صحيح ابن حبان
ابن حبان ج 7

[ 1 ]
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان
[ 2 ]
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الثانية 1414 ه‍ - 1993 م طبعة جديدة مزيدة ومنقحة
[ 3 ]
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان تأليف الامير علاء الدين علي بن بلبان الفارسي المتوفى سنة 739 ه‍ المجلد السابع حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الارنؤوط مؤسسة الرسالة
[ 4 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[ 5 ]
باب صلاة الجمعة ذكر البيان بأن أفضل الأيام يوم الجمعة أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز بن محمد على العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطلع الشمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة وما من دابة إلا وهي تفزع يوم الجمعة إلا هذين الثقلين الجن والإنس
[ 6 ]
ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء في يوم الجمعة كان من أهل الجنة أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني حيوة بن شريح أن بشير بن أبي عمرو الخولاني أخبره أن الوليد بن قيس التجيبي حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خمس من عملهن في يوم كتبه الله من أهل الجنة من عاد مريضا وشهد جنازة وصام يوما وراح يوم الجمعة وأعتق رقبة
[ 7 ]
ذكر البيان بأن في الجمعة ساعة يستجاب فيها دعاء كل داعي أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أنه قال خرجت إلى الطور فلقيت كعب الأحبار فجلست معه فحدثني عن التوراة وحدثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيما حدثته أن قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أهبط وفيه مات وفيه تيب عليه وفيه تقوم الساعة وما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة من حين تصبح حتى تطلع الشمس شفقا من الساعة إلا الجن والإنس وفيه ساعة لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه قال كعب ذلك في كل سنة يوم فقلت بل في كل جمعة قال فقرأ كعب التوراة فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة فلقيت بصرة بن أبي بصرة الغفاري فقال من أين أقبلت فقلت من الطور فقال لو أدركتك قبل أن تخرج إليه ما خرجت إليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام وإلى مسجدي هذا
[ 8 ]
وإلى مسجد إيلياء أو مسجد بيت المقدس شك أيهما قال قال أبو هريرة ثم لقيت عبد الله بن سلام فحدثته بمجلسي مع كعب الأحبار وما حدثته في يوم الجمعة فقلت له قال كعب وذلك في كل سنة يوم فقال عبد الله بن سلام كذب كعب قلت ثم قرأ التوراة فقال بل هي في كل جمعة فقال عبد الله بن سلام صدق كعب ثم قال عبد الله بن سلام قد علمت أية ساعة هي قال ثم قال أبو هريرة فقلت له فأخبرني بها ولا تضنن علي فقال عبد الله بن سلام هي أخر ساعة في يوم الجمعة قال أبو هريرة وكيف تكون أخر ساعة من يوم الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم لا يصادفها عبد مسلم وهو يصلي وتلك ساعة لا يصلى فيها فقال عبد الله بن سلام ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس ينتظر الصلاة فهو في صلاة حتى يصليها قال أبو هريرة بلى قال فهو ذاك
[ 10 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا إنما يستجيب دعاء الداعي في الساعة التي في الجمعة إذا دعا في الخير دون الشر أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم في الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم قائم يصلي يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه
[ 11 ]
ذكر تباين الناس في الأجر عند رواحهم إلى الجمعة أخبرنا أبو سعيد عبد الكبير بن عمر الخطابي بالبصرة حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا يزيد بن زريع حدثنا روح بن القاسم حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال على كل باب من أبواب المسجد ملكان يكتبان الأول فالأول فكرجل قدم بدنة وكرجل قدم بقرة وكرجل قدم شاة وكرجل قدم طيرا وكرجل قدم
[ 12 ]
بيضة فإذا قعد الإمام طويت الصحف
[ 13 ]
ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن أتى الجمعة مغتسلا لها كغسل الجنابة أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر قال أبو حاتم في هذا الخبر بيان واضح بأن اسم الرواح يقع على جميع ساعات النهار ضد قول من زعم أن الرواح لا يكون إلا بعد الزوال
[ 14 ]
ذكر مغفرة الله جل وعلا لمن أتى الجمعة بشرائطها إلى الجمعة التي تليها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عثمان بن عمر حدثنا بن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن عبد الله بن وديعة أبو وديعة عن سلمان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة فتطهر ما استطاع من طهر ثم ادهن من دهنه أو طيب بيته ثم راح إلى الجمعة ولم يفرق بين اثنين ثم صلى ما بدا له فإذا خرج الإمام أنصت ورجاله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى
[ 15 ]
ذكر الأمر للمرء أن يتخذ ثوبين نظيفين ولا يلبسهما إلا في يوم الجمعة إذا كان ممن أنعم الله جل وعلا عليه أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عمرو بن أبي سلمة قال حدثنا زهير بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ويحيى بن سعيد عن رجل منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم الجمعة فرأى عليهم ثياب النمار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على أحدكم إن وجد سعة
[ 16 ]
أن يتخذ ثوبين لجمعته سوى ثوبي مهنته ذكر البيان بأن السواك ولبس المرء أحسن ثيابه من شرائط الجمعة التي تكفر ما بين الجمعتين من الذنوب أخبرنا بن خزيمة حدثنا الدورقي حدثنا إسماعيل بن
[ 17 ]
إبراهيم عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري قالا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اغتسل يوم الجمعة واستن ومس من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثم جاء إلي المسجد ولم يتخط رقاب الناس ثم ركع ما شاء الله أن يركع ثم أنصت إذا خرج إمامه حتى يصلي كانت كفارة ما بينها وبين الجمعة التي كانت قبلها
[ 18 ]
ذكر البيان بأن هذا الفضل قد يكون للمتوضئ إذا أتى الجمعة بهذه الأوصاف وإن لم يغتسل لها أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فسمع وأنصت ورجاله له ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصى فقد لغا قال أبو حاتم قد يتوهم من لم يسبر صناعة الحديث أن الجمعة إلى الجمعة ثمانية أيام وليس كذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل ورجاله له من الجمعة إلى الجمعة فوقت الجمعة زوال الشمس فمن زوال الشمس يوم الجمعة إلى زوال الشمس يوم الجمعة الأخرى سبعة أيام وقوله زيادة ثلاثة أيام تمام العشر قال الله جل وعلا من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وهذا مما نقول في كتبنا إن المرء قد يعمل
[ 19 ]
طاعة الله جل وعلا فيغفر الله له بها ذنوبا لم يكتسبها بعد ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولت الخبر الذي تقدم ذكرنا له أخبرنا أبو يعلى حدثنا داود بن رشيد حدثنا إسماعيل بن جعفر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغتسل يوم الجمعة فأحسن غسله ولبس من صالح ثيابه ومس من طيب بيته أو دهنه ورجاله له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من التي بعدها ذكر البيان بأن الله جل وعلا بتفضله يعطي الجائي إلى الجمعة بأوصاف معلومة بكل خطوة عبادة سنة أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله أخبرنا الأوزاعي عن حسان بن عطية حدثني أبو الأشعث الصنعاني عن أوس بن أوس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
[ 20 ]
المحقرة من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى فدنا واستمع وأنصت ولم يلغ كتب الله له بكل خطوة يخطوها عمل سنة صيامها وقيامها قال أبو حاتم قوله من غسل يريد غسل رأسه واغتسل يريد اغتسل بنفسه لأن القوم كانت لهم جمم احتاجوا إلى تعاهدها وقوله بكر وابتكر يريد به بكر إلى الغسل وابتكر إلى الجمعة
[ 21 ]
ذكر الخبر الدال على صحة من تأولنا قوله من غسل واغتسل أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن بن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهري عن طاوس اليماني قال قلت لابن عباس زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤوسكم إلا أن تكونوا جنبا ومسوا من الطيب قال فقال بن عباس أما الطيب فلا أدري وأما الغسل فنعم
[ 22 ]
قال أبو حاتم قوله إلا أن تكونوا جنبا فيه دليل على أن الاغتسال من الجنابة يوم الجمعة بعد انفجار الصبح يجزئ عن الاغتسال للجمعة وفيه دليل على أن غسل يوم الجمعة ليس بفرض إذ لو كان فرضا لم يجزئ أحدهما عن الآخر ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن صلاة الجمعة في الأصل أربع ركعات لا ركعتان أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن زيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
[ 23 ]
عن عمر قال صلاة السفر وصلاة الفطر وصلاة الأضحى وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على اختلفوا نبيكم صلى الله عليه وسلم ذكر اختلاف من قبلنا في الجمعة حيث فرضت عليهم أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
[ 24 ]
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نحن السابقون يوم القيامة بيد انهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي فرض عليهم فاختلفوا فيه فهدانا الله له فهم لنا فيه تبع اليهود غدا والنصارى بعد غد سمعت موسى بن محمد الذهلي بأنطاكية يقول سمعت
[ 25 ]
المزني يقول بيد من أجل ذكر الأمر بالمواظبة على الجمعات للمرء مخافة من أن يكتب من الغافلين أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن الحكم بن ميناء عن بن عمر وابن عباس أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وهو على المنبر لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم وليكونن من الغافلين
[ 26 ]
ذكر طبع الله جل وعلا على قلب التارك إتيان الجمعة على سبيل التهاون بها عند المرة الثالثة أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان إملاء قال حدثنا إسماعيل بن مسعود الجحدري قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة قال حدثنا عبيدة بن سفيان الحضرمي عن أبي الجعد الضمري وكانت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع الله على قلبه
[ 27 ]
ذكر وصف طبع الله جل وعلا على قلب التارك للجمعة على ما وصفنا أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة فإن هو نزع واستغفر وتاب صقلت فإن عاد زيد فيها وإن عاد زيد فيها حتى تعلو فيه فهو الران الذي ذكر الله جل وعلا كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون
[ 28 ]
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن همام حدثنا قتادة حدثني قدامة بن وبرة رجل من بني عجيف عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من فاتته الجمعة فليتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار
[ 29 ]
ذكر البيان بأن هذا الأمر المندوب إليه إنما أمر لمن ترك الجمعة من غير عذر دون من يكون معذورا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا علي بن الجعد بن عبيد أخبرنا همام عن قتادة عن قدامة بن وبرة عن سمرة بن جندب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك الجمعة من غير عذر فليتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار أطلعاني ذكر الزجر عن تخطي المرء رقاب الناس يوم الجمعة في قصده الولاء أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال سمعت معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية
[ 30 ]
عن عبد الله بن بسر قال كنت جالسا إلى جنب المنبر يوم الجمعة فجاء رجل يتخطى رقاب الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس فقد آذيت وآنيت ذكر الأمر بإطالة الصلاة وقصر الخطبة في الأعياد والجمعات أخبرنا أبو يعلى حدثنا سريج بن يونس حدثنا
[ 31 ]
عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عن أبيه عن واصل بن حيان قال قال أبو وائل خطبنا عمار بن ياسر فأوجز وأبلغ فلما نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفست فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن المريض صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة من فقه الرجل فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة وإن من البيان سحرا
[ 32 ]
ذكر الأمر للناعس يوم الجمعة في المسجد أن يتحول عن مكانه ذلك إلى غيره أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا يعلى بن عبيد عن محمد بن إسحاق عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نعس أحدكم في مجلسه يوم الجمعة فليتحول منه إلى غيره ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك استعمال اللغو عند خطبة الإمام يوم الجمعة أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب
[ 33 ]
قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال حدثني بن المسيب أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب فقد لغوت ذكر نفي حضور الجمعة عمن حضرها إذا لغا عند الخطبة أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو الربيع الزهراني
[ 34 ]
وعبد الأعلى بن حماد قالا حدثنا يعقوب القمي عن عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله قال دخل عبد الله بن مسعود المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس إلى جنب أبي بن كعب فسأله عن شئ أو كلمه عن شئ فلم يرد عليه فظن بن مسعود أنها موجدة فلما انفتل النبي صلى الله عليه وسلم من صلاته قال بن مسعود يا أبي ما منعك أن ترد علي قال إنك لم تحضر معنا الجمعة قال بم قال تكلمت والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب فقام بن مسعود فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبي أطع أبيا هذا لفظ عبد الأعلى
[ 35 ]
ذكر الزجر عن قول المرء لأخيه والإمام يخطب يوم الجمعة أنصت أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال عبد الرزاق قال أخبرنا بن جريج ومالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الرجل لصاحبه أنصت والإمام يخطب فقد لغا قال بن جريج وأخبرني بن شهاب عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله
[ 36 ]
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الخطبة المتعرية عن الشهادة باليد الجذماء أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن رافع قال حدثنا حبان بن هلال قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثني عاصم بن كليب قال حدثني أبي قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ذكر الزجر عن ترك المرء الشهادة لله جل وعلا في خطبته إذا خطب أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا المخزومي المغيرة بن
[ 37 ]
سلمة قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا عاصم بن كليب قال حدثني أبي قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدي بن حاتم أن رجلا خطب عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصهما فقد غوى فقال النبي صلى الله عليه وسلم بئس الخطيب قل ومن يعص الله ورسوله
[ 38 ]
ذكر الإباحة للخاطب عند قراءته السجدة في خطبته أن يترك السجود ثم يعود إلى ما في خطبته أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أبي وشعيب قالا حدثنا الليث قال حدثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري أنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ ص فلما مر بالسجدة نزل فسجد فسجدنا معه وقرأها مرة أخرى فلما بلغ السجدة تيسرنا للسجود فلما رآنا قال إنما هي توبة نبي ولكني أراكم قد استعدتم للسجود فنزل فسجد فسجدنا معه
[ 39 ]
قال أبو حاتم الصواب قد استعددتم ذكر الإباحة للخاطب أن يكلم في خطبته من أحب عند حاجة تبدو له أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد قال حدثني قيس بن أبي حازم عن أبيه قال جاء أبي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقام في الشمس فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحول إلى الظل ذكر وصف الخطبة التي يخطب المرء عند الحاجة إليها أخبرنا سليمان بن الحسن العطار قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا أبي حدثنا شعبة قال حدثني سماك بن حرب
[ 40 ]
قال سألت جابر بن سمرة كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قال كان صلى الله عليه وسلم يخطب ثم يقعد قعده ثم يقوم فيخطب
[ 41 ]
ذكر البيان بأن الخطبة يجب أن تكون قصيرة قصدة أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا ذكر ما كان يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في جلوسه بين الخطبتين أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال حدثنا
[ 42 ]
أيوب بن محمد الوزان قال حدثنا عيسى بن يونس قال حدثنا بن أبي زائدة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر ثم يجلس ثم يقوم فيخطب فيجلس بين الخطبتين يقرأ من كتاب الله ويذكر الناس
[ 43 ]
ذكر البيان بأن المرء إن تواجد عند وعظ كان له ذلك أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن خيثمة عن عدي بن حاتم قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال اتقوا النار ثم أعرض وأشاح قال ثم قال اتقوا النار ثم أعرض وأشاح حتى رأينا أنه يراها ثم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة
[ 44 ]
ذكر الإباحة للإمام إذا نزل المنبر يريد إقامة الصلاة أن يشتغل ببعض رعيته في حاجة يقضيها له ثم يقيم الصلاة أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد وشيبان قالا حدثنا جرير بن حازم عن ثابت
[ 45 ]
عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل من المنبر فتقام الصلاة فيجئ إنسان فيكلمه في حاجة فيقوم معه حتى يقضي حاجته ثم يتقدم فيصلي
[ 46 ]
ذكر وصف القراءة للمرء في صلاة الجمعة أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا هارون بن سعيد بن الهيثم قال حدثنا بن وهب قال حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع قال قلت لأبي هريرة إن علي بن أبي طالب رضوان الله عليه إذ كان بالعراق يقرأ في صلاة الجمعة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون فقال أبو هريرة كذلك كان
[ 47 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ ذكر الإباحة أن يقرأ في الركعة الثانية من صلاة الجمعة ب هل أتاك حديث الغاشية أخبرنا الحسين بن إدريس قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن الضحاك بن قيس سأل النعمان بن بشير ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة فقال كان يقرأ صلى الله عليه وسلم ب هل أتاك حديث الغاشية
[ 48 ]
ذكر الإباحة للمرء أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الجمعة ب سبح اسم ربك الأعلى أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا مسدد عن يحيى عن شعبة عن معبد بن خالد عن زيد عن عقبة عن سمرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة ب سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية
[ 49 ]
ذكر إباحة القيلولة للمنصرف عن الجمعة بعدها أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي قال حدثنا أحمد بن الأزهر قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن بن إسحاق قال حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم نرجع فنقيل
[ 50 ]
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا بن زهير بتستر حدثنا عبد الله بن محمد بن يحيى بن أبي بكير قال حدثنا بن أبي بكير قال حدثنا شعبة عن حميد عن أنس بن مالك قال كنا نقيل بعد الجمعة
[ 51 ]
باب العيدين ذكر البيان بأن من أفضل الأيام يوم النحر وثانيه أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يحيى بن سعيد حدثنا ثور بن يزيد حدثنا راشد بن سعد عن عبد الله بن لحي عن عبد الله بن قرط قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأيام عند الله يوم النحر ويوم القر
[ 52 ]
ذكر ما يستحب أن يطعم يوم الفطر قبل الخروج ويؤخر ذلك يوم النحر إلى انصرافه من المصلى أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا ثواب بن عتبة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ولا يطعم يوم النحر حتى ينحر ذكر ما يستحب للمرء أن يكون أكله يوم الفطر قبل الخروج إلى المصلى تمرا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن
[ 53 ]
أبي شيبة قال حدثنا هشيم قال حدثنا بن إسحاق عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على تمرات ثم يغدو ذكر ما يستحب للمرء أن يكون أكله التمر يوم العيد وترا لا شفعا أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا علي بن سهل بن المغيرة قال حدثنا مالك بن إسماعيل قال حدثنا زهير قال حدثنا عتبة بن حميد قال حدثنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس قال سمعت أنس بن مالك يقول ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا
[ 54 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن يخالف الطريق من ذهابه إلى المصلى يوم العيد ورجوعه منه أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا علي بن معبد قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا فليح بن سليمان عن سعيد بن الحارث عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى العيدين رجع في غير الطريق الذي خرج منه
[ 56 ]
ذكر الإباحة للأبكار وذوات الخدور والحيض أن يشهدن أعياد المسلمين أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو أسامة عن هشام بن حسان عن حفصة عن أم عطية قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن يوم الفطر ويوم الأضحى يعني أبكار العواتق وذوات الخدور والحيض فقلت أرأيت إحداهن لا يكون لها جلباب قال فتلبسها أختها من جلبابها
[ 57 ]
ذكر البيان بأن الحيض إذا شهدن أعياد المسلمين يجب أن يكن ناحية من المصلى أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا زكريا بن يحيى الواسطي قال حدثنا هشيم عن هشام بن حسان عن حفصة
[ 58 ]
عن أم عطية قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض يوم العيد فأما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين فقالت إحداهن فإن لم يكن لإحدانا جلباب قال لتعرها جلبابها ذكر الإباحة للمرء أن يترك النافلة قبل صلاة العيدين وبعدهما أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا وكيع عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم فطر
[ 59 ]
أو أضحى فصلى بالناس ركعتين ثم انصرف ولم يصل قبلها ولا بعدها ذكر البيان بأن صلاة العيدين يجب أن تكون بلا أذان ولا إقامة أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة
[ 60 ]
ذكر وصف ما يقرأ المرء في صلاة العيدين أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن ضمرة بن سعيد المازني عن عبيد الله بن عبد الله أن عمر بن الخطاب سأل أبا حكى المؤذن ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الفطر والأضحى قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ ب ق والقرآن المجيد واقتربت الساعة وانشق القمر
[ 61 ]
ذكر الإباحة للمرء أن يقرأ في صلاة العيدين بغير ما وصفنا من السور أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو عوانة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في العيدين ب سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية
[ 62 ]
ذكر الإباحة للمرء أن يقرأ بما وصفنا في العيدين والجمعة معا إذا اجتمعتا في يوم أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم مولى النعمان بن بشير عن النعمان بن بشير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ يوم الجمعة في الجمعة ب سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية فإذا اجتمع العيد والجمعة في يوم واحد قرأ
[ 63 ]
بهما جميعا في الجمعة والعيد ذكر البيان بأن صلاة العيد يجب أن تكون قبل الخطبة أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد عن يحيى عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابس قال سمعت بن عباس وقيل له أشهدت الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العيد قال نعم ولولا مكاني منه ما شهدته معه من الصغر خرج حتى أتى العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة فرأيتهن يرمين بأيديهن ويقذفنه في ثوب ثم انطلق هو وبلال إلى بيته
[ 64 ]
ذكر البيان بأن الخطبة في العيدين يجب أن تكون بعد الصلاة لا قبل أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد وابن كثير عن شعبة عن أيوب قال سمعت عطاء يحدث عن بن عباس قال اشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال عطاء أشهد على بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم فطر في أصحابه فصلى ثم خطب ثم اتى النساء فأمرهن بالصدقة فجعلن يلقين
[ 65 ]
ذكر جواز خطبة المرء على الرواحل في بعض الأحوال أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا وكيع قال حدثنا داود بن قيس عن عياض بن عبد الله عن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يوم العيد على راحلته ذكر استواء العيدين في الصلاة ان يكونا قبل الخطبة أخبرنا محمد بن الحسن بن أبي شيخ بكفر توثا من ديار
[ 66 ]
ربيعة قال حدثنا ميمون بن الأصبع قال حدثنا حماد بن مسعدة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الفطر والأضحى ثم يخطب
[ 67 ]
باب صلاة الكسوف أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا زائدة بن قدامة قال حدثنا زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة يقول انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم فقال الناس إنما انكسفت لموت إبراهيم فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتموها فادعوا وصلوا حتى تنجلي
[ 68 ]
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه عن بن عمر أنه كان يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموهما فصلوا
[ 69 ]
قال أبو حاتم الأمر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر أريد به أحدهما لأنهما لا ينكسفان لوقت واحد أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا بن فضيل عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام وقمنا معه ثم قال أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله فإذا انكسف أحدهما فافزعوا إلى المساجد قال أبو حاتم أمر في هذا الخبر بالصلاة عند كسوف الشمس والقمر وهو المقصود فأطلق هذا المقصود على سببه وهو المساجد لأن الصلاة تتصل فيها لا أن
[ 70 ]
المساجد يستغنى بحضورها عند كسوف الشمس أو القمر دون الصلاة ذكر وصف صلاة الآيات أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا زيد بن أخزم حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلاة الآيات ست ركعات وأربع سجدات
[ 71 ]
قال أبو حاتم يريد به أن صلاة الآيات يجب أن تصلى ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات وسجدتان وتفسيره في خبر عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن جابر ذكر وصف صلاة الكسوف التي أمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا وأحمد بن عمير بن جوصا بدمشق قالا حدثنا عمرو بن عثمان القرشي قال حدثنا الوليد عن الأوزاعي عن الزهري قال أخبرني كثير بن عباس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات
[ 72 ]
ذكر كيفية هذا النوع من صلاة الكسوف أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس أنه قال خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام قياما طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياما طويلا دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم رفع فقام قياما طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا
[ 73 ]
الله فقالوا يا رسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك هذا ثم رأيناك تكعكعت قال إني رأيت الجنة أو أرأيت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا بم يا رسول الله قال بكفرهن قيل يكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت والله ما رأيت منك خيرا قط
[ 74 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه يجري صلاة الكسوف سنذكرها فيما بعد بالتفصيل في القسم الخامس في نوع الأفعال التي هي من اختلاف المباح إن شاء الله ذلك ويسره ذكر البيان بأن الصلاة عند كسوف الشمس والقمر إنما أمر بها إلى أن تنجلي أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد العابد حدثنا نصر بن علي بن نصر قال خبرنا نوح بن قيس حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي بكرة قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي أو يحدث الله أمرا
[ 75 ]
ذكر الأمر بالصلاة عند رؤية كسوف الشمس أو القمر أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا مبارك بن فضالة عن الحسن عن أبي بكرة قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا فانكسفت الشمس فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعا يجر ثوبه حتى دخل المسجد فصلى ركعتين فلم يزل يصليها حتى انجلت وكان ذلك عند موت إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله
[ 76 ]
