حاشية السندي على النسائي
ابن عبد الهادي ج 2
[ 1 ]
سنن النسائي بشرح الحافظ جلال الدين السيوطي وحاشية الامام السندي الجزء الثاني المكتبة العلمية بيروت لبنان
[ 2 ]
كتاب الاذان قوله بدء الاذان بالهمز في آخره أي ابتداؤه قوله فيتحينون أي يقدرون حينها ليأتوا إليها فيه والحين الوقت وليس ينادى بها أحد قيل كلمة ليس بمعنى لا النافية وهي حرف فلا اسم لها ولا خبر وقيل بل فيها ضمير الشأن أو اسمها أحد قد أخر فتكملوا أي المسملون اتخذوا بكسر الخاء على صيغة الامر ناقوسا هي خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها والنصارى يعلمون بها أوقات الصلاة بل قرنا أي ينفخ فيه فيخرج منه صوت يكون علامة للاوقات كما كانت اليهود يفعلونه وهذا هو الذي يسمى بوقا بضم الباء وقال عمر الخ حمل النداء ههنا على نحو الصلاة جامعة لا على الاذان المعهود لان ظاهر
[ 3 ]
الحديث أن عمر قال ذلك وقت المذاكرة والاذان المعهود إنما كان بعد الرؤيا وعلى هذا فادراج المصنف الحديث في الباب لان هذا النداء كان من جملة بداءة الاذان ومقدماته وقيل يمكن حمله على الاذان المعهود باعتبار أن في الكلام تقديرا للاختصار مثل فافترقوا فرأى عبد الله بن زيد الاذان فجاء إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقص عليه رؤياه فقال عمر أولا تبعثون الخ ويرد عليه أن عمر حضر بعد أن سمع صوت ذلك الاذان على ما يفيده حديث عبد الله بن زيد رائي الاذان فلا يصح بالنظر إلى ذلك الاذان أن عمر قال أولا تبعثون رجلا وقد يجاب بأنه يجوز أن يكون عمر في ناحية من نواحي المسجد حين جاء عبد الله بن زيد برؤيا الاذان عنده صلى الله تعالى عليه وسلم فلما قص الرؤيا سمع الصوت حين ذلك فحضر عنده صلى الله تعالى عليه وسلم وأشار بقوله أو لا تبعثون رجلا إلى أن عبد الله لا يصلح لذلك فابعثوا رجلا آخر يصلح له والله تعالى أعلم قوله (627) أن يشفع الاذان محمول على التغليب والا فكلمة التوحيد مفردة في آخره وكذا قوله يوتر الاقامة محمول على التغليب أو معناه أن يجعل على نصف الاذان فيما يصلح للانتصاف فلا يشكل بتكرر التكبير في أولها ولا بكلمة التوحيد في آخرها والله تعالى أعلم قوله (628) كان الاذان
[ 4 ]
أي كانت كلمات الاذان مكررة والاقامة مفردة نظرا إلى الغالب كما سبق قوله (629) قال الله أكبر الله أكبر أشهد الخ ظاهره أن التكبير مرتان كسائر الكلمات لكن سيجئ ضبط عدد الكلمات فيظهر منه أن التكبير أربع مرات ثم هذا الحديث صريح في الترجيع والثابت في أذان بلال عدمه فالوجه القول بجواز الامرين قوله (630) تسع عشرة كلمة الخ هذا العدد لا يستقيم الا على تربيع التكبير في أول الاذان والترجيع والتثنية في الاقامة وقد ثبت عدم الترجيع في أذان بلال وأفراد الاقامة فالوجه جواز الكل
[ 5 ]
والله تعالى أعلم قوله (632) مقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي زمان رجوعه بتقديم القاف على الفاء متنكبون أي معرضون يقال نكب عن الطريق إذا عدل عنه وتنكب أي تنحى وأعرض فظلنا بكسر لام أولى أي فكنا نحكيه أي صوت المؤذن ونهزأ به أي نحكيه استهزاء به
[ 6 ]
فسمع أي وقت الحكاية الصوت أي صوتنا بالاذان حتى وقفنا بتقديم القاف على الفاء ثم قال ارجع فامدد صوتك هذا صريح في أنه صلى الله تعالى عليه وسلم أمره بالترجيع فسقط ما توهمه النفاة أنه كرره له تعليما فظنه ترجيعا فأعطاني صرة استدل به بن حبان على الرخصة في أخذ الاجرة وعارض به الحديث الوارد في النهي عنه ورده بن سيد الناس بأن حديث أبي محذورة متقدم على إسلام عثمان بن أبي العاص الراوي لحديث النهي فحديثه متأخر والعبرة بالمتأخر فإنها واقعة يتطرق إليها الاحتمال بل أقرب الاحتمالات فيها أن يكون من باب التأليف
[ 7 ]
لحداثة عهده بالاسلام كما أعطى يومئذ غيره من المؤلفة قلوبهم ووقائع الاحوال إذا تطرق إليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الاجمال قوله وبرك بتشديد الراء أي قال بارك الله عليك أو فيك أو لك في الاولى من الصبح أي في المناداة الاولى وفي نسخة في الاول أي
[ 9 ]
في النداء الاول والمراد الاذان دون الاقامة والله تعالى أعلم قوله فأذنا في المجمع أي ليؤذن أحدكما ويجيب الآخر اه يريد أن اجتماعهما في الاذان غير مطلوب لكن ما ذكر من التأويل يستلزم الجمع بين الحقيقة والمجاز فالاولى أن يقال الاسناد مجازي أي ليتحقق بينكما أذان وإقامة كما في بنو فلان قتلوا والمعنى يجوز لكل منكما الاذان والاقامة أيكما فعل حصل فلا يختص بأكبر كالامامة وخص الاكبر بالامامة لمساواتهما في سائر الاشياء الموجبة للتقدم كالاقرئية والاعلمية بالنسبة لمساواتها في المكث والحضور عنده صلى الله تعالى عليه وسلم وذلك يستلزم المساواة في هذه الصفات عادة والله تعالى أعلم قوله شببة بالفتحات جمع شاب قوله رفيقا من الرفق أو من الرقة
[ 10 ]
قوله بادر أي كل منهم أرادو ا أن يسبقوا غيرهم بالاسلام بإسلام أهل حوائنا الحواء بكسر الحاء المهملة والمد بيوت مجتمعة من الناس على ماء أي ذهب بأن أهل قريتنا أسلموا إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ثم رجع من عنده فلما قدم قريته قوله يؤذن بليل أي الاذان المعروف في الشرع إذ هو المتبادر من إطلاق اللفظ الشرعي وأيضا لا يحسن قوله فكلوا واشربوا الا حينئذ وهذا الامر للاباحة والرخصة وبيان بقاء الليل بعد أذان بلال قوله (639) الا أن ينزل هذا ويصعد هذا يريد قلة ما بينهما من المدة لا التحديد قوله
[ 11 ]
ليوقظ من الايقاظ نائمكم بالنصب ليتأهب للصلاة بالغسل ونحوه قالوا سبب ذلك أن الصلاة كانت بغلس فيحتاج تحصيلها إلى التأهب من الليل فوضع له الاذان قبيل الفجر لذلك ويرجع المشهور أنه من الرجع المتعدى المذكور في قوله تعالى إنه على رجعه لقادر لا من الرجوع اللازم ومنه قوله تعالى فإن رجعك الله وقوله عز من قائل ثم ارجع البصر كرتين ويحتمل أن يكون من الارجاع وهو الموافق لما قبله لفظا وعلى الوجهين قائمكم بالنصب ويحتمل أن يكون من الرجوع اللازم وقائمكم بالرفع لكنه لا يوافق ما قبله والمراد بالقائم المتهجد وذلك لينام لحظة ليصبح نشيطا أو يتسحر أن أراد الصيام وليس أي ظهور الفجر الصادق أن يقول أي أن يظهر هكذا أشار به إلى هيئة ظهور الفجر
[ 12 ]
الكاذب والقول أريد به فعل الظهور وإطلاق القول على الفعل شائع قوله (643) فجعل يقول أي يفعل فهو من إطلاق القول على الفعل وجملة ينحرف يمينا وشمالا بيان له وهذا الانحراف يكون بالحيعلة لابلاغ النداء إلى الطرفين قوله والبادية أي الصحراء لاجل الغنم فارفع صوتك أي بالاذان أي ولا تخفضه ظنا منك أن الرفع للاحضار وليس هناك أحد يقصد احضاره فإنه لا يسمع مدى صوت بفتح ميم وخفة مهملة مفتوحة بعدها ألف أي غاية صوته وفي نسخة مد صوت المؤذن بفتح ميم وتشديد دال أي تطويله والمراد أن من سمع منتهى الصوت أو مده يشهد له فكيف من سمع الاذان سماعا بينا وهذه الشهادة لاظهار شرفه وعلو درجته والا فكفى بالله شهيدا سمعته أي قوله لا يسمع
[ 13 ]
مدى صوت المؤذن الخ وقيل بل المعنى سمعت ما قلت لك بخطاب لي قلت والمراد مضمون ما قلت لك ولو كان بغير طريق الخطاب والله تعالى أعلم قوله بمدى صوته وفي نسخة بمد صوته قيل معناه بقدر صوته وحده فإن بلغ الغاية من الصوت بلغ الغاية من المغفرة وان كان صوته دون ذلك فمغفرته على قدره أو المعنى لو كان له ذنوب تملا ما بين محله الذي يؤذن فيه إلى ما ينتهي إليه صوته لغفر له وقيل يغفر له من الذنوب ما فعله في زمان مقدر بهذه المسافة قوله (646) ويصدقه من سمعه أي يشهد له يوم القيامة أو يصدقه يوم يسمع ويكتب له أجر تصديقهم بالحق من صلى معه أي إن كان إماما أو مع امامه ان كان مقتديا بإمام آخر لحكم الدلالة لكن هذا يقتضي أن يخص بمن حضر بأذانه والاقرب العموم تخصيصا للمؤذن
[ 14 ]
بهذا الفضل وفضل الله أوسع والله تعالى أعلم قوله (647) كنت أؤذن ولعله أذن له صلى الله عليه وسلم أيام حجة الوداع أو في وقت آخر والله تعالى اعلم والتثويب هو العود لي الاعلام بعد الاعلام وقول المؤذن الصلاة خير من النوم لا يخلو عن ذلك فسمى تثويبا قوله (649) قال آخر الاذان كأنهم ضبطوه
[ 15 ]
لئلا يتوهم تربيع التكبير بالقياس على الاول أو تثنية كلمة معنى التوحيد بالقياس على غالب الكلمات ولعل أفراد كلمة التوحيد في الاذان لموافقة معنى التوحيد والله تعالى أعلم قوله مطيرة أي ذات مطر صلوا في رحالكم أذن لهم في ترك الحضور لا إيجاب لذلك فقوله حي على الصلاة نداء بالحضور لمن يريد ذلك فلا منافاة بين مؤداهما قوله (654) أذن بالصلاة الظاهر أنه أتم الاذان وقال بعد الفراغ منه ألا صلوا ويحتمل أنه قال ذلك بعد حي على الفلاح وعلى الاول يقال كان هذا القول أحيانا في الوسط وأحيانا بعد الفراغ يقول أي بأن يقول أو يقول تفسير ليأمر وقيل مقدر في الكلام بعده قوله بالقصواء كالحمراء اسم ناقته صلى الله تعالى عليه وسلم فرحلت بتشديد الحاء على بناء المفعول
[ 16 ]
قوله (656) دفع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي نزل من عرفة وأصله دفع مطيه للنزول ثم اشتهر
[ 17 ]
في النزول قوله (660) صلى كل واحدة منهما بإقامة ظاهره تعدد الاقامة وما سبق يدل على وحدتها فلا يخلو الحديث عن نوع اضطراب قوله (661) قبل أن ينزل في القتال ما نزل أي من صلاة الخوف قوله (662) عن أربع صلوات يوم الخندق لا ينافي ما تقدم لامتداد الوقعة فيمكن أن يكون كل منهما في يوم
[ 18 ]
على أن المعنى أنهم شغلوه صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع أربع صلوات وذلك لان العشاء كانت في الوقت وحينئذ يمكن أن يكون المغرب في الوقت لكنها كانت في آخر الوقت والعشاء في أولها والله تعالى أعلم قوله عصابة بكسر العين أي جماعة قوله (664) فدخل المسجد وأمر بلالا فأقام الصلاة لعل محمله
[ 19 ]
ما إذا كان الكلام وغيره مباحا في الصلاة والله تعالى أعلم قوله (665) فقال مثل قوله أي وافقه في كلمات الاذان لكن فيما يصلح للموافقة لانه في حي على الصلاة بمثله يعد استهزاء أو عازب أي بعيد غائب
[ 20 ]
عن أهله قوله (666) يعجب ربك كيسمع أي يرضى منه ويثيبه عليه في رأس شظية الجبل بفتح الشين وكسر الظاء المعجمتين وتشديد الياء المثناة التحتية قطعة مرتفعة في رأس الجبل وأدخلته الجنة أي حكمت به أو سأدخله الجنة قوله الحديث أي أذكره بتمامه ولم يذكره ههنا لكنه يذكره في أبواب
[ 21 ]
من الصلاة مفرقا والله تعالى أعلم قوله (668) الا أنك إذا قلت قد قامت الصلاة قالها مرتين الظاهر قلتها بالخطاب والموجود في نسختنا قالها بالغيبة وهو اما على الالتفات أو على حذف الجزاء وإقامة علته مقامه أي كررت لان مؤذن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قالها مرتين وأما قوله فإذا سمعنا الخ فلعل مراده أن بعضهم كان أحيانا يؤخرون الخروج إلى الاقامة اعتمادا على تطويل قراءته صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم قوله (669) ثم أقيما أخذ منه أن كلا منهما يقيم لنفسه ويلزم منه أن يكون الاذان
[ 22 ]
كذلك وهو بعيد وأنت قد عرفت توجيه الحديث فيما سبق على وجه لا يرد عليه شئ ولا يلزم منه ما أخذه والله تعالى أعلم قوله (670) وله ضراط حقيقته ممكنة فالظاهر حمله عليها ويحتمل أن المراد به شدة نفاره حتى لا يسمع التأذين قيل لان من يسمع يشهد للمؤذن يوم القيامة فيهرب من السماع لاجل ذلك فإذا قضى على المفعول أو الفاعل والضمير للمنادى أقبل أي فوسوس كما في رواية مسلم إذا ثوب من التثويب على بناء المفعول أو الفاعل والمراد أي أقيم فإنه اعلام بالصلاة ثانيا يخطر بفتح ياء وكسر طاء أي يوسوس بما يكون حائلا بين الانسان وما يقصده ويريد إقبال نفسه عليه مما يتعلق بالصلاة من خشوع وغيره وأكثر الرواة على ضم الطاء أي يسلك ويمر ويدخل بين الانسان ونفسه فيكون حائلا بينهما على المعنى الذي ذكرنا أولا حتى يظل بفتح الظاء أي يصير ان بكسر الهمزة نافية
[ 23 ]
قوله (672) واقتد بأضعفهم عطف على مقدر أي فأمهم واقتد بأضعفهم وقيل هو عطف على الخبرية السابقة بتأويل أمهم وعدل إلى الاسمية دلالة على الدوام والثبات وقد جعل فيه الامام مقتديا والمعنى كما أن الضعيف يقتدي بصلاتك فاقتد أنت أيضا بضعفه واسلك له سبيل التخفف في القيام والقراءة بحيث كأنه يقوم ويركع على ما يريد وأنت كالتابع الذي يركع بركوعه والله تعالى أعلم واتخذ الخ محمول على الندب عند كثير وقد أجازوا أخذ الاجرة والله تعالى أعلم قوله (673) فقولوا مثل ما يقول
[ 24 ]
الا في الحيعلتين فيأتي بلا حول ولا قوة الا بالله لحديث عمر وغيره فهو عام مخصوص وهذا هو الذي يؤيده النظر في المعنى لان إجابة حي على الصلاة بمثله يعد استهزاء وهذا التخصيص قد صرح به علماؤنا الحنفية أيضا وعلى هذا فيجوز أن يكون مثل هذا التخصيص مستثنى من قولهم لا يجوز التخصيص الا بالمقارن لان هذا التخصيص مما يؤيده العقل ولانقل جميعا ثم طريق القول المروي أن يقول كل كلمة عقب فراغ المؤذن منها لا أن يقول الكل بعد فراغ المؤذن من الاذان والله تعالى أعلم قوله (675) فكبر اثنتين أي في المرتين ليوافق روايات الاذان والله تعالى أعلم
[ 25 ]
قوله صلى الله عليه عشرا قال الترمذي قالوا صلاة الرب تعالى الرحمة قلت وهو المشهور فالمراد أنه تعالى ينزل على المصلى أنواعا من الرحمة والالطاف وقد جوز بعضهم كون الصلاة بمعنى ذكر مخصوص فالله
[ 26 ]
تعالى يذكر المصلى بذكر مخصوص تشريفا له بين الملائكة كما في الحديث وان ذكرني في ملا ذكرته في ملا خير منهم لا يقال يلزم منه تفضيل المصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم حيث يصلي الله تعالى عليه عشرا في مقابلة صلاة واحدة على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم لانا نقول هي واحدة بالنظر إلى أن المصلى دعا بها مرة واحدة فلعل الله تعالى يصلي على النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك ما لا يعد ولا يحصى على أن الصلاة على واحد بالنظر إلى حاله وكم من واحد لا يساويه ألف فمن أين التفضيل الوسيلة قيل هي في اللغة المنزلة عند الملك ولعلها في الجنة عند الله تعالى أن يكون كالوزير عند الملك بحيث لا يخرج رزق ومنزلة الا على يديه بواسطته أن أكون أنا هو من وضع الضمير المرفوع موضع المنصوب على أن أنا تأكيد أو فصل ويحتمل أن يكون أنا مبتدأ خبره هو والجملة خبر أكون والله تعالى أعلم حلت عليه أي نزلت عليه وفي نسخة له واللام بمعنى على ولا يصح تفسير الحل بما يقابل الحرمة فانها حلال لكل مسلم وقد يقال بل لا تحل الا لمن أذن له فيمكن أن يجعل الحل كناية عن حصول الاذن في الشفاعة له ثم المراد شفاعة مخصوصة والله تعالى أعلم قوله (679) حين يسمع المؤذن أي يقول أشهد أن لا إله إلا الله فقوله وأنا أشهد عطف على قول المؤذن أي وأنا أشهد كما تشهد ربا تمييز أي بربوبيته
[ 27 ]
قوله (680) رب هذه الدعوة بفتح الدال هي الاذان ووصفها بالتمام لانها ذكر الله ويدعو بها إلى الصلاة فيستحق أن توصف بالكمال والتمام ومعنى رب هذه الدعوة أنه صاحبها أو المتمم لها والزائد
[ 28 ]
في أهلها والمثيب عليها أحسن الثواب والآمر بها ونحو ذلك الصلاة القائمة أي التي ستقوم والفضيلة المرتبة الزائدة على مراتب الخلائق المقام المحمود كذا في رواية النسائي باللام ورواية البخاري وغيره بالتنكير ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه المقام أو ضمن أبعثه معنى أقمه أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه اعطه الا حلت له كذا في رواية أبي داود والترمذي بإثبات الا وفي رواية البخاري بدون الا وهو الظاهر وأما من فينبغي أن يجعل من قوله من قال استفهامية للانكار فيرجع إلى النفي وقال بمعنى يقول أي ما من أحد يقول ذلك الا حلت له ومثله من ذا الذي يشفع عنده الا بإذنه وهل جزاء الاحسان الا الاحسان وأمثاله كثيرة والله تعالى أعلم قوله (681) لمن شاء ذكره دلالة على عدم وجوبها والمراد بالاذانين الاذان والاقامة كما أشار إليه المصنف في الترجمة وهذا الحديث وأمثاله يدل على جواز الركعتين قبل صلاة المغرب بل ندبهما والله تعالى أعلم
[ 29 ]
قوله (682) فيبتدرون السواري أي يتسارعون ويستبقون إليها للاستتار بها عند الصلاة وهم كذلك أي في الصلاة يريد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم كان يراهم ويقرهم على تلك الحالة ولا ينكر عليهم ولم يكن بين الاذان والاقامة شئ أي وقت كثير يريد أنهم كانوا يسرعون في الركعتين لقلة ما بين الاذان والاقامة من الوقت والله تعالى أعلم قوله قطعة أي قطع المسجد بالمشي أي خرج منه عصى أبا القاسم كأنه علم أن خروجه ليس لضرورة تبيح له الخروج كحاجة الوضوء مثلا ثم هو
[ 30 ]
محمول على الرفع لان مثله لا يعرف الا من جهته صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (685) يسلم بين كل ركعتين الخ هذا صريح في جواز الوتر بواحدة وعلى جواز الاضطجاع بعد ركعتي الفجر بل ندبه قوله (686) حتى استثقل أي صار ثقيلا بغلبة النوم عليه ولم يتوضأ لان نومه صلى الله تعالى عليه وسلم ما كان حدثا لانه لا ينام قلبه
[ 31 ]
