شرح سنن النسائي
جلال الدين السيوطي ج 8

[ 2 ]
كتاب القسامة (ولا تصبر يميني) قال في النهاية اليمين المصبورة التي ألزم بها صاحبها وحبس عليها قيل لها
[ 3 ]
مصبواة وان كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور لانه إنما صبر من أجلها أي حبس فوصفت
[ 4 ]
بالصبر وأضيفت إليه مجازا
[ 6 ]
(لحويصة ومحيصة) بتشديد الياء في الاشهر فيهما
[ 7 ]
(في فقير) بفاء ثم قاف هي البئر القليلة الماء
[ 9 ]
(يتشحط في دمه) أي يتخبط فيه ويضطرب ويتمرغ
[ 12 ]
(أدفعه اليكم برمته) بضم الراء هي قطعة حبل يشد بها الاسير والقاتل للقتل أو القصاص لئلا يهرب
[ 13 ]
(بنسعة) بكسر النون وسكون السين وفتح العين المهملتين سير مضفور يجعل زماما للبعير وغيره
[ 14 ]
(فإنه يبوء بإثمك وإثم صاحبك) أي يلتزمه ويرجع به قال النووي قيل معناه يتحمل إثم المقتول لاتلافه مهجته وإثم الولي لكونه فجعه في أخيه ويكون قد أوحى إليه صلى الله
[ 16 ]
عليه وسلم بذلك في هذا الرجل خاصة ويحتمل أن معناه يكون عفوك عنه سببا لسقوط إثمك وإثم أخيك والمراد إثمهما السابق بمعاص لهما متقدمة لا تعلق لها بهذا القائل فيكون معنى يبوء يسقط وأطلق هذا اللفظ عليه مجازا (ان قتله فهو مثله) قال النووي الصحيح في تأويله أنه مثله في أنه لا فضل ولا منة لاحدهما على الآخر لانه يستوفى حقه منه بخلاف ما لو عفا عنه فإنه يكون له الفضل والمنة وجزيل ثواب الآخرة وجميل الثناء في الدنيا وقيل فهو مثله في أنه قاتل وان
[ 17 ]
اختلفا في التحريم والاباحة لكنهما استويا في طاعتهما الغضب ومتابعة الهوى قال وإنما قال النبي
[ 18 ]
صلى الله عليه وسلم بهذا اللفظ الذي هو صادق فيه إيهاما لمقصود صحيح وهو التوصل إلى العفو
[ 19 ]
(المؤمنون تتكافأ دماؤهم) أي تتساوى في القصاص والديات (وهم يد على من سواهم)
[ 20 ]
أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضا على جميع الاديان والملل كأنه جعل أيدهم يدا واحدة وفعلهم فعلا واحدا (ويسعى بذمتهم أدناهم) أي إذا أعطى أحد لجيش العدو أمانا جاز ذلك على جميع المسلمين وليس لهم أيخفروه والا أن ينقضوا عليه عهده (من قتل عبده قتلناه) قال النووي قال العلماء يستحب للمفتي إذا رأى مصلحة في التغليظ أن
[ 21 ]
يغلظ في العبارة وان كان لا يعتقد ذلك واستدلوا بهذا الحديث ونحوه (حمل بن مالك) بفتح الحاء المهملة والميم (بمسطح) بكسر الميم عود من أعواد الخباء
[ 22 ]
(أوضاح) هي نوع من الحلى يعمل من الفضة سميت بها لبياضها واحدها وضح (وبها رمق)
[ 23 ]
هي بقية الروح وآخر النفس
[ 24 ]
(تقشع) بالقاف والشين المعجمة والعين المهملة أي تصدع واقلع (من قتل معاهدا في غير كنهه)
[ 25 ]
قال في النهاية كنه الامر حقيقته وقيل وقته وقدره وقيل غايته يعني من قتله في غير وقته أو غاية أمره الذي يجوز فيه قتله (ان غلاما لاناس فقراء قطع أذن غلام لاناس أغنياء فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجعل لهم شيئا) قال الخطابي معنى هذا أن الغلام الجاني كان حرا وكانت عاقلته فقراء وانما يتواسى العاقلة عن وجود وسعة ولا شئ على الفقير
[ 26 ]
(عن أنس أن أخت الربيع) قال النووي بضم الراء وفتح الباء الموحدة وتشديد الباء (أم حارثة جرحت انسانا فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القصاص القصاص) قال النووي هما منصوبتان أي أدوا القصاص وسلموه إلى مستحقه
[ 27 ]
(فقالت أم الربيع) قال النووي هي بفتح الراء وكسر الباء وتخفيف الياء (يا رسول الله أيقتص من فلانة لا والله لا يقتص منها أبدا) الحديث وفي الحديث الذي يليه (عن أنس قال كسرت الربيع) قال النووي بضم الراء وفتح الباء وتشديد الياء (قال أنس بن النضر
[ 28 ]
يا رسول الله تكسر ثنية الربيع لا والذي بعثك بالحق) قال العلماء هاتان الروايتان مختلفتان قال في الاولى الجارحة أخت الربيع وفي الثانية أنها الربيع بنفسها وفي الاولى أن الحالف لا يكسر ثنيتها أم الربيع وفي الثانية أنه أنس بن النضر قالوا والمعروف الرواية الثانية وقال النووي هما قضيتان (ان من عباد الله من لو أقسم على الله لابره) قال النووي معناه لا يحنثه لكرامته عليه
[ 29 ]
قال وإنما حلف ثقة بفضل الله ولطفه أنه لا يحنثه بل يلهمهم العفو
[ 31 ]
(فاندر) بالمهملة أي أسقط
[ 36 ]
(لا تراءى ناراهما) قال في النهاية أي يلزم المسلم ويجب عليه ان يتباعد منزله عن منزل المشرك ولا يترك بالموضع الذي إذا أوقدت فيه ناره تلوح وتظهر للمشرك إذا أوقدها في منزله ولكنه ينزل مع المسلمين في دارهم وإنما كره مجاورة المشركين لانهم لا عهد لهم ولا أمان وحث المسمين على الهجرة والترائي تفاعل من الرؤية يقال تراءى القوم إذا رأى بعضهم بعضا تراءى لي الشئ أي ظهر حتى رأيته وإسناد الترائي إلى النارين مجاز من قولهم داري تنظر إلى دار فلان تقابلها يقول ناراهما مختلفتان هذه تدعو إلى الله وهذه تدعو إلى الشيطان فكيف تتفقان والاصل في
[ 37 ]
تراءى تتراءى فحذف إحدى التاءين تخفيفا
[ 39 ]
(وعلى المقتتلين أن ينحجزوا) قال في النهاية أي يكفوا عن القود وكل من ترك شيئا فقد انحجز عنه والانحجاز مطاوع حجزه إذا منعه والمعنى أن لورثة القتيل أن يعفوا عن دمه رجالهم ونساؤهم أيهم عفا وان كانت امرأة سقط القود واستحقوا الدية وقوله (الاول فالاول) أي الاقرب فالاقرب (من قتل في عميا أو رميا) قال في النهاية العميا بالكسر والتشديد والقصر فعيلي من العمى كالرميا من الرمي والحضيضي من التحضيض وهي مصادر المعنى يوجد بينهم قتيل يعمى أمره ولا يتبين قاتله
[ 52 ]
(قال ابن عباس كانت إحداهما مليكة والاخرى أم غطيف) المعروف أم عفيف بنت مسروح زوج حمل بن مالك كذا في مبهمات الخطيب وأسد الغابة ولم يذكر في الصحابيات من اسمها أم غطيف
[ 58 ]
(من اعتبط مؤمنا) بالعين المهملة أي قتله بلا جناية كانت منه ولا جريرة توجب قتله (فإنه قود) أي فإن القاتل يقاد به ويقتل (وفي الانف إذا أوعب جدعه) أي قطع جميعه
[ 60 ]
(خصاصة الباب) بخاء معجمة وصادين مهملتين أي فرجته (انقمع) أي رد بصره ورجع
[ 63 ]
(واليمين الغموس) هي الكاذبة الفاجرة كالتي يقتطع بها الحالف مال غيره سميت غموسا لانها تغمس في الاثم والنار وفعول للمبالغة
[ 64 ]
(ولا ينتهب نهبة) هي الغارة والسلب (ذات شرف) أي قيمة وقدر ورفعة (يرفع الناس إليها أبصارهم) أي ينظرون إليها ويستشرفونها
[ 65 ]
(خلع ربقة الاسلام من عنقه) الربقة في الاصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها فاستعارها للاسلام يعني ما يشد المسلم به نفسه من عرى الاسلام أي حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ويسرق الحبل فتقطع يده) قال النووي
[ 66 ]
قال جماعة المراد بها بيضة الحديد وحبل السفينة كل واحد منهما له قيمة ظاهرة وليس هذا السياق موضع استعمالهما بل بلاغة الكلام تأباه لانه لا يذم في العادة من خاطر بيده في شئ له قدر وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له فهو موضع تقليل لا تكثير والصواب أن المراد التنبيه على عظم ما خسر وهي يده في مقابلة حقير من المال وهو ربع دينار فإنه يشارك البيضة والحبل في الحقارة أو أراد جنس البيض وجنس الحبال أو أنه إذا سرق البيضة فلم يقطع جر ذلك إلى سرقة ما هو أكثر منها فقطع فكانت سرقة البيضة هي سبب قطعه أو أن المراد أنه قد يسرق البيضة
[ 67 ]
والحبل فيقطعه بعض الولاة سياسة لا قطعا جائزا شرعا وقيل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا عند نزول آية السرقة مجملة من غير بيان نصاب فقال على ظاهر اللفظ
[ 85 ]
