منعوا من ماء الحِجْر، تأكيداً على أن الله الذي منعهم هو الذي يعوضهم بدعوة من نبيِّه، ليؤكد لهم بذلك صدقه وقداسته، ويلزمهم بالحق، ولو كانوا كارهين..
مواصلة المسير دون ماء:
وقد أمرهم النبي "صلى الله عليه وآله" بالإرتحال، وأن لا يحملوا معهم من ماء الحجر شيئاً..
وطبيعي أن يثير هذا فيهم الهواجس والوساوس، وأن يتنامى خوفهم ويزداد كلما أوغلوا في تلك الصحراء القاحلة حيث تزداد احتمالات هلاكهم وما معهم من دواب، من شدة العطش.
ولا بد أن يرتبط ذلك كله بصور العذاب الذي صبه الله تعالى على ثمود، وآثار هذا الغضب الإلهي التي لم تنته حتى بعد مضي آلاف السنين، ويقع الأمر الذي طالما أرعبهم، وأقضَّ مضاجعهم ألا وهو العطش الشديد، المنذر بالموت. ويتعاظم هذا الخطر ويزداد، وظهر لهم أن لا ملجأ من الله إلا إليه..
وتعلقت القلوب، وانشَدَّت الأنظار إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وطلبوا منه أن يغيثهم بدعوة منه يرفعها إلى الله تعالى، ليسقيهم الماء، تفضلاً منه، وكرامة لرسوله "صلى الله عليه وآله"..
ولم يصلِّ بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلاة الإستسقاء، بل اكتفى برفع يديه نحو السماء، فلم يرجعها حتى قال له الكريم: خذ، وأرخت السماء عزاليها، وسكبت عليهم ما قسمه الله تعالى لهم.. ولم يتجاوز المطر العسكر..
وطبيعي أن تكون الفرحة عارمة، وأن يكون الشعور بالإمتنان عظيماً.. وذلك كله يحتم عليهم أن لا ينسوا ما بينه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لهم من لزوم الإستقامة، وتحري الصواب حين يكون معهم من يخبرهم بما كان وبما هو كائن.. وأن لا يتخلوا عنه، وإلا، فإن عليهم أن يواجهوا العذاب الأليم، والغضب الإلهي العظيم..
لا يدري النبي ' أين ناقته!!
ثم إنهم رؤوا: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" سار حتى إذا كان ببعض الطريق متوجهاً إلى تبوك فأصبح في منزل، فضلَّت ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال محمد بن عمر: هي القصواء..
فخرج أصحابه في طلبها، وعند رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمارة بن حزم، وكان عقبياً بدرياً، قتل يوم اليمامة شهيداً، وكان في رحله زيد بن اللصيت، أحد بني قينقاع، كان يهودياً، فأسلم، فنافق، وكان فيه خبث اليهود وغشهم، وكان مظاهراً لأهل النفاق، فقال زيد وهو في رحل عمارة بن حزم، وعمارة عند رسول الله "صلى الله عليه وآله": محمد يزعم أنه نبي، وهو يخبركم عن خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته!!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعمارة عنده: "إن منافقاً قال: هذا محمد يزعم أنه نبي، ويخبركم بأمر السماء، ولا يدري أين ناقته، وإني والله لا أعلم إلا ما علمني الله تعالى، وقد دلني الله عز وجل عليها، وهي في الوادي في شعب كذا وكذا، لشعب أشار لهم إليه، حبستها شجرة بزمامها، فانطلقوا حتى تأتوني بها". فذهبوا، فجاءوا بها.
فرجع عمارة إلى رحله فقال: والله، العجب لشيء حدثناه رسول الله "صلى الله عليه وآله" آنفاً عن مقالة قائل أخبرها الله تعالى عنه، قال كذا وكذا للذي قال زيد.
فقال رجل ممن كان في رحل عمارة ـ قال محمد بن عمر: وهو عمرو بن حزم أخو عمارة ـ ولم يحضر رسول الله "صلى الله عليه وآله": زيد والله قائل هذه المقالة، قبل أن تطلع علينا.
فأقبل عمارة على زيد يجأ في عنقه، ويقول: يا عباد الله، إن في رحلي لداهية وما أشعر، أخرج يا عدو الله من رحلي فلا تصحبني.
قال ابن إسحاق: زعم بعض الناس أن زيداً تاب بعد ذلك، وقال بعض الناس: لم يزل متهماً بشرٍّ حتى هلك([448]).
ونقول:
قد تكرر في الغزوات المختلفة ذكر ضلال ناقة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودلالة النبي "صلى الله عليه وآله" أصحابه عليها، وظهور أن الله تعالى مسدِّد نبيه بالوحي، وتأكد بوار كيد المنافقين، وافتضاح أمرهم..
وهذا بالذات، هو ما جرى في غزوة تبوك، كما قررته الرواية الآنفة الذكر..
طعن المشككين والمنافقين:
ويلاحظ: أن طعن المنافقين، واليهود والمشككين في رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتركز على موضوع علم النبي "صلى الله عليه وآله" بالغيب، فيُتَّخَذ من ضياع ناقته ذريعة للتشكيك بالنبوة، عن طريق إثارة الشبهة بعلمه بمكان ناقته، فإن جهله ـ بزعمهم ـ بمكان ناقته دليل عدم نبوته.. وهم يرسلون هذا الأمر إرسال المسلمات.. وكأنه مما تحكم به العقول أو تقضي به فطرة الناس، كل الناس، حيث يقدم اليهودي للمشرك، وللمسلم هذا الأمر على أنه أمر بديهي وأنه دليل قاطع على ذلك.
ولم ينقل لنا أنه "صلى الله عليه وآله" ناقشهم في هذا الأمر، أو رده عليهم، بل هو يستجيب لما يقتضيه هذا التحدي، ويخبرهم بمكان الناقة، ويصف لهم حالها، وما آل إليه أمرها بدقة.
وبظهور صدقه في ذلك كله يظهر الله تعالى للملأ كيدهم، ويفتضح به كذبهم، ويبور سعيهم، فإن كيد الشيطان كان ضعيفاً..
بل إنه "صلى الله عليه وآله" يقرُّ ويؤكد اتصاله بالله، وأنه يتلقى علمه منه تبارك وتعالى، وأن هذا الذي يخبرهم به قد تلقاه منه سبحانه..
سياسة إظهار نفاق أهل النفاق:
وقد أظهرت قصة الناقة: أن كل الذي يجري، إنما هو بعين الله تبارك وتعالى، ولعله كان يهدف:
أولاً: إلى ترسيخ إيمان الناس، ولا سيما الذين دخلوا في الإسلام بعد فتح مكة، بفتح نوافذ لهم على الغيب الإلهي، وتقريبهم من حقائقه، من خلال تجسيده لهم في مفردات حسية وحاضرة..
ثانياً: إنه يريد أن يبين للناس أن أهل الريب والنفاق لا يزالون يعيشون بينهم، وأنهم يسعون للكيد لهذا الدين وأهله، وأن على الناس أن يتنبهوا لذلك، لكي لا يقعوا في المآزق والمهالك، التي ربما يكيدهم بها أولئك الحاقدون، ولا سيما مع اقتراب رحيل رسول الله "صلى الله عليه وآله" عنهم، وهو كان يعلم بحقيقة ما يحاك ويدبر للإستئثار بأمر الناس بعده..
ولعل نداء عمارة بن حزم حين اكتشف الأمر: إن في رحلي لداهية، وما أشعر، يصلح للتدليل على أن هذه السياسة قد آتت ثمارها، وأن هذا من بعض آثارها.
النبي ' يأتم بابن عوف:
عن المغيرة بن شعبة قال: لما كنا فيما بين الحِجر وتبوك ذهب رسول الله "صلى الله عليه وآله" لحاجته، وكان إذا ذهب أبعد، وتبعه المغيرة بماء بعد الفجر ـ وفي رواية: قبل الفجر ـ فأسفر الناس بصلاتهم، وهي صلاة الفجر حتى خافوا الشمس، فقدموا عبد الرحمن بن عوف، فصلى بهم.
فحملت مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" إداوة فيها ماء، وعليه جبة رومية من صوف، فلما فرغ صببت عليه فغسل وجهه، ثم أراد أن يغسل ذراعيه فضاق كم الجبة، فأخرج يديه من تحت الجبة فغسلهما، فأهويت لأنزع خفيه، فقال: "دعهما فإنني أدخلتهما طاهرتين"، فمسح عليهما.
فانتهينا إلى عبد الرحمن بن عوف، وقد ركع ركعة، فسبح الناس لعبد الرحمن بن عوف حين رأوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" حتى كادوا يفتنون.
فجعل عبد الرحمن يريد أن ينكص وراءه، فأشار إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن اثبت.
فصلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" خلف عبد الرحمن بن عوف ركعة، فلما سلم عبد الرحمن تواثب الناس، وقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقضي الركعة الباقية، ثم سلم بعد فراغه منها، ثم قال: "أحسنتم، أو قد أصبتم ـ فغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها ـ إنه لم يتوف نبي حتى يؤمه رجل صالح من أمته ([449]).
ونقول:
أولاً: إن هذا الخبر وإن كان يراد له أن يسجل فضيلة لعبد الرحمن بن عوف، من حيث إن من يصلي النبي "صلى الله عليه وآله" خلفه يكون له مقام ليس لغيره. ولكنه سيضيِّع على أولئك المتحذلقين أنفسهم استدلالاً آخر يعز على قلوبهم، ولطالما حاولوا تشييده وتأكيده وتعضيده.. وهو أنهم قد زعموا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" صلى خلف أبي بكر في مرضه الذي توفي فيه([450]). وأن ذلك يدل على صحة خلافة أبي بكر بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذ كيف لا نرضى لدنيانا من رضيه الله ورسوله "صلى الله عليه وآله" لديننا..
فإذا كان "صلى الله عليه وآله" قد صلى خلف عبد الرحمن بن عوف في غزوة تبوك([451]). فإن استدلالهم هذا الأخير يسقط عن الإعتبار، ويصبح أبو بكر، مثل عبد الرحمن بن عوف، من هذه الجهة. فلماذا يُقَدَّم عليه وعلى غيره، ولا سيما مع وجود النص على الغير في حديث المنزلة وحديث الغدير، وغير ذلك..
ولا يختلفون أيضاً في أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمَّر عمرو بن العاص على أبي بكر وعمر، وجماعة من المهاجرين والأنصار، وكان عمرو يؤمهم طول زمان إمارته في الصلاة عليهم، ولم يدل ذلك على فضله عليهم في الظاهر، ولا عند الله تعالى على حال من الأحوال. ولم يوجب تقدمه عليهم بالخلافة.
ثانياً: إن صلاة النبي "صلى الله عليه وآله" خلف أي كان من الناس، لا تعني أن ذلك الرجل يملك المواصفات التي تؤهله لمقام الإمامة والخلافة، لأن إمامة الجماعة لا تحتاج إلى علم شامل، ولا إلى شجاعة، ولا إلى معرفة بشؤون المسلمين، ولا إلى تدبير، ولا إلى فضل، ولا إلى غير ذلك من شرائط، ومواصفات معتبرة في من يتولى شؤون الأمة.
ثالثاً: إن هؤلاء يقولون: إنه لا تشترط في إمامة الجماعة التقوى، ولا الإجتناب عن المحرمات والمآثم، ويزعمون أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: "صلوا خلف كل بر وفاجر"([452])..
ولكنهم يشترطون العدالة والعلم، و.. و.. في إمامة الأمة..
رابعاً: إن حديث صلاة أبي بكر بالناس، ثم برسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يثبت من الأساس، فإن بعض الروايات قد صرحت: بأن عائشة هي التي أمرت أباها بالصلاة([453])، وليس رسول الله "صلى الله عليه وآله" لكي يقال: كيف لا نرضى لدنيانا من رضيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" لديننا..
خامساً: قد صرحت الروايات أيضاً: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عزل أبا بكر عن الصلاة، وصلى هو مكانه رغم مرضه الشديد([454])..
سادساً: لماذا قدَّم الناس عبد الرحمن بن عوف،ولم يقدموا أبا بكر، أو عمر، فإن هؤلاء يدَّعون أنهما أفضل من ابن عوف؟! أو لماذا لم يقدموا عثمان، فكذلك أيضاً حسب ما هو مقرر عندهم؟!..
سابعاً: قد صرحت رواية المغيرة بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تأخر عن صلاته حتى خاف الناس من طلوع الشمس قبل رجوعه، فقدموا عبد الرحمن بن عوف..
وهذا غير مقبول، ولا معقول منه "صلى الله عليه وآله"، لأنه يتضمن اتهام النبي "صلى الله عليه وآله" بالتفريط في صلاته الواجبة، وأنه ليس من الذين هم على صلاتهم يحافظون.
وقد كان قيام الليل واجباً على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وكان يصلي الفجر، فلماذا لم يتهيأ لصلاة الصبح قبل أن يحين وقتها..
ثامناً: إن من غير المقبول ولا المعقول أن يسافر النبي "صلى الله عليه وآله" لحاجته بمقدار مسير أكثر من نصف ساعة ذهاباً، ومثلها إياباً، فيبدأ سفره من الفجر أو قبله، وتتأخر عودته إلى الوقت الذي يخشى فيه من طلوع الشمس، والناس ينتظرونه لصلاة الصبح.
تاسعاً: إن الإستعانة في الوضوء للصلاة مكروهة، فعن أبي عبد الله "عليه السلام": أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: خصلتان لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من صلاتي، وصدقتي فإنها من يدي إلى يد السائل، فإنها تقع في يد الرحمان([455]).
وروى الحسن بن علي الوشا: أنه دخل الإمام الرضا "عليه السلام" وبين يديه إبريق يريد أن يتهيأ منه للصلاة، فدنوت منه لأصب عليه فأبى ذلك، فقال: مه يا حسن.
فقلت له: لم تنهاني أن أصب على يديك؟ تكره أن أؤجر.
قال: تؤجر أنت، وأؤزر أنا.
فقلت: وكيف ذلك؟
فقال: أما سمعت الله عز وجل يقول: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} وها أنا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة، فأكره أن يشركني فيها أحد([456]).
ورووا: أن عمر رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يستقي ماء لوضوئه فبادره يستقي له، فقال له: "مه يا عمر، فإني أكره أن يشركني في طهوري أحد".
أو: "لا أحب أن يعينني على وضوئي أحد".
أو: "أنا لا أستعين في وضوئي بأحد"([457]).
فلماذا لا ينزه النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه عن هذا المكروه في غزوة تبوك أيضاً، فيخالف طريقته ويستعين بالمغيرة؟! مع أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: ابن سمية (أو عمار) ما عرض عليه أمران قط إلا اختار الأرشد منهما (أو أرشدهما)([458]) فإن كان هذا حال عمار فكيف بالنبي الأعظم "صلى الله عليه وآله"؟!
عاشراً: لماذا يحمل له الأداوة المغيرة بن شعبة، وهو الرجل المعروف بالغدر، وقد أسلم بعد أن فتك بثلاثة عشر رجلاً، غدراً، حسداً، وأخذ أموالهم، لكي يأمن من ملاحقة أهلهم وعشائرهم له([459])..
وكيف قبل المسلمون أن ينفرد المغيرة المعروف بغدره برسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولم يوجد فيهم من يتبرع بالقيام بهذا الأمر دونه..
حادي عشر: ما معنى قول الرواية: إنه "صلى الله عليه وآله" قد غبطهم حيث صلوا الصلاة لوقتها، وقال لهم: أحسنتم. فإن المفروض: أنه "صلى الله عليه وآله" قد صلاها أيضاً لوقتها، بل هو قد صلاها معهم..
وإن كان المقصود: أنهم قد صلوها في أول وقتها، فغير صحيح، لأنهم ما صلوها إلا بعد أن خافوا الشمس أن تطلع..
على أن هذه الغبطة إنما يصبح لها معنى لو كانوا لم يضيعوا فضيلة أول الوقت، حيث يكونون قد فازوا بما لم يفز به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فغبطهم من أجل ذلك كله، لكن ذلك لم يحصل..
إلا إن كان المقصود: أنه غبطهم على عدم تفريطهك بصلاتهم، وإن كان هو "صلى الله عليه وآله" قد أدرك هذه الصلاة أيضاً.
قضاء النبي ' في قضية:
عن يعلى بن أمية قال: أتي رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأجير له قد نازع رجلاً من العسكر، فعضه ذلك الرجل، فانتزع الأجير يده من فم العاض، فانتزع ثنيته.
فلزمه العاض، فبلغ به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقمت مع أجيري لأنظر ما يصنع، فأتي بهما رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "أيعمد أحدكم فيعض أخاه كما يعض الفحل"؟
فأبطل رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما أصاب من ثنيته، وقال: "أفيدع يده في فيك تقضمها كأنها في فم فحل يقضمها"؟([460]).
ونلفت النظر هنا إلى قوله "صلى الله عليه وآله": "يعض أخاه كما يعض الفحل"، وقوله: "تقضمها كأنها في فم فحل يقضمها"، حيث إنه "صلى الله عليه وآله" يجسد بكلامه هذا القسوة البالغة، لمن يجب أن يعامل بأعلى درجات الرحمة والرفق، وهو الأخ.. ليظهر للناس أن فعله سمج وقبيح، تنفر منه النفوس، وذلك مبالغة منه "صلى الله عليه وآله" في زجره عن مثل هذا العمل..
النبي ' يردف سهيل بن بيضاء:
عن سهيل بن بيضاء: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أردفه على رحله في غزوة تبوك، قال سهيل: ورفع رسول الله "صلى الله عليه وآله" صوته: "يا سهيل".
كل ذلك يقول سهيل: يا لبيك يا رسول الله، ثلاث مرات.
حتى عرف الناس أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريدهم، فانثنى عليه مَنْ أمامه، ولحقه مَنْ خلفه من الناس، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له حرمه الله على النار"([461]).
ونقول:
إنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن يريد ـ فيما يظهر ـ أن يواجه الناس بحقيقة أن ما يكنونه يخالف ما يظهرونه.. وأن عليهم أن يزيلوا جميع رواسب الشرك من عقولهم، وأن يخلصوا لله سبحانه، فهو "صلى الله عليه وآله" يتجنب إظهار أية إشارة من شأنها أن تثير الشبهة في أمرهم، حتى إنه لا يوجه إليهم خطابه، بل يتظاهر بأنه يريد بخطابه سهيل بن بيضاء، متعمداً أن يعرِّفهم أنه يريد منهم أن يسمعوا ما سيقوله.. لأنه ينادي برفيع الصوت، مع أن سهيل بن بيضاء كان أقرب من غيره إليه، ويجيبه سهيل بن بيضاء، ولكنه لا يكترث للإجابة بل يكرر النداء..
وبعد أن تأكد أن الناس قد أدركوا أنه يريد أن يقول شيئاً، وأنه يريد لهم أن يسمعوا ما يقول.. أطلق كلمته، التي توجههم إلى ضرورة التزام خط التوحيد بمعناه الدقيق والعميق.. لأنه هو الذي يضمن سلامة مسيرهم نحو الله تبارك وتعالى وفق ما رسمه من أحكام وما حدده من شرائع، حيث لا يبقى لغيره تعالى أي دور في حياتهم، وأي تأثير في حرف تصرفاتهم ومواقعهم بالإتجاهات الخاطئة، حيث الهلاك والبوار، والتعرض لغضب الجبار، واستحقاق العقاب بالنار..
