حاشية السندي على النسائي
ابن عبد الهادي ج 7
[ 1 ]
حاشية الحافظ السندي الجزء السابع دار الكتب العلمية بيروت - لبنان
[ 2 ]
كتاب الايمان والنذور قوله كانت يمين يحلف عليها المراد بالمين المحلوف به وعليها بمعنى بها ثم الظاهر نصب اليمين على الخبرية لان قوله لا ومقلب القلوب قد أريد به لفظه فيجري عليه حكم المعارف فيتعين ان يكون اسم كانت الا ان يقال كانت فيها ضمير القصة وكلمة لا في قوله لا ومقلب القلوب اما زائدة لتأكيد القسم كما في قوله ولا أقسم أو لنفي ما تقدم من الكلام مثلا يقال له هل الامر كذا فيقول لا ومقلب القلوب والله تعالى أعلم
[ 3 ]
قوله وعزتك لا يسمع بها أحد الا دخلها يريد أن مقتضى ما فيها من اللذة والخير والنعمة أن لا يتركها أحد سمع بها في أي نعمة كان ولا يمنع عنها شئ من النعم ولا يستغنى عنها أحد بغيرها أي شئ كان والمطلوب مدحها ومدح ما أعد فيها وتعظيمها وتعظيم ما فيها دار لا يساويها دار وليس المراد الحقيقة حتى يقال يلزم أن يكون جبريل بهذا الحلف حانثا ويكون في هذا الخبر كاذبا وهذا ظاهر ويحتمل أن المراد لا يسمع بها أحد الا دخلها ان بقيت على هذه الحالة فحفت بالمكاره أي جعلت سبل الوصول إليها المكاره والشدائد على الانفس كالصوم والزكاة والجهاد ولعل لهذه الاعمال وجودا مثاليا ظهر بها في ذلك العالم وأحاطت الجنة من كل جانب وقد جاء الكتاب والسنة بمثله ومن جملة ذلك قوله تعالى وعلم آدم الاسماء كلها ثم عرضهم أي المسميات على الملائكة ومعلوم ان فيها المعقولات والمعدومات
[ 4 ]
والله تعالى أعلم أن لا ينجو منها أحد الا دخلها الظاهر ان جملة الا دخلها حال بتقدير قد مستثنى من أعم الاحوال ولا يخفى أنه لا يتصور النجاة فيها إذا دخلها فالاستثناء من قبيل التعليق بالمستحيل أي لا ينجو منها أحد في حال الا حال دخوله فيها وهو مستحيل فصارت النجاة مستحيلة وقد قيل بمثله في قوله تعالى لا يسمعون فيها لغوا الا سلاما وقوله لا يذوقون فيها الموت الا الموتة الاولى قوله كان حالفا أي مريدا للحلف قوله فوالله الخ من كلام عمر ما حلفت بها أي بالآباء أو بهذه
[ 5 ]
اللفظة وهي وأبي ذاكرا من نفسي ولا آثرا أي راويا من غيري بأن أقول قال فلان وأبى ومعنى ما حلفت بها ما أجريت على لساني الحلف بها فيصح التقسيم إلى القسمين والا فالراوي عن الغير لا يسمى حالفا قوله ولا بالانداد أي الاصنام ونحوها مما كانوا يعتقدونها آلهة في الجاهلية قوله من حلف بملة سوى الاسلام كاذبا فهو كما قال ظاهره أنه في اليمين على الماضي إذ الكذب حال اليمين يظهر فيه
[ 6 ]
ويمكن أن يقال كاذبا حال مقدرة أي مقدرا كذبه فينطبق على اليمين في المستقبل وقوله فهو كما قال
[ 7 ]
بظاهره يفيد أنه يصير كافرا وقد أول بضعفه في دينه وخروجه عن الكمال فيه والاقرب أن يقال ذلك راضيا بالدخول في تلك الملة والله تعالى أعلم قوله فإن كان كاذبا أي فيما علق عليه البراءة قوله أنكم تنددون ضبط بتشديد الدال الاولى أي تتخذون أندادا قوله رضي الله تعالى عنه ولا بالطواغيت أي الاصنام قوله باللات أي بلا قصد بل على طريق جرى العادة بينهم لانهم كانوا قريبي العهد بالجاهلية وقوله لا إله إلا الله استدراك لما فاته من تعظيم الله تعالى في محله ونفى لما تعاطى من تعظيم الاصنام صورة وأما من قصد الحلف بالاصنام تعظيما لها فهو كافر نعوذ بالله منه أقامرك بالجزم جواب الامر والمقامرة مصدر قامره إذا طلب كل منهما أن يغلب على صاحبه في فعل أو قول ليأخذ مالا جعلاه للغالب وهذا حرام بالاجماع الا أنه استثنى منه نحو سباق الخيل كذا في شرح الترمذي للقاضي أبي بكر فليتصدق ظاهره بما تيسر وقيل بما قصد أن يقامر به من المال والامر للندب والله تعالى أعلم
[ 8 ]
قوله ولا تعد له من العود أي لا ترجع إلى هذا المقال مرة ثانية قوله قلت هجرا بضم فسكون هو القبيح من الكلام قوله وتشميت العاطس أي الدعاء له بالرد إذا حمد الله وابرار القسم أي جعل الحالف بارا في حلفه إذا أمكن كما إذا حلف والله زيد يدخل الدار اليوم فإذا علم به زيد وهو
[ 9 ]
قادر عليه ولا مانع منه ينبغي له أن يدخل لئلا يحنث القائل قوله ما على الارض يمين أريد به المحلوف عليه مجازا الا أتيته أي الخير وتركت المحلوف عليه قوله نستحمله أي نطلب منه ما نركب عليه في غزوة تبوك بثلاث ذود بفتح الذال المعجمة جمع الناقة بمعنى أي بثلاث نوق ما أنا حملتكم الخ يريد أن المنة لله تعالى لا لمخلوق من مخلوقاته وهو الفاعل حقيقة أو المراد أني حلفت نظرا إلى ظاهر الاسباب وهذا جاء من الله تعالى على خلاف تلك الاسباب وعلى كل تقدير فالجواب عن الحلف هو قوله والله لا أحلف على يمين الخ وأخذ المصنف من قوله الا كفرت الخ جواز تقديم الكفارة على الحنث لكن التقديم اللفظي لا يدل على التقديم المعنوي والعطف بالواو لا يدل على الترتيب فيجوز ان يكون المتأخر متقدما نعم قد يقال الامر في الرواية الآتية
[ 10 ]
كما لا دلالة له على وجوب تقديم الحنث كما لا دلالة له على وجوب تقديم الكفارة ومقتضى هذا الاطلاق دليل للمطلوب وعلى هذا فقول من أوجب تقديم الحنث مخالف لهذا الاطلاق فلا بد له من دليل يعارض هذا الاطلاق ويترجح عليه حتى يستقيم الاخذ به وترك هذا الاطلاق قوله ثم ائت الذي هو خير كلمة ثم محمولة على معنى الواو
[ 11 ]
توفيقا بين الروايات ولو حمل على ظاهرها لوجب تأخير الحنث عن الكفارة ولم يقل به أحد قوله فليأت الذي هو خير ظاهره كلام المصنف يدل على أنه أخذ التقديم من التقديم اللفظى فقط وقد عرفت أنه لا دلالة على التقديم المعنوي قوله إذا آليت من الايلاء أي حلفت على يمين أي
[ 12 ]
محلوف عليه قوله لا نذر ولا يمين فيما لا يملك الخ ظاهره أنه لا ينعقد النذر ولا يمين في شئ من ذلك أصلا لكن مقتضى بعض الاحاديث أنه لا يلزم الوفاء بهما بل يكونان سببين للكفارة والله تعالى أعلم قوله فاستثنى أي فقال ان شاء الله تعالى فإن شاء الخ أي فهو مخير غير حنث بكسر
[ 13 ]
النون أي حال كونه غير حانث في الترك فهو حال من ضمير ترك قوله النية في اليمين يريد أن اليمين على ما نوى واستدل عليه بحديث انما الاعمال اما لعموم الاعمال الاقوال والافعال جميعا واما لاطلاق قوله وإنما لامرئ ما نوى عن التقييد بالقول والفعل فدل على أن له ما نوى بقوله أو فعله وقد سبق للحديث زيادة بسط في أول الكتاب فلا نعيده قوله فتواصيت أي توافقت ريح مغافير شئ كريه الرائحة فكان عادته صلى الله تعالى عليه وسلم الاحتراز عما له رائحة كريهة
[ 14 ]
ومراد المصنف أن يفهم من الحديث أن تحريم ما أحل الله يمين وأن من قال لا آكل هذا ونحوه بنية التحريم يكون تحريما ويمينا والله تعالى أعلم قوله فإذا فلق بكسر الفاء وفتح اللام جمع فلقة بكسر فسكون بمعنى الكسرة من الخبز قوله كنا أي معشر التجار نسمي على بناء المفعول ويحتمل أنه على بناء الفاعل بتقدير نسمي أنفسنا السماسرة بفتح السين الاولى وكسر الثانية جمع سمسار بكسر السين وهو القيم بأمر البيع والحافظ له قال الخطابي هو اسم أعجمي وكان كثير ممن يعالج البيع والشراء فيهم العجم فتلقوا هذا الاسم عنهم فغيره النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بالتجار الذي هو من الاسماء العربية يا معشر التجار بضم فتشديد أو كسر وتخفيف الحلف بفتح الحاء المهملة وكسر اللام اليمين الكاذبة كذا ذكره السيوطي في غير حاشية الكتاب قلت ويجوز سكون اللام أيضا ذكره في المجمع وغيره فشوبوا بضم الشين أمر من الشوب بمعنى الخلط أمرهم بذلك ليكون كفارة
[ 15 ]
لما يجري بينهم من الكذب وغيره والمراد بها صدقة غير معينة حسب تضاعيف الآثام واستدل به المصنف على أن الحلف الكاذب بلا قصد لا كفارة فيه إذ لم يأمرهم بالكفارة المعلومة في الحلف بعينها ويؤيد ذلك بما يفهم من الرواية الآتية أنه اللغو حيث جاء اللغو فيها موضع الحلف والله تعالى أعلم
[ 16 ]
قوله نهى عن النذر أي بظن أنه يفيد في حصول المطلوب والخلاص عن المكروه من البخيل الذي لا يأتي بهذه الطاعة الا في مقابلة شفاء مريض ونحوه مما علق النذر عليه وقال الخطابي نهى عن النذر تأكيدا لامره وتحذيرا للتهاون به بعد إيجابه وليس النهي لافادة أنه معصية والا لما وجب الوفاء به بعد كونه معصية والله تعالى أعلم قوله لا يأتي النذر على بن آدم شيئا لم أقدره عليه الخ سوقه
[ 17 ]
يقتضي أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قاله حكاية عن الله تعالى والمراد بوقله على بن آدم أي لابن آدم فليتأمل والله تعالى أعلم قوله فلا يعصه ظاهره أنه لا ينعقد أصلا وقيل بنعقد يمينا وفيه كفارة اليمين
[ 18 ]
قوله ولا يستشهدون أي لعلم الناس أنه لا شهادة عندهم فهو كناية عن شهادة الزور السمن بكسر ففتح أي يحبون ذلك ويتدارون لحصوله أو يكثرون الاكل والشرب فإنهما من أسبابه وهذا بيان دناءة همهم قوله في قرن بفتحتين هو الحبل الذي يشد به قوله بخزامة بكسر خاء معجمة بعدها زاي
[ 19 ]
معجمة هو ما يجعل في أنف البعير من شعر أو غيره ليقاد به بسير هو بسين مهملة مفتوحة وباء ساكنة ما يقد من الجلد قوله لتمش ما قدرت ولتركب إذا عجزت قالوا وعليها الهدى لذلك كما جاءت به الرواية والله تعالى أعلم
[ 20 ]
قوله رضي الله تعالى عنه غير مختمرة أي غير ساترة رأسها بالخمار وقد أمرها بالاختمار والاستتار لان تركه معصية لا نذر فيه وأما المشي حافيا فيصح النذر فيه فلعلها عجزت عن المشي واللازم حينئذ الهدى فلعله تركه الراوي للاختصار وأما الامر بالصوم فمبني على أن الكفارة للنذر بمعصية كفارة اليمين وقيل عجزت عن الهدى فأمرها بالصوم لذلك والله تعالى أعلم قوله فأمرها أن تصوم عنها من لا يرى الصوم جائزا
[ 21 ]
يؤول الحديث بأن المراد الافتداء فإنها إذا افتدت فقد أدت الصوم عنها وهو تأويل بعيد جدا وأحمد جوز الصوم في النذر وقال هو المورد والقول القديم للشافعي جوازه مطلقا ورجحه محققو أصحابه بأنه الاوفق للدليل والله تعالى أعلم قوله ليلة نذر الخ من لا يصحح الاعتكاف بلا صوم يرى أن المراد
[ 22 ]
الليلة مع نهارها والروايات تساعدهذا التأويل قوله فأمره أن يعتكف لا مانع من القول بأن نذر الكافر ينعقد موقوفا على إسلامه فإن أسلم لزمه الوفاء به في الخير والكفر وان كان يمنع عن انعقاده منجزا لكن لا نسلم أنه منع عنه موقوفا وحديث الاسلام يجب ما قبله من الخطابا لا ينافيه لانه في الخطايا لا في النذور وليس النذر منها والله تعالى أعلم قوله أن أنخلع من مالي الخ أي أخرج كله وأتجرد منه كما يتجرد الانسان وينخلع من ثيابه وكان ذلك حين قبلت توبته من تخلفه من غزوة تبوك ومعنى صدقة إلى الله الخ أي تقربا إليه والى رسوله وفيه أن نية التقرب إلى غير الله تبعا في العبادة لا يضر بعد أن يكون المقصد الاصلي التقرب إلى الله لان المتقرب إلى الله تعالى متقرب إلى الرسول قطعا فليتأمل قبل هذا الانخلاع ليس بظاهر في معنى النذر وإنما هو كفارة أو شكر فلعله ذكره في الباب لمشابهته في
[ 23 ]
ايجابه على نفسه ما ليس بواجب لحدوث أمر قلت لو ظهر الايجاب لما خفي كونه نذرا والله تعالى
[ 24 ]
أعلم قوله هل يدخل الارضون في المال اختلفوا فيما إذا نذر أن يتصدق بماله هل يشمل الاراضي أم تختص بما تجب فيه الزكاة فنبه المصنف على أن الحديث يقتضي دخول الاراضي أيضا لان قول أبي هريرة فلم نغنم الا الاموال أراد بالاموال فيه الاراضي أو ما يشمل الاراضي قطعا والا لا يستقيم الحصر ضوررة أنهم غنموا أراضي كثيرة وأبو هريرة ممن يعلم اللغة واطلاقات الشرع فعلم أن اسم المال يطلق على الاراضي بل ينصرف إليها عند الاطلاق فكيف يخرج من اسم المال الاراضي قلت وكذا يدل عليه حديث كعب السابق بل دلالته عليه أظهر وأقوى كمالا يخفى فليتأمل قوله فلم نغنم من غم كسمع مدعم بكسر ميم وسكون دال مهملة وفتح عين مهملة فوجه أي توجه أو وجه وجهه هنيئا لك الجنة لانه مات شهيدا في خدمة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ان الشملة بفتح فسكون كساء يشتمل به وقد أخذها قبل القسمة غلولا بشراك بكسر شين معجمة حد سيور النعل التي على وجهها شراك من نار أي لولا رددت أو هو رد بعد الفراغ من القسمة وقسمتها وحدها لا يتصور
[ 25 ]
فلذلك قال ما قال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال قوله رضي الله تعالى عنها فلم يقل ان شاء الله لا اعراضا عنه بعد ما سمع فإنه بعيد عن منصبه الجليل ولكن لعدم الالتفات إليه لاشتغال قلبه بما كان فيه من حب الجهاد وعلم منه أنه لو قال لنفعه لو قال إن شاء الله هذا أخبار عن قدر معلق في حقه بخصوصه لا أن من يقول
[ 26 ]
ذلك ينال المقصد كيف وقد قال سيدنا موسى ستجدني ان شاء الله صابرا ولم يحصل والله تعالى أعلم قوله كفارة النذر كفارة اليمين أي إذا كان النذر في معصية كما سيجئ قوله لا نذر في معصية ليس معناه أنه لا ينعقد أصلا إذ لا يناسب ذلك قوله وكفارته الخ بل معناه ليس فيه وفاء وهذا هو صريح بعض الروايات الصحيحة فإن فيها لا وفاء لنذر في معصية وقوله وكفارته ألخ معناه أنه ينعقد يمينا يجب فيه الحنث وهذا هو مذهب أبي حنيفة ولا يخفى أن حديث ومن نذر أن يعصي الله
[ 27 ]
وأمثاله لا ينفي ذلك فلا حجة للمخالف فيه نعم هم يضعفون حديث وكفارته كفارة يمين ويقولون أن في سنده سليمان بن أرقم وهو ضعيف وأنت خبير بأن الحديث قد سبق عن عقبة بن عامر وسيجئ عن عمران بن حصين وحديث عائشة في بعض إسناده عن الزهري عن أبي سلمة وفي بعضها حدثنا أبو سلمة وهذا يثبت سماع الزهري عن أبي سلمة وفي بعضها عن سليمان بن أرقم أن يحيى بن أبي كثير حدثه أنه سمع أبا سلمة وهذا الاختلاف يمكن دفعه بإثبات سماع الزهري مرة عن سليمان عن يحيى عن أبي سلمة ومرة عن أبي سلمة نفسه وعند ذلك لا قطع لضعفه سيما حديث عقبة وعمران يؤيد الثبوت والله تعالى أعلم
[ 28 ]
قوله لا نذر في غضب أي فيما يحمل عليه الغضب من العزم على المعاصي والله تعالى أعلم
[ 30 ]
قوله يهادي على بناء المفعول أي يمشي بينهما معتمدا عليهما من ضعف به
[ 31 ]
قوله وكان دركا بفتحتين أي سبب إدراك لحاجته (0) كتاب المزارعة الثالث من الشروط فيه المزارعة والوثائق كان ما ذكره في كتاب الايمان والنذور اعتبره بمنزلة ما بين باب الايمان وباب النذور واعتبر كلا من الايمان والنذور من الشروط لانه كثيرا ما يجرى فيهما التعليق ولذلك سمى هذا الباب الثالث من الشروط وقال فيه يذكر المزارعة والوثائق والله تعالى أعلم
[ 32 ]
قوله فأعلمه من الاعلام قوله على طعامه أي على أنه يأكل معه أو من بيته قوله فإن سرت أكثر من شهر نقصت الخ يريد أن الازدياد في الاجر لاجل الاستعجال في السير جائز وأما النقصان فيه لاجل الابطاء فمكروه فإن الاول يشبه العطاء والهبة والثاني يشبه الظلم والنقص من الحق والله تعالى أعلم قوله رضي الله تعالى عنها قلت لعطاء عبد أؤاجره سنة بطعامه وسنة أخرى بكذا وكذا الخ كأنه صور المستأجر في المسألة عطاء كما يشير إليه آخر كلام عطاء وهو قوله لا تحاسبني لما مضى ومقتضى جوابه أن الاجارة بالطعام عنده جائزة وقوله ويجزئك الخ فإنه لبيان أن السنة غير لازمة وإنما اللازم ما شرطه من الايام وقوله أو آجرته الخ من كلام
[ 33 ]
بن جريج والله تعالى أعلم قوله إذا نكريها من الاكراء بما على البربيع الساقي أي بما يزرع على الربيع أي النهر الصغير والمراد من الساقي الذي يستقى الزرع ازرعها خطاب لصاحب الارض أي ازرعها أنت بنفسك وإذا منحها أي اعطها أخاك بلا أجر ليزرعها قوله عن الحقل الحقل الزرع والمراد كراء المزارع والحقل الثلث أي كراء الارض بثلث ما يخرج منها وسقا بفتح فسكون
[ 34 ]
قوله أو ليدعها أي ليتركها فارغة ان لم يزرعها بنفسه قوله فقال ولم أفهم لعل المراد ما فهمت
[ 35 ]
سر هذا النهي وبأي سبب جاء النهي والله تعالى أعلم قوله وأمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على الرأس والعين مبتدأ وخبر وقوله أن نتقبل أي نكرى الارض ببعض خرجها أي ببعض
[ 36 ]
ما خرج منها قوله لان يمنح بفتح الهمزة من قبيل وأن تصوموا خير لكم
[ 37 ]
قوله فضول أرضين بفتحتين جمع أرض أي أراض فاضلة عن قدر ما يحتاجون إلى زرعه يكرون بضم ياء المضارعة من أكرى أرضه وقوله نهى عن المخابرة المشهور أن المخابرة هي المعاملة على الارض ببعض الخارج وهي المحاقلة فذكرها بعد يشبه التكرار الا أن يقال أحد النهيين لصاحب الارض والثاني للآخذ لكن سيجئ في كلام المصنف أن المخابرة بيع الكرم بالزبيب فلا اشكال حتى يطعم على بناء المفعول أي حتى يصير صالحا للاكل الا العرايا جمع عرية وظاهر هذا الاستثناء أن المراد ما يعطيه صاحب المال
[ 38 ]
لبعض الفقراء من نخلة أو نخلتين ثم يثقل عليه دخول الفقير في ماله كل يوم لخدمة النخلة فيسترد منه النخلة على أن يعيطه قدرا من التمر في أوانه ولا يناسب للحديث تفسير العرية بنخلة يشتريها من يريد أكل الرطب ولا نقد بيده يشتريها به يشتريها بتمر بقى من قوته إذ لا وجه للرخصة في الشراء قبل بدو الصلاح بل هو أحوج إلى اشتراط بدو الصلاح من غيره فكيف يرخص له في خلافه من غير حاجة الا أن يجعل الاستثناء عن المزابنة كما في سائر الاحاديث وان كان بعيدا من هذا الحديث فليتأمل قوله وعن الثنيا هي كالدنيا وزنا اسم من الاستثناء المجهول لانه يؤدي إلى النزاع وكذا استثناء كيل معلوم لانه قد لا يبقى بعده شئ والله تعالى أعلم قوله المحاضرة بيع الثمر بالثاء المثلثة أراد به
[ 39 ]
الرطب أو الثمار مطلقا قبل أن يزهو أي قبل أن يبدو صلاحه بيع الكرم أي بيع العنب
[ 40 ]
الذي على رؤوس الكرم قوله أزرعها أي أعطى غيره ليزرع بالكراء خذوا زرعكم هذا الحديث يقتضي أن الزرع بالعقد الفاسد ملحق بالزرع في أرض الغير بغير اذنه والله تعالى أعلم ثم قيل ان حديث رافع بن خديج مضطرب متنا وسندا فيجب تركه والرجوع إلى حديث خيبر وقد جاء أنه عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من تمر أو زرع وهو يدل على جواز المزارعة وبه قال أحمد والصاحبان من علمائنا الحنفية وكثير من العلماء أخذوا بالمنع مطلقا أو فيما إذا لم يكن المزارعة تبعا
[ 41 ]
للمساقاة كمالك والله تعالى أعلم قوله بما يكون على الساقي أي بما ينبت على طرف النهر من الزرع فيجعلونه كراء الارض وقال أكروا بفتح الهمزة من الاكراء
[ 42 ]
قوله وطواعية الله ورسوله على وزن الكراهية
[ 43 ]
قوله بما ينبت على الاربعاء جمع ربيع وهو النهر الصغير وشئ عطف على ما ينبت يستثنى صاحب الارض أي يخرجه لنفسه مما للزراع قوله قال الماذيانات بالذال المعجمة قال الخطابي هي الانهار وهي من كلام العجم صارت دخيلا في كلامهم وأقبال الجداول بهمزة مفتوحة ثم قاف ثم موحدة في النهاية هي الاوائل والرؤس جمع قبل بالضم والقبل أيضا رأس الجبل والجداول جمع جدول وهو النهر الصغير زجر عنه أي نهى عنه لانه يفضي إلى النزاع
[ 44 ]
على الربيع هو النهر الصغير
[ 45 ]
قوله فترك كراء الارض أي احترازا عن الشبهة وأخذا بالاحوط في الورع
[ 48 ]
قوله سئل عن الخبر هو بكسر الخاء أشهر من فتحها وهو المخابرة
[ 49 ]
قوله الله عز وجلعن بيع الثمر حتى يبدو الخ الظاهر أن الثمر بالمثلثة لا بالمثناة
[ 50 ]
قوله ان كان هذا شأنكم الخ أي فالنهي مخصوص بما إذا أدى إلى النزاع والخصام والا فلا نهى أو المراد بهذا الزجر عن الخصام والنزاع لا النهي عن الكراء فإن مثل هذا الكلام كثيرا ما يجئ لذلك النهي فلا
[ 51 ]
نهى أصلا والله تعالى أعلم قوله في صحة منه وجواز أمر أي حين كان صحيحا وكان أمره نافذا في أمواله كله لا صبيا ولا مريضا وشربها هو بكسر شين الحظ من الماء وسواقيها جمع ساقية ببز ورك جمع بزر وهو كل حب يبزر للنبات والبذر هو ما عزل للزراعة من الحبوب وتسميد ما يحتاج
[ 52 ]
في القاموس سمد الارض تسميد اجعل فيها السماد أي السرقين برماد
[ 54 ]
قوله وضحا في القاموس الوضح محركة الدرهم الصحيح والمضبوط ههنا بضم فسكون على أنه جمع قراضا بكسر القاف أي مضاربة
[ 57 ]
قوله اشتركت أنا وعمار وسعد الخ هذا يدل على جواز الشركة في الاموال المباحة كالاحتطاب ونحوه والله تعالى أعلم قوله وسفاتج جمع سفتجة قيل بضم السين وقيل بفتحها وأما التاء فمفتوحة