(فإذا ضمه الجرين) هو موضع تجفيف التمر وهو له كالبيدر للحنطة (ولا يقطع في حريسة الجبل) بالحاء المهملة والراء قال في النهاية أي ليس فيما يجرس بالجبل إذا سرق قطع لانه ليس بحرز والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أي أن لها من يحرسها ويحفظها ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها يقال حرس يحرس حرسا إذا سرق فهو حارس ومحترس أي ليس فيما يسرق من الجبل قطع (غير متخذ خبنة) قال في النهاية الخبنة معطف الازار وطرف الثوب أي لا يأخذ منه في ثوبه يقال أخبن الرجل إذا خبأ شيئا في خبنة ثوبه أو سراويله (ومن خرج بشئ منه فعليه غرامة مثلية
[ 86 ]
والعقوبة) قال في النهاية هذا على سبيل الوعيد والتغليظ لا الوجوب لينتهي فاعله عنه والا فلا واجب على متلف الشئ أكثر من مثله وقيل كان في صدر الاسلام تقع العقوبات في الاموال ثم نسخ (آواه المراح) هو بضم الميم الموضع الذي تروح إليه الماشية أو تأوى إليه ليلا
[ 87 ]
(ولا كثر) بفتح الكاف والمثلثة جمار النخل وهو شحمه الذي في وسط النخلة
[ 93 ]
كتاب الايمان وشرائعه (ثلاث من كن فيه) أي حصلن فهي تامة (وجد حلاوة الايمان) قال التيمي حلاوة
[ 94 ]
الايمان حسنة يقال حلا الشئ في الفم إذا صار حلوا وان حسن في العين أو القلب قيل حلا لعيني أي حسن وقال غيره في حلاوة الايمان استعارة تخييلية شبه رغبة المؤمن في الايمان بشئ حلو وأثبت له لازم ذلك الشئ وأضافه إليه وفيه تلميح إلى قصة المريض والصحيح لان
[ 95 ]
المريض الصفراوي يجد طعم العسل مرا والصحيح يذوق حلاوته على ما هي عليه فكلما نقصت الصحة شيئا نقص ذوقه بقدر ذلك (أن يكون الله عزوجل ورسوله احب إليه) بالنصب خبر يكون قال البيضاوي المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه وان كان على خلاف هوى النفس كالمريض يعاف الدواء بطبعه فينفر عنه ويميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله فإذا تأمل المرء أن الشارع لا يأمر ولا ينهى إلا بما فيه إصلاح عاجل أو إصلاح آجل والعقل يقتضي رجحان جانب ذلك تمرن على الائتمار بأمره بحيث يصير هواه تبعا له ويلتذ بذلك التذاذا عقليا إذ الالتذاذ العقلي إدراك ما هو كمال وخير من حيث هو كذلك وعبر الشارع عن هذه بالحلاوة لانها أظهر اللذائذ المحسوسة قال وإنما جعل هذه الامور الثلاثة عنوانا لكمال الايمان لان المرء إذا تأمل أن المنعم بالذات هو الله وأن لا مانع في الحقيقة سواه وأن ما عداه وسائط وأن الرسول هو الذي يبين له مراد ربه اقتضى ذلك أن يتوجه بكليته نحوه فلا يحب إلا ما يحب ولا يحب من يحب الا من أجله وأن يتيقن أن جملة ما وعد وأوعد حق بيقين تخيل إليه الموعود كالواقع فيحسب أن مجالس الذكر رياض الجنة وأن العود إلى الكفر القاء في النار قال وأما تثنية الضمير في قوله (مما سواهما) فللايماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين لا كل واحدة فإنها ضائعة لاغية وأمر بالافراد في حديث الخطيب أشعارا بأن كل واحد من المعطوفين مستقل باستلزام الغواية إذ العطف في تقدير التكرير والاصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم (وأن يحب في الله وأن يبغض في الله)
[ 96 ]
قال يحيى بن معاذ حقيقة الحب في الله أن لا يزيد في البر ولا ينقص بالجفاء (ومن كان أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه) قال في فتح الباري الانقاذ أعم من أن يكون بالعصمة منه ابتداء بأن يولد على الاسلام ويستمر أو بالاخراج من ظلمة
[ 97 ]
الكفر إلى نور الايمان كما وقع لكثير من الصحابة وعلى الاول فيحمل قوله يرجع على معنى الصيرورة
[ 98 ]
بخلاف الثاني فإن الرجوع فيه على ظاهره (قال يا محمد أخبرني عن الاسلام) وقع في رواية البخاري تقديم السؤال عن الايمان وفي الاخرى الابتداء بالاسلام ثم بالاحسان ثم بالايمان قال الحافظ بن حجر ولا شك أن القصة واحدة اختلف الرواة في تأديتها فالتقديم والتأخير وقع من الرواة (فعجبنا له يسأله ويصدقه) قال القرطبي إنما عجبوا منه لان ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف إلا من جهته وليس هذا السائل ممن عرف بلقاء النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالسماع منه ثم هو يسأل سؤال عارف بما يسأل عنه بأنه يخبره بأنه صادق فيه فتعجبوا من ذلك تعجب المستبعد لذلك (ثم قال أخبرني عن الايمان قال أن تؤمن بالله) قال الطيبي هذا يوهم التكرار وليس كذلك فإن قوله أن تؤمن بالله مضمن معنى أن تعترف به ولهذا عداه بالباء أي تصدق معترفا بذلك وقال الكرماني ليس هو تعريفا للشئ بنفسه بل المراد من المحدود الايمان الشرعي ومن الحد الايمان اللغوي (وملائكته) الايمان بالملائكة هو التصديق بوجودهم وأنهم كما وصفهم الله عباد مكرمون (وكتبه) الايمان بكتب الله التصديق بأنها كلام الله وأن ما تضمنته حق (ورسله) الايمان بالرسل التصديق بأنهم صادقون فيما أخبروا به عن الله (واليوم الآخر) قيل له ذلك لانه آخر أيام الدنيا أو آخر الازمنة المحدودة والمراد
[ 99 ]
بالايمان به التصديق بما يقع فيه من الحساب والميزان والجنة والنار (قال فأخبرني عن الاحسان) هو مصدر أحسنت كذا إذا أتقنته واحسان العبادة الاخلاص فيها والخشوع وفراغ البال حال التلبس بها ومراقبة المعبود وأشار في الجواب إلى حالتين أرفعهما أن يغلب عليه مشاهدة الحق بقلبه حتى كأنه يراه بقلبه وهو قوله كأنك تراه أي هو يراك والثانية أن يستحضر أن الحق مطلع عليه يرى كل ما يعمل وهو قوله فإنه يراك وهاتان الحالتان ثمرتهما معرفة الله تعالى وخشيته وقال النووي معناه أنك انما تراعي الآداب المذكورة إذا كنت تراه يراك لكونه يراك لا لكونه تراه فهو دائما يراك فأحسن عبادته وان لم تره فتقدير الحديث فإن لم تكن تراه فاستمر على إحسان العبادة فإنه يراك وأقدم بعض غلاة الصوفية على تأويل الحديث بغير علم فقال فيه إشارة إلى مقام المحو والفناء وتقديره فإن لم تكن أي فإن لم تصر شيئا وفنيت عن نفسك حتى كأنك ليس بموجود فإنك حينئذ تراه وغفل قائل هذا للجهل بالعربية عن أنه لو كان المراد ما زعم لكان قوله تراه محذوف الالف لانه يصير مجزوما لكونه على زعمه جواب الشرط ولم يرد في شئ من طرق هذا الحديث بحذف الالف واثباتها في الفعل المجزوم على خلاف القياس فلا يصار إليه إذ لا ضرورة هنا وأيضا لو كان ما ادعاه صحيحا لكان قوله فإنه يراك ضائعا لانه لا ارتباط له بما قبله ومما يفسد تأويله رواية فإنك ان لا تراه فإنه يراك فسلط النفي على الرؤية
[ 100 ]
لا على الكون الذي حمل على ارتكاب التأويل المذكور (قال فأخبرني عن الساعة) أي متى تقوم (قال ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل) عدل عن قوله لست بأعلم بها منك إلى لفظ يشعر بالتعميم تعريضا للسامعين أي أن كل مسئول وكل سائل فهو كذلك (أن تلد الامة ربتها) اختلف العلماء في معنى ذلك فقال الخطابي معناه اتساع الاسلام واستيلاء أهله على بلاد الشرك وسبي ذراريهم فإذا ملك الرجل الجارية واستولدها كان الولد منها بمنزلة ربها لانه ولد سيدها قال النووي وغيره هذا قول الاكثرين قال الحافظ بن حجر لكن في قوله المراد نظر لان استيلاد الاماء كان موجودا حين المقابلة والاستيلاء على بلاد الشرك وسبي ذراريهم واتخاذهم سراري كان أكثره في صدر الاسلام وسياق الكلام يقتضي الاشارة إلى وقوع ما لم يقع مما سيقع قرب قيام الساعة وقيل معناه أن تبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر ذلك فيتداول الملاك المستولدة حتى يشتريها ولدها وعلى هذا الذي يكون من الاشراط غلبة الجهل بتحريم أمهات الاولاد والاستهانة بالاحكام الشرعية وقيل معناه أن يكثر العقوق في الاولاد فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الاهانة بالسب والضرب والاستخدام فأطلق عليه ربها مجازا لذلك أو المراد بالرب المربي فيكون حقيقة قال الحافظ بن حجر وهذا الوجه أوجه عندي لعمومه وتحصيله الاشارة إلى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الامور بحيث يصير المربي مربيا والسافل عاليا وهو مناسب لقوله في العلامة الاخرى أن يصير الحفاة العراة ملوك الارض (العالة) أي الفقراء (رعاء الشاء) قال في النهاية الرعاء بالكسر والمد جمع راعي الغنم وقد
