صحيح ابن حبان
ابن حبان ج 2
[ 1 ]
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان
[ 2 ]
جميع الحقوق محفوظة الطبعة الثانية 1414 ه 1993 م طبعة جديدة مزيدة ومنقحة
[ 3 ]
صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان تأليف الامير علاء الدين على بن بلبان الفارسي المتوفى سنة 739 ه المجلد الثاني حققه وخرج أحاديثه وعلق عليه شعيب الارنؤوط شعيب الارنؤوط مؤسسة الرسالة
[ 4 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
[ 5 ]
كتاب البر والإحسان باب ما جاء في الطاعات وثوابها ذكر الإخبار بأن أهل كل طاعة في الدنيا يدعون إلى الجنة من بابها أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة ومن كان من أهل الصيام ، دعي من باب الريان فقال أبو بكر يا رسول الله ما على من
[ 6 ]
دعي من تلك الأبواب من ضرورة فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها قال نعم وأرجو أن تكون منهم \ 308 \
[ 7 ]
ذكر الإخبار عن إجازة إطلاق اسم القنوت على الطاعات أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة 309 \
[ 8 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تعود نفسه أعمال الخير في أسبابه أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة قال : سمعت معاوية يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخير عادة والشر لجاجة من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين \ 310 \
[ 9 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن يقوم في أداء الشكر لله جل وعلا بإتيان الطاعات بأعضائه دون الذكر باللسان وحده أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا إبراهيم بن بشار حدثنا سفيان حدثنا زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى إذا تورمت قدماه فقيل له يا رسول الله أتفعل هذا وقد ورجاله لك ما تقدم وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا \ 311 \
[ 10 ]
ذكر العلة التي من أجلها كان يترك صلى الله عليه وسلم الأعمال الصالحة بحضرة الناس أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثني الليث عن عقيل عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول ما كان
[ 11 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح سبحة الضحى وكانت عائشة تسبحها وكانت تقول إن رسول الله ترك كثيرا من العمل خشية أن يستن به فيفرض عليهم \ 312 \
[ 12 ]
ذكر العلة التي من أجلها كان يترك صلى الله عليه وسلم بعض الطاعات أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن الزهري بن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدع
[ 13 ]
العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم \ 313 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الشكر لله جل وعلا بأعضائه على نعمه ولا سيما إذا كانت النعمة تعقب بلوى تعتريه أخبرنا أبو يعلى حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا همام بن يحيى حدثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة أن أبا هريرة حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى فأراد الله أن يبتليهم عروبة إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شئ أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن قال فأي المال أحب
[ 14 ]
إليك قال الإبل فمسحه فذهب عنه قال وأعطي ناقة عشراء فقال بارك الله لك فيها قال وأتى الأقرع فقال أي شئ أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني هذا لذي قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب عنه وأعطى شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال البقر قال فأعطي بقرة حافلة قال بارك الله لك فيها قال وأتى الأعمى فقال أي شئ أحب إليك قال أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس فمسحه فرد الله إليه بصره قال فأي المال أحب إليك قال الغنم قال فأعطي شاة والدا وأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من الإبل ولهذا واد من البقر ولهذا واد من الغنم
[ 15 ]
قال ثم أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ بي اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ به في سفري فقال الحقوق كثيرة فقال كأني أعرفك ألم تكن أبرص والمخالط الناس فقيرا فأعطاك الله المال فقال إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر فقال إن كنت كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت قال ثم أتى الأقرع في صورته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثل ما رد هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأعمى في صورته وهيئته فقال رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري فقال قد كنت أعمى فرد الله علي بصري فخذ ما شئت ودع ما شئت فوالله
[ 16 ]
لا أجهدك اليوم شيئا أخذته لله فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي عنك وسخط على صاحبيك \ 314 \ ذكر تفضل الله جل وعلا بإعطاء أجر الصائم الصابر للمفطر إذا شكر ربه جل وعلا أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد العابد الطاحي بالبصرة حدثنا نصر بن علي حدثنا معتمر بن سليمان عن معمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر
[ 18 ]
قال أبو حاتم شكر الطاعم الذي يقوم بإزاء أجر الصائم الصابر هو أن يطعم المسلم ثم لا يعصي باريه يقويه ويتم شكره بإتيان طاعاته بجوارحه لأن الصائم قرن به الصبر لصبره عن المحظورات وكذلك قرن بالطاعم الشكر فيجب أن يكون
[ 19 ]
هذا الشكر الذي يقوم بإزاء ذلك الصبر يقاربه أو يشاكله وهو ترك المحظورات على ما ذكرناه \ 315 \ ذكر الأخبار عما يجب على المرء من القيام في أداء الفرائض مع إتيان النوافل ثم إعطائه عن نفسه وعياله فيما بعد أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا محمد بن الخطاب البلدي الزاهد حدثنا أبو جابر محمد بن عبد الملك حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى قال دخلت امرأة عثمان بن مظعون على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فرأينها سيئة الهيئة فقلن ما لك ما في قريش رجل أغنى من بعلك قالت ما لنا منه شئ أما نهاره فصائم وأما ليله فقائم قال فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرن ذلك له فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عثمان أما لك في أسوة قال وما ذاك يا رسول الله فداك أبي وأمي قال أما أنت فتقوم الليل وتصوم النهار وإن لأهلك عليك حقا وإن لجسدك عليك حقا صل ونم وصم وأفطر قال فأتتهم المرأة بعد ذلك عطرة كأنها عروس فقلن لها مه قالت أصابنا ما أصاب الناس \ 316 \
[ 20 ]
ذكر التغليظ على من خالف السنة التي ذكرناها أخبرن عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري حدثنا سعيد بن أبي مريم حدثنا محمد بن جعفر بن أبي كثير أخبرني حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول جاء ثلاث رهط إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبصلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد ورجاله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر قال أحدهم أما أنا فإني أصلي الليل أبدا وقال الآخر أنا أصوم الدهر ولا أفطر وقال الآخر أنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبدا فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنتم الذي
[ 21 ]
قلتم كذا وكذا أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني \ 317 \ ذكر ما يقوم مقام الجهاد النفل من الطاعات للمرء أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان أخبرنا علي بن الجعد أخبرنا شعبة أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال سمعت أبا العباس وهو السائب بن فروخ الشاعر المكي يقول
[ 22 ]
سمعت عبد الله بن عمر يقول جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك قال نعم قال ففيهما فجاهد \ 318 \
[ 23 ]
ذكر البيان بأن المرء مباح له أن يظهر ما أنعم الله عليه من التوفيق للطاعات إذا قصد بذلك التأسي فيه دون إعطاء النفس شهوتها من المدح عليها أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا الحسن بن الصباح البزار حدثنا مؤمل بن إسماعيل عن سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس قال وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مطرف قيل يا رسول الله إن أثر الوجع عليك بين قال إني على ما ترون قرأت البارحة السبع الطول \ 319 \ ذكر الإخبار بأن على المرء مع قيامه في النوافل إعطاء الحظ لنفسه وعياله أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خثيمة حدثنا جعفر بن عون حدثنا أبو عميس عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم آخى بين سلمان وأبى الدرداء قال فجاء سلمان يزور أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبتلة فقال ما شأنك قالت إن أخاك ليست له
[ 24 ]
حاجة في الدنيا فلما جاء أبو الدرداء رحب به سليمان وقرب إليه الطعام فقال له سلمان اطعم قال إني صائم قال أقسمت عليك إلا طعمت فإني ما أنا بآكل حتى تأكل قال فأكل معه وبات عنده فلما كان من الليل قال أبو الدرداء فحبسه سلمان ثم قال يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا أعط كل ذي حق حقه صم وأفطر وقم ونم وائت أهلك فلما كان عند الصبح قال قم الآن فقاما فصليا ثم خرجا إلى الصلاة فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم قام إليه أبو الدرداء فأخبره بما قال سلمان فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما قال سلمان \ 320 \
[ 25 ]
ذكر ما يستحب للمرء إتيان المبالغة في الطاعات وكذلك اجتناب المحظورات أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا العباس بن الوليد النرسي حدثنا سفيان عن أبي يعفور عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أيقظ أهله وأحيى الليل وشد المئزر
[ 26 ]
وقد ذكر سفيان مرة فيه وجد أبو يعفور اسمه عبد الرحمن بن عبيد بن نسطاس \ 321 \ ذكر ما يستحب للمرء لزوم المداومة على إتيان الطاعات أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا محمود بن خداش حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال
[ 27 ]
سألت عائشة عن عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان عمله صلى الله عليه وسلم ديمة \ 322 \
[ 28 ]
ذكر البيان بأن أحب الطاعات إلى الله جل وعلا ما واظب عليه المرء وإن قل أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت كان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يدوم عليه صاحبه \ 323 \
[ 30 ]
ذكر استحباب الاجتهاد في يجري الطاعات في أيام العشر من ذي الحجة أخبرنا جعفر بن أحمد بن سنان القطان بواسط حدثنا أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله قال ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشئ \ 324 \
[ 31 ]
ذكر الإخبار بأن عشر ذي الحجة وشهر رمضان في الفضل يكونان سيان أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة
[ 32 ]
عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة \ 325 \ ذكر الإخبار عن استعمال الله جل وعلا أهل الطاعة بطاعته أخبرنا الصوفي ببغداد حدثنا الهيثم بن خارجة حدثنا الجراح بن مليح البهراني قال سمعت بكر بن زرعة الخولاني قال
[ 33 ]
سمعت أبا عنبة الخولاني وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ممن صلى للقبلتين كلتيهما وأكل الدم في الجاهلية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال الله يغرس في هذا الدين بغرس يستعملهم في طاعته \ 326 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على الصالحين في زمانه دون السعي فيما يكدون فيه من الطاعات أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن
[ 34 ]
يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبسلمة أخبرته أن أم حبيبة بنت أبي سفيان أخبرتها أن زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وسام فزعا محمرا وجهه يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها قالت فقلت يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحين قال نعم إذا كثر الخبث \ 327 \
[ 35 ]
ذكر الإخبار بأن من تقرب إلى الله قدر شبر أو ذراع بالطاعة كانت الوسائل والمغفرة أقرب منه بباع أخبرنا سليمان بن الحسين بن المنهال أبن أخي الحجاج بن المنهال قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن الأغر أبي مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن الله جل وعلا قال الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في
[ 36 ]
واحدة منهما قذفته في النار ومن اقترب إلي شبرا اقتربت منه ذراعا ومن اقترب مني ذراعا اقتربت منه باعا ومن جائني يمشي جئته أهرول ومن جاءني يهرول جئته أسعى ومن ذكرني في نفسه ذكرته فنفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ أكثر منهم وأطيب \ 328 \
[ 37 ]
ذكر إطلاق اسم الخير على الأفعال الصالحة إذا كانت من غير المسلمين أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن بن شهاب أخبرني عروة بن الزبير أن حكيم بن حزام أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت
[ 38 ]
أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية من صلة وعتاقة وصدقة فهل فيها أجر فقال النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سلف لك من أجر \ 329 \
[ 39 ]
ذكر البيان بأن الأعمال التي يعملها من ليس بمسلم وإن كانت أعمالا صالحة لا تنفع في العقبي من عملها في الدنيا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا القواريري قال حدثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن عبيد بن عمير
[ 40 ]
عن عائشة قالت قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن بن جدعان في الجاهلية كان يقري الضيف ويحسن الجوار ويصل الرحم فهل ينفعه ذلك قال لا إنه لم يقل يوما قط اللهم اغفر لي خطيئتي يوم الدين \ 330 \ ذكر الإخبار بأن الكافر وإن كثرت أعمال الخير منه في الدنيا لم ينفعه منها شئ في العقبي أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا حفص بن الصالح عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن مسروق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها سألته عن قوله يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار فأين يكون الناس يومئذ فقال على
[ 41 ]
الصراط قالت قلت يا رسول الله بن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المسكين فهل ذاك نافعه قال لا ينفعه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين \ 331 \ ذكر القصد الذي كان لأهل الجاهلية في استعمالهم الخير في أنسابهم أخبرك أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد الجوهري قال أنبأنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت مري بن قطري يحدث عن
[ 42 ]
عدي بن حاتم قال قلت يارسول الله إن أبي كان يصل الرحم وكان يفعل ويفعل قال إن أباك أراد أمرا فأدركه يعني الذكر قال قلت يا رسول الله إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا تحرجا قال لا تدع شيئا ضارعت النصرانية فيه قال قلت إني أرسل كلبي فيأخذ صيدا ولا أجد ما أذبح به إلا المروة أو العصا قال أمر الدم بما شئت واذكر اسم الله \ 332 \
[ 43 ]
ذكر ما يجب على المرء من التشمير في الطاعات وإن جرى قبلها منه ما يكره الله من المحظورات أخبرنا سليمان بن الحسن العطار بالبصرة حدثنا عبد الواحد بن الصالح حدثنا حماد بن زيد حدثنا يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بن حصين قال قيل يا رسول الله أعلم
[ 44 ]
أهل الجنة من أهل النار قال نعم قيل فما يعمل العاملون قال صلى الله عليه وسلم كل ميسر لما خلق \ 333 \
[ 45 ]
ذكر ما يجب على المرء من ترك الاتكال على قضاء الله دون التشمير فيما يقربه إليه أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا محمد بن كثير العبدي حدثنا شعبة عن سليمان الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في جنازة فأخذ عودا فجعل ينكت به في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقال رجل ألا نتكل فقال اعملوا فكل ميسر ثم قرأ فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى \ 334 \
[ 47 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به سليمان الأعمش أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا بشر بن خالد حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان في جنازة فأخذ عودا ينكت في الأرض فقال ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من الجنة أو من النار فقالوا يا رسول الله أفلا نتكل قال اعملوا كل ميسر فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى
[ 48 ]
قال شعبة حدثني منصور بن المعتمر فلم أنكره من حديث سليمان \ 335 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على القضاء النافذ دون إتيان المأمورات والانزجار عن المحظورات أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير عن جابر أنه قال قلت يا رسول الله أنعمل لأمر قد فرغ منه أم لأمر نأتنفه قال لأمر قد فرغ منه قال ففيم العمل إذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عامل ميسر لعمله \ 36 \
[ 49 ]
ذكر ما يجب على المرء من قلة الاغترار بكثرة إتيانه المأمورات وسعيد يجري الطاعات أخبرنا عبد الله بن قحطبة بفم الصلح حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا بن علية حدثنا روح بن القاسم عن أبي الزبير عن جابر أن سراقة بن جعشم قال يا رسول الله أخبرنا عن أمرنا كأنا ننظر إليه أبما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير أو بما يستأنف قال لا بل بما جرت به الأقلام وثبتت به المقادير قال ففيم العمل إذا قال اعملوا فكل ميسر قال سراقة فلا أكون أبدا أشد اجتهادا في العمل مني الآن \ 337 \
[ 50 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم فكل ميسر أراد به ميسر لما قدر له في سابق علمه من خير أو شر أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان المعدل بالفسطاط حدثنا الحارث بن مسكين حدثنا بن وهب أخبرني معاوية بن صالح عن راشد بن سعد حدثني عبد الرحمن بن قتادة السلمي وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خلق الله آدم ثم أخذ الخلق من ظهره فقال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي قال قائل يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقع القدر \ 338 \
[ 51 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على ما يأتي من الطاعات الابتهال إلى الخالق جل وعلا في إصلاح أواخر أعماله أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان قال أخبرنا هشام بن عمار قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن جابر قال سمعت أبا عبد رب يقول سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بخواتيمها كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذ خبث أعلاه خبث أسفله \ 339 \
[ 52 ]
ذكر البيان بأن المرء يجب أن يعتمد من عمله على آخره دون أوائله أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد قال حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال حدثنا نعيم بن حماد قال حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الأعمال بالخواتيم \ 340 \
[ 53 ]
ذكر الإخبار بأن من وفق للعمل الصالح قبل موته كان ممن أريد به الخير أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا علي بن حجر السعد قال حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حميد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أراد الله بعبد خيرا يستعمله قيل كيف يستعمله يا رسول الله قال يوفقه لعمل صالح قبل الموت \ 341 \
[ 54 ]
ذكر الإخبار بأن فتح الله على المسلم العمل الصالح في آخر عمره من علامة إرادته جل وعلا له الخير أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال أخبرني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبي قال سمعت عمرو بن الحمق الهدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بعبد خير عسله قبل موته قيل وما عسله قبل موته قال يفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى يرضى عنه \ 342 \
[ 55 ]
ذكر البيان بأن العمل الصالح الذي يفتح للمرء قبل موته من السبب الذي يلقي الله جل وعلا محبته في قلوب أهله وجيرانه به أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه عن عمرو بن الحمق الهدي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله بعبد خير عسله قبل موته قيل وما عسله قال يفتح له عمل صالح بين يدي موته حتى يرضى عنه \ 343 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة القنوط إذا وردت عليه حالة الفتور في الطاعات في بعض الإحايين أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو قديد عبيد الله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس قال قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا إذا كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم رأينا من أنفسنا ما نحب فإذا رجعنا إلى أهالينا فخالطناهم أنكرنا أنفسنا فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال
[ 56 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تدومون على ما تكونون عندي في الحال لصافحتكم الملائكة حتى تظلكم بأجنحتها ولكن ساعة وساعة \ 344 \ ذكر الإخبار عما يجب على المر المسلم من ترك القنوط من رحمة الله جل وعلا مع ترك الاتكال على سعة رحمته وإن كثرت أعماله أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع في الجنة أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من الجنة أحد \ 345 \
[ 57 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الرجاء وترك القنوط مع لزومه القنوط وترك الرجاء أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال أبن أخي الحجاج بن المنهال حدثنا أحمد بن أبان القرشي حدثنا عبد العزيز بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة وإنه لمن أهل النار وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمن أهل الجنة \ 346 \
[ 58 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الثقة بالله في أحواله عند قيامه بإتيان المأمورات وانزعاجه عن جميع المزجورات أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن بلال قال حدثني شريك بن أبي نمر عن عطاء عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جل وعلا يقول من عادى لي وليا فقد آذاني وما تقرب إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فإن سألني عبدي أعطيته وإن استعاذني أعذته وما ترددت عن شئ أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأكره مساءته
[ 60 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه لا يعرف لهذا الحديث إلا طريقان اثنان هشام الكناني عن أنس وعب الواحد بن ميمون عن عروة عن عائشة وكلا الطريقين لا يصح وإنما الصحيح ما ذكرناه 347 \ ذكر الأمر بالتشديد في الأمور وترك الاتكال على الطاعات أخبرنا أبو خليفة حدثنا أبو الوليد الطيالسي حدثنا ليث بن سعد عن بكير بن عبد الله الأشج عن بسر بن سعيد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مامنكم من أحد ينجيه عمله فقال له رجل ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته ولكن سددوا \ 348 \
[ 62 ]
ذكر الأخبار عما يجب على المرء من التسديد والمقاربة في الأعمال دون الإمعان في الطاعات حتى يشار إليه بالأصابع أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عباد المكي قال حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبا هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل عمل شرة ولكل شرة فترة فإن كان المؤلف سادا وقاربا فارجوه وإن أشير إليه بالأصابع فلا تعدوه \ 349 \ ذكر الأمر بالمقاربة في الطاعات إذ الفوز في العقبي يكون بسعة رحمة الله لا بكثرة الأعمال أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الأعمش عن أبي صالح
[ 63 ]
عن أبي هريرة وأبي سفيان عن جابر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا ولا ينجي أحدا منكم عمله قلنا ولا أنت يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه برحمته \ 350 \ ذكر الأمر بالغدو والرواح والدلجة في الطاعات عند المقاربة فيها أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا أحمد بن المقدام حدثنا عمر بن علي المقدمي قال سمعت معن بن محمد قال سمعت سعيد بن أبي سعيد يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا
[ 64 ]
وأبشروا واستعينوا بالغدوة والرواح وشئ من الدلجة \ 351 \ ذكر الأمر للمرء بإتيان الطاعات على الرفق من غير ترك حظ النفس فيها أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يعني نفسه لأقومن الليل ولأصومن النهار ما عشت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت الذي تقول ذلك
[ 65 ]
فقلت له قد قلته يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك لا تستطيع ذلك صم وأفطر ونم وقم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها وذلك مثل صيام الدهر قال قلت إني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يومين قال قلت إني أطيق أفضل من ذلك قال صم يوما وأفطر يوما وذلك صيام داود وهو أعدل الصيام قال فقلت فإني أطيق أفضل من ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك قال عبد الله ولأن أكون قبلت الثلاثة الأيام التي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلي من أهلي ومالي
[ 67 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم لا أفضل من ذلك يريد به لك لأنه صلى الله عليه وسلم علم ضعف عبد الله بن عمرو عما وطن نفسه عليه من الطاعات ذكر العلة التي من أجلها أمر بهذا الأمر أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثني الوليد قال حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى قال حدثني أبو سلمة قال حدثتني عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا قالت وكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما دام عليه وإن قل وكان إذا صلى صلاة دام عليها 353 \
[ 68 ]
قال يقول أبو سلمة قال الله عزوجل والذين هم على صلاتهم دائمون
[ 69 ]
قال أبحاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يمل حتى تملوا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف صحة ما خوطب به في القصد على الحقيقة إلا بهذه الألفاظ ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من قبول ما رخص له بترك التحمل على النفس ما لا تطيق من الطاعات أخبرنا عبد الله بن أحمبن موسى قال حدثنا الحسين بن محمد الذارع قال حدثنا أبو محصن حصين بن نمير قال حدثنا هشام بن حسان عن عكرمة عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه \ 354 \
[ 70 ]
ذكر الإخبار بأن على المرء قبول رخصة الله له في طاعته دون التحمل على النفس ما يشق عليها حمله أخبرنا محمد بن الحسن بن خليل قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا في سفر في ظل شجرة يرشح عليه الماء فقال ما بال صاحبكم قالوا صائم يا رسوالله قال ليس من البر
[ 71 ]
الصيام في السفر فعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوها \ 355 \
[ 72 ]
ذكر ما يستحب للمرء الترفق بالطاعات وترك الحمل على النفس ما لا تطيق أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت ما صام رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا كاملا منذ قدم المدينة إلا أن يكون رمضان \ 356 \ ذكر الأمر بالقصد في الطاعات دون أن يحمل على النفس ما لا تطيق أخبرنا أبو يعلى الآتي حدثنا أبو الزهراني حدثنا يعقوب بن عبد الله القمي حدثنا عيسى بن جارية
[ 73 ]
عن جابر قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل قائم يصلي على صخرة فأتى ناحية مكة فمكث مليا ثم أقبل فوجد الرجل على حاله يصلي فجمع يديه ثم قال أيها الناس عليكم بالقصد عليكم بالقصد فإن الله لا يمل حتى تملوا \ 357 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم التسديد في أسبابه مع الاستبشار بما يأتي منها سمعت الفضل بن الحباب يقول سمعت عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم يقول سمعت محمدا يقول سمعت أبا هريرة يقول مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رهط من أصحابه يضحكون فقال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
[ 74 ]
قليلا ولبكيتم كثيرا فأتاه جبريل فقال إن الله قال لك لم تقنط عبادي قال فرجع إليهم وقال سددوا وأبشروا \ 358 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الرفق في الطاعات وترك الحمل على النفس ما لا تطيق أخبرنا محمد بن عبيد الله بن الفضل الكلاعي بحمص قال حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد قال حدثنا أبي قال حدثنا شعيب عن الزهري عن عروة عن عائشة أن الحولاء بنت تويت بن حبيب بن أسد بن عبد العزى مرت بها وعندها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فقلت هذه الحولاء بنت تويت وزعموا أنها لا تنام صارت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنام صارت خذوا من العمل ما تطيقون فوالله لا يسأم الله حتى تسأموا
[ 75 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم لا يسأم الله حتى تسأموا من ألفاظ التعارف التي لا يتهيأ للمخاطب أن يعرف القصد فيما يخاطب به إلا بهذه الألفاظ \ 359 \ ذكر الزجر عن الاغترار بالفضائل التي رويت للمرء على الطاعات أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير قال حدثني محمد بن إبراهيم التيمي قال حدثني شقيق بن سلمة قال حدثني حمران مولى عثمان قال رأيت عثمان قاعدا في المقاعد فدعا بوضوء فتوضأ ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقعدي هذا توضأ مثل وضوئي هذا ثم قارسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ مثل وضوئي هذا ورجاله له ما تقدم من ذنبه ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تغتروا \ 360 \