النبي ' ينام عن الصلاة:
عن عقبة بن عامر قال: خرجنا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" في غزوة تبوك، فلما كان منها على ليلة استرقد رسول الله "صلى الله عليه وآله" فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح، قال: "ألم أقل لك يا بلال: اكلأ لنا الفجر"؟!.
فقال: يا رسول الله ذهب بي النوم، وذهب بي مثل الذي ذهب بك.
قال: فانتقل رسول الله "صلى الله عليه وآله" من منزله غير بعيد، ثم صلى، وسار مسرعاً بقية يومه وليلته، فأصبح بتبوك ([462]).
ونقول:
1 ـ إن هؤلاء المخذولين يحاولون التسويق عمداً لأمور محدّدة تجاه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ربما ليبرروا مخالفات من يحبونهم من الحكام والخلفاء، الذين كانوا لا يهتمون بصلاتهم، وبعباداتهم، وبرعاية أحكام الله تبارك وتعالى في مواقفهم، وسياساتهم، وسائر تصرفاتهم..
فأراد أتباعهم ومحبوهم أن يبرروها لهم ويخففوا من وقع الإعتراضات عليهم بنسبة نظائر تلك المخالفات الشنيعة، والتهاون بأحكام الله تبارك وتعالى إلى النبي المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين..
ولكي يتم لهم ما يريدون، يحاولون تكرير نسبة هذه القبائح إليه "صلى الله عليه وآله" في المناسبات المختلفة حتى ليحسب الناظر: أن هذا الأمر مشهود ومرصود منه "صلى الله عليه وآله"، وأنه من عاداته التي يتكرر صدورها منه باطراد..
وما نِسْبَةُ النوم عن صلاة الصبح إليه "صلى الله عليه وآله"، التي تكررت في جملة من أسفاره إلا واحدة من هذه المفردات الكثيرة، وقد حافظوا فيها حتى على الأشخاص، وعلى الكلمات كما يعلم بالمراجعة والمقارنة..
وكنا قد تعرضنا لتفنيد هذه الترهات والأباطيل حين الحديث عن رجوعه "صلى الله عليه وآله" من غزوة خيبر، وفي مواضع أخرى، وها نحن نواجهها بعينها في غزوة تبوك، فيرجى من القارئ الكريم أن يراجع ما ذكرناه حول هذه الأفيكة في المواضع التي سلفت من هذا الكتاب..
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الفصل الحادي عشر: الكيد السفياني في حديث المباهلة....... PAGEREF _Toc148931644 \h 5 ـ 58
الباب التاسع: ... إلى حجة الوداع
غزوة تبوك في القرآن الكريم............................. 61 ـ 66
الفصل الأول: الإعداد والإستعداد.................................. PAGEREF _Toc148931671 \h 67 ـ 38
الفصل الثاني: تجهيز جيش العسرة............................ PAGEREF _Toc148931685 \h 99 ـ 134
الفصل الثالث: النفير العام...................................... PAGEREF _Toc149140566 \h 135 ـ 162
الفصل الرابع: المتخلفون والمعذرون والبكاؤون واللاحقون PAGEREF _Toc149140584 \h 163 ـ 210
الفصل الخامس: الثلاثة الذين خلفوا .. وحديث كعب بن مالك PAGEREF _Toc149140613 \h 211 ـ 258
الفصل السادس: هكذا يكيدون علياً ×....................... PAGEREF _Toc149140643 \h 259 ـ 280
الفصل السابع: أحداث جرت في الطريق إلى تبوك....... PAGEREF _Toc149140653 \h 281 ـ 322
الفهارس:........................................................... PAGEREF _Toc149140786 \h 323 ـ 335
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2,1,عنوان 3,1,عنوان 4,1,عنوان 5,1,عنوان 6,1"
الفصل الحادي عشر: الكيد السفياني في حديث المباهلة
إهمال ذكر علي ×:............................................................... PAGEREF _Toc150494626 \h 7
أبو بكر وعمر وحفصة وعائشة في المباهلة:............................... PAGEREF _Toc150494627 \h 9
البعض يفتئت ويناقش:......................................................... PAGEREF _Toc150494628 \h 11
المباهلة بأعز الناس:........................................................... PAGEREF _Toc150494629 \h 17
وأنفسنا:........................................................................... PAGEREF _Toc150494630 \h 19
مساواة علي × للنبي ':....................................................... PAGEREF _Toc150494631 \h 20
سبب إثارة الشبهات:........................................................... PAGEREF _Toc150494632 \h 22
تناقضات الشعبي:.............................................................. PAGEREF _Toc150494633 \h 23
الأمر الأول: النموذج الحي:........................................ PAGEREF _Toc150494634 \h 23
الأمر الثاني: التخطيط.. في خدمة الرسالة:...................... PAGEREF _Toc150494635 \h 25
الأمر الثالث: سياسات لا بد من مواجهتها:...................... PAGEREF _Toc150494636 \h 29
عنصر المرأة:................................................................... PAGEREF _Toc150494637 \h 29
الحسنان أبناء النبي ':......................................................... PAGEREF _Toc150494638 \h 31
عود على بدء:................................................................... PAGEREF _Toc150494639 \h 33
الخطة.. ومواجهتها:............................................................ PAGEREF _Toc150494640 \h 41
أمثلة تاريخية هامة:............................................................ PAGEREF _Toc150494641 \h 42
مفارقة:........................................................................... PAGEREF _Toc150494642 \h 47
من مواقف الإمام الحسن ×:.................................................. PAGEREF _Toc150494643 \h 48
والإمام الحسين × أيضاً:...................................................... PAGEREF _Toc150494644 \h 53
الإمام السجاد ابن رسول الله ':............................................. PAGEREF _Toc150494645 \h 54
خطبة زينب وسواها:.......................................................... PAGEREF _Toc150494646 \h 55
على خطى النبي الأكرم ':................................................... PAGEREF _Toc150494647 \h 56
الباب التاسع: تبوك.. وإلى حجة الوداع
غزوة تبوك في القرآن الكريم:............................................... PAGEREF _Toc150494650 \h 61
الفصل الأول: الإعداد والإستعداد
تبوك علم لا ينصرف:......................................................... PAGEREF _Toc150494653 \h 69
سبب تسمية الغزوة بتبوك:.................................................... PAGEREF _Toc150494654 \h 70
الأولى: فسبهما رسول الله ':...................................... PAGEREF _Toc150494655 \h 70
الثانية: تسمية العين تبوك:.......................................... PAGEREF _Toc150494656 \h 75
تاريخ غزوة تبوك وهي آخر مغازيه:...................................... PAGEREF _Toc150494657 \h 76
إما تبوك، وإما الهلاك:........................................................ PAGEREF _Toc150494658 \h 77
لماذا كانت غزوة تبوك؟!:.................................................... PAGEREF _Toc150494659 \h 78
1 ـ النبي ' ليس ألعوبة بيد اليهود:................................ PAGEREF _Toc150494660 \h 78
أهداف هذه الفرية:.......................................... PAGEREF _Toc150494661 \h 86
2 ـ الأخبار الكاذبة هي السبب:..................................... PAGEREF _Toc150494662 \h 87
3 ـ تعويض قريش عن متاجرها:................................. PAGEREF _Toc150494663 \h 88
4 ـ هلكت أموالهم:.................................................... PAGEREF _Toc150494664 \h 95
الفصل الثاني: تجهيز جيش العسرة
المنفقون في جيش العسرة:................................................. PAGEREF _Toc150494667 \h 101
عثمان يجهز جيش العسرة:................................................. PAGEREF _Toc150494668 \h 104
مناقشة النصوص:............................................................ PAGEREF _Toc150494669 \h 107
أبو بكر ينفق ماله كله:....................................................... PAGEREF _Toc150494670 \h 107
كعب بن عجرة كان عثمانياً:............................................... PAGEREF _Toc150494671 \h 109
حديثهم يكذب بعضه بعضاً:................................................ PAGEREF _Toc150494672 \h 109
لم يكن في تبوك عسرة مالية:.............................................. PAGEREF _Toc150494673 \h 110
تجهيز عثمان لجيش العسرة خرافة:...................................... PAGEREF _Toc150494674 \h 116
تناقض الروايات:............................................................. PAGEREF _Toc150494675 \h 117
أبو بكر أعطى ماله كله:..................................................... PAGEREF _Toc150494676 \h 119
حديث المناشدة باطل:........................................................ PAGEREF _Toc150494677 \h 120
بئر رومة:...................................................................... PAGEREF _Toc150494678 \h 123
لا توجد أموال بهذا الحجم:.................................................. PAGEREF _Toc150494679 \h 123
عثمان والعدل الإلهي:....................................................... PAGEREF _Toc150494680 \h 124
هل كان عثمان من الأجواد؟!:............................................. PAGEREF _Toc150494681 \h 128
من أين لك هذا؟!:............................................................. PAGEREF _Toc150494682 \h 128
الإستفاقة المتأخرة:........................................................... PAGEREF _Toc150494683 \h 129
هل هذا تعريض بأبي بكر؟!:............................................... PAGEREF _Toc150494684 \h 129
الإغراء بالمعاصي:.......................................................... PAGEREF _Toc150494685 \h 131
العسرة لم ترتفع بما فعل عثمان:.......................................... PAGEREF _Toc150494686 \h 131
عثمان يعطي من بيت المال:............................................... PAGEREF _Toc150494687 \h 132
الفصل الثالث: النفير العام
إعلان المسير، لماذا؟!:...................................................... PAGEREF _Toc150494690 \h 137
تكاليف الحرب على المحاربين؟!:........................................ PAGEREF _Toc150494691 \h 142
الإستنفار العام:................................................................ PAGEREF _Toc150494692 \h 143
العدد، والعدة، والألوية، والرايات:........................................ PAGEREF _Toc150494693 \h 144
توزيع الرايات، واللواء الأعظم مع أبي بكر:............................ PAGEREF _Toc150494694 \h 146
خمسة وعشرون رجلاً مؤمناً فقط:....................................... PAGEREF _Toc150494695 \h 146
لا تقتل معي فتدخل النار:................................................... PAGEREF _Toc150494696 \h 148
مشاركة العبد بدون إذن سيده:.............................................. PAGEREF _Toc150494697 \h 148
ثنية الوداع:.................................................................... PAGEREF _Toc150494698 \h 149
أبو بكر يصلي بالناس:....................................................... PAGEREF _Toc150494699 \h 151
الألوية.. والرايات:........................................................... PAGEREF _Toc150494700 \h 153
خبير الفرار من الزحف:.................................................... PAGEREF _Toc150494701 \h 154
بركات غزوة تبوك:.......................................................... PAGEREF _Toc150494702 \h 156
ابن أُبي في أُحد كما في تبوك:............................................. PAGEREF _Toc150494703 \h 157
نتائج تبوك معلومة سلفاً:.................................................... PAGEREF _Toc150494704 \h 160
الفصل الرابع: المتخلفون والمعذرون والبكاؤون واللاحقون
أبو ذر يلحق بالنبي ':....................................................... PAGEREF _Toc150494708 \h 165
لا فرق بين أبي ذر وغيره:................................................. PAGEREF _Toc150494709 \h 167
فسيلحقه الله:................................................................... PAGEREF _Toc150494710 \h 168
مقايسة بين نوعين من الناس:.............................................. PAGEREF _Toc150494711 \h 168
كن أبا ذر:...................................................................... PAGEREF _Toc150494712 \h 169
يموت وحده، ويبعث وحده:................................................ PAGEREF _Toc150494713 \h 169
أبو خيثمة وعمير بن وهب أيضاً:......................................... PAGEREF _Toc150494714 \h 170
البكاؤون الذين لا يجد ما يحملهم عليه:................................... PAGEREF _Toc150494715 \h 173
النبي ' لا يجد ما يحمل عليه أبا موسى، ثم يجد:...................... PAGEREF _Toc150494716 \h 177
لا حافظة لكذوب:............................................................. PAGEREF _Toc150494717 \h 179
والله لا أحملكم على شيء:.................................................. PAGEREF _Toc150494718 \h 180
المتخلفون والْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرَابِ:...................................... PAGEREF _Toc150494719 \h 181
بنو غفار هم المنافقون الْمُعَذِّرُونَ:......................................... PAGEREF _Toc150494720 \h 183
التزوير في حديث المخذِّلين:............................................... PAGEREF _Toc150494721 \h 183
تضخيم القضية لماذا؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150494722 \h 186
حقيقة القضية:................................................................. PAGEREF _Toc150494723 \h 189
الجد بن قيس يرفض المشاركة في تبوك:............................... PAGEREF _Toc150494724 \h 195
لعلك تحقب من بني الأصفر:............................................... PAGEREF _Toc150494725 \h 198
النبذ الإجتماعي للمتخلفين:.................................................. PAGEREF _Toc150494726 \h 200
النبي ' يحرق بيت سويلم على المنافقين:............................... PAGEREF _Toc150494727 \h 201
أسئلة هامة وأجوبتها:........................................................ PAGEREF _Toc150494728 \h 202
أهل مسجد الضرار:.......................................................... PAGEREF _Toc150494729 \h 204
طعن أبي موسى برسول الله ':........................................... PAGEREF _Toc150494730 \h 206
إذا كان قد ابتاعهن من سعد:................................................ PAGEREF _Toc150494731 \h 207
كاد المريب أن يقول خذوني:............................................... PAGEREF _Toc150494732 \h 208
هل منعهم النبي '؟!:........................................................ PAGEREF _Toc150494733 \h 208
النبي ' يحنث في يمينه:.................................................... PAGEREF _Toc150494734 \h 208
الفصل الخامس: الثلاثة الذين خلفوا .. وحديث كعب بن مالك
أبو لبابة وأصحابه:........................................................... PAGEREF _Toc150494737 \h 213
الثلاثة الذين خلِّفوا:........................................................... PAGEREF _Toc150494738 \h 215
خلفوا أم تخلفوا؟!:............................................................ PAGEREF _Toc150494739 \h 228
خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً:........................................... PAGEREF _Toc150494740 \h 229
خذ من أموالهم صدقة:....................................................... PAGEREF _Toc150494741 \h 230
إختلاف الروايات:............................................................ PAGEREF _Toc150494742 \h 231
اختلاف الروايات في الثلاثة الذين خلفوا:............................... PAGEREF _Toc150494743 \h 232
هل كفر المتخلفون؟!:........................................................ PAGEREF _Toc150494744 \h 234
ألا نبشر كعب بن مالك؟!:.................................................. PAGEREF _Toc150494745 \h 234
لم يعاتب الله أحداً تخلف عن بدر:......................................... PAGEREF _Toc150494746 \h 234
مبررات المتخلفين:........................................................... PAGEREF _Toc150494747 \h 236
حبسه برداه، ونظره في عطفيه:........................................... PAGEREF _Toc150494748 \h 237
الصدق والكذب في كلام كعب بن مالك:................................. PAGEREF _Toc150494749 \h 238
مفارقة مرفوضة:............................................................ PAGEREF _Toc150494750 \h 239
الثلاثة لم يتوبوا:.............................................................. PAGEREF _Toc150494751 \h 240
لا يثق بما يختاره له النبي ':.............................................. PAGEREF _Toc150494752 \h 241
لماذا كعب دون سواه؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150494753 \h 243
يوم التوبة خير يوم:.......................................................... PAGEREF _Toc150494754 \h 243
كعب لا يملك إلا ثوبيه:...................................................... PAGEREF _Toc150494755 \h 244
أمن عندك؟! أم من عند الله؟!:............................................. PAGEREF _Toc150494756 \h 245
النبي ' يأمر كعباً بإمساك ماله؟!......................................... PAGEREF _Toc150494757 \h 245
الإنسجام بين طلحة وبين كعب:............................................ PAGEREF _Toc150494758 \h 246
كعب وكتاب ملك غسان:.................................................... PAGEREF _Toc150494759 \h 247
أسئلة حاسمة حول الرسالة:................................................ PAGEREF _Toc150494760 \h 249
من المكلف بمقاطعة المتخلفين؟!:......................................... PAGEREF _Toc150494761 \h 250
كعب بن مالك ليس كأبي ذر:............................................... PAGEREF _Toc150494762 \h 252
الجهاد فرض عين أو فرض كفاية:....................................... PAGEREF _Toc150494763 \h 253
كعب بن مالك يحتاج إلى أوسمة:.......................................... PAGEREF _Toc150494764 \h 255
الفصل السادس: هكذا يكيدون علياً ×
علي × خليفة النبي ' في أهله:............................................ PAGEREF _Toc150494767 \h 261
حديث المنزلة كما روي:.................................................... PAGEREF _Toc150494768 \h 263
ما جرى في غزوة تبوك:................................................... PAGEREF _Toc150494769 \h 265
الإستثناء منقطع:.............................................................. PAGEREF _Toc150494770 \h 269
هل حديث المنزلة خاص بأهل النبي '؟!:.............................. PAGEREF _Toc150494771 \h 270
لماذا خلَّف علياً × في المدينة؟!:.......................................... PAGEREF _Toc150494772 \h 274
هل الرواية خاصة بتبوك؟:................................................. PAGEREF _Toc150494773 \h 276
قريش هي البلاء:............................................................. PAGEREF _Toc150494774 \h 277
الفصل السابع: أحداث جرت في الطريق إلى تبوك
دعوها فإنها مأمورة:......................................................... PAGEREF _Toc150494777 \h 283
النبي ' يأكل هريسة اليهود:............................................... PAGEREF _Toc150494778 \h 284
خرص رسول الله ':........................................................ PAGEREF _Toc150494779 \h 285
تجربة بلا سوابق:............................................................ PAGEREF _Toc150494780 \h 286
إمتحان التخريج:.............................................................. PAGEREF _Toc150494781 \h 287
جنِّي بصورة حية:............................................................ PAGEREF _Toc150494782 \h 288
لا تدخلوا مساكن ثمود:...................................................... PAGEREF _Toc150494783 \h 290
الإستسقاء.. ونزول المطر:................................................. PAGEREF _Toc150494784 \h 292
السنةًّ الإلهية باقية:............................................................ PAGEREF _Toc150494785 \h 294
تجسيد الحدث:................................................................. PAGEREF _Toc150494786 \h 295
آثار السخط الإلهي:........................................................... PAGEREF _Toc150494787 \h 296
مساكن ثمود:.................................................................. PAGEREF _Toc150494788 \h 296
عليٌّ × هو المقصود:........................................................ PAGEREF _Toc150494789 \h 297
علي × يخبر بما كان وبما يكون:......................................... PAGEREF _Toc150494790 \h 298
أبو بكر هو الوسيط:.......................................................... PAGEREF _Toc150494791 \h 300
تلميح.. كأنه تصريح:........................................................ PAGEREF _Toc150494792 \h 302
أبو رغال:...................................................................... PAGEREF _Toc150494793 \h 302
المعجزة تلو المعجزة:........................................................ PAGEREF _Toc150494794 \h 303
مواصلة المسير دون ماء:.................................................. PAGEREF _Toc150494795 \h 303
لا يدري النبي ' أين ناقته!!................................................ PAGEREF _Toc150494796 \h 304
طعن المشككين والمنافقين:................................................. PAGEREF _Toc150494797 \h 306
سياسة إظهار نفاق أهل النفاق:............................................ PAGEREF _Toc150494798 \h 307
النبي ' يأتم بابن عوف:.................................................... PAGEREF _Toc150494799 \h 307
قضاء النبي ' في قضية:................................................... PAGEREF _Toc150494800 \h 317
النبي ' يردف سهيل بن بيضاء:.......................................... PAGEREF _Toc150494801 \h 318
النبي ' ينام عن الصلاة:................................................... PAGEREF _Toc150494802 \h 319
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc150494806 \h 325
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc150494808 \h 327
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص142 والبحار ج35 ص266 ومجمع البيان ج2 ص452 وراجع: التبيان ج2 ص485 ونهج الحق (مطبوع مع دلائل الصدق) ج2 ص83 وتفسير الرازي ج8 ص80 وحقائق التأويل ص114 وفيه: أجمع العلماء الخ..