[ 101 ]
يجمع على رعاة بالضم (قال عمر فلبثت ثلاثا) قال الحافظ بن حجر ادعى بعضهم في هذه
[ 102 ]
الكلمة التصحيف وأنها فلبثت مليا صغرت ميمها فأشبهت ثلاثا لانها تكتب بلا ألف قال هذه الدعوى مردودة فإن في رواية أبي عوانة فلبثنا ليالي فلقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث ولابن حبان بعد ثلاثة ولابن مندة بعد ثلاثة أيام (إذا رأيت الرعاء البهم) بضم الموحدة ووصفهم بالبهم إما لانهم مجهولو الانساب ومنه أبهم الامر فهو مبهم إذا لم يعرف حقيقته وقال القرطبي والاولى أن يحمل على انهم سود الالوان لان الادمة غالب ألوانهم وقيل معناه أنه
[ 103 ]
لا شئ لهم كقوله صلى الله عليه وسلم يحشر الناس حفاة عراة بهما قال وفيه نظر لانه قد نسب لهم الابل فكيف يقال لا شئ لهم قال الحافظ بن حجر يحمل على أنها إضافة اختصاص لا ملك وهذا هو الغالب أن الراعي يرعى بأجرة وأما المالك فقل أن يباشر الرعي بنفسه (وأنه لجبريل عليه السلام نزل في صورة دحية الكلبي) قال الحافظ بن حجر قوله نزل في صورة دحية وهم لان دحية معروف عندهم وقد قال عمر ما يعرفه منا أحد وقد أخرجه محمد بن نصر المروزي
[ 104 ]
في كتاب الايمان من الوجه الذي أخرجه منه النسائي فقل في آخره وانه جبريل جاء ليعلمكم
[ 105 ]
دينكم حسب وهذه الرواية هي المحفوظة لموافقتها باقي الروايات (المسلم من سلم الناس من لسانه ويده) قيل الالف واللام فيه للكمال نحو زيد الرجل أي الكامل في الرجولية قال الخطابي المراد أفضل المسلمين من جمع إلى أداء حقوق الله تعالى أداء حقوق الناس وقال غيره يحتمل أن يكون
[ 106 ]
المراد بذلك الاشارة إلى حسن معاملة العبد مع ربه لانه إذا أحسن معاملة إخوانه فأولى أن يحسن معاملة ربه من التنبيه بالادنى على الاعلى (إذا أسلم العبد فحسن إسلامه) أي صار إسلامه حسنا في اعتقاده وإخلاصه ودخوله فيه بالباطن والظاهر (كان أزلفها) أي أسلفها وقدمها يقال أزلف وزلف مخففا وزلف مشددا بمعنى واحد وقال في المحكم أزلف الشئ وزلفه مخففا ومثقلا قربه وفي الجامع الزلفة تكون في الخير والشر وقال في المشارق زلف بالتخفيف أي جمع وكسب وهذا يشمل الامرين وأما القربة فلا تكون الا في الخير (ثم كان بعد ذلك القصاص) بالرفع اسم كان (الحسنة) مبتدأ (بعشرة أمثالها) خبره والجملة استئنافية (إلى سبعمائة ضعف) متعلق بمقدر أي منتهية (والسيئة بمثلها الا أن يتجاوز الله عزوجل عنها) زاد سمويه
[ 107 ]
في فوائده الا أن يغفر الله وهو الغفور (أي الاسلام أفضل) فيه حذف أي أي ذوي الاسلام ويؤيده رواية مسلم أي المسلمين أفضل (أي الاسلام خير) أي أي خصال الاسلام خير (قال تطعم الطعام) هو في تقدير المصدر أي أن تطعم ومثله تسمع بالمعيدي خير (وتقرأ السلام) بلفظ مضارع القراءة بمعنى تقول قال أبو حاتم السجستاني تقول اقرأ عليه السلام ولا تقول
[ 108 ]
أقرئه السلام فإذا كان مكتوبا قلت أقرئه السلام أي اجعله يقرؤه (بني الاسلام على خمس) قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في أماليه فيه اشكال لان الاسلام ان أريد به الشهادة فهو مبني عليها لانها شرط في الايمان مع الامكان الذي هو شرط في الخمس وان أريد به الايمان فكذلك لانه شرط وان أريد به الانقياد والانقياد هو الطاعة والطاعة فعل المأمور به والمأمور به هي هذه الخمس لا على سبيل الحصر فيلزم بناء الشئ على نفسه قال والجواب أنه التذلل العام الذي هو اللغوي لا التذلل الشرعي الذي هو فعل الواجبات حتى يلزم بناء الشئ على نفسه ومعنى الكلام أن التذلل اللغوي يترتب على هذه الافعال مقبولا من العبد طاعة وقربة وقال في مواضع أخر ان قيل هذه الخمس هي الاسلام فما المبني عليه فالجواب أن المبني هو الاسلام الكامل لا أصل الاسلام وقال في فتح الباري فإن قيل الاربعة المذكورة مبنية على الشهادة إذ لا يصح شئ منها الا بعد وجودها فكيف يضم مبني إلى مبني عليه في مسمى واحد أجيب بجواز ابتناء أمر على أمر وابتناء الامرين على أمر آخر فإن قيل المبني لا بد أن يكون غير المبني عليه أجيب بأن
[ 109 ]
المجموع غير من حيث الانفراد عين من حيث الجمع ومثاله البيت من الشعر يجعل على خمسة أعمدة أحدها أوسط والبقية أركان فما دام الاوسط قائما فمسمى البيت موجود ولو سقط أحد من الاركان فإذا سقط الاوسط سقط مسمى البيت فالبيت بالنظر إلى مجموعه شئ واحد وبالنظر إلى أفراده أشياء وأيضا بالنظر إلى رأسه أصلي والاركان تبع وتكملة (شهادة أن لا إله إلا الله) مخفوض على البدل من خمس ويجوز الرفع على حذف الخبر والتقدير منها شهادة أن لا إله إلا الله أو على حذف المبتدأ والتقدير أحدها شهادة أن لا إله إلا الله (فمن وفى منكم) بالتخفيف والتشديد أي ثبت على العهد (فأجره على الله) أطلق هذا على سبيل التفخيم لانه لما ذكر المبالغة المقتضية لوجود العوضين أثبت ذكر الاجر في موضع أحدهما (ومن أصاب من ذلك شيئا) المراد ما ذكر بعد بقرينة أن المخاطب بذلك المسلمون فلا يدخل حتى يحتاج إلى إخراج ويؤيده رواية مسلم ومن أتى منكم حدا إذ القتل على الاشراك لا يسمى حدا قلت ويرشد إليه
[ 110 ]
قوله (فستره الله) فإن الستر بالمعصية أليق (الايمان بضع وسبعون) بكسر الباء وحكى فتحها وهو عدد مبهم يقيد بما بين الثلاث إلى التسع كما جزم به القزاز وقال بن سيده إلى العشر وقيل من واحد إلى تسعة وقيل من اثنين إلى عشرة وعن الخليل البضع السبع (شعبة) بضم أي قطعة والمراد الخصلة (وأوضعها) أي أدناها كما في رواية الصحيحين (اماطة الاذى) أي تنحيته وهو ما يؤذي في الطريق كالشوك والحجر والنجاسة ونحوها (والحياء شعبة من الايمان) هو بالمد وهو في اللغة تغير وانكسار يعتري الانسان من خوف ما يعاب به وفي
[ 111 ]
الشرع خلق يبعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حق ذي الحق فإن قيل الحياء من الغرائز فكيف جعل شعبة من الايمان أجيب بأنه قد يكون تخلقا وقد يكون غريزة ولكن استعماله على وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب وعلم ونية فهو من الايمان لهذا ولكونه باعثا على فعل الطاعة وحاجزا عن فعل المعصية ولا يقال رب حياء يمنع عن قول الحق أو فعل الخير لان ذلك ليس شرعيا فإن قيل لم أفرده بالذكر ههنا أجيب بأنه كالداعي إلى باقي الشعب إذا لحي يخاف فضيحة الدنيا والآخرة فيأتمر وينزجر (إلى مشاشه) هي رءوس العظام كالمرفقين والكتفين والركبتين (من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه
[ 112 ]
وذلك أضعف الايمان) قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام فيه سؤالان الاول ما العامل في المجرورين الاخيرين الثاني قوله وذلك أضعف الايمان مشكل لانه يدل على ذم فاعله وأيضا فقد يعظم إيمان الشخص وهو لا يستطيع التغير بيده فلا يلزم من العجز عن التغير
[ 113 ]
ضعف الايمان لكنه قد جعله أضعف الايمان فما الجواب قال والجواب عن الاول أنه لا يجوز أن يكون العامل يغيره المنطوق به لانه لو كان كذلك لكان المعنى فليغيره بلسانه وقلبه لكن التغير لا يتأتى باللسان ولا بالقلب فيتعين أن يكون العامل فلينكره بلسانه وليكرهه بقلبه فيثبت لكل واحد من الاعضاء ما ينسابه وعن الثاني ان المراد بالايمان هنا الايمان المجازي الذي هو الاعمال ولا شك أن التقرب بالكراهة ليس كالتقرب بالذي ذكره قبله ولم يذكر ذلك للذم وإنما ذكر ليعلم المكلف حقارة ما حصل في هذا القسم فيرتقي إلى غيره (ما يبلغ الثدي) جمع ثدي
[ 114 ]
(لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه) هو أفعل بمعنى المفعول هو مع كثرته على خلاف القياس وفصل بينه وبين معموله بقوله إليه لان الممتنع الفصل بأجنبي (من ولده ووالده) قال الحليمي أصل هذا الباب أن تقف على مدائح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمحاسن الثابتة له في نفسه ثم على حسن آثاره في دين الله وما يجب له من الحق على أمته شرعا وعادة فمن أحاط
[ 115 ]
بذلك وسلم عقله علم أنه أحق بالمحبة من الوالد الفاضل في نفسه البر الشفيق على ولده (لا يؤمن أحدكم حتى يحب) بالنصب (لاخيه ما يحب لنفسه من الخير) قال في فتح الباري الخير كلمة
[ 116 ]
جامعة تعم الطاعات والمباحات الدنيوية والاخروية وتخرج المنهيات (آية النفاق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائمتن خان) قال النووي هذا الحديث عده جماعة من العلماء مشكلا من حيث أن هذه الخصال قد توجد في المسلم المجمع على عدم الحكم بكفره
[ 117 ]
قال وليس فيه اشكال بل معناه صحيح والذي قاله المحققون أن معناه أن هذه الخصال نفاق
[ 118 ]
وصاحبها شبيه بالمنافقين في هذه الخصال ومتخلق بأخلاقهم
[ 119 ]
(انتدب الله) أي سارع بثوابه وحسن جزائه وقيل بمعنى أجاب إلى المراد ففي الصحاح ندبت فلانا لكذا فانتدب أي أجاب إليه وقيل معناه تكفل بالمطلوب ويدل عليه رواية البخاري في باب الجهاد بلفظ تكفل الله وبلفظ توكل الله ووقع في رواية الاصيلي ائتدب بياء مثناة تحتية مهموزة بدل النون من المأدبة وأطبقوا على أنه تصحيف (لا يخرجه الا الايمان بي) هو بالرفع على أنه فاعل يخرج والاستثناء مفرغ وقوله بي فيه عدول عن ضمير الغيبة إلى ضمير المتكلم قال ابن مالك
[ 120 ]
كان الظاهر أن يقال الا الايمان به والجهاد في سبيله ولكنه على تقدير اسم فاعل من القول منصوب على الحال أي انتدب الله لمن خرج في سبيله قائلا لا يخرجه الا الايمان بي من باب الالتفات قلت هذا خطأ فإن شرط الالتفات أن يكون الجملتان من متكلم واحد وقوله انتدب الله لمن يخرج في سبيله من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وقوله لا يخرجه الا الايمان بي والجهاد في سبيلي من كلام الله تعالى فلا يصح أن يكون التفاتا لان الجملتين ليستا من متكلم واحد فتعين ما قاله ابن مالك وقوله ان حذف الحال لا يجوز جوابه أنه من باب حذف القول وحذف القول من باب البحر حدث عنه ولا حرج
[ 121 ]
(مر على رجل) في رواية مسلم مر برجل ومر بمعنى اجتاز يعدي بعلي وبالباء (يعظ أخاه في الحياء) في رواية للبخاري يعاتب أخاه في الحياء يقول أنك تستحي حتى كأنه يقول قد أضربك في سببه (فقال دعه) أي اتركه على هذا الخلق السيئ (فإن الحياء من الايمان) قال ابن قتيبة معناه أن الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما يمنع الايمان فسمى ايمانا كما سمى الشئ باسم ما قام مقامه
[ 122 ]
(ان هذا الدين يسر) سماه يسرا مبالغة بالنسبة إلى الاديان قبله لان الله تعالى رفع عن هذه الامة الاصر الذي كان على من قبلهم ومن أوضح الامثلة له أن توبتهم كانت بقتل أنفسهم وتوبة هذه الامة بالاقلاع والعزم والندم (ولن يشاد الدين أحد الا غلبه) قال بن التين في هذا الحديث علم من أعلام النبوة فقد رأينا ورأى الناس قبلنا أن كل متنطع في الدين ينقطع وليس المراد منه طلب الاكمل في العبادة فإنه من الامور المحمودة بل منع من الافراط المؤدي إلى الملال والمبالغة في التطوع المفضي إلى ترك الافضل أو إخراج الفرض عن وقته كمن بات يصلي الليل كله ويغالب النوم إلى أن غلبته عيناه في آخر الليل فنام عن صلاة الصبح (فسددوا) أي الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط (وقاربوا) أي ان لم تستطيعوا الاخذ بالاكمل فاعملوا بما يقرب منه (وأبشروا) أي بالثواب على العمل الدائم وان قل أو المراد تبشير من عجز عن العمل بالاكمل بأن العجز إذا لم يكن من صنعه لا يستلزم نقص أجره وأبهم المبشر به تعظيما له وتفخيما (واستعينوا بالغدوة والروحة وشئ من الدلجة) أي استعينوا على مداومة العبادة بإيقاعها
[ 123 ]
في الاوقات المنشطة والغدوة بالفتح سير أول النهار وقال الجوهري ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس والروحة بالفتح السير بعد الزوال والدلجة بضم أوله وفتحه واسكان اللام سير آخر الليل وقيل سير الليل كله ولهذا عبر فيه بالتبعيض ولان عمل الليل أشق من عمل النهار فهذه الاوقات أطيب أوقات المسافرة فكأنه صلى الله عليه وسلم خاطب مسافرا إلى مقصد فنبهه على أوقات نشاطه لان المسافر إذا سار الليل والنهار جميعا عجز وانقطع وإذا تحرى السير في هذه الاوقات المنشطة أمكنته المداومة من غير مشقة وحسن هذه الاستعارة أن الدنيا في الحقيقة
[ 124 ]
دار نقله إلى الآخرة (شعف الجبال) بفتح الشين المعجمة والعين المهملة وفاء جمع شعفة وهي من كل شئ أعلاه يريد به رؤوس الجبال (مثل المنافق كمثل الشاة العائرة بين الغنمين) قال الزمخشري في المفصل قد يثني الجمع على تأويل الجماعتين والفرقتين ومنه هذا الحديث
[ 126 ]
كتاب الزينة (عشرة من الفطرة) في الحديث الآخر خمس من الفطرة قال وليست منحصرة في العشر وقد أشار صلى الله عليه وسلم إلى عدم انحصارها فيها بقوله من الفطرة وقال القرطبي لا تباعد في أن يقول هي عشر وهي خمس لاحتمال أن يكون أعلم بالخمس أولا ثم زيد عليها قاله عياض ويحتمل أن تكون الخمس المذكورة في حديث أبي هريرة هي آكد من غيرها فقصدها بالذكر لمزيتها على غيرها من خصال الفطرة قال ومن في قوله عشر من الفطرة للتبعيض (غسل البراجم) قال
[ 127 ]
النووي بفتح الباء وكسر الجيم جمع برجمة بضم الباء والجيم وهي عقد الاصابع ومفاصلها كلها وفي شرح المصابيح لزين العرب حكاية قول أن المراد بها خطوط الكف لمنع الوسخ فيها من وصول الماء إلى ما تحتها وحينئذ لا يصح الوضوء ولا الغسل (ونتف الابط وحلق العانة) قال القرطبي خرجا على المتيسر في ذلك ولو عكس فحلق الابط ونتف العانة جاز لحصول النظافة بكل ذلك قال وقد قيل لا يجوز في العانة الا الحلق لان نتفها يؤدي إلى استرخائها ذكره أبو بكر بن العربي (وانتقاص الماء) قال النووي هو بالقاف والصاد المهملة وقد فسره وكيع بأنه الاستنجاء وقال أبو عبيد وغيره معناه انتقاص البول بسبب استعمال الماء في غسل مذاكيره وقيل هو الانتضاح وذكر بن الاثير أنه روى الانتقاص بالقاف والصاد المهملة وقال في فصل الفاء قيل الصواب أنه بالفاء والصاد المهملة قال والمراد نضحه على الذكر لقولهم لنضح الدم القليل نفصه وجمعه نفص قال النووي وهذا الذي نقله شاذ والصواب ما سبق وقال زين العرب في شرح المصابيح انتقاص الماء بالقاف والصاد المهملة هو الاستنجاء بالماء وقيل معناه انتقاص البول بالماء وهو أن يغسل ذكره بالماء ليرتدع البول بردع الماء ولو لم يغسل نزل منه شئ فشئ فيعسر الاستبراء منه فالماء على الاول المستنجى به وعلى الثاني البول أن أريد بالماء البول فالمصدر مضاف إلى المفعول وان أريد به الماء المغسول به فالاضافة إلى الفاعل أي وانتقاص الماء البول وانتقص لازم ومتعد قيل هو تصحيف والصحيح انتفاض الماء بالفاء والضاد المعجمة وهو
[ 128 ]
الانتضاح بالماء على الذكر وهذا أقرب لان في كتاب أبي داود بدله ولا انتضاح (قال مصعب ونسيت العاشرة الا أن يكون المضمضة) قال القاضي عياض هذا شك منه فيها ولعلها الختان المذكور مع الخمس في حديث أبي هريرة وتبعه النووي والقرطبي (قال أبو عبد الرحمن وحديث سليمان التيمي وجعفر بن إياس أشبه بالصواب من حديث مصعب بن شيبة ومصعب منكر الحديث) وكذا رجح الدارقطني في العلل روايتهما فقال وهما أثبت من مصعب بن أبي شيبة وأصح حديثا ونقل عن الامام أحمد أنه قال مصعب بن شيبة أحاديثه مناكير منها عشرة من الفطرة ولما ذكر بن منده ان مسلما أخرجه وقال تركه البخاري فلم يخرجه وهو حديث معلول رواه سليمان التيمي عن طلق بن حبيب مرسلا قال بن دقيق العيد لم يلتفت مسلم لهذا التعليل لانه قدم
[ 129 ]
