حاشية السندي على النسائي
ابن عبد الهادي ج 5
[ 1 ]
حاشية السندي علي سنن النسائي الجزء الخامس دار الكتب العلمية
[ 2 ]
كتاب الزكاة قوله لمعاذ حين بعثه إلى اليمن كان بعثه إليها في ربيع الاول قبل حجة الوداع وقيل في آخر سنة تسع عند منصرفه من تبوك وقيل عام الفتح سنة ثمان واختلف هل بعثه واليا أو قاضيا فجزم الغساني بالاول وابن عبد البر بالثاني واتفقوا على أنه لم يزل عليها إلى أن قدم في عهد عمر فتوجه إلى الشام فمات بها
[ 3 ]
قوما أهل كتاب أي اليهود فقد كثروا يومئذ في أقطار اليمن فادعهم إلى أن يشهدوا الخ أي فادعهم بالتدريج إلى ديننا شيئا فشيئا ولا تدعهم إلى كله دفعة لئلا يمنعهم من دخولهم فيه ما يجدون فيه من كثرة مخالفته لدينهم فإن مثله قد يمنع من الدخول ويورث التنفير لمن أخذ قبل على دين آخر بخلاف من لم يأخذ على آخر فلا دلالة في الحديث على أن الكافر غير مكلف بالفروع كيف ولو كان ذاك مطلوبا للزم أن
[ 4 ]
التكليف بالزكاة بعد الصلاة وهذا باطل بالاتفاق وهذا الحديث ليس مسوقا لتفاصيل الشرائع بل لكيفية الدعوة إلى الشرائع إجمالا وأما تفاصيلها فذاك أمر مفوض إلى معرفة معاذ فترك ذكر الصوم والحج لا يضر كما لا يضر ترك تفاصيل الصلاة والزكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم الظاهر أن المراد من اغنياء أهل تلك البلدة وفقرائهم فالحديث دليل لمن يقول بمنع نقل الزكاة من بلدة إلى بلدة ويحتمل أن المراد من أغنياء المسلمين وفقرائهم حيثما كانوا فيؤخذ من الحديث جواز النقل فاتق دعوة المظلوم أي فلا تظلمهم في الاخذ خوفا من دعائهم عليك وفيه أن الظلم ينبغي تركه للكل وان كان لا يبالي بالمعاصي لخوفه منه وأنه منفرد عن سائر المعاصي بما فيه من خوف دعوة المظلوم وقد جاء في بعض الروايات فإنها ليست بينها وبين الله حجاب أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع يمنعها والمراد أنها مقبولة وان كان عاصيا كما جاء في الحديث عند أحمد مرفوعا دعوة المظلوم مستجابة وان كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده صحيح قال بن العربي هذا الحديث وان كان مطلقا فهو مقيد بالحديث الآخر أن الداعي على ثلاث مراتب اما أن يعجل له ما طلب واما أن يؤخر له أفضل منه وأما أن يدفع عنه من السوء مثله وهذا كما قيد مطلق قوله تعالى أمن يجيب المضطر إذا دعاه بقوله تعالى فيكشف ما تدعون إليه ان شاء ذكره السيوطي قوله (ومن عددهن لاصابع يديه يريد أن ضمير عددهن لاصابع يديه أن لا آتيك يريد انه كان كارها له ولدينه صلى الله تعالى عليه وسلم الا إن الله تعالى من عليه واني كنت أمرا الخ الظاهر ان كان زائده والمراد أني في حال لا أعقل شيئا الخ وليس المراد أنه كان في سالف الزمان كذلك ومقصوده أنه
[ 5 ]
ضعيف الرأي عقيم النظر فينبغي للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يجتهد في تعليمه وافهامه بما بعثك ما استفهامية والجملة بيان السؤال أسلمت وجهي إلى الله أي جعلت ذاتي منقادة لحكمه وسلمت جميع ما يرد على منه تعالى فالمراد بالوجه تمام النفس وتخيلت التخلي التفرغ أراد التبعد من الشرك وعقد القلب على الايمان أي تركت جميع ما يبعد من دون الله وصرت عن الميل إليه فارغا ولعل هذا كان بعد أن نطق بالشهادتين لزيادة رسوخ الايمان في القلب ويحتمل أن يكون هذا إنشاء الاسلام لانه في معنى الشهادة بالتوحيد والشهادة بالرسالة قد سبقت منه بقوله الا ما علمني الله ورسوله أو أن هذا الكلام يتضمن الشهادة بالرسالة لما في أسلمت وجهي من الدلالة على قبوله جميع أحكامه تعالى ومن جملة تلك الاحكام أن يشهد الانسان لرسوله بالرسالة ففيه أن المقصود الاصلي هو إظهار التوحيد والشهادة بالرسالة بأي عبارة كانت والله تعالى أعلم قوله اسباغ الوضوء شطر الايمان في رواية مسلم الطهور شطر الايمان
[ 6 ]
وذكروا في توجيهه وجوها لا تناسب رواية الكتاب منها أن الايمان يطهر نجاسة الباطن والوضوء يطهر نجاسة الظاهر وهذا ان تم يفيد أن الوضوء شطر الايمان كرواية مسلم لا أن اسباغه شطر الايمان كما في رواية الكتاب مع أنه لا يتم لانه يقتضى أن يجعل الوضوء مثل الايمان وعديله لا نصفه أو شطره وكذا غالب ما ذكروا والاظهر الانسب لما في الكتاب أن يقال أراد بالايمان الصلاة كما في قوله تعالى وما كان الله ليضيع ايمانكم الكلام على تقدير مضاف أي إكمال الوضوء شطر اكمال الصلاة وتوضيحه أن إكمال الصلاة باكمال شرائطها الخارجة عنها واركانها الداخلة فيها وأعظم الشرائط الوضوء فجعل إكماله نصف إكمال الصلاة ويحتمل أن المراد الترغيب في إكمال الوضوء وتعظيم ثوابه حتى كأنه بلغ إلى نصف ثواب الايمان والله تعالى أعلم والحمد لله تملا بالتاء الفوقانية باعتبار الكلمة وظاهره أن الاعمال تتجسد عند الوزن والتسبيح والتكبير يملا بالافراد أي كل منهما أو مجموعهما وفي بعض النسخ يملآن بالتثنية والظاهر أن هذا يكون عند الوزن كما في عديله ولعل الاعمال تصير أجساما لطيفة نورانية لا تتزاحم بعضها ولا تزاحم غيرها كما هو المشاهد في الانوار إذ يمكن أن يسرج ألف سراج في بيت واحد مع أنه يمتلئ نورا من واحد من تلك السرج لكن كونه لا يزاحم يجتمع معه نور الثاني والثالث ثم لا يمتنع امتلاء البيت من النور جلوس القاعدين فيه لعدم المزاحمة فلا يرد أنه كيف يتصور ذلك مع كثرة التسبيحات والتقديسات
[ 7 ]
مع أنه يلزم من وجود واحد أن لا يبقى مكان لشخص من أهل المحشر ولا لعلم آخر متجسد مثل تجسد التسبيح وغيره والله تعالى أعلم والصلاة نور لعل لها تأثيرا في تنوير القلوب وانشراح الصدور برهان دليل على صدق صاحبها في دعوى الايمان إذ الاقدام على بذل المال خالصا لله لا يكون الا من صادق في ايمانه والصبر ضياء أي نور قوي فقد قال تعالى هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا ولعل المراد بالصبر الصوم وهو لكونه قهرا على النفس قامعا لشهوتها له تأثير عادة في تنوير القلب بأتم
[ 8 ]
وجه حجة لك ان عملت به أو عليك ان قرأته بلاعمل به والله تعالى أعلم قوله ثم أكب أي سقط على ماذا حلف أي على التعين ان لم يبين نعم ظهر من قرائن الاحوال أنه من الامور الشديدة الهائلة ما من عبد وفيه أن مرتكب الصغائر إذا أتى بالفرائض لا يعذب إذ لا يناسب أن يقال يمكن
[ 9 ]
أن يكون هذا بعد خروجه من العذاب إذ يأبى عنه ادخل بسلام وهو الموافق لقوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية وأن الكبائر المخلة لدخول الجنة ابتداء هي الموبقات السبع والله تعالى أعلم قوله هل على من يدعى من تلك الابواب الاستفهام ههنا بمعنى النفي كما في قوله تعالى هل جزاء الاحسان
[ 10 ]
الا الاحسان وأما قوله فهل يدعى فهو استفهام تحقيق قوله الاكثرون أموالا من قال الخ استثناء من هذا الحكم وفيه أنه يصح رجع الضمير إلى الحاضر في الذهن ثم تفسيره للمخاطب إذا سأل عنه ومعنى الا من قال هكذا أي الا من تصدق من الاكثرين في جميع الجوانب وهو كناية عن كثرة التصدق فذاك ليس من الاخسرين وقوله قال اما بمعنى تصدق وقوله هكذا إشارة إلى حثية في الجوانب الثلاث أي تصدق في جميع جهات الخير تصدقا كالحثى في الجهات الثلاث أو بمعنى فعل أي الا من فعل بماله فعلا مثل الحثى في الجهات الثلاث وهو كناية عن التصدق العام في جهات الخير وحثيه صلى الله تعالى عليه وسلم بيان للمشار
[ 11 ]
إليه بهكذا والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الافعال تطؤه بأخفافها راجع للابل لان الخف مخصوص بها كما أن الظلف وهو المنشق من القوائم مختص بالبقر والغنم والظباء والحافر مختص بالفرس والبغل والحمار والقدم للآدمي ذكره السيوطي في حاشية الترمذي وتنطحه بقرونها راجع للبقر وتنطحه المشهور في الرواية كسر الطاء ويجوز الفتح نفدت بكسر الفاء واهمال الدال أو بفتحها واعجام الذال قوله الا جعل أي ماله والظاهر جميع المال لا قدر الزكاة فقط شجاع بالضم والكسر الحية الذكر وقيل الحية مطلقا أقرع لا شعر على رأسه لكثرة سمه وقيل هو الابيض الرأس من كثرة السم وهو يفر منه كان هذا في أول الامر قبل أن يصير طوقا له ما بخلوا به ظاهره أنه يجعل قدر الزكاة طوقا له لانه الذي بخل به وظاهر الحديث أنه الكل ويمكن أن يقال المراد في القرآن ما بخلوا بزكاته وهو كل المال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال ثم لا تنافي بين هذا وبين قوله تعالى والذين يكنزون الذهب والفضة الآية إذ يمكن
[ 12 ]
أن يجعل بعض أنواع المال طوقا وبعضها يحمى عليه في نار جهنم أو يعذب حينا بهذه الصفة وحينا بتلك الصفة والله تعالى أعلم قوله لا يعطى حقها أي لا يؤدي زكاتها والجملة صفة ابل في نجدتها ورسلها قيل النجدة الشدة أو السمن والرسل بالكسر الهينة والثاني أي يعطي وهي سمان حسان يشتد عليه اخراجها فتلك نجدتها ويعطى في رسلها وهي مهازيل وفي النهاية والاحسن والله تعالى أعلم أن المراد بالنجدة الشدة والجدب وبالرسل الرخاء والخصب لان الرسل اللبن وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب والمعنى أنه يخرج حق الله حال الضيق والجدب وحال السعة والخصب وهذا هو الموافق للتفسير الذي في الحديث
[ 13 ]
وهو ظاهر كأغذ ما كانت بغين معجمة وذال معجمة مشددة أي أسرع وأنشط وأسره بالسين المهملة وتشديد الراء أي كأسمن ما كانت من السر وهو اللب وقيل من السرور لانها إذا سمنت سرت الناظر إليها وروى وآشره بمد الهمزة وشين معجمة وتخفيف راء أي أبطره وأنشطه يبطح على بناء المفعول أي يلقى على وجهه بقاع القاع المكان الواسع قرقر بفتح القافين المكان المستوي كان مقداره خمسين ألف سنة أي على هذا المعذب والا فقد جاء أنه يخفف على المؤمن حتى يكون أخف
[ 14 ]
عليه من صلاة مكتوبة فيرى سبيله اما إلى الجنة أو إلى النار كما في مسلم عقصاء هي الملتوية القرنين ولا عضباء هي المكسورة القرن قوله لما توفي على بناء المفعول وكذا استخلف أي جعل خليفة وكفر أي منع الزكاة وعامل معاملة من كفر أو ارتد لانكاره افتراض الزكاة قيل انهم حملوا قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة على الخصوص بقرينة ان صلاتك سكن لهم فرأوا أن ليس لغيره أخذ زكاة فلا زكاة بعده كيف تقاتل الناس أي من يمنع من الزكاة من المسلمين حتى يقولوا
[ 15 ]
اما أن يحمل على أنه كان قبل شرع الجزية أو على أن الكلام في العرب وهم لا يقبل منهم الجزية والا فالقتال في أهل الكتاب يرتفع بالجزية أيضا والمراد بهذا القول إظهار الاسلام فشمل الشهادة له صلى الله تعالى عليه وسلم بالرسالة والاعتراف بكل ما علم مجيئه به من فرق بالتشديد أو التخفيف أي من قال بوجوب الصلاة دون الزكاة أو يفعل الصلاة ويترك الزكاة فإن الزكاة حق المال أشار به إلى دخولها في قوله صلى الله تعالى عليه وسلم الا بحقه ولذلك رجع عمر إلى أبي بكر وعلم أن فعله موافق للحديث وأنه قد وفق به من الله تعالى عقالا هو بكسر العين الحبل الذي يعقل به البعير وليس من الصدقة فلا يحل له القتال فقيل أراد المبالغة بأنهم لو منعوا من الصدقة ما يساوي هذا القدر لحل قتالهم فكيف إذا منعوا الزكاة كلها وقيل قد يطلق العقال على صدقة عام وهو المراد ههنا ما هو أي سبب رجوعي إلى رأى أبي بكر الا أن رأيت الخ أي لما ذكر أبو بكر من قوله فإن الزكاة حق المال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال قوله في كل أربعين لعل هذا إذا زاد الابل على مائة وعشرين فيوافق الاحاديث الاخر
[ 16 ]
لا يفرق ابل عن حسابها أي تحاسب الكل في الاربعين ولا يترك هزال ولا سمين ولا صغير ولا كبير نعم العامل لا يأخذ الا الوسط مؤتجرا بالهمزة أي طالبا للاجر وقوله وشطر ابله المشهور رواية سكون الطاء من شطر على أنه بمعنى النصف وهو بالنصب عطف على ضمير آخذوها لانه مفعول وسقط نون الجمع للاتصال أو هو مضاف إليه الا أنه عطف على محله ويجوز جره أيضا والجمهور على أنه حين كان التغرير بالاموال جائزا في أول الاسلام ثم نسخ فلا يجوز الآن أخذ الزائد على قدر الزكاة وقيل معناه أنه يؤخذ منه الزكاة وان أدى ذلك إلى نصف المال كأن كان له ألف شاة فاستهلكها بعد أن وجبت عليه فيها الزكاة إلى أن بقي له عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه لصدقة الالف وان كان ذلك نصفا للقدر الباقي ورد بأن اللائق بهذا المعنى أن يقال انا آخذوا شطر ماله لا آخذوها وشطر ماله بالعطف كما في الحديث وقيل والصحيح أن يقال وشطر ماله بتشديد الطاء وبناء المفعول أي يجعل المصدق ماله نصفين ويتخير عليه فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة وأما أخذ الزائد فلا ولا يخفى أنه قول يأخذ الزيادة وصفا وتغليطا للرواة بلا فائدة والله تعالى أعلم
[ 17 ]
عزمة من عزمات ربنا أي حق من حقوقه وواجب من واجباته قوله أوسق بفتح الالف وضم السين جمع وسق بفتح واو أو كسرها وسكون سين والوسق ستون صاعا والمعنى إذا خرج من الارض أقل من ذلك في المكيل فلا زكاة عليه فيه وبه أخذ الجمهور وخالفهم أبو حنيفة وأخذ بإطلاق حديث فيما سقته السماء العشر الحديث خمس ذود بفتح المعجمة وسكون الواو بعدها مهملة والرواية المشهورة بإضافة خمس وروى بتنوينه على أن ذود بدل منه والذود من الثلاثة إلى العشرة لا واحد له من لفظه وإنما يقال في الواحد بعير وقيل بل ناقة فإن الذود في الاناث دون الذكور لكن حملوه في الحديث على ما يعم الذكر والانثى فمن ملك خمسا من الابل ذكورا يجب عليه فيها الصدقة فالمعنى إذا كان الابل أقل من خمس فلا صدقة فيها خمس أواق كجوار جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء ويقال
[ 18 ]
لها الوقية بحذف الالف وفتح الواو وهي أربعون درهما وخمسة أواق مائتا درهم والله تعالى أعلم قوله ان هذه فرائض الصدقة أي هذه الصدقات المذكورة فيما سيجئ هي المفروضات من جنس الصدقة فرض رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي أوجب أو شرع أو قدر لان ايجابها بالكتاب الا أن
[ 19 ]
التحديد والتقدير عرفناه ببيان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم التي أمر الله بلا واو وكذا في أبي داود فهي بدل من التي الاولى وفي صحيح البخاري بواو العطف على وجهها أي على هذه الكيفية المبينة في هذا الحديث فلا يعط أي الزائد أو فلا يعطه الصدقة أصلا لانه انعزل بالجور بنت مخاض بفتح الميم والمعجمة المخففة التي أتى عليها الحول ودخلت في الثاني وحملت أمها والمخاض الحامل أي دخل وقت حملها وان لم تحمل فابن لبون ذكر بن اللبون هو الذي أتى عليه حولان وصارت أمه لبونا بوضع الحمل وتوصيفه بالذكورة مع كونه معلوما من الاسم اما للتأكيد وزيادة البيان أو لتنبيه رب المال والمصدق لطيب رب المال نفسا بالزيادة المأخوذة إذا تأمله فيعلم أنه سقط عنه ماكان بإزائه من فضل الانوثة في الفريضة الواجبة عليه وليعلم المصدق أن سن الذكورة مقبولة من رب المال في هذا النوع وهذا أمر نادر وزيادة البيان في الامر الغريب النادر ليتمكن في النفس فضل تمكن مقبول كذا ذكره الخطابي حقه بكسر المهملة وتشديد القاف هي التي أتت عليها ثلاث سنين ومعنى طروقه الفحل هي التي طرقها أي نزا عليها والطروقة
[ 20 ]
بفتح الطاء فعولة بمعنى مفعولة جذعة بفتح الجيم والذال المعجمة هي التي أتى عليها أربع سنين ففي كل أربعين بنت لبون الخ أي إذا زاد بجعل الكل على عدد الاربعينات والخمسينات مثلا إذا زاد واحد على العدد المذكور يعتبر الكل ثلاث أربعينات وواحد والواحد لا شئ فيه وثلاث أربعينات فيها ثلاث بنات لبون إلى ثلاثين ومائة وفي ثلاثين ومائة حقة لخمسين وبنتا لبون لاربعين وهكذا ولا يظهر التغيير الا عند زيادة عشر فإذا تباين الخ أي اختلف الاسنان في باب الفريضة بأن يكون المفروض سنا والموجود عند صاحب المال سنا آخر فإنها تقبل منه الحقة الضمير للقصة والمراد أن الحقة تقبل موضع الجذعة مع شاتين أو عشرين درهما حمله بعض على أن ذاك تفاوت قيمة ما بين الجذعة والحقة في تلك الايام فالواجب هو تفاوت القيمة لا تعيين ذلك فاستدل به على جواز أداء القيم في الزكاة والجمهور على تعيين ذلك القدر برضا صاحب المال والا فليطلب السن الواجب ولم يجوزوا القيمة
[ 21 ]
ومعنى استيسرتا له أي كانتا موجودتين في ماشيته مثلا ثلاث شياه بالكسر جمع شاة هرمة بفتح فكسر أي كبيرة السن التي سقطت أسنانها ولا ذات عوار بفتح وقد تضم أي ذات عيب ولا تيس الغنم أي فحل الغنم المعد لضرابها اما لانه ذكر والمعتبر في الزكاة الاناث دون الذكور لان الاناث أنفع للفقراء واما لانه مضر بصاحب المال لانه يعز عليه وعلى الاول قوله الا أن يشاء المصدق بتخفيف الصاد وكسر الدال المشددة وهذا هو المشهور أي العامل على الصدقات والاستثناء متعلق
[ 22 ]
بالاقسام الثلاث ففيه إشارة إلى التفويض إلى اجتهاد العامل لكونه كالوكيل للفقراء فيفعل ما يرى فيه المصلحة والمعنى لا تؤخذ كبيرة السن ولا المعيبة ولا الكيس الا أن يرى العامل أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه نظرا لهم وعلى الثاني اما بتخفيف الصاد وفتح الدال المشددة أو بتشديد الصاد والدال معا وكسر الدال أصله المتصدق فأدغمت التاء في الصاد والمراد صاحب المال والاستثناء متعلق بالاخير أي لا يؤخذ فحل الغنم الا برضا المالك لكونه يحتاج إليه ففي أخذه بغير اختياره اضرار به ولا يجمع بين متفرق معناه عند الجمهور على النهي أي لا ينبغي لمالكين يجب على مال كل منهما صدقة وما لهما متفرق بأن يكون لكل منهما أربعون شاة فتجب في مال كل منهما شاة واحدة أن يجمعا عند حضور المصدق فرارا عن لزوم الشاة إلى نصفها إذ عند الجمع يؤخذ من كل المال شاة واحدة وعلى هذا قياس ولا يفرق بين مجتمع بأن يكون لكل منهما مائة شاة وشاة فيكون عليهما عند الاجتماع ثلاث شياه أن يفرقا ما لهما ليكون على كل واحد شاة واحدة فقط والحاصل أن الخلط عند الجمهور مؤثر في زيادة الصدقة ونقصانها لكن لا ينبغي لهم أن يفعلوا ذلك فرارا عن زيادة الصدقة ويمكن توجيه النهي إلى المصدق أي ليس له الجمع والتفريق خشية نقصان الصدقة أي ليس له أنه إذا رأى نقصانا في الصدقة على تقدير الاجتماع أن يفرق أو رأى نقصانا على تقدير التفرق أن يجمع وقوله خشية الصدقة متعلق بالفعلين على التنازع أو بفعل يعم الفعلين أي لا يفعل شئ من ذلك خشية الصدقة وأما عند أبي حنيفة لا أثر للخلطة فمعنى الحديث عنده على ظاهر النفي على أن النفي راجع إلى القيد وحاصله نفي الخلط لنفي الاثر أي لا أثر للخلطة والتفريق في تقليل الزكاة وتكثيرها أي لا يفعل شئ من ذلك خشية الصدقة إذ لا أثر له في الصدقة والله تعالى أعلم وما كان من خليطين الخ معناه عند الجمهور أن ما كان متميزا لاحد الخلطين من المال فأخذ الساعي من ذلك المتميز يرجع إلى صاحبه بحصته بأن كان لكل عشرون وأخذ الساعي من مال أحدهما يرجع
[ 23 ]
بقيمة نصف شاة وان كان لاحدهما عشرون وللآخر أربعون مثلا فأخذ من صاحب عشرين يرجع إلى صاحب أربعين بالثلثين وان أخذ منه يرجع على صاحب عشرين بالثلث وعند أبي حنيفة يحمل الخليط على الشريك إذ المال إذا تميز فلا يؤخذ زكاة كل الا من ماله وأما إذا كان المال بينهما على الشركة بلا تميز وأخذ من ذلك المشترك فعنده يجب التراجع بالسوية أي يرجع كل منهما على صاحبه بقدر ما يساوي ماله مثلا لاحدهما أربعون بقرة وللآخر ثلاثون والمال مشترك غير متميز فأخذ الساعي عن صاحب أربعين مسنة وعن صاحب ثلاثين تبيعا وأعطى كل منهما من المال المشترك فيرجع صاحب أربعين بأربعة أسباع التبيع على صاحب ثلاثين وصاحب ثلاثين بثلاثة أسباع المسنة على صاحب أربعين واحدة بالنصب على نزع الخافض أي بواحدة أو هي صفة والتقدير بشاة واحدة الا أن يشاء ربها أي فيعطى شيئا تطوعا وفي الرقة بكسر الراء وتخفيف القاف الفضة الخالصة مضروبة كانت