[ 58 ]
فيهما فارسي معرب وفسرها بعضهم فقال هي كتاب صاحب المال لوكيله أن يدفع مالا قرضا يأمن به من خطر الطريق كذا في المصباح
[ 61 ]
قوله لا مثنوية بفتح ميم وتشديد للنسبة بمعنى الرجوع (0) كتاب عشرة النساء قوله (حبب الي من الدنيا النساء قيل إنما حبب إليه النساء لينقلن عنه مالا يطلع عليه الرجال من أحواله ويستحيا من ذكره وقيل حبب إليه زيادة في الابتلاء في حقه حتى لا يلهو بما حبب إليه من النساء عما كلف به من أداء الرسالة فيكون ذلك أكثر لمشاقة وأعظم لاجره وقيل غير ذلك وأما الطيب فكأنه يحبه لكونه يناجي الملائكة وهم يحبون الطيب وأيضا هذه المحبة تنشأ من اعتدال المزاج وكمال الخلقة وهو صلى الله تعالى عليه وسلم أشد اعتدالا من حيث المزاج وأكمل خلقه وقوله قرة عيني في الصلاة إشارة
[ 62 ]
إلى أن تلك المحبة غير ما نعقله عن كمال المناجاة مع الرب تبارك وتعالى بل هو مع تلك المحبة منقطع إليه تعالى حتى أنه بمناجاته تقر عيناه وليس له قريرة العين فيما سواه فمحبته الحقيقية ليست الا لخالقه تبارك وتعالى كما قال لو كنت متخذا أحدا خليلا لاتخذت أبا بكر ولكن صاحبكم خليل الرحمن أو كما قال وفيه إشارة إلى أن محبة النساء والطيب إذا لم يكن مخلا لاداء حقوق العبودية بل للانقطاع إليه تعالى يكون من الكمال والا يكون من النقصان فليتأمل وعلى ما ذكر فالمراد بالصلاة هي ذات ركوع وسجود ويحتمل أن المراد
[ 63 ]
في صلاة الله تعالى على أو في أمر الله تعالى الخلق بالصلاة على والله تعالى أعلم قوله من كان له امرأتان الظاهر أن الحكم غير مقصور على امرأتين بل هو اقتصار على الادنى فمن له ثلاث أو أربع كان كذلك يميل أي فعلا لا قلبا والميل فعلا هو المنهى عنه بقوله تعالى فلا تميلوا كل الميل أي بضم الميل فعلا إلى الميل قلبا أحد شقيه بالكسر أي يجئ يوم القيامة غير مستوى الطرفين بل يكون أحدهما كالراجح وزنا كما كان في الدنيا غير مستوى الطرفين بالنظر إلى المرأتين بل كان يرجح إحداهما والله تعالى أعلم
[ 64 ]
قوله فلا تلمني فيما تملك ولا أملك أي المحبة بالقلب فإن قلت بمثله لا يؤاخذ ولا يلام غيره صلى الله تعالى عليه وسلم فضلا عن أن يلام هو إذ لا تكليف بمثله فما معنى هذا الدعاء قلت لعله مبني على جواز التكليف بمثله وان رفع التكليف تفضل منه تعالى فينبغي للانسان أن يتضرع في حضرته تعالى ليديم هذا الاحسان
[ 65 ]
أو المقصود إظهار افتقار العبودية وفي مثله لا التفات إلى مثل هذه الابحاث والله تعالى أعلم قوله في مرطي بكسر هي الملحفة والازار والثوب الاخضر يسألنك العدل التسوية كان المراد التسوية في المحبة أو في إرسال الناس الهدايا فإنهم كانوا يتحرون يوم عائشة وهن كرهن ذلك التخصيص فاحبي هذه أي عائشة أي فلا تقومي لمن يقوم عليها ينشدنك من نشدكنصر إذا سأل تساميني
[ 66 ]
أي تساويني ما عدا سورة أي جميع خصالها محمودة ما عدا سورة بسين مفتوحة وسكون واو فراء فهاء أي ثوران وعجلة من حدة بكسر حاء وهاء في آخرها أي شدة خلق ومن للبيان أو التعليل أو الابتداء تسرع من الاسراع الفيأة بفتح فاء وهمزة الرجوع أي ترجع منها سريعا ووقعت بي أي سبتني على عادة الضرات أرقب أي أنظر وأراعي لم أنشبها في القاموس نشبه الامر أي كسمع لزقة أي ما قمت لها ساعة حتى أثخنت عليها بهمزة ثم مثلثة ثم خاء معجمة ثم نون أي بالغت في جوابها وأفحمتها انها ابنة أبي بكر إشارة إلى كمال فهمها ومتانة عقلها حيث صبرت إلى أن ثبت أن التعدي من جانب
[ 67 ]
الخصم ثم أجابت بجواب الزام قوله وكانت أي فاطمة ابنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم حقا أي على أحواله وخصاله وآدابه على أتم وجه وأوكده
[ 68 ]
قوله كفضل الثريد هو أفضل طعام العرب لانه مع اللحم جامع بين اللذة والقوة وسهولة التناول وقلة المؤنة في المضغ فيفيد أنها جامعة لحسن الخلق وحلاوة المنطق ونحو ذلك قوله في لحاف امرأة بكسر لام ما يتغطى به وكفى بهذا شرفا وفخرا وفيه أن محبته تابعة لعظم منزلتها عند الله تعالى قوله
[ 69 ]
كانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة لما يرون من حب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إياها أكثر من حبه غيرها ومرادهن أن يأمرهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يهدوا إليه حيث كان كما جاء في البخاري ولا يخفى أن هذا كلام لا يليق بصاحب المروأة ذكره في المجلس فطلبهن من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يذكر للناس مثل هذا الكلام أما لعدم تفطنهن لما فيهن من شدة الغيرة أو هو كناية عن التسوية بينهن في المحبة بألطف وجه لان منشأ تحري الناس زيادة المحبة لعائشة فعند التسوية بينهن في المحبة يرتفع التحري من الناس فكأنه إذا ساوى بينهن في المحبة فقد أمرهم بعدم التحري والله تعالى أعلم قوله فأجفت من أجاف الباب رده فلما رفه على بناء المفعول من رفه بالتشديد أي أزيح وأزيل عنه الضيق والتعب قوله ترى مالا نرى تريد أنت ترى جبريل وتسمع كلامه
[ 70 ]
ونحن لا نراه قوله فضربت أي التي عندها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الكسرتين كالقطعتين وزنا ومعنى وكذا الفلقتين وفي المجمع الكسر بكسر كاف القطعة من الشئ المكسور ويقول غارت أمكم اعتذارا عنها فدفع القصعة الظاهر أن القصعتين كانتا ملكا له صلى الله تعالى عليه وسلم وفعله صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك كان لارضاء من أرسلت الطعام والا فضمان التلف يكون بالمثل وهو ههنا القيمة الا أن يقال القصعتان كانتا متماثلتين في القيمة بحيث كان كل منهما صالحة أن تكون بدلا للاخرى والله تعالى أعلم قوله ومعها فهر في القاموس الفهر بالكسر حجر قدر ما يدق به
[ 71 ]
الجوز أو ما يملا الكف ويؤنث والجمع أفهار وفهور قوله رحمه اللهفلم تزل به عائشة وحفصة أي لم تزالا
[ 72 ]
ملازمتين به ساعيتين في تحريمها عليه قوله فقال قد جاءك شيطانك أي فأوقع عليك اني قد ذهبت إلى بعض أزواجي فأنت لذلك متحيرة متفتشة عني فقلت أمالك شيطان أي فقطعت ذاك الكلام واشتغلت بكلام آخر فأسلم على صيغ الماضي فصار مسلما فلا يدلني على سوء لذلك واسلام
[ 73 ]
الشيطان غير عزيز فلا ينكر على أنه من باب خرق العادة فلا يرد أو على صيغة المضارع من سلم بكسر
[ 74 ]
اللام أي فأنا سالم من شره قوله لما كانت ليلتي التي هو عندي أي بليلة من جملة الليالي التي كان فيها عندي انقلب رجع من صلاة العشاء الا ريثما ظن بفتح راء وسكون ياء بعدها مثلثة أي قدر ما ظن رويدا أي برفق وأجافه أي رده وتقنعت ازاري كذا في الاصول بغير ياء وكأنه بمعنى لبست ازاري فلذا عدى بنفسه وأحضر من الاحضار بحاء مهملة وضاد معجمة بمعنى العدو وليس الا أن اضطجعت أي وليس بعد الدخول مني الا الاضطجاع فالمذكور اسم ليس وخبرها محذوف عائش ترخيم واختصار وبه ظهر أنه قد يزاد على الترخيم بالاختصار في الوسط عند ظهور الدليل على المحذوف رابية مرتفعة البطن حشيا بفتح حاء مهملة وسكون شين معجمة مقصور أي مرتفع النفس متواتره كما يحصل للمسرع في المشي لتخبرني بفتح لام ونون ثقيلة مضارع للواحدة المخاطبة من الاخبار فتكسر الراء ههنا وتفتح في الثاني أنت السواد فلهدني بالدال المهملة من اللهد وهو الدفع الشديد في الصدر وهذا كان تأديبا لها من سوء الظن أن يحيف الله عليك ورسوله من الحيف بمعنى الجور أي بأن يدخل
[ 75 ]
الرسول في نوبتك على غيرك وذكر الله لتعظيم الرسول والدلالة على أن الرسول لا يمكن أن يفعل بدون اذن من الله تعالى ولو كان منه جور لكان بإذن الله تعالى له فيه وهذا غير ممكن وفيه دلالة على أن القسم عليه واجب إذ لا يكون تركه جورا الا إذا كان واجبا وقد وضعت بكسر التاء لخطاب المراة (0) كتاب تحريم الدم بيان أن اراقة دم مسلم بغير حق حرام قوله يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله الخ كأنه كناية في الموضعين عن إظهار شعائر الاسلام أو قبول الاحكام وبه اندفع أن مقتضى الغاية ارتفاع المقاتلة بمجرد الشهادتين ومقتضى الجملة الشرطية عدم ارتفاعها بذلك حتى يصلي ويستقبل القبلة
[ 76 ]
ويأكل لحم ذبيحة المسلم واندفع أيضا أن أكل لحم الذبيحة غير مشروط في الاسلام عند أحد وحصل التوفيق بين الروايات المختلفة في هذا الباب فليتأمل والله تعالى أعلم ثم أحاديث الباب قد مضت مرادا فلا نعيده
[ 78 ]
قوله جمع شعيب بن أبي حمزة الحديثين أي روى كلا مهما لا أنه رواهما جميعا بإسناد واحد
[ 80 ]
قوله ساره أي تكلم معه سرا فقال اقتلوه الضمير لمن تكلم فيه السار وهو الظاهر أو للسار وكأنه تكلم بكلام علم منه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه ما دخل الايمان في قلبه فأراد قتله ثم رجع إلى تركه حين تفكر في إسلامه أي اظهاره الايمان ظاهر إذ مدار العصمة عليه لا على الايمان الباطني وظاهر هذا التقدير يقتضي أنه قد يجتهد في الحكم الجزئي فيخطئ في المناط نعم لا يقرر عليه ولا يمضي الحكم بالنظر إليه بل يوقف للرجوع من ساعته إلى درك المناط والحكم به ولا يخفى بعده والاقرب أن يقال أنه قد أذن له في العمل بالباطن فأراد أن يعمل به ثم ترجح عنده العمل بالظاهر لكونه أعم وأشمل له ولامته فمال إليه وترك العمل بالباطن وبعض الاحاديث يشهد لذلك ولعى هذا فقوله انما أمرت أي وجوبا والا فأذن له في القتل بالنظر إلى الباطن والله تعالى أعلم قال نعم أي قال أي السار أو من توجه إليه بالسؤال
[ 81 ]
قوله الا الرجل أي ذنب الرجل وكان المراد كل ذنب ترجى مغفرته ابتداء الا قتل المؤمن فإنه لا يغفر بلا سبق عقوبة والا الكفر فإنه لا يغفر أصلا ولو حمل على القتل مستحلا لا يبقى المقابلة بينه وبين الكفر ثم لا بد من حمله على ما إذا لم يتب والا فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له كيف وقد يدخل القاتل والمقتول الجنة معا كما إذا قتله وهو كافر ثم آمن وقتل ولعل هذا بعد ذكره على وجه
[ 82 ]
التغليظ والله تعالى أعلم قوله الاول أي الذي هو أول قاتل لا أول الاولاد كفل بكسر الكاف هو الحظ والنصيب أول من سن القتل فهو متبوع في هذا الفعل وللمتبوع نصيب من فعل تابعه وان لم يقصد التابع اتباعه في الفعل والله تعالى أعلم قوله لقتل المؤمن أعظم عند الله الخ الكلام مسوق لتعظيم القتل وتهويل أمره وكيفية أفادة اللفظ ذلك هو أن الدنيا عظيمة في نفوس الخلق فزوالها يكون عندهم عظيما على قدر عظمتها فإذا قيل قتل المؤمن أعظم منه أو الزال أهون من قتل المؤمن يفيد الكلام من تعظيم القتل وتهويله وتقبيحه وتشنيعه ما لا يحيطه الوصف ولا يتوقف ذلك
[ 83 ]
على كون الزوال اثما أو ذنبا حتى يقال انه ليس بذنب فكل ذنب من جهة كونه ذنبا أعظم منه فأي تعظيم حصل للقتل يجعله أعظم منه وان أريد بالزوال الازالة فازالة الدنيا يستلزم قتل المؤمنين كلهم فكيف يقال ان قتل واحد أعظم مما يستلزم قتل الكل وكذا لا يتوقف على كون الدنيا عظيمة في ذاتها أو عند الله حتى يقال هي لا تساوي جناح بعوضة عند الله وكل شئ أعظم منه فلا فائدة في القول بأن قتل المؤمن أعظم منه وقيل المراد بالمؤمن الكامل الذي يكون عارفا بالله تعالى وصفاته فإنه المقصود من خلق العالم لكونه مظهرا لآيات الله وأسراره وما سواه في هذا العالم الحسي من السماوات والارض مقصود لاجله ومخلوق ليكون مسكنا له ومحلا لتفكره فصار زواله أعظم من زوال التابع والله تعالى أعلم قوله ما يحاسب به العبد أي فيما بينه وبين الله يقضي بين الناس فيما جرى بينهم فلا منافاة بين
[ 84 ]
الحكمين قوله فيبوء أي يرجع القاتل بإثمه الضمير للقاتل أو المقتول أي يصير متلبسا بإثمه ثابتا عليه ذلك أو اثم المقتول بتحميل اثمه عليه والتحيمل قد جاء ولا ينافيه قوله تعال ولا تزر وازرة وزر أخرى لان ذلك لم يستحق حمل ذنب الغير بفعله وأما إذا استحق رجع ذلك إلى أنه حمل أثر فعله فليتأمل قوله فاتقها أي فاتق هذه السيئة القبيحة المؤدية إلى مثل هذا الجواب الفاضح قوله
[ 85 ]
وأنى له التوبة أي من أين جاءت له التوبة وأي دليل جوز قبول توبته قيل هذا تغليظ من بن عباس كيف والمشرك تقبل توبته وقد قال تعالى فيه ان الله لا يغفر أن يشرك به فكيف لا تقبل توبة القاتل وقد قال تعالى ويفغر ما دون ذلك لمن يشاء وكان يتمسك في قوله بظاهر قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية ويجيب عن قوله والذين لا يدعون مع الله الها آخر الآية تارة بالنسخ وتارة بأن ذاك إذا قتل وهو كافر ثم أسلم وقوله ومن يقتل مؤمنا الخ فيمن قتل وهو مؤمن لكن الناس يرون قوله تعالى ومن يقتل مؤمنا متعمدا مقيدا بالموت بلا توبة ويقولون بعد ذلك بأن المراد بالخلود طول المكث وبأن هذا بيان ما يتسحقه بعمله كما يشير إليه قوله فجزاؤه جهنم ثم أمره إليه تعالى ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه وبأن هذا في المستحل ولهم في ذلك متمسكات من الكتاب والسنة والله تعالى أعلم تشخب بمعجمتين وموحدة أي تسيل أوداجه هي ما أحاط العنق من العروق التي يقطعها الذابح واحدها ودج بالتحريك لقد أنزلها الله أي آية ومن يقتل مؤمنا الآية
[ 86 ]
قوله وانتهكوا أي حرمة التوحيد بالشرك
[ 87 ]
قوله ناصيته أي ناصية القاتل ورأسه في يده أي في يد المقتول والجملة حال بلا واو بل بالضمير وفيها ضمير للقاتل والمقتول جميعا فيجوز أن تكون حالا عنهما أو عن أحدهما حتى يدنيه من الادناء وهو متعلق بيجئ أو يقول يكرر السؤال حتى يدنيه وضمير الفاعل لله تعالى وضمير المفعول للمقتول أو الفاعل للمتقول والمفعول للقاتل
[ 88 ]
قوله أشفقنا منها أي خفنا من الشدة التي فيها فنزلت الآية التي في الفرقان للتخفيف علينا وهذا يفيد خلاف ما ذكره بن عباس والجمع ممكن بأنه بلغ بعضا إحدى الآيتين أو لا ثم بلغتهم الثانية فظنوا التي بلغت ثانيا أنها نزلت ثانيا الا أن روايات هذا الحديث في نفسها أيضا متعارضة فالاعتماد على حديث بن عباس والله تعالى أعلم قوله يعبد الله أي يوحده وقوله ولا يشرك به شيئا تأكيد له ولا يضره صورة العطف للمغايرة بالمفهوم أو يطيعه فيما يطيقه فما بعده إلى قوله ويجتنب الكبائر تخصيص بعد تعميم وفيه إشارة إلى أن هذا لا بد منه في كونه عابدا له تعالى وأن مناط الامر عليه فمن
[ 89 ]
أتى بهذا القدر من الطاعة فله الجنة وان قصر في غيره قوله وقول الزور حملوه على شهادة الزور والله تعالى أعلم قوله ندا أي مثلا وشريكا وهو خلقك أي والحال أنه انفرد بخلقك فكيف لك اتخاذ شريك معه وجعل عبادتك مقسومة بينهما فإنه تعالى مع كونه منزها عن شريك وكون الشريك باطلا في ذاته لو فرض وجود شريك نعوذ بالله منه لما حسن منك اتخاذه شريكا معه في عبادتك بناء
[ 90 ]
على أنه ما خلقك وإنما خلقك هو تعالى منفردا بخلقك وفي الخطاب إشارة إلى أن الشرك من العالم بحقيقة التوحيد أقبح منه من غيره وكذا الخطاب فيما بعد إشارة إلى نحوه ولدك أي الذي هو أحب الاشياء عند الانسان عادة ثم الحامل على قتله خوف أن يأكل معك وهو في نفسه من أخس الاشياء فإذا قارن القتل سيما قتل الولد سيما من العالم بحقيقة الامر كما يدل عليه الخطاب زاد قبحا على قبح بحليلة جارك الذي يستحق منك لتوقير والتكريم فالحاصل أن هذه الذنوب في ذاتها قبائح أي قبائح وقد قارنها من الاحوال ما جعلها في القبح بحيث لا يحيطها الوصف والله تعالى أعلم قوله لا يحل دم
[ 91 ]
امرئ أي اهراقه والمرء الانسان أو الذكر لكن أريد ههنا الانسان مطلقا أو أريد الذكر وترك ذكر الانثى على المقايسة والاتباع كما هو العادة الجارية في الكتاب والسنة يشهد الخ إشارة إلى أن المدار على الشهادة الظاهرة لا على تحقيق إسلامه في الوقاع مفارق الجماعة أي جماعة المسمين لزيادة التوضيح والنفس بالنفس أي النفس التي يطلب قتلها في مقابلة النفس ثم المقصود في الحديث بيان أنه لا يجوز قتله الا بإحدى هذه الخصال الثلاث لا أنه لا يجوز للقتال معه فلا اشكال بالباغي لان الموجود هناك القتال لا القتل على أنه يمكن ادراجه في قوله النفس بالنفس بناء على أن المراد بالقتل في مقابلة أنه قتله أو أنه ان لم يقتل قتله والباغي كذلك فيشمل الصائل أيضا ويجوز أن يجعل قتل الصائل من باب القتال لا القتل أما قاطع الطريق فأيضا يمكن ادراجه في النفس بالنفس اما لانه ان لم يقتل يقتل أو لانه لا يقتل الا بعد أن يقتل نفسا وأما الساب لنبي من الانبياء فهو داخل في قوله التارك للاسلام بناء على أنه مرتدا لا أنه يلزم حينئذ أن قتله للارتداد لا للحد فينبغي أن تقبل توبته وقد يقال معنى الا ثلاثة نفر الا أمثال ثلاثة نفر أي مما ورد الشرع فيه يحل قتله فيصير حاصل الحديث أنه لا يحل القتل الا من أجل الشرع قتله فرجع حاصله إلى معنى قوله تعالى ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق وهذا الوجه أقرب إلى التوفيق بين الاحاديث فليتأمل والله تعالى أعلم قوله الارجل بالرفع على البدلية بتقدير الادم رجل
[ 92 ]
قوله من بالبلاط بفتح الباء وقيل بكسر موضع بالمدينة فلم يقتلوني على لفظ الاستفهام قوله هنأت أي شرور وفساد فارق الجماعة أي خالف ما اتفق عليه المسلمون تفريقا بين المسلمين وايقاعا للخلاف بينهم أو يريد يفرق كلمة أو للشك ويفرق بمعنى أن يفرق مفعول يريد فاقتلوه أي ادفعوه ولا تمكنوه مما يريد فان أدى الامر إلى القتل في ذلك يحل قتله فإن يد الله على الجماعة أي حفظه تعالى ونصره مع المسلمين إذا اتفقوا فمن أراد التفريق بينهم فقد أراد صرف النصر عنهم قوله
[ 93 ]
وهم جميع أي يجتمعون على أمر واحد كاجتماعهم على امام مثل أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما
[ 94 ]
قوله من عكل بضم المهملة وسكون الكاف أبو قبيلة وقد جاء أن بعضهم كانوا من عكل وبعضهم من عرينة فاستوخموا أي استثقولها ولم يوافق هواؤها أبدانهم وسقمت كسمعت في ابله أي في الابل التي مع الراعي فالاضافة لادنى ملابسة فتصيبوا بالشرب وقد تقدم الكلام في شرب البول أول الكتاب فلا حاجة إلى الاعادة فبعث أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ناسا في أثرهم وسمر بتخفيف الميم أو تشديدها على بناء الفاعل أي كحلهم بمسامير حميت حتى ذهب بصرها ونبذهم أي ألقاهم ونسبة هذه الافعال إليه صلى الله تعالى عليه وسلم لكونه الآمر بها قوله فاجتووا المدينة بالجيم
[ 95 ]
افتعال من الجوى والمراد كرهوا المقام بها لضرر لحقهم بها وسمل على بناء الفاعل بميم مخففة آخره لا م أي فقأها ولم يحسمهم أي ما قطع دماءهم بالكي ونحوه قوله أو عرينة بالتصغير فأمر لهم أي بذود فقوله بذود متعلق به وجملة واجتووا المدينة حال وقوله أو لقاح شك من الراوي واللقاح
[ 96 ]
بالكسر ذات اللبن من النوق قوله لو خرجتم إلى ذودنا أي لكان أحسن لكم وأرفق بحالكم أو كلمة
[ 97 ]
أو للتمني فلا يحتاج إلى تقدير الجواب قوله في الحرة بفتح فتشديد اسم موضع بالمدينة فيه حجارة سود قوله أهل ضرع أي أهل لبن ريف بكسر الراء وسكون ياء أي أهل زرع فبعث الطلب
[ 98 ]
بفتحتين جمع طالب كخدم جمع خادم قوله رضي الله تعالى عنهما يكدم الارض بالدال المهملة أي يتناولها بفيه ويعض عليها بأسنانه قيل ما أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك وإنما فعله الصحابة من عند أنفسهم والاجماع على أن من وجب عليه القتل لا يمنع الماء إذا طلب وقيل فعل كل ذلك قصاصا لانهم فعلوا بالراعي مثل
[ 99 ]
ذلك وقيل بل لشدة جنايتهم كما يشير إليه كلام أبي قلابة والله تعالى أعلم قوله اللهم عطش من التعطيش
[ 100 ]
في الموضعين قوله عاتبه الله حيث شرع له التخفيف في العقوبة قوله على حلى بضم الحاء وتشديد الياء جمع حلى بفتح وتخفيف مثل ثدى وثدي أي لاجلها ورضخ بضاد وخاء معجمتين على
[ 101 ]
بناء الفاعل أي كسر أن يرجم لعله عبر عن الكسر بالحجر بالرجم والله تعالى أعلم
[ 102 ]
قوله لم تقبل له صلاة قيل القبول أخص من الاجزاء فإن القبول هو أن يكون العمل سببا لحصول الاجر والرضا والقرب من المولى والاجزاء كونه سببا لسقوط التكليف عن الذمة فصلاة العبد الآبق صحيحة مجزئة لسقوط التكليف عنه بها لكن لا أجر له عليها لكن باقي روايات الحديث تدل على أن المراد ما إذا أبق بقصد اللحاق