وصل الثقة عنده على الارسال قال وقد يقال في تقوية رواية مصعب أن تثبته في الفرق بين ما حفظه وبين ما شك فيه جهة مقوية لعدم الغفلة ومن لا يتهم بالكذب إذا ظهر منه ما يدل على التثبت قويت روايته وأيضا لروايته شاهد صحيح مرفوع في كثير من هذا العدد من حديث أبي هريرة أخرجه الشيخان (ونتف الضبع) بفتح الضاد المعجمة وسكون الموحدة وسط العضد وقيل هو ما تحت الابط (أعفوا اللحى) قال القرطبي وقع لابن ماهان
[ 130 ]
أرجو اللحى بالجيم فكأنه تصحيف وتخريجه على أنه أراد أرجئوا من الارجاء فسهل الهمزة فيه (نهاني الله عزوجل عن القزع) هو أن يحلق رأس الصبي ويترك منه مواضع متفرقة غير محلوقة
[ 131 ]
تشبيها بقزع السحاب (عن وائل بن حجر قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ولي شعر فقال ذباب) بذال معجمة مضمومة وموحدتين قال في النهاية هو الشؤم أي هذا مشؤم وقيل هو
[ 132 ]
الشر الدائم (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الترجل) هو تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه (الا غبا) أي وقتا بعد وقت قال في النهاية كأنه كره كثرة الترفه والتنعم (مشعان) بضم الميم وسكون الشين المعجمة وعين مهملة وآخره نون مشددة وهو منتفش الشعر الثائر الرأس يقال الرجل مشعان ومشعان الرأس
[ 133 ]
وشعر مشعان والميم زائدة (وجمته) هو بضم الجيم ما سقط من شعر الرأس على المنكبين
[ 134 ]
(ورأيت له لمة) هي بكسر اللام من شعر الرأس دون الجمة سميت بذلك لانها ألمت من المنكبين
[ 135 ]
(على ذؤابته) هي الشعر المضفور من شعر الرأس (عن عياش بن عباس) الاول بالمثناة التحتية والمعجمة والثاني بالموحدة والمهملة (القتباني) بكسر القاف وسكون المثناة الفوقية ثم موحدة (أن شييم) بكسر المعجمة وضمها بعدها مثناتان تحتيتان (ابن بيتان) لفظ تثنية البيت (يا رويفع لعل الحياة ستطول بك بعدي) قد ظهر مصداق ذلك فطالت به الحياة حتى مات سنة ثلاث وخمسين بإفريقية وهو آخر من مات بها من الصحابة كما ذكره أبو زكريا بن
[ 136 ]
منده من (عقد لحيته) قال في النهاية قيل هو معالجتها حتى تنعقد وتجعد وقيل كانوا يعقدونها في الحرب فأمرهم بإرسالها كانوا يفعلون ذلك تكبرا وعجبا انتهى وفي رواية لمحمد بن الربيع الجيزي في كتاب من دخل مصر من الصحابة من عقد لحيته في الصلاة وقال ثابت بن قاسم السرقسطي في كتاب الدلائل في غريب الحديث هكذا في الحديث من عقد لحيته وصوابه والله أعلم من عقد لحاء من قولك لحيت الشجر ولحوته إذا قشرته وكانوا في الجاهلية يعقدون لحاء الحرم فيقلودنه أعناقهم فيأمنون بذلك وهو قوله تعالى لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدى ولا القلائد فلما أظهر الله الاسلام نهى عن ذلك من فعلهم وروى أسباط عن السدي في هذه الآية أما شعائر الله فحرم الله وأما الهدى والقلائد فإن العرب كانوا يقلدون من لحاء الشجر شجر مكة فيقيم الرجل بمكة حتى إذا انقضت الاشهر الحرم وأراد أن يرجع إلى أهله قلد نفسه وناقته من لحاء الشجر فيأمن حتى يأتي أهله قال بن دقيق العيد وما أشبه ما قاله بالصواب لكن لم نره في رواية مما وقفنا عليه (أو تقلد وترا) بفتح الواو والمثناة فوق زاد محمد بن الربيع الجيزي في رواية يزيد تميمة (أو استنجى برجيع دابة) هو الروث
[ 137 ]
والعذرة سميا رجيعا لانه رجع عن حالته الاولى بعد أن كان علفا أو طعاما
[ 138 ]
(ولا يريحون رائحة الجنة) أي لا يشمون ريحها يقال راح يريح وراح يراح وأراح يريح إذا وجد رائحة الشئ (كالثغامة) بفتح المثلثة والغين المعجمة ثمرة يشبه بها الشيب وقيل شجرة تبيض كأنها الثلج
[ 139 ]
(الشيب) الشعر
[ 141 ]
(والضرب بالكعاب) هي فصوص النرد واحدها كعب وكعبة (والتبرج بالزينة لغير محلها) أي اظهارها للناس الاجانب وهو المذموم فأما للزوج فلا وهو معنى قوله لغير محلها (وتعليق التمائم) جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم فأبطله الاسلام (وعزل الماء بغير محله) قال في النهاية أي عزله عن اقراره في فرج المرأة وهو محله وفي قوله
[ 142 ]
بغير محله تعريض بإتيان الدبر (وافساد الصبي هو اتيان المرأة المرضع فإذا حملت فسد لبنها وكان من ذلك فساد الصبي وقوله (غير محرمة) أي كرهه ولم يبلغ به حد التحريم
[ 143 ]
(عن الوشر) هو تحديد الاسنان وترقيق أطرافها تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بالشواب من وشرت الخشبة بالمنشار لغة في أشرت (وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار) هو أن يضاجع
[ 144 ]
الرجل صاحبه في ثوب واحد لا حاجز بينهما (وعن النهبي) بالضم والقصر هي النهب وقد يكون اسم ما ينهب كالعمرى والرقبى (وعن ركوب النمور) أي جلودها وهي السباع المعروفة واحدها نمر وانما نهى عن استعمالها لما فيها من الزينة والخيلاء ولانه زي العجم ولان شعره لا يقبل الدباغ عند أحد الائمة إذا كان غير ذكي ولعله أكثر ما كانوا يأخذونا جلود النمور إذا ماتت لان اصطيادها عسير (ولبوس الخاتم الا لذي سلطان) قال الخطابي لانه حينئذ يكون زينة محضة لا لحاجة ولا لارب غير الزينة وقال البيهقي هذا النهي يحتمل أن يكون للتنزيه وقال الحليمي يحتمل أن يكون المراد أن السلطان يحتاج إلى الخاتم ليختم به كتبه ويختم به أموال العامة والطينة التي ينفذها إلى الذين يستعدي عليهم وكل من كانت بينة وبين الناس معاملات يحتاج لاجلها إلى الكتابة فهو في معنى السلطان فأما من لا يمسك الخاتم الا للتحلي به دون
[ 145 ]
غرض آخر فهو منهي عنه والحديث أعله بن القطان بالهيثم بن شفي وقال روى عنه جماعة ولا يعرف حاله وقال بن المواق بل هو معروف الحال ثقة وذكره بن حبان في الثقات وقال الحافظ ابن حجر في إسناده رجل متهم فلم يصح الحديث يعني شيخ الهيثم
[ 146 ]
(امرأة زعراء) أي قليلة الشعر (والمتفلجات للحسن) أي النساء اللاتي يفعلن ذلك بأسنانهن رغبة في التحسين والفلج بالتحريك فرجة ما بين الثنايا والرباعيات
[ 147 ]
(والنامصة والمتنمصة) الاولى فاعلة النماص والثانية التي تأمر من يفعل بها ذلك وهو نتف شعر
[ 148 ]
الجبهة ليتوسع الوجه وبعضهم يرويه المنتمصة بتقديم النون على التاء
[ 149 ]
(ووشم اللثة) بكسر اللام وتخفيف المثلثة عمور الاسنان وهي مغارزها
[ 151 ]
(بذكارة الطيب) قال في النهاية الذكارة بكسر الذال المعجمة حوراء ما يصلح للرجال كالمسك والعنبر والعود والكافور وهي جمع ذكر وهو ما لا لون له ينفض والمؤنث طيب النساء كالخلوق والزعفران
[ 152 ]
(ردع من خلوق) بمهملات أي لطخ لا يعمه كله (فأنهكه) أي بالغ في غسله
[ 154 ]
(بخورا) بفتح الباء
[ 156 ]
(استجمر) أي تبخر (بالالوة) هو العود (غير مطراة) المطراة التي يجعل عليها ألوان الطيب غيرها كالمسك والعنبر والكافور (يا معشر النساء أمالكن في الفضة ما تحلين أما انه ليس منكن
[ 157 ]
امرأة تحلت ذهبا تظهره الا عذبت به) هذا منسوخ بحديث ان هذين حرام على ذكور أمتي حل لاناثها قال بن شاهين في ناسخه كان في أول الامر تلبس الرجال خواتيم الذهب وغير ذلك وكان الحظر قد وقع على الناس كلهم ثم إباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء دون الرجال فصار ما كان على النساء من الحظر مباحا لهن فنسخت الاباحة الحظر وحكى النووي في شرح مسلم
[ 158 ]
إجماع المسلمين على ذلك (فتخ) بفتح الفاء والمثناة الفوقية وخاء معجمة جمع فتخة وهي خواتيم
[ 159 ]
كبار وقيل خواتيم لا فصوص لها (صلفت عنده) أي ثقلت عليه ولم تحظ عنده
[ 160 ]
(ان هذين حرام) قال بن مالك في شرح الكافية أراد استعمال هذين فحذف استعمال وأقام هذين
[ 161 ]
مقامه فأفرد الخبر (نهى عن لبس الذهب الا مقطعا) قال في النهاية أراد الشئ اليسير كالحلقة ونحوها وكره الكثير الذي هو عادة أهل السرف والخيلاء
[ 164 ]