([2]) تلخيص الشافي ج3 ص6.
([3]) التفسير الكبير للرازي ج8 ص80.
([4]) أحكام القرآن ج2 ص16.
([5]) معرفة علوم الحديث ص50.
([6]) البداية والنهاية ج5 ص65.
([7]) جامع البيان للطبري ج3 ص211 و (ط أخرى) ص407 وعن زاد المعاد ج3 ص39 و 40.
([8]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([9]) السيرة الحلبية ج3 ص212 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص144 و 145 ومكاتيب الرسول ج2 ص506 والسيرة الحلبية ج3 ص236.
([10]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([11]) الدر المنثور ج2 ص40 عن ابن عساكر، وتفسير المنار ج3 ص322 ومكاتيب الرسول ج2 ص507 وكنز العمال ج2 ص379 وتفسير الميزان ج3 ص244 وفتح القدير ج1 ص348 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص177.
([12]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([13]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([14]) المنار ج3 ص322 و 323 وتفسير الميزان ج3 ص236.
([15]) الآية 55 من سورة المائدة.
([16]) الآية 92 من سورة المائدة.
([17]) الآية 23 من سورة الشورى.
([18]) الآية 59 من سورة الأحزاب.
([19]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([20]) الآية 106 من سورة يوسف.
([21]) راجع: تفسير الميزان ج3 ص242 و 243.
([22]) الكافي ج1 ص179 و 198 والغيبة للنعماني ص139 و 138 وبصائر الدجات ص488 و 489 وإكمال الدين للصدوق ص233 وغيبة النعماني ص142 والبحار ج23 ص43 وتاريخ آل زرارة للزراري ص170.
([23]) راجع كلام الفضل بن روزبهان في دلائل الصدق ج2 ص83.
([24]) دلائل الصدق ج2 ص85 والبحار ج35 ص267 والغدير ج1 ص161 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص432 والفصول المهمة لابن الصباغ ج2 ص1161 وكتاب الولاية لابن عقدة ص177.
([25]) دلائل الصدق ج2 ص85 والطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاووس ص47 والبحار ج35 ص262 وأسباب نزول الآيات للنيسابوري ص68 ونهج الإيمان لابن جبر ص346.
([26]) دلائل الصدق ج2 ص82 و 83 و 85 والحديث الأخير نقله عن كنز العمال في فضائل علي "عليه السلام" عن ابن أبي عاصم، وابن جرير وصححه، وابن شاهين في السنة، والطبراني في الأوسط. والعقد النضيد للقمي ص79 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص582 وأمالي المحاملي ص204 والمعجم الأوسط للطبراني ج8 ص47 ونظم درر السمطين للحنفي ص119 وكنز العمال ج13 ص170 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص311 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص150 وراجع: كشف اليقين للحلي ص283.
([27]) دلائل الصدق ج2 ص85 والكافي ج8 ص321 ودعائم الإسلام ج1 ص383 وأمالي الصدوق ص264 ومناقب الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص449 وأمالي الطوسي ص134 ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج2 ص60 وج3 ص14 والعمدة لابن البطريق ص198 و203 والطرائف لابن طاووس ص65 وذخائر العقبى للطبري ص68 والبحار ج20 ص108 وج24 ص261 وج31 ص655 وج37 ص221 و235 وج38 ص67 و97 و119 وج39 ص333 وج56 ص256 والغدير ج3 ص215 ومسند احمد ج4 ص438 وسنن الترمذي ج5 ص296 وفضائل الصحابة للنسائي ص15 ومستدرك الحاكم ج3 ص111 ومجمع الزوائد ج9 ص128 وعمدة القاري ج16 ص214 ومسند أبي داود الطيالسي ص111 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص45 و126 وخصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص87 وصحيح ابن حبان ج15 ص374 والمعجم الأوسط للطبراني ج6 ص162 والمعجم الكبير للطبراني ج18 ص129 وتفسير فرات الكوفي ص81.
([28]) دلائل الصدق ج2 ص85 والصراط المستقيم لابن يونس العاملي ج2 ص26.
([29]) راجع: الكشاف ج1 ص370 والصواعق المحرقة ص153 عنه، وإقبال الأعمال لابن طاووس ج2 ص351 والطرائف لابن طاووس ص43 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص235 والصراط المستقيم لابن يونس العاملي ج1 ص249 والبحار ج21 ص282 وج35 ص60 وراجع: الإرشاد للمفيد ص99 وتفسير الميزان ج3 ص238 وتفسير جوامع الجامع للطـبرسي ج1 ص294 وتفسير = = البحر المحيط لابي حيان الأندلسي ج2 ص503.
([30]) دلائل الصدق ج2 ص85 والطرائف لابن طاووس ص47 والبحار ج21 ص349 وج35 ص262 وتفسير فرات الكوفي ص87 وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج2 ص311 وأسباب نزول الآيات الواحدي النيسابوري ص68 وشواهد التنزيل ج1 ص159 ونهج الإيمان لابن جبر ص346.
([31]) راجع: جامع البيان ج 3 ص 211 وفي (ط دار الفكر) ج3 ص404.
([32]) ويرى المحقق العلامة الأحمدي "رحمه الله": أن من الممكن أن يكون العباس قد اقتدى بالنبي "صلى الله عليه وآله"، حينما أخرج العباس الحسنين "عليهما السلام" للإستسقاء، ومنع عمر من الإلتحاق بهم، وقال له: لا تخلط بنا غيرنا ـ وذلك في قضية تبرك عمر بهم في حادثة الإستسقاء. راجع: تبرك الصحابة والتابعين ص283 ـ 287.
([33]) الآيتان 29 و 30 من سورة مريم.
([34]) الآية 12 من سورة مريم.
([35]) الآية 61 من سورة آل عمران.
([36]) راجع: تفيسر الميزان ج3 ص224 ودلائل الصدق ج2 ص84.
([37]) ومن الواضح: أنه قد لوحظ في ذلك عامة الناس وغالبهم.
([38]) مجمع البيان ج2 ص452 و 453 وغنية النزوع للحلبي ص299 والسرائر لابن إدريس ج3 ص157 وجامع الخلاف والوفاق للقمي ص404 والإرشاد للمفيد ج2 ص30 والفصول المختارة للشريف المرتضى ص303 والمسائل الجارودية للمفيد ص35 والنكت في مقدمات الأصول للمفيد ص48 والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص141 والبحار ج16 ص307 وجوامع الجامع للطبرسي ج3 ص70 ومجمع البيان للطبرسي ج2 ص311 وإعلام الورى للطبرسي ج1 ص407 وراجع: المناقب لابن شهرآشوب ج3 ص368. وكلام ابن أبي علان موجود في التبيان أيضاً ج2 ص485، وراجع الإرشاد للمفيد. وفي البحار للمجلسي بحث حول إيمان علي "عليه السلام"، وهو لم يبلغ الحلم.
([39]) ستأتي بعض المصادر لذلك إن شاء الله تعالى..
([40]) هو المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني "رحمه الله"..
([41]) تفسير الرازي ج8 ص81 وفتح القدير ج1 ص347 وتفسير النيسابوري (بهامش تفسير الطبري) ج3 ص214 والتبيان ج2 ص485 عن أبي بكر الرازي (وهو غير الفخر الرازي)، ومجمع البيان ج2 ص452 والغدير ج7 ص122 عنه، وعن الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج4 ص104 والسرائر لابن إدريس ج3 ص238 والكافي ج8 ص317 والإحتجاج للطبرسي ج2 ص58 والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص142 والبحار ج43 ص232 وج93 ص239 وتفسير القمي ج1 ص209.
([42]) الآية 11 من سورة النساء.
([43]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص155 والغدير ج7 ص121 عنه.
([44]) الغدير: ج 7 ص 122 وخزانة الأدب ج 1 ص 300 وفي (ط دار الكتب العلمية).
([45]) الغدير: ج 7 ص 123 عن تفسير القرطبي ج 7 ص 31.
([46]) جامع بيان العلم ج 1 ص 160، والإمام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الأول ص 165، وأضواء على السنة المحمدية ص 298 عن الانتقاء ص41 وعن الشافعي.
([47]) أنساب الأشراف، بتحقيق المحمودي ج 3 ص 88..
([48]) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة، المجلد الأول ص 494 و 504 و 505 و 506 و 507 و 164و 165.
([49]) حقائق التأويل ص 115.
([50]) راجع: نهاية الإرب ج8 ص168 وعيون الأخبارلابن قتيبة ج2 ص233 والعقد الفريد ج4 ص258 وتاريخ الأمم والملوك للطبري (ط دار المعارف بمصر) ج3 ص220 والإمامة والسياسة (ط الحلبي بمصر) ج1 ص14 و 15 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص7 و 8 و 9 و 11 والأدب في ظل التشيع ص24 نقلاً عن البيان والتبيين للجاحظ، والإمام الحسين للعلايلي ص186 و190 والبحار ج28 ص335 وتاريخ الطبري ج2 ص457 والإمامة والسياسة لابن قتيبة (تحقيق الشيري) ج1 ص24 والشافي للشريف المرتضى ج3 ص187 وغيرهم.
([51]) النزاع والتخاصم للمقريزي ص28 ومروج الذهب ج3 ص33 والفتوح لابن أعثم ج8 ص195 وشرح النهج للمعتزلي ج7 ص159 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج3 ص159.
([52]) العقد الفريد ج2 ص120 وراجع: الغدير ج10 ص167 والطرائف لابن طاووس ص28 وجواهر المطالب لابن الدمشقي ج2 ص249.
([53]) مروج الذهب ج3 ص33 والنزاع والتخاصم ص28.
([54]) السيرة الحلبية ج2 ص209 و (ط دار المعرفة) 476 و 477 ومجمع الزوائد ج5 ص341 عن أحمد، ونيل الأوطار ج8 ص228 عن أحمد، والبخاري، والنسائي، وابن ماجة، وأبي داود، والبرقاني. وسنن أبي داود ج3 ص146 و 145 وسنن ابن ماجة ج2 ص961 والمغازي للواقدي ج2 ص696 والإصابة ج1 ص226 وبداية المجتهد ج1 ص402 والخراج لأبي يوسف ص21 والبداية والنهاية ج4 ص200 عن البخاري، ومسند أحمد ج4 ص85 و83 و81 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص284 وتشييد المطاعن ج2 ص818 و819 عن زاد المعاد، وسنن البيهقي ـ بأسانيد ـ ج6 ص340 و341 و342 والدر المنثور ج3 ص186 عن ابن أبي شيبة، والبحر الرائق ج5 ص98 وتبيين الحقائق ج3 ص257 ونصب الراية ج3 ص425 و426 عن كثيرين جداً، فليراجع. ومصابيح السنة ج2 ص70 والبخاري (ط سنة 1311 هـ) ج4 ص111 وج6 ص174 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص312 وفتح القدير ج2 ص310 وتفسير الخازن ج2 ص185 والنسفي (بهامشه) ج2 ص186 وتفسير جامع البيان للطبري ج10 ص5 والكشاف ج2 ص221 وسنن النسائي ج7 ص130 و131 ومقدمة مرآة العقول ج1 ص118 ونقل ذلك بعض المحققين عن المصادر التالية: الأموال لأبي عبيد ص461 و462 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج7 ص12 وفتح الباري ج7 ص174 وج6 ص150 وتفسير المنار ج10 ص7 وترتيب مسند الشافعي ج2 ص125 و126 وإرشاد الساري ج5 ص202 والمحلى ج7 ص328.
([55]) كشف الغمة ج3 ص20 والإرشاد للمفيد ج2 ص234 والفصول المختارة للشريف المرتضى ص36 وكنز الفوائد للكراجكي ص166 والإحتجاج للطبرسي ج2 ص167 والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص434 والبحار ج25 ص243 وج48 ص136 وج93 ص239 وتاريخ بغداد ج13 ص32 وتهذيب الكمال ج29 ص50 وسير أعلام النبلاء ج6 ص273 وتاريخ الإسلام للذهبي ج12 ص418 وإعلام الورى للطبرسي ج2 ص28 والدر النظيم لابن حاتم العاملي ص654 وكشف الغمة للإربلي ج3 ص22.
([56]) الغلام: الكهل. والطار الشارب، فهو من الأضداد، راجع: أقرب الموارد ج2 ص484، والبحار ج33 ص258 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص172.
([57]) كشف الغمة للأربلي ج2 ص176 والبحار ج33 ص258.
([58]) ينابيع المودة ص479 عن الزرندي المدني، وص482 و52 وتفسير البرهان ج2 ص286 وأمالي الطوسي ج2 ص172 وفي (ط دار الثقافة قم) ص564 والبحار ج10 ص141 وج69 ص154 وكتاب الولاية لابن عقدة ص186.
([59]) الآيتان 84 و 85 من سورة الأنعام.
([60]) تفسير الرازي ج13 ص66 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص241 عنه.
([61]) ينابيع المودة ص266 عن الدارقطني، والصواعق المحرقة ص154 وفضائل الخمسة ج1 ص250 وحياة أمير المؤمنين "عليه السلام" للسيد محمد صادق الصدر ص205 عن الصواعق، والبحار ج35 ص267 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص432 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص385 وكتاب الولاية لابن عقدة ص177.
([62]) الآيتان 84 و85 من سورة الأنعام.
([63]) تفسير الرازي ج2 ص194 ومستدرك الحاكم ج3 ص164 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج2 ص247 و 248 والدر المنثور ج3 ص28 عن ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والحاكم، والبيهقي، والغدير ج7 ص123 عن تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص155 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص89، وراجع: العقد الفريد ج5 ص20 ونور القبس ص21 و 22 والكنى والألقاب ج1 ص12.
([64]) مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص89 و90 والبحار الأنوار ج43 ص229 والخصائص الفاطمية للكجوري ج2 ص558.
([65]) نور الأبصار ص148و 149 وعيون أخبار الرضا ج1 ص84 و 85 تفسير نور الثقلين ج1 ص289 و 290 وتفسير الميزان ج3 ص230 وتفسير البرهان ج1 ص289 وذخيرة المعاد (ط.ق) للسبزواري ج1 ق3 ص487 وجواهر الكلام ج16 ص95 وعيون أخبار الرضا "عليه السلام" ج2 ص80 والإحتجاج ج2 ص164 والبحار ج48 ص128 وج93 ص240.
([66]) شرح النهج للمعتزلي ج 20 ص 334.
([67]) مقتل الحسين للخوارزمي ج 1 ص 249 ومقتل الحسين للمقرم ص 278 عنه، والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص215 والبحار ج45 ص302.
([68]) راجع: تفسير القمي ج1 ص209 والحدائق الناضرة للبحراني ج12 ص398 وج22 ص244 وجواهر الكلام ج16 ص93 والكافي ج8 ص317 والبحار ج43 ص232 وج93 ص239 وتفسير نور الثقلين ج1 ص348 وتفسير الميزان ج7 ص263 والعدد القوية للحلي ص40.
([69]) لا بأس بمراجعة البحار ج35 ص257 وج49 ص188 وتفسير الميزان ج2 ص230 و329 وتفسير البرهان ج1 ص286 و 287 والفصول المختارة للشريف المرتضى ص38 وغير ذلك.
([70]) مقتبس من كتاب: المعيار والموازنة ص21.
([71]) مستدرك الحاكم ج3 ص172 وذخائر العقبى ص138 عن الدولابي، وكشف الغمة للأربلي ج2 ص173 عن الجنابذي على ما يظهر، ومسائل علي بن جعفر ص329 وأمالي الصدوق ص244 وتحف العقول ص232 ومقاتل الطالبيين ص33 وأمالي الطوسي ص270 والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص178 وذخائر العقبى للطبري ص138 و140 والبحار ج25 ص214 وج43 ص331 و355 وج44 ص41.
([72]) راجع: الفصول المهمة للمالكي ص146 وتفسير فرات ص70 و 72 وكشف الغمة للأربلي ج2 ص159 وينابيع المودة ص225 و 302 و 270 و 479 و 482 عن أبي سعد في شرف النبوة، والطبراني في الكبير، والبزار، والزرندي المدني، وغيرهم، وإرشاد المفيد ص207 وفرائد السمطين ج2 ص120 ومستدرك الحكام ج3 ص172 ومجمع الزوائد ج9 ص46 وحياة الصحابة ج3 ص526 وذخائر العقبى ص138 و140 وعن الدولابي في الذرية الطاهرة، ونزهة المجالس ج2 ص186 والمحاسن والمساوي ج1 ص132 و133 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص11 و12 والإحتجاج ج1 ص419 والبحار ج44 وأمالي الشيخ الطوسي ج1 ص12 وإعلام الورى ص208 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص30.
([73]) الفصول المهمة لابن الصباغ ج2 ص717 والإرشاد للمفيد ج2 ص8 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) للحلي ص145 والبحار ج43 ص362 وإعلام الورى ج1 ص407 وكشف الغمة للإربلي ج2 ص156 و161.
([74]) البحار ج 43 ص 363 وكفاية الأثر للقمي ص161.
([75]) الإحتجاج ج1 ص419 والخرائج والجرائح ص218 ومقاتل الطالبيين ص47 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص49 والكلام الأخير موجود أيضاً في مصادر أخرى فراجع الهامش التالي.
([76]) ذخائر العقبى ص140 عن أبي سعد، وراجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج1ص126 لكن فيه: أن ذلك كان بالمدينة، والبحار ج44 ص122 والمحاسن والمساوي ج1 ص133 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج16 ص49 ومقاتل الطالبيين ص73 والإمام الحسن لآل يس ص110 ـ 114 وتحف العقول ص164.
([77]) الغدير ج11 ص8 عن طبقات ابن سعد.
([78]) المناقب لابن شهرآشوب ج4 ص12 عن العقد الفريد والمدائني والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص178 وليراجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص126 والبحار ج10 ص143 وج43 ص355 و 356 وعيون الأخبار لابن قتيبة ج2 ص172 والإحتجاج ج1 ص420 وكتاب الولاية لابن عقدة ص188.
([79]) المناقب لابن شهرآشوب ج4 ص12 وفي (ط مطبعة الحيدرية النجف) ج3 ص178 والبحار ج43 ص356 وراجع ج44 ص121 و122 وتحف العقول ص232 والخرايج والجرايح ص217 و218.
([80]) أمالي الصدوق ص158 والخرائج والجرائح للراوندي ج1 ص237 والبحار ج43 ص332 وج44 ص89 .
([81]) المحاسن والمساوي ج1 ص122.
([82]) هو المحقق البحاثة السيد مهدي الروحاني "رحمه الله".
([83]) مقتل الحسين للمقرم ص274 عن مقتل محمد بن أبي طالب الحايري والبحار ج45 ص6.
([84]) المصدر السابق عن الإقبال، ومصباح المتهجد، وعنهما في مزار البحار ص107 باب زيارته يوم ولادته، ومصباح المتهجد للطوسي ص827 والمزار للمشهدي ص399 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج3 ص304 والبحار ج98 ص348.