[ 103 ]
بدار الحرب ايثارا لدينهم ولا يخفى أنه حينئذ يصير كافرا فلا تقبل له صلاة ولا تصح لو فرض أنه صلاها والله
[ 104 ]
تعالى أعلم قوله من بدل دينه عمومه يشمل الذكر والانثى ومنهم من خص بالذكر لما جاء النهي عن قتل الاناث في الحرب ولا يخفى ما في المخصص من الضعف في الدلالة على التخصيص فالعموم أقرب والله تعالى أعلم ثم المراد بالذين الحق وهذا ظاهر بالسوق فلا يشمل عمومه من أسلم من الكفرة ولا من انتقل منهم من
[ 105 ]
ملة إلى ملة أخرى من ملل الكفر قوله يعبدون وثنا أي بعد ما أسلموا فأحرقهم قالوا كان ذلك منه عن رأى واجتهاد لا عن توقيف ولهذا لما بلغه قول بن عباس استحسنه ورجع إليه كما تدل عليه الروايات قوله قضاء الله أي هو أي القتل قضاء الله أواقض قضاء الله قوله أمن من التأمين أو الايمان
[ 106 ]
عاصف أي ريح شديد اختبأ بهمزة أي اختفى أما كان فيكم رجل رشيد أي فطن لصواب الحكم وفيه أن التوبة عن الكفر في حياته صلى الله تعالى عليه وسلم كانت موقوفة على رضاه صلى الله تعالى عليه وسلم وأن الذي ارتد وآذاه صلى الله تعالى عليه وسلم إذا آمن سقط قتله وهذا ربما يؤيد القول ان قتل الساب للارتداد لا للحد والله تعالى أعلم أن يكون له خائنة أعين قال الخطابي هو أن يضمر في قلبه غير ما يظهره للناس فإذا كف لسانه وأومأ بعينه إلى ذلك فقد خان وقد كان ظهور تلك الخيانة من قبيل عينه فسميت خائنة الاعين
[ 108 ]
قوله وكانت له أم ولد أي غير مسلمة ولذلك كانت تجترئ على ذلك الامر الشنيع فيزجرها أي يمنعها ذات ليلة يمكن رفعه على أنه اسم كان ونصبه على أنه خبر كان أي كان الزمان أو الوقت ذات ليلة وقيل يجوز نصبه على الظرفية أي كان الامر في ذات ليلة ثم ذات ليلة قيل معناه ساعة من ليلة وقيل معناه ليلة من الليالي والذات مقحمة فوقعت فيه قيل تعدى بفي لتضمين معنى الطعن يقال وقع فيه إذا عابه وذمه إلى المغول بكسر ميم وسكون غين معجمة وفتح واو مثل سيف قصير يشتمل به الرجل تحت ثيابه فيغطيه وقيل حديدة دقيقة لها حد ماض قتيلا يستوي فيه التذكير والتأنيث لي عليه حق صفة لرجل أي مسلما يجب عليه طاعتي وإجابه دعوتي يتدلدل أي يضطرب في مشيه ان دمها هدر ولعله صلى الله تعالى عليه وسلم علم بالوحي صدق قوله وفيه دليل على أن الذمي
[ 109 ]
إذا لم يكف لسانه عن الله ورسوله فلا ذمة له فيحل قتله والله تعالى أعلم قوله ليس هذا أي القتل للسب وقلة الادب قوله تغيظ قيل لانه سب أبا بكر قال فوالله لاذهب الخ هذا من قول أبي برزة أي أن كلامي قد عظم عند أبي بكر حتى زال بسبب عظمه غضبه ثم قال أي أبو بكر بعد أن ذهب غضبه بما قلت
[ 111 ]
قوله اذهب بنا الباء للمصاحبة أو التعدية لو سمعك أي سمع قولك إلى هذا النبي وظهر له أنك تعتقده نبيا أربعة أعين كناية عن زيادة الفرح وفرط السرور إذ الفرح يوجب قوة الاعضاء وتضاعف القوى يشبه تضاعف الاعضاء الحاملة لها عن تسع آيات جمع آية وهي العلامة الظاهرة تستعمل في المحسوسات كعلامة الطريق وغيرها كالحكم الواضح والمراد في الحديث اما المعجزات التسع كما هو المراد في قوله تعالى أدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات وعلى هذا فالجواب في الحديث متروك ترك ذكره الراوي وقوله لا تشركوا الخ كلام مستأنف ذكر عقب الجواب وأما الاحكام العامة شاملة للملة كلها كما جوز ذاك في قوله تعالى ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات الخ وعلى هذا فالمذكور في الحديث هو الجواب لكن زيد فيه ذكر وعليكم خاصة يهود لزيادة الافادة ولا تمشوا ببرئ الباء في ببرئ للتعدية والسلطان السلطنة والحكم أي لا تتكلموا بسوء فيمن ليس له ذنب عند السلطان ليقتله أو يؤذيه ولا تأكلوا الربا أي لا تعاملوا بالربا ولا تأخذوه يهود بحذف حرف
[ 112 ]
النداء ان داود دعا الخ أي فنحن ننتظر ذلك النبي لنتبعه وهذا منهم تكذيب لقولهم نشهد أنك نبي وأنهم ما قالوا عن صدق اعتقاد ضرورة أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يدعى ختم النبوة به صلى الله تعالى عليه وسلم فالقول بأنه نبي يستلزم صدقه فيه وانتظار نبي آخر ينافيه فانظر إلى تناقضهم وكذبهم وانا نخاف الخ عذر آخر كتركهم الايمان به صلى الله تعالى عليه وسلم قوله من عقد عقدة دأب أهل السحر أن أحدهم يأخذ خيطا فيعقد عليه عقدة ويتكلم عليه بالسحر بنفث فمن أتى بذلك فقد أتى بعمل من أعمال أهل السحر فقد أشرك أي فقد أتى بفعل من أفعال المشركين أو لانه قد يفضي إلى الشرك إذا اعتقد أن له تأثيرا حقيقة وقيل المراد الشرك الخفي بترك التوكل والاعتماد على الله سبحانه ومن تعلق شيئا أي علق شيئا بعنقه أو عنق صغير من التعلق بمعنى التعليق قيل المراد تمائم الجاهلية مثل الخرزات وأظفار السباع وعظامها وأما ما يكون من القرآن والاسماء الالهية فهو خارج عن هذا الحكم بل هو جائز لحديث عبد الله بن عمرو أنه كان يعلق على الصغار بعض ذلك وقيل القبح إذا علق شيئا معتقدا جلب نفع أو دفع ضرر أما للتبرك فيجوز وقال القاضي أبو بكر في شرح الترمذي تعليق القرآن ليس من طريق السنة وإنما السنة فيه الذكر دون التعليق وكل إليه كناية عن عدم
[ 113 ]
العون منه تعالى قوله فاشتكى لذلك أياما أي مرض والامراض جائزة على الانبياء وكونها بعد سحر هو سبب عادي لها لا يضر ولا يوجب نقصا في مراتبهم العلية عقد لك عقدا بضم عين وفتح قاف جمع عقدة كأنما نشط من عقال في النهاية إنما هو أنشط أي حل ولا يصح نشط فإنه بمعنى عقد لا حل قوله فقال الرجل ضمير قال للرجل السابق والرجل من جملة المقول
[ 114 ]
ناء بألف ثم همزة أو بالعكس أي بعد قاتل دون مالك أي قدامه قوله ان عدي على مالي عدي على بناء المفعول أي سرق مالي فان قتلت على بناء المفعول ففي الجنة أي فأنت فيها وان قتلت على بناء الفاعل ففي النار أي فمقتولك فيها
[ 117 ]
قوله ومن قتل دون دينه أي من أراده أحد ليفتنه في دينه والا يريد قتله فقبل القتل أو قاتل عليه حتى قتل فهو شهيد وجوز له إظهار كلمة الكفر مع ثبوت القلب على الايمان والاولى الصبر على القتل والله تعالى أعلم قوله دون مظلمته أي قصده قاصد بالظلم قوله من شهر سيفه شهر بالتخفيف كمنع وبالتشديد أي سل سيفه ثم وضعه أي في الناس أي ضربهم به فدمه هدر أي لادية ولا قصاص بقتله قوله من رفع السلاح أي على الناس ثم وضعه فيهم قوله علينا أي المسلمين وترك ذكر الذميين والمستأمنين للمقايسة أو المراد بعلينا كل من كان أهل أمن أو حرام الدم بالايمان أو الذمة أو الاستئمان
[ 118 ]
فليس منا أي على طريقتنا ولا من أهل سنتنا أو هو تغليظ والله تعالى أعلم قوله وهو باليمين أي على اليمين بذهيبة تصغير ذهب والهاء لان الذهب يؤنث والمؤنث الثلاثي إذا صغر ألحق في تصغيره الهاء وقيل هو تصغير ذهبة على نية القطعة منها فصغرها على لفظها صناديد رؤساء غائر العينين أي داخلهما إلى القعر ناتئ بالهمز أي مرتفعهما كث اللحية بفتح الكاف وتشديد المثلثة أي كبيرها وكثيفها من يطع الله إذا عصيته إذا الخلق مأمورون باتباعه صلى الله تعالى عليه وسلم فإذا عصى يتبعونه فيه فمن يطيعه ومن في يطع استفهامية لا شرطية فالوجه اثبات الياء أي من يطيع الله كما في الكبرى والله تعالى أعلم أيأمنني أي الله تعالى على أهل الارض أي على تبليغ الوحي وأداء الرسالة إليهم ان من ضئضئ بكسر ضادين وسكون الهمزة الاولى أي من قبيلته يخرجون
[ 119 ]
يظهرون لا يجاوز حناجرهم بالصعود إلى محل القبول أو النزول إلى القلوب ليؤثر في قلوبهم بمرقون يخرجون من الدين قيل الاسلام وقيل طاعة الامام من الرمية بفتح الراء وتشديد الياء هي التي يرميها الرامي من الصيد قوله أحداث الاسنان أي صغار الاسنان فإن حداثة السن محل للفساد عادة سفهاء الاحلام ضعاف العقول من خير قول البرية أي يتكلمون ببعض الاقوال التي هي من خيار أقوال الناس قال النووي أي في الظاهر مثل ان الحكم الا لله ونظائره كدعائهم إلى كتاب
[ 120 ]
الله قوله أتى على بناء المفعول من عن يمينه بفتح الميم موصولة ويحتمل على بعد كسر الميم على أنها حرف جارة وعن اسم بمعنى الجانب وكذا من في الموضعين الاخيرين وأما قوله فقام رجل من ورائه فحرف جر قطعا ما عدلت بالتخفيف أي ما سويت بين المستحقين مطموم الشعر يقال طم شعره إذا جزه واستأصله سيماهم التحليق قال النووي السيما العلامة والافصح فيها القصر وبه جاء القرآن والمد لغة والمراد بالتحليق حلق الرأس ولا دلالة فيه على كراهة الحلق فإن كون الشئ علامة لهم لا ينافي الاباحة لقوله صلى الله تعالى عليه وسلم وآيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ومعلوم أن هذا ليس بحرام ولا مكروه وقد جاء في سنن أبي داود بإسناد صحيح أنه صلى الله تعالى عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض رأسه فقال احلقوه كله أو اتركوه كله وهذا صريح في إباحة حلق
[ 121 ]
الرأس لا يحتمل تأويلا وقد يناقش في الاستدلال على أصول مذهب النووي بأنه يجوز عندهم تمكين الصغير مما يحرم على البالغ كالحرير والذهب فليتأمل شر الخلق والخليقة الخلق الناس والخليقة البهائم وقيل هما بمعنى ويريد بهما جميع الخلائق قوله كفر أي من أعمال أهل الكفر فإنهم الذين يقصدون قتال المسلمين وتأويله بحمله على القتال مستحلا يؤدي إلى عدم صحة المقابلة لكون السباب مستحلا كفر أيضا فليتأمل والسباب بكسر سين مهملة وخفة موحدة أي شتمه فسوق
[ 122 ]
أي من أعمال أهل الفسوق
[ 123 ]
قوله من خرج من الطاعة أي طاعة الامام وفارق الجماعة أي جماعة المسلمين المجتمعين على امام واحد ميتة بكسر الميم حالة الموت جاهلية صفة بتقدير أي كميته أهل الجاهلية ويحتمل الاضافة والمراد مات كما يموت أهل الجالهية من الضلال وليس المراد الكفر يضرب برها بفتح الباء وتشديد الراء لا يتحاشى أي لا يترك ولا يفي لذي عهدها أي لا يفي لذمي ذمته فليس مني أي فهو خارج عن سنتي تحت راية عمية بكسر عين وحكى ضمها وبكسر الميم المشددة وبمثناة تحتية مشددة هي الامر الذي لا يستبين وجهه كقاتل القوم عصبية قيل قوله تحت راية عمية كناية عن جماعة مجتمعين على أمر مجهول لا يعرف أنه حق أو باطل وفيه أن من قاتل تعصبا لا لاظهار دين ولا لاعلاء كلمة الله اوان كان المعصوب له حقا كان على الباطل فقلته بكسر القاف الحالة من القتل
[ 124 ]
قوله إذا أشار المسلم على أخيه هو ان يشير كل منهما على صاحبه فهما على جرف جهنم بضم جيم وراء مهملة مضمومة أو ساكنة مستعار من جرف النهر الطرف كالسيل وهو كناية عن قربهما من جهنم خرا أي سقطا أي القاتل والمقتول قوله أحدهما على الآخر أي كل منهما على صاحبه هذا القاتل أي يستحقه لقتله فالخبر محذوف والاقرب أن هذا إشارة إلى ذات القاتل فهو مبتدأ والقاتل خبره وصحة الاشارة باعتبار إحضار الواقعة أي هذا هو القاتل فلا اشكال في كونه في النار لانه ظالم أراد قتل صاحبه أي مع السعي في أسبابه لانه توجه بسيفه فليس هذا من باب المؤاخذة بمجرد نية القلب بدون عمل كما زعمه بعض فاستدلوا على أن العبد يؤخذ بالعزم ثم قد استدل كثير على أن مرتكب الكبيرة مسلم لقوله إذا تواجه المسلمان فسماهما المسلمين مع كونهما مباشرين بالذنب وهذا الذي قالوا ان مرتكب الكبيرة
[ 125 ]
مسلم حق لكن في كون الحديث دليلا عليه نظر ظاهر لان التسمية في حيز التعليق لا يدل على بقاء الاسم عند تحقق الشرط مثل إذا أحدث المتوضئ أو المصلي بطل وضوءه أو صلاته فليتأمل
[ 126 ]
قوله لا ترجعوا أي لا تصيروا كفارا نصبه على الخبر أي كالكفار يضرب استئناف لبيان صيرورتهم كالفكرة أو المراد لا ترتدوا عن الاسلام إلى ما كنتم عليه من عبادة الاصنام حال كونكم كفارا ضاربا بعضكم رقاب بعض والاول أقرب والله تعالى أعلم
[ 127 ]
قوله بجناية أبيه أي بذنبه بأن يعاقب في الآخرة عليه أو في الدنيا بالقتل ونحوه والا فالدية تتحملها العاقلة الا أن يقال الجناية هو العمد لا الخطأ قوله بجريرة أبيه أي بجنايته قوله لا ألفينكم من الفيته وجدته والنهي ظاهرا يتوجه إلى المتكلم والمراد توجيهه إلى المخاطب أي لا تكونوا بعدي كذلك فإنهم إذا كانوا كذلك يجدهم كذلك فإن قلت كيف يجدهم بعده قلت بعد موتهم أو تعرض حالهم عليه أو يوم
[ 128 ]
القيامة والله تعالى أعلم قوله رحمه الله استنصت الناس أي قل لهم ليسكتوا حتى يسمعوا قولي وفيه اهتمام وتعظيم لما يقوله كتاب قسم الفئ الفئ ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولا جهاد كذا في النهاية وفي المغرب هو ما نيل من الكفار بعد ما تضع الحرب أو زارها وتصير الدار دار لاسلام وذكروا في حكمه أنه لعامة المسلمين ولا يخمس ولا يقسم كالنغنيمة والمراد ههنا ما يعم الغنيمة أو الغنيمة والله تعالى أعلم قوله عن سهم ذي القربى من الغنيمة المذكورة في قوله تعالى والعموا أنما غنمتم من شئ فإن لله خمسة الآية وكأنه تردد أنه لقربي الامام أو لقربي الرسول عليه الصلاة والسلام فبين له بن عباس أن المراد الثاني لكن الدليل الذي استدل به على ذلك لا يتم لجواز أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قسم لهم ذلك لكونه هو الامام فقرابته قرابة الامام لا لكون المراد قرابة الرسول عليه الصلاة والسلام الا ان يقال
[ 129 ]
المراد قسم لهم مع قطع النظر عن كونه إماما والمتبادر من نظم القرآن هو قرابة الرسول مع قطع النظر عن هذا الدليل فليتأم والله تعالى أعلم رأيناه دون حقنا لعله مبنى على أن عمر رآهم مصارف فيجوز الصرف إلى بعض كما في الزكاة عند الجمهور وهو مذهب مالك ههنا والمختار من مذهب الحنفية والخيار للآمام ان شاء قسم بينهم بما يرى وان شاء أعطى بعضا دون بعض حسب ما تقتضيه المصلحة وابن عباس رآهم مستحقين لخمس الخمس كما يقول الشافعي ههنا وفي الزكاة فقال بن عباس بناء على ذلك أنه عرض دون حقهم والله تعالى أعلم قوله أيمنا من لا زوج له من الرجال والنساء ويحذى بحاء مهملة وذال معجمة من أحذيته إذا أعطيته عائلنا أي فقيرنا والغارم المديون قوله وقسم أبيك هكذا في نسختنا أبيك بالياء والظاهر أن الجملة فعلية فالاظهر أبوك بالواو الا أن يجعل أبيك تصغير الاب اما لان المقام يناسب التحقير أو لان اسم الوليد ينبئ عن الصغر فصغره لذلك ويحتمل أن يكون قسم بفتح فسكون مصدر قسم مبتدأ والخبر مقدر أي غير مستقيم أو غير لائق أو نحو
[ 130 ]
ذلك أو الخمس كله على أن القسم بمعنى المقسوم من كثرت خصماؤه الظاهر من جهة الخط والسوق أن من يفتح الميم موصوله فاعل ينجو ويحتمل على بعد أن فاعل ينجو ضمير أبيه ومن جارة فليتأمل المعازف بعين مهملة وزاي معجمة وفاء أي آلات اللهو من يجز بجيم وزاي معجمة مشددة أي يقطع جمتك بضم جيم وتشديد الميم هي من شعر الرأس ما سقط على المنكبين ولا كراهة في اتخاذ الجمة فلعله كره لانه كان يتبختر بها فلذلك أضاف إلى السوء والله تعالى أعلم قوله إنما أرى هاشما والمطلب شيئا واحدا المراد بهاشم والمطلب أولادهما أي هم لكمال الاتحاد بنيهم في الجاهلية
[ 131 ]
والاسلام كشئ واحد قوله لمكانك بمعنى المكانة والفضل أي لا تنكر فضلهم بسبب فضلك الذي جعلك الله مقرونا به أي بذلك الفضل حال كونك منهم فحصل لهم بذلك فضل أي فضل وشرف أي شرف قوله وبرة بفتحتين أي شعرة قوله من سنامه بفتح السين ما ارتفع من ظهر الجمل قوله مما أفاء الله خبر كانت أي رده الله عليه أي أعطاه الله إياه وسمى العطاء ردا للتنبيه على أن المستحقين للاموال هم المسلمون والكفرة كالمتغلبين على أموال المسلمين فما جاء إلى المسلمين من الكفرة
[ 132 ]
فكأنه رد إليهم مما لم يوجف لم يسرع ولم يجر أي مما بلا حرب في الكراع بضم كاف الخيل قوله من صدقة أي مما كانت صدقة في الواقع أو مما ظهر لها بعد ذلك أنها صدقة وان كانت حين السؤال غير عالمة بذلك لا نورث أي نحن يريد معشر الانبياء وهذا الخبر قد رواه غير أبي بكر أيضا وتكفي رواية أبي بكر لوجوب العمل به ولا يرد أن خبر الآحاد كيف يخصص عموم القرآن لان ذلك بالنظر إلى من بلغه الحديث بواسطة وأما من أخذه بلا واسطة فالحديث بالنظر إليه كالقرآن في وجوب العمل فيصح به التخصيص على أن كثيرا من العلماء جوز التخصيص بأخبار الاحاد فلا غبار أصلا وههنا تحقيقات ذكرتها في حاشيتي الصحيحين قوله خمس الله الخ يريد أن ذكر الله للتبرك والتعظيم
[ 133 ]
قوله فاجتمع رأيهم ظاهره أنه يقتضي أنه اشتبه عليهم معنى القرآن ومصرف سهم الرسول عليه الصلاة والسلام وعلموا أن ذكر الله لكونه مفتاح كلام الله تعالى في الدنيا والآخرة والله تعالى أعلم قوله وصفيه هو ما يصطفيه ويختاره لنفسه
[ 134 ]
قوله وسهم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ظاهره أن سهمه صلى الله تعالى عليه وسلم زائد على الخمس قوله خمس الخمس يريد أن المذكورين مستحقون للخمس فلا بد من القسمة بينهم بالسوية والله تعالى أعلم
[ 135 ]
قوله ممن فيه غناء هو بالفتح والمد الكفاية أي ممن كان في وجوده كفاية للمسلمين يكفيهم بشجاعته في الحرب مثلا قوله وهو أشبه القولين فيه أنه لا يبقى حينئذ لذكرهم كثير فائدة سوى الايهام الباطل لان يتيمهم داخل في اليتامى فذكر ذوي القربي على حدة لا فائدة فيه الا أن ظاهر المقابلة والعموم يوهم أن المراد العموم وهو باطل على هذا التقدير فما بقي في ذكرهم فائدة الا هذا فافهم والله تعالى أعلم
[ 136 ]
قوله الرب عز وجلقال لا نورث أي فلو فصلت بينهما بالقسمة كما يقسم الارث فقد أوهمت الناس بالارث فكيف أقسم سبيل المال أي مال الله بجعله في الكراع والسلاح ونحوهما يقول هذا اقسم لي بنصيبي من بن أخي أي أقسم لي على قدر ما يكون نصيبي لو كان لي ارث من بن أخي والا فالظاهر أن العباس وعليا لا يطلبان الارث بعد تقرر أنه لا ارث والله تعالى أعلم كفيا ذلك على بناء المفعول
[ 137 ]
أي يردان إلى ما يكفيهما مؤنة ذلك فاستوعبت هذه الآية الناس أي عامة المسلمين كلهم أي فالفئ لهم عموما لا يخمس ولكن يكون جملة لمصالح المسلمين وهذا مذهب عامة أهل الفقه خلافا للشافعي فعنده يقسم الا بعض أي الا العبيد يريد انه لا شئ للعبيد والله تعالى أعلم (0) كتاب البيعة قوله على السمع والطاعة صلة بايعنا بتضمين معنى العهد أي على أن نسمع كلامك ونطيعك في مرامك
[ 138 ]
وكذا من يقوم مقامك من الخلفاء من بعدك والمنشط والمكره مفعل بفتح ميم وعين من النشاط والكراهة وهما مصدران أي في حالة النشاط والمكراه أي حالة انشراح صدورنا وطيب قلوبنا وما يضاد ذلك أو اسما زمان والمعنى واضح أو اسما مكان أي فيما فيه نشاطهم وكراهتهم كذا قيل ولا يخفى أن ما ذكره من المعنى على تقدير كونهما اسمى مكان معنى مجازى وكذا قال بعضهم كونهما اسمى مكان بعيد وقوله وأن لا ننازع الامر أي الامارة أو كل أمر أهله الضمير للامر أي إذا وكل الامر إلى من هو أهل له فليس لنا أن نجره إلى غيره سواء كان أهلا أم لا بالحق باظهاره وتبليغه لا نخاف أي لا نترك قول الحق لخوف ملامتهم عليه وأما الخوف من غير ان يؤدي إلى ترك فليس
[ 139 ]
بمنهى عنه بل ولا في قدرة الانسان الاحتراز عنه قوله وأثره علينا الاثرة بفتحتين اسم من الاستئثار
[ 140 ]
أي وعلى تفضيل غيرنا علينا ولا يخفى أنه لا يظهر للبيعة عليه وجه لانه ليس فعلا لهم وأيضا ليس هو بأمر مطلوب في الدين بحيث يبايع عليه وأيضا عمومه يرفعه من أصله لان كل مسلم إذا بايع على أن يفضل عليه غيره فلا يوجد ذلك الغير الذي يفضل وهذا ظاهر فالمراد وعلى الصبر على أثرة علينا أي بايعنا على أنا نصبر أن أوثر غيرنا علينا وضمير علينا قبل كناية عن جماعة الانصار أو عام لهم ولغيرهم والاول أوجه فإنه صلى الله تعالى عليه وسلم أوصى إلى الانصار أنه سيكون بعدي أثرة فاصبروا عليها يعني أن الامراء يفضلون عليكم غيركم في العطايا والولايات والحقوق وقد وقع ذلك في عهد الامراء بعد الخلفاء الراشدين فصبروا انتهى قوله على النصح لكل مسلم من النصيحة وهي إرادة الخير وفي رواية بن
[ 141 ]