(يوم الكلاب) بضم الكاف والتخفيف اسم ماء كان به يوم معروف من أيام العرب
[ 165 ]
(وعن الجعة) بكسر الجيم وتخفيف العين المهملة نبيذ يتخذ من الحنطة والشعير
[ 167 ]
(والمفدمة) بالميم هي المشبعة حمرة
[ 169 ]
(مياثر الارجوان) هي جمع ميثرة بكسر الميم وفتح المثلثة وهي وطاء محشو يترك على
[ 170 ]
رحل البعير تحت الراكب وأصله الواو والميم زائدة مفعلة من الوثارة يقال وثر وثارة فهو وثير أي وطئ لين وأصلها موثرة فقلبت الواو ياء لكسر الميم وهي من مراكب العجم تعمل
[ 171 ]
من حرير أو ديباح والارجوان صبغ أحمر
[ 172 ]
(خاتم من شبه) بفتح المعجمة والموحدة ضرب من النحاس
[ 173 ]
(رحمه اللهعن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق فصه حبشي) وفي الحديث الذي يليه (عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 174 ]
من فضة وكان فصه منه) قال البيهقي هذا يدل على أنه كان له خاتمان أحدهما فصه حبشي والآخر فصة منه ان كان الزهري حفظ في حديثه من ورق والاشبه بسائر الروايات أن الذي كان فصة حبشيا هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب ثم طرحه واتخذ خاتما من ورق قال في النهاية وقوله حبشي يحتمل أنه أراد من الجزع أو العقيق لان معدنهما اليمن والحبشة أو نوعا آخر ينسب إليهما
[ 177 ]
(لا تستضيئوا بنار المشركين) قال في النهاية أراد بالنار هنا الرأي أي لا تشاوروهم فجعل الرأي مثل الضوء عند الحيرة (ولا تنقشوا على خواتيمكم عربيا) لا تنقشوا فيها محمد رسول الله لانه كان نقش خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ 179 ]
(ثم كان في يد عثمان حتى هلك في بئر أريس) بوزن عظيم مصروف
[ 196 ]
(حلة سيراء) قال في النهاية بكسر السين وفتح الياء والمد نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور فهو فعلاء من السير القد هكذا يروى على الصفة وقال بعض المتأخرين إنما هو حلة سيراء على الاضافة
[ 197 ]
واحتج بأن سيبويه قال لم يأت فعلاء صفة لكن اسما وشرح السيراء بالحرير الصافي ومعناه حلة حرير (فأطرتها بين نسائي) أي فرقتها بينهم وقسمتها فيهم من قولهم طار له في القسمة كذا
[ 198 ]
أي وقع في حصته وقيل الهمزة أصلية
[ 207 ]
(ما أسفل من الكعبين من الازار ففي النار) قال الكرماني ما موصولة وبعض صلته محذوف وهو كان وأسفل خبره ويجوز أن يرفع أسفل أي ما هو أسفل وهو أفعل ويحتمل أن يكون فعلا ماضيا وقال الزركشي من الاولى لابتداء الغاية والثانية للبيان وقال الخطابي يريد أن الموضع
[ 208 ]
الذي يناله الازار من أسفل الكعبين من رجله في النار كنى بالثوب عن بدن لابسه
[ 210 ]
(عن اشتمال الصماء) بضم الصاد المهملة وتشديد الميم والمد قال النووي قال الاصمعي هو أن يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده لا يرفع منه جانبا فلا يبقى ما يخرج منه يده وهذا يقوله أكثر أهل اللغة وقال بن قتيبة سميت صماء لانه سد المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع قال أبو عبيد وأما الفقهاء فيقولون هو أن يشتمل بثوب ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على أحد منكبيه قال العلماء فعلى تفسير أهل اللغة يكره الاشتمال المذكور لئلا يعرض له عاجلة من دفع بعض الهوام ونحوها أو غير ذلك فيعسر أو يتعذر عليه فيلحقه الضرر
[ 211 ]
وعلى تفسير الفقهاء يحرم ان انكشف به بعض العورة والا فيكره (عمامة حرقانية) بسكون الراء أي سوداء على لون ما أحرقته النار كأنها منسوبة بزيادة الالف والنون إلى الحرق بفتح
[ 212 ]
الحاء والراء قاله الزمخشري
[ 213 ]
(قراما) بكسر القاف هو الستر الرقيق وقيل الصفيق من صوف ذي ألوان وقيل الستر الرقيق وراء الستر الغليظ (سهوة) بفتح المهملة بيت صغير منحدر في الارض قليلا شبه المخدع والخزانة وقيل كالصفة
[ 214 ]
يكون بين يدي البيت وقيل شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشئ
[ 216 ]
(إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون) وقال أحمد المصورين هو على هذه الرواية اسم ان وعلى الاولى اسم ان ضمير الشأن مقدر فيه المصورون مبتدأ ومن أشد الناس خبره
[ 217 ]
والجملة في موضع رفع خبره (قبالان) تثنية قبال وهو زمام النعل وهو السير الذي يكون بين الاصبعين (إذا انقطع شسع نعل أحدكم) هو أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الاصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع (فلا يمش في نعل واحدة) قال في النهاية إنما نهى عنه لئلا يكون إحدى رجليه أرفع من
[ 218 ]
الاخرى ويكون سببا للعثار ويقبح في المنظر ويعاب فاعله
[ 219 ]
(قبيعة سيف) هي التي تكون على رأس قائم السيف وقيل هي ما تحت شاربي السيف (نعل سيف) هي الحديدة التي تكون في أسفل القراب
[ 221 ]
كتاب آداب القضاة (ان المقسطين) جمع مقسط اسم فاعل من أقسط أي عدل (عند الله تعالى على منابر من نور) قال القرطبي يعني مجلسا رفيعا يتلالا نورا قال ويحتمل أن يعبر به عن المنزلة الرفيعة المحمودة ولذلك قال على (يمين الرحمن) قال بن عرفة يقال أتاه عن يمين إذا أتاه من الجهة المحمودة وقد شهد العقل والنقل أن الله تعالى منزه عن مماثلة الاجسام والجوارح وهذا الحديث ونحوه توسع واستعارة حسب عادات مخاطباتهم الجارية على ذلك فيحمل اليمين في هذا الحديث على ما قاله بن عرفة أنه عبارة عن المنزلة الشريفة والدرجة المنيعة وقال ابن حبان في صحيحه هذا خبر من ألفاظ التعارف فأطلق لفظه على حسب ما يتعارفه الناس فيما بينهم لا على
[ 222 ]
الحقيقة لعدم وقوفهم على المراد منه الا بهذا الخطاب المذكور وما ولوا بفتح الواو وضم اللام المخففة أي كانت لهم عليه ولاية (سبعة يظلهم الله يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله) قال القاضي عياض إضافة الظل إلى الله تعالى إضافة ملك وكل ظل فهو لله وملكه والمراد هنا ظل العرش كما جاء في حديث آخر مبينا والمراد يوم القيامة إذا قام الناس لرب العالمين ودنت منهم الشمس ولا ظل هناك لشئ الا للعرش قلت وهذا العدد لا مفهوم له فقد رودت أحاديث بزيادة على ذلك وتتبعتها فبلغت سبعين وأفردتها في المؤلف بالاسانيد ثم اختصرته قال القاضي عياض وقد يراد به هنا ظل الجنة وهو نعيمها والكون فيها كما قال تعالى وندخلهم ظلا ظليلا قال وقال ابن دينار المراد بالظل هنا الكرامة والكنف والكن من المكاره في ذلك الموقف قال وليس المراد ظل الشمس قال القاضي وما قاله معلوم في اللسان يقال فلان في ظل فلان أي في كنفه وحمايته قال وهذا أولى الاقوال وتكون اضافته إلى العرش لانه مكان التقريب والكرامة والا فالشمس وسائر العالم تحت العرش وفي ظله (امام عادل) قال القاضي هو كل من إليه نظر
[ 223 ]
في شئ من أمور المسلمين من الولاة والحكام وبدأ به لكثرة منافعه وعموم نفعه (ورجل ذكر الله في خلاء) بفتح الخاء المعجمة والمد المكان الخالي (ورجل كان قلبه معلقا في المسجد) قال النووي معناه شديد الحب له أو الملازمة للجماعة فيه وليس معناه دوام القعود في المسجد (ورجل دعته امرأة ذات مصنب) هي ذات الحسب والنسب الشريف (وجمال إلى نفسها) قال النووي أي دعته إلى الزنا بها هذا هو الصواب في معناه وقيل دعته لنكاحها فخاف العجز عن القيام بحقها أو أن الخوف من الله تعالى شغله عن لذات الدنيا وشهواتها (فقال أني أخاف الله) قال القاضي عياض يحتمل قوله ذلك باللسان ويحتمل قوله في قلبه ليزجر نفسه وخص ذات المصنب والجمال لكثرة الرغبة فيها وعسر حصولها وهي جامعة للمنصب والجمال لا سيما وهي داعية إلى نفسها طالبة لذلك قد أغنت عن مشاق التوصل إلى مراودة ونحوها فالصبر عنها لخوف الله وقد دعته من أكمل المراتب وأعظم الطاعات فرتب الله عليه أ يظله في ظله (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه) قال النووي قال العلماء ذكر اليمين والشمال