[ 76 ]
ذكر الاستحباب للمرء أن يكون له من كل خير حظ رجاء التخلص في العقبي بشئ منها أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني والحسين بن عبد الله القطان بالرقة وابن قتيبة واللفظ للحسن قالوا حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى بن الغساني قال حدثنا أبي عن جدي عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر قال دخلت المسجد فإذا رسول اللصلى الله عليه وسلم جالس وحده قال يا أبا ذر إن للمسجد تحية وإن تحيته ركعتان فقم فاركعهما قال فقمت فركعتهما ثم عدت فجلست إليه فقلت يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع استكثر أو استقل قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله وجهاد في سبيل الله قال قلت يا رسول الله فأي المؤمنين أكمل إيمانا قال أحسنهم خلقا قلت يا رسول الله فأي المؤمين أسلم قال من سلم الناس من لسانه ويده قال الصلاة أفضل قال المريض القنوت قال قلت يارسول الله فأي الهجرة أفضل قال من هجر السيئات قال قلت يا رسول الله فما الصيام قال فرض
[ 77 ]
مجزئ وعند الله أضعاف كثيرة قال قلت يا رسول الله فأي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه قال قلت يا رسول الله فأي الصدقة أفضل قال جهد المقل يسر إلى فقير قلت يا رسول الله فأي ما أنزل الله عليك أعظم قال آية الكرسي ثم قال يا أبا ذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلا كحلقة ملقا بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل الفلاة على الحلقة قال قلت يا رسول الله كم الأنبياء قال مائة ألف قرة ألفا قلت يا رسول الله كم الرسل من ذلك قال ثلاث مائة وثلاثة عشر جما غفيرا قال قلت يا رسول الله من كان أولهم قال آدم قلت يا رسول الله أنبي مرسل قال نعم خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وكلمه قبلا ثقال يا أبا ذر أربعة سريانيون آدم وشيث وأخنوخ وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم ونوح وأربعة من العرب هود وشعيب وصالح ونبيك محمد صلى الله عليه وسلم قلت يارسول الله كم كتابا أنزله الله قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث خمسون صحيفة وأنزل على أخنوخ ثلاثون صحيفة وأنزل على إبراهيم عشر صحائف وأنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والقرآن قال قلت
[ 78 ]
يا رسول الله ما كانت صحيفة إبراهيم قال كانت أمثالا كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يتفكر فيها في صنع الله وساعة غلام فيها لحاجته من المطعم والمشرب وعلى العاقل أن لا يكون ظاعنا إلا لثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه ومن حسب كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح وعجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك وعجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن إليها وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله قلت يا رسول الله زدني قال عليكبتلاوة القرآن وذكر الله فإنه نور لك في الأرض وذخر لك في السماء قلت
[ 79 ]
يا رسول الله زدني قال إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني قال أحب المساكين وجالسهم قلت يا رسول الله زدني قال انظر إلى من تحتك ولا تنظر إلى من فوقك فإنه أجدر أن لا تزدري نعمة الله عندك قلت يا رسول الله زدني قال قل الحق وإن كان مرا قلت يا رسول الله زدني قال ليردك عن الناس ما تعرف من نفسك ولا تجد عليهم فيما تأتي وكفى بك عيبا أن تعرف من الناس ما تجهل من نفسك أو تجد عليهم فيما تأتي ثم ضرب بيده على صدري فقال يا أبا ذر لا عقل كالتدبير ولا ورع كالكف ولا حسب كحسن الخلق
[ 81 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو إدريس الخولاني هذا هو عائد الله بن عبد الله ولد عام حنين في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومات بالشام سنة ثمانين ويحيى بن يحيى الغساني من كندة من أهل دمشق من فقهاء أهل الشام وقرائهم سمع أبا إدريس الخولاني وهو بن خمس عشرة سنة ومولده يوم راهط في أيام معاوية بن يزيد سنة أربع وستين وولاه سليمان بن عبد الملك قضاء الموصل سمع سعيد بن المسيب وأهل الحجاز فلم يزل على القضاء بها حتى ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة فأقره على الحكم فلم يزل عليها أيامه وعمر حتى مات بدمشق سنة ثلاث وثلاثين ومئة \ 361 \
[ 82 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم العبادة في السر والعلانية رجاء النجاة في العقبي بها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن معاذ بن جبل قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم ما بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل فقال يمعاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال ثم سار ساعة ثم قال يا معاذ قلت لبيك يا رسول الله وسعديك قال هل تدري ما حق الله على العباد قلت الله ورسول أعلم قال أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال ثم سار ساعة ثم قال هل تدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك قلت الله ورسوله أعلم قال فإن حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم \ 362 \
[ 84 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إصلاح أحواله حتى يؤديه ذلك إلى محبة لقاء الله جل وعلا أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج قال أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك
[ 85 ]
وتعالى إذا أحب عبدي لقائي أحببت لقاءه فإذا كره لقائي كرهت لقاءه \ 363 \ ذكر الاستدلال على محبة الله جل وعلا لتعظيم الناس عنده بمحبة خواص أهل العقل والدين إياه اخبرنا محمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أمية بن بسطام قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا روح بن القاسم عن سهيل بن أبي صالح عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله إذا أحب عبدا نادى جبريل إني قد أحببت فلانا فأحبه قال فيقول
[ 86 ]
جبريل لأهل السماء إن ربكم أحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء قال ويوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض عبدا فمثل ذلك \ 364 \ ذكر الإخبار عن محبة أهل السماء والأرض العبد الذي يحبه الله جل وعلا أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال أنبأنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أحب الله العبد قال لجبريل قد أحببت فلانا فأحبه فيحبه جبريل ثم ينادي في أهل السماء إن الله قد أحب فلانا فأحبوه فيحبه
[ 87 ]
أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض وإذا أبغض الله العبد قال مالك لا أحسبه إلا قال في البغض مثل ذلك قال أبو حاتم رضي الله عنه سمع هذا الخبر سهيل عن أبيه وسمع عن القعقاع بن حكيم عن أبيه \ 365 \
[ 88 ]
ذكر البيان بأن محبة من وصفنا قبل للمرء على الطاعات إنما هو تعجيل بشراه في الدنيا أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد عن يحيى القطان عن شعبة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذر يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يعمل لنفسه ويحبه الناس قال تلك عاجل بشرى المؤمن \ 366 \
[ 89 ]
ذكر البيان بأن محمدة الناس للمرء وثناءهم عليه إنما هو بشراه في الدنيا أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا أحمد بن المقدام قال حدثنا حماد بن زيد عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير يحمده الناس قال ذلك بشرى المؤمن \ 367 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا يثني على من يحبه من المسلمين بأضعاف عمله من الخير والشر أخبرنا علي بن سعيد العسكري قال حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون قال حدثنا المقرئ عن حيوة بن شريح قال حدثنا سالم بن غيلان قال سمعت أبا السمح عن أب لهيثم
[ 90 ]
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله إذا أحب عبدا أثنى عليه بسبعة أضعاف من الخير لم يعملها وإذا سخط على عبد أثنى عليه بسبعة أضعاف من الشر لم يعملها \ 368 \
[ 91 ]
ذكر الإخبار عن إعداد الله جل وعلا لعباده المطيعين ما لا يصفه حس من حواسهم أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ومصداق ذلك في كتاب الله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون \ 369 \
[ 92 ]
ذكر الإخبار عما وعد الله جل وعلا المؤمنين في العقبي من النصارى على أعمالهم في الدنيا أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا روح بن عبادة قال حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك في قوله إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال
[ 93 ]
نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية وإن أصحابه قد أصابتهم الكآبة والحزن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا وما فيها فتلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم فقالوا يارسول الله بين الله لك ما يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله الآية بعدها ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار الآية \ 370 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به قتادة عن أنس أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث بن عبد الكريم بمرو حدثنا الحسين بن سعيد بن بنت علي بن الحسين بن حكى حدثني جدي
[ 94 ]
علي بن الحسين بن حكى حدثني أبي قال قال سفيان وحدثني الحسن عن أنس بن مالك في قوله إنا فتحنا لك فتحا مبينا أنها نزلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم مرجعه من الحديبية وأصحابه قد خالطهم الحزن والكآبة قد حيل بينهم وبين مسألتهم ونحروا البدن بالحديبية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد نزلت علي آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا فقرأها عليهم إلى آخر الآية فقال رجل من القوم هنيئا مريئا لك يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا فأنزل الله ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار إلى آخر الآية ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء كان ضامنا بها على الله جل وعلا أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا سعد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثنا أبي قال حدثنا الليث بن سعد عن الحار ث بن يعقوب عن قيس بن رافع القيسي عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو
[ 95 ]
عمعاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جاهد في سبيل الله كان ضامنا على الله ومن عاد مريضا كان ضامنا على الله ومن غدا إلى مسجد أو راح كان ضامنا على الله ومن دخل على إمام يعززه كان ضامنا على الله ومن جلس في بيته لم يغتب إنسانا كان ضامنا على الله \ 372 \
[ 96 ]
ذكر الخصال التي يستوجب المرء بها الجنان من بارئه جل وعلا أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم حدثنا الوليد حدثنا الأوزاعي حدثني أبو كثير السحيمي عن أبيه قال سألت أبا ذر قلت دلني على عمل إذا عمل العبد به دخل الجنة قال سألت عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يؤمن بالله قال فقلت يارسول الله إن مع الإيمان وأشار قال يرضخ مما رزقه الله قلت وإن كان معدما لا شئ له قال يقول معروفا بلسانه قال قلت وإن كان عييا لا يبلغ عنه لسانه قال فيعين مغلوبا قلت فإن كان ضعيفا لا قدرة له قال فليصنع لأخرق قلت وإن كان أخرق قال فالتفت إلي وقال ما تريد أن تدع في صاحبك شيئا من الخير فليدع الناس من أذافقلت يا رسول الله إن هذه كلمة تيسير فقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيدما من عبد يعمل بخصلة منها يريد بها ما عند الله إلا أخذت بيده يوم القيامة حت تدخله الجنة
[ 97 ]
قال أبو حاتم أبو كثير السحيمي اسمه يزيد بن عبد الله بن أذينة من ثقات أهل اليمامة \ 373 \ ذكر الخصال التي إذا استعملها المرء أو بعضها كان من أهل الجنة أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن
[ 98 ]
عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن عيسى بن عبد الرحمن عن طلحة اليامي عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني وأشار يدخلني الجنة قال أداء كنت أقصرت الخطبة فقد أعرضت المسألة أعتق النسمة وفك الرقبة قال أو ليستا بواحدة قال لا عتق النسمة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعطي في ثمنها والمنحة الوكوف والفئ على ذي الرحم القاطع فإن لم تطق ذاك فأطعم الجائع واسق الظمآن ومر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير \ 374 \
[ 99 ]
ذكر كتبة الله جل وعلا أجر السر وأجر العلانية لمن عمل لله طاعة السر والعلانية فاطلع عليه من غير وجود علة فيه عند ذلك أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا أبو داود قال حدثن سعيد بن سنان أبو سنان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رجقال يا رسول الله إن الرجل يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره قال له أجرا أجر السر وأجر العلانية
[ 100 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله إن الرجل يعمل العمل ويسره فإذا اطلع عليه سره معناه أنه يسره أن الله وفقه لذلك العمل فعسى يستن به فيه فإذا كان كذلك كتب له أجران وإذا سره ذلك لتعظيم الناس إياه أو ميلهم إليه كان ذلك ضربا من الرياء لا يكون له أجران ولا أجر واحد \ 375 \ ذكر الإخبار بأن مغفرة الله جل وعلا تكون أقرب إلى المطيع من تقربه بالطاعة إلى الباري جل وعلا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المتوكل قال حدثنا المعتمر بن سليمان قال حدثني أبي قال أنبأنا أنس بن مالك عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك وتعالى إذا تقرب عبدي مني شبرا تقربت منه ذراعا وإذا تقرب مني ذراعا تقربت منه باعا وإذا أتاني مشيا أتيت هرولة وإن هرولة سعيت إليه والله أوسع بالمغفرة \ 376 \
[ 101 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يجازي المؤمن على حسناته في الدنيا كما يجازي على سيئاته فيها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة فأما الكافر فيطعم بحسناته في الدنيا فإذا
[ 102 ]
أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يعطى بها خيرا \ 377 \ ذكر الخبر الدال على أن الحسنة الواحدة قد يرجى بها للمرء محو جنايات سلفت منه أخبرنا بن قتيبة حدثنا غالب بن وزير الغزي حدثنا وكيع قال حدثني الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبد عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعته ستين عاما فأمطرت الأرض فاخضرت فأشرف الراهب من صومعته فقال لو نزلت فذكرت الله لازددت خيرا فنزل ومعه رغيف أو رغيفان فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها ثم أغمي عليه فنزل الغدير يستحم فجاءه سائل فأومأ إليه أن يأخذ الرغيفين أو الرغيف ثم مات فوزنت عبادة ستين سنة بتلك الزينة فرجحت الزنية بحسناته ثم وضع الرغيف
[ 103 ]
أو الرغيفان مع حسناته فرجحت حسناته فغفر له قال أبو حاتم سمع هذا الخبر غالب بن وزير عن وكيع ببيت المقدس ولم يحدث به بالعراق وهذا مما تفرد به أهل فلسطين عن وكيع ذكر تفضل الله جل وعلا على العامل حسن بكتبها عشرا والعامل سيئة بواحدة \ 378 \ أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا قال إذا تحدث عبدي أن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يعمل فإذا عملها فأنا أكتبها بعشر أمثالها وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها ما لم يفعلها فإذا فعلها فأنا أكتبها مثلها \ 379 \
[ 104 ]
ذكر البيان بأن تارك السيئة إذا اهتم بها يكتب الله له بفضله حسنة بها أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها حسنة فإذا عملها فاكتبوها بعشر أمثالها وإذا هم عبدي بسيئة فلا تكتبوها بمثلها فإن تركها فاكتبوها حسنة \ 380 \
[ 105 ]
ذكر تفضل الله جل وعلا بكتبه حسنة واحدة لمن هم بسيئة فلم يعملها وكتبه سيئة واحدة إذا عملها مع محوها عن إذا تاب أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بمصر قال حدثنا زكريا بن يحيى الوقار حدثنا بن وهب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا قال إذا هم عبدي بسيئة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له سيئة فإن تاب منها فامحوها عنه وإذا هم عبدي بحسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف \ 381 \ ذكر البيان بأن تارك السيئة إنما يكتب له بها حسنة إذا تركها لله أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا شبابة عن ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إالله قال إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن
[ 106 ]
عملها فاكتبوها مثلها فإن تركها من أجلي فاكتبوها حسنة فإن أراد أن يعمل حسنة فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له عشرة أمثالها إلى سبع مائة ضعف \ 382 \ ذكر تفضل الله جل وعلا على من هم بحسنة بكتبها له وإن لم يعملها وبكتبه عشرة أمثالها إذا عملها أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال الله تبارك وتعالى إذا هم عبدي بالحسنة فلم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشر حسنات وإن هم عبدي بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها واحدة
[ 107 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله جل وعلا إذا هم عبدي أراد به إذا عزم فسمى العزم هما لأن العزم نهاية الهم والعرب في لغتها تطلق اسم البداءة على النهاية واسم النهاية على البداءة لأن الهم لا يكتب على المرء لأنه خاطر لاحكم له ويحتمل أن يكون الله يكتب لمن هم بالحسنة الحسنة وإن لم يعزم عليه ولا عمله لفضل الإسلام فتوفيق الله العبد للإسلام فضل تفضل به عليه وكتبته ما هم به من الحسنات ولما يعملها فضل وكتبته ما هم به من السيئات ولما يعملها لو كتبها لكان عدلا وفضله قد سبق عدله كما أن رحمته سبقت غضبه فمن فضله ورحمته ما لم يكتب على صبيان المسلمين ما يعملون من سيئة قبل البلوغ وكتب لهم ما يعملونه من حسنة كذلك هذا ولا فرق \ 383 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا قد يكتب للمرء بالحسنة الواحدة أكثر من عشرة أمثالها إذا شاء ذلك أخبرنا عبد اللبن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا النضر بن شميل قال حدثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله جل وعلا قال من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبتها بعشر أمثالها إلى سبع مائة وإن هم بسيئة فلم يعملها
[ 108 ]
لم أكتب عليه فإن عملها كتبتها عليه سيئة واحدة / 384 / ذكر إعطاء الله جل وعلا العامل بطاعة الله ورسوله في آخر الزمان أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو الربيع الزهراني حدثنا بن المبارك عن عتبة بن أبي حكيم قال حدثني عمرو بن جارية اللخمي حدثنا أبو أمية الشعباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت يا أبا ثعلبة كيف تقول في هذه الآية لا يضركم من ضل إذا اهتديتم قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن
[ 109 ]
المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤثرة وإعجاب كل ذي أجرة برأيه فعليك نفسك ودع أمر العوام فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل قبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عمله قال وزادني غيره يا رسول الله أجر خمسين منهم قال خمسين منكم
[ 110 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه يشبه أن يكون بن المبارك هو الذي قال وزادني غيره \ 385 \ ذكر الخبر الدال على أن الكبائر الجليلة قد تغفر بالنوافل القليلة أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو بكربن أبي شيبة حدثنا أبو خالد عن هشام عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن امرأة بغيا رأت كلبا
[ 111 ]
في حار يطيف ببئر قد أدلع لسانه من العطش فنزعت له فسقته فغفر لها \ 386 \ ذكر الخبر الدال على أن ترك المرء بعض المحظورات لله جل وعلا عند قدرته عليه قد يرجى له به المغفرة للحوبات المتقدمة أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن سعيد بن جبير عن بن عمر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين
[ 112 ]
مرة يقول كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من شئ فهوي امرأة فراودها على نفسها وأعطاها ستين دينارا فلما جلس منها بكتو أرعدت فقال لها ما لك فقالت إني والله لم أعمل هذا العمل قط وما عملته إلا من حاجة قال فندم ذو الكفل وقام من غير أن يكون منه شئ فأدركه الموت من ليلته فلما مطرف وجدوا على بابه مكتوبا إن الله قد ورجاله لك \ 387 \
[ 113 ]
باب الإخلاص وأعمال السر أخبرنا علي بن محمد القباني حدثنا عبد اللله بن هاشم الطوسي حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه \ 388 \
[ 115 ]
أخبرنا عمربن سعيد بن سنان قال حدثنا أبي قال حدثنا عيسى بن يونس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص المؤذن عن عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمال بالنية ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله
[ 116 ]
ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه \ 389 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من حفظ القلب والتعاهد لأعمال السر إذ الأسرار عند الله غير مكتومة أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بخبر غريب قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن الأعمش عن أبي الضحى عن مسروق عن بن مسعود قال كنت مستترا بحجاب الكعبة وفي المسجد رجل من ثقيف وختناه قرشيان فقالوا ترون أن الله يسمع حديثنا فقال أحدهما إنه يسمع إذا رفعنا فقال رجل أداء كان يسمع إذا رفعنا ليسمعن إذا أخفينا وقال الآخر ما أرى إلا أن الله يسمع حديثنا قال بن مسعود فأتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بقولهم فأنزل الله وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم إلى آخر الآية فصلت \ 390 \
[ 117 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر سمعه الأعمش عن أبي الضحى فقط أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن وهب هو بن ربيعة عن بن مسعود قال إني لمستتر بأستار الكعبة إذ جاء ثلاثة نفر ثقفي وختناه قرشيان كثى شحم بطونهم قليل فقههم فتحدثوا الحديث بينهم فقال أحدهم أترى الله يسمع ما قلنا وقال الآخر إذا رفعنا سمع وإذا خفضنا لم يسمع وقال الآخر إن كان يسمع إذا رفعنا فإنه يسمع إذا خفضنا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأنزل الله
[ 118 ]
وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم الآية \ 391 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من إصلاح النية وإخلاص العمل كل ما يتقرب به إلى الباري جل وعلا ولا سيما في نهاياتها أخبرنا محمد بن أحمد بن عبيد بن فياض بدمشق قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا بن جابر قال حدثنا أبو عبد رب قال سمعت معاوية على المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما العمل كالوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبث أعلاه خبث أسفله \ 392 \
[ 119 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من التفرغ لعبادة المولى جل وعلا في أسبابه أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قاحدثنا على بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس عن عمران بن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد الوالبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله جل وعلا يقول يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإن لا تفعل ملأت يدك شغلا ولم أسد فقرك \ 393 \ ذكر الإخبار بأن على المرء تعهد قلبه وعمله دون تعهده نفسه وماله أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا عمرو بن هشام الحراني قال حدثنا مخلد بن يزيد عن جعفر بن برقان عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله
[ 120 ]
لا ينظر إلى صوركم وأمواكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم \ 394 \ ذكر الإخبار بأن من لم يخلص عمله لمعبوده في الدنيا لم يثب عليه في العقبي أخبرنا علي بن الحسين بن سليمان بالفسطاط قال حدثنا محمد بن هشام بن أبي خيرة قال حدثنا عبد الرحمن بن عثمان قال حدثنا شعبة قال حدثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تبارك
[ 121 ]
وتعالى أنا خير الشركاء من عمل وأشار فأشرك فيه غيري فأنا منه برهو للذي أشرك به \ 395 \ ذكر الإخبار بأن المرء المسلم ينفعه إخلاص حتى يحبط ما كان قبل الإسلام من السيئة وأن نفاقه لا تنفعه معه الأعمال الصالحة أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير قال أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل
[ 122 ]
عن عبد الله قال قال رجل يا رسول الله أيؤاخذ الله أحدنا بما كان يعمل في الجاهلية قال من أحسن في الإسلام لم يؤاخذ بما عمل في الجاهلية ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر \ 396 \
[ 123 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من التعاهد لسرائره وترك الإغضاء عن المحقرات أخبرنا أحمد بن مكرم بن خالد البرتي قال حدثنا علي بن المديني حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني معاوية بن صالح قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير بن الحضرمي قال حدثني أبي قال سمعت النواس بن سمعان الأنصاري يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال البر حسن الخلق والإثم ما حك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس \ 397 \
[ 124 ]
ذكر الخبر الدال على أن المرء قد ينال بحسن السريرة وصلاح القلب ما لا ينال بكثرة الكد في الطاعات أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن دراجا حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليذكرن الله قوما في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الدرجات العلى \ 398 \ ذكر بعض الخصال التي يستوجب المرء بها ما وصفناه دون كثرة النوافل والسعي في الطاعات أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر حدثنا محمد بن العلاء بن كريب حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن الشعبي
[ 125 ]
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده \ 399 \ ذكر البيان بأن من فعل ما وصفنا كان من خير المسلمين أخبرنا بن سلم حدثنا حرملة بيحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول إن رجلا قال يا رسول الله أي المسلمين خير قال من سلم المسلمون من لسانه ويده \ 400 \
[ 126 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الرياضة والمحافظة على أعمال السر أخبرنا محمد بن زهير بالأبلة قال حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال أخبرنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن بن عباس أنه قال كانت تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة حسناء من أحسن الناس فكان بعض القوم يتقدم في الصف الأول لأن لا يراها ويستأخر بعضهم حتى يكون في الصف المؤخر فكان إذا ركع نظر من تحت إبطه فأنزل الله في شأنها ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين \ 401 \
[ 127 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء أن تحفظ من تحفظ أحواله في أوقات السر أخبرنا بن خزيمة قال حدثنا أبو يحيى محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا سفيان قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلكم على شئ يكفر الخطايا ويزيد في الحسنات قالوا بلى يا رسول الله قال إسباغ الوضوء أو الطهور في المكاره وكثرة الخطا إلى هذا المسجد والصلاة بعد الصلاة
[ 128 ]
وما من أحد يخرج من بيته متطهرا حتى يأتي المسجد فيصلي مع المسلمين أو مع الإمام ثم ينتظر الصلاة التي بعدها إلا قالت الملائكة اللهم اغفر له اللهم ارحمه فإذا قمتم إلى الصلاة فاعدلوا صفوفكم وسدوا الفرج فإذا كبر الإمام فكبروا فإني أراكم من ورائي وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا ولك الحمد وخير صفوف الرجال المقدم وشر صفوف الرجال المؤخر وخير صفوف النساء المؤخر وشر صفوف النساء المقدم يا معشر النساء إذا سجد الرجال فاحفظن أبصاركن من عورات الرجال
[ 129 ]
فقلت لعبد الله بن أبي بكر ما يعني بذلك قال ضيق الأزر \ 402 \ ذكر الزجر عن ارتكاب المرء ما يكره الله عزوجل وعلا منه في الخلاء كما قد لا يرتكب مثله في الملاء أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير بتستر من كتابه قال حدثنا عمر بن شبة قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة
[ 130 ]
عن أسامة بن شريك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كره الله منك شيئا فلا تفعله إذا خلوت \ 403 \ ذكر نفي وجود النصارى على الأعمال في العقبي لمن أشرك بالله في عمله أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال حدثني أبي عن زياد بن ميناء عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري وكان من
[ 131 ]
الصحابة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة ليوم لا ريب فيه نادى مناد من كان أشرك في عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عنده فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك \ 404 \
[ 132 ]