([85]) مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص7 والبحار ج45 ص8 وراجع: مقتل الحسين للمقرم ص282 للإطلاع على مصادر أخرى.
([86]) أمالي الصدوق ص140 واللهوف لابن طاووس ص52.
([87]) راجع: مقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص69 و 70 ومقتل الحسين للمقرم ص442 و 443 عنه، وعن نفس المهموم ص242.
([88]) بلاغات النساء (ط دار النهضة) ص35 و 36 ومقتل الحسين للخوارزمي ج2 ص64 و 65 ومقتل الحسين للمقرم ص450 و 451 والبحار ج45 ص134.
([89]) راجع: الأمالي للشيخ الطوسي ج1 ص90 ومقتل الحسين للمقرم ص385 عنه وعن أمالي ابنه، وعن اللهوف، وابن نما، وابن شهرآشوب، والإحتجاج.
([90]) مقتل الحسين للمقرم ص390 والإحتجاج ج2 ص27 واللهوف لابن طاووس ص88.
([91]) ذخائر العقبى ص124 وصفة الصفوة ج1 ص763 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص206 وفي (ط دار الفكر) ج13 ص199وكنز العمال (ط 2) ج6 ص221 والغدير ج7 ص124 عن مستدرك الحاكم ج3 ص166 ونقل عن الترمذي رقم (3772)، وسير أعلام النبلاء ج3 ص254 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص95 والبداية والنهاية ج8 ص39 وتنبيه الغافلين لابن كرامة ص42 وترجمة الإمام الحسن "عليه السلام" لابن عساكر ص59 وترجمة الإمام الحسين "عليه السلام" لابن عساكر ص121 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص57.
([92]) ينابيع المودة ص165 عن الترمذي، وتاريخ الخلفاء ص189 والمعجم الصغير للطبراني ج1 ص200 وخصائص الإمام علي للنسائي ص124 ومجمع الزوائد ج9 ص180 وراجع: مستدرك الحاكم ج3 ص166 و 171 وذخائر العقبى ص124 وفي هامش الخصائص للنسائي عن كفاية الطالب ص200 وكنز العمال ج6 ص220 وعن الترمذي ج2 ص240 وغيرهم.
([93]) كنز العمال ج16 ص262 (ط 2) وفي (ط مؤسسة الرسالة) ج13 ص652 ومجمع الزوائد ج9 ص176 وترجمة الإمام الحسن بن علي "عليهما السلام" لابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ص56 وفي هامشه عن المعجم الكبير للطبراني (ط 1) ج1 ص20 وتاريخ مدينة دمشق ج13 ص197.
([94]) مصادر ذلك كثيرة، لا يكاد يخلو منها كتاب، ولذا فلا حاجة لتعدادها.
([95]) ذخائر العقبى ص122 عن الحافظ السلفي ونظم درر السمطين ص198.
([96]) الصواعق المحرقة ص154 ومستدرك الحاكم ج3 ص164 وتاريخ بغداد ج11 ص285 وينابيع المودة ص261 وفرائد السمطين ج2 ص69 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص68 وإحقاق الحق ج9 ص644 ـ 655 عن مصادر كثيرة، = = وذخائر العقبى ص121 وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج3 ص149 وعن كنز العمال ج6 ص216 و215 وعن مجمع الزوائد ج9 ص172.
([97]) الغدير ج7 ص124 ـ 129 وراجع: ينابيع المودة ص259 و138 و146 و214 و183 و182 و255 و136 و221 و258 و222 و331 و250 وإسعاف الراغبين ص132 و133 وكفاية الطالب ص235 و237 والفصول المهمة لابن الصباغ ص158 و159 وتاريخ الخلفاء للسيوطي ص126 وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج4 ص152 و203 و204.
([98]) الآية 29 من سورة التوبة.
([99]) الآيات 38 ـ 57 من سورة التوبة.
([100]) الآيات 62 ـ 66 من سورة التوبة.
([101]) الآية 74 من سورة التوبة.
([102]) الآيات 81 ـ 99 من سورة التوبة.
([103]) الآيتان 101 و 102 من سورة التوبة.
([104]) الآيتان 117 و 118 من سورة التوبة.
([105]) الآيتان 120 و 121 من سورة التوبة.
([106]) مسند أحمد ج6 ص387، وشرح مسلم للنووي ج17 ص89، والمصنف للصنعاني ج5 ص400، وصحيح ابن حبان ج8 ص157.
([107]) معجم البلدان ج2 ص15 و كتاب العين ج 5 ص 342.
([108]) فتح الباري ج 8 ص 84 وعمدة القاري ج9 ص65وج18 ص45 وتحفة الأحوذي وج5 ص310 ج8 ص402 وعون المعبود ج1 ص174.
([109]) سبل الهدى والرشاد ج8 ص479، وراجع: فتح الباري ج8 ص85 وعمدة القاري ج9 ص65وج18 ص45.
([110]) سبيل الهدى والرشاد ج8 ص479 وراجع: وفاء الوفاء ج4 ص1159 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص65. وراجع: معجم البلدان ج2 ص15، وعمدة القاري ج18 ص44، وفتح الباري ج8 ص84.
([111]) المجموع للنووي ج18 ص179 والمغني لابن قدامة ج9 ص173 والشرح الكبير لابن قدامة ج9 ص157 والكرم والجود للبرجلاني ص39 وكتاب الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا ص184 وكنز العمال ج3 ص597 وفيض القدير ج2 ص344 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص292 ومستند الشيعة للنراقي ج14 ص166 والكافي للكليني ج2 ص326 وشرح أصول الكافي ج1 ص267 وج9 ص365 ومستدرك الوسائل ج9 ص36.
([112]) الكافي ج2 ص324 و 325 و 648 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص78 وج16 ص32 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص453 وج11 ص327 والبحار ج16 ص258وجامع أحـاديـث الشيعـة ج13 ص432 وج15 ص608 والحدائـق = = الناضرة ج9 ص71 ومفتاح الكرامة ج8 ص128 وجواهر الكلام ج 11 ص114 ومصباح الفقيه (ط.ق) ج2 ق2 ص422 وشرح أصول الكافي ج 9 ص363 وج11 ص118 والبحار ج16 ص258 وج 108 ص 225.
([113])كنز العمال ج3 ص599 وميزان الحكمة ج3 ص2377 وكتاب الصمت وآداب اللسان لابن ابي الدنيا ص293 والجامع الصغير ج2 ص434 وفيض القدير ج5 ص412 وكشف الخفاء ج2 ص161.
([114]) مسند أحمد ج5 ص89 ومجمع الزوائد ج8 ص25 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص88 وكتاب الصمت وآداب اللسان لابن أبي الدنيا ص184 ومسند أبي يعلى ج13 ص458 والمعجم الكبير ج2 ص256 والجامع الصغير ج1 ص319 وكنز العمال ج3 ص598 والتاريخ الكبير ج6 ص291 وجامع السعادات ج1 ص277 وعيون الحكم للواسطي ص27 وجامع أحاديث الشيعة ج13ص432 وميزان الحكمة ج3 ص2376.
([115]) الكافي ج2 ص291 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج15 ص341 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص370 والبحار ج69 ص109 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص397 و 544 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج3 ص297 وج4 ص163 وج8 ص 325 وج9 ص129 وميزان الحكمة ج1 ص648 و 807 وج3 ص2376.
([116]) الدر المختار للحصكفي ج4 ص400 ورياض السالكين للسيد علي خان ج3 ص368 ومسند أحمد بن حنبل ج6 ص229 وصحيح مسلم ج7 ص5 وتحفة الأحوذي ج6 ص93 والمصنف لابن أبي شيبة ج6 ص89 وكنز العمال ج3 ص597 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص293 وتفسير الآلوسي ج5 ص100 والقاموس المحيط ج2 ص282 وتاج العروس ج9 ص157.
([117]) حديث مروي عن النبي "صلى الله عليه وآله" أخرجه: البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وأحمد، والبيهقي، والطبري، والدارقطني، والخطيب، وغيرهم من طريق: ابن مسعود، وأبي هريرة، وسعد بن أبي وقاص، وجابر، وعبد الله بن مغفل، وعمرو بن النعمان. راجع: الغدير ج10 ص267 والفتح الكبير للنبهاني ج2 ص150 و 151 وراجع: جامع أحاديث الشيعة ج13 ص437 .
([118]) راجع: الغدير ج10 ص272 والفتح الكبير ج2 ص150 و 151 وأسنى المطالب للحوت ص168 ح746 والجامع الصغير ح4634 وصحيح الجامع الصغير ح3580 والتمييز بين الخبيث والطيب ح702 وتاريخ بغداد ج5 ص144 وج10 ص86 وج13 ص185 وصحيح البخاري ج7 ص769 ك الأدب، و (ط دار الفكر) ج1 ص17 وج7 ص84 وج8 ص91، وحلية الأولياء ج5 ص23 و 24 وج6 ص204 و 343 وج8 ص123 و 359 وج10 ص215. وراجع: مسند أحمد ج1 ص385 و 411 و 454 وصحيح مسلم ج1 ص58 وسنن ابن ماجـة = = ج1 ص27 وج2 ص1299 و 1300 وسنن الترمذي ج3 ص238 وج4 ص132 وسنن النسائي ج7 ص121 و 122 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص20 ومجمع الزوائد ج4 ص172 وج7 ص300 وج8 ص73 وفتح الباري ج11 ص448 وج13 ص22 وعمدة القاري ج1 ص277 و 279 وج9 ص190 وج22 ص123 وج24 ص188 ومسند الحميدي ج1 ص58 ومسند ابن راهويه ج1 ص379 والأدب المفرد للبخاري ص97 والسنن الكبرى للنسائي ج2 ص313 و 314 ومسند أبي يعلى ج8 ص408 وصحيح ابن حبان ج13 ص266 والمعجم الأوسط ج1 ص223 وج4 ص44 وج6 ص37 والمعجم الكبير ج1 ص145 وج10 ص105 و 157 و 159 و 178 وج17 ص39 وكتاب الدعاء للطبراني ص566 و 567 ومسند الشاميين ج3 ص309 والتمهيد لابن عبد البر ج4 ص236 و 237 وج17 ص15 والأذكار النووية ص365 وتغليق التعليق ج5 ص94 والجامع الصغير ج2 ص40 و 41 وكشف الخفاء ج1 ص447 جامع البيان ج2 ص376 ونيل الأوطار للشوكاني ج1 ص375 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج12 ص281 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص598 ومستدرك الوسائل ج18 ص215 وأمالي الطوسي ص537 والبحار ج74 ص89 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص324 وج23 ص145 وج26 ص104.
([119]) الآية 249 من سورة البقرة.
([120]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص450، والموطأ لمالك ج1 ص143، ومسند أحمد ج5 ص238، وصحيح مسلم ج7 ص60، وفتح الباري ج8 ص84 و85، وعمدة القاري ج18 ص44، وصحيح ابن خزيمة ج2 ص82، وصحيح ابن حبان ج4 ص469 وج14 ص475، والإستذكار لابن عبد البر ج2 ص204، والمعجم الكبير ج20 ص57 والتمهيد لابن عبد البر ج12 ص193، وغيرهم.
([121]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص66 عن أحمد، وابن عقبة، وفتح الباري ج1 ص369 وج8 ص238، وعمدة القاري ج18 ص259، وفيض القدير ج1 ص723، والجامع لأحكام القرآن ج8 ص280، وأضواء البيان للشنقيطي ج1 ص336 و339، والإحكام لابن حزم ج7 ص982، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج1 ص163، وغيرهم.
([122]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص479 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج4 ص66. وراجع: فتح الباري ج8 ص84.
([123]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434 عن الطبراني. وقال في الهامش: أخرجه مسلم ج3 ص1383 وأحمد ج1 ص32. وراجع: مجمع الزوائد ج6 ص191، والمعجم الكبير ج18 ص232، وكنز العمال ج13 ص37، وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص63.
([124]) الآيتان 76 و 77 من سورة الإسراء.
([125]) الآية 80 من سورة الإسراء.
([126]) سبل الهدى الرشاد ج5 ص433 و 462 عن البيهقي بإسناد حسن، وابن أبي حاتم، وأبي سعد النيسابوري، وفي هامشه عن: دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص254 والدر المنثور ج4 ص195 عن ابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل، وابن عساكر. وراجع: عمدة القاري ج18 ص45، وتفسير الثعلبي ج6 ص119، وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص197، وتفسير القرآن العظيم ج3 ص57، وفتح الباري ج8 ص85، والدر المنثور ج4 ص195، ولباب النقول ص139، وفتح القدير ج3 ص249.
([127]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([128]) راجع: تفسير القرآن العظيم ج3 ص57 وتاريخ مدينة دمشق ج1 ص179 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص462.
([129]) الآيتان 76 و 77 من سورة الإسراء.
([130]) الدر المنثور ج4 ص195 عن عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنـذر، وابن أبي = = حاتم عن قتادة، وعن ابن جرير، وابن أبي حاتم عن ابن عباس. وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير. وجامع البيان للطبري ج15 ص166، وأسباب نزول الآيات ص197، وفتح القدير ج3 ص249.
([131]) الآية 80 من سورة الإسراء.
([132]) الدر المنثور ج4 ص198 عن أحمد، والترمذي والحاكم وصححاه، وابن المنذر، وابن جرير، والطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي معاً في دلائل النبوة والضياء المختارة. وراجع: مسند أحمد ج1 ص223، وسنن الترمذي ج4 ص366 ـ 367، وجامع البيان للطبري ج15 ص185، وزاد المسير ج5 ص55، والجامع لأحكام القرآن ج10 ص313، وتفسير القرآن العظيم ج3 ص62، والكامل لا بن عدي ج6 ص49.
([133]) الدر المنثور ج4 ص198 و 199 عن الحاكم وصححه، وعن البيهقي في الدلائل. وراجع: المستدرك للحاكم ج3 ص3، وجامع البيان للطبري ج15 ص188، وتفسير القرآن العظيم ج3 ص62 ـ 63، وتفسير الثعلبي ج6 ص127، وتفسير البغوي ج3 ص132.
([134]) الدر المنثور ج4 ص199 عن الزبير بن بكار في أخبار المدينة. وراجع: تفسير القرآن للصنعاني ج2 ص389، وجامع البيان للطبري ج15 ص186، وتفسير الثعلبي ج6 ص127، وتفسير البغوي ج3 ص132، وتفسير الرازي ج21 ص32و33، وتفسير العز بن عبد السلام ج2 ص227، وتفسير القرآن العظيم ج3 ص62، وغيرهم.
([135]) البرهان (تفسير) ج2 ص441 عن ابن شهرآشوب من كتاب أبي بكر الشيرازي. والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص341، وشواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص452 والبحار ج41 ص61.
([136]) البرهان (تفسير) ج2 ص441 وتفسير القمي ج2 ص26 وتفسير نور الثقلين ج3 ص212 والبحار ج21 ص114عن تفسير القمي .
([137]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص433 عن ابن سعد، والواقدي. وراجع: عمدة القاري ج18 ص45، والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص165، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص34، وإمتاع الأسماع ج2 ص47.
([138]) الآية 73 من سورة آل عمران.
([139]) الآيتان 28 و 29 من سورة التوبة.
([140]) الآية 73 من سورة آل عمران.
([141]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص433 عن ابن مردويه عن ابن عباس، وابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد، وابن جرير عن سعيد بن جبير. وراجع: البداية والنهاية ج5 ص5، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص3.
([142]) راجع: مكاتيب الرسول ج1 ص209 عن المصادر التالية: الإصابة ج1 ص106 (461) وفتوح البلدان للبلاذري ص107 وفي (ط أخرى) ص89 ومعجم البلدان ج1 ص348 في كلمة بحرين، ومجمع الزوائد ج6 ص205 و 206 وراجع:المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج4 ص197 و 211 ومسند ابن راهويه ج1 ص23 والبحار ج20 ص396.
([143]) معجم البلدان ج1 ص347 و (نشر مكتبة النهضة المصرية - القاهرة) ج1 ص96 والبحار ج21 ص49.
([144]) الكامل في التاريخ ج2 ص215 والجزية وأحكامها للكلانتري ص18.
([145]) مكاتيب الرسول ج1 ص258 و 259 وج2 ص336 عن: مجموعة الوثائق السياسية ص124 عن المنتظم لابن الجوزي ج8 ص265 و 312 في أحوال أحمد الخطيب البغدادي، وتذكرة الحفاظ للذهبي في أحوال الخطيب البغدادي ج3 ص317 وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي ج3 ص12 والبداية والنهاية لابن كثير ج5 ص251 وج12 ص101 و 102 والإرشاد لياقوت ج1 أحوال أحمد بن علي الخطيب البغدادي، والإعلان بالتوبيخ لمن ذم التأريخ للسخاوي ص75 وأحكام أهل الذمة لابن القيم ص7 و 8 والخطيب البغدادي ليوسف العش ص32 وقد أرجع إلى: كتب ابن شهبة ص139 ب والسبكي ج3 ص14 وتذكرة الحفاظ ج3 ص17 أيضاً.
([146]) مكاتيب الرسول ج2 ص352. وراجع: الإصابة ج3 ص293، والأنساب للسمعاني ج1 ص45.
([147]) فتوح البلدان للبلاذري ص93 ومكاتيب الرسول ج2 ص369 ونشأة الدولة الإسلامية ص178.
([148]) مكاتيب الرسول ج2 ص413 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: الكافي ج3 ص568 كتاب الجهاد، والتهذيب ج4 ص113 وج6 ص158 والتذكرة كتاب الجهاد، والبحار ج14 ص463 والإختصاص ص222 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج11 ص96 عن الكافي والتهذيب، وجامع أحاديث الشيعة ج12 ص213 ومرآة العقول ج16 ص119. وراجع: مستدرك سفينة البحار ج9 ص338 والتفسير الصافي ج2 ص334 وتفسير نور الثقلين ج2 ص202 وميزان الحكمة ج4 ص3183.
([149]) مكاتيب الرسول ج3 ص124 عن مجموعة الوثائق السياسية ص155 و 156 عن الأموال لابن زنجويه.
([150]) مكاتيب الرسول ج3 ص422 و 423 وأشار إلى المصادر التالية: الطبقات الكبرى ج1 ص279 وفي (ط ليدن) ج1 ق2 ص29 وإعلام السائلين ص49 ونثر الدر للآبي ج1 ص227 ومدينة البلاغة ج2 ص330 واللسان والنهاية في سدى ومدى. ومجموعة الوثائق السياسية ص98/19 عن: الطبقات، ومجموعة المكتوبات النبوية لأبي جعفر الديبلي الهندي ص6 ثم قال: قابل الخراج لقدامة: ورقة 120 ـ ب، واللسان مادة عدا، والنهاية لابن الأثير مادة عدا، وانظر كايتاني ج9 ص50 واشبرنكر ج3 ص421. وراجع: الفائق للزمخشري ج3 ص352 وناسخ التواريخ ص305 في تاريخ رسول الله "صلى الله عليه وآله".
([151]) مكاتيب الرسول ج3 ص473 وأشار إلى المصادر التالية: الطبقات الكبرى ج1 ص277 وفي (ط ليدن) ج1 ق2 ص8 وتهذيـب تايخ ابن عساكر ج ص14 = = ورسالات نبوية ص17 وراجع: التراتيب الإدارية ج1 ص201 ومدينة البلاغة ج2 ص326 ونشأة الدولة الإسلامية ص309 و 122 و 123 ومجموعة الوثائق السياسية ص116/30 عن الزرقاني ج3 ص360، وابن حجر في المطالب العالية ص2631 عن المسدد. وقال: انظر كايتاني ج9 ص38 التعليقة الأولى، واشپرنكر ج3 ص421 واشپربر ص21. وراجع: شرح الزرقاني ج3 ص360 والنهاية في بحر، والمفصل ج4 ص249 والمصباح المضيء ج2 ص378.
