الــصــحـيـــح من سيرة النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) ج26
العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي
المركز الإسلامي للدراسات
بسم الله الرحمن الرحيم
الباب السادس:
أحداث وسرايا.. قبل تبوك..
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين، واللعنة على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين..
وبعد..
نتابع حديثنا عن هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ الإسلام، والتي انتهت بسقوط عنفوان الشرك، في المنطقة بأسرها.. لتكون الهيمنة المطلقة للإسلام وللمسلمين، باعتراف صريح من رموز الشرك، وعتاته، وفراعنته، وجباريه.
وتتمثل نهايات هذه المرحلة بحسم الأمر بالنسبة لقبيلة هوازن في حنين وأوطاس.. وسقوط ثقيف وخثعم في الطائف..
ثم تبع هذه المرحلة تداعيات طبيعية، تمثلت بانثيال وفود قبائل العرب على المدينة، ليعلنوا ولاءهم، وتأييدهم، وقبولهم بالإسلام ديناً، واعترافهم بمحمد نبياً..
والذي يعنينا الحديث عنه في هذا الباب وفصوله هو عرض ما جرى في حنين، وأوطاس، والطائف..
وأما الحديث عن الوفود، وعن سائر الأحداث الهامة، فنأمل أن نوفق للتعرض له فيما سوى ذلك من أبواب إن شاء الله تعالى..
فنقول.. ونتوكل على خير مأمول ومسؤول:
الفصل الأول:
إبراهيم ابن النبي '، وربيبته زينب..
وفاة زينب ربيبة الرسول ':
قال الصالحي الشامي: روى الطبراني مرسلاً برجال الصحيح، عن ابن الزبير: أن رجلاً أقبل بزينب بنت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلحقه رجلان من قريش، فقاتلاه حتى غلباه عليها، فدفعاها، فوقعت على صخرة، فأسقطت وهريقت دماً، فذهبوا بها إلى أبي سفيان، فجاءته نساء بني هاشم، فدفعها إليهن.
ثم جاءت بعد ذلك مهاجرة، فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوجع، فكانوا يرون أنها شهيدة([1]).
وكانت وفاتها في أول سنة ثمان من الهجرة، فغسلتها أم أيمن، وسودة بنت زمعة، وأم سلمة.
وصلى عليها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ونزل في قبرها، ومعه أبو العاص. وكان جعل لها نعش، فكانت أول من اتخذ لها ذلك([2]).
ونقول:
إن لنا على هذا النص ملاحظات عديدة، نذكر منها:
1 ـ قد ذُكر: أن زينب زوجة أبي العاص بن الربيع هي بنت رسول الله"صلى الله عليه وآله"، والحال أننا قد ذكرنا في أوائل هذا الكتاب: أن الدلائل والشواهد تشير إلى أنها لم تكن بنتاً للنبي "صلى الله عليه وآله" على الحقيقة، وإنما كانت تنسب إليه، لأنها تربت عنده في بيته.
ولم نستبعد أن يكون لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بنات أخريات باسم: زينب، ورقية، وأم كلثوم أيضاً، ولكنهن متنَ في حال الصغر، فراجع.
2 ـ لا ندري لماذا لا يصرح ابن الزبير باسم الرجلين اللذين أدركا زينب في الطريق، وروعاها، مع أن التاريخ لم يبخل علينا بهذا الأمر، فإن هبَّار بن الأسود هو الذي سبق إليها وروعها بالرمح، وأسقطها على الصخرة، فطرحت ذا بطنها.. وقد أهدر النبي "صلى الله عليه وآله" دمه في فتح مكة، وتقدمت قصته.
3 ـ أما الرجل الذي أقبل بزينب ليسلمها إلى زيد بن حارثة، الذي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" لاستلامها، فهو نفس زوجها العاص بن الربيع، فلحقه رجال من قريش فيهم: أبو سفيان، وهبَّار بن الأسود، فسبق إليها هبَّار، فكان ما كان حسبما أوضحناه([3]).
4 ـ ما زعمه: من أنهم أخذوا زينب من زوجها قهراً، فذهبوا بها إلى أبي سفيان، غير دقيق، فإن الروايات أيضاّ قد صرحت: بأن أبا سفيان كان حاضراً حين أسقطوها على الصخرة، فألقت ذا بطنها، فبرك حموها كنانة بن الربيع ونثل كنانته بين يديه، وتهددهم، فتكركر الناس.
ففاوضه أبو سفيان، وأقنعه: بأن ترجع إلى مكة. يسلُّها سراً، حتى لا يظن الناس أن إخراجها جهاراً كان عن ذل أصابهم، ودليل وهن وضعف منهم.
فأرجعها إلى مكة، فبقيت عند هند بنت عتبة، ثم انسلت إلى زيد بن حارثة، فقدم بها على رسول الله "صلى الله عليه وآله"([4]).
5 ـ وقد ذكرت رواية الطبراني: أنها حين توفيت جُعل لها نعش، فكانت أول من اتُّخذ لها ذلك.
ولكننا قد ذكرنا حين الكلام عن زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بزينب بنت جحش: أنهم يقولون عن زينب أيضاً: أنها حين ماتت صنعوا لها نعشاً، وأنها كانت أول من اتُخذ لها ذلك.
وقلنا هناك: إن الصحيح، هو: أن أول من صنع لها نعش هي فاطمة الزهراء "عليها السلام".
6 ـ قد ذكرنا في باب "ما بين بدر وأحد"، فصل: "شخصيات وأحداث" كلام النقيب أبي جعفر مع ابن أبي الحديد المعتزلي حول موقف النبي "صلى الله عليه وآله" من إسقاط زينب لجنينها، وما يتوقعه من موقف له "صلى الله عليه وآله".
وأشرنا هناك إلى موضوع إسقاط الزهراء "عليه السلام" للمحسن، بسبب العدوان علىها في يوم وفاة أبيها "صلى الله عليه وآله"، بالإضافة إلى أمور أخرى قد يكون الرجوع إليها مفيداً أيضاً.
مهلاً يا عمر، دعهن يبكين:
وقالوا: لما ماتت زينب بنت (ربيبة) رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": ألحقوها بسلفنا الخيِّر، عثمان بن مظعون، فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" يده وقال: مهلاً يا عمر، دعهن يبكين، وإياكن ونعيق الشيطان.
إلى أن قال: وقعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" على شفير القبر، وفاطمة "عليها السلام" تبكي، فجعل النبي "صلى الله عليه وآله" يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها([5]).
ونقول:
1 ـ قد رويت هذه الحادثة في مناسبة وفاة رقية أختها([6]).
والروايات تؤكد على: أن هذا الفعل قد تكرر من عمر أمام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" ينهاه ويزجره في كل مرة، وبقي يفعل ذلك بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولكنه سمح لعائشة بالبكاء على أبيها، وظل يضرب سائر النساء من أجل ذلك.
وقد ذكر العلامة الأميني "عليه الرحمة والرضوان" طائفة من هذه الموارد في كتابه القيم: "الغدير" ج6 ص160 ـ 166 فراجعه..
2 ـ وعن موقف النبي "صلى الله عليه وآله" من فاطمة "عليها السلام" نقول:
ليت النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله" كان حاضراً يوم هجموا على بيتها، وأسقطوا جنينها، وأحرقوا بابها، وكشفوا بيتها، وتسببوا باستشهادها مظلومة مكلومة، ليكون "صلى الله عليه وآله" هو الذي يبلسم جراحها، ويكفكف دموعها، ويدافع عنها..
إبراهيم ابن رسول الله ':
وفي شهر ذي الحجة من سنة ثمان ولد إبراهيم ابن رسول الله "صلى الله عليه وآله" من مارية في موضع يقال له: العالية في المدينة، وكانت قابلتها سلمى زوجة أبي رافع، فأخبر زوجها أبو رافع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بولادته، فوهب له عبداً.
وسماه النبي "صلى الله عليه وآله" إبراهيم، وعق عنه يوم سابعه بشاة، وحلق رأسه، فتصدق بزنة شعره فضة على المساكين، وأمر بشعره فدفن في الأرض.
وتنافست فيه نساء الأنصار أيتهن ترضعه، فدفعه "صلى الله عليه وآله" إلى أم بردة بنت المنذر بن زيد، وزوجها البراء بن أوس.
وكان "صلى الله عليه وآله" يأتي أم بردة فيقيل عندها، ويؤتى بإبراهيم.
ويقال: دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة، يقال له: أبو سيف([7]).
وغارت نساء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، واشتد عليهن حين رزق منها الولد.
ولما ولدته جاء جبرئيل "عليه السلام" إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: "السلام عليك يا أبا إبراهيم"([8]).
ونقول:
إن هناك جزئيات وتفاصيل كثيرة ترتبط بنحو أو بآخر بإبراهيم ابن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولكن ربما يكون التعرض لذلك كله بالتحقيق والتحليل غير ممكن، من حيث إنه يستغرق وقتاً طويلاً وجهداً، ومعاناة قد يرى البعض أن يكون صرفهما في أمور أكثر حساسية وأهمية أولى وأوجب، ولعل بعضها له مساس قريب بما يهم الناس التعرف عليه، وتمييز الصحيح منه عن غيره..
ولذلك، فنحن نقتصر هنا على التذكير ببضع نقاط، رأينا أنه لا ضير في التعرض لها هنا.
فنقول:
عائشة: إبراهيم لا يشبه النبي ':
ذكرت الروايات: أنه أتي النبي "صلى الله عليه وآله" بإبراهيم يوماً وهو عند عائشة، فقال: انظري إلى شبهه.
فقالت: ما أرى شبهاً.
فقال: ألا ترين إلى بياضه ولحمه؟!
فقالت: من قصرت عليه اللقاح، وسقي ألبان الضأن سمن وابيض([9]).
وكانت عائشة تقول: "ما غرت على امرأة غيرتي على مارية، وذلك لأنها كانت جميلة، جعدة الشعر، وكان النبي "صلى الله عليه وآله" معجباً بها، ورزق منها الولد وحرمناه"([10]).
وعن الإمام الباقر "عليه السلام": "أنه "صلى الله عليه وآله" حجب مارية، وكانت قد ثقلت على نساء النبي "صلى الله عليه وآله"، وغرن عليها، ولا مثل عائشة"([11]).
وعنه أيضاً: أن إبراهيم لما هلك، وحزن عليه النبي "صلى الله عليه وآله"، قالت له عائشة: ما الذي يحزنك عليه؟ فما هو إلا ابن جريج.
فبعث النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام"، وأمره بقتله..
ثم تذكر الرواية: أنه وجده ما له ما للرجال، ولا ما للنساء.
فقال "صلى الله عليه وآله": "الحمد لله الذي صرف عنَّا أهل البيت السوء"([12]).
وحديث الخصي، واتهام بعض الناس لمارية به، مذكور في كثير من المصادر([13]).
جبرئيل يبرئ مارية:
عن أنس قال: لما ولد إبراهيم لرسول الله "صلى الله عليه وآله" جاء جبرئيل "عليه السلام" إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: "السلام عليك يا أبا إبراهيم"([14]).
وفي نص آخر: لما ولد إبراهيم كاد يقع في نفس النبي "صلى الله عليه وآله"، حتى أتاه جبرئيل، فقال: "السلام عليك يا أبا إبراهيم"([15]).
وأصرح من ذلك: ما روي: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لعمر: "ألا أخبرك يا عمر: إن جبرئيل "عليه السلام" أخبرني أن الله عز وجل قد برَّأ مارية وقريبها مما وقع في نفسي، وبشرني: أن في بطنها غلاماً، وأنه أشبه الخلق بي، وأمرني أن أسميه إبراهيم"([16]).
ثم أكد "صلى الله عليه وآله" على هذا الأمر حتى حين موت إبراهيم، فقد روي: أنه "لما توفي إبراهيم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن إبراهيم ابني، وإنه مات في الثدي، وإن له لظئرين تكملان رضاعه في الجنة"([17]).
فجبرئيل قد أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" ليس فقط بشبه ولده به، بل هو قد أخبره: بأنه أشبه الخلق به، حتى قبل أن يولد.
ولكن عائشة لا ترى أي شبه لإبراهيم برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وجبرئيل يخبر رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأن هذا الطفل ابنه، وعائشة تقول لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد موت هذا الطفل: إنه ليس ولده، بل هو ابن جريج القبطي.. وتشكك في بنوته له قبل أن يولد أيضاً.
ورسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبر عمر قبل أن تلد مارية ولده: بأن جبرئيل قد برَّأ مارية مما قذفت به، وبأن الجنين ابنه..
وعائشة تبقى مصرة على قذف مارية قبل أن تلد ولدها، وبعد ولادتها، وحتى بعد موت ذلك الولد أيضاً.
قسوة وجرأة:
وبعد.. فإن عظمة الرسول "صلى الله عليه وآله"، وهو أفضل وأشرف وأقدس خلق الله تعالى.. من شأنها: أن تجعل الناس جميعاً يتريثون في الإقدام على أي موقف، أو التفوه بأية كلمة، أو القيام بأي تصرف في حضوره "صلى الله عليه وآله"..
وتفرض عليهم حسابات كثيرة في هذا الإتجاه، ويخضعون لهذا الواقع بصورة عفوية، ومن دون حاجة إلى توجيه أو دلالة من أحد..
أضف إلى ذلك: أن موقع النبوة، وقداسة الأنبياء، وعلاقة ذلك برضا الله تعالى، وبقبول الأعمال، وبالثواب والعقاب يفرض المزيد من الحذر، ومراقبة الإنسان لنفسه، ويحتم عليه السير نحو الإنضباط التام في كل حركة وسكون، وقول وفعل، ما دام أن قيمة أي زلل أو خطل سيكون هو مستقبل الإنسان ومصيره في الدنيا والآخرة.
ولكننا إذا رجعنا إلى حياة أم المؤمنين عائشة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسنجد: أنها لا تخضع لهذا التقدير، ولم تتأثر بهذا الواقع.. بل هي تبدو شديدة الإندفاع في الإتجاه الآخر، من خلال ما نشهده من جرأة لها على مقام النبوة، ثم من عدم مبالاة في عواقب تعاملها البالغ في القسوة على رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالذات.. بخلاف ما نشاهده لدى خديجة وأم سلمة وميمونة مثلاً.. من سلوك خاضع لمقام النبوة والرسالة.
أما سائر أمهات المؤمنين، وخصوصاً حفصة وكذلك أم حبيبة.. فكنَّ يتأثرن بالأجواء التي تثيرها عائشة نفسها، التي كانت تحرك الأمور باتجاه حالة من التوتر والمشاحنات التي لا مبرر لها، دون أن يردعها عن ذلك ما ينشأ عنه من أذى، بل ومن إهانة لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، ولأهل بيته الأطهار صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
بل ولعل من أوضح مفردات هذا الواقع قولها لرسول الله "صلى الله عليه وآله": إن الله يسارع في هواك([18]).
وقولها: أنت الذي تزعم أنك نبي الله([19]).
وقولها له أمام أبيها: اقصد([20]). أي أعدل (أو قل ولا تقل إلا حقاً).
ثم ما لهجت به النصوص، التي قدمناها عن تصرفات عائشة مع شخص رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيما يرتبط بأمر بالغ الحساسية والخطورة بالنسبة إليه.
وتفصيل ذلك، قولها: كان في متاعي خف وكان على جمل ناج وكان متاع صفية فيه ثقل، وكان على جمل ثقال، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "حولوا متاع عائشة على جمل صفية، وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب".
قلت: يا لعباد الله، غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قالت: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "يا أم عبد الله، إن متاعك فيه خف، وكان متاع صفية فيه ثقل، فأبطأ الركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها.
قالت: فقلت: ألست تزعم أنك رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فتبسم رسول الله "صلى الله عليه وآله" وقال: أوفي شك؟
أنت يا أم المؤمنين يا أم عبد الله.
قالت: قلت: ألست تزعم أنك رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهلا عدلت. وسمعني أبو بكر الخ.. ([21]).
إنها مسألة تمس موقع النبوة أولاً، وتمثل طعنة نجلاء في أعماق أعماق روحه، بحربة تقطر بسم الحقد، والضغينة، وتهدف إلى هدم شرفه، وتقويض كرامته، والنيل من عزه، ومجده الأثيل..
فالنبي "صلى الله عليه وآله" أغْيَرُ مخلوق وُجد، فما بالها تطعن في عرضه، مرة بعد أخرى، غير آبهة بتواتر الوحي الإلهي، بالتأكيد على طهارة ذلك العرض، وبراءته من أي مغمز، وسلامته من أي وليجة..
ولماذا لا تكف عن غمزها، ولا يقنعها الوحي الإلهي، ولا يؤثر فيها قول جبرئيل، ولا تأكيد الرسول المسدد والمؤيد"صلى الله عليه وآله"، الذي لا ينطق عن الهوى؟!
وما الذي يدعوها إلى نبذ أبسط قواعد اللياقة والأدب، مع أشرف وأفضل، وأقدس وأنبل، وأعظم، وأكمل الخلق، وسيد رسل الله تعالى؟!
إن أقوالها مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" حول ولده إبراهيم بعيدة كل البعد عن أبسط قواعد الأدب، والإلتزام والإحترام.. فلماذا هذا الطعن المتوالي الممعن في القسوة لقلب الإنسانية، الطافح بالرحمة، والمودة، والحنان، والغيرة، والشعور بالكرامة والعزة؟!
وهل يجرؤ إنسان يدَّعي أنه قريب وحبيب على التصريح لمن يحبه، ويتقرب منه، بأن ولده الذي يبكي عليه، وقد مات قبل ساعة أو ساعات ليس ولده الشرعي؟!
رغم قيام الشواهد لذلك الأب على صحة ولادة ذلك الطفل وشرعيته.
فكيف إذا كان الوحي الإلهي هو الذي يؤكد له هذه الحقيقة، التي يصر الآخرون على إنكارها وتكذيبها، بلا أي شاهد أو مبرر؟!. إلا الحسد والغيرة، وإلا التجني والإمعان في جرح الكرامة، وإلا الإيذاء..
مرضعة إبراهيم:
هذا.. ولا نرى أن ثمة تناقضاً بين رواية إرضاع أم سيف لإبراهيم، أو رواية إرضاع أم بردة بنت المنذر له. فلعل كل واحدة منهما قد أرضعته برهة من الزمن. وربما تكون أم سيف قد أرضعته أياماً يسيرة، ثم أخذته أم بردة، فإنه "صلى الله عليه وآله" قد أعطى أم بردة هذه قطعة نخل.
كاد يقع في نفس النبي':
وعن الرواية التي تدَّعي: أنه لما ولد إبراهيم كاد يقع في نفس النبي "صلى الله عليه وآله".. نقول:
إنها لا يمكن أن تصح، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" كان أتقى لله من أن يقع في قلبه أمر من هذا القبيل.. وهو الذي عرَّفه جبرئيل حتى قبل ولادة إبراهيم: بأن مارية تحمل ولداً هو أشبه الناس به..
يضاف إلى ذلك: أن جبرئيل ـ كما تقدم ـ حين ولد إبراهيم قد جاءه، وقال له: السلام عليك يا أبا إبراهيم..
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" كان يعلم: بأن رمي هؤلاء لمارية لا يستند إلى شاهد ولا يعتمد على دليل.. ويعرف أن من يرمي المؤمنين بشيء من ذلك، لابد أن يأتي بالشهداء على ما يقول، فإذا لم يأت بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون.
بل هم يستحقون العقاب والنكال على قذفهم هذا. لولا أن الله تعالى لم يرد معاقبتهم في الدنيا، لكي لا يتعرض مقام النبوة الأقدس للريب والشك والكيد من أصحاب النفوس المريضة، فيضر ذلك بإيمان الناس إلى يوم القيامة..
إنَّا بك يا إبراهيم لمحزونون:
وروي: أن إبراهيم ابن رسول الله "صلى الله عليه وآله" مات سنة عشر، وجزم به الواقدي، وقال: مات يوم الثلاثاء لعشر خلون من شهر ربيع الأول([22]).
وقالت عائشة: عاش ثمانية عشر شهراً([23]). وروي ذلك عن غير عائشة أيضاً.
وفي صحيح البخاري: أنه عاش سبعة عشر شهراً، أو ثمانية عشر شهراً على الشك([24]).
وعن البراء، وأنس، وجابر: توفي إبراهيم ابن النبي "صلى الله عليه وآله" وهو ابن ستة عشر شهراً أو ثمانية عشر شهراً([25]).
وقال محمد بن المؤمل: بلغ سبعة عشر شهراً وثمانية أيام([26]).
وقيل: توفي وهو ابن سنة وعشرة أشهر وستة أيام([27]).
وقيل: مات وهو له إحدى وسبعون ليلة([28]).
وروي عن مكحول، وعطاء، وعبد الرحمن بن عوف، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وقتادة، وأنس: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف، فانطلق به إلى النخل الذي فيه إبراهيم "عليه السلام"، فدخل وإبراهيم يجود بنفسه، فوضعه في حجره، فلما (مات) ذرفت عينا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال له عبد الرحمن بن عوف: تبكي يا رسول الله؟ أولم تنه عن البكاء؟
قال: "إنما نهيت عن النوح، وعن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجه، وشق جيب، ورنة شيطان"([29]).
وفي رواية: فلقد رأيته يكيد بنفسه، فدمعت عينا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول ما يسخط الرب، والله يا إبراهيم، إنا بك لمحزونون".
وعن أنس وأبي أمامة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي الله تعالى، والله إنا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون"([30]).
وعن أنس: لما قبض إبراهيم ابن النبي "صلى الله عليه وآله" قال لهم رسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا تدرجوه في أكفانه، حتى أنظر إليه"، فأتاه، فانكب عليه، وبكى([31]).
ونقول:
إن لنا هنا بعض الوقفات، أو الإيضاحات، وهي التالية:
فضائل ابن عوف:
إن تفويض عمر بن الخطاب لعبد الرحمن بن عوف أمر تعيين الخليفة من بعده، وهو الذي كان يعلم: أن هوى عبد الرحمن كان في عثمان، فاختار عثمان.. كان وراء سعي محبي عمر إلى تعظيمه، وتسطير الفضائل له.
فما دام أنه كان موضع ثقة ذلك الذي منحوه حبهم وإخلاصهم، فلماذا لا يسعى الفريق الأموي إلى التصدق على عبد الرحمن بن عوف ببعض فتات الفضائل، أو الأدوار التي لا تكلفهم شيئاً، لأنها تكون مسروقة من محبي علي "عليه السلام"، أو من أناس ليس لهم نشاط في تأييد ملكهم وسلطانهم، ولا في إضعاف أمر علي وأهل بيته "عليهم السلام"، الذين يرون أن لا بقاء، ولا قرار لحكمهم معهم..
الحكمة البالغة:
من المعلوم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن عقيماً، فقد ولد له من خديجة "عليها السلام" عدة أولاد، وقد ماتوا جميعاً، ولم يبق منهم سوى سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء"عليها السلام".
ومن المعلوم أيضاً: أنه لم يطرأ عليه العقم بعد خديجة "عليها السلام"، بدليل ولادة إبراهيم "عليه السلام" في أواخر سني حياته "صلى الله عليه وآله".
ثم إن من المعلوم كذلك: أنه بعد أن ولدت له خديجة ومارية لم يولد له من أي من نساء العرب الأخريات، حتى القرشيات، ولا من نساء سائر الأمم التي تدَّعي لنفسها أحوالاً ومقامات، فلم يولد له ممن يتصل نسبها ببني إسرائيل كصفية بنت حيي بن أخطب مثلاً، ربما منعاً لأي استغلال تضليلي من قبل أولئك الناس، الذين عرفوا بالإنتهازية، وبتحريف الكلم عن مواضعه، وبالمتاجرة حتى بالنصوص المقدسة، حتى إنهم كانوا {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللهِ}([32]).
ورغم كثرة النساء اللواتي تزوجهن رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقد كن من قبائل مختلفة، فإن الله تعالى لم يرزقه ولداً إلا من خديجة، ثم من جارية أهديت إليه من بلاد بعيدة، ليدل ذلك على سرٍّ إلهي في خديجة والزهراء "عليهما السلام"، مفقود في جميع النساء الأخريات، ولا يمكن أن يتوفر في أي ذرية تولد له "صلى الله عليه وآله" منهن.
بل ربما تكون ولادة وبقاء ذرية له من غير خديجة أمراً مضراً بالإسلام بدرجة يصعب على البشر تقدير حجم الخطر والضرر فيه..
ولذلك حُرِم سائر نسائه رغم كثرتهن من الولد. وتلك حكمة بالغة، وتسديد ولطف إلهي بالبشر كلهم، ولعل تصرفات عدد من نسائه "صلى الله عليه وآله" التي تعبر عن طموحات خطيرة، وعن نفسيات غير سليمة تظهر هذه الحقيقة بجلاء، ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك..
النياحة المنهي عنها:
وبعد.. فقد بين "صلى الله عليه وآله" سبب نهيه عن النياحة على الأموات، فقال ـ كما روي عنه ـ : "إنما نهيت عن النياحة، وأن يندب الميت بما ليس فيه".
ثم قال: "..وإنما هذه رحمة، ومن لا يَرحَم لا يُرحم يا إبراهيم، لولا أنه حق، ووعد صادق، ويوم جامع.."([33]).
ونقول:
1 ـ إن هذه الكلمات تدلنا على أنه "صلى الله عليه وآله" قد بكى رحمة منه لإبراهيم.
أي أن هذا البكاء كان استجابة منه "صلى الله عليه وآله" لشعور حرَّكته رؤية لحالة ضعف أو عجز، أو نقص وجده في ذلك الطفل تمثل فيما كان يعانيه إبراهيم من جهد أو ألم حين كان يصارع المرض، أو حين كان يجود بنفسه.
فلم يكن البكاء إذن لأجل شيء يعود لشخص رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فهو لا يبكي لأنه يفقد شيئاً يشعر أنه بحاجة إلى استمرار احتفاظه به، ولا لأن ذلك يورد عليه نقصاً، أو يسبب له عجزاً، أو يوجب له ألماً، وأذى كشخص.
وإذن، فهذا البكاء لم يكن أنانياً بل هو بكاء إنساني، إذ إن حالة إبراهيم لو وجدت في أي شخص آخر ـ قريباً كان أو غير قريب ـ فسيبكي له رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما بكى "صلى الله عليه وآله" على عثمان بن مظعون، وعلى الشهداء في مؤتة، وفي مناسبات أخرى.. لأن بكاءه بكاء الرحمة، وليس بكاء الحرص، أو الشعور بالنقص، أو للإحساس بالخسارة الشخصية.
وذلك كله يدلنا على كمال النبي "صلى الله عليه وآله" في ميزاته وخصائصه، وفي مشاعره، وأحاسيسه، الإنسانية. وعلى أن النبوة لا تمنع من هذا الكمال، بل هي ترسخه وتؤكده.
2 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أوضح ما قصده حين نهى عن النياحة، وأعطى الضابطة الصحيحة للحزن وللفرح على حد سواء.
فذكر "صلى الله عليه وآله": أن الحزن لا يبرر إطلاق الدعاوى الفارغة في الهواء، والكذب، ولا ينبغي أن يفسح المجال ليدخل إلى حياة الناس، ولو على مستوى التعبير عن العاطفة.. ولا يجوز أن يجعل وسيلة لسلو المحزونين، فإن الإحساس بنفع الكذب ولو بهذا المقدار يجرئ الناس على الاستفادة منه في كل موقع يرون أن لهم فيه فائدة شخصية، وتصبح الفائدة الشخصية هي المعيار عندهم في الحلال والحرام. وتضيع المعايير الواقعية، ويتلاشى تأثيرها.
الصوتان الفاجران الأحمقان:
وقد تضمنت النصوص المتقدمة: أنه "صلى الله عليه وآله" نهى عن صوتين فاجرين أحمقين: صوت عند نغمة لهو ولعب، ومزامير الشيطان، وصوت عند مصيبة خمش وجه، وشق جيب، ورنة شيطان"([34]).
وعن بكير بن عبد الله بن الأشج: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بكى على ابنه إبراهيم، فصرخ أسامة بن زيد، فنهاه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: رأيتك تبكي!!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "البكاء من الرحمة، والصراخ من الشيطان"([35]).
ونقول:
قد تقدمت الإشارة إلى بكاء الرحمة، وبكاء الفقدان. وأن البكاء الأول مطلوب ومحبوب، دون الثاني. وإلى أن النياحة المنهي عنها هي تلك التي تتضمن الأكاذيب والمبالغات غير المقبولة في شأن الميت..
وقد ذكر النص المشار إليه أعلاه أموراً أخرى في هذا السياق:
1 ـ فذكر النهي عن صوتين وصفهما بالفجور والحمق..
فأما الفجور فيهما، فلأنهما يتجاوزان حدود الشرع، ويستخفان العقل، ويلقيانه على قارعة الطريق، ويسلبانه أي أثر أو دور.
وأما الحمق فيهما، فلأنهما لا يخضعان لأي ضابطة أو ميزان عقلي. بل هما خارجان عن حدود المقبول والمعقول. فمسحة العقل تكون ضعيفة أو تكاد تكون معدومة فيهما، لأنهما إنما يعتمدان على إبعاد العقل عن الساحة، والتوجه نحو الغرائز، والأهواء لمخاطبتها واستثارتها.
2 ـ وقد اعتبر أن أول صوت أحمق فاجر هو صوت نغمات اللهو واللعب، حيث يتم إقصاء العقل، ويكون زمام الإنسان بيد هواه، وغرائزه، لأن العقل لا يرضى باللهو ولا باللعب، كما ان المزامير الشيطانية لا تخاطب العقل، لعدم وجود لغة مشتركة بينهما. بل هي تشطنه، وتقيده، وتمنعه من الحركة ومن التأثير..
وقد تقدم: أن الإسلام لا يريد أن تدخل أمثال هذه الأمور إلى حياة الناس، فإن ذلك من شأنه أن يفسدها، وأن يجعلها خاضعة لأمزجة الأشخاص، وأهوائهم، وميولهم الفردية، وانفعالاتهم.
يضاف إلى ذلك: أن للحياة واقعيتها، وثباتها، فلا يمكن بناؤها على اللهو واللعب، والعبث. ولا رسم حدودها وفق ردود فعل الأمزجة، والأهواء. ولا تحريكها بغير معايير العقل وضوابطه، ومن دون الاعتماد على هدايته ودلالته..
وهكذا الحال في حالات الحزن حين يرتكز إلى التصرف غير المتوازن، والذي تفرضه الإنفعالات غير المسؤولة، والتي تنتهي بتصرفات غير مبررة، ولا ينتج عنها إلا الأذى والخسران، لأنها مجرد حركات هستيرية، تكون ضابطتها عدم الإلتزام بضابطة، وقاعدتها إسقاط كل قاعدة.
وأما حين يتم اللجوء إلى الحركات المصطنعة، كذلك الصراخ الذي صدر عن أسامة بن زيد، ثم يكون المبرر الذي انتحله لنفسه هو رؤيته النبي "صلى الله عليه وآله" يبكي ولده إبراهيم، فإن الأمر يصبح أكثر حساسية وخطورة، فقد تبين أن أسامة قد تجاوز الحدود المقبولة والمعقولة في فهمه لبكاء النبي "صلى الله عليه وآله" على ولده، وأمعن في الإبتعاد عن مراميه وأهدافه حين استنتج منه أموراً ليس فقط لا تتوافق معه، وإنما هي في موقع النقيض منه..
فشتان ما بين البكاء الناشئ عن الرحمة، وبين الصراخ المصطنع، الخاوي من أية عاطفة، وإنما يُقْصَدُ به إثارة أجواء من الأسى والغم، وهي أجواء يجد الشيطان فيها مسرحاً لتسويلاته ومجالاً لإغواءاته، وجر الناس إلى مزالق ومهالك لم تكن تخطر لهم على بال.
ولذلك قال له النبي "صلى الله عليه وآله": "والصراخ من الشيطان".
الفصل الثاني:
النبي ' يعتزل نساءه أو يطلقهن
النبي ' يعتزل نساءه: كيف؟ ولماذا؟:
قال ابن عباس: كنت أريد أن أسأل عمر بن الخطاب عن قول الله عز وجل: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}([36])، فكنت أهابه، حتى حججنا معه حجة، فقلت: لئن لم أسأله في هذه الحجة لا أسأله، فلما قضينا [حجنا] أدركناه، وهو ببطن مرو، قد تخلف لبعض حاجاته، فقال: مرحباً بك يا ابن عم رسول الله "صلى الله عليه وآله". ما حاجتك؟
قلت: شيء كنت أريد أن أسألك عنه يا أمير المؤمنين، فكنت أهابك.
فقال: سلني عما شئت، فإنا لم نكن نعلم شيئاً حين تعلمنا.
فقلت: أخبرني عن قول الله تعالى: {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ} من هما؟
قال: لا تسأل أحداً أعلم بذلك مني، كنا بمكة لا يكلم أحدنا امرأته، إنما هي خادم البيت، فإن كان له حاجة سفع برجليها، فقضى حاجته، فلما قدمنا المدينة، تعلمن من نساء الأنصار، فجعلن يكلمننا ويراجعننا، وإني أمرت غلماناً لي ببعض الحاجة، فقالت امرأتي: بل اصنع كذا وكذا.
فقمت إليها بقضيب فضربتها به.
فقالت: يا عجباً لك، يا بن الخطاب! تريد أن لا تكلم؟! فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" تكلمه نساؤه.
فخرجت، فدخلت على حفصة، فقلت: يا بنية، انظري لا تكلمي رسول الله "صلى الله عليه وآله" ولا تسأليه، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليس عنده دينار ولا درهم يعطيكهن، فما كانت لك من حاجة حتى دهن رأسك فسليني.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا صلى الصبح جلس في مصلاه، وجلس الناس حوله حتى تطلع الشمس، ثم دخل على نسائه امرأة امرأة، يسلم عليهن، ويدعو لهن، فإذا كان يوم إحداهن جلس عندها، وإنها أهديت لحفصة بنت عمر عكة عسل من الطائف، أو من مكة، وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذا دخل يسلم عليها حبسته حتى تُلعقه منها، أو تسقيه منها. وإن عائشة أنكرت احتباسه عندها، فقالت لجويرية عندها، حبشية يقال لها خضراء: إذا دخل على حفصة فادخلي عليها، فانظري ما يصنع.
فأخبرتها الجارية بشأن العسل، فأرسلت عائشة إلى صواحبتها، فأخبرتهن، وقالت: إذا دخل عليكن فقلن: إنا نجد منك ريح مغافير.
ثم إنه دخل على عائشة، فقالت: يا رسول الله، أطعمت شيئاً منذ اليوم، فإني أجد منك ريح مغافير.
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" أشد شيء عليه: أن يوجد منه ريح شئ، فقال: هو عسل، والله لا أطعمه أبداً.
حتى إذا كان يوم حفصة قالت: يا رسول الله، إني لي إلى أبي حاجة، إن نفقة لي عنده، فأْذن لي أن آتيه.
فأذن لها.
ثم إنه أرسل إلى جاريته مارية، فأدخلها بيت حفصة، فوقع عليها، فأتت حفصة فوجدت الباب مغلقاً، فجلست عند الباب، فخرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو فزع، ووجهه يقطر عرقاً، وحفصة تبكي، فقال: ما يبكيك؟
فقالت: إنما أذنت لي من أجل هذا؟! أدخلت أمتك بيتي، ثم وقعت عليها على فراشي؟! ما كنت تصنع هذا بامرأة منهن، أما والله ما يحل لك هذا يا رسول الله.
فقال: والله، ما صدقت: أليس هي جاريتي، قد أحلها الله تعالى لي، أشهدك أنها علي حرام، ألتمس بذلك رضاك، انظري لا تخبري بذلك امرأة منهن، فهي عندك أمانة.
فلما خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله" قرعت حفصة الجدار الذي بينها وبين عائشة، فقالت: ألا أبشري، إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد حرم أمته، فقد أراحنا الله منها.
فقالت عائشة: أما والله، إنه كان يريبني أنه كان يقبل من أجلها، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكَ}([37]). ثم قرأ رسول الله "صلى الله عليه وآله": {وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ}([38])، فهي عائشة وحفصة.
وزعموا: أنهما كانتا لا تكتم إحداهما للأخرى شيئاً.
وكان لي أخ من الأنصار إذا حضرت، وغاب في بعض ضيعته، حدثته بما قال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإذا غبت في بعض ضيعتي، حدثني.
فأتاني يوماً وقد كنا نتخوف جبلة بن الأيهم الغساني([39])، فقال: ما دريت ما كان؟
فقلت: وما ذاك؟ لعله جبلة بن الأيهم الغساني، تذكر.
قال: لا، ولكنه أشد من ذلك، إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" صلى صلاة الصبح، فلم يجلس كما كان يجلس، ولم يدخل على أزواجه كما كان يصنع، وقد اعتزل في مشربته، وقد ترك الناس يموجون ولا يدرون ما شأنه، فأتيت والناس في المسجد يموجون ولا يدرون.
فقال: يا أيها الناس كما أنتم، ثم أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وهو في مشربته، قد جعلت له عجلة، فرقى عليها، فقال لغلام له، أسود، وكان يحجبه: استأذن لعمر بن الخطاب، فاستأذن لي.
فدخلت ورسول الله "صلى الله عليه وآله" في مشربته، فيها حصير وأهب معلقة، وقد أفضى بجنبه إلى الحصير، فأثر الحصير في جنبه، وتحت رأسه وسادة من أدم محشوة ليفاً، فلما رأيته بكيت.
قال: ما يبكيك؟
قلت: يا رسول الله، فارس والروم، أحدهم يضطجع في الديباج والحرير.
فقال: إنهم عجلت لهم طيباتهم، والآخرة لنا.
ثم قلت: يا رسول الله، ما شأنك؟ فإني قد تركت الناس يموج بعضهم في بعض، فعن خبر أتاك، فقال: اعتزلهن؟
فقال: لا، ولكن كان بيني وبين أزواجي شيء، فأحببت ألا أدخل عليهن شهراً.
ثم خرجت على الناس، فقلت: يا أيها الناس، ارجعوا، فإن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان بينه وبين أزواجه شيء فأحب أن يعتزل.
فدخلت على حفصة، فقلت: يا بنتي، أتكلمين رسول الله، وتغيظينه، وتغارين عليه؟
فقالت: لا أكلمه بعد بشيء يكرهه.
ثم دخلت على أم سلمة، وكانت خالتي، فقلت لها كما قلت لحفصة.
فقالت: عجباً لك يا عمر بن الخطاب، كل شيء تكلمت فيه، حتى تريد أن تدخل بين رسول الله "صلى الله عليه وآله" وبين أزواجه، وما يمنعنا أن نغار على رسول الله "صلى الله عليه وآله" وأزواجكم يغرن عليكم.
فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}([40]) حتى فرغ منها([41]).
وروي حديث المغافير عن عائشة بطريقة أخرى، فقد قالت: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يحب الحلوى، ويحب العسل. وكان إذا صلى العصر دار على نسائه، فيدنو منهن، فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس، فسألت عن ذلك، فقيل لى: أهدت لها امرأة من قومها عكة عسل، فسقت رسول الله "صلى الله عليه وآله" منه، فقلت: أما والله، لنحتالن له.
فذكرت ذلك لسودة، وقلت: إذا دخل عليك، فإنه سيدنو منك، فقولي له: يارسول الله، أكلت مغافر؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح؟
وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يشتد عليه أن يوجد منه ريح، فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط. وسأقول له ذلك، فقولي له أنت يا صفية.
فلما دخل على سودة قالت سودة: والذى لا إله إلا هو، لقد كدت أن أبادئه بالذى قلت لي، وإنه لعلى الباب فرقاً منك، فلما دنا رسول الله "صلى الله عليه وآله" قلت: يارسول الله أكلت مغافر.
قال: لا.
قلت: فما هذه الريح؟
قال: سقتني حفصة شربة عسل.
قلت: جرست نحله العرفط.
فلما دخل علي قلت له مثل ذلك، ثم دخل على صفية، فقالت له مثل ذلك، فلما دخل على حفصة قالت: يا رسول الله، ألا أسقيك منه؟
قال: لا حاجة لى به.
قال: تقول سودة: سبحان الله، والله لقد حرمناه.
قلت لها: اسكتي([42]).
حديث اعتزال النساء بطريقة أخرى:
وقد رووا حديث اعتزال النبي "صلى الله عليه وآله" لنسائه بطريقة، أو بطرائق أخرى، فيها الكثير من الخلل والوهن.. واستعراض جميع تلك الروايات، وبيان وجوه الإشكال فيها يحتاج إلى وقت وجهد لا نرى أننا نستطيع توفيرهما في هذا الظرف، فلا بد أن نقتصر على ما يتيسر لنا عرضه، آملين أن نوفق لدراسة هذه القضية في فرصة أخرى، فنقول:
إن أبا بكر وعمر دخلا على النبى "صلى الله عليه وآله" وهو جالس وحوله نساؤه، وهو ساكت، فقال عمر: لأكلمن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لعله يضحك.
فقال عمر: يا رسول الله، لو رأيت ابنة زيد (امرأة عمر) سألتنى النفقة آنفاً، فوجأت عنقها.
فضحك النبي "صلى الله عليه وآله" حتى بدا ناجذه، وقال: هن حولي يسألننى النفقة.
فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة كلاهما يقولان: تسألان النبي "صلى الله عليه وآله" ما ليس عنده؟!
فنهاهما رسول الله "صلى الله عليه وآله" عن هذا.
فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد هذا المجلس ما ليس عنده.
وأنزل الله الخيار، فبدأ بعائشة، فقال: إنى ذاكر لك أمراً ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك.
قالت: ما هو؟
فتلا عليها: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً}.
قالت عائشة: أفيك أستأمر أبوي؟ بل أختار الله ورسوله، وأسالك أن لا تذكر إلى امرأة من نسائك ما اخترت([43]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يخرج إلى الصلاة، فأطال الصحابة الوقوف ببابه، فلم يأذن لهم، ولم يخرج إليهم، فتفرقوا، وتمكن عمر من الدخول، فسأله عن الأمر.
فأخبره بأنهن سألنه ما ليس عنده.
فقال له عمر: يا نبي الله قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها بالأرض، لأنها سألتني ما ليس عندي..
ثم تذكر الرواية ما جرى.. وفيها: فاخترن أن لا يتزوجن بعده([44]).
النبي ' يهجر عائشة:
عن عائشة قالت: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" في سفر ـ وفي رواية: "حجة الوداع" ـ ونحن معه، فاعتل بعير لصفية، وكان مع زينب فضل، فقال لها رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن بعير صفية قد اعتل، فلو أعطيتها بعيراً لك!
قالت: أنا أعطي هذه اليهودية؟!
فغضب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهجرها بقية ذي الحجة، ومحرم، وصفر، وأياما من ربيع الأول، حتى رفعت متاعها وسريرها فظنت أنه لا حاجة له فيها، فبينما هي ذات يوم قاعدة نصف النهار، إذ رأت ظله قد أقبل، فأعادت سريرها ومتاعها([45]).
وعن أبي هريرة قال: هجر رسول الله "صلى الله عليه وآله" نساءه ـ قال شعبة: أحسبه قال: شهراً ـ فأتاه عمر بن الخطاب، وهو في غرفة، وهو على حصير قد أثر الحصير بظهره، فقال: يا رسول الله، كسرى يشربون في الذهب والفضة، وأنت هكذا؟!
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنهم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، ثم قال رسول الله "صلى الله عليه وآله": الشهر هكذا، وهكذا وهكذا، وكسر في الثالثة الإبهام([46]).
قال الصالحي الشامي:
تنبيهات:
الأول: سبب نزول قوله تعالى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا}([47]): أن نساء النبي "صلى الله عليه وآله" سألنه في عرض الدنيا ومتاعها أشياء، وطلبن منه زيادة في النفقة، وأذينه بغيرة بعضهن بعضاً، فهجرهن رسول الله "صلى الله عليه وآله" وآلى (أي حلف) لا يقربهن شهراً ولم يخرج إلى أصحابه، فقالوا: ما شأنه وكانوا يقولون: طلق رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فقال عمر: لأعلمن لكم شأنه، فاستأذن عليه "صلى الله عليه وآله" كما تقدم.
الثاني: قال في (زاد المعاد): وطلق رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وراجع، وآلى إيلاء مؤقتاً بشهر، ولم يظاهر أبداً، وأخطأ من قال: إنه ظاهر خطأً عظيماً، وإنما ذكر هنا تنبيهاً على ذكر خطائه ونسبته إليه ما أمره الله تعالى به([48]). انتهى.
ونقول:
أولاً: إن ما ذكره الصالحي الشامي، من أن أزواج النبي "صلى الله عليه وآله" قد سألنه زيادة في النفقة يأباه صريح الروايات التي تقدمت، والتي تقول: إنهن سألنه النفقة، وقد تقدمت الرواية بذلك آنفاً([49]).
وذلك يدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قصر في أداء ما يجب عليه لهن. وحاشاه من ذلك.
ثانياً: إن الله عز وجل قد وعدهن بالرزق الكريم إن أطعن الله ورسوله. فقال: {وَمَن يَقْنُتْ مِنكُنَّ لِلَهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُّؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً}([50]).
وهذا يدل على: أن القضية لم تكن قضية نفقة، وإنما هي قضية طاعة وانقياد..
ثالثاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يبادي من تطلب منه حقها بهذا النحو من الشدة، فيعتزلها، ويهم بطلاقها. بل هو يلين لها ويعترف لها بحقها، ولا يحرمها من ليلتها مدة شهر كامل.. فيكون بذلك قد ظلمها، واستأثر بما لا يحق له الاستئثار به. فلماذا لا يبقى معهن، ويؤدي لهن حقهن؟! فإذا صمم على طلاقهن، فإنه يمتنع عن غشيانهن، إلى أن يتمكن من تسريحهن بإحسان، بعد ان يصبح ذلك ممكناً من الناحية الشرعية..
رابعاً: إن عدم تمكنه من الإنفاق لا يستلزم حلفه على طلاقهن، فيمكنه أن يطلقهن، أو أن يطلق من يشاء منهن، من دون حاجة إلى هذا الحلف.
خامساً: إن تصميمه على الطلاق حتى لو كان قد حلف عليه، واعتزل نساءه لا يستوجب أن ينقطع عن أصحابه، وأن يمتنع من الإذن لهم بالدخول عليه.. وما إلى ذلك.
سادساً: هل صحيح أنه كان لا يقدر على الإنفاق عليهن جميعاً؟! أم أنه كان يقدر على الإنفاق على بعضهن؟!
وفي كلتا الصورتين: كيف ومن أين كنّ زوجاته "صلى الله عليه وآله" ينفقن على أنفسهن؟!
هل كن يتسولن في الأزقة والشوارع؟! أم كن ينفقن من أموالهن؟! مع علمنا: بأنهن لم يكنّ يملكن أموالاً. فما الذي تغير حتى أعرض عن اعتزاله لهن؟!
النبي ' يضحك لضرب عمر لزوجته؟:
وذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد ضحك حين أخبره عمر بن الخطاب: بأنه ضرب زوجته حتى ألصقت خدها بالأرض، أو لأنه وجأ عنقها!
وهذا غريب حقاً، فإن المفروض بالنبي "صلى الله عليه وآله": أن يغضب من فعل عمر هذا، وأن يعترض على عمر، ويبادر إلى تأنيبه على هذا الجرم الذي اقترفه، إن لم نقل: إن المطلوب هو أكثر من ذلك أيضاً..
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" ـ حسب زعمهم ـ حين تخلف عن هذا الواجب، لم يكتف بهذا التخلف، والسكوت عن هذا المنكر، بل هو ـ حسب روايتهم المزعومة ـ قد ضحك له، وأفرحه ما صدر من عمر بن الخطاب، من ظلم وعدوان على امرأة ضعيفة، لم يزل النبي "صلى الله عليه وآله" يوصي بمثيلاتها، حيث يقول ـ حتى في مرض موته ـ: أوصيكم بالضعيفين. (يريد النساء وما ملكت يمينكم)([51]).
على أن ما ذكره عمر لا يتضمن ما يستوجب التبسم، فضلاً عن أن يضحك حتى يبدو ناجذه..
فهل كان ضحكه هذا شماتة بتلك المرأة المظلومة والمستضعفة، وابتهاجاً بهذا الظلم والطغيان العارم؟!
حاشا رسول الله "صلى الله عليه وآله" وألف حاشا..
ثم إنهم يقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يزيد في ضحكه عن التبسم، فلماذا بلغ الأمر به إلى الضحك حتى بدا ناجذه؟!
التناسب.. والإنسجام:
على أن ما تقدم: من أن زوجة عمر اعترضت عليه فيما أمر به غلمانه فضربها، فأخبرته باعتراض نساء النبي "صلى الله عليه وآله" عليه.. لا يتناسب مع ما زعمته الرواية نفسها، من أنه خرج فدخل على حفصة، وطلب منها أن لا تطلب من النبي "صلى الله عليه وآله" شيئاً، إذ ليس عنده درهم ولا دينار. فراجع.
حديث الإعتزال بسبب عائشة وحفصة:
ونجد عمر بن الخطاب يؤكد على: أن اعتزال النبي "صلى الله عليه وآله" لنسائه قد كان بسبب عائشة وحفصة، حين تظاهرتا عليه، ولم يذكر لنا سبب ذلك سوى بعض اجتهاداتٍ منه، حول أن نساء الأنصار كنّ يراجعن أزواجهن، فتعلمت سائر النساء منهن ذلك([52]).
أو أن الموضوع موضوع العسل، الذي ادَّعت بعض نسائه: أن فيه ريح مغافير..
ونقول:
1 ـ إنه إذا كان المذنب هو عائشة وحفصة، فلماذا اعتزل "صلى الله عليه وآله" جميع نسائه؟
ألا يدل ذلك: على أنه "صلى الله عليه وآله" قد رأى أن ثمة تواطؤاً فيما بينهن على أمر عظيم ـ وإن كانت عائشة وحفصة هما المحركتان لباقي النساء؟!
2 ـ يضاف إلى ذلك: أن مجرد مراجعة المرأة لزوجها لا تستدعي هذا الإجراء القوي..
3 ـ إنه يبدو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان حين انقطع عن المسلمين يريد أن يشرك سائر المسلمين في التصدي لهذا الأمر العظيم، حتى إن جماعة منهم كانوا حول المسجد يبكون.
وهذا معناه: أنه أمر يعنيهم، ويؤثر على حياتهم ودينهم، وليس مجرد أمر شخصي أو شيء يرتبط بأمور الدنيا.
4 ـ يضاف إلى ذلك: أنه لو صحت قضية المغافير، فذلك يدعوه إلى اعتزال النساء اللواتي شاركن في ذلك، دون النساء اللواتي لم يشاركن فيه..
5 ـ وحديث مارية، إنما يختص بحفصة، فلماذا يعتزل سائر النساء من أجل كلام تكلمت به حفصة دون سواها؟!
6 ـ وقد ذكر لحفصة: أنه يحل له أن يقارب جاريته، فلماذا عاد وحرم جاريته على نفسه، وهي لا ذنب لها؟!
7 ـ على أن في روايات ابن عباس عن عمر تناقضاً، فهل ذكر عمر لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه صك وجه، أو وجأ عنق زوجته؟!
وأن الزوجة التي تعرضت لهذا أو ذاك هي ابنة زيد، أو هي جميلة بنت ثابت.
هجر النبي ' لعائشة:
تقدم عن عائشة: أن بعير صفية في حجة الوداع قد اعتل، فطلب النبي "صلى الله عليه وآله" من عائشة أن تعطيها بعيراً، فقالت: أنا أعطي هذه اليهودية، فهجرها النبي حوالي ثلاثة أشهر..
والظاهر هو: أن هذه قضية أخرى حدثت لرسول الله "صلى الله عليه وآله" مع زوجاته، وخصوصاً عائشة وما أكثر أمثال هذه القضايا في حياة هذه المرأة مع رسول الله "صلى الله عليه وآله".
غير أن ما يؤسف له هو: محاولة جعل بعض نصوص هذه الرواية قادرة على أن توهم قارئها: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يعتزل عائشة، إنما اعتزل المرأة التي أهانتها عائشة، فراجع([53]).
الإصرار على تضييع الحقيقة:
والذي يضحك الثكلى روايتهم عن أبي جعفر، أنه قال: قال نساء رسول الله "صلى الله عليه وآله": ما نساء أغلى مهوراً منا.
فغار الله لنبيه "صلى الله عليه وآله"، فأمره أن يعتزلهن، فاعتزلهن تسعة وعشرين يوماً، ثم أمره أن يخيّرهن فخيّرهن([54]).
ولا ندري كيف صار هذا سبباً لهذا التدخل الإلهي القوي، فإن مجرد قولهن: ما نساء أغلى مهوراً منا.. إن كان صحيحاً في نفسه، فهو لا يوجب هذا الإجراء الحازم والصارم.
وإن لم يكن صحيحاً، وظهر أنه كان في مهور النساء آنئذٍ ما هو أغلى من مهورهن، فكان يكفي أن يقول لهن: إن هذا القول غير صحيح..
ولكن الذي نظنه هو: أن هولاء يريدون التعمية على الأسباب الحقيقية التي دعت النبي "صلى الله عليه وآله" إلى اتخاذ هذا الإجراء، الذي خلده الله تعالى في كتابه الكريم إكراماً لنبيه، وإزراء على من اجترأ على مقام النبوة والرسالة، وأساء إليها..
الحقيقة المنقوصة:
وفي حين فشل الحسن (البصري) في تبيان حقيقة سبب ما جرى، فأبهمه أيما إبهام، فإن قتادة يكاد يقترب من إظهاره، ولعله هو الآخر، عاد فتراجع، ربما لأنه لا يريد أن يعرض نفسه لخطر عظيم، وبلاء جسيم.
فعن الحسن، وقتادة: أن الله تعالى أمر نبيه أن يخيرهن في شيء كن أردنه من الدنيا.
وقال عكرمة: في غيرة كانت غارتها عائشة([55]).
ولكن مجرد الغيرة من عائشة لا تكفي، لو لم تكن هناك تصرفات وأقوال هائلة أخرى، قد رافقت ذلك.
وربما يكون حديث الآيات عن الفاحشة، والتوعد عليها بمضاعفة العذاب في هذه المناسبة حيث قال: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ}([56]) يقوي ويؤيد رواية القمي حول هذا الأمر، بالإضافة إلى روايات أخرى أشارت إلى: أن النساء قد اتخذن من غيرة ـ عائشة على ما يظهر ـ سبباً للتعدي إلى ما هو أشرّ وأضرّ، وهو ما أشارت إليه رواية الخدري وجابر، فقد جاء في تفسير قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآَخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}([57])، فاخترن أن لا يتزوجن بعده([58]).
وهذا يشير إلى: أن القضية كانت ترتبط بهذا الأمر، وأعني به أمر الزواج بعده "صلى الله عليه وآله"، وهو أمر يمس شرف الرسول "صلى الله عليه وآله" ورسالته وهو ما توضحه الرويات الآتية.
يضاف إلى ذلك: أن هذه الآية الشريفة تظهر بمفردها، ولو لم تعضدها أية رواية أخرى: أن القضية ليست قضية نفقة، فإن عدم النفقة لا يستوجب رفضهن لرسول الله "صلى الله عليه وآله".. وليست قضية غيرة لعائشة أو لحفصة من مارية أو من غيرها، فإن الغيرة معناها إرادة التفرد بالزوج، ورفض مشاركة أمرأة أخرى لها فيه، وهذه الآية تقول: أنهن كنّ لا يردن الله ورسوله، بل يردن غير الرسول، وكن لا يردن الآخرة، بل يردن الحياة الدنيا وزينتها، وهذا بدوره يؤكد لنا مضمون رواية القمي الآتية في العنوان التالي..
الصحيح في القضية:
وبعد.. فقد أوضح علي بن إبراهيم حقيقة القضية، فقال: لما رجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من غزاة خيبر، وأصاب كنز آل أبي الحقيق، قلن أزواجه: أعطنا ما أصبت.
فقال لهن رسول الله "صلى الله عليه وآله": قسمته بين المسلمين على ما أمر الله.
فغضبن من ذلك، وقلن: لعلك ترى إن طلقتنا ألَّا نجد الأكفاء من قومنا يتزوجونا؟!
فأنف الله لرسوله، فأمره الله أن يعتزلهن.
فاعتزلهن رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مشربة أم إبراهيم تسعة وعشرين يوماً، حتى حضن وطهرن، ثم أنزل الله هذه الآية، وهي آية التخيير، فقال:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ}([59]) الآية.
فقامت أم سلمة أول من قامت، فقالت: قد اخترت الله، واخترت رسوله.
فقمن كلهن فعانقنه، وقلن مثل ذلك، فأنزل الله: {تُرْجِي مَنْ تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشَاءُ}.
فقال الصادق "عليه السلام": من آوى فقد نكح، ومن أرجى فقد طلق([60]).
وقد أيدت رواية جابر وأبي سعيد الخدري التي تقدمت الإشارة إليها آنفاً: أن القضية كانت تدخل في هذا الإتجاه، أعني مسألة زواجهن بعده "صلى الله عليه وآله"، مما يعني: أن غضب الله لرسوله، وغضب النبي لشرف الرسالة، وكرامة الرسول "صلى الله عليه وآله" هو السبب لهذا الإعتزال..
وقد لاحظنا في روايات هواة التبرير والتعذير: أنهم يسعون جاهدين لإبهام هذا الأمر. والتحايل على الألفاظ والعبارات من أجل صرف الأنظار إلى جهات أخرى، فظهرت حيرتهم، وبدا عيّهم، وأظهر الله الحقيقة على لسان أهل البيت "عليهم السلام" وشيعتهم، بل إن مصادرهم لم تخل من إشارات إليها، ودلالات عليها كما أوضحناه..
ويؤيد هذا الذي قلناه: روايات أخرى، يمكن أن يستفاد منها: أن غيرة عائشة التي أشار إليها قتادة، كانت هي التي دعت زينب بنت جحش للتصريح بما كن قد تواطأن عليه، فاستحققن هجران الرسول "صلى الله عليه وآله" لهن، حتى يطهرن تمهيداً لفراقهن بالطلاق ليظهر عدوانهن الفاحش عليه، وعلى كرامته ودينه، فإن شرف الرسالة والرسول، فوق كل اعتبار.
ويمكن للقارئ الكريم أن يلاحظ الرويات التالية أيضاً:
1 ـ روي عن الإمام الصادق "عليه السلام": "أن زينب قالت لرسول الله "صلى الله عليه وآله": "لا تعدل وأنت رسول الله"؟
فقالت حفصة: "إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا".
فاحتبس الوحي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" عشرين يوماً.
قال: فأنف الله تعالى لرسوله، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً، وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآَخِرَةَ فَإِنَّ اللهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}([61]).
قال فاخترن الله ورسوله، ولو اخترن أنفسهن لبِنَّ، وإن اخترن الله ورسوله، فليس بشيء"([62]).
2 ـ وفي نص آخر عن الإمام الصادق "عليه السلام": "أن زينب بنت جحش قالت: يرى رسول الله "صلى الله عليه وآله" إن خلَّى سبيلنا أن لا نجد زوجاً غيره.
وقد كان اعتزل نساءه تسعاً وعشرين ليلة، فلما قالت زينب الذي قالت بعث الله جبرئيل إلى محمد "صلى الله عليه وآله"، فقال: {قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا..}"([63]).
3 ـ وفي نص آخر عن أبي بصير، عن أبي جعفر "عليه السلام": أن زينب لما قالت: إن طلقنا وجدنا في قومنا أكفاءنا، احتبس الوحي عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" تسعاً وعشرين ليلة([64]).
4 ـ وعن زرارة، عن أبي حعفر "عليه السلام" نحوه، وفيه: أنه اعتزلهن في مشربة أم إبراهيم تسعاً وعشرين ليلة، ثم دعاهن فخيرّهن، فاخترنه([65]).
قضية المغافير دليل سمو وعظمة:
والذي نلاحظه أخيراً: أن قضية المغافير رغم أنه "صلى الله عليه وآله" يعرف أنها قائمة على التجني والإفتراء، فإنه كان يستشم رائحة العسل بمجرد أن يوضع أمامه، وحين شروعه بتناوله..
نعم.. رغم معرفته بالحقيقة، ورغم الإهانة الهائلة التي وجهت له، ورغم التعدي السافر على مقام النبوة، وكرامة الأنبياء، فإنه بقي يعامل أولئك الذين فعلوا ذلك كله بهذا الخلق الرضي، وبهذا الإيثار القوي.. رغم أنه أشد الناس رهافة حس، وأعظمهم شعوراً بالأذى، وأكثرهم اهتماماً بتأييد الدين، واندفاعاً إلى حفظ نواميسه، وصيانة قدسيته..
ولذلك يقول الله تعالى له: كم أنت عظيم الوفاء، ورؤوف ورحيم.. تقابل الإساءة بالإحسان، الخطيئة بالغفران، والأذى والمساءة بالشفقة والرضا والحنان..
طلاق سودة:
ومما يدخل في سياق نسبة ما لا يليق إلى رسول الله، ما زعموه: من أن النبي "صلى الله عليه وآله" طلق سودة بنت زمعة تطليقة، فجلست في طريقه فلما مرَّ سألته الرجعة، وأن تهب قسمها لأي من أزواجه شاء، رجاء أن تبعث يوم القيامة زوجته، فراجعها، وقبل ذلك منها.
أو قالت: واجعل يومي لعائشة، فراجعها([66]).
وهناك رواية تقول: إن سودة حين أسنّت فرِقت أن يفارقها "صلى الله عليه وآله"، فقالت: يا رسول الله، يومي لعائشة.
فقبل "صلى الله عليه وآله" ذلك منها([67]).
وقيل: إن آية: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً} نزلت في قضية سودة([68]).
ونص آخر يقول: إنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يطلقها، فقالت: دعني في أزواجك، واجعل يومي لعائشة، ففعل "صلى الله عليه وآله"([69]).
وصرحت بعض هذه النصوص: بأنها وهبت يومها لعائشة تبتغي بذلك رضا النبي "صلى الله عليه وآله"([70]).
ونقول:
1 ـ إن ملاحظة الروايات المتقدمة: تظهر مدى الإختلاف فيما بينها، وخصوصاً في بيان الدافع لهبتها يومها لعائشة، فهل الدافع لها هو: أنها خافت من أن يطلقها بعد أن أسنت؟!
أو لأنه طلقها بالفعل؟!
أو أنه أراد أن يطلقها فعلاً؟!
2 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن ليطلق امرأة لمجرد أنها أسنت، وقد أسنت خديجة عنده، ولم يطلقها.
3 ـ إنه إن صح: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد طلق سودة، أو أراد أن يطلقها، فلعله لأمر اقتضى ذلك..
ولعلها أساءت الأدب معه "صلى الله عليه وآله" بسبب حدتها التي كانت فيها، وقد أشارت لها عائشة، ولذلك كانت تسرع فيها اللعنة، كما زعمت عائشة([71]).
والظاهر: أن المقصود هو: أنها كانت كثيراً ما تعمل عملاً يوجب المبادرة إلى لعنها..
وقد تقدم في كتابنا هذا: ما يدل على أنها حين رأت سهيل بن عمرو أسيراً في بدر، وكانت أولاً زوجة أخيه السكران بن عمرو، قالت سودة لسهيل: أأعطيتم بأيديكم؟ هلَّا متم كراماً؟
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": يا سودة، أعلى الله ورسوله؟
فاعتذرت له([72]).
وأما نزول آية: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً} في قضية سودة، فيرد عليه:
أولاً: إن ذلك يستلزم الإنتقاص من مقام النبوة الأقدس.
ثانياً: عن عائشة: نزلت هذه الآية {وَالصُّلْحُ خَيْرٌ..} في رجل كانت تحته إمراة قد طالت حجتها، وولدت منه أولاداً، فأراد أن يستبدل بها، فراضته على أن يقيم عندها، ولا يقيم لها([73]).
ولم يكن لسودة أولاد من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن يريد أن يستبدل بها، بل هم يدَّعون: أنها فَرِقَتْ أن يطلقها.
ثالثاً: عن مجاهد: إن الآية نزلت في أبي السنابل بن بعكك([74]).
رابعاً: رووا عن أبي هريرة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: من كانت له امرأتان فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط([75]).
فهل يمكن أن نتصور سودة تخاف من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يميل، أو أن يعرض عنها، ويكون هذا حاله يوم القيامة؟!
وألا يعد ذلك من أسباب الطعن في دين من يتوهم في النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك؟!
خامساً: ذكروا: أن آية خوف النشوز والإعراض من الزوج قد "نزلت في امرأة رافع بن خديج، وهي: بنت محمد بن مسلمة، التي كانت قد أسنت، فتزوج عليها امرأة شابة، فأعجب بها، فطالبته زوجته الأولى، فعرض عليها أن تكون لها ليلة، ولتلك يومان أو ثلاثة، فلم ترض، فطلقها تطليقة، فرضخت لقوله، فراجعها، فشحت نفسها بنصيبها، ولم تطق ذلك، فطلقها الثانية، فشحت نفسها أيضاً، ثم رضيت بالصلح، واستقرت على ما عرضه عليها، فلم يستطع هو أن يعدل بينهما، فنزلت: {وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ المَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالمُعَلَّقَةِ}([76])"([77]).
رضا النبي ' أم رضا عائشة!!
وقد زعمت بعض الروايات المتقدمة: أن سودة قد وهبت يومها لعائشة، تبتغي بذلك رضا رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
والذي نظنه هو: أنها كانت بذلك تطلب رضا عائشة، لا رضا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد وجدت في عائشة ما يجعلها تخشى من أي حالة جفاء لها معها.
ويكفي أن نتذكر: كيف لطخت عائشة وجهها بحريرة (نوع من الطعام) كان في قصفة أتت بها عائشة، وذلك بحضور رسول الله، لمجرد أنه "صلى الله عليه وآله" جلس بينهما([78]).
بل هي قد صرحت: بأنها كانت تخاف من عائشة لدرجة أنها رضيت بالإقدام على الكذب، وعلى أذى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فرقاً منها، أنها كانت قد أمرتها بذلك، فراجع قصة المغافير التي تقدمت([79]).
فلعلها رأت: أن من مصلحتها أن ترشو عائشة بأمر تعلم أنه يرضيها، وتستريح من كثير من المشكلات، التي كان يجب أن تتوقعها وتواجهها، ولا تملك حيلة للتخلص منها..
سبب طلاق سودة:
إنه لو صح: أنه "صلى الله عليه وآله" قد طلق سودة، فلا بد أن تكون قد ارتكبت حماقة كبرى بالجرأة على مقامه الأقدس، وتواطئها مع أقرانها على رسول الله "صلى الله عليه وآله" إذ ليس من الطبيعي أن يتحملها رسول الله "صلى الله عليه وآله" تلك السنيين الطويلة، ويغض الطرف حتى حينما كانت تؤنب سهيل بن عمرو على فشله مع المسلمين في حرب بدر، وتقول له: هلَّا متم كراماً؟ ثم يطلقها لسبب تافهٍ وشخصي بعد ذلك..
من الذي خدع مليكة الكندية؟!:
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" تزوج في السنة الثامنة في شهر رمضان مليكة بنت كعب الكندية. وكانت ذات جمال بارع، وكان خالد بن الوليد قد قتل أباها يوم الفتح، فقالت لها عائشة: ألا تستحين؟! تتزوجين رجلاً قتل أباك؟!
فقالت: فكيف أصنع؟
فقالت: استعيذي بالله منه.
فاستعاذت، فطلقها([80]).
إننا لسنا بحاجة إلى التذكير: بأن أمثال هذه الأمور قد تكررت من عائشة، التي لم تسلم من لسانها ومن أذاها أي من زوجات رسول الله "صلى الله عليه وآله".
حتى إنها قد لحقت حتى الأموات منهن في قبورهن، رغم أنها لم تجتمع معهن في بيت الزوجية أبداً.
فقد نالت من أفضل نساء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وهي السيدة خديجة في أكثر من مناسبة، وسمعت من رسول الله "صلى الله عليه وآله" الرد الحاسم والقوي الذي لم تكن تتوقعه فيما يظهر..
وقد تقدم ذلك في بعض فصول هذا الكتاب.
طلقها قبل أن يدخل بها:
عن عطاء بن يزيد الجندعي، قال: تزوج رسول الله "صلى الله عليه وآله" مليكة بنت كعب الليثي في شهر رمضان سنة ثمان، ودخل بها، فماتت عنده([81]).
