النهاية في غريب الحديث
ابن الاثير ج 1
[ 1 ]
النهاية في غريب الحديث والاثر تأليف الامام مجد الدين أبي السعادات المبارك بن محمد ابن الاثير الاجزري المتوفى سنة 606 ه خرج أحاديثه وعلق عليه أبو عبدالرحمه صلاح بن محمد بن عويضة الجزء الاول المحتوى: حرف الهمزة - حرف الحاء منشورات محمد على بيضون دار الكتب العلمية بيروت. لبنان
[ 2 ]
الطبعة الاولى 1418 ه. 1997 م.
[ 3 ]
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعيه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يظلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون). (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا). (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما). أما بعد: فإن الاخ الاستاذ محمد علي بيضون صاحب دار الكتب العلمية قد عهد إلى بتحقيق هذا الكتاب وأسأل الله تعالى أن أكون وفيته بعض حقه، وصلى الله عليه خير خلقه سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم. كتبه أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة عفا الله عنه
[ 5 ]
التعريف بالمؤلف اسمه ونسبه: هو المبارك بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، ثم الموصلي الشافعي، يكني أبا السعادات، ويلقب مجد الدين، ويعرف بابن الاثير. مولده: ولد سنة (544 ه). ونشأ بالجزيرة، ولقن بها دروسه الاولى، ثم انتقل إلى الموصل. شيوخه: قرأ الادب والنحو على ناصح الدين أبي محمد سعيد بن المبارك بن علي بن الدهان البغدادي، وأبي الحرم مكي بن ريان بن شبة بن صالح. وأخذ النحو وسمع الحديث من أبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي. وسمع الحديث بالموصل من جماعة، منهم: أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي. وسمع ببغداد من أبي القاسم صاحب ابن الخل. وله مشايخ آخرون. تلامذته: روي عنه ولده، والشهاب الطوسي أبو الفتح محمد بن محمود نزيل مصر وشيخ الشافعية وآخر من روى عنه بالاجازة فخر الدين بن البخاري، وله تلامذته آخرون. ثناء العلماء عليه: قال ياقوت: كان عالما فاضلا وسيدا كاملا، وكان شافعيا. وقال ابن خلكان: كان فقيها محدثا ورعا مهيبا. مؤلفاته: 1 - النهاية في ريب الحديث والاثر. وهو هذا الكتاب.
[ 6 ]
2 - جامع الاصول في أحاديث الرسول. 3 - الشافي شرح مسند الامام الشافعي. 4 - المختار في مناقب الاخيار. 5 - البديع - في النحو - 6 - الباهر في الفروق. وله مؤلفات أخرى. وفاته: توفي رضي الله عنه ورحمه الله يوم الخميس سلخ ذي الحجة سنة (606)، ودفن برباطه في درب دراج داخل البلد. مصادر ترجمته: 1 - معجم الادباء 17 / 71 - 77. 2 - النجوم الزاهرة 6 / 198 - 199. 3 - شذرات الذهب 5 / 22 - 23. 4 - وفيات الاعيان 3 / 289 - 291. 5 - مقدمة جامع الاصول 1 / 12. كتبه: أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة.
[ 7 ]
بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة المؤلف أحمد الله على نعمه بجميع محامده، وأثني عليه بآلائه في بادئ الأمر وعائده، وأشكره على وافر عطائه ورافده، وأعترف بلطفه في مصادر التوفيق وموارده. وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، شهادة متحل بقلائد الإخلاص وفرائده، مستقل بإحكام قواعد التوحيد ومعاقده. وأصلي على رسوله جامع نوافر الإيمان وشوارده، ورافع أعلام الإسلام ومطارده وشارع نهج الهدى لقاصده، وهادي سبيل الحق وماهده، وعلى آله وأصحابه حماة معالم الدين ومعاهده، ورادة مشرعه السائغ لوارده. أما بعد، فلا خلاف بين أولي الألباب والعقول، ولا ارتياب عند ذوي المعارف والمحصول، أن علم الحديث والآثار من أشرف العلوم الإسلامية قدرا، وأحسنها ذكرا، وأكملها نفعا وأعظمها أجرا. وأنه أحد أقطاب الأسلام التي يدور عليها، ومعاقده التي أضيف إليها، وأنه فرض من فروض الكفايات يجب التزامه، وحق من حقوق الدين يتعين إحكامه واعتزامه. وهو على هذه الحال - من الاهتمام البين والالتزام المتعين - ينقسم قسمين: أحدهما معرفة ألفاظه، والثاني معرفة معانيه. ولاشك أن معرفة ألفاظه مقدمة في الرتبة، لأنها الأصل في الخطاب وبها يحصل التفاهم، فإذا عرفت ترتبت المعاني عليها، فكان الإهتمام ببيانها أولى. ثم الألفاظ تنقسم إلى مفردة ومركبة، ومعرفة المفردة مقدمة على معرفة المركبة، لأن التركيب فرع عن الإفراد. والألفاظ المفردة تنقسم قسمين: أحدهما خاص والآخر عام.
[ 8 ]
أما العام فهو ما يشترك في معرفته جمهور أهل اللسان العربي مما يدور بينهم في الخطاب، فهم في معرفته شرع سواء أو قريب من السواء، تناقلوه فيما بينهم وتداولوه، وتلقفوه من حال الصغر لضرورة التفاهم وتعلموه. وأما الخاص فهو ما يدور فيه من الألفاظ اللغوية، والكلمات الغريبة الحشوية، التي لا يعرفها إلا من عني بها، وحافظ عليها واستخرجها من مظانها - وقليل ما هم - فكان الاهتمام بمعرفة هذا النوع الخاص من الألفاظ أهم مما سواه، وأولى بالبيان مما عداه، ومقدما في الرتبة على غيره، ومبدوا في التعريف بذكره، إذ الحاجة إليه ضرورية في البيان، لازمة في الإيضاح والعرفان. ثم معرفته تنقسم إلى معرفة ذاته وصفاته: أما ذاته فهي معرفة وزن الكلمة وبنائها، وتأليف حروفها وضبطها، لئلا يتبدل حرف بحرف أو بناء ببناء. وأما صفاته فهي معرفة حركاته وإعرابه، لئلا يختل فاعل بمفعول، أو خبر بأمر، أو غير ذلك من المعاني التي مبنى فهم الحديث عليها، فمعرفة الذات استقل بها علماء اللغة والاشتقاق، ومعرفة الصفات استقل بها علماء النحو والتصريف، وإن كان الفريقان لا يكادان يفترقان لاضطرار كل منهما إلى صاحبه في البيان. وقد عرفت - أيدك الله وإيانا بلطفه وتوفيقه -: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أفصح العرب لسانا، وأوضحهم بيانا. وأعذبهم نطقا، وأسدهم لفظا. وأبينهم لهجة، وأقومهم حجة. وأعرفهم بمواقع الخطاب، وأهداهم إلى طرق الصواب. تأييدا إلهيا، ولطفا سماويا. وعناية ربانية، ورعاية روحانية، حتى لقد قال له علي بن أبي طالب كرم الله وجهه - وسمعه يخاطب وفد بني نهد -: يا رسول الله نحن بنو أب واحد، ونراك تكلم وفود العرب بما لا نفهم أكثره ! فقال (أدبني ربي فأحسن تأديبي، وربيت في بني سعد). فكان صلى الله عليه وسلم يخاطب العرب على اختلاف شعوبهم وقبائلهم، وتباين بطونهم وأفخاذهم وفصائلهم، كلا منهم بما يفهمون، ويحادثهم بما يعلمون. ولهذا قال - صدق الله قوله -: (أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم)، فكأن الله عز وجل قد أعلمه ما لم يكن يعلمه غيره من بني أبيه، وجمع فيه من المعارف ما تفرق ولم يوجد في قاصي العرب ودانيه. وكان أصحابه رضي الله عنهم ومن يفد عليه من العرب يعرفون أكثر ما يقوله، وما جهلوه سألوه عنه فيوضحه لهم.
[ 9 ]
واستمر عصره صلى الله عليه وسلم إلى حين وفاته على هذا السنن المستقيم. وجاء العصر الثاني - وهو عصر الصحابة - جاريا على هذا النمط سالكا هذا المنهج. فكان اللسان العربي عندهم صحيحا محروسا لا يتداخله الخلل، ولا يتطرق إليه الزلل، إلى أن فتحت الأمصار، وخالط العرب غير جنسهم من الروم والفرس والحبش والنبط، وغيرهم من أنواع الأمم الذين فتح الله على المسلمين بلادهم، وأفاء عليهم أموالهم ورقابهم، فاختلطت الفرق وامتزجت الألسن، وتداخلت اللغات ونشأ بينهم الأولاد، فتعلموا من اللسان العربي ما لا بد لهم في الخطاب منه، وحفظوا من اللغة مالا غنى لهم في المحاورة عنه، وتركو ما عداه لعدم الحاجة إليه، وأهملوه لقلة الرغبة في الباعث عليه، فصار بعد كونه من أهم المعارف مطرحا مهجورا، وبعد فرضيته اللازمة كأن لم يكن شيئا مذكورا. وتمادت الأيام والحالة هذه على ما فيها من التماسك والثبات، واستمرت على سنن من الاستقامة والصلاح، إلى أن انقرض عصر الصحابة والشأن قريب، والقائم بواجب هذا الأمر لقلته غريب. وجاء التابعون لهم بإحسان فسلكوا سبيلهم لكنهم قلوا في الإتقان عددا، واقتفوا هديهم وإن كانوا مدوا في البيان يدا، فما انقضى زمانهم على إحسانهم إلا واللسان العربي قد استحال أعجميا أو كاد، فلا ترى المستقل به والمحافظ عليه إلا الآحاد. هذا والعصر ذلك العصر القديم، والعهد ذلك العهد الكريم، فجهل الناس من هذا المهم ما كان يلزمهم معرفته، وأخروا منه ما كان يجب تقدمته، واتخذوه وراءهم ظهريا فصار نسيا منسيا، والمشتغل به عندهم بعيدا قصيا، فلما أعضل الداء وعز الدواء، ألهم الله عز وجل جماعة من أولي المعارف والنهى، وذوي البصائر والحجى، أن صرفوا إلى هذا الشأن طرفا من عنايتهم، وجانبا من رعايتهم، فشرعوا فيه للناس مواردا، ومهدوا فيه لهم معاهدا، حراسة لهذا العلم الشريف من الضياع، وحفظا لهذا المهم العزيز من الاختلال. فقيل إن أول من جمع في هذا الفن شيئا وألف أبو عبيدة معمر بن المثنى التميمي، فجمع من ألفاظ غريب الحديث والأثر كتابا صغيرا ذا أوراق معدودات، ولم تكن قلته لجهله بغيره من غريب الحديث، وإنما كان ذلك لأمرين: أحدهما أن كل مبتدئ لشئ لم يسبق إليه، ومبتدع لأمر لم يتقدم فيه عليه، فإنه يكون قليلا ثم يكثر، وصغيرا ثم يكبر. والثاني أن الناس يومئذ كان فيهم بقية وعندهم معرفة، فلم يكن الجهل قد عم، ولا الخطب قد طم. ثم جمع أبو الحسن النضر بن شميل المازني بعده كتابا في غريب الحديث أكبر من كتاب أبي عبيدة، وشرح فيه وبسط على صغر حجمه ولطفه. ثم جمع عبد الملك بن قريب الأصمعي - وكان في عصر أبي عبيدة وتأخر عنه - كتابا أحسن فيه الصنع وأجاد، ونيف على كتابه وزاد، وكذلك محمد بن المستنير المعروف بقطرب، وغيره من أئمة اللغة والفقه جمعوا أحاديث تكلموا على لغتها ومعناها في أوراق ذوات عدد، ولم يكد أحدهم ينفرد
[ 10 ]
عن غيره بكبير حديث لم يذكره الآخر. واستمرت الحال إلى زمن أبي عبيد القاسم بن سلام وذلك بعد المائتين، فجمع كتابه المشهور في غريب الحديث والآثار الذي صار - وإن كان أخيرا - أولا، لما حواه من الأحاديث والآثار الكثيرة، والمعاني اللطيفة، والفوائد الجمة، فصار هو القدوة في هذا الشأن فإنه أفنى فيه عمره وأطاب به ذكره، حتى لقد قال فيما يروى عنه: (إني جمعت كتابي هذا في أربعين سنة، وهو كان خلاصة عمري). ولقد صدق رحمه الله فإنه احتاج إلى تتبع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم على كثرتها وآثار الصحابة والتابعين على تفرقها وتعددها، حتى جمع منها ما احتاج إلى بيانه بطرق أسانيدها وحفظ روتها، وهذا فن عزيز شريف لا يوفق له إلا السعداء. وظن رحمه الله - على كثرة تعبه وطول نصبه - أنه قد أتى على معظم غريب الحديث وأكثر الآثار، وما علم أن الشوط بطين (أي بعيد) والمنهل معين. وبقي على ذلك كتابه في أيدي الناس يرجعون إليه، ويعتمدون في غريب الحديث عليه، إلى عصر أبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري رحمه الله، فصنف كتابه المشهور في غريب الحديث والآثار، حذا فيه حذو أبي عبيد ولم يودعه شيئا من الأحاديث المودعة في كتاب أبي عبيد إلا ما دعت إليه حاجة من زيادة وبيان أو استدراك أو اعتراض، فجاء كتابه مثل كتاب أبي عبيد أو أكبر منه. وقال في مقدمة كتابه: (وقد كنت زمانا أرى أن كتاب أبي عبيد قد جمع تفسير غريب الحديث، وأن النظر فيه مستغن به. ثم تعقبت ذلك بالنظر والتفتيش والمذاكرة فوجدت ما ترك نحوا مما ذكر، فتتبعت ما أغفل وفسرته على نحو مما فسر، وأرجو أن لا يكون بقي بعد هذين الكتابين من غريب الحديث ما يكون لأحد فيه مقال). وقد كان في زمانه الإمام إبراهيم بن إسحاق الحربي رحمه الله، وجمع كتابه المشهور في غريب الحديث، وهو كتاب كبير ذو مجلدات عدة، جمع فيه وبسط القول وشرح، واستقصى الاحاديث بطرق أسانيدها، وأطاله بذكر متونها وألفاظها، وإن لم يكن فيها إلا كلمة واحدة غريبة، فطال ذللك كتابه وبسبب طوله ترك وهجر، وإن كان كثير الفوائد جم المنافع، فإن الرجل كان إماما حافظا متقنا عارفا بالفقه والحديث واللغة والادب رحمة الله عليه. ثم صنف الناس غير من ذكرنا في هذا الفن تصانيف كثيرة، منهم شمر بن حمدويه، وأبو العباس أحمد بن يحي اللغوي المعروف بثعلب. وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي المعروف بالمبرد. وأبو بكر محمد بن القاسم الأنباري، وأحمد بن الحسن الكندي. وأبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب. وغير هؤلاء من أئمة اللغة والنحو والفقه والحديث. ولم يخل زمان وعصر ممن جمع في هذا الفن شيئا وانفرد فيه بتأليف، واستبد فيه بتصنيف. واستمرت الحال إلى عهد الإمام أبي سليمان أحمد بن محمد بن أحمد الخطابي البستي رحمه الله، وكان بعد الثلثمائة والستين وقبلها، فألف كتابه المشهور في غريب
[ 11 ]
الحديث، سلك فيه نهج أبي عبيد وابن قتيبة، واقتفى هديهما، وقال في مقدمة كتابه - بعد أن ذكر كتابيهما وأثنى عليهما -: (وبقيت بعدهما صبابة للقول فيها متبرض توليت جمعها وتفسيرها، مسترسلا بحسن هدايتهما وفضل إرشادهما، بعد أن مضى علي زمان وأنا أحسب أنه لم يبق في هذا الباب لأحد متكلم، وأن الأول لم يترك للآخر شيئا وأتكل على قول ابن قتيبة في خطبة كتابه: إنه لم يبق لأحد في غريب الحديث مقال). وقال الخطابي ايضا بعد أن ذكر جماعة من مصنفي الغريب وأثنى عليهم: (إلا أن هذه الكتب على كثرة عددها إذا حصلت كان مآلها كالكتاب الواحد. إذ كان مصنفوها إنما سبيلهم فيها أن يتوالوا على الحديث الواحد فيعتوروه فيما بينهم، ثم يتباروا في تفسيره ويدخل بعضهم على بعض، ولم يكن من شرط المسبوق أن يفرج للسابق عما أحرزه، وأن يقتضب الكلام في شئ لم يفسر قبله على شاكلة ابن قتيبة وصنيعه في كتابه الذي عقببه به كتاب أبي عبيد، ثم إنه ليس لواحد من هذه الكتب التي ذكرناها أن يكون شيئا منها على منهاج كتاب أبي عبيد في بيان اللفظ وصحة المعنى وجودة الاستنباط وكثرة الفقه، ولا أن يكون من جنس كتاب ابن قتيبة في إشباع التفسير وإيراد الحجة وذكر النظائر وتخليص المعاني، وإنما هي أو عامتها إذا تقسمت وقعت بين مقصر لا يورد في كتابه إلا أطرافا وسواقط من الحديث، ثم لا يوفيها حقها من إشباع التفسير وإيضاح المعنى، وبين مطيل يسرد الأحاديث المشهورة التي لا يكاد يشكل منها شئ، ثم يتكلف تفسيرها ويطنب فيها. وفي الكتابين غنى ومندوحة عن كل كتاب ذكرناه قبل، إذ كانا قد أتيا على جماع ما تضمنت الأحاديث المودعة فيهما من تفسير وتأويل، وزادا عليه فصارا أحق به وأملك له، ولعل الشئ بعد الشئ منها قد يفوتهما. قال الخطابي: وأما كتابنا هذا فإني ذكرت فيه ما لم يرد في كتابيهما، فصرفت إلى جمعه عنايتي، ولم أزل أتتبع مظانها وألتقط آحادها، حتى اجتمع منها ما أحب الله أن يوفق له، واتسق الكتاب فصار كنحو من كتاب أبي عبيد أو كتاب صاحبه. قال: وبلغني أن أبي عبيد مكث في تصنيف كتابه أربعين سنة يسأل العلماء عما أودعه من تفسير الحديث والأثر، والناس إذ ذاك متوافرون، والروضة أنف، والحوض ملآن. ثم قد غادر الكثير منه لمن بعده. ثم سعى له أبو محمد سعي الجواد، فأسأر القدر الذي جمعناه في كتابنا، وقد بقي من وراء ذلك أحاديث ذوات عدد لم أتيسر لتفسيرها تركتها ليفتحها الله على من يشاء من عباده، ولكل وقت قوم، ولكل نشئ علم. قال الله تعالى وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم.
[ 12 ]
قلت: لقد أحسن الخطابي رحمة الله عليه وأنصف، عرف الحق فقاله، وتحرى الصدق فنطق به، فكانت هذه الكتب الثلاثة في غريب الحديث والأثر أمهات الكتب، وهي الدائرة في أيدي الناس والتي يعول عليها علماء الأمصار، إلا أنها وغيرها من الكتب المصنفة التي ذكرتاها أو لم نذكرها لم يكن فيها كتاب صنف مرتبا ومقفى يرجع الإنسان عند طلب الحديث إليه إلا كتاب الحربي، وهو على طوله وعسر ترتيبه لا يوجد الحديث فيه إلا بعد تعب وعناء، ولاخفاء لما في ذلك من المشقة والنصب مع كون الحديث المطلوب لا يعرف في أي واحد من الكتب هو، فيحتاج طالب غريب حديث إلى اعتبار جميع الكتب أو أكثرها حتى يجد غرضه من بعضها. فلما كان زمن أبي عبيد أحمد بن محمد الهروي صاحب الإمام أبي منصور الأزهري اللغوي، وكان في زمن الخطابي وبعده وفي طبقته، صنف كتابه المشهور السئر في الجمع بين غريبي القرآن العزيز والحديث، ورتبه مقفى على حروف المعجم على وضع لم يسبق في غريب القرآن والحديث إليه. فاستخرج الكلمات اللغوية الغريبة من أماكنها وأثبتها في حروفها وذكر معانيها، إذ كان الغرض والمقصد من هذا التصنيف معرفة الكلمة الغريبة لغة وإعرابا ومعنى، لا معرفة متون الأحاديث والأحاديث والآثار وطرق أسانيدها وأسماء رواتها، فإن ذلك علم مستقبل بنفسه مشهور بين أهله. ثم إنه جمع فيه من غريب الحديث ما في كتاب أبي عبيد وابن قتيبة وغيرهما ممن تقدمه عصره من مصنفي الغريب، مع ما أضاف إليه مما تتبعه من كلمات لم تكن في واحد من الكتب المصنفة قبله، فجاء كتابه جامعا في الحسن بين الإحاطة والوضع. فإذا أراد الإنسان كلمة غريبة وجدها في حرفها بغير تعب، إلا أنه جاء الحديث مفرقا في حروف كلماته حيث كان هو المقصود والغرض، فانتشر كتابه بهذا التسهيل والتيسير في البلاد والأمصار، وصار هو العمدة في غريب الحديث والآثار. وما زال الناس بعده يقتفون هديه، ويتبعون أثره، ويشكرون له سعيه، ويستدركون ما فاته من غريب الحديث والآثار، ويجمعون فيه مجاميع. والأيام تنقضي، والأعمار تفنى ولا تنقضي إلا عن تصنيف في هذا الفن إلى عهد الإمام أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري الخوارزمي رحمه الله، فصنف كتابه المشهور في غريب الحديث وسماه (الفائق ولقد صادف هذا الاسم مسمى، وكشف من غريب الحديث كل معمى، ورتبه على وضع اختاره مقفى على حروف المعجم، ولكن في العثور على طلب الحديث منه كلفة ومشقة، وإن كانت دون غيره من متقدم الكتب لأنه جمع في التقفية بين إيراد الحديث مسرودا جميعه أو أكثره أو أقله، ثم شرح ما فيه من غريب فيجئ شرح كل كلمة غريبة يشتمل عليها ذلك الحديث في حرف واحد من حروف
[ 13 ]
المعجم، فترد الكلمة في غير حرفها، وإذا تطلبها الإنسان تعب حتى يجدها، فكان كتاب الهروي أقرب متناولا وأسهل مأخذا، وإن كانت كلماته متفرقة في حروفها، وكان النفع به أتم والفائدة منه أعم. فلما كان زمن الحافظ أبي موسى محمد بن أبي بكر بن أبي عيسى المديني الأصفهاني، وكان إماما في عصره حافظا متقنا تشد إليه الرحال، وتناط به من الطلبة الآمال، قد صنف كتابا جمع فيه ما فات الهروي من غريب القرآن والحديث يناسبه قدرا وفائدة، ويماثله حجما وعائدة، وسلك في وضعه مسلكه، وذهب فيه مذهبه، ورتبه كما رتبه، ثم قال: (واعلم أنه سيبقى بعد كتابي أشياء لم تقع لي ولا وقفت عليها، لأن كلام العرب لا ينحصر). ولقد صدق رحمه الله فإن الذي فاته من الغريب كثير، ومات سنة إحدى وثمانين وخمسمائة. وكان في زماننا أيضا معاصر أبي موسى الإمام أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي البغدادي رحمه الله، كان متفننا في علومه متنوعا في معارفه، فاضلا، لكنه كان يغلب عليه الوعظ. وقد صنف كتابا في غريب الحديث خاصة نهج فيه طريق الهروي في كتابه، وسلك فيه محجته مجردا من غريب القرآن. وهذا لفظه في مقدمته بعد أن ذكر مصنفي الغريب: قال: (فقويت الظنون أنه لم يبق شئ، وإذا قد فاتهم أشياء فرأيت أن أبذل الوسع في جمع غريب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعيهم، وأرجو ألا يشذ عني مهم من ذلك، وأن يغني كتابي عن جميع ما صنف في ذلك). هذا قوله. ولقد تتبعت كتابه فرأيته مختصرا من كتاب الهروي، منتزعا من أبوابه شيئا فشيئا ووضعا فوضعا، ولم يزد عليه إلا الكلمة الشاذة واللفظة الفاذة. ولقد قايست ما زاد في كتابه على ما أخذه من كتاب الهروي فلم يكن إلا جزءا يسيرا من أجزاء كثيرة. وأما أبو موسى الأصفهاني رحمه الله فإنه لم يذكر قي كتابه مما ذكره الهروي إلا كلمة اضطر إلى ذكرها إما لخلل فيها، أو زيادة في شرحها، أو وجه آخر في معناه، ومع ذلك فإن كتابه يضاهي كتاب الهروي كما سبق، لأن وضع كتابه استدراك ما فات الهروي. ولما وقفت على كتابه الذي جعله مكملا لكتاب الهروي ومتمما وهو في غاية من الحسن والكمال، وكان الإنسان إذا أراد كلمة غريبة يحتاج إلى أن يتطلبها في أحد الكتابين فإن وجدها فيه وإلا طلبها من الكتاب الآخر، وهما كتابان كبيران ذوا مجلدات عدة، ولا خفاء بما في ذلك من الكلفة، فرأيت أن أجمع ما فيهما من غريب الحديث مجردا من غريب القرآن، وأضيف كل كلمة إلى أختها في بابها تسهيلا لكلفة الطلب، وتمادت بي الأيام في ذلك أقدم رجلا وأؤخر أخرى، إلى أن قويت العزيمة وخلصت النية، وتحققت في إظهار ما في القوة إلى الفعل، ويسر الله الأمر وسهله، وسناه ووفق إليه، فحينئذ أمعنت النظر وأنعمت
[ 14 ]
الفكر في اعتبار الكتابين والجمع بين ألفاظهما، وإضافة كل منهما إلى نظيره في بابه، فوجدتهما - على كثرة ما أدع فيهما من غريب الحديث والأثر - قد فاتهما الكثير الوافر، فإني في بادئ الأمر وأول النظر مر بذكري كلمات غريبة من غرائب أحاديث الكتب الصحاح كالبخاري ومسلم - وكفاك بهما شهرة في كتب الحديث - لم يرد شئ منهما في هذين الكتابين، فحيث عرفت ذلك تنبهت لاعتبار غير هذين الكتابين من كتب الحديث المدونة المصنفة في أول الزمان وأوسطه وآخره. فتتبعتها واستقريت ما حضرني منها، واستقصيت مطالعتها من المسانيد والمجاميع وكتب السنن والغرائب قديمها وحديثها، وكتب اللغة على اختلافها، فرأيت فيها من الكلمات الغريبة مما فات الكتابين كثيرا، فصدفت حينئذ عن الاقتصار على الجمع بين كتابيهما، وأضفت ما عثرت عليه ووجدته من الغرائب إلى ما في كتابيهما في حروفها مع نظائرها وأمثالها. وما أحسن ما قال الخطابي وأبو موسى رحمة الله عليهما في مقدمتي كتابيهما، وأنا أقول أيضا مقتديا بهما: كم يكون قد فاتني من الكلمات الغريبة التي تشتمل عليها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وأصحابه وتابعيهم رضي الله عنهم، جعلها الله سبحانه ذخيرة لغيري يظهرها على يده ليذكر بها. ولقد صدق القائل الثاني: كم ترك الأول للآخر، فحيث حقق الله سبحانه النية في ذلك سلكت طريقة الكتابين في الترتيب الذي اشتملا عليه، والوضع الذي حوياه من التقفية على حروف المعجم بالتزام الحرف الأول والثاني من كل كلمة، وإتباعهما بالحرف الثالث منهما على سياق الحروف، إلا أني وجدت في الحديث كلمات كثيرة في أوائلها حروف زائدة قد بنيت الكلمة عليها حتى صارت كأنها من نفسها، وكان يلتبس موضعها الأصلي على طالبها، لا سيما وأكثر طلبة غريب الحديث لا يكادون يفرقون بين الأصلي والزائد، فرأيت أن أثبتهما في باب الحرف الذي هو في أولها وإن لم يكن أصليا ونبهت عند ذكره على زيادته لئلا يراها أحد في غير بابها فيظن أني وضعتها فيه للجهل بها فلا أنسب إلى ذلك، ولا أكون قد عرضت الواقف عليها للغيبة وسوء الظن، ومع هذا فإن المصيب بالقول والفعل قليل بل عديم. ومن الذي يأمن الغلط والسهو والزلل ؟ نسأل الله العصمة والتوفيق. وأنا أسأل من وقف على كتابي هذا ورأى خطأ أو خللا إن يصلحه وينبه عليه ويوضحه ويشير إليه حائزا بذلك مني شكرا جميلا، ومن الله تعالى أجرا جزيلا. وجعلت على ما فيه من كتاب الهروي (هاء) بالحمرة، وعلى ما فيه من كتاب أبي موسى (سينا) وما أضفته من غيرهما مهملا بغير علامة ليتميز ما فيها عما ليس فيها. وجميع ما في هذا الكتاب من غريب الحديث والآثار ينقسم قسمين: أحدهما مضاف إلى مسمى، والآخر غير مضاف، فما كان غير مضاف فإن أكثره والغالب عليه أنه من
[ 15 ]
أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الشئ القليل الذي لا تعرف حقيقته هل هو من حديثه أو حديث غيره، وقد نبهنا عليه في مواضعه. وأما ما كان مضافا إلى مسمى فلا يخلو إما أن يكون ذلك المسمى هو صاحب الحديث واللفظ له، وإما أن يكون راويا للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو غيره، وإما أن يكون سببا في ذكر ذلك الحديث أضيف إليه، وإما أن يكون له فيه ذكر عرف الحديث به واشتهر بالنسبة إليه، وقد سميته: النهاية في غريب الحديث والأثر " وأنا أرغب إلى كرم الله تعالى أن يجعل سعيي فيه خالصا لوجهه الكريم، وأن يتقبله ويجعله ذخيرة لي عنده يجزيني بها في الدار الآخرة، فهو العالم بمودعات السرائر وخفيات الضمائر. وأن يتغمدني بفضله ورحمته، ويتجاوز عني بسعة مغفرته. إنه سميع قريب. وعليه أتوكل وإليه أنيب.
[ 17 ]
حرف الهمزة باب الهمزة مع الباء أبب) في حديث أنس) أن عمر بن الخطاب قرأ قول الله تعالى: وفاكهة وأبا وقال: (فما الأب ؟ ثم قال: ما كلفنا أو ما أمرنا بهذا). الأب: المرعى المتهيئ للرعي والقطع: وقيل الأب من المرعى للدواب كالفاكهة للإنسان. ومنه حديث قس بن ساعدة: فجعل يرتع أبا، وأصيد ضبا. (أبد [ ه ] قال رافع بن خديج: أصبنا نهب إبل فند منها بعير فرماه رجل بسهم فحبسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لهذه الإبل كأوابد الوحش، فإذا غلبكم منها شئ فافعلوا به هكذا) الأوابد جمع آبدة وهي التي قد تأبدت أي توحشت ونفرت من الإنس. وقد أبدت تأبد وتأبد. ومنه حديث أم زرع (فأراح علي من كل سائمة زوجين، ومن كل آبدة اثنتين) تريد أنواعا من ضروب الوحش. ومنه قولهم: جاء بآبدة: أي بأمر عظيم ينفر منه ويستوحش. وفي حديث الحج (قال له سراقة بن مالك: أرأيت متعتنا هذه ألعامنا أم للأبد ؟ فقال: بل هي للأبد) وفي رواية (ألعامنا هذا أم لأبد ؟ فقال: بل لأبد أبد) وفي أخرى (لابد الأبد) والأبد: الدهر، أي هي لآخر الدهر. أبر) ه) فيه (خير المال مهرة مأمورة، وسكة مأبورة) السكة: الطريقة المصطفة من النخل، والمأبورة الملقحة، يقال: أبرت النخلة وأبرتها فهي مأبورة ومؤبرة، والاسم الإبار. وقيل السكة: سكة الحرث، والمأبورة المصلحة له، أراد: خير المال نتاج أو زرع.
[ 18 ]
(ه) ومنه الحديث (من باع نخلا قد أبري فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع) * - ومنه حديث علي بن أبي طالب في دعائه على الخوارج (أصابكم حاصب ولا بقي منكم آبر) أي رجل يقوم بتأبير النخل وإصلاحها، فهو اسم فاعل من أبر المخففة، ويروى بالثاء المثلثة، وسيذكر في موضعه. ومنه قول مالك بن أنس (يشترط صاحب الأرض على المساقي كذا وكذا وإبار النخل). (س) وفي حديث أسماء بنت عميس (قيل لعلي: ألا تتزوج ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: ما لي صفراء ولا بيضاء، ولست بمأبور في ديني فيوري بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عني، إني لأول من أسلم) المأبور: من أبرته العقرب: أي لسعته بإبرتها، يعني: لست غير الصحيح الدين، ولا المتهم في الإسلام فيتألفني عليه بتزويجها إياي. ويروى بالثاء المثلثة، وسيذكر. ولو روي: لست بمأبون - بالنون - أي متهم لكان وجها. (س) ومنه حديث مالك [ بن دينار ] (مثل المؤمن مثل الشاة المأبورة) إي التي أكلت الإبرة في علفها فنشبت في جوفها، فهي لا تأكل شيئا، وإن أكلت لم ينجع فيها. (س) ومنه حديث علي (والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لتخضبن هذه من هذه، وأشار إلى لحيته ورأسه) فقال الناس: لو عرفناه أبرنا عترته: أي أهلكناه، وهو من أبرت الكلب إذا أطعمته الإبرة في الخبز، هكذا أخرجه الحافظ أبو موسى الأصفهاني في حرف الهمزة، وعاد أخرجه في حرف الباء، وجعله من البوار: الهلاك، فالهمزة في الأول إصلية، وفي الثاني زائدة، وسيجئ في موضعه أبرد) س) فيه (إن البطيخ يقلع (في ا واللسان: (يقطع)) الإبردة) الإبردة - بكسر الهمزة والراء - علة معروفة من غلبة البرد والرطوبة تفتر عن الجماع، وهمزتها زائدة، أوردناها ها هنا حملا على ظاهر لفظها. أبرز) ه) فيه (ومنه ما يخرج كالذهب الإبريز) أي الخالص، وهو الإبريزي أيضا، والهمزة والياء زائدتان. أبس) س) في حديث جبير بن مطعم قال: (جاء رجل إلى قريش من فتح خيبر فقال: إن أهل خيبر أسروا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويريدون أن يرسلوا به إلى قومه ليقتلوه، فجعل المشركون يؤبسون به العباس) أي يعير به. وقيل يخوفونه. وقيل يرغمونه. وقيل يغضبوبه ويحملونه على إغلاظ القول له. يقال: أبسته أبسا وأبسته تأبيسا. أبض) س) فيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم بال قاءما لعلة بمأبضيه) المأبض: باطن الركبة ها هنا،
[ 19 ]
وهو من الإباض. الحبل الذي يشد به رسغ البعير إلى عضده. والمأبض مفعل منه: أي موضع الإباض. والعرب تقول: إن البول قائما يشفي من تلك العلة. وسيجئ في حرف الميم. أبط * فيه (أما والله إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها) أي يجعلها تحت إبطه. (ه) ومنه حديث أبي هريرة (كانت رديته التأبط) وهو إن يدخل الثوب تحت يده اليمنى فيلقيه على منكبه الأيسر. (ه) ومنه حديث عمرو بن العاص (أنه قال لعمر: إني والله ما تأبطتني الإماء) أي لم يحضنني ويتولين تربيتي. أبق * فيه (أن عبدا لابن عمر أبق فلحق بالروم) أبق العبد يأبق ويأبق إباقا إذا هرب، وتأبق إذا استتر. وقيل احتبس. ومنه حديث شريح (كان يرد العبد من الإباق البات) اي القاطع الذي لا شبهة فيه. وقد تكرر ذكر الإباق في الحديث. (أبل) س) فيه (لاتبع الثمرة حتى تأمن عليها الأبلة) الأبلة بوزن العهدة والآفة. وفي حديث يحي بن يعمر (كل ما أديت زكاته فقد ذهبت أبلته) ويروى (وبلته) الأبلة - بفتح الهمزة والباء - الثقل والطلبة. وقيل هو من الوبال، فإن كان من الأول فقد قلبت همزته في الرواية الثانية واوا، وإن كان من الثاني فقد واوه في الرواية الأولى همزة. (س) وفيه (الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة) يعني أن المرضي المنتجب من الناس في عزة وجوده كالنجيب من الإبل القوي على الأحمال والأسفار الذي لا يوجد في كثير من الإبل. قال الأزهري: الذي عندي فيه أن الله ذم الدنيا وحذر العباد سوء مغبتها، وضرب لهم فيها الأمثال ليعتبروا ويحذروا، كقوله تعالى (إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه) الآية. وما أشبهها من الآي. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحذرهم ما حذرهم الله ويزهدهم فيها، فرغب أصحابه بعده فيها وتنافسوا عليها حتى كان الزهد في النادر القليل منهم، فقال: تجدون الناس بعدي كأبل مائة ليس فيها راحلة، أي أن الكامل في الزهد في الدنيا
[ 20 ]
والرغبة في الآخرة قليل كقلة الراحلة في الإبل. والراحلة هي البعير القوي على الأسفار والأحمال، النجيب التام الخلق الحسن المنظر. ويقع على الذكر والأنثى. والهاء فيه للمبالغة. - ومنه حديث ضوال الإبل (أنها كانت في زمن عمر إبلا مؤبلة لا يمسها أحد) إذا كانت الإبل مهملة قيل إبل أبل، فإذا كانت للقنية قيل إبل مؤبلة، أراد أنها كانت لكثرتها مجتمعة حيث لا يتعرض إليها. (ه) وفي حديث وهب (تأبل آدم عليه السلام على حواء بعد مقتل ابنه كذا وكذا عاما) أي توحش عنها وترك غشيانها. (س) ومنه الحديث (كان عيسى عليه السلام يسمى أبيل الأبيلين) الأبيل - بوزن الأمير -: الراهب، سمي به لتأبله عن النساء وترك غشيانهن، والفعل منه أبل يأبل إبالة إذا تنسك وترهب. قال الشاعر: وما سبح الرهبان في كل بلدة * أبيل الأبيلن المسيح بن مريما ويروى: - أبيل الأبيليين عيسى بن مريما * على النسب (س) وفي حديث الاستسقاء (فألف الله بين السحاب فأبلنا) أي مطرنا وابلا، وهو المطر الكثير القطر، والهمزة فيه بدل من الواو، مثل أكد ووكد. وقد جاء في بعض الروايات (فألف الله بين السحاب فوبلتنا) جاء به على الأصل. - وفيه ذكر (الأبلة) وهي بضم الهمزة والباء وتشديد اللام: البلد المعروف قرب البصرة من جانبها البحري. وقيل هو اسم نبطي وفيه ذكر (أبلى) - هو بوزن حبلى - موضع بأرض بني سليم بين مكة والمدينة بعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما. وفيه ذكر (آبل) - وهو بالمد وكسر الباء - موضع له ذكر في جيش أسامة، يقال له آبل الزيت. أبلم) س) في حديث السقيفة (الأمر بيننا وبينكم كقد الأبلمة) الأبلمة بضم الهمزة والام وفتحهما وكسرهما: خوصة المقل، وهمزتها زائدة. وإنما ذكرناها ها هنا حملا على ظاهر لفظها. يقول: نحن وإياكم في الحكم سواء، لا فضل لأمير على مأمور، كالخصة
[ 21 ]
إذا شقت باثنتين متساويتين. أبن) ه) في وصف مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم (لاتؤبن فيه الحرم) أي لا يذكرن بقبيح، كان يصان مجلسه عن رفث القول. يقال أبنت الرجل آبنه وآبنه إذا رميته بخلة سوء، فهو مأبن، وهو مأخوذ من الأبن (في الهروي: الواحدة (أبنة) بضم الهمزة وسكون الباء وفتح النون)، وهي العقد تكون في القسي تفسدها وتعاب بها (ه) ومنه الحديث (أنه نهى عن الشعر إذا أبنت فيه النساء) (ه) ومنه حديث الإفك (أشيروا علي في أناس أبنو أهلي) أي اتهموها. والأبن التهمة (ه) ومنه حديث أبي الدرداء (أن نؤبن بما ليس فينا فربما زكينا بما ليس فينا). - ومنه حديث أبي سعيد (ما كنا نأبنه برقية) أي ما كنا نعلم أنه يرقى فنعيبه بذلك (س) ومن حديث أبي ذر (أنه دخل على عثمان بن عفان فما سبه ولا أبنه) أي ما عابه. وقيل هو أنبه بتقديم النون على الباء من التأنيب: اللوم والتوبيخ. (س) وفي حديث المبعث (هذا إبان نجومه) أي وقت ظهوره، والنون أصلية فيكون فعالا. وقيل هي زائدة، وهو فعلان من أب الشئ إذا تهيأ للذهاب. وقد تكرر ذكره في الحديث (س) وفي حديث ابن عباس (فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أبينى لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس) من حق هذه اللفظة أن تجئ في حرف الباء، لأن همزتها زائدة. وأوردناها ها هنا حملا على ظاهرها. وقد اختلف في صيغتها ومعناها: فقيل إنه تصغير أبنى، كأعمى وأعيمى، وهو اسم مفرد يدل على الجمع. وقيل إن ابنا يجمع على أبنا مقصورا وممدودا. وقيل هو تصغير ابن، وفيه نظر. وقال أبو عبيد: هو تصغير بني جمع ابن مضافا إلى النفس، فهذا يوجب أن تكون صيغة اللفظ في الحديث أبيني بوزن سريجي. وهذه التقديرات على اختلاف الروايات. - وفي الحديث (وكان من الأبناء) الأبناء في الأصل جمع ابن، ويقال لأولاد فارس الأبناء، وهم الذين أرسلهم كسرى مع سيف ابن ذي يزن لما جاء يستنجده على الحبشة فنصروه وملكو اليمن وتديروها وتزوجوا في العرب، فقيل لأولادهم الأبناء، وغلب عليهم هذا الاسم لأن أمهاتهم من غير جنس آبائهم.
[ 22 ]
- وفي حديث أسامة قال له النبي صلى الله عليه وسلم لما أرسله إلى الروم (أغر على أبنى صباحا) هي بضم الهمزة والقصر: اسم موضع من فلسطين بين عسقلان والرملة، ويقال لها يبنى بالياء. أبه) ه) فيه (رب أشعث أغبر ذي طمرين لا يؤبه له) أي لا يحتفل به لحقارته. يقال أبهت له آبه. (س) ومنه حديث عائشة في التعوذ من عذاب القبر (أشئ أوهمته (أوهمت الشئ: تركته) لم آبه له، أو شئ ذكرته [ إياه ] (الزيادة من اللسان)) أي لاأدري أهو شئ ذكره النبي صلى الله علليه وسلم وكنت غفلت عنه فلم آبه له، أم شئ ذكرته إياه وكان يذكره بعد. - وفي كلام علي (كم من ذي أبهة قد جعلته حقيرا) الأبهة بالضم وتشديد الباء: العظمة والبهاء (س) ومنه حديث معاوية (إذا لم يكن المخزومي ذا بأو وأبهة لم يشبه قومه) يريد أن بني مخزوم أكثرهم يكون هكذا. أبهر) س) فيه (ما زالت أكلة خيبر تعادني فهذا أوان قطعت أبهري) الأبهر عرق في الظهر، وهما أبهران. وقيل هما الأكحلان الذان في الذراعين. وقيل هو عرق مستبطن القلب فإذا انقطع لم تبقى معه حياة. وقيل الأبهر عرق منشؤه الرأس ويمتد إلى القدم، وله شرايين تتصل بأكثر الأطراف والبدن، فالذي في الرأس منه يسمى النأمة، ومنه قولهم: أسكت الله نأمته أي أماته، ويمتد إلى الحلق فيسمى فيه الوريد، ويمتد إلى الصدر فيسمى الأبهر، ويمتد إلى الظهر فيسمى الوتين، والفؤاد معلق به، ويمتد إلى الفخذ فيسمى النسا، ويمتد إلى الساق فيسمى الصافن، والهمزة في الأبهر زائدة. وأوردناه ها هنا لأجل اللفظ. ويجوز في (أوان) الضم والفتح: فالضم لأنه خبر المبتدأ، والفتح على البناء لأضافته إلى مبني، كقوله: علي حين عاتبت المشيب على الصبا * وقلت ألما تصح والشيب وازع - ومنه حديث علي (فيلقى بالقضاء منقطعا أبهراه) أبا * قد تكررت في الحديث (لا أبا لك) وهو أكثر ما يذكر في المدح: أي لا كافي لك غير نفسك. وقد يذكر في معرض الذم كما يقال لا أم لك، وقد يذكر في معرض التعجب
[ 23 ]
ودفعا للعين، كقولهم لله درك، وقد يذكر بمعنى جد في أمرك وشمر، لأن من له أب اتكل عليه في بعض شأنه، وقد تحذف اللام فيقال لا أباك بمعناه. وسمع سليمان بن عبد الملك، رجلا من الأعراب في سنة مجدبة يقول: رب العباد ما لنا وما لك * قد كنت تسقينا فما بدا لك - أنزل علينا الغيث لا أبا لك * فحمله سليمان أحسن محمل فقال: أشهد أن لا أبا له ولا صاحبة ولا ولد. (س) وفي الحديث (لله أبوك) إذا أضيف الشئ إلى عظيم شريف اكتسى عظما وشرفا، كما قيل: بيت الله وناقة الله، فأذا وجد من الولد ما يحسن موقعه ويحمد، قيل لله أبوك في معرض المدح والتعجب: أي أبوك لله خالصا حيث أبحب بك وأتى بمثلك. - وفي حديث الأعرابي الذي جاء يسأل عن شرائع الإسلام، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أفلح وأبيه إن صدق)، هذه كلمة جارية على ألسن العرب تستعملها كثيرا في خطابها وتريد بها التأكيد. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يحلف الرجل بأبيه، فيحتمل أن يكون هذا القول قبل النهي. ويحتمل أن يكون جرى منه على عادة الكلام الجاري على الألسن ولا يقصد به القسم كاليمين المعفو عنها من قبيل اللغو، أو أراد به توكيد الكلام لا اليمين، فإن هذه اللفظة تجري في كلام العرب على ضربين: للتعظيم وهو المراد بالقسم المنهي عنه، وللتوكيد كقول الشاعر: لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم * لقد كلفتني خطة لا أريدها فهذا توكيد لا قسم، لأنه لا يقصد أن يحلف بأبي الواشين، وهو في كلامهم كثير. (س) وفي حديث أم عطية (كانت إذا ذكرت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: بأباه، أصله بأبي هو)، يقال بأبت الصبي إذا قلت له بأبي أنت وأمي، فلما سكنت الياء قلبت ألفا، كما قيل في يا ويلتي يا ويلتا، وفيها ثلاث لغات: بهمزة مفتوحة بين الباءين، وبقلب الهمزة ياء مفتوحة، وبإبدال الياء الآخرة ألفا وهي هذه، والباء الأولى في بأبي أنت وأمي متعلقة بمحذوف، قيل هو اسم فيكون ما بعده مرفوعا تقديره: أنت مفدى بأبي أنت وأمي. وقيل هو فعل وما بعده منصوب: أي فديتك بابي وأمي، وحذف هذا المقدر تخفيفا لكثرة الاستعمال وعلم المخاطب به. (س) وفي حديث رقيقة (هنيئا لك أبا البطحاء) أنما سموه أبا البطحاء لأنهم شرفوا به
[ 24 ]
وعظموا بدعائه وهدايته، كما يقال للمطعام أبو الأضياف. - وفي حديث وائل بن حجر (من محمد رسول الله إلى المهاجر بن أبو أمية) حقه أن يقول ابن أبي أمية، ولكنه لاشتهاره بالكنية ولم يكن له اسم معروف غيره لم يجر، كما قيل على ابن أبو طالب. - وفي حديث عائشة قالت حفصة (وكانت بنت أبيها) أي إنها شبيهة به في قوة النفس وحدة الخلق والمبادرة إلى الأشياء. (س) وفي الحديث (كلكم في الجنة إلا من أبى وشرد) أي إلا من ترك طاعة الله التي يستو جب بها الجنة، لأن من ترك التسبب إلى شئ لا يجد بغيره فقد أباه. والإباء أشد الامتناع. - وفي حديث أبي هريرة (ينزل المهدي فيبقى في الأرض أربعين فقيل أربعين سنة ؟ فقال أبيت. فقيل شهرا ؟ فقال أبيت. فقيل يوما ؟ فقال أبيت): أي أبيت أن تعرفه فإنه غيب لم يرد الخبر ببيانه، وإن روي أبيت بالرفع فمعناه أبيت أن أقول في الخبر ما لم أسمعه. وقد جاء عنه مثله في حديث العدوى والطيرة. - وفي حديث ابن ذي يزن (قال له عبد المطلب لما دخل عليه: أبيت اللعن) كان هذا من تحايا الملوك في الجاهلية والدعاء لهم، ومعناه أبيت أن تفعل فعلا تلعن بسبه وتذم. - وفيه ذكر (أبا): هي بفتح الهمزة وتشديد الباء: بئر من بئار بني قريظة وأموالهم يقال لها بئر أبا، نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى بني قريظة. - وفيه ذكر (الأبواء) هو بفتح الهمزة وسكون الباء والمد: جبل بين مكة والمدينة، وعنده بلد ينسب إليه. أبين * فيه (من كذا وكذا إلى عدن أبين) أبين - بوزن أحمر -: قرية على جانب البحر ناحية اليمن. وقيل هو اسم مدينة عدن. باب الهمزة مع التاء أتب [ ه ] في حديث النخعي (أن جارية زنت فجلدها خمسين وعليها إتب لها وإزار) الإتب بالكسر: بردة تشق فتلبس من غير كمين ولا جيب، والجمع الأتب، ويقال لها البقيرة.
[ 25 ]
أتم) س) فيه (فأقامو عليه مأتما) المأتم في الأصل: مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح، ثم خص به اجتماع النساء للموت. وقيل هو للشواب من النساء لا غير. أتن) س ه) في حديث ابن عباس (جئت على حمار أتان) الحمار يقع على الذكر والأنثى. والأتان الحمارة الأنثى خاصة، وإنما استدرك الحمار الأتان ليعلم أن الأنثى من الحمر لا تقطع الصلاة، فكذلك لا تقطعها المرأة. وقد تكرر ذكرها في الحديث. ولا يقال فيها أتانة، وإن كان قد جاء في بعض الحديث. أتى) ه) فيه (أنه سأل عاصم بن عدي عن ثابت بن الدحداح فقال: إنما هو أتي فينا) أي غريب. يقال رجل أتي وأتاوي. (ه) ومنه حديث عثمان (إنا رجلان أتاويان) أي غريبان. قال أبو عبيد: الحديث يروى بالضم، وكلام العرب بالفتح، يقال سيل أتي وأتاوي: جاءك ولم يجئك مطره. ومنه قول المرأة التي هجت الأنصار: أطعتم أتاوي من غيركم * فلا من مراد ولا مذحج أرادت بلأتاوي النبي صلى الله عليه وسلم، فقتلها بعض الصحابة فأهدر دمها. (س) وفي حديث الزبير (كنا نرمي الأتو والأتوين) أي الدفعة والدفعتين، من الأتو: العدو، يريد رمي السهام عن القسي بعد صلاة المغرب. ومنه قولهم: ما أحسن أتو يدي هذه الناقة وأتيهما: أي رجع يديها في السير. (ه) وفي حديث ظبيان في صفة ديار ثمد قال (وأتوا جداولها) أي سهلوا طرق المياه إليها. يقال: أتيت الماء إذا أصلحت مجراه حتى يجري إلى مقاره. [ (ه) وفي الحديث (لولا أنه طريق ميتاء لحزنا عليك يا إبراهيم) أي طريق مسلوك، مفعال من الإتيان. (ه) ومنه حديث اللقطة (ما وجدت في طريق ميتاء فعرفه سنة) - ومنه حديث بعضهم (أنه رأى رجلا يؤني الماء في الأرض) أي يطرق، كأنه جعله يأتي إليها: أي يجئ. (س) وفي الحديث (خير النساء المواتية لزوجها) المواتاة: حسن المطاوعة والموافقة، وأصله الهمز فخفف وكثر حتى صار يقال بالواو الخالصة، وليس بالوجه.
[ 26 ]
- وفي حديث أبي هريرة في العدوى (أنى قلت أتيت) أي دهيت وتغير عليك حسك فتوهمت ما ليس بصحيح صحيحا. - وفي حديث بعضهم (كم إتاء ارضك) أي ريعها وحاصلها، كأنه من الإتاوة، وهو الخراج. * باب الهمزة مع الثاء أثر) ه) فيه (قال للأنصار: إنكم ستلقون بعدي أثرة فاصبروا) الأثرة - بفتح الهمزة والثاء - الاسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى، أراد أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه من الفئ. والاستئثار: الانفراد بالشئ. - ومنه الحديث (وإذا استأثر الله بشئ فاله فاله عنه: - ومنه حديث عمر (فوالله ما استأثر بها عليكم ولا آخذها دونكم). - وفي حديثه الآخر لما ذكر له عثمان للخلافة فقال: (أخشى حفده وأثرته) أي إيثاره. (ه) وفي الحديث (ألا إن كل دم ومأثرة كانت في الجاهلية فإنها تحت قدمي هاتين) مآثر العرب: مكارمها ومفاخرها التي تؤثر عنها، أي تروى وتذكر. (ه) ومنه حديث عمر (ما حلفءت بأبي ذاكرا ولا آثرا) أي ما حلفت به مبتدئا من نفسي ولا رويت عن أحد أنه حلف بها. - ومنه حديث علي في دعائه على الخوارج (ولا بقي منكم آثر) أي مخبر يروي الحديث. - ومنه حديثه الآخر (ولست بمأثور في ديني) أي لست ممن يؤثر عني شر وتهمة في ديني. فيكون قد وضع المأثور وضع المأثر عنه. والمروي في هذين الحديثين بالباء الموحدة. وقد تقدم. ومنه قول أبي سفيان في حديث قيصر (لو لا أن يأثروا عني الكذب) أي يروون ويحكون.
[ 27 ]
(ه) وفي الحديث (من سره أن يبسط الله في رزقه، وينسأ في أثره فليصل رحمه) الأثر: الأجل، وسمي به لأنه يتبع العمر، قال زهير: والمرء ما عاش ممدود له أمل * لا ينتهي العمر حتى ينتهي الأثر وأصله من أثر مشيه على الأرض، فإن [ من ] (الزيادة من: ا) مات لا يبقى له أثر ولا يرى لأقدامه في الأرض أثر. - ومنه قوله للذي مر بين يديه وهو يصلي (قطع صلاتنا قطع الله أثره)، دعاء عليه بالزمانة لأنه إذا زمن انقطع مشيه فانقطع أثره. أثف) س) في حديث جابر (والبرمة بين الأثافي) هي جمع أثفية وقد تخفف الياء في الجمع، وهي الحجارة التي تنصب وتجعل القدر عليها. يقال أثفيت القدر إذا جعلت لها الأثافي، وثفيتها إذا وضعتها عليها، والهمزة فيها زائدة. وقد تكررت في الحديث. أثكل) س) في حديث الحد (فجلد بأثكول) وفي رواية بإثكال، هما لغة في العثكل والعثكال: وهو غذق النخلة بما فيه من الشماريخ، والهمزة فيه بدل من العين، وليست زائدة، والجوهري جعلها زائدة، وجاء به في الثاء من الام. أثل (س) فيه (أن منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أثل الغابة) الأثل شجر شبيه بالطرفاء إلا أنه أعظم منه، والغابة غيضة ذات شجر كثير، وهي على تسعة أميال من المدينة. (ه) وفي حديث مال اليتيم (فليأكل منه غير متأثل مالا) أي غير جامع، يقال مال مؤثل، ومجد مؤثل. أي مجموع ذو أصل، وأثلة الشئ أصله. - ومنه حديث أبي قتادة (إنه لأول مال تأثلته) وقد تكرر في الحديث. أثلب) س) فيه (الولد للفراش وللعاهر الأثلب) الأثلب - بكسر الهمزة والام وفتحهما، والفتح أكثر - الحجر. والعاهر الزني كما في الحديث الآخر (وللعاهر الحجر) قيل معناه: له الرجم. وقيل هو كناية عن الخيبة. وقيل الأثلب دقاق الحجارة. وقيل التراب.
[ 28 ]
وهذا يوضح أن معناه الخيبة إذ ليس كل زان يرجم. وهمزته زائدة، وإنما ذكرناه ها هنا حملا على ظاهره. أثم * فيه (من عض على شبدعه (الشبدع - بالدال المهملة: اللسان، والجمع شبادع) سلم من الآثام) الأثام بالفتح الإثم، يقال أثم ياثم أثاما. وقيل هو جزاء الإثم. - ومنه الحديث (أعوذ بك من المأثم والمغرم) المأثم: الأمر الذي يأثم به الإنسان، أو هو الإثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم. - وفي حديث ابن مسعود (أنه كان يلقن رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم) وهو فعيل من الإثم. - وفي حديث معاذ (فأخبر بها عند موته تأثما) أي تجنبا للإثم. يقال تأثم فلان إذا فضعل فعلا خرج به من الإثم، كما يقال تحرج إذا فعل ما يخرج به من الحرج. - ومنه حديث الحسن (ما علمنا أحدا منهم ترك الصلاة على أحد من أهل القبلة تأثما) وقد تكرر ذكره. (س) وفي حديث سعيد بن زيد (ولو شهدت على العاشر لم إيثم) هي لغة لبعض العرب في أأثم، وذلك أنهم يكسرون حرف المضارعة في نحو نعلم وتعلم، فلما كسروا الهمزة في أأثم انقلبت الهمزة الأصلية ياء. أثا) ه) في حديث أبي الحارث الأزدي وغريمه (لآتين عليا فلأثين بك) أي لأشين بك. أثوت بالرجل وأثيت به، وأثوته وأثيته إذا وشيت به. والمصدر الأثو والأثي الإثاوة والإثاية. - ومنه الحديث (انطلقت إلى عمر أثي على أبي موسى الأشعري) ومنه سميت الأثاية الموضع المعروف بطريق الجحفة إلى مكة، وهي فعالة منه. وبعضهم يكسر همزتها. أثيل * هو مصغر، موضع قرب المدينة، وبه عين ماء لآل جعفر بن أبي طالب. باب الهمزة مع الجيم أحج) ه) في حديث خيبر (فلم أصبح دعا عليا فأعطاه الرية فخرج بها يؤج حتى
[ 29 ]
ركزها تحت الحصن) الأج: الإسراع والهرولة، أج يؤج أجا. (س) وفي حديث الطفيل (طرف سوطه يتأجج) أي يضئ، من أجيج النار: توقدها. - وفي حديث علي (وعذبها أجاج) الأجاج بالضم: الماء الملح الشديد الملوحة. - ومنه حديث الأحنف (نزلنا سبخة نشاشة، طرف لها بالفلاة، وطرف لها بالبحر الأجاج). أجد) س) في حديث خالد بن سنان (وجدت أجدا يحشها) الأجد - بضم الهمزة والجيم - الناقة القوية الموثقة الخلق. ولا يقال للجمل أجد. أجدل) س) في حديث مطرف (يهوي هوي الأجادل) هي الصقر، واحدها أجدل، والهمزة فيه زائدة. أجر) ه) في حديث الأضاحي (كلوا وادخروا وائتجروا) أي تصدقوا طالبين الأجر بذلك. ولا يجوز فيه اتجروا بالإدغام، لأن الهمزة لا تدغم في التاء، وإنما هو من الأجر لا [ من ] (الزيادة من: ا) التجارة. وقد أجازه الهروي في كتابه، واستشهد عليه بقوله في الحديث الآخر (إن رجلا دخل المسجد وقد قصى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته فقال: من يتجر فيقوم فيصلي معه) الرواية إنما هي (يأتجر) وإن صح فيها يتجر فيكون من التجارة لا [ من ] (الزيادة من: ا) الأجر، كأنه بصلاته معه قد حصل لنفسه تجارة أي مكسبا. - ومنه حديث الزكاة (ومن أعطاها مؤتجرا بها) وقد تكرر في الحديث. - ومنه حديث أم سلمة (آجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها) آجره يؤجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء. وكذلك أجره يأجره، والأمر منهما آجرني وأجرني. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث دية الترقوة (إذا كسرت بعيران، فإن كان فيها أجر فأربعة أبعرة) الأجور مصدر أجرت يده تؤجر أجرا وأجورا إذا جبرت على عقدة وغير استواء فبقي لها خروج عن هيأتها [ هيئتها ؟ ؟ ]. (ه) وفي الحديث (من بات على إجار فقد برئت منه الذمة) الإجار - بالكسر
[ 30 ]
والتشديد: السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه. - ومنه حديث محمد بن مسلمة (فإذا جارية من الأنصار على إجار لهم) والإنجار بالنون لغة فيه، والجمع الأجاجير والأناجير. - ومنه حديث الهجرة (فتلقى الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق والأجاجير والأناجير) يعني السطوح. أجل) ه) في حديث قراءة القرآن (يتعجلونه ولا يتأجلونه). - وفي حديث آخر (يتعجله ولا يتأجله) التأجل تفعل من الأجل، وهو الوقت المضروب المحدود في المستقبل، أي أنهم يتعجلون العمل بالقرآن ولا يؤخرونه (ه) وفي حديث مكحول قال (كنا بالساحل مرابطين فتأجل متأجل منا) أي استأذن في الرجع إلى أهله وطلب أن يضرب له في ذلك أجل. - وفي حديث المناجاة (أجل أن يحزنه) أي من أجله ولأجله، والكل لغات، وتفتح همزتها وتكسر. - ومنه الحديث (أن تقتل ولدك إجل أن يأكل معك) وأما أجل بفتحتين فبمعنى نعم. (ه) وفي حديث زياد (في يوم ترمض فيه الآجل) هي جمع إجل بكسر الهمزة وسكون الجيم، وهو القطيع من بقر الوحش والظباء. أجم) ه) فيه (حتى توارت بآجم المدينة) أي حصونها، واحدها أجم بضمتين. وقد تكررت في الحديث. (س) وفي حديث معاوية (قال له عمرو بن مسعود: ما تسأل عمن سحلت مريرته وأجم النساء) أي كرههن، يقال: أجمت الطعام أجمه إذا كرهته من المداومة عليه. أجن) س) في حديث علي (ارتوى من آجن) هو الماء المتغير الطعم واللون. ويقال فيه أجن وأجن يأجن ويأجن أجنا وأجونا فهو آجن وأجن. (س) ومنه حديث الحسن (إنه كان لا يرى بأسا بالوضوء من الماء الآجن). (س) وفي حديث ابن مسعود (أن امرأته سألته أن يكسوها جلبابا فقال: إني أخشى
[ 31 ]
أن تدعي جلباب الله الذي جلببك، قالت: وما هو ؟ قال بيتك، قالت: أجنك من أصحاب محمد تقول هذا) تريد: أمن أجل أنك، فحذفت من والام والهمزة وحركت الجيم بالفتح والكسر، والفتح أكثر. وللعرب في الحذف باب واسع، كقوله تعالى (لكنا هو الله ربي) تقديره لكن أنا هو الله ربي. - فيه ذكر أجنادين وهو بفتح الهمزة وسكون الجيم، وبالنون وفتح الدال المهملة، وقد تكسر: وهو الموضع المشهور من نواحي دمشق، وبه كانت الواقعة بين المسلمين والروم. أجياد * جاء ذكره في غير حديث، وهو بفتح الهمزة وسكون الجيم، وبالياء تحتها نقطتان: جبل بمكة، وأكثر الناس يقولونه جياد بحذف الهمزة وكسر الجيم. باب الهمزة مع الحاء أحد * في أسماء الله تعالى الأحد وهو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول ما جاءني أحد، والهمزة فيه بدل الواو، وأصله وحد لأنه من الوحدة. (س) وفي حديث الدعاء (أنه قال لسعد - وكان يشير في دعائه بإصبعين - أحد أحد) أي أشر بأصبع واحدة، لأن الذي تدعو إليه واحد وهو الله تعالى. (ه) وفي حديث ابن عباس، وسئل عن رجل تتابع عليه رمضانان فقال: (إحدى من سبع) يعني اشتد الأمر فيه. ويريد به إحدى سني يوسف عليه السلام المجدبة. فشبه حاله بها في الشدة. أو من الليالي السبع التي أرسل الله بها العذاب على عاد. أحراد * وهو بفتح الهمزة وسكون الحاء ودال مهملة: بئر قديمة بمكة لها ذكر في الحديث. أحن) س) فيه (وفي صدره عليه إحنة) الإحنة: الحقد، وجمعها إحن وإحنات. - ومنه حديث مازن (وفي قلوبكم البغضاء والإحن). (ه) وأما حديث معاوية (لقد منعتني القدرة من ذوي الحنات) فهي جمع حنة، وهي لغة قليلة في الإحنة، وقد جاءت في بعض طرق حديث حارثة بن مضرب في الحدود أحياء * وهو بفتح الهمزة وسكون الحاء وياء تحتها نقطتان: ماء بالحجاز كانت به
[ 32 ]
غزوة عبيدة بن الحارث بن المطلب. باب الهمزة مع الخاء أخذ) ه) فيه (أنه أخذ السيف وقال: من يمنعك مني ؟ فقال: كن خير آخذ. أي خير آسر. والأخيذ الأسير. - ومنه الحديث (من أصاب من ذلك شيئا أخذ به) يقال أخذ فلان بذنبه: أي حبس وجوزي عليه وعوقب به. - ومنه الحديث (وإن أخذوا على أيديهم نجوا) يقال أخذت على يد فلان إذا منعته عما يريد أن يفعله، كأنك أمسكت يده. (ه) وفي حديث عائشة (أن امرأة قالت لها: أؤخذ جملي ؟ قالت: نعم) التأخيذ حبس السواحر أزواجهن عن غيرهن من النساء. وكنت بالجمل عن زوجها، ولم تعلم عائشة. فلذلك أذنت لها فيه. (ه) وفي الحديث (وكانت فيها إخاذات أمسكت الماء) الإخذات الغدران التي تأخذ ماء السماء فتحبسه على الشاربة، الواحدة إخاذة. (ه) ومنه حديث مسروق (جالست أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فوجدتهم كالإخاذ) هو مجتمع الماء. وجمعه أخذ، ككتاب كتب. وقيل هو جمع الإخاذة وهو مصنع للماء يجتمع فيه. والأولى أن يكون جنسا للإخاذة لا جمعا، ووجه التشبيه مذكور في سياق الحديث. قال: تكفي الإخاذة الراكب وتكفي الإخاذة الراكبين، وتكفي الإخاذة الفئام من الناس. يعني أن فيهم الصغير والكبير والعالم والأعلم. (ه) ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث (وامتلأت الإخاذ). - وفي الحديث (قد أخذوا أخذاتهم) أي نزلوا منازلهم، وهي بفتح الهمزة والخاء. أخر في أسماء الله تعالى الآخر والمؤخر. فالآخر هو البقي بعد فناء خلقه كله ناطقه وصامته. والمؤخر هو الذي يؤخر الأشياء فيضعها في مواضعها، وهو ضد المقدم. - وفيه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس كذا
[ 33 ]
وكذا) أي في آخر جلوسه. ويجوز أن يكون في آخر عمره. وهو بفتح الهمزة والخاء. (ه) ومنه حديث أبي برزة (لما كان بأخرة). (س) وفي حديث معز (إن الأخر قد زنى) الأخر - بوزن الكبد -: هو الأبعد المتأخر عن الخير. - ومنه الحديث (المسألة أخر كسب المرء) أي أرذله وأدناه. ويروى بالمد، أي إن السؤال آخر ما يكتسب به المرء عند العجز عن الكسب. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه (إذا وضع أحدكم بين يديه مثل آخرة الرحل فلا يبالي من مر وراءه) هي بالمد الخشبة التي يستند إليها الراكب من كور البعير. (س) وفي حديث آخر (مثل مؤخرته، وهي بالهمزة والسكون لغة قليلة في آخرته، وقد منع منها بعضهم، ولا يشدد. (س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: أخر عني يا عمر) أي تأخر. يقال أخر وتأخر وقدم وتقدم بمعنى، كقوله تعالى (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) أي لا تتقدموا. وقيل معناه أخر عني رأيك، فاختصر إيجازا وبلاغة. أخضر * هو بفتح الهمزة والضاد المعجمة: منزل قرب تبوك نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مسيره إليها. أخا) ه) فيه (مثل المؤمن والإيمان كمثل الفرس في آخيته) الآخية بالمد والتشديد: حبيل أو عويد يعرض في الحائط ويدفن طرفاه فيه، ويصير وسطه كالعروة وتشد فيها الدابة. وجمعها الأواخي مشددا. والأخايا على غير قياس. ومعنى الحديث أنه يبعد عن ربه بالذنوب وأصل إيمانه ثابت. (س) ومنه الحديث (لا تجعلوا ظهوركم كأخايا الدواب) أي لا تقوسوها في الصلاة حتى تصير كهذه العرى. (س) ومنه حديث عمر (أنه قال للعباس: أنت أخية آباء رسول الله صلى الله عليه وسلم) أراد بالأخية
[ 34 ]
البقية، يقال له عندي أخية أي ماتة قوية، ووسيلة قريبة، كأنه أراد أنت الذي يستند إليه من أصل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتمسك به. - وفي حديث ابن عمر (يتأخى متأخ رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي يتحرى ويقصد عنه. ويقال فيه بالواو أيضا وهو الأكثر. - ومنه حديث السجود (الرجل يؤخى والمرأة تحتفز) أخى الرجل إذا جلس على قدمه اليسرى ونصب اليمنى، هكذا جاء في بعض كتب الغريب في حرف الهمزة، والرواية المعروفة (إنما هو الرجل يخوي والمرأة تحتفز) والتخوية أن يجافي بطنه عن الأرض ويرفعها. إخوان) ه) فيه (إن أهل الإخوان ليجتمعون) الإخوان لغة قليلة في الخوان الذب يوضع عليه الطعام عند الأكل باب الهمزة مع الدال أدب) س) في حديث علي (أما إخواننا بنو أمية فقادة أدبة) الأدبة جمع آدب، مثل كاتب وكتبة، وهو الذي يدعو إلى المأدبة، وهي الطعام الذي يصنعه الرجل يدعو إليه الناس. (ه) ومنه حديث ابن مسعود (القرآن مأدبة الله في الأرض) يعني مدعاته، شبه القرآن بصنيع صنعه الله للناس لهم فيه خير ومنافع. (ه) ومنه حديث كعب (إن لله مأدبة من لحوم الروم بمروج عكا) أراد أنهم يقتلون بها فتنتابهم السباع والطير تأكل من لحومهم. والمشهور في المأدبة ضم الدال، وأجاز فيها بعضهم الفتح. وقيل هي بالفتح مفعلة من الأدب. إدد [ ه ] في حديث علي قال (رأيت النبي عليه السلام في المنام فقلت: ما لقيت بعدك من الإدد والأود) الإدد بكسر الهمزة الدواهي العظام، واحدتها إدة بالكسر والتشديد. والأود العوج. أدر) س) فيه (أن رجلا أتاه وبه أدرة فقال ائت بعس، فحسا منه ثم مجه فيه وقال انتضح به فذهبت عنه) الأدرة بالضم: نفخة في الخصية، يقال رجلآدر بين الأدر بفتح الهمزة والدال، وهي التي تسميها الناس القيلة. (س) ومنه الحديث (إن بني إسرائيل كانوا يقولون إن موسى آدر، من أجل أنه كان لا
[ 35 ]
يغتسل إلا وحده) وفيه نزل قوله تعالى (لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا). أدف * في حديث الديات (في الأداف الدية) يعني الذكر إذا قطع، وهمزته بدل من الواو، من ودف الإناء إذا قطر، وودفت الشحمة إذا قطرت دهنا. ويروى بالذال المعجمة وهو هو. أدم) س) فيه (نعم الإدام الخل) الإدام بالكسر، والأدم بالضم: ما يؤكل مع الخبز أي شئ كان. - ومنه الحديث (سيد إدام أهل الدنيا والآخرة اللحم) جعل اللحم أدما، وبعض الفقهاء لا يجعله أدما ويقول: لو حلف أن لا يأتدم ثم أكل لحما لم يحنث. - ومنه حديث أم معبد (أنا رأيت الشاة وإنها لتأدمها وتأدم صرمتها). - ومنه حديث أنس (وعصرت عليه أم سليم عكة لها فأدمته) أي خلطته وجعلت فيه إداما يؤكل. يقال فيه بالمد والقصر. وروى بتشديد الدال على التكثير. - ومنه الحديث (أنه مر بقوم فقال إنكم تأتدمون على أصحابكم فأصلحوا رحالكم حتى تكونوا شامة في الناس) أي إن لكم من الغنى ما يصلحكم كالإدام الذي يصلح الخبز، فإذا أصلحتم رحالكم (في ا واللسان: فأصلحوا حالكم) كنتم في الشامة كالشامة في الجسد تظهرون للناظرين، هكذا جاء في بعض كتب الغريب مرويا مشروحا. والمعروف في الرواية (إنكم قادمون على أصحابكم فأصلحوا رحالكم) والظاهر والله أعلم أنه سهو. (ه) ومنه حديث النكاح (لو نظرت إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما أي تكون بينكما المحبة والاتفاق. يقال أدم الله بينهما يأدم أدما بالسكون: أي ألف ووفق. وكذلك يؤدم بالمد فعل وأفعل. (س) وفيه (أنه لما خرج من مكة قال له رجل: إن كنت تريد النساء البيض، والنوق
[ 36 ]
الأدم فعليك ببني مدلج) الأدم جمع آدم كأحمر وحمر. والأدمة في الإبل: البياض مع سواد المقلتين، بعير آدم بين الأدمة، وناقة أدماء، وهي في الناس السمرة الشديدة. وقيل هو من أدمة الأرض وهو لونها، وبه سمي آدم عليه السلام. (س) ومنه حديث نجية (ابنتك المؤدمة المبشرة) يقال للرجل الكامل إنه لمؤدم مبشر: أي جمع لين الأدمة ونعومتها، وهي باطن الجلد، وشدة البشرة وخشوتها وهي ظاهره. - وفي حديث عمر (قال لرجل: ما مالك، فقال: أقرن وآدمة في المنيئة) الآدمة بالمد جمع أديم، مثل رغيف وأرغفة، والمشهور في جمعه أدم. والمنيئة بالهمزة الدباغ. أدا) ه) فيه (يخرج من قبل المشرق جيش آدى شئ وأعده، أميرهم رجل طوال) أي أقوى شئ. يقال آدني عليه بالمد، أي قوني. ورجل مؤد: تام السلاح كامل أداة الحرب. (س) ومنه حديث ابن مسعود (أرأيت رجلا خرج مؤديا نشيطا). - ومنه حديث الأسود بن يزيد في قوله تعالى (وإنا لجميع حذرون) قال: مقوون مؤدون: أي كاملو أداة الحرب. - وفي الحديث (لا تشربوا إلا من ذي الإداء) الإداء بالكسر والمد: الوكاء، وهو شداد السقاء. - وفي حديث المغيرة (فأخذت الإداوة وخرجت معه) الإداوة بالكسر: إناء صغير من جلد يتخذ للماء كالسطيحة ونحوها، وجمعها أداوى. وقد تكررت في الحديث. - وفي حديث هجرة الحبشة (قال: والله لأستأدينه عليكم) أي لأستعدينه، فأبدل الهمزة من العين لأنهما من مخرج واحد، يريد لأشكون إليه فعلكم بي، ليعديني عليكم وينصفني منكم. باب الهمزة مع الذال إذخر * في حديث الفتح وتحريم مكة (فقال العباس: إلا الإذخر فإنه لبيوتنا وقبورنا) الإذخر بكسر الهمزة: حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيت فوق الخشب،
[ 37 ]
وهمزتها زائدة. وإنما ذكرناها ها هنا حملا على ظاهر لفظها. - ومنه الحديث في صفة مكة (وأعذق إذخرها) أي صار له أعذق. وقد تكرر في الحديث. - وفيه (حتى إذا كنا في بثنية أذاخر) هي موضع بين مكة والمدينة، وكأنها مسماة بجمع الإذخر. أذرب) س [ ه ]) في حديث أبي بكر (لتألمن النوم على الصوف الأذربي كما يألم أحدكم النوم على حسك السعدان) الأذربي منسوب إلى أذربيجان على غير قياس، هكذا تقوله العرب، والقياس أن يقول أذري بغير باء، كما يقال في النسب إلى رامهرمز: رامي، وهو مطرد في النسب إلى الأسماء المركبة. أذرح * في حديث الحوض (كما بين جربى وأذرح) هو بفتح الهمزة وضم الراء وحاء مهملة: قرية بالشام وكذلك جربي. أذن * فيه (ما أذن الله لشئ كأذنه لنبي يتغنى بالقرآن) أي ما استمع الله لشئ كاستماعه لنبي يتغنى بالقرآن، أي يتلوه يجهر به. يقال منه أذن يأذن أذنا بالتحريك. - وفيه ذكر الأذان، وهو الإعلام بالشئ. يقال آذن يؤذن إيذانا، وأذن يؤذن تأذينا، والمشدد مخصوص في الاستعمال بإعلام وقت الصلاة. - ومنه الحديث (إن قوما أكلوا من شجرة فجمدوا فقال النبي عليه اللام قرسوا الماء في الشنان وصبه عليهم فيما بين الأذانين) أراد بهما أذان الفجر والإقامة. والتقريس: التبريد. والشنان: القرب الخلقان. - ومنه الحديث (بين كل أذانين صلاة) يريد بها السنن الرواتب التي تصلى بين الأذان والإقامة قبل الفرض. - وفي حديث زيد بن ثابت (في ا واللسان: زيد بن أرقم) (هذا الذي أوفى الله بأذنه) أي أظهر الله صدقه في إخباره عما سمعت أذنه. (س) وفي حديث أنس (أنه قال له: يا ذا الأذنين) قيل معناه الحض على حسن الاستماع والوعي، لأن السمع بحاسة الأذن، ومن خلق الله له أذنين فأغفل الاستماع ولم
[ 38 ]
يحسن الوعي لم يعذر. وقيل إن هذا القول من جملة مزحه صلى الله عليه وسلم ولطيف أخلاقه، كما قال للمرأة عن زوجها (ذاك الذي في عينه بياض). أذى) ه) في حديث العقيقة (أميطوا عنه الأذى) يريد الشعر والنجاسة وما يخرج على رأس الصبي حين يلد، يحلق عنه يوم سابعه. (ه) ومنه الحديث (أدناه إماطة الأذى عن الطيق) وهو ما يؤذي فيها كالشوك والحجر والنجاسة ونحوها. (س) ومنه الحديث (كل مؤذ في النار) وهو وعيد لمن يؤذي الناس في الدنيا بعقوبة النار في الأخرة، وأراد كل مؤذ من السباع والهوام يجعل في النار عقوبة لأهلها. - وفي حديث ابن عباس في تفسير قوله تعالى (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) قال (كأنهم الذر في آذي الماء) الآذي - بالمد والتشديد -: الموج الشديد. ويجمع على أواذي. - ومنه خطبة علي: (تلتطم أوذي أمواجها). باب الهمزة مع الراء (أرب (ه) فيه (أن رجلا اعترض النبي صلى الله عليه وسلم ليسأله فصاح به الناس، فقال دعوا الرجل أرب ماله) في هذه اللفظة ثلاث روايات: إحداهن أرب بوزن علم، ومعناها الدعاء عليه، اي أصيبت آرابه وسقطت، وهي كلمة لا يراد بها وقع الأمر، كما بقال تربت يداك، وقاتلك الله، وإنما تذكر في معرض التعجب. وفي هذا الدعاء من النبي صلى الله عليه وسلم قولان: أحدهما تعجبه من حرص السائل ومزاحمته، والثاني أنه لما رآه بهذا الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه. وقد قال في غير هذا الحديث: (اللهم إنما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي له رحمة) وقيل معناه احتاج فسأل، من أرب الرجل يأرب إذا احتاج، ثم قال ما له ؟ أي أي شئ به ؟ وما يريد ؟
[ 39 ]
والرواية الثانية (أرب ماله، بوزن جمل أي حاجة له، وما زائدة للتقليل، أي له حاجة يسيرة. وقيل معناه حاجة جاءت به، فحذف، ثم سأل فقال ماله. والرواية الثالثة أرب بوزن كتف، والأرب الحاذق الكامل أي هو أرب، فحذف المبتدأ ثم سأل فقال: ما له أي ما شأنه. (س) ومثله الحديث الآخر (أنه جاءه رجل فقال: دلني على عمل يدخلني الجنة، فقال: أرب ماله) أي أنه ذو خبرة وعلم. يقال أرب الرجل بالضم فهو أريب، أي صار ذا فطنة. ورواه الهروي (إرب ماله) بوزن حمل أي أنه ذو إرب: خبرة وعلم. (س [ ه ]) وفي حديث عمر (أنه نقم على رجل قولا قاله، فقال: أربت عن ذي يديك) أي سقطت آرابك من اليدين خاصة. وقال الهروي: معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج وفي هذا نظر، لأنه قد جاء في رواية أخرى لهذا الحديث (خررت عن يديك) وهي عبارة عن الخجل مشهورة، كأنه أراد أصابك خجل أو ذم. ومعنى خررت: سقطت. (ه) وفي الحديث (أنه ذكر الحيات فقال: من خشي إربهن فليس منا) الإرب بكسر الهمزة وسكون الراء: الدهاء، أي من خشي غائلتها وجبن عن قتلها - الذي قيل في الجاهلية إنها تؤذي قاتلها أو تصيبه بخبل - فقد فارق سنتنا وخالف ما نحن عليه. (ه) وفي حديث الصلاة (كان يسجد على سبعة آراب) أي أعضاء، واحدها إرب بالكسر والسكون، والمراد بالسبعة: الجبهة واليدان والركبتان والقدمان. (ه) ومنه حديث عائشة (كان أملكم لأربه) أي لحاجته، تعني أنه كان غالبا لهواه. وأكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزه وسكون الراء، وله تأويلان: أحدهما أنه الحاجه، يقال فيها الأرب، والإرب، والإربة والمأربة، والثاني أرادت به العضو، وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة. - ومنه حديث المخنث (كانوا يعدونه من غير أولي الإربة) أي النكاح. (س) وفي حديث عمرو بن العاص (قال فأربت بأبي هريرة ولم تضرر بي إربة أربتها قط قبل يومئذ) أربت به أي احتلت عليه، وهو من الإرب: الدهاء والنكر.
[ 40 ]
(س) وفيه (قالت قريش: لا تعجلوا في الفداء لا يأرب عليكم محمد وأصحابه) أي يتشددون عليكم فيه. يقال أرب الدهر يأرب إذا اشتد. وتأرب علي إذا تعدى. وكأنه من الأربة: العقدة. (ه) ومنه حديث سعيد بن العاص (قال لابنه عمرو: لا تتأرب على بناتي) أي لا تتشدد ولا تتعد. (ه) وفي الحديث (أنه أتي بكتف مؤربة) أي موفرة لم ينقض منها شئ. أربت الشئ تأريبا إذا وفرته. (ه) وفيه (مؤاربة الأريب جهل وعناء) أي إن الأريب - وهو العاقل - لا يختل عن عقله. (س) وفي حديث جندب (خرج برجل آراب) قيل هي القرحة، وكأنها من آفات الآراب: الأعضاء. أرث (س) وفي حديث الحج (إنكم على إرث من إرث أبييكم إبراهيم) يريد به ميراثهم ملته. ومن ها هنا للتبين، مثلها في قوله تعالى (فاجتنبوا الرجس من الأوثان) وأصل همزته واو لأنه من ورث يرث. (س) وفي حديث أسلم (قال كنت مع عمرو إذا نار تؤرث بصرار) التأريث: إيقاد النار وإذكاؤها. والإراث والأريث النار. وصرار - بالصاد المهملة - موضع قريب من المدينة. أرئد * بفتح الهمزة وسكون الراء: واد بين مكة والمدينة، وهو وادي الأبواء، له ذكر في حديث معاوية. أرج) س) فيه (لما جاء نعي عمر إلى المدائن أرج الناس) أي ضجوا بالبكاء، وهو من أرج الطيب إذا فاح. وأرجت الحرب إذا أثرتها. (إردب * في حديث أبي هريرة (منعت مصر إردبها) هو مكيال لهم يسع أربعة وعشرين صاعا والهمزة فيه زائدة. إردخل) س) في حديث أبي بكر بن عياش (قيل له: من انتخب هذه الأحاديث، قال: انتخبها رجل إردخل) الإردخل: الضخم. يريد أنه في العلم والمعرفة بالحديث ضخم كبير.
[ 41 ]
أرر في خطبة علي بن أبي طالب (يفضى كإفضاء الديكة، ويؤر بملاقحه) الأر الجماع. يقال: أر يؤر أرا، وهو مئر بكسر الميم، أي كثير الجماع. أرز) ه) فيه (إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها) أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها. - ومنه كلام علي بن أبي طالب (حتى يأرز الأمر إلى غيركم). - ومنه كلامه الآخر (جعل الجبال للأرض عمادا، وأرز فيها أوتادا) أي أثبتها. إن كانت الزاي مخففة فهي من أرزت الشجرة تأرز إذا ثبتت في الأرض. وإن كانت مشددة فهي من أرزت الجرادة ورزت إذا أدخلت ذنبها في الأرض لتلقي فيها بيضها. ورززت الشئ في الأرض رزا: أثبته فيها. وحينئذ تكون الهمزة زائدة، والكلمة من حرف الراء. (س) ومنه حديث أبي الأسود (إن سئل أرز) أي تقبض من بخله. يقال أرز يأرز أرزا، فهو أروز، إذا لم ينبسط للمعروف. (ه) وفيه (مثل المنافق (رواية اللسان، وتاج العروس: مثل الكافر الخ) مثل الأرزة المجذية على الأرض) الأرزة - بسكون الراء وفتحها - شجرة الأرزن، وهو خشب معروف. وقيل هو الصنوبر. وقال بعضهم: هي الآرزة بوزن فاعلة، وأنكرها أبو عبيد. (ه) وفي حديث صعصعة بن صوحان (ولم ينظر في أرز الكلام) أي في حصره وجمعه والتروي فيه. أرس) س ه) في كتاب النبي عليه السلام إلى هرقل (فإن أبيت فعليك إثم الأريسيين) قد اختلف في هذه اللفظة صيغة ومعنى: فروي الأريسين بوزن الكريمين. وروى الإريسين بوزن الشريبين. وروى الأريسيين بوزن العظيميين. وروي بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في البخاري. وأما معناها فقال أبو عبيد: هم الخدم والخول، يعني لصده إياهم عن الدين، كما قال (ربنا إنا أطعنا سادتنا) أي عليك مثل إثمهم. وقال ابن الأعرابي: أرس يأرس أرسا فهو أريس، يؤرس تأريسا فهو إريس، وجمعها أريسون وإريسون وأرارسة، وهم الأكارون. وإنما قال ذلك لأن الأكارين كانوا عندهم من الفرس، وهم عبدة النار، فجعل عليهم إثمهم. وقال أبو عبيد في كتاب الأموال: أصحاب الحديث يقولون الأريسيين منسوبا
[ 42 ]
مجموعا، والصحيح الأريسين، يعني بغير نسب، ورده الطحاوي عليه. وقال بعضهم: إن في رهط هرقل فرقة تعرف بالأروسية، فجاء على التسب إليهم. وقيل إنهم أتباع عبد الله بن أريس - رجل كان في الزمن الأول - قتلوا نبيا بعثه الله إليهم. وقيل الإريسون، الملوك وأحدهم إريس. وقيل هم العشارون. - ومنه حديث معاوية (بلغه أن صاحب الروم يريد قصد بلاد الشام أيام صفين، فكتب إليه: بالله لئن تممت علي ما بلغني لأصالحن صاحبي ولأكونن مقدمته إليك، ولأجعلن القسطنطينية البخراء حممة سوداء، ولأنزعنك من الملك نزع الاصطفلينة، ولأردنك إريسا من الأرارسة ترعى الدوابل) - ومنه حديث خاتم النبي عليه السلام (فسقطت من يد عثمان في بئر أريس) هي بفتح الهمزة وتخفيف الراء بئر معروفة قريبا من مسجد قباء عند المدينة. - أرش [ ه ] قد تكرر فيه ذكر الأرش المشروع في الحكومات، وهو الذي يأخذه المشتري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع وأروش الجنايات والجراحات من ذلك، لأنها جابرة لها عما حصل فيها من النقص. وسمي أرشا لأنه من أسباب النزاع، يقال أرشت بين القوم إذا أوقعت بينهم. أرض) ه) فيه (لا صيام لمن لم يؤرضه من الليل) أي لم يهيئه ولم ينوه. يقال أرضت الكلام إذا سويته وهيأته. (ه) وفي حديث أم معبد (فشربوا حتى أراضوا) أي شربوا عللا بعد نهل حتى رووا، من أراض الوادي إذا استنقع فيه الماء، وقيل أراضوا: أي ناموا على الإراض وهو البساط الضخم) وهو البسط. وقيل حتى صبوا اللبن على الأرض. (ه) وفي حديث ابن عباس (أزلزلت الأرض أم بي أرض) الأرض بسكون الراء: الرعدة. - وفي حديث الجنازة (من أهل الأرض أم من أهل الذمة) أي الذين أقروا بأرضهم. أرط * فيه (جئ بإبل كأنها عروق الأرطى) هو شجر من شجر الرمل عروقه حمر. وقد اختلف في همزته فقيل إنها أصلية، لقولهم أديم مأروط. وقيل زأئدة لقولهم، أديم مرطي، وألفه للإلحاق، أو بني الاسم عليها وليست للتأنيث.
[ 43 ]
أرف * فيه (أي مال اقتسم وأرف عليه فلا شفعة فيه) أي حد وأعلم. - ومنه حديث عمر (فقسموها على عدد السهام وأعلموا أرفها) الأرف جمع أرفة وهي الحدود والمعالم. ويقال بالثاء المثلثة أيضا. (ه) ومنه حديث عثمان (الأرف تفطع الشفعة). - ومنه حديث عبد الله بن سلام (ما أجد لهذه الأمة من أرفة أجل بعد السبعين) أي من حد ينتهى إليه. (ه) وفي حديث المغيرة (لحديث من في العاقل أشهى إلي من الشهد بماء رصفة بمحض الأرفي) هو اللبن المحض الطيب، كذا قاله الهروي عند شرحه الرصفة في حرف الراء. أرق قد تكرر. (س) فيه ذكر الأرق وهو السهر، رجل أرق إذا سهر لعلة، فإن كان السهر من عادته قيل أرق بضم الهمزة والراء. أرك * فيه (ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله) الأريكة: السرير في الحجلة من دونه ستر، ولا يسمى منفردا أريكة. وقيل هو كل ما اتكئ عليه من سرير أو فراش أو منصة، وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث الزهري عن بني اسرائيل (وعنبهم الأراك) هو شجر معروف له حمل كعناقيد العنب، واسمه الكباث بفتح الكاف، وإذا نضج يسمى المرد. (س) ومنه الحديث (أتي بلبن إبل وأوارك) أي قد أكلت الأراك. يقال أركت تأرك وتأرك فهي أركة إذا أقامت في الأراك ورعته. والأوارك جمع آركة. أرم) ه) فيه (كيف تبلغك صلاتنا وقد أرمت) أي بليت، يقال أرم المال إذا فني. وأرض أرمة لا تنبت شيئا. وقيل إنما هو أرمت من الأرم: الأكل، يقال أرمت السنة بأموالنا: أي أكلت كل شئ، ومنه قيل للأسنان الأرم. وقال الخطابي: أصله أرممت، أي بليت وصرت رميما، فحذف إحدى الميمين، كقولهم ظلت في ظللت، وكثيرا ما تروى هذه اللفظة بتشديد الميم، وهي لغة ناس من بكر من وائل، وسيجئ الكلام عليها مستقصى في حرف الراء إن شاء الله تعالى. (س) وفيه (ما يوجد في آرام الجاهلية وخربها فيه الخمس) والآرام الأعلام وهي
[ 44 ]
حجارة تجمع وتنصب في المفازة يهتدى بها، واحدها إرم كعنب. وكان من عادة الجاهلية أنهم إذا وجدوا شيئا في طريقهم لا يمكنهم استصحابه تركوا عليه حجارة يعرفونه بها، حتى إذا عادوا أخذوه. (ه) ومنه حديث سلمة بن الأكوع (لا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما). - ومنه حديث عمير بن أفصى (أنا من العروبة في أرومة بنائها) الأرومة بوزن الأكلة: الأصل. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه ذكر إرم، بكسر الهمزة وفتح الراء الخفيفة، وهو موضع من ديار جذام أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بني جعال بن ربيعة. (س) وفيه أيضا ذكر (إرم ذات العماد) وقد اختلف فيها فقيل دمشق وقيل غيرها. أرن) س) في حديث الذبيحة (أرن أو أعجل ما أنهر الدم) هذه اللفظة قد اختلف في صيغتها ومعناها. قال الخطابي: هذا حرف طال مال استثبضت فيه الرواة وسألت عنه أهل العلم باللغة، فلم أجد عند واحد منهم شيئا يقطع بصحته. وقد طلبت له مخرجا فرأيته يتجه لوجه: أحدها أن يقول من قولهم أران القوم فهم مرينون إذا هلكت مواشيهم، فيكون معناه: أهلكها ذبحا وأزهق نفسها بكل ما أنهر الدم غير السن والظفر، على ما رواه أبو داود في السنن بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون. والثاني أن يكون إئرن بوزن إعرن، من أرن يأرن إذا نشط وخف، يقول خف وأعجل لئلا تقتلها خنقا، وذلك أن غير الحديد لا يمور في الذكاة موره. والثالث أن يكون بمعنى أدم الحز ولا تفتر، من قولك رنوت النظر إلى الشئ إذا أدمته، أو يكون أراد أدم النظر إليه وراعه ببصرك لئلا تزل عن المذبح، وتكون الكلمة بكسر الهمزة والنون وسكون الراء، بوزن إرم. وقال الزمخشري: كل من علاك وغلبك فقد ران بك. ورين بفلان: ذهب به الموت. وأران القوم إذا رين بمواشيهم: أي هلكت، وصاروا ذوي رين في مواشيهم، فمعنى إرن أي صر ذا رين في ذبيحتك. ويجوز أن يكون أران تعدية ران: أي أزهق نفسها. (ه) ومنه حديث الشعبي (اجتمع جوار فأرن) أي نشطن، من الأرن: النشاط. (ه) وفي حديث استسقاء عمر (حتى رأيت الأرينة تأكلها صغار الإبل) الأرينة: نبت معروف يشبه الخطمي. وأكثر المحدثين يرويه الأرنبة واحدة الأرانب. أرنب * في حديث الخدري (فلقد رأيت على أنف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأرنبته أثر الماء
[ 45 ]
والطين) الأرنبة: طرف الأنف. (س) ومنه حديث وائل (كان يسجد على جبهته وأرنبته). - وفي حديث استسقاء عمر (حتى رأيت الأرنبة تأكلها صغار الإبل) هكذا يرويها أكثر المحدثين. وفي معناها قولين ذكرهما القتيبي في غريبه: أحدهما أنها واحدة الأرانب، حملها السيل حتى تعلقت بالشجر فأكلت، وهو بعيد، لأن الإبل لا تأكل اللحم. والثاني أنها نبت لا يكاد يطول فأطاله هذا المطر حتى صار للإبل مرعى، والذي عليه أهل اللغة أن اللفظة إنما هي الأرينة بياء تحتها نقطتان وبعدها نون، وقد تقدمت في أرن، وصححه الأزهري وأنكر غيره. أرت) ه) في حديث بلال (قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمعكم شئ من الإرة) أي القديد. وقيل هو أن يغلى اللحم بالخل ويحمل في الأسفار. - ومنه حديث بريدة (أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم إرة) أي لحما مطبوخا في كرش. - وفي الحديث (ذبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة ثم صنعت في الإرة) الإرة حفرة توقد فيها النار. وقيل هي الحفرة التي حولها الأثافي. يقال وأرت إرة. وقيل الإرة النار نفسها. وأصل الإرة إرى بوزن علم، والهاء عوض من الياء. (س) ومنه حديث زيد بن حارثة (ذبحنا شاة ووضعناها في الإرة حتى إذا نضجت جعلناها في سفرتنا). أرا) ه) فيه (أنه دعا لامرأة كانت تفرك زوجها، فقال: اللهم أر بينهما) أي ألف وأثبت الود بينهما، من قولهم: الدابة تأري الدبة إذا انضمت إليها وألفت معها معلفا واحدا. وآريتها أنا. ورواه ابن الأنباري (اللهم أر كل واحد منهما صاحبه) أي احبس كل واحد منهما على صاحبه حتى لا ينصرف قلبه إلى غيره، ومن قولهم تأريت في المكان إذا احتبست فيه، وبه سميت الآخية آريا لأنها تمنع الدواب عن الانفلات. وسمي المعلف أريا مجازا، والصواب في هذه الرواية أن يقال (اللهم أر كل واحد منهما على صاحبه) فإن صحت الرواية بحذف على فيكون كقولهم تعلقت بفلان، وتعلقت فلانا. - ومنه حديث أبي بكر (أنه دفع إليه سيفا ليقتل به رجلا فاستثبته، فقال أر) أي مكن وثبت يدي من السيف. وروي أر مخففة، من الرؤية، كأنه يقول أرني بمعنى أعطني. (ه) وفي الحديث (أنه أهدي له أروى وهو محرم فردها) الأروى جمع كثرة للأروية،
[ 46 ]
وتجمع على أراوي، وهي الأيايل. وقيل غنم الجبل. (ه) ومنه حديث عون أنه ذكر رجلا تكلم فأسقط فقال (جمع بين الأروى والنعام) يريد أنه جمع بين كلمتين متناقضتين، لأن الأروى تسكن شعف الجبال، والنعام تسكن الفيافي. وفي المثل: لا تجمع بين الأروى والنعام. أريان) س) في حديث عبد الرحمن النخعي (لو كان رأي الناس مثل رأيك ما أدى الأريان) هو الخراج والإتاوة، وهو اسم واحد كالشيطان. قال الخطابي: الأشبه بكلام العرب أن يكون بضم الهمزة والباء المعجمة بواحدة، وهو الزيادة على الحق. يقال فيه أربان وعربان. فإن كانت الياء معجمة باثنتين فهو من التأرية لأنه شئ قرر على الناس وألزموه. أريحاء * في حديث الحوض (ذكر أريحاء)، هي بفتح الهمزة وكسر الراء وبالحاء المهملة: اسم قرية بالغور قريبا من القدس. باب الهمزة مع الزاي أزب) س) في حديث ابن الزبير (أنه خرج فبات في القفر، فاما قام ليرحل وجد رجلا طوله شبران عظيم اللحية على الولية) يعني البرذعة فنفضها فوقع، ثم وضعها على الراحلة، فجاء وهو على القطع، يعني الطنفسه فنفضه فوقع، فوضعه على الراحله، فجاء وهو بين الشرخين أي جانبي الرحل، فنفضه ثم شده وأخذ السوط ثم أتاه وقال من أنت، فقال أنا أزب، قال: وما أزب ؟ قال: رجل من الجن، قال افتح فاك أنظر، ففتح فاه فقال أهكذا حلوقكم، ثم قلب السوط فوضعه في رأس أزب حتى باص) أي فاته واستتر. والأزب في اللغة كثير الشعر. (س) ومنه حديث بيعة العقبة (هو شيطان اسمه أزب العقبة) وهو الحية. (س) وفي حديث أبي الأحوص (تسبيحة في طلب حاجة خير من لقح صفي (صفي: أي غزيرة اللبن) في عام أزبة أو لزبة) يقال أصابتهم أزبة أو لزبة، أي جدب ومحل. أزر) س [ ه ]) في حديث المبعث (قال له ورقة بن نوفل: إن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا) أي بالغا شديدا. يقال أزره وآزره إذا أعانه وأسعده، من الأزر: القوة والشدة. (ه) ومنه حديث أبي بكر (أنه قال للأنصار يوم السقيفة: لقد نصرتم وآزرتم وآسيتم)
[ 47 ]
(س) وفي الحديث (قال الله تبارك وتعالى: العظمة إزاري والكبرياء ردائي) ضرب الإزار والرداء مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء، أي ليستا كسائر الصفات التي يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة والكرم وغيرهما، وشبههما بالإزار والرداء لأن المتصف بها يشملانه كما يشمل الرداء الإنسان، ولأنه لا يشاركه في إزاره وردائه أحد، فكذلك الله تعالى لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد. (س) ومثله الحديث الآخر (تأزر بالعظمة، وتردى بالكبرياء، وتسربل بالعزم) (س) وفيه (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) أي ما دونه من قدم صاحبه في النار عقوبة له، أو على أن هذا الفعل معدود في أفعال أهل النار. - ومنه الحديث (إزرة المؤمن إلى نصف الساق ولا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين) والإزرة بالكسر: الحاة وهيئة الائتزار، مثل الركبة والجلسة. - ومنه حديث عثمان (قال له أبان بن سعيد: مالي أراك متحشفا أسبل ؟ فقال: هكذا كان إزرة صاحبنا). (ه) وفي حديث الاعتكاف (كان إذا دخل العشر الأواخر أيقظ أهله وشد المئزر) المئزر الإزار، وكنى بشدة عن اعتزال النساء. وقيل أراد تشميره للعبادة، يقال شددت لهذا الأمر مئزري، أي تشمرت له. (س) وفي الحديث (كان يباشر بعض نسائه وهي مؤتزرة في حالة الحيض) أي مشدودة الإزار. وقد جاء في بعض الروايات وهي متزرة وهو خطأ، لأن الهمزة لا تدغم في التاء. - وفي حديث بيعة العقبة (لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا) أي نساءنا وأهلنا، كنى عنهن بالأزر. وقيل أراد أنفسنا. وقد يكنى عن النفس بالإزار. (ه) ومنه حديث عمر (كتب إليه من بعض البعوث أبيات في صحيفة منها: ألا أبلغ أبا حفص رسولا * فدى لك من أخي ثقة إزاري
[ 48 ]
أي أهلي ونفسي. (أزز) ه) في حديث سمرة (كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتيهت إلى المسجد فإذا هو بأزز) أي ممتلئ بالناس يقال أتيت الوالي والمجلس أزز، أي كثير الزحام ليس فيه متسع. والناس أزز إذا انضم بعضهم إلى بعض. وقد جاء هذا الحديث في سنن أبي داود فقال: وهو بارز من البروز: أي الظهور، وهو خطأ من الراوي: قاله الخطابي في المعالم. وكذا قال الأزهري في التهذيب. (ه) وفيه (أنه كان يصلي ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء) أي خنين من الخوف - بالخاء المعجمة - وهو صوت البكاء. وقيل هو أن يجيش جوفه ويغلي بالبكاء. - ومنه حديث جمل جابر (فنخسه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقضيب فإذا تحتي له أزيز) أي حركة واهتياج وحدة. (ه) ومنه الحديث (فإذا المسجد يتأزز) أي يموج فيه الناس، مأخوذ من أزيز المرجل وهو الغليان. - وفي حديث الأشتر (كان الذي أز أم المؤمنين على الخروج ابن الزبير) أي هو الذي حركها وأزعجها وحملها على الخروج. وقال الحربي: الأز أن تحمل إنسانا على أمر بحيلة ورفق حتى يفعله، وفي رواية أخرى (أن طلحة والزبير أزا عائشة حتى خرجت). أزف * فيه (وقد أزف القت وحان الأجل) أي دنا وقرب. أزفل * فيه (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أزفلة) الأزفلة بفتح الهمزة: الجماعة من الناس وغيرهم. يقال جاءوا بأزفلتهم وأجفلتهم، أي جماعتهم، والهمزة زائدة. (س) ومنه حديث عائشة (أنها أرسلت أزفلة من الناس) وقد تكررت في الحديث. أزل * فيه (عجب ربكم من أزلكم وقنوطكم) هكذا يروى في بعض الطرق والمعروف (من إلكم) وسيرد في موضعه. الأزل: الشدة والضيق، وقد أزل الرجل يأزل أزلا، أي صار في ضيق وجدب، كأنه أراد من شدة يأسكم وقنوطكم. (ه) ومنه حديث طهفة (أصابتنا سنة (رواية الهروي (سنية) بالتصغير. قال: وصغر السنة تشديدا لأمرها وتنكيرا) حمراء مؤزلة) بالتشديد على التكثير.
[ 49 ]
(ه) ومنه حديث الدجال (أنه يحضر الناس في بيت المقدس فيؤزلون أزلا شديدا) أي يقحطون ويضيق عليهم. - ومنه حديث علي (إلا بعد أزل وبلاء) أزم) ه) في حديث الصلاة (أنه قال: أيكم المتكلم ؟ فأزم القوم) أي أمسكوا عن الكلام كما يمسك الصائم عن الطعام. ومنه سميت الحمية أزما. والرواية المشهورة (فأرم) بالراء وتشديد الميم، وسيجئ في موضعه. - ومنه حديث السواك (يستعمله عند تغير الفم من الأزم) (ه) ومنه حديث عمر (وسأل الحارث بن كلدة ما الدواء قال: الأزم) يعني الحمية، وإمساك الأسنان بعضها عن بعض. (ه) ومنه حديث الصديق (نظرت يوم أحد إلى حلقة درع قد نشبت في جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكببت لأنزعها، فأقسم علي أبو عبيدة فأزم بها بثنيتيه فجذبها جذبا رفيقا) أي عضها وأمسكها بين ثنيتيه. - ومنه حديث الكنز والشجاع الأقرع (فإذا أخذه أزم في يده) أي عضها. (س) وفي الحديث (اشتدي أزمة تنفرجي) الأزمة السنة المجدبة. يقال إن الشدة إذا تتابعت انفرجت وإذا توالت تولت. - ومنه حديث مجاهد (إن قريشا أصابتهم أزمة شديدة. وكان أبو طالب ذا عيال). إزاء) س) في قصة موسى عليه السلام (أنه وقف بإزاء الحوض) وهو مصب الدلو وعقره مؤخره. (ه) وفي الحديث (وفرقة آزت الملوك فقاتلهم على دين الله) قاومتهم. يقال: فلان إزاء لفلان: إذا كان مقاوما له. - وفيه (فرفع يديه حتى أزتا شحمة أذنيه) أي حاذتا. والإزاء: المحاذاة والمقابلة. ويقال فيه وازتا. - ومنه حديث صلاة الخوف (فوازينا العدو) أي قابلناهم. وأنكر الجوهري أن يقال وازينا.
[ 50 ]
باب الهمزة مع السين أسبذ) س) فيه (أنه كتب لعباد الله الأسبذين) هم ملوك عمان بالبحين، الكلمة فارسية، معناها عبدة الفرس، لأنهم كانوا يعبدون فرسا فيما قيل، واسم الفرس بالفارسية إسب. اسبرنج * فيه (من لعب بالاسبرنج والنرد فقد غمس يده في دم خنزير) هو اسم الفرس الذي في الشطرنج. واللفظة فارسية معربة. استبرق * قد تكرر ذكر الاستبرق في الحديث، وهو ما غلظ من الحرير والإبريسم. وهي لفظة أعجمية معربة أصلها استبره. وقد ذكرها الجوهري في الباء من القاف، على أن الهمزة والسين والتاء زوائد، وأعاد ذكرها في السين من الراء، وذكرها الأزهري في خماسي القاف على أن همزتها وحدها زائدة وقال: أصلها بالفارسية استفره. وقال أيضا: إنها وأمثالها من الألفاظ حروف عربية وقع فيها وفاق بين الأعجمية والعربية. وقال هذا عندي هو الصواب، فذكرناها نحن ها هنا حملا على لفظها. أسد) س) في حديث أم زرع (إن خرج أسد) أي صار كالأسد في الشجاعة. يقال أسد واستأسد إذا اجترأ. (س ه) ومنه حديث لقمان بن عاد (خذي مني أخي ذا الأسد) الأسد مصدر أسد يأسد أسدا، ذو القوة الأسدية. (أسر) س ه) في حديث عمر (لا يؤسر أحد في الإسلام بشهادة الزر، إنا لا نقبل إلا العدول) أي لا يحبس، وأصله من الأسرة: القد، وهي قدر ما يشد به الأسير. (ه) وفي حديث ثابت البناني (كان داود عليه السلام إذا ذكر عقاب الله تخلعت أوصاله لا يشدها إلا الأسر) أي الشد والعصب. والأسر القوة والحبس. ومنه سمي الأسير. - ومنه حديث الدعاء (فأصبح طليق عفوك من إسار غضبك) الإسار بالكسر مصدر أسرته أسرا وإسارا. وهو أيضا الحبل والقد الذي يشد به الأسير. (س) وفي حديث أبي الدرداء (أن رجلا قال له إن أبي أخذه الأسر) يعني احتباس البول. والرجل منه مأسور. والحصر احتباس الغائط.
[ 51 ]
(س) وفي الحديث (زنى رجل من أسرة من الناس) الأسرة عشيرة الرجل وأهل بيته لأنه يتقوى بهم. (س) وفيه (تجفو القبيلة بأسرها) أي جميعها. أسس * كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنهما (أسس بين الناس في وجهك وعدلك) أي سو بينهم. وهو من ساس الناس يسوسهم، والهمزة فيه زائدة. ويروى (آس بين الناس) من اواساة، وسيجئ. أسف) س) فيه (لا تقتلوا عسيفا ولا أسيفا) الأسيف: الشيخ الفاني. وقيل العبد. وقيل الأسير. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (إن أبا بكر رجل أسيف) أي سريع البكاء والحزن. وقيل هو الرقيق. (ه) وفي حديث موت الفجأة (راحة للمؤمن وأخذة أسف للكافر) أي أخذة غضب أو غضبان. يقال أسف يأسف أسفا فهو آسف، إذا غضب. (ه) ومنه حديث النخعي (إن كانوا ليكرهون أخذة كأخذة الأسف) - ومنه الحديث (آسف كما يأسفون). - ومنه حديث معاوية بن الحكم (فأسفت عليها). - وفي حديث أبي ذر (وامرأتان تدعوان إسفا ونائلة) هما صنمان تزعم العرب أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا. وإساف بكسر الهمزة وقد تفتح. أسل * في صفته صلى الله عليه وسلم (كان أسيل الخد) الأسالة في الخد: الاستطالة وأن لا يكون مرتفع الوجنة. (ه) وفي حديث عمر (ليذك لكم الأسل الرماح والنبل) الأسل في الأصل الرماح الطوال وحدها، وقد جعلها في هذا الحديث كناية عن الرماح والنبل معا. وقيل النبل
[ 52 ]
معطوف على الأسل لا على الرماح، والرماح بيان للأسل أو بدل. (ه) ومنه حديث علي (لاقود إلا بالأسل) يريد كل ما أرق من الحديد وحدد من سيف وسكين وسنان. وأصل الأسل نبات له أغصان كثيرة دقاق لا ورق لها. - وفي كلام علي رضي الله عنه (لم تجف لطول المناجاة أسلات ألسنتهم) هي جمع أسلة وهي طرف اللسان. (س) ومنه حديث مجاهد (إن قطعت الأسلة فبين بعض الحروف ولم يبين بعضا يحسب بالحروف) أي تقسم دية اللسان على قدر ما بقي من حروف كلامه التي ينطق بها في لغته، فما نطق به لا يستحق ديته، وما لم ينطق به استحق ديته. أسن) س) في حديث عمر (قال له رجل إني رميت ظبيا فأسن فمات) أي أصابه دوار، وهو الغشي. - وفي حديث ابن مسعود (قال له رجل كيف تقرأ هذه الآية، من ماء غير آسن أو ياسن) أسن (أسن: من باب نصر، وضرب، وفرح) الماء يأسن وأسن يأسن فهو آسن إذا تغيرت ريحه. - ومنه حديث العباس في موت النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر (خل بيننا وبين صاحبنا فإنه يأسن كما يأسن الناس) أي يتغير. وذلك أن عمر كان قد قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت، ولكنه صعق كما صعق موسى عليه السلام. ومنعهم عن دفنه. أسا * قد تكرر ذكر الأسوة والمواساة في الحديث، وهي بكسر الهمزة وضمها: القدوة، والمواساة المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق، وأصلها الهمزة فقلبت واوا تخفيفا. - ومنه حديث الحديبية (إن المشركين واسونا الصلح) جاء على التخفيف، وعلى الأصل جاء الحديث الآخر (ما أحد عندي أعظم يدا من أبي بكر، آساني بنفسه وماله). - ومنه حديث علي (آس بينهم في اللحظة والنظرة). (س) وكتاب عمر إلى أبي موسى (آس بين الناس في وجهك وعدلك) أي اجعل كل واحد منهم أسوة خصمه. (ه) وفي حديث قيلة (استرجع وقال رب آسني لما أمضيت وأعني على ما أبقيت) أي
[ 53 ]
عزني وصبرني. ويروى (أسنى) بضم الهمزة وسكون السين، أي عوضني. والأوس العوض. - وفي حديث أبي بن كعب (والله ما عليهم آسى، ولكن آسى على من أضلوا) الأسى مقصورا مفتوحا: الحزن، أسي يأسى أسى فهو آس. (س) وفي حديث ابن مسعود (يوشك أن ترمي الأرض بأفلاذ كبدها أمثال الأواسي) هي السواري والأساطين. وقيل هي الأصل، واحدتها آسية، لأنها تصلح السقف وتقيمه، من أسوت بين القوم إذا أصلحت. (س) ومنه حديث عابد بني إسرائيل (أنه أوثق نفسه إلى آسية من أواسي المسجد). * باب الهمزة مع الشين أشب [ ه ] فيه أنه قرأ (يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم) (فتأشب أصحابه حوله) أي اجتمعوا إليه وأطافوا به. والأشابة أخلاط الناس تجتمع من كل أوب. - ومنه حديث العباس يوم حنين (حتى تأشبوا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم) ويروى تناشبوا، أي تدانوا وتضاموا. (ه) وفيه (إني رجل ضرير بيني وبينك أشب فرخص لي في كذا) الأشب كثرة الشجر. يقال بلدة أشبة إذا كانت ذات شجر، وأراد ها هنا النخيل. (ه) ومنه حديث الأعشى الحرمازي يخاطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن امرأته: - وقذفتني بين عيص مؤتشب (شطر بيت، وتمامه: - وهن شر غالب لمن غلب * المؤتشب الملتف. والعيص أصل الشجر. (أشر * في حديث الزكاة وذكر الخيل (ورجل اتخذها أشرا وبذخا) الأشر البطر . وقيل أشد البطر. - ومنه حديث الزكاة أيضا (كأغذ ما كانت وأسمنه وآشره) أي أبطره وأنشطه، هكذا
[ 54 ]
رواه بعضهم. والرواية (وأبشره) وسيرد في بابه. ومنه حديث الشعبي (اجتمع جوار فلأرن وأشرن). - وفي حديث صاحب الأخدود (فوضع المئشار على مفرق رأسه) المئشار بالهمز: المنشار بالنون، وقد يترك الهمز، يقال: أشرت الخشبة أشرا، ووشرتها وشرا، إذا شققتها، مثل نشرتها نشرا، ويجمع على مآشير ومواشير. (س) ومنه الحديث (فقطعوهم بالمآشير) أي المناشير. أشش) ه) في حديث علقمة بن قيس (أنه كان إذا رأى من بعض أصحابه أشاشا حدثهم) أي إقبالا بنشاط. والأشاش والهشاش: الطلاقة والبشاشة. أشا) ه) فيه (أنه انطلق إلى البراز فقال لرجل كان معه: إئت هاتين الأشاءتين فقل لهما حتى تجتمعا، فاجتمهتا فقضى حاجته) الأشاء بالمد والهمز. صغار النخل، الواحدة أشاءة، وهمزتها منقلبة من الياء، لأن تصغيرها أشي، ولو كانت أصلية لقيل أشيئ. باب الهمزة مع الصاد أصر) ه) في حديث الجمعة (ومن تأخر ولغا كان له كفلان من الإصر) الإصر: الإثم العقوبة للغوه وتضييعه عمله، وأصله من الضيق والحبس. يقال أصره يأصره إذا حبسه وضيق عليه والكفل: النصيب. - ومنه الحديث (من كسب مالا من حرام فأعتق منه كان ذلك عليه إصرا). - ومنه الحديث الأخر (أنه سئل عن السلطان فقال: هو ظل الله في الأرض، فإذا أحسن فله الأجر وعليكم الشكر، وإذا أساء فعليه الإصر وعليكم الصبر). [ ه ] وفي حديث ابن عمر (من حلف على يمين فيها إصر فلا كفارة لها) هو أن يحلف بطلاق أو عتاق أو نذر، لأنها أنقل الأيمان وأضيقها مخرجا، يعني أنه يجب الوفاء بها ولا يتعوض عنها با لكفارة. والإصر في غير هذا: العهد والميثاق، كقوله تعالى: (وأخذتم على ذلكم إصري). أصطب) س) فيه (رأيت أبا هريرة وعليه إزار فيه علق وقد خيطه بالأصطبة) الأصطبة
[ 55 ]
هي مشاقة الكتان. العلق الخرق. اصطفل) س) في كتاب معاوية إلى ملك الروم (ولأنزعنك من الملك نزع الإصطفلينة) أي الجزرة. لغة شامية. أوردها بعضهم في حرف الهمزة على أنها أصلية، وبعضهم في الصاد على أنها زائدة. (س) ومنه حديث القاسم بن مخيمرة (إن الوالي لينحت أقاربه أمانته كما تنحت القدوم الإصطفلينة حتى تخلص إلى قلبها) وليست اللفظة بعربية محضة، لأن الصاد والطاء لا يجتمعان إلا قليلا. أصل) ه) في حديث الدجال (كأن رأسه أصلة) الأصلة بفتح الهمزة والصاد: الأفعى. وقيل هي الحية العظيمة الضخمة القصيرة. والعرب تشبه الرأس الصغير الكثير الحركة برأس الحية (س) وفي حديث الأضحية (أنه نهى عن المستأصلة) هي التي أخذ قرنها من أصله. وقيل هو من الأصيلة بمعنى الهلاك. باب الهمزة مع الضاد (آض) ه) في حديث الكسوف (حتى آضت الشمس كأنها تنومة) أي رجعت وصارت، يقال منه آض يئيض أيضا. وقد تكررت في الحديث. ومن حقها أن تكون في باب الهمزة مع الياء، ولكنها لم ترد حيث جاءت إلا فعلا فاتبعنا لفظها. (أضم * في حديث وفد نجران (وأضم عليها منه أخوه كرز بن علقمة حتى أسلم) يقال أضم الرجل بالكسر يأضم أضما إذا أضمر حقدا لا يستطيع إمضاءه. (س) ومنه الحديث الآخر (فأضموا عليه). (س) وفي بعض الأحاديث ذكر (إضم) هو بكسر الهمزة وفتح الضاد اسم جبل وقيل موضع. أضا) ه) فيه (أن جبريل لقي النبي صلى الله عليه وسلم عند أضاة بني غفار) الأضاة بوزن ا لحصاة: الغدير وجمعها أضى وإضاة كأكم وإكام.
[ 56 ]
باب الهمزة مع الطاء (أطأ (ه) في حديث عمر (فيم الرملان وقد أطأ الله الإسلام) أي ثبته وأرساه. والهمزة في بدل من واو وطأ. (أطر) ه) فيه (حتى تأخذوا على يدي الظالم وتأطروه على الحق أطرا) أي تعطفوه عليه. ومن غريب ما يحكى فيه عن نفطويه قال: إنه بالظاء المعجمة من باب ظأر. ومنه الظئر المرضعة، وجعل الكلمة مقلوبة فقدم الهمزة على الظاء. (س) ومنه في صفة آدم عليه السلام (أنه كان طوالا فأطر الله منه) أي ثناه وقصره ونقص من طوله، يقال أطرت الشئ فانأطر وتأطر، أي انثنى. - وفي حديث ابن مسعود (أتاه زياد بن عدي فأطره إلى الأرض) أي عطفه ويروى وطده. وسيجئ. (س) وفي حديث علي (فأطرتها بين نسائي) أي شققتها وقسمتها بينهن. وقيل هو من قولهم طار له في القسمة كذا، أي وقع في حصته، فيكون من باب الطاء لا الهمزة. (س) وقي حديث عمر بن عبد العزيز (يقص الشارب حتى يبدو الإطار) يعني حرف الشفة الأعلى الذي يحول بين منابت الشعر والشفة، وكل شئ أحاط بشئ فهو إطار له. - ومنه صفة شعر علي (إنما كان له إطار) أي شعر محيط برأسه ووسطه أصلع. (أطط * فيه (أطت السماء وحق لها أن تئط) الأطيط صوت الأقتاب. وأطيط الإبل: أصواتها وحنينها. أي أن كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتى أطت. وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثم أطيط، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. (ه) ومنه الحديث الآخر (العرش على منكب إسرافيل، وإنه ليئط أطيط الرحل الجديد) يعني كور الناقة، أي أنه ليعجز عن حمله وعظمته، إذ كان معلوما أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة ما فوقه وعجزه عن احتماله.
[ 57 ]
(ه) ومنه حديث أم زرع (فجعلني في أهل أطيط وصهيل) أي في أهل إبل وخيل. - ومنه حديث الاستسقاء (لقد أتيناك وما لنا بعير يئط) أي يحن ويصيح، يريد ما لنا بعير أصلا، لأن البعير لابد أن يئط. - ومنه المثل (لا آتيك ما أطت الإبل). - ومنه حديث عتبة بن غزوان (ليأتين على باب الجنة وقت يكون له فيه أطيط) أي صوت بالزحام. - وفي حديث أنس بن سيرين قال (كنت مع أنس بن مالك حتى إذا كنا بأطيط والأرض فضفاض) أطيط: موضع بين البصرة والكوفة. (أطم) ه) في حديث بلال (أنه كان يؤذن على أطم) الأطم بالضم: بناء مرتفع وجمعه آطام. (ه) ومنه الحديث (حتى توارت بآطام المدينة) يعني أبنيتها المرتفعة كالحصون. - وفي قصيدة كعب بن زهير يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: - وجلدها من أطوم لا يؤيسه * الأطوم الزرافة، يصف جلدها بالقوة والملاسة. ولا يؤيسه: أي لا يؤثر فيه. * باب الهمزة مع الفاء (أفد) ه) في حديث الأحنف (قد أفد الحج). أي دنا وقته وقرب. ورجل أفد أي مستعجل. (أفع) ه) في حديث ابن عباس (لا بأس بقتل الأفعو) أراد الأفعى، فقاب ألفها في الوقف ووا، وهي لغة أهل الحجاز، والأفعى ضرب من الحيات معروف. ومنهم من يقلب الألف ياء في الوقف. وبعضهم يشدد الواو والياء. وهمزتها زائدة. - ومنه حديث ابن الزبير (أنه قال لمعاوية: لا تطرق إطراق الأفعوان) هو بالضم ذكر الأفاعي. أفف (ه) فيه (فألقى طرف ثوبه على أنفه ثم قال أف أف) معناه الاستقذار لما شم. وقيل معناه الاستحقار والاستقلال، وهي صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر متكره. وقيل أصل الأف من وسخ الإصبع إذا فتل. وقد أففت بفلان تأفيفا، وأففت به إذا قلت له
[ 58 ]
أف لك. وفيها لغات هذه أفصحها وأكثرها استعمالا، وقد تكررت في الحديث. (ه) وفي حديث أبي الدرداء (نعم الفارس عويمر غير أفة) جاء تفسيره في الحديث: غير جبان، أو غير ثقيل. قال الخطابي: أرى الأصل فيه الأفف، وهو الضجر. وقال: قال بعض أهل اللغة: معنى الأفة المعدم المقل. من الأفف وهو الشئ القليل. (أفق) ه) في حديث عمر (أنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أفيق) هو الجلد الذي لم يتم دباغه. وقيل هو ما دبغ بغير القرظ. - ومنه حديث غزوان (فانطلقت إلى السوق فاشتيت أفيقة) أي سقاء من أدم، وأنثه على تأويل القربة أو الشنة. (ه) وفي حديث لقمان (صفاق أفاق) الأفاق الذي يضرب في آفاق الأرض، أي نواحيها مكتسبا، واحدها أفق. ومنه شعر العباس يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: وأنت لما ولدت أشرقت * الأرض وضاءت بنورك الأفق أنث الأفق ذهابا إلى الناحية، كما أنث جرير السر في قوله: لما أتى خبر الزبير تضعضعت * سور المدينة والجبال الخشع ويجوز أن يكون الأفق واحدا وجمعا، كالفلك. وضاءت لغة في أضاءت. (أفك * في حديث عائشة (حين قال لها أهل الإفك ما قالوا) الأفك في الأصل الكذب، وأراد به هاهنا ما كذب عليها مما رميت به. - وفي حديث عرض نفسه صلى الله عليه وسلم على قبائل العرب (لقد أفك قوم كذبوك وظاهروا عليك) أي صرفوا عن الحق ومنعوا منه. يقال أفكه يأفكه أفكا إذا صرفه عن الشئ وقلبه، وأفك فهو مأفوك. وقد تكرر في الحديث. - وفي حديث سعيد بن جبير، وذكر قصة هلاك قوم لوط قال: (فمن أصابته تلك الأفكة أهلكته) يريد العذاب الذي أرسله الله عليهم فقلب بها ديارهم. يقال ائتفكت البلدة بأهلها أي انقلبت، فهي متفكة. (ه) ومنه حديث أنس رضي الله عنه (البصرة إحدى المؤتفكات) يعني أنها غرقت مرتين، فشبه غرقها بانقلابها.