([152]) مكاتيب الرسول ج3 ص479.
([153]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص433 عن الطبراني بسند ضعيف، وعن مجمع الزوائد ج6 ص194. وراجع: فتح الباري ج8 ص85، والمعجم الكبير ج18 ص232، وكنز العمال ج13 ص37، وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص63.
([154]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434. وتفسير الواحدي ج1 ص463 و 464، وزاد المسير ج3 ص296، وتفسير السمرقندي ج2 ص57و58، وتفسير ابن زمنين ج2 ص205و206، وتفسير الثعلبي ج5 ص46، ولباب النقول ص117.
([155]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 والمغازي للواقدي ج3 ص991 وحياة الصحابة ج1 ص429 عن ابن عساكر ج1 ص110.
([156]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435. وتفسير السمرقندي ج2 ص77، والتفسير الكبير للرازي ج16 ص145.
([157]) تاريخ الخميس ج2 ص123. وكنز العمال ج2 ص428 وج10 ص563، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 وإمتاع الأسماع ج2 ص48.
([158]) تاريخ الخميس ج2 ص123 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص148.
([159]) السيرة الحلبية ج3 ص148 والغدير ج9 ص330 وإمتاع الأسماع ج2 ص48 والشفا بتعريف حقوق المصطفى للقاضي عياض ج1 ص113 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص421.
([160]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 والمغازي للواقدي ج3 ص991.وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج62 ص357، وأسد الغابة ج5 ص77.
([161]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الواقدي، وأبي داود. وراجع المصادر السابقة.
([162]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الواقدي. وسنن أبي داود ج1 ص604، والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص28، والآحاد والمثاني ج2 ص179، والمعجم الكبير ج22 ص81 و82.
([163]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن الواقدي. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 إمتاع الأسماع ج2 ص48.
([164]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435.
([165]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن أبي عمرو في الدرر، وتبعه في الإشارة، وراجع: الغدير ج9 ص329 عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص172 و (نشر مكتبة محمد علي صبيح) ج4 ص945 وعيون الأثر ج2 ص253 والدر المنثور ج3 ص248 والبداية والنهـايـة ج5 ص7 والكـامل في التـاريخ ج2 = = ص277 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص100 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص6 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص367 والثقات لابن حبان ج2 ص92 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص33.
([166]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن ابن هشام، وراجع: البداية والنهاية ج5 ص7، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص945، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص6، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص100.
([167]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 عن أحمد، والبيهقي، والترمذي وحسنه، وقال في هامشه: أخرجه الترمذي (3701) والحاكم ج3 ص102 وابن أبي عاصم ج2 ص587 (592) والبيهقي في الدلائل ج5 ص215، وانظر البداية والنهاية ج5 ص4، وراجع: سنن الترمذي ج5 ص289، وكتاب السنة لعمرو بن أبي عاصم ص573، وتفسير السمعاني ج5 ص367.
([168]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 و 436 عن زوائد المسند، والبيهقي، والترمذي، وفي هامشه عن: الترمذي (3700) وأحمد ج4 ص75 وابن سعد ج7 ص55، وأبي نعيم في الحلية ج1 ص99، والدولابي في الكنى ج2 ص17، والبخاري في التاريخ ج5 ص247، وراجع: الغدير ج9 ص331 وسنن الترمذي ج5 ص289 وعمدة القاري ج14 ص72 ومسند أبي داود الطيالسي ص164 والآحاد والمثاني ج3 ص103 والمعجم الأوسط ج6 ص98 وكنز العمال ج11 ص594. بالإضافة إلى مصادر كثيرة..
([169]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي هامشه= = قال: أخرجه البيهقي ج6 ص167 والدارقطني ج4 ص200 والنسائي في الأحباس باب (4)، والبيهقي في الدلائل ج5 ص215. وراجع: مسند أحمد ج1 ص70 وسنن النسائي ج6 ص235 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص167 ومسند أبي داود الطيالسي ص14 والسنن الكبرى ج4 ص96 وكنز العمال ج13 ص70 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص 33 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص1113 والبداية والنهاية ج5 ص8 وج7 ص199 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص7.
([170]) راجع: الأوائل ج1 ص297 ودلائل الصدق ج2 ص120 وتلخيص الشافي ج3 هامش ص235 و 237 عن العديد من المصادر. وراجع: المستدرك للحاكم ج2 ص482، وفتح الباري ج11 ص68، وتحفة الأحوذي ج9 ص138، وغيرهم.
([171]) راجع مصادر ذلك في فصل: هجرة النبي "صلى الله عليه وآله"، في الأجزاء الأولى من هذا الكتاب.
([172]) قاموس الرجال ج7 ص423. وأنساب الأشراف للبلاذري ص291.
([173]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص436 عن الطيالسي، وأحمد، والنسائي، وفي هامشه عن: سنن البيهقي ج6 ص167 ودلائل النبوة للبيهقي أيضاً ج5 ص215 وسنن الدارقطني ج4 ص200 والنسائي في الأحباس، باب4.
([174]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434. وتفسير غريب القرآن للطريحي ص263، والجامع لأحكام القرآن ج8 ص280 وعمدة القاري ج16 ص202 وج18 ص277 وتحفة الأحوذي ج10 ص130 ومعاني القرآن للنحاس ج3 ص209 وتفسير الثعلبي ج5 ص78 وتفسير البغوي ج2 ص315 والمحرر الوجيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص65 وتفسير الرازي ج16 ص59 وتفسير ابن كثير ج2 ص372 و391 والنهاية لابن الأثير ج3 ص235.
([175]) الآية 117من سورة التوبة.
([176]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص437.
([177]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص437 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص33 والدر المنثور ج3 ص248.
([178]) الآية 42 من سورة التوبة.
([179]) الآية 81 من سورة التوبة.
([180]) الآية 38 من سورة التوبة.
([181]) الآية 55 من سورة التوبة.
([182]) الآية 69 من سورة التوبة.
([183]) الآيات 75 ـ 77 من سورة التوبة.
([184]) الآية 81 من سورة التوبة.
([185]) الآيتان 85 و 86 من سورة التوبة.
([186]) الآيات 91 ـ 93 من سورة التوبة.
([187]) الآية 117 من سورة التوبة.
([188]) الدر المنثور ج3 ص267 و 268 عن ابن جرير، وابن مردويه، وابن أبي شيبة، وابن سعد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وابن إسحاق، وأبي الشيخ ، عن محمد بن كعب، ومجمع بن حارثة، ومجاهد، والزهري، ويزيد بن يسار، وعبد الله بن أبي بكر، وعاصم بن عمر وبن قتادة وغيرهم.. وراجع: تفسير السمرقندي ج2 ص81، وتفسير الثعلبي ج5 ص81.
([189]) الدر المنثور ج3 ص268 عن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ عن مشيخة من جهينة، وإبراهيم بن أدهم، والحسن. وراجع: تفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1863، وفتح القدير ج2 ص394، وتفسير الآلوسي ج10 ص159، وتفسير الثعلبي ج5 ص81، وأسباب نزول الآيات ص174، وتفسير البيضاوي ج3 ص165، وغيرهم.
([190]) الدر المنثور ج3 ص268 عن ابن أبي حاتم عن أنس.
([191]) راجع: الغدير (ط مركز الغدير للدراسات الإسلامية سنة 1416هـ قم ـ إيران) ج9 ص447 ـ 472.
([192]) السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص161 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 وتاريخ الخميس ج2 ص123 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 وابن أبي عاصم ج2 ص587 ومستدرك الحاكم ج3 ص102 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص215 وحلية الأولياء ج1 ص59 ومسند أحمد ج6 ص55 حديث رقم 20107، وقرة العيون المبصرة ج1 ص179 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص585.
([193]) تاريخ الخميس ج2 ص123. وعمدة القاري ج8 ص297، وأسباب نزول الآيات للواحدي ص55.
([194]) أنساب الأشراف ج6 ص112.
([195]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص123 وراجع: الغدير ج9 ص329 عن الطبراني.
([196]) فتح الباري ج5 ص306 ومجمع الزوائد ج9 ص85 والغدير ج9 ص329.
([197]) الكامل ج1 ص340 وراجع: السيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 والبداية والنهاية ج7 ص238 وفتح الباري ج8 ص408 وج7 ص54 والمواهب اللدنية ج1 ص627 وشرح المواهب ج3 ص65 وتاريخ الخميس ج2 ص123 والغدير ج9 ص329.
([198]) مسند أحمد ج5 ص28 و38 وحلية الأولياء ج1 ص59 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 و436 وابن سعد ج7 ص55 والتاريخ الكبير للبخاري ج5 ص247 والدولابي في الكنى ج2 ص17 والترمذي رقم 3700.
([199]) السنن الكبرى ج6 ص167 وتاريخ الخميس ج2 ص123 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 وسنن الدارقطني ج4 ص124 وصحيح ابن حبان ج15 ص348 والمعجم الأوسط ج2 ص39 وموارد الظمآن ج7 ص120.
([200]) أسد الغابة ج3 ص582 ومسند أحمد ج1 ص59 وسنن النسائي ج6 ص236 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص581 والسنن الكبرى ج4 ص98 وسنن الدارقطني ج4 ص124 وكنز العمال ج13 ص69 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص339.
([201]) الكامل في التاريخ ج1 ص635 والغدير ج9 ص329 عنه.
([202]) السيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ مطبعة مصطفى محمد بمصر) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100 والغدير ج9 ص329 عنه.
([203]) راجع: الغدير ج9 ص448 و 449، والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100.
([204]) الدرر لابن عبد البر ص238 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص49 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100.
([205]) تاريخ الخميس ج2 ص123 وتاريخ ابن عساكر ج1 ص110، وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص64 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ بمصر) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص435.
([206]) حياة الصحابة ج1 ص429 عن ابن عساكر ج1 ص110 وسبل الهدى والرشاد = = ج5 ص435 والمغازي للواقدي ج3 ص991 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص148 و (ط دار المعرفة) ج3 ص100 وتاريخ الخميس ج2 ص123.
([207]) راجع: الطبقات الكبرى لابن سعد: رقم التسلسل 683، وتاريخ ابن عساكر ج1 ص111 وإمتاع الأسماع ص650 وفتح الباري ج8 ص93 والمواهب اللدنية ج1 ص173 وإرشاد الساري ج6 ص438 وشرح بهجة المحافل ج2 ص30 والغدير ج5 ص450 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص442 والسيرة الحلبية (ط سنة 1391 هـ) ج3 ص149 وتاريخ الخميس ج2 ص125 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص442.
([208]) راجع: مسند أحمد ج1 ص113 و 120 حديث 556 و 513، والإصابة ج2 ص462 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص167 وحلية الأولياء ج1 ص58 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص436 وسنن الدارقطني ج4 ص200 وسنن النسائي في الأحباس باب 4 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص215.
([209]) أنساب الأشراف ج6 ص106 وراجع: السنن الكبرى ج6 ص168 والغدير ج9 ص332 وسنن النسائي ج6 ص235 وكنز العمال ج13 ص74 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص336.
([210]) البخاري كتاب الوصايا (ط دار الفكر سنة 1401 هـ) ج3 ص193 وفتح الباري ج8 ص408 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص167 وسنن الدارقطني ج4 ص125.
([211]) الآيات 91 ـ 93 من سورة التوبة.
([212]) الجزء الرابع من هذا الكتاب (الطبعة الرابعة) ص163 ـ 168.
([213]) حياة الصحابة ج2 ص235 وكنز العمال ج5 ص405 عن ابن مسعود. وراجع: تهذيب الكمال للمزي ج3 ص372، وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص854.
([214]) المناقب للخوارزمي ص196 والرياض النضرة ج3 ص180 والصواعق المحرقة ص129 عن الواقدي، ونظم درر السمطين ص90 و 91 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص327 و 326 وجامع البيان ج28 ص14 و 15 وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج28 ص24 و 25 وكفاية الطالب ص136 و 137 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص428 ومستدرك الحاكم ج2 ص482 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامش المستدرك) ج2 ص482 وتفسير نور الثقلين ج5 ص264 و 265 وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص673 و 675 ولباب التأويل ج4 ص224 ومدارك التنزيل (مطبوع بهامش لباب التأويل) ج4 ص224 وأسباب النزول ص235 وشواهد التنزيل ج2 ص231 و 240 والدر المنثور ج6 ص185 عن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم، وعبد الرزاق، = = والحاكم وصححه، وسعيد بن منصور، وابن راهويه. وفتح القدير ج5 ص191 والتفسير الكبير ج29 ص271 والجامع لأحكام القرآن ج17 ص302 والكشاف ج4 ص494 وكشف الغمة ج1 ص168 وإحقاق الحق (قسم الملحقات) ج3 ص129 و 140 وج14 ص200 ـ 217 وج20 ص181 ـ 192 عن بعض من تقدم، وعن مصادر كثيرة أخرى. وإعلام الورى ص188.
([215]) الكشاف ج1 ص319 وتفسير المنار ج3 ص92 عن عبد الرزاق، وابن جرير، وغيرهما، والتفسير الكبير ج7 ص83 والجامع لأحكام القرآن ج3 ص347 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص326 عن ابن جرير، وابن مردويه وابن أبي حاتم، وفتح القدير ج1 ص294 عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والطبراني، وابن عساكر وغيرهم، والدر المنثور ج1 ص363 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص50 وأسباب النزول ص50 وتفسير نور الثقلين ج1 ص341 عن العياشي، والفصول المهمة لابن الصباغ ص107 ونظم درر السمطين ص90 وذخائر العقبى ص88 والبرهان (تفسير) ج4 ص412 والمناقب لابن المغازلي ص280 وينابيع المودة ص92، وروضة الواعظين ص383 و 105 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص21.
([216]) المناقب للخوارزمي ص189 و 195، والرياض النضرة ج3 ص208 و 209 والتفسير الكبير ج30 ص234 و 244 عن الواحدي، والزمخشري. وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج29 ص112 و 113 والكشاف ج4 ص670 ونوادر الأصول ص64 و 65 والجامع لأحكام القرآن ج19 ص131 عن النقاش، والثعلبي، والقشيري، وغير واحد من المفسرين. واللآلي المصنوعة ج1 ص372 و 374 ومدارك التنزيل للنسفي (مطبوع بهامش تفسير الخازن) ج4 ص339 وكشف الغمة ج1 ص169 وتفسير نور الثقلين ج5 ص469 و 477 عن أمالي الصدوق، والقمي، والطبرسي، وابن شهرآشوب، وتأويل الآيات الظاهرة ج2 ص749 و 752 وتفسير فرات ص521 و 528 وذخائر العقبى ص89 وتفسير القمي ج2 ص398 و 399 والبرهان (تفسير) ج4 ص412 والوسائل ج16 ص190، وفرائد السمطين ج2 ص54 و 56 ومجمع البيان ج10 ص404 و 405 والمناقب لابن المغازلي ص273 والإصابة ج4 ص378 وينابيع المودة ص93 و 94 وروضة الواعظين ص160 و 163 ونزهة المجالس ج1 ص213 وربيع الأبرار ج2 ص147 و 248 وشرح النهج للمعتزلي ج1 ص21 وأسد الغابة ج5 ص530 و 531 والبحار ج35 ص237 ـ 254 وإحقاق الحق ج9 ص110 ـ 123 وج3 ص157 ـ 170 عن مصادر كثيرة.
([217]) الآية 55 من سورة المائدة.
([218]) راجع المصادر التالية: الكشاف ج1 ص649 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص93 عن الطـبراني، وابن جـريـر، وأسبـاب النـزول ص113 وتفسير المنـار ج6 ص442، = = وقال: رووا من عدة طرق وتفسير نور الثقلين ج1 ص533 و 337 عن الكافي، والإحتجاج، والخصال، والقمي، وأمالي الصدوق، وجامع البيان ج6 ص186، وغرائب القرآن (مطبوع بهامش جامع البيان) ج6 ص167 والتفسير الكبير ج12 ص26 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص71 والدر المنثور ج2 ص293 و 294 عن أبي الشيخ وابن مردويه، والطبراني، وابن أبي حاتم، وابن عساكر، وابن جرير، وأبي نعيم، وغيرهم، وفتح القدير ج2 ص53 عن الخطيب في المتفق والمفترق. وراجع ما عن عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وغيرهم ممن تقدم ذكره. ولباب التأويل للخازن ج1 ص475 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص221 والكافي ج1 ص228 وشواهد التنزيل ج1 ص173 و 184 والخصال ج2 ص580 وكفاية الطالب ص229 وكنز العمال ج15 ص146 والفصول المهمة لابن الصباغ ص108 ومجمع الزوائد ج7 ص17 ومعرفة علوم الحديث ص102 وتذكرة الخواص ص15 والمناقب للخوارزمي ص186 و 187 ونظم درر السمطين ص86 و 87 والرياض النضرة ج3 ص208 وذخائر العقبى ص102 عن الواقدي، وأبي الفرج ابن الجوزي، والبداية والنهاية ج7 ص358 ونور الأبصار ص77 وفرائد السمطين ج1 ص188 وتأويل الآيات الظاهرة ج1 ص151 ـ 154 والبحار ج35 ص183 و 203 عن مصادر كثيرة، وربيع الأبرار ج2 ص148 والمناقب لابن المغازلي ص312 و 313 وروضة الواعظين ص92 والعمدة لابن بطريق ص119 و 125 وإثبات الهداة ج2 ص47 والمنافب لابن شهرآشوب ج3 ص2 و 10 وكشف الغمة ج1 ص166 و 167 والأمالي للصدوق ص109 و 110، والوسائل ج6 ص334 و 335 وسعد السعود ص96 والبرهان (تفسير) ج1 ص480 و 485 ومجمع البيان ج3 ص310 ـ 312 وإحقاق الحق ج20 ص3 ـ 22 وراجع ج3 ص502 ـ 511 وج2 ص399 ـ 408 عن مصادر كثيرة.
([219]) الآية 262 من سورة البقرة.
([220]) التفسير الكبير ج7 ص45 والغدير ج8 ص57 وتفسير مقاتل بن سليمان ج1 = = ص142 وتفسير السمرقندي ج1 ص200 وتفسير الثعلبي ج2 ص258 وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص55 وتفسير البغوي ج1 ص249 وزاد المسير لابن الجوزي ج1 ص275 وتفسير القرطبي ج3 ص306 وتفسير البيضاوي ج1 ص565.
([221]) الجامع لأحكام القرآن ج1 ص132 وتفسير الخازن ج1 ص19 وتفسير الشوكاني ج1 ص16.
([222]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص32 ولسان الميزان ج2 ص23 وصحيح البخاري كما في إرشاد الساري ج6 ص214 و 215 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص608 و 609 وراجع: مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص45 والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص93 وكنز العمال ج11 ص554 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص476 وكنز العمال ج11 ص552 و 554 وج12 ص523 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص501.
([223]) تاريخ الخميس ج2 ص123 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص435 و 436 وفتح الباري ج8 ص84، وإمتاع الأسماع ج8 ص391.