ذكر وصف إشراك المرء بالله جل وعلا في عمله أخبرنا محمد بن إبراهيم الدوري بالبصرة قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السام قال حدثنا عبد العزيز بن مسلم عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بشر هذه الأمة بالنصر والسناء والتمكين فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب \ 405 \
[ 133 ]
ذكر إثبات نفي النصارى في العقبي عن من راءى وسمع في أعماله في الدنيا أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا الملائي قال حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل قال سمعت جندبا يقول قال رسول الله صلى الله على وسلم ولم أسمع أحدا غيره يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنوت قريبا منه فسمعته يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع يسمع الله به ومن راءى يرائي الله به \ 406 \
[ 135 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أهذا الخبر تفرد به جندب أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي حدثنا مسلم بن الحجاج أبو الحسين حدثنا عمر بن حفص بن الصالح حدثنا أبي عن إسماعيل بن سميع عمسلم البطين عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع يسمع الله به ومن راءى يرائي الله به \ 407 \ ذكر البيان بأن من راءى في عمله يكون في القيامة من أول من يدخل النار نعوذ بالله منها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال أنبأنا عبد الله بن المبارك قال أنبأنا حيوة بن شريح قال حدثني
[ 136 ]
الوليد بن أبي الوليد أبو عثمان المدني أن عقبة بن مسلم حدثه أن شفيا الأصبحي حدثه أنه دخل مسجد المدينة فإذا هو برجل قد اجتمع عليه الناس فقال من هذا قالوا أبو هريرة قال فدنوت منه حتى قعدت بين يديه وهو يحدث الناس فلما سكت وخلا قلت له أنشدك بحقي لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته فقال أبو هريرة أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته ثم نشغ أبو هريرة نشغة فمكث قليلا ثم أفاق فقال لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول لله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره ثم نشغ أبو هريرة نشغة أخرى فمكث كذلك ثم أفاق فمسح عن وجهه فقال أفعل لأحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معه أحد غيري وغيره ثم نشنشغة شديدة ثم مال خارا على وجهه واشتد به طويلا ثم أفاق فقال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل أمة جاثية فأول من يدعو به رجل جمع القرآن ورجل يقتل في سبيل الله ورجل كثير المال فيقول الله تبارك وتعالى للقارئ ألم أعلمك ما أنزلت على رسولي صلى الله عليه وسلم قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما علمت قال كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار فيقول الله تبارك وتعالى له كذبت وتقول
[ 137 ]
له الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان قارئ فقد قيل ذاك ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له ألم أوسع عليك حتى لم أدعك تحتاج إلى أحد قال بلى يا رب قال فماذا عملت فيما آتيتك قال كنت أصل الرحم وأتصدق فيقول الله له كذبت وتقول الملائكة له كذبت ويقول الله بل إنما أردت أن يقال فلان جواد فقد قيل ذاك ويؤتى بالذي قتل في سبيل الله فيقال له في ماذا قتلت فيقول أمرت بالجهاد في سبيلك فقاتلت حتى قتلت فيقول الله له كذبت وتقول له الملائكة كذبت ويقول الله بل أردت أن يقال فلان جرئ فقد قيل ذاك ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ركبتي فقال يا أبا هريرة أولئك الثلاثة أول خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة
[ 138 ]
قال الوليد بن أبي الوليد فأخبرني عقبة أن شفيا هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا الخبر قال أبو عثمان الوليد وحدثني العلاء بن أبي حكيم أنه كان سيافا لمعاوية قال فدخل عليه رجل فحدثه بهذا عن أبي هريرة فقال معاوية قد فعل بهؤلاء مثل هذا فكيف بمن بقي من الناس ثم بكى معاو يبكاء وعطاء حتى ظننا أنه هالك وقلنا قد جاءنا هذا الرجل بشر ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه فقال صدق الله ورسوله من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون قال أبو حاتم رضي الله عنه ألفاظ الوعيد في الكتاب والسنن كلها مقرونة بشرط وهو إلا أن يتفضل الله جل وعلا على مرتكب تلك الخصال بالعفو وغفران تلك الخصال دون
[ 139 ]
العقوبة عليها وكل ما في الكتاب والسنن من ألفاظ الوعد مقرونة بشرط وهو إلا أن يرتكب عاملها ما يستوجب به العقوبة على ذلك الفعل حتى يعاقب إن لم يتفضل عليه بالعفو ثم يعطى ذلك النصارى الذي وعد به من أجل ذلك الفعل \ 408 \
[ 140 ]
باب حق الوالدين أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد حدثنا الحسن بن علي الحلواني حدثنا عمران بن أبان حدثنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده قال صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فلما رقي عتبة قال آمين ثم رقي عتبة أخرى فقال آمين ثم رقي عتبة ثالثة فقال آمين ثم قال أتاني جبريل فقال يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله قلت آمين قال ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله قلت آمين فقال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله قل آمين فقلت آمين
[ 141 ]
قال أبو حاتم في هذا الخبر دليل على أن المرء قد استحب له ترك الانتظار لنفسه ولا سيما إذا كان المرء ممن يتأسى بفعله وذاك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم لما قال له جبريل من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله بادر صلى الله عليه وسلم بأن قال
[ 142 ]
آمين وكذلك في قوله ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار أبعده الله فلما قال ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله فلم يبادر إلى قوله آمين عند وجود حظ النفس فيه حتى قتال جبريل قل آمين قال قلت آمين أراد به صلى الله عليه وسلم التأسي به في ترك الانتصار للنفس بالنفس إذ الله جل وعلا هو ناصر أوليائه في الدارين وإن كرهوا نصرة الأنفس في الدنيا \ 409 \ ذكر خبر أوهم من لم يحكم صناعة العلم أن مال الابن يكون للأب أخبرنا إسحاق بن إبراهيم التاجر بمرو حدثنا حصين بن المثنى المروزي حدثنا الفضل بن موسى عن عبد الله بن جلس عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخاصم أباه في دين عليه فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم أنت ومالك لأبيك
[ 143 ]
قال أبو حاتم معناه أنه صلى الله عليه وسلم زجر عن معاملته أباه بما يعامل به الأجنبيين وأمر ببره والرفق به في القول والفعل معا إلى أن يصل إليه ماله فقال له أنت ومالك لأبيك لا أن مال الابن يملكه الأب في حياته عن غير طيب نفس من الابن به \ 410 \ ذكر الزجر عن السبب الذي يسب المرء والديه به أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا الحسين بن الحسن قال حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مسعر بن كدام عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن
[ 144 ]
عن عبد الله بن عمروقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكبائر أن يسب الرجل والديه قى وكيف يسب الرجل والديه قال يتعرض للناس فيسب والديه \ 411 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر وهم فيه مسعر بن كدام أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن
[ 145 ]
بشار قال حدثنا محمد بن جعفر ويحيى بن سعيد قالا حدثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن حميد بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن من أكبر الكبائر أن يسب الرجل والديه قال وكيف يسب الرجل والديه قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه \ 412 \ ذكر الزجر عن أن يرغب المرء عن آبائه إذ استعمال ذلك ضرب من الكفر أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا هشيم قال سمعت الزهري يحدث عن عبيد الله بن عبد الله قال
[ 146 ]
حدثني بن عباس قال انقلب عبد الرحمن بن عوف إلى منزله بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب فقال إن فلانا يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا قال عمر إني قائم العشية في الناس وأحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمرهم قال عبد الرحمن فقلت لا تفعل يا أمير المؤمنين فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإن أولئك الذين يغلبون على مجلسك إذا أقمت في الناس فيطيروا كغناء ولا يضعوها مواضعها أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة فتخلص بعلماء الناس وأشرافهم وتقول ما قلت متمكنا ويعون مقالتك ويضعونها مواضعها فقال عمر أداء قدمت المدينة سالما إن شاء الله لا تكلمن في أول مقام أقومه فقدم المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح في شدة الحر فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني فجلس إلى ركن المنبر الأيمن وجلست إلى جنبه تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن طلع عمر فقلت لسعيد أما إنه سيقول اليوم على هذا المنبر مقالة لم يقلها منذ استخلف قال وما عسى أن يقول فجلس عمر على المنبر فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال
[ 147 ]
أما بعد فإني قائل لكم مقالة قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقله ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن لم يعقلها فلا يحل لمسلم أن يكذب علي إن الله تبارك وتعالى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأ بها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده وأخاف إن طال بالناس زمان أن يقول قائل ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزله الله والرجم حق على من زنى من الرجال والنساء إذ قامت البينة أو كان حمل أو اعتراف وأيم الله لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها ألا وإنا كنا نقرأ لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله
[ 148 ]
ألا وإنه بلغني أن فلانا قال لو قد مات عمر بايعت فلانا فمن بايع امرأ من غير مشورة من المسلمين فإنه لا بيعة له ولا للذي بايعه فلا يغترن أحد فيقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ألا وإنها كانت فلتة إلا أن الله وقى شرها وليس منكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر ألا وإنه كان من خيرنا يوم توفى الله رسوله صلى الله عليه وسلم إن المهاجرين اجتمعوا إلى أبي بكر وتخلف عنا الأنصار في سقيفة بني ساعدة فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار ننظر ما صنعوا فخرجنا نؤمهم فلقينا رجلان صالحان منهم فقالا أين تذهبون يا معشر المهاجرين فقلت نريد إخواننا من الأنصار قال فلا عليكم أن لا تأتوهم اقضوا
[ 149 ]
أمركم يا معشر المهاجرين فقلت والله لا نرجع حتى نأتيهم فجئناهم فإذا هم مجتمعون في سقيفة بني ساعدة وإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة قلت ما له قالوا وج فلما جلسنا قام خطيبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وقد دفت إلينا يا معشر المسلمين منكم دافة وإذا هم قد أرادوا أن يختصوا بالأمر ويخرجونا من أصلنا قال عمر فلما سكت أردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة قد أعجبتني أريد أن أقولها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد وكان أحلم مني وأوقر فأخذ بيدي وقال أجلس فكرهت أن أغضبه فتكلم فوالله ما ترك مما زورته في مقالتي إلا قال مثله في بديهته أو أفضل
[ 150 ]
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله ولن يعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب دارا ونسبا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم وأخذ بيدي ويد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا لم أكره شيئا من مقالته غيرها كان والله لأن أقدم فتضرب عنقي في أمر لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن أؤمر على قوم فيهم أبو بكر فقال فتى الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فكثر اللغط وخشيت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسطها فبايعته وبايعه المهاجرون والأنصار ونزونا على سعد فقال قائل قتلتم سعدا فقلت قتل الله سعدا فلم نجد شيئا
[ 151 ]
هو أفضل من مبايعة أبي بكر خشيت إن فارقنا القوم أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا واختلافا فبايعنا أبا بكر جميعا ورضينا به
[ 152 ]
قال أبو حاتم قول عمر قتل الله سعدا يريد به في سبيل الله \ 413 \ ذكر الزجر عن الرغبة عن الآباء إذ رغبة المرء عن أبيه ضرب من الكفر أخبرنا الحسن بن سفيان بنسا وأحمد بن علي بن المثنى بالموصل والفضل بن الحباب الجمحي بالبصرة واللفظ للحسن قالوا حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء بن أخي جويرية بن أسماء قال حدثنا عمي جويرية بن أسماء عن مالك بن أنس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أخبره أن عبد الله بن عباس أخبره أنه كان يقرئ عبد الرحمن بن عوف في خلافة عمر بن الخطاب قال فلم أرجلا يجد من الاقشعريرة ما يجد عبد الرحمن عند القراءة قال بن عباس فجئت ألتمس عبد الرحمن يوما ف لم أجده فانتظرته في بيته حتى رجع من عند عمر فلما رجع قال لي لو رأيت رجلا آنفا قال لعمر كذا وكذا وهو يومئذ بمنى في آخر حجة حجها عمربن الخطاب فذكر
[ 153 ]
عبد الرحمن لابن عباس أن رجلا أتى إلى عمر فأخبره أن رجلا قال والله لو مات عمر لقد بايعت فلانا قال عمر حين بلغه ذلك إني لقائم إن شاء الله العشية في الناس قنلي هؤلاء الذين يغتصبون الأمة أمرهم فقال عبد الرحم فقلت يا أمير الؤمنين لا تفعل ذلك يومك هذا فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم وإنهم هم الذين يغلبون على مجلسك فأخشى إن قلت فيهم اليوم مقالا أن يطيروا بها ولا يعوها ولا يضعوها على مواضعها أمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة وتخلص لعلماء الناس وأشرافهم فتقول ما قلت متمكنا فيعوا مقالتك ويضعوها على مواضعها قال عمر والله أداء قدمت المدينة صالحا لأكلمن بها الناس في أول مقام أقومه قال بن عباس فلما قدمنا المدينة في عقب ذي الحجة وجاء يوم الجمعة هجرت صكة الأعمى لما أخبرني عبد الرحمن فوجدت سعيد بن زيد قد سبقني بالتهجير فجلس إلى ركن جانب المنبر الأيمن فجلست إلى جنبه تمس
[ 154 ]
ركبتي ركبته فلم ينشب عمر أن خرج فأقبل يؤم المنبر فقلت لسعيد بن زيد وعمر مقبل والله ليقولن أمير المؤمنين على هذا المنبر اليوم مقالة لم يقلها أحد قبله فأنكر ذلك سعيد بن زيد وقال ما عسى أن يقول ما لم يقله أحد قبله فلما جلس على المنبر أذن المؤذن فلما أن سكت قام عمر فتشهد وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعيها فلا أحل له أن يكذب علي إن الله جل وعلا بعث محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده وأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله مانجد آية الرجم في كتاب الله فيترك فريضة أنزلها الله وإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا قد كنا نقرأ أن لا ترغبوا عن آبائكم فإن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تطروني كما أطري بن مريم فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ثم إنه بلغني أن فلانا منكم يقول والله لو قد مات عمر
[ 155 ]
لقد بايعت فلانا فلا يغرن امرأ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت فإنها قد كانت كذلك إلا أن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خيرنا حين توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن عليا والزبير ومن معهما تخلفوا عنا وتخلفت الأنصار عنا بأسرها واجتمعوا في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فبينا نحن في منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رجل ينادي من وراء الجدار اخرج إلي يا بن الخطاب فقلت إليك عني فإنا مشاغيل عنك فقال إنه قد حدث أمر لا بد منك فيه إن الأنصار قد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة فأدركوهم قبل أن يحدثوا أمرا فيكون بينكم وبينهم فيه حرب فقلت لأبي بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نؤمهم فلقينا أبو عبيدة بن الجراح فأخذ أبو بكر بيده فمشى بيني وبينه حتى إذا دنونا منهم لقينا رجلان صالحان فذكرا الذي صنع القوم وقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلت نريد إخواننا من هؤلاء الأنصار قالا لا عليكم أن لا تقربوهم يمعشر المهاجرين اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم فإذاهم في سقيفة بني ساعدة فإذا بين أظهرهم رجل مزمل فقلت من هذا قالوا سعد بن عبادة
[ 156 ]
قلت فما له قالوا هو وجع فلما جلسنا تكلم خطيب الأنصار فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام التجارة يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة من قومكم قال عمر وإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا ويحطوا بنا منه قال فلما قضى مقالته أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أريد أن أقوم بها بين يدي أبي بكر وكنت أداري من أبي بكر بعض الحدة فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر وهو كان أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا تكلم بمثلها أو أفضل في بديهته حتى سكت فتشهد أبو بكر وأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد أيها الأنصار فما ذكرتم فيكم من خير فأنتم أهله ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح فلم أكره من مقالته غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي من أن
[ 157 ]
أؤمر على قوم فيهم أبو بكر إلا أن تغير نفسي عند الموت فلما قضى أبو بكر مقالته قال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش قال عمر فكثر اللغظ وارتفعت الأصوات حتى أشفقت الاختلاف قلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط أبو بكر يده فبايعه وبايعه المهاجرون والأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل من الأنصار قتلتم سعدا قال عمر فقلت وأنا مغضب قتل الله سعدا فإنه صاحب فتنة وشر وإنا والله ما رأينا فيما حضر من أمرنا أمر أقوى من بيعة أبي بكر فخشينا إن فارقنا القوم قبل أن تكون بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فسادا فلا يغترن امرؤ أن يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة فتمت فقد كانت فلتة ولكن الله وقى شرها ألا وإنه ليس فيكم اليوم مثل أبي بكر قال مالك أخبرني الزهري أن عروة بن الزبير أخبره أن الرجلين الأنصاريين اللذين لقيا المهاجرين هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي وزعم مالك أن الزهري سمع سعيد بن
[ 158 ]
المسيب يزعم أن الذي قال يومئذ أنا جذيلها المحكك رجل من بني سلمة يقال له حباب بن المنذر قال أبو حاتم رضي الله عنه قول عمر إن بيعة أبي بكر كانت فلتة ولكن الله وقى شرها يريد أن بيعة أبي بكر كان ابتداؤها من غير ملأ والشئ الذي يكون عن غير ملأ يقال له الفلتة وقد يتوقع فيما لا يجتمع عليه الملأ الشر فقال وقى الله شرها يريد الشر المتوقع في دواليب لا أن بيعة أبي بكر كان فيها شر \ 414 \ ذكر الإخبار عن نفي دخول الجنة عمن أدعى أبا غير أبيه أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب حدثنا سريج بن يونس حدثنا هشيم أخبرنا خالد عن أبي عثمان قال لما أدعي زياد لقيت أبا بكرة فقلت ما هذا الذي
[ 159 ]
صنعتم إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمع أذناي ووعاه قلبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ادعى أبا في الإسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام فقال أبو بكرة وأنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم \ 415 \
[ 160 ]
ذكر تحريم الله جل وعلا الجنة على المنتمي إلى غير أبيه في الإسلام أخبرنا شباب بن صالح قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن خالد عن أبي عثمان عن سعد بن مالك قال سمعته أذناي ووعاه قلبي من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من ادعى أبا في الإسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام قال فذكرت ذلك لأبي بكرة قال وأنا سمعته أذناي ووعاه قلبي من النبي صلى الله عليه وسلم \ 416 \
[ 161 ]
ذكر إيجاب لعنة الله جل وعلا وملائكته على الفاعل الفعلين اللذين تقدم ذكرنا لهما أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا عفان قال حدثنا وهيب قال حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمين \ 417 \
[ 162 ]
ذكر وصف بر الوالدين لمن توفى أبواه في حياته أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أنبأنا عبد الله عن عبد الرحمن بن سليمان عن أسيد بن علي بن عبيد الساعدي عن أبيه عن أبي أسيد قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني سلمة وأنا عنده فقال يا رسول الله إن أبوي قد هلكا فهل بقي لي بعد موتهما من برهما شئ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الصلاة عليهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهودهما من بعدهما وإكرام صديقهما وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما قال الرجل ما أكثر هذا يارسول الله وأطيبه قال فاعمل به \ 418 \
[ 163 ]
ذكر البيان بأن إدخال المرء السرور على والديه في أسبابه يقوم مقام جهاد النفل أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير الحافظ السراد بتستر قال حدثنا محمد بن معمر البحراني قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا بن جريج وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة وحماد بن سلمة قالوا حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل فقال يا رسول الله إني أريد أن أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان فقال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما \ 419 \
[ 164 ]
ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بر الوالدين على الجهاد النفل في سبيل الله أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس وهو السائب بن فروخ عن عبد الله بن عمرو قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أجاهد فقال لك أبوان قال نعم قال ففيهما فجاهد \ 420 \ ذكر البيان بأن مجاهدة المرء في بر والديه هو المبالغة في برهما حدثنا أبو خليفة حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة حدثنا يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال يا رسول الله أتأذن
[ 165 ]
لي في الجهاد قال ألك والدان قال نعم قال اذهب فبرهما فذهب وهو يحمل الركاب \ 421 \ ذكر البيان بأن بر الوالدين أفضل من جهاد التطوع أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني حدثنا أبو الطاهر بن السرح حدثنا بن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رجلا هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال يا رسول الله إني هاجرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد هجرت الشرك ولكنه الجهاد هل لك أحد باليمن قال أبواي قال أذنا لك قال لا قال ارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك فجاهد وإلا فبرهما \ 422 \
[ 166 ]
ذكر ما يجب على المرء من بر الوالدين على جهاد التطوع أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا شعيب بن إسحاق عن مسعر بن كدام عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يبايعه على الهجرة وقد أسلم وقال قد تركت أبوي يبكيان قال ارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما وأبى أن يخرج معه \ 423 \
[ 167 ]
ذكر استحباب المبالغة للمرء في بر والده رجاء اللحوق بالبررة فيه أخبرنا أبو خلى قال حدثنا مسدد قال حدثنا خالد وأبو عوانة قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه \ 424 \ ذكر رجاء دخول الجنان للمرء بالمبالغة في بر الوالد أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خثيمة قال حدثنا
[ 168 ]
إسماعيل بن إبراهيم قال حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال إن أبي لم يزل بي حتى تزوجت وإنه الآن يأمرني بطلاقها قال ما أنا بالذي آمرك أن تعق والدك ولا أنا بالذي آمرك أن تطلق امرأتك غير أنك إن شئت حدثتك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول الوالد أوسط أبواب الجنة فحافظ على ذلك إن شئت أو دع قال فأحسب عطاء قال فطلقها \ 425 \
[ 169 ]
ذكر استحباب طلاق المرء امرأته بأمر أبيه إذا لم يفسد ذلك عليه دين ولا كان فيه قطيعة رحم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي قال حدثنا يحيى القطان وعمر بن علي عن بن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر قال تزوج أبي امرأة وكرهها عمر فأمره بطلاقها فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أطع أباك \ 426 \
[ 170 ]
ذكر البيان بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بن عمر بطلاقها طاعة لأبيه أخبرنا الصوفي حدثنا علي بن الجع أنبأنا بن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كانت تحتي امرأة وكنت أحبها وكان أبي يكرهها فأمرني بطلاقها فأبيت فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله طلقها \ 427 \ ذكر استحباب بر المرء والده وإن كان مشركا فيما لا يكون فيه سخط الله جل وعلا أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني قال حدثنا بن وهب قال أخبرني شبيب بن سعيد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي بن سلول وهو في ظل أجمة فقال قد غبر علينا بن أبي كبشة فقال ابنه عبد الله بن عبد الله والذي
[ 171 ]
أكرمك والذي أنزل عليك الكتاب أداء شئت لآتينك برأسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ولكن بر أباك وأحسن صحبته قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو كبشة هذا والد أم أم رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد خرج إلى الشام فاستحسن دين النصارى فرجع إلى قريش وأظهره فعاتبته قريش حيث جاء بدين غير دينهم فكانت قريش تعير النبي صلى الله عليه وسلم وتنسبه إليه يعنون به أنه جاء بدين غير دينهم كما جاء أبو كبشة بدين غير دينهم \ 428 \
[ 172 ]
ذكر رجاء تمكن المرء من رضاء الله جل وعلا برضاء والده عنه أخبرنا الحبن سفيان قال حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال حدثنا خالد بن الحارث عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رضاء الله في رضاء الوالد وسخط الله في سخط الوالد \ 429 \
[ 173 ]
ذكر الاستحباب للمرء أن يصل إخوان أبيه بعده رجاء المبالغة في بره بعد مماته أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح قال أخبرني الوليد بن أبي الوليد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه \ 430 \
[ 174 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به الوليد بن أبي الوليد أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال أخبرنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال حدثنا ليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي \ 431 \
[ 175 ]
ذكر البيان بأن بر المرء بإخوان أبيه وصلته إياهم بعد موته من وصله رحمه في قبره أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا حزم بن أبي حزم عن ثابت البناني عن أبي بردة قال قدمت المدينة فأتاني عبد الله بن عمر فقال أتدري له اتيتك قال قلت لا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أحب أن يصل أباه في قبره فليصل إخوان أبيه بعده وإنه كان بين أبي عمر وبين أبيك إخاء وود فأحببت أن أصل ذاك \ 432 \ ذكر الإخبار عن إيثار المرء أمه بالبر على أبيه أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من أحق الناس بحسن الصحبة قال أمك
[ 176 ]
قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك قال فيرون أن للأم ثلثي البر \ 433 \
[ 177 ]
ذكر إيثار المرء المبالغة في بر والدته على بر والده ما لم تطالبه بإثم أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أنبأنا جرير عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أحق الناس بحسن صحبتي قال أمك فقال ثم من قال أمك قال ثم من قال أمك قال ثم من قال أبوك \ 434 \ ذكر استحباب بر المرء خالته إذا لم يكن له والدان أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف بنسا قال حدثنا يعقوب الدورقي قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا محمد بن سوقة عن أبي بكر بن حفص عن بن عمر قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله إني أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي من توبة فقال له
[ 178 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم ألك والدان قال لا قال فلك خالة قانعم قال فبرها إذا \ 435 \
[ 179 ]
باب صلة الرحم وقطعها ذكر حث المصطفى صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه أمته على صلة الرحم أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا سفيان عن سليمان التيمي عن قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه أرحامكم أرحامكم \ 436 \ ذكر إيجاب دخول الجنة للواصل رحمه إذا قرنه بسائر العبادات أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا سريج بن يونس قال حدثنا مروان بن معاوية عن عمرو بن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة أن أبا أيوب الأنصاري أخبره أن أعرابيا عرض للنبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بزمام ناقته فقال يا رسول الله أخبرني بأمر يدخلني
[ 180 ]
الجنة وينجيني من النار قال فنظر إلى وجوه أصحابه وكف عن ناقته وقال لقد وفق أو هدي لا تشرك بالله شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم دع الناقة \ 437 \ ذكر إثبات طيب العيش في الأمن وكثرة البركة في الرزق للواصل رحمه أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا كامل بن طلحة الجحدري قال حدثنا ليث بن سعد عن عقيل عن بن شهاب