قوله (687) فلا تقوموا لعل النهي عن قيام لانتظار الامام قائما وأما القيام من مكان إلى آخر لاجل تسوية الصفوف ونحوه فغير منهى عنه ثم هذا الحديث يدل على جواز الاقامة قبل رؤية الامام فادخاله في هذه الترجمة خفي فليتأمل والله تعالى أعلم (0) كتاب المساجد قوله (688) من بنى مسجدا يذكر الله فيه على بناء المفعول والجملة في موضع التعليل كأنه قيل بني ليذكر الله تعالى فيه فهذا في معنى ما جاء يبتغي وجه الله بيتا للتعظيم أي عظيما وإسناد البناء إلى الله مجاز والبناء
[ 32 ]
مجاز عن الخلق والاسناد حقيقة قال بن الجوزي من كتب اسمه على المسجد الذي يبنيه كان بعيدا من الاخلاص قوله (689) من أشراط الساعة أي علامات قربها أن يتباهى يتفاخر في المساجد في بنائها وهذا الحديث مما يشهد بصدقه الوجود فهو من جملة المعجزات الباهرة له صلى الله عليه وسلم قوله (690) قال أربعون عاما قالوا ليس المراد بناء إبراهيم للمسجد الحرام وبناء سليمان للمسجد الاقصى فان بينهما مدة طويلة بلا ريب بل المراد بناؤهما قبل هذين البناءين والارض لك مسجد أي ما دامت
[ 33 ]
على الحالة الاصلية التي خلقت عليها وأما إذا تنجست فلا والله تعالى أعلم قوله (691) الا مسجد الكعبة اختلف في معنى هذا الاستثناء فقيل معناه ان الصلاة في مسجده صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة في المسجد الحرام بدون ألف صلاة ونقل بن عبد الرحمن عن جماعة أهل الاثر أن معناه أن الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد المدينة ثم أيده بما أخرجه من حديث بن عمر مرفوعا صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة في غيره الا المسجد الحرام فإنه أفضل منه بمائة صلاة ذكره السيوطي في حاشية الترمذي قوله البيت أي الكعبة فأغلقوا عليهم أي باب البيت
[ 34 ]
أول من ولج أي دخل اليمانيين بتخفيف الياء الاخيرة أفصح من التشديد نسبة إلى اليمن قوله (693) حكما يصادف حكمه أي يوافق حكم الله تعالى والمراد التوفيق للصواب في الاجتهاد وفصل الخصومات بين الناس فأوتيه على بناء المفعول من الايتاء ونائب الفاعل ضمير مستتر لسليمان والضمير المنصوب لمسؤله أن لا يأتيه أي لا يجيئه ولا يدخله أحد لا ينهزه لا يحركه أن يخرجه من الاخراج أو الخروج والظاهر أن في الكلام اختصارا والتقدير أن لا يأتيه أحدا لا يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه وقوله أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه بدل من تمام هذا الكلام المشتمل على الاستثناء الا أنه حذف الاستثناء
[ 35 ]
لدلالة البدل عليه فليتأمل والله تعالى أعلم قوله (694) آخر المساجد أي آخر المساجد الثلاثة المشهود لها بالفضل أو آخر مساجد الانبياء أو أنه يبقى آخر المساجد ويتأخر عن المساجد الآخر في الفناء أي
[ 36 ]
فكما أنه تعالى شرف آخر الانبياء شرف كذلك مسجده الذي هو آخر المساجد بأن جعل الصلاة فيه كألف صلاة فيما سواه الا المسجد الحرام والله تعالى أعلم قوله (695) ما بين بيتي المراد البيت المعهود وهو بيت عائشة الذي صار فيه قبره صلى الله تعالى عليه وسلم وفي رواية الطبراني ما بين المنبر وبيت عائشة وفي رواية البزار ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة قيل على ظاهره وأنه قد نقل من الجنة وسينقل إليها وقيل المراد أن العبادة فيها سبب مؤد إلى روضة من رياض الجنة قوله (696) رواتب في الجنة جمع راتبة من رتب إذا انتصب قائما أي ان الارض التي هو فيها من الجنة فصارت القوائم مقرها الجنة أو أنه سينقل إلى الجنة والله تعالى أعلم قوله تمارى تجادل أسس بنيت قواعده من أول يوم من أيام بنائه هو مسجدي هذا هذا نص في أن المراد بالمسجد المذكور في القرآن
[ 37 ]
مسجده صلى الله تعالى عليه وسلم لا مسجد قباء كما زعمه أصحاب التفسير لكونه أوفق للقصة قوله (698) راكبا وماشيا أي راكبا أحيانا وماشيا أخرى قوله (699) كان له عدل عمرة العدل بالكسر والفتح بمعنى المثل وقيل بالفتح ما عادله من جنسه وبالكسر ما ليس من جنسه وقيل بالعكس قلت والاقرب أن الفتح في المساوي حتما والكسر في المساوي عقلا إذ الحسى يدرك بفتح العين والعقلي بالفكر المحتاج إلى خفض العين وغمضها وهذا مثل العوج والعلاقة فهما بالفتح في المبصرات وبالكسر في المعقولات وهذا مبني على ما قالوا أن الواضع الحكيم لم يهمل مناسبة الالفاظ بالمعاني قضاء لحق الحكمة وعلى هذا فالاقرب في الحديث كسر العين وبه ضبط في بعض النسخ المصححة والله تعالى أعلم والمعنى كان فعله المذكور مثل عمرة له إذ كان من الاجر مثل أجر عمرة وعلى الاول عدل عمرة بالنصب وعلى الثاني بالرفع فليفهم وروى الترمذي عن أسيد بن حضير مرفوعا الصلاة في مسجد قباء كعمرة وكلامه يفيد أنه صحيح والله تعالى أعلم قوله (700) لا تشد الرحال الخ نفى بمعنى النهي أو نهى وشد الرحال كناية عن
[ 38 ]
السفر والمعنى لا ينبغي شد الرحال والسفر من بين المساجد الا إلى ثلاثة مساجد وأما السفر للعلم وزيارة العلماء والصلحاء وللتجارة ونحو ذلك فغير داخل في حيز المنع وكذا زيارة المساجد الاخر بلا سفر كزيارة مسجد قباء لاهل المدينة غير داخل في حيز النهي والله تعالى أعلم قوله (701) ان بأرضنا بيعة بكسر الباء معبد النصارى أو اليهود واستوهبناه أي سألناه أن يعطينا من فضل طهوره بفتح الطاء والظاهر أن المراد ما استعمله في الوضوء وسقط من أعضائه الشريفة ويحتمل أن المراد ما بقي في الاناء عند الفراغ من الوضوء وانضحوا بكسر الضاد أي رشوا وفيه من التبرك بآثار الصالحين مالا
[ 39 ]
يخفى فإنه لا يزيد الا طيبا الظاهر ان المراد أن فضل الطهور لا يزيد الماء الزائد الا طيبا فيصير الكل طيبا والعكس غير مناسب فليتأمل قال دعوة حق يدل على تصديقه وايمانه ولعله لما آمن بأول ما سمع دعوة الحق ألحقه تعالى برجال الغيب تلعة بفتح فسكون مسيل الماء من أعلى الوادي وأيضا ما انحدر من الارض وتلاع بالكسر جمعه والله تعالى أعلم قوله (702) في عرض المدينة بضم العين المهملة الجانب والناحية من كل شئفي حي بتشديد الياء أي قبيلة من بني النجار اسم قبيلة وهم أخواله عليه الصلاة والسلام كأني أنظر أي الآن استحضارا لتلك الهيئة رديفة هو الذي يركب خلف الراكب والمراد أنه كان راكبا خلف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وهما على بعير واحد وهو الظاهر أو على بعيرين لكن أحدهما يتلو الآخر بفناء بكسر فاء ومد أي طرح رحله عند
[ 40 ]
داره مرابض الغنم جمع مربض أي مأواها أمر على بناء الفاعل أو المفعول ثامنوني أي أعطوني حائطكم بالثمن والحائط البستان إذا كان محاطا الا إلى الله أي من الله أولا نرغب بثمنه ليخرج ما فيها من عظام المشركين وصديدهم ويبعد عن ذلك المكان تنظيفا وتطهيرا له عضادتيه بكسر عين مهملة وضاد معجمة وعضادتا الباب خشبتاه من جانبيه يرتجزون يتعاطون الرجز وهو قسم من الشعر تنشيطا لنفوسهم ليسهل عليهم العمل وهم يقولون وفي نسخة وهو يقول وهو الظاهر وأما الاول ففيه نسبة قوله إلى الكل لكونه رئيسهم ولرضاهم بقوله والله تعالى أعلم قوله (703) لما نزل على بناء المفعول أي نزل به مرض الموت
[ 41 ]
فطفق أي جعل خميصة هي كساء له أعلام فإذا أعتم أي احتبس نفسه عن الخروج وقيل أي سخن بالخميصة وأخذ بنفسه من شدة الحر وهو كذلك أي في تلك الحالة ومراده بذلك أن يحذر أمته أن يصنعوا بقبره ما صنع اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم من اتخاذهم تلك القبور مساجد أما بالسجود إليها تعظيما لها أو بجعلها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها قيل ومجرد اتخاذ مسجد في جوار صالح تبركا غير ممنوع ثم استشكل ذكر النصارى في الحديث بأن نبيهم عيسى عليه السلام وهو إلى الآن ما مات أجيب بأنه كان فيهم أنبياء غير مرسلين كالحواريين ومريم في قول أو المراد بالانبياء في الحديث الانبياء وكبار أتباعهم ويدل عليه رواية مسلم قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد أو المراد بالاتخاذ أعم من أن يكون على وجه الابتداع أو الاتباع فاليهود ابتدعت والنصارى اتبعت ولا ريب أن النصارى تعظم قبور جمع من الانبياء الذين تعظمهم اليهود قوله كنيسة بفتح الكاف أي معبدا للنصارى فيها تصاوير صور ذوى الارواح
[ 42 ]
ان أولئك قيل بكسر الكاف لان الخطاب لمؤنث وقد تفتح قلت كأن الفتح لتوجيه الخطاب إلى كل ما يصلح له لا لتوجيهه إليهما وأنت خبير بأن مقتضى توجيه الخطاب إليهما أن يقال أولئكما لا أولئك بالكسر وعند الافراد ينبغي الفتح بتوجيه الخطاب إلى كل ما يصلح له فليتأمل تيك الصور بكسر التاء المثناة من فوق وسكون التحتية أي تلك الصور شرار الخلق بكسر الشين المعجمة أي لانهم ضموا إلى كفرهم الاعمال القبيحة فهم أقبح الناس عقيدة وعملا قوله فرجل بكسر الراء وسكون الجيم أي قدم والمراد خطوة تكتب على بناء المفعول وضميره للرجل حسنة بالنصب مفعول ثان للكتابة لتضمينها معنى الجعل تمحو سيئة أي أن كانت والا فكل الخطوات تكتب حسنات والله تعالى أعلم قوله (706) فلا يمنعها الحديث مقيد بما علم من الاحاديث الاخر من عدم استعمال طيب وزينة فينبغي
[ 43 ]
أن لا يأذن لها إلا إذا خرجت على الوجه الجائز وينبغي للمرأة أن لا تخرج بذلك الوجه للصلاة في المسجد الا على قلة لما علم أن صلاتها في البيت أفضل نعم إذا أرادت الخروج بذلك الوجه فينبغي أن لا يمنعها الزوج وقول الفقهاء بالمنع مبني على النظر في حال الزمان لكن المقصود يحصل بما ذكرنا من التقييد المعلوم من الاحاديث فلا حاجة إلى القول بالمنع والله تعالى أعلم قوله (707) فلا يقربنا أي المسلمين في مساجدنا ظاهر التقييد يقتضي أن قربهم في الاسواق غير منهي عنه ويؤيده التعليل لان المساجد محل اجتماع الملائكة دون الاسواق وكان المقصود مراعاة الملائكة الحاضرين في المساجد للخيرات والا فالانسان لا يخلو عن صحبة ملك فينبغي له دوام الترك لهذه العلة والله تعالى أعلم قوله (708) إذا وجد ريحهما من الرجل أي في المسجد فأخرج على بناء المفعول أي تأديبا له على ما فعل من الدخول
[ 44 ]
في المسجد مع الرائحة الكريهة والله تعالى أعلم قوله إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح الخ ظاهره أن المعتكف يشرع في الاعتكاف بعد صلاة الصبح ومذهب الجمهور أنه يشرع من ليلة الحادي والعشرين وقد أخذ بظاهر الحديث قوم إلا أنهم حملوه على أنه يشرع من صبح الحادي والعشرين فرد عليهم الجمهور بأن المعلوم أنه كان صلى الله تعالى عليه وسلم يعتكف العشر الاواخر ويحث أصحابه عليه وعدد العشر عدد الليالي فيدخل فيها الليلة الاولى والا لا يتم هذا العدد أصلا وأيضا من أعظم ما يطلب بالاعتكاف أدراك ليلة القدر وهي قد تكون ليلة الحادي والعشرين كما جاء في حديث أبي سعيد فينبغي له أن يكون معتكفا فيها لا أن يعتكف بعدها وأجاب النووي عن الجمهور بتأويل الحديث أنه دخل معتكفا وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف بل كان قبل المغرب معتكفا لا ينافي جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد اه ولا يخفى ان قولها كان إذا أراد أن يعتكف يفيد أنه كان يدخل المعتكف حين يريد الاعتكاف لا أنه يدخل فيه بعد الشروع في الاعتكاف في الليل وأيضا المتبادر من لفظ الحديث أنه بيان لكيفية الشروع في الاعتكاف وعلى هذا التأويل لم يكن بيانا لكيفية الشروع ثم لازم هذا التأويل أن يقال السنة للمعتكف أن يلبث أول ليلة في المسجد ولا يدخل في المعتكف وإنما يدخل فيه من الصبح والا يلزم ترك العمل بالحديث وعند تركه لا حاجة إلى التأويل والجمهور لا يقول بهذه السنة فيلزمهم ترك العمل بالحديث وأجاب القاضي أبو يعلى من الحنابلة بحمل الحديث على أنه كان يفعل ذلك في يوم العشرين ليستظهر ببياض يوم زيادة قبل يوم العشر قلت وهذا الجواب هو الذي يفيده النظر في أحاديث الباب فهو أولى وبالاعتماد أحرى بقي أنه يلزم منه أن يكون السنة الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارا باليوم الاول ولا بعد في التزامه وكلام الجمهور لا ينافيه فإنهم ما تعرضوا له لا اثباتا ولا نفيا وإنما تعرضوا لدخول ليلة الحادي والعشرين وهو حاصل غاية الامر أن قواعدهم تقتضي أن يكون هذا الامر سنة عندهم فلنقل به وعدم التعرض ليس دليلا على
[ 45 ]
العدم ومثل هذا الايراد يرد على جواب النووي مع ظهور مخالفته للحديث فضرب له على بناء المفعول أو الفاعل بتأويل الامر خباء بكسر خاء ومد هو أحد بيوت العرب من وبر أو صوف ولا يكون من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة البر يردن بمد الهمزة مثل آلله أذن لكم والاستفهام للانكار وآلبر بالنصب مفعول يردن أي ما أردن البر وإنما أردن قضاء مقتضى الغيرة والله تعالى أعلم قوله (710) في الاكحل بفتح همزة وسكون كاف وفتح حاء هو عرق الحياة في اليد إذا قطع لم يرق الدم فضرب عليه أي له أو لان الخيمة تعلوه تعدى بعلي قوله (711) يحمل أمامة حال من فاعل خرج
[ 46 ]
وهي صبية يحملها أي عادة والجملة اعتراضية فصلى عطف على خرج وكانت الصلاة بجماعة كما جاء صريحا وهي شأن الفرائض فعلم به جواز هذا الفعل في الفرض وبه قال الجمهور لكن بلا ضرورة لا يخلو عن كراهة وفعله صلى الله تعالى عليه وسلم كان لضرورة أو لبيان الجواز وروى عن المالكية عدم الجواز في الفرائض قال النووي ادعى بعض المالكية أن هذا الحديث منسوخ وبعضهم أنه من الخصائص وبعضهم أنه كان لضرورة وكل ذلك دعاوى باطلة مردودة لا دليل لها وليس في الحديث ما يخالف قواعد الشرع لان الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه وثياب الاطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة حتى يتيقن النجاسة والاعمال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت أو تفرقت ودلائل الشرع متظاهره على ذلك وإنما فعل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ذلك لبيان الجواز قوله ثمامة بضم مثلثة وتخفيف بن أثال بضم همزة بعدها مثلثة آخره
[ 47 ]
لام بلا تشديد طاف على بعير قد جاء أنه فعل ذلك لمرض أو لزحام قيل هو من خصائصه صلى الله تعالى عليه وسلم إذ يحتمل أن يكون راحلته عصمت من التلويث كرامة له فلا يقاس عليه غيره وذلك لان المأمور به بقوله تعالى وليطوفوا طواف الانسان فلا ينوب طواف الدابة منابه الا عند الضرورة بمحجن بكسر ميم وسكون حاء وفتح جيم ونون عصا محنية الرأس وزاد مسلم ويقبل المحجن قوله (714) عن التحلق أي جلوسهم حلقة قيل يكره قبل الصلاة الاجتماع للعمل والمذاكرة ليشتغل بالصلاة وينصب للخطبة الذكر فإذا فرغ منها كان الاجتماع والتحلق بعد ذلك وقيل النهي عن التحلق إذا عم المسجد وعليه فهو مكروه وغير ذلك لا بأس به وقيل نهى عنه لانه يقطع الصفوف وهم مأمورون بتراص الصفوف وما جاء عن بن مسعود كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا استوى على المنبر استقبلناه بوجوهنا رواه الترمذي يحتمل على أنه بالتوجه إليه في الصفوف لا بالتحلق حول المنبر وما جاء
[ 48 ]
عن أبي سعيد أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم جلس يوما على المنبر وجلسنا حوله رواه البخاري يمكن حمله على غير يوم الجمعة وعن البيع الخ أي مطلقا من اختصاصه بيوم الجمعة قوله (715) عن تناشد الاشعار أي المذمومة وما جاء فيحمل على المحمود كما يشير إليه ترجمة المصنف في الباب الثاني ولما كان الغالب في الشعر المذموم أطلق النهي وقيل النهي محمول على التنزيه وما جاء فهو محمول على بيان الجواز قوله (716) وهو ينشد من أنشد فلحظ أي نظر إليه بطرف العين نظرا يفيد النهي عنه قوله ينشد
[ 49 ]
ضالة من نشدتها إذا طلبتها من باب نصر لا وجدت يحتمل أنه دعاء عليه فكلمة لا لنفي الماضي ودخولها على الماضي بلا تكرار في الدعاء جائز وفي غير الدعاء الغالب هو التكرار كقوله تعالى فلا صدق ولا صلى ويحتمل أن لا ناهية أي لا تنشد وقوله وجدت دعاء له لاظهار أن النهي منه نصح له إذا الداعي لخير لا ينهي الا نصحا لكن اللائق حينئذ الفصل بأن يقال لا وجدت لان تركه موهم الا أن يقال الموضع موضع زجر فلا يضر به الايهام لكونه إيهام شئ هو آكد في الزجر قوله (718) مر رجل بسهام يتصدق بها كما في مسلم خذ بنصالها جمع نصل بفتح فسكون حديدة السهم والرمح والسيف أي لئلا يخرج أحد وكذا حكم السوق كما جاء صريحا في الحديث قوله فذهبنا أي أردنا أو شرعنا فجعل
[ 50 ]
أي جعلنا في طرفيه وقام وسطه شبك أي جمع بين أصابع يديه وجعلهما بين ركبتيه في الركوع والتشهد وهذا الفعل يسمى تطبيقا وهو منسوخ بالاتفاق في أول الاسلام وكذا قيام الامام في الوسط إذا كان اثنان يقتديان به منسوخ وكأن بن مسعود ما بلغه النسخ والله تعالى أعلم لكن يشكل حينئذ استدلال المصنف على جواز التشبيك في المسجد إذ لا دليل في المنسوخ الا أن يقال نسخه من حيث كونه سنة الركوع مثلا لا يستلزم نسخ كونه جائزا في المسجد فإذا ثبت الجواز في وقت لزم بقاؤه إلى أن يظهر ناسخ الجواز فليتأمل قوله (721) واضعا إحدى رجليه فهذا يدل على جواز ذلك وما جاء
[ 51 ]
من النهي يحمل على ما إذا خاف به كشف العورة قوله (723) وكفارتها دفنها أي سترها في تراب المسجد ومفاده أنه ليس بخطيئة لتعظيم المسجد والا لما أفاد الدفن شيئا بل لتأذى الناس به وبالدفن يندفع التأذي وقد وقع التصريح به في حديث رواه أحمد بإسناد حسن من تنخم في المسجد فليغيب نخامته أن يصيب جلد مؤمن أو ثوبه فيؤذيه وروى أحمد والطبراني بإسناد حسن من تنخع في المسجد فلم يدفنه فسيئة وان دفنه فحسنة فلم يجعله سيئة الا بقيد عدم الدفن وفي حديث مسلم وجدت في مساوي أعمال أمتي نخاعة تكون في المسجد لا تدفن وزعم بعض أنه لتعظيم المسجد فقال ان اضطر إلى ذلك كان البصاق فوق البواري والحصر خيرا من البصاق تحتها لان البواري ليست من المسجد حقيقة ولها حكم المسجد بخلاف ما تحتها وهذا بعيد بالنظر إلى الاحاديث والاقرب عكس ذلك لان التأذي في البواري أكثر من التأذي فيما تحتها بمنزلة الدفن لها والله تعالى أعلم قوله (724) قبل وجهه إذا صلى أي أنه يناجيه