[ 224 ]
مبالغة في الاخفاء والاستتار بالصدقة وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال وملازمتها لها ومعناه لو قدرت الشمال رجلا متيقظا لما علم صدقة اليمين لمبالغته في الاخفاء ونقل القاضي عياض عن بعضهم أن المراد من عن يمينه وشماله من الناس والصواب الاول (إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر) قال النووي قال العلماء أجمع المسلمون على أن هذا
[ 225 ]
الحديث في حاكم عالم أهل للحكم فان أصاب فله أجران أجر باجتهاده وأجر بإصابته وان أخطأ فله أجر باجتهاده وفي الحديث محذوف تقديره إذا أراد الحكم فاجتهد قالوا وأما من ليس بأهل للحكم فلا يحل له الحكم فإن حكم فلا أجر له بل هو آثم ولا ينفذ حكمه سواء وافق الحكم أو لا
[ 233 ]
(انكم تختصمون الي وإنما أنا بشر الحديث) قال النووي معناه التنبيه على حالة البشرية وأن البشر لا يعلمون من الغيب وبواطن الامور شيئا الا أن يطلعهم الله تعالى على شئ من ذلك وأنه يجوز
[ 234 ]
عليه في أمور الاحكام ما يجوز على غيره انما يحكم بين الناس بالظاهر والله يتولى السرائر فيحكم بالبينة وباليمين ونحو ذلك من أحكام الظاهر مع إمكان كونه في الباطن خلاف ذلك ولكنه انما كلف الحكم بالظاهر وهذا نحو قوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم الا بحقها وحسابهم على الله وفي حديث المتلاعنين لولا الايمان لكان لي ولها شأن ولو شاء الله لاطلعه صلى الله عليه وسلم على باطن أمر الخصمين فحكم بيقين نفسه من غير حاجة إلى شهادة أو يمين لكن لما أمر الله تعالى أمته باتباعه والاقتداء بأقواله وأفعاله وأحكامه أجرى أحكامه على الظاهر الذي يستوي فيه هو وغيره ليصح الاقتداء به وتطيب نفوس العباد بالانقياد للاحكام الظاهرة من غير نظر إلى الباطن قال فإن قيل هذا الحديث ظاهره أنه يقع منه صلى الله عليه وسلم حكم في الظاهر يخالف ما في الباطن وقد اتفق الاصوليون على أنه صلى الله عليه وسلم لا يقر على خطأ في الاحكام فالجواب أنه لا تعارض بين الحديث وقاعدة الاصوليين لان مراد الاصوليين فيما حكم به باجتهاده فهل يجوز أ يقع فيه خطأ وأما الحديث فمعناه إذا حكم بغير الاجتهاد كالبينة واليمين فهذا إذا وقع منه ما يخالف ظاهره باطنه لا يسمى الحكم خطأ بل الحكم صحيح بناء على ما استقر به التكليف وهو وجوب العمل بشاهدين مثلا فإن كانا شاهدي زور أو نحو ذلك فالتقصير منهما ومن ساعدهما وأما الحكم فلا حيلة له في ذلك ولا عيب عليه بسببه بخلاف ما إذا أخطأ في الاجتهاد فإن هذا الذي حكم به ليس هو حكم الشرع وقال الشيخ تقي الدين السبكي قوله فمن قضيت له في حق أخيه بشئ قضية شرطية لا يستدعي وجودها بل معناها بيان أن ذلك جائز قال ولم يثبت لنا قط أنه صلى الله عليه وسلم حكم بحكم ثم بان خلافه لا بسبب تبين حجة ولا بغيرها وقد صان
[ 235 ]
الله تعالى احكام نبيه عن ذلك مع أنه لو وقع لم يكن فيه محذور (بينما امرأتان معهما ابناهما جاء الذئب فذهب بابن إحداهما الحديث) قال النووي قال العلماء يحتمل أن داود عليه السلام قضى به للكبرى لشبه رآه فيها أو أنه كان في شريعته ترجيح الكبرى أو لكونه كان في يدها فكان ذلك مرجحا في شرعه وأما سليمان عليه السلام فتوصل بطريق من الحيلة والملاطفة إلى معرفة باطنة القضية فأوهمها أنه يريد قطعه ليعرف من يشق عليها قطعه فتكون هي أمه فلما أرادت الكبرى قطعه عرف أنها ليست أمه فلما قالت الصغرى ما قالت عرف أنها أمه ولم يكن مراده أنه يقطعه حقيقة وإنما أراد اختبار شفقتها ليتميز له الام فلما تميزت بما ذكر عرفها ولعله استقر الكبرى فأقرت بعد ذلك به للصغرى فحكم بالاقرار لا بمجرد الشفقة المذكورة قال العلماء ومثل هذا يفعله الحاكم ليتوصل به إلى حقيقة الصواب بحيث إذا انفرد ذلك لم يتعلق به حكم
[ 238 ]
(ان عبد الله بن الزبير حدثه عن الزبير بن العوام أه خاصم رجلا من الانصار قد شهد بدرا) قال الحافظ زين الدين العراقي في شرح الترمذي لم يقع تسميته في شئ من طرق الحديث ولعلهم أرادوا ستره لما وقع منه وقد سماه الواحدي في أسباب النزول فقال أنه حاطب بن أبي بلتعة وكذلك سماه محمد بن الحسن النقاش ومكي ومهدوي وهو مردود بأن حاطبا مهاجري حليف بني أسد بن عبد العزى وليس من الانصار قال الواحدي وقيل أنه ثعلبة بن حاطب في (شراج الحرة) بكسر الشين المعجمة وآخره جيم جمع
[ 239 ]
شرجة بفتح الشين وسكون الراء وهي مسايل الماء بالحرة وهي الارض ذات الحجارة السود (حتى يرجع إلى الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال المهملة وراء ما يرفع من جوانب الشرفات
[ 240 ]
في أصول النخل وهي كالحيطان لها
[ 241 ]
(ان ابني كان عسيفا) بالعين المهملة أي أجيرا (لاقضين بينكما بكتاب الله) أي بحكم الله وقيل هو إشارة إلى قوله تعالى أو يجعل الله لهن سبيلا وفسر النبي صلى الله عليه وسلم السبيل بالرجم في حق المحصن وقيل هو إشارة إلى آية الشيخ والشيخة
[ 242 ]
(فرد عليك) أي مردودة (أغد يا أنيس) هو بن الضحاك الاسلمي وقال بن عبد البر هو ابن مرثد قال النووي والاول هو الصحيح المشهور (على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها) قال النووي هذا محمول عند العلماء على اعلام المرأة بأن هذا الرجل قذفها بابنه فيعرفها بأن لها عنده حد القذف فتطالب به أو تعفو عنه الا أن تعترف بالزنا فلا يجب عليه حد القذف بل يجب عليها حد الزنا قال ولا بد من هذا التأويل لان ظاهره انه بعث لطلب إقامة حد الزنا وهذا غير مراد لان حد الزنا لا يحتاط له بالتحسس والتنقير عنه بل لو أقر به الزاني استحب أن يلقن
[ 243 ]
الرجوع فحينئذ يتعين التأويل الذي ذكرناه (باثكال) بهمزة مكسورة ومثلثة ساكنة وكاف
[ 244 ]
وآخره لام (عبد الله بن أبي حدرد) بمهملات
[ 248 ]
(الالد الخصم) أي الشديد الخصومة واللدد الخصومة الشديدة
[ 249 ]
(على حلقة) بسكون اللام (آلله ما أجلسكم) بهمزة ممدودة هو عوض من باء القسم (تهمة) بضم أوله وفتح الهاء وسكونها فعلة من الوهم والتاء بدل من الواو (رأى عيسى بن مريم عليه السلام رجلا يسرق فقال له أسرقت قال لا والله الذي لا إله الا هو قال عيسى عليه السلام آمنت بالله وكذبت بصرى) في رواية صدق الله وكذبت عيني قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام
[ 250 ]
هذا مشكل من جهة أن العين لا تكذب وإما يكذب القلب بظنه والذي يطابق صدقت أيها الرجل فإنه لم يمض لله في الواقعة خبر ولا ذكر فكيف يصدق قال والجواب أن إضافة الكذب إلى العين إضافة الفعل إلى سببه لانها سبب لاعتقاد القلب وأما قوله صدق الله فإشارة إلى أخبار الله عزوجل بأنه حكم في الظاهر بما ظهر وفي الباطن بما يظنه وان الظاهر إذا تبين خلافه ترك كتاب الاستعاذة قال القاضي عياض استعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه الامور التي قد عصم منها إنما هو ليلتزم
[ 251 ]
خوف الله تعالى واعظامه والافتقار إليه ولتقتدي به الامة وليبين لهم صفة الدعاء والمهم منه
[ 255 ]
(كان يتعوذ من الجبن) هو ضد الشجاعة (وفتنة الصدر) قال ابن الجوزي هو أن يموت غير تائب (شتير) بضم الشين المعجمة وفتح المثناة فوق (ابن شكل) بفتح الشين المعجمة
[ 256 ]
والكاف ويقال بإسكان الكاف أيضا (أن أرد إلى أرذل العمر) أي آخره في حالة الكبر
[ 257 ]
والعجز والخوف والارذل من كل شئ الردئ منه (اللهم اني أعوذ بك من الهم والحزن) قال الخطابي أكثر الناس لا يفرقون بين الهم والحزن الا أن الحزن انما يكون على أمر قد وقع والهم فيما يتوقع (والعجز) هو ضد القدرة (والكسل) هو التثاقل عن الامر ضد الجلادة
[ 258 ]
(والبخل) هو ضد الكرم (وضلع الدين) بفتح الضاد المعجمة واللام أي ثقله وشدته (وغلبة الرجال) قال الكرماني هو الهرج والمرج وقال في موضع آخر هو تسلط الرجال واستيلاؤهم هرجا ومرجا وذلك بغلبة العوام قال وهذا الدعاء من جوامع الكلم