[ 181 ]
أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن ينشأ له في أجله ويبسط له في رزقه فليصل رحمه \ 438 \ ذكر البيان بأن طيب العيش في الأمن وكثرة البركة في الرزق للواصل رحمه إنما يكون ذلك إذا قرنه بتقوى الله أخبرنا بن ناجية بحران حدثنا هشام بن القاسم الحراني حدثنا بن وهب عن يونس عن الزهري عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يبسط
[ 182 ]
له في رزقه وينسأ له في أجله فليتق الله وليصل رحمه \ 439 \ ذكر الخبر الدال على صحة ما تأولنا خبر أنس بن مالك الذي تقدم ذكرنا له أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا مسلم بن أبي مسلم الجرمي قال حدثنا مخلد بن الحسين عن هشام عن الحسن عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أعجل الطاعة
[ 183 ]
ثوابا صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا تواصلوا وما من أهل بيت يتواصلون فيحتاجون \ 440 \
[ 184 ]
ذكر تعوذ الرحم بالباري جل وعلا عند خلقه إياها من القطيعة وإخبار الله جل وعلا إياها بوصل من وصلها وقطع من قطعها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معاوية بن أبي مزرد قال سمعت عمي سعيد بن يسار أبو الحباب يحدث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله خلق الرحم حتى إذا فرغ من خلقه قامت الرحم فقالت هذا مقام العائذين من القطيعة قال نعم ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك قالت بلى قال فهو لك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واقرؤوا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم
[ 185 ]
الله فأصمهم وأعمى أبصارهم \ 441 \ ذكر تشكي الرحم إلى الله جل وعلا من قطعها وأساء إليها أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال أخبرنا شعبة عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الرحم شجنة من الرحمن معلقة بالعرش تقول يا رب إني قطعت إني أسئ إلي فيجيبها ربها أما ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك \ 442 \
[ 186 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم الرحم شجنة من الرحمن أراد أنها مشتقة من اسم الرحمن أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال أخبرنا عبد الله قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن رداد المؤذن عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 187 ]
قال الله تبارك وتعالى أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته \ 443 \
[ 188 ]
ذكر البيان بأن تشكي الرحم الذي وصفنا قبل إنما يكون في القيامة لا في الدنيا أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الصمد قال حدثنا شعبة عن محمد بن عبد الجبار قال سمعت محمد بن كعب القرظي أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرحم شجنة من الرحمن فإذا كان يوم القيامة تقول أي رب إني ظلمت إني أسئ إلي إني قطعت قال فيجيبها ربها ألا ترضين أن أقطع من قطعك وأصل من وصلك \ 444 \ ذكر وصف الواصل رحمه الذي يقع عليه اسم الواصل أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك قال حدثنا محمد بن عثمان العجلي قال حدثنا عبيد الله بن موسى عن فطر عن مجاهد قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 189 ]
الرحم معلقة بالعرش وليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا انقطعت رحمه وصلها ذكر إيجاب الجنة لمن اتقى الله في الأخوات وأحسن صحبتهن أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان قال حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أيوب بن بشير عن سعيد الأعشى
[ 190 ]
عن أبي سعيد الخدري أرسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أابنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن دخل الجنة \ 446 \
[ 191 ]
ذكر المدة التي بصحبته إياهن يعطى هذا الأجر له بها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا المقدمي وإبراهيم بن الحسن العلاف قالا حدثنا حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عال ابنتين أو أختين أو ثلاثا حتى يبن أو يموت عنهن كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعه الوسطى والتي تليها
[ 192 ]
والحديث على لفظ إبراهيم بن الحسن العلاف قال أبو حاتم قوله صلى الله عليه وسلم كنت أنا وهو في الجنة كهاتين أراد به في الدخول والسبق لا أن مرتبة من عال ابنتين أو أختين في الجنة كمرتبة المصطفى صلى الله عليه وسلم سواء \ 447 \ ذكر البيان بأن الإحسان إلى الأولاد قد يرتجى به النجاة من النار ودخول الجنة أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن بن الهاد أن زياد بن أبي زياد مولى بن عياش حدثه عن عراك بن مالك قال سمعته يحدث عمر بن عبد العزيز
[ 193 ]
عن عائشة قالت جاءتني مسكين تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني حنانها فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله قد أوجب لها الجنة وأعتقها بها من النار \ 448 \
[ 194 ]
ذكر وصية المصطفى صلى الله عليه وسلم بصلة الرحم وإن قطعت أخبرنا الحسن بن إسحاق الأصبهاني بالكرخ قال حدثنا إسماعيل بن يزيد القطان قال حدثنا أبو داود عن الأسود بن شيبان عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير أوصاني بأن لا أنظر إلى من هو فوقي وأن أنظر إلى من هو دوني وأوصاني بحب المساكين والدنو منهم وأوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت وأوصاني أن لا أخاف في الله لومة لائم وأوصاني أن أقول الحق وإن كان مرا وأوصاني أن أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة \ 449 \
[ 195 ]
ذكر معونة الله جل وعلا الواصل رحمه إذا قطعته أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال أتى رجل فقال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني ويسيئون إلي وأحسن إليهم ويجهلون علي وأحلم عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أداء كان
[ 196 ]
كما تقول فكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك المل رماد يكون فيه الشطبة \ 450 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم ان أهذا الخبر تفرد به الدراوردي أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا بندار قال حدثنا محمد قال حدثنا شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة أن رجلا قال يا رسول الله إن لي
[ 197 ]
قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال النبي صلى الله عليه وسلم أداء كان كما تقول لكأنما تسفهم المل ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك \ 451 \ ذكر الإباحة للمرأة وصل رحمها من المشركين إذا طمع في إسلامها أخبرنا الحسين بن محبن أبي معشر قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبى عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن هشام بن عروة عن أبيه قال سمعت أسماء بنت أبي بكر تقول قدمت أمي من مكة إلى المدينة في هدنة قريش وهي مشركة فقلت يا نبي الله إن أمي أتت راغبة أفأصلها فقال لها نبي الله صلى الله عليه وسلم نعم صليها \ 452 \
[ 198 ]
ذكر الإباحة للمرء صلة قرابته من أهل الشرك إذا طمفي إسلامهم أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا مخلد بن مالك السلمسيني قال حدثنا مصعب بن ماهان عن سفيان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أم لها مشركة قالت جاءتني راغبة الذميون أصلها قال نعم \ 453 \
[ 199 ]
ذكر نفي دخول الجنة عن القاطع رحمه أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا جويرية بن أسماء عن مالك عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة قاطع ليس هذا في الموطأ \ 454 \
[ 200 ]
ذكر ما يتوقع من تعجيل العقوبة للقاطع رحمه في الدنيا أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا عبد الوارث عن عبد الله بن المبارك عن عيينة بن عبد الرحمن الغطفاني عن أبيه عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم \ 455 \
[ 201 ]
ذكر تعجيل الله جل وعلا العقوبة للقاطع رحمه في الدنيا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن قال سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من ذنب أحرى أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مقطيعة الرحم والبغي \ 456 \
[ 202 ]
باب الرحمة ذكر الأمر للمرء أن يرحم أطفال المسلمين رجاء رحمة الله جل وعلا إياه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس التميمي النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن بن علي فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم لا يرحم \ 457 \
[ 203 ]
ذكر الزجر عن ترك توقير الكبير أو رحمة الصغار من المسلمين أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن بن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر \ 458 \
[ 205 ]
ذكر ما يستحب للمرء استعمال التعطف على صغار أولاد آدم أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت
[ 206 ]
عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور الأنصار ويسلم على صبيانهم ويمسح رؤوسهم \ 459 \
[ 207 ]
ذكر إيجاب دخول الجنة للمتكفل الأيتام إذا عدل في أمورهم وتجنب الحيف أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى
[ 208 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم هكذا أراد به في دخول الجنة لا أن كافل اليتيم تكون مرتبته مع مرتبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة واحدة \ 460 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا إنما يرحم من عباده الرحماء أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال حدثنا هشام بن حسان عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء رسول امرأة من بناته فقال يا رسول الله أرسلت إليك ابنتك أن تأتيها فإن صبيا لها في الموت فقال ائتها فقل لها إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شئ عنده بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب قال فلم يلبث أن رجع فقال يارسول الله إنها تقسم عليك إلا جئتها فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه رهط من الأنصار فدخلنا فرفع إليه الصبي ونفسه تقعقع في صدره ففاضت عينا فقال له سعد بن عبادة ما هذا يا رسول الله قال رحمة جعلها الله في قلوب عباد وإنما يرحم الله من عباده الرحماء \ 461 \
[ 209 ]
ذكر الخبر الدال على أالرحمة لا تكون إلا في السعداء أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا محمد بن كثير قال حدثنا شعبة قال كتب إلي منصور وقرأته عليه فقلت له أقول حدثني فقال أليس إذا قرأته علي فقد حدثتك به قال سمعت أبا عثمان يحدث عن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق يقول إن الرحمة لا تنزع إلا من شقي \ 462 \
[ 210 ]
ذكر الأمر للمرء أن يرحم أطفال المسلمين رجاء رحمة الله جل وعلا إياه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال أبصر الأقرع بن حابس التميمي النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن بن علي فقال إن لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منها فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم لا يرحم \ 463 \
[ 211 ]
ذكر الزجر عن ترك توقير الكبير أو رحمة الصغير من المسلمين أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن بن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينه عن المنكر \ 464 \ ذكر نفي رحمة الله جل وعلا عمن لم يرحم الناس في الدنيا أخبرنا أبو عروبة قال أخبرنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة قال حدثني سليمان قال سمعت أبا ظبيان قال سمعت جرير بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لا يرحم الناس لا يرحمه الله \ 465 \
[ 213 ]
ذكر البيان بأن رحمة الله جل وعلا لا تنزع إلا من الأشقياء أخبرنا بن قحطبة قال حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال حدثنا معتمر بن سليمان عن أبيه عن منصور عن أبي عثمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنزع الرحمة إلا من شقي \ 466 \ ذكر الإخبار عن نفي رحمة الله جل وعلا في العقبي عمن لا يرحم عباده في الدنيا أخبرنا أبو عروبة قال حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة قال حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبي أنيسة عن زياد بن علاقة عن جرير بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من لا يرحم الناس لا يرحمه الله \ 467 \
[ 214 ]
باب حسن الخلق ذكر الأمر بالملاينة للناس في القول مع بسط الوجه لهما أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال حدثنا محمد بن عبد الله بن قهزاد حدثنا النضر بن شميل حدثنا أبو عامر الخزاز حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا فأن لم تجد فلاين الناس ووجهك إليهم منبسط \ 468 \
[ 215 ]
ذكر البيان بأن المرء إذا كان هينا لينا قريبا سهلا قد يرجى له النجاة من النار بها أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي قال حدثنا يحيى بن معين قال حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن عمرو الأودي عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما يحرم على النار كل هين لين قريب سهل \ 469 \
[ 216 ]
ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به عبدة بن سليمان أخبرنا عمر بن محمد الهمداني بالصغد قال حدثنا عيسى بن حماد قال أخبرنا الليث بن سعد عن هشام بن عروة عن موسى بن عقبة عن عبد الله الأودي عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بمن تحرم عليه النار قالوا بليا رسول الله قال على كل هين لين قريب سهل \ 470 \ ذكر كتبة الله الصدقة للمداري أهل زمانه من غير ارتكاب ما يكره الله جل وعلا فيها أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان ومحمد بن الحسن بن قيبة والحسين بن عبد الله بن يزيد في آخرين قالو حدثنا المسيب بن واضح قال حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مداراة الناس صدقة
[ 218 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه المداراة التي تكون صدقة للمداري هي تخلق الإنسان الأشياء المستحسنة مع من يدفع إلى عشرته ما لم يشبها بمعصية الله والمداهنة هي استعمال المرء الخصال التي تستحسن منه في العشرة وقد يشوبها ما يكره الله جل وعلا \ 471 \
[ 219 ]
ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة للمرء بالكلمة الطيبة يكلم بها أخاه المسلم أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال حدثنا بن المبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هرير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الكلمة الطيبة صدقة وكل خطوة تخطوها إلى المسجد صدقة \ 472 \
[ 220 ]
ذكر البيان بأن الكلام الطيب للمسلم يقوم مقام البذل لماله عند عدمه أخبرنا أبو خليفة حدثنا حفص بن عمر الحوضي عن شعبة عن محل بن خليفة عن عدي بن حاتم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة \ 473 \
[ 221 ]
ذكر كتبة الله جل وعلا الصدقة للمسلم بتبسمه في وجه أخيه المسلم أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي ببغداد قال حدثنا عبد الله بن الرومي قال حدثنا النضر بن محمد قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسوالله صلى الله عليه وسلم تبسمك في وجه أخيك صدقة
[ 222 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو زميل هذا هو سماك بن الوليد الحنفي يماني ثقة والنضر بن محمد القرشي مروز صاحب الرأي وكانا في زمن واحد \ 474 \ ذكر الإخبار عن تشبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم الكلمة الطيبة بالنخلة والخبيثة بالحنظل أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا غسان بن الربيع عن حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن
[ 223 ]
أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بقناع جزء فقال مثل كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها فقال هي النخلة ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض ما لها من قرار قال هي الحنظلة
[ 224 ]
قال شعيب فأخبرت بذلك أبا العالية فقال كذلك كنا نسمع قال أبو حاتم رضي الله عنه قول أنس إنه أتى بقناع جزء أراد به طبق رطب لأن أهل المدينة يسمون الطبق القناع والرطب الجزء \ 475 \ ذكر البيان بأن من أكثر ما يدخل الناس الجنة التقى وحسن الخلق أخبرنا محمد بن جعفر الكرخي ببلد الموصل قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا بن إدريس عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما أكثر ما يدخل النا س الجنة قال تقوى الله وحسن الخلق قيل فما أكثر ما يدخل الناس النار قال الأجوفا الفم والفرج
[ 225 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه بن إدريس هذا اسمه عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن الزعافري الأودي من ثقات الكوفة ومتقنيهم ولم يكن في عصره بكار من يشرب غيره \ 476 \ ذكر البيان بأن من خيار الناس من كان أحسن خلقا أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير العبدي قال حدثنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق قال قال عبد الله بن عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن
[ 226 ]
فاحشا ولا متفاحشا وكان يقول خياركم أحاسنكم أخلاقا \ 477 \ ذكر البيان بأن حسن الخلق من أفضل ما أعطي المرء في الدنيا أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا قال حدثنا هناد بن السري قال حدثنا وكيع عن مسعر والثوري عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال قالوا يا رسول الله ما أفضل ما أعطي المرء المسلم قال حسن الخلق \ 478 \
[ 227 ]
ذكر البيان بأن من أكمل المؤمنين إيمانا من كان أحسن خلقا أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا بن إدريس قال أخبرنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا \ 479 \
[ 228 ]
ذكر رجاء نوال المرء بحسن الخلق درجة القائم ليلة الصائم نهاره أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا خالد بن مخلد قال حدثنا سليمان بن
[ 229 ]
بلال قال حدثني عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن ليدرك بخلقه درجة الصائم القائم \ 480 \
[ 230 ]
ذكر البيان بأن الخلق الحسن من أثقل ما يجد المرء في ميزانه يوم القيامة أخبرنا أبخليفة قال حدثنا محمد بن كثير وشعيب بن محرز والحوضي قالوا حدثنا شعبة عن القاسم بن أبي بزة عن عطاء الكيخاراني عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أثقل شئ في الميزان الخلق الحسن
[ 231 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه عطاء هذا هو عطاء بن عبد الله وكيخاران موضع باليمن وأم الدرداء هي الصغر واسمها هجيمة بنت حيي الأوصابية والكبرى خيرة بنت أبي حدرد الأنصارية لها صحبة \ 481 \ ذكر البيان بأن من أحب العباد إلى الله وأقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم في القيامة من كان أحسن خلقا أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا هدبة بن خالد
[ 232 ]
قال حدثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن تثبت عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحبكم إلى الله وأقربكم مني أحسانكم أخلاقا وإن أبغضكم إلى الله وأبعدكم مني الثرثارون المتفيهقون المتشدقو \ 482 \ ذكر البيان بأن المرء قد ينتفع في داريه بحسن خلقه ما لا ينتفع فيهما بحسبه أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست
[ 233 ]
وعبد الله بن محمود بن سليمان السعدي المروزي بمرو قالا حدثنا عبد الوارث بن عبد الله العتكي قاحدثنا مسلم بن خالد الزنجي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كرم المرء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه \ 483 \
[ 234 ]
ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من تحسين الخلق عند المريض عمره أخبر عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثني بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخياركم قالوا بلى يا رسول الله قال أطولكم أعمارا وأحسنكم أخلاقا \ 484 \
[ 235 ]
ذكر البيان بأن من حسن خلقه كان في القيامة ممن قرب مجلسه من المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا قاسم بن أبي شيبة قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال حدثنى أبي عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن محمد بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ثلاث مرات يقولها قلنا بلى يا رسول الله قال أحسنكم أخلاقا \ 485 \
[ 236 ]
ذكر البيان بأن من حسن خلقه في الدنيا كان من أحب الناس إلى الله تعالى أخبرنا عبد الله بن محمد بن عمرو النيسابوري قال حدثنا علي بن خشرم قال أخبرنا عيسى بن يونس قال حدثنا عثمان بن حكيم عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم كأن على رؤوسنا الرخم ما يتكلم منا متكلم إذ جاءه ناس من الأعراب فقالوا يا رسول الله أفتنا في كذا أفتنا في كذا فقال أيها الناس إن الله قد وضع عنكم الحرج إلا امرأ اقترض من عرض أخيه فذاك الذي حرج وهلك قالوا أفنتداوى يا رسول الله قال نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له دواء غير داء واحد قالوا وما هو يا رسول الله قال الهرم قالوا فأي الناس أحب إلى الله يا رسول الله قال
[ 237 ]
أحب الناس إلى الله أحسنهم خلقا \ 486 \
[ 239 ]
باب العفو ذكر الإخبار عما يجب على المرء من استعمال العفو وترك المجازاة على الشر بالشر أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الفضل بن موسى قال حدثنا عيسى بن عبيد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال حدثني أبي بكعب قال لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وسبعون ومنهم ستة فيهم حمز فمثلوا بهم فقالت الأنصار أداء أصبنا منهم يوما لنربين عليهم فلما كان يوم فتمكة أنزل الله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين فقال رجل لا قريش بعد اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفوا عن القوم غير أربعة \ 487 \
[ 240 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن لا ينتقم لنفسه من أحد اعترض عليها أو آذاها أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا أخبرنا هناد بن السري حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب خادما قط ولا ضرب امرأة له قط ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله ولا نيل منه شئ قط فينتقمه من صاحبه إلا أن يكون لله فإن كان لله انتقم له ولا عرض له أمران إلا أخذ بالذي هو أيسر حتى يكون إثما فإذا كان إثما كان أبعد الناس منه \ 488 \
[ 242 ]
باب إفشاء السلام وإطعام الطعام أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعبدوا الرحمن وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا الجنان
[ 243 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم اعبدوا الرحمن لفظة يشتمل استعمالها على شعب كثيرة باختلاف أحوال المخاطبين فيها قد تقدم ذكرنا لهذا الوصف فيما قبل وقوله صلى الله عليه وسلم أفشوا السلام لفظة أطلقت على العموم لا يجب استعماله في كل الأحوال لأن المرء إذا استعمل ذلك في كل الأحوال على كل إنسان ضاق به الأمر وخرج إلى ما ليس في وسعه وتكلف إلزام الفرائض بالرد على المسلمين وإذا كان الرد هو الفرض صار على الكفاية كان ابتداء السلام الذي ليس له تخصيص فرض أولى أن يكون على الكفاية وقوله أطعموا الطعام أمر ندب إلى استعماله وحث عليه قصدا لطلب النصارى ذكر إيجاب الجنة لمن حسن كلامه وبذل سلامه أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي قال حدثنا قتيبة بن سعى قال حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح عن أبيه المقدام عن أبيه شريح
[ 244 ]
عن أبيه أنه قال يا رسول الله أخبرني بشئ يوجب لي الجنة قال عليك بحسن الكلام وبذل السلام \ 490 \ ذكر إثبات السلامة في إفشاء السلام بين المسلمين أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا أبو معاوية عن قنان بن عبد الله النهمي عن عبد الرحمن بن عوسجة
[ 245 ]
عن البراء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفشوا السلام تسلموا \ 491 \ ذكر إباحة المصافح للمسلمين عند السلام أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام حدثنا قتادة قال قلت لأنس بن مالك أكانت المصافحة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال قتادة وكان الحسن يصافح \ 492 \
[ 246 ]
ذكر كتبة الحسنات لمن سلم على أخيه المسلم بتمامه أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال حدثن محمد بن جعفر يعني بن أبي كثير عن يعقوب بن زيد التيمي عن سعيد المقبري عن أبي هريرة أن رجلا مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فقال سلام عليكم فقال عشر حسنات ثم مر رجل آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله فقال عشرون حسنة فمر رجل آخر فقال سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فقال ثلاثون حسنة فقام رجل من المجلس ولم يسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أوشك ما نسي صاحبكم إذا جاء أحدكم إلى المجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس
[ 247 ]
فليجلس فإن قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة \ 493 \ ذكر الأمر بالسلام لمن أتى نادى قوم فجلس إليهم واستعمال مثله عند القيام أخبرنا بن قتيبة حدثنا يزيد بن وهب الرملي حدثنا المفضل بن فضالة عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس فإذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة \ 494 \
[ 248 ]
ذكر الأمر بالسلام للمرء عند الانتهاء إلى نادى قوم مع استعماله مثله عند رجوعه عنهم أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف حدثنا نصر بن علي حدثنا بشر بن المفضل عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم وإذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة \ 495 \
[ 249 ]
ذكر الأمر بالسلام لمن أتى نادي قوم واستعمال مثله عند قيامه منه بالصلاة أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف قال حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال حدثنا أبو عاصم عن يزيد بن زريع عن روح بن القاسم عن بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم فإن بدا له أن يجلس فليجلس ثم إذا قام فليسلم فليست الأولى بأحق من الآخرة قال أبو عاصم وأخبرناه بن عجلان \ 496 \ ذكر الأمر بابتداء السلام للقليل على الكثير والماشي على القاعد والراكب على الماشي أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أحمد بن عيسى المصري حدثنا بن وهب عن حميد بن هانئ عن عمرو بمالك عن فضالة بن عبيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليسلم
[ 250 ]
الفارس على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير \ 497 \
[ 251 ]
ذكر البيان بأن الماشيين إذا بدأ أحدهما صاحبه بالسلام كان أفضل عند الله جل وعلا أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى عبدان قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والماشيان أيهما بدأ فهو أفضل \ 498 \ ذكر تضمن الله جل وعلا دخول الجنة للمسلم على أهله عند دخوله عليهم إن مات وكفايته ورزقه إن عاش أخبرنا محمد بن المعافى العابد بصيدا قال حدثنا
[ 252 ]
هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا عثمان بن أبي العاتكة قال حدثني سليمان بن حبيب المحاربي عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق وكفي وإن مات أدخله الله الجنة من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يطعم محمد بن المعافى ثمانية عشر سنة من طيبات الدنيا شيئا غير الحسو عند إفطاره \ 499 \
[ 253 ]
ذكر الزجر عن مبادرة أهل الكتاب بالسلام أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا أبو عوانة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبادروا أهل الكتاب بالسلام فإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه \ 501 \ أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيب بالأهواز قال حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبدؤوا
[ 254 ]
أهل الكتاب بالسلام وإذا رأيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه ذكر إباحة رد السلام للمسلم على أهل الذمة أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قال أخبرني عبد الله بن دينار أنه سمع بن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن اليهود إذ سلموا عليكم إنما يقول أحدهم السام عليك فقل وعليك / 502 /
[ 256 ]
ذكر وصف رد السلام للمرء على أهل الكتاب إذا سلموا عليه أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا محمد بن المنهال الضرير قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن يهوديا سلم على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فقال السام عليكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدرون ما قال قالوا نعم سلم علينا قال لا إنما قال السام عليكم أي تسامون دينكم فإذا سلم عليكم رجل من أهل الكتاب فقولوا وعليك / 503 /
[ 257 ]
ذكر إيجاب الجنة للمرء بطيب الكلام وإطعام الطعام أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا يحيى بن يحيى قال حدثنا يزيد بن المقدام بن شريح بن هانئ عن المقدام بن هانئ عن بن هانئ أن هانئا لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه فسمعهم يكنون هانئا أبا الحكم فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم قال قومي إذا اختلفوا في شئ رضوا بي حكما فأحكم بينهم فقال إن ذلك لحسن فما لك من الولد قال شريح وعبد الله ومسلم قال فأيهم أكبر قال شريح قال فأنت أبو شريح فدعا له ولولده فلما أراد القوم الرجوع إلى