ونقول:
إن هذه الرواية مردودة بما يلي:
أولاً: بضعف سندها([82]).
ثانياً: قال الواقدي: وأصحابنا ينكرون ذلك، ويقولون: لم يتزوج رسول الله "صلى الله عليه وآله" كنانية قط([83]) وعن الزهري والكلبي مثله.
ثالثاً: قد ذكر أبو معشر استعاذة مليكة من رسول الله، وطلاقه "صلى الله عليه وآله" لها، وقال: "فجاء قومها، فقالوا: يا رسول الله، إنها صغيرة، وإنها لا رأي لها، وإنها خدعت، فارتجِعها".
فأبى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فاستأذنوه أن يتزوجها قريب لها من بني عذرة، فأذن لهم، فتزوجها العذري([84]).
أسماء بنت النعمان ضحية أخرى:
ولم تكن مليكة هي الضحية الوحيدة، التي وقعت في هذا الفخ، بل شاركتها في ذلك أسماء بنت النعمان الجونية، فقد أراد النبي "صلى الله عليه وآله" أن يتزوجها، فجعلت عائشة وحفصة تصلحان من شأنها، فقالتا لها: إن النبي "صلى الله عليه وآله" يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول: أعوذ بالله منك.
فلما خلا بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" قالت له ذلك، فخرج عنها، وأرسلها إلى أهلها، ومتعها برازقيتين (نوع من الثياب) وطلقها([85]).
وطلاق هذه المرأة هو الأنسب بحالها والأقرب إلى الرفق بها. فإن بقاءها في بيت النبي "صلى الله عليه وآله" سوف يمكّن هاتين المرأتين، وغيرهن من النساء اللواتي يتحركن بوحي منها أضحوكة وموضعاً للسخرية والإستهزاء، وفي معرض الأذى في أكثر من اتجاه.
الفصل الثالث:
أحداث وقضاي
عتَّاب بن أسيد يحج بالناس:
وأقام "صلى الله عليه وآله" بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب([86]).
قالوا: وحج بالناس في تلك السنة ـ وهي سنة ثمان ـ عتَّاب بن أسيد.
وذلك: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لما فتح مكة استعمله عليها للصلاة والحج([87])، فحج بالناس تلك السنة على ما كان عليه الناس في الجاهلية([88])، ثم كانت غزوة تبوك.
ونقول:
قد يقال: لماذا لم يبقَ "صلى الله عليه وآله" في مكة إلى ذي الحجة الذي أصبح على الأبواب، ولم يكن قد بقي لحلوله سوى أيام قليلة، ليحج هو بالناس؟!.
مع أنه "صلى الله عليه وآله" حين عاد إلى المدينة لم يقم بعمل أساسي، طيلة أكثر من سبعة أشهر.
وقد يمكن أن يكون الجواب: أنه "صلى الله عليه وآله" يريد أن يتلافى ما كان قد جرى في مؤتة، بإفهام الروم، وخصوصاً بعد فتح مكة، وامتداد نشاطه إلى مناطق اليمن: أنه بعد مؤتة لم ينكفىء إلى الداخل، لأنه يشعر بالضعف والعجز عن مواجهتهم، وأن مؤتة لم تفرز لديه شعوراً من هذا القبيل، بل توجه إلى الداخل ليهييء أسباب القوة، وليزيل أعتى قوى الشرك في المنطقة، ثم هو بعد ذلك لم يزل راصداً لتحركات كل من تحدثه نفسه بالعدوان، أو بالإنتقاص من حقه، وحق أهل الإسلام، بل وسائر المستضعفين في الأرض.
صنع المنبر لرسول الله ':
وقد ذكروا في جملة أحداث السنة الثامنة: صنع المنبر لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد أن كان يقف حين يخطب عند جذع كان هناك. فلما ترك النبي "صلى الله عليه وآله" الجذع سمعوا له حنيناً..
وقد تقدمت هذه القضية بشيء من التفصيل في أحداث السنة السابعة للهجرة، فأغنانا ذلك عن الإعادة هنا.
موت النجاشي:
وذكروا في أحداث السنة التاسعة للهجرة في شهر رجب موت النجاشي ملك الحبشه، واسمه أصحمة. وأن النبي "صلى الله عليه وآله" أخبر المسلمين بموته في نفس اليوم الذي مات فيه. وصفَّهم وصلى عليه، وكبّر عليه أربع تكبيرات، وقال: استغفروا لأخيكم([89]).
ولكننا قد تحدثنا عن هذا الأمر في أحداث السنة السابعة. فراجع فصل: شخصيات.. وأحداث إلى عمرة القضاء.
وقلنا: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كبر عليه خمساً.. وذكرنا تفاصيل أخرى تحسن مراجعتها.
بيع بعض المسلمين أسلحتهم:
قالوا: وفي السنة التاسعة باع بعض المسلمين أسلحتهم، وقالوا: انقطع الجهاد.
فقال "صلى الله عليه وآله": لا ينقطع الجهاد حتى ينزل عيسى بن مريم([90]).
ونقول:
إن في بيع هؤلاء أسلحتهم دلالة واضحة على قصر نظرهم وعدم التزامهم بتوجيهات قيادتهم، فهم قد باعوا أسلحتهم دون أن يراجعوا النبي "صلى الله عليه وآله" ليستجيزوه بذلك، أو ليعرفوا رأيه فيما يقدمون عليه..
ثم إن مما يؤكد ضيق أفق تفكيرهم: أنهم ظنوا أن أقصى ما يريده الله ورسوله هو: دخول الإسلام إلى مكة والحجاز، ولا شيء أكثر من ذلك، مع أن الله تعالى لم يزل يقول لنبيه الكريم: إنه مرسل للبشرية جمعاء، فقد قال تعالى: {نَذِيراً لِّلْبَشَرِ}([91])، {لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}([92])، {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}([93])، {وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ}([94])، {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}([95]) وغير ذلك..
ودخول جزيرة العرب في الإسلام، وردُّ تحديات سكانها، وسقوط الشرك، واستسلام رموزه لا يعني شمول دعوة الإسلام للعالم كله، ولا يمنع من ظهور تحديات أعتى وأقوى من قبل قوى الإستكبار في دولتي الأكاسرة والقياصرة وسواهما، ممن يمكن أن يجد في نفسه القوة لمواجهة أهل الإيمان.
كعب بن زهير في محضر رسول الله ':
وبعد انصراف النبي "صلى الله عليه وآله" من الطائف قدم كعب بن زهير على النبي "صلى الله عليه وآله" فأنشده قصيدته التي أولها:
بانـت سعاد فقلبي اليـوم متـبـول مـتـيـم إثــرهــا لم يـفـد مكبـول
وأسلم بعد أن كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد أهدر دمه([96]).
وقد روى البيهقي، وأبو بكر محمد بن القاسم بن بشار، وأبو البركات عن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الأسعد الأنباريان، قال: خرج كعب وبجير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العراف (العراق)، فقال بجير لكعب: أثبت في عجل هذا المكان، حتى آتي هذا الرجل، يعني رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأسمع ما يقول.
فثبت كعب، وخرج بجير، فجاء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فسمع كلامه فآمن به.
وذلك: أن زهير بن أبي سلمى ـ فيما يزعمون ـ كان يجالس أهل الكتاب، فسمع منهم أنه قد آن مبعث نبي.
ورأى زهير في منامه: أنه قد مد سبباً من السماء، وأنه قد مد يده ليتناوله ففاته، فأوله بالنبي "صلى الله عليه وآله" يبعث، وأنه في آخر الزمان لا يدركه، وخبّر بنيه بذلك، وأوصاهم إن أدركوا النبي "صلى الله عليه وآله" أن يسلموا.
ولما اتصل خبر إسلام بجير لأخيه أغضبه ذلك، فقال:
ألا أبـلـغـن عني بجـيراً رسـالــة فهل لك فيما قلت ويحك هل لكـا
فـبـين لنـا إن كنـت لست بفاعـل عـلى أي شـيء غـير ذلـك دلك
على خلق لم تلق (تلف) أماً ولا أباً عـلـيـه ولم تـدرك عـلـيه أخاً لك
فإن أنـت لم تفـعـل فلست بآسف ولا قـائـل إمـا عـثـرت لعـاً لكــا
سقـاك بهـا المــأمــون كأسا روية فانهـلـك المـأمـون مـنـها وعلكا([97])
وفي الإستيعاب:
شـربـت بكـأس عنـد آل محـمـد وانـهـلـك المـأمـور فيها وعلكا([98])
وبعث بها إلى بجير، فلما أتت بجيراً كره أن يكتمها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأنشده إياها، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "سقاك بها المأمون! صدق، وإنه لكذوب، وأنا المأمون".
وأهدر دمه، وقال: من لقي كعباً فليقتله، فكتب بجير إلى أخيه يذكر أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أهدر دمه، وقال: من لقي كعباً فليقتله، وليقول له: النجاء، وما أراك تنفلت.
ثم كتب إليه بعد ذلك: اعلم أن رسول الله لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله إلا قبل ذلك منه، وأسقط ما كان قبل ذلك، فإذا جاءك كتابي هذا فأسلم، وأقبل([99]).
وذكر ابن إسحاق: أن بجيراً كتب إليه:
فمن مبـلـغ كعبـاً فهل لك في التي تـلـوم عـلـيـها باطلاً وهي أحـزم
إلى الله لا العزى ولا اللات وحـده فـتـنـجو إذا كـان النجاء وتسـلـم
لدى يوم لا تـنـجو ولست بمفلت من الناس إلا طـاهر القلب مسلم
فـديـن زهـير وهـو لا شـيء دينـه وديـن أبـي سـلـمـى عـليّ محــرم
فلما بلغ كعباً الكتاب ضاقت به الأرض، وأشفق على نفسه. وأرجف به من كان في حاضره من عدوه، فقالوا: هو مقتول، فلما لم يجد من شيء بداً قال قصيدته التي مطلعها:
بانـت سعـاد فـقـلبي اليوم متبول مـتـيـم إثـرهـا لم يـفـد مـكـبول([100])
قال العسقلاني: وأسلم كعب، وقدم حتى أناخ بباب المسجد، قال: فعرفت رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالصفة، فتخطيت حتى جلست إليه فأسلمت، ثم قلت: الأمان يا رسول الله، أنا كعب بن زهير.
قال: أنت الذي تقول، والتفت إلى أبي بكر، فقال: كيف قال.
فذكر الأبيات الثلاثة، فلما قال: فانهلك المأمور، قلت: يا رسول الله، ما هكذا قلت، وإنما قلت: المأمون.
قال مأمون والله، وأنشده القصيدة([101])..
إلى أن يقول فيها:
نـبـئـت أن رسـول الله أوعـدني والـعـفو عنـد رسـول الله مـأمول
وفيها:
إن الـرسـول لنـور يستضاء بـه مـهـنـد من سيـوف الله مسـلــول
فكساه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بردة له، فاشتراها معاوية من ولده، فهي التي يلبسها الخلفاء في الأعياد.
وقد مدح فيها المهاجرين، ولم يذكر الأنصار، وفيها:
في فتية من قريش قـال قائلـهم بـبـطـن مـكـة لمـا أسلموا زولـو
فكلمته الأنصار، فصنع فيهم شعراً([102]).
ونقول:
إن لنا هنا بعض الوقفات والإيضاحات، وهي كما يلي:
رواية لا تصح:
ذكرت بعض الروايات: أن كعب بن زهير قدم المدينة، فسأل عن أرقّ أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فدل على أبي بكر، فأخبره خبره، فمشى أبو بكر، وكعب على أثره، وقد التثم، حتى صار بين يدي النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: رجل يبايعك.
فمد النبي "صلى الله عليه وآله" يده، فمد كعب يده، فبايعه وأسفر عن وجهه، فأنشده قصيدته..([103]).
وهي رواية نشك في صحتها، وذلك لما يلي:
أولاً: إن ما تقدم عن العسقلاني يبين: أن كعباً قد وصل مباشرة إلى رسول "صلى الله عليه وآله"، ولم يتوسط له أحد، لا أبو بكر، ولا غيره.
ثانياً: إن الوساطة التي تذكرها هذه الرواية لم يكن لها أثر، حيث إن الرجل جاء ملثماً، وقد مشى إلى النبي "صلى الله عليه وآله" حتى صار عنده فبايعه، ولم نجد أبا بكر قد شفع له، أو تكلم في أمره، أو هوّن من جرمه، أو دفع أحداً عنه، أو نحو ذلك.
ثالثاً: هل صحيح أن أبا بكر كان أرقّ أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! فلماذا إذن أصرّ على حرب الذين لم يعترفوا بخلافته، وسفك دماءهم، وسبى نساءهم، بل أباح تلك النساء لقائد جيشه خالد بن الوليد، ليزني بهن في ليلة قتل أزواجهن، كما جرى لزوجة مالك بن نويرة، حيث زنى خالد بزوجته بعد قتله مباشرة، واعتبر أبو بكر فاعل ذلك سيف الله المسلول على أعدائه، ومنحه وسام الإجتهاد، لكي يثيبه على فعله هذا ثواباً واحداً على الأقل.
ولم تتحرك عاطفة أبي بكر، ولم تظهر رقته لرأس مالك بن نويرة، وهو يجعل أثفية للقِدْرِ التي كان خالد يهيّيء فيها وليمة زناه بزوجة ذلك المقتول صاحب الرأس في ليلة قتله.
رابعاً: هل كان أبو بكر أرق من رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! وهل يحتاج النبي "صلى الله عليه وآله" إلى من يرققه على الآخرين، في حين أنه هو الذي صرحت الآيات: بأن نفسه كانت تذهب حسرات على من يتخذ سبيل الشرك والإنحراف، حتى لقد خاطبه الله تعالى بقوله: {فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ}([104])، وقال سبحانه: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً}([105]).
إلا أن يقال: إن كعب بن زهير كان لا يعرف الكثير عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
خامساً: قد صرحت الروايات المتقدمة: بأن بجيراً قد ذهب إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وأسلم، ثم كتب إلى أخيه كعب بن زهير يخبره بأن من عادة النبي "صلى الله عليه وآله": أنه لا يأتيه أحد يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، إلا قبل ذلك منه، وأسقط ما كان قبل ذلك([106]).
فلماذا يريد ترقيق رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟! ولماذا يبحث عن أرقّ رجل في المدينة؟! فإنه كان يعلم أن المشكلة محلولة..
وإنما قدم كعب إلى المدينة على هذا الأساس.
سادساً: قد يقال: إن كعباً إنما خاف أن يقتله أحد من المسلمين تنفيذاً لأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، الذي أهدر دمه، فكان يحتاج إلى من يحميه من الناس إلى أن يصل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وجوابه: أن هذا غير وارد، فإن المفروض: أن كعباً قد دخل المدينة، وصار يسأل عن أرق الناس، حتى وصل إلى أبي بكر، ولم يقتله أحد.. فلماذا لا يصل إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بنفس الطريقة؟! وهل كان وصوله إلى أبي بكر أيسر من وصوله إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
على أنهم يذكرون: أنه جاء إلى النبي "صلى الله عليه وآله" متلثماً، ولم يعترضه أحد، فماذا لو أنه أتى إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" متلثماً من أول الأمر، وقبل أن يوسط أحداً من الناس.
سابعاً: قال القسطلاني: إن كعب بن زهير "لما لم يجد من شيء بداً قال قصيدته التي يمدح بها رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ويذكر خوفه، وإرجاف الوشاة به من عدوه، ثم خرج حتى قدم المدينة، فنزل على رجل كانت بينه وبينه معرفة، من جهينة. فغدا به إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: هذا رسول الله، فقم إليه واستأمنه.
فقام حتى جلس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فوضع يده في يده ـ وكان "صلى الله عليه وآله" لا يعرفه، فقال: يا رسول الله، إن كعب بن زهير قد جاء ليستأمنك تائباً مسلماً، فهل أنت قابل منه، إن انا جئتك به؟
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": نعم.
قال: أنا يا رسول الله كعب بن زهير".
قال ابن إسحاق: فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة: أنه وثب عليه رجل من الأنصار وقال: يا رسول الله، دعني وعدو الله أضرب عنقه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": دعه عنك، فإنه قد جاء تائباً نازعاً.
قال: فغضب كعب على هذا الحي من الأنصار لما صنع به صاحبهم([107]).
ثم ذكر شطراً من قصيدته حتى انتهى إلى قوله الذي يمدح فيه قريشاً ويهجو الأنصار، وهو:
في عـصـبـة من قـريـش قـال قائلها بـبـطـن مـكـة لمـا أسلـموا زولو
يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم ضـرب إذا عـرّد السـود الـتـنابيل
قال ابن إسحاق: قال عاصم بن عمرو بن قتادة: فلما قال كعب: "إذا عرد السود التنابيل"، وإنما عنى معشر الأنصار لما كان صاحبهم صنع به، وخص المهاجرين بمدحته، غضب عليه الأنصار، فقال بعد أن أسلم يمدح الأنصار:
مـن سـره كـرم الحيـاة فـلا يــزل في مـقـنـب من صـالحي الأنصـار
البـاذلـين نـفـوسـهـم لـنـبـيـهم يـوم الهـيـاج وفـتـيـــة الأحـبـار
والضاربين الناس عن أحياضهم بـالمـشـرق وبـالـقـنـــا الخـطــار
والـنـاظـريـن بـأعـين محـمـــرة كـالجمر غــير كـلـيـلـة الأبصـار
يـتـطـهـرون كـأنـه نـسـك لهـم بـدمـاء مـن عـلـقـوا مـن الكفار
لـو يـعـلـم الأقـــوام علمي كله فيهم لصدقـني الـذيـن أمــاري([108])
فهذا النص يشير إلى أمرين:
أحدهما: أن كعب بن زهير قد أعد قصيدته قبل أن يقدم المدينة، ويدخل على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ثم تلاها عليه "صلى الله عليه وآله" في نفس هذا المجلس، فلا يصح زعم هذا النص أنه قد هجا الأنصار في هذه القصيدة بالذات، لأجل أن أحدهم لما رآه عند النبي "صلى الله عليه وآله" قال له: دعني وعدو الله أضرب عنقه.
الثاني: إنه يقول: إن كعباً قد نزل على رجل من جهينة كانت بينه وبينه معرفة، فأخذه الجهني إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فلا يصح قولهم: إنه نزل على أبي بكر، وإن أبا بكر هو الذي اصطحبه إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
لماذا أهدر النبي ' دم كعب:
وعن سبب إهدار النبي "صلى الله عليه وآله" دم كعب بن زهير نقول:
لقد كان للشعر تأثيره العميق، وللشعراء دورهم الحساس في حياة الناس، وفي مشاعرهم وفكرهم، وبلورة مواقفهم. فالشاعر يستطيع أن يكون له دوره القوي، والفاعل ـ بل والحاسم أحياناً ـ في هداية الناس وضلالهم، وفي عزهم وذلهم، وإلحاق الخزي والعار بهم، لمجرد اختراع اخترعه، أو حديث وهمي ابتدعه، أو إفك صنعه، أو بهتان وضعه.
فالشاعر تاجر فاجر، يتاجر بأعراض الناس، ويبتزهم، ويعتدي على كراماتهم بالظلم والطغيان، وبالإفك والبهتان عليهم في وضح النهار، من دون أن يرمش له جفن، أو أن يتكدر له خاطر..
والشاعر يوقظ غرائز الناس ويثيرها، ويستخف عقولهم، ويتلاعب بأهوائهم، والشاعر معتد أثيم، وعتل زنيم. يقول ما لا يفعل، ويخوض مع الخائضين، ويهيم في ظلمات الجهل، ووهم الهوى مع الهائمين..
قال تعالى: {وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ}([109]).
وكان كعب بن زهير قد شرع يحرك حربة شعره التضليلي، الذي يرتكز إلى الإفك والبهتان، وينضح بالإثم والعدوان ليسددها إلى قلب الهدى، وعنوان السداد والرشاد، ليختطف منه نوره الباهر، ووضوحه وبهاءه الظاهر، ليجعله أسيراً بأيدي الأهواء، حيث تتحكم به النفوس الطامحة وهي غارقة في حمأة شهواتها، ورهينة لدى الغرائز الجامحة في نزواتها.
وقد كان خُلُق رسول الله "صلى الله عليه وآله" آية من آيات الجمال والكمال، الذي شهد به القاصي والداني، واعترف به العدو والصديق.
ورغم كل الحقد الذي كان يعتلج في صدورهم، فإن ذلك الخلق الرضي كان يجتذبهم إلى هذا الدين، ويزيل غيظهم، ويذهب بحقدهم، لأنه كان يلامس وجدانهم، ويخاطب عقولهم، وينسجم مع فطرتهم.
وقد حاول كعب بن زهير: أن يستخف عقول الناس، ويستثير فيهم أهواءهم وغرائزهم، لكي يهيمن على مشاعرهم، ويقيم الحواجز والسدود التي تعزل ضمائرهم وفطرتهم، وتحجبها عن ملامسة ذلك الخلق الرضي، حتى لا يبقى للناس سبيل هداية، ولا بصيص نور رشاد، ولا سداد، من دون أن يقدم أي مبرر لفعله هذا، مهما كان تافهاً وسخيفاً، سوى أن خُلُق النبي "صلى الله عليه وآله" يخالف خُلُق الآباء ومن تابعهم، فقال:
على خلق لم تلق (تلف) أماً ولا أباً عـلـيـه ولم تـدرك عـليـه أخـاً لك
إن كعب بن زهير قد اقترف بفعله الرخيص هذا أعظم الجرائم، وأقبحها، من حيث إنه يريد أن يحرم الناس من الحياة ويسوقهم إلى البوار والهلاك، في الدنيا والآخرة، فلماذا لا يهدر النبي "صلى الله عليه وآله" دمه؟! ويأمر كل من رآه بأن ينفذ حكم الله فيه؟! إلا أن يتوب وينيب إلى الله، ويتخلى عن هذا الظلم الظاهر، والعدوان السافر على الناس في أعز شيء لديهم.. فإن {مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً}([110]).
معاوية.. وبردة كعب:
وقد ذكرت النصوص المتقدمة: شراء معاوية من ولد كعب بن زهير تلك البردة التي كساها النبي "صلى الله عليه وآله" كعباً. وأن الخلفاء كانوا يلبسونها في الأعياد.
ولكن مما لا شك فيه: أن معاوية لم يكن من أهل الإعتقاد برسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى الحد الذي يدعوه للتبرك بآثاره، والإهتمام بشرائها وتوريثها لمن بعده.. كيف!! وهو الذي أقسم على دفن اسم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإسقاطه من الأذان.. فقال حين سمع الأذان: لا والله، إلا دفناً دفناً([111]).
وقد كان معاوية من الطلقاء، ومن طلاب الدنيا، وقد تآمر على عثمان حتى قتل، وحارب وصي رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ويكفيه: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" دعا عليه؛ بأن لا يشبع الله له بطناً([112]).
وقد لعنه ولعن أباه وأخاه، فقال: لعن الله الراكب، والقائد، والسائق([113]).
فشراء معاوية للبردة إنما هو لأجل أن يتخذ منها شركاً يصطاد به قلوب الناس، ويعمِّي عليهم الأمور، وليوحي لهم: بأنه يقدِّس الرسول، ويحفظ آثاره، ويتبرك بها.
كعب وقريش.. لا الأنصار:
وقد تقدم: أن كعب بن زهير مدح قريشاً في قصيدة بانت سعاد، ولم يذكر الأنصار، فلم يرق ذلك للأنصار، فكلموه في ذلك، فقال فيهم شعراً..
وما نريد أن نشير إليه هنا هو: أن ذكر كعب لقريش في قصيدته، وهو يعلم: أن قريشاً لم تزل تحارب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى فتح مكة، يشير إلى هيمنة قريش على عقول الناس في المنطقة، وإلى أن أحداً منهم لا يجرؤ على تخطيها.
ولعله إنما ذكر قريشاً في قصيدته لكي يأمن جانبها، ويسلم من غوائل غضبها عليه، حين يمدح عدوها.. كما أن إهمال الأنصار ربما يكون لإرضاء قريش أيضاً، لكي لا يثير حفيظتها ضده..
وهذا يشير أيضاً: إلى أن ما حققه المسلمون بقيادة رسول الله "صلى الله عليه وآله" من انتصارات هائلة على اليهود والمشركين وقريش، لم يستطع أن يزيل كل آثار ذلك الإنبهار والضعف أمام الهيمنة القرشية.. ولعل هذه الآثار قد بقيت إلى ما بعد عشرات السنين من ذلك التاريخ.
مثلهم في ذلك كمثل الذي يكون عبداً لرجل، ثم يعتقه، فإن شعوره بالضعف أمام الذي كان سيده لا يزول بسهولة، بل يبقى عبر السنين والأحقاب، بعد حصوله على حريته.
وقد لاحظ الإسلام هذه الخصوصية وراعاها في أحكامه التي شرعها لهذه الحالات كما يعلم بالمراجعة..
عمر.. والصلاة على ابن أُبي:
وفي السنة التاسعة، في شهر ذي القعدة، وبعد أن رجع النبي "صلى الله عليه وآله" من تبوك مات عبد الله بن أُبي، بعد أن مرض عشرين يوماً([114]).
وقيل: قتل في السنة الخامسة من الهجرة([115]).
فعن عمر بن الخطاب، وابن عباس: أنه لما مات عبد الله بن أُبي بن سلول سأل ابنه عبد الله النبي "صلى الله عليه وآله" أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه.
فلما قام رسول الله "صلى الله عليه وآله" وثب عمر، فأخذ ثوبه "صلى الله عليه وآله"، وقال: أعلى عدو الله عبد الله بن أُبي القائل كذا وكذا والقائل كذا وكذا الخ..؟!
(أو قال: يا رسول الله، أتصلي على ابن أُبي، وقد قال يوم كذا وكذا وكذا؟! ثم عدد عليه قوله).
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أخر عني يا عمر!
فلما أكثرت عليه قال: إني خُيِّرت فاخترت، لو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها([116]).
وفي نص آخر: ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه، فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والله ورسوله أعلم، فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ}([117]).
وفي نص آخر للبخاري: "فلما أراد أن يصلي جذبه عمر، فقال: أليس الله نهاك أن تصلي على المنافقين؟
فقال: أنا بين خيرتين"([118]).
وفي نص آخر: فقال "صلى الله عليه وآله": وأين؟
فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ..}([119]).
فقال: فإني سأزيد على سبعين.
فأنزل الله: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ..} الآية.. فأرسل إلى عمر فأخبره([120]).
وفي نص آخر: لما توفي عبد الله بن أبي بن سلول جاء ابنه عبد الله إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فسأله أن يعطيه قميصه ليكفنه فيه، فأعطاه، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليصلي عليه، فقام عمر، فأخذ بثوب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فقال: يا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أتصلي عليه وقد نهاك ربك أن تصلي على المنافقين.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إنما خيرني الله تعالى، وقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً..} وسأزيد على السبعين.
قال: إنه منافق.
فصلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ..} فترك الصلاة عليهم([121]).
وفي نص آخر عن عمر: "فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره"([122]).
وفي بعض الروايات: أن ابن أُبي هو الذي طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" قميصه ليكفن فيه، وأنه "صلى الله عليه وآله" نفث في جلده، ودلاه (ونزل) في قبره([123]).
وربما يكون قد طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك في حياته، ثم أكد ولده هذا الطلب بعد وفاته، وكذلك الحال بالنسبة لما قيل: من أن ابن أُبي: أوصى أو طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يكفنه وأن يصلي عليه ([124]).
ونقول:
أولاً: إن سياق رواياتهم المزعومة تلك يعطي: أن القرآن قد نزل بموافقة عمر، وتخطئة رسول الله "صلى الله عليه وآله".. ولا شك في أن هذا من ترهاتهم وأباطيلهم الجريئة، التي تهدف إلى الحط من مقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" من أجل رفع شأن عمر بن الخطاب، فما أشبههم بذلك الذي يحرق البلاد والعباد من أجل أن يشعل سيجارة.
ثانياً: لقد تحدثت الروايات أن عمر يواجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأمر ليس له واقع، وهو: أن الله تعالى قد نهاه عن الصلاة على المنافقين..
وقد رد النبي "صلى الله عليه وآله" ذلك: بأن الله تعالى لم ينهه، وإنما خيّر بين أمرين..
بل تقدم: أنه "صلى الله عليه وآله" سأل عمر، فقال: أين؟
فلما قرأ آية الإستغفار لهم بيَّن له رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن الآية لا تدل على ذلك.
ونحن لا يمكن أن نقبل بأن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخطأ في فهم الخطاب الإلهي، ففسره بغير معناه..
والصحيح هو: أن الذي أخطأ في فهم الخطاب الإلهي، هو عمر بن الخطاب نفسه.. وأخطأ خطأً آخر يمس جوهر العقيدة، حين نسب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الخطأ في فهم وحي الله تبارك وتعالى، أو حين واجهه باتهامه بأنه يخالف أمر الله تعالى له بعدم الصلاة على المنافقين.
ثالثاً: إن الأخطر من ذلك كله.. أنه لم يقبل من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل أصر على منعه، وأخذ بثوبه، وقام في صدره يصده عما يريد فعله.
بل إن النبي "صلى الله عليه وآله" أمره بأن يؤخر عنه، فلم يفعل، بل أصرَّ وأصَّر حتى أكثر عليه، حتى أخبره بأن الله تعالى قد خيره..
فلماذا لا يمتثل أمر النبي "صلى الله عليه وآله"، ويصرّ على فرض رأيه عليه؟!
أم أنه يرى أن الله تعالى قد أخطأ حين خيَّر نبيه، وأن عليه سبحانه وتعالى أن يبدل أمره هذا ليوافق رأي عمر؟!
ولماذا يقدم بين يدي رسول الله "صلى الله عليه وآله"، والله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللهَ وَرَسُولِهِ}([125]).
فهل كان يرى نفسه أعلم من النبي "صلى الله عليه وآله"، أو أن رأيه أصوب من رأيه؟!
أم أنه يرى أن النبي "صلى الله عليه وآله" يفعل المنكر، ويريد أن ينهاه عنه؟!
رابعاً: إن قوله تعالى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً..} لا يقصد به النهي عن الإستغفار، بل المقصود هو: بيان أن هذا الإستغفار لا ينفع المنافقين، ولا يوجب المغفرة لهم من الله في الآخرة.
ولكن ذلك لا يعني أن لا تكون له فوائد ومنافع أخرى، كما سنشير إليه عن قريب.
خامساً: إن النهي عن الصلاة على المنافقين إنما نزل بعد قصة الصلاة على ابن أُبي بالإجماع([126]).
فكيف يتهم النبي "صلى الله عليه وآله" بأنه منهي عن الصلاة عليهم.
سادساً: فإنهم يقولون: إنه قد كانت لابن أُبي يد عند رسول الله "صلى الله عليه وآله"([127]). وأحب أن يكافئه عليها.
وقد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" يطلب من الله أن لا يكون لكافر ولا لمشرك عليه يد يستحق عليها الشكر والمكافأة، فلو كان منافقاً لكان مشركاً، فكيف تكون له يد عند رسول الله "صلى الله عليه وآله".
عمر يندم على ما صدر منه:
وقد روي عن الشعبي: أن عمر كان بعد ذلك يقول: أصبت في الإسلام هفوة ما أصبت مثلها قط. أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يصلي على عبد الله بن أُبي، فأخذت بثوبه، فقلت له: والله، ما أمرك الله بهذا، لقد قال الله لك: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً..}.
قال: "فقال رسول الله: خيرني ربي، فقال: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً..}.." ([128]).
واللافت هنا: أن الأمر لا يقتصر على ابن أُبي إذ إن الروايات تتحدث عن اعتراضات أخرى على رسول الله "صلى الله عليه وآله" في صلاته على آخرين من الصحابة أيضاً، فراجع.. ([129]).
لماذا يصلي النبي ' على ابن أُبي؟!:
وقد ذكرنا فيما سبق: أنه يبدو أن ثمة تضخيماً لشأن ابن أُبي في موضوع النفاق، حتى لقد اعتبروه رأس المنافقين في المدينة، لكي يهونوا بذلك من شأن نفاق غيره.
والذي يظهر لنا من هذه الواقعة: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يريد بصلاته هذه تحقيق عدة أمور، نذكر منها:
1 ـ أن يكرم عبد الله بن عبد الله بن أُبي "رحمه الله"، ويدفع عنه أذى بعض الناس، الذين كان يروق لهم إذلال أهل الإيمان، بذكر آبائهم بما يراه الناس من أسباب التنقص للأبناء.
2 ـ روي: "أنهم ذكروا القميص، فقال النبي "صلى الله عليه وآله": وما يغني عنه قميصي وصلاتي؟ والله، إني لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من الخزرج الخ.."([130]).
وهذا النص يشير إلى: أن الخزرج لم يكونوا كلهم قد دخلوا في الإسلام إلى ذلك الوقت.
3 ـ إن المروي بسند صحيح عن الحلبي، عن أبي عبد الله "عليه السلام": أن النبي "صلى الله عليه وآله" دعا عليه، ولم يدع له([131]).
ولعلك تقول: إن الدعاء عليه لا ينسجم مع ما ذكر آنفاً من أن الغرض هو تكريم ابنه عبد الله بن عبد الله بن أُبي..
ولا مع منع أَلْسِنَةِ السوء من أن تؤذي ابنه.
ولا مع ترغيب الخزرج بالإسلام، حتى إنه "صلى الله عليه وآله" ليرجو أن يسلم بسبب إلباسه قميصه أكثر من ألف منهم!!
والجواب: إن الدعاء لا يجب أن يكون بصورة معلنة وظاهرة، بحيث يسمعه سائر الناس، فلعله أخفت في صلاته، أو في دعائه عليه فقط.
الفصل الرابع:
من سرايا السنة الثامنة
بداية ضرورية جداً:
قد نبهنا أكثر من مرة، ونعود على تأكيد التنبيه على أن السرايا التي كان يرسلها رسول الله "صلى الله عليه وآله" في مختلف الإتجاهات لم تكن سرايا غازية، تهدف إلى قتل الناس وقهرهم، وتقويض أمنهم، أو سلب حريتهم، وسبي ذراريهم ونسائهم، والإستئثار بأموالهم والإستيلاء على ديارهم..
لأنه "صلى الله عليه وآله" كان قبل كل شيء نبياً رسولاً، ومن أهم واجبات الأنبياء والرسل، هو: إبلاغ الناس بأمر نبوتهم، وإيقافهم على حقيقة دعوتهم، وإقامة الحجة عليهم، فإذا حالت فئة ظالمة بينهم وبين هذا الأمر، فلا بد من ردعها عن ظلمها وبغيها هذا، فإذا لجأت إلى العنف والقتال، ولم يكن بد من التصدي ورد التحدي، فلا بد من إسقاط مقاومتها، إذا توفرت القدرة على ذلك.
وهذا بالذات هو ما كان يجري مع سرايا رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد كانت في أكثرها سرايا دعوة، لا سرايا حرب وقتال، وكان باقيها عمليات وقائية، تهدف إلى صد عدوان قد أعد الآخرون له العدة، وجمعوا الجموع للقيام به..
وهذا حق مشروع؛ إذ لا مجال للإنتظار والتراخي حتى يورد العدو ضربته، ويرتكب جريمته، ويحقق أهدافه، فإن هذا سوء في الرأي، وعجز في التدبير، وفشل في السياسة، وتفريط في الأمانة، يصل إلى حد الخيانة..
وقد صرحت النصوص في الموارد المختلفة: بأن السرية الفلانية كانت سرية بلاغ ودعوة، وسنجد في هذا الفصل بعضاً من هذه التصريحات أيضاً.. فإلى ما يلي من أحداث ومطالب.
سرية الطفيل إلى ذي الكفين:
قال ابن سعد: قالوا: لما أراد رسول الله "صلى الله عليه وآله" المسير إلى الطائف، بعث الطفيل بن عمرو إلى ذي الكفين، صنم من خشب، كان لعمرو بن حُمَمَة الدَّوْسي، ليهدمه.
وأمره أن يستمد قومه، ويوافيه بالطائف.
فخرج سريعاً إلى قرية، فهدم ذا الكفين، وجعل يحش النار في وجهه ويحرقه، ويقول:
يـا ذا الـكَـفَـين لست من عبَّادكـا مـيـلادنـا أقــدم مـن مـيـلادكــا
إنــي حـشـوت الـنـار في فـؤادك
وانحدر معه من قومه أربعمائة سراعاً، فوافوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالطائف، بعد مقدمه بأربعة أيام، وقدم بدبابة ومنجنيق.
وقال: "يا معشر الأزد من يحمل رايتكم"؟
فقال الطفيل: من كان يحملها في الجاهلية، النعمان بن الرازية اللهبي.
قال: "أصبتم"([132]).
وقد كان ذلك في شوال سنة ثمان([133]).
ونقول:
1 ـ قد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل في حنين علياً "عليه السلام" لهدم الأصنام، فهدمها، ثم وافاه في الطائف.. فلماذا لم يهدم ذا الكفين؟
وهذا يجعلنا نشك كثيراً في صحة هذه المزاعم.
2 ـ قولهم: إنه قدم معه أربع مائة رجل سراعاً. لو فرضنا أنه صحيح، فهو لا يعني أنهم قد أسلموا، فقد قال مغلطاي: "وقدم معه أربعة مسلمون"([134]).
بل كلام مغلطاي هذا يدل على: أن جميع من قدم معه هو أربعة نفر فقط، لا أربع مائة..
3 ـ وبعد أن أورد النبي "صلى الله عليه وآله" ضربته بغطفان، على يد علي أمير المؤمنين "عليه السلام"، وانقسمت فلولهم إلى ثلاثة أقسام، فإنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن بحاجة إلى المدد، خصوصاً من قوم مشركين؟! ما دام أن المشركين أصبحوا في حالة ضعف وانكسار، ولم يتكبد المسلمون في تلك الحرب خسائر يحتاجون معها إلى طلب المدد من غيرهم..
4 ـ قد أظهرت حرب حنين:
أن الجيش الذي كان يزيد على عشرة الآف مقاتل لم يغن شيئاً، بل انهزم كله عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
وأن هزيمة المشركين إنما كانت على يد رجل واحد، وهو علي بن أبي طالب "عليه السلام" وحده.. فلماذا يصر رسول الله "صلى الله عليه وآله" على طلب المدد من الدوسيين المشركين؟!
سرية ذات أطلاح:
وذكروا في جملة أحداث سنة ثمان: سرية كعب بن عمير إلى ذات أطلاح من الشام، فأصيب هو وأصحابه([135]).
وبما أننا قد تحدثنا عن هذه السرية في الجزء الثامن عشر من هذا الكتاب، فإننا نحيل القارئ على ذلك الجزء، إن أحب الإطلاع على تفاصيل ما جرى..
بعث قيس بن سعد إلى صداء:
قال ابن إسحاق: لما رجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الجعرانة سنة ثمان بعث قيس بن سعد بن عبادة إلى ناحية اليمن، وأمره أن يطأ صداء، فعسكر بناحية قناة في أربع مائة من المسلمين.
فقدم رجل من صداء، فسأل عن ذلك البعث، فأخبر به، فجاء رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقا ل: "يا رسول الله، جئتك وافداً على من ورائي فاردد الجيش، فأنا لك بقومي".
فردهم من قناة.
وخرج الصدائي إلى قومه، فقدم منهم بعد ذلك خمسة عشر [رجلاً] فأسلموا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إنك مطاع في قومك يا أخا صداء".
فقال: بل الله هداهم. ثم وافاه في حجة الوداع بمائة منهم.
وهذا الرجل هو الذي أمره رسول الله "صلى الله عليه وآله" في سفر أن يؤذن، ثم جاء بلال ليقيم، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن أخا صداء هذا أذَّن، ومن أذَّن فهو يقيم"([136]).
واسم أخي صداء هذا: زياد بن الحارث([137]).
وفي سياق آخر ذكروا: أنه بعد أن ضمن زياد بن الحارث للنبي "صلى الله عليه وآله" إسلام قومه كتب إليهم كتاباً، فقدم وفدهم بإسلامهم([138]).
وذكروا أيضاً عن زياد هذا: أنه قال للنبي "صلى الله عليه وآله": "وقلت: ألا تؤمرني عليهم؟
فقال: بلى.
فكتب إلي كتاباً يؤمرني.
قلت: مر لي بشيء من صدقاتهم، فكتب.
وكان في سفر له، فنزل منزلاً، فأتاه أهل ذلك المنزل يشكون عاملهم، فقال: لا خير في الأمارة لرجل مؤمن.
ثم أتاه آخر، فقال: اعطني.
فقال: من سأل الناس عن ظهر غنى، فصداع في الرأس، وداء في البطن.
فدخل في نفسي من ذلك شيء، فأتيته بالكتابين([139]).
وهناك روايات أخرى ذكرت: أن (حبان بن بَحّ) الصدائي قال: إن قومي كفروا، فأخبرت أن النبي "صلى الله عليه وآله" جهز إليهم جيشاً، فأتيته، فقلت: إن قومي على الإسلام.
فقال: أكذلك؟
قلت: نعم.
قال فاتبعته ليلة إلى الصباح، فأذنت بالصلاة لما أصبحت، وأمَّرني عليهم، وأعطاني صدقتهم.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": لا خير في الأمرة.. قال: إن الصدقة صداع في الرأس، وحريق في البطن، أو داء.
فأعطيته صحيفتي، أو صحيفة إمرتي وصدقتي"([140]).
ونقول:
1 ـ إن الإختلافات بين هذه النصوص ظاهرة بأدنى تأمل، فلا حاجة إلى الإفاضة فيها..
2 ـ قد يقال: إنه لا مجال لقبول ما ذكر آنفاً: من أن زياداً طلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يؤمره على قومه، فأمره عليهم..
لأن النبي "صلى الله عليه وآله" هو الذي يقول جواباً على طلب مشابه لرجلين من الأشعريين: إنَّا لا (لن) نستعمل على عملنا من أراده([141])، فكيف يولي زياداً هذا العمل بعد ان طلبه منه زياد؟!
إلا أن يقال: إن المقصود هو: أنه "صلى الله عليه وآله" لا يولي عمله ذلك الشخص الذي يريد أن يتخذ من منصبه ذريعة للحصول على المنافع والإمتيازات.. وأما من يطلب العمل، لأنه يرى في نفسه القدرة على حل مشكلة، أو إنجاز مهمة لا يعود نفعها إليه كشخص، فلا يقصده النبي "صلى الله عليه وآله" بكلمته تلك..
ولعل مما يشير إلى هذا المعنى: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال: "من يطلبه"، أي أنه يسعى جاهداً للحصول عليه ويظهر الحرص، ويجعل كل همه للوصول إليه..
وليس المقصود: من طلبه سؤاله ولو مرة واحدة، لعارض عرض اقتضى أن يتبرع بإنجاز مهمة، وتحمل مسؤولية، رأى أنه قادر على تحملها..
3 ـ وأما طلب زياد من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يكتب له بشيء من صدقاتهم، فقد جاء مبهماً، ولم يبين إن كان المطلوب هو أن يحدد له نسبة من تلك الصدقات، مثل الربع أو النصف، أو نحو ذلك، أو أنه طلب شيئاً منها لا يزيد على نفقته، أو أجرة عمله!!
فإن كان المطلوب هو الأول ـ كما قد يستظهر من سياق الكلام ـ فإن استجابة النبي "صلى الله عليه وآله" لطلبه تصبح في منتهى الغرابة، بل طلبه هذا لابد أن يدعو النبي "صلى الله عليه وآله" إلى إعفائه من المهمة التي رشح نفسه لها..
وإن كان المطلوب هو الثاني، فهو مقبول، ومعقول.. في بادئ الأمر، غير أننا نقول:
إن المتوقع أن يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" إلى هذا الأمر، من دون حاجة إلى أن يطلب زياد ذلك منه.
ولعل ما ذكر في آخر الرواية: من أنه حين سمع من النبي "صلى الله عليه وآله" ما سمع جاءه بالكتابين طالباً إعفاءه من مهمته، يؤيد: أن يكون قد طلب الإمارة لنفسه، وطلب من الصدقات أكثر مما يحتاج إليه، ولو على سبيل الأجر الذي يستحقه أمثاله في الأحوال المشابهة.
4 ـ أما رواية حبان بن بَحّ فقد ذكرت: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إليه بصدقة قومه، وبالإمارة عليهم..
وذلك غير معقول ولا مقبول، فإن الصدقة ليست للأمير، ولا للعامل وحده، فإن القرآن قد عيّن لها مصارفها، فما معنى أن يكتب له بصدقات قومه؟!
5 ـ إنه قد يستظهر من رواية حبان بن بح: أن سبب إرسال الجيش إلى الصدائيين أنهم ارتدُّوا عن الإسلام، فأخبروا النبي "صلى الله عليه وآله" بأمرهم، فجهز لهم جيشاً ثم أخبروه بعودتهم إلى دينهم، فصرف ذلك الجيش عنهم.
ولعل سبب المبادرة إلى إرسال الجيش هو: أن شيوع ارتداد أية قبيلة من شأنه أن يترك آثاراً سلبية على غيرها، من حيث إنه يجعلهم يستسهلون أمر الإرتداد، خصوصاً إذا ظهر لهم أن ذلك لا يحمل لهم أية سلبية أو معاناة..
وتصبح قضية نشر الدين في مأزق حقيقي، ولاسيما لجهة اختلال الثقة في مجتمع أهل الإيمان، وترقب الإرتداد من أي كان من الناس، في أي وقت.. الأمر الذي يوجب ضعف، وانحلال رابطة الأخوة الدينية فيما بينهم.
وهذا يوجب المبادرة لمواجهة حالات الإرتداد، لأنها لا يمكن أن توصف بالبراءة أبداً.
فإن من يفعل ذلك، يكون مارس الخديعة أو الخيانة بأبشع مظاهرها. لأنه إما أن يكون هذا المرتد ممن قامت عليه الحجة بالأدلة البرهانية، أو بالقناعة الوجدانية عن طريق المعجزة، فآمن.. فلا مبرر لارتداده بعد هذا، بل ارتداده خيانة للدين، ولأهل الإيمان.
وإما أنه لم يبلغ درجة القناعة الوجدانية، ولا أقنعته الحجة البرهانية، فيكون دخوله في الإسلام في هذه الحال خداعاً وتدليساً ونفاقاً. وارتداده بعد ذلك إقراراً عملياً بهذا الخداع.. فلا بد من محاسبته على هذا الأمر أيضاً، لأن الأمر خرج عن كونه مسألة شخصية، ليصبح اعتراضاً على الدين، وطعناً في حقائقه، وتكذيباً لآياته، وجحوداً لمعجزاته..
6 ـ على أن ثمة تساؤلاً يحتاج إلى الجواب المعقول والمقبول، وهو: أنه لماذا بادر "صلى الله عليه وآله" لتجهيز ذلك الجيش، قبل أن يستيقن الأمر بالطرق المعروفة والمألوفة..
وقد يجاب عن ذلك: بأن نفس مبادرة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى هذا، لا يعني أنه أراد أن يوقع بأولئك الناس قبل التثبت من الأمر.. فإن تجهيز ذلك الجيش قد كان علنياً وظاهراً، ولا بد أن يبلغ خبره إليهم.. فإن كان الخبر صحيحاً، فسيكون ردهم على هذا الإجراء هو الإستنفار، والتهبوء للحرب.
وإن كان الخبر باطلاً، فإنهم سيبادرون إلى إظهار الإسلام وتكذيب الخبر، وسيتجنبون المواجهة مع ذلك الجيش.
7 ـ إن تجهيز هذا الجيش قد جاء بمثابة رسالة أريد أن يفهم مراميها ومعانيها كل من تسوِّل له نفسه أمراً من هذا القبيل.
ويدل على ذلك: أنه بمجرد ان جاء رجل واحد من تلك القبيلة، وتكفل بعودة قومه إلى جادة الصواب.. أو بمجرد أن أخبره حبان بن بَحّ بأن قومه على الإسلام، صرف ذلك الجيش عنهم، وأعاده إلى قواعده بسلام وأمان..
8 ـ وعن الحديث الذي يقول: من سأل الناس عن ظهر غنى، فصداع في الرأس، وداء في البطن، نقول:
إن هذا الحديث لا يبرر انصراف زياد عن أخذ ما طلبه من الصدقة، حتى لو كان غنياً.
فإن زياداً قد طلب إعطاءه نصيباً من صدقات قومه، وبما أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أجاب طلبه، فذلك يعني: أنه أعطاه ما يستحقه، فإن كان فقيراً فإنما يعطيه بمقدار ما يستحقه كما يعطي غيره مع الفقراء.. وإن كان غنياً (أو فقيراً أيضاً) فإنه يعطيه ما يستحقه من أجرة على العمل، أو على المهمة التي يتصدى لها..
ولا يدخل ذلك تحت عنوان: "من سأل الناس عن ظهر غنى"، إذ المقصود بالسؤال: هو طلب ما لا يستحقه.
والمفروض: أن الأمر ليس كذلك هنا، إذ لو كان كذلك لم يكتب له، النبي "صلى الله عليه وآله" بشيء من الصدقات، لأنه لا يعطي أحداً ما لا يستحقه.
فإذا كان قد ردَّ كتاب الصدقة إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فالمتوقع: أن يسأله النبي "صلى الله عليه وآله" عن سبب ذلك، ثم يوضح له: أنه قد أخطأ في فهم ما يرمي إليه "صلى الله عليه وآله"، وليس فيما بأيدينا ما يشير إلى سؤال أو جواب للتصحيح أو التوضيح..
9 ـ أما ما زعمه زياد: من أن أصحاب النبي "صلى الله عليه وآله" بدأوا في مسيرهم مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" يستأخرون وينقطعون عنه، حتى لم يبق معه أحد غير زياد، وحتى استغرق لحوقهم به وقتاً طويلاً قد يصل إلى نحو عشر دقائق على أقل تقدير، فهو غير مقبول، بل ولا معقول أيضاً، إذ لا يمكن أن نصدق أن يُبقي المسلمون نبيهم في ذلك الليل البهيم يسير وحده في صحراء قاحلة لا يجد فيها قطرة من ماء، وليس فيها حسيس ولا أنيس. مع ما نعلمه من حرصهم على الكون بقربه، والسير في ركابه التماساً للبركة منه..
10 ـ يضاف إلى ذلك: أن تلك الروايات تضمنت: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد سار بأصحابه الليل بكامله، من العشاء حتى الفجر.. وهذا أيضاً أمر مستغرب.. لاسيما، مع عجز الروايات عن الإفصاح لنا عن وجهة سيره "صلى الله عليه وآله"، وأنها كانت إلى أي قوم!! وفي أية جهة!! فإن غزوات النبي "صلى الله عليه وآله" معروفة، ومسيره إليها ليس بالأمر المجهول، فقد وصفه الرواة لنا، وسجله المؤرخون، وحفاظ السيرة..
11 ـ إن الرواية تفيد: أن الأذان قد حصل قبل طلوع الفجر، وانه "صلى الله عليه وآله" لم يرض من زياد بأن يقيم حتى تحقق "صلى الله عليه وآله" من طلوع الفجر.. فما هو الداعي إلى هذا التقديم، ما دام أن الأذان بعد تحقق طلوع الفجر لا يفوِّت فضيلة الصلاة في أول الوقت؟!
12 ـ إن زياداً يزعم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال: "يا أخا صداء، لولا أني أستحي من ربي عز وجل لسقينا واستقينا ناد في أصحابي من له حاجة في الماء".
فكيف يستحي "صلى الله عليه وآله" من ربه أن يسقي ويستقي هو ومن معه، ثم يطلب من زيادٍ أن يدعو من أصحابه من له حاجة في الماء؟! أليس هذا سقياً واستسقاءً؟! فلماذا يناقض القول بالفعل، بل لماذا يكون الكلام متناقضاً في نفسه، فإن هذا وذاك مما نجلُّ عنه مقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
إرسال ابن العاص إلى ابني الجلندى:
وفي ذي القعدة سنة ثمان بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" عمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابني الجلندى، فأخذ الصدقة من أغنيائهم وردها على فقرائهم([142]).
ونوضح ذلك كما يلي:
إن جَيْفَر وعبداً كانا ملكي عمان، وهما ابنا الجلندى بن المستكبر بن الحراز الأزدي، ولعل الجلندى كان قد شاخ ففوض الأمر إلى ولديه هذين.
وقد بعث النبي "صلى الله عليه وآله" عمرو بن العاص إلى ولديه بكتاب يدعوهما فيه إلى الإسلام، ولعل أباهما قد اطّلع على هذا الكتاب، أو لعله "صلى الله عليه وآله" كان قد أرسل إلى أبيهما الجلندى نفسه كتاباً آخر، فإن ابن إسحاق قد ذكر: أن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث ابن العاص إليه([143]).
ومهما يكن من أمر، فإن نص الكتاب الذي كتبه لهما كما يلي:
"بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندى: سلام على من اتبع الهدى.
أما بعد، فإني أدعوكما بدعاية الإسلام، أسلما تسلما، إني رسول الله إلى الناس كافة، لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين، وإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما، وخيلي تحل بساحتكما، وتظهر نبوتي على ملككما".
وختم رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكتاب، وكتب أبي بن كعب([144]).
ويقولون: إن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث أبا زيد الأنصاري (وهو قيس بن السكن، وقيل: اسمه ثابت بن قيس، وقيل غير ذلك) وعمرو بن العاص بكتاب منه إلى ابني الجلندى، يدعوهما فيه إلى الإسلام، وقال لهما: إن أجاب القوم إلى شهادة الحق، وأطاعوا الله ورسوله، فعمرو الأمير، وأبو زيد على الصلاة، وأخذ الإسلام على الناس، وتعليمهم القرآن والسنن([145]).
وقال المسعودي: إن إرسال عمرو إلى جيفر وعبد ابني الجلندى قد كان في السنة الحادية عشرة([146]).
وقيل: إنه "صلى الله عليه وآله" أرسل أبا زيد الأنصاري بكتابه إلى عبد وجيفر سنة ست، ووجه عمرو سنة ثمان.
وقد أوصى النبي "صلى الله عليه وآله" أبا زيد (في سنة ثمان) بأن يأخذ الصدقة من المسلمين، والجزية من المجوس([147]).
وقد كانت النتيجة هي: إسلام جيفر وعبد ابني الجلندى، وأسلم معهما خلق كثير([148]).
عمرو.. وابنا الجلندى:
وقد حكى لنا عمرو بن العاص حواراً وتفاصيل زعم أنها جرت له مع جيفر، وعبد ابني الجلندى، والقصة هي التالية:
قال عمرو: فعمدت إلى عبد، وكان أحلم الرجلين، وأسهلهما خلقاً، فقلت: إني رسول رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليك وإلى أخيك بهذا الكتاب.
فقال: أخي مقدم عليّ بالسن والملك، وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك. ثم قال: وما تدعو إليه؟
قلت: أدعوك إلى الله وحده، وتخلع ما عبد من دونه، وتشهد أن محمداً عبده ورسوله.
قال: يا عمرو إنك ابن سيد قومك، فكيف صنع أبوك ـ يعني العاص بن وائل ـ فإن لنا فيه القدرة؟([149]).
قلت: مات ولم يؤمن بمحمد "صلى الله عليه وآله"، وودت له لو كان آمن وصدق به، وقد كنت قبل على مثل رأيه حتى هداني إلى الإسلام.
قال: فمتى تبعته؟
قلت: قريباً.
فسألني أين كان إسلامي؟
فقلت: عند النجاشي، وأخبرته أنه قد أسلم.
قال: فكيف صنع قومه بملكه؟
قلت: أقروه واتبعوه.
قال: والأساقفة؟
قلت: نعم.
قال: انظر يا عمرو ما تقول، إنه ليس من خصلة في رجل أفضح من كذب؟
قلت: وما كذبت، وما نستحله في ديننا.
ثم قال: ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي.
قلت له: بلى.
قال: بأي شيء علمت ذلك يا عمرو؟
قلت: كان النجاشي يخرج له خراجاً، فلما أسلم النجاشي وصدق بمحمد "صلى الله عليه وآله" قال: لا والله، ولو سألني درهماً واحداً ما أعطيته.
فبلغ هرقل قوله، فقال له أخوه: أتدع عبدك لا يخرج لك خراجاً، ويدين ديناً محدثاً؟
فقال هرقل: رجل رغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به، والله، لولا الظن([150]) بملكي لصنعت كما صنع.
قال: أنظر ما تقول يا عمرو.
قلت: والله صدقتك.
قال عبد: فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه؟
قلت: يأمر بطاعة الله عز وجل، وينهى عن معصيته، ويأمر بالبر وصلة الرحم، وينهى عن الظلم والعدوان، وعن الزنى وشرب الخمر، وعن عبادة الحجر والوثن والصليب.
فقال: ما أحسن هذا الذي يدعو إليه، لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد "صلى الله عليه وآله" ونصدق به، ولكن أخي أضنّ بملكه من أن يدعه ويصير ذَنَبَاً.
قلت: إنه إن أسلم ملَّكه رسول الله "صلى الله عليه وآله" على قومه، فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم.
قال: إن هذا لخلق حسن، وما الصدقة؟
فأخبرته بما فرض رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الصدقات في الأموال، ولما ذكرت المواشي، قال: يا عمرو، ويؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى في الشجر وترد المياه؟
فقلت: نعم.
فقال: والله، ما أرى قومي في بعد دارهم، وكثرة عددهم يطيعون بهذا.
قال عمرو: فمكثت أياماً بباب جيفر، وقد أوصل إليه أخوه خبري، ثم إنه دعاني، فدخلت، فأخذ أعوانه بضبعي، قال: دعوه.
فذهبت لأجلس، فأبوا أن يدعوني، فنظرت إليه، فقال: تكلم بحاجتك.
فدفعت إليه كتاباً مختوماً، ففض خاتمه فقرأه.
ثم دفعه إلى أخيه، فقرأه، ثم قال: ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت؟
فقلت: تبعوه، إما راغب في الدين، أو راهب مقهور بالسيف.
قال: ومن معه؟
قلت: الناس قد رغبوا في الإسلام، واختاروه على غيره، وعرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم أنهم كانوا في ضلال مبين، فما أعرف أحداً بقي غيرك في هذه الخرجة، وأنت إن لم تسلم اليوم وتتبعه تطأك الخيول، وتبيد خضراؤك، فأسلم تسلم ويستعملك على قومك، ولا تدخل عليك الخيل والرجال.
قال: دعني يومي هذا، وارجع إلي غداً.
فلما كان الغد أتيت إليه، فأبى أن يأذن لي، فرجعت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه.
فأوصلني إليه، فقال: إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف العرب، إن ملكت رجلاً ما في يدي، وهو لا تبلغه خيله ههنا، وإن بلغت خيله ألفت قتالاً ليس كقتال من لاقى.
قلت: وأنا خارج غداً.
فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه، فأصبح، فأرسل إلي، فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعاً، وصدقا وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم، وكانا لي عوناً على من خالفني، وأسلما وأسلم معهما خلق كثير([151]).
وتوفي رسول الله "صلى الله عليه وآله" وعمرو بعمان([152]).
ونقول:
إن هذه الرواية التي يظهر عمرو فيها نفسه أنه أدار الحوار بصورة راقية، وقوية، وأورد لنفسه جملاً تحمل معاني جليلة، ولمعات جميلة، إنها رواية مكذوبة بلا شك، فلاحظ ما يلي:
1 ـ إن عمرو بن العاص لم يكن لا في ذلك الوقت، ولا قبله، ولا بعده من أهل هذه المعاني، ولا من الذين يقدرون على مثلها.
2 ـ إن روايته قد تضمنت بعض الأكاذيب، كقوله: إن إسلامه كان عند النجاشي في الحبشة، حين ذهب في طلب جعفر وأصحابه، أي قبل الهجرة بحوالي ثماني سنوات..
وهذا كذب واضح، فإنه أسلم سنة ثمان بعد الهجرة كما تقدم؛ بل إنه هو نفسه قد ذكر ما يناقضه قبله مباشرة، حيث قال: إنه إنما تبع النبي "صلى الله عليه وآله" قبل يسير، أي في السنة الثامنة بعد الهجرة مباشرة.. فإن كان قد أسلم منذئذٍ، فلماذا تأخر اتباعه للنبي "صلى الله عليه وآله" إلى هذا الوقت؟!
وهل يمكن أن يعتقد بنبوة النبي "صلى الله عليه وآله" ويكون مسلماً، ثم يحاربه كل هذه السنين؟!
3 ـ إن ما زعمه من إسلام قوم النجاشي غير ظاهر، فإنهم قد حاربوه، وجرى له معهم أمور يطول ذكرها.
4 ـ وأما حديثه عن هرقل والنجاشي، وأن هرقل لم يطالب النجاشي بالمال الذي كان قد فرضه عليه، فهو لو كان صحيحاً لشاع وذاع، ولبلغ ملك عمان، ولم يخفَ عليه أمر بهذه الأهمية..
5 ـ كما أنه لو صح قوله: إنه لولا أنه يضن بملكه لكان قد أسلم، لا ينسجم مع حربه لرسول الله "صلى الله عليه وآله" في مؤتة وفي غيرها بتلك الشراسة والحدة..
6 ـ والأهم من ذلك: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخبر بما سيجيب به ابنا الجلندى أيضاً، ولكنّ مؤرخيهم تجاهلوا ذلك، ولكن ابن شهرآشوب ذكره لنا، فقال:
وكتب "صلى الله عليه وآله" إلى ابن جلندى وأهل عمان، وقال: أما إنهم سيقبِّلون كتابي، ويصدقوني، ويسألكم ابن جلندى: هل بعث رسول الله معكم بهدية؟
فقولوا: لا.
فسيقول: لو كان رسول الله بعث معكم بهدية لكانت مثل المائدة التي نزلت على بني إسرائيل وعلى المسيح.
فكان كما قال "صلى الله عليه وآله"([153]).
ونقول:
إننا نذكر هنا ما يلي:
ملاحظة هامة:
ربما يقال: إن النبي "صلى الله عليه وآله" الذي كان ينظر إلى الغيب بستر رقيق كان يعلم أن عمرو بن العاص سوف يحاول الإستفادة من مهمة حمله للكتاب لابني الجلندى في تسطير بعض الفضائل لنفسه والظهور في حالات استعراضيه.. وانتفاخات بهلوانية عن ذلك ليكون إخباره "صلى الله عليه وآله" هذا من موجبات إسقاط دعاويه، وإظهار أنه كاذب مفتر فيها، وهذا ما حصل بالفعل.
مهمات أبي زيد ومهمة عمرو:
وقد رأينا: أنه "صلى الله عليه وآله" قد وزع المهمات بطريقة لها مغزاها ومرماها.
فهؤلاء أناس يدخلون في الإسلام للتو، فهم بحاجة إلى أن يتذوقوا طعم الإسلام في روحانيته، وفي إنشاء العلاقة مع الله، وأن يعرفوا شيئاً من حقائق هذا الدين، واحكامه، وسننه، وتعاليمه.
وقد كان أبو زيد أقدر على إنجاز هذه المهمة، وأعرف بجزئياتها وتفاصيلها، وأميل إلى تحقيق الغاية المرجوة.
أما عمرو بن العاص فقد لا يهتم بهذا الأمر كثيراً، بل قد يكون أبعد الناس عن المعرفة بتفاصيل الدين، بل وبكلياته أيضاً، لأنه قد أسلم أو تظاهر بالإسلام في نفس تلك السنة، فهو يحتاج إلى ما يحتاجون إليه.
وأما الإمارة التي تعني تدبير الأمور الدنيوية، فهو أكثر اندفاعاً إليها، ورغبة بها وحرصاً عليها..
يضاف إلى ذلك: أنه لا مجال للإطمئنان إلى أنه كان يملك المواصفات التي تخوله لحمل أمانة الصلاة بالناس.. أو أنه كان أميناً على دين الناس بالقدر الذي يسمح بإفساح المجال له لتعليمهم أحكامه، حتى لو كان على علم بها.
مهاجري وأنصاري:
وكان "صلى الله عليه وآله" ـ كما يقولون ـ كلما أرسل رجلاً من المهاجرين قرنه برجل من الأنصار، وهكذا فعل في هذه المناسبة أيضاً.
الجلندى كيف تلقى الدعوة:
وقال: ذكروا أيضاً أن الجلندى حين جاءه كتاب النبي "صلى الله عليه وآله" قال: "والله، لقد دلني على هذا النبي الأمي أنه لا يأمر بخير إلا كان أول من أخذ به، ولا ينهى عن شر إلا كان أول تارك له، وأنه يَغْلِبُ فلا يبطر، ويُغْلَبُ فلا يضجر (يهجر)، وأنه يفي بالعهد، وينجز بالموعود (بالوعد)، وأنه لا يزال سراً قد اطلع عليه يساوى فيه أهله، وأشهد أنه نبي"([154]).
ثم أنشد أبياتاً منها:
أتـاني عـمـرو بـالتي ليس بعدها من الحـق شـيء والنصيح نصيح
فقلت له: ما زدت أن جئت بالتي جلنـدى عـمان فـي عـمان يصيح
فيا عمرو قد أسلمـت لله جهـرة ينـادي بهـا في الـواديـين فصيح([155])
وقفات مع كتاب النبي ' للجلندى:
وقد تضمن الكتاب المذكور: الكثير من الإشارات والدلالات التي ينبغي التوقف عندها لاستفادة السلوك والموقف، والمفهوم الإيماني والسياسي منها. وبما أن كتابنا هذا ليس محل ذكر ذلك، فإننا نكتفي بالإلماح إلى ما ذكره بعضهم منها، وهو كما يلي:
ذكر العلامة الأحمدي "رحمه الله" عدة نقاط مفيدة هنا، وهي:
1 ـ "وتظهر نبوتي الخ.." هذه الجملة تعطينا درساً إضافياً، ومعنى حقيقياً كاملاً عن السلطنة والفتوحات الإسلامية، إذ المستفاد منها: أن الفتوحات الإسلامية يجب أن تكون فتحاً إلهياً، وظهوراً روحانياً، تحكم على القلوب، وتفتح الضمائر والصدور، محفوفة بالإيمان، ومشفوعة بالتقوى (قبل أن تكون مغالبة القدرة الظاهرة بالقوة، ورباط الخيل) لا مغالبة على الدنيا، كما قال أمير المؤمنين "عليه السلام":
"اللهم إنك تعلم أنه لم يكن الذي كان منافسة في سلطان، ولا التماس شيء من فضول الحطام، ولكن لنرد المعالم من دينك، ونظهر الإصلاح في بلادك، فيأمن المظلومون من عبادك، وتقام المعطلة من حدودك"([156]).
وقال الحسين "عليه السلام": "إني لم أخرج أشراً ولا بطراً، وإنما خرجت أطلب الإصلاح في أمة جدي محمد "صلى الله عليه وآله"، أريد أن آمر بالمعروف، وأنهى عن المنكر الخ.."([157]).
وسلطنة الإسلام سلطنة عقيدة وإيمان، وروحانية ونبوة، وليست ملكاً وإمبراطورية مادية، والفرق بينهما واضح لمن عقل وتدبر، وكذلك الحكومات التي أسسها الأنبياء العظام، صلوات الله عليهم.
وإذا شئت أن تعرف الحقيقة فقس بين فتوحات ملوك العالم، والفتوحات التي وقعت في عصر النبي "صلى الله عليه وآله"، ولاحظ حكومة علي "عليه السلام" ومعاوية، هذا يعفو عن أعدى أعدائه، وذاك يقتل على الظنة والتهمة"([158]).
2 ـ وقال العلامة الأحمدي "رحمه الله" أيضاً: "لأنذر من كان حياً" أي فهماً عاقلاً، كنى عن العاقل بالحي، إيعازاً إلى أن الذي لا يعقل ولا يفهم فهو كما قال تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ المَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاء}([159]) و {إِنَّ اللهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ}([160]).
3 ـ في الكتاب تصريح بعموم دعوته بقوله "صلى الله عليه وآله": "إني رسول الله إلى الناس كافة"، وأنه لا تختص نبوته بالعرب، أو أم القرى ومن حولها.
4 ـ ثم وعدهما ببقاء ملكهما إن أسلما وذهابه إن لم يسلما، وأخبر بأن خيله تحل بساحتهما، وتغلب نبوته على ملكهما([161]).
ونضيف إلى ما تقدم:
ألف: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يقل لهما: إني أزيل ملككما، بل قال: إن ملكهما زائل عنهما، ولم يحدد لهما من الذي سيزيله، أو هل سيزول بسبب مرور الزمان، وبسنّة الموت والحياة؟! أو أنه سيزول على يد من يسلبهما إياه!!