[ 59 ]
ومنه حديث بشير بن الخصاصية (قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ممن أنت ؟ قال: من ربيعة، قال: أنتم تزعمون لولا ربيعة لائتفكت الأرض بمن عليها) أي انقلبت. (أفكل) ه) فيه (فبات وله أفكل) الأفكل بالفتح والرعدة من برد أو خوف، ولا يبنى منه فعل، وهمزته زائدة، ووزنه أفعل، ولهذا إذا سميت به لم تصرفه للتعريف ووزن الفعل. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (فأخذني أفكل وارتعدت من شدة الغيرة). أفن * في حديث علي رضي الله عنه (إياك ومشورة النساء فإن رأيهن إلى أفن) الأفن: النقص. ورجل أفين ومأفون، أي ناقص العقل (ه) ومنه حديث عائشة (قالت لليهود: عليكم السام واللعنة والأفن). باب الهمزة مع القاف (أقحوان * في حديث قس بن ساعدة (بواسق أقحوان) الأقحوان: نبت معروف تشبه به الأسنان، وهو نبت طيب الريح، ووزنه أفعلان، والهمزة والنون زائدتان، ويجمع على أقاح. وقد جاء ذكره في حديث قس أيضا مجموعا. (أقط * قد تكرر في الحديث ذكر الأقط، وهو لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به. باب الهمزة مع الكاف أكر * في حديث قتل أبي جهل (فلو غير أكار قتلني ؟) الأكار: الزراع، أراد به احتقاره وانتقاصه، كيف مثله يقتل مثله. (س) ومنه الحديث (أنه نهى عن المؤاكرة) يعني المزارعة على نصيب معلوم ممه يزرع في الأرض، وهي المخابرة. يقال أكرت الأرض أي حفرتها. والأكرة الحفرة، وبه سمي الأكار. (أكل) ه) في حديث الشاة المسمومة (ما زالت أكلة خيبر تعادني) الأكلة بالضم اللقمة التي أكل من الشاة، وبعض الرواة يفتح الألف وهو خطأ، لأنه لم يأكل منها إلا لقمة واحدة.
[ 60 ]
(ه) ومنه الحديث الآخر (فليضع في يده أكلة أو أكلتين) أي لقمة أو لقمتين. (ه) وفي حديث آخر (من أكل بأخيه أكلة) معناه الرجل يكون صديقا لرجل، ثم يذهب إلى عدوه فيتكلم فيه بغير الجميل ليجيزه عليه بجائزة، فلا يبارك الله له فيها، هي بالضم اللقمة، وبالفتح المرة من الأكل (ه) وفي حديث آخر (أخرج لنا ثلاثة أكل) هي جمع أكلة بالضم: مثل غرفة وغرف. وهي القرص من الخبز. - وفي حديث عائشة تصف عمر رضي الله عنهما (وبعج الأرض فقاءت أكلها) الأكل بالضم سكون الكاف اسم المأكول، وبالفتح المصدر، تريد أن الأرض حفظت البذر وشربت ماء المطر، ثم قاءت حين أنبتت، فكنت عن النبات بالقئ. والمراد ما فتح الله عليه من البلاد بما أغزى إليها من الجيوش. - وفي حديث الربا (لعن الله آكل الربا ومؤكله) يريد به البائع والمشتري. (ه) ومنه الحديث (أنه نهى عن المؤاكلة) هو أن يكون للرجل دين فيهدي إليه شيئا)، ليؤخره ويمسك عن اقتضائه. وسمي مؤاكلة لأن كل واحد منهما يؤكل صاحبه أي يطعمه. (ه) وفي حديث عمر (ليضربن أحدكم أخاه بمثل آكلة اللحم ثم يرى أني لا أقيده) الآكلة عصا محددة. وقيل الأصل فيها السكين، شبهت العصا المحددة بها. وهي السياط. (ه) وفي حديث له آخر (دع الربى والماخض والأكولة) أمر المصدق أن يعد على رب الغنم هذه الثلاثة ولا يأخذها في الصدقة لأنها خيار المال. والأكولة التي تسمن للأكل. وقيل هي الخصي والهرمة والعاقر من الغنم. قال أبو عبيد: والذي يروى في الحديث الأكيلة، وإنما الأكيلة المأكولة، يقال هذه أكلة الأسد والذئب. وأما هذه فإنها الأكولة - وفي حديث النهي عن المنكر (فلا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه) الأكيل والشريب: الذي يصاحبك في الأكل والشرب، فعيل بمعنى مفاعل.
[ 61 ]
(س) وفيه (أمرت بقرية تأكل القرى) هي المدينة، أي يغلب أهلها وهم الأنصار بالإسلام على غيرها من القرى، وينصر الله دينه بأهلها، ويفتح القرى عليهم ويغنمهم إياها فيأكلونها. (س [ ه ]) وفيه عن عمرو بن عبسة (ومأكول حمير خير من آكلها) المأكول الرعية والآكلون الملوك جعلوا أموال الرعية لهم مأكلة، أراد أن عوام أهل اليمن خير من ملوكهم. وقيل أراد بمأكلهم من مات منهم فأكلتهم الأرض، أي هم خير من الأحياء الآكلين وهم الباقون. أكم) س) في حديث الاستسقاء (على الإكام والظراب ومنابت الشجر) الإكام بالكسر جمع أكمة وهي الرابية، وتجمع الإكام على أكم (س) وفي حديث أبا هريرة رضي الله عنه (إذا صلى أحدكم فلا يجعل يديه على مأكمتيه) هما لحمتان في أصل الوركين. وقيل بين العجز والمتنين، وتفتح كافها وتكسر. (س) ومنه حديث المغيرة (أحمر المأكمة) لم يرد حمرة ذلك الموضع بعينه، وإنما أراد حمرة ما تحتها من سفلته، وهو مما يسب به، فكنى عنها بها. ومثله قولهم في السب: يا ابن حمراء العجان. (أكا) ه) فيه (لا تشربوا إلا من ذي إكاء) الإكاء والوكاء: شداد السقاء. باب الهمزة مع اللام ألب) ه) فيه (إن الناس كانوا علينا إلبا واحدا) الإلب بالفتح والكسر: القوم يجتمعون على عداوة إنسان. وقد تألبوا: أي تجمعوا. (ه) ومنه حديث عبد الله بن عمرو حين ذكر البصرة فقال: (أما إنه لا يخرج منها أهلها إلا الألبة) هي المجاعة، مأخوذ من التألب: التجمع. كأنهم يجتمعون في المجاعة ويخرجون أرسالا. وقد تكرر في الحديث. (ألت) ه) في حديث عبد الرحمن بن عوف يوم الشورى (ولا تغمدوا سيوفكم عن
[ 62 ]
أعدائكم فتؤلتوا أعمالكم) أي تنقصوها. يقال ألته يألته وآلته يؤلته إذا نقصه، وبالأولى نزل القرآن. قال القتيبي: لم تسمع اللغة الثانية إلا في هذا الحديث، وأثبتها غيره. ومعنى الحديث: أنهم كانت لهم أعمال في الجهاد مع النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا غمدوا سيوفهم وتركوا الجهاد نقصوا أعمالهم. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أن رجلا قال له: اتق الله، فقال له رجل: أتألت على أمير المؤمنين) أي أتحطه بذلك وتضع منه وتنقصه. قال الأزهري: فيه وجه آخر هو أشبه بما أراد الرجل، وهو من قولهم ألته يمينا ألتا إذا حلفه. كأن الرجل لما قال لعمر رضي الله عنه اتق الله فقد نشده بالله. تقول العرب ألتك بالله لما فعلت كذا، معناه نشدتك بالله. والألت والألتة: اليمين. (ألس) ه) فيه (اللهم إنا نعوذ بك من الألس) هو اختلاط العقل. يقال ألس فهو مألوس. وقال القتيبي: هو الخيانة، من قولهم لا يدالس ولا يوالس، وخطأه ابن الأنباري في ذلك ألف) ه) في حديث حنين (إني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم) التألف المداراة والإيناس ليثبتوا على الإسلام رغبة فيما يصل إليهم من المال. - ومنه حديث الزكاة (سهم للمؤلفة قلوبهم). وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (وقد علمت قريش أن أول من أخذ لها الإيلاف لهاشم) الإيلاف العهد والذمام، كان هاشم بن عبد مناف أخذه من الملوك لقريش. (ألق) ه) فيه (اللهم إنا نعوذ بك من الألق) وهو الجنون. يقال ألق الرجل فهو مألوق، إذا أصابه جنون. وقيل أصل الأولق وهو الجنون، فحذف الواو. ويجوز أن يكون من الكذب في قول بعض العرب: ألق الرجل يألق ألقا فهو ألق، إذا انبسط لسانه بالكذب. وقال القتيبي: هو من الولق: الكذب، فأبدل الواو همزة. وقد أخذه عليه ابن الأنباري، لأن إبدال الهمزة من الواو المفتوحة لا يجعل أصلا يقاس عليه، وإنما يتكلم بما سمع منه. وفي الكذب ثلاث لغات: ألق وإلق وولق. ألك * في حديث زيد بن حارثة وأبيه وعمه: ألكني إلى قومي وإن كنت نائيا * فإني قطين البيت عند المشاعر أي بلغ رسالتي، من الألوكة والمألكة، وهي الرسالة.
[ 63 ]
(ألل) ه) فيه (عجب ربكم من إلكم وقنوطكم) الإل شدة القنوط، ويجوز أن يكون من رفع الصوت بالبكاء. يقال أل يئل ألا. قال أبو عبيد. المحدثون يروونه بكسر الهمزة، والمحفوظ عند أهل اللغة الفتح، وهو أشبه المصادر. [ ه ] وفي حديث الصديق لما عرض عليه كلام مسيلمة قال: (إن هذا لم يخرج من إل) أي من ربوبية. والإل بالكسر هو الله تعالى. وقيل الإل هو الأصل الجيد، أي لم يجئ من الأصل الذي جاء منه القرآن. وقيل الإل النسب والقرابة. فيكون المعنى: إن هذا كلام غير صادر عن مناسبة الحق والإدلاء بسب بينه وبين الصدق. [ ه ] ومنه حديث لقيط (أنبئك بمثل ذلك. في إل الله) أي في ربوبيته وإلهيته وقدرته. ويجوز أن يكون في عهد الله، من الإل العهد. (ه) ومنه حديث أم زرع (وفي الإل كريم الخل) أرادت أنها وفية العهد، وإنما ذكر لأنه ذهب به إلى معنى التشبيه: أي هي مثل الرجل وفي العهد. والإل القرابة أيضا. - ومنه حديث علي (يخون العهد ويقطع الإل). (س) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (أن امرأة سألت عن المرأة تحتلم، فقالت لها عائشة رضي الله عنها: تربت يداك، وألت (الضمير في ألت يرجع إلى عائشة، وهي جملة معترضة. وقوله صاحت: أي عائشة)، وهل ترى المرأة ذلك) ألت أي صاحت لما أصابها من شدة هذا الكلام. وروي بضم الهمزة مع التشديد، أي طعنت بالألة وهي الحربة العريضة النصل، وفيه بعد لأنه لا يلائم لفظ الحديث. وفيه ذكر (إلال) وهو بكسر الهمزة وتخفيف اللام الأولى: جبل عن يمين الإمام بعرفة. (النجوج) ه) فيه (مجامرهم الألنجوج) هو العد الذي يتبخر به. يقال النجوج ويلنجوج وألنجج، والألف والنون زائدتان، كأنه يلج في تضوع رائحته وانتشارها. أله) ه) في حديث وهيب بن الورد (إذا وقع العبد في ألهانية الرب لم يجد أحدأ يأخذ بقلبه) هو مأخوذ من إلاه، وتقديرها فعلانية بالضم: يقول إلاه بين الإلاهية والألهانية. وأصله من أله يأله إذا تحير. يريد إذا وقع العبد في عظمة الله تعالى وجلاله وغير ذلك من صفات الربوبية، وصرف وهمه إليها أبغض الناس حتى لا يميل قلبه إلى أحد. ألى [ ه ] فيه (من يتأل على الله يكذبه) أي من حكم عليه وحلف، كقولك والله
[ 64 ]
ليدخلن الله فلانا النار ولينجحن الله سعي فلان، وهو من الالية اليمين. يقال آلي يولي إيلاء وتالي يتألي تأليا، والاسم الالية. (ه) ومنه الحديث (ويل للمتألين من أمتي) يعني الذين يحكمون على الله ويقولون فلان في الجنة وفلان في النار. وكذلك حديثه الآخر (من المتألي على الله). - وحديث أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى من نسائه شهرا) أي حلف لا يدخل عليهن، وإنما عداه بمن حملا على المعنى والامتناع من الدخول، وهو يتعدى بمن. وللإيلاء في الفقه أحكام تخصه لا يسمى إيلاء دونها. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (ليس في الإصلاح إيلاء) أي أن الإيلاء إنما يكون في الضرار والغضب لا في الرضا والنفع. (ه) وفي حديث منكر ونكير (لا دريت ولا ائتليت) أي ولا استطعت أن، تدري. يقال ما آلوه، أي ما أستطيعه. وهو افتعلت منه. والمحدثون يروونه (لا دريت ولا تليت) والصواب الأول. [ ه ] ومنه الحديث (من صام الدهر لا صام ولا ألى) أي لاصام ولا أن يصوم، وهو فعل منه، كأنه دعا عليه. ويجوز أن يكون إخبارا، أي لم يصم ولم يقصر من ألوت إذا قصرت. قال الخاطبي: رواه إبراهيم بن فراس ولا آل، بوزن عال، وفسر بمعنى ولا رجع. قال: والصواب ألي مشدودا ومخففا. يقال: ألى الرجل وألى الرجل وألي إذا قصر وترك الجهد. - ومنه الحديث (ما من وال إلا وله بطانتان، بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر، وبطانة لا تألوه خبالا) أي لا تقصر في إفساد حاله. - ومنه زواج علي رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة (ما يبكيك فما ألوتك ونفسي، وقد أصبت لك خير أهلي) أي قصرت في أمرك وأمري، حيث اخترت لك عليا زوجا، وقد تكرر في الحديث. - وفيه (تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله) الآلاء النعم، واحدها ألا بالفتح
[ 65 ]
والقصر، وقد تكسر الهمزة، وهي في الحديث كثيرة. ومنه حديث علي رضي الله عنه (حتى أوري قبسا لقابس ألاء الله). [ ه ] وفي صفة أهل الجنة (ومجامرهم الألوة هو العود الذي يتبخر به، وتفتح همزته وتضم، وهمزتها أصلية، وقيل زائدة. - ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يستجمر بالألوه غير مطراة). (ه) وفيه (فتفل في عين علي رضي الله عنه ومسحها بألية إبهامه) ألة الإبهام أصلها، وأصل الخنصر الضرة. ومنه حديث البراء رضي الله عنه (السجود على أليتي الكف) أراد ألية الإبهام وضرة الخنصر فغلب كالعمرين والقمرين. - وفي حديث آخر (كانوا يجتبون أليات الغنم أحياء) جمع الإلية وهي طرف الشاة. والجب القطع. - ومنه الحديث (لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس على ذي الخلصة) ذو الخلصة بيت كان فيه ضم لدوس يسمى الخلصة. أراد لا تقوم الساعة حتى ترجع دوس عن الإسلام فتطوف نساؤهم بذي الخلصة وتضطرب أعجازهن في طوافهن كما كن يفعلن في الجاهلية. - وفيه (لا يقام الرجل من مجلسه حتى يقوم من إلية نفسه) من قبل نفسه من غير أن يزعج أو يقام. وهمزتها مكسورة. وقيل أصلها ولية فقلبت الواو همزة. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنهما (كان يقوم له الرجل من إليته فما يجلس مجلسه) ويروى من ليته، وسيذكر في باب اللام. (ه) وفي حديث الحج (وليس ثم طرد، ولا إليك إليك) هو كما يقال الطريق الطريق، ويفعل بين يدي الأمراء، ومعناه تنح وأبعد. وتكريره للتأكيد. (ه) وفي حديث عمر (أنه قال لابن عباس رضي الله عنهم إني قائل لك قولا وهو
[ 66 ]
إليك) في الكلام إضمار، أي هو سر أفضيت به إليك. (س) وفي حديث ابن عمر (اللهم إليك) أي أشكو إليك، أو خذني إليك. (س) ومنه حديث الحسن (أنه رأى من قوم رعة سيئة فقال: اللهم إليك) أي اقبضني إليك، والرعة: ما يظهر من الخلق. (س) وفي الحديث (والشر ليس إليك) أي ليس مما يتقرب به إليك، كما يقول الرجل لصاحبه أنا منك وإليك، أي التجائي وانتمائي إليك. - وفي حديث أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أما إن كل بناء وبال على صاحبه إلا مالا إلا مالا) أي إلا ما لا بد منه للإنسان من الكن الذي تقوم به الحياة. (أليون * فيه (ذكر حصن أليون) هو بفتح الهمزة وسكون اللام وضم الياء، اسم مدينة مصر قديما، فتحها المسلمون وسموها الفسطاط. فأما ألبون بالباء الموحدة فمدينة باليمن، زعموا أنها ذات البئر المعطلة والقصر المشيد، وقد تفتح الباء. باب الهمزة مع الميم أمت) ه) فيه (إن الله تعالى حرم الخمر فلا أمت فيها، وإنما نهى عن السكر والمسكر) لا أمت فيها أي لا عيب فيها. وقال الأزهري: بل معناه لا شك فيها ولا ارتياب، إنه من تنزيل رب العالمين. وقيل للشك. وما يرتاب فيه أمت، لأن الأمت الحزر والتقدير، ويدخلهما والظن والشك. وقيل معناه لا هوادة فيها ولا لين، ولكنه حرمها تحريما شديدا، من قولهم سار فلان سيرا لا أمت فيه، أي لا وهن فيه ولا فتور. أمج * في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (حتى إذا كان بالكديد ماء بين عسفان وأمج) أمج بفتحتين وجيم: موضع بين مكة والمدينة. * (أمد) ه) في حديث الحجاج (قال للحسن: ما أمدك ؟ قال: سنتان لخلافة عمر) أراد أنه ولد لسنتين (في الهروي: لسنتين بقيتا من خلافته) من خلافته. وللإنسان أمدان: مولده وموته. والأمد الغاية. أمر) ه) فيه (خير المال مهرة مأمورة) هي الكثيرة النسل والنتاج. يقال أمرهم الله فأمروا، أي كثروا. وفيه لغتان أمرها فهي مأمورة، وآمرها فهي مؤمرة.
[ 67 ]
(س) ومنه حديث أبي سفيان (لقد أمر أمر ابن أبي كبشة) أي كثر وارتفع شأنه، يعني النبي صلى الله عليه وسلم. (س) ومنه الحديث (أن رجلا قال له: ما لي أرى أمرك يأمر ؟ فقال: والله ليأمرن)، أي ليزيدن على ما ترى. - ومنه حديث ابن مسعود (كنا نقول في الجاهلية قد أمر بنو فلان) أي كثروا. (ه) وفيه (أميري من الملائكة جبريل) أي صاحب أمري وولي، وكل من فزعت إلى مشاورته ومؤامرته فهو أميرك. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (الرجال ثلاثة: رجل إذا نزل به أمر ائتمر رأيه) أي شاور نفسه وارتأى قبل مواقعة الأمر. وقيل المؤتمر الذي يهم بأمر يفعله. (ه) ومنه الحديث الآخر (لا يأتمر رشدا) أي لا يأتي برشد من ذات نفسه. ويقال لكل من فعل فعلا من غير مشاورة: ائتمر، كأن نفسه أمرته بشئ فاتمر لها، أي أطاعها (س) وفيه (آمروا النساء في أنفسهن) أي شاوروهن في تزويجهن. ويقال فيه وامرته، وليس بفصيح، وهذا أمر ندب وليس بواجب، مثل قوله: البكر تستأذن. ويجوز أن يكون أراد به الثيب دون الأبكار، فإنه لا بد من إذنهن في النكاح، فإن ذلك بقاء لصحبة الزوج إذا كان بإذنها. (س) ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (آمروا النساء في بناتهن) هو من جهة استطابة أنفسهن، وهو أدعى للألفة، وخوفا من وقوع الوحشة بينهما إذا لم يكن برضا الأم، إذ البنات إلى الأمهات أميل، وفي سماع قولهن أرغب، ولأن الأم ربما علمت من حال بنتها الخافي عن أبيها أمرا لا يصلح معه النكاح، من علة تكون بها أو سبب يمنع من وفاء حقوق النكاح. وعلى نحو من هذا يتأول قوله (لا تزوج البكر إلا بإذنها وأذنها سكوتها) لأنها قد تسحي أن تفصح بالإذن وتظهر الرغبة في النكاح، فيستدل بسكوتها على رضاها وسلامتها من الآفة. وقوله في حديث آخر (البكر تستأذن والأيم تستأمر) لأن الإذن يعرف بالسكوت، والأمر لا يعلم إلا بالنطق. - ومنه حديث المتعة (فآمرت نفسها) أي شاورتها واستأمرتها.
[ 68 ]
- ومنه حديث علي رضي الله عنه (أما إن له إمرة كلعقة الكلب ابنه) الإمرة بالكسر والإمارة. - ومنه حديث طلحة (لعلك ساءتك إمرة ابن عمك). - وفي قول موسى للخضر عليهما السلام (لقد جئت شيئا إمرا) الإمر بالكسر: الأمر العظيم الشنيع. وقيل العجب. - ومنه حديث ابن مسعود (ابعثوا بالهدي واجعلوا بينكم وبينه يوم أمار) الأمار والأمارة: العلامة. وقيل الأمار جمع الأمارة. (ه) ومنه الحديث الآخر (فهل للسفر أمارة). (س) وفي حديث آدم عليه السلام (من يطع إمرة لا يأكل ثمرة) الإمرة بكسر الهمزة وتشديد الميم تأنيث الإمر، وهو الأحمق الضعيف الرأي الذي يقول لغيره مرني بأمرك، أي من يطع امرأة حمقاء يحرم الخير. وقد تطلق الإمرة على الرجل، والهاء للمبالغة، كما يقال رجل إمعة. والإمرة أيضا النجعة، وكنى بها عن المرأة كما كنى عنها بالشاة. - وفيه ذكر (أمر)، هو بفتح الهمزة والميم: موضع من ديار غطفان خرج إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمع محارب. * (إمع) ه) فيه (اغد عالما أو متعلما ولا تكن إمعة) الإمعة بكسر الهمزة وتشديد الميم: الذي لا رأي له، فهو يتابع كل أحد على رأيه، والهاء فيه للمبالغة. ويقال فيه إمع أيضا. ولا يقال للمرأة إمعة، وهمزته أصلية، لأنه لا يكون أفعل وصفا. وقيل هو الذي يقول لكل أحد أنا معك. - ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (لا يكونن أحد إمعة، قيل وما الإمعة ؟ قال الذي يقول أنا مع الناس). أمم) ه) فيه (اتقوا الخمر فإنها أم الخبائث) أي تجمع كل خبيث. وإذا قيل أم الخير فهي التي تجمع كل خير، وإذا قيل أم الشر فهي التي تجمع كل شر.
[ 69 ]
(س) وفي حديث ثمامة (أنه أتى أم منزله) أي امرأته، أو من تدبر أمر بيته من النساء. - ومنه الحديث (أنه قال لزيد الخيل: نعم فتى إن نجا من أم كلبة) هي الحمى. (ه) وفي حديث آخر (لم تضره أم الصبيان) يعني الريح التي تعرض لهم، فربما غشي عليهم منها. (ه) وفيه (إن أطاعوهما - يعني أبا بكر وعمر رضي الله عنهما - فقد رشدوا ورشدت أمهم) أراد بالأم الأمة. وقيل هو نقيض قولهم هوت أمه، في الدعاء عليه (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أنه قال لرجل لا أم لك) هو ذم وسب، أي أنت لقيط لا تعرف لك أم. وقيل قد يقع مدحا بمعنى التعجب منه، وفيه بعد. - وفي حديث قس بن ساعدة (أنه يبعث يوم القيامة أمة وحده) الأمة الرجل المنفرد بدين، كقوله تعالى (إن إبراهيم كان أمة قانتا لله). (ه) وفيه (لولا أن الكلاب أمة تسبح لأمرت بقتلها) يقال لكل جيل من الناس والحيوان أمة. (ه) وفيه (إن يهود بني عوف أمة من المؤمنين) يريد أنهم بالصلح الذي وقع بينهم وبين المؤمنين كجماعة منهم، كلمتهم وأيديهم واحدة. - وفيه (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب، فهم على جبلتهم الأولى. وقيل الأمي الذي لا يكتب. (ه) ومنه الحديث (بعثت إلى أمة أمية) قيل للعرب: الأميون، لأن الكتابة كانت فيهم عزيزة أو عديمة. ومنه قوله تعالى (بعث في الأميين رسولا منهم). (ه) وفي حديث الشجاج (في الآمة ثلث الدية). (ه) وفي حديث آخر (المأمومة) وهما الشجة التي بلغت أم الرأس، وهي الجلدة التي تجمع الدماغ. يقال رجل أمم ومأموم. وقد تكرر ذكرها في الحديث. (س) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (من كانت فترته إلى سنة فلأم ما
[ 70 ]
هو) أي قصد الطريق المستقيم، يقال أمه يؤمه أما، وتأممه وتيممه. ويحتمل أن يكون الأم، أقيم مقام المأموم، أي هو على طريق ينبغي أن يقصد، وإن كانت الرواية بضم الهمزة فإنه يرجع إلى أصله ما هو بمعناه. (ه) ومنه الحديث (كانوا يتأممون شرار ثمارهم في الصدقة) أي يتعمدون ويقصدون. ويروى (يتيممون)، وهو بمعناه. - ومنه حديث كعب بن مالك رضي الله عنه (وانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم). (ه) وفي حديث كعب (ثم يؤمر بأم الباب على أهل النار فلا يخرج منهم غم أبدا) أي يقصد إليه فيسد عليهم. (س) وفي حديث الحسن (لا يزال أمر هذه الأمة أمما ما ثبتت الجيوش في أماكنها) الأمم: القرب، واليسير. أمن * في أسماء الله تعالى (المؤمن) هو الذي يصدق عباده وعده: فهو من الإيمان: التصديق، أو يؤمنهم في القيامة من عذابه، فهو من الأمان، والأمن ضد الخوف. (ه) وفيه (نهران مؤمنان ونهران كافران، أما المؤمنان فالنيل والفرات، وأما الكافران فدجلة ونهر بلخ) جعلها مؤمنين على التشبيه، لأنهما يفيضان على الأرض فيسقيان الحرث بلا مؤونة وكلفة، وجعل الآخرين كافرين لأنهما لا يسقيان ولا ينتفع بهما إلا بمؤونة وكلفة، فهذان في الخير والنفع كالمؤمنين، وهذان في قلة النفع كالكافرين. (س) ومنه الحديث (لا يزني الزاني وهو مؤمن) قيل معناه النهي وإن كان في صورة الخبر. والأصل حذف الياء من يزني، أي لا يزن المؤمن ولا يسرق ولا يشرب) فإن هذه الأفعال لا تليق بالمؤمنين. وقيل هو وعيد يقصد به الردع، كقوله صلى الله عليه وسلم (لا إيمان لمن لا أمانة له) (والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). وقيل معناه لا يزني وهو كامل الإيمان. وقيل: معناه إن الهوى يغطي الإيمان، فصاحب الهوى لا يرى إلا هواه ولا ينظر إلى إيمانه النهي له عن ارتكاب الفاحشة، فكأن الإيمان في تلك الحالة قد انعدم. وقال ابن عباس رضي الله عنهما (الإيمان نزه فإذا أذنب العبد فارقه).
[ 71 ]
(س) ومنه الحديث الآخر (إذا زنى الرجل خرج منه الإيمان فكان فوق رأسه كالظلة، فأذا أقلع رجع إليه الإيمان) وكل هذا محمول على المجاز ونفي الكمال دون الحقيقة في رفع الإيمان وإبطاله. - وفي حديث الجارية (أعتقها فإنها مؤمنة) إنما حكم بإيمانها بمجرد سؤاله إياها أين الله وإشارتها إلى السماء، وقوله لها من أنا فأشارت إليه وإلى السماء، تعني أنت رسول الله. وهذا القدر لا يكفي في ثبوت الإسلام دون الإقرار بالشهادتين والتبرؤ من سائر الأديان. وإنما حكم بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم رأى منها أمارة الإسلام، وكونها بين المسلمين وتحت رق المسلم. وهذا القدر يكفي علما لذلك، فأن الكافر إذا عرض عليه الإسلام لم يقتصر منه على قوله إني مسلم حتى يصف الإسلام بكماله وشرائطه، فإذا جاءنا من نجهل حاله في الكفر والإيمان، فقال إني مسلم قبلناه، فأذا كان عليه أمارة الإسلام من هيأة وشارة: أي حسن ودار كان قبول قوله أولى، بل نحكم عليه بالإسلام وإن لم يقل شيئا. - وفيه (ما من نبي إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أتيته وحيا أوحاه الله إلي) أي آمنوا عند معاينة ما آتاهم الله من الأيات المعجزات. وأراد بالوحي إعجاز القرآن الذي خص به، فإنه ليس شئ من كتب الله تعالى المنزلة كان معجزا إلا القرآن. (ه) وفي حديث عقبة بن عامر (أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص) كأن هذا إشارة إلى جماعة آمنوا معه خوفا من السيف، وأن عمرا كان مخلصا في إيمانه. وهذا من العام الذي يراد به الخاص. - وفي الحديث (النجوم أمنة السماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فأذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فأذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما توعد) أراد بوعد السماء انشقاقها وذهابها يوم القيامة. وذهاب النجوم تكويرها واندارها وإعدامها. وأراد بوعد أصحابه ما وقع بينهم من الفتن. وكذلك أراد بوعد الأمة. والإشارة في الجملة إلى مجئ الشر عند ذهاب أهل الخير، فإنه لما كان بين أظهرهم كان يبين لهم ما يختلفون فيه، فاما توفي جات الآراء واختلفت الأهواء، فكان الصحابة رضي الله عنهم يسندون الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في قول أو فعل أو دلالة حال، فلما
[ 72 ]
فقد قلت الأنوار وقويت الظلم. وكذلك حال السماء عند ذهاب النجوم. والأمنة في هذا الحديث جمع أمين وهو الحافظ. - وفي حديث نزول المسيح عليه السلام (وتقع الأمنة في الأرض) الأمنة ها هنا الأمن، كقوله تعالى (إذ يغشاكم النعاس أمنة منه) يريد أن الأرض تمتلئ بالأمن فلا يخاف أحد من الناس والحيوان. (ه) وفي الحديث (المؤذن مؤتمن) [ مؤتمن ] (الزيادة من اللسان) القوم: الذي يثقون إليه ويتخذونه أمينا حافظا. يقال اؤتمن الرجل فهو مؤتمن، يعني أن المؤذن أمين الناس على صلاتهم وصيامهم. - وفيه (المجالس بالأمانة) هذا ندب إلى ترك إعادة ما يجري في المجلس من قول أو فعل، فكأن ذلك أمانة عند من سمعه أو رآه. والأمانة تقع على الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والأمان، وقد جاء في كل منهما حديث. (ه) وفيه (الأمانة غنى) أي سبب الغنى. ومعناه أن الرجل إذا عرف بها كثر معاملوه فصار ذلك سببا لغناه. - وفي حديث أشراط الساعه (والأمانة مغنما) أي يرى من في يده أمانة أن الخيانه فيها غنيمه قد غنمها. - وفيه (الزرع أمانة والتاجر فاجر) جعل الزرع أمانة لسلامته من الآفات التي تقع في التجارة من التزيد في القول والحلف وغير ذلك. (س) وفيه (أستودع الله دينك وأمانتك) أي أهلك ومن تخلفه بعدك منهم، ومالك الذي تودعه وتستحفظه أمينك ووكيلك. (س) وفيه (من حلف بالأمانة فليس منا) يشبه أن تكون الكراهية فيه لأجل أنه أمر أن يحلف بأسماء الله وصفاته. والأمانة أمر من أموره، فنهوا عنها من أجل التسوية بينها
[ 73 ]
وبين أسماء الله تعالى، كما نهوا أن يحلفوا بآبائهم. وإذا قال الحالف: وأمانة الله كانت يمينا عند أبي حنيفة، والشافعي رضي الله عنهما لا يعدها يمينا. أمه) ه) وفي حديث الزهري (من امتحن في حد فأمه ثم تبرا فليست عليه عقوبة) أمه: أي أقر، ومعناه أن يعاقب ليقر فإقراره باطل. قال أبو عبيد: ولم أسمع الأمه بمعنى الإقرار إلا في هذا الحديث وقال الجوهري هي لغة غير مشهورة. آمين) ه) فيه (آمين خاتم رب العالمين) يقال آمين وأمين بالمد والقصر، والمد أكثر، أي أنه طابع الله على عباده، لأن الآفات والبلايا تدفع به، فكان كخاتم الكتاب الذي يصونه ويمنع من فساده وإظهار ما فيه، وهو اسم مبني على الفتح، ومعناه اللهم استجب لي. وقيل معناه: كذلك فليكن، يعني الدعاء. يقال أمن فلان يؤمن تأمينا. (ه) وفيه (أمين درجة في الجنة) أي أنها كلمة يكتسب قائلها درجة في الجنة. - وفي حديث بلال رضي الله عنه (لا تسبقني بآمين) يشبه أن يكون بلال كان يقرأ الفاتحة في السكتة الأولى من سكتتي الإمام، فربما يبقى عليه منها شئ ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرغ من قراءتها، فاستمهله بلال في التأمين بقدر ما يتم فيه بقية السورة حتى ينال بركة موافقته في التأمين. أمالا) س) في حديث بيع الثمر (إمالا فلا تبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر) هذه الكلمة ترد في المحاورات كثيرا، وقد جاءت في غير موضع من الحديث، وأصلها إن وما ولا، فأدغمت النون في الميم، وما زائدة في اللفظ لا حكم لها. وقد أمالت العرب لا إمالة خفيفة، والعوام يشبعون إمالتها فتصير ألفها ياء وهو خطأ. ومعناها إن لم تفعل هذا فليكن هذا. باب الهمزة مع النون أنب) س) في حديث طلحة رضي الله عنه (أنه قال: لما مات خالد بن الوليد استرجع عمر رضي الله عنهما، فقلت: يا أمير المؤمنين. ألا أراك بعيد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي
[ 74 ]
فقال عمر: لا تؤنبني) التأنيب: المبالغة في التوبيخ والتعنيف. (س) ومنه حديث الحسن بن علي لما صالح معاوية رضي الله عنهم (قيل له: سودت وجوه المؤمنين فقال: لا تؤنبني). (س) ومنه حديث توبة كعب بن مالك (ما زالوا يؤنبونني). (س) وفي حديث خيفان (أهل الأنابيب) هي الرماح، واحدها أنبوب، يعني المطاعين بالرماح. أنبجان) س) فيه (ائتوني بأنبجانية أبي جهم) المحفوظ بكسر الباء ويروى بفتحها. يقال كساء أنبجاني منسوب إلى منبج المدينة المعروفة، وهي مكسورة الباء، ففتحت في النسب وأبدلت الميم همزة. وقيل إنها منسوبة إلى موضع اسمه أنبجان، وهو أشبه، لأن الأول فيه تعسف، وهو كساء يتخذ من الصف وله خمل ولا علم له، وهي من أدون الثياب الغليظة، وإنما بعث الخميصة إلى أبي جهم لأنه كان أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم خميصة ذات أعلام، فلما شغلته في الصلاة قال ردوها عليه وأتوني بأنبجانيته. وإنما طلبها منه لئلا يؤثر رد الهدية في قلبه. والهمزة فيها زائدة في قول. أنث) ه) في حديث النخعي (كانوا يكرهون المؤنث من الطيب ولا يرون بذكورته بأسا) المؤنث طيب النساء وما يلون الثياب، وذكورته ما لا يلون كالمسك والعود والكافور. - وفي حديث المغيرة (فضل مئناث) المئناث التي تلد الإناث كثيرا، كالمذكار التي تلد الذكور. أنج) س) في حديث سلمان (أهبط آدم عليه السلام من الجنة وعليه إكليل، فتحات منه عود الأنجوج) هو لغة في العود يتبخر به، والمشهور فيه ألنجج ويلنجوج. وقد تقدم. أنح) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (أنه رأى رجلا يأنح ببطنه) أي يقله مثقلا به، من الأنوح وهو صوت يسمع من الجوف معه نفس وبهر ونهيج يعتري السمين من الرجال. يقال أنح يأنح أنوحا فهو أنوح. أندر) س) فيه (كان لأيوب عليه السلام أندران) الأندر: البيدر، هو الموضع الذي يداس فيه الطعام بلغة الشام. والأندر أيضا صبرة من الطعام، وهمزة الكلمة زائدة.
[ 75 ]
أندروردية) س) في حديث علي رضي الله عنه (أنه أقبل وعليه أندروردية) قيل هي نوع من السروايل مشمر فوق التبان يغطي الركبة. واللفظة أعجمية. - ومنه حديث سلمان رضي الله عنه (أنه جاء من المدائن إلى الشام وعليه كساء أندرورد كأن الأول منسوب إليه. أندرم * في حديث عبد الرحمن بن زيد (وسئل كيف يسلم على أهل الذمة فقال قل أندراينم) قال أبو عبيد: وهذه كلمة فارسية معناها أأدخل. ولم يرد أن يخصهم بالاستئذان بالفارسية ولكنهم كانوا مجوسا فأمره أن يخاطبهم بلسانهم. والذي يراد منه أنه لم يذكر السلام قبل الاستئذان، ألا ترى أنه لم يقل السلام عليكم أندراينم. أنس * في حديث هاجر واسماعيل (فلما جاء اسماعيل عليه السلام كأنه آنس شيئا) أي أبصر ورأى شيئا لم يعهده. يقال آنست منه كذا: أي علمت، واستأنست: أي استعلمت. (ه) ومنه حديث ابن مسعود رضي عنه (كان إذا دخل داره استأنس وتكلم) أي استعلم وتبصر قبل الدخول. - ومنه الحديث (ألم تر الجن وإبلاسها، ويأسها من بعد إيناسها) أي أنها يئست مما كانت تعرفه وتدركه من استراق السمع ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم. - ومنه حديث نجدة الحروري وابن عباس (حتى يؤنس منه الرشد) أي يعلم منه كمال العقل وسداد الفعل وحسن التصرف. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه (أنه نهى عن الحمر الإنسية يوم خيبر) يعني التي تألف البيوت. والمشهور فيها كسر الهمزة منسوبة إلى الإنس وهم بنو آدم، الواحد إنسي. وفي كتاب أبي موسى ما يدل على أن الهمزة مضمومة، فإنه قال: هي التي تألف البيوت والأنس، وهو ضد الوحشة، والمشهور في ضد الوحشة الأنس بالضم، وقد جاء فيه الكسر قليلا. قال ورواه بعضهم بفتح الهمزة والنون، وليس بشئ. قلت: إن أراد أن الفتح غير معروف في الرواية فيجوز، وإن أراد أنه ليس معروف في اللغة فلا، فإنه مصدر أنست به آنس أنسا وأنسة. - وفيه (لو اطاع الله الناس في الناس لم يكن ناس) قيل معناه أن الناس إنما يحبون
[ 76 ]
أن يلد لهم الذكران دون الإناث، ولو لم يكن الإناث ذهبت الناس. ومعنى أطاع: استجاب دعاءهم. - وفي حديث ابن صياد (قال النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم: انطلقوا بنا إلى أنيسيان قد رابنا شأنه) هو تصغير إنسان جاء شاذا على غير قياس، وقياس تصغيره أنيسان. أنف) ه) فيه (المؤمنون هينون لينون كالجمل الأنف) أي المأنوف، وهو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به. وقيل الأنف الذلول. يقال أنف البعير يأنف أنفا فهو أنف إذا اشتكى أنفه من الخشاش. وكان الأصل أن يقال مأنوف لأنه مفعول به، كما يقال مصدور ومبطون للذي يشتكي صدره وبطنه. وإنما جاء هذا شاذا، ويروى كالجمل الأنف بالمد، وهو بمعناه. - وفي حديث سبق الحدث في الصلاة (فليأخذ بأنفه ويخرج) إنما أمره بذلك ليهم المصلين أن به رعافا، وهو نوع من الأدب في ستر العورة وإخفاء القبيح، والكناية بالأحسن عن الأقبح، ولا يدخل في باب الكذب والرياء، وإنما هو من باب التجمل والحياء وطلب السلامة من الناس. [ ه ] وفيه (لكل شئ أنفة وأنفة الصلاة التكبيرة الأولى) أنفة الشئ: ابتداؤه، هكذا روي بضم الهمزة. قال الهروي: والصحيح بالفتح. [ ه ] وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (إنما الأمر أنف) أي مستأنف استئنافا من غير أن يكون سبق به سابق قضاء وتقدير، وإنما هو [ مقصور ] (الزيادة من الهروي) على اختيارك ودخولك فيه. قال الأزهري: استأنفت الشئ إذا ابتدأته، وفعلت الشئ آنفا، أي في أول وقت يقرب مني. (ه) ومنه الحديث (أنزلت علي سورة آنفا) أي الآن. وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث. [ ه ] ومنه حديث أبي مسلم الخولاني (ووضعها في أنف من الكلإ وصفو من الماء) الأنف - بضم الهمزة والنون - الكلأ الذي لم يرع ولم تطأه الماشية. - وفي حديث معقل بن يسار (فحمي من ذلك أنفا) يقال أنف من الشئ يأنف أنفا
[ 77 ]
إذا كرهه وشرفت نفسه عنه، وأراد بها ها هنا أخذته الحمية من الغيرة والغضب. وقيل هو أنفا بسكون النون للعضو، أي اشتد غيظه وغضبه، من طريق الكناية، كما يقال للمتغيظ ورم أنفه. (ه) وفي حديث أبي بكر في عهده إلى عمر رضي الله عنهما بالخلافة (فكلكم ورم أنفه) أي اغتاظ من ذلك، وهو من أحسن الكنايات، لأن المغتاظ يرم أنفه ويحمر. (ه) ومنه حديثه الآخر (أما إنك لو فعلت ذلك لجعلت أنفك في قفاك) يريد أعرضت عن الحق وأقبات على الباطل. وقيل أراد إنك تقبل بوجهك على من وراءك من أشياعك فتؤثرهم ببرك. أنق * في حديث قزعة مولى زياد (سمعت أبا سعيد يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع فآنقنني) أي أعجبنني. والأنق بالفتح الفرح والسرور، والشئ الأنيق المعجب. والمحدثون يروونه أينقنني، وليس بشئ. وقد جاء في صحيح مسلم: (لا أينق بحديثه) أي لا أعجب وهي كذا تروى. (ه) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (إذا وقعت في آل حم وقعت في روضات أتأنق فيهن) أي أعجب بهن، وأستلذ قراءتهن، وأتتبع محاسنهن. (ه) ومنه حديث عبيد بن عمير (ما من عاشية أطول أنقا ولا أبعد شبعا من طلب العلم) أي أشد إعجابا واستحسانا ومحبة ورغبة. والعاشية من العشاء وهو الأكل في الليل. - وفي كلام علي رضي الله عنه (ترقيت إلى مرقاة يقصر دونها الأنوق) هي الرخمة لأنها تبيض في رؤس الجبال والأماكن الصعبة فلا يكاد يظفر بها. - ومنه حديث معاوية (قال له رجل افرض لي، قال: نعم، قال: ولولدي، قال: لا، قال: ولعشيرتي، قال: لا، ثم تمثل بقول الشاعر: طلب الأبلق والعقوق فلما * لم يجده أراد بيض الأنوق العقوق: الحامل من النوق، والأبلق من صفات الذكور، والذكر لا يحمل، فكأنه قال: طلب الذكر الحامل وبيض الأنوق، مثل يضرب للذي يطلب المحال الممتنع. ومنه المثل (أعز من بيض الأنوق، والأبلق العقوق). أنك) س) فيه (من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنه الآنك) هو الرصاص الأبيض. وقيل الأسود. وقيل الخالص منه. ولم يجئ على أفعل واحدا
[ 78 ]
غير هذا. فأما أشد فمختلف فيه هل هو واحد أو جمع. وقيل يحتمل أن يكون الآنك فاعلا لا أفعلا، وهو أيضا شاذ. - ومنه الحديث الآخر (من جلس إلى قينة ليسمع منها صب في أذنيه الآنك يوم القيامة) وقد تكرر ذكره في الحديث. أنكلس * في حديث علي رضي الله عنه (أنه بعث إلى السوق فقال: لا تأكلوا الأنكليس) هو بفتح الهمزة وكسرها: سمك شبيه بالحيات ردئ الغذاء، وهو الذي يسمى المارماهي. وإنما كرهه لهذا لا لأنه حرام. هكذا يروى الحديث عن علي رضي الله عنه. ورواه الأزهري عن عمار وقال: (الأنقليس) بالقاف لغة فيه. أنن * فيه (قال المهاجرون: يا رسول الله إن الأنصار قد فضلونا، إنهم آوونا وفعلوا بنا وفعلوا، فقال: تعرفون ذلك لهم ؟ قالوا نعم، قال: فإن ذلك) هكذا جاء مقطوع الخبر. ومعناه أن اعترافكم بصنيعهم مكافأة منكم لهم. - ومنه حديثه الآخر (من أزلت إليه نعمة فليكافئ بها فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنا فإن ذلك). (س) ومنه الحديث (أنه قال لإبن عمر رضي الله عنهما في سياق كلام وصفه به: إن عبد الله إن عبد الله) وهذا وأمثاله من اختصاراتهم البليغة وكلامهم الفصيح. (س) ومثله حديث لقيط بن عامر (ويقول ربك عز وجل وإنه) أي وإنه كذلك، أو إنه على ما تقول، وقيل إن بمعنى نعم، والهاء للوقف. (س) ومنه حديث فضالة بن شريك (أنه لقي ابن الزبير فقال: إن ناقتي قد نقب خفها فاحملني، فقال: ارقعها بجلد واخصفها بهلب وسر بها البردين، فقال فضالة: إنما أتيتك مستحملا لا مستوصفا، لا حمل الله ناقة حملتني إليك. فقال ابن الزبير: إن وراكبها) أي نعم مع راكبها. - وفي حديث ركوب الهدي (قال له اركبها، إنها بدنة فكرر عليه القول، فقال اركبها وإن) أي وإن كانت بدنة. وقد جاء مثل هذا الحذف في الكلام كثيرا. أنا * في حديث غزوة حنين (اختاروا إحدى الطائفتين إما المال وإما السبي، وقد كنت استأنيت بكم) أي انتظرت وتربصت يقال أنيت، وأنيت، وتأنيت، واستانيت. (ه) ومنه الحديث (أنه قال لرجل جاء يوم الجمعة يتخطى رقاب الناس: آذيت
[ 79 ]
وآنيت) أي آذيت الناس بتخطيك، وأخرت المجئ وأبطأت. [ ه ] وفي حديث الحجاب (غير ناظرين إناه) الإنا بكسر الهمزة والقصر: النضج. - وفي حديث الهجرة (هل أنى الرحيل) أي حان وقته. تقول أنى يأنى. وفي رواية هل آن الرحيل: أي قرب. (س) وفيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا أن يزوج ابنته من جليبيب، فقال: حتى أشاور أمها، فلما ذكره لها قالت: حلقا، ألجليبيب إنية، لا، لعمر الله) قد اختلف في ضبط هذه اللفظة اختلافا كثيرا، فرويت بكسر الهمزة والنون وسكون الياء وبعدها هاء، ومعناها أنها لفظة تستعملها العرب في الإنكار، يقول القائل جاء زيد، فتقول أنت: أزيد نيه، وأزيد إنيه كأنك استبعدت مجيئه. وحكى سيبويه أنه قيل لأعرابي سكن البلد: أتخرج إذا أخصبت البادية ؟ فقال: أأنا إنيه ؟ يعني أتقول لي هذا القول وأنا معروف بهذا الفعل، كأنه أنكر استفهامهم إياه. ورويت أيضا بكسر الهمزة وبعدها باء ساكنة ثم نون مفتوحة، وتقديرها ألجليبيب ابنتي ؟ فأسقطت الياء ووقفت عليها بالباء. قال أبو موسى: وهو في مستند أحمد بن حنبل بخط أبي الحسن بن الفرات، وخطه حجة، وهو هكذا معجم مقيد في مواضع. ويجوز أنه لا يكون قد حذف الياء وإنما هي ابنة نكرة، أي أتزوج جليبيبا ببنت ؟ تعني أنه لا يصلح أن يزوج مثله بأمة استنقاصا له. وقد رويت مثل هذه الرواية الثالثة بزيادة ألف ولام التعريف: أي ألجليبيب الابنة. ورويت ألجليبيب الأمة ؟ تريد الجارية، كناية عن بنتها. ورواه بعضهم أمية، أو آمنة على أنه اسم البنت. باب الهمزة مع الواو أوب * فيه (صلاة الأوابين حين ترم الفصال) الأوابين جمع أواب، وهو الكثير الرجوع إلى الله بالتوبة. وقيل هو المطيع. وقيل المسبح، يريد صلاة الضحى عند ارتفاع النهار وشدة الحر. وقد تكرر ذكره في الحديث. (س) ومنه دعاء السفر (توبا توبا أوبا) أي توبا راجعا مكررا. يقال منه آب أوبا فهو آيب.
[ 80 ]
- ومنه الحديث الآخر (آيبون تائبون) وهو جمع سلامة لآيب. وقد تكرر في الحديث. وجاءوا من كل أوب، أي من كل مآب ومستقر. (س) ومنه حديث أنس رضي الله عنه (فآب إليه ناس) أي جاءوا إليه من كل ناحية. (س) وفيه (شغلونا عن الصلاة حتى آبت الشمس) أي غربت، من الأوب: الرجوع، لأنها ترجع بالغروب إلى الموضع الذي طلعت منه، ولو استعمل ذلك في طلوعها لكان وجها لكنه لم يستعمل. أود * في صفة عائشة أباها رضي الله عنهما (وأقام أوده بثقافه) الأود العوج، والثقاف: تقويم المعوج. (س) ومنه حديث نادبة عمر (واعمراه، أقام الأود وشفى العمد) وقد تكرر في الحديث. أور * في كلام علي رضي الله عنه (فإن طاعة الله حرز من أوار نيران موقدة) الأوار بالضم: حرارة النار والشمس والعطش. (س) وفي حديث عطاء (أبشري أوري شلم براكب الحمار) يريد بيت المقدس. قال الأعشى: وقد طفت للمال آفاقه * عمان فحمص فأورى شلم والمشهور أورى شلم بالتشديد، فخففه للضرورة، وهو اسم بيت المقدس. ورواه بعضهم بالسين المهملة وكسر اللام كأنه عربه وقال معناه بالعبرانية بيت السلام. وروي عن كعب أن الجنة في السماء السابعة بميزان بيت المقدس والصخرة، ولو وقع حجر منها لوقع على الصخرة، ولذلك دعيت أورسلم، ودعيت الجنة دار السلام. أوس) س) في حديث قيلة (رب آسني لما أمضيت) أي عوضني. والأوس العوض والعطيلة، وقد تقدم. ويروى (رب أثبني) من الثواب. أوق) س) لفيه (لا صدقة في أقل من خمس أواق) الأواقي جمع أوقية، بضم الهمزة وتشديد الياء، والجمع يشدد ويخفف، مثل أثفية وأثافي وأثاف، وربما يجئ في الحديث وقية، وليست بالعالية، وهمزتها زائدة. وكانت الأوقية قديما عبارة عن أربعين
[ 81 ]
درهما، وهي في غير الحديث نصف سدس الرطل، وهو جزء من اثني عشر جزءا وتختلف باختلاف اصطلاح البلاد. أول) س) في الحديث (الرؤيا لأول عابر) أي إذا عبرها بر صادق عالم بأصولها وفروعها، واجتهد فيها وقعت له دون غيره ممن فسرها بعده. - وفي حديث الإفك (وأمرنا أمر العرب الأول) يروى بضم الهمزة وفتح الواو جمع الأولى، ويكون صفة للعرب، ويروى بفتح الهمزة وتشديد الواو صفة للأمر، قيل هو الوجه. - وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه وأضيافه (بسم الله الأولى للشيطان) يعني الحالة التي غضب فيها وحلف أن لا يأكل. وقيل أراد اللقمة الأولى التي أحنث بها نفسه وأكل. - وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) هو من آل الشئ يؤول إلى كذا: أي رجع وصار إليه، والمراد بالتأويل نقل ظاهر اللفظ عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليل لولاه ما ترك ظاهر اللفظ. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم وبحمدك، يتأول القرآن) تعني أنه مأخوذ من قول الله تعالى (فسبح بحمد ربك واستغفره). - ومنه حديث الزهري (قال قلت لعروة: ما بال عائشة رضي الله عنها تتم في السفر - يعني الصلاة - قال: تأولت كما تأول عثمان) أراد بتأويل عثمان ما روي عنه أتم الصلاة بمكة في الحج، وذلك أنه نوى الإقامة بها. [ ه ] وفيه (من صام الدهر فلا صام ولا آل) أي لا رجع إلى خير، والأول: الرجوع. - ومنه حديث خزيمة السلمي (حتى آل السلامي) أي رجع إليه المخ. (ه) وفيه (لا تحل الصدقة لمحمد وآل محمد) قد اختلف في آل النبي صلى الله عليه وسلم: فالأكثر على أنهم آل بيته. قال الشافعي رضي الله عنه: دل هذا الحديث أن آل محمد هم الذين حرمت عليهم الصدقة وعوضوا منها الخمس، وهم صليبة بني هاشم وبني المطلب.
[ 82 ]
وقيل آله أصحابه ومن ومن به. وهو في اللغة يقع على الجميع. (ه) ومنه الحديث (لقد أعطي مزمارا من مزامير آل داود) أراد مزامير داود نفسه، والآل صلة زائدة. وقد تكرر ذكر الآل في الحديث. - وفي حديث قس بن ساعدة (قطعت مهمها وآلا فآلا) الآل: السراب، والمهمه: القفر. أوما) س) فيه (كان يصلي على حمار يومئ إيماء) الإيماء: الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد والعين والحاجب، وإنما يريد به ها هنا الرأس. يقال أومأت إليه أمئ إيماء، وومأت لغة فيه، ولا يقال أوميت. وقد جاءت في الحديث غير مهموزة على لغة من قال في قرأت قريت، وهمزة الإيماء زائدة، وبابها الواو، وقد تكررت في الحديث. أون * فيه (مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل يحتلب شاة آونة، فقال: دع داعي اللبن). يقال فلان يصنع ذلك الأمر آونة إذا كان يصنعه مرارا ويدعه مرارا، يعني أنه يحتبلها مرة بعد أخرى، وداعي اللبن: هو ما يتركه الحالب منه في الضرع ولا يستقصيه ليجتمع اللبن في الضرع إليه. وقيل إن آونة جمع أوان، وهو الحين والزمان. (س) ومنه الحديث (هذا أوان قطعت أبهري) وقد تكرر في الحديث. أوه * في حديث أبي سعيد رضي الله عنه (فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك: أوه عين الربا) أوه كلمة يقولها الرجل عند الشكاية والتوجع، وهي ساكنة الواو مكسورة الهاء. وربما قلبوا الواو ألفا فقالوا: آه من كذا، وربما شددوا الواو وكسروها وسكنوا الهاء فقالوا: أوه، وربما حذفوا الهاء فقالوا أو. وبعضهم بفتح الواو مع التشديد فيقول أوه. - ومنه الحديث (أوه لفراخ محمد من خليفة يستحلف) وفد تكرر ذكره في الحديث. - وفي حديث الدعاء (اللهم اجعلني لك مخبتا أواها منيبا) الأواه: المتأوه المتضرع وقيل هو الكثير البكاء. وقيل الكثير الدعاء. وقد تكرر في الحديث. أوى * فيه (كان عليه السلام يخوي في سجوده حتى كنا نأوي له).
[ 83 ]
[ ه ] وفي حديث آخر (كان يصلي حتى كنت آوي له) أي أرق له وأرثي. (س) ومنه حديث المغيرة (لا تأوي من قلة) أي لا ترحم زوجها ولا ترق له عند الإعدام. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث البيعة (أنه قال للأنصار: أبايعكم على أن تأووني وتنصروني) أي تضموني إليكم وتحطوني بينكم. يقال أوى وآوى بمعنى واحد. والمقصور منهما لازم ومتعد. (س) ومنه قوله (لا قطع في ثمر حتى يأويه الجرين) أي يضمه البيدر ويجمعه. (ه س) ومنه (لا يأوي الضالة إلا ضال) كل هذا من أوى يأوي. يقال أويت إلى المنزل وأويت غيري وآويته. وأنكر بعضهم المقصور المتعدي وقال الأزهري: هي لغة فصيحة. - ومن المقصور اللازم الحديث الآخر (أما أحدهم فأوى إلى الله) أي رجع إليه. - ومن الممدود حديث الدعاء (الحمد لله الذي كفانا وآوانا) أي ردنا إلى مأوى لنا ولم يجعلنا منتشرين كالبهائم. والمأوى: المنزل. (س) وفي حديث وهب (أن الله تعالى قال: إني أويت على نفسي أن أذكر من ذكرني) قال القتيبي: هذا غلط، إلا أن يكون من المقلوب، والصحيح وأيت من الوأي: الوعد، يقول: جعلته وعدا على نفسي. (س) وفي حديث الرؤيا (فاستأى لها) بوزن استقى. وروي فاستاء لها بوزن استاق، وكلاهما من المساءة، أي ساءته. يقال استاء واستأى، أي ساءه. وقال بعضهم: هو استالها بوزن اختارها، فجعل اللام من الأصل، أخذه من التأويل، أي طلب تأويلها، والصحيح الأول. - وفي حديث جرير (بين نخلة وضالة وسدرة وآءة) الآءة بوزن العاهة، وتجمع على آء بوزن عاه، وهو شجر معروف، وأصل ألفها التي بين الهمزتين واو.
[ 84 ]
باب الهمزة مع الهاء أهب * في حديث عمر (وفي البيت أهب عطنة) الأهب - بضم الهمزة والهاء وبفتحهما - جمع إهاب وهو الجلد. وقيل إنما يقال للجلد إهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا. والعطنة: المنتنة التي هي في دباغها. (ه) ومنه الحديث (لو جعل القرآن في إهاب ثم ألقي في النار ما احترق) قيل: كان هذا معجزة للقرآن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، كما تكون الأيات في عصور الأنبياء. وقيل المعنى: من علمه الله القرآن لم تحرقه نار الآخرة، فجعل جسم حافظ القرآن كالإهاب له. - ومنه الحديث (أيما إهاب دبغ فقد طهر). [ ه ] ومنه قول عائشة في صفة أبيها رضي الله عنهما (وحقن الدماء في أهبها) أي في أجسادها. - وفيه ذكر (أهاب)، وهو اسم موضع بنواحي المدينة. ويقال فيه يهاب بالياء. أهل) س) فيه (أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) أي حفظة القرآن العاملون به هم أولياء الله والمختصون به اختصاص أهل الإنسان به. - ومنه حديث أبي بكر في استخلافه عمر رضي الله عنهما (أقول له إذا لقيته: استعملت عليهم خير أهلك) يريد خير المهاجرين. وكانوا يسمون أهل مكة أهل الله تعظيما لهم، كما يقال بيت الله. ويجوز أن يكون أراد أهل بيت الله، لأنهم سكان بيت الله. - وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها (ليس بك على أهلك هوان) أراد بالأهل نفسه صلى الله عليه وسلم، أي لا يعلق بك ولا يصيبك هوان عليهم. (س) وفيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الآهل حظين الأعزب حظا) الآهل الذي له زوجة وعيال، والأعزب الذي لا زوجة له، وهي لغة رديئة، واللغة الفصحى عزب. يريد بالعطاء نصيبهم من الفئ. (س) ومنه الحديث (لقد أمست نيران بني كعب آهلة) أي كثيرة الأهل.
[ 85 ]
- ومنه الحديث (أنه نهى عن الحمر الأهلية) هي التي تألف البيوت ولها أصحاب، وهي مثل الإنسية، ضد الوحشية. - وفيه (أنه كان يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب) كل شئ من الأدهان مما يؤتدم به إهالة. وقيل هو ما أذيب من الألية والشحم. وقيل الدسم الجامد. والسنخة المتغيرة الريح. [ ه ] ومنه حديث كعب في صفة النار (كأنها متن إهالة) أي ظهرها. وقد تكرر ذكر الإهالة في الحديث. * باب الهمزة مع الياء أيب) ه) في حديث عكرمة (قال: كان طالوت أيابا) قال الخطابي: جاء تفسيره في الحديث أنه السقاء. أيد * وفي حديث حسان بن ثابت (إن روح القدس لا يزال يؤيدك) أي يقويك وينصرك. والأيد القوة. ورجل أيد - بالتشديد - أي قوي. - ومنه خطبة علي رضي الله عنه (وأمسكها من أن تمور بأيده) أي قوته. أير [ ه ] في حديث علي رضي الله عنه (من يطل أير أبيه ينتطق به) هذا مثل ضربه: أي من كثرت إخوته اشتد ظهره بهم وعز. قال الشاعر فلو شاء ربي كان أير أبيكم * طويلا كأير الحارث بن سدوس قال الأصمعي: كان له أحد وعشرون ذكرا. أيس * في قصيد كعب بن زهير: - وجلدها من أطوم لا يؤيسه * التأييس: التذليل والتأثير في الشئ، أي لا يؤثر في جلدها شئ. أيض [ ه ] في حديث الكسوف (حتى آضت الشمس) أي رجعت. يقال آض يئيض أيضا، أي صار ورجع. وقد تقدم.
[ 86 ]
أيل) ه) في حديث الأحنف (قد بلونا فلانا. فلم نجد عنده إيالة للملك) الإيالة: السياسة. يقال فلان حسن الإيالة وسيئ الإيالة. (س) وفيه ذكر (جبريل وميكائيل) قيل هما جبر وميكا، أضيفا إلى أيل وهو اسم الله تعالى. وقيل هو الربوبية. - وفيه (أن ابن عمر رضي الله عنهما أهل بحجة من أيلياء) هي - بالمد والتخفيف - اسم مدينة بيت المقدس، وقد تشدد الياء الثانية وتقصر الكلمة، وهو معرب. - وفيه ذكر (أيلة) هو بفتح الهمزة وسكون الياء: البلد المعروف فيما بين مصر والشام. أيم) ه) فيه (الأيم أحق بنفسها) الأيم في الأصل التي لا زوج لها، بكرا كانت أم ثيبا، مطلقة كانت أو متوفى عنها. ويريد بالأيم في هذا الحديث الثيب خاصة. يقال تأيمت المرأة وآمت إذا أقامت لا تتزوج. - ومنه الحديث (امرأة آمت من زوجها ذات منصب وجمال) أي صارت أيما لا زوج لها. [ ه ] * ومنه حديث حفصة رضي الله عنها (أنها تأيمت من زوجها خنيس قبل النبي صلى الله عليه وسلم). - ومنه كلام علي رضي الله عنه (مات قيمها وطال تأيمها) والاسم من هذه اللفظة الأيمة. [ ه ] ومنه الحديث (تطول أيمه إحداكن) يقال أيم بين الأيمة. (ه) والحديث الآخر (أنه كان يتعوذ من الأيمة والعيمة) أي طل التعزب. ويقال للرجل أيضا أيم كالمرأة. [ ه ] وفي الحديث (أنه أتى على أرض جرز مجدبة مثل الأيم) الأيم والأين: الحية اللطيفة. ويقال لها الأيم بالتشديد، شبه الأرض في ملاستها بالحية. (ه) ومنه حديث القاسم بن محمد (أنه أمر بقتل الأيم). - وفي حديث عروة (أنه كان يقول: وايم الله لئن كنت أخذت لقد أبقيت) أيم الله من ألفاظ القسم، كقولك لعمر الله وعهد الله، وفيها لغات كثيرة، وتفتح همزتها وتكسر،
[ 87 ]
وهمزتها وصل، وقد تقطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول هي اسم موضوع للقسم وأوردناها ها هنا على ظاهر لفظها، وقد تكررت في الحديث. (س) وفيه (يتقارب الزمان ويكثر الهرج. قيل أيم هو يا رسول الله ؟ قال: القتل القتل) يريد ما هو ؟ وأصله أي ما هو، أي أي شئ هو، فخفف الياء وحذف ألف ما. (س) ومنه الحديث (أن النبي صلى الله عليه وسلم ساوم رجلا معه طعام، فجعل شيبة بن ربيعة يشير إليه لا تبعه، فجعل الرجل يقول: أيم تقول ؟) يعني أي شئ تقول. (س) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه دخل عليه ابنه فقال: إني لا إيمن أن يكون بين الناس قتال) أي لا آمن، فجاء به على لغة من يكسر أوائل الأفعال المستقبلة، نحو نعلم وتعلم، فانقلبت الألف ياء للكسرة قبلها. أين في قصيد كعب بن زهير: - فيها على الأين إرقال وتبغيل الأين: الإعياء والتعب. - في حديث خطبة العيد (قال أبو سعيد: فقلت أين الابتداء بالصلاة) أي أين تذهب ؟ ثم قال: (الابتداء بالصلاة قبل الخطبة). وفي رواية (أين الابتداء بالصلاة ؟) أي أين تذهب (ألا تبدأ بالصلاة) والأول أقوى. - وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه (أما آن للرجل أن يعرف منزله) أي أما حان وقرب ؟ تقول منه آن يئين أينا، وهو مثل أنى يأني أنى، مقلوب منه. وقد تكرر في الحديث. * (إيه [ ه ] فيه (أنه أنشد شعر أمية بن أبي الضلت فقال عند كل بيت: إيه) هذه كلمة يراد بها الاستزادة، وهي مبنية على الكسر، فإذا وصلت نونت فقلت إيه حدثنا، وإذا قات إيها بالنصب فإنما تأمره بالسكوت. [ ه ] ومنه حديث أصيل الخزاعي (حين قدم عليه المدينة فقال له: كيف تركت مكة ؟ قال تركتها وقد أحجن ثمامها، وأعذق إذخرها، وأمشر سلمها، فقال إيها أصيل ! دع القلوب تقر) أي كف واسكت. وقد ترد المنصوبة بمعنى التصديق والرضى بالشئ. (ه) ومنه حديث ابن الزبير، لما قيل له يا بن ذات النطاقين فقال: (إيها والاله) أي
[ 88 ]
صدقت ورضيت بذلك. ويروى إيه بالكسر، أي زدني من هذه المنقبة. (ه) وفي حديث أبي قيس الأودي (إن ملك الموت عليه السلام قال: إني اايه بها كما يؤيه بالخيل فتجيبني) يعني الأرواح. أيهت بفلان تاييها إذا دعوته وناديته، كأنك قلت له يا أيها الرجل. (ه) وفي حديث معاوية (آها أبا حفص) هي كلمة تأسف، وانتصابها على إجرائها مجرى المصادر، كأنه قال: أتأسف تأسفا، وأصل الهمزة واو. - وفي حديث عثمان رضي الله عنه (أحلتهما آية وحرمتهما آية) الآية المحله هي قول تعالى (أو ما ملكت أيمانكم) والآية المحرمة قوله تعالى (وأن تجمعوا بين الأختين. إلا ما قد سلف) ومعنى الآية من كتاب الله تعالى جماعة حروف وكلمات، من قولهم خ رج القوم بآيتهم، أي بجماعتهم لم يدعوا وراءهم شيئا، والآية في غير هذا: العلامة. وقد تكرر ذكرها في الحديث. وأصل آية أوية بفتح الواو، وموضع العين واو، والنسبة إليها أووي. وقيل أصلها فاعلة، فذهبت منها اللام أو العين تخفيفا. ولو جاءت تامة لكانت آيية. وإنما ذكرناها في هذا الموضع حملا على ظاهر لفظها. أيهق * وفي حديث قس بن ساعدة (ورضيع ايهقان) الأيهقان الجرجير البري. إيا) ه) وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه (أنه قال لفلان: أشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني أو إياك فرعون هذه الأمة) يريد أنك فرعون هذه الأمة، ولكنه ألقاه إليه تعريضا لا تصريحا، كقوله تعلى (وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين) وهذا كما تقول أحدنا كاذب، وأنت تعلم أنك صادق ولكنك تعرض به. (س) وفي حديث عطاء (كان معاوية إذا رفع رأسه من السجدة الأخيرة كانت إياها) اسم كان ضمير السجدة، وإياها الخبر، أي كانت هي هي، يعني كان يرفع منها وينهض قائما إلى الركعة الأخرى من غير أن يقعد قعدة الاستراحة، وإيا اسم مبني، وهو ضمير المنصوب، والضمائر التي تضاف إليها من الهاء والكاف والياء لا موضع لها من الإعراب في القول القوي، وقد تكون إيا بمعنى التحذير. (س) ومنه حديث عمر بن عبد العزيز (إياي وكذا) أي نح عني كذا ونحني عنه.
[ 89 ]
(س) وفي حديث كعب بن مالك (فتخلفنا أيتها الثلاثة) يريد تخلفهم عن غزوة تبوك وتأخر توبتهم، وهذه اللفظة تقال في الاختصاص، وتختص في المخبر عن نفسه، تقول أما أنا فأفعل كذا أيها الرجل، يعني نفسه، فمعنى قول كعب أيتها الثلاثة: أي المخصوصين بالتخلف. وقد تكرر. إي) س) في الحديث (إي والله) وهي بمعنى نعم، إلا أنها تختص بالمجئ مع القسم إيجابا لما سبقه من الاستعلام.
[ 90 ]
حرف الباء باب الباء مع الهمزة بأر) ه) فيه (إن رجلا آتاه الله مالا فلم يبتئر خيرا) أي لم يقدم لنفسه خبيئة خير ولم يدخر، تقول منه: بأرت الشئ وابتأرته إبارة وأبتئره. - وفي حديث عائشة رضي الله عنها (اغتسلي من ثلاثة أبؤر، يمد بعضها بعضا) أبؤر جمع قلة للبئر وتجمع على آبار، وبئار، ومد بعضها بعضا هو أن مياهها تجتمع في واحدة كمياه القناة. - وفيه (البئر جبار) قيل هي العادية القديمة التي لا يعلم لها حافر ولا مالك فيقع فيها الإنسان أو غيره فهو جبار، أي هدر. وقيل هو الأجير الذي ينزل إلى البئر فينقيها ويخرج شيئا منها وقع فيها فيموت. بأس) س) في حديث الصلاة (تقنع يديك وتبأس) هو من البؤس: الخضوع والفقر. ويجوز أن يكون أمرا وخبرا. يقال بئس يبأس بؤسا وبأسا: افتقر واشتدت حاجته، والاسم منه بائس. - ومنه حديث عمار رضي الله عنه (بؤس ابن سمية) كأنه ترحم له من الشدة التي يقع فيها. (س) ومنه الحديث الآخر (كان يكره البؤس والتبأؤس) يعني عند الناس. ويجوز التبؤس بالقصر والتشديد. - ومنه في صفة أهل الجنة (إن لكم أن تنعموا فلا تبؤسوا) بؤس يبؤس - بالضم فيها - بأسا، إذا اشتد حزنه. والمبتئس:: الكاره والحزين.
[ 91 ]
- ومنه حديث علي رضي الله عنه (كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم) يريد الخوف، ولا يكون إلا مع الشدة. وقد تكرر في الحديث. (س) ومنه الحديث (نهى عن كسر السكة الجائزة بين المسلمين إلا من بأس) يعني الدنانير والدراهم المضروبة، أي لا تكسر إلا من أمر يقتضي كسرها، إما لرداءتها أو شك في صحة نقدها. وكره ذلك لما فيها من اسم الله تعالى. وقيل لأن فيه إضاعة المال. وقيل إنما نهى عن كسرها على أن تعاد تبرا، فأما للنفقة فلا. وقيل كانت المعاملة فيها في صدر الإسلام عددا لا وزنا، فكان بعضهم يقص أطرافها فنهوا عنه. - وفي حديث عائشة رضي الله عنها (بئس أخو العشيرة) بئس - مهموزا - فعل جامع لأنواع الذم، وهو ضد نعم في المدح. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (عسى الغوير أبؤسا) هو جمع بأس، وانتصب على أنه خبر عسى. والغوير ماء لكلب. وهو مثل، أول من تكلم به الزباء. ومعنى الحديث عسى أن تكون جئت بأمر عليك فيه تهمة وشدة. بابل * في حديث علي رضي الله عنه (قال إن حبي صلى الله عليه وسلم نهاني أن أصلي في أرض بابل فإنها ملعونة) بابل هذا الصقع المعروف بالعراق. وألفه غير مهموزة. قال الخطابي: في إسناد هذا الحديث مقال، ولا أعلم أحدا من العلماء حرم الصلاة في أرض بابل. ويشبه - إن ثبت الحديث - أن يكون نهاه أن يتخذها وطنا ومقاما، فإذا أقام بها كانت صلاته فيها. وهذا من باب التعليق في علم البيان، أو لعل النهي له خاصة، ألا تراه قال نهاني. - ومثله حديثه الآخر (نهاني أن أقرأ ساجدا وراكعا ولا أقول نهاكم) ولعل ذلك إنذار منه بما لقي من المحنة بالكوفة وهي من أرض بابل. بابوس) ه) في حديث جريح العابد (أنه مسح رأي الصبي وقال: يا بابوس من أبوك) البابس الصبي الرضيع. وقد جاء في شعر ابن أحمر لغير الإنسان. قال: حنت قلوصي إلى بابوسها جزعا * وما حنينك أم ما أنت والذكر والكلمة غير مهموزة، وقد جاءت في غير موضع. وقيل هي اسم للرضيع من أي نوع
[ 92 ]
كان. واختلف في عربيته. بالام) س) في ذكر أدم أهل الجنة (قال إدامهم بالام والنون. قالوا وما هذا ؟ قال: ثور ونون) هكذا جاء في الحديث مفسرا. أما النون فهو الحت وبه سمي يونس عليه السلام ذا النون. وأما باللام فقد تمحلوا لها شرحا غير مرضي. ولعل اللفظة عبرانية. قال الخطابي: لعل اليهودي أراد التعمية فقطع الهجاء وقدم أحد الحرفين على الآخر وهي لام ألف وياء، يريد لأي بوزن لعي، وهو الثور الوحشي، فصحف الراوي الياء بالباء. قال: وهذا أقرب ما وقع لي فيه. بأو) ه) في حديث عمر رضي الله عنه حين ذكر له طلحة لأجل الخلافة قال: (لولا بأو فيه) البأو: الكبر والتعظم. (ه ومنه حديث ابن عباس مع ابن الزبير (فبأوت بنفسي ولم أرض بالهوان) أي رفعتها وعظمتها. - ومنه حديث عون بن عبد الله (امرأة سوء إن أعطيتها بأت) أي تكبرت، بوزن رمت. * باب الباء مع الباء ببان) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (لولا أن أترك الناس ببانا واحدا ما فتحت علي قرية إلا قسمتها) أي أتركهم شيئا واحدا، لأنه إذا قسم البلاد المفتوحة على الغانمين بقي من لم يحضر الغنيمة ومن يجئ بعد من المسلمين بغير شئ منها، فلذلك تركها لتكون بينهم جميعهم. قال أبو عبيد: ولا أحسبه عربيا. وقال أبو سعيد الضرير: ليس في كلام العرب ببان. والصحيح عندنا بيانا واحدا، والعرب إذا ذكرت من لا يعرف قالوا هيان بن بيان، المعنى لأسوين بينهم في العطاء حتى يكونوا شيئا واحدا لا فضل لأحد على غيره. قال الأزهري ليس كما ظن. وهذا حديث مشهور رواه أهل الإتقان. وكأنها لغة يمانية ولم تفش في كلام معد. وهو والبأج بمعنى واحد. ببة في حديث ابن عمر رضي الله عنه (سلم عليه فتى من قريش فرد عليه مثل سلامه، فقال له: ما أحسبك أثبتني، فقال: ألست ببة) يقال للشاب الممتلئ البدن نعمة: ببة. وببة لقب عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب والي البصرة. قال الفرزدق: وبايعت أقواما وفيت بعهدهم * وببة قد بايعته غير نادم
[ 93 ]
وكانت أمه لقبته به في صغره ترقصه فتقول: لأنكحن ببه * جارية خدبه * باب الباء مع التاء بت) س) في حديث دار الندوة وتشاورهم في أمر النبي صلى الله عليه وسلم (فاعترضهم إبليس في صورة شيخ جليل عليه بت) اي كساء غليظ مربع. وقيل طيلسان من خز، ويجمع على بتوت. - ومنه حديث على (أن طائفة جاءت إليه فقال لقنبر: بتتهم) أي أعطهم البيوت. - ومنه حديث الحسن (أين الذين طرحوا الخزوز والحبرات، ولبسوا البتوت والنمرات). - ومنه حديث سفيان (أجد قلبي بين بتوت وعباء) (ه) وفي حديث كتابه لحارثة بن قطن (ولا يؤخذ منكم عشر البتات) هو المتاع الذي ليس عليه زكاة مما لا يكون للتجارة. (ه) وفيه (فإن المنبت لا أرضا قطاع ولا ظهرا أبقى) يقال للرجل إذا انقطع به في سفره وعطبت راحلته: قد انبت، من البت، القطع، وهو مطاوع بت يقال بته وأبته. يريد أنه بقي في طريقه عاجزا عن مقصده لم يقض وطره. وقد أعطب ظهره. (ه) ومنه الحديث (لا صيام لمن لم يبت الصيام) في إحدى الروايتين، أي لم ينوه ويجزمه فيقطعه من الوقت الذي لا صوم فيه وهو الليل. - ومنه الحديث (أبتوا نكاح النساء) أي اقطعوا الأمر فيه وأحكموه بشرائطه. وهو تعريض بالنهي عن نكاح المتعة، لأنه نكاح غير مبتوت، مقدر بمدة. - ومنه الحديث (طلقها ثلاثة بتة) أي قاطعة، وصدقة بتة أي منقطعة عن الإملاك. يقال بتة والبتة. - ومنه الحديث (أدخله الله الجنه البته).
[ 94 ]
- ومنه حديث جويرية في صحيح مسلم (أحسبه قال جويرية أو البتة) كأنه شك في اسمها فقال أحسبه جويرية، ثم استدرك فقال: أو أبت وأقطع أنه قال جويرية، لا أحسب وأظن. - ومنه الحديث (لا تبيت المبتوتة إلا في بيتها) هي المطلقة طلاقا بائنا. بتر [ ه ] فيه (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر) أي أقطع. والبتر القطع. - ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أن قريشا قالت: الذي نحن عليه أحق مما هو عليه هذا الصنبور المنبتر) يعنون النبي صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله تعالى سورة الكوثر. وفي آخرها (إن شانئك هو الأبتر) المنبتر الذي لا ولد له. قيل لم يكن يومئذ ولد له، وفيه نظر، لأنه ولد له قبل البعث والوحي، إلا أن يكون أراد لم يعش له ذكر. (ه) وفيه (أن العاص بن وائل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس فقال: هذا الأبتر) أي الذي لا عقب له. (ه) وفي حديث الضحايا (أنه نهى عن المبتورة) هي التي قطع ذنبها. (ه) وفي حديث زياد (أنه قال في خطبتة البتراء) كذا قيل لها البتراء، لأنه لم يذكر فيها الله عز وجل ولا صلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم. - وفيه (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم درع يقال لها البتراء) سميت بذلك لقصرها. (س) وفيه (أنه نهى عن البتيراء) هو أن يوتر بركعة واحدة، وقيل هو الذي شرع في ركعتين فأتم الأولى وقطع الثانية. - ومنه حديث سعد (أنه أوتر بركعة فأنكر عليه ابن مسعود رضي الله عنهما وقال ما هذه البتيراء ؟). (ه) وفي حديث علي رضي الله عنه، وسئل عن صلاة الضحى فقال (حين تبهر البتيراء الأرض) البتيراء الشمس، أراد حين تنبسط على وجه الأرض وترتفع. وأبتر الرجل إذا صلى الضحى. بتع) ه) فيه (أنه سئل عن البتع فقال: كل مسكر حرام) البتع بسكون التاء: نبيذ
[ 95 ]
العسل وهو خمر أهل اليمن، وقد تحرك التاء كقمع وقمع، وقد تكرر في الحديث. بتل [ ه ] فيه (بتل رسول الله صلى الله عليه وسلم العمرى) أي أوجبها وملكها ملكا لا يتطرق إليه نقض. يقال بتله يبتله بتلا إذا قطعه. (ه) وفيه (لا رهبانية ولا تبتل في الإسلام) التبتل: الانقطاع عن النساء وترك النكاح وامرأة بتول منقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم. وبها سميت مريم أم المسيح عليهما السلام. وسميت فاطمة البتول لانقطاعها عن نساء زمانها فضلا ودينا وحسبا. وقيل لانقطاعها عن الدنيا إلى الله تعالى. (ه) ومنه حديث سعد رضي الله عنه (رد رسول الله صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون) أراد ترك النكاح. (س) وفي حديث النضر بن كلدة (والله يا معشر قريش لقد نزل بكم أمر ما أبتلتم بتله) يقال مر على بتيلة من رأيه، ومنبتلة، أي عزيمة لا ترد. وانبتل في السير: مضى وجد. وقال الخطابي: هذا خطأ، والصواب ما انتبلتم نبله، أي ما انتبهتم له ولم تعلموا علمه. تقول العرب: أنذرتك الأمر فلم تنتبل نبله، أي ما انتبهت له، فيكون حينئذ من باب النون لا من باب الباء. (ه) وفي حديث حذيفة (أقيمت الصلاة فتدافعوها وأبوا إلا تقديمه، فلما سلم قال: لتبتلن لها إماما ولتصلن وحدانا) معناه لتنصبن لكم إماما وتقطعن الأمر بإمامته، من البتل: القطع، أورده أبو موسى في هذا الباب، وأورده الهروي في باب الباء واللام والواو، وشرحه بالامتحان والاختبار، من الابتلاء، فتكون التاآن فيها عند الهروي زائدتين، الأولى للمضارعة والثانية للافتعال، وتكون الأولى عند أبي موسى زائدة للمضارعة والثانية أصلية، وشرحه الخطابي في غريبه على الوجهين معا. * باب الباء مع الثاء بث) ه) في حديث أم زرع (زوجي لا أبث خبره) أي لا أنشره لقبح آثاره. (ه) وفيه أيضا (لا تبث حديثنا تبثيثا) ويروى تنث بالنون بمعناه.
[ 96 ]
(ه) وفيه أيضا (ولا يلج الكف ليعلم البث) البث في الأصل أشد الحزن والمرض الشديد، كأنه من شدته يبثه صاحبه، والمعنى أنه كان بجسدها عيب أو داء فكان لا يدخل يده في ثوبها فيمسه لعلمه أن ذلك يؤذيها، تصفه باللطف. وقيل هو ذم له، أي لا يتفقد أمورها ومصالحها، كقولهم: ما أدخل يدي في هذا الأمر، أي لا أتفقده. - ومنه حديث كعب بن مالك رضي الله عنه (فلما توجه قافلا من تبوك حضرني بثي) أي أشد حزني. (ه) وفي حديث عبد الله (لما حضر اليهودي الموت قال بثبثوه) أي كشفوه. من البث: إظهار الحديث، والأصل فيه بثثوه، فأبدلوا من الثاء الوسطى باء تخفيفا، كما قالوا في حثثت حثحثت. بثق * في حديث هاجر أم اسماعيل عليه السلام (فغمز بعقبه على الأرض فانبثق الماء) أي انفجر وجرى. بثن) ه) في حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه، لما عزله عمر عن الشام (فلما ألقى الشام بوانيه وصار بثنية وعسلا عزلني واستعمل غيري) البثنية حنطة منسوبة إلى البثنة، وهي ناحية من رستاق دمشق. وقيل هي الناعمة اللينة من الرملة اللينة، يقال لها بثنة. وقيل هي الزبدة، أي صارت كأنها زبدة وعسل، لأنها صارت تجبى أموالها من غير تعب. * باب الباء مع الجيم (س) في حديث عثمان رضي الله عنه (إن هذا البجباج النفاج لا يدري أين الله عز وجل) البجبجة شئ يفغل عند مناغاة الصبي. وبجباج نفاج أي كثير الكلام. والبجباج: الأحمق، والنفاج: المتكبر. بجج) س) فيه (قد أراحكم الله من البجة والسجة) هي الفصيد، من البج: البط والطعن غير النافذ. كانوا يفصدون عرق البعير ويأخذون الدم يتبلغون به في السنة المجدبة، ويسمونه الفصيد، سمي بالمرة الواحدة من البج، أي أراحكم الله من القحط والضيق بما فتح عليكم في الإسلام. وقيل البجة اسم صنم. بجح) ه) في حديث أم زرع (وبجحني فبجحت) أي فرحني ففرحت. وقيل
[ 97 ]
عظمني فعظمت نفسي عندي. يقال فلان يتبجح بكذا أي يتعظم ويفتخر. بجد (ه) في حديث جبير بن مطعم (نظرت والناس يقتتلون يوم حنين إلى مثل البجاد الأسود يهوي من السماء) البجاد الكساء، وجمعه بجد. أراد الملائكة الذين أيدهم الله بهم. ومنه تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد نهم ذا البجادين، لأنه حين أراد المصير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعت أمه بجادا لها قطعتين فارتدى بإحداهما وائتزر بالأخرى. - ومنه حديث معاوية رضي الله عنه (أنه مازح الأحنف بن قيس فقال: ما الشئ الملفف في البجاد ؟ قال: هو السخينة يا أمير المؤمنين) الملفف في البجاد وطب اللبن يلف فيه ليحمى ويدرك. وكانت تميم تعير به. والسخينة: حساء يعمل من دقيق وسمن يؤكل في الجدب. وكانت قريش تعير بها. فلما مازحه معاوية بما يعاب به قومه مازحه الأحنف بمثله. بجر * فيه (أنه بعث بعثا فأصبحوا بأرض بجراء) أي مرتفعة صلبة. والأبجر: الذي ارتفعت سرته وصلبت. - ومنه الحديث الآخر (أصبحنا في أرض عزوبة بجراء) وقيل هي التي لا نبات بها. (ه) ومنه حديث علي (أشكوا إلى الله عجري وبجري) أي همومي وأحزاني. وأصل العجرة نفخة في الظهر، فإذا كانت في السرة فهي بجرة. وقيل العجر العروق المتعقدة في الظهر، والبجر العروق المتعقدة في البطن، ثم نقلا إلى الهموم والأحزان، أراد أنه يشكو إلى الله أموره كلها ما ظهر منها وما بطن. - ومنه حديث أم زرع (إن أذكره أذكر عجره وبجره) أي أموره كلها باديها وخافيها. وقيل أسراره وقيل عيوبه. (س) ومنه حديث صفة قريش (أشحة بجرة) هي جمع باجر، وهو العظيم البطن. يقال بجر يبجر بجرا فهو أبجر وباجر. وصفهم بالبطانة ونتو السرر. ويجوز أن يكون كناية عن كنزهم الأموال واقتنائهم لها، وهو أشبه بالحديث، لأنه قرنه بالشح وهو أشد البخل. (س) وفي حديث أبي بكر (إنما هو الفجر أو البجر) البجر بالفتح والضم: الداهية، والأمر العظيم. أي إن انتظرت حتى يضئ لك الفجر أبصرت الطريق، وإن خبطت الطلماء أفضت بك إلى المكروه. وقال المبرد فيمن رواه البحر بالحاء: يريد غمرات الدنيا، شبهها بالبحر لتبحر أهلها فيها.
[ 98 ]
- ومنه كلام علي رضي الله عنه (لم آت لا أبا لكم بجرا). (س) وفي حديث مازن (كان لهم صنم في الجاهلية يقال له باجر) تكسر جيمه وتفتح. ويروى بالحاء المهملة، وكان في الأزد. بجس) ه) في حديث حذيفة رضي الله عنه (ما منا إلا رجل به آمة يبجسها الظفر غير الرجلين) يعني عمر وعليا رضي الله عنهما. الآمة الشجة التي تبلغ أم الرأس. ويبجسها: يفجرها، وهو مثل، أراد أنها نغلة كثيرة الصديد، فإن أراد أحد أن يفجرها بظفره قدر على ذلك لامتلائها ولم يحتج إلى حديدة يشقها بها، أراد ليس منا أحد إلا وفيه شئ غير هذين الرجلين. - ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أنه دخل على معاوية وكأنه قزعة تنبجس) أي تنفجر. بجل) ه) في حديث لقمان بن عاد (خذي مني أخي ذا البجل) البجل بالتحريك الحسب والكفاية. وقد ذم أخاه به، أي أنه قصير الهمة راض بأن يكفى الأمور ويكون كلا على غيره، ويقول حسبي ما أنا فيه. (ه) ومنه الحديث (فألقى تمرات في يده وقال بجلي من الدنيا) أي حسبي منها. ومنه قول الشاعر يوم الجمل: نحن بني ضبة أصحاب الجمل * ردوا علينا شيخنا ثم بجل أي ثم حسب. وأما قول لقمان في صفة أخيه الآخر: خذي مني أخي ذا البجلة، فإنه مدح، يقال رجل ذو بجلة وذو بجالة: أي ذو حسن ونبل ورواء. وقيل هذه ألقابا لهم وقيل البجال: الذي يبجله الناس، أي يعظمونه. (ه) ومنه الحديث (أنه أتى القبور فقال: السلام عليكم أصبتم خيرا بجيلا) أي واسعا كثيرا، من التبجيل: التعظيم، أو من البجال: الضخم. (س) وفي حديث سعد بن معاذ رضي الله عنه (أنه رمي يوم الأحزاب فقطعوا أبجله) الأبجل: عرق في باطن الذراع. وهو من الفرس والبعير بمنزلة الأكحل من الإنسان. وقيل هو عرق غليظ في الرجل فيما بين العصب والعظم. - ومنه حديث المستهزئين (أما الوليد بن المغيرة فأومأ جبريل إلى أبجله). بجا) س) فيه (كان أسلم مولى عمر بجاويا) هو منسوب إلى بجاوة جنس من
[ 99 ]
السودان. وقيل هي أرض بها السودان. * باب الباء مع الحاء بحبح) س ه) فيه (من سره أن يسكن بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة) بحبوحة الدار: وسطها. يقال تبحبح إذا تمكن وتوسط المنزل والمقام. (س) ومنه حديث غناء الأنصارية. (أهدى لها أكبشا تبحبح في المربد) أي متمكنة في المربد وهو الموضع. (ه) وفي حديث خزيمة (تقطر اللحاء وتبحبح الحياء) أي اتسع الغيث وتمكن من الأرض. بحت * في حديث أنس رضي الله عنه قال (اختضب عمر بالحناء بحتا) البحت الخالص الذي لا يخالطه شئ. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أنه كتب إليه أحد عماله من كورة ذكر فيها غلاء العسل، وكره للمسلمين مباحتة الماء) أي شربه غير ممزوج بعسل أو غيره. قيل أراد بذلك ليكون أقوى لهم. بحث) ه) في حديث المقداد (قال أبت علينا سورة البحوث انفروا خفافا وثقالا) يعني سورة التوبة، سميت بها لما تضمنت من البحث عن أسرار المنافقين، وهو إثارتها والتفتيش عنها. والبحوث جمع بحث. ورأيت في الفائق سورة البحوث بفتح الباء، فإن صحت فهي فعول من أبنية المبالغة، ويقع على الذكر والأنثى كامرأة صبور، ويكون من باب إضافة الموصوف إلى الصفة. (ه) ومنه الحديث (أن غلامين كانا يلعبان البحثة) وهي لعبة بالتراب. والبحاثة التراب الذي يبحث عما يطلب فيه. بحح) س) فيه (فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم بحة) البحة بالضم غلظة في الصوت. يقال بح يبح بحوحا وإن كان من داء فهو البحاح. ورجل أبح: بين البحح إذا كان ذلك فيه خلقة. بحر) ه) فيه (أنه ركب فرسا لأبي طلحة فقال: إن وجدناه لبحرا) أي واسع
[ 100 ]
الجري. وسمي البحر بحرا لسعته. وتبحر في العلم: أي اتسع. - ومنه الحديث (أبى ذلك البحر ابن عباس رضي الله عنهما) سمي بحرا لسعة علمه وكثرته. (س) ومنه حديث عبد المطلب وحفر بئر زمزم (ثم بحرها) أي شقها ووسعها حتى لا تنزف. (ه) ومنه حديث ابن عباس (حتى ترى الدم البحراني) دم بحراني شديد الحمرة، كأنه قد نسب إلى البحر وهو اسم قعر الرحم، وزادوه في النسب ألفا ونونا للمبالغة، يريد الدم الغليظ الواسع. وقيل نسب إلى البحر لكثرته وسعته. - وفيه (ذكر بحران) وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء: موضع بناحية الفرع من الحجاز، له ذكر في سرية عبد الله بن جحش. (س) وفي حديث القسامة (قتل رجل ببحرة الرغاء على شط لية) البحرة البلدة. (ه) ومنه حديث عبد الله بن ابي (ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة على أن يعصبوه بالعصابة) البحيرة: مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو تصغير البحرة. وقد جاء في رواية مكبرا، والعرب تسمي المدن والقرى البحار. - ومنه الحديث (وكتب لهم ببحرهم) أي ببلدهم وأرضهم. (ه) وفيه ذكر (البحيرة) في غير موضع، كانوا إذا ولدت إبلهم سقبا بحروا أذنه: أي شقوها. وقالوا اللهم إن عاش ففتي وإن مات فذكي، فإذا مات أكلوه وسموه البحيرة. وقيل البحيرة: هي بنت السائبة، كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها، ولم يجز وبرها، ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو ضيف، وتركوها مسيبة لسبيلها وسموها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أنثى شقوا أذنها وخلوا سبيلها، وحرم منها ما حرم من أمها وسموها البحيرة. (ه) ومنه حديث أبي الأحوص عن أبيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له هل تنتج إبلك وافية آذانها فتشق فيها وتقول بحر) هي جمع بحيرة، وهو جمع غريب في المؤنث، إلا أن يكون قد حمله على المذكر نحو نذير ونذر، على أن بحيرة فعيلة بمعنى مفعولة، نحو قتيلة، ولم يسمع في جمع مثله فعل. وحكى الزمخشري بحيرة وبحر، وصريمة وصرم، وهي التي
[ 101 ]
صرمت أذنها: أي قطعت. (س) وفي حديث مازن (كان لهم صنم يقال له باحر) بفتح الحاء، ويروى بالجيم. وقد تقدم. بحن) ه) فيه (إذا كان يوم القيامة تخرج بحنانة من جهنم فتلقط المنافقين لقط الحمامة القرطم) البحنانة: الشرارة من النار. * باب الباء مع الخاء بخ [ ه ] فيه (أنه لما قرأ: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم، قال رجل بخ بخ) هي كلمة تقال عند المدح والرضى بالشئ، وتكرر للمبالغة، وهي مبنية على السكون، فإن وصلت جررت ونونت فقلت بخ بخ، وربما شددت. وبخبخت الرجل، إذا قلت له ذلك. ومعناها تعظيم الأمر وتفخيمه. وقد كثر مجيئها في الحديث. بخت * فيه (فأتي بسارق قد سرق بختية) البختية: الأنثى من الجمال البخت، والذكر بختي، وهي جمال طوال الأعناق، وتجمع على بخت وبخاتي، واللفظة معربة. بختج * في حديث النخعي (أهدي إليه بختج فكان يشربه مع العكر) البختج: العصير المطبوخ. وأصله بالفارسية ميبخته، أي عصير مطبوخ، وإنما شربه مع العكر خيفة أن يصفيه فيشتد ويسكر. بختر) س) في حديث الحجاج (لما أدخل عليه يزيد بن المهلب أسيرا فقال الحجاج: - جميل المحيا بختري إذا مشى * فقال يزيد: - وفي الدرع ضخم المنكبين شناق * البختري: المتبختر في مشيه، وهي مشية المتكبر المعجب بنفسه. بخند) س) في حديث أبي هريرة (إن العجاج أنشده: - ساقا بخنداة وكعبا أدرما *
[ 102 ]
البخنداة: التامة القصب الريا، وكذلك الخبنداة. وقبل هذا البيت: قامت تريك خشية أن تصرما * ساقا بخنداة وكعبا أدرما بخر * في حديث عمر رضي الله عنه (إياكم ونومة الغداة فإنها مبخرة مجفرة مجعرة) وجعله القتيبي من حديث علي رضي الله عنه: مبخرة أي مظنة للبخر، وهو تغير ريح الفم. - ومنه حديث المغيرة (إياك وكل مجفرة مبخرة) يعني من النساء. - وفي حديث معاوية (أنه كتب إلى ملك الروم: لأجعلن القسطنطينية البخراء حممة سوداء) وصفها بذلك لبخار البحر. بخس) ه) في الحديث (يأتي على الناس زمان يستحل فيه الربا بالبيع، والخمر بالنبيذ، والبخس بالزكاة) البخس ما يأخذه الولاة باسم العشر والمكوس، يتأولون فيه الزكاة والصدقة. بخص) ه) في صفته صلى الله عليه وسلم (أنه كان مبخص العقبين) أي قليل لحمهما. والبخصة: لحم أسفل القدمين. قال الهروي: وإن روي بالنون والحاء والضاد فهو من النحض: اللحم. يقال نحضت العظم إذا أخذت عنه لحمه. (ه) وفي حديث القرظي (في قوله تعالى: قل هو الله أحد، الله الصمد، لو سكت عنها لتبخص لها رجال فقالوا ما صمد ؟) البخص بتحريك الخاء: لحم تحت الجفن الأسفل يظهر عند تحديق الناظر إذا أنكر شيئا وتعجب منه. يعني لولا أن البيان اقترن في السورة بهذا الاسم لتحيروا فيه حتى تنقلب أبصارهم. بخع) ه) فيه (أتاكم أهل اليمن هم أرق قلوبا وأبخع طاعة) أي أبلغ وأنصح في الطاعة من غيرهم، كأنهم بالغوا في بخع أنفسهم: أي قهرها وإذلالها بالطاعة. قال الزمخشري: هو من بخع الذبيحة إذا بالغ في ذبحها، وهو أن يقطع عظم رقبتها ويبلغ بالذبح البخاع - بالباء - وهو العرق الذي في الصلب. والنخع بالنون دون ذلك، وهو أن يبلغ بالذبح النخاع، وهو الخيط الأبيض الذي يجري في الرقبة، هذا أصله، ثم كثر حتى استعمل في كل مبالغة، هكذا ذكره في كتاب الفائق في غريب الحديث، وكتاب الكشاف في تفسير القرآن، ولم أجده لغيره. وطالما بحثت عنه في كتب اللغة والطب والتشريح فلم أجد البخاع - بالباء - مذكورا في شئ منها.
[ 103 ]
- ومنه حديث عمر (فأصبحت يجنبني الناس ومن لم يكن يبخع لنا بطاعة). (ه) ومنه حديث عائشة في صفة عمر رضي الله عنهما (بخع الأرض فقاءت أكلها) أي قهر أهلها وأذلهم وأخرج ما فيها من الكنوز وأموال الملوك. يقال: بخعت الأرض بالزراعة إذا تابعت حراثتها ولم ترحها سنة. بخق) ه) فيه (في العين القائمة إذا بخقت مائة دينار) أراد إذا كانت العين صحيحة والصورة قائمة في موضعها إلا أن صاحبها لا يبصر بها ثم بخصت أي قلعت بعد ففيها مائة دينار. وقيل: البخق أن يذهب البصر وتبقى العين قائمة منفتحة. (ه) ومنه حديث نهيه عليه السلام عن البخقاء في الأضاحي. - ومنه حديث عبد الملك بن عمير يصف الأحنف (كان ناتئ الوجنة باخق العين). بخل) س) فيه (الولد مبخلة مجبنة) هو مفعلة من البخل ومظنة له، أي يحمل أبويه على البخل ويدعوهما إليه فيبخلان بالمال لأجله. - ومنه الحديث الآخر (إنكم لتبخلون وتجبنون). * باب الباء مع الدال بدأ * في أسماء الله تعالى (المبدئ) هو الذي أنشأ الأشياء واخترعها ابتداء من غير سابق مثال. (ه) وفي الحديث (أنه نفل في البدأة الربع وفي الرجعة الثلث) أراد بالبدأة ابتداء الغزو، وبالرجعة القفول منه. والمعنى: كان إذا نهضت سرية من جملة المعسكر المقبل على العدو فأوقعت بهم نفلها الربع مما غنمت، وإذا فعلت ذلك عند عود العسكر نفلها الثلث، لأن الكرة الثانية أشق عليهم والخطر فيها أعظم، وذلك لقوة الظهر عند دخولهم وضعفه عند خروجهم، وهم في الأول أنشط وأشهى للسير والإمعان في بلاد العدو، وهم عند القفول أضعف وأفتر وأشهى للرجوع إلى أوطانهم فزادهم لذلك. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (والله لقد سمعته يقول: ليضربنكم على الدين عودا، كما ضربتموهم عليه بدءا) أي أولا، يعني العجم والموالي.
[ 104 ]
- ومنه حديث الحديبية (يكون لهم بدو الفجور وثناه) أي أوله وآخره. (ه) ومنه الحديث (منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مديها ودينارها، ومنعت مصر إردبها، وعدتم من حيث بدأتم) هذا الحديث من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لأنه أخبر بما لم يكن وهو في علم الله كائن، فخرج لفظه على لفظ الماضي، ودل به على رضاه من عمر بن الخطاب بما وظفه على الكفرة من الجزية في الأمصار. وفي تفسير المنع وجهان: أحدهما أنه علم أنهم سيسلمون ويسقط عنهم ما وظف عليهم، فصاروا بإسلامهم مانعين، ويدل عليه قوله: وعدتم من حيث بدأتم، لأن بدأهم في علم الله تعالى أنهم سيسلمون، فعادوا من حيث بدأوا. والثاني أنهم يخرجون عن الطاعة ويعصون الإمام فيمنعون ما عليهم من الوظائف. والمدي مكيال أهل الشام، والقفيز لأهل العراق، والإردب لأهل مصر. (ه) وفي الحديث (الخيل مبدأة يوم الورد) أي يبدأ بها في السقي قبل الإبل والغنم، وقد تحذف الهمزة فتصير ألفا ساكنة. (س) ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (أنها قالت في اليوم الذي بدئ فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وارأساه) يقال متى بدئ فلان ؟ أي متى مرض، ويسأل به عن الحي والميت. - وفي حديث الغلام الذي قتله الخضر (فانطلق إلى أحدهم بادي الرأي فقتله) أي في أول راي رآه وابتدأ به، ويجوز أن يكون غير مهموز، من البدو: الظهور، أي ظاهر الرأي والنظر. (س) وفي حديث ابن المسيب في حريم البئر (البدئ خمس وعشرون ذراعا) البدئ - بوزن البديع -: البئر التي حفرت في الإسلام وليست بعادية قديمة. بدج) ه) في حديث الزبير (أنه حمل يوم الخندق على نوفل بن عبد الله بالسيف حتى شقه باثنتين وقطع أبدوج سرجه) يعني لبده. قال الخطابي: هكذا فسره أحد رواته. ولست أدري ما صحته. بدح) س) في حديث أم سلمة (قالت لعائشة رضي الله عنهما: قد جمع القرآن ذيلك فلا تبدحيه) من البداح وهو المتسع من الأرض، أي لا توسعيه بالحركة والخروج.
[ 105 ]
والبدح: العلانية. وبدح بالأمر: باح به. ويروى بالنون، وسيذكر في بابه. (ه) وفي حديث بكر بن عبد الله (كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يتمازحون ويتبادحون بالبطيخ، فإذا جاءت الحقائق كانوا هم الرجال) أي يترامون به. يقال بدح يبدح إذا رمى. بد) ه) في حديث يوم حنين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبد يده إلى الأرض فأخذ قبضة) أي مدها. - ومنه الحديث (أنه كان يبد ضبعيه في السجود) أي يمدهما ويجافيهما. وقد تكرر في الحديث. (ه) ومنه حديث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (فأبد بصره إلى السواك) كأنه أعطاه بدته من النظر، أي حظه. (ه) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (دخلت على عمر وهو يبدني النظر استعجالا لخبر ما بعثني إليه). (ه) وفيه (اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا) يروى بكسر الباء جمع بدة وهي الحصة والنصيب، أي اقتلهم حصصا مقسمة لكل واحد حصته ونصيبه. ويروى بالفتح أي متفرقين في القتل واحدا بعد واحد، من التبديد. (ه) ومنه حديث عكرمة (فتبددوه بينهم) أي اقتسموه حصصا على السواء. (ه) ومنه حديث خالد بن سنان (أنه انتهى إلى النار وعليه مدرعة صوف، فجعل يفرقها بعصاه ويقول: بدا بدا) أي تبددي وتفرقي. يقال بددت بدا، وبددت تبديدا. وهذا خالد هو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (نبي ضيعه قومه). (ه) وفي حديث أم سلمة (أن مساكين سألوها، فقالت: يا جارية أبديهم تمرة تمرة) أي أعطيهم وفرقي فيهم. - ومنه الحديث (إن لي صرمة أفقر منها وأطرق وأبد) أي أعطي. - وفي حديث علي رضي الله عنه (كنا نرى أن لنا في هذا الأمر حقا فاستبددتم علينا) يقال استبد بالأمر يستبد به استبدادا إذا تفرد به دون غيره. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث ابن الزبير (أنه كان حسن الباد إذا ركب) الباد أصل الفخذ، والبادان
[ 106 ]
أيضا - من ظهر الفرس - ما وقع عليه فخذ الفارس، وهو من البدد: تباعد ما بين الفخذين من كثرة لحمهما. بدر) ه) في حديث المبعث (فرجع بها ترجف بوادره) هي جمع بادرة وهي لحمة بين المنكب والعنق. والبادرة من الكلام: الذي يسبق من الإنسان في الغضب. ومنه قول النابغة: ولا خير في حلم إذا لم تكن له * بوادر تحمي صفوه أن يكدرا (س) وفي حديث اعتزال النبي صلى الله عليه وسلم نساءه (قال عمر: فابتدرت عيناي) أي سالتا بالدموع. (س) وفي حديث جابر رضي الله عنه (كنا لا نبيع التمر حتى يبدر) أي يبلغ. يقال بدر الغلام إذا تم واستدار. تشبيها بالبدر في تمامه وكماله. وقيل إذا احمر البسر قيل له أبدر. (ه) وفيه (فأتي ببدر فيه بقول) أي طبق، شبه بالبدر لاستدارته. بدع * في أسماء الله تعالى (البديع)، هو الخالق المخترع لا عن مثال سابق، فعيل بمعنى مفعل. يقال أبدع فهو مبدع. (ه) وفيه (أن تهامه كبديع العسل، حلو أوله حلو آخره) البديع: الزق الجديد شبه به تهامه لطيب هوائها، وأنه لا يتغير كما أن العسل لا يتغير. (س) وفي حديث عمر رضي الله عنه في قيام رمضان (نعمت البدعة هذه) البدعة بدعتان: بدعة هدى، وبدعة ضلال، فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه الله أو رسوله فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا فقال (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها) وقال في ضده (ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها) وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: نعمت البدعة
[ 107 ]
هذه. لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم، وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها، ولا جمع الناس لها، ولا كانت في زمن أبي بكر، وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها، فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنة، لقوله صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي) وقوله (اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر) وعلى هذا التأويل يحمل الحديث الآخر (كل محدثة بدعة) إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة. وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذم. - وفي حديث الهدي (فأزحفت عليه بالطريق فعي بشأنها إن هي أبدعت) يقال أبدعت الناقة إذا انقطعت عن السير بكلال أو ظلع، كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير إبداعا، أي أنشاء أمر خارج عما اعتيد منها. - ومنه الحديث (كيف أصنع بما أبدع علي منها) وبعضهم يرويه أبدعت. وأبدع على ما لم يسم فاعله. وقال: هكذا يستعمل. والأول أوجه وأقيس. (ه) ومنه الحديث (أتاه رجل فقال إني أبدع بي فاحملني) أي انقطع بي لكلال راحلتي. * (بدل [ ه ] في حديث رضي الله عنه (الأبدال بالشام) هم الأولياء والعباد، الواحد بدل كحمل وأحمال، وبدل كجمل، سموا بذلك لأنهم كلما مات واحد منهم أبدل بآخر. بدن) ه) فيه (لا تبادروني بالركوع والسجود، إني قد بدنت) قال أبو عبيد هكذا روي في الحديث بدنت، يعني بالتخفيف، وإنما هو بدنت بالتشديد: أي كبرت وأسننت، والتخفيف من البدانة وهي كثرة اللحم، ولم يكن صلى الله وسلم سمينا. قلت: قد جاء في صفته صلى الله عليه وسلم في حديث ابن أبي هالة: بادن متماسك، والبادن الضخم، فلما قال بادن أردفه بمتماسك، وهو الذي يمسك بعض أعضائه بعضا، فهو معتدل الخلق.
[ 108 ]
- ومنه الحديث (أتحب أن رجلا بادنا في يوم حار غسل ما تحت إزاره ثم أعطاكه فشربته). - وفي حديث علي (لما خطب فاطمة رضي الله عنهما، قيل: ما عندك ؟ قال: فرسي وبدني) البدن الدرع من الزرد. وقيل هي القصيرة منها. - ومنه حديث سطيح. - أبيض فضفاض الرداء والبدن * أي واسع الدرع. يريد به كثرة العطاء. - ومنه حديث مسح الخفين (فأخرج يده من تحت بدنه) استعار البدن ها هنا للجبة الصغيرة، تشبيها بالدرع. ويحتمل أن يريد به من أسفل بدن الجبة، ويشهد له ما جاء في الرواية الأخرى (فأخرج يده من تحت البدن) - وفيه (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس بدنات) البدنة تقع على الجمل والناقة والبقرة، وهي بالإبل أشبه. وسميت بدنة لعظمها وسمنها. وقد تكررت في الحديث. - ومنه حديث الشعبي (قيل له إن أهل العراق يقولون إذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها كان كمن يركب بدنته) أي إن من أعتق أمته فقد جعلها محررة لله، فهي بمنزلة البدنة التي تهدى إلى بيت الله تعالى في الحج، فلا تركب إلا عن ضرورة، فإذا تزوج أمته المعتقة كان كمن قد ركب بدنته المهداة. بده) س) قي صفته صلى الله عليه وسلم (من رآه بديهة هابه) أي مفاجأة وبغتة، يعني من لقيه قبل الاختلاط به هابه لوقاره وسكونه، وإذا جالسه وخالطه بان له حسن خلقه. بدا) ه) فيه (كان إذا اهتم لشئ بدا) أي خرج إلى البدو. يشبه أن يكون يفعل ذلك ليبعد عن الناس ويخلو بنفسه. - ومنه الحديث (أنه كان يبدو إلى هذه التلاع). - والحديث الآخر (من بدا جفا) أي من نزل البادية صار فيه جفاء الأعراب. (ه) والحديث الآخر (أنه أراد البداوة مرة) أي الخروج إلى البادية. وتفتح باؤها وتكسر.
[ 109 ]
- وحديث الدعاء (فإن جار البادي يتحول) هو الذي يكون في البادية ومسكنه المضارب والخيام، وهو غير مقيم في موضعه، بخلاف جار المقام في المدن. ويروى النادي بالنون. - ومنه الحديث (لا يبع حاضر لباد) وسيجئ مشروحا في حرف الحاء. (س) وفي حديث الأقرع والأبرص والأعمى (بدا لله عز وجل أن يبتليهم) أي قضى بذلك، وهو معنى البداء ها هنا، لأن القضاء سابق. والبداء استصواب شئ علم بعد أن لم يعلم، وذلك على الله عز وجل غير جائز. - ومنه الحديث (السلطان ذو عدوان وذو بدوان) أي لا يزال يبدو له رأي جديد. (س) وفي حديث سلمة بن الأكوع (خرجت أنا ورباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي فرس طلحة أبديه مع الإبل) أي أبرزه معها إلى مواضع الكلأ، وكل شئ أظهرته فقد أبديته وبديته. (س) ومنه الحديث (أنه أمر أن يبادي الناس بأمره) أي يظهره لهم. - ومنه الحديث (من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله) أي من يظهر لنا فعله الذي كان يخفيه أقمنا عليه الحد. (س) وفيه: باسم الإله وبه بدينا * ولو عبدنا غيره شقينا يقال بديت بالشئ - بكسر الدال - أي بدأت به، فلما خفف الهمزة كسر الدال فانقلبت الهمزة ياء، وليس هو من بنات الياء. - وفي حديث سعد بن أبي وقاص (قال يوم الشورى: الحمد لله بديا) البدي بالتشديد الأول، ومنه قولهم: افعل هذا بادي بدي، أي أول كل شئ. - وفيه (لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية) إنما كره شهادة البدوي لما فيه من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشرع، ولأنهم في الغالب لا يضبطون الشهادة على وجهها، وإليه ذهب مالك، والناس على خلافه. - وفيه ذكر (بدا) بفتح الباء وتخفيف الدال: موضع بالشام قرب وادي القرى، كان به
[ 110 ]
منزل علي بن عبد الله بن العباس وألاده. * باب الباء مع الذال بذأ) ه) في حديث الشعبي (إذا عظمت الخلقة فإنما هي بذاء ونجاء) البذاء: المباذاة، وهي المفاحشة، وقد بذو يبذو بذاءة، والنجاء: المناجاة. وهذه الكلمة بالمعتل أشبه منها بالمهموز، وسيجئ مبينا في موضعه. بذج) ه) فيه (يؤتى بابن آدم يوم القيامة كأنه بذج من الذل) البذج: ولد الضأن وجمعه بذجان. بذخ * في حديث الخليل (والذي يتخذها أشرا وبطرا وبذخا) البذخ - بالتحريك - الفخر والتطاول. والباذخ العالي، ويجمع على بذخ. - ومنه كلام علي (وحمل الجبال البذخ على أكتافها). بذذ) ه) فيه (البذاذة من الإيمان) البذاذة رثاثة الهيئة. يقال: بذ الهيئة وباذ الهيئة: أي رث اللبسة. أراد التواضع في اللباس وترك التبجح به. (س) وفي الحديث (بذ القائلين) أي سبقهم وغلبهم، ويبذهم بذا. - ومنه في صفة مشيه صلى الله عليه وسلم (يمشي الهوينا يبذ القوم) إذا سارع إلى خير ومشى إليه. وقد تكرر في الحديث. بذر * في حديث فاطمة رضي الله عنها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (قالت لعائشة رضي الله عنهما: إني إذن لبذرة) البذر: الذي يفشي السر ويظهر ما يسمعه. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه في صفة الأولياء (ليسوا بالمذاييع البذر) جمع بذور. يقال بذرت الكلام بين الناس كما تبذر الحبوب: أي أفشيته وفرقته. - وفي حديث وقف عمر (ولوليه أن يأكل منه غير مباذر) المباذر والمبذر: المسرف في النفقة. باذر وبذر مباذرة وتبذيرا. وقد تكرر في الحديث.
[ 111 ]
بذعر) س) في حديث عائشة رضي الله عنها (ابذعر النفاق) أي تفرق وتبدد. بذق) س) في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (سبق محمد الباذق) هو بفتح الذال الخمر، تعريب باذه، وهو اسم الخمر بالفارسية، أي لم تكن في زمانه، أو سبق قوله فيها وفي غيرها من جنسها. بذل * في حديث الاستسقاء (فخرج متبذلا متخضعا) التبذل: ترك التزين والتهيئ بالهيئة الحسنة الجميلة على جهة التواضع. - ومنه حديث سلمان (فرأى أم الدرداء متبذلة) وفي رواية مبتذلة، وهما بمعنى. وقد تكرر في الحديث. بذا) س) فيه (البذاء من الجفاء) البذاء بالمد: الفحش في القول. وفلان بذي اللسان. تقول منه بذوت على القوم وأبذيت أبذو بذاء. - ومنه حديث فاطمة بنت قيس (بذت على أحمائها) وكان في لسانها بعض البذاء. ويقال في هذا الهمز، وليس بالكثير. وقد سبق في أول الباب. وقد تكرر في الحديث. * باب الباء مع الراء برأ * في أسماء الله تعالى (البارئ) هو الذي خلق الخلق لا عن مثال. ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل في غير الحيوان، فيقال برأ الله النسمة، وخلق السموات والأرض. وقد تكرر ذكر البرء في الحديث. - وفي حديث مرض النبي صلى الله عليه وسلم (قال العباس لعلي رضي الله عنه: كيف اصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال: اصبح بحمد الله بارئا) أي معافا. يقال برأت من المرض أبرأ برءا بالفتح، فأنا بارئ، وأبرأني الله من المرض، وغير أهل الحجاز يقولون: برئت بالكسر برءا بالضم. (س) ومنه قول عبد الرحمن بن عوف لأبي بكر رضي الله عنهما (أراك بارئا). (س) ومنه الحديث في استبراء الجارية (لا يمسها حتى يبرأ رحمها) ويتبين حالها هل هي
[ 112 ]
حامل أم لا. وكذلك الاستبراء الذي يذكر مع الاستنجاء في الطهارة، وهو أن يستفرغ بقية البول وينقي موضعه ومجراه حتى يبريهما منه، أي يبينه عنهما كما يبرأ من المرض والدين، وهو في الحديث كثير. - وفي حديث الشرب (فإنه أروى وأبرا) أي يبريه من ألم العطش، أو أراد أنه لا يكون منه مرض، لأنه قد جاء في حديث آخر (فإنه يرث الكباد) وهكذا يروى الحديث (أبر) غير مهموز لأجل أروى. - وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه (لما دعاه عمر إلى العمل فأبى، فقال عمر: إن يوسف قد سأل العمل، فقال: إن يوسف مني برئ وأنا منه براء) أي برئ عن مساواته في الحكم، وأن أقاس به، ولم يرد براءة الولاية والمحبة، لأنه مأمور بالإيمان به، والبراء والبرئ سواء. بربر) ه) في حديث علي رضي الله عنه (لما طلب إليه أهل الطائف أن يكتب لهم الأمان على تحليل الربا والخمر فامتنع قاموا ولهم تغزمر وبربرة) البربرة: التخليط في الكلام مع غضب ونفور. - ومنه حديث أحد (أخذ اللواء غلام فنصبه وبربر). بربط) س) في حديث علي بن الحسين (لا قدست أمة فيها البربط) البربط ملهاة تشبه العود، وهو فارسي معرب. وأصله بربت، لأن الضارب به يضعه على صدره، واسم الصدر: بر. برث) س) فيه (يبعث الله تعالى منها سبعين ألفا لا حساب عليهم ولا عذاب، فيما بين البرث الأحمر وبين كذا) البرث: الأرض اللينة، وجمعها براث، يريد بها أرضا قريبة من حمص، قتل بها جماعة من الشهداء والصالحين. (ه) ومنه الحديث الآخر (بين الزيتون إلى كذا برث أحمر). برثم) س) في حديث القبائل (سئل عن مضر فقال: تميم برثمتها وجرثمتها) قال الخطابي: إنما هو برثنتها بالنون، أي مخالبها، يريد شوكتها وقوتها. والنون والميم يتعاقبان، فيجوز أن تكون الميم لغة، ويجوز أن تكون بدلا، لازدواج الكلام في الجرثومة، كما قال الغدايا والعشايا. برثان * هو بفتح الباء وسكون الراء: واد في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر. وقيل في ضبطه غير ذلك.
[ 113 ]
برج) س) في صفة عمر رضي الله عنه (طوال أدلم أبرج) البرج بالتحريك: أن يكون بياض العين محدقا بالسواد كله لا يغيب من سوادها شئ. (س) وفيه (كان يكره للنساء عشر خلال، منها التبرج بالزينة لغير محلها) التبرج: إظهار الزينة للناس الأجانب وهو المذموم، فأما للزوج فلا، وهو معنى قوله لغير محلها. برجس * في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الكواكب الخنس فقال: هي البرجيس وزحل وعطارد وبهرام والزهرة) البرجيس: المشتري، وبهرام: المريخ. برجم) س) فيه (من الفطرة غسل البراجم) هي العقد التي في ظهور الأصابع يجتمع فيها الوسخ، الواحدة برجمة بالضم. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث الحجاج (أمن أهل الرهمسة والبرجمة أنت ؟) البرجمة بالفتح: غلظ الكلام. برح) ه) فيه (أنه نهى عن التوليه والتبريح) جاء في متن الحديث أنه قتل السوء للحيوان، مثل أن يلقي السمك على النار حيا. وأصل التبريح المشقة والشدة، يقال برح به إذا شق عليه. (س) ومنه الحديث (ضربا غير مبرح) أي غير شاق. - والحديث الآخر (لقينا منه البرح) أي الشدة. (س) وحديث أهل النهروان (لقوا برحا). (س) والحديث الآخر (برحت بي الحمى) أي أصابني منها البرحاء، وهو شدتها. (س) وحديث الإفك (فأخذه البرحاء) أي شدة الكرب من ثقل الوحي. - وحديث قتل أبي رافع اليهودي (برحت بنا امرأته بالصياح). - وفيه (جاء بالكفر براحا) أي جهارا، من برح الخفاء إذا ظهر، ويروى بالواو، وسيجئ.