[ 258 ]
بلادهم أعطى كل رجل منهم أرضا حيث أحب في بلاده قال أبو شريح يا رسول الله أخبرني بشئ يوجب لي الجنة قال طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام / 504 / ذكر البيان بأن إطعام الطعام وإفشاء السلام من الإسلام أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف \ 505 \
[ 259 ]
ذكر الخبر الدال على أن إطعام الطعام من الإيمان أخبرنا محمد بن أحمد بن منصور عن منصور بن أبي مزاحم قال حدثنا أبو الأحوص عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخ فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت
[ 260 ]
قال أبو حاتم أبو الأحوص سلام بن سليم وأب حصين عثمان بن عاصم وأبو صالح ذكوان السمان وأبو هريرة عبد الله بن عمرو الدوس \ 506 \ ذكر رجاء دخول الجنان لمن أطعم الطعام وأفشى السلام مع عبادة الرحمن أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن أبيه
[ 261 ]
عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعبدوا الرحمن وأفشوا السلام وأطعموا الطعام تدخلوا الجنان \ 507 \ ذكر إيجاب دخول الجنة لمن أفشى السلام وأطعم الطعام وقرنهما بسائر العبادات أخبر محمد بن إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال حدثنا أبو عامر قال حدثنا همام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله أخبرني بشئ إذا عملته أو عملت به دخلت الجنة قال أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم صارت والناس نيام الخطبة الجنة بسلام \ 508 \
[ 262 ]
ذكر وصف الغرف التي أعدها الله لمن أطعم الطعام ودام على صلاة الليل وأفشى السلام أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عباس بن عبد العظيم قال حدثنا عبد الرزاق قال أنبأنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن بن معانق عن أبي مالك الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وأفشى السلام وصلى صارت والناس نيام
[ 263 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه بن معانق هذا اسمه عبد الله بن معانق الأشعري \ 509 \
[ 264 ]
باب الجار ذكر الخبر الدال على أن مجانبة الرجل أذى جيرانه من الإيمان أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة عن يونس بن عبيد وحميد وذكر الصوفي آخر معهما عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن من أمنه الناس والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هاجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه \ 510 \
[ 265 ]
ذكر الإخبار عما عظم الله جل وعلا من حق الجوار أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا أحمد بن سليمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا يحيى بن سعيد الأنصاري أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أخبره أن عمرة بنت عبد الرحمن أخبرته أن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه \ 511 \
[ 267 ]
ذكر الاستحباب للمرء الإحسان إلى الجيران رجاء دخول الجنابه أخبرنا عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان ببغداد قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا شعبة عن داود بن فراهيج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه \ 512 \
[ 268 ]
ذكر الأمر بإكثار الماء في مرقته والغرف لجيرانه بعده أخبرنا الفضل بن الحباب حدثنا سليمان بن حرب عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قاقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طبخت قدرا فأكثر مرقتها فإنه أوسع للأهل والجيران \ 513 \
[ 269 ]
ذكر البيان بأن غرف المرء من مرقته لجيرانه إنما يغرف لهم من غير إسراف ولا تقتير أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد حدثنا شعبة عن أبي عمران عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صنعت مرقة فأكثر ماءها ثم انظر أهل بيت من جيرانك فاحسهم منها بمعروف \ 514 \
[ 270 ]
ذكر الزجر عن منع المرء جاره أن يضع الخشبة على حائطه أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا محمد بن رمح قال حدثنا الليث بن سعد عن مالك بن أنس عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة على جداره
[ 271 ]
قال بن رمح سمعت الليث يقول هذا أول ما لمالك عندنا وآخره قال أبو حاتم في قول الليث هذا أول ما لمالك عندنا وآخره دليل على أن الخبر الذي رواه قراد عن الليث عن
[ 273 ]
مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة قصة المماليك خبر باطل لا أصل له \ 515 \ ذكر الزجر عن أذى الجيران إذ تركه من فعال المؤمنين أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم
[ 274 ]
الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت \ 516 \ ذكر إعطاء الله جل وعلا من ستر عورة أخيه المسلم أجر موؤودة لو استحياها في قبرها أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا الليث بن سعد قال حدثنا إبراهيم بن نشيط الوعلاني عكعب بن علقمة
[ 275 ]
عن دخين أبي الهيثم غالبا عقبة بن عامر قال قلت لعقبة بن عامر إن لنا جيرانا يشربون الخمر وأنا داع الشرط ليأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل ولكن عظهم وهددهم قال إني نهيتهم فلم ينتهوا وإني داع الشرط ليأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر عورة مؤمن فكأنم استحيى موؤودة في قبرها \ 517 \
[ 276 ]
ذكر البيان بأن خير الجيران عند الله من كان خيرا لجاره في الدنيا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله بن المبارك أخبرنا حيوة بن شريح عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله
[ 277 ]
خيره لجاره \ 518 \ ذكر الإخبار عن خير الأصحاب وخير الجيران أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا بن المبارك حدثنا حيوة بن شريح عن شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيراعند الله خيرهم لجاره \ 519 \
[ 278 ]
ذكر ما يجب على المرء من التصبر عند أذى الجيران إياه أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه جارا له فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات اصبر ثم قال له في الرابعة أو الثالثة اطرح متاعك في الطريق ففعل قال فجعل الناس يمرون به ويقولون ما لك فيقول آذاه جاره فجعلوا يقولون لعنه الله فجاءه جاره فقال رد متاعك لا والله لا أوذيك أبدا \ 520 \
[ 279 ]
فصل من البر والإحسان أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد الطاحي العابد بالبصرة حدثنا نصر بن علي بن نصر أخبرنا أبي عن شعبة عن قرة بن خالد عن قرة بن موسى الهجيمي عن سليم بن جابر الهجيمي قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو محتب في بردة له وإن هدبها لعلي قدميه فقلت يا رسول الله أوصني قال عليك باتقاء الله ولا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي وتكلم أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الإزار فإنها من المخيلة ولا يحبها الله وإن امرؤ عيرك بشئ يعلمه فيك فلا تعيره بشئ تعلمه منه دعه يكون وباله عليه وأجره لك ولا تسبن شيئا قال فما سببت بعده دابة ولا إنسانا
[ 281 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم عليك باتقاء الله أمر فرض على المخاطبين كلهم أن يتقوا الله في كل الأحوال وإفراغ المرء الدلو في إناء المستسقي من إنائه وبسطه وجهه عند مكالم أخيه المسلم فعلان قصد بالأمر بهما الندب والإرشاد قصدا لطلب النصارى \ 521 \ أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا سلام بن مسكين عن عقيل بن طلحة قال حدثني أبو جري الهجيمي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنا قوم من أهل البادية فعلمنا شيئا ينفعنا الله به فقال لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستسقي ولو أن تكلم أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الإزار فإنه من المخيلة ولا يحبها الله وإن امرؤ شتمك بما يعلم فيك فلا تشتمه بما تعلم فيه فإن أجره لك ووباله على من قاله
[ 282 ]
قال أبو حاتم الأمر بترك استحقار المعروف أمر قصد به الإرشاد والزجر عن إسبال الإزار زجر حتم لعلة معلومة وهي الخيلاء فمتى عدمت الخيلاء لم يكن بإسبال الإزار بأس والزجر عن الشتيمة إذا شوتم المرء زجر عنه في ذلك الوقت وقبله وبعده وإن لم يشتم \ 522 \ ذكر البيان بأن طلاقة وجه المرء للمسلمين من المعروف أخبرنا محمد بن يعقوب الخطيببا لأهواز قال حدثنا عبد الملك بن هوذة بن خليفة قال حدثنا عثمان بن عمر قاحدثنا صالح بن رستم عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق فإذا صنعت مرقة فأكثر ماءها متسرولة لجيرانك منها \ 523 \
[ 283 ]
ذكر الإخبار بأن على المرء تعقيب الإساءة بالإحسان ما قدر عليه في أسبابه أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا بن وهب عن حرملة بن عمران التجيبي أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال يا نبي الله أوصني قال ا عبد الله لا تشرك به شيئا قال يا نبي الله زدني قال إذا أسأت فأحسن قال يا رسول الله زدني قال استقم وليحسن خلقك \ 524 \
[ 284 ]
ذكر العلامة التي يستدل المرء بها على إحسانه أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا أبو قديد عبيدالله بن فضالة قال حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد اللقال قال رجل يا رسول الله متى أكون محسنا قال إذا قال جيرانك أنت محسن فأنت محسن وإذا قالوا إنك مسئ فأنت مسئ \ 525 \
[ 285 ]
ذكر الإخبار عما يستدل بالمرء على إحسانه ومساوئه أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز بالبصرة قال حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت \ 526 \ ذكر البيان بأن من خير الناس من رجي خيره وأمن شره أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبركم بخيركم من شركم فقال رجل بلى يا رسول الله قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره \ 527 \
[ 286 ]
ذكر الإخبار عن خير الناس وشرهم لنفسه ولغيره أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس فقال ألا أخبركم بخيركم من شركم قال فسكتوا قال ذلك ثلاث مرات فقال رجل بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا قال خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره \ 528 \ ذكر بيان الصدقة للمرء بإرشاد الضال وهداية غير البصير أخبرنا محمد بن نصر بن نوفل بمرو بقرية سنج حدثنا أبو داود السنجي حدثنا النضر بن محمد حدثنا عكرمة بن عمار حدثنا أبو زميل عن مالك بن مرثد عن أبيه
[ 287 ]
عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلتبسمك في وجه أخيك صدقة لك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة وبصرك للرجل الردئ البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة \ 529 \ ذكر إجازة الله جل وعلا على الصراط من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في تفريج كربة أخبرنا الحسين بن عبد الله بن يزيد القطان بالرقة ومحمد بن الحسن بن قتيبة بعسقلان وجماعة قالوا حدثنا إبراهيم بن هشام الغساني قال حدثنا أبي عن عروة بن رويم اللخمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان وصلة لأخيه المسلم إلى ذي سلطان في مبلغ بر أو تيسير عسر أجازه الله على الصراط يوم القيامة عند دحض الأقدام لفظ الخبر لابن قتيبة قاله الشيخ \ 530 \
[ 288 ]
ذكر الأمر للمرء بالتشفع إلى من بيده الحل والعقد في قضاء حوائج الناس أخبرنا بكر بن محمد بن عبد الوهاب القزاز أبو عمرو حدثنا أحمد بن عبدة الضبي حدثنا عمر بن علي المقدمي حدثنا الثوري عن بن أبي بردة عن أبيه
[ 289 ]
عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أوتى فأسأل ويطلب إلي الحاجة التجارة عندي فاشفعوا فلتؤجروا ويقضي الله على اختلفوا نبيه ما أحب أو ما شاء
[ 290 ]
قال الشيخ بن أبي بردة في هذا الخبر أراد به بن بن أبي بردة قال أبو حاتم وهو بريد بن عبد الله بن أبي برد بن أبي موسى اشعري \ 531 \ ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من بذل المجهود في قضاء حوائج المسلمين أخبرنا عبد الله بن أحمد بن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا محمد بن معمر قال حدثنا أبو عاصم عن بن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول لدغت رجلا منا عقرب ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل يا رسول الله أرقيه فقال صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل \ 532 \
[ 291 ]
ذكر قضاء الله جل وعلا حوائج من كان يقضي حوائج المسلمين في الدنيا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا ليث عن عقيل عن الزهري عن سالم عن أبيه أن رسول الله قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله بها عنه كربة من
[ 292 ]
كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة \ 533 \ ذكر تفريج الله جل وعلا الكرب يوم القيامة عمن كان يفرج الكرب في الدنيا عن المسلمين أخبرنا محمد بن صالح بن ذريح بعكبرا قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن واسع وأبي سورة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر أخاه المسلم ستره الله في الدنيا والآخرة ومن فرج عن مسلم
[ 293 ]
كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه \ 534 \ ذكر ما يستحب للمرء الإقبال على الضعفاء والقيام بأمورهم وإن كان استعمال مثله موجودا منه في غيرهم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الله بن عمر
[ 294 ]
الجعفي قال حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت أنزلت عبس وتولى في بن أم مكتوم الأعمى قالت أتى النبي صلى الله عليه وسل فجعل يقول يا نبي الله أرشدني قالت وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا فلان أترى بما أقول بأسا فيقول لا فنزلت عبس وتولى \ 535 \ ذكر رجاء الغفران لمن نحى الأذى عن طريق المسلمين أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح
[ 295 ]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخذه فشكر الله له فغفر له قال أبو حاتم الله جل وعلا أجل من أن يشكر عبيده
[ 296 ]
إذ هو البادئ بالإحسان إليهم والمتفضل بإتمامها عليهم ولكن رضا الله جلاوعلا بعمل العبد عنه يكون شكرا من الله جل وعلا على ذلك الفعل \ 536 \ ذكر رجاء مغفرة الله جل وعلا لمن نحى الأذى عن طريق المسلمين أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له \ 537 \ ذكر البيان بأن هذا الرجل الذي نحى غصن الشوك عن الطريق لم يعمل خيرا غيره أخبرنا عبد الرحمن بن زياد الكتاني بالأبلة حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير إلا غصن شوك كان
[ 297 ]
على الطريق كان يؤذي الناس فعزله فغفر له \ 538 \ ذكر البيان بأن هذا الرجل ورجاله له ذنبه ما تقدم وما تأخر لذلك الفعل أخبرنا بن قتيبة حدثنا بحر بن نصر أخبرنا بن وهب أخبرني عمربن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن بن حجيرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ورجاله لرجل أخذ غصن شوك عن طريق الناس ذنبه ما تقدم من ذنبه وما تأخر \ 539 \ ذكر رجاء الغفران لمن أماط الأذى عن الأشجار والحيطان إذا تأذى المسلمون به أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان قال أخبرنا عيسى بن حماد قا أخبرنا الليث عن بن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح
[ 298 ]
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزع رجل لم يعمل خيرا قط غصن شوك عن الطريق إما كان في شجرة فقطعه فألقاه وإما كان موضوعا فأماطه فشكر الله له بها فأدخله الجنة قال أبو حاتم معنى قوله لم يعمل خيرا قط يريد به سوى الإسلام \ 540 \ ذكر استحباب المرء أن يميط الأذى عن طريق المسلمين إذ هو من الإيمان أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال حدثنا وكيع عن أبان بن صمعة عن أبي الوازع عن أبي برزة قال قلت يا رسول الله دلني على عمل
[ 299 ]
أنتفع به قال نح الأذى عن طريق المسلمين قال أبو حاتم رضي الله عنه أبان بن صمعة هذا والد عتبة الغلام وأبو الوازع اسمه جابر بن عمرو وأبو برزة اسمه نضلة بن عبيد \ 541 ذكر إعطاء الله جل وعلا الأجر لمن سقى كل ذات كبد حرى أخبرنا قتيبة قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرنا يونس عن بن شهاب عن محمود بن الربيع أن سراقة بن جعشم قال يا رسول الله الضالة ترد
[ 300 ]
على حوضي فهل فيها أجر إن سقيتها قال اسقها فإن في كل ذات كبد حرى أجر \ 542 \
[ 301 ]
ذكر رجاء دخول الجنان لمن سقى ذوات الأربع إذا كانت عطشى أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط قال حدثنا عيسى بن حماد قال حدثنا الليث عن بن عجلان عن القعقاع بن حكيم وزيد عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دنا رجل إلى بئر فنزل فشرب منها وعلى البئر كلب يلهث فرحمه فنزع إحدى خفيه فغرف له فسقاه فشكر الله له فأدخله الجنة \ 543 \ ذكر الخبر الدال على أن الإحسان إلى ذوات الأربع قد يرجى به تكفير الخطايا في العقبي أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان الطائي بمنبج
[ 302 ]
والحسين بن إدريس الأنصاري قالا أخبرنا أحمد بن أببكر عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشي بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغ بي فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقي فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له فقالوا يا رسول الله إن لنا في البهائم لأجرا فقال صلى الله عليه وسلم في كل ذات كبد رطبة أجر \ 544 \ ذكر الزجر عن ترك تعاهد المرء ذوات الأربع بالإحسان إليها أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا على بن المديني
[ 303 ]
قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة بن يزيد قال حدثني أبو كبشة السلولي أنه سمع سهل بن الحنظلية الأنصاري أن عيينة والأقرع سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا فأمر معاوية أن يكتب به لهما ففعل وختمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره بدفع إليهما فأما عيينة فقال ما فيه فقال فيه ما أمرت به فقبله وعقده في عمامته وأما الأقرع فقال أحمل صحيفة لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس فأخبر معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهما فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجته فمر ببعير مناخ على الباب المسجد من أول النهار ثم مر به من آخر النهار وهو على حاله فقال أين صاحب هذا البعير فابتغى فلم يوجد فقال
[ 304 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله في هذه البهائم اركبوها صحاحا وكلوها سمانا كالمتسخ آنفا إنه من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر جهنم قال يا رسول الله وما يغنيه قال ما يغديه ويعشيه قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم يغديه ويعشيه أراد به على دائم الأوقات وفي قوله صلى الله عليه وسلم اركبوها صحاحا كالدليل على أن الناقة العجفاء الضعيفة يجب أن ينتكب ركوبها إلى أن تصح وفي قوله صلى الله عليه وسلم وكلوها سمانا دليل على أن الناقة المهزولة التي لانقي لها يستحب ترك نحرها إلى أن تسمن \ 545 \
[ 305 ]
ذكر استحباب الإحسان إلى ذوات الأربع رجاء النجاة في العقبي به أخبرنا علي بن أحمد الجرجان بحلب حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عذبت امرأة في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض أخبرناه علي بن أحمد في عقبه حدثنا نصر بن علي حدثنا عبد الأعلى حدثنا عبيد الله عن سعيد المقبري عن
[ 306 ]
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله \ 546 \
[ 307 ]
باب الرفق ذكر استحباب الرفق للمرء في الأمور إذ الله جل وعلا يحبه أخبرنا الحسن بن سفيان قاحدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا معن بن عيسى عن مالك عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى يحب الرفق في الأمر كله
[ 308 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه ما روى مالك عن الأوزاعي إلا هذا الحديث وروى الأوزاعي عن مالك أربعة أحاديث \ 547 \ ذكر الاستدلال على حرمان الخير فيمن عدم الرفق في أموره أخبرنا محمد بن الحسين بن مكرم بالبصرة قال حدثنا عمرو بن علي بن بحر قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا سفيان عن منصور عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عم النبي صلى الله عليه وسلم قال من يحرم الرفق يحرم الخير \ 548 \
[ 309 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا يعين على الرفق بأن يعطي عليه ما لا يعطي على العنف أخبرنا عبد الله بن أحمبن موسى بعسكر مكرم قال حدثنا إسماعيل بن حفص الأبلي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف \ 549 \
[ 310 ]
ذكر البيان بأن الرفق مما يزين الأشياء وضده يشينها أخبرنا عمران بن موسى قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبدو إلى هذه
[ 311 ]
التلاع وقال لي يا عائش فإن الرفق لم يكن في شئ قط إلا زانه ولا نزع من شئ إلا شانه \ 550 \ ذكر الأمر بلزوم الرفق في الأشياء إذ دوامه عليه زينته في الدنيا والآخرة أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس قال حدثنا
[ 312 ]
نوح بن حبيب البذشي القومسي قال حدثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ماكان الرفق في شئ إلا زانه ولا كان الفحش في شئ قط إلا شانه \ 551 \ ذكر ما يجب على المرء من لزوم الرفق في جميع أسبابه أخبرنا بن قتيبة قال حدثن حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني حيوة عن بن الهاد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة عن عائشة أن رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم قال إن الله يحب
[ 313 ]
الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه \ 552 \ ذكر دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم لمن رفب المسلمين في أمورهم مع دعائه على من استعمل ضده فيهم أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني حرملة بن عمران عن عبد الرحمن بن شماسة قال أتيت عائشة أسألها عن شئ فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في بيتي هذا اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به \ 553 \
[ 314 ]
باب الصحبة والمجالسة ذكر الأمر للمرء أن لا يصحب إلا الصالحين ولا ينفق إلا عليهم أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حبان بن موسى أخبرنا عبد الله عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس حدثه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي \ 554 \
[ 315 ]
ذ ك الزجر عن أن يصحب المرء إلا الصالحين ويؤكل طعامه إلا إياهم أخبرنا أحمد بن علبن المثنى قال حدثنا محمد بن الصباح الدولابي قال حدثنا بن المبارك عن حيوة بن شريح عن سالم بن غيلان عن الوليد بن قيس عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي \ 555 \ ذكر البيان بأن محبة المرء الصالحين وإن كان مقصرا في اللحوق بأعمالهم يبلغه في الجنة أن يكون معهم أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا شيبان بن أبي شيبة قال حدثنا سليمان بن المغيرة قال حدثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن الصامت
[ 316 ]
عن أبي ذأنه قال يا رسول الله الرجل يحب القوم ولا يستطيع أن يعمل كعملهم قال إنك يا أبا ذر مع من أحببت قال فإني أحب الله ورسوله قال أنت يا أبا ذر مع من أحببت \ 556 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن خطاب هذا الخبر قصد به التخصيص دون العموم أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال
[ 317 ]
يارسول الله أرأيت رجلا يحب القوم ولما يلحق بهم قال المرء مع من أحب \ 557 \ ذكر ما يستحب للمرء التبرك بالصالحين وأشباههم أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نازلا بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال فأتى \ 558 \
[ 318 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل أعرابي فقال ألا تنجز لي يا محمد ما وعدتني فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشر فقال له الغلام لقد أكثرت علي من البشرى قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال إن هذا قد رد ا لبشرى فاقبلا أنتما فقالا قبلنا يا رسول الله قال فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه ماء ثم قال لهما اشربا منه لحمام على وجوهكما أو نحوركما فأخذا القدح ففعلا ما أمرهما به رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادتنا أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما في إنائكما فأفضلا لها منه طائفة
[ 319 ]
ذكر استحباب التبرك للمرء بعشرة مشايخ أهل الدين والعقل أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا عمرو بن عثمان قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن المبارك بدرب الروم عن خال الحذاء عن عكرمة عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البركة مع أكابركم
[ 320 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه لم يحدث بن المبارك هذا الحديث بخراسان إنما حدث به بدرب الروم فسمع منه أهل الشام وليس هذا الحديث في كتب بن المبارك مرفوعا \ 559 \ ذكر الاستحباب للمرء أن يؤثر بطعامه وصحبته الأتقياء وأهل الفضل أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال سمعت حيوة بن شريح يقول أخبرني سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس التجيبي حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي \ 560 \ ذكر الأمر بمجالسة الصالحين وأهل الدين دون أضدادهم من المسلمين أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة
[ 321 ]
عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل الجليس الصالح ومثل جليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا خبيثة قال أبو حاتم رضي الله عنه في هذا الخبر دليل على إباحة المقايسات في الدين \ 561 \
[ 322 ]
ذكر رجاء دخول الجنان للمرء مع من كان يحبه في الدنيا أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر بحران قال حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأسماء قال حدثنا زهير بن معاوية عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد بصوت له جهوري فقلنا ويلك اخفض من صوتك فإنك قد نهيت عن هذا قال لا والله حتى أسمعه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بيده هاؤم فقال أرأيت رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم قال ذلك ممن أحب قوله صلى الله عليه وسلم هاؤم أراد به رفع الصوت فوق صوت الغلام لئلا يأثم الغلام برفع صوته على رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله الشيخ \ 562 \
[ 323 ]
ذكر البيان بأن هذا السائل إنما أخبر عن محبة الله جل وعلا ورسوله صلى الله عليه وسلم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا العباس بن الوليد النرسي قال حدثنا سفيان عن الزهري عن أنس قال قال رجل يا رسول الله متى الساعة قال ما أعددت لها قال إني أحب الله ورسوله قال فأنت مع من أحببت \ 563 \ ذكر إعطاء الله جل وعلا المسلم نيته في محبته القوم إن خيرا فخير وإن شرا فشر أخبرنا أحمد بن علي بالمثنى قال حدثنا هدبة بن خالد قال حدثنا المبارك بن فضالة قال سمعت الحسن عن أنس بن مالك أن رجلا قال يا نبي الله متى الساعة قال أما إنها قائمة فما أعددت لها قال ما أعددت لها كثير عمل إلا أني أحب الله ورسوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنك مع من أحببت ولك ما احتسبت \ 564 \
[ 324 ]
ذكر خبر شنع به بعض المعطلة على أهل الحديث حيث حرموا توفيق الإصابة لمعناه أخبرنا الحسن بن سفيان الشيباني حدثنا عبد الأعلى بن حماد وهدبة بن خالد قالا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله متى تقوم الساعة وأقيمت الصلاة فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال أين السائل عن الساعة قال ها أنا ذا يا رسول الله قال إنها قائمة فما أعددت لها قال ما أعددت لها كبير عمل غير أني أحب الله ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت قال وعنده رجل من الأنصار يقال له محمد فقال إن يعش هذا فلا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة
[ 325 ]
زاد هدبة قال أنس فنحن نحب الله ورسوله قال أبو حاتم هذا الخبر من الألفاظ التي أطلقت بتعيين خطاب مراده التحذير وذاك أن المصطفى صلى الله عليه وسلم أراد تحذير الناس عن الركون إلى هذه الدنيا بتعريفهم الشئ الذي يكون بخلدهم تقبل حقيقته من قرب الساعة عليهم دون اعتمادهم على ما يسمعون \ 565 \ ذكر البيان بأن من كان أحب لأخيه المسلم كان أفضل أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا سعد بن يزيد الفراء أبو الحسن قال حدثنا مبارك بن فضالة قال حدثنا ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ماتحاب اثنان في الله إلا كان أفضلهما أشدهما حبا لصاحبه \ 566 \
[ 326 ]
ذكر الزجر عن أن يمكر المرء أخاه المسلم أو يخادعه في أسبابه أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم قال حدثنا أبي عن عاصم عن زر عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غشنا فليس منا والمكر والخداع في النار \ 567 \
[ 327 ]
ذكر الزجر عن أن يفسد المرء امرأة أخيه المسلم أو يخبث عبيده عليه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا معاوية بن هشام قال حدثنا عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من خبث عبدا