ب: ولكنه أشار إلى أن استكبارهما سوف يسقط حرمتهما، ويجعلهما في معرض التحدي، ولابد أن يواجها الحرب لإسقاط ذلك الإستكبار، وإزالة ما يمارسونه من الظلم والقهر، والتسلط على الآخرين بما يملكونه من قوة..
ج: إنه لم يقل لهما: إنه هو سيظهر عليهما، بل تجاوز الحديث عن شخصه، وعنهما كأشخاص، ليتحدث عن مقام النبوة المرتبط بالله، الذي يريدان أن يستبدلاه بموقع الملك والسلطان، وانه إذا كان التحدي بين هذين، فإن الغلبة لابد أن تكون للنبوة، لأنها هي التي ترتبط بالله تعالى، وتستمد قوتها منه.
د: ويلاحظ: أنه تحدث عن مقام النبوة، لا عن الرسولية، في إثارة وجدانية، وإيقاظ للشعور الفطري الصافي والصادق، النابع من أعماق النفس الإنسانية بعيداً عن المؤثرات الخارجية، والصوارف المادية والأهوائية..
بعث المصدقِّين:
روى الواقدي، عن الزّهري، وعبد الله بن يزيد، عن سعيد بن عمرو، قالا: لما رجع رسول الله "صلى الله عليه وآله" من الجِعِرَّانة قدم المدينة يوم الجمعة لثلاث ليال بقين من ذي القعدة، فأقام بقية ذي القعدة وذي الحجة، فلما رأى هلال الُمحَرّم بعث المُصَدِّقين.
فبعث بريدة بن الحُصَيب إلى سليم ومُزَينة.
وبعث رافع بن مَكِيث إلى جُهَينة.
وبعث عمرو بن العاص إلى فزارة.
وبعث الضحاك بن سفيان الكلابي إلى بني كلاب.
وبعث بسر بن سفيان الكعبي إلى بني كعب.
وبعث ابن اللُّتْبيَّة الأزدي إلى بني ذُبيان.
وبعث رجلاً من بني سعد إلى هُذَيم على صدقاتهم([162]).
سرية إلى بني العنبر:
وفي سنة ثمان بعث عيينة بن حصن الفزاري إلى بني العنبر، من تميم، فأغار عليهم، وسبى منهم نساء([163]).
سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى القرطاء:
ومن السرايا التي تذكر هنا سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى القرطاء، وحيث إننا ذكرناها حين ترقيع الدلاء بكتب رسول الله "صلى الله عليه وآله، فإننا نكتفي بما ذكرناه هناك، فنرجوا من القارئ الرجوع إلى ذلك الموضع للوقوف على ما جرى.
سرية عكاشة بن محصن إلى الجباب (الجناب):
ويقولون: إنه في شهر ربيع الآخر من سنة تسع كانت سرية عكاشة بن محصن إلى الجباب (وهي أرض عذرة وبلي)([164]) وهما قبيلتان من قضاعة.
وقيل: إلى أرض فزارة وكلب، ولعذرة فيها شركة([165]).
وقد ذكرها ابن سعد، وتبعه اليعمري وغيره، ولم يبينوا سببها، ولا عدد من ذهب فيها، ولا ما جرى([166]).
فهل كان فيها ما يوجب الطعن على بعض من يُتَّهم الرواة بالتستر عليه، وإبعاد الشبهات عنه؟ أم أنه لم يكن في تلك السرية حدث يستحق الذكر، أو نشاط يحسن التنويه به؟! أو يفيد في إعلاء شأن من يهمهم إعلاء شأنه؟! إلى غير ذلك من أسباب تدعو إلى الإهمال والكتمان!!
كل ذلك محتمل والله العالم بحقائق الأمور..
الفصل الخامس:
عيينة وبنو تميم
سرية عيينة إلى بني تميم:
وفي سنة ثمان كانت سرية عيينة بن حصن إلى بني العنبر (أو العتير)، من بني تميم، فأغار عليهم، وسبى منهم نساء([167]).
وقيل: إن ذلك كان سنة تسع([168]).
وسبب ذلك: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث رجلاً من بني سعد ـ هُذيم ـ على صدقاتهم، وأمره رسول الله "صلى الله عليه وآله": أن يأخذ العفو، ويتوقى كرائم أموالهم.
فخرج بشر بن سفيان الكعبي إلى بني كعب، فأمر بجمع مواشي خزاعة، ليأخذ منها الصدقة، فحشرت عليهم خزاعة الصدقة في كل ناحية، فاسكثرت ذلك بنو تميم (لكونهم لئاماً)، فقالوا: ما هذا؟! أتؤخذ أموالكم منكم بالباطل؟ فشهروا السيوف.
فقال الخزاعيون: نحن قوم ندين بدين الإسلام، وهذا أمر ديننا.
فقال التميميون: لا يصل إلى بعير منها أبداً.
(وفي رواية: أن خزاعة وبني العنبر أعانوا بني تميم)([169]).
فهرب المصدق، وقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخبره الخبر.
فوثبت خزاعة على التميميين، فأخرجوهم من محالهم، وقالوا: لولا قرابتكم ما وصلتم إلى بلادكم، ليدخلن علينا بلاء من محمد "صلى الله عليه وآله" حيث تعرضتم لرسوله، تردونه عن صدقات أموالنا، فخرجوا راجعين إلى بلادهم.
فقال "صلى الله عليه وآله": "من لهؤلاء القوم (الذين فعلوا ما فعلوا)"؟
فانتدب أول الناس عيينة بن حصن الفزاري، فبعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" في خمسين فارساً من العرب، ليس فيهم مهاجري، ولا أنصاري. فكان يسير الليل ويكمن النهار، فهجم عليهم في صحراء قد حلوا [بها]، وسرحوا مواشيهم.
فلما رأوا الجمع ولُّوا. فأخذ منهم أحد عشر رجلاً، ووجد في المحلة إحدى وعشرين امرأة. كذا في العيون.
وقال محمد بن عمر وابن سعد، وتبعهما في الإشارة والمورد: إحدى عشرة امرأة وثلاثين صبياً.
فجلبهم إلى المدينة، فأمر بهم رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحبسوا في دار رملة بنت الحارث. فقدم فيهم عدة من رؤسائهم([170]).
فقدم منهم عشرة من رؤسائهم: العطارد بن حاجب بن زُرَارة، والزبزقان بن بدر، وقيس بن عاصم، وقيس بن الحارث، ونعيم بن سعد، وعمرو بن الأهتم، والأقرع بن حابس، ورياح بن الحارث بن مجاشع، فدخلوا المسجد قبل الظهر، وسألوا عَن سبيهم، فأخبروهم، فجاؤوهم، فبكى الذراري والنساء.
فرجعوا إلى المسجد، ورَسُول الله "صلى الله عليه وآله" يومئذٍ في بيت عائشة، وقد أذّن بلال بالظهر، والناس ينتظرون خروجه "صلى الله عليه وآله"، فعجلوا خروجه، فنادوا: يا محمد، أُخرج إلينا.
فقام إليهم بلال، فقال: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخرج الآن.
فاشتهر أهل المسجد أصواتهم، فجعلوا يخفقون بأيديهم.
فخرج رَسُول الله "صلى الله عليه وآله"، وأقام بلال الصلاة، وتعلقوا به يكلمونه، فوقف رَسُول الله "صلى الله عليه وآله" معهم بعد إقامة بلال الصلاة مليَّاً، وهم يقولون: أتيناك بخطيبنا وشاعرنا، فاستمع منا.
فتبسم النبي "صلى الله عليه وآله" ثم مضى فصلّى بالناس الظهر، ثم انصرف إلى بيته، فركع ركعتين، ثم خرج فجلس في صحن المسجد.
وقدّموا عطارد بن حَاجب التميمي، فخطب، فقال: الحمد لله الذي له الفضل علينا، والذي جعلنا ملوكاً، وأعطانا الأموال، (أو: ووهب لنا أموالاً عظاماً) نفعل فيها المعروف، وجعلنا أعزّ أهل المشرق، وأكثرهم مالاً، وأكثرهم عدداً، فمن مثلنا في الناس؟
ألسنا رؤوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخر فليعدد مثل ما عددنا، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام، ولكنا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله، أقول هذا لأن يؤتى بقول هو أفضل من قولنا.
فقال رَسُول الله "صلى الله عليه وآله" لثابت بن قيس: "قم فأجب خطيبهم".
فقام ثابت، وما كان درى من ذلك بشيء، وما هيأ قبل ذلك ما يقول، فقال:
الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه، قضى فيهما أمره، ووسع كل شيء علمه، فلم يك شيء إلَّا من فضله، ثم كان ممّا قدّر الله أن جعلنا ملوكاً، اصطفى لنا من خلقه رسولاً، أكرمهم نسباً، وأحسنهم زِياً، وأصدقهم حديثاً، أنزل عليه كتابه، وائتمنه على خلقه، وكان خيرته من عباده، فدعا إلى الإيمان، فآمن المهاجرون من قومه، وذوي رحمه، أصبح الناس وجهاً، وأفضل الناس فعالاً، ثم كنا أول الناس إجابة حين دعا رَسُول الله "صلى الله عليه وآله"، فنحن أنصار الله ورسوله، نقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاَّ الله، فمن آمن بالله ورسوله منع منّا ماله ودمه، ومن كفر بالله ورسوله جاهدناه في ذلك، وكان قتله علينا يسيراً، أقول قولي هذا وأستغفر الله للمؤمنين والمؤمنات".
ثم جلس.
فقالوا: يا رَسُول الله ائذن لشاعرنا.
فأذن له.
فأقاموا الزبرقان بن بدر فقال (أو أن الزبرقان اقام رجلاً، فقام فقال):
نحـن المـلـوك فـلا حـي يقـاربنـا فينا المـلوك وفـيـنـا تـنـصب البيع
وكـم قسـرنـا مـن الأحيـاء كلهم عند النهـاب وفضل الخـير يُـتّـبـع
ونحن نطعم عند القحط ما أكلـوا من السّـديـف إذا لم يـؤنـس القزع
ونـنـحر الكـوم عـبـطاً في أرومتنا للنـازلـين إذا مـا أنـزلـوا شـبـعوا
وذكر بعضهم أبياتاً أخرى معها.
قال ابن هشام: وأكثر أهل العلم ينكرها للزبرقان.
فقال رَسُول الله "صلى الله عليه وآله": "أجبهم يا حسان بن ثابت"، فقام، فقال:
إن الـذوائـب من فهـر وإِخوتهـم قـد شـرعـوا سـنـة للنـاس تـتبع
يـرضـى بها كل من كانت سريرته تقوى الإله وبالأمر الـذي شرعوا
قـوم إذا حـاربـوا ضـروا عدوهم أو حاولوا النفع في أشياعهم نفعوا
سـجـيـة تـلـك منهـم غـير محدثة إن الخـلائـق فاعـلم شرهـا البدع
لا يـرقـع النـاس ما أوهت أكفهم عند الدفـاع ولا يـوهون ما رقعوا
ولا يـضـنـون عَـن جـار بفضلهم ولا يـنــالهـم في مـطـمـع طـبــع
(إن سابقوا الناس يوماً فاز سبقهم أو وازنوا أهل مجد بالندى متعـوا)
إن كان في النـاس سباقون بعدهم فكـل سـبـق لأدنـى سـبـقهم تَبَع
أكرم بـقـوم رَسُـول الله شيعتهـم إذا تـفـرقـت الأهـواء والـشـيــع
أعـفـة ذكـرت في الـوحي عفتهم لا يـطـمـعـون ولا يـرديهـم طمع
كأنهم في الوغى والمـوت مكـتـنع أسـد بـبـيـشـة في أرسـاغهـا فدع
لا فـرَّحٌ إن أصـابـوا فـي عدوهم وإن أصـيـبـوا فـلا خور ولا جزع
وإن أصـبـنـا لحـي لم نــدبّ لهـم كـما يـدبّ إلى الـوحـشـيـة الذرع
نـسـمـوا إلى الحـرب نالتنا مخالبها إذا الـزعـانف من أطرافها خشعوا
خـذ منهم ما أبوا عفوا إذا غضبوا ولا يكـن همـك الأمر الذي منعوا
فإن [ في ] حربهم فاترك عـداوتهم سمَّاً غريضـاً عليه الصاب والسَّلَع
أهـدى لهـم مـدحـاً قـلب يؤازره فـيـما أحـب لسـان حـائـك صنع
وأنـهـم أفـضـل الأحـياء كـلّهم إنْ جدّ بالناس جدّ القول أو شمعوا
(وفي نص آخر: فقام شاعرهم الأقرع بن حابس، فقال:
أتينـاك كيما يعـرف الناس فضلنـا إذا خـالفـونـا عنـد ذكـر المكـارم
وأن رؤوس النـاس في كـل معشر وأن ليس في أرض الحجاز كـوارم
فأمر النبي "صلى الله عليه وآله" حساناً أن يجيبه، فقام، فقال:
بـنـي دارم لا تفـخروا إن فخركم يـعـود وبـالاً عـنـد ذكـر المكـارم
هـبـلتم علينا تـفـخـرون وأنـتـم لنـا خـول مـا بـين قـن وخـــادم
فكان أول من أسلم شاعرهم([171]).
وكان رَسُول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر بمنبر، فوضع في المسجد ينشد عليه حسان، وقال: "إنّ الله ليؤيد حسان" (بروح القدس ما دافع عن نبيه).
وخلا الوفد بعضهم إلى بعض، فقال قائلهم (وهو الأقرع بن حابس): تعلمنّ والله أن هذا الرجل مؤيد مصنوع له. والله، لخطيبه أخطب من خطيبنا، ولشاعرهم أشعر من شاعرنا، ولهم أحلم منا.
وأنزل الله على نبيه "صلى الله عليه وآله" في رفع أصوات التميميين. ويذكر أنهم نادوا النبي "صلى الله عليه وآله" من وراء الحُجُرات، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} إلى قوله: {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}([172])، فردّ رَسُول الله "صلى الله عليه وآله" الأسرى والسبي.
(فلما فرغ القوم أسلموا، جوَّزهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" [أي أعطاهم الجوائز]، فأحسن جوائزهم).
وقام عمرو بن الأهتم يومئذٍ، فهجا قيس بن عاصم، وكانا جميعاً في الوفد.
وكان رَسُول الله "صلى الله عليه وآله" قد أمر لهم بجوائز، وكان يجيز الوفد إذْ قدموا عليه، ويفُضّل بينهم من العطية على قدر ما يرى، فلمّا أجازهم رَسُول الله "صلى الله عليه وآله" قال: "هل بقي منكم مَنْ لم نجزه".
فقالوا: غلام في الرحل، فقال رَسُول الله "صلى الله عليه وآله": "أرسلوه نجزه".
فقال قيس بن عاصم: إنه لا شرف له.
قال رَسُول الله "صلى الله عليه وآله": "وإنْ كان، فإنه وافدٌ وله حقّ".
فقال عمرو بن الأهتم شعراً يريد قيس بن عاصم:
ظللـت مفـترشـاً هلبـاك تشتمني عند الرسول فلم تصدفْ ولم تصبِ
إنـا وسـؤددنـا عـود وسـؤددكـم مخلّـف بمكـان الـعـجب والذنب
إن تـبـغـضونا فإن الروم أصلكم والروم لا تملـك البغضـاء للعرب
وكانت الجائزة لكل واحد منهم اثنا عشر أوقية ونشاً (أي نصفاً)([173]).
صورة أخرى لما حدث:
قال العسقلاني: عن ابن عباس، قال: أصابت بنو العنبر دماء في قومهم، فارتحلوا، فنزلوا بأخوالهم من خزاعة، فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" مصدقاً إلى خزاعة، فصدقهم، ثم صدق بني العنبر، فلما رأت بنو العنبر الصدقة قد أحرزها وثبوا فانتزعوها، فقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، إن بني العنبر منعوا الصدقة.
فبعث إليهم عيينة بن حصن في سبعين ومائة، فوجد القوم خلوفاً، فاستاق تسعة رجال، وإحدى عشرة امرأة، وصبياناً.
فبلغ ذلك بني العنبر، فركب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" منهم سبعون رجلاً، منهم الأقرع بن حابس، ومنهم الأعور بن بشامة العنبري، وهو أحدثهم سناً، فلما قدموا المدينة بهش إليهم النساء والصبيان، فوثبوا على حجر النبي "صلى الله عليه وآله" وهو في قائلته، فصاحوا به: يا محمد، علام تسبى نساؤنا، ولم ننزع يدا من طاعتك؟
فخرج إليهم، فقال: اجعلوا بيني وبينكم حكماً.
فقالوا: يا رسول الله، الأعور بن بشامة.
فقال: بل سيدكم بن عمرو.
قالوا: يا رسول الله، الأعور بن بشامة.
فحكمه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فحكم أن يفدى شطر، وأن يعتق شطر([174]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم وقفات هي التالية:
خزاعة لا تعين بني تميم:
إنه لا ريب في بطلان الرواية التي ذكرها الدياربكري، من أن خزاعة قد أعانت بني تميم على ما أرادوه من منع الصدقة التي جمعت، وأرادت أن ترسلها، وقد غضبت من بني تميم، وأخرجتهم عنها حينما فعلوا ما فعلوا.
إختلاف الروايات:
إن الصورة التي ذكرها العسقلاني تختلف عن تلك التي ذكرناها آنفاً، إذ هي تدَّعي:
1 ـ أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أخذ الصدقة من خزاعة ثم من بني العنبر، بينما تذكر الرواية الأخرى: أنه لم يأخذ صدقته من بني العنبر.
2 ـ إن هذه الرواية تدَّعي: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل إليهم عيينة في مائة وسبعين رجلاً، بينما تقول الرواية الأخرى: إنه بعثه في خمسين رجلاً فقط.
3 ـ هذه الرواية تقول: أخذ منهم تسعة رجال، وتقول تلك: بل أخذ منهم أحد عشر رجلاً.
4 ـ هذه الرواية زعمت: أن وفدهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله" كان مائة وسبعين رجلاً، وتلك تقول: كان وفدهم عشرة رجال، ولكنها ذكرت أسماء ثمانية منهم فقط.
وفي نص آخر: كانوا في وفد عظيم، يقال: كانوا سبعين (تسعين) أو ثمانين رجلاً([175]).
5 ـ إن هذه الرواية ذكرت طلبهم التحكيم، واستجابة النبي "صلى الله عليه وآله" لهم..
والرواية الأخرى ذكرت حديث الخطباء والشعراء ولم تشر إلى التحكيم بشيء.
6 ـ إن هذه الرواية ذكرت: أن الحُكْمَ كان هو أن يفدى شطر، ويعتق شطر..
والرواية الأخرى ذكرت: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد رد الأسرى والسبي.
تاريخ هذه السرية:
إنه يبدو لنا: أنه لا مشكلة في اختلافهم في تاريخ هذه السرية، إذ لعل إرسال عيينة إلى بني العنبر قد كان في سنة ثمان.. ثم كان مجيء وفدهم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" في سنة تسع، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" قد عاد إلى المدينة من غزوة الفتح وحنين لثلات ليال بقين من ذي القعدة..
ومن الواضح: أن أحداث هذه السرية تحتاج إلى وقت طويل لعله امتد حتى كان بعضه في سنة تسع أيضاً، فهو "صلى الله عليه وآله" قد أرسل المصدق إلى خزاعة، ثم جمعوا له الصدقات، ثم اعترض بنو تميم على تسليمها لمبعوث النبي "صلى الله عليه وآله"، ثم عاد الرسول، ثم ارسل عيينة بن حصن إليهم على رأس جيش، فأسر وسبي بعض رجالهم ونسائهم، ثم عاد إلى المدينة، ثم جاء وفدهم إلى النبي "صلى الله عليه وآله".
وذلك كله يستغرق وقتاً، وربما يكون ذلك أو بعضه قد حصل في شهر ذي الحجة، وبعضه الآخر قد حصل في شهر المحرم كما قلنا..
فنتج عن ذلك: أن أشار بعض المؤرخين إلى ما جرى في ذي الحجة سنة ثمان، وأشار بعضهم الآخر إلى ما جرى في المحرم، سنة تسع..
البغي الذميم:
ثم إن ما فعله بنو تميم لهو من أقبح وأسوأ البغي، حيث تعاورت عليه عناوين السوء والخزي من جهات عديدة، فهو بغي ذوي القربى، بعد سبق الإحسان من المبغي عليهم، وهو بغي الضيوف اللئام على مضيفيهم الكرام، وهو بغي يقصد به مخالفة أحكام الشريعة، وتوفير مال لغير مستحقيه، وحرمان أهله الحقيقين منه، وأهله هم الفقراء والمساكين.. وهو بغي فيه عدوان على نبي بالعدوان على مبعوثه.. فأي بغي ذميم أسوأ وأقبح من هذا؟!.
لا مبرر لخوف خزاعة:
وقد يقال: إذا كان البغاة المعتدون هم بنو تميم، فلا مبرر لخوف خزاعة من نشوء أية مشكلة لها مع النبي الأكرم "صلى الله عليه وآله"، لأنها تعلم أنه لا يأخذ البريء بذنب المجرم.
وقد يجاب: بأنها ربما خافت من أن يكون مبعوث الرسول "صلى الله عليه وآله" لم يميز بني تميم عن خزاعة، ولا يدري أن الذين فعلوا ذلك هم ضيوف على خزاعة وليسوا منها، فظن أن الذين فعلوا ذلك هم طائفة من أصحاب الصدقة أنفسهم..
فيكون قد أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بما رآه فيتغيظ النبي "صلى الله عليه وآله" عليهم، ويعلن موقعاً سلبياً منهم، وفق ظواهر الأمور، التي كان يجب عليه أن يعامل الناس على أساسها..
فضول يثير القرف، ويلامس المساس بالشرف:
عن ابن عباس: أن بني العنبر التميميين كانوا قد أصابوا دماء في قومهم، فارتحلوا، فنزلوا بأخوالهم من خزاعة([176]).. فما معنى أن يمنعوا مبعوث النبي "صلى الله عليه وآله" من قبض صدقة الخزاعيين؟!
وما هذه الجرأة على التدخل فيما لا يعنيهم، وما هذا التعدي على قرار قوم قبلوهم ضيوفاً عليهم، ومكَّنوهم من العيش معهم بسلام وأمان؟!.
ألا يعتبر الإعتداء على قرار خزاعة اعتداء على الكرامة؟! وألا يعد هذا التصرف جبرية وتسلطاً على الآخرين بدون حق؟ رغم أن أولئك الآخرين متفضلون عليهم!!. ومحسنون إليهم!!.
أم أنهم يتهمون الخزاعيين بسوء الرأي، أو بقلة العقل، أو بالجبن والخور والضعف؟!.
وهل الإلتزام بأحكام الشرع والدين يعد ضعفاً، أو جبناً، أو يمكن اعتباره سوء رأي، وقلة تدبير؟!.
هذا شحٌّ! أم لؤم؟!:
إننا قد نتصور: أن يكون أحد من الناس شحيحاً، ولكننا لا نستطيع أن نقبل بأن يكون الشحّ هو الصفة المميزة لجماعة من الناس، من دون استثناء، مع قبول تلك الجماعةكلها: بأن الشح صفة ذميمة، تجلب لهم العار، وتحط من قدرهم في جميع الأعصار والأمصار، ولا تجد أحداً يرضى بأن تنسب إليه مهما كانت ظاهرة وراسخة فيه.
أما إذا شَحَّ إنسان بمال غيره، فذلك مما يستعصي على العقول فهمه، فكيف إذا ظهر ذلك من جماعة أو من عشيرة بكاملها؟
ولماذا أقدمت تلك الجماعة أو العشيرة على منع أخذ الصدقات من عشيرة غيرها، إلى حد أنها رضيت بمباشرة القتال، وركوب الأهوال من أجل ذلك؟! كما هو الحال بالنسبة لبني تميم حين شحوا بمال قبيلة خزاعة، الذي لا تريد أن تعطيه ترفاً وسرفاً، ولا جوداً وكرماً، وإنما انقياداً للحكم الشرعي، والواجب الإلهي، والأمر النبوي.
إننا لا نستطيع تفسير هذا الأمر إلا على أساس أن هؤلاء القوم قد بلغوا الغاية وأوفوا على النهاية في النذالة واللؤم.. وقدموا بذلك أوضح الأدلة والبراهين على أنهم أبعد الناس عن الأدب، وعن الإلتزام بفروض اللياقة، أو الشعور بالكرامة.
كما أن ما فعلوه يدل دلالة واضحة على إغراقهم في الجهل، والأعرابية، إلى حد يثير القرف والإشمئزاز..
أخذ العفو، لا كرائم الأموال:
ثم إن أول ما يطالعنا في هذه السرية هو وصية النبي "صلى الله عليه وآله" لمبعوثه على الصدقات بأن يأخذ عفو المال، وأن يتوقى كرائمه.
وهذا هو العدل والرفق. فإن أخذ ما فضل من المال، الذي يحبه الإنسان حباً جماً بصورة عفوية، ومن دون انتقاء كرائمه يسهّل على صاحب ذلك المال بذله، ويجعله مما تطيب به النفوس، ولا تجد أي حرج في التنازل وصرف النظر عنه.
أما كرائم الأموال، التي يكون لأصحابها تعلق خاص بها، فليس من السهل التنازل عنها، ولا أن تطيب بها النفوس.
والمطلوب في العبادات ـ والصدقات منها ـ هو: أن يقطع الإنسان رابطته بالمال قربة إلى الله تعالى، والقربة بهذا المعنى لا تتحقق إذا بقيت القلوب متعلقة بالمال.
على أن بقاء هذه العلقة سيكون من أسباب ظهور الحسد بين الناس. وحدوث درجة من التنافر فيما بينهم، ثم تنامي مشاعر الكراهية، وأن تتجه العلاقة نحو التوتر، والمزيد من الحساسية، لتصبح ثقيلة ومرهقة، وربما مؤذية أيضاً.
فالإخلاص في العبادة، المتمثل بإعطاء الناس صدقات أموالهم بطيب نفس، وقربة إلى الله تعالى، ورعاية سنن العدل، بإعطاء كل ذي حق حقه، ومن دون أدنى حيف على الشريك الآخر، وتحصين النفوس من مساوئ الشح، وغير ذلك ـ إن ذلك كله ـ يحتِّم أخذ العفو، وهو ما فضل، وتوقي كرائم الأموال، في استيفاء حقوق الفقراء والمساكين من أموال الناس..
تعهد عيينة لرسول الله ':
وقد تعهد عيينة بن حصن لرسول الله "صلى الله عليه وآله" تتبع آثار "الذين فعلوا ما فعلوا"، ولو بلغوا يبرين([177])، حتى آتيك بهم إن شاء الله، فترى فيهم رأيك، أو يسلموا"([178]).
ونقول:
إن هذا التعهد قد تضمن الأمور التالية:
1 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" حين انتدب المسلمين لهؤلاء المعتدين قد حصر هدف المواجهة بخصوص "الذين فعلوا ما فعلوا" دون سواهم، فلا يحق لأحد توسعة نطاق عمليات المواجهة لتشمل غير هؤلاء حتى لو كانوا من بني تميم، فضلاً عن غيرها.
2 ـ إن عيينة قد تعهد لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بملاحقة الفاعلين، لا بهدف قتلهم، بل ليأتي بهم إليه "صلى الله عليه وآله"، ليرى فيهم رأيه..
3 ـ إنه ليس لرأي عيينة، ولا لرأي غيره فيهم أي قيمة أو أثر.
أعرابي أمير على أعراب:
وقد رأينا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يؤمِّر عيينة على مهاجري، ولا على أنصاري. بل أمَّره على خمسين رجلاً من الأعراب.
ويبدو أنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد أن يجعل لعيينة الذي كان أعرابياً جافياً، لم يستقر الإيمان في قلبه، سبيلاً على أحد من أهل الإيمان، أو من ذوي السابقة فيه. فإنه كان يعلم: أن أمثال عيينة لا يراعون الآداب، ولا يقيمون وزناً لمراتب الفضل في تعاملهم مع الآخرين..
أما حين يكون الذين تحت يد عيينة من أقرانه، وأشباهه في أعرابيته، فإن تصرفاته تجاههم تأتي منسجمة مع توقعاتهم، ولا تسبب لهم تلك المرتبة من الأذى والإساءة، التي ستنشأ عنها لو كان المعني بها من هم أكثر وعياً، وأسمى أنفساً، وأنبل أخلاقاً..
هذا كله عدا أنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد أن يعطي عيينة أي سبب من اسباب الإستطالة على الآخرين بما ربما يخلعه على نفسه من مظاهر النبل والعظمة، وبما يمنحها من امتيازات، بالإستناد إلى تولية النبي "صلى الله عليه وآله" له على فريق من أهل النصرة والهجرة.
مدى وفاء عيينة بتعهداته:
وإذا نظرنا إلى النتائج التي انتهت إليها مهمة عيينة، فسنرى أنها قد جاءت قاصرة عن بلوغ المدى الذي تعهد هو لرسول الله "صلى الله عليه وآله" بإبلاغها إياه، فقد تعهد أن يأتي بالذين اقترفوا ذلك الجرم ولو بلغوا ببرين.. ولكنه لم يأت إلا ببضع نساء، ونُفَيْر (تصغير نفر) من رجال كانوا قد تخلفوا في البيوت، فلما رأوا الجمع ولوا، فكان عدد الذين أخذوا منهم هو أحد عشر رجلاً، وإحد عشرة امرأة، وثلاثون صبياً..
أما سائر القوم فكانوا غائبين، ولم يأت بأحد منهم.
ولعل أولئك النفر الذين أخذوا من الرجال كانوا من المسنين والعجزة أيضاً، ولعلهم لم يشاركوا في منع رسول النبي "صلى الله عليه وآله" من أخذ صدقات خزاعة.
حبس الأسرى:
وعن مصير الأسرى والسبايا نقول:
إنه "صلى الله عليه وآله" لم يبادر إلى اتخاذ أي إجراء في حقهم، فهو لم يقسمهم بين المسلمين، ولا أطلق سراحهم، بل احتفظ بهم، بانتظار مجيء قومهم في طلبهم.
كما أنه حبسهم في دار امرأة، وهذا من شأنه أن يمنع من تطفل المتطفلين عليهم، وتعرُّض الناس لهم بما يوجب لهم أي أذى، أو مهانة، أو أي شيء يوجب التهمة.
وهذا يدل على: أنه "صلى الله عليه وآله" كان يريد أن يسهل عليهم قبول الحق، والخروج من المأزق الذي أوقعوا أنفسهم فيه، بطريقة التوجيه نحو أفضل الخيارات، التي تفتح لهم أبواب الهداية، وتدفع بهم نحو سبيل الصلاح والخير في الدنيا وفي الآخرة. وهذا ما حصل بالفعل، كما تقدم.
سوء أدب الرؤساء:
وقد أظهرت النصوص المتقدمة: أن رؤساء تلك القبيلة التي ارتكبت تلك الإساءة قد تصرفوا مع رسول الله "صلى الله عليه وآله" بصورة غير لائقة، ولا مقبولة، فصاروا ينادونه من وراء الحجرات: أن يا محمد، أخرج إلينا.
وقد خلَّد الله تعالى سبحانه تصرفهم هذا في آية قرآنية إلى يوم القيامة، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}([179]).
والذي تحسن ملاحظته هنا هو ما يلي:
1 ـ إنهم إنما جاؤوا في حاجة لهم، فالمفروض هو: أن يتبعوا سبيل التلطف، والرفق في التماسها، مع علمهم بأنهم لا قدرة لهم على مواجهة المسلمين، ولن يتمكنوا من أخذ حاجتهم عنوة.
2 ـ إنهم إنما جاؤوا وافدين وضيوفاً، فالمفروض فيهم: أن يراعوا جانب مضيفهم، ولا يضايقوه، وأن يفسحوا له المجال ليفْرَغَ لهم، وليتمكن من النظر فيما جاؤوا له.
3 ـ إن مراعاة الأدب في الخطاب، وفي السلوك، وعدم اللجاج، من شأنه أن يهيّيء النفوس للإستجابة للمطالب التي تضعف دوافع الإستجابة لها، بل الدواعي متوفرة لرفض الإستجابة.. إلا على سبيل التكرم، والتفضل في أجواء مفعمة بالرضا وبالأريحية.
ومن الواضح: أن هؤلاء القوم قد سبقت منهم إساءة قبيحة لمقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، تمثلت بالتعدي الوقح، والفضول السمج، والتدخل في أمر لا يعنيهم، ولا يرتبط بهم.. حيث انتهى الأمر بإشهار السيوف لمنع مبعوث رسول الله "صلى الله عليه وآله" من استلام صدقة قبيلة خزاعة، لإيصالها إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حسبما تقدم.
4 ـ ويلاحظ: أن الله تعالى قد ذكر سوء أدبهم هذا ليتعظ بهم غيرهم، وليقف الناس على مدى معاناة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ودرجة صبره وتحمله، وجليل عفوه، وكريم أخلاقه، وجميل صفاته، ليكون للناس أسوة وقدوة في ذلك كله.
5 ـ وقد وصف الله تعالى الذين ينادون رسول الله "صلى الله عليه وآله" من وراء الحجرات بأنهم: {أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}..
وهذا معناه: أن من يملك العقل منهم، لا يملك القرار ما دام أن الأكثر لا يعقل، والذي يملك القرار، فإنه لا يعقل.. وتلك هي المصيبة العظمى التي كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يواجهها. فإنه مبتلى بقوم هذا واقعهم، وتلك هي حالهم.. فهم كالسلة التي ليس لها قعر، وهي مصنوعة من القصب أو من الشعر، ويراد لها أن تحمل الماء ليشربه العطاشى المجاهدون من أهل الثغر.
فإن من لا يملك عقلاً لا يملك أحد له خطاباً، ولا يعرف ما يلقى إليه إن كان خطأً أو صواباً..
ومن معجزات رسول الله "صلى الله عليه وآله": أنه قد صنع من نفس هؤلاء أمة هي أهدى الأمم، وحضارة هي من أرقى الحضارات. وظهر منهم بفضل رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكثير من العلماء، والحكماء، والعظماء.
6 ـ وآخر كلمة نقولها هنا: إنه إذا كان الرؤساء لا يملكون العقل ولا الأدب، ولا الخلق الرضي، فما بالك بالأذناب والأتباع، والأكثر بعداً عن ممارسة الأمور، والأكثر استغراقاً في الجزئيات والصغائر، الذين يستضعفهم الرؤساء والأكابر..
بدلاً من الإعتذار:
وقد كنا نتوقع أن يأتي هؤلاء الرؤساء الوافدون بالإعتذارات التي تعيد لهم الإعتبار، وتخفف من قبح ما صدر منهم، وإذ بنا نراهم يبادرون رسول الله "صلى الله عليه وآله" بإساءة الأدب معه، ثم يطلبون منه "صلى الله عليه وآله" أن يناظرهم، ويفاخرهم!! وأن يتبارى خطيبه وخطيبهم، وشاعره وشاعرهم!!
وكيف وبماذا يفاخر هؤلاء الأعراب الجفاة، والجهلاء القساة، وهم الذين اعتدوا بدون مبرر وتدخلوا فيما لا يعنيهم بكل صلف ورعونة على على أمر يعود لمضيفهم على النحو المخزي الذي سبق بيانه..
وبماذا يفخر هؤلاء الذين جاؤوا ليطالبوا بنسائهم ورجالهم، الذين أسروا بسبب رعونتهم وسوء فعلهم، فصاروا ينادون رسول الله "صلى الله عليه وآله" من وراء الحجرات، وهو أمر لا يصدر إلا عن أعرابي جاهل، لا يعرف شيئاً عن قواعد الأدب واللياقة..
وقد كان الأجدر بهم أن يخجلوا من أنفسهم، وأن يظهروا لرسول الله "صلى الله عليه وآله" الندم والتوبة، ثم يوسطون أهل الخير والكرم، والشهامة والشمم، عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليرضى عنهم، ويقبل منهم.
ولولا أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كان أصبر الصابرين، وأحلم وأكرم العالمين، لطردهم من حضرته، وأعادهم أذلاء مقبوحين.. أو كان قبض عليهم، وقدمهم للعقاب على ما بدر منهم من سوء أدب، ومن تعدِ خسيس على رسوله إلى بني خزاعة من افتئات مضيفهم!!
ولكنه "صلى الله عليه وآله" تحمل كل هذا الأذى، وصبر عليهم، وعاملهم بالرفق واللين، وعفا عنهم، وأعاد إليهم رجالهم ونساءهم، وحفظ لهم ما فرطوا فيه، وأقالهم عثراتهم المتلاحقة، لأنه لا ينطلق في حركته ومواقفه من ردات الفعل، ومن الإنفعالات النفسية، ولا من المصالح الشخصية، ولا من منطلق الرغبة في مواجهة المعتدي بما يستحقه من القصاص والعقوبة، وإنما من واجبه الإلهي، وفي دائرة مهمته كنبي ورسول.
والأهم من ذلك كله، من خلقه الرضي، وإحساسه، وميزاته وخصائصه التي جعلت نفسه تذهب حسرات على الناس، حتى وهم يحاربونه، ويسعون في سفك دمه، ودم أهل بيته وأصحابه.. فإن كل همه كان منصباً على إنقاذهم من حمأة الجهالة، ومن التيه والضلالة، وأن يغمر أرواحهم، وكل وجودهم نور الإسلام، ويعيشوا روحانيته، وقيمه، ويتخلقوا بأخلاق أهل الإيمان..
وهذا هو ما يرضيه، ويسعد به "صلى الله عليه وآله"..
الأخلاق تعطي للعقل دوره:
ولعل هناك من يتساءل عن السبب الذي يكمن وراء اقتصار الآيات الكريمة في ملامتها لهؤلاء الناس على خصوص ندائهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" من وراء الحجرات، مع انه امر يرتبط بشكليات السلوك، والآداب العامة، التي لا ترقى إلى رجة استباحة سمعة من يتخلف عنها، أو تسجيل ما يوجب له العار إلى يوم القيامة، مع أن جرمهم لا يقتصر على هذا فقد منعوا تحت طائلة التهديد بالقتل من إيصال الحق لأهله كما تقدم، بل يكفيهم سوءاً وشراً أنهم لا يزالون يتخذون سبيل الشرك والضلال..
ويمكن ان يجاب: بأن مسألة الأخلاق والآداب في غاية الأهمية، وهي حساسة جداً وأساسية في حياة البشر، وفي تعاطيهم مع القضايا، وفي وعيهم لأسبابها، ولآثارها، وتلمُّس ما يرتبط بها، أو ينشأ عنها..
بل إن لها دوراً في اختيارات الإنسان، وفي حصوله على السكينة والرضا بقضايا الإيمان، وفي تفاعله معها، والتأثر بها.
كما أنها تؤثر بشكل قوي في بعث العقول وإيقاظها من سباتها، لتتولى هي هداية الإنسان في حركته في الحياة، على أساس من الإدراك والوعي، المعتمد على التدبر والتأمل..
ولأجل ذلك ربط تعالى بين ندائهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" من وراء الحجرات، وبين العقل، الذي به يزن الإنسان المتوازن أموره، ويأخذ بمشورته وبأحكامه في الإقدام والإحجام..
كما ويلاحظ: أن التعبير في الآية قد جاء بصيغة "يعقلون"، التي تشير إلى الصدور والفعل. ولم يقل: إنهم لا عقول لهم، أي أنهم لا يستعملون عقولهم.
بل إن الإبتلاء بواحدة من العاهات الأخلاقية قد يؤدي بالإنسان إلى إخراجه عن مقتضيات الفطرة وأحكام العقل، ثم إلى الإمعان في الإبتعاد والإنحراف عنها، حيث قد يستمر به هذا الإنحراف إلى ان يورده المهالك، وينتهي به إلى أن يصبح فرعونياً أو إبليسياً في فكره، ونظرته، وفي فهمه للقضايا، وفي سلوكياته ومواقفه..
وهذا ما يجعلنا نفهم بعمق سر اهتمام القرآن بالآداب والأخلاق المستندة إلى المفاهيم الحقة، وإلى القيم والمثل العليا..
وخلاصة القول: إن الإلتزام بالأدب إنما يكون انطلاقاً من مثل وقيم تفرضها وتقتضيها، وهذا الإلتزام يحتاج إلى الوقوف على حقائق تلك القيم ودقائقها ومعرفة حدودها وقيودها. وهو إنما يكون بتحريك العقل وإعطائه دوره وموقعه، والإلتزام بأحكامه.. فإذا بلغ الإنسان هذه المرتبة، فإن أبواب الخير والفلاح ستفتح أمامه على مصاريعها في كل مجالات وشؤون الحياة، في الدين والدنيا. وتكون له السعادة الأبدية والخلود في النعيم.
مفاخر بني تميم:
ولسنا بحاجة إلى المقارنة، ولا إلى شرح ما فخر به التميميون، وما أجابهم به ثابت بن قيس.. فإن ما فخر به خطيبهم هو كثرة المال، وكثرة العدد، والزعامة.
أما خطيب الأنصار، الذي انتدبه رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقد اثنى على الله بما هو أهله، وحمده على أن اصطفى لهم رسولاً، متصفاً بأحمد الأوصاف وأسناها، وأفضلها، وأعلاها.
ثم اعتز بإيمانه وتصديقه وإجابته دعوته، وبنصرته له..
ولم يذكر كثرةً في الأموال ولا في العدد، ولا افتخر بزعامة ولا رئاسة، ثم تعهد بمجاهدة أهل الكفر والطغيان، وختم حديثه بالإستغفار لنفسه وللمؤمنين..
لماذا ثابت بن قيس؟!:
ويلاحظ: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يطلب من رجل مهاجري أن يجيب خطيب بني تميم، ليس لأنه "صلى الله عليه وآله" لا يريد أن يرفع من شأن بني تميم حين يرون أنفسهم، ويراهم الناس مقابل رجالات قريش، فإنه "صلى الله عليه وآله" لا يتعامل بهذه الطريقة، حتى لو كان وفد بني تميم يرغب في أن يرى نفسه ويراه الناس مقابل أعظم رجل خلقه الله تعالى، وهو واسطة العقد في جميع مخلوقاته، فضلاً عن قريش وبني هاشم، وبني عبد المطلب. وهو الرجل الذي بهر الدنيا والعرب بالإنتصارات الإعجازية التي حققها على العرب وتجاوزتهم إلى الروم، وهو النبي الذي ظهرت معجزاته، وسطعت آياته، وأعجزت العقول دلائله وبيناته.
وإنما الذي دعا النبي "صلى الله عليه وآله" إلى انتداب ذلك الأنصاري للإجابة على ترهات بني تميم، هو أنه أراد أن يظهر لهم بالفعل قبل القول: أنه لا يريد أن يفاخرهم بقومه وعشيرته، على الرغم من أن أحداً لا يتوهم أن لبني تميم شأناً يذكر معهم، وما قياس بني تميم بهم، إلا كقياس حبة من خردل بالنسبة للطود العظيم!!
إنه يريد أن يجعل من استجابته هذه سبيل هداية لهم، وباب سداد ورشاد، ينقذهم مما هم فيه من جهالات وضلالات، ويعرفهم: أن العزة إنما هي لله، ومن الله، وأن الفخر إنما هو بالإيمان به، وبالإلتزام بطاعته، واجتناب معصيته، وبالجهاد في سبيله.
ولذلك اختار رجلاً من الأنصار ليجيب خطيبهم.
ومن جهة أخرى، فإنهم إذا كانوا يسيؤن إلى من يضيفهم، وهم خزاعة، ويتسببون بكل هذا الذي يجري، حتى تضطر خزاعة إلى طردهم، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" الذي كان ينزل على الأنصار، قد رفع من شأن مضيفيه حتى جعلهم ملوكاً على الناس كما أعلنه خطيبه الأنصاري، وأصبح الأنصار يدافعون عنه، ويضحون بأنفسهم وبأبنائهم من أجله وفي سبيله، ثم هؤلاء هم يفاخرون عنه، ويكون جل بل كل فخرهم به ومنه..
فهل أدرك التميميون هذه الحقيقة؟! أم أن أكثرهم كانت لهم قلوب لا يعقلون بها، ولهم أعين لا يبصرون بها، ولهم آذان لا يسمعون بها؟!
وهل يستطيع بنو تميم أن يجدوا حتى في حلفائهم وذوي رحمهم، من خزاعة أو غيرها من يدافع ويدفع عنهم، بمستوى دفاع ودفع الأنصار عن رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟!.. أم أن ذوي رحمهم قد نبذوهم، وطردوهم وأخرجوهم، من أجل نفس هذا الذي جاء إليه وفد بني تميم، ليناظره ويفاخره؟!
ابن الأهتم، وابن عاصم:
وقد ظهر مصداق ما ذكرناه آنفاً في نفس مجلس المفاخرة الذي أرادواه في محضر رسول الله "صلى الله عليه وآله".. فيما جرى بين عمرو بن الأهتم، وقيس بن عاصم.. حينما أراد قيس أن يصرف النبي "صلى الله عليه وآله" عن إشراك ابن الأهتم في الجائزة التي أعطاها "صلى الله عليه وآله" لوفد بني تميم، بدعوى: أن ابن الأهتم صغير السن لا شرف له.. فأصر النبي "صلى الله عليه وآله" على إجازته وقال: "فإنه وافد، وله الحق"، وأعطاه مثل ما أعطى القوم اثنتي عشرة أوقية ونصفاً.
لكن الواقدي قال: إنه أعطاه خمس آواق فقط، لحداثة سنه([180]).
وروى البيهقي عن ابن عباس ما جرى بين الرجلين، فقال: "جلس إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قيس بن عاصم، والزبرقان بن بدر، وعمرو بن الأهتم التميميون. ففخر الزبرقان وقال: يا رسول الله، أنا سيد تميم، والمطاع فيهم، والمجاب منهم، آخذ لهم بحقوقهم، وأمنعهم من الظلم، وهذا يعلم ذلك. وأشار إلى عمرو بن الأهتم.
فقال عمرو بن الأهتم: إنه لشديد العارضة، مانع لجانبه، مطاع في أدانيه.
فقال الزبرقان: والله يا رسول الله، لقد علم مني غير ما قال، وما منعه أن يتكلم إلا الحسد.
فقال عمرو بن الأهتم: "أنا أحسدك؟! فوالله إنك للئيم الخال، حديث المال، أحمق الولد، مبغض في العشيرة.
والله يا رسول الله، لقد صدقت فيما قلت أولاً وما كذبت فيما قلت آخراً، ولكني رجل إذا رضيت قلت أحسن ما علمت، وإذا غضبت قلت أقبح ما وجدت، ولقد صدقت في الأولى والأخرى جميعاً".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "إن من البيان لسحراً"([181]).
فإذا كان رؤساء الوفد يسعون لمنع من جاؤوا يفاخرونه من إجازة بعض رفقائهم ببعض المال حسداً منهم لهم، وضناً بمال غيرهم، أو خشية من أن يعد ذلك امتيازاً لذلك البعض، يرفعه بين الناس بحيث يلحقه بهم..
فهل بعد هذا يمكن ان يتوقع هؤلاء من إخوانهم الإيثار والفداء، والتضحية بالنفس والمال لدفع الأسواء عنهم؟!.. أم أن عليهم أن يتوقعوا من نفس رؤسائهم أن يقذفوا بهم في أتون المكاره والأسواء، لينعموا هم بالجاه والمال وبالراحة، وليحصلوا على المنافع والمناصب من خلال ذلك.
الله يؤيد حسان ما دافع عن نبيه:
وقد ورد في الرواية: أنه "صلى الله عليه وآله" قال: "إن الله يؤيد حسان بروح القدس، ما دافع عن نبيه.
أو قال له: لا تزال ـ يا حسان ـ مؤيداً بروح القدس ما نصرتنا بلسانك"([182]).
ولسنا بحاجة إلى تذكير القارئ بأن هذا القيد الوارد في دعاء النبي "صلى الله عليه وآله" لحسان، يشير إلى علمه بأن حساناً سوف ينقطع عن هذا النصر، ويتحول عن نصرة النبي "صلى الله عليه وآله" إلى نصرة بني أمية، وغيرهم، حين يؤيد غاصبي حق علي "عليه السلام"، ويخالف أوامر الله ورسوله فيه، ويعرّض نفسه لدعاء النبي "صلى الله عليه وآله" عليه بالخذلان، في قوله "صلى الله عليه وآله" في حديث الغدير: "وانصر من نصره واخذل من خذله".
وقد نظم ذلك الحديث حسان شعراً، فقال:
وقـال: فمـن مـولاكـم ووليـكم فقـالـوا: ولم يبـدوا هنـاك التعادي
إلهـك مـولانـا وأنــت ولـيـنـــا ولـن تجـدن منـا لك اليوم عاصي
فقـال لـه: قــم يــا عــلي فـإنني رضيتك من بعـدي إمامـاً وهاديـا
فـمـن كـنـت مـولاه فـهـذا وليه فكـونـوا لـه أنصار صـدق مَوَالياً
هـنـاك دعـا اللـهـم والِ ولـيـــه وكـن للـذي عادى علياً معاديـا([183])
هذا.. وقد قال الشيخ المفيد "رحمه الله": "وإنما اشترط رسول الله "صلى الله عليه وآله" في الدعاء له، لعلمه بعاقبة أمره في الخلاف، ولو علم سلامته في مستقبل الأحوال لدعا له على الإطلاق. ومثل ذلك: ما اشترط الله تعالى في مدح أزواج النبي "صلى الله عليه وآله"، ولم يمدحهن بغير اشتراط، لعلمه أن منهن من يتغير بعد الحال عن الصلاح الذي يستحق عليه المدح والإكرام، فقال عز قائلاً: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ}([184]).
ولم يجعلهن في ذلك حسب ما جعل أهل بيت النبي "صلى الله عليه وآله" في محل الإكرام والمدحة، حيث بذلوا قوتهم للمسكين واليتيم والأسير، فأنزل سبحانه وتعالى في علي بن أبي طالب وفاطمة والحسن والحسين "عليهم السلام"، وقد آثروا على أنفسهم مع الخصاصة التي كانت بهم، فقال جل قائلاً: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهَ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُوراً إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً فَوَقَاهُمُ اللهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيراً}([185])، فقطع لهم بالجزاء، ولم يشترط لهم كما اشترط لغيرهم، لعلمه باختلاف الأحوال على ما بيناه([186]).
ومما يشير إلى انحراف حسان قول المسعودي: "كان حسان عثمانياً منحرفاً عن غيره. وكان إليه محسناً، وهو المتوعد للأنصار في قوله:
يا ليت شعري، وليت الطير يخبرني مـا كـان شـأن عـلي وابـن عفـان
لتسمـعـن وشـيـكـاً في ديـارهــم الله أكـبـر يـا ثــارات عـثـمانـا"([187])
وقال ابن الأثير: "بايعت الأنصار علياً "عليه السلام" إلا نفيراً يسيراً، منهم حسان بن ثابت.. وقال رجل لعبد الله بن حسن: كيف أبى هؤلاء بيعة علي وكانوا عثمانية؟!
قال: أما حسان فكان شاعراً لا يبالي ما يصنع؟!([188])
الشاعران يفتخران:
وقد افتخر شاعر بني تميم، وهو الزبرقان بن بدر بالإنتهاب عنوة من الأحياء، وبنحر الجزور الكوماء، وبإطعام الطعام والأضياف والنزلاء..
أما حسان فافتخر برسول الله "صلى الله عليه وآله"، وبالعفاف الذي ذكره الوحي الإلهي، وبالقناعة حين يثور الطمع المردي، وبالتقوى، وبالشجاعة في ساحات الوغى، من دون أن يفرحهم النصر، ومن دون أن يجزعهم أو أن يسقطهم عند المصاب، وبأنهم لا يدبون إلى المغلوبين كما يدب المفترس إلى فريسته ليمزقها، ونحو ذلك من معان، تشير إلى عظمة الإيمان، وسمو نفوس المؤمنين والصالحين، وإلى الخصال الحميدة، التي تجذرت ونمت في تلك النفوس..
وقد كان لا بد لهم أن يدركوا، ثم أن يقروا بهذا التفاوت الظاهر بين ما قاله خطيبهم وشاعرهم، وما قاله خطيب رسول الله "صلى الله عليه وآله" وشاعره.
وهذا ما حصل بالفعل.
حديث التحكيم:
1 ـ وإن صح حديث التحكيم في السبايا والأسرى، فإننا نقول: إن من الأمور التي تزيد في وضوح سوء حال هؤلاء القوم: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" يريد تحكيم واحد منهم في الأسرى والسبايا.. فيبادرون إلى الرفض، ويقترحون عليه غيره.. وهذه إساءة أخرى تضاف إلى جملة إساءاتهم.
ولعل سبب رفضهم هذا هو: أنهم لا يريدون الإقرار بزعامة ذلك الذي اقترحه "صلى الله عليه وآله"، أو لايريدون تكريس زعامته عليهم، رغم أنه منهم!! ورغم أن الأمر يتعلق بمصير أسراهم وسباياهم.
وهل يعلمون أن النبي "صلى الله عليه وآله" لو ألغى هذا التحكيم، غضباً من تصرفهم السيء هذا، فإن نساءهم سوف تتعرض لخطر الإسترقاق، وهو الأمر الذي يدَّعون أنهم لا يرضون به لأنفسهم، وتأباه لهم غيرتهم وكرامتهم..
فلماذا لم يقدّروا للنبي "صلى الله عليه وآله" حلمه عنهم، وتفضله عليهم؟! بوضعه مصير رجالهم ونسائهم في يد رجل منهم، لا من قبيلة أخرى. بل إن نفس أن يبادر النبي "صلى الله عليه وآله" لإخراج هذا الأمر من يده ويرضى بالتحكيم في هذا الأمر لهو فضيلة عظيمة، ومنة، وكرامة لا مثيل لها، فإن أحداً لا يرضى مهما ألحوا عليه ـ وهو منتصر ـ بأن يجعل القرار في الأسرى والسبايا الذي هم بيده إلى غيره.. ولاسيما إذا كان هو الذي اعتدي عليه من قبل أولئك الأسرى، وقبائلهم أنفسهم..
فما بالك بمن يبادر هو إلى ذلك، بل هو يبادر إلى تحكيم نفس المعتدين عليه؟!
والأعظم والأهم من ذلك كله، أن يكون هذا الذي رضوا به حكماً، قد حكم بأن يفدى شطر وأن يعتق شطر..
ولا ندري لماذا حكم على النبي "صلى الله عليه وآله" بأن يعتق ذلك الشطر؟! ألا يعد هذا الحكم مجحفاً وغير منصف.
ومع غض النظر عن ذلك كله، فإن هذا الحكم يمثل إقراراً من زعيم وحاكم اختاروه هم أنفسهم، بأن هؤلاء الناس رقٌ لرسول الله "صلى الله عليه وآله".. وهو بالتالي إقرار بالعدوان واعتراف بالظلم والطغيان، فلماذا يريد هؤلاء الظالمون والمعتدون أن يفاخروا من ظلموه واعتدوا عليه، وهو يعاملهم بهذا الحلم والكرم والإباء والشمم، وذلك حين توّج ذلك كله القرار النبوي برد الأسرى والسبي، والعفو عنهم من دون مقابل كما أوضحته الرواية الأخرى..
عيينة في وفد بني تميم:
وبعد.. فإن النصوص التاريخية قد صرحت: بأن عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس كانا في وفد بني تميم إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"([189]).
مع أن عيينة هو الذي تبرع للنبي "صلى الله عليه وآله" بالإتيان بهم أسرى إليه، وقد قام بذلك فعلاً.
فما معنى: أن ينضم إلى وفدهم، ويأتي معهم؟!
ألا يدل ذلك على: أنه كان لا يزال على شركه، وعلى قلة وعيه للأمور، وانتهازيته، وعلى أعرابيته، وها قد حن إلى إلفه، وسعى إليهم بظلفه؟!
غرور بني تميم:
وقد قال بنو تميم لرسول الله "صلى الله عليه وآله" حين خرج إليهم: "إن مدحنا لزين، وإن ذمنا لشين، نحن أكرم العرب".
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "كذبتم، بل مدحة الله عز وجل الزين، وذمه الشين، وأكرم منكم يوسف بن يعقوب"([190]).
ويظهر من رواية أخرى مروية عن الأقرع بن حابس، والبراء بن عازب: أن الأقرع بن حابس نفسه هو الذي قال ذلك، فقد رويا: أنه جاء إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا محمد، اخرج إلينا. فلم يجبه.
فقال: يا محمد، إن حمدي لزين، وإن ذمي لشين.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ذاك الله عز وجل".
فقالوا: إنَّا أتيناك لنفاخرك، فأذن لشاعرنا وخطيبنا.
قال: قد أذنت لخطيبكم، فليقل الخ..([191]).
ونقول:
1 ـ يتجلى غرور هؤلاء القوم بما لا مزيد عليه، حين يضعون أنفسهم في مقام لا يجرؤ أحد على وضع نفسه فيه. فلو سلمنا ـ وإن كان هذا التسليم لا مبرر له ـ أن دافعهم للمدح أو الذم ليس هو الهوى والعصبية، والرعونة وما إلى ذلك، وقبلنا جدلاً أنهم يتحرون الدقة والأمانة والصدق فيما يقولون، فإن الكل يعلم أنهم حين يمدحون أو يذمون، إنما يذكرون ما ظهر لهم.. ونحن نعلم علم اليقين أنهم لا يملكون القدرة على كشف الحقائق، واستكناه بواطن الأمور، بل إن الله وحده هو العالم بالسرائر، والمطلع على ما في الضمائر وقد يطلع على ذلك أنبياءه.. فكل مدح أو ذم من سواه يبقى في دائرة احتمالات الصدق والكذب، أو الخطأ والصواب، أو التمام والنقص.. فلا يمكن أن يكون زيناً، ولا شيناً.
أما حين يأتي المدح أو الذم من علام الغيوب، والواقف على ما في الضمائر والقلوب، والخالق والمدبر والمهيمن والمسيطر، فلا ريب في أنه هو الحق، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ولابد أن يكون مدحه زيناً، وذمه شيناً.
2 ـ أما قوله "صلى الله عليه وآله": "وأكرم منكم يوسف بن يعقوب" إن صح أنه قوله.. فلربما يكون مقصوده إلزامهم بما يلزمون به أنفسهم، والإحتجاج عليهم بمن لا سبيل لهم إلى إنكاره، مما أخذوه عن أهل الكتاب الذين كانوا يمثلون المرجعية لهم، وعن يوسف "عليه السلام"، فإنه أكرم منهم، على الرغم مما ينسبه إليه أهل الكتاب من ترهات وأباطيل، فيما يرتبط بعفته، ووفائه، وحفظه للعزيز في عرضه، إلى غير ذلك مما قد يتظاهر بنو تميم بالتنزه عنه.. مع اعترافهم بنبوته.
وتسقط بذلك دعواهم الفضل والكرامة على سائر العرب. وهم يرون أن العرب أكرم الأمم.
بنو تميم، والأعور الدجال:
قال ابن إسحاق عن وفد بني تميم: وفيهم نزل من القرآن: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِن وَرَاء الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}([192]).
وسئل رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "هم جفاة بني تميم، لولا انهم من أشد الناس قتالاً للأعور الدجال لدعوت الله عليهم أن يهلكهم"([193]).
ونقول:
إن هذه الرواية لم ترد في أي مصدر يتكفل برواية حديث أهل بيت العصمة، وإذا راجعنا تاريخ بني تميم، فسنجد أنهم كانوا بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ في الأكثر ـ أعداء لعلي "عليه السلام"، حتى إن غالبية الخوارج كانوا من بني تميم([194]).
ويستظهر الجاحظ: أن بني صريم ـ وهم من بني تميم ـ كانوا من الخوارج أيضاً([195]).
وكل ذلك يجعلنا نظن ـ أو نحتمل ـ: أن هذه الرواية قد وضعت مكافأة لبني تميم على بغضهم لعلي "عليه السلام"، وشكراً لهم على محاربتهم إياه. فليلاحظ ذلك.
الفصل السادس:
ترقيع الدلاء بكتاب رسول الله '
ترقيع الدلاء بكتاب الرسول ':
وقد ذكرت عدة سرايا إرسلت إلى جماعات، أو أشخاص، كتب إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتباً يدعوهم فيها إلى الإسلام، فرقعوا دلاءهم بكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" استهانة منهم به، وسوء خلق وأدب لا مبرر له..
واللافت هنا: أن هذه الأحداث المتشابهة في هذا الأمر ـ أعني ترقيع الدلاء ـ قد جاءت متقاربة من حيث الزمان، فهل هذا يشير إلى أن بعض الرواة قد وهموا في تحديد من فعل ذلك؟! أو أنهم تعمدوا أن يلقوا التهمة على هذا أو ذاك، ليجنبوا الفاعل الحقيقي هذا العار؟!.. أو أن هناك من فعل هذا الأمر أولاً، ثم تناقله الناس، فراق لبعض الفئات أن تقتدي بمن سبقها إلى هذا الأمر الشنيع؟!..
إن ذلك كله ممكن، ولا مجال لاستبعاده بصورة قاطعة، فإن له نظائر في التاريخ.
وحيث إننا غير قادرين على الحسم في هذا الأمر، فلا بد لنا من اعتماد الإحتمال الأخير، الذي يدعونا للأخذ بهذه الروايات حتى يظهر لنا ما يردعنا عنها، أو يقوي الشبهة في صحة بعض أطرافها..
وقد جمعنا ما ظهر لنا منها في صعيد واحد، لأن للتفريق آفاته ومتاعبه، ومشكلاته، التي ربما يؤثر بعضها على ذهنية القارئ الكريم..
فإلى ما يلي من مطالب.. وعلى الله نتوكل، ومنه نستمد القوة والعون، والسداد والرشاد..
بعث الضحاك الكلابي إلى القرطاء:
قال محمد بن عمر، وابن سعد: سنة تسع([196]).
وقال الحاكم: في آخر سنة ثمان([197]).
وقال محمد بن عمر الأسلمي: في صفر([198]).
وقال ابن سعد: في ربيع الأول وجرى عليه في المورد والإشارة([199]).
قالوا: بعث رسول الله صلى "صلى الله عليه وآله" جيشاً إلى القرطاء، (وهم بطن من بكر)([200])، عليهم الضحاك بن سفيان الكلابي، ومعه الأصيد بن سلمة بن قرط، فلقوهم بالزُّج، زج لاوة بنجد، (موضع بناحية ضرية)([201])، فدعوهم إلى الإسلام، فأبوا، فقاتلوهم، فهزموهم.
فلحق الأصيد أباه سلمة، وسلمة على فرس له في غدير بالزُّج، فدعا أباه إلى الإسلام وأعطاه الأمان، فسبه وسب دينه، فضرب الأصيد عرقوبي فرس أبيه، فلما وقع الفرس على عرقوبيه ارتكز سلمة على رمحه في الماء، ثم استمسك به حتى جاءه أحدهم، فقتل سلمة ولم يقتله ولده([202]).
وقد ذكر ابن حبان: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إلى القرطاء، فرقعوا دلوهم بكتابه([203]).
وفي شواهد النبوة: بعث النبي "صلى الله عليه وآله" سرية إلى بني كلاب، وكتب إليهم في رق، فلم ينقادوا، وغسلوا الخط عن الرق، وخاطوه تحت دلوهم.
فلما بلغ النبي "صلى الله عليه وآله" الخبر قال: ما لهم! أذهب الله عقولهم!!
فلذا لا يوجد من بني كلاب إلا مختل العقل، ومختلط الكلام، وبعضهم بحيث لا يفهم كلامه([204]).
وعند البلاذري: أنه أرسل الضحاك بن سفيان الكلابي في شهر ربيع الأول سنة تسع إلى قوم من بني كلاب، كتب إليهم "صلى الله عليه وآله"، فرقعوا بكتابه دلوهم، فأوقع بهم([205]).
وقال ابن حجر في ترجمة سمعان بن عمرو الكلابي: "ذكر أبو الحسن المدائني في كتاب رسل رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأسانيده، قالوا:
وبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى سمعان بن عمرو مع عبد الله بن عوسجة، فرقع بكتابه دلوه.
فقيل لهم: بنو المرقع. ثم أسلم سمعان، وقد قدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وأنشده:
أقـلني كـما أمـنـت ورداً ولم أكـن بأسـوأ ذنـبـاً إذ أتـيـتـك مـن ورد
يشير بذلك إلى ورد بن مرداس([206]).
جفينة يرقع دلوه أيضاً:
ورووا أيضاً: أن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إلى جفينة النهدي، أو الجهني، أو الغساني كتاباً فرقع به دلوه، فقالت له ابنته: عمدت إلى كتاب سيد العرب، فرقعت به دلوك؟!
فهرب فأخذ كل قليل وكثير هو له، ثم جاء بعد مسلماً([207]).
سرية إلى رعية السحيمي:
وروي أيضاً بسند جيد: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتب إلى رعية السحيمي كتاباً في أديم أحمر، فأخذ كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" فرقع به دلوه.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" سرية، فلم يدعوا له سارحة ولا رائحة، ولا أهلاً ولا مالاً إلا أخذوه، وانفلت عرياناً على فرس له، ليس عليه سترة حتى انتهى إلى ابنته، وهي متزوجة في بني هلال، وقد أسلمت وأسلم أهلها. وكان مجلس القوم بفناء بيتها، فدار حتى دخل عليها من وراء البيت.
فلما رأته ألقت عليه ثوباً وقالت: مالك؟
قال: "كل الشر نزل بأبيك، ما ترك له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال.
قالت: دعيت إلى الإسلام؟
قال: أين بعلك؟
قالت: في الإبل.
فأتاه. قال: ما لك؟
قال: كل الشر نزل بي، ما تركت لي رائحة ولا سارحة، ولا أهل ولا مال، وأنا أريد محمداً قبل أن يقسم أهلي ومالي.
قال: فخذ راحلتي برحلها.
قال: لا حاجة لي فيها.
قال: فخذ قعود الراعي. وزوده إداوة من ماء.
قال: وعليه ثوب إذا غطى به وجهه خرجت استه، وإذا غطى استه خرج وجهه، وهو يكره أن يعرف، حتى انتهى إلى المدينة، فعقل راحلته. ثم أتى رسول الله "صلى الله عليه وآله" فكان بحذائه حيث يقبل. فلما صلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" الصبح قال: يا رسول الله، ابسط يدك أبايعك، فبسطها. فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال: ففعل ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاثاً ويفعله.
فلما كانت الثالثة قال: "من أنت"؟
قال: أنا رعية السحيمي.
قال: فتناول رسول الله "صلى الله عليه وآله" عضده، ثم رفعه، ثم قال: "يا معشر المسلمين، هذا رعية السحيمي الذي بعثت إليه كتابي فرقع به دلوه".
فأخذ يتضرع إليه.
قلت: يا رسول الله، أهلي ومالي.
قال: "أما ما لك فقد قسم، وأما أهلك فمن قدرت عليه منهم".
فخرج، فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها، فرجع إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، هذا ابني.
قال: "يا بلال، أخرج معه فسله أبوك هو؟ فإذا قال: نعم، فادفعه إليه".
فخرج إليه، فقال: أبوك هذا؟
قال: نعم.
فرجع إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: يا رسول الله، ما رأيت أحداً منهما استعبر لصاحبه.
قال: "ذاك جفاء الأعراب"([208]).
سرية إلى بني حارثة بن عمرو:
وفي مستهل شهر ربيع الأول سنة تسع بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" عبد الله بن عوسجة [إلى بني حارثة بن عمرو] يدعوهم إلى الإسلام. فأخذوا الصحيفة، فغسلوها ورقعوا بها أسفل دلوهم، وأبوا أن يجيبوا، فرفع ذلك إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "ما لهم ذهب الله بعقولهم"؟
فهم إلى اليوم أهل رعدة، وعجلة، وكلام مختلط وأهل سفه.
قال محمد بن عمر: قد رأيت بعضهم عيياً لا يحسن يبين الكلام.
وقالت أم حبيب بنت عامر منكرة عليهم:
إذا مـا أتـتـهـم آيــة مـن محـمـد محـوهـا بـماء الـبـئر فـهو عصير([209])
ونقول:
لا بأس بملاحظة ما يلي:
سرايا دعوة:
قد صرحت النصوص المتقدمة بما لم نزل نشير إليه، ونذكر القارئ به، وهو: أن سرايا رسول الله "صلى الله عليه وآله" كانت إما استباقية، حينما كان يبلغه "صلى الله عليه وآله" أن جماعة قد جمعوا وتهيأوا لمباغتة المسلمين بالحرب، وإما لأجل الدعوة إلى الإسلام، فإذا واجهوا الدعاة بالعنف، دافعوا عن أنفسهم، وهو حق مشروع لهم.