[ 114 ]
(س) وفيه (حن دلكت براح) براح بوزن قطام من أسماء الشمس. قال الشاعر: هذا مقام قدمي رباح * غدوة حتى دلكت براح دلوك الشمس: غروبها وزوالها. وقيل إن الباء في براح مكسورة، وهي باء الجر. والراح جمع راحة وهي الكف. يعني أن الشمس قد غربت أو زالت، فهم يضعون راحاتهم على عيونهم ينظرون هل غربت أو زالت. وهذان القولان ذكرهما أبو عبيد والأزهري والهروي والزمخشري وغيرهم من مفسري اللغة والغريب. وقد أخذ بعض المتأخرين القول الثاني على الهروي، فظن أنه قد انفرد به وخطأه في ذلك، ولم يعلم أن غيره من الأئمة قبله وبعده ذهب إليه. (س) وفي حديث أبي طلحة (أحب أموالي إلي بيرحى) هذه اللفظة كثيرا ما تختلف ألفاظ المحدثين فيها، فيقولون بيرحاء بفتح الباء وكسرها، وبفتح الراء وضمها والمد فيهما، وبفتحهما والقصر، وهي اسم مال وموضع بالمدينة. وقال الزمخشري في الفائق: إنها فيعلى من البراح، وهي الأرض الظاهرة. - وفي الحديث (برح ظبي) هو من البارح ضد السانح، فالسانح ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك إلى يمينك، والعرب تتيمن به لأنه أمكن للرمي والصيد. والبارح ما مر من يمينك إلى يسارك، والعرب تتطير به لأنه لا يمكنك أن ترميه حتى تنحرف. برد (ه) فيه (من صلى البردين دخل الجنة) البردان والأبردان الغداة والعشي. وقيل ظلاهما. - ومنه حديث ابن الزبير (كان يسير بنا الأبردين). - وحديثه الآخر مع فضالة بن شريك (وسر بها البردين). (ه) وأما الحديث الآخر (أبردوا بالظهر) فالإبراد: انكسار الوهج والحر، وهو من الإبراد: الدخول في البرد. وقيل معناه صلوها في أول وقتها، من برد النهار وهو أوله. (ه) وفيه (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) أي لا تعب فيه ولا مشقة، وكل
[ 115 ]
محبوب عندهم بارد. وقيل معناه الغنيمة الثابتة المستقرة، من قولهم برد لي على فلان حق، أي ثبت. * - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (وددت أنه برد لنا عملنا). - وفيه (إذا أبصر أحدكم امرأة فليأت زوجته فإن ذلك برد ما في نفسه) هكذا جاء في كتاب مسلم بالباء الموحدة من البرد، فإن صحت الرواية فمعناه أن إتيانه زوجته يبرد ما تحركت له نفسه من حر شهوة الجماع، أي يسكنه ويجعله باردا. والمشهور في غيره (فإن ذلك يرد ما في نفسه) بالياء من الرد، أي يعكسه. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أنه شرب النبيذ بعد ما برد) أي سكن وفتر. يقال جد في الأمر ثم برد، أي فتر. (ه) وفيه (لما تلقاه بريدة الأسلمي قال له: من أنت ؟ قال: أنا بريدة، فقال لأبي بكر رضي الله عنهما: برد أمرنا وصلح) أي سهل. (ه) ومنه الحديث (لا تبردوا عن الظالم) أي لا تشتموه وتدعوا عليه فتخففوا عنه من عقوبة ذنبه. (ه) وفي حديث عمر (فهبره بالسيف حتى برد) أي مات. (س) وفي حديث أم زرع (برود الظل) أي طيب العشرة. وفعول يستوي فيه الذكر والأنثى. (س) وفي حديث الأسود (أنه كان يكتحل بالبرود وهو محرم) البرود بالفتح: كحل فيه أشياء باردة، وبردت عيني مخففا: كحلتها بالبرود. (ه) وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه (أصل كل داء البردة) هي التخمة وثقل الطعام على المعدة، سميت بذلك لأنها تبرد المعدة فلا تستمرئ الطعام. (ه) وفي الحديث (إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد) أي لا أحبس الرسل الواردين علي. قال الزمخشري: البرد - يعني ساكنا - جمع بريد وهو الرسول، مخفف من برد، كرسل مخفف من رسل، وإنما خففه ها هنا ليزاوج العهد. كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل، وأصلها بريده دم، أي محذوف الذنب، لأن بغال البريد كانت محذوفة
[ 116 ]
الأذناب كالعلامة لها، فأعربت وخففت. ثم سمي الرسول الذي يركبه بريدا، والمسافة التي بين السكتين بريدا، والسكة موضع كان يسكنه الفيوج المرتبون من بيت أو قبة أو رباط، وكان يرتب في كل سكة بغال. وبعد ما بين السكتين فرسخان وقيل أربعة. (س) ومنه الحديث (لا تقصر الصلاة في أقل من أربعة برد) وهي ستة عشر فرسخا، والفرسخ ثلاثة أميال، والميل أربعة آلاف ذراع. (ه) ومنه الحديث (إذا أبردتم إلي بريدا) أي أنفذتم رسولا. (ه) وفيه ذكر (البرد والبردة) في غير موضع من الحديث، فالبرد نوع من الثياب معروف، والجمع أبراد وبرود، والبردة الشملة المخططة. وقيل كساء أسود مربع فيه صور تلبسه الأعراب، وجمعها برد. - وفيه (أنه أمر البردي في الصدقة) هو بالضم نوع من جيد التمر. برر * في أسماء الله تعالى (البر) هو العطوف على عباده ببره ولطفه. والبرث والبار بمعنى، وإنما جاء في أسماء الله تعالى البر دون البار. والبر بالكسر: الإحسان. - ومنه الحديث في (بر الوالدين) وهو في حقهما وحق الأقربين من الأهل ضد العقوق، وهو الإساءة إليهم والتضييع لحقهم. يقال بر يبر فهو بار، وجمعه بررة، وجمع البر أبرار، وهو كثيرا ما يخص بالأولياء والزهاد والعباد. - ومنه الحديث (تمسحوا بالأرض فإنها بكم برة) أي مشفقة عليكم كالوالدة البرة بأولادها، يعني أن منها خلقكم، وفيها معاشكم، وإليها بعد الموت كفاتكم. - ومنه الحديث (الأئمة من قريش، أبرارها أمراء أبرارها، وفجارها أمراء فجارها)، هذا على جهة الإخبار عنهم لا على طريق الحكم فيهم، أي إذا صلح الناس وبروا وليهم الأخيار، وإذا فسدوا وفجروا وليهم الأشرار. وهو كحديثه الآخر (كما تكونون يولى عليكم). - وفي حديث حكيم بن حزام (أرأيت أمورا كنت أتبرر بها) أي أطلب بها البر والإحسان إلى الناس والتقرب إلى الله تعالى.
[ 117 ]
- وفي حديث الاعتكاف (البر يردن) أي الطاعة والعبادة. - ومنه الحديث (ليس من البر الصيام في السفر). - وفي كتاب قريش والأنصار (وأن البر دون الإثم) أي أن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغدر والنكث. - وفيه (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة) أي الملائكة. (ه س) وفيه (الحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة) هو الذي لا يخالطه شئ من المآثم. وقيل هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب. يقال بر حجه، وبر حجه وبر الله حجه، وأبره برا بالكسر وإبرارا. (ه) ومنه الحديث (بر الله قسمه وأبره) أي صدقه. (س) ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه (لم يخرج من إل ولا بر) أي صدق. - ومنه الحديث (أمرنا بسبع منها إبرار المقسم). (س) وفيه (أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن ناضج آل فلان قد أبر عليهم) أي استصعب وغلبهم، من قولهم أبر فلان على أصحابه أي علاهم. - وفي حديث زمزم (أتاه آت فقال احفر برة) سماها برة لكثرة منافعها وسعة مائها. - وفيه (أنه غير اسم امرأة كانت تسمى برة فسماها زينب) وقال: تزكي نفسها. كأنه كره لها ذلك. (س) وفي حديث سلمان (من أصلح جوانيه أصلح الله برانيه) أراد بالبراني العلانية، والألف والنون من زيادات النسب كما قالوا في صنعاء صنعاني. وأصله من قولهم خرج برا أي خرج إلى البر والصحراء. وليس من قديم الكلام وفصيحه. - وفي حديث طهفة (ونستعضد البرير) أي نجنيه للأكل. والبرير ثمر الأراك إذا اسود وبلغ. وقيل هو اسم له في كل حال.
[ 118 ]
(س) ومنه الحديث الآخر (ما لنا طعام إلا البرير). برز) ه) في حديث أم معبد (وكانت برزة تحتبي بفناء القبة) يقال امرأة برزة إذا كانت كهلة لا تحتجب احتجاب الشواب، وهي مع ذلك عفيفة عاقلة تجلس للناس وتحدثهم، من البروز وهو الظهور والخروج. (س) ومنه الحديث (كان إذا أراد البراز أبعد) البراز بالفتح اسم للفضاء الواسع، فكنوا به عن قضاء الغائط كما كنوا عنه بالخلاء، لأنهم كانوا يتبرزون في الأمكنة الخالية من الناس. قال الخطابي: المحدثون يروونه بالكسر وهو خطأ، لأنه بالكسر مصدر من المبارزة في الحرب. وقال الجوهري بخلافه، وهذا لفظه: البراز المبارزة في الحرب، والبراز أيضا كناية عن ثفل الغذاء وهو الغائط، ثم قال: والبراز بالفتح الفضاء الواسع، وتبرز الرجل أي خرج إلى البراز للحاجة. وقد تكرر المكسور في الحديث. - ومن المفتوح حديث يعلى (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يغتسل بالبراز) يريد الموضع المنكشف بغير سترة. برزخ * في حديث المبعث عن أبي سعيد (في برزخ ما بين الدنيا والآخرة) البرزخ: ما بين كل شيئين من حاجز. (ه) ومنه حديث علي (أنه صلى بقوم فأسوى برزخا) أي أسقط في قراءته من ذلك الموضع إلى الموضع الذي كان انتهى إليه من القرآن. - ومنه حديث عبد الله (وسئل عن الرجل يجد الوسوسة فقال: تلك برازخ الإيمان) يريد ما بين أوله وآخره. فأوله الإيمان بالله ورسوله، وأدناه إماطة الأذى عن الطريق. وقيل أراد ما بين اليقين والشك. والبرازخ جمع برزخ. برزق) ه) فيه (لا تقوم الساعة حتى يكون الناس برازيق) ويروى برازق، أي جماعات، واحده برزاق وبرزق. وقيل أصل الكلمة فارسية معربة. (ه) ومنه حديث زياد (ألم تكن منكم نهاة تمنع الناس عن كذا وكذا وهذه البرازيق). برس * في حديث الشعبي (هو احل من ماء برس) برس: أجمة معروفة بالعراق، وهي الآن قرية.
[ 119 ]
برش) س) في حديث الطرماح (رأيت جذيمة الأبرش قصيرا أبيرش) هو تصغير أبرش. والبرشة لون مختلط حمرة وبياضا، أو غيرهما من الألوان. برشم * في حديث حذيفة (كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر فبرشموا له) أي حدقوا النظر إليه. والبرشمة إدامة النظر. برض) ه) فيه (ماء قليل يتبرضه الناس تبرضا) أي يأخذونه قليلا. والبرض الشئ القليل. (س) وفي حديث خزيمة وذكر السنة المجدبة (أيبست بارض، الوديس) البارض: أول ما يبدو من النبات قبل أن تعرف أنواعه، فهو ما دام صغيرا بارض، فإذا طال تبينت أنواعه. والوديس: ما غطى وجه الأرض من النبات. برطش) ه) فيه (كان عمر في الجاهلية مبرطشا) وهو السعي بين البائع والمشتري، شبه الدلال، ويروى بالسين المهملة بمعناه. برطل * في قصيد كعب بن زهير: - من خطمها ومن اللحيين برطيل * البرطيل: حجر مستطيل عظيم، شبه به رأس الناقة. برطم) س) في حديث مجاهد (في قوله تعالى وأنتم سامدون، قال: هي البرطمة) وهو الانتفاخ من الغضب. ورجل مبرطم متكبر. وقيل مقطب متغضب. والسامد: الرافع رأسه تكبرا. برق) ه) فيه (أبرقوا فإن دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين) أي ضحوا بالبرقاء، وهي الشاة التي في خلال صوفها الأبيض طاقات سود. وقيل معناه اطلبوا الدسم والسمن. من برقت له إذا دسمت طعامه بالسمن. - وفي حديث الدجال (إن صاحب رايته في عجب ذنبه مثل ألية البرق، وفيه هلبات كهلبات الفرس) البرق بفتح الباء والراء: الحمل، وهو تعريب بره بالفارسية. (س) ومنه حديث قتادة (تسوقهم النار سوق البرق الكسير) أي المكسور القوائم. يعني تسوقهم النار سوقا رفيقا كما يساق الحمل الظالع.
[ 120 ]
(ه) وفي حديث عمرو (أنه كتب إلى عمر: إن البحر خلق عظيم يركبه خلق ضعيف، دود على عود، بين غرق وبرق) البرق بالتحريك: الحيرة والدهش. [ ه ] ومنه حديث ابن عباس (لكل داخل برقة) أي دهشة. - ومنه حديث الدعاء (إذا برقت الأبصار) يجوز كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحيرة، والفتح من البريق: اللموع. - وفيه (كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة) أي لمعانها. يقال: برق بسيفه وأبرق إذا لمع به. (ه) ومنه حديث عمار (الجنة تحت البارقة) أي تحت السيوف. - وفي حديث أبي إدريس (دخلت مسجد دمشق فإذا فتى براق الثنايا) وصف ثناياه بالحسن والصفاء، وأنها تلمع إذا تبسم كالبرق، وأراد صفة وجهه بالبشر والطلاقة. - ومنه الحديث (تبرق أسارير وجهه) أي تلمع وتستنير كالبرق. وقد تكررت في الحديث. (س) وفي حديث المعراج ذكر (البراق) وهي الدابة التي ركبها صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء. سمي بذلك لنصوع لونه وشدة بريقه. وقيل لسرعة حركته شبهه فيهما بالبرق. - وفي حديث وحشي (فاحتمله حتى إذا برقت قدماه رمى به) أي ضعفتا، وهو من قولهم برق بصره أي ضعف. - وفيه ذكر (برقة)، هو بضم الباء وسكون: موضع بالمدينة به مال كانت صدقات رسول الله صلى الله عليه وسلم منها. برك) س) في حديث الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم (وبارك على محمد وعلى آل محمد) أي أثبت وأدم ما أعطيته من التشريف والكرامة، وهو من برك البعير إذا ناخ في موضع فلزمه. وتطلق البركة أيضا على الزيادة. والأصل الأول. - وفي حديث أم سليم (فحنكه وبرك عليه) أي دعا له بالبركة.
[ 121 ]
- وفي حديث علي (ألقت السحاب برك بوانيها) البرك: الصدر، والبواني: أركان البنية. - وفي حديث علقمة (لا تقربهم فإن على أبوابهم فتنا كمبارك الإبل) هو الموضع الذي تبرك فيه، أراد إنها تعدي، كما أن الإبل الصحاح إذا أنيخت في مبارك الجربى جربت. - وفي حديث الهجرة (لو أمرتنا أن نبلغ معك بها برك الغماد) تفتح الباء وتكسر، وتضم الغين وتكسر، وهو اسم موضع باليمن. وقيل هو موضع وراء مكة بخمس ليال. (س) وفي حديث الحسين بن علي (ابترك الناس في عثمان) أي شتموه وتنقصوه. برم) ه) فيه (من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون صب في أذنيه البرم) هو الكحل المذاب. ويروى البيرم، وهو هو، بزيادة الياء، وقيل البيرم عتلة النجار. (س) وفي حديث وفد مذحج (كرام غير أبرام) الأبرام اللئام، واحدهم برم بفتح الراء، وهو في الأصل الذي لا يدخل مع القوم في الميسر، ولا يخرج فيه معهم شيئا. (س) ومنه حديث عمرو بن معدي كرب (قال لعمر: أأبرام بنو المغيرة ؟ قال: ولم ؟ قال: نزلت فيهم فما قروني غير قوس وثور وكعب، فقال عمر: إن في ذلك لشبعا) القوس ما يبقى في الجلة من التمر، والثور: قطعة عظيمة من الأقط، والكعب: قطعة من السمن. (ه) وفي حديث خزيمة السلمي (أينعت العنمة وسقطت البرمة) هي زهر الطلح، وجمعها برم، يعني أنها سقطت من أغصانها للجدب. - وفي حديث الدعاء (السلام عليك غير مودع برما) هو مصدر برم به - بالكسر - يبرم برما بالتحريك إذا سئمه ومله. - وفي حديث بريرة (رأى برمة تفور) البرمة: القدر مطلقا، وخمعها برام، وهي في الأصل المتخذة من الحجر المعروف في الحجاز واليمن، وقد تكررت في الحديث. برنس) س) في حديث عمر (سقط البرنس عن رأسي) هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، من دراعة أو جبة أو ممطر أو غيره. وقال الجوهري: هو قلنسوة طويلة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام، وهو من البرس - بكسر الباء - القطن، والنون زائدة. وقيل إنه غير عربي. برهوت) س) في حديث علي (شر بئر في الأرض برهوت) هي بفتح الباء والراء: بئر عميقة بحضرموت لا يستطاع النزول إلى قعرها. ويقال برهوت بضم الباء وسكون الراء،
[ 122 ]
فتكون تاؤها على الأول زائدة، وعلى الثاني أصلية، أخرجه الهروي عن علي، وأخرجه الطبراني في المعجم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم. برهن * فيه (الصدقة برهان) البرهان: الحجة والدليل، أي أنها حجة لطالب الأجر من أجل أنها فرض يجازي الله به وعليه، وقيل هي دليل على صحة إيمان صاحبها لطيب نفسه بإخراجها، وذلك لعلاقة ما بين النفس والمال. بره) س) في حديث ابن عباس (أهدى النبي صلى الله عليه وسلم جملا كان لأبي جهل في أنفه برة من فضة يغيظ بذلك المشركين) البرة: حلقة تجعل في لحم الأنف، وربما كانت من شعر. وليس هذا موضعها، وإنما ذكرناها على ظاهر لفظها، لأن أصلها بروة، مثل فروة، وتجمع على برى، وبرات، وبرين بضم الباء. (س) ومنه حديث سلمة بن سحيم (إن صاحبا لنا ركب ناقة ليست بمبراة فسقط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: غرر بنفسه) أي ليس في أنفها برة. يقال أبريت الناقة فهي مبراة. برهرهة * في حديث المبعث (فأخرج منه علقة سوداء، ثم أدخل فيه البرهرهة) قيل هي سكينة بيضاء جديدة صافية، من قولهم امرأة برهرهة كأنها ترعد رطوبة. ويروى رهرهة، أي رحرحة واسعة. قال الخطابي: قد أكثرت السؤال عنها فلم أجد فيها قولا يقطع بصحته، ثم اختار أنها السكين. برا) س) فيه (قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خير البرية) البرية: الخلق، وقد تكرر ذكرها في الحديث. تقول: براه الله يبروه بروا، أي خلقه، ويجمع على البرايا والبريات، من البرى التراب، هذا إذا لم يهمز، ومن ذهب إلى أن أصله الهمز أخذه من برأ الله الخلق يبرؤهم، أي خلقهم، ثم ترك فيها الهمز تخفيفا ولم تستعمل مهموزة. (ه) وفي حديث علي بن الحسين (اللهم صل على محمد عدد الثرى والبرى والورى) البرى التراب. (س) وفي حديث حليمة السعدية (أنها خرجت في سنة حمراء قد برت المال) أي هزلت الإبل وأخذت من لحمها، من البري: القطع. والمال في كلامهم أكثر ما يطلقونه على الإبل. - وفي حديث أبي جحيفة (أبري النبل وأريشها)، أي أنحتها وأصلحها وأعمل لها ريشا لتصير سهاما يرم بها.
[ 123 ]
(س) وفيه (نهى عن طعام المتباريين أن يؤكل) هما المتعارضان بفعلهما ليعجز أحدهما الآخر بصنيعه. وإنما كرهه لما فيه من المباهاة والرياء. - ومنه شعر حسان: يبارين الأعنة مصعدات * على أكتافها الأسل الظماء المباراة: المجاراة والمسابقة، أي يعارضها في الجذب لقوة نفوسها، أو قوة رؤوسها وعلك حدائدها. ويجوز أن يريد مشابهتها لها في اللين وسرعة الانقياد. * باب الباء مع الزاي بزخ) س) في حديث عمر (أنه دعا بفرسين هجين وعربي إلى الشرب، فتطاول، العتيق فشرب بطول عنقه، وتبازخ الهجين) التبازخ: أن يثني حافره إلى باطنه لقصر عنقه. وتبازخ فلان عن الأمر أي تقاعس. - وفيه ذكر وفد (بزاخة) هي بضم الباء وتخفيف الزاي: موضع كانت وقعة للمسلمين في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه. بزر) س) في حديث علي يوم الجمل (ما شبهت وقع السيوف على الهام بوقع البيازر على المواجن) البيازر: العصي واحدتها بيزرة، وبيزارة. يقال: بزره بالعصا إذا ضربه بها. والمواجن: جمع مجينة وهي الخشبة التي يدق بها القصار الثوب. (س) وفي حديث أبي هريرة (لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما ينتعلون الشعر وهم البازر) قيل بازر ناحية قريبة من كرمان بها جبال، وفي بعض الروايات: هم الأكراد، فإن كان من هذا فكأنه أراد أهل البازر، ويكون سموا باسم بلادهم. هكذا أخرجه أبو موسى في حرف الباء والزاي من كتابه وشرحه. والذي رويناه في كتاب البخاري عن أبي هريرة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (بين يدي الساعة تقاتلون قوما نعالهم الشعر وهو البازر) وقال سفيان مرة: وهم أهل البارز، ويعني بأهل البارز أهل فارس كذا هو بلغتهم. وهكذا جاء لفظ الحديث كأنه أبدل السين زايا فيكون من باب الباء والراء لا من باب الباء والزاي. والله أعلم. وقد اختلف في فتح الراء وكسرها. وكذلك اختلف مع تقديم الزاي. بزز) ه) في حديث ابي عبيدة (إنه ستكون نبوة ورحمة، ثم كذا وكذا، ثم تكون بزيزى وأخذ أموال بغير حق) البزيزى - بكسر الباء وتشديد الزاي الأولى والفصر -: السلب
[ 124 ]
والتغلب. من بز ثيابه وابتزه إذا سلبه إياها ورواه بعضهم بزبزيا، قال الهروي: عرضته على الأزهري فقال هذا لا شئ. وقال الخطابي: إن كام محفوظا فهو من البزبزة: الإسراع في السير، يريد به عسف الولاة وإسراعهم إلى الظلم. (س) فمن الأول الحديث (فيبتز ثيابي ومتاعي) أي يجردني منها ويغلبني عليها. - ومن الثاني الحديث الآخر (من أخرج صدقته (في الأصل واللسان: ضيفه. والمثبت من ا) فلم يجد إلا بزبزيا فيردها) هكذا جاء في مسند أحمد بن حنبل. - وفي حديث عمر (لما دنا من الشام ولقيه الناس قال لأسلم: إنهم لم يروا صاحبك بزة قوم غضب الله عليهم) البزة: الهيئة، كأنه أراد هيئة العجم، وقد تكرر في الحديث. بزع) ه) فيه (مررت بقصر مشيد بزيع، فقلت لمن هذا القصر ؟ فقيل لعمر بن الخطاب) البزيع: الظريف من الناس، شبه القصر به لحسنه وجماله، وقد تبزع الغلام أي ظرف. وتبزع الشر أي تفاقم. بزغ * فيه (حين بزغت الشمس) البزوغ الطلوع. يقال: بزغت الشمس وبزغ القمر وغيرهما إذا طلعت. (س) وفيه (إن كان في شئ شفاء ففي بزغة الحجام) البزغ والتبزيغ: الشرط بالمبزغ وهو المشرط. وبزغ دمه: أي أساله. بزق) ه) في حديث أنس (أتينا أهل خيبر حين بزقت الشمس) هكذا الرواية بالقاف، وهي بمعنى بزغت، أي طلعت، والغين والقاف من مخرج واحد. بزل في حديث الديات (أربع وثلاثون ثنية إلى بازل عامها كلها خلفات). (ه) ومنه حديث علي بن أبي طالب: - بازل عامين حديث سني * البازل من الإبل الذي تم ثماني سنين ودخل في التاسعة، وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته، ثم يقال له بعد ذلك بازل عام وبازل عامين. يقول أنا مستجمع الشباب مستكمل القوة.
[ 125 ]
- وفي حديث العباس (قال يوم الفتح لأهل مكة: أسلموا تسلموا، فقد استنبطنتم بأشهب بازل) أي رميتم بأمر صعب شديد، ضربه مثلا لشدة الأمر الذي نزل بهم. (ه) وفي حديث زيد بن ثابت (قضى في البازلة بثلاثة أبعرة) البازلة من الشجاج التي تبزل اللحم أي تشقه، وهي المتلاحمة. بزا [ ه ] في قصيدة أبي طالب يعاقب قريشا في أمر النبي صلى الله عليه وسلم: كذبتم وبيت الله يبزى محمد * ولما نطاعن دونه ونناضل يبزى، أي يقهر ويغلب، أراد لا يبزى، فحذف لا من جواب القسم، وهي مرادة، أي لا يقهر ولم نقاتل عنه وندافع. (س) وفي عبد الرحمن بن جبير (لا تباز كتبازي المرأة) التبازي أن تحرك العجز في المشي، وهو من البزاء: خروج الصدر ودخول الظهر. وأبزى الرجل إذا رفع عجزه. ومعنى الحديث فيما قيل: لا تنحن لكل أحد. * باب الباء مع السين بسأ * فيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد وقعة بدر: لو كان أبو طالب حيا لرأى سيوفنا وقد بسئت بالمياثل) بسأت بفتح السين وكسرها: أي اعتادت واستأنست، والمياثل: الأمائل، هكذا فسر، وكأنه من المقلوب. بسبس في حديث قس (فبينا أنا أجل بسبسها) البسبس: البر الواسع، ويروى سبسبها وهو بمعناه. بسر) ه) في حديث الأشج العبدي (لا تثجروا ولا تبسروا) البسر بفتح الباء خلط البسر بالتمر وانتباذهما معا. (س) ومنه الحديث في شرط مشتري النخل على البائع (ليس له مبسر) وهو الذي لا يرطب بسره. (ه) وفيه (أنه كان إذا نهض في سفره قال اللهم بك ابتسرت) أي ابتدأت بسفري. وكل شئ أخذته غضا فقد بسرته وابتسرته، هكذا رواه الأزهري، والمحدثون يروونه بالنون والشين المعجمة أي تحركت وسرت.
[ 126 ]
[ ه ] * وفي حديث سعد (قال: لما أسلمت راغمتني أمي فكانت تلقاني مرة بالبشر ومرة بالبسر) البشر: الطلاقة، وبالمهملة: القطوب. بسر وجهه يبسره. (ه) وفي حديث الحسن (قال للوليد التياس: لا تبسر) البسر: ضرب الفحل الناقة قبل أن تطلب. يقول لا تحمل على الناقة والشاة قبل أن تطلب الفحل. - وفي حديث عمران بن حصين في صلاة القاعد (وكان مبسورا) أي به بواسير، وهي المرض المعروف. بسس) ه) فيه (يخرج قوم من المدينة إلى العراق والشام يبسن والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون) يقال بسست الناقة وأبسستها إذا سقتها وزجرتها وقلت لها بس بس بكسر الباء وفتحها. (س) وفي حديث المتعة (ومعي بردة قد بس منها) أي نيل منها وبليت. [ ه ] وفي حديث مجاهد (من أسماء مكة الباسة) سميت بها لأنها تحطم من أخطأ فيها. والبس: الحطم، ويروى بالنون من النس: الطرد. (س) وفي حديث المغيرة (أشأم من البسوس) هي ناقة رماها كليب بن وائل فقتلها، وبسببها كانت الحرب المشهورة بين بكر وتغلب، وصارت مثلا في الشؤم. والبسوس في الأصل: الناقة التي لا تدر حتى يقال لها بس بس بالضم والتشديد، وهو صويت للراعي يسكن به الناقة عند الحلب. وقد يقال ذلك لغير الإبل. - وفي حديث الحجاج (قال للنعمان بن زرعة: أمن أهل الرس والبس أنت) البس الدس. يقال بس فلان لفلان من يتخبر له خبره، ويأتيه به، أي دسه إليه. والبسبسة: السعاية بين الناس. بسط * في أسماء الله تعالى (الباسط) هو الذي يبسط الرزق لعباده ويوسعه عليهم بجوده ورحمته، ويبسط الأرواح في الأجساد عند الحياة. (ه) وفيه (أنه كتب لوفد كلب كتابا فيه: في الهمولة الراعية البساط الظؤار) البساط يروى بالفتح والكسر والضم، قال الأزهري: هو بالكسر جمع بسط وهي الناقة التي تركت وولدها لا يمنع منها ولا تعطف على غيره. وبسط بمعنى مبسوطة، كالطحن والقطف: أي بسطت على أولادها. وقال القتيبي: هو بالضم جمع بسط أيضا كظئر وظؤار، وكذلك قال
[ 127 ]
الجوهري، فأما بالفتح فهو الأرض الواسعة، فإن صحت الرواية به، فيكون المعنى: في الهمولة التي ترعى الأرض الواسعة، وحينئذ تكون الطاء منصوبة على المفعول. والظؤار جمع ظئر وهي التي ترضع. (ه) وفيه في وصف الغيث (فوقع بسيطا متدركا) أي انبسط في الأرض واتسع. والمتدارك: المتتابع. (ه) وفيه (يد الله تعالى بسطان) أي مبسوطة. قال: الأشبه أن تكون الباء مفتوحة حملا على باقي الصفات كالرحمن والغضبان، فأما بالضم ففي المصادر كالغفران والرضوان. وقال الزمخشري: يدا الله بسطان، تثنيه بسط، مثل روضة أنف، ثم تخفف فيقال بسط كأذن وأذن، وفي قراءة عبد الله (بل يداه بسطان) جعل بسط اليد كناية عن الجود وتمثيلا، ولا يد ثم ولا بسط، تعالى الله عن ذلك. وقال الجوهري: ويد بسط أيضا، يعني بالكسر، أي مطلقة، ثم قال: وفي قراءة عبد الله (بل يداه بسطان). (س) ومنه حديث عروة (ليكن وجهك بسطا) أي منبسطا منطلقا. ومنه حديث فاطمة (يبسطني ما يبسطها) أي يسرني ما يسرها. لأن الإنسان إذا سر انبسط وجهه واستبشر. (س) وفيه (لا تبسط ذراعيك انبساط الكلب) أي لا تفرشهما على الأرض في الصلاة. والانبساط مصدر انبسط لا بسط، فحمله عليه. بسق) ه) في حديث قطبة بن مالك (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأ والنخل باسقات) البسق: المرتفع في علوه. (ه) ومنه الحديث في صفة السحاب (كيف ترون بواسقها) أي ما استطال من فروعها. - ومنه حديث قس (من بواسق أقحوان). - وحديث ابن الزبير (وارجحن بعد تبسق) أي ثقل ومال بعد ما ارتغع وطال. [ ه ] وفي حديث ابن الحنفية (كيف بسق أبو بكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي كيف
[ 128 ]
ارتفع ذكره دونهم. والبسوق: علو ذكر الرجل في الفضل. - وفي حديث الحديبية (فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبا الركية فإما دعا وإما بسق فيه) بسق لغة في بزق وبصق. بسل) ه) في حديث عمر (كان يقول في دعائه آمين وبسلا) أي إيجابا يا رب. والبسل يكون بمعنى الحلال والحرام. (س) وفي حديث عمر (مات اسيد بن حضير وأبسل ماله) أي أسلم بدينه واستغرقه، وكان نخلا، فرده عمر وباع ثمره ثلاث سنين وقضى دينه. (س) وفي حديث خيفان (قال لعثمان: أما هذا الحي من همدان فأبجاد بسل) أي شجعان، وهو جمع باسل، كبازل وبزل، سمي به الشجاع لامتناعه ممن يقصده. بسن) ه) في حديث ابن عباس (نزل آدم عليه السلام من الجنة بالباسنة) قيل إنها آلات الصناع. وقيل هي سكة الحرث، وليس بعربي محض. * باب الباء مع الشين بشر) ه) فيه (ما من رجل له إبل وبقر لا يؤدي حقها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر كأكثر ما كانت وأبشره) أي أحسنه، من البشر وهو طلاقة الوجه وبشاشته. ويروى (وآشره) من النشاط والبطر، وقد تقدم. - وفي حديث توبة كعب (فأعطيته ثوبي بشارة) البشارة بالضم: ما يعطى البشير. كالعمالة للعامل، وبالكسر الاسم، لأنها تظهر طلاقة الإنسان وفرحه. (ه) وفي حديث عبد الله (من أحب القرآن فليبشر) أي فليفرح وليسر، أراد أن محبة القرآن دليل على محض الإيمان. من بشر يبشر بالفتح، ومن رواه بالضم فهو من بشرت الأديم أبشره إذا أخذت باطنه بالشفرة، فيكون معناه فليضمر نفسه للقرآن، فإن الاستكثار من الطعام ينسبه إياه. (ه) وفي حديث عبد الله بن عمرو (أمرنا أن نبشر الشوارب بشرا) أي نحفيها حتى تبين بشرتها، وهي ظاهر الجلد، ويجمع على أبشار.
[ 129 ]
- ومنه الحديث (لم أبعث عمالي ليضربوا أبشاركم). - ومنه الحديث (أنه كان يقبل ويباشر وهو صائم) أراد بالمباشرة الملامسة. وأصله من لمس بشرة الرجل بشرة المرأة. وقد تكرر ذكرها في الحديث. وقد ترد بمعنى الوطء في الفرج وخارجا منه. - ومنه حديث نجية (ابنتك المؤدمة المبشرة) يصف حسن بشرتها وشدتها. (س) وفي حديث الحجاج (كيف كان المطر وتبشيره) أي مبدؤه وأوله. ومنه: تباشير الصبح: أوائله. بشش) ه) فيه (لا يوطن الرجل المساجد للصلاة إلا تبشبش الله به كما يتبشبش أهل البيت بغائبهم) البش: فرح الصديق بالصديق، واللطف في المسألة والإقبال عليه، وقد بششت به أبش. وهذا مثل لتلقيه إياه ببره وتقريبه وإكرامه. - ومنه حديث علي (إذا اجتمع المسلمان فتذاكرا غفر الله لأبشهما بصاحبه). - ومنه حديث قيصر (وكذلك الإيمان إذا خالط بشاشة القلوب) بشاشة اللقاء: الفرح بالمرء والانبساط إليه والأنس به. بشع * فيه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل البشع) أي الخشن الكريه الطعم، يريد أنه لم يكن يذم طعاما. - ومنه الحديث (فوضعت بين يدي القوم وهي بشعة في الحلق). بشق * في حديث الاستسقاء (بشق المسافر ومنع الطريق) قال البخاري: أي انسد وقال ابن دريد: بشق: أسرع، مثل بشك. وقيل معناه تأخر. وقيل حبس. وقيل مل. وقيل ضعف. وقال الخطابي: بشق ليس بشئ وإنما هو لثق من اللثق: الوحل، وكذا هو في رواية عائشة، قالت: فلما رأى لثق الثياب على الناس. وفي رواية أخرى لأنس أن رجلا قال لما كثر المطر: يا رسول الله إنه لثق المال. قال ويحتمل أن يكون مشق، أي صار مزلة
[ 130 ]
وزلقا، والميم والباء يتقاربان. وقال غيره: إنما هو بالباء من بشقت الثوب وبشكته إذا قطعته في خفة، أي قطع بالمسافر. وجائز أن يكون بالنون، من قولهم نشق الظبي في الحبالة إذا علق فيها. ورجل نشق: إذا كان ممن يدخل في أمور لا يكاد يخلص منها. بشك) ه) في حديث أبي هريرة (أن مروان كساه مطرف خز فكان يثنيه عليه أثناء من سعته، فانشق، فبشكه بشكا) أي خاطه. البشك: الخياطة المستعجلة المتباعدة. بشم) س) في حديث سمرة بن جندب (وقيل له إن ابنك لم ينم البارحة بشما، قال: لو مات ما صليت عليه) البشم: التخمة عن الدسم. ورجل بشم بالكسر. (س) ومنه حديث الحسن (وأنت تتجشأ من الشبع بشما). - وفي حديث عبادة (خير مال المسلم شاء تأكل من ورق القتاد والبشام) البشام: شجر طيب الريح يستاك به، واحدتها بشامة. (س) ومنه حديث عمرو بن دينار (لا بأس بنزع السواك من البشامة). - ومنه حديث عتبة بن غزوان (ما لنا طعام إلا ورق البشام). * باب الباء مع الصاد بصبص) س) في حديث دانيال عليه السلام (حين ألقي في الجب وألقي عليه السباع فجعلن يلحسنه ويبصبصن عليه) يقال بصبص الكلب بذنبه إذا حركه، وإنما يفعل ذلك من طمع أو خوف. بصر * في أسماء الله تعالى (البصير) هو الذي يشاهد الأشياء كلها ظاهرها وخافيها بغير جارحة. والبصر في حقه عبارة عن الصفة التي ينكشف بها نعوت المبصرات. [ ه ] وفيه (فأمر به فبصر رأسه) أي قطع. يقال بصره بسيفه إذا قطعه. (ه) وفي حديث أم معبد (فأرسلت إليه شاة فرأى فيها بصرة من لبن) تريد أثرا قليلا يبصره الناظر إليه. [ ه ] ومنه الحديث (كان يصلي بنا صلاة البصر، حتى لو أن إنسانا رمى بنبلة أبصرها) قيل هي صلاة المغرب، وقيل هي صلاة الفجر لأنهما يؤديان وقد اختلط الظلام
[ 131 ]
بالضياء. والبصر ها هنا بمعنى الإبصار، يقال بصر به بصرا. - ومنه الحديث (بصر عيني وسمع أذني) وقد تكرر هذا اللفظ في الحديث، واختلف في ضبطه، فروي بصر وسمع، وبصر وسمع، وبصر وسمع، على أنهما اسمان. - وفي حديث الخوارج (وينظر في النصل فلا يرى بصيرة) أي شيئا من الدم يستدل به على الرمية ويستبينها به. - وفي حديث عثمان (ولتختلفن على بصيرة) أي على معرفة من أمركم ويقين. - ومنه حديث أم سلمة (أليس الطريق يجمع التاجر وابن السبيل والمستبصر والمجبور) أي المستبين للشئ، يعني أنهم كانوا على بصيرة من ضلالتهم، أرادت أن تلك الرفقة قد جمعت الأخيار والأشرار. (ه) وفي حديث ابن مسعود (بصر كل سماء مسيرة خمسمائة عام) أي سمكها وغلظها، وهو بضم الباء. (ه) ومنه الحديث (بصر جلد الكافر في النار أربعين ذراعا). بصص) ه) في حديث كعب (تمسك النار يوم القيامة حتى تبص كأنها متن إهالة) أي تبرق ويتلألأ ضوؤها. * باب الباء مع الضاد بضض) ه) في حديث طهفة (ماتبض ببلال) أي ما يقطر منها لبن. يقال بض الماء إذا قطر وسال. (ه) ومنه حديث تبوك (والعين تبض بشئ من ماء). (ه) ومنه حديث خزيمة (بضت الحلمة) أي درت الضرع باللبن. - ومنه الحديث (أنه سقط من الفرس فإذا هو جالس وعرض وجهه يبض ماء أصفر). (س) وحديث النخعي (الشيطان يجري في الإحليل ويبض في الدبر) أي يدب فيه فيخيل أنه بلل أو ريح.
[ 132 ]
- وفي حديث علي (هل ينتظر أهل بضاضة الشباب إلا كذا) البضاضة: رقة اللون وصفاؤه الذي يؤثر فيه أدنى شئ. (ه) ومنه (قدم عمرو على معاوية وهو أبض الناس) أي أرقهم لونا وأحسنهم بشرة. - ومنه حديث رقيقة (ألا فانظروا فيكم رجلا أبيض بضا). (ه) ومنه قول الحسن (تلقى أحدهم أبيض بضا). بضع [ ه ] فيه (تستأمر النساء في أبضاعهن) يقال أبضعت المرأة إبضاعا إذا زوجتها. والاستبضاع: نوع من نكاح الجاهلية، وهو استفعال من البضع: الجماع. وذلك أن تطلب المرأة جماع الرجل لتنال منه الولد فقط. كان الرجل منهم يقول لأمته وامرأته: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ويعتزلها فلا يمسها حتى يتبين حملها من ذلك الرجل. وإنما يفعل ذلك رغبة في نجابة الولد. (ه) ومنه الحديث (أن عبد الله أبا النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة فدعته إلى أن يستبضع منها). [ ه ] ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (وله حصنني ربي من كل بضع) أي من كل نكاح، والهاء في له أي للنبي صلى الله عليه وسلم، وكان تزوجها بكرا من بين نسائه. والبضع يطلق على عقد النكاح والجماع معا، وعلى الفرج. [ ه ] ومنه الحديث (أنه أمر بلالا فقال: ألا من أصاب حبلى فلا يقربنها فإن البضع يزيد في السمع والبصر) أي الجماع. - ومنه الحديث (وبضعه أهله صدقة) أي مباشرته. (س) ومنه حديث أبي ذر (وبضيعته أهله صدقة). - ومنه الحديث (عتق بضعك فاختاري) أي صار فرجك بالعتق حرا فاختاري الثبات على زوجك أو مفارقته. (ه) ومنه حديث خديجة (لما تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها عمرو بن أسد، فلما رآه قال: هذا البضع الذي لا يقرع أنفه) يريد هذا الكفء الذي لا يرد نكاحه، وأصله في الإبل أن الفحل الهجين إذا أراد أن يضرب كرائم الإبل قرعوا أنفه بعصا أو غيرها ليرتد عنها ويتركها.
[ 133 ]
- وفي الحديث (فاطمة بضعة مني) البضعة بالفتح: القطعة من اللحم، وقد تكسر، أي أنها جزء مني، كما أن القطعة من اللحم جزء من اللحم. - ومنه الحديث (صلاة الجماعة تفضل صلاة الواحد ببضع وعشرين درجة) البضع في العدد بالكسر، وقد يفتح، ما بين الثلاث إلى التسع. وقيل ما بين الواحد إلى العشرة، لأنه قطعة من العدد. وقال الجوهري: تقول بضع سنين، وبضعة عشر رجلا، فإذا جاوزت لفظ العشر لا تقول بضع وعشرون. وهذا يخالف ما جاء في الحديث. - وفي حديث الشجاج ذكر (الباضعة) وهي التي تأخذ في اللحم، أي تشقه وتقطعه. (ه) ومنه حديث عمر (أنه ضرب رجلا ثلاثين سوطا كلها تبضع وتحدر) أي تشق الجلد وتقطعه وتجري الدم. (س) وفيه (المدينة كالكير تنفي خبثها وتبضع طيبها) كذا ذكره الزمخشري. وقال: هو من أبضعته بضاعة إذا دفعتها إليه، يعني أن المدينة تعطي طيبها ساكنها. والمشهور بالنون والصاد المهملة. وقد روي بالضاد والخاء المجتمعتين، وبالحاء المهملة من النضح والنضخ، وهو رش الماء. (س) وفيه (أنه سئل عن بئر بضاعة) هي بئر معروفة بالمدينة، والمحفوظ ضم الباء، وأجاز بعضهم كسرها، وحكى بعضهم بالصاد المهملة. (س) وفيه ذكر (أبضعة) هو ملك كندة، بوزن أرنبة، وقيل هو بالصاد المهملة. * باب الباء مع الطاء بطأ * فيه (من أبطأ به عمله لم ينفعه نسبه) أي من أخره عمله السئ وتفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف النسب. يقال بطأ به وأبطأ به بمعنى. بطح) ه) في حديث الزكاة (بطح لها بقاع قرقر) أي ألقي صاحبها على وجهه لتطأه.
[ 134 ]
(ه) وفي حديث ابن الزبير (وبنى البيت فأهاب بالناس إلى بطحه) أي تسويته. (ه) وفي حديث عمر (أنه أول من بطح المسجد وقال: ابطحوه (في الأصل: وقال أبطحه. والمثبت من ا واللسان والهروي) من الوادي المبارك) أي ألقى فيه البطحاء، وهو الحصى الصغار. وبطحاء الوادي وأبطحه: حصاه اللين في بطن المسيل. - ومنه الحديث (أنه صلى بالأبطح) يعني أبطح مكة، وهو مسيل واديها، ويجمع على البطاح، والأباطح. ومنه قيل قريش البطاح، هم الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاءها، وقد تكررت في الحديث. (ه) وفيه (كانت كمام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بطحا) أي لازقة بالرأس غير ذاهبة في الهواء. الكمام جمع كمة وهي القلنسوة. (ه) وفي حديث الصداق (لو كنتم تعرفون من بطحان ما زدتم) بطحان بفتح الباء اسم وادي المدينة. والبطحانيون منسوبون إليه، وأكثرهم يضمون الباء ولعله الأصح. - وفيه ذكر (بطاح) هو بضم الباء وتخفيف الطاء: ماء في ديار أسد، وبه كانت وقعة أهل الردة. بطر) ه) فيه (لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره بطرا) البطر: الطغيان عند النعمة وطول الغنى. (ه) ومنه الحديث (الكبر بطر الحق) هو أن يجعل ما جعله الله حقا من توحيده وعبادته باطلا. وقيل هو أن يتجبر عند الحق فلا يراه حقا. وقيل هو أن يتكبر عن الحق فلا يقبله. بطرق * في حديث هرقل (فدخلنا عليه وعنده بطارقته من الروم) هي جمع بطريق، وهو الحاذق بالحرب وأمورها بلغة الروم. وهو ذو منصب وتقدم عندهم. بطش) ه) فيه (فإذا موسى باطش بجانب العرش) أي متعلق به بقوة. والبطش: الأخذ القوي الشديد.
[ 135 ]
بطط) س) فيه (أنه دخل على رجل به ورم فما برح به حتى بط) البط: شق الدمل والخراج ونحوهما. (س) وفي حديث عمر بن عبد العزيز (أنه أتى بطة فيها زيت فصبه في السراج) البطة: الدبة بلغة أهل مكة، لأنها تعمل على شكل البطة من الحيوان. بطق) ه) فيه (يؤتى برجل يوم القيامة وتخرج له بطاقة فيها شهادة أن لا إله إلا الله) البطاقة: رقعة صغيرة يثبت فيها مقدار ما يجعل فيه إن كان عينا فوزنه أو عدده، وإن كان متاعا فثمنه. قيل سميت بذلك لأنها تشد بطاقة من الثوب، فتكون الباء حينئذ زائدة. وهي كلمة كثيرة الاستعمال بمصر. - ومنه حديث ابن عباس (قال لامرأة سألته عن مسألة: اكتبيها في بطاقة) أي رقعة صغيرة. ويروى بالنون وهو غريب. بطل [ ه ] فيه (ولا تستطيعه البطلة) قيل هم السحرة. يقال أبطل إذا جاء بالباطل. (س) وفي حديث الأسود بن سريع (كنت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل عمر قال: اسكت إن عمر لا يحب الباطل) أراد بالباطل صناعة الشعر واتخاذه كسبا بالمدح والذم. فأما ما كان ينشده النبي صلى الله عليه وسلم فما كان من ذلك، ولكنه خاف أن لا يفرق الأسود بينه وبين سائره، فأعلمه ذلك. وفيه: * شاكي السلاح بطل مجرب * البطل: الشجاع. وقد بطل بالضم بطلة وبطلة. بطن * في أسماء الله تعالى (الباطن) هو المحتجب عن أبصار الخلائق وأوهامهم فلا يدركه بصر ولا يحيط به وهم. وقيل هو العالم بما بطن. يقال: بطنت الأمر إذا عرفت باطنه. - وفيه (ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان) بطنة الرجل: صاحب سره وداخله الذي يشاور في أحواله.
[ 136 ]
[ ه ] وفي حديث الاستسقاء (وجاء أهل البطنة يضجون) البطانة: الخارج من المدينة. وفي صفة القرآن (لكل آية منها ظهر وبطن) أراد بالظهر ما ظهر بيانه، وبالبطن ما احتيج إلى تفسيره. - وفيه (المبطون شهيد) أي الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه. - ومنه الحديث (أن امرأة ماتت في بطن) وقيل أراد به ها هنا النفاس وهو أظهر، لأن البخاري ترجم عليه: باب الصلاة على النفساء. - وفيه (تغدو خماصا وتروح بطانا) أي ممتلئة البطون. - ومنه حديث موسى وشعيب عليهما السلام (وعود غنمه حفلا بطانا). - ومنه حديث علي (أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى) المبطان الكثير الأكل والعظيم البطن. - وفي صفة علي (البطين الأنزع) أي العظيم البطن. (س) وفي حديث عطاء (بطنت بك الحمى) أي أثرت في باطنك. يقال بطنه الداء يبطنه. (س) وفيه (رجل ارتبط فرسا ليستبطنها) أي يطلب ما في بطنها من النتاج. [ ه ] وفي حديث عمرو بن العاص (قال لما مات عبد الرحمن بن عوف: هنيئا لك خرجت من الدنيا ببطنتك لم يتغضغض منها شئ (في الأصل: لم يتغضغض منها بشئ. وما أثبتناه من ا واللسان والهروي)) ضرب البطنة مثلا في أمر الدين، أي خرج من الدنيا سليما لم يثلم دينه شئ. وتغضغض الماء: نقص. وقد يكون ذما ولم يرد هنا إلا المدح. (ه) وفي صفة عيسى عليه السلام (فإذا رجل مبطن مثل السيف) المبطن: الضامر البطن. - وفي حديث سليمان بن صرد (الشوط بطين) أي بعيد. (س) وفي حديث علي (كتب على كل بطن عقوله) البطن ما دون القبيلة وفوق
[ 137 ]
الفخذ، أي كتب عليهم ما تغرمه العاقلة من الديات، فبين ما على كل قوم منها. ويجمع على أبطن وبطون. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه (ينادي مناد من بطنان العرش) أي من وسطه. وقيل من أصله. وقيل البطنان جمع بطن: وهو الغامض من الأرض، يريد من دواخل العرش. - ومنه كلام علي في الاستسقاء (تروى به القيعان وتسيل به البطنان). (ه) وفي حديث النخعي (أنه كان يبطن لحيته) أي يأخذ الشعر من تحت الحنك والذقن. - وفي بعض الحديث (غسل البطنة) أي الدبر. باب الباء مع الظاء بظر * في حديث الحديبة (امصص ببظر اللات) البظر بفتح الباء: الهنة التي تقطعها الخافضة من فرج المرأة عند الختان. (س) ومنه الحديث (يا بن مقطعة البظور) جمع بظر، ودعاه بذلك لأن أمه كانت تختن النساء. والعرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذم وإن لن تكن أم من يقال له خاتنة. [ ه ] وفي حديث علي (أنه قال لشريح في مسألة سئلها: ما تقول فيها أيها العبد الأبظر) هو الذي في شفته العليا طول مع نتو. باب الباء مع العين (بعث في أسماء الله تعالى (الباعث) هو الذي يبعث الخلق، أي يحييهم بعد الموت يوم القيامة. - وفي حديث علي يصف النبي صلى الله عليه وسلم (شهيدك يوم الدين وبعيثك نعمة) أي مبعوثك الذي بعثته إلى الخلق، أي أرسلته، فعيل بمهنى مفعول. (ه) وفي حديث حذيفة (إن للفتنة بعثات) أي إثارات وتهيجات، جمع بعثة، وهي المرة من البعث. وكل شئ أثرته فقد بعثته.
[ 138 ]
- ومنه حديث عائشة (فبعثت البعير فإذا العقد تحته). - ومنه الحديث (أتاني الليلة آتيان فابتعثاني) أي أيقظاني من نومي. - وفي حديث القيامة (يا آدم ابعث بعث النار) أي البعوث إليها من أهلها، وهو من باب تسمية المفعول بالمصدر. - ومنه حديث ابن زمعة (إذ انبعث أشقاها) يقال انبعث فلان لشأنه إذا ثار ومضى ذاهبا لقضاء حاجته. - وفي حديث عمر (لما صالح نصارى الشام كتبوا له أن لا نحدث كنيسة ولا قلية، ولا نخرج سعانين ولا باعوثا) الباعوث للنصارى كالاستسقاء للمسلمين، وهو اسم سرياني. وقيل هو بالغين المعجمة والتاء فوقها نقطتان. - وفي حديث عائشة رضي الله عنها (وعندها جاريتان تغنيان بما قيل يوم بعاث) وهو بضم الباء، يوم مشهور كان فيه حرب بين الأوس والخزرج. وبعاث اسم حصن للأوس، وبعضهم يقوله بالغين المعجمة، وهو تصحيف. (بعثر * في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (إني إذا أرك تبعثرت نفسي) أي جاشت وانقلبت وغثت. بعثط [ ه ] في حديث معاوية (قيل له: أخبرنا عن نسبك في قريش، فقال: أنا أبن بعثطها) البعثط: سرة الوادي. يريد أنه واسطة قريش ومن سرة بطاحها. بعج) ه) فيه (إذا رأيت مكة قد بعجت كظائم) أي شقت وفتحت بعضها في بعض. وا لكظائم جمع كظامة، وهي آبار تحفر متقاربة وبينها مجرى في باطن الأرض يسيل فيه ماء العليا إلى السفلى حتى يظهر على الأرض، وهي القنوات. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها في صفة عمر (وبعج الأرض وبخعها) أي شقها وأذلها، كنت به عن فتوحه. (ه) ومنه حديث عمرو بن العاص في صفة عمر (إن ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها) أي كشفت له كنوزها بالفئ والغنائم. وحنتمة أمه.
[ 139 ]
- ومنه حديث أم سليم (إن دنا مني أحد أبعج بطنه بالخنجر) أي أشق. (بعد وفيه (أن رجلا جاء فقال: إن الأبعد قد زنى) معناه المتباعد عن الخير والعصمة. يقال بعد بالكسر عن الخير فهو باعد، أي هالك، والبعد الهلاك. والأبعد الخائن أيضا. - ومنه قولهم (كب الله الأبعد لفيه). - وفي شهادة الأعضاء يوم القيامة (بعدا لكن وسحقا) أي هلاكا. ويجوز أن يكون من البعد ضد القرب. (س) وفي حديث أبي جهل (هل أبعد من رجل قتلمتوه) كذا جاء في سنن أبي داود، ومعناها: أنهى وأبلغ، لأن الشئ المتناهي في نوعه يقال قد أبعد فيه. وهذا أمر بعيد، أي لا يقع مثله لعظمه. والمعنى أنك استعظمت شأني واستبعدت قتلي، فهل هو أبعد من رجل قتله قومه. والروايات الصحيحة: أعمد بالميم. (س) في حديث مهاجري الحبشة (وجئنا إلى أرض البعداء) هم الأجانب الذين لا قرابة بيننا وبينهم، واحدهم بعيد. وفي حديث زيد بن أرقم (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبهم فقال: أما بعد) قد تكررت هذه اللفظة في الحديث، وتقدير الكلام فيها: أما بعد حمد الله تعالى فكذا وكذا. وبعد من ظروف المكان التي بابها الإضافة، فإذا قطعت عنها وحذف المضاف إليه بنيت على الضم كقبل. ومثله قوله تعالى (لله الأمر من قبل ومن بعد) أي من قبل الأشياء ومن بعدها. بعر * في حديث جابر (استغفر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البعير خمسا وعشرين مرة) هي الليلة التي اشترى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من جابر جمله وهو في السفر. وحديث الجمل
[ 140 ]
مشهور. والبعير يقع على الذكر والأنثى من الإبل، ويجمع على أبعرة وبعران. وقد تكررت في الحديث. بعض * قد تكرر فيه ذكر (البعوض) وهو البق. وقيل صغاره، واحدته بعوضة. بعع) ه) فيه (أخذ فبعها في البطحاء) يعني الخمر صبها صبا واسعا. والبعاع: شدة المطر. ومنهم من يرويها بالثاء المثلثة، من ثع يثع إذا تقيأ، أي قذفها في البطحاء. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (ألقت السحاب بعاع ما استقلت به من الحمل). بعق) ه) في حديث الاستسقاء (جم البعاق) هو بالضم: المطر الكثير الغزير الواسع. وقد تبعق يتبعق، وانبعق ينبعق. (س) ومنه الحديث (كان يكره التبعق في الكلام) ويروى الانبعاق، أي التوسع فيه والتكثر منه. (ه) وفي حديث حذيفة: (فأين هؤلاء الذين يبعقون لقاحنا) أي ينحرونها ويسيلون دماءها. بعل) ه) في حديث التشريق (إنها أيام أكل وشرب وبعال) البعال: النكاح وملاعبة الرجل أهله. والمباعلة: المباشرة. ويقال لحديث العروسين بعال. والبعل والتبعل: حسن العشرة. - ومنه حديث أسماء الأشهلية (إذا أحسنتن تبعل أزواجكن) أي مصاحبتهم في الزوجية والعشرة. والبعل الزوج، ويجمع على بعولة. (س) ومنه حديث ابن مسعود (إلا امرأة يئست من البعولة) والهاء فيها لتأنيث الجمع. ويجوز أن تكون البعولة مصدر بعلت المرأة، أي صارت ذات بعل. - وفي حديث الإيمان (وأن تلد الأمة بعلها) المراد ها هنا المالك. يعني كثرة السبي والتسري، فإذا استولد المسلم جارية كان ولدها بمنزلة ربها. - ومنه حديث ابن عباس (أنه مر برجلين يختصمان في ناقة وأحدهما يقول أنا والله بعلها) أي مالكها وربها. (ه) وفيه (أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أبايعك على الجهاد، فقال: هل لك من بعل) البعل: الكل. يقال صار فلان بعلا على قومه، أي ثقلا وعيالا. وقيل أراد هل بقي لك من
[ 141 ]
تجب عليك طاعته كالوالدين. (ه) وفي حديث الزكاة (ما سقي بعلا ففيه العشر) هو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير سقي سماء ولا غيرها. قال الأزهري: هو ما ينبت من النخل في أرض يقرب ماؤها، فرسخت عروقها في الماء واستغنت عن ماء السماء والأنهار وغيرها. - ومنه حديث اكيدر (وإن لنا الضاحية من البعل) أي التي ظهرت وخرجت عن العمارة من هذا النخل. - ومنه الحديث (العجوة شفاء من السم ونزول بعلها من الجنة) أي أصلها. قال الأزهري: أراد ببعلها قسبها الراسخ عروقه في الماء، لا يسقى بنضح ولا غيره، ويجئ ثمره يابسا له صوت، وقد استبعل النخل إذا صار بعلا. (س) وفي حديث عروة (فما زال وارثه بعليا حتى مات) أي غنيا ذا نخل ومال. قال الخطابي: لا أدري ما هذا إلا أن يكون منسوبا إلى بعل النخل. يريد أنه اقتنى نخلا كثيرا فنسب إليه، أو يكون من البعل: المالك والرئيس، أي ما زال رئيسا متملكا. (ه) وفي حديث الشورى (قال عمر: قوموا فتشاوروا فمن بعل عليكم أمركم فاقتلوه) أي من أبى وخالف. (ه) وفي حديث آخر (من تأمر عليكم من غير مشورة، أو بعل عليكم أمرا). - وفي حديث آخر (فإن بعل أحد على المسلمين يريد تشتت أمرهم، فقدموه فاضربوا عنقه). (ه) وفي حديث الأحنف (لما نزل به الهياطلة - وهم قوم من الهند - بعل بالأمر) أي دهش، وهو بكسر العين. باب الباء مع الغين بغت * قد تكرر فيه ذكر (البغتة)، وهي الفجأة. يقال بغته يبغته بغتا، أي فاجأه. (س في حديث صلح نصارى الشام (ولا نظهر باغوتا) هكذا رواه بعضهم. وقد تقدم في العين المهملة والثاء المثلثة.
[ 142 ]
(بغث) س) في حديث جعفر بن عمرو (رأيت وحشيا فإذا شيخ مثل البغاثة) هي الضعيف من الطير، وجمعها بغاث. وقيل هي لئامها وشرارها. (س) ومنه حديث عطاء (في بغاث الطير مد) أي إذا صاده المحرم. - ومنه حديث المغيرة يصف امرأة (كأنها بغاث). (بغثر * في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (إذا لم أرك تبغثرت نفسي) أي غثت وتقلبت. ويروى بالعين المهملة وقد تقدم. بغش) ه) فيه (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأصابنا بغيش) تصغير بغش، وهو المطر القليل، أوله الطل ثم الرذاذ، ثم البغش. بغل * في قصيدة كعب بن زهير: - فيها على الأين إرقال وتبغيل * التبغيل: تفعيل من البغل كأنه شبه سيرها بسير البغل لشدته. بغم) س) فيه (كانت إذا وضعت يدها على سنام البعير أو عجزه رفع بغامه) البغام صوت الإبل. ويقال لصوت الظبي أيضا بغام. بغي * فيه (ابغني أحجار أستطب بها) يقال ابغني كذا بهمزة الوصل، أي اطلب لي، وأبغني بهمزة القطع، أي أعني على الطلب. ومنه الحديث (أبغوني حديدة أستطب بها) بهمزة الوصل والقطع. وقد تكرر في الحديث. يقال بغى يبغي بغاء - بالضم - إذا طلب. ومنه حديث أبي بكر (أنه خرج في بغاء إبل) جعلوا البغاء على زنة الأدواء، كالعطاس والزكام، تشبيها به لشغل قلب الطلب بالداء. (س) ومنه حديث سراقة والهجرة (انطلقوا بغيانا أي ناشدين وطالبين، جمع باغ كراع ورعيان ومنه أبي بكر في الهجرة (لقيهما رجل بكراع الغميم، فقال من أنتم ؟ فقال أبو بكر: باغ وهاد، عرض ببغاء الإبل وهداية الطريق، وهو يريد طلب الدين والهداية من الضلالة. - وفي حديث عمار (تقتله الفئة الباغية) هي الظالمة الخارجة عن طاعة الإمام.
[ 143 ]
وأصل البغي مجاوزة الحد. - ومنه الحديث (فلا تبغوا عليهن سبيلا) أي إن أطعنكم فلا يبقى لكم عليهن طريق إلا أن يكون بغيا وجورا. - ومنه حديث ابن عمر (قال لرجل: أنا أبغضك، قال لم ؟ قال لأنك تبغي في أذانك) أراد التطريب فيه والتمديد، من تجاوز الحد. - وفي حديث أبي سلمة (أقام شهرا يداوي جرحه فدمل على بغي ولا يدري به) أي على فساد. - وفيه (أمرأة بغي دخلت الجنة في كلب) أي فاجرة، وجمعها البغايا. ويقال للأمة بغي وإن لم يرد به الذم، وإن كان في الأصل ذما. يقال بغت المرأة تبغي بغاء - بالكسر - إذا زنت، فهي بغي، جعلوا البغاء على زنة العيوب، والشراد، لأن الزنا عيب. (ه) وفي حديث عمر (أنه مر برجل يقطع سمرا بالبادية فقال: رعيت بغوتها وبرمتها وحبلتها وبلتها وفتلتها ثم تقطعها ؟) قال القتيبي: يرويه أصحاب الحديث: معوتها، وذلك غلط، لأن المعوة البسرة التي جرى فيها الإرطاب، والصواب بغوتها، وهي ثمرة السمر أول ما تخرج، ثم تصير بعد ذلك برمة، ثم بلة، ثم فتلة. - وفي حديث النخعي (وأن إبراهيم بن المهاجر جعل على بيت الرزق فقال النخعي: ما بغي له) أي ما خير له. باب الباء مع القاف بقر) ه) في ه (نهى عن التبقر في الأهل والمال) هو الكثرة والسعة. والبقر: الشق والتوسعة. - وفي حديث أبي موسى (سمعت رسول الله صلى الله وسلم يقول: سيأتي على الناس فتنة باقرة تدع الحليم حيران) أي واسعة عظيمة. (ه) وحديثه الآخر حين أقبلت الفتنة بعد مقتل عثمان (إن هذه لفتنة باقرة البطن لا يدرى أنى يؤتى له) أي أنها مفسدة للدين مفرقة للناس. وشبهها بداء البطن لأنه لا يدرى
[ 144 ]
ما هاجه وكيف يداوى ويتأنى له. - وفي حديث حذيفة (فما بال هؤلاء الذين يبقرون بيوتنا) أي يفتحونها ويوسعونها. - ومنه حديث الإفك (فبقرت لها الحديث) أي فتحته وكشفته. وحديث أم سليم (إن دنا مني أحد من المشركين بقرت بطنه). [ ه ] وفي حديث هدهد سليمان عليه السلام (فبقر الأرض) أي نظر موضع الماء فرآه تحت الأرض. (س) وفيه (فأمر ببقرة من نحاس فأحميت) قال الحافظ أبو موسى: الذي يقع لي في معناه أنه لا يريد شيئا مصوغا على صورة البقرة، ولكنه ربما كانت قدرا كبيرة واسعة، فسماها بقرة، مأخوذا من التبقر: التوسع، أو كان شيئا يسع بقرة تامة بتوابلها فسميت بذلك. وفي كتاب الصدقة لأهل اليمن (في ثلاثين باقورة بقرة) الباقورة بلغة اليمن البقر، هكذا قال الجوهري رحمه الله، فيكون قد جعل المميز جمعا. بقط) ه) فيه (أن عليا حمل على عسكر المشركين فما زالوا يبقطون) أي يتعادون إلى الجبل متفرقين. بقط الرجل إذا صعد الجبل. والبقط: التفرقة. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (ما اختلفوا في بقطة) هي البقعة من بقاع الأرض. ويجوز أن تكون من البقطة وهي الفرقة من الناس. وقيل إنها من النقطة بالنون، وستذكر في بابها. (ه) وفي حديث ابن المسيب (لا يصلح بقط الجنان) هو أن تعطي البستان على الثلث أو الربع. وقيل البقط ما سقط من التمر إذا قطع يخطئه المخلب. بقع * في حديث أبي موسى (فأمر لنا بذود بقع الذرى) أي بيض الأسنمة، جمع أبقع. وقيل: الأبقع ما خالط بياضه لون آخر. - ومنه الحديث (أنه أمر بقتل خمس من الدواب، وعد منها الأبقع).
[ 145 ]
(ه) ومنه الحديث (يوشك أن يستعمل عليكم بقعان الشام) أراد عبيدها ومماليكها، سموا بذلك لاختلاط ألوانهم، فإن الغالب عليهم البياض والصفرة. وقال القتيبي: البقعان الذين فيهم سواد وبياض، لا يقال لمن كان أبيض من غير سواد يخالطه أبقع، والمعنى أن العرب تنكح إماء الروم فيستعمل على الشام أولادهم وهم بين سواد العرب وبياض الروم. (س) وفي حديث أبي هريرة (أنه رأى رجلا مبقع الرجلين وقد توضأ) يريد به مواضع في رجليه لم يصبها الماء، فخالف لونها ما أصابه الماء. (س) ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (إني لارى بقع الغسل في ثوبه) جمع بقعة. (س) وفي حديث الحجاج (رأيت قوما بقعا، قيل ما البقع ؟ قال: رقعوا ثيابهم من سوء الحال) شبه الثياب المرقعة بلون الأبقع. [ ه ] وفي حديث أبي بكر والنسابة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر رضي الله عنه: لقد عثرت من الأعرابي على باقعة) الباقعة: الداهية. وهي في الأصل طائر حذر إذا شرب الماء نظر يمنة ويسرة. وفي كتاب الهروي: أن عليا هو القائل لأبي بكر. - ومنه الحديث (ففاتحته فإذا هو باقعة) أي ذكي عارف لا يفوته شئ ولا يدهى. (س) وفيه ذكر (بقيع الغرقد). البقيع من الأرض: المكان المتسع، ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها. وبقيع الغرقد: موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها، كان به شجر الغرقد، فذهب وبقي اسمه. - وفيه ذكر (بقع) هو بضم الباء وسكون القاف: اسم بئر بالمدينة، وموضع بالشام من ديار كلب، به استقر طليحة بن خويلد الأسدي لما هرب يوم بزاخة. بقق) ه) فيه (أن حبرا من بني إسرائيل صنف سبعين كتابا في الأحكام، فأوحى الله تعالى إلى نبي من أنبيائهم أن قل لفلان إنك قد ملأت الأرض بقاقا، وإن الله لم يقبل من بقاقك شيئا) البقاق: كثرة الكلام. يقال بق الرجل وأبق، أي أن الله لم يقبل من إكثارك شيئا. - وفيه (أنه صلى الله عليه وسلم قال لأبي ذر: مالي أراك لقا بقا، كيف بك إذا أخرجوك من
[ 146 ]
المدينة) يقال: رجل لقاق بقاق، ولقاق بقاق، إذا كان كثير الكلام. ويروى لقا بقا، بوزن عصا، وهو تبع للقا. واللقا: المرمي المطروح. بقل) س) في صفة مكة (وأبقل حمضها) أبقل المكان إذا خرج بقله، فهو باقل. ولا يقال مبقل، كما قالوا أورس الشجر فهو وارس ولم يقولوا مورس، وهو من النوادر. - وفي حديث أبي بكر والنسابة (فقام إليه غلام (في الأصل: فقام إليه رجل. وما أثبتناه من ا واللسان، وهو المناسب لما بعده) من بني شيبان حين بقل وجهه) أي أول ما نبتت لحيته. (بقي * في أسماء الله تعالى (الباقي) هو الذي لا ينتهي تقدير وجوده في الاستقبال إلى آخر ينتهي إليه، ويعبر عنه بأنه أبدي الوجود. (ه) وفي حديث معاذ (بقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تأخر لصلاة العتمة) يقال بقيت الرجل أبقيه إذا انتظرته ورقبته. - ومنه حديث ابن عباس وصلاة الليل (فبقيت كيف يصلي النبي صلى الله عليه وسلم) وفي رواية (كراهة أن يرى أني كنت أبقيه) أي أنظره وأرصده. - وفي حديث النجاشي والهجرة (وكان أبقى الرجلين فينا) أي أكثر إبقاء على قومه. ويروى بالتاء من التقى. (ه) وفيه (تبقه وتوقه) هو أمر من البقاء والوقاء، والهاء فيهما للسكت، أي استبق النفس ولا تعرضها للهلاك، وتحرز من الآفات. (ه) وفي حديث الدعاء (لا تبقي على من يضرع إليها) يعني النار، يقال أبقيت عليه أبقي إبقاء، إذا رحمته وأشفقت عليه. والاسم البقيا. باب الباء مع الكاف (بكأ [ ه ] فيه (نحن معاشر الأنبياء فينا بكاء) أي قلة الكلام إلا فيما يحتاج إليه. يقال بكأت النقة والشاة إذا قل لبنها فهي بكئ وبكيئة، ومعاشر منصوب على التخصيص. - ومنه الحديث (من منح منيحة لبن بكيئة كانت أو غزيرة).
[ 147 ]
(ه) وحديث علي (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على المنامة، فقام إلى شاة بكئ فحلبها). - وحديث عمر (أنه سأل جيشا: هل ثبت لكم العدو قدر حلب شاة بكيئة ؟). - وحديث طاوس (من منح منيحة لبن فله بكل حلبة عشر حسنات وغزرت أو بكأت). (بكت) ه) فيه (أنه أتي بشارب فقال بكتوه) التبكيت: التقريع والتوبيخ. يقال له يا فاسق أما استحييت ؟ أما اتقيت الله) قال الهروي: و [ قد ] (الزيادة من الهروي) يكون باليد والعصا ونحوه. بكر) س) في حديث الجمعة (من بكر وابتكر) بكر أتى الصلاة في أول وقتها. وكل من أسرع إلى شئ فقد بكر إليه. وأما ابتكر فمعناه أدرك أول الخطبة. وأول كل شئ باكورته. وابتكر الرجل إذا أكل باكورة الفواكه. وقيل معنى اللفظتين واحد، فعل وافتعل، وإنما كرر للمبالغة والتوكيد، كما قالوا جاد مجد. (ه) ومنه الحديث (لا تزال أمتي على سنتي ما بكروا بصلاة المغرب) أي صلوها أول وقتها. - والحديث الآخر (بكروا بالصلاة في يوم الغيم فإنه من ترك العصر حبط عمله) أي حافظوا عليها وقدموها. - وفيه (لا تعلموا أبكار أولادكم كتب النصارى) يعني أحداثكم. وبكر الرجل بالكسر: أول ولده. (س) وفيه (استسلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل بكرا) البكر بالفتح: الفتي من الإبل، بمنزلة الغلام من الناس. والأنثى بكرة. وقد يستعار للناس. ومنه حديث المتعة (كأنها بكرة عيطاء) أي شابة طويلة العنق في اعتدال. - ومنه حديث طهفة (وسقط الأملوج من البكارة) البكارة بالكسر: جمع البكر بالفتح يريد أن السمن الذي قد علا بكارة الإبل بما رعت من هذا الشجر قد سقط عنها، فسماه باسم المرعى إذا كان سببا له.
[ 148 ]
(س) وفيه (جاءت هوازن على بكرة أبيها) هذه كلمة عربية يريدون بها الكثرة وتوفر العدد، وأنهم جاءوا جميعا لم يتخلف منهم أحد، وليس هناك بكرة في الحقيقة، وهي التي يستقى عليها الماء، فاستعيرت في هذا الموضع. وقد تكررت في الحديث. (س) وفيه (كانت ضربات علي مبتكرات (في أساس البلاغة: (وكانت ضربات علي أبكار)) لا عونا) أي ضربته كانت بكرا يقتل بواحدة منها لا يحتاج أن يعيد الضربة ثانية. يقال ضربة بكر إذا كانت قاطعة لا تثنى. والعون جمع عوان، وهي في الأصل الكهلة من النساء، ويريد بها ها هنا المثناة. (س) وفي حديث الحجاج (أنه كتب إلى عامله بفارس: ابعث إلي من عسل خلار، من النحل الأبكار، من الدستفشار، الذي لم تمسه النار) يريد بالأبكار أفراخ النحل، لأن عسلها أطيب وأصفى، وخلار موضع بفارس، والدستفشار كلمة فارسية معناها ما عصر بالأيدي. (بكع) ه) في حديث أبي موسى (قال له رجل: ما قلت هذه الكلمة، ولقد خشيت أن تبكعني بها) بكعت الرجل بكعا إذا استقبلته بما يكره، وهو نحو التقريع. - ومنه حديث أبي بكرة ومعاوية رضي الله عنهما (فبكعه به فزخ في أقفائنا). [ ه ] ومنه حديث عمر (فبكعه بالسيف) أي ضربه ضربا متتابعا. (بكك [ ه ] فيه (فتباك الناس عليه) أي ازدحموا. [ ه ] وفي حديث مجاهد (من أسماء مكة بكة) قيل بكة موضع بالبيت، ومكة سائر البلد. وقيل هما اسم البلدة، والباء والميم يتعاقبان. وسميت بكة لأنها تبك أعناق الجبابرة، أي تدقها. وقيل لأن الناس يبك بعضهم بعضا في الطواف، أي يزحم ويدفع. بكل) س) في حديث الحسن (سأله رجل عن مسألة ثم أعادها فقبلها. فقال: بكلت علي) أي خلطت، من البكيلة وهي السمن والدقيق المخلوط. يقال: بكل علينا حديثه، وتبكل في كلامه، أي خلط. (بكم * في حديث الإيمان (الصم البكم) هم جمع الأبكم وهو الذي خلق أخرس لا يتكلم، وأراد بهم الرعاع والجهل، لأنهم لا ينتفعون بالسمع ولا بالنطق كبيرة منفعة، فكأنهم قد سلبوهما.
[ 149 ]
- ومنه الحديث (ستكون فتنة صماء بكماء عمياء) أراد أنها لا تسمع ولا تبصر ولا تنطق فهي لذهاب حواسها لا تدرك شيئا ولا تقلع ولا ترفع. وقيل شبهها لاختلاطها، وقتل البرئ فيها والسقيم بالأصم الأخرس الأعمى الذي لا يهتدى إلى شئ، فهو يخبط خبط عشواء. (بكا) س) فيه (فإن لم تجدوا بكاء فتباكوا) أي تكلفوا البكاء. باب الباء مع اللام (بلبل * فيه (دنت الزلازل والبلابل) هي الهموم والأحزان. وبلبلة الصدر: وسواسه. (ه) ومنه الحديث (إنما عذابها في الدنيا والبلابل والفتن) يعني هذه الأمة. - ومنه خطبة علي (لتبلبلن بلبلة ولتغربلن غربلة). (بلت * في حديث سليمان عليه السلام (احشروا الطير إلا الشنقاء والرنقاء والبلت) البلت: طائر محرق الريش، إذا وقعت ريشة منه في الطير أحرقته. (بلج) ه) في حديث ام معبد (أبلج الوجه) أي مشرق الوجه مسفره. ومنه تبلج الصبح وانبلج. فأما الأبلج فهو الذي قد وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا، والاسم البلج، بالتحريك، لم ترده أم معبد، لأنها قد وصفته في حديثها بالقرن. ومنه الحديث (ليلة القدر بلجة) أي مشرقة. والبلجة بالضم والفتح: ضوء الصبح. بلح [ ه ] فيه (لا يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما حراما، فإذا أصاب دما حراما بلح) بلح الرجل إذا انقطع من الإعياء فلم يقدر أن يتحرك. وقد أبلحه الشير فانقطع به، يريد به وقوعه في الهلاك بإصابة الدم الحرام. وقد تخفف اللام. - ومنه الحديث (استنفرتهم فبلحوا علي) أي أبوا، كأنهم قد أعيوا عن الخروج معه وإعانته.
[ 150 ]
- ومنه الحديث (في الذي يدخل الجنة آخر الناس، يقال له اعد ما بلغت قدماك، فيعدو حتى إذا بلح). (ه) ومنه حديث علي (إن من ورائكم فتننا وبلاء مكلحا مبلحا) أي معييا. (س) وفي حديث ابن الزبير (ارجعوا فقد طاب البلح) هو أول ما يرطب من البسر، واحدها بلحة، وقد تكرر في الحديث. (بلد) س) فيه (وأعوذ بك من ساكني البلد) البلد من الأرض ما كان مأوى للحيوان وإن لم يكن فيه بناء، وأراد بساكنيه الجن لأنهم سكان الأرض. وفي حديث العباس (فهي تالدة بالدة) يعني الخلافة لأولاده، يقال للشئ الدائم الذي لا يزول تالد بالد، فالتالد القديم، والبالد إتباع له. وفيه (بليد) هو بضم الباء وفتح اللام: قرية لآل على بواد قريب من ينبع. (بلدح * فيه ذكر (بلدح)، بفتح الباء وسكون اللام، والحاء المهملة اسم موضع بالحجاز قرب مكة. (بلس) س) فيه (فتأشب أصحابه حوله وأبلسوا حتى ما أوضحوا بضاحكة) أبلسوا أي اسكتوا، والمبلس: الساكت من الحزن أو الخوف. والإبلاس: الحيرة. - ومنه الحديث (ألم تر الجن وإبلاسها) أي تحيرها ودهشها. (ه) وفيه (من أحب أن يرق قلبه فليدم أكل البلس) وهو بفتح الباء واللام: التين وقيل هو شئ باليمن يشبه التين. وقيل هو العدس، وهو عن ابن الأعرابي مضموم الباء واللام. - ومنه حديث ابن جريح (قال سأل عطاء عن صدقة الحب، فقال: فيه كله الصدقة، فذكر الذرة والدخن والبلس والجلجلان) وقد يقال فيه البلس، بزيادة النون. (س) وفي حديث ابن عباس (بعث الله الطير على أصحاب الفيل كالبلسان) قال عباد بن موسى: أظنها الزرازير، والبلسان شجر كثير الورق ينبت بمصر، وله دهن معروف. هكذا ذكره أبو موسى في غريبه. (بلط * في حديث جابر (عقلت الجمل في ناحية البلاط) البلاط ضرب من الحجارة تفرش به الأرض، ثم سمى المكان بلاطا اتساعا، وهو موضع معروف بالمدينة.
[ 151 ]
وقد تكرر في الحديث. (بلعم * في حديث علي (لا يذهب أمر هذه الأمة إلا على رجل واسع السرم ضخم البلعوم) البلعوم بالضم، والبلعم: مجرى الطعام في الحلق، وهو المرئ، يريد على رجل شديد عسوف، أو مسرف في الأموال والدماء، فوصفه بسعة المدخل والمخرج. - ومنه حديث أبي هريرة (حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لو بثثته فيكم لقطع هذ البلعوم). (بلغ * وفي حديث الاستسقاء (واجعل ما أنزلت لنا قوة وبلاغا إلى حين) البلاغ ما يتبلغ ويتوصل به إلى الشئ المطلوب. (ه) ومنه الحديث (كل رافعة رفعت عنا من البلاغ فلتبلغ عنا) يروى بفتح الباء وكسرها، فالفتح له وجهان: أحدهما أنه ما بلغ من القرآن والسنن، والآخر من ذوي البلاغ، أي الذين بلغونا يعني ذوي التبليغ، فأقام الاسم مقام المصدر الحقيقي، كما تقول أعطيته عطاء. وأما الكسر فقال الهروي: أراه من المبالغين في التبليغ. يقال بالغ يبالغ مبالغة وبلاغا إذا اجتهد في الأمر، والمعنى في الحديث. كل جماعة تبلغ عنا وتذيع ما نقوله فلتبلغ ولتحك. - وفي حديث عائشة (قالت لعلي يوم الجمل قد بلغت منا البلغين) يروى بكسر الباء وضمها مع فتح اللام. وهو مثل. معناه قد بلغت منا كل مبلغ. ومثله قولهم: لقيت منه البرحين (البرحين: بتثليث الباء. كما في القاموس)، أي الدواهي، والأصل فيه كأنه قيل خطب بلغ أي بليغ، وأمر برح أي مبرح، ثم جمعا جمع السلامة إيذانا بأن الخطوب في شدة نكايتها بمنزلة العقلاء الذين لهم قصد وتعمد. (بلق) س) في حديث زيد (فبلق الباب) أي فتح كله، يقال بلقته فانبلق. (بلقع) ه) فيه (اليمين الكاذبة تدع الديار بلاقع) البلاقع جمع بلقع وبلقعة وهي الأرض القفر التي لا شئ بها، يريد أن الحالف بها يفتقر ويذهب ما في بيته من الرزق. وقيل هو أن يفرق الله شمله ويغير عليه ما أولاه من نعمه. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (فأصبحت الأرض مني بلاقع)، وصفها بالجمع مبالغة، كقولهم أرض سباسب، وثوب أخلاق.
[ 152 ]
[ ه ] ومنه الحديث (شر النساء البلقعة) أي الخالية من كل خير. (بلل) ه) فيه (بلوا أرحامكم ولو بالسلام) أي ندوها بصلتها. وهم يطلقون النداوة على الصلة كما يطلقون اليبس على القطيعة، لأنهم لما رأوا بعض الأشياء يتصل ويختلط بالندواة، ويحصل بينهما التجافي والتفرق باليبس استعاروا البلل لمعنى الوصل، واليبس لمعنى القطيعة. (س) ومنه الحديث (فإن لكم رحما سأبلها ببلالها) أي أصلكم في الدنيا ولا أغني عنكم من الله شيئا. والبلال جمع بلل. وقيل هو كل ما بل الحلق من ماء أو لبن أو غيره. (ه) ومنه حديث طهفة (ما نبض ببلال) أراد اللبن. وقيل المطر. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (إن رأيت بللا من عيش) أي خصبا، لأنه يكون من الماء. (ه) وفي حديث زمزم (هي لشارب حل وبل) البل: المباح. وقيل الشفاء، من قولهم بل من مرضه وأبل، وبعضهم يجعله إتباعا لحل، ويمنع من جواز الإتباع الواو. (س) وفيه (من قدر في معيشته بله الله تعالى) أي أغناه. - وفي كلام علي رضي الله تعالى عنه (فإن شكوا بانقطاع شرب أو بالة) يقال لا تبلك عندي بالة، أي لا يصيبك مني ندى ولا خير. (س) وفي حديث المغيرة (بليلة الإرعاد) أي لا تزال ترعد وتهدد. البليلة: الريح فيها ندى، والجنوب أبل الرياح، جعل الإرعاد مثلا للوعيد والتهديد، من قولهم أرعد الرجل وأبرق إذا تهدد وأوعد. (س) وفي حديث لقمان (ما شئ أبل للجسم من اللهو) هو شئ كلحم العصفور، أي أشد تصحيحا وموافقة له. - وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه كتب يستحضر المغيرة من البصرة: يمهل ثلاثا ثم يحضر على بلته) أي على ما فيه من الإساءة والعيب. وهو بضم الباء. (ه) وفي حديث عثمان (ألست ترعى بلتها) البلة نور العضاء قبل أن ينعقد. (بلم) س) في حديث الدجال (رأيته بيلمانيا أقمر هجانا) أي ضخم منتفخ. ويروى بالفاء.
[ 153 ]
- وفي حديث السقيفة (كقد الأبلمة) أي خوصة المقل. وقد تقدم في الهمزة. بلن * فيه (ستفتحون بلادا فيها بلانات) أي حمامات. والأصل بلالات فأبدل اللام نونا. (بلور * في حديث جعفر الصادق (لا يحبنا أهل البيت الأحدب الموجه ولا الأعور البلورة) قال أبو عمر الزاهد: هو الذي عينه ناتئة، هكذا شرحه ولم يذكر أصله. (بله) س) في حديث نعيم الجنة (ولا خطر على قلب بشر، بله ما اطلعتم عليه) بله من أسماء الأفعال بمعنى دع واترك، تقول بله زيدا. وقد يوضع موضع المصدر ويضاف، فيقال بله زيد، أي ترك زيد. وقوله ما اطلعتم عليه: يحتمل أن يكون منصوب المحل ومجروره على التقديرين، والمعنى: دع ما اطلعتم عليه من نعيم الجنة وعرفتموه من لذاتها. (ه) وفيه (أكثر أهل الجنة البله) هو جمع الأبله وهو الغفل عن الشر المطبوع على وقيل هم الذين غلبت عليهم سلامة الصدور وحسن الظن بالناس، لأنهم أغفلوا أمر دنياهم فجهلوا حذق التصرف فيها، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها، فاستحقوا أن يكونوا أكثر أهل الجنة. فأما الأبله وهو الذي لا عقل له فغير مراد في الحديث. - وفي حديث الزبرقان (خير أولادنا الأبله العقول) يريد أنه لشدة حيائه كالأبله وهو عقول. (بلا * في حديث كتاب هرقل (فمشى قيصر إلى إيلياء لما أبلاه الله تعالى) قال القتيبي: يقال من الخير أبليته أبليه إبلاء. ومن الشر بلوته أبلوه بلاء. والمعروف أن الإبتلاء يكون في الخير والشر معا من غير فرق بين فعليهما. ومنه قوله تعالى (ونبلوكم بالشر والخير فتنة) وإنما مشى قيصر شكرا لاندفاع فارس عنه. (س) ومنه الحديث (من أبلي فذكر فقد شكر) الإبلاء: الإنعام والإحسان، يقال بلوت الرجل وأبليت عنده بلاء حسنا. والابتلاء في الأصل الاختبار والامتحان. يقال بلوته وأبليته وابتليته. - ومنه حديث كعب بن مالك (ما علمت أحدا أبلاه الله أحسن مما أبلاني). - ومنه الحديث (اللهم لا تبلنا إلا بالتي هي أحسن) أي لا تمتحنا.
[ 154 ]
- وفيه (إنما النذر ما ابتلي به وجه الله تعالى) أي أريد به وجهه وقصد به. (س) وفي حديث بر الوالدين (أبل الله تعالى عذرا في برها) أي أعطه وأبلغ العذر فيها إليه. المعنى أحسن فيما بينك وبين الله تعالى ببرك إياها. - وفي حديث سعد يوم بدر (عسى أن يعطى هذا من لا يبلي بلائي) أي لا يعمل مثل عملي في الحرب، كأنه يريد أفعل فعلا أختبر فيه، ويظهر به خيري وشري. (س) وفي حديث ام سلمة (إن من أصحابي من لا يراني بعد أن فارقني. فقال لها عمر رضي الله عنهما: بالله أمنهم أنا ؟ قالت: لا، ولن أبلي أحدا بعدك) أي لا أخبر بعدك أحدا. وأصله من قولهم أبليت فلانا يمينا، إذا حلفت له بيمين طيبت بها نفسه. وقال ابن الأعرابي: أبلى بمعنى أخبر. (س) وفيه (وتبقى حثالة لا يباليهم الله بالة) وفي رواية لا يبالي بهم الله بالة، أي لا يرفع لهم قدرا ولا يقيم لهم وزنا. وأصل بالة بالية، مثل عافاه عافية، فحذفوا الياء منها تخفيفا كما حذفوا ألف لم أبل، يقال ما باليته وما باليت به، أي لم أكترث به. - ومنه الحديث (هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي) حكى الأزهري عن جماعة من العلماء أن معناه لا أكره. (س) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (ما أباليه بالة). (س) وفي حديث الرجل مع عمله وأهله وماله (قال هو أقلهم به بالة) أي مبالاة. [ ه ] وفي حديث خالد بن الوليد رضي الله عنه (أما وابن الخطاب حي فلا، ولكن إذا كان الناس بذي بلي وذي بلي) وفي رواية بذي بليان، أي إذا كانوا طوائف وفرقا من غير إمام، وكل من بعد عنك حتى لا تعرف موضعه فهو بذي بلي، وهو من بل في الأرض إذا ذهب، أراد ضياع أمور الناس بعده. - وفي حديث عبد الرزاق (كانوا في الجاهلية يعقرون عند القبر بقرة أو ناقة أو شاة ويسمون العقيرة البلية)، كان إذا مات لهم من يعز عليهم أخذوا ناقة فعقلوها عند قبره فلا تعلف ولا تسقى إلى أن تموت، وربما حفروا لها حفيرة وتركوها فيها إلى أن تموت، ويزعمون أن الناس يحشرون يوم القيامة ركبانا على البلايا إذا عقلت مطاياهم عند قبورهم،
[ 155 ]
هذا عند من كان يقر منهم بالبعث. (ه) وفي حديث حذيفة رضي الله عنه (لتبتلن لها إمما أو لتصلن وحدانا) أي لتختارون هكذا أورده الهروي في هذا الحرف، وجعل أصله من الابتلاء: الاختبار، وغيره ذكر في الباء وللتاء واللام. وقد تقدم، وكأنه أشبه. والله أعلم. باب الباء مع النون (بند) س) في حديث أشراط الساعة (أن تغزو الروم فتسير بثمانين بندا) البند: العلم الكبير وجمعه بنود. (بنس) س) في حديث عمر رضي الله عنه (بنسوا عن البيوت لا تطم امرأة أو صبي يسمع كلامكم) أي تأخروا لئلا يسمعوا ما يستضرون به من الرفث الجاري بينكم. (بنن * في حديث جابر رضي الله عنه وقتل أبيه يوم أحد (ما عرفته إلا ببنانه) البنان: الأصابع. وقيل أطرافها، واحدتها بنانة. (ه) وفيه (إن للمدينة بنة) البنة: الريح الطيبة، وقد تطلق على المكروهة، والجمع بنان. (ه) ومنه حديث علي (قال له الأشعث بن قيس ما أحسبك عرفتني يا أمير المؤمنين، قال: بلى وإني لأجد بنة الغزل منك) أي ريح الغزل، رماه بالحياكة. قيل كان أبو الأشعث يولع بالنساجة. (س) وفي حديث شريح (قال له أعرابي - وأراد أن يعجل عليه بالحكومة - تبنن) أي تثبت. وهو من قولهم أبن بالمكان إذا أقام فيه. - وفيه ذكر (بنانة) وهي بضم الباء وتخفيف النون الأولى: محلة من المحال القديمة بالبصرة. (بنها * هو بكسر الباء وسكون النون: قرية من قرى مصر بارك النبي صلى الله عليه وسلم في عسلها، والناس اليوم يفتحون الباء. (بنا * في حديث الاعتكاف (فأمر ببنائه فقوض) البناء واحد الأبنية، وهي البيوت التي تسكنها العرب في الصحراء، فمنها الطراف، والخباء، والبناء، والقبضة، والمضرب. وقد تكرر ذكره مفردا ومجموعا في الحديث.
[ 156 ]
- وفي حديث أنس رضي الله عنه (كان أول ما أنزل الحجاب في مبتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب) الابتناء والبناء: الدخول بالزوجة. والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها، فيقال بنى الرجل على أهله. قال الجوهري: ولا يقال بنى بأهله. وهذا القول فيه نظر، فإنه قد جاء في غير موضع من الحديث وغير الحديث. وعاد الجوهري استعمله في كتابه. والمبتنى ها هنا يراد به الابتناء، فأقامه مقام المصدر. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (قال: يا نبي الله متى تبنيني) أي متى تدخلني على زوجتي. وحقيقته متى تجعلني أبتني بزوجتي. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (ما رأيته صلى الله عليه وسلم متقيا الأرض بشئ إلا أني أذكر يوم مطر فإنا بسطنا له بناء) أي نطعا، هكذا جاء تفسيره. ويقال له أيضا المبناة. (س) وفي حديث سليمان عليه السلام (من هدم بناء ربه تبارك وتعالى فهو ملعون) يعني من قتل نفسا بغير حق، لأن الجسم بنيان خلقه الله تعالى وركبه. (س) وفي حديث البراء بن معرور (رأيت أن لا أجعل هذه البنية مني بظهر) يريد الكعبة. وكانت تدعى بنية إبراهيم عليه السلام، لأنه بناها، وقد كثر قسمهم برب هذه البنية. (س) وفي حديث أبي حذيفة (أنه تبنى سالما) أي اتخذه ابنا، وهو تفعل من الإبن. (س) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (كنت ألعب بالبنات) أي التماثيل التي تلعب بها الصبايا. وهذه اللفظة يجوز أن تكون من باب الباء والنون والتاء، لأنها سلامة لبنت على ظاهر اللفظ. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه سأل رجلا قدم من الثغر فقال: هل شرب الجيش في البنيات الصغار ؟ قال: لا، إن القوم ليؤتون بالإناء فيتداولونه حتى يشربوه كلهم) البنيات ها هنا: الأقداح الصغار. (س) وفيه (من بنى في ديار العجم فعمل نيروزهم ومهرجانهم حشر معهم) قال أبو موسى: هكذا رواه بعضهم. والصواب تنأ، أي أقام. وسيذكر في موضعه. (ه) وفي حديث المخنث يصف امرأة (إذا قعدت تبنت) أي فرجت رجليها لضخم ركبها، كأنه شبهها بالقبة من الأدم، وهي المبناة لسمنها وكثرة لحمها. وقيل شبهها بها إذا ضربت وطنبت انفرجت، وكذلك هذه إذا قعدت تربعت وفرجت رجليها.
[ 157 ]
باب الباء مع الواو (بوأ) ه) فيه (أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي) أي ألتزم وأرجع وأقر، وأصل البواء اللزوم. (ه) ومنه الحديث (فقد باء أحدهما) أي التزمه ورجع به. - ومنه حديث وائل بن حجر (إن عفوت عنه يبوء بإثمه وإثم صاحبه) أي كان عليه عقوبة ذنبه وعقوبة قتل صاحبه، فأضاف الإثم إلى صاحبه، لأن قتله سبب لإثمه. وفي رواية (إن قتله كان مثله) أي في حكم البواء وصارا متساويين لا فضل للمقتص إذا استوفى حقه على المقتص منه. (ه) وفي حديث آخر (بؤ للأمير بذنبك) أي اعترف به. (ه) وفيه (من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار) قد تكررت هذه اللفظة في الحديث، ومعناها لينزل منزله من النار، يقال بوأه الله منزلا، أي أسكنه إياه، وتبوأت منزلا، أي اتخذته، والمباءة: المنزل. ومنه الحديث (قال له رجل: أصلي في مباءة الغنم ؟ قال نعم) أي منزلها الذي تأوي إليه، وهو المتبوأ أيضا. (ه) ومنه الحديث (أنه قال في المدينة: ها هنا المتبوأ). (ه) وفيه (عليكم بالباءة) يعني النكاح والتزوج. يقال فيه الباءة والباء، وقد يقصر، وهو من الباءة: المنزل، لأن من تزوج امرأة بوأها منزلا. وقيل لأن الرجل يتبوأ من أهله، أي يستمكن كما يتبوأ من منزله. ومنه الحديث الآخر (أن امرأة مات زوجها فمر بها رجل وقد تزينت للباءة). (س) وفيه (أن رجلا بوأ رجلا برمحه) أي سدده قبله وهيأه له. (س) وفيه (أنه كان بين حيين من العرب قتال، وكان لأحدهما طول على الآخر، فقالوا لا نرضى حتى يقتل بالعبد منا الحر منهم، وبالمرأة الرجل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتباءوا) قال أبو عبيد: كذا قال هشيم، والصواب يتباوأوا بوزن يتقاتلوا، من البواء وهو
[ 158 ]
المساواة، يقال باوأت بين القتلى، أي ساويت. وقال غيره يتباءوا صحيح، يقال باء به إذا كان كفؤا له. وهم بواء، أي أكفاء، معناه ذوو بواء. (ه) ومنه الحديث (الجراحات بواء) أي سواء في القصاص، لا يؤخذ إلا ما يساويها في الجرح. - ومنه حديث الصادق (قيل له: ما بال العقرب مغتاظة على ابن آدم ؟ فقال: تريد البواء) أي تؤذي كما تؤذى. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (فيكون الثواب جزاء والعقاب بواء). (بوج) ه) فيه (ثم هبت ريح سوداء فيها برق متبوج) أي متألق برعود وبروق، من انباج ينباج إذا انفتق. (س) ومنه قول الشماخ في مرثيه عمر رضي الله عنه: قضيت أمورا ثم غادرت بعدها * بوائح في أكمامها لم تفتق البوائح: الدواهي، جمع بائجة. (س) وفي حديث عمر (اجعلها باجا واحدا) أي شيئا واحدا. وقد يهمز، وهو فارسي معرب. (بوح) ه) فيه (إلا أن يكون كفرا بواحا) أي جهارا، من باح بالشئ يبوح به إذا أعلنه. ويروى بالراء، وقد تقدم. (ه) وفيه (ليس للنساء من باحة الطريق شئ) أي وسطه. وباحة الدار وسطها. - ومنه الحديث (نظفوا أفنيتكم ولا تدعوها كباحة اليهود). - وفيه (حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح ذراريكم) أي نسبيهم وننهبهم ونجعلهم له مباحا، أي لا تبعة عليه فيهم. يقال أباحه يبيحه، واستباحه يستبيحه. والمباح. خلاف المحذور، وقد تكرر في الحديث. (بور) ه) فيه (فأولئك قوم بور) أي هلكى، جمع بائر. والبوار الهلاك. (س) ومنه حديث علي (لو عرفناه أبرنا عترته) وقد تقدم في الهمزة.
[ 159 ]
- ومنه حديث أسماء (في ثقيف كذاب ومبير) أي مهلك يسرف في إهلاك الناس. يقال بار الرجل يبور بورا فهو بائر. وأبار غيره فهو مبير. (ه) ومنه حديث عمر (الرجال ثلاثة: فرجل حائر بائر) إذا لم يتجه لشئ، قيل هو اتباع لحائر. (ه) وفي كتابه صلى الله عليه وسلم لأكيدر (وأن لكم البور والمعامي) البور الأرض التي لم تزرع، والمعامي المجهولة، وهو بالفتح مصدر وصف به، ويروى بالضم وهو جمع البوار، وهي الأرض الخراب التي لم تزرع. (ه) وفيه (نعوذ بالله من بوار الأيم) أي كسادها، من بارت السوق إذا كسدت، والأيم التي لا زوج لها وهي مع ذلك لا يرغب فيها أحد. (س) وفيه (أن داود سأل سليمان عليهما السلام، وهو يبتار علمه) أي يختبره ويمتحنه. (ه) ومنه الحديث (كنا نبور أولادنا بحب علي رضي الله عنه). (س) وحديث علقمة الثقفي (حتى والله ما نحسب إلا أن ذاك شئ يبتار به إسلامنا). وفيه (كان لا يرى بأسا بالصلاة على البوري) هي الحصير المعمول من القصب. ويقال فيها بارية وبورياء. (بوص) ه) فيه (أنه كان جالسا في حجرة قد كاد ينباص عنه الظل) أي ينتقص عنه ويسبقه ويفوته. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أنه أراد أن يستعمل سعيد بن العاص فباص منه) أي هرب واستتر وفاته. (ه) وحديث ابن الزبير (أنه ضرب أزب حتى باص). (بوع) ه) فيه (إذا تقرب العبد مني بوعا أتيته هرولة) البوع والباع سواء، وهو قدر مد اليدين وما بينهما من البدن، وهو ها هنا مثل لقرب ألطاف الله تعالى من العبد إذا تقرب إليه بالإخلاص والطاعة. (بوغ [ ه ] في حديث سطيح: تلفه في الريح بوغاء الدمن *
[ 160 ]
البوغاء: التراب الناعم، والدمن ما تدمن منه، أي تجمع وتلبد. وهذا اللفظ كأنه من المقلوب، تقديره تلفه الريح في بوغاء الدمن، ويشهد له الرواية الأخرى (تلفه الريح ببوغاء الدمن). - ومنه الحديث في أرض المدينة (إنما هي سباخ وبوغاء). (بوق) ه) فيه (لايدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه) أي غواثله وشروره، واحدها بائقة، وهي الداهية. - ومنه حديث المغيرة (ينام عن الحقائق ويستيقظ للبوائق). وقد تكرر في الحديث. (بوك * فيه (أنهم يبوكون حسي تبوك بقدح) البوك: تثوير الماء بعود ونحوه ليخرج من الأرض، وبه سميت غزوة تبوك. والحسي العين كالحفر. (ه) ومنه الحديث (أن بعض المنافقين باك عينا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع فيها سهما). - وفي حديث عمر بن عبد العزيز (أنه رفع إليه رجل قال لرجل - وذكر امرأة أجنبية - إنك تبوكها، فأمر بحده) أصل البوك في ضراب البهائم، وخاصة الحمير، فرأى عمر ذلك قذفا وإن لم يكن صرح بالزنا. (س) ومنه حديث سليمان بن عبد الملك (أن فلانا قال لرجل من قريش علام تبوك يتيمتك في حجرك، فكتب إلى ابن حزم أن اضربه الحد). (ه) وفي حديث ابن عمر (أنه كانت له بندقة من مسك، فكان يبلها ثم يبوكها) أي يديرها بين راحتيه. (بول) س) فيه (من نام حتى أصبح فقد بال الشيطان في أذنه) قيل معناه سخر منه وظهر عليه حتى نام عن طاعة الله عز وجل، كقول الشاعر: بال سهيل في الفضيخ ففسد * أي لما كان الفضيخ يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدا له. (س) وفي حديث آخر عن الحسن مرسلا (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فإذا نام شغر الشيطان برجله فبال في أذنه). (س) وحديث ابن مسعود (كفى بالرجل شرا أن يبول الشيطان في أذنه) وكل هذا على سبيل المجاز والتمثيل.
[ 161 ]
- وفيه (أنه خرج يريد حاجة فاتبعه بعض أصحابه فقال: تنح فإن كل بائلة تفيخ) يعني أن من يبول يخرج منه الريح، وأنث البائل ذهابا إلى النفس. - وفي حديث عمر رضي الله عنه (ورأى أسلم يحمل متاعه على بعير من إبل الصدقة، قال: فهلا ناقة شصوصا أو ابن لبون بوالا) وصفه بالبول تحقيرا لشأنه وأنه ليس عنده ظهر يرغب فيه لقوة حمله، ولا ضرع فيحلب، وإنما هو بوال. (س) وفيه (كان للحسن والحسين قطيفة بولانية) هي منسوبة إلى بولان: اسم موضع كان يسرق فيه الأعراب متاع الحاج. وبولان أيضا في أنساب العرب. (س) وفيه (كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أبتر) البل: الحال والشأن. وأمر ذو بال أي شريف يحتفل له ويهتم به. والبل في غير هذا: القلب. (س) ومنه حديث الأحنف (أنه نعي له فلان الحنظلي فما ألقى له بالا) أي فما استمع إليه ولا جعل قلبه نحوه. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث المغيرة (أنه كره ضرب البالة) هي بالتخفيف حديدة يصاد بها السمك يقال للصياد ارم بها فما خرج فهو لي بكذا، وإنما كرهه لأنه غرر ومجهول. (بولس * فيه (يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر حتى يدخلوا سجنا في جهنم يقال له بولس) هكذا جاء في الحديث مسمى. (بون) س) في حديث خالد (فلما ألقى الشأم بوانيه عزلني واستعمل غيري) أي خيره وما فيه من السعة والنعمة. والبواني في الأصل: أضلاع الصدر. وقيل الأكتاف والقوائم. الواحد بانية. ومن حق هذه الكلمة أن تجئ في باب الباء والنون والياء. وإنما ذكرناها ها هنا حملا على ظاهرها، فإنها لم ترد حيث وردت إلا مجموعة. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (ألقت السماء برك بوانيها) يريد ما فيها من المطر. - وفي حديث النذر (أن رجلا نذر أن ينحر إبلا ببوانة) هي بضم الباء، وقيل بفتحها: هضبة من ورضاء ينبع. باب الباء مع الهاء (بهأ [ ه ] في حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه (أنه رأى رجلا يحلف عند المقام، فقال: أرى الناس قد بهأوا بهذا المقام) أي أنسوا حتى قلت هيبته في نفوسهم.
[ 162 ]
يقال قد بهأت به أبهأ. ومنه حديث ميمون بن مهران (أنه كتب إلى يونس بن عبيد: عليك بكتاب الله فإن الناس قد بهأوا به واستخفوا عليه أحاديث الرجال) قال أبو عبيد: روي بهوا به، غير مهموز، وهو في الكلام مهموز. (بهت * في حديث بيعة النساء (ولا يأتين ببهتان يفترينه) هو الباطل الذي يتحير منه، وهو من البهت التحير، والألف والنون زائدتان. يقال بهته يبهته. والمعنى لا يأتين بولد من غير أزواجهن فينسبنه إليهم. والبهت: الكذب والإفتراء. - ومنه حديث الغيبة (وإن لم يكن ما تقول فقد بهته) أي كذبت وافتريت عليه. (س) ومنه حديث ابن سلام في ذكر اليهود (إنهم قوم بهت) هو جمع بهوت من بناء المبالغة في البهت، مثل صبور وصبر، ثم سكن تخفيفا. (بهج * في حديث الجنة (فإذا رأى الجنة وبهجتها) أي حسنها وما فيها من النعيم. يقال بهج الشئ يبهج فهو بهيج، وبهج به - بالكسر - إذا فرح وسر. (بهر) ه) فيه (أنه سار حتى ابهار الليل) أي انتصف. وبهرة كل شئ وسطه. وقيل ابهار الليل إذا طلعت نجومه واستنارت، والأول أكثر. (ه) ومنه الحديث (فلما أبهر القوم احترقوا) أي صاروا في بهرة النهار، وهو وسطه. (س) والحديث الآخر (صلاة الضحى إذا بهرت الشمس الأرض) أي غلبها ضوءها ونورها. - وفي حديث علي رضي الله عنه (قال له عبد خير: أصلي الضحى إذا بزغت الشمس ؟ قال: لا حتى تبهر البتيراء) أي يستنير ضوءها. (س) وفي حديث الفتنة (إن خشيت أن يبهرك شعاع السيف) (ه) وفيه (وقع عليه البهر) هو بالضم: ما يعتري الإنسان عند السعي الشديد والعدو، من النهيج وتتابع النفس.
[ 163 ]
- ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه أصابه قطع أو بهر) وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه رفع إليه غلام ابتهر جارية في شعر) الابتهار أن يقذف المرأة بنفسه كاذبا، فإن كان صادقا فهو الابتيار، على قلب الهاء ياء. - ومنه حديث العوام بن حوشب (الابتهار بالذنب أعظم من ركوبه) لأنه لم يدعيه لنفسه إلا وهو لو قدر لفعل، فهو كفاعله بالنية، وزاد عليه بقحته وهتك ستره وتبجحه بذنب لم يفعله. (ه) وفي حديث ابن العاص (إن ابن الصعبة ترك مائة بهار، في كل بهار ثلاثة قناطير ذهب وفضة) البهار عندهم ثلثمائة رطل. قال أبو عبيد: وأحسبها غير عربية. وقال الأزهري: هو ما يحمل على البعير بلغة أهل الشام، وهو عربي صحيح. وأراد بابن الصعبة طلحة بن عبيد الله، كان يقال لأمه الصعبة. (بهرج) س) فيه (أنه بهرج دم ابن الحارث) أي أبطله. (ه) ومنه حديث أبي محجن (أما إذ بهرجتني فلا أشربها أبدا) يعني الخمر، أي أهدرتني بإسقاط الحد عني. (ه) وفي حديث الحجاج (أنه أتي بجراب لؤلؤ بهرج) أي ردئ. والبهرج: الباطل. وقال القتيبي: أحسبه بجراب لؤلؤ بهرج، أي عدل به عن الطريق المسلوك خوفا من العشار. واللفظة معربة. وقيل هي كلمة هندية أصلها نبهله، وهو الردئ فنقلت إلى الفارسية فقيل نبهره، ثم عربت فقيل بهرج. (بهز) ه) فيه (أنه أتي بشارب فخفق بالنعال وبهز بالأيدي) البهز: الدفع العنيف. (بهش) ه) فيه (أنه كان يدلع لسانه للحسن بن علي فإذا رأى حمرة لسانه بهش إليه) يقال للإنسان إذا نظر إلى الشئ فأعجبه واشتهاه وأسرع نحوه: قد بهش إليه. - ومنه حديث أهل الجنة (وإن أزواجه لتبتهشن عند ذلك ابتهاشا). (ه) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أن رجلا سأله عن حية قتلها فقال: هل بهشت إليك ؟) أي أسرعت نحوك تريدك.
[ 164 ]
- والحديث الآخر (ما بهشت لهم بقصبة) أي ما أقبلت وأسرعت إليهم أدفعهم عني بقصبة. (ه) وفيه (أنه قال لرجل: أمن أهل البهش أنت ؟) البهش: المقل الرطب وهو من شجر الحجاز، أراد أمن أهل الحجاز أنت ؟. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (بلغه أن أبا موسى يقرأ حرفا بلغته، فقال: إن أبا موسى لم يكن من أهل البهش) أي ليس بحجازي. - ومنه حديث أبي ذر (لما سمع بخروج النبي صلى الله عليه وسلم أخذ شيئا من بهش فتزوده حتى قدم عليه). (س) وفي حديث العرنيين (اجتوينا المدينة وابتهشت لحومنا) يقال للقوم إذا كانوا سود الوجوه قباحا: وجوه البهش. (بهل [ ه ] في حديث أبي بكر (من ولي من أمر الناس شيئا فلم يعطهم كتاب الله فعليه بهلة الله) أي لعنة الله، وتضم باؤها وتفتح. والمباهلة الملاعنة، وهو أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شئ فيقولوا لعنة الله على الظالم منا. [ ه ] ومنه حديث ابن عباس (من شاء باهلته أن الحق معي). - وحديث ابن الصبغاء (قال الذي بهله بريق) أي الذي لعنه ودعا عليه. وبريق اسم رجل. - وفي حديث الدعاء (والابتهال أن تمد يديك جميعا) وأصله التضرع والمبالغة في السؤال. (بهم) ه) فيه (يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة بهما) البهم جمع بهيم، وهو في الأصل الذي لا يخالط لونه لون سواه، يعني ليس فيهم شئ من العاهات والأعراض التي تكون في الدنيا كالعمى والعور والعرج وغير ذلك، وإنما هي أجساد مصححة لخلود الأبد في الجنة أو النار. وقال بعضهم في تمام الحديث: (قيل وما البهم ؟ قال: ليس معهم شئ)، يعني من أعراض الدنيا، وهذا يخالف الأول من حيث المعنى. - وفي حديث عياش بن أبي ربيعة (والأسود البهيم كأنه من ساسم) أي المصمت
[ 165 ]
الذي لم يخالط لونه لون غيره. [ ه ] وفي حديث علي رضي الله عنه (كان إذا نزل به إحدى المبهمات كشفها) يريد مسألة معضلة مشكلة، سميت مبهمة لأنها أبهمت عن البيان فلم يجعل عليها دليل. - ومنه حديث قس: - تجلو دجنات الدياجي والبهم * البهم جمع بهمة بالضم، وهي مشكلات الأمور. (ه) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أنه سأل عن قوله تعالى (وحلائل أبنائكم الذين من أصلابكم) ولم يبين أدخل بها الابن أم لا، فقال: أبهموا ما أبهم الله) قال الأزهري: رأيت كثيرا من أهل العلم يذهبون بهذا إلى إبهام الأمر وإشكاله، وهو غلط. قال وقوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم) إلى قوله (وبنات الأخت) هذا كله يسمى التحريم المبهم، لأنه لا يحل بوجه من الوجوه، كالبهيم من ألوان الخيل الذي لا شية فيه تخالف معظم لونه، فلما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن قوله تعالى (وأمهاتكم نسائكم) ولم يبين الله تعالى الدخول بهن أجاب فقال: هذا من مبهم التحريم الذي لا وجه فيه غيره، سواء دخلتم بنسائكم أو لم تدخلوا بهن، فأمهات نسائكم محرمات من جميع الجهات. وأما الربائب فلسن من المبهمات، لأن لهن وجهين مبينين، أحللن في أحدهما وحرمن في الآخر، فإذا دخل بأمهات الربائب حرمت الربائب، وإن لم يدخل بهن لم يحرمن، فهذا تفسير المبهم الذي أراد ابن عباس، فافهمه. انتهى كلام الأزهري. وهذا التفسير منه إنما هو للربائب والأمهات لا لحلائل الأبناء، وهو في أول الحدديث إنما جعل سؤال ابن عباس عن الحلائل لا الربائب والأمهات. - وفي حديث الإيمان والقدر (وترى الحفاة العراة رعاء الإبل والبهم يتطاولون في البنيان) البهم جمع بهمة وهي ولد الضأن الذكر والأنثى، وجمع البهم بهام، وأولاد المعز سخال، فإذا اجتمعا اطلق عليهما البهم والبهام، قال الخطابي: أراد برعاء الإبل والبهم الأعراب وأصحاب البوادي الذين ينتجعون مواقع الغيث ولا تستقر بهم الدار، يعني أن البلاد تفتح فيسكنونها ويتطاولون في البنيان. وجاء في رواية (رعاة الإبل البهم) بضم الباء والهاء على نعت الرعاة وهم السود. وقال الخطابي: البهو بالضم جمع البهيم، وهو المجهول الذي لا يعرف.
[ 166 ]
(س) وفي حديث الصلاة (إن بهمة مرت بين يديه وهو يصلي). (س) والحديث الآخر (أته قال للراعي ما ولدت ؟ قال: بهمة، قال: اذبح مكانها شاة) فهذا يدل على أن البهمة اسم للأنثى، لأنه إنما سأله ليعلم أذكرا ولد ام أنثى، وإلا فقد كان يعلم أنه إنما ولد أحدهما. (بهن [ ه ] في حديث هوازن (أنهم خرجوا بدريد بن الصمة يتبهنون به) قيل إن الراوي غلط وإنما هو: يتبهنسون به. والتبهنس كالتبختر في المشي، وهي مشية الأسد أيضا. وقيل إنما هو تصحيف: يتيمنون به، من اليمن ضد الشؤم. (س) وفي حديث الأنصار (ابهنوا منها آخر الدهر) أي افرحوا وطيبوا نفسا بصحبتي، من قولهم امرأة بهنانة أي ضاحكة طيبة النفس والأرج. (بهبه * في صحيح مسلم (به به إنك لضخم) قيل هي بمعنى بخ بخ، يقال بخبخ به وبهبه، غير أن الموضع لا يحتمله إلا على بعد، لأنه قال إنك لضخم كالمنكر عليه، وبخ بخ لا يقال في الإنكار. (بها * في حديث عرفة (يباهي بهم الملائكة) المباهاة: المفاخرة، وقد باهى به يباهي مباهاة. - ومنه الحديث (من أشراط الساعة أن يتباهى الناس في المساجد) وقد تكرر ذكرها في الحديث. (ه) وفي حديث أم معبد (فحلب فيه ثجا حتى علاه البهاء) أراد بهاء اللبن، وهو وبيص رغوته. (ه) وفيه (تنتقل العرب بأبهائها إلى ذي الخلصة) أي ببيوتها، وهو جمع البهو للبيت المعروف. (س) وفيه (أنه سمع رجلا يقول حين فتحت مكة: أبهوا الخيل فقد وضعت الحرب أوزارها) أي أعروا ظهورها ولا تركبوها فما بقيتم تحتلجون إلى الغزو، من أبهى البيت إذا تركه غير مسكون. وبيت باه أي خال. وقيل إنما أراد وسعوا لها في العلف وأريحوها، لا عطلوها من الغزو، والأول الوجه، لأن تمام الحديث فقال (لا تزالون تقاتلون الكفار حتى
[ 167 ]
يقاتل بقيتكم الدجال). * باب الباء مع الياء (بيت) ه) فيه (بشر خديجة ببيت من قصب) بيت الرجل داره وقصره وشرفه، أراد بشرها من زمردة أو لؤلؤة مجوفة. (ه) وفي شعر العباس رضي الله عنه يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: حتى احتوى بيتك المهيمن من * خندف علياء تحتها النطق أراد شرفه، فجعله في أعلى خندف بيتا. والمهيمن: الشاهد بفضلك. (س) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيت قيمته خمسون درهما) أي متاع بيت، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه. (ه) وفي حديث أبي ذر (كيف تصنع إذا مات الناس حتى يكون البيت بالوصيف) أراد بالبيت ها هنا القبر، والوصيف: الغلام، أراد أن مواضع القبور تضيق فيبتاعون كل قبر بوصيف. - وفيه (لا صيام لمن لم يبيت الصيام) أي ينويه من الليل. يقال بيت فلان رأيه إذا فكر فيه وخمره. وكل ما فكر فيه ودبر بليل فقد بيت. ومنه الحديث (هذا أمر بيت بليل). - والحديث الآخر (أنه كان لا يبيت مالا ولا يقيله) أي إذا جاءه مال لم يمسكه إلى الليل ولا إلى القائلة، بل يعجل قسمته. - والحديث الآخر (أنه سئل عن أهل الدار يبيتون) أي يصابون ليلا. وتبييت العدو: هو أن يقصد في الليل من غير أن يعلم فيؤخذ بغتة، وهو البيات. - ومنه الحديث (إذا بيتم فقولوا حم لا ينصرون) وقد تكرر في الحديث. وكل من أدركه الليل فقد بات يبيت، نام أو لم ينم.
[ 168 ]
(بيج * في حديث أبي رجاء (أيما أحب إليك كذا وكذا، أو بياج مربب ؟) قال الجوهري: البياج بكسر الباء ضرب من السمك، وربما فتح وشدد. وقيل إن الكلمة غير عربية. والمربب: المعمول بالصباغ. (بيد) ه) فيه (أنا أفصح العرب بيد أني من قريش) بيد بمعنى غير. - ومنه الحديث الآخر (بيد أنخم أوتوا الكتاب من قبلنا) وقيل معناه على أنهم، وقد جاء في بعض الروايات بايد أنهم، ولم أره في اللغة بهذا المعنى. وقال بعضهم: إنها بأيد، أي بقوة، ومعناه نحن السابقون إلى الجنة يوم القيامة بقوة أعطاناها الله وفضلنا بها. - وفي حديث الحج (بيداؤكم هذه التي تكذبون فيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم) البيداء: المفازة التي لا شئ فيها، وقد تكرر ذكرها في الحديث، وهي ها هنا اسم موضع مخصوص بين مكة والمدينة، وأكثر ما ترد ويراد بها هذه. (ه) ومنه الحديث (إن قوما يغزون البيت، فإذا نزلوا بالبيداء بعث الله جبريل عليه السلام فيقول يا بيداء أبيديهم، فيخسف بهم) أي أهلكيهم. والإبادة: الإهلاك. أباده يبيده، وباد هو يبيد. - ومنه الحديث (فإذا هم بديار باد أهلها) أي هلكوا وانقرضوا. - وحديث الحور العين (نحن الخالدات فلا نبيد) أي لا نهلك ولا نموت. (بيذق * في غزوة الفتح (وجعل أبا عبيدة على البياذقة) هم الرجالة. واللفظة فارسية معربة. وقيل سموا بذلك لخفة حركتهم وأنهم ليس معهم ما يثقلهم. بيرحاء * قد تقدم بيانها في الباء والراء والحاء من هذا الباب. بيشيارج) س) في حديث علي رضي الله عنه (البيشيارجات تعظم البطن) قيل أراد به ما يقدم إلى الضيف قبل الطعام، وهي معربة. ويقال لها الفيشفار جاءت بفاءين. بيض) ه س) فيه (لا تسلط عليهم عدوا من غيرهم فيستبيح بيضتهم) أي مجتمعهم وموضع سلطانهم، ومستقر دعوتهم. وبيضة الدار: وسطها ومعظمها، أراد عدوا
[ 169 ]
يستأصلهم ويهلكهم جميعهم. قيل أراد إذا أهلك أصل البيضة كان هلاك كل ما فيها من طعم أو فرخ، وإذا لم يهلك أصل البيضة ربما سلم بعض فراخها. وقيل أراد بالبيضة الخوذة، فكأنه شبه مكان اجتماعهم والتئامهم ببيضة الحديد. ومنه حديث الحديبية (ثم جئت بهم لبيضتك تفضها) أي أهلك وعشيرتك. - وفيه (لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده) يعني الخوذة. قال ابن قتيبية: الوجه في الحديث أن الله تعالى لما أنزل (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) قال النبي صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده، على ظاهر ما نزل عليه، يعني بيضة الدجاجة ونحوها، ثم أعلمه الله تعالى بعد أن القطع لا يكون إلا في ربع دينار فما فوقه. وأنكر تأويلها بالخوذة، لأن هذا ليس موضع تكثير لما يأخذه السارق، إنما هو موضع تقليل، فإنه لا يقال: قبح الله فلانا عرض نفسه للضرب في عقد جوهر، إنما يقال لعنه الله تعرض لقطع يده في خلق رث، أو كبة شعر. (س) وفيه (أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض) فالأحمر ملك الشام، والأبيض ملك فارس. وإنما قال لفارس الأبيض لبياض ألوانهم ولأن الغالب على أموالهم الفضة، كما أن الغالب على ألوان أهل الشام الحمرة وعلى أموالهم الذهب. (ه) ومنه حديث ظبيان، وذكر حمير فقال (وكانت لهم البيضاء والسوداء، وفارس الحمراء والجزية الصفراء) أراد بالبيضاء الخراب من الأرض، لأنه يكون أبيض لا غرس فيه ولا زرع، وأراد بالسوداء العامر منها لاخضرارها بالشجر والزرع، وأراد بفارس الحمراء تحكمهم عليه وبالجزية الصفراء الذهب، لأنهم كانوا يجبون الخراج ذهبا. - ومنه الحديث (لا تقوم الساعة حتى يظهر الموت الأبيض والأحمر) الأبيض ما يأتي فجأة ولم يكن قبله مرض يغير لونه، والأحمر الموت بالقتل لأجل الدم. (ه) وفي حديث سعد (أنه سئل عن السلت بالبيضاء فكرهه) البيضاء الحنطة، وهي السمراء أيضا، وقد تكرر ذكرها في البيع والزكاة وغيرهما، وإنما كره ذلك لأنهما عنده جنس واحد، وخالفه غيره.
[ 170 ]
(س) وفي صفة أهل النار (فخذ الكافر في النار مثل البيضاء) وقيل هو اسم جبل. - وفيه (كلن يأمرنا أن نصوم الأيام البيض) هذا على حذف المضاف يريد أيام الليالي البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر. وسميت لياليها بيضا لأن القمر يطلع فيها من أولها إلى آخرها، وأكثرها ما تجئ الرواية الأيام البيض، والصواب أن يقال أيام البيض بالإضافة، لأن البيض من صفة الليالي. - وفي حديث الهجرة (فنظرنا فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضن) بتشديد الياء وكسرها، أي لابسين ثيابا بيضا. يقال هم المبيضة والمسودة بالكسر. - ومنه حديث توبة كعب بن مالك (فرأى رجلا مبيضا يزول به السراب) ويجوز أن يكون مبيضا بسكون الباء وتشديد الضاد، من البياض. بيع [ ه ] فيه (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا) هما البائع والمشتري. يقال لكل واحد منهما بيع وبائع. (س) وفيه نهى عن بيعتين في بيعة) هو أن يقول بعتك هذا الثوب نقدا بعشرة ونسيئة بخمسة عشر، فلا يجوز، لأنه لا يدري أيهما الثمن الذي يختاره ليقع عليه العقد. ومن صوره أن يقول بعتك هذا بعشرين على أن تبيعني ثوبك بعشرة فلا يصلح للشرط الذي فيه، ولأنه يسقط بسقوطه بعض الثمن فيصير الباقي مجهولا، وقد نهي عن بيع وشرط، وعن بيع وسلف، وهما هذان الوجهان. (س ه) وفيه (لا يبع أحدكم على بيع أخيه) فيه قولان: أحدهما إذا كان المتعاقدان في مجلس العقد وطلب طالب السلعة بأكثر من الثمن ليرغب البائع في فسخ العقد فهو محرم، لأنه إضرار بالغير، ولكنه منعقد لأن نفس البيع غير مقصود بالنهي، فإنه لا خلل فيه. الثاني أن يرغب المشتري في الفسخ بعرض سلعة أجود منها بمثل ثمنها، أو مثلها بدون ذلك الثمن، فإنه مثل الأول في النهي وسواء كانا قد تعاقدا على المبيع أو تساوما وقاربا الانعقاد ولم يبق إلا العقد، فعلى الأول يكون البيع بمعنى الشراء، تقول بعت الشئ بمعنى اشتريته، وهو اختيار أبي عبيد، وعلى الثاني يكون البيع على ظاهر.