[ 52 ]
ويقبل عليه تعالى في تلك الجهة وهو تعالى من هذه الحيثية كأنه في تلك الجهة فلا يليق القاء البصاق فيها قوله (725) رأى نخامة قيل هي ما يخرج من الصدر وقيل النخاعة بالعين من الصدر وبالميم من الرأس وقال يبصق عن يساره ظاهر الاطلاق يعم المسجد وغيره بل الواقعة كانت في المسجد كما يدل الحديث فيدل
[ 53 ]
على أن الحكم ليس معللا بتعظيم المسجد والا لكان اليمين واليسار سواء بل المنع عن تلقاء الوجه للتعظيم بحالة المناجاة مع الرب تعالى وعن اليمين للتأدب مع ملك اليمين كما يفهم من الاحاديث خلوقا بفتح خاء معجمة طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب قوله (729) أبواب رحمتك تخصيص الرحمة بالدخول والفضل بالخروج لان الدخول وضع لتحصيل الرحمة والمغفرة وخارج المسجد هو محل طلب الرزق وهو المراد بالفضل والله تعالى أعلم قوله فليركع إطلاقه يشمل أوقات الكراهة وغيرها
[ 54 ]
وبه قال الشافعي ومن لا يقول به يخصه بغير أوقات الكراهة والامر للندب كما تدل عليه الترجمة الثانية في الكتاب ويتأدي ذلك بصلاة الفرض أيضا فلا يبقى تخصيص الحديث بما إذا لم تقم المكتوبة والله تعالى أعلم قوله وصبح بتشديد الباء أي نزل صباحا بالمدينة حين رجع من الغزوة وفي الحديث اختصار جاءه المخلفون المذكورون في قوله تعالى وجاء المعذرون من الاعراب إلى آخر ما ذكر من حالهم بضعا بكسر الباء أي عددا دون العشرة حتى جئت الخ أخذ منه المصنف أنه جلس بلا صلاة ومن قوله فمضيت أنه خرج بلا صلاة وهو محتمل فليتأمل المغضب اسم مفعول من أغضب إذا أوقع في الغضب (731) ما خلفك بتشديد اللام ابتعت ظهرك أي اشتريت مركبك تجد
[ 55 ]
على فيه تغضب على لاجله قوله فنمر على المسجد أي فالخروج قصدا إلى المسجد غير لازم في صحة الصلاة نعم الاجر يختلف به والله تعالى أعلم قوله (733) في مصلاه لفظ الحديث يعم المسجد وغيره وكان المصنف حمله على الخصوص للرواية التي بعدها فإن فيه ما يقتضي الخصوص في الجملة وعلى كل تقدير فالمراد بقعة صلى فيها فقط أو تمام المسجد مثلا والاول هو الظاهر ويحتمل الثاني أيضا ما لم يحدث من أحدث أي لم ينقض وضوءه ظاهره عموم النقض لغير الاختياري أيضا ويحتمل الخصوص اللهم الخ بيان لصلاة الملائكة بتقدير تقول
[ 56 ]
قوله (735) في أعطان الابل جمع عطن وهو مبرك الابل حول الماء قالوا ليس علة المنع نجاسة المكان إذ لا فرق حينئذ بين أعطان الابل وبين مرابض الغنم مع أن الفرق بينهما قد جاء في الاحاديث وإنما العلة شدة نفار الابل فقد يؤدي ذلك إلى بطلان الصلاة أو قطع الخشوع وغير ذلك والله تعالى أعلم قوله مسجدا الخ حمله على العموم لكن مقتضى الاحاديث أن يخص هذا العموم فالاستدلال به في محل النظر
[ 57 ]
قوله فتتخذه أي موضع صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم فنضحته بماء أي ليتلين وعند مالك لدفع الشك وإزالة احتمال النجاسة قوله (738) على الخمرة بضم الخاء سجادة من حصير ونحوه قوله (739) وقد امتروا من الامتراء أي جرى كلامهم في شأن المنبر مم أي من أي شجرة عوده أي عود
[ 58 ]
المنبر أن مرى أن تفسيريه لما في الارسال من معنى القول أن يعمل لي أعوادا أي يجمعها ويصورها ويرتبها على وجه يمكن الجلوس عليها من طرفاء الغابة موضع قريب من المدينة والطرفاء نوع من الشجر ثم جاء بها أي بالاعواد وكذا سائر الضمائر
[ 59 ]
تعود إلى الاعواد رقى بكسر القاف أي صعد صلى عليها أي على تلك الاعواد وكانت صلاته على الدرجة العليا من المنبر ذكره في فتح الباري وانما صلى ليراه الناس كلهم بخلاف ما إذا كان على الارض فإنه يراه بعض دون بعض ثم نزل عن درجات المنبر ومشى إلى ورائه حتى صار بحيث يكون رأسه وقت السجود متصلا بأصل المنبر فسجد كذلك والقهقرى بالقصر المشي إلى خلف ثم عاد إلى درجات المنبر بعد القيام من السجدة الثانية وهذا العمل القليل لا يبطل الصلاة وقد فعله صلى الله
[ 60 ]
تعالى عليه وسلم لبيان كيفية الصلاة وجواز هذا العمل فلا اشكال ويفهم منه ان نظر المقتدى إلى أمامه جائز لتأتموا أي لتقتدوا ولتعلموا من التعلم أي العلم والله تعالى أعلم قوله (740) يصلي على حمار قد اتفقوا على جوازها خارج البلدة ونجاسة الحمار لا تمنع ذلك قوله ما نعلم أحدا الخ الحديث في مسلم وغيره قال الدارقطني هذا غلط من عمرو وإنما المعروف يصلي على راحلته وبعيره والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس ورده النووي بأن عمرا ثقة نقل شيئا محتملا فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات لكن قد يقال أنه شاذ مخالف لرواية الجمهور في البعير والراحلة والشاذ من أقسام المردود وهو المخالف لرواية الجماعة والله تعالى أعلم
[ 61 ]
(0) كتاب القبلة قوله فاستقبلوها روى بفتح الباء على الخبر وكسرها على الامر وقد تقدم ترجيح الكسر وكانت
[ 62 ]
وجوههم إلى الشام وهو غير القبلة حينئذ الا أنهم ما علموا بذلك واعتمدوا على الدليل المنسوخ الذي هو دليل ظاهر أو ليس بدليل عند التحقيق فكل من خفي عليه جهة القبلة فصلى إلى جهة أخرى اعتمادا على دليل ظاهر أو هو ليس بدليل عند التحقيق فحكمه حكم هؤلاء يميل إلى القبلة إذا علم بها وما صلى قبل العلم فذاك صحيح والله تعالى أعلم قوله (746) مثل مؤخرة الرحل بالهمزة وتركها لغة قليلة ومنع منها بعضهم وكسر الخاء وتخفيفها لغة في آخرته بالمد وكسر الخاء الخشبة التي يستند إليها راكب البعير قوله يركز يغرز الحربة بفتح الحاء المهملة وسكون الراء دون الرمح عريضة النصل قوله فليدن أمر من الدنو بمعنى القرب لا يقطع جملة مستأنفة بمنزلة التعليل أي لئلا يقطع الشيطان بأن يحمل على المرور من يقطع عليه صلاته حقيقة عند قوم كالمرأة والحمار والكلب الاسود وخشوعا عند آخرين
[ 63 ]
ويحتمل ان المراد بالشيطان هو الكلب فقد جاء في الحديث انه شيطان قوله الحجي بحاء مهملة وجيم مفتوحتين أي حاجب الكعبة نحوا من ثلاثة أذرع فعلم منه أنه ينبغي أن يجعل بينه وبين السترة
[ 64 ]
هذا القدر قوله (750) مثل آخرة الرحل أي قدره فإنه يقطع الخ وظاهر الحديث أن مرور هذه الاشياء يبطل الصلاة وبه قال قوم والجمهور على خلافه فلذلك أوله النووي وغيره بأن المراد بالقطع نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الاشياء وليس المراد ابطالها ثم رد النووي دعوى نسخ الحديث وقال القرطبي هذا مبالغة في الخوف على قطعها بالشغل بهذه المذكورات فإن المرأة تفتن والحمار ينهق والكلب يخوف فيشوش المتفكر في ذلك حتى تنقطع عليه الصلاة فلما كانت هذه الامور آيلة إلى القطع جعلها قاطعة قلت شغل القلب لا يرتفع بمؤخرة الرحل إذ المار وراء مؤخرة الرحل في شغل القلب قريب من المار في شغل القلب أن لم يكن مؤخرة الرحل فيما يظهر فالوقاية بمؤخرة الرحل على هذا المعنى غير ظاهر والله تعالى أعلم الكلب الاسود شيطان حمله بعضهم على ظاهره وقال ان الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود وقيل بل هو أشد ضررا من غيره فسمى شيطانا وعلى كل تقدير لا اشكال بكون مرور الشيطان نفسه لا يقطع الصلاة لجواز أن يكون القطع مستندا إلى مجموع الخلق الشيطاني في الصورة الكلبية والله تعالى أعلم قوله (751) المرأة الحائض يحتمل أن المراد ما بلغت سن الحيض أي البالغة وعلى هذا فالصغيرة لا تقطع والله تعالى أعلم قوله (752) على أتان بالمثناة أنثى الحمار ترتع ترعى ولا دلالة في الحديث على أن مرور الحمار
[ 65 ]
لا يقطع لما تقرر أن سترة الامام سترة القوم فلا يتحقق المرور المضر في حق الامام والقوم الا إذا مرت بين يدي الامام ما بينه وبين السترة ولا دلالة لحديث بن عباس على ذلك قوله كليبة بالتصغير وحمارة بالتاء وهي لغة قليلة والافصح حمار بلا تاء للذكر والانثى فلم يزجرا أو لم يؤخرا هما على بناء المفعول ولا دلالة في الحديث على المرور بين المصلى والسترة ولا على أن الكلبة كانت سوداء وكذا في دلالة الاحاديث اللاحقة على أن المرور لا يقطع بحث فهذه الاحاديث لا تعارض حديث القطع أصلا قوله (754) على حمار لعل الحمار مر وراء السترة إذ لا دلالة للفظ على أنه مر بينه وبين السترة فنزلوا أي من كان على الحمار ففرع بفاء وراء وعين مهملة وفي الراء يجوز التخفيف والتشديد أي حجز وفرق ولو سلم مرور الجاريتين بين يديه أي بينه وبين السترة فالجواب أن الذي يقطع الصلاة مرور البالغة لانها المتبادرة من اسم المرأة ويدل عليه رواية المرأة الحائض كما تقدم والله تعالى أعلم قوله
[ 66 ]
انسللت أي خرجت بتأن وتدريج وهذه الجملة مستأنفة كأنه قيل لها فماذا تفعلين قالت انسللت الخ ثم لا دلالة فيه على أنها مرت بين يديه قوله (756) ماذا عليه أي من الاثم أو الضرر لكان أن يقف أربعين خيرا له أي لكان الوقوف خيرا له من المرور عنده ولهذا علق بالعلم والا فالوقوف خير له سواء علم أولم يعلم وخير في بعض النسخ بلا ألف كما في نسخ أبي داود والترمذي ومسلم وفي بعضها بألف كما في نسخ البخاري قيل هو مرفوع على أنه اسم كان وأنت خبير بأن القواعد تأبى ذلك لان قوله أن تقف بمنزلة الاسم المعرفة فلا يصلح أن يكون خبرا لكان ويكون النكرة اسما له بل أن مع الفعل يكون اسما لكان مع كون الخبر معرفة متقدمة مثل قوله تعالى وما كان قولهم الا أن قالوا وله نظائر في القرآن وكذا المعنى يأبى ذلك عند التأمل فالوجه أن اسم كان ضمير الشأن والجملة مفسرة للشأن أو أن خيرا منصوب على أنه خبر كان وترك الالف بعده من تسامح أهل الحديث فإنهم كثيرا ما يتركون كتابة الالف بعد الاسم المنصوب كما صرح به النووي والسيوطي وغيرهما في مواضع والله تعالى أعلم قوله (757) فلا يدع أي فلا يترك بل يدفعه ما استطاع كما في رواية فليقاتله حملوه على أشد
[ 67 ]
الدفع واستعمله بعض قليل على ظاهره واللفظ معهم إذ أقسام الدفع كلها مندرجة في الدفع ما استطاع قوله بحذائه أي بحذاء البيت وبين الطواف بضم طاء وتشديد واو قلت لكن المقام يكفي سترة وعلى هذا فلا يصلح هذا الحديث دليلا لمن يقول لا حاجة في مكة إلى سترة فليتأمل قوله (760) لا تصلوا إلى القبور بالاستقبال إليها لما فيه من التشبه بعبادتها ولا تجلسوا عليها الظاهر أن المراد بالجلوس
[ 68 ]
معناه المتعارف وقيل كناية عن قضاء الحاجة والله تعالى أعلم قوله (761) إلى سهوة بمهملة بيت صغير منحدر في الارض قليلا وقيل هو الصفة بين يدي البيت وقيل شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشئ وسائد جمع وسادة قوله (762) ويحتجرها بالليل أي يتخذها كالحجرة لئلا يمر عليه مارو يتوفر خشوعه ففطن له بفتح الطاء أي علموا به اكلفوا بفتح اللام من كلف بكسر اللام أي تحملوا من العمل ما تطيقونه على الدوام والثبات لا تفعلونه أحيانا وتتركونه أحيانا لا يمل بفتح الميم أي لا يقطع الاقبال بالاحسان عنكم حتى تملوا في عبادته أي والاكثار قد يؤدي إلى الملال وإن أحب الخ
[ 69 ]
عطف على قوله فإن الله لا يمل أي أن الاحب من الاعمال ما داوم عليه صاحبه والمكثر قل ما يداوم فلا يكون عمله ممدوحا عنده تعالى ثم ترك مصلاه ذلك الخ أي خوفا من حرصهم على ذلك أولا ثم عجزهم عنه آخرا أثبته ثم داوم عليه
[ 70 ]
قوله أو لكلكم ثوبان قاله إنكارا على السائل لظهور الامر بحيث لا يمكن الشك من عاقل في جواز الصلاة في ثوب واحد نعم ذكر العلماء أن الاحسن الصلاة في ثوبين ان تيسر وهذا أمر آخر والله تعالى أعلم قوله طرفيه أي طرفي الثوب والعاتق بين المنكبين إلى أصل العنق قوله زره بتقديم المعجمة على المهملة المشددة من باب نصر والمراد اربط جيبه لئلا تظهر عورتك ثم صل فيه قوله (766) عاقدين أزرهم حال من فاعل يصلون والازر بضم فسكون جمع ازار للنساء اللائي يصلين وراء الرجال لا ترفعن رؤسكن من السجود وذلك لئلا ينكشف من عورات الرجال
[ 71 ]
شئ عند السجود لضيق الازار فيقع نظر النساء عليه قوله فدعوني أي نادوني مفتوقة أي مخروقة مشقوقة يظهر منها العورة ألا تغطى أي خذ من كل منها شيئا واشتر به ثوبا يستر عورته والاست بكسر الهمزة من أسماء الدبر والله تعالى أعلم قوله مرط بكسر وسكون كساء قوله (769) ليس على عاتقه منه شئ أي إذا كان واسعا وذلك لانه ان وضع على عاتقه منه شيئا يصير كالازار
[ 72 ]
جميعا ويكون أستر وأجمل بخلافه إذا لم يضع قوله (770) فروج حرير بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة آخره جيم وجوز ضم أوله وتخفيف الراء هو قباء مشقوق من خلف فلبسه قبل تحريم الحرير أو كان مخلوطا بغيره وعلى الاول يحتمل أن يكون نزعه لكراهته وقوله لا ينبغي ابتداء لتحريمه ويحتمل أنه من باب كراهته للزينة الكثيرة في هذه الدار قبل التحريم وهو الوجه على التقدير الثاني والله تعالى أعلم قوله (771) شغلتني أعلام هذه هذا مبني على أن القلب قد بلغ من الصفاء عن الاغيار الغاية حتى يظهر فيه أدنى شئ يظهر لك ذلك إذا نظرت إلى ثوب بلغ في البياض الغاية والى ما دون ذلك فيظهر في الاول من أثر الوسخ مالا يظهر في الثاني والله تعالى أعلم إلى أبي جهم أي الذي أهدى تلك الخميصة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم ولما خاف عليه أن ينكسر خاطره برد الهدية قال وائتوني بأنبجانيه بفتح همزة وسكون نون وكسر باء
[ 73 ]
ويروى فتحها وياء مشددة للنسبة بعد النون وهي كساء غليظ لا علم له والله تعالى أعلم قوله حمراء من
[ 74 ]
لا يرى لبس الاحمر يحملها على المخططة وهو المروي من رواه الحديث
[ 75 ]
(0) كتاب الامامة قوله (777) قد أمر أبا بكر أن يصلي بالناس الباء للتعدية وفيه تقديم أهل الفضل والعلم في الامامة الصغرى والكبرى جميعا وأنهم فهموا من تقديم أبي بكر في الصغرى تقديمه في الكبرى أيضا بعد بيان عمر لهم ذلك وليس ذلك لقياس الكبرى على الصغرى حتى يقال أنه قياس باطل بل لان الصغرى يومئذ كانت من وظائف الامام الكبير فتفويضها إلى أحد عند الموت دليل على نصبه للكبرى فليتأمل وأن الاعلم مقدم على الاقرأ لانه صلى الله تعالى عليه وسلم قدم أبا بكر دون أبي مع قوله أقرؤكم أبي كذا قالوا قوله البراء بالتشديد والمد كان يبرى النبل قوله فعض على شفتيه أي إظهارا للكراهة لفعله ولا تقل أني صليت أي خوفا من
[ 76 ]
الفتنة قوله واجعلوها أي الصلاة معهم سبحة بضم سين وسكون باء موحدة أي نافلة وفيه جواز الصلاة مع أئمة الجور لانهم الذين من شأنهم التأخير على هذا الوجه قوله أقرؤهم أي أكثرهم قرآنا وأجودهم قراءة فأقدمهم هجرة أما لان القدم في الهجرة شرف يقتضي التقديم أو لان من تقدم هجرته فلا يخلو غالبا عن كثرة العلم بالنسبة إلى من تأخر بالسنة حملوها على أحكام الصلاة ولا تؤم الرجل بصيغة الخطاب ونصب الرجل والخطاب لمن يصلح له والمراد بالسلطان محل السلطان وهو موضع يملكه الرجل أوله فيه تسلط بالتصرف كصاحب المجلس وامامه فإنه أحق من غيره وان كان أفقه لئلا يؤدي ذلك إلى التباغض والخلاف الذي شرع الاجتماع لرفعه والتكرمة الموضع الخاص لجلوس الرجل من فراش أو سرير مما يعد لا كرامة وهي تفعله من الكرامة الا أن يأذن لك قيل متعلق بالفعلين وقيل بالثاني فقط فلا يجوز الامامة لصاحب البيت وان أذن وفي هذا الحديث جوابان النسخ بامامة أبي بكر مع أن أقرأهم أبي وكان أبو بكر أعلمهم كما قال أبو سعيد ودعوى أن الحكم مخصوص بالصحابة وكان أقرؤهم أعلمهم لكونهم يأخذون القرآن بالمعاني وبين الجوابين تناقض لا يخفى ولفظ الحديث يفيد عموم الحكم والله تعالى أعلم
[ 77 ]
قوله (783) لا يؤم الرجل على بناء المفعول وفيه أن الوالي مقدم مطلقا
[ 78 ]
قوله ليصلح من الاصلاح فحبس على بناء المفعول أو الفاعل أي حبسه الاصلاح يمشي في الصفوف وفي مسلم فخرق أي الصفوف ولعله لما رأى من الفرجة في الصف الاول وقيل هذا جائز للامام مكروه لغيره في التصفيق أي في ضرب كل يده بالاخرى اعلاما لابي بكر بحضوره صلى الله تعالى عليه وسلم لا يلتفت في صلاته لما غلب عليه من الخشوع والحضور يأمره أن يصلي أي مكانه أماما فرفع يدل على أن رفع اليدين بالدعاء في الصلاة مشروع فحمد الله أي على أمر التكريم فإنه علم أن الامر بذلك تكريم منه ولذلك تأخر والا فلا يجوز ترك امتثال الامر للتأدب ان كان الامر للوجوب مثلا فصلى بالناس أخذ منه أن الامام الراتب إذا حضر بعد أن دخل نائبه في الصلاة يتخير بين أن يأتم به أو يؤم هو ويصير النائب مأموما من غير أن يقطع الصلاة ولا يبطل شئ من ذلك صلاة أحد من المأمومين والاصل عدم الخصوصية خلافا للمالكية وفيه جواز احرام المأموم قبل الامام وأن الامام قد يكون في بعض صلاته إماما وفي بعضها مأموما ولا يخفى أنه لا بد حينئذ من اعلام النائب للامام الراتب عدد ما صلى من الركعات وما بقى ومحل ما وصل إليه في قراءة الفاتحة أو السورة ثم يلزم فراغ المتقدمين قبل فراغ الامام فيما إذا جاء الراتب بعد
[ 79 ]