[ 24 ]
أولا قوله إذا هي أي الابل لم يعط على بناء المفعول أو الفاعل ومن حقها أن تحلب بحاء مهملة والظاهر أن المراد والله تعالى أعلم من حقها المندوب حلبها على الماء لمن يحضرها من المساكين وإنما خص الحلب بموضع الماء ليكون أسهل على المحتاج من قصد المنازل وذكره الداودي بالجيم وفسره بالاحضار إلى المصدق وتعقبه بن دحية وجزم بأنه تصحيف ألا لا يأتين أي ليس لاحدكم أن يأخذ البعير ظلما أو خيانة أو غلولا فيأتي به يوم القيامة رغاء بضم الراء وغين معجمة صوت الابل يعار بتحتية مضمومة وعين مهملة صوت المعز كنز أحدهم أي ما يجب فيه الزكاة من المال ولم يؤد زكاته شجاعا بضم الشين وهو منصوب على الخبرية وكتابته بلا ألف كما في بعض النسخ
[ 25 ]
مبني على عادة أهل الحديث في كتابة المنصوب بلا ألف أحيانا حتى يلقمه من ألقمه حجرا أي أدخله في فمه قوله إذا كانت رسلا لاهلها رسلا بكسر الراء بمعنى اللين وكذا ما كان من الابل والغنم من عشر إلى خمس وعشرين والظاهر أنه أراد به المعنى الاول أي إذا اتخذوها في البيت لاجل اللبن وأخذ الترجمة من مفهوم في كل ابل سائمة ويحتمل على بعد أنه أراد الثاني أي إذا كانت دون أربعين فأخذ من قوله من كل أربعين أنه لا زكاة فيما دون أربعين لكن هذا مخالف لسائر الاحاديث وقد تقدم حمل
[ 26 ]
الحديث على ما يندفع به التنافي بين الاحاديث والله تعالى أعلم قوله أن يأخذ أي في الجزية من كل حالم أي بالغ عدله بفتح العين أو كسرها ما يساوى الشئ قيمة معافر بفتح الميم برود باليمن تبيعا ما دخل في الثانية مسنة ما دخل في الثالثة قوله عجل بكسر العين ولد البقر تابع
[ 27 ]
تبع أي أمه ولذلك يسمى تبيعا جذع بفتحتين أي ذكر أو جذعة أي أنثى قوله جماء هي التي لا قرن لها وماذا حقها ظاهره الحق الواجب الذي فيه الكلام لكن معلوم أن ذلك الحق الواجب هو الزكاة لا المذكور في الجواب فينبغي أن يجعل السؤال عن الحق المندوب وتركوا السؤال عن الواجب الذي كان فيه الكلام لظهوره عندهم اطراق فحلها أي اعارته للضراب واعارة دلوها لاخراج الماء من البئر لمن يحتاج إليه ولا دلو معه يقضمها بفتح الضاد المعجمة من القضم بقاف وضاد معجمة الاكل بأطراف الاسنان الفحل أي الذكر القوي بأسنانه
[ 30 ]
قوله أن لا نأخذ راضع لبن أي صغيرا يرضع اللبن أو المراد ذات لبن بتقدير المضاف أي ذات راضع لبن والنهي على الثاني لانها من خيار المال وعلى الاول لان حق الفقراء في الاوساط وفي الصغار اخلال بحقهم وقيل المعنى أن ما أعدت للدر لا يؤخذ منها شئ ثم في نسخ الكتاب راضع لبن بدون من وفي رواية أبي داود من راضع لبن بكلمة من وهي زائدة وقد نقل السيوطي عبارة الكتاب بمن في الحاشية والله تعالى أعلم كوماء أي مشرفة السنام عالية قوله فآتاه بالمد فصيلا مخلولا أي مهزولا وهو الذي جعل في أنفه خلال لئلا يرضع أمه فتهزل اللهم لا تبارك فيه أي ان ثبت صدقته تلك والله تعالى أعلم قوله
[ 31 ]
قال اللهم صل الخ لقوله تعالى وصل عليهم ان صلاتك سكن لهم قوله قال أرضوا مصدقيكم علم صلى الله تعالى عليه وسلم أن عامليه لا يظلمون ولكن أرباب الاموال لمحبتهم بالاموال يعدون الاخذ ظلما فقال لهم ما قال فليس فيه تقرير للعاملين على الظلم ولا تقرير للناس على الصبر عليه وعلى إعطاء الزيادة على ما حده الله تعالى في الزكاة قوله بسم الله الرحمن الرحيم إذا أتاكم المصدق بتخفيف الصاد وتشديد الدال المكسورة وهو العامل فليصدر أي يرجع
[ 32 ]
قوله عن مسلم بن ثفنة بمثلثة وفاء ونون مفتوحات وقيل كسر الفاء قالوا هو خطأ من وكيع والصواب مسلم بن شعبة قوله استعمل بن علقمة أبي بالاضافة إلى ياء المتكلم على عرافة قومه بكسر العين أي القيام بأمورهم ورياستهم أن يصدقهم من التصديق أي يأخذ منهم الصدقات يقال له سعد بفتح أوله وقيل بكسره اختلف في صحبته لنشبر من شبرت الثوب أشبره كنصر في شعب بكسر الشين واد بين جبلين والشعاب بكسر الشين جمعه فاعمد من عمد كضرب والمضارع لاحضار تلك الهيئة ممتلئة محضا وشحما أي سمينة كثيرة اللبن والمحض بحاء مهملة وضاد معجمة هو اللبن والشافع الحابل بالباء الموحدة أي الحامل إلى عناق بفتح العين والمراد ما كان دون ذلك معتاط قيل هي التي امتنعت عن الحمل لسمنها وهو لا يوافق
[ 33 ]
ما في الحديث الا أن يراد بقوله وقد حان ولادها الحمل أي أنها لم تحمل وهي في سن يحمل فيه مثلها قوله منع بن جميل الخ أي منعوا الزكاة ولم يؤدوها إلى عمر ما ينقم بكسر القاف أي ما ينكر أو يكره الزكاة الا لاجل أنه كان فقيرا فأغناه الله فجعل نعمة الله تعالى سببا لكفرها أدراعه جمع درع الحديد وأعتده بضم المثناة الفوقية جمع عتد بتفحتين هو ما يعده الرجل من الدواب والسلاح وقيل الخيل خاصة وروى بالموحدة جمع عبد والاول هو المشهور ولعلهم طالبوا خالدا بالزكاة عن أثمان الدروع والاعتد بظن أنها للتجارة فبين لهم صلى الله تعالى عليه وسلم أنها وقف في سبيل الله فلا زكاة فيها أو لعله أراد أن خالدا لا يمنع الزكاة ان وجبت عليه لانه قد جعل أدراعه وأعتده في سبيل الله تبرعا وتقربا إليه تعالى ومثله لا يمنع الواجب فإذا أخبر بعد الوجوب أو منع فيصدق في قوله ويعتمد على فعله والله تعالى
[ 34 ]
أعلم فهي عليه الظاهر أن ضمير عليه للعباس ولذلك قيل أنه ألزمه بتضعيف صدقته ليكون أرفع لقدره وأنبه لذكره وأنفى للذم عنه والمعنى فهي صدقته ثابتة عليه سيصدق بها ويضيف إليها مثلها كرما وعلى هذا فما جاء في مسلم وغيره فهي على محمول على الضمان أي أنا ضامن متكفل عنه والا فالصدقة عليه ويحتمل أن ضمير عليه لرسول الله وهو الموافق لما قيل انه صلى الله تعالى عليه وسلم استسلف منه صدقة عامين أو هو عجل صدقة عامين إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ومعنى على عندي لا يقال لا يبقى حينئذ للمبتدأ عائد لانا نقول ضمير فهي لصدقة العباس أو زكاته فيكفي للربط كأنه قيل فصدقته على الرسول وقيل في التوفيق بين الروايتين أن الاصل على وهاء عليه ليست ضميرا بل هي هاء السكت فالياء فيها مشددة أيضا وهذا بعيد مستغنى عنه بما ذكرنا والله تعالى أعلم قوله مثله سواء أي هذه الرواية مثل السابقة وسواء تأكيد للمماثلة قوله أقتل على بناء المفعول كأنه شكى أن العامل شدد عليه في الاخذ وكاد يفضي ذلك إلى قتل رب المال بعده صلى الله تعالى عليه وسلم فإنه إذا كان الحال في وقته ذاك فكيف بعده وحاصل الجواب أن الزكاة شرعت لتصرف في مصارفها ولولا ذاك لما أخذت أصلا وليست مما لا فائدة في أخذها فليس لرب المال أن يشدد في الاعطاء حتى يفضي ذاك إلى تشديد العامل ويحتمل أن هذا الشاكي هو العامل يشكو شدة
[ 35 ]
أرباب الاموال في الاعطاء حتى يخاف أن يؤدي ذاك إلى القتل ومعنى بعدك أي بعد غيبتي عنك وذهابي إلى أرباب الاموال وحاصل الجواب أنه لولا استحقاق المصارف لما أخذنا الزكاة بل تركنا الامر إلى أصحاب الاموال والنظر للمصارف يدعو إلى تحمل المشاق فلا بد من الصبر عليها وهذا الوجه أنسب بترجمة المصنف وموافقة لفظ الحديث للوجهين غير خفية قوله ليس على المسلم في عبده ولا فرسه حملوها على مالا يكون للتجارة ومن يقول بالزكاة في الفرس يحمل الفرس على فرس الركوب وأما ما أعد
[ 36 ]
للنماء ففيه عنده صدقة على الوجه المبين في كتب الفروع
[ 37 ]
قوله قد عفوت عن الخيل والرقيق أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه وهذا لا يقتضي سبق وجوب ثم نسخه من كل مائتين أي مائتي درهم ولذلك قال وليس فيما دون مائتين زكاة والله تعالى أعلم
[ 38 ]
(0) باب زكاة الحلى بضم حاء وكسر لام وتشديد تحتية جمع حلى بفتح حاء وسكون لام كثدي وثدي والجمهور على أنه لا زكاة فيها وظاهر كلام المصنف على وجوبها فيها كقول أبي حنيفة وأصحابه وأجاب الجمهور بضعف الاحاديث قال الترمذي لم يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شئ لكن تعدد أحاديث الباب وتأييد بعضها ببعض يؤيد القول بالوجوب وهو الاحوط والله تعالى أعلم قوله مسكتان بفتحات أي سواران والواحد مسكة بفتحات والسوار من الحلى معروف وتكسر السين وتضم وسورته السوار
[ 39 ]
بالتشديد أي ألبسته إياه قوله له زبيبتان تثنية زبيبة بفتح الزاي وموحدتين قيل هما النكتتان السوداوان فوق عينيه وقيل نقطتان يكتنفان فاه وقيل غير ذلك أو يطوقه بفتح أوله وتشديد الطاء والواو المفتوحتين أي يصير له ذلك الشجاع طوقا قوله بلهزمتيه بكسر اللام والزاي بينهما هاء ساكنة في صحيح البخاري يعني شدقيه وقال في الصحاح هما العظمان الناتئان في اللحيين تحت الاذنين وفي الجامع
[ 40 ]
هما لحم الاذنين الذي يتحرك إذا أكل الانسان قوله لا يحل في البر بكسر الحاء أي لا يجب ومنه
[ 41 ]
قوله تعالى أم أردتم أن يحل عليكم غضب أي يجب على قراءة الكسر ومنه حل الدين حلولا وأما الذي بمعنى النزول فبضم الحاء ومنه قوله تعالى أو تحل قريبا من دارهم قوله فيما سقت السماء أي المطر من باب ذكر المحل وإرادة الحال والمراد مالا يحتاج سقيه إلى مؤنة والبعل بموحدة مفتوحة وعين مهملة ساكنة ما شرب من النخيل بعروقه من الارض من غير سقى السماء ولا غيرها بالسواني جمع سانية وهي بعير يستقى عليه والنضح بفتح فسكون هو السقى بالرشا والمراد ما يحتاج إلى مؤنة
[ 42 ]
الآلة واستدل أبو حنيفة بعموم الحديث على وجوب الزكاة في كل ما أخرجته الارض من قليل وكثير والجمهور جعلوا هذا الحديث لبيان محل العشر ونصفه وأما القدر الذي يؤخذ منه فأخذوا من حديث ليس فيما دون خمس أوسق صدقة وهذا أوجه لما فيه من استعمال كل من الحديثين فيما سيق له والله تعالى أعلم قوله بالدوالي جمع دالية آلة لاخراج الماء قوله إذا خرصتم الخرص تقدير ما على النخل من الرطب تمرا وما على الكرم من العنب زبيبا ليعرف مقدار عشره ثم يخلى بينه وبين مالكه ويؤخذ ذلك المقدار وقت قطع الثمار وفائدته التوسعة على أرباب الثمار في التناول منها وهو جائز عند الجمهور خلافا للحنفية لافضائه إلى الربا وحملوا أحاديث الخرص على أنها كانت قبل تحريم الربا ودعوا الثلث من القدر الذي قررتم بالخرص وبظاهره قال أحمد وإسحاق وغيرهما وحمل أبو عبيدة الثلث
[ 43 ]
على قدر الحاجة وقال يترك قدر احتياجهم ومشهور مذهب الشافعي وكذا مذهب مالك أن لا يترك لهم وقال ابن العربي المتحصل من صحيح النظر يعمل بالحديث وقال الخطابي إذا أخذ الحق منهم مستوفى أضر بهم فإنه يكون منه الساقطة والهالكة وما يأكله الطير والناس وقيل معنى الحديث أن لم يرضوا بخرصكم فدعوا لهم الثلث والربع ليتصرفوا فيه ويضمنوا لكم حقه وتتركوا الباقي إلى أن يجف فيؤخذ حقه لا أنه يترك لهم بلا خرص ولا إخراج وقيل اتركوا لهم ذلك لتصدقوا منه على جيرانهم ومن يطلب منهم لا أنه لا زكاة عليهم في ذلك والله تعالى أعلم قوله الجعرور بضم جيم وسكون عين مهملة وراء مكررة ضرب ردئ من التمر يحمل رطبا صغارا لا خير فيه ولون حبيق بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة وسكون المثناة التحتية وقاف نوع ردئ من التمر منسوب إلى رجل اسمه ذاك الرذالة بضم الراء واعجام الذال الردئ قوله صالح بن أبي عريب بفتح العين المهملة وكسر
[ 44 ]
الراء قوله وقد علق رجل وكانوا يعلقون في المسجد ليأكل منه من يحتاج إليه قنا حشف القنا بالكسر والفتح مقصور هو العذق بما فيه من الرطب والقنو بكسر القاف أو ضمها وسكون النون مثله والحشف بفتحتين هو اليابس الفاسد من التمر وقنا حشف بالاضافة وفي نسخة قنو حشف فجعل يطعن في القاموس طعنه بالرمح كمنع ونصر ضربه يأكل حشفا أي جزاء حشف فسمى الجزاء باسم الاصل ويحتمل أن يجعل الجزاء من جنس الاصل ويخلق الله تعالى في هذا الرجل شهاء الحشف فيأكله فلا ينافي ذلك قوله تعالى ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم والله تعالى أعلم قوله في طريق مأتى كمرمى أي مسلوك فعرفها أمر من التعريف فإن جاء صاحبها أي فهو المطلوب والا أي وان لم يجئ فلك أي فهي لك قال السيوطي نقلا عن بن مالك في هذا الكلام حذف جواب الشرط الاول وحذف فعل الشرط بعد إلا وحذف المبتدأ من جملة الجواب للشرط الثاني والتقدير فإن جاء صاحبها أخذها والا يجئ فهي لك وظاهر الحديث أنه يملكها الواجد مطلقا وقد يقال لعل السائل كان فقيرا فأجابه على حسب حاله فلا يدل على أن الغنى يملك وفيه أنه كم من فقير يصير غنيا فالاطلاق في الجواب لا يحسن الا عند إطلاق الحكم فليتأمل وما لم يكن في طريق مأتى الخ قال الخطابي يريد العادي الذي لا يعرف مالكه وفي الركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاي
[ 45 ]
معجمة من ركزه إذا دفنه والمراد الكنز الجاهلي المدفون في الارض وإنما وجب فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه قوله العجماء هي البهيمة لانها لا تتكلم وكل مالا يقدر على الكلام فهو أعجم جرحها بفتح الجيم على المصدر لا غير وهو بالضم اسم منه وذلك لان الكلام في فعلها لا فيما حصل في جسدها من الجرح وان حمل جرحها بالضم على جرح حصل في جسد مجروحها يكون الاضافة بعيدة وأيضا الهدر حقيقة هو الفعل لا أثره في المجروح فليتأمل جبار بضم جيم وخفة موحدة أي هدر قال السيوطي والمراد الدابة المرسلة في رعيها أو المنفلتة من صاحبها والحاصل أن المراد ما لم يكن معه سائق ولا قائد من البهائم إذا أتلف شيئا نهارا فلا ضمان على صاحبها والمعدن بكسر الدال
[ 46 ]
والمراد أنه إذا استأجر رجلا لاستخراج معدن أو لحفر بئر فانهار عليه أو وقع فيها إنسان بعد أن كان البئر في ملك الرجل فلا ضمان عليه وتفاصيل المسائل في كتب الفروع قوله نحل هو ذباب العسل والمراد العسل واديا كان فيه النحل ولى بكسر لام مخففة على بناء الفاعل أو مشددة على بناء المفعول وإلا فإنما هو ذباب غيث أي والا فلا يلزم عليك حفظه لان الذباب غير مملوك فيحل لمن يأخذه وعلم أن الزكاة فيه غير واجبة على وجه يجبر صاحبه على الدفع لكن لا يلزم الامام حمايته
[ 47 ]
الا بأداء الزكاة والله تعالى أعلم قوله فرض أي أوجب والحديث من أخبار الآحاد فمؤداه الظن فلذلك قال بوجوبه دون افتراضه من خص الفرض بالقطعي والواجب بالظني زكاة رمضان هي صدقة الفطر ونصبها على المفعولية وصاعا بدل منها أو حال أو على نزع الخافض أي في زكاة رمضان والمفعول صاعا على الحر والعبد على بمعنى عن إذ لا وجوب على العبد والصغير كما في بعض الروايات إذ لا مال للعبد ولا تكليف على الصغير نعم يجب على العبد عند بعض والمولى نائب فعدل بالتخفيف أي قالوا ان نصف صاع من بر ساوى في المنفعة والقيمة صاعا من شعير أو تمر فيساويه في الاجزاء فالمراد أي قاسوه به وظاهر هذا الحديث أنهم إنما قاسوه لعدم النص منه صلى الله تعالى عليه وسلم في البر بصاع أو نصفه والا فلو كان عندهم حديث بالصاع لما خالفوه أو بنصفه لما احتاجوا إلى القياس بل حكموا بذلك ولعل ذلك هو القريب لظهور عزة البر وقلته في المدينة في ذلك الوقت فمن الذي يؤدي صدقة الفطر منه حتى يتبين به حكمه أنه صاع أو نصفه وأما حديث أبي سعيد فظاهره أن بعضهم كانوا يخرجون صاعا من بر أيضا لكن لعله قال ذلك بناء على أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم شرع لهم صاعا من غير البر ولم يبين لهم حال البر فقاس عليه أبو سعيد حال البر وزعم أنه ان ثبت من أحد الاخراج في وقته للبر لا بد أنه أخرج الصاع لا نصفه أو لعل بعضهم أدى أحيانا البر فأدى صاعا بالقياس فزعم أبو سعيد أن المفروض في البر ذلك وبالجملة فقد علم بالاحاديث أن إخراج البر لم يكن
[ 48 ]
معتادا متعارفا في ذلك الوقت فقد روى بن خزيمة في مختصر المسند الصحيح عن بن عمر قال لم يكن الصدقة على عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم الا التمر والزبيب والشعير ولم تكن الحنطة وروى البخاري عن أبي سعيد كنا نخرج في عهد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام وكان طعامنا يومئذ الشعير والزبيب والاقط والتمر والله تعالى أعلم قوله من المسلمين استدلال بالمفهوم فلا عبرة به عند من لا يقول به ولذا يوجب في العبد الكافر بإطلاق النصوص
[ 49 ]
قوله لم نؤمر به ولم ننه عنه وكنا نفعله الظاهر أن المراد سقط الامر به لا إلى نهى بل إلى إباحة والامر
[ 50 ]
في ذاته حسن ففعل الناس لذلك وهذا بناء على اعتبار بقاء الامر السابق أمرا جديدا واعتبار رفع ذلك البقاء رفع الامر فقيل لم نؤمر به ولذا استدل به من قال ان وجوب زكاة الفطر منسوخ وهو إبراهيم بن عليه وأبو بكر بن كيسان الاصم وأشهب من المالكية وابن اللبان من الشافعية قال الحافظ بن حجر وتعقب بأن في إسناده راويا مجهولا وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالامر الاول لان نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر ومنهم من أول الحديث الدال على الافتراض فحمل فرض على معنى قدر قال بن دقيق العيد وهو أصله في اللغة لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب والحمل عليه أولى وبالجملة فهذا الحديث يضعف كون الافتراض قطعيا ويؤيد القول بأنه ظني وهذا هو مراد الحنفية بقولهم أنه واجب والله تعالى أعلم قوله أو نصف صاع من قمح هو بفتح القاف وسكون
[ 51 ]
الميم البر قوله رضي الله تعالى عنهامن سلت بضم المهملة وسكون اللام ومثناة نوع من الشعير يشبه البر قوله أو صاعا من أقط
[ 52 ]
بفتح فكسر اللبن المتحجر قوله الرب عز وجلصاعا من طعام أو صاعا من شعير ظاهره أنه أراد بالطعام البر لكن قد عرفت توجيهه قوله فيما علم الناس من التعليم من سمراء الشام أي القمح الشامي الا تعدل أي تساويه في المنفعة والقيمة وهي مدار الاجزاء فتساويه في الاجزاء أو المراد تساويه في الاجزاء قوله أو صاعا من دقيق ح هذه زيادة من سفيان بن عيينة وهي وهم منه فأنكروا عليه هذه الزيادة فتركها قوله لا نخرج غيره هذا يدل على ما حققنا أنهم ما كانوا يخرجون البر والله تعالى أعلم
[ 54 ]
قوله المكيال مكيال أهل المدينة أي الصاع الذي يتعلق به وجوب الكفارات وتجب إخراج صدقة الفطر به صاع المدينة وكانت الصيعان مختلفة في البلاد والوزن وزن أهل مكة أي وزن الذهب والفضة فقط والمراد أن الوزن المعتبر في باب الزكاة وزن أهل مكة وهي الدراهم التي
[ 55 ]
العشرة منها بسبعة مثاقيل وكانت الدراهم مختلفة الاوزان في البلاد وكانت دراهم أهل مكة هي الدراهم المعتبرة في باب الزكاة فأرشد صلى الله تعالى عليه وسلم إلى ذلك بهذا الكلام وقيل ان أهل المدينة أهل زراعات فهم أعلم بأحوال المكيال وأهل مكة أصحاب تجارات فهم أعلم بالموازين والله تعالى أعلم قوله فأعلمهم من الاعلام تؤخذ من أغنيائهم الخ الظاهر أن الضميرين لهم فيفهم منه المنع عن النقل لكن يحتمل جعل الضميرين للمسلمين فلذلك ما جزم المصنف في الترجمة والله تعالى أعلم وكرائم أموالهم أي خيارها فإن الحق يتعلق بالوسط قوله قال رجل أي من بني إسرائيل كما في مسند
[ 56 ]