دعاء النبي ' يناسب منطقهم:
وقد لاحظنا: أن رد بني حارثة بن عمرو، وسائر من تقدم ذكرهم، على كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إليهم قد اتسم بالاستهتار والخفة، وبالصلف، وبالسفه والوقاحة، حيث كانوا يأخذون الصحيفة، وبعد أن يغسلوها، يرقعون بها أسفل دلائهم.. فدعا رسول الله "صلى الله عليه وآله" عليهم بأن يبتليهم الله بما يتناسب مع نفس فعلهم، وهو خفة العقل، وظهور الإختلاط والسفه.
وقد أظهر الله كرامة نبيه باستجابة دعائه فيهم.. ليكون ذلك عبرة لهم، ولغيرهم ممن يسير في طريق الإستكبار، والعنجهية، والإستهتار بالحق، والإستخفاف بأهله.
نعم، لقد جاءت هذه الدعوة النبوية، واستجابتها منسجمة مع طبيعة المنطق الذي واجهوا به النبي "صلى الله عليه وآله"، فإنه كان يتسم بالإستخفاف المتمثل بترقيع دلائهم بكتابه "صلى الله عليه وآله".. فإن تصرفهم هذا تجاه دعوة الحق والخير والهدى قد جاء مجانباً للمنطق، وللإنصاف، يتسم بالخفة والصبيانية، وعدم التعقل، حيث لم يواجهوا الحجة بالحجة، ولا استجابوا لنداء الضمير والوجدان، الذي يفرض عليهم الخضوع للحق، والأخذ بأحكامه، والإستسلام لقضاء الفطرة، وحكم الوجدان. فاستحقوا أن يكونوا في نفس هذا الموقع الذي ارتضوه لأنفسهم، فكانت الدعوة النبوية، التي أعقبتها الإستجابة الإلهية.. تماماً كما كان الحال بالنسبة لقوم ثمود، الذين قال الله تعالى عنهم: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الهُدَى..}([210]).
لا يوجد إلا مختل:
وقد صرحت الروايات المتقدمة: بأنه لم يوجد في أولئك القوم، إلا مختل العقل، فيه رعدة وسفه، واختلاط..
بل لقد زعم الواقدي: أنه رأى بعضهم عيياً لا يحسن الكلام.
ونحن لا يخالجنا شك في أن الله تعالى قد استجاب لنبيه "صلى الله عليه وآله" دعوته فيهم.. غير أننا نقول:
إنه "صلى الله عليه وآله" إنما يدعو على من أذنب دون سواه.. فما معنى أن يستمر العي والإختلاط و.. و.. الخ.. في أعقابهم؟!
ويمكن أن يقال في الجواب: إن ذلك يخضع للسنن الإلهية المودعة في المخلوقات، ولعل منها: أن تبقى آثار العي في أعقابهم من خلال قانون الوراثة للخصال، وللأمراض والعاهات، وانتقال بعض ذلك إلى الذرية بنحو أو بآخر، فإن العرق دساس..
وليكن هذا من جملة العقوبات التي يستحقها من يستهينون برسل الله تبارك وتعالى.
جفاء الأعراب:
وقد تعجب بلال من عدم استعبار الولد لأبيه، والعكس، فأخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بما رآه، وكأنه يريد أن يعبر للنبي "صلى الله عليه وآله" عن شكه في أن يكونا أباً وابناً، متخذاً من عدم استعبار أحدهما للآخر، وهما في محنة دلالة تؤكد شكه هذا..
ولكن النبي "صلى الله عليه وآله" الذي كان يعرف طبائع الناس وحالاتهم قد أوضح لبلال أن سبب ما رآه، وهو جفاء الأعراب، حيث إن طبائعهم تختلف عن طبائع غيرهم، فإنهم يعيشون قسوة الناس عليهم، بما يمارسونه ضد بعضهم البعض من سلب ونهب، وأسر، وقتل. ويواجهون قسوة الطبيعة عليهم في حرها وبردها، وفي شحها بالماء والكلأ، وقسوة الجهل، وعدم المعرفة بنتائج وآثار كثير من أعمالهم، وبواقعهم.
نعم، إنهم يشاهدون ويعانون من ذلك كله، فيقسمونه على بعضهم البعض، ويهون على الوالد رؤية ولده في مشقة وتعب وجهل وتخلُّف، وأن يرى الولد أباه على نفس هذه الحال، ما دام أن الجهد والتعب، ومواجهة المصائب والبلايا يشمل الجميع، وهو جزء من حياتهم اليومية.. فلا غرابة في أن نراهم جفاة قساة في حياتهم العادية، مع القريب والبعيد من دون استثناء.
قتال من يأبى الإسلام:
تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسل الضحاك الكلابي مع جيش إلى القرطاء، فدعوهم إلى الإسلام، فأبوا، فقاتلوهم.
فقد يستظهر من قوله في سرية القرطاء: "فقاتلوهم، فهزموهم": أن الإستعداد للقتال كان قائماً من كلا الطرفين.
وقد قلنا أكثر من مرة: إن مجرد عدم قبول فئة من الناس الإسلام لا يدفع الدعاة إلى القتال، لو لم تكن تلك الفئة قد تصرفت بصورة عدوانية تجاه أولئك الدعاة، وقد قال الله تعالى لنبيه: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ}([211]).
وقال جل وعلا: {وَلَا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}([212]).
ومما يدل على أن سرايا رسول الله "صلى الله عليه وآله" كانت سرايا دعوة أنها كانت قليلة العدد، ضعيفة العدة، وكانت تتعرض للتحدي وللقتل في كثير من الأحيان، وكثيراً ما يكون إرسال سرايا القتال لمعالجة الموقف، أو للرد على العنف والعدوان الذي تعرضت له سرايا الدعوة.
الأصيد.. لا يقتل أباه:
1 ـ وقد ظهرت المباينة بين سلوك الأصيد من جهة، وبين سلوك أبيه من جهة أخرى، حيث إن الأصيد يريد لأبيه النجاة، فيعطيه الأمان في الدنيا، ويطلب منه المبادرة لقبول ما ينجيه في الآخرة، وهو الإسلام..
ولكن أباه يقابله على ذلك بالشتيمة والسب له ولدينه.. وقد صدق الشاعر حيث يقول:
أريــد حـبـاءه ويــريــد قـتــلي عـذيـرك مـن خـلـيـلك من مراد
2 ـ وحين أصر سلمة على موقفه، لم يبادر ولده إلى إيصال الأذى إليه، بل اكتفى بعرقبة فرسه، أمسك عنه تأدباً، فلحقه المسلمون، فقتلوه..
3 ـ ولا ندري ما المبرر لسب سلمة لولده، وهو إنما يدعوه إلى ما فيه نجاته ونجاحه، وفلاحه وصلاحه، كما أننا لا ندري ما الذي دعاه لأن يسب دينه، وهو دين الخير والبركات، والقول السديد، والرأي الحميد، وهو دين الحق والهدى، والرشاد والسداد؟! فهل نظر في هذا الدين فوجد فيه ما يوجب هذا السب؟!. أم أنه اللجاج والعناد، والإستكبار والجحود؟!
ترقيع الدلاء:
وقد أظهرت النصوص المتقدمة: أن الذين رقعوا دلاءهم بكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد تعددوا، فهل كان عامة العرب يعانون من أزمة في دلائهم، فلا يجدون ما يرقعونها به؟! حتى جاءتهم كتب النبي "صلى الله عليه وآله"، فاغتنم بعضهم الفرصة، واجترأ على مقام رسول الله "صلى الله عليه وآله" دون أن يفكر بالعواقب. وخاف الآخرون من الإقدام على هذا الأمر؟!..
إن الحقيقة هي: أن الأمر لم يكن كذلك، وإنما هو سوء أدب، وأعرابية وقحة، ومتجرئة ولا مبالية، تنقاد للهوى، ولا تعيش معنى القيمة والكرامة الإنسانية إلا في عناوين تتلاءم مع عقلياتها، وعصبياتها، وجهلها، وحاجاتها الشهوانية والأهوائية.
السحيمي وابنته:
وقد قرأنا في النصوص المتقدمة قصة السحيمي، وما جرى بينه وبين ابنته حينما وصل إليها على تلك الحال المزرية، والمتناهية في السوء والذلة والخزي. حتى إنه لم يجرؤ على دخول بيتها من بابه، بل دخل من وراء البيت، كي لا يرى الناس حاله..
وقد أدركت ابنته بمجرد رؤيتها إياه: أنه اتخذ سبيل العناد واللجاج، وواجه الدعوة إلى الحق بالرد اللئيم والحاقد، الذي يحتقر حتى أنبياء الله وأصفياؤه، من دون ذنب أتوه إليه، سوى الرغبة في إخراجه من الظلمات إلى النور، ومن النار إلى الجنة، ومن الضلال إلى الهدى..
والظاهر: أن ابنته كانت تعرف طبيعة تصرفاته، وترى أنها بعيدة عن الإتزان، والسداد. فسألته عن حاله، فظهر لها من حاله ومقاله: أن ظنها قد أصاب كبد الحقيقة. ولعل ذلك هو السبب في أننا لا نجد ما يظهر لنا أنها اهتمت لما حصل له..
جفينة أو رعية:
ثم إننا لا ندري إن كان جفينة هو رعية، والسحيمي هو الجهني. وقد صحف النساخ الكلمات والأسماء.. أم أنهما شخصان مختلفان؟!
وفي جميع الأحوال نقول:
إن استغراب بنت جفينة من فعل أبيها بكتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله" يشير إلى: أن ما فعله جهينة لم يكن مستساغاً حتى عند الأعراب، البعيدين عن الوعي والثقافة، والمعروفين بالجفاء وسوء الأدب. بل إن ذلك كان مستهجناً حتى عند النساء منهم، فلا مجال لادعاء أن يكون جفينة أو غيره قد فعلوا أمراً مستساغاً ومرضياً عندهم..
ولذلك نلاحظ: أن لحن كلام ابنة جهينة يدل دلالة واضحة على إدراكها قبح هذا الأمر، حيث قالت له على سبيل الإنكار: "عمدت إلى كتاب سيد العرب، فرقعت به دلوك"؟!.
وقد أدرك جفينة قبح وخطورة ما صدر منه، فبادر إلى الهرب..
حتى جاء بعد ذلك مسلماً..
الفصل السابع:
علي × في اليمن
سرية خالد وعلي ×، وإسلام همدان:
عن البراء بن عازب قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" خالد بن الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم إلى الإسلام. قال البراء: فكنت فيمن خرج مع خالد بن الوليد، فأقمنا ستة أشهر ندعوهم إلى الإسلام، فلم يجيبوا.
ثم إن النبي "صلى الله عليه وآله" بعث علي بن أبي طالب مكان خالد وأمره أن يقفل خالداً، وقال: "مر أصحاب خالد من شاء منهم أن يعقب معك فليعقب، ومن شاء فليقبل".
قال البراء: فكنت فيمن عقب مع علي، فلما دنونا من القوم خرجوا إلينا، فصلى بنا علي، ثم صفنا صفاً واحداً، ثم تقدم بين أيدينا وقرأ عليهم كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأسلمت همدان جميعاً.
فكتب علي إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بإسلامهم.
فلما قرأ رسول الله "صلى الله عليه وآله" الكتاب خر ساجداً، ثم رفع رأسه وقال: "السلام على همدان"، مرتين.
زاد في نص آخر أنه قال أيضاً: نِعم الحي همدان ما أسرعها إلى النصر! وأصبرها على الجهد ! فيهم أبدال، وفيهم أوتاد([213]).
وعند البخاري عن البراء قال: "فغنمت أواق ذوات عدد"([214]).
بغضهم علياً ×:
وعن البراء قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى اليمن جيشين، وأمَّر علياً على أحدهما. وعلى الآخر خا لد بن الوليد. وقال: "إذا كان قتال فعلي رضي الله تعالى عنه الأمير".
قال: فافتتح علي حصناً، فغنمت أواقي ذوات عدد، وأخذ علي منه جارية.
قال: فكتب معي خالد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ الذي في جامع الترمذي "يشي به".
قال الترمذي: يعني النميمة ـ يخبره.
قال: فلما قدمت على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وقرأ الكتاب رأيته يتغير لونه، فقال: "ما ترى في رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله تعالى ورسوله"؟
فقلت: أعوذ بالله من غضب الله تعالى وغضب رسوله، إنما أنا رسول.
فسكت([215]).
وعن بريدة بن الحصيب قال: "أصبنا سبياً، فكتب خالد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ابعث إلينا من يخمسه". وفي السبي وصيفة هي من أفضل السبي.
فبعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً إلى خالد ليقبض منه الخمس، وفي رواية: ليقسم الفيء، فقبض منه، فخمس وقسم، واصطفى علي سبية، فأصبح وقد اغتسل ليلاً.
وكنت أبغض علياً بغضاً لم أبغضه أحداً، وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا لبغضه علياً.
فقلت لخالد: ألا ترى إلى هذا؟
وفي رواية: فقلت: يا أبا الحسن، ما هذا؟
قال: ألم تر إلى الوصيفة، فإنها صارت في الخمس، ثم صارت في آل محمد، ثم في آل علي، فوقعت بها.
فلما قدمنا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذكرت له ذلك([216]).
وفي رواية: فكتب خالد إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقلت: ابعثني، فبعثني، فجعل يقرأ الكتاب وأقول: صدق، فإذا النبي "صلى الله عليه وآله" قد احمر وجهه، فقال: "من كنت وليه فعلي وليه".
ثم قال: "يا بريدة أتبغض علياً"؟
فقلت: نعم.
قال: "لا تبغضه، فإن له الخمس أكثر من ذلك"([217]).
وفي رواية: "والذي نفسي بيده لنصيب علي في الخمس أفضل من وصيفة، وإن كنت تحبه فازدد له حباً"([218]).
وفي رواية: "لا تقع في علي، فإنه مني وأنا منه، وهو وليكم بعدي"([219]).
قال بريدة: فما كان في الناس أحد أحب إلي من علي.
وعن بريدة: بعث "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وخالد بن الوليد كل واحد منهما وحده، وجمعهما، فقال: إن اجتمعتما فعليكم علي.
قال: فأخذ يميناً ويساراً، فدخل علي، وأبعد وأصاب سبياً، وأخذ جارية من السبي، قال بريدة: وكنت من أشد الناس بغضاً لعلي.
قال: فأتى رجل خالد بن الوليد فذكر أنه أخذ جارية من الخمس، فقال: ما هذا؟
ثم جاء آخر، ثم تتابعت الأخبار على ذلك، فدعاني خالد، فقال: يا بريدة قد عرفت الذي صنع، فانطلق بكتابي هذا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فكتب إليه، فانطلقت بكتابه حتى دخلت على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأخذ الكتاب بشماله، وكان كما قال الله عز وجل: لا يقرأ ولا يكتب، وكنت إذا تكلمت طأطأت رأسي حتى أفرغ من حاجتي، فطأطأت رأسي، فرأيت رسول الله "صلى الله عليه وآله" غضب غضباً لم أره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير.
فنظر إليّ، فقال: يا بريدة أحِبَّ علياً، فإنما يفعل ما أمر به، فقمت وما من الناس أحد أحب إليّ منه([220]).
عن بريدة: أنه لما استلم علي "عليه السلام" الغنائم من خالد بن الوليد في غزوتهم لبني زبيد، حصلت جارية من أفضل السبي في الخمس، ثم صارت في سهم آل علي، فخرج عليهم علي "عليه السلام" ورأسه يقطر، فسألوه؛ فأخبرهم: أنه وقع بالوصيفة التي صارت في سهم آل علي.
فقدم بريدة في كتاب من خالد على النبي "صلى الله عليه وآله"، وصار يقرؤه عليه بريدة، ويصدق (أي بريدة) ما فيه، فأمسك "صلى الله عليه وآله" بيده، وقال: يا بريدة أتبغض علياً؟
قال: نعم.
فقال "صلى الله عليه وآله": لا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حباً، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.
وفي نص آخر: فتكلم بريدة في علي عند الرسول، فوقع فيه، فلما فرغ رفع رأسه، فرأى رسول الله غضب غضباً لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير، وقال: يا بريدة، أحب علياً، فإنه يفعل ما آمره. وكذا روي عن غير بريدة([221]).
وفي الرواية التي عند المفيد رضوان الله عليه: "فسار بريدة، حتى انتهى إلى باب النبي "صلى الله عليه وآله"، فلقيه عمر، فسأله عن حال غزوتهم، وعن الذي أقدمه؛ فأخبره: أنه إنما جاء ليقع في علي، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه، فقال له عمر: امض لما جئت له؛ فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي"([222]).
قال الصالحي الشامي:
تنبيهات:
الأول: قال ابن إسحاق وغيره: غزوة علي بن أبي طالب إلى اليمن مرتين، قال في العيون: ويشبه أن تكون هذه السرية الأولى، وما ذكره ابن سعد هي السرية الثانية كما سيأتي.
الثاني: قال الحافظ: كان بعث علي بعد رجوعهم من الطائف، وقسمة الغنائم بالجعرانة.
الثالث: قال الحافظ أبو ذر الهروي: إنما أبغض بريدة علياً، لأنه رآه أخذ من المغنم، فظن أنه غلّ.
فلما أعلمه رسول الله "صلى الله عليه وآله" أنه أخذ أقل من حقه أحبه.
قال الحافظ: وهو تأويل حسن، لكن يبعده صدر الحديث الذي رواه أحمد، فلعل سبب البغض كان لمعنى آخر وزال، ونهى النبي "صلى الله عليه وآله" عن بغضه.
الرابع: استشكل وقوع علي رضي الله تعالى عنه على الجارية.
وأجيب: باحتمال أنها كانت غير بالغ، ورأى أن مثلها لا يستبرأ، كما صار إليه غيره من الصحابة.
أو أنها كانت حاضت عقب صيرورتها له، ثم طهرت بعد يوم وليلة، ثم وقع عليها.
أو كانت عذراء.
الخامس: استشكل أيضاً قسمته لنفسه.
وأجيب: بأن القسمة في مثل ذلك جائزة ممن هو شريكه فيما يقسمه، كالإمام إذا قسم بين الرعية وهو منهم، فكذلك ممن نصبه الإمام، فإنه مقامه([223]).
ثلاث سرايا أم سرية واحدة؟!:
قد ذكر بعض كتَّاب السيرة النصوص المتقدمة في موضع واحد، وتحت عنوان واحد.. وقد تابعناه في ذلك مع بعض الإضافات التي رأيناها مفيدة، وسديدة..
فكان هذا البعض قد فهم أنها تتحدث عن أحداث سفرة واحدة وهي في سفرة علي "عليه السلام" وخالد إلى اليمن..
وربما يكون ذلك صحيحاً بالنسبة لخالد، فإنه هو الذي بقي ستة أشهر في اليمن دفعة واحدة، أما علي "عليه السلام" فربما يكون قد سافر أكثرمن مرة، تارة لأجل بني زبيد كما ذكره في الإشارة، أو لمعالجة أمور خالد، أو لغير ذلك..
ويمكننا أن نعرض فهمنا لما جرى كما يلي:
كان خالد قد سار إلى اليمن، ليدعو أهلها إلى الإسلام، ولعله قد خاض حرباً مع بعض الفئات، فأصاب منهم سبياً، فطلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يرسل إليه من يقبضه منه، فأرسل علياً "عليه السلام"، فاصطفى علي "عليه السلام" جاريته من السبي، فأرسل خالد بريدة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" ليشتكيه.. حسبما تقدم.. أو أنه "عليه السلام" اصطفاها بعد أن أوغل في داخل البلاد وأبعد، وافتتح في طريقه حصناً، وأصاب سبياً، وانضم السبي بعضه إلى بعض، فاصطفى "عليه السلام" من مجموع السبي تلك الجارية، فشكاه بريدة إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأجابه بما تقدم.
ولعل علياً "عليه السلام" قد عاد إلى النبي "صلى الله عليه وآله" على الظاهر، وبقي خالد في بلاد اليمن، لكي يسعى لأسلمة أهلها، فلم يفلح. ولعله قد أساء إلى أولئك الناس، فلم يستجيبوا له ـ كما سنرى ـ وبعد ستة أشهر أرسل "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إليه، ليقفله، ويمضي هو إلى اليمن ليدعو أهلها، ففعل ذلك، فأسلمت همدان في ساعة واحدة([224]).
قبلوا من علي × ورفضوا دعوة خالد:
ثم إنه قد يثور هنا سؤال يقول:
لا شك في أن الإسلام الذي دعا إليه علي "عليه السلام" أهل اليمن، هو نفس الإسلام الذي دعا إليه خالد بن الوليد، فلماذا لم يقبلوا من خالد، رغم أنه بقي هو ومن معه ستة أشهر يدعونهم إلى الإسلام؟! بينما لما أرسل "صلى الله عليه وآله" علياً أمير المؤمنين "عليه السلام"، فأقفل خالداً ومن معه، ثم ذهب إليهم وصلى بأصحابه، وقرأ عليهم كتاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، أسلمت همدان كلها في ساعة واحدة؟!
فما هذه المفارقة التي ظهرت في فعل هؤلاء؟!
وقد حاول البعض أن يجيب على هذا السؤال بما يلي:
"كانت التجريدات العسكرية تقف على أهبة الاستعداد لمواجهة المقاومة التي يبديها أولئك الذين يرفضون الإستجابة للنداءات المتكررة لقبول الإسلام من قبل الدعاة. وبذلك تحمل القوة الحربية رسالة هؤلاء الدعاة السلمية.
وقد بعث خالد بن الوليد في العام العاشر إلى اليمن للقيام بهذا الواجب، واستمر في ذلك ستة أشهر، ولكن جهوده لم تثمر النجاح الذي كا يريده محمد "صلى الله عليه وآله"، فعززت قوات خالد بجيش يقوده علي بن أبي طالب. وزحف في رمضان من ذلك العام.
وكان لذلك أثره الحاسم الذي برز في النتائج السريعة التي نجمت عنه، فقد قيل: إن كل همدان أسلمت في يوم واحد"([225]).
ونقول:
إن ما ذكره هذا البعض لا يمكن الموافقة عليه، وذلك لما يلي:
أولاً: إن هذا الرجل يريد أن يدَّعي: أن هؤلاء الناس قد أسلموا تحت وطأة التهديد، والجبر، والقهر، وأن الإسلام كان يفرض على الناس بقوة السيف.. وهذا باطل جزماً، فإنه {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}([226])، و {فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ}([227])، و {أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ}([228])، وغير ذلك كثير.. والقتال الذي كان يجري، إنما كان دفاعياً، أو استباقياً حين يتآمر المشركون، ويتجمعون للانقضاض على المسلمين على حين غرَّة.
ثانياً: قد تقدم: أن ذهاب خالد وعلي "عليه السلام" إلى اليمن إنما كان سنة ثمان بعد فراغ النبي "صلى الله عليه وآله" من الفتح وحنين، حيث أرسلهما حين كان "صلى الله عليه وآله" لا يزال بالجعرانة، ولم يكن سنة عشر.
ولعل الأجدر الإجابة على السؤال المتقدم، بما يلي:
أولاً: الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب([229])، وإنما أسلم خالد في السنة الثامنة، وهي نفس السنة التي أرسله النبي "صلى الله عليه وآله" فيها إلى اليمن.. في حين أنه هو نفسه بقي يحارب الله ورسوله طيلة أكثر من عشرين سنة، رغم أنه يرى المعجزات الإلهية، ويشاهد محاسن الإسلام وهي تتجلى في سلوك المؤمنين، وفي أقوالهم، وأفعالهم.
ثم إنه لما رأى سطوع نجمه، وظهوره على الدين كله وأفول نجم الشرك، وتهاوي أركانه واحداً تلو الآخر، وطمس أعلامه، وسقوط دعاته في حمأة الخزي والذل والعار، آثر أن يكون مع الكفة الراجحة والناجحة، ليضمن له موقعاً قبل فوات الأوان.
فأظهر الإسلام ولكنه بقي يحمل مفاهيم الشرك، وعقلية الجاهلية، ويعيش طموحاته الشخصية والفئوية والعشائرية كما أظهرته ممارساته، وسيرة حياته.
فراجع ما فعله بمالك بن نويرة لمجرد رفضه بيعة أبي بكر، فإنه خدعه، ثم قتله وزنى بزوجته في نفس ليلة قتله..
فشتان بين من يريد الإسلام، ليكون وسيلة للوصول إلى أهدافه وتحقيق مآربه، ونيل غاياته التي يرى أنها هي الأهم والأغلى عليه.. وبين علي بن أبي طالب "عليه السلام" الذي يرى أن الإسلام هو الأعلى والأغلى، وأن عليه أن يضحي بنفسه وماله وولده من أجله..
فإذا دعا خالد الناس إلى الإسلام، فإنه لن يكون الداعي الصادق، والمخلص في دعوته، ولن تخرج كلماته عن الإسلام من قلبه، لتجد سبيلها إلى قلوب الآخرين، وفقاً لما قيل: "من القلب إلى القلب سبيل"([230]).
ثانياً: لقد خاطب الله نبيه بقوله: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}([231]).
وهذا يدلنا على: أن خالداً لم يدْعُ أهل اليمن بالحكمة، والموعظة الحسنة، ولا جادلهم بالتي هي أحسن. ولذلك لم يستجيبوا له رغم مرور ستة أشهر على محاولاته، كما أن الناس لم يروا محاسن الإسلام على تصرفات خالد، ومن معه، ولم تظهر لهم حقائقه ودقائقه، ولا تلمسوا أهدافه، ومراميه..
أي أنه لم يكن داعياً إلى الله بأفعاله وسلوكه، ليكون مصداقاً لقول أهل بيت العصمة: "كونوا دعاة إلى الله بغير ألسنتكم".
بل ربما يكون قد أساء إليهم، وحاول أن يبتزهم في أموالهم أو في أعراضهم، أو أن يفرض عليهم الإستسلام، والخضوع لأوامره ونواهيه، ليكون إسلامهم مجرد لقلقة لسانية ليس وراءها إيمان ولا اعتقاد..
أي أنه لم يزد على أن قدم لهم مجرد دعوة لسانية، ولعلها كانت تحمل في ثناياها الكثير من التحديات، والمنفرات لهم.
أما علي "عليه السلام" فقد بادر إلى إظهار عبوديته ومن معه لله تعالى، وأظهر لهم أيضاً أن الإسلام يجعل من جميع الناس، الذين هم متفرقون عشائرياً، ومناطقياً وطبقاتياً في مجتمعاتهم، من الناحية الإقتصادية، والثقافية، والعرقية وغير ذلك من عناوين أراد الله أن تكون من أسباب التكامل والتعاون فيما بين البشر، فجعلت منها الأهواء أسباباً للتمزق، والتفرق، والتشتت والتفتت ـ أظهر لهم أن الإسلام يجعل منهم ـ صفاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص، لهم قائد واحد، وهدف واحد، واتجاه واحد.
ثالثاً: قد نجد في النصوص المتقدمة ما يشير إلى أن خالداً كان هو المشكلة والعائق، حيث إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمر بإرجاعه، دون جميع من عداه.. فإنه قد خيرهم بين الرجوع معه، والمضي مع علي "عليه السلام"، وإن كنا لم نستطع أن نتبين طبيعة الإساءة التي صدرت منه، ولا بينت لنا النصوص حقيقة ما صدر منه بالتفصيل.. فلاحظ ما سنشير إليه فيما يلي أيضاً..
إرجاع خالد دون من عداه:
وقد ذكرت النصوص المتقدمة: أن النبي"صلى الله عليه وآله" أمر علياً "عليه السلام" أن يقفل خالداً إليه، أما من معه، فهم بالخيار بين أن يقفلوا معه، وأن يلحقوا بأمير المؤمنين "عليه السلام"..
وهذا يثير أكثر من علامة استفهام حول خالد، وحول طبيعة أدائه فيما يرتبط بالمهمة التي انتدبه النبي "صلى الله عليه وآله" إليها.
وتتأكد هذه الشبهة إذا لوحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يلزم أحداً ممن كانوا مع خالد بالمضي، أو بالرجوع..
ولعل عدم الإلزام هذا يهدف إلى تحقيق فرز طبيعي، وطوعي لمن كان يوافق على مسلكية خالد عمن كان لا يوافقه رأيه، ولا يرضى مسلكيته. ويكون الذين يلتحقون بعلي "عليه السلام" هم هذا الفريق الأخير..
غير أن النصوص المتوفرة لنا لا تخولنا تحديد طبيعة الخلل الذي ظهر من خالد ومن مؤيديه.. ونحن لا نستغرب شحة النصوص هنا، فإن الأمر يتعلق من جهة بخالد بن الوليد سيف السلطة الذي أشهرته في وجه معارضيها، ممن رفض البيعة لأبي بكر..
ويرتبط بنحو أو بآخر بعلي "عليه السلام"، الذي غُصب حقه، ومورست ضده مختلف اساليب القهر والتزوير، وغير ذلك، ولم يزل مبغَّضاً لكل الذين تعاقبوا على مقام الخلافة منذ وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وإلى ما بعد المئات من السنين..
فغنمت أواقي ذوات عدد:
والذي يقرأ سياق القصة، الذي ذكرناه آنفاً وفقاً لما ذكره الصالحي الشامي لا يجد فيها ما يشير إلى أن المسلمين قد خاضوا حرباً، فما معنى قول البراء: فغنمت أواقي ذوات عدد..
بل المذكور فيها هو: أن علياً "عليه السلام" صلى بأصحابه، ثم قرأ الكتاب على الناس، فأسلمت همدان.. فمِمَّن غنم البراء تلك الأواقي ذات العدد الكثير؟ وأين جرى ذلك القتال؟ ومع من؟ ومن الذي قُتل أو أسر فيه؟ ومن هم السبايا؟ وما مصيرهم؟
فالظاهر الذي تعطيه مراجعة النصوص في المصادر الروائية والتاريخية: أن ثمة خلطاً بين الروايات، والصحيح هو: أن علياً "عليه السلام" قد ذهب في سرية وذهب خالد في سرية أخرى، وقال لهما رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن التقيتما فعلي هو الأمير..
ثم جرى فتح بعض الحصون على يد علي "عليه السلام"، ولعل خالداً أيضاً قد حصّل بعض السبايا بسبب قتال في مجال آخر.. ثم اصطفى علي "عليه السلام" جاريته، واشتكى عليه بريدة بتحريض من خالد. أو بمشاركة منه كما تقدم..
ولعل هذا قد حصل في سرية كانت إلى بعض أطراف اليمن، أو القريبة منها، وهي غير إرسال علي "عليه السلام" وخالد لدعوة أهل اليمن.. حسبما فصلناه..
سرور النبي ' بإسلام همدان:
إن سرور النبي "صلى الله عليه وآله" بدخول الناس في الإسلام لهو أمر طبيعي يفرضه حرصه "صلى الله عليه وآله" على إخراج الناس من الظلمات إلى النور. بالإضافة إلى أن يشعر كل من ينجز عملاً يتضمن نجاة النفوس من الهلاك بنشوة خاصة، ولذة غير عادية.
ولكن ما أظهره النبي "صلى الله عليه وآله" من سرور حين بلغه إسلام قبيلة همدان كان غير عادي أيضاً إذا قيس بما رأيناه منه حين إسلام جماعات أخرى من الناس قد تكون أكثر عدداً، ولها موقع قد يتراءى أنه أشد حساسية، وأعظم أهمية..
فقد سجد "صلى الله عليه وآله" ثم رفع رأسه وقال: السلام على همدان.. أكثر من مرة. وأطلق كلمات هامة في حق همدان أيضاً..
ونحن نعلم: أن اهتمام النبي "صلى الله عليه وآله" بأمر، يعكس أهمية ذلك الأمر في تأييد الدين، ونيل رضا رب العالمين، فهل تراه كان ينظر إلى الغيب، وتكشف له الحجب عن موقف مميز لهذه القبيلة، يكون له أثر هام في تأييد دين الله، وفي نصرة وصيه "صلى الله عليه وآله"، ووليه تبارك وتعالى؟!
وإذا راجعنا التاريخ، فإننا لا نجد لهمدان هذا الموقف المميز في حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل كانت لها مواقف عظيمة بعد وفاته "صلى الله عليه وآله" طافحة بالتأييد والنصرة في ساحات الجهاد لوصي علي أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، في صفين وفي غيرها، حتى قال "عليه السلام" مادحاً لها:
فـلـو كنـت بوابـاً على بـاب جنة لـقـلـت لهمـدان ادخـلوا بسلام([232])
ونذكر مثالين آخرين هنا أيضاً من مواقف همدان في نصرة الحق وأهله، وهما:
1 ـ إنه حين أراد أهل الكوفة بعد موت يزيد "لعنه الله" أن يؤمروا عليهم الخبيث المجرم عمر بن سعد لعنه الله واخزاه، جاءت نساء همدان، وربيعة، وكهلان، والأنصار، والنخع إلى الجامع الأعظم صارخات، باكيات، معولات، يندبن الحسين"عليه السلام" ويقلن: أما رضي عمر بن سعد بقتل الحسين حتى أراد ان يكون أميراً علينا على الكوفة؟!
فبكى الناس وأعرضوا عنه([233]).
2 ـ إنه حين طعن الإمام الحسن "عليه السلام" دعا ربيعة وهمدان. فأطافوا به ومنعوه، فسار ومعه شوب من غيرهم([234]).
لعله يغضب لابنته:
وقد ذكرت بعض نصوص حديث بريدة المتقدم: أنه لما ارتد عمرو بن معديكرب أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إلى بني زبيد، فغنم وسبى، واصطفى "عليه السلام" جارية، وذهب بريدة ليشتكي على علي "عليه السلام".
فسار حتى انتهى إلى باب النبي "صلى الله عليه وآله"، فلقيه عمر بن الخطاب، فسأله عن حال غزوتهم، وعن الذي أقدمه. فأخبره أنه إنما جاء ليقع في علي "عليه السلام"، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه.
فقال له عمر: امض لما جئت له، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي.
ثم ذكرت الرواية: أن بريدة دخل على النبي "صلى الله عليه وآله" وجعل يحدثه بما جرى، فتغير وجه النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال له بريدة: إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيؤهم..
فقال له "صلى الله عليه وآله": ويحك يا بريدة، أحدثت نفاقاً!!
إن علي بن أبي طالب يحل له من الفيء ما يحل لي.
إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك، وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي.
يا بريدة، احذر أن تبغض علياً فيبغضك الله.
قال بريدة: فتمنيت أن الأرض انشقت لي فسخت فيها الخ..([235]).
والذي يثير الإنتباه في هذا النص هو الأمور التالية:
1ـ إن بريدة قدم خصيصاً ليقع في علي "عليه السلام".
والسؤال الظاهر هنا هو: ألم يكن بإمكانه هو وخالد بن الوليد أن يصبرا حتى يقدما مع السرية على رسول الله "صلى الله عليه وآله"؟
أم أنهما أرادا أن يتخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" إجراءً غيابياً في حق علي "عليه السلام" من دون أن يتمكن علي "عليه السلام" من الدفاع عن نفسه؟
أم أن الذي دعاهما للعجلة هو شدة بغضهما لعلي "عليه السلام"، وقد وجدا الفرصة للتنفيس عن هذا الحقد؟
أم أنهما خافا أن يحن رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى صهره، وابن عمه، لو أن الشكوى كانت بحضوره؟!
أما في حال غيبته، فإن وطأة هذا الحنين ستكون أخف، ولعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يسارع إلى إصدار حكمه ضده، وسيكون التراجع عنه صعباً، أو سيكون تراجعاً ضعيفاً وترقيعياً، لا يفي بالغرض، ولا يزيل جميع الآثار والندوب والتشويهات؟!
2 ـ إن علياً "عليه السلام" قد بين لهم الحكم الشرعي، فلماذا، وما هو المبرر للوقيعة به عند رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعد أن اتضح لهم أنه "عليه السلام" لم يخالف حكم الله، فإن كانوا يرون خطأ علي "عليه السلام" فيما قال فلماذا لم يعترضوا عليه، ويفندوا أقواله؟!
ثم ألم يخطر في بالهم أن يجيبهم النبي"صلى الله عليه وآله" بنفس ما أجابهم به علي "عليه السلام"؟
وهذا ما حصل بالفعل، فإنه "صلى الله عليه وآله" قد أكد ما قاله لهم علي "عليه السلام" وزاد عليه: أن نصيب علي في الخمس كان أكثر من وصيفة.
3 ـ ما هذا الحرص من عمر بن الخطاب على رؤية النبي"صلى الله عليه وآله" يغضب على علي بن أبي طالب "عليه السلام"، من أجل ابنته فاطمة الزهراء "عليها السلام"..
فهل كان يرى أن النبي "صلى الله عليه وآله" يبيح للناس أمراً.. ثم إنه حين يكون الأمر متعلقاً بابنته، يغضب ويمنع منه، انطلاقاً من هواه والعياذ بالله؟
ولماذا لم يقل عمر لبريدة: إن وقيعته بعلي "عليه السلام" لا تجدي، لأن علياً "عليه السلام" قد فعل ما يحل له.. إلا إذا كان عمر بن الخطاب أيضاً يجهل هذا الحكم الشرعي ؟! وهذا ما لا يرضى فريق كبير من الناس بنسبته إلى عمر!!
4 ـ إن علياً "عليه السلام" كان رجلاً حيياً وستِّيراً ولم يكن من عادته أن يظهر للناس أي شيء يدلهم على طبيعة ممارساته الجنسية، إلا إذا قتضت ضرورات دينية ذلك منه، وقد رأيناه هنا وكأنه يعتمد دفعهم إلى معرفة ما فعله، حيث يخرج على الناس ورأسه يقطر، فدعاهم ذلك إلى سؤاله عن ذلك، وإذ به يجيبهم بالتفصيل، مصرحاً لهم: بأنه قد وقع بتلك الوصيفة التي هي من أفضل السبي، على حد تعبير الروايات، وقد رأوها وعرفوها ولعلهم كانوا يرغبون بها أيضاً.
مع أنه كان يستطيع أن يتجنب التصريح بهذا الأمر، فإن الإغتسال قد يكون لأكثر من سبب، أو أن يمتنع عن الإجابة، ويقول: ما أنتم وهذا السؤال؟
خير الناس علي ×:
وقد ذكرت رواية المفيد "رحمه الله": أن النبي"صلى الله عليه وآله" قد قال لبريدة عن علي "عليه السلام": إنه خير الناس لبريدة ولقومه، بل هو خير من يخلف بعده لكافة أمته "صلى الله عليه وآله".
وبذلك يكون "صلى الله عليه وآله" قد أدخل علياً "عليه السلام" إلى قلب بريدة عن طريق الرغبة الطبيعية لكل إنسان باستجلاب المنافع لنفسه ولقومه، ودرء المضار والأسواء عن نفسه وعنهم..
ثم أطلق "صلى الله عليه وآله" دعوته الشاملة لكافة أمته إلى محبة علي "عليه السلام"، مرتكزاً في دعوته تلك على نفس هذه المعادلة التي قدمها لبريدة..
وبديهي: أن الناس قبل تصفية أرواحهم، والسمو بنظرتهم، وإطلاق عقولهم من أسر الأهواء والشهوات، ينطلقون في مواقفهم من حبهم وبغضهم، وارتباطاتهم، ويكون إقدامهم وإحجامهم من منطلقات محسوسة أو قريبة من الحس بالنسبة إليهم، ولا يتفاعلون بعمق مع المُثل والقيم الشريفة، والمفاهيم والمعاني الإيمانية العالية، ذات القيمة الروحية والمعنوية.
من أجل ذلك كان لابد من الرفق بهم، وتيسير الأمور عليهم، بإبراز الجانب الحسي، أو القريب من الحس لتقريبهم من خط الإستقامة على طريق تصفية قلوبهم، وأرواحهم، ليتمكنوا من نيل المعاني السامية، والتفاعل الروحي معها، والإنصهار في بوتقة الإيمان، والإنشداد إلى كل حقائقه ودقائقه، والتفاعل معها بكل وجودهم.
ما المبرر لهذا البغض؟!:
وقد دلنا بريدة على بغضه الشديد لعلي "عليه السلام"، حتى لقد ذكر أنه كان يحب البعض لمجرد معرفته بشدة بغضه لأمير المؤمنين "عليه السلام".. ولكنه لم يذكر لنا أي مبرر لهذا البغض، رغم أن بريدة قد أسلم في أول سني الهجرة، حين مرَّ النبي "صلى الله عليه وآله" به ـ مهاجراً ـ من مكة، ثم قدم إلى المدينة بعد بدر وأحد ([236]).
وقيل: إنه أسلم بعد منصرف النبي "صلى الله عليه وآله" قبل بدر([237]).
فبريدة إذن قد عاش مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"، ومع علي "عليه السلام" سنوات عديدة، يرى فيها تضحيات علي "عليه السلام" وسلوكه المثالي، وعبادته، واستقامته، ويرى حب النبي "صلى الله عليه وآله"، وتقديمه له، ويسمع أقواله فيه، فلماذا استمر على بغضه، ولم يؤثر فيه شيء من ذلك؟!
ثم جاء هذا التحول الذي يتحدث عنه بريدة، بعد أن وجد نفسه أمام غضب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وغضب الله سبحانه، الأمر الذي جعله أمام خيار خطير جداً لا قِبَلَ له به، فآثر أن يعلن توبته عن هذه الموبقة الكبرى، على الرضا بأن يكون في دائرة الكفر والنفاق، الذي انتقل ـ بما سمعه من رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ من الخفاء إلى العلن، وكاد أن يجد نفسه أمام فضيحة مرعبة وهائلة.. تجعله في مواجهة الخزي والعار، وفي موضع غضب الله ورسوله في الدنيا والآخرة.
وقد كان بريدة قبل هذه الحادثة يرى أنه قادر على التعلل فيما بينه وبين نفسه بأن له الحق في أن يبغض علياً "عليه السلام"، إن كان لم يسمع قول النبي "صلى الله عليه وآله" فيه: لا يبغضك إلا منافق، أو ابن زنا، أو نحو ذلك.. ثم أن يزين لنفسه أن جهاد وتضحية علي "عليه السلام" وما يراه من مواقف له، وما يسمعه من ثناء نبوي عليه، إنما يجري وفق ظواهر الأمور، وربما تكون البواطن على خلاف ذلك..
ولكنه بعد هذا الحدث ـ الصدمة ـ لم يعد قادراً على السير في هذا الإتجاه، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أخبره ـ وهو كما قال الله عز وجل: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}([238]) ـ: أن الله يبغض مبغض علي "عليه السلام"، وأن حبه واجب عليه، وأنه ولي كل مؤمن، فلم تعد القضية مقتصرة على ظواهر الأمور، بل هي قد كشفت بواطنها أيضاً..
إختلاف أقوال النبي ':
وقد ظهر من الروايات التي ذكرناها فيما سبق: أنها تتضمن نصوصاً متعددة كلها منسوبة إلى النبي "صلى الله عليه وآله" في حق علي "عليه السلام"..
ونبادر إلى القول:
إن ذلك الإختلاف لا يقلل من قيمتها، ولا يسيء إلى صدقيتها، واختلافها لا يؤيد الحكم باختلاقها. لأن من القريب جداً أن يكون النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال ذلك كله، لكن الرواة قد اختزلوا أقواله لدواع مختلفة.
ولعل بعض الإختلاف قد كان بسبب النقل بالمعنى أحياناً، كما أن نسيان الراوي لبعض الفقرات، قد يكون له دور في اقتصار روايته على فقرات دون غيرها. فليلاحظ ذلك.
علي × قابض أم قاسم:
قد اختلفت الروايات المتقدمة في المهمة التي أرسل النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" لإنجازها، هل هي قبض الخمس من خالد؟ أم قسمة الفيء؟
ولعل الأرجح: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أرسله ليغنم، وليقبض، ويقسم، إذ لو كان المقصود هو مجرد قبض الخمس، فقد كان بإمكان خالد أن يرسله، أو أن يوصله هو إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من دون حاجة إلى الطلب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" بأن يرسل إليه من يقبضه منه..
وقد كانت السرايا تقتسم الغنائم، وتحتفظ بالخمس إلى حين قدومها على رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
ولم نعهد في أية سرية سوى هذه السرية أن قائد سرية أرسل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يطلب منه أن يبعث إليه من يقبض منه خمس الغنائم، وما أكثر السرايا التي أسر وسبى فيها المسلمون الشيء الكثير، العشرات والمئات، وغنموا في بعضها المئات والألوف، من الإبل، والغنم، وغير ذلك..
فما جرى في هذه الحادثة يعطينا: أنه "صلى الله عليه وآله" ـ لسبب ما ـ كان قد منع خالداً من التصرف بشيء من السبي والغنائم. إما لأنه كان يتهمه في أمانته، أو لأنه أراد أن ينبه الناس على أن تأميره على السرية لا يعني صلاحيته لأي أمر آخر قد يحاول أن يرشح نفسه، أو يرشحه محبوه له.
أو لغير ذلك من مقاصد..
تتابع المخبرين:
وقد صرح النص المذكور عن الطبراني: بأن المخبرين قد تتابعوا على خالد بما صنعه علي "عليه السلام"، ثم تتابعت الأخبار.
وهذا يدل على: أن المهتمين بإيصال أخبار علي "عليه السلام" إلى خالد كانوا على درجة كبيرة من الكثرة، وفي ذلك إشارة إلى كثرة المتعاطفين مع خالد، والمتحاملين على علي "عليه السلام"..
ولابد أن ينتج ذلك أيضاً: أن يكون الذين سوف يطلعون على موقف رسول الله "صلى الله عليه وآله" من هذا الأمر سيكونون كثيري العدد جداً، خصوصاً بعد انضمام كثير من أهل المدينة إليهم.. وسوف يزداد انتشار خبر بريدة، حين يرى الناس تبدل أحواله تجاه علي "عليه السلام" وتحوله من مبغض حاقد إلى محب مادح وحامد. ولابد أن يكون ذلك مفيداً جداً في تعريف الناس على ولاية علي "عليه السلام"، التي أنشأها النبي "صلى الله عليه وآله" في قوله لبريدة: من كنت وليه فعلي وليه.
أخذ الكتاب بشماله:
وعن أخذ رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاب خالد من بريدة بشماله نقول:
إن لهذا الحديث مغزى عميقاً، ودلالة هامة جداً، لأن المروي عنه "صلى الله عليه وآله" أنه: "كان يمينه لطعامه وشرابه، وأخذه وإعطائه، فكان لا يأخذ إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمن في كل أموره"([239]).
فأخذه كتابه بشماله ـ وهو ما لم نقرأ ولم نسمع أنه فعله في أي مورد آخر ـ يدلنا على: أن الله سبحانه قد كشف لنبيه "صلى الله عليه وآله" عن مضمون تلك الرسالة، وعرفه أنها تحمل في طياتها أموراً لا خير ولا يمن فيها، بل هي بمثابة قاذورات لابد من التنزه عنها قولاً، وفعلاً، وممارسة، كما لابد من إرفاقها بدلالات عملية، من شأنها أن تتجذر في عمق الذاكرة، لتبقى العلامة الفارقة، التي لا مجال للتلاعب بها، أو التحايل عليها، والتي تشير إلى أن ثمة معنى سلبياً لا يتمكن أصحاب الأهواء من التعمية عليه، وتضييع سبل الوصول إليه.
من كنت مولاه فعلي وليه:
ويأتي قوله "صلى الله عليه وآله" لبريدة في هذه المناسبة بالذات: "من كنت وليه، فعلي وليه"، ليدل على أن ما يفعله علي "عليه السلام" في الشأن العام وكل ما يرتبط بالناس، فإنما هو من موقع الولاية، التي بيَّن النبي "صلى الله عليه وآله" فيها ثلاثة أمور:
الأول: أنها من سنخ ولايته "صلى الله عليه وآله"..
الثاني: أن سعتها وامتدادها يوازي سعة وامتداد ولاية رسول الله "صلى الله عليه وآله"..
الثالث: أنها ولاية فعلية، وفي عرض ولاية رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وليست إنشائية، بحيث تكون فعليتها بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"، كما ربما يتوهمه البعض.
علي × يفعل ما أمر به:
وقد صرحت رواية الطبراني المتقدمة: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد قال لبريدة حينما وقع في علي "عليه السلام" بسبب الجارية: "أحب علياً، فإنما يفعل ما أمر به".
وهذا معناه: أن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه هو الذي دبر هذا الأمر، وذلك بأمر من الله تبارك وتعالى، ربما ليمهد السبيل إلى التقرير الواضح والصريح: في أن ولاية علي "عليه السلام" على الناس على حد ولاية النبي "صلى الله عليه وآله" عليهم.
فإن استدراج خالد وحزبه لإظهار دخائل نفوسهم تجاه علي "عليه السلام" كان مطلوباً.. لتعريف الناس بأن ذلك يغضب الله ورسوله.. وليكون كل موقف يتخذه هؤلاء، ومن هم على شاكلتهم إذا كان يتضمن الطعن في علي "عليه السلام"، والإنتقاص منه، فإنما يمثل تمرداً منهم على وليهم الذي تبلغ حدود ولايته نفس ما بلغته ولاية رسول الله "صلى الله عليه وآله" عليهم..
وبذلك تكون الحجة قد أقيمت وتمت على هؤلاء وعلى غيرهم، من الله ورسوله، قبل اتخاذهم أي موقف. الأمر الذي يجعل مواقفهم المخالفة قبل حدوثها مدانة ومرفوضة، وساقطة سلفاً، وهي من موجبات غضب الله ورسوله، ولا مجال لأي بحث، ولا يصح أي جدل فيها وحولها.
الغضب العظيم:
وقد صرح بريدة: بأنه رأى رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد غضب غضباً لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير..
وكيف لا يغضب "صلى الله عليه وآله" وهو يرى أن هؤلاء يصرون على الطعن في علي "عليه السلام"، وعلى عدم الاستسلام لأمر الله ورسوله فيه، رغم مرور السنوات على رؤيتهم لجهاده وتضحياته، وكراماته الظاهرة، وآياته الباهرة، في بدر وفي أحد، وفي خيبر، والخندق، والفتح، وحنين، وذات السلاسل وغير ذلك، ورغم سماعهم مباشرة، أو من خلال الشياع في الآفاق ما كان ينزله الله تعالى فيه من آيات، وما يقوله رسوله "صلى الله عليه وآله" في حقه "عليه السلام".
فلماذا يصمون آذانهم، ويطبقون أعينهم، فلا يرون، ولا يسمعون، ولا يعقلون ذلك كله، ولا يستجيبون لما يريده الله ورسوله "صلى الله عليه وآله"؟! وذلك هو سر تناهي غضب رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى هذا الحد، فإن من الواضح: أن عدم الإنقياد للإمام "عليه السلام" وعدم الرضا بالإمامة يوازي هدم أساس الإسلام، وتقويض أركانه.
وفد همدان:
وفي سنة تسع، وبعد مرجع النبي "صلى الله عليه وآله" من تبوك جاء وفد همدان إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" مع وفود وملوك حمير.
قالوا: "وكان الوافدون من كل بطن سيدهم، فكتب لهم "صلى الله عليه وآله" كتاباً، وجعل لهم بعض الأراضي "ما أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة"، فأسلموا، واستعمل مالك بن نمط على من أسلم من قومه، وأمره بقتال ثقيف، فكان لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه"([240]).
وذكروا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قال حين قدوم وفد همدان: "نعم الحي همدان، ما أسرعها إلى النصر، وما أصبرها على الجهد، وفيهم أبدال، وفيهم أوتاد الإسلام"([241]).
ونقول:
إن لنا ملاحظات على ما سبق هي التالية:
1 ـ قالوا: "لم تكن همدان تقاتل ثقيفاً، ولا تغير على سرحهم، فإن همدان باليمن، وثقيف بالطائف"([242]).
ولذلك رجحوا بل صححوا الحديث المتقدم، عن أن إسلام همدان كان على يد علي "عليه السلام" في اليمن نفسها، لا أنهم وفدوا إلى المدينة وأسلموا فيها([243]).
2 ـ استدل الزرقاني على بطلان حديث وفود همدان وإسلامها بنفس حديث إرسال خالد ثم علي "عليه السلام" إلى اليمن، إذ لو كانوا وفدوا إلى المدينة وأسلموا لم يرسل النبي "صلى الله عليه وآله" خالداً ولا علياً "عليه السلام" إليهم.
وهناك مفارقة أخرى، وهي: أن في حديث البراء: أن بعث خالد وعلي "عليه السلام" قد كان في السنة الثامنة بعد قسمة غنائم حنين في الجعرانة، والوفد إلى المدينة إنما كان في التاسعة بعد تبوك.
فكيف يقال: إنهم أسلموا حين وفدوا إلى المدينة؟.
ثم جمع بين القولين: بأنه قد يكون الذين أسلموا طائفة من همدان، والوفد إلى المدينة كان من طائفة أخرى منها، وإن اتحدا في الاسم([244]).
ونقول:
إن هذا الجمع لا يصح، لأن النص المتقدم يقول: "فأسلمت همدان جميعاً".
إلا أن يقال: لعل المقصود: أن جميع من حضر منها قد أسلم بدعوة علي "عليه السلام".
ولكن هذا الإحتمال خلاف ظاهر النص، فلا يصار إليه..
ولعل الأقرب إلى الإعتبار أن يقال: قد تضمن كلام مالك بن نمط في محضر رسول الله "صلى الله عليه وآله" ما يدل على أنهم كانوا مسلمين قبل وفودهم إليه، لا أنهم قد وفدوا، ثم أسلموا عنده، فقد قال مالك:
"أتوك على قلص نواج، متصلة بحبال الإسلام، لا تأخذهم في الله لومة لائم، من مخلاف خارف، ويام، وشاكر، أهل السَّوَد، والقَوَد.أجابوا دعوة الرسول، وفارقوا الآلهات والأنصاب، الخ.."([245]).
ومما يدل على ذلك دلالة واضحة أيضاً: قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" كتب إلى عمير ذي مرَّان ومن أسلم من همدان كتاباً جاء فيه:
"أما بعد ذلك، فإنه بلغنا إسلامكم، مرجعنا من أرض الروم (أي من غزوة تبوك) فأبشروا، فإن الله قد هداكم بهداه..".
إلى أن قال: "إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لأهل بيته، إنما هي زكاة تزكونها عن أموالكم لفقراء المسلمين..".
إلى أن قال: "وكتب على بن أبي طالب"([246]).
فيلاحظ في هذا الكتاب:
1 ـ إنه يذكر: أن إسلام همدان قد بلغه بعد رجوعه من تبوك، وهو يدل على أنهم قد أسلموا في بلادهم قبل وصول وفدهم إليه، بل إن هذا الكتاب نفسه يدل على أنهم قد أسلموا أولاً، فبلغ ذلك النبي "صلى الله عليه وآله"، فكتب لهم هذا الكتاب، ولعلهم قد أرسلوا إليه وفداً بعد وصول هذا الكتاب إليهم..
2 ـ إن هذا الكتاب كان بخط علي "عليه السلام"، فلعله كان هو الذي أخبر النبي "صلى الله عليه وآله" بإسلامهم.
ولكن السؤال هنا هو: إذا كان علي "عليه السلام" قد ذهب إليهم فور الفراغ من حرب حنين، فإنه قد عاد قبل غزوة تبوك قطعاً، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد خلفه في المدينة في هذه الغزوة قائلاً له: "أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى.."، فلماذا أخر إخبار النبي "صلى الله عليه وآله" بإسلامهم إلى ما بعد عودته من تبوك؟!
بل إن النصوص المتقدمة قد صرحت: بأنه لما أسلمت همدان كتب "عليه السلام" إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بإسلامهم، فلما قرأ الكتاب خر "صلى الله عليه وآله" ساجداً، وقال: السلام على همدان الخ..
ويمكن أن يجاب: بأن ذلك وإن كان صحيحاً، لكن لعله "صلى الله عليه وآله" كان ينتظر تأكد إسلامهم عملياً، بحيث يظهر ذلك، ويرى الناس صدقهم فيه، وأنه لم يكن عن خوف من علي "عليه السلام".. فلما بلغه ذلك كتب إليهم بهذا الكتاب.
3 ـ لقد لاحظنا: أنه "صلى الله عليه وآله" يستبق الأمور فيما يرتبط بدفع الوساوس والشبهات عن الناس، وتحصينهم من سوء الظن الذي يسيء إلى صفاء العقيدة، بل قد يسوقهم إلى التشكيك بالنبوة، والخروج من الإسلام، أو يجعل إسلامهم مشوباً بالنفاق، حين يظنون برسول الله "صلى الله عليه وآله" حب الدنيا، والطمع بأموالهم..
فأفهمهم "صلى الله عليه وآله" بما كتبه إليهم عن الصدقات التي تؤخذ منهم: أنه لا مجال لتلك التوهمات في حقه، لأن ذلك مما لا يمكن حصوله، فقد أعلمهم أن هذه الأموال التي يأخذها منهم محرمة عليه وعلى أهل بيته أيضاً.
يضاف إلى ذلك: أنها ملك الغير، وليس مطلق الغير، بل خصوص الفقراء منهم.
فيتعاضد الحاجز الشرعي المتمثل بحرمة ذلك، مع المانع العاطفي والإنساني، ما دام أن ذلك المال هو للفقراء، الذين يكون نفس فقرهم حاجزاً للإنسان عن العدوان على أموالهم، الأمر الذي يجعل من أي وسوسة شيطانية ظاهرة الفساد، ولا يمكن إفساح المجال لها، إلا ممن يكون في قلبه مرض.
الفصل الثامن:
عودة علي × إلى اليمن
سرية علي بن أبي طالب × إلى اليمن المرة الثانية:
قال محمد بن عمر، وابن سعد، واللفظ للأول: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً إلى اليمن في شهر رمضان، وأمره أن يعسكر بقناة، فعسكر بها حتى تتامّ أصحابه. فعقد له رسول الله "صلى الله عليه وآله" لواءً، وأخذ عمامته فلفها مثنية مربعة، فجعلها في رأس الرمح، ثم دفعها إليه. وعممه بيده عمامة ثلاثة أكوار، وجعل له ذراعاً بين يديه، وشبراً من ورائه، وقال له: "امض ولا تلتفت".
فقال علي "عليه السلام": يا رسول الله، ما أصنع؟
قال: "إذا نزلت بساحتهم فلا تقاتلهم حتى يقاتلوك، وادعهم إلى أن يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فإن قالوا: نعم، فمرهم بالصلاة، فإن أجابوا، فمرهم بالزكاة، فإن أجابوا فلا تبغ منهم غير ذلك، والله، لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك مما طلعت عليه الشمس أو غربت".
فخرج علي "عليه السلام" في ثلاثمائة فارس، فكانت خيلهم أول خيل دخلت تلك البلاد. فلما انتهى إلى أدنى الناحية التي يريد من مذحج فرق أصحابه، فأتوا بنهب وغنائم وسبايا، نساءً وأطفالاً، ونعماً وشاءً، وغير ذلك.
فجعل علي "عليه السلام" على الغنائم بريدة بن الحصيب الأسلمي، فجمع إليه ما أصابوا قبل أن يلقى لهم جمعاً. ثم لقي جمعهم، فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا، ورموا أصحابه بالنبل والحجارة.
فلما رأى أنهم لا يريدون إلا القتال صف أصحابه، ودفع اللواء إلى مسعود بن سنان السلمي، فتقدم به، فبرز رجل من مذحج يدعو إلى البراز، فبرز إليه الأسود بن خزاعي، فقتله الأسود، وأخذ سلبه.
ثم حمل عليهم علي "عليه السلام" وأصحابه، فقتل منهم عشرين رجلاً، فتفرقوا وانهزموا، وتركوا لواءهم قائماً، وكفَّ علي "عليه السلام" عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام، فأسرعوا وأجابوا.
وتقدم نفر من رؤسائهم، فبايعوه على الإسلام وقالوا: نحن على من وراءنا من قومنا. وهذه صدقاتنا، فخذ منها حق الله تعالى.
وجمع علي "عليه السلام" ما أصاب من تلك الغنائم، فجزأها خمسة أجزاء، فكتب في سهم منها لله، ثم أقرع عليها، فخرج أول السهمان سهم الخمس، وقسم علي "عليه السلام" على أصحابه بقية المغنم. ولم ينفل أحداً من الناس شيئاً، وكان من كان قبله يعطون خيلهم الخاص دون غيرهم من الخمس، ثم يخبرون رسول الله "صلى الله عليه وآله" بذلك فلا يردُّ ه عليهم، فطلبوا ذلك من علي "عليه السلام"، فأبى، وقال: الخمس أحمله إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يرى فيه رأيه([247]).
وأقام فيهم يقرئهم القرآن، ويعلمهم الشرائع، وكتب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" كتاباً مع عبد الله بن عمرو بن عوف المزني يخبره الخبر.
فأتى رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يوافيه الموسم، فانصرف عبد الله بن عمرو بن عوف إلى علي "عليه السلام" بذلك، فانصرف علي "عليه السلام" راجعاً.
فلما كان بالفتق تعجل إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبره الخبر، وخلَّف على أصحابه والخمس أبا رافع، فوافى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بمكة قد قدمها للحج.
وكا ن في الخمس ثياب من ثياب اليمن، أحمال معكومة، ونعم وشاء مما غنموا، ونعم من صدقة أموالهم. فسأل أصحاب علي "عليه السلام" أبا رافع أن يكسوهم ثياباً يحرمون فيها، فكساهم منها ثوبين ثوبين.
فلما كانوا بالسدرة داخلين خرج علي "عليه السلام" ليتلقَّاهم ليقدم بهم، فرأى على أصحابه الثياب، فقال لأبي رافع: ما هذا؟
فقال: "كلموني، ففرقت من شكايتهم، وظننت أن هذا ليسهل عليك، وقد كان مَنْ قبلك يفعل هذا بهم".
فقال: "قد رأيت امتناعي من ذلك، ثم أعطيتهم؟! وقد أمرتك أن تحتفظ بما خلَّفت، فتعطيهم"؟.
فنزع علي "عليه السلام" الحلل منهم.
فلما قدموا على رسول الله "صلى الله عليه وآله" شكوه، فدعا علياً "عليه السلام"، فقال: "ما لأصحابك يشكونك"؟
قال: ما أشكيتهم، قسمت عليهم ما غنموا، وحبست الخمس حتى يقدم عليك فترى فيه رأيك.
فسكت رسول الله "صلى الله عليه وآله"([248]).
ونقول:
إن هذا النص قد تضمن أموراً عديدة يحسن الوقوف عندها، وهي التالية:
أول خيل دخلت إلى اليمن:
ذكر النص المتقدم: أن خيل علي "عليه السلام" كانت أول خيل دخلت إلى بلاد اليمن.
وهذا يلقي بظلال من الشك على ما تقدم، من أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل خالداً إلى اليمن، وأنه قد حصل على بعض الغنائم، فطلب من النبي "صلى الله عليه وآله" أن يرسل إليه من يقبضها منه..
إلا أن يقال: إنه ليس بالضرورة أن يكون خالد قد حصل على تلك الغنائم من بلاد اليمن، فلعلها حصلت له من مواجهات مع بعض القبائل التي صادفها في طريقه، أو قصدها لغرض الدعوة..
ولعله حين دخل خالد إلى بلاد اليمن لم يدخلها في خيل قتال.. ولكنه قد تعرض لأهل اليمن ببعض ما يسوءهم، فأثار حفيظتهم، فامتنعوا عن الإسلام.. ثم لما جاءهم علي "عليه السلام" وجدوا فيه نمطاً يختلف تماماً عن نمط من سبقوه، فقبلوا منه.
إمض ولا تلتفت:
إننا نلاحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" قد قال لعلي "عليه السلام" حين وجهه إلى اليمن: "إمض ولا تلتفت".
وهذه هي نفس الكلمة التي قالها له "عليه السلام": حين وجهه إلى يهود خيبر، حيث قتل مرحباً، واقتلع باب خيبر، وفتح الحصن.. ولم نره قال ذلك لعلي "عليه السلام" في غير هذين الموردين.
وقد يقال: إن من نقاط الإشتراك بينهما: أن فتح خيبر، فيه إسقاط لهيمنة اليهود، في تلك المنطقة، وكسر لشوكتهم، وإذلال لهم.. وإسلام اليمن يمثل أيضاً ضربة قوية لعنفوان اليهود، الذين كانت لهم هيمنة كبيرة وانتشار واسع في تلك البلاد.
يضاف إلى ذلك: إرادة إظهار مدى طاعة علي "عليه السلام"، والتزامه بحرفية أوامر النبي الكريم "صلى الله عليه وآله".. لكي يوازن الناس بين ذلك وبين ممارسات غيره، ممن تكون أهواؤهم، وعصبياتهم هي المهيمنة على تصرفاتهم.
ثم إن هذا التوجيه يشير إلى لزوم الإنضباط التام، وعدم التسامح، ولزوم الكف عن التوسع الإجتهادي في تطبيق الأوامر الصادرة عن القيادة، فكيف إذا كانت هذه القيادة معصومة، ولها مقام النبوة الخاتمة؟!
ثم إن هذا الأمر يعطي الإيحاء القوي: بأن على الإنسان حين يكلف بمهمة جهادية، وخصوصاً إذا كان ذلك من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن لا يشغله أي شأن آخر، وأن يركز كل همه، ويحصر كل تفكيره، في تلك المهمة التي أوكلت إليه، وأن يقطع جميع تعلقاته بأي شيء آخر مهما كان..
لا تقاتلهم حتى يقاتلوك:
إن الإمام "عليه السلام" حين قال للنبي "صلى الله عليه وآله": ما أصنع؟ فإنما أراد للناس كلهم أن يسمعوا الرسول الأكرم "صلى الله عليه وآله" وهو يحتم على مبعوثيه: أن لا يقاتلوا الآخرين حتى يقاتلوهم. وإن المهمة منحصرة في الدعوة إلى الإسلام والإيمان، وأن المطلوب هو هداية الناس إلى الله، وإلى سلوك طريق الرشاد والسداد، والهدى.
وهذا يشير إلى: أن هذا العدد الضخم لأفراد السرية قد كان لأجل أن يحفظ بعضهم بعضاً في أسفارهم في البراري والقفار حتى لا يجتري عليهم ضعفاء النفوس، والمتطفلون، والطامعون ممن يمتهنون السلب والنهب كوسيلة للحصول على ما يعتاشون به، كما هو حال كثير من الناس في تلك الأيام.
التدرج في الدعوة، والإكتفاء باليسير:
وقد لوحظ: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر علياً "عليه السلام": بأن تكون دعوته للناس على مراحل..
ولوحظ أيضاً: أنه "صلى الله عليه وآله" قد أمر علياً "عليه السلام" بأن يطلب منهم أموراً ثلاثة، بل هو قد منعه من طلب الزائد، أيَّاً كان نوعه وطبيعته..
فالمطلوب الأول هو: أن يقولوا: لا إله إلا الله، محمد رسول الله..
فمجرد قول هذه الكلمة يكفي في عدم جواز التعرض لهم بشيء، بل هو لم يسمح بأي من أنواع التدقيق والبحث عما وراء هذا القول، حتى ولا الإستفهام عن درجة الإيمان ومضمونه..
فإن قالوا ذلك، فالمطلوب الثاني هو: أن يصلّوا..
فإن فعلوا ذلك، فالمطلوب الثالث هو: أن يزكّوا..
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" قد حسم الأمر فيما زاد عن ذلك، فقال: ولا تبغ منهم غير ذلك.
وهذا يعني: أن على من يشارك في تلك السرايا أن لا يتوهم أنها من مصادر الرزق، وأنه يباح له سلب أموال الناس تحت غطاء الدين والدعوة..
وأن على الذين يُدْعَوْنَ للإسلام أن لا يفكروا بأن هؤلاء الدعاة ومن وراءهم يطمعون بأموالهم، أو بنسائهم، أو بالهيمنة عليهم..
ثم إن الشهادة لله بالوحدانية، ولمحمد "صلى الله عليه وآله" بالرسالة هما من الأمور الإعتقادية القلبية، التي لا يعود نفعها لغير المعتقد بها.. وأما الصلاة فما هي إلا صلة وعلاقة بين الإنسان وربه.. والزكاة أيضاً إنما يعود نفعها للفقراء والمساكين، الذين لا يتحرج الناس في بِرِّهم، وسدّ حاجاتهم.. ولا يجوز للنبي "صلى الله عليه وآله"، ولا لأحد من أهل بيته "صلى الله عليه وآله"، وعشيرته أن يستفيد منها، ولو بمقدار حبة، وذلك بمقتضى التشريع الإلهي الذي جاء به رسول الله "صلى الله عليه وآله".