حبان فكان جرير إذا اشترى أو باع يقول اعلم أن ما أخذنا منك أحب إلينا مما أعطيناك فافترت قوله على الموت أي لانه ليس في اختيار أحد فالبيعة عليه لا تتصو لكن قد جاء في بعض الروايات البيعة على الموت فيفسر ذلك بالبيعة على الثبات وان أدى ذلك إلى لموت وعلى هذا فمؤدي البيعة على الموت والبيعة على عدم الفرار واحد فوجه الجمع بين الروايتن أن يبعضهم بايعوا بلفظ الموت وبعضهم بلفظ عدم الفرار ومراد جابر بما ذكره تعيين اللفظ الذي بايع به هو وأصحابه واله تعالى أعلم قوله وقد انقطعت الهجرة أي بعد الفتح والمراد الهجرة من مكة لصيرورتها بعد الفتح دار إسلام أو إلى المدينة من أي موضع كانت لظهور عزة الاسلام في كل ناحية وفي المدينة بخصوصها بحيث ما بقي لها حاجة إلى هجرة الناس إليها فما بقيت هذه الهجرة فرضا وأما الهجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام
[ 142 ]
ونحوها فهي واجبة على الدوام قوله وحوله عصابة بكسر العين أي جماعة ولا تأتوا ببهتان بكذب على أحد تفترونه تختلقونه بين أيديكم وأرجلكم أي في قلوبكم التي هي بين الايدي والارجل في معروف لا يخفى أن أمره كله معروف ولا يتصور منه خلافه فقوله في معروف للتنبيه على علة وجوب الطاعة وعلى أنه لا طاعة للمخلوق في غير المعروف وعلى أنه ينبغي اشتراط الطاعة في المعروف في البيعة لا مطلقا شيئا أي مما سوى الشرك إذ لا كفارة للشرك سوى التوبة عنه فهذا
[ 143 ]
عام مخصوص نبه عليه النووي وغيره وهذا الحديث صريح في أن الحدود كفارات لاهلها وأما قوله تعالى في المحاربين لله ورسوله ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم فقد سبق عن بن عباس ان ذلك في المشركين والله تعالى أعلم قوله ارجع إليهما لعل ذلك حين انقطعت فريضة الهجرة فأضحكهما من الاضحاك أي بدوام صحبتك معهما كما أبكيتهما بفراقك اياهما قوله عن الهجرة هي ترك الوطن والانتقال إلى المدينة تأييدا وتقوية للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين واعانة لهم على قتال الكفرة وكانت فرضا في أول الامر ثم صارت مندوبة فلعل السؤال كان في آخر الامر أو لعله صلى الله تعلى عليه وسلم خاف عليه لما كان عليه الاعراب من الضعف حتى أن أحدهم ليقول ان حصل له مرض في المدينة أقلني بيعتك ونحو ذلك ولذلك قال أن أمر الهجرة شديد
[ 144 ]
ويحك للترحم فاعمل من وراء البحار أي فأت بالخيرات كلها وان كنت وراء البحار ولا يضرك بعدك عن المسلمين لن يترك قال السيوطي في غير حاشية الكتاب بكسر التاء المثناة من فوق أي لن ينقصك وإن أقمت من وراء البحار وسكنت أقصى الارض يريد أنه من الترة كالعدة والكاف مفعول به قلت ويحتمل أنه من الترك فالكاف من الكلمة أي لا يترك شيئا من عملك مهملا بل يجازيك على جميع أعمالك في أي محل فعلت والله تعالى أعلم قوله أن تهجر أي تترك فأريد بالهجرة الترك وفيه أن ترك المعاصي خير من ترك الوطن فإن المقصود الاصلي من ترك الوطن هو ترك المعاصي هجرة الحاضر أي المقيم بالبلاد والقرى والبادي المقيم بالبادية فيجيب إذا أي لا حاجة في حقه إلى
[ 145 ]
ترك الوطن بل حضوره في الجهاد يكفي قوله هجروا المشركين أي تركوهم فجاؤوا وفيه أن ترك الوطن في الجملة والعود إليه بإذنه صلى الله تعالى عليه وسلم لا يضر والله تعالى أعلم قوله أستقيم عليه أي أثبت عليه وأعمله أي أداوم عليه ولو بقاء فإن الهجرة لا تتكرر فإنه لا مثل لها أي في ذلك الوقت أو في حق ذلك الرجل والله تعالى أعلم
[ 146 ]
قوله ولكن جهاد كلمة لكن تفيد مخالفة ما بعدها لما قبلها فالمعنى فما بقيت فضيلة الهجرة ولكن بقيت فضائل في معنى الهجرة كالجهاد ونية الخير في كل عمل يصلح لها وإذا استنفرتم على بناء المفعول أي طلب الامام منكم الخروج إلى الجهاد فانفروا أي فاخرجوا قوله لا تنقطع الهجرة أي ترك دار
[ 147 ]
الحرب إلى دار الاسلام لمن كان في دار الحرب فأسلم هناك إذ الهجرة ههنا هو الخروج من الوطن إلى الجهاد وبهذين التأويلين ظهر التوفيق بين ما سبق من انقطاع الهجرة وبين ثبوتها والله تعالى أعلم قوله أو تستيطع ذلك أي ما تقول من السمع والطاعة في كل محبوب ومكروه أو تطيق شك من الراوي فبايعني والنصح أي فبايعني على ذلك والنصح أي وعلى النصح بالجر عطف على مقدر والله تعالى أعلم
[ 148 ]
قوله فقال أبايعكم على أن لا تشركوا أي وصحبة المشرك قد تؤدي إلى الشرك والبيعة على ترك الشرك
[ 149 ]
تتضمن البيعة على ترك ما يؤدي إليه فصارت متضمنة للبعة على ترك صحبة المشرك والله تعالى أعلم قوله ان امرأة أسعدتني الاسعاد المعاونة في النياحة خاصة والمساعدة عام في كل معونة وكان نساء الجاهلية يسعد بعضهن بعضا على النياحة فحين بايعهن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم على ترك النياحة قالت أم عطية أنها ساعتدتها امرأة في النياحة فلا بد لها من مساعدتها على ذلك قضاء لحقها ثم لا تعود فرخص لها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك قبل المبايعة ففعلت ثم بايعت قالوا هذا الترخيص خاص في أم عطية وللشارع أن يخص من يشاء والله تعالى أعلم قوله قلنا الله ورسوله أحرم بنا أي حيثما أطلق البيعة بل قيد بالاستطاعة هلم نبايعك أي تبايع كل واحدة منا باليد على الانفراد
[ 150 ]
فان البيعة باليد لا يتصور فيها الاجتماع ولذلك أجابهن صلى الله تعالى عليه وسلم بنفي الامرين فقال اني لا أصافح النساء أي باليد انما قولي لمائة فلا حاجة إلى الانفراد في البيعة القولية والله تعالى أعلم قوله ارجع أي لا حاجة إلى الحضور عندي وكأنه صلى الله تعالى عليه وسلم رأى أنه يكرهه الناس ويتأذون به وعلم أنه لا يتأذى بهذا ففعل هذا والله تعالى أعلم قوله فلم يبايعني لما فيه من العهد والالزام والصغير ليس أهلا لذلك بل لا يلزمه شئ أن ألزمه نفسه فأي فائدة في البيعة معه قوله بعنيه طلب منه البيع اعانه لذلك العبد على وفاء ما بايع عليه من الهجرة
[ 151 ]
قوله وعك بفتحتين أو سكون الثاني هو الحمى أو ألمها أقلني يريد أن ما أصابه قد أصابه بشؤم ما فعل من البيعة فلو أقاله فلعله يذهب ما لحقه بشؤمه من المصيبة فخرج أي من المدينة قصدا لاقالة أثر البيعة كالكير هو بالكسر كير الحديد وهو المبني من الطين وقيل الزق الذي ينفخ به النار والمبني الكور تنفى خبثها أي تخرجه عنها وتنصع طيبها بالنون والصاد والعين المهملتين أي تخلصه قوله المرتد اعرابيا أي الذي يصير اعرابيا ساكنا بالبادية بعد أن هاجر قوله ارتددت أي عن الهجرة قوله وبدوت
[ 152 ]
أي خرجت إلى البادية وروى وبديت ولعله سهو في البدو أي في الخروج إلى البادية أي فلا ينافي الهجرة الخروج إليها قوله والنصح الظاهر أنه بالنصب عطف على فيما استطعت أي فلقنني هذين اللفظين ويحتمل الجر
[ 153 ]
على العطف على الموصول وفيه بعد فإن النصح مما وقع عليه البيعة كالسمع والطاعة وليس المراد السمع والطاعة في المستطاع وفي النصح فليتأمل قوله خباء بكسر خاء بيت من صوف أو وبر لا من شعر من ينتضل من انتضل القوم إذا رموا للسبق ويقال انتضلوا بالكلام والاشعار من هو في جشرته أي في إخراجه الدواب إلى المراعي الصلاة جامعة أي ائتوا الصلاة والحال أنها جامعة فهما بالنصب ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر فقال انه أي ان الشأن على ما يعلمه من العلم أي على شئ يعلم النبي ذلك الشئ خيرا لهم جلعت عافيتها أي خلاصها عما يضر في الدين فيدقق بدال مهملة ثم قاف مشددة مكسورة أي يجعل بعضها بعضا دقيقا وفي بعض النسخ براء مهملة موضع دال أي يصير بعضها بعضا رقيقا خفيا والحاصل أن المتأخرة من الفتن أعظم من المتقدمة فتصير المتقدمة عندها دقيقة رفيقة روى براء ساكنة ففاء مضمومة من الرفق أي توافق بعضها بعضا أو يجئ بعضها عقب بعض أو في وقته وروى بدال مهملة ساكنة ففاء مكسورة أي يدفع ويصب أن يزحزح على بناء المفعول
[ 154 ]
وليأت إلى الناس أي ليؤدي إليهم ويفعل بهم ما يحب أن يفعل به وثمرة قلبه أي خالص عهده أو محبته بقلبه قوله ولو استعمل عليكم عبد حبشي أي لو جعل الخليفة بعض عبيده أميرا عليكم فلا يرد أن العبد لا يصلح للخلافة على أن المطلوب المبالغة فلا يلتفت إلى مثل هذا وفي قوله يقودكم بكتاب الله إشارة إلى أنه لا طاعة له فيما يخالف حكم الله تعالى والله تعالى أعلم قوله من أطاعني فقد أطاع الله
[ 155 ]
أي لاني أحكم نيابة عنه وكذا أميره صلى الله تعالى عليه وسلم يحكم نيابة عنه فالحاصل أن طاعة النائب طاعة للاصل قوله في سرية أي أميرا فيهم فنزل فيه قوله تعالى أطيعوا الله وأطيعو الرسول وأولي الامر حثا لاتباعه على أن يطيعوه والى هذا المعنى تشير ترجمة المصنف والله تعالى أعلم قوله وأنفق الكريمة أي صرف الاموال العزيزة عليه ونبهه بضم فسكون أي انتباهه من النوم بالكفاف بفتح الكاف أي سواء بسواء أي لا يرجع مثل ما كان وقد تقدم الحديث في كتاب الجهاد قوله جنة أي كالترس قال القرطبي أي يقتدي برأيه ونظره في الامور العظام والوقائع
[ 156 ]
الخطيرة ولا يتقدم على رأيه ولا ينفرد دونه بأمر يقالتل من ورائه قيل المراد أنه يقاتل قدامه فوراء ههنا بمعنى أمام ولا يترك يباشر القتال بنفسه لما فيه من تعرضه للهلاك وفيه هلاك الكل قلت وهذا لا يناسب التشبيه بالجنة مع كونه خلاف ظاهر اللفظ في نفسه فالوجه أن المراد أنه يقاتل على وفق رأيه وأمره ولا يخالف عليه في القتال فصار كأنهم خلفه في القتال والله تعالى أعلم ويتقى به أي يعتصم برأيه أو يلتجئ إليه من يحتاج إلى ذلك قوله إنما الدين النصحية هي إرادة الخير للمنصوح قلت لا بمعنى النافع والا لا يستقيم بالنسبة إليه تعالى بل بمعنى ما يليق ويحسن له فإن الصفة إذا قسناها بالنظر
[ 157 ]
إلى أحد فأما أن يكون اللائق والاولى به إرادة ايجابها له أو سلبها عنه فارادة ذلك الطرف اللائق له هي النصحية في حقه وخلافه هو الغش والخيانة واللائق به تعالى أن يحمد على كماله وجلاله وجماله ويثبت له من الصفات والافعال ما يكون صفات كمال وأن ينزه عن النقائص وعما لا يليق يعلى جنابه فارادة ذلك وكذا كل ما يليق بجنابه الاقدس في حقه تعالى من نفسه ومن غيره هي النصحية في حقه وقس على هذا ويمكن أن يقال النصحية الخلوص عن الغش ومنه التوبة النصوح فالنصحية لله تعالى أن يكون
[ 158 ]
عبدا خالصا له في عبوديته عملا واعتقادا والكتاب أي يكون خالصا في العمل به وفهم معناه عن مراعاة الهوى فلا يصرفه إلى هواه بل يجعل هواه تابعا له ويحكم به على هواه ولا يحكم بهواه عليه وعلى هذا القياس وقال الخطابي النصحية هي إرادة الخير للمنصوح له والنصح في اللغة الخلوص فالنصيحة لله تعالى صحة الاعتقاد في حد وحدانيته وإخلاص النية في عبادته والنصحية لكتاب الله تعالى الايمان به والعمل بما فيه والنصح لرسوله التصديق بنبوته وبذل الطاعة له فيما أمر به ونهى عنه والنصيحة لائمة المسلمين أن يطيعهم في الحق وأن لا يرى الخروج عليهم بالسيف والنصيحة لعامة المسلمين اراشدهم إلى مصالحهم قوله الا وله بطانتان بطانة الرجل بكسر الباء صاحب سره وداخله أمره قيل المراد ههنا الملك والشيطان
[ 159 ]
لا تألوه لا تقصره خبالا بفتح الخاء أي من جهة الفساد في أمره قال السيوطي أي لا يقصر في افساد أمره فقد وقى أي من كل بلاء وهو أي ذلك الذي وقى من التي تغلب عليه من الجماعة التي تغلب على بطانة السوء منهما من البطانتين أو المعنى وهو أي صاحب البطانتين من جنس بطانة التي تغلب تلك البطانة عليه ههنا أي من البطانتين فإن غلبت عليه بطانة الخير يكون خيرا وان غلبت عليه بطانة السوء يكون سيئا وهذا أظهر والله تعالى أعلم قوله وأمر من التأمير إنما فررنا منها من النار بالايمان فكيف ندخلها
[ 160 ]
قوله أن لا يؤمر أي حين أن لا يؤمر أو كلمة أن شرطية وفي كثير من النسخ الا أن يؤمر بمعصية وهو الظاهر والله تعالى أعلم قوله من صدقهم بكذبهم من التصديق والباء في بكذبهم بمعنى في أي أنهم يكذبون في الكلام فمن صدقهم في كلامهم ذلك وقال لهم صدقتم تقربا بذلك إليهم فليس مني تغليظ وتشديد بأنه قد انقطع الموالاة بيني وبينهم على بتشديد الياء ومن لم يصدقهم أي اتقاء
[ 161 ]
وتورعا وهذا لا يكون الا للمتدين فلذلك قال فهو مني وأنا منه ويحتمل أن يكون مجرد الصبر عن صحبتهم في ذلك الزمان مع الايمان مفضيا إلى هذه الرتبة العلية أو من صبر يوفق لاعمال تفضيه إلى ذلك والله تعالى أعلم قوله صلى الله عليه وسلم وقد وضع أي والحال أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وضع رجله أو الرجل وضع رجله في الغرز بفتح معجمة فمهملة ساكنة ثم معجمة هو ركاب كور الجمل إذا كان من جلد أو خشب وقيل مطلقا كلمة حق فإنه جهاد قل من ينجو فيه وقل من يصوب صاحبه بل الكل يخطئونه أو لا ثم يؤدي إلى الموت بأشد طريق عندهم بلا قتال بل صبرا والله تعالى أعلم
[ 162 ]
قوله وانها ستكون أي بعد الموت ندامة فنعمت المرضعة أي الحالة الموصلة إلى الامارة وهي الحياة والفاطمة الحالة القاطعة عن الامارة وهي الموت أي فنعمت حياتهم وبئس موتهم والله تعالى أعلم (0) رضي الله تعالى عنه كتاب العقيقة هي الذبيحة تذبح عن المولود من العق وهو القطع قوله وكأنه كره الاسم يريد أنه ليس فيه
[ 163 ]
توهين لامر العقيقة ولا إسقاط لوجوبها وإنما استبشع الاسم وأحب أن يسميه بأحسن منه كالنسيكة والذبيحة ولذلك قال من أحب أن ينسك عن ولده بضم السين أي يذبح قال التوربشتي هذا الكلام وهو كأنه كره الاسم غير سديد أدرج في الحديث من قول بعض الرواة ولا يدري من هو وبالجملة فقد صدر عن ظن يحتمل الخطأ والصواب والظاهر أنه ههنا خطأ لانه صلى الله تعالى عليه وسلم ذكر العقيقة في عدة أحاديث ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره ومن سنته تغيير الاسم إذا كرهه والاوجه أن يقال يحتمل أن السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها فأعلم النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن الذي كرهه الله تعالى من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة ويحتمل أن العقوق ههنا مستعار للوالد بترك العقيقة أي لا يجب أن يترك الوالد حق الولد الذي هو العقيقة كمالا يجب أن يترك الولد حق الوالد الذي هو حقيقة العقوق ولا يخفى أن المخاطب ما يهم هذا المعنى من الجواب ولذلك أعاد السؤال فقال إنما نسألك الخ فالوجه أن يقال أنه أطلق الاسم أولا ثم كرهه اما بالتفات منه صلى الله عليه تعالى وسلم إلى ذلك أو يوحي أو الهام منه تعالى إليه والله تعالى أعلم قوله عن الغلام شاتان مبتدأ وخبر والجملة جواب لما يقال ماذا ينسك أو ما ذا يجزئ ويحسن
[ 164 ]
ونحوه مكافئتان بالهمزة أي مساويتان في السن بمعنى أن لا ينزل سنهما عن سن أدنى ما يجزئ في الاضحية وقيل مساويتان أو متقاربتان وهو بكسر الفاء من كافأه إذا ساواه قال الخطابي والمحدثون يفتحون الفاء وأراه أولي لانه يريد شاتين قد سوى بينهما وأما بالكسر فمعناه مساويان فيحتاج إلى شئ آخر يساويانه وأما لو قيل متكافئتنان لكان الكسر أولى وقال الزمخشري لا فرق بين الفتح والكسر لان كل واحدة إذا كافأت أختها فقد كوفئت فهي مكافئة ومكافأة أو يكون معناه معادلتان لما يجب في الاضحية من الاسنان ويحتمل مع الفتح أن يراد مذبوحتان من كافأ الرجل بين بعيرين إذا نحر هذا ثم هذا معا من غير تفريق كأنه يريد شاتين تذبحهما معا قلت مراد الزمخشري أن كلا من الفتح والكسر يقتضي بظاهره اعتبار شئ ثالث يساويانه أو يساويهما وان اكتفى بمساواة كل واحدة منهما صاحبتها صح الفتح والكسر فليتأمل والله تعالى أعلم قوله عن الحسن والحسين أي ذبح عنهما وسيجئ بيان ما ذبح قوله قال في الغلام عقيقة كلمة في بمعنى مع كما في بعض الروايات وكون العقيقة مع الغلام أنه سبب لها وأميطوا أزيلوا بحلق رأسه وقيل هو نهى عما كانوا يفعلونه من تلطيخ
[ 165 ]
رأس المولود بالدم وقيل المراد الختان قوله (في الغلام شاتان أي في عقيقة الغلام تجزئ شاتان قوله على الغلام كلمة على بمعنى في كما تقدم ويحتمل أن المراد على أب الغلام أو لما كان الغلام سببا لوجوب العقيقة جعل كان العقيقة واجبة عليه وعلى الوجهين فلا يستقيم الا على مذهب من يقول بوجوب العقيقة بل بوجوب الشاتين في عقيقة الغلام والجمهور على خلافه والله تعالى أعلم ذكرانا كن
[ 166 ]
أي شياه العقيقة قوله بكبشين كبشين أي عن كل واحد بكبشين ولذلك كرر ويحتمل أن التكرير للتأكيد والكبشان عن الاثنين على أن كل واحد عق عنه بكبش قوله كل غلام أريد به مطلق المولود ذكرا كان أو أنثى رهين أي مرهون وللناس فيه كلام فعن أحمد هذا في الشفاعة يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلا لم يشفع في والديه وفي النهاية أن العقيقة لازمة له لا بد منها فشبه الملود في لزومها له وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن وقال التوربشتي أي انه كالشئ المرهون لا يتم الانتفاع به دون فكه والنعمة انما تتم على المنعم عليه بقيامه بالشكر ووظيفته والشكر في هذه النعمة ما سنه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهو أن يعق عن المولد شكرا لله تعالى وطلبا لسلامة المولد ويحتمل أنه أراد بذلك أن سلامة المولود ونشوه على النعت المحمود رهينة بالعقيقة وههنا بسط ذكرناه في حاشية أبي داود قوله سمعته من سمرة قيل لم يسمع الحسن عن سمرة الا هذا الحديث وبقية أحاديث الحسن عن سمرة مرسلة والله تعالى أعلم
[ 167 ]
كتاب الفرع والعتيرة قوله لا فرع بفتحتين هو أول ما تلده الناقة فكانوا يذبحونه لآلهتهم فنهى الرجل عنه ولا عتيرة شاة تذبح في رجب قيل كان الفرع والعتيرة في الجاهية ويفعلهما المسلمون في أول الاسلام ثم نسخ وقيل المشهور أنه لا كراهة فيهما ثم هما مستحبان والمراد بلا فرع ولا عتيرة نفى وجوبهما أو نفى التقرب بالاراقة كالاضحية وأما التقرب باللحم وتفرقته على المساكين فبر وصدقة قوله نهى لعله من بعض الرواة لزعمه أن المراد بالنفي النهي على أنه من قبيل قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق فعبر بالنهي
[ 168 ]
لقصد النقل بالمعنى والله تعالى أعلم قوله ان على كل بيت الخ ظاهره الوجوب لكنهم حملوه على الندب المؤكد يعتر كيضرب أي يذبح قوله حق قال الشافعي معناه أنه ليس بباطل وقد جاء على وفق كلام السائل ولا يعارضه حديث لا فرع ولا عتيرة فإنه معناه أنهما ليسا بواجبين بكرا بفتح فسكون هو الفتى من الابل بمنزلة الغلام من الناس خير أي فهو خير والجملة جزاء الشرط من أن تذبحه أي حين يولد كما كان عادتهم بوبره بفتحتين أي بصوفه لكونه قليلا غير سمين فتكفأ كتمنع آخره همزة أي تقلبه وتكبه يريد أنك إذا ذبحته حين يولد يذهب اللبن فصار كأنك
[ 169 ]
كفأت اناءك أي المحلب وتوله بتشديد اللام أي تفجعها بولدها قوله ومن شاء فرع من التفريع أي ذبح الفرع قوله اذبحوا لله أي اذبحوا ان شئتم واجعلوا لذبح في رجب وغيره سواء كذا
[ 170 ]
ذكره البيهقي في سننه يريد أن الامر للندب دون الوجوب قوله نفرع من أفرع أو فرع بالتشديد تغذوه أي تعلفه ماشيتك فاعل تغذوه ويحتمل أن يكون تغذوه للخطاب وماشيتك منصوب بتقدير مثل ما شيتك أو مع ماشيتك استجمل بالجيم أي صار جملا أو بالحاء أي قوى للحمل قوله وان هذه الايام أي أيام الاضحية
[ 171 ]
قوله باهابها قيل الاهاب الجلد مطلقا وقيل إنما يقال له الاهاب قبل الدبغ لا بعده ولا يخفى أن
[ 172 ]
المراد ههنا الجلد مطلقا فهو مجاز على الثاني إنما حرم الله من التحريم أكلها ظاهره أن ما عدا المأكول من أجزاء الميتة غير محرم الانتفاع به كالشعر والسن والقرن ونحوها قالوا لا حياة فيها فلا ينجس بموت الحيوان قوله كأن أعطاها أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إنما حرم أكلها على بناء المفعول من التحريم أو على بناء الفاعل بفتح فضم من الحرمة قوله ألا دفعتم اهابها هكذا في نسختنا من الدفع بالفاء والعين المهملة أي أخذتموه وبعدتموه من اللحم بالنزع عنه والاقرب دبغتم
[ 173 ]
بالباء والغين المعجمة والله تعالى أعلم قوله مسكها بفتح ميم فسكون أي جلدها شنا بفتح فتشديد أي عتيقا قوله أيما اهاب دبغ بعمومه يشمل جلد مأكول اللحم وغيره وبه أخذ كثير قوله الدباغ طهور بفتح الطاء قوله عن سلمة بن المحبق هو بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد
[ 174 ]
الباء المكسورة والقاف وأصحاب الحديث يفتحون الباء قوله ميتة صفة لقربة على حذف المضاف أي جلد ميتة قوله ذكاة الميتة أي ذكاة جلود الميتة
[ 175 ]
قوله مثل الحصان بكسر الحاء الفرس الكريم الذكر لو أخذتم اهابها قيل كلمة لو للتمني بمعنى ليت وقيل كلمة شرط حذف جوابها أي لكان حسنا يطهرها الماء والقرظ بفتحتين ورق يدبغ به ظاهره وجوب استعمال الماء في أثناء الدباغ قيل وهو أحد قولي الشافعي والله تعالى أعلم قوله أن لا تنتفعوا الخ قيل هذا الحديث ناسخ للاخبار السابقة لانه كان قبل الموت شهر فصار متأخرا والجمهور على خلافه لانه لا يقاوم تلك الاحاديث صحة واشتهارا وجمع كثير بين هذا الحديث والاحاديث السابقة بأن الاهاب اسم لغير المدبوغ فلا معارضة بين هذا الحديث والاحاديث السابقة أصلا والله تعالى أعلم
[ 176 ]
قوله أمر أي أذن ورخص أن يستمتع على بناء المفعول قوله نهى عن جلود السباع قيل قبل الدباغ أو مطلقا ان قيل بعدم طهارة الشعر بالدبغ كما هو مذهب الشافعي وان قيل بطهارته فالنهي لكونها من دأب الجبابرة وعمل المترفهين والله تعالى أعلم قوله عن الحرير والذهب أي عن استعمالهما للرجل واطلاقه يشمل استعمال الحرير بالفرش وقد جاء عنه النهي صريحا في صحيح البخاري ومياثر النمور أي عن أن تفرش جلودها على السرج والرحال للجلوس عليها لما فيه من التكبر أو لانه زي
[ 177 ]
العجم أو لان الشعر نجس لا يقبل الدباغ قوله عن لبوس بضم اللام مصدر لبس بكسر الباء قوله ويستصبح بها الناس أي ينورون به مصابيحهم هو حرام أي بيع الشحوم أو الانتفاع بها قاتل أي لعنهم أو قتلهم وصيغة المفاعلة للمبالغة جملوه في القاموس جمل الشحم وأجمله أذابه أي استخرجوا دهنه قال الخطابي معناه أذابوها حتى تصير ودكا فيزول عنها اسم الشحم وفي هذا ابطال كل حيلة يتوصل بها إلى محرم وأنه لا يتغير حكمه بتغيير هيئته وتبديل اسمه
[ 178 ]
قوله ألقوها وما حولها أي إذا كان جامدا كما في حديث أبي هريرة وكلوه أي الباقي قيل وما حولها
[ 179 ]
يدل على أنه جامد إذ لو كان مائعا لما كان له حول يعني فلا حاجة إلى قيد زائد في الكلام وستعرف في الرواية الآتية أن هذه الواقعة كانت في الجامد والمراد بما حولها ما يظهر وصول الاثر إليه ففيه تفويض إلى نظر المكلف في املاله قوله فليمقله المقل الغمس والغوص في الماء والمراد فليدخله في ذلك الاناء ولا يخفى أن ذلك قد يؤدي إلى الموت فدل الحديث على أن ما لادم فيه موته لا ينجس الماء وغيره والا لما أمر الغمس خوفا من تنجس الطعام ونحوه كتاب الصيد والذبائح قوله وان أدركته أي الكلب أو الصيد لم يقتل أي الكلب الصيد والجملة حال فاذبح أي الصيد أي ان أردت أكله واذكر اسم الله أي لا تكتف بالتسمية عند إرسال الكلب عليك
[ 180 ]
أي لاجلك فلا تطعم أي فلا تأكل وبه اخذ الجمهور خلافا لمالك فإنما أمسك على نفسه أي لاجل نفسه لا لك وشرط الحل أن يمسك عليك كما في الكتاب والاصل التحريم أيها أي أي تلك الكلاب قتل أي فيحتمل أنه قتله كلب آخر غير كلبك وحينئذ لا يحل لعدم التسمية عند إرساله قوله عن صيد المعراض بكسر ميم وسكون عين آخره ضاد معجمة خشبة ثقيلة أو عصا في طرفها حديدة أو سهم لا ريش له بحده بأن نفذ في اللحم وقطع شيئا من الجلد بعرضه هو بفتح العين أي بغير المحدد منه وقيذ بالذال المعجمة فعيل بمعنى مفعول أي حرام لعد الله تعالى المقوذة من المحرمات والوقيذ والموقوذ المقتول بغير محدد من عصا أو حجر أو غيرهما فلا تأكل فإنك الخ هذا وأمثاله ظاهر في ان متروك التسمية في الصيد حرام والله تعالى أعلم وبالتعليل المذكور في الحديث يتبين أن الحرمة إذا كان الكلب الآخر أرسل بلا تسمية وأما إذا أرسل بتسمية فيحل والله تعالى أعلم
[ 181 ]
قوله فاذكر اسم الله عليه أي عند الرمي لا عند الاكل كما هو المتبادر فأدركت ذكاته أي أدركته حيا
[ 182 ]
فذبحته قوله ان خزق بخاء وزاي معجمتين أي جرح ونفذ وقتل بحده وقطع شيئا من الجلد
[ 184 ]
قوله لكنا لا ندخل أي الملائكة والمراد طائفة منهم والا فالحفظة يدخولن كل بيت ولا صورة أي صورة ذي روح أمر بقتل الكلاب ثم نسخ الامر كما جاء صريحا قوله رضي الله تعالى عنهما غير ما استثنى منها
[ 185 ]
أي غير الكلاب المعلومة بالستثناء وسيجئ قوله لولا أن الكلاب أمة من الامم أي أمة خلقت لمنافع أو أمة تسبح وهو إشارة إلى قوله وما من دابة في الارض إلى قوله الا أمم أمثالكم في الدلالة على الصانع والتسبيح له قال الخطابي انه كره افناء أمة من الامم بحيث لا تبقى منها باقية لانه ما خلق الله عزوجل خلقا الا وفيه نوع من حكمة أي إذا كان الامر على هذا فلا سبيل إلى قتل كلهن فاقتلوا أشرارهن وهن السود البهيم الاسود الخالص أي وأبقوا ما سواها لتنتفعوا بها في الحراسة ويقال أن السود من الكلاب شرارها قيراط هو مقدار محدود عند الله قوله ولا جنب أي من يتهاون في الاغتسال
[ 186 ]
وقد سبق الحديث في كتاب الطهارة قوله أصبح يوما واجما مهتما وهو من أسكته الهم وعلته الكآبة من وجم يجم لقد استنكرت هيئتك أي أراها متغيرة فيثقل على ذلك قوله أما والله ما أخلفني أي قبل هذا قط أو ليس هذا منه اخلاف الوعد بل لا بد أن وعده كان مقيدا بأمر قد فقد ذلك الامر والا فلا يتصور منه خلاف في الوعد جرو كلب أي كلب صغير تحت نضد بالتحريك السرير الذي ينضد عليه الثياب أي يجعل بعضها فوق بعض ولكنا لا ندخل الخ
[ 187 ]
أي وكان الوعد مقيدا بعدم المانع فما أخلفت الوعد والله تعالى أعلم قوله من اقتنى أي اتخذ نقص يحتمل بناء الفاعل أو المفعول بناء على أنه جاء لازما ومتعديا قيراطان لعل الاختلاف حسب اختلاف الزمان فأولا شدد في أمر الكلاب حتى أمر بقتله ثم نسخ القتل وبين أنه ينقص من الاجر قيراطان ثم خفف من ذلك إلى قيراط والله تعالى أعلم الا ضاريا أي كلبا ضاريا أي معلما أو صاحب ماشية أي كلبا اتخذ للماشية أو المراد الا ضاريا أي رجلا صائدا والله تعالى أعلم قوله
[ 188 ]
سفيان بن أبي زهير الشنائي بفتح الشين المعجمة والنون وهمزة مكسورة نسبة إلى أزد شنؤة ويقال فيه الشنوئي بضم النون على الاصل قوله لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا المراد بالضرع ههنا الماشية
[ 189 ]
قوله عن ثمن الكلب ظاهره حرمة بيعة وعليه الجمهور ولعل من لا يقول به يحمله على أنه كان حين كان الامر بقتله وقد علم نسخه والله تعالى أعلم قوله ومهر البغي هو ما تأخذه الزانية على الزنا سمى
[ 190 ]
مهرا لكونه على صورته والبغي الزانية وأصله بغوى على وزن صبور فذلك استوى فيه التذكير والتأنيث وحلوان الكاهن بضم الحاء وسكون اللام مصدر حلوته إذا أعطيته والمراد ما يعطى على كهانته قال أبو عبيد وأصله من الحلاوة شبه ما يعطي الكاهن بشئ حلو لاخذه إياه سهلا دون كلفة يقال حلوت الرجل إذا أطعمته الحلو ويقال للرشوة حلوان قوله وكسب الحجام ظاهره التحريم وقد جاء تخصيصه بالاحرار دون العبيد وبه يقول أحمد والجمهور على أنه للتنزيه والله تعالى أعلم قوله عن ثمن السنور والكلب قيل الاول للتنزيه والثاني للتحريم والحديث صحيح رواه مسلم وقد حمله بعض
[ 191 ]
أهل العلم على الهر إذا توحش فلم يقدر على تسليمه وزعم بعض النهي كان في ابتداء الاسلام ثم نسخ ولا دليل على القولين وما عن عطاء من أنه لا بأس بثمن السنور لا يصلح معارضا للحديث كذا ذكره البيهقي الا كلب صيد قيل أخذ قوم بهذا الاستثناء فأجازوا بيع كلب الصيد والجمهور على المنع وأجابوا بأن الحديث ضعيف باتفاق أئمة الحديث قلت لعل المراد الاستثناء والا فالحديث ورآه مسلم في صحيحه بلا استثناء قوله مكلبة بفتح اللام المشددة أي معلمة فاقتني من الاقناء أو تجده قد صل بتشديد اللام أي ما لم ينتن ولم يتغير ريحه يقال صل اللحم وأصل لغتان وهذا على سبيل الاستحباب والا فالنتن لا يحرم وقد جاء أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أكل ما تغير ريحه ولعله أكل تعليما
[ 192 ]
للجواز قوله في ذي الحليفة من تهامة أي ليس هو الميقات المشهور في أخريات القوم أي في الجماعات المتأخرة منهم فدفع على بناء المفعول أي جاء سريعا كأنه مدفوع إليهم فأكفئت بضم الهمزة وكسر الفاء آخره همزة أي قلبت وأريق ما فيها ند بتشديد الدال أي شرد ونفر فأعياهم أي أعجزهم ان لهذه البهائم في هذه البهائم أوابد أي التي تتوحش وتنفر والحديث يدل على أن ما توحش منها فحكمه حكم الصيد وبه يقول الجمهور قوله ولا تدري الماء قتله الخ يفيد أن الاصل في الصيد الحرمة فإذا حصل الشك يكون حراما كما هو الاصل
[ 194 ]
قوله الا أن ينتن من أنتن إذا صار ذا نتن وقد سبق أن الاستثناء محمول على التنزيه دن التحريم والله تعالى أعلم قوله بالمروة بفتح ميم وسكون راء حجر أبيض براق يجعل منه كالسكين قوله فخزق
[ 195 ]
بخاء وزاي معجمتين أي جرح قوله جفا أي غلظ طبعه لقلة مخالطة العلماء ولا يعتاد تحمل الاذى من الناس فيتغير خلقه بأدنى أمر غفل بضم الفاء كذا ذكره السيوطي في حاشية الكتاب والمشهور أنه من باب نصر وصرح في المجمع أي يستولي عليه حبه حتى يصير غافلا عن غيره
[ 196 ]
افتتن ضبطه السيوطي في حاشية أبي داود بالبناء للمفعول وقال المراد ذهاب الدين وقال في حاشية الكتاب أي أصابته فتنة وكلام الصحاح يفيد جواز البناء للفاعل أيضا وفي المجمع افتتن لانه ان وافقه فيما يأتي ويذر فقد خاطر بدينه وان خالفه خاطر بروحه وهذا لمن دخل مداهنة ومن دخل آمرا وناهيا وناصحا كان دخوله أفضل قلت إذا دخل كذلك فقد خاطر بروحه كما لا يخفى والله تعالى أعلم قوله يوم القاحة بالقاف وحاء مهملة وصحف من رواه بالفاء موضع بين مكة والمدينة على ثلاث مراحل منها رأيتها تدمي مضارع رمى كرضى أي تحيض فكان الظاهر أنها ماضي يكون وجعلها بعضهم من أخوات ان وكأنهم زعموا
[ 197 ]
أنه لا فائدة في كان ههنا وعلى هذا ينبغي أن يجعل كان للظن لا للتشبيه إذ لا يظهر له وجه فليتأمل قوله أنفجنا هو بنون وفاء وجيم من الانفاج وهو التهيج والاثارة فقبله أي فالقبول دليل الحل قوله بمروة بفتح ميم حجر أبيض يجعل منه كالسكين قوله لا آكله للكراهة طبعا لا دينا ولا أحرمه وهذا صريح في أنه حلال لكنه مستقذر طبعا لا يوافق كل ذي طبع شريف فلذلك من يقول بحرمته يقول كان هذا قبل نزول قوله تعالى ويحرم عليهم الخبائث وبعد نزوله حرم الخبائث والضب من جملته لانه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يستقذره والله تعالى أعلم
[ 198 ]
قوله فقرب على بناء المفعول من التقريب فأهوى مد وأمال يتناول منه أعافه بفتح الهمزة
[ 199 ]
أي أكرهه قوله أقطا بتفح فكسر وأضبا بفتح وضم جمع ضب تقذرا أي كراهة طبعا لا دينا لانه صلى الله تعالى عليه وسلم ذكر في وجه الكراهة أنه لم يكن بأرض قومي والله تعالى أعلم قوله الله عز وجلعن أكل الضباب بالكسر جمع ضب ولا آمر بأكلهن أي لا أرخص في أكلهن قوله مسخت دواب يحتمل أنه قال ذلك قبل العلم بأن الممسوخ لا يعيش أكثر من ثلاثة أيام أو امتنع بمجرد المجانسة للممسوخ والحاصل أن حديث ان الممسوخ لا يبقى أكثر من ثلاثة أيام صحيح وهذا الحديث غير صريح في البقاء كما لا يخفى وعلى تقدير أنه يقتضي البقاء يجب حمله على أنه قبل العلم
[ 200 ]
والله تعالى أعلم قوله أذن في كل ذي ناب كالاسد والذئب والكلب وأمثالها مما يعدو على الناس بأنيابه
[ 201 ]
والناب السن الذي خلف الرباعية قوله رضي الله تعالى عنهلا تحل النهي بضم نون وسكون هاء مقصور هو المال المنهوب والمراد المأخوذ من المسلم أو الذمي أو المستأمن قهرا لا المأخوذ من أهل الحرب قهرا فإنه حلال ولا تحل المجثمة بضم ميم وفتح المثلثة الحيوانات التي تنصب وترمى لتقتل أي تحبس وتجعل هدفا وترمى بالنبل والمراد أنها ميتة لا يحل اكلها وفعل التجثيم حرام جاء عنه النهي أيضا قوله وأذن في الخيل يدل على حل لحوم الخيل وعليه الجمهور قوله أطعمنا أي أباح لنا وأذن لنا في أكلها
[ 202 ]
قوله عز وجللا يحل أكل الخ اتفق العلماء على أنه حديث ضعيف ذكره النووي وذكر بعضهم أنه منسوخ وقال بعضهم لو ثبت لا يعارض حديث جابر وفي الكبرى ما نصه قال أبو عبد الرحمن الذي قبل هذا
[ 203 ]
الحديث أصح ويشبه أن يكون هذا ان كان صحيحا أن يكون منسوخا لان قوله أكل لحوم الخيل دليل على ذلك يريد أن الاذن ينبئ عن منع سابق وهذا غير لازم لكن قد يتبادر إلى الاوهام وفيه نوع تأييد للنسخ والله تعالى أعلم قوله الانسية المشهور كسر الهمزة وسكون النون نسبة إلى الانس المقابل للجن والمراد الاهلية وفيه وجوه أخر تقدمت قوله نضيجا أي مطبوخا ونيئا بكسر نون وسكون ياء مثناة وبهمزة وقد تبدل الهمزة ياء وتدغم فبقال نيا بياء مشددة أي غير مطبوخ فأكفئوا القدور بقطع همزة وكسر فاء وبوصلها وفتح فاء لغتان يقال كفيت الاناء وأكفأته بهمزة في آخره
[ 204 ]
إذا كببته أي اقلبوا القدور وأريقوا ما فيها قلت والمناسب ههنا قطع الهمزة كقوله فأكفأناها قوله صبح بالتشديد ومعهم المساحي جمع مسحاة وهي آلة من حديد وميمه زائدة من السحو بمعنى الكشف والازالة والخميس أي الجيش يسعون يسرعون في المشي إلى الحصن ينهاكم ضميره للرسول وذكر الله للتبرك وتعظيم أمر الرسول أو لله فإنه الحاكم والرسول مبلغ وعلى هذا لو قدر الرسول خبر أي ورسوله يبلغكم كان أظهر ويحتمل رجع الضمير لكل واحد رجس أي نجس هذا صريح في أن النهي للحرمة حمرا بضمتين جمع حمار لمن شهد التخصيص ربما يشعر بأن
[ 205 ]
الكفار غير مكلفين بالفروع ومن يقول بالتكليف يحمله على عدم التخصيص لان من شهد هو المنتفع بالاحكام قوله لحوم الخيل والوحش كأنه أخذ من إطلاق الوحش جواز لحم الحمار الوحشي لكن الاطلاق في الحكاية غير معتبر فليتأمل قوله ببعض أثايا الروحاء في القاموس الاثاية بالضم ويثلث موضع بين الحرمين فيه مسجد نبوي أو ببردون العرج عليها مسجد للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم والظاهر أن أثايا جمع أثاية لتغليب أثاية على المواضع التي بقربها والله تعالى أعلم وقوله شأنكم بالنصب أي خذوا شأنكم
[ 206 ]
هذا الحمار بالرفع أي بين يديكم فافعلوا فيه ما شئتم أو شأنكم بالرفع مبتدأ أي أمركم المطلوب هذا الحمار وهو لكم قوله أتى بدجاجة في القاموس الدجاجة معروفة للذكر والانثى ويثلث أن لا آكله أي هذا النوع من الطيور قوله فلم يدن أي لم يقرب ذلك الطعام قوله عن كل ذي مخلب من الطير بكسر الميم وفتح اللام كالنسر والصقر والبازي ونحوها مما يصطاد
[ 207 ]
من الطيور بمخلبها والمخلب للطير بمنزلة الظفر من الانسان قوله عصفورا اسم طائر قوله وأين تقع التمرة أي أي نفع لها في بطن الرجل لقد وجدنا فقدها أي فعرفنا بذلك نفعها حين فقدناها ولهذا اشتهر أن الاشياء تعرف باضدادها قوله بسم الله الرحمن الرحيم نرصد عير قريش من رصد إذا قعد له على طريقه
[ 208 ]
رقيبا من باب نصر أكلنا الخبط بفتحتين الورق أي ورق الاشجار فثابت أجسامنا أي رجعت إلى الحالة الاولى ضلعا بكسر معجمة وفتح لام وقد تسكن واحدة الاضلاع ثلاث جزائر جمع جزور والقصة مذكورة ههنا على غير ترتيبها فكلمة ثم لتراخي الاخبار وكذا الفاء في قوله فأخرجنا من عينيه الخ لتعقيب الاخبار والله تعالى أعلم قلة من ودك القلة بضم القاف وتشديد اللام جرة معلومة في حجاج عينيه بتقديم الحاء المهملة المكسورة والمفتوحة على الجيم المخفقة عظم مستدير
[ 209 ]
حول العين جراب بكسر الجيم قوله وبضعة بكسر الباء وقد تفتح ما بين الثلاث إلى التسع أو الواحد إلى العشر وزودنا بتشديد الواو أي جعل زادنا عطف على بعثنا فأعطانا أي أبو عبيدة فلما أن جزناه من الجواز بالجيم بمعنى القطع أي قطعنا غالبه بأكله لنخبط الخبط أي نضرب الاوراق لتسقط والخبط ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها بعلف الابل ونحوه والخبط بالحركة الورق وشيقة بفتح الواو وكسر الشين المعجمة وقاف هي أن يأخذ اللحم فيغلى قليلا ولا ينضج ويحمل في الاسفار وقيل هي القديد من أباعر جمع بعير عيرات قريش جمع عير يريد إبلهم ودوابهم التي كانوا يتاجرون عليها كذا ذكره السيوطي وفي القاموس جمعه عيرات كعنبات وقد
[ 210 ]
تسكن قوله ضفدعا بكسر الضاد والدال أو بفتح الدال عن قتله أي عن التداوي به لان التداوي به يتوقف على القتل فإذا حرم القتل حرم التداوي به أيضا وذلك اما لانه نجس أو لانه مستقذر والمتبادر انه حرام لا يجوز ذبحه وأكله والله تعالى اعلم قوله بقرية النمل أي بمساكنها وبيوتها
[ 211 ]
قوله فأحرقت على بناء المفعول من الاحراق وظاهر الحديث يفيد ان الاحراق كان جائزا في شريعة ذلك النبي فلذلك ما عاتب الله تعالى عليه بالاحراق وإنما عاتب عليه بالزيادة على الواحدة التي قرصت وهو غير جائز في شريعتنا فلا يجوز احراق التي قرصت أيضا وأما قتل المؤذي فجائز أن قد الخ هو بتقدير اللام متعلق بأهلكت تسبح إشارة إلى أن الامة مطلوبة البقاء ولو لم يكن فيها البقاء ولو لم يكن فيها فائدة الا التسبيح لكفى داعيا إلى ابقائها (0) كتاب الضحايا فيها أربع لغات أضحية بضم الهمزة وكسرها وجمعها الاضاحي بتشديد الياء وتخفيفها واللغة الثالثة ضحية وجمعها ضحايا كعطية وعطايا والرابعة أضحاة بفتح الهمزة والجمع أضحى كارطاة وأرطى وبها سمى يوم الاضحى قوله فلا يؤخذ من شعره الخ حمله الجمهور على التنزيه قيل الحكمة فيه أن يبقى كامل
[ 212 ]
الاجزاء للعتق من النار وقيل التشبيه بالمحرم والله تعالى أعلم قوله فلا يقلم يقال قلم الظفر كضرب وقلم بالتشديد أي قطعه والتشديد للمبالغة والتخفيف ههنا أولى فافهم قوله فقال ألا يعتزل النساء كأنه زعمه من قول سعيد ولم يبلغه الرفع وزعم ان مقصوده التشبيه بالمحرم فاعترض بأن اللائق حينئذ
[ 213 ]
ترك النساء والطيب أيضا قوله قال لرجل أمرت ظاهر السوق أنه على بناء المفعول للخطاب أو بناء الفاعل للمتكلم أي أمرتك أو أمرت الناس ويحتمل أنه على بناء المفعول للمتكلم والمعنى أمرت بالتضحية في يوم الاضحى حال كونه عيدا أو يوم الاضحى أن اتخذه عيدا والمعنى الاول أقرب إلى قول الرجل الا منيحة أنثى أصل المنيحة ما يعطيه الرجل غيره ليشرب لبنها ثم يردها عليه ثم يقع على كل شاة لان من شأنها أن تمنح بها وهو المراد ههنا وإنما منعه لانه لم يكن عنده غيرها ينتفع به قلت ويحتمل أن المراد ههنا ما أعطاه غيره ليشرب اللبن ومنعه لانه ملك الغير وقول الرجل لزعمه ان المنحة لا ترد ولذلك قال صلى الله تعالى عليه وسلم المنحة مردودة والله تعالى أعلم ولكن تأخذ الخ كأنه أرشده إلى أن يشارك المسلمين في العيد والسرورو وإزالة الوسخ فذاك يكفيه إذا لم يجد الاضحية والله تعالى أعلم وتقلم التشديد أنسب ههنا تمام أضحيتك أي هو ما يتم به أضحيتك بمعنى أنه يكتب لك به أضحية تامة لا بمعنى ان لك أضحية ناقصة ان لم تفعل ذلك وان فعلته تصير تامة والله تعالى أعلم قوله بالمصلى ليرغب الناس فيه
[ 214 ]
قوله إذا لم ينحر أي البعير يذبح أي الشاة ونحوها قوله فليذبح شاة مكانها أي لعدم أجزاء ما تقدم على الصلاة قوله لا يجزن من الجواز العوراء بالمد تأنيث الاعور البين عورها بفتحتين ذهاب بصر إحدى العينين أي العوراء عورها يكون ظاهرا بينا ظلعها المشهور على ألسنة أهل الحديث فتح الظاء واللام وضبطه أهل اللغة بفتح الظاء وسكون اللام وهو العرج قلت كأن أهل الحديث راعوا مشاكلة العور والمرض والله تعالى أعلم والكسيرة فسر بالمنكسرة الرجل
[ 215 ]
التي لا تقدر على المشي فعيل بمعنى مفعول وفي رواية الترمذي وبعض روايات المصنف كما سيجئ بدلها العجفاء وهي المهزولة وهذه الرواية أظهر معنى لا تنقى من أنقى إذا صار ذا نقى أي مخ فالمعنى التي ما بقي لها مخ من غاية العجف قوله ولا تحرمه على أحد من التحريم والمراد لا تقل أنها
[ 216 ]