أحمد فالاستدلال به مبني على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يظهر النسخ لاتصدقن هي من باب الالتزام كالنذر فصار الصدقة واجبة فصح الاستدلال به في صدقة الفرض فأصبحوا أي القوم الذين كان فيهم ذلك المتصدق تصدق على بناء المفعول وهو أخبار بمعنى التعجب أو الانكار اللهم لك الحمد على سارق أي لاجل وقوع الصدقة في يده دون من هو أشد حالا منه أو هو للتعجب كما يقال سبحان الله فأتى على بناء المفعول أي فأرى في المنام ورؤيا غير الانبياء وان كان لا حجة فيها لكن هذه الرؤيا قد قررها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فحصل الاحتجاج بتقريره صلى الله تعالى عليه وسلم فلعل أن تستعف به من زناها ظاهره أنه أعطى لعل حكم عسى فأقيم أن مع المضارع موضع الاسم والخبر جميعا ههنا وأدخل ان في الخبر فيما بعد ويمكن أن يجعل ان مع المضارع اسم لعل ويكون
[ 57 ]
الخبر محذوفا أي يحصل ونحوه قوله بغير طهور بضم الطاء من غلول بضم الغين المعجمة والمراد الحرام والحديث قد تقدم في كتاب الطهارة قوله من طيب أي حلال وقد يطلق على المستلذ بالطبع والمراد ههنا هو الحلال وجملة لا يقبل الله الخ معترضة لبيان أنه لا ثواب في غير الطيب لا أن ثوابه دون هذا الثواب إذ قد يتوهم من التقييد أنه شرط لهذا الثواب بخصوصه لا لمطلق الثواب فمطلق الثواب يكون بدونه أيضا فذكر هذه الجملة دفعا لهذا التوهم ومعنى عدم قبوله أنه لا يثيب عليه ولا يرضى به بيمينه المروي عن السلف في هذا وأمثاله أن يؤمن المرء به ويكل علمه أي العليم الخبير وقيل هو كناية عن الرضا بة والقبول وإن كانت تمرة ان وصلية أي ولو كانت الصدقة شيئا
[ 58 ]
حقيرا فتربوا عطف على أخذها أي تزيد تلك الصدقة كما يربي والتشبيه يعتبر بين لازم الاول وبين هذا أي يربيها الرحمن كما يربى فلوه بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو أي الصغير من أولاد الفرس فإن تربيته تحتاج إلى مبالغة في الاهتمام به عادة والفصيل ولد الناقة وكلمة أو للشك من الراوي أو التنويع والله تعالى أعلم قوله لا شك فيه أي في متعلقه والمراد تصديق بلغ حد اليقين بحيث لا يبقى معه أدنى توهم لخلافه والا فمع بقاء الشك لا يحصل الايمان أو ايمان لا يشك المرء في حصوله له بأن يتردد هل حصل له الايمان أم لا والوجه هو الاول والله تعالى أعلم لا غلول بضم الغين أي لا خيانة منه في غنائمه طول القنوت أي ذات طول القنوت أي القيام قيل مطلقا وقيل في صلاة الليل وهو الاوفق بفعله صلى الله تعالى عليه وسلم قال جهد المقل بضم الجيم أي قدر ما يحتمله حال من قل له المال والمراد ما يعطيه المقل على قدر طاقته ولا ينافيه حديث خير الصدقة
[ 59 ]
ما كان عن ظهر غنى لعموم الغني للقلى وغنى اليد من هجر أي هجرة من هجر وعقر جواده أي فرسه والمراد قتل من صرف نفسه وماله في سبيل الله قوله إلى عرض ماله بضم العين المهملة وسكون الراء أي جانبه وظاهر الاحاديث أن الاجر على قدر حال المعطي لا على قدر المال المعطى فصاحب الدرهمين حيث أعطى نصف ماله في حال لا يعطى فيها الا الاقوياء يكون أجره على قدر همته بخلاف الغنى فإنه ما أعطى نصف ماله ولا في حال لا يعطى فيها عادة ويحتمل ان يقال لعل الكلام فيما إذا
[ 60 ]
صار إعطاء الفقير الدرهم سببا لاعطاء ذلك الغني تلك الدراهم وحينئذ يزيد أجر الفقير فإن له مثل أجر الغني وأجر زيادة درهم لكن لفظ الحديث لا يدل على هذا المعنى ولا يناسبه والله تعالى أعلم قوله فيجئ بالمد أي من أجرة العمل قوله أبو عقيل بفتح العين لغني عن صدقة هذا أي الذي جاء بالصاع ومراد المنافقين أن أحدا لا يعطى فتكلموا فيمن أعطى القليل بهذا الوجه وفيمن أعطى الكثير بأنه مراء قوله إن هذا المال خضرة بفتح الخاء وكسر ضاد وحلوة بضم مهملة أي كفاكهة أو كبقلة يرغب فيها لحسن لونها وطيب طعمها فأنث لذلك بطيب نفس أي بلا سؤال ولا طمع أو بطيب نفس المعطى وانشراح صدره بإشراف نفس أي تطلع إليه وتطمع فيه
[ 61 ]
وهو أيضا يحتمل الوجهين نفس الآخذ أو المعطي كالذي يأكل أي لا ينقطع شهاؤه فيبقى في حيرة الطلب على الدوام ولا يقضي شهواته التي لاجلها طلبه واليد العليا المشهور تفسرها بالمنفقة وهو الموافق للاحاديث وقيل عليه كثيرا ما يكون السائل خيرا من المعطي فكيف يستقيم هذا التفسير وليس بشئ إذ الترجيح من جهة الاعطاء والسؤال لا من جميع الوجوه والمطلوب الترغيب في التصدق والتزهيد في السؤال ومنهم من فسر العليا بالمتعففة عن السؤال حتى صحفوا المنفقة في الحديث بالمتعففة والمراد العلو قدرا وعلى الوجهين فالسفلى هي السائلة اما لانه اتكون تحت يد المعطي وقت الاعطاء
[ 62 ]
ولكونها ذليلة بذل السؤال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال قوله وابدأ أي في الاعطاء بمن تعول أي بمن عليك مؤنته وما بقي منهم فتصدق به على الغير أمك بالنصب أي أعطها أو لا ثم أدناك أي الاقرب إليك نسبا وسببا قوله عن ظهر غنى أي بما يبقى خلفها غنى لصاحبه قلبي كما كان للصديق رضي الله تعالى عنه أو قال بي فيصير الغني للصدقة كالظهر للانسان وراء الانسان فاضافه الظهر إلى الغنى بيانية لبيان أن الصدقة إذا كانت بحيث يبقى لصاحبها الغنى بعدها اما لقوة قلبه أو لوجود شئ بعدها يستغنى به عما تصدق فهو أحسن وان كانت بحيث يحتاج صاحبها بعدها إلى ما أعطى ويضطر إليه فلا ينبغي لصاحبها التصدق به والله تعالى أعلم قوله تصدق به على نفسك أي اقض به حوائج نفسك
[ 63 ]
قوله ثم قال تصدقوا أي في الجمعة الثانية كما تقدم في أبواب الجمعة بذة بفتح فتشديد ذال معجمة أي سيئة أن تفطنوا في القاموس فطن به واليه وله كفرح ونصر وكرم وانتهره أي منعه من العنود إلى مثل ذلك وهو الاعطاء مع حاجة النفس مع قلة الصبر قوله مولى آبى اللحم بمد الهمزة كان يأبى اللحم ولا يأكله وقيل
[ 64 ]
ما يأكل ما ذبح للاصنام أن أقدد لحما أي أقطعه فأطعمته منه أي أعطيته الاجر بينكما أي أن رضيت بذلك يحل له إعطاء مثل هذا مما يجري فيه المسامحة وليس المراد تقرير العبد على أن يعطى بغير رضا المولى والله تعالى أعلم قوله على كل مسلم أي يتأكد في حقه ندبه لا أنه واجب يعتمل يكتسب الملهوف بالنصب صفة ذا الحاجة أي المكروب المحتاج فإنها أي الامساك
[ 65 ]
عن الشر والتأنيث للخبر قوله إذا تصدقت المرأة من بيت زوجها محمول على ماذا عملت برضاه بإذن صريح أو بإذن مفهوم من اطراد العرف كاعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به هذا إذا علمت أن نفس الزوج كنفوس غالب الناس في السماحة وان شكت في رضاه فلا بد من صريح الاذن وأما إعطاء الكثير فلا بد فيه من صريح الاذن أيضا والخازن الذي بيده حفظ الطعام أو نحوه وربما هو الذي يباشر الاعطاء كل واحد منهما أي من الزوج والزوجة وهما الاصل
[ 66 ]
والخادم تابع فترك ذكره ثم المماثلة في أصل الاجر وقدره قولان والله تعالى أعلم قوله عز وجللامرأة عطية أي من مال الزوج والا فالعطية من مالها لا يحتاج إلى اذن عند الجمهور قوله عن فراس بكسر الفاء وراء خفيفة وسين مهملة قوله اجتمعن عنده قال السيوطي زاد بن حبان لم يغادر منهن واحدة
[ 67 ]
فقلن وفي رواية بن حبان فقلت بالمشاة وهذا يفيد أن عائشة هي السائلة أيتنا في رواية البخاري أينا بلا تاء وهو الافصح لحوقا نصب على التمييز أطولكن بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي أسرعكن لحوقا بي ولم يقل طولا كن لان اسم التفضيل إذا أضيف يجوز فيه ترك المطابقة يذر عنها أي يقدرن بذراع وفي رواية البخاري فأخذوا قصبة يذرعونها بتذكير الضمير وهو من تصرف الرواة والصواب ما هنا فكانت سودة الخ كذا وقع في رواية أحمد وغيره لكن نص غير واحد أن الصواب زينب بنت جحش فهي أول نسائه لحوقا وتوفيت في خلافة عمر وبقيت سودة
[ 68 ]
إلى أن توفيت في خلافة معا وية قال الحافظ السيوطي قلت عندي أنه وقع في رواية المصنف تقديم وتأخر وسقط لفظة زينب وأن أصل الكلام فأخذن قصبة فجعلن يذر عنها فكانت سودة أطولهن يدا أي حقيقة وكانت أسرعهن لحوقا به زينب وكان ذلك من كثرة الصدقة فأسقط الراوي لفظة زينب وقدم الجملة الثانية على الاولى والحاصل أنهن فهمن ابتداء ظاهر الطول ثم عرفن بموت زينب أول أن المراد بطول اليد كثرة العطاء والله تعالى أعلم قوله الله تبارك وتعالى أي الصدقة أفضل مبتدأ وخبر ان تصدق
[ 69 ]
أي تتصدق بالتاءين فحذفت إحداهما تخفيفا ويحتمل أن يكون بتشديد الصاد والدال جميعا شحيح قيل الشح بخل مع حرص وقيل هو أعم من البخل وقيل هو الذي كالوصف اللازم ومن قبيل الطبع تأمل بضم الميم العيش أي الحياة فإن المال يعز على النفس صرفه حينئذ فيصير محبوبا وقد قال تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قوله وهو يحتسبها يريد أجرها من الله بحسن
[ 70 ]
النية وهو أن ينوي به أداء ما وجب عليه من الانفاق بخلاف ما إذا أنفق ذاهلا قوله من يشتريه مني من لا يرى بيع المدبر منهم من يحمله على أنه كان مدبرا مقيدا بمرض أو بمدة كعلمائنا ومنهم من يحمله على أنه دبره وهو مديون كأصحاب مالك والاول بعيد والثاني يرده آخر الحديث والاقرب أن هذا الحديث دليل الجواز من غير معارض قوى يحوج إلى تأويله قوله ان مثل المنفق المتصدق أي المنفق على نفسه وأهله المتصدق في سبل الخير فإن البخل يمنع الامرين جميعا فلذلك جمع بينهما وقد
[ 71 ]
جاء الاقتصار على أحدهما لكونهما كالمتلازمين عادة جبتان بضم جيم وتشديد موحدة تثنية جبة وهو ثوب مخصوص أو جنتان بنون بدل باء تثنية جنة وهي الدرع وهذا شك من الراوي وصوبوا النون لقوله من حديد وتواسعت عليه الدرع وغير ذلك نعم إطلاق الجبة بالباء على الجنة بالنون مجازا غير بعيد فينبغي أن يكون الجنة بالنون هو المراد في الروايتين من لدن ثديهما بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد الياء جمع ثدى بفتح فسكون إلى تراقيهما بفتح مثناة من فوق وكسر قاف جمع ترقوة وهما العظمان المشرفان في أعلى الصدر وهذا إشارة إلى ما جبل عليه الانسان من الشح ولذلك جمع بين البخيل والجواد فيه وأما قوله اتسعت عليه الدرع ففيه إشارة إلى ما يفيض الله تعالى على من يشاء من التوفيق للخير فيشرح لذلك صدره أو مرت أي جاوزت ذلك المحل وهذا شك من الراوي حتى تجن بضم أوله وكسر الجيم وتشديد النون من أجن الشئ إذا ستره بنانه بفتح الموحدة ونونين الاولى خفيفة أي أصابعه وتعفوا أثره أي تمحو أثر مشيه بسبوغها وكمالها كثوب من يجر على الارض إشارة إلى كمال الاتساع والاسباغ والمراد أن الجواد إذا هم بالنفقة اتسع لذلك بتوفيق الله تعالى صدره وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء والبذل والبخيل يضيق صدره وتنقبض يده من الانفاق في المعروف واليه أشار بقوله قلصت أي انقبضت
[ 72 ]
كل حلقة بسكون اللام يوسعها أي يحكي هيئة توسعة البخيل تلك الجنة فلا تتسع أي قائلا فلا تتسع بتوسعة البخيل والله تعالى أعلم قوله حتى تعفى أثره بتشديد الفاء للمبالغة أي تعفو
[ 73 ]
قوله ثم دعوت به أي بذلك الشئ فنظرت إليه أنه أي قدر قالت نعم تصديق وتقرير لما بعد الاستفهام من النفي أي ما أريد ذلك بل أريد أن يعطيني الله تعالى من غير علمي بذلك ضرورة أن الذي يدخل بعلم الانسان محصور ورزق الله أوسع من ذلك فيطلب منه تعالى ان يعطي بلا حصر ولا عد وحاصل الاستفهام اما تريدين تقليل الصدقة ورزق الله وحاصل الجواب أنها ما تريد ذلك بل تريد التكثير فيهما قامهلا أي استعملي الرفق والتأني في الامور واتركي الاستعجال المؤدي إلى أن تطلبي علمالا فائدة في علمه لا تحصي صيغة نهي المؤنث من الاحصاء والياء للخطاب أي
[ 74 ]
لا تعدي ما تعطي فيحصى بالنصب جواب أي حتى يعطيك الله أيضا بحساب ولا يرزقك من غير حساب والمراد التعليل قوله ما أدخل على الزبير قيل ما أعطاني قوتا لي وقيل بل المراد أعم لكن المراد إعطاء ما علمت فيه بالاذن دلالة أرضخ من باب فتح والرضخ براء وضاد معجمة وخاء كذلك العطية القليلة ولا توكي بضم المثناة من فوق وكسر الكاف صيغة نهي المخاطبة من الايكاء بمعنى الشد والربط أي لا تمنعي ما في يدك فيوكي بالنصب فيشدد الله عليك أبواب الرزق وفيه أن السخاء
[ 75 ]
يفتح أبواب الرزق والبخل بخلافه قوله ولو بشق تمرة بكسر الشين المعجمة أي نصفها قوله فأشاح بوجهه أي صرف وجهه كأنه يراها ويخاف منها أو جد على الايصاء باتقائها إذ اقبل إلينا في خطابه فإن المشيح يطلق على الخائف والجاد في الامر والمقبل عليك قوله عامتهم من مضر أي غالبهم من مضر بل كلهم اضراب إلى التحقيق ففيه أن قوله عامتهم كان عن عدم التحقيق واحتمال أن يكون البعض من غير مضر أول الوهلة فتغير أي انقبض فدخل لعله لاحتمال أن يجد
[ 76 ]
في البيت ما يدفع به فاقتهم فلعله ما وجد فخرج والارحام ولعله قصد بذلك التنبيه على أنهم من ذوي أرحامكم فيتأكد لذلك وصلهم تصدق رجل قيل هو مجزوم بلام أمر مقدرة أصله ليتصدق وهذا الحذف مما جوزه بعض النحاة قلت الواجب حينئذ أن يكون يتصدق بياء تحتية بل تاء فوقية ولا وجه لحذفها فالوجه أنه صيغة ماض بمعنى الا مذكر بصورة الاخبار مبالغة وبه اندفع قوله انه لو كان ماضيا لم يساعد عليه قوله ولو بشق تمرة لان ذلك لو كان اخبارا معنى وأما إذا كان أمرا معنى فلا فليتأمل حتى رأيت كومين ضبط بفتح الكاف وضمها قال بن السراج هو بالضم اسم لما كوم وبالفتح المكان المرتفع كالرابية قال عياض فالفتح ههنا أولى لان مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية يتهلل يستنير ويظهر عليه أمارات السرور كأنه مذهبة ذكروا أن الرواية في النسائي بضم ميم وسكون ذال معجمة وفتح هاء ثم موحدة قال القاضي عياض وهو الصواب ومعناه فضة مذهبة أي مموهة بالذهب فهذا أبلغ في حسن الوجه وإشراقه أو هو تشبيه بالمذهبة من الجلود وهي شئ كانت العرب تصنعه من جلود وتجعل فيه خطوطا وضبط بعضهم بدال مهملة وضم الهاء بعدها نون قالوا هو إناء الدهن من سن في الاسلام الخ أي أتى بطريقة مرضية يقتدى به فيها كما فعل الانصاري الذي أتى بصره فله أجرها أي أجر عملها
[ 77 ]
والله تعالى أعلم قوله الذي يعطاها على بناء المفعول ونائب الفاعل ضمير الموصول والمنصوب
[ 78 ]
للصدقة والمعنى الذي يراد أن يعطى الصدقة قوله اشفعوا تشفعوا على بناء المفعول من التشفيع أي تقبل شفاعتكم أحيانا فتكون سببا لقضاء حاجة المحتاج فإن قصدتم ذلك يكون لكم أجر على الشفاعة وفي رواية صحيحة اشفعوا تؤجروا وهو أظهر قوله الرب عز وجلعن معاوية بن أبي سفيان أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال ان الرجل الخ اللفظ صريح في الرفع لكن السوق يقتضي أن قوله ان الرجل ليسألني الخ من قول معاوية وإنما المرفوع لشفعوا تؤجروا وهو الموافق لما في بعض روايات أبي داود وهو مقتضي سوق روايته المشهورة وسوقها أقوى في اقتضاء الوقف والله تعالى أعلم قوله وان من الغيرة بفتح الغين المعجمة ومن الخيلاء بضم خاء معجمة والكسر لغة وفتح ياء ممدود
[ 79 ]
الاختيال في الريبة بكسر الراء أي مواضع التهمة والتردد فتظهر فائدتها وهي الرهبة والانزجار وان لم تكن ريبة تورث البغض والفتن اختيال الرجل بنفسه أي اظهاره الاختيال والتكبر في نفسه بأن يمشي مشي المتكبرين قال الخطابي هو أن يقدم في الحرب بنشاط نفس وقوة قلب لا يجبن وعند الصدقة قيل هو أن يهزه سجية السخاء فيعطيها طيبة بها نفسه من غير من ولا استكثار وان كان كثيرا بل كلما يعطى فلا يعطيه الا وهو مستقل له قوله ولا مخيلة بمعنى الخيلاء قوله كالبنيان بضم الباء الموحدة أي كالحائط والمراد أن من شأن المؤمن أن يكون على الحق الذي هو مقتضى الايمان ويلزم منه توافق المؤمنين على ذلك الحق وتناصرهم وتأييد بعضهم لبعض الذي يعطى ما أمر به من
[ 80 ]
غير زيادة أو نقصان فيه بهوى طيبة بها بالصدقة نفسه أي يكون راضيا بذلك قال ذلك إذ كثيرا مالا يرضى الانسان بخروج شئ من يده وان كان ملكا لغيره أحد المتصدقين أي يشارك صاحب المال في الصدقة فيصيران متصدقين ويكون هو أحدهما هذا على أن الرواية بفتح القاف وهو الذي صرحوا به نعم جواز الكسر على أن اللفظ جمع أي هو متصدق من المتصدقين قوله الجاهر بالقرآن قد سبق الحديث قوله لا ينظر الله أي نظر رحمة أولا والا فلا يغيب أحد عن نظره والمؤمن مرحوم بالآخرة قطعا العاق لوالديه المقصر في أداء الحقوق إليهما المترجلة التي تتشبه بالرجال في زيهم وهيئاتهم فأما في العلم والرأي فمحمود والديوث وهو الذي لا غيرة له على أهله
[ 81 ]
لا يدخلون الجنة لا يستحقون الدخول ابتداء والمدمن الخمر أي المديم شربه الذي مات بلا توبة قوله لا يكلمهم الله الخ كناية عن عدم الالتفات إليهم بالرحمة والمغفرة المسبل من الاسبال بمعنى الارخاء عن الحد الذي ينبغي الوقوف عنده والمراد إذا كان عن مخيلة والله تعالى أعلم والمنفق بتشديد الفاء أي المروج سلعته بكسر السين مبيعه قوله ولو بظلف الظلف بكسر الظاء المعجمة
[ 82 ]
للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل والخف للبعير والمقصود المبالغة قوله الا دعى له أي للمولى شجاع بالرفع على أنه نائب الفاعل لدعى أو بالنصب على أنه حال مقدم كما في بعض النسخ ولا عبرة بالخط ونائب الفاعل هو فضله الذي منع أي دعى له فضله شجاعا بتلمظ يدير لسانه عليه ويتبع أثره وعلى تقدير رفع شجاع فضله بالرفع بدل منه بناء على ما قالوا ان المبدل منه ليس في حكم التنحية حتى جوزوا ذلك في قوله تعالى وجعلوا لله شركاء الجن فقالوا الجن بدل من شركاء مع أنه لا معنى لقوله وجعلوا لله بدون شركاء أو هو خبر محذوف أي هو فضله ويجوز أن ينصب بتقدير أعنى والله تعالى أعلم قوله من استعاذ الخ حاصله من توسل بالله في شئ ينبغي أن لا يحرم ما أمكن ومن أتى بلا مدأى فعل معروفا حال كونه واصلا اليكم أو بالمد أعطاكم المعروف والى لتضمين معنى الوصول أو الاحسان
[ 83 ]
بالمثل بل بأحسن قوله وإني كنت امرأ كان زائدة أو بمعنى صار قوله بما بعثك ما استفهامية وقد سبق الحديث قريبا محرم أي حرم الله تعالى على كل مسلم تعرض بكل مسلم بكل وجه الا ما إباحه الدليل أخوان أي هما أي المسلمان أو يفارق أي إلى أن يفارق فالمضارع منصوب بعد أو بمعنى إلى أن وحاصله أن الهجرة من دار الشرك إلى دار الاسلام واجب على كل من آمن فمن ترك فهو عاص يستحق رد العمل والله تعالى أعلم قوله رجل أخذ كناية عن مداومة الجهاد معتزل منفرد عن الناس يدل على جواز العزلة إذا خاف الفتنة في شعب بكسر الشين المعجمة ويعتزل شرور الناس
[ 84 ]
قيل ينبغي أن يقصد به تركهم عن شره الذي يسأل بالله على بناء الفاعل أي الذي يجمع بين القبيحين أحدهما السؤال بالله والثاني عدم الاعطاء لمن يسأل به تعالى فما يراعي حرمة اسمه تعالى في الوقتين جميعا وأما جعله مبنيا للمفعول فبعيد إذ لا صنع للعبد في أن يسأله السائل بالله فلا وجه للجمع بينه وبين ترك الاعطاء في هذا المحل والوجه في افادة ذلك المعنى أن يقال الذي لا يعطى إذا سئل بالله ونحوه والله تعالى أعلم قوله فرجل أي فأحدهم معطى رجل فتخلفه أي مشى خلفه وقوم أي والثاني قارئ قوم مما يعدل به أي يساويه يتملقني أي يتضرع لدي بأحسن ما يكون وقد تقدم الحديث
[ 85 ]
قوله بهذا الطواف الباء زائدة في خبر ليس ترده اللقمة أي يرد على الابواب لاجل اللقمة أو أنه إذا أخذ لقمة رجع إلى باب آخر فكأن اللقمة ردته من باب إلى باب والمراد ليس المسكين المعدود في مصارف الزكاة هذا المسكين بل هذا داخل في الفقير وإنما المسكين المستور الحال الذي لا يعرفه أحد الا بالتفتيش وبه يتبين الفرق بين الفقير والمسكين في المصارف وقيل المراد ليس المسكين الكامل الذي هو أحق بالصدقة وأحوج إليها المردود على الابواب لاجل اللقمة ولكن الكامل الذي لا يجد الخ فما المسكين قيل ما تأتي كثيرا لصفات من يعقل كقوله تعالى فانكحوا ما طاب لكم من النساء وعليه هذا الحديث ولا يفطن له على بناء المفعول مخففا فيتصدق بالنصب جواب النفي وكذا