لا ينكسفان لموت أحد فإذا رأيتم ذلك فادعوا حتى يكشف ما بكم قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم فادعوا أراد به فصلوا إذ العرب تسمي الصلاة دعاء ذكر البيان بأن هذه اللفظة فادعوا أراد به فصلوا على حسب ما ذكرناه أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي بكرة قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فكسفت الشمس فقام صلى الله عليه وسلم عجلانا إلى المسجد فجر إزاره أو ثوبه وثاب إليه ناس فصلى بهم ركعتين نحو ما تصلون ثم جلي عنها فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وثاب إليه الناس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف بهما عباده وإنهما لا ينكسفان
[ 77 ]
لموت أحد من الناس وكان ابنه توفي فإذا رأيتم منها شيئا فصلوا حتى يكشف ما بكم قال أبو حاتم رضي الله عنه قول أبي بكرة فصلى بهم ركعتين نحو ما تصلون أراد به تصلون صلاة الكسوف ركعتين في أربع ركعات وأربع سجدات على حسب ما تقدم ذكرنا له ذكر الأمر بالدعاء والاستغفار مع الصلاة عند رؤية كسوف الشمس والقمر أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا بريد عن أبي بردة عن أبي موسى قال كسفت الشمس زمن
[ 78 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فزعا خشينا أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام فصلى بأطول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعل في صلاة قط ثم قال إن هذه الأيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره ودعائه واستغفاره ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن صلاة الكسوف كسائر الصلوات سواء أخبرنا إسحاق بن إبراهيم التاجر المروزي بمرو قال حدثنا عبد الكريم بن عبد الله السكري قال أخبرنا النضر بن شميل قال أخبرنا أشعث عن الحسن عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى في كسوف
[ 79 ]
الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم قال أبو حاتم رضي الله عنه قول أبي بكرة ركعتين مثل صلاتكم أراد به مثل صلاتكم في الكسوف ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن عند كسوف الشمس أو القمر يكتفي بالدعاء دون الصلاة إذا صلى كسائر الصلوات أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير بن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حتى لم يكد أن يركع ثم ركع حتى لم يكد أن يرفع رأسه ثم رفع رأسه فجعل يتضرع ويبكي ويقول رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم ألم تعدني أن لا تعذبهم ونحن نستغفرك فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلت الشمس فقام فحمد الله وأثنى عليه وقال إن الشمس والقمر آيتين من آيات الله فإذا انكسفا فافزعوا إلى ذكر الله ثم قال لقد عرضت علي الجنة
[ 80 ]
حتى لو شئت لتعاطيت قطفا من قطوفها وعرضت علي النار حتى جعلت أتقيها حتى خشيت أن تغشاكم فجعلت أقول ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرونك قال فرأيت فيها الحميرية السوداء صاحبة الهرة كانت حبستها فلم تطعمها ولم تسقها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض فرأيتها كلما أدبرت نهشت في النار ورأيت فيها صاحب بدنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم أخا دعدع يدفع في النار بقضيبين ذي شعبتين ورأيت صاحب المحجن فرأيته في النار على محجنه متوكئا
[ 81 ]
ذكر وصف الصلاة التي ذكرناها في هذا الكسوف أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا ومحمد بن عبيد الله بن الفضل بحمص وعمر بن محمد الهمداني بصغد وأحمد بن عمر بن يوسف بدمشق قالوا حدثنا عمرو بن عثمان قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري قال أخبرني كثير بن عباس عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس صلى أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات ذكر كيفية هذا النوع من صلاة الكسوف أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن يحيى بن سعيد أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة حدثتها ان يهودية أتتها فقالت أجارك الله من عذاب القبر فقالت عائشة لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن الناس ليفتنون في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائذ بالله قالت عائشة ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم خرج مخرجا فخسفت الشمس فخرجنا إلى الحجرة واجتمع إلينا النساء وأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك ضحوة فقام يصلي فقام قياما طويلا ثم ركع ركوعا ثم رفع
[ 82 ]
رأسه فقام دون القيام الأول ثم ركع دون ركوعه ثم سجد ثم قام الثانية وصنع مثل ذلك إلا أن ركوعه دون الركعة الأولى ثم سجد وتجلت الشمس فلما انصرف قعد على المنبر فقال فيما يقول إن الناس يفتنون في قبورهم كفتنة الدجال قالت عائشة فكنا نسمعه بعد ذلك بتعوذ من فتنة القبر
[ 83 ]
ذكر البيان بأن المصلي صلاة الكسوف التي ذكرناها له أن يقرأ في الركعة الثانية غير السورة التي قرأها في الركعة الأولى أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فقرأ بسورة طويلة ثم ركع نحوا من قيامه ثم رفع رأسه فافتتح بسورة أخرى حتى إذا فرغ منها ركع ثانية ثم رفع رأسه وسجد ثم قام إلى الركعة الثانية فقرأ أيضا بسورة وقام دون القراءة الأولى ثم ركع فكان ركوعه دون الأول ثم سجد فلما رفع رأسه من السجود قال ما من شئ توعدونه إلا وقد رأيته في مقامي هذا ولقد رأيتني أريد أن أخذ قطفا من الجنة حين رأيتموني أتقدم ولقد رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا حين رأيتموني تأخرت ورأيت عمرو بن لحي وهو الذي سيب السوائب
[ 84 ]
ذكر البيان بأن من صلى صلاة الكسوف التي ذكرناها عليه أن يختم صلاته بالتشهد والتسليم أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عمرو بن عثمان القرشي قال حدثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر أنه سأل الزهري عن سنة صلاة الكسوف فقال أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة قالت انكسفت الشمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فنادى أن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر ثم قرأ قراءة طويلة ثم كبر فركع ركوعا طويلا مثل قيامه أو أطول ثم رفع رأسه فقال النبي صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده ثم قرأ قراءة طويلة هي أدنى من القيام الأول ثم كبر فركع ركوعا طويلا وهو أدنى من الركوع الأول ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ثم كبر فسجد سجودا
[ 85 ]
طويلا وهو أدنى من ركوعه أو أطول ثم كبر فرفع رأسه ثم كبر وسجد ثم كبر فقام فقرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى ثم كبر فركع ركوعا طويلا هو أدنى من الركوع الأول ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ثم قرأ قراءة طويلة هي أدنى من القراءة الأولى في القيام الثاني ثم كبر فركع ركوعا طويلا دون الركوع الأول ثم كبر فرفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ثم كبر فسجد أدنى من سجوده الأول ثم رفع رأسه ثم تشهد ثم سلم وقام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فإن خسف بهما أو بأحدهما فافزعوا إلى الله والصلاة قال الزهري فقلت لعروة والله ما صنع هذا أخوك عبد الله حين انكسفت الشمس وهو بالمدينة وما صلى إلا ركعتين مثل صلاة الصبح قال أجل كذلك صنع وأخطأ السنة
[ 86 ]
ذكر النوع الثاني من صلاة الكسوف أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطال القيام ثم ركع ثم رفع رأسه فقام دون قيامه الأول ثم ركع ثم رفع رأسه فقام دون قيامه الأول ثم ركع ثلاث ركعات ثم سجد ثم رفع رأسه فقام فركع ثلاث ركعات قام فيهن دون قيامه
[ 87 ]
الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتم كسوفهما فصلوا حتى ينجلي ذكر البيان بأن هذا النوع من صلاة الكسوف يجب أن يصلى ركعتين في ست ركعات وأربع سجدات أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان قال حدثنا عطاء عن جابر بن عبد الله قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يوم مات فيه إبراهيم فقال الناس إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات وأربع سجدات كبر ثم قرأ فأطال القراءة ثم ركع نحوا مما قام ثم رفع رأسه فقرأ دون القراءة الأولى ثم ركع نحوا مما قرأ ثم رفع رأسه فقرأ دون القراءة الثانية ثم ركع نحوا مما قرأ رفع رأسه فسجد سجدتين ثم قام فصلى ثلاث ركعات قبل أن يسجد ليس فيها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها إلا أن ركوعه نحوا من قيامه ثم تأخر في صلاته فتأخرت الصفوف معه ثم تقدم فتقدمت الصفوف معه فقضى الصلاة وقد أضاءت الشمس ثم قال أيها الناس
[ 88 ]
إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت بشر فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى ينجلي ذكر ما يستحب للمرء أن يكثر من التكبير لله جل وعلا مع الصدقة إذا أراد الصلاة لكسوف الشمس أو القمر أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه
[ 89 ]
عن عائشة أنها قالت خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس فقام وأطال القيام ثم ركع فاطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ما فعل في الأولى ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وتصدقوا وقال يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
[ 90 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم فادعوا الله وكبروا وتصدقوا أراد به فصلوا إذ الصلاة تسمى دعاء أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال حدثنا عبد الله قال أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فأطال القيام جدا ثم ركع فأطال الركوع جدا ثم رفع رأسه فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه ثم انحدر بالسجود فسجد ثم قام في الركعة الثانية فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع رأسه فانحدر بالسجود فسجد ثم قال أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا وتصدقوا وكبروا يا أمة محمد إن أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا
[ 91 ]
ذكر ما يستحب للمرء الاستغفار لله جل وعلا عند رؤية كسوف الشمس أو القمر أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى قال خسفت الشمس زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقام فزعا ثم قال إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلها يخوف بها عباده فإذا رأيتم منها شيئا فافزعوا إلى ذكره واستغفاره قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم فافزعوا إلى ذكره يريد به إلى صلاة الكسوف لأن الصلاة تسمى ذكرا أو فيها ذكر الله فسمى الصلاة ذكرا ذكر الخبر الدال على أن المرء إذا ابتدأ في صلاة الكسوف وصلى بعضها ثم انجلت عليه أن يتم باقي صلاته كسائر الصلوات لا كصلاة الكسوف أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري عن حيان بن عمير
[ 92 ]
عن عبد الرحمن بن سمرة قال كنت أرمي بأسهم بالمدينة إذ خسفت فنبذتها فقلت والله لأنظرن ما يحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس قال فأتيته وهو صلى الله عليه وسلم قائم في الصلاة رافع يديه قال فجعل يسبح ويحمد ويكبر ويهلل ويدعو حتى حسر فلما حسر عنها قرأ سورتين وصلى ركعتين ذكر الإباحة للمصلي صلاة الكسوف أن يجهر بقراءته فيها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر عن الزهري عن عروة
[ 93 ]
عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة في صلاة الكسوف ذكر البيان بأن المصلي صلاة الكسوف له أن يجهر بالقراءة فيها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن نمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات وجهر بالقراءة
[ 94 ]
ذكر خبر أوهم غير المتبحر في صناعة العلم أن صلاة الكسوف لا يجهر فيها بالقراءة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس العبدي عن ثعلبة بن عباد عن سمرة قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوف لا نسمع له صوتا ذكر الخبر الدال على أن سمرة لم يسمع قراءة المصطفى صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف لأنه كان في أخريات الناس بحيث لا يسمع صوته أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا الفضل بن دكين قال حدثنا زهير بن معاوية عن الأسود بن قيس قال
[ 95 ]
حدثني ثعلبة بن عباد العبدي انه شهد خطبة يوما لسمرة بن جندب فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمرة بينا أنا يوما وغلام من الأنصار نرمي غرضا لنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كانت الشمس قدر رمحين أو ثلاثة في عين الناظر من الأفق اسودت فقال أحدنا صاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله لتحدثن هذه الشمس لرسول الله صلى الله عليه وسلم في أمته حديثا قال فدفعنا إلى المسجد فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو بارز حين خرج إلى الناس قال فتقدم فصلى بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم سجد كأطول ما سجدنا قط لا نسمع له صوتا ثم قعد في الركعة الثانية مثل ذلك قال فوافق تجلي الشمس جلوسه في الركعة الثانية فسلم
[ 96 ]
ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أن صلاة الكسوف لا يجهر فيها بالقراءة أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن بن عباس أنه قال خسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه فقام طويلا نحوا من سورة البقرة ثم ركع ركوعا طويلا ثم رفع فقام طويلا وهو دون القيام الأول ثم ركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم قام قياما طويلا وهو دون القيام الأول وركع ركوعا طويلا وهو دون الركوع الأول ثم سجد ثم انصرف وقد تجلت الشمس فقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله فقالوا يارسول الله رأيناك تناولت شيئا في مقامك
[ 97 ]
هذا ثم رأيناك تكعكعت فقال إني رأيت الجنة أو أريت الجنة فتناولت منها عنقودا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا بم يا رسول الله قال بكفرهن قيل يكفرن بالله قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت والله ما رأيت منك خيرا قط ذكر ما يجب على المرء أن يتبرك برؤية كسوف الشمس والقمر فيحدث لله توبة أو يقدم لنفسه طاعة أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا نرى الآيات في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بركات التجارة ترونها تخويفا
[ 98 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه خبر حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن بن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس ثماني ركعات وأربع سجدات ليس بصحيح لأن حبيبا لم يسمع من طاوس هذا الخبر
[ 99 ]
وكذلك خبر علي رضوان الله عليه أنه صلى الله عليه وسلم صلى في صلاة الكسوف هذا النحو لأنا لا نحتج بحنش وأمثاله من أهل العلم وكذلك أغضينا عن إملائه
[ 100 ]
ذكر الأمر بالعتاقة عند رؤية كسوف الشمس أو القمر لمن قدر على ذلك أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر بالعتاقة في صلاة الكسوف
[ 101 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الكسوف يكون لموت العظماء من أهل الأرض أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا خلف بن هشام البزار قال حدثنا أبو عوانة عن الأسود بن قيس عن ثعلبة بن عباد عن سمرة بن جندب قال قام يوما خطيبا فذكر في خطبته حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمرة بينا أنا وغلام من الأنصار نرمي غرضا لنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا طلعت الشمس فكانت في عين الناظر قيد رمح أو رمحين اسودت فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لتحدثن هذه الشمس اليوم لرسول الله في أمته حديثا قال فدفعنا إلى المسجد فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج فاستقام فصلى فقام بنا كأطول ما قام في صلاة قط لا نسمع له صوتا ثم قام ففعل مثل ذلك بالركعة الثانية ثم جلس فوافق جلوسه تجلي الشمس فسلم وانصرف فحمد الله وأثنى عليه وشهد أن لا إله إلا الله وأنه عبد الله ورسوله ثم قال يا أيها الناس إنما بشر رسول أذكركم بالله إن كنتم تعلمون أني قصرت عن شئ بتبليغ رسالات ربي
[ 102 ]
لما أخبرتموني فقال الناس نشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك وقضيت الذي عليك ثم قال أما بعد فإن رجالا يزعمون أن كسوف هذه الشمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النجوم عن مطالعها لموت رجال عظماء من أهل الأرض وإنهم كذبوا ولكنها آيات الله يعتبر بها عباده لينظر من يحدث منهم توبة وإني والله لقد رأيت ما أنتم لاقون في أمر دنياكم وأخرتكم مذ قمت أصلي وإنه والله ما تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا أحدهم الأعور الدجال ممسوح عين اليسرى كأنها عين أبي تحيى شيخ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة خشبة وإنه متى يخرج فإنه سوف يزعم أنه الله فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه عمل صالح من عمل سلف وإنه سيظهر على الأرض كلها غير الحرم وبيت المقدس وإنه يسوق المسلمين إلى بيت المقدس فيحاصرون حصارا وعطاء قال الأسود وظني أنه قد حدثني أن عيسى بن مريم يصيح فيه
[ 103 ]
فيهزمه الله وجنوده حتى إن أصل الحائط أو جذم الشجرة لينادي يا مؤمن هذا كافر مستتر بي تعال فاقتله ولن يكون ذلك كذلك حتى تروا أمورا عظاما يتفاقم شأنها في أنفسكم وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرا وحتى تزول جبال عن مراتبها قال ثم على إثر ذلك القبض ثم قبض أطراف أصابعه ثم قال مرة أخرى وقد حفظت ما قال فذكر هذا فما قدم كلمة عن منزلها ولا أخر أخرى
[ 104 ]
باب صلاة الاستسقاء ذكر ما يستحب للمرء عند وجود الجدب أن يسأل الصالحين الدعاء والاستسقاء للمسلمين أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك أنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت المواشي وتقطعت السبل فادع الله فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فمطرنا من الجمعة إلى الجمعة قال فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تهدمت البيوت وهلكت المواشي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم على رؤوس الجبال والاكام وبطون الأودية ومنابت الشجر قال فانجابت عن المدينة انجياب الثوب
[ 105 ]
ذكر ما يستحب للإمام عند وقوع الجدب بالناس أن يستسقي الله جل وعلا لهم أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة وعمر بن محمد قالا حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت عبيد الله بن عمر عن ثابت عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة فقام إليه الناس فصاحوا فقالوا يا نبي الله قحط المطر واحمر الشجر وهلكت البهائم فادع الله أن يسقينا
[ 106 ]
فقال اللهم اسقنا قال وايم الله ما نرى في السماء قزعة من سحاب قال فنشأت سحابة فانتشرت ثم إنها مطرت فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم فصلى وانصرف فلم تزل تمطر إلى الجمعة الأخرى فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم يخطب صاحوا وقالوا يا نبي الله تهدمت البيوت وانقطعت السبل فادع الله يحبسها عنا قال فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال اللهم حوالينا ولا علينا قال فتقشعت عن المدينة فجعلت تمطر حولها وما تقطر بالمدينة قطرة قال فنظرت إلى المدينة وإنها لفي مثل الإكليل
[ 107 ]
ذكر العلة التي من اجلها تبسم النبي صلى الله عليه وسلم فيما وصفنا أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال قحط المطر عاما فقام بعض المسلمين إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قحط المطر واجدبت الأرض وهلك المال قال فرفع يديه وما نرى في السماء سحابة فمد يديه حتى رأيت بياض إبطيه يستسقي الله فما صلينا الجمعة حتى أهم الشاب القريب الدار الرجوع إلى أهله فدامت جمعة فلما كانت الجمعة التي تليها قال يا رسول الله تهدمت البيوت واحتبس الركبان قال فتبسم صلى الله عليه وسلم لسرعة ملالة بن آدم وقال بيديه اللهم حوالينا ولا علينا قال فتكشفت عن المدينة
[ 109 ]
ذكر ما يدعو المرء به عند وجود الجدب بالمسلمين أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا طاهر بن خالد بن نزار الأيلي قال حدثنا أبي قال حدثنا القاسم بن مبرور عن يونس بن يزيد الأيلي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر فأمر بالمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يوما يخرجون فيه قالت عائشة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال إنكم شكوتم جدب جنانكم واحتباس المطر عن إبان زمانه عنكم وقد أمركم الله أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين لا إله إلا أنت تفعل ما تريد اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى خير ثم رفع يديه صلى الله عليه وسلم حتى رأينا بياض إبطيه ثم حول إلى الناس ظهره وقلب أو حول رداءه وهو رافع يديه ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين فأنشأ الله سحابا فرعدت وأبرقت وأمطرت بإذن الله فلم نلبث في مسجده حتى سألت السيول فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم لثق
[ 110 ]
الثياب على الناس ضحك حتى بدت نواجذه وقال أشهد أن الله على كل شئ قدير وإني عبد الله ورسوله ذكر ما يستحب للإمام إذا أراد الاستسقاء أن يستسقي الله بالصالحين رجاء استجابة الدعاء لذلك أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا الأنصاري قال حدثني أبي عن ثمامة عن أنس قال كانوا إذا قحطوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم استسقوا بالنبي صلى الله عليه وسلم فيستسقي لهم فيسقون فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر قحطوا فخرج عمر بالعباس يستسقي به فقال اللهم إنا كنا إذا قحطنا على عهد نبيك صلى الله عليه وسلم واستسقينا
[ 111 ]
به فسقيتنا وإنا نتوسل إليك اليوم بعم نبيك صلى الله عليه وسلم فاسقنا قال فسقوا
[ 112 ]
ذكر البيان بأن صلاة الاستسقاء يجب أن تكون مثل صلاة العيد سواء أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يحيى القطان قال سمعت سفيان قال حدثني هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال أرسلني أمير من الأمراء إلى بن عباس اسأله عن صلاة الاستسقاء فقال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متبذلا متمسكنا متضرعا متواضعا ولم يخطب خطبتكم هذه فصلى ركعتين كما يصلي في العيد
[ 113 ]
ذكر ما يستحب للمرء المبالغة في الدعاء عند الاستسقاء أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شئ من الدعاء إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه
[ 115 ]
ذكر الإباحة للمصلي صلاة الاستسقاء أن يجهر بقراءته فيها أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن الخطاب البلدي الزاهد قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا سفيان عن بن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم استسقى فصلى ركعتين وجهر بالقراءة
[ 116 ]
ذكر البيان بأن صلاة الاستسقاء يجب ان يجهر فيها بالقراءة أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عثمان بن عمر قال حدثنا بن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم عن عمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي فاستقبل القبلة ولى ظهره الناس وقلب رداءه وصلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة ذكر ما يستحب للإمام إذا استسقى أن يحول رداءه في خطبته أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني عباد بن تميم المازني أنه سمع عمه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يستسقي فحول إلى الناس ظهره واستقبل القبلة وحول رداءه وصلى ركعتين
[ 118 ]
ذكر البيان بأن قلب الرداء دون تحويله مباح للمستسقي للناس أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا إبراهيم بن حمزة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم عن عمه قال استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة سوداء فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه
[ 119 ]
باب صلاة الخوف ذكر وصف الخوف عند التقاء المسلمين وأعداء الله الكفرة أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو عوانه عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن بن عباس قال فرض الله جل وعلا الصلاة على اختلفوا نبيكم صلى الله عليه وسلم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة
[ 120 ]
ذكر وصف صلاة المرء في الخوف إذا أراد أن يصليها جماعة ركعة واحدة أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا غندر عن شعبة عن الحكم عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف فقام صف بين يديه وصف خلفه فصلى بهم ركعة وسجدتين وجاء أولئك حتى قاموا فقام هؤلاء صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان ولهم ركعة واحدة
[ 121 ]
ذكر ذهاب الطائفة الأولى إلى مصاف إخوانهم ويجئ أولئك إلى الإمام عند إرادتهم الصلاة التي وصفناها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا بشر بن السري قال حدثنا سفيان عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان قال أتيت زيد بن ثابت فسألته عن صلاة الخوف فقال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف خلفه وصف بإزاء العدو فصلى بهم ركعة ثم ذهبوا إلى مصاف إخوانهم وجاء الأخرون فصلى بهم ركعة ثم سلم فكان للنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل طائفة ركعة
[ 122 ]
ذكر البيان بأن القوم الذين وصفناهم لم يقضوا الركعة التي ركع صلى الله عليه وسلم بإخوانهم بل اقتصروا على ركعة واحدة لهم أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان قال حدثني أبو بكر بن أبي الجهم عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بذي قرد فصف الناس خلفه صفين صف خلفه وصف موازي العدو فصلى بالصف الذي يليه ركعة ثم رجع هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء فصلى بهم ركعة ولم يقضوا
[ 123 ]
ذكر إباحة أخذ القوم السلاح عند صلاتهم الخوف التي ذكرناها أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثني سعيد بن عبيد الهنائي قال حدثنا عبد الله بن شقيق العقيلي قال حدثني أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فحاصر المشركين قال فقالوا إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من أبناءهم وأبكارهم يعنون العصر فأجمعوا أمركم ثم ميلوا عليهم ميلة واحدة قال فجاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين ويصلي بالطائفة الأولى ركعة ويأخذ الطائفة الأخرى حذرهم وأسلحتهم فإذا صلى بهم ركعة تأخروا وتقدم الآخرون فصلى بهم ركعة وأخذ هؤلاء الآخرون حذرهم وأسلحتهم
[ 124 ]
فكانت لكل طائفة مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ركعة ذكر النوع الثاني من صلاة الخوف على حسب الحاجة إليها أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا أحمد بن الأزهر قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن بن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة قالت صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بذات الرقاع قالت فصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس صدعين فصفت طائفة وراءه وقامت طائفة وجاه العدو قالت فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفة الذين صفوا خلفه ثم ركع وركعوا ثم سجد وسجدوا ثم رفع رأسه فرفعوا ثم مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وسجدوا لأنفسهم السجدة الثانية ثم قاموا فنكصوا على أعقابهم يمشون القهقري حتى قاموا من ورائهم وأقبلت الطائفة الأخرى فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبروا
[ 125 ]
ثم ركعوا لأنفسهم ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة الثانية فسجدوا معه ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركعته وسجدوا لأنفسهم السجدة الثانية ثم قامت الطائفتان جميعا فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع بهم ركعة وركعوا جميعا ثم سجد فسجدوا جميعا ثم رفع رأسه فرفعوا معه كل ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا جدا لا يألو أن يخفف ما استطاع ثم سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلموا ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شركه الناس في صلاته كلها ذكر النوع الثالث من صلاة الخوف أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن عبدة الضبي قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف فركع بهما جميعا ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصف الذي يلونه
[ 126 ]
والآخرون قيام حتى نهض ثم سجد أولئك بأنفسهم سجدتين ثم تأخر الصف المتقدم فركع النبي صلى الله عليه وسلم والصف الذين يلونه فلما رفعوا رؤوسهم سجد أولئك سجدتين كلهم قد ركع مع النبي صلى الله عليه وسلم وسجدت لأنفسهم سجدتين وكان العدو مما يلي القبلة ذكر الموضع الذي صلى الله عليه وسلم فيه صلاة الخوف التي ذكرناها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن أبي عياش الزرقي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان والمشركون بضجنان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر
[ 127 ]