هل أتوا بنهب وسبايا؟!:
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أنه "عليه السلام" لما وصل إلى أدنى ما يريد من مذحج، فرق أصحابه، فأتوه بنهب وسبايا الخ.. قبل أن يلقى لهم جمعاً، ثم لقي جمعهم فدعاهم الخ..
ولكن ذلك موضع ريب كبير، فإن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أوصى علياً "عليه السلام" بأن لا يقاتلهم حتى يقاتلوه، فما معنى: أن يقبل من أصحابه السبايا والغنائم، والنهب الذي جاؤوه به، حيث اغتنموا فرصة غيبة الرجال عن الحي ولم يكن هناك من تعرض عليه الدعوة، فيقبلها، أو يردها؟!.
فهل أجاز النبي "صلى الله عليه وآله" له الإنتهاب والسبي، ومنعه من القتال؟!
وهل يتوقع أن يتعرض مال شخص للإنتهاب، وعرضه وأطفاله للسبي، ثم يقف مكتوف اليدين؟! فلا يعترض!! ولا يغضب!! ولا يعتبر ذلك ظلماً وتعدياً؟! ألا يتوقع منه أن يقول: لماذا لم تسألوني، ولم تعرضوا علي مطالبكم أولاً؟! فإن رفضتها بلا مبرر، فلكم الحق بانتهاب مالي، وسبي عيالي، وأطفالي؟!
وهل يصح اعتبار هذا التصرف من مصاديق قوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}؟!([249]) أم أنه أبعد ما يكون عن مفهوم هذه الآية؟!
من أجل ذلك نقول:
لعل في الرواية تحريفاً لغاية في نفس يعقوب، أو لعل فيها سقطاً أوجب اختلال المعنى. أو لعل فيها تقديماً وتأخيراً، بتقدير، أن يكون "عليه السلام" قد واجه رجالهم فدعاهم إلى الإسلام، فأبوا، ورموا أصحابه بالنبل والحجار، فقاتلهم فهزمهم، وقتل منهم، وتفرق أصحابه إلى مواضع نزولهم فأتوا بسبي وغنائم، ثم كفّ "عليه السلام" عن طلبهم، ثم دعاهم إلى الإسلام مرة أخرى فأسرعوا وأجابوا، وبايعه نفر من رؤسائهم، وضمنوا له الإسلام وراءهم..
سيرة علي × في الخمس تخالف سيرة غيره:
وعن سيرة علي "عليه السلام" في الخمس نقول:
لقد كان النبي "صلى الله عليه وآله" يريد من جهة: أن يربي الناس على مفاهيم الشريعة، وعلى الإلتزام بأحكامها. ويريد من جهة أخرى: أن يكون رفيقاً ورحيماً بهم، ومتألفاً لهم على هذا الدين.
وكان الناس آنئذٍ حديثي عهد بالجاهلية، ولم تستأصل مفاهيمها من نفوسهم، ولهم في الأموال رغبة، وفيهم إليها حاجة بصورة عامة.. وربما لم تكن القناعة قد تبلورت لديهم في موضوع الخمس، ولعل بعضهم كان يرى: أنه إذا كان ـ الخمس ـ للرسول "صلى الله عليه وآله"، فالمفروض هو: أن يتنازل عنه لمصلحتهم.
فصاروا يستأثرون به لأنفسهم بصورة منتظمة، فيعطيه قادتهم إلى خيلهم الخاص دون غيرهم، ثم يخبرون النبي "صلى الله عليه وآله" بذلك، فلا يرده عليهم..
وحين لم يفعل ذلك علي "عليه السلام" طالبوه به، فرفض إجابة طلبهم، وحمل الخمس إلى النبي "صلى الله عليه وآله" فلما رجعوا شكوا علياً "عليه السلام" إليه "صلى الله عليه وآله".. فسأله فأخبره، فسكت "صلى الله عليه وآله"، وانتهى الأمر عند هذا الحد..
فنلاحظ هنا:
1 ـ أنه كان من غير اللائق بأولئك القادة أن يتصرفوا بالخمس، من دون إذن من صاحبه، واضعين النبي "صلى الله عليه وآله" أمام الأمر الواقع.
2 ـ إن القائد الذي يولِّيه رسول الله "صلى الله عليه وآله" أمين على الأموال، وليس وكيلاً في صرفها كيف شاء.
3 ـ إن مطالبة أولئك الناس لقوادهم بأموال ليست لهم، لا مبرر لها.. فكيف إذا بلغ الأمر بهم حد شكاية قائدهم، إذا امتنع عن إعطائهم أموالاً لا حق لهم فيها؟!.
4 ـ لو أن النبي "صلى الله عليه وآله" أراد أن يضع حداً لهذا التصرف لاتهم بالبخل والعياذ بالله.. فلذلك كان لا يطالبهم بما أخذوه مما يعود إليه.
5 ـ لو أن علياً "عليه السلام" لم يبادر إلى وضع حد لهذا التصرف المخالف، لأصبح سنة، ولضاعت الفائدة من تشريع الخمس، ولبطل التشريع من أصله، إذا كان هناك من يريد أن يفهم من هذا السلوك النبوي وسماحته "صلى الله عليه وآله" وكرم أخلاقه على أنه نسخ للتشريع بصورة عملية..
6 ـ إنهم قد اغتنموا فرصة غياب علي "عليه السلام" لمعاودة السعي للحصول على تلك الأموال التي لا حق لهم بها، وكأنهم ظنوا أن غيبته "عليه السلام" تزيل عنه صفة الأمين على ذلك المال والمسؤول عنه..
7 ـ إن علياً "عليه السلام" قد استعاد الحلل التي كان أبو رافع قد قسمها على أفراد السرية وإن كان أبو رافع قد تحجج بـ:
ألف: أنه قد خاف من شكايتهم.
ب: أنه ظن أن هذا الأمر يسهل على علي "عليه السلام".
ج: أن من كان قبل علي "عليه السلام" كان يفعل ذلك..
وهي حجج واهية: فإنه رجل قد اؤتمن على مال غيره، فلا معنى للخوف من شكاية الناس الذين كانوا معه، إذا كانت شكايتهم على منعهم أمراً لا يستحقونه..
وقد كان المال لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وعلى علي "عليه السلام" أن يوصله إليه، فكيف يسهل عليه إعطاؤه لغير صاحبه؟!
وفعل غير علي "عليه السلام" إذا كان خطأً، لا يصلح للتأسي به، أو الإستناد إليه.. فإن الخطأ لا ينتج صواباً..
8 ـ إن هؤلاء الذين يسعون للحصول على مال لا يملكونه، ويغتنمون فرصة غياب الأمين على ذلك المال، ليأخذوه من الذي ائتمنه عليه، بعد أن منعهم هو منه، يريدون أن يستفيدوا من نفس هذا المال في إحرام حجهم، الذي يفترض فيهم: أن يهتموا بأن يبعدوه عن أية شبهة، وعن أي مالٍ يشك في حليته وطيبه..
علي × المقرئ والمعلم:
وقد تقدم: أن علياً "عليه السلام" أقام في أهل اليمن يقرئهم القرآن، ويعلمهم الشرائع.. وهذا هو ما يطمح إليه أمير المؤمنين "عليه السلام"، فإن ما يسعده، ويلذّ له هو إخراج الناس من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومن الضلال إلى الهدى، وأن يعيش الناس أحراراً، سعداء برضا الله، ملتزمين بشرائعه، إخواناً على سرر متقابلين، لا يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله، ولا يسعى بعضهم للتسلط على بعض، وإذلاله، والإستئثار بالخيرات والمنافع دونه..
ولا يريد أن يكون جباراً في الأرض، ولا أن يهيمن على الناس، وتخضع له رقابهم، ولا يبغى الراحة لنفسه بتعبهم، ولا الغنى بفقرهم، ولا عزةً بذلهم.
عممه بعمامته، وبيده:
وقد تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد تصرف مع علي "عليه السلام" بصورة من شأنها أن تظهر فضله "عليه السلام" وموقعه، حين انتظر حتى تتام أصحابه في معسكرهم.
ثم عقد له لواءً، وأخذ عمامته ولفها مثنية مربعة، فجعلها في رأس الرمح.
ثم دفعها إليه..
ثم عممه بيده عمامة ثلاثة أكوار. وجعل له ذراعاً بين يديه، وشبراً من ورائه، ثم أصدر إليه الأمر بالمضي، وعدم الإلتفات..
وكل ذلك يجعل الناس يعيشون لحظات من الرقابة المتمازجة بمشاعر الإعجاب والرضا، والإيغال في آفاق البهاء والصفاء، والجمال والجلال، والمحبة والرضا.
القاضي والمعلم لأهل اليمن:
تقدم: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد نهى علياً "عليه السلام" عن قتال أحد إلا أن يقاتلوه، وأعطاه تعليماته التي بينت: أن المطلوب هو دعوتهم إلى الله تعالى، وأن عليه أن يتدرج في طلب ذلك منهم، ولكنه لم يزد عن طلب ثلاثة أشياء، كما سلف..
وصرحت نصوص أخرى: بأن النبي "صلى الله عليه وآله"، قد أرسل علياً "عليه السلام" إلى اليمن قاضياً.
وزعمت: أنه "عليه السلام" قال للنبي "صلى الله عليه وآله": تبعثني إلى قوم وأنا حدث السن ولا علم لي بالقضاء (أو بكثير من القضاء)، فوضع يده على صدره وقال: إن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك. يا علي، إذا جلس إليك الخصمان، فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر الخ..([250]).
ولذلك اعتبر السكتواري علياً "عليه السلام" أول قاض بعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى اليمن([251]).
غير أننا نقول:
إن النبي "صلى الله عليه وآله" كان قد صرح بما يدل على رسوخ قدم علي "عليه السلام" في العلم في مناسبات كثيرة قبل ذهاب علي "عليه السلام" إلى اليمن، ولم يزل يجهر بذلك على مدى ثلاث وعشرين سنة، فهو عيبة علمه، وهو منه بمنزلة هارون من موسى، وهو مدينة العلم وعلي بابها، إلى غير ذلك مما يتعذر جمعه، وإحصاؤه، وقد نزلت فيه "عليه السلام" آيات كثيرة تشير إلى علمه هذا، ويكفي قوله تعالى: {..قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ}([252]).
يضاف إلى ذلك: أنه "عليه السلام" نفس رسول الله "صلى الله عليه وآله" بنص آية المباهلة، وهل يمكن أن يكون كذلك إذا كان ـ حسب زعمهم ـ: إلى أواخر حياة رسول الله "صلى الله عليه وآله" لا يعرف القضاء؟!!([253]).
ويمكن أن يجاب: بأنه "عليه السلام" إنما تكلم بلسان غيره، وعبر عن مكنونات ضمائرهم، لكي يُسمعهم ويُسمع الأجيال كلها إلى يوم القيامة جواب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، القاطع لكل عذر، والمبدد لجميع الأوهام، وليبوء هؤلاء بالإثم والخزي والخذلان..
الرواية الأقرب إلى القبول:
وبالنسبة لذهاب علي "عليه السلام" إلى اليمن نقول:
لعل الصحيح هو: أنه "عليه السلام" قد ذهب إلى اليمن أولاً، فأسلمت همدان كلها على يديه في ساعة واحدة، وانتشر الإسلام في تلك البلاد.
ثم إن أهلها شعروا بحاجتهم إلى من يفقههم في الدين، فوفدوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" وطلبوا منه ذلك، فأرسل إليهم علياً "عليه السلام" مرة ثانية، فقد روي: أنه أتى النبي "صلى الله عليه وآله" ناس من اليمن، فقالوا: ابعث فينا من يفقهنا في الدين، ويعلمنا السنن، ويحكم فينا بكتاب الله.
فقال النبي "صلى الله عليه وآله": انطلق يا علي إلى أهل اليمن، ففقههم في الدين وعلمهم السنن، واحكم فيهم بكتاب الله.
فقلت: إن أهل اليمن قوم طغام، يأتوني من القضاء بما لا علم لي به.
فضرب "صلى الله عليه وآله" على صدري، ثم قال: اذهب، فإن الله سيهدي قلبك، ويثبت لسانك. فما شككت في قضاء بين اثنين حتى الساعة([254]).
وقال الطبرسي: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إلى اليمن، ليدعوهم إلى الإسلام، وليخمس ركازهم، ويعلمهم الأحكام، ويبين لهم الحلال والحرام، وإلى أهل نجران ليجمع صدقاتهم، ويقدم عليه بجزيتهم([255]).
النبي ' لم يعلم علياً × القضاء:
ولعل من المهم هنا: أن نشير إلى أن الملاحظ هو: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يعلم علياً "عليه السلام" القضاء، بل اكتفى بالطلب إليه أن لا يقضي بين الخصمين حتى يسمع كلامهما.. ثم أخبره بأن الله تعالى هو الذي يتولى هداية قلبه، وتثبيت لسانه على الحق والصواب.
ولا ريب في أن ذلك لن يكون على سبيل القهر والجبر، بل هو منحة إلهية، تدل على مكانة علي "عليه السلام" عند الله تبارك وتعالى، وعلى أنه "عليه السلام" قد بلغ هذا المقام بجهده وجهاده، فاستحق هذه الهداية الإلهية على قاعدة: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}([256])، {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ}([257])، {وَمَن يُؤْمِن بِاللهَ يَهْدِ قَلْبَهُ}([258]).
قضاء علي × قضاء النبي ':
وقد ذكروا العديد من مفردات الأقضية التي صدرت عن علي "عليه السلام" في اليمن، ومنها:
1 ـ قالوا: احتفر قوم بئراً باليمن، فأصبحوا وقد سقط فيها أسد، فنظروا إليه، فسقط إنسان بالبئر، فتعلق بآخر، وتعلق الآخر بآخر، حتى كانوا في البئر أربعة، فقتلهم الأسد، فأهوى إليه رجل برمح فقتله.
فتحاكموا إلى علي "عليه السلام".
فقال: ربع دية، وثلث دية، ونصف دية، ودية تامة: للأسفل ربع دية، من أجل أنه هلك فوقه ثلاثة، وللثاني ثلث دية، لأنه هلك فوقه إثنان، وللثالث نصف دية، من أجل أنه هلك فوقه واحد، وللأعلى الدية كاملة.
فإن رضيتم فهو بينكم قضاء، وإن لم ترضوا فلا حق لكم حتى تأتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" فيقضي بينكم.
فلما أتوا رسول الله "صلى الله عليه وآله" قصوا عليه خبرهم، فقال: "أنا أقضي بينكم إن شاء الله تعالى".
فقال بعضهم: يا رسول الله، إن علياً قد قضى بيننا.
قال: "فيم قضى"؟ فأخبروه.
فقال: "هو كما قضى به"([259]).
2 ـ كان علي "عليه السلام" باليمن، فأُتي بامرأة وطأها ثلاثة نفر في طهر واحد، فسأل اثنين: أتقران لهذا بالولد؟
فلم يقرَّا.
ثم سأل اثنين: أتقران لهذا بالولد؟
فلم يقرَّا.
ثم سأل اثنين، حتى فرغ، يسأل اثنين اثنين غير واحد، فلم يقرُّوا.
ثم أقرع بينهم، فألزم الولد، الذي خرجت عليه القرعة، وجعل عليه ثلثي الدية.
فرفُع ذلك للنبي "صلى الله عليه وآله"، فضحك حتى بدت نواجذه
زاد في نص آخر: وقال: "القضاء ما قضى".
أو قال: "لا أعلم فيها إلا ما قضى علي".
أو قال: "حكمتَ فيه بحكم الله".
أو قال: "لقد رضي الله عز وجل حكمك فيهم"([260]).
3 ـ عن أبي جعفر الباقر "عليه السلام"، قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام" إلى اليمن، فانفلت فرس لرجل من أهل اليمن، فنفح رجلاً برجله فقتله، وأخذه أولياء المقتول، فرفعوه إلى علي "عليه السلام"، فأقام صاحب الفرس البيّنة أن الفرس انفلت من داره فنفح الرجل برجله، فأبطل علي "عليه السلام" دم الرجل.
فجاء أولياء المقتول من اليمن إلى النبي "صلى الله عليه وآله" يشكون علياً "عليه السلام" فيما حكم عليهم، فقالوا: إن علياً ظلمنا، وأبطل دم صاحبنا.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": إن علياً ليس بظلام، ولم يخلق علي للظلم، وإن الولاية من بعدي لعلي، والحكم حكمه، والقول قوله، لا يرد حكمه وقوله وولايته إلا كافر، ولا يرضى بحكمه وقوله وولايته إلا مؤمن.
فلما سمع اليمانيون قول رسول الله "صلى الله عليه وآله" في علي "عليه السلام" قالوا: يا رسول الله، رضينا بقول علي وحكمه.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": هو توبتكم مما قلتم([261]).
ونقول:
إن هناك العديد من الأمور التي تضمنتها هذه النصوص، ويحسن منا لفت النظر إليها هنا، ومنها:
شكاية الخصوم إلى رسول الله ':
إن المتخاصمين لم يرضوا بقضاء علي "عليه السلام" في الموارد الثلاثة المنقولة آنفاً، ولا نرى أن ذلك لسوء نظر، أو لكراهةٍ منهم لشخص علي "عليه السلام"، بل لأن التخاصم بين الناس يكون عادة بسبب شبهة دخلت على أحد المتخاصمين، أو على كليهما، توجب وقوعه في وهم أن يكون الحق معه وإلى جانبه. فيبحث عمن يساعده في نيل حقه، أو عمن يدفع عنه خصومة مدعي الحق عنده. وفق ضوابط عقلية، ومسلمات شرعية، أو توافقات أو أعراف اجتماعية مع رعاية قانون العدل والإنصاف، وعدم الإنقياد للهوى فيما يقضى به..
ولم يكن هؤلاء الناس قد عرفوا شيئاً ذا بال عن علي "عليه السلام"، وعن جهاده، وتضحياته، وعلمه، والآيات النازلة في حقه، وأقوال النبي "صلى الله عليه وآله" فيه.. إلا ما ربما يكونون قد شاهدوه منه في تلك المدة اليسيرة التي عاشها بينهم، وهو يعلمهم، ويهديهم، ويرشدهم، ويقضي بينهم بأمر رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلعلهم ظنوا: أنه لا يملك الكثير من المعرفة بأسرار القضاء، فطلبوا الإستيثاق من صحة قضائه.
أو أنهم ظنوا: أنه قد ظلمهم في بعض قضائه فيهم..
فجاءهم الرد الحاسم من رسول الله "صلى الله عليه وآله" في هذه الرواية الأخيرة، حيث بين لهم حقيقة علي "عليه السلام" وموقعه، والمقام الذي جعله الله تعالى له فيهم، وهو مقام الولاية، وحكم من يَرُدُّ حكمه، وقوله، وولايته..
علي ليس بظلام:
2ـ وقد قرر "صلى الله عليه وآله": أن علياً "عليه السلام" ليس بظلام، ولم يخلق علي "عليه السلام" للظلم.. ليكون هذا القول هو الضابطة في شأن من تكون له الولاية على الناس، فإن من يظلم فرداً من الناس فلا يؤمن من أن ينال بظلمه كل فردٍ فردٍ منهم، إذ لا خصوصية للفرد الذي ظلم أولاً. ولذلك عبّر "صلى الله عليه وآله" بكلمة "ظلَّام".
والمطلوب من الولي هو: إنصاف الناس، وإيصال الخير إليهم، فالظلَّام الذي قد ينال ظلمه كل فردٍ فردٍ، ولو على سبيل الإحتمال لا يصلح للولاية..
ثم إنه "صلى الله عليه وآله" بيّن أن غاية خلق علي "عليه السلام" لم تكن هي الظلم، فهو صاحب الفطرة الصافية التي لا تشوبها أية شائبة، وقد استمرت على هذا الصفاء والنقاء، حيث إنه لا تصدر منه أي من مفردات الظلم، فهو ليس بظلام للأفراد..
عودة إلى مسألة التربية:
بالنسبة للذين قتلهم الأسد في البئر نقول:
اختلفت الرواية في الحكم الذي صدر عنه "عليه السلام"، فواحدة تقول: إن للأول ربع الدية، وللثاني ثلثها، وللثالث نصفها، وللرابع الدية كاملة، وجعلها "عليه السلام" على قبائل الذين ازدحموا..
قال التستري: للأول الربع، لاحتمال استناد موته إلى أربعة أشياء:
أحدها: تضييق المزدحمين، وباقيها إسقاطه لثلاثة رجال فوق نفسه.
وللثاني الثلث، لإحتمال استناده إلى ثلاثة أمور:
أحدها: إسقاط الأول له.
وللثالث النصف، حيث يحتمل استناده إلى أمرين:
أحدهما: إسقاط الثاني له.
وللرابع التمام حيث إن قتله كله مستند إلى الثالث، وجعل الدية على قبائل المزدحمين لأن الساقطين أيضاً كانوا منهم([262]).
وجاء في نص آخر أنه "عليه السلام" قال: الأول فريسة الأسد، وغرّم أهله ثلث الدية لأهل الثاني، وغرّم الثاني لأهل الثالث ثلثي الدية.. وغرّم الثالث لأهل الرابع الدية كاملة([263]).
وذكر التستري: أن الوجه في ذلك: أن هلاك الأول لم يكن مستنداً إلى أحد..
والثاني كان هلاكه مستنداً إلى ثلاثة أمور: جذب الأول، وسقوط الثالث والرابع فوقه، وكان هو السبب في سقوطهما، فيكون ثلث قتله مستنداً إلى الأول فله الثلث.
والثالث كان ثلث قتله مستنداً إلى نفسه بجذب الرابع، فيكون له الثلثان فقط على الثاني.
والرابع كان جميع قتله مستنداً إلى الثالث، فكان عليه تمام ديته([264]).
من وصايا النبي ' لعلي ×:
1 ـ روى الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبد الله "عليه السلام" قال: قال أمير المؤمنين "عليه السلام": بعثني رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى اليمن وقال لي: يا علي، لا تقاتلن أحداً حتى تدعوه، وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت، ولك ولاؤه يا علي([265]).
قال المجلسي "رحمه الله": قوله "صلى الله عليه وآله": ولك ولاؤه، أي لك ميراثه إن لم يكن له وارث، وعليك خطاؤه([266]).
2 ـ روى جماعة عن أبي المفضل، عن عبد الرزاق بن سليمان، عن الفضل بن الفضل الأشعري، عن الرضا، عن آبائه "عليهم السلام": أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث علياً "عليه السلام" إلى اليمن، فقال له وهو يوصيه: يا علي، أوصيك بالدعاء، فإن معه الإجابة، وبالشكر فإن معه المزيد، وإياك عن أن تخفر عهداً وتعين عليه، وأنهاك عن المكر، فإنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله، وأنهاك عن البغي، فإنه من بغي عليه لينصرنه الله([267]).
ونقول:
إن وصية النبي "صلى الله عليه وآله" علياً "عليه السلام": بأن لا يقاتل أحداً حتى يدعوه ثم قوله له: "وأيم الله لأن يهدي الله على يديك رجلاً خير لك مما طلعت عليه الشمس وغربت" قد أظهرت: أن الهدف الأول والأخير هو هداية الناس، ونشر الدعوة.
فلا يصح ما يذكرونه في أكثر السرايا من أنها كانت تبادر إلى الغارة واغتنام الأموال، وسبي النساء، والأطفال، وأسر الرجال.. فإن كان قد حصل شىء من ذلك، فهو على سبيل التمرد على أوامر النبي "صلى الله عليه وآله"، طمعاً بالدنيا، وجرياً على عادات أهل الجاهلية، واستجابة لدواعي الهوى والعصبية.
2 ـ ومن الواضح: أن مجرد أن يسلم رجل على يد شخص ليس من أسباب اختصاصه بإرثه، إلا في موردين:
الأول: أن يكون مولى له.. وما نحن فيه ليس كذلك، إذ المفروض: أنه "صلى الله عليه وآله" طلب من علي "عليه السلام" أن يدعوهم إلى الإسلام، ولا يبدأ بحربهم، فإن أسلموا كان لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم..
الثاني: أن يكون ولاؤه له من حيث إنه الإمام المفترض الطاعة، والإمام وارث من لا وارث له..
وهذا معناه: أن يصبح هذا الحديث من دلائل إمامة علي "عليه السلام" بعد رسول الله "صلى الله عليه وآله".
3 ـ إن الوصايا المتقدمة، التي رويت عن الإمام الرضا "عليه السلام" آنفاً، عن رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليس فقط لا تشير إلى أي أمر بقتال صدر عنه له، وإنما هي في سياق إثارة أجواء ومشاعر سليمة وطبيعية، والتوجيه نحو تنظيم العلاقة مع أهل اليمن، على أساس التوافق، وإبرام العهود، ولزوم الوفاء بها. ولزوم الوضوح والصدق في التعامل، والإبتعاد عن المكر والخداع وضرورة الإبتعاد عن البغي والتجني، والتزام جادة الإنصاف، والرفق..
وقد مهد لذلك كله بالتوجيه نحو الله تعالى بالدعاء، والطلب منه دون سواه، ثم بالشكر له، الذي يجلب معه المزيد من العطاءات الإلهية، والألطاف والرحمات والبركات الربانية..
هدايا علي × من اليمن إلى النبي ':
روى الكليني عن العدة، عن سهل وأحمد بن محمد جميعاً، عن بكر بن صالح، عن سليمان الجعفري، عن أبي الحسن "عليه السلام" قال: سمعته يقول: أهدى أمير المؤمنين إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" أربعة أفراس من اليمن، فقال: سمها لي.
فقال: هي ألوان مختلفة.
فقال: ففيها وضح؟
قال: نعم، فيها أشقر به وضح.
قال: فأمسكه عليّ.
قال: وفيها كميتان أوضحان.
فقال: أعطهما ابنيك.
قال: والرابع أدهم بهيم.
قال: بعه، واستخلف به نفقة لعيالك، إنما يمن الخيل في ذوات الأوضاح([268]).
ونقول:
1 ـ إننا لسنا بحاجة إلى التدليل على قيمة هذه الهدية ومغزاها من حيث لفت النظر إلى استمرار المسيرة الجهادية، التي تحتاج إلى إعداد القوة التي ترهب العدو.. وذلك في وقت ظن فيه بعض قاصري النظر من المسلمين أن زمن الجهاد قد انتهى، وانتفت الحاجة إلى السلاح، فباعوا أسلحتهم، حسبما تقدم.
2 ـ إن هذا النص قد تضمن إشارة إلى لزوم إعطاء الألوان والمواصفات الشكلية موقعها ودورها في الإختيار.. وإلى أن لقضية اليُمْنِ أيضاً أثرها، وأن تجاهلها وإسقاطها من الحساب أمر غير حميد، ورأي ليس بسديد ولا رشيد..
علي × في اليمن مرة أخرى:
عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب "عليه السلام" قال: دعاني رسول الله "صلى الله عليه وآله" فوجهني إلى اليمن لأصلح بينهم، فقلت له: يا رسول الله، إنهم قوم كثير، وأنا شاب حدث!!
فقال لي: يا علي، إذا صرت بأعلى عقبة فيق فناد بأعلى صوتك: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمدٌ رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقرؤكم السلام.
قال: فذهبت، فلما صرت بأعلى عقبة فيق أشرفت على اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوي، مشرعون أسنتهم، متنكبون قسيهم، شاهرون سلاحهم، فناديت بأعلى صوتي: يا شجر، يا مدر، يا ثرى، محمد "صلى الله عليه وآله" يقرؤكم السلام.
قال: فلم يبق شجرة، ولا مدرة، ولا ثرى إلا ارتجت بصوت واحد: وعلى محمد رسول الله وعليك السلام.
فاضطربت قوائم القوم، وارتعدت ركبهم، ووقع السلاح من أيديهم، وأقبلوا مسرعين، فأصلحت بينهم وانصرفت([269]).
ونقول:
إن لنا مع هذا النص وقفات هي التالية:
عقبة أفيق:
قال الفيروز آبادي: أفيق كامير، قرية بين حوران والغور، يعني: غور الأردن في أول العقبة المعروفة بعقبة أفيق التي تنزل منها إلى الغور وهي عقبة طويلة نحو ميلين([270]).
والسؤال هنا هو: إذا كان النبي "صلى الله عليه وآله" قد أرسل علياً "عليه السلام" من المدينة إلى اليمن، فإن اليمن تقع إلى الجنوب من المدينة، وعقبة أفيق تقع في الجهة الشمالية منها، لأنها بين حوران والغور، فأين هذه من تلك؟! ولا سيما مع تصريح الرواية المشار إليها آنفاً: بأنه "عليه السلام" لما صار بأعلى عقبة فيق أشرف على اليمن، فإذا هم بأسرهم مقبلون نحوه، مشرعون أسنتهم الخ..
سفير سلام:
إننا لا نملك ما يؤيد أو ينفي هذه الحادثة، التي يبدو أنها بعثة تهدف إلى الصلح بين فريقين متخاصمين، حيث قالت الفقرة الأخيرة: "فأصلحت بينهم وانصرفت". فهل هؤلاء الناس مسلمين؟!
فإن الرواية لم تذكر ذلك كما أنها لم تذكر: أنه "عليه السلام" قد دعاهم إلى الإسلام، أو أنهم هم بادروا إلى إعلان إسلامهم.. وليس فيها ما يدل على أنهم كانوا قد أرسلوا قبل ذلك إلى النبي "صلى الله عليه وآله" بطلب وساطة..
لماذا غضب أهل اليمن؟!:
إن هذه الرواية قد دلت على: أن لهم موقفاً عدائياً من مبعوث رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث إنهم جاؤوا باندفاع شديد، ومعهم أسلحتهم، وكان دفع شرهم عنه "عليه السلام" بواسطة التدخل الإلهي وبصورة إعجازية.
فلماذا يندفع الفريقان المتنازعان لمواجهة مبعوث قد جاء ليصلح بينهم؟!
ولعلك تقول: قد يكون الذين جاؤوا غاضبين، هم أحد الفريقين المتنازعين، ولعلهم اعتقدوا أن هذا المبعوث لن يقف إلى جانبهم في خصومتهم..
ويجاب: بأن الرواية قد صرحت: بأن أهل اليمن بأسرهم كانوا مقبلين نحوه مشرعين أسنتهم.. فلا يصح هذا التوجيه..
لعلها جماعة صغيرة:
هل يمكن لأهل اليمن كلهم أن يأتوا لاستقبال علي "عليها السلام" بالسلاح، ويواجهوه بالحرب؟! وهل كانت اليمن بمثابة قرية أو مدينة، تستطيع أن تخرج عن بكرة أبيها لمواجهة أحد القادمين؟!
ألا يدلنا ذلك على: أن مهمة علي "عليه السلام" هي الصلح بين جماعة صغيرة من حيث العدد، وكانت مساكنها متقاربة، ولعلها كانت في بعض نواحي اليمن.
اليمن بلد كبير:
إن الصعود إلى أعلى عقبة أفيق ـ لو قبلنا أنها كانت في اليمن ـ هل يعني الإشراف على بلاد اليمن كلها؟! وهل كانت اليمن بقعة صغيرة تظهر معالمها للصاعد إلى أعلى عقبة أفيق؟!
ألا يدل ذلك على صحة ما قلناه: من أن المطلوب كان الصلح بين جماعة من الناس كانوا يسكنون في ناحية صغيرة؟!
علي × شاب حدث:
ولا ندري بعد ذلك كله: ما معنى أن يصف علي "عليه السلام" نفسه لرسول الله "صلى الله عليه وآله": بأنه شاب حدث!!
فإن عمر علي "عليه السلام" كان في ذلك الوقت أكثر من ثلاثين عاماً.. فمتى يصح وصفه بأنه رجل كامل إذن؟! وكيف نصَّبه الله ورسوله ولياً للمؤمنين قبل وبعد هذا التاريخ في مناسبات عديدة؟!
الفصل التاسع:
علي × في بني زبيد
سرية علي × إلى بني زبيد:
وقالوا: "وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب، وخالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن، وقال: "إذا اجتمعتما فعلي الأمير، وإن افترقتما فكل واحد منكما أمير"([271]).
فاجتمعا. وبلغ عمرو بن معد يكرب مكانهما. فأقبل على جماعة من قومه([272]). فلما دنا منهما قال: دعوني حتى آتي هؤلاء القوم، فإني لم أسمَّ لأحد قط إلا هابني.
فلما دنا منهما نادى: أنا أبو ثور، وأنا عمرو بن معد يكرب.
فابتدره علي وخالد، وكلاهما يقول لصاحبه: خلني وإياه، ويفديه بأمه وأبيه.
فقال عمرو إذ سمع قولهما: العرب تُفَزَّع بي، وأراني لهؤلاء جزراً.
فانصرف عنهما.
وكان عمرو فارس العرب، مشهوراً بالشجاعة. وكان شاعراً محسناً([273]).
وقالوا أيضاً: إن رسول الله "صلى الله عليه وآله" بعث خالد بن سعيد بن العاص إلى اليمن وقال له: "إن مررت بقرية فلم تسمع أذاناً، فاسبهم".
فمر ببني زبيد، فلم يسمع أذانا، فسباهم.
فأتاه عمرو بن معد يكرب، فكلمه فيهم، فوهبهم له، فوهب له عمرو سيفه الصمصامة، فتسلمه خالد. ومدح عمرو خالداً في أبيات له([274]).
غرور عمرو بن معد يكرب:
إن عمرواً يظن: أن جميع الناس على شاكلته، من حيث حبهم للحياة، وفرقهم من الموت. ولذلك فإن مجرد تقريب احتمالات الموت إليهم يكفي في إيجاد دواعي الإبتعاد عنه لديهم، والبحث عن خيارات أخرى تجعلهم أقرب إلى السلامة والأمن..
وإذ به يفاجأ بعكس ما ظنه، فهو قد اعتاد أن يرى القادة يسعون أولاً إلى دفع الذين هم تحت أيديهم، إلى مواجهة الأخطار ودرئها عنهم، وأن يجدوا فيهم ما يغنيهم عن التعرض لها ومكابدتها..
فإن كان ثمة من خطر، فليتوجه إلى أولئك الأتباع، لأن حفظ القائد هو الأهم والأولى والأوجب..
ولكنه يرى الأمر مع هؤلاء القادمين على خلاف ما اعتاده ومارسه، فهو يسمع قادتهم، يتسابقون للتضحية بأنفسهم حباً بسلامة إخوانهم من قادة وغيرهم..
1 ـ إن غرور عمرو بنفسه، واعتماده على بعد صيته، وخوف الناس منه، قد انتهى به إلى هذا التراجع والإنكسار الذليل، دون أن يكلف نفسه عناء خوض معركة، أو بذل جهد في قتال، يعذر فيه بعد استنفاذ القوة والحيلة. بل لقد آثر رجوع الخوف والجبن، والشعور بالضعف والإنبهار بقوة الطرف الآخر. معلناً أن هؤلاء الذين يواجههم يعتبرونه جزراً..
وهذا يدل على: أن ما كان قد اكتسبه من سمعة بين العرب في الشجاعة والقتال، كانت تشوبه شائبة التزوير. ولو بالدعايات الفارغة، والتهويلات الباطلة. ولعله كان يبطش ببعض الضعفاء والجبناء، أو يغدر ببعض الآمنين من الأقوياء، أو يختلق الروايات، ويشيع الخرافات وينتج الأوهام والأباطيل، عن بطولات موهومة، وأفاعيل لم يكن لها وجود إلا في مخيلة قائليها.. ولعل كل ذلك قد كان، فقد عرف عمرو بالكذب كما سنرى..
شجعان وفرسان صنعتهم السياسة:
لقد حاول أعداء علي "عليه السلام" أن يطروا خصومه، ويعظموهم بما ليس فيهم، وأن يظهروا ميزاته الفريدة في أناس آخرين، ظناً منهم أنهم يطمسون بذلك ذكر علي "عليه السلام"، وينقصون من قدره، ويحطون من مقامه..
ولعل من أمثلة ذلك سعيهم لنسبة البطولات إلى خالد بن الوليد، وإلى الزبير بن العوام، وطلحة، وأبي دجانة، وأضرابهم من الصحابة..
بل إن إطراءهم لعنترة، ونسج القصص الخيالية حول شجاعته النادرة، لعله يدخل في هذا السياق أيضاً.. مع أن عنترة كان رجلاً عادياً جداً.. حتى لقد لخص بعضهم واقعه التاريخي بقوله عنه: إنه رجل من بني عبس يلقى الفارس أو الفارسين.
ثم اخترعوا قصص بني هلال، وقصة سيف بن ذي يزن، وقصص ذات الهمة. وفيروزشاه، وبهرام شاه، والمياسة والمقداد.. و.. و..
ويبدو أن عمرو بن معد يكرب قد حالفه الحظ في هذا المجال أيضاً حتى اعتبروه فارس العرب، وأنه مشهور بالشجاعة([275]). إلى غير ذلك من أوصاف وادعاءات.. مع أن الفضل في ذلك كله لعلي "عليه السلام"، فإن شدة بغضهم له قد دعاهم إلى إطراء غيره من المنحرفين عنه بما ليس فيهم، فصنعوا لهم الفضائل، واخترعوا لهم المواقف، وجعلوهم من صانعي المعجزات، ونسبوا إليهم الخوارق، دون ان يخافوا من غضب الله الخالق.
أسئلة لا تجد لها جواباً:
وقد ادَّعت الرواية المتقدمة: أن عمرواً انصرف عن علي "عليه السلام". فهل كان علي "عليه السلام"، وخالد بن سعيد ومن معهما يقصدون بني زبيد؟! أم كانوا يقصدون قوماً آخرين؟! أم كان القصد هو دعوة كل من يصادفونه إلى الإسلام؟!
فإن كان القصد إلى بني زبيد، فعلى أي شيء اتفقوا مع عمرو والذين جاؤوا معه حين افترقوا عنهم؟! وكيف تركوهم ينصرفون دون دعوة؟! وهل لاحقوا بقية القبيلة في مواضع أخرى؟! أم اكتفوا بما جرى؟!.
وإذا كانوا يقصدون غير بني زبيد، فلماذا تعرَّض لهما عمرو؟!، ولو أنهم هابوه، فماذا كان سيصنع بهم، هل سوف يأسرهم؟ أم أنه سيسلبهم، أم سيقتلهم؟!.
وإن كانوا يقصدون كل أحد إلى الله تعالى، فلماذا لم يبادروا إلى دعوة عمرو، ومن معه؟ ولماذا تركوهم ينصرفون عنهم، دون أن يؤدوا هذا الواجب؟!.
سبي بني زبيد:
وعن سبي بني زبيد، نقول:
1 ـ إن مجرد أن لا يسمع المسلمون أذاناً من جماعة من الناس لا يسوِّغ الإغارة عليهم، وترويعهم، فضلاً عن سبيهم.. مع ملاحظة: أن رسول الله "صلى الله عليه وآله" لم يزل يصدر أوامره لمبعوثيه بأن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم.
ومع أوامره "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" بأن لا يقاتل أحداً حتى يدعوه([276]).
كما أن ذلك لا يتناسب مع لزوم إقامة الحجة على الناس قبل التعرض لهم، ولا مع إيجاب الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فقد قال تعالى لرسوله "صلى الله عليه وآله": {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالمَوْعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ}([277])..
2 ـ أين كان عمرو بن معد يكرب الزبيدي حين سبا خالد بن سعيد بني زبيد؟! فإن كان حاضراً، فلماذا لم يدافع عنهم؟! وإن كان غائباً، فهل تغيَّظ مما جرى؟! أم أنه تلقاه بنفس راضية؟! وما هي ردة فعله لذلك؟!
النص الأوضح، والأصح والأصرح:
وبعد أن ظهرت المفارقات غير المقبولة في النصوص المتقدمة، فإن علينا أن نورد هنا النص الأصح والأوضح، ثم نشير إلى الخصوصيات الواردة فيه، وفقاً لما يقتضيه الحال، فنقول:
قالوا: لما عاد رسول الله "صلى الله عليه وآله" من تبوك إلى المدينة قدم إليه عمرو بن معدي كرب، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله": أسلم يا عمرو يؤمنك الله من الفزع الأكبر.
قال: يا محمد، وما الفزع الأكبر؟ فإني لا أفزع.
فقال: يا عمرو، إنه ليس كما تظن وتحسب، إن الناس يصاح بهم صيحة واحدة، فلا يبقى ميت إلا نشر، ولا حي إلا مات، إلا ما شاء الله، ثم يصاح بهم صيحة أخرى، فينشر من مات، ويصفون جميعاً، وتنشق السماء، وتهد الأرض، وتخر الجبال هداً، وترمي النار بمثل الجبال شرراً، فلا يبقي ذو روح إلا انخلع قلبه، وذكر ذنبه، وشغل بنفسه إلا من شاء الله، فأين أنت يا عمرو من هذا؟
قال: ألا إني أسمع أمراً عظيماً؛ فآمن بالله ورسوله، و آمن معه من قومه ناس، ورجعوا إلى قومهم.
ثم إن عمرو بن معدي كرب نظر إلى أبي بن عثعث الخثعمي، فأخذ برقبته، ثم جاء به إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال: أَعْدِني على هذا الفاجر الذي قتل والدي.
فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": أهدر الإسلام ما كان في الجاهلية، فانصرف عمرو مرتداً، فأغار على قوم من بني الحارث بن كعب، ومضى إلى قومه.
فاستدعى رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب "عليه السلام" وأمَّره على المهاجرين، وأنفذه إلى بني زبيد، وأرسل خالد بن الوليد في الأعراب وأمَّره أن يعمد لجعفي([278]). فإذا التقيا فأمير الناس أمير المؤمنين "عليه السلام".
فسار أمير المؤمنين "عليه السلام"، واستعمل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص، واستعمل خالد على مقدمته أبا موسى الأشعري.
فأما جعفي فإنها لما سمعت بالجيش افترقت فرقتين: فذهبت فرقة إلى اليمن، وانضمت الفرقة الأخرى إلى بني زبيد.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين "عليه السلام"، فكتب إلى خالد بن الوليد: أن قف حيث أدركك رسولي، فلم يقف.
فكتب إلى خالد بن سعيد بن العاص: تعرض له حتى تحبسه.
فاعترض له خالد حتى حبسه، وأدركه أمير المؤمنين "عليه السلام"، فعنفه على خلافه.
ثم سار حتى لقي بني زبيد بواد يقال له: كثير (أو كسير)، فلما رآه بنو زبيد قالوا لعمرو: كيف أنت يا أبا ثور إذا لقيك هذا الغلام القرشي فأخذ منك الإتاوة؟!
قال: سيعلم إن لقيني.
قال: وخرج عمرو فقال: من يبارز؟
فنهض إليه أمير المؤمنين "عليه السلام"، وقام إليه خالد بن سعيد وقال له: دعني يا أبا الحسن ـ بأبي أنت وأمي ـ أبارزه.
فقال له أمير المؤمنين "عليه السلام": إن كنت ترى أن لي عليك طاعة فقف مكانك، فوقف.
ثم برز إليه أمير المؤمنين "عليه السلام"، فصاح به صيحة، فانهزم عمرو، وقتل "عليه السلام" أخاه وابن أخيه، وأخذت امرأته ركانة بنت سلامة، وسبي منهم نسوان.
وانصرف أمير المؤمنين "عليه السلام"، وخلف على بني زبيد خالد بن سعيد ليقبض صدقاتهم، و يؤمن من عاد إليه من هرابهم مسلماً.
فرجع عمرو بن معدي كرب، واستأذن على خالد بن سعيد، فأذن له، فعاد إلى الإسلام، فكلمه في امرأته وولده، فوهبهم له.
وقد كان عمرو لما وقف بباب خالد بن سعيد وجد جزوراً قد نحرت، فجمع قوائمها ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعاً، وكان يسمى سيفه الصمصامة، فلما وهب خالد بن سعيد لعمرو امرأته وولده وهب له عمرو الصمصامة.
وكان أمير المؤمنين "عليه السلام" قد اصطفى من السبي جارية، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبي "صلى الله عليه وآله" وقال له: تقدم الجيش إليه، فأعلمه بما فعل علي من اصطفائه الجارية من الخمس لنفسه، وقع فيه.
فسار بريدة حتى انتهى إلى باب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلقيه عمر بن الخطاب، فسأله عن حال غزوتهم وعن الذي أقدمه، فأخبره أنه إنما جاء ليقع في علي "عليه السلام" وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه.
فقال له عمر: امض لما جئت له، فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي "عليه السلام".
فدخل بريدة على النبي "صلى الله عليه وآله" ومعه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة، فجعل يقرأه ووجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" يتغير، فقال بريدة: يا رسول الله إنك إن رخصت للناس في مثل هذا ذهب فيئهم، فقال النبي "صلى الله عليه وآله": ويحك يا بريدة، أحدثت نفاقاً؟!
إن علي بن أبي طالب "عليه السلام" يحل له من الفيء ما يحل لي، إن علي بن أبي طالب خير الناس لك ولقومك، وخير من أخلف بعدي لكافة أمتي، يا بريدة، احذر أن تبغض علياً، فيبغضك الله.
قال بريدة: فتمنيت أن الأرض انشقت لي، فسخت فيها، وقلت: أعوذ بالله من سخط الله وسخط رسول الله. يا رسول الله، استغفر لي فلن أبغض علياً أبداً، ولا أقول فيه إلا خيراً.
فاستغفر له النبي "صلى الله عليه وآله"([279]).
وفي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين "عليه السلام" وشرحه: أن عمرو بن معدي كرب خاطب علياً "عليه السلام" حين واجهه:
الآن حـين تـقـلصـت منك الكلى إذ حـر نـارك في الـوقـيـعة يسطع
والخيل لاحـقـة الأياطـل شــزب قـب الـبـطـون ثـنـيـها والأقـرع
يحملـن فرسـانـاً كـراماً في الـوغا لا يـنـكـلـون إذا الـرجال تكعكع
إنـي امـرؤ أحـمـي حمـاي بـعـزة وإذا تـكـون شـديـدة لا أجـــزع
وأنـا المـظـفـر فـي المـواطن كلها وأنـا شـهـاب في الحـوادث يلمـع
من يلقـنـي يـلـقى المـنية والردى وحيـاض مـوت لـيـس عنه مذيع
فاحذر مصاولتي وجانب موقفي إنـي لـدى الهـيـجـا أضـر وأنـفع
فأجابه "عليه السلام":
يا عمرو قد حمي الوطيس وأضرمت نـار عـلـيـك وهـاج أمـر مـفـظع
وتساقـت الأبـطـال كأس منية فـيـهـا ذراريــح وســـم مـنـقـع
فـإلـيـك عني لا ينـالك مخلبي فتـكـون كالأمـس الذي لا يرجع
إنـي امـرؤ أحمـي حمـاي بعـزة والله يـخـفـض مـن يشـاء ويرفع
إنـي إلى قصـد الهـدى وسبيله وإلـى شـرايـع ديـنـــه أتـســـرع
ورضـيـت بالقرآن وحياً منزلاً وبـربـنـا ربـــا يــضـــر ويـنـفع
فـيـنـا رسـول الله أيد بالهدى فـلـواؤه حـتى الـقـيـامة يلـمـع([280])
ونقول:
إن المقارنة بين هذه الرواية، والروايات التي ذكرناها فيما سبق يظهر مدى انسجام هذه، ومدى ما نال تلك من تزوير وتحوير، هروباً من الإقرار ببعض الحقائق، وسعياً في طمس ما لا يروق لهم ظهوره، ولا تذوق أعينهم طعم النوم حين يسطع نوره.
ومهما يكن من أمر، فإننا نحب لفت النظر إلى ما يلي:
عمرو يرتد في عهد النبي ':
لقد صرحت الروايات المتقدمة: بأن عمرواً ارتد بعد وفاة النبي "صلى الله عليه وآله"([281]).
ولكن هذه الرواية تقول: إنه ارتد عن الإسلام في عهد رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حين لم يرض رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالإقتصاص له من قاتل أبيه، لأنه قتله قبل أن يسلم، وقد محا الإسلام ما كان قبله.
ولو أنه "صلى الله عليه وآله" قبل من عمرو ما طلبه منه، فقد كان يجب أن يقتل عمرواً نفسه بالذين كان قد قتلهم قبل إسلامه..
علي × على المهاجرين، وخالد على الأعراب:
قد صرحت الرواية: بأن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمَّر علياً "عليه السلام" على المهاجرين، وأمَّر خالد بن الوليد على الأعراب.. وهذا يتضمن إشارة لطيفة، لا تخفى على الأريب الخبير، والناقد البصير.
ويتأكد لنا مضمون هذه الإشارة حين نقرأ: أن علياً "عليه السلام" قد جعل على مقدمته خالد بن سعيد بن العاص. أما خالد بن الوليد فجعل على مقدمته أبا موسى الأشعري.
وشتان ما بين هذين الرجلين، فأبو موسى الأشعري هو الذي قعد بأهل الكوفة عن جهاد الناكثين([282]).
وكان علي "عليه السلام" يلعنه مع جماعة آخرين في صلاة الفجر والمغرب([283]).
وهو جاثليق هذه الأمة([284]).
وهو الذي سلَّم على معاوية فقال: السلام عليك يا أمين الله([285]).
وهو الذي قال له الأشتر: إنك من المنافقين قديماً([286]).
وقال عنه حذيفة: أشهد أنه عدو لله ولرسوله، وحرب لهما في الحياة الدنيا، ويوم يقوم الأشهاد، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم، ولهم اللعنة، ولهم سوء الدار([287]).
وكان حذيفة عارفاً بالمنافقين، أسرَّ إليه النبي "صلى الله عليه وآله" أمرهم، وأعلمه أسماءهم([288]).
وكان أبو موسى في جملة الذين نفروا برسول الله "صلى الله عليه وآله" ناقته ليلة العقبة ليقتلوه([289]).
وهو أحد الحكمين الذين يحكمان في هذه الأمة، وقد ضلا وأضلا([290]).
وهو سامري هذه الأمة([291])..
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه..
ولكن خالد بن سعيد بن العاص له مسار آخر، فهو أول من قام إلى أبي بكر وقال له: إتق الله، وانظر ما تقدم لعلي بن أبي طالب "عليه السلام".
ثم ذكره بقول النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" يوم بني قريظة: إن علي بن أبي طالب "عليه السلام" إمامكم من بعدي، وخليفتي فيكم الخ..
ثم إنه تصدى لعمر بن الخطاب حين جاء متهدداً، ومعه ألفا رجل.. وشكر له علي "عليه السلام" ذلك([292]).
وقد امتنع عن بيعة إبي بكر أياماً، وقال لبني هاشم في هذه المناسبة: إنكم الطوال الشجر، الطيب الثمر.
وقد اضطغنها عليه عمر، فلم يدع أبا بكر حتى عزله عن ولاية الجند الذي استنفر إلى الشام([293]).
إلى غير ذلك من مواقف وحالات له، تنم عن صحة رويته، وحسن طويته، وسلامة دينه، ورسوخ يقينه، فراجع([294]).
ولنا ملاحظة أخرى هنا مفادها: أن اختيار المهاجرين ليكونوا سرية لإخضاع عمرو بن معد يكرب الزبيدي المرتد عن الإسلام يراد به: الإيحاء بأن عليه أن لا يتوهم بأن أحداً في الجزيرة العربية قادر على مساعدته، أو أنه سوف يتعاطف معه، فإن الذين كانوا أكثر الناس حرصاً على هدم الإسلام قد أصبحوا أنصاره، والعاملين على معاقبة من يجترئ عليه.. وهم أهل مكة بالذات..
إلا من شاء الله:
وقد لاحظنا: إنه "صلى الله عليه وآله" حين ذكر الصيحة الأولى، وما ينشأ عنها من أمور هائلة، مثل موت الأحياء، وإحياء الأموات. استثنى من الجملة الأخيرة، بقوله: "إلا ما شاءالله".
فعبّر بكلمة "ما" التي تستعمل، ويراد بها غالباً غير العقلاء، فلعل المراد: الإستثناء لبعض الأموات من غير البشر، من حشرات، أو طيور، أو حيوانات لا يترتب على إحيائها أثر..
ولكنه "صلى الله عليه وآله" حين ذكر الصيحة الثانية، التي تنشر بها الأموات، وترمي النار بمثل الجبال شرراً، فلا يبقى ذو روح إلا انخلع قلبه، وذَكر ذنبه، وشُغل بنفسه. استثنى من ذلك فقال: "إلا من شاء الله". مستفيداً من كلمة "من" التي تستعمل غالباً للتعبير عن العقلاء، حيث يبدو أنه أراد أن يستثني أنبياء الله وأوصيائهم من هؤلاء الذين تنخلع قلوبهم، وتشغلهم ذنوبهم، إذ ليس لدى هؤلاء ذنوب يذكرونها، ولا ما يوجب انشغالهم بأنفسهم..
عدوانية عمرو بن معد يكرب:
وقد صرح النص المتقدم: أن عمرواً حين انصرف مرتداً عن الإسلام أغار على قوم من بني الحارث بن كعب، ومضى إلى قومه..
وذلك يشير إلى: وقاحةٍ وجرأةٍ على الدماء، وإلى الإستهانة بكرامات الناس، والطمع بأموالهم وأعراضهم، بشكل يوجب المبادرة إلى وضع حد له بصراحة وحزم. وهذا ما فعله رسول الله "صلى الله عليه وآله"، حيث أرسل علياً "عليه السلام" للقيام بذلك كما سبق..
طغيان خالد:
وقد لوحظ: أن خالداً قد تمرد على أمر أمير المؤمنين "عليه السلام"، وأظهر أنه إنسان غير منضبط، فعامله علي "عليه السلام" بالحزم والحكمة، حين أرسل إليه خالد بن سعيد بن العاص، الذي لا يستطيع خالد مناوأته لموقعه ومكانته في قريش، فحبسه.. فلما أدركه أمير المؤمنين عنفه على خلافه..
وهذا يدلنا على: أن ما جعله النبي "صلى الله عليه وآله" لعلي "عليه السلام" كان أوسع من مجرد جعل الإمارة له حين يلتقي بخالد.. بل كان خالد مأموراً بطاعته، وبتنفيذ أوامره أينما كان، سواء التقيا أو افترقا..
ولو لم يكن الأمر كذلك، فإن خالداً سوف يشتكي علياً "عليه السلام" إلى النبي "صلى الله عليه وآله".. ويعتبره متعدياً عليه، وظالماً له. ولابد أن نتوقع منه: أن يقدم على معاندة خالد بن سعيد، والإحتجاج على علي "عليه السلام"، ولو بأن يقول: إنه لم يؤمر بطاعته، وسيقول للناس: إن علياً "عليه السلام" يظلمه بهذا التعنيف، وإنه لا يحق له أن يفرض عليه تنفيذ أمره.
ولكن خالداً لم يفعل شيئاً من ذلك، ولم يعترض، ولم يشك، ولا اعتذر بأنه لم يكن يعلم بأن عليه أن يطيع أوامر علي "عليه السلام" ولا غير ذلك مما ذكرناه..
هزيمة عمرو، وسبي نسائه!!
وقد صرحت الرواية المتقدمة: بأنه رغم أن قوم عمرو بن معد يكرب، قد حاولوا إثارة حفيظته بقولهم: لعل هذا الوافد يجبره على دفع الإتاوة له، مع وصفهم لذلك الوافد بكلمة "الغلام"، المشعرة بتميّز عمرو عليه بالسن، وبالتجربة، وبالموقعية، وما إلى ذلك..
ثم وصفوا هذا الغلام بـ "القرشي" ليشعر ذلك بغربته، وبالإختلاف معه في العدنانية والقحطانية، وفي طبيعة الحياة، فإن هذا الوافد حضري، يفترض أن تكون حياته أقرب إلى الراحة والسعة والرفاه، أما عمرو وقومه، فإنهم يعيشون حياة البداوة والخشونة، ويدَّعون لأنفسهم الإمتياز بالقدرة على تحمل المكاره ومواجهة الصعاب والإعتزاز بالشجاعة وبالفروسية وما إلى ذلك..
ولكن كل ذلك لم ينفع، بل هو قد زاد من مرارة الهزيمة التي حلت بعمرو، ومما زاد في خزي عمرو أن هزيمته قد جاءت بعد أن استعرض قوته أمام الملأ، قائلاً: من يبارز؟
وكان يرى أن الناس يهابونه، وأنه يكفي أن يذكر لهم اسمه حتى تتبدل أحوالهم، ويتخذون سبيل الإنسحاب من ساحة المواجهة، بكل حيلة ووسيلة، وإذ به يرى أن هؤلاء يتنافسون على مبارزته، وعلى سفك دمه.
وكان الأخطر والأمرّ، والأشر والأضر هو: هزيمة عمرو أمام نفس هذا الغلام القرشي من مجرد صيحة صدرت منه، دون أن يلوح له بسيف، أو يشرع في وجهه رمحاً!!
فما هذه الفضيحة النكراء، والداهية الدهياء؟!
ثم كان الأخزى من ذلك، والأمضّ ألماً، والأعظم ذلاً أن يقتل هذا الغلام القرشيّ على حد تعبيرهم أخا عمرو وابن أخيه، ويسبي ريحانة بنت سلامة زوجة عمرو، بالإضافة إلى نساء أخريات.
ثم انصرف أمير المؤمنين "عليه السلام" مطمئناً إلى عدم جرأة عمرو وغيره على القيام بأية مبادرة تجاه خالد بن سعيد، الذي أبقاه علي "عليه السلام" في بني زبيد أنفسهم، ليقبض صدقاتهم، ويؤمِّن من عاد إليه من هُرّابهم مسلماً.
استجداء عمرو.. وأريحية خالد!!:
وتواجهنا مفارقة هنا، وهي: أن عمرو بن معد يكرب جاء إلى خالد بن سعيد بن العاص الذي خلّفه علي "عليه السلام" في بني زبيد، فأظهر عودته إلى الإسلام، ثم كلّمه في امرأته وولده، فوهبهم له.
ولكن هذا المستكبر المغرور بنفسه بالأمس، والذي جرَّ على نفسه هذه الهزيمة الفضيحة، وكان سبباً في قتل أخيه، وابن أخيه، ثم في سبي زوجته وولده.. لا لشيء إلا لأجل أن الرسول الأعظم "صلى الله عليه وآله" لم يجب طلباً ظالماً رفعه إليه..
إن هذا الرجل بالذات يتراجع عن موقفه، ويستعطف ذلك الذي خلَّفه ابن عم الرسول "صلى الله عليه وآله" في قوم عمرو بن معد يكرب نفسه ليجبي صدقاتهم، ويؤمِّن من عاد إليه من هرّابهم مسلماً..
وقد كان هذا الرجل في غنى عن هذا الإستعطاف هنا، وعن الإستكبار هناك..
والأغرب من ذلك: أن نجده حتى حين يرى نفسه بحاجة إلى الإستعطاف والخضوع، ويمارسه، لا يتخلى عن العنجهية والغرور، وحب الظهور، وإثبات الذات، وإظهار القوة بغباوة وحمق. فإنه لما وقف على باب خالد وجد جزوراً قد نحرت، فجمع قوائمها، ثم ضربها بسيفه فقطعها جميعاً..
ثم وهب سيفه الذي كان يسميه بالصمصامة لخالد بن سعيد، إمعاناً منه في ادِّعاء الشدة، والقوة لنفسه..
وذلك كله يجعلنا نقول:
لقد صدق من وصفه: بأنه "مائق بني زبيد"([295]).
فإن المائق هو: الأحمق في غباء، أو الهالك حمقاً وغباوة([296]).
بريدة يشكو علياً × إلى رسول الله ':
وقد ذكرت الرواية المتقدمة حديث شكوى بريدة علياً "عليه السلام" إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" بطلب من خالد، وبتحريض من عمر بن الخطاب، وقد غضب رسول الله "صلى الله عليه وآله" من ذلك، وقد تقدم الحديث عن هذه الرواية فلا نعيد.
ماذا عن عمرو بن معد يكرب؟!:
ثم إننا لا نريد أن نؤرخ هنا لعمرو بن معد يكرب الزبيدي، غير أننا نشير إلى لمحات قد تفيد في توضيح سبب تعظيمهم لهذا الرجل، وتأكيدهم على شجاعته، فنقول:
إن من أهم أسباب ذلك هو مشاركته في فتوح الشام والعراق، كما تظهره كتب التراجم([297]).
كما أن ابن عساكر قد ذكر مفردات كثيرة، تفيد في وضوح حجم مشاركته لهم في تلك الفتوحات العزيزة على قلوبهم([298])، حيث قالوا: إن هذا الرجل قد شارك في عامة الفتوح بالعراق([299])، وكانت أكثر فتوحات العجم على يديه([300])..
وقد كتب عمر بن الخطاب إلى قائده النعمان بن مقرن: استشر واستعن في حربك طليحة، وعمرو بن معد يكرب، ولا تولهما من الأمر شيئاً، فإن كل صانع هو أعلم بصناعته([301]).
وكان عمر إذا رأى عمرو بن معد يكرب قال: "الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمرواً"([302]).
وكتب عمر إلى سعد: إني أمددتك بألفي رجل، عمرو بن معد يكرب، وطليحة بن خويلد([303]).
مع أن كلا الرجلين كان قد أسلم ثم ارتد، فراجع ترجمتهما([304]).
قالوا: "ومع مبارزته جذبه أمير المؤمنين "عليه السلام" والمنديل في عنقه حتى أسلم"([305]).
ولأجل ذلك نجده لا يجرؤ على إظهار نفسه في مقابل علي "عليه السلام"، فكان كثيراً ما يسأل عن غاراته، فيقول: قد محا سيف علي الصنائع([306]).
والصنيع: هو السيف الصقيل المجرب([307]).
وقد نجد مبررات كثيرة للشك فيما يزعمونه له من شجاعة وإقدام، لا سيما وأنه بعد ارتداده أسره المهاجر بن أبي أمية، وأرسله إلى أبي بكر([308]).
وتقدم: أن خالد بن سعيد بن العاص سبى وأسر بني زبيد، وهم قوم عمرو بن معد يكرب ولم يصنع عمرو شيئاً.
والصحيح: أن الذين سباهم هو علي "عليه السلام" كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
كذب عمرو بن معد يكرب:
ويبدو لنا: أن ما يذكرونه عن بطولات عمرو بن معد يكرب قبل إسلامه، لا يعدو أن يكون روايات من نسج خيال عمرو نفسه، فقد عرف عنه: أنه كان يكذب.
فقد رووا: أنه كان يحدث بحديث، فقال فيه: لقيت في الجاهلية خالد بن الصقعب، فضربته وقدوته، وخالد في الحلقة.
فقال له رجل: إن خالداً في الحلقة.
فقال له: أسكت يا سيء الأدب، إنما أنت مُحدَّث، فاسمع أو فقم.
ومضى في حديثه، ولم يقطعه، فقال له رجل: أنت شجاع في الحرب والكذب معاً.
قال: كذلك أنا تام الآلات([309]).
الفصل العاشر:
معاذ وأبو موسى في اليمن
بعث معاذ، وأبي موسى الأشعري إلى اليمن:
عن أبي بردة مرسلاً، وعن أبي موسى الأشعري قال: أقبلت إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومعي رجلان من الأشعريين. أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي. كلاهما يسأل العمل والنبي "صلى الله عليه وآله" يستاك.
فقال: "ما تقول يا أبا موسى"؟
أو قال: "يا عبد الله بن قيس"؟
قال: فقلت: والذي بعثك بالحق، ما أطلعاني على ما في نفسيهما وما شعرت أنهما يطلبان العمل.
قال: فكأني أنظر إلى سواكه تحت شفتيه وقد قلصت.
قال: "لن يستعمل على عملنا من يريده، ولكن اذهب أنت يا أبا موسى".
أو قال: "يا عبد الله بن قيس".
قال أبو موسى: فبعثني رسول الله "صلى الله عليه وآله" ومعاذاً إلى اليمن.
قال أبو بريد ة: بعث كل منهما على مخلافه.
قال: واليمن مخلافان، وكانت جهة معاذ العليا وجهة أبي موسى السفلى.
قال أبو موسى: فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله": "ادعوا الناس، وبشرا ولا تنفرا، ويسرا ولا تعسرا، وتطاوعا ولا تختلفا".
قال أبو موسى: يا رسول الله، أفتنا في شرابين كنا نصنعهما باليمن.
قال: البتع وهو من العسل ينبذ ثم يشتد، والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ ثم يشتد.
قال: وكان رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد أعطي جوامع الكلم وخواتمه.
قال: "أنهى عن كل مسكر أسكر عن الصلاة"([310]).
وفي رواية: فقال: "كل مسكر حرام"([311]).
قال: فقدمنا اليمن، وكان لكل واحد منا قبة نزلها على حدة.
قال أبو بردة: فانطلق كل واحد منهما إلى عمله، وكان كل واحد منهما إذا سار في أرضه، وكان قريباً من صاحبه أحدث به عهداً، فسلم عليه.
فسار معاذ في أرضه قريباً من صاحبه أبي موسى، فجاء يسير على بغلته حتى انتهى إليه، فإذا هو جالس وقد اجتمع إليه الناس، وإذا رجل عنده قد جمعت يداه إلى عنقه، فقال له معاذ: يا عبد الله بن قيس، أيَّمَ هذا؟
قال: هذا يهودي كفر بعد إسلامه، انزل. وألقى له وسادة.
فقال: لا أنزل حتى يقتل.
فأمر به فقتل.
قال: إنما جيء به لذلك، فانزل.
ثم نزل، فقال: يا عبد الله، كيف تقرأ القرآن؟
قال: "أتفوَّقه تفوُّقاً.
قال: فكيف تقرأ أنت يا معاذ؟
قال: أنام أول الليل، فأقوم وقد قضيت جزئي من النوم، فأقرأ ما كتب الله لي، فأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي"([312]).
وعن ابن عباس قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله" لمعاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن: "إنك ستأتي قوماً من أهل الكتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا ألا اله الا الله، وأن محمداً رسول الله.
فإن هم أطاعوا لك بذاك، فأخبرهم أن الله عز وجل قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة.
فإن هم أطاعوا لك بذلك، فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم.
فإن هم أطاعوا لك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب"([313]).
عن عمرو بن ميمون: أن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح، فقرأ سورة النساء، فلما قرأ: {وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً}([314])، قال رجل من القوم: لقد قرت عين أم إبراهيم([315]).
ونقول:
إن مما لا شك فيه أن اليمن بلاد واسعة، وفيها سكان منتشرون في مخاليفها، ولابد من دعوتهم جميعاً إلى دين الله، وإبلاغهم كلمة الحق والهدى.. فيحتاج الأمر إلى نشر الدعاة، وبث الموفدين في كل اتجاه، ولذلك تعددت الوفود، وكثر المبعوثون إليها.. ولعل معاذ بن جبل، وأبا موسى الأشعري كانا في جملة هؤلاء.
وقد صرحت الرواية: بأنه "صلى الله عليه وآله" قد بعث كلاً منهما على مخلافه.
ولكن تبقى لنا على هذه الروايات مؤاخذات، وإيضاحات نذكرها على النحو التالي:
ترديدات تثير الشبهة:
إذا كان أبو موسى متردداً في كلا المرتين فيما خاطبه به رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فلا يدري هل قال له: "يا عبد الله بن قيس"، أو قال له: "يا أبا موسى"، فكيف نطمئن إلى أنه قد حفظ بالفعل سائر أقوال النبي "صلى الله عليه وآله" بهذه الدقة، حتى أنه لم يتردد في أية كلمة منها؟! بل هو يحفظ ويصف لنا سواكه "صلى الله عليه وآله" تحت شفتيه، وقد قلصت!!
اليمن مخلافان:
تقول الرواية: إن اليمن مخلافان، الأعلى والأسفل، وتقول: كان كل من معاذ وأبي موسى يسير في أرضه، فإذا كان قريباً من صاحبه أحدث به عهداً، فسلم عليه..
وتقول: إنه كان لكل واحد منهما قبة نزلها على حدة.
فظاهر الرواية هو: أنهما كانا في موضعين متجاورين، وأن قبتيهما كانتا متقاربتين، والسؤال هو:
أولاً: إن اليمن بلاد شاسعة تعد بعشرات الألوف من الكيلومترات المربعة، وليست مجرد قطعتي أرض متجاورتين، يسير فيهما الراكب جيئة وذهاباً، ويتفقدهما كما يتفقد كرمه أو بستانه، أو جبلاً، أو سهلاً فسيحاً، يعيش فيه.