[ 86 ]
فيسأل قوله الاكلة بضم الهمزة اللقمة قوله إن لم تجدي الخ أي ينبغي أن لا يرجع عن الباب محروما قوله والعائل الفقير المزهو كالمدعو أي المتكبر قوله الحلاف أي كثير
[ 87 ]
الحلف لترويج مبيعه قوله الساعي أي الكاسب الذي يكسب المال على الارملة أي لاجل التصدق عليها والمسكين عطف على الارملة من لا زوج لها من النساء قوله بذهيبة تصغير الذهب للاشارة إلى تقليله وفي نسخة بلا تصغير بتربتها أي مخلوطة بترابها بن علاثة بضم عين مهملة وتخفيف لام ومثلثة صناديد قريش أي أشرافهم والواحد صنديد بكسر الصاد قال أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم اعتذارا كث اللحية أي غليظها مشرف الوجنتين أي مرتفعهما والوجنة مثلث الواو أعلى الخد غائر العينين أي ذاهبهما إلى الداخل ناتئ بالهمزة أي مرتفع الجبين
[ 88 ]
أيأمنني أي الله حيث بعثني رسولا إليهم فإن مدار الرسالة على الامانة ان من ضئضئ الخ أي منعه عن القتل ثم ذكر هذه القضية ليعلم أن وقوع هذا الامر الشنيع من الرجل غير بعيد ففي الحديث اختصار والضئضئ بضادين معجمتين مكسورتين بينهما همزة ساكنة وآخره همزة هو الاصل يريد أنه يخرج من نسله وعقبه كذا ذكره السيوطي قلت الوجه أن يقال من قبيلته إذ لا يقال لنسل الرجل أنه أصله الا أن يقال بناء على اعتبار الاضافة بيانية والخروج منه خروج من نسله والله تعالى أعلم لا يجاوز حناجرهم أي حلقهم بالصعود إلى محل القبول أو بالنزول إلى القلوب ليفقهوا يمرقون أي يخرجون وظاهره أنهم كفرة وبه يقول أهل الحديث أو بعضهم لكن أهل الفقه على إسلامهم فالمراد الخروج من حدود الاسلام أو كماله من الرمية بفتح راء وتشديد ياء هي الصيد المرمى لانه ذاته مرمية قتل عاد أي قتلا عاما مستأصلا كما قال تعالى فهل ترى لهم من باقية
[ 89 ]
قوله تحملت حمالة بفتح الحاء ما يتحمله الانسان عن غيره من دية أو غرامة أي تكفلت مالا لاصلاح ذات البين قال الخطابي هي أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والاموال ويخاف من ذلك الفتن العظيمة فيتوسط الرجل فيما بينهم يسعى في ذات البين ويضمن لهم ما يترضاهم بذلك حتى يسكن الفتنة قوله أقم أي كن في المدينة مقيما ان الصدقة أي المسألة لها كما في الرواية السابقة ألا لاحد ثلاثة أي لا تحل الا لصاحب ضرورة ملجئة إلى السؤال كأصحاب هذه الضرورات والله تعالى أعلم قواما بكسر القاف أي ما يقوم بحاجته الضرورية أو سدادا بكسر السين ما يكفي حاجته والسداد بالكسر كل شئ سددت به خللا والشك من بعض الرواة والظاهر أن هذا قلب من بعض الرواة والا فهذه الغاية إنما يناسب الثاني وللغاية التي تجئ هناك تناسب الاول وقد جاءت الروايات كذلك كرواية مسلم وغيره جائحة أي آفة فاجتاحت أي أستأصلت ماله كالغرق والحرق وفساد الزرع حتى يشهد أي
[ 90 ]
أصابته فاقة إلى أن ظهرت ظهورا بينا وليس المراد حقيقة الشهادة بل الظهور والمقصود بالذات أنه ان أصابته فاقة بالتحقيق ذوي الحجى بكسر الحاء المهملة العقل سحت بضمتين أو سكون الثاني حرام قوله إنما أخاف أي ما أخاف عليكم الفقر وإنما أخاف عليكم الغنى أو يأتي الخير أي المال لقوله تعالى ان ترك خيرا فكيف يترتب عليه الشر حتى يخاف منه تكلم بضم حرف المضارعة من التكليم الرحضاء بضم الراء وفتح الحاء المهملة وضاد معجمة ممدودة هو عرق يغسل الجلد لكثرته قوله أشاهد السائل وفي نسخة أفشاهد السائل الخ يريد التمهيد للجواب عن شاهد السائل أي عما اعتمد
[ 91 ]
السائل عليه في سؤاله بتقدير نفس الشاهد حتى يجيب عنه أي أشاهد السائل هذا وهو أنه لا يأتي الخير بالشر مما ينبت الربيع قيل هو الفصل المشهور بالانبات وقيل هو النهر الصغير المنفجر عن النهر الكبير أو يلم بضم الياء وكسر اللام أي يقرب من القتل ثم الموجود في نسخ الكتاب ان مما ينبت الربيع يقتل أو يلم بدون كلمة ما قبل يقتل وهو اما مبنى على أن من في مما ينبت تبعيضية وهي اسم عند البعض فيصح أن يكون اسم ان ويقتل خبر ان أو كلمة ما مقدرة والموصول مع صلته اسم ان والجار والمجرور أعنى مما ينبت خبره وقوله الا آكلة الخضر كلمة الا بتشديد اللام استثنائية والآكلة بمد الهمزة والخضر بفتح خاء وكسر ضاد معجتمتين قيل نوع من البقول ليس من جيدها وأحرارها وقيل هو كلا الصيف اليابس والاستثناء منقطع أي لكن آكلة الخضرة تنتفع بأكلها فإنها تأخذ الكلا على الوجه الذي ينبغي وقيل متصل مفرغ في الاثبات أي يقتل كل آكلة الا آكلة الخضر والحاصل أن ما ينبته الربيع خير لكن مع ذلك يضر إذا لم تستعمله الآكلة على وجهه وإذا استعملت على وجهه لا يضر فكذا المال والله تعالى أعلم بحقيقة الحال إذا امتدت خاصرتاها أي شبعت استقبلت عين الشمس تستمرئ بذلك فثلطت بفتح المثلة واللام أي ألقت رجيعها سهلا رقيقا خضرة بفتح فكسر أي كبقلة خضرة في المنظر حلوة أي كفاكهة حلوة في الذوق فلكثرة ميل الطبع يأخذ الانسان بكل وجهه فيؤديه ذلك إلى الوجه الذي لا ينبغي فيهلك ان أعطى منه اليتيم الخ أي بعد أن أخذه بوجهه والى هذا القيد أشار بذكر يقتضيه في المقابل فلا بد في الخبر من أمرين أحدهما تحصيله بوجهه والثاني صرفه في مصارفه وعند انتفاء أحدهما يصير ضررا وعلى هذا فقد ترك مقابل المذكور ههنا فيما بعد أعنى
[ 92 ]
والذي يأخذه بغير حقه أي أو لا يستعمله بعد أخذه بحقه في مصارفه ففي الكلام صيغة الاحتباك وقد يقال فيه إشارة إلى الملازمة بين القيدين فلا يوفق المرء للصرف في المصارف الا إذا أخذه بوجهه قلما يصرف في غير مصارفه والله تعالى اعلم قوله الله عز وجلثنتان أي ففيها أجران فهذا حث على التصدق
[ 93 ]
على الرحم والاهتمام به قوله صلى الله عليه وسلم تصدقن الظاهر أنه أمر ندب بالصدقة النافلة لانه خطاب بالحاضرات وبعيد أنهن كلهن ممن فرض عليهن الزكاة وكأن المصنف حمله على الزكاة لان الاصل في الامر الوجوب ولو من حليكن بضم حاء وكسر لام وتشديد تحتية على الجمع وجوزوا فتح الحاء وسكون اللام على أنه مفرد قلت الافراد يناسب الاضافة إلى الجمع الا ان يحمل على الجنس ولا دلالة فيه على وجوب الزكاة في الحلى وان حملنا الحديث على الزكاة لان الاداء من الحلى لا يقتضى الوجوب فيها خفيف ذات اليد أي قليل المال ولا تخبر من نحن أي بلا سؤال والا فعند السؤال يجب الاخبار فلا يمكن المنع عنه ولذلك أخبر بلال بعد السؤال أجر القرابة أي أجر وصلها قوله لان يحتزم بفتح اللام
[ 94 ]
والكلام من قبيل وأن تصوموا خير لكم أي ما يلحق الانسان بالاحتزام من التعب الدنيوي خير مما يلحقه بالسؤال من التعب الاخروي فعند الحاجة ينبغي له أن يختار الاول ويترك الثاني والله تعالى أعلم قوله مزعة لحم بضم ميم وحكى كسرها وفتحها وسكون زاي معجمة وعين مهملة القطعة اليسيرة من اللحم والمراد أنه يجئ ذليلا لا جاه له ولا قدر كما يقال له وجه عند الناس أو ليس له وجه أو أنه يعذب في وجهه حتى يسقط لحمه أو أنه يجعل له ذلك علامة يعرف به والظاهر ما قيل أنه جازاه الله من جنس ذنبه فإنه صرف بالسؤال ماء وجهه عند الناس قوله عن بسطام بكسر الموحدة وحكى فتحها قال
[ 95 ]
بن الصلاح أعجمي لا ينصرف ومنهم من صرفه قوله على أسكفة الباب بهمزة مضمومة وسكون سين مهملة وضم كاف وتشديد فاء عتبته ما في المسألة من الضرر أو الاثم قوله أسأل على تقدير حرف الاستفهام والمراد أسأل المال من غير الله لمتعال والا فلا منع للسؤال من الله تعالى بل هو المطلوب فتسأل الصاحلين أي القادرين على قضاء الحاجة أو أخيار الناس لانهم لا يحرمون السائلين ويعطون ما يعطون عن طيب نفس والله تعالى أعلم قوله إذا نفد بكسر الفاء واهمال أي فرغ ما يكون ما موصولة لا شرطية والا لوجب يكن بحذف الواو والفاء في قوله فلن أدخره لتضمن المبتدأ معنى الشرط أي ليس أحبسه عنكم ولا أن فرد به دونكم ومن يستعفف يعفه من شرطية هنا وفيما بعد
[ 96 ]
والفعلان مجزومان أي من يطلب العفاف وهو ترك السؤال يعطه الله العفاف ومن يتصبر أي تكلف في تحمل مشاق الصبر وفي التعبير بباب لتكلف إشارة إلى أن ملكة الصبر تحتاج في الحصول إلى الاعتبار وتحمل المشاق من الانسان يصبره الله من التصبير أي جعله صابرا قوله من يضمن لي واحدة أي خصلة واحدة يريد من يديم على هذه الخصلة فله الجنة في مقابلتها أن لا يسأل الناس شيئا أي من مالهم والا فطلب ماله عليهم لا يضر الله تعالى أعلم
[ 97 ]
جاءت أي مسألته خموشا بضم أوله منصوب على الحال وهو مصدر أو جمع من خمش الجلد قشره بنحو عود أو كدوحا مثل خموشا وزنا ومعنى وأو للشك من بعض الرواة وماذا يغنيه أي ما الغنى المانع عن السؤال وليس المراد بيان الغنى الموجب للزكاة أو المحرم لاخذها من غير سؤال
[ 98 ]
قوله صلى الله عليه وسلم لا تلحفوا في المسألة من ألحف أو لحف بالتشديد أي ألح عليه قوله سرحتني بتشديد الراء أي أرسلتني أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء أي أربعون درهما قوله فقالت لي أي أهلي
[ 99 ]
والتأنيث لان المراد المرأة أو لان الاهل جمع معنى فولى بتشديد اللام أي أدبر وهو مغضب بفتح ا لضاد أي موقع في الغضب انك تعطى من شئت أي لا تعطى في المصارف وإنما تتبع فيه مشيئتك أن لا أجد أي لاجل أن لا أجد وله أوقية أو عدلها هذا يدل على أن التحديد بخمسين درهما ليس مذكورا على وجه التحديد بل هو مذكور على وجه التمثيل للقحة بفتح اللام على أنها لام ابتداء واللقحة بفتح اللام أو كسرها الناقة القريبة العهد بالنتاج أو التي هي ذات لبن قوله لا تحل الصدقة أي سؤالها والا فهي تحل للفقير وان كان قويا صحيح الاعضاء إذا أعطاه أحد بلا سؤال مرة بكسر ميم وتشديد راء أي قوة سوى صحيح الاعضاء
[ 100 ]
قوله فقلب بتشديد اللام جلدين بفتح جيم وسكون لام أي قويين ان شئتما أي أعطيتكما كما في رواية وهذا يدل على أنه لو أدى أحد إليهما يحل لهما أخذه ويجزئ عنه والا لم يصح له أن يؤدي إليهما بمشيئتهما فقوله ولاحظ فيها الضمير للصدقة على تقدير المضاف أي في سؤالها أو للمسألة المعلومة من المقام مكتسب أي قادر على الكسب قوله كدوح بضمتين أي اثار القشر ترك أي الكدوح أو السؤال وهذا ليس بتخيير بل هو توبيخ مثل قوله تعالى فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ذا سلطان قال الخطابي هو ان يسأله حقه من بيت المال الذي في يده أو شيئا ظاهره انه عطف على ذا سلطان ولا
[ 101 ]
يستقيم إذ السؤال يتعدى إلى مفعولين الشخص والمطلوب المحتاج إليه وذا سلطان هو الاول وترك الثاني للعموم وشيئا ههنا لا يصلح أن يكون الاول بل هو الثاني الا أن يراد بشيئا شخصا ومعنى لا يجد منه أي من سؤاله بدا وهو تكلف بعيد فالاقرب أن يقال تقديره أو يسأل شيئا الخ وحذف ههنا المفعول الاول لقصد العموم أو يقدر يسأل ذا سلطان أي شئ كان أو غيره شيئا لا يجد منه بدا فهو من عطف
[ 102 ]
شيئين على شيئين الا أنه حذف من كل منهما ما ذكر مماثله في الآخر من صنعة الاحتباك والله تعالى أعلم قوله لا أرزأ بتقديم الراء المهملة على الزاي المعجمة آخره همزة أي لا آخذ من أحد شيئا وأصله النقص
[ 103 ]
قوله بعمالة بضم العين المهملة أي رزق العامل إذا أعطيت على بناء المفعول قوله ألم أخبر على بناء المفعول والمراد الاستفهام عن متعلق الاخبار لا عنه نفسه تعمل على عمل أي تسعى عليه فتعطى على بناء المفعول عمالة بضم العين أي أجرة إني أردت بضم التاء الذي أردت بفتح التاء
[ 104 ]
فتموله أي إذا أخذت فإن شئت أبقه عندك مالا وإن شئت تصدق به فلا تتبعه أي من أتبع مخففا أي فلا تجعل نفسك تابعة له ناظرة إليه لاجل أن يحصل عندك أشارة إلى أن المدار على عدم تعلق النفس بالمال لا على عدم أخذه ورده على المعطى والله تعالى أعلم قوله تلي من الولاية غير مشرف من
[ 105 ]
الاشراف أي غير طامع
[ 106 ]
قوله إنما هي أوساخ الناس قال النووي تنبيه على العلة في تحريم الزكاة عليهم وأن التحريم لكرامتهم وتنزيههم عن الاوساخ ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لاموالهم ونفوسهم كما قال الله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها فهي كغسالة الاوساخ قوله من أنفسهم أي أنه يعد واحدا منهم فحكمه كحكمهم فينبغي أن لا تحل الزكاة لابن أخت هاشمي كما لا تحل لهاشمي ولافادة هذا المعنى ذكر المصنف هذا الحديث ههنا قال النووي استدل به من يورث ذوي الارحام وأجاب
[ 107 ]
الجمهور بأنه ليس في هذا اللفظ ما يقتضى توريثه وإنما معناه أنه بينه وبينهم ارتباط وقرابة ولم يتعرض للارث وسياق الحديث يقتضي أن المراد أنه كالواحد منهم في افشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك قوله وان مولى القوم منهم أي فلا تحل لك لكونك مولانا قوله بسط يده أي أكل قوله ولاءها بفتح الواو أي لانفسهم اشتريها أي مع ذلك الشرط كما في رواية وهو الذي يقتضيه
[ 108 ]
الظاهر لان مواليها كانوا يأبون الشراء بدون هذا الشرط فكيف يتحقق منهم الشراء بدونه نعم يلزم منه أن يفسد البيع لانه شرط في نفع لاحد العاقدين ومثله مفسد وأيضا هو من باب الخداع فتجويزه مشكل ولا مخلص الا بالقول بأن للشارع أن يخص من شاء بما يشاء فيمكن أنه خص هذا البيع بالجواز ليبطل عليهم الشرط بعد وجوده للمبالغة في الانزجار والله تعالى أعلم وقوله هو لها صدقة فالظاهر أن صدقة بالرفع خبر ولها بمعنى في حقها متعلق بها قال بن مالك يجوز في صدقة الرفع على أنه خبر هو ولها صفة صدقة فصارت حالا والنصب على الحال أو يجعل لها الخبر انتهى فليتأمل قوله وكان زوجها حرا أي حين خيرت فالتخيير للعتق لا لكون الزوج عبدا وبه قال علماؤنا وما جاء أنه كان عبدا فمحمله أن الراوي ما علم بعتقه فزعم بقاءه على الحال الاولى ومن أثبت الحرية فمعه زيادة علم فيقبل والله تعالى أعلم قوله فأضاعه أي بترك القيام بالخدمة والعلف ونحوها أبتاعه أي أشتريه انه بائعه اسم فاعل أي يبيعه برخص بضم راء وسكون خاء ضد الغلاء فان العائد أي بالفعل الاختياري بخلاف ما إذا رده الارث فلا يسمى صاحبه عائدا والحاصل أن
[ 109 ]
ما أخرجه الانسان لله فلا ينبغي لان يجعل لنفسه بفعل اختياري ولا ينتفض بنكاح الامة المعتقة فإنه من باب زيادة الاحسان فليتأمل ثم هذا الكلام لا يفيد التحريم أو عدم الجواز إذ لم يعلم عود الكلب في قيئه بحرمة أو عدم جواز ولكن تفيد أنه قبيح مكروه بمنزلة المكروه المستقذر طبعا والله تعالى أعلم قوله فتؤدى على بناء المفعول والله تعالى أعلم
[ 110 ]
كتاب مناسك الحج قوله في كل عام أي هو مفروض على كل انسان مكلف في كل سنة أو هو مفروض عليه مرة واحدة لو قلت نعم لوجبت الخ أي لوجب الحج كل عام وهذا بظاهره يقتضي أن أمر افتراض الحج كل عام كان مفوضا إليه حتى لو قال نعم لحصل وليس بمستبعد إذ يجوز أن يأمر الله تعالى بالاطلاق ويفوض أمر التقييد إلى الذي فوض إليه البيان فهو ان أراد أن يبقيه على الاطلاق يبقيه عليه وان أراد أن يقيده بكل عام يقيده به ثم فيه إشارة إلى كراهة السؤال في النصوص المطلقة والتفتيش عن قيودها بل ينبغي العمل باطلاقها حتى يظهر فيها قيد وقد جاء القرآن موافقا لهذه الكراهة ذروني أي اتركوني من السؤال عن القيود في المطلقات ما تركتكم عن التكليف في القيود فيها وليس المراد لا تطلبوا مني العلم ما دام لا أبين لكم بنفسي واختلافهم عطف على كثرة السؤال إذ الاختلاف وان قل يؤدي إلى الهلاك ويحتمل أنه عطف على سؤالهم فهو أخبار عمن تقدم بأنه كثر اختلافهم في الواقع فأداهم إلى
[ 111 ]
الهلاك وهو لا ينافي أن القليل من الاختلاف مؤد إلى الفساد فإذا أمرتكم الخ يريد أن الامر المطلق لا يقتضي دوام الفعل وإنما يقتضي جنس المأمور به وأنه طاعة مطلوبة ينبغي أن يأتي كل انسان منه على قدر طاقته وأما النهي فيقتضي دوام الترك والله تعالى أعلم قوله لا تسمعون سماع قبول ولا تطيعون ان سمعتم وقوله لا تطيعون كالتتميم للاول والتأكيد له أو لبيان أن الطاعة تنتفي اصالة لتعذرها أو تعسرها لا لاستلزام انتفاء السمع انتفاءها والله تعالى أعلم قوله ولا الظعن بفتحتين أو سكون الثاني والاولى معجمة والثانية مهملة مصدر ظعن يظعن بالضم إذا سار وفي المجمع الظعن الراحلة أي لا يقوى على السير ولا على الركوب من كبر السن قال السيوطي قال الامام أحمد
[ 112 ]
ولا أعلم في إيجاب العمرة حديثا أجود من هذا ولا أصح منه ولا يخفى أن الحج والعمرة عن الغير ليسا بواجبين على الفاعل فالظاهر حمل الامر على الندب وحينئذ ففي دلالة الحديث على وجوب العمرة خفاء لا يخفى والله تعالى أعلم قوله الحجة المبرورة قيل هي التي لا يخالطها إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة وقيل هي المقبولة المقابلة بالبر وهو الثواب ومن علامات القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصي وقيل هي التي لا رياء فيها وقيل هي التي لا يعقبها معصية وهما داخلان فيما قبلهما ليس لها جزاء الا الجنة أي دخولها أولا والا فمطلق الدخول يكفي فيه الايمان وعلى هذا فهذا الحديث من أدلة أن الحج يغفر به الكبائر أيضا لحديث رجع كيوم ولدته أمه بل هذا الحديث يفيد مغفرة ما تقدم من الذنوب وما تأخر والله تعالى أعلم والعمرة إلى العمرة قيل يحتمل أن تكون إلى بمعنى مع أي العمرة
[ 113 ]
مع العمرة أو بمعناها متعلقة بكفارة أي تكفر إلى العمرة ولازمة أنها تكفر الذنوب المتأخرة والله تعالى أعلم قوله وفد الله ثلاثة في القاموس وفد إليه وعليه يفد وفدا ورد وفي الصحاح وفد فلان على الامير أي ورد رسولا فهو وافد والجمع وفد مثل صاحب وصحب فالمعنى السائرون إلى الله القادمون عليه من المسافرين ثلاثة أصناف فتخصيص هؤلاء من بين العابدين لاختصاص السفر بهم عادة والحديث اما بعد انقطاع الهجرة أو قبلها لكن ترك ذكرها لعدم دوامها والسفر للعلم لا يطول غالبا فلم يذكروا السفر إلى المساجد الثلاثة المذكورة في حديث تشد الرحال الا إلى ثلاثة مساجد ليس بمثابة السفر إلى الحج
[ 114 ]
ونحوه فترك ويحتمل أن لا يراد بالعدد الحصر والله تعالى أعلم قوله جهاد الكبير أي هما بمنزلة الجهاد لفاعلهما وكل هؤلاء المذكورين يمكن لهم الوصول إليهما قوله فلم يرفث بضم الفاء ولم يفسق بضم السين الرفث القول الفحش وقيل الجماع وقال الازهري الرفث اسم لكل ما يريده الرجل من المرأة والفسق ارتكاب شئ من المعصية والظاهر أن المراد نفي المعصية بالقول والجوارح جميعا وهو المراد بقوله تعالى فلا رفث ولا فسوق والله تعالى أعلم رجع كيوم ولدته أمه أي صار أو رجع من ذنوبه أو فرغ من الحج وحمله على معنى رجع إلى بيته بعيد وقوله كيوم ولدته أمه خبر على الاول أو حال على الوجوه الاخر بتأويل كنفسه يوم ولدته أمه إذ لا معنى لتشبيه الشخص باليوم وقوله كيوم يحتمل الاعراب والبناء على الفتح والله تعالى أعلم قوله فنجاهد بالنصب جواب العرض ولكن هو بالتخفيف حرف استدراك أو
[ 115 ]
بالتشديد على خطاب النسوة أو حرف استدراك فليتأمل قوله تابعوا بين الحج والعمرة أي اجعلوا أحدهما تابعا للآخر واقعا على عقبة أي إذا حججتم فاعتمروا وإذا اعتمرتم فحجوا فإنهما متابعان الكير بكسر الكاف كير الحداد المبني من الطين وقيل زق ينفخ به النار فالمبني من الطين كور والظاهر أن المراد ههنا نفس النار على الاول ونفخها على الثاني والخبث بفتحتين ويروى بضم فسكون هو الوسخ والردئ
[ 116 ]