الركعة الاولى والله تعالى أعلم نابكم عرضكم انما التصفيق للنساء أي مشروع لهن فعله إذا نابهن شئ كما يدل عليه روايات الحديث أو هو من أفعال النساء ولعبهن فلا يليق لاحد أن يفعله في الصلاة فقوله من نابه على الاول يحمل على الرجال وعلى الثاني يعم الرجال والنساء والاول مختار الجمهور بشهادة الاحاديث والثاني مختار المالكية تصلي للناس أي إماما لهم والا فالصلاة لله ويحتمل أن تكون اللام بمعنى الباء قوله متوشحا متلحفا بثوبه وهو أن يعقد طرفي الثوب على صدره
[ 80 ]
قوله (787) فلا يصلين أي الزائر قوله (788) أن عتبان بكسر العين قوله انها أي القصة تكون المظلمة أي توجد
[ 81 ]
الظلمة فكان تامة قوله (789) وأنا بن ثمان سنين وفي رواية أبي داود بن سبع وفيه دليل على امامة الصبي للمكلفين ومن لا يقول به يحمل الحديث على أنه كان بلا علم من النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فلا حجة فيه والله تعالى أعلم قوله (790) حتى تروني قال العلماء سبب النهي أن لا يطول عليهم القيام ولانه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه قوله نجي فعيل من المناجاة أي مناج ولعله كان أمرا
[ 82 ]
ضروريا أو فعل ذلك لبيان الجواز ويؤخذ منه أن الفصل بين الاقامة والشروع لا يضر بالصلاة والله تعالى أعلم قوله (792) إذا قام في مصلاه ذكر ظاهره قبل ان يشرع في الصلاة مكانكم أي الزموه ولعله ما أراد القيام وإنما أراد الاجتماع وعدم التفرق ولو بالقعود ينطف بضم الطاء المهملة وكسرها أي يقطر رأسه بالرفع فاعل والله تعالى أعلم قوله (793) فجعل يشق الناس أي صفوفهم اما لانه يجوز للامام ذلك أو لانه رأى فرجه فيا صف الاول كما تقدم وصفح من التصفيح بمعنى التصفيق لا يمسك عنه على بناء المفعول أي رأى التصفيق مستمرا غير منقطع فأومأ بالهمزة أي أشار بالمضي في الصلاة
[ 83 ]
مكانه ليؤتم به أي ليقتدى به بالوجه المشروع وقوله فإذا ركع الخ بيان لذلك قوله تأخرا عن الصفوف من بعدكم من الصف الثاني وغيره والخطاب لاهل الصف الاول أو من بعدكم من اتباع الصحابة والخطاب للصحابة مطلقا يتأخرون عن الصفوف المتقدمة حتى يؤخرهم الله عن رحمته أو جنته
[ 84 ]
قوله يسمعنا من الاسماع كان يسمع الناس التكبير ويعلمهم الانتقال إلى حال قوله (799) ثم قام فصلى بيني وبينه كان هذا الكلام كلام واحد منهما فقال كل أنه صلى بيني وبينه يشير به إلى صاحبه وهذا الحديث يدل على
[ 85 ]
أن الامام يقوم بحذائهما لا يتقدمهما قوله (800) يحملنا على بعير بالجزم جواب أمر مقدر أي احملهما يحملنا مثل قوله تعالى قل لعبادي الذين آمنوا يقيموا الصلاة أي قل لهم أقيموا يقيموا ووطب بفتح واو وسكون طاء هو زق يكون فيه سمن ولبن وهو جلد الجذع فما فوقه وجمعه أو طاب أي فبعثني ببعير لركوبهما ووطب من لبن للزاد وجعلني دليلا لهما في اخفاء الطريق هو مصدر أخفى كما هو المضبوط أي في طريق تخفيهما على الناس ولو جعل اسم تفضيل من الخفاء لكان له وجه ثم هذا الحديث يدل على تأخر الاثنين عن الامام وعليه عمل أهل العلم ولهم فيه أحاديث أخر أقوى من هذا وحملوا الحديث السابق على أنه لعله صلى الله تعالى عليه وسلم فعل لضيق المكان أحيانا أو على النسخ . قوله (801) أن جدته قيل صميره لاسحاق ومليكة هي أم سليم أم أنس ومليكة جدة أنس والله تعالى أعلم وقوله فأصلي لكم بالنصب على أنه جواب الامر أو بالرفع لخفاء السببية وفي بعض النسخ فلا صلى لكم بكسر اللام ونصب المضارع والفاء زائدة أي قوموا الاصلي أماما لكم أو بتقدير فذلك القيام لاصلي لكم فنضحته أي ليلين أو لدفع الشك
[ 86 ]
قوله (802) وما هو أي الذي في البيت
[ 87 ]
قوله (806) فقال لي هكذا أي فعل بي هكذا وقوله فأخذ برأسي الخ تفسير لذلك الفعل قوله يمسح مناكبنا أي ليعلم به تسوية الصف لا تختلفوا بالتقدم والتأخر في الصفوف كما يدل عليه روايات الحديث فتختلف بالنصب على أنه جواب النهي أي اختلاف الصفوف سبب لاختلاف القلوب بجعل الله تعالى كذلك ليلني بكسر لامين وخفة نون بلا ياء قبلها ويجوز اثبات الياء وتشديد النون على التأكيد والولي القرب والمراد بالبيان ترتيب القيام في الصفوف أولو الاحلام ذو والعقول الراجحة واحدها حلم بالكسر لان العقل الراجح يتسبب للحلم والاناة والتثبت في الامور والنهى بضم نون وفتح هاء وألف جمع
[ 88 ]
نهية بالضم بمعنى العقل لانه ينهى صاحبه عن القبيح ثم الذين يلونهم أي يقربون منهم في هذا الوصف قيل هم المراهقون ثم الصبيان المميزون ثم النساء فجبذني أي جرني فنحاني بتشديد الحاء أي بعدني عن الصف الاول لا يسؤك الله دعاء بأن يؤمنه تعالى من السوء أهل العقد بضم العين وفتح القاف قال في النهاية يعني أصحاب الولايات على الامصار من عقد الالوية للامراء وروى العقدة يريد البيعة المعقودة للولاة آسى بمد الهمزة آخره ألف أي ما أحزن
[ 89 ]
قوله فعدلت بتشديد الدال على بناء المفعول أي سويت قوله يقوم من التقويم أي يسوى كما يقوم القداح بكسر القاف جمع قدح بكسر قاف فسكون دال سهم قبل أن يراش وقيل مطلقا والاقرب أن يقوم على بناء المفعول من التقويم وجعله على بناء الفاعل وجعل ضميره للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم بعيد خارجا أي لتقدم لتقيمن من الاقامة بنون التوكيد والخطاب للجمع والمراد بالاقامة تسويتها واخراجها عن الاعوجاج والمعنى لا بد من أحد الامرين اما إقامة الصفوف منكم أو إيقاع الخلاف من
[ 90 ]
الله تعالى في قلوبكم فيقل المودة ويكثر التباغض والمراد بالوجوه في الحديث القلوب كما في رواية وذلك لان الاختلاف في القلوب بالتباغض والتعادي ينشأ منه الاختلاف في الوجوه بأن يدبر كل صاحبه والله تعالى أعلم قوله (811) يتخلل الصفوف أي يدخل خلالها على الصفوف المتقدمة أي على الصف المتقدم في كل مسجد أو في كل جماعة فالجمع باعتبار تعدد المساجد أو تعدد الجماعات أو المراد الصفوف المتقدمة على الصف الاخير فالصلاة من الله تعالى تشمل كل صف على حسب تقدمه الا الاخير فلا حظ له منها لفرات التقدم والله تعالى أعلم
[ 91 ]
قوله (813) اني لاراكم من خلفي الخ الظاهر أنه صلى الله تعالى عليه وسلم كان يراهم بعينه على خرق العادة فيرى بها بلا مقابلة فإن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلا عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب وإنما تلك الامور عادية يجوز حصول الادراك مع عدمها عقلا وقيل كانت له عين خلف ظهره يرى من وراءه وأنها لا يحجبها ثوب وقيل بل كانت صورهم تنطبع في حائط قبلته كما تنطبع في المرآة فيرى أمثلتهم فيشاهد أفعالهم ثم قيل هذا الكلام أعني فوالذي نفسي بيده الخ تعليل للامر أي أمرتكم بذلك لما علمت من حالكم من التقصير في ذلك بسبب اني أراكم من خلفي الخ قلت ويحتمل أنه قال ذلك تحريضا للضعفاء على التسوية بناء على اخلالهم بها بسبب الغيبة عن نظره إذ كثير من الضعفاء يهتمون في الحضور ما لا يهتمون في الغيبة ويحتمل أن بعض المنافقين كانوا لا يهتمون بأمر الصفوف فقيل لهم
[ 92 ]
ولا يخلوا بأمر الصفوف والله تعالى أعلم قوله وتراصوا أي تلاصقوا حتى لا يكون بينكم فرجة من رص البناء إذا لصق بعضه ببعض قوله (815) راصوا صفوفكم بانضمام بعضكم إلى بعض على السواء وقاربوا بينها أي اجعلوا ما بين كل صفين من الفصل قليلا بحيث يقرب بعض الصفوف إلى بعض وحاذوا بالاعناق قيل الظاهر أن الباء زائدة والمعنى اجعلوا بعض الاعناق في مقابلة بعض الحذف بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين الغنم الصغار الحجازية واحدها حذفة بالتاء قوله (816) عند ربهم أي في محل قربه وقبوله
[ 93 ]
قوله (817) يصلي على الصف الاول ثلاثا أي يدعو لهم بالرحمة ويستغفر لهم ثلاث مرات كما فعل بالمحلقين والمقصرين والظاهر أنه دعا لهم أعم من أن يكون بلفظ الصلاة أو غيره ويحتمل خصوص لفظ الصلاة أيضا والله تعالى أعلم قوله (819) وصل صفا بأن كان فيه فرجة فسدها أو نقصان فأتمه والقطع بأن يقعد بين الصفوف بلا صلاة أو منع الداخل من الدخول في الفرجات مثلا والله تعالى أعلم قوله (820) خير صفوف الرجال أي أكثرها أجرا وشرها أي أقلها أجرا
[ 94 ]
وفي النساء بالعكس وذلك لان مقاربة أنفاس الرجال للنساء يخاف منها أن تشوش المرأة على الرجل والرجل على المرأة ثم هذا التفصيل في صفوف الرجال على إطلاقه وفي صفوف النساء عند الاختلاط بالرجال كذا قيل ويمكن حمله على إطلاقه لمراعاة الستر فتأمل والله تعالى أعلم قوله فدفعونا أي الناس من الزحام نتقي هذا أي القيام بين السواري لقطع السواري الصف قوله السقيم أي المريض والضعيف جبلة أو لقرب مرض
[ 95 ]
قوله (824) في تمام أي مع تمام الاركان والركوع والسجود أي لم يكن تخفيفه يفضي إلى اختلال في الاركان قوله فأوجز أي أخفف في القراءة وغيرها كراهية أن أشق بالتطويل على أمه على تقدير حضورها الجماعة ويحتمل أن هذا إذا كان عالما بحضور الام فإنها إذا سمعت بكاء الولد وهي في الصلاة يشتد عليها التطويل وربما يؤخذ منه أن الامام يجوز له مراعاة من دخل المسجد بالتطويل ليدرك الركعة كما له أن يخفف لاجلهم ولا يسمى مثله رياء بل هو إعانة على الخير وتخليص عن الشر والله تعالى أعلم قوله (826) ويؤمنا بالصافات لرغبة المقتدين به في سماع قراءته وقوتهم على التطويل بحيث يكون هذا بالنظر إليهم تخفيفا فرجع الامر إلى أنه ينبغي له
[ 96 ]
أن يراعي حالهم قوله (827) حامل أمامة بضم الهمزة وقد سبق الحديث قوله (828) ألا يخشى أي فاعل هذا الفعل حقيق بهذه العقوبة فحقه أن يخشى هذه العقوبة ولا يحسن منه ترك الخشية ولافادة هذا المعنى أدخل حرف الاستفهام للانكار على عدم الخشية وليس فيه دلالة على أن من يفعل ذلك تلحق به هذه العقوبة قطعا والله تعالى أعلم قوله وكان أي البراء غير كذوب أي حتى يتوهم منه أنه كذب في تبليغ الاحكام الشرعية وفيه أن الكذب في الاحكام لا يتأتى عادة الا من كذوب يبالغ في الكذب والمقصود التوثق بما حدث ثم سجدوا أي فحق المقتدى أن يتأخر عن امامه في الافعال لا أن يقارنه وأيضا المقارنة قد تؤدي إلى تقدم المقتدى على الامام وذلك بالاتفاق منهى عنه قوله (830) أقرت الصلاة
[ 97 ]
بالبر والزكاة وروى قرت أي استقرت معها وقرنت بها أي هي مقرونة بالبر وهو الصدق وجماع الخير ومقرونة بالزكاة في القرآن مذكورة معها وقيل أي قرنت بهما وصار الجميع مأمورا به فأرم القوم روى بالزاي المعجمة وتخفيف الميم أي أمسكوا عن الكلام والرواية المشهورة بالراء وتشديد الميم أي سكتوا ولم يجيبوا وقد خشيت أي خفت أن تبكعني بفتح مثناة وسكون موحدة أي توبخني بهذه الكلمة وتستقبلني بالمكروه وسنتنا أي ما يليق بنا من السنة وما ينبغي لنا من الطريق يجبكم جواب الامر أي يستجب لكم يسمع الله بالجزم جواب أي يستجب لكم فتلك بتلك أي فزيادة امامكم أولا في السجود منجبرة بزيادتكم عليه في السجود آخرا فيصير سجودكم كسجود الامام أو زيادتكم آخرا في السجود
[ 98 ]
في مقابلة زيادة امامكم عليكم السجود أولا والله تعالى أعلم قوله (831) عملت على ناضح لي من النهار الناضح من الابل الذي يستقى عليه يريد أنه صاحب عمل شديد في النهار ومن كان كذلك لا يطيق القيام الطويل بالليل أفتان كعلام مبالغة الفاتن أي أقاصد أن توقع الناس في الفتنة والمشقة على وجه الكمال يعني أن هذا العمل لا يفعله الا من يقصد الفتنة بالناس قوله (832) الله تعالى فصرع عنه على بناء المفعول أي سقط عن ظهرها فجحش بتقديم الجيم على الحاء المهملة على بناء المفعول قشر وخدش جلده فصلينا
[ 99 ]
وراءه قعودا بعد أن قاموا فأشار لهم بالقعود فصلوا جلوسا أجمعون بالرفع على أنه تأكيد لضمير الفاعل في قوله صلوا وروى أجمعين بالنصب قل السيوطي في حاشية أبي داود نصبه على الحال وبه يعرف أن رواية أجمعون بالرفع على التأكيد من تغيير الرواة لان شرطه في العربية تقدم التأكيد بكل اه قلت وهذا الشرط فيما يظهر ضعيف وقد جوز غير واحد خلاف ذلك فالوجه جواز الرفع على التأكيد وقال البدر الدماميني نصب على الحال أي مجتمعين أو على أنه تأكيد لجلوسا وكلاهما لا يقول به البصريون لان ألفاظ التأكيد معارف قلت ذلك ان سلم فما دام تأكيدا وإذا جعل حالا يكون بمعنى مجتمعين فلا تعريف فليتأمل فالوجه صحة الوجهين أعني الرفع والنصب وقد جاءت الرواية بهما ثم ظاهر الحديث وجوب الجلوس إذا جلس الامام وأكثر الفقهاء على خلافة وادعوا نسخة بحديث مرضه صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه وقالوا قد أم الناس فيه جالسا والناس كانوا وراءه قياما وهو آخر الامرين ولذلك عقب المصنف هذا الحديث بحديث المرض والله تعالى أعلم قوله يؤذنه من الايذان بمعنى الاعلام أسيف كحزين لفظا ومعنى متى يقوم هكذا بالرفع بثبوت الواو في بعض النسخ وفي بعضها يقم بالجزم وحذف الواو وهو الاظهر لكون متى من أدوات الشرط الجازمة للمضارع ووجه الرفع أنها أهملت حملا على إذا كما تعمل إذا حملا على متى لا يسمع من الاسماع أو السماع والاول أظهر وأشهر فلو أمرت عمر كلمة لو للتمني أو للشرط والجواب مقدر أي لكان أولى صواحبات يوسف أي مثلهن في كثرة الالحاح
[ 100 ]
فلما دخل في الصلاة وجد أي فلما دخل في أن يصلي بالناس أي في منصب الامامة وتقرر إماما لهم واستمر على ذلك أياما وجد النبي صلى الله تعالى عليه وسلم من نفسه خفة في بعض تلك الايام أو لما دخل في الصلاة في بعض تلك الايام وجد صلى الله تعالى عليه وسلم من نفسه خفة وليس المراد أنه حين دخل في تلك الصلاة التي جرى في شأنها الكلام وجد في أثنائها خفة من نفسه فلا ينافي هذه الرواية الروايات الآخر لهذا الحديث يهادي على بناء المفعول أي يمشي بينهما معتمدا عليهما في المشي تخطان لانه لا يقدر على فعلهما لضعفه حسه بكسر الحاء وتشديد السين أي نفسه المدرك بحس السمع فذهب أي أراد وقصد فأومأ بهمزة في آخره أي أشار أن قم كما أنت قائم أي كن قائما مثل قيامك والمراد ابق على ما أنت عليه من القيام وأن تفسيريه لما في الايماء من معنى القول حتى قام عن يسار أبي بكر جالسا أي ثبت عن يساره جالسا والناس يقتدون بصلاة أبي بكر من حيث أنه كان يسمع الناس تكبيره صلى الله تعالى عليه وسلم واستدل الجمهور بهذا الحديث على نسخ حديث إذا صلى جالسا فصلوا جلوسا لكن قد جاء عن عائشة وأنس أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم صلى خلف أبي بكر في مرضه الذي مات فيه رواه الترمذي وصححه وروى بن خزيمة في صحيحه وابن عبد البر عن عائشة قالت من الناس من يقول كان أبو بكر المقدم بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في الصف ومنهم من يقول كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم المقدم وهذا يفيد الاضطراب في هذه الواقعة ولعل سبب ذلك عظم المصيبة فعلى هذا فالحكم بنسخ ذلك الحكم الثابت بهذه الواقعة المضطربة لا يخلو عن خفاء والله تعالى أعلم
[ 101 ]
قوله ألا بتخفيف اللام للعرض والاستفتاح لما ثقل بضم القاف أي اشتد مرضه فقال الفاء زائدة إذ الفاء لا تدخل على جواب لما أصلي الهمزة للاستفهام دعوا أي اتركوا لي في المخضب بكسر ميم وسكون خاء وفتح ضاد معجمتين ثم الموحدة المركن لينوء بنون مضموم ثم واو ثم همزة أي ليقوم بمشقة عكوف مجتمعون يا عمر صل بالناس كأن أبا بكر رضي الله عنه رأى أن أمره بذلك كان تكريما منه له والمقصود أداء الصلاة بإمام لا تعيين أنه الامام ولم يدر ما جرى بينه صلى الله تعالى عليه وسلم وبين بعض
[ 102 ]
أزواجه في ذلك والا لما كان له تفويض الامامة إلى عمر وأمرهما أي الرجلين اللذين معه أعرض من العرض أسمت من التسمية أي أذكرت لك اسمه قوله اختلاف نية الامام والمأموم يريد اقتداء المفترض بالمتنفل قوله يؤمهم ظاهر ترجمة المصنف أن الاختلاف مطلقا حاصل على الوجهين فليتأمل أصحاب نواضح هي الابل التي يستقى عليها يريد أنهم أصحاب عمل فدلالة هذا الحديث
[ 103 ]
على جواز اقتداء المفترض بالمتنفل واضحة والجواب عنه مشكل جدا وأجابوا بما لا يتم وقد بسطت الكلام فيه في حاشية بن الهمام قوله (837) صلاة الجماعة أي صلاة كل واحد من الجماعة والفذ المنفرد وقد تقدم الحديث مع بيان التوفيق بين رواياته
[ 104 ]
قوله أشهد بهمزة الاستفهام ان هاتين أي العشاء والصبح والاشارة إليهما لحضور الصبح واتصال العشاء بها مما تقدم
[ 105 ]
على مثل صف الملائكة أي على أجر أو فضل هو مثل أجر صف الملائكة أو فضله وظاهره أن الملائكة أكثر أجرا وفضلا من بني آدم فليتأمل لابتدرتموه أي سبق كل منكم على آخر لتحصيله أزكى أي أكثر أجرا وأخذ منه المصنف الترجمة قوله وما كانوا أكثر أي قدر كانوا أكثر فذلك القدر أحب مما دونه قوله (844) فصففنا خلفه وكانوا جماعة فعلم منه جواز
[ 106 ]
النافلة بجماعة قوله (846) لو عرست من التعريس وهو النزول آخر الليل وجواب لو محذوف أي لكان أحسن أو هي للتمني ما ألقيت على بناء المفعول على بالتشديد نومة نائب الفاعل مثلها أي مثل النومة التي ألقيت اليوم والاضمار بقرينة الحضور فآذن من الايذان بمعنى الاعلام إذا التأذين لا يتعدى إلى المفعول وقوله فأذن من التأذين قوله (847) استحوذ عليهم أي استولى عليهم وحولهم
[ 107 ]
إليه القاصية أي الشاة المنفردة عن الطقيع البعيدة منه قيل المراد أن الشيطان يتسلط على من يخرج عن عقيدة أهل السنة والجماعة والاوفق بالحديث أن المنفرد ما ذكره السائب أي يتسلط على من يعتاد الصلاة بالانفراد ولا يصلي مع الجماعة والله تعالى أعلم قوله هممت أي قصدت فيحطب أي فيجمع ثم آمر بالصلاة ليظهر من حضر ممن لم يحضر ثم أخالف إلى رجال أي آتيهم من خلفهم أو أخالف ما أظهرت من إقامة الصلاة ذاهبا إلى رجال لآخذهم على غفلة فأحرق من التحريق أو الاحراق أو مرماتين بكسر الميم الاولى أو فتحها قيل المرماة ظلف الشاة وقيل سهم صغير يتعلم