ثانياً: إذ كانا قريبين إلى هذا الحد، فلماذا ضربا لأنفسهما قبتين على حدة، فلتكن لهما قبة واحدة، وهذا ينطلق إلى مخلافة في الجهة العليا، والآخر ينطلق إلى مخلافه في الجهة السفلى..
تطاوعا ولا تختلفا:
وقد ذكرت الرواية قول النبي "صلى الله عليه وآله" لهما: تطاوعا ولا تختلفا.
ونقول:
إذا كانت بلاد اليمن مخلافين، وكان "صلى الله عليه وآله" قد عين كل واحد منهما في مخلاف، ولم يكن لأحدهما أي علاقة بعمل الآخر، فلا معنى لأن يختلفا، أو أن يتفقا في شيء..
إلا أن يكون المقصود هو تحذيرهما من الإختلاف، وهما في الطريق إلى اليمن، حيث شاءت الصدف أن يسيرا إلى تسلم مهمتيهما في وقت واحد. وصادف أن سلكا طريقاً واحداً.
قتل اليهودي:
وقد ذكرت الرواية: أن معاذاً لم يرض بالنزول حتى قتلوا اليهودي الذي أسلم ثم ارتد.
ونحن نشك في صحة ذلك، فإنه "صلى الله عليه وآله" إنما بعثهما إلى اليمن دعاة لا حكاماً، ولم يكن الإسلام قد فشا في تلك البلاد، ولا كان بإمكان مبعوثي النبي "صلى الله عليه وآله" أن يقتلا يهودياً أسلم ثم ارتد، مع ملاحظة كثرة اليهود في ذلك البلد.
أبو موسى التقي الورع:
وقد ذكرنا عن قريب بعض ما يرتبط بأبي موسى، وأنه جاثليق هذه الأمة وسامريّها، إلى غير ذلك من أمور تدل على سوء العلاقة بينه وبين ربه، وبينه وبين أهل بيت نبيه الأعظم "صلى الله عليه وآله". حتى إن علياً "عليه السلام" كان يقنت في الصبح والمغرب بلعنه مع جماعة آخرين إلى أمور كثيرة لا نرى حاجة لإعادتها..
غير أن هؤلاء يظهرون هذا الرجل بالذات على أنه من أتقى الناس، وأن العلم انتهى إلى ستة هو أحدهم، وأن القضاء إلى أربعة هو أحدهم أيضاً، ثم يذكرون هنا قراءته للقرآن هو ومعاذ.. فتبارك الله الخالق والبارئ الذي مسخ أقواماً فجعل منهم القردة والخنازير، ثم إن هؤلاء يمسخون أبا موسى فيجعلونه من الأتقياء، وأعلم العلماء بعد أن كان على الضد من ذلك.
هنات تجعل فضيلة لمعاذ:
ولهم في معاذ مبالغات، تزيد على مبالغاتهم في أبي موسى الأشعري كما يعلم بالمراجعة.
وقد زعموا هنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" قد كتب لمعاذ بن جبل، وهو في اليمن: "إني عرفت بلاءك في الدين، والذي ذهب من مالك حتى ركبك الدين، وقد طيبت لك الهدية، فإن أهدي لك شيء فاقبل"([316]).
وقد زعموا: أن السبب في هذا السماح هو: أن معاذاً كان رجلاً سمحاً، فركبه الدين، فلزمه غرماؤه، حتى تغيب عنهم أياماً في بيته، فأرسله رسول الله "صلى الله عليه وآله" إلى اليمن، وقال له: لعل الله يجبرك، ويؤدي عنك([317]).
قال عمر: "وكان أول من اتجر في مال الله هو، فمكث حتى أصاب، وحتى قبض رسول الله "صلى الله عليه وآله".
فلما قدم قال عمر لأبي بكر: أرسل إلى هذا الرجل فدع له ما يعيشه، وخذ سائره منه.
فقال أبو بكر: إنما بعثه رسول الله "صلى الله عليه وآله" ليجبره. ولست بآخذ منه شيئاً إلا أن يعطيني.
فانطلق عمر إلى معاذ، فذكر ذلك له، فقال معاذ: إنما أرسلني النبي "صلى الله عليه وآله" ليجبرني، ولست بفاعل.
ثم أتى معاذ عمر، فقال: قد أطعتك، وأنا فاعل ما أمرتني به، فإني رأيت في المنام أني في حومة ماء قد خشيت الغرق، فخلصتني منه يا عمر الخ..([318]).
ونقول:
أولاً: لو سلمنا أن حديث جبر معاذ بإرساله إلى اليمن قد صدر عن النبي "صلى الله عليه وآله"، ولم يسمعه عمر، وسمعه أبو بكر ومعاذ، فالسؤال هو: لماذا لم يصدق عمر معاذاً ولا أبا بكر في ذلك؟! بل بقى متردداً أو شاكاً!!
ثانياً: إن العسقلاني يذكر مضمون الكتاب الذي يزعمون أن النبي "صلى الله عليه وآله" أرسله إلى معاذ في اليمن، يطيِّب له فيه الهدية ـ يذكره ـ على أنه من قول النبي "صلى الله عليه وآله" لمعاذ حين أرسله إلى اليمن، لا أنه كتاب أرسله إليه في اليمن!!([319]).
ثالثاً: هل كان النبي "صلى الله عليه وآله" يبعث كل من ركبه الدين، أو وزعت أمواله على دائنيه إلى بلد من البلاد، ليكون والياً عليها، مستفيداً من هدايا أهله؟!
وهل حصل مثل هذا الذي حصل لمعاذ لأي واحد من أولئك الذين ولاهم النبي "صلى الله عليه وآله" بلداً، أو مخلافاً وما أكثرهم؟!.
وهل سمح له حين خلّفه في مكة مع عتّاب بن أسيد بأن يقبل الهدية من أهلها، ليجبره بذلك أيضاً.
رابعاً: ذكروا: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يرسل معاذاً والياً على البلاد والعباد، وإنما أرسله ليكون مجرد قاض للجند، ويعلم الناس القرآن، وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، ويقبض الصدقات من عمال رسول الله "صلى الله عليه وآله"، لأنه "صلى الله عليه وآله" قد قسم اليمن على خمسة، وهم: المهاجر بن أبي أمية على كندة، وخالد بن سعيد على صنعاء، وزياد بن لبيد على حضرموت، ومعاذ على الجند، والأشعري على عدن، وزبيد وزمعة والساحل([320]).
فإن كانت الهدية تحرم على الولاة كما في الروايات([321])، فإن معاذاً لا ولاية له، وإن كانت تحرم على القضاة، فإن حرمتها ليست قابلة للرفع، لأنها تؤثر على سلامة القضاء، وتؤدي إلى التهمة في الأحكام. وإن كان قضاؤه خاصاً بالجند، وليس والياً على الناس، فلا حاجة إلى إحلال الهدية له، لأن الهدية تكون حلالاً له بصورة طبيعية.
خامساً: إذا كان "صلى الله عليه وآله" قد سمح لمعاذ بقبول الهدية، فلماذا تجاوز ذلك، واتّجر في مال الله أيضاً؟!([322]).
ولعل الحقيقة هي: أن هذا الرجل قد عدا على مال الله تعالى، فاكتنزه لنفسه، فحاولوا التستر عليه بافتعال هذا الكتاب، وتلك المناسبة.. وقد
أرادوا بذلك مكافأته على مواقفه المؤيدة لسياستهم، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى..
معاذ في ميزان السياسة:
إن تعظيم هؤلاء وتفخيمهم لمعاذ يفوق حد التصور، ويكفي أن نذكر أنه عندهم "أعلم الأولين والآخرين، بعد النبيين والمرسلين، وإن الله ليباهي به الملائكة"([323]).
سر تعظيم معاذ بن جبل:
قد قرأنا في النص المتقدم الحديث الذي يذكر شدة معاذ بن جبل على اليهودي الذي أسلم ثم ارتد حتى إنه لم ينزل إليهم حتى قتلوه..
ثم قرأنا فيه أيضاً.. حديثه عن نفسه حول قراءة القرآن، ليدلل بذلك على شدة التزامه بخط التقوى، ومواظبته على الأمور العبادية..
غير أننا نقول:
ليت شدة معاذ كانت قد اقتصرت على ذلك اليهودي، ولم تتجاوزه إلى أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، حيث شارك معاذ في الهجوم على بيت الزهراء "عليها السلام" فور وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وفي بعض الروايات: أنه كان على ألف من المقاتلين حين البيعة لأبي بكر وهاجموا علياً "عليه السلام" وأصحابه في المسجد([324]).
ورووا: أنه كان من أصحاب الصحيفة التي تعهد كاتبوها بإزالة الإمامة عن علي "عليه السلام"([325])
وروي: أنه حين احتضاره كان يدعو بالويل والبثور، لممالأته على علي "عليه السلام" خصوصاً بعد وفاة رسول الله "صلى الله عليه وآله"([326]).
وكان مع الذين شهروا سيوفهم وأخرجوا أبا بكر، وأصعدوه منبر رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وتهددوا من يعارضهم بالقتل([327]).
ولأجل ذلك تمنى عمر بن الخطاب: لو كان معاذ حياً لاستخلفه([328]).
معاذ بن جبل لم يتول مخلافاً:
إن الروايات تنص على: أن معاذاً كان أميراً على الجند فقط، وأما أبو موسى فكان أميراً على عدن، وزبيد، والساحل، فلم يكن إذن معاذ أميراً على أي من مخاليف اليمن، لا الأعلى ولا الأسفل، ولا غير ذلك([329]).
سرية قطبة بن عامر إلى حي من خثعم:
قالوا: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" قطبة بن عامر بن حديدة في عشرين رجلاً إلى [حي من] خثعم ـ قريباً من تربة على يومين من مكة، قال محمد بن عمر: بناحية تبالة، وقال ابن سعد: بناحية بيشة ـ وأمره أن يشن الغارة عليهم، فخرجوا على عشرة أبعرة يعتقبونها. فأخذوا رجلاً، فسألوه، فاستعجم عليهم ـ أي سكت ولم يعلمهم ـ وجعل يصيح بالحاضر([330])، ويحذرهم، فضربوا عنقه.
ثم أمهلوا حتى نام الحاضر، فشنوا عليهم الغارة، فخرج إليهم رجال الحاضر، فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى كثر الجراح في الفريقين جميعاً، وجاء الخثعميون الدَّهم (أي العدد الكثير)، فحال بينهم سيل أتي، فما قدر رجل واحد منهم يمضي حتى أتى قطبة على أهل الحاضر، وقتل قطبة من قتل منهم، وساقوا النعم، والشاء، والنساء إلى المدينة.
وكانت سهمانهم أربعة [أبعرة]. والبعير يعدل بعشر من الغنم، بعد أن أخرج الخمس، وكان ذلك في صفر سنة تسع([331]).
ونقول:
1 ـ قال ياقوت: بيشة: من عمل مكة مما يلي اليمن، من مكة على خمس مراحل، وبها من النخل والفسيل شيء كثير، وفي وادي بيشة موضع مشجر كثير الأسد([332]).
2 ـ تبالة بالفتح، قيل: تبالة التي جاء ذكرها في كتاب مسلم بن الحجاج: موضع ببلاد اليمن، وأظنها غير تبالة الحجاج بن يوسف، فإن تبالة الحجاج بلدة مشهورة من أرض تهامة في طريق اليمن،، وأسلم أهل تبالة وجرش من غير حرب، فأقرهما رسول الله "صلى الله عليه وآله" في أيدي أهلهما على ما أسلموا([333]).
3 ـ إن الإقتصار على عشرين رجلاً في تلك السرية يشير إلى أنها لم تكن سرية قتال، بل سرية دعوة إلى الله تبارك وتعالى. لاسيما مع ملاحظة بُعد المسافة بين المدينة، وبين الموضع الذي تقصده تلك السرية، فإن عشرين رجلاً لا يمكنهم مواجهة المئات من المقاتلين الذين يعيشون في أوطانهم، وكل وسائل العيش متوفرة لهم، مع معرفتهم التامة بمسالك المنطقة، وشعابها، ومواضع الماء والكلاء فيها..
أما أفراد السرية فهم قليلو العدد، ولا يتوفر لهم شيء من ذلك، ولن يكونوا قادرين على مواجهة العشرات من المقاتلين في مثل هذه الظروف الصعبة، ولا يمكنهم الحصول على المدد، وليس لديهم ما يكفي من العدة والعدد، لو أراد الخثعميون ملاحقتهم بالقتال. وسيكونون عرضة للمهالك والأخطار.
4 ـ إن النبي "صلى الله عليه وآله" لا يبدأ أحداً بقتال قبل الدعوة، وإقامة الحجة، واتخاذه المدعوين موقف المعاند والمحارب. فكيف ينسب إليه أنه يُغِير على الآمنين، أو يأمر بالإغارة عليهم إذا لم يكونوا محاربين.
ولم يظهر لنا مما في أيدينا من نصوص: أنه "صلى الله عليه وآله" سبق ودعا خثعماً إلى الإسلام، أو أن هذه القبيلة البعيدة عنه هذه المسافات قد أعلنت حربها عليه، أو اعتدت عليه أو أغارت على أطرافه..
فما معنى: أن يأمر "صلى الله عليه وآله" قطبة بن عامر بالإغارة عليهم.
5 ـ إن النص المتقدم قد صرح: بأن قطبة بن عامر حين شن الغارة على خثعم اقتتلوا قتالاً شديداً، فقتل قطبة منهم من قتل. وساق النعم والشاء والنساء إلى المدينة..
وسؤالنا هو:
إن المفروض هو: أن الجراح قد كثرت في الفريقين، فما معنى ادِّعاء: أن قطبة قد قتل من قتل منهم ـ بل لقد قال الواقدي: حتى أتى قطبة على أهل الحاضر ـ ومعنى هذا: أنه استأصلهم عن بكرة أبيهم، فهل تفرَّد قطبة بقتل أهل الحاضر دون سائر من معه؟! ولماذا لم يستطع أحد من العشرين الآخرين، الذين كانوا معه أن يقتلوا أحداً من أهل الحاضر، بل اكتفوا بجرحهم؟!..
ولماذا لم يُقتل أحد من العشرين، بل كثرت الجراح فيهم كما كثرت الجراح في أهل الحاضر؟!
وإذا كان السيل قد حال بين الذين جاؤوا لنجدة أهل الحاضر وبين المغيرين، فقد كان بإمكانهم أن يلاحقوهم بعد ذلك، وحين يتمكنون من تجاوز السيل ولو بعد يوم أو يومين، فإن سير الأثقال، إذا كان فيها الإبل، والشاء، والأطفال، والنساء سيكون بطيئاً وثقيلاً.. وسوف يتوزع الفرسان العشرون حولها لحمايتها وحفظها من التشتت والضياع.. وسيحتاج وصولهم إلى المدينة إلى ضعف الوقت الذي يحتاجونه لو لم تكن هذه الأمور معهم.
سرية علقمة إلى ساحل جدة:
قال ابن سعد: في شهر ربيع الآخر [سنة تسع] ([334]).
وقال محمد بن عمر الأسلمي، والحاكم: في صفر بلغ رسول الله "صلى الله عليه وآله" ـ حسب نص ابن سعد ـ أن ناساً من الحبشة تراآهم أهل الشعيبة في ساحل جدة، بناحية مكة في مراكب. فبعث إليهم رسول الله "صلى الله عليه وآله" علقمة بن مجزِّز في ثلثمائة، فانتهى إلى جزيرة في البحر، وقد خاض إليهم في البحر، فهربوا منه([335]).
فلما رجع تعجل بعض القوم إلى أهليهم، فأذن لهم، وأمَّر عليهم عبد الله بن حذافة.
وعن أبي سعيد الخدري قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علقمة بن مجزِّز، وأنا فيهم، حتى إذا بلغنا رأس غزاتنا أو كنا ببعض الطريق أذن لطائفة من الجيش، واستعمل عليهم عبد الله بن حذافة السهمي. وكان من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وكانت فيه دعابة. فنزلوا ببعض الطريق، وأوقدوا ناراً يصطلون عليها ويصطنعون.
فقال: عزمت عليكم إلا تواثبتم في هذه النار.
فقام بعضهم فتحجزوا حتى ظُن أنهم واثبون فيها.
فقال لهم: اجلسوا، إنما كنت أضحك معكم.
فذكروا ذلك لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقال: "من أمركم بمعصية الله فلا تطيعوه"([336]).
وعن علي "عليه السلام" قال: بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" سرية، فاستعمل عليهم رجلاً من الأنصار، وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء، فقال: اجمعوا لي حطب
فجمعوا له.
ثم قال: أوقدوا ناراً.
فأوقدوا ناراً.
ثم قال: ألم يأمركم رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن تسمعوا لي وتطيعوا؟
قالوا: بلى.
قال: فادخلوها.
فنظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: إنَّا فررنا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" من النار.
فكان كذلك حتى سكن غضبه، وطفئت النار.
فلما رجعوا إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" ذكروا ذلك له، فقال: "لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً".
وقال: "لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف"([337]).
ورجع علقمة بن مجزِّز هو وأصحابه ولم يلق كيداً.
قول سيدنا علي "عليه السلام" عنه: واستعمل عليهم رجلاً من الأنصار (وهم من بعض الرواة، وإنما هو سهمي)([338]).
ونقول:
أمير السرية أنصاري أم قرشي؟!:
إن علقمة بن مجزِّز المدلجي، ومدلج قبيلة من كنانة.. وعبد الله بن حذافة السهمي القرشي، وهو من قدماء المهاجرين.
والنبي "صلى الله عليه وآله" أمّر علقمة، ثم إن علقمة أمَّر ابن حذافة على الذين يريدون الإسراع في الرجوع إلى أهليهم..
وبعد ما تقدم نقول:
1 ـ قال البخاري: باب سرية عبد الله بن حذافة السهمي، وعلقمة بن مجزِّز المدلجي. ويقال: إنها سرية الأنصاري..
ثم روى([339]) عن علي "عليه السلام" قال: بعث النبي "صلى الله عليه وآله" سرية، فاستعمل عليها رجلاً من الأنصار الخ..([340]).
وفي هذا الكلام خلل من جهتين:
إحداهما: أن كلا الرجلين: علقمة بن مجزِّز، وعبد الله بن حذافة.. لم يكونا من الأنصار، لأن الأنصار هم خصوص الأوس والخزرج([341]).
الثانية: إن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يؤمَّر عبد الله بن حذافة، بل أمّر علقمة. وعلقمة هو الذي أمَّر ابن حذافة على خصوص الراجعين إلى أهليهم، فما معنى قولهم: إن النبي "صلى الله عليه وآله" قد أمّر ذلك الرجل الذي أمرهم بدخول النار التي أضرموها؟!
ثم يقولون: إن المقصود هو: عبد الله بن حذافة..
نزول آية طاعة ولي الأمر في ابن حذافة:
وزعموا: أن قولـه تعـالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}([342]) نزلـت في عبد الله بـن حذافـة في هـذه المناسبة([343])..
ونقول:
أولاً: إن الآية قد ألزمتهم بطاعة ابن حذافة، وهذا معناه: أنه كان يجب عليهم إطاعة هذا الرجل، والدخول في تلك النار.
وهذا يتناقض مع قوله "صلى الله عليه وآله": "لو دخلوها ما خرجوا منها أبداً إلى يوم القيامة، إنما الطاعة في المعروف، لا طاعة في معصية الخالق"، أو نحو ذلك..
ثانياً: روى ابن جرير: أن الآية المذكورة نزلت في قصة جرت لعمار مع خالد، حيث كان خالد أميراً، فعرسوا قريباً من القوم الذين يقصدونهم، فهربوا غير رجل واحد جاء ليلاً إلى عمار، وأخبره أنه مسلم.
فلما أغار خالد لم يجد غير ذلك الرجل، فأخذه وأخذ ماله، فأخبر عمار خالداً أن الرجل قد أسلم، وأنه قد أمّنه، فلم يرض خالد بذلك، فارتفعا إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فأجاز ما فعله عمار، فنزلت([344]).
ثالثاً: عن ابن عباس: أن المراد بأولي الأمر في الآية: أهل الفقه والدين، وأهل طاعة الله، الذين يعلمون الناس معاني دينهم، ويأمرونهم بالمعروف، وينهونهم عن المنكر. فأوجب الله طاعتهم على العباد([345]).
وفي نص آخر عنه: هم أهل العلم([346]).
وعن جابر: أنهم أولوا الفقه، وأولو الخير([347]).
وعن مجاهد: هم الفقهاء والعلماء([348]).
وفي نص آخر عنه: أنهم أصحاب محمد، أهل العلم، والفقه والدين([349]).
وعن أبي العالية: هم أهل العلم، ألا ترى أنه يقول: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ}([350])"([351]).
وعن الضحاك: هم أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله"، هم الدعاة الرواة([352]).
وعن عطاء: أنهم أولوا الفقه والعلم([353]).
وكل هذه الأوصاف لا تنطبق على عبد الله بن حذافة، ولا على خالد بن الوليد، فما معنى أن يقال: إن الآية نزلت لتلزم الناس، وخصوصاً العلماء الفقهاء من أمثال عمار بن ياسر بطاعة هؤلاء؟!
رابعاً: إنه لا معنى لاعتبار دخولهم النار معصية، إذا كانوا يظنون أن أمر رسول الله "صلى الله عليه وآله" لهم بطاعة أميرهم يشمل هذا المورد.. ويظنون أن قوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}([354])، وقوله تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ}([355]) ناظر إلى غير هذه الصورة..
وقول الداودي: إن هذه القضية تفيد: "أن التأويل الفاسد لا يعذر به صاحبه"([356]) مردود عليه بعد أن ثبت بطلان هذه الروايات، أو أنها قد تعرضت للتحوير والتزوير على أقل تقدير..
تنبيه ضروري:
ولابد لنا هنا من لفت نظر القارئ إلى: أن ما ذكرناه من روايات لهم عن نزول آية {وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} في خالد، وعمار، إنما أوردناه لإلزام الطرف الآخر به، على قاعدة: ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم.
نقول هذا لأننا نعتقد بعدم صحة قولهم: إن الآية نزلت لتأمر عماراً بطاعة خالد، فـ:
أولاً: إن النبي "صلى الله عليه وآله" نفسه قد أمضى ما فعله عمار.
ثانياً: إنه "صلى الله عليه وآله" لم يرض أن يصدر من خالد أي تعريض بعمار، وزجره عن ذلك.
فقد ذكرت الرواية المشار إليها نفسها: أن خالداً قال لرسول الله "صلى الله عليه وآله": أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني؟!.
فقال "صلى الله عليه وآله": يا خالد، لا تسب عماراً، فإن من سب عمّاراً سب الله، ومن أغضب عمّاراً أبغضه الله، ومن لعن عمّاراً لعنه الله([357]).
ثم تذكر الرواية: أن خالداً حاول استرضاء عمّار عند ذلك، فراجع([358]).
ثالثاً: إن الآية لا يمكن أن تنزل من عند الله، لتأمرهم بإطاعة خالد باعتبار أنه ولي شرعي.. في الوقت الذي يطلب خالد منهم ما لا يحق له. بل هو يعصي الله في ذلك، فهل يمكن أن تأمرهم بإطاعته في مورد يعصي الله فيه؟!
وقد جاء الحديث الصريح عنه "صلى الله عليه وآله"، ليقول: "لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق"([359]).
ولو فرضنا: أنه لم يكن عاصياً، بل كان جاهلاً بالحكم الشرعي، فهل تجب طاعته فيما يجهله من أحكام، لتكون نتيجة ذلك هي مخالفتها، كما هو الحال في مثل هذا المورد؟! فإن الرجل الذي أعطاه عمّار الأمان كان من المسلمين. فلا يصح أن يسبى ولا يحتاج إلى إجارة عمّار له، ولا إجازة خالد لذلك الجوار، بل لا يحتاج حتى إلى أمان من أحد، لأن النبي "صلى الله عليه وآله" إنما أمر خالداً بمحاربة الكفار وسبيهم.. فعمار لم يخطئ في توجيه الرجل للبقاء في موطنه. وخالد هو الذي أخطأ حينما أسر الرجل، وأخذ ماله وهو مسلم.
وأما لزوم أن تكون الإجارة والأمان بعلم الأمير.. فليس ثمة ما يثبته إلا ما يدّعيه خالد نفسه.. وإلا، فإن (المسلمين) المؤمنين تتكافأ دماءهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم([360])، وأيما رجل من المسلمين أعطى لكافر أماناً ولو بإشارة منه، فإن أمانه ماضٍ له. ولا يستطيع أحد أن يماري في ذلك..
الفصل الحادي عشر:
صنم طيء.. وآل حاتم
هدم الفُلْس ـ صنم طيء:
قالوا: وفي شهر ربيع الآخر من سنة تسع بعث رسول الله "صلى الله عليه وآله" علي بن أبي طالب "عليه السلام" في خمسين ومائة رجل ـ أو مائتين كما ذكره ابن سعد ـ من الأنصار على مائة بعير وخمسين فرساً، ومعه راية سوداء، ولواء أبيض إلى الفلس، ليهدمه.
فأغاروا على أحياء من العرب، وشنوا الغارة على محلة آل حاتم مع الفجر، فهدموا الفلس وخربوه، وملأوا أيديهم من السبي، والنعم، والشاء.
وكان في السبي سفانة أخت عدي بن حاتم، وهرب عدي إلى الشام.
ووجد في خزانة الفلس ثلاثة أسياف: رسوب، والمخذم ـ كان الحارث بن أبي شمر قلده إياهما ـ وسيف يقال له: اليماني، وثلاثة أدرع.
واستعمل علي "عليه السلام" على السبي أبا قتادة، واستعمل على الماشية والرثة عبد الله بن عتيك.
فلما نزلوا ركك اقتسموا الغنائم وعزلوا للنبي "صلى الله عليه وآله" صفياً رسوباً والمخذم، ثم صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس.
وعزل آل حاتم، فلم يقسمهم حتى قدم بهم المدينة.
ومرَّ النبي "صلى الله عليه وآله" بأخت عدي بن حاتم، فقامت إليه وكلمته: أن يمن عليها.
فمنّ عليها، فأسلمت وخرجت إلى أخيها، فأشارت عليه بالقدوم على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقدم عليه([361]).
وذكر ابن سعد في الوفود: أن الذي أغار، وسبى ابنة حاتم هو خالد بن الوليد([362]).
والفُلْس ـ بضم الفاء، وسكون اللام ـ: صنم لطيء ومن يليها([363]).
وفي نص آخر ذكره الواقدي:
أن علياً "عليه السلام" دفع رايته إلى سهل بن حنيف، ولواءه إلى جبار بن صخر السلمي، وخرج بدليل من بني أسد يقال له: حريث، فسلك بهم على طريق فيد (جبل)، فلما انتهى بهم إلى موضعٍ قال: بينكم وبين الحيّ الذي تريدون يوم تام، وإن سرناه بالنهار وطئنا أطرافهم ورعاءهم، فأنذروا الحيّ، فتفرقوا، فلم تصيبوا منهم حاجتكم، ولكن نقيم يومنا هذا في موضعنا حتى نمسي، ثم نسري ليلتنا على متون الخيل، فنجعلها غارة حتى نصبحهم في عماية الصبح.
قالوا: هذا الرأي!
فعسكروا وسرحوا الإبل واصطنعوا، وبعثوا نفراً منهم يتقصّون ما حولهم، فبعثوا أبا قتادة، والحباب بن المنذر، وأبا نائلة، فخرجوا على متون خيل لهم يطوفون حول المعسكر، فأصابوا غلاماً أسود، فقالوا: ما أنت؟
قال: أطلب بغيتي.
فأتوا به علياً "عليه السلام"، فقال: ما أنت؟
قال: باغ.
قال: فشدوا عليه.
فقال: أنا غلام لرجل من طيء من بني نبهان، أمروني بهذا الموضع وقالوا: إن رأيت خيل محمد فطر إلينا فأخبرنا، وأنا لا أدرك أسراً، فلما رأيتكم أردت الذهاب إليهم، ثم قلت: لا أعجل حتى آتي أصحابي بخبر بيِّن، من عددكم وعدد خيلكم، ورقابكم، ولا أخشى ما أصابني، فلكأني كنت مقيداً حتى أخذتني طلائعكم.
قال علي "عليه السلام": أصدقنا ما وراءك.
قال: أوائل الحيّ على مسيرة ليلة طرادة، تصبحهم الخيل ومغارها حين غدوا.
قال علي "عليه السلام" لأصحابه: ما ترون؟
قال جبار بن صخر: نرى أن ننطلق على متون الخيل ليلتنا حتى نصبح القوم وهم غارون، فنغير عليهم ونخرج بالعبد الأسود ليلاً، ونخلف حريثاً مع العسكر حتى يلحقوا إن شاء الله.
قال علي "عليه السلام": هذا الرأي.
فخرجوا بالعبد الأسود، والخيل تعادا، وهو ردف بعضهم عقبة (نوبة)، ثم ينزل فيردف آخر عقبة، وهو مكتوف، فلما انهار الليل كذب العبد، وقال: قد أخطأت الطريق وتركتها ورائي.
قال علي "عليه السلام": فارجع إلى حيث أخطأت.
فرجع ميلا أو أكثر، ثم قال: أنا على خطأ.
فقال علي "عليه السلام": إنَّا منك على خدعة، ما تريد إلا أن تثنينا عن الحيّ، قدموه، لتصدقنا، أو لنضربن عنقك.
قال: فقدم وسل السيف على رأسه، فلما رأى الشر قال: أرأيت إن صدقتكم أينفعني؟
قالوا: نعم.
قال: فإني صنعت ما رأيتم، إنه أدركني ما يدرك الناس من الحياء، فقلت: أقبلت بالقوم أدلهم على الحيّ من غير محنة ولاحق فآمنهم، فلما رأيت منكم ما رأيت وخفت أن تقتلوني كان لي عذر، فأنا أحملكم على الطريق.
قالوا: أصدقنا.
قال: الحيّ منكم قريب.
فخرج معهم حتى انتهى إلى أدنى الحيّ، فسمعوا نباح الكلاب وحركة النعم في المراح والشاء.
فقال: هذه الأصرام (الجماعات) وهي على فرسخ، فينظر بعضهم إلى بعض.
فقالوا: فأين آل حاتم؟
قال: هم متوسطو الأصرام.
قال القوم بعضهم لبعض: إن أفزعنا الحيّ تصايحوا وأفزعوا بعضهم بعضاً، فتغيب عنا أحزابهم في سواد الليل، ولكن نمهل القوم حتى يطلع الفجر معترضاً، فقد قرب طلوعه فنغير، فإن أنذر بعضهم بعضاً لم يخفَ علينا أين يأخذون، وليس عند القوم خيل يهربون عليها، ونحن على متون الخيل.
قالوا: الرأي ما أشرت به.
قال: فلما اعترضوا الفجر أغاروا عليها، فقتلوا من قتلوا، وأسروا من أسروا، واستاقوا الذرية والنساء، وجمعوا النعم والشاء، ولم يخف عليهم أحد تغيب فملأوا أيديهم.
قال: تقول جارية من الحي وهي ترى العبد الأسود ـ وكان اسمه أسلم ـ وهو موثق: ما له هبل، هذا عمل رسولكم أسلم، لا سلم، وهو جلبهم عليكم، ودلهم على عورتكم!
قال يقول الأسود: أقصري يا ابنة الأكارم، ما دللتهم حتى قدّمت ليضرب عنقي.
قال: فعسكر القوم، وعزلوا الأسرى وهم ناحية نفير، وعزلوا الذرية وأصابوا من آل حاتم أخت عدي ونسيات معها، فعزلوهن على حدة.
فقال أسلم لعلي "عليه السلام": ما تنتظر بإطلاقي؟
فقال: تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله.
قال: أنا على دين قومي هؤلاء الأسرى، ما صنعوا صنعت.
قال: ألا تراهم موثقين، فنجعلك معهم في رباطك؟
قال: نعم، أنا مع هؤلاء موثقاً أحب إلي من أن أكون مع غيرهم مطلقاً، يصيبني ما أصابهم، فضحك أهل السرية منه، فأوثق وطرح مع الأسرى.
وقال: أنا معهم حتى ترون منهم ما أنتم راؤن.
فقائل يقول له من الأسرى: لا مرحباً بك، أنت جئتنا بهم!
وقائل يقول: مرحباً بك وأهلاً، ما كان عليك أكثر مما صنعت، لو أصابنا الذي أصابك لفعلنا الذي فعلت وأشد منه، ثم آسيت بنفسك.
وجاء العسكر واجتمعوا، فقربوا الأسرى، فعرضوا عليهم الإسلام، فقال: والله، إن الجزع من السيف للؤم، وما من خلود.
قال: يقول رجل من الحي ممن أسلم: يا عجباً منك، ألا كان هذا حيث أخذت، فلما قتل من قتل، وسبي منا من سبي، وأسلم منا من أسلم، راغباً في الإسلام تقول ما تقول؟! ويحك أسلم واتبع دين محمد.
قال: فإني أسلم وأتبع دين محمد. فأسلم وترك، وكان يعد فلا يفي حتى كانت الردة، فشهد مع خالد بن الوليد اليمامة، فأبلى بلاء حسناً.
قال: وسار علي "عليه السلام" إلى الفلس، فهدمه وخربه، ووجد في بيته ثلاثة أسياف: رسوب، والمخذم، وسيفاً يقال له: اليماني، وثلاثة أدراع، وكان عليه ثياب يلبسونه إياها.
وجمعوا السبي، فاستُعمل عليهم أبو قتادة، واستعمل عبد الله ابن عتيك السلمي على الماشية والرثة.
ثم ساروا حتى نزلوا ركك (أحد جبال طيء) فاقتسموا السبي، والغنائم، وعزل للنبي "صلى الله عليه وآله" صفياً: رسوباً والمخذم، ثم صار له بعد السيف الآخر، وعزل الخمس، وعزل آل حاتم، فلم يقسمهم حتى قدم المدينة.
قال الواقدي: فحدثت هذا الحديث عبد الله بن جعفر الزهري، فقال: حدثني ابن أبي عون قال: كان في السبي أخت عدي بن حاتم لم تقسم، فأنزلت دار رملة بنت الحارث، وكان عدي بن حاتم قد هرب حين سمع بحركة علي "عليه السلام"، وكان له عين بالمدينة، فحذره فخرج إلى الشام.
وكانت أخت عدي إذا مر النبي "صلى الله عليه وآله" تقول: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن علينا منّ الله عليك.
كل ذلك يسألها رسول الله "عليه السلام": من وافدك؟
فتقول: عدي بن حاتم.
فيقول: الفار من الله ورسوله؟ حتى يئست.
فلما كان يوم الرابع مرّ النبي "صلى الله عليه وآله"، فلم تتكلم، فأشار إليها رجل: قومي فكلميه.
فكلمته، فأذن لها ووصلها، وسألت عن الرجل الذي أشار إليها، فقيل: علي، وهو الذي سباكم، أما تعرفينه؟
فقالت: لا والله، ما زلت مُدْنِيَةً طرف ثوبي على وجهي، وطرف ردائي على بُرقعي من يوم أُسرت حتى دخلتُ هذه الدار، ولا رأيت وجهه ولا وجه أحد من أصحابه([364]).
وفي نص آخر: أنه "صلى الله عليه وآله" مضى حتى مرَّ ثلاثاً.
قالت: فأشار إليَّ رجل من خلفه: أن قومي فكلميه.
قالت: فقلت: يا رسول الله، هلك الوالد، وغاب الوافد، فامنن عليّ، منّ الله عليك.
قال: قد فعلت، فلا تعجلي، حتى تجدي ثقة يبلغك بلادك، ثم آذنيني.
فسألت عن الرجل الذي أشار إليّ، فقيل: علي بن أبي طالب.
وقدم ركب من بلى، فأتيت رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فقلت: قدم رهط من قومي.
قالت: وكساني رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وحملني، وأعطاني نفقة، فخرجت حتى قدمت على أخي، فقال: ما ترين في هذا الرجل؟!
فقلت: أرى أن نلحق به([365]).
وفي نص آخر، قالت: يا محمد، أرأيت أن تخلي عنا ولا تشمت بنا أحياء العرب؟! فإني ابنة سيد قومي، وإن أبي كان يحمي الذمار، ويفك العاني، ويشبع الجائع، ويكسو العاري، ويقري الضعيف، ويطعم الطعام، ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط. أنا ابنة حاتم طيء.
فقال لها النبي "صلى الله عليه وآله": يا جارية، هذه صفة المؤمنين حقاً، ولو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه، خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق([366]).
ونقول:
إن لنا مع النصوص المتقدمة وقفات، نجملها فيما يلي من مطالب:
من الذي سبى سفانة؟!:
قد عرفت: أن الذي جاء بسفانة بنت حاتم هو علي "عليه السلام".
ولكن ابن سعد يذكر: أن الذي سباها هو خالد بن الوليد، ولا يمكن الجمع بينهما: بأن خالداً كان في جيش علي "عليه السلام"، لأن جيش علي "عليه السلام" كانوا كلهم من الأنصار([367]).
لا بد من هدم الصنم:
لقد كانت المهمة التي أنيطت بأمير المؤمنين "عليه السلام" هي هدم صنم طيئ.. وهذا يمثل تحدياً كبيراً لتلك القبيلة ولكل من كان في تلك المنطقة، فإنهم كانوا يلزمون أنفسهم بعبادته، ويصورونه على أنه قادر على أن يضرهم وينفعهم.
وخير وسيلة لإسقاط هذا الإعتقاد، وإظهار خرافيته وزيفه هو: التعرض لذلك الصنم بالهدم، وهو الحد الأقصى للتحدي، بحيث يقصر عنه كل ما عداه.. ويكون هذا الذي يجري على الصنم أبلغ من كل قول، وأدلّ من أية حجة، وأوفى من كل بيان..
وذلك لأن هذا الصنم كان هو الوسيلة للتضليل، والخداع، وهو السبب في صدّ الناس عن الهدى، وأصبح التحدي منحصراً به، فلا بد أن لا تبقى له أية حرمة، ولا يمثل التعرض له بالهدم تحدياً للذين يتخذونه وسيلة ضلال وإضلال، فعليهم أن يرضوا بأن يكون هو المحك والمحل لإختيار الصحة والبطلان.. ويكون من حق كل أحد أن يجعله في موضع الإختيار لإظهار زيف ما يدّعونه له من قدرات، أو تصرفات، لكي يرى الناس بأم أعينهم: أنه يفقد ما يدّعونه له، وتتجلى لهم حقيقته، وكيف أنه لا يضر، ولا ينفع، ولا يبصر ولا يسمع، ولا يضع ولا يرفع، ولا يمنع ولا يدفع..
فإذا نصب هؤلاء الناس العداء لمن يريد أن يبطل حجتهم، وإظهار بطلان ما يزعمونه لذلك الصنم، وأرادوا أن يواجهوه بالحرب، فذلك يعني: أنهم مصرون على قهر الآخرين، والتسلط عليهم في دينهم وفي اعتقاداتهم من دون مبرر.
وهذا ظلم فاحش منهم لابد من العمل على إسقاطه، وإفساح المجال للآخرين، لممارسة حريتهم في الفكر، وفي الإعتقاد وفي الممارسة..
من أجل ذلك نقول:
إن لعلي "عليه السلام" كل الحق في أن يبادر إلى هدم الفُلْس ـ صنم طيء ـ ليكشف للناس عجزه، وضعفه، وبطلان ما يزعمونه له من قدرات وتأثيرات، لكي يتحرر الناس من الخرافة، وليفلتوا من أيدي المستغلين والظالمين لهم، والمعتدين على كرامتهم الإنسانية، حين رضوا بأن يستخفوا بهم، وأن يدخلوهم في أنفاق مظلمة من الخداع والتضليل، والضياع..
وقد كان "عليه السلام" يعلم أن قبيلة طيء لابد أن تمنع أياً كان من ممارسة هذا الحق الطبيعي في إبطال حجتهم، وتحطيم وسيلة الخداع والظلم التي في حوزتهم، فاحتاط للأمر وقدم معه عدد قادر على الدفاع، وصد العدوان. وكسر شوكة المعتدي، فجاء بمائة وخمسين، أو مائتي مقاتل..
التحريف والتزييف:
هذا.. ولا مجال للإصغاء إلى ما زعمته الروايات المشبوهة، من أنهم قد "أغاروا على أحياء من العرب، وشنوا الغارة على محلة آل حاتم الخ.."، فإنها تريد أن توحي: بأن مهمة علي "عليه السلام" كانت هي الإغارة على الآمنين، والحصول على الأسرى والسبايا والغنائم، مع أن النبي "صلى الله عليه وآله" كان يأمر سراياه بأن لا يقاتلوا أحداً إلا بعد دعوته إلى الإسلام، وإقامة الحجة عليه، فإذا لم يستجب، واتخذ موقف المعادي، وبادأهم بالعدوان، وواجههم بالحرب، كان عليهم ردّ عدوانه، وحفظ أنفسهم من سوء ما يواجههم به.
والشواهد على هذا الأمر كثيرة.. ويوجد في ثنايا هذا الكتاب عدد وافر منها، ولا حاجة إلى تكرار ذلك..
آل حاتم محاربون:
بل إن النصوص التاريخية تشير إلى: أن آل حاتم كانوا مع المسلمين في حالة حرب.
فقد ذكروا: أن جواسيسهم كانت تراقب تحركات المسلمين، وأن أولئك الجواسيس قد وصلوا إلى المدينة نفسها. وقد عرف عدي بن حاتم رئيس قبيلة طي بمسير المسلمين لهدم صنم عشيرته من جاسوس كان لهم بالمدينة، فغادر المنطقة وترك عشيرته، وذهب إلى الشام.
كما أن علياً "عليه السلام" حين سار إليهم وجد عيناً لهم على مسيرة يوم من محالهم، وكانت مهمته هي رصد خيل محمد، حتى إذا رآها طار إليهم، وأخبرهم ليأخذوا حذرهم..
وإذا كانوا مع المسلمين في حالة حرب، فللمسلمين أن يحاولوا أخذهم على حين غرة ليوفروا على أنفسهم خسائر قد تكون جسيمة في الأرواح، وفي المعنويات.
وليس للمحارب: أن ينام، ويقول: يجب على عدوي إذا وجدني أن يقف إلى جانبي وينتظرني حتى أستفيق من غفوتي، وأغسل وجهي، وآخذ سيفي، وأركب فرسي، وأحركها نحوه في اللحظة التي أحب..
علي × لا يقسم آل حاتم:
ولقد لفت انتباهنا: أن علياً "عليه السلام" قد عزل خمس غنائم الحرب، ثم قسمها بين المقاتلين، ولكنه لم يقسم آل حاتم.
وهذا يدل على: أنه "عليه السلام" أراد حفظ كرامة أهل الكرامة، ولم يكن يريد إذلال أحد. لأن هذه هي مهمة الإسلام، وعنوان رسالة السماء، ومضمونها العميق، وهو الأمر الذي لم يزل علي "عليه السلام" يجاهد ويضحي في سبيلها.
الراية السوداء:
وقد أشرنا أكثر من مرة إلى أن راية النبي "صلى الله عليه وآله" في حربه لأهل الكفر والشرك كانت سوداء، حتى لقد قال الكميت الأسدي "رحمه الله":
وإلا فـارفـعـوا الـرايـات سـوداً عـلى أهـل الـضـلالـة والتعـدي([368])
وقد كانت راية علي "عليه السلام" سوداء، وراية رسول الله "صلى الله عليه وآله" يوم فتح مكة كانت سوداء أيضاً.
هروب عدي بن حاتم:
وقد كان عدي بن حاتم سيد القبيلة ورئيسها. فما معنى: أن يهرب إلى الشام بمجرد أن عرف بتحرك علي "عليه السلام" نحو بلاد طيء، ولماذا لا يبقى في بلده ليواسي عشيرته بنفسه؟!
ألا يدلنا ذلك على: أنه كان يعرف مسبقاً بالنتائج، فهو قد عرف وسمع بما جرى على يد علي "عليه السلام" في خيبر، وأُحد، والخندق، وقريظة، وحنين، ويوم فتح مكة، وذات السلاسل، وما إلى ذلك..
وهو يعرف قدرات طيء، ولاسيما بعد أن لم يعد هناك من يؤمل نصره.
كما أن ذلك يشير إلى إدراكه سخافة عبادة الأصنام، وعدم معقولية الدفاع عنها، وتعريض النفس والأهل والمال والولد للأخطار من أجلها وفي سبيلها..
ولأجل ذلك اختار دين النصرانية، الذي يزعم أهله أنه سماوي، ورأى أنه أقرب وأولى بالاعتبار من الشرك، وعبادة الأحجار.
ولعله هرب إلى الشام أملاً في أن يجد لدى القياصرة ـ وهم نصارى ـ ما يمكن أن يعتمد عليه في محاربة الإسلام وأهله..
اصطفى السيوف للنبي '، ولمن صارت؟!:
1 ـ تقدم: أن علياً "عليه السلام" اصطفى ثلاثة سيوف لرسول الله "صلى الله عليه وآله"، وذكر ابن هشام عن بعض أهل العلم: أنه "صلى الله عليه وآله" قد وهب رسوباً، والمخذم لعلي "عليه السلام". قال: وهما سيفا علي رضي الله عنه([369]).
2 ـ إنه "عليه السلام" قد اختار السيوف لتكون هي التحفة التي يخص بها رسول الله "صلى الله عليه وآله" لأنه يعلم أنه "صلى الله عليه وآله" سيد المجاهدين، الباذلين أنفسهم في سبيل الله وقائدهم. حيث إنه لا يفكر بالمال ولا بالمغانم، ولا يريد جاهاً، ولا مقاماً دنيوياً، ولا يسعى للحصول على متعة بشيء من حطام الدنيا، وإنما يفكر بسعادة الناس في الدنيا والآخرة، وبهدايتهم إلى طريق الحق والخير، وبكل ما يعينه على ذلك في ميادين الجهاد والتضحيات، مهما عظمت وجلت..
تهديد المتهم:
وبعد أن ظهر: أن ذلك الجاسوس قد حاول أن يخدع المسلمين، تهدده أمير المؤمنين "عليه السلام"، وهذا يدل على: جواز إجبار الأسير على الإقرار بأمر يُعْلَم بكتمانه له، إضراراً منه بالمسلمين..
وليس فيه دلالة على صحة إجباره على ما يظن أو يحتمل أنه يكتمه.
تعمد أخذ الأسرى:
وقد أظهرت الرواية السابقة: أن المسلمين كانوا يحرصون على مواجهة الرجال المقاتلين من آل حاتم بالحرب، وبهدف استئصال الروح القتالية ضد المسلمين فيهم، لأن ذلك يمنعهم من التفكير بجمع الجموع والعودة إلى الحرب، ويوفر على المسلمين متاعب، وربما خسائر قد تكون كبيرة أو كثيرة، وكما أن ذلك قد يسهل دخول هؤلاء الناس في الإسلام لكي يسعدوا به.. وهذا هو المطلوب.
قتل الأسرى:
ثم إن هؤلاء الأسرى الذين حاربوا الإسلام والمسلمين، وأرادوا أن أن يطفئوا نور الله بالقول، وبالفعل المسلح، ويريدون منع الناس من قبول الهداية الإلهية بعد أن أقيمت الحجة عليهم، ولم يبق لهم أي عذر، وقد أسفر الصبح لذي عينين، لا يستحقون الحياة.
ولو تُركوا فلن يكون لهم دور إلا الفساد الإفساد، والتآمر، والتهيئة لمزيد من الحروب والكوارث.
ولكن الإسلام قد تكرم عليهم حين منحهم فرصة أخيرة، فعرض عليهم الإسلام، فإذا أبوه، فلا بد من تخليص الناس من شرهم. وفق ما يمليه الواجب، وتحكم به جميع الشرايع والأعراف.
لم يجبها ' إلا في المرة الرابعة:
لقد لاحظنا: أن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يستجب لطلب سفَّانة بنت حاتم بأن يمن عليها بعد أن غاب وافدها.. وكان في كل مرة يقول لها: من وافدك؟!
فتقول: عدي بن حاتم.
فيقول "صلى الله عليه وآله": الفارُّ من الله ورسوله؟
وكانت يئست من استجابته، فسكتت في الرابعة، فحرضها علي "عليه السلام"، على معاودة الطلب، ففعلت، فاستجاب لها..
فما هي الحكمة من تأجيله "صلى الله عليه وآله" الإستجابة لطلبها إلى المرة الرابعة؟!
ويمكن أن يجاب: بأنه "صلى الله عليه وآله" أراد أن يجعل من ذلك ذريعة للتأكيد على رعونة موقف أخيها عدي بن حاتم، مع التصريح التعليمي لها، ولكل من تبلغه كلماته بالدليل على فساد هذا التصرف من عدي؛ وخروجه عن حدود المعقول والمقبول. فإن الهروب المنسجم مع موازين العقل والعدل هو ما كان إلى الله ورسوله، لا الهروب منهما، لأن الهروب إذا كان منهما، فهو طيش ورعونة وافتتان، وإذا كان إليهما فهو حكمة، وروية، واتزان.
والمتوقع من أمثال عدي، والمناسب لحاله هو: أن يكون أكثر تعقلاً، وأفضل روية، إذ لا يمكن أن يجهل عاقل بحقيقة أنه تبارك وتعالى مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستصرخين، موضع حاجات الطالبين.
ولا نريد أن نقول أكثر من ذلك.
ولعل مما يؤكد صحة ذلك: أنه "صلى الله عليه وآله" كان في كل مرة يسألها: من وافدك؟ مع أن مما لا شك فيه: أنه قد عرف وافدها منذ الفترة الأولى. ولكنه كان يريد أن تعود إلى التصريح باسمه ليعاود التأكيد على قوله هذا.
وجهها علي × وحرص عليها النبي ':
ويبقى أن نشير هنا إلى أمرين:
أحدهما: أن علياً "عليه السلام" الذي أسرها، هو الذي حرضها على معاودة طلب المنّ عليها من رسول الله "صلى الله عليه وآله"، وفي ذلك دلالة واضحة على مدى حرصه "عليه السلام" على أن يبلغها ما تريد. ويحفظ لها بذلك عزتها وكرامتها، ربما لما كان يتوسمه فيها من ـ كونها امرأة حازمة تعرف بسداد الرأي وحسن الإختيار، وذلك سيؤدي بها إلى اختيار الإسلام، ثم تكون سبباً في هداية أخيها عدي، كما صدقته الوقائع بعد ذلك، حيث إن أخاها أخذ برأيها، واختار الإسلام، ثم القدوم على رسول الله "صلى الله عليه وآله".
وقد كان علي "عليه السلام" قد قسَّم الغنائم، وعزل السبي، فلم يقسمهم، بل أرسلهم إلى المدينة، كما تقدم.
الثاني: إن تأخير النبي الأعظم والأكرم "صلى الله عليه وآله" إلى اليوم الرابع، لا يعني: أن استجابته المتأخرة تختزن الرغبة في أن يعاملها بقسوة، فإنه أجابها بقوله: قد فعلت، فلا تعجلي حتى تجدي ثقة يبلغك بلادك، ثم آذنيني.
فلما علم أنها وجدت ذلك كساها وحملها، وأعطاها نفقة..
وهذا الموقف يشير إلى مدى حرصه "صلى الله عليه وآله" على حفظ هذه المرأة، وعلى رغبته في إكرامها، وعلى راحتها، وسعادتها..
لو كان أبوك مسلماً لترحمنا إليه:
وقد تقدم: أنها ذكرت أباها للنبي "صلى الله عليه وآله" ووصفته بالكرم. وبغير ذلك من أمور جميلة، فقال لها "صلى الله عليه وآله": لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه..
وهذه هي الكلمة الصادقة والمناسبة لمقتضى الحال، لأنها في حين لم تتضمن إشادة منه "صلى الله عليه وآله" بإبيها الذي مات على الشرك، فإنها أيضاً لم تجرح عاطفة سفَّانة، لأنها لم تتضمن جَرحاً صريحاً: بل اكتفت بالإشارة إلى أن شرك حاتم يمنعه "صلى الله عليه وآله" من الترحم عليه فـ {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}([370]) كما قال تبارك وتعالى..
ونريد لفت النظر هنا إلى: أن الروايات قد اختلفت في الصيغة التي وردت على لسان رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فبعضها يقتصر على كلمة: "لو كان أبوك مسلماً لترحمنا عليه".
وبعضها يضيف إلى ذلك قوله "صلى الله عليه وآله": يا جارية، هذه صفة المؤمنين حقاً..
أو أنه "صلى الله عليه وآله" قال: خلوا عنها، فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق..
وليس لدينا ما يؤكد صحة صدور هذه العبارات عنه "صلى الله عليه وآله"..
بل إن الرواية التي ذكرت هذه الفقرات قد تضمنت ما يدل على أن ثمة تصرفاً مشيناً في تلك الرواية، حيث زعمت: أن علياً "عليه السلام" قد وصف بنت حاتم بما لا يعقل صدوره منه.
وأنه "عليه السلام" لما رآها عند النبي "صلى الله عليه وآله" أعجب بها، وصمم على أن يطلب من رسول الله "صلى الله عليه وآله" أن يجعلها في فيئه([371])، مع أنه هو الذي سباها، وجاء بها من بلادها إلى المدينة.
سفّانة في الشام، وعدي في المدينة:
ويذكرون هنا أيضاً: أن سفَّانة قد أسلمت وحسن إسلامها، وغادرت المدينة إلى الشام.
قال عدي: "فوالله إني لقاعد في أهلي، إذ نظرت إلى ظعينة تصوب إلي تؤمنا.
قال: فقلت: ابنة حاتم، فإذا هي هي.
فلما وقفت علي قالت: أنت القاطع الظالم، ارتحلت بأهلك وولدك، وتركت بقية والدك: أختك وعورتك؟!
قال: قلت: يا خية، لا تقولي إلا خيراً، فوالله ما لي من عذر، ولقد صنعت ما ذكرت.
قال: ثم نزلت، فأقامت عندي.
قال: فقلت لها، وكانت امرأة حازمة: ماذا ترين في أمر هذا الرجل؟
قالت: أرى والله أن نلحق به سريعاً، فإن يكن الرجل نبياً، فللسابق إليه فضله، وإن يكن ملكاً فلن نذل في عز اليمن، وأنت أنت.
قال: قلت: والله إن هذا الرأي.
قال: فخرجت حتى أقدم على رسول الله "صلى الله عليه وآله" المدينة، فدخلت عليه وهو في مسجده، (وعنده امرأة وصبيان، أو وصبي، وذكر قربهم من رسول الله "صلى الله عليه وآله".
قال: فعرفت أنه ليس بملك كسرى ولا قيصر)، فسلمت عليه، فقال: من الرجل؟!
قال: قلت: عدي بن حاتم.
قال أبو عامر في حديثه: فرحب به النبي "صلى الله عليه وآله" وقربه. وكان يتألف شريف القوم ليتألف به قومه.
قال ابن إسحاق في حديثه: فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله"، فانطلق به إلى بيته.
قال: فوالله إنه لعامد بي إليه إذ لقيته امرأة كبيرة ضعيفة، فاستوقفته، فوقف لها طويلاً تكلمه في حاجتها.
قال: قلت في نفسي والله، ما هذا بملك.
قال: ثم مضى حتى إذا دخل بيته تناول وسادة من أدم محشوة ليفاً، فقدمها إلي، فقال: اجلس على هذه.
قلت: بل أنت فاجلس.
قال: فقال: بل أنت فاجلس عليها.
قال: فجلست عليها، وجلس رسول الله "صلى الله عليه وآله" بالأرض.
قال: قلت: في نفسي ما هذا بأمر ملك.
قال أبو عامر في حديثه: فدخل الإسلام في قلبي، وأحببت رسول الله "صلى الله عليه وآله" حباً لم أحبه شيئاً قط.
قال: ولم يكن في البيت إلا خصاف ووسادة أديم، وقال في حديثه: فلم يجلس عليها ولم أجلس عليها، ثم أقبل علي، فقال:
هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن توحد الله؟ وهل من أحد غير الله؟
هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن تكبر الله؟ ومن أكبر من الله؟
هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن تعظم الله؟ ومن أعظم من الله؟
هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن تشهد أن لا إله إلا الله؟ وهل من إله غير الله؟
هيه يا عدي بن حاتم، أفررت أن تشهد أن محمداً رسول الله؟
قال: فجعل رسول الله "صلى الله عليه وآله" يقول نحو هذا وأنا أبكي.
قال: ثم أسلمت.
قال ابن إسحاق في حديثه: ثم قال: إيه يا عدي بن حاتم، ألم تك ركوسياً([372]).
قال: قلت بلى.
قال: فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك.
قال: قلت: أجل والله، وعرفت أنه نبي مرسل، يعلم ما يجهل.
وفي نص آخر: فقال: "يا عد ي، أخبرك ألا إله إلا الله، فهل من إله إلا الله؟ وأخبرك أن الله تعالى أكبر، فهل من شيء هو أكبر من الله عز وجل"؟
ثم قال: "يا عدي أسلم تسلم".
فقلت: إني على ديني.
فقال: "أنا أعلم منك بدينك".
فقلت: أنت أعلم مني بديني؟
قال: "نعم" يقولها ثلاثاً. "ألست ركوسياً"
فقلت: بلى.
قال: "ألست ترأس قومك"؟
قلت: بلى.
قال: "أولم تكن تسير في قومك بالمرباع"؟
قلت: بلى والله، وعرفت أنه نبي مرسل يعلم ما يجهل.
قال: "فإن ذلك لم يكن يحل لك في دينك".
قال: ثم قال: لعله يا عدي بن حاتم إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله لأوشك أن يفيض فيهم ـ يعني المال ـ حتى لا يوجد من يأخذه.
ولعله أن يمنعك من ذلك ما ترى من كثرة عدوهم وقلة عددهم، فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها حتى تزور البيت لا تخاف.
ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وأيم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور من أرض بابل البيض قد فتحت عليهم.
قال: فأسلمت، فكان عدي يقول: مضت اثنتان، وبقيت الثالثة، ووالله لتكونن. لقد رأيت القصور البيض من أرض بابل وقد فتحت عليهم، ورأيت المرأة تخرج على بعيرها لا تخاف إلا الله حتى تحج هذا البيت من القادسية، وأيم الله لتكونن الثالثة، ليفيضن المال حتى لا يوجد من يأخذه"([373]).
في رواية قال: "هل رأيت الحيرة"؟
قلت: لم أرها وقد علمت مكانها.
قال: "فإن الظعينة سترحل من الحيرة تطوف بالبيت في غير جوار لا تخاف أحداً إلا الله عز وجل والذئب على غنمها".
قال: فقلت في نفسي: فأين ذعار طيء الذين سعروا البلاد؟
قال: "فلعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى الملك والسلطان في غيرهم والله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم".
وفي رواية: "لتفتحن عليهم كنوز كسرى بن هرمز".
قلت: كنوز كسرى بن هرمز.
قال: "كنوز كسرى بن هرمز".
وفي رواية: "ولئن طالت بك حياة، لترين الرجل يخرج بملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحداً يقبله منه، وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم، وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنم، فاتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا شق تمرة فبكلمة طيبة"([374]).
قال عدي: فأسلمت، فرأيت وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله" قد استبشر، فقد رأيت الظعينة ترحل من الكوفة حتى تطوف بالبيت لا تخاف إلا الله عز وجل، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز، ولئن طالت بكم حياة سترون ما قال أبو القاسم "صلى الله عليه وآله"([375]).
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي
2 ـ الفهرس التفصيلي
1 ـ الفهرس الإجمالي
الباب السادس: أحداث وسرايا.. إلى تبوك..
الفصل الأول: إبراهيم ابن النبي '، وربيبته زينب............. PAGEREF _Toc148514188 \h 9 ـ 40
الفصل الثاني: النبي ' يعتزل نساءه أو يطلقهن.............. PAGEREF _Toc148514203 \h 41 ـ 80
الفصل الثالث: أحداث وقضايا.................................... PAGEREF _Toc148514222 \h 81 ـ 110
الفصل الرابع: من سرايا السنة الثامنة..................... PAGEREF _Toc148610278 \h 111 ـ 144
الفصل الخامس: عيينة وبنو تميم............................ PAGEREF _Toc148610295 \h 145 ـ 182
الفصل السادس: ترقيع الدلاء بكتاب رسول الله '....... PAGEREF _Toc148610323 \h 183 ـ 200
الفصل السابع: علي × في اليمن........................... PAGEREF _Toc148610339 \h 201 ـ 1242
الفصل الثامن: عودة علي × إلى اليمن..................... PAGEREF _Toc148610359 \h 243 ـ 276
الفصل التاسع: علي × في بني زبيد........................ PAGEREF _Toc148610386 \h 277 ـ 302
الفصل العاشر: معاذ وأبو موسى في اليمن................ PAGEREF _Toc148610404 \h 303 ـ 332
الفصل الحادي عشر: صنم طيء.. وآل حاتم............... PAGEREF _Toc148610421 \h 333 ـ 358
الفهارس:........................................................... PAGEREF _Toc148610491 \h 359 ـ 372
2 ـ الفهرس التفصيلي
TOC \o "1-1" \t "عنوان 2,1,عنوان 3,1,عنوان 4,1,عنوان 5,1,عنوان 6,1"
الباب السادس: أحداث وسرايا.. قبل تبوك..
الفصل الأول: إبراهيم ابن النبي '، وربيبته زينب..