رآه المشركون يركع ويسجد فأتمروا على أن يغيروا عليه فلما حضرت العصر صف الناس خلفه صفين فكبر وكبروا جميعا وركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الصف الثاني بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه سجد الصف الثاني فلما رفعوا رؤوسهم ركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الصف الثاني بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه سجد الصف الثاني قال أبو حاتم أبو عياش الزرقي اختلف في اسمه منهم من قال إنه زيد بن النعمان ومنهم من قال إنه زيد بن الصامت ومنهم من قال عبيد بن معاوية بن الصامت وقال بعضهم عبيد بن معاذ بن الصامت
[ 128 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن مجاهدا لم يسمع هذا الخبر من أبي عياش الزرقي ولا لأبي عياش الزرقي صحبة فيما زعم أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن مجاهد قال حدثنا أبو عياش الزرقي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان وعلى المشركين خالد بن الوليد قال فصلينا الظهر فقال المشركون لقد كانوا على حال لو أردنا لأصبناهم غرة أو لأصبناهم غفلة قال فأنزلت آية القصر بين الظهر والعصر فأخذ الناس السلاح وصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صفين مستقبلي العدو والمشركون مستقبلوهم فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبروا جميعا وركع وركعوا جميعا ثم رفع رأسه ورفعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الأخر يحرسونهم فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد هؤلاء ثم نكص الصف الذي يليه وتقدم الآخرون فقاموا مقامهم فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم وركعوا جميعا ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفعوا جميعا ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون
[ 129 ]
يحرسونهم فلما فرغ هؤلاء من سجودهم سجد الآخرون ثم استووا معه فقعدوا جميعا ثم سلم عليهم جميعا صلاها بعسفان وصلاها يوم بني سليم ذكر البيان بأن هذه الصلاة التي ذكرناها كان العدو بين المسلمين وبين القبلة فيها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم قال حدثنا زهير بن معاوية قال حدثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما من جهينة فقاتلوا قتالا وعطاء فلما صلينا
[ 130 ]
الظهر قالوا لو ملنا عليهم ميلة قطعناهم فأخبر جبريل النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال قالوا بيننا وبينهم صلاة هي أحب إليهم من الأولى فلما حضرت الصلاة صفنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا معه فركع وركعنا معه وسجد وسجد الصف الأول معه فلما قام سجد الصف الثاني ثم تقدموا فقاموا مقام الصف الأول وتأخر الصف الأول فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرنا معه ثم ركع وركعنا معه ثم سجد وسجد الصف الأول معه ثم قعد فسجد الصف الثاني ثم جلسوا جميعا فسلم عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو الزبير عن جابر كما يصلي أمراؤكم هؤلاء
[ 131 ]
ذكر النوع الرابع من صلاة الخوف أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة من أصل كتابه قال حدثنا أحمد بن الأزهر وكتبته من أصله قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن بن إسحاق قال أخبرني محمد بن عبد الرحمن بن نوفل وكان يتيما في حجر عروة بن الزبير عن عروة بن الزبير قال سمعت أبا هريرة ومروان بن الحكم يسأله عن صلاة الخوف فقال أبو هريرة كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزاة قال فصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس صدعين قامت معه طائفة وطائفة أخرى مما يلي العدو وظهورهم إلى القبلة فكبر
[ 132 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبروا جميعا الذين معه والذين يقاتلون العدو ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة فركع معه الطائفة التي تليه ثم سجد وسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابلي العدو ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذت الطائفة التي صلت معه أسلحتهم ثم مشوا القهقري على أدبارهم حتى قاموا مما يلي العدو وأقبلت الطائفة التي كانت مقابلة العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو ثم قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى فركعوا معه وسجد وسجدوا معه ثم أقبلت الطائفة التي كانت تقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ومن معه ثم كان السلام فسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعا فقام وقد شركوه في الصلاة
[ 133 ]
ذكر النوع الخامس من صلاة الخوف أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن بن عمر قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو ثم انصرفوا فقاموا مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم ومضى هؤلاء فقاموا مقام أصحابهم مقبلين على العدو وجاء أولئك فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم بهم النبي صلى الله عليه وسلم وقضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة
[ 134 ]
ذكر البيان بأن القوم في الصلاة التي وصفناها كانوا يحرسون بعضهم بعضا أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال حدثنا كثير بن عبيد قال حدثنا بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله أن بن عباس قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام الناس معه فكبر وكبروا معه ثم ركع وركع معه ناس منهم ثم سجد
[ 135 ]
وسجدوا ثم قام إلى الركعة الثانية فتأخر الذين سجدوا معه يحرسون إخوانهم وأتت الطائفة أخرى فركعوا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم وسجدوا والناس كلهم في صلاة يكبرون ولكن يحرس بعضهم بعضا ذكر النوع السادس من صلاة الخوف أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا سعيد بن عامر عن أشعث عن الحسين عن أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صفهم صفين فصلى ركعتين بالصف الذي يليه ثم سلم وتأخروا وتقدم الآخرون فصلى بهم
[ 136 ]
ركعتين ثم سلم فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللمسلمين ركعتين ركعتين ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به الحسن عن أبي بكرة أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن سليمان اليشكري أنه سأل جابر بن عبد الله عن إقصار الصلاة في الخوف أين أنزل وأين هو فقال خرجنا نتلقى عيرا لقريش أتت من الشام حتى إذا كنا بنخل جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه
[ 137 ]
موضوع فقال أنت محمد قال نعم قال أما تخافني قال لا قال فمن يمنعك مني قال الله يمنعني منك قال فسل سيفه وتهدده القوم وأوعدوه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالرحيل وبأخذ السلاح ثم نادى بالصلاة فصلت طائفة خلفه وطائفة تحرس مقبلين على العدو فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالطائفة التي معه ركعتين وأقبلت الطائفة الأخرى فقامت في مصاف الذين صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرست الطائفة الذين صلوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم مقبلون على العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين فصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا ولأصحابه ركعتين
[ 138 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به قتادة عن سليمان اليشكري أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله قال قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل فرأوا من المسلمين غرة فجاءه رجل منهم يقال له عوف بن الحارث أو غورث بن الحارث حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف فقال من يمنعك مني قال الله قال فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم السيف فقال له من يمنعك مني قال كن خيرا مني قال تشهد أن لا إله إلا الله قال لا ولكن أعاهدك على أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك قال فخلى سبيله فجاء إلى أصحابه فقال جئتكم من عند خير الناس فلما كان عند الظهر أو العصر شكك أو عوانة أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصلاة الخوف قال فكان الناس طائفتين طائفة بإزاء العدو وطائفة يصلون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بالطائفة الذين معه ركعتين ثم انصرفوا فكانوا مكان أولئك وجاء أولئك فصلوا
[ 139 ]
مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان ذكر الموضع الذي صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف التي ذكرناها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا عفان حدثنا أبان بن يزيد قال حدثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذ كنا بذات الرقاع نودي الصلاة جامعة فصلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان
[ 140 ]
ذكر النوع السابع من صلاة الخوف أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم صاعقة قال حدثنا روح بن عبادة قال أخبرنا شعبة ومالك عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح بن خوات عن سهل بن أبي حثمة أنه قال في صلاة الخوف تقوم طائفة وراء الإمام وطائفة خلفه فيصلي بالذين خلفه ركعة وسجدتين ثم يقعد مكانه حتى يقضوا ركعة وسجدتين ثم يتحولون إلى مكان أصحابهم ثم يتحول أصحابهم إلى مكان هؤلاء فيصلي بهم ركعة وسجدتين ثم يقعد مكانه حتى يصلوا
[ 141 ]
ركعة وسجدتين ثم يسلم أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة في عقبه قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا روح قال حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عن القاسم عن صالح بن خوات
[ 142 ]
عن سهل بن أبي حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا
[ 143 ]
ذكر النوع الثامن من صلاة الخوف أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا محمد بن الصباح قال أخبرنا جرير بن عبد الحميد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف يقوم امام وطائفة من الناس معه فيسجدون سجدة واحدة وتكون طائفة بينهم وبين العدو ثم ينصرف الذين سجدوا سجدة مع الإمام ويكونون مكان الذين لم يصلوا ويجئ أولئك فيصلون مع إمامهم سجدة واحدة ثم ينصرف إمامهم فيصلي كل واحد من الطائفتين بصلاته سجدة واحدة فإن كان خوفا أشد من ذلك فرجالا أو ركبانا
[ 144 ]
ذكر النوع التاسع من صلاة الخوف أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال حدثنا بن أبي مريم قال حدثنا يحيى بن أيوب قال حدثنا يزيد بن الهاد قال حدثني شرحبيل أبو سعد عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الخوف قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائفة من خلفه وطائفة من وراء التي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قعود ووجوههم كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبرت الطائفتان فركع وركعت الطائفة التي خلفه والأخرى قعود ثم سجد وسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قام فقاموا ونكسوا خلفهم حتى كانوا مكان أصحابهم قعودا وأتت الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة
[ 145 ]
وسجدتين والآخرون قعود ثم سلم فقامت الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين قال أبو حاتم رضي الله عنه هذه الأخبار ليس بينهما تضاد ولا تهاتر ولكن المصطفى صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف مرارا في أحوال مختلفة بأنواع متباينة على حسب ما ذكرناها أراد صلى الله عليه وسلم به تعليم أمته صلاة الخوف أنه مباح لهم أن يصلوا أي نوع من الأنواع التسعة التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخوف على حسب الحاجة إليها والمرء مباح له أن يصلي ما شاء عند الخوف من هذه الأنواع التي ذكرناها إذ هي من اختلاف المباح من غير أن يكون بينها تضاد أو تهاتر
[ 146 ]
ذكر الإباحة للمرء عند اشتداد الخوف أن يؤخر الصلاة إلى أن يفرغ من قتاله أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال حدثنا محمود بن خالد قال حدثنا الوليد بن مسلم قال ولا أعلم إلا أن أبا عمرو حدثنا بحديث حدثنا به شيبان أبو معاوية وغيره عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن جابر أن عمر بن الخطاب جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الخندق فقال يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب وذلك بعدما أفطر الصائم قال والله ما صليناها بعد قال فنزل إلى بطحان وأنا معه فتوضأ ثم صلى العصر بعدما غربت الشمس وبعدما أفطر الصائم
[ 147 ]
ذكر البيان بأن المرء إذا أخر الصلاة في الحال التي وصفناها له بعد ذلك أن يؤدي الصلوات على غير المثال الذي وصفناه من صلاة الخوف أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا بن أبي ذئب قال حدثنا المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال حبسنا يوم الخندق حتى كان بعد المغرب وذلك قبل أن ينزل في القتال فلما كفينا القتال وذلك قول الله جل وعلا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالا فأقام الظهر فصلى كما كان يصليها في وقتها ثم أقام العصر فصلاها كما كان يصليها في وقتها ثم أقام المغرب فصلى كما كان
[ 148 ]
يصليها في وقتها ذكر الإباحة للمرء إذا لقي العدو واشتغل بالمواقعة أن يؤخر صلاته حتى يفرغ من حربه أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هاشم بن الحارث المروزي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن حذيفة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الخندق شغلونا عن صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم
[ 149 ]
نارا قال ولم يصلها يومئذ حتى غابت الشمس
[ 150 ]
كتاب الجنائز وما يتعلق بها مقدما أو مؤخرا باب ما جاء في الصبر وثواب الأمراض والأعراض ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الرضا بالقضاء أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن عمر بن كثير بن أفلح عن عبيد سنوطا عن خولة بنت قيس قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقربت إليه طعاما فوضع يده فيه فوجده حارا فقال حس وقال بن آدم إن أصابه برد قال حس وإن أصابه حر قال حس ثم تذاكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمزة بن عبد المطلب الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا خضرة حلوة فمن أخذها بحقها بورك له فيها ورب متخوض فيما شاءت نفسه في مال
[ 151 ]
الله ومال رسوله صلى الله عليه وسلم له النار يوم القيامة
[ 152 ]
ذكر ما يجب على المرء من ترك التسخط عند ورود ضد المراد في الحال عليه أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمرو بن آدم حدثنا الفضل بن موسى عن أبي عامر الخزاز عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر
[ 153 ]
سنين فما قال لي لم فعلت كذا ولم تفعل كذا ذكر خبر ثان يدل على صحة ما أومأنا إليه أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا شيبان بن فروخ أخبرنا سلام بن مسكين حدثنا ثابت عن أنس قال خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف قط ولا قال لي ألا صنعت كذا وكذا ولم تصنع كذا وكذا
[ 154 ]
ذكر الأمر لمن أصيب بمصيبة في الدنيا أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا الحسن بن حماد سجادة قال حدثنا إبراهيم بن عيينة عن شعبة عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة عند قبر تبكي فقال يا هذه اصبري فقالت إنك لا تدري ما مصابي فقيل لها
[ 155 ]
بعد ذلك هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتته فقالت لم أعرفك ذكر إثبات الخير للمسلم الصابر عند الضراء والشاكر عند السراء أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير إن أصابته سراء شكر وإن أصابته ضراء
[ 156 ]
صبر وكان خيرا له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ذكر الخبر الدال على أن على المرء التصبر عند كل محنة يمتحن بها وإن كانت تلك المحنة شيئا يسيرا أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان عن بيان بن بشر عن قيس بن أبي حازم عن خباب بن الأرت قال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت يا رسول الله ألا تدعو الله لنا فجلس مغضبا محمرا وجهه فقال إن من كان قبلكم ليسأل الكلمة فما يعطيها فيوضع عليه المنشار فيشق باثنين ما يصرفه عن دينه وإن كان أحدهم
[ 157 ]
ليمشط ما دون عظامه من لحم أو عصب بأمشاط الحديد وما يصرفه ذاك عن دينه ولكنكم تعجلون وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ذكر الخبر الدال على من امتحن بمحنة في الدنيا فيلقاها بالصبر والشكر يرجى له زوالها عنه في الدنيا مع ما يدخر له من النصارى في العقبي أخبرنا محمد بن الحسين بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرنا نافع بن يزيد عن عقيل عن بن شهاب عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
[ 158 ]
إن أيوب نبي الله صلى الله عليه وسلم لبث في بلائه ثمان عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين قال له صاحبه وذاك قال منذ ثمان عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف ما به فلما راح إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له فقال أيوب لا أدري ما تقول غير أن الله يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق قال وكان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده فلما كان ذات يوم أبطأ عليها فأوحى الله إلى أيوب في كتابه اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فاستبطأته فبلغته فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء فهو أحسن ما كان فلما رأته قالت أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله هذا المبتلي والله على ذلك ما رأيت أحدا كان أشبه به منك إذ كان صحيحا قال فإني أنا هو وكان له فتطعن
[ 159 ]
أندر القمح وأندر الشعير عروبة الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاضت وأفرغت الأخرى على أندر الشعير الورق حتى فاضت ذكر الإخبار عما يجب على المرء من توطين النفس على تحمل المحن والبلايا أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا محمد بن مسكين اليمامي قال حدثنا بشر بن بكر عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني أبو عبد رب عن معاوية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من الدنيا
[ 160 ]
إلا بلاء وفتنة ذكر الإخبار عما يجب على المرء من توطين النفس على تحمل ما يستقبلها من المحن والمصائب أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد عن أبيه قال يا رسول الله من أشد الناس بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ويبتلي العبد على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يدعه يمشي على الأرض
[ 161 ]
وما عليه خطيئة ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا حماد بن زيد عن عاصم عن مصعب بن سعد بن مالك عن أبيه قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان دينه صلبا اشتد بلاءه وإن كان في دينه رقة ابتلي على حسب دينه فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة
[ 162 ]
ذكر الأخبار بأن المرء عندما امتحن بالمصائب عليه زجر النفس عن الخروج إلى ما لا يرضي الله جل وعلا دون دمع العين وحزن القلب أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولد لي الليلة غلام فسميته معبد إبراهيم ثم دفعه إلى امرأة قين بالمدينة فأتبعه فانتهى إلى أبى سيف وهو ينفخ في كيره والبيت ممتلئ دخانا فأسرعت المشي بين يدي رسول الله فقلت يا أبا سيف جاء رسول الله فأمسك فدعا رسول الله بالصبى فضمه إليه وقال ما شاء الله أن يقول قال فلقد رأيته بعد ذلك وهو يكيد بنفسه بين يدي رسول الله وعيناه تدمع فقال رسول الله تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون
[ 163 ]
ذكر ما يجب على المرء من الثبات على الدين عند تواتر البلايا عليه أخبرنا جعفر بن أحمد بن صليح بواسط حدثنا عبد الحميد بن بيان السكري حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر بريح طيبة فقال يا جبريل ما هذه الريح قال هذه ريح ماشطة بنت فرعون وأولادها بينما هي تمشط بنت فرعون إذ سقط المدري من يدها فقالت بسم الله فقالت بنت فرعون أبي قالت بل ربي وربك الله قالت وإن لك ربا غير أبي
[ 164 ]
قالت نعم الله قالت فأخبر بذلك أبي قالت نعم فأخبرته فأرسل إليها فقال ألك رب غيري قالت نعم ربي وربك الله فأمر بنقرة من نحاس فأحميت فقالت له إن لي إليك حاجة قال نعم قال فجعل يلقي ولدها واحدا واحدا حتى انتهوا إلى ولد لها رضيع فقال يا أمتاه أثبتي فإنك على الحق ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مررت ليلة أسري بي برائحة طيبة فقلت ما هذا يا جبريل فقال هذه ماشطة بنت فرعون كانت تمشطها فوقع المشط من يدها فقالت بسم الله فقالت بنت فرعون أبي قالت ربي وربك ورب أبيك قالت أقول له قالت قولي فقالت فقال لها ألك
[ 165 ]
من رب غيري قالت ربي وربك الذي في السماء قالت فأحمي لها نقرة من نحاس وقالت له إن لي إليك حاجة قال وما حاجتك قالت حاجتي أن تجمع بين عظامي وبين عظام ولدي قال ذلك لك لما لك علينا من الحق فألقى ولدها في النقرة واحدا واحدا وكان أهم آخرهم صبي فقال يا أمتاه فإنك على الحق قال بن عباس أربعة تكلموا وهم صغار بن ماشطة ابنة فرعون وصبي جريج وعيسى بن مريم والرابع لا أحفظه
[ 166 ]
ذكر تكفير الله جل وعلا بالهموم والأحزان ذنوب المرء المسلم تفضلا منه جل وعلا عليه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا أبو عامر عن زهير بن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يصيب المرء المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا غم ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله عنه بها خطاياه
[ 167 ]
ذكر تفضل الله جل وعلا على المسلم بحط الخطايا ورفع الدرجات بالأحزان وإن كانت شوكة فما فوقها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا غندر عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا وائل يحدث عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يشاك شوكة فما فوقها إلا رفعة الله بها درجة وحط بها
[ 168 ]
عنه خطيئة ذكر إرادة الله جل وعلا الخير بمن تواترت عليه المصائب والأحزان أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي عن مالك عن بن أبي صعصعة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يرد الله به خيرا يصب منه قال أبو حاتم رضي الله عنه بن أبي صعصعة هذا هو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة من سادات أهل المدينة
[ 169 ]
ذكر البيان بأن العبد قد يكون له عند الله المنازل في الجنان فلا يبلغها إلا بالمحن والبلايا في الدنيا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا يونس بن بكير قال حدثنا يحيى بن أيوب هو الأسماء قال حدثنا أبو زرعة قال حدثنا أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها اسم أبي زرعة كنيته وقد قيل اسمه هرم ذكر تفضل الله على من امتحنه باللمم في الدنيا برفع الحساب عنه في العقبي إذا صبر على ذلك أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبدة ومحمد بن عبيد قالا حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة
[ 170 ]
عن أبي هريرة قال جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها لمم فقالت يارسول الله ادع الله أن يشفيني قال إن شئت دعوت الله لك فشفاك وإن شئت فاصبري ولا حساب عليك فقالت بل أصبر ولا حساب علي ذكر البيان بأن الله قد يجازي من شاء من عبادة على سيئاته في الدنيا ليكون ذلك تطهيرا عنها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا وهب بن بقية قال حدثنا خالد قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبي بكر الصديق أنه قال يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب
[ 171 ]
من يعمل سوءا يجز به وكل شئ عملنا جزينا به فقال ورجاله الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء قال قلت بلى قال هو ما تجزون به
[ 173 ]
ذكر الاستدلال على إرادة الله جل وعلا خيرا بالمسلم بتعجيل عقوبته في الدنيا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا يونس بن عبيد عن الحسن عن عبد الله بن المغفل أن رجلا لقي امرأة كانت بغيا في الجاهلية فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها فقالت مه فإن الله قد أذهب بالشرك وجاء بالإسلام فتركها وولى فجعل يلتفت خلفه وينظر إليها حتى أصاب وجهه حائطا ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم والدم يسيل على وجهه فأخبره بالأمر فقال صلى الله عليه وسلم أنت عبد أراد الله بك خيرا ثم قال إن الله جل وعلا إذا أراد بعبد خيرا عجل عقوبة ذنبه وإذا أراد بعبد شرا امسك عليه ذنبه حتى يوافي يوم القيامة كأنه عائر
[ 174 ]
ذكر الخبر الدال على أن الله قد يعذب من شاء من عباده في الدنيا بأنواع المحن والمصائب لتكون تكفيرا للحوبة التي تقدمتها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا بن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج يريد الشام فلما دنا بلغه أن بها الطاعون فحدثه عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن هذا الوجع عذاب عذب به من كان قبلكم فإذا كان بأرض لستم بها فلا تهبطوا عليه وإذا كان
[ 175 ]
بأرض التجارة بها فلا تخرجوا فرارا منه فرجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالناس ذلك العام قال أبو حاتم إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن الأنبياء والأمم السالفة على ثلاثة أضرب ضرب قصد به المدح لأشياء معلومة أراد من هذه الأمة استعمال تلك الأشياء والضرب الثاني قصد به الذم أراد به انزجار هذه الأمة عن ارتكاب مثلها
[ 176 ]
والضرب الثالث قصد به الوصف أراد به اعتبار هذه الأمة بتلك الأوصاف ذكر البيان بأن تواتر البلايا على المسلم قد لا تبقي عليه سيئة يناقش عليها في العقبي أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وماله ونفسه حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة ذكر الخبر الدال على أن ألفاظ الوعد التي ذكرناها لمن به المحن والبلايا إنما هي لمن حمد الله فيها دون من سخط حكمه أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو كامل قال
[ 177 ]
حدثنا أبو عوانة عن عطاء بن السائب عن عكرمة قال كان بن عباس يكثر أن يحدث بهذا الحديث أن ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم حضرتها الوفاة فأخذها فجعلها بين يديه ثم احتضنها وهي تنزع حتى خرج نفسها وهو يبكي فوضعها فصاحت أم أيمن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبكي فقالت ألا أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبك فإنما هي رحمة المؤمن بكل خير تخرج نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم المؤمن بالزرع في كثرة ميلانه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن
[ 178 ]
إبراهيم أخبرنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمن كالزرع لا تزال الريح تفيئه ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كالشجرة الأرز لا تهتز حتى تستحصد ذكر الإخبار عما يستحب للمسلم أن تعتريه العلل في بعض الأحوال أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هناد بن السري حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
[ 179 ]
عن أبي هريرة قال دخل أعرابي على النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أخذتك أم ملدم قال وما أم ملدم قال حر يكون بين الجلد واللحم قال وما وجدت هذا قط قال فهل وجدت هذا الصداع قال وما الصداع قال عرق يضرب على الإنسان في رأسه قال وما وجدت هذا قط فلما ولى قال النبي صلى الله عليه وسلم من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا لفظة إخبار عن شئ مرادها
[ 180 ]
الزجر عن الركون إلى ذلك الشئ وقلة الصبر على ضده وذلك أن الله جل وعلا جعل العلل في هذه الدنيا والغموم والأحزان سبب تكفير الخطايا عن المسلمين فأراد صلى الله عليه وسلم إعلام أمته أن المرء لا يكاد يتعرى عن مقارفة ما نهى الله عنه في أيامه ولياليه وإيجاب النار له بذلك إن لم يتفضل عليه بالعفو فكأن كل إنسان مرتهن بما كسبت يداه والعلل تكفر بعضها عنه في هذه الدنيا لا أن من عوفي في هذه الدنيا يكون من أهل النار ذكر الإخبار عن أنباء الصالحين قصده تسهيل الشدائد على النفس أخبرنا أبو عروبة أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو الأسماء أخبرنا زهير بن معاوية أخبرنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله أن رجلا قال لشئ قسمه النبي صلى الله عليه وسلم ما عدل في هذا قال فقلت والله لأخبرن رسول الله فأخبرته فقال يرحم الله موسى قد كان يصيبه أشد من هذا ثم يصبر
[ 181 ]
ذكر الخبر الدال على أن الصالحين قد شدد عليهم الأوجاع تكفيرا لخطاياهم أخبرنا أبو عروبة بحران حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عامر حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل قال قالت عائشة ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 182 ]
ذكر البيان بأن الصالحين قد تشدد عليهم البلايا لم يفعل ذلك بغيرهم أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال حدثنا محمد بن خلف الداري قال حدثنا معمر بن يعمر قال حدثنا معاوية بن سلام قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو قلابة أن عبد الله بن نسيب أخبره أن عائشة أخبرته ان النبي صلى الله عليه وسلم طرقه وجع فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقالت له عائشة لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الصالحين قد يشدد عليهم وإنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوقها إلا حطت عنه بها
[ 183 ]