([224]) الآيتان 38 و 39 من سورة التوبة.
([225]) الآيتان 41 و 42 من سورة التوبة.
([226]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434.
([227]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص434 عن ابن أبي شيبة، والبخاري، وابن سعد، وقال في هامشه: أخرجه البخاري (2948) و (ط دار الفكر) ج5 ص130، وصحيح مسلم ج8 ص106 ومسند أحمد ج3 ص456 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص40 وج9 ص34 وص150 وعمدة القاري ج14 ص216 وفيض القدير ج5 ص123 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص411 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص167.
([228]) الإرشاد ج1 ص154 و 155 والبحـار ج21 ص207 وموسوعـة الإمام علي = = بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص261 وأعيان الشيعة ج1 ص415 وكشف الغمة ج1 ص227.
([229]) تاريخ اليعقوبي (ط الحيدرية ـ النجف) ج2 ص57 و (ط دار صادر) ج2 ص67.
([230]) مكاتيب الرسول ج1 ص287 وفي هامشه عن: البحار ج21 ص244 و 245 عن إعلام الورى، ومغازي الواقدي ج3 ص990 وحياة الصحابة ج1 ص404.
وفي الجامع لأبي زيد ص295: كتب إلى القبائل سنة 9 بعد الفتح إلى القبائل التي لم يفش فيها الإسلام يدعوهم، وكتب إلى التي فشا فيها الإسلام بغزو الروم وواعدهم تبوك.
وراجع الحلبية ج3 ص129 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص323 وشرح المواهب للزرقاني ج3 ص66 وإعلام الورى ص129 و 130 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص243 وتاريخ اليعقوبي (ط الحيدرية ـ النجف) ج2 ص58 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص182.
([231]) تاريخ اليعقوبي (ط الحيدرية ـ النجف) ج2 ص58.
([232]) سبل الهدى ج5 ص442 عن ابن إسحاق، والواقدي، وابن سعد. وفتح الباري لابن حجر ج8 ص87، وتفسير القرطبي ج8 ص280، والكامل لعبد الله بن عدي ج7 ص270.
([233]) سبل الهدى ج5 ص442 عن الحاكم في الإكليل، وابن الأمين، وراجع: عمدة القاري ج18 ص45، ومقدمة ابن الصلاح ص177، والتسهيل لعلوم التنزيل ج4 ص222.
([234]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 وتاريخ الخميس ج2 ص125 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص36، والسيرة الحلبية ج3 (ط دار المعرفة) ص102.
([235]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص125 وعمدة القاري ج18 ص45، ومقدمة ابن الصلاح ص177، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص36، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص102.
([236]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 عن البيهقي. وتفسير مقاتل بن سليمان ج2 ص75، وتفسير القرآن للصنعاني ج2 ص290، وجامع البيان ج11 ص75، وغيرهم.
([237]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 وفي هامشه: عن صحيح مسلم كتاب اللباس (66) وتاريخ الخميس ج2 ص125. والجامع الصغير ج1 ص152، وتفسير العز بن عبد السلام ج2 ص44.
([238]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 والمغازي للواقدي ج3 ص996 وتاريخ الخميس ج2 ص125.
([239]) المغازي للواقدي ج3 ص996.
([240]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 وتاريخ الخميس ج2 ص125 والمغازي للواقدي ج3 ص999 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص36 والإستيعاب لابن عبد البر ج3 ص1088 وأسد الغابة ج4 ص14 والوافي بالوفيات ج20 ص47.
([241]) البحار ج21 ص218 وتفسير البرهان ج2 ص132 وتفسير القمي ج1 ص296 والتفسير الصافي ج2 ص385.
([242]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 والمغازي للواقدي ج3 ص996 وإمتاع الأسماع ج2 ص51.
([243]) وفاء الوفاء ج4 ص1171 والغدير ج7 ص259 وإمتاع الأسماع ج9 ص202 وسبل الهدى والرشاد ج3 ص271 والسيرة الحلبية ج2 ص235.
([244]) وفاء الوفاء ج4 ص1167 و 1168 وج1 ص59 عن ابن شبة. وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص269 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص6.
([245]) وفاء الوفاء ج1 ص59. ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس ج4 ص325.
([246]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442.
([247]) جامع الخلاف والوفاق ص84 وفتح العزيز للرافعي ج4 ص331 والمجموع للنووي ج5 ص268 ومغني المحتاج للشربيني ج3 ص75 والمبسوط للسرخسي ج1 ص40 وتحفة الفقهاء للسمرقندي ج1 ص229 وبدائع الصنائع لأبي بكر الكاشاني ج1 ص156 والجوهر النقي للمارديني ج4 ص19 والبحر الرائق لابن نجيم المصري ج1 ص610 وتلخيص الحبير ج4 ص331 ونيل الأوطار ج1 ص429 وشرح أصول الكافي ج5 ص254 والمسترشد للطبري والإفصاح للشيخ المفيد ص202 والمسائل العكبرية للشيخ المفيد ص54 والطرائف لابن طاووس ص232 وعوالي اللآلي ج1 ص37 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص19 وعمدة القاري للعيني ج11 ص48 وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ص145 وسنن الدارقطني ج2 ص44 وتنقيح التحقيق في أحاديث التعليق للذهبي ج1 ص256 و 257 ونصب الراية ج2 ص33 و 34 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 ص168 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص97 وكنز العمال ج6 ص54 وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص29 و 32 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص156.
([248]) البحار ج37 ص259 وكتاب الأم ج4 ص175 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص219 والمسترشد للطبري ص444.
([249]) السيرة الحلبية ج2 ص147 وراجع: نيل الأوطار ج8 ص61 وشرح مسلم للنووي ج12 ص43.
([250]) راجع: التنبيه والإشراف ص236 ومكاتيب الرسول للأحمدي ج2 ص414 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص68.
([251]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 عن ابن سعد، وعبد الرزاق، والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص167 وراجع: المجموع للنووي ج4 ص387 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص243 والمعجم الأوسط للطبراني ج2 ص74 ورياض الصالحين للنووي ص72.
([252]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442. وجامع البيان للطبري ج10 ص190، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص368، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص631، والبداية والنهاية ج5 ص10، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص946، وغيرهم.
([253]) السيرة الحلبية ج3 ص102 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص442 و 443 عن ابن إسحاق، والواقدي، وابن سعد.. وراجع المصادر السابقة.
([254]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442. وراجع: السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص102.
([255]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 وراجع: المصنف للصنعاني ج5 ص178.
([256]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 عن ابن إسحاق. وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في الدلائل ج5 ص221، والمستدرك للحاكم ج3 ص50، والثقات لابن حبان ج2 ص94، وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص371، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص632، وغيرهم.
([257]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص443 و 444 وقال في هامشه: أخرجه مسلم في التوبة باب 9 (53) والطبراني في الكبير ج6 ص38 وج19 ص43 و 85 والبيهقي في الدلائل ج5 ص223 و 226 وانظر البداية لابن كثير ج5 ص8 وتاريخ الأمم والملوك ج11 ص43. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج66 ص186 وإمتاع الأسماع ج14 ص38.
([258]) البحار ج8 ص12 وج52 ص367 و 191 وج25 ص136 وج24 ص328 وج74 ص97. وعيون أخبار الرضا "عليه السلام" ج1 ص218، وإكمال الدين ص66و201، وكتاب الغيبة للنعماني ص336، وغيرهم.
([259]) البحار ج64 ص200. ومستدرك الوسائل ج11 ص323، والنوادر للراوندي ص102ـ103، وغيرهم.
([260]) المحاسن للبرقي ج1 ص272. والكافي ج1 ص391.
([261]) البحار ج75 ص81 وكشف الغمة للأربلي ج3 ص139 و 141. وعيون الحكم والمواعظ للواسطي ص52،، والفصول المهمة لابن الصباغ ج2 ص1055.
([262]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص444 و 445 عن الطبراني، وابن إسحاق، والواقدي، والبداية والنهاية ج5 ص12 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص948 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص14.
([263]) راجع: تفسير الميزان ج20 ص114 و 115 وج18 ص239.
([264]) الآية 92 من سورة التوبة.
([265]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص438 ـ 440 والدر المنثور ج3 ص248 وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص49.
([266]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص440 عن البخاري ومسلم، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج11 ص601 (6718) ومسلم ج3 ص1269 (7/1649)، والمجموع للنووي ج18 ص11والمدونة الكبرى ج2 ص102 وراجع: الشرح الكبير لابن قدامه ج11 ص199 ونيل الأوطار للشوكاني ج9 ص135 وصحيح البخاري ج7 ص217 وصحيح مسلم ج5 ص82 وسنن ابن ماجة ج1 ص681 وسنن أبي داود ج2 ص96 وسنن النسائي ج7 ص10 والمستدرك للحاكم ج4 ص301.
([267]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص440 و480 وراجع: صحيح البخاري ج5 ص129 وصحيح مسلم ج5 ص83 وفتح الباري ج8 ص85 ومسند أبي يعلى ج13 ص242 و 283 والبداية والنهاية ج5 ص9 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص10.
([268]) الآيات 68 ـ 93 من سورة التوبة.
([269]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص440 و 441 عن الواقدي وابن سعد.
([270]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص438 عن ابن عقبة، والدر المنثور ج3 ص248.
([271]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص438 عن الواقدي، وراجع: مسند أحمد ج3 ص457 وصحيح البخاري ج5 ص131وصحيح مسلم ج8 ص107 و السنن الكبرى للبيهقي ج9 ص34 وفتح الباري ج8 ص89 وعمدة القاري ج18 ص49 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص266 والمعجم الكبير ج19 ص48 والدرر لابن عبد البر ص244.
([272]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص438 عن ابن مردويه، وفي هامشه عن: البيهقي في الدلائل ج5 ص318 وعن الدر المنثور ج3 ص265.
([273]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص438.
([274]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص445 وراجع ص443 عن الواقدي وابن إسحاق.
([275]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص445 وقال في هامشه: أنظر المغازي للواقدي ج3 ص1003.وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص372 والدر المنثور ج3 ص254 و 255 عن ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وراجع ما عن أبي الشيخ، والفريابي، وابن مردويه.
([276]) الآيتان 65 و 66 من سورة التوبة.
([277]) الآية 74 من سورة التوبة.
([278]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص445 وراجع: البرهان (تفسير) ج2 ص140 عن تفسير القمي، وراجع: الدر المنثور ج3 ص254 و 255 عن ابن مردويه، وعبد الرزاق، وابن المنذر، وابي الشيخ.
([279]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص446 والبرهان ج2 ص141 والدر المنثور ج3 ص254 عن ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وراجع: كتاب التوابين لابن قدامه ص93 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1831 وتفسير ابن كثير ج2 ص381 وتاريخ الطبري ج2 ص372 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص642 وإمتاع الأسماع ج2 ص54 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص952.
([280]) الآية 66 من سورة التوبة.
([281]) الآية 2 من سورة النور.
([282]) المبسوط للشيخ الطوسي ج5 ص223 والخلاف ج5 ص374 والسرائر لابن إدريس ج3 ص453 وجامع الخلاف والوفاق ص585 وعمدة القاري ج24 ص13 والتبيان ج7 ص406 وتفسير مجمع البيان ج7 ص219 وجامع البيان للطبري ج18 ص91 وتفسير الثعلبي ج7 ص64 وتفسير البغوي ج3 ص321 والفصول في الأصول للجصاص ج3 ص95.
([283]) التهذيب ج10 ص150 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج18 ص37 والوسائل= = (ط مؤسسة آل البيت) ج28 ص93 وجامع المدارك ج7 ص53 وتفسير نور الثقلين ج3 ص571.
([284]) الدر المنثور ج3 ص254 و 255 عن ابن إسحاق، وابن المنذر، وابن مردويه، وابن أبي حاتم، وابن إسحاق.
([285]) الدر المنثور ج3 ص255 عن عبد الرزاق، وابن المنذر، وأبي الشيخ.
([286]) الدر المنثور ج3 ص255 عن عبد الرزاق، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وراجع: تفسير القرآن للصنعاني ج2 ص283 وتفسير الميزان ج9 ص345 وراجع: جامع البيان للطبري ج10 ص222 .
([287]) الدر المنثور ج3 ص255 عن ابن أبي حاتم، وفتح القدير ج2 ص378 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1831.
([288]) الدر المنثور ج3 ص255 عن عبد الرزاق، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وعمدة القاري ج1 ص209 وج6 ص35 وجامع البيان للطبري ج18 ص91 والمحرر = = الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج4 ص162 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص272 والدر المنثور ج3 ص255 وج6 ص90 ولسان العرب ج9 ص226.
([289]) الدر المنثور ج3 ص255 عن عبد بن حميد، وتفسير ابن زمنين ج3 ص221.
([290]) الآيتان 65 و 66 من سورة التوبة.
([291]) البرهان (تفسير) ج2 ص140 والبحار ج21 ص236 وتفسير نور الثقلين ج2 ص238.
([292]) تفسير مجمع البيان ج5 ص81 والبحار ج21 ص196 والتفسير الصافي ج2 ص354 وتفسير نور الثقلين ج2 ص237 وتفسير الميزان ج9 ص342 والبرهان (تفسير) ج2 ص140 و 141 عن مجمع البيان.
([293]) البرهان (تفسير) ج2 ص141 ـ 144 والبحار ج28 ص99 و الدرجات الرفيعة للسيد على خان ص298.
([294]) البرهان (تفسير) ج2 ص147 والخصال ص499 والبحار ج21 ص222 وج31 ص631 ومكاتيب الرسول ج1 ص602.
([295]) البرهان (تفسير) ج2 ص147 و 148 وتفسير البحر المحيط ج5 ص51 وتفسير أبي السعود ج4 ص71 وتفسير الآلوسي ج10 ص113.
([296]) الطرائف لابن طاووس ص 389 وسعد السعود ص135 والبرهان (تفسير) ج2 ص148 وإقبال الأعمال لابن طاووس ج2 ص250.
([297]) البرهان (تفسير) ج2 ص147 عن الطبرسي.
([298]) الآيتان 65 و 66 من سورة التوبة.
([299]) الدر المنثور ج3 ص255 عن ابن مردويه، والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص33.
([300]) الآية 65 من سورة التوبة.
([301]) الدر المنثور ج3 ص254 عن حلية الأولياء، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه، وفتح القدير ج2 ص378 وتاريخ مدينة دمشق ج47 ص119.
([302]) الدر المنثور ج3 ص254 عن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والعقيلي، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والخطيب في رواة مالك، وفتح القدير ج2 ص378.
([303]) الدر المنثور ج3 ص254 عن ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبحار ج21 ص197 وتفسير مجمع البيان للطبرسي ج5 ص82 وتفسير مجاهد ج1 ص283 وامع البيان للطبري ج10 ص221 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1830 وتفسير الثعلبي ج5 ص65 وزاد المسير لابن الجوزي ج3 ص315 والدر المنثور للسيوطي ج3 ص254.
([304]) الآية 49 من سورة التوبة.
([305]) الدر المنثور ج3 ص247 و 248 عن الطبراني، وابن مردويه، وابن ابي شيبة، وابن المنذر، وأبي الشيخ، ومجمع الزوائد ج7 ص30 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص118 و (ط دار الكتب العلمية) ص105 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص103.
([306]) الدر المنثور ج3 ص248 عن أبي الشيخ عن الضحاك.
([307]) الآية 49 من سورة التوبة.
([308]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص437 عن ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، وأبي نعيم في المعرفة، وابن أبي حاتم، وابن عقبة، ومحمد بن إسحاق، والواقدي، وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في السنن ج9 ص33 وفي الدلائل ج5 ص225.
وانظر: الدر المنثور ج3 ص247 و 248 عن ابن المنذر، والطبراني، وابن مردويه، وابن أبي نعيم في معرفة الصحابة، وابن أبي حاتم، وابن إسحاق، والبيهقي في الدلائل، وتفسير القمي ج1 ص292.
([309]) الآيتان 81 و 82 من سورة التوبة.
([310]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص437 وراجع: تفسير القمي ج1 ص292 وتاريخ الطبري ج2 ص367 والبداية والنهاية ج5 ص6 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص944 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص5.
([311]) البحار ج97 ص42 وج65 ص233 عن الغارات للثقفي، ومستدرك الوسائل ج11 ص18 والغارات للثقفي ج2 ص502 و 503 وجامع أحاديث الشيعة ج13 ص121 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج1 ص103.
([312]) مجمع الزوائد ج4 ص325 وميزان الحكمة ج4 ص3415 عن الترغيب والترهيب ج3 ص63 والمعجم الأوسط ج7 ص56 والمعجم الصغير ج2 ص60 والمعجم الكبير ج19 ص129 والعهود المحمدية للشعراني ص292 وفيض القدير للمناوي ج3 ص41 والدر المنثور ج1 ص337.
([313])الدر المنثور ج3 ص286 عن ابن مردويه، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص472 عن ابن عقبة، وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص280، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص123 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص81 وإمتاع الأسماع ج2 ص80.
([314]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص472 و 473 والدر المنثور ج3 ص286 .
([315]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص437 عن ابن هشام، والبداية والنهاية ج5 ص7 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص6.
([316]) مسند أحمد ج1 ص83 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1912 وكنز العمال ج5 ص454 و 773 و 803 وكشف الخفاء ج2 ص3 وفيض القدير ج4 ص226 وشرح نهج للمعتزلي ج10 ص262 وأمالي المرتضى ج1 ص54 و 55 وأمالي الطوسي ص338 والبحار ج21 ص70 وج22 ص53 و 167 وج38 ص302 وج42 ص186 ومكارم الأخلاق ص252 والكافي ج8 ص349 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص297 و والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص441 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص324 ودلائل الإمامة للطبري ص387.
([317]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص438. وراجع: البحار ج21 ص253 وجامع أحاديث الشيعة ج4 ص458 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص100 و 101 وجامع البيان للطبري ج11 ص32 وتفسير الثعلبي ج5 ص92 وأسباب نزول الآيات ص175 وتفسير البغوي ج2 ص326 وتفسير النسفي ج2 ص109 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص581 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج3 ص81.
([318]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([319]) راجع: مسند أحمد ج2 ص493 و 496 وصحيح مسلم ج8 ص25 و 26 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص61 وشرح مسلم للنووي ج16 ص150 ومجمع الزوائد ج8 ص267 وعمدة القاري ج22 ص310 وعون المعبود ج12 ص270 وكنز العمال ج3 ص611 و 612 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص89 وتذكرة الحفاظ للذهبي ج3 ص1169 وسير أعلام النبلاء ج18 ص354 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص2 وإمتاع الأسماع ج2 ص251 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص227 وأبو هريرة للسيد شرف الدين ص91 والبداية والنهاية ج8 ص128 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص195.
([320]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([321]) الآية 102 من سورة التوبة.
([322]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص478 و 479 والدر المنثور ج3 ص272 عن أبي الشيخ وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل ج5 ص272، وجامع البيان للطبري ج11 ص19 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1872 وزاد المسير لابن الجوزي ج3 ص335 وتفسير البحر المحيط ج5 ص98 وفتح القدير ج2 ص401 والبداية والنهاية ج5 ص32 وإمتاع الأسماع ج8 ص395 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص48.
([323]) الآية 101 من سورة التوبة.
([324]) الآية 37 من سورة البقرة.
([325]) الآية 103 من سورة التوبة.