الخبيث قوله دون الجنة أي سواها قوله أكنت قاضيه أي الدين فاقضوا الله أي دينه فهو أي الله أحق بالوفاء ظاهره أن حق الله يقدم على حق العبد عند الاجتماع والله تعالى أعلم قوله
[ 117 ]
من خثعم بفتح معجمة وسكون مثلثة ففتح مهملة غير منصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث لكونه
[ 118 ]
اسم قبيلة أدركت أبي شيخا كبيرا يفيد أن افتراض الحج لا يشترط له القدرة على السفر وقد قرر صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك فهو يؤيد أن الاستطاعة المعتبرة في افتراض الحج ليست بالبدن وإنما هي بالزاد والراحلة والله
[ 119 ]
تعالى أعلم قوله رديف هو الراكب خلف آخر قوله فحول وجهه من الشق الآخر أي فحول الفضل وجهه من الشق الآخر إلى شق الخثعمية ينظر إليها أو كلمة من بمعنى إلى وضمير حول للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ويحتمل أن المراد بالشق الآخر هو شق الخثعمية سمى آخر لكون الفضل كان ناظرا
[ 120 ]
قبل ذلك إلى غير شقها والله تعالى أعلم قوله أنت أكبر ولد أبيك فحج عنه يريد أن الاكبر أحق بتخليص ذمة الاب من غيره قوله ولك أجر قال النووي معناه بسبب حملها له وتجنيبها إياه
[ 121 ]
ما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله قوله بالروحاء بفتح الراء الممدود اسم موضع قالوا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي وأصحابه من المحفة بكسر الميم وحكى فتحها وتشديد الفاء مركب من مراكب النساء كالهودج الا أنها لا تقبب كما يقبب الهودج كذا في الصحاح قوله في خدرها بكسر
[ 122 ]
الخاء المعجمة أي سترها قوله من ذي القعدة بفتح القاف وكسرها لا نرى الا الحج حكاية لحال غالب القوم والا فكان فيهم من نوى العمرة بل قد جاء أنها كانت محرمة بعمرة أن يحل أي يجعل نسكه عمرة والجمهور على أن هذا لا يجوز اليوم وأحمد على الجواز قوله يهل من أهل أي يحرم وهو خبر بمعنى الامر فإن خبر الشارع آكد في الطلب من الامر والمراد أنه لا يؤخر عن ذي الحليفة والا فالتقديم عند الجمهور جائز وذي الحليفة بالتصغير موضع معلوم من الجحفة بتقديم الجيم على الحاء المهملة الساكنة من قرن فتح فسكون وغلطوا الجوهري في قوله أنه بفتحتين من يلملم بفتح المثناة من تحت وفتح اللامين بينهما ميم ساكنة قوله أين تأمرنا أن نهل إلى قوله يهل وجه كونه جواب الامر
[ 123 ]
ما تقدم من أن خبر الشارع بمعنى الامر قوله بن بهرام بفتح الموحدة وكسرها ولاهل العراق ذات عرق وقد جاء في بعض الروايات العقيق أيضا والمشهور أن عمر هو الذي عين لهم
[ 124 ]
ذات عرق من غير أن يبلغه الحديث فإن صح هذا الخبر فهذا من موافقة عمر الصواب في الاجتهاد والله تعالى أعلم قوله وقت أي حدد وعين للاحرام بمعنى أنه لا يجوز ا لتأخير عنه لا بمعنى أنه لا يجوز التقديم عليه وقال هن لهن أي لاهلهن الذي قررت لاجلهم فيما سبق ولكل آت أتى عليهن من غير أهلهن أي لكل مار عليهن من غير أهلهن الذي قررت لاجلهم قيل هذا يقتضي أن الشامي إذا مر بذي الحليفة فميقاته ذو الحليفة وعموم ولاهل الشام الجحفة يقتضي أن ميقاته الجحفة فهما عمومان متعارضان قلت انه لا تعارض إذ حاصل العمومين أن الشامي المار بذي الحليفة له ميقاتان أصلي وميقات بواسطة المرور بذي الحليفة وقد قرروا أن الميقات ما يحرم مجاوزته بلا احرام لا ما لا يجوز تقديم الاحرام عليه فيجوز أن يقال ذلك الشامي ليس له مجاوزة شئ منها بلا احرام فيجب عليه أن يحرم من أولهما ولا يجوز التأخير إلى آخرهما فإنه إذا احرم من اولهما لم يجاوز شيئا منها بلا احرام وإذا أخر إلى آخرهما فقد جاوز الاول منهما بلا احرام وذلك غير جائز له وعلى هذا فإذا جاوز هنا بلا احرام فقد ارتكب حرامين بخلاف صاحب ميقات واحد فإنه إذا جاوزه بلا احرام فقد ارتكب حراما واحدا والحاصل أنه لا تعارض في ثبوت ميقاتين لواحد نعم لو كان معنى الميقات مالا يجوز تقديم الاحرام عليه لحصل التعارض وبهذا ظهر اندفاع التعارض بين حديث ذات عرق والعقيق أيضا دون الميقات أي داخله حيث ينشئ أي يهل حيث ينشئ السفر من أنشأ إذا أحدث يفيد أنه ليس لمن كان داخل الميقات أن يؤخر الاحرام عن أهله يأتي ذلك الحكم على أهل مكة أي فليس لاهل مكة أن يؤخروا الاحرام عن مكة ويشكل عليه قول علمائنا الحنفية حيث جوزا لمن كان داخل الميقات التأخير إلى آخر الحل ولاهل مكة إلى آخر الحرم
[ 125 ]
من حيث أنه مخالف للحديث ومن حيث أن المواقيت ليست مما يثبت بالرأي
[ 126 ]
قوله لمن أراد الحج والعمرة يفيد بظاهره أن الاحرام على من يريد النسكين لا من يريد مكة ومر بهذه المواقيت وبه يقول الشافعي وفيه إشارة إلى أن هذه المواقيت مواقيت للحج والعمرة جميعا لا للحج فقط فيلزم أن تكون مكة لاهلها ميقاتا للحج والعمرة جميعا لا للحج فقط كما عليه الجمهور واعتمار عائشة من التنعيم لا يعارض هذا وهذا الايراد لصاحب الصحيح محمد بن إسماعيل البخاري على الجمهور قوله مبدأه بفتح الميم وضمها والباء ساكنة فيها أي ابتداء حجه وهو منصوب على الظرفية كذا ذكره عياض في شرح مسلم قوله
[ 127 ]
في المعرس بضم الميم وفتح العين وتشديد الراء المفتوحة ثم سين مهملة عن ستة أميال من المدينة كذا ذكره السيوطي والتقدير لا يخلو عن نظر أتى على بناء المفعول أي أرى في المنام قوله فلتغتسل
[ 128 ]
أي للتنظيف الظاهري لا للتطهير فلذلك شرع مع النفاس قوله إلا أنها لا تطوف بالبيت أي أصالة وأما السعي فيتأخر تبعا للطواف إذ لا يجوز تقديمه لان الحيض والنفاس يمنعان عنه أصالة قوله بالابواء بفتح الهمزة وسكون موحدة ومد جبل بين الحرمين بين قرني البئر هما قرنا البئر المبنيان على جانبيها أو هما خشبتان في جانبي البئر لاجل البئرر وقوله كيف كان لا يخلو عن اشكال لان الاختلاف بينهما كان في أصل الغسل لا في كيفتيته فالظاهر ان إرساله كان للسؤال عن أصله الا أن يقال أرسله
[ 129 ]
ليسأله عن الاصل والكيفية على تقدير جواز الاصل معا فلما علم جواز الاصل بمباشرة أبي أيوب سكت عنه وسأل عن الكيفية لكن قد يقال محل الخلاف هو الغسل بلا احتلام فمن أين علم بمجرد فعل أبي أيوب جواز ذلك الا أن يقال لعله علم ذلك بقرائن وأمارات والله تعالى أعلم وقوله فطأطأه أي خفضه قوله أو بورس بفتح فسكون نبت أصفر طيب الريح يصبغ به قوله لا يلبس بفتح الباء ولا البرنس بضم الباء والنون كل ثوب رأسه منه ولا العمامة بكسر العين الا لمن استثناء
[ 130 ]
مما فهم أنه لا يجوز الخفان لمحرم الا لمن لا يجد ولو كان من ظاهره لوجب ترك اللام أي لا يلبس محرم خفين الا من لا يجد ثم الجواب غير مطابق للسؤال ظاهر لان السؤال عما يجوز لبسه لا عما لا يجوز وفي الجواب ما لا يجوز والجواب أنه عدل عن بيان الملبوس الجائز إلى بيان غير الجائز لان غير الجائز منحصر وأما الجائز فلا ينحصر فبين غير الجائز ليعرف أن الباقي جائز والله تعالى أعلم قوله وهو ينزل عليه على بناء المفعول بالجعرانة بكسر الجيم وسكون العين وتخفيف الراء وقد تكسر العين وتشدد الراء فأشار إلى عمر أي لعلمه بأني أتمنى رؤيته في تلك الحال أن تعال أن تفسيرية وتعال بفتح اللام فأتاه رجل أي فقد أتاه رجل والجملة بيان لعلة الوحي لان الرجل جاءه بعد الوحي متضمخ بطيب بالرفع صفة رجل أي يفوح منه رائحة الطيب فالطيب كان بجسده وكان لابس
[ 131 ]
جبة فلذلك أمره صلى الله تعالى عليه وسلم بغسل الطيب مع الامر بنزع الجبة لما احتاج إلى غسله بعد النزع إذا نزل بسبب سؤاله يغط بغين معجمة مكسورة وطاء مهملة مشددة والغطيط صوت النائم المعروف لذلك أي لما طرأ عليه وقت الوحي فسرى بسين مضمومة وراء مشددة وتخفف مكسورة أي كشف عنه ما طرأه حالة الوحي وأما الطيب فاغسله أمره بذلك اما الخصوص الطيب الذي كان وهو الخلوق كما جاء به التصريح في روايات فإنه منهي عنه لغير المحرم أيضا أو لحال الاحرام وعلى التأني فاستعماله صلى الله تعالى عليه وسلم الطيب قبل الاحرام مع بقائه بعد الاحرام ناسخ لهذا
[ 132 ]
الحديث لان هذا الحديث كان أيام الفتح واستعماله صلى الله تعالى عليه وسلم الطيب كان في حجة الوداع قوله القمص بضمتين جمع قميص الله عزوجل ولا زعفران قال السيوطي منصرف لانه ليس فيه الا الالف والنون فقط قوله السرويل لمن لا يجد ازارا الخ أخذ بإطلاقه أحمد وهو أرفق وحمل الجمهور هذا لحيث على حديث بن عمر فقيدوه بالقطع حملا للمطلق على المقيد وأجاب أحمد بأن حديث بن عمر كان قبل هذا الاطلاق وقد يقال قد جاء التقييد في روايات بن عباس في لخف كما سيدئ في الكتاب نعم التقييد في الازار ما جاء في شئ من الاحاديث لا في حديث بن عمر ولا في حديث بن عباس فليتأمل وبالجملة فالمحل محل كلام وأما قوله والخفين فالظاهر والخفان لكونه مبتدأ الا أن يقال كان في الاصل ولبس الخفين ثم حذف المضاف وأبقى المضاف إليه على حاله من الجر وهو جائز وارد على قلة
[ 133 ]
والله تعالى أعلم قوله ولا تنتقب المرأة الحرام أي المحرمة والنقاب معروف للنساء لا يدو منه الا العينان القفازين بالضم والتشديد تلبسه نساء العرب في أيديهن يقطي الاصابع والكف والساعد من البرد
[ 136 ]
قوله إني لبدت من التلبيد وهو أن يجعل المحرم صمغا أو غيره ليتلبد شعره أي يلتصق بعضه ببعض فلا يتخلله الغبار ولا يصيبه الشعث ولا القمل وإنما يفعله من يطول مكثه في الاحرام فلا أحل من الاحرام من الحج يوم النحر قوله يهل من الاهلال وهو رفع الصوت بالتلبية قوله قبل أن يحل من الاحلال أو الحل أي قبل أن يحل كل الحل بالطواف والمراد قبل أن يطوف
[ 137 ]
وقولها بيدي متعلق بطيبت قوله لحرمه حين أحرم قال النووي ضبطوه بضم الحاء وكسرها والضم أكثر ولم يذكر الهروي وآخرون غيره وأنكر ثابت الضم على المحدثين وقال الصواب الكسر والمراد به الاحرام قوله يعني ليس له بقاء يحتمل أن الضمير لطيب الناس أي طيبكم الذي تستعمولنه عند الاحرام ليس له بقاء بخلاف طيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فهو كان باقيا بعد الاحرام
[ 138 ]
كما سيجئ أو لطيب رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم والتفسير على زعم الراوي الا فقد تبين خلافه وهي أرادت بقوله ليس يشبه طيبكم أي كان أطيب من طيبكم أو نحو هذا لا ما فهم الراوي والله تعالى أعلم قوله وحين يريد أن يزور البيت الظاهر أن الواو زائدة أي ولحله حين يريد الخ أو التقدير وكان لحله حين يريد أن يزور الخ والله تعالى أعلم قوله إلى وبيص الطيب هو البريق وزنا ومعنى وصاده مهملة قوله في مفرق بفتح ميم وكسر راء هو المكان الذي يفرق فيه الشعر في وسط الرأس قوله
[ 139 ]
في مفارق جمع مفرق قيل ذكرته بصيغة الجمع تعميما لجوانب الرأس التي يفرق فيها الشعر وأحاديث الباب أدل دليل على جواز استعمال طيب قبل الاحرام يبقى جرمه بعده وعليه الجمهور ومن لا يقول به يدعى الخصوص ولكن الخصائص لا تثبت الا بدليل والعموم الاصل والله تعالى أعلم
[ 140 ]
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم ادهن بأطيب دهن يجده للطحاوي والدارقطني بالغالية الجيدة
[ 141 ]
قوله لان أطلي يقال طليته بكذا إذا لطخته واطليت افتعلت منه إذا فعلته بنفسك فالتشديد ههنا أظهر وان خففت تقدر المفعول أي نفسي بالقطران بفتح فكسر معروف واللام في لان أطلي مفتوحة وهو مبتدأ خبره أحب ينضخ طيبا بالخاء المعجمة أي يفوح أو بالمهملة أي يترشح قوله أن يزعفر الرجل أي يستعمل الزعفران في البدن أو مطلقا ولا اختصاص لهذا الحديث بحالة الاحرام نعم إطلاقه
[ 142 ]
يشمل حالة الاحرام أيضا بل حالة الاحرام أولى والله تعالى أعلم قوله وعليه مقطعات قال النووي بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وقال في النهاية أي ثياب قصار لانها قطعت عن بلوغ التمام وقيل المقطع من الثياب المفصل على البدن أي الذي يفصل أولا على البدن ثم يخاط من قميص وغيره وما لا يقطع منها كالازر والاردية متضمخ بالضاد والخاء المعجمتين أي متلطخ بخلوق بفتح خاء معجمة
[ 143 ]
آخره قاف طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره قوله الرب عز وجل وهو مصفر بتشديد الفاء المكسورة مستعمل للصفرة في لحيته وتلك الصفرة هي الخلوق قوله أن يضمدهما بضاد معجمة وميم مكسورة أي يلطخهما بصبر بفتح صاد مهملة وكسر موحدة في الاشهر معلوم قوله لو استقبلت من أمري ما استدبرت أي علمت في ابتداء شروعي ما علمت الآن من لحوق المشقة بأصحابي بانفرادهم بالفسخ حتى توقفوا وترددوا وراجعوه لما سقت الهدى حتى فسخت معهم قاله حين أمرهم بالفسخ فترددوا وجعلتها أي النسك
[ 144 ]
والتأنيث باعتبار المفعول الثاني أعني عمرة لكونه كالخبر في المعنى أو لجعلت الحجة ثيابا صبيغا أي مصبوغة وهو فعيل بمعنى المفعول فلذلك ترك التاء محرشا في النهاية أراد بالتحريش هنا ذكر ما يوجب عتابه لها قوله فاقعصته أي قتلته الراحلة قتلا سريعا قوله خارجا رأسه ووجهه قيل كشف
[ 145 ]
الوجه ليس لمراعاة الاحرام وإنما هو لصيانة الرأس من التغطية كذا ذكره النووي وزعم أن هذا التأويل لازم عند الكل قلت ظاهر الحديث يفيد أن المحرم يجب عليه كشف وجهه أيضا وان الامر بكشف وجه الميت لمراعاة الاحرام نعم من لا يقول بمراعاة احرام الميت يحمل الحديث على الخصوص ولا يلزم منه أن يؤول الحديث كما زعم النووي والله تعالى اعلم قوله افراد الحج المحققون قالوا في نسكه صلى الله تعالى عليه وسلم أنه القران وقد صح ذلك من رواية اثني عشر من الصحابة بحيث لا يحتمل التأويل وقد جمع أحاديثهم بن حزم الظاهري في حجة الوداع له وذكره حديثا حديثا قالوا وبه يحصل الجمع بين أحاديث الباب أما أحاديث الافراد فمبنية على أن الراوي سمعه يلبي بالحج فزعم أنه مفرد بالحج فأخبر على حسب ذلك ويحتمل أن المراد بإفراد الحج أنه لم يحج بعد افتراض الحج عليه الا حجة
[ 146 ]
واحدة وأما أحاديث التمتع فبنيه على أنه سمعه يلبي بالعمرة فزعم أنه متمتع وهذا لا مانع منه لانه لا مانع من افراد نسك بالذكر للقارن على أنه قد يختفي الصوت بالثاني ويحتمل أن المراد بالتمتع القران لانه من الاطلاقات القديمة وهم كانوا يسمون القرآن تمتعا والله تعالى أعلم وقيل معنى أفرد أو تمتع أنه أمر به فان الآمر بالشئ يسمى فاعلا وأما أحاديث القران فلا تحتمل مثل هذا التأويل قوله الرب عز وجل موافين لهلال ذي الحجة أي قرب طلوعه لخمس بقين من ذي القعدة من أوفى عليه أشرف قوله لا نرى بفتح النون أي لا نعتقد وقيل بضم النون والمراد لا ننوي الا الحج لكونه المقصود الاصلي في الخروج أو لان الغالبين فيهم ما نووا الا الحج والله تعالى أعلم قوله الصبي بن معبد هو بضم صاد مهملة وفتح باء موحدة وتشديد ياء قوله مكتوبين على لعله أخذ من قوله تعالى وأتمو الحج والعمرة لله أنهما مفروضان على الانسان هريم بالتصغير
[ 147 ]
العذيب تصغير عذب اسم ماء لبني تميم على مرحلة من كوفة ما هذا بأفقه من بعيره أي ان عمر منع من الجمع واشتهر ذلك المنع وهو لا يدري به فهو والبعير سواء في عدم الفهم يا هناه أي يا هذا وأصله هن ألحقت الهاء لبيان الحركة فصار ياهنة وأشبعت الحركة فصارت ألفا فقيل يا هناه بسكون الهاء ولك ضم الهاء قال الجوهري هذه اللفظة تختص بالنداء هديت على بناء المفعول وتاء الخطاب أي هداك الله بواسطة من أفتاك أو هداك من أفتاك فإن قلت كان عمر يمنع عن الجمع فكيف قرره على ذلك بأحسن تقرير قلت كأنه يرى جواز ذلك لبعض المصالح ويرى أنه جوز للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم لذلك فكأنه كان يرى أن من
[ 148 ]
عرض له مصلحة اقتضت الجمع في حقه فالجمع في حقه سنة والله تعالى أعلم قوله عن علي بن الحسين هو زين العابدين كما في فتح الباري قوله ألم تكن تنهى على صيغة الخطاب وتنهى على بناء المفعول
[ 149 ]
أي أني أنهى الناس جميعا عن الجمع كما كان عمر ينهاهم وأنت فكيف لك أن تفعل وتخالف أمر الخليفة فأشار علي إلى انه لا طاعة لاحد فيما يخالف سنة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم لمن علم بها والله تعالى أعلم قوله أمره من التأمير أي جعله أميرا وقرنت أي جمعت بين الحج والعمرة هذا وأمثاله من أقوى الادلة على أنه كان قارنا لانه مستند إلى قوله والرجوع إلى قوله عند الاختلاف هو الواجب خصوصا لقوله تعالى فإن تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول وعموما لان الكلام إذا كان في حال أحد وحصل فيه الاختلاف يجب الرجوع فيه إلى قوله لانه أدرى بحاله وما أسند أحد ممن قال بخلافه إلى قوله فتعين القرآن والله تعالى أعلم قوله ثم لم ينزل فيها أي في النهي عن هذه الخصلة وهي الجمع قال فيهما رجل
[ 150 ]
أي عمر فإنه كان ينهى عن الجمع كعثمان قوله لبيك حجة وعمرة هذا أصرح الكل ولا يمكن الخلاف بعده أصلا قوله ما تعدونا الا صبيانا أي كأنكم ما تأخذون بقولنا لعدكم ايانا صبيانا حينئذ
[ 151 ]
قوله تمتع اعلم أن التمتع عند الصحابة كان شاملا للقران أيضا واطلاقه على ما يقابل القران اصطلاح حادث وقد جاء أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان قارنا فالوجه أن يراد بالتمتع ههنا في شأنه صلى الله تعالى عليه وسلم القران توفيقا بين الاحاديث والمعنى انتفع بالعمرة إلى أن حج مع المجمع بينهما في الاحرام ومعنى قوله بدأ بالعمرة أنه قدم العمرة ذكرا في البلية فقال لبيك عمرة وحجا فلما قدم أي قارب دخول مكة فقد جاء أنه قال لهم بسرف من كان منكم أهدى أي سواء كان قارنا أو معتمرا وبه أخذ أئمتنا وأحمد وليقصر من التقصير ولم يأمر بالحلق مع أنه أفضل ليبقى الشعر للحج إذا رجع إلى أهله تفسير لقوله تعالى وسبعة إذا رجعتم وفيه أن ليس المراد إذا فرغتم من النسك كما قاله علماؤنا ولا يخفى أن هذا مرفوع لا من قول بن عمر ثم خب بفتح خاء معجمة وتشديد موحدة
[ 152 ]
أي مشى مشيا سريعا مع تقارب الخطا وهو المعنى بالرمل قوله إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا أي ارتحلوا معه ملبين بالعمرة ليعلم أنكم قدمتم السنة على قوله وأنه لا طاعة له في مقابلة السنة فلم ينههم أي بعد أن سبق بينه وبين على ما سبق وعلم أن عليا وأصحابه ما انتهوا عن ذلك بقوله وقيل هذا رجوع من عثمان عن النهي عن المتعة ويبعده آخر الحديث أخبر على بناء المفعول وكان عليا أراد أن يعيد معه الكلام ليرجع عن النهي والحاصل أن عمر وعثمان رضي الله تعالى عنهما كانا يريان أن التمتع في وقته صلى الله تعالى عليه وسلم كان بسبب من الاسباب وتركه أفضل وعلي كان يراه أنه السنة أو أفضل والله تعالى أعلم
[ 153 ]
قوله إلا من جهل أمر الله أي حكمه وشرعه قال ذلك اعتمادا على نهي عمر وأنه لا ينهى عن المشروع وصنعناها معه أي وكان نهى عمر بتأول قوله رويدك بضم الراء أي أخر فلعل فتياك تخالف ما أحدث عمر فيغضب عليك قد فعله أي فلا نهى عنه لذاته بل لان الناس لا يؤدون حق الحج لاجله أن يظلوا بفتح الياء والظاء وتشديد اللام معرسين من أعرس إذا دخل بامرأته عند بنائها والمراد ههنا الوطئ أي ملمين بنسائهم وضمير بهن للنساء بقرينة المقام في الاراك بفتح الهمز شجر معروف ولعله أريد ههنا أراك كان بقرب عرفات يريد أن الافضل للحاج أن يتفرق شعره ويتغير حاله والتمتع في حق غالب الناس صار مؤديا إلى خلافة فنهيتهم لذلك والله تعالى أعلم قوله وانها لفي كتاب الله أي فاعلم تأويل الكتاب والسنة وان النهي عنها لا يخالف الكتاب
[ 154 ]