خطيئة ورفع له بها درجة قال أبو حاتم رضي الله عنه يحيى بن أبي كثير واهم في قوله عبد الله بن نسيب إنما هو عبد الله بن الحارث نسيب بن سيرين فسقط عليه الحارث فقال عبد الله بن نسيب ذكر البيان بأن المسلم كلما ثخن دينه كثر بلاؤه ومن رق دينه خفف ذلك عنه أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن العلاء بن المسيب عن أبيه
[ 184 ]
عن سعد قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أشد بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الناس على قدر دينهم فمن ثخن دينه اشتد بلاؤه ومن ضعف دينه ضعف بلاؤه وإن الرجل ليصيبه البلاء حتى يمشي في الناس ما عليه خطيئة ذكر البيان بأن البلايا تكون بالأنبياء أكثر ثم الأمثل فالأمثل في الدين أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه قال يا رسول الله من أشد الناس بلاء قال الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى العبد على حسب دينه فما يبرح بالعبد حتى يمشي على الأرض وما عليه خطيئة
[ 185 ]
ذكر البيان بأن البلايا تكون أسرع إلى محبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من الشئ المدلى إلى منتهاه أو الجاري إلى نهايته أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا القواريري قال حدثنا أبو معشر البراء قال حدثنا شداد بن سعيد عن أبي الوازع جابر بن عمرو قال سمعت عبد الله بن المغفل يقول أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال والله يا رسول الله إني لأحبك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن البلايا أسرع إلى من يحبني من السيل إلى منتهاه
[ 186 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجازي المسلم على سيئاته في الدنيا بالمصائب في بدنه أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكر بن سوادة حدثه أن يزيد بن أبي يزيد حدثه عن عبيد بن عمير عن عائشة ان رجلا تلا هذه الآية من يعمل سوءا يجز به فقال إنا لنجزى بكل ما علمنا هلكنا إذا فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم يجزى به في الدنيا من مصيبة في جسده مما يؤذيه
[ 187 ]
ذكر البيان بأن البلايا بالمرء قد تحط خطاياه بها أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا محمد بن النضر بن مساور المروزي قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وفي ماله وولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة ذكر تكفير الله جل وعلا ذنوب المسلم في الدنيا بالأسقام والأوجاع أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من سقم ولا وجع يصيب المؤمن إلا كان كفارة لذنبه حتى الشوكة
[ 188 ]
يشاكها والنكبة ينكبها
[ 189 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجازي المسلم على سيئاته في الدنيا بالأمراض والأحزان لتكون كفارة لها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد قال حدثني أبو بكر بن أبي زهير عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله كيف الصلاح بعد هذه الآية من يعمل سوءا يجز به فقال رحمك الله يا أبا بكر ألست تمرض ألست تنصب ألست يصيبك اللأواء فذاك ما تجزون به قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو بكر بن أبي زهير هذا أبوه من الصحابة ذكر حط الله جل وعلا الخطايا عن المسلم بالأمراض امنعهم عن الأشجار إذا حطت أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال
[ 190 ]
حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ما يمرض مؤمن ولا مؤمنة ولا مسلم ولا مسلمة إلا حط الله بذلك خطاياه كما تنحط الورقة عن الشجرة ذكر البيان بأن الأمراض والأسقام تكفر خطايا المرء المسلم وإن قلت أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يحيى بن سعيد عن سعد بن إسحاق بن كعب قال حدثتني زينب عن أبي سعيد الخدري أن رجلا من المسلمين قال
[ 191 ]
يا رسول الله أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ماذا لنا منها فقال كفارات فقال أي رسول الله وإن قلت قال وإن شوكة فما فوقها قال فدعا على نفسه أن لا يفارقه الوعك حتى يموت وأن لا يشغله عن حج ولا عن عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة قال فما مس إنسان جسده إلا وجد حرها حتى مات قال أبو حاتم رضي الله عنه زينب هذه هي بنت كعب بن عجرة والذي دعا على نفسه هو أبي بن كعب ذكر كتبة الله للمريض والمسافر ما كانا يعملان في صحتهما وحضرهما من الطاعات أخبرنا جعفر بن أحمد بن عاصم الأنصاري قال
[ 192 ]
حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال حدثنا حفص بن الصالح عن العوام بن حوشب عن إبراهيم السكسكي وعن مسعر قال سمعت إبراهيم السكسكي عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر بن آدم أو مرض كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل وهو مقيم صحيح
[ 193 ]
ذكر الإخبار عما يثيب الله جل وعلا لمن ذهبت اللجون أخبرنا أبو يعلى حدثنا يعقوب بن ماهان حدثنا هشيم قال أبو بشر أخبرني عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تبارك وتعالى إذا أخذت كريمتي عبدي فصبر واحتسب لم أرض له ثوابا دون الجنة
[ 194 ]
ذكر رجاء دخول الجنة لمن حمد الله على سلب كريمتيه إذا كان بهما ضنينا أخبرنا يحيى بن محمد بن عمرو بالفسطاط قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن العلاء قال حدثنا عمرو بن الحارث قال حدثنا عبد الله بن سالم عن الزبيدي قال حدثنا لقمان بن عامر عن سويد بن جبلة عن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني عن ربه قال إذا سلبت من عبدي كريمتيه وهو بهما ضنين لم أرض له ثوابا دون الجنة إذا حمدني عليهما ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن صبر عليهما محتسبا أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن فروخ البغدادي بالرافقة قال حدثنا يحيى بن محمد بن السكن قال حدثنا
[ 195 ]
محمد بن جهضم قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن سهيل بن أبي صالح عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يذهب الله بحبيبتي عبد فيصبر ويحتسب إلا أدخله الله الجنة ذكر نفي عذاب القبر عمن مات من الإطلاق أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد والحوضي قالا حدثنا شعبة عن جامع بن شداد قال سمعت عبد الله بن يسار عن سليمان بن صرد وخالد بن عرفطة أنهما بلغهما أن رجلا مات ببطن فقال أحدهما ألم يبلغكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتله بطنه لم يعذب في قبره قال الآخر صدقت وقال الحوضي بلى
[ 196 ]
ذكر إعطاء الله المتوفي في غربته مثل ما بين مولده إلى منقطع أثره من الجنة أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني حيي بن عبد الله المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال توفي رجل بالمدينة فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا ليته مات في غير مولده فقال رجل من الناس لم يا رسول الله قال إن الرجل إذا مات في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنة
[ 197 ]
ذكر تطهير الله المسلم من ذنوبه بالحمى إذا اعترته في دار الدنيا أخبرنا عمران بن موسى حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال أتت الحمى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنت عليه فقال من أنت فقالت أنا أم ملدم قال إنهدي إلى قباء فأتيهم قال فأتتهم فحموا أو لقوا منها شدة فقالوا يا رسول الله ما ترى ما لقينا من الحمى قال إن شئتم دعوت الله فكشفها عنكم وإن شئتم كانت طهورا قالوا بل تكون طهورا
[ 198 ]
ذكر خروج المؤمن من خطاياه بالحمى والأوجاع كالحديدة إذا أخرجت من الكير أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال أخبرنا بن أبي فديك قال حدثنا بن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اشتكى المؤمن أخلصه ذلك كما يخلص الكير خبث الحديد
[ 199 ]
ذكر البيان بأن المخصوصين يضاعف عليهم ألم الحمى وارضى عليها النصارى في العقبي أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هناد بن السري وعثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن بن مسعود قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فمسسته فقلت يا رسول الله إنك لتوعك وعكا وعطاء فقال أجل إني أوعك ما يوعك رجلان منكم قلت إن لك أجرين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما على الأرض مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها
[ 200 ]
ذكر كراهية سب ألم الحمى لذهاب خطايه بها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا القواريري قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا الحجاج الصواف قال حدثني أبو الزبير قال حدثني جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب أو أم المسيب وهي ترفرف فقال ما لك يا أم السائب أو يا أم المسيب ترفرفين قالت الحمى لا بارك الله فيها فقال صلى الله عليه وسلم لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بن آدم كما يذهب الكير خبث الحديد
[ 201 ]
ذكر الاستتار من النار تعوذ بالله منها للمسلم إذا ابتلى بالبنات فأحسن صحبتهن أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثنا يونس عن بن شهاب عن عروة أن عائشة أخبرته أنها دخلت عليها امرأة معها ابنتان لها تستطعم قالت فلم تجد عندي إلا تمرة واحدة فأعطيتها إياها فأخذتها فشقها بين ابنتيها ولم تأكل منها شيئا قالت ثم قامت فخرجت ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبرها فقال صلى الله عليه وسلم من ابتلى بشئ من هذه البنات فأحسن صحبتهن كن له سترا من النار
[ 202 ]
ذكر إيجاب الجنة لمن قدم ثلاثة من صلبه لم يبلغوا الحنث أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين قال حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير بن حازم قال حدثنا الحسن قال قال صعصعة بن معاوية عم الأحنف بن قيس أتيت أبا ذر بالربذة فقلت يا أبا ذر ما مالك فقال مالكا عملي قلت حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا سمعته منه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا ادخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم
[ 203 ]
ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن وصفنا إذا أحتسب في تلك المصيبة دون المتسخط فيما قضى الله أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن عبدة قال حدثنا الدراوردي قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن نسوة من الأنصار قلن له يا رسول الله إنا لا نستطيع أن نأتيك مع الرجال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم موعدكن بيت فلانة فجاء فتحدث معهن ثم قال لا يموت لإحداكن ثلاثة من الولد فتحتسبه إلا دخلت الجنة فقالت امرأة منهن واثنتين يا رسول الله قال واثنتين ذكر تحريم النار في القيامة على من مات له ثلاثة من الولد أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب
[ 204 ]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فتمسه النار إلا تحلة القسم
[ 205 ]
ذكر البيان بأن الله إنما يحرم النار على من مات له ثلاثة من الولد فاحتسب في ذلك ورضي دون من يسخط حكم الله أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله بن الأشج أن عمران بن نافع حدثه عن حفص بن عبيد الله عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة
[ 206 ]
ذكر إيجاب الجنة لمن مات له ابنتان فاحتسب في ذلك أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا شبابة قال حدثنا شعبة عن عبد الرحمن الأصفهاني عن ذكوان أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال النساء غلبنا عليك الرجال يا رسول الله فاجعل لنا يوما فوعدهن يوما فجئن فوعظهن فقال لهن فيما قال ما منكن امرأة تقدم ثلاثة من ولدها إلا كانوا لها حجابا من النار قالت امرأة يا رسول الله واثنين وقد مات لها اثنان فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم واثنان
[ 207 ]
ذكر البيان بأن الجنة إنما تجب لمن مات له ابنتان وقد أحسن صحبتها في حياته أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن فطر عن شرحبيل بن سعد عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة
[ 208 ]
ذكر إيجاب الجنة للمسلم إذا مات له ابنان فاحتسبهما أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا محمد بن عثمان العقيلي قال حدثنا عبد الأعلى عن بن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم عن محمود بن لبيد عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات له ثلاثة من الولد دخل الجنة قال قلنا يا رسول الله وابنان قال وابنان قال محمود قلت لجابر بن عبد الله إني لأراكم لو قلتم واحدا لقال واحدا
[ 209 ]
قال والله أظن ذلك ذكر رجاء نوال الجنان لمن قدم ابنا واحدا محتسبا فيه أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا نوح بن حبيب حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال كان رجل يختلف إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع بني له ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا مات يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه أما يسرك ألا تأتي بابا من أبواب الجنة إلا وجدته ينتظرك
[ 210 ]
ذكر بناء الله جل وعلا بيت الحمد في الجنة لمن استرجع وحمد الله عند فقد ولده أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا أبو نصر التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان قال دفنت مشهور ومعي أبو طلحة الخولاني على شفير القبر فلما أردت الخروج أخذ بيدي فأخبرني وقال ألا أبشرك حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات ولد العبد المؤمن قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي قالوا نعم قال قبضتم ثمرة فؤاده قالوا نعم قال فما قال قالوا استرجع وحمدك قال أبنوا له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد
[ 211 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه أو طلحة الخولاني هذا اسمه نعيم بن زياد من سادات أهل الشام روى عنه معاوية بن صالح وأهل بلده وأبو سنان هذا هو الشيباني قدم البصرة فكتب عنه البصريون اسمه سعيد بن سنان وأبو سنان الكوفي ضرار بن مرة
[ 212 ]
ذكر الأمر بالاسترجاع لمن أصابته مصيبة وسؤاله الله جل وعلا أن يبدله خيرا منها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي وأخبرنا بن خزيمة قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا يزيد بن هارون قال يزيد أخبرنا وقال إبراهيم حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن بن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابته مصيبة فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها وأبدلني بها خيرا منها فلما مات أو سلمة قلتها فجعلت كلما بلغت أبدلني خيرا منها قلت في نفسي ومن خير من أبي سلمة فلما انقضت عدتها بعث إليها أبو بكر يخطبها فلم تزوجه ثم بعث إليها عمر يخطبها فلم تزوجه عروبة إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب يخطبها عليه قالت أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني امرأة غيرى وأني امرأة مصبية وليس أحد من أوليائي شاهدا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال ارجع إليها فقل لها أما قولك إني امرأة غيرى فأسأل الله أن يذهب غيرتك وأما قولك إني امرأة مصبية فتكفين صبيانك وأما قولك إنه ليس أحد من أوليائك شاهد فليس من أوليائك شاهد ولا غائب
[ 213 ]
يكره ذلك فقالت لابنها يا عمر قم فزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجه فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ليدخل بها فإذا رأته أخذت ابنتها زينب فجعلتها في حجرها فينقلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم بذلك عمار بن ياسر وكان أخاها من الرضاعة فجاء إليها فقال أين هذه المقبوحة التي قد آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها فذهب بها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها فجعل يضرب ببصره في جوانب البيت وقال ما فعلت زينب قالت جاء عمار فأخذها فذهب بها فبنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إني لا أنقصك مما أعطيت فلانة رحائين وجرتين ومرفقة حشوها ليف وقال إن سبعت لك سبعت لنسائي
[ 214 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه لفظ الإسناد لإبراهيم بن الحجاج والمتن ليزيد بن هارون ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من تقديم الفرط لنفسه أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة قال
[ 215 ]
حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون الرقوب فيكم قال قلنا الذي لا يولد له قال ليس ذلك بالرقوب ولكن الذي لا يقدم من ولده شيئا قال فما تعدون الصرعة فيكم قلنا الذي لا يصرعه الرجال قال ليس ذاك ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب ذكر الإخبار بأن الوباء هو موت الصالحين قبلنا ورحمة الله جل وعلا على خلقه أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا شعبة عن يزيد بن خمير عن شرحبيل بن شفعة
[ 216 ]
عن عمرو بن العاص أن الطاعون وقع بالشام فقال إنه رجز فتفرقوا عنه فقال شرحبيل بن حسنة إني صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من حمار أهله أو جمل أهله وقال إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم فاجتمعوا له ولا تفرقوا عنه فسمع ذلك عمرو بن العاص فقال صدق ذكر الزجر عن القدوم على البلد الذي وقع فيه الطاعون والخروج منه من أجله أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن محمد بن المنكدر عن عامر بن سعد بن أبي وقاص
[ 217 ]
عن أبيه أنه سمعه يسأل أسامة بن زيد هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطاعون فقال أسامة بن زيد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون رجز أرسل على بني إسرائيل أو على من قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض التجارة بها فلا تخرجوا فرارا منه
[ 218 ]
أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن بن عباس أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام قال بن عباس فقال عمر ادع لي المهاجرين الأولين فدعوتهم فاستشارهم وأخبرهم أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا فقال بعضهم خرجت لأمر فلا نرى أن ترجع عنه وقال بعضهم معك بقية الناس وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نرى أن تقدمهم على هذا الوباء فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي الأنصار فدعوتهم فاستشارهم
[ 219 ]
فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا كاختلافهم فقال ارتفعوا عني ثم قال ادع لي من كان ها هنا من مشيخة قريش من مهاجرة الفتح فدعوتهم فلم يختلف عليه رجلان وقالوا نرى أن ترجع بالناس ولا تقدمهم على هذا الوباء فنادى عمر في الناس إني مصبح على ظهر فأصبحوا عليه فقال أبو عبيدة بن الجراح أفرارا من قدر الله فقال عمر لو غيرك قالها يا أبا عبيدة وكان عمر يكره خلافه نفر من قدر الله إلى قدر الله أرأيت لو كان لك إبل فهبطت واديا له عدوتان إحداهما خصبة والأخرى جدبة أليس إن رعيت الخصبة رعيتها بقدر الله وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله قال نعم قال فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيبا في بعض حاجته فقال إن عندي من هذا علما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض التجارة بها فلا تخرجوا فرارا منه قال فحمد الله عمر بن الخطاب ثم انصرف
[ 220 ]
ذكر البيان بأن الطاعون إنما هو بقية من العذاب الذي أرسل على بني إسرائيل أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو الربيع الزهراني قال حدثنا حماد بن زيد قال حدثنا عمرو بن دينار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الطاعون فقال بقية رجز وعذاب أرسل على طائفة من بني إسرائيل فإذا وقع بأرض التجارة بها فلا تهربوا منه وإذا كان بأرض فلا تهبطوا عليه
[ 221 ]
باب المريض وما يتعلق به ذكر الأمر بعيادة المرضى إذ استعماله يذكر الآخرة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عودوا المرضى واتبعوا الجنائز تذكركم الآخرة
[ 222 ]
ذكر خوض عائد المريض الرحمة في طريقه واغتماره فيها عند قعوده عنده أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا هشيم قال أخبرنا عبد الحميد بن جعفر عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا لم يزل يخوض الرحمة حتى يجلس فإذا جلس غمر فيها
[ 223 ]
ذكر رجاء تمكن عواد المرضى من مخاوف الجنان بفعلهم ذلك أخبرنا محمد بن علي الصيرفي بالبصرة غلام طالوت قال حدثنا أبو كامل قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا خالد عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في مخرفة الجنة حتى يرجع
[ 224 ]
ذكر استغفار الملائكة لعائد المريض من الغداة إلى العشي ومن العشي إلى الغداة أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن عبد الله بن يسار أن عمرو بن حريث زار الحسن بن علي فقال له علي بن أبي طالب يا عمرو أتزور حسنا وفي النفس ما فيها قال نعم يا علي لست برب قلبي تصرفه حيث شئت فقال علي أما أن ذلك لا يمنعني مم أن أؤدي إليك النصيحة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرئ مسلم يعود مسلما
[ 225 ]
إلا ابتعث الله سبعين ألف ملك يصلون عليه في أي ساعات النهار كان حتى يمسي وأي ساعات الليل كان حتى يصبح ذكر ما يستحب للعواد أن يطيبوا قلوب الأعلاء عند عيادتهم أياهم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن خالد عن عكرمة عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده فقال لا بأس طهور إن شاء الله فقال كلا بل حمى تفور
[ 226 ]
على شيخ كبير تورده القبور فقال النبي صلى الله عليه وسلم فنعم إذا
[ 227 ]
ذكر جواز عيادة المرء أهل الذمة إذا طمع في إسلامهم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس أن غلاما يهوديا كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه اذهبوا بنا إليه نعوده فأتوه وأبوه قاعد على رأسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة فجعل الغلام ينظر إلى أبيه فقال له أبوه انظر ما يقول لك أبو القاسم فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد الله الذي أنقذه من نار جهنم
[ 228 ]
ذكر بناء الله جل وعلا منزلا في الجنة لمن زار أخاه المسلم أو عاده في الله جل وعلا أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عبد الواحد بن الصالح قال حدثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان عن عثمان بن أبي سودة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا عاد المسلم أخاه المسلم أو زاره قال الله تبارك وتعالى طبت وطاب ممشاك وتبوأت منزلا في الجنة
[ 229 ]
قال أبو حاتم أبو سنان هذه هو الشيباني اسمه سعيد بن سنان وأبو سنان الكوفي اسمه ضرار بن مرة ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن العليل يجب عليه ترك الدعاء بالشفاء لعلته مع الاعتماد على ما أوجب القضاء محبوبا كان أو مكروها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا بشر بن الوليد الكندي حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت كنت أعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعاء كان جبريل يعوذه به إذا مرض أذهب البأس رب الناس تنزل الشفاء لا شافي إلا أنت اشف شفاء لا يغادر سقما فلما كان في مرضه الذي توفي فيه جعلت أدعو بهذا الدعاء فقال صلى الله عليه وسلم ارفعي يدك فإنها كانت تنفعني في المدة
[ 230 ]
ذكر ما يعوذ المرء به نفسه عند علة تعتريه أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات وينفث فلما اشتد وجعله كنت أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها ذكر وصف التعوذ الذي يعوذ المرء نفسه عند ألم يجده أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال أخبرنا عثمان بن صالح السهمي قال حدثنا بن وهب قال أخبرني يونس بن يزيد عن بن شهاب قال أخبرني نافع بن جبير بن مطعم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 231 ]
ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر سبع مرات ذكر الشئ الذي إذا قاله الوجع يرتجي له ذهاب وجعه به أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن يزيد بن خصيفة أن عمرو بن عبد الله بن كعب السلمي أخبره أن نافع بن جبير بن مطعم أخبره عن عثمان بن أبي العاص انه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عثمان وبي وجع قد كاد يهلكني قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم امسح بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد قال فقلت ذلك فأذهب الله ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم
[ 232 ]
ذكر ما يجب على المرء إذا مسه الضر أن يدعو به أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الطاهر قال حدثنا بن وهب قال حدثني يحيى بن أيوب عن حميد قال سمعت أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يتمنى أحدكم الموت لضر نزل به في الدنيا ولكن ليقل اللهم أحيي ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي وأفضل
[ 233 ]
ذكر الأمر بالاستعاذة بالله جل وعلا للعليل من شر ما يجد أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني نافع بن جبير بن مطعم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي انه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل بسم الله ثلاثا وقل سبع مرات أعوذ بالله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر ذكر الإخبار عما يستعمل الإنسان من الدعاء عند الحمى إذا اعترته أخبرنا السختياني حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا
[ 234 ]
زيد بن الحباب حدثنا ابن ثوبان أخبرني عمير بن هانئ قال سمعت جنادة بن أبي أمية يقول سمعت عبادة بن الصامت يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جبريل رقاه وهو يوعك فقال بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك ومن كل حاسد إذا حسد ومن كل عين وسم والله يشفيك
[ 235 ]
ذكر البيان بأن تعوذ المرء من عذاب النار وعذاب القبر أفضل من دعائه لنفسه وأهل بيته أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا مسعر عن علقمة بن مرثد عن المغيرة اليشكري عن المعرور بن سويد عن بن مسعود قال قالت أم حبيبة اللهم بارك لي في زوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي سفيان وأخي معاوية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد سألت الله عن آجال مضروبة وآثار مبلوغة وأرزاق مقسومة لا يعجل مها شئ قبل حله فلو سألت الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيرا أو كان أفضل ذكر البيان بأن العائذ إذا قعد عند العليل وأراد أن يدعو له يجب أن يمسحه بيمنيه أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
[ 236 ]
أبو بكر بن خلاد الباهلي قال حدثنا يحيى القطان قال أخبرنا سفيان عن سليمان عن مسلم عن مسروق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد المريض مسحه بيمنيه وقال أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي اشف شفاء لا يغادر سقما
[ 237 ]
قال فحدثت به منصورا فحدثني عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة بنحوه ذكر ما يدعو المرء به إذا أتى مريضا أو عاده أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج قال حدثنا أبو عوانة عن منصور عن إبراهيم عن مسروق عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى مريضا أو أتي بمريض قال أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم كان يدعو إذا أتى بالمريض في أكثر الأحوال ما وصفنا أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا
[ 238 ]
إبراهيم بن يوسف قال حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتى بالمريض يدعو ويقول أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم قد كان يدعو للمرضى بغير ما وصفنا في بعض الأحايين أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال أخبرنا سفيان بن عيينة عن عبد ربه بن سعيد عن عمرة عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يقول للمريض
[ 239 ]
يقول ببزاقة بإصبعه بسم الله تربة أرضنا بريقه بعضنا يشفي سقيمنا بإذن ربنا ذكر ما يستحب للمرء أن يدعو لأخيه العليل بالبرء ليطيع الله جل وعلا في صحته أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء الرجل يعوده قال اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدوا
[ 240 ]
أو يمشي لك إلى صلاة ذكر ما يدعو المرء به لأخيه المسلم إذا كان عليلا ويرجى له البرء به أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد قال حدثنا منهال بن عمرو قال أخبرني سعيد بن جبير عن عبد الله بن الحارث عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد مريضا جلس عند رأسه ثم قال سبع مرار أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه ذلك
[ 241 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن يدعو لأخيه المسلم إذا اعتراه بعض العلل أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا النضر قال حدثنا شعبة حدثنا سماك بن حرب قال سمعت محمد بن حاطب يقول انصبت على يدي مرقة فأحرقتها فذهبت بي أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه وهو في الرحبة فأحفظ أنه قال أذهب الباس رب الناس وأكثر علمي أنه قال أنت الشافي لا شافي إلا أنت
[ 242 ]