([326]) الآية 114 من سورة التوبة.
([327]) الآية 118 من سورة التوبة.
([328]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص479 عن ابن إسحاق، والبيهقي، وفتح القدير ج2 ص402 وراجع المصادر المتقدمة.
([329]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص473 عن ابن إسحاق، وعبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج8 ص113 (4418) و (ط دار الفكر) ج5 ص130 ومسلم ج4 ص2120 ـ 2128 (53)، والبيهقي في الدلائل ج5 ص273 والمغازي للواقدي ج3 ص997 والبداية والنهاية ج5 ص23 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج5 ص29 وراجع: عمدة القاري ج18 ص48 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص42 وعيون الأثر ج2 ص264 .
([330]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص473 ومسلم ج4 ص2120 ـ 2128 (53) و (ط دار الفكر) ج8 ص112وشرح مسلم للنووي ج17 ص100.
([331]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص473 عن الحاكم في الإكليل، وفي هامشه عن: البداية والنهاية ج5 ص23، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص653 وراجع: صحيح البخاري ج5 ص130 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص34 وعمدة القاري ج18 ص48 ورياض الصالحين للنووي ص67 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص197 وتفسير الآلوسي ج11 ص42 وتفسير البغوي ج2 ص334 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص411 والدر المنثور ج3 ص287 والبداية والنهاية ج5 ص29 وعيون الأثر ج2 ص264 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص43.
([332]) الآيتان 117 و 119 من سورة التوبة.
([333]) الآيتان 95 و 96 من سورة التوبة.
([334]) الآية 118 من سورة التوبة.
([335]) الحديث السابق ذكره بطوله في سبل الهدى والرشاد ج5 ص473 ـ 478 والنص له، وفي الدر المنثور ج3 ص287 ـ 289 عن عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن حبان، وابن مردويه، والبيهقي.
وراجع: الديباج على مسلم ج6 ص115 وصحيح البخاري ج5 ص135 وعمدة القاري ج18 ص51 وصحيح مسلم ج8 ص112 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص361 وجامع البيان للطبري ج11 ص83 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1903 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص282.
([336]) سبل الهدى الرشاد ج5 ص478 عن ابن عساكر، وكنز العمال ج13 ص581 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص 20.
([337]) الدر المنثور ج3 ص289 عن أبي الشيخ، وابن مردويه.
([338]) فتح القدير للشوكاني ج2 ص413 والبرهان (تفسير) ج2 ص69 عن تفسير القمي، والكليني، ونور الثقلين ج2 ص278 عن مجمع البيان.
([339]) الآية 102 من سورة التوبة.
([340]) الدر المنثور ج3 ص254 عن أبي نعيم في حلية الأولياء، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وابن مردويه. وراجع المصادر في الهوامش السابقة.
([341]) الدر المنثور ج3 ص254 عن ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والعقيلي في الضعفاء، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والخطيب في رواة مالك.
([342]) الدر المنثور ج3 ص254 عن ابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، والبحار ج21 ص197 وتفسير مجمع البيان ج5 ص82 وتفسير مجاهد ج1 ص283 وجامع البيان للطبري ج10 ص221 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1830 وتفسير الثعلبي ج5 ص65 وزاد المسير ج3 ص315 .
([343]) الدر المنثور ج3 ص254 عن ابن المنذر، وابن ابي حاتم، وأبي الشيخ، عن قتادة.
([344]) الكافي ج3 ص497 وموسوعة أحاديـث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ = = هادي النجفي ج8 ص469 وميزان الحكمة ج2 ص1594 ونهج السعادة ج8 ص64 والتفسير الأصفى ج1 ص488 والتفسير الصافي ج2 ص371 وتفسير نور الثقلين ج2 ص260 وتفسير الميزان ج9 ص384 ومنتقى الجمان ج2 ص358 وتفسير البرهان ج2 ص156 وذخيرة المعاد (ط. ق) ج1 ق3 ص418.
([345]) الدر المنثور ج3 ص273 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وراجع: زبدة البيان ص184 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص97 وتفسير الكبير للرازي ج16 ص175.
([346]) الدر المنثور ج3 ص273 عن ابن أبي حاتم، وتفسير الآلوسي ج11 ص12 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص242.
([347]) الدر المنثور ج3 ص273 عن ابن أبي حاتم، وأبي الشيخ، وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1873 و 1875 وتفسير الثعلبي ج5 ص89.
([348]) الدر المنثور ج3 ص273 عن أبي نعيم في المعرفة، وابن عساكر، وابن مندة، وأبي الشيخ. وراجع: لباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص124 و (ط دار الكتب العلمية) ص111.
([349]) الدر المنثور ج3 ص273 عن أبي الشيخ، وابن مندة، وابن عساكر، وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص196.
([350]) عمدة القاري ج18 ص279 .
([351]) تفسير العياشي ج2 ص115 وتفسير البرهان ج2 ص169 والدر المنثور ج3 ص286 ـ 289 عن ابن جرير، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مندة، وابن مردويه، وابن عساكر، وعن تفسير القمي ج1 ص296 و 297 وحواشي الشرواني ج7 ص455 والبحار ج21 ص204 و 219 وعمدة القاري ج13 ص211 وج17 ص102 وج18 ص278 وج22 ص144 والتفسير الصافي ج2 ص386 و 387 وتفسير السمرقندي ج2 ص93 وجامع البيان للطبري ج11 ص78 وتفسير غريب القرآن للطريحي ص143 وتفسير مجمع البيان ج5 ص137 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص102 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج4 ص1542 تحفة الأحوذي ج8 ص404.
([352]) الكافي ج8 ص377 والبحار ج21 ص237 وج89 ص58 وتفسير العياشي ج2 ص115 وتفسير نور الثقلين ج2 ص278 والبرهان في تفسير القرآن ج2 ص169.
([353]) البحار ج21 ص237 وتفسير العياشي ج2 ص116 وتفسير نور الثقلين ج2 ص278 .
([354]) الآيتان 5 و 6من سورة الأنفال.
([355]) الآية 128 من سورة التوبة.
([356]) الآية 118 من سورة التوبة.
([357]) الآية 118 من سورة التوبة.
([358]) البحار ج21 ص237 والبرهان (تفسير) ج2 ص169 ونور الثقلين ج2 ص278 وتفسير العياشي ج2 ص116.
([359]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص481 و 482.
([360]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([361]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص481 وفتح الباري ج8 ص92.
([362]) الآية 53 من سورة الأحزاب.
([363]) شرح النهج للمعتزلي ج9 ص56 و 323 وراجع: الدر المنثور ج5 ص214 عن ابن أبي حاتم، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن سعد عن السدي، وقتادة، ومحمد بن عمرو بن حزم، والبحار ج17 ص27 وج22 ص190 وج321 ص107 والتفسير الأصفى ج2 ص1000. وراجع: كتاب الأربعين للشيرازي ص217 والتفسير الصافي ج4 ص199 وج6 ص61 وتفسير نور الثقلين ج4 ص298.
([364]) شرح النهج للمعتزلي ج1 ص186.
([365]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص481. وراجع: المجموع للنووي ج19 ص221 و 224 وسبل السلام ج1 ص35 ونيل الأوطار ج3 ص325 و 326 وروضة الواعظين ص417 ومستدرك الوسائل ج12 ص234 ومشكاة الأنوار للطبرسي ص220 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص229 ومسند أحمد ج3 ص103 و 172 و 207 و 230 و 248 و 275 و 278 و 288 وصحيح البخاري ج1 ص10 و 11 وصحيح البخاري ج7 ص83 وج8 ص56 وصحيح مسلم ج1 ص48 ومصادر كثيرة أخرى.
([366]) الآية 51 من سورة المائدة.
([367]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص481، وفتح الباري ج8 ص91 وإمتاع الأسماع ج2 ص81.
([368]) الآية 1 من سورة المؤمنون.
([369]) تفسير مجمع البيان للطبرسي ج5 ص137 والبحار ج21 ص205 و التبيان ج5 ص316.
([370]) تفسير البرهان ج2 ص169 وتفسير القمي ج1 ص298 ونور الثقلين ج2 ص279 وتفسير الميزان ج9 ص303.
([371]) الدر المنثور ج3 ص286 عن ابن مردويه، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص472 عن ابن عقبة، وعن دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص280، والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص123 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص81 وإمتاع الأسماع ج2 ص80.
([372]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص441 عن ابن إسحاق والواقدي، والتفسير الصافي ج2 ص384 والبحار ج21 ص215 وتفسير القمي ج1 ص294 والمستدرك للحاكم ج3 ص50 وراجع: فيض القدير شرح الجامع الصغير ج4 ص484 و وتفسير أبي السعود ج4 ص110 و الثقات لابن حبان ج2 ص94.
([373]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص473 وإمتاع الأسماع ج2 ص80 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص124.
([374]) الآية 51 من سورة المائدة.
([375]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص480 و 481 وفتح الباري ج8 ص93.
([376]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص452.
([377]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص452 والكامل في التاريخ ج3 ص191 .
([378]) تاريخ مدينة دمشق ج39 ص536.
([379]) المصنف لابن أبي شيبة ج6 ص265 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص98 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص542 والجامع لأحكـام القرآن للقرطبي = = ج14 ص124 ولباب النقول (ط دار إحياء العلوم) ص115 و (ط دار الكتب العلمية) ص102 وأنساب الأشراف ج1 ص271 والمجموع للنووي ج15 ص403.
([380]) الإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص764 وإمتاع الأسماع ج6 ص141.
([381]) نهج السعادة ج1 ص219 وتاريخ مدينة دمشق ج50 ص178.
([382]) تاريخ مدينة دمشق ج39 ص539، وراجع الأغاني.
([383]) شرح الأخبار ج2 ص29 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1326 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص432 وأسد الغابة ج5 ص172.
([384]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص441 عن ابن إسحاق، والبخاري، ومسلم. وقال في الهامش: أخرجه البخاري ج7 ص71 (3706) ومسلم ج4 ص1870 (30/2404). وراجع: البحار ج37 ص267 وراجع: تاريخ الخميس ج2 = = ص125 والبداية والنهاية ج5 ص7 والسيرة النبوية لابن هشام (ط درا الكنوز الأدبية) ج2 ص519 وراجع الثقات لابن حبان (ط الهند) ج2 ص93 فما بعدها، والرحيق المختوم للمباركفوري ص398.
([385]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 عن ابن إسحاق، والواقدي، والرحيق المختوم للمباركفوري ص398 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص125 عن الدمياطي، والبداية والنهاية ج5 ص7 والسيرة النبوية لابن هشام (ط دار الكنوز) المجلد الثاني ص519. وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص165 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 والعثمانية للجاحظ ص153 وإمتاع الأسماع ج2 ص50.
([386]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 عن الواقدي.
([387]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 والبداية والنهاية ج5 ص7 والسيرة النبوية لابن هشام (ط دار الكنوز) المجلد الثاني ص519 والثقات لابن حبان (ط الهند) ج2 ص93 فما بعدها، والرحيق المختوم للمباركفوري ص398 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص125 عن المنتقى، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 وإمتاع الأسماع ج2 ص50.
([388]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص442 والبداية والنهاية ج5 ص7 والسيرة النبوية = = لابن هشام (ط دار الكنوز) المجلد الثاني ص519 والثقات لابن حبان (ط الهند) ج2 ص93 فما بعدها، والرحيق المختوم للمباركفوري ص398 وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص125 عن المنتقى، وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص35 والعثمانية للجاحظ ص153.
([389]) المصنف للصنعاني ج5 ص406 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص442 والفصول في سيرة الرسول لابن كثير ص92 وتاريخ الخميس ج2 ص125. وراجع: مناقب الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص527 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص428.
([390]) راجع على سبيل المثال: مسند فاطمة للسيوطي (ط سنة 1406) ص34 و 43 والحلي بتخريج فضائل علي ص62 عن البزار 185 ـ 186/3 وتهذيب خصائص الإمام علي للنسائي ص64 و 61 وموضح أوهام الجمع والتفريق ج2 ص583 وج1 ص297 وج3 ص72 وكتاب المعجم لابن المثنى التميمي ص94 و 91 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص 344 و 346 و 347 و 345 و 334 و 335 وتهذيب الكمال ج35 ص263 وج25 ص422 وج16 ص346 والفرائد المنتقاة، والغرائب الحسان لابن الصوري ص14 و 22 و 54 والعلل المتناهية ج1 ص228 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص626 وحلية الأولياء ج3 ص345 والتنكيت والإفادة ص46 و 44 وتثبيت الإمامة ص57 وأعلام الحديث ج3 ص1637 والمعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي ج16 ص50 ومعجم الشيوخ لابن جميع الصيداوي ج240 والمغازي النبوية للزهري ص111 والأسرار المرفوعة ص272 والسيرة النبوية لأبي حاتم البستي ص367 ورياض النفوس ج1 ص58 ومعتقد أبي إسحاق الشيرازي ص106 والدر الملتقط ص49 وسلوك المالك ص193 وعلم الحديث لابن تيمية ص266 والثقات ج1 ص141 واللآلي ليموت بن المزرع (مطبوع في نوادر الرسائل) ص100 ومختصر سيرة الرسول لمحمد بن عبد الوهاب ص154 وفضائل الصحابة للنسائي ص14 و13 والفصول في سيرة الرسول لابن كثير= = ص92 والمعجم الكبير للطبراني ج19 ص291 والوسيلة للموصلي ص161 والمسند للحميدي ج1 ص38 والجوهر الثمين ج1 ص59 والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ج8 ص221 وج9 ص41 والتبر المذاب ص39 والزبرجد على مسند أحمد ج2 ص167 والمجالسة ص474 والحدائق لابن الجوزي ج1 ص408.
([391]) المعجم الكبير (مطبعة الأمة في بغداد) ج11 ص98 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج12 ص78 وراجع: مختصر تاريخ دمشق ج17 ص329 والعمدة لابن البطريق ص86 و 239 وذخائر العقبى ص87 والبحار ج38 ص242 وج40 ص51 والمراجعات للسيد شرف الدين ص197 و 198 و 396 ومسند أحمد ج1 ص331 والمستدرك للحاكم ج3 ص133 ومجمع الزوائد ج9 ص120 وكتاب السنة لابن أبي عاصم ص552 و خصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص64 وخصائص الوحي المبين لابن البطريق ص11.
([392]) مختصر تاريخ دمشق ج17 ص347 وراجع مسند أبي يعلى ج2 ص66 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص181.
([393]) مختصر تاريخ دمشق ج17 ص332 والإعتقاد على مذهب السلف لأحمد بن الحسين البيهقي ص205 ومسند أبي يعلى ج1 ص286 ومعارج القبول ج2 ص471 ومسند فاطمة للسيوطي ص62 والمعجم لابن المثنى التميمي ص230 وتحفة الأحوذي ج10 ص229 وتلخيص المتشابه في الرسم ج2 ص644 وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص627 وتاريخ الأحمدي ص99 وفضائل الصحابة للنسائي ص14 والإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ( ط بيروت) ج9 ص41 والحدائق لابن الجوزي ج1 ص387 عن البخاري، ومسلم، والبداية والنهاية ج5 ص7.
([394]) مسند أبي يعلى ج2 ص57 ومناقب الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" للكوفي ج1 ص513 و 523 و 533 والعمدة لابن البطريق ص128 والبحار ج37 ص262 ومسند أحمد ج1 ص173 ومسند سعد بن أبي وقاص للدورقي ص177 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص24.
([395]) مناقب أمير المؤمنين "عليه السلام" ج1 ص531 و 532 وفضائل الصحابة ص13 ومسند سعد بن أبي وقاص ص174 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص44 و 120 و 240 وخصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص76 ومسند أبي يعلى ج2 ص86 والكامل ج2 ص417 وعن تاريخ مدينة دمشق ج42 ص151 و 152 ومختصر تاريخ دمشق ج17 ص344.
([396]) مختصر تاريخ دمشق ج17 ص344 وتهذيب خصائص الإمام علي "عليه السلام" ص58.
([397]) مختصر تاريخ دمشق ج17 ص347 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص24 وتثبيت الإمامة ص53 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص186 وراجع: مجمع الزوائد ج9 ص111 والمعجم الكبير ج5 ص203.
([398]) مختصر تاريخ دمشق ج17 ص347 والبحار ج21 ص232 وج37 ص255 ومجمع الزوائد ج9 ص109 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص173 وفضائل أمير المؤمنين "عليه السلام" لابن عقدة ص57.
([399]) الآيات 29 ـ 32 من سورة طه.
([400]) راجع: البحار ج38 ص334 وج8 ص330 وإثبات الهداة ج3 باب 10 ح 619 و 761 وعن كنز العمال ج15 ص92 وج6 ص390 وتذكرة الخواص ص23 وفرائد السمطين ج1 ص115 و 121 وترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ ابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج1 ص107 وينابيع المودة ص65 و 57.
([401]) راجع: المناقب للخوارزمي ص7 وتذكرة الخواص ص20 والفصول المهمة لابن الصباغ ص21 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج5 ص31.
([402]) علل الشرائع ص137 و 138 وينابيع المودة ص220 وفرائد السمطين ج2 ص103 ـ 105.
([403]) البحار ج37 ص256 ودعائم الإسلام ج1 ص16 والأمالي للطوسي ص521 والغدير ج1 ص268 ووفيات الأعيان لابن خلكان ج5 ص231.
([404]) البحار ج37 ص260 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص29 والدر النظيم ص284.
([405]) البحار ج37 ص206 وتفسير العياشي ج1 ص332 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص73 واليقين لابن طاووس ص348 والتفسير الصافي ج2 ص45.
([406]) البحار ج21 ص343 والمناقب لابن شهرآشوب ج3 ص142 والمناقب للخوارزمي ص108 وعن الطرائف ج1 ص148 ـ 149 ح224 عن مناقب ابن المغازلي، وعن العمدة لابن البطريق ص46.
([407]) الأمالي للصدوق ص85 وإثبات الهداة ج3 باب10 ح243 والمناقب للخوارزمي ص76 و 96 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص45 وكفاية الطالب ص264 ومجمع الزوائد ج9 ص131 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص449 وينابيع المودة ص130 وكنز الفوائد للكراجكي ص281 والمسترشد للطبري ص634 وروضة الواعظين ص112.
([408]) وإثبات الهداة ج3 باب10 ح108.
([409]) البحار ج32 ص348 وج37 ص254 و257 و337 وج38 ص122 و132= = و 341 وج40 ص14 والأمالي للطوسي ج1 ص49 وعن كنز العمال ج6 ص154الحديث رقم (2554) ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج5 ص31 وترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ مدينة دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص78 والمناقب للخوارزمي ص86 وينابيع المودة ص50 و 55 و 129 ومجمع الزوائد ج9 ص111 وكفاية الطالب ص168 (ط الحيدرية) وميزان الإعتدال ج2 ص3 وفرائد السمطين ج1 ص150 وشرح الأخبار ج2 ص544 وعلل الشرائع ج1 ص66 والتحصين لابن طاووس ص566 واليقين لابن طاووس ص161 و 173 و 334 و 415 .
([410]) ينابيع المودة ص88 ومناقب الإمام علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص255 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب لابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج1 ص266.
([411]) المناقب للخوارزمي ص84.
([412]) كفاية الطالب ص284 والبحار ج37 ص260 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص139 والمناقب للخوارزمي ص109 وكشف اليقين للعلامة الحلي ص282 و ينابيع المودة ج1 ص160.