[ 328 ]
على أهله فليس منا ومن أفسد امرأة على زوجها فليس منا \ 568 \ ذكر الاستحباب للمرء أن يعلم أخاه محبته إياه لله جل وعلا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا الأزرق بن علي أبو الجهم قال حدثنا حسان بن إبراهيم قال حدثنا زهير بن محمد عن عبيد الله بن عمر وموسى بن عقبة عن ناف قال
[ 329 ]
سمعت بن عمر يقول بينا أنا جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فسلم عليه ثم ولى عنه فقلت يا رسول الله إني لأحب هذا لله قال فهل أعلمته ذا ك قلت لا قال فأعلم ذاك أخاك قال فاتبعته فأدركته فأخذت بمنكبه فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله قال هو والله إني لأحبك لله قلت لولا النبي صلى الله عليه وسلم أمرني أن أعلمك لم أفعل
[ 330 ]
تفرد بهذا الحديث الأزرق بن علي قاله الشيخ \ 569 \ ذكر الأمر للمرء إذا أحب أخاه في الله أن يعلمه ذلك أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام تثبت ببيروت قال حدثنا يزيد بن سنان قال حدثنا يحيى القطان قال حدثنا ثور بن يزيد عن حبيب بن عبيد عن المقدام بن معدي كرب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أحب أحدكم أخاه فليعلمه \ 570 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر لا أصل له أصلا أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الدغولي كتابة قال حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم قاحدثنا علي بن الحسين بن حكى قال حدثني أبي قال حدثني ثابت
[ 331 ]
عن أنس بن مالك قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ مر رجل فقال رجل من القوم يرسول الله إني لأحب هذا الرجل قال هل أعلمته ذاك قال لا قال قم أعلمه فقام إليه فقال يا هذا والله إني لأحبك قال أحبك الذي أحببتني له \ 571 \ ذكر إثبات محبة الله جل وعلا للمتحابين فيه أخبرنا الهيثم بن خلف الدوري ببغد قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى قال فأرصد الله له على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أريد أخا لي في هذه القرية فقال له هل له عليك من نعمة تربها قال لا غير أني أحبه في
[ 332 ]
الله قال فإني رسول الله إليك إن الله جل وعلا قد أحبك كما أحببته فيه \ 572 \ ذكر وصف المتحابين في الله في القيامة عند حزن الناس وخوفهم في ذلك اليوم أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال حدثنا بن فضيل عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله عبادا ليسوا بأنبياء يغبطهم الأنبياء والشهداء قيل من هم لعلنا نحبهم قال هم قوم تحابوا بنور الله من غير أرحام ولا انتساب وجوههم نور على منابر من نور لا يخافون إذا خاف الناس ولا يحزنون إذا حزن الناس ثم قرأ ألا إن
[ 333 ]
أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون \ 573 \
[ 334 ]
ذكر ظلال الله جل وعلا المتحابين فيه في ظله يوم القيامة جعلنا الله منهم بمنه وفضله أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أبي الحباب عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله تبارك وتعالى أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي \ 574 \
[ 335 ]
ذكر إيجاب محبة الله جل وعلا للمتجالسين فيه والمتزاورين فيه أخبرنا الحسين بن إدريس الأنصاري قال حدثنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن أبي حازم بن دينار عن أبي إدريس الخولاني أنه قال دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا وإذا الناس معه إذا اختلفوا في شئ أسندوه إليه وصدروا عن رأيه فسألت عنه فقيل هذا معاذ بن جبل فلما كان الغد هجرت فوجدته قد سبقني بالتهجير ووجدته يصلي قال فانتظرته حتى قضى صلاته ثم جئته من قبل وجهه فسلمت عليه وقلت والله إني لأحبك لله فقال آلله قلت آلله فأخذ بحبوة ردائي فجذبني إليه وقال أبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين في والمتجالسين في والمتزاورين في
[ 336 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه أبو إدريس الخولاني اسمه عائذ الله بن عبد الله كسيد قراء أهل الشام في
[ 337 ]
زمانه وهو الذي أنكر على معاوية محاربته علي بن أبي طالب حين قال له من أنت حتى تقاتل عليا أطعمتموهم الخلافة ولست أنت مثله لست زوج فاطمة ولا معبد الحسن والحسين ولا بابن عم النبي صلى الله عليه وسلم فأشفق معاوية أن يفسد قلوب قراء الشام فقال له إنما أطلب دم عثمان قال فليس علي قاتله قال لكنه يمنع قاتله عن أن يقتص منه قال اصبر حتى آتيه فأستخبره الحال فأتى عليا وسلم عليه ثم قال له من قتل عثمان قال الله قتله وأنا معه عنى وأنا معه مقتول وقيل أراد الله قتله وأنا حاربته فجمع جماعة قراء الشام وحثهم على القتال \ 575 \ ذكر إيجاب محبة الله جل وعلا الزائر أخاه المسلم في اخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا يزيد بن صالح اليشكري حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا زار أخا له في قرية أخرى فأرسل الله على مدرجته ملكا فلما أتى عليه قال أين تريد قال أزور أخا لي في هذه القرية فقال هل له عليك من نعمة تربها قال لا إلا أني أحبه في الله قال فإني رسول الله إليك إن الله قد أحبك كما أحببته فيه \ 576 \
[ 338 ]
ذكر إيجاب محبة الله للمتناصحين والمتباذلين فيه أخبرنا أبو يعلى حدثنا مخلد بن أبي زميل حدثنا أبو المليح الرقي عن حبيب بن أبي الاستثناء عن عطاء بن أبي رباح عن أبي مسلم الخولاني قال قلت لمعاذ بن جبل والله إني لأحبك لغير دنيا أرجو أن أصيبها منك ولا قرابة بيني وبينك قال فلأي شئ قلت لله قال فجذب حبوتي ثم قال أبشر إن كنت صادقا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المتحابون في الله في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله يغبطهم بمكانهم النبيون والشهداء ثم قال فخرجت فأتيت عبادة بن الصامت فحدثته بحديث معاذ فقال عبادة بن الصامت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن ربه تبارك وتعالى حقت محبتي على المتحابين في وحقت محبتي على المتناصحين في وحقت محبتي على المتزاورين في وحقت محبتي على المتباذلين في وهم على منابر من نور يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم
[ 339 ]
قال أبو حاتم أبو مسلم الخولاني اسمه عبد الله بن ثوب يماني تابعي من أفضالهم وأخيارهم وهو الذي قال له العنسي أتشهد أني رسول الله قال لا قال أتشهد أن محمدا رسول الله قال نعم فأمر بنار عظيمة فأججت وخوفه أن يقذفه فيها إن لم يواته على مراده فأبى عليه فقذفه فيها فلم تضره فاستعظم ذلك وأمر بإخراجه من اليمن فأخرج فقصد المدينة فلقي عمر بن الخطاب فسأله من أين أقبل فأخبره فقال له ما فعل الفتى الذي أحرق فقال لم يحترق فتفرس فيه عمر أنه هو فقال أقسمت عليك بالله أنت أبو مسلم قال نعم فأخذ بيده عمر حتى ذهب به إلى أبي بكر فقص عليه القصة فسرا بذلك وقال أبو بكر
[ 340 ]
الحمد لله الذي أرانا في هذه الأمة من أحرق فلم يحترق مثل إبراهيم صلى الله عليه وسلم وقيل إنه كان له امرأصبيحة الوجه فأفسدتها عليه جارة له فدعا عليها وقال اللهم أعم من أفسد علي امرأتي فبينما المرأة تتعشي مع زوجها إذ قالت انطفأ السراج قال زوجها لا فقالت فقد عميت لا أبصر شيئا فأخبرت بدعوة أبي مسلم عليها فأتته فقالت أنا قد فعلت بامرأتك ذلك وأنا قد غررتها وقد تبت فادع الله يرد بصري إلي فدعا الله وقال اللهم رد بصرها فردها إليها \ 577 \ ذكر الاستحباب للمرء استمالة قلب أخيه المسلم بما لا يحظره الكتاب والسنة أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك أن رجلا قام إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أين أبي قال في النار فلما قفا دعاه فقال صلى الله عليه وسلم إن أبي وأباك في النار \ 578 \
[ 341 ]
ذكر تمثيل المصطفى صلى الله عليه وسلم الجليس الصالح بالعطار الذي من جالسه علق به ريحه وإن لم ينل منه أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال حدثنا سفيان عن بريد بن عبد الله عن جده عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح مثل العطار إن لم يصبك منه أصابك ريحه ومثل الجليس السوء مثل القين إن لم يحرقك بشرره علق بك مريحه \ 579 \
[ 342 ]
ذكر الزجر عن تناجي المسلمين بحضرة ثالث معهما أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا وهب بن بقية قال أخبرنا خالد عن عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الله بن دينار عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتناجى اثنان دون ثالث \ 580 \
[ 343 ]
ذكر الزجر عن تناجي المسلمين وبحضرتهما إنسان ثالث أخبرنا الفضل بن حباب قال حدثنا الحوضي عن شعبة عن عبد الله بن دينار قال كنت قاعدا عند بن عمر أنا ورجل آخر فجاء رجل يكلمه فقال لهما استرخيا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتناجى اثنان دون واحد \ 581 \
[ 344 ]
ذكر الخبر الدال على أن تناجي المسلمين بحضرة اثنين جائز أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان قال أخبرنا أحمد بن أبي بكر عن مالك عن عبد الله بن دينار قال كنت أنا وعبد الله بن عمر عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق فجاء رجل يريد أن يناجيه وليس مع عبد الله بن عمر أحد غيري وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه فدعا عبد الله بن عمر رجلا حتى كنا أربعة فقال لي وللرجل الذي دعا استرخيا فإني سمعت رسوالله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتناجى اثنان دون واحد \ 582 \ ذكر الخبر المصرح بصحة ما ذكرناه قبل أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله هو بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كنتم ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما حتى يختلطوا
[ 345 ]
بالناس فإن ذلك يحزنه \ 583 \ ذكر العلة التي من أجلها زجر عن هذا الفعل أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي صالح
[ 346 ]
عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناجى اثنان دون صاحبهما فإن ذلك يحزنه قال أبو صالح فقلت لابن عمر فأربعة قال لا يضرك \ 584 \ ذكر الإخبار عن وصف المجالس بين المسلمين أخبرنبن سلم قال حدثنا حرملة قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المجالس ثلاثة سالم وغانم وشاجب \ 585 \
[ 347 ]
ذكر البيان بأن المجالس إذا تضايقت كان عليهم التوسع والتفسيح دون أن يقيم أحدهم آخر عن مجلسه أخبرنا أحمد بن الحسين الجرادي بالموصل قال حدثنا إسحاق بن زريق الرسعني قال حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني قال حدثنا سفيان عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقيم الرجل الرجل من مقعده فيقعد فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا \ 586 \
[ 349 ]
ذكر الزجر عن أن يقيم المرء أحدا من مجلسه ثم يقعد فيه أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا ليث بن سعد عن نافع عن بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيمن أحدكم رجلا من مجلسه ثم يجلس فيه \ 587 \ ذكر الإخبار بأن المرء أحق بموضعه إذا قام منه بعد رجوعه إليه من غيره أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا علي بن الجعد قال حدثنا زهير بن معاوية عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام الرجل من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به \ 588 \
[ 350 ]
ذكر إباحة اتكاء المرء على يساره إذا جلس أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم الثقفي حدثنا سلم بن جنادة حدثنا وكيع عن إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته متكئا على وسادة على يساره \ 589 \
[ 351 ]
ذكر البيان بأن تفرق القوم عن المجلس عن غير ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يكون حسرة عليهم في القيامة أخبرنا أبو عمارة أحمد بن عمارة الحافظب الكرج قال حدثنا أحمد بن عصام بن عبد المجيد قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا سفيان قال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع قوم في مجلس فتفرقوا من غير ذكر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة \ 590 \
[ 352 ]
ذكر البيان بأن الحسرة التي ذكرناها تلزم من ذكرناه وإن أدخل الجنة أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني بدمشق قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قاما قعد قوم مقعدا لا يذكرون الله فيه ويصلون على النبي إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن أدخلوا الجنة للثواب \ 591 \ ذكر الزجر عن افتراق القوم عن مجلسه بغير ذكر الله أخبرنا حاجب بن أركين الفرغاني قال حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال حدثنا بن مهدي عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قعد قوم
[ 353 ]
مقعدا لا يذكرون الله فيه ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن دخلوا الجنة \ 592 \ ذكر الشئ الذي إذا قاله المرء عند القيام من مجلسه ختم له به إذا كان مجلس خير وكفارة له إذا كان مجلس لغو أخبرنا بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن سعيد بن أبي هلال حدثه أن سعيد بن أبي سعيد المقبري حدثه عن عبد الله بن عمرو وأنه قال كلمات لا يتكلم بهن أحد في مجلس لغو أو مجلس باطل عند قيامه ثلاث مرات إلا كفرتهن عنه ولا يقولهن في مجلس خير ومجلس ذكر إلا ختم له بهن عليه كما يختم بالخاتم على الصحيفة سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
[ 354 ]
قال عمر وحدثني بنحو ذلك عبد الرحمن بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة عن رسول اللصلى الله عليه وسلم \ 593 \ ذكر مغفرة الله جل وعلا لقائل ما وصفنا ما كان في ذلك المجلس من لغو أخبرنا المفضل بن محمد بن إبراهيم الجندي قال حدثنا علي بن زياد اللحجي حدثنا أبو قرة عن بن جريج عن موسى بن عقبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من جلس في مجلس كثر فيه لغطه ثم قال قبل أن يقوم سبحانك اللهم
[ 355 ]
ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا ورجاله له ما كان في مجلسه ذلك \ 594 \
[ 356 ]
باب الجلوس على الطريق أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا أبو عامر عن زهير بن محمد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله ما لنا من مجلسنا بد نتحدث فيها قال فإذا أبيتم المجلس فأعطوا الطريق حقه قالوا ما حق الطريق قال غض البصر وكف الأذى ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر \ 595 \
[ 357 ]
ذكر خبر ثان يصر بصحة ما ذكرناه أخبرنا عمر بن محمد الهمذاني قال حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال حدثنا بشر بن المفضل قال حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن تجلسوا بأفنية الصعدات قالوا يا رسول الله إنا لا نستطيع ذلك ولا نطيقه قال إما لا فأدوا حقها قالوا وما حقها يا رسول الله قال رد التحية وتشميت العاطس إذا حمد الله وغض البصر وإرشاد السبيل \ 596 \
[ 358 ]
ذكر الأمر بالخصال التي يحتاج أن يستعملها من جلس على طريق المسلمين أخبرنا النضر بن محمد بن المبارك حدثنا محمد بن عثمان العجلي حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على مجلس الأنصار فقال إن أبيتم إلا أن تجلسوا فاهدوا السبيل وردوا السلام وأغيثوا الملهوف \ 597 \
[ 359 ]
فصل في تشميت العاطس ذكر ما يقال للعاطس إذا حمد الله عند عطاسه أخبرنا محمد بن إسحاق بن سعيد السعدي قال حدثنا علي بن خشرم قال حدثنا عيسى بن يونس عن بن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فليرد ما استطاع ولا يقل هاو فإنه إذا قال هاو ضحك منه الشيطان فإذا عطس أحدكم فقال الحمد لله فحق على من سمعه أن يقول يرحمك الله لم أسمع من محمد بن إسحاق فحق قاله الشيخ \ 598 \
[ 361 ]
ذكر ما يجيب به العاطس من يشمته بما وصفناه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا إسرائيل عن منصور عن هلال بن يساف قال كنا مع سالم بن عبيد في غزاة فعطس رجلا من القوم فقال السلام عليكم فقال سالم السلام عليك وعلى أمك فوجد الرجل في نفسه فقال له سالم كأنك وجدت في نفسك فقال ما كنت أحب أن تذكر أمي بخير ولا بشر فقال سالم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فعطس رجل فقال السلام عليكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك وعلى أمك إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال أو قال الحمد لله رب العالمين وليقل له يرحمك الله وليقل هو يغفر الله لكم \ 599 \
[ 363 ]
ذكر إباحة ترك تشميت العاطس إذا لم يحمد الله جل وعلا أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا معاذ بن معاذ وجرير بن عبد الحميد قالا حدثنا سليمان التيمي قال حدثنا أنس بن مالك قال عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أو فسمت أحدهما وترك الآخر قال إن هذا حمدالله وإن هذا لم يحمده \ 600 \
[ 364 ]
ذكر ما يجب على المرء ترك التشميت للعاطس إذا لم يحمد الله أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا بن أبي عدي قال حدثنا سليمان التيمي عن أنس بن مالك قال عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فشمت أحدهما أو قال فسمت أحدهما ولم يشمت الآخر فقيل له رجلان عطسا فشمت أحدهما وتركت الآخر قال إن هذا حمد الله وإن هذا لم يحمده \ 601 \ ذكر وصف الرجلين اللذين عطسا عند المصطفى صلى الله عليه وسلم أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا نصر بن
[ 365 ]
علي الجهضمي قال حدثنا يزيد بن زريع عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال جلس رجلان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما أشرف من الآخر فعطس الشريف فلم يحمد الله وعطس الآخر فحمد الله فشمته النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عطست فلم تشمتني وعطس هذا فشمته فقال صلى الله عليه وسلم إن هذا ذكر الله فذكرته وأنت نسيت الله فنسيتك \ 602 \ ذكر البيان بأن المزكوم يجب أن يشمت عند أول عطسته ثم يعفى عنه فيما بعد ذلك أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني إياس بن سلمة بن الأكوع قال حدثني أبي قال كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فعطس
[ 366 ]
رجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم يرحمك الله ثم عطس أخرى فقال صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم \ 603 \
[ 367 ]
باب العزلة ذكر البيان بأن العزلة عن الناس أفضل الأعمال بعد الجهاد في سبيل الله أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا حبان قال حدثنا عبد الله قال أخبرنا بن أبي ذئب عن سعيد بن خالد القارظي عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي ذؤيب عن عطاء بن يسار عن بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم وهم جلوس في مجلس فقال ألا أخبركم بخير الناس منزلا فقلنا بلى يا رسول الله قال رجل آخذ برأس فرسه في سبيل الله حتى عقرت أو يقتل أفأخبركم بالذي يليه قلنا بلى يا رسول الله قال امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس أفأخبركم بشر الناس قلنا نعم يا رسول الله قال الذي يسأل بالله ولا يعطي به \ 604 \
[ 368 ]
ذكر البيان بأن الاعتزال في العبادة يلي الجهاد في سبيل الله في الفضل أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم حدثنا حرملة بن يحيى أخبرنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه عن عطاء بن يسار عن بن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا أخبركم بخير الناس إن خير الناس رجل يمسك بعنان فرسه في سبيل الله وأخبركم بالذي يتلوه رجل معتزل في غنمه يؤدي حق الله فيها وأخبركم بشر الناس رجل يسأل بالله ولا يعطي به \ 605 \
[ 369 ]
ذكر البيان بأن الاعتزال لمن تفرد بغنمه مع عبادة الله إنما يستحق النصارى الذي ذكرناه إذا لم يكن يؤذي الناس بلسانه ويده أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخي ببغداد حدثنا منصور بن أبي مزاحم حدثنا يحيى بن حمزة عن الزبيدي عن الزهري عن عطاء بن يزيد المؤذن عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الأعمال أفضل فقال رجل جاهد في سبيل الله بماله ونفسه قال ثم من قال مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره \ 606 \
[ 371 ]
كتاب الرقائق باب الحياء أخبرنا أبو خليفة حدثنا القعنبي عن شعبة عن منصور عن ربعي عن أبي مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس مكلام النبوة الأولى إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ما سمع القعنبي من شعبة إلا هذا الحديث قاله الشيخ \ 607 \
[ 372 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم الحياء عند تزيين الشيطان له ارتكاب ما زجر عنه أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال أخبرنا الفضل بن موسى قال حدثنا محمد بن عمرو قال حدثنا أبو سلمة
[ 373 ]
عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار \ 608 \
[ 374 ]
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا أبو الربيع سليمان بن داود عن حماد بن زيد قال حدثنا بن وهب قال أخبرني الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحياء من الإيمان والإيمان في الجنة والبذاء من الجفاء والجفاء في النار \ 609 \ ذكر البيان بأن الحياء جزء من أجزاء الإيمان إذ الإيمان شعب لأجزاء على ما تقدم ذكرنا له أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عسالم عن بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يعظ أخاه في الحياء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعه فإن الحياء من الإيمان
[ 375 ]
قال أبو حاتم دعه لفظة زجر يراد بها ابتداء أمر مستأنف \ 610 \
[ 376 ]
باب التوبة ذكر الخبر الدال على أن الندم توبة أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب فأتاه فقال إنه قتل تسعة وتسعين نفسا فهل له من توبة قال لا فقتله وكمل به مائة ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل فقال إنه قتل مائة فهل له توبة قال نعم من يحول بينك وبين التوبة ائت أرض كذا وكذا فإن بها ناسا يعبدون الله فاعبد الله ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء فانطلق حتى إذا انتصف الطريق أتاه الموت فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فقالت ملائكة الرحمة جاءنا تائبا مقبلا بقلبه إلى الله جل وعلا وقالت ملائكة العذاب إنه لم يعمل خيرا قط فأتاه ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين أيهما كان أقرب فهي له فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد فقبضته بها ملائكة الرحمة \ 611 \
[ 377 ]
ذكر الخبر المصرح بصحة ما أسند للناس خبر أبي سعيد الذي ذكرناه أخبرنا بن ناجية الحميد بن محمد بن مستام حدثنا مخلد بن يزيد الحراني حدثنا مالك بن مغول عمنصور عن خيثمة عن بن مسعود قال قيل له أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الندم توبة قال نعم \ 612 \
[ 379 ]
ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا محفوظ بن أبي توبة حدثنا عثمان بن صالح السهمي حدثنا بن وهب عن يحيى بن أيوب قال سمعت حميدا الطويل يقول قلت لأنس بن مالك أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الندم توبة قال نعم \ 613 أخبرنا أبو عروبة أخبرنا المسيب بن واضح حدثنا يوسف بن أسباط عن مالك بن مغول عن منصور عن خيثمة
[ 380 ]
عن بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الندم توبة \ 614 \ ذكر ما يجب على المرء من لزوم الندم والتأسف على ما فرط منه رجاء مغفرة الله جل وعلا ذنوبه به أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا محمد بن بشار حدثنا بن أبي عدي عن شعبة عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان في بني إسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين إنسانا ثم خرج يسأل فأتى راهبا فسأله هل له من توبة قال لا فقتله وجعل يسأل فقال له رجل ائت قرية كذا وكذا فأدركه الموت
[ 381 ]
فمات فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب فأوحى الله إلى هذه تقربي وإلى هذه تباعدي أقرب إلى هذه بشبر فغفر له \ 615 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم التوبة والإنابة عند السهو والخطأ أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست حدثنا عبد الوارث بن عبيد الله عن عبد الله أخبرنا سعيد بن أبي أيوب الهدي حدثنا عبد الله بن الوليد عن أبي سليمان المؤذن عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس في آخيته يجول ثم يرجع إلى آخيته وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان فأطعموا طعامكم الأتقياء وولوا معروفكم المؤمنين \ 616 \
[ 383 ]
ذكر الإخبار عما يستحب للمرء من لزوم التوبة في أوقاته وأسبابه أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة عن أنس أن رسول الله صلى الله على وسلم قال الله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يستيقظ على بعيره أضله بأرض فلاة 617 \
[ 384 ]
ذكر الإخبار عن وصف البعير الضال الذي تمثل هذه القصة به أخبرنا محمد بن عمر بن يوسف قال حدثنا أحمد بن سنان القطان قال حدثنا أبو معاوية قال حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أفرح بتوبة أحدكم من رجل بأرض دوية مهلكة ومعه راحلته عليها زاده وطعامه وما يصلحه فأضلها فخرج في طلبها حتى إذا أدركه الموت قال أرجع إلى مكاني فأموت فيه فرجع إلى مكانه الذي أضلها فيه فبينما هو كذلك إذ غلبته عينه فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها زاده وما يصلحه فالله أفرح بتوبة أحدكم من هذا الرجل \ 618 \
[ 385 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من لزوم التوبة في جميع أسبابه أخبرنا محمد بن محمود بن عدي بنساقال حدثنا حميد بن زنجويه قال حدثنا أبو مسهر قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى قال يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا يا عبادي إنكم تخطئون صارت والنهار وأنا الذي أغفر الذنوب ولا أبالي فذكره بطوله وقال في آخره وكان أبو إدريس إذا حدث بهذا الحديث جثاعلى ركبتيه \ 619 \
[ 386 ]
ذكر البيان بأن المرء عليه إذا تخلى لزوم البكاء على ما ارتكب من الحوبات وإن كان بائنا عنها مجدا في إتيان ضدها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يحيى بن زكريا عن إبراهيم بسويد النخعي حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء قال دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة فقالت لعبيد بن عمير قد آن لك أن تزورنا فقال أقول يا أمه كما قال الأول زر غبا تزدد حبا قال فقالت دعونا من رطانتكم هذه قال بن عمير أخبرينا بأعجب شئ رأيته من
[ 387 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسكتت ثم قالت لما كان ليلة من الليالي قال يا عائشة ذريني أتعبد الليلة لربي قلت والله إني لأحب قربك وأحب ما سرك قالت فقام فتطهر ثم قام يصلي قالت فلم يزل يبكي حتى بحجره قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل لحيته قالت ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فلما رآه يبكي قال يا رسول الله لم تبكي وقد ورجاله الله لك ما تقدم وما تأخر قال أفلا أكون عبدا شكورا لقد نزلت علي الليلة آية ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها إن في خلق السماوات والأرض الآية كلها \ 620 \ ذكر الإخبار عما يقع بمرضاة الله جل وعلا من توبة عبده عمقارف من المأثم أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عثمان بن عمر حدثنا بن أبي ذئب عن عجلان مولى المشمعل عن أبي هريرة قال ذكروا الفرح عند رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 388 ]
فذكروا الضالة يجدها الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أشد فرحا بتوبة أحدكم من الضالة يجدها الرجل بأرض الفلاة \ 621 \ ذكر الخبر الدال على أن توبة المرء بعد مواقعته الذنب في كل وقت تخرجه عن حد الإصرار على الذنب أخبرنا عمر بن محمد بن يوسف قال حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا أذنب ذنبا فقال أي رب أذنبت ذنبا أو قال عملت وأشار فاغفر لي فقال تبارك وتعالى عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر
[ 389 ]
الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم أذنب ذنبا آخر أو قال عمل ذنبا آخر قال رب إني عملت ذنبا فاغفر لي فقال تبارك وتعالى علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال رب إني عملت ذنبا فاغفر لي فقال الله تبارك وتعالى علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء \ 622 \ ذكر مغفرة الله جل وعلا للتائب المستغفر لذنبه إذا عقب إستغفاره صلاة أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد قال حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة عن علي بن ربيعة عن أسماء بن الحكم ها
[ 390 ]
عن علي قال كنت إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا ينفعني الله بما شاء أن ينفعني حتى حدثني أبو بكر وكان إذا حدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه استحلفته فإن حلف صدقته وإنه حدثني أبو بكر وصدق أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من عبد يذنب ذنبا ثيتوضأ ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا ورجاله الله له \ 623 \
[ 391 ]
ذكر مغفرة الله جل وعلا ذنوب التائب المستغفر وإن لم يتقدم استغفاره صلاة أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج وإبراهيم بن أبي أمية بطرسوس في آخرين قالا حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال حدثنا سفيان عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهري عن عروة أو سعيد أو كلاهما شك حامد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة إن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي فإن العبد إذا أذنب ثم استغفر الله ورجاله الله له ما روى وائل عن ابنه إلا ثلاثة أحاديث قاله الشيخ \ 624 \