والسنة إذ لا يظن به أنه قصد به إظهار مخالفته للكتاب والسنة قوله إني قصرت من التقصير وفي رواية أنه قصر لحجته قال بن حزم في حجة الوداع له وهذا مشكل يتعلق به من يقول أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان متمتعا والصحيح الذي لا يشك فيه والذي نقله الكواف أنه صلى الله تعالى عليه وسلم لم يقصر من شعره شيئا ولا أحل من شئ من احرامه إلى أن حلق بمنى يوم النحر ولعل معاوية عني بالحجة عمرة الجعرانة لانه قد أسلم حينئذ ولا يسوغ هذا التأويل في رواية من روى أنه كان في ذي الحجة أو لعله قصر عنه عليه الصلاة والسلام بقية شعر لم يكن استوفاه الحلاق بعد قصره معاوية على المروة يوم النحر وقد قيل ان الحسن بن علي أخطأ في إسناد هذا الحديث فجعله عن معمر وإنما المحفوظ أنه عن هشام وهشام ضعيف قلت لكن كلام أبي داود في سننه يدفع هذا الجواب حيث بين أن الحسن بن علي ليس بمنفرد بهذا الحديث بل معه محمد بن يحيى أيضا والله تعالى أعلم قوله فمشطتني بالتخفيف أي سرحت شعر رأسي وأصلحته بذلك أي بالتمتع فليتئد بتاء مشددة بعدها همزة
[ 155 ]
افتعال من التؤدة أي ليتأن ولا يتعجل بالمضي على فتيانا فأتموا أي فاقتدوا به وخذوا بقوله واتركوا قولنا ان خالف قوله قال تعالى وأتموا الحج أي واتمام كل بإتيانه بسفر جديد أو باحرام جديد لا يجعل أحدهما تابعا للآخر لم يحل أي والمتمتع قد يحل إذا لم يكن تمتعه على وجه القران والحاصل أن الجمع بين القرآن والسنة قد أداه إلى النهي عن التمتع والقران جميعا فيحصل حينئذ الاتمام والحل يوم النحر لا قبله والله تعالى أعلم قوله قال فيها أي في النهي عن المتعة قائل برأيه فلا عبرة له في مقابلة صريح السنة والله تعالى أعلم قوله تسع حجج بكسر الحاء المهملة وبجيم مكررة أي تسع سنين ثم أذن من التأذين والايذان أي نادى وأعلم والمراد أمر بالنداء فنادى المنادي ويحتمل على بعد أن يقرأ على بناء المفعول حاج أي خارج إلى الحج يلتمس أي يقصد ويطلب والافراد
[ 156 ]
بإفراد كل لفظا يأتم بتشديد الميم أي يقتدى ويفعل ما يفعل تفسير للاقتداء والمراد يفعل مثل ما يفعل كما في رواية أبي داود ينزل القرآن الخ هو حث على التمسك بما أخبر به عن فعله لا ننوى الا الحج أي أول الامر وقت الخروج من البيوت والا فقد أحرم بعض بالعمرة أو هو خبر عما كان عليه حال غالبهم أو المراد أن المقصد الاصلي من الخروج كان الحج وان نوى بعض العمرة قوله غير أن لا تطوفي كلمة لا زائدة أو هو استثناء مما يفهم أي لا فرق بينك وبين المحرم غير أن لا تطوفي قوله منيخ من أناخ حيث حج كأنه بمعنى حين حج من استعارة ظرف المكان للزمان
[ 157 ]
ففلت بالتخفيف أي أخرجت ما فيه من القمل قوله وامكث حراما كما أنت أي ابق محرما على ما أنت عليه من الاحرام قيل ما فائدة قوله كما أنت وقوله وامكث محرما يغني عنه قلت كأنه صرح بذلك تنبيها على أن ما عليه احرام ليتبين بذلك أن الاحرام المبهم احرام شرعا وهذا مطلوب مهم فيحتاج إلى زيادة
[ 158 ]
التنبيه والله تعالى أعلم قوله قد نضحت البيت أي طيبته بنضوح بفتح النون ضرب من الطيب تفوح رائحته قوله عام نزل الحجاج بابن الزبير أي جاء يقاتله من قبل مروان فقيل له أي لابن الزبير قتال بالرفع فاعل كائن ان يصدوك أي يمنعوك عن البيت إذا أصنع إذا من الحروف الناصبة للفعل المضارع وأصنع مصنوب بها كما صنع من التحلل حين حصر بالحديبية ولذلك أوجب أو لا عمرة لكونه صلى الله تعالى عليه وسلم كان حين الاحصار معتمرا ثم حين لاحظ أن أمر الحج والعمرة واحد أوجب الحج مع العمرة وأهدى بفتح الهمزة فعل ماض من الاهداء بقديد بالتصغير
[ 159 ]
بطوافه الاول أي بأول طواف طافه بعد النحر والحلق فإنه ركن الحج عندهم لا الذي طافه حين القدوم وان كان هو المتبادر من اللفظ فإنه للقدوم وليس بركن للحج لكن بعض روايات
[ 160 ]
حديث بن عمر يبعد هذا التأويل ويقتضي أن الطواف الذي يجزئ عنهما هو الذي حين
[ 161 ]
القدوم ففي بعضها ثم قدم أي مكة فطاف لهما طوافا واحدا وفي بعضها ثم قدم فطاف لهما طوافا واحدا فلم يحل حتى حل منهما جميعا وفي بعضها وكان يقول أي بن عمر لا يحل حتى يطوف طوافا واحدا يوم يدخل مكة وفي بعض فخرج حتى إذا جاء البيت طاف به سبعا وبين الصفا والمروة سبعا لم يزد عليه ورأى أنه مجزئ عنه وأهدى وفي بعض ثم طاف لهما طوافا واحدا بالبيت وبين الصفا والمروة لم يحل منهما حتى أحل منهما لحجه يوم النحر وفي بعض ثم انطلق يهل بهما جميعا حتى قدم مكة فطاف بالبيت وبالصفا والمروة ولم يزد على ذلك ولم ينحر ولم يحلق حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الاول وكل هذه الروايات في الصحيح والنظر في هذه الروايات يبعد ذلك التأويل لكن القول بأنه ما كان يرى طواف الافاضة مطلقا أو للقران أيضا قول بعيد بل قد ثبت عنه طواف الافاضة مرفوعا فاما أنه لا يرى طواف الافاضة للقارن ركن الحج بل يرى أن الركن في حقه هو الاول والافاضة سنة أو نحوها وهذا لا يخلو عن بعد أو أنه يرى دخول طواف العمرة في طواف القدوم للحج ويرى أن طواف القدوم من سنن الحج للمفرد الا أن القارن يجزئه ذلك عن سنة القدوم للحج وعن فرض العمرة وتكون الافاضة عنده ركنا للحج فقط وقيل المراد بالطواف السعي بين الصفا والمروة ولا يخفى بعده أيضا فإن مطلق اسم الطواف ينصرف إلى طواف البيت سيما وهو مقتضى الروايات والله تعالى أعلم قوله والرغباء بفتح الراء مع المد وبضمها مع القصر وحكى
[ 162 ]
الفتح والقصر كالسكرى من الرغبة ومعناه الطلب في المسألة قوله مر أصحابك أمر ندب عند الجمهور وأمر وجوب عند الظاهرية أن يرفعوا إظهارا لشعار الاحرام وتعليما للجاهل ما يستحب له في ذلك المقام قوله أهل أي أول الهلال في دبر الصلاة أي ركعتي الاحرام قال الترمذي وهو الذي يستحبه أهل العلم قلت فإنهم حملوا اختلاف الصحابة في موضع الاحرام على الاختلاف
[ 163 ]
بحسب العلم بأن الناس لكثرتهم ما تيسر لكلهم الاطلاع على تمام الحال فبعضهم اطلعوا على تلبيته دبر الصلاة وبعضهم على تلبيته عند الاستواء على الراحلة وبعضهم على تلبيته حين استواء الراحلة على البيداء فزعم كل أن ما سمعه أول تلبيته وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم أحرم بها فنقل الامر على وفق ذلك وكان الامر أنه أحرم من بعد الفراغ من الصلاة في مسجد ذي الحليفة والله تعالى أعلم قوله الذي تكذبون فيها هكذا في النسخة التي كانت عندي بتذكير الموصول وكأنه لاعتبار أنه المكان وأما التأنيث فهو الاصل ثم رأيت أن التأنيث في غالب النسخ فلعله المعتمد ومعنى تكذبون فيها في شأنها ونسبة الاحرام إليها بأنه كان من عندها ما أهل أي ما رفع صوته بالتلبية الا من مسجد ذي الحليفة أي حين ركب لا حين فرغ من الركعتين فإن بن عمر كان يظن الاهلال عند الركوب والله تعالى أعلم
[ 164 ]
قوله أقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي بالمدينة بعد الهجرة فتدارك أي تدافع الناس أي دفع بعضهم بعضا إلى الخروج أو تزاحموا عند الخروج واستثفرى أي شدى محل الدم بثوب قوله أقبلنا أي أقبل غالبنا وفيهم جابر
[ 165 ]
بسرف بكسر الراء عركت حاضت حل ماذا أي حل أي حرمة فإن بالاحرام يحصل حرم متعددة الحل كله أي حل الحرم كلها ان هذا أمر كتبه الله أي قدره من غير اختيار العبد فيه فلا عتب على العبد به فاغتسلي لاحرام الحج قد حللت من حجتك وعمرتك صريح في أنها كانت قارنة وأن القارن يكفيه طواف الحج من النسكين إني أجد في نسفي أي حيثما اعتمرت عمرة مستقلة كسائر الامهات ليلة الحصبة بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين أي ليلة الاقامة بالمحصب بعد النفر من منى
[ 166 ]
قوله في حجة لوداع بفتح الواو وكسرها قوله فأهللنا أي بعضنا وفيهم كانت عائشة فقال انقضي رأسك بضم القاف وضاد معجمة أي حلي ضفره وامتشطي لعل المراد بذلك هو الاغتسال لاحرام الحج كما وقع التصريح بذلك في رواية جابر ودعى العمرة قال علماؤنا أي اتركيها واقضيها بعد وقال الشافعي أي اتركي العمل للعمرة من الطواف والسعي لا أنها تترك العمرة أصلا وإنما أمرها أن تدخل الحج على العمرة فتكون قارنة وعلى هذا فتكون عمرتها من التنعيم تطوعا لاقضاء عن واجب ولكن أراد أن يطيب نفسها فأعمرها وكانت قد سألته ذلك ليحصل لها عمرة مستقلة كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وقال الخطابي الا أن قوله انقضى رأسك وامتشطي لا يشاكل هذه القضية ولو تأوله متأول على الترخيص في نسخ العمرة كما أذن لاصحابه في نسخ الحج لكان له وجه وأجاب الكرماني بأن نقض الرأس والامتشاط جائز في الاحرام بحيث لا ينتف شعرا وقد يتأول بأنها كانت معذورة وقيل المراد بالامتشاط تسريح الشعر بالاصابع لغسل الاحرام بالحج ويلزم
[ 167 ]
منه نقضه هذه مكان عمرتك ظاهر في أن الثانية قضاء عن الاولى كما قال علماؤنا لكن قد يقال لو كان قضاء لعلمها أو لا لتنوي لا أخبر به بعد الفراغ فليتأمل قال الزركشي المشهور رفع مكان على الخبر أي عوض عمرتك التي تركتها ويجوز النصب على الظرف وقال بعضهم لا يجوز غيره والعامل محذوف تقديره هذه كائنة مكان عمرتك أو مجعولة مكانها فطاف الذين أهلوا بالعمرة أي لركن العمرة ثم طافوا طوافا آخر أي لركن الحج فإنما طافوا أي للركن طوافا واحدا والا فقد ثبت أن الكل طافوا طوافين طافوا حين القدوم بمكة وطافوا للافاضة لكن الذين أحرموا بالعمرة فطوافهم الاول ركن العمرة والثاني ركن الحج وأما الذين جمعوا فطوافهم الاول سنة القدوم والثاني ركن الحج والعمرة جميعا عند
[ 168 ]
من يقول بدخول أفعال العمرة في الحج وقيل بل المراد بالطواف السعي بين الصفا والمروة والله تعالى أعلم قوله ان ضباعة بضم المعجمة وتخفيف الموحدة أن تشترط ومن لا يقول بالاشتراط يدعى الخصوص بها والله تعالى أعلم قوله الشرط بين الناس أي هو مثل الشرط بين الناس فيجوز أو الشرط بين الناس لا بين العبد وربه تعالى فلا يجوز وعلى هذا فمراده بذكر الحديث أنه يعلم الحديث وتأويله بأنه مخصوص بها والله تعالى أعلم ومحلى بفتح ميم وكسر الحاء أي مكان تحللي
[ 169 ]
قوله ينكر الاشتراط لا دليل فيه لمن ينكر لجواز أن يكون إنكار أتى عن عدم الاطلاع على نقيضه ومعرفة أن الحكم مخصوص بها حسبكم أي كافيكم ولا معارضة بينه وبين جواز الاشتراط قوله
[ 170 ]
في بضع عشرة مائة اعرابه كاعراب خمس عشرة أي في ألف ومئات فوقه وأشعر الاشعار أن يطعن في أحد جانبي سنام البعير حتى يسيل دمها ليعرف أنها هدى ويتميز ان خلطت وعرفت إذا ضلت ويرتدع عنها السراق ويأكلها الفقراء ان ذبحت في الطريق لخوف الهلاك وهو جائز عند الجمهور ومن أنكر فلعله أنكر المبالغة لا أصله والله تعالى أعلم قوله بدنه بضم فسكون جمع وبفتحتين مفرد
[ 171 ]
قوله ثم سلت أي أزاله بأصبعه فلما استوت به أي راحلته وهي غير التي أشعرها قوله فافتل من فتل كضرب ثم لا يجتنب أي بعد أن يبعث بتلك الهدايا إلى مكة فالمرء يبعث الهدى إلى مكة لا يحرم عليه ما يحرم على المحرم كما زعم بن عباس ومراد عائشة الرد عليه قوله قبل أن يبلغ التقييد بذلك لكونه محل الخلاف وأما بعد بلوغ الهدى محله فلا يقول بن عباس أيضا بقاء الحرمة
[ 172 ]
قوله من عهن بكسر فسكون الصوف المصبوغ ألوانا قوله قد حلوا بعمرة أي بجعل نسكهم عمرة قوله أماط عنه أي أزال عنه فلما استوت به البيداء هذا يفيد أنه أهل حين استواء الراحلة على البيداء وهذا خلاف ما تقدم عن بن عباس أنه أهل بعد الصلاة فلعله تحقق عنده الامر بعد هذا
[ 173 ]
فرجع عنه إلى ما تحقق عنده والله تعالى أعلم قوله غنما أي حال كون الهدى غنما والحديث صريح
[ 174 ]
في جواز تقليد الغنم فلا وجه لمنع من منع ذلك قوله ثم لا يحرم من أحرم أي لا يصير محرما قوله بعث بالهدى أي بعث أحدهم بالهدى والحديث يدل على أن الذي يبعث بالهدى مخير بين أن يصير
[ 175 ]
محرما وبين أن يبقى حلالا قوله مع أبي بالاضافة إلى ياء المتكلم تريد أبا بكر رضي الله عنه وعنها (2793) حتى ينحر الغاية لبيان الدوام وذلك لانه لا قائل بالحرمة بعد هذه الغاية فإذا لا حرمة إلى هذه الغاية فلا حرمة أصلا وهو المطلوب قوله قالت ولا نعلم الحاج يحله من أحل أي يجعله حلالا خارجا عن الاحرام بالكلية حتى في حق النساء رضي الله تعالى عنها الا الطواف بالبيت أي طواف الافاضة وأما الحلق فلا يحله بالكلية قوله ويخرج بالهدى على بناء المفعول أي يخرج من يبعث معه الهدى بالهدى
[ 176 ]
قوله ويلك كلمة بمعنى الدعاء بالهلاك وقد لا يراد بها الحقيقة بل الزجر وهو المراد ههنا والله تعالى أعلم
[ 177 ]
قوله إذا ألجئت على بناء المفعول أي اضطررت وهل بعد أن ركب اضطرارا له المداومة على الركوب أو لا بد من النزول إذا رأى قوة على المشي قولان وقد يؤخذ من قوله حتى يجد ظهرا ترجيح القول الاول وقد يمنع ذلك بأنها ليست غاية لمداومة الركوب عليها بل هي غاية لجواز الركوب كلما ألجئ إليه أي له أن يركب كلما ألجئ إلى أن يجد ظهرا فليتأمل قوله ولا نرى بضم النون وفتحها وهو أقرب أي لا نعزم ولا ننوى والمراد بعض القوم أي غالبهم كما تقدم مرارا ألا ترى إلى قولها طفنا مع أنها ما طافت لكونها حاضت وجملة طفنا حال أي قد طفنا وجواب لما أمر رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وهذا هو دليل النسخ وقد قال به أحمد والظاهرية والجمهور على أن النسخ كان مخصوصا بالصحابة قال أو ما كنت كأنه استفهم تقريرا والا فقد علم به قبل انها حاضت ويحتمل أنه نسي والله تعالى
[ 178 ]
أعلم قوله أهللنا أصحاب النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أصحاب بالنصب على الاختصاص وقد سبق مرار أن المراد الغالب ومذاكيرنا تقطر من المني يريد قرب العهد بالجماع لابركم أي أطوعكم الله ولولا الهدى أي معي ولو استقبلت الخ أي لو علمت في ابتداء شروعي ما علمت الآن من لحوق المشقة بأصحابي بانفرادهم بالفسخ حتى توقفوا وترددوا وراجعوا لما سقت الهدى حتى فسخت
[ 179 ]
معهم قال حين أمرهم بالفسح فترددوا عمرتنا هذه أي التي في أيام الحج أو التي فسخنا الحج بها والجمهور على الاول وأحمد والظاهرية على الثاني قوله بل لنا خاصة أي التمتع عام لكن فسخ الحج بالعمرة خاص وبه قال الجمهور ومن يرى الفسخ عاما يرى أن هذا الحديث لا يصلح للمعارضة قوله كانت لنا رخصة أي بوصف الفسخ والا فلا خصوص
[ 180 ]
قوله كانوا يرون الضمير لاهل الجاهلية لا للصحابة كما يوهمه كلام بعضهم لقوله ويجعلون المحرم صفر وليس هذا من شأن الصحابة قال السيوطي وهذا من تحكمات أهل الجاهلية الفاسدة وقوله ويجعلون المحرم صفر قال السيوطي نقلا عن النووي وهو مصروف بلا خلاف وحقه أن يكتب بالالف لانه منصوب لكنه كتب بدونها يعني على لغة ربيعة أي لغة من يقف على المنصوب بلا ألف فإن الخط مداره على الوقف ولا بد من قراءته منونا وفي المحكم كان أبو عبيدة لا يصرفه ومعنى يجعلون يسمون وينسبون تحريمه إليه لئلا تتوالى عليهم ثلاثة أشهر حرم فتضيق بذلك أحوالهم وهو المراد بالنسئ إذا برأ بفتحتين وهمزة وتخفيف الدبر بفتحتين الجرح الذي يكون في ظهر البعير أي زال عنها الجروح التي حصلت بسبب سفر الحج عليها
[ 181 ]
وعفا الوبر أي كثر وبر الابل الذي قلعته رحال الحج وانسلخ صفر قال النووي هذه الالفاظ كلها تقرأ ساكنة الآخر موقوفا عليها لان مرادهم السجع الحل كله أي حل يحل له فيه جميع ما يحرم على المحرم حتى جماع النساء وذلك تمام الحل قوله وكان فيمن لم يكن معه الهدى هكذا في صحيح مسلم وبهذا الاسناد ولكن في صحيح بإسناد آخر وكان طلحة بن عبيد الله فيمن ساق الهدى فلم يحل قوله دخلت العمرة في الحج من جوز الفسخ يقول دخلت نية العمرة في نية الحج بحيث أن من نوى الحج صح له الفراغ منه بالعمرة ومن لا يجوز الفسخ يقول حلت في أشهر الحج وصحت بمعنى دخلت في وقت الحج وشهوره وبطل ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم حل العمرة في أشهر الحج أو دخل
[ 182 ]
أفعال العمرة في أفعال الحج فلا يجب على القارن الا احرام واحد وطواف واحد وهكذا ومن لا يقول بوجوب العمرة يقول ان المراد أنه سقط افتراضها بالحج فكأنها دخلت فيه وبعض الاحتمالات لا يناسب المقام والله تعالى أعلم قوله تخلف أي تأخر عنه صلى الله تعالى عليه وسلم أن يناولوه سوطه أي وقد نسيه كما في رواية أو سقط عنه كما في أخرى وجمع بينهما بأن أريد بالسقوط النسيان أو العكس تجوزا ثم شد أي حمل عليه وأبى بعضهم أي امتنعوا عن الكل طعمه بضم فسكون أي طعام والمقصود بنسبة الطعام إليه تعالى قطع التسبب عنهم أي فلا اثم عليكم والا فكل الطعام مما يطعم الله تعالى عبده فافهم والله تعالى أعلم
[ 183 ]
قوله حتى إذا كانوا أي في الطريق أو في أثناء ذلك بين الرفاق الرفاق ككتاب جمع الرفقة مثلثة الراء وسكون الفاء وهي جماعة توافقهم في السفر بالاثاية بضم الهمزة وحكى كسرها ومثلثة موضع بطريق الجحفة إلى مكة بين الرويثة بالتصغير والعرج بفتح العين المهملة وسكون الراء وجيم قرية جامعة على أيام من المدينة حاقف بمهملة ثم قاف ثم فاء أي نائم قد انحنى في نومه وقيل أي واقف منحن رأسه بين يديه إلى رجليه وقيل الحاقف الذي لجأ إلى حقف وهو ما انعطف من الرمل لا يريبه
[ 184 ]
من راب يريب أو أراب أي لا يتعرض له ولا يزعجه قوله بن جثامة بجيم مفتوحة ثم ثاء مثلثة مشددة بالابواء بفتح الهمزة وسكون الموحدة وبالمد أو بودان بفتح الواو وتشديد الدال المهملة هما مكانان بين الحرمين ما في وجهي من الكراهة أما انه أي الشان وفي نسخة أنا وعلى النسختين فهمزة ان مكسورة للابتداء الا أنا بفتح الهمزة أي لانا حرم بضمتين أي محرمون والتوفيق بين هذا وما تقدم أن هذا قد صيد له أو هذا في الحمار الحي وما سبق فيما لم يصد له وكون هذا كان حيا
[ 185 ]
مما لا يوافقه الروايات والله تعالى أعلم قوله عام الحديبية بهذا تبين أن تركه الاحرام ومجاوزته الميقات بلا احرام كان قبل أن تقرر المواقيت فإن تقرير المواقيت كان سنة حج الوداع كما روى عن أحمد أن نقتطع قال السيوطي بضم أوله أي يقطعنا العدو عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أرفع بتشديد الفاء المكسورة أي أكلفه السير السريع شأوا بالهمز أي قدر عدوه وهو قائل من القيلولة بالسقيا
[ 186 ]
بضم السين موضع قوله فاضلة أي قطعة فاضلة أي فضلة وبقية قوله فاختلست أي سلبت فأشفقوا أي خافوا هل أشرتم الخ يدل على أنهم لو أشاروا أو أعانوا لما كان لهم أن يأكلوا
[ 187 ]
قوله صيد البر أي مصيده حلال أي وأنتم حرم كما في رواية الترمذي وغيره وهو بضمتين جمع حرام بمعنى المحرم أو يصاد قال السيوطي في حاشية أبي داود كذا في النسخ والجاري على قوانين العربية أو يصد لانه معطوف على المجزوم وذكر في حاشية الكتاب نقلا عن الشيخ ولي الدين هكذا الرواية بالالف وهي جائزة على لغة قلت والوجه نصب يصاد على أن أو بمعنى الا أن فلا اشكال قوله عمرو بن أبي عمرو ليس بالقوي قال الشيخ ولي الدين قد تبع النسائي على هذا بن حزم وسبقهما إلى تضعيفه يحيى بن معين وغيره لكن وثقه أحمد وأبو زرعة وأبو حاتم وابن عدي وغيرهم وأخرج له الشيخان في صحيحيهما وكفى بهما فوجب قبول خبره وقد سكت أبو داود على خبره فهو عنده حسن أو
[ 188 ]
صحيح قوله جناح أي اثم والحدأة بكسر حاء مهملة وفتح دال بعدها همزة كعنبة أخس الطيور تخطف أطعمة الناس من أيديهم والفأرة بهمزة ساكنة وتسهل العقور بفتح العن مبالغة عاقر وهو الجارح المفترس قوله الابقع هو الذي في ظهره أو في بطنه بياض وقد أخذ
[ 189 ]