[ 108 ]
به الرمي وهو أحقر السهام وأرذلها أي لو دعى إلى أن يعطى سهمين من هذه السهام لاسرع الاجابة وقيل غير ذلك والمقصود أن أحد هؤلاء المتخلفين عن الجماعة لو علم أنه يدرك الشئ الحقير من متاع الدنيا لبادر إلى حضور الجماعة لاجله ايثارا للدنيا على ما أعده الله تعالى من الثواب على حضور الجماعة وهذه الصفة لا تليق بغير المنافقين والله تعالى أعلم قوله (849) حيث ينادي بهن أي في المساجد مع الجماعات وأنهن من سنن الهدى أي طرقها ولم يرد السنة المتعارفة بين الفقهاء ويحتمل أنه أراد تلك
[ 109 ]
السنة بالنظر إلى الجماعة لضللتم وفي رواية أبي داود لكفرتم وهو على التغليظ أو على الترك تهاونا وقلة مبالاة وعدم اعتقادها حقا أو لفعلتم فعل الكفرة وقال الخطابي أنه يؤدي إلى الكفر بأن تتركوا شيئا فشيئا حتى تخرجوا عن المسألة نعوذ بالله منه نقارب بين الخطا أي تحصيلا لفضلها وينبغي أن يكون اختيار أبعد الطرق مثله لكن لا يخفى أن فضل الخطا لاجل الحضور في المسجد والصلاة فيه والانتظار لها فيه فينبغي أن يكون نفس الحضور خير منه فليتأمل والله تعالى أعلم يهادي على بناء المفعول أي يؤخذ من جانبيه يتمشى به إلى المسجد من ضعفه وتمايله قوله (850) فلما ولى أي أدبر فأجب أمر من الاجابة أي أجب النداء وأتبعه بالفعل ظاهره وجوب الجماعة لا بمعنى أنها واجبة
[ 110 ]
في الصلاة حتى تبطل الصلاة بدونها بل بمعنى أنها واجبة على المصلى يأثم بتركها قال النووي أجاب الجمهور عنه بأنه سأل هل له رخصة في ترك الجماعة مع إدراك فضلها وقد علم أن حضور الجماعة يسقط بالعذر إجماعا وأما كونه رخص أولا ثم منع فبوحي جديد نزل في الحال أو لتغيير اجتهاد أن جوز الاجتهاد للانبياء كقول الاكثر ويحتمل أنه رخص أولا بمعنى أنه لا يجب عليك الحضور ثم أمره بالاجابة ندبا قوله (851) فحى هلا بالتنوين وجاء بالالف بلا تنوين وسكون اللام وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة فحي بمعنى أقبل وهلا بمعنى أسرع وجمع بينهما للمبالغة والله تعالى أعلم قوله (852) فذهب لحاجته وأمر غيره أن
[ 111 ]
يؤم بهم واعتذر إليهم بالحديث قوله (853) إذا حضر العشاء بفتح العين في الموضعين طعام آخر النهار ويفهم منه أن تقديم الطعام إذا حضر عنده لا إذا وجده مطبوخا فقط وقيدوا بما إذا تعلق به نفسه وله حاجة إليه والا يقدم الصلاة والله تعالى أعلم قوله (855) كتب الله له مثل أجر من حضرها ظاهره أن أدراك فضل الجماعة يتوقف على أن يسعى لها بوجهه ولا يقصر في ذلك سواء أدركها أم لا فمن أدرك جزأ منها ولو في التشهد فهو مدرك بالاولى وليس الفضل والاجر مما يعرف بالاجتهاد فلا عبرة بقول
[ 112 ]
من يخالف قوله الحديث في هذا الباب أصلا قوله فقام رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ثم رجع ظاهره أن المجلس كان في غير المسجد وعلى هذا ينبغي ان سمع الاذان يعيد الصلاة ويحتمل أن المراد فقام أي إلى الصلاة ثم رجع أي فرغ عنها والاقرب أن موضع المجلس من المسجد كان غير موضع الصلاة وعلى هذا فالمجلس كان في المسجد وهو الاظهر الاوفق بالروايات والله تعالى أعلم وقوله إذا جئت على الاول معناه أي جئت إلى محل ما سمعت فيه النداء وعلى الثاني ظاهر فصل مع الناس
[ 113 ]
أي ادراكا لفضل الجماعة قوله (858) في مسجد الخيف أي مسجد مني وحجة الوداع فلا يمكن أن يتوهم نسخ هذا الحكم ترعد تضطرب وترجف وهو على بناء المفعول من الارعاد فرائصهما جمع فريصة وهي لحمة ترتعد عند الفزع والكلام كناية عن الفزع فصليا معهم هذا تصريح في عموم الحكم في أوقات الكراهة أيضا ومانع عن تخصيص الحكم بغير أوقات الكراهة لاتفاقهم على أنه لا يصح استثناء المورد من العموم والمورد صلاة الفجر فإنها أي التي صليتما مع الامام أو التي صليتما في الرحل وقد قال بكل طائفة والاحاديث مختلفة ولذلك قال جماعة الامر في ذلك إلى الله ما شاء منهما يجعل فرضا يجعله فرضا والآخر نفلا والله تعالى أعلم قوله (859) يؤخرون الصلاة عن وقتها ظاهره الاخراج عن
[ 114 ]
الوقت وعليه حمله المصنف وقيل المراد الاخراج عن الوقت المندوب قوله (860) على البلاط هو موضع معروف بالمدينة يصلون أي على البلاط لا في المسجد وابن عمر قد صلى قبلهم في المسجد هذا على ما فهمه المصنف من أن الحديث يدل عليه الترجمة لا تعاد الصلاة في يوم مرتين ظرف لما يفهم من الكلام أي فلا تصلى مرتين لا لتعاد والا لجاز الاعادة مرة وهذا لا يناسب المقام وقد جاء في رواية أبي داود لا تصلوا مرتين قال البيهقي ان صح هذا الحديث يحمل على ما إذا صلاها مع الامام فلا يعيد قلت والى هذا التأويل أشار المصنف في الترجمة بل زاد عليه أن تكون الصلاة مع الامام في المسجد قال البيهقي وفي رواية لا تصلوا مكتوبة في يوم مرتين فالمراد أي كلتاهما على وجه الفرض ويرجع ذلك إلى أن الامر بالاعادة اختيار وليس بحتم عليه وعند كثير من العلماء إذا صلى مع الامام وقد صلى قبل ذلك في البيت ينوي مع الامام نافة فلا اشكال عليهم هنالك نعم يلزم عليهم الاشكال فيما قالوا فيه بالاعادة كالمغرب بمزدلفة فإنه إذا صلاها في الطريق يعيدها بمزدلفة فتأمل وقال الخطابي وقوله لا تعاد الخ أي إذا لم تكن عن سبب كالرجل يدرك الجماعة وهم يصلون فيصلى معهم ليدرك فضيلة الجماعة توفيقا بين الاحاديث ورفعا للاختلاف بينها قوله (861) إذا أتيتم الصلاة أي خرجتم إليها وأردتم حضورها وليس المراد ظاهره لانه لا يناسب قوله فلا تأتوها وأنتم تسعون والمراد بالسعي الاسراع البليغ وقد يطلق
[ 115 ]
على مطلق المشي كما في قوله تعالى فاسعوا إلى ذكر الله فلا تنافي بين الآية والحديث في الذهاب إلى الجمعة تمشون المشي وان كان يعم السعي لكن التقييد بقوله عليكم السكينة خصه بغيره ولولا التقييد صريحا لكفى المقابلة في افادته قوله ينحدر أي ينزل يسرع من الاسراع ويحمل على ما دون السعي كما أشار إليه المصنف رحمه الله تعالى في الترجمة أف لك خطاب للساعي بعد موته استحضارا لصورته حين مر بقبره أو لعله كشف عنه فرآه وخاطبه فكبر ذلك في ذرعي الذرع الوسع والطاقة والمراد فعظم وقعه وجل عندي وفي رواية فكسر ذلك من ذرعي أي ثبطني عما أردته والحاصل أنه ظن أن الخطاب معه فثقل عليه أحدثت من الاحداث وهو استفهام وقوله ما ذاك أي أي استفهام هذا وأي شئ يقتضيه أففت من التأفيف أي قلت لي أف لك ومقتضاه أني فعلت شيئا يقتضى التأفيف فغل بمعنى الخيانة فدرع بضم دال مهملة وكسر راء مشددة أي ألبس عوضها درعا من نار
[ 116 ]
قوله المهجر أي المبادر إلى الصلاة قبل الناس يهدي من الاهداء أو المراد به التصدق بها تقربا إلى الله تعالى وقيل الاهداء إلى الكعبة لكن لا يناسبه الدجاجة والبيضة إذ اهداؤهما إلى الكعبة غير معهود البدنة بفتحتين والدجاجة بفتح الدال وكسرها وضمها وقيل بالفتح للحيوان وبالكسر للناس أي جعل اسما للناس قوله (865) فلا صلاة نفي بمعنى النهي مثل
[ 117 ]
قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج فلا ينبغي الاشتغال لمن حضر الاقامة الا بالمكتوبة ثم النهي متوجه إلى الشروع في غير تلك المكتوبة لمن عليه تلك المكتوبة وأما إتمام المشروعة قبل الاقامة فضروري لا اختياري فلا يشمله النهي وكذ الشروع خلف الامام في النافلة لمن أدى المكتوبة قبل ذلك فلا ينافي الحديث ما سبق من الاذن في الشروع في النافلة خلف الامام لمن أدى الفرض والله تعالى أعلم قوله يصلي أي يشرع فيها فقال أتصلي أي وهو تغير للمشروع قاله على وجه الانكار ولا يخفى أن مورده سنة الفجر فلا وجه للقول بأنها مستثناة والحديث في غيرها قوله (868) أيهما صلاتك أي التي جئت لاجلها إلى المسجد وقصد أدائها فيه فان كانت تلك الصلاة هي الفرض فهل العاقل يؤخر مقصوده إذا وجد ويقدم عليه غيره وان كانت هي السنة فذاك عكس المعقول إذ البيت أولى من المسجد في حق السنة وأيضا السنة للفرض فكيف تقصد هي دونه والمقصود الزجر واللوم
[ 118 ]
على ما فعل قوله (870) ويستأخر بعضهم ولعلهم المنافقون أو الجهلة من الاعراب والله تعالى أعلم ودلالة الحديث على انفراد ذلك البعض غير ظاهرة قوله (871) زادك الله حرصا أي أن منشأ هذا الفعل هو الحرص على العبادة وادراك فضل الامام والحرص على الخير مطلوب محبوب لكن لا تعد إلى مثل هذا الفعل لاجله لان الحرص لا يستعمل على وجه يخالف الشرع وإنما المحمود أن يأتي به على وفق الشرع
[ 119 ]
وقوله لا تعد فهي من العود والظاهر أن المراد لا تعد إلى أن تركع دون الصف ثم تلحقه لكون الخطوة والخطوتين وان لم تفسد الصلاة لكن التحرز عنها أولى وقيل لا تعد إلى أن تسعى إلى الصلاة سعيا بحيث يضيق عليك النفس والله تعالى أعلم قوله (872) ألا تحسن من التحسين أو الاحسان كيف يصلي لنفسه أي أن الصلاة له تنفعه فينبغي للعاقل أن يراعيها من ورائي تحتمل أنها جارة أو موصولة ولا دلالة للحديث على الركوع دون الصف والله تعالى أعلم قوله (873) قبل الظهر ركعتين قد جاء قبل الظهر ركعتان
[ 120 ]
وأربع ركعات ولا أختلاف لجواز أنه فعل أحيانا هذا وأحيانا ذاك نعم الحديث القولي يؤيد الاخذ بالاربع ويرجحه وهو حديث من ثابر على اثنتي عشرة ركعة ولذلك أخذ به علماؤنا والله تعالى أعلم قوله (874) من ههنا أي من المشرق وأشار ثانيا إلى المغرب أي إذا كانت الشمس في جهة المشرق كما كانت في جهة المغرب وقت العصر والمراد أنه يصلي وقت الضحى ركعتين وقبيل الزوال أربعا وتسمى هذه الصلاة صلاة الاوابين بتسليم على الملائكة يريد التشهد كما قاله إسحاق بن إبراهيم ذكره الترمذي وسمى تسليما لما فيه من قول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وهذا هو الظاهر ويؤيده الرواية الثانية بجعل التسليم في آخره بحمل ذلك التسليم على تسليم الخروج والله تعالى أعلم
[ 121 ]
كتاب الافتتاح قوله إذا افتتح التكبير في الصلاة لعل المعنى إذا ابتدأ في الصلاة بالتكبير فنصب التكبير بنزع الخافض والحديث يدل على الجمع بين التسميع والتحميد وعلى رفع اليدين عند الركوع وعند رفع الرأس منه ومن لا يقول به يراه منسوخا بما لا يدل عليه فإن عدم الرفع أحيانا ان ثبت لا يدل على عدم استنان الرفع إذ شأن السنة تركها أحيانا ويجوز استنان الامرين جميعا فلا وجه لدعوى النسخ والقول بالكراهة والله تعالى أعلم رفع اليدين إلى قوله ثم يكبر هذا صريح في تقديم الرفع على التكبير فالاوجه الاخذ به
[ 122 ]
وحمل ما يحتمله وغيره عليه والله تعالى أعلم قوله حاذتا أذنيه لا تناقض بين الافعال المختلفة لجواز وقوع الكل في أوقات متعددة فيكون الكل سنة الا إذا دل الدليل على نسخ البعض فلا منافاة بين الرفع إلى المكبين أو إلى شحمة الاذنين أو إلى فروع الاذنين أي أعاليهما وقد ذكر العلماء في التوفيق بسطا لا حاجة إليه لكون التوفيق فرع التعارض ولا يظهر التعارض أصلا قوله يرفع بها صوته وقد جاء
[ 123 ]
في بعض الروايات يخفض بها صوته لكن أهل الحديث يرونه وهما وان رجحه بعض الفقهاء والله تعالى اعلم قوله حيال أذنيه بكسر الحاء وتخفيف المثناة التحتية ولام أي تلقاءهما ثم مالك بن الحويرث ووائل بن حجر ممن صلى مع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم آخر عمره فروايتهما الرفع عند الركوع والرفع منه دليل على بقائه وبطلان دعوى نسخه كيف وقد روى مالك هذا جلسة الاستراحة فحملوها على أنها كانت في آخر عمره في سن الكبر فهي ليس مما فعلها النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قصدا فلا يكون سنة وهذا يقتضي أن يكون الرفع الذي رواه ثابتا لا منسوخا لكونه في آخر عمره عندهم فالقول بأنه منسوخ قريب من التناقض وقد قال صلى الله تعالى عليه وسلم لمالك هذا وأصحابه صلوا كما رأيتموني أصلي والله تعالى أعلم قوله فروع أذنيه أعاليهما وفرع كل شئ أعلاه
[ 124 ]
قوله مدا أي رفعا بليغا أو رفعا وهو مصدر من غير لفظ الفعل كقعدت جلوسا الا أنه على الاول للنوع وعلى الثاني للتأكيد هنيهة بضم هاء وفتح نون وسكون ياء أي زمانا يسيرا والمراد السكوت قبل القراءة أو بعد الفاتحة والحديث يدل على أن الناس تركوا بعض السنن وقت الصحابة فينبغي الاعتماد على الاحاديث والله تعالى أعلم
[ 125 ]
قوله (885) الله أكبر كبيرا أي كبرت كبيرا ويجوز أن يكون حالا مؤكدة أو مصدرا بتقدير تكبيرا كبيرا كثيرا أي حمدا كثيرا ابتدرها اثنا عشر أي يريد كل منها أن يسبق على غيره في رفعها إلى محل العرض أو القبول
[ 126 ]
قوله قبض بيمينه الخ الاحاديث الدالة على أن السنة هي الوضع دون الارسال كثيرة شهيرة قوله (889) قلت لانظرن أي قلت في نفسي وعزمت على النظر والتأمل في صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم والرسغ وهو مفصل بين الكف والساعد والمراد أنه وضع بحيث صار وسط كفه اليمنى على الرسغ ويلزم منه أن يكون بعضها على الكف اليسرى والبعض على الساعد على فخذه وركبته أي وضع بحيث صار بعضها على الفخذ
[ 127 ]
وبعضها على الركبة حد مرفقه أي غاية المرفق على فخذه أي مستعليا على الفخذ مرتفعا عنه ثم قبض اثنتين أي الخنصر والبنصر وحلق حلقه أي جعل الابهام والوسطى حلقة ثم رفع أصبعه أي المسبحة وقد أخذ به الجمهور وأبو حنيفة وصاحباه كما نص عليه محمد في موطئه وغيره الا أن بعض مشايخ المذهب أنكره ولكن أهل التحقيق من علماء المذهب نصوا على أن قولهم مخالف للرواية والدراية فلا عبرة به وأما تحريك الاصبع فقد جاء في بعض الروايات فأخذ به قوم الا أن الجمهور ما أخذ به لخلو غالب الروايات عنه والله تعالى أعلم قوله مختصرا اسم فاعل من الاختصار هو وضع اليد على الخاصرة وقيل هو أن يمسك بيده مخصرة أي عصا يتوكأ عليها وقيل هو أن يختصر السورة فيقرأ من آخرها آية أو آيتين وقيل هو أن لا يتم قيامها وركوعها وسجودها قوله (891) ضربة بيده بالنصب مفعول قال على أنه بمعنى فعل أن هذا الصلب
[ 128 ]
بالرفع على أنه خبر أن أو النصب على أنه صفة هذا والخبر محذوف أي رابني منك والمراد أنه شبه الصلب لان المصلوب يمد يده على الجذع وهيئة الصلب في الصلاة أن يضع يديه على خاصرتيه ويجافي بين عضديه في القيام قوله (892) رضي الله تعالى عنهما قد صف بين قدميه كان المراد قد وصل بينهما ولو راوح بينهما أي اعتمد على إحداهما
[ 129 ]
مرة وعلى الاخرى مرة ليوصل الراحة إلى كل منهما قوله وأنا من المسلمين كأنه كان يقول أحيانا كذلك لارشاد الامة إلى ذلك ولاقتدائهم به فيه والا فاللائق به صلى الله تعالى عليه وسلم وأنا أول المسلمين كما جاء في كثير من الروايات والله تعالى أعلم
[ 130 ]
قوله (897) ظلمت نفسي إظهار للعبودية وتعظيم للربوبية والا فهو مع عصمته مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لو كان هناك ذنب وقيل بل المغفرة في حقه مشروطة بالاستغفار والاقرب أن الاستغفار له زيادة خير والمغفرة حاصلة بدون ذلك لو كان هناك ذنب وفيه إرشاد للامة إلى الاستغفار ومعنى والشر ليس إليك أن الشر ليس قربا إليك ولا يتقرب به وقيل انه لا ينسب إليك بانفراده فلا يقال خالق الشر
[ 131 ]
أنا بك وإليك أي وجودي بايجادك ورجوعي إليك أوبك أعتمد وإليك ألتجئ تباركت أي تزايد خيرك وكثر قوله وبحمدك قيل الواو للحال والتقدير ونحن ملتبسون بحمدك وقيل زائدة والجار والمجرور حالة ملتبسين بحمدك
[ 132 ]
(899) وتعالى جدك في النهاية أي علا جلالك وعظمتك قوله (901) وقد حفزه النفس بفتح الحاء المهملة والفاء والزاي المعجمة والنفس بفتحتين أي جهده من شدة السعي إلى الصلاة وأصل الحفز الدفع العنيف وفي النهاية الحفز الحث والاعجال
[ 133 ]
فأرم القوم بفتح راء مهملة وتشديد ميم أي سكتوا ويحتمل اعجام الزاي وتخفيف الميم أي أمسكوا عن الكلام والاول أشهر رواية أي سكت القائل خوفا من الناس يبتدرونها أي كل منهم يريد أن يسبق على غيره في رفعها إلى محل العرض أو القبول وجملة أيهم يرفعها حال أي قاصدين ظهور أيهم يرفعها والله تعالى أعلم قوله (902) يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين أشار بالترجمة إلى أن المراد بالحمد لله الخ ليس هذا اللفظ بل تمام السورة على الوجه الذي يقرأ فكأنه قال يستفتحون القراءة بالفاتحة فدخل فيه البسملة ان قلنا انها جزء من السورة لكن قراءة السورة يبدأ بها شرعا تبركا فلا دليل في الحديث لمن يقول لا يقرأ البسملة أصلا نعم بقي البحث أنها تقرأ سرا أو جهرا وسيعرف حقيقته والله تعالى أعلم قوله
[ 134 ]
(904) إذ أغفى الاغفاء بالغين المعجمة النوم القليل في المجمع الاغفاء السنة وهي حالة الوحي غالبا ويحتمل أن يريد به الاعراض عما كان فيه آنفا بالمد أي قريبا (907) بسم الله الرحمن الرحيم انا أعطيناك الكوثر أراد أن ظاهر هذا الحديث أن البسملة جزء من السورة لانه بين السورة بمجموع البسملة وما بعدها ويحتمل أنها خارجة وبدأ السورة بها تبركا وعلى التقديرين ينبغي بداءة السورة بها وقراءتها معها نعم لا يلزم منه الجهر بها فيختلج على بناء المفعول أي يجتذب ويقتطع قوله (905) صليت وراء أبي هريرة
[ 135 ]
فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم يدل على أن البسملة تقرأ في أول الفاتحة ولا يدل على الجهر بها وآخر الحديث يدل على رفع هذا العمل إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والله تعالى أعلم قوله (906) فلم يسمعنا من الاسماع وقوله فلم نسمعها بصيغة المتكلم مع الغير من السماع وهذه الاحاديث صريحة في ترك الجهر بها والله تعالى أعلم قوله (909) فهي خداج بكسر الخاء المعجمة أي غير تامة فقوله غير تمام تفسير له
[ 136 ]
وهذا ليس بنص في افتراض الفاتحة بل يحتمل الافتراض وعدمه وكأنه لذلك عدل عنه أبو هريرة إلى حديث قسمت الصلاة في الاستدلال على الافتراض وقوله في نفسك أي سرا ووجه الاستدلال هو أن قسمة الفاتحة جعلت قسمة للصلاة واعتبرت الصلاة مقسومة باعتبارها ولا يظهر ذلك الا عند لزوم الفاتحة فيها ثم لا يخفى ما في الحديث من الدلالة على خروج البسملة من الفاتحة وأخذ منه المصنف أنها لا تقرأ وهو بعيد لجواز أن لا تكون جزءا من الفاتحة ويرد الشروع بالقراءة بها مع الفاتحة تبركا فمن أين جاء أنها لا تقرأ فالحق أن مقتضى الادلة أنها تقرأ سرا لا جهرا كما هو مذهب علمائنا الحنفية وكونها لا تقرأ أصلا كمذهب مالك أو تقرأ جهرا كمذهب الشافعي لا تساعده الادلة ولعل مراد المصنف الاستدلال على عدم لزوم قراءتها والله تعالى أعلم
[ 137 ]
قوله (910) لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ليس معناه لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب في عمره قط أو لمن لم يقرأ في شئ من الصلوات قط حتى لا يقال لازم الاول افتراض الفاتحة في عمره مرة ولو خارج الصلاة ولازم الثاني افتراضها مرة في صلاة من الصلوات فلا يلزم منه الافتراض لكل صلاة وكذا ليس معناه لا صلاة لمن ترك الفاتحة ولو في بعض الصلوات إذ لازمة أنه بترك الفاتحة في بعض الصلوات تفسد الصلوات كلها ما ترك فيها وما لم يترك فهيا إذ كلمة لا لنفي الجنس ولا قائل به بل معناه لا صلاة لمن لم يقرأ بالفاتحة من الصلوات التي لم يقرأ فيها فهذا عموم محمول على الخصوص بشهادة العقل وهذا الخصوص هو الظاهر المتبادر إلى الافهام من مثل هذا العموم وهذا الخصوص لا يضر بعموم النفي للجنس لشمول النفي بعد لكل صلاة ترك فيها الفاتحة وهذا يكفي في عموم النفي ثم قد قرروا أن النفي لا يعقل الا مع نسبة بين أمرين فيقتضي نفي الجنس أمرا مستندا إلى الجنس ليتعقل النفي مع نسبته فإن كان ذلك الامر مذكروا في الاكلام فذاك والا يقدر من الامور العامة كالكون والوجود أما الكمال فقد حقق المحقق الكمال ضعفه لانه مخالف للقاعدة لا يصار إليه الا بدليل والوجود في كلام الشارع يحمل على الوجود الشرعي دون الحسي فمفاد الحديث نفي الوجود الشرعي للصلاة التي لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب وهو
[ 138 ]
عين نفي الصحة وما قال أصحابنا أنه من حديث الآحاد وهو ظني لا يفيد العلم وإنما يوجب العمل فلا يلزم منه الافتراض ففيه أنه يكفي في المطلوب أنه يوجب العمل ضرورة أنه يوجب العمل بمدلوله لا بشئ آخر ومدلوله عدم صحة صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فوجوب العمل به يوجب القول بفساد تلك الصلاة وهو المطلوب فالحق أن الحديث يفيد بطلان الصلاة إذا لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب نعم يمكن أن يقال قراءة الامام قراءة المقتدى كما ورد به بعض الاحاديث فلا يلزم بطلان صلاة المقتدى إذا ترك الفاتحة وقرأها الامام بقي أن الحديث يوجب قراءة الفاتحة في تمام الصلاة لا في كل ركعة لكن إذا ضم إليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم وافعل في صلاتك كلها للاعرابي المسئ صلاته يلزم افتراضها في كل ركعة ولذلك عقب هذا الحديث بحديث الاعرابي في صحيح البخاري فلله دره ما أدقه والله تعالى أعلم قوله فصاعدا ظاهره وجوب ما زاد على الفاتحة بمعنى بطلان الصلاة بدونه وقد اتفقوا أو غالبهم على عدم الوجوب بهذا المعنى فلعلهم يحملونه على معنى فما كان صاعدا فهو أحسن والله تعالى أعلم نقيضا صوتا كصوت الباب إذا فتح أبشر من الابشار أوتيتهما على بناء المفعول وكذا لم يؤتهما حرفا
[ 139 ]
منهما أي مما فيه من الدعاء الا أعطيته أي أعطيت مقتضاه والمرجو أن هذا لا يختص به بل يعمه وأمته صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (913) ألم يقل الله الخ مطلق الامر وان كان لا يفيد الفور لكن الامر ههنا مقيد بقوله إذا دعاكم أي الرسول فيلزم الاستجابة وقت الدعاء بلا تأخير وضمير دعاكم للرسول وذكر الله للتنبيه على أن دعاءه دعاء الله واستجابته له تعالى لا يلزم من وجوب استجابته في الصلاة بقاء الصلاة وإنما لازمه رفع اثم الفساد قولك بالنصب أي أذكره والقرآن العظيم عطف على السبع المثاني وإطلاق اسم القرآن على بعضه شائع قوله وهي مقسومة الخ أي وقال تعالى
[ 140 ]
هي مقسومة الخ قوله الطول بضم الطاء وفتح واو جمع الطولي الستة معلومة والسابعة هي سورة التوبة وقيل غيرها والله تعالى أعلم قوله (917) قد خالجنيها أي نازعني القراءة والظاهر أنه قال نهيا وانكارا
[ 141 ]
لذلك نعم هو إنكار لما سوى الفاتحة دونها والله تعالى أعلم قوله (919) أنازع القرآن على بناء المفعول والقرآن منصوب بتقدير في القرآن أي أحارب في قراءته كأني أجذبه إلى غيري وغيري يجذبه منى إليه يحتمل أنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه والمنع مخصوص به ويحتمل أنه ورد في غير الفاتحة كما فيما تقدم ويحتمل العموم فلا يقرأ فيما يجهر الامام أصلا لا بالفاتحة ولا غيرها لا سرا ولا جهرا وما جاء عن أبي هريرة من قوله اقرأ بها يا فارسي يحمل على السر والله تعالى أعلم قوله (920) الله تعالى ألا بأم القرآن ظاهر
[ 142 ]
هذه الرواية إباحة القراءة بالفاتحة ولو جهر الامام فلعل من يمنع عنها يقول أن النهي يقدم على الاباحة عند العارض ولا يخفي أن المعارضة حال السر مفقودة فالمنع حينئذ غير ظاهر حالة السر ولهذا مال محمد وبعض المشايخ وغيرهم إلى قراءة الفاتحة حال السر ورجحه على القارى في شرح موطأ محمد ورأى أنه الاحوط والله تعالى أعلم قوله (921) وإذا قرأ أي الامام فأنصتوا أي اسكتوا للاستماع وهذا لا يكون الا حالة الجهر وهذا الحديث صححه مسلم ولا عبرة بتضعيف من ضعفه والمصنف أشار إلى أن هذا الحديث تفسير للآية فيحمل عموم إذا قرأ القرآن على خصوص قراءة الامام قوله (923) فالتفت الي
[ 143 ]
أي أبو الدرداء والى هذا أشار المصنف بقوله انما هذا عن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم خطأ الخ أي رفعه خطأ والصواب وقفه قوله يجزئني من الاجزاء أي يكفيني منه أي أقرؤه مقام القرآن ما دام ما أحفظه والا فالسعي في حفظه لازم وهذا يدل على أن العاجز عن القرآن يأتي بالتسبيحات ولا يقرأ ترجمة القرآن بعبارة أخرى غير نظم القرآن قوله (925) إذا أمن القارئ أخذ منه المصنف الجهر بآمين إذ لو أسر الامام بآمين لما علم القوم بتأمين الامام فلا يحسن الامر إياهم بالتأمين عند تأمينه وهذا استنباط دقيق يرجحه ما سبق من التصريح بالجهر وهذا هو الظاهر المتبادر نعم قد يقال يكفي في الامر معرفتهم لتأمين الامام بالسكوت عن القراءة لكن تلك معرفة ضعيفة بل كثيرا ما يسكت الامام عن القراءة ثم يقول آمين بل الفصل بين القراءة والتأمين هو اللائق فيتقدم تأمين المقتدى على تأمين الامام إذا اعتمد على هذه الامارة لكن رواية إذا قال الامام ولا الضالين ربما يرجح هذا التأويل فليتأمل والاقرب أن أحد اللفظين من
[ 144 ]
تصرفات الرواة وحينئذ فرواية إذا أمن أشهر وأصح فهي أشبه أن تكون هي الاصل والله تعالى أعلم
[ 145 ]
قوله (931) بضعة وثلاثون بكسر الباء وقد تفتح من الثلاث إلى التسع والحديث يدل على جواز التحميد للعاطس جهرا قوله (932) الرب عز وجل فسمعته وأنا خلفه ظاهره الجهر بآمين
[ 146 ]
فما نهنهها أي منعها وكفها عن الوصول إليه قوله (933) كيف يأتيك الوحي ظاهره أن السؤال عن كيفية الوحي نفسه لا عن كيفية الملك الحامل له ويدل عليه أول الجواب لكن آخر الجواب يميل إلى أن المقصود بيان كيفية الملك الحامل فيقال يلزم من كون الملك في صورة الانسان كون الوحي في صورة مفهوم متبين أول الوهلة فبالنظر إلى هذا اللازم صار بيانا لكيفية الوحي فلذلك قوبل بصلصلة الجرس ويحتمل أن المراد للسؤال عن كيفية الحامل أي كيف يأتيك حامل الوحي قوله في مثل صلصلة الجرس يأتيني في صوت متدارك لا يدرك في أول الوهلة كصوت الجرس أي يجئ في صورة وهيئة لها مثل هذا الصوت فنبه بالصوت الغير المعهود على أنه يجئ في هيئة غير معهودة فلذا قابله بقوله في صورة الفتى وعلى الوجهين فصلصلة الجرس مثال لصوت الوحي والصلصلة بصادين مهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة صوت وقوع الحديد بعضه على بعض والجرس بفتحتين الجلجل الذي يعلق في رءوس الدواب ووجه الشبه هو أنه صوت متدارك لا يدرك في أول الوهلة فيفصم يضرب أي فيقطع عني حامل الوحي الوحي وقد وعيت
[ 147 ]
عنه أي حفظت عنه أي أجده في قلبي مكشوفا متبينا بلا التباس ولا اشكال فينبذه كيضرب أي يلقيه إلى في صوت انسان والله تعالى أعلم
[ 148 ]
قوله يتمثل أي يتصور تعريف الملك للعهد أي جبريل المعروف بأنه حامل الوحي ورجلا نصبه على المصدر أي مثل رجل أو الحال بتقدير هيئة رجل أو التمييز والتمثل ظهور الشئ في مثال غيره والارواح القوية يمكن ظهورها بإذن الله تعالى في صور كثيرة وأمثلة عديدة في حالة واحدة من غير أن يموت الجسم
[ 149 ]
الاصلي الذي هو ذو أجنحة كثيرة فلا يرد أن الجائي كان روح جبريل فينبغي أن يموت الجسم القديم له لمفارقة الروح إياه والا فليس الجائي روح جبريل ولا جسمه فما معنى مجيئه بالوحي والله تعالى أعلم قوله ليتفصد بالفاء وتشديد المهملة أي ليجدى ويسيل عرقا تمييز قوله يعالج يتحمل يحرك شفتية أي لكل حرف عقب سماعه من جبريل ثم تقرأه بالنصب عطف على جمعه
[ 150 ]
بتقديران فهو عطف الفعل على الاسم الصريح قوله (936) قلت كذبت يفهم منه أنه لا يأثم الرجل بتكذيب الحق إذا ظهر له أمارة خلافه وبنى عليه التكذيب وأن القرآن ما لم يتواتر لا يكفر صاحبه بالتكذيب فليتأمل ان القرآن أنزل على سبعة أحرف أي على سبع لغات مشهورة بالفصاحة وكأن
[ 151 ]
ذاك رخصة أولا تسهيلا عليهم ثم جمعه عثمان رضي الله تعالى عنه حين خاف الاختلاف عليهم في القرآن وتكذيب بعضهم بعضا على لغة قريش التي أنزل عليها أولا والله تعالى أعلم قوله أعجل من حد سمع أي آخذه وأجره وهو في الصلاة لببته بالتشديد يقال لببت الرجل تلبيبا إذا جعلت في عنقه ثوبا وجررته به قوله أساوره أي أواثبه من سار إليه وثب
[ 152 ]
قوله (939) أضاة بني غفار الاضاة بوزن حصاة الغدير أن تقرئ أمتك من الاقراء ونصب أمتك وجوز أنه من القراءة ورفع الامة والمعنى أوفق بالاول إذ أمر أحد بفعل غيره غير مستحسن فليتأمل معافاته بفتح التاء لانه منصوب وهو مفرد لا جمع لا تطيق ذلك أي يومئذ لعدم ممارسة الناس
[ 153 ]
كلهم لغة قريش فلو كلفوا بالقراءة بها لثقل عليهم يومئذ بخلاف ما إذا مارسوا كما عليه الامر اليوم والله تعالى أعلم قوله تخالف قراءتي أي يقرؤها قراءة تخالف قراءتي أو هو يخالف قراءتي وعلى الاول تخالف بالمثناة فوقية وعلى الثاني بالتحيتة من علمك من التعليم لا تفارقني نهى أو نفي بمعنى النهي
[ 154 ]
كلهن أي كل واحدة منهن شاف كاف أو مجموع من شاف كاف وأفرادهما على لفظ كل فإنه مفرد مذكر والاول أظهر وبالمقصود أوفق والله تعالى أعلم قوله (941) رحمه اللهما حاك في صدري أي أثر شك في صدري ولا وقع وقد جاء صريحا أنه وقع في صدره يومئذ شك عصمه الله تعالى منه ببركة نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم استزده أي اطلب من الله تعالى الزيادة على حرف واحد أو من جبريل بناء على أنه واسطة قوله المعقلة في النهاية أي المشددة بالعقال أو التشديد فيه للتنكير قوله أن يقول
[ 155 ]
نسيت آية كيت بالتخفيف لما فيه من التشبه لفظا بمن ذمه الله تعالى بقوله كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى فالاحتراز عن مثل هذا القول أحسن بل هو نسي بالتشديد أي الله تعالى قد أزال عن قلبه ما أزال فليقل نسيت بالتشديد لكونه أوفق بالواقع وأبعد من الوقوع في المكروه استذكروا القرآن أي اذكروه واحفظوه وذكره بالسين للمبالغة تفصيا بالفاء والصاد المهملة أي خروجا وتخلصا قوله من النعم من عقله بضم عين وقاف جميعا وقد يسكن القاف جمع عقال بكسر العين وهو حبل صغير يشد به ساعد البعير إلى فخذه وتذكير الضمير لان النعم يذكر ويؤنث ذكره النووي في شرح مسلم قوله (944) في ركعتي الفجر المراد أنه يقرأ فيهما بالآيتين أو السورتين بعد الفاتحة الا أنه تركها الراوي
[ 156 ]
لظهورها قوله (946) أقرأ فيهما بأم الكتاب مبالغة في التخفيف ومثله لا يفيد الشك في القراءة ولا يقصد به ذلك ولا دليل فيه لمن يقول بالاقتصار على الفاتحة ضرورة أن حقيقة اللفظ الشك في الفاتحة أيضا وهو متروك بالاتفاق وعند الحمل على ما قلنا لا يلزم الاقتصار فالحمل على الاقتصار مشكل وقد ثبت خلافه كما تقدم والله تعالى أعلم قوله (947) فالتبس عليه أي اشتبه عليه واستشكل وضميره للروم باعتبار أنه اسم مقدار من القرآن لا يحسنون من الاحسان أو التحسين الطهور بضم الطاء وجوز الفتح على أنه اسم للفعل والحمل على الماء لا يناسب المقام فإنما يلبس كيضرب أو من التلبيس أي يخلط وفيه تأثير
[ 157 ]
الصحبة وان الاكملين في أكمل الاحوال يظهر فيهم أدنى أثر والله تعالى أعلم قوله (950) الرب عز وجل والنخل باسقات
[ 158 ]
أي السورة المشتملة على هذه الآية فهو من إرادة الكل باسم الجزء قوله (952) فأمنا بهما ليبين بذلك أنهما عظيمتان تقومان مقام سورتين عظيمتين كما هو المعتاد في صلاة الفجر قوله أبلغ أي أعظم في باب الاستعاذة وكأن الوقت كان يساعد الاستعاذة والله تعالى أعلم قوله لم ير على بناء المفعول أي في
[ 159 ]
الاستعاذة والله تعالى أعلم قوله (955) الم تنزيل قال علماؤنا لا دلالة فيه على المداومة عليهما نعم قد ثبتت قراءتهما فينبغي للائمة قرائتهما ولا يحسن المداومة على تركهما بالمرة وقد قال بعض الشافعية قد جاء في بعض الروايات ما يدل على المداومة وعلى كل تقدير فالمداومة عليهما خير من المداومة على تركهما والله تعالى اعلم قوله توبة أي لاجل التوبة شكرا أي على قبول التوبة وتوفيق الله تعالى إياه عليها فحين يجري في القرآن ذكر من
[ 160 ]
الله تعالى لتلك التوبة نشكره تعالى على تلك النعمة وكون السجدة للشكر لا يستلزم عدم الوجوب كما أنه لا يستلزم الوجوب فينبغي الرجوع في معرفة أحد الامرين إلى خارج والله تعالى أعلم قوله (958) وسجد من عنده أي من المسلمين والمشركين وكأن المشركين سجدوا تبعا للمسلمين وقد ذكروا في سببه قصة طويلة والله أعلم بثبوتها قوله (960) فلم يسجد أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم استدل به من لا يرى السجود في المفصل كمالك وحمل ما جاء في سجود النجم على النسخ لكونه كان بمكة أجيب بأن القارئ امام للسامع
[ 161 ]
فيجوز أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ترك السجود اتباعا لزيد لانه القارئ فهو امام وترك زيد لاجل صغره فلا دلالة في الحديث على عدم السجود وأجيب أيضا بأنه لعله على غير وضوء فأخره فظنه زيد أنه ترك بل لعل معنى كلام زيد أنه لم يسجد في الحال بل أخره وأيضا بأن السجود غير واجب فلعله تركه أحيانا لبيان الجواز وبالجملة فقد جاء عن أبي هريرة وغيره أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم سجد في المفصل فالاخذ برواية المثبت
[ 162 ]
أولى من النافي لجواز أن النافي ما اطلع عليه وفي شرح الموطأ وقال بالسجود في المفصل الخلفاء الاربعة والائمة الثلاثة وغيرهم واستدل بعض المالكية بأن أبا سلمة قال لابي هريرة لما سجد لقد سجدت في سورة ما رأيت الناس يسجدون فيها فدل هذا على أن الناس تركوه وجرى العمل بتركه ورده بن عبد البر بأن أي عمل يدعى مع مخالفة المصطفى والخلفاء الراشدين بعده والله تعالى أعلم قوله (967) ووكيع عن سفيان وكيع معطوف على سفيان والمراد به بن عيينة أو من روى عنه وكيع فالمراد به الثوري كما أفاده في الاطراف قوله (968) يعني العتمة فسر بذلك لان العشاء قد يطلق على صلاة المغرب
[ 163 ]
قوله كل صلاة أي كل ركعة أو كل صلاة سرية وجهرية فما أسمعنا بفتح العين في الاول وسكونها في الثاني أي يجهر فيما جهر ويخافت فيما خافت ولا يظن أن مواضع السر لا قراءة فيها قوله (971) بسم الله الرحمن الرحيم فنسمع منه الآية أي يقرأ بحيث نسمع الآية من جملة ما قرأ وهذا يدل على أن الجهر القليل في السرية لا يضر
[ 164 ]
وعلى أن الجمع بين الجهر والسر لا يكره والله تعالى أعلم قوله يطولها لعلمه صلى الله تعالى عليه وسلم برغبة من خلفه في التطويل وعند ذلك يجوز التطويل والا فالتخفيف هو المطلوب للامام قوله يسمعنا
[ 165 ]
الآية كذلك كما أنه يقرأ يسمعنا الآية أحيانا قوله (975) وكان يطيل في الركعة الاولى يعينهم بذلك على
[ 166 ]
إدراك فضلها قوله بالسماء ذات البروج الخ ما جاء في اختلاف القراءة يحمل على اختلاف الاوقات والاحوال فلا تنافي في أحاديث القراءة قوله (981) هلمي لي وضوءا بفتح الواو أي أحضري لي
[ 167 ]