[ 171 ]
(ه) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يغدو فلا يمر بسقاط ولا صاحب بيعة إلا سلم عليه) البيعة بالكسر من البيع: الحالة، كالركبة والقعدة. - وفي حديث المزارعة (نهى عن بيع الأرض) أي كرائها. - وفي حديث آ خر (لا تبيعوها) أي لا تكروها. - وفي الحديث (أنه قال: ألا تبايعوني على الإسلام) هو عبارة عن المعاقدة عليه والمعاهدة، كأن كل واحد منهما باع ما عنده من صاحبه وأعطاه خالصة نفسه وطاعته ودخيلة أمره. وقد تكرر ذكرها في الحديث. بيغ) ه) فيه (لا يتبيغ بأحدكم الدم فيقتله) أي غلبة الدم على الإنسان، يقال تبيغ به الدم إذا تردد فيه. ومنه تبيغ الماء إذا تردد وتحير في مجراه. ويقال فيه تبوغ بالواو. وقيل إنه من المقلوب. أي لا يبغي عليه الدم فيقتله، من البغي: مجاوزة الحد، والأول الوجه. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (ابغني خادما لا يكون قحما فانيا، ولا صغيرا ضرعا، فقد تبيغ بي الدم). بين) ه) فيه (إن من البيان لسحرا) البيان إظهار المقصود بأبلغ لفظ، وهو من الفهم وذكاء القلب، وأصله الكشف والظهور. وقيل معناه أن الرجل يكون عليه الحق وهو أقوم بحجته من خصمه فيقلب الحق ببيانه إلى نفسه، لأن معنى السحر قلب الشئ في عين الإنسان، وليس بقلب الأعيان، ألا ترى أن البليغ يمدح إنسانا حتى يصرف قلوب السامعين إلى حبه، ثم يذمه حتى يصرفها إلى بغضه. - ومنه (البذاء والبيان شعبتان من النفاق) أراد أنهما خصلتان منشؤهما النفاق، أما البذاء وهو الفحش فظاهر، وأما البيان فإنما أراد منه بالذم التعمق في النطق والتفاصح وإظهار التقدم فيه على الناس، وكأنه نوع من العجب والكبر، ولذلك قال في رواية أخرى: البذاء وبعض البيان، لأنه ليس كل البيان مذموما. - ومنه حديث آدم وموسى عليهما السلام (أعطاك الله التوراة فيها تبيان كل شئ)
[ 172 ]
أي كشفه وإيضاحه. وهو مصدر قليل فإن مصادر أمثله بالفتح. (ه) وفيه (ألا إن التبين من الله تعالى والعجلة من الشيطان، فتبينوا) يريد به ها هنا التثبت، كذا قاله ابن الأنباري. (س) وفيه (أول ما يبين على أحدكم فخذه) أي يعرب ويشهد عليه. (ه) وفي حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه (قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه لما أراد أن يشهده على شئ وهبه ابنه النعمان: هل أبنت كل واحد منهم مثل الذي أبنت هذا) أي هل أعطيتهم مثله مالا تبينه به، أي تفرده، والاسم البائنة. يقال طلب فلان البائنة إلى أبويه أو إلى أحدهما، ولا يكون من غيرهما. (ه) ومنه حديث الصديق (قال لعائشة رضي الله عنها: إني كنت أبنتك بنحل) أي أعطيتك. (س) وفيه (من عال ثلاث بنات حتى يبن أو يمتن) يبن بفتح الياء، أي يتزوجن. يقال أبان فلان بنته وبينها إذا زوجها. وبانت هي إذا تزوجت. وكأنه من البين: البعد، أي بعدت عن بيت أبيها. - ومنه الحديث الآخر (حتى بانوا أو ماتوا). - وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه فيمن طلق امرأته ثلاث تطليقات (فقيل له إنها قد بانت منك، فقال صدقوا) بانت المرأة من زوجها أي انفصلت عنه ووقع عليها طلاقه. والطلاق البائن هو الذي لا يملك الزوج فيه استرجاع المرأة إلا بعقد جديد، وقد تكرر ذكرها في الحديث. - وفي حديث الشرب (أبن القدح عن فيك) أي افصله عنه عند التنفس لئلا يسقط فيه شئ من الريق، وهو من البين: البعد والفراق. - ومنه الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم (ليس بالطويل البائن) أي المفرط طولا الذي بعد عن قدر الرجال الطوال. (س وفيه (بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل) أصل بينا: بين، فأشبعت
[ 173 ]
الفتحة فصارت ألفا، يقال بينا وبينما، وهما ظرفا زمان بمعنى المفاجأة، ويضافان إلى جملة من فعل وفاعل، ومبتدأ وخبر، ويحتاجان إلى جواب يتم به المعنى، والأفصح في جوابهما، ألا يكون فيه إذ وإذا، وقد جاءا في الجواب كثيرا، تقول بينا زيد جالس دخل عليه عمرو، وإذ دخل عليه عمرو، وإذا دخل عليه. - ومنه قول الحرقة بنت النعمان: بينا نسوس الناس والأمر أمرنا * إذا نحن فيهم سوقة نتنصف بيا) س) في حديث آدم عليه السلام (أنه استحرم بعد قتل ابنه مائة سنة فلم يضحك حتى جاءه جبريل عليه السلام فقال: حياك الله وبياك) قيل هو إتباع لحياك. وقيل معناه أضحكك. وقيل عجل لك ما تحب. وقيل اعتمدك بالملك. وقيل تغمدك بالتحية. وقيل أصله بوأك، مهموزا فخفف وقلب، أي أسكنك منزلا في الجنة وهيأك له. * باب الباء المفردة أكثر ما ترد الباء بمعنى الإلصاق لما ذكر قبلها من اسم أو فعل بما انضمت إليه، وقد ترد بمعنى الملابسة والمخالطة، وبمعنى من أجل، وبمعنى في ومن وعن ومع، وبمعنى الحال، والعوض، وزائدة، وكل هذه الأقسام قد جاءت في الحديث. وتعرف بسياق اللفظ الواردة فيه. (ه) في حديث صخر (أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن رجلا ظاهر من امرأته ثم وقع عليها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لعلك بذلك يا أبا سلمة، فقال: نعم أنا بذلك) أي لعلك صاحب الواقعة، والباء متعلقة بمحذوف تقديره لعلك المبتلى بذلك. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أنه أتي بامرأة قد فجرت، فقال من بك) أي من الفاعل بك. (س ه) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يشتد بين هدفين فإذا أصاب خصلة قال أنا بها) يعني إذا أصاب الهدف قال أنا صاحبها. (ه) وفي حديث الجمعة (من توضأ للجمعة فبها ونعمت) أي فبالرخصة أخذ، لأن السنة في الجمعة الغسل، فأضمر، تقديره: ونعمت الخصلة هي، فحذف المخصوص بالمدح. وقيل معناه فبالسنة أخذ، والأول أولى.
[ 174 ]
(س) وفيه (فسبح بحمد ربك) الباء هاهنا للالتباس والمخالطة، كقوله تعالى (تنبت بالدهن) أي مختلطة وملتبسة به، ومعناه اجعل تسبيح الله مختلطا وملتبسا بحمده. وقيل الباء للتعدية، كما يقال اذهب به: أي خذه معك في الذهاب، كأنه قال: سبح ربك مع حمدك إياه. (س) ومنه الحديث الآخر (سبحان الله وبحمده) أي وبحمده سبحت. وقد تكرر ذكر الباء المفردة على تقدير عامل محذوف. والله تعالى أعلم.
[ 175 ]
* حرف التاء * باب التاء مع الهمزة تئد) س) في حديث علي والعباس رضي الله عنهما (قال لهما عمر رضي الله عنه تيدكم) أي على رسلكم، وهو من التؤدة، كأنه قال الزموا تؤدتكم. يقال تئد تأدا، كأنه أراد أن يقول تأدكم، فأبدل من الهمزة ياء. هكذا ذكره أبو موسى. والذي جاء في الصحيحن أن عمر رضي الله عنه قال: اتئد أنشدكم بالله، وهو أمر بالتؤدة: التأني. يقال اتأد في فعله وقوله، وتوأد إذا تأنى وتثبت ولم يعجل. واتئد في أمرك: أي تثبت. وأصل التاء فيها واو. وقد تكررت في الحديث. تأر) ه) فيه (إن رجل أتاه فأتأر إليه النظر) أي أحده إليه وحققه. تأق) س [ ه ]) في حديث الصراط (فيمر الرجل كشد الفرس التئق الجواد) أي الممتلئ. يقال أتأقت الإناء إذا ملأته. - ومنه حديث علي (أتأق الحياض بمواتحه). تأم) س) في حديث عمير بن أفصى (متئم أو مفرد) يقال أتأمت المرأة فهي متئم، إذا وضعت اثنين في بطن، في كان ذلك عادتها فهي متآم. والولدان توأمان. والجميع تؤام وتوائم. والمفرد: التي تلد واحدا. * باب التاء مع الباء تبب في حديث أبي لهب (تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ؟) التب: الهلاك. يقال تب يتب تبا، وهو منصوب بفعل مضمر متروك الإظهار. وقد تكرر ذكره في الحديث. - وفي حديث الدعاء (حتى استتب له ما حاول في أعدائك) أي استقام واستمر. تبت) س) في حديث دعاء قيام الليل (اللهم اجعل في قلبي نورا - وذكر سبعا - في
[ 176 ]
التابوت) أراد بالتابوت الأضلاع وما تحويه كالقلب والكبد وغيرهما تشبيها بالصندوق الذي يحرز فيه المتاع، أي أنه مكنون موضوع في الصندوق. تبر) س [ ه ]) فيه (الذهب بالذهب تبرها وعينها، والفضة تبرها وعينها) التبر هو الذهب والفضة قبل أن يضربا دنانير ودراهم، فإذا كانا عينا، وقد يطلق التبر على غيرهما من المعدنيات كالنحاس والحديد والرصاص، وأكثر اختصاصه بالذهب ومنهم من يجعله في الذهب أصلا وفي غيره فرعا ومجازا. - وفي حديث علي رضي الله عنه (عجز حاضر ورأي متبر) أي مهلك. يقال تبره تتبيرا أي كسره وأهلكه. والتبار: الهلاك. وقد تكرر في الحديث. (تبع) س) في حديث الزكاة (في كل ثلاثين تبيع) التبيع ولد البقرة أول سنة. وبقرة متبع: معها ولدها. (ه) ومنه الحديث (إن فلانا اشترى معدنا بمائة شاة متبع) أي يتبعها أولادها. - ومنه حديث الحديبية (وكنت تبيعا لطلحة بن عبيد الله) أي خادما. والتبيع الذي يتبعك بحق يطالبك به. (ه س) ومنه حديث الحوالة (إذا أتبع أحدكم على ملئ فليتبع) أي إذا أحيل على قادر فليحتل. قال الخطابي: أصحاب الحديث يروونه اتبع بتشديد التاء، وصوابه بسكون التاء بوزن أكرم، وليس هذا أمرا على الوجوب، وإنما هو على الرفق والأدب والإباحة. [ ه ] وحديث قيس بن عاصم (قال يا رسول الله ما المال الذي ليس فيه تبعة من طالب ولا ضيف ؟ قال: نعم المال أربعون، والكثير (في ا والهروي: والكثر، بضم الكاف وتسكين الثاء المثلثة) ستون). يريد بالتبعة ما يتبع المال من نوائب الحقوق وهو من تبعت الرجل بحقي. (ه) وفي حديث الأشعري (اتبعوا القرآن ولا يتبعنكم) أي اجعلوه أمامكم ثم اتلوه، وأراد: لا تدعوا تلاوته والعمل به فتكونوا قد جعلتموه وراءكم. وقيل معناه لا يطلبنكم لتضييعكم أياه كما يطلب الرجل صاحبه بالتبعة.
[ 177 ]
- وفي حديث ابن عباس (بينا أنا أقرأ آية في سكة من سكك المدينة، إذ سمعت صوتا من خلفي: أتبع يا ابن عباس، فالتفت فإذا عمر، فقلت أتبعك على أبي بن كعب) أي أسند قراءتك ممن أخذتها، وأحل على من سمعتها منه. - وفي حديث الدعاء (تابع بيننا وبينهم عل الخيرات) أي اجعلنا نتبعهم على ما هم عليه. (ه) ومنه حديث أبي واقد (تابعنا الأعمال فلم نجد فيها أبلغ من الزهد) أي عرفناها وأحكمناها. يقال للرجل إذا أتقن الشئ وأحكمه: قد تابع عمله. (س) وفيه (لا تسبوا تبعا فإنه أول من كسا الكعبة) تبع ملك في الزمان الأول، قيل اسمه أسعد أبو كرب، والتبابعة: ملوك اليمن. قيل كام لا يسمى تبعا حتى يملك حضرموت وسبأ وحمير. (س) وفيه (أول خبر قدم المدينة - يعني من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم - امرأة كان لها تابع من الجن) التابع ها هنا جني يتبع المرأة يحبها. والتابعة جنية تتبع الرجل تحبه. تبل) س) في قصيد كعب بن زهير: - بانت سعاد فقابي اليوم متبول * أي مصاب بتبل، وهو الذحل والعداوة. يقال قلب متبول إذا غلبه الحب وهيمه. (ه) وفيه (ذكر تبالة) هو بفتح التاء وتخفيف الباء: بلد باليمن معروف تبن فيه (إن الرجل ليتكلم بالكلمة يتبن فيها يهوي بها في النار) هو إغماض الكلام والجدل في الدين. يقال قد تبن يتبن تتبينا إذا أدق النظر. والتبانة: الفطنة والذكاء. (ه) ومنه حديث سالم (كنا نقول: الحامل المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من جميع المال حتى تبنتم) أي دققتم النظر فقلتم غير ذلك. - وفي حديث عمر (صلى رجل في تبان وقميص) التبان سراويل صغير يستر العورة المغلظة فقط، ويكثر لبسه الملاحون، وأراد به ها هنا السراويل الصغير. (س) ومنه حديث عمار (أنه صلى في تبان وقال إني ممثون) أي يشتكي مثانته. - وفي حديث عمرو بن معدي كرب (وأشرب التبن من اللبن) التبن - بكسر التاء
[ 178 ]
وسكون الباء - أعظم الأقداح يكاد يروي العشرين، ثم الصحن يروي العشرة، ثم العس يروي الثلاثة، والأربعة، ثم القدح يروي الرجلين، ثم القعب يروي الرجل. (س) وفي حديث عمر بن عبد العزيز (أنه كان يلبس رداء متبنا بالزعفران) أي يشبه لونه التبن. * باب التاء مع التاء تتر * في حديث أبي هريرة (لا بأس بقضاء رمضان تترى) أي متفرقا غير متتابع، والتاء الأولى منقلبة عن واو، وهو من المواترة. والتواتر: أن يجئ الشئ بعد الشئ بزمان، ويصرف تترى ولا يصرف، فمن لم يصرفه جعل الألف للتأنيث كغضبي، ومن صرفه لم يجعلها للتأنيث كألف معزى. * باب التاء مع الجيم تجر * فيه (إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق) سماهم فجارا لما في البيع والشراء من الأيمان الكاذبة والغبن والتدليس والربا الذي لا يتحاشاه أكثرهم، ولا يفطنون له، ولهذا قال في تمامه: إلا من اتقى الله وبر وصدق. وقيل أصل التاجر عندهم الخمار اسم يخصونه به بين التجار. وجمع التاجر تجار بالضم والتشديد، وتجار بالكسر والتخفيف، وبالضم والتخفيف. (س) ومنه حديث أبي ذر (كنا نتحدث أن التاجر فاجر). - وفيه (من يتجر على هذا فيصلي معه) هكذا يرويه بعضهم، وهو يفتعل من التجارة لأنه يشتري بعمله الثواب، ولا يكون من الأجر على هذه الرواية لأن الهمزة لا تدغم في التاء، وإنما يقال فيه يأتجر وقد تقدم ذكره. تجف * فيه (أعد للفقر تجفافا) التجفاف ما يجلل به الفرس من سلاح وآلة تقيه الجراح. وفرس مجفف عليه تجفاف. والجمع التجافيف، والتاء فيه زائدة. وإنما ذكرناه ها هنا حملا على لفظه.
[ 179 ]
تجه * في حديث صلاة الخوف (وطائفة تجاه العدو) أي مقابلهم وحذاءهم، والتاء فيه بدل من واو وجاه، أي مما يلي وجوههم. * باب التاء مع الحاء تحت * فيه (لا تقوم الساعة حتى يهلك الوعول وتظهر التحوت) التحوت: الذي كانوا تحت أقدام الناس لا يعلم بهم لحقارتهم. وجعل تحت الذي هو ظرف نقيض فوق اسما فأدخل عليه لام التعريف وجمعه. وقيل اراد بظهور التحوت ظهور الكنوز التي تحت الأرض. - ومنه حديث أبي هريرة - وذكر أشراط الساعة - فقال: (وإن منها أن تعلو التحوت والوعول) أي يغلب الضعفاء من الناس أقوياءهم، شبه الأشراف بالوعول لارتفاع مساكنها. تحف * فيه (تحفة الصائم الدهن والمجمر) يعني أنه يذهب عنه مشقة الصوم وشدته. والتحفة: طرفة الفاكهة، وقد تفتح الحاء، والجمع التحف ثم تستعمل في غير الفاكهة من الألطاف والنعص (يقال: ما أنعصه بشئ: أي ما أعطاه. (تاج العروس - نعص) قال الأزهري: أصل تحفة وحفة، فأبدلت الواو تاء، فيكون على هذا من حرف الواو. - ومنه حديث أبي عمرة في صفة التمر (تحفة الكبير وصمتة الصغير). (س) ومنه الحديث (تحفة المؤمن الموت) أي ما يصيب المؤمن في الدنيا من الأذى وما له عند الله من الخير الذي لا يصل إليه إلا بالموت، ومنه قول الشاعر: قد قلت إذ مدحوا الحياة فأسرفوا * في الموت ألف فضيلة لا تعرف منها أمان عذلبه بلقائه * وفراق كل معاشر لا ينصف ويشبهه الحديث الآخر (الموت راحة المؤمن). تحا) ه) فيه (التحيات لله) التحيات جمع تحية، قيل أراد بها السلام، يقال حياك الله: أي سلم عليك. وقيل: التحية الملك. وقيل البقاء. وإنما جمع التحية لأن ملوك الأرض يحيون بتحيات مختلفة، فيقال لبعضهم أبيت اللعن، ولبعضهم أنعم صباحا، ولبعضهم اسلم كثيرا، ولبعضهم عش ألف سنة، فقيل للمسلمين قولوا التحيات لله، أي الألفاظ التي تدل على السلام والملك والبقاء هي لله تعالى. والتحية تفعلة من الحياة، وإنما
[ 180 ]
أدغمت لاجتماع الأمثال، والهاء لازمة لها، والتاء زائدة، وإنما ذكرناها ها هنا حملا على ظاهر لفظها. * بالب التاء مع الخاء تخذ * في حديث موسى والخضر عليهما السلام (قال لو شئت لتخذت عليه أجرا) يقال: تخذ يتخذ، بوزن سمع يسمع، مثل أخذ يأخذ. وقرئ لتخذت ولاتخذت. وهو افتعل من تخذ فأدغم إحدى التاءين في الأخرى، وليس من أخذ في شئ، فإن الافتعال من أخذ ائتخذ، لأن فاءها همزة والهمزة لا تدغم في التاء. وقال الجوهري: الاتخاذ، افتعال من الأخذ، إلا أنه أدغم بعد تليين [ الهمزة (الزيادة من ا) ] وإبدال التاء، ثم لما كثر استعماله بلفظ الافتعال توهموا أن التاء أصلية فبنوا منه فعل يفعل، قالوا تخذ يتخذ، وأهل العربية على خلاف ما قال الجوهري. تخم [ ه ] فيه (ملعون من غير تخوم الأرض) أي معالمها وحدودها، واحدها تخم. وقيل أراد بها حدود الحرم خاصة. وقيل هو عام في جميع الأرض. وأراد المعالم التي يهتدى بها في الطرق. وقيل هو أن يدخل الرجل في ملك غيره فيقتطعه ظلما. ويروى تخوم الأرض، بفتح التاء على الإفراد، وجمعه تخم بضم التاء والخاء. * باب التاء مع الراء ترب) س) فيه (احثوا في وجوه المداحين التراب) قيل أراد به الرد والخيبة، كما يقال للطالب المردود والخائب: لم يحصل في كفه غير التراب، وقريب منه قوله صلى الله عليه وسلم (وللعاهر الحجر). وقيل أراد به التراب خاصة، واستعمله المقداد على ظاهره، وذلك أنه كان عند عثمان فجعل رجل يثني عليه، وجعل المقداد يحثوا التراب في وجهه، فقال له عثمان: ما تفعل ؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (احثوا في وجوه المداحين التراب) وأراد بالمداحين الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه صناعة يستأكلون به الممدوح، فأما من مدح على الفعل الحسن والأمر المحمود ترغيبا في أمثاله وتحريضا للناس على الاقتداء به في أشباهه فليس بمداح، وإن كان قد صار مادحا بما تكلم به من جميل القول.
[ 181 ]
- ومنه الحديث الآخر (إذا جاء من يطلب ثمن الكلب فاملأ كفه ترابا) يجوز حمله على الوجهين. (ه) وفيه (عليك بذات الدين تربت يداك) ترب الرجل، إذا افتقر، أي لصق بالتراب. وأترب إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به، كما يقولون قاتله الله. وقيل معناها لله درك. وقيل أراد به المثل ليري المأمور بذلك الجد وأنه إن خالفه فقد أساء. وقال بعضهم هو دعاء على الحقيقة، فإنه قد قال لعائشة رضي الله عنها: تربت يمينك، لأنه رأى الحاجة خيرا لها، والأول الوجه، ويعضده قوله: (ه) في حديث خزيمة (أنعم صباحا تربت يداك) فإن هذا دعاء له وترغيب في استعماله ما تقدمت الوصية به، ألا تراه قال أنعم صباحا، ثم عقبه بتربت يداك. وكثيرا ترد للعرب ألفاظ ظاهرها الذم، وإنما يريدون بها المدح كقولهم: لا أب لك ولا أم لك، وهوت أمه ولا أرض لك ونحو ذلك. (س) ومنه حديث أنس (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا فحاشا، كان يقول لأحدنا عند المعاتبة: ترب جبينه) قيل أراد به دعاء له بكثرة السجود. (س) فأما قوله لبعض أصحابه (ترب نحرك) فقتل الرجل شهيدا، فإنه محمول على ظاهره. - وفي حديث فاطمة بنت قيس (وأما معاوية فرجل ترب لا مال له) أي فقير. (س) وفي حديث علي (لئن وليت بني أمية لأنفضنهم نفض القصاب التراب الوذمة) التراب جمع ترب تخفيف ترب، يريد اللحوم التي تعفرت بسقوطها في التراب، والوذمة المنقطعة الأوذام، وهي السيور التي يشد بها عرى الدلو. قال الأصمعي: سألني شعبة عن هذا الحرف، فقلت: ليس هو هكذا، إنما هو نفض القصاب الوذام التربة، وهي التي قد سقطت في التراب، وقيل الكروش كلها تسمى تربة، لأنها يحصل فيها التراب من المرتع، والوذمة التي أخمل باطنها، والكروش وذمة لأنها مخملة ويقال لخملها الوذم. ومعنى الحديث: لئن وليتهم لأطهرنهم من الدنس، ولأطيبنهم بعد الخبث. وقيل أراد بالقصاب
[ 182 ]
السبع، والتراب أصل ذراع الشاة، والسبع إذا أخذ الشاة قبض على ذلك المكان ثم نفضها. (ه) وفيه (خلق الله التربة يوم السبت) يعني الأرض. والترب والتراب والتربة واحد، إلا أنهم يطلقون التربة على التأنيث. - وفيه (أتربوا الكتاب فإنه أنجح للحاجة) يقال أتربت الشئ إذا جعلت عليه التراب. - وفيه ذكر (التريبة) وهي أعلى صدر الإنسان تحت الذقن، وجمعها الترائب. (س) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (كنا بتربان) هو موضع كثير المياه، بينه وبين المدينة نحو خمسة فراسخ. - وفي حديث عمر رضي الله عنه ذكر (تربة)، وهو بضم التاء وفتح الراء: واد قرب مكة على يومين منها. ترث * في حديث الدعاء (وإليك مآبي ولك تراثي) التراث: ما يخلفه الرجل لورثته، والتاء فيه بدل من الواو، وذكرناه ها هنا حملا على ظاهر لفظه. ترج) ه) فيه (نهى عن لبس القسي المترج) هو المصبوغ بالحمرة صبغا مشبعا. ترجم) ه) في حديث هرقل (إنه قال لترجمانه) الترجمان بالضم والفتح: هو الذي يترجم الكلام، أي ينقله من لغة إلى لغة أخرى. والجمع التراجم. والتاء والنون زائدتان. وقد تكرر في الحديث. ترح) س) فيه (ما من فرحة إلا وتبعها ترحة) الترح ضد الفرح، وهو الهلاك والانقطاع أيضا. والترحة المرة من الواحدة. ترر) ه) في حديث ابن زمل (ربعة من الرجال تار) التار: الممتلئ البدن. تر يتر ترارة. (ه) وفي حديث ابن مسعود (أنه أتي بسكران فقال ترتروه ومزمزوه) أي حركوه ليستنكه هل يجد منه ريح الخمر أم لا. وفي رواية تلتلوه، ومعنى الكل التحريك. ترز) ه) في حديث مجاهد (لا تقوم الساعة حتى يكثر التراز) هو بالضم والكسر: موت الفجأة. وأصله من ترز الشئ إذا يبس.
[ 183 ]
(س) ومنه حديث الأنصاري الذي كان يستقي لليهود (كل دلو بتمرة واشترط أن لا يأخذ تمرة تارزة) أي حشفة يابسة. وكل قوي صلب يابس تارز. وسمي الميت تارزا ليبسه. ترص) ه) فيه (لو وزن رجاء المؤمن وخوفه بميزان تريص ما زاد أحدهما على الآخر) التريص - بالصاد المهملة - المحكم المقوم. يقال أترص ميزانك فإنه شائل. وأترصت الشئ وترصته أي أحكمته، فهو مترص وتريص. ترع) س ه) فيه (إن منبري على ترعة من ترع الجنة) الترعة في الأصل " الروضة على المكان المرتفع خاصة، فإذا كانت في المطمئن فهي روضة. قال القتيبي: معناه أن الصلاة والذكر في هذا الموضع يؤديان إلى الجنة، فكأنه قطعة منها. وكذا قوله: - وفي الحديث الآخر (ارتعوا في رياض الجنة) أي مجالس الذكر. - وحديث ابن مسعود (من أراد أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ آل حم) وهذا المعنى من الاستعارة في الحديث كثير، كقوله (عائد المريض في مخارف الجنة) و (الجنة تحت بارقة السيوف) و (تحت أقدام الأمهات) أي إن هذه الأشياء تؤدي إلى الجنة. وقيل الترعة الدرجة. وقيل الباب. وفي رواية علي ترعة من ترع الحوض. وهو مفتح الماء إليه، وأترعت الحوض إذا ملأته. (س) وحديث ابن المنتفق (فأخذت بخطام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترعني) الترع: الإسراع إلى الشئ، أي ما أسرع إلي في النهي. وقيل ترعه عن وجهه: ثناه وصرفه. ترف * فيه (أوه لفراخ محمد من خليفة يستخلف عتريف مترف) المترف: المتنعم المتوسع في ملاذ الدنيا وشهواتها. - ومنه الحديث (إن إبراهيم عليه السلام فر به من جبار مترف) وقد تكرر ذكره في الحديث. ترق) س) في حديث الخوارج (يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم) التراقي: جمع ترقوة، وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق. وهما ترقوتان من الجانبين. ووزنها فعلوة بالفتح. والمعنى أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها، فكأنها لن تتجاوز حلوقهم. وقيل المعنى أنهم لا يعملون بالقرآن ولا يثابون على قرأته، فلا يحصل لهم غير القراءة.
[ 184 ]
- وفيه (أن في عجوة العالية ترياقا) الترياق: ما يستعمل لدفع السم من الأدوية والمعاجين، وهو معرب. ويقال بالدال أيضا. (س) ومنه حديث ابن عمر (ما أبالي ما أتيت إن شربت ترياقا) إنما كره من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي والخمر وهي حرام نجسة، والترياق: أنواع، فإذا لم يكن فيه شئ من ذلك فلا بأس به. وقيل الحديث مطلق، فالأولى اجتنابه كله. ترك (ه) في حديث الخليل عليه السلام (إنه جاء إلى مكة يطالع تركته) التركة - بسكون الراء - في الأصل بيض النعام، وجمعها ترك، يريد به ولده اسماعيل وأمه هاجر لما تركهما بمكة. قيل ولو روي بكسر الراء لكان وجها، من التركة وهو الشئ المتروك. ويقال لبيض النعام أيضا تريكة، وجمعها ترائك. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (وأنتم تريكة الإسلام وبقية الناس). (ه) وحديث الحسن (إن لله تعالى ترائك في خلقه) أراد أمورا أبقاها الله تعالى في العباد من الأمل والغفلة حتى ينبسطوا بها إلى الدنيا. ويقال للروضة يغفلها الناس فلا يرعونها: تريكة. (س) وفيه (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) قيل هو لمن تركها جاحدا. وقيل أراد المنافقين، لأنهم يصلون رياء ولا سبيل عليهم حينئذ، ولو تركوها في الظاهر كفروا. وقيل أراد بالترك تركها مع الإقرار بوجوبها، أو حتى يخرج وقتها، ولذلك ذهب أحمد بن حنبل إلى أنه يكفر بذلك حملا للحديث على ظاهره. وقال الشافعي: يقتل بتركها ويصلى عليه ويدفن مع المسلمين. ترمد * فيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لحصين بن نضلة الأسدي كتابا أن له ترمد وكتيفة) هو بفتح التاء وضم الميم موضع في ديار بني أسد، وبعضهم يقوله: ثرمدا بفتح الثاء المثلثة والميم وبعد الدال المهملة ألف، فأما ترمذ بكسر التاء والميم فالبلد المعروف بخرسان. تره * فيه ذكر (الترهات)، وهي كناية عن الأباطيل، واحدها ترهة بضم التاء وفتح الراء المشددة، وهي في الأصل الطرق الصغار المتشعبة عن الطريق الأعظم.
[ 185 ]
- وفيه (من جلس مجلسا لم يذكر الله فيه كان عليه ترة) الترة: النقص. وقيل التبعة. والتاء فيه عوض من الواو المحذوفة، مثل وعدته عدة. ويجوز رفعها ونصبها على اسم كان وخبرها. وذكرناه ها هنا حملا على ظاهره. ترا) س) في حديث أم عطية (كنا لا نعد الكدرة والصفرة والترية شيئا) الترية بالتشديد: ما تراه المرأة بعد الحيض والاغتسال منه من كدرة أو صفرة. وقيل هو البياض الذي تراه عند الطهر. وقيل هي الخرقة التي تعرف بها المرأة حيضها من طهرها. والتاء فيها زائدة، لأنه من الرؤية والأصل فيها الهمز، ولكنهم تركوه وشددوا الياء فصارت اللفظة كأنها فعيلة، وبعضهم يشد الراء والياء. ومعنى الحديث أن الحائض إذا طهرت واغتسلت ثم عادت رأت صفرة أو كدرة لم تعتد بها ولم يؤثر في طهرها. * باب التاء مع السين تسخن) ه) فيه (أمرهم أن يمسحوا على التساخين) هي الخفاف، ولا واحد لها من لفظها. وقيل واحدها تسخان وتسخين وتسخن، والتاء فيها زائدة. وذكرناها ها هنا حملا على ظاهر لفظها. قال حمزة الأصفهاني: أما التسخان فتعريب تشكن، وهو اسم غطاء من أغطية الرأس كان العلماء والموزبذة يأخذونه على رؤوسهم خاصة. وجاء في الحديث ذكر العمائم والتساخين، فقال من تعاطى تفسيره: هو الخف، حيث لم يعرف فارسية. تسع) ه) فيه (لئن بقيت إلى قابل لأصومن تاسوعاء) هو اليوم التاسع من المحرم، وإنما قال ذلك كراهة لموافقة اليهود، فإنهم كانوا يصومون عاشوراء وهو العاشر، فأراد أن يخالفهم ويصوم التاسع. قال الأزهري: أراد بتاسوعاء عاشوراء، كأنه تأول فيه عشر ورد الإبل، تقول العرب: وردت الإبل عشرا إذا وردت اليوم التاسع. وظاهر الحديث يدل على خلافه، لأنه قد كان يصوم عاشوراء وهو اليوم العاشر. ثم قال (لئن بقيت إلى قابل لأصومن تاسوعاء) مكيف يعد بصوم يوم قد كان يصومه !
[ 186 ]
* باب التاء مع العين تعتع) س) فيه (حتى يأخذ للضعيف حقه غير متعتع) بفتح التاء، أي من غير أن يصيبه أذى يقلقله ويزعجه. يقال تعتعه فتتعتع. و (غير) منصوب لأنه حال للضعيف. - ومنه الحديث الآخر (الذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه) أي يتردد في قراءته ويتبلد فيها لسانه. تعر * فيه (من تعار من الليل) أي هب من نومه واستيقظ، والتاء زائدة وليس بابه. - وفي حديث طهفة (ما طماالبحر تعار) تعار بكسر التاء: جبل معروف، ويصرف ولا يصرف. تعس ه) في حديث الإفك (تعس مسطح) يقال تعس يتعس، إذا عثر وانكب لوجهه، وقد تفتح العين، وهو دعاء عليه بالهلاك. (ه) ومنه الحديث (تعس عبد الدينار وعبد الدرهم) وقد تكرر في الحديث. تعهن (س) فيه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بتعهن) وهو قائل السقيا. قال أبو موسى: هو بضم التاء والعين وتشديد الهاء موضع فيما بين مكة والمدينة. ومنهم من يكسر التاء. وأصحاب الحديث يقولونه بكسر التاء وسكون العين. تعض * فيه (وأهدت لنا نوطا من التعضوض) هو بفتح التاء: تمر أسود شديد الحلاوة، ومعدنه هجر. والتاء فيه زائدة. وليس بابه. - ومنه حديث وفد عبد القيس (أتسمون هذا التعضوض). - حديث عبد الملك بن عمير رضي الله عنه (والله لتعضوض كأنه أخفاف الرباع أطيب من هذا).
[ 187 ]
* باب التاء مع الغين تغب) ه) في حديث الزهري (لا يقبل الله شهادة ذي تغبة) هو الفاسد في دينه وعمله وسوء أفعاله. يقال تغب يتغب تغبا إذا ملك في دين أو دنيا. قال الزمخشري: ويروي تغبة مشددا، ولا يخلوا أن يكون تفعلة من غبب، مبالغة في غب الشئ إذا فسد، أو من غبب الذئب الغنم إذا عاث فيها. تغر * في حديث عمر رضي الله عنه (فلا يبايع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا) أي خوفا أن يقتلا، وسيجئ مبينا في حرف الغين، لأن التاء زائدة. * باب التاء مع الفاء تفث) ه) في حديث الحج ذكر (التفث) وهو ما يفعله المحرم بالحج إذا حل، كقص الشارب والأظافر، ونتف الإبط، وحلق العانة. وقيل هو إذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقا. والرجل تفث. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه (فتفثت الدماء مكانه) أي لطخته، وهو مأخوذ منه. (تفل * في حديث الحج (قيل يا رسول الله من الحاج ؟ قال: الشعث التفل) التفل: الذي قد ترك استعمال الطيب، من التفل وهي الريح الكريهة. (ه) ومنه الحديث (وليخرجن إذا خرجن تفلات) أي تاركات للطيب. يقال رجل تفل وامرأة تفلة ومتفال. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (قم عن الشمس فإنها تتفل الريح). - وفيه (فتفل فيه) التفل: نفخ معه أدنى بزاق، وهو أكثر من النفث. وقد تكرر ذكره في الحديث. تفه * في الحديث (قيل يا رسول الله وما الرويبضة ؟ فقال: الرجل التافه ينطق في أمر العامة) التافه: الخسيس الحقير.
[ 188 ]
(ه) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه يصف القرآن (لا يتفه ولا يتشان) هو من الشئ التفه الحقير. يقال تفه يتفه فهو تافه. - ومنه الحديث (كانت اليد لا تقطع في الشئ التافه) وقد تكرر في الحديث. تفأ) س) فيه (دخل عمر فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دخل أبو بكر على تفئة ذلك) أي على أثره، وفيه لغة أخرى على تئفة ذلك، بتقديم الياء على الفاء، وقد تشدد. والتاء فيه زائدة على أنها تفعلة. وقال الزمخشري: لو كانت على وزن تهنئة، فهي إذا لولا القلب فعيلة، لأجل الإعلال ولامها همزة. باب التاء مع القاف تقد) ه) في حديث عطاء، وذكر الحبوب التي تجب فيها الصدقة، وعد فيها (التقدة)، هي بكسر التاء: الكزبرة. وقيل الكرويا. وقد تفتح التاء وتكسر القاف. وقال ابن دريد: هي التقردة، وأهل اليمن يسمون الأبزار: التقردة. تقف * في حديث الزبير رضي الله عنه وغزوة حنين (ووقف حتى اتقف الناس كلهم) اتقف مطاوع وقف، تقول وقفت فاتقف، مثل وعدته فاتعد، والأصل فيه اوتقف فقلبت الواو ياء لسكونها وكسر ما قبلها، ثم قلبت الياء تاء وأدغمت في تاء الافتعال. وليس هذا بابها. تقا) س) فيه (كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم) أي جعلناه قدامنا واستقبلنا العدو به وقمنا خلفه. (س) ومنه الحديث الآخر (إنما الإمام جنة يتقى به ويقاتل من ورائه) أي يدفع به العدو ويتقى بقوته. والتاء فيها مبدلة من الواو، لأن أصلها من الوقاية، وتقديرها اوتقى، فقلبت وأدغمت، فلما كثر استعماله توهموا أن التاء من نفس الحرف فقالوا اتقى يتقي، بفتح التاء فيهما، وربما قالوا تقى يتقي، مثل رمى يرمي. - ومنه الحديث (قلت وهل للسيف من تقية ؟ قال نعم، تقية على أقذاء، وهدنة على دخن) التقية والتقاة بمعنى، يريد أنهم يتقون بعضهم بعضا ويظهرون الصلح والاتفاق، وباطنهم بخلاف ذلك.
[ 189 ]
* باب التاء مع الكاف تكأ) س) فيه (لا آكل متكئا) المتكئ في العربية كل من استوى قاعدا على وطاء متمكنا، والعامة لا تعرف المتكئ إلا من مال في قعوده معتمدا على أحد شقيه، والتاء فيه بدل من الواو، وأصله من الوكاء وهو ما يشد به الكيس وغيره، كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته. ومعنى الحديث: إني إذا أكلت لم أقعد متمكنا فعل من يريد الاستكثار منه، ولكن آكل بلغة، فيكون قعودي له مستوفزا. ومن حمل الاتكاء على الميل إلى أحد الشقين تأوله على مذهب الطب، فإنه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلا، ولا يسيغه هنيئا، وربما تأذى به. (س) ومنه الحديث الآخر (هذا الأبيض المتكئ المرتفق) يرد الجالس المتمكن في جلوسه. (س) ومنه الحديث (التكأة من النعمة) التكأة - بوزن الهمزة - ما يتكأ عليه. ورجل تكأة كثير الاتكاء. والتاء بدل من الواو، وبابها حرف الواو. * باب التاء مع اللام تلب) س) فيه (فأخذت بتلبيبه وجررته) يقال لببه وأخذ بتلبيبه وتلابيبه إذا جمعت ثيابه عند صدره ونحره ثم جررته. وكذلك إذا جعلت في عنقه حبلا أو ثوبا ثم أمسكته به. والمتلبب موضع القلادة. واللبة: موضع الذبح، والتاء في التلبيب زائدة وليس بابه. تلتل * في حديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه (أتي بشارب فقال تلتلوه) هو أن يحرك ويستنكه ليعلم هل شرب أم لا. وهو في الأصل السوق بعنف. تلد [ ه ] في حديث ابن مسعود (آل حم من تلادي) أي من أول ما أخذته وتعلمته بمكة. والتالد: المال القديم الذي ولد عندك، وهو نقيض الطارف. - ومنه حديث العباس (فهي لهم تالدة بالدة) يعني الخلافة. والبالد للتالد. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (أنها أعتقت عن أخيها عبد الرحمن تلادا من تلادها) فإنه مات في منامه. وفي نسخة تلادا من أتلاده. (ه) وفي حديث شريح (أن رجلا اشترى جارية وشرط أنها مولدة فوجدها تليدة فردها) قال القتيبي: التليدة التي ولدت ببلاد العجم وحملت فنشأت ببلاد العرب، والمولدة
[ 190 ]
التي ولدت ببلاد الإسلام. والحكم فيه إن كان هذا الاختلاف يؤثر في الغرض أو في القيمة وجب له الرد وإلا فلا. (تلع * فيه (أنه كان يبدو إلى هذه التلاع) التلاع: مسايل الماء من علو إلى سفل، واحدها تلعة. وقيل هو من الأضداد، يقع على ما انحدر من الأرض وأشرف منها. (س) ومنه الحديث (فيجئ مطر لا يمنع منه ذنب تلعة) يريد كثرته وأنه لا يخلو منه موضع. - والحديث الآخر (ليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعة). [ ه ] وفي حديث الحجاج في صفة المطر (وأدحضت التلاع) أي جعلتها زلقا تزلق فيها الأرجل. - وفي حديث علي رضي الله عنه (لقد أتلعوا أعناقهم إلى أمر لم يكونوا أهله فوقصوا دونه) أي رفعوها. تلعب * في حديث علي رضي الله عنه (زعم ابن النابغة (يعني عمرو بن العاص) أني تلعابة تمراحة، أعافس وأمارس) التلعابة والتلعابة بتشديد العين، والتلعيبة: الكثير اللعب والمرح. والتاء زائدة. (س) ومنه الحديث الآخر (كان علي رضي الله عنه تلعابة، فإذا فزع فزع إلى ضرس حديد). تلك * في حديث أبي موسى وذكر الفاتحة (فتلك بتلك) هذا مردود إلى قوله في الحديث (فإذا قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين يحبكم الله) يريد أن آمين يستجاب بها الدعاء الذي تضمنته السرة أو الآية، كأنه قال: فتلك الدعوة مضمنة بتلك الكلمة، أو معلقة بها. وقيل معناه أن يكون الكلام معطوفا على ما يليه من الكلام وهو قوله: وإذا كبر وركع فكبروا واركعوا، يريد أن صلاتكم متعلقة بصلاة إمامكم فاتبعوه وائتموا به، فتلك إنما تصح وتثبت بتلك، وكذلك باقي الحديث. تلل) ه) فيه (أتيت بمفاتيح خزائن الأرض فتلت في يدي) أي ألقيت. وقيل التل الصب، فاستعاره للإلقاء. يقال تل يتل إذا صب، وتل يتل إذا سقط. وأراد ما فتحه الله تعالى لأمته بعد وفاته من خزائن ملوك الأرض. - ومنه الحديث الآخر (أنه أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره المشايخ، فقال: أتأذن لي أن أعطي هؤلاء ؟ فقال: والله لا أوثر بنصيبي منك أحدا، فتله
[ 191 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم في يده) أي ألقاه. (ه) وفي حديث أبي الدرداء رضي الله عنه (وتركوك لمتلك) أي لمصرعك، من قوله تعالى (وتله للجبين) أي صرعه وألقاه. [ ه ] والحديث الآخر (فجاء بناقة كوماء فتلها) أي أناخها وأبركها. تلا) ه) في حديث عذاب القبر (فيقال له لا دريت ولا تليت) هكذا يرويه المحدثون. والصواب (ولا ائتليت) وقد تقدم في حرف الهمزة. وقيل معناه لا قرأت: أي لا تلوت، فقلبوا الواو ياء ليزدوج الكلام مع دريت. قال الأزهري: ويروى أتليت، يدعو عليه أن لا تتلى إبله: أي لا يكون لها أولاد تتلوها. (س) وفي حديث أبي حدرد (ما أصبحت أتليها ولا أقدر عليها) يقال أتليت حقي عنده: أي أبقيت منه بقية، وأتليته: أحلته. وتليت له تلية من حقه وتلاوة: أي بقيت له بقية. تلان * في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (وسأله رجل عن عثمان وفراره يوم أحد، وغيبته يوم بدر، وبيعة الرضوان، فذكر عذره، ثم قال: اذهب بهذا تلان معك) يريد الآن، وهي لغة معروفة، يزيدون التاء في الآن ويحذفون الهمزة الأولى، وكذلك يزيدونها على حين فيقولون: تلان وتحين. قال أبو وجزة: العاطفون تحين ما من عاطف * والمطعمون زمان ما من مطعم وقال الآخر - وصلينا كما زعمت تلانا * وموضع هذه الكلمة حرف الهمزة. * باب التاء مع الميم تمر) س) في حديث سعد (أسد في تامورته) التامورة ها هنا: عرين الأسد، وهو بيته الذي يكون فيه، وهي في الأصل الصومعة، فاستعارها للأسد. والتامورة والتامور: علقة القلب ودمه، فيجوز أن يكون أراد أنه أسد شدة في قلبه وشجاعته. (ه) وفي حديث النخعي (كان لا يرى بالتتمير بأسا) التتمير: تقطيع اللحم صغارا
[ 192 ]
كالتمر وتجفيفه وتنشيفه، أراد أنه لا بأس أن يتزوده المحرم. وقيل أراد ما قدد من لحوم الوحش قبل الإحرام. تمرح * في حديث علي رضي الله عنه (زعم ابن النابغة أني تلعابة تمراحة) هو من المرح، والمرح: النشاط والخفة، والتاء زائدة، وهو من أبنية المبالغة. وذكرناها ها هنا حملا على ظاهرها. تمم) س) فيه (أعوذ بكلمات الله التامات) إنما وصف كلامه بالتمام لأنه لا يجوز أن يكون في شئ من كلامه نقص أو عيب كما يكون في كلام الناس. وقيل: معنى التمام ها هنا أنها تنفع المتعوذ بها وتحفظه من الآفات وتكفيه. (س) ومنه حديث دعاء الأذان (اللهم رب هذه الدعوة التامة) وصفها بالتمام لأنها ذكر الله تعالى، ويدعى بها إلى عبادته، وذلك هو الذي يستحق صفة الكمال والتمام. - وفي حديث عائشة رضي الله عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم ليلة التمام) هي ليلة أربعة عشر من الشهر، لأن القمر يتم فيها نوره. وتفتح تاؤها وتكسر. وقيل ليلة التمام - بالكسر - أطول ليلة في السنة (ه) وفي حديث سليمان بن يسار (الجذع التام التم يجزئ) يقال تم وتم بمعنى التم. ويروى الجذع التام التمم، فالتام الذي استوفى الوقت الذي يسمى فيه جذعا وبلغ أن يسمى ثنيا، والتمم التام الخلق، ومثله خلق عمم. (س) وفي حديث معاوية (أن تممت على ما تريد) هكذا روي مخففا، وهو بمعنى المشدد، يقال تم على الأمر، وتمم ؟ ؟ عليه بإظهار الإدغام: أي استمر عليه. (س) وفيه (فتتامت إليه قريش) أي جاءته متوافرة متتابعة. - وفي حديث أسماء رضي الله عنها (خرجت وأنا متم) يقال امرأة متم للحامل إذا شارفت الوضع، والتمام فيها وفي البدر بالكسر، وقد تفتح في البدر. (ه) وفي حديث عبد الله رضي الله عنه (التمائم والرقى من الشرك) التمائم جمع تميمة وهي خرزات كانت العرب تعلقها على أولادهم يتقون بها العين في زعمهم، فأبطلها الإسلام.
[ 193 ]
- ومنه حديث ابن عمر (وما أبالي ما أتيت إن تعلقت تميمة). - والحديث الآخر (من علق تميمة فلا أتم الله له) كأنهم كانوا يعتقدون أنها تمام الدواء والشفاء، وإنما جعلها شركا لأنهم أرادوا بها دفع المقادير الكتوبة عليهم، فطلبوا دفع الأذى من غير الله الذي هو دافعه. تمن * في حديث سالم بن سبلان (قال: سألت عائشة رضي الله عنها وهي بمكان من تمن بسفح هرشى) هي بفتح التاء والميم وكسر النون المشددة: اسم ثنية هرشى بين مكة والمدينة. * باب التاء مع النون تنأ * في حديث عمر رضي الله عنه (ابن السبيل أحق بالماء من التانئ) أراد أن ابن السبيل إذا مر بركية عليها قوم مقيمون فهو أحق بالماء منهم، لأنه مجتاز وهم مقيمون. يقال تنأ فهو تانئ: إذا أقام في البلد وغيره. (س) ومنه حديث ابن سيرين (ليس للتانئة شئ) يريد أن المقيمين في البلاد الذين لا ينفرون مع الغزاة ليس لهم في الفئ نصيب. ويريد بالتنئة الجماعة منهم، وإن كان اللفظ مفردا وإنما التأنيث أجاز إطلاقه على الجماعة. (س) ومنه الحديث (من تنأ في أرض العجم فعمل نيروزهم ومهرجانهم حشر معهم). تنبل) س) في قصيد كعب بن زهير: يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم * ضرب إذا غرد السود التنابيل التنابيل: القصار، واحدهم تنبل وتنبال. تنخ) ه) في حديث عبد الله بن سلام (أنه آمن ومن معه من يهود فتنحوا على الإسلام) أي ثبتوا عليه وأقاموا. يقال: تنخ بالمكان تنوخا: أي أقام فيه. ويروى بتقديم النون على التاء: أي رسخوا. تنر) س) فيه (قال لرجل عليه ثوب معصفر: لو أن ثوبك في تنور أهلك أو تحت
[ 194 ]
قدرهم كان خيرا) فذهب فأحرقه. وإنما أراد أنك لو صرفت ثمنه إلى دقيق تختبزه، أو حطب تطبخ به كان خيرأ لك. كأنه كره الثوب المعصفر. والتنور الذي يخبز فيه. يقال إنه في جميع اللغات كذلك. تنف) س) فيه (أنه سافر رجل بأرض تنوفة) التنوفة: الأرض القفر. وقيل البعيدة الماء، وجمعها تنائف. وقد تكرر ذكرها في الحديث. تنم) ه) في حديث الكسوف (فآضت كأنها تنومة) هي نوع من نبات الأرض فيها وفي ثمرها سواد قليل. تنن) س [ ه ]) في حديث عمار رضي الله عنه (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تني وتربي) تن الرجل مثله في السن. يقال: هم أتنان، وأتراب، وأسنان. تنا [ ه ] في حديث قتادة (كان حميد بن هلال من العلماء، فأضرت به التناوة) أراد التناية، وهي الفلاحة والزراعة فقلب الياء واوا، يريد أنه ترك المذاكرة ومجالسة العلماء، وكان نزل في قرية على طريق الأهواز. ويروى (النباوة) بالنون والباء: أي الشرف. * باب التاء مع الواو توج) س) فيه (العمائم تيجان العرب) التيجان جمع تاج: وهو ما يصاغ للملوك من الذهب والجواهر. وقد توجته إذا ألبسته التاج، أراد أن العمائم للعرب بمنزلة التيجان للملوك، لأنهم أكثر ما يكونون في البوادي مكشوفي الرؤوس أو بالقلانس، والعمائم فيهم قليلة. تور) س) في حديث أم سليم رضي الله عنها (أنها صنعت حيسا في تور) هو إناء من صفر أو حجارة كالإجانة، وقد يتوضأ منه. - ومنه حديث سلمان رضي الله عنه (لما احتضر دعا بمسك، ثم قال لامرأته: أوحفيه في تور) أي اضربيه بالماء. وقد تكرر في الحديث. توس) س) في حديث جابر رضي الله عنه (كان من توس الحياء) التوس: الطبيعة والخلقة. يقال: فلان من توس صدق: أي من أصل صدق.
[ 195 ]
توق * في حديث علي رضي الله عنه (مالك تتوق في قريش وتدعنا) تتوق تفعل، من التوق وهو الشوق إلى الشئ والنزوع إليه، والأصل تتتوق بثلاث تاآت، فحذف تاء الأصل تخفيفا، أراد: لم تتزوج في قريش غيرنا وتدعنا، يعني بني هاشم. ويروى تنوق بالنون، وهو من التنوق في الشئ إذا عمل على استحسان وإعجاب به. يقال تنوق وتأنق. (س) ومنه الحديث الآخر (إن امرأة قالت له: مالك تتوق في قريش وتدع سائرهم). (س) وفي حديث عبيد الله رضي الله عنهما (كانت ناقة النبي صلى الله عليه وسلم متوقة) كذا رواه بالتاء، فقيل له: ما المتوقة ؟ قال: مثل قولك فرس تئق: أي جواد. قال الحربي: وتفسيره أعجب من تصحيفه، وإنما هي منوقة - بالنون - وهي التي قد ريضت وأدبت. تول) ه) في حديث عبد الله (التولة من الشرك) التولة - بكسر التاء وفتح الواو - ما يحبب المرأة إلى زوجها من السحر وغيره، جعله من الشرك لاعتقادهم أن ذلك يؤثر ويفعل خلاف ما قدره الله تعالى. (ه) وفي حديث بدر (قال أبو جهل: إن الله تعالى قد أراد بقريش التولة) هي بضم التاء وفتح الواو: الداهية، وقد تهمز. (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أفتنا في دابة ترعى الشجر وتشرب الماء في كرش لم تثغر ؟ قال: تلك عندنا الفطيم، والتولة، والجذعة) قال الخطابي: هكذا روي، وإنما هو التلوة، يقال للجدي إذا فطم وتبع أمه تلو والأنثى تلوة، والأمهات حينئذ المتالي، فتكون الكلمة من باب تلا، لا تول. توم) س) فيه (أتعجز إحداكن أن تتخذ تومتين من فضة) التومة مثل الدرة تصاغ من الفضة، وجمعها توم وتوم. (س) ومنه حديث الكوثر (ورضراضة التوم) أي الدر. وقد تكرر في الحديث. تو) ه) فيه (الاستجمار تو، والسعي تو، والطواف تو) التو الفرد، يريد أنه يرمي الجمار في الحج فردا، وهي سبع حصيات، ويطوف سبعا، ويسعى سبعا. وقيل أراد بفردية الطواف والسعي: أن الواجب منهما مرة واحدة لا تثنى ولا تكرر، سواء كان المحرم مفردا أو قارنا وقيل أراد بالاستجمار: الاستنجاء، والسنة أن يستنجي بثلاث. والأول أولى لاقترانه بالطواف والسعي.
[ 196 ]
(ه) وفي حديث الشعبي (فما مضت إلا توة حتى قام الأحنف من مجلسه) أي ساعة واحدة. توا) س) في حديث أبي بكر رضي الله عنه، وقد ذكر من يدعى من أبواب الجنة فقال: (ذاك الذي لا توى عليه) أي لا ضياع ولا خسارة، وهو من التوى: الهلاك. * باب التاء مع الهاء تهم) س) فيه (جاء رجل به وضح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: انظر بطن واد لا منجد ولا متهم فتمعك فيه، ففعل، فلم يزد الوضح حتى مات) المتهم: الموضع الذي ينصب ماؤه إلى تهامة. قال الأزهري: لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الوادي ليس من نجد ولا تهامة، ولكنه أراد حدا منهما، فليس ذلك الموضع من نجد كله، ولا من تهامة كله، ولكنه منهما، فهو منجد متهم. ونجد ما بين العذيب إلى ذات عرق، وإلى اليمامة، وإلى جبلى طيئ، وإلى وجرة، وإلى اليمن. وذات عرق أول تهامة الى البحر وجدة. وقيل تهامة ما بين ذات عرق إلى مرحلتين من وراء مكة، وما وراء ذلك من المغرب فهو غور. والمدينة لا تهامية ولا نجدية، فإنها فوق الغور ودون نجد. (س) وفيه (أنه حبس في تهمة) التهمة فعلة من الوهم، والتاء بدل من الواو، وقد تفتح الهاء. واتهمته: أي ظننت فيه ما نسب إليه. تهن) س) في حديث بلال حين أذن قبل الوقت (ألا إن العبد تهن) أي نام. وقيل النون فيه بدل من الميم. يقال تهم يتهم فهو تهم إذا نام. والتهم شبه سدر يعرض من شدة الحر وركود الريح. المعنى: أنه أشكل عليه وقت الأذان وتحير فيه فكأنه قد نام. * باب التاء مع الياء تيح * فيه (فبي حلفت لأتيحنهم فتنة تدع الحليم منهم حيران) يقال أتاح الله لفلان كذا: أي قدره له وأنزله به. وتاح له الشئ. تير * في حديث علي رضي الله عنه (ثم أقبل مزبدا كالتيار) هو موج البحر ولجته.
[ 197 ]
تيس [ ه ] في حديث أبي أيوب رضي الله عنه (أنه ذكر الغول فقال قل لها: تيسي جعار) تيسي: كلمة تقال في معنى إبطال الشئ والتكذيب به. وجعار - بوزن قطام - مأخوذ من الجعر وهو الحدث، معدول عن جاعرة، وهو من أسماء الضبع، فكأنه قال لها: كذبت يا خارية. والعامة تغير هذه اللفظة، تقول: طيزي بالطاء والزاي. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (والله لأتيسنهم عن ذلك) أي لأبطلن قولهم ولأردنهم عن ذلك. تيع) ه) في حديث الزكاة (في التيعة شاة) التيعة: اسم لأدنى ما تجب فيه الزكاة من الحيوان، وكأنها الجملة التي للسعادة عليها سبيل، من تاع يتيع إذا ذهب إليه، كالخمس من الإبل، والأربعين من الغنم. (ه) وفيه (لا تتايعوا في الكذب كما يتتايع الفراش في النار) التتايع: الوقوع في الشر من غير فكرة ولا روية، والمتابعة عليه، ولا يكون في الخير. (ه) ومنه الحديث (لما نزل قوله تعالى (والمحصنات من النساء) قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: إن رأى رجل مع امرأته رجلا فيقتله تقتلونه، وإن أخبر يجلد ثمانين، أفلا يضربه بالسيف ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كفى بالسيف شا) أراد أن يقول شاهدا فأمسك. ثم قال: (لولا أن يتتايع فيه الغيران والسكران) وجواب لولا محذوف، أراد لولا تهافت الغيران والسكران في القتل لتممت على جعله شاهدا، أو لحكمت بذلك. - ومنه حديث الحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما (إن عليا كرم الله وجهه أراد أمرا فتتايعت عليه الأمور فلم يجد منزعا) يعني في أمر الجمل. تيفق * في حديث علي رضي الله عنه (وسئل عن البيت المعمور فقال: هو بيت في السماء تيفاق الكعبة) أراد حذاءها ومقابلتها. يقال: كان ذلك لوفق الأمر وتوفاقه وتيفاقه. وأصل الكلمة الواو، والتاء زائدة. تيم) ه) في كتابه لوائل بن حجر (والتيمة لصاحبها) التيمة بالكسر: الشاة الزائدة على الأربعين حتى تبلغ الفريضة الأخرى. وقيل هي الشاة تكون لصاحبها في منزله يحتلبها وليست بسائمة. - وفي قصيد كعب بن زهير: - متيم إثرها لم يفد مكبول *
[ 198 ]
أي معبد مذلل، وتيمه الحب: إذا استولى عليه. تين) س) في حديث ابن مسعود رضي الله عنه (تان كالمرتان) قال أبو موسى: كذا ورد في الرواية، وهو خطأ، والمراد به خصلتان مرتان. والصواب أن يقال: تانك المرتان، ويصل الكاف بالنون، وهي للخطاب: أي تانك الخصلتان اللتان أذكرهما لك. ومن قرنهما بالمرتين احتاج أن يجرهما ويقول: كالمرتين، ومعناه هاتان الخصلتان كخصلتين مرتين، والكاف فيها للتشبيه. تيه * فيه (إنك امرؤ تائه) أي متكبر أو ضال متحير. - ومنه الحديث (فتاهت به سفينته) وقد تاه يتيه تيها: إذا تحير وضل، وإذا تكبر. وقد تكرر في الحديث. تيا) س) في حديث عمر رضي الله عنه (أنه رأى جارية مهزولة فقال: من يعرف تيا ؟ فقال له ابنه: هي والله إحدى بناتك) تيا تصغير تا، وهي اسم إشارة إلى المؤنث، بمنزلة ذا للمذكر، وإنما جاء بها مصغرة تصغيرا لأمرها، والألف في آخرها علامة التصغير، وليست التي في مكبرها، ومنه قول بعض السلف، وأخذ تبنة من الأرض، فقال: تيا من التوفيق خير من كذا وكذا من العمل.
[ 199 ]
* حرف الثاء * باب الثاء مع الهمزة ثأب) س) فيه (التثاؤب من الشيطان) التثاؤب معروف، وهو مصدر تثاءب، والاسم الثؤباء، وإنما جعله من الشيطان كراهة له لأنه يكون مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل والنوم، فأضافه إلى الشيطان لأنه الذي يدعو إلى إعطاء النفس شهوتها، وأراد به التحذير من السبب الذي يتولد منه وهو التوسع في المطعم والشبع فيثقل عن الطاعات، ويكسل عن الخيرات. ثأج) ه) فيه (لا تأتي يوم القيامة وعلى رقبتك شاة لها ثؤاج) الثؤاج بالضم: صوت الغنم. - ومنه كتاب عمير بن أفصى (إن لهم الثائجة) هي التي تصوت من الغنم. وقيل هو خاص بالضأن منها. (ثأد) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (قال في عام الرمادة: لقد هممت أن أجعل مع كل أهل بيت من المسلمين مثلهم، فإن الإنسان لا يهلك على نصف شبعه، فقيل له: لو فعلت ذلك ما كنت فيها بابن ثأداء) أي ابن أمة، يعني ما كنت لئيما. وقيل ضعيفا عاجزا (ثأر * في حديث محمد بن مسلمة يوم خيبر (أنا له يا رسول الله الموتور الثائر) أي طالب الثأر، وهو طالب الم. يقال ثأرت القتيل، وثأرت به فأنا ثائر: أي قتلت قاتله. (س) ومنه الحديث (يا ثارات عثمان) أي يا أهل ثاراته، ويا أيها الطالبون بدمه، فحذف المضاف، وأقام المضاف إليه مقامه. وقال الجوهري: يا ثارات فلان: أي يا قتلة فلان، فعلى الأول يكون قد نادى طالبي الثأر ليعينوه على استيفائه وأخذه، وعلى الثاني يكون قد نادى القتلة تعريفا لهم وتقريعا وتفظيعا للأمر عليهم، حتى يجمع لهم عند أخذ الثأر
[ 200 ]
بين القتل وبين تعريف الجرم. وتسميته وقرع أسماعهم به، ليصدع قلوبهم فيكون أنكى فيهم وأشفى للنفس. - ومنه حديث عبد الرحمن يوم الشورى (لا تغمدوا سيوفكم عن أعدائكم فتوتروا ثأركم) الثأر ها هنا العدو، لأنه موضع الثأر، أراد أنكم تمكنون عدوكم من أخذ وتره عندكم. يقال وترته إذا أصبته بوتر، وأوترته إذا أوجدته وتره ومكنته منه. ثأط) س) في شعر تبع المروي في حديث ابن عباس: فرأى مغار الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثأط حرمد الثأط: الحمأة، واحدتها ثأطة. وفي المثل: ثأطة مدت بماء، يضرب للرجل يشتد حمقه، فإن الماء إذا زيد على الحمأة ازدادت فسادا. ثألأ) س) في صفة خاتم النبوة (كأنه ثآليل) الثآليل جمع ثؤلول، وهو هذه الحبة التي تظهر في الجلد كالحمصة فما دونها. ثأى [ ه ] في حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما (ورأب الثأي) أي أصلح الفساد، وأصل الثأي: خرم مواضع الخرز وفساده. - ومنه الحديث الآخر (رأب الله به الثأي). * باب الثاء مع الباء ثبت * في حديث أبي قتادة رضي الله عنه (فطعنته فأثبته) أي حبسته وجعلته ثابتا في مكانه لا يفارقه. - ومنه حديث مشورة قريش في أمر النبي صلى الله عليه وسلم (قال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق). - وفي حديث صوم [ يوم ] (الزيادة من ا) الشك (ثم جاءه الثبت أنه من رمضان) الثبت - بالتحريك - الحجة والبينة. - ومنه حديث قتادة بن النعمان (بغير بينة ولا ثبت) وقد تكرر في الحديث.
[ 201 ]
ثبج) ه) فيه (خيار أمتي أولها وآخرها، وبين ذلك ثبج أعوج ليس منك ولست منه) الثبج: الوسط، وما بين الكاهل إلى الظهر. (ه) ومنه كتابه لوائل (وأنطوا الثبجة) أي أعطوا الوسط في الصدقة: لا من خيار المال ولا من رذالته، وألحقها تاء التأنيث لانتقالها من الأسمية إلى الوصفية. (س) ومنه حديث عبادة (يوشك أن يرى الرجل من ثبج المسلمين) أي من وسطهم. وقيل من سراتهم وعليتهم. (س) وحديث أم حرام (قوم يركبون ثبج هذا البحر) أي وسطه ومعظمه. - ومنه حديث الزهري (كنت فاتحت عروة بن الزبير فتقت به ثبج بحر). - ومنه حديث علي (وعليكم الرواق المطنب فاضربوا ثبجه، فإن الشيطان راكد في كسره). (س) وفي حديث اللعان (إن جاءت به أثيبج فهو لهلال) تصغير الأثبج، وهو الناتئ الثبج: أي ما بين الكتفين والكاهل. ورجل أثبج أيضا: عظيم الجوف. ثبر * في حديث الدعاء (أعوذ بك من دعوة الثبور) هو الهلاك. وقد ثبر يثبر ثبورا. - فيه (من ثابر على ثنتي عشر ركعة من السنة) المثابرة: الحرص على الفعل والقول، وملازمتهما. (س) وفي حديث أبي موسى (أتدري ما ثبر الناس) أي ما الذي صدهم ومنعهم من طاعة الله. وقيل ما بطأ بهم عنها. والثبر: الحبس. (ه) وفي حديث أبي بردة (قال دخلت على معاوية حين أصابته قرحة، فقال: هلم يا ابن أخي فانظر، فنظرت فإذا هي قد ثبرت) أي انفتحت. والثبرة: النقرة في الشئ. (ه) وفي حديث حكيم بن حزام (أن أمه ولدته في الكعبة، وأنه حمل في نطع، وأخذ ما تحت مثبرها فغسل عند حوض زمزم) المثبر: مسقط الولد، وأكثر ما يقال في الإبل.
[ 202 ]
- وفيه ذكر (ثبيرة) وهو الجبل المعروف عند مكة. وهو اسم ماء في ديار مزينة، أقطعه النبي صلى الله عليه وسلم شريس بن ضمرة. ثبط) ه) فيه (كانت سودة رضي الله عنها امرأة ثبطة) أي ثقيلة بطيئة، من التثبيط وهو التعويق والشغل عن المراد. ثبن) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (إذا مر أحدكم بحائط فليأكل منه ولا يتخذ ثبانا) الثبان: الوعاء الذي يحمل فيه الشئ ويوضع بين يدي الإنسان، فإن حمل في الحضن فهو خبنة. يقال ثبنت الثوب أثبنه ثبنا وثبانا: وهو أن تعطف ذيل قميصك فتجعل فيه شيئا تحمله، الواحدة ثبنة. * باب الثاء مع الجيم ثج) ه) فيه (أفضل الحج العج والثج) الثج: سيلان دماء الهدي والأضاحي، يقال ثجه يثجه ثجا. (ه) ومنه حديث أم معبد (فحلب فيه ثجا) أي لبنا سائلا كثيرا. (ه) وحديث المستحاضة (إني أثجه ثجا). (ه) وقول الحسن في ابن عباس (إنه كان مثجا) أي كان يصب الكلام صبا، شبه فصاحته وغزارة منطقه بالماء المثجوج. والمثج - بالكسر - من أبنية المبالغة. (س) وحديث رقيقة (اكتظ الوادي بثجيه) أي امتلأ بسيله. ثجر) س) فيه (أنه أخذ بثجرة صبي به جنون، وقال اخرج أنا محمد) ثجرة النحر: وسطه وهو ما حول الوهدة التي في اللبة من أدنى الحلق. وثجرة الوادي: وسطه ومتسعه. (ه) وفي حديث الأشج (لا تثجروا ولا تبسروا) الثجير: ما عصر من العنب فجرت سلافته وبقيت عصارته. وقيل الثجير: ثفل البسر يخلط بالتمر فينتبذ، فنهاهم عن انتباذه. ثجل) ه) في حديث أم معبد (ولم تزر به ثجلة) أي ضخم بطن. ورجل أثجل، ويروى بالنون والحاء: أي نحول ودقة.
[ 203 ]
* باب الثاء مع الخاء ثخن * في حديث عمر رضي الله عنه (في قوله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض ثم أحل الغنائم) الإثخان في الشئ: المبالغة فيه والإكثار منه. يقال: أثخنه المرض إذا أثقله ووهنه. والمراد به ها هنا المبالغة في قتل الكفار. - ومنه حديث أبي جهل (وكان قد اثخن) أي أثقل بالجراح. - وحديث علي رضي الله عنه (أوطأكم إثخان الجراحة). - وحديث عائشة وزينب رضي الله عنهما (لم أنشبها حتى أثخنت عليها) أي بالغت في جوابها وأفحمتها. * باب الثاء مع الدال ثدن) ه) في حديث الخوارج (فيهم رجل مثدن اليد) ويروى (مثدون اليد) أي صغير اليد مجتمعها. والمثدن والمثدون: النقص الخلق، ويروى (موتن اليد) بالتاء، من أيتنت المرأة إذا ولدت يتنا، وهو أن تخرج رجلا الولد في الأول. وقيل المثدن مقلوب ثند، يريد أنه يشبه ثندوة الثدي، وهي رأسه، فقدم الدال على النون مثل جذب وجبذ. ثدا) س) في حديث الخوارج (ذو الثدية) هو تصغير الثدي، وإنما أدخل فيه الهاء وإن كان الثدي مذكرا، كأنه أراد قطعة من ثدي. وهو تصغير الثندوة بحذف النون، لأنها من تركيب الثدي، وانقلاب الياء فيها واوا، لضمة ما قبلها، ولم يضر ارتكاب الوزن الشاذ لظهور الاشتقاق. ويروى ذو اليدية بالياء بدل الثاء، تصغير اليد، وهي مؤنثة. * باب الثاء مع الراء ثرب) ه) فيه (إذا زنت أمة أحدكم فليضربها الحد ولا يثرب) أي لا يوبخها ولا يقرعها بالزنا بعد الضرب. وقيل أراد لا يقنع في عقوبتها بالتثريب، بل يضربها الحد، فإن
[ 204 ]
زنا الإماء لم يكن عند العرب مكروها ولا منكرا، فأمرهم بحد الإماء كما أمرهم بحد الحرائر. (ه) وفيه (نهى عن الصلاة إذا صارت الشمس كالأثارب) أي إذا تفرقت وخصت موضعا دون موضع عند المغيب، شبهها بالثروب، وهي الشحم الرقيق يغشي الكرش والأمعاء، الواحد ثرب، وجمعها في القلة أثرب. والأثارب: جمع الجمع. - ومنه الحديث (إن المنافق يؤخر العصر حتى إذا صارت الشمس كثرب البقرة صلاها). ثرثر * فيه (أبغضكم إلي الثرثارون المتفيقهون) هم الذين يكثرون الكلام تكلفا وخروجا عن الحق. والثرثرة: كثرة الكلام وترديده. ثرد) س) فيه (فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) قيل لم يرد عين الثريد، وإنما أراد الطعام المتخذ من اللحم والثريد معا، لأن الثريد لا يكون إلا من لحم غالبا، والعرب قلما تجد طبيخا ولا سيما بلحم. ويقال الثريد أحد اللحمين، بل اللذة والقوة إذا كان اللحم نضيجا في المرق أكثر مما يكون في نفس اللحم. - وفي حديث عائشة (فأخذت خمارا لها ثردته بزعفران) أي صبغته. يقال ثوب مثرود: إذا غمس في الصبغ. (ه) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (كل ما أفرى الأوداج غير مثرد) المثرد الذي يقتل بغير ذكاة. يقال ثردت ذبيحتك. وقيل اليثريد: أن تذبح بشئ لا يسيل الدم. ويروى غير مثرد، بفتح الراء على المفعول. والرواية كل، أمر بالأكل، وقد ردها أبو عبيد وغيره، وقالوا: إنما هو كل ما أفرى الأوداج، أي كل شئ أفرى الأوداج، والفري: القطع. - وفي حديث سعيد، وسئل عن بعير نحروه بعود فقال (إن كان مارمورا فكلوه، وإن ثرد فلا). (ثرر) ه) في حديث خزيمة وذكر السنة (غاضت لها الدرة ونقصت لها الثرة) الثرة بالفتح: كثرة اللبن. يقال سحاب ثر: كثير الماء. ونلقة ثرة: واسعة الإحليل، وهو مخرج اللبن من الضرع، وقد تكسر الثاء. ثرم) س) فيه (نهى أن يضحى بالثرماء) الثرم: سقوط الثنية من الأسنان. وقيل الثنية
[ 205 ]
والرباعية. وقيل أن تنقلع السن من أصلها مطلقا، وإنما نهى عنها لنقصان أكلها. (س) ومنه الحديث في صفة فرعون (أنه كان أثرم). (ثرا) س) فيه (ما بعث الله نبيا بعد لوط إلا في ثروة من قومه) الثروة: العدد الكثير وإنما خص لوطا، لقوله تعالى (لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد). (س) ومنه الحديث (أنه قال للعباس رضي الله عنه: يملك من ولدك بعدد الثريا) الثريا: النجم المعروف، وهو تصغير ثروى. يقال ثرى القوم يثرون، وأثروا: إذا كثروا وكثرت أموالهم. ويقال: إن خلال أنجم الثريا الظاهرة كواكب خفية كثيرة العدد. - ومنه حديث اسماعيل عليه السلام (وقال لأخيه إسحاق عليه السلام: إنك أثريت وأمشيت) أي كثر ثراؤك وهو المال، وكثرت ماشيتك. (ه) وحديث أم زرع (وأراح علي نعما ثريا) أي كثيرا. - وحديث صلة الرحم (هي مثراة في المال منسأة في الأثر) مثراة - مفعلة - من الثراء: الكثرة. (ه) وفيه (فأتي بالسويق فأمر به فثري) أي بل بالماء. ثرى التراب يثريه تثريه: إذا رش عليه الماء. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (أنا أعلم بجعفر، إنه إن علم ثراه مرة واحدة ثم أطعمه) أي بله وأطعمه الناس. - وحديث خبز الشعير (فيطير منه ما طار وما بقي ثريناه). - وفيه (فإذا كلب يأكل الثرى من العطش) أي التراب الندي. - ومنه حديث موسى والخضر عليهما السلام (فبينا هو في مكان ثريان) يقال مكان ثريان، وأرض ثريا: إذا كان في ترابهما بلل وندى. (ه) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يقعي في الصلاة ويثري) معناه أنه
[ 206 ]
كان يضع يديه في الأرض بين السجدتين فلا يفارقان الأرض حتى يعيد السجدة الثانية، وهو من الثرى: التراب، لأنهم أكثر ما كانوا يصلون على وجه الأرض بغير حاجز، وكان يفعل ذلك حين كبرت سنه. ثرير * هو بضم الثاء وفتح الراء وسكون الياء: موضع من الحجاز كان به مال لابن الزبير، له ذكر في حديثه. * باب الثاء مع الطاء ثطط) س) في حديث أبي رهم (سأله النبي صلى الله عليه وسلم عمن تخلف من غفار، فقال: ما فعل النفر الحمر الثطاط) هي جمع ثط، وهو الكوسج الذي عري وجهه من الشعر إلا طاقات في أسفل حنكه. ورجل ثط وأثط. - ومنه حديث عثمان رضي الله عنه (وجئ بعامر بن عبد قيس فرآه أشغى ثطا) ويروى حديث أبي رهم (النطانط) جمع نطناط وهو الطويل. ثطا) ه) فيه (أنه مر بامرأة [ سوداء ترقص صبيا وتقول: ذؤال يا ابن القرم يا ذؤاله * يمشي الثطا ويجلس الهبنقعه فقال عليه السلام: (لا تقولي ذؤال فإنه شر السباع). الثطا: إفراط الحمق. رجل ثط بين الثطاة. وقيل: يقال هو يمشي الثطا: أي يخطو كما يخطو الصبي أول ما يدرج. والهبنقعة: الأحمق. وذؤال - ترخيم ذؤالة - وهو الذئب. والقرم: السيد. باب الثاء مع العين ثعب) ه) فيه (يجئ الشهيد يوم القيامة وجرحه يثعب دما) أي يجري. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (صلى وجرحه يثعب دما). - ومنه حديث سعد (فقطعت نساه فانثعبت جدية الدم) أي سالت. ويروى فانبعثت. ثعجر * في حديث علي رضي الله عنه (يحملها الأخضر المثعنجر) هو أكثر موضع في البحر ماء. والميم والنون زائدتان.
[ 207 ]
- ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (فإذا علمي بالقرآن في علم علي كالقرارة في المثعنجر) القرارة: الغدير الصغير. (ثعد) س) في حديث بكار بن داود (قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوم ينالون من الثعد والحلقان وأشل من لحم، وينالون من أسقية لهم قد علاها الطحلب، فقال: ثكلتكم أمهاتكم، ألهذا خلقتم ؟ ثم أو بهذا أمرتم ؟ ثم جاز عنهم فنزل الروح الأمين وقال: يا محمد ربك يقرئك السلام ويقول لك: إنما بعثتك مؤلفا لأمتك. ولم أبعثك منفرا، ارجع إلى عبادي فقل لهم فليعملوا، وليسددوا، ولييسروا) جاء في تفسيره أن الثعد: الزبد، والحلقان: البسر الذي قد أرطب بعضه، وأشل من لحم: الخروف المشوي. كذا فسره إسحاق بن إبراهيم القرشي أحد رواته. فأما الثعد في اللغة فهو ما لان من البسر، واحدته ثعدة. ثعر) ه) فيه (يخرج قوم من النار فينبتون كما تنبت الثعارير) هي القثاء الصغار، شبهوا بها لأن القثاء بنمي سريعا. وقيل رؤوس الطراثيث تكون بيضا، شبهوا ببياضها، واحدتها طرثوث، وهو نبت يؤكل. ثعع) ه) فيه (أتته أمرأة فقالت: إن ابني به جنون، فمسح صدره ودعا له، فثع ثعة فخرج من جوفه جرو أسود) الثع: القئ. والثعة: المرة الواحدة. ثعل) ه) في حديث موسى وشعيب عليهما السلام (ليس فيها ضبوب ولا ثعول) الثعول: الشاة التي لها زيادة حلمة، وهو عيب، والضبوب: الضيقة مخرج اللبن. ثعلب [ ه ] في حديث الاستسقاء (اللهم اسقنا حتى يقوم أبو لبابة يسد ثعلب مربده بإزاره) المربد: موضع يجفف فيه التمر، وثعلبه: ثقبه الذي يسيل منه ماء المطر. * باب الثاء مع الغين ثغب) ه) في حديث عبد الله (ما شبهت ما غبر من الدنيا إلا بثغب ذهب صفوه وبقي كدره) الثغب - بالفتح والسكون -: الموضع المطمئن في أعلى الجبل يستنقع فيه ماء المطر. وقيل هو غدير في غلظ من الأرض، أو على صخرة ويكون قليلا. - ومنه حديث زياد (فثئت بسلالة من ماء ثغب).
[ 208 ]
ثغر) ه) فيه (فلما مر الأجل قفل أهل ذلك الثغر) الثغر: الموضع الذي يكون حدا فاصلا بين بلاد المسلمين والكفار، وهو موضع المخافة من أطراف البلاد. (ه) وفي حديث فتح قيسارية (وقد ثغروا منها ثغرة واحدة) الثغرة: الثلمة. - ومنه حديث عمر رضي الله عنه (تستبق إلى ثغرة ثنيه). - وحديث أبي بكر والنسابة (أمكنت من سواء الثغرة) أي وسط الثغرة، وهي نقرة النحر فوق الصدر. - والحديث الآخر (بادروا ثغر المسجد) أي طرائفه. وقيل: ثغرة المسجد أعلاه. (ه) وفيه (كانوا يحبون أن يعلموا الصبي الصلاة إذا اثغر) الاثغار: سقوط سن الصبي ونباتها، والمراد به ها هنا السقوط. يقال إذا سقطت رواضع الصبي قيل: ثغر فهو مثغور، فإذا نبتت بعد السقوط قيل: اثغر، واثغر بالثاء تقديره اثتغر، وهو افتعل، من الثغر وهو ما تقدم من الأسنان، فمنهم من يقلب تاء الافتعال ثاء ويدغم فيها الثاء الأصلية، ومنهم من يقلب الثاء الأصلية تاء ويدغمها في تاء الافتعال. (ه) ومنه حديث جابر رضي الله عنه (ليس في سن الصبي شئ إذا لم يثغر) يريد النبات بعد السقوط. - وحديث ابن عباس رضي الله عنهما (أفتنا في دابة ترعى الشجر في كرش لم تثغر) أي لم تسقط أسنانها. (ه) وفي حديث الضحاك (أنه ولد وهو مثغر) والمراد به ها هنا النبات. ثغم) ه) فيه (أتى بأبي قحافة يوم الفتح وكأن رأسه ثغامة) هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه به الشيب. وقيل هي شجرة تبيض كأنها الثلج. ثغا) س) في حديث الزكاة وغيرها (لا تجئ بشاة لها ثغاء) الثغاء: صياح الغنم. يقال ماله ثاغية: أي شئ من الغنم. - ومنه حديث جابر رضي الله عنه (عمدت إلى عنز لأذبحها فثغت، فسمع
[ 209 ]
رسول الله صلى الله عليه وسلم ثغوتها فقال: لا تقطع درا ولا نسلا) الثغوة: المرة من الثغاء. وقد تكررت في الحديث. * باب الثاء مع الفاء ثفأ) س [ ه ]) فيه (ماذا في الأمرين من الشفاء ؟ الصبر والثفاء) الثفاء: الخردل. وقيل الحرف، ويسميه أهل العراق حب الرشاد، الواحدة ثفاءة. وجعله مرا للحروفة التي فيه ولذعه للسان. ثفر) ه) فيه (أنه أمر المستحاضة أن تستثفر) هو أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد أن تحتشي قطنا، وتوثق طرفيها في شئ تشده على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدم، وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها. (ه) ومنه حديث ابن الزبير رضي الله عنه في صفة الجن (فإذا نحن برجال طوال كأنهم الرماح، مستثفرين ثيابهم) هو أن يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما يفعل الكلب بذنبه. ثفرق * في حديث مجاهد (إذا حضر المساكين عند الجداد ألقى لهم من الثفاريق والتمر) الأصل في الثفاريق: الأقماع التي تلزق في البسر، واحدها ثفروق، ولم يردها ها هنا وإنما كنى بها عن شئ من البسر يعطونه. قال القتيبي: كأن الثفروق - على معنى هذا الحديث - شعبة من شمراخ العذق. ثفل) س) في غزوة الحديبة (من كان معه ثفل فليصطنع) أراد بالثفل الدقيق والسويق ونحوهما والاصطناع اتخاذ الصنيع. أراد فليطبخ وليختبز. (س) ومنه كلام الشافعي رضي الله عنه (قال: وبين في سنته صلى الله عليه وسلم أن زكاة الفطر من الثفل مما يقتات الرجل وما فيه الزكاة) وإنما سمي ثفلا لأنه من الأقوات التي يكون لها ثفل، بخلاف المائعات. (س) وفيه (أنه كان يحب الثفل) قيل هو الثريد وأنشد: يحلف بالله وإن لم يسئل * ما ذاق ثفلا منذ عام أول (ه) وفي حديث حذيفة، وذكر فتنة فقال: (تكون فيها مثل الجمل الثفال، وإذا
[ 210 ]
أكرهت فتباطأ عنها) هو البطئ الثقيل. أي لا تتحرك فيها. وأخرجه أبو عبيد عن ابن مسعود رضي الله عنه. ولعلهما حديثان. - ومنه حديث جابر رضي الله عنه (كنت على جمل ثفال). (ه) وفي حديث علي رضي الله عنه (وتدقهم الفتن دق الرحا بثفالها) الثفال - بالكسر - جلدة تبسط تحت رحا اليد ليقع عليها الدقيق، ويسمى الحجر الأسفل ثفالا بها. والمعنى: أنها تدقهم دق الرحا للحب إذا كانت مثفلة، ولا تثفل إلا عند الطحن. - ومنه حديثه الآخر (استحار مدارها، واضطرب ثفالها). (ه) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه غسل يديه بالثفال) هو - بالكسر والفتح - الإبريق. ثفن * في حديث أنس رضي الله عنه (أنه كان عند ثفنة ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع) الثفنة - بكسر الفاء - ما ولي الأرض من كل ذات أربع إذا بركت، كالركبتين وغيرهما، ويحصل فيه غلظ من أثر البروك. - ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما في ذكر الخوارج (وأيديهم كأنها ثفن الإبل هو جمع ثفنة، وتجمع أيضا ثفنات. (س [ ه ]) ومنه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه (رأى رجلا بين عينيه مثل ثفنة البعير، فقال: لو لم تكن هذه كان خيرا) يعني كان على جبهته أثر السجود، وإنما كرهها خوفا من الرياء بها. (ه) وفي حديث بعضهم (فحمل على الكتيبة فجعل يثفنها) أي يطردها. قال الهروي: ويجوز أن يكون يفنها، والفن: الطرد. * باب الثاء مع القاف ثقب) س) في حديث الصديق رضي الله عنه (نحن أثقب الناس أنسابا) أي أوضحهم وأنورهم. والثقب: المضئ. (ه) ومنه قول الحجاج لابن عباس رضي الله عنهما (إن كان لمثقبا) أي ثاقب العلم مضيئه. والمثقب - بكسر الميم - العالم الفطن.
[ 211 ]
ثقف) ه) في حديث الهجرة (وهو غلام لقن ثقف) أي ذو فطنة وذكاء. ورجل ثقف، وثقف، وثقف. والمراد أنه ثابت المعرفة بما يحتاج إليه. (ه) وفي حديث أم حكيم بنت عبد المطلب (إني حصان فما أكلم، وثقاف فما أعلم). وفي حديث عائشة، تصف أباها رضي الله عنهما (وأقام أوده بثقافه) الثقاف: ما تقوم به الرماح، تريد أنه سوى عوج المسلمين. - وفيه (إذا ملك اثنا عشر من بني عمرو بن كعب كان الثقف والثقاف إلى أن تقوم الساعة) يعني الخصام والجلاد. ثقل) ه) فيه (إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي) سماهما ثقلين، لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل. ويقال لكل خطير [ نفيس ] (الزيادة من ا واللسان والهروي) ثقل، فسماهما ثقلين إعظاما لقدرهما وتفخيما لشأنهما. - وفي حديث سؤال القبر (يسمعهما من بين المشرق والمغرب إلا الثقلين) الثقلان: هما الجن والإنس، لأنهما قطان الأرض. والثقل في غير هذا: متاع المسافر. - ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل من جمع بليل). - وحديث السائب بن يزيد (حج به في ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم). - وفيه (لا يدخل النار من في قلبه مثقال ذرة من إيمان) المثقال في الأصل: مقدار من الوزن، أي شئ كان من قليل أو كثير، فمعنى مثقال ذرة: وزن ذرة. والناس يطلقونه في العرف على الدينار خاصة، وليس كذلك.
[ 212 ]
* باب الثاء مع الكاف ثكل) س) فيه (أنه قال لبعض أصحابه: ثكلتك أمك) أي فقدتك. والثكل: فقد الولد. وامرأة ثاكل وثكلى. ورجل ثاكل وثثكلان، كأنه دعا عليه بالموت لسوء فعله أو قوله. والموت يعم كل أحد، فإذن الدعاء عليه كلا دعاء، أو أراد إذا كنت هكذا فالموت خير لك لئلا تزداد سوءا، ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب ولا يراد بها الدعاء، كقولهم تربت يداك، وقاتلك الله. - ومنه قصيد كعب بن زهير: - قامت فجاوبها نكد مثاكيل * هن جمع مثكال، وهي المرأة التي فقدت ولدها. ثكم) ه) في حديث أم سلمة رضي الله عنها (قالت لعثمان بن عفان رضي الله عنه: توخ حيث توخى صاحباك، فإنهما ثكما لك الحق ثكما) أي بيناه وأوضحاه. قال القتيبي: أرادت أنهما لزما الحق ولم يظلما، ولا خرجا عن المحجة يمينا ولا شمالا. يقال ثكمت المكان والطريق: إذا لزمتهما. (ه) ومنه الحديث الآخر (إن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ثكما الأمر فلم يظلما) قال الأزهري: أراد ركبا ثكم الطريق، وهو قصده. ثكن) ه) فيه (يحشر الناس على ثكنهم) الثكنة: الراية والعلامة، وجمعها ثكن. أي على ما ماتوا عليه، وأدخلوا في قبورهم من الخير والشر. وقيل: الثكن: مراكز الأجناد ومجتمعهم على لواء صاحبهم. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (يدخل البيت المعمور كل يوم سبعون ألف ملك على ثكنهم. أي بالرايات والعلامات. (ه) وفي حديث سطيح: - كأنما حثحث من حضني ثكن ثكن بالتحريك: اسم جبل حجازي.
[ 213 ]
* باب الثاء مع اللام ثلب) ه) فيه (لهم من الصدقة الثلب والناب) الثلب من ذكور الإبل: الذي هرم وتكسرت أسنانه. والناب: المسنة من إناثها. (ه) ومنه حديث ابن العاص (كتب إلى معاوية: إنك جربتني، فوجدتني لست بالغمر الضرع، ولا بالثلب الفاني) الغمر: الجاهل، والضرع: الضعيف. ثلث * فيه (لكن اشربوا مثنى وثلاث وسموا الله تعالى) يقال فعلت الشئ مثنى وثلاث ورباع - غير مصروفات - إذا فعلته مرتين مرتين، وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا. - وفيه (دية شبه العمد أثلاثا) أي ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، وأربع وثلاثون ثنية. - وفي حديث قل هو الله أحد (والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن) جعلها تعدل الثلث، لأن القرآن العزيز لا يتجاوز ثلاثة أقسام، وهي: الإرشاد إلى معرفة ذات الله تعالى وتقديسه، أو معرفة صفاته وأسمائه، أو معرفة أفعاله وسنته في عباده. ولما اشتملت سورة الإخلاص على أحد هذه الأقسام الثلاثة، وهو التقديس، وازنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلث القرآن، لأن منتهى التقديس أن يكون واحدا في ثلاثة أمور: لا يكون حاصلا منه من هو من نوعه وشبهه، ودل عليه قوله: لم يلد. ولا يكون هو حاصلا ممن هو نظيره وشبهه، ودل عليه قوله: ولم يولد. ولا يكون في درجته - وإن لم يكن له أصلا ولا فرعا - من هو مثله، ودل عليه قوله: ولم يكن له كفوا أحد. ويجمع جميع ذلك قوله: قل هو الله أحد. وجملته: تفصيل قولك: لا إله إلا الله. فهذه أسرار القرآن. ولا تتناهى أمثالها فيه. ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين. [ ه ] وفي حديث كعب (أنه قال لعمر رضي الله عنه: أنبئني ما المثلث ؟ فقال: وما المثلث لا أبا لك ؟ فقال: شر الناس المثلث) يعني السعي بأخيه إلى السلطان، يهلك ثلاثة، نفسه، وأخاه، وإمامه بالسعي فيه إليه. - وفي حديث أبي هريرة (دعاه عمر رضي الله عنه إلى العمل بعد أن كان عزله، فقال: إني أخاف ثلاثا واثنتين، قال: أفلا تقول خمسا ؟ فقال: أخاف أن أقول بغير حكم، وأقضي بغير علم. وأخاف أن يضرب ظهري، وأن يشتم عرضي، وأن يؤخذ مالي) الثلاث والاثنتان هذه الخلال الخمس التي ذكرها، وإنما لم يقل خمسا، لآن الخلتين الأوليين من
[ 214 ]
الحق عليه، فخاف أن يضيعه، والخلال الثلاث من الحق له، فخاف أن يظلمه، فلذلك فرقها. ثلج * في حديث عمر رضي الله عنه (حتى أتاه الثلج واليقين) يقال ثلجت نفسي بالأمر تثلج ثلجا، وثلجت تثلج ثلوجا إذا اطمأنت إليه وسكنت، وثبت فيها ووثقت به. - ومنه حديث ابن ذي يزن (وثلج صدرك). (س) وحديث الأحوص (أعطيك ما تثلج إليه). - وفي حديث الدعاء (واغسل خطاياي بماء الثلج والبرد) إنما خصهما بالذكر تأكيدا للطهارة ومبالغة فيها، لأنهما ما آن مفطوران على خلقتهما، لم يستعملا ولم تنلهما الأيدي، ولم تخضهما الأرجل كسائر المياه التي خالطت التراب، وجرت في الأنهار، وجمعت في الحياض، فكانا أحق بكمال الطهارة. ثلط * فيه (فبالت وثلطت) الثلط: الرجيع الرقيق، وأكثر ما يقال للإبل والبقر والفيلة. (س) ومنه حديث علي رضي الله عنه (كانوا يبعرون وأنتم تثلطون ثلطا) أي كانوا يتغوطون يابسا كالبعر، لأنهم كانوا قليلي الأكل والمآكل، وأنتم تثلطون رقيقا، وهو إشارة إلى كثرة المآكل وتنوعها. ثلغ) ه) فيه (إذن يثلغوا رأسي كما تثلغ الخبزة) الثلغ: الشدخ. وقيل هو ضربك الشئ الرطب بالشئ اليابس حتى ينشدخ. - ومنه حديث الرؤيا (وإذا هو يهوي بالصخرة فيثلغ بها رأسه). ثلل) ه) فيه (لا حمى إلا في ثلاث: ثلة البئر، وطول الفرس، وحلقة القوم) ثلة البئر: هو أن يحتفر بئرا في أرض ليست ملكا لأحد، فيكون له من الأرض حول البئر ما يكون ملقى لثلتها، وهو التراب الذي يخرج منها، ويكون كالحريم لها لا يدخل فيه أحد عليه. - وفي كتابه لأهل نجران (لهم ذمة الله وذمة رسوله على ديارهم وأموالهم وثلتهم)
[ 215 ]
الثلة بالضم: الجماعة من الناس. - وفي حديث معاوية (لم يكن أمه براعية ثلة) الثلة بالفتح: جماعة الغنم. - ومنه حديث الحسن رضي الله عنه (إذا كانت لليتيم ماشية فللوصي أن يصيب من ثلتها ورسلها) أي من صوفها ولبنها، فسمى الصوف بالثلة مجازا. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (رئي في المنام وسئل عن حاله فقال: كاد يثل عرشي) أي يهدم ويكسر، وهو مثل يضرب للرجل إذا ذل وهلك. وللعرش هنا معنيان: أحدهما السرير، والأسرة للملوك، فإذا هدم عرش الملك فقد ذهب عزه. والثاني البيت ينصب بالعيدان ويظلل، فإذا هدم فقد ذل صاحبه. ثلم) س) فيه (نهى عن الشرب من ثلمة القدح) أي موضع الكسر منه. وإنما نهى عنه لأنه لا يتماسك عليها فم الشارب، وربما انصب الماء على ثوبه وبدنه. وقيل: لأن موضعها لا يناله التنظيف التام إذا غسل الإناء. وقد جاء في لفظ الحديث (إنه مقعد للشيطان) ولعله أراد به عدم النظافة. * باب الثاء مع الميم ثمد) ه) في حديث طهفة (وافجر لهم الثمد) الثمد بالتحريك: الماء القليل، أي افجره لهم حتى يصير كثيرا. - ومنه الحديث (حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد). ثمر) ه) فيه (لا قطع في ثمر ولا كنر) الثمر: الرطب، ما دام في رأس النخلة، فإذا قطع فهو الرطب، فإذا كنز فهو التمر. والكنر: الجمار. وواحد الثمر ثمرة، ويقع على كل الثمار، ويغلب على ثمر النخل. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (زاكيا نبتها، ثامرا فرعها) يقال شجر ثامر إذا أدرك ثمره. - وفيه (إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته: قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون نعم) قيل للولد ثمرة لأن الثمرة ما ينتجه الشجر، والولد ينتجه الأب. (س) ومنه حديث عمرو بن مسعود (قال لمعاوية: ما تسأل عمن ذبلت بشرته،
[ 216 ]
وقطعت ثمرته) يعني نسله. وقيل انقطاع شهوة الجماع. - وفي حديث المبايعة (فأعطاه صفقة يده، وثمرة قلبه) أي خالص عهده. (ه) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنه (أنه أخذ بثمرة لسانه) أي بطرفه. - ومنه حديث الحد (فأتي بسوط لم تقطع ثمرته) أي طرفه الذي يكون في أسفله. (ه) وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه (أنه أمر بسوط فدقت ثمرته) وإنما دقها لتلين، تخفيفا على الذي يضربه به. (س) وفي حديث معاوية رضي الله عنه (قال لجارية: هل عندك قرى ؟ قالت: نعم، خبز خمير، ولبن ثمير، وحيس جمير) الثمير: الذي قد تحبب زبده فيه، وظهرت ثميرته: أي زبده. والجمير: المجتمع. ثمغ في حديث صدقة عمر رضي الله عنه (إن حدث به حدث إن ثمغا وصرمة ابن الأكوع وكذا وكذا جعله وقفا). هما مالان معروفان بالمدينة كانا لعمر بن الخطاب رضي الله عنه فوقفهما. ثمل) ه س) في حديث أم معبد (فحلب فيه ثجا حتى علاه الثمال) هو بالضم: الرغوة، واحده ثمالة. - وفي شعر أبي طالب يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل الثمال - بالكسر - الملجأ والغياث. وقيل: هو المطعم في الشدة. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (فإنها ثمال حاضرتهم) أي غياثهم وعصمتهم. - وفي حديث حمزة رضي الله عنه وشارفي علي رضي الله عنه (فإذا حمزة ثمل محمرة عيناه) الثمل الذي أخذ منه الشراب والسكر. (س) ومنه حديث تزويج خديجة (أنها انطلقت إلى أبيها وهو ثمل) وقد تكرر في الحديث.
[ 217 ]
(س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه طلى بعيرا من إبل الصدقة بقطران، فقال له رجل لو أمرت عبدا كفاكه ! فضرب بالثملة في صدره وقال: عبد أعبد مني !) الثملة بفتح الثاء والميم: صوفة، أو خرقة يهنأ بها البعير، ويدهن بها السقاء. (س) وفي حديثه الآخر (أنه جاءته امرأة جليلة، فحسرت عن ذراعيها وقالت: هذا من احتراش الضباب، فقال: لو أخذت الضب فوريته، ثم دعوت بمكتفة فثملته كان أشبع) أي أصلحته. - وفي حديث عبد الملك (قال للحجاج: أما بعد فقد وليتك العراقين صدمة، فسر إليها منطوي الثميلة) أصل الثميلة: ما يبقى في بطن الدابة من العلف والماء، وما يدخره الإنسان من طعام أو غيره، وكل بقية ثميلة. المعنى: سر إليها مخفا. ثمم) ه) في حديث عروة (وذكر أحيحة بن الجلاح وقول أخواله فيه: كنا أهل ثمه ورمه) قال أبو عبيد: المحدثون يروونه بالضم، والوجه عندي الفتح، وهو إصلاح الشئ وإحكامه، وهو والرم بمعنى الإصلاح. وقيل: الثم قماش البيت، والرم مرمة البيت. وقيل: هما بالضم مصدران، كالشكر، أو بمعنى المفعول كالذخر: أي كنا أهل تربيته والمتولين لإصلاح شأنه. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (اغزوا والغزو حلو خضر قبل أن يصير ثماما، ثم رماما ثم حطاما) الثمام: نبت ضعيف قصير لا يطول. والرمام: البالي. والحطام: المتكسر المتفتت. المعنى: اغزوا وأنتم تنصرون وتوفرون غنائمكم قبل أن يهن ويضعف ويكون كالثمام. ثمن) س) في حديث بناء المسجد (ثامنوني بحائطكم) أي قرروا معي ثمنه وبيعونيه بالثمن. يقال: ثامنت الرجل في المبيع أثامنه، إذا قاولته في ثمنه وساومته على بيعه واشترائه. * باب الثاء مع النون ثند [ ه ] في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (عاري الثندوتين) الثندوتان للرجل كالثديين للمرأة، فمن ضم الثاء همز، ومن فتحها لم يهمز، أراد أنه لم يكن على ذلك الموضع منه كبير لحم. (س) وفي حديث ابن عمرو بن العاص (في الأنف إذا جدع الدية كاملة، وإن جدعت
[ 218 ]
ثندوته فنصف العقل) أراد بالثندوة في هذا الموضع روثة الأنف، وهي طرفه ومقدمه. ثنط) س) في حديث كعب (لما مد الله الأرض مادت فثنطها بالجبال) أي شقها فصارت كالأوتاد لها. ويروى بتقديم النون. قال الأزهري: (فرق ابن الأعرابي بين النثط والثنط، فجعل الثنط شقا، والنثط تثقيلا (في اللسان وتاج العروس: إثقالا). وقال وهما حرفان غريبان، فلا أدري أعربيان أم دخيلان) وما جاء إلا في حديث كعب. ويروى بالباء بدل النون، من التثبيط: التعويق. ثنن) ه) فيه (إن آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما حملت به: ما وجدته في قطن ولا ثنة) الثنة: ما بين السرة والعانة من أسفل البطن. (ه) ومنه حديث مقتل حمزة رضي الله تعالى عنه (قال وحشي: سددت رمحي لثنته). - وحديث فارعة أخت أمية (فشق ما بين صدره إلى ثنته). - وفي حديث فتح نهاوند (وبلغ الدم ثنن الخيل) الثنن: شعرات في مؤخرة الحافر من اليد والرجل. ثنا) ه) فيه (لا ثنى في الصدقة): أي لا تؤخذ مرتين في السنة. والثنى بالكسر والقصر: أن يفعل الشئ مرتين. وقوله في الصدقة: أي في أخذ الصدقة، فحذف المضاف. ويجوز أن تكون الصدقة بمعنى التصديق، وهو أخذ الصدقة، كالزكاة والذكاة بمعنى التزكية، والتذكية فلا يحتاج إلى حذف المضاف. (ه) وفيه (نهى عن الثنيا إلا أن تعلم) هي أن يستثنى في عقد البيع شئ مجهول فيفسد. وقيل هو أن يباع شئ جزافا فلا يجوز أن يستثنى منه شئ قل أو كثر، وتكون الثنيا في المزارعة أن يستثني بعد النصف أو الثلث كيل معلوم. (س) وفيه (من أعتق أو طلق ثم استثنى فله ثنياه) أي من شرط في ذلك شرطا، أو علقه على شئ فله ما شرط أو استثنى منه، مثل أن يقول: طلقتها ثلاثا إلا واحدة، أو أعتقتهم إلا فلانا. (ه) وفيه (كان لرجل ناقة نجيبة فمرضت فباعها من رجل واشترط ثنياها) أراد قوائمها ورأسها.
[ 219 ]
(ه) وفي حديث كعب. وقيل ابن جبير (الشهداء ثنية الله في الخلق) كأنه تأول قول الله تعالى (ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله) فالذين استثناهم الله من الصعق الشهداء، وهم الأحياء المرزوقون. (ه) وفي حديث عمر (كان ينحر بدنته وهي باركة مثنية بثنايين) أي معقولة بعقالين، ويسمى ذلك الحبل الثناية، وإنما لم يقولوا ثناءين بالهمز حملا على نظائره، لأنه جبل واحد يشد بأحد طرفيه يد وبطرفه الثاني أخرى، فهما كالواحد، وإن جاء بلفظ اثنين، ولا يفرد له واحد. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها تصف أباها (فأخذ بطرفيه وربق لكم أثناءه) أي ما انثنى منه، واحدها ثني، وهو معاطف الثوب وتضاعيفه. - ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه (كان يثنيه عليه أثناء من سعته) يعني ثوبه. - وفي صفته صلى الله عليه وسلم (ليس بالطويل المتثني) هو الذاهب طولا، وأكثر ما يستعمل في طويل لا عرض له. (س) وفي حديث الصلاة (صلاة الليل مثنى مثنى) أي ركعتان ركعتان بتشهد وتسليم، فهي ثنائية لا رباعية، ومثنى معدول من اثنين اثنين. (ه) وفي حديث عوف بن مالك (أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإمارة فقال: أولها ملامة، ثناؤها ندامة، وثلاثها عذاب يوم القيامة) أي ثانيها وثالثها. (س) ومنه حديث الحديبية (يكون لهم بدء الفجور وثناه) أي أوله وآخره. - وفي ذكر الفاتحة (هي السبع المثاني) سميت بذلك لأنها تثنى في كل صلاة: أي تعاد. وقيل: المثاني السور التي تقصر عن المئين وتزيد عن المفصل، كأن المئين جعلت مبادي، والتي تليها مثاني. (ه) وفي حديث ابن عمرو (من أشراط الساعة أن يقرأ فيما بينهم بالمثناة، ليس أحد يغيرها، قيل: وما المثناة ؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله تعالى) وقيل إن المثناة هي أن أحبار بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام وضعوا كتابا فيما بينهم على ما أرادوا من غير
[ 220 ]
كتاب الله، فهو المثناة، فكأن ابن عمرو كره الاخذ عن أهل الكتاب، وقد كانت عنده كتب وقعت إليه يوم اليرموك منهم، فقال هذا لمعرفته بما فيها. قال الجوهري: المثناة هي التي تسمى بالفارسية دوبيتي، وهو الغناء. - وفي حديث الأضحية (أنه أمر بالثنية من المعز) الثنية من الغنم ما دخل في السنه الثالثة، ومن البقر كذلك، ومن الإبل في السادسة، والذكر ثني، وعلى مذهب أحمد ابن حنبل: ما دخل من المعز في الثانية، ومن البقر في الثالثة. (س) وفيه (من يصعد ثنية المرار حط عنه ما حط عن بني إسرائيل) الثنية في الجبل كالعقبة فيه، وقيل هو الطريق العالي فيه، وقيل أعلى المسيل في رأسه. والمرار بالضم: موضع بين مكة والمدينة من طريق الحديبية. وبعضهم يقوله بالفتح، وإنما حثهم على صعودها لأنها عقبة شاقة وصلوا إليها ليلا حين أرادوا مكة سنة الحديبية، فرغبهم في صعودها. والذي حط عن بني إسرائيل هو ذنوبهم، من قوله تعالى (وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم). (س) وفي خطبة الحجاج: - أنا ابن جلا وطلاع الثنايا * هي جمع ثنية، أنه جلد يرتكب الأمور العظام. (س) وفي حديث الدعاء (من قال عقيب الصلاة وهو ثان رجله) أي عاطف رجله في التشهد قبل أن ينهض. (س) وفي حديث آخر (من قال قبل أن يثني رجله) وهذا ضد الأول في اللفظ، ومثله في المعنى، لأنه أراد قبل أن يصرف رجله عن حالتها التي هي عليها في التشهد. * باب الثاء مع الواو ثوب [ ه ] فيه (إذا ثوب بالصلاة فائتوها وعليكم السكينة) التثويب ها هنا: إقامة الصلاة. والأصل في التثويب: أن يجئ الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى ويشتهر، فسمي
[ 221 ]
الدعاء تثويبا لذلك. وكل داع مثوب. وقيل إنما سمي تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع، فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة، وأن المؤذن إذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم إليها، وإذا قال بعدها الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها. [ ه ] ومنه حديث بلال (قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب في شئ من الصلاة إلا في صلاة الفجر) وهو قوله: الصلاة خير من النوم، مرتين. (ه) ومنه حديث أم سلمة رضي الله عنها (قالت لعائشة: إن عمود الدين لا يثاب بالنساء إن مال) أي لا يعاد إلى استوائه، من ثاب يثوب إذا رجع. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (فجعل الناس يثوبون إلى النبي) أي يرجعون. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (لا أعرفن أحدا انتقص من سبل الناس إلى مثاباته شيئا) المثابات: جمع مثابة وهي المنزل، لأن أهله يثوبون إليه: أي يرجعون. ومنه قوله تعالى: (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس) أي مرجعا ومجتمعا. وأراد عمر: لا أعرفن أحدا اقتطع شيئا من طرق المسلمين وأدخله داره. - ومنه حديث عائشة رضي الله عنها، وقولها في الأحنف (ألي (في ا واللسان: أبي) كان يستجم مثابة سفهه ؟ - وحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه (قيل له في مرضه الذي مات فيه: كيف تجدك ؟ قال: أجدني أذوب ولا أثوب) أي أضعف ولا أرجع إلى الصحة. - وفي حديث ابن التيهان (أثيبوا أخاكم) أي جازوه على صنيعه. يقال: أثابه يثيبه إثابة، والاسم الثواب، ويكون في الخير والشر، إلا أنه بالخير أخص وأكثر استعمالا. (ه س) وفي حديث الخدري (لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها، ثم ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها) قال الخطابي: أما أبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهره، وقد روى في تحسين الكفن أحاديث، قال وقد تأوله بعض العلماء على المعنى، وأراد به الحالة التي يموت عليها من الخير والشر، وعمله الذي يختم له به. يقال فلان طاهر الثياب: إذا وصفوه بطهارة النفس والبراءة من العيب. وجاء في تفسير قوله تعالى (وثيابك فطهر) أي عملك فأصلح. ويقال فلان دنس الثياب إذا كان
[ 222 ]
خبيث الفعل والمذهب. وهذا كالحديث الآخر (يبعث العبد على ما مات عليه) قال الهروي: وليس قول من ذهب به إلى الأكفان بشئ، لأن الإنسان إنما يكفن بعد الموت. (س) وفيه (من لبس ثوب شهرة ألبسه الله ثوب مذلة) أي يشمله بالذل كما يشمل الثوب البدن، بأن يصغره في العيون ويحقره في القلوب. (س) وفيه (المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور) المشكل من هذا الحديث تثنية الثوب، قال الأزهري: معناه أن الرجل يجعل لقميصه كمين، أحدهما فوق الآخر ليري أن عليه قميصين، وهما واحد. وهذا إنما يكون فيه أحد الثوبين زورا لا الثوبان. وقيل: معناه أن العرب أكثر ما كانت تلبس عند الجدة والقدرة إزارا ورداء، ولهذا حين سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال: أوكلكم يجد ثوبين ؟ وفسره عمر رضي الله عنه بإزار ورداء، وإزار وقميص وغير ذلك. وروي عن إسحاق بن راهويه قال: سألت أبا الغمر الأعرابي - هو ابن ابنة ذي الرمة - عن تفسير ذلك فقال: كانت العرب إذا اجتمعوا في المحافل كانت لهم جماعة يلبس أحدهم ثوبين حسنين، فإن احتاجوا إلى شهادة شهد لهم بزور، فيمضون شهادته بثوبيه. يقولون: ما أحسن ثيابه ؟ وما أحسن هيئته ؟ فيجيزون شهادته لذلك، والأحسن فيه أن يقال: المتشبع بما لم يعط: هو أن يقول أعطيت كذا، لشئ لم يعطه، فأما إنه يتصف بصفات ليست فيه، يريد أن الله منحه إياها، أو يريد أن بعض الناس وصله بشئ خصه به، فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين: أحدهما اتصافه بما ليس فيه وأخذه ما لم يأخذه، والآخر الكذب على المعطي وهو الله تعالى أو الناس. وأراد بثوبي الزور هذين الحالين اللذين ارتكبهما واتصف بهما. وقد سبق أن الثوب يطلق على الصفة المحمودة والمذمومة، وحينئذ يصح التشبيه في التثنية، لأنه شبه اثنين باثنين. والله أعلم. ثور) ه) فيه (أنه أكل أثوار أقط) الأثوار جمع ثور، وهي قطعة من الأقط، وهو لبن جامد مستحجر. - ومنه الحديث (توضأوا مما مست النار من ثور أقط) يريد غسل اليد والفم منه. ومنهم من حمله على ظاهره وأوجب عليه وضوء الصلاة. (س) ومنه حديث عمرو بن معدي كرب (أتيت بني فلان فأتوني بثور وقوس وكعب)
[ 223 ]
والقوس: بقية التمر في الجلة، والكعب: القطعة من السمن. (ه) وفيه (صلوا العشاء إذا سقط ثور الشفق) أي انتشاره وثوران حمرته، من ثار الشئ يثور إذا انتشر وارتفع. - ومنه الحديث (فرأيت الماء يثور من بين أصابعه) أي ينبع بقوة وشدة. - والحديث الآخر (بل هي حمى تفور أو تثور). (ه) ومنه الحديث (من أراد العلم فليثور القرآن) أي لينقر عنه ويفكر في معانيه وتفسيره وقراءته. (ه) ومنه حديث عبد الله (أثيروا القرآن فإن في علم الأولين والآخرين). (ه) ومنه الحديث (أنه كتب لأهل جرش بالحمى الذي حماه لهم للفرس والراحلة والمثيرة) أراد بالمثيرة بقر الحرث، لأنها تثير الأرض. (س) ومنه الحديث (جا رجل من أهل نجد ثائر الرأس يسأه عن الإيمان) أي منتشر شعر الرأس قائمه، فحذف المضاف. (س) والحديث الآخر (يقوم إلى أخيه ثائرا فريصته) أي منتفخ الفريصة قائمها غضبا. والفريصة: اللحمة التي بين الجنب والكتف لا تزال ترعد من الدابة، وأراد بها ها هنا عصب الرقبة وعروقها، لأنها هي التي تثور عند الغضب. وقيل: أراد شعر الفريصة، على حذف المضاف. (س) وفيه (أنه حرم المدينة ما بين عير إلى ثور) هما جبلان: أما عير فجبل معروف بالمدينة، وأما ثور، فالمعروف أنه بمكة، وفيه الغار الذي بات به النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر، وفي رواية قليلة (ما بين عير وأحد) وأحد بالمدينة، فيكون ثور غلطا من الراوي وإن كان هو الأشهر في الرواية والأكثر. وقيل إن عيرا جبل بمكة، ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة، أو حرم المدينة تحريما مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة، على حذف المضاف ووصف المصدر المجذوف ثول) س) في حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه (انثال عليه الناس) أي
[ 224 ]
اجتمعوا وانصبوا من كل وجه، وهو مطاوع ثال يثول ثولا إذا صب ما في الإناء. والثول: الجماعة. (س) وفي حديث الحسن (لا بأس أن يضحي بالثولاء) الثول: داء يأخذ الغنم كالجنون يلتوي منه عنقها. وقيل هو داء يأخذها في ظهورها ورؤوسها فتخر منه. (س) وفي حديث ابن جريح (سأل عطاء عن مس ثول الإبل فقال لا يتوضأ منه) الثول لغة في الثيل، وهو وعاء قضيب الجمل. وقيل هو قضيبه. ثوا) ه) في كتاب أهل نجران (وعلى نجران مثوى رسلي) أي مسكنهم مدة مقامهم ونزلهم. والمثوى: المنزل، من ثوى بالمكان يثوي إذا أقام فيه. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أصلحوا مثاويكم) هي جمع المثوى: المنزل. (ه) وحديثه الآخر (أنه كتب إليه في رجل قيل له: متى عهدك بالنساء ؟ فقال: البارحة، فقيل: بمن ؟ قال: بأم مثواي) أي ربة المنزل الذي بات به ولم يرد زوجته، لأن تمام الحديث (فقيل له: أما عرفت أن الله قد حرم الزنا ؟ فقال: لا). (ه) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أن رجلا قال تثويته) أي تضيفته. وقد تكرر ذكر هذا اللفظ في الحديث. - وفيه (أن رمح النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه المثوي) سمي به لأنه يثبت المطعون به، من الثوى: الإقامة. - وفيه ذكر (الثوية) هي بضم الثاء وفتح الواو وتشديد الياء، ويقال بفتح الثاء وكسر الواو: موضع بالكوفة به قبر أبي موسى الأشعري، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهما. * باب الثاء مع الياء ثيب * فيه (الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة) الثيب من ليس ببكر، ويقع علي الذكر والأنثى، رجل ثيب وامرأة ثيب، وقد يطلق على المرأة البالغة وإن كانت بكرا، مجازا واتساعا. والجمع بين الجلد والرجم منسوخ. وأصل الكلمة الواو، لأنه من ثاب يثوب إذا رجع، كأن الثيب بصدد العود والرجوع. وذكرناه ها هنا حملا على لفظه. وقد تكرر ذكره في الحديث. ثيتل) س) في حديث النخعي (في الثيتل بقرة) الثيتل: الذكر المسن من الوعول، وهو التيس الجبلي، يعني إذا صاده المحرم وجب عليه بقرة فداء.
[ 225 ]
حرف الجيم * باب الجيم مع الهمزة جأث) ه) في حديث المبعث (فجئثت منه فرقا) أي ذعرت مخفت. يقال جئث الرجل، وجئف، وجث: إذا فزع. جؤجؤ * في حديث علي (كأني أنظر إلى مسجدها كجؤجؤ سفينة أو نعامة جاثمة، أو كجؤجؤ طائر في لجة بحر) الجؤجؤ: الصدر. وقيل عظامه، والجمع الجآجئ. (س) ومنه حديث سطيح: - حتى أتى عاري الجآجئ والقطن * (س) وفي حديث الحسن (خلق جؤجؤ آدم عليه السلام من كثيب ضرية) وضرية بئر بالحجاز ينسب إليها حمى ضرية. وقيل سمي بضرية بنت ربيعة بن نزار. جأر) ه) فيه (كأني أنظر إلى موسى له جؤار إلى ربه بالتلبية) الجؤار: رفع الصوت والاستغاثة، جأر يجأر. - ومنه الحديث (لخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله). ومنه الحديث (بقرة لها جؤار) هكذا روي من طريق. والمشهور بالخاء المعجمة. وقد تكرر في الحديث. جأش) س) في حديث بدء الوحي (ويسكن لذلك جأشه) الجأش: القلب، والنفس، والجنان. يقال رابط الجأش: أي ثابت القلب لا يرتاع ولا ينزعج للعظائم والشدائد.
[ 226 ]
جأي) س) في حديث يأجوج ومأجوج (وتجأى الأرض من نتنهم حين يموتون) هكذا روي مهموزا. قيل: لعله لغة في قولهم جوي الماء يجوى إذا أنتن، أي تنتن الأرض من جيفهم، وإن كان الهمز فيه محفوظا، فيحتمل أن يكون من قولهم كتيبة جأواء: بينة الجأي، وهي التي يعلوها لون السواد لكثرة الدروع، أو من قولهم سقاء لا يجأى شيئا: أي لا يمسكه، فيكون المعنى أن الأرض تقذف صديدهم وجيفهم فلا تشربه ولا تمسكها كما لا يحبس هذا السقاء، أو من قولهم: سمعت سرا فما جأيته: أي ما كتمته، يعني أن الأرض يستتر وجهها من كثرة جيفهم. - وفي حديث عاتكة بنت عبد المطلب: حلفت لئن عدتم لنصطلمنكم * بجأواء تردي حافتيه المقانب أي بجيش عظيم تجتمع مقانبه من أطرافه ونواحيه. * باب الجيم مع الباء جبأ) ه) في حديث أسامة (فلما رأونا جبأوا من أخبيتهم) أي خرجوا. يقال: جبأ عليه يجبأ إذا خرج. جبب * فيه (أنهم كانوا يجبون أسنمة الإبل وهي حية) الجب: القطع. - ومنه حديث حمزة رضي الله عنه (أنه اجتب أسنمة شارفي علي رضي الله عنه لما شرب الخمر) وهو افتعل من الجب. - وحديث الانتباذ (في المزادة المجبوبة) وهي التي قطع رأسها، وليس لها عزلاء من أسفلها يتنفس منها الشراب. (ه) وحديث ابن عباس رضي الله عنهما (قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الجب. قيل وما الجب ؟ فقالت امرأة عنده: هي المزادة يخيط بعضها إلى بعض، وكانوا ينتبذون فيها حتى ضريت) أي تعودت الانتباذ فيها واستدت. ويقال لها المجبوبة أيضا. (س) وحديث مأبور الخصي (الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله لما اتهم بالزنا فإذا هو مجبوب) أي مقطوع الذكر.
[ 227 ]
(س) وحديث زنباع (أنه جب غلاما له). (س) ومنه الحديث (إن الإسلام يجب ما قبله، والتوبة تجب ما قبلها) أي يقطعان ويمحوان ما كان قبلهما من الكفر والمعاصي والذنوب. (ه) وفي حديث مورق (المتمسك بطاعة الله إذا جبب الناس عنها كالكار بعد الفار) أي إذا ترك الناس الطاعات ورغبوا عنها. يقال: جبب الرجل: إذا مشى مسرعا فارا من الشئ. (ه) وفيه (أن رجلا مر بجبوب بدر) الجبوب - بالفتح - الأرض الغليظة وقيل هو المدر، واحدتها جبوبة. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (رأيت المصطفى صلى الله عليه وسلم يصلي ويسجد على الجبوب). (ه) ومنه حديث دفن أم كلثوم (فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يلقي إليهم بالجبوب ويقول: سدوا الفرج). (س) والحديث الآخر (أنه تناول جبوبة فتفل فيها). - وحديث عمر رضي الله عنه (سأله رجل فقال: عنت عكرشة فشنقتها بجبوبة) أي رميتها حتى كفت عن العدو. (ه) وفي حديث بعض الصحابة (وسئل عن امرأة تزوج بها: كيف وجدتها ؟ فقال: كالخير من امرأة قباء جباء، قالوا: أو ليس ذلك خيرا ؟ قال: ما ذاك بأدفأ للضجيع ولا أروى للرضيع) يريد بالجباء أنها صغيرة الثديين، وهي في اللغة أشبه بالتي لا عجز لها، كالبعير الأجب الذي لا سنام له. وقيل الجباء: القليلة لحم الفخذين. - وفي حديث عائشة رضي الله عنها (إن سحر النبي صلى الله عليه وسلم في جب طلعة) أي في داخلها، ويروى بالفاء، وهما معا: وعاء طلع النخيل. (جبجب) س) في حديث بيعة الأنصار (نادى الشيطان يا أصحاب الجباجب) هي جمع جبجب - بالضم - وهو المستوى من الأرض ليس بحزن، وهي ها هنا أسماء منازل بمنى، سميت به، قيل لأن كروش الأضاحي تلقى فيها أيام الحج، والجبجبة: الكرش يجعل
[ 228 ]
فيها اللحم يتزود في الأسفار. (ه) وفي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه (أنه أودع مطعم بن عدي - لما أراد أن يهاجر - جبجبة فيها نوى من ذهب) هي زنبيل لطيف من جلود، وجمعه جباجب. ورواه القتيبي بالفتح. والنوى: قطع من ذهب، وزن القطعة خمسة دراهم. (س) ومنه حديث عروة (إن مات شئ من الإبل فخذ جلده فاجعله جباجب ينقل فيها)، أي زبلا. جبذ) ه) فيه (فجبذني رجل من خلفي) الجبذ لغة في الجذب. وقيل هو مقلوب. وقد تكرر ذكره في الحديث. (جبر * في أسماء الله تعالى (الجبار) ومعناه الذي يقهر العباد على ما أراد من أمر ونهي. يقال: جبر الخلق وأجبرهم، وأجبر أكثر. وقيل هو العالي فوق خلقه، وفعل من أبنية المبالغة، ومنه قولهم: نخلة جبارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول. - ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه (يا أمة الجبار) إنما أضافها إلى الجبار دون باقي أسماء الله تعالى، لاختصاص الحال التي كانت عليها من إظهار العطر، والبخور، والتباهي به، والتبختر في المشي. - ومنه الحديث في ذكر النار (حتى يضع الجبار فيها قدمه) المشهور في تأويله: أن المراد بالجبار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر (حتى يضع رب العزة فيها قدمه) والمراد بالقدم: أهل النار الذين قدمهم الله تعالى لها من شرار خلقه، كما أن المؤمنين قدمه الذين قدمهم للجنة: وقيل أراد بالجبار ها هنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر (إن النار قالت: وكلت بثلاثة: بمن جعل مع الله إلها آخر، وبكل جبار عنيد، وبالمصورين). [ ه ] ومنه الحديث الآخر (كثافة جلد الكافر أربعون ذراعا بذراع الجبار) أراد به ها هنا الطويل. وقيل الملك، كما يقال بذراع الملك. قال القتيبي: وأحسبه ملكا من ملوك الأعاجم كان تام الذراع.