[ 392 ]
ذكر تفضل الله جل وعلا على التائب المعاود لذنبه بمغفرة كلما تاب وعاد يغفر أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا عبد الأعلى بن حماد عن حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يحكي عن ربه جل وعلا قال أذنب عبدي ذنبا فقال أي رب أذنبت فقال أذنب عبدي ذنبا فعلم أن الله يغفر الذنوب ويأخذ بالذنوب ثم عاد فأذنب فقا أي رب أذنبت فقال أذنب عبدي بعدم أن ربه يغفر الذنب ويأخذ بالذنب اعمل ما شئت فقد غفرت لك قال أبو حاتم رضي الله عنه قوله اعمل ما شئت لفظة تهديد أعقبت بوعد يريد بقوله اعمل ما شئت أي لا تعص وقوله قد غفرت لك يريد إذا تبت \ 625 \
[ 393 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا يغفر ذنوب التائب كلما أناب ما لم يقع الحجاب بينه وبينه بالإشراك به نعوذ بالله من ذلك أخبرنا عمربن سعيد بن سنان قال حدثنا الوليد بن عتبة قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن أسامة بن سلمان قال حدثنا أبو ذر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب قيل وما يقع الحجاب قال أن تموت النفس وهي مشركة \ 626 \ ذكر البيان بأن مكحولا سمع هذا الخبر من عمر بن نعيم عن أسامة كما سمعه من أسامة سواء أخبرنا عمر بن محمد حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا
[ 394 ]
أبي حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن عمر بن نعيم حدثهم عن أسامة بن سلمان أن أبا ذر حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب قالوا يا رسول الله وما وقوع الحجاب قال أن تموت النفس وهي مشركة \ 627 \ ذكر تفضل الله جل وعلا على التائب بقبول توبته كلما أناب ما لم يغرغر حالة المنية به أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثني علي بن الجعد قال حدثنا بن ثوبان عن أبيه عن تثبت عن جبير بن نفير
[ 395 ]
عن بعمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر \ 628 \
[ 396 ]
ذكر البيان بأن توبة التائب إنما تقبل إذا كان ذلك منه قبل طلوع الشمس من مغربها لا بعدها أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا هارون بن معروف قال حدثنا عبد الله بن رجاء عن هشام عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه \ 629 \
[ 397 ]
ذكر تفضل الله جل وعلا على المسلم التائب إذا خرج من الدنيا بهما بإدخال النار في القيامة مكانه يهوديا أو نصرانيا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا عفان قال حدثنا همام قال حدثنا قتادة أن عون بن عبد الله وسعيد بن أبي بردة حدثاه أنهما سمعا أبا بردة يحدث عمر بن عبد العزيز عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديا أو نصرانيا قال فاستحلفه عمبن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف فلم يحدثني سعيد أنه استحلفه ولم فقلنا على عون قوله \ 630 \
[ 399 ]
باب حسن الظن بالله تعالى ذكر البيان بأن حسن الظن للمرء المسلم من حسن العبادة أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا أبو الوليد الطيالسي عن حماد بن سلمة عن محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حسن الظن من حسن العبادة \ 631 \
[ 400 ]
ذكر البيان بأن حسن الظن بالمعبود جل وعلا قد ينفع في الآخرة لمن أراد الله به الخير أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا هدبة بن خالد القيسي قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج رجلان من النار فيعرضان على الله ثم يؤمر بهما إلى النار فليلتفت أحدهما فيقول يا رب ماكان هذا رجائي قال وما كان رجاؤك قال كان رجائي إذ أخرجتني منها أن لا تعيدني فيرحمه الله فيدخله الجنة \ 632 \
[ 401 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الثقة بالله جل وعلا بحسن الظن في أحواله به أ خبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا شبابة قال حدثنا هشام بن الغاز قال حدثنا حيان أبو النضر عن واثلة بن الأسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله تبارك وتعالى أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء \ 633 \
[ 402 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة سوء الظن بالله عزوجل وإن كثرت حياته في الدنيا أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا هشام بن الغاز قال حدثني حيان أبو النضر قال سمعت واثلة بن الأسقع يقول قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن الله جل وعلا قال أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء \ 634 \ ذكر إعطاء الله جل وعلا العبد المسلم ما أمل ورجا من الله عزوجل أخبرنا محمد بن العباس الدمشقي بجرجان وإسحاق بن
[ 403 ]
إبراهيم قالا حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا صدقة بن خالد قال حدثنا هشام بن الغاز قال حدثنا حيان بن أبو النضر قال سمعت واثلة بن الأسقع يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن الله جل وعلا قال أنا عند ظن عبدي بي فليظن بما شاء \ 635 \ ذكر الأمر للمسلم بحسن الظن عباة مع قلة التقصير في الطاعات أخبرنا أبو خليفة حدثنا محمد بن كثير العبدي أنبأنا سفيان الثوري عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل موت بثلاث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن بالله الظن \ 636 \
[ 404 ]
ذكر الحث على حسن الظن بالله جل وعلا للمرء المسلم أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا جعفر بن مهران السباك قال حدثنا فضيل بن عياض عن سليمان عن أبي سفيان قال سمعت جابرا يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث من استطاع منكم أن لا يموت إلا وظنه بالله حسن فليفعل \ 637 \ ذكر حث المصطفى صلى الله عليه وسلم على حسن الظن بمعبودهم جل وعلا أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول
[ 405 ]
قبل موته بثلاث لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله جل وعلا \ 638 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا يعطي من ظن ما ظن إن خيرا فخير وإن شرافشرا اخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث وذكر بن سلم آخر معه أن أبا يونس حدثهم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله جل وعلا يقول أنا عند ظن عبدي بي إن ظخيرا فله وإن ظن شرا فله
[ 406 ]
قال أبو حاتم أبو يونس هذا اسمه سليم بن جبير تابعي \ 639 \ ذكر البيان بأن حسن الظن الذي وصفناه يجب أن يكون مقرونا بالخوف منه جل وعلا أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني حدثنا عبد الوهاب بن عطاء حدثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم يروي عن ربه جل وعلا قال وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين وأمنين إذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة \ 640 \
[ 407 ]
ذكر البيان بأن من أحسن بالمعبود كان له عند ظنه ومن أساء به الظن كان له عند ذلك أخبرنا عمر بن محمد الهمداني قال حدثنا عمرو بن عثمان قال حدثنا أبي قال حدثنا محمد بن المهاجر عن يزيد بن عبيدة عن حيان أبي النضر قال خرجت عائدا ليزيد بن الأسود فلقيت واثلة بن الأسقع وهو يريد عيادته فدخلنا عليه فلما رأى واثلة بسط يده وجعل يشير إليه فأقبل واثلة حتى جلس فأخذ يزيد بكفي واثلة فجعلهما على وجهه فقال له واثلة كيف ظنك بالله قاظني بالله والله حسن قال فأبشر فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله جل وعلا أنا عند ظن عبدي بي إن ظن خيرا وإن ظن شرا \ 641 \ ذ كر الإخبار عن تفضل الله جل وعلا بأنواع النعم على من يستوجب منه يجري النقم أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا مسدد بن مسرهد
[ 408 ]
عن يحيى القطان عن الأعمش قال حدثنا سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عبد الله بن قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحد أصبر على أذى يسمعه من الله يجعلون له ندا ويجعلون له ولدا وهو في ذلك يرزقهم ويعافيهم ويعطيهم \ 642 \
[ 409 ]
باب الخوف والتقوى أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم ببيت المقدس حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن أبا النضر حدثه أن عثمان بن مظعون لما قبر قالت أم العلاء طبت أبا السائب في الجنة فسمعها نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذه فقالت أنا يا نبي الله قال وما يدريكي قالت يا رسول الله عثمان بن مظعون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل عثمان بن مظعون ما رأيناه إلا خيرا وها أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما أدري ما يصنع بي
[ 410 ]
قال عمرو وسمعه أبو النضر من خارجة بن زيد عن أبيه \ 643 \
[ 411 ]
أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال العطار بالبصرة قال حدثنا عبيد امعاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة حدثنا سماك سمع النعمان بن بشير يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذركم النار أنذركم النار أنذركم النار حتى لو كان في مقامي هذا وهو بكار سمعه أهل السوق حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه على رجليه \ 644 \ ذكر الإخبار بأن الانتساب إلى الأنبياء لا ينفع في الآخرة ولا ينتفع المنتسب إليهم إلا بتقوى الله والعمل الصالح أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهى قال حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ رجل بيد أبيه يوم القيامة يريد أن يدخله الجنة فينادى ألا إن
[ 412 ]
الجنة لا يدخلها مشرك قال فيقول أي رب أبي قال فيحول في صورة قبيحة وريح منتن فيتركه قال أبو سعيد كانوا يقولون إنه إبراهيم قال ولم يزدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ذلك \ 645 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن أولاد فاطمة لا يضرهم ارتكاب الحوبات في الدنيا رضي الله عنها وعن بعلها وعن ولدها وقد فعل أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان حدثنا حكيم بن سيف الرقي حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة قال لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فقال يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار فإني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا ولبني عبد مناف مثل ذلك ولبني عبد المطلب مثل ذلك ثم قال يا فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لك ضرا ولا نفعا إلا أن لك رحما سأبلها ببلالها
[ 414 ]
قال أبو حاتم هذا منسوخ إن فيه أنه لا يشفع لأحد واختيار الشفاعة كانت بالمدينة بعده \ 646 \ ذكر الخبر الدال على أن أولياء المصطفى صلى الله عليه وسلم هم المتقون دون أقربائه إذا كانوا فجرة أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو نشيط محمد بن هارون بن رهيم بغدادي ثقة قال حدثنا أبو المغيرة قال حدثنا صفوان بن عمرو قال حدثني راشد بن سعد عن عاصم بن حميد السكوني عن معاذ بن جبل قال لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه معاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راحلته فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا لعلك أن تمر بمسجدي
[ 415 ]
وقبري فبكى معاذ خشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو المدينة فقال إن أهل بيتي هؤلاء يرون أنهم أولى الناس بي وإن أولى الناس بي المتقون من كانوا حيث كانوا اللهم إني لا أحل لهم فساد ما أصلحت وأيم الله ليكفؤون أمتي عن دينها كما يكفأ الإناء في البطحاء \ 647 \
[ 416 ]
ذكر البيان بأن من اتقى اللمما حرم عليه كان هو الكريم دون النسيب الذي يقارف ما حظر عليه أخبرنا الحسين بن محمد بن أبي معشر قال حدثنا محمد بن سنان قال حدثنا يحيى القطان عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قيل يا رسول الله من أكرم الناس قا أتقاهم قالوا لسنا عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألونني خياركم خياركم في الإسلام إذا فقهوا \ 648 \
[ 417 ]
ذكر رجاء مغفرة الله جل وعلا لمن غلبت عليه حالة خوف الله جل وعلا على حالة الرجاء أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي قاحدثنا أبو الوليد الطيالسي قال حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر
[ 418 ]
عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فيمن سلف من الناس رجل رغسه الله مالا وولدا فلما حضره الموت جمع بنيه فقال أي أب كنت لكقالوا خير أب فقال انه والله ما ابتأر عند الله خير قط وإن ربه يعذبه فإذا أنامت فأحرقوني ثم اسحوقني ثم اذروني في ريح عاصف قال الله كن فإذا رجل قائم قال ما حملك على ما صنعت قال مخافتك قال فوالذي نفسي بيده إن يلقاه غير أن ورجاله له \ 649 \
[ 419 ]
ذكر الخبر الدال على أن خوف الله جل وعلا إذا غلب على المرء قد يرجى له النجاة في القيامة أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا صالح بن حاتم بن وردان حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت أبي يحدث عن قتادة عن عقبة بن عبد الغافر عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل فيمن كان قبلكم لم يبتئر عند الله خيرا قط قال لبنيه عند الموت يا بني أي أب كنت لكم قالوا خير أب قال
[ 420 ]
فإذا أنا مت فاحرقوني واسحقوني فإذا كان في يوم ريح عاصف فذروني قال فمات ففعل به ذلك فقال له كن فكان كأسرع من طرفة العين فقال الله يا عبدي ما حملك على ما فعلت فقال مخافتك أي رب قال فما تلافاه أن ورجاله له قال المعتمر قال أبي فحدثت هذا الحديث أبا عثمان النهدي قال هكذا حدثني سليمان وزاد فيه وذروني في البحر \ 650 \
[ 421 ]
ذكر البيان بأن هذا الرجل كان ينبش القبور في الدنيا أخبرنا عمر ان بن موسى بن مجاشع حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال توفى رجل كان نباشا فقال لولده احرقوني ثم اسحقوني فذروني في الريح فسئل ما صنعت قال مخافتك يا رب قال فغفر له \ 651 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من مجانبة الغفلة ولزوم الانتباه لورد هول المطلع أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي قال حدثنا محمد بن خازم قال حدثنا الأعمش عن أبي صالح
[ 422 ]
عن أب سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم إذ قضي الأمر وهم في غفلة قال في الدنيا \ 652 \ ذكر الإخبار عن الخصال التي يجب على المرء تفقدها من نفسه حذرإيجاب النار له بارتكاب بعضها أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا حفص بن عمر الحوض قال حدثنا همام بن يحيى قال حدثنا قتادة قال حدثني العلاء بن زياد قال حدثني يزيد أخو مطرف قال وحدثني رجلان آخران أن مطرفا حدثهم أن عياض بن حمار حدثهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته إن الله أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا إن كل ما أنحلته عبدي حلال وإني خلقت عبادي
[ 423 ]
حنفاء كلهم وإنه أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم فأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطان وإن الله اطلع إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم غير بقايا من أهل الكتاب فقال يا محمد إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك وأنزل عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه يقظان ونائما وإن الله جل وعلاأمرني أن أخبر قريشا فقلت إذا يثلغوا رأسي فيتركوه خبزة قال
[ 424 ]
فاستخرجهم كما استخرجوك واغزهم يستغزوك وأنفق ينفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة أمثالهم وقاتل بمن أطاعك من عصاك وقال أصحاب الجنة ثلاثة إمام مقسط مصدق موفق ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى ومسلم ورجل عفيف فقير مصدق وقال أصحاب النار خمسة رجل جائر لا يخفى له طمع وإن دق ورجل لا يمسي ولا يصبح إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك والضعيف الذين هم فيكم تبع لا يبغون أهلا ولا مالا فقال له رجل يا أبا عبد الله أمن الموالي هو أو من العرب قال هو التابعة يكون للرجل فيصيب من حرمته
[ 425 ]
سفاحا غير نكاح والشنظير الفاحش وذكر البخل والكذب \ 653 \ ذكر الخبر المدحض قول من زعم أن هذا الخبر تفرد به قتادة بن دعامة أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا المعلى بن مهدي قال حدثنا أبو شهاب عن عوف عن حكيم بن الأثرم عن الحسن عن مطرف بن عبد الله
[ 426 ]
عن عياض بن حمار قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله جل وعلا أمرني أن أعلمكم مما علمني يومي هذا وإنه قال لي إني خلقت عبادي حنفاء كلهم وإن كل ما أنحلت عبادي فهو لهم حلال وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم الذي أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا وإن الله أتى أهل الأرض قبل أن يبعثني فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب وإنه قال لي قد أنزلت كتابا لا يغسله الماء فاقرأه نائما ويقظان وإن الله أمرني أن أخبر قريشا وإني قلت أي رب إذايثغلوا رأسي فيدعوه خبزة وإنه قال لي استخرجهم كما استخرجوك واغزهم يستغزونك وأنفق عليك وابعث جيشا نبعث خمسة أمثاله وقاتل بمن أطاعك من عصاك \ 654 \
[ 427 ]
ذكر ما يجب على المرء من مجانبة أفعال يتوقع لمرتكبها العقوبة في العقبي بها أخبرنا محمد بن المنذر بن سعيد حدثنا عيسى بن أحمد أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا عوف عن أبي رجاء العطاردي عن سمرة بن جندب ها قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يقول هل رأى أحد من رؤيا فيقص عليه من شاء الله أن يقص وإنه قال لنا ذات غداة إنه أتاني الليلة آتيان وإنهما ابتعثاني وإنهما قالي انطلق وإني انطلقت معهما حتى أتينا على رجل مضطجع وإذا آخر قائم عليه بصخرة وإذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ بها رأسه فتدهدهه الصخرة ها هنا فيقوم إلى الحجر فيأخذه فما يرجع إليه أحسبه قال
[ 428 ]
حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال قلت سبحان الله ما هذان قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر عليه بكلوب من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر شدقه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه وعينه إلى قفاه ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول فما يفرغ من ذلك الجانب حتى يصح الجانب الأول كما كان ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال قلت سبحان الله ما هذان قالا انطلق انطلق فانطلقت معها فأتينا على مثل بناء التنور قال عوف أحسب أنه قال فإذا فيه لغظ وأصوات فاطلعنا فإذا فيه رجال ونساء عراة وإذا بنهر لهيب من أسفل منهم فإذا أتاهم ذلك اللهب تضوضوا قال قلت ما هؤلاء قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا
[ 429 ]
على نهر حسبت أنه قال أحمر مثل الدم وإذا في النهر رجل يسبح وإذا عند شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الرجل الذي جمع الحجارة فيفغر له فاه فيلقمه حجرا قال قلت ما هؤلاء قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة كأكره ما أنت راء رجلا مرآه فإذا هو عند نار يحشها ويسعى حولها قال قلت لهما ما هذا قالا لي انطلق انطلق فانطلقنا فأتينا على روضة فيها من كل نور الربيع وإذا بين ظهري الروضة رجل قائم طويل لا أكاد أرى رأسه طولا في السماء ورأى حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط وأحسنه قال قلت لهما ما هؤلاء قالا لي انطلق انطلق فانطلقنا وأتينا دوحة عظيمة لم أر دوحة قط أعظ منها ولا أحسن قالا لي أرق فيها قال فارتقينا فيها فانتهينا إلى
[ 430 ]
مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فقلنا ما منها رجال شطر من خلقهم كأحسن ما أنت راء وشطر كأقبح ما أنت راء قال قالا لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر فإذا نهر معترض يجري كأن ماءه المحض في البياض فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا وقد ذهب ذلك السوء عنهم وصاروا في أحسن صورة قال قالا لي هذه جنة عدن وهذاك منزلك قال فسما بصري صعدا فإذا قصر مثل الربابة البيضاء قاقالا لي هذاك منزلك قال قلت لهما بارك الله فيكما ذراني أدخله قال قالا لي أما الآن فلا وأنت داخله قال فإني رأيت منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت قال قالا لي أما إنا سنخبرك أما الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة وأما الرجل الذي أتيت عليه يشرشر شدقه إلى قفاه وعينه إلى قفاه ومنخره إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق
[ 431 ]
وأما الرجال والنساء العراة الذين في مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني وأما الرجل الذي في النهر فيلتقم الحجارة فإنه آكل الربا وأما الرجل الكرية المرآة الذي عند النار يحشها فإنه مالك خازن جهنم وأما الرجل الطويل الذي في الروضة فإنه إبراهيم عليه السلام وأما الولدان الذين حوله فكل مولود ولد على الفطرة قال فقال بعض المسلمين يا رسول الله وأولاد المشركين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاد المشركين وأما القوم الذين شطر منهم حسن وشطر منهم قبيح فهم قوم خلطوا وأشار صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم \ 655 \
[ 432 ]
ذكر البيان بأن الواجب على المسلم أن يجعل لنفسه محجتين يركبهما إحداهما الرجاء والأخرى الخوف أخبرنا حامد بن محمد بن شعيب البلخ حدثنا يحيى بن أيوب المقابري حدثنا إسماعيل بن جعفر أخبرني العلاء عن أبيه عن ابي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة ما طمع بجنته أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة ما قنط من جنته أحد \ 656 \ ذكر الإخبار عن ترك الاتكال على الطاعات وإن كان المرء مجتهدا فاتيانها أخبرنا محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان حدثنا حسين بن علي الجعفي عن فضيل بن عياض عن هشام عن محمد
[ 433 ]
عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يؤاخذني الله وابن مريم بما جنت هاتان يعني الإبهام والتي تليها لعذبنا ثم لم يظلمنا شيئا \ 657 \
[ 434 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة الأمن من عذاب الله نعوذ به منه وإن كان مشمرا في أسباب الطاعات جهده أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا القعنبي قال حدثنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن عطاء بن أبي رباح أنه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم ريح أو غيم عرف ذلك في وجهه وأقبل وأدبر فإذا مطرت سر به وذهب ذلك عنه فسئل فقال صلى الله عليه وسلم إني خشيت أن يكون عذابا سلط على أمتي \ 658 \
[ 435 ]
ذكر الخبر الدال على أن على المرء الرجوع باللوم على نفسه فيما قصر في الطاعات وإكان سعيه فيها كثيرا أخبرنا محمد بن المسيب بن إسحاق قال حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا حسين بن علي الجعفي عن فضيل بن عياض عن هشام بن حسان عن بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن الله يؤاخذني وعيسى بذنوبنا لعذبنا ولا يظلمنا شيئا قال وأشار بالسبابة والتي تليها \ 659 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الاتكال على موجود الطاعات دون التسلق بالاضطرار إليه في الأحوال أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي قال حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد منكم ينجيه عملولكن سددوا وقاربوا قالوا ولا أنت
[ 436 ]
يا رسول الله قال ولا أنا إلا أن يتغمدني بمغفرة وفضل \ 660 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك استحقاره اليسير من الطاعات والقليل من الجنايات أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا وكيع قال أخبرنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك \ 661 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من النظر في العواقب في جميع أموره دون الاعتماد على يومه أخبرنا بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا بن وهب عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب
[ 437 ]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا \ 662 \ ذكر الإخبار عن وصف ما يجب على المسلم عندما جرى منه من مقارفة المأثم حين يزين الشيطان له ارتكاب مثلها أخبرنا عمر بن سعيد بن سنان بمنبج ومحمد بن الحسن بقتيبة بعسقلان ومحمد بن المعافى بن أبي حنظلة العابد
[ 438 ]
بصيداء في آخرين قالوا حدثنا هشام بن خالد الأزرق حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا سعيد بن عبد العزيز أن هشام بن عبد الملك أدى عن الزهري سبعة آلاف دينار دينا كان عليه ثم قال للزهري لا تعودن تدان فقال الزهري كيف يا أمير المؤمنين وقد حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين لفظ الخبر لعمر بن سعيد سنان \ 663 \
[ 439 ]
ذكر ما يعرف في وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم عند هبوب الرياح قبل المطر أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السامي قال حدثنا يحيى بن أيوب المقابري قال حدثنا إسماعيل بن جعفر قا أخبرني حميد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح عرف ذلك في وجهه \ 664 \ ذكر البيان بأن المرء إذا تهجد صارت وخلا بالطاعات يجب أن تكون حالة الخوف عليه غالبة لئلا يعجب بها وإن كان فاضلا في نفسه تقيا في دينه أخبرنا أبو يعلى حدثنا حوثرة بن أشرس العدوي حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله بن الشخير
[ 440 ]
عن أبيه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وهو قائم يصلي وبصدره أزيز كأزيز المرجل \ 665 \ ذكر البيان بأن المرء إذا تواجد عند وعظ كان له ذلك أخبرنا محمد بن إسحاق الثقفي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير بن عبد الحميد عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن خيثمة عن عدي بن حاتم قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال اتقوا النار ثم أعرض وأشاح ثم قال اتقوا النار ثم أعرض
[ 441 ]
وأشاح حتى رؤينا أنه يراها ثم قال اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة \ 666 \ أخبرنا سليمان بن الحسن بن المنهال العطار بالبصرة قال حدثنا عبيد الله بن معاذ قال حدثنا أبي قال حدثنا شعبة قال حدثنا سماك سمع النعمان بن بشير يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنذركم النار أنذركم النار أنذركم النار حتى لو كان في مقامي هذا وهو بكار سمعه أهل السوق حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه على رجليه \ 667 \
[ 442 ]
باب الفقر والزهد والقناعة أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن أبي وائل عن سمرة بن سهم قال نزلت على أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة وهو مطعون فأتاه معاوية يعود فبكى أبو هاشم فقال معاوية ما يبكيك أي خال أوجع أم على الدنيا فقد ذهب صفوها فقال على كل لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهدا ووددت أني كنت تبعته قال إنك لعلك أن تدرك أموالا تقسم بين أقوام وإنما يكفيك من ذلك خادم ومركب في سبيل الله فأدركت وجمعت \ 668 \
[ 443 ]
ذكر البيان بأن الله جل وعلا إذا أحب عبده حماه الدنيا حدثنا محمد بن يزيد الزرقي بطرسوس حدثنا العباس بن عبد العظيم حدثنا محمد بن جهضم حدثنا إسماعيل بن جعفر عن عمارة بن غزية عن عاصم بن عمر بن قتادة بن النعمان عن محمود بن لبيد
[ 444 ]
عن قتادة بن النعمان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحب الله عبدا حماه الدنيا كما يظل أحدكم يحمي سقيمه الماء \ 669 \ ذكر الإخبار عن من صار من المفلحين في هذه الدنيا الزائلة أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال حدثنا عبد الرحمن بن سلمة الجمحي قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث عن
[ 445 ]
النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا فصبر عليه \ 670 \ ذكر الإخبار عمن طيب الله جل وعلا عيشه في هذه الدنيا أخبرنا تثبت ببيروت وابن سلم وابن قتيبة قالوا حدثنا عبد الله بن هانئ بن عبد الرحمن بن أبي عبلة قال حدثنا أبي قال حدثنا أبي قال حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن أم الدردا
[ 446 ]
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مطرف معافى في بدنه آمنا في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا 671 \
[ 447 ]
ذكر الأمر بترك الأشياء من الفضول التي تذكر الدنيا وترغب الناس فيها أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدثنا أبو معاوية عن داود بن أبي هند عن عزرة هو بن سعد الأعور عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن سعد بن هشام عن عائشة قالت كان لنا قرام فيه تماثيل فعلقت على بابي فرأى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك فقال انزعيه فإنه يذكرني الدنيا \ 672 \
[ 448 ]
ذكر الإخبار عما يستحب للمسلم من مجانبة الفضول من هذه الدنيا الفان الزائلة أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا يزيد بن موهب قال حدثنا بوهب عن أبي هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فراش للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف والرابع للشيطان \ 673 \
[ 449 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ترك الفضول في قوته رجاء النجاة في العقبي مما يعاقب عليه أكلة السحت أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا حرملة بن يحيى قال حدثنا بن وهب قال حدثني معاوية بن صالح عن يحيى بن جابر عن المقدام بن معدي كرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من وعاء ملأ بن آدم وعاء شرا من بطن حسب بن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لابد فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه \ 674 \