وفاة زينب ربيبة الرسول ':................................................. PAGEREF _Toc150224220 \h 11
مهلاً يا عمر، دعهن يبكين:................................................... PAGEREF _Toc150224221 \h 14
إبراهيم ابن رسول الله ':..................................................... PAGEREF _Toc150224222 \h 16
عائشة: إبراهيم لا يشبه النبي ':............................................ PAGEREF _Toc150224223 \h 18
جبرئيل يبرئ مارية:........................................................... PAGEREF _Toc150224224 \h 20
قسوة وجرأة:..................................................................... PAGEREF _Toc150224225 \h 23
مرضعة إبراهيم:................................................................ PAGEREF _Toc150224226 \h 27
كاد يقع في نفس النبي':...................................................... PAGEREF _Toc150224227 \h 28
إنَّا بك يا إبراهيم لمحزونون:................................................. PAGEREF _Toc150224228 \h 28
فضائل ابن عوف:.............................................................. PAGEREF _Toc150224229 \h 34
الحكمة البالغة:................................................................... PAGEREF _Toc150224230 \h 34
النياحة المنهي عنها:............................................................ PAGEREF _Toc150224231 \h 35
الصوتان الفاجران الأحمقان:................................................. PAGEREF _Toc150224232 \h 38
الفصل الثاني: النبي ' يعتزل نساءه أو يطلقهن
النبي ' يعتزل نساءه: كيف؟ ولماذا؟:...................................... PAGEREF _Toc150224235 \h 43
حديث اعتزال النساء بطريقة أخرى:....................................... PAGEREF _Toc150224236 \h 49
النبي ' يهجر عائشة:.......................................................... PAGEREF _Toc150224237 \h 51
النبي ' يضحك لضرب عمر لزوجته؟:................................... PAGEREF _Toc150224238 \h 55
التناسب.. والإنسجام:........................................................... PAGEREF _Toc150224239 \h 56
حديث الإعتزال بسبب عائشة وحفصة:.................................... PAGEREF _Toc150224240 \h 57
هجر النبي ' لعائشة:.......................................................... PAGEREF _Toc150224241 \h 58
الإصرار على تضييع الحقيقة:............................................... PAGEREF _Toc150224242 \h 59
الحقيقة المنقوصة:.............................................................. PAGEREF _Toc150224243 \h 60
الصحيح في القضية:........................................................... PAGEREF _Toc150224244 \h 62
قضية المغافير دليل سمو وعظمة:.......................................... PAGEREF _Toc150224245 \h 66
طلاق سودة:..................................................................... PAGEREF _Toc150224246 \h 66
رضا النبي ' أم رضا عائشة!!............................................. PAGEREF _Toc150224247 \h 74
سبب طلاق سودة:.............................................................. PAGEREF _Toc150224248 \h 76
من الذي خدع مليكة الكندية؟!:............................................... PAGEREF _Toc150224249 \h 76
طلقها قبل أن يدخل بها:....................................................... PAGEREF _Toc150224250 \h 77
أسماء بنت النعمان ضحية أخرى:........................................... PAGEREF _Toc150224251 \h 78
الفصل الثالث: أحداث وقضاي
عتَّاب بن أسيد يحج بالناس:................................................... PAGEREF _Toc150224254 \h 83
صنع المنبر لرسول الله ':................................................... PAGEREF _Toc150224255 \h 84
موت النجاشي:.................................................................. PAGEREF _Toc150224256 \h 85
بيع بعض المسلمين أسلحتهم:................................................. PAGEREF _Toc150224257 \h 85
كعب بن زهير في محضر رسول الله ':.................................. PAGEREF _Toc150224258 \h 87
رواية لا تصح:.................................................................. PAGEREF _Toc150224259 \h 90
لماذا أهدر النبي ' دم كعب:.................................................. PAGEREF _Toc150224260 \h 95
معاوية.. وبردة كعب:.......................................................... PAGEREF _Toc150224261 \h 97
كعب وقريش.. لا الأنصار:................................................... PAGEREF _Toc150224262 \h 99
عمر.. والصلاة على ابن أُبي:.............................................. PAGEREF _Toc150224263 \h 100
عمر يندم على ما صدر منه:............................................... PAGEREF _Toc150224264 \h 108
لماذا يصلي النبي ' على ابن أُبي؟!:..................................... PAGEREF _Toc150224265 \h 108
الفصل الرابع: من سرايا السنة الثامنة
بداية ضرورية جداً:.......................................................... PAGEREF _Toc150224268 \h 113
سرية الطفيل إلى ذي الكفين:............................................... PAGEREF _Toc150224269 \h 114
سرية ذات أطلاح:............................................................ PAGEREF _Toc150224270 \h 116
بعث قيس بن سعد إلى صداء:.............................................. PAGEREF _Toc150224271 \h 116
إرسال ابن العاص إلى ابني الجلندى:..................................... PAGEREF _Toc150224272 \h 126
عمرو.. وابنا الجلندى:....................................................... PAGEREF _Toc150224273 \h 130
ملاحظة هامة:................................................................ PAGEREF _Toc150224274 \h 136
مهمات أبي زيد ومهمة عمرو:............................................. PAGEREF _Toc150224275 \h 137
مهاجري وأنصاري:......................................................... PAGEREF _Toc150224276 \h 137
الجلندى كيف تلقى الدعوة:.................................................. PAGEREF _Toc150224277 \h 138
وقفات مع كتاب النبي ' للجلندى:........................................ PAGEREF _Toc150224278 \h 138
بعث المصدقِّين:............................................................... PAGEREF _Toc150224279 \h 141
سرية إلى بني العنبر:........................................................ PAGEREF _Toc150224280 \h 142
سرية الضحاك بن سفيان الكلابي إلى القرطاء:........................ PAGEREF _Toc150224281 \h 142
سرية عكاشة بن محصن إلى الجباب (الجناب):....................... PAGEREF _Toc150224282 \h 143
الفصل الخامس: عيينة وبنو تميم
سرية عيينة إلى بني تميم:................................................... PAGEREF _Toc150224285 \h 147
صورة أخرى لما حدث:..................................................... PAGEREF _Toc150224286 \h 154
خزاعة لا تعين بني تميم:.................................................... PAGEREF _Toc150224287 \h 155
إختلاف الروايات:............................................................ PAGEREF _Toc150224288 \h 156
تاريخ هذه السرية:............................................................ PAGEREF _Toc150224289 \h 157
البغي الذميم:................................................................... PAGEREF _Toc150224290 \h 158
لا مبرر لخوف خزاعة:..................................................... PAGEREF _Toc150224291 \h 158
فضول يثير القرف، ويلامس المساس بالشرف:....................... PAGEREF _Toc150224292 \h 159
هذا شحٌّ! أم لؤم؟!:............................................................ PAGEREF _Toc150224293 \h 159
أخذ العفو، لا كرائم الأموال:............................................... PAGEREF _Toc150224294 \h 160
تعهد عيينة لرسول الله ':.................................................. PAGEREF _Toc150224295 \h 161
أعرابي أمير على أعراب:.................................................. PAGEREF _Toc150224296 \h 162
مدى وفاء عيينة بتعهداته:................................................... PAGEREF _Toc150224297 \h 163
حبس الأسرى:................................................................ PAGEREF _Toc150224298 \h 164
سوء أدب الرؤساء:.......................................................... PAGEREF _Toc150224299 \h 164
بدلاً من الإعتذار:............................................................. PAGEREF _Toc150224300 \h 166
الأخلاق تعطي للعقل دوره:................................................ PAGEREF _Toc150224301 \h 168
مفاخر بني تميم:.............................................................. PAGEREF _Toc150224302 \h 170
لماذا ثابت بن قيس؟!:....................................................... PAGEREF _Toc150224303 \h 170
ابن الأهتم، وابن عاصم:.................................................... PAGEREF _Toc150224304 \h 172
الله يؤيد حسان ما دافع عن نبيه:........................................... PAGEREF _Toc150224305 \h 174
الشاعران يفتخران:.......................................................... PAGEREF _Toc150224306 \h 176
حديث التحكيم:................................................................ PAGEREF _Toc150224307 \h 177
عيينة في وفد بني تميم:...................................................... PAGEREF _Toc150224308 \h 179
غرور بني تميم:.............................................................. PAGEREF _Toc150224309 \h 179
بنو تميم، والأعور الدجال:................................................. PAGEREF _Toc150224310 \h 182
الفصل السادس: ترقيع الدلاء بكتاب رسول الله '
ترقيع الدلاء بكتاب الرسول ':............................................ PAGEREF _Toc150224313 \h 185
بعث الضحاك الكلابي إلى القرطاء:...................................... PAGEREF _Toc150224314 \h 186
جفينة يرقع دلوه أيضاً:...................................................... PAGEREF _Toc150224315 \h 188
سرية إلى رعية السحيمي:.................................................. PAGEREF _Toc150224316 \h 189
سرية إلى بني حارثة بن عمرو:........................................... PAGEREF _Toc150224317 \h 191
سرايا دعوة:................................................................... PAGEREF _Toc150224318 \h 192
دعاء النبي ' يناسب منطقهم:............................................. PAGEREF _Toc150224319 \h 193
لا يوجد إلا مختل:............................................................ PAGEREF _Toc150224320 \h 194
جفاء الأعراب:................................................................ PAGEREF _Toc150224321 \h 194
قتال من يأبى الإسلام:....................................................... PAGEREF _Toc150224322 \h 195
الأصيد.. لا يقتل أباه:........................................................ PAGEREF _Toc150224323 \h 196
ترقيع الدلاء:................................................................... PAGEREF _Toc150224324 \h 197
السحيمي وابنته:............................................................... PAGEREF _Toc150224325 \h 197
جفينة أو رعية:............................................................... PAGEREF _Toc150224326 \h 198
الفصل السابع: علي × في اليمن
سرية خالد وعلي ×، وإسلام همدان:..................................... PAGEREF _Toc150224329 \h 203
بغضهم علياً ×:............................................................... PAGEREF _Toc150224330 \h 205
ثلاث سرايا أم سرية واحدة؟!:............................................. PAGEREF _Toc150224331 \h 213
قبلوا من علي × ورفضوا دعوة خالد:................................... PAGEREF _Toc150224332 \h 215
إرجاع خالد دون من عداه:................................................. PAGEREF _Toc150224333 \h 219
فغنمت أواقي ذوات عدد:................................................... PAGEREF _Toc150224334 \h 220
سرور النبي ' بإسلام همدان:............................................. PAGEREF _Toc150224335 \h 221
لعله يغضب لابنته:........................................................... PAGEREF _Toc150224336 \h 224
خير الناس علي ×:........................................................... PAGEREF _Toc150224337 \h 227
ما المبرر لهذا البغض؟!:.................................................... PAGEREF _Toc150224338 \h 228
إختلاف أقوال النبي ':..................................................... PAGEREF _Toc150224339 \h 230
علي × قابض أم قاسم:...................................................... PAGEREF _Toc150224340 \h 230
تتابع المخبرين:............................................................... PAGEREF _Toc150224341 \h 231
أخذ الكتاب بشماله:........................................................... PAGEREF _Toc150224342 \h 232
من كنت مولاه فعلي وليه:.................................................. PAGEREF _Toc150224343 \h 234
علي × يفعل ما أمر به:..................................................... PAGEREF _Toc150224344 \h 234
الغضب العظيم:............................................................... PAGEREF _Toc150224345 \h 235
وفد همدان:..................................................................... PAGEREF _Toc150224346 \h 236
الفصل الثامن: عودة علي × إلى اليمن
سرية علي بن أبي طالب × إلى اليمن المرة الثانية:................... PAGEREF _Toc150224349 \h 245
أول خيل دخلت إلى اليمن:.................................................. PAGEREF _Toc150224350 \h 248
إمض ولا تلتفت:.............................................................. PAGEREF _Toc150224351 \h 249
لا تقاتلهم حتى يقاتلوك:...................................................... PAGEREF _Toc150224352 \h 250
التدرج في الدعوة، والإكتفاء باليسير:.................................... PAGEREF _Toc150224353 \h 250
هل أتوا بنهب وسبايا؟!:..................................................... PAGEREF _Toc150224354 \h 251
سيرة علي × في الخمس تخالف سيرة غيره:........................... PAGEREF _Toc150224355 \h 253
علي × المقرئ والمعلم:..................................................... PAGEREF _Toc150224356 \h 255
عممه بعمامته، وبيده:........................................................ PAGEREF _Toc150224357 \h 256
القاضي والمعلم لأهل اليمن:................................................ PAGEREF _Toc150224358 \h 256
الرواية الأقرب إلى القبول:................................................. PAGEREF _Toc150224359 \h 259
النبي ' لم يعلم علياً × القضاء:........................................... PAGEREF _Toc150224360 \h 260
قضاء علي × قضاء النبي ':............................................. PAGEREF _Toc150224361 \h 261
شكاية الخصوم إلى رسول الله ':......................................... PAGEREF _Toc150224362 \h 264
علي ليس بظلام:.............................................................. PAGEREF _Toc150224363 \h 265
عودة إلى مسألة التربية:..................................................... PAGEREF _Toc150224364 \h 266
من وصايا النبي ' لعلي ×:................................................ PAGEREF _Toc150224365 \h 268
هدايا علي × من اليمن إلى النبي ':...................................... PAGEREF _Toc150224366 \h 270
علي × في اليمن مرة أخرى:.............................................. PAGEREF _Toc150224367 \h 272
عقبة أفيق:..................................................................... PAGEREF _Toc150224368 \h 273
سفير سلام:.................................................................... PAGEREF _Toc150224369 \h 273
لماذا غضب أهل اليمن؟!:.................................................. PAGEREF _Toc150224370 \h 274
لعلها جماعة صغيرة:........................................................ PAGEREF _Toc150224371 \h 274
اليمن بلد كبير:................................................................. PAGEREF _Toc150224372 \h 274
علي × شاب حدث:.......................................................... PAGEREF _Toc150224373 \h 275
الفصل التاسع: علي × في بني زبيد
سرية علي × إلى بني زبيد:................................................ PAGEREF _Toc150224376 \h 279
غرور عمرو بن معد يكرب:............................................... PAGEREF _Toc150224377 \h 280
شجعان وفرسان صنعتهم السياسة:....................................... PAGEREF _Toc150224378 \h 281
أسئلة لا تجد لها جواباً:...................................................... PAGEREF _Toc150224379 \h 283
سبي بني زبيد:................................................................ PAGEREF _Toc150224380 \h 283
النص الأوضح، والأصح والأصرح:.................................... PAGEREF _Toc150224381 \h 284
عمرو يرتد في عهد النبي ':.............................................. PAGEREF _Toc150224382 \h 290
علي × على المهاجرين، وخالد على الأعراب:........................ PAGEREF _Toc150224383 \h 290
إلا من شاء الله:................................................................ PAGEREF _Toc150224384 \h 295
عدوانية عمرو بن معد يكرب:............................................. PAGEREF _Toc150224385 \h 295
طغيان خالد:................................................................... PAGEREF _Toc150224386 \h 296
هزيمة عمرو، وسبي نسائه!!.............................................. PAGEREF _Toc150224387 \h 296
استجداء عمرو.. وأريحية خالد!!:........................................ PAGEREF _Toc150224388 \h 298
بريدة يشكو علياً × إلى رسول الله ':.................................... PAGEREF _Toc150224389 \h 299
ماذا عن عمرو بن معد يكرب؟!:.......................................... PAGEREF _Toc150224390 \h 299
كذب عمرو بن معد يكرب:................................................. PAGEREF _Toc150224391 \h 302
الفصل العاشر: معاذ وأبو موسى في اليمن
بعث معاذ، وأبي موسى الأشعري إلى اليمن:........................... PAGEREF _Toc150224394 \h 305
ترديدات تثير الشبهة:........................................................ PAGEREF _Toc150224395 \h 309
اليمن مخلافان:................................................................ PAGEREF _Toc150224396 \h 309
تطاوعا ولا تختلفا:........................................................... PAGEREF _Toc150224397 \h 310
قتل اليهودي:.................................................................. PAGEREF _Toc150224398 \h 310
أبو موسى التقي الورع:..................................................... PAGEREF _Toc150224399 \h 311
هنات تجعل فضيلة لمعاذ:.................................................. PAGEREF _Toc150224400 \h 311
معاذ في ميزان السياسة:.................................................... PAGEREF _Toc150224401 \h 315
سر تعظيم معاذ بن جبل:.................................................... PAGEREF _Toc150224402 \h 316
معاذ بن جبل لم يتول مخلافاً:.............................................. PAGEREF _Toc150224403 \h 317
سرية قطبة بن عامر إلى حي من خثعم:................................. PAGEREF _Toc150224404 \h 318
سرية علقمة إلى ساحل جدة:............................................... PAGEREF _Toc150224405 \h 321
أمير السرية أنصاري أم قرشي؟!:........................................ PAGEREF _Toc150224406 \h 324
نزول آية طاعة ولي الأمر في ابن حذافة:............................... PAGEREF _Toc150224407 \h 325
تنبيه ضروري:............................................................... PAGEREF _Toc150224408 \h 329
الفصل الحادي عشر: صنم طيء.. وآل حاتم
هدم الفُلْس ـ صنم طيء:..................................................... PAGEREF _Toc150224411 \h 335
من الذي سبى سفانة؟!:...................................................... PAGEREF _Toc150224412 \h 343
لا بد من هدم الصنم:......................................................... PAGEREF _Toc150224413 \h 343
التحريف والتزييف:.......................................................... PAGEREF _Toc150224414 \h 345
آل حاتم محاربون:........................................................... PAGEREF _Toc150224415 \h 345
علي × لا يقسم آل حاتم:.................................................... PAGEREF _Toc150224416 \h 346
الراية السوداء:................................................................ PAGEREF _Toc150224417 \h 347
هروب عدي بن حاتم:....................................................... PAGEREF _Toc150224418 \h 347
اصطفى السيوف للنبي '، ولمن صارت؟!:........................... PAGEREF _Toc150224419 \h 348
تهديد المتهم:................................................................... PAGEREF _Toc150224420 \h 348
تعمد أخذ الأسرى:............................................................ PAGEREF _Toc150224421 \h 349
قتل الأسرى:................................................................... PAGEREF _Toc150224422 \h 349
لم يجبها ' إلا في المرة الرابعة:........................................... PAGEREF _Toc150224423 \h 350
وجهها علي × وحرص عليها النبي ':.................................. PAGEREF _Toc150224424 \h 351
لو كان أبوك مسلماً لترحمنا إليه:.......................................... PAGEREF _Toc150224425 \h 352
سفّانة في الشام، وعدي في المدينة:....................................... PAGEREF _Toc150224426 \h 353
الفهارس:
1 ـ الفهرس الإجمالي.............................................. PAGEREF _Toc150224430 \h 361
2 ـ الفهرس التفصيلي.............................................. PAGEREF _Toc150224432 \h 363
--------------------------------------------------------------------------------
([1]) مجمع الزوائد ج9 ص216 والمعجم الكبير للطبراني ج22 ص433 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص148وسبل الهدى والرشاد ج11 ص31 عن الطبراني.
([2]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص31 عن الطبراني وفي وفاتها راجع: البحار ج21 ص183 عن الكـازروني، والمعجم الأوسط ج6 ص66 والطبقات الكـبرى = = لابن سعد ج8 ص34 و 455 وسير أعلام النبلاء ج2 ص250 والإصابة ج8 ص152 وأعيان الشيعة ج3 ص482 وبشارة المصطفى ص419 ونيل الأوطار للشوكاني ج4 ص149 ومسند أحمد ج5 ص85 وصحيح مسلم ج3 ص48 وفتح الباري ج3 ص103 وعمدة القاري ج8 ص39 و 46 وتحفة الأحوذي ج4 ص75 والمصنف لابن أبي شيبة.
([3]) مستدرك الحاكم ج4 ص42 و 44 ومجمع الزوائد ج9 ص216 عن الطبراني وقاموس الرجال ج10 ص266 و 267 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج14 ص192 وأعيان الشيعة ج1 ص251 وج7 ص141 والبحار ج19 ص351 والبداية والنهاية ج3 ص399 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص516 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص165 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص480 والمنتخب من ذيل المذيل ص2 والإستيعاب ج4 ص1536 و 1853 و 1854 وقاموس الرجال ج12 ص266 وعيون الأثر ج2 ص196والسيرة الحلبية ج3 ص39 وأسد الغابة ج5 ص53 والوافي بالوفيات ج27 ص132 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص444 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص453 والوافي بالوفيات ج27 ص132.
([4]) ذخائر العقبى ص157ومجمع الزوائد ج9 ص215 وراجع: شرح النهج ج14 ص192 و 193 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص193 وسير أعلام النبلاء ج2 ص23 والمستدرك للحاكم ج4 ص42 و (ط دار الكتب العلمية) ص45 وأعيان الشيعة ج1 ص251 والبحار ج19 ص351.
([5]) راجع: مسند أحمد ج1 ص237 ومجمع الزوائد ج3 ص17 وتحفة الأحوذي ج4 ص75 والغدير ج6 ص159 ونيل الأوطار ج4 ص149 والمستدرك للحاكم ج3 ص190 والإستيعاب ج3 ص1065.
([6]) ميزان الإعتدال (ط دار المعرفة) ج3 ص129 و (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص175 والفصول المهمة للسيد شرف الدين ص91 والمجالس الفاخرة للسيد شرف الدين ص27 ومسند أحمد ج1 ص335 ومستدرك الوسائل ج2 ص467 والنص والإجتهاد ص298 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص473 ومسند أبي داود الطيالسي ص351 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص398 وج8 ص37 وسير أعلام النبلاء ج2 ص251 والإصابة ج8 ص138 وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص102 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص225 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص357 ومجمع الزوائد ج9 ص302 والمعجم الكبير للطبراني ج9 ص37.
([7]) البحار ج21 ص183 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص69 وج6 ص127 وفتح الباري ج3 ص139 وعمدة القاري ج8 ص102 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص267 ومسند أبي يعلى ج6 ص42 وصحيح ابن حبان ج7 ص162 والإستيعاب ج1 ص54 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص136 وأسد الغابة ج1 ص38 وج7 ص166 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص699 والوافي بالوفيات ج6 ص67 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص22.
([8]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص21 و 22 عن ابن سعد، وعن البخاري، ومسلم، والبحار ج21 ص183 عن المنتقى للكازروني، وراجع: البداية والنهاية ج4 ص431 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص710 وأنساب الأشراف ج1 ص448 ـ 450 ومجمع الزوائد ج4 ص329 وعمدة القاري ج16 ص100، وأي كتاب تاريخي أو حديثي يتحدث عن السيرة النبوية الشريفة.
([9]) أنساب الأشراف ج1 ص450 والبداية والنهاية ج8 ص70 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص37 و (ط ليدن) ج1 ق1 ص88 والدر المنثور ج6 ص240 عن ابن مردويه، والسيرة الحلبية ج3 ص309 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص87 والمستدرك للحاكم ج3 ص39 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وقاموس الرجال ج12 ص302 وإمتاع الأسماع ج5 ص336 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص137 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص87.
([10]) أنساب الأشراف ج1 ص450 ووفاء الوفاء ج3 ص826 والإصابة ج4 ص405 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص311 وقاموس الرجال ج12 ص343 عن أنساب الأشراف ج1 ص448 و 450 وراجع: البداية والنهاية ج3 ص303 و 304 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص153 و (ط دار صادر) ص212 وإمتاع الأسماع ج5 ص336 وج6 ص130 ورسالة مارية للشيخ المفيد ص26 والمنتخب من كتاب أزواج النبي ج1 ص57.
([11]) السيرة الحلبية ج3 ص309 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق1 ص86 و (ط دار صادر) ج1 ص135 والإصابة ج4 ص405 والمنتظم ج3 ص345 ورسالة مارية للشيخ المفيد ص26.
([12]) تفسير القمي ج2 ص99 و 100 وص318 و 319 والبرهان (تفسير) ج3 ص126 و 127 وج4 ص205 ونور الثقلين ج3 ص581 و582 وراجع: البحار ج22 ص155 و 154 و 242 والتفسير الصافي ج3 ص424 وتفسير نور الثقلين ج3 ص581 وتفسير الميزان ج5 ص103 و 104 وراجع: علل = = الشرائع ج2 ص267 وعن الخصال ج2 ص120 ـ 126 وراجع: قاموس الرجال (ط أولى) ج3 ص279 و (ط مركز النشر الإسلامي) ج12 ص302 و 342 ومجمع البحرين ج1 ص82 وجامع الشتات ص36.
([13]) أنساب الأشراف ج1 ص450 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج4 ص411 412 والإصابة ج3 ص334 وج4 ص411 و 412 وصحيح مسلم ج8 ص119 ومستدرك الحاكم ج4 ص39 و40 وتلخيص مستدرك الحاكم للذهبي، نفس الجزء والصفحة، والبداية والنهاية ج4 ص273 وج3 ص304 عن أحمد والمحلى ج11 ص413 والسيرة الحلبية ج3 ص309 و 312 وأسد الغابة ج5 ص542 و544 وج4 ص268 والكامل في التاريخ ج2 ص313 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص154 و 155 و (ط ليدن) ج1 ق1 ص88 ومجمع الزوائد ج9 ص161 وج4 ص329 عن الطبراني في الأوسط، والأمالي للمرتضى ج1 ص77 و (ط منشورات مكتبة المرعشي) ص54 وصفة الصفوة ج2 ص78 و79 وكشف الأستار عن مسند البزار ج2 ص188 و 189 والبحارج22 ص53 و 167 و 168 وعن أحمد، والضياء في المختارة والفائق ج1 ص287 والدر المنثور ج6 ص240 وكنز العمال ج5 ص454 وأضواء على السنة المحمدية ص45 وتفسير مجمع البيان ج9 ص220 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص236 وسيرة ابن إسحاق ج5 ص252 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص602 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص219 وجامع الشتات ص36.
([14]) سبل الهدى والرشاد ج1 ص537 وج11 ص21 و 219 عن ابن سعد، والبحار ج15 ص280 وج16 ص120 و 131 وج21 ص183 والمستدرك للحاكم ج2 ص604 ومجمع الزوائد ج4 ص329 والآحاد والمثاني ج5 ص449 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص47 و 135 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص44 و 133 والإصابة ج1 ص318 وتاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص34 والبداية والنهاية ج5 ص330 وإمتاع ج2 ص148 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج1 ص235 وإعلام الورى ج1 ص43 وكشف الغمة ج1 ص13 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص612.
([15]) سبل الهدى والرشاد ج1 ص537 وج11 ص21 عن ابن مندة، والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص413 وعمدة القاري ج16 ص100 وفيض القدير ج3 ص323.
([16]) كنز العمال ج11 ص471 وج14 ص97 عن ابن عساكر بسند حسن، والإصابة ج3 ص335 عن فتوح مصر لابن عبد الحكم، والسيرة الحلبية ج3 ص312 و 313 و (ط دار المعرفة) ص399 ومجمع الزوائد ج9 ص162 والإصابة ج5 ص518 وراجع: دلائل الصدق ج3 ق2 ص26 وراجع: رسالة حول خبر مارية ص28 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص46 وفتوح مصر وأخبارها للقرشي المصري ص121.
([17]) صحيح مسلم ج7 ص77 وفتح الباري ج3 ص140 وتاريخ الخميس ج2 ص146 وعمدة القاري ج8 ص103 والديباج على مسلم ج5 ص320 والجامع الصغير ج1 ص330 وكنز العمال ج11 ص470 وج12 ص455 وج14 ص98 عن أبي نعيم، وراجع: رسالة حول خبر مارية ص30 ومسند أبي يعلى ج7 ص205 وفيض القدير ج2 ص515 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص290 ومعجم المحاسن والمساوئ ص398 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص139 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص136 والبداية والنهاية ج5 ص331 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج2 ص224 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص613 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص361 والجمع بين الصحيحين ج2 ص655 ومشكاة المصابيح ج3 ص1621 والمنتظم ج4 ص11 وراجع: سبل السلام ج3 ص217 والمجازات النبوية ص383 ومسند أحمد ج3 ص112 وشرح مسلم للنووي ج15 ص76.
([18]) الدر المنثور ج5 ص210 و 211 عن البخاري، ومسلم، وابن أبي شيبة، وابن المنذر، وابن ماجة، وعبد بن حميد، وابن جرير، والحاكم وصححه، وابن مردويه، وأحمد، وابن أبي حاتم، وراجع ما عن ابن سعد أيضاً. وراجع: تفسير الصافي ج4 ص196وأحكام القرآن للجصاص ص479 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص25 وج14 ص208 و 214 والبحار ج22 ص181 وفتح القدير ج4 ص295 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص245 ومجمع البيان (ط مؤسسة الأعلمي) ج8 ص171 ونور الثقلين ج4 ص293 والميزان (تفسير) ج16 ص342 وراجع: المبسوط للطوسي ج4 ص158 والصراط المستقيم ج3 ص166 وشرح مسلم للنووي ج10 ص49 وكتاب الأربعين للشيرازي ص625 والبحار ج22 ص181 وصحيح البخاري ج6 ص24 وعن مسند أحمد ج6 ص261 وعن فتح الباري ج8 ص405 وج9 ص142 وعمدة القاري ج19 ص119 وج20 ص109 والديباج على مسلم ج4 ص71 وحاشية السندي على النسائي ج6 ص54 وتخريج الحاديث والآثار ج3 ص118 وتغليق التعليق ج4 ص410 وتفسـير جوامع الجـامع ج3 ص75 = = وتفسير مجمع البيان ج8 ص171 وصحيح ابن حبان ج14 ص282 واحكام القرآن للجصاص ج3 ص479 وتفسير البغوي ج3 ص538 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص595 و 604 و 606 والجامع لأحكام القرآن ج2 ص25 وج14 ص208 و 214 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص508 ومصادر كثيرة أخرى.
([19]) إحياء علوم الدين (ط مصر) ج2 ص29 و (ط دار المعرفة) ص43 ومكاشفة القلوب ص237 باب 94 ص237 والمراجعات ص326 والنص والإجتهاد ص418 وفيض القدير ج3 ص661 والصراط المستقيم ج3 ص166 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص33 وراجع: المصنف للصنعاني ج11 ص431.
([20]) إحياء العلوم للغزالي ج2 ص35 آداب النكاح، ومكاشفة القلوب ص238 باب 94 وكنز العمال (ط حيدرآباد) ج7 ص16 ح(1020) والمراجعات ص326 والنص والإجتهاد ص417 والصراط المستقيم ج3 ص166 وكتاب الأربعين للشيرازي ص625 والطرائف لابن طاووس ص292 وعين العبرة للسيد أحمد آل طاووس ص45 وإحقاق الحق (الأصل) ص306 و 307.
([21]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص182 وج9 ص71 عن أبي يعلى بسند لا بأس به، وأبو الشيخ بن حيان بسند جيد قوي عن عائشة، وفي هامشه عن: مجمع البيان ج4 ص322 والمطالب العالية (1540) و (1927). وراجع: مجمع الزوائد ج4 ص322 ومسند أبي يعلى ج8 ص130.
([22]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص22 و 24 وعمدة القاري ج7 ص64 وج8 ص103 و 211 والمعجم الكبير للطبراني ج24 س306 و 307 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص91 والإستيعاب لابن عبد البر ج1 ص56 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص143 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص145 وج34 ص290 و 291 وج60 ص296 والبداية والنهاية ج5 ص332 والإصابة ج1 ص318 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج5 ص339 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص615 والمجموع للنووي ج5 ص58 وذخائر العقبى ص155 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص336 ومجمع الزوائد ج9 ص162 وفتح الباري ج3 ص140.
([23]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص22 و 27 ومسند أحمد ج6 ص267 وسنن أبي داود ج2ص76 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص139 والإستيعاب ج1 ص56 و 57 والإصابة ج1 ص318 و 319 والمحلى لابن حزم ج5 ص158 ونصب الراية ج2 ص322 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 ص236 وفيض القدير ج1 ص257 والعلل لابن حنبل ج1 ص283 وأحكام الجنائز للألباني ص79 عن أبي داود، وابن حزم، وأحمد، وراجع: تاج المواليد للطبرسي (المجموعة) ص9 والمستدرك للحاكم ج4 ص38 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص336 وعمدة القاري ج8 ص211 وعون المعبود ج4 ص31 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص49 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص142 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص142 و 143 وج3 ص7 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص145 و 146 وأسد الغابة ج1 ص39 والوافي بالوفيات ج6 ص67 والبداية والنهاية ج5 ص322 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج5 ص338 وأعيان الشيعة ج1 ص223 وسيرة ابن إسحاق ج5 ص251 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص614 و 615.
([24]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص22 والإصابة ج1 ص320 وراجع: فتح الباري ج10 ص477.
([25]) تاريخ مدينة دمشق ج3 ص135 و 137 و 138 و 144 وراجع: فتح الباري ج10 ص477 وتاريخ المدينة لابن شبة ج1 ص97 والبداية والنهاية ج5 ص331 و 332 وإمتاع الأسماع ج5 ص338 وشرح معاني الآثار ج1 ص508 و 509 وفيض القدير ج2 ص515 الإصابة ج1 ص320 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص612 و 614 وراجع: مسند أحمد ج4 ص283 و 289 و 304 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص9 وعمدة القاري ج7 ص69 ومسانيد أبي يحيى الكوفي ص22 و 26 والمصنف للصنعاني ج7 ص494 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص255 والآحاد والمثاني ج5 ص451 ومسند أبي يعلى ج3 ص251 والإستيعاب ج1 ص58 ونصب الراية ج2 ص331 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج1 ص235 وكنز العمال ج12 ص452 و 454 و 455 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص7 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص140 والعلل لابن حنبل ج2 ص412 و 565 و 566.
([26]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص22 والإصابة ج1 ص318 وأسد الغابة ج1 ص39 والإستيعاب ج1 ص56 وإمتاع الأسماع ج5 ص338 وعمدة القاري ج7 ص69.
([27]) إمتاع الأسماع ج5 ص338 وعمدة القاري ج7 ص69 وج8 ص103 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص395.
([28]) إمتاع الأسماع ج5 ص338.
([29]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص22 عن ابن سعد، ومستدرك الوسائل ج2 ص456 و 458 وج13 ص94 والبحار ج79 ص90 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص470 و 486 وميزان الحكمة ج2 ص1674 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص69 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص266 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص309 وكنز العمال ج15 ص615 و 616 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص138 وسيرة ابن إسحاق ج5 ص251 وغوالي اللآلي ج1 ص89 والتمهيد لابن عبد البر ج24 ص442 وكتاب المجروحين ج2 ص245 وفتوح مصر وأخبارها ص124 وسيرة ابن إسحاق ج5 ص251 والتمهيد ج24 ص442 ونصب الراية ج5 ص90.
([30]) سبل الهدى والرشاد ج7 ص30 وج11 ص23 عن مسلم، وأبي داود، وابن سعد، وأحمد، وعبد بن حميد، والطبراني، وراجع: ابن ماجة، وابن عساكر، عن أسماء بنت يزيد، وبكير بن عبد الله، وراجع: الذكرى للشهيد الأول ج2 ص47 والحدائق الناضرة ج4 ص163 وكشف الغمة (ط ق) ج1 ص158 والكافي للكليني ج3 ص262 ودعائم الإسلام ج1 ص224 وتحف العقول ص37 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص280 و (ط دار الإسلامية) ج2 ص921 ومستدرك الوسائل ج2 ص385 و 460 و 462 و 463 ومكارم الأخلاق ص22 وذخائر العقبى ص153 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص394 وغوالي اللآلي ج1 ص89 ومسكن الفؤاد للشهيد الثاني ص5 و 93 و 94 والبحار ج16 ص235 وج22 ص157 و 264 وج24 ص264 وج65 ص54 وج74 ص140 وج79 ص91 و 101 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص405 و 470 و 471 و 472 و 481 ومسند أحمد ج3 ص194 وصحيح البخاري ج2 ص84 وصحيح مسلم ج7 ص76 وسنن ابن ماجة ج1 ص506 وسنن أبي داود ج2 ص64 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص69 وعمدة القاري ج8 ص75 و 101 والمصنف للصنعاني ج3 ص553 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص267 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص385 والإعتبار لابن أبي الدنيا = = ص41 وكتاب الهواتف لابن أبي الدنيا ص38 ومسند أبي يعلى ج6 ص43 وصحيح ابن حبان ج7 ص162 والمعجم الأوسط ج8 ص346 والمعجم الكبير ج24 ص171 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص198 والإستذكار ج3 ص71 والإستيعاب ج1 ص55 و 57 و 58 والتمهيد لابن عبد البر ج17 ص284 وج24 ص443 وتغليق التعليق ج2 ص472 وراجع: كنز العمال ج15 ص615 و 621 و 625 وفيض القدير ج2 ص717 وج3 ص291 وج6 ص473 وكشف الخفاء ج2 ص156 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص360 وأحكام القرآن لابن العربي ج3 ص74 وج4 ص262 وتفسير القرطبي ج9 ص249 وفتح القدير ج3 ص48 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص137 و 138 و 140 و 142 و 143 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص139 و 145 وج10 ص107 وأسد الغابة ج1 ص39 ووفيات الأعيان ج2 ص302 وتاريخ الإسلام ج2 ص699 والبداية والنهاية ج5 ص331 و 332 وج6 ص305 وج7 ص86 وإمتاع الأسماع ج2 ص223 و 338 و 339 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص614 و 615.
([31]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص23 عن ابن ماجة، والحكيم الترمذي وراجع: سنن ابن ماجة ج1 ص473 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص139 والبداية والنهاية ج5 ص331 وإمتاع الأسماع ج5 ص339 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص613.
([32]) الآية 79 من سورة البقرة.
([33]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص23 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص138 والتحفة السنية (مخطوط) ص44 ومستدرك الوسائل ج2 ص385 وذخائر العقبى ص155 ومسكن الفؤاد للشهيد الثاني ص93 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص470 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص69 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص266 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص309 والإستيعاب ج1 ص57 والتمهيد لابن عبد البر ج24 ص443 وكنز العمال ج15 ص615 و 616 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص138وكتاب المجروحين ج2 ص246 وأسد الغابة ج1 ص39 وفتوح مصر وأخبارها ص124 والوافي بالوفيات ج6 ص68 وسيرة ابن إسحاق ج5 ص251 والسيرة الحلبية ج3 ص394.
([34]) تقدمت مصادر هذا الحديث، وما بمعناه.
([35]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص23 عن ابن سعد، والجامع الصغير ج1 ص495 وكنز العمال ج15 ص608 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص139 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص395 وفيض القدير ج3 ص291.
([36]) الآية 4 من سورة التحريم.
([37]) الآية 1 من سورة التحريم.
([38]) الآية 4 من سورة التحريم.
([39]) أي نتخوف غزو الغساسنة لنا.
([40]) الآية 28 من سورة الأحزاب.
([41]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص60 و 61 عن الطبراني، والبخاري، ومسلم، والنسائي، وأحمد، والترمذي، وابن ماجة عن: أنس، وأم سلمة، وجابر، وابن عباس، وعائشة، والزهري، وابن عمر. وقال في هامشه: ذكره الهيثمي في المجمع ج5 ص13 من طريق عبد الله بن صالح، وعزاه للطبراني في الأوسط، وهو في الصحيحين من حديث عائشة ج8 ص656 (4912) (6691) ومسلم ج2 ص1100 (20/1474) وراجع: صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج4 ص192 ومجمع الزوائد (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص8 ـ 10 والمعجم الأوسط ج8 ص324 ـ 326 وراجع: فتح الباري ج9 ص243 ـ 247 وكنز العمال ج2 ص535 ـ 538.
([42]) مسند أحمد ج6 ص59 وصحيح البخاري ج6 ص167 وج8 ص64 وصحيح مسلم ج4 ص185 والبحار ج22 ص229 وسنن أبي داود ج2 ص191 وتفسير القرآن العظيم ص413 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص354 وعمدة القاري ج20 ص243 وج24 ص119 وتفسير الثعالبي ج5 ص450 وشرح مسلم للنووي ج10 ص76 وعون المعبود ج10 ص128 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص85 ومسند أبي يعلى ج8 ص300 وتفسير مجمع البيان ج10 ص55 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص301 و 302 وتفسير البغوي ج4 ص362 وأسباب نزول الآيات للنيسابوري ص291 وزاد المسير ج8 ص49 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج18 ص177 و 178 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص413 و 414.
([43]) الدر المنثور ج5 ص194 عن أحمد، ومسلم، والنسائي، وابن مردويه، وراجع: مسند أحمد ج3 ص328 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص383 و 384 وتفسر القرآن العظيم ج3 ص489 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص117 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص406 وج11 ص175 ولباب النقول (ط دار إحياء = = العلوم) ص173 و (ط دار الكتب العلمية) 158 وتفسير الآلوسي ج21 ص181 وفتح القدير ج4 ص281.
([44]) الدر المنثور ج5 ص194 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص179ـ 181 وراجع: تفسير العز بن عبد السلام ج2 ص570 وعمدة القاري ج13 ص19.
([45]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص62 عن الطبراني، وأبي داود بسند جيد وقال في هامشه: ذكره الهيثمي في المجمع ج4 ص326 وقال: رواه أبو داود مختصراً، والطبراني في الأوسط وراجع: مجمع الزوائد (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص323 والمعجم الأوسط ج3 ص99 والمعجم الكبير ج24 ص71.
([46]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص62 وقال في هامشه: أخرجه أحمد ج2 ص298 وانظر المجمع ج6 ص7 و 10/327 وراجع: مسند أحمد (ط دار صادر) ج2 ص44 و 81 ومجمع الزوائد (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص7 و 8.
([47]) الآية 28 من سورة الأحزاب.
([48]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص62.
([49]) الدر المنثور ج5 ص194 عن مسلم، والنسائي، وأحمد، وابن مردويه وراجع: فيض القدير ج2 ص441 ومسند أحمد ج3 ص342 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص406 وج11 ص153و 154 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص374 و 407 وصحيح مسلم ج4 ص187 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص38 ومسند أبي يعلى ج4 ص174 و 175 وشرح مسند أبي حنيفة ص44 وتفسير البغوي ج3 ص526 والجامع لأحكام القرآن ج14 ص163 وج18 ص192 وإمتاع الأسماع ج13 ص68.
([50]) الآية 31 من سورة الأحزاب.
([51]) راجع: الكافي ج7 ص52 وتحف العقول ص199 ومستدرك الوسائل ج14 ص255 ومصباح البلاغة (مستدرك نهج البلاغـة) للميرجهاني ج4 ص14 = = ومقاتل الطالبيين ص25 والبحار ج42 ص249 وج75 ص100وجامع أحاديث الشيعة ج19 ص315 وج20 ص248 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي ج7 ص294 وج11 ص18 والمعجم الكبير ج1 ص102 وشرح النهج ج6 ص120 و 121 ونظم درر السمطين ص146 والبداية والنهاية ج7 ص363 وأعيان الشيعة ج1 ص533 والمناقب للخوارزمي ص386 وكشف الغمة ج2 ص59 وأهل البيت "عليهم السلام" في الكتاب والسنة لمحمد الريشهري ص340 موسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ لمحمد الريشهري ج7 ص257 وشرح إحقاق الحق ج32 ص654 وراجع: عمدة القاري ج13 ص108 والجرح والتعديل ج1 ص197.
([52]) الدر المنثور ج6 ص242 و243 عن أحمد، وعبدالرزاق، والعدني، وابن سعد، والبخاري، ومسلم، وعبد بن حميد، والترمذي، وابن حبان، وابن المنذر، وابن مردويه وعن ابن عباس وراجع: صحيح البخاري ج6 ص148 و 149 وفتح الباري ج9 ص248 فما بعدها، وعمدة القاري ج20 ص180 وعون المعبود ج14 ص72 وكنز العمال ج2 ص525 و 526 وتفسير الميزان ج19 ص339 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص406 وراجع: تفسير القرآن العظيم ج4 ص415.
([53]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص62.
([54]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص192 والدر المنثور ج5 ص195 عن ابن سعد، وراجع: البحار ج22 ص212 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج1 ص327 وج9 ص387 والحدائق الناضرة ج25 ص222 وجواهر الكلام ج32 ص70 والكافي ج6 ص138.
([55]) الدر المنثور ج5 ص195 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، وراجع: التبيان ج8 ص335 وجامع البيان ج21 ص189 وإمتاع الأسماع ج13 ص65.
([56]) الآية 30 من سورة الأحزاب.
([57]) الآية 28 من سورة الأحزاب.
([58]) الدر المنثور ج5 ص194 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص179ـ 181 وراجع: تفير العز بن عبد السلام ج2 ص570 وعمدة القاري ج13 ص19.
([59]) الآية 28 من سورة الأحزاب.
([60]) تفسير القمي ج2 ص192 وتفسير البرهان ج3 ص307 و 308 والكافي ج5 ص388 ومستدرك الوسائل ج15 ص310 والبحار ج22 ص198 وجامع أحاديث الشيعة ج22 ص92 والتفسير الأصفى ج2 ص998 والتفسير الصافي ج4 ص185 و 197 وج6 ص38 و 58 وتفسير نور الثقلين ج4 ص264 وتفسير نور الثقلين ج4 ص294 وراجع: الحدائق الناضرة ج23 ص96 و 110 و 113 وجواهر الكلام ج29 ص120.
([61]) الآية 28 من سورة الأحزاب.
([62]) الكافي ج6 ص137 و 138 و 139 والمقنع للشيخ الصدوق ص347 ورسائل المرتضى ج1 ص243 ومختلف الشيعة للعلامة الحلي ج7 ص340 و 341 و 343 والحدائق الناضرة ج23 ص100 وج25 ص222 وج29 ص124 و 125وج32 ص69 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص517 والإستبصار للشيخ الطوسي ج3 ص313 و 314 وتهذيب الأحكام ج8 ص88 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج22 ص93 و (ط دار الإسلامية) ج15 ص336 وعوالي اللآلي ج1 ص307 والبحار ج22 ص174 و 212 و 213 و 220 وجامع = = أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج22 ص91 والتبيان ج8 ص335 وتفسير جوامع الجامع للشيخ الطبرسي ج3 ص60 والتفسير الأصفى ج2 ص990 والتفسير الصافي ج4 ص185وج6 ص39 وتفسير نور الثقلين ج4 ص265 و 266 والبرهان ج3 ص307.
([63]) الحدائق الناضرة ج25 ص222 والأحكام ليحيى بن الحسين ج1 ص428 والكافي ج6 ص138 ومستدرك الوسائل ج15 ص309 والبحار ج22 ص212 وجامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج22 ص93 وتفسير نور الثقلين ج4 ص266 والبرهان ج3 ص307.
([64]) الكافي ج6 ص139 وجواهر الكلام ج29 ص125 ومن لا يحضره الفقيه ج3 ص517 والبحار ج22 ص220 والتفسير الأصفى ج2 ص990 والتفسير الصافي ج6 ص39 والبرهان ج3 ص307.
([65]) الكافي ج6 ص138 والبرهان ج3 ص307 وجواهر الكلام ج32 ص70 والحدائق الناضرة ج25 ص222 ودعائم الإسلام ج2 ص267 ومستدرك الوسائل ج15 ص309 والبحار ج22 ص212 وجامع أحاديث الشيعة للسيد البروجردي ج22 ص93 وتفسير نور الثقلين ج4 ص266.
([66]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص59 عن الطبراني بسند فيه ضعف، ومجمع الزوائد ج9 ص249 وتاريخ الخميس ج2 ص118 وراجع: الإصابة ج4 ص338 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص196 عن ابن سعد، ونيل الأوطار ج6 ص374 و 375 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص75 و 297 وعمدة القاري ج12 ص296 وج13 ص271 وج18 ص192 والمعجم الكبير للطبراني ج24 ص32 ومعرفة السنن الآثار ج5 ص426 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج3 ص119 ونصب الراية ج3 ص412 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج2 ص67 والثقات لابن حبان ج2 ص29 وتفسير مجمع البيان ج3 ص205 والدر المنثور ج2 ص232 وسبل السلام ج3 ص164والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص63 وتهذيب الكمال ج35 ص201 والوافي بالوفيات ج16 ص26 وسير أعلام النبلاء ج2 ص267 والإصابة ج8 ص196 وزوجات النبي لسعيد أيوب ص45.
([67]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص170 و 199 وج9 ص65 و 67 و68 عن أحمد، وأبي داود، ومسلم، والبخاري، عن عائشة. وفي هامشه عن: أبي داود (2315) والحـاكـم ج2 ص189 والبـيهقي ج7/74231 والبخـاري ج5 ص293 = = (2688) وج9 ص312 (5212) ومسلم ج2 ص1085 (47/1463) وج4 ص2129 (56/2770).
وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص118 والإصابة ج4 ص338 عن الترمذي، وقاموس الرجال ج12 ص283 والدر المنثور ج2 ص232 عن الحاكم وصححه، وأبي داود، وابن سعد، والبيهقي عن عائشة، وعن ابن جرير عن السدي، وعن الطيالسي، والترمذي، وحسنه، وابن المنذر والطبراني، والبيهقي في سننه عن ابن عباس. وراجع: الأحكام ليحيى بن الحسين ج1 ص375 والمجموع للنووي ج16 ص443 والشرح الكبير ج8 ص170 والمغني لابن قدامة ج8 ص165 و 166 وسبل السلام ج3 ص164 وفقه السنة ج2 ص307 وسنن أبي داود ج1 ص474 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص75 وفتح الباري ج9 ص274 وعمدة القاري ج12 ص296 وج13 ص271 وج18 ص192 وج20 ص69 و 193 و 198 وتحفة الأحوذي ج8 ص320 وعون المعبود ج6 ص122 والإستيعاب ج4 ص1867 وتخريج الآحاد والآثار ج1 ص361 وج3 ص119 والدراية في تخريج أحاديث الهداية ج2 ص67 وأحكام القرآن للجصاص ج3 ص481 وأحكام القرآن لابن العربي ج1 ص633 والتسهيل لعلوم التنزيل ج1 ص159 ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء العلوم) ص84 و (ط دار الكتب العلمية) ص73 وتهذيب الكمال ج35 ص201 وكتاب المحبر ص80 والوافي بالوفيات ج16 ص26 والبداية والنهاية ج7 ص162 وعيون الأثر ج2 ص382.
([68]) تاريخ الخميس ج1 ص118 والإصابة ج4 ص338 عن الترمذي، والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج3 ص324 وقاموس الرجال ج12 ص283 و 284 عن ابن الأثير الجزري وراجع الدر المنثور ج2 ص232 وراجع ص233 عن = = ابن سعد، والحاكم وصححه، وأبي داود، والبيهقي عن عائشة، والطيالسي، والترمذي، وحسنه، وابن المنذر، والطبراني، والبيهقي في سننه عن ابن عباس.
وراجع: الشرح الكبير لابن قدامة ج8 ص170 وسبل السلام ج3 ص164 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص297 وعمدة القاري ج12 ص296 وج20 ص193 والمصنف للصنعاني ج6 ص238 ونصب الراية للزيلعي ج3 ص412 وتفسير ابن أبي حاتم ج4 ص1079 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص119 وزاد المسير ج2 ص202 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص403 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص575 والدر المنثور ج2 ص232 وفتح القدير ج1 ص522 وتفسير الآلوسي ج5 ص161 وتهذيب الكمال ج35 ص201 والوافي بالوفيات ج16 ص25 و 26 والبداية والنهاية ج7 ص163.
([69]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص70 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص323 وراجع: كشف اللثام (ط ج) ج7 ص520 والمبسوط للسرخسي ج5 ص220 وسنن الترمذي ج4 ص315 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص297 وفتح الباري ج8 ص200 وعمدة القاري ج12 ص296 وج13 ص271 وج18 ص192 وج20 ص193 ومسند أبي داود ص349 والمعجم الكبير ج11 ص226 وتخريج الأحاديث والآثار ج3 ص119 وتفسير ابن أبي حاتم ج4 ص1079 و 1080 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص354 وأحكام القرآن لابن العربي ج1 ص633 وزاد المسير ج2 ص202 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص403 و 404 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص575 والدر المنثور ج2 ص232 وفتح القدير ج1 ص522 وتفسير الآلوسي ج5 ص161 وقاموس الرجال ج12 ص283 وأسد الغابة ج5 ص485 والإصابة ج8 ص196.
([70]) سبل الهدى والرشاد ج9 ص65 عن البخاري، ومسلم، والمجموع للنووي ج16 ص442 وسبل السلام ج3 ص163 ونيل الأوطار ج6 ص374 ومسند أحمد ص117 وصحيح البخاري ج3 ص135 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص296 والإستذكار ج5 ص544 وفيض القدير ج5 ص122 والطبقات الكبرى ج8 ص169 وإمتاع الأسماع ج10 ص231.
([71]) الإصابة ج4 ص338 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص196 وتهذيب الكمال = = ج35 ص201 وتهذيب التهذيب ج12 ص378 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص324 و (ط دار الجيل) ص1867 والبداية والنهاية ج8 ص77.
([72]) راجع: قاموس الرجال ج12 ص283 وأنساب الأشراف ج1 ص407 والسنن الكبرى للبيهقي ج9 ص89 وتهذيب الكمال ج35 ص203 والكامل في التاريخ ج2 ص131 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص158 والبداية والنهاية ج3 ص374 والسيرة النبوية لابن هشام ج2 ص472 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص476 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص65 والمستدرك للحاكم ج3 ص22 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص476 والمعجم الكبير ج24 ص35 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص188.
([73]) الدر المنثور ج2 ص232 عن ابن ماجة، وسنن ابن ماجة ج1 ص634 والمستدرك للحاكم ج2 ص59 ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء العلوم) ص84 و (ط دار الكتب العلمية) ص73 وتفسير الجلالين ص299 وراجع: الجامع لأحكام القرآن ج5 ص403 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص328 والإستذكار ج5 ص544 والتبيان ج3 ص346 و 347.
([74]) الدر المنثور ج2 ص233 عن ابن جرير، وتفسير مجاهد ج1 ص177 وراجع: جامع البيان ج5 ص417 وتفسير السمرقندي ج1 ص369 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص119 وتفسير الثعالبي ج2 ص307.
([75]) الدر المنثور ج2 ص233 عن ابن أبي شيبة، وأحمد، وعبد بن حميد، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن ماجة، وراجع: مسند أحمد ج2 ص347 و 471 وسنن ابن ماجة ج1 ص633 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص297 ومسند أبي داود الطيالسي ص322 والمصنف لابن أبي شيبة ج3 ص447 ومسند ابن راهويه ج1 ص159 والمنتقى من السنن المسندة ص180 وصحيح ابن حبـان ج10 ص7 ومـوارد الظمآن ج4 ص246 وكنز العـمال = = ج16 ص342 وجامع البيان ج5 ص426 وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص356 وتفسير السمرقندي ج1 ص370 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص577 وفتح القدير ج1 ص522 وتفسير الآلوسي ج5 ص163 والمجموع للنووي ج16 ص425 وعوالي اللآلي ج1 ص272 وجامع أحاديث الشيعة ج21 ص284.
([76]) الآية 129 من سورة النساء.
([77]) تفسير القمي ج1 ص154 و155 والدر المنثور ج2 ص232 عن مالك، وعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، والحاكم وصححه عن رافع بن خديج، وعن الشافعي، وسعيد بن منصور، وابن أبي شيبـة، والبيهقي عن سعيد = = بن المسيب، وراجع: الإستذكار لابن عبد البر ج5 ص543 والتبيان ج3 ص346 وتفسير مجمع البيان ج3 ص205 وتفسير نور الثقلين ج1 ص557 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص641 وتفسير الميزان ج5 ص105 وتفسير القرآن للصنعاني ج1 ص175 وجامع البيان ج5 ص417 و 422 ومعاني القرآن للنحاس ج2 ص206 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج2 ص119 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص404 وتفسير البحر المحيط ج3 ص379 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص576 والكامل في التاريخ ج4 ص363 وتفسير ابن أبي حاتم ج4 ص1081 وكتاب الموطأ ج2 ص548 والمدونة الكبرى لمالك ج2 ص335 ومستدرك الوسائل ج15 ص106 والبحار ج101 ص57 والمستدرك للحاكم ج2 ص308 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص296 وفتح الباري ج8 ص199 وعمدة القاري ج13 ص271 وج18 ص192 والمصنف للصنعاني ج6 ص238.
([78]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج7 ص114 وج9 ص70 وج11 ص148 عن النسائي، وأبي بكر الشافعي، وأبي يعلى بسند حسن، وأشار في الهامش إلى مجمع الزوائد ج4 ص316، وراجع: مسند أبي يعلى ج7 ص449 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص43 وج44 ص90 وكنز العمال ج12 ص593 وج15 ص91 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص441 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص291.
([79]) راجع: مسند أحمد (ط دار صادر) ج6 ص59 وصحيح البخاري (ط دار الفكر) ج6 ص167 وج8 ص64 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج4 ص185 والبحار ج22 ص229 وسنن أبي داود ج2 ص191 وتفسير القرآن العظيم ص413 والسنن الكبرى للبيهقي ج7 ص354 وتفسير الثعالبي ج5 ص450 وشرح مسلم للنووي ج10 ص76 وعون المعبود ج10 ص128 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص85 ومسند أبي يعلى ج8 ص300 وتفسير مجمع البيان ج10 ص55 وتفسير القرآن للصنعاني ج3 ص301 وأسباب نزول الآيات للنيسابوري ص291 وزاد المسير ج8 ص49 والجامع لأحكام القرآن ج18 ص177.
([80]) أنساب الأشراف ج1 ص458 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج8 ص112 و (ط دار صادر) ص148 وراجع: البحار ج21 ص183 عن المنتقى للكازروني، وسبل الهدى والرشاد ج11 ص230 و 231 عن ابن سعد، والواقدي، وتاريخ الخميس ج2 ص118 وراجع: قاموس الرجال ج12 ص301 و 345 وإمتاع الأسماع ج6 ص101 ووضوء النبي للشهرستاني ج1= = ص237 والإصابة ج8 ص320 والمنتخب من ذيل المذيل ص89 والبداية والنهاية 5 ص320 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص231 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص592 ومستدرك سفينة البحار ج4 ص333 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص340 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 ص260.
([81]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص231 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص148 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص232 والمنتخب من ذيل المذيل ص89 والإصابة ج8 ص320.
([82]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص231.
([83]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص231 عن الواقدي، وراجع: قاموس الرجال ج345 والطبقات الكبرى لابن سعد ج8 ص149 وتاريخ مدينة دمشق ج3 ص232 والإصابة ج8 ص320.
([84]) سبل الهدى والرشاد ج11 ص230 و 231 عن ابن سعد والواقدي وراجع المصادر المتقدمة.
([85]) المستد رك للحاكم ج4 ص37 وتلخيص المستدرك (مطبوع بهامشه) نفس الجزء والصفحة، والإصابة ج4 ص233 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص20 والطبقات الكبرى ج8 ص145 و 146 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص69 والأحكام ليحيى بن الحسين ج1 ص457 وخلاصة عبقات الأنوار ج3 ص276 والنص والإجتهاد ص413 والمنتخب من ذيل المذيل ص106.
([86]) إعلام الورى ص128 و (ط مؤسسة آل البيت لإحياء التراث) ج1 ص243 والبحار ج21 ص174 ومجمع البيان ج9 ص192 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص32 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص366 والكامل في التاريخ ج2 ص276 والبداية والنهاية ج5 ص6 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص943 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص4.
([87]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص69 و 77 عن الماوردي في حاويه، في السير والحج، وراجع: أسد الغابة ج3 ص358 ووج5 ص55 وتهذيب الكمال ج19 ص283 والإصابة ج4 ص356 و 357 وج6 ص415 وتهذيب التهذيب ج7 ص82 والوافي بالوفيات ج19 ص289 وأعيان الشيعة ج1 ص278 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص936 وإعلام الورى ج1 ص243 وفتح الباري ج8 ص65 ومعرفة السنن والآثار ج3 ص491 والإستيعاب ج3 ص1023 والطبقـات الكـبرى ج2 ص145 وج5 ص446 وتاريـخ خليفة بن خيـاط = = ص56 والمسترشد للطبري ص129 والبحار ج28 ص169 مغني المحتاج ج4 ص372 وإعانة الطالبيين ج4 ص241.
([88]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص70.
([89]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص71 و 72 عن البخاري ومسلم.
([90]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج12 ص72.
([91]) الآية 36 من سورة المدثر.
([92]) الآية 1 من سورة الفرقان.
([93]) الآية 27 من سورة التكوير، والآية 87 من سورة ص، والآية 104 من سورة يوسف.
([94]) الآية 52 من سورة القلم.
([95]) الآية 107 من سورة الأنبياء.
([96]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص297 و 298.
([97]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص70 والإصابة ج3 ص295.
([98]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص298.
([99]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص298 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص70 والإصابة ج3 ص295.
([100]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص71 وراجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص297 ـ 299.
([101]) الإصابة ج3 ص295.
([102]) راجع: الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص297 و 298 والإصابة ج3 ص296.
([103]) الإصابة ج3 ص295 و 296.
([104]) الآية 8 من سورة فاطر.
([105]) الآية 6 من سورة الكهف.
([106]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص70 والإصابة ج3 ص295 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص298.
([107]) المواهب اللدنية (بشرح الزرقاني) ج4 ص56 ـ 58.
([108]) راجع: المواهب اللدنية (بشرح الزرقاني) ج4 ص62.
([109]) الآيات 24 ـ 26 من سورة الشعراء.
([110]) الآية 32 من سورة المائدة.
([111]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص38 والبحار ج33 ص169 و 170 والغدير ج10 ص283 و 284 ووضوء النبي "صلى الله عليه وآله" ج1 ص208 وعن مروج الذهب ج3 ص454 و (ط أخرى) ج2 ص341 والموفقيات للزبير بن بكار 576 ـ 577 والنصائح الكافيـة ص116 وشرح = = النهج للمعتزلي ج9 ص238 و (ط دار إحياء الكتب العربية) ج5 ص129 و 130 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج1 ص47 و 48 وكشف الغمة ج2 ص45 و 46 وكشف اليقين للعلامة الحلي ص474 و 475 وقاموس الرجال ج9 ص20 وبهج الصباغة ج3 ص193.
([112]) الوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص58 ومستدرك الوسائل ج1 ص22 وشرح الأخبار ج2 ص47 و 166 و 536 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص140 والعمدة لابن البطريق ص456 والطرائف لابن طاووس ص504 وعين العبرة لأحمد ابن طاووس ص59 والصراط المستقيم ج3 ص47 ووصول الأخيار إلى أصول الأخبار لوالد البهائي ص78 وكتاب الأربعين للشيرازي ص632 والبحار ج22 ص248 وج33 ص190 و 194 و 195 و 209 وج44 ص76 و 77 ومناقب أهل البيت للشيرواني ص465 و 466 والغدير ج2 ص144 وج11 ص79 و 89 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص339 ومكاتيب الرسول ج1 ص118 و 161 و 650 وصحيح مسلم ج8 ص27 وشرح مسلم للنووي ج16 ص152 وتحفة الأحوذي ج4 ص128 ومسند أبي داود الطيالسي ص359 وخصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص23 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص176 وأبو هريرة لشرف الدين ص98 و 202 وشيخ المضيرة لأبي رية ص208 ومعجم رجال الحديث ج19 ص215 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص34 وتهذيب الكمال ج22 ص344 وميـزان الإعتـدال ج3 ص340 وسير = = أعلام النبلاء ج3 ص123 وفتوح البلدان ج3 ص582 وتاريخ الأمم والملوك ج8 ص186 والبداية والنهاية ج6 ص189 وج8 ص128 ووقعة صفين للمنقري ص220 والشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص197 والمناقب للخوارزمي ص11 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن الدمشقي ص218 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص215 والنصائح الكافية لمحمد بن عقيل ص123 و 202 و 261.
([113]) تذكرة الخواص ص201 والغدير ج10 ص169 عنه، والبحار ج30 ص296 وج33 ص208 وكتاب الأربعين للماحوزي ص103 و 374 وعن ربيع الأبرار للزمخشري ج4 ص400 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص465 و 467 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص175.
([114]) سبل الهدى والرشاد ج12 ص73 وإمتاع الأسماع ج2 ص90 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص52.
([115]) تاريخ الخميس ج2 ص140.
([116])راجع: تاريخ الخميس ج2 ص140 وصحيح البخاري باب ما يكره من الصلاة على المنافقين من كتاب الجنائز ج2 ص100 وج5 ص206، ومسند أحمد ج1 ص16 وكنز العمال ج1 ص247 ح (4403) و (ط مؤسسة الرسالة) ج2 ص418 و 419 ح (4392) عمن تقدم، وعن ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه وغيرهم. وراجع: الكامل في التاريخ ج2 ص199 والدر المنثور ج3 ص264 عن أحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن أبي حاتم، والنحاس، وابن حبان، وابن مردويه، وأبي نعيم في الحلية، وابن المنذر، وأبي الشيخ، والبيهقي في الدلائل وراجع: الميزان للطباطبائي ج9 ص353 وفتح القدير للشوكاني ج2 ص542 و 545 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص379 والمحلى لابن حزم ج11 ص209 وعين العبرة في غبن العترة للسيد أحمد آل طاووس ص20 والبحار ج30 ص572 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص340 و 385 والنص والإجتهاد للسيد شرف الـدين = = ص188 وسنن الترمذي ج4 ص343 وسنن النسائي ج4 ص68 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص199 وفتح الباري ج8 ص253 وعمدة القاري للعيني ج8 ص192 وج18 ص273 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص36 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص638 وج6 ص357 وكنز العمال ج1 ص170 وج2 ص6 و 419 وجامع البيان للطبري ج10 ص261 وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص173 وتفسير البغوي ج2 ص317 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص556 والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص67 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص393 وتفسير الآلوسي ج10 ص154 وتاريخ المدينة لابن شبة النميري ج3 ص864 وإمتاع الأسماع للمقريزي ج2 ص90 و 232 والسيرة الحلبية ج2 ص24.
([117]) الآية 84 من سورة التوبة.
([118]) راجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج2 ص76 وراجع: سنن النسائي ج4 ص37 ومسند أحمد ج2 ص18 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص199 وعمدة القاري ج8 ص53 والسنن الكبرى للنسائي ج1 ص621 وج6 ص357 وصحيح ابن حبان ج7 ص447 والإستيعاب ج3 ص941 وتفسسير ابن ابي = = حاتم ج6 ص1857 وسبب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص173 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص557 وزاد المسير ج3 ص326 وأسد الغابة ج3 ص198 والوافي بالوفيات ج17 ص10.
([119]) الآية 80 من سورة التوبة.
([120]) راجع: صحيح البخاري باب الكفن في القميص (أبواب الجنائز) وراجع كتاب اللباس. وراجع: الكامل لابن الأثير (ط دار الكتاب العربي) ج2 ص199 والدر المنثور ج3 ص266 عن الطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل، والبخاري، ومسلم، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص140 وراجع: الميزان (تفسير) ج9 ص377.
([121]) راجع: صحيح البخاري باب: استغفر لهم أو لا تستغفر، ودلائل الصدق ج3 ق2 ص65 عن الجمع بين الصحيحين، والدر المنثور ج3 ص266 عن البخاري، ومسلم، وابن أبي حاتم، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل وراجع: إعانة الطالبين ج2 ص153 والبحار ج30 ص342 وفتح القدير ج2 ص390 والأحكام لابن حزم ج3 ص273 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص660 وراجع: البداية والنهاية ج5 ص42 وإمتاع الأسماع ج2 ص231 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص65 ونهج الحق وكشف الصدق ص338 وإحقاق الحق (الأصل) ص284.
([122]) مسند أحمد ج1 ص16 والمحلى لابن حزم ج11 ص209 وسنن الترمذي ج4 ص342 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص35 وكنز العمال ج2 ض418 وجامع البيان للطبري ج10 ص261 وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص173 وأحكام القرآن لابن العربي ج2 ص556 و تفسير القرآن العظيم ج2 ص393 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص863 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص979.
([123]) راجع: الدر المنثور ج3 ص266 عن أبي الشيخ، وابن ماجة، والبزار، وابن جرير، وابن مردويه، والطبراني، والبيهقي في الدلائل، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص140 وتفسير الميزان ج9 ص365 وعمدة القاري ج8 ص56 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص93 وجامع البيان ج10 ص262.
([124]) راجع: تاريخ الخميس ج2 ص140 والدر المنثور ج3 ص266 عن أبي الشيخ، وابن ماجة، والبزار، وابن جرير، وابن مردويه، والطبراني، والبيهقي في الدلائل. وراجع: تفسير السمرقندي ج2 ص79.
([125]) الآية 2 من سورة الحجرات.
([126]) النص والإجتهاد ص188.
([127]) صحيح البخاري (ط دار المعرفة) ج4 ص19 وعمدة القاري ج8 ص165 وج14 ص257 وتحفة الأحوذي ج8 ص397 وتخريج الأحاديث والآثار ج2 ص94 وتفسير البغوي ج2 ص317 وتاريخ الخميس ج2 ص140 عن ابن عيينة.
([128]) النص والإجتهاد ص189 عن كنز العمال برقم (4404) عن ابن أبي حاتم، ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد)، وراجع: الدر المنثور ج3 ص264 وكنز العمال (ط مؤسسة الرسالة) ج2 ص419 وتفسير الميزان ج9 ص355 و 365 وتفسير ابن أبي حاتم ج6 ص1853.
([129]) راجع: الإصابة ج4 ص134 و 185.
([130]) الدر المنثور ج3 ص266 عن أبي الشيخ، وراجع: فتح الباري ج8 ص254 وعمدة القاري ج18 ص273 وتحفة الأحوذي ج8 ص398 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص93 وجامع البيان ج10 ص262 وتفسير الثعلبي ج5 ص79 وأسباب نزول الآيات للواحدي النيسابوري ص174 وتفسير البغوي ج2 ص317 وتفسير الآلوسي ج10 ص154 وزاد المسير ج3 ص326 وتاريخ الخميس ج2 ص140 و 141.
([131]) الوسائل (ط دار الإسلاميـة) ج2 ص770 و (ط مؤسسة آل البيت) ج3 ص71 = = والبحار ج22 ص125 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص325 وجواهر الكلام ج13 ص50 والمعتبر ج2 ص351 والكافي ج3 ص188 وتهذيب الأحكام ج3 ص196 ومنتقى الجمان ج1 ص276.
([132]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص210 والسيرة الحلبية ج3 ص200 وتاريخ الخميس = = ج2 ص109 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص112 ومعجم البلدان ج4 ص471 و 472 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص157 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج25 ص17 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص229 والبداية والنهاية ج3 ص124 وإمتاع الأسماع ج2 ص21 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص258 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص75.
([133]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص210 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص157 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص229.
([134]) تاريخ الخميس ج2 ص109 عن المواهب اللدنية.
([135]) البحار ج21 ص184 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص36 ومكاتيب الرسول ج1 ص40 والكامل في التاريخ ج2 ص272 و 273 وراجع: معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج3 ص893.
([136]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص211 عن ابن إسحاق، وقال في هامشه: أخرجه أبو داود (514) والترمذي (199) وابن ماجة (717) وابن سعد في الطبقات ج1 ق2 ص63 والطحاوي في معاني الآثار ج1 ص142 والبيهقي في الدلائل ج4 ص127 وراجع: الإستيعاب (ط دار الجيل) ج2 ص531 وأسد الغابة ج2 ص213 والوافي بالوفيات ج15 ص6 وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج4 ص163 والبداية والنهاية ج5 ص98.
([137]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص211 وتحفة الأحوذي ج1 ص508 وفيض القدير ج2 ص530 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج7 ص503 والمعجم الكبير ج5 ص263 وناسخ الحديث ومنسوخه ص263 والمجموع للنووي ج3 ص121 ومكاتيب الرسول ج1 ص217.
([138]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص349 والخرائج والجرائح ج2 ص513 والبحار ج18 ص34 ومكاتيب الرسول ج1 ص226 وبغية الباحث عن زوائد مسند الحارث ص187 ودلائل النبوة للأصبهاني ج1 ص282 وكنز العمال ج13 ص399 وتاريخ مدينة دمشق ج34 ص345 وتهذيب الكمال ج9 ص446 وفتوح مصر وأخبارها للقرشي المصري ص533 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص161 والبداية والنهاية ج5 ص97 وإمتاع الأسماع ج10 ص136.
([139]) راجع مكاتيب الرسول ج1 ص226 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: البحار ج18 ص34 و 35 عن الخرائج، والإستيعاب ج1 ص567 وأوعز إليه في الإصابة ج1 ص557/2850 وراجع: أسد الغابة ج2 ص213 قال: وأخرجه الثلاثة، والمطالب العالية ج4 ص11 والسيرة الحلبية ج3 ص267 و 268 وكنز العمال ج7 ص38 و (في ط أخرى) ج16 ص12 و 13 والبداية والنهاية ج5 ص83 ومجمع الزوائد ج5 ص203 و 204 وحياة الصحابة ج1 ص187 و 188 عن بعض من تقدم وعن البيهقي، وأحمد، والطبراني، والبداية، والبغوي، وابن عساكر، ومسند أحمد ج4 ص169 ومجموعة الوثائق السياسية: 277 و (في ط أخرى): 326/ 242 عن أبي عمر، وابن الأثير، وراجع: رسالات نبوية ص19 ومعجم القبائل ج2 ص636 والمعجم الكبير للطبراني ج5 ص303.
وراجع: الخرائج والجرائح للراوندي ج2 ص514.
([140]) راجع مكاتيب الرسول ج1 ص227 وأشار في هامشه إلى المصادر التالية: مسند أحمد ج4 ص168 و 169 والإصابة ج1 ص303 / 1555 عن البغوي، وابن أبي شيبة، والبارودي، والطبراني، وفي الإستيعاب (بهامش الاصابة) ج1 ص364: "حيان بن مج الصدائي" ثم أوعز إلى القصة، وأسد الغابة ج1 ص365 والمطالب العالية ج4 ص6 ومجموعة الوثائق السياسية: 326 ومجمع الزوائد ج5 ص199.
وراجع: والمعجم الكبير ج4 ص36 وكنز العمال ج12 ص372 وأسد الغابة ج2 ص68 وفتوح مصر وأخبارها للقرشي المصري ص532.
([141]) مواهب الجليل ج8 ص85 و ميزان الحكمة ج4 ص3692 و مسند أحمد ج4 ص409 وصحيح البخاري ج3 ص48 وج8 ص50 و صحيح مسلم ج6 ص6 وفتح الباري ج4 ص363 وج8 ص49 وج12ص242وج13 ص120وعون المعبود ج8 ص106 وعن السنن الكبرى للنسائي ج1 ص13 و 65 ومسند أبي يعلى ج13 ص214 والمعجم الأوسط ج1 ص216 والمعجم = = الكبير ج20 ص42 ومسند الشهاب ج2 ص177 والجامع الصغير ج1 ص386 وكنز العمال ج6 ص47 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج9 ص216 والأحكام لابن حزم ج6 ص764 والضعفاء للعقيلي ج3 ص190 ولسان الميزان ج4 ص324.
([142]) البحار ج21 ص184 عن الكامل في التاريخ ج2 ص185 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص369 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص362 والكامل في التاريخ (ط دار صادر) ج2 ص272 وإمتاع الأسماع ج2 ص36.
([143]) الإصابة ج1 ص262 وراجع: الشفاء لعياض ج1 ص484 ومكاتيب الرسول ج2 ص364 و 365.