[ 229 ]
(ه) وفيه (أنه أمر امرأة فتأبت عليه، فقال: دعوها فإنها جبارة) أي مستكبرة عاتية. - وفي حديث علي رضي الله عنه (وجبار القلوب على فطراتها) هو من جبر العظم المكسور، كأنه أقام القلوب وأثبتها على ما فطرها عليه من معرفته والإقرار ؟ ؟ به، شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أجعله من أجبر، لأن أفعل لا يقال فيه فعال. قلت: يكون من اللغة الأخرى، يقال جبرت وأجبرت بمعنى قهرت. (س) ومنه حديث خسف جيش البيداء (فيهم المستبصر، والمجبور، وابن السبيل) وهذا من جبرت، لا من أجبرت. - ومنه الحديث (سبحان ذي الجبروت والملكوت) هو فعلوت من الجبر والقهر. - والحديث الآخر (ثم يكون ملك وجبروت) أي عتو وقهر. يقال: جبار بين الجبروة، والجبرية، والجبروت. (ه) وفيه (جرح العجماء جبار) الجبار: الهدر. والعجماء: الدابة. - ومنه الحديث (السائمة جبار) أي الدابه المرسلة في رعيها. [ ه ] وفي حديث الدعاء (واجبرني واهدني) أي أغنني، من جبر الله مصيبته: أي رد عليه ما ذهب منه وعوضه. وأصله من جبر الكسر. جبل) س) في حديث الدعاء (أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه) أي خلقت وطبعت عليه. (س) وفي صفة ابن مسعود (كان رجلا مجبولا ضخما) المجبول: المجتمع الخلق. (ه) وفي حديث عكرمة (إن خالدا الحذاء، كان يسأله، فسكت خالد، فقال له عكرمة: مالك أجبلت) أي انقطعت. من قولهم: أجبل الحافر إذا أفضى إلى الجبل أو الصخر الذي لا يحيك فيه المعول.
[ 230 ]
جبن * في حديث الشفاعة (فلما كنا بظهر الجبان) الجبان والجبانة: الصحراء، وتسمى بهما المقابر، لأنها تكون في الصحراء، تسمية للشئ بموضعه. وقد تكرر في ذكر الجبن والجبان. وهو ضد الشجاعة والشجاع. جبه) ه) في حديث الزكاة (ليس في الجبهة صدقة) الجبهة: الخيل. وقال أبو سعيد الضرير قولا فيه بعد وتعسف (ه) وفي حديث آخر (قد أراحكم الله من الجبهة، والسجة، والبجة) الجبهة ها هنا: المذلة. وقيل هو اسم صنم كان يعبد. (س) وفي حديث حد الزنا (أنه سأل اليهود عنه فقالوا: عليه التجبيه. قال: ما التجبيه ؟ قالوا: أن تحمم وجوه الزانيين، ويحملا على بعير أو حمار، ويخالف بين وجوههما) أصل التجبيه أن يحمل اثنان على دابة ويجعل قفا أحدهم إلى قفا الآخر. والقياس أن يقابل بين وجوههما، لأنه مأخوذ من الجبهة. والتجبيه أيضا: أن ينكس رأسه، فيحتمل أن يكون المحمول على الدابة إذا فعل به ذلك نكس رأسه، فسمي ذلك الفعل تجبيها، ويحتمل أن يكون من الجبه، وهو الاستقبال بالمكروه. وأصله من إصابة الجبهة، يقال: جبهته إذا أصبت جبهته. جبا) ه) في كتاب وائل بن حجر (ومن أجبا فقد أربى) الإجباء: بيع الزرع قبل أن يبدو صلاحه. وقيل هو أن يغيب إبله عن المصدق، من أجبأته إذا واريته. والأصل في هذه اللفظة الهمز، ولكنه روي هكذا غير مهموز، فإما أن يكون تحريفا من الراوي، أو يكون ترك الهمز للازدواج بأربى. وقيل أراد بالإجباء العينة، هو أن يبيع من رجل سلعة بثمن معلوم إلى أجل مسمى، ثم يشتريها منه بالنقد بأقل من الثمن الذي باعها به. (س) وفي حديث الحديبية (فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على جباها، فسقينا واستقينا) الجبا: بالفتح والقصر ما حول البئر، وبالكسر ما جمعت فيه من الماء - وفي حديث ثقيف (أنهم اشترطوا ألا يعشروا ولا يحشروا ولا يجبوا، فقال: لكم ألا تعشروا، ولا تحشروا، ولا خير في دين ليس فيه ركوع) أصل التجبية: أن يقوم الإنسان قيام الراكع. وقيل هو أن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم. وقيل: هو السجود.
[ 231 ]
والمراد بقولهم لا يجبوا أنهم لا يصلون. ولفظ الحديث يدل على الركوع، لقوله في جوابهم: ولا خير في دين ليس فيه ركوع، فسمى الصلاة ركوعا، لأنه بعضها. وسئل جابر رضي الله عنه عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد، فقال: علم أنهم سيصدقون ويجاهدون إذا أسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لأن وقتها حاضر متكرر، بخلاف وقت الزكاة والجهاد. - ومنه حديث عبد الله (أنه ذكر القيامة والنفخ في الصور، قال: فيقومون فتجبيون تجبية رجل واحد قياما لرب العالمين). - وحديث الرؤيا (فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مجبون في أدبارهم بالنار). (س) وفي حديث جابر رضي الله عنه (كانت اليهود تقول: إذا نكح الرجل امرأته مجبية جاء الولد أحول) أي منكبة على وجهها، تشبيها بهيئة السجود. - وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه (كيف أنتم إذا لم تجتبوا دينارا ولا درهما) الاجتباء افتعال، من الجباية، وهو استخراج الأموال من مظانها. (ه) ومنه حديث سعد رضي الله عنه (نبطي في جبوته) الجبوة والجبية: الحالة من جبي الخراج واستيفائه. - وفيه (أنه اجتباه لنفسه) أي اختاره واصطفاه. (ه) وفي حديث خديجة رضي الله عنها (قالت: يا رسول الله ما بيت في الجنضة من قصب ؟ قال: هو بيت من لؤلؤ مجبأة) فسره ابن وهب فقال: مجبأة أي مجوفة. قال الخطابي: هذا لا يستقيم، إلا أن يجعل من المقلوب فيكون مجوبة من الجوب وهو القطع. وقيل هو من الجوب، وهو نقير يجتمع فيه الماء. * باب الجيم مع الثاء جثث * في حديث بدء الوحي (فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء فجثثت منه) أي فزعت منه وخفت. وقيل: معناه قلعت من مكاني، من قوله تعالى (اجتثت من فوق الأرض) وقال الحربي: أراد جئثت، فجعل مكان الهمزة ثاء. وقد تقدم.
[ 232 ]
- وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه (قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: ما نرى هذه الكمأة إلا الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض فقال: بل هي من المن)، اجتثت: أي قطعت. والجث: القطع. - وفي حديث أنس (اللهم جاف الأرض عن جثته) أي جسده. وقد تكررت في الحديث. جثجث * في حديث قس بن ساعدة (وعرصات جثجاث) الجثجاث: شجر أصفر مر طيب الريح، تستطيبه العرب وتكثر ذكره في أشعارها. جثم) ه) فيه (أنه نهى عن المجثمة) هي كل حيوان ينصب ويرمى ليقتل، إلا أنها تكثر في الطير والأرانب وأشباه ذلك مما يجثم في الأرض: أي يلزمها ويلتصق بها، وجثم الطائر جثوما، وهو بمنزلة البروك للإبل. (س) ومنه الحديث (فلزمها حتى تجثهما) من تجثم الطائر أنثاه، إذا علاها للسفاد. جثا) ه س) فيه (من دعا دعاء الجاهلية فهو من جثا جهنم). - وفي حديث آخر (من دعا يالفلان فإنما يدعو إلى جثا النار) الجثا: جمع جثوة بالضم، وهو الشئ المجموع. (س) ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا، كل أمة تثبع نبيها) أي جماعة، وتروى هذه اللفظة جثي بتشديد الياء: جمع جاث، وهو الذي يجلس على ركبتيه. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (أنا أول من يجثو للخصومة بين يدي الله تعالى). (س) ومن الأول حديث عامر (رأيت قبور الشهداء جثا) يعني أتربة مجموعة. (س) والحديث الآخر (فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة من تراب) وقد تكسر الجيم وتفتح، ويجمع الجميع: جثا، بالضم والكسر. (س) وفي حديث إتيان المرأة مجبية، رواه بعضهم (مجثأة) كأنه أراد قد جثيت،
[ 233 ]
فهي مجثأة: أي حملت على أن تجثو على ركبتيها. باب الجيم مع الحاء (جحجح في حديث سيف بن ذي يزن: بيض مغالبة غلب جحاجحة * الجحاجحة: جمع جحجاح وهو السيد الكريم، والهاء فيه لتأكيد الجمع. (س [ ه ]) وفي حديث الحسن، وذكر فتنة ابن الأشعث فقال (والله إنها لعقوبة فما أدري أمستأصلة أم مجحجحة) أي كافة. يقال جحجحت عليه، وحجحجت، وهو من القلوب. حجح) ه) فيه (أنه مر بامرأة مجح) المجح: الحامل المقرب التي دنا ولادها. (س) ومنه الحديث (إن كلبة كانت في بني اسرائيل مجحا، فعوى جراؤها في بطنها) ويروى مجحة بالهاء على أصل التأنيث. جحدل) س) فيه (قال له رجل: رأيت في المنام أن رأسي قطع وهو يتجحدل وأنا أتبعه) هكذا جاء في مسند الإمام أحمد، والمعروف في الرواية: يتدحرج، فإن صحت الرواية به، فالذي جاء في اللغة أن جحدلته بمعنى صرعته. حجر) ه) في صفة الدجال (ليست عينه بناتئة ولا حجراء) أي غائرة منحجرة في نقرتها، وقال الأزهري: هي بالخاء، وأنكر الحاء، وستجئ في بابها. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (إذا حاضت المرأة حرم الجحران) يروى بكسر النون على التثنية، تريد الفرج والدبر، ويروى بضم النون، وهو اسم الفرج، بزيادة الألف والنون، تمييزا له عن غيره من الحجرة. وقيل المعنى أن أحدهما حرام قبل الحيض، فإذا حاضت حرما جميعا. جحش) ه) فيه (أنه صلى الله عليه وسلم سقط من فرس فجحش شقه) أي انخدش جلده وانسحج
[ 234 ]
وفي حديث شهادة الأعضاء يوم القيامة (بعدا لكن وسحقا، فعنكن كنت أجاحش) أي أحامي وأدافع. جحظ) ه) في حديث عائشة، تصف أباها رضي الله عنهما (وأنتم حينئذ جحظ تنتظرون العدوة) جحوظ العين: نتوءها وانزعاجها. والرجل جاحظ، وجمعه جحظ. تريد: وأنتم شاخصو الأبصار، تترقبون أن ينعق ناعق، أو يدعو إلى وهن الإسلام داع. جحف) ه) فيه (خذوا العطاء ما كان عطاء، فإذا تجاحفت قريش الملك بينهم فارفضوه) يقال تجاحف القوم في القتال: إذا تناول بعضهم بعضا بالسيوف. يريد إذا تقاتلوا على الملك. - وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه قال لعدي: إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة) أي أفقرتهم الحاجة، وأذهبت أموالهم. (س) وفي حديث عمار رضي الله عنه (أنه دخل على أم سلمة رضي الله عنها - وكان أخاها من الرضاعة - فاجتحف ابنتها زينب من حجرها) أي استلبها. يقال جحفت الكرة من وجه الأرض، واجتحفتها. جحم) س) فيه (كان لميمونة رضي الله عنها كلب يقال له مسمار، فأخذه داء يقال له الجحام، فقالت: وارحمتا لمسمار) هو داء يأخذ الكلب في رأسه، فيكوى منه ما بين عينيه. وقد يصيب الإنسان أيضا. - وفيه ذكر (الجحيم) في غير موضع، هو اسم من أسماء جهنم. وأصله ما اشتد لهبه من النيران. جحمر) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (إني امرأة جحيمر) هو تصغير جحمرش بإسقاط الحرف الخامس، وهي العجوز الكبيرة. باب الجيم مع الخاء جخجخ) ه) فيه (إذا أردت العز فجخجخ في جشم) أي ناد بهم وتحول إليهم. جخ [ ه ] في حديث البراء (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جخ) أي فتح عضديه عن
[ 235 ]
جنبيه، وجافاهما عنهما. ويروى جخي بالياء، وهو الأشهر، وسيرد في موضعه. جخر) ه) في صفة عين الدجال (ليس بناتئة ولا جخراء) قال الأزهري: الجخراء: الضيقة التي لها غمص ورمص. ومنه قيل للمرأة جخراء، إذا لم تكن نظيفة المكان. ويروى بالحاء المهملة. وقد تقدم. جخف * في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (فالتفت إلي - يعني الفاروق رضي الله عنه - فقال: جخفا جخفا) أي فخرا فخرا، وشرفا شرفا. ويروى جفخا، بتقديم الفاء، على القلب. (ه) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه نام وهو جالس حتى سمعت جخيفة، ثم صلى ولم يتوضأ) الجخيف: الصوت من الجوف، وهو أشد من الغطيط. جخا) ه) فيه (كان إذا سجد جخى) أي فتح عضديه وجافاهما عن جنبيه، ورفع بطنه عن الأرض، وهو مثل جخ. وقد تقدم. (ه) وفي حديث حذيفة رضي الله عنه (كالكوز مجخيا) المجخي: المائل عن الاستقامة والاعتدال، فشبه القلب الذي لا يعي خيرا بالكوز المائل الذي لا يثبت فيه شئ. باب الجيم مع الدال جدب) س) فيه (وكانت فيها أجادب أمسكت الماء) الأجادب: صلاب الأرض التي تمسك الماء فلا تشربه سريعا. وقيل هي الأرض التي لا نبات بها، مأخوذ من الجدب، وهو القحط، كأنه جمع أجدب، وأجدب جمع جدب، مثل كلب وأكلب وأكالب. قال الخطابي: أما أجادب فهو غلط وتصحيف، وكأنه يريد أن اللفظة أجارد، بالراء والدال، وكذلك ذكره أهل اللغة والغريب. قال: وقد روي أحادب، بالحاء المهملة. قلت: والذي جاء في الرواية أجادب بالجيم، وكذلك جاء في صحيحي البخاري ومسلم. - وفي حديث الاستسقاء (هلكت الأموال وأجدبت البلاد) أي قحطت وغلت
[ 236 ]
الأسعار. وقد تكرر ذكر الجدب في الحديث. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه جدب السمر بعد العشاء) أي ذمه وعابه. وكل عائب جادب جدث * في حديث علي رضي الله عنه (في جدث ينقطع في ظلمته آثارها) الجدث: القبر، ويجمع على أجداث. - ومنه الحديث (نبوئهم أجداثهم) أي ننزلهم قبورهم. وقد تكرر في الحديث. جدح) س) فيه (انزل فاجدح لنا) الجدح: أن يحرك السويق بالماء ويخوض حتى يستوي. وكذلك اللبن ونحوه، والمجدح: عود مجنح الرأس تساط به الأشربة، وربما يكون له ثلاث شعب. - ومنه حديث علي رضي الله عنه (جدحوا بيني وبينهم شربا وبيئا) أي خلطوا. [ ه ] وفي حديث عمر رضي الله عنه (لقد استسقيت بمجاديح السماء) المجاديح: واحدها مجدح، والياء زائدة للإشباع، والقياس أن يكون واحدها مجداح، فأما مجدح فجمعه مجادح. والمجدح: نجم من النجوم. قيل هو الدبران. وقيل هو ثلاثة كواكب كالأثافي، تشبيها بالمجدح الذي له ثلاث شعب، وهو عند العرب من الأنواء الدالة على المطر، فجعل الاستغفار مشبها بالأنواء، مخاطبة لهم بما يعرفونه، لا قولا بالأنواء. وجاء بلفظ الجمع لأنه أراد الأنواء جميعها التي يزعمون أن من شأنها المطر. جدجد) ه) فيه (فأتينا على جدجد متدمن) الجدجد بالضم: البئر الكثيرة الماء. قال أبو عبيد: إنما هو الجد، وهو البئر الجيدة الموضع من الكلأ. (ه) وفي حديث عطاء (الجدجد يموت في الوضوء قال: لا بأس به). وهو حيوان كالجراد يصوت في الليل. قيل هو الصرصر. (جدد * في حديث الدعاء (تبارك اسمك وتعالى جدك) أي علا جلالك وعظمتك. والجد: الحظ والسعادة والغنى. (ه) ومنه الحديث (ولا ينفع ذا الجد منك الجد) أي لا ينفع ذا الغنى منك غناه، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة.
[ 237 ]
[ ه ] ومنه حديث القيامة (وإذا أصحاب الجد محبوسون) أي ذوو الحظ والغنى. (ه) وحديث أنس رضي الله عنه (كان الرجل إذا قرأ سورة البقرة وآل عمران جد فينا) أي عظم قدره وصار ذا جد. - وفي الحديث (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جد في السير جمع بين الصلاتين) أي إذا اهتم به وأسرع فيه. يقال جد يجد ويجد، بالضم والكسر. وجد به الأمر وأجد. وجد فيه وأجد: إذا اجتهد. - ومنه حديث أحد (لئن أشهدني الله مع النبي صلى الله عليه وسلم قتال المشركين ليرين الله ما أجد) أي ما أجتهد. (ه) وفيه (أنه نهى عن جداد الليل) الجداد بالفتح والكسر: صرام النخل، وهو قطع ثمرتها. يقال جد الثمرة يجدها جدا. وإنما نهى عن ذلك لأجل المساكين حتى يحضروا في النهار فيتصدق عليهم منه - ومنه الحديث (أنه أوصى بجاد مائة وسق للأشعريين، وبجاد مائة وسق للشيبيين) الجاد: بمعنى المجدود: أي نخل يجد منه ما يبلغ مائة وسق. (ه) ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه (قال لعائشة رضي الله عنها: إني كنت نحلتك جاد عشرين وسقا). - والحديث الآخر (من ربط فرسا فله جاد مائة وخمسين وسقا) كان هذا في أول الإسلام لعزة الخيل وقلتها عندهم. (س) وفيه (لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا جادا) أي لا يأخذه على سبيل الهزل، ثم يحبسه فيصير ذلك جدا. والجد بكسر الجيم: ضد الهزل. يقال جد يجد جدا. ومنه حديث قس: - أجدكما لا تقضيان كراكما *
[ 238 ]
أي أبجد منكما، وهو منصوب على المصدر. (س) وفي حديث الأضاحي (لا يضحي بجداء) الجداء: ما لا لبن لها من كل حلوبة، لآفة أيبست ضرعها. وتجدد الضرع: ذهب لبنه. والجداء من النساء: الصغيرة الثدي. (س) ومنه حديث علي رضي الله عنه في صفة امرأة (قال: إنها جداء) أي صغيرة الثديين. (س) وفي حديث أبي سفيان (جد ثديا أمك) أي قطعا، من الجد: القطع، وهو دعاء عليه. (ه) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (كان لا يبالي أن يصلي في المكان الجدد) أي المستوي من الأرض. ومنه حديث أسر عقبة بن أبي معيط (فوحل به فرسه في جدد من الأرض). (ه) وفي حديث ابن سيرين (كان يختار الصلاة على الجد إن قدر عليه) الجد بالضم: شاطئ النهر. والجدة أيضا. وبه سميت المدينة التي عند مكة: جدة. (س) وفي حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه (وإذا جواد منهج عن يميني) الجواد: الطرق، واحدها جادة، وهي سواء الطريق ووسطه. وقيل هي الطريق الأعظم التي تجمع الطرق ولا بد من المرور عليها. (س) وفيه (ما على جديد الأرض) أي وجهها. (س) وفي قصة حنين (كإمرار الحديد على الطست الجديد) وصف الطست وهي مؤنثة، بالجديد وهو مذكر، إما لأن تأنيثها غير حقيقي فأوله على الإناء والظرف، أو لأن فعيلا يوصف به المؤنث بلا علامة تأنيث، كما يوصف به المذكر، نحو امرأة قتيل، وكف خضيب. وكقوله تعالى (إن رحمة الله قريب من المحسنين). (جدر) س) في حديث الزبير رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: احبس الماء حتى يبلغ الجدر) هو ها هنا المسناة. وهو ما رفع حول المزرعة كالجدار. وقيل هو لغة في الجدار. وقيل هو أصل الجدار. وروي الجدر بالضم، جمع جدار. ويروى بالذال. وسيجئ. - ومنه قوله لعائشة رضي الله عنها (أخاف أن يدخل قلوبهم أن أدخل الجدر في
[ 239 ]
البيت) يريد الحجر، لما فيه من أصول حائط البيت. وفيه (الكمأة جدري الأرض) شبهها بالجدري، وهو الحب الذي يظهر في جسد الصبي لظهورها من بطن الأرض، كما يظهر الجدري من باطن الجلد، وأراد به ذمها. (س) ومنه حديث مسروق (أتينا عبد الله في مجدرين ومحصبين) أي جماعة أصابهم الجدري والحصبة. والحصبة: شبه الجدري تظهر في جلد الصغير. وفيه ذكر (ذي الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال: مسرح على ستة أميال من المدينة كانت فيه لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أغير عليها. جدس) ه) في حديث معاذ رضي الله عنه (من كانت له أرض جادسة) هي الأرض التي لم تعمر ولم تحرث، وجمعها جوادس. (جدع) س) فيه (نهى أن يضحي بجدعاء) الجدع: قطع الأنف، والأذن - والشفة، وهو بالأنف أخص، فإذا أطلق غلب عليه. يقال رجل أجدع ومجدوع، إذا كان مقطوع الأنف. ومنه حديث المولود على الفطرة (هل تحسون فيها من جدعاء) أي مقطوعة الأطراف، أو واحدها. ومعنى الحديث: أن المولود يولد على نوع من الجبلة، وهي فطرة الله تعالى وكونه متهيئا لقبول الحق طبعا وطوعا، لو خلته شياطين الإنس والجن وما يختار لم يختر غيرها، فضرب لذلك الجمعاء والجدعاء مثلا. يعني أن البهيمة تولد مجتمعة الخلق، وشوية الأطراف، سليمة من الجدع، لولا تعرض الناس إليها لبقيت كما ولدت سليمة. ومنه الحديث (أنه خطب على ناقته الجدعاء) هي المقطوعة الأذن، وقيل لم تكن ناقته مقطوعة الأذن، وإنما كان هذا اسما لها. (س) والحديث الآخر (اسمعوا وأطيعوا وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف) أي مقطع الأعضاء، والتشديد للتكثير. وفي حديث الصديق رضي الله عنه (قال لابنه يا غنثر فجدع وسب) أي خاصمه
[ 240 ]
وذممه. والمجادعة: المخاصمة. جدف * فيه (لا تجدفوا بنعم الله) أي تكفروها وتستقلوها. يقال منه جدف يجدف تجديفا. (ه) ومنه حديث كعب (شر الحديث التجديف) أي كفر النعمة واستقلال العطاء. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه سأل رجلا استهوته الجن، فقال: ما كان طعامهم ؟ قال: الفول وما لم يذكر اسم الله عليه. قال: فما كان شرابهم ؟ قال: الجدف) الجدف بالتحريك: نبات يكون باليمن لا يحتاج آكله معه إلى شرب ماء. وقيل: هو كل ما لا يغطى من الشراب وغيره. قال القتيبي: أصله من الجدف: القطع، أراد ما يرمى به عن الشراب من زبد أو رغوة أو قذى، كأنه قطع من الشراب فرمى به، هكذا حكاه الهروي عنه. والذي جاء في صحاح الجوهري: أن القطع هو الجذف، بالذال المعجمة، ولم يذكره في الدال المهملة، وأثبته الأزهري فيهما. (جدل * فيه (ما أوتي قوم الجدل إلا ضلوا) الجدل: مقابلة الحجة بالحجة. والمجادلة: المناظرة والمخاصمة. والمراد به في الحديث الجدل على الباطل، وطلب المغالبة به. فأما الجدل لإظهار الحق فإن ذلك محمود، لقوله تعالى وجادلهم بالتي هي أحسن. (ه) وفيه (أنا خاتم النبيين في أم الكتاب، وإن آدم لمنجدل في طينته) أي ملقى على الجدالة، وهي الأرض. (ه) ومنه حديث ابن صياد (وهو منجدل في الشمس). (ه) وحديث علي (حين وقف على طلحة رضي الله عنهما فقال - وهو قتيل - أعزز علي أبا محمد أن أراك مجدلا تحت نجوم السماء) أي مرميا ملقى على الأرض قتيلا. (س) ومنه حديث معاوية (أنه قال لصعصعة: ما مر عليك جدلته) أي رميته وصرعته. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (العقيقة تقطع جدولا ولا يكسر لها عظم) الجدول جمع جدل، بالكسر والفتح، وهو العضو. (س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه كتب في العبد إذا غزا على جديلته لا ينتفع
[ 241 ]
مولاه بشئ من خدمته: فأسهم له) الجديلة: الحالة الأولى. يقال: القوم على جديلة أمرهم: أي على حالتهم الأولى. وركب جديلة رأيه: أي عزيمته. والجديلة: الناحية، أراد أنه إذا غزا منفردا عن مولاه غير مشغول بخدمته عن الغزو. ومنه قول مجاهد في تفسير قوله تعالى (قل كل يعمل على شاكلته) قال (على جديلته): أي طريقته وناحيته. قال شمر: ما رأيت تصحيفا أشبه بالصواب مما قرأ مالك بن سليمان، فإنه صحف قوله على جديلته فقال: على حد يليه. وفي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه في قوله تعالى (قد جعل ربك تحتك سريا) قال: جدولا، وهو النهر الصغير. (جدا) ه) فيه (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجدايا وضغابيس) هي جمع جداية، وهي من أولاد الظباء ما بلغ ستة أشهر أو سبعة، ذكرا كان أو أنثى، بمنزلة الجدي من المعز. - ومنه الحديث الآخر (فجاءه بجدي وجداية). [ ه ] وفي حديث الاستسقاء (اللهم اسقنا جدا طبقا) الجدا: المطر العام. ومنه أخذ جدا العطية والجدوى. (س) ومنه (شعر خفاف بن ندبة السثلمي يمدح الصديق رضي الله عنه: ليس لشئ غير تقوى جدا * وكل خلق عمره للفنا هو من أجدى عليه يجدي إذا أعطاه. (س) ومنه حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه (أنه كتب إلى معاوية يستعطفه لأهل المدينة ويشكو إليه انقطاع أعطيتهم والميرة عنهم، وقال فيه: وقد عرفوا أنه ليس عند مروان مال يجادونه عليه) يقال جدا، واجتدى، واستجدى، إذا سأل وطلب. والمجاداة مفاعلة منه: أي ليس عنده مال يسألونه عليه. [ ه ] وفي حديث سعد رضي الله عنه (قال: رميت يوم بدر سهيل بن عمرو فقطعت نساه، فانثعبت جدية الدم) الجدية: أول دفعة من الدم. ورواه الزمخشري فقال: فانبعثت جدية الدم، أي سالت. وروي فاتبعت جدية الدم. قيل هي الطريقة من الدم تتبع ليقتفى أثرها.
[ 242 ]
(س) وفي حديث مروان (أنه رمى طلحة بن عبيد الله يوم الجمل بسهم فشك فخذه إلى جدية السرج) الجدية بسكون الدال (وبكسرها مع تشديد الياء، كما في القاموس): شئ يحشى ثم يربط تحت دفتي السرج والرحل، ويجمع على جديات وجدى بالكسر * - ومنه حديث أبي أيوب (أتي بدابة سرجها نمور) فنزع الصفة يعني الميثرة، فقيل: الجديات نمور، فقال: إنما ينهى عن الصفة). باب الجيم مع الذال (جذب) س) فيه (أنه عليه السلام كان يحب الجذب) الجذب بالتحريك: الجمار، وهو شحم النخل، واحدتها جذبة. (جذذ * فيه (أنه قال يوم حنين: جذوهم جذا) الجذ: القطع: أي استأصلوهم قتلا. ومنه حديث مازن (فثرت إلى الصنم فكسرته أجذاذا) أي قطعا وكسرا، واحدها جذ. ومنه حديث علي رضي الله عنه (أصول بيد جذاء) أي مقطوعة، كنى به عن قصور أصحابه وتقاعدهم عن الغزو، فإن الجند للأمير كاليد، ويروى بالحاء المهملة. (ه) وفي حديث أنس (أنه كان يأكل جذيذة قبل أن يغدو في حاجته) أراد شربة من سويق أو نحو ذلك، سميت به لأنها تجذ: أي تدق وتطحن. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (أنه أمر نوفا البكالي أن يأخذ من مزوده جذيذا). وحديثه الآخر (رأيت عليا رضي الله عنه يشرب جذيذا حين أفطر). (جذر) س) في حديث الزبير رضي الله عنه: احبس الماء حتى يبلغ الجذر) يريد مبلغ تمام الشرب، من جذر الحساب، وهو بالفتح والكسر: أصل كل شئ. وقيل أراد أصل الحائط. والمحفوظ بالدال المهملة. وقد تقدم. (ه) ومنه حديث حذيفة (نزلت الأمانة في جذر قلوب الرجال) أي في أصلها. (س) وحديث عائشة رضي الله عنها (سألته عن الجذر قال: هو الشاذروان الفارغ من البناء حول الكعبة).
[ 243 ]
(جذع) س) في حديث المبعث (أن ورقة بن نوفل قال: يا ليتني فيها جذعا) الضمير في فيها للنبوة: أي يا ليتني كنت شابا عند ظهورها، حتى أبالغ في نصرتها وحمايتها. وجذعا منصوب على الحال من الضمير في فيها، تقديره ليتني مستقر فيها جذعا: أي شابا. وقيل هو منصوب بإضمار كان، وضعف ذلك، لأن كان الناقصة لا تضمر إلا إذا كان في الكلام لفظ ظاهر يقتضيها، كقولهم: إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، لأن إن تقتضي الفعل بشرطيتها. وأصل الجذع من أسنان الدواب، وهو ما كان منها شابا فتيا، فهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية، وقيل البقر في الثالثة، ومن الضأن ما تمت له سنة، وقيل أقل منها. ومنهم من يخالف بعض هذا في التقدير. (ه س) ومنه حديث الضحية (ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجذع من الضأن، والثني من المعز) وقد تكرر الجذع في الحديث. (جذعم) ه) في حديث علي رضي الله عنه (أسلم أبو بكر وأنا جذعمة) وفي رواية (أسلمت وأنا جذعمة) أراد وأنا جذع: أي حديث السن، فزاده في آخره ميما توكيدا، كما قالوا زرقم وستهم، والهاء للمبالغة. (جذل) ه) فيه (يبصر أحدكم القذى في عين أخيه، ولا يبصر الجذل في عينه) الجذل بالكسر والفتح: أصل الشجرة يقطع، وقد يجعل العود جذلا. ومنه حديث التوبة (ثم مرت بجذل شجرة فتعلق به زمامها). وحديث سفينة (أنه أشاط دم جزور بجذل) أي بعود. (ه) وحديث السقيفة (أنا جذيلها المحكك) هو تصغير جذل، وهو العود الذي ينصب للإبل الجربى لتحتك به، وهو تصغير تعظيم: أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفى الإبل الجربى بالاحتكاك بهذا العود. (جذم * فيه (من تعلم القرآن ثم نسيه لقي الله يوم القيامة وهو أجذم) أي مقطوع اليد، من الجذم: القطع.
[ 244 ]
(ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (من نكث بيعته لقي الله وهو أجذم ليست له يد) قال القتيبي: الأجذم ها هنا الذي ذهبت أعضاؤه كلها، وليست اليد أولى بالعقوبة من باقي الأعضاء. يقال: رجل أجذم ومجذوم إذا تهافتت أطرافه من الجذام، وهو الداء المعروف. قال الجوهري: لا يقال للمجذوم أجذم. وقال ابن الأنباري ردا على ابن قتيبة: لو كان العقاب لا يقع إلا بالجارحة التي باشرت المعصية لما عوقب الزاني بالجلد والرجم في الدنيا، وبالنار في الآخرة. وقال ابن الأنباري: معنى الحديث أنه لقي الله وهو أجذم الحجة، لا لسان له يتكلم، ولا حجة في يده. وقول علي رضي الله عنه: ليست له يد: أي لا حجة له. وقيل معناه لقيه منقطع السبب، يدل عليه قوله: القرآن سبي بيد الله وسبب بأيديكم، فمن نسي فقد قطع سببه. وقال الخطابي: معنى الحديث ما ذهب إليه ابن الأعرابي، وهو أن من نسي القرآن لقي الله خالي اليد من الخير صفرها من الثواب، فكنى باليد عما تحويه وتشتمل عليه من الخير قلت: وفي تخصيص علي بذكر اليد معنى ليس في حديث نسيان القرآن، لأن البيعة تباشرها اليد من بين الأعضاء، وهو أن يضع المبايع يده في يد الإمام عند عقد البيعة وأخذها عليه. (س) ومنه الحديث (كل خطبة ليست فيها شهادة فهي كاليد الجذماء) أي المقطوعة. ومنه حديث قتادة في قوله تعالى (والركب أسفل منكم) قال (انجذم أبو سفيان بالعير) أي انقطع بها من الركب وسار (س) وحديث زيد بن ثابت (أنه كتب إلى معاوية: إن أهل المدينة طال عليهم الجذم والجذب) أي انقطاع الميرة عنهم. وفيه (أنه قال لمجذوم في وفد ثقيف: ارجع فقد بايعتك) المجذوم: الذي أصابه الجذام، وهو الداء المعروف، كأنه من جذم فهو مجذوم. وإنما رده النبي صلى الله عليه وسلم لئلا ينظر أصحابه إليه فيزدرونه ويرون لأنفسهم عليه فضلا فيدخلهم العجب والزهو، أو لئلا يحزن المجذوم برؤية النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم، وما فضلوا به عليه، فيقل شكره على بلاء الله تعالى. وقيل لأن الجذام من الأمراض المعديه، وكانت العرب تتطير منه وتتجنبه، فرده لذلك، أو لئلا يعرض لأحدهم جذام فيظن أن ذلك قد أعداه. ويعضد ذلك:
[ 245 ]
الحديث الآخر (أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها مع يده في القصعة، وقال: كل ثقة بالله وتوكلا عليه) وإنما فعل ذلك ليعلم الناس أن شيئا من ذلك لا يكون إلا بتقدير الله تعالى، ورد الأول لئلا يأثم فيه الناس، فإن يقينهم يقصر عن يقينه. (س) ومنه الحديث (لا تديموا النظر إلى المجذومين) لأنه إذا أدام النظر إليه حقره، ورأى لنفسه فضلا وتأذى به المنظور إليه. ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أربع لا يجزن في البيع ولا النكاح: المجنونة، والمجذومة، والبرصاء، والعفلاء. (ه) وفي حديث الأذان (فعلا جذم حائط فأذن) الجذم: الأصل، أراد بقية حائط أو قطعة من حائط. (س) ومنه حديث حاطب (لم يكن رجل من قريش إلا وله جذم بمكة) يريد الأهل والعشيرة. (ه س) وفيه (أنه أتي بتمر من تمر اليمامة، فقال: ما هذا ؟ فقيل: الجذاميث، فقال اللهم بارك في الجذامي) قيل هو تمر أحمر اللون. (جذا) ه) فيه (مثل المنافق كالأرزة المجذية) هي الثابتة المنتصبة. يقال جذت تجذو، وأجذت تجذي. (س) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (فجذا على ركبتيه) أي جثا، إلا أنه بالذال أدل على اللزوم والثبوت منه بالثاء. ومنه حديث فضالة (دخلت على عبد الملك بن مروان وقد جذا منخراه وشخصت عيناه، فعرفنا فيه الموت) أي انتصب وامتد. (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (مر بقوم يجذون حجرا) أي يشيلونه ويرفعونه. ويروى (وهم يتجاذون مهراسا) المهراس: الحجر العظيم الذي تمتحن برفعه قوة الرجل وشدته.
[ 246 ]
باب الجيم مع الراء (جرأ * في حديث الزبير رضي الله عنهما وبناء الكعبة (تركها، حتى إذا كان الموسم وقدم الناس يريد أن يجرئهم على أهل الشام) هو من الجراءة: الإقدام على الشئ، أراد أن يزيد في جراءتهم عليهم ومطالبتهم بإحراق الكعبة. ويروى بالحاء المهملة والباء، وسيذكر في موضعه. ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه (قال فيه ابن عمر: لكنه اجترأ وجبنا) يريد أنه أقدم على الإكثار من الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وجبنا نحن عنه، فكثر حديثه وقل حديثنا. - ومنه الحديث (وقومه جرآء عليه) بوزن علماء، جمع جرئ: أي متسلطين عليه غير هائبين له. هكذا رواه وشرحه بعض المتأخرين. والمعروف حراء، بالحاء المهملة، وسيجئ. (جرب * في حديث قرة المزني (قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأدخلت يدي في جربانه) الجربان بالضم وتشديد الباء: جيب القميص، والألف والنون زائدتان. ومنه الحديث (والسيف في جربانه) أي في غمده. وفيه ذكر (جراب) بضم الجيم وتخفيف الراء بئر قديمة كانت بمكة. وفي حديث الحوض (ما بين جنبيه كما بين جرباء وأذرح) هما قريتان بالشام بينهما ثلاث ليال، وكتب لهما النبي صلى الله عليه وسلم أمانا، فأما جربة بالهاء، فقرية بالمغرب لها ذكر في حديث رويفع بن ثابت. (جرث * في حديث علي رضي الله عنه (أنه أباح أكل الجريث) وفي رواية أنه كان ينهى عنه، هو نوع من السمك يشبه الحيات. ويقال له بالفارسية: المارماهي. (جرثم) ه) فيه (الأسد جرثومة العرب، فمن أضل نسبه فليأتهم) الأسد بسكون السين: الأزد، فأبدل الزاي سينا. والجرثومة: الأصل. وفي حديث آخر (تميم برثمتها وجرثومتها) الجرثمة: هي الجرثومة، وجمعها جراثيم. [ ه ] ومنه حديث علي رضي الله عنه (من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض في الجد).
[ 247 ]
[ ه ] وفي حديث ابن الزبير (لما أراد هدم الكعبة وبناءها كانت في المسجد جراثيم) أي كان فيه أماكن مرتفعة عن الأرض مجتمعة من تراب أو طين، أراد أن أرض المسجد لم تكن مستوية. [ ه ] وفي حديث خزيمة (وعاد لها النقاد مجرنثما) أي مجتمعا منقبضا. والنقاد: صغار الغنم، وإنما تجمعت من الجدب لأنها لم تجد مرعى تنتشر فيه، وإنما لم يقل مجرنثمة لأن لفظ النقاد لفظ الاسم الواحد، كالجدار والخمار. ويروى متجرثما، وهو متفعلل منه، والتاء والنون فيه زائدتان. (جرج * في مناقب الأنصار (وقتلت سرواتهم وجرجوا) هكذا رواه بعضهم بجيمين، من الجرج: الاضطراب والقلق. يقال جرج الخاتم إذا جال وقلق، والمشهور في الرواية جرحوا بالجيم والحاء، من الجراحة. (جرجر) ه) فيه (الذي يشرب في إناء الذهب والفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم) أي يحدر فيها نار جهنم، فجعل الشرب والجرع جرجرة، وهي صوت وقوع الماء في الجوف. قال الزمخشري: يروى برفع النار، والأكثر النصب، وهذا القول مجاز، لأن نار جهنم على الحقيقة لا تجرجر في جوفه، والجرجرة: صوت البعير عند الضجر، ولكنه جعل صوت جرع الإنسان للماء في هذه الأواني المخصوصة - لوقوع النهي عنها واستحقاق العقاب على استعمالها - كجرجرة نار جهنم في بطنه من طريق المجاز، هذا وجه رفع النار. ويكون قد ذكر يجرجر بالياء للفصل بينه وبين النار. فأما على النصب فالشارب هو الفاعل، والنار مفعولة، يقال جرجر فلان الماء إذا جرعه جرعا متواترا له صوت. فالمعنى كأنما يجرع نار جهنم. ومنه حديث الحسن (يأتي الحب فيكتاز منه ثم يجرجر قائما) أي يغترف بالكوز من الحب، ثم يشربه وهو قائم. والحديث الآخر (قوم يقرأون القرآن لا يجاوز جراجرهم) أي حلوقهم، سماها جراجر لجرجرة الماء. (جرجم) ه) في حديث قتادة، وذكر قصة قوم لوط (ثم جرجم بعضها على بعض) أي أسقط. والمجرجم: المصروع. ومنه حديث وهب (قال: قال طالوت لداود عليه السلام: أنت رجل جرئ، وفي
[ 248 ]
جبالنا هذه جراجمة يحتربون الناس) أي لصوص يستلبون الناس وينهبونهم. (جرح * فيه (العجماء جرحها جبار) الجرح ها هنا بفتح الجيم على المصدر لا غير، قاله الأزهري: فأما الجرح بالضم فهو الاسم. (ه) ومنه حديث بعض التابعين (كثرت هذه الأحاديث واستجرحت) أي فسدت وقل صحاحها، وهو استفعل، من جرح الشاهد إذا طعن فيه ورد قوله. أراد أن الأحاديث كثرت حتى أحوجت أهل العلم بها إلى جرح بعض رواتها ورد روايته. (ه) قول عبد الملك بن مروان (وعظتكم فلم تزدادوا على الموعظة إلا استخراجا) أي إلا ما يكسبكم الجرح والطعن عليكم. (جرد [ ه ] في صفته صلى الله عليه وسلم (أنه كان أنور المتجرد) أي ما جرد عنه الثياب من جسده وكشف، يريد أنه كان مشرق الجسد. وفي صفته أيضا (أنه أجرد ذو مسربة) الأجرد الذي ليس على بدنه شعر، ولم يكن كذلك، وإنما أراد به أن الشعر كان في أماكن من بدنه، كالمسربة، والساعدين، والساقين، فإن ضد الأجرد الأشعر، وهو الذي على جميع بدنه شعر. (س) ومنه الحديث (أهل الجنة جرد مرد). (س) وحديث أنس رضي الله عنه (أنه أخرج نعلين جرداوين، فقال: هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي لا شعر عليهما. وفيه (القلوب أربعة: قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر) أي ليس فيه غل ولا غش، فهو على أصل الفطرة، فنور الإيمان فيه يزهر. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (تجردوا بالحج وإن لم تحرموا) أي تشبهوا بالحاج وإن لم تكونوا حجاجا. وقيل يقال: تجرد فلان إذا أفرده ولم يقرن (ه) وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه (جردوا القرآن ليربو فيه صغيركم ولا ينأى عنه كبيركم) أي لا تقرنوا به شيئا من الأحاديث ليكون وحده مفردا. وقيل: أراد أن لا يتعلموا من من كتب الله شيئا سواه. وقيل أراد جردوه من النقضط والإعراب وما أشبههما. والام في ليربو من صلة جردوا. والمعنى اجعلوا القرآن لهذا، وخصوه به واقصروه عليه دون
[ 249 ]
النسيان والإعراض عنه، لينشأ على تعلمه صغاركم، ولا يتباعد عن تلاوته تدبره كباركم. (ه) وفي حديث الشراة (فإذا ظهروا بين النهرين لم يطاقوا، ثم يقلون حتى يكون آخرهم لصوصا جرادين) أي يعرون الناس ثيابهم وينهبونها. (س) ومنه حديث الحجاج (قال لأنس: لأجردنك كما يجرد الضب) أي لأسلخنك سلخ الضب، لأنه إذا شوي جرد من جلده. وروي (لأجردنك) بتخفيف الراء. والجرد: أخذ الشئ عن الشئ جرفا وعسفا. ومنه سمي الجارود، وهي السنة الشديدة المحل، كأنها تهلك الناس. (س) ومنه الحديث (وبها سرحة سر تحتها سبعون نبيا لم تعبل ولم تجرد) أي لم تصبها آفة تهلك ثمرتها ولا ورقها. وقيل هو من قولهم جردت الأرض فهي مجرودة: إذا أكلها الجراد. (س) وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه (ليس عندنا من مال المسلمين إلا جرد هذه القطيفة) أي التي انجرد خملها وخلقت. (س) ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (قالت لها امرأة: رأيت أمي في المنام وفي يدها شحمة، وعلى فرجها جريدة) تصغير جردة، وهي الخرقة البالية. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (إثني بجريدة) الجريدة: السعفة، وجمعها جريد. (ه) ومنه الحديث (كتب القرآن في جرائد) جمع جريدة. وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه (وكانت فيها أجارد أمسكت الماء) أي مواضع منجردة من النبات. يقال: مكان أجرد وأرض جرداء. (ه) ومنه الحديث (تفتح الأرياف فيخرج إليها الناس، ثم يبعثون إلى أهاليهم: إنكم في أرض جردية) قيل هي منسوبة إلى الجرد - بالتحريك - وهي كل أرض لا نبات بها. (س) وفي حديث ابن حدرد (فرميته على جريداء متنه) أي وشطه، وهو موضع القفا المتجرد عن اللحم، تصغير الجرداء. (س) وفي قصة أبي رغال (فغنته الجردتان) هما مغنيتان كانتا بمكة في الزمن الأول مشهورتان بحسن الصوت والغناء. (جرذ) س) ذكر (أم جرذان) هو نوع من التمر كبار. قيل: إن نخله يجتمع تحته الفأر، وهو الذي يسمى بالكوفة الموشان، يعنون الفار بالفارسية. والجرذان جمع جرذ: وهو الذكر الكبير من الفأر.
[ 250 ]
(جرر * فيه (قال يا محمد بم أخذتني ؟ قال: بجريرة حلفائك) الجريرة: الجناية والذنب، وذلك أنه كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين ثقيف موادعة، فلما نقضوها ولم ينكر عليهم بنو عقيل، وكانوا معهم في العهد، صاروا مثلهم في نقض العهد، فأخذ بجريرتهم. وقيل معناه أخذت لتدفع بك جريرة حلفائك من ثقيف، ويدل عليه أنه فدي بعد بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف من المسلمين. (ه) وفي حديث لقيط (ثم بايعه على أن لا يجر إلا نفسه) أي لا يؤخذ بجريرة غيره من ولد أو والد أو عشيرة. (ه) والحديث الآخر (لا تجار أخاك ولا تشاره) أي لا تجن عليه وتلحق به جريرة، وقيل معناه لا تماطله، من الجر وهو أن تلويه بحقه وتجره من محله إلى وقت آخر. ويروى بتخفيف الراء، من الجري والمسابقة: أي لا تطاوله ولا تغالبه. (س) ومنه حديث عبد الله (قال طعنت مسيلمة ومشى في الرمح، فناداني رجل: أن اجرره الرمح، فلم أفهم. فناداني: ألق الرمح من يديك) أي اترك الرمح فيه. يقال أجررته الرمح إذا طعنته به فمشى وهو يجره، كأنك أنت جعلته يجره. (س) ومنه الحديث (أجر لي سراويلي) قال الأزهري: هو من أجررته رسنه: أي دع السراويل علي أجره. والحديث الأول أظهر فيه الإدغام على لغة أهل الحجاز، وهذا أدغم على لغة غيرهم. ويجوز أن يكون لما سلبه ثيابه وأراد أن يأخذ سراويله قال: أجر لي سراويلي، من الإجارة، أي أبقه علي، فيكون من غير هذا الباب. (ه) ومنه الحديث (لا صدقة في الإبل الجارة) أي التي تجر بأزمتها وتقاد، فاعلة بمعنى مفعولة، كأرض غامرة: أي مغمورة بالماء، أراد ليس في الإبل العوامل صدقة. (ه) ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه شهد الفتح ومعه فرس حرون وجمل جرور) هو الذي لا ينقاد، فعول بمعنى مفعول. وفيه (لولا أن يغلبكم الناس عليها - يعني زمزم - لنزعت معكم حتى يؤثر الجرير بظهري) الجرير: حبل من أدم نحو الزمام، ويطلق على غيره من الحبال المضفورة. - ومنه الحديث (ما من عبد ينام بالليل إلا على رأسه جرير معقود). (س) والحديث الآخر (أنه قال له نقادة الأسدي: إني رجل مغفل فأين أسم ؟ قال: في موضع الجرير من السلفة) أي في مقدم صفحة العنق. والمغفل الذي لا وسم على إبله.
[ 251 ]
(س) والحديث الآخر (أن الصحابة نازعوا جرير بن عبد الله رضي الله عنهم زمامه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلوا بين جرير والجرير) أي دعوا له زمامه. (ه) وحديث ابن عمر رضي الله عنهما (من أصبح على غير وتر أصبح وعلى رأسه جرير سبعون ذراعا). (س) والحديث الآخر (أن رجلا كان يجر الجرير فأصاب صاعين من تمر، فتصدق بأحدهما) يريد أنه كان يستقي الماء بالحبل. وفيه (هلم جرا) قد جاءت في غير موضع، ومعناها استدامة الأمر واتصاله. يقال كان ذلك عام كذا وهلم جرا إلى اليوم، وأصله من الجر: السحب. وانتصب جرا على المصدر أو الحال. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (قالت: نصبت على باب حجرتي عباءة، وعلى مجر بيتي سترا) المجر هو الموضع المعترض في البيت الذي توضع عليه أطراف العوارض، ويسمى الجائز. (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (المجرة باب السماء) المجرة: هي البياض المعترض في السماء، والنسران من جانبيها. وفيه (أنه خطب على ناقته وهي تقصع بجرتها) الجرة: ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلعه. يقال: اجتر البعير يجتر. والقصع: شدة المضغ. ومنه حديث أم معبد (فضرب ظهر الشاة فاجترت ودرت). ومنه حديث عمر رضي الله عنه (لا يصلح هذا الأمر إلا لمن لا يحنق على جرته) أي لا يحقد على رعيته. فضرب الجرة لذلك مثلا. (ه) وفي حديث الشبرم (أنه حار جار): جار إتباع لحار، ومنهم من يرويه بار، وهو إتباع أيضا. وفي حديث الأشربة (أنه نهى عن نبيذ الجر، وفي رواية، نبيذ الجرار) الجر والجرار: جمع جرة، وهو الإناء المعروف من الفخار، وأراد بالنهي عن الجرار المدهونة، لأنها أسرع في الشدة والتخمير. [ ه ] وفي حديث عبد الرحمن (رأيته يوم أحد عند جر الجبل) أي أسفله.
[ 252 ]
(ه س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أنه سئل عن أكل الجري، فقال: إنما هو شئ تحرمه اليهود) الجري: بالكسر والتشديد: نوع من السمك يشبه الحية، ويسمى بالفارسية: مارماهي. ومنه حديث علي رضي الله عنه (أنه كان ينهى عن أكل الجري والجريث). وفيه (أن امرأة دخلت النار من جرا هرة) أي من أجلها. جرز * فيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو يسير على أرض جرز مجدبة مثل الأيم) الجرز: الأرض التي لا نبات بها ولا ماء. ومنه حديث الحجاج، وذكر الأرض، ثم قال (لتوجدن جرزا لا يبقى عليها من الحيوان أحد). (جرس * فيه (جرست نحله العرفط) أي أكلت. يقال للنحل: الجوارس. والجرس في الأصل: الصوت الخفي. والعرفط شجر. (س) ومنه الحديث (فيسمعون صوت جرس طير الجنة) أي صوت أكلها، قال الأصمعي: كنت في مجلس شعبة، فقال: يسمعون صوت جرش طير الجنة، بالشين، فقلت: جرس، فنظر إلي وقال: خذوها عنه فإنه أعلم بهذا منا. (س) ومنه الحديث (فأقبل القوم يدبون ويخفون الجرس) أي الصوت. (س) وفي حديث سعيد بن جبير، في صفة الصلصال، قال (أرض خصبة جرسة) الجرسة: التي تصوت إذا حركت وقلبت. (ه) وفي حديث ناقة النبي صلى الله عليه وسلم (وكانت ناقة مجرسة) أي مجربة مدربة في الركوب والسير. والمجرس من الناس: الذي قد جرب الأمور وخبرها. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (قال له طلحة: قد جرستك الدهور) أي حنكتك وأحكمتك، وجعلتك خبيرا بالأمور مجربا. ويروى بالشين المعجمة بمعناه. (س) وفيه (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس) هو الجلجل الذي يعلق على الدواب، قيل إنما كرهه لأنه يدل على أصحابه بصوته. وكان عليه السلام يحب أن لا يعلم العدو به حتى يأتيهم فجأة. وقيل غير ذلك.
[ 253 ]
(جرش) س) في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (لو رأيت الوعول تجرش ما بين لابتيها ما هجتها) يعني المدينة. الجرش: صوت يحصل من أكل الشئ الخشن، أراد لو رأيتها ترعى ما تعرضت لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم صيدها. وقيل هو بالسين المهملة بمعناه. ويروى بالخاء والشين المعجمتين، وسيأتي في بابه إن شاء الله تعالى. وفيه ذكر (جرش) هو بضم الجيم وفتح الراء: مخلاف من مخاليف اليمن. وهو بفتحهما: بلد بالشام، ولهما ذكر في الحديث. (جرض * في حديث علي رضي الله عنه (هل ينتظر أهل بضاضة الشباب إلا علز القلق وغصص الجرض) الجرض بالتحريك: أن تبلغ الروح الحلق، والإنسان جريض. وقد تكرر في الحديث. جرع * في حديث المقداد رضي الله عنه (ما به حاجة إلى هذه الجرعة) تروى بالضم والفتح، فالضم: الاسم من الشرب اليسير، والفتح: المرة الواحدة منه. والضم أشبه بالحديث. ويروى بالزاي وسيجئ. (س) وفي حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما (وقيل له في يوم حار: تجرع فقال: إنما يتجرع أهل النار) التجرع: شرب في عجلة. وقيل هو الشرب قليلا قليلا، أشار به إلى قوله تعالى (يتجرعه ولا يكاد يسيغه). وفي حديث عطاء (قال قلت للوليد: قال عمر وددت أني نجوت كفافا فقال: كذبت، فقلت: أو كذبت ؟ فأفلت منه بجريعة الذقن) الجريعة تصغير الجرعة، وهو آخر ما يخرج من النفس عند الموت، يعني أفلت على الهلاك، أي أنه كان قريبا من الهلاك كقرب الجرعة من الذقن. (س) وفي قصة العباس بن مرداس وشعره. - وكري على الهر بالأجرع * الأجرع: المكان الواسع الذي فيه حزونة وخشونة. وفي حديث قس (بين صدور جرعان) هو بكسر الجيم: جمع جرعة بفتح الجيم والراء، وهي الرملة التي لا تنبت شيئا ولا تمسك ماء. ومنه حديث حذيفة (جئت يوم الجرعة فإذا رجل جالس) أراد بها ها هنا اسم موضع بالكوفة كان به فتنة في زمن عثمان بن عفان رضي الله عنه.
[ 254 ]
(جرف * في حديث أبي بكر رضي الله عنه (أنه كان يستعرض الناس بالجرف) هو اسم موضع قريب من المدينة، وأصله ما تجرفه السيول من الأودية. والجرف: أخذك الشئ عن وجه الأرض بالمجرفة. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي الحديث ذكر (الطاعون الجارف)، سمي جارفا لأنه كان ذريعا، جرف الناس كجرف السيل. (ه) وفيه (ليس لابن آدم إلا بيت يكنه، وثوب يواريه، وجرف الخبز) أي كسره، الواحدة جرفة ويروى باللام بدل الراء (جرم * فيه (أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم فحرم من أجل مسألته) الجرم: الذنب. وقد جرم، واجترم، وتجرم. (س) وفيه (لا تذهب مائة سنة وعلى الأرض عين تطرف، يريد تجرم ذلك القرن). يقال تجرم ذلك القرن: أي انقضى وانصرم. وأصله من الجرم: القطع. ويروى بالخاء المعجمة من الخرم: القطع. [ ه ] وفي حديث قيس بن عاصم (لا جرم لأفلن حدها) هذه كلمة ترد بمعنى تحقيق الشئ. وقد اختلف في تقديرها، فقيل: أصلها التبرئة بمعنى لا بد، ثم استعملت في معنى حقا. وقيل جرم بمعنى كسب. وقيل بمعنى وجب وحق، و (لا) رد لما قبلها من الكلام، ثم يبتدأ بها، كقوله تعالى (لا جرم أن لهم النار) أي ليس الأمر كما قالوا، ثم ابتدأ فقال: وجب لهم النار. وقيل في قوله تعالى (لا يجرمنكم شقاقي) أي لا يحملنكم ويحدوكم. وقد تكررت في الحديث. وفي حديث علي (اتقوا الصبحة فإنها مجفرة منتنة للجرم) قال ثعلب: الجرم: البدن. ومنه حديث بعضهم (كان حسن الجرم) وقيل الجرم هنا: الصوت. (ه) وفيه (والذي أخرج العذق من الجريمة، والنار من الوثيمة) الجريمة: النواة. (جرمز * في حديث عمر رضي الله عنه (أنه كان يجمع جراميزه ويثب على الفرس) قيل هي اليدان والرجلان، وقيل هي جملة البدن، وتجرمز إذا اجتمع.
[ 255 ]
(ه) ومنه حديث المغيرة (لما بعث إلى ذي الحاجبين قال: قالت لي نفسي لو جمعت جراميزك فوثبت وقعدت مع العلج). (ه) وحديث الشعبي، وقد بلغه عن عكرمة فتيا في طلاق، فقال (جرمز مولى ابن عباس) أي نكص عن الجواب، وفر منه وانقبض عنه. وحديث عيسى بن عمر (قال: أقبلت مجرمزا حتى اقعنبيت بين يدي الحسن) أي تجمعت وانقبضت. والاقعنباء: الجلوس. (جرن * فيه (أن ناقته عليه السلام تلحلحت عند بيت أبي أيوب، وأرزمت، ووضعت جرانها) الجران: باطن العنق. (ه) ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (حتى ضرب الحق بجرانه) أي قر قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث الحدود (لا قطع في ثمر حتى يؤويه الجرين) هو موضع تجفيف التمر، وهو له كالبيدر للحنطة، ويجمع على جرن بضمتين. (س) ومنه أبي مع الغول (أنه كان له جرن من تمر). (س) وحديث ابن سيرين في المحاقلة (كانوا يشترطون قمامة الجرن) وقد جمع جران البعير على جرن أيضا. ومنه الحديث (فإذا جملان يصرفان، فدنا منهما فوضعا جرنهما على الأرض). (جرا * فيه (أنه صلى الله عليه وسلم أتي بقناع جرو) الجرو: صغار القثاء وقيل الرمان أيضا. ويجمع على أجر. [ ه ] ومنه الحديث (أنه أهدي له أجر زغب) الزغب: الذي زئبره عليه والقناع: الطبق. وفي حديث أم اسماعيل عليه السلام (فأرسلوا جريا) أي رسولا. (ه) ومنه الحديث (قولوا بقولكم ولا يستجرينكم الشيطان) أي لا يستغلبنكم فيتخذكم جريا: أي رسولا ووكيلا. وذلك أنهم كانوا مدحوه فكره لهم المبالغة في المدح، فنهاهم عنه، يريد: تكلموا بما يحضركم من القول، ولا تتكلفوه كأنكم وكلاء الشيطان
[ 256 ]
ورسله، تنطقون عن لسانه. وفيه (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، منها: صدقة جارية) أي دارة متصلة، كالوقوف المرصدة لأبواب البر. (ه) ومنه الحديث (الأرزاق جارية) أي دارة متصلة. وفي حديث الرياء (من طلب العلم ليجاري به العلماء) أي يجري معهم في المناظرة والجدال ليظهر علمه إلى الناس رياء وسمعة. ومنه الحديث (تتجارى بهم الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه) أي يتواقعون في الأهواء الفاسدة، ويتداعون فيها، تشبيها بجري الفرس. والكلب بالتحريك: داء معروف يعرض للكلب، فمن عضه قتله. وفي حديث عمر رضي الله عنه (إذا أجريت الماء على الماء أجزأ عنك) يريد إذا صببت الماء على البول فقد طهر المحل، ولا حاجة بك إلى غسله ودلكه منه. ومنه الحديث (وأمسك الله جرية الماء) هي بالكسر: حالة الجريان. ومنه (وقال قلم زكريا الجرية، وجرت الأقلام مع جرية الماء) كل هذا بالكسر. باب الجيم مع الزاي (جزأ * فيه (من قرأ جزءه من الليل) الجزء: النصيب والقطعة من الشئ، والجمع أجزاء. وجزأت الشئ: قسمته، وجزأته للتكثير. ومنه الحديث (الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة) وإنما خص هذا العدد لأن عمر النبي صلى الله عليه وسلم - في أكثر الروايات الصحيحة - كان ثلاثا وستين سنة، وكانت مدة نبوته منها ثلاثا وعشرين سنة، لأنه بعث عند استيفاء الأربعين، وكان في أول الأمر يرى الوحي في المنام، ودام كذلك نصف سنة، ثم رأى الملك في اليقظة، فإذا نسبت مدة الوحي في النوم - وهي نصف سنة - إلى مدة نبوته، وهي ثلاث وعشرون سنة، كانت نصف جزء من ثلاثة وعشرين جزءا. وذلك جزء واحد من ستة وأربعين جزءا. وقد تعاضدت الروايات في أحاديث الرؤيا بهذا العدد، وجاء في بعضها (جزء من خمسة وأربعين جزءا) ووجه ذلك
[ 257 ]
أن عمره صلى الله عليه وسلم لم يكن قد استكمل ثلاثا وستين، ومات في أثناء السنة الثالثة والستين، ونسبة نصف السنة إلى اثنتين وعشرين سنة وبعض الأخرى نسبة جزء من خمسة وأربعين جزءا. وفي بعض الروايات (جزء من أربعين) ويكون محمولا على من روى أن عمره كان ستين سنة، فيكون نسبة نصف سنة إلى عشرين سنة كنسبة جزء إلى أربعين. ومنه الحديث (الهدي الصالح والسمت الصالح جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة) أي إن هذه الخلال من شمائل الأنبياء، ومن جملة الخصال المعدودة من خصالهم، وأنها جزء معلوم من أجزاء أفعالهم، فاقتدوا بهم فيها وتابعوهم [ عليها ] وليس المعنى أن النبوة تتجزأ، ولا أن من جمع هذه الخلال كان فيه جزء من النبوة، فإن النبوة غير مكتسبة. ولا مجتلبة بالأسباب، وإنما هي كرامة من الله تعالى. ويجوز أن يكون أراد بالنبوة ها هنا ما جاءت به النبوة ودعت إليه من الخيرات. أي أن هذه الخلال جزء من خمسة وعشرين جزءا مما جاءت به النبوة ودعا إليه الأنبياء. ومنه الحديث (أن رجلا أعتق ستة مملوكين عند موته لم يكن له مال غيرهم، فدعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا، ثم أقرع بينهم وأرق أربعة) أي فرقهم أجزاء ثلاثة، وأراد بالتجزئة أنه قسمهم على عبرة القيمة دون عدد الرؤس، إلا أن قيمتهم تساوت فيهم فخرج عدد الرؤس مساويا للقيم. وعبيد أهل الحجاز إنما هم الزنوج والحبش غالبا، والقيم فيهم متساوية أو متقاربة، ولأن الغرض أن تنفذ وصيته في ثلث ماله، والثلث إنما يعتبر بالقيمة لا بالعدد. وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأحمد. وقال أبو حنيفة رحمهم الله: يعتق ثلث كل واحد منهم، ويستسعى في ثلثيه. وفي حديث الأضحية (ولن تجزئ عن أحد بعدك) أي لن تكفي، يقال أجزأني الشئ: أي كفاني، ويروى بالباء، وسيجئ. (س) ومنه الحديث (ليس شئ يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن) أي ليس يكفي، يقال جزأت الإبل بالرطب عن الماء: أي اكتفت. وفي حديث سهل (ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان) أي فعل فعلا ظهر أثره، وقام فيه مقاما لم يقمه غيره ولا كفى فيه كفايته. وقد تكررت هذه اللفظة في الحديث.
[ 258 ]
(س) وفيه (أنه صلى الله عليه وسلم أتي بقناع جزء) قال الخطابي: زعم راويه أنه اسم الرطب عند أهل المدينة، فإن كان صحيحا فكأنهم سموه بذلك للاجتزاء به عن الطعام، والمحفوظ (بقناع جرو) بالراء وهو القثاء الصغار. وقد تقدم. جزر * فيه ذكر (الجزور) في غير موضع، الجزور: البعير ذكرا كان أو أنثى، إلا أن اللفظة مؤنثة، تقول الجزور، وإن أردت ذكرا، والجمع جزر وجزائر. ومنه الحديث (أن عمر رضي الله عنه أعطى رجلا شكا إليه سوء الحال ثلاثة أنياب جزائر). ومنه الحديث (أنه بعث بعثا فمروا بأعرابي له غنم، فقالوا أجزرنا) أي أعطنا شاة تصلح للذبح. [ ه ] والحديث الآخر (فقال: يا راعي أجزرني شاة). وحديث خوات (أبشر بجزرة سمينة) أي شاة صالحة لأن تجزر: أي تذبح للأكل. يقال: أجزرت القوم إذا أعطيتهم شاة يذبحونها، ولا يقال إلا في الغنم خاصة. ومنه حديث الأضحية (فإنما هي جزرة أطعمها أهله) وتجمع على جزر بالفتح. ومنه حديث موسى عليه السلام والسحرة (حتى صارت حبالهم للثعبان جزرا) وقد تكسر الجيم. ومن غريب ما يروى في حديث الزكاة (لا تأخذوا من جزرات أموال الناس) أي ما يكون قد أعد للأكل، والمشهور بالحاء المهملة. وفيه (أنه نهى عن الصلاة في المجزرة والمقبرة) المجزرة الموضع الذي تنحر فيه الإبل وتذبح فيه البقر الشاء، نهى عنها لأجل النجاسة التي فيها من دماء الذبائح وأروائها، وجمعها المجازر. [ ه ] ومنه حديث عمر رضي الله عنه (اتقوا هذه المجازر فإن لها ضراوة كضرواة الخمر) نهى عن أماكن الذبح، لأن إلفها وإدامة النظر إليها، ومشاهدة ذبح الحيوانات مما
[ 259 ]
يقسي القلب، ويذهب الرحمة منه، ويعضده قول الأصمعي في تفسيره أنه أراد بالمجازر الندي، وهو مجتمع القوم، لأن الجزر إنما تنحر عند جمع الناس. وقيل إنما أراد بالمجازر إدمان أكل اللحوم، فكنى عنها بأمكنتها وفي حديث الضحية (لا أعطي منها شيئا في جزارتها) الجزارة بالضم: ما ياخذ الجزار من الذبيحة عن أجرته، كالعمالة للعامل. وأصل الجزارة. أطراف البعير: الرأس، واليدان، والرجلان، سميت بذلك لأن الجزار كان يأخذها عن أجرته، فمنع أن يأخذ من الضحية جزءا في مقابلة الأجرة. [ ه ] وفيه (أرأيت إن لقيت غنم ابن عمي أأجتزر منها شاة) أي آخذ منها شاة أذبحها. (ه) وفي حديث الحجاج (قال لأنس رضي الله عنه: لأجزرنك جزر الضرب) أي لأستأصلنك، والضرب بالتحريك: الغليظ من العسل. يقال جزرت العسل إذا استخرجته من موضعه، فإذا كان غليظا سهل استخراجه. وقد تقدم هذا الحديث في الجيم والراء والدال. والهروي لم يذكره إلا ها هنا. (س) وفي حديث علي رضي الله عنه (ما جزر عنه البحر فكل) أي ما انكشف عنه الماء من حيوان البحر، يقال جزر الماء يجزر جزرا: إذا ذهب ونقص. ومنه الجزر والمد، وهو رجوع الماء إلى خلف. (ه) ومنه الحديث (إن الشيطان يئس أن يعبد في جزيرة العرب) قال أبو عبيد: هو اسم صقع من الأرض، وهو ما بين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول، وما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة في العرض. وقيل: هو من أقصى عدن إلى ريف العراق طولا، ومن جدة وساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا. قال الأزهري: سميت جزيرة لأن بحر فارس وبحر السودان أحاطا بجانبيها، وأحاط بالجانب الشمالي دجلة والفرات. وقال مالك بن أنس: أراد بجزيرة العرب المدينة نفسها. وإذا أطلقت الجزيرة في الحديث ولم تضف إلى العرب فإنما يراد بها ما بين دجلة والفرات. (جزز * في حديث ابن رواحة (إنا إلى جزاز النخل) هكذا جاء في بعض الروايات بزايين، يريد به قطع التمر. وأصله من الجز وهو قص الشعر والصوف. والمشهور في
[ 260 ]
الروايات بدالين مهماتين. (س) ومنه حديث حماد في الصوم (وإن دخل حلقك جزة فلا يضرك) الجزة بالكسر: ما يجز من صوف الشاة في كل سنة، وهو الذي لم يستعمل بعد ما جز، وجمعها جزز. (س) ومنه حديث قتادة في اليتيم (له ماشية يقوم وليه على إصلاحها ويصيب من جززها ورسلها وعوارضها). (جزع (ه) (أنه وقف على محسر فقرع راحلته فخبت حتى جزعه) أي قطعه، ولا يكون إلا عرضا، وجزع الوادي: منقطعه * ومنه حديث مسيره إلى بدر (ثم جزع الصفيراء). (ه) ومنه حديث الضحية (فتفرق الناس إلى غنيمة فتجزعوها) أي اقتسموها. وأصله من الجزع: القطع. والحديث الآخر (ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما، وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا) الجزيعة: القطعة من الغنم، تصغير جزعة بالكسر، وهو القليل من الشئ. يقال: جزع له جزعة من المال: أي قطع له منه قطعة، هكذا ضبطه الجوهري مصغرا والذي جاء في المجمل لابن فارس بفتح الجيم وكسر الزاي. قال: هي القطعة من الغنم، كأنها فعيلة بمعنى مفعولة، وما سمعناها في الحديث إلا مصغرة. (س) ومنه حديث المقداد رضي الله عنه (أتاني الشيطان فقال: إن محمدا يأتي الأنصار فيتحفونه، ما به حاجاة إلى هذه الجزيعة) هي تصغير جزعة، يريد القليل من اللبن. هكذا ذكره أبو موسى وشرحه، والذي جاء في صحيح مسلم: ما به حاجة إلى هذه الجزعة، غير مصغرة، وأكثر ما يقرأ في كتاب مسلم: الجرعة بضم الجيم وبالراء، وهي الدفعة من الشرب. [ ه ] وفي حديث عائشة رضي الله عنها (انقطع عقد لها من جزع ظفار) الجزع بالفتح: الخرز اليماني، الواحدة جزعة، وقد كثرت في الحديث. (س) وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أنه كان يسبح بالنوى المجزع) وهو الذي حك بعضه بعضا حتى ابيض الموضع المحكوك منه وبقي الباقي على لونه، تشبيها بالجزع.
[ 261 ]
وفي حديث عمر رضي الله عنه (لما طعن جعل ابن عباس يجزعه) أي يقول له ما يسليه ويزيل جزعه، وهو الحزن والخوف. (جزف * فيه (ابتاعوا الطعام جزافا) الجزف والجزاف: المجهول القدر، مكيلا كان أو موزونا. وقد تكرر في الحديث. (جزل) ه) في حديث الدجال (أنه يضرب رجلا بالسيف فيقطعه جزلتين) الجزلة بالكسر: القطعة، وبالفتح المصدر. ومنه حديث خالد رضي الله عنه (لما انتهى إلى العزى ليقطعها فجزلها باثنتين). وفي حديث موعظة النساء (قالت امرأة منهن جزلة) أي تامة الخلق. ويجوز أن تكون ذات كلام جزل: أي قوي شديد. ومنه الحديث (اجمعوا لي حطبا جزلا) أي غليظا قويا. (جزم) ه) في حديث النخعي (التكبير جزم، والتسليم جزم) أراد أنهما لا يمدان، ولا يعرب أواخر حروفهما، ولكن يسكن فيقال الله أكبر، والسلام عليكم ورحمة الله. والجزم: القطع، ومنه سمي جزم الإعراب وهو السكون. (جزا) * * في حديث الضحية (لا تجزي عن أحد بعدك) أي لا تقضي. يقال جزى عني هذا الأمر: أي قضى. ومنه حديث صلاة الحائض (قد كن نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضن، فأمرهن أن يجزين) أي يقضين. ومنه قولهم: جزاه الله خيرا: أي أعطاه جزاء ما أسلف من طاعته. قال الجوهري: وبنو تميم يقولون: أجزأت عنه شاة، بالهمز: أي قضت. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (إذا أجريت الماء على الماء جزى عنك) ويروى بالهمز. ومنه الحديث (الصوم لي وأنا أجزي به) قد أكثر الناس في تأويل هذا الحديث، وأنه لم خص الصوم والجزاء عليه بنفسه عز وجل، وإن كانت العبادات كلها له وجزاؤها
[ 262 ]
منه، وذكروا فيه وجوها مدارها كلها على أن الصوم سر بين الله والعبد لا يطلع عليه سواه، فلا يكون العبد صائما حقيقة إلا وهو مخلص في الطاعة، وهذا وأن كان كما قالوا فإن غير الصوم من العبادات يشاركه في سر الطاعة، كالصلاة على غير طهارة، أو في ثوب نجس ونحو ذلك من الأسرار المقترنة بالعبادات التي لا يعرفها إلا الله وصاحبها. وأحسن ما سمعت في تأويل هذا الحديث أن جميع العبادات التي يتقرب بها العباد إلى الله عز وجل - من صلاة، وحج، وصدقة، واعتكاف، وتبتل، ودعاء، وقربان، وهدي، وغير ذلك من أنواع العبادات - قد عبد المشركون بها آلهتهم، وما كانوا يتخذونه من دون الله أندادا، ولم يسمع أن طائفة من طوائف المشركين وأرباب النحل في الأزمان المتقادمة عبدت آلهتها بالصوم، ولا تقربت إليها به، ولا عرف الصوم في العبادات إلا من جهة الشرائع، فلذلك قال الله عز وجل: الصوم لي وأنا أجزي به: أي لم يشاركني أحد فيه، ولا عبد به غيري، فأنا حينئذ أجزي به وأتولى الجزاء عليه بنفسي، لا أكله إلى أحد من ملك مقرب أو غيره على قدر اختصاصه بي. وفيه ذكر (الجزية) في غير موضع، وهي عبارة عن المال الذي يعقد للكتابي عليه الذمة، وهي فعلة، من الجزاء، كأنها جزت عن قتله. ومنه الحديث (ليس على مسلم جزية) أراد أن الذمي إذا أسلم وقد مر بعض الحول لم يطالب من الجزية بحصة ما مضى من السنة. وقيل أراد أن الذمي إذا أسلم وكان في يده أرض صولح عليها بخراج توضع عن رقبته الجزية وعن أرضه الخراج. ومنه الحديث (من أخذ أرضا بحزيتها) أراد به الخراج الذي يؤدى عنها، كأنه لازم لصاحب الأرض كما تلزم الجزية الذمي. هكذا قال الخطابي، وقال أبو عبيد: هو أن يسلم وله أرض خراج فترفع عنه جزية رأسه وتترك عليه أرضه يؤدي عنها الخراج. ومنه حديث علي رضي الله عنه (أن دهقانا أسلم على عهده، فقال له: إن أقمت في أرضك رفعنا الجزية عن رأسك وأخذناها من أرضك، وأن تحولت عنها فنحن أحق بها). وحديث ابن مسعود رضي الله عنه (أنه اشترى من دهقان أرضا على أن يكفيه جزيتها) قيل إن اشترى ها هنا بمعنى اكترى، وفيه بعد، لأنه غير معروف في اللغة. قال القتيبي: إن كان محفوظا، وإلا فأرى أنه اشترى منه الأرض قبل أن يؤدي جزيتها للسنة التي وقع فيها البيع، فضمنه أن يقوم بخراجها.
[ 263 ]
(ه) وفيه (أن رجلا كان يداين الناس، وكان له كاتب ومتجاز) المتجازي: المتقاضي يقال: تجازيت ديني عليه: أي تقاضيته. باب الجيم مع السين (جسد) س) في حديث أبي ذر رضي الله عنه (أن امرأته ليس عليها أثر المجاسد) هي جمع مجسد بضم الميم: وهو المصبوغ المشبع بالجسد، وهو الزعفران أو العصفر. (جسر) ه) في حديث نوف بن مالك (قال: فوقع عوج على نيل مصر فجسرهم سنة) أي صار لهم جسرا يعبرون عليه، وتفتح جيمه وتكسر. وفي حديث الشعبي (أنه كان يقول لسيفه: اجسر جسار) جسار: فعل من الجسارة وهي الجراءة والإقدام على الشئ. (جسس * فيه (لا تجسسوا) التجسس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور وأكثر ما يقال في الشر. والجاسوس: صاحب سر الشر. والناموس: صاحب سر الخير. وقيل التجسس بالجيم أن يطلبه لغيره، وبالحاء أن يطلبه لنفسه. وقيل بالجيم: البحث عن العورات، وبالحاء: الاستماع، وقيل معناها واحد في تطلب معرفة الأخبار. (س) ومنه حديث تميم الداري (أنا الجساسة) يعني الدابة التي رآها في جزيرة البحر، وإنما سميت بذلك لأنها تجس الأخبار للدجال. باب الجيم مع الشين (جشأ * في حديث الحسن (جشأت الروم على عهد عمر رضي الله عنه) أي نهضت وأقبلت من بلادها، يقال جشأت نفسي جشوءا: إذا نهضت من حزن أو فزع. وجشأ الرجل: إذا نهض من أرض إلى أرض. وفي حديث علي رضي الله عنه (فجشأ على نفسه) قال ثعلب: معناه ضيق عليها. (جشب * فيه (أنه عليه الصلاة والسلام كان يأكل الجشب من طعام) هو الغليظ الخشن من الطعام. وقيل غير المأدوم. وكل بشع الطعم جشب. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (كان يأتينا بطعام جشب).
[ 264 ]
وفي صلاة الجماعة (لو وجد عرقا سمينا أو مرماتين جشبتين لأجاب.) هكذا ذكره بعض المتأخرين في حرف الجيم. ولو دعي إلى مرماتين جشبتين أو خشبتين لأجاب. وقال: الجشب الغليظ، والخشب: اليابس، من الخشب. والمرماة ظلف الشاة لأنه يرمى به. انتهى كلامه. والذي قرأناه وسمعناه - وهو المتداول بين أهل الحديث - مرماتين حسنتين، من الحسن والجودة، لأنه عطفهما على العرق السمين، وقد فسره أبو عبيد ومن بعده من العلماء، ولم يتعرضوا إلى تفسير الجشب والخشب في هذا الحديث. وقد حكيت ما رأيت، والعهدة عليه. (جشر) ه) في حديث عثمان رضي الله عنه (لا يغرنكم جشركم من صلاتكم) الجشر: قوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبيتون مكانهم، ولا يأوون إلى البيوت، فربما رأوه سفرا فقصروا الصلاة، فنهاهم عن ذلك، لأن المقام في المرعى وإن طال فليس بسفر. - ومثله حديث ابن مسعود رضي الله عنه (يا معاشر الجشار لا تغتروا بصلاتكم) الجشار: جمع جاشر وهو الذي يكون مع الجشر. ومنه الحديث (ومنا من هو في جشره). (س) وحديث أبي الدرداء رضي الله عنه (من ترك القرآن شهرين لم يقرأه فقد جشره) أي تباعد عنه. يقال: جشر عن أهله، أي غاب عنهم. ومنه حديث الحجاج (أنه كتب إلى عامله: ابعث إلي بالجشير اللؤلؤي) الجشير: الجراب. قاله الزمخشري. (جشش) س) فيه (أنه سمع تكبيرة رجل أجش الصوت) أي في صوته جشة، وهي شدة وغلط. ومنه حديث قس (أشدق أجش الصوت). (ه) وفيه (أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض أزواجه بجشيشة) هي أن تطحن الحنطة طحنا جليلا، ثم تجعل في القدور ويلقى عليها لحم أو تمر وتطبخ، وقد يقال لها دشيشة بالدال. ومنه حديث جابر رضي الله عنه (فعمدت إلى شعير فجشته) أي طحنته.
[ 265 ]
وفي حديث علي رضي الله عنه (كان ينهى عن أكل الجري، والجريث والجشاء) قيل هو الطحال. ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (ما آكل الجشاء من شهوتها ولكن ليعلم أهل بيتي أنها حلال). (جشع * في حديث جابر رضي الله عنه (ثم أقبل علينا فقال: أيكم يحب أن يعرض الله عنه ؟ قال: فجشعنا) أي فزعنا. والجشع. الجزع لفراق الإلف (ه) ومنه الحديث (فبكى معاذ جشعا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم). * ومنه حديث ابن الخصاصية (أخاف إذا حضر قتال جشعت نفسي فكرهت الموت). (جشم في حديث زيد بن عمرو بن نفيل: مهما تجشمني فإني جاشم * يقال: جشمت الأمر بالكسر، وتجشمته: إذا تكلفته، وجشمته غيري بالتشديد، وأحشمته: إذا كلفته إياه. وقد تكرر. باب الجيم مع الظاء (جظ) ه) فيه (أهل النار كل حظ مستكبر) جاء تفسيره في الحديث. قيل يا رسول الله: وما الجظ ؟ قال: الضخم. باب الجيم مع العين (جعب * فيه (فانتزع طلقا من جعبته) الجعبة: الكنانة التي تجعل فيها السهام. وقد تكررت في الحديث. (جعثل) س) في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (ستة لا يدخلون الجنة، منهم الجعثل، فقيل له: ما الجعثل ؟ قال: الفظ الغليظ) وقيل: هو مقلوب الجثعل، وهو العظيم البطن. وقال الخطابي: إنما هو العثجل، وهو العظيم البطن، وكذلك قال الجوهري.
[ 266 ]
(جعثن) س) في حديث طهفة (ويبس الجعثن) هو أصل النبات، وقيل أصل الصليان خاصة، وهو نبت معروف. (جعجع) ه) في حديث علي رضي الله عنه (فأخذنا عليهما أن يجعجعا عند القرآن ولا يجاوزاه) أي يقيما عنده. يقال: جعجع القوم إذا أناخوا بالجعجاع، وهي الأرض. والجعجاع أيضا: الموضع الضيق الخشن. (ه) ومنه كتاب عبيد الله بن زياد إلى عمر بن سعد (أن جعجع بحسين وأصحابه) أي ضيق عليهم المكان. (جعد) ه) في حديث الملاعنة (إن جاءت به جعدا) الجعد في صفات الرجال يكون مدحا وذما: فالمدح معناه أن يكون شديد الأسر والخلق، أو يكون جعد الشعر، وهو ضد السبط، لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم. وأما الذم فهو القصير المتردد الخلق. وقد يطلق على البخيل أيضا، يقال: رجل جعد اليدين، ويجمع على الجعاد. ومنه الحديث (أنه سأل أبا رهم الغفاري: ما فعل النفر السود الجعاد ؟). والحديث الآخر (على ناقة جعدة) أي مجتمعة الخلق شديدة. وقد تكررت في الحديث. (جعدب) ه) في حديث عمرو (أنه قال لمعاوية: لقد رأيتك بالعراق وإن أمرك كحق الكهول، أو كالجعدبة أو كالكعدبه) الجعدبة والكعدبة: النفاخات التي تكون من ماء المطر. والكهول: العنكبوت، وحقها: بيتها. وقيل الجعدبة والكعدبة: بيت العنكبوت. وأثبت الأزهري القولين جميعا. (جعر * في حديث العباس (أنه وسم الجاعرتين) هما لحمتان يكتنفان أصل الذنب، وهما من الإنسان في موضع رقمتي الحمار. ومنه الحديث (أنه كوى حمارا في جاعرتيه). وكتاب عبد الملك إلى الحجاج (قاتلك الله أسود الجاعرتين). (س) وفي حديث عمرو بن دينار (كانوا يقولون في الجاهلية: دعوا الصرورة بجهله، وإن رمى بجعره في رحله) الجعر: ما يبس من الثفل في الدبر، أو خرج يابسا. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (إني مجعار البطن) أي يابس الطبيعة.
[ 267 ]
(ه) وحديثه الآخر (إياكم ونومة الغداة فإنها مجعرة) يريد يبس الطبيعة: أي إنها مظنة لذلك. (ه) وفيه (أنه نهى عن لونين من التمر، الجعرور ولون حبيق) الجعرور: ضرب من من الدقل يحمل رطبا صغارا لا خير فيه. (ه) وفيه (أنه نزل الجعرانة) قد تكرر ذكرها في الحديث، وهو موضع قريب من مكة، وهي في الحل، وميقات للإحرام، وهي بتسكين العين والتخفيف وقد تكسر العين وتشدد الراء. (جعسس * في حديث عثمان رضي الله عنه (لما أنفذه النبي صلى الله عليه وسلم إلى مكة نزل على أبي سفيان، فقال له أهل مكة: ما أتاك به ابن عمك ؟ فقال: سألني أن أخلي مكة لجعاسيس يثرب) الجعاسيس: اللئام في الخلق والخلق، الواحد جعسوس بالضم. (ه) ومنه الحديث الآخر (أتخوفنا بجعاسيس يثرب). (جعظ) ه) فيه (ألا أخبركم بأهل النار ؟ كل جظ جعظ) الجعظ: العظيم في نفسه. وقيل السئ الخلق الذي يتسخط عند الطعام. (جعظر [ ه ] فيه (أهل النار كل جعظري جواظ) الجعظري: الفظ الغليظ المتكبر. وقيل هو الذي ينتفخ بما ليس عنده وفيه قصر. (جعف) ه) فيه (مثل المنافق مثل الأرزة المجدية حتى يكون انجعافها مرة) أي انقلاعها، وهو مطاوع جعفه جعفا. (س) ومنه الحديث (أنه مر بمصعب بن عمير وهو منجعف) أي مصروع. وفي حديث آخر (بمصعب بن الزبير) وقد تكرر في الحديث. (جعل) ه) في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (ذكر عنده الجعائل، فقال: لا أغزو على أجر، ولا أبيع أجري من الجهاد) الجعائل: جمع جعيلة، أو جعالة بالفتح، والجعل الاسم بالضم، والمصدر بالفتح. يقال جعلت كذا جعلا وجعلا، وهو الأجرة على الشئ فعلا أو قولا. والمراد في الحديث أن يكتب الغزو على الرجل فيعطي رجلا آخر شيئا ليخرج مكانه، أو يدفع المقيم إلى الغازي شيئا فيقيم الغازي ويخرج هو. وقيل الجعل أن
[ 268 ]
يكتب البعث على الغزاة فيخرج من الأربعة والخمسة رجل واحد ويجعل له جعل. ويروى مثله عن مسروق والحسن. (ه) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (إن جعله عبدا أو أمة فغير طائل، وإن جعله في كراع أو سلاح فلا بأس) أي إن الجعل الذي يعطيه للخارج إن كان عبدا أو أمة يختص به فلا عبرة به، وإن كان يعينه في غزوة بما يحتاج إليه من سلاح أو كراع فلا بأس به. ومنه حديث الآخر (جعيلة الغرق سحت) وهو أن يجعل له جعلا ليخرج ما غرق من متاعه، جعله سحتا لأنه عقد فاسد بالجهالة التي فيه. وفيه (كما يدهده الجعل بأنفه) الجعل: حيوان معروف كالخنفساء. (جعه) ه) فيه (أنه نهى عن الجعة) هي النبيذ المتخذ من الشعير. باب الجيم مع الفاء (جفأ) ه) في حديث جرير (خلق الله الأرض السفلى من الزبد الجفاء) أي من زبد اجتمع للماء، يقال جفأ الوادي جفاء) إذا رمى بالزبد والقذى. (ه) ومنه حديث البراء يوم حنين (انطلق جفاء من الناس إلى هذا الحي من هوازن) أراد سرعان الناس وأوائلهم، شبههم بجفاء السيل، هكذا جاء في كتاب الهروي. والذي قرأناه في كتاب البخاري ومسلم (انطلق أخفاء من الناس) جمع خفيف. وفي كتاب الترمذي (سرعان الناس). ومنه الحديث (متى تحل لنا الميتة ؟ قال: ما لم تجتفئوا بقلا) أي تقتلعوه وترموا به، من جفأت القدر إذا رمت بما يجتمع على رأسها من الوسخ والزبد. وفي حديث خيبر (أنه حرم الحمر الأهلية فجفأوا القدور) أي فرغوها وقلبوها. ويروى (فأجفأوا) وهي لغة فيه قليلة مثل كفأوا وأكفأوا. (جفر [ ه ] في حديث حليمة ظئر النبي صلى الله عليه وسلم قالت (كان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر، فبلغ ستا وهو جفر) استجفر الصبي إذا قوي على الأكل. وأصله في أولاد المعز
[ 269 ]
إذا بلغ أربعة أشهر وفصل عن أمه وأخذ في الرعي قيل له جفر، والأنثى جفرة. ومنه حديث أبي اليسر (فخرج إلي ابن له جفر). (ه) وحديث عمر رضي الله عنه (في الأرنب يصيبها المحرم جفرة). (ه) وحديث أم زرع (يكفيه ذراع الجفرة) مدحته بقلة الأكل. (ه) وفيه (صوموا ووفروا أشعاركم فإنها مجفرة) أي مقطعة للنكاح، ونقص للماء. يقال جفر الفحل يجفر جفورا: إذا أكثر الضراب وعدل عنه وتركه وانقطع. (ه) ومنه الحديث (أنه قال لعثمان بن مظعون: عليك بالصوم فإنه مجفرة). ومنه حديث علي رضي الله عنه (أنه رأى رجلا في الشمس، فقال: قم عنها فإنها مجفرة) أي تذهب شهوة النكاح. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (إياكم ونومة الغداة فإنها مجفرة) وجعله القتيبي من حديث علي. (ه) وفي حديث المغيرة (إياك وكل مجفرة) أي متغيرة ريح الجسد، والفعل منه أجفر، ويجوز أن يكون من قولهم امرأة مجفرة الجنبين: أي عظيمتهما. وجفر جنباه: إذا اتسعا، كأنه كره السمن. [ ه ] وفيه (من اتخذ قوسا عربية وجفيرها نفى الله عنه الفقر) الجفير: الكنانة والجعبة التي تجعل فيها السهام، وتخصيصه القسي العربية كراهة زي العجم. (س) وفي حديث طلحة (فوجدناه في بعض تلك الجفار) هي جمع جفرة بالضم: وهي حفرة في الأرض، ومنه الجفر، للبئر التي لم تطو. وفيه ذكر (جفرة) هي بضم الجيم وسكون الفاء: جفرة خالد من ناحية البصرة، تنسب إلى خالد بن عبد الله بن أسيد، لها ذكر في حديث عبد الملك بن مروان. (جفف) ه) في حديث سحر النبي صلى الله عليه وسلم (أنه جعل في جف طلعة ذكر) الجف:
[ 270 ]
وعاء الطلع، وهو الغشاء الذي يكون فوقه. ويروى في جب طلعة، وقد تقدم. وفيه (جفت الأقلام وطويت الصحف) يريد أن ما كتب في اللوح المحفوظ من المقادير والكائنات والفراغ منها، تمثيلا بفراغ الكاتب من كتابته ويبس قلمه. (س) وفيه (الجفاء في هذين الجفين ربيعة ومضر) الجف والجفة: العدد الكثير والجماعة من الناس، منه قيل لبكر وتميم الجفان. وقال الجوهري: الجفة بالفتح الجماعة من الناس. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (كيف يصلح أمر بلد جل أهله هذان الجفان). (ه) وحديث عثمان رضي الله عنه (ما كنت لأدع المسلمين بين جفين يضرب بعضهم رقاب بعض). (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (لا نفل في غنيمة حتى تقسم جفة) أي كلها ويروى (حتى تقسم على جفته) أي على جماعة الجيش أولا. (س) وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه (قيل له: النبيذ في الجف ؟ قال: أخبث وأخبث) الجف: وعاء من جلود لا يوكأ: أي لا يشد. وقيل هو نصف قربة تقطع من أسفلها وتتخذ دلوا. وقيل هو شئ ينقر من جذوع النخل. وفي حديث الحديبية (فجاء يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف) أي عليه تجفاف، وهو شئ من سلاح يترك على الفرس يقيه الأذى. وقد يلبسه الإنسان أيضا، وجمعه تجافيف. (س) ومنه حديث أبي موسى رضي الله عنه (أنه كان على تجافيفه الديباج). (جفل) س) فيه (لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس قبله) أي ذهبوا مسرعين نحوه. يقال: جفل، وأجفل، وانجفل. (ه) فيه (فنعس رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته حتى كاد ينجفل عنها) هو مطاوع جفله إذا طرحه وألقاه: أي ينقلب عنها ويسقط. يقال ضربه فجفله: أي ألقاه على الأرض. (س) ومنه الحديث (ما يلي رجل شيئا من أمور الناس إلا جئ به فيجفل على شفير جهنم).
[ 271 ]
(س) وحديث الحسن (أنه ذكر النار فأجفل مغشيا عليه) أي خر إلى الأرض. وحديث عمر رضي الله عنه (أن رجلا يهوديا حمل امرأة مسلمة على حمار، فلما خرج من المدينة جفلها، ثم تجثمها لينكحها، فأتي به عمر فقتله) أي ألقاها على الأرض وعلاها. (ه) وحديث ابن عباس رضي الله عنه (سأله رجل فقال: أتي البحر فأجده قد جفل سمكا كثيرا، فقال: كل، ما لم تر شيئا طافيا) أي ألقاه ورمى به إلى البر. وفي صفة الدجال (أنه جفال الشعر) أي كثيره. (س) ومنه الحديث (أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين: رأيت قوما جافلة جباههم يقتلون الناس) الجافل: القائم الشعر المنتفشه. وقيل الجافل: المنزعج: أي منزعجة جباههم كما يعرض للغضبان. (جفن) ه) فيه (أنه قيل له: أنت كذا، وأنت كذا، وأنت الجنة الغراء) كانت العرب تدعو السيد المطعام جفنة لأنه يضعها ويطعم الناس فيها فسمي باسمها. والغراء: البيضاء: أي أنها مملوءة بالشحم والدهن. (س) ومنه حديث أبي قتادة (ناديا جفنة الركب) أي الذي يطعمهم ويشبعهم. وقيل أراد يا صاحب جفنة الركب. فحذف المضاف للعلم بأن الجفنة لا تنادى ولا تجيب. وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه انكسر قلوص من إبل الصدقة فجفنها) أي اتخذ منها طعاما في جفنة وجمع الناس عليه. [ ه ] وفي حديث الخوارج (سلوا سيوفكم من جفونها) جفون السيوف: أغمادها، واحدها جفن. وقد تكرر في الحديث. (جفأ) ه) فيه (أنه كان يجافي عضديه عن جنبيه للسجود) أي يباعدهما. ومنه الحديث الآخر (إذا سجدت فتجاف) وهو من الجفاء: البعد عن الشئ. يقال جفاه إذا بعد عنه، وأجفاه إذا أبعده. (س) ومنه الحديث (اقرأوا القرآن ولا تجفوا عنه) أي تعاهدوه ولا تبعدوا عن تلاوته.
[ 272 ]
والحديث الآخر (غير الجافي عنه ولا الغالي فيه) والجفاء أيضا: ترك الصلة والبر. (س) ومنه الحديث (البذاء من الجفاء) البذاء - بالذال المعجمة - الفحش من القول. (س) والحديث الآخر (من بدا جفا) بالدال المهملة: خرج إلى البادية: أي من سكن البادية غلط طبعه لقلة مخالطة الناس. والجفاء: غلظ الطبع. (ه) ومنه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (ليس بالجافي ولا المهين) أي ليس بالغليظ الخلقة والطبع، أو ليس بالذي يجفوا أصحابه. والمهين: يروى بضم الميم وفتحها: فالضم على الفاعل، من أهان: أي لا يهين من صحبه، والفتح على المفعول، من المهانة: الحقارة، وهو مهين أي حقير. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (لا تزهدن في جفاء الحقو) أي لا تزهدن في غلظ الإزار، وهو حث على ترك التنعم. وفي حديث حنين (وخرج جفاء من الناس) هكذا جاء في رواية. قالوا: معناه سرعان الناس وأوائلهم، تشبيها بجفاء السيل، وهو ما يقذفه من الزبد والوسخ ونحوهما. باب الجيم مع اللام (جلب) ه) فيه (لا جلب ولا جنب) الجلب يكون في شيئين: أحدهما في الزكاة، وهو أن يقدم المصدق على أهل الزكاة فينزل موضعا، ثم يرسل من يجلب إليه الأموال من أماكنها ليأخذ صدقتها، فنهي عن ذلك، وأمر أن تؤخذ صدقاتهم على مياههم وأماكنهم. الثاني أن يكون في السباق: وهو أن يتبع الرجل فرسه فيزجره يجلب عليه ويصيح حثا له على الجري، فنهي عن ذلك. (ه) ومنه حديث الزبير رضي الله عنه (أن أمه قالت أضربه كي يلب، ويقود الجيش ذا الجلب (الرواية في الهروي: أضربه لكي يلب * وكي يقود ذا الجلب)) قال القتيبي: هو جمع جلبة وهي الأصوات. وفي حديث علي رضي الله عنه (أراد أن يغالط بما أجلب فيه) يقال أجلبوا عليه إذا
[ 273 ]
تجمعوا وتألبوا. وأجلبه: أعانه. وأجلب عليه: إذا صاح به واستحثه. ومنه حديث العقبة (إنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجم مجلبة) أي مجتمعين على الحرب، هكذا جاء في بعض الروايات بالباء، والرواية بالياء تحتها نقطتان، وسيجئ في موضعه. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنها (كان إذا اغتسل من الجنابة دعا بشئ مثل الجلاب فأخذ بكفه) قال الأزهري: أراه أراد بالجلاب ماء الورد، وهو فارسي معرب، والله أعلم. وفي هذا الحديث خلاف وكلام فيه طول، وسنذكره في حلب من حرف الحاء. (س) وفي حديث سالم (قدم أعرابي بجلوبة فنزل على طلحة، فقال طلحة: نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد) الجلوبة بالفتح: ما يجلب للبيع من كل شئ، وجمعه الجلائب. وقيل الجلائب: الإبل التي تجلب إلى الرجل النازل على الماء ليس له ما يحتمل عليه فيحملونه عليها. والمراد في الحديث الأول، كأنه أراد أن يبيعها له طلحة. هكذا جاء في كتاب أبي موسى في حرف الجيم، والذي قرأناه في سنن أبي داود (بحلوبة) وهي الناقة التي تحلب، وسيجئ ذكرها في حرف الحاء. وفي حديث الحديبية (صالحوهم على أن لا يدخلوا مكة إلا بجلبان السلاح) الجلبان - بضم الجيم وسكون اللام -: شبه الجراب من الأدم يوضع فيه السيف مغمودا، ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته، ويعلقه في آخره الكور أو واسطته، واشتقافه من الجلبه، وهى الجلدة التي تجعل على القتب. ورواه القتيبى بضم الجيم واللام وتشديد الباء، وقال: هو أوعية السلاح بما فيها ولا أراه سمي به إلا لجفائه، ولذلك قيل للمرأة الغليظة الجافية جلبانة، وفي بعض الروايات (ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح): السيف والقوس ونحوه، يريد ما يحتاج في إظهاره والقتال به إلى معاناة، لا كالرماح لأنها مظهرة يمكن تعجيل الأذى بها. وإنما اشترطوا ذلك ليكون علما وأمارة للسلم، إذ كان دخولهم صلحا. (س) وفي حديث مالك (تؤخذ الزكاة من الجلبان) هو بالتخفيف: حب كالماش، ويقال له أيضا الخلر. (ه) وفي حديث علي رضي الله عنه (من أحبنا أهل البيت فليعد للفقر جلبابا) أي ليزهد في الدنيا، وليصبر على الفقر والقلة. والجلباب: الإزار والرداء. وقيل الملحفة. وقيل هو كالمقنعة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها، وجمعه جلابيب، كنى به عن الصبر، لأنه يستر الفقر كما يستر الجلباب البدن. وقيل إنما كنى بالجلباب عن اشتماله بالفقر: أي فليبس إزار الفقر. ويكون منه على حالة تعمه وتشمله، لأن الغنى من أحوال
[ 274 ]
أهل الدنيا، ولا يتهيأ الجمع بين حب الدنيا وحب أهل البيت. ومنه حديث أم عطية (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) أي إزارها، وقد تكرر ذكر الجلباب في الحديث. (جلج) ه) فيه (لما نزلت: إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قالت الصحابة. بقينا نحن في جلج لا ندري ما يصنع بنا) قال أبو حاتم: سألت الأصمعي عنه فلم يعرفه، وقال ابن الأعرابي وسلمة: الجلج: رؤوس الناس، واحدتها جلجة، المعنى: إنا بقينا في عدد رؤس كثير من المسلمين. وقال ابن قتيبة: معناه وبقينا نحن في عدد من أمثالنا من المسلمين لا ندري ما يصنع بنا، وقيل الجلج في لغة أهل اليمامة: جباب الماء، كأنه يريد: تركنا في أمر ضيق كضيق الجباب. (ه) ومنه كتاب عمر رضي الله عنه إلى عامله بمصر (أن خذ من كل جلجة من القبط كذا وكذا) أراد من كل رأس. ومنه حديث أسلم (إن المغيرة بن شعبة تكنى أبا عيسى، فقال له عمر: أما يكفيك أن تكنى بأبي عبد الله ؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناني أبا عيسى، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وإنا بعد في جلجتنا) فلم يزل يكنى بأبي عبد الله حتى هلك. (جلجل * في حديث ابن جريج (وذكر الصدقة في الجلجلان) هو السمسم. وقيل حب كالكزبرة. (س) ومنه حديث ان عمر رضي الله عنهما (أنه كان يدهن عند إحرامه بدهن جلجلان). (ه) وفي حديث الخيلاء (يخسف به فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة) أي يغوص في الأرض حين يخسف به. والجلجلة: حركة مع صوت. وفي حديث السفر (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جلجل) هو الجرس الصغير الذي يعلق في أعناق الدواب وغيرها.
[ 275 ]
(جلح) ه) في حديث الصدقة (ليس فيها عقصاء ولا جلحاء) هي التي لا قرن لها. والأجلح من الناس: الذي انحسر الشعر عن جانبي رأسه. ومنه الحديث (حتى يقتص للشاة الجلحاء من القرناء). (ه) ومنه حديث كعب (قال الله تعالى لرومية: لأدعنك جلحاء) أي لا حصن عليك. والحصون تشبه بالقرون، فإذا ذهبت الحصون جلحت القرى، فصارت بمنزلة البقرة التي لا قرن لها. (ه) ومنه حديث أبي أيوب (من بات على سطح أجلح فلا ذمة له) يريد الذي ليس عليه جدار ولا شئ يمنع من السقوط. وفي حديث عمر والكاهن (يا جليح أمر بجيح) جليح اسم رجل قد ناداه. (جلخ) ه) في حديث الإسراء (فإذا بنهرين جلواخين) أي واسعين، قال: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بأبطح جلواخ بأسفله نخل (جلد * في حديث الطواف (ليرى المشركون جلدهم) الجلد: القوة والصبر. ومنه حديث عمر (كان أجوف جليدا) أي قويا في نفسه وجسمه. [ ه ] وفي حديث القسامة (أنه استحلف خمسة نفر، فدخل رجل من غيرهم فقال: ردوا الأيمان على أجالدهم) أي عليهم أنفسهم. والأجالد جمع الأجلاد: وهو جسم الإنسان وشخصه (يقال فلان عظيم الأجلاد، وضئيل الأجلاد، وما أشبه أجلاده بأجلاد أبيه: أي شخصه وجسمه. ويقال له أيضا التجاليد. ومنه حديث ابن سيرين (كان أبو مسعود تشبه تجاليده بتجاليد عمر) أي جسمه بجسمه. وفي الحديث (قوم من جلدتنا) أي من أنفسنا وعشرتنا. [ ه ] وفي حديث الهجرة (حتى إذا كنا بأرض جلدة) أي صلبة. (س) ومنه حديث سراقة (وحل بي فرسي وإني لفي جلد من الأرض).
[ 276 ]
[ ه ] ومنه حديث علي رضي الله عنه (كنت أدلو بتمرة أشترطها جلدة) الجلدة بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاء الجيدة. [ ه ] وفيه (أن رجلا طلب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي معه بالليل، فأطال النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة، فجلد بالرجل نوما) أي سقط من شدة النوم. يقال جلد به: أي رمي به إلى الأرض. (ه) ومنه حديث الزبير (كنت أتشدد فيجلد بي) أي يغلبني النوم حتى أقع. [ ه ] وفي حديث الشافعي رضي الله عنه (كان مجالد يجلد) أي كان يتهم ويرمى بالكذب. وقيل فلان يجلد بكل خير: أي يظن به، فكأنه وضع الظن موضع التهمة. وفيه (فنظر إلى مجتلد القوم فقال: الآن حمي الوطيس) أي إلى موضع الجلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال: يقال جلدته بالسيف والسوط ونحوه إذا ضربته به. ومنه حديث أبي هريرة في بعض الرويات (أيما رجل من المسلمين سببته أو لعنته أو جلدته) هكذا رواه بإدغام التاء في الدال، وهي لغية. (ه) وفيه (حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد) هو الماء الجامد من البرد. (جلذ [ ه ] في حديث رقيعة (واجلوذ المطر) أي امتد وقت تأخره وانقطاعه. (جلز) ه) فيه (قال له رجل: إني أحب أن أتجمل بجلاز سوطي) الجلاز: السير الذي يشد في طرف السوط. قال الخطابي: رواه يحي بن معين: جلان، بالنون، وهو غلط. (جلس) ه) فيه (أنه أقطع بلال بن الحارث معادن الجبلية غوريها وجلسيها) الجلس: كل مرتفع من الأرض. ويقال لنجد جلس أيضا. وجلس يجلس فهو جالس: إذا أتى نجدا. وفي كتاب الهروي: معادن الجبلية (في النسخة التي بأيدينا: (القبلية) ليس غير)، والمشهور معادن القبلية بالقاف، وهي ناحية قرب المدينة. وقيل هي من ناحية الفرع. وفي حديث النساء (بزولة وجلس) يقال امرأة جلس إذا كانت تجلس في الفناء ولا تتبرج.
[ 277 ]
(ه) وفيه (وأن مجلس بني عوف ينظرون إليه) أي أهل المجلس، على حذف المضاف. يقال داري تنظر إلى دار فلان، إذا كانت تقابلها. (جلظ (ه) فيه (إذا اضطجعت لا أجلنظي) المجلنظي: المستلقي على ظهره رافعا رجليه، ويهمز ولا يهمز. يقال: اجلنظأت واجلنظيت، والنون زائدة: أي لا أنام نومة الكسلان، ولكن أنام مستوفزا. (جلع) ه) في صفة الزبير (أنه كان أجلع فرجا) الأجلع: الذي لا تنضم شفتاه. وقيل هو المنقلب الشفة. وقيل هو الذي ينكشف فرجه إذا جلس. [ ه ] وفي صفة امرأة (جليع على زوجها، حصان من غيره) الجليع: التي لا تستر نفسها إذا خلت مع زوجها. (جلعب) ه) فيه (كان سعد بن معاذ رجلا جلعابا) أي طويلا. والجلعبة من النوق الطويلة. وقيل هو الضخم الجسيم. ويروى جلحابا. (جلعد) س) في شعر حميد بن ثور: فحمل الهم كنازا جلعدا الجلعد: الصلب الشديد. (جلف) ه) فيه (فجاء رجل جلف جاف) وأصله من الجلف، وهي الشاة المسلوخة التي قطع رأسها وقوائمها. ويقال للدن [ الفارغ ] (الزيادة من ا وانظر الصحاح واللسان (خلف) أيضا جلف، شبه الأحمق بهما لضعف عقله. (ه) وفي حديث عثمان رضي الله عنه (إن كل شئ سوى جلف الطعام، وظل ثوب، وبيت يستر فضل) الجلف: الخبز وحده لا أدم معه. وقيل الخبز الغليظ اليابس. ويروى بفتح اللام - جمع جلفة - وهي الكسرة من الخبز. وقال الهروي الجلف ها هنا الظرف، مثل الخرج والجوالق، يريد ما يترك فيه الخبز. وفي بعض روايات حديث من تحل له المسألة (ورجل أصابت ماله جالفة) هي السنة التي تذهب بأموال الناس، وهو عام في كل آفة من الآفات المذهبة للمال. (جلفط) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (لا أحمل المسلمين على أعواد نجرها النجار وجلفطها الجلفاط) الجلفاط: الذي يسوي السفن ويصلحها، وهو بالطاء المهملة، ورواه بعضهم بالمعجمة.
[ 278 ]
(جلق) ه) في حديث عمر رضي الله عنه (قال للبيد قاتل أخيه زيد يوم اليمامة بعد أن أسلم: أنت قاتل أخي يا جوالق ؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين) الجوالق بكسر اللام: هو اللبيد، وبه سمي الرجل لبيدا. (جلل * في أسماء الله تعالى (ذو الجلال والإكرام). الجلال: العظمة. ومنه الحديث (ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام). ومنه الحديث الآخر (أجلوا الله يغفر لكم) أي قولوا يا ذا الجلال والإكرام. وقيل: أراد عظموه. وجاء تفسيره في بعض الروايات: أي أسلموا. ويروى بالحاء المهملة، وهو كلام أبي الدرداء في الأكثر. ومن أسماء الله تعالى (الجليل) وهو الموصوف بنعوت الجلال، والحاوي جميعها هو الجليل المطلق، وهو راجع إلى كمال الصفات، كما أن الكبير راجع إلى كمال الذات، والعظيم راجع إلى كمال الذات والصفات. وفي حديث الدعاء (اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله) أي صغيره وكبيره. ويقال: ماله دق ولا جل. (س) ومنه حديث الضحاك بن سفيان (أخذت جلة أموالهم) أي العظام الكبار من الإبل. وقيل هي المسان منها. وقيل هو ما بين الثني إلى البازل. وجل بالضم: معظمه، فيجوز أن يكون أراد: أخذت معظم أموالهم. (س) ومنه حديث جابر رضي الله عنه (تزوجت امرأة قد تجالت) أي أسنت وكبرت. (س) وحديث أم صبية (كنا نكون في المسجد نسوة قد تجاللن) أي كبرن. يقال: جلت فهي جليلة، وتجالت فهي متجالة. (ه) ومنه الحديث (فجاء إبليس في صورة شيخ جليل) أي مسن (ه) وفيه (أنه نهى عن أكل الجلالة وركوبها) الجلالة من الحيوان: التي تأكل العذرة، والجلة: البعر، فوضع موضع العذرة. يقال جلت الدابة الجالة، واجتلتها، فهي
[ 279 ]
جالة، وجلالة: إذا التقطتها. (ه) ومنه الحديث (فإنما قذرت عليكم جالة القرى). (ه) والحديث الآخر (فإنما حرمتها من أجل جوال القرية) الجوال بتشديد اللام: جمع جالة، كسامة وسوام. ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (قال له رجل: إني أريد أن أصحبك، قال لا تصحبني على جلال) وقد تكرر ذكرها في الحديث. فاما أكل الجلالة فحلال إن لم يظهر النتن في لحمها، وأما ركوبها فلعله لما يكثر من أكلها العذرة والبعر، وتكثر النجاسة على أجسامها وأفواهها، وتلمس راكبها بفمها وثوبه بعرقها وفيه أثر العذرة أو البعر فيتنجس. والله أعلم. (س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (قال له رجل: التقطت شبكة على ظهر جلال) هو اسم لطريق نجد إلى مكة. (س) وفي حديث سويد بن الصامت (قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي معي، فقال: وما الذي معك ؟ قال: مجلة لقمان) كل كتاب عند العرب مجلة، يريد كتابا فيه حكمة لقمان. (س) ومنه حديث أنس رضي الله عنه (ألقي إلينا مجال) هي جمع مجلة، يعني صحفا. قيل: إنها معربة من العبرانية. وقيل هي عربية. وهي مفعلة من الجلال، كالمذلة من والذل. فيه (أنه جلل فرسا له سبق بردا عدنيا) أي جعل البرد له جلا. ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه كان يجلل بدنه القباطي). (س) وحديث علي رضي الله عنه (اللهم جلل قتلة عثمان خزيا) أي غطهم به وألبسهم إياه كما يتجلل الرجل بالثوب. (س) وحديث الاستسقاء (وابلا مجللا) أي يجلل الأرض بمائه، أو بنباته. ويروى بفتح اللام على المفعول. (س) وفي حديث العباس رضي الله عنه (قال يوم بدر: القتل جلل ما عدا محمدا) أي هين يسير. والجلل من الأضداد، يكون للحقير والعظيم. (س) وفيه (يستر المصلي مثل مؤخرة الرحل في مثل جلة السوط) أي في مثل غلظه.
[ 280 ]
(ه) وفي حديث أبي بن خلف (إن عندي فرسا أجلها كل يوم فرقا من ذرة أقتلك عليها، فقال صلى الله عليه وسلم: بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله) أي أعلفها إياه، فوضع الإجلال موضع الإعطاء، وأصله من الشئ الجليل. (س) وفي شعر بلال رضي الله عنه: ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة * بواد وحولي إذخر وجليل الجليل: الثمام، وأحده جليلة. وقيل هو الثمام إذا عظم وجل. (جلم * قوله (فأخذت منه بالجلمين) الجلم: الذي يجز به الشعر والصوف. والجلمان: شفرتاه. وهكذا يقال مثنى كالمقص والمقصين. (جلهم * فيه (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر أبا سفيان (هو أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وكان من المؤلفة قلوبهم كما في اللسان) في الإذن عليه وأدخل غيره من الناس قبله، فقال: ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمين قبلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل الصيد في جوف الفرا) قال أبو عبيد: إنما هو لحجارة الجلهتين، والجلهة: فم الوادي. وقيل جانبه (في الدر النثير: (زاد ابن الجوزي: وقال أبو هلال العسكري: جلهمة الوادي وسطه)) زيدت فيها الميم كما زيدت في زرقم وستهم. وأبو عبيد يرويه بفتح الجيم والهاء، وشمر يرويه بضمها. قال: ولم أسمع الجلهمة إلا في هذا الحديث (جلا * في حديث كعب بن مالك (فجلا رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أمرهم ليتأهبوا) أي كشف وأوضح. ومنه حديث الكسوف (حتى تجلت الشمس) أي انكشفت وخرجت من الكسوف. يقال: تجلت وانجلت، وقد تكرر في الحديث. (س) وفي صفة المهدي (أنه أجلى الجبهة) الأجلى: الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين، والذي انحسر الشعر عن جبهته. ومنه حديث قتادة في صفة الدجال أيضا (أنه أجلى الجبهة). (س) وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها (أنها كرهت للمحد أن تكتحل بالجلاء) هو بالكسر والمد: الإثمد. وقيل هو بالفتح والمد والقصر: ضرب من الكحل. فأما الحلاء بضم الحاء المهملة والمد فحكاكة حجر على حجر يكتحل بها فيتأذى البصر. والمراد في الحديث الأول.
[ 281 ]
وفي حديث العقبة (إنكم تبايعون محمدا على أن تحاربوا العرب والعجم مجلية) أي حربا مجلية مخرجة عن الدار والمال ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه (أنه خير وفد بزاخة بين الحرب المجلية والسلم المخزية). ومن كلام العرب (اختاروا فإما حرب مجلية وإما سلم مخزية) أي إما حرب تخرجكم عن دياركم، أو سلم تخزيكم وتذلكم. يقال جلا عن الوطن يجلو جلاء، وأجلى يجلي إجلاء: إذا خرج مفارقا. وجلوته أنا وأجليته. وكلامهما لازم متعد. ومنه حديث الحوض (يرد علي رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض) هكذا روي في بعض الطرق: أي ينفون ويطردون. والرواية بالحاء المهملة والهمز. (س) وفي حديث ابن سيرين (أنه كره أن يجلي امرأته شيئا ثم لا يفي به). يقال جلا الرجل امرأته وصيفا: أي أعطاها إياه. وفي حديث الكسوف (فقمت حتى تجلاني الغشي) أي غطاني وغشاني. وأصله تجللني، فأبدلت إحدى اللامات ألفا، مثل تظنى وتمطى في تظنن وتمطط. ويجوز أن يكون معنى تجلاني الغشي: ذهب بقوتي وصبري، من الجلاء، أو ظهر بي وبان علي. (ه) وفي حديث الحجاج. أنا ابن جلا وطلاع الثنايا أي أنا الظاهر الذي لا أخفي، فكل أحد يعرفني. ويقال للسيد ابن جلا. قال سيبويه: جلا فعل ماض، كأنه قال: أبي الذي جلا الأمور، أي أوضحها وكشفها. (س) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (إن ربي عز وجل قد رفع لي الدنيا وأنا أنظر إليها جليانا من الله) أي إظهارا وكشفا. وهو بكسر الجيم وتشديد اللام. باب الجيم مع الميم (جمح) ه) فيه (أنه جمح في أثره) أي أسرع إسراعا لا يرده شئ. وكل شئ مضى لوجهه على أمر فقد جمح. ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (فطفق يجمح إلى الشاهد النظر) أي يديمه مع فتح العين، هكذا جاء في كتاب أبي موسى، وكأنه - والله أعلم - سهو، فإن
[ 282 ]
الأزهري والجوهري وغيرهما ذكروه في حرف الحاء قبل الجيم. وفسروه هذا التفسير. وسيجئ في بابه. ولم يذكره أبو موسى في حرف الحاء. (جمد) ه) فيه (إذا وقعت الجوامد فلا شفعة) هي الحدود ما بين الملكين، واحدها جامد. (ه) وفي حديث التيمي (إنا ما نجمد عند الحق) يقال جمد يجمد إذا بخل بما يلزمه من الحق. وفي شعر ورقة بن نوفل: وقبلنا سبح الجدي والجمد الجمد - بضم الجيم والميم - جبل معروف. وروي بفتحهما. وفيه ذكر (جمدان) هو بضم الجيم وسكون الميم في آخره نون: جبل على ليلة من المدينة، مر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: سيروا هذا جمدان، سبق المفردون). (جمر) ه) فيه (إذا استجمرت فأوتر) الاستجمار: التمسح بالجمار، وهي الأحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج، للحصى التي يرمى بها. وأما موضع الجمار بمنى فسمي جمرة لانها ترمى بالجمار وقيل لأنها مجمع الحصى التي يرمى بها، من الجمرة وهي اجتماع القبيلة على من ناوأها، وقيل سميت به من قولهم أجمر إذا أسرع. (س) ومنه الحديث (إن آدم عليه السلام رمى بمنى فأجمر إبليس بين يديه). (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (لا تجمروا الجيش فتفتنوهم) تجمير الجيش: جمعهم في الثغور وحبسهم عن العود إلى أهلهم. (ه) ومنه حديث الهرمزان (إن كسرى جمر بعوث فارس). وفي حديث أبي إدريس (دخلت المسجد والناس أجمر ما كانوا): أي أجمع ما كانوا وحديث عائشة رضي الله عنها (أجمرت رأسي إجمارا شديدا) أي جمعته وضفرته. يقال أجمر شعره إذا جعله ذؤابة، والذؤابة الجميرة، لأنها جمرت أي جمعت. (ه) وحديث النخعي (الضافر والملبد والمجمر عليهم الحلق) أي الذي يضفر شعره
[ 283 ]
وهو محرم يجب عليه حلقه. ورواه الزمخشري بالتشديد. وقال: هو الذي يجمع شعره ويعقده في قفاه. (س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (لأ لحقن كل قوم بجمرتهم) أي بجماعتهم التي هم منها. (س) ومنه حديثه الآخر (أنه سأل الحطيئة عن عبس ومقاومتها قبائل قيس، فقال: يا أمير المؤمنين كنا ألف فارس كأننا ذهبة حمراء، لا نستجمر ولا نحالف) أي لا نسأل غيرنا أن يتجمعوا إلينا لاستغنائنا عنهم. يقال: جمر بنو فلان إذا اجتمعوا وصاروا إلبا واحدا. وبنو فلان جمرة إذا كانوا أهل منعة وشدة. وجمرات العرب ثلاث: عبس، ونمير، وبالحارث بن كعب. والجمرة: اجتماع القبيلة على من ناوأها. والجمرة: ألف فارس. (س) وفيه (إذا أجمرتم الميت فجمروه ثلاثا) أي إذا بخرتموه بالطيب. يقال ثوب مجمر ومجمر. وأجمرت الثوب وجمرته إذا بخرته بالطيب. والذي يتولى ذلك مجمر ومجمر. ومنه نعيم المجمر الذي كان يلي إجمار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ه) ومنه الحديث (ومجامرهم الألوة) المجامر: جمع مجمر ومجمر، فالمجمر بكسر الميم: هو الذي يوضع فيه النار للبخور. والمجمر بالضم: الذي يتبخر به وأعد له الجمر، وهو المراد في هذا الحديث: أي إن بخورهم بالألوة وهو العود. (س) وفيه (كأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة) الجمارة قلب النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها. (س) وفي حديث آخر (أنه اتي بجمار) هو جمع جمارة. (جمز [ ه ] في حديث ماعز (فلما أذلقته الحجارة جمز) أي أسرع هاربا من القتل. يقال: جمز يجمز جمزا. (س) ومنه حديث عبد الله بن جعفر (ما كان إلا الجمز) يعني السير بالجنائز. (س) ومنه الحديث (يردونهم عن دينهم كفارا جمزى) الجمزى بالتحريك: ضرب من السير سريع، فوق العنق ودون الحضر. يقال: الناقة تعدو الجمزى، وهو منصوب على المصدر.