([413]) الخصائص للنسائي (ط الحيدرية) ص18 وترجمة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" لابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج1 ص338.
([414]) راجع: كنز العمال (ط2) ج15 ص109 و 108 والمناقب للخوارزمي ص19 وينابيع المودة ص202 وترجمة الإمام علي "عليه السلام" من تاريخ ابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج1 ص321 والفصول المهمة لابن الصباغ ص110 والرياض النضرة (ط2) ج2 ص207 و 215.
([415]) البحار ج21 ص207 و 208 والإرشاد ج1 ص156 إضافة إلى مصادر كثيرة ذكرناها في موارد سبقت.
([416]) الآية 142من سورة الأعراف.
([417]) الآية 38 من سورة الشورى.
([418]) المسترشد ص129 و 444 والإرشاد ج1 ص156 وذخائر العقبى ص63 والمستجاد من الإرشاد ص95 و 96 والصراط المستقيم ج1 ص316 والبحار ج21 ص208 و 245 وج37 ص267 والغدير ج3 ص198 والمناظرات في = = الإمامة ص214 والثقات ج2 ص93 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص31 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص368 وعن البداية والنهاية ج5 ص11 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص946 وكشف الغمة ج1 ص227 وعن عيون الأثر ج2 ص254 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص12 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص441 ونشأة التشيع والشيعة ص109 وكتاب السنة ص586 وإعلام الورى ج1 ص244 وقصص الأنبياء للراوندي ص349 وشرح الأخبار ج2 ص195 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص183 وتفسير نور الثقلين ج3 ص378 والثقات ج2 ص93 وكشف اليقين للعلامة الحلي ص145.
([419]) راجع الفصل الرابع: "حديث العترة هو القصص الحق".
([420]) راجع: راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) الرسالة رقم36، وقسم الخطب رقم (212) و (32) و (137) وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص96 وج2 ص119 والغارات ج1 ص309 وج2 ص454 و429 و430 وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص74 فما بعدها، والبحار (ط قديم) ج8 ص621 والإمامة والسياسة ج1 ص155. وراجع كتابنا: دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج1 ص175 و176 للإطلاع على مصادر أخرى.
([421]) الغارات ج2 ص569 وراجع ص454.
([422]) راجع النص المذكور، سواء فيه كلمة "قريش" أو كلمة "العرب" في المصادر التالية: المعيار والموازنة ص180 وراجع: الغارات للثقفي ج2 ص429 ـ 430 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص118 ـ 119 وأنساب الأشراف (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص74 ـ 75 والأغاني (ط ساسي) ج15 ص46 والبحار (ط حجري) ج8 ص621 و 673 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص595 ونهج السعادة ج5 ص300 وسفينة البحار ج2 ص215 وأشار إليها في العقد الفريد (ط دار الكتاب) ج2 ص356 وج3 ص504، وذكرها أيضاً في الدرجات الرفيعة ص155 ـ 157.
وفي الإمامة والسياسة (ط سنة 1967م) ج1 ص53 ـ 54 وقاموس الرجال ج6 ص323 عنه أن عقيلاً قد التقى بعائشة، وطلحة، والزبير، أيضاً.. وهذا كذب لأن طلحة والزبير كانا قتلا قبل غارة الضحاك بسنوات!! ولا يخفى سر زيادة ذلك في رسالة عقيل..
ولكنه قال: إن العرب أجمعت على حربه الخ..
([423]) أي: هلمَّ إلى الظل والماء.
([424]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص446 عن الطبراني، ومجمع الزوائد ج6 ص193.
([425]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص446 عن الواقدي.
([426]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص453 وج7 ص197 عن أبي داود، وفي هامشه عن الطبراني في المعجم الكبير ج11 ص303 وراجع: سنن أبي داود ج2 ص212 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج7 ص294 وإمتاع الأسماع ج7 ص293 وج14 ص298.
([427]) أقرب الموارد ج2 ص1384.
([428]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص446 عن أحمد، ومسلم، وابن أبي شيبة، وقال في هامشه: أخرجه ابن أبي شيبة ج14 ص540 ومسلم ج4 ص1785 (11)، وأحمد ج5 ص424 والبيهقي في السنن ج4 ص22 وفي الدلائل ج4 ص239. وراجع: صحيح البخاري ج2 ص132 وسنن أبي داود ج2 ص52 وعمدة القاري ج9 ص64 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص40 وصحيح ابن حبان ج10 ص355 وج14ص427 والبداية والنهاية ج5 ص16 وإمتاع الأسماع ج14 ص42.
([429]) المغازي للواقدي ج3 ص1015 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص450 عنه وعن أبي نعيم في دلائل النبوة، وابن كثير، والخصائص الكبرى للسيوطي. وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص58 وج5 ص273 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص66 و 124 .
([430]) البحار ج19 ص104 و ج58 ص299 و ج60 ص83 و 273 وعلل الشرائع ج1 ص98 وكنز الدقائق ج1 ص223 وتفسير القمي ج1 ص311 ونور الثقلين ج1 ص52 والصافي ج1 ص108.
([431]) البحر الرائق ج2 ص53 وتكملة حاشية رد المحتار ج1 ص102 وحاشية رد المحتار ج1 ص702.
([432]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص446 و 447 عن مالك، وأحمد، والبخاري، ومسلم، وابن إسحاق، وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج8 ص125 (4419) ومسلم ج4 ص2286 (38 و 39/2980) وأحمد ج2 ص9 و 58 و 72 و 74 و 113 و 137 والبيهقي في الدلائل ج5 ص233 وفي السنن ج2 ص451 والحميدي (653) وعبد الرزاق (1625) والطبراني في الكبير ج12 = = ص457 وانظر الدر المنثور ج4 ص104.
وراجع: البحار ج11 ص393 والعرائس للثعلبي ص43 وعن مجمع البيان ج4 ص441 ـ 443.
([433]) الآية 82 من سورة الواقعة.
([434]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص448 والدر المنثور ج6 ص263 عن ابن أبي حاتم، والمغازي للواقدي ج3 ص1009. وراجع: المحلى لابن حزم ج11 ص222 والبحار ج21 ص250 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص370 والكامل في التاريخ ج2 ص279 والبداية والنهاية ج5 ص13 وإمتاع الأسماع ج5 ص116 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص949 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص107.
([435]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص447 و 448 عن أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وابن إسحاق، وقال في هامشه: أخرجه البيهقي في السنن ج9 ص357 وفي الدلائل ج5 ص231 وابن خزيمة (101)، وابن حبان، ذكره الهيثمي في موارد الظمآن (1707) وانظر مجمع الزوائد ج6 ص195. وراجع: تحفة الأحوذي ج8 = = ص404 وصحيح ابن حبان ج4 ص223 ونصب الراية ج1 ص192 وموارد الظمآن ج5 ص352 وكنز العمال ج12 ص353 وجامع البيان للطبري ج11 ص76 وتفسير الثعلبي ج5 ص105 وتفسير البغوي ج2 ص333 وزاد المسير ج3 ص348 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص279 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص411 وتفسير الثعالبي ج3 ص224 والدر المنثور ج3 ص286 وفتح القدير ج2 ص414.
([436]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص447 وفي هامشه عن: دلائل النبوة للبيهقي ج5 ص227. وراجع: البداية والنهاية ج5 ص13 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص16.
([437]) الآية 249 من سورة البقرة.
([438]) شرح النهج للمعتزلي ج2 ص289 والبحار ج34 ص299 وج41 ص341 .
([439]) شرح النهج للمعتزلي ج6 ص136.
([440]) شرح النهج للمعتزلي ج6 ص136.
([441]) شرح النهج للمعتزلي ج6 ص136.
([442]) شرح النهج للمعتزلي ج2 ص291 والبحار ج34 ص302.
([443]) شرح النهج للمعتزلي ج6 ص128.
([444]) راجع: نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص119 وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص99 والإختصاص ص155 عن كتاب ابن دأب، والإرشاد للمفيد ص162 والفصول المختارة ص262 والإحتجاج ج1 ص255 وينابيع المودة ج3 ص435 والبحار ج34 ص103 و 136 وج35 ص421 وج38 ص269 وج40 ص111 وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص127 ونهج الإيمان ص164 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" ج1 ص321 .
([445]) شرح النهج للمعتزلي ج2 ص286.
([446]) الآية 128 من سورة التوبة.
([447]) راجع: العقد الفريد (ط دار الشرفية بمصر) ج2 ص210 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص591 ط مصطفى الحلبي وإحقاق الحق (الملحقات) ج4 ص332 عن بحر المناقب لابن حسنويه، ومقاصد المطالب ص11 والبدء والتاريخ ج5 ص61 ونهاية الأرب ج2 ص190 ومجمع الزوائد ج9 ص137 ومستدرك الحاكم ج3 ص113 وأسد الغابة ج4 ص33 وتلخيص المستدرك للذهبي ج3 ص113 ونظم درر السمطين ص126 والفصول المهمة لابن الصباغ ص113 والمناقب للخوارزمي ونور الأبصار (ط دار العامرة بمصر) ص98.
والروايات في ذلك كثيرة جداً لا مجال لاستقصائها، ولا ضرورة لإحصائها..
([448]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص448 و 449 عن الواقدي وابن اسحاق، وراجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص371 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص950.
([449]) المغازي للواقدي ج3 ص1012 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص449 عن ابن سعد، وعن مسلم. وسيأتي مصادر ذلك في فصل: "عزل أبي بكر عن الصلاة".
([450]) راجع: البحار ج28 ص164 و 165 والشرح الكبير لابن قدامة ج2 ص49 وكشاف القناع ج1 ص580 ونيل الأوطار ج3 ص184 ومسند أحمد ج3 ص243 وسنن الترمذي ج1 ص226 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص83 ومجمع الزوائد ج9 ص46 وفتح الباري ج2 ص130 و 146 وعمدة القاري ج5 ص187 و 188 و 191 وتحفة الأحوذي ج2 ص296 و 297 ومسند أبي يعلى ج6 ص399 وشرح معاني الآثار ج1 ص406 والمعجم الصغير ج1 ص178 ومعرفة السنن والآثار ج2 ص360 والتمهيد لابن عبد البر ج22 ص317 وكنز العمال ج8 ص20 وفيض القدير ج5 ص378 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص222 و 223 وتاريخ بغداد ج2 ص36 وج9 ص296 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص37 و 291 وج51 ص173 وذكر أخبار إصبهان ج1 ص176 و 178 والبداية والنهاية ج5 ص255 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج14 ص460 و 464 و 465 والسيرة النبوية ج4 ص465 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص195.
([451]) راجع: المصنف لابن أبي شيبـة ج2 ص229 والمـواقف للإيجي ج3 ص609 = = و 610 ونصب الراية ج2 ص323 وفيض القدير ج5 ص378 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص129 وسير أعلام النبلاء ج1 ص79 و 80 وتحفة الأحوذي ج2 ص294 ج10 ص171 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص449 وج8 ص194 وج10 ص490 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص464 و 468 والخصائص الكبرى للسيوطي ج1 ص458 والمنتظم ج5 ص34 وصفة الصفوة ج1 ص349 والبحار ج28 ص165 و 170 ومسند أحمد ج4 ص247 ومسند أبي داود الطيالسي ص95 وتنوير الحوالك للسيوطي ص59 والمسترشد للطبري ص133 والتمهيد لابن عبد البر ج11 ص159 وج22 ص322 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص196 وتهذيب الكمال ج14 ص102 وأمالي المحاملي ص258 والمعجم الكبير ج20 ص427 و 433 ومعرفة السنن والآثار للبيهقي ج2 ص290 و 401 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج1 ص116 وكشف المشكل ج1 ص216 وكتاب الأم للشافعي ج1 ص182 و 203 ونيل الوطار ج3 ص211 وفتح الباري ج23 ص146 وكنز العمال ج9 ص614 وفيض القدير ج5 ص378 والأحكام لابن حزم ج2 ص218 وتاريخ مدينة دمشق ج35 ص258 و 259 والإصابة ج4 ص202 والبداية والنهاية ج5 ص28 وإمتاع الأسماع ج2 ص57 وج6 ص361 وج14 ص458 و 459 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص40 وتلقيح فهوم أهل الأثر لابن الجوزي ج1 ص83.
([452]) راجع: جامع الخلاف والوفاق للقمي ص84 وفتح العزيز للرافعي ج4 ص331 والمجموع للنووي ج5 ص268 ومغني المحتاج للشربيني ج3 ص75 والمبسوط للسرخسي ج1 ص40 وتحفة الفقهاء للسمرقندي ج1 ص229 وبدائع الصنائع للكاشاني ج1 ص156 والجوهر النقي للمارديني ج4 ص19 والبحر الرائق ج1 ص610 وتلخيص الحبير لابن حجر ج4 ص331 ونيل الأوطار ج1 ص429 وشرح أصول الكافي ج5 ص254 والإفصاح للمفيد ص202 والمسائل العكبرية للمفيد ص54 والطرائف في معرفة مذاهب الطوائف لابن طاووس ص232 وغوالي اللآلي ج1 ص37 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص19 وعمدة القـاري ج11 ص48 وتأويـل مختلف الحـديـث لابن قتيبة ص145 وسنن الدارقطني ج2 ص44 وتنقيح التحقيق في أحاديث= = التعليق للذهبي ج1 ص256 و 257 ونصب الراية للزيلعي ج2 ص33 و 34 والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج1 ص168 والجامع الصغير للسيوطي ج2 ص97 وكنز العمال ج6 ص54 وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص29 و 32 وشرح السير الكبير للسرخسي ج1 ص156 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 ص168 وتلخيص الحبير ج2 ص35 وتأويل مختلف الحديث لابن قتيبة ج1 ص154 والعلل المتناهية لابن الجوزي ج1 ص422 و 425 والمقاصد الحسنة للسخاوي ج1 ص426.
([453]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج9 ص197 وج14 ص23 وكتاب الأربعين للماحوزي ص620 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص399 ونهج السعادة للمحمودي ج5 ص268 والبحار ج28 ص159. وسيأتي مصادر أخرى لهذا الحديث في فصل: "عزل أبي بكر عن الصلاة".
([454]) راجع: البحار ج27 ص324 وج28 ص110 وج85 ص96 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص23 والدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص307 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص399 ومواقف الشيعة ج3 ص438 وقاموس الرجال للتستري ج11 ص235.
([455]) الوسائل (ط مؤسسـة آل البيت) ج1 ص478 و (ط دار الإسـلاميـة) ج1 = = ص336 والخصال للصدوق ص33 والنوادر للراوندي ص190 والبحار ج23 ص128 ج77 ص329 وج93 ص128 و 178 وكتاب الطهارة للشيخ الأنصاري ج2 ص401 و (ط ق) ج1 ص150 ومستدرك الوسائل ج1 ص344 و 346 وسنن النبي للطباطبائي ص276 وتفسير نور الثقلين ج2 ص261 وجامع أحاديث الشيعة ج2 ص272 وتفسير العياشي ج2 ص108 وجواهر الكلام ج2 ص343 .
([456]) الكافي ج3 ص69 وتهذيب الأحكام ج1 ص365 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص477 و (ط دار الإسلامية) ج1 ص335 والبحار ج49 ص104 وج81 ص349 وجامع أحاديث الشيعة ج2 ص272 ومسند الإمام الرضا "عليه السلام" ج2 ص153 وتفسير نور الثقلين ج3 ص316 ومستند الشيعة ج2 ص157 وجواهر الكلام ج2 ص312 و 343 وكتاب الطهارة للأنصاري ج2 ص399 و (ط ق) ج1 ص149 .
([457]) راجع: مجمع الزوائد ج1 ص227 ومسند أبي يعلى ج1 ص200 وعمدة القاري ج3 ص61 وكنز العمال ج9 ص144 و 207 و (ط مؤسسة الرسالة) ج9 ص472 والمجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين ج3 ص53 وتحفة المحتاج ج1 ص190 والبيان والتعريف ج2 ص270 وحاشية ابن عابدين ج1 ص126 والمطالب العالية لابن حجر ج2 ص305 والفردوس بمأثور الخطاب لابن شيرويه الديلمي ج5 ص310 وتلخيص الحبير ج1 ص97 وخلاصة البدر المنير في تخريج كتاب الشرح الكبير ج1 ص40 ونيل الأوطار ج1 ص219.
([458]) مسند أحمد ج1 ص389 و 445 ج6 ص113 وسنن الترمذي ج5 ص332 والمستدرك للحاكم ج3 ص388 وفتح الباري ج7 ص72 وتحفة الأحوذي ج10 ص203 وج10 ص213 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص523 والجامع الصغير ج2 ص495 وكنز العمال ج11 ص721 و 723 وفيض القدير ج2 ص73 وج5 ص567 والجامع لأحكام القرآن ج10 ص181 ومعجم الرجال والحديـث لمحمد حيـاة الأنصـاري ج1 ص72 وتاريخ مدينـة دمشق ج43 ص404 و 407 وأسـد الغابـة ج4 ص45 والأعـلام للزركـلي ج5 ص36 = = وتاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص575 والمسانيد لمحمد حياة الأنصاري ج1 ص138 و 204 و 328 وعلل الدارقطني ج5 ص233 والمراجعات ص319 و 320 والغدير للأميني ج9 ص26 و 259 وج9 ص325 والبداية والنهاية ج7 ص298 وأعيان الشيعة ج8 ص373 ووقعة صفين للمنقري ص343.
([459]) راجع: فتح الباري ج5 ص249 وعمدة القاري ج14 ص3 و 11 والكامل في التاريخ ج2 ص202 وعيون الأثر ج2 ص117 والغارات للثقفي ج2 ص833 و 834 وعون المعبود ج7 ص317 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص698 والبحار ج20 ص369 وأعيان الشيعة ج1 ص269 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص779 وراجع: نيل الأوطار للشوكاني ج8 ص185 وكتاب الأربعين للشيرازي ص312 ومسند أحمد ج4 ص329 وصحيح البخاري ج3 ص180 وسنن أبي داود ج1 ص629 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص113 و 219 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص369 و 376 وإمتاع الأسماع ج9 ص10 والمصنف للصنعاني ج5 ص336 وصحيح ابن حبان ج11 ص221 والمعجم الكبير ج20 ص12 وشرح النهج ج20 ص8 وتفسير مجمع البيان ج9 ص196 وتفسير الميزان ج18 ص266 وجامع البيان ج26 ص128 وتفسير البغوي ج4 ص200 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص212 والدر المنثور ج6 ص76 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص227 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص375 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص332.
([460]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص449 و 450 عن البخاري، وغيره وفي هامشه عن البخاري (4417) و (ط دار الفكر) ج5 ص130. وراجع: كتاب الأم للشافعي ج7 ص158 وعمدة القاري ج18 ص47 والمعجم الكبير ج22 ص250.
([461]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص450 عن أحمد، والطبراني، والواقدي، وفي هامشه = = عن: مسند أحمد ج5 ص318 و 236 وابن حبان، وعن مجمع الزوائد ج6 ص252 والطبقات الكبرى لا سعد ج3 ص415 وإمتاع الأسماع ج2 ص58.
([462]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص451 عن البيهقي، والدر المنثور للسيوطي ج2 ص225 وتاريخ مدينة دمشق ج51 ص240 وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص59 والبداية والنهاية ج5 ص17 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص24 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص111.