([144]) مكاتيب الرسول ج2 ص361 وقال في هامشه: كما في زاد المعاد، ونشأة الدولة الإسلامية، والوثائق، ودحلان، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص284 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص76 وصبح الأعشى ج6 ص365 و 366 وأعيـان الشـيـعـة ج2 ص14 و (في ط أخرى) ج1 ص245 وأعـلام = = السائلين ص26 ورسالات نبوية ص133 وجمهرة رسائل العرب ج1 ص41 عن: صبح الأعشى ج6 ص380 والمواهب اللدنية ج3 ص404، وراجع: نشأة الدولة الإسلامية ص331 وزاد المعاد ج3 ص62 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج3 ص353. وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص18 و ج4 ق2 ص188 وفتوح البلدان ص87 و (في ط أخرى) ص104 والإصابة ج1 ص576 في ترجمة زبيد بن الأعور بن جيفر الجلندى الأزدي، وص264 في ترجمة جيفر، وص262 في الجلندى، والتنبيه والإشراف ص240 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص254 والمناقب ج1 ص114 والكامل في التاريخ ج2 ص232 و 272 و 352 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص645 وج3 ص29 و 95 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص67 وحياة الصحابة ج1 ص102 وتاريخ الخميس ج2 ص116 و 118 والبحار ج18 ص138 و ج21 ص184 وأسد الغابة ج1 ص313 والشفاء للقاضي عياض ج1 ص484 ونسيم الرياض ج2 ص447 وشرح الشفاء للقاري (بهامش نسيم الرياض) ج2 ص447 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص261 والبداية والنهاية ج4 ص374 والتراتيب الإدارية ج1 ص201 والروض الأنف ج3 ص304 والمنتظم ج4 ص10 ومجموعة الوثائق السياسية 161/76 عن جمع ممن ذكرناه، وعن المواهب اللدنية ج1 ص294 وصبح الأعشى، ومنشآت السلاطين لفريدون بك ج1 ص33 والوفاء لابن الجوزي ص741 وكتاب النبي للأعظمي، ونصب الراية للزيلعي ج4 ص423 والمصباح المضيء ج2 ص306 عن الهدى المحمدي، ومدينة البلاغة ج2 ص291 وقال: انظر اشپرنكر ج3 ص382 وزاد: يقول المؤلف (حميد الله): رأيت عند بعض الإخوان في باريس في السنة 1400ه 1980م فصيلة من جريدة يومية عربية من تونس فيها تصوير أصل مكتوب النبي "عليه السـلام" إلى جيفر وعبـد ابني الجلندى، ولكـن لم = = يعرف اسم الجريدة ولا تأريخها. وفيما علقت عليه الجريدة التي نشرته: "عثر علماء الآثار على النسخة الأصلية... جاء هذا أثناء زيارة الأستاذ الإسماعيلي الرصاصي السفير العماني السابق لدى إيران لبعض البلدان العربية، وقد وجد الأصل في حوزة هاوي آثار وتحف لبناني الجنسية... الشخص المذكور رفض تسليم المخطوط لسعادة السفير إلا أنه سمح له بتصويره. ووعدنا سعادة سفير عمان في باريس أن يبحث فيه فجزاه الله خيراً.
([145]) فتوح البلدان ص103 و 104 و (ط مكتبة النهضة) ج1 ص92 وتاريخ الكوفة للسيد البراقي ص265 ومكاتيب الرسول ج2 ص369.
([146]) التنبيه والإشراف (ط دار صعب) ص240 مكاتيب الرسول ج2 ص396 عن التنبيه والإشراف.
([147]) راجع: فتوح البلدان ص105 ونشأة الدولة الإسلامية ص178.
([148]) راجع: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص520 وج3 ص258 والكامل في التاريخ ج2 ص352 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص18 ونسيم الرياض ج2 ص448 والسيرة النبوية لدحلان ج3 ص78 والفتوح لابن أعثم ص104 ونشأة الدولة الإسلامية ص197 والإصابة ج1 ص264 وج3 ص234 وتاريخ الخميس ج2 ص183.
([149]) كذا في الأصل، ولعل الصحيح هو "القدوة".
([150]) كذا في الأصل، ولعل الصحيح هو "الضنّ"، ويشهد له قول عبد فيما يأتي: "ولكن أخي أضنّ بملكه".
([151]) مكاتيب الرسول ج2 ص370 ـ 372 وقال في هامشه: راجع في تفصيل قصة عمرو مع جيفر: السيرة الحلبية ج3 ص284 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص75 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص262 و(في ط أخرى) ج1 ق2 ص18 و ج4 ق2 ص188 وفتوح البلدان للبلاذري ص104 ونسيم الرياض ج2 ص448 والتراتيب الإدارية ج1 ص201 وزاد المعاد ج1 ص62 وأعيان الشيعة ج1 ص245 والمصباح المضيء ج2 ص306 ـ 311.
([152]) مكاتيب الرسول ج2 ص372 وقال في هامشه: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص520 وج3 ص258 والكامل في التاريخ ج2 ص352 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص18 ونسيم الرياض ج2 ص448 والسيرة النبوية لدحلان ج3 ص78 والفتوح لابن أعثم ص104 ونشأة الدولة الإسلامية ص197 والإصابة ج1 ص264 وج3 ص234 وتاريخ الخميس ج2 ص183.
([153]) البحار ج18 ص138 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص114 و (ط المكتبة الحيدرية) ج1 ص100.
([154]) الإصابة ج1 ص262 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص637 والروض الأنف ج4 ص250 والشفا لعياض ج1 ص484 وراجع: نسيم الرياض ج2 ص447 و 448 وشرح الشفا لملَّا علي القاري (بهامش نسيم الرياض) في نفس الجزء والصفحة. وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص364 و 365.
([155]) الإصابة ج1 ص262 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص637 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص364 و 365.
([156]) مكاتيب الرسول ج2 ص366 عن: نهج البلاغة (بشرح عبده) خطبة 129 وشرح النهج للمعتزلي (ط بيروت) ج8 ص264 و (البحراني) ج3 ص148.
([157]) مكاتيب الرسول ج2 ص366 عن: المناقب لابن شهرآشوب (ط قم) ج4 ص89 وراجع: مقتل الحسين "عليه السلام" للخوارزمي ج1 ص188 ونفس المهموم ص37 والبحار ج44 ص329 ومكاتيب الأئمة "عليهم السلام" ج2 ص40 ولمعة من بلاغة الحسين "عليه السلام" ص106 وشرح إحقاق الحق = = (الملحقات) ج11 ص602.
([158]) مكاتيب الرسول ج2 ص366 و 367.
([159]) الآية 80 من سورة النمل.
([160]) الآية 8 من سورة فاطر.
([161]) راجع ما تقدم في: مكاتيب الرسول ج2 ص365 و 366.
([162]) المغازي للواقدي ج3 ص973 وراجع: تاريخ مدينة دمشق (ط دار الكتب العلمية) ج20 ص14 و (ط دار الفكر) ج18 ص23.
([163]) البحار ج21 ص184 عن الكامل في التاريخ ج2 ص182 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص36 وراجع: الكامل في التاريخ (ط دار صادر) ج2 ص273.
([164]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص220 عن ابن سعد وعن العيون، والمورد. وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص164 وعيون الأثر ج2 ص240 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص624
([165]) معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج2 ص395.
([166]) راجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص50.
([167]) راجع: البحار ج21 ص184 عن الكامل لابن الأثير ج2 ص182 ومستدرك سفينة البحار ج5 ص36 وراجع: الكامل في التاريخ (ط دار صادر) ج2 ص273.
([168]) راجع: فتح الباري ج5 ص125 وج8 ص66 والطبقات الكبرى ج2 ص160 وعيون الأثر ج2 ص234 وعمدة القاري ج18 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص212.
([169]) تاريخ الخميس ج2 ص119.
([170]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص212 عن العيون، والواقدي، وابن سعد، والإشارة والمورد، والإصابة ج1 ص246 وتاريخ مدينة دمشق ج40 ص360 و 361 والمغازي للواقدي ج3 ص973 ـ 975 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص208 وعن البداية والنهاية ج5 ص51. وراجع: والطبقات الكبرى ج2 ص160 و 161 وإمتاع الأسماع ج2 ص37 و 38 وعيون الأثر ج2 ص234 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص216.
([171]) تاريخ الإسلام ج2 ص119.
([172]) الآيات 2 ـ 4 من سورة الحجرات.
([173]) تاريخ مدينة دمشق ج40 ص360 ـ 364 والمغازي للواقدي ج3 ص973 ـ 980 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص208 والإصابة ج1 ص246 و 247 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص294 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص287 ـ 291 وتاريخ الخميس ج2 ص119 وراجع: وراجع: البداية والنهاية ج5 ص55 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص86 الطبقات الكبرى ج2 ص161 و 162 وإمتاع الأسماع ج2 ص38 و 39 وعيون الأثر ج2 ص234 ـ 236.
والقصيدة في ديوان حسان بن ثابت ص144 و 145.
([174]) الإصابة ج1 ص246 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص246.
([175]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص287 وتاريخ الخميس ج2 ص119 وراجع: الإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1163.
([176]) الإصابة ج1 ص246 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص246.
([177]) يبرين: رمل معروف في ديار بني سعد بن تميم. راجع: معجم ما استعجم ص849.
([178]) تاريخ مدينة دمشق ج40 ص260 و 261 والمغازي للواقدي ج3 ص974.
([179]) الآية 4 من سورة الحجرات.
([180]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص291 وراجع: البداية والنهاية ج5 ص55 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص86.
([181]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص291 وراجع: الإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1163 والتمهيد لابن عبد البر ج5 ص172 وأسد الغابة ج4 ص87 والوافي بالوفيات ج14 ص117 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص220.
([182]) راجع: الإرشاد للمفيد ج1 ص177 وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص42 والفصول المختارة للشريف المرتضى ص49 و 291 والصوارم المهرقة للتستري ص336 والبحار ج10 ص293 وج21 ص388 وج29 ص69 وج37 ص166 والغدير ج2 ص7 و 34 و 37 ومجمع البيان ج8 ص287 والتفسير الصافي ج4 ص260 وتفسير نور الثقلين ج4 ص393 ومصادر كثيرة أخرى.
([183]) الإرشاد للمفيد ج1 ص177 والاقتصاد للشيخ الطوسي ص221 وخصائص الأئمة للشريف الرضي ص42 والفصول المختارة للشريف المرتضى ص291 وكتاب سليم بن قيس (تحقيق محمد باقر الأنصاري) ص356 وأقسام المولى للشيخ المفيد ص35.
([184]) الآية 32 من سورة الأحزاب.
([185]) الآيات 8 ـ 11 من سورة هل أتى.
([186]) الإرشاد للمفيد ج1 ص177 و 178 والبحار ج21 ص388 وأعيان الشيعة ج1 ص420.
([187]) مروج الذهب ج2 ص347.
([188]) تاريخ الأمم والملوك ج3 ص425 والكامل في التاريخ ج3 ص191 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري ج4 ص84 وأعيان الشيعة ج1 ص444.
([189]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص287 عن ابن مردويه، وابن إسحاق. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج10 ص272 وتاريخ المدينة لابن شبة ج2 ص527 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص377 والبداية والنهاية ج5 ص51 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص79.
([190]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص287 والدر المنثور ج6 ص87 عن ابن مردويه، وابن إسحاق. وراجع: تخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج3 ص331 وتفسير الآلوسي ج26 ص141 والسيرة الحلبية ج3 ص217.
([191]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص287 و 288 عن أحمد عن الأقرع، عن ابن جرير بسند جيد، وأبي القاسم البغوي، والطبراني بسند صحيح، والترمذي وحسنه، وابن أبي حاتم، وابن المنذر عن البراء ابن عازب، والدر المنثور ج6 ص86 عن أكثر من تقدم. وراجع: مجمع الزوائد ج7 ص108 وتحفة الأحوذي ج9 ص109 وكنز العمال ج3 ص810 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص223 ولباب النقول للسيوطي (ط دار إحياء العلوم) ص196 و (ط دار الكتب العلمية) ص179 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص294 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص184 و 185 وج40 ص358 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص253 والوافي بالوفيات ج10 ص280 والبداية والنهاية لابن كثير ج5 ص55 وأعيان الشيعة ج1 ص241 وج3 ص471 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص86.
([192]) الآية 4 من سورة الحجرات.
([193]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص291.
([194]) فجر الإسلام ص256 وقضايا في التاريخ الإسلامي ص37 و 68 و 71 عن تاريخ الأمم والملوك ج5 ص516 وعن العبر وديوان المبتدأ والخبر ج3 ص145 وضحى الإسلام ج3 ص332 والخوارج والشيعة ص74 وتاريخ الإسلام السياسي ج1 ص397 ودائرة المعارف الإسلامية ج8 ص470.
([195]) البيان والتبيين ج1 ص206.
([196]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص215 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص162 وعيون الأثر ج2 ص239 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص623.
([197]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص215 و 216.
([198]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص215 و 216.
([199]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص215 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص162 وإمتاع الأسماع ج2 ص43 وعيون الأثر ج2 ص239 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص623 وتاريخ الخميس ج2 ص120 عن المواهب اللدنية، والإصابة ج1 ص53.
([200]) شرح المواهب اللدنية ج3 ص57.
([201]) وفاء الوفاء ج2 ص317.
([202]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص215 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص163 و 356 وعيون الأثر ج2 ص239 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص623.
([203]) الثقات ج2 ص91.
([204]) تاريخ الخميس ج2 ص120 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص222.
([205]) أنساب الأشراف ج1 ص382.
([206]) الإصابة ج2 ص80 و (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص153 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق1 ص31 و (ط دار صادر) ج1 ص280 ورسالات نبوية ص22 ومجموعة الوثائق السياسية ص276 ومكاتيب الرسول ج1 ص195.وسبل الهدى والرشاد ج11 ص364.
([207]) مكاتيب الـرسول ج1 ص203 وقال في هامشه: راجع: البحار 19 ص166 = = والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص261 والإصابة ج1 ص241 /1175 وأسد الغابة ج1 ص291 وكنز العمال ج15 ص295 عن أبي نعيم، ورسالات نبوية ص15 والأمالي للشيخ الطوسي ج1 ص397 ومجموعة الوثائق السياسية 174/92 عن قسم من المصادر المتقدمة، وقال: قابل الجرح والتعديل لأبي حاتم الرازي ج1 ص21 الرقم (2263) وراجع: المعجم الكبير للطبراني ج2 ص325 ومجمع الزوائد ج6 ص208 والكامل لابن عدي ج4 ص1457.
([208]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص241 و 242 عن أحمد، وابن أبي شيبة، ومسند أحمد ج5 ص285 و 286 وراجع: مكاتيب الرسول ج1 ص210 عن الإصابة ج1 ص516/2659 في رعية وص241 في جفينة الجهني، وأسد الغابة ج2 ص176 و 177 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج1 ص536 وكنز العمال ج4 ص340 عن أحمد، وعبد الرزاق بأسانيد وص341 عن ابن أبي شيبة، وص342 عن الطبراني، وأعلام السائلين ص31 ورسالات نبوية ص18 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص344 وراجع: مجموعة الوثائق السياسية ص275 و (في ط أخرى) ص323/235 عن جمع ممن تقدم وعن: إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص44 وتعجيل المنفعة لابن حجر ص321 وأنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص382. وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص31 والكامل لابن عدي ج4 ص1457 والمعجم الكبير للطبراني ج5 ص77/4635 و ص78/4636 ومجمع الزوائد ص205 ـ 206.
([209]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص213 عن أبي سعيد النيسابوري في الشرف، وعن دلائل النبوة، وأنساب الأشراف ج1 ص382 والإصابة ج2 ص355 وج4 ص446 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص384 وأسد الغابة ج3 ص239 والمغازي للواقدي ج3 ص982 و 983 والإمتاع ص441 والبحار ج18 ص16 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص81 والثقات لابن حبان ج2 ص91 ومعجم قبائل العرب ص83 عن المواهب اللدنية، ومجموعة الوثائق السياسية ص275 ورسالات نبوية ص12 وعن السيرة النبوية لدحلان ج2 ص365 وتاريخ الخميس ج2 ص120 عن سيرة مغلطاي، وعن شرف المصطفى للنيسابوري، وعن المواهب اللدنية.
([210]) الآية 17 من سورة فصلت.
([211]) الآية 125 من سورة النحل.
([212]) الآية 34 من سورة فصلت.
([213]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص235 و 427 عن البيهقي في السنن بإسناد صحيح، والدلائل، والمعرفة، وعن البخاري مختصراً، وقال في الهامش: أخرجه البيهقي في السنن ج2 ص366 و 369 وفي الدلائل ج5 ص369 والبخاري ج7 ص663 (4349) وراجع: المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص176 و 177. وأشار في مكاتيب الرسول ج3 ص387 إلى المصادر التالية أيضاً: السيرة الحلبية ج3 ص259 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج3 ص31 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 ص300 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص131 و 132 وأنساب الأشراف للبلاذري ج1 ص384 وعن فتح الباري ج8 ص53 وينابيع المودة ص219 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ص833 و (في ط أخرى) ج2 ق2 ص55 والبحار ج21 ص360 و 363 عن إعلام الورى، وغيره، وج38 ص71 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص129 والإرشاد للمفيد "رحمه الله" ص28 والبداية والنهاية ج5 ص105 وزاد المعاد ج3 ص36 ومجموعة الوثائق السياسية ص132/80 عن إمتاع الأسماع للمقريزي ج1 ص504 و 509 و 510، وحياة الصحابة ج1 ص95 والعدد القوية ص251 والتنبيه والإشراف ص238 وذخائر العقبى ص109 وتاريخ الخميس ج2 ص145 وملحقات إحقاق الحق ج18 ص64 وج21 ص620 عن: الجامع بين الصحيحين ص731 ونثر الدر المكنون ص43 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص201 من طرق كثيرة، والتدوين للقزويني ج2 ص429 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34.
([214]) صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص110 وراجع: عمدة القاري ج18 ص6.
([215]) سبل الهدى ج6 ص235 عن الترمذي، وقال في هامشه: أخرجه الترمذي ج4 ص180. وراجع: نهج السعادة للمحمودي ج5 ص285 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص196 والبحار ج39 ص11 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص142 وسنن الترمذي ج3 ص124 وينابيع المودة لذوي القربى للقندوزي ج1 ص169.
([216]) سبل الهدى ج6 ص235 و 236 عن أحمد، والبخاري، والنسائي، والإسماعيلي، وفي هامشه قال: أخرجه البخاري في كتاب النكاح(5210). وراجع: فتح الباري ج8 ص52 ونيل الأوطار ج7 ص110 والعمدة لابن البطريق ص275 ونهج السعادة ج5 ص284 ومسند أحمد ج5 ص351 ومجمع الزوائد ج9 ص127 وخصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص102 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص196 و البداية والنهاية ج5 ص120 وج7 ص380 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص202 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ للريشهري ج11 ص260 وشرح إحقاق الحق ج21 ص630 وج23 ص5 و 274 و 276 وج30 ص272.
([217]) سبل الهدى ج6 ص236 وراجع: نيل الأوطار ج7 ص110 والعمدة لابن البطريق ص275 ونهج السعادة ج5 ص283 ومسند أحمد ج5 ص359 وصحيح البخاري (ط دار المعرفة) ج5 ص110 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص342 وفتح الباري ج8 ص53 وعمدة القاري ج18 ص6 وتحفة الأحوذي ج10 ص145 وخصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص102 ومعرفة السنن والآثار ج5 ص156 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص194 و 195 وأسد الغابة ج1 ص176 وتهذيب الكمال ج20 ص460 والبداية والنهاية ج7 ص380 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن الدمشقي ج1 ص88 وشرح إحقاق الحق ج6 ص86 وج16 ص453 ج21 ص532 وج23 ص275 و 276 و 277 و 278 وج30 ص278.
([218]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص236 ونيل الأوطار ج7 ص111 والعمدة لابن البطريق ص275 والبحار ج39 ص277 ونهج السعادة ج5 ص285 ومسند أحمد ج5 ص351 ومجمع الزوائد ج9 ص127 وفتح الباري ج8 ص53 وعمدة القاري ج18 ص7 والسنن الكـبرى للنسـائي ج5 ص136 = = وخصائص أمير المؤمنين "عليه السلام" للنسائي ص103 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص196 والبداية والنهاية ج5 ص121 وج7 ص381 وكشف الغمة ج1 ص293 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص202 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن الدمشقي ج1 ص87 وشرح إحقاق الحق ج6 ص85 وج16 ص451 ج21 ص630 وج23 ص6 و 275 و 276 وج30 ص272.
([219]) سبل الهدى ج11 ص297 وج6 ص236 وقال في هامشه: أخرجه أحمد في المسند ج5 ص356، وذكره الهيثمي في المجمع ج9 ص128، والمتقي الهندي في الكنز (42942). وراجع: ذخائر العقبى ص68 والبحار ج37 ص220 وج38 ص326 والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص560 وفتح الباري ج8 ص53 وعمدة القاري ج18 ص7 وتحفة الأحوذي ج10 ص146 و 147 وكنز العمال ج11 ص608 وفيض القدير ج4 ص471 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص388 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص190 والبداية والنهاية ج7 ص380 وكشف الغمة ج1 ص294 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن الدمشقي ج1 ص87 وينابيع المودة ج2 ص159 وشرح إحقاق الحق ج5 ص288 و 290 و 292 وج15 ص103 و 106 و 107 وج20 ص527 وج23 ص544.
([220]) مجمع الزوائد ج9 ص128عن الطبراني في الأوسط.
وراجع روايات بريدة على اختلافها في المصادر التالية: شرح الأخبار ج1 ص94 والعمدة لابن البطريق ص198والطرائف للسيد ابن طاووس ص66 وذخائر العقبى ص68 والصراط المستقيم ج2ص59 وكتاب الأربعين للشيرازي ص111والبحار ج37 ص220وج38 ص326 وكتاب الأربعين للماحوزي ص32 وخلاصة عبقات الأنوار ج9 ص306 و 307 والمراجعات للسيد شرف الدين ص223 والنص والإجتهاد للسيد شرف الدين ص339 و 560 والغدير= = ج3 ص244 ومكاتيب الرسول ج1 ص564 ونهج السعادة ج5 ص277 و 278 ومسند أحمد ج5 ص356 ومجمع الزوائد ج9 ص128 وفتح الباري ج8 ص53 وعمدة القاري ج16 ص214 وعمدة القاري ج18 ص7 وتحفة الأحوذي ج10 ص146 و 147 وكنز العمال ج11 ص608 وفيض القدير ج4 ص471 وطبقات المحدثين بأصبهان ج3 ص388 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص189 و 190 ومناقب علي بن أبي طالب "عليه السلام" لابن مردويه الأصفهاني ص119 والبداية والنهاية ج5 ص104 وج7 ص342 و و344 و 380 وكشف الغمة للشعراني ج2 ص114 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص294 ومجمع الفوائد ج2 ص68 والمنهل العذب المورود ج1 ص114 ومشكل الآثار ج4 ص160 ونهج الإيمان لابن جبر ص483 و 483 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن الدمشقي ج1 ص87 والسيرة الحلبية ج3 ص338 وينابيع المودة ج2 ص159والشافي في الإمامة للشريف المرتضى ج3 ص243 وغاية المرام للسيد هاشم البحراني ج5 ص26 ونظرة في كتاب البداية والنهاية للشيخ الأمينيي ص93 وشرح إحقاق الحق للمرعشي ج5 ص288 و 290 و 291 و 292 وج15 ص103 و106 و 107 وج16 ص157 وج20 ص527 وج21 ص23 و 144 وج22 ص582 وج23 ص161 و 544 وج30 ص415 والفضائل لأحمد بن حنبل ج2 ص351 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص342 وخصائص أمير المؤمنين علي "عليها السلام" للنسائي (ط التقدم بمصر) ص25 وتيسير الوصول ج2 ص132 ومناقب علي "عليها السلام" للعيني الحيدرآبادي ص48 وإزالة الخفاء ج2 ص449 وقرة العين في تفضيل الشيخين ص169 والتاج الجامع للأصول ج3 ص298.
([221]) راجع: مجمع الزوائد ج9 ص128 عن الطبراني، وخصائص النسائي ص102 و 103، ومشكل الآثار ج4 ص160، ومسند أحمد ج5 ص359 و 350 و 351، وسنن البيهقي ج6 ص342 وقال: رواه البخاري في الصحيح، وحلية الأولياء ج6 ص294، وسنن الترمذي ج5 ص632 و 639، وكنز العمال ج15 ص124 و 125 و126 ـ 271، ومناقب الخوارزمي الحنفي ص92، ومستدرك الحاكم ج3 ص110 و 111 على شرط مسلم، وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه وسكت عنه، والبداية والنهاية ج7 ص344 و345 عن أحمد والترمذي، وأبي يعلى وغيره بنصوص مختلفة. والغدير ج3 ص216 عن بعض من تقدم، وعن كنز العمال ج6 ص152 و 154 و 300، وعن نـزل الأبـرار = = للبدخشي ص22، والرياض النضرة ج3 ص129 و 130، وعن مصابيح السنة للبغوي ج2 ص257. والبحر الزخار ج6 ص435، وجواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار للصعدي (مطبوع بهامش المصدر السابق) نفس الجلد والصفحة، عن البخاري والترمذي.
([222]) إرشاد المفيد ص93، وقاموس الرجال ج2 ص173 عنه.
([223]) راجع:سبل الهدى والرشاد ج6 ص236.
([224]) راجع: السنن الكبرى للبيهقي ج2 ص369 وفتح الباري ج8 ص52 وتاريخ = = الإسلام للذهبي ج2 ص690 والبداية والنهاية ج5 ص121 وأعيان الشيعة ج1 ص410 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص203 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص235 و 427 السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص319 وشرح إحقاق الحق ج21 ص622 و 626.
([225]) راجع: نشأة الدولة الإسلامية، تأليف عون شريف قاسم ص227 و 240.
([226]) الآية 256 من سورة البقرة.
([227]) الآية 29 من سورة الكهف.
([228]) الآية 99 من سورة يونس.
([229]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج20 ص287 وجامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر ج2 ص8 وشرح اللمعة للشهيد الثاني ج1 ص661.
([230]) راجع: تفسير الآلوسي ج23 ص214.
([231]) الآية 125 من سورة النحل.
([232]) مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص394 والبحار ج32 ص477 وج38 ص71 وأصدق الأخبار للسيد محسن الأمين ص9 والغدير ج11 ص222 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص552 والإمام علي بن ابي طالب "عليه السلام" للرحماني الهمداني ص770 ومكاتيب الرسول ج2 ص556 و 575 ومواقف الشيعة ج1 ص390 ونهج السعادة للمحمودي ج5 ص43 وشرح النهج للمعتزلي ج5 ص217 وج8 ص78 وتفسير الآلوسي ج19 ص149 وتاريخ مدينة دمشق ج45 ص487 والأعلام للزركلي ج8 ص94 وأنساب الأشراف للبـلاذري ص322 والأنسـاب للسمعاني ج5 ص647 = = والجوهرة في نسب الإمام علي وآله للبري ص25 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق1 ص252 وتاريخ الكوفة للسيد البراقي ص234 و 531 وأعيان الشيعة ج1 ص410 و 489 و 505 و 553 وج2 ص515 وج4 ص160 و 366 وج7 ص43 و 243 و 245 وج9 ص234 ووقعة صفين للمنقري ص274 و 437 والفصول المهمة لابن الصباغ ج1 ص604 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" لابن الدمشقي ج2 ص255 والخصائص الفاطمية للشيخ الكجوري ج2 ص110.
([233]) مروج الذهب ج2 ص105 ومقتل الحسين للمقرم ص246 عنه. وأنصار الحسين "عليه السلام" للشيخ محمد مهدي شمس الدين ص199عن المبرد (أبو العباس محمد بن يزيد): الكامل (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم والسيد شحاتة ـ مطبعة نهضة مصر) (غير مؤرخة) ج1 ص223.
([234]) كشف الغمة للأربلي ج2 ص163 وراجع: الأخبار الطوال ص217 والإرشاد= = للمفيد ج2 ص12 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص41 وأعيان الشيعة ج1 ص569.
([235]) الإرشاد للمفيد ج1 ص160 و 161 وراجع: قاموس الرجال ج2 ص288 عنه. وراجع: المستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص98 والبحار ج21 ص358 وكشف الغمة ج1 ص230.
([236]) الإصابة ج1 ص146 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص173 و 174 و 175 ومكاتيب الرسول ج3 ص235.
([237]) سبل السلام ج1 ص107 وتحفة الأحوذي ج1 ص400 وج2 ص191 وشرح مسند أبي حنيفة للملا علي القاري ص103 وفيض القدير ج1 ص421 والإكمال في أسماء الرجال للخطيب التبريزي ص27 وتقريب التهذيب ج1 ص124 و 378 والأعلام للزركلي ج2 ص50 وتاريخ الإسلام للذهبي ج5 ص76 وأعيان الشيعة ج3 ص560 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص377 والإصابة ج1 ص146 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج1 ص173 و 174 و 175.
([238]) الآيتان 3 و 4 من سورة النجم.
([239]) مكارم الأخلاق ص23 والبحار ج16 ص237 وسنن النبي للسيد الطباطبائي ص120 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" للشيخ هادي النجفي = = ج1 ص144 ومستدرك سفينة البحار ج14 ص154 وتفسير الميزان ج6 ص313 ومعجم المحاسن والمساوئ لأبي طالب التبريزي ص471.
وراجع: سنن النسائي ج8 ص133 ومنتهى المطلب (ط ق) ج1 ص306 ومغني المحتاج للشربيني ج1 ص55 وفتح المعين ج1 ص65 والمغني لابن قدامة ج1 ص90 والشرح الكبير لابن قدامة ج1 ص19 و 110 وج2 ص87 وتلخيص الحبير ج1 ص419 ومسند أحمد ج6 ص94 و 130 و 147 و 210 وصحيح البخاري ج1 ص110 وج6 ص197 وج7 ص49 وصحيح مسلم ج1 ص156 وسنن أبي داود ج2 ص277 وشرح مسلم للنووي ج3 ص160 و 161 ومسند أبي داود الطيالسي ج1 ص200 ومجمع الزوائد ج5 ص171 وج10 ص139 وجامع الأحاديث والمراسيل ج5 ص519 ومشكاة المصابيح للهيثمي ج2 ص111 والفتح الكبير ج2 ص364 وعمدة القاري ج3 ص31 وج4 ص171 وج21 ص31 ومسند ابن راهويه ج3 ص820 و 821 ومسند ابي يعلى ج4 ص478 والجامع الصغير ج2 ص351 وكنز العمال ج7 ص124 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص386 و 481 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص411 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص61 وإمتاع الأسماع ج2 ص258 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص93 وج9 ص354 والنهاية في غريب الحديث ج5 ص302 ولسان العرب ج13 ص458 ومجمع البحرين ج4 ص583.
([240]) الإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص379 و (ط دار الجيل) ج3 ص1360 والإصابة ج3 ص356 و (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص559 وتاريخ الخميس ج2 ص195 شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34 وأسد الغابة ج4 ص294 وزاد المعاد ج3 ص34 وعن السيرة الحلبية ج3 ص259 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص244 ـ 245 ومكاتيب الرسول ج3 ص391 وتاريخ مدينة دمشق ج56 ص482.
([241]) أسد الغابة ج2 ص51 ومكاتيب الرسول ج3 ص377 و 387 وكنز العمال ج12 ص68 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص341 وتاريخ مدينة دمشق ج15 ص186 وأعيان الشيعة ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص427 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص265.
([242]) تاريخ الخميس ج2 ص195 عن هدى العباد لابن القيم، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34 والسيرة الحلبية ج2 ص230 و (ط دار المعرفة) ج3 ص265 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص427 ومكاتيب الرسول ج3 ص391.
([243]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34 والسيرة الحلبية ج3 ص230.
([244]) راجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص34.
([245]) راجع: السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص244 و (نشر مكتبة علي صبيح بمصر) = = ج4 ص1017 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص101 وغريب الحديث لابن قتيبة ج1 ص239 ومكاتيب الرسول ج3 ص389 والفايق في غريب الحديث ج3 ص299 ومعجم ما استعجم ج3 ص848 والنهاية في غريب الحديث لابن الأثير ج1 ص333.
([246]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص70 ونقله في مكاتيب الرسول ج3 ص393 عن اليعقوبي، وعن: المعجم الكبير ج17 ص47 و 48 وأسد الغابة ج4 ص147 ورسالات نبوية ص202 وإعلام السائلين ص24 والإصابة ج3 ص121 في ترجمة عمير وج3 ص354 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص339 و 340/18479 ونشأة الدولة الإسلامية ص346. ومجموعة الوثائق السياسية ص230/111 عن جمع ممن تقدم، وعن: معجم الصحابة لابن قانع خطية كوپرلو ملخصاً ورقة: 121 ـ ألف، ثم قال: قابل المعارف لابن قتيبة ص234 وراجع ص719 عن سبل الهدى والرشاد للشامي خطية باريس/1992 ورقة: 67 ـ ألف. وأوعز إليه في: أسد الغابة ج2 ص145 في "ذي مران" وج3 ص83 في عامر بن شهر، والإصابة ج2 ص251 في عامر بن شهر، والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج2 ص493 والطبقات الكبرى ج6 ص18 و 42 = = والكامل لابن عدي ج6 ص2414 والإكليل ج10 ص49. وفي رسالات نبوية: قال الحافظ وابن الأثير: أخرج الطبراني ـ ثم ساق الكتاب، فقال ـ قال ابن الأثير: أخرجه ابن مندة، وأبو نعيم، وابن عبد البر، وأخرجه ابن سعد في الطبقات.
([247]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص238 والسيرة الحلبية ج3 ص206 والطبقات الكبرى ج2 ق1 ص122 وشرح المواهب اللدنية ج5 ص177 عن ابن سعد وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص96 و 97 و شرح إحقاق الحق (الملحقات) ج21 ص627.
([248]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص239 وراجع: إمتاع الأسماع ج2 ص97 وشرح إحقاق الحق ج21 ص628.
([249]) الآية 125 من سورة النحل.
([250]) مسند أحمد ج1 ص83 و 88 و 149 و (ط دار صادر) ج1 ص111 والطبقات الكبرى (ط دار المعارف بمصر) ج2 ص337 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص140 وذخائر المواريث ج3 ص14 وتيسير الوصول (ط نول كشور) ج2 ص216 وقضاة الأندلس ص23 وخصائص الإمام علي "عليه السلام" للنسائي (ط التقدم بمصر) ص12 وأخبار القضاة لوكيع ج1 ص85 وفرائد السمطين، ونظم درر السمطين ص127 والشذورات الذهبية ص119 وطبقات الفقهاء ص16 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص236 ومناقب علي "عليه السلام" لابن المغازلي ص248 والرصف ص313 وجمع الفوائد من جامع الأصول، ومجمع الزوائد ج1 ص259 وفتح المنعم (مطبوع مع زاد المسلم) ج4 ص217 والبحار ج21 ص360 و 361 وفي هامشه عن: إعلام الورى (ط 1) ص80 و (ط2) ص137. وراجع: العمدة لابن البطريق ص256 وفتح الباري ج8 ص52 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص117 وكنز العمال ج13 ص125 والبداية والنهاية ج5 ص124 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص208 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي "عليه السلام" ج1 ص205 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج7 ص65 وج20 ص565 و 571 وج22 ص176 وج31 ص387.
([251]) محاضرة الأوائل ص62.
([252]) الآية 24 من سورة الرعد.
([253]) وقد ذكر في إحقاق الحق (قسم الملحقات) مئات الأحاديث الدالة على علم الإمام علي "عليه السلام" وفضله فراجع.
([254]) منتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج5 ص36 وكنز العمال ج13 ص113 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج8 ص35 وو 40 و 45 وج21 ص634 وج22 ص511 وج23 ص667 وراجع: أخبار القضاة لمحمد بن خلف بن حيان ج1 ص86 و تاريخ الإسلام للذهبي ج3 ص637.
([255]) البحار ج21 ص360 وفي هامشه عن: إعلام الورى (ط1) ص79 و 80 و (ط2) ص137.
([256]) الآية 69 من سورة العنكبوت.
([257]) الآية 17 من سورة محمد.
([258]) الآية 11 من سورة التغابن.
([259]) راجع: مسند الطيالسي ص18 وأخبار القضاة لوكيع ج1 ص95 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص111 وذخائر العقبى ص84 وتذكرة الخواص ص49 والقياس في الشرع الإسلامي ص45 وأعلام الموقعين ج2 ص39 ومجمع بحار الأنـوار = = ج2 ص57 وينابيع المودة ص75 وأرجح المطالب ص120 والطرق الحكمية لابن القيم ص262 عن أحمد، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجة، والحاكم في صحيحه، وإرشاد الفحول ص257 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص239 ومسند أحمد ج1 ص77 و 152 ومشكل الآثار ج3 ص58 وكتاب الديات للشيباني ص65 وتفريع الأحباب ص321 ووسيلة النجاة للسهالوي ص152 ومرآة المؤمنين ص70 وكنز العمال (ط الهند) ج15 ص103 عن الطيالسي، وابن أبي شيبة، وأحمد، وابن منيع، وابن جرير وصححه، وقرة العينين في تفضيل الشيخين ص158 وبذل القوة ص285 وتلخيص التحبير ج4 ص30 عن أحمد، والبزار، والبيهقي، وإحقاق الحق (الملحقات) ج17 ص493 ـ 497 وج8 ص67 ـ 70 عما تقدم وعن مصادر أخرى.
([260]) راجع: مسند أحمد ج4 ص373 وسنن النسائي (ط الميمنة بمصر) ج2 ص107 وأخبار القضاة ج1 ص90 و 91 و 93 و 94 ومستدرك الحاكم ج2 ص207 وج3 ص135 وج4 ص96 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع مع المستدرك) ج4 ص96 وذخائر العقبى ص85 والقياس في الشرع الإسلامي ص48 وزاد المعاد لابن القيم (ط الأزهرية بمصر) ج7 ص380 والبداية والنهاية ج5 ص107 عن أحمد، وأبي داود، والنسائي، وينابيع المودة ص211 و 75 وتيسير الوصول ج2 ص281 وأرجح المطالب ص121 والمعجم الكبير ج5 ص193 و 194 وفيه: أن علياً "عليه السلام" كتب إلى رسول الله "صلى الله عليه وآله" يخبره بذلك. ومسند ابن أبي شيبة ج2 ص345 وأخبار الموفقيات ص363 عن مسند الحميدي، ومرآة المؤمنين ص71.
([261]) البحار ج21 ص362 عن قصص الأنبياء، الأمالي للشيخ الصدوق ص428 ومستدرك الوسائل ج18 ص322 والبحار ج21 ص362 وج38 ص102 وج40 ص316 وج101 ص390 وجامع أحاديث الشيعة ج26 ص343 وعجائب أحكام أمير المؤمنين "عليه السلام" للسيد محسن الأمين ص42 وقضاء أمير المؤمنين علي "عليه السلام" ص192 عن الكليني، والشيخ، وعن الصدوق في أماليه. والكافي ج7 ص353
([262]) قضاء أمير المؤمنين علي "عليه السلام" ص36.
([263]) راجع: الوسائل (ط الإسلامية) ج9 ص176 وقضاء أمير المؤمنين علي "عليه السلام" للتستري ص35 عن الإرشاد، وعن المشايخ الثلاثة، والمناقب، ومسند أحمد، وأمالي أحمد بن منيع. وراجع: دعائم الإسلام ج2 ص418 ومستدرك الوسائل ج18 ص313 وشرح الأخبار ج2 ص331 والإرشاد للشيخ المفيد ج1 ص196 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص198 والبحار ج40 ص245 وج101 ص393 وجامع أحاديث الشيعة ج26 ص338 و 339.
([264]) قضاء أمير المؤمنين علي "عليه السلام" ص35 و 36.
([265]) البحار ج21 ص361 عن الكافي ج5 ص28 ومختلف الشيعة ج4 ص393 وكشف اللثام (ط ج) ج9 ص341 و (ط ق) ج2 ص276 وجواهر الكلام ج21 ص52 وتهذيب الأحكام ج6 ص141 والوسائل (ط مؤسسة أهل البيت) ج15 ص43 و (ط دار الإسلامية) ج11 ص30 ومستدرك الوسائل ج11 ص30 وجامع أحاديث الشيعة ج3 ص143 وموسوعة أحاديث أهل البيت ج12 ص23 وأعيان الشيعة ج1 ص418.
([266]) البحار ج21 ص361.
([267]) البحار ج21 ص361 عن المجالس والأخبار ص28 والوسائل (الإسلامية) ج4 ص1088 وجامع أحاديث الشيعة ج15 ص193 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص345 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج2 ص62 وج10 ص414.
([268]) البحار ج21 ص361 وج61 ص169 عن الكافي، والمحاسن للبرقي ج2 ص631 والكافي ج6 ص536 ومن لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق ج2 ص285 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج11 ص475 و (ط دار الإسلامية) ج8 ص347 وجامع أحاديث الشيعة ج16 ص855 ومسند الإمام الرضا "عليه السلام" للعطاردي ج2 ص377 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج12 ص339.
([269]) البحار ج21 ص362 عن بصائر الدرجات ص145 و 146 و (ط مؤسسة الأعلمي) ص521 و 524 وراجع: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج7 ص62 وتاريخ جرجان للسهمي ص387.
([270]) معجم البلدان ج1 ص233 وراجع ج4 ص286 والبحار ج21 ص363. وراجع: تاج العروس ج13 ص7 وج13 ص413.
([271]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص386 و 246 عن مناقب الإمام الشافعي لمحمد بن رمضان بن شاكر، وفي هامشه عن: المعجم الكبير للطبراني ج4 ص14 والإصابة ج3 ص18 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج2 ص522 و (ط دار الجيل) ج3 ص1203 وأسد الغابة ج4 ص133.
([272]) أي مترئِّساً على جماعة من قومه.
([273]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص246 و 386 والإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1204 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص569 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص292.
([274]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص246 عن ابن أبي شيبة من طرق. وفي هامشه عن: كنز العمال (11441) والإصابة ج3 ص18 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص569 وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص377 وراجع: كنز العمال ج4 ص483.
([275]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص246 و 386 وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص369 والإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص520 و (ط دار الجيل) ج3 ص1204 وأسد الغابة ج4 ص133 وتنبيه الغافلين عن فضائل الطالبين لابن كرامة ص56 و السيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص259 والطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص525 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص569 وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص292.
([276]) الكافي ج5 ص36 والبحار ج19 ص167 وج97 ص34 وج101 ص364 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص502 والنوادر للراوندي ص139 ومشكاة الأنوار لعلي الطبرسي ص193 وتذكرة الفقهاء (ط.ج) ج9 ص44 و 45 و (ط.ق) ج1 ص409 ومنتهى المطلب (ط.ق) ج2 ص904 ورياض المسائل للطباطبائي ج7 ص493.
([277]) الآية 125 من سورة النحل.
([278]) جعفي بن سعد العشيرة، بطن من سعد العشيرة، من مذحج، من القحطانية.
([279]) البحار ج21 ص356 ـ 358 عن إعلام الورى (ط1) ص87 و (ط2) ص134 و (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص252 و 253 والإرشاد للمفيد ج1 ص159 ـ 161 وكشف اليقين ص151 و 152 والمستجاد من الإرشاد (المجموعة) ص98 و 99 وكشف الغمة ج1 ص229 و 230.
([280]) البحار ج21 ص359 عن الديوان المنسوب لأمير المؤمنين "عليه السلام" ص79 و 80.
([281]) راجع: تاريخ مدينة دمشق ج46 ص372 و 373 و 377 والطبقات الكبرى ج6 ص526 وتاريخ الأمم والملوك (بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج3 ص134 و (ط دار صادر) ج2 ص391 و 538 والكامل في التاريخ لابن الأثير ج2 ص377 وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص112 ومستدركات علم رجال الحديث ج6 ص64 و الإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج5 ص281 والأعلام للزركلي ج5 ص86 والبداية والنهاية ج5 ص84 وج6 ص364 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1005 وعيون الأثر ج2 ص291 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص139 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص386 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص259 و 260.
([282]) راجع: شرح الأخبار للقاضي النعمان ج1 ص384 وج2 ص83.
([283]) عيون أخبار الرضا ج2 ص126 وشرح النهج للمعتزلي ج2 ص260 ومستدركات علم رجال الحديث ج8 ص459 وراجع: الغدير ج2 ص132 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص611 وطرائف المقال ج2 ص141.
([284]) الخصال ص575 أبواب السبعين فما فوقها، والبحار ج31 ص438 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص36 وتفسير نور الثقلين ج5 ص241 ومستدركات علم رجال الحديث ج8 ص459 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج8 ص239.
([285]) تاريخ الأمم والملوك (بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج5 ص332 و (ط دار صادر) ج4 ص245 والكامل في التاريخ لابن الأثيرج4 ص12 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج12 ص45.
([286]) تاريخ الأمم والملوك (بتحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج4 ص487 و (ط دار صادر) ج3 ص501 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص21 والغارات ج2 ص922 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج5 ص160 وقاموس الرجال ج11 ص527.
([287]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج13 ص314 وراجع: الإستيعاب ج2 ص372.
([288]) قاموس الرجال ج6 ص108 وشرح النهج للمعتزلي ج13 ص314 و 315 وراجع: المعجم الكبير للطبراني ج3 ص165 وتفسير الرازي ج16 ص120 و 121 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص262 وتهذيب الكمال ج5 ص502 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص68 والبداية والنهاية ج5 ص25 والسيرة النبوية لاين كثير ج4 ص35 وراجع: الهداية الكبرى للخصيبي ص82 والمسترشد للطبري ص593 والخرائج والجرائح ج1 ص100والعمدة لابن البطريق ص341 والصوارم المهرقة ص7 و 8 وكتاب الأربعين للشيرازي ص135 والبحار ج21 ص233 و 234 و 247 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص200 ومجمع الزوائد ج1 ص109والمعجم الكبير للطبراني ج3 ص164 و 165 وكنز العمال ج1 ص369 والدر المنثور ج3 ص259 وسماء المقال في علم الرجال للكلباسي ج1 ص16 وإمتاع الأسماع ج2 ص75 وج9 ص328 وإعلام الورى ج1 ص246.
([289]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج13 ص315 الأمالي للشيخ الطوسي "رحمه الله" ص182 والدرجات الرفيعة ص263 و موسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج12 ص44 وقاموس الرجال ج11 ص527 والمسترشد للطبري ص597 والبحار ج33 ص305 و 306 وج82 ص267 وج28 ص100.
([290]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج13 ص315 وكنز العمال ج1 ص217 و 277 وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص171 والبداية والنهاية ج6 ص241 وج7 ص315 وإمتاع الأسماع ج12 ص203 وسبل الهدى والرشاد ج10 ص150 ونهج السعادة للمحمودي ج2 ص55 والأمالي للمفيد ص30.
([291]) مروج الذهب ج2 ص392 والبحار ج30 ص208 واليقين ص167 و (ط مؤسسة دار الكتاب ـ الجزائري) ص444 ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج11 ص306 عن الخصال، ومستدركات علم رجال الحديث ج5 ص75 و 386 وشرح العينية الحميرية للفاضل الهندي ص526.
([292]) الإحتجاج ج1 ص99 و 104، وراجع: الخصال ج2 ص462 ورجال البرقي، والدر النظيم ص442.
([293]) شرح النهج للمعتزلي ج2 ص58، وراجع: تاريخ الأمم والملوك (تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم) ج3 ص388 وراجع: السقيفة وفدك للجوهري ص55 والدرجات الرفيعة ص393.
([294]) راجع : ترجمة خالد بن سعيد بن العاص في قاموس الرجال ج4 ص120 ـ 127 وتنقيح المقال ج1 وغير ذلك.
([295]) راجع: البحار ج41 ص96 عن ابن إسحاق، ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج2 ص333.
([296]) أقرب الموارد ج2 ص1252.
([297]) راجع: الإصابة ج3 ص18 ـ 20 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص569 و 570.
([298]) راجع: تاريخ دمشق ج46
([299]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص520 و (ط دار الجيل) ج3 ص1202 والإصابة ج3 ص18 وفيه: أنه شهد فتوح الشام وفتوح العراق.
([300]) سفينة البحار ج6 ص482 والبحار ج41 ص96 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص606 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص334.
([301]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص523 و 538 و (ط دار الجيل) ج2 ص773 وج3 ص1205 والإصابة ج3 ص19 عن ابن سعد، والواقدي، وابن أبي شيبة، وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص172 وأسد الغابة لابن الأثير ج3 ص66 والسنن الكبرى للبيهقي ج10 ص113.
([302]) البحار ج41 ص96 عن المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص606 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص333 وسفينة البحار ج6 ص482.
([303]) راجع: الإصابة ج3 ص19 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص571 عن الطبراني عن محمد بن سلام الجمحي، وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص385 والمعجم الكبير للطبراني ج17 ص45 ومجمع الزوائد ج5 ص319.
([304]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج2 ص238 و (ط دار الجيل) ج2 ص773 حول طليحة، والإصابة ج2 ص234 و (ط دار الكتب العلمية) ج3 ص440، وراجع حول عمرو: الإستيعاب (ط دار الجيل) ج3 ص1201 والإصابة ج3 ص18 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص586 وسفينة البحار ج6 ص483 عن تنقيح المقال وثمة مصادر أخرى تقدمت في بعض الهوامش.
([305]) البحار ج41 ص96 عن المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص606 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص334 وسفينة البحار ج6 ص482.
([306]) البحار ج41 ص96 عن المناقب لابن شهرآشوب ج1 ص606 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص334.
([307]) راجع: أقرب الموارد ج1 ص665.
([308]) الإصابة ج3 ص18 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص569 وتاريخ مدينة دمشق ج49 ص494 وأسد الغابة ج4 ص133 والبداية والنهاية ج6 ص364 وخزانة الأدب للبغدادي ج2 ص394.
([309]) تاريخ مدينة دمشق ج46 ص389 وقال في هامشه: رواه المعافي بن زكريا في الجليس الصالح الكافي ج2 ص214 و 215 وراجع: شرح النهج للمعتزلي ج6 ص362.
([310]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص229 وفي هامشه عن: البخاري في كتاب المغازي (4344) وراجع: البداية والنهاية ج5 ص99 وصحيح مسلم ج6 ص100 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص291 وصحيح ابن حبان ج12 ص197.
([311]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص229 ونيل الأوطار للشوكاني ج9 ص57 وفقه السنة ج2 ص377 و 386 وعون المعبود ج10 ص99.
([312]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص229.
([313]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص229 و 230 عن البخاري، ومسلم. وقال في هامشه: أخرجه البخاري ج2 ص158 ومسلم في كتاب الإيمان (10) انتهى. وراجع: البداية والنهاية ج5 ص100 و (دار إحياء التراث العربي) ص115 = = و 116 ونصب الراية ج4 ص418 وج2 ص398 وتاريخ الخميس ج2 ص142 وراجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص108 وعمدة القاري ج18 ص2 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص191.
([314]) الآية 125 من سورة النساء.
([315]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص230 عن البخاري. وراجع: صحيح البخاري (ط دار الفكر) ج5 ص109 وعمدة القاري ج18 ص5 والمصنف لابن أبي شيبة ج1 ص389 وتغليق التعليق ج4 ص155 وتفسير القرآن العظيم لابن كثيرج1 ص573 والدر المنثور ج2 ص230 والبداية والنهاية ج1 ص195 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص200 وقصص الأنبياء لابن كثير ج1 ص239.
([316]) الإصابة ج2 ص445 و (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص344 وج6 ص108 وراجع: ج3 ص427 وكنز العمال ج16 ص196 وج6 ص58 و (ط مؤسسة = = الرسالة) ج6 ص115 وج10 ص597 وتاريخ مدينة دمشق ج58 ص411 و 432 و 434 ورسالات نبوية ص268 ومكاتيب الرسول ج3 ص555 ومجمع الزوائد ج4 ص150.
([317]) أسد الغابة ج4 ص377 و(ط دار الكتاب العربي) ج4 ص377 والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج3 ص358 وحلية الأولياء ج1 ص232 والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج3 ص274 وراجع: إعانة الطالبين للدمياطي ج3 ص79 ومكاتيب الرسول ج3 ص555 ونصب الراية للزيلعي ج2 ص411 والطبقات الكبرى لابن سعد ج3 ص588 وتاريخ مدينة دمشق ج58 ص431.
([318]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج3 ص358 و (ط دار الجيل) ج3 ص1405 والمصنف للصنعاني ج8 ص269 وكنز العمال ج5 ص592.
([319]) تقدمت مصادر ذلك.
([320]) الإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج3 ص356 و 357 و (ط دار الجيل) ج3 ص1403 ومعجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج2 ص702 وعمدة القاري للعيني ج8 ص235 وراجع: الإستذكار لابن عبد البر ج3 ص190 والتمهيد لابن عبد البر ج2 ص276 وتاريخ مدينة دمشق ج58 ص393 و 415 وكتاب المحبر للبغدادي ص126 وإكمال الكمال لابن ماكولا ج1 ص46.
([321]) مكاتيب الرسول ج3 ص555 و 556 عن المصادر التالية: صحيح مسلم ج3 ص1463 وسنن أبي داود ج3 ص134 والبخاري ج9 ص36 وعمدة القاري ج24 ص124 وفتح الباري ج5 ص162 وج12 ص306 والترمذي في كتاب الأحكام باب 8، والوسائل (ط دار الإسلامية) ج18 ص163 وكنز العمال ج6 ص55 فما بعدها.
([322]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص358 و (ط دار الجيل) ج3 ص1404 ومكاتيب الرسول ج3 ص555 وراجع: خلاصة عبقات الأنوار للنقوي ج3 ص95 والدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر ج2 ص243 وكنز العمال ج5 ص591 ونصب الراية للزيلعي ج6 ص198 وقاموس الرجال ج10 ص98.
([323]) المستدرك للحاكم ج3 ص271 وكنز العمال ج12 ص314 وج6 ص194 و (ط مؤسسة الرسالة) ج11 ص745 وسير أعلام النبلاء للذهبي ج1 ص460 والكشف الحثيث لسبط ابن العجمي ص178 وتاريخ المدينة لابن شبة ج3 ص881 والغدير ج10 ص18.
([324]) الإحتجاج للطبرسي ج1 ص104 وكتاب الأربعين للشيرازي ص242 والبحار ج28 ص202 ومواقف الشيعة للأحمدي ج1 ص430 والفوائد الرجالية للسيد بحر العلوم ج2 ص333 والدر النظيم ص446 ونهج الإيمان لابن جبر ص586 وبيت الأحزان ص96 ومجمع النورين للمرندي ص79.
([325]) كتاب سليم بن قيس (ط النجف) ص109 و (بتحقيق محمد باقر الأنصاري) ص345.
([326]) إرشاد القلوب للديلمي ص391 وكتاب سليم بن قيس (بتحقيق الأنصاري) ص346 والصراط المستقيم ج3 ص153 وكتاب الأربعين للشيرازي ص574 والبحار ج28 ص122 وج30 ص128 وج31 ص634 وج58 ص241 ومستدرك سفينة البحار ج2 ص320 ومستدركات علم رجال الحديث ج4 ص412 ومجمع النورين للمرندي ص204.
([327]) كتاب الرجال للبرقي ص66 ومعجم رجال الحديث للسيد الخوئي ج19 ص203 وقاموس الرجال للتستري ج10 ص98 والصراط المستقيم ج2 ص82 ونهج الإيمان ص586.
([328]) الإمامة والسياسة ج1 ص28 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص249 وتفسير النسفي ج2 ص275.
([329]) الإستيعاب (بهامش الإصابة) ج3 ص356 و 357 و (ط دار الجيل) ج3 ص1402 وراجع: معجم ما استعجم للبكري الأندلسي ج2 ص702 وعمدة القاري للعيني ج8 ص235 وراجع: الإستذكار لابن عبد البر ج3 ص190 = = والتمهيد لابن عبد البر ج2 ص276 وتاريخ مدينة دمشق ج58 ص393 و 415 وكتاب المحبر للبغدادي ص126 وإكمال الكمال لابن ماكولا ج1 ص46.
([330]) الحاضر: هم القوم النزول على ماء، يقيمون به، ولا يرتحلون عنه.
([331]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص214 والسيرة ج3 ص204 والمغازي للواقدي ج3 ص981 وج2 ص754 و 755 وج1 ص7 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص40 و 41 ومكاتيب الرسول ج3 ص414 عن اللباب ج1 ص423 والأنساب للسمعاني ج5 ص51 ونهاية الإرب ص229 ومعجم قبائل العرب ج1 ص331 = = وجمهرة أنساب العرب ص390 و 475 و 484 والإشتقاق لابن دريد ص520 ـ 522 وتاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص132 ومروج الذهب ج2 ص47 وتخريج الأحاديث والآثار للزيلعي ج2 ص192 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص162 وإمتاع الأسماع ج2 ص42 وعيون الأثر ج2 ص238.
([332]) سبل الهدى والرشاد ج1 ص529 ومعجم البلدان ج1 ص628 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج1 ص529.
([333]) سبل الهدى والرشاد ج1 هامش ص214 ومعجم البلدان ج1 ص1110 و (ط دار إحياء التراث العربي) ج2 ص9.
([334]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص216 عن ابن سعد. والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص163 وتاريخ مدينة دمشق ج41 ص195 والإصابة (ط دار الكتب العلمية) ج4 ص460 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص623 وإمتاع الأسماع ج2 ص45 وعيون الأثر ج2 ص240.
([335]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص216 عن ابن سعد، والحاكم، وغيرهما، والسيرة الحلبية ج3 ص204 والمغازي للواقدي ج3 ص983 وراجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص42 و 43.
([336]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص216 عن ابن إسحاق، وقال في هامشه: أخرجه ابن ماجة ج2 ص955 (2863)، وابن حبان (1552) ، وابن سعد في الطبقات ج2 ق1 ص118 انتهـى. وراجـع: السيرة الحلبيـة ج3 ص204 والمغـازي = = للواقدي ج3 ص983، والدر المنثور ج2 ص176 و 177 عن البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في الدلائل، وعن أبي شيبة، وأحمد، وأبي يعلى، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وعن الطبراني. وراجع: الثقات لابن حبان ج2 ص88.
([337]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص216 عن البخاري، ومسلم، وقـال في هامشـه: = =أخرجه البخاري في كتاب المغازي (4340)، وأحمد في المسند ج1 ص124، والبيهقي في الدلائل ج4 ص312، وذكره السيوطي في الدر المنثور ج2 ص177 عن ابن أبي شيبة، انتهى. وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص204 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج4 ص44 ـ 48 عن الحاكم، وابن ماجة، وابن خزيمة وصححه، وأحمد.
([338]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص216 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص44 و 45 وفتح الباري ج8 ص47 وعمدة القاري ج17 ص314 وتحفة الأحوذي ج5 ص259 وتهذيب الكمال ج15 هامش ص470.
([339]) يعني البخاري في الأحكام، وفي خبر الواحد، ومسلم في المغازي (شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص44).
([340]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص44 وصحيح البخاري ج5 (ط دار الفكر) ص107 وعمدة القاري ج17 ص314.
([341]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص47.
([342]) الآية 59 من سورة النساء.
([343]) صحيح البخاري (كتاب التفسير، تفسير سورة النساء الآية 59) و (ط دار الفكر) ج5 ص180 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج6 ص13 ومسند أحمد (ط دار صادر) ج1 ص337 والدر المنثور ج2 ص176 وراجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص47. وراجع: جامع البيان للطبري ج5 ص205 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص988 وأسباب نزول الايات للنيسابوري ص106 وأحكام القرآن لابن عربي ج1 ص573 وزاد المسير ج2 ص143 وتفسير الرازي ج10 ص144 والجامع لأحكام القرآن ج5 ص260 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص529 والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر ج2 ص895 وتفسير الجلالين للسيوطي ص244 وتفسير الثعالبي ج2 ص254 ولباب النقول للسيوطي (دار إحياء العلوم) ص72 و (ط دار الكتب العلمية) ص60 وفتح القدير للشوكاني ج1 ص481 وتاريخ مدينة دمشق ج27 ص353 والإصابة ج4 ص51 والعثمانية للجاحظ ص116 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص457 والمنتقى من السنن المسندة ص62 ومسند أبي يعلى ج5 ص131 وسنن النسائي ج7 ص155 والسنن الكبرى للنسائي ج4 ص432 وج5 ص222 وج6 ص324 وعون المعبود ج7 ص207 وتحفة الأحوذي ج3 ص193 وج5 ص258 و 259 وعمدة القاري ج18 ص176 وفتح الباري ج8 ص47 و 191 وشرح مسلم للنووي ج12 ص223 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص155 والغدير ج3 ص165 ونيل الأوطار ج8 ص49.
([344]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص48 عن ابن جرير، وفتح الباري، والدر المنثور ج2 ص176 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، وعن ابن عساكر. وراجع: تفسير مقاتل بن سليمان ج1 ص236 والعجاب في بيان الأسباب لابن حجر العسقلاني ج2 ص896.
([345]) الدر المنثور ج2 ص176 عن ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم. وراجع: تفسير ابن أبي حاتم ج3 ص988 و 989 والمستدرك للحاكم ج1 ص123 وجامع البيان للطبري ج5 ص206 وراجع: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص530.
([346]) الدر المنثور ج2 ص176 عن ابن عدي في الكامل. وراجع: جامع البيان للطبري ج5 ص206 و 207 وفتح القدير ج1 ص482.
([347]) الدر المنثور ج2 ص176 عن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، والحاكم الترمذي في نوادر الأصول، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والحاكم وصححه. وراجع: المصنف لابن أبي شيبة ج7 ص567.
([348]) الدر المنثور ج2 ص176 عن سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم.
([349]) الدر المنثور ج2 ص176 عن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر.
([350]) الآية 83 من سورة النساء.
([351]) الدر المنثور ج2 ص176 عن ابن أبي شيبة، وابن جرير. وراجع: تحفة الأحوذي ج3 ص194 وعمدة القاري ج18 ص176وجامع البيان للطبري ج5 ص207.
([352]) تفسير ابن أبي حاتم ج3 ص989 والدر المنثور ج2 ص177 عن ابن أبي حاتم.
([353]) الدر المنثور ج2 ص176 عن عبد بن حميد، وابن جرير، وابن أبي حاتم. وراجع: فتح القدير ج1 ص481.
([354]) الآية 195 من سورة البقرة.
([355]) الآية 29 من سورة النساء.
([356]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص46.
([357]) فضائل الصحابة للنسائي ص50 وشرح الأخبار ج1 ص411 والمستدرك للحاكم ج3 ص390 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص74 والمعجم الكبير للطبراني ج4 ص112 وتهذيب الكمال للمزي ج25 ص366.
([358]) الدر المنثور ج2 ص176 عن ابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن عساكر. وراجع: خلاصة عبقات الأنوار للنقوي ج3 ص23 وجامع البيان للطبري ج5 ص206 وتفسير ابن أبي حاتم ج3 ص990 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج1 ص530 وتفسير الآلوسي ج5 ص65 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج2 ص265.
([359]) الدر المنثور ج2 ص176 و 177 عن مصادر كثيرة.
([360]) راجع: الخلاف للشيخ الطوسي ج4 ص209 و 272 وج5 ص147 و 522 والمبسوط للشيخ الطوسي ج7 ص280 و المحلى لابن حزم ج10 ص353 و 354 وبداية المجتهد ونهاية المقتصد لابن رشد الحفيد ج1 ص307 و 325 و 326 وسبل السلام للكحلاني ج3 ص234 ونيل الأوطار للشوكاني ج7 ص150 وج8 ص108 والكافي ج1 ص403 و 404 و 542 ودعائم الإسلام ج1 ص378 وج2 ص404 والأمالي للصدوق ص432 والخصال ص150 والمجازات النبوية للشريف الرضي ص17 وتهذيـب الأحكـام للطوسي ج4 = = ص131 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج9 ص525 وج15 ص67 و 69 وج29 ص75 و 76 و (ط دار الإسلامية) ج6 ص366 وج11 ص49 و 51 وج19 ص55 و 56 ومستدرك الوسائل ج11 ص45 وج18 ص237 و 238 والغارات للثقفي ج2 ص828 والأمالي للمفيد ص187 والبحار ج2 ص148 وج21 ص138 وج27 ص68 و 69 و 114 وج47 ص365 و 242 وج74 ص131 و 146 وج97 ص47 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص230 وج8 ص568 و 610 وج13 ص159 ومسند أحمد ج1 ص122 و 192 و 211 وسنن ابن ماجة ج2 ص895 وسنن أبي داود ج1 ص625 وج2 ص375 وسنن النسائي ج8 ص20 و 24 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص335 و 336 وج8 ص29 و 30 و 194 وج9 ص51 و 94 والمستدرك للحاكم ج2 ص141 إضافة إلى مصادر أخرى كثيرة.
([361]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص218 والمغازي للواقدي ج3 ص984 و 985 والسيرة الحلبية ج3 ص205 وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج4 ص48 و 49 و 50 وتاريخ الخميس ج2 ص120 و 121 والإصابة ج4 ص329 وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج69 ص194 ـ 203 وإحقاق الحق (الملحقات) ج23 ص234 ـ 237 وراجع: الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص164 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص624 وإمتاع الأسماع ج2 ص45.
([362]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص218 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص322 وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج69 ص193.
([363]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص48. وراجع: معجم البلدان ج4 ص273 وج5 ص205
([364]) المغازي للواقدي ج3 ص985 ـ 989. وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج69 ص194 ـ 198 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج23 ص234 ـ 238.
([365]) الإصابة ج4 ص329 و (ط دار الكتب العلمية) ج8 ص180 عن ابن إسحاق، وابن الأثير، وأبي نعيم، والطبراني، والخرائطي في مكارم الأخلاق، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص205 وراجع: شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص49 و50 وأسد الغابة ج5 ص475.
([366]) السيرة الحلبية ج3 ص205 و (ط دار المعرفة) ج3 ص224 والبداية والنهاية ج2 ص271 وج5 ص80 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص109 وج4 ص132 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص359 وج36 ص446 وج69 ص202 و 203 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص376 ومستدرك الوسائل ج11 ص194 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص210 وموسوعة أحاديث أهل البيت "عليهم السلام" ج10 ص398 ونهج السعادة للمحمودي ج7 ص362 وكنز العمال ج3 ص664 والدرجات الرفيعة ص355.
([367]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص50.
([368]) تاريخ الأمم والملوك ج5 ص432.
([369]) شرح المواهب اللدنية ج4 ص49.
([370]) الآية 13 من سورة لقمان.
([371]) تاريخ مدينة دمشق ج11 ص359 وج36 ص445 وج69 ص202 و203 وجامع أحاديث الشيعة ج14 ص210 ونهج السعادة ج7 ص361 وكنز العمال ج3 ص664 والبداية والنهاية ج2 ص271 وج5 ص80 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص109 وج4 ص131 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص376.
([372]) الركوسية: طائفة من النصارى والصابئين. أقرب الموارد ج1 ص428.
([373]) تاريخ مدينة دمشق (ط دار الفكر) ج69 ص200 و 201 عن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص225 فما بعدها و (نشر مكتبة محمد علي صبيح) ج4 ص1001 و 1002 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص276 ـ 278 عن أحمد، والبيهقي، والطبراني. وراجع: الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة ص353 ـ 354 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص376 ـ 377 والبداية والنهاية ج5 ص75 ـ 77 وعيون الأثر ج2 ص287 و 288 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص124 ـ 126.
([374]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص378 وفتح الباري ج13 ص72 والبداية والنهاية ج5 ص79 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص130.
([375]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص378 عن البيهقي، وأحمد، والطبراني. وراجع: صحيح البخاري ج4 ص176 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص226 ودلائل النبوة للأصبهاني ج3 ص825 والبداية والنهاية ج5 ص79 وج6 ص209 وإمتاع الأسماع ج14 ص59 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص130.