[ 284 ]
[ ه ] وفيه (أنه توضأ فضاق عن يديه كما جمازة كانت عليه) الجمازة: مدرعة صوف ضيقة الكمين. (جمس) ه) في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه سئل عن فأرة وقعت في سمن، فقال: إن كان جامسا ألقى ما حولها وأكل) أي جامدا، جمس وجمد بمعنى. (س) ومنه حديث ابن عمير (لفطس خنس بزبد جمس) إن جعلت الجمس من نعت الزبد كان معناه الجامد، وإن جعلته من نعت الفطس - وتريد به التمر - كان معناه الصلب العلك. قاله الخطابي. وقال الزمخشري: الجمس بالفتح: الجامد، وبالضم جمع جمسة، وهس البسرة التي أرطبت كلها وهي صلبة لم تنهضم بعد. (جمش) ه) فيه (إن لقيتها نعجة تحمل شفرة وزنادا بخبت الجميش فلا تهجها) الخبت: الأرض الواسعة. والجميش: الذي لا نبات به، كأنه جمش: أي حلق، وإنما خصه بالذكر لأن الإنسان إذا سلكه طال عليه وفني زاده واحتاج إلى مال أخيه المسلم. ومعناه: إن عرضت لك هذه الحالة فلا تعرض لنعم أخيك بوجه ولا سبب، وإن كان ذلك سهلا متيسرا، وهو معنى قوله: تحمل شفرة وزنادا، أي معها آلة الذبح والنار. (جمع * في أسماء الله تعالى (الجامع) هو الذي يجمع الخلائق ليوم الحساب. وقيل: هو المؤلف بين المتماثلات، والمتباينات، والمتضادات في الوجود. (ه) وفيه (أتيت جوامع الكلم) يعني القرآن، جمع الله بلطفه في الألفاظ اليسيرة منه معاني كثيرة، واحدها جامعة: أي كلمة جامعة. (ه) ومنه الحديث في صفته صلى الله عليه وسلم (أنه كان يتكلم بجوامع الكلم) أي أنه كان كثير المعاني قليل الألفاظ. والحديث الآخر (كان يستحب الجوامع من الدعاء) هي التي تجمع الأغراض الصلحة والمقاصد الصحيحة، أو تجمع الثناء على الله تعالى وآداب المسألة. (ه) وحديث عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه (عجبت لمن لاحن الناس كيف لا يعرف جوامع الكلم) أي كيف لا يقتصر على الوجيز ويترك الفضول ! والحديث الآخر (قال له: أقرئني سورة جامعة، فأقرأه: إذا زلزلت الأرض
[ 285 ]
زلزالها) أي أنها تجمع أسباب الخير، لقوله فيها (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره). والحديث الآخر (حدثني بكلمة تكون جماعا، فقال: اتق الله فيما تعلم) الجماع: ما جمع عددا، أي كلمة تجمع كلمات. ومنه الحديث (الخمر جماع الإثم) أي مجمعه ومظنته. [ ه ] ومنه حديث الحسن (في اللسان الحسين) (اتقوا هذه الأهواء فإن جماعها الضلالة). وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (وجعلناكم شعوبا وقبائل، قال الشعوب: الجماع، والقبائل: الأفخاذ) الجماع بالضم والتشديد: مجتمع أصل كل شئ، أراد منشأ النسب وأصل المولد. وقيل أراد به الفرق المختلفة من الناس كالأوزاع والأوشاب. (ه) ومنه الحديث (كان في جبل تهامة جماع غصبوا المارة) أي جماعات من قبائل شتى متفرقة. (ه) وفيه (كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء) أي سليمة من العيوب، مجتمعة الأعضاء كاملتها فلا جدع بها ولا كي. وفي حديث الشهداء (المرأة تموت بجمع) أي تموت وفي بطنها ولد. وقيل التي تموت بكرا. والجمع بالضم: بمعنى المجموع، كالذخر بمعنى المذخور، وكسر الكسائي الجيم، والمعنى أنها ماتت مع شئ مجموع فيها غير منفصل عنها، من حمل أو بكارة. [ ه ] ومنه الحديث الآخر (أيما امرأة ماتت بجمع لم تطمث دخلت الجنة) وهذا يريد به البكر. [ ه ] ومنه قول امرأة العجاج (إني منه بجمع) أي عذراء لم يفتضني. وفيه (رأيت خاتم النبوة كأنه جمع) يريد مثل جمع الكف، وهو أن يجمع الأصابع ويضمها. يقال ضربه بجمع كفه، بضم الجيم. وفي حديث عمر رضي الله عنه (صلى المغرب، فلما انصرف درأ جمعة من حصى
[ 286 ]
المسجد) الجمعة: المجموعة، يقال أعطني جمعة من تمر، وهو كالقبضة. (س) وفيه (له سهم جمع) أي له سهم من الخير جمع فيه حظان. والجيم مفتوحة. وقيل أراد بالجمع الجيش: أي كسهم الجيش من الغنيمة. [ ه ] وفي حديث الربا (بع الجمع بالدراهم، وابتع بها جنيبا) كل لون من النخيل لا يعرف اسمه فهو جمع، وقيل الجمع: تمر مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبا فيه، وما يخلط إلا لرداءته. وقد تكرر في الحديث. [ ه ] وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثقل من جمع بليل) جمع: علم للمزدلفة، سميت به لأن آدم عليه السلام وحواء لما أهبطا اجتمعا بها. (س) وفيه (من لم يجمع الصيام من الليل فلا صيام له (الإجماع: إحكام النية والعزيمة. أجمعت الرأي وأزمعته وعزمت عليه بمعنى. ومنه حديث كعب بن مالك (أجمعت صدقه). وحديث صلاة السفر (ما لم أجمع مكثا) أي ما لم أعزم على الإقامة. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث أحد (وإن رجلا من المشركين جميع اللأمة) أي مجتمع السلاح. ومنه حديث الحسن (أنه سمع أنس بن مالك وهو يومئذ جميع) أي مجتمع الخلق قوي لم يهرم ولم يضعف. والضمير راجع إلى أنس. وفي حديث الجمعة (أول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثى) جمعت بالتشديد: أي صليت. ويوم الجمعة سمي به لاجتماع الناس فيه. ومنه حديث معاذ (أنه وجد أهل مكة يجمعون في الحجر فنهاهم عن ذلك) أي يصلون صلاة الجمعة. وإنما نهاهم عنه لأنهم كانوا يستظلون بفئ الحجر قبل أن تزول الشمس فنهاهم لتقديمهم في الوقت. وقد تكرر ذكر التجميع في الحديث. [ ه ] وفي صفته عليه السلام (كان إذا مشى مشى مجتمعا) أي شديد الحركة، قوي الأعضاء، غير مسترخ في المشي.
[ 287 ]
(س) وفيه (إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما) أي إن النطفة إذا وقعت في الرحم فأراد الله أن يخلق منها بشرا طارت في جسم المرأة تحت كل ظفر وشعر، ثم تمكث أربعين ليلة، ثم تنزل دما في الرحم، فذلك جمعها. كذا فسره ابن مسعود فيما قيل. ويجوز أن يريد بالجمع مكث النطفة في الرحم أربعين يوما تتخمر فيه حتى تتهيأ للخلق والتصوير، ثم تخلق بعد الأربعين. ومنه حديث أبي ذر (ولا جماع لنا فيما بعد) أي لا اجتماع لنا. وفيه (فجمعت علي ثيابي) أي لبست الثياب التي نبرز بها إلى الناس من الإزار والرداء والعمامة والدرع والخمار. وفيه (فضرب بيده مجمع ما بين عنقي وكتفي) أي حيث يجتمعان. وكذلك مجمع البحرين: ملتقاهما. (جمل * في حديث القدر (كتاب فيه أسماء أهل الجنة وأهل النار أجمل على آخرهم، فلا يزاد فيهم ولا ينقص) أجملت الحساب إذا جمعت آحاده وكملت أفراده: أي أحصوا وجمعوا فلا يزاد فيهم ولا ينقص. [ ه ] وفيه (لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها) جملت الشحم وأجملته: إذا أذبته واستخرجت دهنه. وجملت أفصح من أجملت. ومنه الحديث (يأتوننا بالسقاء يجملون فيه الودك) هكذا جاء في رواية. ويروى بالحاء المهملة. وعند الأكثرين (يجعلون فيه الودك). ومنه حديث فضالة (كيف أنتم إذا قعد الجملاء على المنابر يقضون بالهوى ويقتلون بالغضب) الجملاء: الضخام الخلق، كأنه جمع جميل، والجميل: الشحم المذاب. [ ه ] وفي حديث الملاعنة (إن جاءت به أورق جعدا جماليا) الجمالي بالتشديد: الضخم الأعضاء التام الأوصال. يقال ناقة جمالية مشبهة بالجمل عظما وبدانة. وفيه (هم الناس بنحر بعض جمائلهم) هي جمع جمل، وقيل جمع جمالة، وجمالة جمع جمل، كرسالة ورسائل، وهو الأشبه.
[ 288 ]
(س) وفي حديث عمر رضي الله عنه (لكل أناس في جملهم خبر) ويروى (جميلهم) على التصغير، يريد صاحبهم، وهو مثل يضرب في معرفة كل قوم بصاحبهم: يعني أن المسود يسود لمعنى، وأن قومه لم يسودوه إلا لمعرفتهم بشأنه. ويروى (لكل أناس في بعيرهم خبر) فاستعار الجمل والبعير للصاحب. وفي حديث عائشة رضي الله عنها وسألتها امرأة (أؤخذ جملي ؟) تريد زوجها: أي أحبسه عن إتيان النساء غيري، فكنت بالجمل عن الزوج لأنه زوج الناقة. وفي حديث أبي عبيدة (أنه أذن في جمل البحر) هو سمكة ضخمة شبيهة بالجمل، يقال لها جمل البحر. وفي حديث ابن الزبير رضي الله عنه (كان يسير بنا الأبردين ويتخذ الليل جملا) يقال للرجل إذا سرى ليلته جمعاء، أو أحياها بصلاة أو غيرها من العبادات: اتخذ الليل جملا، كأنه ركبه ولم ينم فيه. [ ه ] ومنه حديث عاصم (لقد أدركت أقواما يتخذون هذا الليل جملا، ويشربون النبيذ ويلبسون المعصفر، منهم زر بن حبيش وأبو وائل). وفي حديث الإسراء (ثم عرضت له امرأة حسناء جملاء) أي جميلة مليحة، ولا أفعل لها من لفظها، كديمة هطلاء. (س) ومنه الحديث (جاء بناقة حسناء جملاء) والجمال يقع على الصور والمعاني. ومنه الحديث (إن الله تعالى جميل يحب الجمال) أي حسن الأفعال كامل الأوصاف. وفي حديث مجاهد (أنه قرأ: حتى يلج الجمل في سم الخياط) الجمل - بضم الجيم وتشديد الميم -: قلس السفينة (جمجم) ه) فيه (أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجمجمة فيها ماء) الجمجمة: قدح من خشب. والجمع الجماجم، وبه سمي دير الجماجم، وهو الذي كانت به وقعة ابن الأشعث مع الحجاج بالعراق، لأنه كان يعمل به أقداح من خشب. وقيل سمي به لأنه بني من جماجم القتلى لكثرة من قتل به. (س) ومنه حديث طلحة بن مصرف (رأى رجلا يضحك فقال: إن هذا لم يشهد
[ 289 ]
الجماجم) يريد وقعة دير الجماجم: أي إنه لو رأى كثرة من قتل به من قراء المسلمين وساداتهم لم يضحك. ويقال للسادات جماجم. (س) ومنه حديث عمر (ائت الكوفة فإن بها جمجمة العرب) أي ساداتها، لأن الجمجمة الرأس، وهو أشرف الأعضاء. وقيل جماجم العرب: التي تجمع البطون فينسب إليها دونهم. (س) وفي حديث يحي بن محمد (أنه لم يزل يرى الناس يجعلون الجماجم في الحرث) هي الخشبة التي تكون في رأسها سكة الحرث. (جمم) ه) في حديث أبي ذر (قلت: يا رسول الله كم الرسل ؟ قال: ثلاثمائة وخمسة عشر - وفي رواية - ثلاثة عشر، جم الغفير) هكذا جاءت الرواية. قالوا: والصواب جماء غفيرا. يقال: جاء القوم جما غفيرا، والجماء الغفير، وجماء غفيرا: أي مجتمعين كثيرين. والذي أنكر من الرواية صحيح، فإنه يقال جاؤا الجم الغفير، ثم حذف الألف واللام، وأضاف، من باب صلاة الأولى، ومسجد الجامع. وأصل الكلمة من الجموم والجمة، وهي الاجتماع والكثرة، والغفير من الغفر، وهو التغطية والستر، فجعلت الكلمتان في موضع الشمول والإحاطة. ولم تقل العرب الجماء إلا موصوفا، وهو منصوب على المصدر، كطرا، وقاطبة، فإنها أسماء وضعت موضع المصدر. (س) وفيه (إن الله تعالى ليدين الجماء من ذات القرن) الجماء: التي لا قرن لها، ويدي: أي يجزي. ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أمرنا أن نبني المدائن شرفا والمساجد جما) أي لا شرف لها، وجم: جمع أجم، شبه الشرف بالقرون. ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (أما أبو بكر بن حزم فلو كتبت إليه: اذبح لأهل المدينة شاة، لراجعني فيها: أقرناء أم جماء ؟) وقد تكرر في الحديث ذكر الجماء، وهي بالفتح والتشديد والمد: موضع على ثلاثة أميال من المدينة. [ ه ] وفيه (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم جمة جعدة) الجمة من جعد الرأس: ما سقط على المنكبين. ومنه حديث عائشة رضي الله عنها حين بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قالت: وقد وفت لي جميمة) أي كثرت. والجميمة: تصغير الجمة. وحديث ابن زمل (كأنما جمم شعره) أي جعل جمة. ويروى بالحاء، وسيذكر.
[ 290 ]
(ه) ومنه الحديث (لعن الله المجممات من النساء) هن اللاتي يتخذن شعورهن جمة، تشبيها بالرجال. وحديث خزيمة (اجتاحت جميم اليبيس) الجميم: نبت يطول حتى يصير مثل جمة الشعر. (ه) وفي حديث طلحة رضي الله عنه (رمى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسفرجلة وقال: دونكها فإنها تجم الفؤاد) أي تريحه ؟ ؟ وقيل تجمعه وتكمل صلاحه ونشاطه. [ ه ] ومنه حديث عائشة رضي الله عنها في التلبينة (فإنها تجم فؤاد المريض). وحديثها الآخر (فإنها مجمة لها) أي مظنة للاستراحة. (س) وحديث الحديبية (وإلا فقد جموا) أي استراحوا وكثروا. وحديث أبي قتادة رضي الله عنه (فأتى الناس الماء جامين رواء) أي مستريحين قد رووا من الماء. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما (لأصبحنا غدا ندخل على القوم وبنا جمامة) أي راحة وشبع وري. (ه) وحديث عائشة رضي الله عنها (بلغها أن الأحنف قال شعرا يلومها فيه، فقالت: سبحان الله: لقد استفرغ حلم الأحنف هجاؤه إياي، ألي كان يستجم مثابة سفهه ؟) أرادت أنه كان حليما عن الناس، فلما صار إليها سفه، فكأنه كان يجم سفهه لها: أي يريحه ويجمعه. (س) ومنه حديث معاوية (من أحب أن يستجم له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار) أي يجتمعون له في القيام عنده، ويحبسون أنفسهم عليه، ويروى بالخاء المعجمة. وسيذكر. [ ه ] وحديث أنس رضي الله عنه (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والوحي أجم ما كان) أي أكثر ما كان.
[ 291 ]
[ ه ] وفي حديث أم زرع (مال أبي زرع على الجمم محبوس) الجمم جمع جمة: وهم القوم يسألون في الدية. يقال: أجم يجم إذا أعطى الجمة. (جمن) س) في صفته صلى الله عليه وسلم (يتحدر منه العرق مثل الجمان) هو اللؤلؤ الصغار. وقيل حب يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ. ومنه حديث المسيح عليه السلام (إذا رفع رأسه تحدر منه جمان اللؤلؤ). (جمهر) ه) في حديث ابن الزبير (قال لمعاوية: إنا لا ندع مروان يرمي جماهير قريش بمشاقصه) أي جماعاتها، واحدها جمهور. وجمهرت الشئ إذا جمعته. ومنه حديث النخعي (أنه أهدي له بختج هو الجمهوري) البختج: العصير المطبوخ الحلال، وقيل له الجمهوري لأن جمهور الناس يستعملونه: أي أكثرهم. (س) وفي حديث موسى بن طلحة (أنه شهد دفن رجل فقال: جمهروا قبره) أي اجمعوا عليه التراب جمعا، ولا تطينوه ولا تسوروه. والجمهور أيضا: الرملة المجتمعة المشرفة عل ما حولها. باب الجيم مع النون (جنأ) ه) فيه (أن يهوديا زنى بامرأة فأمر برجمها، فجعل الرجل يجنئ عليها) أي يكب ويميل عليها ليقيها الحجارة. أجنأ يجنئ إجناء. وفي رواية أخرى (فلقد رأيته يجانئ عليها) مفاعلة، من جانأ يجانئ، ويروى بالحاء المهملة. وسيجئ. ومنه حديث هرقل في صفة إسحاق عليه السلام (أبيض أجنأ خفيف العارضين) الجنأ: ميل في الظهر. وقيل في العنق. (جنب) س) فيه (لا تدخل الملائكة بيتا فيه جنب) الجنب: الذي يجب عليه الغسل بالجماع وخروج المني. ويقع على الواحد، والاثنين، والجميع، والمؤنث، بلفظ واحد. وقد يجمع على أجناب وجنبين. وأجنب يجنب إجنابا، والجنابة الاسم، وهي في الأصل: البعد. وسمي الإنسان جنبا لأنه نهي أن يقرب مواضع الصلاة ما لم يتطهر. وقيل لمجانبته الناس حتى يغتسل. وأراد بالجنب في هذا الحديث: الذي يترك الاغتسال من الجنابة
[ 292 ]
عادة، فيكون أكثر أوقاته جنبا، وهذا يدل على قلة دينه وخبث باطنه. وقيل أراد بالملائكة ها هنا غير الحفظة. وقيل أراد لا تحضره الملائكة بخير. وقد جاء في بعض الروايات كذلك. (ه) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (الإنسان لا يجنب وكذلك الثوب والماء والأرض) يريد أن هذه الأشياء لا يصير شئ منها جنبا يحتاج إلى الغسل لملامسة الجنب إياها، وقد تكرر ذكر الجنب والجنابة في غير موضع. (س) وفي حديث الزكاة والسباق (لا جلب ولا جنب) الجنب بالتحريك في السباق: أن يجنب فرسا إلى فرسه الذي يسابق عليه، فإذا فتر المركوب تحول إلى المجنوب، وهو في الزكاة: أن ينزل العامل بأقصى مواضع أصحاب الصدقة، ثم يأمر بالأموال أن تجنب إليه: أي تحضر، فنهوا عن ذلك. وقيل هو أن يجنب رب المال بماله: أي يبعده عن موضعه حتى يحتاج العامل إلى الإبعاد في اتباعه وطلبه. (ه) وفي حديث الفتح (كان خالد بن الوليد رضي الله عنه على المجنبة اليمنى، والزبير على المجنبة اليسرى) مجنبة الجيش: هي التي تكون في الميمنة والميسرة، وهما مجنبتان، والنون مكسورة. وقيل هي الكتيبة التي تأخذ إحدى ناحيتي الطريق، والأول أصح. ومنه الحديث في الباقيات الصالحات (هن مقدمات، وهن مجنبات، وهن معقبات). [ ه ] ومنه الحديث (وعلى جنبتي الصراط داع) أي جانباه. وجنبة الوادي: جانبه وناحيته، وهي بفتح النون. والجنبة بسكون النون: الناحية. يقال: نزل فلان جنبة: أي ناحية. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (عليكم بالجنبة فإنها عفاف) قال الهروي: يقول اجتنبوا النساء والجلوس إليهن، ولا تقربوا ناحيتهن. يقال: رجل ذو جنبة: أي ذو اعتزال عن الناس متجنب لهم. (س) وفي حديث رقيقة (استكفوا جنابيه) أي حواليه، تثنية جناب وهي الناحية. (س) ومنه حديث الشعبي (أجدب بنا الجناب). وحديث ذي المشعار (وأهل جناب الهضب) هو بالكسر موضع.
[ 293 ]
(س) وفي حديث الشهداء (ذات الجنب شهادة). (س) وفي حديث آخر (ذو الجنب شهيد). [ ه ] وفي آخر (المجنوب شهيد) ذات الجنب: هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل، وقلما يسلم صاحبها. وذو الجنب الذي يشتكي جنبه بسبب الدبيلة، إلا أن ذو للمذكر وذات للمؤنث، وصارت ذات الجنب علما لها وإن كانت في الأصل صفة مضافة. والمجنوب: الذي أخذته ذات الجنب. وقيل أراد بالمجنوب: الذي يشتكي جنبه مطلقا. وفي حديث الحديبية (كأن الله قد قطع جنبا من المشركين) أراد بالجنب الأمر، أو القطعة، يقال ما فعلت في جنب حاجتي ؟ أي في أمرها. والجنب: القطعة من الشئ تكون معظمه أو شيئا كثيرا منه. (س) وفي حديث أبي هريرة في الرجل الذي أصابته الفاقة (فخرج إلى البرية فدعا، فإذا الرحا يطحن، والتنور مملوء جنوب شواء) الجنوب: جمع جنب، يريد جنب الشاة: أي أنه كان في التنور جنوب كثيرة لا جنب واحد. وفيه (بع الجمع بالدراهم، ثم ابتع بها جنيبا) الجنيب: نوع جيد معروف من أنواع التمر. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث الحارث بن عوف (إن الإبل جنبت قبلنا العام) أي لم تلقح فيكون لها ألبان. يقال جنب بنو فلان فهم مجنبون: إذا لم يكن في إبلهم لبن، أو قلت ألبانهم وهو عام تجنيب. وفي حديث الحجاج (آكل ما أشرف من الجنبة) الجنبة - بفتح الجيم وسكون النون - رطب الصليان من النبات. وقيل هو ما فوق البقل ودون الشجر. وقيل هو كل نبت مورق في الصيف من غير مطر. (س) وفيه (الجانب المستغزر يثاب من هبته) الجانب: الغريب يقال: جنب فلان في بني فلان يجنب جنابة فهو جانب: إذا نزل فيهم غريبا: أي أن الغريب الطالب إذا أهدى إليك شيئا ليطلب أكثر منه فأعطه في مقابلة هديته. ومعنى المستغزر: الذي يطلب أكثر مما أعطى. (س) ومنه حديث الضحاك (أنه قال لجارية: هل من مغربة خبر ؟ قال: على جانب
[ 294 ]
الخبر) أي على الغريب القادم. (س) ومنه حديث مجاهد في تفسير السيارة (قال: هم أجناب الناس) يعني الغرباء، جمع جنب وهو الغريب. (جنبذ) س ه) في صفة الجنة (فيها جنابذ من لؤلؤ) الجنابذ جمع جنبذة: وهي القبة. (جنح [ ه ] فيه (أنه أمر بالتجنح في الصلاة) هو أن يرفع ساعديه في السجود عن الأرض ولا يفترشهما، ويجافيهما عن جانبيه، ويعتمد على كفيه فيصيران له مثل جناحي الطائر. (س) وفيه (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم) أي تضعها لتكون وطاء له إذا مشى. وقيل: هو بمعنى التواضع له تعظيما لحقه. وقيل: أراد بوضع الأجنحة نزولهم عند مجالس العلم وترك الطيران. وقيل أراد به إظلالهم بها. (س) ومنه الحديث الآخر (تظلهم الطير بأجنحتها) وجناح الطير: يده. وفي حديث عائشة رضي الله عنها (كان وقيذ الجوانح) الجوانح: الأضلاع مما يلي الصدر، الواحدة جانحة. (س) وفيه (إذا استجنح الليل فأكفتوا صبيانكم) جنح الليل وجنحه: أوله. وقيل قطعة منه نحو النصف، والأول أشبه، وهو المراد في الحديث. وفي حديث مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم (فوجد من نفسه خفة فاجتنح على أسامة حتى دخل المسجد) أي خرج مائلا متكئا عليه. (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما في مال اليتيم (إني لأجنح أن آكل منه) أي أرى الأكل منه جناحا. والجناح: الإثم. وقد تكرر ذكر الجناح في الحديث، وأين ورد فمعناه الإثم والميل. (جند (ه) فيه (الأرواح جنود مجندة، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف) مجندة: أي مجموعة، كما يقال ألوف مؤلفة، وقناطير مقنطرة، ومعناه الإخبار
[ 295 ]
عن مبدأ كون الأرواح وتقدمها الأجساد: أي أنها خلقت أول خلقها على قسمين: من ائتلاف واختلاف، كالجنود المجموعة إذا تقابلت وتواجهت. ومعنى تقابل الأرواح: ما جعلها الله عليه من السعادة، والشقاوة، والأخلاق في مبدإ الخلق. يقول: إن الأجساد التي فيها الأرواح تلتقي في الدنيا فتأتلف وتختلف على حسب ما خلقت عليه، ولهذا ترى الخير يحب الأخيار ويميل إليهم، والشرير يحب الأشرار ويميل إليهم. وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه خرج إلى الشام فلقيه أمراء الأجناد) الشام خمسة أجناد: فلسطين، والأردن، ودمشق، وحمص، وقنسرين، كل واحد منها كان يسمى جندا: أي المقيمين بها من المسلمين المقاتلين. (س) وفي حديث سالم (سترنا البيت بجنادي أخضر، فدخل أبو أيوب فلما رآه خرج إنكارا له) قيل هو جنس من الأنماط أو الثياب يستر بها الجدران. وفيه (كان ذلك يوم أجنادين) بفتح الدال: موضع بالشأم، وكانت به وقعة عظيمة بين المسلمين والروم في خلافة عمر رضي الله تعالى عنه، وهو يوم مشهور. وفيه ذكر (الجند) هو بفتح الجيم والنون: أحد مخاليف اليمن: وقيل هي مدينة معروفة بها. (جندب * فيه (فجعل الجنادب يقعن فيه) الجنادب جمع جندب - بضم الدال وفتحها - وهو ضرب من الجراد. وقيل هو الذي يصر في الحر. ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (كان يصلي الظهر والجنادب تنقز من الرمضاء) أي تثب. (جندع) ه) فيه (إني أخاف عليكم الجنادع) أي الآفات والبلايا. ومنه قيل للداهية: ذات الجنادع، والنون زائدة. (جنز) ه) فيه (أن رجلا كان له امرأتان فرميت إحداهما في جنازتها) أي ماتت: تقول العرب إذا أخبرت عن موت إنسان: رمي في جنازته، لأن الجنازة تصير مرميا فيها. والمراد بالرمي. الحمل والوضع. والجنازة بالكسر والفتح: الميت بسريره. وقيل بالكسر السرير، وبالفتح الميت. وقد تكرر ذكرها في الحديث. (جنف) ه س) فيه (إنا نرد من جنف الظالم مثل ما نرد من جنف الموصي) الجنف: الميل والجور.
[ 296 ]
ومنه حديث عروة (يرد من صدقة الجانف في مرضه ما يرد من وصية المجنف عند موته) يقال: جنف وأجنف: إذا مال وجار، فجمع فيه بين اللغتين. وقيل الجانف: يختص بالوصية، والمجنف المائل عن الحق. [ ه ] ومنه حديث عمر رضي الله عنه (وقد أفطر الناس في رمضان ثم ظهرت الشمس فقال: نقضيه، ما تجانفنا فيه لإثم) أي لم نمل فيه لارتكاب الإثم. ومنه قوله تعالى (غير متجانف لإثم). وفي غزوة خيبر ذكر (جنفاء) هي بفتح الجيم وسكون النون والمد " ماء من مياه بني فزارة. (جنق) ه) في حديث الحجاج (أنه نصب على البيت منجنيقين، ووكل بهما جانقين، فقال أحد الجانقين عند رميه: خطارة كالجمل الفنيق * أعددتها للمسجد العتيق الجانق: الذي يدبر المنجنيق ويرمي عنها، وتفتح الميم وتكسر، وهي والنون الأولى زائدتان في قول، لقولهم جنق يجنق إذا رمى. وقيل الميم أصلية لجمعه على مجانيق. وقيل هو أعجمي معرب، والمنجنيق مؤنثة. (جنن * فيه ذكر (الجنة) في غير موضع. الجنة: هي دار النعيم في الدار الآخرة، من الاجتنان وهو الستر، لتكاثف أشجارها وتظليلها بالتفاف أغصانها، وسميت بالجنة وهي المرة الواحدة من مصدر جنه جنا إذا ستره، فكأنها سترة واحدة، لشدة التفافها وإظلالها. ومنه الحديث (جن عليه الليل) أي ستره، وبه سمي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار، ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه. (س) ومنه الحديث (ولي دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجنانه علي والعباس) أي دفنه وستره. ويقال للقبر الجنن، ويجمع على أجنان. ومنه حديث علي (جعل لهم من الصفيح أجنان). (ه) وفيه (أنه نهى عن قتل الجنان) هي الحيات التي تكون في البيوت، واحدها جان، وهو الدقيق الخفيف. والجان: الشيطان أيضا. وقد جاء ذكر الجان والجن والجنان في غير موضع من الحديث. (ه) ومنه حديث زمزم (إن فيها جنانا كثيرة) أي حيات. وفي حديث زيد بن نفيل (جنان الجبال) أي الذين يأمرون بالفساد من شياطين الإنس، أو من الجن. والجنة بالكسر: اسم للجن.
[ 297 ]
وفي حديث السرقة (القطع في ثمن المجن) هو الترس، لأنه يواري حامله: أي يستره، والميم زائدة. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (كتب إلي ابن عباس رضي الله عنهما: قلبت لابن عمك ظهر المجن) هذه كلمة تضرب مثلا لمن كان لصاحبه على مودة أو رعاية ثم حال عن ذلك، ويجمع على مجان. ومنه حديث أشراط الساعة (وجوههم كالمجان المطرقة) يعني الترك. وقد تكرر ذكر المجن والمجان في الحديث. وفيه (الصوم جنة) أي يقي صاحبه ما يؤذيه من الشهوات. والجنة: الوقاية. (ه) ومنه الحديث (الإمام جنة) لأنه يقي المأموم الزلل والسهو. ومنه حديث الصدقة (كمثل رجلين عليهما جنتان من حديد) أي وقايتان. ويروى بالباء الموحدة، تثنية اللباس. وفيه أيضا (تجن بنانه) أي تغطيه وتستره. وفيه (أنه نهى عن ذبائح الجن) هو أن يبني الرجل الدار فإذا فرغ من بنائها ذبح ذبيحة، وكان يقولون: إذا فعل ذلك لا يضر أهلها الجن. وفي حديث ماعز (أنه سأل أهله عنه فقال: أيشتكي أم به جنة ؟ قالوا: لا) الجنة بالكسر: الجنون. وفي حديث الحسن (لو أصاب ابن آدم في كل شئ جن) أي أعجب بنفسه حتى يصير كالمجنون من شدة إعجابه. قال القتيبي: وأحسب قول الشنفرى من هذا: فلو جن إنسان من الحسن جنت * ومنه حديثه الآخر (اللهم أعوذ بك من جنون العمل) أي من الإعجاب به، ويؤكد هذا حديثه الآخر (أنه رأى قوما مجتمعين على إنسان، فقال: ما هذا ؟ فقالوا:
[ 298 ]
مجنون، قال هذا مصاب، وإنما المجنون الذي يضرب بمنكبيه، وينظر في عطفيه، ويتمطى في مشيته. وفي حديث فضالة (كان يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة، حتى يقول الأعراب: مجانين، أو مجانون) المجانين: جمع تكسير لمجنون، وأما مجانون فشاذ، كما شذ شياطون في شياطين. وقد قرئ (واتبعوا ما تتلوا الشياطون). (جنه في شعر الفرزدق يمدح علي بن الحسين زين العابدين: في كفه جنهي عبق * من كف أروع في عرنينه شمم الجنهي: الخيزران. ويروى خيزران. (جنى * فيه (لا يجني جان إلا على نفسه) الجناية: الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة. المعنى: أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جناية لا يعاقب بها الآخر، كقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) وقد تكرر ذكرها في الحديث. [ ه ] وفي حديث علي رضي الله عنه: هذا جناي وخياره فيه * إذ كل جان يده إلى فيه هذا مثل، أول من قاله عمرو ابن أخت جذيمة الأبرش، كان يجني الكمأة مع أصحاب له، فكانوا إذا وجدوا خيار الكمأة أكلوها، وإذا وجدها عمرو جعلها في كمه حتى يأتي بها خاله. وقال هذه الكلمة فسارت مثلا. وأراد علي رضي الله عنه بقولها أنه لم يتلطخ بشئ من فئ المسلمين، بل وضعه مواضعه. يقال جنى واجتنى، والجنا: اسم ما يجتنى من الثمر، ويجمع الجنا على أجن، مثل عصا وأعص. (ه) ومنه الحديث (أهدي له أجن زغب) يريد القثاء الغض، هكذا جاء في بعض الروايات، والمشهور أجر بالراء. وقد سبق ذكره. (س) وفي حديث أبي بكر (أنه رأى أبا ذر رضي الله عنهما، فدعاه، فجنا عليه، فساره) جنا على الشئ يجنو: إذا أكب عليه. وقيل هو مهموز. وقيل الأصل فيه الهمز، من جنأ يجنأ إذا مال عليه وعطف، ثم خفف، وهو لغة في أجنأ. وقد تقدمت في أول الباب.
[ 299 ]
ولو رويت بالحاء المهملة بمعنى أكب عليه لكان أشبه. باب الجيم مع الواو (جوب * في أسماء الله تعالى (المجيب) وهو الذي يقابل الدعاء والسؤال بالقبول والعطاء. وهو اسم فاعل من أجاب يجيب. وفي حديث الاستسقاء (حتى صارت المدينة مثل الجوبة) هي الحفرة المستديرة الواسعة. وكل منفتق بلا بناء: جوبة، أي حتى صار الغيم والسحاب محيطا بآفاق المدينة. ومنه الحديث الآخر (فانجاب السحاب عن المدينة حتى صار كالإكليل) أي انجمع وتقبض بعضه إلى بعض وانكشف عنها. (س) وفيه (أتاه قوم مجتابي النمار) أي لابسيها. يقال اجتبت القميص والظلام: أي دخلت فيهما. وكل شئ قطع وسطه فهو مجوب ومجوب، وبه سمي جيب القميص. ومنه حديث علي رضي الله عنه (أخذت إهابا معطونا فجوبت وسطه وأدخلته في عنقي). (س) وفي حديث خيفان (وأما هذا الحي من أنمار فجوب أب، وأولاد علة) أي أنهم جيبوا من أب واحد وقطعوا منه. [ ه ] ومنه حديث أبي بكر (قال للأنصار رضي الله عنه وعنهم يوم السقيفة: إنما جيبت العرب عنا كما جيبت الرحا عن قطبها) أي خرقت العرب عنا، فكنا وسطا، وكانت العرب حوالينا كالرحا وقطبها الذي تدور عليه. (ه) وفي حديث لقمان بن عاد (جواب ليل سرمد) أي يسري ليله كله لا ينام. يصفه بالشجاعة، يقال. جاب البلاد سيرا. أي قطعها. (ه) وفيه (أن رجلا قال: يا رسول الله أي الليل أجوب دعوة ؟ قال: جوف الليل الغابر) أجوب، أي أسرع إجابة. كما يقال: أطوع، من الطاعة. وقياس هذا أن يكون من جاب لا من أجاب، لأن ما زاد على الفعل الثلاثي لا يبنى منه أفعل من كذا إلا في أحرف جاءت شاذة قال الزمخشري: (كأنه في التقدير من جابت الدعوة بوزن فعلت بالضم،
[ 300 ]
كطالت: أي صارت مستجابة، كقولهم في فقير وشديد، كأنهما من فقر وشدد، وليس ذلك بمستعمل. ويجوز أن يكون من جبت الأرض إذا قطعتها بالسير، على معنى أمضى دعوة، وأنفذ إلى مظان الإجابة والقبول). وفي حديث بناء الكعبة (فسمعنا جوابا من السماء، فإذا بطائر أعظم من النسر) الجواب: صوت الجوب، وهو انقضاض الطائر. (س) وفي حديث غزوة أحد (وأبو طلحة مجوب على النبي صلى الله عليه وسلم بجحفة) أي مترس عليه يقيه بها. ويقال للترس أيضا جوبة. (جوث) س) في حديث التلب (أصاب النبي صلى الله عليه وسلم جوثة) هكذا جاء في روايته. قالوا: والصواب خوبة وهي الفاقة، وستذكر في بابها. وفيه (أول جمعة جمعت بعد المدينة بجواثا) هو اسم حصن بالبحرين. (جوح) س) فيه (إن أبي يريد أن يجتاح مالي) أي يستأصله ويأتي عليه أخذا وإنفاقا. قال الخطابي: يشبه أن يكون ما ذكره من اجتياح والده ماله أن مقدار ما يحتاج إليه في النفقة شئ كثير لا يسعه ماله إلا أن يجتاح أصله، فلم يرخص له في ترك النفقة عليه. وقال له: أنت ومالك لأبيك. على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منك قدر الحاجة، وإذا لم يكن لك مال وكان لك كسب لزمك أن تكتسب وتنفق عليه، فأما أن يكون أراد به إباحة ماله له حتى يجتاحه ويأتي عليه إسرافا وتبذيرا فلا أعلم أحدا ذهب إليه. والله أعلم. والاجتياح من الجائحة: وهي الآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها، وكل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة: جائحة، والجمع جوائح. وجاحهم يجوحهم جوحا: إذا غشيهم بالجوائح وأهلكهم. (س) ومنه الحديث (أعاذكم الله من جوح الدهر). (س) والحديث الآخر (أنه نهى عن بيع السنين ووضع الجوائح) وفي رواية (وأمر بوضع الجوائح) هذا أمر ندب واستحباب عند عامة الفقهاء، ولا أمر وجوب. وقال أحمد وجماعة من أصحاب الحديث: هو لازم، يوضع بقدر ما هلك. وقال مالك: يوضع في الثلث فصاعدا: أي إذا كانت الجائحة دون الثلث فهو من مال المشتري، وإن كانت أكثر فمن مال البائع. (جود (ه) فيه (باعده الله من النار سبعين خريفا للمضمر المجيد) المجيد: صاحب
[ 301 ]
الجواد، وهو الفرس السابق الجيد، كما يقال: رجل مقو ومضعف إذا كانت دابته قوية أو ضعيفة. (س) ومنه حديث الصراط (ومنهم من يمر كأجاويد الخيل) هي جمع أجواد، وأجواد جمع جواد. (س) ومنه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه (التسبيح أفضل من الحمل على عشرين جوادا). (س) وحديث سليمان بن صرد (فسرت إليه جوادا) أي سريعا كالفرس الجواد. ويجوز أن يريد سيرا جوادا، كما يقال سرنا عقبة جوادا: أي بعيدة. وفي حديث الاستسقاء (ولم يأت أحد من ناحية إلا حدث بالجود) الجود: المطر الواسع الغزير. جادهم المطر يجودهم جودا. (س ه) ومنه الحديث (تركت أهل مكة وقد جيدوا) أي مطروا مطرا جودا. (س) وفيه (فإذا ابنه إبراهيم عليه الصلاة والسلام يجود بنفسه) أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به. والجود: الكرم. يريد أنه كان في النزع وسياق الموت. (س) وفيه (تجودتها لك) أي تخيرت الأجود منها. (س) وفي حديث ابن سلام (وإذا أنا بجواد) الجواد جمع جادة: وهي معظم الطريق. وأصل هذه الكلمة من جدد، وإنما ذكرناها ها هنا حملا على ظاهرها. (جور) ه) في حديث أم زرع (ملء كسائها وغيظ جارتها) الجارة: الضرة، من المجاورة بينهما: أي ترى حسنها فيغيظها ذلك. [ ه ] ومنه الحديث (كنت بين جارتين لي) أي امرأتين ضرتين. وحديث عمر رضي الله عنه (قال لحفصة: لا يغرك أن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك) يعني عائشة رضي الله عنها. (س) وفيه (ويجير عليهم أدناهم) أي إذا أجار واحد من المسلمين - حر أو عبد أو
[ 302 ]
أمة - واحدا أو جماعة من الكفار وخفرهم وأمنهم جاز ذلك على جميع المسلمين، لا ينقض عليه جواره وأمانه. ومنه حديث الدعاء (كما تجير بين البحور) أي تفصل بينهما وتمنع أحدها من الاختلاط بالآخر والبغي عليه. وحديث القسامة (وأحب أن تجير ابني هذا برجل من الخمسين) أي تؤمنه منها، ولا تستحلفه وتحول بينه وبينها. وبعضهم يرويه بالزاي: أي تأذن له في ترك اليمين وتجيزه. وفي حديث ميقات الحج (وهو جور عن طريقنا) أي مائل عنه ليس على جادته، من جار يجور إذا مال وضل. ومنه الحديث (حتى يسير الراكب بين النطفتين لا يخشى إلا جورا) أي ضلالا عن الطريق. هكذا روى الأزهري وشرح. وفي رواية (لا يخشى جورا) بحذف إلا، فإن صح فيكون الجور بمعنى الظلم. (س) وفيه (أنه كان يجاور بحراء ويجاور في العشر الأواخر من رمضان) أي يعتكف وقد تكرر ذكرها في الحديث بمعنى الاعتكاف، وهي مفاعلة من الجوار. (س) ومنه حديث عطاء (وسئل عن المجاور يذهب للخلاء) يعني المعتكف فأما المجاورة بمكة والمدينة فيراد بها المقام مطلقا غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرعي. وفيه ذكر (الجار) هو بتخفيف الراء: مدينة على ساحل البحر، بينها وبين مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام يوم وليلة. (جوز * فيه (أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إني رأيت في المنام كأن جائز بيتي قد انكسر، فقال: يرد الله غائيك، فرجع زوجها ثم غاب، فرأت مثل ذلك، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجده، ووجدت أبا بكر فأخبرته فقال: يموت زوجك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل قصصتها على أحد ؟ قالت نعم. قال: هو كما قال لك) الجائز هو الخشبة التي توضع عليها أطراف العوارض في سقف البيت، والجمع أجوزة. ومنه حديث أبي الطفيل وبناء الكعبة (إذا هم بحية مثل قطعة الجائز). [ ه ] وفيه (الضيافة ثلاثة أيام، وجائزته يوم وليلة، وما زاد فهو صدقة) أي يضاف
[ 303 ]
ثلاثة أيام فيتكلف له في اليوم الأول مما اتسع له من بر وإلطاف، ويقدم له في اليوم الثاني والثالث ما حضره ولا يزيد على عادته، ثم يعطيه ما يجوز به مسافة يوم وليلة، ويسمى الجيزة: وهي قدر ما يجوز به المسافر من منهل إلى منهل، فما كان بعد ذلك فهو صدقة ومعروف، إن شاء فعل وإن شاء ترك، وإنما كره له المقام بعد ذلك لئلا تضيق به إقامته فتكون الصدقة على وجه المن والأذى. ومنه الحديث (أجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم) أي أعطوهم الجيزة والجائزة: العطية. يقال أجازه يجيزه إذا أعطاه. ومنه حديث العباس (ألا أمنحك ألا أجيزك) أي أعطيك. والأصل الأول فاستعير لكل عطاء. (س) وفيه (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها) أي عفا عنهم. من جازه يجوزه إذا تعداه وعبر عليه. وأنفسها بالنصب على المفعول. ويجوز الرفع على الفاعل. ومنه الحديث (كنت أبايع الناس، وكان من خلقي الجواز) أي التساهل والتسامح في البيع والاقتضاء. وقد تكرر في الحديث. ومنه الحديث (أسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي) أي أخففها وأقللها. ومنه الحديث (تجوزوا في الصلاة) أي خففوها وأسرعوا بها. وقيل إنه من الجوز: القطع والسير. وفي حديث الصراط (فأكون أنا وأمتي أول من يجيز عليه) يجيز: لغة في يجوز. يقال جاز وأجاز بمعنى. ومنه حديث المسعى (لا تجيزوا البطحاء إلا شدا). وفي حديث القيامة والحساب (إني لا أجيز اليوم على نفسي شاهدا إلا مني) أي لا أنفذ وأمضي، من أجاز أمره يجيزه إذا أمضاه وجعله جائزا. (س) ومنه حديث أبي ذر رضي الله عنه (قبل أن تجيزوا علي) أي تقتلوني تنفذوا في أمركم.
[ 304 ]
في حديث نكاح البكر (فإن صمتت فهو إذنها، وإن أبت فلا جواز عليها) أي لا ولاية عليها مع الإمتناع. (ه) ومنه حديث شريح (إذا باع المجيزان فالبيع للأول، وإذا أنكح المجيزان فالنكاح للأول) المجيز: الولي والقيم بأمر اليتيم. والمجيز: العبد المأذون له في التجارة. (ه) ومنه حديثه الآخر (إن رجلا خاصم غلاما لزيادة في برذون باعه وكفل له الغلام، فقال: إن كان مجيزا وكفل لك غرم). (س) وفي حديث علي رضي الله عنه (أنه قام من جوز الليل يصلي) جوز كل شئ: وسطه. (س) ومنه حديث حذيفة رضي الله عنه (ربط جوزه إلى سماء البيت، أو جائز البيت) وجمع الجوز أجواز. (س) ومنه حديث أبي المنهال (إن في النار أودية فيها حيات أمثال أجواز الإبل) أي أوساطها. (س) وفيه ذكر (ذي المجاز) هو موضع عند عرفات كان يقام به سوق من أسواق العرب في الجاهلية. والمجاز: موضع الجواز، والميم زائدة. قيل سمي به لأن إجازة الحاج كانت فيه. (جوس * في حديث قس بن ساعدة (جوسة الناظر الذي لا يحار) أي شدة نظره وتتابعه فيه. ويروى حثة الناظر، من الحث. (جوظ * فيه (أهل النار: كل جواظ) الجواظ: الجموع المنوع. وقيل الكثير اللحم المختال في مشيته. وقيل القصير البطين. (جوع) ه) في حديث الرضاع (إنما الرضاعة من المجاعة) المجاعة مفعلة، من الجوع: أي إن الذي يحرم من الرضاع إنما هو الذي يرضع من جوعه، وهو الطفل، يعني أن الكبير إذا رضع امرأة لا يحرم عليها بذلك الرضاع، لأنه لم يرضعها من الجوع.
[ 305 ]
(س) وفي حديث صلة بن أشيم (وأنا سريع الاستجاعة) هي شدة الجوع وقوته. (جوف * في خلق آدم صلى الله عليه وسلم (فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك) الأجوف: الذي له جوف. ولا يتمالك أي لا يتماسك. ومنه حديث عمران (كان عمر أجوف جليدا) أي كبير الجوف عظيمها. ومنه الحديث (لا تنسوا الجوف وما وعى) أي ما يدخل إليه من الطعام والشراب ويجمع فيه. وقيل أراد بالجوف القلب، وما وعى: ما حفظ من معرفة الله تعالى. وقيل: أراد بالجوف البطن والفرج معا. [ ه ] ومنه الحديث (إن أخوف ما أخاف عليكم الأجوفان). (س) وفيه (قيل له: أي الليل أسمع ؟ قال: جوف الليل الآخر) أي ثلثه الآخر، وهو الجزء الخامس من أسداس الليل. (س) ومنه حديث خبيب (فجافتني) أي وصلت إلى جوفي. (س) وفي حديث مسروق في البعير المتردي في البئر (جوفوه) أي اطعنوا في جوفه. (س) ومنه الحديث (في الجائفة ثلث الدية) هي الطعنة التي تنفذ إلى الجوف. يقال جفته إذا أصبت جوفه، وأجفته الطعنة وجفته بها، والمراد بالجوف ها هنا كا ماله قوة محيلة كالبطن والدماغ. (س) ومنه حديث حذيفة (ما منا أحد لو فتش إلا فتش عن جائفة أو منقلة) المنقلة من الجراح: ما ينقل العظم عن موضعه، أراد: ليس منا أحد إلا وفيه عيب عظيم، فاستعار الجائفة والمنقلة لذلك. وفي حديث الحج (أنه دخل البيت وأجاف الباب) أي رده عليه. (س) ومنه الحديث (أجيفوا أبوابكم) أي ردوها. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث مالك بن دينار (أكلت رغيفا ورأس جوافة فعلى الدنيا العفاء) الجواف بالضم والتخفيف: ضرب من السمك، وليس من جيده.
[ 306 ]
(ه) وفيه (فتوقلت بنا القلاص من أعالي الجوف) الجوف: أرض لمراد. وقيل هو بطن الوادي. (جول) ه) فيه (فاجتالتهم الشياطين) أي استخفتهم فجالوا معهم في الضلال. يقال جال واجتال: إذا ذهب وجاء ومنه الجولان في الحرب، واجتال الشئ إذا ذهب به وساقه. والجائل. الزائل عن مكانه. وروي بالحاء المهملة. وسيذكر. (س) ومنه الحديث (لما جالت الخيل أهوى إلى عنقي) يقال جال يجول جولة إذا دار. (س) ومنه الحديث (للباطل جولة ثم يضمحل) هو من جول في البلاد إذا طاف: يعني أن أهله لا يستقرون على أمر يعرفونه ويطمئنون إليه. (س) وأما حديث الصديق رضي الله عنه (إن للباطل نزوة، ولأهل الحق جولة) فإنه يريد غلبة، من جال في الحرب على قرنه يجول. ويجوز أن يكون من الأول، لأنه قال بعده: يعفو لها الأثر وتموت السنن. (ه) وفي حديث عائشة رضي الله عنه (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل إلينا لبس مجولا) المجول: الصدرة. وقال الجوهري: هو ثوب صغير تجول فيه الجارية. وروى الخطابي عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم مجول. وقال: تريد صدرة من حديد، يعني الزردية. (س) وفي حديث طهفة (ونستجيل الجهام) أي نراه جائلا يذهب به الريح ها هنا وها هنا. ويروى بالخاء المعجمة والحاء المهملة، وهو الأشهر. وسيذكر في موضعه. (س) وفي حديث عمر للأحنف (ليس لك جول) أي عقل، مأخوذ من جول البئر بالضم: وهو جدارها: أي ليس لك عقل يمنعك كما يمنع جدار البئر. (جون * في حديث أنس رضي الله عنه (جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه بردة جونية) منسوبة إلى الجون، وهو من الألوان، ويقع على الأسود والأبيض. وقيل الياء للمبالغة، كما تقول في الأحمر أحمري. وقيل هي منسوبة إلى بني الجون: قبيلة من الأزد. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (لما قدم الشام أقبل على جمل وعليه جلد كبش جوني) أي أسود. قال الخطابي: الكبش الجوني: هو الأسود الذي أشرب حمرة. فإذا نسبوا قالوا جوني بالضم، كما قالوا في الدهري دهري. وفي هذا نظر، إلا أن تكون الرواية كذلك.
[ 307 ]
(ه) وفي حديث الحجاج (وعرضت عليه درع لا ترى لصفائها، فقال له أنيس: إن الشمس جونة) أي بيضاء قد غلبت صفاء الدرع. وفي صفته صلى الله عليه وسلم (فوجدت ليده بردا وريحا كأنما أخرجها من جونة عطار) الجونة بالضم: التي يعد فيها الطيب ويحرز. (جوا * في حديث علي رضي الله عنه (لأن أطلي بجواء قدر أحب إلي من أن أطلي بزعفران) الجواء. وعاء القدر، أو شئ توضع عليه من جلد أو خصفة، وجمعها أجوية. وقيل: هي الجئاء مهموزة، وجمعها أجئئة. ويقال لها أيضا بلا همز. ويروى (بجئاوة) مثل جعاوة. (س) وفي حديث العرنيين (فاجتووا المدينة) أي أصابهم الجوى: وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول، وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها واستوخموها. ويقال: اجتويت البلد إذا كرهت المقام فيه وإن كنت في نعمة. (س) وفي حديث عبد الرحمن بن القاسم (قال: كان القاسم لا يدخل منزله إلا تأوه، قلت: يا أبت ما أخرج هذا منك إلا جوى) يريد داء الجوف. ويجوز أن يكون من الجوى: شدة الوجد من عشق أو حزن. (ه) وفي حديث يأجوج ومأجوج (فتجوى الأرض من نتنهم) يقال جوي يجوى: إذا أنتن. ويروى بالهمز. وقد تقدم. وفي حديث سلمان رضي الله عنه (إن لكل امرئ جوانيا وبرانيا، فمن يصلح جوانيه يصلح الله برانيه، ومن يفسد جوانيه يفسد الله برانيه) أي باطنا وظاهرا، وسرا وعلانية، وهو منسوب إلى جو البيت وهو داخله، وزيادة الألف والنون للتأكيد. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (ثم فتق الأجواء، وشق الأرجاء) الأجواء: جمع جو، وهو ما بين السماء والأرض. (جوار ش * فيه (أهدى رجل من العراق إلى ابن عمر رضي الله عنه جوارش) هو نوع من الأدوية المركبة يقوي المعدة ويهضم الطعام. وليست اللفظة عربية.
[ 308 ]
باب الجيم مع الهاء (جهجه) ه) فيه (إن رجلا أسلم عدا عليه ذئب، فانتزع شاة من غنمه فجهجأه الرجل) أي زبره: أراد جهجهه، فأبدل الهاء همزة لكثرة الهاآت وقرب المخرج. وفي حديث أشراط الساعة (لا تذهب الليالي حتى يملك رجل يقال له الجهجاه) كأنه مركب من هذا. ويروى الجهجل. (جهد * فيه (لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية) الجهاد: محاربة الكفار، وهو المبالغة واستفراغ ما في الوسع والطاقة من قول أو فعل. يقال جهد الرجل في الشئ: أي جد فيه وبالغ، وجاهد في الحرب مجاهدة وجهادا. والمراد بالنية إخلاص العمل لله تعالى: أي إنه لم يبق بعد فتح مكة هجرة، لأنها قد صارت دار إسلام. وإنما هو الإخلاص في الجهاد وقتال الكفار. وفي حديث معاذ رضي الله عنه (أجتهد رأيي) الاجتهاد: بذل الوسع في طلب الأمر، وهو افتعال من الجهد: الطاقة. والمراد به: رد القضية التي تعرض للحاكم من طريق القياس إلى الكتاب والسنة. ولم يرد الرأي الذي يراه من قبل نفسه من غير حمل على كتاب أو سنة. وفي حديث معبد (شاة خلفها الجهد عن الغنم) قد تكرر لفظ الجهد والجهد في الحديث كثيرا، وهو بالضم: الوسع والطاقة، وبالفتح: المشقة. وقيل المبالغة والغاية. وقيل هما لغتان في الوسع والطاقة، فأما في المشقة والغاية فالفتح لا غير. ويريد به في حديث أم معبد: الهزال. ومن المضموم حديث الصدقة (أي الصدقة أفضل ؟ قال: جهد المقل) أي قدر ما يحتمله حال القليل المال. (ه) ومن المفتوح حديث الدعاء (أعوذ بك من جهد البلاء) أي الحالة الشاقة. وحديث عثمان رضي الله عنه (والناس في جيش العسرة مجهدون معسرون) يقال
[ 309 ]
جهد الرجل فهو مجهود: إذا وجد مشقة. وجهد الناس فهم مجهودون: إذا أجدبوا. فأما أجهد فهو مجهد بالكسر: فمعناه ذو جهد ومشقة، وهو من أجهد دابته إذا حمل عليها في السير فوق طاقتها. ورجل مجهد: إذا كان ذا دابة ضعيفة من التعب. فاستعاره للحال في قلة المال. وأجهد فهو مجهد بالفتح: أي أنه أوقع في الجهد: المشقة. (س) وفي حديث الغسل (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها) أي دفعها وحفزها. يقال جهد الرجل في الأمر: إذا جد فيه وبالغ. وفي حديث الأقرع والأبرص (فوالله لا أجهدك اليوم بشئ أخذته لله) أي لا أشق عليك وأردك في شئ تأخذه من مالي لله تعالى. وقيل: الجهد من أسماء النكاح. [ ه ] وفي حديث الحسن (لا يجهد الرجل ماله ثم يقعد يسأل الناس) أي يفرقه جميعه ها هنا وها هنا. (ه) وفيه (أنه صلى الله عليه وسلم نزل بأرض جهاد) هي بالفتح: الصلبة. وقيل: التي لا نبات بها. (جهر) ه) في صفته صلى الله عليه وسلم (من رآه جهره) أي عظم في عينه. يقال جهرت الرجل واجتهرته: إذا رأيته عظيم المنظر. ورجل جهير: أي ذو منظر. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (إذا رأيناكم جهرناكم) أي أعجبتنا أجسامكم وفي حديث خيبر (وجد الناس بها بصلا وثوما فجهروه) أي استخرجوه وأكلوه. يقال جهرت البئر إذا كانت مندفنة فأخرجت ما فيها. [ ه ] ومنه حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما (اجتهر دفن الرواء) الاجتهار: الاستخراج. وهذا مثل ضربته لإحكامه الأمر بعد انتشاره، شبهته برجل أتى على آبار قد اندفن ماؤها فأخرج ما فيها من الدفن حتى نبع الماء. (س) وفيه (كل أمتي معافى إلا المجاهرين) هم الذين جاهروا بمعاصيهم، وأظهروها، وكشفوا ما ستر الله عليهم منها فيتحدثون به. يقال جهر، وأجهر، وجاهر. ومنه الحديث (وإن من الإجهار كذا وكذا) وفي رواية (الجهار) وهما بمعنى المجاهرة. ومنه الحديث (لا غيبة لفاسق ولا مجاهر).
[ 310 ]
وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه كان رجلا مجهرا) أي صاحب جهر ورفع لصوته. يقال: جهر بالقول: إذا رفع به صوته فهو جهير. وأجهر فهو مجهر: إذا عرف بشدة الصوت. وقال الجوهري (رجل مجهر بكسر الميم: إذا كان من عادته أن يجهر بكلامه). (س) ومنه الحديث (فإذا امرأة جهيرة) أي عالية الصوت. ويجوز أن يكون من حسن المنظر. (س) وفي حديث العباس رضي الله عنه (أنه نادى بصوت له جهوري) أي شديد عال. والواو زائدة. وهو منسوب إلى جهور بصوته. (جهز) ه) فيه (من لم يغز ولم يجهز غازيا) تجهيز الغازي: تحميله وإعداد ما يحتاج إليه في غزوة. ومنه تجهيز العروس، وتجهيز الميت. وفيه (هل ينتظرون إلا مفسدا أو موتا مجهزا) أي سريعا. يقال أجهز على الجريح يجهز، إذا أسرع قتله وحرره. ومنه حديث علي رضي الله عنه (لا يجهز على جريحهم) أي من صرع منهم وكفي قتاله لا يقتل، لأنهم مسلمون، والقصد من قتالهم دفع شرهم، فإذا لم يمكن ذلك إلا بقتلهم قتلوا. (س) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (أنه أتى على أبي جهل وهو صريع فأجهز عليه. (جهش [ ه ] في حديث المولد (فأجهشت بالبكاء) الجهش: أن يفزع الإنسان إلى الإنسان ويلجأ إليه، وهو مع ذلك يريد البكاء، كما يفزع الصبي إلى أمه وأبيه. يقال جهشت وأجهشت. (ه) ومنه الحديث (فجهشنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم). (جهض) ه) في حديث محمد بن مسلمة رضي الله عنه (قال: قصدت يوم أحد رجلا فجاهضني عنه أبو سفيان) أي ما نعني عنه وأزالني.
[ 311 ]
(ه) ومنه الحديث (فأجهضوهم عن أثقالهم) أي نحوهم عنها وأزالوهم. يقال أجعضته عن مكانه: أي أزلته. والإجهاض: الإزلاق. ومنه الحديث (فأجهضت جنينها) أي أسقطت حملها. والسقط: جهيض. (جهل) ه) فيه (إنكم لتجهلون، وتبخلون، وتجنبون) أي تحملون الآباء على الجهل حفظا لقلوبهم. وقد تقدم في حرف الباء والجيم. (ه) ومنه الحديث (من استجهل مؤمنا فعليه إثمه) أي من حمله على شئ ليس من خلقه فيغضبه فإنما إثمه على من أحوجه إلى ذلك. ومنه حديث الإفك (ولكن اجتهلته الحمية) أي حملته الأنفة والغضب على الجهل. هكذا جاء في رواية. ومنه الحديث (إن من العلم جهلا) قيل: هو أن يتعلم ما لا حاجة إليه كالنجوم وعلوم الأوائل، ويدع ما يحتاج إليه في دينه من علم القرآن والسنة. وقيل: هو أن يتكلف العالم القول فيما لا يعلمه فيجهله ذلك. ومنه الحديث (إنك امرؤ فيك جاهلية) قد تكرر ذكرها في الحديث، وهي الحال التي كانت عليها العرب قبل الإسلام، من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين، والمفاخرة بالأنساب والكبر والتجبر وغير ذلك. (جهم * في حديث طهفة (ونستحيل الجهام) الجهام: السحاب ؟ ؟ الذي فرغ ماؤه. ومن روى نستخيل بالخاء المعجمة: أراد لا نتخيل في السحاب خالا إلا المطر وإن كان جهاما، لشدة حاجتنا إليه. ومن رواه بالحاء: أراد لا ننظر من السحاي في حال إلا إلى جهام، من قلة المطر. (س) ومنه قول كعب بن أسد لحيي بن أخطب (جئتني بجهام) أي الذي تعرضه علي من الدين لا خير فيه، كالجهام الذي لا ماء فيه. (س) وفي حديث الدعاء (إلى من تكلني. إلى عدو يتجهمني ؟) أي يلقاني بالغلظة
[ 312 ]
والوجه الكريه. (س) ومنه الحديث (فتجهمني القوم). (جهنم) س) قد تكرر في الحديث ذكر (جهنم) وهي لفظة أعجمية، وهو اسم لنار الآخرة. وقيل هي عربية. وسميت بها لبعد قعرها. ومنه ركية جهنام - بكسر الجيم والهاء والتشديد - أي بعيدة القعر. وقيل تعريب كهنام بالعبراني. باب الجيم مع الياء (جيب) س) في صفة نهر الجنة (حافاتاه الياقوت المجيب) الذي جاء في كتاب البخاري (اللؤلؤ المجوف) وهو معروف. والذي جاء في سنن أبي داود (المجيب، أو المجوف) بالشك. والذي جاء في معالم السنن (لأبي سليمان الخطابي) (المجيب أو المجوب) بالباء فيهما على الشك. قال: معناه الأجوف. وأصله من جبت الشئ إذا قطعته. والشئ مجيب أو مجوب، كما قالوا مشيب ومشوب. وانقلاب الواو عن الياء كثير في كلامهم. فأما مجيب - مشددا - فهو من قولهم: جيب يجيب فهو مجيب: أي مقور، وكذلك بالواو. (جيح * فيه ذكر (سيحان وجيحان) وهما نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس. (جيد * في صفته عليه الصلاة والسلام (كأن عنقه جيد دمية في صفاء الفضة) الجيد: العنق. وفيه ذكر (أجياد) هو موضع بأسفل مكة معروف من شعابها. (جير * في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه مر بصاحب جير قد سقط فأعانه) الجير: الجص، فإذا خلط بالنورة فهو الجيار. وقيل: الجياء: النورة وحدها. (جيز * قد تكرر فيه ذكر (الجيزة) وهي بكسر الجيم وسكون الياء: مدينة تلقاء مصر على النيل. (جيش) س) في حديث الحديبية (فما زال يجيش لهم بالري) أي يفور ماؤه ويرتفع.
[ 313 ]
ومنه حديث الاستسقاء (وما ينزل حتى يجيش كل ميزاب) أي يتدفق ويجري بالماء. (ه) ومنه الحديث (ستكون فتنة لا يهدأ منها جانب إلا جاش منها جانب) أي فار وارتفع. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم (دامغ جيشات الأباطيل) هي جمع جيشة: وهي المرة من جاش إذا ارتفع. [ ه ] ومنه الحديث (جاؤا بلحم فتجيشت (ويروى بالحاء المهملة بمعنى نفرت، وسيجئ) أنفس أصحابه منه) أي غثت. وهو من الارتفاع، كأن ما في بطونهم ارتفع إلى حلوقهم فحصل الغثي. وفي حديث البراء بن مالك (وكأن نفسي جاشت) أي ارتاعت وخافت. (ه) وفي حديث عامر بن فهيرة (فاستجاش عليهم عامر بن الطفيل) أي طلب لهم الجيش وجمعه عليهم. (جيض) س) وفيه (فجاض الناس جيضة) يقال: جاض في القتال إذا فر. وجاض عن الحق: عدل. وأصل الجيض: الميل عن الشئ، ويروى بالحاء والصاد المهملتين. وسيذكر في موضعه. (جيف في حديث بدر (أتكلم ناسا قد جيفوا) أي انتنوا. يقال جافت الميتة، وجيفت واجتافت. والجيفة: جثة الميت إذا أنتن. (س) ومنه الحديث (فارتفعت ريح جيفة). وحديث ابن مسعود (لا أعرفن أحدكم جيفة ليل قطرب نهار) أي يسعى طول نهاره لدنياه، وينام طول ليله، كالجيفة التي لا تتحرك. وفيه (لا يدخل الجنة جياف) هو النباش. سمي به لأنه يأخذ الثياب عن جيف الموتى، أو سمي به لنتن فعله. (جيل) س) في حديث سعد بن معاذ (ما أعلم من جيل كان أخبث منكم) الجيل: الصنف من الناس. وقيل الامه. وقيل كل قوم يختصون بلغة جيل.
[ 314 ]
(جيا) س) في حديث عيسى عليه السلام (أنه مر بنهر جاور جيضة منتنة) الجية - بالكسر غير المهموز - مجتمع الماء في هبطة. وقيل أصلها الهمز وقد تخفف الياء. وقال الجوهري الجية: الماء المستنققع في الموضع. ومنه حديث نافع بن جبير بن مطعم (وتركوك بين قرنها والجية) قال الزمخشري: الجية بوزن النية، والجية بوزن المرة: مستنقع الماء. وفيه ذكر (جي) بكسر الجيم وتشديد الياء: واد بين مكة والمدينة.
[ 315 ]
حرف الحاء باب الحاء مع الباء (حبب) س) في صفته صلى الله عليه وسلم (ويفتر عن مثل حب الغمام) يعني البرد شبه به ثغره قس بياضه وصفائفه وبرده. (س) وفي صفة أهل الجنة (يصير طعامهم إلى رشح مثل حباب المسك)، الجباب بالفتح: الطل الذي يصبح على النبات. شبه به رشحهم مجازا، وأضافه إلى المسك ليثبت له طيب الرائحة. ويجوز أن يكون شبهه بحباب الماء، وهي نفاخاته التي تطفو عليه. ويقال لمعظم الماء حباب أيضا. (س) ومنه حديث علي (قال لأبي بكر رضي الله عنهما: طرت بعبابها وفزت بحبابها) أي معظمها. (س) وفيه (الحباب شيطان) هو بالضم اسم له، ويقع على الحية أيضا، كما يقال لها شيطان، فهما مشتركان فيهما. وقيل الحباب حية بعينها، ولذلك غير اسم حباب كراهية للشيطان. (ه) وفي حديث أهل النار (فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل) الحبة بالكسر: بزور البقول وحب الرياحين. وقيل هو نبت صغير ينبت في الحشيش. فأما الحبة بالفتح فهي الحنطة والشعير ونحوهما وفي حديث فاطمة رضي الله عنها (قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة (إنها حبة أبيك) الحب بالكسر. المحبوب، والأنثى حبة.
[ 316 ]
ومنه الحديث (ومن يجترئ إلا أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي محبوبه، وكان يحبه صلى الله عليه وسلم كثيرا. وفي حديث أحد (هو جبل يحبنا ونحبه) هذا محمول على المجاز، أراد أنه جبل يحبنا أهله ونحب أهله، وهم الأنصار. ويجوز أن يكون من باب المجاز الصريح: أي أننا نحب الجبل بعينه لأنه في أرض من نحب. وفي حديث أنس رضي الله عنه (انظروا حب الأنصار التمر) هكذا يروى بضم الحاء، وهو الاسم من المحبة. وقد جاء في بعض الروايات بإسقاط انظروا، وقال (حب الأنصار التمر) فيجوز أن يكون بالضم كالأول، وحذف الفعل وهو مراد، للعلم به، أو على جعل التمر نفس الحب مبالغة في حبهم إياه. ويجوز أن تكون الحاء مكسورة بمعنى المحبوب. أي محبوبهم التمر، وحينئذ يكون التمر على الأول - وهو المشهور في الرواية - منصوبا بالحب، وعلى الثاني والثالث مرفوعا على خبر المبتدأ. (حبج) ه) في حديث ابن الزبير رضي الله عنهما (إنا لا نموت حبجا على مضاجعنا كما يموت بنو مروان) الحبج بفتحتين: أن يأكل البعير لحاء العرفج ويسمن عليه، وربما بشم منه فقتله. عرض بهم لكثرة أكلهم وإسرافهم في ملاذ الدنيا، وأنهم يموتون بالتخمة. (حبر) ه) في ذكر أهل الجنة (فرأى ما فيها من الحبرة والسرور) الحبرة بالفتح: النعمة وسعة العيش، وكذلك الحبور. ومنه حديث عبد الله (آل عمران غنى، والنساء محبرة) أي مظنة للحبور والسرور. (ه) وفي ذكر أهل النار (يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره) الحبر بالكسر، وقد يفتح: أثر الجمال والهيئة الحسنة. (ه) وفي حديث أبي موسى (لو علمت أنك تسمع لقراءتي لحبرتها لك تحبيرا) يريد تحسين الصوت وتحزينه. يقال حبرت الشئ تحبيرا إذا حسنته. وفي حديث خديجة رضي الله عنها (لما تزوجت برسول الله صلى الله عليه وسلم كست أباها حلة وخلقته، ونحرت جزورا، وكان قد شرب، فلما أفاق قال: ما هذا الحبير، وهذا العبير، وهذا العقير ؟) الحبير من البرود: ما كان موشيا مخططا. يقال برد حبير، وبرد حبرة بوزن
[ 317 ]
عنبة: على الوصف والإضافة، وهو برد يمان، والجمع حبر وحبرات. ومنه حديث أبي ذر رضي الله عنه (الحمد لله الذي أطعمنا الخمير، وألبسنا الحبير). (س ه) وحديث أبي هريرة (حين لا ألبس الحبير) وقد تكرر ذكره في الحديث. [ ه ] وفيه (سميت سورة المائدة سورة الأحبار) لقوله تعالى فيها (يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار) وهم العلماء، جمع حبر وحبر بالفتح والكسر. وكان يقال لابن عباس رضي الله عنه: الحبر والبحر لعلمه وسعته. وفي شعر جرير: إن البعيث وعبد آل مقاعس * لا يقرآن بسورة الأحبار أي لا يفيان بالعهود، يعني قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود). (س) وفي حديث أنس رضي الله عنه (إن الحبارى لتموت هزلا بذنب بني آدم) يعني أن الله يحبس عنها القطر بعقوبة ذنوبهم، وإنما خصها بالذكر لأنها أبعد الطير نجعة، فربما تذبح بالبصرة ويوجد في حوصلتها الحبة الخضراء، وبين البصرة وبين منابتها مسيرة أيام. (س) وفي حديث عثمان رضي الله عنه (كل شئ يحب ولده حتى الحبارى) خصها بالذكر لأنها يضرب بها المثل في الحمق، فهي على حمقها تحب ولدها فتطعمه وتعلمه الطيران كغيرها من الحيوان. (حبس) ه) في حديث الزكاة (إن خالدا جعل أدراعه وأعتده حبسا في سبيل الله) أي وقفا على المجاهدين وغيرهم. يقال حبست أحبس إحبسا: أي وقفت، والاسم الحبس بالضم. (س) ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (لما نزلت آية الفرائض قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا حبس بعد سورة النساء) أراد أنه لا يقف مال ولا يزوى عن وارثه، وكأنه إشارة إلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حبس مال الميت ونسائه، كانوا إذا كرهوا النساء لقبح أو قلة مال حبسوهن عن الأزواج، لأن أولياء الميت كانوا أولى بهن عندهم. والحاء في قوله لا حبس: يجوز أن تكون مضمومة ومفتوحة على الاسم والمصدر.
[ 318 ]
(س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (قال له النبي صلى الله عليه وسلم: حبس الأصل وسبل الثمرة) أي اجعله وقفا حبيسا. ومنه الحديث الآخر (ذلك حبيس في سبيل الله) أي موقوف على الغزاة يركبونه في الجهاد. والحبيس فعيل بمعنى مفعول. (ه) ومنه حديث شريح (جاء محمد صلى الله عليه وسلم بإطلاق الحبس) الحبس: جمع حبيس، وهو بضم الباء، وأراد به ما كان أهل الجاهلية يحبسونه ويحرمونه: من ظهور الحامي، والسائبة، والبحيرة، وما أشبهها، فنزل القرآن بإحلال ما حرموا منها، وإطلاق ما حبسوه، وهو في كتاب الهروي بإسكان الباء، لأنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف، فإن صح فيكون قد خفف الضمة، كما قالوا في جمع رغيف رغف بالسكون، والأصل الضم، أو أنه أراد به الواحد. (ه) وفي حديث طهفة (لا يحبس دركم) أي لا تحبس ذوات الدر - وهو اللبن - عن المرعى بحشرها وسوقها إلى المصدق ليأخذ ما عليها من الزكاة، لما في ذلك من الإضرار بها. وفي حديث الحديبية (ولكن حبسها حابس الفيل) هو فيل أبرهة الحبشي الذي جاء يقصد خراب الكعبة، فحبس الله الفيل فلم يدخل الحرم، ورد رأسه راجعا من حيث جاء، يعني أن الله حبس ناقة النبي صلى الله عليه وسلم لما وصل إلى الحديبية فلم تتقدم ولم تدخل الحرم، لأنه أراد أن يدخل مكة بالمسلمين. (ه) وفي حديث الفتح (أنه بعث أبا عبيدة على الحبس) هم الرجالة، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان وتأخرهم، واحدهم حبيس، فعيل بمعنى مفعول أو بمعنى فاعل، كأنه يحبس من يسير من الركبان بمسيره، أو يكون الواحد حابسا بهذا المعنى، وأكثر ما تروى الحبس - بتشديد الباء وفتحها - فإن صحت الرواية فلا يكون واحدها إلا حابسا كشاهد وشهد، فأما حبيس فلا يعرف في جمع فعيل وفعل، وإنما يعرف فيه فعل كما سبق، كنذير ونذر. وقال الزمخشري: (الحبس - يعني بضم الباء والتخفيف - الرجالة، سموا بذلك لحبسهم الخيالة ببطء مشيهم، كأنه جمع حبوس، أو لأنهم يتخلفون عنهم ويحتبسون عن بلوغهم، كأنه جمع حبيس). ومنه حديث الحجاج (إن الإبل ضمر حبس ما جشمت جشمت) هكذا رواه الزمخشري وقال: الحبس جمع حابس، من حبسه إذا أخره. أي إنها صوابر على العطش
[ 319 ]
تؤخر الشرب، والرواية بالخاء والنون. (س) وفيه (أنه سأل: أين حبس سيل، فإنه يوشك أن تخرج منه تضئ منها أعناق الإبل ببصرى) الحبس بالكسر: خشب أو حجارة تبنى في وسط الماء ليجتمع فيشرب منه القوم ويسقوا إبلهم. وقيل هو فلوق في الحرة يجتمع بها ماء لو وردت عليه أمة لوسعتهم. ويقال للمصنعة التي يجتمع فيها الماء حبس أيضا. وحبس سيل: اسم موضع بحرة بني سليم، بينها وبين السوارقية مسيرة يوم. وقيل إن حبس سيل - بضم الخاء - اسم للموضع المذكور. وفيه ذكر (ذات حبيس) بفتح الحاء وكسر الباء، وهو موضع بمكة. وحبيس أيضا موضع بالرقة به قبور شهداء صفين. (حبش) س) في حديث الحديبية (إن قريشا جمعوا لك الأحابيش) هم أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا. والتحبش: التجمع. وقيل حالفوا قريشا تحت جبل يسمى حبشيا فسموا بذلك. وفيه (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبدا حبشيا) أي أطيعوا صاحب الأمر، واسمعوا له، وإن كان عبدا حبشيا، فحذف كان وهي مرادة. وفي حديث خاتم النبي صلى الله عليه وسلم (فيه فص حبشي) يحتمل أنه أراد من الجزع أو العقيق، لأن معدنهما اليمن والحبشة، أو نوعا آخر ينسب إليها وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما (أنه مات بالحبشي) هو بضم الحاء، وسكون الباء وكسر الشين والتشديد: موضع قريب من مكة. وقال الجوهري: هو جبل بأسفل مكة. (حبط * فيه (أحبط الله عمله) أي أبطله. يقال: حبط عمله يحبط، وأحبطه غيره، وهو من قولهم: حبطت الدابة حبطا - بالتحريك - إذا أصابت مرعى طيبا فأفرطت في الأكل حتى تنتفخ فتموت. [ ه ] ومنه الحديث (وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم) وذلك أن الربيع
[ 320 ]
ينبت أحرار العشب، فتستكثر منه الماشية. ورواه بعضهم بالخاء المعجمة من التخبط وهو الاضطراب. ولهذا الحديث شرح يجئ في موضعه، فإنه حديث طويل لا يكاد يفهم إذا فرق. (حبنط [ ه ] في حديث السقط (يظل محبنطأ على باب الجنة) المحبنطئ - بالهمز وتركه - المغضب المستبطئ للشئ. وقيل هو الممتنع امتناع طلبة، لا امتناع إباء. يقال: احبنطأت، واحبنطيت. والحبنطى: القصير البطين، والنون والهمزة والألف والياء زوائد للإلحاق. (حبق) س ه) فيه (نهى عن لون الحبيق أن يؤخذ في الصدقة) هو نوع من أنواع التمر ردئ منسوب إلى ابن حبيق، وهو اسم رجل. وقد تكرر في الحديث. وقد يقال له بنات حبيق، وهو تمر أغبر مدور. وذوات العنيق لها أعناق مع طول وغبرة، وربما اجمتع ذلك كله في عذوق واحد. * وفي حديث المنكر الذي كانوا يأتونه في ناديهم " قال: كانوا يحبقون فيه " الحبق بكسر الباء الضراط وقد حبق يحبق. (حبك) ه) في حديث عائشة رضي الله عنها (أنها كانت تحتبك تحت درعها في الصلاة) أي تشد الإزار وتحكمه. وفي حديث عمرو بن مرة يمدح النبي صلى الله عليه وسلم: لأصبحت خير الناس نفسا ووالدا * رسول مليك الناس فوق الحبائك الحبائك: الطرق، واحدها حبيكة: يعني بها السموات، لأن فيها طرق النجوم. ومنه قوله تعالى (والسماء ذات الحبك) واحدها حباك، أو حبيك. (س) ومنه الحديث في صفة الدجال (رأسه حبك) أي شعر رأسه متكسر من الجعودة، مثل الماء الساكن، أو الرمل إذا هبت عليهما الريح، فيتجعدان ويصيران طرائق. وفي رواية أخرى (محبك الشعر) بمعناه. (حبل) ه) في صفة القرآن (كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض) أي نور ممدود، يعني نور هداه. والعرب تشبه النور الممتد بالحبل والخيط. ومنه قوله تعالى (حتى
[ 321 ]
يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) يعني نور الصبح من ظلمة الليل. وفي حديث آخر (وهو حبل الله المتين): أي نور هداه. وقيل عهده وأمانه الذي يؤمن من العذاب، والحبل: العهد والميثاق. (ه) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (عليكم بحبل الله) أي كتابه. ويجمع الحبل على حبال. (س) ومنه الحديث (بيننا وبين القوم حبال) أي عهود ومواثيق. ومنه حديث دعاء الجنازة (اللهم إن فلان ابن فلان في ذمتك وحبل جوارك) كان من عادة العرب أن يخيف بعضها بعضا، فكان الرجل إذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيد كل قبيلة فيأمن به ما دام في حدودها حتى ينتهي إلى الأخرى فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار: أي ما دام مجاورا أرضه، أو هو من الإجازة: الأمان والنصرة. وفي حديث الدعاء (يا ذا الحبل الشديد) هكذا يرويه المحدثون بالباء، والمراد به القرآن، أو الذين، أو السبب، ومنه قوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وصفه بالشدة لأنها من صفات الحبال. والشدة في الدين: الثبات والاستقامة. قال الأزهري: الصواب الحيل بالياء، وهو القوة، يقال حول وحيل بمعنى. ومنه حديث الأقرع والأبرص والأعمى (أنا رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري) أي الأسباب، من الحبل: السبب. (س) وفي حديث عروة بن مضرس (؟ ؟ من جبلي طيئ ما تركت من حبل إلا وقعت عليه) الحبل: المستطيل من الرمل. وقيل: الضخم منه، وجمعه حبال. وقيل: الحبال في الرمل كالجبال في غير الرمل. (س) ومنه حديث بدر (صعدنا على حبل) أي قطعة من الرمل ضخمة ممتدة. ومنه الحديث (وجعل حبل المشاة بين يديه) أي طريقهم الذي يسلكونه في الرمل. وقيل أراد صفهم ومجتمعهم في مشيهم تشبيها بحبل الرمل.
[ 322 ]
(س) وفي حديث أبي قتادة (فضربته على حبل عاتقه) هو موضع الرشداء من العنق. وقيل هو ما بين العنق والمنكب، وقيل هو عرق أو عصب هناك. ومنه قوله تعالى (ونحن أقرب إليه من حبل الوريد) الوريد: عرق في العنق، وهو الحبل أيضا، فأضافه إلى نفسه لاختلاف اللفظتين. وفي حديث قيس بن عاصم (يغدو الناس بحبالهم، فلا يوزع رجل عن جمل يخطمه) يريد الحبال التي تشد بها الإبل: أي يأخذ كل إنسان جملا يخطمه بحبله ويتملكه. قال الخطابي: رواه ابن الأعرابي (يغدو الناس بجمالهم) والصحيح بحبالهم. (س) وفي صفة الجنة (فإذا فيها حبائل اللؤلؤ) هكذا جاء في كتاب البخاري. والمعروف جنابذ اللؤلؤ. وقد تقدم، فإن صحت الرواية فيكون أراد به مواضع مرتفعة كحبال الرمل، كأنه جمع حبالة، وحبالة جمع حبل، وهو جمع على غير قياس. وفي حديث ذي المشعار (أتوك على قلص نواج، متصلة بحبائل الإسلام) أي عهوده وأسبابه، على أنها جمع الجمع كما سبق. (س) وفيه (النساء حبائل الشيطان) أي مصايده، واحدها حبالة بالكسر: وهي ما يصاد بها من أي شئ كان. ومنه حديث ابن ذي يزن (وينصبون له الحبائل). (ه) وفي حديث عبد الله السعدي (سألت ابن المسيب عن أكل الضبع فقال: أو يأكلها أحد ؟ فقلت: إن ناسا من قومي يتحبلونها فيأكلونها) أي يصطادونها بالحبالة. (ه) وفيه (لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا الحبلة وورق السمر) الحبلة بالضم وسكون الباء: ثمر الشمر يشبه اللوبياء. وقيل هو ثمر العضاه. ومنه حديث عثمان رضي الله عنه (ألست ترعى معوتها وحبلتها) وقد تكرر في الحديث. (ه) وفيه (لا تقولوا للعنب الكرم. ولكن قولوا العنب والحبلة) الحبلة - بفتح الحاء والباء، وربما سكنت - الأصل أو القضيب من شجر الأعناب.
[ 323 ]
[ ه ] ومنه الحديث (لما خرج نوح من السفينة غرس الحبلة). وحديث ابن سيرين (لما خرج نوح من السفينة فقد حبلتين كانتا معه، فقال له الملك: ذهب بهما الشيطان) يريد ما كان فيهما من الخمر والسكر. (ه) ومنه حديث أنس رضي الله عنه (كانت له حبلة تحمل كرا، وكان يسميها أم العيال) أي كرمة. (ه) وفيه (أنه نهى عن حبل الحبلة) الحبل بالتحريك: مصدر سمي به المحمول، كما سمي بالحمل، وإنما دخلت عليه التاء للإشعار بمعنى الأنوثة فيه، فالحبل الأول يراد به ما في بطون النوق من الحمل، والثاني حبل الذي في بطون النوق. وإنما نهي عنه لمعنيين أحدهما أنه غرر وبيع شئ يخلق بعد، وهو أن يبيع ما سوف يحمله الجنين الذي في بطن الناقة، على تقدير أن تكون أنثى، فهو بيع نتاج النتاج. وقيل: أراد بحبل الحبلة أن يبيعه إلى أجل ينتج فيه الحمل الذي في بطن الناقة، فهو أجل مجهول ولا يصح. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (لما فتحت مصر أرادوا قسمتها، فكتبوا إليه فقال: لا، حتى يغزو منها الحبلة) يريد حتى يغزو منها أولاد الأولاد، ويكون عاما في الناس والدواب: أي يكثر المسلمون فيها بالتوالد، فإذا قسمت لم يكن قد انفرد بها الآباء دون الأولاد، أو يكون أراد المنع من القسمة حيث علقه على أمر مجهول. (ه س) وفي حديث قتادة في صفة الدجال (أنه محبل الشعر) أي كأن كل قرن من قرون رأسه حبل. ويروى بالكاف. وقد تقدم. وفيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطع مجاعة بن مرارة الحبل) هو بضم الحاء وفتح الباء: موضع باليمامة. (حبن) ه) فيه (أن رجلا أحبن أصاب امرأة فجلد بأثكول النخلة) الأحبن المستسقي، من الحبن بالتحريك: وهو عظم البطن. (ه) ومنه الحديث (تجشأ رجل في مجلس، فقال له رجل: دعوت على هذا الطعام أحدا ؟ قال: لا، قال: فجعله الله حبنا وقدادا) القداد: وجع البطن. (س) ومنه حديث عروة (إن وفد أهل النار يرجعون زبا حبنا) الحبن جمع الأحبن. (س) وفي حديث عقبة (أتموا صلاتكم، ولا تصلوا صلاة أم حبين) هي دويبة كالحرباء، عظيمة البطن إذا مشت تطأطئ رأسها كثيرا وترفعه لعظم بطنها، فهي تقع على رأسها وتقوم. فشبه بها صلاتهم في السجود، مثل الحديث الآخر في نقرة الغراب.
[ 324 ]
(ه) ومنه الحديث (أنه رأى بلالا وقد خرج بطنه، فقال: أم حبين) تشبيها له بها. وهذا من مزحه صلى الله عليه وسلم. (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أنه رخص في دم الحبون) وهي الدماميل، واحدها حبن وحبنة بالكسر: أي إن دمها معفو عنه إذا كان في الثوب حالة الصلاة. (حبا) س) فيه (أنه نهى عن الاحتباء في ثوب واحد) الاحتباء: هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره، ويشده عليها. وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب. وإنما نهى عنه لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو زال الثوب فتبدو عورته. (س) ومنه الحديث (الاحتباء حيطان العرب) أي ليس في البراري حيطان، فإذا أرادوا أن يستندوا احتبوا، لأن الاحتباء يمنعهم من السقوط، ويصير لهم ذلك كالجدار. يقال: احتبى يحتبي احتباء، والاسم الحبوة بالكسر والضم، والجمع حبا وحبا. (س) ومنه الحديث (أنه نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب) نهى عنها لأن الاحتباء يجلب النوم فلا يسمع الخطبة، ويعرض طهارته الانتقاض. (س) وفي حديث سعد (نبطي في حبوته) هكذا جاء في رواية. والمشهور بالجيم، وقد تقدم في بابه. (ه) وفي حديث الأحنف (وقيل له في الحرب: أين الحلم ؟ فقال: عند الحبا) أراد أن الحلم يحسن في السلم لا في الحرب. (س) وفيه (لو يعلمون ما في العشاء والفجر لأتوهما ولو حبوا) الحبو: أن يمشي على يديه وركبتيه، أو استه. وحبا البعير إذا برك ثم زحف من الإعياء. وحبا الصبي: إذا زحف على استه. (ه س) وفي حديث عبد الرحمن (إن حابيا خير من زاهق) الحابي من السهام: هو الذي يقع دون الهدف ثم يزحف إليه على الأرض، فإن أصاب فهو خازق وخاسق، وإن جاوز الهدف ووقع خلفه فهو زاهق: أراد أن الحابي وإن كان ضعيفا فقد أصاب الهدف، وهو خير من الزاهق الذي جاوزه لقوته وشدته ولم يصيب الهدف، ضرب السهمين مثلا
[ 325 ]
لواليين: أحدهما ينال الحق أو بعضه وهو ضعيف، والآخر يجوز الحق ويبعد وهو قوي. وفي حديث وهب (كأنه الجبل الحابي) يعني الثقيل المشرف. والحبي من السحاب المتراكم. (ه س) وفي حديث صلاة التسبيح (ألا أمنحك ؟ ألا أحبوك ؟ يقال: حباه كذا وبكذا: إذا أعطاه. والحباء: العطية. باب الحاء مع التاء (حت) ه) في حديث الدم يصيب الثوب (حتيه ولو بضلع) أي حكيه. والحك، والحت، والقشر سواء. ومنه الحديث (ذاكر الله في الغافلين مثل الشجرة الخضراء وسط الشجر الذي تحات ورقه من الضريب) أي تساقط. والضريب: الصقيع. (س) ومنه الحديث (تحاتت ذنوبه) أي تساقطت. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أن أسلم كان يأتيه بالصاع من التمر فيقول حت عنه قشره) أي اقشره. (س) ومنه حديث كعب (يبعث من بقيع الغرقد سبعون ألفا هم خيار من ينحت عن خطمه المدر) أي ينقشر عن أنوفهم المدر، وهو التراب. (ه) وفي حديث سعد (أنه قال له يوم أحد: احتتهم يا سعد) أي ارددهم. (حتف [ ه ] فيه (من مات حتف أنفه في سبيل الله فهو شهيد) هو أن يموت على فراشه كأنه سقط لأنفه فمات. والحتف: الهلاك. كانوا يتخيلون أن روح المريض تخرج من أنفه فإن جرح خرجت من جراحته. (ه) وفي حديث عبيد بن عمير (ما مات من السمك حتف أنفه فلا تأكله) يعني الطافي.
[ 326 ]
ومنه حديث عامر بن فهيرة: * والمرء يأتي حتفه من فوقه * أي إن حذره وجبنه غير دافع عنع المنية إذا حلت به. وأول من قال ذلك عمرو بن مامة في شعره، يريد أن الموت يجيئه من السماء. [ ه ] وفي حديث قيلة (إن صاحبها قال لها: كنت أنا وأنت كما قيل: حتفها تحمل ضأن بأظلافها) هذا مثل. وأصله أن رجلا كان جائعا بالبلد القفر، فوجد شاة ولم يكن معه ما يذبحها به، فبحثت الشاة الأرض فظهر فيها مدية فذبحها بها، فصار مثلا لكل من أعان على نفسه بسوء تدبيره. (حتك) ه) في حديث العرباض (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في الصفة وعليه الحوتكية) قيل هي عمامة يتعممها الأعراب يسمونها بهذا ارلاسم. وقيل هو مضاف إلى رجل يسمى حوتكا كان يتعمم هذه العمة. وفي حديث أنس رضي الله عنه (جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه خميصة حوتكية) هكذا جاء في بعض نسخ صحيح مسلم. والمعروف (خميصة جونية) وقد تقدمت، فإن صحت الرواية فتكون منسوبة إلى هذا الرجل. حتم * في حديث الوتر (الوتر ليس بحتم كصلاة المكتوبة) الحتم: اللزم الواجب الذي لا بد من فعله. (ه) وفي حديث الملاعنة (إن جاءت به أسحم أحتم) الأحتم: الأسود. والحتمة بفتح الحاء والتاء: السواد. (ه) وفيه (من أكل وتحتم دخل الجنة) التحتم: أكل الحتامة: وهي فتات الخبز السقط على الخوان. (حتن) س) فيه (أفحتنه فلان ؟) الحتن بالكسر والفتح: المثل والقرن. والمحاتنة: المساواة، وتحاتنوا: تساووا. (حتا * في حديث علي رضي الله عنه (أنه أعطى أبا رافع حتيا وعكة سمن) الحتي: سويق المقل. وحديثه الآخر (فأتيته بمزود مختوم فإذا فيه حتي).
[ 327 ]
باب الحاء مع الثاء (حثحث * في حديث سطيح: كأنما حثحث من حضنى ثكن أي حث وأسرع. يقال حثه على الشئ، وحثحثه بمعنى. وقيل الحاء الثانية بدل من إحدى الثاءين. (جثل * فيه (لا تقوم الساعة إلا على حثالة من الناس) الحثالة: الردئ من كل شئ. ومنه حثالة الشعير والأرز والتمر وكل ذي قشر. (ه) ومنه الحديث (قال لعبد الله بن عمر: كيف أنت إذا بقيت في حثالة من الناس ؟) يريد أراذلهم. (ه) ومنه الحديث (أعوذ بك من أن أبقى في حثل من الناس). وفي حديث الاستسقاء (وارحم الأطفال المحثلة) يقال أحثلت الصبي إذا أسأت غذاءه. والحثل: سوء الرضاع وسوء الحال. (حثم * في حديث عمر رضي الله عنه ذكر (حثمة) وهي بفتح الحاء وسكون الثاء: موضع بمكة قرب الحجون. (جثا) س) فيه (احثوا في وجوه المداحين التراب) أي ارموا. يقال حثا يحثو حثوا ويحثي حثيا. يريد به الخيبة، وألا يعطوا عليه شيئا، ومنهم من يجريه على ظاهره فيرمي فيها التراب. وفي حديث الغسل (كان يحثي على رأسه ثلاث حثيات) أي ثلاث غرف بيديه، واحدها حثية. وفي حديث آخر (ثلاث حثيات من حثيات ربي تبارك وتعالى) هو كناية عن المبالغة في الكثرة، وإلا فلا ثم ولا حثي، جل الله عن ذلك وعز. وفي حديث عائشة وزينب رضي الله عنهما (فتقاولتا حتى استحثتا) هو استفعل،
[ 328 ]
من الحثي، والمراد أن كل واحدة منهما رمت في وجه صاحبتها التراب. ومنه حديث العباس رضي الله عنه في موت النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه (وإن يكن ما تقول يا ابن الخطاب حقا فإنه لن يعجز أن يحثو عنه تراب القبر ويقوم) أي يرمي به عن نفسه. [ ه ] وفي حديث عمر (فإذا حصير بين يديه عليه الذهب منثورا نثر الحثا) هو بالفتح والقصر: دقاق التبن باب الحاء مع الجيم (حجب * في حديث الصلاة (حين توارت بالحجاب) الحجاب ها هنا: الأفق، يريد حين غابت الشمس في الأفق واستترت به. ومنه قوله تعالى (حتى توارت بالحجاب). (ه) وفيه (إن الله يغفر للعبد ما لم يقع الحجاب، قيل يا رسول الله وما الحجاب ؟ قال: أن تموت النفس وهي مشركة) كأنها حجبت بالموت عن الإيمان. (ه) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (من اطلع الحجاب واقع ما وراءه) أي إذا مات الإنسان واقع ما وراء الحجابين: حجاب الجنة وحجاب النار لأنهما قد خفيا، وقيل اطلاع الحجاب: مد الرأس، لأن المطالع يمد رأسه ينظر من وراء الحجاب وهو الستر. (س) وفيه (قالت بنو قصي: فينا الحجابة) يعنون حجابة الكعبة، وهي سدانتها، وتولي حفظها، وهم الذين بأيديهم مفتاحها. (حجج * في حديث الحج (أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا) الحج في اللغة: القصد إلى كل شئ، فخصه الشرع بقصد معين ذي شروط معلومة، وفيه لغتان: الفتح والكسر. وقيل الفتح المصدر، والكسر الاسم، تقول ححجت البيت أحجه حجا، والحجة بالفتح: المرة الواحدة على القياس. وقال الجوهري: الحجة بالكسر: المرة الواحدة، وهو من الشواذ. وذو الحجة بالكسر: شهر الحج. ورجل حاج، وامرأة حاجة، ورجال حجاج، ونساء حواج. والحجيج: الحجاج أيضا، وربما أطلق الحاج على الجماعة مجازا واتساعا. (س) ومنه الحديث (لم يترك حاجة ولا داجة) الحاج والحاجة: أحد الحجاج،
[ 329 ]
والداج والداجة: الأتباع والأعوان، يريد الجماعة الحاجة ومن معهم من أتباعهم. ومنه الحديث الآخر (هؤلاء الداج وليسوا بالحاج). (ه) وفي حديث الدجال (إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه) أي محاججه ومغالبه بإظهار الحجة عليه، والحجة الدليل والبرهان. يقال حاججته حجاجا ومحاجة، فأنا محاج وحجيج. فعيل بمعنى مفاعل. (ه) ومنه الحديث (فحج آدم وموسى) أي غلبه بالحجة. وفي حديث الدعاء (اللهم ثبت حجتي في الدنيا والآخرة) أي قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين في القبر. (س) ومنه حديث معاوية (فجعلت أحج خصمي) أي أغليه بالحجة. (س) وفيه (كانت الضبع وأولادها في حجاج عين رجل من العماليق) الحجاج بالكسر والفتح: العظم المستدير حول العين. ومنه حديث جيش الخبط (فجلس في حجاج عينه كذا وكذا نفرا) يعني السمكة التي وجدوها على البحر. (حجر * فيه ذكر (الحجر) في غير موضع، الحجر بالكسر: اسم الحائط المستدير إلى جانب الكعبة الغربي، وهو أيضا اسم لأرض ثمود قوم صالح النبي عليه السلام. ومنه قوله تعالى: (كذب أصحاب الحجر المرسلين) وجاء ذكره في الحديث كثيرا. (س) وفيه (كان له حصير يبسطه بالنهار ويحجره بالليل) وفي رواية (يحتجره) أي يجعله لنفسه دون غيره. يقال حجرت الأرض واحتجرتها إذا ضربت عليها منارا تمنعها به عن غيرك. وفي حديث آخر (أنه احتجر حجيرة بخصفة أو حصير) الحجيرة تصغير الحجرة، وهو الموضع المنفرد.
[ 330 ]
(س [ ه ]) وفيه (لقد تحجرت واسعا) أي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون غيرك. (س) وفي حديث سعد بن معاذ رضي الله عنه (لما تحجر جرحه للبرء انفجر) أي اجتمع والتأم وقرب بعضه من بعض. وفيه (من نام على ظهر بيت ليس عليه حجار فقد برئت منه الذمة) الحجار جمع حجر بالكسر وهو الحائط، أو من الحجرة وهي حظيرة الإبل، أو حجرة الدار: أي أنه يحجر الإنسان النائم ويمنعه عن الوقوع والسقوط. ويروى حجاب بالباء، وهو كل مانع عن السقوط. ورواه الخطابي (حجى) بالياء وسيذكر في موضعه. ومعنى براءة الذمة منه، لأنه عرض نفسه للهلاك ولم يحترز لها. وفي حديث عائشة وابن الزبير رضي الله عنهما (لقد هممت أن أحجر عليها) الحجر: المنع من التصرف. ومنه حجر القاضي على الصغير والسفيه إذا منعهما من التصرف في مالهما. ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (هي اليتيمة تكون في حجر وليها) ويجوز أن يكون من حجر الثوب وهو طرفه المقدم، لأن الإنسان يربي ولده في حجره، والولي: القائم بأمر اليتيم. والحجر بالفتح والكسر: الثوب والحضن، والمصدر بالفتح لا غير. [ ه ] وفيه (للنساء حجرتا الطريق) أي ناحيتاه. ومنه حديث أبي الدرداء رضي الله عنه (إذا رأيت رجلا يسير من القوم حجرة) أي ناحية منفردا، وهي بفتح الحاء وسكون الجيم، وجمعها حجرات. ومنه حديث علي رضي الله عنه: الحكم لله * ودع عنك نهبا صيح في حجراته * هذا مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شئ، ثم ذهب بعده ما هو أجل منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس: فدع عنك نهبا صيح في حجراته * ولكن حديثا ما حديث الرواحل
[ 331 ]
أي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل، وهي الإبل التي ذهبت بها ما فعلت. (ه) وفيه (إذا نشأت حجرية ثم تشاءمت فتلك عين غديقة) حجرية - بفتح الحاء وسكون الجيم - يجوز أن تكون منسوبة إلى الحجر وهو قصبة اليمامة، أو إلى حجرة القوم، وهي ناحيتهم، والجمع حجر مثل جمرة وجمر، وإن كانت بكسر الحاء فهي منسوبة إلى [ الحجر) ] أرض ثمود. (س) وفي حديث الجساسة والدجال (تبعه أهل الحجر والمدر) يريد أهل البوادي الذين يسكنون مواضع الأحجار والجبال، وأهل المدر أهل البلاد. (س) وفيه (الولد للفراش وللعاهر الحجر) أي الخيبة، يعني أن الولد لصاحب الفراش من الزوج أو السيد، وللزاني الخيبة والحرمان، كقولك: مالك عندي شئ غير التراب، وما بيدك غير الحجر. وقد سبق هذا في حرف التاء. وذهب قوم إلى أنه كنى بالحجر عن الرجم، وليس كذلك لأنه ليس كل زان يرجم. (ه) وفيه (أنه تلقى جبريل عليهما السلام بأحجار المراء) قال مجاهد: هي قباء. وفي حديث الفتن (عند أحجار الزيت) هو موضع بالمدينة. (ه) وفي حديث الأحنف (قال لعلي حين ندب معاوية عمرا للحكومة: لقد رميت بحجر الأرض) أي بداهية عظيمة تثبت ثبوت الحجر في الأرض. [ ه ] وفي صفة الدجال (مطموس العين ليست بناتئة ولا حجراء) قال الهروي: إن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها أنها ليست بصلبة متحجرة، وقد رويت جحراء بتقديم الجيم وقد تقدمت. وفي حديث وائل بن حجر (مزاهر وعرمان ومحجر وعرضان) محجر بكسر الميم: قرية معروفة. وقيل هو بالنون، وهي حظائر حول النخل. وقيل حدائق. (حجز) س) فيه (إن الرحم أخذت بحجزة الرحمن) أي اعتصمت به والتجأت إليه مستجيرة، ويدل عليه قوله في الحديث (هذا مقام العائذ بك من القطيعة) وقيل معناه أن
[ 332 ]
اسم الرحم مشتق من اسم الرحمن، فكأنه متعلق بالاسم آخذ بوسطه، كما جاء في الحديث الآخر (الرحم شجنة من الرحمن) وأصل الحجزة: موضع شد الإزار، ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة. واحتجز الرجل بالإزار إذا شده على وسطه، فاستعار للاعتصام والالتجاء والتمسك بالشئ والتعلق به. ومنه الحديث الآخر (والنبي آخذ بحجزة الله) أي بسبب منه. ومنه الحديث (منهم من تأخذه النار إلى حجزته) أي مشد إزاره، وتجمع على حجز. ومنه الحديث (فأنا آخذ بحجزكم). وفي حديث ميمونة (كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كانت محتجزة) أي شادة مئزرها على العورة وما لا تحل مباشرته، والحاجز: الحائل بين الشيئين. وحديث عائشة رضي الله عنه (ذكرت نساء الأنصار فأثنت عليهن خيرا وقالت: لما نزلت سورة النور عمدن إلى حجز مناطقهن فشققتها فاتخذنها خمرا) أرادت بالحجز المآزر. وجاء في سنن أبي داود (حجوز أو حجور) بالشك. قال الخطابي: الحجور - يعني بالراء - لا معنى لها ها هنا، وإنما هو بالزاي، يعني جمع حجز، فكأنه جمع الجمع. وأما الحجور بالراء فهو جمع حجر الإنسان. قال الزمخشري: واحد الحجوز حجز بكسر الحاء، وهي الحجزة. ويجوز أن يكون واحدها حجزة على تقدير أسقاط التاء، كبرج وبروج. ومنه الحديث (رأى رجلا محتجزا بحبل وهو محرم) أي مشدود الوسط، وهو مفتعل من الحجزة. [ ه ] وفي حديث علي رضي الله عنه وسئل عن بني أمية فقال: (هم أشدنا حجزا - وفي رواية: حجزة - وأطلبنا للأمر لا ينال فينالونه) يقال رجل شديد الحجزة: أي صبور على الشدة والجهد. (ه) وفيه (ولأهل القتيل أن ينحجزوا، الأدنى فالأدنى) أي يكفوا عن القود، وكل من ترك شيئا فقد انحجز عنه، والانحجاز مطاوع حجزه إذا منعه. والمعنى: أن لورثة القتيل أن يعفوا عن دمه، رجالهم ونساؤهم، أيهم عفا - وإن كانت امرأة - سقط القود واستحقوا
[ 333 ]
الدية. وقوله الأدنى فالأدنى: أي الأقرب فالأقرب. وبعض الفقهاء يقول: إنما العفو والقود إلى الأولياء من الورثة، لا إلى جميع الورثة ممن ليسوا بأولياء. (ه) وفي حديث قيلة (أيلام ابن ذه أن يفصل الخطة وينتصر من وراء الحجزة) الحجزة هم الذين يمنعون بعض الناس من بعض ويفصلون بينهم بالحق، الواحد حاجز، وأراد بابن ذه ولدها، يقول إذا أصابه خطة ضيم فاحتج عن نفسه وعبر بلسانه ما يدفع به الظلم عنه لم يكن ملوما. [ ه ] وقالت أم الرحال (إن الكلام لا يحجز في العكم) العكم بكسر العين: العدل. والحجز أن يدرج الحبل عليه ثم يشد. وفي حديث حريث بن حسان (يا رسول الله إن رأيت أن تجعل الدهناء حجازا بيننا وبين بني تميم) أي حدا فاصلا بيننا وبينهم. وبه سمي الحجاز، الصقع المعروف من الأرض. (ه) وفيه (تزوجوا في الحجز الصالح فإن العرق دساس) الحجز بالضم والكسر: الأصل. وقيل بالضم الأصل والمنبت، وبالكسر هو بمعنى الحجزة، وهي هيأة المحتجز كناية عن العفة وطيب الإزار. وقيل هو العشيرة لأنه يحتجز بهم أي يمتنع. (جحف) ه) في حديث بناء الكعبة (فتطوقت بالبيت كالحجفة) الحجفة الترس. (حجل) س) في صفة الخيل (خير الخيل الأفرح المحجل) هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد، ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين، لأنهما مواضع الأحجال وهي الخلاخيل والقيود، ولا يكون التحجيل ؟ ؟ باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان. (س) ومنه الحديث (أمتي الغر المحجلون) أي بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه. (س) وفي حديث علي رضي الله عنه (أنه قال له رجل: إن اللصوص أخذوا حجلى امرأتي) أي خلخاليها. (ه) وفيه (أنه عليه السلام قال لزيد: أنت مولانا فحجل) الحجل: أن يرفع رجلا
[ 334 ]
ويقفز على الأخرى من الفرح. وقد يكون بالرجلين إلا أنه قفز. وقيل الحجل: مشي المقيد. وفي حديث كعب (أجد في التوراة أن رجلا من قريش أوبش الثنايا يحجل في الفتنة) قيل: أراد يتبختر في الفتنة. وفيه (كان خاتم النبوة مثل زر الحجلة) الحجلة بالتحريك: بيت كالقبة يستر بالثياب وتكون له أزرار كبار، وتجمع على حجال. ومنه الحديث (أعروا النساء يلزمن الحجال). ومنه حديث الاستئذان (ليس لبيوتهم ستور ولا حجال). وفيه (فاصطادوا حجلا) الحجل بالتحريك: القبج، لهذا الطائر المعروف، واحده حجلة. (ه) ومنه الحديث (اللهم إني أدعو قريشا وقد جعلوا طعامي كطعام الحجل) يريد أنه يأكل الحبة بعد الحبة لا يجد في الأكل. وقال الأزهري: أراد أنهم غير جادين في إجابتي، ولا يدخل منهم في دين الله إلا النادر القليل. (حجم) س) في حديث حمزة (أنه خرج يوم أحد كأنه بعير محجوم) وفي رواية (رجل محجوم) أي جسيم، من الحجم وهو النتو. [ ه ] ومنه الحديث (لا يصف حجم عظامها) أراد: لا يلتصق الثوب ببدنها فيحكي الناتئ والناشز من عظامها ولحمها، وجعله واصفا على التشبيه، لأنه إذا أظهره وبينه كان بمنزلة الواصف لها بلسانه. (س) وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما وذكر أباه فقال (كان يصيح الصيحة يكاد من سمعها يصعق كالبعير المحجوم) الحجام: ما يشد به فم البعير إذا هاج لئلا يعض. وفيه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم أحد فقال: من يأخذ هذا السيف بحقه، فأحجم القوم) أي نكصوا وتأخروا وتهيبوا أخذه. وفي حديث الصوم (أفطر الحاجم والمحجوم) معناه أنهما تعرضا للإفطار: أما المحجوم فللضعف الذي يلحقه من خروج دمه، فربما أعجزه عن الصوم، وأما الحاجم فلا
[ 335 ]
يأمن أن يصل إلى حلقه شئ من الدم فيبتلعه، أو من طعمه. وقيل هذا على سبيل الدعاء عليهما: أي بطل أجرهما، فكأنهما صارا مفطرين، كقوله فيمن صام الدهر (لا صام ولا أفطر). ومنه الحديث (أعلق فيه محجما) المحجم بالكسر: الآلة التي يجتمع فيها دم الحجامة عند المص، والمحجم أيضا مشرط الحجام. ومنه الحديث (لعقة عسل أو شرطة محجم). (حجن) ه س) فيه (أنه كان يستلم الركن بمحجنه) المحجن عصا معقفة الرأس كالصولجان. والميم زائدة. (ه) ومنه الحديث (كان يسرق الحاج بمحجنه، فإذا فطن به قال تعلق بمحجني) ويجمع على محاجن. ومنه حديث القيامة (وجعلت المحاجن تمسك رجالا). (ه) ومنه الحديث (توضع الرحم يوم القيامة لها حجنة كحجنة المغزل) أي صنارته، وهي المعوجة التي في رأسه. (ه) وفيه (ما أقطعك العقيق لتحتجنه) أي تتملكه دون الناس، والاحتجان: جمع الشئ وضمه إليك، وهو افتعال من الحجن. ومنه حديث ابن ذي يزن (واحتجناه دون غيرنا). وفيه (أنه كان على الحجون كئيبا) الحجون: الجبل المشرف مما يلي شعب الجزارين بمكة. وقيل: هو موضع بمكة فيه اعوجاج. والمشهور الأول، وهو بفتح الحاء. (ه) وفي صفة مكة (أحجن ثمامها) أي بدا ورقه. والثمام نبت معروف. (حجا) س) فيه (من بات على ظهر بيت ليس عليه حجا فقد برئت منه الذمة) هكذا رواه الخطابي في معالم السنن، وقال: إنه يروى بكسر الحاء وفتحها، ومعناه فيهما معنى الستر، فمن قال بالكسر شبهه بالحجا: العقل، لأن العقل يمنع الإنسان من الفساد ويحفظه
[ 336 ]
من التعرض للهلاك، فشبه الستر الذي يكون على السطح المانع للإنسان من التردي والسقوط بالعقل المانع له من أفعال السوء المؤدية إلى الردى، ومن رواه بالفتح فقد ذهب إلى الناحية والطرف. وأحجاء الشئ: نواحيه، واحدها حجا. (س) وفي حديث المسألة (حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه: قد أصابت فلانا الفاقة فحلت له المسألة) أي من ذوي العقل. (س) وفي حديث ابن صياد (ما كان في أنفسنا أحجى أن يكون هو مذ مات) يعني الدجال، أحجى بمعنى أجدر وأولى وأحق، من قولهم حجا بالمكان إذا أقام وثبت. (س) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (إنكم معاشر همدان من أحجى حي بالكوفة) أي أولى وأحق، ويجوز أن يكون من أعقل حي بها. [ ه ] وفيه (أن عمر رضي الله عنه طاف بناقة قد انكسرت، فقال: والله ما هي بمغد فيستحجي لحمها) استحجى اللحم إذا تغيرت ريحه من المرض العارض. والمغد: الناقة التي أخذتها الغدة، وهي الطاعون. (س) وفيه (أقبلت سفينة فحجتها الريح إلى موضع كذا) أي ساقتها ورمت بها. إليه. (ه) وفي حديث عمرو (قال لمعاوية: إن أمرك كالجعدبة أو كالحجاة في الضعف) الحجاة بالفتح: نفاخات الماء. (ه) وفيه (رأيت علجا يوم القادسية قد تكنى وتحجي فقتلته) تحجى: أي زمزم. والحجاء بالمد: الزمزمة، وهو من شعار المجوس. وقيل: هو من الحجاة: الستر. واحتجا: إذا كتمه. باب الحاء مع الدال (حدأ * فيه (خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم، وعد منها الحدأ) وهو هذا الطائر المعروف من الجوارح، واحدها حدأة بوزن عنبة. (حدب) س) في حديث قيلة (كانت لها ابنة حديباء) هو تصغير حدباء. والحدب بالتحريك. ما ارتفع وغلظ من الظهر. وقد يكون في الصدر، وصاحبه أحدب. ومنه حديث يأجوج ومأجوج (وهم من كل حدب ينسلون) يريد يظهرون من
[ 337 ]
غليظ الأرض ومرتفعها، وجمعه حداب. ومنه قصيد كعب بن زهير: يوما تظل حداب الأرض ترفعها * من اللوامع تخليط وتزييل وفي القصيد أيضا: كل ابن أنثى وإن طالت سلامته * يوما على آلة حدباء محمول يريد النعش. قيل أراد بالآلة الحالة، وبالحدباء الصعبة الشديدة. (س) وفي حديث علي رضي الله عنه يصف أبا بكر (وأحدبهم على المسلمين) أي أعطفهم وأشفقهم. يقال حدب عليه يحدب إذا عطف. وفيه ذكر (الحديبية) كثيرا وهي قرية قريبة من مكة سميت ببئر فيها، وهي مخففة، وكثير من المحدثين يشددها. (حدبر * في حديث علي رضي الله عنه في الاستسقاء (اللهم إنا خرجنا إليك حين اعتكرت علينا حدابير السنين) الحدابير: جمع حدبار وهي الناقة التي بدا عظم ظهرها ونشزت حراقيفها من الهزال، فشبه بها السنين التي يكثر فيها الجدب والقحط. (س) ومنه حديث ابن الأشعث (أنه كتب إلى الحجاج: سأحملك على صعب حدباء حدبار ينج ظهرها) ضرب ذلك مثلا للأمر الصعب والخطة الشديدة. (حدث) س) في حديث فاطمة رضي الله عنها (أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده حداثا) أي جماعة يتحدثون، وهو جمع على غير قياس، حملا على نظيره، نحو سامر وسمار، فإن السمار المحدثون. وفيه (يبعث الله السحاب فيضحك أحسن الضحك ويتحدث أحسن الحديث) جاء في الخبر (أن حديثه الرعد وضحكه البرق) وشبهه بالحديث لأنه يخبر عن المطر وقرب مجيئه، فصار كالمحدث به. ومنه قول نصيب: فعاجوا فأثنوا بالذي أنت أهله * ولو سكتوا أثنت عليك الحقائب وهو كثير في كلامهم. ويجوز أن يكون أراد بالضحك افترار الأرض بالنبات وظهور الأزهار، وبالحديث ما يتحدث به الناس من صفة النبات وذكره. ويسمى هذا النوع في علم البيان المجاز التعليقي، وهو من أحسن أنواعه. (ه) وفيه (قد كان في الأمم محدثون، فإن يكن في أمتي أحد فعمر بن
[ 338 ]
الخطاب) جاء في الحديث تفسيره: أنهم الملهمون. والملهم هو الذي يلقى في نفسه الشئ فيخبر به حدسا وفراسة، وهو نوع يختص به الله عز وجل من يشاء من عباده الذين اصطفى، مثل عمر، كأنهم حدثوا بشئ فقالوه. وقد تكررت في الحديث. وفي حديث عائشة رضي الله عنها (لولا حدثان قومك بالكفر لهدمت الكعبة وبنيتها) حدثان الشضئ بالكسر: أوله، وهو مصدر حدث يحدث حدوثا وحدثانا. والحديث ضد القديم. والمراد به قرب عهدهم بالكفر والخروج منه والدخول في الإسلام، وأنه لم يتمكن الدين في قلوبهم، فلو هدمت الكعبة وغيرتها ربما نفروا من ذلك. ومنه حديث حنين (إني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتألفهم) وهو جمع صحة لحديث، فعيل بمعنى فاعل. ومنه الحديث (أناس حديثة أسنانهم) حداثة السن: كناية عن الشباب وأول العمر. * ومنه حديث أم الفضل (زعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت امرأتي الحدثى) هي تأنيث الأحدث، يريد المرأة التي تزوجها بعد الأولى. وفي حديث المدينة (من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا) الحدث: الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة. والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: من نصر جانيا أو آواه وأجاره من خصمه، وحال بينه وبين أن يقتص منه. والفتح: هو الأمر المبتدع نفسه، ويكون معنى الإيواء فيه الرضا به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه. ومنه الحديث (إياكم ومحدثات الأمور) جمع محدثة - بالفتح - وهي ما لم يكن معروفا في كتاب ولا سنة ولا إجماع. وحديث بني قريظة (لم يقتل من نسائهم إلا امرأة واحدة كانت أحدثت حدثا) قيل حدثها أنها سمت النبي صلى الله عليه وسلم.
[ 339 ]
(ه) وفي حديث الحسن (حادثوا هذه القلوب بذكر الله) أي اجلوها به، واغسلوا الدرن عنها، وتعاهدوها بذلك كما يحادث السيف بالصقال (ه) وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه (أنه سلم عليه وهو يصلي فلم يرد عليه السلام، قال: فأخذني ما قدم وما حدث) يعني همومه وأفكاره القديمة والحديثة. يقال حدث الشئ بالفتح يحدث حدوثا، فإذا قرن بقدم ضم للازدواج بقدم. (حدج [ ه ] في حديث المعراج (ألم تروا إلى ميتكم حين يحدج ببصره فإنما ينظر إلى المعراج) حدج ببصره يحدج إذا حقق النظر إلى الشئ وأدامه. (ه) ومنه حديث ابن مسعود رضي الله عنه (حدث الناس ما حدجوك بأبصارهم) أي ما داموا مقبلين عليك نشطين لسماع حديثك. [ ه ] وفي حديث عمر رضي الله عنه (حجة ها هنا ثم احدج ها هنا حتى تفنى) الحدج شد الأحمال وتوسيقها، وشد الحداجة وهو القتب بأداته، والمعنى حج حجة واحدة ثم أقبل على الجهاد إلى أن تهرم أو تموت، فكنى بالحدج عن تهيئة المركوب للجهاد. (ه) وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه (رأيت كأني أخذت حدجة حنظل فوضعتها بين كتفي أبي جهل) الحدجة بالتحريك: الحنظلة الفجة الصلبة، وجمعها حدج. (حدد * فيه ذكر (الحد والحدود) في غير موضع وهي محارم الله وعقوباته التي قرنها بالذنوب. وأصل الحد المنع والفصل بين الشيئين، فكأن حدود الشرع فصلت بين الحلال والحرام فمنها ما لا يقرب كالفواحش المحرمة، ومنه قوله تعالى (تلك حدود الله فلا تقربوها). ومنها ما لا يتعدى كالمواريث المعينة، وتزويج الأربع. ومنه قوله تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها). (ه) ومنه الحديث (إني أصبت حدا فأقمه علي) أي أصبت ذنبا أوجب علي حدا: أي عقوبة. (ه) ومنه حديث أبي العالية (إن اللمم ما بين الحدين: حد الدنيا وحد الآخرة) يريد بحد الدنيا ما تجب فيه الحدود المكتوبة، كالسرقة والزنا والقذف، ويريد بحد الآخرة ما أوعد الله تعالى عليه العذاب كالقتل، وعقوق الوالدين، وأكل الربا، فأراد أن اللمم من الذنوب: ما كان بين هذين مما لم يوجب عليه حدا في الدنيا ولا تعذيبا في الآخرة.
[ 340 ]
(ه) وفيه (لا يحل لامرأة أن تحد على ميت أكثر من ثلاث) أحدت المرأة على زوجها تحد، فهي محد، وحدت تحد وتحد فهي حاد: إذا حزنت عليه، ولبست ثياب الحزن، وتركت الزينة. (ه) وفيه (الحدة تعتري خيار أمتي) كالنشاط والسرعة في الأمور والمضاء فيها، مأخوذ من حد السيف، والمراد بالحدة ها هنا المضاء في الدين والصلابة والقصد في الخير. (ه) ومنه الحديث (خيار أمتي أحداؤها) هو جمع حديد، كشديد وأشداء. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (كنت أداري من أبي بكر بعض الحد) الحد والحدة سواء من الغضب، يقال حد يحد حدا وحدة إذا غضب، وبعضهم يرويه بالجيم، من الجد ضد الهزل، ويجوز أن يكون بالفتح من الحظ. (ه) وفيه (عشر من السنة، وعد فيها الاستحداد) وهو حلق العانة بالحديد. (ه) ومنه الحديث الآخر (أمهلوا كي تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة)، وهو استفعل من الحديد، كأنه استعمله على طريق الكناية والتورية. ومنه حديث خبيب رضي الله عنه (إنه استعار موسى ليستحد بها) لأنه كان أسيرا عندهم وأرادوا قتله، فاستحد لئلا يظهر شعر عانته عند قتله. وفي حديث عبد الله بن سلام (إن قومنا حادونا لما صدقنا الله ورسوله) المحادة: المعاداة والمخالفة والمنازعة، وهي مفاعلة من الحد، كأن كل واحد منهما تجاوز حده إلى الآخر. (ه) ومنه الحديث في صفة القرآن (لكل حرف حد) أي نهاية، ومنتهى كل شئ حده. وفي حديث ابى جهل لما قال في خزنة النار - وهم تسعة عشر - ما قال، قال له الصحابة (تقيس الملائكة بالحدادين) يعني السجانين، لأنهم يمنعون المحبسين من الخروج. ويجوز أن يكون أراد به صناع الحديد، لأنهم من لأنهم من أوسخ الصناع ثوبا وبدنا.
[ 341 ]
(حدر * في حديث الأذان (إذا أذنت فترسل وإذا وإذا أقمت فاحدر) أي أسرع. حدر في قراءته وأذانه يحدر حدرا، وهو من الحدور ضد الصعود، ويتعدى ولا يتعدى. (س) ومنه حديث الاستسقاء (رأيت المطر يتحادر على لحيته) أي ينزل ويقطر وهو يتفاعل، من الحدور. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (أنه ضرب رجلا ثلاثين سوطا كلها يبضع ويحدر) حدر الجلد يحدر حدرا إذا ورم، وحدرته أنا، ويروى يحدر بضم الياء من أحدر، والمعنى أن السياط بضعت جلده وأورمته. (س) ومنه حديث أم عطية (ولد لنا غلام أحدر شئ) أي أسمن شئ وأغلظه. يقال: حدر حدرا فهو حادر. ومنه حديث ابن عمر (كان عبد الله بن الحارث بن نوفل غلاما حادرا). ومنه حديث أبرهة صاحب الفيل (كان رجلا قصيرا حادرا دحداحا). (س) وفيه (أن أبي بن خلف كان على بعير له وهو يقول يا حدراها) يريد: هل رأى أحد مثل هذا. ويجوز أن يريد يا حدراء الإبل، فقصرها، وهي تأنيث الأحدر، وهو الممتلئ الفخذ والعجز، الدقيق الأعلى، وأراد بالبعير ها هنا الناقة، وهو يقع على الذكر والأنثى، كالإنسان. (ه) وفي حديث علي رضي الله عنه: * أنا الذي سمتن أمي حيدره * الحيدرة: الأسد، سمي به لغلظ رقبته، والياء زائدة. قيل إنه لما ولد علي كان أبوه غائبا فسمته أمه أسدا باسم أبيها، فلما رجع سماه عليا، وأراد بقوله حيدرة أنها سمته أسدا. وقيل بل سمته حيدرة. (حدق * فيه (سمع من السماء صوتا يقول اسق حديقة فلان) الحديقة: كل ما أحاط به البناء من البساتين وغيرها. ويقال للقطعة من النخل حديقة وإن لم يكن محاطا بها، والجمع الحدائق. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث معاوية بن الحكم أي رموني بحدقهم، جمع حدقة وهي العين. والتحديق: شدة النظر.
[ 342 ]
(س) ومنه حديث الأحنف (نزلوا في مثل حدقة البعير) شبه بلادهم في كثرة مائها وخصبها بالعين، لأنها توصف بكثرة الماء والنداوة، ولأن المخ لا يبقى في شئ من الأعضاء بقاءه في العين. (حدل [ ه ] في الحديث (القضاة ثلاثة: رجل علم فحدل) أي جار. يقال: إنه لحدل: أي غير عدل. وفيه ذكر (حديلة) بضم الحاء وفتح الدال، وهي محلة بالمدينة نسبت إلى بني حديلة: بطن من الأنصار. (حدم * في حديث علي (يوشك أن تغشاكم دواجي ظلله واحتدام علله) أي شدتها، وهو من احتدام النار: إلتهابها ؟ ؟ وشدة حرها. (حدة * في حديث جابر ودفن أبيه (فجعلته في قبر على حدة) أي منفردا وحده. وأصلها من الواو فحذفت من أولها وعوض منها الهاء في آخرها، كعدة وزنة من الوعد والوزن، وإنما ذكرناها ها هنا لأجل لفظها. ومنه الحديث الآخر (اجعل كل نوع من تمرك على حدة). (حدا) ه) في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (لا بأس بقتل الحدو والإفعو) هي لغة في الوقف على ما آخره ألف، فقلبت الألف واوا. ومنهم من يقلبها ياء، وتخفف وتشدد. والحدو هي الحدأ: جمع حدأة وهي الطائر المعروف، فلما سكن الهمز للوقف صارت ألفا فقلبها واوا. ومنه حديث لقمان (إن أر مطمعي فحدو تلمع) أي تختطف الشئ في انقضاضها، وقد أجرى الوصل مجرى الوقف، فقلب وشدد. وقيل أهل مكة يسمون الحدأ حدوا بالتشديد. (ه) وفي حديث مجاهد (كنت أتحدى القراء) أي أتعمدهم وأقصدهم للقراءة عليهم. وفي حديث الدعاء (تحدوني عليها خلة واحدة) أي تبعثني وتسوقني عليها خصلة واحدة، وهو من حدو الإبل، فإنه من أكبر الأشياء على سوقها وبعثها. وقد تكرر في الحديث. باب الحاء مع الذال (حذذ * في حديث علي رضي الله عنه (اصول بيد حذاء) أي قصيرة لا تمتد إلى ما
[ 343 ]
أريد. ويروى بالجيم، من الجذ: القطع. كنى بذلك عن قصور أصحابه وتقاعدهم عن الغزو. وكأنها بالجيم أشبه. [ ه ] وفي حديث عتبة بن غزوان (إن الدنيا قد آذنت بصرم وولت حذاء) أي خفيفة سريعة. ومنه قيل للقطاة حذاء. (حذف [ ه ] في حديث الصلاة (لا تتخللكم الشياطين كأنها بنات حذف) وفي رواية (كأولاد الحذف) هي الغنم الصغار الحجازية، واحدتها حذفة بالتحريك. وقيل: هي صغار جرد ليس لها آذان ولا أذناب، يجاء بها من جرش اليمن. (س) وفيه (حذف السلام في الصلاة سنة) هو تخفيفه وترك الإطالة فيه. ويدل عليه حديث النخعي (التكبير جزم، والسلام جزم) فإنه إذا جزم السلام وقطعه فقد خففه وحذفه. (س) وفي حديث عرفجة (فتناول السيف فحذفه به) أي ضربه به عن جانب. والحذف يستعمل في الرمي والضرب معا. (حذفر * فيه (فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) الحذافير: الجوانب. وقيل الأعالي، واحدها حذفار، وقيل حذفور: أي فكأنما أعطي الدنيا بأسرها. ومنه حديث المبعث (فإذا نحن بالحي قد جاءوا بحذافيرهم) أي جميعهم. (حذق * فيه (أنه خرج على صعدة يتبعها حذاقي) الحذاقي: الجحش. والصعدة: الأتان. وفي حديث زيد بن ثابت (فما مر بي نصف شهر حتى حذقته) أي عرفته وأتقنته. (حذل) س ه) فيه (من دخل حائطا فليأكل منه غير آخذ في حذله شيئا) الحذل بالفتح والضم: حجزة الإزار والقميص وطرفه. ومنه الحديث (هاتي حذلك فجعل فيه المال). (حذم [ ه ] في حديث عمر رضي الله عنه (إذا أقمت فاحذم) الحذم: الإسراع، يريد عجل إقامة الصلاة ولا تطولها كالأذان. وأصل الحذم في المشي: الإسراع فيه. هكذا ذكره الهروي في الحاء المهملة. وذكره الزمخشري في الخاء المعجمة، وسيجئ.