لا تجوز عن أحد والا فلا يتصور التحريم فليتأمل قوله أن نستشرف العين والاذن أي نبحث عنهما وتتأمل في حالهما لئلا يكون فيهما عيب قال السيوطي في حاشية الترمذي اختلف في المراد به هل هو من التأمل والنظر من قولهم استشرف إذا نظر من مكان مرتفع فإنه أمكن في النظر والتأمل أو هو تحرى الاشرف بأن لا يكون في عينه أو أذنه نقص وقيل المراد به غير العضوين المذكورين لانه يدل على كونه أصلا في جنسه قال الجوهري أذن شرفاء أي طويلة والقول الاول هو المشهور وأن لا نضحي بتشديد الحاء ولا مقابلة بفتح الباء وكذا مدابرة الاولى هي التي قطع مقدم أذنها والثانية هي التي قطع مؤخر أذنها والشرقاء مشقوقة الاذن والخرقاء التي في أذنها ثقب مستدير وفي رواية ولا بتراء أي مقطوعة الذنب وفي بعضها جذعاء من الجذع وهو قطع الانف أو الاذن أو الشفة وهو بالانف أخص فإذا أطلق غلب عليه
[ 218 ]
قوله بأعضب القرن هي المكسورة القرن قوله الا مسنة اسم فاعل من أسنت إذا طلع سنها وذلك بعد السنتين لا من أسن الرجل إذا كبر جذعة بفتحتين قيل هي من الضأن ما تم له سنة وقيل دون ذلك قوله عتود بفتح فضم وهو الذي قوى على الرعي واستقل بنفسه عن الام
[ 219 ]
قوله فحضر الاضحى الخ الحديث يدل على أن المسافر يضحي كالمقيم يوفى من أوفى إذا أعطى الحق وافيا والمراد يجزئ ويكفى والثنى هو المسن
[ 220 ]
قوله أملحين قال العراقي في الاملح خمسة أقوال أصحها أنه الذي فيه بياض وسواد وبياضه أكثر وقيل هو الابيض الخالص وقيل هو الذي فيه بياض وسواد وقيل هو الاسود تعلوه حمرة قلت وهذه الاربعة قوله أقرنين الاقرن الذي له قرنان معتدلان ذكره السيوطي على صفاحهما أي على صفحة العنق منهما وهي جانبه فعل ذلك ليكون أثبت وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها فتمنعه من إكمال الذبح أو تؤذية كذا ذكروا قوله وانكفأ أي مال ورجع قوله والى جذيعة هكذا في نسختنا بالذال المعجمة وكتب على الذال علامة التصحيح والذي في النهاية وغيرها من كتب الغريب بالجيم والزاي مصغرا هي القطعة من الغنم تصغير جزعة بالكسر وهو القليل من الشئ وبالتصغير ضبطه الجوهري وضبطه بن فارس بفتح جيم وكسر زاي وقال هي القطعة من الغنم كأنها فعيلة بمعنى مفعولة
[ 221 ]
وما سمعناها في الحديث الا مصغرة والله تعالى أعلم قوله أقرن أي ذي قرنين فحيل بفتح الفاء وكسر الحاء المهملة أي كامل الخلقة لم تقطع أنثياه ولا اختلاف بين هذه الرواية وبين الرواية التي بخلافها لحملهما على حالين وكل منهما فيه صفة مرغوبة فإن ما قطع منه أنثياه يكون أسمن وأطيب لحما والفحيل أتم خلقه يمشي في سواد أي في رجليه سواد ويأكل في سواد أي في بطنه سواد وينظر في سواد أي حول عينيه سواد وباقيه أبيض وهو أجمل قوله عشرا من الشاء ببعير فهذا يدل على ان البعير الواحد بمنزلة عشر من الشاء وعشر من الشاء تجزئ في الاضحية عن عشرة فكذا البعير الواحد ثم حديث بن عباس صريح في ذلك قال المظهر في شرح المصابيح عمل بهذا الحديث إسحاق بن راهويه وقال غيره أنه منسوخ قلت أخذوا بحديث بن عمر والجزور عن سبعة والله تعالى أعلم قوله
[ 222 ]
ونشترك فيها بجواز الشركة يقول الجمهور خلافا لمالك قوله من وجه بتشديد الجيم أي وجه وجهه والمراد استقبل والمراد أن يكون معنا في هذه الامور أعد ذبحا بكسر الذال اسم لما يذبح وبالفتح مصدر والوجهان جائزان ههنا عناق لبن بفتح المهملة أنثى من أولاد المعز دون المسنة والاضافة إلى اللبن اما للدلالة على أنها صغيرة ترضع اللبن أو للدلالة على أنها سمينة أعدت للبن هي أحب أي أطيب وأنفع لسمنها فانها خير نسيكتيك أي خير ذبيحتك حيث تجزئ عن الاضحية
[ 223 ]
بخلاف الاولى قوله عناق جذعة قال الكرماني هي صفة للعناق ولا يقال عناقة لانه موضوع للانثى من ولد المعز فلا حاجة إلى الثاء الفارقة بين المذكر والمؤنث ولن تجزى بفتح التاء وسكون الجيم بلا همز أي تقضى قاله الجوهري قال بنو تميم يقولون أجزأت عنك شاة بالهمز فعلى هذا يجوز ضم التاء ويهما قرئ لا تجزى نفس عن أحد بعدك قال الكرماني هذا من خصائص أبي بردة كما
[ 224 ]
أن قيام شهادة خزيمة مقام الشهادتين من خصائص خزيمة ومثله كثير كذا ذكره السيوطي قلت قد ذكروا أن للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يخص البعض بحكم والله تعالى أعلم قوله فليعد ظاهره وجوب الاضحية ومن يقول به يحمله على أن المقصود بالبيان أن السنة لا تتأدى بالاولى بل يحتاج إلى الثانية فالمراد فليعد لتحصيل سنة الاضحية ان أرادها فذكر هنة بفتحتين تأنيث هن ويكون كناية عن كل اسم جنس وهذا معنى قول من قال يعبر بها عن كل شئ والمراد ههنا الحاجة أي فذكر أنهم
[ 225 ]
فقراء محتاجون إلى اللحم قوله إني اصدت أصله اصطدت كما في بعض النسخ قلبت الطاء صادا وأدغمت بمروة بفتح فسكون أي بحجر أبيض قوله نيب بتشديد الياء أنشب أنيابه فيها والناب سن خلف الرباعية قوله أنهر الدم من أنهر أي أجرى قال السيوطي الانهار الاسالة
[ 226 ]
والصب بكثرة شبه خروج الدم من موضع الذبح بجري الماء في النهر قوله فعرض لها على بناء المفعول أي عرض لها عارض قوله الا بسن أو ظفر استثناء مما يفهم من الكلام السابق أي فاذبح بكل آلة تنهر الدم الا بسن أو ظفر فلا تذبح بهما قوله ما أنهر الدم الظاهر أن المراد بكلمة ما هي الآلة أي كل آلة أنهرت الدم وذكر اسم الله على ذبيحتها فكلوا ذبيحتها ما لم تكن تلك الآلة سنا أو ظفرا وجملة وذكر اسم الله يحتمل العطف والحالية فعظم صريح في أن العلة كونه عظما فكل ما صدق اسم العظم عليه لا تجوز الذكاة به وفيه اختلاف بين العلماء فمدى الحبشة بضم الميم مقصورا
[ 227 ]
جمع مدية بضم ميم وكسرها وقيل بتثليث الميم وسكون الدال السكين والمراد أن الحبشة كفار فلا يجوز التشبه بهم فيما هو من شعارهم قوله ان الله كتب الاحسان على كل شئ أي أوجب عليكم الاحسان في كل شئ فكلمة على بمعنى في ومتعلق الكتابة محذوف والمراد بالايجاب الندب المؤكد فأحسنوا القتلة بكسر القاف للنوع واحسان القتلة أن لا يمثل ولا يزيد في الضرب بأن يبدأ بالضرب في غير المقاتل من غير حاجة ونحو ذلك الذبحة بكسر الذال وليحد من الاحداد شفرته بفتح الشين السكين العظيم أي ليجعله حادا سريع القطع وليرح من الاراحة
[ 228 ]
قوله أما تكون الهمزة للاستفهام وما نافية واللبة بفتح فتشديد موحدة سأل ان الذكاة منحصرة فيهما دائما فأجاب الا في الضرورة قوله انا لاقو العدو غدا أي فلو استعملنا السيوف في الذبائح لكلت فتعجز عن المقاتلة نهبا بفتح النون هو المنهوب وكان هذا النهب غنيمة ذكره النووي والحديث قد تقدم قريبا
[ 229 ]
قوله ليس السن كلمة ليس للاستثناء والسن بالنصب قوله وأصبنا نهبة قيل بفتح النون مصدر وبالضم اسم للمال المنهوب قوله اثنتين أي خصلتين اثنتين هما إحسان القتلة واحسان الذبحة فأحسنوا الذبح بفتح الذال
[ 232 ]
قوله يسر اليك من الاسرار قوله من آوى محدثا روى بكسر الدال أي من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه وأحال بينه وبين أن يقتص منه وبفتحها فالمراد الامر المبتدع الذي هو خلاف السنة وايواؤه الرضابة والصبر عليه فإنه إذا رضى بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه من غير منار الارض المنار جمع منارة بفتح الميم وهي العلامة تجعل بين الحدين
[ 233 ]
قوله نهى ان تؤكل أي نهى لصاحب الاضاحي عن ابقاء اللحوم إلى ما بعد ثلاث وأراد بذلك ان يتصدقوا على الفقراء وقال القاضي يحتمل أن يكون ابتداء الثلاث من يوم ذبحها ويحتمل أن يكون من يوم النحر بأن تأخر ذبحها إلى أيام التشريق قال وهذا أظهر ذكره النووي قوله ثم قال كلوا فهذا ظاهر في النسخ والذي يدل عليه النظر في أحاديث الباب ان المدار على حاجة الناس فإن رأى حاجتهم شديدة ينبغي له أن لا يدخر فوق ثلاث والا فله ذلك وعلى هذا فلا نسخ ولعل نهى على مبني على ذلك لا على عدم بلوغ النسخ إليه
[ 234 ]
قوله فاشربوا في أي وعاء شئتم صريح في نسخ ما سبق من النهي عن الدباء ونحوه وأنه لا كراهة في الشرب في تلك الظروف لان أقل مراتب الامر الاباحة والرخصة فمن أين الكراهة وهو مذهب الجمهور خلافا لمالك والله تعالى أعلم
[ 235 ]
قوله دفت بفتح دال مهملة وتشديد فاء والدافة جماعة من الاعراب جاؤوا المدينة لينالوا من لحوم الاضحى والمراد أقبلوا من البادية والدف سير سريع وتقارب في الخطا حضرة بفتح حاء مهملة وضمها وكسرها والضاد ساكنة وادخروا ثلاثا أي لا فوق ثلاث يجملون بالجيم من أجمل أو جمل كضرب ونصر والودك بتفحتين دسم اللحم أي يذيبون الشحم ويستخرجون دهنه وما ذاك أي ما سبب هذا السؤال مع ظهور أنه جائز الدافة بتشديد الفاء الجماعة التي دفعت أي أردت أن تتصدقوا على أولئك وهذا ظاهر فيما قلنا أن المدار على حاجة الناس فليتأمل قوله ان
[ 236 ]
يطعم من أطعم والغني بالرفع فاعله والفقير بالنصب مفعوله ثم قال هكذا في نسختنا والصواب قالت أي عائشة الكراع بضم الكاف معروف قوله فخبأ من خبأ بالهمزة إذا ادخر قوله دلى على بناء المفعول من التدلية أي نزلوه من القلعة إلى خارجها يتبسم وهذا تقرير منه صلى الله تعالى عليه وسلم على تناوله إذ عادة الناس في تلك الايام أكل الشحم فلو كان حراما لوجب أن يبين أنه لا يجوز
[ 237 ]
أكله ويلزم منه حله وهو يستلزم حل ذبائحهم فإن الشحم شحم ذبائحهم قوله اذكروا اسم الله عزوجل عليه وكلوا أرشدهم صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك إلى حمل حال المؤمن على الصلاح وان كان جاهلا والى أن الشك بلا دليل لا يضر وأمرهم بالتسمية عند الاكل استحبا با ولم يرد أن تسميه الاكل تنوب عن تسمية الذابح كما هو ظاهر الحديث فلم يقل أحد بالنيابة وبالجملة فلا دلالة في الحديث على أن التسمية عند الذبح ليست بشرط كما هو مذهب الشافعي بل الحديث بظاهره يدل على النيابة فلا بد للكل من تأويل الحديث بما ذكرنا والله تعالى أعلم قوله خاصمهم المشركون أي خاصم المؤمنين المشركون فقالوا في معرض الاستدلال على بطلان دين المسلمين بأنكم تحرمون ذبيحة الله تعالى التي هي الميتة وتحللون ذبيحتكم وهذا شئ بعيد فأنزل الله تعالى دفعا لهذه الشبهة قوله ولا تأكلوا الخ وحاصل الجواب أن
[ 238 ]
الذبيحة انما حلت لانه قد ذكر عليها اسم الله والميتة لم يذكر عليها اسم الله فحرمت لذلك ومقتضى هذا التفسير أن متروك التسمية لا يحل ولو ناسيا فكيف عامدا والله أعلم قوله المجثمة اسم مفعول من التجثيم وقد سبق عن قريب شرحها قوله أن تصبر البهائم أي تمسك وتجعل هدفا يرمي إليه حتى تموت ففيه تعذيب لها وتصير ميتة لا يحل أكلها ويخرج جلدها عن الانتفاع به قوله لا تمثلوا من المثلة من باب نصر أي لا تغيروا صورته بالرمي إليه قوله غرضا بفتح غين معجمة وراء مهملة
[ 239 ]
أي هدفا عج بتشديد الجيم أي رفع صوته
[ 240 ]
قوله وعن الجلالة بفتح الجيم وتشديد اللام ما تأكل العذرة من الدواب والمراد ما ظهر في لحمها ولبنها نتن فينبغي أن تحبس أياما ثم تذبح وكذا يظهر النتن في عرقها فلذلك منع عن الركوب عليها والله تعالى أعلم قوله والشرب من في السقاء لانه قد يكون في الماء حية ونحوها فيدخل في الجوف فتؤذي الشارب فالاحسن تركه وقد جاء بعض ذلك لبيان الجواز والله تعالى أعلم كتاب البيوع قوله ان أطيب ما أكل الرجل الخ الطيب الحلال والتفضيل فيه بناء على بعده من الشبهات
[ 241 ]
ومظانها والكسب السعي وتحصيل الرزق وغيره والمراد المكسوب الحاصل بالطلب والجد في تحصيله بالوجه المشروع وولد الانسان من كسبه أي من المكسوب الحاصل بالجد والطلب ومباشرة أسبابه ومال الولد من كسب الولد فصار من كسب الانسان بواسطة فجاز له أكله والفقهاء قيدوا ذلك
[ 242 ]
بما إذا احتاج إلى مال الولد فيجوز له الاخذ منه على قدر الحاجة والله تعالى أعلم قوله ان الحلال بين ليس المعنى كل ما هو حلال عند الله تعالى فهو بين بوصف الحل يعرفه كل أحد بهذا الوصف وأن ما هو حرام عند الله تعالى فهو كذلك والا لم يبق المشتبهات وإنما معناه والله تعالى أعلم أن الحلال من حيث الحكم تبين بأنه لا يضر تناوله وكذا الحرام بأنه يضر تناوله أي هما بينان يعرف الناس حكمهما لكن ينبغي أن يعلم الناس حكم ما بينهما من المشتبهات بأن تناوله يخرج من الورع ويقرب إلى تناول الحرام وعلى هذا فقوله الحلال بين والحرام بين اعتذار لترك ذكر حكمهما أمورا مشتبهات بسبب
[ 243 ]
تجاذب الاصول المبني عليها أمر الحل والحرمة فيها وسأضرب مثلا أي لا يضاح تلك الامور والحمى بكسر الحاء والقصر أرض يحميها الملوك ويمنعون الناس عن الدخول فيها فمن دخله أوقع به العقوبة ومن احتاط لنفسه لا يقارب ذلك الحمى خوفا من الوقوع فيه والمحارم كذلك يعاقب الله تعالى على ارتكابها فمن احتاط لنفسه لم يقاربها بالوقوع في المشتبهات يوشك بضم الياء وكسر الشين أي يقرب لانه يتعاهد به التساهل ويتمرن عليه ويجسر على شبهة أخرى أغلظ منها وهكذا حتى يقع في الحرام والله تعالى أعلم قوله من أين أصاب المال أي من أي وجه أي لا يبحث أحد عن الوجه الذي أصاب المال منه أهو حلال أم هو حرام وإنما المال نفسه يكون مطلوبا بأي وجه وصل
[ 244 ]
اليد إليه أخذه ومثل هذا الحديث حديث يأتي على الناس زمان يأكلون الربا قلت هو زماننا هذا فإنا لله وانا إليه راجعون وفيه معجزة بينة له صلى الله تعالى عليه وسلم قوله ان من أشراط الساعة أي من علامات قرب القيامة أن يفشو أي يظهر والمراد يكثر فما بعده عطف تفسير له ويظهر الجهل بسبب اهتمام الناس بأمر الدنيا هكذا في بعض النسخ وفي كثير من النسخ العلم فمعنى يظهر يزول ويرتفع أي يذهب العلم عن وجه الارض والله تعالى أعلم حتى أستأمر تاجر بني فلان أي أشاوره بيان لكثرة الجهل إذ لا يجوز التعليق في البيع لكن بعض العلماء جوزوا شرط الخيار لغيره أو بيان لكثرة اهتمام الناس بأمر الدنيا وحرصهم على اصلاحها الكاتب الذي يعرف أن يكتب بالعدل ولا يطمع في المال بغير حق والله تعالى أعلم قوله البيعان بفتح فتشديد ياء أي المتبايعان
[ 245 ]
وهما الذان جرى العقد بينهما فإنهما لا يسميان بيعين الا حينئذ بالخيار أي لكل منهما خيار فسخ البيع ما لم يفترقا عن المجلس بالابدان وعليه الجمهور وهو ظاهر اللفظ وقيل المراد بالمتبايعين المتساومان اللذان جرى بينهما كلام البيع وان لم يتم البيع بينهما بالايجاب والقبول وهما بالخيار إذ يجوز لكل منهما أن يرجع عن العقد ما لم يفترقا بالاقوال وهو الفراغ عن العقد فصار حاصله لهما الخيار قبل تمام العقد ولا يخفى أن الخيار قل تمام العقد ضروري لا فائدة في بيانه مع ما فيه من حمل البيع على السوم وحمل التفرق على التفرق بالاقوال وكل ذلك لا يخلو عن بعد الا أن يجاب عن الاول بأنه لدفع ان الموجب لا خيار له لانه أوجب ثم بعض روايات حديث التفرق في الصحيحين ينفي هذا الحمل قطعا والله تعالى أعلم فان صدقا أي صدق البائع في صفة المبيع وبين ما فيه من عيب وغيره وكذا المشتري في الثمن محق على بناء المفعول أي محيت وذهبت بركة بيعهما قوله ثلاثة لا يكلمهم الله الكلام مسوق لافادة كمال الغضب عليهم والا فلا يغيب أحد عن نظره تعالى فقوله لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم أي تلطفا ورحمة وقوله ولا يزكيهم أي لا يطهرهم عن دنس الذنوب بالمغفرة أو لا يثنى عليهم بالاعمال الصالحة والكل مقيد بأول الاحوال لا بالدوام ثم هذا بيان ما يستحقونه وفضل الله أوسع فقد قال ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء المسبل من أسبل أي من يطول ثوبه ويرسله إلى الارض إذا مشى واللفظ مطلق الا أن بعض الروايات تفيد تقيده بما إذا فعل ذلك تكبرا وأما غيره فأمره أخف ان شاء الله تعالى والمنفق من التنفيق أو الانفاق بمعنى الترويج الا ان المشهور رواية هو الاول سلعته بكسر السين أي متاعه
[ 246 ]
والمنان عطاءه أي يمن بما يعطي وهذا إذا لم يعط شيئا الا منه كما في بعض الروايات وكثرة الحلف بفتح فكسر أو سكون فإنه أي الحلف والمراد الكاذبة أو مطلقا ثم يمحق من المحق وهو المحو أي يزيل البركة قوله الحلف قال السيوطي في حاشية أبي داود المراد اليمين الكاذبة قلت يمكن ابقاؤه على إطلاقه لان الصادق لترويج أمر الدنيا وتحصيله يتضمن ذكر الله للدنيا وهو لا يخلو عن كراهة ما بخلاف يمين المدعى عليه فإنها لازالة التهمة فلا كراهة فيها إذا كانت صادقة منفقة هو وما بعده مفعلة بفتح ميم وعين أي موضع لنفاقها ورواجها ومظنة له في الحال وبمحقة أي موضع لنقصان البركة ومظنة له في المال بأن يسلط الله تعالى عليه وجوها يتلف فيها اما سرقا أو حرقا أو غرقا أو غصبا أو نهبا أو عوارض ينفق فيها من أمراض وغير ذلك مما شاء الله تعالى كذا ذكره
[ 247 ]
السيوطي قوله فضل ماء بالمد والتنوين هذا الحديث يفيد ذم منع بن السبيل فلا يدخل فيه منع زرع الغير ولا يلزمه البذل فيه وفي له أي ما عليه من الطاعة مع أن الوفاء واجب عليه مطلقا بعد العصر للمبالغة في الذم لانه وقت يتوب فيه المقصر تمام النهار ويشتغل فيه الموفق بالذكر ونحوه فالمعصية في مثله أقبح قوله ونبتاعها أي نشتريها فشوبوه بضم الشين أمر من الشوب
[ 248 ]
بمعنى الخلط أمرهم بذلك ليكون كفارة لما يجري بينهم من الكذب وغيره والمراد بها صدقة غير معينة حسب تضاعيف الآثام وقد تقدم الحديث في كتاب الايمان قوله الا بيع الخيار استثناء من مفهوم الغاية أي فان تفرقا فلا خيار الا في بيع شرط فيه الخيار فيمتد فيه الخيار إلى الابد المشروط وقيل من نفس الحكم أي الا أن يكون بيعا جرى فيه التخاير بأن قال أحدهما للآخر في المجلس اختر فقال اخترت فلا خيار قبل التفرق والا أن يكون بيعا شرط فيه عدم الخيار أي شرط فيه أن لا خيار لهما في المجلس فيلزم البيع بنفس العقد ولا يكون فيه خيار أصلا والوجه الاول يعم المذهبين مذهب من يقول بخيار المجلس ومن ينفيه والاخيران يختصان بمذهب القائل به وروايات الحديث تدل على أن المراد المعنى
[ 249 ]
الثاني والله تعالى أعلم قوله الله تعالى أو يكون كلمة أو بمعنى الا أن والمضارع مصنوب أي الا أن يكون العقد ذا خيار قوله إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار الخ هذه الرواية تبطل تأويل من
[ 250 ]
ينكر خيار المجلس فليتأمل والله تعالى أعلم قوله فارق صاحبه أي خوفا من أن يرد البائع البيع بماله من الخيار فانظر إلى ما فهم عبد الله من الحديث وهو راويه هل هو الذي يقول المثبت للخيار في المجلس أم هو الذي يقول النافي له والله تعالى أعلم قوله لا بيع بينهما أي لا يلزم بحيث يبطل الخيار وقد
[ 251 ]
يقال هذه الرواية ناظرة إلى قول من يفسر الافتراق بالافتراق بالاقوال فليتأمل قوله ولا يحل له
[ 252 ]
أن يفارق صاحبه خشية أن يستقيله أي يبطل البيع بسبب ماله من الخيار فهذا يفيد وجود خيار المجلس والا فلا خشية وقيل بل ينفيه لان طلب الاقالة إنما يتصور إذا لم يكن له خيار والا فيكفيه ماله من الخيار في ابطاله البيع عن طلب الاقالة من صاحبه والله تعالى أعلم قوله أنه يخدع على بناء المفعول لا خلابة أي لا خداعة قال السيوطي هي الخداع بالقول اللطيف قيل إنما علمه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك ليطلع به صاحبه على أنه ليس من ذوي البصائر فيراعيه ويرى له كما يرى لنفسه وكأن الناس في ذلك الزمان أخوان ينظر بعضهم لبعض أكثر مما ينظرون لانفسهم وروى في آخر هذا الحديث ثم أنت بالخيار في كل سلعة ثلاث ليال قال أكثر أهل العلم وهذا خاص بهذا الرجل وحده ولا يثبت لغيره الخيار بهذه الكلمة قوله في عقدته بضم فسكون أي في رأيه ونظره في مصالح نفسه وعقله أحجر بتقديم المهملة على المعجمة أي أمنعه قوله المحفلة بتشديد الفاء اسم مفعول وهي
[ 253 ]
المصراة والتحفيل هي التصرية هكذا المشهور وسيذكرها المصنف وسوق كلام المصنف يفيد أن بينهما فرقا قوله أو اللقحة بفتح وكسر فسكون قاف الناقة القريبة العهد بالنتاج وفي الصحاح اللقحة كالقربة والجمع لقح كقرب فلا يحفلها من التحفيل أي فلا تحبس لبنها في الضرع لتخدع به المشتري قوله وهو أي التصرية أو الضمير للتصرية التذكير باعتبار الخبر أخلاف الناقة أي ضروعها جمع خلف بالكسر وهو الضرع لكل ذات خف وظلف قوله لا تلقوا الركبان من التلقي أي لا تستقبلوا القافلة الجالبة للطعام قبل أن يقدموا الاسواق ولا تصروا هو من التصرية عند كثير وقد روى عن بعض المشايخ أنه كان يقول لتلامذته متى أشكل عليكم ضبطه فاذكروا قوله تعالى فلا تزكوا أنفسكم واضبطوه على هذا المثال فيرتفع الاشكال وجوز بعضهم انه بفتح التاء وضم الصاد وتشديد الراء من الصر بمعنى الشد والربط والتصرية حبس اللبن في ضروع الابل والغنم تغريرا للمشتري والصر هو شد الضرع وربطه لذلك وظاهر كلام المصنف يشير إلى الثاني فإنه فسر بالربط من ابتاع أي