القيد طائفة وأجاب غيرهم بأن الروايات المطلقة أصح قوله عكاز بضم عين وشدة كاف عصا ذات حديدة إلا يطفئ من الاطفاء عن قتل الجنان بكسر الجيم وتشديد النون هي الحيات التي تكون في البيوت واحدها جان هو الدقيق الخفيف إلا ذا الطفيتين هو بضم طاء وسكون فاء الخطان الابيضان على ظهر الحية والابتر القصير الذنب يطمسان البصر أي يخطفان بما فيهما من الخاصية وقيل يقصدان
[ 190 ]
البصر باللسع قوله وهو حرام أي والحال أن القائل حرام أي محرم أي داخل في الحرم قوله والفويسقة هي الفأرة تصغير فاسقة لخروجها من جحر على الناس وافسادها قوله الله تعالى في الحرم بفتحتين أي حرم مكة
[ 191 ]
أو بضمتين جمع حرام أي في المواضع المحرمة قوله عن الضبع بفتح معجمة وضم موحدة حيوان معروف فأمرني أي أمر إباحة رخصة أصيد هي أي أفي قتلها جزاء قوله وهو محرم بهذا أخذ علماؤنا
[ 192 ]
فجوزوا نكاح المحرم قوله لا ينكح بفتح الياء أي لا يعقد لنفسه ولا يخطب كينصر من الخطبة بكسر الخاء وهذا يمنع تأويل النكاح في الحديث بالجماع كما قيل ولا ينكح بضم الياء أي لا يعقد لغيره وكل منها يحتمل النهي والنفي بمعنى النهي وغالب أهل الحديث والفقه أخذوا بهذا الحديث ورأوا أن حديث بن عباس وهم لما جاء عن ميمونة ورافع خلافه فرجحوا حديث ميمونة ورافع لكون ميمونة صاحبة الواقعة فهي أعلم بها من غيرها ورافع كان سفيرا بين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وبينها وابن عباس كان إذ ذاك صغيرا ولكون حديثهما أوفق بالحديث القولي الذي رواه عثمان رضي الله تعالى عنه وقالوا ولو سلم أن حديث بن عباس يعارض حديث ميمونه يسقط الحديثان للتعارض ويبقى حديث
[ 193 ]
عثمان القولي سالما عن المعارضة فيؤيد به ولو سلم أن حديث بن عباس لا يسقط ولا يعارضه حديث ميمونة ورافع فلا شك أنه حكاية فعل يحتمل الخصوص وحديث عثمان قول نص في التشريع فيؤخذ به قطعا على مقتضى القواعد وقال بعضهم بل حديث بن عباس أرجح سندا فقد أخرجه الستة فلا يعارضه شئ من حديث ميمونة ورافع والاصل في الافعال العموم فيقدم على حديث عثمان أيضا فيؤخذ به دون غيره والله تعالى أعلم قوله احتجم وهو محرم تجوز الحجامة للمحرم عند كثير بلا حلق شعر لكن سيجئ أنه احتجم في الرأس والحجامة لا تخلو عادة عن حلق فالاوفق بالحديث أن يقال بجواز حلق موضع الحجامة إذا كان هناك ضرورة والله تعالى أعلم قوله من وثء بفتح واو وسكون مثلثة
[ 194 ]
آخره همزة والعامة تقول بالياء وهو غلط وجع يصيب اللحم ولا يبلغ العظم أو وجع يصيب العظم من غير كسر قوله وسط رأسه قال السيوطي بفتح السين أي متوسطة بلحى جمل بفتح لام وحكى كسرها
[ 195 ]
وسكون مهملة وجمل بفتحتين وهو موضع بين الحرمين قوله أو انسك بضم السين أي اذبح أي ذلك بتشديد الياء لبيان التخيير وأنه يجوز كل واحد مع القدرة على الآخر قوله وتصدق فيه اختصار أي افعل التصدق أو ما يقوم مقامه قوله فوقصته الوقص كسر العنق ولا تمسوه بطيب من المس والباء للتعدية
[ 196 ]
قوله ولا تمسوه طيبا من الامساس قوله فأقعصه أي قتله قتلا سريعا والتذكير بملاحظة الابل
[ 197 ]
قوله وأنه لفظه بعيره أي رماه قوله أقبل رجل حراما قال الامام النووي هكذا هو في معظم النسخ حراما وفي بعضها حرام وهذا هو الوجه والاول وجهه ان يكون حالا وقد جاءت الحال من النكرة على قلة فوقص على بناء المفعول وألبسوه ثوبيه من الالباس
[ 198 ]
وقوله إني قد أوجبت عمرة إن شاء الله للتبرك فلا يضر في الايجاب أو هو شرط لما بعده والله تعالى أعلم قوله من عرج أو كسر الخ كسر على بناء المفعول وعرج بكسر الراء على بناء الفاعل في الصحاح بفتح الراء إذا أصابه شئ في رجله فجعل يمشي مشية العرجان وبالكسر إذا كان ذلك خلقة وفي النهاية إذا صار أعرج أي من أحرم ثم حدث له بعد الاحرام مانع من المضي على مقتضى الاحرام غير احصار العدو بأن كان أحد كسر رجله أوصار أعرج من غير صنيع من أحد يجوز له أن يترك الاحرام وان لم يشترط
[ 199 ]
التحلل وقيده بعضهم بالاشتراط ومن يرى أنه من باب الاحصار لعله يقول معنى حل كاد أن يحل قبل أن يصل إلى نسكه بأن يبعث الهدى مع أحد يواعده يوما بعينه يذبحها فيه في الحرم فيتحلل بعد الذبح قوله بذي طوى اسم موضع بقرب مكة حين يقدم متعلق بكان ينزل على أكمة بفتحات دون الجبل وأعلى من الرابية وقيل دون الرابية بنى على بناء المفعول قوله فأصبح بالجعرانة
[ 200 ]
أي فرجع إلى الجعرانة ليلا فأصبح بها كبائت فيها أي كأنه بات بالجعرانة ليلا وما خرج منها من بطن سرف بكسر الراء قوله كأنه سبيكة فضة بالاضافة في القاموس سبيكة كسفينة القطعة المذوبة المراد تشبيهه صلى الله تعالى عليه وسلم بالقطعة من الفضة في البياض والصفاء والله تعالى أعلم قوله التي بالبطحاء أي مما يلي المقابر السفلى أي التي تلي باب العمرة قوله دخل مكة أي يوم الفتح
[ 201 ]
ولواؤه أبيض قوله وعليه المغفر بكسر الميم وسكون الغين المعجمة وفتح الفاء هو المنسوج من الدرع على قدر الرأس أي على رأسه المغفر فلا تعارض بينه وبين حديث وعليه عمامة سوداء إذ يحتمل أن تكون العمامة فوق المغفر أو بالعكس أو كان أول دخوله على رأسه المغفر ثم أزاله ولبس العمامة بعد ذلك والله تعالى أعلم بن خطل بفتحتين وقد أجاز صلى الله تعالى عليه وسلم في قتله حيث كان لكونه كان يؤذيه والله تعالى أعلم قوله عن أبي العالية البراء بالتشديد لانه كان يبرى النبل
[ 202 ]
قوله في عمرة القضاء قيل هي عمرة كانت قضاء عما صد عنها عام الحديبية وقيل بل القضاء بمعنى المقاضاة والمصالحة فإنه صالح عليها كفار قريش اليوم نضربكم في النهاية سكون الباء من نضربكم من جائزات الشعر وموضعها الرفع قلت نبه على ذلك لئلا يتوهم أن جزمه لكونه جواب الامر فإن جعله جوابا فاسد معنى ولعل المراد نضربكم أن نقضتم العهد وصددتموه عن الدخول والا فلا يصح ضربهم لمكان العه د على تنزيله أي لاجل تنزيله بمكة أي نضربكم حتى ننزله بمكة وقيل المراد تنزيل القرآن يزيل الهام بالتخفيف الرأس عن مقيله أي موضعه مستعار من موضع القائلة ويذهل بضم الياء أي يجعله ذاهلا فقال له عمر الخ كأنه رأى أن الشعر مكروه فلا ينبغي أن يكون بين يديه صلى الله تعالى عليه
[ 203 ]
وسلم وفي حرمه تعالى ولم يلتفت إلى تقرير النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لاحتمال أن يكون قلبه مشتغلا بما منعه عن الالتفات إلى الشعر أسرع فيهم أي في التأثير في قلوبهم من نضح النبل بنون وضاد معجمة وحاء مهملة من الرمي بالسهم أي فيجوز للمصلحة والله تعالى أعلم قوله حرمه الله أي حكم بكونه حرما يومئذ وان ظهر بين الناس بعد ذلك على لسان الانبياء ولما كان إبراهيم أول نبي أظهر ذلك بعد الطوفان أو مطلقا قيل حرمه إبراهيم بحرمة الله أي بتحريمه والحاصل أن تحريمه منتسب إلى الله تعالى على الدوام فلا بد من مراعاته لا يعضد على بناء المفعول أي لا يقطع ولا ينفر
[ 204 ]
بتشديد الفاء على بناء المفعول أي لا يتعرض له بالاصطياد وغيره ولا يلتقط على بناء الفاعل لقطته بضم لام وفتح قاف أو بسكونه الا من عرفها من التعريف قيل أي على الدوام ليحصل به الفرق بين الحرم وغيره والا لا يحسن ذكره ههنا في محل ذكر الاحكام المخصوصة بالحرم الثابتة له بمقتضى التحريم ومن لا يقول بوجوب التعريف على الدوام يرى أن تخصيصه كتخصيص الاحرام بالنهي عن الفسوق في قوله فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال مع أن النهي عام وحاصله زيادة الاهتمام بأمر الاحرام وبيان أن الاجتناب عن الفسوق في الاحرام آكد فكذا التخصيص ههنا لزيادة الاهتمام بأمر الحرم وأن التعريف في لقطته متأكد ولا يختلي على بناء المفعول خلاه بفتح خاء معجمة وقصر وحكى بمد هو الرطب من النبات الا الاذخر بهمزة مكسورة وذال معجمة نبت معروف طيب الرائحة وجوز فيه الرفع على البدل والنصب على الاستثناء ولم يرد العباس ان يستثني بل أراد أن يلقن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك بل أراد أن يلتمس منه ذلك وأما استثناؤه صلى الله تعالى عليه وسلم فأتى بوحي جديد أو لتفويض من الله تعالى إليه مطلقا أو معلقا بطلب أحد استثناء شئ من ذلك والله تعالى أعلم قوله وأحل لي ساعة مقتضاه أنه ليس لاحد بعده صلى الله تعالى عليه وسلم أن يقاتل بمكة ابتداء مع استحقاق أهلها القتال وعليه بعض الفقهاء إذ خصوص الحرمة بمكة وخصوص حل القتال به صلى الله تعالى عليه وسلم إنما يظهر حينئذ والا فبدون
[ 205 ]
استحاق الاهل لا يحل القتال في غير مكة أيضا ومعنى الاستحقاق لو جوزنا في مكة لغيره صلى الله تعالى عليه وسلم لم يبق للاختصاص معنى والله تعالى أعلم قوله يبعث البعوث بضم الموحدة جمع بعث بمعنى المبعوث أي يرسل الجيوش لقتال عبد الله بن الزبير سنة إحدى وستين وكان عمرو أمير المدينة من جهة يزيد بن معاوية فكتب إليه أن يوجه إلى بن الزبير جيوشا حين امتنع عن بيعته وأقام بمكة فبعث بعثا أحدثك بالجزم جواب الامر الغد بالنصب أي ثاني يوم الفتح وضمير سمعته ووعاه للقول أي حفظه قلبي وضمير أبصرته للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم وتكفيك الضمير مع ظهور القرينة لا يضر والمقصود المبالغة في تحقيق حفظه ذلك القول وأخذه عنه عيانا وقوله حين تكلم يحتمل التعلق بما قبله وبما بعده إن مكة الخ معناه أن تحريمها بوحي الله تعالى وأمره
[ 206 ]
لا أنه اصطلح الناس على تحريمها بغير امره أن يسفك بكسر الفاء وحكى ضمها أي يسيله يعضد بضم الضاد هو المشهور عند أهل الحديث قيل والصحيح الكسر أي يقطع وإنما أذن على بناء الفاعل أو المفعول والحاصل أن استدلاله باطل بوجهين من جهة الخصوص وعدم البقاء وقد عادت حرمتها الخ كناية عن عود حرمتها بعد تلك الساعة كما كانت قبل تلك الساعة فلا اشكال بأن الخطبة كانت في الغد من يوم الفتح وعود الحرمة كان بعد تلك الساعة لا في الغد فما معنى اليوم ولا بأن أمس هو يوم الفتح وقد رفعت الحرمة فيه فكيف قيل كحرمتها بأمس ويحتمل أن يقال اليوم ظرف للحرمة لا للعود ومعنى كحرمتها أي كرفع حرمتها أي العود كالرفع حيث كان كل منهما بأمره تعالى والله تعالى أعلم قوله يغزو هذا البيت أي يقصده بالهدم وقتل الاهل بالبيداء هي المفازة التي لا شئ
[ 207 ]
فيها ولعل المراد ههنا هي المفازة التي بقرب المدينة المشهورة بهذا الاسم بين الناس قوله البعوث بضم الباء أي الجيوش قوله يكون لهم أي يصير لهم ذلك المحل قبورا بلا عذاب والحاصل أن الموت والخسف يشملهم ظاهرا لكن حالهم بعد ذلك كحال المؤمن في قبره لا كحال من خسف به استحقاقا قوله ليؤمن من أم بتشديد الميم إذا قصد والنون ثقيلة للتأكيد أي ليقصدن هذا البيت جيش
[ 208 ]
قوله خمس فواسق المشهور الاضافة وروى بالتنوين على الوصف وبينهما في المعنى فرق دقيق ذكره بن دقيق لان الاضافة تقتضي الحكم على خمس من الفواسق بالقتل أشعر التخصيص بخلاف الحكم في غيرها بطريق المفهوم وأما التنوين فيقتضي وصف الخمس بالفسق من جهة المعنى وقد يشعر بأن الحكم مترتب على ذلك وهو القتل معلل بما جعل وصفا وهو الفسق فيقتضي ذلك التعميم لكل فاسق من الدواب وهو ضد ما اقتضاه الاول من المفهوم من التخصيص قوله فابتدرناها أي سبق كل منا صاحبه إلى قتلها وفيه أن حية غير البيوت تقتل ولو كان حرما
[ 209 ]
قوله فأضرمنا أوقدنا وقاها فيه أخبار بأنها سلمت مما فعلوا من اضرام النار وغيره وتسمية فعلهم شرا للمشاكلة أو المراد بالشر ما هو ضرر في حق الغير قوله الفويسق تصغير فاسق وهو تصغير تحقير ويقتضى زيادة الذم
[ 211 ]
قوله بحرام الله أي بتحريمه الا لمنشد من أنشد أي الا لمعرف قد سبق الخلاف أنه هل يلزم دوام التعريف أو يكفي التعريف سنة كسائر البلاد مجربا أي ذا تجربة قوله استقبال الحاج استدل عليه بقول بن رواحة خلوا بني الكفار لدلالته على أنهم استقبلوه والحديث قد مضى
[ 212 ]
قوله أغيلمة تصغير أغلمة والمراد الصبيان ولذلك صغرهم قوله يفعل هذا أي الرفع في غير محله أو الرفع عند رؤية البيت وذلك لان اليهود أعداء اليت فإذا رأوه رفعوا أيديهم لهدمه وتحقيره
[ 213 ]
وليس المراد أن اليهود يزورونه ويرفعون الايدي عنده بذلك والله تعالى أعلم قوله مكانا في دار يعلى الخ أشار في الترجمة إلى أن وجهه أن البيت كان يرى من ذلك المكان والله تعالى أعلم قوله صلاة في مسجدي الخ قد تقدم الحديث في كتاب المساجد قوله الا المسجد الكعبة هكذا في النسخة التي
[ 214 ]
عندي بتعريف المسجد باللام والذي في باب المساجد الا مسجد الكعبة بالاضافة وهو الاظهر ووجه هذه النسخة أن يجعل بدلا بتقدير مضاف أي مسجد الكعبة قوله ألم ترى خطاب للمرأة وجزمه بحذف النون أي ألم تعلمي أن قومك بكسر الكاف يريد قريشا لولا حدثان المشهور كسر الحاء وسكون الدال وقيل يجوز بالفتحتين أي لولا قرب عهدهم بالكفر يريد أن الاسلام لم يتمكن في قلوبهم فلو هدمت لربما نفروا منه لانهم يرون تغييره عظيما لئن كانت عائشة الخ قيل ليس هذا شكا في سماع عائشة فإنها الحافظة المتقنة لكنه جرى على ما يعتاد في كلام العرب من الترديد
[ 215 ]
للتقرير والتعيين قلت هو ما سمع من عائشة بلا واسطة فيمكن أنه جوز الخطأ على الواسطة فشك لذلك على أن خطأ عائشة ممكن وبالجملة فسماع عائشة عند بن عمر ليس قطعيا فالتعليق لافادة ذلك والله تعالى أعلم ما أرى بضم الهمزة أي ما أظن استلام الركنين أي مسحهما والسين فيه أصلية وهو افتعال من السلام وهي الحجارة يقال استلم أي أصاب السلام وهي الحجارة كذا ذكره السيوطي الحجر بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم هو الموضع المسمى بالحطيم لم يتم على بناء الفاعل من التمام أو على بناء المفعول من الاتمام على قواعد إبراهيم أي القواعد الاصلية التي بنى إبراهيم البيت عليها فالركنان اللذان يليان الحجر ليسا بركنين وإنما هما بعض الجدار الذي بنته قريش فلذلك لم يستلمهما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قوله حداثة عهد بفتح الحاء أي قربه خلفا بفتح خاء معجمة وسكون لام أي بابا من خلفه مقابلا لهذا الباب الذي من قدام قوله حديث عهد كذا روى بالاضافة وحذف الواو في مثل هذا والصواب
[ 216 ]
حديث عهد ورد بأنه من قبيل ولا تكونوا أول كافر به فقد قالوا تقديره أول فريق كافر أو فوج كافر يريدون أن هذه الالفاظ مفردة لفظا وجمع معنى فيمكن رعاية لفظها ولا يخفى أن لفظ القوم كذلك وأجيب أيضا بأن فعيلا يستوي فيه الجمع والافراد قوله فهدم على بناء المفعول ما أخرج منه من الحجر وألزقته أي ألصقت بابه بالارض بحيث ما بقي مرتفعا عن وجهها كأسنمة الابل جمع سنام متلاحكة أي متلاصقة شديدة الاتصال قوله يخرب من التخريب قالوا هذا التخريب عند قرب القيامة حيث لا يبقى في الارض أحد يقول الله الله ذو السويقتين تثنية سويقة وهي تصغير الساق وهي مؤنثة فلذلك ظهرت التاء في تصغيرها وإنما صغر الساقين لان الغالب على سوق الحبشة الدقة
[ 217 ]
قوله واجاف أي رد الباب عليهم مليا بفتح الميم وكسر اللام وتشديد الياء أي زمانا طويلا قوله رضي الله تعالى عنهما ودنا خروجه أي قرب خروجه من الكعبة وحدث بمعنى أح أي فعل وأبدى في الكعبة شيئا أي فأردت أن أحققه ركعتين هذا يقتضي أن بلالا ذكر له كم صلى وقوله ونسيت أن أسأله كم صلى
[ 218 ]
يفيد أنه ما ذكر له ذلك فالظاهر أن تعيين كون الصلاة الركعتين كان من بن عمر بناء على الاخذ بالاقل إذ أقل الصلاة النهارية أن تكون ركعتين والله تعالى أعلم قوله في وجه الكعبة أي في محاذاة الباب قوله ولم يصل قيل علم أسامة بذلك لكونه كان مشغولا فما اطلع على الصلاة فأخبر بحسب ذلك والمثبت مقدم هذه الاشارة إلى الكعبة المشرفة أو جهتها وعلى الثاني الحصر واضح وعلى الاول باعتبار من كان داخل المسجد أو من كان بمكة والله تعالى أعلم قوله حديث عهدهم برفع عهدهم على الفاعلية وليس عندي
[ 220 ]
يفيد أن كلا من الامرين مانع من ذلك
[ 221 ]
قوله كان يقود بن عباس أي حين كف بصره عند الشقة بضم الشين المعجمة وتشديد القاف بمعنى الناحية الذي يلي الحجر بفتحتين أي الحجر الاسود والموصول صفة الركن مما يلي الباب أي باب البيت أي التي بين الحجر والباب أما أنبئت على صيغة الخطاب وبناء المفعول أي أخبرت قوله أن مسحهما يحطان بالتثنية والضمير للركنين والعائد إلى المسح مقدر أي به وفي نسخة يحط بالافراد وهو أظهر فهو أي الطواف كعدل رقبة أي مثل اعتاق رقبة في الثواب والكاف زائدة والعدل يجوز فيه فتح العين وكسرها والله تعالى أعلم
[ 222 ]
قوله بخزامة بكسر الخاء هي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير وإنما منعه عن ذلك وأمره بالقود باليد لانه إنما يفعل بالبهائم وهو مثلة والترجمة تؤخذ من الامر لكونه كلاما قوله في نذر أي لاجل نذر نذره قوله صلاة أي كالصلاة في كثير من الاحكام أو مثلها في الثواب أو في التعليق بالبيت فأقلوا أي فلا تكثروا فيه الكلام وان كان جائزا لان مماثلته بالصلاة يقتضي ان لا يتكلم فيه أصلا كما لا يتكلم فيها فحين أباح الله تعالى فيه الكلام رحمة منه تعالى على العبد فلا أقل
[ 223 ]
من أن يكثر فيه ذلك والله تعالى أعلم قوله يا بني عبد مناف تقدم الحديث في مباحث أوقات الصلاة قوله إذا أقيمت الصلاة ففيه أن الاحتراز عن طواف النساء مع الرجال مهما أمكن أحسن حيث أجاز لها في حال إقامة الصلاة التي هي حالة اشتغال الرجال بالصلاة لا في حال طواف الرجال والله تعالى أعلم
[ 224 ]
قوله على بعير يرون أنه كان للزحام أو لنوع مرض فقد جاء الامران ولا ينبغي ذلك بلا عذر لان الواجب طواف الانسان بالقران وهذا حقيقة للمركب ويضاف إلى الانسان بالمجاز فلا يجوز بلا ضرورة بمحجنه بكسر الميم معروف قوله ينهى عن ذلك أي يقول الطواف يوجب التحليل فمن أراد البقاء على احرامه فعليه أن لا يطوف والحاصل أنه كان يرى الفسخ الذي أمر به صلى الله تعالى عليه وسلم الصحابة أحرم بالحج قد جاء منه أنه تمتع بالعمرة وهذا الجواب يقتضي أنه أراد بالتمتع القران
[ 225 ]
فليتأمل والله تعالى أعلم قوله لما قدم يريد أنه لا يأتي أهله اقتداء به صلى الله تعالى عليه وسلم في ذلك واتيانا للنسك على الوجه الذي أتى به هو صلى الله تعالى عليه وسلم قوله) لولا أن معي الهدى لاحللت فهم منه أن المانع هو الهدى لا الجمع فصاحب الجمع كالمتمتع والمفرد يجوز له الفسخ ان قلنا
[ 226 ]
بعمومه للصحابه ولمن بعدهم كما عليه البعض قوله فطاف طوافا واحدا أي للركن وقد تقدم البحث في حديث بن عمرو في أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم طاف للقدوم والافاضة قطعا والله تعالى أعلم قوله أن يصد على بناء المفعول وكذا أن صددت
[ 227 ]
قوله بك حفيا أي معتنيا بشأنك بالتقبيل والمسح والكلام وان كان خطابا للحجر فالمقصود اسماع الحاضرين ليعلموا أن الغرض الاتباع لا تعظيم الحجر كما كان عليه عبدة الاوثان فالمطلوب تعظيم أمر الرب واتباع نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم قوله كيف يقبل ذكر في حديث وان رآه خاليا قبله ثلاثا قيل ترجم المصنف رحمه الله تعالى في سننه الكبرى بقوله كم يقبله وهو الاليق قلت وكأنه راعى ههنا أنه قبله إذا رآه خاليا فعده كيفية ولما كان دلالة الحديث على الكمية ظاهرة دون الكيفية صار
[ 228 ]