[ 268 ]
(أعوذ بك من أن أزل) بفتح أوله وكسر الزاي من الزلل وروى بالذال من الذل (أو أضل) بفتح أوله وكسر الضاد وفي رواية أعوذ بك أن أزل أو أضل أو أضل الاول فيهما مبني للفاعل والثاني للمفعول وهو المناسب بقوله بعده (أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل على) فإن الاول فيهما مبني للفاعل والثاني للمفعول ويقدر في أجهل على أحد يوازن قوله في الثاني على والمراد بالجهل 7 كذا
[ 269 ]
(من درك الشقاء) بفتح الراء والمعجمة والمد أي لحاقه والمراد به سوء الخاتمة نعوذ بالله منه (وشماتة الاعداء) هو الحزن بفرح عدوه بما يحزنه (وسوء القضاء)
[ 270 ]
قال الكرماني هو بمعنى المقضي إذا حكم الله من حيث هو حكمه كله حسن لا سوء فيه قالوا في تعريف القضاء والقدر القضاء هو الحكم بالكليات على سبيل الاجمال في الازل والقدر هو الحكم بوقوع الجزئيات التي لتلك الكليات على سبيل التفصيل في الانزال قال تعالى وإن من شئ الا عندنا خزائنه وما ننزله الا بقدر معلوم (وجهد البلاء) بفتح الجيم هي الحالة
[ 271 ]
التي يختار عليه الموت وقيل هو قلة المال وكثرة العيال قال الكرماني انما دعا صلى الله عليه وسلم بذلك تعليما لامته وهذه كلمة جامعة لان المكروه اما أن يلاحظ من جهة المبدأ وهو سوء القضاء أو من جهة المعاد وهو درك الشقاء أو من جهة المعاش وذلك اما من جهة غيره وهو شماتة الاعداء أو من جهة نفسه وهو جهد البلاء نعوذ بالله من ذلك (نزلت المعوذتان) بكسر الواو
[ 272 ]
(من وعثاء السفر) بفتح الواو وسكون العين المهملة ومثلثة ومد أي مشقته وشدته (وكآبة المنقلب) بفتح الكاف والمد وهي تغير النفس من حزن ونحوه والمنقلب بتفح اللام المرجع (والحور بعد
[ 273 ]
الكور) روى بالنون وبالراء قال الترمذي وكلاهما له وجه قال ويقال الرجوع من الايمان إلى الكفر ومن الطاعة إلى المعصية ومعناه الرجوع من شئ إلى شئ من الشر هذا كلام الترمذي وكذا قال غيره من العلماء معناه بالراء والنون جميعا الرجوع من الاستقامة والزيادة إلى النقصان قالوا ورواية الراء مأخوذة من تكوير العمامة وهي لفها وجمعها ورواية النون مأخوذة من الكون مصدر كان يكون كونا إذا وجد واستقر (ودعوة المظلوم) قال النووي أعوذ بك من الظلم فإنه يترتب عليه دعاء المظلوم ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب (وسوء المنظر) بالظاء أي المرأى
[ 279 ]
(عن بشير بن كعب) بضم الموحدة وفتح المعجمة (أن سيد الاستغفار) في رواية أفضل الاستغفار أي الاكثر ثوابا للمستغفر به من المستغفر بغيره (اللهم أنت ربي لا إله الا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت) قال الخطابي أي أنا على ما عاهدتك عليه ووعدتك من الايمان وإخلاص الطاعة لك ويحتمل يكون معناه أني مقيم على ما عاهدت إلى من أمرك وأنك منجز وعدك في المثوبة بالاجر واشتراطه الاستطاعة في ذلك معناه الاعتراف بالعجز والقصور عن كنه الواجب من حقه تعالى (أبوء لك بذنبي) قال الخطابي يريد الاعتراف
[ 280 ]
به ويقال باء فلان بذنبه إذا احتمله كرها لا يستطيع دفعه عن نفسه (فإن قالها حين يصبح موقنا بها فمات دخل الجنة) قال الكرماني فإن قلت المؤمن وان لم يقلها يدخل الجنة قلت المراد أنه يدخلها ابتداء من غير دخول النار ولان الغالب أن المؤمن بحقيقتها المؤمن بمضمونها لا يعصي الله تعالى أو لان الله تعالى يعفو عنه ببركة هذا الاستغفار فإن قلت فما الحكمة في كونه أفضل الاستغفارات قلت هذا وأمثاله من التعبديات والله أعلم بذلك لكن لا شك أن فيه ذكر الله بأكمل الاوصاف وذكر نفسه بأنقص الحالات وهو أقصى غاية التضرع ونهاية الاستكانة لمن لا يستحقها الا هو أما الاول فلما فيه من الاعتراف بوجود الصانع وتوحيده الذي هو أصل الصفات العدمية المسماة بصفات الجلال والاعتراف بالصفات السبعة التي هي الصفات الوجودية المسماة بصفات الاكرام وهي القدرة اللازمة من الخلق الملزومة للارادة والعلم والحياة والخامسة الكلام اللازم من الوعد والسمع والبصر اللازمان من المغفرة إذ المغفرة للمسموع وللمبصر لا يتصور الا بعد السماع والابصار وأما الثاني فلما فيه أيضا من
[ 281 ]
الاعتراف بالعبودية وبالذنوب في مقابلة النعمة التي تقتضي نقيضها وهو الشكر
[ 282 ]
(و أعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت) قال الخطابي هو أن يستولي عليه عند مفارقة الدنيا
[ 283 ]
فيضله ويحول بينه وبين التوبة أو يعوقه عن إصلاح شأنه والخروج من مظلمة تكون قبله أو يؤيسه من رحمة الله أو يكره له الموت ويؤسفه على حياة الدنيا فلا يرضى بما قضاه الله عليه من الفناء والنقلة إلى الدار الآخرة فيختم له بالسوء ويلقي الله وهو ساخط عليه
[ 286 ]
كتاب الاشربة (من فضيخ) وهو شراب متخذ من البسر المفضوح أي المشدوخ
[ 289 ]
(لا تجمعوا بين التمر والزبيب ولا بين الزهو والرطب) قال العلماء سبب الكراهة فيه أن الاسكار يسرع إليه بسبب الخلط قبل أن يتغير طعمه فيظن الشارب أنه ليس مسكرا أو يكون مسكرا والجمهور على أنه نهى تنزيه والزهو بفتح الزاي وضمها البسر الملون الذي بدا فيه حمرة أو صفرة وطاب
[ 293 ]
(التي يلاث على أفواهها) بالمثلثة أي يشد ويربط
[ 300 ]
(سبق محمد الباذق) قال في النهاية هو بفتح الذال المعجمة الخمر تعريب باده وهو اسم الخمر بالفارسية أي لم يكن في زمانه أو سبق قوله فيه وفي غيره من جنسه
[ 301 ]
(ينش) أي تغلى يقال نشت الخمر نشيشا
[ 302 ]
(في تور) بالمثناة اناء كالاجانة
[ 309 ]
(والمزادة المجبوبة) قال القاضي عياض بالجيم والباء المكررة وهي التي قطع رأسها فصارت كهيئة الدن وقيل التي ليس لها عزلاء من أسفلها تنتفس الشراب منها فيصير شرابها مسكرا ولا يدرى به
[ 316 ]
(وان انتشى) قال في النهاية الانتشاء أول السكر ومقدماته وقيل هو السكر نفسه
[ 317 ]
(يزن) أي يتهم من (طينة الخبال) فسر في الحديث والخبال في الاصل الفساد ويكون في الافعال والابدان والعقول
[ 328 ]
(دع ما يريبك إلى مالا يريبك) قال في النهاية يروى بفتح الياء وضمها أي دع ما يشك فيه
[ 329 ]
إلى مالا يشك فيه والله سبحانه وتعالى أعلم
[ 330 ]
بسم الله الرحمن الرحيم الافعال والابدان والعقول
[ 328 ]
(دع ما يريبك إلى مالا يريبك) قال في النهاية يروى بفتح الياء وضمها أي دع ما يشك فيه
[ 329 ]
إلى مالا يشك فيه والله سبحانه وتعالى أعلم
[ 330 ]
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات . والصلاة والسلام على سيد السادات . سيدنا محمد الذي جاء بالايات البينات . والمعجزات الظاهرات . ذلك النبي الامي الذي نطق بنوابغ الكلم ونفائس الحكم الباهرات . وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين . وعلى من نهج نهجهم وسلك طريقهم إلى يوم الدين . وبعد فان أولى الكتب بالعناية . وأحقها بالتبجيل والتكريم والرعاية . كتب السنن النبوية . الحاوية لاجل الاخلاق المرضية . وأحلى الاداب المصطفوية . ولما كان كتاب " المجتبى " للامام النسائي من أدقها ترتيبا . وأقواها إسنادا ، وأوسعها مادة . اهتم حضرة الشاب الامجد (الحاج مصطفى افندي محمد) بطبعه . واختار له أوسع المطابع الشرقية شهرة . وأدقها طبعا وعناية . وهى المطبعة المصرية . ادارة محمد افندي محمد عبد اللطيف . الذي لم يترك وسعا فى إظهار هذا السفر بمثل هذا الطبع الجليل . والوضع الحسن الجميل . هذا وقد اعتزم حضرة (الحاج مصطفى افندي محمد) أن يوالى بمشيئة الله تعالى ورعايته . طبع كتب السنة على هذا النمط الرائق . والشكل الفائق . تقريبا إلى الله ، وطلبا لرضاه . فجزي الله ذينك الشهمين الفاضلين أحسن ما يجزي به المخلصين العاملين . وحشرنا وإياهم تحت لواء خاتم الانبياء والمرسلين . إنه على ما يشاء قدير . وبالاجابة جدير ؟