[ 254 ]
اشترى صاع من تمر أي صاع مما هو غالب 3 أهل العلم قال بن عبد البر أن لبن التصرية اختلط باللبن الطارئ في ملك المشتري فلم يتهيأ تقويم ما للبائع منه لان مالا يعرف لا يمكن تقويمه فحكم صلى الله تعالى عليه وسلم بصاع من تمر قطعا للنزاع والحاصل أن الطعام بدل اللبن الموجود في الضرع حال البيع وأما الحادث بعد ذلك فقد حدث على ملك المشتري لانه في ضمانه وقد أخذ الجمهور بالحديث ومن لا يأخذ به يعتذر عنه بأن المعلوم من قواعد الدين هو الضمان بالقيمة أو الثمن وهذا الضمان ليس شيئا من ذلك فلا يثبت بحديث الآحاد على خلاف ذلك المعلوم قطعا وقالوا الحديث من رواية أبي هريرة وهو غير فقيه وأجاب الجمهور بأن له نظائر كالدية فإنها مائة بعير ولا تختلف باختلاف حال القتيل والغرة في الجناية على الجنين وكل ذلك شرع قطعا للنزاع وأما الحديث فقد جاء من رواية بن عمر رواه أبو داود بوجه والطبراني بآخر ومن رواية أنس أخرجه أبو يعلى ومن رواية عمرو بن عوف أخرجه البيهقي في الخلافيات وقد رواه بن مسعود موقوفا كما في صحيح البخاري والموقوف له حكم الرفع لتصريحهم أنه مخالف للاقيسة والموقوف المخالف مرفوع حكما وابن مسعود من أجلاء الفقهاء بالاتفاق وقولهم أبو هريرة غير فقيه ضعيف أيضا فقد ذكره في الاصابة في فقهاء الصحابة وذكر أنه كان يفتى ومن تتبع كتب الحديث يجده حقا بلا ريب والله تعالى أعلم قوله لا سمراء أي لا يتعين السمراء بعينها للرد بل الصاع من الطعام الذي هو غالب قوت البلد يكفي أو المعنى أن الصاع لا بد أن يكون من غير السمراء
[ 255 ]
والاول أقرب والله تعالى أعلم قوله أن الخراج بالضمان الخراج بالفتح أريد به ما يخرج ويحصل من غلة العين المشتراة عبدا كان أو غيره وذلك بان يشتريه فيستغله زمانا ثم يعثر منه على عيب كان فيه عند البائع فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن ويكون للمشتري ما استغله لان المبيع لو تلف في يده لكان في ضمانه ولم يكن له على البائع شئ والباء في قوله بالضمان متعلقة بمحذوف تقديره الخراج مستحق بالضمان أي بسببه أي ضمان الاصل سبب لملك خراجه وقيل الباء للمقابلة والمضاف محذوف والتقدير بقاء الخراج في مقابلة الضمان أي منافع المبيع بعد القبض تبقى للمشتري في مقابلة الضمان اللازم عليه بتلف المبيع ومن هذا القبيل الغنم بالغرم وفي المقام مباحث ذكرناها في حاشية أبي داود قوله وأن يبيع مهاجر المراد أن يبيع حاضر لباد لكن خص المهاجر نظرا إلى ذلك الوقت وذلك لان الانصار كانوا يومئذ أهل زرع والمهاجرين كانوا أهل تجارة كما روى عن أبي هريرة والله تعالى أعلم وقوله والنجش بفتح فسكون هو أن يمدح السلعة ليروجها أو يزيد في الثمن ولا يريد شراءها ليغتر بذلك غيره
[ 256 ]
قوله نهى أن يبيع حاضر هو المقيم بالبلدة والبادي البدوي وهو أن يبيع الحاضر مال البادي نفعا له بأن يكون دلالالة وذلك يتضمن الضرر في حق الحاضرين فإنه لو ترك البادي لكان عادة باعه رخيصا قوله ولا تناجشوا جئ بالتفاعل لان التجار يتعارضون فيفعل هذا بصاحبه على أن يكافئه بمثل ما فعل فنهوا عن أن يفعلوا معارضة فضلا عن أن يفعل بدأ والله تعالى أعلم
[ 257 ]
قوله لا تلقوا الجلب هو بفتح لام وسكونها مصدر بمعنى المجلوب من محل إلى غيره ليباع فيه فإذا أتى سيده أي الجالب فهو بالخيار وذلك لان المتلقي كثيرا ما يخدعه فيذكر له سعر السوق على خلاف ما عليه فإن وجده كذلك فله خيار في رد البيع والله تعالى أعلم
[ 258 ]
قوله ولا تسأل المرأة المخطوبة طلاق أختها الموجوة في بيت الخاطب بأن تقول لا أقبل النكاح ولا أرضى به الا بطلاق السابقة قوله حتى يبتاع أي يشتري وهو غاية لما يفهم أي لينتظر حتى يبتاع والا لا تستقيم الغاية ثم هذه الغاية تؤيد القول أن المراد بالبيع المغيا الشراء والسوم والله تعالى أعلم قوله
[ 259 ]
قدحا بفتحتين وحلسا بكسر حاء مهملة كساء يلي ظهر البعير يفرش تحت القتب فيمن يزيد الظاهر أن في بمعنى من وكانا لفقير فقال بعضهم أعطى درهما فقال صلى الله تعالى عليه وسلم من يزيد أو كما قال فأعطى آخر درهمين فباع منه والله تعالى أعلم قوله نهى عن الملامسة هي أن يجعل العقد نفس اللمس قاطعا للخيار عند البيع أو قاطعا للخيار بعد البيع أو قاطعا لكل خيار أقوال والمنابذة
[ 260 ]
أن يجعل نبذ المبيع كذلك
[ 261 ]
قوله عن بيعتين المشهور فتح الباء والاقرب الكسر على الهيئة قوله عن لبستين بكسر اللام للهيئة وهو المشهور الموافق للمعقول وهما غير مذكورتين في الحديث للاختصار
[ 262 ]
قوله عن بيع الحصاة هو أن يقول أحد العاقدين إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع وقبل ذلك لي الخيار فهذا يتضمن اثبات خيار إلى أجل مجهول أو هو أن يرمي حصاة في قطيع غنم فأي شاة أصابها كانت مبيعة وهو يتضمن جهالة المبيع وقيل هو أن يجعل الرمي عين العقد وهو عقد مخالف لعقود الشرع فإنه بالايجاب والقبول أو التعاطي لا بالرمي وعن بيع الغرر هو ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول وقال الازهري هو ما كان بغير عهدة ولا ثقة ويدخل فيه بيوع كثيرة من كل مجهول وبيع الآبق والمعدوم وغير مقدور التسليم وأفردت بعضها بالنهي لكونه من مشاهير بيوع الجاهلية وقد ذكروا أن الغرر القليل أو الضروري مستثنى من الحديث كما في الاجارة على الاشهر مع تفاوت الاشهر في الايام وكما في الدخول في الحمام مع تفاوت الناس في صب الماء والمكث فيه ونحو ذلك
[ 263 ]
قوله لا تبيعوا الثمرة بالمثلثة ظاهره عموم النهي ما إذا شرطوا القطع ومن يقول بجوازه مع شرط القطع يرى أن النهي كان لاختصامهم بسبب العاهات كما يشهد لذلك الروايات الصحيحات وبالقطع تنقطع الخصومة فيجوز والله تعالى أعلم قوله ولا تبتاعوا الثمر بالتمر الاول بفتح المثلثة والميم الرطب على النخيل والثاني بالمثناة الفوقانية وسكون الميم ومثل هذا البيع يسمى مزابنة مفاعلة من الزبن بمعنى الدفع وهذا البيع قد يفضي إلى التدافع قوله أنه نهى عن المخابرة قد سبق ما يتعلق بشرح هذا قريبا وأن لا يباع كلمة لا زائدة ذكرت تذكيرا للنهي لبعد النهي أي وقال لا تبيعوا الثمر الا بالدناينر والدراهم والمراد لا تبيعوا الرطب بالتمر والعنب بالزبيب لشبهة الربا ورخص في العرايا جمع عرية فعيلة وهي عند كثير نخلة أو نخلتين يشتريها من يريد أكل الرطب ولا نفد بيده يشتريها بها فيشتريها بتمر بقي من قوته فرخص له في ذلك دفعا للحاجة فيما دون خمسة أو سق وقد اختلفوا في تفسيرها اختلافا كثيرا لكن هذا الحديث
[ 264 ]
يناسب ما ذكرنا وقد سبق تفسير آخر هو المناسب في الحديث الآتي وقد تقدم الكلام فيه قوله حتى يطعم أي يصلح للاكل الا العرايا ظاهره أنه استثناء عن الآخير لكن المناسب لسائر الروايات أنه استثناء عن المزابنة وقد تقدم الكلام قوله نهى عن بيع الثمار أي على الاشجار حتى تزهى من أزهى إذا احمر أو أصفر ان منع الله الثمر أي من الادراك فبم أي بأي وجه أي في مقابلة أي شئ مال أخيه أي الثمن وهذه العلة إنما توجد إذا لم يشترط القطع ومنه أخذ المصنف جواز
[ 265 ]
البيع قبل بدو الصلاح بشرط القطع والله تعالى أعلم قوله جائحة أي آفة أهلكت الثمرة أن تأخذ منه أي من أخيك شيئا أي في مقابلة الهالك ظاهره حرمة الاخذ ووجوب وضع الجائحة وبه قال أحمد وأصحاب الحديث قالوا وضع الجائحة لازم بقدر ما هلك وقال الخطابي هي لندب الوضع من طريق المعروف والاحسان عند الفقهاء ولا يخفى أن هذه الرواية تأبى ذلك جدا وقيل الحديث محمول على ما هلك قبل تسليم المبيع إلى المشتري فإنه في ضمان البائع بخلاف ما هلك بعد التسليم لان المبيع قد خرج عن عهدة البائع بالتسليم إلى المشتري فلا يلزمه ضمان ما يعتريه بعده واستدل على ذلك بما روى أبو سعيد الخدري أن رجلا أصيب في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم تصدقوا عليه ولو كانت الجوائح موضوعة لم يصر مديونا بسببها والله تعالى أعلم قوله على ما هي استفهامية ثبت ألفها مع الجار على خلاف المشهور قوله ليس لكم الا ذلك ظاهره أنه وضع الجائح بمعنى أنه لا يؤخذ منه ما عجز عنه ويحتمل أن المعنى
[ 266 ]
ليس لكم في الحال الا ذلك لوجوب الانتظار في غيره لقوله تعالى فنظرة إلى ميسرة وحينئذ فلا وضع أصلا وبالجملة فهذا الحديث دليل لمن يقول بعدم الوضع والله تعالى أعلم قوله بيع الثمر سنين هو أن يبيع ثمره نخلة أو نخلات بأعيانها سنتين أو ثلاثا مثلا فإنه بيع شئ لا وجود له حال العقد قوله
[ 267 ]
بخرصها قيل بكسر فسكون اسم بمعنى المخروص أي القدر الذي يعرف بالتخمين وبفتح فسكون مصدر بمعنى التخمين ويمكن أن يراد به المخروص أيضا كالخلق بمعنى المخلوق والمراد ههنا المخروص فيصح الوجهان قلت هذا على أن الباء في بخرصها للمقابلة كما هو المتبادر الشائع والمراد أي بقدر المخروص
[ 268 ]
وأما إذا كانت للسببية فالخرص يكون مصدرا بمعناه والله تعالى أعلم قوله بيع العرايا بالرطب هذا يقتضي أن العرية ما يعطى صاحب الحائط لبعض الفقراء من النخل ثم يسترد منه بما يعطيه من تمر أو رطب لا ما يشتريه من يريد أكل الرطب بما بقي عنده من التمر كما لا يخفى فليتأمل قوله أو ما دون خمسة
[ 269 ]
شك من الراوي أو هو تعميم في طرف النقصان لئلا يتوهم أن خمسة أوسق ذكرت تحديدا لمنع النقصان ففيه بيان أن خمسة أوسق حد لمنع الزيادة فقط قوله أينقص الرطب تنبيه على علة المنع بعد اتحاد الجنس فيجري المنع في كل ما يجري فيه هذه العلة قال القاضي في شرح المصابيح ليس المراد من الاستفهام استفهام القضية فإنها جلية مستغنية عن الاستكشاف بل التنبيه على أن المطلوب تحقق المماثلة حال اليبوسة فلا يكفي تماثل الرطب والتمر على رطوبته لا على فرض اليبوسة لانه تخمين فلا يجوز بيع أحدهما بالآخر وبه قال أكثر أهل العلم وجوز أبو حنيفة إذا تساويا كيلا حملا للحديث على النسيئة لما روى هذا الراوي أنه صلى الله تعالى عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالثمر نسيئة وضعفه بين لان النهي عن بيعه نسيئة لا يستدعي الاذن في بيعه يدا بيد الا من طريق المفهوم وهو عنده غير منظور إليه فضلا عن أن يسلط على المنطوق ليبطل إطلاقه ثم هذا التقييد يفسد السؤال والجواب وترتيب النهي عليهما بالكلية أذ كونه نسيئة يكفي في عدم الجواز ولا دخل معه للجفاف قلت المشهور عند الحنفية في الجواب جهالة زيد بن عياش ورده الجمهور بأن عدم معرفة بعض لا يضر في عدم معرفة غيره فالاقرب قول الجمهور ولذلك خالف الامام صاحباه وذهبا إلى قول الجمهور والله تعالى أعلم قوله عن بيع الصبرة
[ 270 ]
بضم صاد وسكون باء هي الطعام المجتمع كالكومة وجمعها صبر قوله أن يبيعه بكيل طعام أي من جنسه قوله عن المخابرة كراء الارض ببعض الخارج والمزابنة بيع الرطب على رؤوس الاشجار بالتمر والمحاقلة بيع الحنطة في سنبلها بحنطة صافية
[ 271 ]
قوله بيع النخلة أي ما عليها من الثمار منفردة عن النخل حتى تزهو هو بفتح التاء من زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته والمراد أن يظهر صلاحها وعن السنبل أي عن بيع ما فيه من الحب يبيض بتشديد الضاد أي يشتد حبه العاهة الآفة التي تصيب الزرع أو التمر فتفسده قوله إنا لا نجد الصيحاني هو ضرب من التمر والظاهر ان المراد بالعذق أيضا نوع من التمر بجمع التمر بتمر مختلف من أنواع متفرقة وليس مرغوبا فيه ولا يكون غالبا الا رديئا أي ان أهل التمر الجيد لا يعطون من الجيد في مقابلة الردئ بقدره ولا يرضون به فكيف نفعل إذا بعنا الجيد هل نزيد لهم من الردئ فبين له صلى الله تعالى عليه وسلم أن من أراد تحصيل الجيد ينبغي له أن يبيع رديئه بنقد ثم يشتري به الجيد وليس فيه أنه يبيع الردئ من صاحب الجيد لكن بإطلاقه يشمل ما إذا باع منه فكأنه لهذا استدل به بعضهم على جواز حيلة الربا لكن رده غير واحد والله تعالى أعلم قوله جنيب نوع معروف من أنواع التمر
[ 272 ]
قوله ريان أي الذي سقى نخله ماء كثير بعلا أي ما يشرب بعروقه ولا يسقى بالانهار أني بتشديد لنون مقصور من أدوات الاستفهام قوله لا صاعي تمر كلمة لا لنفي الجنس ومدخولها منصوب مضاف والمراد لا يحل بيع صاعين من تمر بصاع منه لا أنه لا يتحقق شرعا فيدل الحديث على
[ 273 ]
بطلان العقد في الربا قوله أوه في النهاية أوه كلمة يقولها الرجل عند الشكاية والتوجع وهي ساكنة الواو مكسورة الهاء وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا آه وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء فقال أوه وريما حذفوا الهاء فقالوا أو وبعضهم يفتح الواو مع التشديد فيقول أو عين الربا أي هذا العقد نفس الربا الممنوعة لا نظيرها وما فيه شبهتها لا تقربه من قرب كعلم أي قربه يضر فضلا عن مباشرته قوله يعني بالورق بفتح فكسر الفضة وفيه تنبيه على أن ربا النسيئة يجري في هذه الاشياء عند اختلاف البدلين أيضا بخلاف ربا الفضل فإنها لا تكون الا عند اتحاد البدلين الا هاء هو كجاء أي هاك وأهل الحديث يقولون بالقصر وقال الخطابي الصواب المد وقال غيره الوجهان جائزان والمد أشهر وهو حال أي الا مقولا منهما أي من المتعاقدين فيه خذ وخذ أي يدا بيد قوله التمر بالتمر
[ 274 ]
إلى قوله يدا بيد أي ومثلا بمثل ولذلك فرع عليه فمن زاد تفريعه لا يظهر الا بملاحظة مثلا بمثل ففي الحديث اختصار ويحتمل أنه من باب صنعة الاحتباك فذكر في الحكم يدا بيد وترك مثلا بمثل ثم ذكر في التفريع تفريع مثلا بمثل وترك تفريع يدا بيد فليتأمل فمن زاد في الدفع أو ازداد بأخذ الزيادة فقد أربى أي أتى بالربا فصار عاصيا يريد ان الربا لا يتوقف على أخذ الزيادة بل يتحقق باعطائها أيضا فكل من المعطي والآخذ عاص الا ما اختلفت ألوانه أي أربى في تمام تلك البيوع الا في بيع اختلفت ألوان بدلية أي أجناسه وبهذا ظهر أن الاستثناء منقطع مع كون المستثنى منه محذوفا وأنه لا بد من تقدير حرف الجر على خلاف القياس وأما تقدير المستثنى منه عاما حتى يكون الاستثناء متصلا بأن يقال فقد أربى في كل بيع سواء كان من المذكورات أو غيرها الا في بيع اختلفت ألوان بدلية لا يخلو عن اشكال معنى لادائه إلى ثبوت الربا إذا اتحد الجنس في كل بيع فليتأمل قوله كيف شئنا أي من حيتية الكمية والا فلا بد من مراعاة يدا بيد كما سيجئ فمن زاد الخ متعلق بقوله مثلا بمثل
[ 275 ]
قوله جمع المنزل بالرفع فاعل جمع أي اجتمعا في منزل واحد والمراد في بلدة واحدة لا في بيت واحد قوله فقال عبادة أي بعد أن ارتكب معاوية بعض العقود الرديئة أو قصد أن يرتكبها كما يفهم من رواية
[ 276 ]
مسلم هذا الحديث فقال ما بال رجال استدلال بالنفي على رد الحديث الصحيح بعد ثبوته مع اتفاق العقلاء على بطلان الاستدلال بالنفي وظهور بطلانه بأدنى نظر بل بديهة فهذا جراءة عظيمة يغفر الله لنا وله قوله وكان بايع أي فقام والا لما قام خوفا من معاوية تبرها وعينها أي سواء والفضة أكثرهما الجملة حال وهذا القيد بناء على المتعارف والعادة والا فقد جاء وإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد مديا كقفل مكيال لاهل الشام وفي الحديث دلالة على أن البر والشعير
[ 277 ]
جنسان كما عليه الجمهور لا واحد كما قال مالك والله تعالى أعلم قوله الكفة بكسر الكاف كفة الميزان
[ 278 ]
قوله قال عمر الدينار الخ قيل هكذا في نسخة المجتبي قال عمر والذي في الكبرى بن عمر وذكره في الاطراف في مسند بن عمر والله تعالى اعلم قوله صلى الله عليه وسلم ولا تشفوا من أشف معجمة وفاء إذا أعطى
[ 279 ]
زائدا أي لا تفضلوا قوله حتى تفصل أي تميز بين الذهب والخرز
[ 281 ]
قوله لا ربا الا في النسيئة كالكريمة وزنا قال النووي أجمع المسلمون على ترك العمل بظاهره ثم قال قوم انه منسوخ وتأوله آخرون على أن المراد لا ربا في الاجناس المختلفة الا في النسيئة قوله أرأيت هذا الذي تقول أي من أنه لا ربا في الفضل أشيئا أي أيكون شيئا واعتباره منصوبا على الاضمار
[ 282 ]
بشرط التفسير بعيد نظرا إلى المعنى قوله بالنقيع قيل بالنون موضع قريب بالمدينة أو بالباء مرادا به بقيع الغرقد لا بأس أن تأخذ يحتمل فتح همزة أن على أنها ناصبة وكسرها على أنها شرطية جازمة أي لا بأس أن تأخذ بدل الدنانير والدراهم وبالعكس بشرط النقابض في المجلس والتقييد بسعر اليوم على طريق الاستحباب وبينكما شئ حال أي لا بأس ما لم تفترقا والحال أنه بقي بينكما شئ غير مقبوض قيل وذلك لانه لو استبدل عن الدين شيئا مؤجلا لا يجوز لانه بيع الكالئ بالكالئ وقد نهى عنه قلت وعلى هذا لو استبدل بعض الدين وأبقى بعضه على حاله ثم استبدله عند قبض البدل فينبغي أن لا يكون به بأس أيضا والله تعالى علم قوله لبس أي خلط بسبب أن يبقى بينكما بقية
[ 283 ]
قوله إذا كان من قرض لئلا يؤدي إلى جر نفع والقرض إذا جر النفع يكون مكروها قوله رويدك أي أمهلني قوله وزادني الزيادة في أداء الدين من غير اشتراط استحبها كثير وعدوها صدقة خفية
[ 284 ]
قوله من هجر بفتحتين اسم بلد قال السيوطي في حاشية أبي داود ذكر بعضهم أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اشترى السراويل ولم يلبسها وفي الهدى لابن قيم الجوزية أنه لبسها فقيل هو سبق قلم لكن في مسند أبي يعلى والاوسط للطبراني بسند ضعيف عن أبي هريرة قال دخلت يوما السوق مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فجلس إلى البزازين فاشترى سراويل بأربعة دراهم وكان لاهل السوق وزان فقال له زن وأرجح فوزن وأرجح وأخذ السراويل فذهبت لاحمله عنه فقال صاحب الشئ أحق بشيئه أن يحمله الا أن يكون ضعيفا يعجز عنه فيعينه أخوه المسلم قلت يا رسول الله وانك لتلبس السراويل فقال في السفر والحضر والليل والنهار فإني أمرت بالستر فلم أجد شيئا أستر منه قلت ويؤيده أنه اشتراه قبل الهجرة فليتأمل والله تعالى أعلم قوله المكيال على مكيال أهل المدينة أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات ويجب إخراج صدقة الفطر به صاع المدينة وكانت الصيعان مختلفة في البلاد والوزن الخ المراد وزن الذهب والفضة فقط والمراد أن الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل مكة وهي الدراهم التي العشرة منها بسبعة مثاقيل
[ 285 ]
وكانت الدراهم مختلفة الاوزان في البلاد وكانت دراهم أهل مكة هي الدراهم المعتبرة في باب الزكاة فأرشد صلى الله تعالى عليه وسلم إلى ذلك لهذا الكلام كما أرشد إلى بيان الصاع المعتبر في باب الكفارات وصدقة الفطر بما سبق والله تعالى أعلم قوله فلا يبعه حتى يستوفيه قال الخطابي أجمع أهل العلم على أن الطعام لا يجوز بيعه قبل القبض وإنما اختلفوا فيما عداه قيل فقال مالك هو في الطعام فقط وقال الشافعي ومحمد بل في كل شئ وقال أبو حنيفة وأبو يوسف وهو ظاهر مذهب أحمد أنه فيما سوى العقار والله تعالى أعلم قوله حتى يكتاله كناية عن القبض أو القبض عادة يكون بالكيل
[ 286 ]
قوله ان كل شئ بمنزلة الطعام فتخصيص الطعام بالذكر للاهتمام لكونه مدار التقوى ولكثرة الحاجة إليه بخلاف غيره قوله اشتراه بكيل خرج مخرج الغالب المعتاد فلا مفهوم له فوافق أحاديث الاطلاق وأحاديث الجزاف
[ 287 ]
قوله من يأمرنا قال السيوطي هذا أصل إقامة المحتسب على أهل السوق إلى مكان سواه أي ليتم القبض على آكد وجه قوله جزافا مثلث الجيم والكسر أفصح هو المجهول القدر مكيلا كان أو موزونا قوله رأيت الناس يضربون هذا أصل في ضرب المحتسب أهل الاسواق إذا خالفوا الحكم الشرعي في مبايعاتهم ومعاملاتهم
[ 288 ]
قوله واهالة بكسر الهمزة هي كل شئ من الادهان مما يؤتدم به وقيل هي ما أذيب من الالية والشحم وقيل الدسم الجامد سنخة بفتح مهملة وكسر نون معجمة أي متغيرة الريح قوله لا يحل سلف وبيع السلف السلف بفتحتين القرض ويطلق على السلم والمراد ههنا القرض أي لا يحل بيع مع شرط قرض بأن يقول بعتك هذا العبد على أن تسلفني ألفا وقيل هو أن تقرضه ثم تبيع منه شيئا بأكثر من قيمته فإنه حرام لانه قرض جر نفعا أو المراد السلم بأن أسلف إليه في شئ فيقول فإن لم يتهيأ عندك فهو بيع عليك ولا شرطان في بيع