ماء أتوضأ به من أمامكم أي من عمر بن عبد العزيز قوله (982) ويقرأ في المغرب بقصار المفصل الخ المفصل عبارة عن السبع الاخير من القرآن أوله سورة الحجرات سمى مفصلا لان سورة قصار كل سورة كفصل من الكلام قيل طواله إلى سورة عم وأوساطه إلى الضحى وقيل غير ذلك ثم يؤخذ من هذا الحديث ومن حديث أبي هريرة الآتي في الباب الثاني ومن حديث رافع بن خديج كنا ننصرف عن المغرب وان أحدنا ليبصر مواقع نبله أن عادته صلى الله تعالى عليه وسلم في المغرب قراءة السور القصار
[ 168 ]
فلعل ما سيجئ من قراءة السور الطوال في المغرب كان منه أحيانا لبيان الجواز قوله (984) وهو يصلي المغرب قد جاء أنها صلاة العشاء وهي أنسب بسوق هذه القصة والحمل على تعدد الواقعة بعيد والله تعالى أعلم قوله (985) ما صلى بعدها صلاة أي بالناس والله تعالى أعلم
[ 169 ]
قوله (989) أتقرأ في المغرب بقل هو الله أحد أي دائما بحيث كأنه اللازم ولا يجوز غيره فالانكار على التزام القصار وفيه أنه ينبغي للامام أن يقرأ ما قرأه صلى الله تعالى عليه وسلم أحيانا تبركا بقراءته صلى الله تعالى عليه وسلم واحياء لسنته وآثاره الجميلة فمحلوفه أراد بالمحلوف الله الذي لا يستحق الحلف الا به والخبر محذوف أي الله قسمي
[ 170 ]
باطول الطوليين يعني الانعام والاعراف وأطولهما الاعراف وصدق هذا الوصف على غير الاعراف لا يضر لانه عينها بالبيان قوله رمقت النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي نظرت إليه وتأملت في قراءته
[ 171 ]
قوله (993) على سرية أي جعله أميرا على طائفة من الجيش فيختم بقل هو الله أحد أي يختم قراءته بقراءة قل هو الله أحد أي يقرأ بقل هو الله أحد في آخر ما يقرأ من القرآن والحاصل أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قرره على ذلك وبشره عليه بما بشره فعلم به جواز الجمع بين السور المتعددة في ركعة قوله وجبت لا دلالة في الحديث على عموم الوجوب لكل قارئ الا بالنظر إلى أن الظاهر أن الوجوب جزاء لقراءته فالظاهر عمومه لكل عامل عمله والله تعالى أعلم قوله (995) فذكر ذلك له كأنه عظم ذلك ترديده هذه السور لتعدل أي تساوي ثلث القرآن أجرا
[ 172 ]
قوله عن منصور عن هلال بن يساف الخ في بعض النسخ قال أبو عبد الرحمن ما أعرف إسنادا أطول من هذا ونقل عن السيوطي أنه قال فيه ستة من التابعين قال والمرأة هي امرأة أبي أيوب قوله فصلى العشاء الآخرة الخ ظاهر صنيع المصنف يميل إلى أنه جمع بين رواية صلاة المغرب ورواية صلاة العشاء
[ 173 ]
بالحمل على تعدد القضية فلذلك استدل بكلتا الروايتين لكن وقوع مثل هذه القضية مرتين بعيد الا أن يقال يحتمل أنه وقع من معاذ مرتين ثم رفع الواقعتان إلى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مرة والله تعالى أعلم
[ 174 ]
قوله (1002) قد شكاك الناس أي أهل كوفة وكان سعد أميرا من جهة عمر عليهم فجاؤوا عند عمر وشكوا سعدا فطلبه عمر وقال له ذلك اتئد بتشديد التاء بعدها همزة مكسورة وقبلها همزة مفتوحة أي أتثبت ولا أتعجل وفي بعض النسخ أمد بتشديد الدال كما في أبي داود أي أزيد وأطول وأحذف أي أخفف وما آلوا بهمزة ممدودة أي لا أقصر في صلاة اقتديت بها وهي صلاة رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قوله (1003) ما يحسن من الاحسان أو التحسين لا أخرم من باب ضرب أي لا أنقص أركد من باب نصر أي أسكن
[ 175 ]
وأطيل القيام قوله (1004) اني لاعرف النظائر أي السور المتقاربة في الطول قوله هذا بفتح هاء وتشديد ذال معجمة أي تسرع اسراعا في قراءته كما تسرع في انشاد الشعر والهذ سرعة القطع ونصبه على المصدر وهو استفهام إنكار بحذف أداته يقرن بضم الراء أو كسرها
[ 176 ]
قوله وآل حم أي صاحب حم أي السورة المصدرة بحم قوله (1007) فلما جاء ذكر موسى أو عيسى أي جاء قوله تعالى ثم أرسلنا موسى وأخاه أو ذكر عيسى وهذا شك من الراوي وعيسى مذكور في جنبه فلذا جمع بينهما سعلة بفتح سين وسكون عين قيل أخذته بسبب البكاء ثم لا يخفى أن الاقتصار على بعض السورة ههنا لضرورة فالاستدلال به على الاقتصار بلا ضرورة لا يتم فالاولى الاستدلال بقراءته صلى الله تعالى عليه وسلم سورة الاعراف في المغرب حيث فرقها في ركعتين والله تعالى أعلم قوله (1008) وقف وتعوذ
[ 177 ]
عمل به علماؤنا الحنفية في الصلاة النافلة كما هو المورد قوله جسرة بفتح جيم وسكون سين بنت دجاجة قال السيوطي بفتح دال وجيمين والمعروف أنها بالفتح في الحيوان وبالكسر في الانسان وهو المضبوط في بعض النسخ المصححة والله تعالى أعلم قوله قام النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أي الليل حتى أصبح
[ 178 ]
كذا في بعض النسخ المصححة أي إلى أن دخل وقت الصبح وفي بعض النسخ حتى إذا أصبح وعلى هذا فجواب إذا مقدر أي تركها أي الآية قوله (1011) رفع صوته ليتدبروه ويأخذوا عنه ولا تجهر أي كل الجهر بقرينة الامر بالتوسط وقد يقال مقتضى الآية أن الجهر هو الاعلان البالغ حده فليتأمل وابتغ بين ذلك سبيلا أي بين المذكور من الجهر والمخافتة ويحصل به الامر ان جميعا عدم
[ 179 ]
الاخلال بسماع الحاضرين والاحتراز عن سب أعداء الدين قوله (1013) وأنا على عريشي العريش كل ما يستظل به ويطلق على بيوت مكة لانها كانت عيدانا تنصب ويظلل عليها قوله (1014) يمد صوته مدا أي يطيل الحروف الصالحة للاطالة يستعين بها على التدبر والتفكر وتذكير من يتذكر قوله (1015) زينوا القرآن بأصواتكم أي بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسنا وزينة بالصوت الحسن وهذا مشاهد ولما رأى بعضهم أن القرآن أعظم من أن يحسن بالصوت بل الصوت أحق بأن يحسن بالقرآن قال معناه زينوا أصواتكم بالقرآن هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه من باب القلب وقال شعبة نهاني أيوب أن أحدث زينوا القرآن بأصواتكم ورواه معمر عن منصور عن طلحة زينوا أصواتكم بالقرآن وهو الصحيح والمعنى اشتغلوا بالقرآن واتخذوه شعارا وزينة قوله
[ 180 ]
(1017) ما أذن الله بكسر الذال أي استمع لشئ مسموع كاستماعه لنبي والمراد جنس النبي والقرآن القراءة أو كلام الله مطلقا ولما كان الاستماع على الله تعالى محالا لانه شأن من يختلف سماعه بكثرة التوجه وقلته وسماعه تعالى لا يختلف قالوا هذا كناية عن تقريب القارئ واجزال ثوابه يتغنى بالقرآن أي يحسن صوته به حال قراءته أو هو الجهر وقوله يجهر به تفسير له أو يلين ويرقق صوته ليجلب به إلى نفسه والى السامعين الحزن والبكاء وينقطع به عن الخلق إلى الخالق جل وعلا قوله (1018) يعني أذنه بفتح همزة وذال معجمة معا أي استماعه قوله (1019) لقد أوتي من مزامير آل داود وفي النهاية
[ 181 ]
شبه حسن صوته وحلاوة نغمته بصوت المزمار وداود هو النبي واليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة والمراد بآل داود نفسه وكثيرا ما يطلق آل فلان على نفسه قوله (1022) ثم نعتت قراءته أي وصفت وبينت بالقول أو بالفعل بأن قرأت كقراءته صلى الله تعالى عليه وسلم حرفا حرفا قال أبو البقاء نصبهما على الحال أي مرتلة نحو أدخلتهم رجلا رجلا أي منفردين قوله (1023) حين يهوى كيضرب أي يسقط ويهبط
[ 182 ]
أني لاشبهكم صلاة الخ يقول لهم ذلك ترغيبا لهم فعل في مثلها قوله (1026) ثم لم يعد قد تكلم ناس في ثبوت هذا الحديث والقوى أنه ثابت من رواية عبد الله بن مسعود نعم قد روى من رواية البراء لكن التحقيق عدم ثبوته من رواية البراء فالوجه أن الحديث ثابت لكن يكفي في إضافة الصلاة إلى رسول
[ 183 ]
الله صلى الله تعالى عليه وسلم كونه صلى هذه الصلاة أحيانا وان كان المتبادر الاعتياد والدوام فيجب الحمل على كونها كانت أحيانا توفيقا بين الادلة ودفعا للتعارض وعلى هذا فيجوز أنه صلى الله تعالى عليه وسلم ترك الرفع عند الركوع وعند الرفع منه اما لكون الترك سنة كالفعل أو لبيان الجواز فالسنة هي الرفع لا الترك والله تعالى أعلم قوله (1027) لا يقيم أي لا يعدل ولا يسوى والمقصود الطمأنينة في الركوع والسجود ولذا قال الجمهور بافتراض الطمأنينة والمشهور من مذهب أبي حنيفة ومحمد عدم الافتراض لكن نص الطحاوي في آثاره على أن مذهب أبي حنيفة وصاحبيه افتراض الطمأنينة في الركوع والسجود وهو أقرب إلى الاحاديث والله تعالى أعلم قوله (1028) اعتدلوا في الركوع أي توسطوا فيه بين الارتفاع والانخفاض وكذا توسطوا في السجود بين الافتراش والقبض بوضع الكفين على الارض ورفع
[ 184 ]
المرفقين عنها والبطن عن الفخذ وبسط الكلب هو وضع المرفقين مع الكفين على الارض قوله (1029) فليؤمكم أحدكم أي ليقدم عليكم في القيام وليقم مقام الامام من القوم وليفرش كفيه على فخذيه من افرش أي ليجعلهما كالفراش لهما أي ليضعهما على فخذيه في التشهد والظاهر أن مراده أنه لا يطبق في التشهد إذا كانوا أكثر من ثلاثة وقوله فكأنما أنظر كلام يتعلق بالتطبيق أي رأيته صلى الله تعالى عليه وسلم طبق فكأنما أنظر الخ والتطبيق هو أن يجمع بين أصابع يديه ويجعلها بين ركبتيه في الركوع والتشهد وهو منسوخ بالاتفاق كما سيذكره المصنف وهذا الذي ذكرت هو مقتضى ظاهر هذه الرواية المذكورة في هذا الكتاب لكن الظاهر أن فيه اختصارا ففي رواية مسلم وإذا كنتم أكثر من ذلك فليؤمكم أحدكم وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليجنأ وليطبق بين كفيه فلكأني أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وقوله ليجنأ بفتح الياء وسكون الجيم آخره همزة أي ليركع وعلى هذا فمعنى ليفرش كفيه الخ أي ليفرش أحدكم ذراعيه أريد بالكف الذراع أي عند الركوع وفيه اختصار أي ليطبق بين كفيه والله تعالى أعلم قوله (1030) رضي الله تعالى عنه فخالف بين أصابعنا أي بالتشبيك
[ 185 ]
قوله أمرنا على بناء المفعول
[ 186 ]
قوله (1036) وجافى بمرفقيه أي بعدهما من الجنب قوله (1038) جافى بين إبطيه لا بد من إضافة بين إلى متعدد فيتوهم أن ذلك المتعدد ههنا إبطيه بالتثنية وليس كذلك بل إبطيه أحد طرفي المتعدد والطرف الثاني محذوف أي بين إبطيه وبين ما يليهما من الجنب والمعنى بين كل من إبطيه وما يليهما من الجنب والحاصل أن المراد بابطيه كل واحد منهما فما بقي متعددا فلا بد من اعتار أمر آخر يحصل بالنظر إليه التعدد وهذا معنى قول من قال أي ينحى
[ 187 ]
كل ابط عن الجنب الذي يليها ولو أبقى الكلام على ظاهره لم يستقم كما لا يخفى قوله اعتدل أي توسط بين الارتفاع والانخفاض وفسره بقوله فلم ينصب رأسه ولم يقنعه ونصب الرأس معروف والاقناع يطلق على رفع الرأس وخفضه من الاضداد والمراد ههنا الثاني وفي النهاية ووقع في بعض النسخ فلم ينصب والمشهور فلا يصوب أي لم يخفضه جدا وعلى هذا فالاقناع بمعنى الرفع وكذا على ما في بعض النسخ فلم يصب من صب الماء والمراد الانزال بحمل الاقناع على معنى الرفع
[ 188 ]
قوله (1040) عن القسي بفتح القاف وكسر السين المشددة نسبة إلى موضع ينسب إليه الثياب القسية وهي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقس من بلاد مصر مما يلي الفرماء وأن أقرأ وأنا راكع قيل ذلك لما في الركوع والسجود من الذكر والتسبيح فلو كانت قراءة القرآن فيهما لزم الجمع بين كلام الله وكلام غيره في محل واحده كأنه كره لذلك وفيه أن الركعة الاولى لا تخلو عن دعاء استفتاح فلزم من القراءة فيها الجمع فتأمل قوله (1042) ولا أقول نهاكم لم يرد أنه نهى مخصوص به إذ الاصل في التشريع العموم بل أراد أن اللفظ ورد خطابا له فقط ولم يخاطبه بلفظ عام يشمله وغيره نعم حكم الغير ثابت بعموم عن لبس القسي هو بضم
[ 189 ]
اللام مصدر لبس الثوب بكسر الباء المفدم بضم ميم وفتح فاء وتشديد دال مهملة مفتوحة في النهاية هو الثوب المشبع حمرة كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهى حمرته فهو كالممتنع من قبول الصبغ قوله (1043) وعن لبوس بفتح لام مصدر لبس قوله كشف النبي صلى الله تعالى عليه وسلم الستارة أي في آخر مرضه من مبشرات النبوة أي مما يظهر للنبي من المبشرات حالة النبوة وهي بكسر الشين ما اشتمل على الخبر السار من وحي والهام ورؤيا ونحوها ولا يخفي ان الالهام للاولياء
[ 190 ]
أيضا باق فكأن المراد لم يبق في الغالب الا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أي المبشر بها أو يرى غيره لاجله فعظموا الخ أي اللائق به تعظيم الرب فهو أولى من الدعاء وان كان الدعاء جائزا أيضا فلا ينافي أنه كان يقول في ركوعه اللهم اغفر لي فاجتهدوا في الدعاء أي أنه محل لاجتهاد الدعاء وأن الاجتهاد فيه جائز بلا ترك أولوية وكذلك التسبيح فإنه محل له أيضا قمن بكسر ميم وفتحها أي
[ 191 ]
جدير وخليق قيل بفتح الميم مصدر وبكسرها صفة قوله (1048) سبوح قدوس في النهاية يرويان بالضم والفتح وهو أقيس والضم أكثر استعمالا وهما من أبنية المبالغة والمراد بهما التنزيه وقال القرطبي هما مرفوعان على أنهما خبر محذوف أي هو أو أنت وقيل بالنصب على إضمار فعل أي أعظم أو أذكر أو أعبد رب الملائكة الروح قيل المراد به جبريل وقيل هو صنف من الملائكة وقيل ملك أعظم خلقة قوله (1049) الجبروت والملكوت هما مبالغة الجبر وهو القهر والملك وهو التصرف أي صاحب القهر والتصرف البالغ كل منهما غايته والكبرياء قيل هي العظمة والملك وقيل هي عبارة عن كمال الذات
[ 192 ]
وكمال الوجود ولا يوصف بها الا الله تعالى قوله (1050) لك ركعت أي لا لغيرك خضعت وإسناد خشع أي تواضع وخضع إلى السمع وغيره مما ليس من شأنه الادراك والتأثر كناية عن كمال الخشوع والخضوع أي قد بلغ غايته حتى كأنه ظهر أثره في هذه الاعضاء وصارت خاشعة لربها والمخ بالضم والتشديد الدماغ والعصب بفتحتين أطناب المفاصل
[ 193 ]
قوله يرمقه كينصر أي ينظر إليه ولا يشعر أي الرجل بنظره صلى الله عليه وسلم لقد جهدت على بناء الفاعل أي بذلت غاية وسعى أو على بناء المفعول أي أصابني التعب والمشقة بكثرة الاعادة ثم اركع
[ 194 ]
حتى تطمئن راكعا أي فلم يأمره بالتسبيح فيه فدل على عدم وجوب التسبيح فيه وأنه يصح بدونه
[ 195 ]
قوله (1060) قال اللهم ربنا ولك الحمد أي مع قوله سمع الله لمن حمده وإنما تركه لظهور أنه من ظائف الامام وإنما الكلام في جمع التحميد معه
[ 196 ]
قوله يبتدرونها أي يستبقون في كتابتها يريد كل منهم أن يسبق صاحبه في ذلك قاصدين أيهم يكتبها أولا أي سابقا وقبل الآخرين وضمير رالتأنيث لهذه الكلمة قوله (1063) فقولوا ربنا ولك
[ 197 ]
الحمد بالواو وقد جاء بدونها قالوا وبتقدير أنت ربنا أو الهنا ولك الحمد قوله (1064) يجبكم الله بالجزم جواب الامر أي يستجب لكم وكذا قوله يسمع الله بمعنى يستجب لكم فتلك بتلك فتلك اللحظة التي تقدمكم أمامكم مجبورة بتلك اللحظة التي تأخرتم عنه قوله وإذا رفع رأسه من الركوع كلمة إذا
[ 198 ]
مجردة عن الظرفية بمعنى الوقت أي كان وقت ركوعه ووقت رفعه رأسه منه ووقت سجوده قريبا من السواء أي من المساواة قوله ملء السماوات تمثيل وتقريب والمراد تكثير العدد أو تعظيم القدر وملء ما شئت من شئ بعد كالعرش والكرسي ونحوهما قال النووي ملء بكسر الميم وبنصب الهمزة بعد
[ 199 ]
اللام ورفعهما والاشهر النصب ومعناه لو كان جسما ملاها لعظمته انتهى قوله (1068) أهل الثناء بالنصب على الاختصاص أو المدح أو بتقدير يا أهل الثناء أو بالرفع بتقدير أنت أهل الثناء وقوله خير ما قال العبد أما مبتدأ خبره لا مانع الخ وجملة كلنا لك عبد معترضة أو خبر محذوف أي هذا الكلام أي ما سبق من الذكر خير ما قال وقوله لا مانع دعاء مستقل وما في ما أعطيت يعم العقلاء وغيرهم والجد البخت ومن في قوله منك بمعنى عند أو بمعنى بدل أي لا ينفع بدل طاعتك وتوفيقك
[ 200 ]
البخت والحظوظ وعلى هذا المعنى بتفح الجيم وهو المشهور على ألسنة أهل الحديث وجوز بعضهم كسرها أي لا ينفع ذا الاجتهاد منك اجتهاده وعمله وإنما ينفعه فضلك قوله (1070) على رعل بكسر الراء وسكون العين المهملة وذكوان بذال معجمة مفتوحة غير منصرف وعصية بضم عين وفتح صاد وتشديد ياء عصت الله استئناف كأنه قيل لم دعا عليهم وضميره للكل وفي وصله
[ 201 ]
لفظا بعصية لفظا مناسبا المجانسة كما لا يخفى قوله هنيهة بالتصغير أي قدرا يسيرا يستدل به من يقول بالقنوت سرا ولا دلالة فيه على ذلك لما علم أن قيامه بين الركوع والسجود بقدر الركوع والسجود وكان يجمع بين التسميع والتحميد والله تعالى أعلم قوله أنج بفتح الهمزة من الانجاء اشدد وطأتك بفتح الواو أصلها الدوس بالقدم سمى به الاهلاك لان من يطؤ على شئ برجله فقد استقصى في هلاكه والمعنى خذهم اخذا شديدا انتهى ما ذكره السيوطي قلت الاقرب أن المراد ههنا العقوبة والاخذ كما يدل عليه آخر الكلام لا الاهلاك كما يدل عليه أوله فليتأمل واجعلها أي الوطأة أو الايام وان لم يجر لها ذكر لدلالة سنين عليها كسني يوسف المراد القحط والتشبيه بسني يوسف لتشديد القحط
[ 202 ]
واستمراره زمانا واجراء سنين مجرى الجمع المذكر السالم في الاعراب بالواو والياء وسقوط النون بالاضافة شائع قوله (1074) وضاحية مضر أي أهل البادية منهم وجمع الضاحية ضواحي قوله لاقربن من التقريب أي لاقربن إلى أفهامكم بالبيان الفعلى صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم حيث أصلي كما صلى فخذوا
[ 203 ]
بصلاتي لتدركوا به صلاته صلى الله تعالى عليه وسلم فمراده الحث على الاخذ بصلاته قوله (1077) رضي الله تعالى عنه ما على أحياء جمع حي بمعنى القبيلة أي على قبائل من قبائل العرب قوله (1078) فأنزل الله تعالى ليس لك من الامر شئ هذا يدل على انه نسخ لعن الكافرين في الصلاة والظاهر أن أبا هريرة كان يحمله على لعن الكافر المعين
[ 204 ]