ترجمة الكيفية أوفق بدأ به لان دأبه رحمه الله تعالى التنبيه على الدقائق فليتأمل والله تعالى أعلم قوله ثم مضى على يمينه أي أخذ في الطواف من يمين نفسه أو يمين البيت يعني أنه بدأ من يمين البيت إذ الحجر الاسود في يمينه فإذا بدأ به فقد بدأ باليمين ويمين البيت إنما يظهر للمحاذاة للباب إذ الباب بمنزلة الوجه فما كان في يسار المحاذي فهو يمين البيت على قياس من يحاذي وجه انسان فيسار المحاذي يمين من يحاذيه والاقرب هو الاول وهو أن المراد يمين الطائف والله تعالى أعلم
[ 229 ]
فقال واتخذوا الخ للتنبيه على أن فعله تفسير لهذه الآية قوله يرمل الثلاث الرمل بفتحتين اسراع المشي مع تقارب الخطا وهو الخبب وهو دون العدو والوثوب من باب نصر قوله فإنه يسعى أي يسرع وقد يجئ السعي بمعنى المشي مطلقا كما في قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله سجدتين أي ركعتين من تسمية الشئ باسم الجزء قوله استلم هو افتعال من السلام بمعنى التحية أو السلمة
[ 230 ]
بكسر اللام بمعنى الحجر ومعناه على هذا لمس الحجر أو تناوله ونظيره اكتحل من الكحل بمعنى الحجر المخصوص ومعنى اكتحل أصاب الكحل والمراد بالركن الاسود الحجر الاسود وأطلق عليه اسم الركن بعلاقة الحلول ولذلك وصف بالاسود وتعلق استلم على التقرير الثاني مبني على التجريد مثل أسرى بعبده ليلا يخب من باب نصر والجملة بيان كيفية الطواف قوله من الحجر إلى الحجر أي في تمام دورة الطواف قوله وهنتهم روى بالتخفيف وبالتشديد أضعفتهم يثرب بالفتح غير منصرف
[ 231 ]
فاطلع بالتخفيف أي أوقفه الله تعالى عليه وأن يمشوا صريح في أنه لا رمل بين الركنين وهو معارض بما تقدم من قول جابر رمل من الحجر إلى الحجر وهو اثبات فلذا أخذ به الناس ويحتمل أن يكون قول بن عباس رخصة في حق بعض الضعاف ناحية الحجر بكسر مهملة وسكون أي لا في ناحية الركنين فلذلك جوز المشي في ناحية الركنين لهؤلاء بفتح اللام قال الشيخ عز الدين فكان ذلك ضربا من الجهاد قال وعلته في حقنا تذكر نعمة الله تعالى على نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم بالعزة والقوة بعد ذلك قوله إن زحمت على بناء المفعول وكذا أو غلبت أي فهل لي أن أتركه فأشار بن عمر إلى ان
[ 232 ]
طالب السنن ينبغي له أن يبعد هذا السؤال من نفسه فإنه شأن من يريد ترك السنن وإنما ينبغي له أن يعرف أنه سنة ثم يسعى في تحصيله مهما أمكن من غير وقوع في المحارم كإيذاء المسلمين وإذا أراد ذلك فلا يمنعه الزحام وغيره من تحصيله على وجهه قوله الا الركنين اليمانيين هو تغليب والمراد الاسود واليماني وهو بالتخفيف وقد يشدد قوله من نحو متعلق بالولي أي يليه من ناحية دور الجمحيين
[ 233 ]
بضم الجيم وفتح الميم وكسر الحاء بعدها باء مشددة قوله على بعير أي راكبا عليه بمحجن بكسر ميم وسكون حاء مهملة هو عصا معوج الرأس وفعله الطواف على البعير محمول على عذر كما جاء قوله وتقول الخ أي تطوف عريانة وتنشد هذا الشعر وحاصله اليوم أي يوم الطواف أما أن ينكشف كل الفرج أو بعضه وعلى التقديرين فلا أحل لحد أن ينظر إليه قصدا تريد أنها كشفت الفرج لضرورة الطواف لا لاباحة النظر إليه والاستمتاع به فليس لاحد أن يفعل ذلك والله تعالى أعلم
[ 234 ]
قوله يؤذن من التأذين بمعنى النداء مطلقا والايذان ولا يطوف بالجزم على النهي لفظا ويحتمل أنه نفى معنى النهي قوله الانفس مؤمنة أي فمن يردها فليؤمن عهد فأجله أو أمده هو شك إلى أربعة أشهر قلت والذي في الترمذي عن على من كان بينه وبين النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عهد فعهده إلى مدته ومن لا مدة له فأربعة أشهر قلت وهو الموافق لقوله تعالى فسيحوا في الارض أربعة أشهر إلى قوله الا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا الآية وبه ظهر أن في هذه الرواية اختصارا مخلا والله تعالى أعلم قوله حتى صحل ضبط بكسر الحاء أي ذهب حدته
[ 235 ]
قوله سبعة بضمتين أي سبع الطواف وليس بينه الخ ظاهره أنه لا حاجة إلى السترة في مكة وبه قيل ومن لا يقول به يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون وراء موضع السجود أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع قوله نبدأ بما بدأ الله به يفيد أن بداية الله ذكرا يقتضي البداية عملا والظاهر أنه يقتضي ندب البداية عملا لا وجوبها والوجوب فيما نحن فيه من دليل آخر فرقى بكسر القاف
[ 236 ]
حتى تصوبت أي تسفلت
[ 237 ]
قوله شرب من ماء زمزم وهو قائم هذا مخصوص بمورده وقيل فعله لبيان الجواز وقيل بل لضرورة فإنه ما وجد محلا للقعود هناك والله تعالى أعلم قوله الذي يخرج منه على بناء المفعول أي الباب المعهود
[ 238 ]
بالخروج منه قوله إنما كان ناس من أهل الجاهلية لا يطوفون أي فجاء القرآن بنفي الاثم لرد ما زعموا من الاثم لا لافادة أنه مباح وليس بواجب فكانت أي الطواف بينهما والتأنيث باعتبار الخبر والمراد ثابتا بالسنة أنه مطلوب في الشرع فليس مما لا مبالاة بتركه قوله أن لا يطوف أي بأن لا يطوف أو في ألا يطوف بتقدير حرف الجر من أن لو كانت كما أولتها أي لو كان المراد بالنص ما تقول وهو عدم الوجوب لكان نظمه فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما تريد أن الذي يستعمل للدلالة على عدم الوجوب عينا هو رفع الاثم عن الترك وأما رفع الاثم عن الفعل فقد يستعمل في المباح وقد يستعمل في المندوب أو الواجب أيضا بناء على أن المخاطب يتوهم فيه الاثم فيخاطب نفي الاثم وان كان الفعل في نفسه واجبا وفيما نحن فهي كذلك فلو كان المقصود في هذا المقام الدلالة على عدم الوجوب عينا لكان الكلام اللائق بهذه الدلالة أن يقال فلا جناح عليه أن لا يتطوف بهما قبل أن يسلموا متعلق بما بعده
[ 239 ]
مناة الطاغية مناة اسم صنم والطاغية صفة ويجوز الاضافة على معنى مناة الفرقة الطاغية وهم الكفار عند المشلل بضم أوله وفتح المعجمة ولامين الاولى مفتوحة مشددة اسم موضع يتحرج أي يخاف الحرج قد سن أي شرع وجوبا
[ 240 ]
قوله ويدعو بين ذلك أي بين مرات هذا الذكر
[ 241 ]
وليشرف على بناء الفاعل أي ليكون مرفوعا من أن يناله أحد غشوه أي ازدحموا عليه وكثروا قوله بن جمهان بضم الجيم قوله ان أمشي عومل معاملة الصحيح أو الياء للاشباع
[ 242 ]
قوله الا قال وأنا شيخ كبير أي الا قوله وأنا شيخ كبير فإن سعيد بن جبير لم يذكره قوله ليرى من الاراءة قوله الا شدا أي عدوا
[ 243 ]
قوله انصبت قدماه بتشديد الباء أي انحدرتا بالسهولة حتى وصلتا إلى بطن الوادي
[ 244 ]
قوله وأصحابه أي الذين وافقوه في القران وقيل بل مطلقا والصحابة كانوا ما بين قارن ومتمتع وكل منهما يكفيه سعي واحد وعليه بني المصنف ترجمته والله تعالى أعلم
[ 245 ]
قوله في عمرته قالوا عمرة الجعرانة فإنه أسلم حينئذ قوله في أيام العشر أي عشر ذي الحجة قد أنكروا هذا لظهور أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ما حل إلا في منى وعلى تقدير صحته قد سبق توجييه فليتأمل هناك قوله ما يفعل من أهل بالحج وأهدى حاصل هذه الترجمة والتي ستجئ أن الذي أهدى لا يفسخ ولا يخرج من احرامه الا بالنحر حاجا أو معتمرا والله تعالى أعلم
[ 246 ]
قوله ومن أهل بحجة فليتم حجه هذا بظاهره يقتضي أنه ما أمرهم بفسخ الحج بالعمرة بل أمرهم بالبقاء عليه مع أن الصحيح الثابت برواية أربعة عشر من الصحابة هو أنه أمر من لم يسق الهدى بفسخ الحج وجعله عمرة من جملتهم عائشة رضي الله عنها وحينئذ لا بد من حمل هذا الحديث على من ساق الهدى وبه تندفع المنافاة بين الاحاديث والله تعالى أعلم قوله من القيام أي فليثبت على احرامه أو الاقامة أي فليبق في حاله فلا ينتقل عنها ثابتا على احرامه لكن قولها فأقام على احرامه يؤيد الثاني والله تعالى اعلم
[ 247 ]
قوله بالعرج بفتح فسكون اسم موضع ثوب بالصبح بتشديد الواو على بناء المفعول أي أقيم بالصبح أو بناء الفاعل أي أقام الصبح فسمع الرغوة ألخ في المجمع هو بالفتح للمرة من الرغاء وبالضم الاسم وضبط في بعض النسخ الاولى بالفتح والثانية بالكسر على أنها للحالة والهيئة
[ 249 ]
قوله تحت سرحة بفتح فسكون هي الشجرة العظيمة ونفح بيده بالحاء المهملة أي رمى وأشار بيده يقال له السربة ضبط بضم السين وفتح الراء المشددة سر أي قطعت سررهم يعني ولدوا تحتها قوله ففتح الله أسماعنا أي لسماع خطبته حيثما كنا حتى أن كنا أي أن الشأن بحصى الخذف أي بالحصى الذي يرمى به بين الاصبعين والمقصود بيان القدر
[ 250 ]
قوله رضي الله تعالى عنهما فمنا الملبي ومنا المكبر الظاهر أنهم يجمعون بين التلبية والتكبير فمرة يلبي هؤلاء ويكبر آخرون ومرة بالعكس فيصدق في كل مرة أن البعض يكبر والبعض يلبي والظاهر أنهم ما فعلوا ذلك الا لانهم وجدوا النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فعل مثله ثم رأيت أن الحافظ بن حجر ذكر ما هو صريح في ذلك قال عند أحمد وابن أبي شيبة والطحاوي من طريق مجاهد عن معمر عن عبد الله قال خرجت مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة الا أن يخالطها بتكبير فالاقرب للعامل أن يأتي بالذكرين جميعا لكن يكثر التلبية ويأتي بالتكبير في أثنائها والله تعالى أعلم
[ 251 ]
قوله لاتخذناه أي يوم النزول ليلة الجمعة لعل المراد بها ليلة السبت فأضيفت إلى الجمعة لاتصالها بها والمراد أنها نزلت يوم الجمعة في قرب الليلة فالله تعالى جمع لنا فيه بين عيدين عيد الجمعة وعيد عرفات من غير تصنع منا رحمة علينا فله المنة والفضل قوله أكثر من أن يعتق أي أكثر من جهة الاعتاق وبملاحظته فليست من هذه تفضيلية وإنما التفضيلية من التي في قولها من يوم عرفة
[ 252 ]
وانه ليدنو أي بالرحمة إلى الخلائق قوله الله عز وجلان يوم عرفة أي لمن كان بعرفة يوم النحر وأيام التشريق أي مطلقا وقوله عند سرادقه هو بضم السين قيل الخيمة وقيل هو الذي يحيط بالخيمة وله باب يدخل منه إلى الخيمة وقيل هو ما يمد فوق البيت
[ 253 ]
قوله فسطاطه هو بالضم والكسر ضرب من الابنية في السفر دون السرادق وبهذا ظهر منشا الخلاف بين العلماء في التلبية في عرفات وظهر أن الحق مع أي الفريقين من بغض علي أي لاجل بغضه أي وهو كان يتقيد بالسنن فهؤلاء تركوها بغضا له
[ 254 ]
قوله يصلي الصلاة لوقتها أي بلا ضرورة وقد استدل به من لا يقول بالجمع في السفر والاقرب أنه نفي فلا يعارض الاثبات
[ 255 ]
قوله الحمس بضم الحاء وسكون الميم جمع أحمس لانهم تحمسوا في دينهم أي تشددوا ثم أفيضوا أي ادفعوا أنفسكم أو مطاياكم أيها القريش من حيث أفاض الناس أي غيركم وهو عرفات والمقصود أي ارجعوا من ذلك المكان ولا شك أن الرجوع من ذلك المكان يستلزم الوقوف فيه لانه مسبوق به فلزم من ذلك الامر بالوقوف من حيث وقف الناس وهو عرفة قوله فقال أني رسول رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم اليكم الخ إرساله صلى الله تعالى عليه وسلم الرسول بذلك لتطييب قلوبهم لئلا يتحزنوا ببعدهم عن موقف رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ويروا ذلك نقصا في الحج أو يظنوا أن ذلك المكان الذي هم فيه ليس بموقف ويحتمل أن المراد بيان أن هذا خير مما كان عليه قريش من الوقوف بمزدلفة وانه شئ اخترعوه من أنفسهم والذي أورثه إبراهيم هو الوقوف
[ 256 ]
بعرفة والله تعالى أعلم قوله فحدثنا أن نبي الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال أي فحدثنا طويلا من جملته هذا قوله الحج عرفة قيل التقدير معظم الحج وقوف يوم عرفة وقيل إدراك الحج إدراك وقوف يوم عرفة والمقصود أن إدراك الحج يتوقف على إدراك الوقوف بعرفة فقد تم حجه أي أمن من الفوات والا فلا بد من الطواف قوله فجالت به الناقة في مشارق عياض جالت به
[ 257 ]
الفرس أي ذهبت عن مكانها ومشت وهو رافع يديه أي يجتذب بها رأسها إليه ليمنعها من السرعة في السير لا تجاوزان رأسه بالنزول عنه إلى ما تحته على هينته بكسر الهاء أي سكينته ولعل المراد أن ذلك كان إذا لم يجد فجوة والا فقد جاء وإذا وجد فجوة نص قوله يكبح راحلته من كبحت الدابة إذا جذبت رأسها إليك وأنت راكب ومنعتها من سرعة السير إن ذفراها ذفرى البعير بكسر الذال المعجمة أصل أذنه وهما ذفريان والذفري مؤنثة وألفها للتأنيث أو للالحاق قادمة الرحل أي طرف الرحل الذي قدام الراكب ليس في ايضاع الابل أي اسراعها في السير ومنه أوضع البعير إذا حمله على سرعة السير قوله لما دفع الدفع متعد لكن شاع استعماله بلا ذكر المفعول في موضع رجع لظهوره أي دفع نفسه أو مطيه حتى أنه يفهم منه معنى اللازم وقيل سمى الرجوع من
[ 258 ]
عرفات ومزدلفة دفعا لان الناس في مسيرهم ذاك مدفوعون يدفع بعضهم بعضا شنق ناقته بفتح نون خفيفة من حد ضرب أي ضم وضيق زمامها يقال شنق البعير إذا كففت زمامه وأنت راكبه قوله وهو كاف من الكف
[ 259 ]
قوله يسير العنق أي السير الوسط المائل إلى السرعة فجوة بفتح فاء وسكون جيم الموضع المتسع بين الشيئين نص أي حرك الناقة ليستخرج أقصى سيرها قوله إلى الشعب بكسر الشين الجبل بين الطريقين المصلى أي المحل الذي تحسن فيه الصلاة هذه الليلة للحاج أمامك قدامك قوله فقلت يا رسول الله الصلاة قال أبو البقاء الوجه النصب على تقدير أتريد الصلاة أو أتصلي الصلاة وقال القاضي عياض هو بالنصب على الاغراء ويجوز الرفع بإضمار فعل أي حانت الصلاة أو حضرت الصلاة أمامك بالرفع مبتدأ وخبر والمراد موضع الصلاة كما في المصلى أمامك لم يحل
[ 260 ]
بضم الحاء أي لم يفكوا ما على الجمال من الادوات قوله لم يسبح بينهما أي لم يتنفل بين الصلاة ولا على أثر واحدة منهما ولا عقب واحدة منهما لا عقب الاولى ولا عقب الثانية هذا تأكيد بالنظر إلى الاولى تأسيس بالنظر إلى الثانية فليتأمل قوله ليس بينهما سجدة أي صلاة نافلة قوله بإقامة واحدة
[ 261 ]
وقد جاء في نفس حديث بن عمر ما يفيد الجمع باقامتين لحديث جابر فالوجه الاخذ به كما عليه الجمهور واختاره الطحاوي وغيره من علمائنا قوله أقبلنا نسير حتى بلغنا ظاهره أنه ما نزل لكن المراد أنه ما صلى في سباق قريش بضم السين أي فيمن سبق منهم إلى منى قوله في ضعفه أهله أي في الضعفاء
[ 262 ]
من أهله وهو جمع ضعيف قبل هو غريب قوله أن تغلس من التغليس وهو السير بغلس أي آخر الليل قوله الله تعالى امرأة ثبطة بفتح المثلثة وكسر الموحدة أو سكونها وطاء مهملة أي ثقيلة بطينة قوله ما رأيت رسول الله الخ هذا الحديث من مشكلات الاحاديث وقد تكلمت عليه في حاشية صحيح البخاري
[ 263 ]
وأبى داود والصحيح في معناه أن مراده ما رأيته صلى صلى الله تعالى عليه وسلم صلاة لغير وقتها المعتاد لقصد تحويلها عن وقتها المعتاد وتقريرها في غير وقتها المعتاد لما في صحيح البخاري من روايته رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قال ان هاتين الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان وهذا معنى وجيه ويحمل قوله قبل ميقاتها على هذا الميقات المعتاد ويقال على أنه غلس تغليسا شديدا يخالف التغليس المعتاد لا أنه صلى قبل أن يطلع الفجر فقد جاء في حديثه وحديث غيره أنه صلى بعد طلوع الفجر وعلى هذا المعنى لا يرد شئ سوى الجمع بعرفة ولعله كان يرى ذلك للسفر والله تعالى أعلم قوله من صلى صلاتنا إلى قوله فقد تم حجه أي أمن من الفوات على أحسن وجه وأكمله والا فأصل التمام بهذا المعنى بوقوف عرفة كما تقدم فيما سبق وأيضا شهود الصلاة مع الصلاة ليس بشرط للتمام عند أحد قوله فلم يدرك أي على أحسن وجه قوله لم أدع حبلا بحاء مهملة مفتوحة وموحدة ساكنة هو المستطيل من الرمل وقيل الضخم منه وقيل
[ 264 ]
الحبال من الرمل كالجبال في غير الرمل وقيل الحبال ما دون الجبال في الارتفاع ليلا أو نهارا يدل على أن الجمع بين جزء من النهار وجزء من الليل ليس بشرط بل لو أدرك جزءا من النهار وحده لكفى في حصول الحج فقد تم قد سبق معناه وقضى تفثه أي أتم مدة ابقاء النفث أعني الوسخ وغيره مما يناسب المحرم فحل له أن يزيل عنه التفث بحلق الرأس وقص الشارب والاظفار وحلق العانة وإزالة الشعث والدرن والوسخ مطلقا قوله من جاء ليلة جمع أي جاء عرفات
[ 265 ]
أيام منى ثلاثة أي سوى يوم النحر وإنما لم يعد يوم النحر من أيام منى لانه ليس مخصوصا بمنى بل فيه مناسك كثيرة قوله أشرق صيغة أمر من الاشراق وقوله ثبير بفتح المثلثة وكسر الموحدة وسكون التحتية
[ 266 ]
وبالراء جبل عظيم بالمزدلفة على يسار الذاهب منها إلى منى وهو منادى بتقدير يا ثبير أي لتطلع الشمس عليك حتى نفيض إلى منى
[ 267 ]
قوله كان يسير ناقته بالتشديد والمراد سيرا وسطا معتادا قوله أوضع أي أجرى جمله قوله ومحسر بكسر السين المشددة
[ 268 ]
قوله فلم يزل يلبي أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حتى رمى أي شرع في رمى الجمرة أو فرغ منه قولان قوله القط لي صيغة أمر من لقط كنصر وإنما هلك بتخفيف اللام متعد بمعنى أهلك وقد جاء متعديا كما في القاموس كما جاء لازما وهو الاكثر والفاعل الغلو بالرفع
[ 269 ]
قوله وهو كاف من الكف بحصى الخذف الخذف بخاء وذال معجمتين رمى الانسان بحصاة ونحوها من بين سبابتيه من باب ضرب
[ 270 ]
قوله وهو محرم يدل على جواز الاستظلال للمحرم وعلى أن الركوب كان يوم النحر قوله لا ضرب الخ تعريض للامراء بأنهم أحدثوا هذه الامور وإليك إليك اسم فعل أي تبعد وتنح قوله خذوا مناسككم أي تعلموها مني واحفظوها وهذا لا يدل على وجوب المناسك وإنما يدل على وجوب
[ 271 ]
الاخذ والتعلم فمن استدل به على وجوب شئ من المناسك فدليله في محل النظر فليتأمل قوله أغيلمة تصغير أغلمة والمراد الصبيان ولذلك صغرهم ونصبه على الاختصاص على حمرات جمع حمر جمع تصحيح يلطح من اللطح بالحاء المهملة الضرب الخفيف أبيني بضم همزة وفتح موحدة وسكون مثناة من تحت ثم نون مكسورة ثم ياء مشددة قيل هو تصغير ابني كأعمى وأعيمى وهو اسم مفرد يدل على الجمع أو جمع بن مقصورا كما جاء ممدودا بقي أن القياس حينئذ عند الاضافة إلى ياء المتكلم أبيناي
[ 272 ]
فكأنه رد الالف إلى الواو على خلاف القياس ثم قلب الواو ياء وأدغم الياء في الياء وكسر ما قبله تصغير أغلمة والمراد الصبيان ولذلك صغرهم ونصبه على الاختصاص على حمرات جمع حمر جمع تصحيح يلطح من اللطح بالحاء المهملة الضرب الخفيف أبيني بضم همزة وفتح موحدة وسكون مثناة من تحت ثم نون مكسورة ثم ياء مشددة قيل هو تصغير ابني كأعمى وأعيمى وهو اسم مفرد يدل على الجمع أو جمع بن مقصورا كما جاء ممدودا بقي أن القياس حينئذ عند الاضافة إلى ياء المتكلم أبيناي
[ 272 ]
فكأنه رد الالف إلى الواو على خلاف القياس ثم قلب الواو ياء وأدغم الياء في الياء وكسر ما قبله ويحتمل ان يكون مقصور الآخر لا مشدده فالامر أظهر والله تعالى أعلم قوله أمر إحدى يدل على أنه تخصيص والحكم عموما أن يكون الرمي بعد طلوع الشمس قوله لا حرج ظاهره أنه لا عقوبة ولا دم ولا اثم ومن يوجب الدم يؤوله بأن المراد لا اثم لانه فعل خطأ ولا اثم في الخطأ
[ 273 ]
قوله في البيتوتة أي في شأنها أو في تركها
[ 274 ]
قوله لا تقولوا سورة البقرة كره أن تضاف السورة إلى البقرة ورده إبراهيم النخعي بأنه جاء وورد في كلام بن مسعود فيحمل على أنه صار اسما والله تعالى اعلم
[ 275 ]
قوله وبعضنا يقول رميت بست الخ الظاهر أن الامر مبني على التسامح وقيام الاكثر مقام الكل
[ 276 ]
قوله التي تلي المنحر منحر الظاهر أن المراد قرب الجمار إلى المسجد وحينئذ توصيفها بأنها تلي المنحر لا يخلو عن خفاء والله تعالى أعلم
[ 277 ]
قوله أفطيب هو أي لا شك في كونه طيبا فالطيب قبل الطواف حلال إذا حلق والله تعالى أعلم (تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس وأوله كتاب الجهاد)