[ 289 ]
مثل بعتك هذا الثوب نقدا بدينار ونسيئة بدينارين وهذا هو بيعان في بيع وهذا عند من لا يجوز الشرط في البيع أصلا كالجمهور وأما من يجوز الشرط الواحد دون اثنين يقول هو أن يقول أبيعك هذا الثوب وعلى خياطته وقصارته وهذا لا يجوز ولو قال أبيعك وعلى خياطته فلا بأس به ولا بيع ما ليس عندك قيل هو كبيع الآبق ومال الغير والبيع قبل القبض والجمهور على جواز بيع مال الغير موقوفا وهو مقتضى بعض الاحاديث ومنعه الشافعي لظاهر هذا الحديث قال الخطابي يريد العين دون بيع الصفة يعني أن المراد بيع العين دون الدين كما في السلم فإن مداره على الصفة وهذا جائز فيما ليس عند الانسان بالاجماع والله تعالى أعلم قوله ليس على رجل الخ أي لو باع ملك الغير لا يلزم عليه ذلك البيع حتى يطلب تسليم المبيع قوله فيسألني البيع هو بمعنى المبيع وجملة ليس عندي صفته بناء على أن تعريفه للجنس ومثله يوصف بالجملة مثل كمثل الحمار يحمل أسفارا أو الجملة حال أبيعه بتقدير همزة الاستفهام قوله كنا نسلف من أسلف والمراد السلم أي نعطي الثمن ونسلمه لاجل هذه الاشياء إلى قوم الخ المقصود بيان محل الحديث
[ 290 ]
السابق وأنه في بيع العين لا في السلم قوله صلى الله عليه وسلم وهم يسلفون يقال أسلف اسلافا وسلف تسليفا والاسم السلف وهو على وجهين أحدهما قرض لا منفعة فيه للمقرض غير الاجر والشكر والثاني أن يعطي مالا في سلعة إلى أجل معلوم ونصب السنة السنتين اما على نزع الخافض أي إلى السنة أو على المصدر أي اسلاف السنة ووزن معلوم بالواو في الاصول فقيل الواو للتقسيم أي بمعنى أو أي كيل فيما يكال ووزن فيما يوزن وقيل بتقدير الشرط أي في كيل معلوم ان كان كيليا ووزن معلوم ان كان وزنيا
[ 291 ]
أو من أسلف في مكيل فليسلف في كيل معلوم ومن أسلف في موزون فليسلف في وزن معلوم قوله إلى أجل معلوم قيل ظاهره اشتراط الاجل في السلم وهو مذهب أبي حنيفة ومالك والصحيح من مذهب أحمد وقال الشافعي لا يشترط الاجل والمراد في الحديث أنه ان أجل اشترط أن يكون الاجل معلوما كما في قرينته والله تعالى اعلم قوله استسلف أي استقرض بكرا بفتح فسكون الفتى من الابل كالغلام من الانسان رباعيا كثمانيا وهو ما دخل في السنة السابعة لانها زمن ظهور رباعيته والرباعية بوزن ثمانية خيارا مختارا وفيه أن رد القرض بالاجود من غير شرط من السنة ومكارم الاخلاق وكذا فيه جواز قرض الحيوان وعليه الجمهور وعند أبي حنيفة لا يجوز وقالوا هذا الحديث منسوخ ورده النووي بأنه دعوى بلا دليل قلت بل دليله حديث سمرة أن النبي صلى الله تعالى عليه
[ 292 ]
وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وسيجئ قال الترمذي حديث حسن صحيح وذلك لان الاستقراض في الحيوان بيع بخلافه في الدراهم لانها لا تتعين فيكون رد المثل في الدراهم كرد العين والحيوان يتعين فرد المثل فيه رد للبدل وهو بيع فلا يجوز للنهي ومرجعه إلى أنه قد اجتمع المبيح والمحرم فيقدم المحرم بقي أن هذا مبني على قواعدهم ولا بعد في ذلك ويؤيد قول أبي حنيفة في الجملة أن استقراض الجارية للوطئ ثم ردها بعينها مما لا يقول به أحد مع أنه ينبغي أن يكون جائزا عي أصل من يقول باسقتراض الحيوان فأمل والله تعالى أعلم قوله الا نجيبة أي نافة نجيبه قوله نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة أي من الطرفين أو أحدهما وبه قال علماؤنا الحنفية ترجيحا للمحرم على المسيح ومن لا يقول به يحمله على النسيئة من الطرفين جمعا بينه وبين ما يفيد الاباحة
[ 293 ]
ولا يخفى ان النسيئة إذا كانت من الطرفين فلا يجوز لانه بيع الكالئ بالكالئ قوله السلف في حبل الحبلة هما بفتحتين ومعناهما محبول المحبولة في الحال على أنهما مصدران أريد بهما المفعول التاء في الثاني للاشارة إلى الانوثة والسلف فيه هو أن يسلم المشتري الثمن إلى رجل عنده ناقة حبلى ويقول إذا ولدت هذه الناقة ثم ولدت التي في بطنها فقد اشتريت منك ولدها بهذا الثمن فهذه المعاملة شبيهة بالربا لكونها حراما كالربا من حيث أنه بيع ما ليس عند البائع وهو لا يقدر على تسليمه ففيه غرر قوله عن بيع حبل الحبلة هو أني قال البائع وعنده ناقة حبلى إذا ولدت هذه الناقة ثم ولدت التي في بطنها فقد بعتك ولدها ويؤيد هذا التفسير الحديث الاول وروى عن بن عمر ما يقتضي أن المراد أن يباع شئ بنا ويجعل أجل ثمنة إلى أن تنتج الناقة ثم ينتج ما في بطنها واضافة البيع حينئذ لادنى ملابسة قوله
[ 294 ]
عن بيع هو أن يبيعه ثمرة حائطه إلى سنتين أو أكثر قوله بردين قطريين القطري بكسر القاف ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة إلى الميسرة أي إلى وقت معلوم يتوقع فيه انتقال الحال من العسر إلى اليسر وكأنه كان وقتا معينا يتوقع فيه ذلك فلا يرد الاشكال بجهالة الاجل وآداهم للامانة في الصحاح أدى دينه دية أي قضاه وهو آدى للامانة منك بمد الالف قوله
[ 295 ]
وربح ما لم يضمن هو ربح مبيع اشتراه فباعه قبل ان ينتقل من ضمان البائع الاول إلى ضمانه بالقبض
[ 296 ]
والحديث قد مضى سابقا قوله وعن الثنيا هي كالدنيا وزنا اسم للاستنثاء والمراد أنه لا يجوز بمستثنية المجهول لانه يؤدي إلى النزاع والله تعالى أعلم والمعاومة هي بيع ثمر النخل والشجر سنتين أو أكثر قوله أبر نخلا من التأبير وهو التلقيح وهو أن يشق طلع الاناث ويؤخذ من طلع الذكور فيوضع فيها ليكون الثمر بإذن الله تعالى أجود مما لم يؤبر فالذي أبر أي للبائع المبتاع أي
[ 297 ]
المشتري لنفسه وقت البيع قوله وله مال هي إضافة مجازية عند غالب العلماء كاضافة الجل إلى الفرس لان العبد لا يملك ولذلك أضيف المال إلى البائع في قوله فماله للبائع ولا يمكن مثله مع كون الاضافة حقيقية في المحلين وقيل المال للعبد لكن للسيد حق النزع منه قوله فأعيا جملي أي عجز عن السير أن أسيبه بتشديد الياء أي أتركه في محل بعنيه أي بعه منى قلت لا اما للحاجة إليه في السفر وذاك منعه عن البيع أو لانه أراد أن يأخذه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بلا بدل فامتنع عن البيع لذلك حملانه بضم الحاء وسكون الميم أي ركوبه وبظاهره جوز أحمد اشتراط ركوب الدابة في بيعها مطلقا وقال مالك بجوازه ان كانت المسافة قريبة كما كانت في قضية جابر ومن لا يجوز ذلك مطلقا يقول ما كان ذاك شرطا في العقد بل أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم تكرما وسماه بعض الرواة شرطا وبعض روايات الحديث يفيد أنه كان اعارة ماكستك قللت في ثمن جملك والله تعالى أعلم قوله
[ 298 ]
الرب عز وجلفأزحف الجمل بزاي معجمة وحاء مهملة وفاء أي أعيا ووقف قال الخطابي المحدثون يقولون بفتح الحاء أي على بناء الفاعل والاجود ضم الالف أي على بناء المفعول يقال زحف البعير إذ قام من الاعياء وأزحفه السير وكانت لي إليه أي الجمل أن عبد الله يريد أباه أصيب أي استشهد يوم أحد وترك جواري أي بنات صغارا عشاء أي آخر النهار أي لا في الليل وبعد العشاء قوله
[ 299 ]
فإن كنت أي فإن الشأن كنت يهمني رأسه أي أخاف أن يتقدم رأسه على جمال الناس يهمني ذلك يوم الحرة أي يوم حارب أهل الشام أهل المدينة في الحرة بفتح فتشديد راء موضع بالمدينة فيه حجارة سود ويقال لكل لك أرض ذات حجارة سود قوله سوء أي ردئ هيأته أي هيأت ذلك الناضح
[ 300 ]
قوله فخيرها من زوجها أي في زوجها قوله وخيرت على بناء المفعول
[ 301 ]
قوله حتى تقسم وذلك لعدم الملك قبل القسمة إذ لا يدري كل غانم قبل القسمة ما يدخل في سهمه فلو باع سهمه قبل ذلك فقد باع المجهول قوله في كل شرك بكسر أوله وسكون الراء أي كل مشترك ربعة بفتح الراء وسكون الباء المسكن والدار بدل من شرك أو حائط بستان لا يصلح له أن يبيع أي يكره له البيع لا أن البيع حرام كذا قرره كثير من العلماء وان كان ظاهر الاحاديث يقتضي الحرمة قوله ابتاع أي اشترى
[ 302 ]
واستتبعه أي قال للاعرابي اتبعني أكنت مبتاعا أي مريدا لشرائه أي فاشتر يلوذون أي يتعلقون بهما ويحضرون مكالمتهما (4648) هلم شاهدا أي هات شاهدا على ما تقول بتصديقك أي بمعرفتي أنك صادق في كل ما تقول أو بسبب أني صدقتك في أنك رسول ومعلوم من حال الرسول عدم الكذب فيما يخبر سيما لاجل الدنيا فجعل أي فحكم بذلك وشرع في حقه اما بوحي جديد أو بتفويض مثل هذه الامور إليه منه تعالى والمشهور أنه رد الفرس بعد ذلك على الاعرابي فمات من ليلته عنده
[ 303 ]
والله تعالى أعلم قوله (4648) إذا اختلف البيعان أي في قدر الثمن أو في شرط الخيار مثلا يحلف البائع على ما انكر ثم يتخير المشتري بين أن يرضى بما حلف عليه البائع وبين ان يحلف على ما أنكر فإذا تحالفا فاما أن يرضى أحدهما على ما يدعي الآخر أو يفسخ البيع هذا إذا كانت السلعة قائمة كما في بعض الروياات وقوله أو يتركا أي يفسخا العقد هكذا قالوا وظاهر الحديث أنه بعد حلف البائع يخير المشتري بين أن يأخذه بما حلف عليه البائع وبين أن يرد كما في الرواية الآتية والله تعالى أعلم قوله (4652)
[ 304 ]
يشتريه مني فيه بيع المدبر ومن لا يراه يحمله على التدبير المقيد أو على أنه كان مديونا يوم دبر والاول بعيد والثاني يبطله آخر الحديث والله تعالى أعلم وفيه أن السفيه يحجر ويرد عليه تصرفه والله
[ 305 ]
تعالى أعلم قوله (4655) أن أقضى عنك كتابتك أي أشتريك وأعتقك وسمى ذلك قضاء للكتابة مجازا ثم فيه بيع المكاتب ومن لا يراه يحمله على أن البيع كان بعد فسخ الكتابة وتعجيزها برضا الطرفين قوله ونفست بكسر فاء أي رغبت والجملة حال من فاعل قالت (4657)
[ 306 ]
عن بيع الولاء ليس المراد به المال بعد موت المعتق بالفتح وانتقاله إلى المعتق بالكسر بل المراد هو السبب
[ 307 ]
الذي بين المعتق والمعتق الذي هو سبب لانتقال هذا المال قوله (4660) عن بيع الماء غالب العلماء على أن الماء إذا أحرزه انسان في انائه وملكه يجوز بيعه وحملوا الحديث على ماء السماء والعيون والانهار التي لا مالك لها قوله (4662) عن بيع فضل الماء هو ما فضل عن حاجته وحاجة عياله وماشيته وزرعه قوله ماء الوهط
[ 308 ]
ضبط بفتحتين مال كان لعمرو بن العاص بالطائف وقيل قرية بالطائف وأصله الموضع المطمئن قوله هل علمت الخ يريد أن الخمر حرام فلعلك ما علمت بذلك ففعلت ما فعلت لذلك فسار من السر الذي هو بمعنى الكلام الخفي ومفعوله انسانا وقوله (4665) ثم حرم التجارة في الخمر تنبيها على أنهما في الحرمة سواء وقال السيوطي في حاشية أبي داود جاء عن عائشة في بعض الروايات لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر فنهى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم عن ذلك فهذا يدل على أنه كان في الآيات المذكورة تحريم ذلك وكأنه نسخت تلاوته
[ 309 ]
قوله والاصنام وكانوا يعملونها من النحاس ونحوه ويبيعونها فانظر إلى سخافة عقولهم حيث يعبدون
[ 310 ]
أربابا يبيعونها في الاسواق قوله (4670) عن بيع ضراب الجمل أي عن أخذ الكراء على ضرابه وينبغي لصاحب الفحل اعارته بلا كراء فإن في المنع عنها قطع النسل وبيع الارض للحرث أي كراء الارض للزرع وقد سبق قوله (4671) عن عسب الفحل عسبه بفتح فسكون ماؤه فرسا كان أو بعيرا أو غيرهما وضرابه أيضا ولم ينه عن واحد منهما بل عن كراء يؤخذ عليه فهو بحذف المضاف أي كراء عسبه وقيل
[ 311 ]
يقال لكرائه عسب أيضا والله تعالى أعلم قوله (4676) أيما امرئ كلمة ما زائدة لزيادة الايهام وامرئ مجرور بالاضافة أفلس يقال أفلس الرجل إذا صار إلى حال لا فلوس له أو صار ذا فلس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير وحقيقته الانتقال من اليسر إلى العسر قيل المفلس لغة من لا عين له ولا عرض وشرعا ما قصر ما بيده عما عليه من الديون (4676) ثم وجد رجل أي بعد أن باعها منه ولم يقبض من ثمنه شيئا كما في رواية الموطأ عند مالك فهو أولى به أي بذلك الذي وجد من السلعة أي يجوز له أن
[ 312 ]
يأخذه بعينه ولا يكون مشتركا بينه وبين سائر الغرماء وبهذا يقول الجمهور خلافا للحنفية فقالوا انه كالغرماء لقوله تعالى وان كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة ويحملون الحديث على ما إذا أخذه على سوم ا لشراء مثلا أو على البيع بشرط الخيار للبائع أي إذا كان الخيار للبائع والمشتري مفلس فالانسب أن يختار الفسخ وهو تأويل بعيد وقولهم ان الله تعالى لم يشرع للدائن عند الافلاس الا الانتظار فجوابه أن الانتظار فيما لا يوجد عند المفلس ولا كلام فيه وإنما الكلام فيما وجد عند المفلس ولا بد أن الدائنين يأخذون ذلك الموجود عنده والحديث يبين أن الذي يأخذ هذا الموجود هو صاحب المتاع ولا يجعل مقسوما بين تمام الدائنين وهذا لا يخالف القرآن ولا يقتضي القرآن خلافه والله تعالى أعلم قوله (4677) عن الرجل أي في الرجل يعدم من أعدم الرجل إذا افتقر وهو صفة الرجل لان تعريفه للجنس لا العهد انه بكسران والجملة جزاء الشرط والضمير للمتاع قوله (4679) الله تبارك وتعالى قال حدثني أسيد بن حضير بالتصغير فيهما قال المزي في الاطراف قال أحمد بن حنبل هو في كتاب بن جريج أسيد بن ظهير ولكن حديث بن جريج حدثهم بالبصرة قال المزي وهو الصواب لان أسيد بن حضير مات في زمن عمر وصلى عليه فكيف
[ 313 ]
يدرك زمن معاوية قوله إذا وجدها أي السرقة أو الامتعة أو الاموال المسروقة أو المغصوبة غير المتهم أي في يد من اشترى من الغاصب والسارق لا في يد الغاصب أو السارق بما اشتراها للا يتضرر من غير تقصير منه ولا يخفى ما بين هذا الحديث وبين حديث سمرة الآتي من المعارضة لكن ان ثبت أن الخلفاء قضوا بهذا الحديث فينبغي أن يكون العمل به أرجح الا أن كثيرا من العلماء مال إلى خلافه والله تعالى أعلم قوله (4680) عز وجلسرق منه على بناء المفعول
[ 314 ]
قوله أحق بها أي بالسرقة على إرادة المسروق باسم السرقة قوله (4681) بعين ماله قال الخطابي هذا في المغصوب والمسروق ونحوهما والبائع يطلق على المشتري وهو المراد ههنا قوله (4682) فهي للاول منهما أي للناكح الاول من الناحين أو للولي الاول من الوليين ينفذ فيها تصرفه دن تصرف الثاني قوله (4684)
[ 315 ]
حتى يقضي عنه دينه أي أو يرضى عنه خصمه في الدنيا أو في الآخرة فإنه في معنى القضاء والله تعالى أعلم قوله (4685) أما اني لم أنوه بك هو صيغة المضارع من نوه تنويها إذا رفعه أي لا أرفع ولا أذكر لكم الا خيرا مأسور بالرفع خبر ان أي محبوس ممنوع عن دخول الجنة أو الاستراحة بها أراد صلى الله تعالى عليه وسلم أن يخبره بذلك ليستعجل في أداء الدين عنه قوله تدان بتشديد الدال من أدان إذا استقرض وهو افتعال من الدين وتكثر من الاكثار في الدين ولاموها من اللوم ووجدوا عليها أي غضبوا
[ 316 ]
قوله (4688) إذا اتبع بضم فسكون فكسر مخفف أي أحيل على ملئ بالهمزة ككريم أو هو كغني لفظا ومعنى والاول هو الاصل لكن قد اشتهر الثاني على الالسنة فليتبع بإسكان الفوقية على المشهور من تبع أي فليقبل الحوالة وقيل بشدها والجمهور على أن الامر للندب وحمله بعضهم على الوجوب مطل الغنى أراد بالغنى القادر على الاداء ولو كان فقيرا ومطله منعه أداء وتأخير القاضي منع قضاء ما استحق أداؤه زاد القرطبي مع التمكن من ذلك وطلب صاحب الحق حقه قلت التمكن من ذلك معتبر في الغنى فلا حاجة إلى زيادته والاضافة إلى الفاعل لا غير وان جوز في قوله مطل الغنى ظلم الاضافة إلى المفعول أيضا على معنى أن يمنع الغنى عن إيصال الحق إليه ظلم فكيف منع الفقير عن إيصال الحق إليه والمعنى يجب وفاء الدين وان كان صاحبه غنيا فالفقير بالاولى لكن المعنى ههنا على القصر بشهادة تعريف الطرفين والسوق أي الظلم منع الغنى دون الفقير فلا يصح على تقدير الاضافة إلى المفعول فليتأمل
[ 317 ]
قوله (4690) لي الواجد بفتح اللام وتشديد الياء أي مطلة والواجد بالجيم القادر على الاداء أي الذي يجد ما يؤدي يحل عرضه أي للدائن بأن يقول ظلمني ومطلني وعقوبته بالحبس والتعزير قوله (4692) أنا أتكفل به فيه دليل على جواز الضمان عن الميت ومن لا يقول به يحمله على أنه كان وعدا ولذلك قال بالوفاء وعبر بعض الرواة عنه بلفظ الكفالة والله تعالى أعلم
[ 318 ]
قوله خياركم أي من خياركم قوله (4694) ما تيسر أي للمديون أداؤه (4695) تجاوز عنه أي لا تتعرض له (4695) لعل الله أن يتجاوز عنا أن زائدة دخلت في خبر لعل تشبيها لها بعسى قوله
[ 319 ]
مشتريا حال وكذا ما بعده قوله (3345) من أعتق أي ممن يلزم عتقه فخرج الصبي والمجنون شركا بكسر الشين وسكون الراء أي نصيبا (4699) ما يبلغ ثمنه أي ثمن الباقي لا ثمن الكل والمراد بالثمن القيمة إذ المدار عليها بقيمة العبد على الاضافة البيانية أي أي قيمة هي عدل ووسط لا زيادة فيها ولا
[ 320 ]
نقص أو بقيمة المقوم العدل الذي يعتمد على كلامه ووقع في نسخ النسائي بقيمة العبد والظاهر أنه سهو والصواب بقيمة العدل كما في غالب الكتب والله تعالى أعلم قوله (4700) فلا يبعها أي تنزها قوله ربعة بفتح فسكون أي منزل وقد سبق الحديث قريبا قوله (4702) أحق بسقبه السقب بفتحتين القرب وباء بسقبه صلة أحق لا للسبب أي الجار أحق بالدار الساقبة أي القريبة ومن لا يقول بشفعة الجار يحمل الجار على الشريك فإنه يسمى جارا أو يحمل الباء على السببية أي أحق بالبر والمعونة بسبب قربه من جاره ولا يخفى أنه لا معنى لقولنا الشريك أحق
[ 321 ]
بالدار القريبة كما هو مؤدى التأويل الاول والظاهر أن الرواية الآتية ترد التأويلين فليتأمل قوله (4704) في كل مال لم يقسم أي باق على اشتراكه فالشفعة إنما هي ما دامت الارض مشتركة بينهم وأما إذا قسمت وعين لكل منهم سهمه وجعل لكل قطعة طريقا مفردة فلا شفعة وظاهره أنه لا شفعة للجار وإنما الشفعة للشريك وبه قال مالك والشافعي ومن لا يقول بها يحمل النفي على نفي شفعة الشركة لان الشريك أولى بها من الجار فإذا قسمت الارض وعين لكل منهم سهمه وطريقه فما بقي له الا الاولوية فهذا محمل الحديث عندهم قوله والجوار أي ومراعاة الجوار وهذا لا دليل فيه لا للمثبت قوله خياركم أي من خياركم قوله (4694) ما تيسر أي للمديون أداؤه (4695) تجاوز عنه أي لا تتعرض له (4695) لعل الله أن يتجاوز عنا أن زائدة دخلت في خبر لعل تشبيها لها بعسى قوله
[ 319 ]
مشتريا حال وكذا ما بعده قوله (3345) من أعتق أي ممن يلزم عتقه فخرج الصبي والمجنون شركا بكسر الشين وسكون الراء أي نصيبا (4699) ما يبلغ ثمنه أي ثمن الباقي لا ثمن الكل والمراد بالثمن القيمة إذ المدار عليها بقيمة العبد على الاضافة البيانية أي أي قيمة هي عدل ووسط لا زيادة فيها ولا
[ 320 ]
نقص أو بقيمة المقوم العدل الذي يعتمد على كلامه ووقع في نسخ النسائي بقيمة العبد والظاهر أنه سهو والصواب بقيمة العدل كما في غالب الكتب والله تعالى أعلم قوله (4700) فلا يبعها أي تنزها قوله ربعة بفتح فسكون أي منزل وقد سبق الحديث قريبا قوله (4702) أحق بسقبه السقب بفتحتين القرب وباء بسقبه صلة أحق لا للسبب أي الجار أحق بالدار الساقبة أي القريبة ومن لا يقول بشفعة الجار يحمل الجار على الشريك فإنه يسمى جارا أو يحمل الباء على السببية أي أحق بالبر والمعونة بسبب قربه من جاره ولا يخفى أنه لا معنى لقولنا الشريك أحق
[ 321 ]
بالدار القريبة كما هو مؤدى التأويل الاول والظاهر أن الرواية الآتية ترد التأويلين فليتأمل قوله (4704) في كل مال لم يقسم أي باق على اشتراكه فالشفعة إنما هي ما دامت الارض مشتركة بينهم وأما إذا قسمت وعين لكل منهم سهمه وجعل لكل قطعة طريقا مفردة فلا شفعة وظاهره أنه لا شفعة للجار وإنما الشفعة للشريك وبه قال مالك والشافعي ومن لا يقول بها يحمل النفي على نفي شفعة الشركة لان الشريك أولى بها من الجار فإذا قسمت الارض وعين لكل منهم سهمه وطريقه فما بقي له الا الاولوية فهذا محمل الحديث عندهم قوله والجوار أي ومراعاة الجوار وهذا لا دليل فيه لا للمثبت ولا للنافي والله تعالى هو الكافي وهو أعلم بما هو الحق الوافي . (تم الجزء السابع ويليه الثامن وأوله كتاب القسامة)