[ 344 ]
(حذن) ه) فيه (من دخل حائطا فليأكل منه آخذ في حذنه شيئا) هكذا جاء في رواية، وهو مثل الحذل بالام لطرف الإزار. وقد تقدم. (حذا [ ه ] فيه (فأخذ قبضة من تراب فحذا بها في وجوه المشركين) أي حثا، على الإبدال، أو هما لغتان. وفيه (لتركبن سنن من كان قبلكم حذو النعل بالنعل) أي تعملون مثل أعمالهم كما تقطع إحدى النعلين على قدر النعل الأخرى. والحذو: التقدير والقطع. [ ه ] ومنه حديث الإسراء (يعمدون إلى عرض جنب أحدهم فيحذون منه الحذوة من اللحم) أي يقطعون منه القطعة. وفي حديث ضالة الإبل (معها حذاؤها وسقاؤها) الحذاء بالمد: النعل، أراد أنها تقوى على المشي وقطع الأرض، وعلى قصد المياه وورودها ورعي الشجر، والامتناع عن السباع المفترسة، شبهها بمن كان معه حذاء وسقاء في سفره. وهكذا ما كان في معنى الإبل من الخيل والبقر والحمير. (س) ومنه حديث ابن جريج (قلت لابن عمر: رأيتك تحتذي السبت) أي تجعله نعلك، احتذى يحتذي إذا انتعل. ومنه حديث أبي هريرة يصف جعفر بن ابي طالب (خير من احتذى النعال). (ه) وفي حديث مس الذكر (إنما هو حذية منك) أي قطعة. قيل هي بالكسر: ما قطع من اللحم طولا. ومنه الحديث (إنما فاطمة حذية مني يقبضني ما يقبضها). وفي حديث جهازها (أحد فراشيها محشو بحذوة الحذائين) الحذوة والحذاوة: ما يسقط من الجلود حين تبشر وتقطع مما يرمى به وينفى. والحذائين جمع حذاء، وهو صانع النعال. (س) وفي حديث نوف (إن الهدهد ذهب إلى خازن البحر، فاستعار منه الحذية، فجاء بها فألقاها على الزجاجة ففلقها) قيل هي الماس الذي يحذي الحجارة: أي يقطاعها، ويثقب به الجوهر.
[ 345 ]
(ه) وفيه (مثل الجليس الصالح مثل الداري إن لم يحذك من عطره علقك من ريحه) أي إن لم يعطك. يقال: أحذيته أحذيه إحذاء، وهي الحذيا والحذية. ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (فيداوين الجرحى ويحذين من الغنيمة) أي يعطين. (س) وفي حديث الهزهاز (قدمت على عمر رضي الله عنه بفتح، فلما رجعت إلى العسكر قالوا: الحذيا، ما أصبت من أمير المؤمنين ؟ قلت: الحذيا شتم وسب) كأنه قد كان شتمه وسبه، فقال: هذا كان عطاءه إياي. (س) وفي حديث ابن عباس رضي الله عنهما (ذات عرق حذو قرن) الحذو والحذاء. الإزاء والمقابل: أي إنها محاذيتها. وذات عرق: ميقات أهل العراق. وقرن ميقات أهل نجد، ومسافتهما من الحرم سواء. باب الحاء مع الراء (حرب * في حديث الحديبية (وإلا تركناهم محروبين) أي مسلوبين منهوبين. الحرب بالتحريك: نهب مال الإنسان وتركه لا شئ له. (س) ومنه حديث المغيرة (طلاقها حريبة) أي له منها أولاد إذا طلقها حربوا وفجعوا بها، فكأنهم قد سلبوا ونهبوا. ومنه الحديث (الحارب المشلح) أي الغاصب والناهب الذي يعري الناس ثيابهم. وفي حديث علي رضي الله عنه (أنه كتب إلى ابن عباس: لما رأيت العدو قد حرب) أي غضب. يقال منه حرب يحرب حربا بالتحريك. ومنه حديث عيينة بن حصن (حتى أدخل على نسائه من الحرب والحزن ما أدخل على نسائي). ومنه حديث الأعشى الحرمازي: * فخلفتني بنزاع وحرب * أي بخصومة وغضب.
[ 346 ]
ومنه حديث الدين (فإن آخره حرب) وروي بالسكون: أي النزاع. وقد تكرر ذكره في الحديث. ومنه حديث ابن الزبير رضي الله عنه عند إحراق أهل الشام الكعبة (يريد أن يحربهم) أي يزيد في غضبهم على ما كان من إحراقها. وحربت الرجل بالتشديد: إذا حملته على الغضب وعرفته بما يغضب منه. ويروى بالجيم والهمزة. وقد تقدم. (ه) وفيه (أنه بعث عروة بن مسعود إلى قومه بالطائف، فأتاهم ودخل محرابا له، فأشرف عليهم عند الفجر ثم أذن للصلاة) المحراب: الموضع العالي المشرف، وهو صدر المجلس أيضا، ومنه سمي محراب المسجد، وهو صدره وأشرف موضع فيه. (ه) ومنه حديث أنس رضي الله عنه (أنه كان يكره المحاريب) أي لم يكن يحب أن يجلس في صدر المجلس ويترفع على الناس. والمحاريب: جمع محراب. وفي حديث علي رضي الله عنه (فابعث عليهم رجلا محرابا) أي معرفا بالحرب عارفا بها والميم مكسورة، وهو من أبنية المبالغة، كالمعطاء من العطاء. ومنه حديث ابن عباس (في ا: ابن مسعود) (قال في علي رضي الله عنهم: ما رأيت محرابا مثله). وفي حديث بدر (قال المشركون: اخرجوا إلى حرائبكم) هكذا جاء في بعض الروايات بالباء الموحدة، جمع حريبة، وهو مال الرجل الذي يقوم أمره. والمعروف بالثاء المثلثة. وسيذكر. (حرث) ه) فيه (احرث لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا) أي اعمل لدنياك، فخالف بين اللفظين. يقال حرثت واحترثت. والظاهر من مفهوم لفظ هذا الحديث: أما في الدنيا فللحث على عمارتها وبقاء الناس فيها حتى يسكن فيها وينتفع بها من يجئ بعدك، كما انتفعت أنت بعمل من كان قبلك وسكنت فيما عمره، فإن الإنسان إذا علم أنه يطول عمره أحكم ما يعمله وحرص على ما يكسبه، وأما في جانب الآخرة فإنه حث على إخلاص العمل، وحضور النية والقلب في العبادات والطاعات، والإكثار منها، فإن من يعلم أنه يموت غدا يكثر من عبادته ويخلص في طاعته. كقوله في الحديث الآخر (صل صلاة مودع). قال بعض أهل العلم: المراد من هذا الحديث غير السابق إلى الفهم من ظاهره، لأن
[ 347 ]
النبي صلى الله عليه وسلم إنما ندب إلى الزهد في الدنيا، والتقليل منها، ومن الانهماك فيها والاستمتاع بلذاتها، وهو الغالب على أوامره ونواهيه فيما يتعلق بالدنيا فكيف يحث على عمارتها والاستكثار منها، وإنما أراد - والله أعلم - أن الإنسان إذا علم أنه يعيش أبدا قل حرصه. وعلم أن ما يريده لن يفوته تحصيله بترك الحرص عليه والمبادرة إليه، فإنه يقول: إن فاتني اليوم أدركته غدا، فإني أعيش أبدا، فقال عليه الصلاة والسلام: اعمل عمل من يظن أنه يخلد فلا يحرص في العمل، فيكون حثا له على الترك والتقليل بطريقة أنيقة من الإشارة والتنبيه، ويكون أمره لعمل الآخرة على ظاهره، فيجمع بالأمرين حالة واحدة وهو الزهد والتقليل، ولكن بلفظين مختلفين. وقد اختصر الأزهري هذا المعنى فقال: معناه تقديم أمر الآخرة وأعمالها حذار الموت بالفوت على عمل الدنيا، وتأخير أمر الدنيا كراهية الاشتغال بها عن عمل الآخرة. (ه) وفي حديث عبد الله (احرثوا هذا القرآن) أي فتشوه وثوروه. والحرث: التفتيش. (ه) وفيه (أصدق الأسماء الحارث) لأن الحارث هو الكاسب، والإنسان لا يخلو من الكسب طبعا واختيارا. [ ه ] ومنه حديث بدر (اخرجوا إلى معايشكم وحرائثكم) أي مكاسبكم، واحدها حريثة. قال الخطابي: الحرائث: أنضاء الإبل، وأصله في الخيل إذا هزلت فاستعير للإبل، وإنما يقال في الإبل أحرفناها بالفاء. يقال ناقة حرف: أي هزيلة. قال: وقد يراد بالحرائث المكسب، من الاحتراث: الاكتساب. ويروى (حرائبكم) بالحاء والباء الموحدة. وقد تقدم. (س) ومنه قول معاوية (أنه قال لأنصار: ما فعلت نواضحكم ؟ قالوا: حرثناهم يوم بدر) أي أهزلناها. يقال حرثت الدابة وأحرثتها بمعنى أهزلتها. وهذا يخلف قول الخطابي. وأراد معاوية بذكر نواضحهم تقريعا لهم وتعريضا لأنهم كانوا أهل زرع وسقي، فأجابوه بما أسكته ؟ ؟ تعريضا بقتل أشياخه يوم بدر. (ه) وفيه (وعليه خميصة حريثية) هكذا جاء في بعض طرق البخاري ومسلم. قيل: هي منسوبة إلى حريث: رجل من قضاعة. والمعروف جونية. وقد ذكرت في الجيم. (حرج) ه س) فيه (حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج) الحرج في الأصل: الضيق،
[ 348 ]
ويقع على الإثم والحرام. وقيل: الحرج أضيق الضيق. وقد تكررت في الحديث كثيرا. فمعنى قوله: حدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج: أي لا بأس ولا إثم عليكم أن تحدثوا عنهم ما سمعتم وإن استحال أن يكون في هذه الأمة، مثل ما روي أن ثيابهم كانت تطول، وأن النار كانت تنزل من السماء فتأكل القربان وغير ذلك، لا أن يحدث عنهم بالكذب. ويشهد لهذا التأويل ما جاء في بعض رواياته (فإن فيهم العجائب) وقيل: معناه إن الحديث عنهم ليس على الوجوب، لأن قوله عليه الصلاة والسلام في أول الحديث (بلغوا عني) على الوجوب، ثم أتبعه بقوله: وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج: أي حرج عليكم إن لم تحدثوا عنهم. ومن أحاديث الحرج قوله في قتل الحيات (فليحرج عليها) هو أن يقول لها أنت في حرج: أي ضيق إن عدت إلينا، فلا تلومينا أن نضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل. ومنها حديث اليتامى (تحرجوا أن يأكلوا معهم) أي ضيقوا على أنفسهم. وتحرج فلان إذا فعل فعلا يخرج به من الحرج: الإثم والضيق. (س) ومنه الحديث (اللهم إني أحرج حق الضعفين اليتيم والمرأة) أي أضيقه وأحرمه على من ظلمهما. يقال: حرشج علي ظلمك: أي حرمه. وأحرجها بتطليقه: أي حرمها. ومنه حديث ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة الجمعة (كره أن يحرجهم) أي يوقعهم في الحرج. وأحاديث الحرج كثيرة، وكلها راجعة إلى هذا المعنى. (س) وفي حديث حنين (حتى تركوه في حرجة) الحرجة بالتحريك: مجتمع شجر ملتف كالغيضة، والجمع حرج وحراج. ومنه حديث معاذ بن عمرو (نظرت إلى أبي جهل في مثل الحرجة). والحديث الآخر (إن موضع البيت كان في حرجة وعضاه). (س) وفيه (قدم وفد مذحج على حراجيج) الحراجيج: جمع حرجج وحرجوج، وهي الناقة الطويلة. وقيل الضامرة. وقيل الحادة القلب. (حرحم [ ه ] في حديث خزيمة، وذكر السنة فقال (تركت كذا وكذا، والذيخ
[ 349 ]
محرنجما) أي متقبضا مجتمعا كالحا من شدة الجدب: أي عم المحل حتضى نال السباع والبهائم. والذيخ: ذكر الضباع. والنون في احرنجم زائدة. يقال حرجمت الإبل فاحرنجمت: أي رددتها فارتد بعضها على بعض واجتمعت. وفيه (إن في بلدنا حراجمة) أي لصوصا، هكذا جاء في كتب بعض المتأخرين، وهو تصحيف، وإنما هو بجيمين، كذا جاء في كتب الغريب واللغة. وقد تقدم، إلا أن يكون قد أثبتها فرواها. (حرد) س) في حديث صعصعة (فرفع لي بيت حريد) أي منتبذ متنح عن الناس، من قولهم تحرد الجمل إذا تنحى عن الإبل فلم يبرك، فهو حريد فريد. وحرد الرجل حرودا إذا تحول عن قومه. (س) وفي حديث الحسن: عجلت قبل حنيذها بشوائها * وقطعت محردها بحكم فاصل المحرد: المقطع. يقال حردت من سنام البعير حردا إذا قطعت منه قطعة. وسيجئ مبينا في عيا من حرف العين. (حرر * فيه (من فعل كذا وكذا فله عدل محرر) أي أجر معتق. المحرر: الذي جعل من العبيد حرا فأعتق. يقال: حر العبد يحر حرارا بالفتح: أي صار حرا. ومنه حديث أبي هريرة (فأنا أبو هريرة المحرر) أي المعتق. وفي حديث أبي الدرداء (شراركم الذين لا يعتق محررهم) أي أنهم إذا أعتقوه استخدموه، فإذا أراد فراقهم ادعوا رقه. (س) وفي حديث ابن عمر (أنه قال لمعاوية: حاجتي عطاء المحررين، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه شئ لم يبدأ بأول منهم) أراد بالمحررين الموالي، وذلك أنهم قوم لا ديوان لهم، وإنما يدخلون في جملة مواليهم، والديوان إنما كان في بني هاشم، ثم الذين يلونهم في القرابة والسابقة الإيمان. وكان هؤلاء مؤخرين في الذكر، فذكرهم ابن عمر، وتشفع في تقديم أعطياتهم، لما علم من ضعفهم وحاجتهم، وتألفا لهم على الإسلام. ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه (أفمنكم عوف الذي يقال فيه: لا حر بوادي عوف ؟ قال لا) هو عوف بن محلم بن الشيباني، كان يقال له ذلك لشرفه وعزه، وأن من حل واديه من الناس كان له كالعبيد والخول. والحر: أحد الأحرار، والأنثى حرة، وجمعها حرائر. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (قال للنساء اللاتي كن يخرجن إلى المسجد:
[ 350 ]
لأردنكن حرائر) أي لألزمنكن البيوت فلا تخرجن إلى المسجد، لأن الحجاب إنما ضرب على الحرائر دون الإماء. (س) وفي حديث الحجاج (أنه باع معتقا في حراره) الحرار بالفتح: مصدر، من حر يحر إذا صار حرا. والاسم الحرية. وفي قصيد كعب بن زهير: قنواء في حرتيها للبصير بها * عتق مبين وفي الخدين تسهيل أراد بالحرتين: الأذنين، كأنه نسبهما إلى الحرية وكرم الأصل. (ه) وفي حديث علي (أنه قال لفاطمة رضي الله عنهما: لو أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته خادما يقيك حر ما أنت فيه من العمل) وفي رواية (حار ما أنت فيه) يعني التعب والمشقة من خدمة البيت، لأن الحرارة مقرونة بهما، كما أن البرد مقرون بالراحة والسكون. والحار: الشاق المتعب. ومنه حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما (قال لأبيه لما أمره بجلد الوليد بن عقبة: ول حارها من تولى قارها) أي ول الجلد من يلزم الوليد أمره ويعنيه شأنه. والقار ضد الحار. (س) ومنه حديث عيينة بن حصن (حتى أذيق نساءه الحر مثل ما أذاق نسائي) يريد حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقة. (س) ومنه حديث أم المهاجر (لما نعي عمر قالت: واحراه، فقال الغلام: حر انتشر فملأ البشر). (س) وفيه (في كل كبد حرى أجر) الحرى: فعلى من الحر، وهي تأنيث حران، وهما للمبالغة، يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش. والمعنى أن في سقي كل ذي كبد حرى أجرا. وقيل: أراد بالكبد الحرى حياة صاحبها، لأنه إنما تكون كبده حرى إذا كان فيه حياة، يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان. ويشهد له ما جاء في الحديث الآخر (في كل كبد حارة أجر). (س) والحديث الآخر (ما دخل جوفي ما يدخل جوف حران كبد) وما جاء في
[ 351 ]
حديث ابن عباس رضي الله عنهما (أنه نهى مضاربه أن يشتري بماله ذا كبد رطبة). (س) وفي حديث آخر (في كل كبد حرى رطبة أجر) وفي هذه الرواية ضعف. فأما معنى رطبة فقيل: إن الكبد إذا ظمئت ترطبت. وكذا إذا ألقيت على النار. وقيل كنى بالرطوبة عن الحياة، فإن الميت يابس الكبد. وقيل وصفها بما يؤول أمرها إليه. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه وجمع القرآن (إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن) أي اشتد وكثر، وهو استفعل من الحرش: الشدة. ومنه حديث علي رضي الله عنه (حمس الوغا واستحر الموت). (ه) وفي حديث صفين (إن معاوية زاد أصحابه في بعض أيام صفين خمسمائة خمسمائة، فلما التقوا جعل أصحاب علي يقولون: لا خمس إلا جندل الإحرين) هكذا رواه الهروي. والذي ذكره الخطابي: أن حبة العرني قال: شهدنا مع علي يوم الجمل، فقسم ما في العسكر بيننا، فاصاب كل رجل منا خمسمائة. فقال بعضهم يوم صفين: قلت لنفسي السوء لا تفرين * لا خمس إلا جندل الإحرين قال ورواه بعضهم: لا خمس، بكسر الخاء، من ورد الإبل، والفتح أشبه بالحديث. ومعناه: ليس لك اليوم إلا الحجارة والخيبة. والإحرين: جمع الحرة، وهي الأرض ذات الحجارة السود، وتجمع على حر، وحرار، وحرات، وحرين، وإحرين، وهو من الجموع النادرة كثبين وقلين، في جمع ثبة وقلة، وزيادة الهمز في أوله بمنزلة الحركة في أرضين، وتغيير أول سنين. وقيل: إن واحد إحرين: إحرة وفي حديث جابر رضي الله عنه (فكانت زيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم معي لا تفارقني حتى ذهبت مني يوم الحرة) قد تكرر ذكر الحرة ويومها في الحديث، وهو يوم مشهور في الإسلام أيام يزيد بن معاوية، لما انتهب المدينة عسكره من أهل الشام الذين ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين، وأمر عليهم مسلم بن عقبة المري في ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وعقيبها هلك يزيد. والحرة هذه: أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة، وكانت الوقعة بها. (س) وفيه (إن رجلا لطم وجه جارية، فقال له: أعجز عليك إلا حر وجهها) حر الوجه: ما أقبل عليك وبدا لك منه. وحر كل أرض ودار: وسطها وأطيبها. وحر البقل والفاكهة والطين: جيدها. [ ه ] ومنه الحديث (ما رأيت أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان
[ 352 ]
أحر حسنا منه) يعني أرق منه رقة حسن. (ه) وفي حديث عمر رضي الله عنه (ذري وأنا أحر لك) يقول ذري الدضقيق لأتخذ لك منه حريرة. والحريرة: الحسا المطبوخ من الدقيق والدسم والماء وقد تكرر ذكر الحريرة في أحاديث الأطعمة والأدوية. وفي حديث عائشة رضي الله عنها (وقد سئلت عن قضاء صلاة الحائض فقالت: أحرورية أنت) الحرورية: طائفة من الخوارج نسبوا إلى حروراء بالمد والقصر، وهو موضع قريب من الكوفة، كان أول مجتمعهم وتحكيمهم فيها، وهم أحد الخوارج الذين قاتلهم علي كرم الله وجهه. وكان عندهم من التشدد في الدين ما هو معروف، فلما رأت عائشة هذه المرأة تشدد في أمر الحيض شبهتها بالحرورية وتشددهم في أمرهم، وكثرة مسائلهم وتعنتهم بها. وقيل أرادت أنها خالفت السنة وخرجت عن الجماعة كما خرجوا عن جماعة المسلمين. وقد تكرر ذكر الحرورية في الحديث. (س) وفي حديث أشراط الساعة (يستحل الحر والحرير) هكذا ذكره أبو موسى في حرف الحاء والراء، وقال: الحر بتخفيف الراء: الفرج، وأصله حرح بكسر الحاء وسكون الراء، وجمعه أحراح. ومنهم من يشدد الراء وليس بجيد، فعلى التخفيف يكون في حرح، لا في حرر. والمشهور في رواية هذا الحديث على اختلاف طرقه (يستحلون الخز) بالخاء المعجمة والزاي، وهو ضرب من ثياب الإبريسم معروف، وكذا جاء في كتابي البخاري وأبي داود، ولعله حديث آخر ذكره أبو موسى، وهو حافظ عارف بما روى وشرح، فلا يتهم. والله أعلم. (حرز * في حديث يأجوج ومأجوج (فحرز عبادي إلى الطور) أي ضمهم إليه، واجعله لهم حرزا. يقال: أحرزت الشئ أحرزه إحرازا إذا حفظته وضممته إليك وصنته عن الأخذ. ومنه حديث الدعاء (اللهم اجعلنا في حرز حارز) أي كهف منيع. وهذا كما يقال: شعر شاعر، فأجرى اسم الفاعل صفة للشعر، وهو لقائله، والقياس أن يقول حرز محرز، أو حرز حريز، لأن الفعل منه أحرز، ولكن كذا روي، ولعله لغة.
[ 353 ]
(ه) ومنه حديث الصديق (أنه كان يوتر من أول الليل ويقول: واحرزا وأبتغي النوافلا ويروى (أحرزت نهبي وأبتغي النوافل) يريد أنه قضى وتره، وأمن فواته، وأحرز أجره، فإن استيقظ من الليل تنفل، وإلا فقد خرج من عهده الوتر. والحرز بفتح الراء: المحرز، فعل بمعنى مفعل، والألف في واحرزا منقلبة عن ياء الإضافة، كقولهم يا غلاما أقبل، في يا غلامي، والنوافل: الزوائد. وهذا مثل للعرب يضرب لمن ظفر بمطلوبه وأحرزه ثم طلب الزيادة. (ه) وفي حديث الزكاة (لا تأخذوا من حرزات أموال الناس شيئا) أي من خيارها. هكذا يروى بتقديم الراء على الزاي، وهو جمع حرزة بسكون الراء، وهي خيار المال، لأن صاحبها يحرزها ويصونها. والرواية المشهورة بتقديم الزاي على الراء، وسنذكرها في بابها. (حرس) ه) فيه (لا قطع في حريسة الجبل) أي ليس فيما يحرس بالجبل إذا سرق قطع، لأنه ليس بحرز. والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة: أي أن لها من يحرسها ويحفظها. ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها: يقال حرس يحرس حرسا إذا سرق، فهو حارس ومحترس: أي ليس فيما يسرق من الجبل قطع. ومنه الحديث (أنه سئل عن حريسة الجبل فقال فيها غرم مثلها وجلدات نكالا، فإذا أواها المراح ففيها القطع) ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أن تصل إلى مراحها: حريسة. وفلان يأكل الحرسات: إذا سرق أغنام الناس وأكلها. والاحتراس: أن يسرق الشئ من المرعى. قاله شمر. (ه) ومنه الحديث (أن غلمة لحاطب احترسوا ناقة لرجل فانتحروها). وفي حديث أبي هريرة (ثمن الحريسة حرام لعينها) أي أن أكل المسروقة وبيعها وأخذ ثمنها حرام كله. وفي حديث معاوية (أنه تناول قصة من شعر كانت في يد حرسي) الحرسي بفتح الراء: واحد الحرس، وهم خدم السلطان المرتبون لحفظه وحراسته. والحرسي واحد الحرس، كأنه منسوب إليه حيث قد صار اسم جنس. ويجوز أن يكون منسوبا إلى الجمع شاذا.
[ 354 ]
(حرش) س) فيه (أن رجلا أتاه بضباب احترشها) الاحتراش والحرش: أن تهيج الضب من جحره، بأن تضربه بخشبة أو غيرها من خارجه فيخرج ذنبه ويقرب من باب الجحر يحسب أنه أفعى، فحينئذ يهدم عليه جحره ويؤخذ. والاحتراش في الأصل: الجمع و الكسب والخداع. (ه) ومنه حديث أبي حثمة في صفة التمر (وتحترش به الضباب) أي تصطاد. يقال إن الضب يعجب بالتمر فيحبه. [ ه ] ومنه حديث المسور (ما رأيت رجلا ينفر من الحرش مثله) يعني معاوية، يريد بالحرش الخديعة. (س) وفيه (أنه نهى عن التحريش بين البهائم) هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك وغيرها. (س) ومنه الحديث (إن الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم) أي في حملهم على الفتن والحروب. ومنه حديث علي في الحج (فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشا على فاطمة) أراد بالتحريش ها هنا ذكر ما يوجب عتابه لها. وفيه (أن رجلا أخذ من رجل آخر دنانير حرشا) جمع أحرش: وهو كل شئ خشن: أراد بها أنها جديدة عليها خشونة النقش (حرشف) س) في حديث غزوة حنين (أرى كتيبة حرشف) الحرشف: الرجالة شبهوا بالحرشف من الجراد وهو أشده أكلا. يقال ما ثم غير حرشف رجال: أي ضعفاء وشيوخ. وصغار كل شئ حرشفه. (حرص) ه) في ذكر الشجاج (الحارصة) وهي التي تحرص الجلد أي تشقه. يقال: حرص القصار الثوب إذا شقه. (حرض) س) فيه (ما من مؤمن يمرض مرضا حتى يحرضه) أي يدنفه ويسقمه. يقال: أحرضه المرض فهو حرض وحارض: إذا أفسد بدنه وأشفى على الهلاك.
[ 355 ]
(ه) وفي حديث عوف بن مالك (رأيت محلم بن جثامة في المنام، فقلت: كيف أنتم ؟ فقال بخير، وجدنا ربا رحيما غفر لنا، فقلت: لكلكم ؟ فقال: لكلنا غير الأحراض، قلت: ومن الأحراض ؟ قال: الذين يشار إليهم بالأصابع) أي اشتهروا بالشر. وقيل: هم الذين أسرفوا في الذنوب فأهلكوا أنفسهم. وقيل: أراد الذين فسدت مذاهبهم. (ه) وفي حديث عطاء في ذكر الصدقة (كذا وكذا والإحريض) قيل هو العصفر. وفيه ذكر (الحرض) بضمتين وهو واد عند أحد. وفيه ذكر (حراض) بضم الحاء وتخفيف الراء: موضع قرب مكة. قيل كانت به العزى. (حرف) ه) فيه (نزل القرآن على سبعة أحرف كلها كاف شاف) أراد بالحرف اللغة، يعني على سبع لغات من لغات العرب: أي إنها مفرقة في القرآن، فبعضه بلغة قريش، وبعضه بلغة هذيل، وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه، على أنه قد جاء في القرآن ما قد قرئ بسبعة وعشرة، كقوله تعالى (مالك يوم الدين) و (عبد الطاغوت) ومما يبين ذلك قول ابن مسعود: إني قد سمعت القرأة فوجدتهم متقاربين، فاقرأوا كما علمتم، إنما هو كقول أحدكم: هلم وتعال وأقبل. وفيه أقول غير ذلك هذا أحسنها. والحرف في الأصل: الطرف والجانب، وسمي الحرف من حروف الهجاء. [ ه ] ومنه حديث ابن عباس (أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف) أي على جانب. وقد تكرر مثله في الحديث. وفي قصيد كعب بن زهير: حرف أبوها أخوها من مهجنة * وعمها خالها قوداء شمليل الحرف: الناقة الضامرة، شبهت بالحرف من حروف الهجاء لدقتها. (ه) وفي حديث عائشة (لما استخلف أبو بكر قال: لقد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي، وشغلت بأمر المسلمين فسيأكل آل أبي بكر من هذا ويحترف للمسلمين فيه) الحرفة: الصناعة وجهة الكسب. وحريف الرجل: معامله في حرفته،
[ 356 ]
وأراد باحترافه للمسلمين نظره في أمورهم وتثمير مكاسبهم وأرزاقهم. يقال: هو يحترف لعياله، ويحرف: أي يكتسب. (س) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (لحرفة أحدكم أشد علي من عيلته) أي أن إغناء الفقير وكفايته أيسر علي من إصلاح الفاسد. وقيل: أراد لعدم حرفة أحدهم والاغتمام لذلك أشد علي من فقره. ومنه حديثه الآخر (إني لأرى الرجل يعجبني فأقول هل له حرفة ؟ فإن قالوا لا سقط من عيني) وقيل معنى الحديث الأول هو أن يكون من الحرفة بالضم والكسر، ومنه قولهم: حرفة الأدب. والمحارف بفتح الراء: هو المحروم المجدود الذي إذا طلب لا يرزق، أو يكون لا يسعى في الكسب. وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه وضيق، كأنه ميل برزقه عنه، من الانحراف عن الشئ وهو الميل عنه. ومنه الحديث (سلط عليهم موت طاعون ذفيف يحرف القلوب) أي يميلها ويجعلها على حرف: أي جانب وطرف. ويروى يحوف بالواو وسيجئ. ومنه الحديث (ووصف سفيان بكفه فحرفها) أي أمالها. والحديث الآخر (وقال بيده فحرفها) كأنه يريد القتل. ووصف بها قطع السيف بحده. [ ه ] ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه (آمنت بمحرف القلوب) أي مزيغها ومميلها، وهو الله تعالى. وروي (بمحرك القلوب). [ ه ] وفي حديث ابن مسعود (موت المؤمن بعرق الجبين فيحارف عند الموت بها، فتكون كفارة لذنوبه) أي يقايس بها. والمحارفة: المقايسة بالمحراف، وهو الميل الذي تختبر به الجراحة، فوضع موضع المجازاة والمكافأة. والمعنى أن الشدة التي تعرض له حتى يعرق لها جبينه عند السياق تكون كفارة وجزاء لما بقي عليه من الذنوب، أو هو من المحارفة، وهو التشديد في المعاش. (ه) ومنه الحديث (إن العبد ليحارف على عمله الخير والشر) أي يجازى. يقال: لا تحارف أخاك بالسوء: أي لا تجازه. وأحرف الرجل إذا جازى على خير أو شر. قاله ابن الأعرابي. (حرق) ه) فيه (ضالة المؤمن حرق النار) حرق النار بالتحريك: لهبها وقد
[ 357 ]
يسكن: أي إن ضالة المؤمن إذا أخذها إنسان ليتملكها أدته إلى النار. (ه) ومنه الحديث (الحرق والغرق والشرق شهادة). ومنه الحديث الآخر (الحرق شهيد) بكسر الراء. وفي رواية (الحريق) هو الذي يقع في حرق النار فيلتهب. (ه) وفي حديث المظاهر (احترقت) أي هلكت. والإحراق: الإهلاك، وهو من إحراق النار. ومنه حديث المجامع في نهار رمضان أيضا (احترقت) شبها (في ا وتاج العروس: شبه) ما وقعا فيه من الجماع في المظاهرة والصوم بالهلاك. (س) ومنه الحديث (أوحي إلي أن أحرق قريشا) أي أهلكهم. وحديث قتال أهل الردة (فلم يزل يحرق أعضاءهم حتى أدخلهم من الباب الذي خرجوا منه). (ه) وفيه (أنه نهى عن حرق النواة) هو بردها بالمبرد. يقال حرقه بالمحرق. أي برده به. ومنه القراءة (لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفا) ويجوز أن يكون أراد إحراقها بالنار، وإنما نهي عنه إكراما للنخلة، ولأن النوى قوت الدواجن. (ه) وفيه (شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الماء المحرق من الخاصرة) الماء المحرق: هو المغلى بالحرق وهو النار، يريد أنه شربه من وجع الخاصرة. وفي حديث علي رضي الله عنه (خير النساء الحارقة) وفي رواية (كذبتكم الحارقة) هي المرأة الضيقة الفرج. وقيل: هي التي تغلبها الشهوة حتى تحرق أنيابها بعضها على بعض: أي تحكها. يقول عليكم بها ومنه حديثه الآخر (وجدتها حارقة طازقة فائقة). ومنه الحديث (يحرقون أنيابهم غيظا وحنقا) أي يحكون بعضها على بعض. [ ه ] وفي حديث الفتح (دخل مكة وعليه عمامة سوداء حرقانية) هكذا يروى.
[ 358 ]
وجاء تفسيرها في الحديث: أنها السوداء، ولا يدرى ما أصله. وقال الزمخشري: الحرقانية هي التي على لون ما أحرقته النار، كأنها منسوبة - بزيادة الألف والنون - إلى الحرق بفتح الحاء والراء. وقال: يقال الحرق بالنار والحرق معا. والحرق من الدق الذي يعرض للثوب عند دقه محرك لا غير. ومنه حديث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (أراد أن يستبدل بعماله لما رأى من إبطائهم في تنفيذ أمره فقال: أما عدي بن أرطاة فإنما غرني بعمامته الحرقانية السوداء). (حرقف * فيه (أنه عليه السلام ركب فرسا فنفرت. فندر منها على أرض غليظة، فإذا هو جالس، وعرض ركبتيه، وحرقفتيه، ومنكبيه، وعرض وجهه منسح) الحرقفة: عظم رأس الورك. يقال للمريض إذا طالت ضجعته: دبرت حراقفه. (س) ومنه حديث سويد (تراني إذا دبرت حرقفتي ومالي ضجعة إلا على وجهي، ما يسرني أني نقصت منه قلامة ظفر). (حرم [ ه ] فيه (كل مسلم عن مسلم محرم) يقال إنه لمحرم عنك: أي يحرم أذاك عليه. ويقال: مسلم محرم، وهو الذي لم يحل من نفسه شيئا يوقع به. يريد أن المسلم معتصم بالإسلام ممتنع بحرمته ممن أراده أو أراد ماله. [ ه ] ومنه حديث عمر (الصيام إحرام) لاجتناب الصائم ما يثلم صومه. ويقال للصائم محرم. ومنه قول الراعي: قتلوا ابن عفان الخليفة محرما * ودعا فلم أر مثله مخذولا وقيل: أراد لم يحل من نفسه شيئا يوقع به. ويقال للحالف محرم لتحرمه به. ومنه قول الحسن (في الرجل يحرم في الغضب) أي يحلف. (س) وفي حديث عمر (في الحرام كفارة يمين) هو أن يقول: حرام الله لا أفعل كذا، كما يقول يمين الله، وهي لغة العقيليين. ويحتمل أن يريد تحريم الزوجة والجارية من غير نية الطلاق. ومنه قوله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) ثم قال (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم). ومنه حديث عائشة (آلي رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرم، فجعل الحرام حلالا)
[ 359 ]
تعني ما كان قد حرمه على نفسه من نسائه بلإيلاء عاد أحله وجعل في اليمين الكفارة. ومنه حديث علي (في الرجل يقول لامرأته أنت علي حرام). وحديث ابن عباس (من حرم امرأته فليس بشئ). وحديثه الآخر (إذا حرم الرجل امرأته فهي يمين يكفرها). (ه) وفي حديث عائشة (كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه) الحرم - بضم الحاء وسكون الراء - الإحرام بالحج، وبالكسر: الرجل المحرم. يقال: أنت حل، وأنت حرم. والإحرام: مصدر أحرم الرجل يحرم إحراما إذا أهل بالحج أو بالعمرة وباشر أسبابهما وشروطهما من خلع المخيط واجتناب الأشياء التي منعه الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك. والأصل فيه المنع. فكأن المحرم ممتنع من هذه الأشياء. وأحرم الرجل إذا دخل الحرم، وفي الشهور الحرم وهي ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب. وقد تكرر ذكرها في الحديث. ومنه حديث الصلاة (تحريمها التكبير) كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعا من الكلام والأفعال الخارجية عن كلام الصلاة وأفعالها، فقيل للتكبير: تحريم، لمنعه المصلي من ذلك، ولهذا سميت تكبيرة الإحرام: أي الإحرام بالصلاة. وفي حديث الحديبية (لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم أياها) الحرمات: جمع حرمة، كظلمة وظلمات، يريد حرمة الحرم، وحرمة الإحرام، وحرمة الشهر الحرام. والحرمة: ما لا يحل انتهاكه. ومنه الحديث (لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم منها) وفي رواية (مع ذي حرمة منها) ذو المحرم: من لا يحل له نكاحها من الأقارب كالأب والإبن والأخ والعم ومن يجري مجراهم. [ ه ] ومنه حديث بعضهم (إذا اجتمعت حرمتان طرحت الصغرى للكبرى) أي إذا كان أمر فيه منفعة لعامة الناس، ومضرة على الخاصة قدمت منفعة العامة. ومنه الحديث (أما علمت أن الصورة محرمة) أي محرمة الضرب، أو ذات حرمة.
[ 360 ]
والحديث الآخر (حرمت الظلم على نفسي (أي تقدست عنه وتعاليت، فهو في حقه كالشئ المحرم على الناس. والحديث الآخر (فهو حرام بحرمة الله) أي بتحريمه. وقيل الحرمة الحق: أي بالحق المانع من تحليه. وحديث الرضاع (فتحرم بلبنها) أي صار عليها حراما. وفي حديث ابن عباس وذكر عنده قول علي في الجمع بين الأمتين الأختين (حرمتهن آية وأحلتهن آية) فقال: (تحرمهن علي قرابتي منهن، ولا تحرمهن علي قرابة بعضهن من بعض) أراد ابن عباس أن يخبر بالعلة التي وقع من أجلها تحريم الجمع بين الأختين الحرتين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى، إذ لو كان ذلك لم يحل وطء الثانية بعد وطء الأولى، كما يجري في الأم مع البنت، ولكنه قد وقع من أجل قرابة الرجل منهما، فحرم عليه أن يجمع الأخت إلى الأخت لأنها من أصهاره، وكأن ابن عباس رضي الله عنهما قد أخرج الإماء من حكم الحرائر، لأنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائه. والفقهاء على خلاف ذلك، فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأختين في الحرائر والإماء. فأما الآية المحرمة فهي قوله تعالى (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) وأما الآية المحلة فقوله تعالى (أو ما ملكت أيمانكم). (ه) وفي حديث عائشة (أنه أراد البداوة فأرسل إلي ناقة محرمة) المحرمة هي التي لم تركب ولم تذلل. (ه) وفيه (الذين تدركهم الساعة تبعث عليهم الحرمة) هي بالكسر الغلمة وطلب الجماع، وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أخص. يقال استحرمت الشاة إذا طلبت الفحل. (س) وفي حديث آدم عليه السلام (أنه استحرم بعد موت ابنه مائة سنة لم يضحك) هو من قولهم أحرم الرجل إذا دخل في حرمة لا تهتك، وليس من استحرام الشاة. (ه) وفيه (إن عياض بن حماد (في نسخة (ابن حمار) ومثله في اللسان. قاله مصحح الأصل) المجاشعي كان حرمي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان إذا حج طاف في ثيابه) كان أشراف العرب الذين كانوا يتحمسون في دينهم - أي يتشددون - إذا حج أحدهم لم يأكل إلا طعام رجل من الحرم، ولم يطف إلا في ثيابه، فكان لكل شريف من أشرافهم رجل من قريش، فيكون كل واحد منهما حرمي صاحبه، كما يقال كري للمكري والمكتري. والنسب في الناس إلى الحرم حرمي بكسر الحاء وسكون الراء. يقال رجل
[ 361 ]
حرمي، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حرمي. (ه) وفيه (حريم البئر أربعون ذراعا) هو الموضع المحيط بها الذي يلقى فيه ترابها: أي إن البئر التي يحفرها الرجل في موات فحريمها ليس لأحد أن ينزل فيه ولا ينازعه عليه. وسمي به لأنه يحرم منع صاحبه منه، أو لأنه يحرم على غيره التصرف فيه. (حرمد * في شعر تبع: فرأى مغار الشمس عند غروبها * في عين ذي خلب وثأط حرمد الحرمد: طين أسود شديد السواد. (حرا [ ه ] في حديث وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (فما زال جسمه يحري) أي ينقص. يقال: حرى الشئ يحري إذا نقص. (ه) ومنه حديث الصديق (فما جسمه يحري بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق به). ومنه حديث عمرو بن عبسة (فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا حراء عليه قومه) أي غضاب ذوو غم وهم، قد انتقصهم أمره وعيل صبرهم به، حتى أثر في أجسامهم وانتقصهم. (س) وفيه (إن هذا لحري إن خطب أن ينكح) يقال: فلان حري بكذا وحرى بكذا، وبالحرى أن يكون كذا: أي جدير وخليق. والمثقل يثنى ويجمع، ويؤنث، وتقول حريان وحريون (وأحرياء، وهن حريات وحرايا. الصحاح (حرا)) وحرية. والمخفف يقع على الواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث على حالة واحدة، لأنه مصدر. (س) ومنه الحديث الآخر (إذا كان الرجل يدعو في شبيبته ثم أصابه أمر بعد ما كبر فبالحري أن يستجاب له). وفيه (تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر) أي تعمدوا طلبها فيها. والتحري: القصد والاجتهاد في الطلب، والعزم على تخصيص الشئ بالفعل والقول. ومنه الحديث (لا تتحروا بالصلاة طلوع الشمس وغروبها) وقد تكرر ذكرها في الحديث. (س) وفي حديث رجل من جهينة (لم يكن زيد بن خالد يقربه بحراه سخطا لله
[ 362 ]
عز وجل) الحرا بالفتح والقصر: جناب الرجل. يقال: اذهب فلا أراك بحراي. (س) وفيه (كان يتحثث بحراء) هو بالكسر والمد: جبل من جبال مكة معروف. ومنهم من يؤنثه ولا يصرفه. قال الخطابي: وكثير من المحدثين يغلطون فيه فيفتحون حاءه. ويقصرونه ويميلونه، ولا يجوز إمالته، لأن الراء قبل الألف مفتوحة، كما لا تجوز إمالة راشد ورافع. باب الحاء مع الزاي (حزب) ه) فيه (طرأ علي حزبي من القرآن فأحببت أن لا أخرج حتى أقضيه) الحزب ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد. والحزب: النوبة في ورود الماء. ومنه حديث أوس بن حذيفة (سألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف تحزبون القرآن). (ه) وفيه (اللهم اهزم الأحزاب وزلزلهم) الأحزاب: الطوائف من الناس، جمع حزب بالكسر. ومنه حديث ذكر يوم (الأحزاب)، وهو غزوة الخندق. وقد تكرر ذكرها في الحديث. (س) وفيه (كان إذا حزبه أمر صلى) أي إذا نزل به مهم أو أصابه غم. ومنه حديث علي (نزلت كرائه الأمور وحوازب الخطوب) جمع حازب، وهوة الأمر الشديد. ومنه حديث ابن الزبير (يريد أن يحزبهم) أي يقوهم ويشد منهم، أو يجعلهم من حزبه، أو يجعلهم أحزابا، والرواية بالجيم والراء. وقد تقدم. ومنه حديث الإفك (وطفقت حمنة تحازب لها) أي تتعصب وتسعى سعي جماعتها الذين يتحزبون لها. والمشهور بالحاء والراء من الحرب.
[ 363 ]
منه حديث الدعاء (اللهم أنت عدتي إن حزبت) ويروى بالراء بمعنى سلبت، من الحرب. (حزر) ه) فيه (أنه بعث مصدقا فقال: لا تأخذ من حزرات أنفس الناس شيئا) الحزرات: جمع حزرة - بسكون الزاي - وهي خيار مال الرجل، سميت حزرة لأن صاحبها لا يزال يحزرها في نفسه، سميت بالمرة الواحدة، من الحزر، ولهذا أضيفت إلى الأنفس. ومنه الحديث الآخر (لا تأخذوا حزرات أموال الناس، نكبوا عن الطعام) ويروى بتقديم الراء على الزاي. وقد تقدم. (حزز) س) فيه (أنه احتز من كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ) هو افتعل من الحز: القطع. ومنه الحزة وهي: القطعة من اللحم وغيره. وقيل الحز: القطع في الشئ من غير إبانة. يقال: حززت العود أحزه حزا. (ه) ومنه حديث ابن مسعود (الإثم حواز القلوب) هي الأمور التي تحز فيها: أي تؤثر كما يؤثر الحز في الشئ، وهو ما يخطر فيها من أن تكون معاصي لفقد الطمأنينة إليها، وهي بتشديد الزاي: جمع حاز. يقال إذا أصاب مرفق البعير طرف كركرته فقطعه وأدماه: قيل به حاز. ورواه شمر (الإثم حواز القلوب) بتشديد الواو: أي يحوزها ويتملكها ويغلب عليها، ويروى (الإثم حزاز القلوب) بزايين الأولى مشددة، وهي فعال من الحز. (ه) وفيه (وفلان آخذ بحزته) أي بعنقه. قال الجوهري: هو على التشبيه بالحزة وهو القطعة من اللحم قطعت طولا. وقيل أراد بحجزته وهي لغة فيها. (س) وفي حديث مطرف (لقيت عليا بهذا الحزيز) هو المهبط من الأرض. وقيل هو الغليظ منها. ويجمع على حزان. ومنه قصيد كعب بن زهير: ترمي الغيوي بعيني مفرد لهق * إذا توقدت الحزان والميل (حزق) ه) فيه (لا رأى لحازق) الحازق: الذي ضاق عليه خفه فحزق رجله: أي عصرها وضغطها، وهو فاعل بمعنى مفعول. ومنه الحديث الآخر (لا يصلي وهو حاقن أو حاقب أو حازق).
[ 364 ]
(ه) وفي فضل البقرة وآل عمران (كأنهما حزقان من طير صواف) الحزق والحزيقة: الجماعة من كل شئ. ويروى بالخاء والراء. وسيذكر في بابه. (ه) ومنه حديث أبي سلمة (لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متحزقين ولا متماوتين) أي متقبضين ومجتمعين. وقيل للجماعة حزقة لانضمام بعضهم إلى بعض. (ه) وفيه أنه عليه السلام كان يرقص الحسن والحسين ويقول: حزقة حزقه * ترق عين بقه فترقى الغلام حتى وضع قدميه على صدره. والحزقة: الضعيف المتقارب الخطو من ضعفه. وقيل القصير العظيم البطن، فذكرها له على سبيل المداعبة والتأنيس له. وترق: بمعنى اصعد. وعين بقة: كناية عن صغر العين. وحزقة: مرفوع على خبر مبتدأ محذوف تقديره أنت حزقة، وحزقة الثاني كذلك، أو أنه خبر مكرر. ومن لم ينون حزقة أراد يا حزقة، فحذف حرف النداء وهو من الشذوذ، كقولهم أطرق كرا، لأن حرف النداء إنما يحذف من العلم المضموم أو المضاف. (ه) وفي حديث الشعبي (اجتمع جوار فأرن وأشرن ولعبن الحزقة) قيل: هي لعبة من اللعب، أخذت من التحزق: التجمع (ه) وفي حديث علي (أنه ندب الناس لقتال الخوارج، فلما رجعوا إليه قالوا: أبشر فقد استأصلناهم، فقال: حزق عير حزق عير، فقد بقيت منهم بقية) العير: الحمار. والحزق: الشد البليغ والتضييق. يقال حزقه بالحبل إذا قوى شده. أراد أن أمرهم بعد في إحكامه، كأنه حمل حمار بولغ في شده. وتقديره: حزق حمل عير، فحذف المضاف وإنما خص الحمار بإحكام الحمل، لأنه ربما اضطرب فألقاه. وقيل: الحزق الضراط، أي أن ما فعلتم بهم في قلة الاكتراث له هو ضراط حمار. وقيل هو مثل يقال للمخبر بخبر غير تام ولا محصل: أي ليس الأمر كما زعمتم. (حزل) ه) في حديث زيد بن ثابت (قيل: دعاني أبو بكر إلى جمع القرآن فدخلت عليه وعمر محزئل في المجلس) أي منضم بعضه إلى بعض. وقيل مستوفز. ومنه احزألت الإبل في السير إذا ارتفعت. (حزم) س) فيه (الحزم سوء الظن) الحزم ضبط الرجل أمره والحذر من فواته، من
[ 365 ]
قولهم: حزمت الشئ: أي شددته. ومنه حديث الوتر (أنه قال لأبي بكر: أخذت بالحزم). والحديث الآخر (ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الحازم من إحداكن) أي أذهب لعقل الرجل المحترز في الأمور المستظهر فيها. والحديث الآخر (أنه سئل ما الحزم ؟ فقال: تسشير أهل الرأي ثم تطيعهم). (س) وفيه (أنه نهى أن يصلي الرجل بغير حزام) أي من غير أن يشد ثوبه عليه، وإنما أمر بذلك لأنهم كانوا قلما يتسرولون، ومن لم يكن عليه سراويل، وكان عليه إزار، أو كان جيبه واسعا ولم يتلبب، أو لم يشد وسطه، ربما انكشفت عورته وبطلت صلاته. (س) ومنه الحديث (نهى أن يصلي الرجل حتى يحتزم) أي يتلبب ويشد وسطه. (س) والحديث الآخر (أنه أمر بالتحزم في الصلاة). (س) وفي حديث الصوم (فتحزم المفطرون) أي تلببوا وشدوا أوساطهم وعملوا للصائمين. (حزن * فيه (كان إذا حزنه أمر صلى) أي أوقعه في الحزن. يقال حزنني الأمر وأحزنني، فأنا محزون. ولا يقال محزون. وقد تكرر في الحديث. ويروى بالباء. وقد تقدم. (ه) ومنه حديث ابن عمر وذكر من يغزو ولا نية له فقال (إن الشيطان يحزنه) أي يوسوس إليه ويندمه، ويقول له لم تركت أهلك ؟ فيقع في الحزن ويبطل أجره. (س) وفي حديث ابن المسيب (أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يغيرر اسم جده حزن ويسميه سهلا، فأبى وقال: لا أغير اسما سماني به أبي، قال سعيد: فما زالت فينا تلك الحزونة بعد) الحزن: المكان الغليظ الخشن. والحزونة: الخشونة.
[ 366 ]
(س) ومنه حديث المغيرة (محزون اللهزمة) أي خشنها، أو أن لهزمته تدلت من الكآبة. ومنه حديث الشعبي (أحزن بنا المنزل) أي صار ذا حزونة، كأخصب وأجدب. ويجوز أن يكون من قولهم أحزن الرجل وأسهل: إذا ركب الحزن والسهل، كأن المنزل أركبهم الحزونة حيث نزلوا فيه. (حزور) س) فيه (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلمانا حزاورة) هو جمع حزور وحزور، وهو الذي قارب البلوغ، والتاء لتأنيث الجمع. ومنه حديث الأرنب (كنت غلاما حزورا فصدت أرنبا) ولعله شبه بحزورة الأرض، وهي الرابية الصغيرة. (س) ومنه حديث عبد الله بن الحمراء (أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف بالحزورة من مكة) هو موضع بها عند باب الحناطين، وهو بوزن قسورة. قال الشافعي: الناس يشددون الحزورة والحديبية، وهما مخففتان. (حزا) س) وفي حديث هرقل (كان حزاء) الحزاء والحازي: الذي يحزر الأشياء ويقدرها بظنه. يقال حزوت الشئ أحزوه وأحزيه. ويقال لخارص النخل: الحازي. وللذي ينظر في النجوم حزاء، لأنه ينظر في النجوم وأحكامها بظنه وتقديره فربما أصاب. (س) ومنه الحديث (كان لفرعون حاز) أي كاهن. وفي حديث بعضهم (الحزاءة يشربها أكايس النساء للطشة) الحزاءة نبت بالبادية يشبه الكرفس إلا أنه أعرض ورقا منه. والحزاء: جنس لها. والطشة: الزكام. وفي رواية: (يشتريها أكايس النساء للخافية والإفلات). الخافية: الجن. والإفلات: موت الولد. كأنهم كانوا يرون ذلك من قبل الجن، فإذا تبخرن به نفعهن في ذلك. باب الحاء مع السين (حسب) * * في أسماء الله تعالى (الحسيب) هو الكافي، فعيل بمعنى مفعل، من أحسبني الشئ: إذا كفاني. وأحسبته وحسبته بالتشديد أعطيته ما يرضيه حتى يقول حسبي. ومنه حديث عبد الله بن عمرو (قال له النبي صلى الله عليه وسلم: يحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام)، أي يكفيك. ولو روي (بحسبك أن تصوم) أي كفايتك، أو كافيك، كقولهم
[ 367 ]
بحسسبك قول السوء، والباء زائدة لكان وجها. (ه) وفيه (الحسب المال، والكرم التقوى) الحسب في الأصل. الشرف بالآباء وما يعده الناس من مفاخرهم. وقيل الحسب والكرم يكونان في الرجل وإن لم يكن له آباء لهم شرف. والشرف والمجد لا كونان إلا بالآباء، فجعل المال بمنزلة شرف النفس أو الآباء. والمعنى أن الفقير ذا الحسب لا يوقر ولا يحتفل به، والغني الذي لا حسب له يوقر ويجل في العيون. (ه) ومنه الحديث الآخر (حسب المرء خلقه، وكرمه دينه ومنه حديث عمر رضي الله عنه (حسب المرء دينه، ومروءته خلقه). وحديثه الآخر (حسب الرجل نقاء ثوبيه) أي أنه يقر لذلك حيث هو دليل الثروة والجدة. (ه) ومنه الحديث (تنكح المرأة لميسمها وحسبها) قيل الحسب ها هنا الفعال الحسن. (ه) ومنه حديث وفد هوازن (قال لهم اختاروا إحدى الطائفتين: إما المال، وإما السبي، فقالوا: أما إذ خيرتنا بين المال والحسب فإنا نختار الحسب، فاختاروا أبناءهم ونساءهم) أرادوا أن فكاك الأسرى وإيثاره على استرجاع المال حسب وفعال حسن، فهو بالاختيار أجدر. وقيل: المراد بالحسب ها هنا عدد ذوي القرابات، مأخوذا من الحساب، وذلك أنهم إذا تفاخروا عد كل واحد منهم مناقبه ومآثر آبائه وحسبها. فالحسب: العد والمعدود. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفيه (من صام رمضان إيمانا واحتسابا) أي طلبا لوجه الله وثوابه. فالاحتساب من الحسب، كالاعتداد من العد، وإنما قيل لمن ينوي بعمله وجه الله احتسبه، لأن له حينئذ أن يعتد عمله، فجعل في حال مباشرة الفعل كأنه معتد به. والحسبة اسم من الاحتساب، كالعدة من الاعتداد، والاحتساب في الأعمال الصلحة، وعند المكروهات هو البدار إلى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب المرجو منها.
[ 368 ]
(ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أيها الناس احتسبوا أعمالكم، فإن من احتسب عمله كتب له أجر عمله وأجر حسبته. (ه) ومنه الحديث (من مات له ولد فاحتسبه) أي احتسب الأجر بصبره على مصيبته. يقال: احتسب فلان ابنا له: إذا مات كبيرا، وافترطه (في الأصل (وأفرطه) والمثبت هو الصحيح) إذا مات صغيرا، ومعناه: اعتد مصيبته به في جملة بلايا الله التي يثاب على الصبر عليها. وقد تكرر ذكر الاحتساب في الحديث. (ه) وفي حديث (هذا ما اشترى طلحة من فلان فتاه بخمسمائة درهم بالحسب والطيب) أي بالكرامة من المشتري والبائع، والرغبة وطيب النفس منهما. وهو من حسبته إذا أكرمته. وقيل هو من الحسبانة، وهي الوسادة الصغيرة. يقال حسبت الرجل إذا وسدته، وإذا أجلسته على الحسبانة. ومنه حديث سماك (قال شعبة: سمعته يقول: ما حسبوا ضيفهم) أي ما أكرموه. (ه) وفي حديث الأذان (إنهم يجتمعون فيتحسبون الصلاة، فيجيئون بلا داع) أي يتعرفون ويتطلبون وقتها وقتها ويتوقعونه، فيأتون المسجد قبل أن يسمعوا الأذان. والمشهور في الرواية يتحينون، من الحين: الوقت: أي يطلبون حينها. ومنه حديث بعض الغزوات (أنهم كانوا يتحسبون الأخبار) أي يطلبونها. وفي حديث يحي بن يعمر (كان إذا هبت الريح يقول: لا تجعلها حسبانا) أي عذابا. وفيه (أفضل العمل منح الرغاب، لا يعلم حسبان أجرها إلا الله عز وجل) والحسبان بالضم: الحساب. يقال: حسب يحسب حسبانا وحسبانا. (حسد * فيه (لا حد إلا في اثنتين) الحسد: يرى الرجل لأخيه نعمة فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه. والغبط: أن يتمنى أن يكون له مثلها ولا يتمنى زوالها عنه. والمعنى: ليس حسد لا يضر إلا في اثنتين. (حسر) ه س) فيه (لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب) أي يكشف. يقال: حسرت العمامة عن رأسي، والثوب عن بدني: أي كشفتهما. ومنه الحديث (فحسر عن ذراعيه) أي أخرجهما من كميه. (س) وحديث عائشة (وسئلت عن امرأة طبقها زوجها فتزوجها رجل فتحسرت بين
[ 369 ]
يديه) أي قعدت حاسرة مكشوفة الوجه. (س) ومنه حديث يحي بن عباد (ما من ليلة إلا ملك يحسر عن دواب الغزاة الكلال) أي يكشف. ويروى يحس. وسيجئ. (س) ومنه حديث علي (ابنوا المساجد حسرا فإن ذلك سيماء المسلمين) أي مكشوفة الجدر لا شرف لها ومثله حديث أنس (ابنوا المساجد جما) والحسر جمع حاسر وهو الذي لا درع عليه ولا مغفر. (ه) ومنه حديث أبي عبيدة رضي الله عنه (أنه كان يوم الفتح على الحسر) جمع حاسر كشاهد وشهد. (ه) وفي حديث جابر بن عبد الله (فأخذت حجرا فكسرته وحسرته) يريد غصنا من أغصان الشجرة: أي قشره بالحجر. (ه) وفيه (ادعوا الله عز وجل ولا تستحسروا) أي لا تملوا. وهو استفعال في حسر إذا أعيا وتعب، ويحسر حسورا فهو حسير. ومنه حديث جرير (ولا يحسر صابحا) أي لا يتعب ساقيها، وهو أبلغ. (ه) ومنه الحديث (الحسير لا يعقر) هو المعي منها، فعيل بمعنى مفعول، أو فاعل: أي لا يجوز للغازي إذا حسرت دابته وأعيت أن يعقرها مخافة أن يأخذها العدو، ولكن يسيبها. ويكون لازما ومتعديا. (ه) ومنه الحديث (حسر أخي فرسا له بعين النمر وهو خالد بن الوليد). ويقال فيه أحسر أيضا. (ه) وفيه (يخرج في آخر الزمان رجل يسمى أمير العصب، أصحابه محسرون محقرون) أي مؤذون محمولون على الحسرة، أو مطرودون متعبون، من حسر الدابة إذا أتعبها. (حسس) ه) فيه (أنه قال لرجل: متى أحسست أم ملدم) أي متى وجدت مس الحمى. والإحساس، وهي مشاعر الإنسان كالعين والأذن والأنف واللسان واليد.
[ 370 ]
(ه) ومنه الحديث (أنه كان في مسجد الخيف فسمع حس حية) أي حركتها وصوت مشيها. ومنه الحديث (إن الشيطان حساس لحاس) أي شديد الحس والإدراك. [ ه ] وفيه (لا تحسسوا، ولا تجسسوا) قد تقدم ذكره في حرف الجيم مستوفى. وفي حديث عوف بن مالك (فهجمت على رجلين فقلت: هل حستما من شئ ؟ قالا: لا) حست وأحسست بمعنى، فحذف إحدى السيبين تخفيفا: أي هل أحسستما من شئ: وقيل غير ذلك. وسيرد مبينا في آخر هذا الباب. (ه) وفي حديث عمر (أنه مر بامرأة قد ولدت، فدعا لها بشربة من سويق وقال: اشربي هذا فإنه يقطع الحس) الحس: وجع يأخذ المرأة عند الولادة وبعدها. وفيه (حسوهم بالسيف حسا) أي استأصلوهم قتلا، كقوله تعالى (إذ تحسنهم بإذنه) وحس البرد والكل إذا أهلكته واستأصله. ومنه حديث علي رضي الله عنه (لقد شفى وحاوح صدري حسكم إياهم بالنصال). ومنه حديثه الآخر (كما أزالوكم حسا بالنصال) ويروى بالشين المعجمة. وسيجئ. (ه) ومنه الحديث في الجراد (إذا حسه البرد فقتله). (ه) ومنه حديث عائشة (فبعث إليه بجراد محسوس) أي قتله البرد. وقيل هو الذي مسته النار. (ه) وفي حديث زيد بن صوحان (ادفنوني في ثياب ولا تحسوا عني ترابا) أي لا تنفضوه. ومنه حس الدابة: وهو نقض التراب عنها. [ ه ] ومنه حديث يحي بن عباد (ما من ليلة أو قرية إلا وفيها ملك يحس عن ظهور دواب الغزاة الكلال) أي يذهب عنها التعب بحسها وإسقاط التراب عنها. وفيه (أنه وضع يده في البرمة ليأكل فاحترقت أصابعه، فقال: حس) هي بكسر السين والتشديد: كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضه وأحرقه غفلة، كالجمرة والضربة ونحوهما.
[ 371 ]
(ه) ومنه الحديث (أصاب قدمه قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: حس). ومنه حديث طلحة رضى الله عنه (حين قطعت أصابعه يوم أحد فقال: حس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو قلت بسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون) وقد تكرر في الحديث. وفيه (أن رجلا قال: كانت لي ابنة عم فطلبت نفسها، فقالت: أو تعطيني مائة دينار ؟ فطلبتها من حسي وبسي) اي من كل جهة. يقال: جئبه من حسك وبسك: أي من حيث شئت. (س) وفي حديث قتادة (إن المؤمن ليحس للمنافق) أي يأوي إليه ويتوجع. يقال: حسست له بالفتح والكسر أحس: أي رققت له. (حسف [ ه ] فيه (أن عمر رضي الله عنه كان يأتيه أسلم بالصاع من التمر، فيقول: يا أسلم حت عنه قشره، قال: فأحسفه ثم يأكله) الحسف كالحت، وهو إزالة القشر. ومنه حديث سعد بن أبي وقاص (قال عن مصعب بن عمير: لقد رأيت جلده يتحسف تحسف جلد الحية) أي يتقشر. (حسك [ ه ] فيه (تياسروا في الصداق، فإن الرجل ليعطي المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة) أي عداوة وحقدا. يقال: هو حسك الصدر على فلان. [ ه ] وفي حديث خيفان (أما هذا الحي من بلحارث بن كعب فحسك أمراس) الحسك: جمع حسكة، وهي شوكة صلبة معروفة. ومنه حديث عمرو بن معدي كرب (بنو الحارث حسكة مسكة). [ ه ] وفي حديث أبي أمامة (أنه قال لقوم: إنكم مصررون محسكون) هو كناية عن الإمساك والبخل، والصر على الشئ الذي عنده. قاله شمر. وفيه ذكر (حسيكة) هو بضم الحاء وفتح السين: موضع بالمدينة كان به يهود من يهودها. (حسم) ه) في حديث سعد رضي الله عنه (أنه كواه في أكحله ثم حسمه) أي قطع الدم عنه بالكي. (ه) ومنه الحديث (أنه أتي بسارق فقال اقطعوه ثم احسموه) أي اقطعوا يده ثم اكووها لينقطع الدم.
[ 372 ]
(ه) ومنه الحديث (عليكم بالصوم فإنه محسمة للعرق) أي مقطعة للنكاح. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه (فله مثل قور حسما) حسما بالكسر والقصر: اسم بلد جذام. والقور جمع قارة: وهي دون الجبل. (حسن * في حديث الإيمان (قال: فما الإحسان ؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه) أراد بالإحسان الإخلاص، وهو شرط في صحة الإيمان والإسلام معا. وذلك أن من تلفظ بالكلمة وجاء بالعمل من غير نية إخلاص لم يكن محسنا، ولا كان إيمانه صحيحا. وقيل: أراد بالإحسان الإشارة إلى المراقبة وحسن الطاعة، فإن من راقب الله أحسن عمله، وقد أشار إليه في الحديث بقوله (فإن لم تكن تراه فإنه يراك). (ه) وفي حديث أبي هريرة (قال كنا عنده صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس، وعنده الحسن والحسين، فسمع تولول فاطمة رضي الله عنها وهي تناديهما: يا حسنان، يا حسينان، فقال: الحقا بأمكما) غلبت أحد الاسمين على الآخر، كما قالوا العمران لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، والقمران للشمس والقمر. (ه) وفي حديث أبي رجاء (أذكر مقتل بسطام بن قيس على الحسن) هو بفتحتين جبل معروف من رمل. وكان أبو رجاء قد عمر مائة وثماني وعشرين سنة. (حسا * فيه (ما أسكر منه الفرق فالحسوة منه حرام) الحسوة بالضم: الجرعة من الشراب بقدر ما يحسى مرة واحدة. والحسوة بالفتح: المرة. وفيه ذكر (الحساء) وهو بالفتح والمد: طبيخ يتخذ من دقيق وماء ودهن، وقد يحلى ويكون رقيقا يحسى. وفي حديث أبي التيهان (ذهب يستعذب لنا الماء من حسي بني حارثة) الحسي بالكسر وسكون السين، وجمعه أحساء: حفيرة قريبة القعر، قيل إنه لا يكون إلا في أرض أسفلها حجارة وفوقها رمل، فإذا أمطرت نشفها الرمل، فإذا انتهى إلى الحجارة أمسكته. (س) ومنه الحديث (أنهم شربوا من ماء الحسي). (س) وفي حديث عوف بن مالك (فهجمت على رجلين، فقلت: هل حستما من
[ 373 ]
شئ) قال الخطابي: كذا ورد، وإنما هو: هل حسيتما ؟ يقال: حسيت الخبر بالكسر: أي علمته، وأحست الخبر، وحسست بالخبر، وأحسست به، كأن الأصل فيه حسست، فأبدلوا إحدى السنين ياء. وقيل هو من باب ظلت ومست، في ظللت ومسست، في حذف أحد المثلين. ومنه قول أبي زبيد خلا أن العتاق من المطايا * أحسن به فهن إليه شوس ويروى حسين: أي أحسسن وحسسن. باب الحاء مع الشين (حشحش) ه) في حديث علي وفاطمة (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلينا قطيفة، فلما رأيناه تحشحشنا، فقال: مكانكما) التحشحش: التحرك للنهوض. يقال سمعت له حشحشة وخشخشة: أي حركة. (حشد * في حديث فضل سورة الإخلاص (احشدوا فإني سأقرأ عليكم ثلث القرأن) أي اجتمعوا واستحضروا الناس. والحشد: الجماعة. واحتشد القوم لفلان: تجمعوا له وتأهبوا. (ه) ومنه حديث أم معبد (محفود محشود) أي أن أصحابه يخدمونه ويجتمعون إليه. (ه) وحديث عمر (قال في عثمان رضي الله عنهما: إني أخاف حشده). وحديث وفد مذحج (حشد رفد) الحشد بالضم والتشديد: جمع حاشد. (س) وحديث الحجاج (أمن أهل المحاشد والمخاطب) أي مواضع الحشد والخطب. وقيل هما جمع الحشد والخطب على غير قياس، كالمشابه والملامح: أي الذين يجمعون الجموع للخروج. وقيل المخطبة الخطبة، والمخاطبة مفاعلة، من الخطاب والمشاورة. (حشر * في أسماء النبي صلى الله عليه وسلم (قال: إن لي أسماء، وعد فيها: وأنا الحاشر) أي الذي
[ 374 ]
يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره. وقوله: إن لي أسماء، أراد أن هذه الأسماء التي عدها مذكورة في كتب الله تعالى المنزلة على الأمم التي كذبت بنبوته حجة عليهم. (ه) وفيه (انقطعت الهجرة إلا من ثلاث: جهاد أو نية أو حشر) أي جهاد في سبيل الله، أو نية يفارق بها الرجل الفسق والفجور إذا لم يقدر على تغييره، أو جلاء ينال الناس فيخرجون عن ديارهم. والحشر: هو الجلاء عن الأوطان. وقيل: أراد بالحشر الخروج في النفير إذا عم. وفيه (نار تطرد الناس إلى محشرهم) يريد به الشام، لأن بها يحشر الناس ليوم القيامة. ومنه الحديث الآخر (وتحشر بقيتهم النار) أي تجمعهم وتسوقهم. وفيه (أن وفد ثقيف اشترطوا أن لا يعشروا ولا يحشروا) أي لا يندبون إلى المغازي، ولا تضرب عليهم البعوث. وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم، بل يأخذوها في أماكنهم. ومنه حديث صلح أهل نجران (على أن لا يحشرن) يعني للغزاة، فإن الغزو ولا يجب عليهن. (س) وفيه (لم تدعها تأكل من حشرات الأرض) هي صغار دواب الأرض، كالضب، واليربوع. وقيل هي هوام الأرض مما لا سم له، واحدها حشرة. (س) ومنه حديث التلب (لم أسمع لحشرة الأرض تحريما). وفي حديث جابر (فأخذت حجرا فكسرته وحشرته) هكذا جاء في رواية، وهو من حشرت السنان إذا دققته وألطفته. والمشهور بالسين المهملة. وقد ذكر. (حشرج * فيه (ولكن إذا شخص البصر، وحشرج الصدر، فعند ذلك من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه) الحشرجة: الغرغرة عند الموت وتردد النفس.
[ 375 ]
ومنه حديث عائشة (دخلت على أبيها عند موته فأنشدت لعمرك ما يغني الثراء ولا الغنى * إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فقال: ليس كذلك ولكن (جاءت سكرة الحق بالموت) وهي قراءة منسوبة إليه. والقراءة بتقديم الموت على الحق. (حشش * في حديث الرؤيا (وإذا عنده نار يحشها) أي يوقدها. يقال: حششت النار أحشها إذا ألهبتهما وأضرمتها. (ه) ومنه حديث أبي بصير (ويل امه محش حرب لو كان معه رجال) يقال: حش الحرب إذا أسعرها وهيجها، تشبيها بإسعار النار. ومنه يقال للرجل الشجاع: نعم محش الكتيبة. [ ه ] ومنه حديث عائشة تصف أباها رضي الله عنهما (وأطفأ ما حشت يهود) أي ما أوقدت من نيران الفتنة والحرب. (س) وفي حديث زينب بنت جحش (قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربني بمحشة) أي قضيب، جعلته كالعود الذي تحش به النار: أي تحرك، كأنه حركها لتفهم ما يقول لها. وفي حديث علي رضي الله عنه (كما أزالوكم حشا (روي بالسين المهملة. وسبق) بالنصال) أي إسعارا وتهييجا بالرمي. (ه) وفيه (أن رجلا من أسلم كان في غنيمة له يحش عليها) قالوا: إنما هو يهش بالهاء: أي يضرب أغصان الشجر حتى ينتثر ورقها، من قوله تعالى (وأهش بها على غنمي) وقيل: إن يحش ويهش بمعنى، أو محمول على ظاهره، من الحش: قطع الحشيش. يقال حشه واحتشه، وحش على دابته، إذا قطع لها الحشيش. (س) ومنه حديث عمر (أنه رأى رجلا يحتش في الحرم فزبره) أي يأخذ الحشيش، وهو اليابس من الكلأ. (س) ومنه حديث أبي السليل (قال: جاءت ابنة أبي ذر عليها محش صوف) أي كساء خشن خلق، وهو من المحش بالفتح والكسر: الكساء الذي يوضع فيه الحشيش إذا أخذ.
[ 376 ]
(س) وفيه (إن هذه الحشوش مختضرة) يعني الكنف ومواضع قضاء الحاجة، الواحد حش بالفتح. وأصله من الحش: البستان، لأنهم كانوا كثيرا ما يتغوطون في البساتين. ومنه حديث عثمان (أنه دفن في حش كوكب) وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع. (ه) ومنه حديث طلحة (أدخلوني في الحش فوضعوا اللج على قفي) ويجمع الحش - بالفتح والضم - على حشان. ومنه الحديث (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلى في حشان). (ه) وفيه نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تؤتى النساء في محاشهن) هي جمع محشة، وهي الدبر. قال الأزهري: ويقال أيضا بالسين المهملة، كنى بالمحاش عن الأدبار، كما يكنى بالحشوش عن مواضع الغائط. (س) ومنه حديث ابن مسعود (محاش النساء عليكم حرام). (س) ومنه حديث جابر (نهى عن إتيان النساء في حشوشهن) أي أدبارهن. [ ه ] وفي حديث عمر (أتي بامرأة مات زوجها، فاعتدت أربعة أشهر وعشرا، ثم تزوجت رجلا فمكثت عنده أربعة أشهر ونصفا، ثم ولدت، فدعا عمر نساء فسألهن عن ذلك، فقلن: هذه امرأة كانت حاملا من زوجها الأول، فلما مات حش ولدها في بطنها) أي يبس. يقال: أحشت المرأة فهي محش، إذا صار ولدها كذلك. والحش: الولد الهالك في بطن أمه. ومنه الحديث (أن رجلا أراد الخروج إلى تبوك، فقالت له أمه أو امرأته: كيف بالودي ؟ فقال: الغزو أنمى للودي، فما متت منه ودية ولا حشت) أي يبست. (س) ومنه حديث زمزم (فانفلتت البقرة من جازرها بحشاشة نفسها) أي برمق بقية الحياة والروح. (حشف) س) فيه (أنه رأى رجلا علق قنو حشف تصدق به) الحشف: اليابس الفاسد
[ 377 ]
من التمر. وقيل الضعيف الذي لا نوى له كالشيص. وفي حديث علي رضي الله عنه (في الحشفة الدية) الحشفة: رأس الذكر إذا قطعها إنسان وجبت عليه الدية كاملة. (ه) وفي حديث عثمان (قال له أبان بن سعيد: مالي أراك متحشفا ؟ أسبل، فقال: هكذا كانت إزرة صاحبنا صلى الله عليه وسلم) المتحشف: اللابس للحشيف: وهو الخلق. وقيل: المتحشف المبتئس المتقبض، والإزرة بالكسر: حالة التأزر. (حشك * في حديث الدعاء (اللهم اغفر لي قبل حشك النفس، وأن العروق) الحشك: النزع الشديد، حكاه ابن الأعرابي. (حشم * في حديث الأضاحي (فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهم عيالا وحشما) الحشم بالتحريك: جماعة الإنسان اللائذون به لخدمته. (س) وفي حديث علي في السارق (إني لأحتشم أن لا أدع له يدا) أي استحي وأنقبض، والحشمة: الاستحياء، وهو يتحشم المحارم: أي يتوقاها. (حشن * في حديث أبي الهيثم بن التيهان (من حشانة) أي سقاء متغير الريح. يقال: حشن السقاء يحشن فهو حشن إذا تغيرت رائحته لبعد عهده بالغسل والتنظيف. وفيه ذكر (حشان) هو بضم الحاء وتشديد الشين: أطم من آطام المدينة على طريق قبور الشهداء. (حشا) س) في حديث الزكاة (خذ من حواشي أموالهم) هي صغار الإبل، كابن المخاض، وابن اللبون، واحدها حاشية. وحاشية كل شئ جانبه وطرفه. وهو كالحديث الآخر (اتق كرائم أموالهم). (ه) ومنه الحديث (أنه كان يصلي في حاشية المقام) أي جانبه وطرفه، تشبيها بحاشية الثوب. ومنه حديث معاوية (لو كنت من أهل البادية لنزلت من الكلأ الحاشية). (ه) وفي حديث عائشة (مالي أرك حشياء رابية) أي مالك قد وقع عليك الحشا، وهو الربو والنهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه، والحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره. يقال: رجل حش وحشيان، وامرأة حشية وحشيا. وقيل: أصله من إصابة الربو حشاه.
[ 378 ]
وفي حديث المبعث (ثم شقا بطني وأخرجا حشوتي) الحشوة بالضم والكسر: الأمعاء. ومنه حديث مقتل عبد الله بن جبير (إن حشوته خرجت). ومنه الحديث (محاشي النساء حرام) هكذا جاء في رواية. وهي جمع محشاة: لأسفل مواضع الطعام من الأمعاء، فكنى به عن الأدبار. فأما الحشا فهو ما انضمت عليه الضلوع والخواصر والجمع أحشاه. ويجوز أن تكون المحاشي جمع المحشى بالكسر، وهي العظامة التي تعظ بها المرأة عجيزتها، فكنى بها عن الأدبار. (س) وفي حديث المستحاضة (أمرها أن تغتسل، فإن رأت شيئا احتشت) أي استدخلت شيئا يمنع الدم من القطر، وبه سمي الحشو للقطن، لأنه يحشى به الفرش وغيرها. وفي حديث علي رضي الله (من يعذرني من هؤلاء الضياطرة، يتخلف أحدهم يتقلب على حشاياه) أي على فراشه، واحدها حشية بالتشديد. ومنه حديث عمرو بن العاص (ليس أخو الحرب من يضع خور الحشايا عن يمينه وشماله). باب الحاء مع الصاد (حصب) ه) فيه (أنه أمر بتحصيب المسجد) وهو أن تلقى فيه الحصباء، وهو الحصى الصغار. ومنه حديث عمر (أنه حصب المسجد، وقال: هو أغفر للنخامة) أي أستر للبزاقة إذا سقطت فيه. ومنه الحديث (نهى عن مس الحصباء في الصلاة) كانوا يصلون على حصباء المسجد ولا حائل بين وجوهم وبينها، فكانوا إذا سجدوا سووها بأيديهم، فنهوا عن ذلك، لأنه فعل من غير أفعال الصلاة، والبعث فيها لا يجوز، وتبطل به إذا تكرر. ومنه الحديث (إن كان لا بد من مس الحصباء فواحدة) أي مرة واحدة، رخص له فيها لأنها غير مكررة. وقد تكرر حديث مس الحصباء في الصلاة.
[ 379 ]
وفي حديث الكوثر (فأخرج من حصبائه فإذا ياقوت أحمر) أي حصاه الذي في قعره. (س) وفي حديث عمر (قال: يالخزيمة حصبوا) أي أقيموا بالمحصب، وهو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة ومنى. [ ه ] ومنه حديث عائشة (ليس التحصيب بشئ) أرادت به النوم بالمحصب عند الخروج من مكة ساعة والنزول به، وكان النبي صلى الله عليه وسلم نزله من غير أن يسنه للناس، فمن شاء حصب، ومن شاء لم يحصب. والمحصب أيضا: موضع الجمار بمنى، سميا بذلك للحصى الذي فيهما. ويقال لموضع الجمار أيضا حصاب، بكسر الحاء. [ ه ] وفي حديث مقتل عثمان (أنهم تحاصبوا في المسجد حتى ما أبصر أديم السماء) أي تراموا بالحصباء. ومنه حديث ابن عمر (أنه رأى رجلين يتحدثان والإمام يخطب، فحصبهما) أي رجمها بالحصباء يسكتهما. وفي حديث علي (قال للخوارج: أصابكم حاصب) أي عذاب من الله. وأصله رميتم بالحصباء من السماء. (س) وفي حديث مسروق (أتينا عبد الله في مجدرين ومحصبين) هم الذين أصابهم الجدري والحصبة، وهما بثر يظهر في الجلد. يقال: الحصبة بسكون الصاد وفتحها وكسرها. (حصحص) ه) في حديث على (لأن أحصحص في يدي جمرتين أحب إلي من أن أحصحص كعبتين) الحصحصة: تحريك الشئ أو تحركه حتى يستقر ويتمكن. (ه) ومنه حديث سمرة (أنه أتي بعنين، فأدخل معه جارية، فلما أصبح قال له: ما صنعت ؟ قال: فعلت حتى حصحص فيها) أي حركته حتى استمكن واستقر، فسأل الجارية فقالت: لم يصنع شيئا، فقال: خل سبيلها يا محصحص). (حصد (ه) فيه (أنه نهى عن حصاد الليل) الحصاد بالفتح والكسر: قطع الزرع. وإنما نهي عنه لمكان المساكين حتى يحضروه. وقيل لأجل الهوام كيلا تصيب الناس. ومنه حديث الفتح (فإذا لقيتموهم غدا أن تحصدوهم حصدا) أي تقتلوهم وتبالغوا في قتلهم واستئصالهم، مأخوذ من حصد الزرع.
[ 380 ]
(ه) ومنه الحديث (وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم) أي ما يقتطعونه من الكلام الذي لا خير فيه، واحدتها حصيدة، تشبيها بما يحصد من الزرع، وتشبيها للسان وما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي يحصد به. ومنه حديث ظبيان (يأكلون حصيدها) الحصيد: المحصود، فعيل بمعنى مفعول. (حصر * في حديث الحج (المحصر بمرض لا يحل حتى يطوف بالبيت) الإحصار: المنع والحبس. يقال: أحصره المرض أو السلطان إذا منعه عن مقصده، فهو محصر، وحصره إذا حبسه فهو محصور. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث زواج فاطمة (فلما رأت عليا إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم حصرت وبكت) أي استحيت وانقطعت، كأن الأمر ضاق بها كما يضيق الحبس على المحبوس. وفي حديث القبطي الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا بقتله (قال: فرفعت الريح ثوبه فإذا هو حصور) الحصور: الذي لا يأتي النساء، سمي به لأنه حبس عن الجماع ومنع، فهو فعول بمعنى مفعول. وهو في هذا الحديث المجبوب الذكر والأنثيين، وذلك أبلغ في الحصر لعدم آلة الجماع. وفيه (أفضل الجهاد وأجمله حج مبرور، ثم لزوم الحصر) وفي رواية أنه قال لأزواجه: (هذه ثم لزوم الحصر): أي أنكن لا تعدن تخرجن من بيوتكن وتلزمن الحصر، هي جمع الحصير الذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفا. (ه) وفي حديث حذيفة (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير) أي تحيط بالقلوب يقال: حصر به القوم: أي أطافوا. وقيل: هو عرق يمتد معترضا على جنب الدابة إلى ناحية بطنها، فشبه الفتن بذلك. وقيل هو ثوب مزخرف منقوش إذا نشر أخذ القلوب بحسن صنعته، فكذلك الفتنة تزين وتزخرف للناس، وعاقبة ذلك إلى غرور. (ه) وفي حديث أبي بكر (أن سعدا الأسلمي قال: رأيته بالخذوات وقد حل سفرة معلقة في مؤخرة الحصار) الحصار: حقيبة يرفع مؤخرها فيجعل كآخرة الرحل، ويحشى مقدمها فيكون كقادمته، وتشد على البعير ويركب. يقال منه: احتصرت البعير [ بالحصار ]. (ه) وفي حديث ابن عباس (ما رأيت أحدا أخلق للملك من معاوية، كان الناس يردون منه أرجاء واد رحب، ليس مثل الحصر العقص) يعني ابن الزبير. الحصر: البخيل
[ 381 ]
والعقص: الملتوي الصعب الأخلاق. (حصص) س) فيه (فجاءت سنة حصت كل شئ) أي أذهبته. والحص: إذهاب الشعر عن الرأس بحلق أو مرض. (ه) ومنه حديث ابن عمر (أتته امرأة فقالت: إن ابنتي تمعط شعرها وأمروني أن أرجلها بالخمر، فقال: إن فعلت ذلك فألقى الله في رأسها الحاصة) هي العلة التي تحص الشعر وتذهبه. (ه) ومنه حديث معاوية (كان أرسل رسولا من غسان إلى ملك الروم، وجعل له ثلاث ديات على أن ينادي بالأذان إذا دخل مجلسه، ففعل الغساني ذلك، وعند الملك بطارقته، فهموا بقتله فنهاهم، وقال: إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدرا وهو رسول، فيفعل مثل ذلك بكل مستأمن منا، فلم يقتله، ورجع إلى معاوية، فلما رآه قال: أفلت وانحص الذنب: أي انقطع. فقال: كلا إنه لبهلبه) أي بشعره، يضرب مثلا لمن أشفى على الهلاك ثم نجا. (ه) وفي حديث أبي هريرة (إذا سمع الشيطان الأذان ولى وله حصاص) الحصاص: شدة العدو وحدته. وقيل: هو أن يمصع بذنبه ويصر بأذنيه ويعدو. وقيل هو الضراط. [ ه ] وفي شعر ابي طالب: بميزان قسط لا يحص شعيرة أي لا ينقص. (حصف * في كتاب عمر إلى أبي عبيدة (أن لا يمضي أمر الله إلا بعيد الغرة حصيف العقدة) الحصيف: المحكم العقل. وإحصاف الأمر: إحكامه. ويريد بالعقدة ها هنا الرأي والتدبير. (حصل * فيه (بذهبة (في ا واللسان: يذهب) لم تحصل من ترابها) أي لم تخلص. وحصلت الأمر: حققته وأثبته والذهب يذكر ويؤنث. (حصلب) ه) في صفة الجنة (وحصلبها الصوار) الحصلب: التراب. والصوار: المسك.
[ 382 ]
(حصن * * فيه ذكر (الإحصان والمحصنات في غير موضع) أصل الإحصان: المنع. والمرأة تكون محصنة بالإسلام، وبالعفاف، والحرية، وبالتزويج. يقال أحصنت المرأة فهي محصنة، ومحصنة. وكذلك الرجل. والمحصن - بالفتح - يكون بمعنى الفاعل والمفعول، وهو أحد الثلاثة التي جئن نوادر. يقال: أحصن فهو محصن، وأسهب فهو مسهب. وألفج فهو ملفج. ومنه شعر حسان يثني على عائشة: حصان رزان ما تزن بريبة * وتصبح غرثى من لحوم الغوافل الحصان بالفتح: المرأة العفيفة. وفي حديث الأشعث (تحصن في محصن) المحصن: القصر والحصن. يقال: تحصن العدو إذا دخل الحصن واحتمى به. (حصا * في أسماء الله تعالى (المحصي) هو الذي أحصى كل شئ بعلمه وأحاط به، فلا يفوته دقيق منها ولا جليل. والإحصاء: العد والحفظ. (ه) ومنه الحديث (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة) أي من أحصاها علما بها وإيمانا. وقيل: أحصاها: أي حفظها على قلبه. وقيل: أراد من استخرجها من كتاب الله تعالى وأحاديث رسوله، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعدها لهم، إلا ما جاء في رواية عن أبي هريرة وتكلموا فيها. وقيل: أراد من أطاق العمل بمقتضاها، مثل من يعلم أنه سميع بصير فيكف لسانه وسمعه عما لا يجوز له، وكذلك باقي الأسماء. وقيل: أراد من أخطر بباله عند ذكرها معناها، وتفكر في مدلولها معظما لمسماها، ومقدسا معتبرا بمعانيها، ومتدبرا راغبا فيها وراهبا. وبالجملة ففي كل اسم يجريه على لسانه يخطر بباله الوصف الدال عليه. ومنه الحديث (لا أحصي ثناء عليك) أي لا أحصي نعمك والثناء بها عليك، ولا أبلغ الواجب فيه. والحديث الآخر (أكل القرآن أحصيت ؟) أي حفظت. وقوله للمرأة (أحصيها حتى نرجع) أي احفظيها.
[ 383 ]
(ه) ومنه الحديث (استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة) أي استقموا في كل شئ حتى لا تميلوا، ولن تطيقوا الاستقامة، من قوله تعالى (علم أن لن تحصوه) أي لن تطيقوا عده وضبطه. (ه) وفيه (أنه نهى عن بيع الحصاة) هو أن يقول البائع أو المشتري: إذا نبذت إليك الحصاة فقد وجب البيع. وقيل: هو أن يقول: بعتك من السلع ما تقع عليه حصاتك إذا رميت بها، أو بعتك من الأرض إلى حيث تنتهي حصاتك، والكل فاسد لأنه من بيوع الجاهلية، وكلها غرر لما فيها من الجهالة. وجمع الحصاة: حصى. وفيه (وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصا ألسنتهم) هو جمع حصاة اللسان، وهي ذرابته. ويقال للعقل حصاة. هكذا جاء في رواية. والمعروف: حصائد ألسنتهم. وقد تقدمت. باب الحاء مع الضاد (حضج) ه) في حديث حنين (أن بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تناول الحصى ليرمي به المشركين فهمت ما أراد فانحضجت) أي انبسطت. وانحضج: إذا ضرب بنفسه الأرض غيظا. وانحضج من الغيظ: انقد وانشق. (ه) ومنه حديث أبي الدرداء (قال في الركعتين بعد العصر: أما أنا فلا أدعهما، فمن شاء أن ينحضج فلينحضج). (حضر * في حديث ورود النار (ثم يصدرون عنها بأعمالهم كلمح البرق، ثم كالريح، ثم كحضر الفرس) الحضر بالضم: العدو. وأحضر يحضر فهو محضر إذا عدا. ومنه الحديث (أنه أقطع الزبير حضر فرسه بأرض المدينة). (ه) ومنه حديث كعب بن عجرة (فانطلقت مسرعا أو محضرا فأخذت بضبعيه).
[ 384 ]
وفيه (لا يبع حاضر لباد) الحاضر: المقيم في المدن والقرى. والبادي: المقيم بالبادية. والمنهي عنه أن يأتي البدوي البلدة ومعه قوت يبغي التسارع إلى بيعه رخيصا، فيقول له الحضري: اتركه عندي لأغالي في بيعه. فهذا الصنيع محرم، لما فيه من الإضرار بالغير. والبيع إذا جرى مع المغالاة منعقد. وهذا إذا كانت السلعة مما تعم الحاجة إليها كالأقوات، فإن كانت لا تعم، أو كثر القوت واستغني عنه، ففي التحريم تردد، يعول في أحدهما على عموم ظاهر النهي، وحسم باب الضرر، وفي الثاني على معنى الضرر وزواله. وقد جاء عن ابن عباس أنه سئل عن معنى (لا يبع حاضر لباد) فقال: لا يكون له سمسارا. وفي حديث عمرو بن سلمة الجرمي (كنا بحاضر يمر بنا الناس) الحاضر: القوم النزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه. ويقال للمناهل المحاضر، للاجتماع والحضور عليها. قال الخطابي: ربما جعلوا الحاضر اسما للمكان المحضور. يقال نزلنا حاضر بني فلان، فهو فاعل بمعنى مفعول. ومنه حديث أسامة (وقد أحاطوا بحاضر فعم). (س) والحديث الآخر (هجرة الحاضر) أي المكان المحضور. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث أكل الضب (إني تحضرني من الله حاضرة) أراد الملائكة الذين يحضرونه. وحاضرة: صفة طائفة أو جماعة. ومنه حديث صلاة الصبح (فإنها مشهودة محضورة) أي تحضرها ملائكة الليل والنهار. (س) ومنه الحديث (إن هذه الحشوش محتضرة) أي يحضرها الجن والشياطين. وفيه (قولوا ما بحضرتكم) أي ما هو حاضر عندكم موجود، ولا تتكلفوا غيره. (س) ومنه حديث عمرو بن سلمة الجرمي (كنا بحضرة ماء) أي عنده. وحضرة الرجل: قربه. وفيه (أنه عليه الصلاة والسلام ذكر الأيام وما في كل منها من الخير والشر، ثم
[ 385 ]
قال: والسبت أحضر، إلا أن له أشطرا) أي هو أكثر شرا. وهو أفعل، من الحضور. ومنه قولهم: حضر فلان واحتضر: إذا دنا موته. وروي بالخاء المعجمة. وقيل هو تصحيف. وقوله: إلا أن له أشطرا: أي إن له خيرا مع شره. ومنه المثل (حلب الدهر أشطره) أي نال خيره وشره. وفي حديث عائشة (كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثوبين حضوريين) هما منسوبان إلى حضور، وهي قرية باليمن. وفيه ذكر (حضير) وهو بفتح الحاء وكسر الضاد: قاع يسيل عليه فيض النقيع، بالنون. (حضرم) س) في حديث مصعب بن عمير (أنه كان يمشي في الحضرمي) هو النعل المنسوبة إلى حضرموت المتخذة بها. (حضض (س) فيه (أنه جاءته هدية فلم يجد لها موضعا يضعها عليه، فقال: ضعه بالحضيض، فإنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد) الحضيض: قرار الأرض وأسفل الجبل. ومنه حديث عثمان (فتحرك الجبل حتى تساقطت حجارته بالحضيض). وفي حديث يحيى بن يعمر (كتب عن يزيد بن المهلب إلى الحجاج: إن العدو بعرعرة الجبل، ونحن بالحضيض). وفيه ذكر (الحض على الشئ) جاء في غير موضع، وهو الحث على الشئ. يقال: حضه، وحضضه، والاسم الحضيضا، بالكسر والتشديد والقصر. ومنه الحديث (فأين الحضيضا). وفي حديث طاوس (لا بأس بالحضض) يروى بضم الضاد الأولى وفتحها. وقيل هو بطاءين. وقيل بضاد ثم طاء، وهو دواء معروف. وقيل إنه يعقد من أبوال الإبل. وقيل: هو عقار، منه مكي، ومنه هندي، وهو عصارة شجر معروف له ثمر كالفلفل، وتسمى ثمرته الحضض. ومنه حديث سليم بن مطير (إذا أنا برجل قد جاء كأنه يطلب دواء أو حضضا). (حضن) س) فيه (أنه خرج محتضنا أحد ابني ابنته) أي حاملا له في حضنه. والحضن: الجنب. وهما حضنان.
[ 386 ]
(ه) ومنه حديث أسيد بن حضير (أنه قال لعامر بن الطفيل: اخرج بذمتك لا أنفذ حضنيك). ومنه حديث سطيح: كأنما حثحث من حضني ثكن * وحديث علي رضي الله عنه (عليكم بالحضنين) أي مجنبتي العسكر. ومنه حديث عروة بن الزبير (عجبت لقوم طلبوا العلم حتى إذا نالوا منه صاروا حضانا لأبناء الملوك) أي مربين وكافلين. وحضان: جمع حاضن، لأن المربي والكافل يضم الطفل إلى حضنه، وبه سميت الحاضنة، وهي التي تربي الطفل. والحضانة بالفتح: فعلها. وقد تكرر في الحديث. (ه) وفي حديث السقيفة (إن إخواننا من الأنصار يريدون أن يحضنونا من هذا الأمر) أي يخرجونا. يقال حضنت الرجل عن الأمر أحضنه حضنا وحضانة: إذا نحيته عنه وانفردت به دونه. كأنه جعله في حضن منه، أي جانب. قال الأزهري: قال الليث: يقال أحضنني من هذا الأمر: أي أخرجني منه. قال: والصواب حضنني. ومنه الحديث (أن امرأة نعيم أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن نعيما يريد أن يحضنني أمر ابنتي، فقال: لا تحضنها وشاورها). [ ه ] ومنه حديث ابن مسعود في وصيته (ولا تحضن زينب عن ذلك) يعني امرأته: أي لا تحجب عن وصيته ولا يقطع أمر دونها. (ه) وفي حديث عمران بن حصين (لأن أكون عبدا حبشيا في أعنز حضنيات أرعاهن حتى يدركني أجلي أحب إلي من أن أرمي في أحد الصفين بسهم أصبت أم أخطأت) الحضنيات منسوبة إلى حضن بالتحريك، وهو جبل بأعالي نجد. ومنه المثل (أنجد من رأى حضنا) وقيل هي غنم حمر وسود. وقيل: هي التي أحد ضرعيها أكبر من الآخر. باب الحاء مع الطاء (حطط * فيه (من ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة) أي تحط عنه خطاياه وذنوبه. وهي فعلة من حط الشئ يحطه إذا أنزله وألقاه. ومنه الحديث في ذكر حطة بني اسرائيل، وهو قوله تعالى (وقولوا حطة نغفر لكم
[ 387 ]
خطاياكم) أي قولوا حط عنا ذنوبنا، وارتفعت على معنى: مسألتنا حطة، أو أمرنا حطة. (ه) وفيه (جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غصن شجرة يابسة فقال بيده فحط ورقها) أي نثره. ومنه حديث عمر (إذا حططتم الرحال فشدوا السروج) أي إذا قضيتم الحج، وحططتم رحالكم عن الإبل، وهي الأكوار والمتاع، فشدوا السروج على الخيل للغزو. وفي حديث سبيعة الأسلمية (فحطت إلى السلب) أي مالت إليه ونزلت بقلبها نحوه. وفيه (أن الصلاة تسمى في التوراة حطوطا). (حطم) ه) في حديث زواج فاطمة رضي الله عنها (أنه قال لعلي: أين درعك الحطمية) هي التي تحطم السيوف: أي تكسرها. وقيل: هي العريضة الثقيلة. وقيل: هي منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال لهم حطمة بن محارب كانوا يعملون الدروع. وهذا أشبه الأقوال. (ه) ومنه الحديث (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: شر الرعاء الحطمة) هو العنيف برعاية الإبل في السوق والإيراد والإصدار، ويلقي بعضها على بعض، ويعسفها. ضربه مثلا لوالي السوء. ويقال أيضا حطم بلا هاء. ومنه حديث علي رضي الله عنه (كانت قريش إذا رأته في حرب قالت: احذروا الحطم احذروا القطم). ومنه قمل الحجاج في خطبته: قد لفها الليل بسواق حطم أي عسوف عنيف. والحطم من أبنية المبالغة، وهو الذي يكثر منه الحطم. ومنه سميت النار الحطمة: لأنها تحطم كل شئ. ومنه الحديث (رأيت جهنم يحطم بعضها بعضا). (س) ومنه حديث سودة (أنها استأذنت أن تدفع من منى قبل حطمة الناس) أي قبل
[ 388 ]
أن يزدحموا ويحطم بعضهم بعضا. وفي حديث توبة كعب بن مالك (إذن يحطمكم الناس) أي يدوسونكم ويزدحمون عليكم. [ ه ] ومنه سمي (حطيم مكة)، وهو ما بين الركن والباب. وقيل: هو الحجر المخرج منها، سمي به لأن البيت رفع وترك هو محطوما: وقيل لأن العرب كانت تطرح فيه ما طافت به من الثياب فتبقى حتى تنحطم بطول الزمان، فيكون فعيلا بمعنى فاعل. (ه) وفي حديث عائشة (بعد ما حطمه الناس). وفي رواية (بعد حطمتموه) يقال: حطم فلانا أهله: إذا كبر فيهم، كأنهم بما حملوه من أثقالهم صيروه شيخا محطوما. (ه) ومنه حديث هرم بن حبان (أنه غضب على رجل فجعل يتحطم غيظا) أي يتلظى ويتوقد، مأخوذ من الحطمة: النار. (س) وفي حديث جعفر (كنا نخرج سنة الحطمة) هي السنة الشديدة الجدب. (س) وفي حديث الفتح (قال للعباس: احبس أبا سفيان عند حطم الجبل) هكذا جاءت في الكتاب أبي موسى وقال: حطم الجبل: الموضع الذي حطم منه: أي ثلم فبقي منقطعا. قال: ويحتمل أن يريد عند مضيق الجبل، حيث يزحم بعضهم بعضا. ورواه أبو نصر الحميدي في كتابه بالخاء المعجمة، وفسرها في غريبه فقال: الخطم والخطمة: رعن الجبل، وهو الأنف النادر منه. والذي جاء في كتاب البخاري، وهو أخرج الحديث فيما قرأناه ورأيناه من نسخ كتابه (عند حطم الخيل) هكذا مضبوطا، فإن صحت الرواية به ولم يكن تحريفا من الكتبة فيكون معناه - والله أعلم - أنه يحبسه في الموضع المتضايق الذي تتحطم فيه الخيل. أي يدوس بعضها بعضا، ويزحم بعضها بعضا فيراها جميعها، وتكثر في عينه بمرورها في ذلك الموضع الضيق. وكذلك أراد بحبسه عند خطم الجبل على ما شرحه الحميدي، فإن الأنف النادر من الجبل يضيق الموضع الذي يخرج فيه. (حطا) ه) في حديث ابن عباس (قال: أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقفاي فحطاني حطوة) قال الهروي: هكذا جاء به الراوي غير مهموز. قال ابن الأعرابي: الحطو: تحريك (في اللسان: تحريكك) الشئ مزعزعا. وقال: رواه شمر بالهمز. يقال حطأه يحطؤه حطأ: إذا دفعه بكفه. وقيل: لا يكون الحطء إلا ضربة بالكف بين الكتفين.
[ 389 ]
ومنه حديث المغيرة (قال لمعاوية حين ولى عمرا: ما لبثك السهمي أن حطابك إذ تشاورتما) أي دفعك عن رأيك. باب الحاء مع الظاء (حظر * فيه (لا يلج حظيرة القدس مدمن خمر) أراد بحظيرة القدس الجنة. وهي في الأصل: الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والإبل، يقيهما البرد والريح. (ه) ومنه الحديث (لا حمى في الأراك، فقال له رجل: أراكة في حظري) أراد الأرض التي فيها الزرع المحاط عليها كالحظيرة، وتفتح الحاء وتكسر. وكانت تلك الأراكة التي ذكرها في الأرض التي أحياها قبل أن يحييها، فلم يملكها بالإحياء وملك والأرض دونها، إذ كانت مرعى للسارحة. ومنه الحديث (أتته امرأة فقالت: يا بني الله ادع الله لي فلقد دفنت ثلاثة، فقال: لقد احتظرت بحظار شديد من النار) والاحتظار: فعل الحظار، أراد لقد احتميت بحمى عظيم من النار يقيك حرها ويؤمنك دخولها. ومنه حديث مالك بن أنس (يشترط صاحب الأرض على المساقي شد الحظار) يريد به حائط البستان. (ه) وفي حديث أكيدر (لا يحظر عليكم النبات) أي لا تمنعون من الزراعة حيث شئتم. والحظر: المنع. ومنه قوله تعالى (وما كان عطاء ربك محظورا) وكثيرا ما يرد في الحديث ذكر المحظور، ويراد به الحرام. وقد حظرت الشئ إذا حرمته. وهو راجع إلى المنع. (حظظ) س) في حديث عمر (من حظ الرجل نفاق أيمه وموضع حقه) الحظ: الجد والبخت. وفلان حظيظ ومحظوظ، أي من حظه أن يرغب في أيمه، وهي التي لا زوج لها من بناته وأخواته، ولا يرغب عنهن، وأن يكون حقه في ذمة مأمون جحوده وتهضمه، ثقة وفي به. (حظا) س) في حديث موسى بن طلحة (قال: دخل علي طلحة وأنا متصبح فأخذ
[ 390 ]
النعل فحظاني بها حظيات ذوات عدد) أي ضربني بها، كذا روي بالظاء المعجمة. قال الحربي: إنما أعرفها بالطاء المهملة. وأما بالظاء فلا وجه له. وقال غيره: يجوز أن يكون من الحظوة بالفتح، وهو السهم الصغير الذي لا نصل له. وقيل كل قضيب ثابت في أصل فهو حظوة، فإن كانت اللفظة محفوظة فيكون قد استعار القضيب أو السهم للنعل. يقال: حظاه بالحظوة إذا ضربه بها، كما يقال عصاه بالعصا. وفي حديث عائشة (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى بي في شوال، فأي نسائه كان أحظى مني ؟) أي أقرب إليه مني وأسعد به. يقال: حظيت المرأة عند زوجها تحظى حظوة وحظوة بالضم والكسر: أي سعدت به ودنت من قلبه وأحبها. باب الحاء مع الفاء (حفد) ه) في حديث أم معبد (محفود محشود، لا عابس ولا مفند) المحفود: الذي يخدمه أصحابه ويعظمونه ويسرعون في طاعته. يقال حفدت وأحفدت، فأنا حافد ومحفود. وحفد وحفدة جمع حافد، كخدم وكفرة. ومنه حديث أمية (بالنعم محفود). ومنه دعاء القنوت (وإليك نسعى ونحفد) أي نسرع في العمل والخدمة. (ه) وحديث عمر، وذكر له عثمان للخلافة فقال (أخشى حفده) أي إسراعه في مرضات أقاربه. (حفر) س) في حديث أبي (قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التوبة النصوح فقال: هو الندم على الذنب حين يفرط منك، وتستغفر الله بندامتك عند الحافر، ثم لا تعود إليه أبدا) قيل: كانوا لكرامة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا يبيعونها إلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر: أي عند بيع ذات الحافر، وسيروه مثلا. ومن قال (عند الحافرة) فإنه لما جعل الحافر في معنى الدابة نفسها، وكثر استعماله من غير ذكر الذات ألحقت به علامة التأنيث، إشعارا بتسمية الذات بها، أو هي فاعلة من الحفر، لأن الفرس بشدة دوسها تحفر الأرض. هذا هو الأصل، ثم كثر حتى استعمل في كل أولية، فقيل: رجع إلى حافره وحافرته، وفعل كذا عند الحافر والحافرة. والمعنى تنجيز الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأخير، لأن التأخير من الإصرار. والباء في (بندامتك) بمعنى مع أو للاستعانة: أي تطلب
[ 391 ]
مغفرة الله بأن تندم. والواو في (وتستغفر) للحال، أو للعطف على معنى الندم. (ه) ومنه الحديث (إن هذا الأمر [ لا ] (الزيادة من ا، وشرح القاموس) يترك على حالته حتى يرد إلى حافرته) أي أول تأسيسه. ومنه حديث سراقة (قال: يا رسول الله أرأيت أعمالنا التي نعمل أمؤاخذون بها عند الحافر، خير فخير، أو شر فشر، أو شئ سبقت به المقادير وجفت به الأقلام ؟). وفيه ذكر (حفر أبي موسى) وهي بفتح الحاء والفاء: ركايا احتفرها على جادة البصرة إلى مكة. وفيه ذكر (الحفير) بفتح الحاء وكسر الفاء: نهر بالأردن نزل عنده النعمان بن بشير. وأما بضم الحاء وفتح الفاء، فمنزل بين ذي الحليفة وملل، يسلكه الحاج. (حفز) س) فيه عن أنس (من أشراط الساعة حفز الموت، قيل: وما حفز الموت ؟ قال: موت الفجأة) الحفز: الحث والإعجال. (ه) ومنه حديث أبي بكرة (أنه دب إلى الصف راكعا وقد حفزه النفس) وقد تكرر في الحديث. ومنه حديث البراق (وفي فخذيه جناحان يحفز بهما رجليه). [ ه ] ومنه الحديث (أنه عليه الصلاة والسلام أتي بتمر فجعل يقسمه وهو محتفز) أي مستعجل مستوفز يريد القيام. [ ه ] ومنه حديث ابن عباس (أنه ذكر عنده القدر فاحتفز) أي قلق وشخص به. وقيل: استوى جالسا على وركيه كأنه ينهض. ومنه حديث علي (إذا صلت المرأة فلتحتفز إذا جلست وإذا سجدت ولا تخوي كما يخوي الرجل) أي تتضام وتجتمع. وفي حديث الأحنف (كان يوسع لمن أتاه، فإذا لم يجد متسعا تحفز له تحفزا). (حفش) ه) في حديث ابن اللتبية (كان وجهه ساعيا على الزكاة، فرجع بمال، فقال: هلا قعد في حفش أمه فينظر أيهدى إليه أم لا) الحفش بالكسر: الدرج، شبه به بيت أمه
[ 392 ]
في صغره. وقيل: الحفش البيت الصغير الذليل القريب السمك، سمي به لضيقه. والتحفش: الانضمام والاجتماع. ومنه حديث المعتدة (كانت إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا، ولبست شر ثيابها) وقد تكرر في الحديث. (حفظ * في حديث حنين (أردت أن أحفظ الناس، وأن يقاتلوا عن أهليهم وأموالهم) أي أغضبهم، من الحفيظة: الغضب. (ه) ومنه الحديث (فبدرت مني كامة أحفظته) أي أغضبته. (حفف * في حديث أهل الذكر (فيحفونهم بأجنحتهم) أي يطوفون بهم ويدورون حولهم. وفي حديث آخر (إلا حفتهم الملائكة). (ه) وفيه (من حفنا أو رفنا فليقتصد) أي من مدحنا فلا يغلون فيه. والحفة: الكرامة التامة. (ه) وفيه (ظلل الله مكان البيت غمامة، فكانت حفاف البيت) أي محدقة به. وحفافا الجبل: جانباه. (ه) ومنه حديث عمر رضي الله عنه (كان أصلع، له حفاف) هو أن ينكشف الشعر عن وسط رأسه ويبقى ما حوله. وفيه (أنه عليه الصلاة والسلام لم يشبع من طعام إلا على حفف) الحفف: الضيق وقلة المعيشة. يقال: أصابه حفف وحفوف. وحفت الأرض إذا يبس نباتها: أي لم يشبع إلا والحال عنده خلاف الرخاء والخصب. ومنه حديث عمر (قال له وفد العراق: إن أمير المؤمنين بلغ سنا وهو حاف المطعم) أي يابسه وقحله. ومنه حديثه الآخر (أنه سأل رجلا فقال: كيف وجدت أبا عبيدة ؟ فقال: رأيت حفوفا) أي ضيق عيش. (ه) ومنه الحديث (بلغ معاوية أن عبد الله بن جعفر حفف وجهد) أي قل ماله. (حفل) ه) فيه (من اشترى محفلة وردها فليرد معها صاعا) المحفلة: الشاة، أو
[ 393 ]
البقر، أو الناقة، لا يحلبها صاحبها أياما حتى يجتمع لبنها في ضرعها، فإذا احتلبها المشتري حسبها غزيرة، فزاد ثمنها، ثم يظهر له بعد ذلك نقص لبنها عن أيام تحفيلها، سميت محفلة، لأن اللبن حفل في ضرعها: أي جمع. (ه) ومنه حديث عائشة تصف عمر رضي الله عنهما (فقالت: لله أم حفلت له ودرت عليه) أي جمعت اللبن في ثديها له. (س) ومنه حديث حليمة (فإذا هي حافل) أي كثيرة اللبن. وحديث موسى وشعيب عليهما السلام (فاستنكر أبوهما سرعة صدرهما بغنمهما حفلا بطانا) هي جمع حافل: أي ممتلئة الضروع. (س) ومنه الحديث في صفة عمر (ودفقت في محافلها) جمع محفل، أو محتفل، حيث يحتفل الماء: أي يجتمع. وفيه (وتبقى حفالة كحفالة التمر) أي رذالة من الناس كردئ التمر ونفايته، وهو مثل الحثلة بالثاء. وقد تقدم. (ه) وفي رقية النملة (العروس تكتحل وتحتفل) أي تتزين وتحتشد للزينة. يقال: حفلت الشئ، إذا جلوته. وفيه ذكر (المحفل) وهو مجتمع الناس، ويجمع على المحافل. (حفن [ ه ] في حديث أبي بكر (إنما نحن حفنة من حفنات الله) أراد إنا على كثرتنا يوم القيامة قليل عند الله كالحفنة، وهي ملء الكف، على المجاز والتمثيل، تعالى الله عن التشبيه، وهو كالحديث الآخر (حثية من حثيات ربنا). وفيه (أن المقوقس أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مارية من حفن) هي بفتح الحاء وسكون الفاء والنون: قرية من صعيد مصر، ولها ذكر في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما مع معاوية. (حفا * فيه (أن عجوزا دخلت عليه فسألها فأحفى، وقال: إنها كانت تأتينا في زمن خديجة، وإن كرم العهد من الإيمان) يقال أحفى فلان بصاحبه، وحفي به، وتحفى: أي بالغ في بره والسؤال عن حاله.
[ 394 ]
ومنه حديث أنس (أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحفوه) أي استقصوا في السؤال. (ه) وحديث عمر (فأنزل أويسا القرني فاحتفاه وأكرمه). (ه) وحديث علي (أن الأشعث سلم عليه فرد عليه السلام بغير تحف) أي غير مبالغ في الرد والسؤال. وحديث السواك (لزمت السواك حتى كدت أحفي فمي) أي استقصى على أسناني فأذهبها بالتسوك. [ ه ] ومنه الحديث (أمر أن تحفى الشوارب): أي يبالغ في قصها. (ه س) والحديث الآخر (إن الله تعالى يقول لآدم: أخرج نصيب جهنم من ذريتك، فيقول: يا رب كم ؟ فيقول: من كل مائة تسعة وتسعين، فقالوا: يارسول الله احتفينا إذا، فماذا يبقى ؟) أي استؤصلنا، من إحفاء الشعر. وكل شئ استؤصل فقد احتفي. ومنه حديث الفتح (أن تحصدوهم حصدا، وأحفى بيده) أي أمالها وصفا للحصد والمبالغة في القتل. وفي حديث خليفة (كتبت إلى ابن عباس أن يكتب إلي ويحفي عني) أي يمسك عني بعض ما عنده مما لا أحتمله، وإن حمل الإحفاء بمعنى المبالغة فيكون عني بمعنى علي. وقيل هو بمعنى المبالغة في البر به والنصيحة له. وروي بالخاء المعجمة. (ه) وفيه (أن رجلا عطس عند النبي صلى الله عليه وسلم فوق ثلاث، فقال له: حفوت) أي منعتنا أن نشمتك بعد الثلاث، لأنه إنما يشمت في الأولى والثانية. والحفو: المنع، ويروى بالقاف: أي شددت علينا الأمر حتى قطعتنا عن تشميتك. والشد من باب المنع. ومنه (أن رجلا سلم على بعض السلف فقال: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته الزاكيات، فقال له: أراك قد حفوتنا ثوابها) أي منعتنا ثواب السلام حيث استوفيت علينا في الرد. وقيل: أراد تقصيت ثوابها واستوفيته علينا. وفي حديث الانتعال (ليحفهما جميعا أو لينعلهما جميعا) أي ليمش حافي
[ 395 ]
الرجلين أو منتعلهما، لأنه قد يشق عليه المشي بنعل واحدة، فإن وضع القدمين حافية إنما يكون مع التوقي من أذى يصيبها، ويكون وضع القدم المنتعلة على خلاف ذلك فيختلف حينئذ مشيه الذي اعتاده فلا يأمن العثار. وقد يتصور فاعله عند الناس بصورة من إحدى رجليه أقصر من الأخرى. (ه) وفيه (قيل له: متى تحل لنا الميتة ؟ فقال: ما لم تصطبحوا، أو تغتبقوا، أو تحتفئوا بها بقلا فشأنكم بها) قال أبو سعيد الضرير: صوابه (ما لم تحتفوا بها) أو بغير همز، من أحفى الشعر. ومن قال تحتفئوا مهموزا هو من الحفأ، وهو البردي فباطل، لأن البردي ليس من البقول. وقال أبو عبيد: هو من الحفأ، مهموز مقصور، وهو أصل البردي الأبيض الرطب منه، وقد يؤكل. يقول ما لم تقتلعوا هذا بعينه فتأكلوه. ويروى (ما لم تحتفوا) بتشديد الفاء، من احتففت الشئ إذا أخذته كله، كما تحف المرأة وجهها من الشعر. ويروى (ما لم تجتفئوا) بالجيم. وقد تقدم. ويروى بالخاء المعجمة وسيذكر في بابه. وفي حديث السباق ذكر (الحفياء) وهو بالمد والقصر: موضع بالمدينة على أميال. وبعضهم يقدم الياء على الفاء. باب الحاء مع القاف (حقب) ه) فيه (لا رأى لحاقب ولا لحاقن) الحاقب: الذي احتاج إلى الخلاء فلم يتبرز فانحصر غائطه. ومنه الحديث (نهى عن صلاة الحاقب والحاقن). (س) ومنه الحديث (حقب أمر الناس) أي فسد واحتبس، من قولهم حقب المطر: أي تأخر واحتبس. (ه) ومنه حديث عبادة بن أحمر (فجمعت إبلي وركبت الفحل فحقب فتفاج يبول فنزلت عنه) حقب البعير: إذا احتبس بوله. وقيل هو أن يصيب قضيبه الحقب، وهو الحبل الذي يشد على حقو البعير فيورثه ذلك. (س) ومنه حديث حنين (ثم انتزع طلقا من حقبه) أي من الحبل المشدود على حقو
[ 396 ]
البعير، أو من حقيبته، وهي الزيادة (في الأساس والتاج: الرفادة) التي تجعل في مؤخر القتب، والوعاء الذي يجمع الرجل فيه زاده. (س) ومنه حديث زيد بن أرقم (كنت يتيما لابن رواحة فخرج بي إلى غزوة مؤتة مردفي على حقيبة رحله). (س) وحديث عائشة (فأحقبها عبد الرحمن على ناقة) أي أردفها على حقيبة الرحل. (س) وحديث أبي أمامة (أنه أحقب زاده على راحلته) أي جعله وراءه حقيبة. (س) ومنه حديث ابن مسعود (الإمعة فيكم اليوم المحقب الناس دينه) وفي رواية (الذي يحقب دينه الرجال) أراد الذي يقلد دينه لكل أحد. أي يجعل دينه تابعا لدين غيره بلا حجة ولا برهان ولا روية، وهو من الإرداف على الحقيبة. (س) وفي صفة الزبير (كان نفج الحقيبة) أي رابي العجز ناتئه، وهو بضم النون والفاء، ومنه انتفج جنبا البعير: أي ارتفعا. (س) وفيه ذكر (الأحقب)، وهو أحد النفر الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من جن نصيبين. قيل كانوا خمسة: خسا، ومسا، وشاصه، وباصه، والأحقب. وفي حديث قس: وأعبد من تعبد في الحقب * جمع حقبة بالكسر وهي السنة، والحقب بالضم، ثمانون سنة. وقيل أكثر وجمعه حقاب. (حقحق [ ه ] في حديث سلمان (شر السير الحقحقة) هو المتعب من السير. وقيل هو أن تحمل الدابة على ما لا تطيقه. ومنه حديث مطرف (أنه قال لولده: شر السير الحقحقة) وهو إشارة إلى الرفق في العبادة. (حقر * فيه (عطس عنده رجل فقال: حقرت ونفرت) حقر الرجل إذا صار حقيرا: أي ذليلا. (حقف) ه) فيه (فإذا ظبي حاقف) أي نائم قد انحنى في نومه.
[ 397 ]
وفي حديث قس (في تنائف حقاف) وفي رواية أخرى (في تنائف حقائف) الحقاف: جمع حقف: وهو ما اعوج من الرمل واستطال، ويجمع على أحقاف. فأما حقائف فجمع الحمع، إما جمع حقاف أو أحقاف. (حقق * في أسماء الله تعالى (الحق) هو الموجود حقيقة المتحقق وجوده وإلهيته والحق: ضد الباطل. ومنه الحديث (من رآني فقد رأى الحق) أي رؤيا صادقة لست من أضغاث الأحلام. وقيل فقد رآني حقيقة غير مشبه. ومنه الحديث (أمينا حق أمين) أي صدقا. وقيل واجبا له الأمانة. ومنه الحديث (أتدري ما حق على الله ؟) أي ثوابهم الذي وعدهم به، فهو واجب الإنجاز ثابت بوعده الحق. ومنه الحديث (الحق بعدي مع عمر). ومنه حديث التلبية (لبيك حقا حقا) أي غير باطل، وهو مصدر مؤكد لغيره: أي أنه أكد به معنى ألزم طاعتك الذي دل عليه لبيك، كما تقول: هذا عبد الله حقا فتؤكد به، وتكريره لزيادة التأكيد، وتعبدا مفعول له (س) ومنه الحديث (إن الله أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث) أي حظه ونصيبه الذي فرض له. (ه) ومنه حديث عمر (أنه لما طعن أوقظ للصلاة، فقال: الصلاة والله إذا، ولا حق) أي لا حظ في الإسلام لمن تركها. وقيل: أراد الصلاة مقضية إذا، ولا حق مقضي غيرها: يعني في عنقه حقوقا جمة يجب عليه الخروج من عهدتها وهو غير قادر عليه فهب أنه قضى حق الصلاة فما بال الحقوق الأخر ؟. (س) ومنه الحديث (ليلة الضيف حق، فمن أصبح بفنائه ضعيف عليه دين) جعلها حقا من طريق المعروف والمروءة، ولم يزل قرى الضيف من شيم الكرام، ومنع القرى مذموم.
[ 398 ]
(س) ومنه الحديث (أيما رجل ضاف قوما فأصبح محروما فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ قرى ليلته من زرعه وماله) وقال الخطابي: يشبه أن يكون هذا في الذي يخاف التلف على نفسه ولا يجد ما يأكله، فله أن يتناول من مال الغير ما يقيم نفسه. وقد اختلف الفقهاء في حكم ما يأكله: هل يلزمه في مقابلته شئ أم لا ؟. (س ه) وفيه (ما حق امرئ مسلم أن يبيت ليلتين إلا ووصيته عنده) أي ما الأحزم له والأحوط إلا هذا. وقيل: ما المعروف في الأخلاق الحسنة إلا هذا من جهة الفرض. وقيل: معناه أن الله حكم على عباده بوجوب الوصية مطاقا، ثم نسخ الوصية للوارث، فبقي حق الرجل في ماله أن يوصي لغير الوارث، وهو ما قدر الشارع بثلث ماله. (ه) وفي حديث الحضانه (فجاء رجلان يحتقان في ولد) أي يختصمان ويطلب كل واحد منهما حقه. (ه) ومنه الحديث (من يحاقني في ولدي). وحديث وهب (كان فيما كلم الله أيوب عليه السلام: أتحاقني بخطئك ؟). (س) ومنه كتاب الحصين (إن له كذا وكذا لا يحاقه فيها أحد). (ه) وحديث ابن عباس (متى ما يغلوا في القرآن يحتقوا) أي يقول كل واحد منهم الحق بيدي. (ه) وفي حديث علي (إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى) الحقاق: المخاصمة، وهو أن يقول كل واحد من الخصمين: أنا أحق به. ونص الشئ: غايته ومنتهاه. والمعنى أن الجارية ما دامت صغيرة فأمها أولى بها، فإذا بلغت فالعصبة أولى بأمرها. فمعنى بلغت نص الحقاق: غاية البلوغ. وقيل: أراد بنص الحقاق بلوغ العقل والإدراك، لأنه إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق. وقيل: المراد بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها وتصرفها، تشبيها بالحقاق من الإبل. جمع حق وحقة، وهو الذي دخل في السنة الرابعة، وعند ذلك يتمكن من ركوبه وتحميله. ويروى (نص الحقائق) جمع الحقيقة: وهو ما يصير إليه حق الأمر ووجوبه، أو جمع الحقة من الإبل. ومنه قولهم (فلان حامي الحقيقة) إذا حمى ما يجب عليه حمايته.