ذكر البيان بأن يد محمد بن حاطب لما دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بما وصفت برئت أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا زكريا بن يحيى زحمويه قال حدثنا عبد الرحمن بن عثمان بن إبراهيم بن حاطب قال حدثني أبي عن جده محمد بن حاطب عن أمه أم جميل بنت المجلل قالت أقبلت بك من أرض الحبشة حتى إذا كنت من المدينة على ليلة أو ليلتين طبخت لك طبخة ففني الحطب فخرجت أطلبه فتناولت القدر فانكفأت على ذراعك فأتيت بك النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا محمد بن حاطب وهو أول من سمي بك قالت فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في فيك ومسح على رأسك ودعا لك وقال أذهب الباس رب الناس واشف أنت الشافي
[ 243 ]
لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما قالت فما قمت بك من عنده إلا وقد برئت يدك ذكر الشئ الذي إذا دعا المرء به العليل عوفي من علته تلك إذا كان ذلك بعدد معلوم أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هارون بن معروف عن
[ 244 ]
بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن عبد ربه بن سعيد قال حدثني المنهال بن عمرو قال أخبرني سعيد بن جبير عن بن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عاد المريض جلس عند رأسه ثم قال سبع مرات أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك فإن كان في أجله تأخير عوفي من وجعه ذلك
[ 245 ]
فصل في اعمار هذه الأمة ذكر الإخبار عما امهل الله جل وعلا للمسلمين في أعمارهم واكتساب الطاعات ليوم فقرهم وفاقتهم أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عمره الله ستين سنة فقد أعذر إليه في العمر
[ 246 ]
ذكر الإخبار عن وصف العدد الذي به يكون عوام أعمار الناس أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا المحاربي عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك قال بن عرفة وانا من الأقل
[ 247 ]
ذكر البيان بأن من خيار الناس من حسن عمله في المريض عمره جعلنا الله منهم بمنه أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا محمد بن عثمان العقيلي قال حدثنا عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
[ 248 ]
ألا أنبئكم بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال خياركم أطولكم أعمارا وأحسنكم أعمالا ذكر البيان بأن من طال عمره وحسن عمله قد يفوق الشهيد في سبيل الله تبارك وتعالى أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب حدثنا عبد العزيز بن محمد وابن أبي حازم يزيد أحدهما عن صاحبه عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن عبد الرحمن عن طلحة بن عبيد الله قال قدم على النبي صلى الله عليه وسلم رجلان من بلي فكان إسلامهما جميعا واحدا وكان أحدهما أشد اجتهادا من الآخر فغزا المجتهد فاستشهد وعاش الآخر سنة حتى صام رمضان ثم مات فرأى طلحة بن عبيد الله خارجا خرج من الجنة فأذن للذي توفي آخرهما ثم خرج فأذن للذي استشهد ثم رجع إلى طلحة فقال ارجع فإنه لم يأن لك
[ 249 ]
فأصبح طلحة يحدث به الناس فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فحدثوه الحديث وعجبوا فيه قالوا يا رسول الله كان أشد الرجلين اجتهادا واستشهد في سبيل الله ودخل هذا الجنة قبله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أليس قد مكث هذا بعده بسنه قالوا نعم قال وأدرك رمضان فصامه وصلى كذا وكذا في المسجد في السنة قالوا بلى قال فلما بينهما أبعد مما بين السماء والأرض قال أبو حاتم رضي الله عنه مات أبو سلمة سنة أربع
[ 251 ]
وتسعين وقتل طلحة سنه ست وثلاثين يوم الجمل ذكر إعطاء الله جل وعلا نورا في القيامة من شاب شيبة في سبيله أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد حدثنا الهيثم بن خارجة وكان يسمى شعبة الصغير حدثنا محمد بن حمير عن ثابت بن عجلان عن سليم بن عامر قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة
[ 252 ]
ذكر إعطاء الله جل وعلا نورا في القيامة من شاب شيبة في سبيله أخبرنا محمد بن محمود بن عدي بنسا قال حدثنا حميد بن زنجوبة قال حدثنا عبد الصمد قال حدثنا هشام الدستوائي عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة
[ 253 ]
ذكر كتبة الله جل وعلا الحسنات وحط السيئات ورفع الدرجات للمسلم بالشيب في الدنيا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنتفوا الشيب فإنه نور يوم القيامة ومن شاب شيبة في الإسلام كتب له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة ذكر خبر شنع به بعض المعطلة على أصحاب الحديث ومنتحلي السنن أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق حدثنا أبو سعيد
[ 254 ]
الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك سئل عن الساعة فقال لا يأتي على الناس مائة سنة وعلى ظهر الأرض نفس منفوسة ذكر خبر وهم في تأويله جماعة لم يحكموا صناعة الحديث أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي حدثنا حجاج بن محمد عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قبل أن يموت بشهر تسألوني عن الساعة وإنما علمها عند الله وأقسم بالله ما على ظهر الأرض نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة
[ 255 ]
ذكر خبر أوهم عالما من الناس أن سن أحد من هذه الأمة لا يجوز على المئة سنة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا مبارك بن فضالة قال سمعت الحسن يحدث
[ 256 ]
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسألوني عن الساعة والذي نفسي بيده ما على الأرض نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة ذكر البيان بأن ورود هذا الخطاب كان لمن كان في ذلك الوقت على سبيل الخصوص دون العموم أخبرنا عمر بن محمد بن عبد الرحيم البرقي حدثنا بن عفير حدثنا الليث بن سعد عن عبد الرحمن بن خالد بن مسافر عن بن شهاب عن سالم وأبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة أن عبد الله بن عمر قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء في آخر حياته فلما سلم قام فقال رأيتم ليلتكم هذه فإن على رأس مائة سنة لا يبقى منها ممن هو على ظهر الأرض أحد
[ 257 ]
ذكر خبر ثان يصرح بأن عموم خبر أنس بن مالك الذي ذكرناه أريد به بعض ذلك العموم لأقوام بأعيانهم دون كلية عمومه أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا سليمان التيمي عن أبي نضرة عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من نفس منفوسة يأتي عليها مائة سنة وهي حية
[ 258 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم وعلى ظهر الأرض نفس منفوسة أراد به من في ذلك اليوم أخبرنا أبو يعلى حدثنا هدبة بن خالد حدثنا مبارك بن فضالة قال سمعت الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسألونني عن الساعة والذي نفسي بيده ما على الأرض نفس منفوسة اليوم تأتي عليها مائة سنة
[ 259 ]
فصل في ذكر الموت ذكر الأمر للمرء بالإكثار من ذكر منغص اللذات نسأل الله بركة وروده أخبرنا عبد الله بن محمود بن سليمان السعدي حدثنا محمود بن غيلان ويحيى بن أكثم قالا حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا ذكر هاذم اللذات الموت
[ 260 ]
ذكر العلة التي من أجلها أمر بالإكثار من ذكر الموت أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره
[ 261 ]
وهو في سعة إلا ضيقه عليه أخبرنا محمد بن أبي عون قال حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا ذكر هاذم اللذات ذكر إكثار المصطفى صلى الله عليه وسلم في القول لما وصفنا أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد قال حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رزمة قال حدثنا الفضل بن موسى عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول أكثروا من ذكر هاذم اللذات
[ 262 ]
فصل في الأمل ذكر الزجر عن أن يطول المرء امله في عمارة هذه الدنيا الزائلة الفانية أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال حدثنا عمرو بن علي قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي السفر عن عبد الله بن عمرو قال مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا وأمي نصلح خصا لنا فقال ما هذا يا عبد الله قال قلت خص لنا نصلحه فقال الأمر أسرع من ذلك
[ 263 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم الأمر أسرع من ذلك لم يرد به على البتات أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي السفر عن عبد الله بن عمرو قال مر بنا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نصلح خصا لنا فقال ما هذا فقلنا خص لنا وهى فنحن نصلحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى الأمر إلا أعجل من ذلك ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تقريب أجله على نفسه وتبعيد أمله عنها أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله بن المبارك أخبرنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس بن مالك عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا بن آدم وهذا أجله ووضع يده عند قفاه ثم بسط يده فقال وثم
[ 264 ]
أمله وثم أمله
[ 265 ]
فصل في تمني الموت ذكر الزجر عن دعاء المرء بالموت لضر نزل به أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان قال حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال أتينا خبابا نعوده وقد اكتوى في بطنه سبعا وقال لولا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن ندعو بالموت لدعوت به ثم ذكر من مضى من أصحابه أنهم مضوا لم يأكلوا من أجورهم شيئا وإنما بقينا بعدهم حتى نلنا من الدنيا ما لا يدرى أحدنا ما يصنع به به إلا أن ينفقه في التراب وإن المسلم ليؤجر في كل شئ إلا نفقته
[ 266 ]
في التراب
[ 267 ]
ذكر العلة التي من أجلها زجر عن تمني الموت والدعاء به أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا أبو مروان العثماني قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن بن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله قال سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد خيرا وإما مسيئا فلعله يستعتب ذكر الأمر بسؤال الحياة أو الوفاة أيهما كان خيرا منهما للمرء إذا أراد الدعاء أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن عبد العزيز بن صهيب
[ 268 ]
عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنيا فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني ما كانت الوفاة خيرا لي
[ 269 ]
فصل في المحتضر أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع السختياني قال حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا سليمان التيمي قال حدثنا أبو عثمان عن معقل بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واقرؤوا على موتاكم يس
[ 271 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله اقرؤوا على موتاكم يس أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله ذكر الأمر بتلقين الشهادة من حضرته المنية أخبرنا إبراهيم بن إسحاق الأنماطي قال حدثنا حميد بن مسعدة قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن عمارة قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم قول لا إله إلا الله
[ 272 ]
ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر أخبرنا أحمد بن محمد بن الشرقي قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال حدثنا الثوري عن منصور عن هلال بن يساف عن الأغر عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإنه من كان آخر كلمته لا إله إلا الله عند الموت دخل الجنة يوما من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه
[ 274 ]
ذكر الأمر لمن حضر الميت بسؤال الله جل وعلا المغفرة لمن حضرته المنية أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرتم الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة تؤمن على ما تقولون قالت فلما مات أبو سلمة قلت يا رسول الله ما أقول قال قولي اللهم اغفر له وأعقبنا عقبى صالحة قالت فأعقبني الله محمدا صلى الله عليه وسلم
[ 275 ]
ذكر ما يؤذن النبي صلى الله عليه وسلم عند حضور الناس الموت أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال حدثنا بن وهب عن أبي يحيى بن سليمان عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبي سعيد الخدري قال كنا مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضر الميت آذناه فحضره واستغفر له حتى يقبض فإذا قبض انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فربما طال ذلك من حبس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما خشينا مشقة ذلك قال بعض القوم لبعض والله لو كنا لا نؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأحد حتى يقبض فإذا قبض آذناه فلم يكن في ذلك مشقة عليه ولا حرص قال ففعلنا فكنا لا نؤذنه إلا بعد أن يموت فيأتيه فيصلي عليه ويستغفر له فربما انصرف عند ذلك وربما مكث حتى يدفن الميت قال وكنا على ذلك حينا ثم قلنا
[ 276 ]
والله لو أنا لا نحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملنا إليه جنائز موتانا حتى يصلي عليها عند بيته لكان ذلك أرفق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأيسر عليه ففعلنا ذلك فكان الأمر إلى اليوم
[ 277 ]
فصل في الموت وما يتعلق به من راحة المؤمن وبشراه وروحه وعمله والثناء عليه ذكر الإخبار بأن الموت فيه راحة الصالحين وعناء الطالحين معا أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا أحمد بن بكار قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن وهب بن جلس عن معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ طلعت جنازة فقال النبي صلى الله عليه وسلم مستريح ومستراح منه قلنا ما يستريح ويستراح منه فقال صلى الله عليه وسلم المؤمن يموت ويستريح من أوصاب الدنيا وبلائها ومصيباتها والكافر يموت فيستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب
[ 278 ]
ذكر الإخبار عن الإمارة التي يستدل بها على محبة الله جل وعلا لقاء من وجدت فيه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن لم يحب لقاء الله لم يحب الله لقاءه
[ 279 ]
ذكر الإخبار عن السبب الذي من أجله يحب المرء ويكره لقاء الله أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا الحارث بن سريج النفال قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثني أبي عن قتادة عن أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه فقالت عائشة إنا نكره الموت فذاك كراهيتنا لقاء الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ولكن المؤمن إذا حضر فبشر بما أمامه أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وان الكافر إذا حضر فبشره بما أمامه كره لقاء الله وكره الله لقاءه
[ 280 ]
ذكر الإخبار عن وصف ما يبشر به المؤمن والكافر عند حلول المنية بهما أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا محمد بن بكر البرساني قال حدثنا سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره الله لقاء الله كره الله لقاءه قالت فقلت يا نبي الله كراهية الموت فكلنا نكره الموت قال ليس كذلك ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه كره لقاء الله وكره الله لقاءه
[ 281 ]
ذكر الإخبار عن وصف العلامة التي يكون بها قبض روح المؤمن أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد عن يحيى القطان عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أنه دخل فرأى ابنا له يرشح جبينه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يموت المؤمن بعرق الجبين
[ 282 ]
ذكر الإخبار بأن المسلم إذا مات يكون مستريحا والكافر مستراحا منه أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة بن ربعي أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقال مستريح ومستراح منه فقالوا يا رسول الله من المستريح والمستراح منه فقال العبد المؤمن يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله والمستراح منه العبد الفاجر يستريح منه العباد والبلاد والشجر والدواب
[ 283 ]
ذكر الإخبار عما يعمل بروح المؤمن والكافر إذا قبضا أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الجوزاء عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن إذا حضره الموت حضرته ملائكة الرحمة فإذا قبضت نفسه جعلت في حريرة بيضاء فينطلق بها إلى باب السماء فيقولون ما وجدنا ريحا اطيب من هذه فيقال دعوه يستريح فإنه كان في غم فيسأل ما فعل فلان ما فعل فلان ما فعلت فلانة وأما الكافر فإذا قبضت نفسه وذهب بها إلى باب الأرض يقول خزنة الأرض ما وجدنا ريحا أنتن من هذه فتبلغ بها إلى الأرض السفلى
[ 284 ]
قال قتادة وحدثني رجل عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو قال أرواح المؤمنين تجمع بالجابيتين وأرواح الكفار تجمع المأخذ سبخة بحضرموت قال أبو حاتم رضي الله عنه هذا الخبر رواه معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة نحوه مرفوعا الجابيتان باليمن وبرهوت من ناحية اليمن ذكر الإخبار بأن الأرواح يعرف بعضها بعضا بعد موت أجسامها أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا زيد بن أخزم حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن قسامة بن زهير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن المؤمن إذا قبض أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فتقول أخرجي إلى روح الله فتخرج كأطيب ريح مسك حتى إنهم ليناوله بعضهم بعضا
[ 285 ]
يشمونه حتى يأتون به باب السماء فيقولون ما هذه الريح الطيبة التي جاءت من الأرض ولا يأتون سماء إلا قالوا مثل ذلك حتى يأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا به من أهل الغائب بغائبهم فيقولون ما فعل فلان فيقولون دعوه حتى يستريح فإنه كان في غم الدنيا فيقول قد مات أما أمتكم فيقولون ذهب به إلى أمه الهاوية وأما الكافر فيأتيه ملائكة العذاب بمسح فيقولون أخرجي إلى غضب الله فتخرج كأنتن ريح جيفة فتذهب به إلى باب الأرض ذكر خبر أوهم من طلب العلم من غير مظانه أن الميت إذا مات انقطع عنه الأعمال الصالحة بعده أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه
[ 286 ]
عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدعو به قبل أن يأتيه إنه إذا مات انقطع عمله وإنه لا يزيد المؤمن عمره إلا خيرا ذكر البيان بأن عموم هذه اللفظة انقطع عمله لم يرد بها كل الأعمال أخبرنا عبد الله بن محمد بن هاجك الهروي حدثنا علي بن حجر حدثنا إسماعيل بن جعفر عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث صدقه جاريه أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له
[ 287 ]
ذكر ما يستحب للمرء إذا علم من أخيه حوبة وقد مات أن يستغفر الله جل وعلا له أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال حدثنا إسماعيل بن عليه قال حدثنا الحجاج بن أبى عثمان عن أبي الزبير عن جابر قال قدم الطفيل بن عمرو الدوسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة فقال يا رسول الله هلم إلى حصن وعدد وعدة قال أبو الزبير حصن في رأس الجبل لا يؤتي إلا في مثل الشراك فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمعك من وراءك قال لا أدري فأعرض عنه فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة قدم الطفيل بن عمرو مهاجرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه رجل من رهطه فحم ذلك الرجل حمى
[ 288 ]
شديدة فجزع فأخذ شفرة فقطع بها رواجبه فتشخبت حتى مات فدفن ثم إنه جاء فيما يرى النائم من الليل إلى الطفيل بن عمرو في شارة حسنة وهو مخمر يده فقال له الطفيل أفلان قال نعم قال كيف فعلت قال صنع بي ربي خيرا ورجاله لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم قال فما فعلت يداك قال قال لي ربي لن نصلح منك ما أفسدت من نفسك قال فقص الطفيل رؤياه على رسول الله صلى الله فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه اللهم وليديه فاغفر اللهم وليديه فاغفر اللهم وليديه فاغفر ذكر الزجر عن قدح المرء الموتى بما يعلم من مساوئهم أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص
[ 289 ]
قال حدثنا كثير بن عبيد المذحجي قال حدثنا محمد بن يوسف عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات صاحبكم فدعوه ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا علي بن هاشم ووكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات صاحبكم فدعوه
[ 290 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم فدعوه أراد به عن ذكر مساوئه دون محاسنه أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا معاوية بن هشام عن عمران بن أبي أنس عن عطاء عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم ذكر بعض العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن
[ 291 ]
عمر بن أبان قال حدثنا عبثر عن الأعمش عن مجاهد قال قالت عائشة ما فعل يزيد بن قيس عليه لعنة الله قالوا قد مات قالت فأستغفر الله فقالوا لها ما لك لعنتيه ثم قلت أستغفر الله قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الأموات فإنهم افضوا إلى ما قدموا قال أبو حاتم ماتت عائشة سنة سبع وخمسين وولد مجاهد سنة إحدى وعشرين في خلافة عمر فدلك هذا على أن من زعم أن مجاهدا لم يسمع من عائشة كان واهما في قوله ذلك
[ 292 ]
ذكر البعض من العلة التي من أجلها نهى عن سب الأموات أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الملائي وأبو داود الحفري قالا حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة أنه سمع المغيرة بن شعبة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء ذكر الإخبار بإيجاب الله جل وعلا للميت ما أثنى عليه الناس من خير أو شر أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا سليمان بن حرب عن شعبة عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها شرا فقال صلى الله عليه وسلم وجبت ومروا بأخرى فأثنوا عليها خيرا فقال صلى الله عليه وسلم وجبت فقال عمر يا رسول الله ما وجبت قال مروا بتلك فأثنوا عليها شرا فوجبت النار
[ 293 ]
ومروا بهذه فأثنوا عليها خيرا فوجبت الجنة التجارة شهداء الله في الأرض ذكر إيجاب الجنة لميت إذا أثنى الناس عليه بالخير بعد موته أخبرنا عبد الله بن محمد قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنى عليها خيرا من مناقب الخير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 294 ]
وجبت أنتم شهود الله في الأرض ذكر إثبات الله جل وعلا للمرء حكم ثناء الناس عليه في الدنيا أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنى عليها خيرا فقال صلى الله عليه وسلم وجبت ثم مر عليه بجنازة فأثنى عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت فقيل يا رسول الله قلت لهذا وجبت وقلت لهذا وجبت فقال شهادة القوم والمؤمنون شهداء الله في الأرض
[ 295 ]
ذكر مغفرة الله جل وعلا ذنوب من شهد له جيرانه بالخير وإن علم الله منه بخلافه أخبرنا أبو يعلى قال أخبرنا أحمد بن عمر الوكيعي قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرته الأدنين أنهم لا يعلمون إلا خيرا إلا قال الله جل وعلا قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون
[ 296 ]
ذكر إيجاب الجنة لمن أثنى عليه الناس بالخير إذ هم شهود الله في الأرض أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنس بن مالك يقول مات رجل فمروا بجنازته على النبي صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليها شرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت ومروا بأخرى فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت فسأله عمر عن ذلك فقال أنتم شهود الله في الأرض
[ 297 ]
ذكر إيجاب الجنة للميت إذا شهد له رجلان من المسلمين بالخير أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قال حدثنا المقرئ قال حدثنا داود بن أبي الفرات حدثني عبد الله بن بريدة عن أبي الأسود الديلي قال أتيت المدينة وقد وقع بها مرض فهم يموتون موتا ذريعا فجلست إلى عمر بن الخطاب فمرت به جنازة فأثنى على المؤلف خيرا فقال عمر وجبت ثم مر بأخرى فأثنى على المؤلف شرا فقال عمر وجبت قال أبو الأسود وما وجبت يا أمير المؤمنين قال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما مسلم يشهد له أربعة بخير إلا أدخله الله الجنة قال قلنا وثلاثة قال وثلاثة قال فقلنا واثنان قال واثنان ولم نسأله عن الواحد
[ 299 ]
فصل في الغسل ذكر الخبر المدحض قول من نفي جواز تقبيل الحي للميت أخبرنا أبو يعلى حدثنا عبد الله بن عمر القواريري حدثنا يحيى القطان عن سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس وعائشة أن أبا بكر قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو ميت
[ 300 ]
ذكر ما قال أبو بكر رضي الله عنه في ذلك الوقت أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال أخبرني أخي عن سليمان بن بلال عن محمد بن أبي عتيق عن بن شهاب أخبرني سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول دخل أبو بكر المسجد وعمر يكلم الناس حين دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه وهو بيت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فكشف عن وجهه برد حبرة كان مسجى به فنظر إلى وجهه ثم أكب عليه فقبله وقال معبد أنت فوالله لا يجمع الله عليك موتتين لقد مت الموتة التي لا تموت بعدها
[ 301 ]
ذكر الأمر لمن جمر الميت أن يجمره وترا أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا يحيى بن آدم عن قطبة عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جمرتم الميت فأوتروا
[ 302 ]
أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا محمد بن عبيد بن حساب قال حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن بن سيرين عن أم عطية قالت دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسل ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنني قالت فلما فرعنا آذناه قالت فألقى إلينا حقوه وقال أشعرنها إياه قال وقالت حفصة عن أم عطية اغسلنها مرتين أو ثلاثا أو خمسا أو سبعا قالت أم عطية ومشطتها ثلاثة قرون وكان فيه أنه قال ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء
[ 304 ]
قال أبو حاتم الأمر بغسل الميت فرض والشرط الذي قرن به هو العدد المذكور في الخبر قصد بتعيينه الندب لا الحتم ذكر البيان بأن أم عطية إنما مشطت قرونها بأمر المصطفى صلى الله عليه وسلم لا من تلقاء نفسها أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب وهشام وحبيب عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت توفيت ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اغسلنها بالماء والسدر ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك واجعلن في آخرهن شيئا من كافور فإذا فرغتن فآذنني فآذناه فألقى إلينا حقوه وقال أشعرنها إياه قال أيوب وقالت حفصة اغسلنها ثلاثا أو خمسا
[ 305 ]
أو سبعا واجعلن لها ثلاثة قرون
[ 306 ]
فصل في التكفين ذكر الأمر لمن ولي أمر أخيه المسلم ان يحسن كفنه أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب بن منبه قال هذا ما سألت عنه جابر بن عبد الله فذكر أحاديث فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بليل أو يصلي عليه إلا أن يضطر إلى ذلك وقال إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه
[ 307 ]
ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم أن تكفين الميت في ثوبين سنة أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا سريج بن يونس حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن يعقوب بن عطاء عن أبيه عن بن عباس عن الفضل بن العباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كفن في ثوبين سحوليين
[ 308 ]
ذكر البيان بأن قول الفضل بن العباس لم يرد به نفي ما وراء هذا العدد المذكور في خطابه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا المقرئ حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني جعفر بن ربيعة عن مجاهد بن وردان عن عروة عن عائشة قالت كنت عند أبي بكر حين حضرته الوفاة فتمثلت بهذا البيت من لا يزال دمعه مقنعا يوشك أن يكون مدفوقا فقال يا بنية لا تقولي هكذا ولكن قولي وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد ثم قال في كم كفن النبي صلى الله عليه وسلم فقلت في ثلاثة أثواب فقال كفنوني في ثوبي هذين واشتروا إليهما ثوبا جديدا فإن الحي أحوج إلى الجديد من الميت وإنما هي للمهنة أو للمهلة
[ 309 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن تكفين الميت في القميص والعمامة سنة أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص ولا عمامة
[ 311 ]
فصل في حمل الجنازة وقولها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يونس بن محمد قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أن يذهبون بها يسمع صوتها كل شئ إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق
[ 312 ]
أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عيسى بن حماد زغبة قال أخبرنا الليث بن سعد عن سعيد المقبري عن أبيه أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وضعت الجنازة واحتملها الرجال على أعناقهم فإن كانت صالحة قالت قدموني وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين يذهبون بها يسمع صوتها كل شئ إلا الإنسان ولو سمعها الإنسان لصعق أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا أبو الأحوص عن أشعث بن أبي الشعثاء عن معاوية بن سويد عن البراء قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز وعيادة المرضى وتشميت العاطس وإبرار المقسم ونصرة المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي
[ 313 ]
قال أبو حاتم الأمر باتباع الجنائز وعيادة المرضى أمر لطلب النصارى دون أن يكون حتما والأمر بتشميت العاطس وإبرار المقسم لفظ عام مرادهما الخصوص وذلك أن العاطس لا يجب أن يشمت إلا إذا حمد الله وإبرار المقسم في بعض الأحوال دون الكل والأمر بنصرة المظلوم وإجابة الداعي أمر حتم في الوقت دون الوقت والأمر بإفشاء السلام أمر بلفظ العموم والمراد منه استعماله مع المسلمين دون غيرهم ذكر الزجر عن اتباع النساء الجنائز والخروج إليها لهن أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا إسحاق بن عثمان قال حدثنا إسماعيل بن عبد الرحمن بن عطية
[ 314 ]
عن جدته أم عطية قالت لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت فأرسل إلينا عمر بن الخطاب فقام على الباب فسلم علينا فرددنا عليه السلام ثم قال أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن قالت فقلنا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تبايعنني على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تزنين ولا تسرقن الآية قالت فقلنا نعم قالت فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من انظر البيت ثم قال اللهم اشهد قالت وأمرنا بالعيد وأن نخرج فيه الحيض والعتق ولا جمعة علينا ونهانا عن اتباع الجنازة قال إسماعيل فسألت جدتي عن قوله ولا يعصيك في معروف قالت نهانا عن النياحة
[ 315 ]
ذكر الأمر بالإسراع في السير بالجنائز لعلة معلومة أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال أسرعوا بجنائزكم فإن تك خيرا تقدمونها إليه وإن تك شرا تضعوها عن رقابكم
[ 316 ]
ذكر الاستحباب للناس أن يرملوا الجنائز رملا أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال شهدت جنازة عبد الرحمن بن سمرة وخرج زياد يمشي بين يدي سريره ورجال يستقبلون السرير ويداسون على أعقابهم يقولون رويدا رويدا بارك الله فيكم حتى إذا كنا في بعض المربد لحقنا أبو بكرة على بلغة فلما رأى أولئك وما يصنعون حمل عليهم بغلته وأهوى إليهم بسوطه وقال خلوا فوالذي نفسي بيده لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنا أن نرمل بها رملا قال فجاء القوم وأسرعوا المشي وأسرع زياد المشي
[ 317 ]
ذكر الإباحة للمرء السرعة بالجنائز إذا الجازرى للدفن أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا هشيم عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بكرة قال لقد رأيتنا وإنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يكاد أن يرمل بالجنائز رملا ذكر ما يستحب للمرء إذا شهد جنازة أن يكون مشيه معها قدامها أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضوان الله عليهما يمشون أمام الجنازة
[ 318 ]
ذكر الإباحة للمرء أن يمشي أمام الجنازة إذا سير بها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا العباس بن الوليد النرسي وعثمان بن أبي شيبة ومحمد بن عبيد الكوفي قالوا حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة
[ 319 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن سفيان لم يسمع هذا الخبر من الزهري أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا يعقوب بن سفيان الفارسي قال حدثنا القدرة قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري غير مرة أشهد لك عليه قال أخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة فقيل لسفيان فيه وعثمان قال لا أحفظه قيل له فإن بعض الناس لا يقوله إلا عن سالم فقال حدثناه الزهري غير مرة أشهد لك عليه وقيل له فإن بن جريج يقوله كما تقوله ويزيد فيه عثمان فقال سفيان لم أسمعه وذكر عثمان
[ 320 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر أخطأ فيه سفيان بن عيينة أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر كان يمشي بين يدي الجنازة قال وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي بين يديها وأبا بكر وعمر وعثمان قال الزهري وكذلك السنة ذكر الخبر الدال على أن هذا الفعل ليس بفعل لا يجوز غيره أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا وكيع قال حدثنا سعيد بن عبيد الله الثقفي عن زياد بن جبير بن حية عن أبيه عن المغيرة بن شعبة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الراكب
[ 321 ]
في الجنازة خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها والطفل يصلى عليه
[ 322 ]
فصل في القيام للجنازة أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني عبيد الله بن مقسم قال حدثني جابر بن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مرت بنا جنازة فقام لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ذهبنا لنحمل إذا هي جنازة يهودي قال إن للموت فزعا فإذا رأيتم جنازة فقوموا
[ 323 ]
ذكر البيان بأن الأمر إنما أمر المرء به إلى أن تخلفه الجنازة أو توضع أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا حتى تخلفكم أو توضع
[ 324 ]
ذكر المدة التي تقام لها عند رؤية الجنازة أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني الليث بن سعد عن بن شهاب عن سالم عن بن عمر عن عامر بن ربيعة العدوي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا المقرئ قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال حدثني ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله تمر بنا جنازة الكافر أفنقوم لها قال نعم
[ 325 ]
فقوموا لها فإنكم تقومون لها إنما تقومون إعظاما للذي يقبض الأرواح ذكر قعود المصطفى صلى الله عليه وسلم عند رؤية الجنازة بعد قيامه لها أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن يحيى بن سعيد عن حكى بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنازة ثم جلس
[ 326 ]
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن حكى بن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجنائز حتى توضع ثم قعد ذكر الأمر بالجلوس عند رؤية الجنائز بعد الأمر بالقيام لها أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط قال حدثنا
[ 327 ]
محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو قال حدثنا حكى بن عمرو بن سعد بن معاذ قال شهدت جنازة في بني سلمة فقمت فقال لي نافع بن جبير اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت حدثني مسعود بن الحكم أنه سمع عليا برحبة الكوفة يقول للناس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالقيام في الجنازة ثم جلس بعد ذلك وامر بالجلوس
[ 328 ]
فصل في الصلاة على الجنازة أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثني أبي عن أبيه قال قال عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي إلى جنازة سأل عنها فإن أثنى عليها خيرا قام فصلى وإن أثنى عليها شرا قال لأهلها شأنكم بها ولم يصل عليها قال أبو حاتم ترك المصطفى صلى الله عليه وسلم على من وصفنا نعته كان ذلك قصد التأديب منه صلى الله عليه وسلم لأمته كي لا يرتكبوا مثل
[ 329 ]
ذلك الفعل لا أن الصلاة غير جائزة على من أتى مثل ما أتى من لم يصل عليه صلى الله عليه وسلم أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان قال حدثنا أبي قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا محمد بن عمرو عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة ليصلي عليها فقال أعليه دين قالوا نعم دينارين قال ترك لهما وفاء قالوا لا قال فصلوا على صاحبكم قال أبو قتادة هما إلي يا رسول الله فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر البيان بأن قول أبي قتادة هما إلي أراد به أنهما علي أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن بشر قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة عن أبي قتادة بن ربعي قال أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة ليصلي عليها وقال عليه دين قالوا عليه ديناران فقال
[ 330 ]
صلوا على صاحبكم قال أبو قتادة إلي يا رسول الله هما علي فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم أنه مضاد للخبرين الأوليين اللذين ذكرناهما أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رجلا أتي به النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليه فقال صلوا على صاحبكم فإن عليه دينا فقال أبو قتادة أنا أكفل به قال بالوفاء قال بالوفاء فصلى عليه صلى الله عليه وسلم وكان عليه ثمانية عشر أو سبعة عشر درهما
[ 331 ]
ذكر العلة التي من اجلها كان لا يصلي النبي صلى الله عليه وسلم على من عليه دين إذا مات أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين ذكر الخبر الدال على أن ترك صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم على من مات وعليه دين كان ذلك في أول الإسلام أخبرنا علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني قال حدثنا محمد بن عصام بن يزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه
[ 332 ]
عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر الساعة أحمرت وجنتاه واشتد غضبه وعلا صوته كأنه منذر جيش قال صبحتم مسيتم قال وكان يقول أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم ومن ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعا فعلي وإلي فأنا أولى بالمؤمنين ذكر الخبر المصرح بأن ترك المصطفى صلى الله عليه وسلم الصلاة على من مات وعليه دين كان ذلك في بدء الإسلام قبل فتح الله الفتوح عليه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا
[ 333 ]
إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عثمان بن عمر قال حدثنا بن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كان الرجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات وعليه دين سأل هل له وفاء فإذا قيل نعم صلى عليه وإذا قيل كلا قال صلوا على صاحبكم فلما فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم الفتوح قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم من ترك دينا فعلي ومن ترك مالا فللوارث
[ 334 ]
ذكر الإباحة للمرء الصلاة على كل مسلم مات من أهل القبلة وإن كان عليه دين أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على رجل مات وعليه دين فأتى بميت فقال أعليه دين فقالوا نعم ديناران فقال صلى الله عليه وسلم صلوا على صاحبكم فقال أبو قتادة هما علي يا رسول الله فصلى عليه فلما فتح الله على رسوله قال أنا أولى بكل مؤمن من نفسه فمن ترك دينا
[ 335 ]
فعلي ومن ترك مالا فلورثته ذكر الإباحة للمرء أن يصلي على الجنازة في مساجد الجماعات أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا أبو معمر القطيعي قال حدثنا بن المبارك عن موسى بن عقبة عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهل بن بيضاء إلا في المسجد
[ 336 ]
ذكر السبب من أجله ذكرت عائشة رضوان الله عليها هذا السبب أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا بن أبي فديك قال حدثني الضحاك بن عثمان عن أبي النضر عن أبي سلمة أن عائشة لما توفي سعد قالت ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه فأنكر ذلك عليها فقالت والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بن بيضاء في المسجد
[ 337 ]
ذكر وصف القيام للمرء إذا أراد الصلاة على الجنازة أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد عن يزيد بن زريع قال حدثنا حسين المعلم قال حدثنا عبد الله بن بريدة عن سمرة قال صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها فقام عليها في الصلاة وسطها
[ 338 ]
ذكر وصف التكبيرات على الجنائز إذا أراد المرء الصلاة عليها أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات ذكر الإباحة للمرء أن يزيد في التكبيرات على الجنائز على ما وصفنا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت بن أبي ليلى قال كان زيد بن أرقم يكبر على جنائزنا أربعا ثم يكبر
[ 339 ]
خمسا فسألناه عن ذلك فقال كبرها أو كبرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر ما يدعو المرء به في الصلاة على الجنائز أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا
[ 340 ]
عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في الصلاة على الجنائز اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام ذكر ما يستحب ان يقرأ بفاتحة الكتاب في الصلاة على الجنازة أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محرز بن عون قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال
[ 341 ]
صليت خلف ان عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وجهر حتى أسمعنا فلما انصرفت أخذت بيده فسألته عن ذلك فقال سنة وحق ذكر ما يستحب للمرء أن يقرأ بفاتحة الكتاب عند الصلاة على الجنائز أخبرنا محمد بن شعيب البلخي قال حدثنا منصور بن
[ 342 ]
أبي مزاحم قال حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن طلحة بن عبد الله قال شهدت بن عباس صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب فلما انصرف قلت له أتقرأ بفاتحة الكتاب قال نعم يا بن أخي سنة وحق ذكر ما يستحب للمرء إذا صلى على جنازة أن يسأل الله الزيادة للمصلى عليه في حسناته والمغفرة لسيئاته أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا وهب بن بقية قال حدثنا خالد بن عبد الله عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى على جنازة يقول اللهم عبدك وابن عبدك كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به مني إن كان محسنا فزد في إحسانه وإن كان مسيئا فاغفر له ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده
[ 343 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن يسأل الله جل وعلا في إعادة من يصلي عليه من عذاب القبر وعذاب النار بالله نتعوذ منهما أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا قال حدثنا عمرو بن عثمان القرشي قال حدثنا الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على رجل فقال اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك وحبل جوارك فأعذه من فتنة القبر وعذاب النار أنت أهل الوفاء والحق اللهم فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم
[ 344 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن يسأل الله جل وعلا لمن يصلي عليه الإبدال له دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن حبيب بن عبيد عن جبير بن نفير الحضرمي سمعه يقول سمعت عوف بن مالك الأشجعي يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له وارحمه واعف عنه وأكرم منزله وأوسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس وأبدله بداره دارا خيرا من داره واهلا خيرا من أهله وزوجة خيرا من زوجته وأدخله الجنة وأعذه من النار ومن عذاب القبر حتى تمنيت أن أكون ذلك الميت
[ 345 ]
قال بن وهب وحدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو هذا الحديث ذكر الأمر لمن صلى على ميت أن يخلص له الدعاء أخبرنا أحمد بن موسى بن الفضل بن معدان بحران قال حدثنا عمرو بن هشام قال حدثنا محمد بن سلمة عن بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة
[ 346 ]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صليتم على الميت فاخلصوا له الدعاء ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن بن إسحاق لم يسمع هذا الخبر من محمد بن إبراهيم أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا الفضل بن سهل الأعرج قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنا أبي عن بن إسحاق قال حدثني محمد بن إبراهيم عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن وسلمان الأغر مولى جهينة كلهم حدثوني عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إذا صليتم على الجنازة فأخلصوا لها الدعاء
[ 347 ]
ذكر إعطاء الله جل وعلا للمصلي على الجنازة والمنتظر لدفنها قيراطين من الأجر أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شهد الجنازة حتى يصلى عليها فله قيراط ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان قيل يا رسول وما القيراطان قال مثل جبلين عظيمين
[ 348 ]
ذكر وصف الجبلين اللذين يعطي الله مثلهما من الأجر لمن صلى على جنازة وحضر دفنها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا المقرئ قال أخبرنا حيوة بن شريح قال حدثني أبو صخر أن يزيد بن عبد الله قسيط حدثه أن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص حدثه عن أبيه أنه كان قاعدا مع بن عمر فاطلع صاحب المقصورة قال يا عبد الله بن عمر ألا تسمع ما يقول أبو هريرة
[ 349 ]
إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تبع جنازة من بيتها حتى يصلي عليها ثم تبعها حتى يدفنها كان له قيراطان كل قيراط مثل أحد ومن رجع عنها بعدما يصلي ولم يتبعها كان له قيراط مثل أحد فقال بن عمر اذهب إلى عائشة فسلها عن قول أبي هريرة ثم ارجع إلي فأخبرني بما قالت قال وأخذ بن عمر قبضة من حصاة فجعل يقلبها بيده حتى رجع الرسول فقال قالت صدق أبو هريرة فرمى بن عمر الحصى إلى الأرض من يده وقال لقد فرطنا في قراريط كثيرة
[ 350 ]
ذكر البيان بأن هذا الفضل إنما يكون لمن فعل ذلك احتسابا لله لا رياء ولا سمعة ولا قضاء لحق أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا الحسن بن خلف الواسطي قال حدثنا إسحاق الأزرق عن عوف عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا حتى يصلي عليها ثم يقعد حتى يوضع في قبره فإنه يرجع وله قيراطان من الأجر وهما مثل أحد ومن صلى عليها ثم رجع قبل أن يوضع في القبر فله قيراط قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم وهما مثل أحد يريد به أحدهما
[ 351 ]
ذكر مغفرة الله جل وعلا للمسلم الميت إذا صلى عليه مائة كلهم مسلمون شفعاء أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا الثقفي قال حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يموت يصلي عليه أمة يبلغون أن الريح مائة فيشفعون إلا شفعوا فيه ذكر مغفرة الله جل وعلا للميت إذا صلى عليه أربعون يشفعون فيه أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
[ 352 ]
أحمد بن عيسى المصري قال حدثنا بن وهب قال حدثنا أبو صخر حميد بن زياد عن شريك بن أبي نمر عن كريب عن بن عباس أنه مات بن له بقديد أو بعسفان فقال يا كريب انظر ما اجتمع له من الناس قال فخرجت فإذا ناس قد اجتمعوا فأخبرته فقال يكونون أربعين قال قلت نعم قال اخرجوا به فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه ذكر إباحة الصلاة على قبر المدفون أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا شريك عن عثمان بن حكيم عن خارجة بن زيد بن ثابت
[ 353 ]
عن عمه يزيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر فلانة فكبر أربعا ذكر الإباحة لمن فاتته الصلاة على الجنازة أن يصلي على قبر المدفون أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا أحمد بن حنبل قال حدثنا غندر عن شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر امرأة قد دفنت
[ 354 ]
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا محمد بن محمد بن يوسف العدوي أبو ذر ببخاري قال حدثنا يحيى بن سهيل قال حدثنا أبو عاصم عن سفيان وذكر محمد بن محمد بن يوسف آخر معه عن سليمان الشيباني عن الشعبي عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر بعدما دفن
[ 355 ]
قال أبو حاتم قال أخبرنا أبو ذر عن سفيان وابن جريح عن الشيباني وأنا أهابه ذكر خبر قد تعلق به من لم يتبحر في العلم ولا طلبه من مظانه فنفى جواز الصلاة على القبر أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رجلا كان يلتقط الأذى من المسجد فمات ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعل فلان قالوا مات قال هلا كنتم آذنتموني به فكأنهم استخفوا شأنه قال لأصحابه انطلقوا فدلوني على قبره فذهب فصلى عليه
[ 356 ]
ثم قال إن هذه القبور مملوءة ظلمة على أهلها وإن الله ينورها عليهم بصلاتي ذكر الخبر الدال على أن العلة في صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم على القبر لم يكن دعاءه وحده دون دعاء أمته أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا هشيم قال حدثنا عثمان بن حكيم الأنصاري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما وردنا البقيع إذا هو بقبر فسأل عنه فقالوا فلانة فعرفها فقال ألا آذنتموني بها قالوا كنت قائلا صائما قال فلا تفعلوا لا أعرفن ما مات منكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه
[ 357 ]
رحمة قال ثم أتى القبر فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا قال أبو حاتم رضي الله عنه قد يتوهم غير المتبحر في صناعة العلم أن الصلاة على القبر غير جائزة للفظة التي في خبر أبي هريرة فإن الله ينورها عليهم رحمة بصلاتي واللفظة التي في خبر يزيد بن ثابت فإن صلاتي عليهم رحمة وليست العلة ما يتوهم المتوهمون فيه أن إباحة هذه السنة للمصطفى صلى الله عليه وسلم خاص دون أمته إذا لو كان ذلك لزجرهم صلى الله عليه وسلم عن أن يصطفوا خلفه ويصلوا معه على القبر ففي ترك إنكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى على القبر أبين البيان لمن وفقه الله للرشاد والسداد أنه فعل مباح له ولأمته معا دون أن يكون ذلك بالفعل لهم دون أمته
[ 358 ]
ذكر خبر ثان يدل على صحة ما ذكرناه أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد قال أخبرنا شعبة عن الشيباني عن الشعبي قال أخبرني من صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فصفهم خلفه قلت من أخبرك قال بن عباس ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به سليمان الشيباني أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن الحراني قال حدثنا وهب بن جرير قال حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن بن عباس قال انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى قبر منبوذ فصلى عليه وصلينا معه
[ 359 ]
ذكر العلة التي من أجلها تجوز الصلاة على القبر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد الدغولي قال حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال حدثنا وهب بن جرير عن شعبة عن إسماعيل عن الشعبي عن بن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فصلى عليه وصلينا معه قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر بيان واضح أن صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم على القبر إنما كانت على قبر منبوذ والمنبوذ ناحية فدلتك هذه اللفظة على أن الصلاة على القبر جائزة إذا كان جديدا في ناحية لم تنبش أو في وسط قبور لم تنبش فأما القبور التي نبشت وقلب ترابها صار ترابها نجسا لا تجوز الصلاة على النجاسة إلا أن يقوم الإنسان على شئ نظيف ثم يصلي على القبر المنبوش دون المنبوذ الذي لم ينبش
[ 360 ]
ذكر إباحة الصلاة على القبر وإن أتى على المدفون ليلة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن الشيباني عن الشعبي عن بن عباس قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر رجل بعدما دفن بليلة قام هو وأصحابه وكان قد سأل عنه قالوا فلان دفن البارحة فصلوا عليه ذكر الإباحة للناس إذا أرادوا الصلاة على القبر أن يصطفوا وراء إمامهم أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الرياني قال حدثنا أحمد بن منيع قال حدثنا هشيم قال حدثنا عثمان بن حكيم بن عباد بن حنيف عن خارجة بن زيد بن ثابت عن عمه يزيد بن ثابت وكان أكبر من زيد بن ثابت وكان قد شهد بدرا وزيد لم يشهد بدرا قال خرجنا مع
[ 361 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع فرأى قبرا جديدا فصففنا خلفه وكبر عليه أربعا ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أن القاتل نفسه غير جائز الصلاة عليه أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا خليل بن عمرو بغدادي ثقة حدثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة أن رجلا كانت له جراحة فأتى قرنا له فأخذ مشقصا فذبح به نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم
[ 362 ]
ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم أن المرجوم لزناه لا يجب أن يصلي عليه أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر أن رجلا من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنى فأعرض عنه حتى شهد على نفسه أربع مرات فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أبك جنون قال لا قال فهل أحصنت قال نعم قال فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فرجم في المصلى فلما أذلقته الحجارة فر فأدرك وخر حتى مات فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا ولم يصل عليه
[ 363 ]
ذكر ما يستحب للإمام ترك الصلاة على القاتل نفسه من ألم جراحة أصابته أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا خليل بن عمرو البغدادي قال حدثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة أن رجلا كانت به جراحة فاتى قرنا له فأخذ مشقصا فذبح به نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذكر جواز الصلاة للمرء على الميت الغائب في بلدة أخرى أخبرنا حاجب بن أركين قال حدثنا عمرو بن علي الفلاس قال حدثنا أبو داود قال سمعت شعبة يقول الساعة يخرج الساعة يخرج حدثنا أبو الزبير
[ 364 ]
عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي ذكر جواز صلاة المرء جماعة على الميت إذا مات في بلد آخر أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا أبي عن شعبة عن أبي الزبير عن جابر قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم على النجاشي لما بلغه
[ 365 ]
وفاته وكنت في الصف الثاني ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم على النجاشي في اليوم الذي مات فيه أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات ذكر إباحة صلاة المرء على الميت إذا مات ببلد آخر أخبرنا محمد بن علان بأذنة قال حدثنا محمد بن يحيى الزماني قال حدثنا عبد الوهاب الثقفي قال حدثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أخا لكم قد مات
[ 366 ]
فقوموا فصلوا عليه قال فصففنا عليه صفين ذكر وصف اسم هذا المتوفي الذي صلى عليه بالمدينة وهو في بلده أخبرنا زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا أبو داود الطيالسي قال حدثنا سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي وكبر عليه أربعا قال أبو حاتم رضي الله عنه العلة في صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم على النجاشي وهو بأرضه أن النجاشي أرضه
[ 367 ]
بحذاء القبلة وذاك أن بلد الحبشة إذا قام إنسان بالمدينة كان وراء الكعبة والكعبة بينه وبين بلاد الحبشة فإذا مات الميت ودفن ثم علم المرء في بلد آخر بموته وكان بلد المدفون بين بلده والكعبة وراء الكعبة جاز له الصلاة عليه فأما من مات ودفن في بلد وأراد المصلي عليه الصلاة في بلده وكان بلد الميت وراءه فمستحيل حينئذ الصلاة عليه
[ 368 ]
ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم نعى إلى الناس النجاشي في اليوم الذي توفي فيه أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة حدثنا بن وهب أخبرنا يونس عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي يوم توفي وقال استغفروا لأخيكم ثم خرج بالناس إلى المصلى فصفوا وراءه وكبر أربع تكبيرات
[ 369 ]
أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد بن سلم حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير حدثني أبو قلابة عن عمه عن عمران بن حصين قال أنبأنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخاكم النجاشي توفي فقوموا فصلوا عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصفوا خلفه وكبر أربعا وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه
[ 371 ]
فصل في الدفن أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا أبو معمر القطيعي قال حجاج بن محمد عن بن جريح قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه كفن في كفن غير طائل ودفن ليلا فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل ليلا إلا أن يضطر الإنسان إلى ذلك
[ 372 ]
ذكر الزجر عن أن يقعد المرء إذا تبع الجنازة إلى أن توضع أخبرنا محمد بن الحسن بن مكرم قال حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال حدثنا عبيدة بن حميد عن سهل بن أبي صالح عن النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبع أحدكم الجنازة فلا يجلس حتى توضع
[ 373 ]
ذكر ما يستحب للمرء عند شهود الجنازة أن لا يقعد حتى توضع أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مع الجنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد أو تدفن شك أبو معاوية ذكر ما يستحب للمشيع الجنازة أن لا يقعد حتى توضع في اللحد أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان مع
[ 374 ]
الجنازة لم يجلس حتى توضع في اللحد أو حتى تدفن شك أبو معاوية ذكر الخصال التي تتبع جنازة الميت وما يرجع منها عنه وما يبقى منها معه أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله عن سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر قال سمعت أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله ذكر تفصيل لفظ الخبر الذي ذكرناه أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا زيد بن أخزم حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا عمران القطان عن قتادة
[ 375 ]
عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن آدم ثلاثة أخلاء اما خليل فيقول ما أنفقت فلك وما أمسكت فليس لك فهذا ماله واما خليل فيقول أنا معك فإذا أتيت باب الملك تركتك ورجعت فذلك أهله وحشمه وأما خليل فيقول أنا معك حيث دخلت وحيث خرجت فهذا عمله فيقول أن كنت لأهون الثلاثة علي ذكر ما يقول المرء إذا أراد أن يدلي أخاه في حفرته نسأل الله بركة ذلك الوقت أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا العباس بن عبد العظيم قال حدثنا أبو داود قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي الصديق عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا وضع الميت في
[ 376 ]
القبر قال بسم الله وعلى ملة رسول الله ذكر الأمر بالتسمية لمن دلى ميتا في حفرته أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا عبد الصمد قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة عن أبي الصديق عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وضعتم موتاكم في اللحد فقولوا بسم الله وعلى سنة رسول الله
[ 377 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو الصديق بكر بن قيس
[ 378 ]
فصل في أحوال الميت في قبره ذكر الخبر الدال على أن المسلم والكافر يعرفان ما يحل بهما بعد من ثواب أو عقاب قبل أن يدخلا في حفرتهما أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا يحيى بن آدم حدثنا بن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن مهران عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا وضع على سريره يقول قدموني وإن العبد إذا وضع على سريره يقول يا ويلتي أين تذهبون بي يريد المسلم والكافر
[ 379 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه روى هذا الخبر سعيد المقبري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري وعن عبد الرحمن بن مهران عن أبي هريرة فالطريقان جميعا محفوظان ومتن خبر أبي سعيد أتم من خبر أبي هريرة قد ذكرناه في أول هذا الباب ذكر البيان بأن ضغطة القبر لا ينجو منها أحد من هذه الأمة نسأل الله حسن السلامة منها أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا بندار عن عبد الملك بن الصباح حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن نافع عن صفية عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للقبر ضغطة لو نجا منها أحد لنجا منها سعد بن معاذ
[ 380 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الميت إذا وضع في قبره لا يحرك منه شئ إلى أن يبلى أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الواحد بن الصالح قال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت محمد بن عمرو يحدث عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الميت إذا وضع في قبره إنه يسمع خفق نعالهم حين يولون عنه فإن كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه وكان الصيام عن يمينه وكانت الزكاة عن شماله وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه فيؤتى من قبل رأسه فتقول الصلاة ما قبلي مدخل ثم يؤتى عن يمينه فيقول الصيام ما قبلي مدخل ثم يؤتى عن يساره فتقول الزكاة ما قبلي مدخل ثم يؤتي من قبل رجليه فتقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف
[ 381 ]
والإحسان إلى الناس ما قبلي مدخل فيقال له اجلس فيجلس وقد مثلت له الشمس وقد أدنيت للغروب فيقال له أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه وماذا تشهد به عليه فيقول دعوني حتى أصلي فيقولون إنك ستفعل أخبرني عما نسألك عنه أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ما تقول فيه وماذا تشهد عليه قال فيقول محمد أشهد أنه رسول الله وأنه جاء بالحق من عند الله فيقال له على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها فيزداد غبطة وسرورا ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له هذا مقعدك منها وما أعد الله لك فيها لو عصيته فيزداد غبطة وسرورا ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ويعاد الجسد لما بدأ منه فتجعل نسمته في النسم الطيب وهي طير يعلق في شجر الجنة قال فذلك قوله تعالى يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة إلى آخر الآية قال وإن الكافر إذا أتي من قبل رأسه لم يوجد شئ ثم أتي عن يمينه فلا يوجد شئ ثم أتي عن شماله فلا يوجد شئ ثم أتي من قبل رجليه فلا يوجد شئ فيقال له
[ 382 ]
اجلس فيجلس خائفا مرعوبا فيقال له أرأيتك هذا الرجل الذي كان فيكم ماذا تقول فيه وماذا تشهد به عليه فيقول أي رجل فيقال الذي كان فيكم فلا يهتدي لاسمه حتى يقال له محمد فيقول ما أدري سمعت الناس قالوا قولا فقلت كما قال الناس فيقال له على ذلك حييت وعلى ذلك مت وعلى ذلك تبعث إن شاء الله ثم يفتح له باب من أبواب النار فيقال له هذا مقعدك من النار وما أعد الله لك فيها فيزداد حسرة وثبورا ثم يفتح له باب من أبواب الجنة فيقال له ذلك مقعدك من الجنة وما أعد الله لك فيه لو أطعته فيزداد حسرة وثبورا ثم يضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه فتلك المعيشة الضنكة التي قال الله فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى
[ 383 ]
ذكر الإخبار بأن المرء يفتن في قبره مسلما كان أو كافرا أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت أتيت عائشة حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها إلى السماء وقالت سبحان الله فقلت آية فأشارت أي نعم قالت فقمت حتى تجلاني الغشي فجعلت أصب الماء فوق رأسي فلما انصرف حمد الله رسول الله وأثنى عليه ثم قال ما من شئ كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريبا من فتنة الدجال لا أدري أي ذلك قالت أسماء يؤتي أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن فلا أدرى أي ذلك قالت أسماء فيقول محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له نم صالحا قد علمنا إن كنت لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته
[ 384 ]
ذكر الإخبار بأن الناس يسألون في قبورهم وعقولهم ثابتة معهم لا أنهم يسألون وعقولهم ترغب عنهم أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أحمد بن عيسى المصري قال حدثنا بن وهب قال حدثني حيي بن عبد الله المعافري أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتاني القبر فقال عمر بن الخطاب أترد علينا عقولنا يا رسول الله فقال
[ 385 ]
نعم كهيئتكم اليوم قال فبفيه الحجر ذكر الإخبار بأن المسلم في قبره عند السؤال يمثل له النهار عند مغيربان الشمس أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم وعبد الله بن قحطبة بن الاستثناء بفم الصلح قالا حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الميت القبر مثلت له الشمس عند غروبها فيقول دعوني أصلي
[ 386 ]
ذكر الإخبار عن اسم الملكين اللذين يسألان الناس في قبورهم ثبتنا الله بتفضله لسؤالهما في ذلك الوقت أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا بشر بن معاذ العقدي قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق قال حدثني سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قبر أحدكم أو الإنسان أتاه ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل محمد فهو قائل ما كان يقول فإن كان مؤمنا قال هو عبد الله ورسوله أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله فيقولان له إن كنا لنعلم إنك لتقول ذلك ثم يفسخ له في قبره سبعون ذراعا في سبعين ذراعا وينور له فيه فيقال له نم فينام كنومة العروس الذي لا يوقظه إلا أحب أهله إليه حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك وإن كان منافقا قال لا أدري كنت أسمع الناس يقولون شيئا فكنت أقوله فيقولان له إن كنا لنعلم أنك تقول ذلك ثم يقال للأرض التئمي عليه فتلتئم عليه حتى تختلف فيها أضلاعه فلا يزال معذبا حتى يبعثه الله من مضجعه ذلك
[ 387 ]
قال أبو حاتم رحمة الله عليه خبر الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء سمعه الأعمش عن الحسن بن عمارة عن المنهال بن عمرو وزاذان لم يسمعه من البراء فلذلك لم أخرجه
[ 388 ]
ذكر سماع الميت عند سؤال منكر إياه وقع أرجل المنصرفين عنه نسأل الله الثبات لذلك أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي حدثنا وكيع عن سفيان الثوري عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا مدبرين ذكر الخبر المدحض قول من انكر عذاب القبر أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
[ 389 ]
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله جل وعلا فإن له معيشة ضنكا قال عذاب القبر
[ 390 ]
ذكر الإخبار عما يعمل المسلم والكافر بعد إجابتها منكرا ونكيرا عما يسألانه عنه أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني قال حدثنا عباس بن الوليد النرسي قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولوا عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان ما كنت تقول في هذا الرجل في محمد فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبد الله ورسوله فيقال له انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله مقعدا من الجنة قال قتادة وذكر لنا أنه يفسخ له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك قال وأما الكافر والمنافق فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل فيقول لا أدري كنت أقول ما يقول الناس فيقال لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها من عليها غير الثقلين
[ 391 ]
ذكر الإخبار عن وصف بعض العذاب الذي يعذب به الكافر في قبره أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا سعيد بن أبي أيوب قال سمعت دراجا أبا السمح يقول سمعت أبا الهيثم يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنينا تنهشه وتلدغه
[ 392 ]
حتى تقوم الساعة فلو أن تنينا منها نفخت في الأرض ما انبتت خضرا ذكر الإخبار عن وصف التنين الذي يسلط على الكافر في قبره أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا السمح حدثه عن بن حجيرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن في قبره لفي روضة خضراء ويرحب له قبره سبعون ذراعا وينور له كالقمر ليلة البدر أتدرون فيما أنزلت هذه الآية فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى أتدرون ما المعيشة الضنكة
[ 393 ]
قالوا الله ورسوله أعلم قال عذاب الكافر في قبره والذي نفسي بيده إنه يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا أتدرون ما التنين سبعون حية لكل حية سبع رؤوس يلسعونه حقيل إلى يوم القيامة ذكر الإخبار بتعذيب الله موتى الكفرة بما نيح عليهم في الدنيا أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرة بنت عبد الرحمن
[ 394 ]
أنها سمعت عائشة وذكر لها أن عبد الله يقول إن الميت ليعذب ببكاء الحي قالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكي عليها فقال إنهم يبكون عليها وإنها لتعذب في قبرها ذكر الإخبار بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أسمع أصوات الكفرة حيث عذبت في قبورها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه عن البراء بن عازب
[ 395 ]
عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوتا حين غربت الشمس فقال هذه أصوات اليهود تعذب في قبورها ذكر الإخبار بأن البهائم تسمع أصوات من عذب في قبره من الناس أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا في حائط من حوائط بني ماتت فيه قبور مهم وهم يقول استعيذوا بالله من عذاب القبر فقلت يا رسول الله وللقبر
[ 396 ]
عذاب قال نعم وإنهم ليعذبون في قبورهم تسمعه البهائم ذكر العلة التي من أجلها لا يسمع الناس عذاب القبر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني حميد الطويل عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه دخل حائطا من حوائط بني ماتت فسمع صوتا من قبر قال متى دفن صاحب هذا القبر فقالوا في الجاهلية فسر بذلك وقال
[ 397 ]
لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله إن يسمعكم عذاب القبر ذكر الخبر الدال على أن عذاب القبر قد يكون من ترك الاستبراء من البول حدثنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا محمد بن خازم حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كهيئة الدرقة فوضعها ثم بال إليها فقال بعض
[ 398 ]
القوم انظروا إليه يبول كما تبول المرأة قال فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ويحك ما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم شئ من البول قرضوا بالمقاريض فنهاهم فعذب في قبره ذكر الخبر الدال على أن عذاب القبر قد يكون أيضا من النميمة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن بن عباس قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى أما أحدهما فكان يسعى بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله ثم أخذ عودا فكسره باثنين ثم غرز كل واحد منهما على قبر ثم
[ 399 ]
قال لعله يخفف عنهما العذاب ما لم ييبسا ذكر الإخبار عن الشئ الذي يجب على المرء توقيه حذر عذاب القبر في العقبي به أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر قال حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن سليمان عن مجاهد
[ 400 ]
عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إن هذين يعذبان في غير كبير في النميمة والبول ثم دعا بجريدة فكسرها فوصلها عليهما وقال عسى أن يخفف عنهما ما لم ييبسا قال أبو حاتم رضي الله عنه سمع هذا الخبر مجاهد عن بن عباس وسمعه عن طاوس عن بن عباس فالطريقان جميعا محفوظان ذكر الإخبار بأن أهل القبور تعرض عليهم مقاعدهم التي يسكنونها في كل يوم مرتين أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن نافع
[ 401 ]
عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ذكر إرادة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يدعو ربه يسمع أمته عذاب القبر أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن المثنى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن قتادة
[ 402 ]
عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر ذكر خبر أوهم بعض المستمعين أن من نيح عليه عذب بعد موته أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك أن عمر لما طعن عولت عليه حفصة فقال لها عمر يا حفصة أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن المعول عليه يعذب فقالت بلى
[ 404 ]
ذكر البيان بأن خطاب هذا الخبر وقع على الكفار دون المسلمين أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن بن أبي مليكة عن بن عباس عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الكافر ليزداد عذابا ببعض بكاء أهله عليه أخبرنا أبو عروبة بخبر غريب بحران حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن عبد الله بن صبيح عن محمد بن سيرين قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الميت يعذب ببكاء الحي فقلت لمحمد بن سيرين من قاله قال عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 405 ]
ذكر الخبر ثان يصرح بهذا الخبر المطلق الذي وهم في تأويله من لم يحكم صناعة العلم أخبرنا أبو يعلى حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا يحيى القطان حدثنا عبيد الله بن عمر أخبرني نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الميت يعذب ببكاء أهله عليه ذكر البيان بأن هذا الخطاب أراد به صلى الله عليه وسلم إذا نيح على الكفار دون أن يكون المبكي عليه مسلما أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا نافع بن عمر عن بن أبي مليكة قال حضرت جنازة أبان بن عثمان فجاء بن عمر فجلس
[ 406 ]
وجاء بن عباس فجلس فقال بن عمر ألا تنهي هؤلاء عن البكاء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الميت يعذب بكاء أهله عليه فقال بن عباس مجيبا له قد كان عمر يقول بعض ذلك خرجنا مع عمر حتى إذا كنا بالبيداء إذا راكب في ظل شجرة فقال يا عبد الله بن عباس انظر من الراكب فجئت فإذا صهيب معه أهله فقال لي ادع لي صهيبا فصحبه حتى دخل المدينة فأصيب عمر فقال وأخاه واصاحباه فقال عمر رضي الله عنه يا صهيب لا تبكي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعذب الميت ببكاء أهله عليه فذكر ذلك لعائشة فقالت والله ما تحدثون عن كذابين ولا مكذبين وإن لكم في القرآن ما يكفيكم عن ذلك ولا تزر وازرة وزر أخرى ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يزيد الكافر ببكاء أهله عليه
[ 407 ]
ذكر خبر ثان يصرح بأن هذا الخطاب وقع على الكفار دون المسلمين أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن عمر لما مات رافع بن خديج قال لهم لا تبكوا فإن بكاء الحي عذاب للميت قالت عمره فسألت عائشة فقالت يرحمه الله إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليهودية وأهلها يبكون عليها إنهم ليبكون وإنها لتعذب في قبرها ذكر الأخبار بأن الناس يبلون في قبورهم إلا عجب الذئب منهم أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج
[ 408 ]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل بن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن الإنسان إذا مات بلي منه كل شئ أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإنسان عظم لا تأكله الأرض أبدا منه يركب يوم القيامة قالوا وأي
[ 409 ]
عظم هو يا رسول الله قال عجب الذنب ذكر وصف قدر عجب الذنب الذي لا تأكله الأرض من بن آدم أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث ان دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يأكل التراب كل شئ من الإنسان إلا عجب ذنبه قيل وما هو يا رسول الله قال مثل حبة خردل منه ينشأ
[ 410 ]
فصل في النياحة ونحوها أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا ربعي بن إبراهيم حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من عمل الجاهلية لا يتركهن أهل الإسلام النياحة والاستسقاء بالأنواء والتعاير
[ 411 ]
ربعي هو أخو إسماعيل بن علية ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يرد بهذا العدد المحصور الذي ذكرناه نفيا عما وراءه من العدد أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو عامر حدثنا سفيان عن سليمان عن ذكوان
[ 412 ]
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع من الجاهلية لن يدعها الناس النياحة والتعاير أو التعاير في الانساب ومطرنا بنوء كذا وكذا والعدوى جرب بعير في مائة بعير فمن أعدى الأول ذكر وصف عقوبة النائحة يوم القيامة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا أبان بن يزيد قال حدثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد سلام عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع في أمتي من أهواء الجاهلية لا يتركونهن الفخر في
[ 413 ]
الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة والنائحة إذا لم تتب قبل موتها يقام يوم القيامة عليها سربال من قطران ودرع من جرب ذكر الزجر عن إسعاد المرأة النساء على البكاء عند مصيبة يمتحن بها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا سفيان عن بن أبي نجيح عن أبيه عن عبيد بن عمير قال
[ 414 ]
قالت أم سلمة لما مات أبو سلمة قلت غريب في أرض غربة لأبكين بكاء يتحدث عنه وكنت قد هيأت البكاء عليه إذ أقبلت امرأة من المسعدات تريد أن تسعدني فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تريدين أن تدخلي الشيطان بيتا أخرجه الله منه قالت فكففت عن البكاء ولم أبك أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن عاصم عن حفصة عن أم عطية قالت لما نزلت إذا جاءك المؤمنات يبايعنك إلى قوله ولا يعصينك في معروف قالت كان منه النياحة فقلت يارسول الله إلا آل فلان فإنهم قد كانوا أسعدوني في الجاهلية فلا بد لي
[ 415 ]
من أن أسعدهم فقال إلا آل فلان ذكر الخبر المصرح بحظر هذا الفعل على الإطلاق أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت عن أنس قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حيث بايعهن أن لا ينحن فقلن يا رسول الله إن نساء أسعدننا في
[ 416 ]
الجاهلية فنسعدهن في الإسلام فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا إسعاد في الإسلام ولا شغار في الإسلام ولا عقر في الإسلام ولا جلب ولا جنب ومن انتهب فليس منا
[ 417 ]
ذكر الزجر عن نياحة النساء على موتاهن أخبرنا أحمد بن عبد الله بحران قال حدثنا النفيلي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت لما جاء نعي زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الحزن فاتاه رجل فقال هذه نساء جعفر ينحن عليه وقد أكثرن بكاءهن قال فأمره أن ينهاهن فمكث شيئا ثم رجع فذكر أنه نهاهن فأبين أن يطعنه فأمره الثانية أن ينهاهن قال فذكر أنه قد غلبنه قال فاحث في وجوههن التراب قالت عمرة فقالت عائشة عند ذلك أرغم الله بآنافهن والله ما تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أنت بفاعل
[ 418 ]
أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن بكار بن الريان قال حدثنا محمد بن طلحة بن مصرف عن الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن أسماء بنت عميس وثلاثمائة قالت لما اصيب جعفر بن أبي طالب أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تسلمي ثلاثا ثم
[ 419 ]
اصنعي بعد ما شئت قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم تسلمي ثلاثا لفظة أمر قرنت بعدد موصوف قصد به الحسم عما لا يحل استعمال في ذلك العدد قوله صلى الله عليه وسلم اصنعي بعد ما شئت لفظة أمر قصد به الإباحة في ظاهر الخطاب مرادها الزجر عن استعمال ما أمر به يريد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ما وصفت التسليم لأمر الله جل وعلا في الأيام الثلاث وقبلها وبعدها ذكر الزجر عن ضرب الخدود واستعمال دعوة الجاهلية لمن نزلت به مصيبة أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا عبيدة بن حميد عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من
[ 421 ]
ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية ذكر الزجر عن ان تحلق المرأة أو تسلق أو تخرق عند مصيبة تمتحن بها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال قرأت على الفضيل عن أبي حريز أن أبا بردة حدثه أن أبا موسى حين حضره الموت قال إذا انطلقتم
[ 422 ]
بجنازتي فأسرعوا المشي ولا تتبعوني بجمر ولا تجعلوا على لحدي شيئا يحول بيي وبين التراب ولا تجعلوا على قبري بناء وأشهدكم أني برئ من كل حالقة أو سالقة أو خارقة قالوا سمعت فيه شيئا قال نعم من رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنا زكريا بن مسلم بفرهاذجرد قال حدثنا محمد بن إسماعيل الجعفي قال حدثنا سليمان بن حرب قال حدثنا شعبة عن عوف عن خالد الأحدب عن صفوان بن محرز قال لما حضر أبو موسى صاحوا عليه فقال قال
[ 423 ]
النبي صلى الله عليه وسلم ليس منا من سلق ولا خرق ولا حلق ذكر الخبر المصرح بهذا الشئ المزجور عنه أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا الحكم بن موسى قال حدثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن القاسم بن مخيمرة حدثه قال حدثني أبو بردة بن أبي موسى قال وجع أبو موسى وجعل يغمى عليه ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة فلم يستطع أن يرد عليها شيئا فلما أفاق قال أنا برئ ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الحالقة والسالقة والشاقة
[ 424 ]
ذكر الإسماع لمن تعزى بعزاء الجاهلية عند مصيبة يمتحن بها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن خلاد الباهلي قال حدثنا يحيى بن سعيد عن عوف عن الحسن عن عتي قال رأيت أبيا رأى رجلا الجاهلية تعز بعزاء فأعضه
[ 425 ]
ولم يكن ثم قال قد أرى في أنفسكم أو في نفسك إني لم أستطع إذا سمعتها أن لا أقولها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا ذكر لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم الخارج إلى التسخط عند مصيبة يمتحن بها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد بن داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن عبد الأعلى النخعي أن أبا موسى الأشعري قال يا أم عبد الله ألا أخبرك
[ 426 ]
بما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت بلى قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلق أو خرق أو سلق ذكر الزجر عن البكاء للنساء عند المصائب إذا امتحن بها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
[ 427 ]
عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن نمير عن يحيى بن سعيد عن عمرة أنها سمعت عائشة تقول لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرف في وجهه الحزن قالت عائشة وأنا اطلع من شق الباب فأتاه رجل فقال يا رسول الله إن نساء جعفر قد كثر بكاؤهن فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينهاهن قالت عائشة فذهب الرجل ثم جاء فقال قد نهيتهن وإنهن لم يطعنني حتى كان في الثالثة فزعمت أن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحث في أفواههن التراب قالت عائشة فقلت أرغم الله بأنفك ما أنت بفاعل ما يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر وصف البكاء الذي نهى النساء عن استعماله عند المصائب أخبرنا أحمد بن علي بن الثنى قال حدثنا إسماعيل بن إبراهيم الهذلي قال حدثنا أبو أسامة قال حدثنا بن جابر قال حدثنا تثبت وغيره
[ 428 ]
عن أبي امامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الخامشة وجهها والشاقة جيبها والداعية بالويل ذكر الإباحة للنساء أن يبكين موتاهن ما لم يكن ثم نوح أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن هشام بن عروة قال أخبرني وهب بن جلس أن محمد بن عمرو أخبره أن سلمة بن الأزرق قال كنت جالسا مع بن عمر فاتي بجنازة يبكي عليها فعاب ذلك بن عمر وانتهرهن فقال سلمة بن الأزرق أشهد على أبي هريرة أني سمعته يقول مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة وأنا
[ 429 ]
معه ومعه عمر بن الخطاب ونساء يبكين عليها فزجرهن وانتهرهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن يا عمر فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب قال بن عمر فالله ورسوله أعلم ذكر إباحة بكاء المرء عند فقده ولده أو ولد ولده ما لم يخالط البكاء حالة التسخط أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا محمد بن خازم قال حدثنا عاصم عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته بابنة
[ 430 ]
زينب ونفسها تقعقع كأنها في شن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله ما أخذ وله ما أعطى وكل إلى أجل قال فدمعت عيناه فقال له سعد بن عبادة يا رسول الله أترق أولم تنه عن البكاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء
[ 431 ]
ذكر الإخبار بأن المرء مؤاخذ عندما امتحن به من المصيبة مما يقول بلسانه دون حزن القلب ودمع العين أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن سعيد بن الحارث الأنصاري أن عبد الله بن عمر قال اشتكى سعد شكوى فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبد الله بن مسعود فلما دخل وجده في غشيته فقال قد قضى يا رسول الله فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكوا فقال ألا تسمعون إن الله جل وعلا لا يعذب بدمع العين ولا بحزن القلب ولكن يعذب بهذا أو يرحم وأشار إلى لسانه ذكر الخبر الدال على أن من صرح بما لا يرضى الله عند مصيبة يمتحن بها لا يكون له عليها أجر أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة
[ 432 ]
عن أبي هريرة قال لما توفي بن رسول الله صلى الله عليه وسلم صاح أسامة بن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا منا ليس لصارخ حظ القلب يحزن والعين تدمع ولا نقول ما يغضب الرب ذكر التغليط على من اتى بما لا يرضي الله بالأعضاء عند مصيبة يمتحن بها أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال أخبرنا الفرياني قال حدثنا الأوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله عن كريمة بنت الحسحاس قالت سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث هي الكفر بالله النياحة وشق الجيب والطعن في النسب
[ 433 ]
فصل في القبور ذكر الزجر عن تجصيص القبور أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا عمر بن يزيد السياري قال حدثنا عبد الرزاق عن أيوب عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تقصص القبور قال وكانوا يسمون الجص القصة
[ 434 ]
ذكر الزجر عن اتخاذ الأبنية على القبور أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن الصالح عن بن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبنى على القبر ذكر الزجر عن الكتبة على القبور أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا أبو معاوية قال حدثنا بن جريج عن أبي الزبير عن جابر وعن سليمان بن موسى قالا نهى
[ 435 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تجصيص القبور والكتاب عليها والبناء عليها والجلوس عليها ذكر الزجر عن الجلوس على القبور تعظيما لحرمة من فيها من المسلمين أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد قال حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا حجاج عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير
[ 436 ]
أنه سمع جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تقصيص القبور وأن يبنى عليها أو يجلس عليها ذكر الزجر عن قعود المرء على قبور المسلمين من غير انتظار لدفن الميت في أوقات الضرورات أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين قال حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال حدثنا حماد بن سلمة قال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إليه خير من أن