ويرى لعن مطلق الكفارين في الصلاة جائزا والله تعالى أعلم قوله (1080) فلم يقنت هذا يدل على ان القنوت في الصبح كان أياما ثم نسخ أو أنه كان مخصوصا بأيام المهام والثاني أنسب بأحاديث القنوت واليه مال أحمد وغيره انها أي القنوت أو الدوام عليه وتأنيث الضمير باعتبار الخبر قوله (1081) فأخذ قبضة بفتح القاف أو ضمها أبرده من التبريد أحوله من التحويل لجبهتي أي لاضع عليها الجبهة وذلك
[ 205 ]
لشدة الحر وعلم من هذا جواز الفعل القليل قوله (1082) لقد ذكرني هذا قال ذكر لترك الناس تكبيرات الانتقالات قوله (1083) في كل خفض ورفع أريد الغالب ولا فلا تكبير عند الرفع من الركوع قوله (1084) أن لا أخر من الخرور وهو السقوط أي لا أسقط إلى السجود الا قائما أي أرجع من الركوع إلى القيام ثم أخر منه إلى السجود ولا أخر من الركوع إليه وهذا هو المعنى الذي فهمه المصنف وقيل معناه لا أموت الا ثابتا على الاسلام فهو مثل ولا تموتن الا وأنتم مسلمون وقيل معناه لا أقع في شئ من تجارتي وأموري الا قمت به منتصبا له وقيل معناه لا أغبن ولا أغبن وبالجملة فالحديث مما أشكل على الناس فهمه وما أشار
[ 206 ]
إليه المصنف في معناه أحسن والله تعالى أعلم قوله (1088) وكان لا يفعل ذلك في السجود الظاهر أنه كان يفعل ذلك أحيانا ويترك أحيانا لكن غالب العلماء على ترك الرفع وقت السجود وكأنهم أخذوا بذلك
[ 207 ]
بناء على أن الاصل هو العدم فحين تعارضت روايتا الفعل والترك أخذوا بالاصل والله تعالى أعلم قوله (1089) وإذا نهض أي قام قوله (1090) يعمد أحدكم على حذف حرف الانكار أي أيعمد فيبرك بالنصب جواب الاستفهام والمراد النهي عن بروك الجمل وهو أن يضع ركبتيه على الارض قبل يديه كما سيجئ التصريح به في الرواية الآتية وقد أخذ به البعض والبعض أخذ بما سبق والاقرب أن النهي للتنزيه وما سبق بيان الجواز فان قيل كيف شبه وضع الركبتين قبل اليدين ببروك الجمل مع أن الجمل يضع يديه قبل رجليه قلنا لان ركبة الانسان في الرجل وركبة الدواب في اليد فإذا وضع ركبتيه أولا فقد شابه الجمل في البروك
[ 208 ]
كذا في المفاتيح قوله أمر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أن يسجد أمر على بناء المفعول وأن يسجد على بناء الفاعل ويحتمل أن يعكس ويحتمل بناؤهما للفاعل على ان ضمير يسجد للمصلي على سبعة أعضاء وفي بعض النسخ أعظم على تسمية كل عضو عظما وان كان فيه عظام كثيرة ولا يكف أي لا يضم ولا يجمع عند السجود شعره أو ثيابه صونا لهما عن التراب بل يرسلهما ويتركهما حتى يقعا إلى الارض فيكون الكل ساجدا والله تعالى أعلم قوله (1094) سبعة آراب بهمزة ممدودة أي أعضاء جمع إرب
[ 209 ]
بكسر فسكون قوله (1095) على جبينه وأنفه أشار به إلى أن المراد بالوجه في أعضاء السجدة الجبين والانف فذكر هذا الحديث تفسيرا للحديث السابق قوله (1096) الجبهة والانف لكونهما من أجزاء الوجه فعدهما بمنزلة عد الوجه عدتا واحدة من السبعة والا يلزم الزيادة على السبعة قوله (1097) على الانف أي إلى الانف
[ 210 ]
وما يتصل به من الجبهة ليوافق الاحاديث السابقة قوله (1098) أن يكفت كيضرب أي يضم ويجمع قوله (1100) وقدماه منصوبتان هذا هو المراد بالسجود على القدمين وقد سبق شرح الحديث
[ 211 ]
قوله (1101) إذا أهوى هكذا في بعض النسخ وفي بعضها هوى أي سقط وهو أقرب وفتخ بالخاء المعجمة أي لينها حتى تنثني فيوجهها نحو القبلة قوله (1102) فكانت يداه أي في السجود بحذاء الاذنين
[ 212 ]
قوله ورفع عجيزته أي عجزه والعجز مؤخر الشئ والعجيزة للمرأة فاستعارها للرجل قوله جخى بجيم ثم خاء معجمة كصلى أي فتح عضديه وجافى عن جنبيه ورفع بطنه عن الارض قوله (1106) فرج بين يديه أي بينهما وبين ما يليهما من الجنب والا لا يستقيم قوله حتى يبدو فليس المتعدد الذي يضاف إليه بين لفظ يديه بل هو أحد طرفي المتعدد والطرف الثاني محذوف وهذا معنى قول المحقق بن حجر في شرح صحيح البخاري أي نحى كل يد عن الجنب الذي يليها قوله بين يدي رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم أي قدامه ولو لم أكن في الصلاة لابصرت إبطيه لاجل
[ 213 ]
التفريج أي لكني كنت وراءه في الصلاة أي فلم يمكن لاجل شغلها النظر والله تعالى أعلم قوله (1108) عفرة إبطيه بضم مهملة أو فتحها وسكون فاء بياض غير خالص بل كلون وجه الارض أراد منبت الشعر من الابطين بمخالطة بياض الجلد سواء الشعر وكأنه كان ينظر في الصلاة وهذا لا يضر حديث أبي هريرة السابق لانه مختلف حسب اختلاف الناس في الصلاة قوله حدثنا سفيان عن عبد الله بالتكبير وفي بعض النسخ عبيد الله بالتصغير ونص النووي على أن الرواة عن النسائي اختلفوا فرواه عنه بعضهم بالتكبير وبعضهم بالتصغير قال وهما صحيحان فعبد الله وعبيد الله اخوان وهما ابنا عبد الله بن الاصم وكلاهما روى عن عمه يزيد بن الاصم قوله جافى يديه نحاهما عما يليهما من الجنب لو أن بهمة بفتح فسكون الواحدة من أولاد الغنم يقال للذكر والانثى والتاء للوحدة والبهم بلا تاء يطلق على الجمع قوله
[ 214 ]
(1110) اعتدلوا في السجود أي توسطوا بين الافتراش والقبض بوضع الكفين على الارض ورفع المرفقين عنها والبطن عن الفخذ وهو أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة وأبعد من الكسالة انبساط الكلب هو مصدر على غير لفظ الفعل كقوله تعالى والله أنبتكم من الارض نباتا قوله عن نقر الغراب هو تخفيف السجود بحيث لا يمكث فيه الا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله وافتراش السبع
[ 215 ]
وهو أن يبسط ذراعيه في السجود ولا يرفعهما عن الارض كما يبسط السبع والكلب والذئب ذراعيه والافتراش افتعال من الفرش وأن يوطن الخ أي أن يتخذ لنفسه من المسجد مكانا معينا لا يصلي الا فيه كالبعير لا يبرك من عطنة الا في مبرك قديم وقيل معناه أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير قلت وهذا لا يوافق لفظ الحديث والله تعالى أعلم قوله (1113) ولا أكف أي لا أضم في السجود احترازا عن التراب قوله (1114) ورأسه معقوص جمع الشعر وسط رأسه أولف
[ 216 ]
ذوائبه حول رأسه ونحو ذلك كفعل النساء انما مثل هذا الخ أراد من انتشر شعره سقط على الارض عند سجوده فثياب عليه والمعقوص لم يسقط شعره فيشبه بمكتوف أي مشدود اليدين لانهما لا يقعان على الارض في السجود قوله بالظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر نصف النهار سجدنا على ثيابنا الظاهر أنها الثياب التي هم لابسوها ضرورة أن الثياب في ذلك الوقت قليلة فمن أين لهم ثياب
[ 217 ]
فاضلة كهذا يدل على جواز أن يسجد المصلى على ثوب هو لابسه كما عليه الجمهور قوله حبي بكسر الحاء أي حبيبي وعن لبس بضم اللام القسي بفتح قاف فتشديد سين مكسورة فياء مشددة ثياب فيها أضلاع من حرير المفدمة بدال مهملة مشددة مفتوحة أي المتشبعة التي بلغت الغاية وقد تقدم الحديث قوله معصوب أي مشدود بخرقة لما به من الوجع
[ 218 ]
قمن بفتح قاف وكسر ميم أو فتحها أي جدير خليق وقد تقدم الحديث قوله (1121) فحل شناقها بكسر الشين المعجمة الخيط الذي تعلق به القربة أو الذي يشد به فمها وقوله اجعل في قلبي نورا الخ المراد بالنور أما الهداية والتوفيق للخير وهذا يشمل الاعضاء كلها لظهور آثاره في الكل أو المراد ظاهر النور والمقصود أن يجعل الله تعالى
[ 219 ]
له في كل عضو من أعضائه نورا يوم القيامة يستضئ به في تلك الظلم ومن تبعه والله تعالى أعلم قوله يتأول
[ 220 ]
القرآن أي يراه معنى قوله تعالى فسبح بحمد ربك وعملا بمقتضاه قوله (1124) بعض جواريه كأنها استبعدت اتيانه زوجة أخرى لمراعاته القسم سواء قلنا بوجوبه عليه صلى الله تعالى عليه وسلم أم لا
[ 221 ]
ويحتمل أنها أرادت باسم الجارية ما يعم الزوجة وهو الموافق لما سيجئ والله تعالى أعلم قوله (1126) أحسن الخالقين أي المقدرين أو لو فرض هناك خالق آخر لكان أحسنهم خلقا والا فهل من خالق غير الله
[ 222 ]
لا إله إلا هو
[ 223 ]
قوله (1131) انه ذهب إلى بعض نسائه هذا مبني على عدم وجوب القسم عليه
[ 224 ]
قوله ثم آل عمران ظاهره عدم وجوب الترتيب وقوله لا يمر بآية تخويف أو تعظيم الا ذكره أي ذكر مقتضي
[ 225 ]
ذلك التخويف أو التعظيم قوله فحزرنا بحاء مهملة ثم زاي معجمة ثم راء مهملة أي قدرنا وخمنا قوله (1136) وعليك اذهب أو عليك السلام فهذا رد للسلام لكن وقع الاقتصار من بعض الرواة على هذا القدر والا فقد جاء في بعض الروايات تاما ويحتمل أنه اقتصر على ذلك لبيان جواز الاقتصار على ذلك وما جاء في بعض الروايات تاما فنقل من الرواة بالمعنى يرمق كينصر أي ينظر إلى صلاته ما عبت
[ 226 ]
على صيغة الخطاب وما استفهامية انها لم تتم الخ الضمير للقصة يسبغ من الاسباغ أي يكمل ويقرأ ما تيسر ظاهره أن الفرض مطلق القرآن كما هو قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى لا خصوص الفاتحة كما هو قول الجمهور الا أن يحمل على الفاتحة لكونها المتيسرة عادة أو يقال أن الاعرابي لكونه جاهلا عادة اكتفى عنه بما تيسر مطلقا والله تعالى أعلم قوله (1137) أقرب ما يكون العبد من ربه عزوجل الظاهر
[ 227 ]
أن ما مصدرية وكان تامة والجار متعلق بأقرب وليست من تفضيلية والمعنى شاهد كذلك فلا يرد أن اسم التفضيل لا يستعمل الا بأحد أمور ثلاثة لا بأمرين كالاضافة ومن فكيف استعمل ههنا بأمرين فافهم وخبر أقرب محذوف أي حاصل له وجملة وهو ساجد حال من ضمير حاصل أو من ضمير له والمعنى أقرب أكوان العبد من ربه تبارك وتعالى حاصل له حين كونه ساجدا ولا يرد على الاول أن الحال لا بد أن يرتبط بصاحبه ولا ارتباط ههنا لان ضمير هو ساجد للعبد لا لاقرب لانا نقول يكفي في الارتباط وجود الواو من غير حاجة إلى الضمير مثل جاء زيد والشمس طالعة فأكثروا الدعاء أي في السجود قيل وجه الا قربية أن العبد في السجود راع لانه أمر به والله تعالى قريب من السائلين لقوله تعالى وإذا سألك عبادي عني الخ ولان السجود غاية في الذل والانكسار وتعفير الوجه وهذه الحالة أحب أحوال العبد كما رواه الطبراني في الكبير بسند حسن عن بن مسعود ولان السجود أول عبادة أمر الله تعالى بها بعد خلق آدم فالمتقرب بها أقرب ولان فيه مخالفة لابليس في أول ذنب عصى الله به قال القرطبي هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالمسافة والمساحة لانه تعالى منزه عن المكان والزمان وقال البدر بن الصاحب في تذكرته في الحديث إشارة إلى نفي الجهة عن الله تعالى وأن العبد في انخفاضه غاية الانخفاض يكون أقرب إلى الله تعالى قلت بني ذلك على أن الجهة المتوهم ثبوتها له تعالى جل وعلا جهة العلو والحديث يدل على نفيها والا فالجهة السفلى لا ينافيها هذا الحديث بل يوهم ثبوتها بل قد يبحث في نفي الجهة العليا بأن القرب إلى العالي يمكن حالة الانخفاض بنزول العالي إلى المنخفض كما جاء نزوله تعالى كل ليلة إلى السماء على أن المراد القرب مكانه ورتبة وكرامة لا مكانا فلا تتم الدلالة أصلا ثم الكلام في دلالة الحديث على نفي الجهة والا فكونه تعالى منزها عن الجهة معلوم بأدلته والله تعالى أعلم قوله بوضوئه بفتح الواو أي ماء الوضوء مرافقتك
[ 228 ]
بالنصب بتقدير أسألك مرافقتك أو غير ذلك يحتمل فتح الواو أي أتسأل ذلك وغيره أم تسأله وحده وسكونها أي أسأل ذلك أم غيره هو ذاك أي المسؤل ذلك لاغير فأعني على نفسك أي على تحصيل حاجة نفسك التي هي المرافقة والمراد تعظيم تلك الحاجة وأنها تحتاج إلى معاونة منك ومجرد السؤال مني لا يكفي فيها أو المعنى فوافقني بكثرة السجود قاهرا بها على نفسك وقي أعني على قهر نفسك بكثرة السجود كأنه أشار إلى أن ما ذكرت لا يحصل الا بقهر نفسك التي هي أعدى عدوك فلا بد لي من قهر نفسك بصرفها عن الشهوات ولا بد لك أن تعاونني فيه وقيل معناه كن لي عونا في إصلاح نفسك وجعلها طاهرة مستحقة لما تطلب فإني أطلب إصلاح نفسك من الله تعالى وأطلب منك أيضا اصلاحها بكثرة السجود لله فإن السجود كاسر للنفس ومذل لها وأي نفس انكسرت وذلت استحقت الرحمة والله تعالى أعلم قوله فسكت عني أي امسك عني الكلام مليا بتشديد الياء أي قدرا من الزمان
[ 229 ]
قوله منصت من الانصات أي ساكت مستمع أول من يجيز أي الصراط فيعرفون على بناء الفاعل أو المفعول والضمير على الاول للملائكة والرسل وعلى الثاني لمن يريد أن يخرج أن النار بفتح أن بحذف اللام أو بدل من العلامات وبالكسر على الاستئناف الحبة بكسر الحاء بزور البقول وقيل هو نبت صغير ينبت في الحشيش فأما بالفتح فهي الحنطة والشعير ونحوهما وحميل السيل ما يحمله السبيل من النزور
[ 230 ]
والحشيش وغيرهما قوله (1141) بين ظهراني صلاته أي في أثناء صلاته أنه قد حدث أمر كناية عن الموت أو المرض كل ذلك لم يكن أي ما وقع شئ مما قلتم ارتحلني اتخذني راحلة له بالركوب على ظهري أن أعجله من التعجيل أو الاعجال وظهر منه أن تطويل سجدة على سجدة لا يضر
[ 232 ]
قوله (1147) خوى بيديه بمعجمة واو مشددة من خوى بالتخفيف إذا خلا أي جافى بطنه عن الارض ورفعها وجافى عضديه عن جنبيه حتى يخوى ما بين ذلك وضح إبطيه بفتحتين أي بياض تحتهما وذلك لمبالغة
[ 233 ]
في رفعهما وتجافيهما عن الجنبين والوضح البيان من كل شئ
[ 234 ]
قوله (1151) فقعد في الركعة الاولى هذا الحديث يدل على ثبوت جلسة الاستراحة ومن لا يقول بها حملها على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم فعلها في آخر عمره حين ثقل ولم يفعل قصدا والسنة ما فعله قصدا لا ما فعله بسبب آخر لكن أورد عليه قوله صلى الله تعالى عليه وسلم لمالك وأصحابه صلوا كما رأيتموني أصلي وأقل ذلك أن يكون مستحبا وأيضا قد جاء الامر بها في بعض روايات حديث الاعرابي المسئ صلاته والله تعالى أعلم
[ 235 ]
قوله (1157) ان من سنة الصلاة قد قرروا أن هذا اللفظ في حكم الرفع أن تضجع من الاضجاع أي تفرش
[ 236 ]
قوله واستقباله بالرفع عطف على أن تنصب وكذا الجلوس قوله ثم أشار بأصبعه قد سبق حديث الاشارة وأنها أخذ بها الجمهور من علمائنا وغيرهم وأن إنكار من أنكر من مشايخنا لا عبرة به قوله ثم أتيتهم
[ 237 ]
أي النبي صلى الله تعالى عليه وسلم وأصحابه من قابل في أيام البرد قوله (1160) عن علي بن عبد الرحمن المعافري هكذا في أصول قيل وهو تحريف من النساخ والصواب المعاوى كما في مسلم بضم الميم وكسر الواو نسبة إلى بني معاوية من الانصار ذكره في المشارق وغيره قوله ورمى ببصره إليها أي التفت به إليها قوله (1162) إذا جلسنا
[ 238 ]
في الركعتين أي في رأس كل ركعتين من الصلاة الثنائية أو الرباعية وترك ذكر القعدة الاخيرة من الثلاثية لقلتها وظهور أن حكمها كحكم غيرها من القعدات في هذا الذكر فلا يرد أن الحديث لا يشمل القعدة الاخيرة من الرباعية ثم أن المصنف قدم تشهد بن مسعود لما صرحوا به من أنه أصح التشهدات ثبوتا بالاتفاق فهو أحق بالاعتناء والله تعالى أعلم قوله علم من التعليم أو العلم وقوله فواتح الخير وخواتمه كناية عن تمام الخير أعجبه إليه ظاهره عموم الدعاء ومن لا يقول به يخصه بالوارد أي أعجبه إليه من الادعية الواردة إذ كل دعاء لا يناسب الصلاة فخصوه بالوارد والله تعالى أعلم
[ 239 ]
قوله (1167) جوامع الكلم أي من جوامع الكلم للخيرات قوله كما يعلمنا القرآن أي يهتم بحفظنا إياه
[ 240 ]
قوله (1168) فإن الله هو السلام قال النووي أي ان السلام اسم من أسمائه
[ 240 ]
قوله (1168) فإن الله هو السلام قال النووي أي ان السلام اسم من أسمائه تعالى ولا يخفى أن مجرد كونه اسما من أسمائه تعالى لا يمنع عن كون السلام بمعنى آخر ثابت له تعالى أو مطلوب الاثبات له تعالى فلا يصح قوله فإن الله الخ بالمعنى الذي ذكره علة للنهي الا أن يكون مبنيا على أن يكون السلام في قولهم السلام على فلان من أسمائه تعالى يعني السلام حفيظ أو رقيب عليك مثلا والاقرب أن يقال معناه الله هو معطي السلامة فلا يحتاج إلى أن يدعى له بالسلامة أو أنه تعالى هو السالم من الآفات التي لاجلها يطلب السلام عليه ولا يطلب السلام الا على من يمكن له عروض الآفات فلا يناسب طلب السلام عليه تعالى
[ 243 ]
اخبرنا محمد بن عبد الاعلى حدثنا المعتمر بن سليمان قال سمعت ايمن يقول حدثنى ابو الزبير عن جابر قال كان رسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد . الحديث) قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي قال ابن عساكر في تاريخه في ترجمة ايمن قرات بخط ابى عبد الرحمن النسائي لا نعلم احدا تابع ايمن على هذا الحديث وخالفه الليث في اسناده وايمن لا باس به والحديث خطا وقال الحاكم ايمن بن نابل ثقة تخرج حديثه في صحيح البخاري ولم يخرج هذا الحديث إذ ليس له متابع عن ابى الزبير من وجه يصح وقال الدارقطني في علله قد تابع ايمن على الثوري وابن جريج عن ابى الزبير (الرضف) براء وضاد معجمة وفاء
[ 244 ]
قوله (1176) في الركعتين كأنه على الرضف بفتح راء وسكون ضاد معجمة وفاء الحجارة المحماة الواحدة الرضفة والمراد بقوله في الركعتين في جلوس الركعتين في غير الثنائية يدل عليه قوله حتى يقوم وكونه على الرضف كناية عن التخفيف وحتى في قوله حتى يقوم للتعليل بقرينة الجواب بقوله ذاك يريد ولا يناسب هذا الجواب كون حتى للغاية فليتأمل قوله (1177) فقام في الشفع الخ يدل على أن القعدة الاولى ليست مما يبطل بتركها الصلاة بل يجزئ عنها سجود السهو تم الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وأوله كتاب السهو