[ 399 ]
(ه) وفيه (لا يبلغ المؤمن حقيقة الإيمان حتى لا يعيب مسلما بعيب هو فيه) يعني خالص الإيمان ومحضه وكنهه. وفي حديث الزكاة ذكر (الحق والحقة) وهو من الإبل ما دخل في السنة الرابعة إلى آخرها. وسمي بذلك لأنه استحق الركوب والتحميل، ويجمع على حقاق وحقائق. (ه) ومنه حديث عمر (من وراء حقاق العرفط) أي صغارها وشوابها، تشبيها بحقاق الإبل. (ه) وفي حديث أبي بكر (أنه خرج في الهاجرة إلى المسجد، فقيل له: ما أخرجك ؟ قال: ما أخرجني إلا ما أجد من حاق الجوع) أي صادقه وشدته. ويروى بالتخفيف، من حاق به يحيق حيقا وحاقا إذا أحدق به، يريد من اشتمال الجوع عليه. فهو مصدر أقامه مقام الاسم، وهو مع التشديد اسم فاعل من حق يحق. وفي حديث تأخير الصلاة (وتحتقونها إلى شرق الموتى) أي تضيقون وقتها إلى ذلك الوقت. يقال: هو في حاق من كذا: أي في ضيق، هكذا رواه بعض المتأخرين وشرحه. والرواية المعروفة بالخاء المعجمة والنون، وسيجئ. (ه) وفيه (ليس للنساء أن يحققن الطريق) هو أن يركبن حقها، وهو وسطها. يقال: سقط على حاق القفا وحقه. وفي حديث حذيفة (ما حق القول على بني إسرائيل حتى استغنى الرجال بالرجال والنساء بالنساء) أي وجب ولزم. (ه) وفي حديث عمرو بن العاص (قال لمعاوية: لقد تلافيت أمرك وهو أشد انفضاجا من حق الكهول) حق الكهول: بيت العنكبوت، وهو جمع حقة: أي وأمرك ضعيف. وفي حديث يوسف بن عمران (إن عاملا من عمالي يذكر أنه زرع كل حق ولق) الحق: الأرض المطمئنة. واللق: المرتفعة. (حقل [ ه ] فيه (أنه نهى عن المحاقلة) المحاقلة مختلف فيها. قيل: هي اكتراء الأرض بالحنطة. هكذا جاء مفسرا في الحديث، وهو الذي يسميه الزراعون: المحارثة وقيل: هي المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما. وقيل: هي بيع الطعام في سنبله بالبر. وقيل: بيع الزرع قبل إدراكه. وإنما نهي عنها لأنها من المكيل، ولا يجوز فيه إذا كانا من جنس واحد إلا مثلا بمثل ويدا بيد. وهذا مجهول لا يدرى أيهما أكثر.
[ 400 ]
(ه) وفيه (النسيئة والمحاقلة) مفاعلة، من الحقل وهو الزرع إذا تشعب قبل أن يغلظ سوقه. وقيل: هو من الحقل وهي الأرض التي تزرع. ويسميه أهل العراق القراح. (ه) ومنه الحديث (ما تصنعون بمحاقلكم) أي مزارعكم، واحدها محقلة، من الحقل: الزرع، كالمبقلة من البقل. ومنه الحديث (كانت فينا امرأة تحقل على أربعاء لها سلقا) هكذا رواه بعض المتأخرين وصوبه: أي تزرع. والرواية: تزرع وتجعل (حقن) ه) فيه (لا رأي لحاقن) هو الذي حبس بوله، كالحاقب للغائط. (ه) ومنه الحديث (لا يصلين أحدكم وهو حاقن - وفي رواية حقن - حتى يتخفف) الحاقن والحقن سواء. ومنه الحديث (فحقن له دمه) يقال حقنت له دمه إذا منعت من قتله وإراقته: أي جمعته له وحبسته عليه. ومنه الحديث (أنه كره الحقنة) وهو أن يعطى المريض الدواء من أسفله، وهي معروفة عند الأطباء. (ه) وفي حديث عائشة (توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين حاقنتي وذاقنتي) الحاقنة: الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق. (حقا) ه) فيه (أنه أعطى النساء اللاتي غسلن ابنته حقوه وقال: أشعرنها إياه) أي إزاره. والأصل في الحقو معقد الإزار، وجمعه أحق وأحقاء، ثم سمي به الإزار للمجاورة. وقد تكرر في الحديث. فمن الأصل حديث صلة الرحم (قال: قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن) لما جعل الرحم شجنة من الرحمن استعار لها الاستمساك به، كما يستمسك القريب بقريبه، والنسيب بنسيبه. والحقو فيه مجاز وتمثيل. ومنه قولهم: عذت بحقو فلان إذا استجرت به واعتصمت.
[ 401 ]
وحديث النعمان يوم نهاوند (تعاهدوا هماينكم في أحقيكم) الأحقي جمع قلة للحقو: موضع الإزار. (س) ومن الفرع حديث عمر (قال للنساء: لا تزهدن في جفاء الحقو) أي لا تزهدن في تغليظ الإزار وثخانته ليكون أستر لكن. وفيه (إن الشيطان قال: ما حسدت ابن آدم إلا على الطسأة والحقوة) الحقوة: وجع في البطن. يقال منه: حقي فهو محقو. باب الحاء مع الكاف (حكأ * في حديث عطاء (أنه سئل عن الحكأة فقال: ما أحب قتلها) الحكأة: العظاءة بلغة أهل مكة، وجمعها حكاء. وقد يقال بغير همز، ويجمع على حكا مقصورا. والحكاء ممدود: ذكر الخنافس، وإنما لم يحب قتلها لأنها لا تؤذي. هكذا قال أبو موسى. وقال الأزهري: أهل مكة يسمون العظاءة والحكأة، والجمع الحكا مقصور. قال: وقال أبو حاتم: قالت أم الهيثم: الحكاءة ممدود مهموز، وهو كما قالت. (حكر) س) فيه (من احتكر طعاما فهو كذا) أي اشتراه وحبسه ليقل فيغلو. والحكر والحكرة الاسم منه. ومنه الحديث (أنه نهى عن الحكرة). (س) ومنه حديث عثمان (أنه كان يشتري العير حكرة) أي جملة. وقيل جزافا. وأصل الحكر: والجمع والإمساك. (س) وفي حديث أبي هريرة (قال في الكلاب: إذا وردن الحكر القليل فلا تطعمه) الحكر بالتحريك: الماء القليل المجتمع، وكذلك القليل من الطعام واللبن، فهو فعل بمعنى مفعول: أي مجموع. ولا تطعمه: أي لا تشربه. (حكك * فيه (البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس) يقال حك الشئ في نفسي: إذا لم تكن منشرح الصدر به، وكان في قلبك منه شئ من الشك والريب، وأوهمك أنه ذنب وخطيئة.
[ 402 ]
(ه) ومنه الحديث الآخر (الإثم ما حك في الصدر وإن أفتاك المفتون). (ه) والحديث الآخر (إياكم والحكاكات فإنها المآثم) جمع حكاكة، وهي المؤثرة في القلب. (ه) وفي حديث أبي جهل (حتى إذا تحاكت الركب قالوا منا نبي، والله لا أفعل) أي تماست واصطكت: يريد تساويهم في الشرف والمنزلة. وقيل: أراد به تجاثيهم على الركب للتفاخر. (ه) وفي حديث السقيفة (أنا جذيلها المحكك) أراد أنه يستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجربى باحتكاكها بالعود المحكك: وهو الذي كثر الاحتكاك به. وقيل: أراد أنه شديد البأس صلب المكسر، كالجذل المحكك. وقيل: معناه أنا دون الأنصار جذل حكاك، فبي تقرن الصعبة. والتصغير للتعظيم. (س) وفي حديث عمرو بن العاص (إذا حككت قرحة دميتها) أي إذا أممت غاية تقصيها وبلغتها. (س) وفي حديث ابن عمر (أنه مر بغلمان يلعبون بالحكة، فأمر بها فدفنت) هي لعبة لهم، يأخذون عظما فيحكونه حتى يبيض، ثم يرمونه بعيدا، فمن أخذه فهو الغالب. (حكم * في أسماء الله تعالى (الحكم والحكيم) هما بمعنى الحاكم، وهو القاضي. والحكيم فعيل بمعنى فاعل، أو هو الذي يحكم الأشياء ويتقنها، فهو فعيل بمعنى مفعل. وقيل: الحكيم: ذو الحكمة. والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم. ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها: حكيم. ومنه حديث صفة القرآن (وهو الذكر الحكيم) أي الحاكم لكم وعليكم، أو هو المحكم الذي لا اختلاف فيه ولا اضطراب، فعيل بمعنى مفعل، أحكم فهو محكم. (س) ومنه حديث ابن عباس (قرأت المحكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) يريد المفصل من القرآن، لأنه لم ينسخ منه شئ. وقيل: هو ما لم يكن متشابها، لأنه أحكم بيانه بنفسه ولم يفتقر إلى غيره. وفي حديث أبي شريح (أنه كان يكنى أبا الحكم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله هو الحكم، وكناه بأبي شريح). وإنما كره له ذلك لئلا يشارك الله تعالى في صفته.
[ 403 ]
(ه) وفيه (إن من الشعر لحكما) أي إن من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفه، وينهى عنهما. قيل: أراد بها المواعظ والأمثال التي ينتفع بها الناس. والحكم: العلم والفقه والقضاء بالعدل، وهو مصدر حكم يحكم. ويروى (إن من الشعر لحكمة) وهي بمعنى الحكم. ومنه الحديث (عبارة الهروي: ويقال: الصمت.. الخ) (الصمت حكم وقليل فاعله). ومنه الحديث (الخلافة في قريش، والحكم في الأنصار) خصهم بالحكم، لأن أكثر فقهاء الصحابة فيهم: منهم معاذ بن جبل، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت، وغيرهم. ومنه الحديث (وبك حاكمت) أي رفعت الحكم إليك فلا حكم إلا لك. وقيل: بك خاصمت في طلب الحكم وإبطال من نازعني في الدين، وهي مفاعلة من الحكم. وفيه (إن الجنة للمحكمين) يروى بفتح الكاف وكسرها، فالفتح: هم الذين يقعون في يد العدو فيخيرون بين الشرك والقتل فيختارون القتل. قال الجوهري: هم قوم من أصحاب الأخدد فعل بهم ذلك فاختاروا الثبات على الإيمان مع القتل. وأما بالكسر فهو المنصف من نفسه. والأول الوجه. (ه) ومنه حديث كعب (إن في الجنة دارا - ووصفها، ثم قال -: لا ينزلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو محكم في نفسه). (س) وفي حديث ابن عباس (كان الرجل يرث امرأة ذات قرابة فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها، فأحكم الله عن ذلك ونهى عنه) أي منع منه. يقال أحكمت فلانا: أي منعته. وبه سمي الحاكم، لأنه يمنع الظالم. وقيل: هو من حكمت الفرس وأحكمته وحكمته: إذا قدعته وكففته. (س) وفي الحديث (ما من آدمي إلا وفي رأسه حكمة). وفي رواية (في رأس كل عبد حكمة، إذا هم بسيئة فإن شاء الله أن يقدعه بها قدعه) الحكمة: حديدة في اللجام تكون على أنف الفرس وحنكه، تمنعه عن مخالفة راكبه. ولما كانت الحكمة تأخذ بفم
[ 404 ]
الدابة وكان الحنك متصلا بالرأس جعلها تمنع من هي في رأسه، كما تمنع الحكمة الدابة. (س) ومنه حديث عمر (إن العبد إذا تواضع رفع الله حكمته) أي قدره ومنزلته، كما يقال: له عندنا حكمة: أي قدر. وفلان عالي الحكمة. وقيل: الكمة من الإنسان: أسفل وجهه، مستعار من موضع جكمة اللجام، ورفعها كناية عن الإعزاز، لأن من صفة الذليل تنكيس رأسه. (س) ومنه الحديث (وأنا آخذ بحكمة فرسه) أي بلجامه. [ ه ] وفي حديث النخعي (حكم اليتيم كما تحكم ولدك) أي امنعه من الفساد كما تمنع ولدك. وقيل: أراد حكمه في ماله إذا صلح كما تحكم ولدك. (ه) وفيه (في أرش الجراحات الحكومة) يريد الجراحات التي ليس فيها دية مقدرة. وذلك أن يجرح في موضع من بدنه جراحة تشينه فيقيس الحاكم أرشها بأن يقول: لو كان هذا المجروح عبدا غير مشين بهذه الجراحة كانت قيمته مائة مثلا، وقيمته بعد الشين تسعون، فقد نقص عشر قيمته، فيوجب على الجارح عشرر دية الحر لأن المجروح حر. (س) وفيه (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي حتى حكم وحاء) هما قبيلتان جافيتان من وراء رمل يبرين. (حكا) س) فيه (ما سرني أني حكيت إنسانا وأن لي كذا وكذا) أي فعلت مثل فعله. يقال حكاه وحاكاه، وأكثر ما يستعمل في القبيح المحاكاة. باب الحاء مع اللام (حلأ) س) فيه (يرد علي يوم القيامة رهط فيحلأون عن الحوض) أي يصدون عنه ويمنعون من وروده. ومنه حديث عمر (سأل وفدا: ما لإبلكم خماصا ؟ قالوا: حلأنا بنو ثعلبة، فأجلاهم) أي نفاهم عن موضعهم. (س) ومنه حديث سلمة بن الأكوع (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذي حليتهم عنه بذي قرد) هكذا جاء في الرواية غير مهموز، فقلب الهمز ياء، وليس بالقياس، لأن الياء لا
[ 405 ]
تبدل من الهمزه إلا أن يكون ما قبلها مكسورا، نحو بير، وإيلاف. وقد شذ: قريت في قرأت وليس بالكثير. والأصل الهمز. (حلب * في حديث الزكاة (ومن حقها حلبها على الماء). وفي رواية (حلبها يوم وردها) يقال حلبت الناقة والشاة أحلبها بفتح اللام، والمراد يحلبها على الماء ليصيب الناس من لبنها. ومنه الحديث (فإن رضي حلابها أمسكها) الحلاب: اللبن الذي يحلبه. والحلاب أيضا، والمحلب: الإناء الذي يحلب فيه اللبن. (ه) ومنه الحديث (كان إذا اغتسل بدأ بشئ مثل الحلاب، فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه الأيمن، ثم الأيسر) وقد رويت بالجيم وتقدم ذكرها. قال الأزهري: قال أصحاب المعاني: إنه الحلاب، وهو ما تحلب فيه الغنم، كالمحلب سواء، فصحف، يعنون أنه كان يغتسل في ذلك الحلاب: أي يضع فيه الماء الذي يغتسل منه، اختار الجلاب بالجيم، وفسره بماء الورد. وفي هذا الحديث في كتاب البخاري إشكال، ربما ظن أنه تأوله على الطيب فقال: باب من بدأ بالحلاب والطيب عند الغسل. وفي بعض النسخ: أو الطيب، ولم يذكر في الباب غير هذا الحديث (أنه كان إذا اغتسل دعا بشئ مثل الحلاب) وأما مسلم فجمع الأحاديث الواردة في هذا المعنى في موضع واحد، وهذا الحديث منها، وذلك من فعله يدلك على أنه أراد الآنية والمقادير. والله أعلم. ويحتمل أن يكون البخاري ما أراد إلا الجلاب بالجيم، ولهذا ترجم الباب به وبالطيب، ولكن الذي يروى في كتابه إنما هو بالحاء، وهو بها أشبه، لأن الطيب لمن يغتسل بعد الغسل أليق منه قبله وأولى، لأنه إذا بدأ به ثم اغتسل أذهبه الماء. (س) وفيه (إياك والحلوب) أي ذات اللبن. يقال ناقة حلوب: أي هي مما يحلب. وقيل: الحلوب والحلوبة سواء. وقيل: الحلوب الاسم، والحلوبة الصفة. وقيل: الواحدة والجماعة. (ه) ومنه حديث أم معبد (ولا حلوبة في البيت) أي شاة تحلب.
[ 406 ]
ومنه حديث نقادة الأسدي (أبغني ناقة حلبانة ركبانة) أي غزيرة تحلب، وذلولا تركب، فهي صالحة للأمرين، وزيدت الألف والنون في بنائهما للمبالغة. ومنه الحديث (الرهن محلوب) أي لمرتهنه أن يأكل لبنه بقدر نظره عليه وقيامه بأمره وعلفه. وفي حديث طهفة (ونستحلب الصبير) أي نستدر السحاب. وفيه (كان إذا دعي إلى طعام جلس جلوس الحلب) وهو الجلوس على الركبة ليحلب الشاة. وقد يقال: احلب فكل: أي اجلس، وأراد به جلوس المتواضعين. (س) وفيه (أنه قال لقوم: لا تسقوني حلب امرأة) وذلك أن حلب النساء عيب عند العرب يعيرون به، فلذلك تنزه عنه. ومنه حديث أبي ذر (هل يواقفكم عدوكم حلب شاة نثور) أي وقت حلب شاة، فحذف المضاف. (ه) وفي حديث سعد بن معاذ (ظن أن الأنصار لا يستحلبون له على ما يريد) أي لا يجتمعون. يقال: أحلب القوم واستحلبوا: أي اجتمعوا للنصرة والإعانة. وأصل الإحلاب: الاعانة على الحلب. (ه) وفي حديث ابن عمر (قال: رأيت عمر يتحلب فوه، فقال: أشتهي جرادا مقلوا) أي يتهيأ رضابه للسيلان. (س) وفي حديث خالد بن معدان (لو يعلم الناس ما في الحلبة لا شتروها ولو بوزنها ذهبا) الحلبة حب معروف. وقيل هو ثمر العضاه. والحلبة أيضا: العرفج والقتاد، وقد تضم اللام. (حلج) ه) في حديث عدي (قال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يتحلجن في صدرك طعام) أي لا يدخل قلبك شئ منه فإنه نظيف فلا ترتابن فيه. وأصله من الحلج، وهو الحركة والاضطراب. ويروى بالخاء المعجمة وهو بمعناه. ومنه حديث المغيرة (حتى تروه يحلج في قومه) أي يسرع في حب قومه. ويروى بالخاء المعجمة أيضا. (حلس * في حديث الفتن (عد منها فتنة الأحلاس) جمع حلس، وهو الكساء
[ 407 ]
الذي يلي ظهر البعير تحت القتب، وشبهها به للزومها ودوامها. ومنه حديث أبي موسى (قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا ؟ قال: كونوا أحلاس بيوتكم) أي الزموها. (ه) ومنه حديث أبي بكر رضي الله عنه (كن حلس بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضيه). وحديثه الآخر (قام إليه بنو فزارة فقالوا: يا خليفة رسول الله نحن أحلاس الخيل) يريدون لزومهم لظهورها، فقال: نعم، أنتم أحلاسها ونحن فرسانها. أي أنتم راضتها وساستها فتلزمون ظهورها، ونحن أهل الفروسية. (ه) ومنه حديث الشعبي (قال للحجاج: استحلسنا الخوف) أي لا زمناه ولم نفارقه، كأننا استمهدناه. وفي حديث عثمان في تجهيز جيش العسرة (علي مائة بعير بأحلاسها وأقتابها) أي بأكسيتها. وفي حديث عمر رضي الله عنه في أعلام النبوة (ألم تر الجن وإبلاسها، ولحوقها بالقلاص وأحلاسها). (س) ومنه حديث أبي هريرة رضي الله عنه في مانعي الزكاة (محلس أخفافها شوكا من حديد) أي أن أخفافها قد طورقت بشوك من حديد والزمته وعوليت به، كما ألزمت ظهور الإبل أحلاسها. (حلط * في حديث عبيد بن عمير (إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كشاتين بين غنمين، فاحتلط عبيد وغضب) الاحتلاط: الضجر والغضب. (حلف) ه س) فيه (أنه عليه السلام حالف بين قريش والأنصار). (س) وفي حديث آخر (قال أنس رضي الله عنه: حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دارنا مرتين) أي آخى بينهم وعاهد. وفي حديث آخر (لا حلف في الإسلام) أصل الحلف: المعاقدة والمعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق، فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام بقوله صلى الله عليه وسلم (لا حلف في الإسلام) وما كان
[ 408 ]
منه في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه، فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم (وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة) يريد من المعاقدة على الخير ونصرة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الإسلام، والممنوع منه ما خالف حكم الإسلام. وقيل المحالفة كانت قبل الفتح. وقوله (لا حلف في الإسلام) قاله زمن الفتح، فكان ناسخا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه من المطيبين، وكان عمر رضي الله عنه من الأحلاف. والأحلاف ست قبائل: عبد الدار، وجمح، ومخزوم، وعدي، وكعب، وسهم، سموا بذلك لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية، وأبت عبد الدار عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا، فأخرجت بنو عبد مناف جفنة مملوء طيبا فوضعتها لأحلافهم، وهم أسد، وزهرة، وتيم، في المسجد عند الكعبة، تم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا، فسموا الأحلاف لذلك. (س) ومنه حديث ابن عباس (وجدنا ولاية المطيبي خيرا من ولاية الأحلافي) يريد أبا بكر وعمر، لأن أبا بكر كان من المطيبين وعمر من الأحلاف. وهذا أحد ما جاء من النسب إلى الجمع، لأن الأحلاف صار اسما لهم، كما صار الأنصار اسما للأوس والخزرج. ومنه الحديث (أنه لما صاحت الصائحة على عمر، قالت: واسيد الأحلاف، قال ابن عباس: نعم، والمحتلف عليهم) يعني المطيبين. وقد تكرر في الحديث. (س) وفيه (من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها) الحلف: هو اليمين. حلف يحلف حلفا، وأصلها العقد بالعزم والنية، فخالف بين اللفظين تأكيدا لعقده. وإعلاما أن لغو اليمين لا ينعقد تحته. ومنه حديث حذيفة (قال له جندب: تسمعني أحالفك منذ اليوم، وقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا تنهاني) أحالفك: أفاعلك، من الحلف: اليمين. (ه) وفي حديث الحجاج (أنه قال ليزيد بن المهلب: ما أمضى جنانه وأحلف لسانه) أي ما أمضاه وأذربه، من قولهم: سنان حليف: أي حديد ماض. وفي حديث بدر (إن عتبة بن ربيعة برز لعبيدة، فقال: من أنت ؟ قال: أنا الذي في الحلفاء) أراد أنا الأسد، لأن مأوى الأسود الآجام ومنابت الحلفاء، وهو نبت معروف.
[ 409 ]
وقيل هو قصب لم يدرك. والحلفاء واحد يراد به الجمع، كالقصباء والطرفاء. وقيل واحدتها حلفاة. (حلق [ ه ] فيه (أنه كان يصلي العصر والشمس بيضاء محلقة) أي مرتفعة. والتحليق: الارتفاع. ومنه (حلق الطائر في جو السماء) أي صعد. وحكى الأزهري عن شمر قال: تحليق الشمس من أول النهار وارتفاعها، ومن آخره انحدارها. (ه) ومنه الحديث الآخر (فحلق ببصره إلى السماء) أي رفعه. والحديث الآخر (أنه نهى عن بيع المحلقات) أي بيع الطير في الهواء. (ه) وفي حديث المبعث (فهممت أن أطرح نفسي من حالق) أي من جبل عال. [ ه ] وفي حديث عائشة (فبعثت إليهم بقميص رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتحب الناس، قال: فحلق به أبو بكر إلي وقال: تزود منه واطوه أي رماه إلي. (ه) وفيه (أنه نهى عن الحلق قبل الصلاة - وفي رواية - عن التحلق) أراد قبل صلاة الجمعة: الحلق بكسر الحاء وفتح اللام: جمع الحلقة، مثل قصعة وقصع، وهي الجماعة من الناس مستديرون كحلقة الباب وغيره. والتحلق تفعل منها، وهو أن يتعمدوا ذلك. وقال الجوهري: (جمع الحلقة وحلق بفتح الحاء على غير قياس)، وحكى عن أبي عمرو أن الواحد حلقة بالتحريك، والجمع حلق بالفتح. وقال ثعلب: كلهم يجيزه على ضعفه. وقال الشيباني: ليس في الكلام حلقة بالتحريك إلا جمع حالق. ومنه الحديث الآخر (لا تصلوا خلف النيام ولا المتحلقين) أي الجلوس حلقا حلقا. (س) وفيه (الجالس وسط الحلقه ملعون) لأنه إذا جلس في وسطها استدبر بعضهم بظهره فيؤذيهم بذلك فيسبونه ويلعنونه. (س) ومنه الحديث (لا حمى إلا في ثلاث) وذكر منها (حلقة القوم) أي لهم أن يحموها حتى لا يتخطاهم أحد ولا يجلس وسطها.
[ 410 ]
(س) وفيه (أنه نهى عن حلق الذهب) هي جمع حلقة وهو الخاتم لافص له. ومنه الحديث (من أحب أن يحلق جبينه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب). ومنه حديث يأجوج ومأجوج (فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه، وحلق بإصبعيه الإبهام والتي تليها، وعقد عشرا) أي جعل إصبعيه كالحلقة. وعقد العشر من مواضعات الحساب، وهو أن يجعل رأس إصبعه السبابة في وسط إصبعه الإبهام ويعملها كالحلقة. (س) وفيه (من فك حلقة فك الله عنه حلقة يوم القيامة) حكى ثعلب عن ابن الأعرابي: أي أعتق مملوكا، مثل قوله تعالى (فك رقبة). وفي حديث صلح خيبر (ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراء والبيضاء والحلقة) الحلقة بسكون اللام: السلاح عاما. وقيل: هي الدروع خاصة. [ ه ] ومنه الحديث (وإن لنا أغفال الأرض والحلقة) وقد تكررت في الحديث. [ ه ] وفيه (ليس منا من صلق أو حلق) أي ليس من أهل سنتنا من حلق شعره عند المصيبة إذا حلت به. ومنه الحديث (لعن من النساء الحالقة والسالقة والخارقة) وقيل أراد به التي تحلق وجهها للزينة. ومنه حديث الحج (اللهم اغفر للمحلقين، قالها ثلاثا): المحلقون: الذين حلقوا شعورهم في الحج أو العمرة، وإنما خصهم بالدعاء دون المقصرين، وهم الذين أخذوا من أطراف شعورهم، ولم يحلقوا، لأن أكثر من أحرم مع النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن معهم هدي، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدي، ومن معه هدي فإنه لا يحلق حتى ينحر هديه، فلما أمر من ليس
[ 411 ]
معه هدي أن يحلق ويحل وجدوا في أنفسهم من ذلك وأحبوا أن يأذن لهم في المقام على إحرامهم [ حتى يكملوا الحج ] وكانت طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى لهم، فلنا لم يكن بد من الإحلال كان التقصير في نفوسهم أخف من الحلق، فمال أكثرهم إليه، وكان فيهم من بادر إلى الطاعة وحلق ولم يراجع، فلذلك قدم المحلقين وأخر المقصرين. (ه) وفيه (دب إليكم داء الأمم قبلكم البغضاء، وهي الحالقة (في اللسان والهروي: البغضاء الحالقة)) الحالقة: الخصلة التي من شأنها أن تحلق: أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر. وقيل هي قطيعة الرحم والتظالم. (ه) وفيه (أنه قال لصفية: عقرى حلقى) أي عقرها الله وحلقها، يعني أصابها وجع في حلقها خاصة. وهكذا يرويه الأكثرون غير منون بوزن غضبى حيث هو جار على المؤنث. والمعروف في اللغة التنوين، على أنه فعل متروك اللفظ، تقديره عقرها الله عقرا وحلقها حلقا. ويقال للأمر يعجب منه: عقرا حلقا. ويقال أيضا للمرأة إذا كانت مؤذية مشئومة. ومن مواضع التعجب قول أم الصبي الذي تكلم: عقرى ! أو كان هذا منه ! (ه) وفي حديث أبي هريرة (لما نزل تحريم الخمر كنا نعمد إلى الحلقانة فنقطع ما ذنب منها) يقال للبسر إذا بدا الإرطاب فيه من قبل ذنبه: التذنوبة، فإذا بلغ نصفه فهو مجزع، فإذا بلغ ثلثيه فهو حلقان ومحلقن، يريد أنه كان يقطع ما أرطب منها ويرميه عند الانتباذ لئلا يكون قد جمع فيه بين البسر والرطب. ومنه حديث بكار (مر بقوم ينالون من الثعد والحلقان). (حلقم * في حديث الحسن (قيل له: إن الحجاج يأمر بالجمعة في الأهواز، فقال: يمنع الناس في أمصارهم ويأمر بها في حلاقيم البلاد !) أي في أواخرها وأطرافها، كما أن حلقوم الرجل وهو حلقه في طرفه. والميم أصلية. وقيل هو مأخوذ من الحلق، وهي والواو زائدتان. (حلك * في حديث خزيمة وذكر السنة (وتركت الفريش مستحلكا) المستحلك: الشديد السواد كالمحترق. ومنه قولهم أسود حالك. (حلل * في حديث عائشة (قالت: طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله وحرمه). وفي حديث آخر (لإحلاله حين حل) يقال حل المحرم يحل حلالا وحلا، وأحل يحل إحلالا: إذا حل له ما يحرم عليه من محظورات الحج. ورجل حل من الإحرام: أي
[ 412 ]
حلال. والحلال: ضد الحرام. ورجل حلال: أي غير محرم ولا متلبس بأسباب الحج، وأحل الرجل إذا خرج إلى الحل عن الحرم. وأحل إذا دخل في شهور الحل. (ه) ومنه حديث النخعي (أحل بمن أحل بك) أي من ترك إحرامه وأحل بك فقاتلك فأحلل أنت أيضا به وقاتله وإن كنت محرما. وقيل: معناه إذا أحل رجل ما حرم الله عليه منك فادفعه أنت عن نفسك بما قدرت عليه. (ه) وفي حديث آخر (من حل بك فاحلل به) أي من صار بسببك حلالا فصر أنت به أيضا حلالا. هكذا ذكره الهروي وغيره. والذي جاء في كتاب أبي عبيد عن النخعي في المحرم يعدو عليه السبع أو اللص (أحل بمن أحل بك) قال: وقد روى عن الشعبي مثله وشرح مثل ذلك. ومنه حديث دريد بن الصمة (قال لمالك بن عوف: أنت محل بقومك) أي إنك قد أبحت حريمهم وعرضتهم للهلاك، شبههم بالمحرم إذا أحل، كأنهم كانوا ممنوعين بالمقام في بيوتهم فحلوا بالخروج منها. وفي حديث العمرة (حلت العمرة لمن اعتمر) أي صارت لكم حلالا جائزة. وذلك أنهم كانوا لا يعتمرون في الأشهر الحرم، فذلك معنى قولهم: إذا دخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر. (ه) وفي حديث العباس وزمزم (لست أحلها لمغتسل، وهي لشارب حل وبل) الحل بالكسر الحلال ضد الحرام. ومنه الحديث (وإنما احلت لي ساعة من نهار) يعني مكة يوم الفتح حيث دخلها عنوة غير محرم. وفيه (إن الصلاة تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) أي صار المصلي بالتسليم يحل له ما حرم عليه فيها بالتكبير من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها، كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراما عليه. [ ه ] ومنه الحديث (لا يموت لمؤمن ثلاثة أولاد فتمسه النار إلا تحلة القسم) قيل أراد بالقسم قوله تعالى (وإن منكم إلا واردها) تقول العرب: ضربه تحليلا وضربه
[ 413 ]
تعذيرا إذا لم يبالغ في ضربه، وهذا مثل في القليل المفرط في القلة، وهو أن يباشر من الفعل الذي يقسم عليه المقدار الذي يبر به قسمه، مثل أن يحلف على النزول بمكان، فلو وقع به وقعة خفيفة أجزأته، فتلك تحلة قسمه. فالمعنى لا تمسه النار إلا مسة يسيرة مثل تحلة قسم الحالف، ويريد بتحلته الورود على النار والاجتياز بها. والتاء في التحلة زائدة. (ه) ومنه الحديث الآخر (من حرس ليلة من وراء المسلمين متطوعا لم يأخذه الشيطان ولم ير النار تمسه إلا تحلة القسم، قال الله تعالى: وإن منكم إلا واردها). ومنه قصيد كعب بن زهير: تخدي على يسرات وهي لاهية ذوابل وقعهن الأرض تحليل أي قليل، كما يحلف الإنسان على الشي أن يفعله فيفعل منه اليسير يحلل به يمينه. (ه) وفي حديث عائشة (أنها قالت لامرأة مرت بها: ما أطول ذيلها ؟ فقال: اغتبتيها، قومي إليها فتحلليها) يقال تحللته واستحللته: إذا سألته أن يجعلك في حل من قبله. (ه) ومنه الحديث (من كان عنده مظلمة من أخيه فليستحله). (ه) وفي حديث أبي بكر (أنه قال لامرأة حلفت أن لا تعتق مولاة لها، فقال لها: حلا أم فلان، واشتراها وأعتقها) أي تحللي من يمينك، وهو منصوب على المصدر. ومنه حديث عمرو بن معدي كرب (قال لعمر: حلا يا أمير المؤمنين فيما تقول) أي تحلل من قولك. وفي حديث أبى قتادة (ثم ترك فتحلل) أي لما انحلت قواه ترك ضمه إليه، وهو تفعل، من الحل نقيض الشد. وفي حديث أنس (قيل له: حدثنا ببعض ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال وأتحلل) أي أستثنى. (ه) وفيه (أنه سئل: أي الأعمال أفضل ؟ فقال: الحل المرتحل، قيل: وما ذاك ؟ قال: الخاتم المفتتح، وهو الذي يختم القرآن بتلاوته، ثم يفتتح التلاوة من أوله، شبهه بالمسافر يبلغ المنزل فيحل فيه، ثم يفتتح سيره: أي يبتدؤه. وكذلك قراء أهل مكة إذا
[ 414 ]
ختموا القرآن بالتلاوة ابتدوأوا وقرأوا الفاتحة وخمس آيات من أول سورة البقرة إلى (وأولئك هم المفلحون)، ثم يقطعون القراءة، ويسمون فاعل ذلك: الحال المرتحل، أي ختم القرآن وابتدأ بأوله ولم يفصل بينهما بزمان. وقيل: أراد بالحال المرتحل الغازي الذي لا يقفل عن غزو إلا عقبه بآخر. فيه (أحلوا الله يغفر لكم) أي أسلموا، هكذا فسر في الحديث. قال االخطابي: معناه الخروج من حظر الشرك إلى حل الإسلام وسعته، من قولهم أحل الرجل إذا خرج من الحرم إلى الحل. ويروى بالجيم، وقد تقدم. وهذا الحديث هو عند الأكثرين من كلام أبي الدرداء. ومنهم من جعله حديثا. (ه) وفيه (لعن الله المحلل والمحلل له) وفي رواية (المحل والمحل له). وفي حديث بعض الصحابة (لا اوتى بحال ولا محلل إلا رجمتها) جعل الزمخشري هذا الحديث الأخير حديث لا أثرا. وفي هذه اللفظة ثلاث لغات: حللت، وأحللت، وحللت، فعلى الأولى جاء الحديث الأول، يقال حلل فهو محلل ومحلل له، وعلى الثانية جاء الثاني، تقول أحل فهو محل ومحل له، وعلى الثالثة جاء الثالث، تقول حللت فأنا حال، وهو محلول له. وقيل أراد بقوله لا أتى بحال: أي بذي إحلال، مثل قولهم ريح لافح: أي ذات إلقاح. والمعنى في الجميع: هو أن يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة أن يطلقها بعد وطئها لتحل لزوجها الأول. وقيل سمي محللا بقصده إلى التحليل، كما يسمى مشتريا إذا قصد الشراء. وفي حديث مسروق (في الرجل تكون تحته الأمة فيطلقها طلقتين، ثم يشتريها، قال: لا تحل له إلا من حيث حرمت عليه) أي أنها لا تحل له وإن اشتراها حتى تنكح زوجا غيره. يعني أنها كما حرمت عليه بالتطليقتين فلا تحل له حتى يطلقها الزوج الثاني تطليقتين فتحل له بهما كما حرمت عليه بهما. وفيه (أن تزاني حليلة جارك) حليلة الرجل: امرأته، والرجل حليلها، لأنها تحل معه ويحل معها. وقيل لأن كل واحد منهما يحل للآخر. (س) ومنه حديث عيسى عليه السلام عند نزوله (أنه يزيد في الحلال) قيل أراد أنه إذا نزل تزوج فزاد فيما أحل الله له: أي ازداد منه لأنه لم ينكح إلى أن رفع.
[ 415 ]
وفي حديثه ايضا (فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات) أي هو حق واجب و اقع، لقوله تعالى (وحرام على قرية) أي حق واجب عليها. ومنه الحديث (حلت له شفاعتي) وقيل: هي بمعنى غشيته ونزلت به. فأما قوله (لا يحل الممرض على المصح) فبضم الحاء، من الحلول: النزول. وكذلك فليحلل بضم اللام. وفي حديث الهدي (لا ينحر حتى يبلغ محله) أي الموضع والوقت الذي يحل فيهما نحره، وهو يوم النحر بمنى، وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان. ومنه حديث عائشة (قال لها: هل عندكم شئ ؟ قالت: لا، إلا شئ بعثت به إلينا نسيبة من الشاة التي بعثت إليها من الصدقة، فقال: هات فقد بلغت محلها) أي وصلت إلى الموضع الذي تحل فيه، وقضي الواجب فيها من التصدق بها، فصارت ملكا لمن تصدق بها عليه، يصح له التصرف فيها، ويصح قبول ما أهدى منها وأكله، وإنما قال ذلك لأنه يحرم عليه أكل الصدقة. (ه س) وفيه (أنه كره التبرج بالزينة لغير محلها) يجوز أن تكون الحاء مكسورة من ا لحل، ومفتوحة من الحلول، أو أراد به الذين ذكرهم الله في قوله (ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن) الآية. والتبرج: إظهار الزينة. (ه) وفيه (خير الكفن الحلة) الحلة: واحدة الحلل، وهي برود اليمن، ولا تسمى حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد ومنه حديث أبي اليسر (لو أنك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك، أو أخذت معافريه وأعطيته بردتك فكانت عليك حلة وعليه حلة). (ه) ومنه الحديث (أنه رأى رجلا عليه حلة قد ائتزر بأحدهما وارتدى بالأخرى) أي ثوبين. (س) ومنه حديث علي (أنه بعث ابنته أم كلثوم إلى عمر لما خطبها، فقال لها قولي له إن أبي يقول لك: هل رضيت الحلة ؟) كنى عنها بالحلة لأن الحلة من اللباس، ويكنى به
[ 416 ]
عن النساء، ومنه قوله تعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن). وفيه (أنه بعث رجلا على الصدقة، فجار بفصيل مخلول أو محلول بالشك) المحلول بالحاء المهملة: الهزيل الذي حل اللحم عن أوصاله فعري منه. والمخلول يجئ في بابه. (س) وفي حديث عبد المطلب: لاهم إن المرء يمنع * رحله فامنع حلالك الحلال بالكسر: القوم المقيمون المتجاورون، يريد بهم سكان الحرم. وفيه (أنهم وجدوا ناسا أحلة) كأنهم جمع حلال، كعماد وأعمدة، وإنما هو جمع فعال بالفتح، كذا قاله بعضهم. وليس في جمع فعال بالكسر أولى منها في جمع فعال بالفتح كفدان وأفدنة. وفي قصيد كعب بن زهير: تمر مثل النخل ذا خصل * بغارب لم تخونه الأحاليل الأحاليل: جمع إحليل، وهو مخرج اللبن من الضرع، وتخونه: تنقصه، يعني أنه قد نشف لبنها، فهي سمينة لم تضعف بخروج اللبن منها. والإحليل يقع على ذكر الرجل وفرج المرأة. ومنه حديث ابن عباس (أحمد إليكم غسل الإحليل) أي غسل الذكر. وفي حديث ابن عباس (إن حل لتوطي الناس وتؤذي وتشغل عن ذكر الله تعالى) حل: زجر للناقة إذا حثثتها على السير: أي أن زجرك إياها عند الإفاضة عن عرفات يؤدي إلى ذلك من الإيذاء والشغل عن ذكر الله تعالى، فسر على هينتك. (حلم [ ه ] في أسماء الله تعالى (الحليم) هو الذي لا يستخفه شئ من عصيان العباد، ولا يستفزه الغضب عليهم، ولكنه جعل لكل شئ مقدارا فهو منته إليه. وفي حديث صلاة الجماعة ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) أي ذووا الألباب والعقول، واحدها حلم بالكسر، وكأنه من الحلم: الأناة والتثبت في الأمور، وذلك من شعار العقلاء.
[ 417 ]
(ه) وفي حديث معاذ رضي الله (أمره أن يأخذ من كل حالم دينارا) يعني الجزية، أراد بالحالم: من بلغ الحلم وجرى عليه حكم الرجال، سواء احتلم أو لم يحتلم. (س) ومنه الحديث (غسل الجمعة واجب على كل حالم) وفي رواية (على كل محتلم) أي بالغ مدرك. (س) وفيه (الرؤيا من الله والحلم من الشيطان) الرؤيا والحلم عبارة عما يراه النائم في نومه من الأشياء، لكن غلبت الرؤيا على ما يراه من الخير والشئ الحسن، وغلب الحلم على ما يراه من الشر والقبيح. ومنه قوله تعالى (اضغاث أحلام) ويستعمل كل واحد منهما موضع الآخر، وتضم لام الحلم وتسكن. (س) ومنه الحديث (من تحلم كلف أن يعقد بين شعيرتين) أي قال إنه رأى في النوم ما لم يره. يقال حلم بالفتح إذا رأى، وتحلم إذا ادعى الرؤيا كاذبا. إن قيل: إن كذب الكاذب في منامه لا يزيد على كذبه في يقظته، فلم زادت عقوبته ووعيده وتكليفه عقد الشعيرتين ؟ قيل: قد صح الخبر (إن الرؤيا الصادقة جزء من النبوة) والنبوة لا تكون إلا وحيا، والكاذب في رؤياه يدعي أن الله تعالى أراه ما لم يره، وأعطاه جزءا من النبوة لم يعطه إياه، والكاذب على الله تعالى أعظم فرية ممن كذب على الخلق أو على نفسه. (ه) وفي حديث عمر (أنه قضى في الأرنب يقتله المحرم بحلام) جاء تفسيره في الحديث أنه الجدي. وقيل إنه يقع على الجدي والحمل حين تضعه أمه، ويروى بالنون والميم بدل منها وقيل: هو الصغير الذي حلمه الرضاع: أي سمنه، فتكون الميم اصلية. (س) وفي حديث ابن عمر (أنه كان ينهى أن تنزع الحلمة عن دابته) الحلمة بالتحريك: القراد الكبير، والجمع الحلم. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث خزيمة، وذكر السنة (وبضت الحلمة) أي درت حلمة الثدي، وهي
[ 418 ]
رأسه. وقيل: الحلمة نبات ينبت في السهل. والحديث يحتملهما. ومنه حديث مكحول (في حلمة ثدي المرأة ربع ديتها). (حلن * في حديث عمر (قضى في فداء الأرنب بحلان) وهو الحلام. وقد تقدم. والنون والميم يتعاقبان. وقيل: إن النون زائدة، وإن وزنه فعلان لا فعال. (ه) ومنه حديث عثمان (أنه قضى في أم حبين يقتلها المحرم بحلان). والحديث الآخر (ذبح عثمان كما يذبح الحلان) أي إن دمه أبطل كما يبطل دم الحلان. (ه) وفيه (أنه نهى عن حلوان الكاهن) هو ما يعطاه من الأجر والرشوة على كهانته. يقال: حلوته أحلوه حلوانا. والحلوان مصدر كالغفران، ونونه زائدة، وأصله من الحلاوة، وإنما ذكرناه ها هنا حملا على لفظه. (حلا * فيه (أنه جاءه رجل وعليه خاتم من حديد، فقال: مالي أرى عليك حلية أهل النار) الحلي اسم لكل ما يتزين به من مصاغ الذهب والفضة، والجمع حلي بالضم والكسر. وجمع الحلية حلى، مثل لحية ولحى، وربما ضم. وتطلق الحلية على الصفة أيضا وإنما جعلها حلية أهل النار لأن الحديد زي بعض الكفار وهم أهل النار. وقيل إنما كرهه لأجل نتنه وزهوكته. وقال في خاتم الشبه: ريح الأصنام، لأن الأصنام كانت تتخذ من الشبه. (ه) وفي حديث أبي هريرة (أنه كان يتوضأ إلى نصف الساق ويقول: إن الحلية تبلغ إلى مواضع الوضوء) أراد بالحلية ها هنا التحجيل يوم القيامة من أثر الوضوء، من قوله صلى الله عليه وسلم (غر محجلون) يقال حليته أحلية إذا ألبسته الحلية. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث علي (لكنهم حليت الدنيا في أعينهم) يقال: حلي الشئ بعيني يحلى إذا استحسنته، وحلا بفمي يحلو. وفي حديث قس (وحلي وأقاح) الحلي على فعيل: يبيس النصي من الكلأ، والجمع أحلية. (س) وفي حديث المبعث (فسلقني لحلاوة القفا) أي أضجعني على وسط القفا لم
[ 419 ]
يمل بي إلى أحد الجانبين، وتضم حاؤه وتفتح وتكسر. ومنه حديث موسى والخضر عليهما السلام (وهو نائم على حلاوة قفاه). باب الحاء مع الميم (حمت * في حديث أبي بكر (فإذا حميت من سمن) وهو النحي والزق الذي يكون فيه السمن والرب ونحوهما. ومنه حديث وحشي بن حرب (كأنه حمت) أي زق. (س) ومنه حديث هند لما أخبرها أبو سفيان بدخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة قالت (اقتلوا الحمت الأسود) تعنيه، استعظاما لقوله حيث واجهها بذلك. (حمج) ه) وفي حديث عمر (قال لرجل: مالي أراك محمجا) التحميج: نظر ومنه حديث عمر بن عبد العزيز (أن شاهدا كان عنده فطفق يحمج إليه النظر) ذكره أبو موسى في حرف الجيم وهو سهو. وقال الزمخشري: إنها لغة فيه. ومنه قول بعض المفسرين في قوله تعالى (مهطعين مقنعي رؤسهم) قال: محمجين مديمي النظر. (حمحم) ه) فيه (لا يجئ أحدكم يوم القيامة بفرس له حمحمة) الحمحمة: صوت الفرس دون الصهيل. (حمد * في أسماء الله تعالى (الحميد) أي المحمود على كل حال، فعيل بمعنى مفعول. والحمد والشكر متقاربان. والحمد أعمها، لأنك تحمد الإنسان على صفاته الذاتية وعلى عطائه ولا تشكره على صفاته. (ه) ومنه الحديث (الحمد رأس الشكر، ما شكر الله عبد لا يحمده) كما أن كلمة الإخلاص رأس الإيمان. وإنما كان رأس الشكر لأن فيه إظهار النعمة والإشادة بها، ولأنه أعم منه، فهو شكر وزيادة.
[ 420 ]
(ه) وفي حديث الدعاء (سبحانك اللهم وبحمدك) أي وبحمدك أبتدئ. وقيل بحمدك سبحت. وقد تحذف الواو وتكون الباء للتسبيب، أو للملابسة: أي التسبيح مسبب بالحمد، أو ملابس له. ومنه الحديث (لواء الحمد بيدي) يريد به انفراده بالحمد يوم القيامة وشهرته به على رؤس الخلق. والعرب تضع اللواء موضع الشهرة. ومنه الحديث (وابعثه المقام المحمود الذي وعدته) أي الذي يحمده فيه جميع الخلق لتعجيل الحساب والإراحة من طول الوقوف. وقيل هو الشفاعة. (ه) وفي كتابه صلى الله عليه وسلم (أما بعد فإني أحمد إليك الله) أي أحمده معك، فأقام إلى مقام مع. وقيل معناه أحمد إليك نعمة الله بتحديثك إياها. (ه) ومنه حديث ابن عباس (أحمد إليكم غسل الإحليل) أي أرضاه لكم وأتقدم فيه إليكم. (ه) وفي حديث أم سلمة (حماديات النساء غض الأطراف) أي غاياتهن ومنتهى ما يحمد منهن. يقال: حماداك أن تفعل، وقصاراك أن تفعل: أي جهدك وغايتك. (حمر) ه س) فيه (بعثت إلى الأحمر والأسود) أي العجم والعرب، لأن الغالب على ألوان العجم الحمرة والبياض، وقيل أراد الجن والإنس. وقيل أراد بالأحمر الأبيض مطلقا، فإن العرب تقول امرأة حمراء أي بيضاء. وسئل ثعلب: لم خص الأحمر دون الأبيض ؟ فقال: لأن العرب لا تقول رجل أبيض، من بياض اللون، وإنما الأبيض عندهم الطاهر النقي من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا الأحمر. وفي هذا القول نظر، قد استعملوا الأبيض في ألوان الناس وغيرهم. (ه) ومنه الحديث (أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض) هي ما أفاء الله على أمته من كنوز الملوك، فالأحمر الذهب، والأبيض الفضة. والذهب كنوز الروم لأنه الغالب على نقودهم، والفضة كنوز الأكاسرة لأنها الغالب على نقودهم. وقيل: أراد العرب والعجم جمعهم الله على دينه وملته. (ه) وفي حديث علي (قيل له: غلبتنا عليك هذه الحمراء) يعنون العجم والروم،
[ 421 ]
والعرب تسمي الموالي الحمراء. (ه) وفيه (أهلكهن الأحمران) يعني الذهب والزعفران. والضمير للنساء: أي أهلكهن حب الحلي والطيب. ويقال للحم والشراب أيضا الأحمران، وللذهب والزعفران الأصفران، وللماء واللبن والأبيضان، وللتمر والماء الأسودان. (س) وفيه (لو تعلمون ما في هذه الأمة من الموت الأحمر) يعني القتل لما فيه من حمرة الدم، أو لشدته، يقال موت أحمر: أي شديد. (ه) ومنه حديث علي رضي الله عنه (قال: كنا إذا احمر البأس اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم) أي إذا اشتدت الحرب استقبلنا العدو به وجعلناه لنا وقاية. وقيل أراد إذا اضطرمت نار الحرب وتسعرت، كما يقال في الشر بين القوم: اضطرمت نارهم، تشبيها بحمرة النار. وكثيرا ما يطلقون الحمرة على الشدة. (ه) ومنه حديث طهفة (أصابتنا سنة حمراء) أي شديدة الجدب، لأن آفاق السماء تحمر في سني الجدب والقحط. (ه) ومنه حديث حليمة (أنها خرجت في سنة حمراء قد برت المال) وقد تكرر في الحديث. (ه) وفيه (خذوا شطر دينكم من الحميراء) يعني عائشة، كان يقول لها أحيانا يا حميراء تصغير الحمراء، يريد البيضاء. وقد تكرر في الحديث. وفي حديث عبد الملك (أراك أحمر قرفا، قال: الحسن أحمر)، يعني أن الحسن في الحمرة، ومنه قول الشاعر: فإذا ظهرت ؟ ؟ * بالحمر (في الأصل: (بالحسن) والمثبت من ا واللسان) إن الحسن أحمر وقيل كنى بالأحمر عن المشقة والشدة: أي من أراد الحسن صبر على أشياء يكرهها. (س) وفي حديث جابر رضي الله عنه (فوضعته على حمارة من جريد) هي ثلاثة أعواد يشد بعض أطرافها إلى بعض، ويخالف بين أرجلها وتعلق عليها الإداوة ليبرد الماء، وتسمى بالفارسية سهباي.
[ 422 ]
وفي حديث ابن عباس (قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة جمع على حمرات) هي جمع صحة لحمر، وحمر جمع حمار. (ه) وفي حديث شريح (أنه كان يرد الحمارة من الخيل) الحمارة: أصحاب الحمير: أي لم يلحقهم بأصحاب الخيل في السهام من الغنيمة. قال الزمخشري: فيه [ أيضا ] أنه أراد بالحمارة الخيل التي تعدو عدو الحمير. (س) وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها (كانت لنا داجن فحمرت من عجين) الحمر بالتحريك: داء يعتري الدابة من أكل الشعير وغيره. وقد حمرت تحمر حمرا. (س) وفي حديث علي رضي الله عنه (يقطع السارق من حمارة القدم) هي ما أشرف بين مفصلها وأصابعها من فوق. ومنه الحديث الآخر (أنه كان يغسل رجليه من حمارة القدم) وهي بتشديد الراء. (س) وفي حديث علي (في حمارة القيظ) أي شدة الحر، وقد تخفف الراء. وفيه (نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاءت حمرة) الحمرة - بضم الحاء وتشديد الميم - وقد تخفف: طائر صغير كالعصفور. وفي حديث عائشة (ما تذكر من عجوز حمراء الشدقين) وصفتها بالدرد، وهو سقوط الأسنان من الكبر، فلم يبق إلا حمرة اللثاة. (ه) وفي حديث علي (عارضه رجل من الموالي فقال: اسكت يا ابن حمراء العجان) أي يا ابن الأمة، والعجان ما بين القبل والدبر، وهي كلمة تقولها العرب في السب والذم. (حمز) ه) في حديث ابن عباس (سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل ؟ فقال: أحمزها) أي أقواها وأشدها. يقال حامز الفؤاد وحميزه: أي شديده. (ه) وفي حديث أنس (كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت أجتنيها) أي كناه أبا حمزة. وقال الأزهري: البقلة التي جناها أنس كان في طعمها لذع فسميت حمزة بفعلها. يقال رمانة حامزة: أي فيها حموضة. ومنه حديث عمر (أنه شرب شرابا فيه حمازة) أي لذع وحدة، أو حموضة. (حمس) ه) في حديث عرفة (هذا من الحمس فما باله خرج من الحرام !) الحمس:
[ 423 ]
جمع الأحمس: وهم قريش، ومن ولدت قريش، وكنانة، وجديلة قيس، سموا حمسا لأنهم تحمسوا في دينهم: أي تشددوا. والحماسة: الشجاعة، كانوا يقفون بمزدلفة ولا يقفون بعرفة، ويقولون: نحن أهل الله فلا نخرج من الحرم. وكانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها وهم محرمون. (س) وفي حديث عمر: (وذكر الأحامس) هم جمع الأحمس: الشجاع. وحديث علي (حمس الوغى واستحر الموت) أي اشتد الحرب. وحديث خيفان: (أما بنو فلان فمسك أحماس) أي شجعان. (حمش * في حديث الملاعنة (إن جاءت به حمش الساقين فهو لشريك) يقال رجل حمش الساقين، وأحمش الساقين: أي دقيقها. ومنه حديث علي في هدم الكعبة (كأني برجل أصلع أصمع حمش الساقين قاعد عليها وهي تهدم). ومنه حديث صفته عليه السلام: (في ساقيه حموشة). (ه) ومنه حديث حد الزنا: (فإذا رجل حمش الخلق) استعاره من الساق للبدن كله: أي دقيق الخلقة. (ه) وفي حديث ابن عباس: (رأيت عليا يوم صفين وهو يحمش أصحابه) أي يحرضهم على القتال ويغضبهم. يقال حمش الشر: اشتد وأحمشته أنا. وأحمشت النار إذا ألهبتها. (س) ومنه حديث أبي دجانة: (رأيت إنسانا يحمش الناس) أي يسوقهم بغضب. (س) ومنه حديث هند: (قالت لأبي سفيان يوم الفتح: اقتلوا الحميت الأحمش) هكذا جاء في رواية (وروي بالسين المهملة، وسبق)، قالته له في معرض الذم. (حمص) ه) في حديث ذي الثدية: (كان له ثدية مثل ثدي المرأة إذا مدت امتدت، وإذا تركت تحمصت) أي تقبضت واحتمعت. (حمض) ه) في حديث ابن عباس (كانوا يقولون إذا أفاض من عنده في الحديث بعد القرآن والتفسير: أحمضوا) يقال: أحمض القوم إحماضا إذا أفاضوا فيما يؤنسهم من الكلام
[ 424 ]
والأخبار. والأصل فيه الحمض من النبات، وهو للإبل كالفاكهة للإنسان، لما خاف عليهم الملال أحب أن يريحهم فأمرهم بالأخذ في ملح الكلام والحكايات. (ه) ومنه حديث الزهري: (الأذن مجاجة وللنفس حمضة) أي شهوة كما تشتهي الإبل الحمض. والمحاجة: التي تمج ما تسمعه فلا تعيه، ومع ذلك فلها شهوة في السماع. ومنه الحديث في صفة مكة: (وأبقل حمضها) أي نبت وظهر من الأرض. وحديث جرير: (بين (في اللسان: (من)) سلم وأرك، وحموض وعناك) الحموض جمع الحمض: وهو كل نبت في طعمه حموضة. (س) وفي حديث ابن عمر: (وسئل عن التحميض، قال: وما التحميض ؟ قال: يأتي الرجل المرأة في دبرها، قال: ويفعل هذا أحد من المسلمين ؟) يقال: أحمضت الرجل عن الأمر: أي حولته عنه، وهو من أحمضت الإبل إذا ملت رعي الخلة - وهو الحلو من النبات - اشتهت الحمض فتحولت إليه. ومنه: (قيل للتفخيذ في الجماع تحميض). (حمق * في حديث ابن عباس: (ينطلق أحدكم فيركب الحموقة) هي فعولة من الحمق: أي خصلة ذات حمق. وحقيقة الحمق: وضع الشئ في غير موضعه مع العلم بقبحه. ومنه حديث الآخر مع نجدة الحرروري: (لولا أن يقع في أحموقة ما كتبت إليه) هي أفعولة من الحمق بمعنى الحموقة. (س) ومنه حديث ابن عمر في طلاق امرأته: (أريت إن عجز واستحمق) يقال استحمق الرجل: إذا فعل فعل الحمقى. واستحمقته: وجدته أحمق، فهو لازم ومتعد، مثل استنوق الجمل. ويروى: (استحمق) على ما لم يسم فاعله. والأول أولى ليزاوج عجز. (حمل * فيه (الحميل غارم) الحميل الكفيل ضامن. (س) ومنه حديث ابن عمر: (كان لا يرى بأسا في السلم بالحميل) أي الكفيل.
[ 425 ]
(ه) وفي حديث القيامة: (ينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل) وهو ما يجئ به السيل من طين أو غثاء وغيره، فعيل بمعنى مفعول، فإذا اتفقت فيه حبة واستقرت على شط مجرى السيل فإنها تنبت في يوم وليلة، فشبه بها سرعة عود أبدانهم وأجسامهم إليهم بعد إحراق النار لها. (ه) وفي حديث آخر: (كما تنبت الحبة في حمائل السيل) هو جمع حميل. (ه) وفي حديث عذاب القبر: (يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله) قال الأزهري: هي عروق أنثييه، ويحتمل أن يراد موضع حمائل السيف: أي عواتقه وصدره وأضلاعه. (ه) وفي حديث علي: (أنه كتب إلى شريح: الحميل لا يورث إلا ببينة) وهو الذي يحمل من بلاده صغيرا إلى بلاد الإسلام، وقيل هو المحمول (في الأصل: (المجهول). والمثبت من ا واللسان والهروي) النسب، وذلك أن يقول الرجل لإنسان: هذا أخي أو ابني ليزوي ميراثه عن مواليه، فلا يصدق إلا ببينة. (ه) وفيه (لا تحل المسألة إلا لثلاثة: رجل تحمل حمالة) الحمالة بالفتح: ما يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة، مثل أن يقع حرب بين فريقين تسفك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى ليصلح ذات البين. والتحمل: أن يحملها عنهم على نفسه. ومنه حديث عبد الملك في هدم الكعبة وما بنى ابن الزبير منها (وددت، أني تركته وما تحمل من الإثم نقض الكعبة وبنائها). وفي حديث قيس (قال: تحملت بعلي على عثمان في أمر) أي استشفعت به إليه. (س) وفيه (كنا إذا أمرنا بالصدقة انطلق أحدنا إلى السوق فتحامل) أي تكلف الحمل بالأجرة ليكتسب ما يتصدق به، تحاملت الشئ: تكلفته على مشقة. ومنه الحديث الآخر: (كنا نحامل على ظهورنا) أي نحمل لمن يحمل لنا، من المفاعلة، أو هو من التحامل.
[ 426 ]
(س) وفي حديث الفرع والعتيرة: (إذا استحمل ذبحته فتصدقت به) أي قوي على الحمل وأطاقه، وهو استفعل من الحمل. وفي حديث تبوك (قال أبو موسى: أرسلني أصحابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أسأله الحملان) الحملان مصدر حمل يحمل حملانا، وذلك أنهم أرسلوه يطلب منه شيئا يركبون عليه. ومنه تمام الحديث (قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ما أنا حملتكم ولكن الله حملكم) أراد إفراد الله تعالى بالمن عليهم. وقيل: أراد لما ساق الله إليه هذه الإبل وقت حاجتهم كان هو الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسيا ليمينه أنه لا يحملهم، فلما أمر لهم بالإبل قال: ما أنا حملتكم، ولكن الله حملكم، كما قال للصائم الذي أفطر ناسيا: (أطعمك الله وسقاك). وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحمال لا حمال خيبر الحمال بالكسر من الحمل. والذي يحمل من خيبر التمر: أي إن هذا في الآخرة أفضل من ذاك وأحمد عاقبة، كأنه جمع حمل، ويجوز أن يكون مصدر حمل أو حامل. ومنه حديث عمر (فأين الحمال ؟) يريد منفعة الحمل وكفايته، وفسره بعضهم بالحمل الذي هو الضمان. وفيه (من حمل علينا السلاح فليس منا) أي من حمل السلاح على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، فإن لم يحمله عليهم لأجل كونهم مسلمين فقد اختلف فيه: فقيل معناه: ليس مثلنا. وقيل: ليس متخلقا بأخلاقنا ولا عاملا بسنتنا. (س) وفي حديث الطهارة (إذا كان الماء قلتين لم يحمل خبثا) أي لم يظهره ولم يغلب عليه الخبث، من قولهم فلان يحمل غضبه: أي لا يظهره. والمعنى أن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إذا كان قلتين. وقيل معنى لم يحمل خبثا: أنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يحمل الضيم، إذا كان يأباه ويدفعه عن نفسه. وقيل: معناه أنه إذا كان قلتين لم
[ 427 ]
يحتمل أن تقع فيه نجاسة، لأنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأول قد قصد أول مقاديره المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها وهو ما بلغ القلتين فصاعدا. وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع النجاسة فيها وهو ما انتهى في القلة إلى القلتين. والأول هو القول، وبه قال من ذهب إلى تحديد الماء بالقلتين، وأما الثاني فلا. وفي حديث علي (لا تناظروهم بالقرآن فإنه حمال ذو وجوه) أي يحمل عليه كل تأويل فيحتمله. وذو وجوه: أي ذو معان مختلفة. وفي حديث تحريم الحمر الأهلية (قيل: لأنها كانت حمولة الناس) الحمولة بالفتح: ما يحتمل عليه الناس من الدواب، سواء كانت عليها الأحمال أو لم تكن كالركوبة. ومنه حديث قطن (والحمولة المائرة لهم لاغية) أي الإبل التي تحمل الميرة. ومنه الحديث (من كانت له حمولة يأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه) الحمولة بالضم: الأحمال، يعني أنه يكون صاحب أحمال يسافر بها، وأما الحمول بلا هاء فهي الإبل التي عليها الهوادج، كان فيها نساء أو لم يكن. (حمم) ه) في حديث الرجم (أنه مر بيهودي محمم مجلود) أي مسود الوجه، من الحممة: الفحمة، وجمعها حمم. (ه) ومنه الحديث (إذا مت فأحرقوني بالنار حتى إذا صرت حمما فاسحقوني). (ه) وحديث لقمان بن عاد (خذي مني أخي ذا الحممة) أراد سواد لونه. (ه) ومنه حديث أنس رضي الله عنه (كان إذا حمم رأسه بمكة خرج واعتمر) أي اسود بعد الحلق بنبات شعره. والمعنى أنه كان لا يؤخر العمرة إلى المحرم، وإنما كان يخرج إلى الميقات ويعتمر في ذي الحجة. ومنه حديث ابن زمل (كأنما حمم شعره بالماء) أي سود، لأن الشعر إذا شعث اغبر، فإذا غسل بالماء ظهر سواده. ويروى بالجيم: أي جعل جمة. ومنه حديث قس (الوافد في الليل الأحم) أي الأسود. (ه) وفي حديث عبد الرحمن (أنه طلق امرأته ومتعها بخادم سوداء حممها إياها) أي متعها بها بعد الطلاق، وكانت العرب تسمى المتعة التحميم.
[ 428 ]
ومنه خطبة مسلمة (إن أقل الناس في الدنيا هما أقلهم حما) أي مالا ومتاعا، وهو من التحميم: المتعة. (ه) وفي حديث أبي بكر (إن أبا الأعور السلمي قال له: إنا جئناك في غير محمة، يقال أحمت الحاجة إذا أهمت ولزمت. قال الزمخشري: المحمة: الحاضرة، من أحم الشئ إذا قرب ودنا. (ه) وفي حديث عمر (قال: إذا التقى الزحفان وعند حمة النهضات) أي شدتها ومعظمها وحمة كل شئ معظمه. وأصلها من الحم: الحرارة، أو من حمة السنان وهي حدته. (ه) وفيه (مثل العالم مثل الحمة) الحمة: عين ماء يستشفي بها المرضى. ومنه حديث الدجال: (أخبروني عن حمة زغر) أي عينها، وزغر موضع بالشام. ومنه الحديث (أنه كان يغتسل بالحميم) هو الماء الحار. وفيه (لا يبولن أحدكم في مستحمه) المستحم: الموضع الذي يغتسل فيه بالحميم، وهو في الأصل: الماء الحار، ثم قيل للاغتسال بأي ماء كان استحمام. وإنما نهي عن ذلك إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول، أو كان المكان صلبا فيوهم المغتسل أنه أصابه منه شئ فيحصل منه الوسواس. (س) ومنه الحديث (إن بعض نسائه استحمت من جنابة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يستحم من فضلها) أي يغتسل. (س) ومنه حديث ابن مغفل (أنه كان يكره البول في المستحم). (س) وفي حديث طلق (كنا بأرض وبيئة محمة) أي ذات حمى، كالمأسدة والمذأبة لموضع الأسود والذئاب. يقال: أحمت الأرض: أي صارت ذات حمى. وفي الحديث ذكر (الحمام) كثيرا وهو الموت. وقيل هو قدر الموت وقضاؤه، من قولهم حم كذا: أي قدر. ومنه شعر ابن رواحة في غزوة مؤتة: * هذا حمام الموت قد صليت * أي قضاؤه.
[ 429 ]
(س) وفي حديث مرفوع (أنه كان يعجبه النظر إلى الأترج والحمام الأحمر) قال أبو موسى: قال هلال بن العلاء: هو التفاح. قال: وهذا التفسير لم أره لغيره. وفيه (اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي، أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا) حامة الإنسان: خاصته ومن يقرب منه. وهو الحميم أيضا. (ه) ومنه الحديث (انصرف كل رجل من ثقيف إلى حامته). (ه س) وفي حديث الجهاد (إذا بيتم فقولوا حم لا ينصرون) قيل معناه: اللهم لا ينصرون، ويريد به الخبر لا الدعاء، لأنه لو كان دعاء لقال لا ينصروا مجزوما، فكأنه قال: والله لا ينصرون. وقيل إن السور التي في أولها حم سور لها شأن، فنبه أن ذكرها لشرف منزلتها مما يستظهر به على استنزال النصر من الله. وقوله لا ينصرون: كلام مستأنف، كأنه حين قال قولوا حم، قيل: ماذا يكون إذا قلنا ؟ فقال: لا ينصرون. (حمن) س) في حديث ابن عباس (كم قتلت من حمنانة) الحمنانة من القراد دون الحلم، أوله قمقامة، ثم حمنانة، ثم قراد، ثم حلمة، ثم عل. (حمه) س) فيه (أنه رخص في الرقية من الحمة) وفي رواية: (من كل ذي حمة) الحمة بالتخفيف: السم، وقد يشدد، وأنكره الأزهري، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة، لأن السم منها يخرج، وأصلها حمو، أو حمي بوزن صرد، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة أو الياء. ومنه حديث الدجال (وتنزع حمة كل دابة) أي سمها. (حما) س ه) فيه (لا حمى إلا لله ورسوله) قيل: كان الشريف في الجاهلية إذا نزل أرضا في حيه استعوى كلبا مدى عواء الكلب لا يشركه فيه غيره، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وأضاف الحمى إلى الله ورسوله: أي إلا ما يحمى للخيل التي ترصد للجهاد، والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله، وإبل الزكاة وغيرها، كما حمى عمر بن الخطاب النقيع لنعم الصدقة والخيل المعدة في سبيل الله.
[ 430 ]
(ه) وفي حديث أبيض بن حمال (لا حمى في الأراك) فقال أبيض: أراكة في حظاري: أي في أرضي) وفي رواية أنه سأله عما يحمى من الأراك فقال (ما لم تنله أخفاف الإبل) معناه أن الإبل تأكل منتهى ما تصل إليه أفواهها لأنها إنما تصل إليه بمشيها على أخفافها، فيحمى ما فوق ذلك. وقيل أراد أنه يحمى من الأراك ما بعد عن العمارة ولم تبلغه الإبل السارحة إذا أرسلت في المرعى، ويشبه أن تكون هذه الأراكة التي سأل عنها يوم إحياء الأرض وحظر عليها قائمة فيها، فملك الأرض بالإحياء، ولم يملك الآراكة، فأما الأراك إذا نبت في ملك رجل فإنه يحميه ويمنع غيره منه. (س) وفي حديث عائشة، وذكرت عثمان (عتبنا عليه موضع الغمامة المحماة) تريد الحمى الذي حماه. يقال أحميت المكان فهو محمى إذا جعلته حمى. وهذا شئ حمى: أي محظور لا يقرب، وحميته حماية إذا دفعت عنه ومنعت منه من يقربه، وجعلته عائشة موضعا للغمامة لأنها تسقية بالمطر، والناس شركاء فيما سقته السماء من الكلأ إذا لم يكن مملوكا، فلذلك عتبوا عليه. (س) وفي حديث حنين (الآن حمي الوطيس) الوطيس: التنور، وهو كناية عن شدة الأمر واضطرام الحرب. ويقال إن هذه الكلمة أول من قالها النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد البأس يومئذ ولم تسمع قبله، وهي أحسن الاستعارات. ومنه الحديث (وقدر القوم حامية تفور) أي حارة تغلي، يريد عزة جانبهم وشدة شوكتهم وحميتهم. وفي حديث معقل بن يسار (فحمي من ذلك أنفا) أي أخذته الحمية، وهي الأنفة والغيرة. وقد تكررت الحمية في الحديث. وفي حديث الإفك (أحمي سمعي وبصري) أي أمنعهما من أن أنسب إليهما ما لم يدركاه، ومن العذاب لو كذبت عليهما. (ه) وفيه (لا يخلون رجل بمغيبة وإن قيل حموها، ألا حموها الموت) الحم أحد الأحماء: أقارب الزوج. والمعنى أنه إذا كان رأيه هذا في أبي الزوج - وهو محرم -
[ 431 ]
فكيف بالغريب ! أي فلتمت ولا تفعلن ذلك، وهذه كلمة تقولها العرب، كما تقول الأسد الموت، والسلطان النار، أي لقاؤهما مثل الموت والنار. يعني أن خلوة الحم معها أشد من خلوة غيره من الغرباء لأنه ربما حسن لها أشياء وحملها على أمور تثقل على الزوج من التماس ما ليس في وسعه، أو سوء عشرة أو غير ذلك، ولأن الزوج لا يؤثر أن يطلع الحم على باطن حاله بدخول بيته. (حميط) ه س) في حديث كعب (أنه قال: أسماء النبي صلى الله عليه وسلم في الكتب السالفة محمد وأحمد وحمياطا) قال أبو عمرو: سألت بعض من أسلم من اليهود عنه، فقال: معناه يحمي الحرم، ويمنع من الحرام، ويوطئ الحلال. باب الحاء مع النون (حنت) س) في حديث عمر (أنه حرق بيت رويشد الثقفي وكان حانوتا تعاقر فيه الخمر وتباع) كانت العرب تسمي بيوت الخمارين الحوانيت، وأهل العراق يسمونها المواخير، واحدها حانوت وماخور، والحانة أيضا مثله. وقيل: إنهما من أصل واحد وإن اختلف بناؤهما. والحانوت يذكر ويؤنث. قال الجوهري: أصله حانوة بوزن ترقوة، فلما سكنت الواو انقلبت هاء التأنيث تاء. (حنتم) ه س) فيه (أنه نهى عن الدباء والحنتم) الحنتم: جرار مدهونة خضر كانت تحمل الخمر فيها إلى المدينة ثم اتسع فيها فقيل للخزف كله حنتم، واحدتها حنتمة. وإنما نهي عن الانتباذ فيها لأنها تسرع الشدة فيها لأجل دهنها. وقيل لأنها كانت تعمل من طين يعجن بالدم والشعر فنهي عنها ليمتنع من عملها. والأول الوجه. (س) ومنه حديث ابن العاص: (إن ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها) حنتمة: أم عمر ابن الخطاب، وهي بنت هشام بن المغيرة ابنة عم أبي جهل (حنث) ه) فيه (اليمين حنث أو مندمة) الحنث في اليمين نقضها، والنكث فيها. يقال: حنث في يمينه يحنث، وكأنه من الحنث: الإثم والمعصية. وقد تكرر في الحديث. والمعنى أن الحالف إما أن يندم على ما حلف عليه، أو يحنث فتلزمه الكفارة. (ه) وفيه (من مات له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث) أي لم يبلغوا مبلغ الرجال ويجري عليهم القلم فيكتب عليهم الحنث وهو الإثم. وقال الجوهري: بلغ الغلام الحنث:
[ 432 ]
أي المعصية والطاعة. (ه س) وفيه (أنه كان يأتي حراء فيتحنث فيه) أي يتعبد. يقال فلان يتحنث: أي يفعل فعلا يخرج به من الإثم والحرج، كما تقول يتأثم ويتحرج إذا فعل ما يخرج به من الإثم والحرج. ومنه حديث حكيم بن حزام (أرأيت أمورا كنت أتحنث بها في الجاهلية) أي أتقرب بها إلى الله. ومنه حديث عائشة (ولا أتحنث إلى نذري) أي لا أكتسب الحنث وهو الذنب، وهذا بعكس الأول. (ه) وفيه (يكثر فيهم أولاد الحنث) أي أولاد الزنا، من الحنث: المعصية، ويروى بالخاء المعجمة والباء الموحدة. (حنجر) س) في حديث القاسم (وسئل عن رجل ضرب حنجرة رجل فذهب صوته فقال: عليه الدية) الحنجرة: رأس الغلصمة حيث تراه ناتئا من خارج الحلق، والجمع الحناجر. ومنه الحديث (وبلغت القلوب الحناجر) أي صعدت عن مواضعها من الخوف إليها. (حندس) س) في حديث أبي هريرة (كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة ظلماء حندس) أي شديدة الظلمة. ومنه حديث الحسن (وقام الليل في حندسة). (حنذ) ه) فيه (أنه أتي بضب محنوذ) أي مشوي. ومنه قوله تعالى: (بعجل حنيذ). ومنه حديث الحسن: * عجلت قبل حنيذها بشوائها *
[ 433 ]
أي عجلت بالقرى ولم تنتظر المشوي، وسيجئ في حرف العين مبسوطا. وفيه ذكر (حنذ) هو بفتح الحاء والنون وبالذال المعجمة: موضع قريب من المدينة. (حنر) ه) في حديث أبي ذر (لو صليتم حتى تكونوا كالحنائر ما نفعكم حتى تحبوا آل رسول الله صلى الله عليه وسلم) الحنائر جمع حنيرة: وهي القوس بلا وتر. وقيل: الطاق المعقود وكل شئ منحن فهو حنيرة: أي لو تعبدتم حتى تنحني ظهوركم. (حنش) ه) فيه (حتى يدخل الوليد يده في فم الحنش) أي في فم الأفعى. وقيل: الحنش: ما أشبه رأسه رأس الحيات، من الوزغ والحرباء وغيرهما. وقيل الأحناش: هوام الأرض. والمراد في الحديث الأول. (س) ومنه حديث سطيح (أحلف بما بين الحرتين من حنش). (حنط * في حديث ثابت بن قيس (وقد حسر عن فخذيه وهو يتحنط) أي يستعمل الحنوط في ثيابه عند خروجه إلى القتال، كأنه أراد بذلك الاستعداد للموت، وتوطين النفس عليه بالصبر على القتال، والحنوط والحناط واحد: وهو ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة. (ه) ومنه حديث عطاء (سئل: أي الحناط أحب إليك ؟ قال: الكافور). ومنه الحديث (إن ثمود لما استيقنوا بالعذاب تكفنوا بالأنطاع، وتحنطوا بالصبر لئلا يجيفوا وينتنوا). (حنطب * في حديث ابن المسيب (سأله رجل فقال: قتلت قرادا حنظبا، فقال: تصدق بتمرة) الحنظب بضم الظاء وفتحها: ذكر الخنافس والجراد. وقد يقال بالطاء المهملة، ونونه زائدة عند سيبويه، لأنه لم يثبت فعللا بالفتح، وأصلية عند الأخفش لأنه أثبته. وفي رواية (من قتل قراد أو حنظبانا وهو محرم تصدق بتمرة أو تمرتين) الحنظبان هو الحنظب. (حنف) س) فيه (خلقت عبادي حنفاء) أي طاهري الأعضاء من المعاصي، لا أنه خلقهم كلهم مسلمين، لقوله تعالى: (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) وقيل أراد أنه خلقهم حنفاء مؤمنين لما أخذ عليهم الميثاق: (ألست بربكم ؟ قالوا
[ 434 ]
بلى)، فلا يجد أحد إلا وهو مقر بأن له ربا وإن أشرك به، واختلفوا فيه. والحنفاء جمع حنيف: وهو المائل إلى الإسلام الثابت عليه والحنيف عند العرب: من كان على دين إبراهيم عليه السلام. وأصل الحنف الميل. ومنه الحديث (بعثت بالحنيفية السمحة السهلة) وقد تكرر ذكرها في الحديث. (س) وفيه (أنه قال لرجل: ارفع إزارك، قال: إني أحنف) الحنف: إقبال القدم بأصابعها على القدم الأخرى. (حنق) ه) في حديث عمر (لا يصلح هذا الأمر إلا لمن لا يحنق على جرته) أي لا يحقد على رعيته، والحنق: الغيظ. والجرة: ما يخرجه البعير من جوفه ويمضغه. والإحناق لحوق البطن والتصاقه. وأصل ذلك في البعير أن يقذف بجرته، وإنما وضع موضع الكظم من حيث إن الاجترار ينفخ البطن، والكظم بخلافه. يقال: ما يحنق فلان وما يكظم على جرة: إذا لم ينطو على حقده ودغل. ومنه حديث أبي جهل (إن محمدا نزل يثرب، وإنه حنق عليكم). ومنه شعر قتيلة أخت النضر بن الحارث: ما كان ضرك لو مننت وربما * من الفتى وهو المغيظ المحنق يقال حنق عليه بالكسر يحنق فهو حنق، وأحنقه غيره فهو محنق. (حنك * في حديث ابن أم سليم لما ولدته وبعثت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم (فمضغ تمرا وحنكه به) أي مضغه ودلك به حنكه، حنك الصبي وحنكه. (ه) ومنه الحديث (أنه كان يحنك أولاد الأنصار). (س) وفي حديث طلحة (قال لعمر: قد حنكتك الأمور) أي راضتك وهذبتك. يقال بالتخفيف والتشديد، وأصله من حنك الفرس يحنكه: إذا جعل في حنكه الأسفل حبلا يقوده به. وفي حديث خزيمة (والعضاه مستحنكا) أي منقلعا من أصله. هكذا جاء في رواية.
[ 435 ]
(حنن) ه) فيه (أنه كان يصلي إلى جذع في مسجده، فلما عمل له المنبر صعد عليه، فحن الجذع إليه)، أي نزع واشتاق. وأصل الحنين: ترجيع الناقة صوتها إثر ولدها. (ه) ومنه حديث عمر (لما قال الوليد بن عقبة بن معيط: أقتل من بين قريش ! فقال عمر رضي الله عنه: حن قدح ليس منها) هو مثل يضرب للرجل ينتمي إلى نسب ليس منه، أو يدعي ما ليس منه في شئ. والقدح بالكسر: أحد سهام الميسر، فإذا كان من غير جوهر أخواته ثم حركها المفيض بها خرج له صوت يخالف أصواتها فعرف به. ومنه كتاب علي رضي الله عنه إلى معاوية (وأما قولك كيت وكيت، فقد حن قدح ليس منها). (س) ومنه حديث (لا يتزوجن حنانة ولا منانة) هي التي كان لها زوج، فهي تحن إليه وتعطف عليه. (ه) وفي حديث بلال (أنه مر عليه ورقة بن نوفل وهو يعذب فقال: والله لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا) الحنان: الرحمة والعطف، والحنان الرزق والبركة. أراد: لأجعلن قبره موضع حنان، أي مظنة من رحمة الله فأتمسح به متبركا كما يتمسح بقبور الصالحين الذين قتلوا في سبيل الله من الأمم الماضية، فيرجع ذلك عارا عليكم وسبة عند الناس. وكان ورقة على دين عيسى عليه السلام. وهلك قبيل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن يدركني يومك لأنصرنك نصرا مؤزرا. وفي هذا نظر، فإن بلالا ما عذب إلا بعد أن أسلم. (س) ومنه الحديث (أنه دخل على أم سلمة وعندها غلام يسمى الوليد، فقال: اتخذتم الوليد حنانا ! غيروا اسمه) أي تتعطفون على هذا الاسم وتحبونه. وفي رواية أنه من أسماء الفراعنة، فكره أن يسمى به. (س) وفي حديث زيد بن عمرو بن نفيل (حنانيك يا رب) أي ارحمني رحمة بعد رحمة، وهو من المصادر المثناة التي لا يظهر فعلها، كلبيك وسعديك. في أسماء الله تعالى (الحنان) هو بتشديد النون: الرحيم بعباده، فعال، من الرحمة للمبالغة. وفيه ذكر (الحنان) هو بهذا الوزن: رمل بين مكة والمدينة له ذكر في مسير النبي صلى الله عليه وسلم إلى بدر.
[ 436 ]
(س) وفي حديث علي (إن هذه الكلاب التي لها أربعة أعين من الحن) الحن ضرب من الجن، يقال مجنون ومحنون، وهو الذي يصرع ثم يفيق زمانا. وقال ابن المسيب: الحن الكلاب السود المعينة. (س) ومنه حديث ابن عباس (الكلاب من الحن. وهي ضعفة الجن، فإذا غشيتكم عند طعام فألقوا لهن، فإن لهن أنفسا) جمع نفس: أي أنها تصيب بأعينها. (حنه * فيه (لا تجوز شهادة ذي الظنة والحنة) الحنة: العداوة، وهي لغة قليلة في الإحنة، وهي على قلتها قد جاءت في غير موضع من الحديث. (س) فمنها قوله (إلا رجل بينه وبين أخيه حنة). (س) ومنها حديث حارثة بن مضرب (ما بيني وبين العرب حنة). (س) ومنها حديث معاوية (لقد منعتني القدرة من ذوي الحنات) هي جمع حنة. (حنا * في حديث صلاة الجماعة (لم يحن أحد منا ظهره) أي لم يثنه للركوع. يقال حنا يحني ويحنو. ومنه حديث معاذ (وإذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه على فخذيه وليحن هكذا جاء في الحديث، فإن كانت بالحاء فهي من حنى ظهره إذا عطفه، وإن كانت بالجيم، فهي من جنأ الرجل على الشئ إذا أكب عليه، وهما متقاربان. والذي قرأناه في كتاب مسلم بالجيم. وفي كتاب الحميدي بالحاء. ومنه حديث رجم اليهودي (فرأيته يحنى عليها يقيها الحجارة) قال الخطابي: الذي جاء في كتاب السنن: يجنى، يعني بالجيم. والمحفوظ إنما هو يحنى بالحاء: أي يكب عليها. يقال حنا يحنى حنوا. ومنه الحديث (قال لنسائه رضي الله عنهن: لا يحني عليكن بعدي إلا الصابرون) أي لا يعطف ويشفق. يقال حنا عليه يحنو وأحنى يحني. (ه) ومنه الحديث (أنا وسفعاء الخدين الحانية على ولدها كهاتين يوم القيامة - وأشار بإصبعيه -). الحانية التي تقيم على ولدها ولا تتزوج شفقة وعطفا. (ه) ومنه الحديث الاخر في نساء قريش (أحناه على ولد، وأرعاه على
[ 437 ]
زوج) إنما وحد الضمير وأمثاله ذهابا إلى المعنى، تقديره أحنى من وجد أو خلق، أو من هناك. ومثله قوله: أحسن الناس وجها، وأحسنه خلقا [ يريد أحسنهم خلقا ] (الزيادة من ا واللسان)، وهو كثير في العربية ومن أفصح الكلام. (س) ومنه حديث أبي هريرة (إياك والحنوة والإقعاء) يعني في الصلاة، وهو أن يطأطئ رأسه ويقوس ظهره، من حنيت الشئ إذا عطفته. (س) ومنه حديث عمر (لو صليتم حتى تكونوا كالحنايا) هي جمع حنية، أو حني، وهما القوس، فعيل بمعنى مفعول، لأنها محنية، أي معطوفة. (س) ومنه حديث عائشة (فحنت لها قوسها) أي وترت، لأنها إذا وترتها عطفتها، ويجوز أن يكون حنت مشددة، يريد صوت القوس. (ه) وفيه (كانوا معه فأشرفوا على حرة واقم، فإذا قبور بمحنية) أي بحيث ينعطف الوادي، وهو منحناه أيضا. ومحاني الوادي معاطفه. ومنه قصيد كعب بن زهير: شجت بذي شبم من ماء محنية * صاف بأبطح أضحى وهو مشمول خص ماء المحنية لأنه يكون أصفى وأبرد. (س) ومنه الحديث (إن العدو يوم حنين كمنوا في أحناء الوادي) هي جمع حنو، وهي منعطفه، مثل محانيه. ومنه حديث علي رضي الله عنه (ملائمة لأحنائها) أي معاطفها. ومنه حديثه الآخر (فهل ينتظر أهل بضاضة الشباب إلا حواني الهرم) هي جمع حانية، وهي التي تحني ظهر الشيخ وتكبه. باب الحاء مع الواو (حوب) ه) فيه (رب تقبل توبتي واغسل حوبتي) أي إثمي. (ه) ومنه الحديث (اغفر لنا حوبنا) أي إثمنا. وتفتح الحاء وتضم. وقيل الفتح لغة الحجاز، والضم لغة تميم.
[ 438 ]
(ه) ومنه الحديث (الربا سبعون حوبا) أي سبعون ضربا من الإثم. ومنه الحديث (كان إذا دخل إلى أهله قال: توبا توبا، ولا تغادر علينا حوبا). ومنه الحديث (إن الجفاء والحوب في أهل الوبر والصوف). (ه) وفيه (أن رجلا سأله الإذن في الجهاد، فقال: ألك حوبة ؟ قال نعم) يعني ما يأثم به إن ضيعه. وتحوب من الإثم إذا توقاه، وألقى الحوب عن نفسه. وقيل الحوبة ها هنا الأم والحرم. ومنه الحديث (اتقوا الله في الحوبات) يريد النساء اللاتي لا يستغنين عمن يقوم عليهن ويتعهدهن، ولابد في الكلام من حذف مضاف تقديره ذأت حوبة، وذات حوبات. والحوبة: الحاجة. (ه) ومنه حديث الدعاء (إليك أرفع حوبتي) أي حاجتي. (ه) وفيه (أن أبا أيوب أراد أن يطلق أم أيوب، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن طلاق أم أيوب لحوب) أي لوحشة أو إثم، وإنما أثمه بطلاقها لأنها كانت مصلحة له في دينه. (ه) وفيه (ما زال صفوان يتحوب رحالنا منذ الليلة) التحوب: صوت توجع، أراد به شدة صياحه بالدعاء، ورحالنا منصوب على الظرف. والحوبة والحيبة الهم والحزن. (ه) وفيه (كان إذا قدم من سفر قال: آيبون تائبون لربنا حامدون، حوبا حوبا) حوب زجر لذكور الإبل، مثل حل، لإناثها، وتضم الباء وتفتح وتكسر، وإذا نكر دخله التنوين، فقوله حوبا حوبا بمنزلة قولك سيرا سيرا، كأنه لما فرغ من دعائه زجر جمله. (ه) وفي حديث ابن العاص (فعرف أنه يريد حوباء نفسه) الحوباء: روح القلب، وقيل هي النفس. (س) وفيه (أنه قال لنسائه: أيتكن تنبحها كلاب الحوأب ؟) الحوأب: منزل بين مكة والبصرة، وهو الذي نزلته عائشة لما جاءت إلى البصرة في وقعة الجمل. (حوت * فيه (قال أنس: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسم الظهر وعليه خميصة حويتية) هكذا جاء في بعض نسخ مسلم، والمشهور والمحفوظ خميصة جونية: أي سوداء، وأما حويتية فلا أعرفها، وطالما بحثت عنها فلم أقف لها على معنى. وجاء في رواية أخرى
[ 439 ]
(خميصة حوتكية) لعلها منسوبة إلى القصر، فإن الحوتكي الرجل القصير الخطو، أو هي منسوبة إلى رجل يسمى حوتكا. والله أعلم. (حوج) س) فيه (أنه كوى أسعد بن زرارة وقال: لا أدع في نفسي حوجاء من أسعد) الحوجاء الحاجة: أي لا أدع شيئا أرى فيه برأه إلا فعلته، وهي في الأصل الريبة التي يحتاج إلى إزالتها. ومنه حديث قتادة (قال في سجدة حم: أن تسجد بالآخرة منهما أحرى أن لا يكون في نفسك حوجاء) أي لا يكون في نفسك منه شئ، وذلك أن موضع السجود منهما مختلف فيه هل هو في آخر الآية الأولى على تعبدون، أو آخر الثانية على يسأمون، فاختار الثانية لأنه الأحوط. وأن تسجد في موضع المبتدأ وأحرى خبره. (ه) وفيه (قال له رجل: يا رسول الله ما تركت من حاجة ولا داجة إلا أتيت) أي ما تركت شيئا دعتني نفسي إليه من المعاصي إلا وقد ركبته، وداجة إتباع لحاجة. والألف فيها منقلبة عن الواو. [ ه ] ومنه الحديث (أنه قال لرجل شكا إليه الحاجة: انطلق إلى هذا الوادي فلا تدع حاجا ولا حطبا، ولا تأتني خمسة عشر يوما) الحاج: ضرب من الشوك، الواحدة حاجة. (حوذ (ه) في حديث الصلاة (فمن فرغ لها قلبه وحاذ عليها بحدودها فهو مؤمن) أي حافظ عليها، من حاذ الإبل يحوذها حوذا إذا حازها وجمعها ليسوقها. (ه) ومنه حديث عائشة تصف عمر (كان والله أحوذيا (يروى بالزاي، وسيجئ) نسيج وحده) الأحوذي: الجاد المنكمش (المنكمش: المسرع) في أموره، الحسن السياق للأمور. (ه) وفيه (ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان) أي استولى عليهم وحواهم إليه. وهذه اللفظة أحد ما جاء على الأصل من غير إعلال خارجة عن أخواتها، نحو استقال واستقام. (ه) وفيه (أغبط الناس المؤمن الخفيف الحاذ) الحاذ والحال واحد، وأصل ا لحاذ: طريقة المتن، وهو ما يقع عليه اللبد من ظهر الفرس: أي خفيف الظهر من العيال. (ه) ومنه الحديث الآخر (ليأتين على الناس زمان يغبط الرجل بخفة الحاذ كما يغبط اليوم أبو العشرة) ضربه مثلا لقلة المال والعيال.
[ 440 ]
وفي حديث قس (غمير [ ذات ] سقطت من ا واللسان) حوذان) الحوذان بقلة لها قضب وورق ونور أصفر. (حور) ه) فيه (الزبير ابن عمتي وحواري من أمتي) أي خاصتي من أصحابي وناصري. ومنه (الحواريون أصحاب المسيح عليه السلام) أي خلصانه وأنصاره. وأصله من التحوير: التبييض. قيل إنهم كانوا قصارين يحورون الثياب: أي يبيضونها. ومنه (الخبز الحوارى) الذي نخل مرة بعذ مرة. قال الأزهري: الحواريون خلصان الأنبياء، وتأويله الذين أخلصوا ونقوا من كل عيب. وفي حديث صفة الجنة (إن في الجنة لمجتمعا للحور العين) قد تكرر ذكر الحور العين في الحديث، وهن نساء أهل الجنة، واحدنهن حوراء، وهي الشديدة بياض العين الشديدة سوادها. (ه) وفيه (نعوذ بالله من الحور بعد الكور) أي من النقصان بعد الزيادة. وقيل من فساد أمورنا بعد صلاحها. وقيل من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا منهم. وأصله من نقض العمامة بعد لفها. (ه) وفي حديث علي رضي الله عنه (حتى يرجع إليكما ابناكما بحور ما بعثتما به) أي بجواب ذلك. يقال كلمته فما رد إلي حورا: أي جوابا. وقيل أراد به الخيبة والإخفاق. وأصل الحور الرجوع إلى النقص. ومنه حديث عبادة (يوشك أن يرى الرجل من ثبج المسلمين قرأ القرآن على لسان محمد صلى الله عليه وسلم فأعاده وأبداه لا يحور فيكم إلا كما يحور صاحب الحمار الميت) أي لا يرجع فيكم بخير، ولا ينتفع بما حفظه من القرآن، كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. (س) ومنه حديث سطيح (فلم يحر جوابا) أي لم يرجع ولم يرد. ومنه الحديث (من دعا رجلا بالكفر وليس كذلك حار عليه) أي رجع عليه ما نسب إليه.
[ 441 ]
ومنه حديث عائشة (فغسلتها، ثم أجففتها، ثم أحرتها إليه). ومنه حديث بعض السلف (لو عيرت رجلا بالرضع لخشيت أن يحور بي داؤه) أي يكون علي مرجعه. وفيه (أنه كوى أسعد بن زرارة على عاتقه حوراء). (ه) وفي رواية (أنه وجد وجعا في رقبته فحوره رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديدة) الحوراء: كية مدورة، من حار يحور إذا رجع. وحوره إذا كواه هذه الكية، كأنه رجعها فأدارها. (ه) ومنه الحديث (أنه لما أخبر بقتل أبي جهل قال: إن عهدي به وفي ركبتيه حوراء فانظروا ذلك، فنظروا فرأوه) يعني أثر كية كوي بها. وقيل سميت حوراء لأن موضعها يبيض من أثر الكي. (ه) وفي كتابه لوفد همدان (لهم من الصدقة الثلب، والناب، والفصيل، والفارض، والكبش الحوري) الحوري منسوب إلى الحور، وهي جلود تتخذ من جلود الضأن. وقيل هو ما دبغ من الجلود بغير القرظ، وهو أحد ما جاء على أصله ولم يعل كما أعل ناب. حوز) س) فيه (أن رجلا من المشركين جميع اللأمة كان يحوز المسلمين) أي يجمعهم ويسوقهم. حازه يحوزه إذا قبضه وملكه واستبد به. (ه) ومنه حديث ابن مسعود (الإثم حواز القلوب) هكذا رواه شمر بتشديد الواو، من حاز يحوز: أي يجمع القلوب ويغلب عليها. والمشهور بتشديد الزاي. وقد تقدم. ومنه حديث معاذ (فتحوز كل منهم فصلى صلاة خفيفة) أي تنحى وانفرد. ويروى بالجيم من السرعة والتسهيل. ومنه حديث يأجوج ومأجوج (فحوز عبادي إلى الطور) أي ضمهم إليه. والرواية فحرز بالراء. ومنه حديث عمر (قال لعائشة يوم الخندق: وما يؤمنك أن يكون بلاء أو تحوز) هو من قوله تعالى (أو متحيزا إلى فئة) أي منضما إليها. والتحوز والتحيز والانحياز بمعنى. ومنه حديث أبي عبيدة (وقد انحاز على حلقة نشبت في جراحة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم
[ 442 ]
أحد) أي أكب عليها وجمع نفسه وضم بعضها إلى بعض. (ه) وفي حديث عائشة تصف عمر (كان والله أحوزيا) هو الحسن السياق للأمور، وفيه بعض النفار. وقيل هو الخفيف، ويروى بالذال. وقد تقدم. ومنه الحديث (فحمي حوزة الإسلام) أي حدوده ونواحيه. وفلان مانع لحوزته: أي لما في حيزه. والحوزة فعلة منه، سميت به الناحية. (ه) ومنه الحديث (أنه أتى عبد الله بن رواحة يعوده فما تحوز له عن فراشه) أي ما تنحى. التحوز من الحوزة وهي الجانب، كالتنحي من الناحية. يقال: تحوز وتحيز، إلا أن التحوز تفعل، والتحيز تفعيل، وإنما لم يتنح له عن صدر فراشه لأن السنة في ترك ذلك. (حوس) ه) في حديث أحد (فحاسوا العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم) أي بالغوا النشكاية فيهم. وأصل الحوس: شدة الاختلاط ومداركة الضرب: ورجل أحوس: أي جرئ لا يرده شئ. (ه) ومنه حديث عمر (قال لأبي العدبس: بل تحوسك فتنة) أي تخالطك وتحثك على ركوبها. وكل موضع خالطته ووطئته فقد حسته وجسته. ومنه حديثه الاخر (أنه رأى فلانا وهو يخطب امرأة تحوس الرجال) أي تخالطهم. [ ه ] وحديث الآخر (قال لحفصة: ألم أر جارية أخيك تحوس الناس ؟). ومنه حديث الدجال (وأنه يحوس ذراريهم). (ه) وفي حديث عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (دخل عليه قوم فجعل فتى منه يتحوس في كلامه، فقال: كبروا كبروا) التحوس: تفعل من الأحوس وهو الشجاع: أي يتشجع في كلامه ويتجرأ ولا يبالي. وقيل هو يتأهب له ويتردد فيه. (س) ومنه حديث علقمة (عرفت فيه تحوس القوم وهيأتهم) أي تأهبهم وتشجعهم. ويروى بالشين. (حوش) ه) في حديث عمر (ولم يتتبع حوشي الكلام) أي وحشيه وعقده، والغريب المشكل منه. وفيه (من خرج على أمتي يقتل برها وفاجرها ولا ينحاش لمؤمنهم) أي لا يفزع
[ 443 ]
لذلك ولا يكترث له ولا ينفر منه. (ه س) ومنه حديث عمرو (وإذا ببياض ينحاش مني وأنحاش منه) أي ينفر مني وأنفر منه. وهو مطاوع الحوش: النفار. وذكره الهروي في الياء وإنما هو من الواو. ومنه حديث سمرة (وإذا عنده ولدان فهو يحوشهم ويصلح بينهم) أي يجمعهم. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (أن رجلين أصابا صيدا قتله أحدهما وأحاشه الآخر عليه) يعني في الإحرام، يقال حشت عليه الصيد وأحشته. إذا نفرته نحوه وسقته إليه وجمعته عليه. (ه س) ومنه حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أنه دخل أرضا له فرأى كلبا فقال أحيشوه علي). (س) وفي حديث معاوية (قل انحياشه) أي حركته وتصرفه في الأمور. وفي حديث علقمة (فعرفت فيه تحوش القوم وهيأتهم) يقال احتوش القوم على فلان إذا جعلوه وسطهم، وتحوشوا عنه إذا تنحوا. (حوص) ه) في حديث علي (أنه قطع ما فضل عن أصابعه من كميه ثم قال للخياط حصه) أي خط كفافه. حاص الثوب يحوصه حوصا إذا خاطه. ومنه حديث الآخر (كلما حيصت من جانب تهتكت من آخر). وفيه ذكر (حوصاء) بفتح الحاء والمد: هو موضع بين وادي القرى وتبوك نزله رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث سار إلى تبوك. وقال ابن إسحاق: هو بالضاد المعجمة. (حوض * في حديث أم اسماعيل عليهما السلام (لما ظهر لها ماء زمزم جعلت تحوضه) أي تجعل له حوضا يجتمع فيه الماء. (حوط * في حديث العباس رضي الله عنه (قلت: يا رسول الله ما أغنيت عن عمك يعني أبا طالب، فإنه كان يحوطك ويغضب لك) حاطه يحوطه حوطا وحياطة: إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه. ومنه الحديث (وتحيط دعوته من ورائهم) أي تحدق بهم من جميع جوانبهم. يقال حاطه وأحاط به.
[ 444 ]
ومنه قولهم (أحطت به علما) أي أحدق علمي به من جميع جهاته وعرفته. وفي حديث أبي طلحة (فإذا هو في الحائط وعليه خميصة) الحائط ها هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار. وقد تكرر في الحديث، وجمعه الحوائط. ومنه الحديث (على أهل الحوائط حفظها بالنهار) يعني البساتين، وهو عام فيها. (حوف) س) فيه (سلط عليهم موت الطاعون يحوف القلوب) أي يغيرها عن التوكل ويدعوها إلى الانتقال والهرب منه، وهو من الحافة: ناحية الموضع وجانبه. ويروى يحوف بضم الياء وتشديد الواو وكسرها. وقال أبو عبيد: إنما هو بفتح الياء وتسكين الواو. (س) ومنه حديث حذيفة (لما قتل عمر رضي الله عنه نزل الناس حافة الإسلام) أي جانبه وطرفه. وفيه (كان عمارة بن الوليد وعمرو بن العاص في البحر، فجلس عمرو على ميحاف السفينة فدفعه عمارة) أراد بالميحاف أحد جانبي السفينة. ويروى بالنون والجيم. (ه) وفي حديث عائشة (تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي حوف) الحوف: البقيرة تلبسها الصبية، وهي ثوب لا كمين له. وقيل هي سيور تشدها الصبيان عليهم. وقيل هو شدة العيش. (حوق) س) في حديث أبي بكر رضي الله عنه حين بعث الجند إلى الشام (كان في وصيته: ستجدون أقواما محوقة رؤسهم) الحوق: الكنس. أرا أنهم حلقوا وسط رؤسهم، فشبه إزالة الشعر منه بالكنس، ويجوز أن يكون من الحوق: وهو الإطار المحيط بالشئ المستدير حوله. (حول) ه س) فيه (لا حول ولا قوة إلا بالله) الحول ها هنا: الحركة. يقال حال الشخص يحول إذا تحرك، والمعنى: لا حركة ولا قوة إلا بمشيئة الله تعالى. وقيل الحول: الحيلة، والأول أشبه. (ه) ومنه الحديث (اللهم بك أصول وبك أحول) أي أتحرك. وقيل أحتال. وقيل أدفع وأمنع، من حال بين الشيئين إذا منع أحدهما عن الآخر. (ه) وفي حديث آخر (بك أصاول وبك أحاول) هو من المفاعلة. وقيل المحاولة
[ 445 ]
طلب الشئ بحيلة. (ه) وفي حديث طهفة (ونستحيل الجهام) أي ننظر إليه هل يتحرك أم لا. وهو نستفعل. من حال يحول إذا تحرك. وقيل معناه نطلب حال مطره. ويروى بالجيم. وقد تقدم (س) وفي حديث خيبر (فحالوا إلى الحصن) أي تحولوا. ويروى أحالوا: أي أقبلوا عليه هاربين، وهو من التحول أيضا. (س) ومنه (إذا ثوب بالصلاة أحال الشيطان له ضراط) أي تحول من موضعه. وقيل هو بمعنى طفق وأخذ وتهيأ لفعله. (ه س) ومنه الحديث (من أحال دخل الجنة) أي أسلم. يعني أنه تحول من الكفر إلى الإسلام. وفيه (فاحتالتهم الشياطين) أي نقلتهم من حال إلى حال. هكذا جاء في رواية، والمشهور بالجيم. وقد تقدم. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (فاستحالت غربا) أي تحولت دلوا عظيمة. وحديث ابن أبي ليلى (أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال) أي غيرت ثلاث تغييرات، أو حولت ثلاث تحويلات. (س) ومنه حديث قباث بن أشيم (رأيت خذق القيل أخضر محيلا) أي متغيرا. ومنه الحديث (نهى أن يستنجى بعظم حائل) أي متغير قد غيره البلى، وكل متغير حائل فإذا أتت عليه السنة فهو محيل، كأنه مأخوذ من الحول: السنة. (س) وفيه (أعوذ بك من شر كل ملقح ومحيل) المحيل: الذي لا يولد له، من قولهم: حالت الناقة وأحالت: إذا حملت عاما ولم تحمل عاما. وأحال الرجل إبله العام إذا لم يضربها الفحل. (ه) ومنه حديث أم معبد (والشاء عازب حيال) أي غير حوامل. حالت تحول
[ 446 ]
حيالا، وهي شاء حيال، وإبل حيال: والواحدة حائل، وجمعها حول أيضا بالضم. (ه) وفي حديث موسى وفرعون (إن جبريل عليه السلام أخذ من حال البحر فأدخله فا فرعون) الحال: الطين الأسود كالحمأة. ومنه الحديث في صفة الكوثر (حاله المسك) أي طينه. (ه) وفي حديث الاستسقاء (اللهم حوالينا ولا علينا) يقال رأيت الناس حوله وحواليه: أي مطيفين به من جوانبه، يريد اللهم أنزل الغيث في مواضع النبات لا في مواضع الأبنية. (س) وفي حديث الأحنف (إن إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حولاء الناقة، من ثمار متهدلة وأنهار متفجرة) أي نزلوا في الخصب. تقول العرب: تركت أرض بني فلان كحولاء الناقة إذا بالغت في صفة خصبها، وهي جليدة رقيقة تخرج مع الولد فيها ماء أصفر، وفيها خطوط حمر وخضر. (س) وفي حديث معاوية (لما احتضر قال لابنتيه: قلباني، فإنكما لتقلبان حولا قلبا، إن وقي كية النار (في اللسان، وتاج العروس: كبة، بالباء الموحدة)) الحول: ذو التصرف والاحتيال في الأمور. ويروى (حوليا قلبيا إن نجا من عذاب الله) وياء النسبة للمبالغة. ومنه حديث الرجلين اللذين ادعى أحدهما على الآخر (فكان حولا قلبا). وفي حديث الحجاج (فما أحال على الوادي) أي ما أقبل عليه. وفي حديث آخر (فجعلوا يضحكون ويحيل بعضهم على بعض) أي يقبل عليه ويميل إليه. (س) وفي حديث مجاهد (في التورك في الأرض المستحيلة) أي المعوجة لا ستحالتها إلى العوج. (حولق * فيه ذكر (الحولقة) هي لفظة مبنية من لا حول ولا قوة إلا بالله، كالبسملة من بسم الله، والحمدلة من الحمد لله. هكذا ذكره الجوهري بتقديم اللام على القاف، وغيره يقول: الحوقلة بتقديم القاف على اللام، والمراد من هذه الكلمة إظهار الفقر إلى الله بطلب المعونة منه على ما يحاول من الأمور، وهو حقيقة العبودية. وروي عن ابن مسعود أنه قال:
[ 447 ]
معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بمعونة الله. (حوم) ه) في حديث الاستسقاء (اللهم ارحم بهائمنا الحائمة) هي التي تحوم على الماء أي تطوف فلا تجد ماء ترده. (س) وفي حديث عمر (ما ولى أحد إلا حام على قرابته) أي عطف كفعل الحائم على الماء. ويروى (حامى). (س) وفي حديث وفد مذذحج (كأنها أخاشب بالحومانة ؟ ؟) أي الأرض الغليظة المنقادة. (حوا) س) فيه (أن امرأة قالت: إن ابني هذا كان بطني له حواء) الحواء: اسم المكان الذي يحوي الشئ: أي يضمه ويجمعه. [ ه ] وفي حديث قيلة (فوألنا إلى حواء ضخم) الحواء: بيوت مجتمعة من الناس على ماء، والجمع أحوية. ووألنا بمعنى لجأنا. ومنه الحديث الآخر (ويطلب في الحواء العظيم الكاتب فما يوجد). (ه) وفي حديث صفية (كان يحوي وراءه بعباءة أو كساء ثم يردفها) التحوية: أن يدير كساء حول سنام البعير ثم يركبه، والاسم الحوية. والجمع الحوايا. ومنه حديث بدر (قال عمير بن وهب الجمحي لما نظر إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وحزرهم وأخبر عنهم: رأيت الحوايا عليها المنايا، نواضح يثرب تحمل الموت الناقع). (س) وفي حديث أبي عمرو النخعي (ولدت جديا أسفع أحوى) أي أسود ليس بشديد السواد. (ه) وفيه (خير الخيل الحو) الحو جمع أحوى، وهو الكميت الذي يعلو سواد. والحوة: الكمتة. وحوي فهو أحوى. (ه) وفيه (أن رجلا قال: يا رسول الله هل علي في مالي شئ إذا أديت زكاته ؟ قال: فأين ما تحاوت عليك الفضول ؟) هي تفاعلت، من حويت الشئ إذا جمعته. يقول: لا تدع المواساة من فضل مالك. والفضول جمع فضل المال عن الحوائج. ويروى (تحاوأت) بالهمز، وهو شاذ مثل لبأت بالحج.
[ 448 ]
وفي حديث أنس (شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي حتى حكم وحاء) هما حيان من اليمن من وراء رمل يبرين. قال أبو موسى: يجوز أن يكون حا، من الحوة، وقد حذفت لامه. ويجوز أن يكون من حوى يحوي. ويجوز أن يكون مقصورا غير ممدود. باب الحاء مع الياء (حيب) س) في حديث عروة (لما مات أبو لهب أريه بعض أهله بشر حيبة) أي بشر حال. والحيبة والحوبة: الهم والحزن. والحيبة أيضا الحاجة والمسكنة. (حيد) ه) فيه (أنه ركب فرسا فمر بشجرة فطار منها طائر فحادت فندر عنها) حاد عن الشئ والطريق يحيد إذا عدل، أراد أنها نفرت وتركت الجادة. وفي خطبة علي (فإذا جاء القتال قلتم حيدي حياد) حيدي أي ميلي. وحياد بوزن قطام. قال الجوهري: هو مثل قولهم: فيحي فياح، أي اتسعي. وفياح اسم للغارة. وفي كلامه أيضا يذم الدنيا (هي الجحود الكنود الحيود الميود) وهذا البناء من أبنية المبالغة. (حير * في حديث عمر (أنه قال: الرجال ثلاثة: فرجل حائر بائر) أي متحير في أمره لا يدري كيف يهتدي فيه. [ ه ] وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما (ما أعطي رجل قط أفضل من الطرق، يطرق الرجل الفحل فيلقح مائة فيذهب حيري دهر) ويروى (حيري دهر) بياء ساكنة (وحيري دهر) بياء مخففة، والكل من تحير الدهر وبقائه. ومعناه مدة الدهر ودوامه: أي ما أقام الدهر. وقد جاء في تمام الحديث: (فقال له رجل: ما حيري الدهر، قال: لا يحسب) أي لا يعرف حسابه لكثرته، يريد أن أجر ذلك دائم أبدا لموضع دوام النسل. (س) وفي حديث ابن سيرين في غسل الميت (يؤخذ شئ من سدر فيجعل في محارة أو سكرجة) المحارة والحائر: الموضع الذي يجتمع فيه الماء، وأصل المحارة الصدفة. والميم زائدة. وقد تكرر فيه ذكر (الحيرة) وهي بكسر الحاء: البلد القديم بظهر الكوفة، ومحلة معروفة بنيسابور. (حيزم) س) في حديث بدر (أقدم حيزوم) جاء في التفسير أنه اسم فرس جبريل
[ 449 ]
عليه السلام، أراد أقدم يا حيزوم، فحذف حرف النداء. والياء فيه زائدة. (س) وفي حديث علي: اشدد حيازيمك للموت * فإن الموت لا قيك الحيازيم: جمع الاحيزوم، وهو الصدر. وقيل وسطه. وهذا الكلام كناية عن التشمير للأمر والاستعداد له. (حيس) س) فيه (أنه أولم على بعض نسائه بحيس) هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن. وقد يجعل عوض الأقط الدقيق، أو الفتيت. وقد تكرر ذكر الحيس في الحديث. (ه) وفي حديث أهل البيت (لا يحبنا اللكع ولا المحيوس) المحيوس: الذي أبوه عبد وأمه أمة، كأنه مأخوذ من الحيس. (حيش) ه) فيه (أن قوما أسلموا فقدموا إلى المدينة بلحم، فتحيشت أنفس أصحابه منه، وقالوا: لعلهم لم يسموا، فسألوه فقال: سموا أنتم وكلوا) تحيشت: أي نفرت. يقال: حاش يحيش حيشا إذا فزع ونفر. ويروى بالجيم. وقد تقدم. (س) ومنه حديث عمر (أنه قال لأخيه زيد يوم ندب لقتال أهل الردة: ما هذا الحيش والقل) أي ما هذا الفزع والنفور. والقل: الرعدة. (ه) وفيه (أنه دخل حائش نخل فقضى فيه حاجته) الحائش: النخل الملتف المجتمع، كأنه لالتفافه يحوش بعضه إلى بعض. وأصله الواو، وإنما ذكرناه ها هنا لأجل لفظه. ومنه الحديث (أنه كان أحب ما استتر به إليه حائش نخل أو حائط) وقد تكرر في الحديث. (حيص) ه) في حديث ابن عمر (كان في غزاة قال: فحاص المسلمون حيصة) أي جالوا جولة يطلبون الفرار. والمحيص: المهرب والمحيد. ويروى بالجيم والضاد المعجمة. وقد تقدم. ومنه حديث أنس (لما كان يوم أحد حاص المسلمون حيصة، قالوا: قتل محمد).
[ 450 ]
(س) وحديث أبي موسى (إن هذه الفتنة حيصة من حيصات الفتن) أي روغة منها عدلت إلينا. (ه) وفي حديث مطرف (أنه خرج زمن الطاعون، فقيل له في ذلك، فقال: هو الموت نحايصه ولا بد منه) المحايصة: مفاعلة، من الحيص: العدول والهرب من الشئ. وليس بين العبد وبين الموت محايصة، وإنما المعنى أن الرجل في فرط حرصه على الفرار من الموت كأنه يباريه ويغالبه، فأخرجه على المفاعلة لكونها موضوعة لإفادة المباراة والمغالبة في الفعل، كقوله تعالى (يخادعون الله وهو خادعهم) فيؤول معنى نحايصه إلى قولك نحرص على الفرار منه. (ه) وفي حديث ابن جبير (أثقلتم ظهره وجعلتم عليه الآرض حيص بيض) أي ضيقتم عليه الآرض حتى لا يقدر على التردد فيها. يقال: وقع في حيص بيص، إذا وقع في أمر لا يجد منه مخلصا. وفيه لغات عدة، ولا تنفرد إحدى اللفظتين عن الأخرى. وحيص من حاص إذا حاد، وبيص من باص إذا تقدم. وأصلها الواو. وإنما قلبت ياء للمزاوجة بحيص. وهما مبنيان بناء خمسة عشر. (حيض * قد تكرر ذكر (الحيض) وما تصرف منه، من اسم، وفعل، ومصدر، وموضع، وزمان، وهيئة، في الحديث. يقال: حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا، فهي حائض، وحائضة. (س) فمن أحاديثه قوله: (لا تقبل صلاة حائض إلا بخمار) أي التي بلغت سن المحيض وجرى عليها القلم، ولم يرد في أيام حيضها، لأن الحائض لا صلاة عليها، وجمع الحائض حيض وحوائض. ومنها قوله (تحيضي في علم الله ستا أو سبعا) تحيضت المرأة إذا قعدت أيام حيضها تنتظر انقطاعه، أراد عدي نفسك حائضا وافعلي ما تفعل الحائض. وإنما خص الست والسبع لأنهما الغالب على أيام الحيض. (س) ومنها حديث أم سلمة (قال لها: إن حيضتك ليست في يدك) الحيضة بالكسر الاسم من الحيض، والحال التي تلزمها الحائض من التجنب والتحيض، كالجلسة والقعدة، من الجلوس والقعود، فأما الحيضة - بالفتح - فالمرة الواحدة من دفع الحيض ونوبه، وقد تكرر في الحديث كثيرا، وأنت تفرق بينهما بما تقتضيه قرينة الحال من مساق الحديث.
[ 451 ]
ومنها حديث عائشة (ليتني كنت حيضة ملقاة) هي بالكسر خرقة الحيض. ويقال لها أيضا المحيضة، وتجمع على المحائض. ومنه حديث بئر بضاعة (يلقى فيها المحايض) وقيل المحايض جمع المحيض، وهو مصدر حاض فلما سمي به جمعه. ويقع المحيض على المصدر والزمان والمكان والدم. ومنها الحديث (إن فلانة استحيضت) الاستحاضة: أن يستمر بالمرأة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتادة. يقال استحيضت فهي مستحاضة، وهو استفعال من الحيض. (حيف) س) في حديث عمر (حتى لا يطمع شريف في حيفك) أي في ميلك معه لشرفه. والحيف: الجور والظلم. (حيق) س) في حديث أبي بكر (أخرجني ما أجد من حاق الجوع) هو من حاق يحيق حيقا وحاقا: أي لزمه ووجب عليه. والحيق: ما يشتمل على الإنسان من مكروه. ويروى بالتشديد. وقد تقدم. ومنه حديث علي (تحوف من الساعة التي سار من فيها حاق به الضر). (حيك) ه) فيه (الإثم ما حاك في نفسك) أي أثر فيها ورسخ. يقال: ما يحيك كلامك في فلان: أي ما يؤثر. وقد تكرر في الحديث. (س) وفي حديث عطاء (قال له ابن جريج: فما حياكتهم أو حياكتكم هذه ؟) الحياكة: مشية تبختر وتثبط. يقال: تحيك في مشيته، وهو رجل حياك. (حيل) ه) في حديث الدعاء (اللهم يا ذا الحيل الشديد) الحيل: القوة. قال الأزهري: الحدثون يروونه الحبل بالباء، ولا معنى له، والصواب لياء. وقد تقدم ذكره. فيه (فصلى كل منا حياله) أي تلقاء وجهه. (حين * في حديث الأذان (كانوا يتحينون وقت الصلاة) أي يطلبون حينها. والحين الوقت.
[ 452 ]
ومنه حديث رمي الجمار (كنا نتحين زوال الشمس). (ه) ومنه الحديث (تحينوا نوقكم) هو أن يحلبها مرة واحدة في وقت معلوم. يقال حينتها وتحينتها. وفي حديث ابن زمل (أكبوا رواحلهم في الطريق وقالوا: هذا حين المنزل) أي وقت الركون إلى النزول. ويروى (خير المنزل) بالخاء والراء. (حيا * فيه (الحياء من الإيمان) جعل الحياء، وهو غريزة، من الإيمان، وهو اكتساب، لأن المستحي ينقطع بحيائه عن المعاصي، وإن لم تكن له تقية، فصار كالإيمان الذي يقطع بينها وبينه. وإنما جعله بعضه لأن الإيمان ينقسم إلى ائتمار بما أمر الله به، وانتهاء عما نهى الله عنه، فإذا حصل الانتهاء بالحياء كان بعض الإيمان. (ه) ومنه الحديث (إذا لم تستحي فاصنع ما شئت) يقال: استحيا يستحيي، واستحى يستحي، والأول أعلى وأكثر، وله تأويلان: أحدهما ظاهر وهو المشهور: أي إذا لم تستحي من العيب ولم تخش العار مما تفعله فافعل ما تحدثك به نفسك من أغراضها حسنا كان أو قبيحا، ولفظه أمر، ومعناه توبيخ وتهديد، وفيه إشعار بأن الذي يردع الإنسان عن مواقعة السوء هو الحياء، فإذا انخلع منه كان كالمأمور بارتكاب كل ضلالة وتعاطي كل سيئة. والثاني أن يحمل الأمر على بابه، يقول: إذا كنت في فعلك آمنا أن تستحيي منه لجريك فيه على سنن الصواب، وليس من الأفعال التي يستحيا منها فاصنع ما شئت. (س) وفي حديث حنين (قال الأنصار: المحيا محياكم والممات مماتكم) المحيا مفعل من الحياة، ويقع على المصدر والزمان والمكان. وفيه (من أحيا مواتا فهو أحق به) الموات: الأرض التي لم يجر عليها ملك أحد، وإحياؤها: مباشرتها بتأثير شئ فيها، من إحاطة، أو زرع، أو عمارة أو نحو ذلك، تشبيها بإحياء الميت. (س) ومنه حديث عمر، وقيل سلمان (أحيوا ما بين العشاءين) أي اشتغلوا بالصلاة والعبادة والذكر، ولا تعطلواه فتجعلوه كالميتة بعطلته. وقيل أراد لا تناموا فيه خوفا من فوات صلاة العشاء لأن النوم موت، واليقظة حياة، وإحياء الليل: السهر فيه بالعبادة، وترك
[ 453 ]
النوم. ومرجع الصفة إلى صاحب الليل، وهو من باب قوله فأتت به حوش الفؤاد مبطنا * سهدا إذا ما نام ليل الهوجل أي نام فيه، ويريد بالعشاءين المغرب والعشاء، فغلب. (س) وفيه (أنه كان يصلي العصر والشمس حية) أي صافية اللون لم يدخلها التغير بدنو المغيب، كأنه جعل مغيبها لها موتا، وأراد تقديم وقتها. (س) وفيه (إن الملائكة قالت لآدم عليه السلام: حياك الله وبياك) معنى حياك: أبقاك، من الحياة. وقيل: هو من استقبال المحيا وهو الوجه. وقيل ملكك وفرحك. وقيل سلم عليك، وهو من التحية: السلام. (ه) ومنه حديث (تحيات الصلاة) وهي تفعلة من الحياة. وقد ذكرناها في حرف التاء لأجل لفظها. (ه) وفي حديث الاستسقاء (اللهم اسقنا غيثا مغيثا وحيا ربيعا) الحيا مقصور: المطر لإحيائه الأرض. وقيل الخصب وما يحيا به الناس. ومنه حديث القيامة (يصب عليهم ماء الحيا) هكذا جاء في بعض الروايات. والمشهور يصب عليهم ماء الحياة. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (لا آكل السمين حتى يحيا الناس من أول ما يحيون) أي حتى يمطروا ويخصبوا، فإن المطر سبب الخصب. ويجوز أن يكون من الحياة لأن الخصب سبب الحياة. (ه س) وفيه (أنه كره من الشاة سبعا: الدم، والمرارة، والحياء، والغدة، والذكر، والأنثيين، والمثانة) الحياء ممدود: الفرج من ذوات الخف والظلف. وجمعه أحيية. (ه) وفي حديث البراق (فدنوت منه لأركبه، فأنكرني، فتحيا مني) أي انقبض وانزوى، ولا يخلوا إما أن يكون مأخوذا من الحياء على طريق التمثيل، لأن من شأن الحي أن ينقبض، أو يكون أصله تحوى: أي تجمع، فقلب واوه ياء، أو يكون تفيعل من الحي وهو الجمع كتحيز من الحوز.
[ 454 ]
(ه) وفي حديث الأذان (حي على الصلاة حي على الفلاح) أي هلموا إليهما وأقبلوا وتعالوا مسرعين. (ه) وفي حديث الاستسقاء (اللهم اسقنا غيثا مغيثا وحيا ربيعا) الحيا مقصور: المطر لإحيائه الأرض. وقيل الخصب وما يحيا به الناس. ومنه حديث القيامة (يصب عليهم ماء الحيا) هكذا جاء في بعض الروايات. والمشهور يصب عليهم ماء الحياة. ومنه حديث عمر رضي الله عنه (لا آكل السمين حتى يحيا الناس من أول ما يحيون) أي حتى يمطروا ويخصبوا، فإن المطر سبب الخصب. ويجوز أن يكون من الحياة لأن الخصب سبب الحياة. (ه س) وفيه (أنه كره من الشاة سبعا: الدم، والمرارة، والحياء، والغدة، والذكر، والأنثيين، والمثانة) الحياء ممدود: الفرج من ذوات الخف والظلف. وجمعه أحيية. (ه) وفي حديث البراق (فدنوت منه لأركبه، فأنكرني، فتحيا مني) أي انقبض وانزوى، ولا يخلوا إما أن يكون مأخوذا من الحياء على طريق التمثيل، لأن من شأن الحي أن ينقبض، أو يكون أصله تحوى: أي تجمع، فقلب واوه ياء، أو يكون تفيعل من الحي وهو الجمع كتحيز من الحوز.
[ 454 ]
(ه) وفي حديث الأذان (حي على الصلاة حي على الفلاح) أي هلموا إليهما وأقبلوا وتعالوا مسرعين. (ه) ومنه حديث ابن مسعود (إذا ذكر الصالحون فحي هلا بعمر) أي ابدأ به واعجل بذكره، وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة. وفيها لغات. وهلا حث واستعجال. (ه) وفي حديث ابن عمير (إن الرجل ليسأل عن كل شئ حتى عن حية أهله) أي عن كل نفس حية في بيته كالهرة وغيرها. انتهى الجزء الاول من نهاية ابن الاثير ويليه الجزء الثاني وأوله: حرف الخاء