[ 437 ]
يقعد على قبر ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من تحفظ أذى الموتى ولا سيما في أجسادهم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمود بن غيلان قال حدثنا أبو أحمد الزبيري قال حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كسر عظم الميت
[ 438 ]
ككسره حيا
[ 439 ]
فصل في زيارة القبور ذكر الإباحة للرجل ذلك القبور الأموات أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد بن القطان قال حدثنا حكيم بن سيف الرقي قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نهيتكم عن ثلاث عن زيارة القبور وعن لحوم الأضاحي أن تمسكوها فوق ثلاثة أيام وعن الظروف إلا ما كان في سقاء وقد رخص لمحمد صلى الله عليه وسلم في زيارة قبر أمه وإنما نهيتكم عن أن تمسكوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيام ليوسع ذو السعة منكم على من لم يضح ونهيتك عن الظروف إلا ما كان من سقاء فلا يحل ظرف شيئا ولا يحرمه
[ 440 ]
ذكر الأمر بزيارة القبور إذ زيارتها تذكر الموت أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا يعلى بن عبيد قال حدثنا يزيد بن جلس عن أبي حازم عن أبي هريرة قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله ثم قال استأذنت ربي أن أزور قبرها فأذن لي فاستأذنته أن أستغفر لها فلم يأذن لي فزوروا القبور فإنها
[ 441 ]
تذكركم الموت ذكر الزجر عن دخول المقابر بالنعال أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا بندار حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود قالا حدثنا الأسود بن شيبان حدثني خالد بن سمير حدثني بشير بن نهيك حدثنا بشير بن الخصاصيه وكان اسمه في الجاهلية زحم بن معبد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك قال زحم قال أنت بشير فكان اسمه بينما أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا بن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله قلت ما أصبحت أنقم على الله شيئا كل خير فعل الله بي فأتى على قبور المشركين فقال سبق هؤلاء خيرا كثيرا
[ 442 ]
ثلاث مرات ثم أتى على قبور المسلمين فقال لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ثلاث مرات فبينما هو يمشي إذ حانت منه نظرة فإذا هو برجل يمشي بين القبور وعليه نعلان فناداه يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك فنظر فلما عرف الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم خلع نعليه فرمى بهما قال عبد الرحمن بن مهدى كنت أكون مع عبد الله بن عثمان في الجنائر فلما بلغ المقابر حدثته بهذا الحديث فقال حديث جيد ورجل ثقة ثم خلع نعليه فمشى بين القبور
[ 443 ]
قال أبو حاتم يشبه أن تكون تلك من جلد ميتة لم تدبغ فكره صلى الله عليه وسلم لبس جلد الميتة وفي قوله صلى الله عليه وسلم إنه ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه دليل على إباحة دخول المقابر بالنعال ذكر الأمر بالسلام على من سكن الثرى للداخل المقابر ضد قول من أمر بضده أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المقبرة فقال
[ 444 ]
السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن على المرء عند دخول المقبرة أن يقول عليكم السلام لا السلام عليكم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا إسماعيل بن جعفر عن شريك بن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما كانت ليلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتانا وإياكم ما توعدون
[ 445 ]
غدا مؤجلون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ذكر الأمر لمن دخل المقابر أن يسأل الله جل وعلا العافية لنفسه ولمن تحت أطباق الثرى نسأل الله البركة في تلك الحالة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا معاوية بن هشام قال حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة
[ 446 ]
عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرجوا إلى المقابر يعلمهم أن يقولوا السلام على أهل الدار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم للاحقون أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع نسأل الله لنا ولكم العافية ذكر خبر قد احتج به من لم يحكم صناعة العلم أن زيارة المسلمين قبور المشركين جائزة أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال أخبرنا أبو بكر بن خلاد الباهلي وعثمان بن أبي شيبة قالا حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار سمع جابر بن عبد الله يقول أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبي بن سلول بعدما أدخل بعدما ادخل حفرته فأمر به فأخرج
[ 447 ]
فوضعه على ركبته ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه والله أعلم ذكر السبب الذي من أجله فعل صلى الله عليه وسلم ما وصفنا أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا علي بن المديني قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا عبيد الله بن عمر قال حدثني نافع عن بن عمر أن عبد الله بن أبي لما مات جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر قال فأعطاه قميصه وقال إذا فرغت فآذني حتى أصلي عليه فلما فرغ آذنه فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر رضوان الله عليه وقال أليس قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا بين خيرتين قال الله استغفر لهم أو لا تستغفر لهم قال فنزلت
[ 448 ]
ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره قال فترك الصلاة عليه
[ 449 ]
ذكر البيان بأن ألفاظ خبر بن عمر الذي ذكرناه أديت على الإجمال لا على الاستقصاء في التفسير أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا وهب بن جرير قال حدثنا أبي قال سمعت محمد بن إسحاق يقول حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب رضوان الله عليه يقول لما توفي عبد الله بن أبي أتى ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا عبد الله بن أبي قد وضعناه فصل عليه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام يصلي عليه قمت في صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا نبي الله أتصلي على عدو الله القائل يوم كذا كذا وكذا والقائل يوم كذا كذا وكذا أعدد أيامه الخبيثة فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عني يا عمر حتى إذا أكثرت قال عني يا عمر فإني قد خيرت فاخترت إن الله يقول استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ولو أعلم أني زدت على السبعين ورجاله له لزدت قال عمر فعجبا لجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم فلما قال لي ذلك انصرفت عنه فصلى عليه ثم مشى معه فقام على حفرته حتى دفن ثم انصرف فوالله ما لبث إلا يسيرا حتى أنزل الله جل وعلا ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم
[ 450 ]
على قبره فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعد ذلك ولا قام على قبره ذكر نفي دخول الجنة عن زائرة القبور وإن كانت فاضلة خيرة أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا المفضل بن فضالة عن ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال رمه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فلما فرغنا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفنا معه فلما
[ 451 ]
حاذى بابه وتوسط الطريق إذا نحن بامرأة مقبلة فلما دنت إذا هي فاطمة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخرجك يا فاطمة من بيتك قالت أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت فعزينا ميتهم فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلك بلغت معهم الكدى قالت معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر قال لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة حتى يراها جدك أبو أبيك فسألت ربيعة عن الكدى فقال القبور قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة لو بلغت معهم الكدى ما رأيت الجنة يريد ما رأيت الجنة العالية التي يدخلها من لم يرتكب ما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه لأن فاطمة علمت النهي قبل ذلك والجنة هي جنات كثيرة لا جنة واحدة والمشرك
[ 452 ]
لا يدخل جنة من الجنان أصلا لا عالية ولا سافلة ولا ما بينهما ذكر لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم زائرات القبور من النساء أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله زائرات القبور ذكر لعن المصطفى صلى الله عليه وسلم المتخذات المساجد والسرج على القبور أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد الوارث عن محمد بن جحادة عن أبي صالح عن بن عباس قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور
[ 453 ]
والمتخذات عليها المساجد والسرج أبو صالح ميزان ثقة وليس بصاحب الكلبي ذاك اسمه باذام ذكر الزجر عن زيارة القبور واتخاذ السرج والمساجد عليها أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا عبد الوارث عن محمد بن جحادة قال سمعت أبا صالح يحدث
[ 454 ]
عن بن عباس قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج أبو صالح هذا اسمه ميزان بصري ثقة وليس بصاحب محمد بن السائب الكلبي ذكر الخبر الدال على أن القبور لا يجوز أن تتخذ مساجد وتصور فيها الصور أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة وثلاثمائة قالت لما كان مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر بعض نسائه كنيسة رأياها بأرض الحبشة وكانت أم سلمة وأم حبيبة قد أتتا أرض الحبشة فذكرن كنيسة رأينها بأرض الحبشة يقال لها مارية وذكرن من حسنها وتصاوير فيها فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فقال إن أولئك إذا مات منهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا ثم صوروا فيه تلك الصور وأولئك شرار الخلق عند الله تعالى
[ 455 ]
ذكر لعن الله جل وعلا من اتخذ قبور الأنبياء مساجد أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أسباط بن محمد عن بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله قوما اتخذوا قبور أبنائهم مساجد
[ 456 ]
فصل في الشهيد ذكر الأمر برد الشهداء إلى مصارعهم إذا أخرجوا عنها أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا محمد بن كثير العبدي أخبرنا شعبة عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر بن عبد الله أنه قال في قتلى أحد حملوا قتلاهم فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ردوا القتلى إلى مصارعهم
[ 457 ]
ذكر البيان بأن القتلى من الشهداء إنما أمر بردهم إلى مصارعهم لئلا يدفنوا في غيرها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا شيبان بن أبي شيبة حدثنا أبو عوانة عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر بن عبد الله قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى المشركين ليقاتلهم فقال لي أبي عبد الله يا جابر لا عليك أن تكون في نظار أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا فإني والله لولا أني أترك بنات لي بعدي لأحببت أن تقتل بين يدي فبينا أنا في النظارين إذ جاء بن عمتي معبد وخالي عادلهما على ناضح فدخل بهما المدينة ليدفنهما في مقابرنا إذ لحق رجل ينادي ألا إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها حيث قتلت قال فرجعناهما مع القتلى حيث قتلت قال أبو حاتم فرجعناهما اضمر في فدفناهما ذكر إثبات الشهادة لمن جرح في سبيل الله فمات من جراحه تلك أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن
[ 458 ]
عبد الرحمن بن سهم الأنطاكي حدثنا أبو إسحاق ها عن بن جريج عن سليمان بن موسى عن عبد الله بن مالك بن يخامر عن أبيه عن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جرح جرحا في سبيل الله جاء يوم القيامة يدمى اللون لون دم والريح ريح مسك ومن جرح في سبيل الله طبع بطابع الشهداء ذكر الخصال التي يدرك بها المرء فضل الشهادة وإن لم يقتل في سبيل الله أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا
[ 459 ]
وهب بن بقية قال أخبرنا خالد بن عبد الله عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعدون الشهداء فيكم قالوا يا رسول الله من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال إن شهداء أمتي إذا لقليل قالوا من يا رسول الله قال من قتل في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في الطاعون فهو شهيد ومن مات في بطن فهو شهيد قال سهيل وأخبرني عبيد الله بن مقسم قال أشهد على أبيك أنه زاد في الحديث الخامس ومن غرق فهو شهيد
[ 460 ]
ذكر وصف الشهيد الذي يكون غير القتيل في سبيل الله أخبرنا أبو خليفة حدثنا مسدد بن مسرهد حدثنا عبد الله عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعدون الشهداء فيكم قالوا من قتل في سبيل الله فهو شهيد قال صلى الله عليه وسلم ومن مات في سبيل الله فهو شهيد ومن مات في طاعون فهو شهيد قال وحدثني عبيد الله بن مقسم أنه قال وأشهد على أبيك أنه زاد ومن غرق فهو شهيد ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم لم يرد بهذا العدد نفيا عما وراءه أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الشهيد خمسة المبطون والمطعون والغرق المنكر الهدم والشهيد
[ 461 ]
ذكر البيان بأن المصطفى لم يرد بقوله الشهداء خمسة نفيا عما وراء هذا العدد المحصور أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أن جابر بن عتيك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاح النسوة وبكين وجعل بن عتيك يسكتهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية فقالوا وما الوجوب يا رسول الله قال إذا مات قالت ابنته والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا فإنك كنت قد قضيت جهازك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته وما تعدون الشهادة قالوا القتل في سبيل الله قال
[ 462 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله المبطون شهيد والغريق شهيد المنكر ذات الجنب شهيد والمطعون شهيد والحريق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع شهيد
[ 463 ]
ذكر الخصال التي تقوم مقام الشهادة لغير القتيل في سبيل الله أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أن جابر بن عتيك أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه فصاح به فلم يجبه فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع فصاحت النسوة وبكين وجعل بن عتيك يسكتهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية قالوا وما الوجوب يا رسول الله قال إذا مات قالت ابنته والله إني كنت لأرجو أن تكون شهيدا فإنك كنت قد قضيت جهازك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قد أوقع أجره على قدر نيته
[ 464 ]
وما تعدون الشهادة قالوا القتل في سبيل الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله المبطون شهيد والغريق شهيد المنكر ذات الجنب شهيد والمطعون شهيد المنكر الحريق شهيد والذي يموت تحت الهدم شهيد والمرأة تموت بجمع شهيد ذكر تفضل الله جل وعلا على سائله الشهادة من قلبه بإعطائه أجر الشهيد وإن مات على فراشه أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان حدثنا العباس بن الوليد أسمع حدثنا زيد بن يحيى بن عبيد حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن كثير بن مرة عن مالك بن يخامر السكسكي أن معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جرح جرحا في سبيل الله جاء يوم القيامة ريحه كريح المسك لونه لون الزعفران عليه طابع الشهداء ومن سأل الله الشهادة مخلصا أعطاه الله أجر شهيد وإن مات على فراشه
[ 465 ]
ذكر تبليغ الله جل وعلا منازل الشهداء من سأل الله الشهادة وإن جاءته منيته على فراشه أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا إبراهيم بن المنذر حدثنا بن وهب حدثني عبد الرحمن بن شريح عن سهل بن أبي امامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ذكر تفضل الله جل وعلا على من قتل من أجل ماله إذا تعدي عليه بكتبة الشهادة له أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر قال حدثنا أيوب بن محمد الوزان قال حدثنا عبد الله بن جعفر قال حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن القاسم بن عوف عن علي بن حسين قال
[ 466 ]
حدثتنا أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم بينا هو في بيتها وعنده نفر من أصحابه إذ جاءه رجل فقال يا رسول الله كم صدقة كذا وكذا من التمر قال كذا وكذا قال الرجل فإن فلانا تعدى علي وأخذ مني كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم فكيف إذا سعى عليكم من يتعدى عليكم أشد من هذا التعدي فخاض القوم في ذلك فقال الرجل منهم فكيف بنا يا رسول الله إذا كان الرجل منا غائبا في إبله وماشيته وزرعه ونخله فأدى زكاة ماله فتعدى عليه الحق فكيف يصنع يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أدى زكاة ماله طيبة بها نفسه يريد بها وجه الله والدار الآخرة ثم لم يغيب منها شيئا وأقام الصلاة وآتى الزكاة فتعدى عليه الحق فأخذ سلاحه فقاتل مولاه فهو شهيد قال أبو حاتم رضي الله عنه معنى هذا الخبر إذا تعدى
[ 467 ]
على المرء في أخذ صدقته أو ما يشبه هذه الحالة وكان معه من المسلمين الذي يواطؤونه على ذلك وفيهم كفاية بعد ان لا يكون قصدهم الدنيا ولا شيئا منها دون إلقاء المرء نفسه إلى التهلكة إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر اسمع واطع ولو عبدا حبشيا مجدعا وقال صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح فليس منا ذكر إيجاب الجنة وإثبات الشهادة لمن قتل دون ماله قاتل أو لم يقاتل أخبرنا عمران بن موسى السختياني بجرجان حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل دون ماله فهو شهيد
[ 468 ]
ذكر خبر قد يوهم عالما من الناس أن خبر بن عيينة الذي ذكرناه منقطع غير متصل أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف بن أخي عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن سهل المدني عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ظلم من الأرض شبرا طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين قال معمر وبلغني عن الزهري في هذا الحديث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد
[ 469 ]
قال أبو حاتم روى هذا الخبر أصحاب الزهري الثقات المتقنون فاتفقوا كلهم على روايتهم هذا الخبر عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن زيد خلا معمر وحده فإنه أدخل بين طلحة بن عبد الله وبين سعيد بن زيد عبد الرحمن بن سهل واخاف ان يكون ذلك وهما وقد قال معمر في هذا الخبر بلغني عن الزهري فيشبه أن يكون سمعه من بعض أصحابه عن الزهري فالقلب إلى رواية أولئك أميل ذكر إثبات الشهادة للمجاهد في سبيل الله إذا قتله سلاحه أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال
[ 470 ]
حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال حدثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك وعبد الله بن كعب بن مالك أن سلمة بن الأكوع قال لما كان يوم خيبر قاتل أخى قتالا وعطاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك رجل مات بسلاحه وشكوا في بعض أمره قال سلمة فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن لي أن أرجز بك فأذن لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر بن الخطاب أعلم ما تقول والله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينة علينا * وثبت الأقدام إن لاقينا والمشركون قد بغوا علينا فلما قضيت رجزي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال هذا قلت أخي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمه الله فقلت يا رسول الله إن ناسا أبوا الصلاة عليه يقولون رجل مات بسلاحه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل مات جاهدا مجاهدا
[ 471 ]
ذكر البيان بأن الشهداء الذين ماتوا في المعركة يجب أن لا يغسلوا عن دمائهم ولا يصلي عليهم أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال أخبرني الليث بن سعد عن بن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ان جابر بن عبد الله أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب وأحد ويقول أيهما أكثر أخذا للقرآن فإذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد قال صلى الله عليه وسلم أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وأمر بدفنهم بدمائهم
[ 472 ]
ولم يصل عليهم ولم يغسلوا ذكر الخبر المضاد في الظاهر خبر جابر بن عبد الله الذي ذكرناه أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عيسى بن حماد زغبة فقال أخبرنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوما فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر قال إني فرط لكم وأنا شهيد عليكم وإني والله لأنظر إلى
[ 473 ]
حوضي الان وإني قد أعطيت مفاتيح خزائن الأرض أو مفاتيح الأرض والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني أخاف أن تتنافسوا فيها
[ 474 ]
ذكر الوقت الذي فعل صلى الله عليه وسلم ما وصفنا من خبر عقبة بن عامر أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد ثم انصرف وقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أيها الناس إني بين أيديكم فرط وإني عليكم لشهيد وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي ولكني قد أعطيت الليلة مفاتيح خزائن الأرض والسماء واخاف عليكم أن تتنافسوا فيها ثم دخل فلم يخرج من بيته حتى قبضه الله جل وعلا قال أبو حاتم رضي الله عنه خص المصطفى صلى الله عليه وسلم الشهداء الذي قتلوا في المعركة بترك الصلاة عليهم وفرق بينهم وبين سائر الموتى يغسلون ويصلى عليهم ومن قتل في المعركة من الشهداء لا يصلى عليهم ويدفن بدمه من غير غسل فأما خبر عقبة بن عامر أن
[ 475 ]
النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على قتلى أحد ليس يضاد خبر جابر الذي ذكرناه إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فدعا لشهداء أحد كما كان يدعو للموتى في الصلاة عليهم والعرب تسمى الدعاء صلاة فصار خروجه صلى الله عليه وسلم إلى الشهداء أحد وزيارته إياهم ودعاؤه لهم سنة لمن بعده من أمته أن يزوروا شهداء أحد يدعون لهم كما يدعون للميت في الصلاة عليه وفي خبر زيد بن أبي أنيسة الذي ذكرناه ثم دخل فلم يخرج من بيته حتى قبضه الله جل وعلا أبين البيان بأن هذه الصلاة كانت دعاء لهم وزيادة قصد بها أياهم لما قرب خروجه من الدنيا صلى الله عليه وسلم ولو كانت الصلاة التي ذكرها عقبة بن عامر كالصلاة على الموتى سواء للزم من قال بهذا جواز الصلاة على القبر ولو بعد سبع سنين لأن أحدا كانت سنة ثلاث من الهجرة وخروجه صلى الله عليه وسلم حيث صلى عليهم قرب خروجه من الدنيا صلى الله عليه وسلم بعد وقعة أحد بسبع سنين فلما وافقنا من احتج بهذا الخبر على أن الصلاة على القبور غير جائزة بعد سبع سنين صح أن تلك الصلاة كانت دعاء لا الصلاة على الموتى سواء ضد قول من زعم أن أصحاب الحديث يروون ما لا يعقلون ويتكلمون بما لا يفهمون ويرون المتضاد من الأخبار
[ 476 ]
تتمة كتاب الصلاة باب الصلاة في الكعبة ذكر إثبات صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن سماك الحنفي قال سمعت بن عمر يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت وسيأتي من ينهى عن ذلك وابن عباس جالس إلى جنبه ذكر الموضع الذي صلى صلى الله عليه وسلم فيه حين دخل الكعبة أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا يوسف بن
[ 477 ]
عيسى قال حدثنا الفضل بن موسى عن حنظلة بن أبي سفيان عن سالم عن بن عمر قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت بين الساريتين ذكر البيان بأن عمر سمع استعمال المصطفى صلى الله عليه وسلم ما وصفنا من بلال أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا عمر بن عبد الواحد عن الأوزاعي قال حدثني حسان بن عطية قال حدثنا نافع عن بن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح الكعبة ومعه بلال وعثمان بن طلحة فأغلقوا عليهم الباب من
[ 478 ]
انظر فلما خرجوا سألت بلالا قلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيته صلى على وجهه حين دخل بين العمودين عن يمينه ثم لمت نفسي أن لا أكون سألته كم صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر البيان بأن صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين عمودي إنما كانت بين العمودين المقدمين أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا عبدة بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت ومعه أسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة فأجافوا الباب عليهم طويلا ثم فتح فكنت أول من دخل فلقيت بلالا فقلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بين العمودين المقدمين فنسيت أن أسأله كم صلى
[ 479 ]
ذكر وصف قيام المصطفى صلى الله عليه وسلم عند صلاته في الكعبة بين الأعمدة أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن نافع عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة هو وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وبلال بن رباح معه فأغلقها عليه ومكث فيها قال بن عمر فسألت بلالا حين خرج أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعل عمودا عن يساره وعمودين عن يمينه وثلاثة أعمدة وراءه وكان البيت يومئذ على ستة أعمدة
[ 480 ]
ذكر خبر قد يوهم غير المتبحر في صناعة العلم أنه مضاد لخبر نافع الذي ذكرناه أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي الشعثاء قال رأيت بن عمر انظر البيت حتى إذا كان بين الساريتين صلى أربعا فقمت إلى جنبه فلما صلى قلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ها هنا أخبرني أسامة بن زيد أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى
[ 481 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه سمع هذا الخبر بن عمر عن بلال وأسامة بن زيد لأنهما كانا مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة فمرة أدى الخبر عن بلال ومرة أخرى عن أسامة بن زيد فالطريقان جميعا محفوظان ذكر وصف القدر الذي بين المصطفى صلى الله عليه وسلم وبين الجدار حيث كان يصلي في الكعبة أخبرنا روح بن عبد المجيد ببلد الموصل قال حدثنا أبو عبد الرحمن الأذرمي عبد الله بن محمد بن إسحاق قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن نافع عن بن عمر قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وبينه وبين القبلة مقدار ثلاثة أذرع
[ 482 ]
ذكر نفي بن عباس صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا شيبان بن فروخ قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا عطاء عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وفيها ست سواري فقام عند كل سارية ودعا ولم يصل ذكر خبر ثان يصرح بنفي هذا الفعل الذي ذكرناه أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا موسى بن محمد بن حيان قال حدثنا الضحاك بن مخلد عن بن جريج قال قلت لعطاء أسمعت بن عباس يقول إنما أمرتم بالطواف ولم تؤمروا بدخوله قال لم يكن ينهى عن دخوله ولكن سمعته يقول أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا في نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فصلى عند الباب وقال ها هنا قبلة فصله
[ 483 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه هذان خبران قد عول أئمتنا رحمه الله عليهم ورضوانه على الكلام فيهما على النفي والاثبات وزعموا أن بلالا أثبت صلاه المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبه وابن عباس ينفيها والحكم المثبت للشئ أبدا لا لمن ينفيه وهذا شئ يلزمنا في قصه أحد في نفى جابر بن عبد الله الصلاة على شهداء أحد وغسلهم في ذلك اليوم والأشبه عندي في الفصل بين هذين الخبرين بأن يجعلا في فعلين متباينين فيقال إن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة دخل الكعبة فصلى فيها على ما رواه أصحاب بن عمر عن بلال وأسامة بن زيد وكان ذلك يوم فتح كذلك قاله رحمه الله عليهم ورضوانه على الكلام فيهما على النفي والاثبات وزعموا أن بلالا أثبت صلاه المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبه وابن عباس ينفيها والحكم المثبت للشئ أبدا لا لمن ينفيه وهذا شئ يلزمنا في قصه أحد في نفى جابر بن عبد الله الصلاة على شهداء أحد وغسلهم في ذلك اليوم والأشبه عندي في الفصل بين هذين الخبرين بأن يجعلا في فعلين متباينين فيقال إن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة دخل الكعبة فصلى فيها على ما رواه أصحاب بن عمر عن بلال وأسامة بن زيد وكان ذلك يوم فتح كذلك قاله حسان بن عطيه عن بن عمر ويجعل نفى بن عباس صلاة المصطفى صلى الله عليه وسلم في الكعبة في حجته التي حج فيها حتى يكون فعلان في حالتين متباينتين لأن بن عباس نفى الصلاة في الكعبة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم وزعم أن أسامه بن زيد أخبره بذلك وأخبر أبو الشعثاء عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في البيت وزعم أن أسامه بن زيد أخبره بذلك فإن حمل الخبران
[ 484 ]
على ما وصفنا في الموضعين المتباينين بطل التضاد بينهما وصح استعمال كل واحد منهما بعونه تعالى وتوفيقه طبع الجزء السابع من الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان ويليه الجزء الثامن وأوله كتاب الزكاة