[ 450 ]
ذكر الإخبار بأأصحاب الجد في هذه الدنيا يحبسون في القيامة عن دخول الجنة مدة أخبرنا عمران بموسى بن مجاشع قال حدثنا عبيد الله بن معاذ قال حدثنا معتمر بن سليمان قال حدثني أبي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قمت على باب الجنة فإذا عامة من يدخلها المساكين وإذا أصحاب الجد محبوسون وإذا أصحاب النار قد أمر بهم إلى النار ونظرت إلى النار فإذا عامة من يدخلها النساء
[ 451 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه قرن عمران بن موسى إلى أسامة بن زيد في هذا الخبر سعيد بن زيد وأنا أهابه \ 675 \ ذكر تفضل الله جل وعلا على فقراء هذه الأمة الصابرين على ما أوتوا بإدخالهم الجنة قبل أغنيائهم بمدد معلومة أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبدة بن سليمان حدثنا محمد بن عمرو حدثنا أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم خمس مائة سنة \ 676 \
[ 452 ]
ذكر تفضل الله جل وعلا على فقراء المهاجرين بإدخالهم الجنة قبل أغنيائهم بمدد معلومة أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال بينا أنا جالس في المسجد وحلقة من فقراء المهاجرين وسط المسجد جلوس فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد نصف النهار فانطلق إليهم فجلس معهم فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم جلس إليهم قمت إليه فأدركت من حديثه وهو يقول بشر فقراء المهاجرين إنهم ليدخلون الجنة قبل الأغنياء بأربعين عاما \ 677 \
[ 453 ]
ذكر البيان بأن هذا العدد المذكور في هذا الخبر لم يرد به النبي صلى الله عليه وسلم نفيا عما وراءه أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا أبو خيثمة حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة حدثنا أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بسبعين أو أربعين خريفا \ 678 \ ذكر الخبر الدال على أن المالك من حطام هذه الدنيا الفانية الشئ الكثير قد يجوز أن يقال له فقير كما أن من منع من حطامها يجوز أن يقال له غني أخبرنا موسى بن محمد الديلي بأنطاكية حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي حدثنا بن وهب عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الغنى عن كثرة العرض إنما الغنى غنى النفس \ 679 \
[ 454 ]
ذكر وصف الغن الذي وصفناه قبل أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا بندار حدثنا أبو داود حدثنا شعبة عن عمر بن سليمان قال سمعت عبد الرحمن بن أبان يحدث عن أبيه قال خرج زيد بن ثابت من عند مروان نصف النهار قال
[ 455 ]
قلت ما بعث إليه هذه الساع إلا لشئ سأله عنه فسألته فقال سألنا عن أشياء سمعناها من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه غيره فرب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ورب حامل فقه ليس بفقيه ثلاث لايغل عليهن قلب مسلم إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر ولزوم الجماع فإن دعوتهم تحيط من ورائهم ومن كانت الدنيا نيته فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة \ 680 \
[ 456 ]
ذكر البيان بأن بعض الفقراء في بعض الأحوال قد يكونون أفضل من بعض الأغنياء في بعض الأحوال أخبرنا أبو يعلى حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري حدثنا أبو أسامة حدثنا الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر عن أبي ذر قال بينما أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد إذ قال انظر أرفع رجل في المسجد في عينيك فنظرت فإذا رجل في حلة جالس يحدث قوما فقلت هذا قال انظر أوضع رجل في المسجد في عينيك قال فنظرت فإذا رويجل مسكين في ثوب له خلق قلت هذا قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا خير عند الله يوم القيامة من قرار الأرض مثل هذا \ 681 \
[ 457 ]
ذكر الإخبار عن وصف أصحاب الصفة أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدثنا الفضل بن موسى حدثنا الفضيل بن غزوان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصفة ما على أحد منهم رداء إلا إزار أو كساء متوشحا به قد عقده خلفه \ 682 \
[ 458 ]
ذكر ماكان طعام القوم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأغلب في أحوالهم عند ابتداء ظهور الإسلام بهم أخبرنا الفضل بن الحباب الجمحي حدثنا أبو الوليد حدثن شعبة عن داود بن فراهيج قال سمعت أبا هريرة يقول ما كان طعامنا على عهد
[ 459 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الأسودان التمر والماء \ 683 \
[ 460 ]
ذكر العلة التي من أجلها كان في أصحابه ما وصفناه أخبرنا عمر بن محمد الهمداني حدثنا عبد الله بن سعد بن إبراهيم حدثنا عمي حدثنا أبي عن بن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة قالت من حدثكم أنا كنا نشبع من التمر فقد كذبكم فلما افتتح صلى الله عليه وسلم قريظة أصبنا شيئا من التمر والودك \ 684 \ ذكر كتبة الله جل وعلا الحسنة للمسلم الفقير الصابر على ما أوتي من فقره بما منع من حطام هذه الزائلة أخبرنا بن قتيبة حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن
[ 461 ]
وهب حدثني معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى قلت نعم يا رسول الله قال فترى قلة المال هو الفقر قلت نعم يا رسول الله قال إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب ثم سألني عن رجل من قريش فقال هل تعرف فلانا قلت نعم يا رسول الله قال فكيف تراه وتراه قلت إذا سأل أعطي وإذا حضر أدخل ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال هل تعرف فلانا قلت لا والله ما أعرفه يا رسول الله قال فما زال يحليه وينعته حتى عرفته فقلت قد عرفته يارسول الله قال فكيف تراه أو تراه قلت رجل مسكين من أهل الصفة فقال هو خير من طلاع الأرض من الآخر قلت يا رسول الله أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر فقال إذ أعطي خيرا فهو أهله وإن صرف عنه فقد أعطي حسنة \ 685 \
[ 462 ]
ذكر بعض العلة التي من أجلها فضل بعض الفقراء على بعض الأغنياء أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة حدثنا أحمد بن المقدام العجلي حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت أبي يقول حدثنا قتادة عن خليد العصري عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما طلعت شمس قط إلا وبجنبتيها ملكان يناديان اللهم من أنفق فأعقبه خلفا ومن أمسك فأعقبه تلفا \ 686 \ ذكر البيان بأن الله جل وعلا جعل الدنيا سجنا لمن أطاعه ومخرفا لمن عصاه أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال
[ 463 ]
حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر \ 687 \
[ 464 ]
ذكر البيان بأن الدنيا إنما جعلت سجنا للمسلمين وارضى بترك ما يشتهون في الدنيا من الجنان في العقبي أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا القعنبي قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر \ 688 \ ذكر الإخبار بأن أسباب هذه الفانية الزائلة يجري عليها التغير والانتقال في الحال بعد الحال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا الوزير بن صبيح قال حدثنا يونس بن ميسرة عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله كل يوم هو في شأن قال من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين \ 689 \
[ 465 ]
ذكر الإخبار بأن ما بقي من هذه الدنيا هو المحن والبلايا في أكثر الأوقات أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد السلام ببيروت قال حدثنا العباس بن الوليد بن مزيد قال حدثنا أبي قال حدثنا بن جابر قال سمعت أبا عبد رب يقول سمعت معاوية على هذا المنبر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة \ 690 \
[ 466 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة الاغترار بمن أوتي هذه الدنيا الفانية الزائلة أخبرنا عبد الله بن محمد بن سلم قال حدثنا بن أبي عمر العدني قال حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار ويحيى بن سعيد عن الزهري عن هند عن أم سلمة ومعمر عن الزهري عن هند عن أم سلمة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة سبحان الله ماذا أنزل من الفتن وماذا فتح من الخزائن أيقظوا صواحب الحج فرب كاسية في الدنيا عارية يوم القيامة \ 691 \
[ 467 ]
ذكر الزجر عن اغترار المرء بما أوتي في هذه الدنيا من النساء والنعم أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال حدثنا عبيد الله بن معاذ بن معاذ قال حدثنا معتمر بن سليمان التيمي قال حدثنا أبي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد بن حارثة أنه حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وإذا أصحاب الجد محبوسون وأصحاب النار قد أمر بهم إلى النار ونظرت إلى النار فإذا عامة من دخلها النساء قال أبو حاتم رضي الله عنه قرن عمران بن موسى بأسامة بن زيد سعيد بن زيد في هذا الخبر المعتمر معتمر بن سليمان \ 692 \
[ 468 ]
ذكر ما يستحب للمرء أن تعزف نفسه عما يؤدي إلى اللذات من هذه الفانية الغرارة وإن أبيح له ارتكابها حذر الوقوع في المحذور منها أخبرنا عبد الله بن محمد الأزدي حدثنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن نافع قال سمع بن عمر صوت زمارة راعي قال فجعل إصبعيه في أذنيه وعدل عن الطريق وجعل يقول يا نافع أتسمع فأقول نعم فلما قلت لا راجع الطريق ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة \ 693 \
[ 469 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المؤمن من حفظ نفسه عما لا يقربه إلى بارئه جل وعلادون نواله شيئا من حطام الدنيا الفانية أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون الريان قال حدثنا الحسين بن حريث قال حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن الدينار والدرهم أهلكا من كان قبلكم وهما مهلكاكم \ 694 \ ذكر ما يستحب للمرء أن يذود نفسه من هذه الغرارة الزائلة ببذل ما يملك منها لغيره أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام عن قتادة عن أنس بن مالك أن أم سليم بعثت بقناع فيه رطب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يقبض القبضة فيبعث بها إلى بعض
[ 470 ]
أزواجه ثم يقبض القبضة فيبعث بها إلى أزواجه ثم يبعث بها وإنه ليشتهيه فعل ذلك غير مرة وإنه ليشتهيه \ 695 \ ذكر ما يستحب للمرء رعاية عياله بذبهم عن الأشياء التي يخاف عليهم متعقبها أخبرنا أحمد بن يحيى بن زهير قال حدثنا محمد بن المعلى الأدمي قال حدثنا يحيى بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن العلاء بن المسيب عن إبراهيم بن قعيس عن نافع عن بن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كاإذا خرج في غزاة كان آخر عهده بفاطمة وإذا قدم من غزاة كان أول عهده بفاطمة رضوان الله عليها فإنه خرج لغزو تبوك ومعه علي رضوان الله عليه فقامت فاطمة فبسطت في بيتها بساطا وعلقت على بابها سترا أخترت مقنعتها بزعفران فلما قدم أبوها صلى الله عليه وسلم ورأى ما أحدثت رجع فجلس في المسجد فأرسلت إلى بلال فقالت يا بلال اذهب إلى أبي فسله ما يرده عن بابي فأتاه فسأله فقال صلى الله عليه وسلم إني رأيتها أحدثت ثم شيئا فأخبرها فهتكت الستر ورفعت البساط وألقت ما عليها ولبست أطمارها
[ 471 ]
فأتاه بلال فأخبره فأتاه فاعتنقها وقال هكذا كوني فداك أبي وأمي \ 696 \ ذكر الإخبار عن الوصف الذي يجب أن يكون المرء في هذه الدنيا الفانية الزائلة أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل ببست قال حدثنا الحسن بن قزعة قال حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال حدثنا الأعمش عن مجاهد عن بن عمر قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي أو قال بمنكبي فقال كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل قال فكان بن عمر يقول إذا أصبحت فلا تنتظر
[ 472 ]
المساء وإذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك
[ 473 ]
وقال إسحاق قال الحسن بن قزعة ما سألني يحيى بن معين إلا هذا الحديث \ 697 \ ذكر الإخبار عن أحساب أهل هذه الدنيا الفانية الزائلة أخبرنا محمد بن عبد الله بن الجنيد ببست قال حدثنا سويد بن نصر بن سويد المروزي قال أخبرنا علي بن الحسين بن حكى عن أبيه عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحساب أهل الدنيا المال \ 698 \
[ 474 ]
ذكر البيان بأن قوله صلى الله عليه وسلم أحساب أهل الدنيا المال أراد به الذين يذهبون إليه عندهم أخبرنا محمد بن إسحاق بن خزيمة قال حدثنا محمد بن يحيى القطعي قال حدثني زيد بن الحباب قال حدثني الحسين بن حكى قال حدثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه لهذا المال \ 699 \ ذكر الإخبار عما يؤول متعقب أموال أهل الدنيا التي هي أحسابهم إليه أخبرنا عبد الله بن قحطبة قال حدثنا محمد بن بشار
[ 475 ]
قال حدثنا محمد بن جعفر وهو غندر قال حدثنا شعبة قال سمعت قتادة قال سمعت مطرف يحدث عن أبيه قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر قال يقول بن آدم ما لي ما لي وإنما لك من مالك ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت \ 700 \
[ 476 ]
ذكر البيان بأن الله جعل متعقب طعام بن آدم في الدنيا مثلا لها أخبرنا الحسن بن سفيان قال حدثنا موسى بن الحسين بن بسطام قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن مطعم بن آدم ضرب للدنيا مثلا بما خرج من بن آدم وإن قزحه وملحه فانظر ما يصير إليه \ 701 \
[ 477 ]
ذكر البيان بأن ما ارتفع من هذه الأشياء لا بد له أن يتضع لأنها قذرة خلقت للفناء أخبرنا الحسين بن أحمد بن بسطام بالأبلة قال حدثنا محمد بن العلاء بن كريب قال حدثنا أبو خالد الأحمر عن حميد عن أنس قال كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تسبق كلما سابقوها سبقت فجاء أعرابي على قعود فسبقها فسبقها فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأى ذلك في وجوههم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حق على الله أن لا يرتفع شئ من هذه القذرة إلا وضعها الله \ 702 \
[ 478 ]
ذكر البيان بأن المرء يجب عليه أن يقنع نفسه عن فضول هذه الدنيا الفانية الزائلة بتذكرها عاقبة الخير وأهله أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا حرملة بن يحيى حدثنا بن وهب أخبرني الماضي بن محمد عن هشام بن عروة عن أبيه
[ 479 ]
عن عائشة قالت كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم سرير مشبك بالبردي عليه كساء أسود قد حشوناه بالبردي فدخل أبو بكر وعمر عليه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم نائم عليه فلما رآهما استوى جالسا فنظرا فإذا أثر السرير في جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر وعمر وبكيا يا رسول الله ما يؤذيك خشونة ما نرى من سريرك وفراشك وهذا كسرى وقيصر على فرش الحرير والديباج فقال لا تقولا هذا فإن فراش كسرى وقيصر في النار وإن فراشي وسريري هذا عاقبته إلى الجنة \ 703 \
[ 480 ]
ذكر استحباب الاقتناع للمرء بما أوتي من الدنيا مع الإسلام والسنة أخبرنا بكر بن أحمد بن سعيد العابد الطاحي بالبصرة قال حدثنا نصر بن علي بن نصر الجهضمي قال أخبرنا المقرئ قال حدثنا حيوة بن شريح قال حدثنا أبو هانئ أن أبا علي الجنبي أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يقول إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول طوبى لمن هدي إلى الإسلام وكان عيشه كفافا وقنعه الله به \ 704 \
[ 481 ]
ذكر الأمر بالتخلي عن الدنيا والاقتناع منها بما يقيم أود المسافر في رحلته أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة حدثنا يزيد بن موهب الرملي حدثنا بن وهب عن أبي هانئ أخبرني أبو عبد الرحمن الحبلي عن عامر بن عبد الله أن سلمان الخير حين حضره الموت عرفوا منه بعض الجزع قالوا ما يجزعك يا أبا عبد الله وقد كانت لك سابقة في الخير شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغازي حسنة وفتوحا عظاما قال يجزعني أن حبيبنا صلى الله عليه وسلم حين فارقنا عهد إلينا قال ليكف اليوم منكم كزاد الراكب فهذا الذي أجزعني فجمع مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر دينارا
[ 482 ]
قال أبو حاتم عامر هذا هو عامر بن عبد قيس وسلمان الخير هو سلمان الفارسي \ 705 \
[ 483 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قلة التلهف عند فوته البغية في غدوه أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فنزلت عليه والمرسلات عرفا فأخذتها من فيه وإن فاه رطب بها فما أدري بأيها ختم فبأي حديث بعده يؤمنون أو إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون فسبقتنا حية فدخلت في جحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيتم شرها كما وقيت شركم \ 706 \
[ 484 ]
أخبرنا محمد بن محمود بن عدي بنسا قال حدثنا محمد بن إسماعيل الجعفي قال حدثنا عمر بن حفص بن الصالح قال حدثنا أبي قال حدثنا الأعمش قال حدثني إبراهيم عن الأسود عن عبد الله قال بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار فنزلت عليه والمرسلات عرفا فإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذ وثبت علينا حية فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوها فابتدرناها فذهبت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد وقيت شركم كما وقيتم شرها \ 707 \
[ 486 ]
ذكر الإخبار بأن الإمعان في الدنيا يضر في العقبي كما أن الإمعان في طلب الآخرة يضر في فضول الدنيا أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن الإسكندراني عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى \ 708 \
[ 487 ]
ذكر الزجر عن اتخاذ الضياع إذ اتخاذها يرغب في الدنيا إلا من عصم الله جل وعلا أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا محمد بن خازم عن الأعمش عن شمر بن عطية عن المغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا الضيعة فترغبوا في الدنيا
[ 488 ]
قال عبد الله وبالمدينة وما بالمدينة وبراذان وما براذان \ 709 \ ذكر الأمب النظر إلى من هو دون المرء في أسباب الدنيا أخبرنا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا الليث بن سعد عن بن عجلان عن الأعر
[ 489 ]
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأى أحدكم من فضل عليه في الخلق أو الرزق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل هو عليه \ 710 \ ذكر الأمر للمرء أن ينظر إلى من هو دونه في المال والخلق دون من فوقه فيهما أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نظر أحدكم إلى من فضل عليه في المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فضل هو عليه \ 711 \
[ 490 ]
ذكر الزجر عن أن ينظر المرء إلى من فوقه في أسباب الدنيا أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا مسدد قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنظروا إلى من هو فوقكم وانظروا إلى من هو أسفل منكم فإنه أجدر أن لا تردوا نعمة الله \ 712 \ ذكر وصف الفوق الذي في خبر أبي صالح الذي ذكرناه أخبرنا عبد الرحمن بن بحر البزار قال حدثنا بن أبي عمرو العدني قال حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى
[ 491 ]
أحدكم من فوقه في المال والحسب فلينظر إلى من هو دونه في المال والحسب \ 713 \ ذكر ميستحب للمرء أن يكون خروجه من هذه الدنيا الفانية الزائلة وهو صفر اليدين مما يحاسب عليه مما في عنقه أخبرنا إسماعيل بن داود بن وردان بالفسطاط حدثنا عيسى بن حماد أخبرنا الليث عن بن عجلان عن أبي حازم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت اشتد وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده
[ 492 ]
سبعة دنانير أو تسعة فقال يا عائشة ما فعلت تلك الذهب فقلت هي عندي قال تصدقي بها قالت فشغلت به ثم قال يا عائشة ما فعلت تلك الذهب فقلت هي عندي فقال ائتني بها قالت فجئت بها فوضعها في كفه ثم قال ما ظن محمد أن لو لقي الله وهذه عنده ما ظن محمد أن لو لقي الله وهذه عنده \ 714 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من ذمه نفسه عن شهواتها واحتماله المكاره في مرضاة الباري جل وعلا أخبرنا الحسن بن سفيان بخبر غريب حدثنا هدبة بن خالد القيسي حدثنا حماد بن سلمة عثابت وحميد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات \ 715 \
[ 493 ]
ذكر الإخبار بأن الشديد الذي غلب نفسه عند الشهوات والوساوس لا من غلب الناس بلسانه أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قال حدثنا هناد بن السري قال حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن أبي حازم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الشديد من غلب إنما الشديد من غلب نفسه \ 716 \
[ 494 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الاحتراز من النار مجانبة الشهوات في الدنيا أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو نصر التمار قال حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات \ 17 \ ذكر خبر ثان يصرح بصحة ما ذكرناه أخبرنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي بالب قال أخبرنا أحمد بن منيع قال حدثنا شبابة قال حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفت النار بالشهوات وحفت الجنة بالمكاره \ 718 \
[ 496 ]
باب الورع والتوكل ذكر الخبر الدال على أن للمرء استعمال التورع في أسبابه دون التعلق بالتأويل وإن كان له ذلك أخبرنا بن قتيبة حدثنا بن أبي السري حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى رجل من رجل عقارا فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة ذهب فقال له الذي اشترى العقار خذ ذهبك عني إنما اشتريت منك أرضا ولم أبتع منك ذهبا وقال الذي باع الأر ض إنما بعتك الأرض وما فيها قال فتحاكما إلى رجل فقال الذي تحاكما إليه ألكما ولد فقال أحدهما غلام وقال الآخر جارية فقال أنكحوا الغلام الجارية وأنفقوا على أنفسهما وتصدقا \ 719 \
[ 497 ]
ذكر الإخبار عن وصف حالة من يتورع عن الشبهات في الدنيا أخبرنا محمد بن عمير بن يوسف حدثنا نصر بن علي حدثنا يزيد بن زريع حدثنا بن عون عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهة وربما قال متشابهة وسأضرب لكم في ذلك مثلا إن الله حمى حمى وإن حمى الله محارمه وإنه من يرتع حول الحمى يوشك أن يخالط الحمى وربما قال من يرتع حول الحمى يوشك أن يرتوإن من خالط الريبة يوشك أن يجسر \ 720 \
[ 498 ]
ذكر الزجر عما يريب المرء من أسباب هذه الدنيا الفانية الزائلة أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي عون قاحدثنا أحمد بن الحسن الترمذي قال حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال حدثنا شعبة قال حدثنا بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء السعدي قال قلت للحسن بن علي حدثني بشئ حفظته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يحدثك به أحد قال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دع ما يريبك إلى ما لا يريبك قال الخير طمأنين والشر ريبة
[ 499 ]
وأتي النبي صلى الله عليه وسلم بشئ من تمر الصدقة فأخذت تمرة فألقيتها في في فأخذها بلعابها حتى أعادها في التمر فقيل له يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة من هذا الصبي فقال إنا آل محمد لا يحل لنا الصدقة وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بهذا الدعاء اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت وقنا شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت تباركت وتعاليت \ 721 \
[ 500 ]
ذكر الخبر الدال على أن على المرء أن لا يعتاض عن أسباب الآخرة بشئ من حطام هذه الدنيا الفانية الزائلة عند حدوث حالة به أخبرنا أبو يعلى حدثنا محمد بن يزيد الرفاعي حدثنا بن فضيل حدثنا يونس بن عمرو عن أبي بردة عن أبي موسى قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيا فأكرمه فقال له ائتنا فأتاه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم سل حاجتك قال ناقة نركبها وأعنز يحلبها أهلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجزتم أن تكونوا مثل عجوز بني إسرائيل قالوا يا رسول الله وما عجوز بني إسرائيل قال إن موسى عليه السلام لما سار ببني إسرائيل من مصر ضلوا الطريق فقال ما هذا فقال علماؤهم إن يوسف عليه السلام لما حضره الموت أخذ علينا موثقا من الله أن لا نخرج من مصر حتى ننقل عظامه معنا قال فمن يعلم موضع قبره قال
[ 501 ]
عجوز من بني إسرائيل عروبة إليها فأتته فقال دليني على قبر يوسف قالت حتى تعطيني حكمي قال وما حكمك قالت أكون معك في الجنة فكره أن يعطيها ذلك فأوحى الله إليه أن أعطها حكمها فانطلقت بهم إلى بحيرة موضع مستنقع ماء فقالت أنضبوا هذا الماء فأنضبوه فقالت احتفروا فاحتفروا فاستخرجوا عظام يوسف فلما أقلوها إلى الأرض وإذا الطريق مثل ضوء النهار \ 722 \
[ 502 ]
ذكر الإخبار بأن على المرء عند العدم النظر إلى ما أدخر له من الأجر دون التلهف على ما فاته من بغيته أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال حدثنا المقرئ قال حدثنا حيوة بن شريح قال حدثني أبو هانئ حميد بن هانئ أن أبا علي الجنبي حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يحدث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة لما بهم من الحاجة وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب إن هؤلاء لمجانين فإذا قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة قال فضالة وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ \ 723 \
[ 503 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من الاتكال على تفضل الله جل وفي أسباب دنياه دون التأسف على ما فاته منها أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا بن أبي السري قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء صارت والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه واليد الأخرى القبض يرفع ويخفض وعرشه على الماء
[ 504 ]
قا أبو حاتم رضي الله عنه هذه أخبار أطلقت من هذا النوع توهم من لم يحكم صناعة العلم أن أصحاب الحديث مشبهة عائذ بالله أن يخطر ذلك ببال أحد من أصحاب الحديث ولكن أطلق هذه الأخبار بألفاظ التمثيل لصفاته على حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم دون تكييف صفات الله جل
[ 505 ]
ربنا عن أن يشبه بشئ من المخلوقين أو يكيف بشئ من صفاته إذ ليس كمثله شئ \ 724 \ ذكر الخبر الدال على إيجاب الجنة لمن توكل على الله تعالى في جميع أسبابه أخبرنا محمد بن جعفر بن الأشعث بسمرقند ويعقوب بن يوسف ببخارى قالا حدثنا محمد بن عيسى بن حيان حدثنا شعيب بن حرب عن عثمان بن حكى عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت أمة الجنة اهجروهن وقضيضها كانوا لا يكتوون ولا يسترقون وعلى ربهم يتوكلون \ 725 \ ذكر الإخبار عما يجب على المرء من تسليم الأشياء إلى بارئه جل وعلا أخبرنا الفضل بن الحباب قال حدثنا محمد بن كثير العبدي عن سفيان عن أبي سنان عن وهب بن خالد عن بن الديلمي قال
[ 506 ]
أتيت أبي بن كعب فقلت له وقع في نفسي شئ من القدر فحدثني بشئ لعله أن يذهب من قلبي فقال إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ولو أنفقت مثل أحد في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطئك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لدخلت النار قال ثم أتيت عبد الله بن مسعود فقال مثل قوله ثم أتيت حذيفة بن وابنه فقال مثل قوله ثم أتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك \ 726 \
[ 507 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المؤمن من السكون تحت الحكم وقلة الاضطراب عند ورود ضد المراد أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا نوح بن حبيب قال حدثنا حفص بن الصالح عن عاصم الأحول عن ثعلبة بن عاصم عن أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم عجبت للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له \ 727 \
[ 508 ]
ذكر البيان بأن المرء وإن كان مجدا في الطاعات إذا وردت عليه حالة الضيق والمنع يجب أن يستوي قلبه عندها مع حالة الوسع والإعطاء أخبرنا الحسن بن سفيان حدثنا الوليد بن شجاع حدثنا علي بن مسهر حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائش قالت لقد كان آل محمد صلى الله عليه وسلم يرون ثلاثة أشهر ما يستوقدون فيه بنار ما هو إلا الماء والتمر وكان حولنا أهل دور من الأنصار لهم دواجن في حوائطهم فكان أهل كل دار يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزير شاتهم فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اللبن \ 728 \
[ 509 ]
ذكر الإخبار عما يجب على المرء من قطع القلب عن الخلائق بجميع العلائق في أحواله وأسبابه أخبرن أحمد بن علي بن المثنى قال حدثنا أبو خيثمة قال حدثنا المقرئ عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن عبد الله بن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني عن عمر بن الخطاب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو توكلون على الله حق توكله لرزقكم الله كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا \ 729 \
[ 510 ]
ذكر الإخبار بأن المرء يجب عليه مع توكل القلب الاحتراز بالأعضاء ضد قول من كرهه أخبرنا الحسين بن عبد الله القطان قال حدثنا هشام بن عمار قال حدثنا حاتم بن إسماعيل قال حدثنا يعقوب بن عبد الله عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أرسل ناقتي وأتوكل قال اعقلها وتوكل
[ 511 ]
قال أبو حاتم رضي الله عنه يعقوب هذا هو يعقوب بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن أمية الضمري من أهل الحجاز مشهور مأمون بعونه تعالى وتوفيقه تم طبع الجزء الثاني من الاحسان في تقريب صحيح ابن حبان ويليه الجزء الثالث وأوله باب قراءة القرآن